Professional Documents
Culture Documents
التربية الجسمية
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والب يراعي في جانب التربية الجسمية كل ما يؤثر في كيان الولد البدني ،فما
يضره من أكل ،أو شرب ،أو نوم ،أو لعب ،أو غير ذلك حماه منه ،وحفظه منه،
وألزمه السنة في كل ذلك ،أما ما يُفيده ويقيم بدنه وصحته :وجّهه إليه ،وقرّبه منه.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والمضاحكة ،في العادة يكون عند صغيرات السن لميلهن إليه ،ويقل عند الثيبات
والكبيرات لكمال عقولهن.
وقد دلت بعض البحوث والدراسات في هذا الجانب" :أن نسبة الطفال
المشوهين ،والمعتوهين تزداد تبعاً لزيادة عمر الم وخاصة بعد سن الـ 45سنة"،
لهذا يحرص الب على اختيار الصغيرات من البكار المحببات إلى النفس.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
على أولدكم من لبن البغي من النساء ،والمجنونة ،فإن اللبن يعدي)) ،وقد أكد
الكلم المام الغزالي في إحيائه معلّل سبب اختيار المرضعة الصالحة فيقول(( :إن
اللبن الحاصل من الحرام ل بركة فيه ،فإذا وقع عليه نشوء الصبي انعجنت طينته
من الخبيث .فيميل طبعه إلى ما يناسب الخبائث)).
ويستحسن للزوج أن يترك جماع زوجته أثناء فترة الرضاعة ،وذلك لن هذا
يضر بالولد خاصة إذا حملت أمه ،فإن لبنها يضعف ،وقد ورد نهي الرسول صلى
ال عليه وسلم عن ((الغيلة)) ،وهي جماع الزوجة المرضع ،ثم عاد عليه السلم
فأباح ذلك ،فكان نهيه نهي إرشاد وتوجيه إلى الفضل والحسن.
فإن قرب فطام المولود ،أخذ بالتدرج دون العجلة فإن العجلة تضره ،ويكون
ذلك عند اعتدال الجو بين البرد والحر ،ول يهتم بكثرة بكائه وطلبه للرضاعة إذا
رأى الوالد فطامه؛ لن البكاء فيه منفعة له ،فيقوي العصاب ،ويوسع مجاري
النفس ،وينفع الدماغ ،إلى جوانب أخرى ذكرها الطباء ،فيستمر بالتدرج مراعياً
نفسيته ،ومحبباً إليه أنواع الطعمة الخرى.
- 7نفقة الباء على البناء
لقد أجمع الفقهاء رحمهم ال على وجوب نفقة الرجل على أولده الطفال
الذين ل يملكون المال ،وحدد بعضهم هذه النفقة بأنها خمس نفقات ،وهي :نفقة
الرضاعة ،والحضانة ،والمعيشة ،والسكن الخاص بالحاضنة والخادم عند الحاجة.
ويلحق بهذا زكاة الفطرلنها تشمل الصغير.
ويراعي الب في إنفاقه على الولد الحلل من الرزق ،وأن يصبر على ذلك
ول يجزع من الفقر ،فإن ال هو الذي تكفل بالرزق .يقول المام أحمد بن حنبل
رحمه ال تعالى ناصحاً الب(( :ليتق ال العبد ول يطعمهم إل طيباً ،لبكاء الصبي
بين يدي أبيه متسخطاً ،يطلب منه خبزاً ،أفضل من كذا وكذا ،يراه ال بين يديه)).
كما ينبغي للوالد أن يراعي الحكمة في النفاق فل يُقتّر عليهم ول يسرف ،فإن
وسع ال عليه وسع على عياله ،ولم يُقتّر عليهم .قال عليه الصلة والسلم(( :ليس
منا من وسع ال عليه ثم قتّر على عياله)) ،وال سبحانه وتعالى يحب أن يرى أثر
نعمته على عبده ،كما أن إنفاقه على ولده وأهل بيته وخادمه جميعهم صدقة إذا
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
استحضر النية الصالحة لذلك .ولن يترك أولده أغنياء لديهم ما يكفيهم من المال
والمسكن أفضل من أن يتصدق بماله كله ويتركهم فقراء يطلبون من الناس
ويسألونهم ،فيكون ذلك لهم ذلة وصغاراً ،وربما كان سبباً في انحرافهم وحقدهم
على المجتمع ،فإن الفقر مع ضعف اليمان واليقين بال من أعظم أسباب انحراف
الناس.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
طبيعة الولد استعمال يده اليسرى ،فإن سمح له باستعمالها في شؤونه الخرى،
فإنه ل يسمح له باستعمالها في الكل أو الشرب.
وهذا الدب السلمي يرجع إلى تقسيم أنواع العمال بين اليدين ،فالعمال
الشريفة الحسنة لليد اليمنى ،والعمال المتصلة بالقذارات ،وما أشبه ذلك فلليد
اليسرى .فعلى الب أن يدرب ولده على ذلك ،ويعوده عليه حتى يجيد الكل باليمنى.
ويجوز الكل بالملعقة والشوكة وغير ذلك من الدوات المباحة ،وإن كان
الفضل الكل باليد .فل يشتد الب مع أولده ويلزمهم الكل باليد ،ففي المر سعة.
وإن رأى الب أن يعود أولده الكل باليد ،فيكفيه أن يأكل هو بيده أمامهم ،فلن يلبث
حتى يراهم قد قلدوه في ذلك.
وإن لحظ الب على أحد أولده عدم انضباط أثناء الكل ،وطيشا في يده،
ومضايقة لخوته ،فإنه يؤدبه بأسلوب النبي صلى ال عليه وسلم مع عمر بن أبي
سلمة ،الذي كانت يده تطيش في الصحفة حيث قال له(( :ياغلم سم ال ،وكل
بيمينك ،وكل مما يليك)) .ويحث الولد على هذا الدب بأن يخبره أن البركة تنزل في
وسط الطعام إذا أكل كل واحد من أمامه دون أن يخوض في وسط الطبق ،فقد قال
عليه الصلة والسلم(( :البركة تنزل وسط الطعام ،فكلوا من حافتيه ،ول تأكلوا من
وسطه)) ،فإذا علم الولد ذلك تأدب بالدب النبوي ،والتزم السنة في أكله.
وليس من العيب أو المكروه أكل الولد للحم من فوق العظم مباشرة دون تقطيع
بالسكين ،فإن هذا يسمى ((النتهاش)) وهو جائز ،وربما كان هو الولى ،وقد نقل
عن النبي صلى ال عليه وسلم فعل ذلك ،فل ينبغي زجر الولد ،أو تعنيفه إن مال
إلى هذا النوع من الكل ،ولكن يوجه أن ل يفعل هذا أمام الناس لئل ينفروا.
ويحذر الب من أن يعيب طعاما أمام الولد ،فإنهم يتأثرون بذلك ،ويقتدون
بالب ،فإن حدث وأن كره الب نوعا من الطعام ،فل داعي أن يظهر ذلك أمام
الولد رافعا بذلك صوته ،بل يتظاهر بالكل ،لئل يزهّدهم في الطعام ،وقد كانت سنة
الرسول صلى ال عليه وسلم أنه ليعيب الطعام ((إن اشتهاه أكله وإن كرهه
تركه)) ،فإن تركه ينبغي أن يكون تركه له بدون إظهار للتقذر أو الشمئزاز ،فإن
هذا ل ينبغي مع الطعام ،بل إن السنة في اللقمة التي تسقط ويصيبها الذى ،وتكون
أدعى للتقذر ،أل تترك ،بل تؤكل بعد إزالة الذى عنها.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ويستحب إن كان الكل باليد أن ُتلعق الصابع قبل أن تغسل ،أو تمسح
بالمنديل؛ لقوله عليه الصلة والسلم(( :إذا أكل أحدكم فل يمسح يده حتى يلعقها أو
يُلعقها)) وينبغي للب في نهاية الطعام أن يُذكر أولده بالدعاء المأثور الذي يقول
فيه الرسول صلى ال عليه وسلم إذا فرغ من طعامه(( :الحمد ل الذي أطعمنا
وسقانا وجعلنا مسلمين)).
ويسأل الب أولده دائما(( :لماذا نأكل الطعام ؟)) فيجيبونه((( :لنتقوى على
طاعة ال عز وجل)) .وفي هذا التذكير المستمر للولد يشعرهم بالعبودية ل ،وأن
كل عمل يقوم به النسان -حتى وإن كان ممتعا ،كالطعام مثل -فإنه يكون ل،
وطلبا لمرضاته.
ويسعى الب إلى أن يسود جو الكل البهجة والسرور ،فإنهما ينبهان الشهية
للطعام ،ويلحظ عدم إجبار الولد على الكل ،والتكلف في ذلك ،حتى ليتخذ الولد
المعاند هذا السلوب للسيطرة على الوالدين ،بل الحكمة في ذلك إن أبدى الولد عدم
رغبته في الطعام أن يحمل من أمامه بكل هدوء وتصميم ،فإنه إن جاع فسوف
يطلبه ،وهذا يكون مع الطفل السوي ،أما إن كانت ممانعته بسبب مرض ،أو نحو
ذلك عرض على الطبيب ليعطي بعض المشهيات من الدوية.
ويوجه الب أهله بأن ل يلتزموا صنع طعام معين ،والقتصار عليه ،بل ينوع
الطعام من اللحم والخبز والفواكه وغير ذلك ،ول بأس بالحلوى والعسل فهي من
أفضل الطعمة ،وقد كان عليه الصلة والسلم يحبهما ،وينبغي التركيز على
الطعمة السريعة الهضم فهي أكثر نفعاً.
وبهذا السلوب الجامع بين تنويع الطعام ،والملطفة على المائدة ،فإن الطفل
تنشرح نفسه للكل دون عناء ،أوجهد كبير ،خاصة إن وضع الطعام في الوقت
المناسب ،ولم يسبقه أكل.
ويدرب الب الولد الصغير على العتماد على نفسه في تناول الطعام ،فإن
الطفال يميلون إلى ذلك تقليدا للكبار ،فل بأس بإعطاء الولد الفرصة للقيام بنفسه
في ذلك خاصة إن أبدى الولد رغبته في ذلك ،مع اتخاذ اللزم حيال ما يمكن أن
يحدثه من توسيخ للمكان.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
أما الصرار على عدم إعطاء الولد فرصة تغذية نفسه بيده -خاصة إذا كبر -
فإن هذا السلوب ليس من التربية في شيء ،بل هو سبب لجعل الولد متواكلً على
والديه معتمداً عليهما ،فل يحسن صنع شيء بنفسه.
- 10تعليم الطفل آداب الشرب
للشرب آداب ينبغي للمسلم أن يتحلى بها ،ويُعوّد أولده عليها ففيها الخير
والبركة والصحة.
ومن أهم هذه الداب ذكر ال بالبسملة عند الشرب ،وعدم الشرب قائماً؛ لنهيه
عليه الصلة والسلم عن ذلك ،وكراهيته له .كما ورد عنه النهي عن الشرب من
في السقاء ،وذلك للحماية من انتقال المراض ،وليكون ذلك أهنأ للخرين عند
شربهم ،فل يقع في نفوسهم الشمئزاز من الناء الذي شرب من مصبه.
وورد عنه عليه الصلة والسلم في النهي عن التنفس في الناء قوله(( :إذا
شرب أحدكم فل يتنفس في الناء)) .والسنة أل يشرب دفعة واحدة؛ بل يجعل شربه
على ثلث دفعات ،وهذه هي السنة المشرفة المأثورة عنه عليه الصلة والسلم.
والب يكون لولده قدوة في هذا المجال ،فإن هذه الداب يُعود عليها الولد
حسُن أن يصدر عنه ما يخالف هذه
بالمران والقدوة .ويلحظ الب نفسه ،فل يَ ْ
السنن -خاصة بعد أن يعرفها الولد -فإن مخالفته لها تضر بتصوراتهم ،وتترك
في نفوسهم خللً ،فإن صدر عنه نسيان في بعض الوقات ،وذكّره الولد ،فل بأس
بأن يعتذر بأنه نسي ،ثم يتدارك المر.
ولبعض السنن صعوبة في التطبيق ،فتحتاج إلى قوة في العتقاد ،وكمال في
اليقين ،ومنها حديث الذبابة ،الذي يقول فيه عليه الصلة والسلم(( :إذا وقع الذباب
في شراب أحدكم فليغمسه ،ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الخرى
شفاء)) .إن تطبيق مثل هذه السنة ،بغمس الذبابة في كوب الشاي ،أو الحليب ،أو
الماء ،عند وقوعها فيه ثم الشرب بعد ذلك ،يحتاج إلى جهد نفسي كبير ،كما أن
فعله أمام الولد -بعد أن يكونوا قد عرفوا وعلموا أن ذلك من السنة -له أثر بالغ
في نفوسهم؛ إذ يعلمون أن صلة المسلم بهذا الدين ،وما جاء في الكتاب والسنة
صلة قوية ،والعتقاد بهما ل يخالطه شك ،كما أن عدم استقذار الذبابة بغمسها في
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الناء دليل واضح على صلبة العتقاد ،وتمام المتابعة لرسول ال صلى ال عليه
وسلم.
أما إن كان الب ممن ل يستطيع أن يقوم بمثل هذا العمل ،فيفضل أن ل يعلم
أولده هذه السنة ،ول يشعرهم بها ،في بادئ المر حتى يكبروا ويعقلوا ،ويفهموا
أن الناس تتفاوت قدراتهم ،وإمكاناتهم ،وطبائعهم ،فيعذرون والدهم في ذلك.
أما إن كان قد أشعرهم بهذا الحديث ،وأفهمهم طريقة التطبيق العملي له،
وحدث أن وقعت ذبابة في كأسه ،وهو يتناول الشاي مع الولد ،فإن أفضل حل أن
يتشاغل عن كأسه ،بعمل ما ،أو يسقطه من يده وكأنه سقط خطأ ،أو يتخذ من
الساليب المناسبة ما يخرجه من هذا المأزق الحرج الذي ربما سبب إضعاف ثقة
الولد بأبيهم ،خاصة إن وجد بين الولد من يمكنه فعل ذلك بكل شجاعة.
وفي اختيار أنواع أواني الكل والشرب فقد جاء المر بتجنّب المصنوع من
الذهب والفضة؛ بقوله عليه الصلة والسلم(( :من شرب في إناء من ذهب أو
فضة ،فإنما يُجرجر في بطنه ناراً من جهنم)) .وهذا دليل كافٍ للمسلم بأن يتجنب
مثل هذا ،فل يأكل أو يشرب في شيء صنع من ذهب أو فضة ،ول يجلب شيئاً من
هذه الواني إلى بيته ولو على سبيل الزينة ،فإن مشاهدة الولد لها تعويد لهم على
رؤيتها وتهوين لمرها في نفوسهم ،وربما شربوا فيها مستقبلً ،حب ًا ورغبة في
الممنوع ،أو لعدم توفر كأس بين يديه يشرب فيه ،ومن حام حول الحمى يوشك أن
يقع فيه ،والفضل والحرى تجنب ذلك بالكلية ،مع إفهام الولد أن هذا محرم في
الدين؛ لما فيه من التكبر على الفقراء ،وإسراف في المال ،وغير ذلك من الدلة
التي يفتح ال بها على الب.
وللحفاظ على صحة الولد عند شرب الماء خاصة ،يستحسن تجنبهم شربه
على الطعام ،فقد نصح بذلك كثير ممن له علقة بالطب؛ لما في ذلك من إضرار
بعملية الهضم ،كما ل يشرب الماء بعد الجهد الكبير ،مثل الرياضة ،أو التعب
الشديد؛ بل يُعطى الولد الماء بعد أن يستريح ويهدأ .وينصح ابن القيم رحمه ال
بإعطاء الولد العسل الممزوج بالماء البارد ،فهو أفضل شراب حلو؛ لما فيه من
الفائدة للمعدة والكبد والمثانة والكلى ،إلى جانب أنه يذيب البلغم .فعلى الوالد أن
يتحرى اختيار أفضل المشروبات النافعة والطازجة لولده ،وعليه أن يتجنب
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وإن كان شغف الولد بالطعام بسبب الهوى والميل ،وحباً في الكل واللتهام،
دون أن يكون به مرض ،أو نحو ذلك؛ فإن علجه كما رآه مسكويه هو أن يفهم
الولد أن الطعام يؤكل لدفع الجوع وألمه ل للتلذذ ،فهو كالدواء لدفع اللم ،أما المام
الغزالي فيقول معالجاً هذه القضية(( :يُقبّح عنده كثرة الكل بأن يُشبه كل من يكثر
الكل بالبهائم ،وبأن يُذم بين يديه الصبي الذي يكثر الكل ،ويُمدح عنده الصبي
المتأدب القليل الكل ،وأن يحبب إليه اليثار بالطعام ،وقلة المبالة به ،والقناعة
بالطعام الخشن ،أي طعام كان)) .وفي هذه التوجيهات علج جيد يمكن للب أن
يستخدمه مع الولد الشره؛ فيمثل كثير الكل بالحيوانات التي ل تفتأ تأكل دائماً ،ول
بأس بسرد بعض الروايات بأن الطفل النجيب الذكي ل يتبع شهوة بطنه؛ بل يقوم
عن الطعام قبل أن يشبع ،ويلم الولد كثير الكل ،ويخوف البدانة ،وأنها سوف
تعيقه عن الحركة واللعب ،وتُضرب له المثلة بأحد القارب أوالجيران من السمان؛
ليعرف ضرر ذلك فيتجنبه.
كما يمكن للب أن يحد من كثرة أكل الولد بأن يوضع لكل طفل طبقه المستقل،
فل يأكل الجميع من الطبق الكبير ،فيحدد مقدار الطعام المناسب لكل ولد ،ومن أراد
الزيادة عن الحد عُرف بذلك ،أما أكل الجميع في الطبق الكبير -وإن كان هو
الفضل -فل يمكّن الب من معرفة مقدار ما أكل كل ولد ،كما أن الشره منهم يجد له
متنفساً جيداً حيث ل يعرف أحد مقدار ما أكل ،كما أن قليل الكل ضعيف البنية من
الولد ل يُعرف كم أكل؛ بل ربما قام بدون أن يأكل شيئ ًا يُقيم صلبه.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ويعلّم الولد أن استعمال اليد اليمنى في الستنجاء ل يجوز ،بل تستعمل اليد
اليسرى ،وذلك لقوله عليه الصلة والسلم(( :ليمس أحدكم ذكره بيمينه ،ول
يستنجي بيمينه)) ،وهذا لن العمال الشريفة تستعمل لها اليد اليمنى ،والعمال
المتصلة بالقذارات تختص بها اليد اليسرى ،ويكلف الولد بتنظيف نفسه متى عرف
الطريقة ،وتمكن من الجلوس لقضاء حاجته ،وتدرب على استعمال الحمام ،وتوقيت
ذلك عندما يطلب الولد ،أو عندما يرى أهل البيت أنه قادر على تولي هذه المهمة
بنفسه ،ول يمكن تحديد سن معينة لذلك ،إل أنه ل ينبغي أن تتجاوز السابعة كحد
أقصى ،لنه في هذا العمر يستطيع الولد أن يتولى كثيرا من شؤونه الخاصة السهلة
كالملبس والمأكل ،ول يحتاج في العادة إلى من يساعده ،ول ينبغي أن يدرب الولد
على التحكم في إفرازاته قبل السنة والنصف من العمر ،فإن ذلك يضره ،ويؤذيه،
وله عواقب سيئة على نفسه.
ويعلّم الب ولده دعاء دخول الحمام ،ويحفّظه إياه وهو ما كان يقوله عليه
الصلة والسلم عند دخول الخلء(( :اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث))،
ويعلمه معنى هذا الدعاء وأنه التجاء إلى ال من شر ذكور الشياطين وإناثهم ،وأن
الحمام أحب مكان إليهم ،وكذلك الماكن القذرة التي توافق أحوالهم الخبيثة .ويمكن
للب -زيادة في الحرص -وضع بطاقة لصقة بالقرب من دورة المياه مكتوب
عليها هذا الدعاء ،فيتذكر الولد الدعاء عند دخوله الحمام.
وكذلك يحفظ الدعاء عند الخروج من الحمام بعد قضاء الحاجة ،فقد روت
السيدة عائشة رضي ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم(( :كان إذا خرج
من الغائط قال :غفرانك)).
والب يتابع ولده دائما ويسأله عند دخوله الحمام ،وعند خروجه منه(( :ماذا
تقول يا بني عندما تدخل الحمام ؟)) وكذلك عندما يخرج من الحمام يسأله(( :ماذا
تقول يا بني عندما تخرج من الحمام ؟)) ،ويتعقبه في ذلك حتى يتعود ول يهمل.
وإذا لحظ الب إهمال الولد في تنظيف نفسه وتطهيرها ،فإن التوجيه ،والوعظ
مطلوب هنا ،إذ إن الطهارة ،وإزالة النجاسة من القضايا الهامة ،وذلك لما يترتب
عليها من عبادات في المستقبل ل تتم إل بها .والولد سائر إلى التكليف ،فإن لم
يتعود إجادة الطهارة منذ الصغر ،فإنه ربما أهملها في كبره .وقد جاء التحذير
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والنذار من رسول ال صلى ال عليه وسلم في هذا الشأن فقد قال(( :أكثر عذاب
القبر في البول)) ،أي في إهمال التطهر والتنزه منه ،فينبه الولد إلى ذلك ويحذر
بمثل هذه الحاديث ليتعود وينزجر.
وهذا التحذير ل ينبغي أن يوجه ليشمل الولد المريض الذي يتفلت منه البول،
ول يستطيع أن يتحكم فيه -خاصة أثناء النوم -فإن هذا الصنف من الولد يؤخذ
إلى الطبيب إن كانت مشكلته عضوية ،أما إن كانت نفسية ،فينظر إلى السبب ،هل
هو من الغيرة من بعض إخوته ،أو لشعوره بالنقص وحبه في لفت النظار إليه ،أو
غير ذلك من المشاكل النفسية ،ويراعي الب الهدوء والسكينة عند المعالجة مع
إشعار الولد بأن المشكلة سهلة وبسيطة ،ويحاول الب قدر المكان أن يستر عليه،
لئل يعرف إخوته بمشكلته فيعيروه وتزيد العقدة في نفسه ،وإن كان الولد ممن
يتفلت بوله ليل ،كلف دخول الحمام قبل النوم مباشرة ،وفي بعض الفترات أثناء
النوم في الليل حتى ل يبقى في مثانته شيء من البول .مع ملحظة تجنبه النوم في
الغرف الباردة جداً.
ولحفظ الولد من أن تجرح كرامته بين إخوته ،لوجود بلل في فراشه ،يفضل
أن ينام بعيدا عنهم ،ولو في غرفة مستقلة ،ويتم إيقاظه وطي فراشه قبل
استيقاظهم ،فل يعرفون من أمره شيئاً.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وليس التعري ونبذ الستر من الفطرة البشرية في شيء ،بل " إن العُريَ فطرة
حيوانية .ول يميل النسان إليه إل وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة النسان
… والفطرة السليمة تنفر من انكشاف سوأتها الجسدية … وتحرص على سترها
ومواراتها "؛ بل إن اللباس وستر العورة :يعد من أعظم خصائص النسان
الظاهرة التي يتميز بها عن الحيوان؛ وقد جاءت أوامر الرسول صلى ال عليه
وسلم موافقة للكتاب في المر بستر العورة وتغطيتها؛ إذ يقول لمن سقط عنه ثوبه:
((خذ عليك ثوبك ول تمشوا عراة)) .ويقول في المر بستر الفخذ(( :ل تبرز فخذيك
ول تنظر إلى فخذ حي ول ميت )) .
بناء على ما تقدم من فضل الستر وأهميته ،فإن مسؤولية الب في بث حب
التستر ،وعدم إبراز العورة ،في روع الولد منذ حداثة سنه ،وقبل أن يكون مكلفاً
بذلك :يعد من أهم السباب التي تركز وتقوي حب التستر في نفس الولد .إذ يُكرّه
إليه التعري ،وإظهار قبله أو دبره أمام الناس ،أو أمام أقاربه وإخوته .أما عدم
المبالة بإظهار عورته أمام الناس ،وسرور الب والهل بخروج الولد عارياً أمام
إخوته في البيت وأقاربه ،وإظهار الرضا عن ذلك ،فإن هذا السلوك من الب
والهل :يعد بذرة سيئة في قلب الولد ،تنمو وتتغذى بدوام تكرر مثل هذه المواقف
الخاطئة ،فتميل نفسه بعد ذلك إلى نبذ الحياء ظاهراً وباطناً ،فل يعود يستحي إذا
كبر من انكشاف عورته.
ول يعني هذا أن انكشاف عورة الولد قبل العاشرة حرام ،فإن مذهب الحناف
في عورة الطفل إذا بلغ عشر سنوات كعورة الكبير ،أما قبل العاشرة فل عورة له
عندهم .وعند الحنابلة ل عورة له قبل التاسعة .وليست المسألة هنا مسألة التزام
بقول فقهي معين يوافق هوى في نفس الب وأهله ،فلو كان المر كذلك فإن مذهب
الشافعي رحمه ال بالنسبة لعورة الصغير غير المميز كعورة الكبيرمن السرة إلى
الركبة .ولكن المسألة هنا مسألة تربية ،وتعليم ،وتعويد على الفضائل .فالولد الذي
عوّد على ستر العورة في صغره قبل العاشرة :سهل عليه بعد العاشرة سترها
ُ
واللتزام بتغطيتها دون تكلف .ول شك أن الذي لم يُعوّد على ذلك في صغره:
يصعب عليه التزام الستر دفعة واحدة.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والذي يعمله الب ويُنصح به هو :حفظ عورة الولد عن العين في جميع
فترات عمره ،ل يظهر منها شيء لغير حاجة أو سبب ،مع عدم تركه عارياً ولو
كان خالياً وحيداً .وكذلك يوجه الب أهله عند الحاجة إلى تنظيف الولد الصغير ،أو
تغيير ملبسه أن يكون ذلك في خلوة عن أعين إخوته ،وباقي أفراد السرة ،فليس
ثمة حاجة في النظر إلى عورات الصغار.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ويتعود الولد لبس البيض من الثياب بالقدوة ،فيحرص الب على لبس الثوب
البيض ،ويحرص على شرائه لولده ول يطاوعه في غير البيض ،إل في ملبس
اللعب واللهو؛ لما تقدم.
ويُحفّظ الولد آداب لبس الثوب ونزعه ،فعند لبس الثوب الجديد يُعلّم قول
الرسول صلى ال عليه وسلم(( :الحمد ل الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير
حول مني ول قوة)) ،وعندما ينزع ثيابه يقول(( :بسم ال)) ،وذلك ليستر عورته
عن أعين الجن.
ول بأس بلبس ما يسمى ((بالبنطلون)) لنه أنفع لكثرة حركة الولد ،وأطول
بقاء ،مع مراعاة أن يكون فضفاضاً غير ضيق واصف لهيئة الجسم ،ويُراعى أيضاً
أن ل يكون شفافاً ،فإذا رُوعي ذلك كان جائزاً.
ويعود الولد على لبس النعال؛ لقوله عليه الصلة والسلم(( :استكثروا من
النعال؛ فإن الرجل ل يزال راكب ًا ما انتعل)) .ويُحث على لبس حذائه خاصة أثناء
اللعب خارج البيت ،لحتمال وطئه شيئاً حادًا يجرحه ويؤذيه.
ول بأس بأن يؤخذ الولد بشيء من الخشونة في بعض الحيان في ملبسه
ومأكله ومشربه وأن يسير على الرض بغير حذاء ،فل بأس بذلك في بعض
الحيان لتعويده على الخشونة .فإذا خرج الجميع للنزهة في بعض الوقات ،أمر
بخلع نعاله والسير على الرض أو الصخر بالقدمين حافيتين ،مع مراعاة عدم
التكلف في ذلك بما يعود على الولد بالضرر والذى.
ويلحظ الب ولده عند لبس النعال ،فيأمره بأن يبدأ باليمين ثم الشمال؛ لنه
السنة .وكثير من الولد يبدؤون بالشمال ،وربما لبس بعضهم حذاء اليمنى في
القدم اليسرى ،وبالعكس .والفضل توجيه الولد قبل أن يقوم باللبس ،فيشار إلى
قدمه اليمنى ليبدأ بها إن كان الولد ل يميز بينهما .وبذلك يتعود تقديم قدمه اليمنى
دون شعور؛ لنه لم يتعود -أصلً -تقديم قدمه الشمال .ومن الخطأ تركه يبدأ بأي
قدم شاء ثم تصويب خطئه بعد ذلك ،وأقل ما في ذلك من الخطأ التربوي أن تتعود
قدمه الشمال التقدم في بعض الحيان ،إلى جانب أنه يتضايق من كثرة الوامر
خاصة إن أُمر بالنزع ثم اللبس من جديد ،وتزيد المسألة كراهة عند الولد إذا كانت
أمام الناس.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والب يلحظ ذلك عند شراء الملبس للولد ،ول داعي لتخييرهم بين النواع
المختلفة من الملبس إذا كان اختيارهم في العادة غير موفق؛ بل يعودهم أن يلبسوا
ما يختاره لهم .كما أن عليه أن يتجنب الثياب التي فيها تصاويرأوصلبان فإنها
مكروهة .وقلّما يجد الب ملبس لولده تخلو من صور الحيوانات ،أو الحشرات،
أو غير ذلك من الحياء .فعليه الجتهاد وحسن الختيار ،وإن استطاع أن يكلف من
يصنع له ملبس الولد بصفة خاصة ،فهذا أحسن وأوفر له؛ إذ يختار ما يناسب
أجساد الولد من أنواع القمشة ،مراعياً مطابقتها للسنة المطهرة.
وفي هذا السلوك المرهف من الب نحو الصور حسم لمادة الشرك من
أساسها ،والمتضمنة لحب الصور وتعظيمها ،خاصة وأن أكثر المصنع من
الصورعلى ملبس الطفال من النوع البارز ،إلى جانب أن هذه الصور ل فائدة منها
في التعليم ،أو الثقافة؛ بل هي من باب الزينة المكروهة.
وجاءت السنة المطهرة بتحريم إسبال الثوب أسفل من الكعبين للرجال ،وقد
أجمع العلماء على ذلك؛ لقوله عليه الصلة والسلم((:إن ال ل ينظرإلى من يجر
إزاره بطراً)) .ول شك أن الولد قبل البلوغ غير مطالب بهذا ،ول يأثم بالسبال،
ولكن إعداده للتكاليف وتربيته على هذا الدب النبوي منذ صغره خاصة بعد
العاشرة ،يعد أمرًا مهماً؛ إذ إن التكاليف التي تلزم البالغين ل تنحط على الولد دفعة
واحدة ساعة ظهور علمة من علمات البلوغ عليه ،بل يدرب عليها قبل ذلك
بوقت ،فل يحصل له البلوغ إل وقد التزم بمعظم أحكام البالغين وواجباتهم .أما أن
يُبدأ بتعليم الولد أحكام وواجبات المكلفين بعد البلوغ فهذا ليس من التربية
السلمية في شيء.
ول شك أن المجاهدة في إلباس الولد الثوب حسب السنة إلى الكعبين ،والكم
إلى الرسغ كما هي السنة المنقولة عنه عليه الصلة والسلم في طول الكم ،فيه
مشقة ،ل من حيث أن الولد يكره ذلك ،فإن الولد الصغير عادة ل يعقل هذا ،ول
يتكلف طول الزار ،إنما المشقة في أن الولد في هذا السن سريع النمو ،فل يكاد
يلبس ثوباً إلى كعبيه إل وبعد أشهر ،أو سنة يصل إلى أنصاف ساقيه .فل يُستفاد
من الثوب مدة طويلة.إل أن يكون له إخوة أصغر سناً فيلبس بعضهم ملبس بعض
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
فتُحل المشكلة .ولو لم يكن هذا فإن المجاهدة في اتباع السنة أمرمطلوب ،والدين
يستحق أكثر من ذلك.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
للولد :نبذه وزهد فيه ،وأنف أن يعمله ،أو يستعمله .وربما تكون هذه أفضل
الطرق لتنفير الولد من عادات النساء ،وما يتعلق بحليهن ،وزينتهن.
ويدخل في باب الزينة المكروهة بالنسبة للصغار :كراهية تعليق الجراس أو
الجلجل على الولد للزينة ،وروي أنها تنفر الملئكة ،ونقل عن بعض السلف
نزعها من فوق الصبيان .أما جعلها في يد الولد يلهو بها ساعة ثم يضعها ويتركها،
فل بأس به إن شاء ال ،إذ إن ما ورد في الباب من الكرهية ظاهره المنع من
التعليق ،ل المنع من اللهو واللعب بها ،فإن هذه اللعاب ذات الصوات تسلي الولد
وتجذب انتباهه وتلهيه عن البكاء.
وقضية أخيرة ينبغي للب أن يراعيها ويتبع فيها السنة وهي :النهي عن
العبث برأس الصبي فيحلق بعضه ويترك بعضه ،والسنة في ذلك قوله عليه الصلة
والسلم(( :احلقوه كله أو اتركوه كله)) .وحلق بعض الرأس وترك بعضه يُسمى
القزع ،والسنة بالنسبة لحلق رأس الولد أن يكون كامل بعد ولدته ،ويكون أيضا
إذا حج الولد أو اعتمر مع والده ،أما غير ذلك من التحليق فل سنة تتبع فيه ،وقد
روي كراهية التحليق عن المام أحمد بن حنبل ،كما روى عنه أيضا عدم كراهية
ذلك ،ونقل ابن عبد البر الجماع على إباحته والذي نقل في وصف الرسول صلى
ال عليه وسلم أنه كان ذا شعر يضرب منكبيه ،أو أنصاف أذنيه وهذا يدل على أن
التحليق ليس من عاداته عليه الصلة والسلم ،والولى في حق الولد أن يكون له
شعر ،حسب عرف أهل البلد وبما يوافق مفاهيم السلم العامة من ترك التشبه
بالنساء ،والمر بمخالفة أهل الكتاب وعموم الكفار ،إل أن يضطر الب إلى الحلق،
أو القزع اضطراراً ل اختيار فيه لسبب من السباب كعلج أو نحوه.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
تشم منه ريح ليست طيبة)) .وفي وصف آخر لنظافته عليه الصلة والسلم،
واهتمامه البالغ بذلك ،يقول الحكيم الترمذي رحمه ال(( :وكان رسول ال صلى ال
عليه وسلم يربط الحجر على بطنه من الجوع ،ول يترك الطيب ،ويعاهد أحوال
نفسه ،وكان ل يفارقه المرآة والسواك والمقراض في السفر والحضر ،وكان إذا
أراد أن يخرج إلى الناس نظر في ركوة فيها ماء فيسوي من لحيته وشعر رأسه
ويقول :إن ال جميل يحب الجمال)) .فكان عليه الصلة والسلم ل ينشغل عن
النظافة حتى بالجوع الذي في العادة ينسي النسان كل شيء إل الطعام .وفي هذا
توجيه عملي منه عليه الصلة والسلم للهتمام بهذا الجانب ،ولم يكتف بذلك ،بل
كان ينكر على من أهمل نظافة بدنه وملبسه ،فقد روي أنه رأى رجل ثائر الرأس
فقال(( :لم يشوه أحدكم نفسه)) .ورأى رجل وسخ الثياب فقال(( :أما يملك هذا أن
يغسل ثيابه)) .وجعل غسل الجمعة واجباً فقال(( :الغسل يوم الجمعة واجب على كل
محتلم)) .ووقت عليه الصلة والسلم أطول مدة يقيم فيها الرجل دون غسل أن ل
تزيد عن أسبوع واحد ،فقال(( :ل تعالى على كل مسلم حق أن يغتسل في كل سبعة
أيام يوما)) .وإن كانت هذه النصوص ل تعم الطفال إل أنه يستحب الغسل لمن أتى
الجمعة من الصبيان وغيرهم ممن ل تجب عليهم ،فعلى الب أن يعود أولده غسل
يوم الجمعة ،ولبس أحسن الثياب ،لمشروعية ذلك ،ولتكون النظافة والطهارة شعار
المسلم ،خاصة في العبادات وبشكل أخص في يوم الجمعة فهو يوم عيد للمسلمين.
ول يقتصر على غسل الجمعة ،فإن القتصار عليه أدنى الكمال ،بل يعود أولده
كثرة الغتسال ،وحب التطهر والنظافة من غير إسراف أو وسوسة ،فإنه ل ينبغي
التشدد في موضوع النظافة مع الولد إلى أن يصل إلى حد الشمئزاز منه إذا اتسخ،
فإن هذا ربما أدى إلى مبالغة الولد بالنظافة مستقبل ،وربما ساقه إلى غسل يده بعد
مصافحة الناس ،بل يكون سلوك الب في ذلك وسطا بين النقيضين ،محافظا على
ولده من الفراط أو التفريط ،خشية أن يقع في الوسوسة الممقوتة.
ومن الوسائل المشجعة للولد الصغير على حب الغتسال ،إدخال السرور عليه
أثناء الستحمام ،كأن يؤمن له بعض اللعاب البلستيكية التي ل تتأثر بالماء،
فتوضع له في مكان اغتساله ليلهو بها ،ريثما ينتهي الهل من تنظيفه وتطهيره،
مع مراعاة حسن اختيار الصابون ،حيث يفضل النوع الذي ل يضر بالعين عند
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
فتحها أثناء الغسل ،ول بأس بالتوجيه المباشر للولد في حثه على النظافة ،مع
امتداح الطفال النظيفين ،وذم الطفال القذرين أمامه ،وعلى مسمع منه .فإن في
هذا تنفيرا له من القذارة.
أما الولد الكبير فيكون توجيهه من خلل تعريفه بأهمية النظافة في البدن
والملبس ،وأن الدين اهتم بها ،والرسول صلى ال عليه وسلم هو القدوة في ذلك
فهو أنظف الناس وأحسنهم ريحا ،مع ضرب المثل له بالنظيف كيف يميل الناس
إليه وإلى القرب منه ،والوسخ كيف ينفر الناس منه ومن ريحه .ويحاول الب أن
يصله بعالم الغيب ،عالم الملئكة الطهار ،الذين يحبون الريح الطيب ،ويكرهون
الريح الخبيث ،ففي حديث النهي عن إتيان المسجد بريح الثوم والبصل قال عليه
الصلة والسلم(( :فإن الملئكة تتأذى مما يتأذى منه النس)) .فكل ريح ،ومنظر،
يتأذى منه الناس ،فإن الملئكة تكرهه وتتأذى أيضا منه ،فل بأس أن يشير الب
إلى هذه القضية الغيبية ،ويعرف ولده بهذا الحديث ،فيحفزه إلى النظافة والتزام
الطهارة.
ويعود الب ولده على الهتمام بنظافة ثوبه ،وملبسه ،فيكون في البيت ،وعند
القارب ،وفي الماكن العامة ،حسن المنظر ،نظيف الثياب .ول يمنع من أن تكون
له ملبس أخرى ثخينة ،داكنة اللوان ،يمارس بها لعبه ورياضته ،وهذه الملبس
ل ينبعي معاقبته على توسيخها ،أو تفتق بعض أجزائه من جراء اللعب .أما ملبس
الخروج والجلوس في البيت فينبغي متابعة الولد وتوجيهه للمحافظة على نظافتها
وطهارتها ،مع معاقبته عند الهمال ،ول بأس بتكليفه تنظيف الجزء الذي أتلفه ،أو
وسخه ،ليتحمل مسؤولية خطئه إن كان قد أخطأ.
ويعود الب ولده حمل المنديل في جيبه ،ليتنظف به عند الحاجة ،خاصة عند
المتخاط ،فل يلوث ثيابه بمخاطه كما يفعل بعض الصبيان .ويعلمه السنة في
استعمال اليد اليسرى للمتخاط دون اليد اليمنى ،فإن اليد اليمنى تستعمل للمور
الشريفة الطاهرة.
وليس من العيب أوالحرج أن يتولى الب بنفسه تنظيف ولده ،وتطهير أنفه من
المخاط ،أو إزالة الذى عنه في بعض الحيان ،فقد روت السيدة عائشة رضي ال
عنها واصفة حال النبي صلى ال عليه وسلم واهتمامه بشأن أسامة بن زيد عندما
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
كان صغيرا ،قالت(( :أراد النبي صلى ال عليه وسلم أن ينحي مخاط أسامة .قالت
عائشة :دعني حتى أكون أنا الذي أفعل .قال :ياعائشة أحبيه ،فإني أحبه)) .فهذا
الهتمام بالولد ورعايتهم من قبل الرسول صلى ال عليه وسلم فيه دليل واضح
على أن من سواه من الرجال أولى أن ليترفعوا عن القيام بمثل هذا المر ،وقد
روت السيدة عائشة أيضا قصة أخرى لسامة بن زيد ،ولكنها كانت أبلغ من هذه،
وأعمق بيانا وتوضيحا ،فقالت رضي ال عنها(( :إن أسامة عثر بعتبة الباب فدمي
قالت :فجعل النبي يمصه ويقول لو كان أسامة جارية لحليتها ولكسوتها حتى
أنفقها)) .فهذه الرواية البليغة توضح -وبجلء -أن قيام الب بمهام رعاية بعض
شؤون الولد -خاصة في جانب نظافتهم ورعايتهم الصحية -أمر مشروع بل
مستحب لفعل النبي صلى ال عليه وسلم وقيامه بذلك على جللة قدره ومكانته.
ومن الجوانب التي ينبغي أن يهتم بها الب أيضا في موضوع النظافة:
الهتمام بالسنان ،فقد ابتلي كثير من الطفال بتلف السنان المبكر ،الذي يؤثر على
الهضم ،إلى جانب اللم التي يحدثها تسوس السنان خاصة بالنسبة للطفال
الصغار .وتعود معظم أسباب ذلك إلى إهمال العناية بها ونظافتها ،إلى جانب كثرة
أكل الحلوى والسكريات خاصة عند الطفال.
والحل المثل ل يكون بمنع الطفال من تناول الحلوى ،فهذا لطائل وراءه،
فالطفال مشغوفون بحبها والميل إليها .ولعل الحل الصحيح والمثل لهذه القضية
هو تعويد الولد على استعمال الفرشاة ،خاصة قبل النوم ،فإن بقاء بعض الطعمة،
والحلوى على السنان أثناء النوم تسبب تعفنها السريع ،وبالتالي يوجد التسوس
الذي يفتك بالسنان.
والصرار على الولد في استعمال الفرشاة أمر مهم ،فل ينبغي مجاملته في
ذلك أبدا ،بل يعود استعمالها بعد كل أكل ،بل وحتى بعد كل شيء يتناوله من
الطعمة -إن أمكن -فل يبقى على أسنانه شيء من الطعام طول الوقت.
ويحفظ الولد من تناول المشروب البارد بعد المشروب الحار ،أو العكس ،فإن
هذا أيضا من أعظم أسباب تلف السنان ،كما يجنب استعمال أسنانه في كسر
الشياء الجافة القاسية ،ويحفظ من أكل العلك الحلو .ويعود قدر المكان على
استعمال السواك ،فإن الرسول صلى ال عليه وسلم حث عليه ،وبين أنه طيب للفم،
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وطاعة للرب ،فقال(( :السواك مطهرة للفم ،مرضاة للرب)) .وقد كاد عليه الصلة
والسلم أن يأمر به ،ويوجبه على المسلمين ،لعظم فائدته ومنفعته ،فقال عليه
الصلة والسلم(( :لول أن أشق على أمتي أو على المؤمنين لمرتهم بالسواك عند
كل صلة)) .وقد ثبت مؤخرًا ((أن في المسواك أملحا معدنية ،ومواد عضوية،
ومضادات حيوية تطهر السنان ،ومواد تقوي جدار اللثة)) .وهذا البيان العلمي
الحديث لفوائد المسواك ل يزيد الب المسلم إل يقينا بصدق كل ما جاء عن رسول
ال صلى ال عليه وسلم من قول أو فعل ،وإن كان المفترض في المسلم أنه ل
يحتاج إلى دليل علمي تجريبي ،لثبات صحة ما جاء عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم إل أن مثل هذه الحقائق العلمية ،تقوي اليقين خاصة عند ضعاف اليمان.
وبإمكان الب تعويد أولده على استعمال المسواك ،من خلل القدوة أول ،ثم
عن طريق التوجيه المباشر ،وتقديم قطع من أغصان شجر الراك الرقيقة إليهم.
ويحاول من وقت لخر جلب مجموعة منها إلى البيت وتوزيعها باهتمام عليهم ،أما
إن كان في بلد ل يتوفر فيه هذا النوع من الشجر ،ول يجلب إليه ،أو أن بيته بعيد
عن موقع بيعه ،فيمكن تأمين كمية منه ،وحفظها في الثلجة داخل كيس من الورق
وآخر من البلستيك ،فإن التجربة أثبتت إمكانية بقائه بهذه الحتياطات في حالة
جيدة .وليس من الضروري أن يعرف الولد الطريقة الصحيحة في استعمال
السواك بادئ المر ،فإن هذا يحصل لهم بالمران والتعود ،وإن لم يكن في استعمال
السواك سوى القتداء بالرسول صلى ال عليه وسلم فإنه يكفي ذلك دافع ًا ومحركاً
للهتمام به ،والمجاهدة في جلبه ،وحفظه ،وتعويد الولد على استعماله.
ومما يلحظ على بعض الطفال في مسألة النظافة :إهمال تنظيف اليد والفم
بعد الكل ،وخاصة قبل النوم ،ووجود شيء من الدسم أو الدهن على يد الولد أو
ملبسه أثناء النوم ،يؤدي في بعض الحيان إلى جلب بعض القوارض والدواب إلى
فراش الولد ،وربما لدغ من بعضها ،وقد كان يكفي توجيه الولد إلى غسل يده وفمه
بالصابون قبل النوم ،وإزالة الوساخ وبقايا الطعام ،وقد جاءت السنة المطهرة بهذا
التحذير والتنبيه ،فقد قال عليه الصلة والسلم(( :إذا نام أحدكم وفي يده ريح غمر،
فلم يغسل يده فأصابه شيء ،فل يلومن إل نفسه)).
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ول يضر الب أن يمر على أولده كل ليلة في غرفهم قبل أن يناموا ،ويتابع
نظافتهم واهتمامهم بذلك ،ول بأس أن يشم أيديهم ،فمن وجد في يده رائحة بقايا
الطعام أمره بغسلها ،ومن لم يستك ،أو يستعمل الفرشاة ،أمره بالمسارعة بتنظيف
أسنانه قبل النوم ،وهذا العمل ل يكلف الب أكثر من بضع دقائق يقضيها في هذه
المتابعة الشيقة ،خاصة وأن الولد يتنافسون في كون كل واحد منهم أنظف من
أخيه ،وأن رائحة يده أطيب من غيره ،ويضفي الب على هذه المتابعة جوا من
الملطفة والمداعبة ،متجنبا السخرية والتعنيف.
ويحبب الب إلى أولده الطيب ،كالعود ،والورد ،والعنبر ،والمسك ،وغيرها
مع تجنب العطور المصنعة والممتزجة بالكحول ،لن أكثر أهل العلم يقولون
بنجاستها ،والب يحتاط لولده في جميع القضايا ،ومن تعود استعمال هذه العطور
الطبيعية في صغره ،فإنه في العادة ل يميل إلى غيرها في كبره .وهذه العطور التي
كانت على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وكان يحبها ويقول(( :حبب إلي
من الدنيا النساء والطيب وُجعل قرة عيني في الصلة)).
وقد وقت رسول ال صلى ال عليه وسلم مدة أربعين ليلة كحد أقصى لتقليم
الظفار والخذ منها ،والب يحرص على تعهد ولده ،وأمر الهل بتنظيف أظفار
الولد ،والخذ منها أول بأول ،خاصة بالنسبة للرضيع ،فإنه في العادة يخدش وجهه
بأظفاره .أما الولد الكبير إذا أهملت أظفاره حشيت تحتها الوساخ ،والقاذورات حتى
تتعفن ،فتضره ،وتؤذيه.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وقد أشار إلى أهمية اللعب المام الغزالي ،وتنبه إلى ذلك من جهة حث الولد
على طلب العلم ،وعدم التنفير منه فقال رحمه ال(( :وينبغي أن يؤذن له بعد
النصراف من الكتاب أن يلعب لعباً جميلً يستريح إليه من تعب المكتب بحيث ل
يتعب في اللعب ،فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه إلى التعليم دائمًا يميت قلبه
ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش ،حتى يطلب الحيلة في الخلص منه رأساً)).
وهذه لفتة هامة من المام الغزالي تبين أثر اللعب في النشاط الفكري للولد ،وأن
فيه راحة للعقل من كثرة التلقي ،كما أن في إهماله إيذاء للولد وتضييقاً عليه في
عيشه ،ودفعاً له لتخاذ الحيلة غير المشروعة.
وقال رحمه ال حول أهمية الحركة والرياضة للولد(( :ويُعوّد في بعض النهار
المشي والحركة والرياضة حتى ل يغلب عليه الكسل)) ،وقال بعض الحكماء:
((الخلق المعتدل ،والبنية المتناسبة دليل على قوة العقل وجودة الفطنة)) ،وقد
أثبتت التجارب ما أشار إليه الغزالي من أن هناك علقة بين حركة الجسم والعقل،
((فالتمرينات العضلية التي تسبق العمل الفكري تؤدي إلى تحسينه غالباً وزيادة
نشاطه)) ،كما أنها في الجانب الخر ((تنمي كتلة العضلت ،وتزيد من قدرتها على
المقاومة ،كما تزيد ضخامة العظام ،وتيسر سرعة الحركة ورشاقتها)).
ومما تقدم نجد أن الرياضة البدنية ضرورية لعداد الفراد اللئقين بدنياً،
وعقلياً ،واكتساب القامة المعتدلة ،وإعطاء الجهاز الدوري ،والدورة الدموية كفاءة
جيدة مع حماية الجسم من المراض ،ولقد نص الميثاق الدولي للتربية البدنية
والرياضية في مادته الولى على أن الرياضة حق أساسي للجميع ،وأنه يجب توفير
برامج للتربية البدنية والرياضية للطفال ،في سن ما قبل المدرسة.
وهذه أدلة كافية وواضحة على أهمية هذا الجانب في حياة الولد ،حيث يتحمل
الب المسؤولية الكبرى في إعداد وتكوين الجو المناسب لبنه ،لستغلل طاقاته
وقدراته الجسمية في ممارسة اللعاب والنشاطات البدنية المختلفة التي تعود عليه
بالنفع.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
أما في ظروف اليوم ،وأحوال المدن فإن لعب الولد في الطريق يعد مخاطرة
بحياتهم ،لوجود السيارات ،والعربات ،والدراجات النارية التي تغدو وتروح ،أما في
ذلك العهد القديم لم تكن هناك خطورة ،فوسائل النقل كانت الدواب وخطرها على
المارة قليل.
والمستحسن اليوم توفير أماكن مأمونة للعب الولد في داخل أحياء المدن
المزدحمة ،وتسويرها ،لضمان حمايتهم من خطر السيارات ،كما يمكن تأمين أندية
خاصة بالطفال ،أو فروع خاصة بالطفال داخل الندية الرياضية الكبيرة ليمارس
الولد فيها لعبهم.
وإن لم يتمكن الب من كل هذا ،ولم تتوفر هذه المكانات ،خصص لولده
مكانا في فناء المنزل ،أو على سطحه ،أو على القل خصص غرفة في البيت
يمارس فيها الولد بعضاً من لعبهم ،ورياضتهم السهلة ،ويكمل هذا النقص
الحاصل من ممارستهم للرياضة في البيت بأخذهم من وقت لخر خارج المدينة في
نزهة حيث الهواء الطلق ،والمكان المأمون لممارسة بعض النشاطات الرياضية
الخرى.
أما إن كان سكن الب خارج المدينة في قرية من القرى البعيدة عن صخب
المدن ،وازدحام السيارات ،فإن لعب الولد في الطريق ل بأس به ،مع مراعاة
الحقوق العامة ،وآداب الطريق.
ويتخير الب لولده وقت اللعب حين اعتدال الجو .ويحذرهم من اللعب في
الشمس أثناء شدة حرارتها في الظهيرة ،لقوله عليه الصلة والسلم فيما روي
عنه(( :لتطيلوا الجلوس في الشمس ،فإن الشمس تغير اللون ،وتقبض الجلد،
وتبلي الثوب ،وتبعث الداء الدفين)) .وربما أصيب الولد بالضربة الشمسية ،لطول
مكثه تحت أشعتها الحارة ،فيراعي الب هذه القضية الصحية ،خاصة إن كان في
بلد حارة ،فيتخذ مظلة في فناء الدار تقي الولد أشعة الشمس ،أو يلزمهم باللعب
وقت اعتدال الجو ،ويشغلهم في غير ذلك الوقت باللعب داخل المنزل.
وروي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أمر عليا رضي ال عنه أن ل يبقي
الحسن والحسين -رضي ال عنهما -في الحر ،فقد روت فاطمة -رضي ال عنها: -
((أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أتاها يوما فقال :أين ابناي ؟ فقالت :ذهب
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
بهما علي .فتوجه رسول ال صلى ال عليه وسلم فوجدهما يلعبان في مشربة.
وبين أيديهما فضل من تمر .فقال :ياعلي أل تقلب ابني قبل الحر)) .فهذا أمر من
رسول ال صلى ال عليه وسلم لعلي بأن يحفظ الحسن والحسين -رضي ال
عنهما -من الحر ،الذي يمكن أن يضر بهما .وللب المسلم في رسول ال السوة
والقدوة في ذلك رحمة بالولد ،وإشفاقا عليهم.
ويحفظ الب أولده أيضا من اللعب في المطر خاصة أثناء الصواعق والبرق،
فقد روي أن الحسن والحسين كانا عند رسول ال صلى ال عليه وسلم في المسجد
أثناء الصلة ،فقال أبو هريرة رضي ال عنه بعد أن انتهت الصلة(( :أل أذهب
بهما عند أمهما ؟ قال :ل ،فبرقت برقة ،فقال :الحقا بأمكما .فما زال يمشيان في
ضوئها حتى دخل )) .وفي هذا الحديث تظهر شفقة رسول ال صلى ال عليه وسلم
وحرصه على سلمة الولد من أذى الصواعق والمطر ،وأمره بحفظ الولد في
البيوت في هذه الوقات ،وعدم السماح لهم باللعب خارجها حتى يصفو الجو.
وأفضل أوقات ممارسة الرياضة :عند الصباح قبل تناول الفطار .وتنظيم ذلك
يكون بعد استيقاظ الولد من نومه فيؤمر بالستحمام ،ثم يعطى فرصة للعب بعض
الوقت ،ثم يطعم شيئا يسيرا من الكل ،ثم يعطى فرصة أطول للعب والستمتاع ،ثم
يستحم ويأكل.
وينبغي الحذر من اللعب والرياضة أثناء امتلء البطن ،وقبل انهضام الطعام،
فإن أفضل وقت لممارسة الرياضة عندما ل تكون المعدة ممتلئة ولخاوية ،وذلك
لن الغذاء يحتاج في انهضامه إلى السكون والنوم ،والحركة ل تساعد على حسن
الهضم.
وإن مراعاة الب لهذه القضايا الصحية يعود على أولده بالفائدة وحسن
الستمتاع باللعب والرياضة ،ويحميهم من المراض واللم المتنوعة التي تحصل
عادة من مخالفة القواعد والداب الصحية.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ولقد جاءت السنة المطهرة بأنواع من اللعاب الجائزة التي كانت تمارس على
عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم .فمنها ما قام بممارسته شخصيا ،ومنها ما
أقره ،وأجراه ،ولم ينكره .وهذه كلها تدخل في باب اللعب المباح .ومن هذه اللعاب
والرياضات المباحة التي وردت في السنة :اللعب والرقص بالحراب في العياد
والمناسبات ،فقد أقر رسول ال صلى ال عليه وسلم هذا النوع من اللعب في
مسجده ،،وسمح للسيدة عائشة رضي ال عنها أن تستمتع بالنظر إليهم وهم
يلعبون .وهذا النوع من اللعب فيه رجولة ،وبطولة .فالحجل أوالرقص جائز إذا خل
من الميوعة والتخنث .وهذا النوع من اللعب يمكن أن يمارسه الولد الكبار،
مراعين استبدال الحراب الحديدية بأعواد من الخشب الرقيق لضمان حمايتهم من
احتمال الصابة على الرأس ،أو الجسم ،بضربة مؤلمة .مع توجيه الب لهم بتجنب
الخشونة أثناء اللعب.
ومن اللعاب والرياضات المباحة أيضا ،والتي يمكن أن يمارسها الولد الكبار
-تحت إشراف الب :-السباق على القدام ،فهو جائز بالكتاب والسنة وإجماع
المة فقد ثبت أن رسول ال صلى ال عليه وسلم مارسه شخصيا أكثر من مرة ،مع
السيدة عائشة رضي ال عنها في بعض أسفاره .وقد تقدم ذكر الحديث الذي رواه
المام أحمد في مقدمة هذا المبحث ،والمتضمن قيام الرسول صلى ال عليه وسلم
بصف أبناء العباس رضي ال عنهم ثم أمرهم وحثهم على التسابق إليه ،فيستبقون
ويقعون فيقبلهم .وهذا دليل واضح على جواز هذا النوع من النشاط ،ووضع جوائز
تشجيعية له لثارة النشاط ،وبث روح التنافس الشريف بين الولد .فيستحسن
للب أن يصطحب أولده في نزهة ،من وقت لخر فيمارس معهم هذا النشاط
الترفيهي السهل ،الخالي من التكلف .ويعطي الفائز من الولد جائزة تشجيعية على
ذلك.
أما رياضتا الرماية والسباحة ،فقد تضمنهما الحديث الذي روي عن رسول ال
صلى ال عليه وسلم حيث قال فيه(( :حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة
والسباحة والرماية وأن ليرزقه إل طيبا)) .وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل
الرمي ،منها ما رواه البخاري في صحيحه عندما شاهد رسول ال صلى ال عليه
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وسلم نفرا من أسلم ينتضلون فقال لهم(( :ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا)).
وفي هذا تحريض ،وحث على تعلم الرمي ،والتدرب عليه.
ويمكن للب ممارسة هذه الرياضة السلمية مع أولده عن طريق استخدام
القوس والسهام ،كما كان الحال على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقد
أصبح هذا النوع من الرياضة معروفا اليوم ،وله هواته ومحبوه.
كما يمكنه استخدام بندقية الصيد التي تعمل بضغط الهواء ،فإن خطرها هين،
سوى أنها تحتاج إلى قليل من العناية والنتباه تحت إشراف الب .ويستحسن
ممارسة هذا النوع من النشاط في الخلء بعيدا عن المارة ،أو على سطح المنزل
مع اتخاذ أسباب السلمة اللزمة.
أما السباحة فهي نشاط رياضي حيوي مفيد للبدن ،ومن حق الولد أن يتدرب
عليها ليتعلمها ،ويكون ذلك من خلل اصطحابه إلى أحد الشواطئ النقية المنة ،أو
من خلل المشاركة في أحد الندية الرياضية المحافظة.
ويخصص الب يوما في السبوع لممارسة هذه الرياضة السلمية العريقة.
وإن توفر للب إمكانية تأمين حوض للسباحة في فناء منزله ،فعليه مراعاة أن
يكون عمقه مناسبا ،وحجمه مناسبا ،وأن يأخذ بأسباب السلمة ،وأهمها :إشرافه
المباشر على نشاط الولد في الحوض ،وأن يكون الحوض في مكان يمكن إغلقه،
فل يفتح إل بإذن الب ،مع مراعاة جوانب السلمة الخرى المكملة لذلك من تأمين
أطواق النجاة ،وطهارة المياه ونظافتها من الفات.
ول بأس باللعب بالعرائس ،والدمى المصنعة خصيصا للطفال الصغار .فقد
كان للسيدة عائشة في صغرها لعب من بينها فرس له جناحان تلهو به ،وقد أقرها
الرسول صلى ال عليه وسلم على ذلك ولم ينكر عليها .فاستعمال هذه الدمى
المجسمة كلعب للطفال ل بأس به ،ولكن يراعي الب حسن اختيار نوع اللعبة
لولده ،فل يكون اختياره لها عشوائيا ،فما يصلح لعبة للبنت ،ل ينفع دائما للولد.
ويميل الطفال إلى اللعب بالرجوحة ،وهو من اللعب الجائز الذي كان على
عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وقد كانت السيدة عائشة رضي ال عنها
تلعب بها مع صاحباتها قبل دخول النبي صلى ال عليه وسلم بها ،ويمكن للب
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
تأمين أرجوحة للولد ،يضعها في فناء المنزل ،أو على السطح ،ويعطي أولده
فرصة للهو واللعب بها ،فإن لم يتمكن من شرائها فإن من السهل تصنيعها من
الخشب والحبال ،فل تكلفه إل اليسير من المال.
ومن اللعاب المحببة للولد أيضا اللهو بالرمل ،والشغف والولع به ،فل يكاد
يرى الطفل -خاصة الصغير -شيئا من الرمل في مكان ما إل وينطلق إليه لهيا به
دون ملل .وهو ول الحمد من اللعب الجائز شرعا .وقد روي أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم مر على صبيان يلعبون بالتراب فذهب بعض أصحاب النبي صلى ال
عليه وسلم ينهونهم عن ذلك ،فقال(( :دعهم فإن التراب ربيع الصبيان)) .وهذا
الحديث وإن كان غير صحيح إل أن معناه صحيح ،لعظم شغف الصبيان بالتراب،
وحبهم له ،فهو كالربيع عندهم .والخلف الوارد في موضوع التراب خلف حول
جواز أكله ،وليس ثمة خلف حول جواز لعب الصبيان به .فإعطاء الولد فرصة في
بعض الوقات ليلهو بالرمل يعد نشاطا جيدا ،خاصة بالنسبة للولد الصغار .ومن
أفضل أماكن اللعب بالتراب :شواطئ البحار حيث يقل الغبار ،ويكون التراب نقيا
لكثرة احتكاكه بالماء أثناء عمليتي المد والجزر .وخلط الرمل بالماء لطيف جدا
ويحبه الولد.
وينبغي أن يتجنب الب زجر الولد عند مبالغتهم في اللعب بالتراب أثناء
النزهة على شاطئ البحر ،أو الصحراء .وذلك لن الوقت وقت ترفيه ولعب وليس
وقت انضباط ،وليس ثمة وقت ينطلق فيه الولد بل قيود إل في مثل هذه النزهات
البريئة ،فل بد من التغافل عنهم بعض الشيء.
ومن النشاطات الجائزة أيضا ،الرسم والتشكيل ،حيث يجوز رسم الشجار
والحجار ،دون ذوات الرواح .كما يدخل في ذلك استعمال التصوير الفوتوغرافي
لمعالم الطبيعة وجمالها فهذا جائز بل خوف .ومن المفيد أن يتعلم الولد ((عملية
التحميض)) ،وكيفية استخراج الصور من الفلم ،فإنها عملية مشوقة ومسلية،
وسهلة التعلم ،ول تحتاج إلى خبرة كبيرة.
وقد ازدهرت النشاطات الرياضية اليوم ،واتسعت مجالتها .وأدخلت إليها
ألعاب وهوايات كثيرة ،ومن هذه اللعاب :رياضة حمل الثقال ،وألعاب القوى
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الخرى ،وكرة القدم ،واليد ،والسلة ،والطائرة ،وكرة المضرب ،وتنس الطاولة،
وغيرها.
وهذه اللعاب في جملتها ل تتعارض في فكرتها مع التصور السلمي العام
لللعاب والنشاطات الرياضية .إنما التعارض يحدث في قضايا فرعية ل علقة لها
بأساس اللعبة وفكرتها .مثل كشف العورة ،والتعصب لفريق معين ،والخصام
والمشادة أثناء اللعب ،وضعف الروح الرياضية.
وبإمكان الب التغلب على هذه الخطاء الفرعية ،وتوفير بعض هذه اللعاب
لولده … ،.وإعطاؤهم الفرصة لممارستها معاً ،أو مع بعض أقاربهم ،أو أبناء
الجيران فيمارسونها في فناء البيت ،أو في النزهة .ول بأس بالنضمام إلى فريق
المدرسة الرياضي ،أو إلى ناد من النوادي الرياضية ،إذا تيقن الب من صلح
القائمين على هذه النشاطات ،وأن فائدتها المرجوة للولد أكبر من الضرر المتوقع
منها.
وتأمين مثل هذه اللعاب في البيت لمن كان مستطيعا من الباء يعد أفضل
وأحسن ،خاصة وأنها ل تكلف كثيرًا .فإن الفناء الذي يبلغ طوله عشرين إلى خمس
وعشرين مترا ،وعرضه عشرة إلى خمسة عشر مترا ،يمكن أن يكون ملعبا جيدا
لكثر من لعبة .فكرة القدم ،والسلة ،واليد ،والطائرة ،وكرة المضرب ،يمكن أن
تمارس في هذه المساحة ،كل لعبة في وقت من الوقات ،وذلك لن شكل المستطيل
هو شكل ملعب هذه الرياضات ،فأي مساحة مستطيلة مناسبة الحجم تصلح أن
تكون ملعبا لحدى هذه اللعاب ،مع التحكم في عدد اللعبين بالنسبة للمساحة.
أما بالنسبة لبعض الجهزة الرياضية مثل أدوات ألعاب القوى فيمكن أن توضع
في غرف الولد لصغر حجمها ،علما بأن رياضة حمل الثقال ،ومعرفة من يمكنه
رفع الثقل وزنا جائزة.
وبهذا السلوب يستغل الب طاقات الولد ،وأوقات فراغهم بما يعود عليهم
بالفائدة ،إلى جانب إشباع نهمهم من ممارسة رياضاتهم المفضلة في جو طاهر
بعيدًا عن التوترات ،والمضايقات ،والسباب ،الذي يصاحب عادة أجواء بعض أندية
الحياء السكنية أو الندية الرسمية.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
المستدرك(( :من لعب بالنرد فقد عصى ال ورسوله)) ،وفي رواية أخرى له أيضاً
بلفظ(( :من لعب بالكعاب أو قال بالكعبات فقد عصى ال ورسوله)) .وألفاظ
الحاديث كلها تخص النرد المعروف ،والمسمى اليوم بالزهرأو الطاولة.
والنردشير :هو النرد ،والكلمة أعجمية معربة .والكعاب :هي أيض ًا فصوص النرد.
وهذه الحاديث واضحة في تحريم اللعب بالنرد مطلقاً ،وقد اتفق السلف
رضوان ال عليهم على حرمة اللعب به؛ ونقل بعضهم الجماع على ذلك ،وهذا لنه
يورث العداوة والبغضاء عند اللعبين ،ويصدهم عن الذكر والصلة ،ويشغل القلب
بغير ال.
ويقاس على ذلك الشطرنج ،فقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريمه والمنع منه،
ولعل علة تحريمه كعلة تحريم النرد؛ لما يوقعه في النفس من الشحناء ،والبغضاء،
والكراهية ،واللتهاء عن الذكر والعبادة .وقد ذكر البيهقي رحمه ال أقوال السلف
في ذمه وكرهه ـ بعد أن ذكر أقوال بعض الذين رخصوا فيه ـ ثم بين أن الكثر على
حرمته ،ومنهم من يُحتج بقوله.
وهاتان اللعبتان المشهورتان ،يحذرالب المسلم من تقديمهما لولده ،أو
السماح لهم باللهو ،أو اللعب بهما؛ بل عليه أن يؤمن لهم من اللعاب المباحة ما
يشغل فراغهم ،ويسد حاجتهم .ففي ما أباح ال من اللهو كفاية .ول يلتفت إلى
الخلف في هذه المسألة ،فإن الحتياط في مثل هذه القضايا مطلوب ،خاصة وأن
مذهب الجمهور التحريم والمنع؛ كما تقدم.
ومن اللعاب المنهي عنها أيضاً ،والتي كانت على عهد رسول ال صلى ال
عليه وسلم :اللعب بالحمام على سبيل تطييرها ،وإضاعة الوقت بها .فقد قال عليه
ل يتبع حمامة(( :شيطان يتبع شيطانة)) .أي يقفو
الصلة والسلم عندما رأى رج ً
سمّي شيطاناً؛ لشتغاله بما ل يعنيه ،وسُمّيت شيطانة ،لنها
أثرها ويلعب بها ،و ُ
ألهته عن الحق ،وشغلته عما يهمه في دينه ودنياه .وهذا الفعل من عمل أهل
البطالة قليلي المروءة .فيكره اللعب بها .أما اتخاذ الحمام ونحوه للكل ،والتكاثر،
والنس بها فل بأس.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ويجنب الب أولده تصوير وتجسيم ذوات الرواح؛ لورود النهي عن ذلك،
ويشغلهم بالرسم والتصوير المباح للحجر أوالشجر ،ويصرفهم عن هذه اللعاب
بالبدائل المباحة.
ويحذر الب من مشاركة أولده في بعض اللعاب التي تدخل في القمار ،مثل
شراء ما يسمى ((باليانصيب)) المعتمد على الحظ في كسب المال ،فهو من الكسب
المحرم ،إلى جانب أنه يضيع المال ،وكذلك يمنعهم من جميع أنواع الرهان ،إل ما
ورد إباحته في الشرع من أمور العداد للحرب؛ لقوله عليه الصلة والسلم(( :ل
سبق إل في خف أو نصل أو حافر))؛ فالتسابق بغير عوض جائز في جميع أنواع
الرياضات ،أما ما وضع له عوض ،فإنه ل يجوز ،إل فيما حدده الحديث بالتسابق
بين الخيل ،والبل ،وفي الرمي؛ لنها من آلت الحرب المُرغّب في تعلم فنونها.
وقد جاءت الحضارة المادية اليوم بألعاب كثيرة مباحة في أصلها وفكرتها،
ولكنهم أضافوا إليها إضافات منحرفة ،وصبغوها بصبغة قبيحة مذمومة .ومن هذه
اللعاب المصارعة بين شخصين ،فهي في الصل جائزة ،إنما الممنوع الذي
يخرجها عن كونها جائزة شرعاً :الوحشية ،والفوضى التي تُشاهد في حلبات
المصارعة في هذه اليام ،إلى جانب محظورات كشف العورة.
وأما المصارعة الصحيحة والمباحة ((تكون في إظهار القوة بالتغلب على
الخصم وطرحه على الرض والتحايل في صد هجمات العدو ،وعدم تمكينه من النيل
منه ،وكل ذلك يتم بمهارة وفن ،ل بالضرب واللكم)).
ويدخل أيضاً في المنع رياضة الملكمة لما فيه من الخشونة ،والوحشية
المفرطة .وإلحاق الذى بالخصم ،خاصة في الرأس؛ لوقوع الضرب عليه ،وربما
أتلفت هذه الرياضة الوحشية عين الرجل ،أو أنفه ،أو سببت له ارتجاجاً في المخ.
وتنفير الولد من ممارستها ،ومشاهدتها ،أمر يتوله الب ويحذر من إهماله.
كما أن هذه النواع من الرياضة تخالف ما تهدف إليه المواثيق الرياضية
المتفق عليها من تقوية البدن ،وحمايته من المراض ،وإكسابه الرشاقة ،وتنمية
العضلت ،وغير ذلك مما نصت عليه هذه المواثيق الرياضية؛ فإن مباراة واحدة
من مثل هذه تذهب بكل ما بناه المصارع أو الملكم في سنوات ،وربما حرمته هذه
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الشرع ،فل يقع في نفسه أي ميل لها بالكلية ،ول شك في أن اختيار دمية كلب ،أو
خنزير ،أو فأر ،فيه إيحاء للطفل باستلطاف هذه الحيوانات والدواب المقززة
للنفوس السوية.
ويراعي الب عند اختيار اللعبة أن يكون لها هدف تربوي مفيد ،فالطفال في
السادسة يميلون إلى اللعاب التركيبية القابلة للفك والتركيب ،فيحاول الب عند
شرائه للعبة الولد أن يقع اختياره على هذا النوع من اللعاب ،لنها تثير تفكيرالولد
واهتمامه إلى مدة أطول ،وفائدتها للولد أكبر لستخدامه عقله في فكها وتركيبها،
وهي أكثر إثارة له في هذا السن من اللعاب التي تلف أو ترقص ،لن أثرها يزول
سريعاً.
والب يستوحي من ميول ولده وتصرفاته :نوع اللعبة التي تناسبه ،وتكون
أكثر نفعاً له .فالولد الذي يرغب في القفز ،وتمرينات الرشاقة ،يمكن أن يؤمن له
السرير الخاص بالقفز .والولد الذي يميل إلى التسلق في أثواب سترة النافذة ،يمكن
أن تؤمن له ألعاب في هذا المجال ،مثل الحبل ذي العقد المخصص للتسلق .فيمارس
الولد رياضته ولعبته المفضلة دون إزعاج لغيره .والولد الذي يميل إلى فك اللعاب،
واكتشاف بواطنها ،تُؤمّن له ألعاب قابلة للفك والتركيب؛ ليشبع نهمه .وهكذا يراعي
الب ميول الولد ورغباته مستوحياً ذلك من مشاهداته له وملحظاته لسلوكه
وتصرفاته.
ويُنصح الب أيضاً باختيار اللعاب التي تنمي مهارات القراءة والكتابة
والحساب عند الولد في سن المدرسة ،أو ما قبلها بقليل ،ليتهيأ للعلم ،ويكون لعبه
مفيداً هادفاً ،مثل اللعاب التي تعتمد على تركيب الكلمات ،أو الجمع والطرح ،ونحو
ذلك.
وبالنسبة للولد الكبير في سن الطفولة المتأخرة ،فإنه يميل عادة إلى تعلم
المهارات اللزمة لشؤون الحياة ومتطلباتها ،فإشراكه في إصلح الباب ،أو النافذة،
أو تغيير إطار السيارة ،أو الكشف على الماء والزيت فيها ،وتعليمُه بعض مهارات
النجارة والميكانيكا ،وتأمين أجهزتها ومستلزماتها الفنية له ،كل هذه الجراءات
التربوية الموجهة :يمكن أن تنمي في الولد جوانب شخصيته ،وتوجه طاقته
الحركية والفكرية المتوقدة نحو ما يعود عليه بالخير والفائدة ،ويكون اختيار الب
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
للنشاط أو اللعبة مبنياً على الوعي الصحيح بحاجات الطفولة ،وترسم الهداف
والغايات المنشودة.
وهناك أنواع من اللعاب قد غزت أماكن بيع لعب الطفال ،وهي اللعاب
اللكترونية التي بدأت صناعتها في القرن التاسع عشر ،فما أن حل عام 1981م
حتى أصبح كمبيوتر المنزل والجيب متاحاً للجميع .وتعتمد هذه اللعاب على سرعة
النتباه ،والتفكير ،والتركيز ،والتوافق بين اليد والعين .ومن مميزاتها أنها تُلعب في
أي وقت ،ول تحتاج في بعض الحيان لكثر من شخص واحد ،إلى جانب أن بعضها
سهل الحمل ،رخيص السعر.
وقد اكتسبت هذه اللعاب اللكترونية شهرة واسعة ،وقدرة فائقة على جذب
اللعبين وإغرائهم مما أدى إلى إضاعة كثير من أوقاتهم ،وأودت ببعضهم إلى حد
الدمان المفرط مما اضطر بعض الدول إلى تحديد سن الشخاص الذين يُسمح لهم
بممارسة هذه اللعاب في الماكن العامة ،وذلك حفاظاً على الطفال الصغار من
إغراء هذه اللعاب وجذبها.
والظاهر مما تقدم أن لهذه اللعاب جانبين أحدهما مسلٍ يمكن أن يشغل بعض
فراغ الولد ،والخر سيئ مضر ،لخشية الدمان وإضاعة الوقت في اللعب ،مما
يترتب عليه إهمال كثير من الجوانب التربوية الخرى من النشاطات الثقافية،
والجتماعية ،والرياضية ،التي يمارسها وينظمها الب لولده.
ولعل الحل المثل لهذه المسألة هو تعليم الولد وتعويده التوسط في المور،
وتخصيص وقت لكل نشاط ،فيعطى لهذه اللعاب وقت ًا ولغيرها وقتاً آخر .ويراعي
الب عند اختياراللعبة اللكترونية ،أن تكون من النوع الكبير الذي يصعب حمله لئل
يتعود الولد حملها أينما ذهب ،ويراعي أيضاً أن تكون اللعبة ذات أهداف علمية،
وثقافية ،ويتجنب قدر المستطاع النواع التي ل تتضمن أهدافًا تربوية ،مثل صراع
الطائرات ،والدبابات ،والجنود ،التي تعتمد على سرعة البديهة ،والمهارة الحركية
فقط .ويختار من بينها ما يمكن أن يلعبه أكثرمن شخص ليحصل للولد الجتماع،
ونبذ الفردية.
وبهذا يكون الب قد استفاد من الجانب المفيد في هذه اللعاب ،وحفظ الولد
من إمكانية إضرارها بهم ،وأسرها لهم.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الفجر مباشرة ،فإن بعض السلف رضوان ال عليهم كانوا ليتركون أحداً من أهلهم
وأولدهم ينامون بعد الفجر حتى تطلع الشمس .وذلك لحصول بركة دعوة الرسول
صلى ال عليه وسلم التى قال فيها(( :اللهم بارك لمتي في بكورها)) .وقد ثبت
علمياً أن غاز ((الوزون)) المنشط للخليا ،والذي يقضي على كثير من المراض،
ل ينتشر إل في الفجر ،فهذا من بركات الستيقاظ المبكر ،وترك النوم نهاراً ،خاصة
بعد صلة الفجر مباشرة.
وهذه الفترة بين صلة الفجر حتى الشروق ل تزيد في العادة عن ساعة ،فلو
استغلها الب مع الولد في بعض العمال والنشاطات الدينية ،فإن الفائدة
والمردود سوف يكونان جيدين إن شاء ال ،وخاصة وأن الولد في الصباح وبعد
الصلة يكون صافي الذهن ،قادراً على التفكير والتمعن.
ومن أفضل العمال في هذا الوقت التسبيح ،وقراءة القرآن حتى تطلع
الشمس ،لقوله عليه الصلة والسلم فيما رواه عنه أنس بن مالك(( :من صلى
الغداة في جماعة ثم قعد يذكر ال حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين :كانت له
كأجر حجة وعمرة ،قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :تامةٍ تام ٍة تامةًٍ)).
فهذا ترغيب من رسول ال صلى ال عليه وسلم في الجلوس بعد الصلة للذكر،
والب إن وجد في أولده همة لذلك ساعدهم وحثهم عليه ،وإن وجد منهم ضعفا،
فل داعي أن يجبرهم ،بل يقسم هذه الساعة ،فيخصص منها للذكر وقتا ،ولشيء
من الحديث معهم وقتا آخر ،وباقي الوقت يأخذهم بالسيارة إلى مكان قريب منبسط
لرؤية شروق الشمس ،فهذا محبب للطفال ،ثم يعقب هذا بشيء من النشاط
الرياضي الخفيف ،ثم الفطار.
ومن القضايا المهمة المتعلقة بآداب النوم :مسألة التفريق بين الولد عند أخذ
المضجع خاصة الذكور والناث ،وذلك لقوله عليه الصلة والسلم(( :مروا أولدكم
بالصلة وهم أبناء سبع سنين ،واضربوهم عليها وهم أبناء عشر ،وفرقوا بينهم
في المضاجع)) .وذلك للحتياط في القضايا المتعلقة بالجنس ،والولد أثناء النوم
وكذلك البنت ليدريان ما يمكن أن يحدث بينهما من الحتكاك ،أو الحتضان ،أو
اللتصاق .ومن باب سد الذريعة أخذ الحتياطات في هذا المر الخطير .وأفضل هذه
الحتياطات تخصيص غرفة للذكور وغرفة أخرى للناث ،وجعل سرير ولحاف
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
مستقلين لكل ولد ولكل بنت ،فإن لم يتيسر ذلك ،فل بأس بالنوم على فراش واحد،
على أن يكون لكل واحد لحافه الخاص به ،ويحذر الب كل الحذر من نوم الولد بعد
السنة الولى من عمره في غرفة نومه الخاصة مع أهله ،خشية أن يرى الولد ما
يكره من العلقة الطبيعية بين الرجل والمرأة.
ويعود الولد النوم على جنبه اليمن ،اقتداء بالرسول صلى ال عليه وسلم ،مع
وضع اليد اليمنى تحت الخد اليمن .وتجنب النوم على البطن ،لكراهية الرسول
صلى ال عليه وسلم لهذه النومة وقوله(( :إن هذه ضجعة ل يحبها ال)) .كما أن
في النوم على البطن -خاصة للولد الذي قارب الحلم – يسبب تهييجاً وإثارة
جنسية -وذلك لحتكاك العضاء التناسلية بالفراش .والب يحرص على توجيه
أولده إلى الخير في جميع الشؤون وليهمل ،خاصة في المسائل التي جاءت
الشريعة بأحكامها وبيانها.
وعلى الوالد أن يعلمهم ذكر أخذ المضجع وهو(( :اللهم باسمك أحيا وباسمك
أموت)) وكذلك عند الستيقاظ(( :الحمد ل الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه
النشور)) .وأن يحفظهم هذه الذكار والدعوات ،وأن يتابعهم قبل النوم فيسألهم
عنها.
ويُفضل أن يعودهم على قراءة بعض اليات المأثور قراءتها قبل النوم كآية
الكرسي ،وخواتيم سورة البقرة .ول بأس بأن يجهر الب بهذه الذكار أمام أولده،
ليعلمهم حتى يحفظوا ويعقلوا عنه ،أو يوجه الكبار منهم ليعلموا الصغار.
ويجب على الب أن ل يترك ولده ينام في البيت وحده ،فإن الرسول صلى ال
عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل في البيت وحده ،فكيف بالولد الصغير ؟ .فعلى الب
أن يأخذ الحتياطات اللزمة لحماية الولد من الخلوة الطويلة في الليل وحيدا ليس
معه في البيت أحد ،فل يجد من يساعده إذا احتاج إلى أمر من المور ،أو مرض ،أو
على القل لو خاف ل يجد من يؤنسه.
ويفضل أن يكون في غرفة الولد شيء من الضوء ،كوضع مصباح كهربائي
صغير ،أو إشعال ضوء بعيد يصل منه شيء إلى غرفته ،وذلك احتياطا من تعثر
الولد إذا استيقظ في الليل لحاجته .وهذا ل يعارض قول الرسول صلى ال عليه
وسلم(( :أطفئوا المصابيح عند الرقاد)) ،فإن المقصود بهذه المصابيح تلك التي
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
تشعل بالنار والفتائل والوقود ،وعلة النهي عن تركها مشتعلة أثناء النوم واضحة
في باقي الحديث حيث قال عليه الصلة والسلم .…(( :فإن الفويسقة ربما اجترت
الفتيلة فأحرقت البيت)) فالعلة هي الفأرة ،أو ما شابهها من الدواب ،تعبث في
المصباح فتكون سببا في إحراق البيت .والمصابيح الحديثة مأمونة في الغالب،
وبعيدة عن هذه الدواب ،خاصة المعلق منها في السقف ،كما أنها غير قابلة
للحراق بمجرد السقوط على الرض.
ومن السنن المستحبة عند النوم أيضا :الوضوء ،والنوم على طهارة ،فقد قال
عليه الصلة والسلم(( :إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلة)) .وذلك لينام
الولد طاهرا ،نظيفا ،ذاكرا ال عز وجل .ومن نام على هذه الصفة ،متوضئا،
طاهرا ،ذاكرا ،أجزل ال سبحانه وتعالى أجره وثوابه.
وعلى الب أن ل يغفل جانب النية الحسنة من مقصد النوم ،فيعلم أولده أن
المسلم ينام في الليل ليتقوى في النهار على عبادة ربه ،والسعي في مرضاته بالجد
والعمل .وعلى الب أن يتابع أولده في هذه السنن والداب ول يمل حتى يتيقن
حبهم لها ،والتزامهم بأدائها.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
المراض ،لهذا يُلحظ أن أطفال السواحل والرياف أسرع نمواً من أطفال المدن،
وذلك لنقاوة الهواء ووفرة أشعة الشمس وتعرضهم لها.
وعند نزول المرض بأحد الولد ،فإن المسارعة إلى علجه أمر هام لتدارك
الخطر ،على أن يكون ذلك في غير هلع وارتباك؛ بل الهدوء والسكينة في ذلك
وتطمين الولد بأنه لم يصبه شيء خطير :له أثر جيد في سرعة شفائه ،وإدخال
المل إلى قلبه.
وليس من الضروري المسارعة إلى أخذ الولد إلى الطبيب عند حدوث أعراض
مرض ما ،بل إن استعمال الب للدوية المفردة دون المركبة لمعالجة الولد هو
السنة التي كان عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وهذا إذا كان للب خبرة في
هذا المجال(( ،وقد اتفق الطباء على أنه متى أمكن التداوي بالغذاء ل يعدل إلى
الدواء؛ ومتى أمكن بالبسيط ل يعدل إلى المركب .قالوا :وكل داء قدر على دفعه
بالغذية والحمية لم يحاول دفعه بالدوية)) .والطباء المعاصرون يميلون في
العادة إلى الدوية المركبة المصنعة ،وهذه تضر بالبدن ،إذا لم تكن موافقة للداء،
أو كانت كميتها أكبر من المحتاج إليه .والب يختار من الطباء من لديه خبرة
بالدوية غير المركبة ،بالضافة إلى العلم الحديث في الطب وسياسة البدن ،فإن
اجتماع هذين العلمين ،وتقديم أحدهما على الخر عند معالجة المرضى ،له بإذن ال
الثر في سرعة الشفاء وذهاب الداء.
وقد جاءت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة المطهرة تحث على
ن بُطُو ِنهَا
خ ُرجُ مِ ْ
المعالجة بالعسل ،وتبين عظم فائدته ونفعه ،يقول ال تعالى{ :يَ ْ
ب مُخْتَ ِلفٌ أَ ْلوَا ُنهُ فِي ِه شِفَاءٌ لِلنّاسِ} [النحل .]69:ويقول الرسول صلى ال عليه
شرَا ٌ
َ
وسلم(( :الشفاء في ثلثة :في شرطة محجم ،أو شربة عسل ،أو كية بنار ،وأنهى
أمتي عن الكي )).
وبناء على هذه النصوص ينبغي للب المسلم أن يسارع إلى تأمين العسل في
بيته بصورة مستمرة ،خاصة النواع الجيدة منها ،وإن كان ل يستطيع شراءه
لغلئه وارتفاع سعره ،اشترى منه قرصاً أو قرصين في السنة ،واستعمله بطريقة
اللعق ثلث مرات في الشهر ،فإن ذلك بإذن ال يكفي ويحصل به المطلوب؛ فقد
روي عنه عليه الصلة والسلم أنه قال(( :من لعق العسل ثلث غدوات ،كل شهر،
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
لم يصبه عظيم من البلء)) ،وبهذه الطريقة يمكن للب الفقير ،أن يستعمل العسل
مع أولده ،ويحصل لهم الشفاء بإذن ال ،مع حصول الترشيد في النفاق ،ومراعاة
دخل السرة.
وقد وردت السنة أيضاً بتعيين أنواع من المأكولت والحبوب التي فيها شفاء
وفوائد للجسم ،فمنها الحبة السوداء التي يقول عنها الرسول صلى ال عليه وسلم:
((الحبة السوداء شفاء من كل داء)) ،كما جاء ذكر العجوة وفضلها في قوله عليه
الصلة والسلم(( :من اصطبح كل يوم تمرات من عجوة لم يضره سم ول سحر
ذلك اليوم إلى الليل)).
والمقصود أن السنة جاءت بتفضيل بعض الدوية البسيطة المعروفة ،وبيان
أن لها فوائد في حماية البدن ،وذهاب المرض ،وحصول الشفاء ،فعلى الب أن
يحرص على استخدامها بالطرق الصحيحة مع سؤال أهل الخبرة والمعرفة في ذلك.
وفي القرآن الكريم شفاء لما في القلوب من الشك والمراض النفسية وغيرها،
كما أن فيه شفاء للبدان من المراض الحسية الظاهرة ،باستعمال الرقى والتعاويذ.
ويكون ذلك بقراءة المعوذات والمسح على كامل البدن بها وقول(( :أعوذ بعزة
ال وقدرته من شر ما أجد)) مع المسح باليد اليمنى سبع مرات .وإذا كان الولد
صغيرًا ل يعقل ول يستطيع قراءة هذه الذكار ،فإن الب يتولى ذلك بنفسه ،فيقرأ
في يده ويمسح بها على الولد كما فعلت السيدة عائشة رضي ال عنها عندما
مرض النبي صلى ال عليه وسلم مرض موته ،إل أنها كانت تقرأ في يده وتمسح
بها عليه لبركتها.
والرقية من العين مشروعة ،فإن العين حق ،وقد ورد أن النبي صلى ال عليه
وسلم أمر بها لبني جعفر بن أبي طالب عندما علم أن العين تصيبهما .وقد ورد عن
سبْتُمْ
ح ِ
ابن مسعود القراءة على المريض ،فقرأ ذات مرة على مبتلى قوله تعالى{ :أَفَ َ
عبَث ًا …} [المؤمنون ]115:إلى نهاية السورة فعافاه ال .أما تعليق
َأ ّنمَا خََل ْقنَاكُمْ َ
شيء من القرآن على الولد فقد اختلف السلف في ذلك ،والولى تركه احتياطاً.
ول ينبغي إجبار الولد على تعاطي الدواء وغصبه عليه وإدخاله في فمه
بالقوة ،لن النبي صلى ال عليه وسلم نهى عن ذلك في مرضه الذي مات فيه.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والفضل هو سياسة الولد وترغيبه في الدواء ،بالوسائل المختلفة دون إجبار ،ول
بأس بوضعه له في الطعام إن كان هذا ل يضره ،مع عدم قسره على الكل أيضاً؛
لقوله عليه الصلة والسلم(( :ل تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب .فإن ال
يطعمهم ويسقيهم)) .وسبب النهي عن إكراههم على الكل والشرب :لن فائدة
البدن ل تحصل في الحقيقة من الكل والشرب؛ بل القوة والعافية من عند ال عز
وجل ،فهو الذي يحفظ لهم قوتهم ،ويمدهم بما يماثل فائدة الطعام والشراب.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والجدري مجتمعة)) .وفي كل عام يُقتل في العالم بسبب هذه الفة أكثرمن مليون
شخص ،وذلك حسب إفادة منظمة الصحة العالمية.
وبناء على المفاهيم العامة للسلم التي تُحرم المضرات ،وتبيح الطيبات ،ولمَا
ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه نهى ((عن كل مسكر ومفتر)).
والمفتر(( :الذي إذا شُرب أحمى الجسد وصار فيه فتور ،وهو ضعف وانكسار))،
فقد صدرت فتاوى العلماء بحرمة تعاطيه.
وبناء على هذا ل يليق بالب المسلم أن يدخن ويتعاطى هذا السم المحرم،
وذلك لحرمته أولً ،ثم خوفاً على اقتداء الولد به ،فإن الطفل مقلد ماهر فل يستبعد
الب المدخن أن يرى ولده الصغير جالساً في موضع جلوس الب وماسكاً سيجارة
مشتعلة ،فهو ل يدرك مضار التدخين ،كما أنه يسعى جاداً ليبلغ مبلغ الكبار،
فيقلدهم في معظم أعمالهم ،ويمكن أن تكون هذه الخطوة بداية إدمان الولد على
التدخين ،فقد يبدأ الطفل التدخين بجدية منذ الخامسة ،وربما تطور الموضوع ليصل
إلى المخدرات فإن هناك ارتباطاً بين التدخين والخمور والمخدرات.
فل بد للب أن يلتزم منهج السلم في موضوع التدخين ،فإن لم يكن من
المدخنين سهل عليه إقناع الولد ببيان مضاره له ،وإظهار كراهيته ومقته ،فيقع في
نفس الولد بغضه وعدم الرغبة فيه .أما إن كان الب من المدخنين فإن إيقاع
كراهية الدخان في نفس الولد أمر صعب ،وإخفاء الب عن أولده حقيقة أمره،
وأنه من المدخنين أمر صعب أيضاً.
ولعل أمثل الحلول بالنسبة للب الذي ل يكثر من تعاطي السجائر أن يخفي
على أولده أنه يدخن فل يتعاطى ذلك إل في النادر بعيداً عن الولد على أن تكون
هذه الخطوة منه بداية جادة لترك الدخان بالكلية.
أما إن كان الب ممن ابتلي بكثرة الدخان ،فل يستطيع إخفاءه عن الولد ،فإن
مسارعته بتركه فوراً قبل أن يعقل أولده فعلته القبيحة يعد واجباً عليه وحقاً من
حقوق الولد إذ ل يجوز له أن يدلهم بقوله أو بفعله على أي أمر قبيح .وإن حدث
أن علم الولد بأن أباهم يدخن ،فعليه أن يسارع ببيان خطئه وتقصيره ،وأنه
اعتاده قبل أن يتيقن بضرره وخطورته ،مع إفهامهم أنه جاد في تعاطي السباب
لتركه ،ول ينبغي له بحال أن يقول لهم(( :هذا للكبار دون الصغار)) ،أو أن يقول:
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
((هذا ل ينفع لكم ولكنه ينفع لي))؛ بل ل بد من أن يظهر تأسفه وندمه وخطأه على
تعاطيه؛ ليعلم الولد أن هذا الفعل من أنواع الخطأ ،فل يقتدون بأبيهم في هذه
المسألة .وفي هذا السلوب شيء من التناقض ،إل أنه ل بد من المصارحة وبيان
الخطأ والعتذار ،وليس ثمة حل أنسب من هذا في مثل هذه المواقف المحرجة مع
الولد خاصة الكبار منهم.
ويُنصح الب المدخن إذا كان جاداً في ترك الدخان أن يتعرف أولً على أضرار
تعاطي الدخان ،وأن يبتعد عن الجواء التي يُتعاطى فيها الدخان ،وكل ما يُذكّره به،
وعند الرغبة في التدخين يستعمل العلكة أو السواك ،أو غيرهما ليلتهي به عن
السجائر ،وعليه أن يقلل من تعاطي القهوة و الشاي ،ويكثر من الفاكهة ،والغذاء
الجيد الخالي من التوابل ،ويتناول دائماً عصير العنب والليمون والبرتقال كل
صباح ،وأن يستعين بال على تركه قبل كل شيء آخذًا بهذه السباب فإنها نافعة
وجيدة لترك الدخان بالكلية.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
في حين يتفوق الذكور عليهن بعد الثانية عشرة في القوى البدنية ،والعضلية،
وضخامة الجسم ،وحجم الدماغ.
ويصاحب مراحل نمو الفتيات الجسمي شيء من الشعور بالتعب ،وسرعة الرهاق
البدني ،وآلم في الرأس ،والتهابات في الحلق؛ مما قد يعوقهن عن أداء بعض
واجباتهن المدرسية والسرية ،وقد يُصاب بعضهن بشيء من ضعف التوازن
الحركي ،والشعور بالخوف من الحمل ،والمراض العضوية ،والقضايا الجنسية،
وأمور الحياة المستقبلية ،إلى جانب القلق بصفة خاصة على مظاهر النمو التي
تنتاب معالم النوثة عندهن؛ مما قد يسوق بعضهن إلى النطواء الجتماعي،
وسرعة الغضب ،والبكاء ،والرغبة في تجاوز هذه المرحلة بسرعة وسلم ،حتى إن
بعضهن ربما مارست سلوك النساء الكبيرات رغبة منها في الخروج المبكر من
حرج مرحلة النمو ،كما أن البلوغ المبكر -الذي يُعدّ تفوق ًا محبوباً عند الذكور-
يُزعج الفتاة ،ويضعف توافقها مع القرينات ممن لم يبلغن مبلغها ،فتعاني من ذلك
شيئاً من سوء التكيف الجتماعي.
إن هذه المظاهر الجسمية النامية ،مع كونها مظاهر إنسانية عامة؛ فإنها من جهة
السرعة عملية فردية نسبية ،تختلف من شخص إلى آخر ،ومن فتاة إلى أخرى،
حيث تتأثر بنوع الوراثة ،وجودة الغذاء ،وطبيعة المناخ ،ومع ذلك كلّه فإن فترة
النمو ل تدوم "لدى أي كائن حي المدة التي تستغرقها لدى النسان" ،فهي مع
كونها تُعد عند بعض الفتيات سريعة -مقابلة بغيرها من قريناتها -إل أنها في
العموم طويلة المد ،فل بد أن تراعي الفتاة طبيعة نموها ،وتدرّجه النمائي ضمن
حدود ظروفها الفطرية ،وطبيعة بيئتها المعيشيّة ،مع ضرورة حفّ الفتاة النامية
بالعاطفة البوية الحانية ،والرعاية السرية الكاملة ،والقبول الجتماعي الذي يحقق
لها قدراً من الرصيد النفسي الذي يساعدها على مواجهة هذه التغيرات الجسمية
.بصورة طبيعية مقبولة ،دون توتر ،أو قلق يُخلّ بتوازنها السلوكي والعاطفي
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
رغم أن صحة البدن تُعد غاية من الغايات النسانية :فإن المرء بطبعه مجبول
على صيانة ذاته ،حيث يجد في نفسه قوة تنبعث من داخله تدفعه نحو المحافظة
على نفسه ،حتى إن هذه القوة الدافعة لتتضخم عند البعض لتصل إلى درجة
الوسوسة المفرطة ،أو ربما إلى حالة من المرض النفسي ،خاصة عند المراهقين
قبل بلوغهم ،حيث يشعرون برعب شديد تجاه صحة أجسادهم ،وبعد البلوغ
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
يشعرون بخوف من تشوه أبدانهم النامية ،حتى إن بعضهم يكره ذاته للتغيرات
الجسمية ،وتطورات النمو التي تنتابه.
ورغم اتحاد الجنسين في هذه المشاعر النفسية المؤلمة ،فإنها أبلغ ما تكون
عند الفتيات المتوجهات نحو اكتمال النمو الجسمي ،حيث التغيرات المتعددة
المصاحبة للنضج البدني ،حتى إن بعضهن يصعب عليهن تصور أشكال أجسادهن
بصورة صحيحة.
إن التربية الصحية للجانب الجسمي تلبي عند الفتاة النامية هذه الحاجة الفطرية
تجاه الجسد في صورتها السوية ،بحيث ل تتعارض مع طبيعتها الجبلّية ،بل تُؤكد
عليها ،وتُوصّلها شرعي ًا بالنصوص المحكمة ،إلى جانب تعليم الفتاة وسائل الصحة
الجسمية ،وشروطها الضرورية ،وتدريبها عليها من خلل السلوك الفردي
.والجماعي ،في البيت ،والمدرسة ،والمجتمع
تدل البحوث العلمية على وجود علقة بين مظهر الجسم ونوع الشخصية،
فالشخصية القوية بجوانبها المختلفة يحملها في العادة جس ٌم صحيح :فالعقل
الراجح ،والوجدان المتزن ،والعلقات الجتماعية الناجحة كل ذلك ينبعث من كيان
إنساني سليم ،فالجانب الخلقي في شخصية الفتاة تابع لمزاج بدنها" ،فكلّما كانت
أخلق النفس أحسن كان مزاج البدن أعدل ،وكلّما كان مزاج البدن أعدل كانت
أخلق النفس أحسن".
وكذلك في الجانب العقلي عند الفتاة :فإن العلقة قوية بينه وبين نمو جسمها
السليم ،فالتعب "العقلي ناشئ في الغالب عن التعب الفيسيولوجي؛ لنه مصحوب
بتبدل حركات القلب ،والتنفس ،وازدياد الحرارة ،وتناقص القوة العضلية ،وضعف
مقاومة الجسد ،وهبوط الحساسية اللمسية ،وارتفاع الحدّة ،وقابلية الهيجان
والغضب" ،كل هذه المتغيرات الجسمية تؤثر في الداء العقلي ،بل وحتى نوع
الغذاء الذي ينمو عليه الجسم ،وطبيعة الجهد الجسمي الذي تقوم به الفتاة ،وطريقة
معيشتها في العموم كل ذلك له تأثيره البالغ في قوة أو ضعف جوانب أدائها العقلي.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وهذه العلقة أيضًا منطبقة على الجانب النفسي عند الفتاة بصورة قد تكون
أبلغ وأعظم :فإن تطورها النفسي السليم يخضع بصورة قوية لنمو جسمها
الصحيح ،فالفات الجسدية ،وتعَثّرات النضج الفسيولوجي :من أعظم أسباب ظهور
الشذوذات النفسية المتطرّفة؛ بل إن مجرّد تشوّه يسير في شكل الفتاة الجسمي ،أو
استئصال جزء من أجزاء بدنها الظاهرة كفيل بأن يُحطّم جانباً من كيانها النفسي،
أو على القل يسوقها نحو النعزال الجتماعي المفرط ،الذي يؤدي بالتالي إلى
أنواع أخرى من المعاناة النفسية ،والخفاقات الجتماعية ،والشعور بالمنبوذية؛
فإن من الصعوبة بمكان أن تعزل الفتاة عواطفها ،ومشاعرها عند تعاملها مع
الناس عن حالتها الجسمية ،ووضعها الصحي.
ومن هنا تظهر أهمية صحة الجسد ،وفاعليته ،ودوره المتلحم مع الجوانب الخرى
من الشخصية النسانية ،فل بد أن تنال نصيبها من الصحة الجسمية الكافية،
.والكفيلة بنمو باقي جوانب شخصيتها النسانية بصورة صحيحة ومتكاملة
إن أعظم مهمة تقوم بها الفتاة بعد عبادة ربها عز وجل :خدمة النوع
النساني من خلل النجاب السليم ،ورعاية النسل ،فإن خير مراحل عمرها أوّلُها
حين تكون منتجة للذرية ،وراعية لها.
ولما كان لطوار الحمل والولدة متاعبها الجسمية المضنية ،التي قد تؤدي
ببعض الحوامل الضعيفات جسمياً إلى الموت ،فليس أحد من إناث الحيوانات أكثر
عرضة للموت عند الولدة من أنثى النسان ،ولما كان الجنين يقضي شوطاً من
نضجه الجسمي في بطن أمه ،حيث يتأثر بكثير مما تتعاطاه من الماديات
المحسوسة ،أو المعنويات غير المحسوسة ،ولما كانت الوراثة في العموم تقوم
بدور رئيس في اللياقة البدنية ،ولما كانت العناية بالطفولة مهمة نسوية شاقة :فإن
رعاية الفتاة جسمي ًا ونفسياً ،وتهيئتها صحياً لهذه المهمات والمسؤوليات الكبرى
المتعلقة بها يُعد من أعظم أهداف التربية الصحية ،ومن أهم مهماتها الجسمية،
خاصة في هذا العصر الحديث الذي هبطت فيه مستويات الصحة النسانية عموماً،
والصحة النسائية خصوصاً؛ بما يتعاطينه من المواد القبيحة المفسدة ،والعادات
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
القبيحة ،والعمال الجسمية المنهكة ،التي جعلت مضاعفاتهن الجسمية أكثر في
العموم من مضاعفات الذكور ،رغم أنهن أكثر وعي ًا بالمور الصحية من الذكور كما
دلت على ذلك بعض البحاث العلمية.
إن هذا الوضع الصحي المتردي يتطلب جهودًا صحية مضاعفة ،وعملً متواصلً
للنهوض بمستويات الفتيات الصحية ،وقدراتهن الجسمية حتى يتمكّن من القيام
بهذه المهام النسانية الجسيمة ،التي ل يمكن أن يقوم بها غيرهن من النساء
اليائسات أو الذكور ،كما ل يمكن أن يستعاض عنهن باللة المبتكرة ،مما يُحتّم على
.منهج التربية الصحية رعايتهن ،وكفايتهن لهذه المسؤوليات النسانية الفريدة
يَعتبر التصور السلمي الصحة البدنية أفضل النعم الربانية بعد نعمة السلم،
فهي أفضل للمؤمن من كثرة المال ،فإذا اجتمع إليها المن الجتماعي ،والكفاية
الغذائية تحقق باجتماعها جميعاً أعظم ما في الوجود من معاني السعادة النسانية،
فهي في الحقيقة ملك خفي ،يغفل عنه النسان ،ويسهو عن استحضار فضائله؛ لهذا
تكون الصحة البدنية أول مظاهر النّعيم التي يُسأل العبد عن شكرها يوم القيامة،
وفي الجانب الخر فإن فقدان الصحة الجسمية له آثاره الشديدة على الفرد نفسياً،
واجتماعياً ،وسلوكياً" ،فثمّة في الواقع علقة وثيقة بين التمتع بالصحة والتمتع
بالسعادة ،وعلى نقيض هذا ثمّة علقة أخرى وثيقة بين ضياع الصحة وبين
الحساس بالغم والكتئاب" ،لهذا كان من دعاء رسول ال صلى ال عليه وسلم
(:اللهم عافني في بدني ،اللهم عافني في سمعي ،اللهم عافني في بصري.)...
وأفضل فترة من العمر تتمتع فيها الفتاة بالصحة الجسمية هي فترة الشباب؛ لكونها
فترة خلّفت وراءها سن الطفولة بضعفها وأمراضها ،ولم تدخل بعد في سن الكهولة
ثم الشيخوخة ومضاعفاتها ،فل بد أن تستغل الفتاة هذه الفترة الحيوية من عمرها
بما يحفظها من الفات والمراض الجسدية ،حتى تستمتع بقدراتها الجسمية
كأحسن ما يكون ،ولمدة أطول ،بحيث تتقدم عبر مراحل عمرها بصحة أوفر،
لسيما وأن النساء في العموم يُعمّرن أكثر من الرجال ،إل أن تعرضهن للعجز في
.الكبر أكثر من الرجال ،فل بد من مراعاة الجانب الصحي عندهن
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
يعتبر الغذاء من أعظم مقوّمات كيان النسان الجسمي ،فإن الفراط في
الجوع" ،وملزمة الحمْية :تُنهك البدن وتهزله" ،فإذا أدّى ذلك إلى الضرار الفادح
بالبدن ،والعجز عن القيام بالواجبات والتكاليف الشرعية :كان حراماً؛ ولهذا رُكّبت
في النسان شهوة الطعام ،لتكون أداة حثّ لتحقيق مصلحة البدن من خلل إشباع
هذه الحاجة الجسمية الولية ،بحيث ل يُذمّ النسان في طلبه للطعام وميله إليه ،وإن
أدّى ذلك إلى أن يصل به إلى حدّ الشّبع ،لسيما في فترة الشباب التي تزداد فيها
حاجة البدن إلى مزيد من الغذاء.
وعادات الفتيات في تناول الطعام كسائر العادات النسانية في واقع الحياة:
ف وسَطُها بجانبي الفراط والتفريط ،بحيث يصلن إلى درجة الفراط المذموم يحت ّ
في تعاطي المأكولت ،والمشروبات إلى حدّ الشره أحياناً ،ولهذا يُلحظ الشره بين
الفتيات أكثر منه بين الفتيان ،وبالتالي يعانين من مشكلة زيادة الوزن التي تنتشر
بينهن أيضاً ،فقد يفوق ما تلتهمه إحداهن في اليوم في مجالس متعددة ما يتناوله
الرجل في المجلس الواحد ،وربما انحدرت ببعضهن العادات في الجانب الخر إلى
حد الشذوذ المفرط -غير المعقول -في المتناع عن الطعام ،وهذا يشبه إلى حد ما
امتناع بعض الفتيات عن تناول وجبة الفطار ،فقد دلّت دراسة سعودية على أن
%42من الطالبات يحضرن المدارس دون تناول وجبة الفطار ،إلى جانب تلبسهن
بأنماط غذائية غير صحية ،وبين هذين الجانبين المتباينين من مراتب القبال
والحجام ،والفراط والتفريط عند الفتيات ما يخضع لحالة إحداهن النفسية،
ووضعها الجتماعي ،ومدى استحكام "الموضة" في اختيارها لحجام الملبس،
وإلى أي حد بلغ رضاها عن جسمها؛ فإن هناك علقة قوية بين رضا الفتاة عن
جسمها وبين فقدانها لشهية الطعام ،ولهذا يُلحظ أن الطعام كثيرًا ما يكون موضع
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
انتقام للفتيات بالفراط في القبال عليه ،أو التفريط في المتناع عنه ،وذلك بسبب
صراعات نفسية أو معاناة اجتماعية ،أو إخفاق ما في الحياة.
ولما كانت الطبيعة البدنية في حاجة إلى سياسة العتدال في تناول الغذاء ،فقد
أحكم منهج التربية الجسمية في التصور السلمي جانب التفريط في حق رعاية
البدن بإحياء مسؤولية الفرد عن صحته الجسمية ،وضبط جانب الفراط بمناهج
التربية الزهدية ،وربطه -كسنّة جارية -بين اعتدال المسلك في المأكل والمشرب،
وبين جوانب الصحة النفسية ،والعقلية ،والجسمية ،بحيث ل يكاد يتخلف التأثير
اليجابي لمنهج العتدال على هذه الجوانب المهمة من كيان النسان؛ حتى إنه
ليبلغ تأثيره اليجابي الفاعل جانبي النسان :اليماني في قلبه ،والخلقي في سلوكه،
ثم أحاط -بعد ذلك -منهج التربية الجسمية هذا المسلك العتدالي بمجموعة من
الحكام الشرعية ،والداب المرعية التي تضفي عليه صبغة اعتقادية ،وطابعاً أدبياً،
ووقاية صحية ،تؤثر في مجموعها على شخصية المسلم بجوانبها المتعددة.
ووسيلة الفتاة الولى للخذ بهذا المسلك الوسط -بعد القناعة الكاملة به -هو
المران؛ فإن النفس النسانية إذا ألفت شيئاً ،واعتادت عليه :صار من جبلتها،
يصدر عنها دون تكلف وأما الوسيلة الثانية فمن خلل التعرف على أنواع الغذاء
النافع ،والكثر جودة ،والعراض عن الرديء منه ،وإن كان لذيذاً ،خاصة في هذا
ط فيه مستوى الجودة النوعية ،وكثرت فيه المعالجات الكيميائيةالعصر الذي انح ّ
حتى غدا النسان المعاصر ضعيف ًا في بنيته ،ومعرّضاً "لكثير من السباب التي تقلل
من سعادته ،بل والتي تعرضه لنحراف المزاج ،وللصابة بالتوترات المستمرة،
وعدم التكيف والتلؤم مع البيئة".
يصحّ بدن النسان بين أسباب الوقاية وأنواع العلج ،في سنن فطرية ثابتة
ضمن قدر ال تعالى وقضائه العام ،فما من داء إل وله دواء يصلح له ،فإذا أصابه
حصل الشفاء بإذن ال تعالى ،ولهذا حثّ الشارع الحكيم على التداوي ،واتخاذ
العلج ،وأوصى بأنواع منه مختلفة ،وحذّر من أخرى ،وفي الجانب الخر :أمر
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
بالوقاية ،والحرص على تجنب الصابة بالمرض ،في غير تكلّف وهلع يخرج
صاحبه عن مراتب التوكل وحدّ العتدال.
إن من أعظم أسباب السلمة تكوين العادات الصحية الجيدة ،بحيث يتكون لدى
الفتاة رصيد من الصحة الجسمية ،التي تمكّنها من القيام بوظائفها البدنية بكفاءة
ُمرْضية ،مع قدرتها الجيدة على التحمّل الجسمي في مواجهة المراض ،والتغلّب
عليها ،وذلك من خلل التأثير اليجابي على معارفها واتجاهاتها الصحية ،ومن ثَمّ
ترجمتها في أنماط سلوكية صحية ،بحيث تصبح قادرة على أن تسعى جادة،
وبصورة تلقائية ،وبمجهوداتها الشخصية للحصول على الصحة البدنية ،وتتحمل
-كعضو اجتماعي مكلّف -رعاية جسمها صحياً ،دون الحاجة إلى عون الجماعة
التي تمارس في هذا العصر أرذل صور السلبية الصحية ،وتتعاطى أنواعاً متعددة
من العادات والسلوكيات التي تتعارض بصورة صارخة مع أبسط قواعد الصحة
العامة ،وآداب السلوك.
ولعل في عادة التدخين -فضلً عن المحرمات المنتشرة من المآكل والمشارب-
ما يدل على هذا المعنى بوضوح ،حيث تمارس المجتمعات النسانية المعاصرة
تجاهه أقبح أنواع التناقض العقلي ،وأحط أساليب التخاذل الدولي ،ففي الوقت الذي
ثبت فيه ضرره الصحي الفادح عند كافة الشعوب المعاصرة ،واستقرت حرمته عند
علماء المة المسلمة بصورة خاصة :ما زالت المجتمعات المعاصرة قاطبة تُقرّه
كسلعة اقتصادية رائجة ،وتسمح للفراد بتعاطيه ضمن حرياتهم الشخصية ،مكتفية
في مواجهة أضراره الصحية البالغة بإقامة الحجة الهزيلة على متعاطيه بالكتابة
الرمزية على منتجاته بأنها ضارة ،ثم تسمح -بعد ذلك -لوسائل إعلمها المختلفة
بالترويج له كأقوى ما يكون بصورة مباشرة وغير مباشرة ،وتُسهّل لشركات التبغ
الوصول به إلى كل أفراد المجتمع حتى الطفال ،في صور متناقضة من التخاذل
الجتماعي الذي يصعب تبريره.
ورغم أن التدخين بأنواعه المختلفة كان إلى عهد قريب عادة ذكورية :فقد
أقبل عليه النساء مؤخرًا بصورة كبيرة حيث يشكّلن اليوم ثلث المدخنين ،وحتى
الفتيات اللتي يُعتبرن في العموم أقلّ إقبالً عليه من الذكور :فقد تورّط كثير منهن
في تعاطيه إلى درجة الدمان ،حتى وصلت أعداد المُدخّنات في أحد البلد السلمية
إلى %39وفي أخرى إلى ،%50وما زالت أعداد المدخنين من الجنسين في تزايد
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
عالمي مستمر ،يُنذر بخطر صحي كبير ،ففي الوقت الذي تنخفض فيه معدلت
التدخين لدى الغرب :تزداد -للسف -معدلته في الدول النامية ،ولعل ارتباط
التدخين عند المرأة بقضايا التحرير ،والحقوق ،والمساواة :دفعها في الستينات من
القرن العشرين إلى التوسع في تعاطي التدخين.
ومع كون الفتيات -بحكم كونهن مكلفات شرعاً ،ومسؤولت أمام ال تعالى عن
سلمة أبدانهن -يستوين مع الذكور في حرمة التدخين ،وتبعة الخطيئة :فإنهن -مع
ذلك -ينفردن عنهم بمزيد من الثم ،وتبعة المسؤولية ،وذلك لسببين:
السبب الول :كون الواحدة منهن موقع استمتاع للزوج ،يتعفّف بها عن
الوقوع في الحرام ،فل يصح منها أن تعتاد ما يُنفّره منها ،ويزهّده في قربها
فتسوقه بالتالي إلى النحراف ،والدخان -كما هو معلوم -من المواد المشوّهة لجمال
المرأة ،ورائحته من أشد الروائح الكريهة نفاذاً في البدان ،والملبس ،والثاث،
وقد نصّ بعض الفقهاء على أن من حق الزوج منع زوجته من أكل ما يُنتن الفم،
ومن شرب الدخان؛ لما فيه من الرائحة الكريهة.
السبب الثاني :كون الفتيات موضع الحرث وإنتاج النسل ورعايته :فل يجوز
لهن أن يتعاطين ما يُعطّل أو يُفسد قيامهن بهذه المسؤولية الكبرى ،وعادة التدخين
-بإجماع الطباء -تؤثر بصورة سلبية على صحتهن أكثر من تأثيرها السلبي على
الذكور ،فتُقلّل من خصوبتهن ،وتضرّ بصحة الجنة في بطونهن بصور مختلفة،
وربما إلى حدّ الجهاض ،إضافة إلى تأثيره السلبي على نشاطهن الجنسي في
العموم ،إلى جانب الضرار الصحية التي يتعرض لها الطفال الصغار من جرّاء
استنشاق الدخان المتصاعد من أفواه المهات ومناخرهن؛ فإن ( )%15من موتى
التدخين هم من المتعرضين للدخان وليسوا من المدخنين.
ومن هنا فل يصح للفتاة المسلمة أن تتعاطى شيئاً من الدخان تحت أي مبرر،
وعليها أن تتجنب السباب الجتماعية والنفسية التي تسوق إليه :كالمشكلت
السرية ،والضطرابات العاطفية ،والكتئاب النفسي ،والشعور بالحباط والخفاق،
مع الحذر الشديد من حياة الترف ،التي تُغري الفتيات بالتجريب وحب الطلع،
والتعبير من خلل التدخين عن علو الشأن ،وارتفاع المكانة الجتماعية ،والنطلقة
نحو التحرّر والنفتاح ،فقد ثبت عند كثير من الباحثين ارتباط عادة التدخين بكثير
من الجرائم والنحرافات الخلقية الكبرى ،التي ل تتوقع الفتاة أن تصدر عنها ،فإن
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
المعاصي يجرّ بعضها إلى بعض ،والخطاء يدفع بعضها إلى بعض ،كما أن الطاعات
يحفّز بعضها إلى بعض ،وقد أثبتت الدراسات أن التدخين بوابة تعاطي المخدرات؛
فإن ( )%90من متعاطي المخدرات بدأوا بالتدخين ،كما أن نسبة كبيرة من المواد
المخدرة يتعاطاها أصحابها عن طريق التدخين ،وفي الجانب الخر "تظهر البحاث
أن الطلب الذين لم يدخنوا إطلقاً :أقل ميلً إلى تعاطي المخدرات ،وأن الشاب الذي
يصل إلى سن العشرين دون أن يدخن :ل يحتمل أن يبدأ في التدخين بعد هذه
السن" ،كما أن "الطفال الذين يبدؤون في تعاطي التدخين قبل سن الخامسة
عشرة تكون لديهم القابلية للوقوع في الدمان ضعف غيرهم من الطلب الذين لم
يبدؤوا في تعاطي السجائر أو الكحول إل في سن متأخرة".
وأما إذا ابتُليت الفتاة بالتدخين -ولو إلى درجة الدمان -فليس لها وسيلة إل
القلع التام بصورة مباشرة ،ول تترك هذه العادة القبيحة كالغلّ في عنقها ،فمع
كون الخمر أعظم إدماناً من الدخان :فإن كثيراً من الصحابة ،رغم ما ألفوه من
حبها وتعاطيها :نزعوا عنها وهم يعاقرونها ،وأقلعوا عن تعاطيها بالكلية دفعة
واحدة لما بلغهم المر باجتنابها ،فهذا مقام الرادة التي يمتاز بها النسان عن سائر
طوائف الحيوان ،وهو وسيلة الفتاة الوحيدة -بعد عون ال تعالى -للخلص من
عادة التدخين بصورة صحيحة ونهائية.
ول ينبغي من الفتاة المسلمة المعاصرة التي ثبت عندها وتواتر بيقين ضرر
التدخين بأنواعه على صحة النسان أن تعتمد على بعض الفتاوى السابقة والقديمة
المبيحة لتعاطيه ،أو التي تصفه بالكراهة وتتردّد في تحريمه ،فهذه الفتاوى في
غالبها لم يثبت لدى أصحابها الضرر العظيم الذي يخلّفه التدخين على متعاطيه،
ومع ذلك فقد ربطوا القول بالتحريم إذا ثبت الضرر ،وتحقق الذى ،إل أن ذلك لم
يثبت لديهم في زمنهم بالوضوح الذي ظهر في هذا العصر ،من خلل المكتشفات
الطبية ،والرقام الحصائية ،فأي ضرر أعظم من أربعة مليين قتيل سنوي ًا بسبب
التدخين؟ عدا من تتعطل صحته بسببه ،إضافة إلى الرقام الفلكية من الثروات التي
تُهدر في زراعته ،وصناعته ،وشرائه ،والعلن عنه.
ول ينبغي استهجان القول بالتحريم لهذه الفة فقد قال به البابا النصراني في
عام 1642م ،وأصدر إمبراطور روسيا في زمنه القوانين بأشد العقوبات على
المدخنين ،والخلف الذي وقع بين الفقهاء المتأخرين بشأنه يرجع إلى أن تعاطيه
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
من الحوادث المستجدة التي لم تظهر إل بعد سنة ألف من الهجرة النبوية ،حين بدأ
بعض اليهود والنصارى والمجوس ينقلون شجرته إلى بلد المسلمين ،فتلقّفه
بعضهم وتعاطوه ،واعتادوا عليه.
ثم إن ربط مسألة التدخين بالدين أمر مهم ،وله إيجابيته في سلوك الناس؛ فقد
ثبت أن هناك علقة بين ارتفاع درجة التدين وانخفاض نسبة التدخين ،إلى جانب
أن المسلم ل يرى أمرًا من أمور الحياة -مهما كان يسيراً -يمكن فصله عن الدين،
لسيما ماله صلة مباشرة بمقاصد الشريعة السلمية كقضية التدخين التي تتعارض
بصورة صارخة مع مقصد حفظ النفس ،ورعايتها من الضرر والذى.
تميل الفتاة الشابة نحو التفوق في جمال جسمها ،بحيث تشعر بكفاية مقدار
جمالها البدني العام للقبول الجتماعي عموماً ،وعند الجنس الخر خصوصاً ،فإن
الشباب بصورة عامة -رغم كونهم طبيعيين في نموهم -يعانون حساسية مفرطة
تجاه ملمح أجسامهم ،ويرغبون في تعديلها على نحو ما؛ إذ يمثل الجسد بالنسبة
لهم في هذه المرحلة عاملً في غاية الهمية ،والفتيات -في كل هذا -أشد اهتماماً،
وأكثر قلقاً على حالة نموهن الجسدي ،وعيوبهن البدنية ،وأبلغ أماني إحداهن في
هذه السن أن تكون بارعة في الجمال ،مكتملة النمو الجسمي ،فبقدر ما تحب الفتاة
ظ مَنْ حولها جمال نموها الجسمي ،ويتأمّلوا ذلك منها ،فإنها تتأثر
أن َيلْحَ َ
بانطباعاتهم ،وتعليقاتهم التي تسهم بقوة في تكوين مفهومها عن ذاتها الجسمية،
فالفتاة مهما بلغت من العقلنية والنبوغ؛ فإنها في حاجة ملحة إلى إثارة إعجاب
الخرين بمفاتنها ،وجمال بدنها أكثر من حاجتها إلى ثنائهم على عقلها ونبوغها،
ولهذا يقول علي بن أبي طالب " :عقل المرأة جمالها ،وجمال الرجل عقُلهُ"،
فالحُسن "في النساء آكد ،فإن المر في الحسن منوط بهن ،فمهما كانت المرأة
أحسن كان أعظم لشأنها ،وأعز لمكانتها" ،والمرأة في كل زمان ومكان هي المرأة،
مهما حاول بعضهم إخراجها من عالمها ،وجسدها بخصائصه النثوية الطبيعية
عنصر أساس لعالم المرأة" ،فالنوثة والجمال هما العنصران الساسان لهذا العالم،
فما زالت مسابقات ملكات الجمال تجري حتى يومنا هذا ،وما زال لجمال النثى دور
بارز في زواجها وعملها" ،وإذا كان للجمال من صورة ومثال ،فإن جسد المرأة هو
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
مادة هذا الجمال وصورته ،فمهما تحدثنا عن المرأة بوصفها رمزاً أو معنى فإن
الجسد النثوي بما أودع ال فيه من خصائص متميزة يظل مسيطراً على عالم
المرأة" ،فجمال الجسد في حق الفتاة ،والنساء عموماً :فضيلة ضرورية عندهن ،ل
غنى عنها ،ول بديل لها.
ويرجع سبب إلحاح النثى على استحواذ الجمال الجسمي إلى كونه مطلب ًا
رئيساً للذكور قاطبة ،حتى النبياء عليهم السلم ل يزهدون فيه ،فهذا رسول ال
صلى ال عليه وسلم رغب في خطبة ضباعة بنت عامر لما اشتهرت بحسنها ،فلما
علم بكبر سنها ،وذهاب معالم جمالها التي حُكيت عنها :أعرض عن خطبتها ،فعلى
الرغم من أن الجمال البشري مُقسّمٌ بين الجنسين :فقد اقترنت صورة الجمال
المطلق في حسّ الرجال بالفتاة في عنفوان شبابها ،وكأن الجمال في شعورهم
أنثوي الطبع ،في حين قد يكون جمال الرجل الذكر أبلغ من جمال المرأة النثى ،كما
هو في غالب عالم الحيوان ،إل أن الظاهر أن جمال الفتاة المحبوبة ،المرغوب فيها
مع كونه يحقق للزوج العفة ،وغض البصر ،وكمال الستمتاع :فإنه مع ذلك يُريح
النفس ويُسكّنها؛ لن النظر -في حد ذاته -إلى الزوجة "الجميلة الحسنة الخلْق
يُفرح النفس ،ويُنشّطها ،ويزيل عنها الفكار والوساوس الرديئة"؛ ولهذا كان
مطلب الرجال للجمال في الناث مستساغاً ،وحرصهن الشديد على التفوق فيه،
والستحواذ عليه مقبولً ل يستنكر؛ لذا يُستساغ التغاير بين النساء في الجمال ،ول
يُستساغ ذلك بين الرجال وأما حديث الترغيب في الفتاة الصالحة ،وتقديمها على
الجميلة :فليس فيه ما يدل على الزجر عن الجمال؛ "بل هو زجر عن النكاح لجل
الجمال المحض ،مع الفساد في الدين" ،فإن النبي صلى ال عليه وسلم أشار إلى
جمال الفتاة بسرور الرجل إذا نظر إليها ،فليس بمستهجن -بناء على هذا الفهم-
حرص الجنسين على كسب الجمال ونيله ،ك ٌل حسب طبيعته ،ونوع دوافعه.
إن شعور الفتاة بنقص جمالها الجسمي ،خاصة فيما يتعلق بجمال ملمح
الوجه ،واعتقادها بأنها شخص غير مرغوب فيه :كاف لحجامها عن الوسط
الجتماعي ،واضطراب مفهومها عن ذاتها ،وربما انخراطها في سلوك خلقي شاذ،
وقد يحصل لها اضطراب نفسي من تشوّه الوجه أو الصدر أو اليدين بسبب الحروق
التي كثيراً ما تصيب الفتيات في الخدمة المنزلية من جراء مواجهتهن للهب،
وتعاملهن مع السوائل الساخنة ،بل إن قدراً طبيعياً من مظاهر اضطرابات النمو
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الجسمي في مرحلة البلوغ :كاف -في ح ّد ذاته -لزعاج الفتاة ،وإشغال ذهنها،
وإشعارها بالشذوذ الجسدي :كاختلل توازنها الجسمي بسبب النمو ،أو تنامي حجم
النف ،أو ظهور بعض الشعر الرقيق على جوانب من جسمها ،أو عدم تناسق
الثديين ونحوها من مظاهر النمو الطبيعي ،فقد تدفعها مهمتها للجمال الجسمي في
سمْرة عن طريق غير التجاه الصحيح ،مثل محاولة تغيير لون البشرة إلى ال ّ
"التّشمّس" ،فرغم أنها وسيلة مكروهة في نظام السلم الصحي ،ولها أضرارها
الصحية :فإن بياض البشرة -بصفة خاصة في الوسط العربي -محبوب ،وهو
عندهم يُعد نصف جمال الفتاة ،حتى قيل" :الحسن :بياض اللون وسواد الشعر،
وكل منهما شطره" ،كما أن كل أمة -في الغالب -تستحسن من ألوان نسائها ما
اعتادت عليه ،حتى الزنوج يستحسنون ألوان نسائهم ،فصفاء اللون نعمة ل يصح
من الفتاة السعي في تغييرها.
وأفحش من ذلك :أن تلجأ الفتاة تحت وطأة افتقارها للجمال الجسمي ،ورغبتها
في زيادة حسنها :إلى تغيير خلق ال تعالى بالتدخل الطبي من خلل عمليات جراحة
التجميل دون حاجة صحيحة قائمة ،إل الرغبة في التّحسين الجسمي غير
المشروع ،وقد دلّ الواقع أن غالب حالت جراحة التجميل تتم بناء على دوافع
نفسية أكثر من كونها ضرورة طبية.
إن من الضروري أن تعرف الفتاة" :أن الجمال يختلف باختلف الطباع" ،فل
يحصره قالب أو شكل معيّن ،وليس بالضرورة أن تكون الفتاة الجميلة في عين
الرجل قادرة بنفسها على إدارك الجمال وتذوقه ،كما أن الجمال الفائق في حد ذاته
قد يكون نقمة على الفتاة حين يسوقها إلى التبرج والسفور وإثارة الشهوات ،أو
الدلل به على الزوج؛ فإن كثيراً من الجميلت متعثرات في حياتهن الزوجية؛
ولهذا لم يكن العرب الوائل يستحبون الجمال البارع في الزوجة مخافة الفتنة بها،
وشدة الدلل ،وبلوى المنافسة والتنازع ،كما أن الفتاة الجميلة بقدر ما تُولّد من
الحب والميل في قلوب الرجال ،فإنها -في الجانب الخر -تولّد من الحقد والكراهية
في قلوب النساء ،فليس الجمال دائم ًا في صالح الفتاة ،ومن القواعد المعلومة أن:
"النّعمة بقدر النّقمة".
كما يجب على الفتاة أن تعرف أن الجمال ل يخضع للوراثة فقط؛ فإن سن
الشباب -في حد ذاته -وكمال الصحة البدنية ،والنظافة الجسمية ،وجودة التزّين
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
من حاجات الفتاة المُلحّة في مرحلة الشباب اعتدال وزنها بين السمنة
المفرطة ،والنّحولة المنهكة ،فهي كما تعاني مشكلة الفراط في النحولة فإنها أيضاً
-بصورة أكبر -تعاني مشكلة الفراط في البدانة ،حيث الستخفاف الجتماعي،
وسخرية الزميلت ،ومعاناة اختيار الملبس الجاهزة ،إلى جانب الجهاد الصحي،
وضعف الحركة ،خاصة في هذا العصر ،ومع بداية القرن العشرين ،وبصورة أدق
بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث ظهر التوجه بقوة -عبر وسائل العلم ،وبيوت
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الزياء -نحو رشاقة النساء ،والميل إلى شيء من النحولة بدلً من السمنة ،التي
كانت إلى عهد قريب معلماً من معالم جمال الفتاة ،وضرورة مهمة لقبولها عند
الرجال ،حتى عدّها بعضهم نصف الحسن ،وأفضل ما تحلّت به الفتاة ،حتى "قيل:
الجميلة السمينة ،من الجميل وهو الشحم" ،وما زالت بعض الوساط الريفية حتى
اليوم تمتدح الفتاة بسمنها ،وامتلء جسمها ،وقد كان تسمين الفتيات للزواج في
القديم معلوماً؛ فإن عائشة لما أراد أهلها إدخالها على رسول ال صلى ال عليه
سمّنت بالغذاء كأحسن ما يكون ،حتى تعجّب الناسوسلم -وكانت صغيرة نحيلةُ -
من سمنها؛ بل إن المبالغة في هذا الشأن ،والفراط فيه إلى درجة الفحش ،وارتكاب
بعض المحظورات الشرعية ،والمكروهات السلوكية :كان مشاعاً في بعض الوساط
الجتماعية في السابق ،حتى إن بعض الفقهاء كانوا ينهون عن ذلك ،وينبّهون
عليه.
إن هذا التغيّر الجذري في مفهوم حجم الجسم لدى الفتاة المعاصرة -
والمجتمع الحضري ككل -أدّى إلى ردّة فعل معاكسة تماماً للمفاهيم القديمة التي
كانت سائدة ،حيث قامت النحولة مقام السمنة ،وخفّة الوزن مقام ال َعبَالة ،ونشط
كثير من الفتيات لممارسة أقسى أساليب تخفيف الوزن ضمن نظام غذائي صارم:
من المتناع المفرط عن الطعام ،والرياضة البدنية القاسية ،والتدليك الجسمي،
وتناول العقاقير الطبية إلى درجة أن طفرة النمو الطبيعية في هذه السن يعدّها
بعض الفتيات مظهراً من مظاهر السّمن الذي يحتجن معه إلى تخفيف الوزن ،حتى
إن معالم النوثة الجسمية المميّزة لهن تكاد تضيع ،وتختلط بمظاهر الرجولة
الجسمية ،ضمن هذه الممارسات البدنية المفرطة ،والمفاهيم الصحية المختلطة،
التي تبلغ عند بعضهن درجة الهوس الممرض رغبة في مطابقة الصور المطروحة
في السوق العلمية.
إن نهج العتدال هو القاعدة الساسية التي تنطلق منها مفاهيم السلم لمعالم
الصحة البدنية ،فسعي الفتاة في زيادة وزنها ،أو نقصانه بالوسائل المشروعة
يخضع لهذه القاعدة ،فكما يصح لها شرعاً أن تزيد فيه رغبة منها في البراعة
الجسمية ،فإن لها أيضاً أن تُنقص منه رغبة في الرشاقة والخفة ،بشرط أل تتضرر
من ذلك صحياً ،أو تتعطل عن القيام بواجباتها الدينية والجتماعية ،مع علمها بأن
لعضاء جسمها وظائف ،ل بد أن يظهر كل عضو بوظيفته حراً سلساً دون زيادة أو
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
نقص ،فكما أن الزيادة تشين منظر أعضائها وتخلط بينها ،فإن النقص يحجب تلك
العضاء ،ويُفقدها وظيفتها ،والعارفون بأمر النساء يفضلون المعتدلة بين النحيلة
والسمينة ،ولئن كانت الخفّة مطلوبة في الرجال لحاجتهم لسرعة الحركة :فإن
السمن من الوصاف المطلوبة في النساء مالم يُفرط ،ويخرج عن الحد المعقول،
وكثيراً ما كان الشاعر العربي يمتدح المرأة بميل أردافها عند المشي ،وهذا ل يكون
إل ممن لها شيء من السمنة ،ومع ذلك تبقى مقاييس البراعة الجسمية في المرأة
موضع اختلف بين الناس في المجتمعات والبيئات المختلفة ،وجماع ذلك هو
العتدال بين الفراط والتفريط.
ولما كانت مشكلة السمنة -في هذا العصر خاصة -من أعظم مشكلت الفتيات
الجسمية فإن أسبابها ترجع غالباً ،وبصورة كبيرة إلى :الوراثة الطبيعية ،وكثيراً ما
تكون امتداداً للسمنة في مرحلة الطفولة ،إلى جانب نوع الغذاء ،وكميته ،وأسلوب
تناوله ،وطبيعة الفتاة المزاجية المفرطة في التفاؤل والسرور ،وطبيعتها الجسمية
القابلة للسمن ،كل ذلك يسهم بصورة أو بأخرى في حجم بدن الفتاة ووزنها ،فل بد
للفتاة أن تراعي هذه الجوانب ،فتأخذ من الطعام الجيد حاجتها وكفايتها دون زيادة،
وتمارس من الرياضة البدنية -بضوابطها الشرعية -ما يستهلك الزائد من دهونها
الجسمية ،فإن الفتيات الرياضيات -في العموم -أقل سمنة من غير الرياضيات،
وعليها أيضاً أن تراقب -بصورة مستمرة -وزنها مع طولها ،فتراعي تناسبهما مع
سنّها ،وأن تتجنب -في كل ذلك -التجويع البدني؛ فإن هذا منهك للبدن ،ومضر
بالصحة العامة ،تماماً كما يضر بها الفراط في الطعام.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
كحد طبيعي :خمس مرات في اليوم والليلة ،وحدّد أسبوعاً واحداً كأكثر مدة يمكن
أن يترك فيها المسلم -ذكراً كان أو أنثى -الغسل ،وضبط -إلى جانب هذا -طرق
التخلص من الفضلت عبر السبيلين ،وسبل اتقاء أذاهما ،وشرع حلق العانة وتقليم
الظفار ونتف البط ،وجعل كل ذلك من سنن الفطرة ،وحدّد ترك ذلك بأربعين ليلة،
ل يتجاوزها المسلم ،وسن السواك حتى كاد أن يجعله فرضاً؛ لما فيه من المنافع
والفوائد ،وأمر -مع كل ذلك -بنظافة الماكن من الوساخ ،وما يجلب الضرر العام
والخاص ،وحتى طريقة المتخاط كيف تكون؟ فقد وضع الشارع الحكيم لذلك آداباً
وسنناً ل بد من رعايتها ،والذي يراجع نمط العمارة في التاريخ السلمي يجد
الهتمام البالغ ببناء الحمامات العامة ،حتى بلغ عددها في بغداد وحدها ألفي حمام
في القرن السادس الهجري.
إن هذه التوجيهات الشرعية ،والداب النبوية ل علقة لها بجنس المسلم ما
دام مكلفاً ،بل إذا قيل :إنها ألصق بجنس الناث لما بَعُدَ هذا عن الحق؛ وذلك لسببين
رئيسين:
الول :لما يخالطهن من الدماء الطبيعية المتكررة في الدورة الشهرية
والنفاس ،وما يلحقهن من أذى في معاناتهن لشؤون الرضاعة والحضانة ،ومهام
رعاية النسل ،وخدمة البيت ،مما يجعل للنظافة عندهن قيمة خلقية عالية ،وفي هذا
المعنى قال عامر بن الظرب لمرأته" :مُري ابنتك أل تنزل مفازة إل ومعها ماء،
فإنه للعلى جَلَء ،وللسفل نقاء".
الثاني :كون الواحدة منهن موقع استمتاع للزوج ،تسرّه بمنظرها ،وتشرح
صدره بطيب رائحتها ،فل يصح أن يرى أو يشم ما ينفّره منها ،ويزهّده في قربها،
فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم -الذي هو أزهد الخلق -كان يبعث لمن يريد
خطبتها من يخبر له طهارتها ونظافتها ،ويُروى في هذا المعنى أن الفرافصة لما
أرسل ابنته نائلة عروساً إلى عثمان بن عفان رضي ال عنه قال لها" :يا ابنتي إنك
تقدمين على نساء من نساء قريش ،هن أقدر على الطيب منك ،فاحفظي عني
خصلتين :تكحلي وتطيّبي حتى تكون ريحُك رِيحَ من أصابه مطر".
إن بلوغ مستوى توجيهات السلم في جانب النظافة ل يتحقق للفتاة على
الوجه الصحيح حتى تصبح هذه النماط السلوكية قيماً خلقية في حسّها ،وحاجة
مهمة تشعر بحزن فقْدها عند غيابها ،فل تزال تراعيها ،وتتعاطاها حتى تصبح
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
جزءاً من كيانها ،تصدر عنها بيسر دون تكلّف ،ولعل أقل ما يقال في شأن النظافة
أنها من مروءة النسان؛ فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه :
"من مروءة الرجل نقاء ثوبيه ،والمروءة الظاهرة في الثياب الطاهرة ،وإنه
ليعجبني ،أو إني لحب أن أرى الشاب الناسك النظيف" ،فل يكفي الفتاة أن تكون
متدينة مستقيمة حتى تكمل بالنظافة والطهارة.
إن المعاناة المرضية أمر عام ل يكاد يخلو أو ينجو منه كائن حي ،وهو في
حق النسان المؤمن أجر وثواب ،ورفع للمنزلة عند ال تعالى ،وفي الحديث(:ما
من مسلم يُصيبُهُ أذىً ،مرض فما سواه ،إل حط ال له سيئاته ،كما تحطّ الشجرة
ورقها) ,ولهذا استطاب بعض السلف الصابة بالمرض ،حتى كرهوا الدواء رغبة
منهم في حيازة الفضل ،وعظيم الجر ،أسوة بسيد المرسلين عليه الصلة والسلم
الذي كان يُوعك كما يُوعك الرجلن ،فيضاعف -بالتالي -له الجر والثواب ،وكما
هو حال أنبياء ال تعالى عموماً عليهم السلم؛ بل كانوا يمقتون من ل يُصيبه
المرض ،ويعتبرون ذلك أمارة كافية على فساد طويته ،وقبيح مسلكه؛ ولهذا يقول
عليه الصلة والسلم(:من يُرد ال به خيرًا يُصب منه) ,ويُعرف من مفهوم
ى في بدنه ونفسه ،ل يرْزأ المخالفة :أن من لم يرد ال تعالى به خيرًا يتركه معاف ً
من صحته شيئاً ،حتى يأتي ربّه فقيراً من الحسنات يوم القيامة.
ومن هنا يظهر أن مبدأ قبول الفتاة بالحالة المرضية مبدأ ضروري في التعامل
مع المرض :من الجهة اليمانية ،ومن الجهة النفسية؛ "لن المصابين بالمراض
الجسمية معرضون في الغالب للتأثر بالعراض النفعالية ،كالقلق والكتئاب"،
فيجتمع عليهم ألم البدن مع ضيق الخلُق ،فهذه أم السائب لما اشتدت عليها الحمى
أخذت تدعو عليها وتسبّها ،فقال لها رسول ال صلى ال عليه وسلم (:ل تسبّي
الحمى ،فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يُذهب الكير خبث الحديد) ,وربما انساقت
الفتاة تحت وطأة المرض ،والرغبة في الشفاء نحو الهجوم على الدواء ،وتعاطيه
على غير بيّنه ،وهذا مضرّ بالبدن ،فما أمكن علجه بالغذية :استُغْني به عن
الدوية ،وما أمكن احتماله من الداء :تُرك بقدر ذلك الدواء ،بل ربما تكلّفت إحداهن
اللم الجسمي تكلفاً ،حتى تصاب بوسواس المرض ،فتذهب "تبالغ في شأن علّة
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
جسمانية تصيبها ،أو إخفاق ،أو غيظ ينتابها ،فتُعبّر عنه بأعراض بدنية ،تتجلى في
صورة من الصداع ،واللم المبهمة ،والكتئاب ،ونوبات من الغماء" ،وهذا
المسلك معاكس تماماً لوسائل الشفاء؛ بل هو عين المرض ،وسبب رئيس في
استجلبه ،وصورة من صور التشاؤم المنهي عنه ،في الوقت الذي كشفت فيه
بعض الدراسات العلمية عن فائدة التفاؤل للصحة الجسمية ،فل بد للفتاة أن تراعي
ذلك من نفسها ،وتتنبّه لنوع سلوكها فتتجنب التمارض ،وتصنّع اللم ،وتكثر من
التفاؤل ،وإحسان الظن.
إن من المسلّم به وجود تلك العلقة اليجابية المتبادلة بين جانبي النسان
المادي والروحي ،بحيث يؤثر كل منهما في الخر بصورة فائقة ،فقد أسفرت
الوقائع والبحاث عن صور من التأثير الروحي بنوعيه -اليجابي والسلبي -على
صحة النسان الجسمية ،حتى إن مدى التأثير يمكن أن يتعدّى ذات الشخص إلى
غيره -بكيفية غيبية -ليتضرّر به أو ينتفع ،ضمن قضاء ال تعالى وقدره العام،
ومما يشير إلى ذلك خبر المرأة التي جاءت رسول ال صلى ال عليه وسلم تشكو
إليه أنها تُصرع ،فخيّرها بين الصبر مع عظيم الجر ،وبين أن يدعو لها فتشفى،
فاختارت الصبر" ،وفي ذلك دليل على جواز ترك المعالجة والتداوي ،وأن علج
الرواح بالدعوات والتوجه إلى ال يفعل مال يناله علج الطباء ،وأن تأثيره
وفعله ،وتأثر الطبيعة عنه وانفعالها أعظم من تأثير الدوية البدنية وانفعال الطبيعة
عنها ..وعقلء الطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسية وانفعالتها في شفاء
المراض عجائب" ،وهذا من المور العامة ،المستفيضة التي ل تخفى.
ومن هنا شُرع للفتاة المريضة أنواع من الدعية المأثورة ،وجمع من الرّقي
الشرعية الموثوقة :تردّ عنها -بإذن ال تعالى -ما أصابها من الذى في بدنها أو
نفسها حتى إذا أعياها الداء ،وقصُر عن نفْعها الدواء :كان في الذكر الصحيح،
والدعاء الصادق ما يغنيها عن الوقوع في الحرام ،فإن رسول ال صلى ال عليه
وسلم نهى عن الدواء المحرم ،وال تعالى بفضله ورحمته لم يجعل الشفاء فيما
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
حرّم على الناس ،فهذا باب عظيم من أبواب الصحة العامة التي ل تستغني عنها
الفتاة ،فل بد أن تنال نصيبها الوافر منه علم ًا وممارسة.
الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خير خلق ال أجمعين وعلى آله
أما بعد … وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ل من جميع جوانب فإن منهج التربية السلمية يُعدّ النسان إعداداً كام ً
شخصيته ،ليكون إنساناً صالح ًا في نفسه مُصلحاً لغيره ،نافع ًا لمجتمعه .ول يفرق
منهج التربية السلمية في إعداده النسان بين ذكر أو أنثى ،فهو يتعامل بمنهجه
التربوي مع نوعي النسان ،يرعى كلً منهما بما يُصلحه ويُكمّله؛ ليكون عبداً
صالحاً ل تعالى ،يحقق المقصد السمى من مبدأ وجوده ،الذي حدده المولى عز
ن وَالِنسَ إِل ِليَ ْعبُدُونِ} [الذاريات.]56:
خلَقْتُ الْجِ ّ
وجل إذ يقولَ { :ومَا َ
ولما كانت النثى من نوعي النسان تقوم بمهمات اجتماعية وتربوية ل تقل
أهمية عما يقوم به الذكور في ميادينهم العملية المختلفة :عُني منهج السلم
التربوي بإعدادها إعداداً خاصاً لتكون بنتاً بارّة ،وأخت ًا حانية ،وزوجة صالحة ،وأماً
راعية .بحيث يتولها هذا المنهج الرباني المحكم في كل مرحلة من مراحل حياتها
بالعداد التربوي المناسب الذي يؤهلها للقيام بمسؤولياتها العبادية والجتماعية
المناطة بها.
ولما كانت النثى تختلف عن الذكر في جوانب متعددة من طبيعتها الفطرية،
وحاجاتها النفسية :راعى منهج التربية السلمية في النساء هذه الطبائع
والحاجات ،منطلقاً في ذلك من القاعدة الفطرية ،ونوع المهمة الجتماعية ،وطبيعة
الوظيفة التربوية المناطة بهن؛ ولهذا جاءت كثير من التوجيهات القرآنية والنبوية،
وما بُني عليها من الحكام الشرعية :تراعي منهن هذه الختلفات في الحاجات
الفطرية ،وطبيعة وظيفتهن الجتماعية.
وقد حرص منهج السلم على وضع تشريعاته التربوية لعداد النسان وفق
جنسه؛ بحيث ينشأ الذكور نشأة تربوية رجولية تناسب طبائعهم الفطرية،
ومسؤولياتهم الجتماعية ،وفي الجانب الخر أيضاً حرص في تشريعاته على نشأة
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ويمكن فيما يلي تلخيص موقف السلم من لباس المرأة وزينتها ،وذلك على
النحو التي:
-1تعتبر قضية اللباس والزينة جزءاً أصيلً من كيان النثى الفطري ،مما
يتطلب مراعاة المجتمع لحاجة النساء إليهما ضمن حدّ العتدال.
-2يقع كثير من النساء في توجههن لشباع حاجاتهن للباس والزينة في
مخالفات سلوكية تخرجهن -في كثير من الحيان -عن حدّ العتدال المشروع إلى
التطرف والغلو الممقوت ،مما يوجب على منهج التربية ضرورة تربية الفتيات على
منهج العتدال ،ونبذ التعمق والغلو ،والتنفير منهما.
-3تضمّن منهج السلم التربوي جمعاً من الضوابط الشرعية التي تحكم
أسلوب التجمل والتأنق في سلوك النساء ،مما يتطلب إلزام النساء بها ،وتربية
الصغيرات عليها في السرة والمدرسة ،حتى يتعوّدن عليها ،وينشأن على آدابها.
-4تتحكم دور الزياء الجنبية في تصميم ملبس النساء ،وتفرض عليهن
نظام (الموضة) في صور من الهوس السلوكي ،والخروج عن المشروع والمألوف
في المجتمع المسلم ،مما يتطلب توفير مؤسسات إسلمية لتصميم أزياء النساء
المسلمات ضمن ضوابط الشرع الحنيف وآدابه وأخلقه.
-5يمثل الرجل عنصراً مهماً في إثارة النساء نحو الزينة والتأنق ،وهذا
يسوق بعضهن إلى التبرج والسفور ،مما يوجب توجيه النساء وتربيتهن على ضبط
سلوكهن بما يستر زينتهن عن أعين الرجال الجانب وأنوفهم وآذانهم ،وبما يحقق
لهن وللمجتمع السلمة من النحرافات الخلقية والسلوكية.
-6لقد جاءت التوجيهات السلمية التربوية بنهج العتدال في لباس النساء
وزينتهن؛ بحيث ل تترك لهن الحرية الكاملة في التأنق والتجمل بما يخرجهن عن
حدّ العتدال إلى الغلو المذموم ،وفي الجانب الخر ل تسمح لهن بمطلق الزهد
الكامل في هجر الزينة واللباس ،الذي يسوق المرأة إلى التعطّل ،ومسْلك الحِداد في
غير موُجب شرعي.
-7رغم التوسع الكبير الذي سمحت به الشريعة المباركة ،والساحة الواسعة
التي منحتها للباس النساء وزينتهنّ إل أن الفراط والتعمق كثيراً ما يوقع بعضهن
في الغلو الذي يتجاوز بهن الساحات المشروعة إلى ساحات أخرى ضيقة من
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الحرمة أو الكراهية .وهذا الواقع يوجب تربية الفتيات على استعذاب المباح من
الزينة واللباس دون غيرها من محرمات اللباس والزينة ومكروهاتهما في
الشريعة.
اتخاذ اللباس من أعظم نعم ال تعالى على بني آدم ،وهو مع ذلك فطرة إنسانية
ملحّة ت ن زع نحو التجمّل باللباس ،والستكثار منه ،ول يُعرف إهماله إل في
بعض القبائل النائية الشاذة .وهو في النس اء أبلغ ما يكون؛ إذ يستحوذ على جلّ
اهتماماتهن ،فما أن تبلغ إحداهن سن الشباب إل وتصبح قضية الملبس الجميلة
وحسن المظهر من أعظم وأكبر قضاياها الخاصة ,حتى إن عجزها في الظهور بما
يليق بمثلها في وسطها الجتماعي قد يجرها إلى مشكلت نفسية ،واجتماعية حادة.
وهذا من الطّباع النسائية التي لم ينج منها حتى زوجات النبي صلى ال عليه وسلم
رضي ال عنهن ،حيث رغبن في التوسع ،وأن ينالهن من الخير ما نال المؤمنين
في مجتمع المدينة ،بعدما أفاض ال على رسوله صلى ال عليه وسلم من النعم
والخير ،رغبة منهن في المساواة بغيرهن ،والتمتع بشيء من زينة الحياة الدنيا.
ولعل هذا اللحاح الفطري في طباعهن نحو اللباس والزينة :دفع إدارات مدارس
البنات -دون مدارس الولد– نحو توحيد الزّي المدرسي خشية تماديهن في
التزين ،وإغراقهن في التأنق.
ولما كان من الطبيعة النسانية أن يتأثر الفرد -إيجابياً أو سلبياً– بما يجري
على جوارحه :فإن للملبس في أنواعها ،وأشكالها ،وطريقة ارتدائها :آثارًا بارزة
في سلوك الفراد -ذكوراً كانوا أو إناث ًا " -وليس من شك في أن مصطفى كمال
س ل تغيير ملبسٍ؛ إذ حينما فرض القبعة لباس ًا وطنياً للشعب إنما أراد بذلك تغيير نف ٍ
إن الملبس يحكم تصرفات النسان إلى حد بعيد" ،فكما أن تقليد الباطن في الفكار
والراء يتبعه تقليد للظاهر في الملبس والزياء :فكذلك تقليد الظاهر كثيراً ما
يتبعه تقليد للباطن ،فالعلقة بينهما قوية.ولهذا خضعت الزياء عند الشعوب عامة -
والسلمية منها خاصة– لتقاليد دينية ،وعادات مرعية ،تفرض على الفراد التقيّد
بها ،وعدم تجاوزها .وإنما تختل هذه التعاليم في نفوس أهلها ،ويضعف أثرها في
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
فترات اختلل الوسط الجتماعي وضعف أثره ،فتظهر بوادر التمرّد أقوى ما تظهر
في ملبس الشباب ،ووسائل لهوهم.
ومن هنا لبد أن تتأثر شخصية المرأة بنوع الملبس التي ترتديها ،وتتأنّق
بها ,ولعل من المثلة التي تدل على ذلك تأثير قيمة اللباس وجماله على شخصية
المرأة؛ فحين ترتدي إحداهن اللباس الجميل الغالي الثمن :كثيراً ما تنعكس قيمته
على سلوكها إعجاباً وترفع ًا بين القرينات ,وكذلك إذا لبست الثمين من الحلي ،فإنها
كثيرًا ما تسعى فتبرزه وتتباهى به؛ ولهذا ورد في السنة الترهيب من مثل ذلك.
وفي الجانب الخر حين تعجز إحداهن عن بلوغ مرتبة قريناتها في امتلك
الملبس الحسنة ،والحلي الثمينة فإنها قد تشعر بالحباط ،وهبوط المكانة
الجتماعية ،وربما بالحتقار والدونية .مما قد يدفع بعضهن إلى النزواء ،وترك
الختلط بالنساء ،أو الحيلة الممنوعة لكسب المال لشراء الملبس والحلي ،وكل
ذلك تتوقّى به حتى ل تشعر بهذه المشاعر النفسية المحبطة.
ولهذا جاءت الشريعة السلمية السمحة في مثل هذه المواقف الجتماعية
بتوجيه المرأة للنظر في أمر الدنيا وزينتها إلى من هو دونها ،والنظر في أمر
الخرة وأعمالها لمن هو فوقها ،فهذا أجدر لئل تحتقر نعمة ال عليها ،وفي
الحديث قال عليه الصلة والسلم " :انظروا إلى من أسفل منكم ،ول تنظروا إلى
من هو فوقكم ،فهو أجدر أن ل تزدروا نعمة ال".
من خلل الستقراء ظهر أن لباس المرأة محكوم بثلثة ضوابط شرعية ،لبد
أن تتقيد بها المرأة حتى يحصل لها المقصود السمى من اللباس ،وتسلم أخلقها
وتصوراتها من النحراف ،وذلك على النحو التالي:
أولً :ضابط العورة :بحيث يستر اللباس من جهة إسباغه ،وصفاقته ،وسعته
عورة المرأة حسب الوسط الجتماعي الذي تقع فيه ،فل يكشف عن عورتها
بقصَره ،ول يشفّ عنها برقّته ،ول يصفُها بضيقه،مع التّحصّن بالسراويل
الطويلة،والبطائن تحت الثياب الرقيقة؛حفاظاً على عورتها من النكشاف؛ فإن
العلقة في غاية القوة بين فنّ اللباس والزينة ،وبين الجاذبية الجنسية في سلوك
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
النسان,وقد قيل إن الصل في ظهور الملبس وتطورها يرجع إلى رغبة كل من
الجنسين في جذب الجنس الخر .فل يصح من المرأة المسلمة أن ترتدي من
الملبس ما يثير الشهوة في صدور الرجال من الجانب أو المحارم ,أو يبعث
الشذوذ في سلوك النساء ,فإن هي تقيّدت بهذه الشروط :فإن لها بعد ذلك أن تلبس
وتستمتع بما شاءت من :النواع ,والشكال ,واللوان حسب ما يروق لها ,إل أنه
يُفضل لها أن تتحاشى من اللوان البياض؛ لنه غالب لباس الرجال ,وأن تعتاد
لجلبابها وخمارها السواد؛ لنه اختيار نساء السلف ,وأبعد ما يكون عن الفتنة
والغراء؛ فإن للّون تأثيراً خاصاً في الشخاص ,وله معان يحملها للناظرين.
وأما حذاء الفتاة فإنه من مواقع جمالها ال ُملْفت وجاذبيتها الخاصة ,كما أن
القلنسوة على رأس الرجل من تمام جماله ,وحسن مظهره,ولعل هذا السبب الذي
جعل من أحذية النساء في هذا العصر فتنة كما كانت من قبْل في بعض الشعوب
المتقدمة،حيث يتحكم ارتفاع الحذاء ونوع هيئته في أسلوب مشيتهن،ويُظْهر من
عهِ عن مكنونمفاتن أبدانهن الخفية ،ومعالم أجسادهن ما واراه الجلباب،ويُنبّه ب َقرْ ِ
زينتهنّ ،وما أخْفينَ ُه من جمالهن.وربما اتخذته إحداهن تتطاول به ،فقد قال عليه
الصلة والسلم حاكياً حال بعض نساء بني إسرائيل …" :كانت المرأة تتخذ
النعلين من خشب تحاذي بها المرأة الطويلة".فالحذاء المرتفع المصنّع للغراء
والفتنة إن لم يكن بمجمل هذه المحظورات ممنوعاً شرعاً ،فإن أقل ما فيه
الكراهة,خاصة وأن ضرره الصحي ثابت عند الطباء .وفي العموم فإن غالب ألبسة
النساء في هذا العصر وُضعت للفتنة والغراء ،أكثر من كونها وُضعت لصحة
البدان.
ثانياً :ضابط التشبه :بحيث تتميّز ملبس المرأة وأزياؤها عن ملبس الكفار
عموماً ،وعن ملبس الذكور خصوصاً،حتى في ُلبْس النّعل ،وعصْب الرأس .فإن
المة السلمية اليوم تعاني تخلفاً كبيراً أمام الدول المتقدمة في ميدان صناعة
ملبس النساء وتصاميمها ،حتى سيطر إنتاج دور الزياء الجنبية على ذوق المرأة
المسلمة ،وأسلوب تأنّقها ،فأصبح زي كثير من النساء المسلمات المعاصرات هو
زي المرأة الغربية المتبرّج .مما اضطر إحدى المنظمات السلمية :أن توصي
بإنشاء "مؤسسات لتصميم الزياء السلمية حماية لقيم السلم… ورعاية
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
للذواق الجمالية السليمة ،وسداً لذريعة ينفذ منها الموبؤون ،وأعداء السلم على
بعض نساء المسلمين ممن ينقصهن النضج والوعي السليم".
إن خطورة إشراف الجانب على لباس الفتيات المسلمات ل تكمن فقط في كون
أزيائهم تحمل -أحياناً– معلم ًا دينياً لهم كالصليب ونحوه؛ بل إنها تزيد على ذلك في
كونها تتوجه بقوة خفية ،عبر أساليب التصميم الماكرة لعطاء ملبس الناث
صبغة ذكورية ،بحيث تدخل أشكال أزيائهن تحت أنماط أزياء الرجال بصورة
متدرجة .حتى أصبح مجتمع اليوم -بصورة تلقائية– ل يستنكر ظهور المرأة في
ملبس الذكور ،في حين ل يزال حتى الن يستهجن ،ويستنكر بروز الذكور في
ملبس النساء ،ويعاقبهم على ذلك قانوناً .ولشك أن في هذا خطراً على مسلك
المرأة الفطري؛ فإن نهاية تشبهها بالرجال هو انتقالها إلى طباع الرجال ،فل
تتحرك فيها طباع جنسها الفطرية.
إن التصور السلمي ل يفرّق بين المرين ،فكل مسالك التشبّه بين الجنسين
داخلة في المذمة الشرعية .وليس في تعامل السلف ما يدل على التفريق بينهما؛ بل
كانوا في غاية الصرامة والشدة مع الفتيات المتشبهات في ملبسهن بالذكور .فلبد
أن تراعي المرأة المسلمة هذا الضابط الشرعي في ارتداء الملبس؛ فإن " قضية
اللباس والزياء ليست منفصلة عن شرع ال ومنهجه للحياة"؛بل مرتبطة به كل
الرتباط.
ثالثاً :ضابط السراف :بحيث تعتدل المرأة في استهلك الملبس من جهة
النوع ومن جهة الكم ،فتعرف كيف تلبس ،وتتأنق بما يليق بمثلها؛ فإن من "
المروءة أن يكون النسان معتدل الحال في مراعاة لباسه ،من غير إكثار ول
إهمال ،فإن إهمال مراعاتها ،وترك تفقدها :مهانة وذل ،وكثرة مراعاتها ،وصرف
الهمة إلى العناية بها :دناءة ونقص" .فالجواز هو الصل في اتخاذ الملبس
المباحة ،والتجمل بها ،حتى وإن كانت نفيسة الثمان ،فقد كسا رسول ال صلى ال
عليه وسلم نساءه الحرير ،ولبسه بناته ,وكان يقول لصحابه … " :حقّهن عليكم
أن تُحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن".
وقد كان السلف يمتثلون أمر الرسول صلى ال عليه وسلم في ذلك ،فعن محمد
بن ربيعة بن الحارث قال " :كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يُوسّعون
ط َرفَ
على نسائهم في اللباس الذي يُصان ويُتجمّل به ،ثم يقول :رأيت على عثمان مِ ْ
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وسلم يقول " :تعس عبد الدينار والدرهم ،والقَطيفة ،والخميصة ،إن أعطي رضي،
وإن لم يُعط لم يرض" .كما ينبغي عليها أن تعلم :أن هذه الموضوعات غالباً ما
تنتشر في الوساط الجتماعية المختلّة ،التي ضعُفت فيها الثوابت والمبادئ،
فيسعى " أعضاؤها للحصول على اعتراف بالمكانة ،وللعراب عن الذات عن
طريق تقليد الصفوة" .فل يليق بالمرأة المسلمة أن تنساق إلى مثل هذه المزالق
الجتماعية الخطيرة ،فتستهلك أوقاتها ،وطاقاتها الجسمية ،وثروتها المالية في
غير طائل.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
تطبيقات السلف في القرون المفضلة موافقة لهذا التوجيه ,حيث كانوا ينفقون
الموال الكثيرة على حُلي البنات ,والزوجات ,وعموم النساء دون نكير .وكانوا
يعدّون التاركة للزينة– شابة كانت أم عجوزاً– مع قدرتها عليها :معطّلة ,متشبّهة
بالرجال,ويوجبون– إضافة إلى ذلك– في حُليّها من الذهب أو الفضة الزكاة ,في
حين أنها لو لبسته ,واستمتعت به لعفيت منها على الراجح من قوْلي العلماء.كما
أنهم لم يُحلّوا لها الوفاء بالقسم على ترك الزينة ,أو الحداد على أحد من الناس–
مهما كان عزيزاً– "فوق ثلث إل على زوج أربعة أشهر وعشراً" ,كما جاء عن
الرسول صلى ال عليه وسلم.
والمرأة المسلمة المعاصرة إذا تقيدت في لبسها للحلي بحسن المقصد,وتجنّبت
في أشكالها صور الحياء المجسمة,واتّقت مشابهة الكفار,وحرصت على إخفاء
زينتها عن نظر الرجال الجانب وآذانهم:فإن لها بعد ذلك أن تلبس من الحلي ما
شاءت :نفيساً كان أو حقيراً ,ذهب ًا أو فضة,محلّقاً أو مقطعاً,لؤلؤاً أو خرزاً,عاجاً أو
عظماً مادام طاهراً ليس بنجس.ولها أيضاً أن تلبس من هذه النواع على أي جزء
شاءت من بدنها دون استثناء,حتى وإن صاحب ذلك شيء من مثْلة :كثقب الذن ,أو
النف،وفي هذا التساع كفاية عن الوقوع في المسلك المحظور عند اتخاذ المرأة
للزينة.
من العجيب في أمر النساء عموماً ,والفتيات خصوصاً :أنه رغم هذا التوسع
الهائل في شأن الزينة؛ بحيث ل تكاد الواحدة منهن تجد حرجاً شرعياً في أنواعها
التي تختارها ,أو مواضعها البدنية التي تفضلها ,أو زمن لبسها الذي يوافقها– رغم
كل هذا– فإن كثيراً منهن يقعن في مغالة سلوكية عند استخدامهن حق التزين ,مما
يُوقعهن في المكروه الشرعي ,أو المحرم .حيث يدفعهن إلى ذلك الختلل
الخلقي,وقلة العلم والمعرفة ,وضعف الثقة بالنفس ,إلى جانب الشعور الطبيعي
بالنقص النثوي ,بحيث كلما زادت هذه المشاعر المضطربة عند إحداهن :زادت
بالتالي مبالغتها في الزينة والتأنّق؛فضعف الجاذبية الجمالية,والرغبة الملحة في
الزواج ,وتأثير الدعاية العلمية المشوقة,كل ذلك إذا اجتمع ,إضافة إلى الحافز
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الفطري الطبيعي عندهن :وقعن في المغالة المفرطة ,وفي الحديث" :ويلٌ للنساء
من الحمرين :الذهب والمُعصْفر".
ومن أهم مظاهر المغالة في التزين عند النساء والفتيات ما يلي:
أولً :الغلو في زينة الوجه :وذلك من خلل الفراط في استعمال المساحيق
الملونة إلى درجة إضاعة الوقات والموال ,وتحديد السنان ببرد أطرفها رغبة في
مزيد من الحسن ,وترقيق شعر الحاجبين بالنتف على طريقة أهل الجاهلية مع أنهما
على طبيعتهما من معالم الجمال .وكذلك قشْر الوجه رغبة في صفاء اللون,
واستخدام الرموش المستعارة وما فيها من وصل الشعر الممنوع ,واستعمال
العدسات الملونة لغير حاجة ,مع ما فيها من المضرّة الصحية المتوقّعة ,في الوقت
الذي يُعرض فيه كثير من الفتيات عن استخدام النظارة الطبية الضرورية خشية من
تشوّه وجوههنّ بها.
ولعل أفضل ما تعمله المرأة الراغبة في جمال الوجه ،بما يغنيها عن فضول
الزينة ،وكثرة البهرج :حسن صناعة عينيها من خلل تعاهدهما بالكحل ،لما فيه
من موافقة السنة ،وكمال الصحة،وفي نصيحة عبد ال بن جعفر رضي ال عنهما
لبنته ما يدل على ذلك ،حيث قال لها … " :اعلمي أن أزين الزينة الكحل…" ،ول
حمْرة أو صفرة تتأنّق بها المرأة ،وتستمتع في غير غلو؛بأس بعد ذلك بشيء من ُ
فإن المغالة في استخدام المساحيق الملوّنة من سلوك المرأة الدميمة التي تبحث
عن الرواج ،ولتحذر دعايات الشركات المنتجة لمواد التجميل؛ فإنهم من خلل
أساليب الدعاية والعلن يُوحون إلى النساء بأنهن قبيحات المنظر ،ولبدانهن
عيوب
ل تزول إل باستخدام منتجاتهم التجميلية ،مما يزيد في إغراق الفتيات والنساء
عموماً في استخدام هذه المواد التجميلية.
صهُ متشبهةثانياً :الغلو في زينة الشعر :بحيث تزيد فيه شعراً ليس منه ،أو تق ّ
بالذكور ،أو تصفّفه على طريقة أهل الكفر والفجور ،أو تجعله في هيئات معظّمة
ملفتة للنظر .وكل ذلك ونحوه ل يصح من المرأة المسلمة أن تتعاطاه ،فإذا اتقته
فإن لها بعد ذلك أن تفعل في شعرها ما شاءت من أنواع التصفيف تبتكره ،والتلوين
تتخذه– عدا السّواد للكراهية –فإن الشعر للمرأة من أعظم مظاهر جمالها ،ومازال
العرب يمتدحون المرأة بجمال وطول شعرها ،وفي الثر " :الشعر الحسن أحد
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الجمالين" ،وعن عمر رضي ال عنه قال " :إذا تم لون المرأة وشعرها فقد تم
حسنها" ،وما ورد في السنة من كراهية المبالغة في العناية بالشعر؛ يخفّ في شأن
النساء؛ لن باب التزين والتجمل في حقهن أوسع وأرحب.
ويصح للمرأة المسلمة عند حاجتها لصلح شعرها أن تستعين بالمرأة
الصالحة الخبيرة للعناية به ،كما كان يفعل بعض النساء في الزمن الول ،على أن
يكون ذلك في مكان ل شبهة فيه ،فإن صالونات تجميل النساء كثيراً ما تكون مواقع
للنحراف الخلقي ،وأخبث من ذلك وأشد :أن ُتسْلم المرأة شعرها للرجل الجنبي
يتولى تزيينه وتحسينه ،فإن هذا الفعل لشك في تحريمه ،إلى جانب أن غالب
العاملين في مثل هذه الخدمات النسائية :منحرفون جنسياً ،حيث يجدون سلوتهم،
ومتعتهم الشهوية في تعاطي شعور النساء ووجوههن ،فلبد من الحذر وتوقي هذه
المواقع.
ثالثاً :الغلو في زينة اليدين :وذلك بإطالة الظفار ،وتركها على حالها لكثر من
أربعين ليلة،مخالفة للفطرة السوية ،أو طلئها بمواد تمنع وصول ماء الوضوء
إليها .وقد نفّر رسول ال صلى ال عليه وسلم من ذلك حيث قال " :يسأل أحدكم
عن خبر السماء ،وهو يدع أظفاره كأظافير الطير يجتمع فيها الجنابة والخبث
والتفث" ،ووجّه عليه السلم النساء -متزوجات كن أو عازبات– إلى الحناء
لتزيين اليدين والظفار ،وحث عليها حتى إنه عليه الصلة والسلم كان ل يبايع من
النساء إل المختضبة بها؛ لما في ذلك من التميّز عن الرجال ،والفوائد الصحية
المتعددة .فكان حرص النساء على الحناء في ذلك الزمن كبيراً .إل أن الغلو قد
يتطرق إلى المرأة من جهة سوء استخدامها للحناء ،وذلك من خلل النقوش التي
يعملنها في اليدي ،فبدلً من أن تكون بشرة المرأة مستورةً بلون الحناء عند
حاجتها لكشفها أمام الرجال الجانب :تصبح ملْفتة بهذه التّطاريفوالزخارف ،والنبي
صلى ال عليه وسلم يقول فيما رُوي عنه " :يا نساء النصار اختضبن
غمساً…"،يعني أخضبن كامل اليد دون تصوير ،وكان عمر رضي ال عنه يقول:
ن يديها
"يا معشر النساء اختضبن ،وإيّاكنّ والنقش والتطريف ،ولتخضب إحداك ّ
إلى هذا ،وأشار إلى موضع السوار" .فلبد للمرأة أن تراعي ذلك في خضابها ،وأن
تتقيد في كل ذلك بالسنة المطهرة.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ذلك،وقد سُئلت السيدة عائشة رضي ال عنها :عن المشطة في رأس المرأة يكون
فيه الخمر؟ فنهت عن ذلك .وفي العموم فإن مستحضرات التجميل ,وما يلحق بها
من المواد الفواحة المزيلة للطلء مثل السيتون ,فإنها مضرة بالصحة العامة
للنسان ,ولسيما الطفال الصغار ,إضافة إلى خطر الدمان على شم رائحتها,فلبد
أن تراعي المرأة ذلك من نفسها تورّعاً ,واتقاءً للضرر ،وتجنباً للحرج الشرعي.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
أساليب التغذية الصحية ،وما يتعلق بها من تنظيم الغذاء ،والتدريب على حسن
اختياره ،وانتشرت المعارف الصحية ،والثقافة الطبية ،التي ترشد الصحاء -قبل
المرضى -للمحافظة على أجسادهم صالحة دون أذى ،وتطوّرت أساليب استشراف
مستقبل النسان الصحي ،فوضعت برامج طبية للكشف الصحي الدوري ،والكشف
الصحي قبل الزواج ،حتى غدت حياة النسان المعاصر في المدن الحضارية مرتبطة
ارتباط ًا وثيقاً بالمسألة الصحية ،وأساليبها الوقائية.
وتأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية
الصحية ،باعتبارها علمة من علمات الصحة ،ووسيلة فعّالة ناجحة للترقي
بالنسان في مراتب التفوق البدني ،حتى إنها -في كثير من الحيان -لتسبق
بالنسان نحو السلمة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء ،فقد
أصبحت ممارسة أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلً في علج بعض المراض
المتعلقة بزيادة الوزن ،والصابات الجسمية ،والجلطات الدموية ونحوها من
المراض ،إضافة إلى كونها وسيلة فعّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة
لستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز
الرياضية ،والندية التأهيلية ،حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية مرادهم من
:الجهزة والوسائل والتدريب والشراف ما يُعينهم على تجاوز أزماتهم الصحية،
في وقت قلّت فيه حركة النسان اليومية؛ حين نابت عنه اللة الصناعية في كثير
من أعماله البدنية.
وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع ،ولسيما لبعض فئات المجتمع
من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو أبعد
من مجرد الصحة البدنية بكثير ،حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً ل تكاد
تحصى من اللعاب والنشطة النسانية المختلفة ،ويستقطب في برامجه كل فئات
المجتمع ،فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ الممارسة
العملية ،باعتباره هدف ًا رئيساً ،وغاية ضرورية من غايات الرياضة إلى أن تصل
بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الستثماري ،فتصبح الرياضة سلعة
استهلكية يتّجر بها المستثمرون المتربّصون بحاجات الناس ومتطلباتهم ،فراجت
تجارة اللعبين ،والمقامرة المالية ،والدعاية العلمية ،والشهرة العالمية ،والثقافة
الرياضية ،ومتعة التفرج ،وأقيمت المنشآت للمنافسات الدولية ،ونحوها من
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
القضايا الجتماعية والقتصادية والثقافية التي ل علقة لها أصلً بمبدأ الرياضة
البدنية.
ولم تكن المرأة في غالب مجتمعات العالم -بما فيها غالب المجتمعات
السلمية -بمعزل عن هذا الوضع الستهلكي والتجاري ،فقد خاضت في غالب ما
خاض فيه أفراد المجتمع من حولها ،واستُغلّت كما استُغلّ غيرها ،فاتّجر بالفتاة
الرياضية وبجسدها ،واستمتع المشاهدون عبر الشاشات ،وفي المنشآت الرياضية
بقوامها ورشاقتها ،ولطيف حركتها ،وقُدّمت الفتاة الرياضية نموذجاً لبنات جنسها،
في كمال قدرتها الجسمية ،ورشاقة قوامها ،وتمام صحتها ،وقُدّمت للمجتمع
بصفتها نموذجاً للفتاة المواطنة الصالحة ,الممثلة لبلدها في المنافسات الدولية
والقليمية ،حين أبدعت وحازت على شيء من ميداليات التفوق في المنافسات
الرياضية.
إن واقع الرياضة العالمي ،بكل ما تحويه من التفاعل الحركي ،والتنافس
الدولي ،والستهلك الثقافي ،والمتعة الشخصية ،والممارسة الواقعية :ل تزيد -
في المفهوم السلمي -عن كونها مصلحة كمالية في غالب الحوال ،ل يجوز أن
تتعارض مع مصلحة حاجية ،فضلً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإل
أصبحت محرمة شرعاً ،وواقع الممارسات الرياضية ،وما يلحق بها من أنشطة
وألعاب ومنافسات ومخاطرات ،وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلقية كالتبرج في
النساء ،والختلط بين الجنسين ،والمقامرة المالية ،وما يتبع ذلك من تضييع
للواجبات ،ووقوع في المحرمات ،كل ذلك ،بل بعضه :ينقل هذه الممارسات
الرياضية من الباحة إلى الكراهية وإلى التحريم ،بل إلى ما هو أشد من ذلك من
الكبائر والموبقات القبيحة ،التي حذر الشارع الحكيم منها ،وتوعّد أصحابها
بالعقوبة الشديدة ،ولهذا يُلحظ أن حق ممارسة الفتيات للرياضة ليس إجماعاً
اجتماعياً ،فل يزال كثير من أفراد المجتمع يأبون ذلك على الفتيات حتى في
المجتمعات التي يقل فيها اللتزام الديني.
ولئن كانت هذه القبائح السلوكية المتعلقة بالرياضة ممنوعة على الجنسين
من الذكور والناث :فهي في حق الناث أشد وأغلظ؛ لما هو معلوم في الشريعة
من الحتياط في شأن النثى من جهة :لزومها الحجاب ،ولفْتها إلى البيت ،وبعدها
عن الختلط بالجانب ،ودورها الرئيس في النجاب ورعاية النسل ،ول شك أن
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ممارسة الفتيات للرياضة البدنية ضمن هذه الظروف والحوال المعاصرة التي ل
تنضبط بالضوابط الشرعية ،ول تعتد بالداب المرعية ،ول تراعي طبيعة النثى
ودورها الفطري والجتماعي :تعد ممنوعة شرعاً ،لمعارضتها للقيم والمبادئ
والداب التي أمر بها دين السلم.
ومن هذا المنطلق فإنه ل بد من وضع الضوابط اللزمة لحكام ممارسة
الفتيات للرياضة البدنية ،ضمن حدّ السلمة في :أخلقها ،وأنوثتها ،ونفسيتها،
وجسمها ،وفكرها؛ بحيث تستفيد الفتاة من ممارستها للرياضة دون الوقوع في
الحرج الشرعي ،الذي يُلْحقها ويُلْحق المسؤولين عنها الثم والخطيئة ،مع محاولة
إعادة مفهوم الرياضية البدنية إلى معناه الصحيح وهو " :القيام بحركات خاصة
تكسب البدن قوة ومرونة" ،أو هو" :تليين البدن وتذليله وتطبيعه لداء مهمات
معينة" ،فل بد أن يعود هذا المعنى الصحي لمفهوم الرياضة البدنية للفتيات ،مع
التخلص من متعلقات الرياضة التي ساقتها إلى الميدان الستهلكي والستثماري
التجاري ،وصبغتها بالطابع غير الخلقي ،وأضفت عليها صفة العنف والتوتر،
الذي يأباه السلم للنسان عامة ،وللناث خاصة.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الذكور والناث ،مع انكشاف العورات المحرمة بين النساء ،فضلً عن المحرمة
على الرجال الجانب من المسلمين ومن غيرهم في المشاركات الرياضية الدولية
والقليمية والمحلية ،التي تظهر فيها الفتاة المسلمة غالبًا شبه عارية .ومع كل هذه
المخالفات الشرعية فإن مبدأ دخول الفتاة المسلمة في حمام النساء العام غير
المختلط ،مع ستر العورة ،وقيام الحاجة :ل يستحب شرعاً؛ بل ربما كان من
المكروهات ،أو حتى من المحرمات ،خاصة وأن كثيراً من النساء عادة إذا اجتمعن
في مثل هذه الحمامات العامة قلّ تحفّظهن من انكشاف العورات ,وبروزها إل من
عيب جسدي يكرهن ظهوره؛ لكون بعضهن يريْن جواز ذلك؛ ولهذا حرم كثير من
العلماء دخولهن الحمامات العامة ,وعليه فقد قاس بعض المعاصرين حمامات
السباحة المعاصرة على حمامات النساء القديمة فمنع منها ,ول ينبغي استهجان
مثل هذا التوجه الفقهي فإنه في عام 1903م تأسس في مدينة ميونخ اللمانية نادٍ
نسائي للسباحة ,فقوبل هذا العمل بالستنكار الجتماعي ,فليس بغريب أن يُستنكر
مثل هذا في المجتمع المسلم ,الذي يعطي لجسد النثى -من جهة النظر وحجم
العورة -حصانة أكبر.
وبناء على هذا فإن المختار للفتاة المسلمة المعاصرة :التعفّف الكامل عن
الممارسات الرياضية خارج المنزل ،رسمية كانت أو غير رسمية ،دولية أو محلية،
حتى وإن كانت تُمارسها بعيداً عن الرجال في أندية نسائية خاصة؛*فإن هذه
التجمعات النسائية ل تخلو عادة من محظور شرعي ،وكثيراً ما تكون وسائل للفساد
الخلقي؛ فإن نظر الرجال إليها خلسة أمر محتمل ،ثم إن تصويرها عبر عدسات
الكاميرات الدقيقة المثبّتة في أماكن معينة ،أو المحمولة في الهواتف النقالة هو
أيضاً أمر محتمل ،فالبعد عن كل ذلك أسلم لدينها وخلقها ،فإذا احتاجت الفتاة
المرفّهة إلى شيء من النشاط الحركي فإنها تمارسه داخل بيتها ،أو ضمن ساحاته
المفتوحة المأمونة التي تُتيحها طريقة البناء في العمارة السلمية ،فقد ثبت ميدانيا
تفضيل كثير من الفتيات المسلمات ممارسة النشاطات الرياضية داخل المنزل مع
أفراد السرة ،كما ثبت أيضاً إحجام كثير منهن عن ممارسة النشطة الرياضية في
الماكن المكشوفة خوفاً من نظر الرجال إليهن ،لسيما إذا عُلم أن كل حركة جسمية
قوية :كالدّهن ،والدّلك ،والتّمريخ تدخل ضمن مفهوم الرياضة البدنية النافعة ،فل
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
تفتقر الرياضة -بصورة دائمة -إلى الساحات الكبيرة ،والجهزة المعقّدة ،واللعاب
المعينة بقدر ما تفتقر إلى الحركة ذاتها :البدنية والعضلية.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
وصلبة الطراف ،وبروز العضلت ،وخشونة الصوت ،وبروز الحنجرة .حتى إن
العلقة عند الباحثين الرياضيين أصبحت في غاية القوة بين زيادة معدل معالم
الذكورة في جسم الفتاة الرياضية ،وبين تفوقها في أنواع واختبارات الداء
الحركي .ولم يعد غريباً شذوذ بعض النساء بمظاهر للقوى البدنية ممّا يعجز عنها
كثير من أصحّاء الرجال ,مما حدا ببعض الموتورين إلى إنكار كل الفروق
البيولوجية بين الجنسين في القدرة على الممارسات الرياضية ،حتى في فترة
الحمل ،والدورة الشهرية ،زاعمين أنها فروق مفْتعلة ترجع إلى رواسب فكرية
واجتماعية ،ل أصل لها في طبيعة التكوين البدني عند الجنسين ،فبنوا على هذه
المسلّمة الخاطئة :ضرورة اتحاد الجنسين في جميع أنواع الممارسات الرياضية،
والنشطة البدنية دون استثناء.
لقد شاهد هؤلء كما شاهد غالب الناس المرأة رائدة الفضاء ،والرامية
المتقنة ،والمتسلّقة لعلى قمة جبل في العالم ،والمحلّقة بالطائرة والمنطاد،
والسبّاحة الماهرة عبر بحر المانش ،والعدّاءة السريعة ،والقاطعة لمريكا من
غربها إلى شرقها على القدام ،وغيرهن كثير تفوقن في بعض النشطة الجسمية
والرياضية ،ومع ذلك فإن هذه المظاهر المتفوقة ل تغير من الحقيقة الفطرية
والواقعية شيئاً.
لقد أغفل هؤلء طبيعة الفروق التشريحية بين الذكور والناث ،وطبيعة
الحركة الفائقة ،والخشونة الزائدة في مسلك الذكور الفطري ،إلى جانب إهمالهم
للفروق البارزة الجليّة بين الجنسين في مرحلة البلوغ ،كما أنهم -مع كل هذا -
سهوا عن قاعدة جسمانية طبيعية مفَادُها :أن أيّ عضو في جسم النسان كثرت
رياضته ،وحركته قوي ونشط ،فل يبعد -والحالة هذه -أن تتفوق بعض الفتيات
المدرّبات بدنياً على بعض الرجال غير المدرّبين ،ولكن من المستحيل أن تتفوق
الفتاة المدرّبة على شاب ك ُم َل تدريبه؛ فإن الذكور من الشباب في الحالة الطبيعية
يزيدون -عادة -على الناث بثلث القوة البدنية؛ ولهذا ل توجد في واقع النشطة
الرياضية ألعاب يتنافس فيها الرجل مع المرأة؛ وذلك مراعاة للجانب الفطري الذي
يفرض نفسه ,ويُخلّ بميزان العدل بينهما.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ومن هنا فإن الفروق الجسمية والحركية بين الجنسين فروق حقيقية واقعية
يصعب إنكارها ،وبناء عليها لبد من اختلف نوع النشطة الرياضة لتناسب طبيعة
كل جنس ،وتوافق فطرته ،وتماشي نوع مهمته ومسؤوليته.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
النوع الول :ألعاب رياضية ،وتشمل كل لعبة مشروعة تخدم -بصورة من
الصور -الهداف العامة لتربية الفتاة الصحية.
النوع الثاني :ألعاب مخاطرة ،أو ما يُسمى بألعاب" :مغازلة الموت" ،وتشمل
كل لعبة عنيفة تحمل جانباً من المخاطرة بصحة الفتاة الجسمية ،أو تُعيقها -
بصورة مباشرة أو غير مباشرة -عن أداء وظيفتها تجاه خدمة النوع النساني،
ورعاية النسل؛ فإن مجرّد الوثبة الشديدة يمكن أن تذهب ببكارة الفتاة العفيفة ،فتقع
في حرج اجتماعي ،وضرر صحي ،كما أن الحركة العنيفة يمكن أن تخل بانتظام
الدورة الشهرية ،وكميات سيلن الدماء الطبيعية ،فضلً عن أن الحركة العنيفة
يمكن أن تسقط حملها من بطنها.
ورغم وضوح هذه المبادئ من الجهة النظرية :فإن الواقع العالمي المعاصر
يشهد خوض كثير من النساء والفتيات في أعنف وأغلظ أنواع ألعاب المخاطرة
جميعها دون استثناء ،بما فيها :الملكمة الوحشية ،ومصارعة الثيران ،وترويض
حسْن التحليق بالطائرات لم
الوحوش؛ بل وحتى المسابقة بالسيارات ،والتنافس في ُ
يكن بعيداً عن طموح كثير من الفتيات ،وحتى من المسلمات؛ مما يهدد صحتهن
العامة بالضرر ،ويعرّضهن للخفاق في مسؤولياتهن الفطرية والجتماعية المنوطة
بأمثالهن من الناث.
وعلى الرغم من أن القانون الوضعي يمنع من قصد إيذاء الخصم في غالب
اللعاب الرياضية التنافسية؛ فإنه -مع ذلك -يسمح بإيقاع الذى بالخصم في بعض
اللعاب كالمصارعة والملكمة ،ويمنع من طلب القصاص بين اللعبين رغم قصد
اليذاء ،وهذا لشك ممنوع شرعاً؛ إذ إن حفظ النفس من الضرر مقصد أسمى من
مقاصد الشريعة السلمية.
تتسم الحياة الحديثة بقدر كبير من التوتر ،الذي أصبح سمة تكاد تكون عامة
في حياة النسان المعاصر ،تزيد من قلقه ،وتنوّع من أشكال اضطراباته ،مما يؤدي
-في كثير من الحيان -إلى اختلل اتزانه النفسي ،وإصابته بالمراض العصبية
التي تحتاج إلى علج.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
والفتاة السّوية بطبعها الفطري تميل إلى النشطة الرياضية التي يقلّ فيها الحتكاك
الجسدي والزدحام ،ويشيع فيها التعاون والتلطف ،لسيما وأنها أحوج ما تكون
إلى الستقرار النفسي ،والتزان النفعالي لطبيعة الدور الجتماعي الذي يُناط بها
.في خدمة النوع النساني من خلل الحمل ،ورعاية النسل
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
إن هذا الهتمام الفكري المفْرط بشؤون الثقافة الرياضية ،الذي بعثه -في أصل
المر -اليهود ،الذين يقفون عادة خلف كل رذيلة وقبيحة ,وغذّاه القادة السياسيون
باهتمامهم ورعايتهم :رفع مكانة الجسد النساني إلى مستوى السطورة ،ودرجة
التقديس ،حتى أصبح مجالً خصباً للتجار والستثمار ،فقامت من أجله المنافسات
الدولية ،والتجمعات الرياضية ،والمهرجانات الولمبية ،فاختصر بذلك الرياضيون
مفهوم الرياضة في التفوق الجسدي المُدرّ للمال ،وجعلوا بناء الجسم من أجل
الجسم.
إن السلم بنظامه الفريد يحترم النسان ،ويجعل من جسده ساحة محرّمة،
لكنه -مع ذلك -ل يسمح بحال ،وتحت أي مبرر :أن يُختصر النسان المكرّم ،بكيانه
الشامل ،وجوانبه المتعددة في حدود نطاق "الجسديّة"؛ فإن الرياضة البدنية -
مهما كانت متفوقة -تفقد قيمتها التربوية عندما تنحصر كفايتها في ذاتها؛ لن
الذي يتربى في الحقيقة ليس الجسد فحسب؛ بل هو النسان ككل ،فالرياضة في
التصور السلمي "ليست ضرباً من التسلية الطائشة ،وليست هواية مجردة من
الدوافع الفكرية النبيلة ،وليست حرفة للتكسّب ونوال الشهرة الشخصية الخاصة؛
وإنما هي تكليف منوط بالمسلمين ،فيه ما فيه من تنمية الجسم ،وإظهار المواهب،
وتحقيق السلوى ،واكتساب المهارات" ،فإذا انحصرت الهداف في مواهب الجسد
:كانت انشغالً بالوسيلة عن الغاية.
ومع كون الناث في العموم أقل فئتي المجتمع اهتماماً بالرياضة ،ومشاركة
في أنشطتها :فإن العلقة إيجابية بين البيئة النسائية المحافظة ،وبين ضعف
الهتمام بالثقافة الرياضية؛ فقد ثبت ميداني ًا :أن الفتيات في المملكة العربية
السعودية -وهي من أكثر البيئات المعاصرة محافظة -أقل فئات المجتمع اهتماماً
بمتابعة النشطة الرياضية ،والتحمّس لخبارها ،وقد ثبت ميدانياً أيضاً أن طلب
الثقافة السلمية ,ومرتفعي المعدلت الجامعية هم أقل فئات الشباب توجّه ًا نحو
نجوم الكرة ,ومتعلقاتها الثقافية ،وكأنها إشارة إلى علقة ما :بين مقدار تحرر
الشباب والفتيات القيمي والخلقي ،وبين درجة اهتماماتهم العقلية بترف الثقافة
الرياضية ،ومجالتها الفكرية.
ومن هنا فإنه لبد من التفريق بين الهتمام بالرياضة على أنها تقوية للجسد
للقيام بالواجبات الشرعية والجتماعية ،وتحقيق الكفاية والصحة العامة ،وبين
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الهتمام بالرياضة لمجرد المتعة الجتماعية ،والمعرفة الثقافية التي يترفّع عنها
الشخص الجاد في العموم ,والشخص المسلم على الخصوص ,فضلً عن الفتاة
المسلمة المخدّرة المصونة.
يمكن من خلل النقاط التالية توضيح الوجهة التربوية السلمية تجاه ممارسة
الفتيات للرياضة البدنية ،وذلك على النحو التي:
-1يستوعب منهج السلم التربوي بتوجيهاته وأحكامه وآدابه كل أنشطة
النسان في حياته الدنيا ،بما في ذلك الرياضية البدنية؛ لهذا فإنه ل يصح لحد–
ي شأن من شؤون الحياة -ولسيما العامة منها– كائناً من كان -أن ينطلق في أ ّ
فيختار لنفسه ،أو لمته ما شاء ،دون الرجوع إلى المصادر الشرعية في كتاب ال
تعالى ،وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،وفيما أجمعت عليه المة ،ومِن ثمّ
اللتزام بذلك.
-2الصل في النشطة الرياضية الباحة؛ فإن الكسل -بكل صوره -مكروهٌ
شرعاً ,إل أن أنواعاً من اللعاب الرياضية ،وصوراً من أساليب ممارستها،
ومتعلقات أخرى تلحق بذلك :تُخرج هذه الرياضة عن حدّ الباحة إلى الكراهة أو
التحريم ،وهذا بالضرورة يوجب التوصية بأهمية اللتزام الشرعي في اختيار
اللعاب الرياضية ،وأساليب ممارستها ،وكل ما يلحق بها ،مع أهمية التقيّد بالداب
الجتماعية والخلقية المرعية بالشرع الحنيف ،التي تهدف إلى تحقيق السلمة
الشاملة للنسان.
-3تحقق الرياضة البدنية للفتيات جملة من الفوائد الصحية العامة ،التي تشمل
النواحي :الجسمية ،والنفسية ،والعقلية … وذلك حين تُمارس ضمن ضوابط
السلمة العامة ،الكفيلة بإحكام نشاط الفتيات الرياضي ضمن الحدود الشرعية
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
التعويض الصحي عما أتلفته اللة من قوى النسان البدنية ،فقد كانت مهام النساء
المنزلية بكل ما تحويه من النفعال الحركي ،والجهد العضلي ،والنشاط الجسمي
العام غير المقصود :كافيًا -في مجمله -لكسابهن الهداف الصحية المنشودة من
وراء ممارسة الفتيات المعاصرات للرياضة البدنية المقصودة ،فإن الرياضة البدنية
ليست هدفاً في حدّ ذاتها ،واللعاب الرياضية المختلفة ليست هي عين الرياضة
البدنية -وإن كانت في العموم داخلة فيها -لن مفهوم الرياضة أوسع من ذلك
وأكبر .كما أن هذه اللعاب ليست مقصودة في ذاتها؛ بل هي وسائل للتربية البدنية،
وإنما المستهدف من كل هذه الممارسات هو النشاط الحركي ذاته؛ فإن الرياضة
تعني الحركة والتعب" ،وليس التدريب والمنافسة ضروريين في اللعاب الرياضية
كما هو الشأن في ألعاب القوى" ،التي تتطلب التدريب المستمر ،والممارسة
المنتظمة ،بهدف المنافسة الفردية والجماعية.
وبناء على هذا الفهم :فإن كل نشاط حركي سوي معتدل -مقصوداً كان أو
غير مقصود ،ضمن لعبة مباحة أو بدونها -فإنه في العموم نشاط رياضي ،يخدم
الصحة الجسمية ،ويُؤثر فيها إيجابياً ،ويدخل في هذا حركة المرأة في بيتها،
وخدمتها زوجَها وولدها.
وعلى الرغم من أن مبدأ الممارسة الحركية للفتيات بضوابطها الشرعية أدا ٌء
ك مكروه:فإن مشروع في التصور السلمي،وأن الكسل بكل مظاهره الجسمية سلو ٌ
هناك جمعاً من الضوابط الشرعية المهمة التي تحتاجها الفتاة لممارسة اللعاب
الرياضية بصورة خاصة ،والنشطة الحركية بصورة عامة حتى تُحقق هذه
الرياضات البدنية الهدف المنشود من وراء ممارستها ,ول سيما في هذا العصر
الذي انفتحت فيه الفتيات على النشطة الرياضية بصورة لم يسبق لها مثيل في
التاريخ ،حتى إنه من الصعوبة بمكان إيجاد نوع من الرياضة -أيّا كانت -ليس
للناث فيها حضور وبروز مشهود.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
بعضهم ،وصحتها تكمن في توافقها التام والمتكامل " مع وظائفها المختلفة ،مع
القدرة على مواجهة الزمات العادية التي تطرأ عادة على النسان ،مع الحساس
اليجابي بالسعادة والكفاية ".
وأما البعد الجسمي الذي يمثل الساس الثاني في هذا الكتاب فهو أوضح
جوانب النسان ظهوراً ،وأبلغها بروزاً في الطبيعة النسانية؛ لكونه مادي الصل
والنشأة والتكوين ،حيث تعود طبيعته المادية إلى عناصر الرض ومكوناتها ،حتى
إن الفلسفة الماديين لفرط استفحال نشوز الطبيعة المادية في الكيان النساني ظنّوا
أن النسان ل يعدو أن يكون ظاهرة مادية كيميائية ،حتى " إن العلوم الجتماعية
الحديثة تبدو وكأنها قد عقدت العزم ،وجمعت الهمة على أن ل ترى في النسان إل
كيانه المادي … وأن تعتبر أن النسان ل يمثل إل امتدادًا تطورياً لعالم الحيوان،
مما دفع بعضهم في منتصف القرن التاسع عشر الميلدي نحو استخدام قواعد
المنهج العلمي للعلوم التطبيقية على العلوم الجتماعية ،في حين " يتفق الباحثون
على أن التقدم في العلوم النسانية ل يمكن قياسه بالمعايير نفسها التي تطبق على
العلوم الطبيعية " ،كما أن البعد الجسمي بكل مظاهره البارزة المحسوسة ل يعدو
أن يكون جانباً من جوانب الطبيعة النسانية المتعددة البعاد ،وليس هو الجانب
الوحيد في بناء الشخصية النسانية ،وصحته المنشودة تكمن في " :توافقه التام
بين وظائفه المختلفة ،مع القدرة على مواجهة الصعوبات العادية المحيطة به،
والحساس اليجابي بالنشاط والقوة والحيوية " ،والهدف من تربيته ورعايته " :
الوصول بالفرد إلى الكمال الجسماني ،بحيث يكون خالياً من المراض والعاهات،
وفي حالة يكتمل فيها الشعور بالكفاية البدنية ،مع رصيد من الصحة يمكّنه من
التغلب على المرض إذا ما انتابه ،وأن يكون لديه القدرة على استخدام أجهزة
الجسم استخداماً يوفر من طاقتها ،ويزيد من مهارتها ".
وأما البعد الجنسي ،فمع كونه أدنى البعاد النسانية شرفاً ،ودونها مكانة إل
أنه من أشدها عنفاً وعدوانية ،وأكثرها تأثيراً في الكيان النسان الكلي ،إلى جانب
أنه من أعظم الظواهر الساسية والمحورية في حياة الفراد والشعوب ،ومن
أكثرها إزعاجاً للمجتمع ،ومن أبلغها فتنة وإضللً ،خاصة عند النثى البالغة ،حتى
إن البعض جعله مقياساً لصدق الخلق ،وسلمة السلوك؛ ولهذا عقد الغرب عدة
مؤتمرات خلل منتصف القرن العشرين الميلدي يؤكدون فيها على ضرورة رعاية
القيم السرية ،ومحاربة النحرافات الخلقية ،وتضييق فرص الممارسات الجنسية
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
المنحرفة ،مع ضرورة التحفظ في القضايا الجنسية ،وهذا يدل على خطر هذا
الجانب من كيان النسان ،والحاجة الملحة للتربية الجنسية ضمن المفهوم
السلمي.
وأما الصحة الجنسية فتكمن في حصول درجة الشباع والكفاية المشروعة
الواقية من الوقوع في النحراف المُوجب للحد أو التعزير ،وأما الهدف من السلوك
الجنسي فخدمة النوع النساني من خلل التناسل والتكاثر.
إن صحة هذه البعاد ،وسلمة نموها ،واستمرار أدائها الحيوي مع باقي جوانب
الكيان النساني ضمن منهج التربية السلمية هي القاعدة الكبرى في مجال التربية
الصحية للناشئ المسلم ،وما لم تنضبط هذه البعاد ،وتتوازن نزعاتها ضمن
التصور السلمي المحكم ،فإن الفراغ النفسي ،والستفحال المادي ،والنحراف
الخلقي ،بما تحمله من صنوف المعاناة هو مصيرالنسان المحتوم ،ومن ثم مصير
.المجتمع كله
من أصول الشريعة وضرورياتها المحافظة على ذات النسان روحاً وجسداً؛
لن الجسد مرْكَبٌ لقوى النسان الباطنة ،فل يصح لحد أن يتعدى على نفسه
بالضرر ،وحتى من صاحبها نفسه؛ فقد قال الرسول صلى ال عليه وسلم …(( :
لجسدك عليك حقًا )) ،وقد ثبت يقيناً أن هناك علقة قوية بين صحة الجسد من
جهة ،وبين العمليات العقلية المختلفة من جهة أخرى ،فقد قال الحكماء " :الخلق
المعتدل ،والبُنية المتناسبة :دليل على قوة العقل ،وجودة الفطنة " ،فالحاجات
العليا في النسان ممثلة في مختلف العمليات العقلية ل يمكن أن تعبّرعن نفسها
بصورة صحيحة متكاملة ما لم تُشبع أولويات حاجات النسان الجسدية الساسية،
كما أن للنشاط العقلي المُفْرط قوة تأثيرية يمكن أن تضرّ بالجسد الضعيف ،وتفتك
به.
إن أعظم قوى البدن أهمية لتنمية مواهب النسان العقلية هي الحواس؛ لنها
وسائل المعرفة ،ومعبرها الوحيد إلى العقل ،فإن التفكير يعتمد على مصدرين
للمعرفة ،الول :غيبي مصدره الوحي ،والثاني :مُشاهد معْبره الحواس ،فالعقل ل
يولّد المعارف من عنده؛ إنما يستمد من العالم المحيط به بواسطة الحواس المادة
العلمية التي تقوم عليها معرفته العقلية ،وتفاعلته الذهنية ،فالحواس روافد العقل
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
من المعرفة ،فإن عجزت أو ضعفت عن ذلك ،قلّت بقدر ضعفها وعجزها معارف
النسان وعلومه.
ومن هنا تظهر أهمية الرعاية الصحية العامة لقوى النسان الجسمية،
والرعاية الصحية الخاصة لقوى الحواس :السمع ،والبصر ،واللمس ،والذوق،
والشم؛ لكونها روافد معرفة النسان لعالم الشهادة ،وبالتالي هي وسيلته لنمو
مواهبه العقلية ،وازدهار ملكاته الذهنية التي خصّه ال تعالى بها.
يحترم التصور السلمي بدن النسان ،فل يعتبره شرًا ول منبوذاً ول محتقراً،
فهو " وعاء الطاقة الحيوية العاملة النشيطة التي تُعمّر الرض ،وتستخرج
كنوزها ،وتستغل طاقاتها " ،وعلوة على ذلك فإن الجسم َ :مرْكَب كيان النسان
الكلي ،ووسيلته المهمة للقيام بأعباء التكاليف الشرعية من العبادات ،والمعاملت
ونحوهما ،فصلحه :صلح للدين ،كما أن فساده :فساد للدين؛ فالصلة -
كمسؤولية عبادية مستمرة ومتتابعة ل تنفك عن المكلّف -رغم أنها روحية الطابع
إل أنها مفتقرة إلى الجسد في الطهارة والحركة ،وإلى العقل في التركيز والتمعّن،
وإلى القلب في النية والمقصد ،فهي رغم طابعها الروحي المستتر فإنها -مع ذلك -
تستوعب في الوقت الواحد ،في كل لحظات أدائها جميع كيان النسان بأبعاده
المختلفة ،بحيث تختل هذه العبادة ،أو ينقص فضلها بقدر اختلل أحد هذه البعاد
النسانية ،أو غيابه.
وكذلك الصيام الذي يستهلك من المكلّف عصارة قواه البدنية والشهوانية،
والحج والعمرة اللذان عدّهما رسول ال ميداني جهاد النساء البدني ،كل هذه
العبادات ونحوها مفتقرة إلى قوى الجسد السليم ،القادر على القيام بأعباء التكاليف
المفروضة ،فل بد أن ينال الشاب -كعضو إنساني مكلّف -نصيبه من الرعاية
الصحية الجسمية التي تؤهله للقيام بأركان العبادات المفروضة ،وتُساعده على
الستزادة الوافرة من نوافلها المستحبة والمندوبة ،وفي هذا تقول التابعيّة الفاضلة
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
حفصة بنت سيرين عن العبادة في زمن الشباب (( :يا معشر الشباب خذوا من
أنفسكم وأنتم شباب ،فإني ما رأيت العمل إل في الشباب)).
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
الحمد ل الحي القيوم ،الذي خلق الليل والنهار ،والظلمات والنور ،يحي
ويميت ،بيده الخير ،وهو على كل شيء قدير ،جعل الليل لباساً ،والنهار معاشاً،
وسخر الشمس والقمر ،له الحمد في الولى والخرة ،نحمده ونستعينه ونستغفره،
ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده ال فل مضل له ،ومن
يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال ،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد…فإن جوانب من طبيعة النسان ،وجمعاً من سلوكياته تبقى غامضة
على الفهم ،يصعب التكهّن بحقيقتها ،على الرغم من إلف النسان بها ،وممارسته
لها في حياته اليومية؛ فهذه الروح التي يحتضنها بين جنبيه ،وهذا العقل الذي يُميّز
به ،وهذه الجهزة المختلفة ،والشبكات الدموية والعصبية التي ينهض بها ،وهذه
اللوان المتنوعة من مظاهر السلوك التي يتعاطاها في يومه ،فرغم كل أعمال
الرصد والبحث العلمي تبقى هذه الجوانب والمسالك مستعصية على الكشف العلمي
الدقيق ،الذي يبلغ درجة اليقين في معرفة كنهها ،والكشف عن حقيقتها؛ فإن جزءاً
ضخماً من النسان وسلوكياته ليزال غامضاً حين يقف الباحثون عند حد الوصف،
ويبقى كثير من العلل تخمينًا ل يصل إلى حد الجزم القاطع.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ولعل من أعجب مظاهر النسان غموضاً ،ومن أشدها غرابة ،رغم التصاقها
وامتزاجها بكيان النسان :ظاهرة النوم ،فعلى الرغم من أن تجربة النوم يعرفها كل
الناس ،ويخوضون تجربتها كل يوم ،ويشاهدونها في بعضهم وفي الدواب من
حولهم ،تبقى هذه الظاهرة غامضة يصعب الجزم بحقيقتها.
إن ظاهرة إنسانية تستوعب ثلث عمر النسان ،ثم يكتنفها كل هذا الغموض:
ن آيَا ِتهِ َمنَامُكُم بِالّل ْيلِ
لجديرة بالبحث والتنقيب ،وصدق ال عز وجلّ إذ يقولَ { :ومِ ْ
وَال ّنهَارِ} [الروم ،]23:فجعل سبحانه وتعالى النوم آية من آياته الدالة على عظيم
قدرته ،وعجيب صنعه.
وقد أشار المولى عز وجل في آيات متفرقة من كتابه الكريم إلى ظاهرة الليل
والنهار ،وما يرتبط بها من النوم واليقظة ،والسكون والحركة ،فقال سبحانه
ج َعلَ ال ّنهَا َر ُنشُورًا}
سبَاتًا وَ َ ج َعلَ لَ ُكمُ الّل ْيلَ ِلبَاسًا وَال ّنوْمَ ُ
وتعالى{ :وَ ُهوَ الّذِي َ
صرًا إِنّ[الفرقان ،]47:وقال أيضاًُ { :هوَ الّذِي جَ َعلَ لَكُمُ الّل ْيلَ ِلتَسْ ُكنُواْ فِيهِ وَال ّنهَا َر مُ ْب ِ
ج َعلَ لَ ُكمُ
ح َم ِتهِ َ
فِي ذَِلكَ ليَاتٍ لّ َقوْ ٍم َيسْمَعُونَ} [يونس ،]67:وقال أيضاً{ :وَمِن رّ ْ
الّل ْيلَ وَال ّنهَارَ ِل َتسْ ُكنُوا فِيهِ وَ ِل َت ْبتَغُوا مِن َفضْ ِل ِه وَلَ َعلّكُ ْم َتشْ ُكرُونَ} [القصص،]73:
سبَاتًا* وَجَ َع ْلنَا الّل ْيلَ ِلبَاسًا *جعَ ْلنَا َن ْومَكُ ْم ُوقال في موضع آخر من كتابه العزيز{ :وَ َ
وَجَ َع ْلنَا ال ّنهَا َر مَعَاشًا} [النبأ.]11:
هذه اليات وغيرها كثير تدل على أن ظاهرة النوم آية من اليات المستحقة
للتأمل وإمعان النظر ،حين خُلق النسان متناسق ًا مع نظام الكون ،متوافق ًا مع دورته
الفلكية ،فحاجة الناس إلى النشاط والحركة والنتشار وطلب المعاش التي لبد منها
لعمارة الرض يلبيها ضوء النهار بإشراق شمسه على الرض ،وحاجتهم إلى
الراحة والهجوع والسكون يلبيها الليل بظلمه العام الذي يغشاهم ،فيضرب عليهم
بالنوم ،الذي لبد منه لصلح أبدانهم ،وسلمة نفوسهم.
والسياق القرآني في حديثه عن النوم ل يتناوله في معرض الحديث عن
حقيقته ،وإنما يتناوله بهدف بيان أهميته للنسان ،ووضعه ضمن قوائم النعم التي
يتفضل ال تعالى بها على عباده ،وهذا يشير إلى أن بحث الماهية قد ل يجدي كثيراً
من النفع بقدر جدوى البحث عن سبل استثمار هذه النعمة ،والستفادة من
تسخيرها في مصلحة النسان؛ فمما ل شك فيه أن النوم ضرورة غريزية ل يستغني
عنها النسان ،وهو ضرورة لصحة البدن ،واستقرار النفس ،وسلمة التفكير ،ومع
ذلك فهو حالة نقص تناسب ضعف النسان وحاجته؛ ولهذا تنزه الخالق سبحانه
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
خذُ ُه سِ َن ٌة وَلَ
حيّ الْ َقيّومُ َل تَأْ ُ
وتعالى عنه فقال في كتابه العزيز{ :الّ لَ إِلَـهَ ِإلّ ُهوَ ا ْل َ
َنوْمٌ[ }...البقرة ،]255:وقال الرسول صلى ال عليه وسلم" :إن ال ل ينام ول
ينبغي له أن ينام" ،ومع ذلك فإن هذه الحالة الفطرية من النقص البشري ل تشين
النسان في شيء ،فإن أهل التقوى في عبادتهم ل تعالى ل يفرقون في طلب الجر
بين النوم واليقظة؛ إذ يعتبرون نومهم عبادة ،كما يعتبرون صلتهم في حال يقظتهم
عبادة ،وفي هذا يقول الرسول صلى ال عليه وسلم" :ما من رجل تكون له ساعة
من الليل يقومها فينام عنها إل كُتب له أجر صلته ،وكان نومه عليه صدق ًة ُتصُدّقَ
به عليه" ،فالمسلم يطلب الجر والثواب على نومه كما يطلب الجر والثواب على
قيامه في الصلة كما هو حال السلف،ولهذا جاء التوجيه النبوي للناعس في صلته
أن يرقد حتى يذهب عنه النوم فل يصلي إل على نشاط ،فإن الجر لن يفوته مادام
قد عقد النية الصالحة.
والنسان يتحد مع طوائف الكائنات الحية المختلفة في حاجة الجسام –
غريزياً -إلى النوم ،بحيث يتحقق لهذه الكائنات المتنوعة كفايتها من الهجوع
البدني ،في صورة من صور السترخاء المختلفة المعبّر عنها بالنوم؛ لتسترد به
نشاطها الجسمي من جديد في دورة الحياة ،وهو ظاهرة فيزيولوجية غامضة ،ل
تزال حتى اليوم مجهولة الحقيقة رغم المعلومات الكثيرة المرصودة حوله ،فل
يُعرف عنه إل أنه" :غشْية ثقيلة تهجم على البدن فتبطل عمل الحواس".
والنسان من بين هذه الطوائف الحية يملك -إلى ح ّد كبير -إرادته في أسلوب
إشباع حاجته إلى النوم ،من جهة عدد الساعات ،ومن جهة تحديد وقته من الليل
والنهار .ومن هذا الباب يدخل الخلل والضطراب على النسان بين الفراط
والتفريط؛ حيث تفتقر حاجاته الفطرية المختلفة إلى مبدأ العتدال بين الطرفين
المذمومين في كل مسلك من مسالكه الحياتية المتنوعة .ولئن كان النوم الصحي
مهماً للجنسين فإنه يمثل للناث ضرورة لجمالهن ،ونضارة وجوههن ،إذ هن
بالفطرة أحوج إلى الجمال من الذكور،وقد ثبت أن النساء العاملت – بصورة
خاصة -هن أكثر فئات المجتمع جهداً ،وأقلهن نوماً.
وعلى الرغم من كثرة الدراسات والبحاث حول ظاهرة النوم عند الكائنات
بصورة عامة ،وعند النسان بصورة خاصة :تبقى هذه الظاهرة الفيزولوجية
غامضة على الباحثين ،مجهولة الحقيقة.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ولعل جدوى البحث المثمر تكون أبلغ حين توجه نحو استثمار هذه الظاهرة
النسانية ،والستفادة منها بما يحقق صحة النسان الجسمية والنفسية والعقلية،
وذلك حين يلتمس الباحثون العوامل التي تساعد على الفادة من النوم ،لسيما وأن
النسان يقضي ثلث حياته مستغرقاً في نوم عميق أو حالم ،فحريّ بالباحثين تقصي
عوامل النوم الصحي المفيد من جهة :المدة ،والوقت ،والعمق ،والهيئة لمساعدة
النسان – ذكراً كان أو أنثى -كيف يستفيد من ساعات نومه ،وتحصل له آثار النوم
الصحي في جسمه وعقله ونفسه.
ولقد حفلت التربية السلمية – بمنهجها الرباني الفريد -بظاهرة النوم؛ فقد
تحدث عنها القرآن الكريم ،والسنة المطهرة ،باعتبارها نعمة من نعم ال تعالى،
ووجهت السنة النبوية لنهج الفطرة السوية في التعامل مع هذه الظاهرة
الفيزيولوجية بما يحقق الصحة العامة ،وكمال بناء الشخصية النسانية.
عامل المدة من العوامل المهمة للنوم الصحي ،ويُقصد بعامل المدة :عدد
ساعات النوم ،بحيث ل تنقص ساعات نوم النسان الطبيعية عن ست ساعات
يومياً ،ول تزيد عن ثمان إل لحاجة ،ويعتبر الناث بحكم طبيعة مسؤولياتهن
الجتماعية المنزلية أقل من الذكور حاجة إلى مزيد من النوم ،خاصة وقد ثبت ضرر
الكثار من النوم على الصحة البدنية والنفسية ،في الوقت الذي لُوحظت فيه
النعكاسات اليجابية المتعددة على شخصيات الفراد المعتدلين في ساعات نومهم؛
ولهذا قال عبد الملك ابن مروان لمؤدب أولده" :علّمهم العوْم ،وخُذهم بقلّة
النوم".
وقد لُوحظ أن الفراط في النوم يرجع أحياناً إلى أسباب عضوية تُنهك قوى
البدن ،أو نفسية مؤلمة تُلجئ صاحبها إلى الستغراق في نوبات طويلة من النوم؛
حتى يستعيد من جديد نشاطه النفسي المنْهك .وكثيراً ما يكون سبب الفراط في
النوم راجعاً إلى الكثار من الطعام قبل النوم؛ فإن هذا المسلك مع كونه ضاراً
بالبدن :فإنه يزيد من ساعات النوم اليومية ،فلبد أن يراعي المسلم ذلك من نفسه؛
فإن نهج العتدال -في كل ذلك -هو الموصى به في كل جوانب سلوك النسان حتى
تتحقق لـه المنافع المرجوة من حكمة تركيب الغرائز المختلفة.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
ويقصد بعامل الوقت :زمن حصول النوم ،بحيث يكون غالب موقع النوم في
الليل دون النهار؛ لكونه أنفع للبدن ،إل أن يكون شيئ ًا يسيراً وقت القيلولة للحاجة،
فإن السلف كانوا يكرهون النوم بالنهار ،خاصة بين الفجر وشروق الشمس؛ لما
فيه من المضار الصحية والكسل ،وفوات دعوة الرسول صلى ال عليه
وسلم":اللهم بارك لمتي في بكورها" ،فقد كان هشام بن عبد الملك يقول لولده:
"ل تصطبحوا بالنوم؛ فإنه شؤم ونكد".
وتُعد حالت الرق الليلي أشد ما ينغّص على النسان أخذ حقه الكافي من النوم
في ساعات الليل ،فإن الرق من أوسع أنواع اضطرابات النوم شيوعاً بين الناس،
خاصة بين النساء ،وهو مع ذلك من أكثرها ضررًا بالصحة العامة ،وغالباً ما ترجع
أسبابه إلى معاناة اجتماعية مؤلمة ،أو مشكلت نفسية مزعجة،أو رواسب إعلمية
مثيرة ،أو آمال مستقبلية ُمشْغلة ،فإن لم يكن شيء من هذا فغالباً ما يكون الرق
بسبب النوم في النهار ،أو وجود عامل مقلق من حر ،أو ضوء ،أو سوء هضم ،أو
ضوضاء ونحو ذلك .وسبب واحد من هذه السباب كاف لقلق الشخص ساعات
طويلة دون نوم؛ فإن أي اضطراب نفسي لبد أن ينعكس سلباً على النوم ،وقد
يساعد على هذا وجود الكهرباء التي أغنت أهل السّهر عن ضوء النهار ،وطبيعة
نظام الحياة الحديثة التي "ل تعترف بجعل النهار للسعي ،والليل للنوم ،فإنها في
يقظة دائمة من خلل وسائل التصال ،ووسائل المواصلت ،والخدمات الطبية،
والشرطة ،وغيرها من المرافق التي ل تعترف بالليل وقتاً للنوم".
إن على النسان أن يدرك " أن اللية التي يتم بها النوم آلية معقدة ،ولم
تُكْشف أسرارها النهائية حتى الن" ،وحاجته للنوم الكافي ضرورة صحية ملحة
لمتابعة مسيرة الحياة ،وفرض ذلك من خلل العقاقير الطبية ل يزيده إل سوءاً،
وربما أدمن عليها ،وقد ثبت أن القراص المنوّمة يكثر استعمالها بين النساء في
منتصف أعمارهن ،وعند المترفين من الغنياء ،والحلّ الصحيح للمشكلة يكون
بإزالة أسبابها ،والسعي الحثيث في عدم استفحالها ،مع حسن التوكل على ال
تعالى ،وتمام الثقة به؛ فإنها من أعظم وسائل السترخاء العصبي ،إلى جانب
الكثار عند إرادة النوم من ذكر أمور الخرة ،فإن فاطمة بنت علي بن أبي طالب
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
رضي ال عنهما تقول " :شكوت إلى محمد بن علي كثرة السهر والفكر ،فقال:
اجعلي سهرك وفكرك في ذكر الموت ،قالت :ففعلت ،فذهب عني السهر والفكر".
وإضافة إلى كل هذا :ضرورة العتياد على النوم المبكر ليلً ،فإنه أفضل
صحيًا ونفسياً ،بحيث يتكلف المسلم ذلك تكلف ًا حتى يصبح طبعاً له ،فإن العادة إذا
استحكمت كانت كالطبيعة للنسان ،تعمل عملها في حفظ الصحة؛ فإن اضطراب
أوقات النوم عامل من عوامل القلق ،وأكثر الشكوى تأتي من جهة صعوبة الدخول
في النوم ،ورغم اتساع مشكلت اضطرابات النوم فإنها في النساء أكثر ،وقد ثبت
عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه كره السّهر بعد العشاء الخرة لغير حاجة،
وذمّ الفراط فيه ولو كان في عبادة .فلبد أن يراعي المسلم ذلك حتى يحصل له
النتفاع الكامل من ساعات نومه اليومية.
ومن هنا يصبح من المنطق توجيه المسلم لتخاذ السباب المؤدية إلى زيادة فترات
النوم العميق ،ولعل من أنفع وسائله إلى ذلك :أن ينام عند شعوره بالنعاس وحاجته
إلى النوم ،فيقبل عليه بمزاج هادئ معتدل ،بعد انهضام الطعام ،متجنباً -في ذلك-
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
المواد النشوية الدسمة ،والمثيرات الصوتية والحسية المزعجة؛ فإن طبيعة حاله
قبل النوم ،وما يحتف به أثناء النوم من مثيرات :لهما تأثيرهما البالغ في مقدار
عمق النوم ،وطول فترة الحلم ،ونوع مضامينها ،ولما كانت الفتيات -عموماً -بعد
البلوغ أكثر أحلماً من الفتيان ،فإن أشد ما يُعكّر على الفتاة أخذ راحتها في النوم:
الحلم المزعجة ،بما تحمله من الموضوعات المخيفة والمثيرة والمشوّشة ،التي
تغلب عادة على مضامين رؤآها؛ حيث يدخلها الشيطان بوسوسته ،فيتلعب بالفتاة
في منامها بأهوال مزعجة ،وتشويشات منغّصة ،تُفسد على الفتاة عمق نومها،
إضافة إلى الضجيج الذي أصبح جزءاً من حياة النسان المعاصر؛ "إذ لم يحدث قط
في تاريخ البشرية أن استقبلت شعيرات السمع من ألوان الضجيج المختلفة في
تعددها مثل ما تستقبله في هذا العصر"،فلبد أن يتخذ النسان التدابير والسباب
الواقية من مُعكّرات النوم ،بما يحقق له فترة أطول ضمن النوم العميق النافع
للبدن ،ول تفُوته -في الوقت نفسه -حاجته المناسبة من النوم الحالم المنشّط للنفس
.والعقل
المقصود بالهيئة :حال النسان أثناء النوم من جهة :الطهارة الكاملة -من
الحدثين الصغر والكبر -الباعثة على صفاء النفس ،وانشراح الصدر ،ومن جهة
الذكر والدعاء الصّارف للوساوس الشيطانية ،والهواجس النفسية ،ومن جهة صفة
الضطجاع أيضاً ،فقد اختار الرسول صلى ال عليه وسلم لنفسه النوم على الشق
اليمن ،وكره للرجل النوم على البطن ،وكره السلف للمرأة خاصة الستلقاء على
الظهر ،حتى قال عمر بن عبد العزيز رحمه ال لمَته" :ل تدعين بناتي ينمن
مستلقيات على ظهورهن ،فإن الشيطان يظ ّل يطمع ما دمن كذلك".
وأما باب النية في النوم ،فإنها من أوسع أبواب الخير التي يرجوها المسلم،
ومن أحسن ما يتهيأ به للنوم؛ حتى ينال مع لذة نومه أجرًا وثواباً ،فقد كان السلف
ل يفرقون في اكتساب الجر بين أعلى درجات العبادة ،وبين أعظم الملذات المباحة،
حتى قال معاذ بن جبل رضي ال عنه " :أما أنا فأقوم وأنام ،وأرجو في نومتي ما
أرجو في قومتي" ،يعني من الجر والثواب.
ومن خلل هذه العوامل الربعة يمكن للمسلم -ذكراً كان أو أنثى -أن يستمتع
منتفعًا بنومه في أكمل صورة ممكنة ،وهو بقدر ما يُخلّ بشيء منها :بقدر ما يفقد
من كمال انتفاعه ،ويُنقص من درجة استمتاعه.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
التربية الجسمية
1-أباظة ،أحمد قمحاوي ( 1988م ) " .بعض العوامل المؤثرة في معدلت الحياة
" .مجلة العلوم الجتماعية .العدد ( . ) 3جامعة الكويت ،الكويت .
2-ابن أبي الدنيا ،أبو بكر عبدال بن محمد بن عبيد البغدادي ( 1411هـ ) .
المرض والكفارات .تحقيق عبدالوكيل الندوي .بومباي :الدار السلفية .
3-ابن القيم ،شمس الدين أبو عبدال محمد بن أبي بكر الدمشقي ( د .ت ) .
الطـب النبـوي .تقديـم وتصحيـح وتحقيـق عبـدالغني عبـدالخالق وعـادل الزهري
ومحمود فرج العقدة ( .د .ط ) .بيروت :دار الحكمة .
4-ابن حبيب ،أبو مروان عبدالملك بن حبيب بن ســليمان الندلسـي اللبيري (
1413هـ ) .الطب النبوي .تحقيق محمد علي البار .دمشق :دار القلم .
5-ابن سينا ،أبو علي الحســين بن علي ( 1405هـ ) .دفـع المضار الكليـة عن
البدان النسانية .ط . 2بيروت :دار إحياء العلوم .
6-أبو العل ،عواطف ( د .ت ) .التربية السياســية للشباب ودور التربية
الرياضية ( .د .ط ) .القاهرة :دار نهضة مصر .
7-أبو لسان ،مصطفى عبـدالرؤوف ( 1415هـ ) " .نقـص المناعـة المكتســبة (
اليدز ) الحكام المتعلقة بالمرضى والمصابين " .مجلة مجمع الفقه السلمي .
العدد ( . ) 8الدورة الثامنة .منظمة المؤتمر السلمي ،جدة .
8-إسماعيل ،كمال عبدالحميد وأســامة كامل راتب ( 1406هـ ) .القياســات
الجسمية للرياضيين ( .د .ط ) .القاهرة :دار الفكر العربي .
-9-إسماعيل ،محمد ( 1402هـ ) .النمو في مرحلة المراهقة .الكويت :دار القلم
.
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
23-البار ،محمد علي ( 1414هـ ) " .الموقف الشرعي من التبغ -آراء الفقهاء
في الدخـان " .مجلة المجمـع الفقهـي الســلمي .العدد ( . ) 7رابطة العالم
السلمي ،مكة المكرمة .
24-البار ،محمد علي ( 1414هـ ) .الختان .جدة :دار المنارة .
25-البار ،محمد علي ( 1415هـ ) " .الرعاية الصحية في السلم " .مجلة
المجمع الفقهي السلمي .العدد ( . ) 8المجمع الفقهي السلمي ،رابطة العالم
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
55-السيد ،فؤاد البهي ( 1975م ) .السس النفسية للنمو .ط . 4القاهرة :دار
الفكر العربي .
56-الشافعي ،مدحت محمد ( 1400هـ ) " .من هدي الرسول في الوقاية من
المرض " .مجلة البحث العلمي .العدد ( . ) 3مركز البحث العلمي وإحياء التراث
السلمي ،كلية الشريعة ،جامعة الملك عبدالعزيز ،جدة .
57-الصالح ،ناصر عبدال ( 1408هـ ) .حوادث المرور بمدينة مكة المكرمة -
العلقـات المكانيـة والتجاهـات الزمانيـة ( .د .ط ) مركـز بحـوث العلـوم
الجتماعيـة ،معهـد البحـوث العلميـة وإحياء التراث الســلمي ،جامعة أم
القرى ،مكة المكرمة .
58-الصوفي ،محمد سالم ( 1418هـ ) " .الشباب الباحث عن الموت " .مجلة
المجتمع .العدد ( . ) 1261جمعية الصلح الجتماعي ،الكويت .
59-العامودي ،خالد أحمد وعبداللطيف دبيان العوفي ( 1416هـ ) " .مصادر
المعلومات للمعرفة الصحية -دراسة ميدانية لماهية المصادر الطبية وآثارها في
الوعي الصحي في البيئة السعودية " .مجلة جامعة أم القرى للبحوث العلمية .
العدد ( . ) 11جامعة أم القرى ،مكة المكرمة .
60-العشماوي ،السيد متولي ( 1414هـ ) .الجوانب الجتماعية لظاهرة الدمان .
( د .ط ) .المركز العربي للدراسات المنية والتدريب ،الرياض .
61-العظيم آبادي ،أبو الطيب محمد شمس الحق ( 1408هـ ) .عقود الجمان في
جـواز تعليـم الكتابـة للنسـوان .تحقيـق وصي ال محمـد عبـاس .كراتشي :
مؤسسة المجمع العلمي .
62-العلبـي ،محيى الدين طالـو ( 1411هـ ) .أمراض النســاء .دمشق :دار ابن
كثير .
63-العلي ،زكية عمر ( 1396هـ ) .التزيق والحلي عند المرأة في العصر
العباسي ( .د .ط ) .بغداد :دار الحرية .
64-العماري ،عبدالقادر محمد ( 1415هـ ) " .حوادث السير " .مجلة مجمع
الفقه السلمي .العدد ( . ) 8الدورة الثامنة .منظمة المؤتمر السلمي ،جدة .
65-العمري ،عبيد عبدال ( 1424هـ ) " .اتجاهات الشباب نحو الدمان
والمشــاركة فـي برنامج الوقاية " .مجلة رســالة التربية وعلم النفس .العدد (
. ) 21الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ،الرياض .
66-العيسوي ،عبدالرحمن ( 1997م ) .سيكولوجية الجسم والنفس ( .د .ط ) .
بيروت :دار الراتب الجامعية .
67-الغامدي ،علي ســعيد ( 1418هـ ) " .تقنية المســتقبل في مواجهة مشكلة
المرور " .الندوة العلمية الربعون بعنوان :أساليب ووسائل الحد من حوادث
المرور ـ الرياض 1417هـ .أكاديمية نايف العربية للعلوم المنية ،الرياض .
68-الغبرة ،نبيه ( د .ت ) .الســمنة -كيفيـة حدوثهـا وطـرق معالجتها .ط . 2
بيروت :المكتب السلمي .
69-الفضل ،منذر ( 1995م ) .المسؤولية الطبية في الجراحة التجميلية -دراسة
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
83-المحرر ( 5جمادى الخرة 1421هـ ) " .سياقة المرأة للسيارة تقصر العمر
" .جريدة المدينة السبوعية -السرة .العدد ( . ) 13647جدة .
84-المحمدي ،علي محمـد ( 1412هـ ) " .حكـم التداوي في الســلم " .مجلة
مجمع الفقه الســلمي .العــدد ( . ) 7الدورة الســابعة .منظمــة المؤتمر
السلمي ،جدة .
85-المصطفى ،عبدالعزيز ( 1413هـ ) .مقدمـة في علم التطور الحركي للطفل .
( د .ط ) .مكتب التربية العربي لدول الخليج ،الرياض .
86-المطير ،عامـر ناصر ( 1421هـ ) " .قيـادة التلميـذ للســيارات وأثرها على
الحركة المرورية في المملكة العربية السعودية " .مجلة دراسات الخليج والجزيرة
العربية .العدد ( . ) 98جامعة الكويت ،الكويت .
87-المليجي ،عبــدالمنعـم وحلمـي المليجـي ( 1973م ) .النمو النفســي .ط . 5
بيروت :دار النهضة العربية .
88-المنجي ،محمد ( 1993م ) .دعوى تعويض حوادث السيارات .السكندرية :
منشأة المعارف .
89-النافع ،عبدال وخالد السيف ( 1408هـ ) .تحليل الخصائص النفسية
والجتماعية المتعلقة بسلوك قيادات السيارات بالمملكة .إدارة البحث العلمي ،
مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ،الرياض .
90-النمر ،عاطف ( 1992م ) .فنانـون ومخـدرات .القاهـرة :المكتـب العربـي
للمعارف .
91-الهاشمي ،عبــدالحميـد محمـد ( 1399هـ ) .علـم النفـس التكويني .ط . 4
جدة :دار المجمع العلمي .
92-الهواري ،محمد محمود ( 1407هـ ) .المخدرات من القلق إلى الستعباد .
كتاب المة .رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية ،قطر .
93-الوهيد ,محمد سـليمان ( 1418هـ ) ".القيم الجتماعيـة وأثرهـا في مشـكلة
المرور " .النـدوة العلميـة الربعون بعنـوان :أســاليب ووســائل الحد مـن حوادث
المرور -الرياض 1417هـ .أكاديمية نايف العربية للعلوم المنية ،الرياض .
94-باحارث ،عدنان حسن ( 1425هـ ) " .حجاب المرأة السعودية إلى أين ؟ " .
مجلة الجسور .العدد ( . ) 14شركة النجوم للصحافة والنشر ،الرياض .
95-باحارث ،عدنان حسن ( 1425هـ ) .ضوابط السلمة التربوية في ممارسة
الفتيات للرياضة البدنية .جدة :دار المجتمع .
96-باحارث ،عدنان حسن ( 1425هـ ) .عوامل النوم الصحي المفيد في ضوء
التربية السلمية .جدة :دار المجتمع .
97-باحارث ،عدنان حسن ( 1426هـ ) .ضوابط لباس المرأة وزينتها في ضوء
التوجيه التربوي السلمي .جدة :دار المجتمع .
98-باشا ،حســان شمســي ( 1413هـ ) .النـوم والرق والحـلم بين الطب
والقرآن .ط . 2جدة :دار المنارة .
99-بدر ،عبــدالمنعم محمـد ( 1987م ) .مشــكلـة المخــدرات ( .د .ط ) .
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
- 164مؤمن ،نجوى شكري ( 1996م ) " .فعالية برنامج استخدام الحاسوب
اللكتروني في تدريس وحدة النماذج ( الباترونات ) على مستوى التحصيل وأداء
المهارة " .مجلة دراسات تربوية واجتماعية .العدد ( . ) 1كلية التربية ،جامعة
حلوان .
- 165متولي ،فؤاد بسيوني ( د .ت ) .التربية وظاهرة انتشار وإدمان المخدرات
.ط(.2د.م)(:د.ن).
- 166محمد ،محمد شــوكت ( 1407هـ ) .المخدرات -آثارها الســلبية وسبل
مواجهتها ( .د .ط ) .الرياض :مطابع الشرق الوسط .
167-محمود ،حمدي شاكر ( 1418هـ ) .مبادئ علم نفس النمو في السلم .
حائل :دار الندلس .
168-محمود ،سامي ( 1414هـ ) .النوم مفتاح جمالك .مصر :الدار المصرية .
169-محمود ،عبدالمنعم شحاتة ( 1998م ) .سيكولوجية التدخين ( .د .ط ) .
القاهرة :دار غريب .
170-مدني ،ازدهـار محمــود ( 1414هـ ) .أحكام تجميل النســاء في الشــريعة
السلمية .رسالة ماجستير غير منشورة .كلية التربية للبنات ،الرئاسة العامة
لتعليم البنات ،مكة المكرمة .
171-مراد ،عزت ( 1408هـ ) " .الدمان في ربيع العمر " .جريدة البلد .
العدد ( . ) 8832جدة .
172-مركز أبحاث مكافحة الجريمة ( 1405هـ ) .المخدرات والعقاقير المخدرة .
سلسلة كتب مكافحة الجريمة .الكتاب الرابع .وزارة الداخلية ،الرياض .
173-منسي ،محمود عبدالحليم ( 1407هـ ) .البتكار وعلقته بممارسة النشطة
الرياضيــة والمســتوى الجتماعــي .مركــز النشر العلمي ،جامعـة الملك
عبدالعزيز ،جدة .
174-منصور ،عبدالمجيد سيد ( 1406هـ ) .الدمان -أسبابه ومظاهره -الوقاية
والعلج .سلسلة كتب مكافحة الجريمة .الكتاب الخامس .مركز أبحاث مكافحة
الجريمة ،وزارة الداخلية ،الرياض .
175-منصور ،محمد جميل وفاروق عبدالسلم ( 1403هـ ) .النمو من الطفولة
إلى المراهقة .ط . 3جدة :تهامة .
176-منصور ،محمد حسين ( د .ت ) .تدخل الســيارة في حـادث المرور -منـاط
مسؤولية القائد ( .د .ط ) .السكندرية :منشأة المعارف .
177-منصور ،محمـد خالـد ( 1423هـ ) " .الضوابـط الشــرعية لممارســة
المرأة الرياضة في الفقه السلمي المقارن " .مجلة الشريعة والدراسات
السلمية .العدد ( . ) 49جامعة الكويت ،الكويت .
178-مهيدات ،محمد صالح وفائق توفيق شعبان ( 1997م ) " .الظواهر
النفسية والجتماعية لمرضى الحروق " .مجلة الثقافة النفسية .العدد ( . ) 29
مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية .بيروت :دار النهضة العربية .
179-موسى ،عبــدال إبراهيـم ( 1416هـ ) .المسـؤولية الجسـدية في السـلم .
www.bahareth.org
ملف التربية الجسمية موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث
www.bahareth.org