You are on page 1of 131

‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫التربية الجسمية‬

‫الدكتور ‪ /‬عدنان باحارث‬

‫‪-‬قسم تربية الطفل ‪:‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫المقالت التربوية – التربية الجسمية للطفل‬

‫‪ - 1‬أهمية التربية الجسمية للطفل‬


‫يتكون الكائن البشري من جوانب ثلثة في تركيبه وخلقته‪ :‬الروح‪ ،‬والعقل‪،‬‬
‫والجسم‪ ،‬ولكل جانب منها أهمية بالنسبة للذات النسانية‪ ،‬وهذه الجوانب ل ينفك‬
‫بعضها عن بعض؛ بل تعمل كلها جنباً إلى جنب في جميع نشاطات النسان‪ ،‬فإنه‬
‫((ليس للجسد استقلل ذاتي عن الجوانب النفسية والعقلية والروحية‪ ،‬وإنما هو‬
‫مرتبط بها ارتباط ًا وثيقاً))‪ … ،‬وتأتي أهمية الجسد من أنه يكتسب فاعليته ودوره‬
‫باتصاله وتلحمه مع أجزاء الشخصية النسانية الخرى‪ ،‬والعبادات كشعائر دينية‬
‫تعتمد على الجسد)) فهذه الصلة –على سبيل المثال– يشترك في أدائها العقل‬
‫والروح والجسد؛ كل جوانب النسان‪ ،‬من أخل بشيء منها فسدت صلته‪ ،‬أو‬
‫ضاعت فائدتها المرجوة؛ فمن لم يقم بجسده في الصلة‪ ،‬ويطهره بالوضوء‪ ،‬ويؤدّ‬
‫تلك الحركات من سجود وركوع وجلوس‪ ،‬أدا ًء صحيحاً‪ :‬بطلت صلته‪ .‬فرغم أن‬
‫ظاهرة الصلة روحي عقلي‪ ،‬إل أن للجسد دوره ومكانته فيها ل تقبل الصلة إل به‬
‫‪ -‬إن لم يكن هناك عذر ‪ -‬وكذلك العبادات الخرى يشترك في أدائها الجسم‬
‫ولما كانت أهمية الجسم على هذا النحو‪ ،‬فإن اهتمام الب برعاية ولده‪ ،‬من‬
‫الناحية الجسمية‪ ،‬وإعداده لمستقبل الحياة صحيحاً قوياً‪ ،‬يعد خير معين لقيام الولد‬
‫بواجباته الدينية وعبادة ربه‪ ،‬فالب ملزم "أن يتفقد الصبي في كلمه وقعوده بين‬
‫الناس وحركته ونومه وقيامه ومطعمه ومشربه‪ ،‬ويلزم في جميع ذلك ما ألزمه‬
‫العقلء أنفسهم حتى صارت أفعالهم طبيعة من طبائعهم"‪ ،‬فهو ملزم فيما يخص‬
‫جسم الولد بالتزام منهج السلم في التربية الجسمية‪.‬‬
‫وتهدف التربية الجسمية إلى توفير الصحة عن طريق النمو السوي للفرد‪،‬‬
‫والمحافظة على الطاقات الجسمية‪ ،‬وتوجيهها وتنميتها للقيام بأعباء الخلفة في‬
‫الرض‪ ،‬فهي تخدم الغرض الساسي الذي وجد النسان من أجله على الرض‪،‬‬
‫ن}‬‫ن وَالِْنسَ إِلّ ِليَ ْعبُدُو ِ‬
‫جّ‬‫وهو عبادة ال عز وجل ‪ ،‬قال ال تعالى‪{ :‬وَمَا خَلَقْتُ الْ ِ‬
‫[الذاريات‪.]56:‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والب يراعي في جانب التربية الجسمية كل ما يؤثر في كيان الولد البدني‪ ،‬فما‬
‫يضره من أكل‪ ،‬أو شرب‪ ،‬أو نوم‪ ،‬أو لعب‪ ،‬أو غير ذلك حماه منه‪ ،‬وحفظه منه‪،‬‬
‫وألزمه السنة في كل ذلك‪ ،‬أما ما يُفيده ويقيم بدنه وصحته‪ :‬وجّهه إليه‪ ،‬وقرّبه منه‪.‬‬

‫‪ - 2‬أهمية الجذور الوراثية في اختيار الزوجة‬


‫للجذور الوراثية والسللة الطيبة أهمية في السلم‪ ،‬فإن " وراثة المولود ل‬
‫يحددها أبواه المباشران فقط؛ بل هو يرث من جدوده وآباء جدوده وجدود جدوده‪،‬‬
‫وهكذا " فيأخذ من كل طبقة من هذه الجيال قدراً من الصفات والسمات‪ ،‬فهو‬
‫مرتبط بأسلفه من جهة الب ومن جهة الم‪ ،‬لهذا يقول عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫((تخيروا لنطفكم فانكحوا الكفاء وأنكحوا إليهم))‪ ،‬ويُرغب في أفضل الكفاء وهن‬
‫القرشيات ذوات النسب‪ ،‬ويصفهن بأوصاف فريدة فيقول‪(( :‬خير نساء ركبن البل‬
‫صالحو نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده))‪" ،‬‬
‫وأحناه‪ :‬أي أنهن أكثر شفقة على الولد‪ ،‬والحانية على ولدها هي التي تقوم عليهم‬
‫إذا مات الب فل تتزوج "‪ ،‬وهذا النسب العريق من نساء قريش الصالحات من ناله‬
‫فقد حصل له مطلوبه‪ ،‬وجمع ال له في أهله خيراً كثيراً‪.‬‬
‫كما يراعي الب عند اختياره الزوجة أن تكون من غير القريبات وذلك طلباً‬
‫لجودة النسل‪ ،‬وتكوين صلت جديدة بين السر داخل المجتمع‪ ،‬وقد يسبب الزواج‬
‫من القريبات ضعفاً عقليًا وبدنياً للمولود‪.‬‬

‫‪ - 3‬أهمية سن الزوجة لسلمة المولود‬


‫لسن الزوجة دور في تحسين النسل وسلمته من العاهات الخلقية والعقلية‪،‬‬
‫"فإن الطفال الذين يولدون من زوجين في ريعان الشباب يعيشون أطول من الذين‬
‫يولدون من زوجين يقتربان من مرحلة الشيخوخة"‪ ،‬لهذا نصح رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ورغب في نكاح البكار؛ لكونهن في العادة صغيرات السن‪ ،‬وفيهن‬
‫من المميزات ما ل يوجد في الكبيرات والثيبات‪ ،‬فقال للذي تزوج الثيب‪(( :‬فهل‬
‫بكراً تضاحكك وتضاحكها‪ ،‬وتلعبها وتلعبك))‪ ،‬وهذا اللعب والممازحة‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والمضاحكة‪ ،‬في العادة يكون عند صغيرات السن لميلهن إليه‪ ،‬ويقل عند الثيبات‬
‫والكبيرات لكمال عقولهن‪.‬‬
‫وقد دلت بعض البحوث والدراسات في هذا الجانب‪" :‬أن نسبة الطفال‬
‫المشوهين‪ ،‬والمعتوهين تزداد تبعاً لزيادة عمر الم وخاصة بعد سن الـ ‪ 45‬سنة"‪،‬‬
‫لهذا يحرص الب على اختيار الصغيرات من البكار المحببات إلى النفس‪.‬‬

‫‪ - 4‬سنة التحنيك للمولود الجديد‬


‫التحنيك سنة مؤكدة من سنن الهدى التي سنها رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم لمته‪ ،‬فكان عليه الصلة والسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنكهم‪ ،‬وربما‬
‫تفل من ريقه المبارك في أفواههم‪ ،‬فقد أورد البخاري رحمه ال في صحيحه أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم جاءته أسماء بنت أبي بكر رضي ال عنهما بعبد‬
‫ال بن الزبير بعد أن ولدته " فوضعته في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في‬
‫فيه‪ ،‬فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ثم حنكه‬
‫بالتمرة ثم دعا له فبرّك عليه "‪.‬‬
‫والطريقة في هذه السنة كما هي في الحديث السابق أن يأخذ الب أو من يراه‬
‫من العلماء أوالصالحين من القرباء أو الجيران أو الصدقاء‪ ،‬ممن عرفت سيرته‬
‫بالصلح والخير‪ ،‬تمرة يمضغها في فمه مضغاً جيداً‪ ،‬ثم يأخذ بعضاً منها بأصبعه‬
‫فيضعه في فم الغلم ويدلكه من الداخل متأكدًا من وصول بعضه إلى الجوف‪ ،‬فإن لم‬
‫يجد تمراً حنكه بأي حلو‪ .‬ومعجون التمرأفضل اقتداءً بالرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬كما أن غدد الفم تستجيب لحلوة التمر انسجام ًا مع الفطرة‪ " ،‬وقد تبدو‬
‫العلقة هنا مادية بحتة‪ ،‬غير أن الثر الذي يخلفه هذا التذوق في الفم يختزن في‬
‫الواعية ويكون مع مرور الزمن مدعاة لكل حلوة … ونفورًا من كل قبيح‬
‫واستقبالً لكل جميل "‪.‬‬
‫ويراعي الب عدم إعطاء المولود الجديد أي طعام قبل تحنيكه اقتداء بالسنة‪،‬‬
‫كما فعلت السيدة أسماء بنت أبي بكر مع ولدها عبد ال بن الزبير رضي ال تعالى‬
‫عنهم أجمعين‪ ،‬كما هو في الحديث الذي تقدم‪ ،‬فيكون بذلك قد أصاب السنة في هذا‬
‫المر‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ - 5‬سنة حلق رأس المولود الجديد‬


‫لسن الزوجة دور في تحسين النسل وسلمته من العاهات الخلقية والعقلية‪،‬‬
‫"فإن الطفال الذين يولدون من زوجين في ريعان الشباب يعيشون أطول من الذين‬
‫يولدون من زوجين يقتربان من مرحلة الشيخوخة"‪ ،‬لهذا نصح رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ورغب في نكاح البكار؛ لكونهن في العادة صغيرات السن‪ ،‬وفيهن‬
‫من المميزات ما ل يوجد في الكبيرات والثيبات‪ ،‬فقال للذي تزوج الثيب‪(( :‬فهل‬
‫بكراً تضاحكك وتضاحكها‪ ،‬وتلعبها وتلعبك))‪ ،‬وهذا اللعب والممازحة‬
‫والمضاحكة‪ ،‬في العادة يكون عند صغيرات السن لميلهن إليه‪ ،‬ويقل عند الثيبات‬
‫والكبيرات لكمال عقولهن‪.‬‬
‫وقد دلت بعض البحوث والدراسات في هذا الجانب‪" :‬أن نسبة الطفال‬
‫المشوهين‪ ،‬والمعتوهين تزداد تبعاً لزيادة عمر الم وخاصة بعد سن الـ ‪ 45‬سنة"‪،‬‬
‫لهذا يحرص الب على اختيار الصغيرات من البكار المحببات إلى النفس‪.‬‬

‫‪ - 6‬حق الطفل في الرضاعة الطبيعية‬


‫ت ُي ْرضِعْنَ َأوْ َلدَهُنّ‬
‫يقول ال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز‪{ :‬وَا ْلوَالِدَا ُ‬
‫عةَ} [البقرة‪ ،]233 :‬فهذا حثّ من ال‬
‫حوْ َليْنِ كَامِ َليْنِ ِلمَنْ َأرَادَ أَن ُيتِمّ ال ّرضَا َ‬
‫َ‬
‫للوالدات بأن يغذين الولد الصغار مما وهبهن ال من اللبن في أثدائهن‪ ،‬وخصص‬
‫ذلك بعامين‪ ،‬ويجوز الفطام قبل انقضاء العامين‪ ،‬وإن كان الفضل أن تتمها‪ ،‬لثبوت‬
‫أن الطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الصناعية أكثر تعرضاً للمراض من‬
‫الطفال الذين يعتمدون على الرضاعة الطبيعية‪ ،‬وقد أشار جالينوس إلى هذا وفضل‬
‫لبن الم إل أن تكون مريضة‪ ،‬وذلك لن الم ‪ -‬بالضافة إلى جودة لبنها ‪ -‬يرتوي‬
‫الطفل منها عطفاً وحناناً وحباً‪ ،‬وغذا ًء نفسياً ل يقل أهمية عن الغذاء البدني‪ ،‬بل هو‬
‫في الحقيقة أهم غذاء‪ ،‬فإن حدث وأن نضب لبنها أو جف وجب على الب أن يجلب‬
‫له من الحليب المصنوع المعلب‪ ،‬أو مرضعة على حسابه‪ ،‬فهو المكلف بذلك شرعاً‪،‬‬
‫وعليه أن يراعي في اختياره للمرضع ‪ -‬إن فضل الرضاعة الطبيعية ‪ -‬أن تكون‬
‫تقية ورعة‪ ،‬فقد نصح بذلك أمير المؤمنين علي رضي ال عنه حيث قال‪(( :‬توقّـوا‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫على أولدكم من لبن البغي من النساء‪ ،‬والمجنونة‪ ،‬فإن اللبن يعدي))‪ ،‬وقد أكد‬
‫الكلم المام الغزالي في إحيائه معلّل سبب اختيار المرضعة الصالحة فيقول‪(( :‬إن‬
‫اللبن الحاصل من الحرام ل بركة فيه‪ ،‬فإذا وقع عليه نشوء الصبي انعجنت طينته‬
‫من الخبيث‪ .‬فيميل طبعه إلى ما يناسب الخبائث))‪.‬‬
‫ويستحسن للزوج أن يترك جماع زوجته أثناء فترة الرضاعة‪ ،‬وذلك لن هذا‬
‫يضر بالولد خاصة إذا حملت أمه‪ ،‬فإن لبنها يضعف‪ ،‬وقد ورد نهي الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم عن ((الغيلة))‪ ،‬وهي جماع الزوجة المرضع‪ ،‬ثم عاد عليه السلم‬
‫فأباح ذلك‪ ،‬فكان نهيه نهي إرشاد وتوجيه إلى الفضل والحسن‪.‬‬
‫فإن قرب فطام المولود‪ ،‬أخذ بالتدرج دون العجلة فإن العجلة تضره‪ ،‬ويكون‬
‫ذلك عند اعتدال الجو بين البرد والحر‪ ،‬ول يهتم بكثرة بكائه وطلبه للرضاعة إذا‬
‫رأى الوالد فطامه؛ لن البكاء فيه منفعة له‪ ،‬فيقوي العصاب‪ ،‬ويوسع مجاري‬
‫النفس‪ ،‬وينفع الدماغ‪ ،‬إلى جوانب أخرى ذكرها الطباء‪ ،‬فيستمر بالتدرج مراعياً‬
‫نفسيته‪ ،‬ومحبباً إليه أنواع الطعمة الخرى‪.‬‬
‫‪ - 7‬نفقة الباء على البناء‬
‫لقد أجمع الفقهاء رحمهم ال على وجوب نفقة الرجل على أولده الطفال‬
‫الذين ل يملكون المال‪ ،‬وحدد بعضهم هذه النفقة بأنها خمس نفقات‪ ،‬وهي‪ :‬نفقة‬
‫الرضاعة‪ ،‬والحضانة‪ ،‬والمعيشة‪ ،‬والسكن الخاص بالحاضنة والخادم عند الحاجة‪.‬‬
‫ويلحق بهذا زكاة الفطرلنها تشمل الصغير‪.‬‬
‫ويراعي الب في إنفاقه على الولد الحلل من الرزق‪ ،‬وأن يصبر على ذلك‬
‫ول يجزع من الفقر‪ ،‬فإن ال هو الذي تكفل بالرزق‪ .‬يقول المام أحمد بن حنبل‬
‫رحمه ال تعالى ناصحاً الب‪(( :‬ليتق ال العبد ول يطعمهم إل طيباً‪ ،‬لبكاء الصبي‬
‫بين يدي أبيه متسخطاً‪ ،‬يطلب منه خبزاً‪ ،‬أفضل من كذا وكذا‪ ،‬يراه ال بين يديه))‪.‬‬
‫كما ينبغي للوالد أن يراعي الحكمة في النفاق فل يُقتّر عليهم ول يسرف‪ ،‬فإن‬
‫وسع ال عليه وسع على عياله‪ ،‬ولم يُقتّر عليهم‪ .‬قال عليه الصلة والسلم‪(( :‬ليس‬
‫منا من وسع ال عليه ثم قتّر على عياله))‪ ،‬وال سبحانه وتعالى يحب أن يرى أثر‬
‫نعمته على عبده‪ ،‬كما أن إنفاقه على ولده وأهل بيته وخادمه جميعهم صدقة إذا‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫استحضر النية الصالحة لذلك‪ .‬ولن يترك أولده أغنياء لديهم ما يكفيهم من المال‬
‫والمسكن أفضل من أن يتصدق بماله كله ويتركهم فقراء يطلبون من الناس‬
‫ويسألونهم‪ ،‬فيكون ذلك لهم ذلة وصغاراً‪ ،‬وربما كان سبباً في انحرافهم وحقدهم‬
‫على المجتمع‪ ،‬فإن الفقر مع ضعف اليمان واليقين بال من أعظم أسباب انحراف‬
‫الناس‪.‬‬

‫‪ - 8‬وجوب تحري الحلل في طعام وشراب الطفل‬


‫ل بد لقيام البدن من الطعام والشراب‪ .‬فهما قوامه مع الهواء‪ .‬والمسلم مأمور‬
‫بتوخي الطيب الحلل من الطعام والشراب‪ ،‬فإن ال عز وجل يقول في كتابه‪{ :‬يَا‬
‫ت مَا َرزَ ْقنَا ُك ْم وَاشْ ُكرُوا لِّ إِنْ ُك ْنتُمْ ِإيّا ُه تَ ْعبُدُونَ}‬
‫ط ّيبَا ِ‬
‫ن آمَنُوا ُكلُوا مِنْ َ‬
‫َأ ّيهَا الّذِي َ‬
‫[البقرة‪ ،]172:‬فالحلل من الرزق شرط لتمام تحقق الفائدة من المأكل والمشرب‬
‫في الدنيا والخرة‪ ،‬فقد قال عليه الصلة والسلم‪(( :‬ل يدخل الجنة من نبت لحمه‬
‫من سحت النار أولى به))‪ .‬وتحري الب للحلل في مأكل ومشرب أولده وأهله؛ هو‬
‫إنقاذ لهم من النار‪ ،‬وحماية لهم من الضلل والهلك‪ ،‬فإن ما يتغذى به النسان من‬
‫الطعمة والشربة له تأثير على بدنه وروحه‪ ،‬وقد ثبت عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه رأى الحسن بن علي قد وضع تمرة من تمر الصدقة في فمه‪ ،‬فمنعه‬
‫من أكلها قائلً‪(( :‬كخ كخ‪ ،‬أما تعرف أنّا ل نأكل الصدقة))‪ .‬وهكذا فالرسول عليه‬
‫الصلة والسلم ل يعفو حتى عن تمرة واحدة‪ ،‬تقع في جوف ابن بنته‪ ،‬فكيف‬
‫بالطعام الكثير ؟‬
‫وكان السلف رضوان ال تعالى عليهم يحرصون غاية الحرص على الحلل‬
‫من الطعام فهذا أبو بكر الصديق رضي ال تعالى عنه يدخل يده في حلقه ليتقيأ لقمة‬
‫من طعام حرام أدخلها جوفه دون أن يدري‪ ،‬فعوتب في ذلك‪ ،‬فقال‪(( :‬لو لم تخرج‬
‫إل مع نفسي لخرجتها))‪.‬‬
‫فالحلل من الطعام هو أعظم قضية يهتم بها الب ويرعاها‪ ،‬أما الداب الخرى‬
‫في الطعام والشراب فتأتي تبعاً لهذه‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ - 9‬تدريب الطفل على آداب تناول الطعام‬


‫يعتبر الجتماع على الطعام من السنة‪ ،‬فقد قال عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫((اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم ال يبارك لكم))‪ .‬والب يتحرى الكل مع أهله‬
‫وأولده‪ ،‬ويحذر من الكل منفردا‪ ،‬فيتلطف معهم ويناولهم الطعام‪ ،‬ويلقمهم الكل‪،‬‬
‫ويتحدث إليهم في غير إكثار وإفراط‪ ،‬فإن ترك الحديث على الطعام بدعة‪ ،‬والكثار‬
‫منه بدعة أيضاً‪.‬‬
‫ويعلم الب أولده هيئة الجلوس على الطعام ‪ -‬إن كان على الرض ‪ -‬فل‬
‫يجلس الولد متكئا‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬ل آكل متكئاً))‪ .‬والسنة في‬
‫الجلوس للطعام تكون بإقامة الركبة اليمنى ووضع اليسرى‪ ،‬أو إقامة الركبتين معا‪،‬‬
‫أو الجلوس كجلوس الصلة‪ ،‬أما غير ذلك من الجلسات ‪ -‬كالتربع مثل ‪ -‬فليس من‬
‫السنة‪ .‬أما إن كان الكل على المائدة فالجلوس على الكرسي يكون بالطريقة‬
‫المعتادة ول كراهة في ذلك‪ ،‬وإن كان الكل على السفرة أفضل‪ .‬ويحذر من الكل‬
‫قائما أو منبطحا على وجهه‪ ،‬فقد ورد النهي عن ذلك‪.‬‬
‫والبن عادة يقتدي بأبيه في هيئات الجلوس على الطعام‪ ،‬لهذا فإن أول أسلوب‬
‫ينتهجه الب في تعويد ابنه طريقة الجلوس الصحيحة للكل‪ ،‬أن يكون هو قدوة في‬
‫ذلك‪ ،‬ولبأس في التوجيه المباشر للولد وأمره بالجلوس بطريقة صحيحة إن غفل‬
‫عن القتداء بالب‪.‬‬
‫وقبل أن يبدأ الب مع أولده الكل وقد غسلوا أيديهم‪ ،‬يسألهم‪(( :‬من رزقنا‬
‫هذا الطعام ؟)) فيجيبونه‪(( :‬ال))‪ .‬وهذا السلوب يربط الولد بال دائما‪ ،‬فيعلم أن كل‬
‫خير وطيب من ال عز وجل‪ ،‬فيشكره ويحمده على ذلك‪ .‬ثم يأمرهم أن يبدؤوا باسم‬
‫ال عز وجل‪ ،‬ويؤدبهم على أن ليضع أحدهم يده في الطعام قبل الكبار‪ ،‬ويعلمهم‬
‫الذكر قبل الطعام‪(( :‬اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه))‪ .‬ويحاول الب أن يجهر‬
‫بهذا الدعاء ليتعلم الولد ويحفظوا عنه‪ ،‬فإنهم سريعو الحفظ والتعلم‪ ،‬ويخبرهم أن‬
‫الذي ل يذكر ال على الطعام‪ ،‬فإن الشيطان يأكل معه‪.‬‬
‫ويعود الب أولده الكل باليد اليمنى‪ ،‬فإن الكل بالشمال منهي عنه‪ ،‬لقوله‬
‫عليه الصلة والسلم ((لتأكلوا بالشمال‪ ،‬فإن الشيطان يأكل بشماله))‪ ،‬ول يجامل‬
‫الب أولده في ذلك‪ ،‬بل يحرص على أن يتبعوا السنة في الكل باليمنى‪ ،‬فإن كانت‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫طبيعة الولد استعمال يده اليسرى‪ ،‬فإن سمح له باستعمالها في شؤونه الخرى‪،‬‬
‫فإنه ل يسمح له باستعمالها في الكل أو الشرب‪.‬‬
‫وهذا الدب السلمي يرجع إلى تقسيم أنواع العمال بين اليدين‪ ،‬فالعمال‬
‫الشريفة الحسنة لليد اليمنى‪ ،‬والعمال المتصلة بالقذارات‪ ،‬وما أشبه ذلك فلليد‬
‫اليسرى‪ .‬فعلى الب أن يدرب ولده على ذلك‪ ،‬ويعوده عليه حتى يجيد الكل باليمنى‪.‬‬
‫ويجوز الكل بالملعقة والشوكة وغير ذلك من الدوات المباحة‪ ،‬وإن كان‬
‫الفضل الكل باليد‪ .‬فل يشتد الب مع أولده ويلزمهم الكل باليد‪ ،‬ففي المر سعة‪.‬‬
‫وإن رأى الب أن يعود أولده الكل باليد‪ ،‬فيكفيه أن يأكل هو بيده أمامهم‪ ،‬فلن يلبث‬
‫حتى يراهم قد قلدوه في ذلك‪.‬‬
‫وإن لحظ الب على أحد أولده عدم انضباط أثناء الكل‪ ،‬وطيشا في يده‪،‬‬
‫ومضايقة لخوته‪ ،‬فإنه يؤدبه بأسلوب النبي صلى ال عليه وسلم مع عمر بن أبي‬
‫سلمة‪ ،‬الذي كانت يده تطيش في الصحفة حيث قال له‪(( :‬ياغلم سم ال‪ ،‬وكل‬
‫بيمينك‪ ،‬وكل مما يليك))‪ .‬ويحث الولد على هذا الدب بأن يخبره أن البركة تنزل في‬
‫وسط الطعام إذا أكل كل واحد من أمامه دون أن يخوض في وسط الطبق‪ ،‬فقد قال‬
‫عليه الصلة والسلم‪(( :‬البركة تنزل وسط الطعام‪ ،‬فكلوا من حافتيه‪ ،‬ول تأكلوا من‬
‫وسطه))‪ ،‬فإذا علم الولد ذلك تأدب بالدب النبوي‪ ،‬والتزم السنة في أكله‪.‬‬
‫وليس من العيب أو المكروه أكل الولد للحم من فوق العظم مباشرة دون تقطيع‬
‫بالسكين‪ ،‬فإن هذا يسمى ((النتهاش)) وهو جائز‪ ،‬وربما كان هو الولى‪ ،‬وقد نقل‬
‫عن النبي صلى ال عليه وسلم فعل ذلك‪ ،‬فل ينبغي زجر الولد‪ ،‬أو تعنيفه إن مال‬
‫إلى هذا النوع من الكل‪ ،‬ولكن يوجه أن ل يفعل هذا أمام الناس لئل ينفروا‪.‬‬
‫ويحذر الب من أن يعيب طعاما أمام الولد‪ ،‬فإنهم يتأثرون بذلك‪ ،‬ويقتدون‬
‫بالب‪ ،‬فإن حدث وأن كره الب نوعا من الطعام‪ ،‬فل داعي أن يظهر ذلك أمام‬
‫الولد رافعا بذلك صوته‪ ،‬بل يتظاهر بالكل‪ ،‬لئل يزهّدهم في الطعام‪ ،‬وقد كانت سنة‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم أنه ليعيب الطعام ((إن اشتهاه أكله وإن كرهه‬
‫تركه))‪ ،‬فإن تركه ينبغي أن يكون تركه له بدون إظهار للتقذر أو الشمئزاز‪ ،‬فإن‬
‫هذا ل ينبغي مع الطعام‪ ،‬بل إن السنة في اللقمة التي تسقط ويصيبها الذى‪ ،‬وتكون‬
‫أدعى للتقذر‪ ،‬أل تترك‪ ،‬بل تؤكل بعد إزالة الذى عنها‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ويستحب إن كان الكل باليد أن ُتلعق الصابع قبل أن تغسل‪ ،‬أو تمسح‬
‫بالمنديل؛ لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬إذا أكل أحدكم فل يمسح يده حتى يلعقها أو‬
‫يُلعقها)) وينبغي للب في نهاية الطعام أن يُذكر أولده بالدعاء المأثور الذي يقول‬
‫فيه الرسول صلى ال عليه وسلم إذا فرغ من طعامه‪(( :‬الحمد ل الذي أطعمنا‬
‫وسقانا وجعلنا مسلمين))‪.‬‬
‫ويسأل الب أولده دائما‪(( :‬لماذا نأكل الطعام ؟)) فيجيبونه‪((( :‬لنتقوى على‬
‫طاعة ال عز وجل))‪ .‬وفي هذا التذكير المستمر للولد يشعرهم بالعبودية ل‪ ،‬وأن‬
‫كل عمل يقوم به النسان ‪ -‬حتى وإن كان ممتعا‪ ،‬كالطعام مثل ‪ -‬فإنه يكون ل‪،‬‬
‫وطلبا لمرضاته‪.‬‬
‫ويسعى الب إلى أن يسود جو الكل البهجة والسرور‪ ،‬فإنهما ينبهان الشهية‬
‫للطعام‪ ،‬ويلحظ عدم إجبار الولد على الكل‪ ،‬والتكلف في ذلك‪ ،‬حتى ليتخذ الولد‬
‫المعاند هذا السلوب للسيطرة على الوالدين‪ ،‬بل الحكمة في ذلك إن أبدى الولد عدم‬
‫رغبته في الطعام أن يحمل من أمامه بكل هدوء وتصميم‪ ،‬فإنه إن جاع فسوف‬
‫يطلبه‪ ،‬وهذا يكون مع الطفل السوي‪ ،‬أما إن كانت ممانعته بسبب مرض‪ ،‬أو نحو‬
‫ذلك عرض على الطبيب ليعطي بعض المشهيات من الدوية‪.‬‬
‫ويوجه الب أهله بأن ل يلتزموا صنع طعام معين‪ ،‬والقتصار عليه‪ ،‬بل ينوع‬
‫الطعام من اللحم والخبز والفواكه وغير ذلك‪ ،‬ول بأس بالحلوى والعسل فهي من‬
‫أفضل الطعمة‪ ،‬وقد كان عليه الصلة والسلم يحبهما‪ ،‬وينبغي التركيز على‬
‫الطعمة السريعة الهضم فهي أكثر نفعاً‪.‬‬
‫وبهذا السلوب الجامع بين تنويع الطعام‪ ،‬والملطفة على المائدة‪ ،‬فإن الطفل‬
‫تنشرح نفسه للكل دون عناء‪ ،‬أوجهد كبير‪ ،‬خاصة إن وضع الطعام في الوقت‬
‫المناسب‪ ،‬ولم يسبقه أكل‪.‬‬
‫ويدرب الب الولد الصغير على العتماد على نفسه في تناول الطعام‪ ،‬فإن‬
‫الطفال يميلون إلى ذلك تقليدا للكبار‪ ،‬فل بأس بإعطاء الولد الفرصة للقيام بنفسه‬
‫في ذلك خاصة إن أبدى الولد رغبته في ذلك‪ ،‬مع اتخاذ اللزم حيال ما يمكن أن‬
‫يحدثه من توسيخ للمكان‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫أما الصرار على عدم إعطاء الولد فرصة تغذية نفسه بيده ‪ -‬خاصة إذا كبر ‪-‬‬
‫فإن هذا السلوب ليس من التربية في شيء‪ ،‬بل هو سبب لجعل الولد متواكلً على‬
‫والديه معتمداً عليهما‪ ،‬فل يحسن صنع شيء بنفسه‪.‬‬
‫‪ - 10‬تعليم الطفل آداب الشرب‬
‫للشرب آداب ينبغي للمسلم أن يتحلى بها‪ ،‬ويُعوّد أولده عليها ففيها الخير‬
‫والبركة والصحة‪.‬‬
‫ومن أهم هذه الداب ذكر ال بالبسملة عند الشرب‪ ،‬وعدم الشرب قائماً؛ لنهيه‬
‫عليه الصلة والسلم عن ذلك‪ ،‬وكراهيته له‪ .‬كما ورد عنه النهي عن الشرب من‬
‫في السقاء‪ ،‬وذلك للحماية من انتقال المراض‪ ،‬وليكون ذلك أهنأ للخرين عند‬
‫شربهم‪ ،‬فل يقع في نفوسهم الشمئزاز من الناء الذي شرب من مصبه‪.‬‬
‫وورد عنه عليه الصلة والسلم في النهي عن التنفس في الناء قوله‪(( :‬إذا‬
‫شرب أحدكم فل يتنفس في الناء))‪ .‬والسنة أل يشرب دفعة واحدة؛ بل يجعل شربه‬
‫على ثلث دفعات‪ ،‬وهذه هي السنة المشرفة المأثورة عنه عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫والب يكون لولده قدوة في هذا المجال‪ ،‬فإن هذه الداب يُعود عليها الولد‬
‫حسُن أن يصدر عنه ما يخالف هذه‬
‫بالمران والقدوة‪ .‬ويلحظ الب نفسه‪ ،‬فل يَ ْ‬
‫السنن ‪ -‬خاصة بعد أن يعرفها الولد ‪ -‬فإن مخالفته لها تضر بتصوراتهم‪ ،‬وتترك‬
‫في نفوسهم خللً‪ ،‬فإن صدر عنه نسيان في بعض الوقات‪ ،‬وذكّره الولد‪ ،‬فل بأس‬
‫بأن يعتذر بأنه نسي‪ ،‬ثم يتدارك المر‪.‬‬
‫ولبعض السنن صعوبة في التطبيق‪ ،‬فتحتاج إلى قوة في العتقاد‪ ،‬وكمال في‬
‫اليقين‪ ،‬ومنها حديث الذبابة‪ ،‬الذي يقول فيه عليه الصلة والسلم‪(( :‬إذا وقع الذباب‬
‫في شراب أحدكم فليغمسه‪ ،‬ثم لينزعه فإن في إحدى جناحيه داء وفي الخرى‬
‫شفاء))‪ .‬إن تطبيق مثل هذه السنة‪ ،‬بغمس الذبابة في كوب الشاي‪ ،‬أو الحليب‪ ،‬أو‬
‫الماء‪ ،‬عند وقوعها فيه ثم الشرب بعد ذلك‪ ،‬يحتاج إلى جهد نفسي كبير‪ ،‬كما أن‬
‫فعله أمام الولد ‪ -‬بعد أن يكونوا قد عرفوا وعلموا أن ذلك من السنة ‪ -‬له أثر بالغ‬
‫في نفوسهم؛ إذ يعلمون أن صلة المسلم بهذا الدين‪ ،‬وما جاء في الكتاب والسنة‬
‫صلة قوية‪ ،‬والعتقاد بهما ل يخالطه شك‪ ،‬كما أن عدم استقذار الذبابة بغمسها في‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الناء دليل واضح على صلبة العتقاد‪ ،‬وتمام المتابعة لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫أما إن كان الب ممن ل يستطيع أن يقوم بمثل هذا العمل‪ ،‬فيفضل أن ل يعلم‬
‫أولده هذه السنة‪ ،‬ول يشعرهم بها‪ ،‬في بادئ المر حتى يكبروا ويعقلوا‪ ،‬ويفهموا‬
‫أن الناس تتفاوت قدراتهم‪ ،‬وإمكاناتهم‪ ،‬وطبائعهم‪ ،‬فيعذرون والدهم في ذلك‪.‬‬
‫أما إن كان قد أشعرهم بهذا الحديث‪ ،‬وأفهمهم طريقة التطبيق العملي له‪،‬‬
‫وحدث أن وقعت ذبابة في كأسه‪ ،‬وهو يتناول الشاي مع الولد‪ ،‬فإن أفضل حل أن‬
‫يتشاغل عن كأسه‪ ،‬بعمل ما‪ ،‬أو يسقطه من يده وكأنه سقط خطأ‪ ،‬أو يتخذ من‬
‫الساليب المناسبة ما يخرجه من هذا المأزق الحرج الذي ربما سبب إضعاف ثقة‬
‫الولد بأبيهم‪ ،‬خاصة إن وجد بين الولد من يمكنه فعل ذلك بكل شجاعة‪.‬‬
‫وفي اختيار أنواع أواني الكل والشرب فقد جاء المر بتجنّب المصنوع من‬
‫الذهب والفضة؛ بقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬من شرب في إناء من ذهب أو‬
‫فضة‪ ،‬فإنما يُجرجر في بطنه ناراً من جهنم))‪ .‬وهذا دليل كافٍ للمسلم بأن يتجنب‬
‫مثل هذا‪ ،‬فل يأكل أو يشرب في شيء صنع من ذهب أو فضة‪ ،‬ول يجلب شيئاً من‬
‫هذه الواني إلى بيته ولو على سبيل الزينة‪ ،‬فإن مشاهدة الولد لها تعويد لهم على‬
‫رؤيتها وتهوين لمرها في نفوسهم‪ ،‬وربما شربوا فيها مستقبلً‪ ،‬حب ًا ورغبة في‬
‫الممنوع‪ ،‬أو لعدم توفر كأس بين يديه يشرب فيه‪ ،‬ومن حام حول الحمى يوشك أن‬
‫يقع فيه‪ ،‬والفضل والحرى تجنب ذلك بالكلية‪ ،‬مع إفهام الولد أن هذا محرم في‬
‫الدين؛ لما فيه من التكبر على الفقراء‪ ،‬وإسراف في المال‪ ،‬وغير ذلك من الدلة‬
‫التي يفتح ال بها على الب‪.‬‬
‫وللحفاظ على صحة الولد عند شرب الماء خاصة‪ ،‬يستحسن تجنبهم شربه‬
‫على الطعام‪ ،‬فقد نصح بذلك كثير ممن له علقة بالطب؛ لما في ذلك من إضرار‬
‫بعملية الهضم‪ ،‬كما ل يشرب الماء بعد الجهد الكبير‪ ،‬مثل الرياضة‪ ،‬أو التعب‬
‫الشديد؛ بل يُعطى الولد الماء بعد أن يستريح ويهدأ‪ .‬وينصح ابن القيم رحمه ال‬
‫بإعطاء الولد العسل الممزوج بالماء البارد‪ ،‬فهو أفضل شراب حلو؛ لما فيه من‬
‫الفائدة للمعدة والكبد والمثانة والكلى‪ ،‬إلى جانب أنه يذيب البلغم‪ .‬فعلى الوالد أن‬
‫يتحرى اختيار أفضل المشروبات النافعة والطازجة لولده‪ ،‬وعليه أن يتجنب‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫المشروبات التي ل تفيد الولد مثل المشروبات الغازية‪ ،‬وغيرها من المشروبات‬


‫المعلبة التي يدخل في تصنيعها إضافة المواد الكيميائية‪.‬‬

‫‪ - 11‬تعويد الطفل على العتدال في تناول كميات الطعام‬


‫لقد ذم الرسول صلى ال عليه وسلم الكثار من الطعام وبيّن أن للمسلم مِعىً‬
‫واحداً‪ ،‬وأن كثرة الكل ليست من صفات المسلمين‪ ،‬فقال‪(( :‬المؤمن يأكل في مِعىً‬
‫واحدٍ‪ ،‬والكافر يأكل في سبعة أمعاء))‪ ،‬فالمؤمن مقتصد حريص على صحته‪ ،‬أما‬
‫الكافر فهو شره نهم‪.‬‬
‫أما في حق الطفال‪ ،‬فل ينبغي لهم التعود على الكثار من الطعام‪ ،‬فإن في ذلك‬
‫أضرارًا بسبب فضول الطعام في أبدانهم‪ ،‬والصح أن يأكلوا دون الشبع؛ فالكل‬
‫الكثير يسبب البلدة‪ ،‬ول يساعد على التفكير الصحيح‪ ،‬ويحبب إلى صاحبه النوم‬
‫والكسل‪ ،‬وكثرة الطعام والشره تسبب السمنة وزيادة الوزن‪ ،‬فالسمنة إذا زادت عن‬
‫الحد المعقول كانت بدانة تهدد صحة الطفل وحياته … وهي ظاهرة يعتبرها العالم‬
‫المتحضر كله ظاهرة مرضية‪ ،‬أو هي مقدمة لحياة مليئة بالمراض إن صاحبت‬
‫الصغير في مراحل عمره المختلفة‪ .‬إلى جانب أن الولد البدين يقل أصحابه‪ ،‬ويصعب‬
‫عليه مشاركتهم في اللعاب لنه سريع التعب‪ ،‬كما أنه يصبح مكاناً للسخرية‬
‫والستهزاء لبدانته‪ ،‬وهذا يسبب له إحباط ًا نفسياً سيئاً‪.‬‬
‫ويعود بعض أسباب الشره وكثرة تناول الطعام عند الطفل إلى قلق نفسي‬
‫يُؤرقه‪ ،‬أو وجود من ينافسه من إخوته الصغار‪ ،‬أو فقدان أحد الوالدين‪ ،‬فإن شعور‬
‫الطفل بهذا القلق يزيد من تناوله للطعام؛ لعدم شعوره بالطمأنينة والراحة النفسية‪،‬‬
‫ويكون علج ذلك بأخذ الحتياطات التربوية اللزمة‪ ،‬من إشعاره بالطمئنان‪،‬‬
‫والعطف عليه‪ ،‬وحبه مع إقامة العدل بين الولد‪ ،‬وعدم تقديم أحدهم على حساب‬
‫الخر‪.‬‬
‫أما فيما يخص الضرر المتوقع من فقدان أحد الوالدين بالوفاة‪ ،‬فيعالج من‬
‫خلل إيمان الولد بالقضاء والقدر‪ ،‬وإن كان بالطلق فيعالج بالتفاهم مع الولد‬
‫وإقناعه‪ ،‬بأن هذا الطلق هو أفضل إجراء للعلقات الزوجية المنهارة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وإن كان شغف الولد بالطعام بسبب الهوى والميل‪ ،‬وحباً في الكل واللتهام‪،‬‬
‫دون أن يكون به مرض‪ ،‬أو نحو ذلك؛ فإن علجه كما رآه مسكويه هو أن يفهم‬
‫الولد أن الطعام يؤكل لدفع الجوع وألمه ل للتلذذ‪ ،‬فهو كالدواء لدفع اللم‪ ،‬أما المام‬
‫الغزالي فيقول معالجاً هذه القضية‪(( :‬يُقبّح عنده كثرة الكل بأن يُشبه كل من يكثر‬
‫الكل بالبهائم‪ ،‬وبأن يُذم بين يديه الصبي الذي يكثر الكل‪ ،‬ويُمدح عنده الصبي‬
‫المتأدب القليل الكل‪ ،‬وأن يحبب إليه اليثار بالطعام‪ ،‬وقلة المبالة به‪ ،‬والقناعة‬
‫بالطعام الخشن‪ ،‬أي طعام كان))‪ .‬وفي هذه التوجيهات علج جيد يمكن للب أن‬
‫يستخدمه مع الولد الشره؛ فيمثل كثير الكل بالحيوانات التي ل تفتأ تأكل دائماً‪ ،‬ول‬
‫بأس بسرد بعض الروايات بأن الطفل النجيب الذكي ل يتبع شهوة بطنه؛ بل يقوم‬
‫عن الطعام قبل أن يشبع‪ ،‬ويلم الولد كثير الكل‪ ،‬ويخوف البدانة‪ ،‬وأنها سوف‬
‫تعيقه عن الحركة واللعب‪ ،‬وتُضرب له المثلة بأحد القارب أوالجيران من السمان؛‬
‫ليعرف ضرر ذلك فيتجنبه‪.‬‬
‫كما يمكن للب أن يحد من كثرة أكل الولد بأن يوضع لكل طفل طبقه المستقل‪،‬‬
‫فل يأكل الجميع من الطبق الكبير‪ ،‬فيحدد مقدار الطعام المناسب لكل ولد‪ ،‬ومن أراد‬
‫الزيادة عن الحد عُرف بذلك‪ ،‬أما أكل الجميع في الطبق الكبير ‪ -‬وإن كان هو‬
‫الفضل ‪ -‬فل يمكّن الب من معرفة مقدار ما أكل كل ولد‪ ،‬كما أن الشره منهم يجد له‬
‫متنفساً جيداً حيث ل يعرف أحد مقدار ما أكل‪ ،‬كما أن قليل الكل ضعيف البنية من‬
‫الولد ل يُعرف كم أكل؛ بل ربما قام بدون أن يأكل شيئ ًا يُقيم صلبه‪.‬‬

‫‪ - 12‬تدريب الطفل على آداب قضاء الحاجة‬


‫المسلم محكوم في جميع شؤونه بمنهج السلم‪ ،‬فكما أنه يلتزم بآداب الكل‬
‫والشرب وغيرهما‪ ،‬فكذلك يلتزم آدابا وواجبات لقضاء حاجته‪ ،‬والتخلص من‬
‫الفضلت‪.‬‬
‫ومن أهم هذه الداب تعويد الولد على حب الستتار عن أعين الناس‪ ،‬وهذا‬
‫يبدأ معه من سن مبكرة جدا‪ ،‬ويكون بأمر الهل بعدم إظهار عورته أمام الناس‪،‬‬
‫حتى ولو كان لتنظيفه وهو رضيع‪ ،‬ليعود على هذا الدب من صغره‪ ،‬كما أن كشف‬
‫عورة الصغير ليس بالمر المستحب‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ويعلّم الولد أن استعمال اليد اليمنى في الستنجاء ل يجوز‪ ،‬بل تستعمل اليد‬
‫اليسرى‪ ،‬وذلك لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬ليمس أحدكم ذكره بيمينه‪ ،‬ول‬
‫يستنجي بيمينه))‪ ،‬وهذا لن العمال الشريفة تستعمل لها اليد اليمنى‪ ،‬والعمال‬
‫المتصلة بالقذارات تختص بها اليد اليسرى‪ ،‬ويكلف الولد بتنظيف نفسه متى عرف‬
‫الطريقة‪ ،‬وتمكن من الجلوس لقضاء حاجته‪ ،‬وتدرب على استعمال الحمام‪ ،‬وتوقيت‬
‫ذلك عندما يطلب الولد‪ ،‬أو عندما يرى أهل البيت أنه قادر على تولي هذه المهمة‬
‫بنفسه‪ ،‬ول يمكن تحديد سن معينة لذلك‪ ،‬إل أنه ل ينبغي أن تتجاوز السابعة كحد‬
‫أقصى‪ ،‬لنه في هذا العمر يستطيع الولد أن يتولى كثيرا من شؤونه الخاصة السهلة‬
‫كالملبس والمأكل‪ ،‬ول يحتاج في العادة إلى من يساعده‪ ،‬ول ينبغي أن يدرب الولد‬
‫على التحكم في إفرازاته قبل السنة والنصف من العمر‪ ،‬فإن ذلك يضره‪ ،‬ويؤذيه‪،‬‬
‫وله عواقب سيئة على نفسه‪.‬‬
‫ويعلّم الب ولده دعاء دخول الحمام‪ ،‬ويحفّظه إياه وهو ما كان يقوله عليه‬
‫الصلة والسلم عند دخول الخلء‪(( :‬اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث))‪،‬‬
‫ويعلمه معنى هذا الدعاء وأنه التجاء إلى ال من شر ذكور الشياطين وإناثهم‪ ،‬وأن‬
‫الحمام أحب مكان إليهم‪ ،‬وكذلك الماكن القذرة التي توافق أحوالهم الخبيثة‪ .‬ويمكن‬
‫للب ‪ -‬زيادة في الحرص ‪ -‬وضع بطاقة لصقة بالقرب من دورة المياه مكتوب‬
‫عليها هذا الدعاء‪ ،‬فيتذكر الولد الدعاء عند دخوله الحمام‪.‬‬
‫وكذلك يحفظ الدعاء عند الخروج من الحمام بعد قضاء الحاجة‪ ،‬فقد روت‬
‫السيدة عائشة رضي ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬كان إذا خرج‬
‫من الغائط قال‪ :‬غفرانك))‪.‬‬
‫والب يتابع ولده دائما ويسأله عند دخوله الحمام‪ ،‬وعند خروجه منه‪(( :‬ماذا‬
‫تقول يا بني عندما تدخل الحمام ؟)) وكذلك عندما يخرج من الحمام يسأله‪(( :‬ماذا‬
‫تقول يا بني عندما تخرج من الحمام ؟))‪ ،‬ويتعقبه في ذلك حتى يتعود ول يهمل‪.‬‬
‫وإذا لحظ الب إهمال الولد في تنظيف نفسه وتطهيرها‪ ،‬فإن التوجيه‪ ،‬والوعظ‬
‫مطلوب هنا‪ ،‬إذ إن الطهارة‪ ،‬وإزالة النجاسة من القضايا الهامة‪ ،‬وذلك لما يترتب‬
‫عليها من عبادات في المستقبل ل تتم إل بها‪ .‬والولد سائر إلى التكليف‪ ،‬فإن لم‬
‫يتعود إجادة الطهارة منذ الصغر‪ ،‬فإنه ربما أهملها في كبره‪ .‬وقد جاء التحذير‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والنذار من رسول ال صلى ال عليه وسلم في هذا الشأن فقد قال‪(( :‬أكثر عذاب‬
‫القبر في البول))‪ ،‬أي في إهمال التطهر والتنزه منه‪ ،‬فينبه الولد إلى ذلك ويحذر‬
‫بمثل هذه الحاديث ليتعود وينزجر‪.‬‬
‫وهذا التحذير ل ينبغي أن يوجه ليشمل الولد المريض الذي يتفلت منه البول‪،‬‬
‫ول يستطيع أن يتحكم فيه ‪ -‬خاصة أثناء النوم ‪ -‬فإن هذا الصنف من الولد يؤخذ‬
‫إلى الطبيب إن كانت مشكلته عضوية‪ ،‬أما إن كانت نفسية‪ ،‬فينظر إلى السبب‪ ،‬هل‬
‫هو من الغيرة من بعض إخوته‪ ،‬أو لشعوره بالنقص وحبه في لفت النظار إليه‪ ،‬أو‬
‫غير ذلك من المشاكل النفسية‪ ،‬ويراعي الب الهدوء والسكينة عند المعالجة مع‬
‫إشعار الولد بأن المشكلة سهلة وبسيطة‪ ،‬ويحاول الب قدر المكان أن يستر عليه‪،‬‬
‫لئل يعرف إخوته بمشكلته فيعيروه وتزيد العقدة في نفسه‪ ،‬وإن كان الولد ممن‬
‫يتفلت بوله ليل‪ ،‬كلف دخول الحمام قبل النوم مباشرة‪ ،‬وفي بعض الفترات أثناء‬
‫النوم في الليل حتى ل يبقى في مثانته شيء من البول‪ .‬مع ملحظة تجنبه النوم في‬
‫الغرف الباردة جداً‪.‬‬
‫ولحفظ الولد من أن تجرح كرامته بين إخوته‪ ،‬لوجود بلل في فراشه‪ ،‬يفضل‬
‫أن ينام بعيدا عنهم‪ ،‬ولو في غرفة مستقلة‪ ،‬ويتم إيقاظه وطي فراشه قبل‬
‫استيقاظهم‪ ،‬فل يعرفون من أمره شيئاً‪.‬‬

‫‪ - 13‬أهمية تعويد الطفل على ستر العورة‬


‫ومن تمام التنعم بزينة ال عز وجل التي وهبها لعباده‪ :‬التحلي باللباس‪ ،‬وستر‬
‫عَليْكُمْ‬
‫السوءة عن أعين الناس‪ ،‬وفي هذا يقول ال تعالى‪{ :‬يَا َبنِي آدَمَ قَدْ َأ ْنزَ ْلنَا َ‬
‫ن آيَاتِ الِّ َلعَّلهُمْ‬
‫ك مِ ْ‬
‫خ ْيرٌ َذلِ َ‬
‫سوْآتِكُ ْم َورِيش ًا وَ ِلبَاسُ التّ ْقوَى ذَلِكَ َ‬
‫ِلبَاس ًا ُيوَارِي َ‬
‫ع ْنهُمَا‬
‫ج ّنةِ َي ْنزِعُ َ‬
‫خرَجَ َأ َب َويْكُ ْم مِنَ الْ َ‬
‫شيْطَانُ َكمَا َأ ْ‬
‫يَذّ ّكرُونَ* يَا َبنِي آدَ َم ل يَ ْف ِتنَنّكُمُ ال ّ‬
‫سوْآتِ ِهمَا …} [العراف‪ .]27-26:‬اليتان فيهما تذكير بنعمة ال‬
‫س ُهمَا ِل ُي ِر َيهُمَا َ‬
‫ِلبَا َ‬
‫على خلقه بإنزال اللباس ساترًا وحافظاً لهم من انكشاف عوراتهم وظهور سوآتهم‪،‬‬
‫وفيهما تحذير من اتباع الشيطان‪ ،‬والصغاء إلى وساوسه‪ ،‬التي أودت بأبي البشر‬
‫آدم عليه السلم وزوجه إلى الشقاء‪ ،‬والعنت بخروجهما من دار النعيم إلى دار‬
‫التكليف‪ ،‬والختبار‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وليس التعري ونبذ الستر من الفطرة البشرية في شيء‪ ،‬بل " إن العُريَ فطرة‬
‫حيوانية‪ .‬ول يميل النسان إليه إل وهو يرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة النسان‬
‫… والفطرة السليمة تنفر من انكشاف سوأتها الجسدية … وتحرص على سترها‬
‫ومواراتها "؛ بل إن اللباس وستر العورة‪ :‬يعد من أعظم خصائص النسان‬
‫الظاهرة التي يتميز بها عن الحيوان؛ وقد جاءت أوامر الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم موافقة للكتاب في المر بستر العورة وتغطيتها؛ إذ يقول لمن سقط عنه ثوبه‪:‬‬
‫((خذ عليك ثوبك ول تمشوا عراة))‪ .‬ويقول في المر بستر الفخذ‪(( :‬ل تبرز فخذيك‬
‫ول تنظر إلى فخذ حي ول ميت )) ‪.‬‬
‫بناء على ما تقدم من فضل الستر وأهميته‪ ،‬فإن مسؤولية الب في بث حب‬
‫التستر‪ ،‬وعدم إبراز العورة‪ ،‬في روع الولد منذ حداثة سنه‪ ،‬وقبل أن يكون مكلفاً‬
‫بذلك‪ :‬يعد من أهم السباب التي تركز وتقوي حب التستر في نفس الولد‪ .‬إذ يُكرّه‬
‫إليه التعري‪ ،‬وإظهار قبله أو دبره أمام الناس‪ ،‬أو أمام أقاربه وإخوته‪ .‬أما عدم‬
‫المبالة بإظهار عورته أمام الناس‪ ،‬وسرور الب والهل بخروج الولد عارياً أمام‬
‫إخوته في البيت وأقاربه‪ ،‬وإظهار الرضا عن ذلك‪ ،‬فإن هذا السلوك من الب‬
‫والهل‪ :‬يعد بذرة سيئة في قلب الولد‪ ،‬تنمو وتتغذى بدوام تكرر مثل هذه المواقف‬
‫الخاطئة‪ ،‬فتميل نفسه بعد ذلك إلى نبذ الحياء ظاهراً وباطناً‪ ،‬فل يعود يستحي إذا‬
‫كبر من انكشاف عورته‪.‬‬
‫ول يعني هذا أن انكشاف عورة الولد قبل العاشرة حرام‪ ،‬فإن مذهب الحناف‬
‫في عورة الطفل إذا بلغ عشر سنوات كعورة الكبير‪ ،‬أما قبل العاشرة فل عورة له‬
‫عندهم‪ .‬وعند الحنابلة ل عورة له قبل التاسعة‪ .‬وليست المسألة هنا مسألة التزام‬
‫بقول فقهي معين يوافق هوى في نفس الب وأهله‪ ،‬فلو كان المر كذلك فإن مذهب‬
‫الشافعي رحمه ال بالنسبة لعورة الصغير غير المميز كعورة الكبيرمن السرة إلى‬
‫الركبة‪ .‬ولكن المسألة هنا مسألة تربية‪ ،‬وتعليم‪ ،‬وتعويد على الفضائل‪ .‬فالولد الذي‬
‫عوّد على ستر العورة في صغره قبل العاشرة‪ :‬سهل عليه بعد العاشرة سترها‬
‫ُ‬
‫واللتزام بتغطيتها دون تكلف‪ .‬ول شك أن الذي لم يُعوّد على ذلك في صغره‪:‬‬
‫يصعب عليه التزام الستر دفعة واحدة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والذي يعمله الب ويُنصح به هو‪ :‬حفظ عورة الولد عن العين في جميع‬
‫فترات عمره‪ ،‬ل يظهر منها شيء لغير حاجة أو سبب‪ ،‬مع عدم تركه عارياً ولو‬
‫كان خالياً وحيداً‪ .‬وكذلك يوجه الب أهله عند الحاجة إلى تنظيف الولد الصغير‪ ،‬أو‬
‫تغيير ملبسه أن يكون ذلك في خلوة عن أعين إخوته‪ ،‬وباقي أفراد السرة‪ ،‬فليس‬
‫ثمة حاجة في النظر إلى عورات الصغار‪.‬‬

‫‪ - 14‬آداب اللباس للولد المسلم‬


‫اللباس نعمة من نعم ال عز وجل على بني آدم‪ .‬فقد امتن ال عليهم بها فقال‪:‬‬
‫خ ْيرٌ‬
‫سوْآتِكُ ْم َورِيش ًا وَ ِلبَاسُ التّ ْقوَى ذَلِكَ َ‬
‫{يَا بَنِي آدَمَ قَدْ َأنْزَ ْلنَا عَ َليْ ُكمْ ِلبَاس ًا ُيوَارِي َ‬
‫…} [العراف‪ .]26:‬فاللباس نعمة من نعم ال‪ ،‬يستتر به النسان‪ ،‬ويتزين‪ ،‬ويتنعم‬
‫بما خلقه ال له من أنواع اللباس‪ ،‬فمنها المخصص للبرد‪ ،‬ومنها للحر‪ ،‬ومنها‬
‫للربيع‪ .‬وكل ذلك من تمام فضل ال ومنته على خلقه‪.‬‬
‫وقد استحب الرسول صلى ال عليه وسلم من ألوان اللباس‪ :‬البيض‪ ،‬وحث‬
‫على لبسه فقال‪(( :‬البسوا البياض فإنها أطهر وأطيب))‪ .‬كما جاءت الرخصة في‬
‫لبس الحمر‪ ،‬والخضر‪ ،‬والسود‪ ،‬من الثياب‪ .‬على أن ل تكون ألواناً داكنة ليس‬
‫معها لون آخر‪ ،‬فإنه عليه الصلة والسلم لم يكن يلبس الحمر‪ ،‬أو السود‪ ،‬أو‬
‫المُصبّغ‪ .‬وإذا لبس الحلة اليمانية رُئيت فيها ألوان أخرى مثل البياض والسواد‪.‬‬
‫ويفضل للب تعويد ولده لبس البيض من الثياب‪ ،‬وذلك اتباعاً للسنة أولً‪ ،‬ثم‬
‫لحسنها ونقائها‪ ،‬وذلك يكون عند خروج الولد للزيارة‪ ،‬أو الصلة أو لمقابلة الناس‪.‬‬
‫أما الملبس الملونة ‪ -‬غير المنقوشة ‪ -‬فتكون للبيت واللعب‪ ،‬على أن ل تكون‬
‫لون ًا واحداً داكناً‪ ،‬علماً بأن أكثر ملبس اللعب الخاصة بالولد ملونة بغير البيض‪،‬‬
‫وذلك لن الملبس الملونة بطيئة التساخ‪ ،‬وأكثر تحملً لما يعلق بها من جراء لعب‬
‫الطفال‪.‬‬
‫أما الملبس الملونة المنفوشة فهذه تخص النساء‪ ،‬يقول مسكويه رحمه ال‬
‫منفراً الولد منها‪(( :‬وليعلم أن أولى الناس بالملبس الملونة والمنقوشة النساء‬
‫اللتي يتزين للرجال ثم العبيد والخول‪ ،‬وأن الحسن بأهل النبل والشرف من اللباس‬
‫البياض وما أشبه))‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ويتعود الولد لبس البيض من الثياب بالقدوة‪ ،‬فيحرص الب على لبس الثوب‬
‫البيض‪ ،‬ويحرص على شرائه لولده ول يطاوعه في غير البيض‪ ،‬إل في ملبس‬
‫اللعب واللهو؛ لما تقدم‪.‬‬
‫ويُحفّظ الولد آداب لبس الثوب ونزعه‪ ،‬فعند لبس الثوب الجديد يُعلّم قول‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪(( :‬الحمد ل الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير‬
‫حول مني ول قوة))‪ ،‬وعندما ينزع ثيابه يقول‪(( :‬بسم ال))‪ ،‬وذلك ليستر عورته‬
‫عن أعين الجن‪.‬‬
‫ول بأس بلبس ما يسمى ((بالبنطلون)) لنه أنفع لكثرة حركة الولد‪ ،‬وأطول‬
‫بقاء‪ ،‬مع مراعاة أن يكون فضفاضاً غير ضيق واصف لهيئة الجسم‪ ،‬ويُراعى أيضاً‬
‫أن ل يكون شفافاً‪ ،‬فإذا رُوعي ذلك كان جائزاً‪.‬‬
‫ويعود الولد على لبس النعال؛ لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬استكثروا من‬
‫النعال؛ فإن الرجل ل يزال راكب ًا ما انتعل))‪ .‬ويُحث على لبس حذائه خاصة أثناء‬
‫اللعب خارج البيت‪ ،‬لحتمال وطئه شيئاً حادًا يجرحه ويؤذيه‪.‬‬
‫ول بأس بأن يؤخذ الولد بشيء من الخشونة في بعض الحيان في ملبسه‬
‫ومأكله ومشربه وأن يسير على الرض بغير حذاء‪ ،‬فل بأس بذلك في بعض‬
‫الحيان لتعويده على الخشونة‪ .‬فإذا خرج الجميع للنزهة في بعض الوقات‪ ،‬أمر‬
‫بخلع نعاله والسير على الرض أو الصخر بالقدمين حافيتين‪ ،‬مع مراعاة عدم‬
‫التكلف في ذلك بما يعود على الولد بالضرر والذى‪.‬‬
‫ويلحظ الب ولده عند لبس النعال‪ ،‬فيأمره بأن يبدأ باليمين ثم الشمال؛ لنه‬
‫السنة‪ .‬وكثير من الولد يبدؤون بالشمال‪ ،‬وربما لبس بعضهم حذاء اليمنى في‬
‫القدم اليسرى‪ ،‬وبالعكس‪ .‬والفضل توجيه الولد قبل أن يقوم باللبس‪ ،‬فيشار إلى‬
‫قدمه اليمنى ليبدأ بها إن كان الولد ل يميز بينهما‪ .‬وبذلك يتعود تقديم قدمه اليمنى‬
‫دون شعور؛ لنه لم يتعود ‪ -‬أصلً ‪ -‬تقديم قدمه الشمال‪ .‬ومن الخطأ تركه يبدأ بأي‬
‫قدم شاء ثم تصويب خطئه بعد ذلك‪ ،‬وأقل ما في ذلك من الخطأ التربوي أن تتعود‬
‫قدمه الشمال التقدم في بعض الحيان‪ ،‬إلى جانب أنه يتضايق من كثرة الوامر‬
‫خاصة إن أُمر بالنزع ثم اللبس من جديد‪ ،‬وتزيد المسألة كراهة عند الولد إذا كانت‬
‫أمام الناس‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ - 15‬محظورات اللباس للولد المسلم‬


‫وللباس محظورات يجدر بالب مراعاتها‪ ،‬وحفظ الولد من الوقوع فيها‪،‬‬
‫خاصة ما فيه تخنث وتشبه بالنساء‪ .‬فلبس الحرير ممنوع على الذكور البالغين بل‬
‫خلف بين الئمة إل لعذر‪ ،‬وقد نقل ابن عبد البر رحمه ال الجماع على ذلك‪ .‬أما‬
‫لبسه بالنسبة للصبيان قبل البلوغ‪ :‬ففيه قولن‪ :‬والرجح أنه ل يجوز‪ " ،‬فإن ما‬
‫حرم على الرجل فعله حرم عليه أن يمكن منه الصغير "‪ .‬وقد نقل إنكار أمير‬
‫المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه على من لبس الحرير من الصبيان‪ ،‬فرأى‬
‫مرة ثوب ًا من حرير على صبي للزبير فمزقه‪ ،‬وقال‪(( :‬ل تلبسوهم الحرير))‪ .‬ونقل‬
‫أيضاً عن عبدال بن مسعود رضي ال عنه أنه مزق قميص ًا من حرير على أحد‬
‫أولده‪ ،‬وقال‪(( :‬قل لمك تكسوك غيرهذا))‪.‬‬
‫وفي هذا الفعل من هذين الصحابيين الجليلين‪ ،‬مع عدم إنكار ذلك ممن حضر‬
‫من الصحابة‪ :‬دليل على مشروعية نزع ثوب الحرير من أجساد الولد‪ ،‬ومنعهم من‬
‫لبسه‪ .‬ول شك أن في لبس الولد للحرير تعويداً له على الميوعة‪ ،‬والتخنث‪،‬‬
‫ومشابهة النساء‪ .‬وواجب الب ومسؤوليته تهيئة الولد لطبيعة جنسه‪ ،‬من‬
‫الخشونة‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬والقدام‪ ،‬وغير ذلك من صفات الرجولة‪ ،‬مع تنفيره من‬
‫جميع ما يخص النساء‪.‬‬
‫ولتنفير الولد من ثياب الحرير‪ ،‬ينصح الغزالي رحمه ال بأن ((يُحبب إليه من‬
‫الثياب البيض دون الملون والبريسيم‪ ،‬ويقررعنده أن ذلك شأن النساء والمخنثين‬
‫وأن الرجال يستنكفون منه‪ ،‬ويكرر ذلك عليه‪ ،‬ومهما رأى على صبي ثوباً من‬
‫إبريسيم أو ملون فينبغي أن يستنكره ويذمه))‪ .‬وفي العادة ينفر ولده ويأنف من‬
‫ل معيناً من أفعال البنات‪،‬‬
‫مشابهة البنات عندما يقرر عنده أن سلوك ًا معيناً‪ ،‬أو فع ً‬
‫ففي الغالب يتركه وينزجر‪ ،‬ول يعود إليه‪.‬‬
‫ويُمنع الولد من لبس الثياب الشفافة‪ ،‬التي ل تستر العورة؛ لما في ذلك من‬
‫الميوعة وقلة الحياء‪ ،‬وعدم المبالة بظهور العورة أمام الناس‪ .‬ويضاف إلى ذلك‬
‫المنع من لبس ثياب الشهرة‪ ،‬المتميزة بين الناس‪ ،‬والملفتة للنظر‪ ،‬فإن كل‬
‫اللبستين مكروهتان مذمومتان‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والب يلحظ ذلك عند شراء الملبس للولد‪ ،‬ول داعي لتخييرهم بين النواع‬
‫المختلفة من الملبس إذا كان اختيارهم في العادة غير موفق؛ بل يعودهم أن يلبسوا‬
‫ما يختاره لهم‪ .‬كما أن عليه أن يتجنب الثياب التي فيها تصاويرأوصلبان فإنها‬
‫مكروهة‪ .‬وقلّما يجد الب ملبس لولده تخلو من صور الحيوانات‪ ،‬أو الحشرات‪،‬‬
‫أو غير ذلك من الحياء‪ .‬فعليه الجتهاد وحسن الختيار‪ ،‬وإن استطاع أن يكلف من‬
‫يصنع له ملبس الولد بصفة خاصة‪ ،‬فهذا أحسن وأوفر له؛ إذ يختار ما يناسب‬
‫أجساد الولد من أنواع القمشة‪ ،‬مراعياً مطابقتها للسنة المطهرة‪.‬‬
‫وفي هذا السلوك المرهف من الب نحو الصور حسم لمادة الشرك من‬
‫أساسها‪ ،‬والمتضمنة لحب الصور وتعظيمها‪ ،‬خاصة وأن أكثر المصنع من‬
‫الصورعلى ملبس الطفال من النوع البارز‪ ،‬إلى جانب أن هذه الصور ل فائدة منها‬
‫في التعليم‪ ،‬أو الثقافة؛ بل هي من باب الزينة المكروهة‪.‬‬
‫وجاءت السنة المطهرة بتحريم إسبال الثوب أسفل من الكعبين للرجال‪ ،‬وقد‬
‫أجمع العلماء على ذلك؛ لقوله عليه الصلة والسلم‪((:‬إن ال ل ينظرإلى من يجر‬
‫إزاره بطراً))‪ .‬ول شك أن الولد قبل البلوغ غير مطالب بهذا‪ ،‬ول يأثم بالسبال‪،‬‬
‫ولكن إعداده للتكاليف وتربيته على هذا الدب النبوي منذ صغره خاصة بعد‬
‫العاشرة‪ ،‬يعد أمرًا مهماً؛ إذ إن التكاليف التي تلزم البالغين ل تنحط على الولد دفعة‬
‫واحدة ساعة ظهور علمة من علمات البلوغ عليه‪ ،‬بل يدرب عليها قبل ذلك‬
‫بوقت‪ ،‬فل يحصل له البلوغ إل وقد التزم بمعظم أحكام البالغين وواجباتهم‪ .‬أما أن‬
‫يُبدأ بتعليم الولد أحكام وواجبات المكلفين بعد البلوغ فهذا ليس من التربية‬
‫السلمية في شيء‪.‬‬
‫ول شك أن المجاهدة في إلباس الولد الثوب حسب السنة إلى الكعبين‪ ،‬والكم‬
‫إلى الرسغ كما هي السنة المنقولة عنه عليه الصلة والسلم في طول الكم‪ ،‬فيه‬
‫مشقة‪ ،‬ل من حيث أن الولد يكره ذلك‪ ،‬فإن الولد الصغير عادة ل يعقل هذا‪ ،‬ول‬
‫يتكلف طول الزار‪ ،‬إنما المشقة في أن الولد في هذا السن سريع النمو‪ ،‬فل يكاد‬
‫يلبس ثوباً إلى كعبيه إل وبعد أشهر‪ ،‬أو سنة يصل إلى أنصاف ساقيه‪ .‬فل يُستفاد‬
‫من الثوب مدة طويلة‪.‬إل أن يكون له إخوة أصغر سناً فيلبس بعضهم ملبس بعض‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫فتُحل المشكلة‪ .‬ولو لم يكن هذا فإن المجاهدة في اتباع السنة أمرمطلوب‪ ،‬والدين‬
‫يستحق أكثر من ذلك‪.‬‬

‫‪ - 16‬الزينة ومحظوراتها للولد المسلم‬


‫للزينة محظوراتها وممنوعاتها‪ ،‬كما أن للباس ممنوعاته‪ ،‬ومن أهم هذه‬
‫الممنوعات‪ :‬التحلي بالذهب‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬حرم لباس الحرير‬
‫والذهب على ذكور أمتي‪ ،‬وأحل لناثهم))‪ .‬وقد أجمع العلماء على حرمة تحلي‬
‫الرجال بالذهب‪ ،‬أما الفضة فقد أجمعوا على إباحة التختم بها للرجال‪ .‬وليس التحريم‬
‫يخص الرجال دون الصبيان‪ ،‬وهذا كما في مسألة لبس الحرير أنه‪ :‬ما حرم على‬
‫الرجل ل يجوز تمكين الصغير منه‪ .‬قال المام مالك رحمه ال في الذهب للغلمان‪:‬‬
‫((وأنا أكره أن يلبس الغلمان شيئا من الذهب‪ ،‬لنه بلغني أن الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم نهى عن تختم الذهب فأنا أكرهه للرجال‪ :‬الكبير منهم والصغير)) فل ينبغي‬
‫التهاون في ذلك‪ ،‬ول وضع صفائح الذهب المنقوش عليها آيات من القرآن الكريم‬
‫على صدر الولد‪ ،‬أو تختيمه بالذهب‪ ،‬حتى وإن كان رضيعاً‪ ،‬فالولى ترك هذا كله‪،‬‬
‫لما تقدم‪.‬‬
‫وينصح ويحذر المام الغزالي رحمه ال‪ :‬الب من ذلك ويأمره بتزهيد ولده في‬
‫الحلي فيقول‪(( :‬يقبح إلى الصبيان حب الذهب والفضة والطمع فيهما‪ ،‬ويحذر منهما‬
‫أكثر مما يحذر من الحيات والعقارب‪ ،‬فإن آفة حب الذهب والفضة والطمع فيهما‬
‫أضر من آفة السموم على الصبيان))‪ .‬ولعل الفة التي أشار إليها الغزالي هي‪ :‬ما‬
‫يحدثه الميل إلى التحلي بالذهب من مشابهة النساء‪ ،‬في تكسرهن‪ ،‬وميوعتهن‪.‬‬
‫والصبي ليصلح له شيء من طباع النساء وعاداتهن‪ .‬والواجب منعه من كل هذا‬
‫بتمييز الذكور عن الناث في الملبس‪ ،‬والزينة‪ ،‬واللعاب‪ ،‬ومكان النوم‪ ،‬والختلط ‪-‬‬
‫إن أمكن ‪ -‬إل أن يكونوا إخوة أو أخوات فل بأس باختلطهم جميعاً في اللعب‪،‬‬
‫ومكان الجلوس‪ ،‬لتحصل بينهم المودة واللفة‪ ،‬أما اللباس وأنواع اللعاب والزينة‪،‬‬
‫وغير ذلك مما يخص البنات‪ ،‬فل ينبغي تشابههم فيه أبداً‪ .‬وبذلك يحصل للولد قدرة‬
‫على التمييز بين ما يخص الذكر وما يخص النثى‪ ،‬فإذا علم أن شيئاً ما ل يصلح‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫للولد‪ :‬نبذه وزهد فيه‪ ،‬وأنف أن يعمله‪ ،‬أو يستعمله‪ .‬وربما تكون هذه أفضل‬
‫الطرق لتنفير الولد من عادات النساء‪ ،‬وما يتعلق بحليهن‪ ،‬وزينتهن‪.‬‬
‫ويدخل في باب الزينة المكروهة بالنسبة للصغار‪ :‬كراهية تعليق الجراس أو‬
‫الجلجل على الولد للزينة‪ ،‬وروي أنها تنفر الملئكة‪ ،‬ونقل عن بعض السلف‬
‫نزعها من فوق الصبيان‪ .‬أما جعلها في يد الولد يلهو بها ساعة ثم يضعها ويتركها‪،‬‬
‫فل بأس به إن شاء ال‪ ،‬إذ إن ما ورد في الباب من الكرهية ظاهره المنع من‬
‫التعليق‪ ،‬ل المنع من اللهو واللعب بها‪ ،‬فإن هذه اللعاب ذات الصوات تسلي الولد‬
‫وتجذب انتباهه وتلهيه عن البكاء‪.‬‬
‫وقضية أخيرة ينبغي للب أن يراعيها ويتبع فيها السنة وهي‪ :‬النهي عن‬
‫العبث برأس الصبي فيحلق بعضه ويترك بعضه‪ ،‬والسنة في ذلك قوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪(( :‬احلقوه كله أو اتركوه كله))‪ .‬وحلق بعض الرأس وترك بعضه يُسمى‬
‫القزع‪ ،‬والسنة بالنسبة لحلق رأس الولد أن يكون كامل بعد ولدته‪ ،‬ويكون أيضا‬
‫إذا حج الولد أو اعتمر مع والده‪ ،‬أما غير ذلك من التحليق فل سنة تتبع فيه‪ ،‬وقد‬
‫روي كراهية التحليق عن المام أحمد بن حنبل‪ ،‬كما روى عنه أيضا عدم كراهية‬
‫ذلك‪ ،‬ونقل ابن عبد البر الجماع على إباحته والذي نقل في وصف الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه كان ذا شعر يضرب منكبيه‪ ،‬أو أنصاف أذنيه وهذا يدل على أن‬
‫التحليق ليس من عاداته عليه الصلة والسلم‪ ،‬والولى في حق الولد أن يكون له‬
‫شعر‪ ،‬حسب عرف أهل البلد وبما يوافق مفاهيم السلم العامة من ترك التشبه‬
‫بالنساء‪ ،‬والمر بمخالفة أهل الكتاب وعموم الكفار‪ ،‬إل أن يضطر الب إلى الحلق‪،‬‬
‫أو القزع اضطراراً ل اختيار فيه لسبب من السباب كعلج أو نحوه‪.‬‬

‫‪ - 17‬تعويد الطفل على النظافة في بدنه وملبسه‬


‫لقد كان رسول ال صلى ال عليه وسلم القدوة الحسنة للمسلمين في كمال‬
‫هيئته ونظافة بدنه‪ ،‬وملبسه‪ ،‬فهو أكمل بشر خلقه ال عز وجل‪ ،‬يقول ابن الجوزي‬
‫رحمه ال‪(( :‬كان النبي صلى ال عليه وسلم أنظف الناس وأطيب الناس‪ ،‬في‬
‫الحديث عنه صلى ال عليه وسلم يرفع يديه‪ ،‬حتى تبين عفرة إبطيه‪ ،‬وكانت ساقه‬
‫ربما انكشفت فكأنها جمارة ( باطن الجذع )‪ ،‬كان ل يفارقه السواك‪ ،‬وكان يكره أن‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫تشم منه ريح ليست طيبة))‪ .‬وفي وصف آخر لنظافته عليه الصلة والسلم‪،‬‬
‫واهتمامه البالغ بذلك‪ ،‬يقول الحكيم الترمذي رحمه ال‪(( :‬وكان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يربط الحجر على بطنه من الجوع‪ ،‬ول يترك الطيب‪ ،‬ويعاهد أحوال‬
‫نفسه‪ ،‬وكان ل يفارقه المرآة والسواك والمقراض في السفر والحضر‪ ،‬وكان إذا‬
‫أراد أن يخرج إلى الناس نظر في ركوة فيها ماء فيسوي من لحيته وشعر رأسه‬
‫ويقول‪ :‬إن ال جميل يحب الجمال))‪ .‬فكان عليه الصلة والسلم ل ينشغل عن‬
‫النظافة حتى بالجوع الذي في العادة ينسي النسان كل شيء إل الطعام‪ .‬وفي هذا‬
‫توجيه عملي منه عليه الصلة والسلم للهتمام بهذا الجانب‪ ،‬ولم يكتف بذلك‪ ،‬بل‬
‫كان ينكر على من أهمل نظافة بدنه وملبسه‪ ،‬فقد روي أنه رأى رجل ثائر الرأس‬
‫فقال‪(( :‬لم يشوه أحدكم نفسه))‪ .‬ورأى رجل وسخ الثياب فقال‪(( :‬أما يملك هذا أن‬
‫يغسل ثيابه))‪ .‬وجعل غسل الجمعة واجباً فقال‪(( :‬الغسل يوم الجمعة واجب على كل‬
‫محتلم))‪ .‬ووقت عليه الصلة والسلم أطول مدة يقيم فيها الرجل دون غسل أن ل‬
‫تزيد عن أسبوع واحد‪ ،‬فقال‪(( :‬ل تعالى على كل مسلم حق أن يغتسل في كل سبعة‬
‫أيام يوما))‪ .‬وإن كانت هذه النصوص ل تعم الطفال إل أنه يستحب الغسل لمن أتى‬
‫الجمعة من الصبيان وغيرهم ممن ل تجب عليهم‪ ،‬فعلى الب أن يعود أولده غسل‬
‫يوم الجمعة‪ ،‬ولبس أحسن الثياب‪ ،‬لمشروعية ذلك‪ ،‬ولتكون النظافة والطهارة شعار‬
‫المسلم‪ ،‬خاصة في العبادات وبشكل أخص في يوم الجمعة فهو يوم عيد للمسلمين‪.‬‬
‫ول يقتصر على غسل الجمعة‪ ،‬فإن القتصار عليه أدنى الكمال‪ ،‬بل يعود أولده‬
‫كثرة الغتسال‪ ،‬وحب التطهر والنظافة من غير إسراف أو وسوسة‪ ،‬فإنه ل ينبغي‬
‫التشدد في موضوع النظافة مع الولد إلى أن يصل إلى حد الشمئزاز منه إذا اتسخ‪،‬‬
‫فإن هذا ربما أدى إلى مبالغة الولد بالنظافة مستقبل‪ ،‬وربما ساقه إلى غسل يده بعد‬
‫مصافحة الناس‪ ،‬بل يكون سلوك الب في ذلك وسطا بين النقيضين‪ ،‬محافظا على‬
‫ولده من الفراط أو التفريط‪ ،‬خشية أن يقع في الوسوسة الممقوتة‪.‬‬
‫ومن الوسائل المشجعة للولد الصغير على حب الغتسال‪ ،‬إدخال السرور عليه‬
‫أثناء الستحمام‪ ،‬كأن يؤمن له بعض اللعاب البلستيكية التي ل تتأثر بالماء‪،‬‬
‫فتوضع له في مكان اغتساله ليلهو بها‪ ،‬ريثما ينتهي الهل من تنظيفه وتطهيره‪،‬‬
‫مع مراعاة حسن اختيار الصابون‪ ،‬حيث يفضل النوع الذي ل يضر بالعين عند‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫فتحها أثناء الغسل‪ ،‬ول بأس بالتوجيه المباشر للولد في حثه على النظافة‪ ،‬مع‬
‫امتداح الطفال النظيفين‪ ،‬وذم الطفال القذرين أمامه‪ ،‬وعلى مسمع منه‪ .‬فإن في‬
‫هذا تنفيرا له من القذارة‪.‬‬
‫أما الولد الكبير فيكون توجيهه من خلل تعريفه بأهمية النظافة في البدن‬
‫والملبس‪ ،‬وأن الدين اهتم بها‪ ،‬والرسول صلى ال عليه وسلم هو القدوة في ذلك‬
‫فهو أنظف الناس وأحسنهم ريحا‪ ،‬مع ضرب المثل له بالنظيف كيف يميل الناس‬
‫إليه وإلى القرب منه‪ ،‬والوسخ كيف ينفر الناس منه ومن ريحه‪ .‬ويحاول الب أن‬
‫يصله بعالم الغيب‪ ،‬عالم الملئكة الطهار‪ ،‬الذين يحبون الريح الطيب‪ ،‬ويكرهون‬
‫الريح الخبيث‪ ،‬ففي حديث النهي عن إتيان المسجد بريح الثوم والبصل قال عليه‬
‫الصلة والسلم‪(( :‬فإن الملئكة تتأذى مما يتأذى منه النس))‪ .‬فكل ريح‪ ،‬ومنظر‪،‬‬
‫يتأذى منه الناس‪ ،‬فإن الملئكة تكرهه وتتأذى أيضا منه‪ ،‬فل بأس أن يشير الب‬
‫إلى هذه القضية الغيبية‪ ،‬ويعرف ولده بهذا الحديث‪ ،‬فيحفزه إلى النظافة والتزام‬
‫الطهارة‪.‬‬
‫ويعود الب ولده على الهتمام بنظافة ثوبه‪ ،‬وملبسه‪ ،‬فيكون في البيت‪ ،‬وعند‬
‫القارب‪ ،‬وفي الماكن العامة‪ ،‬حسن المنظر‪ ،‬نظيف الثياب‪ .‬ول يمنع من أن تكون‬
‫له ملبس أخرى ثخينة‪ ،‬داكنة اللوان‪ ،‬يمارس بها لعبه ورياضته‪ ،‬وهذه الملبس‬
‫ل ينبعي معاقبته على توسيخها‪ ،‬أو تفتق بعض أجزائه من جراء اللعب‪ .‬أما ملبس‬
‫الخروج والجلوس في البيت فينبغي متابعة الولد وتوجيهه للمحافظة على نظافتها‬
‫وطهارتها‪ ،‬مع معاقبته عند الهمال‪ ،‬ول بأس بتكليفه تنظيف الجزء الذي أتلفه‪ ،‬أو‬
‫وسخه‪ ،‬ليتحمل مسؤولية خطئه إن كان قد أخطأ‪.‬‬
‫ويعود الب ولده حمل المنديل في جيبه‪ ،‬ليتنظف به عند الحاجة‪ ،‬خاصة عند‬
‫المتخاط‪ ،‬فل يلوث ثيابه بمخاطه كما يفعل بعض الصبيان‪ .‬ويعلمه السنة في‬
‫استعمال اليد اليسرى للمتخاط دون اليد اليمنى‪ ،‬فإن اليد اليمنى تستعمل للمور‬
‫الشريفة الطاهرة‪.‬‬
‫وليس من العيب أوالحرج أن يتولى الب بنفسه تنظيف ولده‪ ،‬وتطهير أنفه من‬
‫المخاط‪ ،‬أو إزالة الذى عنه في بعض الحيان‪ ،‬فقد روت السيدة عائشة رضي ال‬
‫عنها واصفة حال النبي صلى ال عليه وسلم واهتمامه بشأن أسامة بن زيد عندما‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫كان صغيرا‪ ،‬قالت‪(( :‬أراد النبي صلى ال عليه وسلم أن ينحي مخاط أسامة‪ .‬قالت‬
‫عائشة‪ :‬دعني حتى أكون أنا الذي أفعل‪ .‬قال‪ :‬ياعائشة أحبيه‪ ،‬فإني أحبه))‪ .‬فهذا‬
‫الهتمام بالولد ورعايتهم من قبل الرسول صلى ال عليه وسلم فيه دليل واضح‬
‫على أن من سواه من الرجال أولى أن ليترفعوا عن القيام بمثل هذا المر‪ ،‬وقد‬
‫روت السيدة عائشة أيضا قصة أخرى لسامة بن زيد‪ ،‬ولكنها كانت أبلغ من هذه‪،‬‬
‫وأعمق بيانا وتوضيحا‪ ،‬فقالت رضي ال عنها‪(( :‬إن أسامة عثر بعتبة الباب فدمي‬
‫قالت‪ :‬فجعل النبي يمصه ويقول لو كان أسامة جارية لحليتها ولكسوتها حتى‬
‫أنفقها))‪ .‬فهذه الرواية البليغة توضح ‪ -‬وبجلء ‪ -‬أن قيام الب بمهام رعاية بعض‬
‫شؤون الولد ‪ -‬خاصة في جانب نظافتهم ورعايتهم الصحية ‪ -‬أمر مشروع بل‬
‫مستحب لفعل النبي صلى ال عليه وسلم وقيامه بذلك على جللة قدره ومكانته‪.‬‬
‫ومن الجوانب التي ينبغي أن يهتم بها الب أيضا في موضوع النظافة‪:‬‬
‫الهتمام بالسنان‪ ،‬فقد ابتلي كثير من الطفال بتلف السنان المبكر‪ ،‬الذي يؤثر على‬
‫الهضم‪ ،‬إلى جانب اللم التي يحدثها تسوس السنان خاصة بالنسبة للطفال‬
‫الصغار‪ .‬وتعود معظم أسباب ذلك إلى إهمال العناية بها ونظافتها‪ ،‬إلى جانب كثرة‬
‫أكل الحلوى والسكريات خاصة عند الطفال‪.‬‬
‫والحل المثل ل يكون بمنع الطفال من تناول الحلوى‪ ،‬فهذا لطائل وراءه‪،‬‬
‫فالطفال مشغوفون بحبها والميل إليها‪ .‬ولعل الحل الصحيح والمثل لهذه القضية‬
‫هو تعويد الولد على استعمال الفرشاة‪ ،‬خاصة قبل النوم‪ ،‬فإن بقاء بعض الطعمة‪،‬‬
‫والحلوى على السنان أثناء النوم تسبب تعفنها السريع‪ ،‬وبالتالي يوجد التسوس‬
‫الذي يفتك بالسنان‪.‬‬
‫والصرار على الولد في استعمال الفرشاة أمر مهم‪ ،‬فل ينبغي مجاملته في‬
‫ذلك أبدا‪ ،‬بل يعود استعمالها بعد كل أكل‪ ،‬بل وحتى بعد كل شيء يتناوله من‬
‫الطعمة ‪ -‬إن أمكن ‪ -‬فل يبقى على أسنانه شيء من الطعام طول الوقت‪.‬‬
‫ويحفظ الولد من تناول المشروب البارد بعد المشروب الحار‪ ،‬أو العكس‪ ،‬فإن‬
‫هذا أيضا من أعظم أسباب تلف السنان‪ ،‬كما يجنب استعمال أسنانه في كسر‬
‫الشياء الجافة القاسية‪ ،‬ويحفظ من أكل العلك الحلو‪ .‬ويعود قدر المكان على‬
‫استعمال السواك‪ ،‬فإن الرسول صلى ال عليه وسلم حث عليه‪ ،‬وبين أنه طيب للفم‪،‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وطاعة للرب‪ ،‬فقال‪(( :‬السواك مطهرة للفم‪ ،‬مرضاة للرب))‪ .‬وقد كاد عليه الصلة‬
‫والسلم أن يأمر به‪ ،‬ويوجبه على المسلمين‪ ،‬لعظم فائدته ومنفعته‪ ،‬فقال عليه‬
‫الصلة والسلم‪(( :‬لول أن أشق على أمتي أو على المؤمنين لمرتهم بالسواك عند‬
‫كل صلة))‪ .‬وقد ثبت مؤخرًا ((أن في المسواك أملحا معدنية‪ ،‬ومواد عضوية‪،‬‬
‫ومضادات حيوية تطهر السنان‪ ،‬ومواد تقوي جدار اللثة))‪ .‬وهذا البيان العلمي‬
‫الحديث لفوائد المسواك ل يزيد الب المسلم إل يقينا بصدق كل ما جاء عن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم من قول أو فعل‪ ،‬وإن كان المفترض في المسلم أنه ل‬
‫يحتاج إلى دليل علمي تجريبي‪ ،‬لثبات صحة ما جاء عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم إل أن مثل هذه الحقائق العلمية‪ ،‬تقوي اليقين خاصة عند ضعاف اليمان‪.‬‬
‫وبإمكان الب تعويد أولده على استعمال المسواك‪ ،‬من خلل القدوة أول‪ ،‬ثم‬
‫عن طريق التوجيه المباشر‪ ،‬وتقديم قطع من أغصان شجر الراك الرقيقة إليهم‪.‬‬
‫ويحاول من وقت لخر جلب مجموعة منها إلى البيت وتوزيعها باهتمام عليهم‪ ،‬أما‬
‫إن كان في بلد ل يتوفر فيه هذا النوع من الشجر‪ ،‬ول يجلب إليه‪ ،‬أو أن بيته بعيد‬
‫عن موقع بيعه‪ ،‬فيمكن تأمين كمية منه‪ ،‬وحفظها في الثلجة داخل كيس من الورق‬
‫وآخر من البلستيك‪ ،‬فإن التجربة أثبتت إمكانية بقائه بهذه الحتياطات في حالة‬
‫جيدة‪ .‬وليس من الضروري أن يعرف الولد الطريقة الصحيحة في استعمال‬
‫السواك بادئ المر‪ ،‬فإن هذا يحصل لهم بالمران والتعود‪ ،‬وإن لم يكن في استعمال‬
‫السواك سوى القتداء بالرسول صلى ال عليه وسلم فإنه يكفي ذلك دافع ًا ومحركاً‬
‫للهتمام به‪ ،‬والمجاهدة في جلبه‪ ،‬وحفظه‪ ،‬وتعويد الولد على استعماله‪.‬‬
‫ومما يلحظ على بعض الطفال في مسألة النظافة‪ :‬إهمال تنظيف اليد والفم‬
‫بعد الكل‪ ،‬وخاصة قبل النوم‪ ،‬ووجود شيء من الدسم أو الدهن على يد الولد أو‬
‫ملبسه أثناء النوم‪ ،‬يؤدي في بعض الحيان إلى جلب بعض القوارض والدواب إلى‬
‫فراش الولد‪ ،‬وربما لدغ من بعضها‪ ،‬وقد كان يكفي توجيه الولد إلى غسل يده وفمه‬
‫بالصابون قبل النوم‪ ،‬وإزالة الوساخ وبقايا الطعام‪ ،‬وقد جاءت السنة المطهرة بهذا‬
‫التحذير والتنبيه‪ ،‬فقد قال عليه الصلة والسلم‪(( :‬إذا نام أحدكم وفي يده ريح غمر‪،‬‬
‫فلم يغسل يده فأصابه شيء‪ ،‬فل يلومن إل نفسه))‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ول يضر الب أن يمر على أولده كل ليلة في غرفهم قبل أن يناموا‪ ،‬ويتابع‬
‫نظافتهم واهتمامهم بذلك‪ ،‬ول بأس أن يشم أيديهم‪ ،‬فمن وجد في يده رائحة بقايا‬
‫الطعام أمره بغسلها‪ ،‬ومن لم يستك‪ ،‬أو يستعمل الفرشاة‪ ،‬أمره بالمسارعة بتنظيف‬
‫أسنانه قبل النوم‪ ،‬وهذا العمل ل يكلف الب أكثر من بضع دقائق يقضيها في هذه‬
‫المتابعة الشيقة‪ ،‬خاصة وأن الولد يتنافسون في كون كل واحد منهم أنظف من‬
‫أخيه‪ ،‬وأن رائحة يده أطيب من غيره‪ ،‬ويضفي الب على هذه المتابعة جوا من‬
‫الملطفة والمداعبة‪ ،‬متجنبا السخرية والتعنيف‪.‬‬
‫ويحبب الب إلى أولده الطيب‪ ،‬كالعود‪ ،‬والورد‪ ،‬والعنبر‪ ،‬والمسك‪ ،‬وغيرها‬
‫مع تجنب العطور المصنعة والممتزجة بالكحول‪ ،‬لن أكثر أهل العلم يقولون‬
‫بنجاستها‪ ،‬والب يحتاط لولده في جميع القضايا‪ ،‬ومن تعود استعمال هذه العطور‬
‫الطبيعية في صغره‪ ،‬فإنه في العادة ل يميل إلى غيرها في كبره‪ .‬وهذه العطور التي‬
‫كانت على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وكان يحبها ويقول‪(( :‬حبب إلي‬
‫من الدنيا النساء والطيب وُجعل قرة عيني في الصلة))‪.‬‬
‫وقد وقت رسول ال صلى ال عليه وسلم مدة أربعين ليلة كحد أقصى لتقليم‬
‫الظفار والخذ منها‪ ،‬والب يحرص على تعهد ولده‪ ،‬وأمر الهل بتنظيف أظفار‬
‫الولد‪ ،‬والخذ منها أول بأول‪ ،‬خاصة بالنسبة للرضيع‪ ،‬فإنه في العادة يخدش وجهه‬
‫بأظفاره‪ .‬أما الولد الكبير إذا أهملت أظفاره حشيت تحتها الوساخ‪ ،‬والقاذورات حتى‬
‫تتعفن‪ ،‬فتضره‪ ،‬وتؤذيه‪.‬‬

‫‪ - 18‬أهمية اللعب والرياضة لصحة الطفل العامة‬


‫ل من جميع النواحي الخلقية‪،‬‬
‫يهتم السلم بإعداد أفراده إعداداً متكام ً‬
‫والفكرية‪ ،‬والجسمية‪ ،‬ول يقتصر على ناحية منها دون أخرى‪.‬‬
‫ومن الجوانب التي يهتم بها هذا الدين‪ ،‬ويألوها اهتماماً‪ :‬القوة في البدن‪ ،‬مع‬
‫كمال الهيئة‪ ،‬وانتصاب القامة‪ .‬فالقوة الجسمية ـ مع العلم ـ أساس للقيادة‬
‫والرئاسة‪ ،‬وهذا مستنبط من قول ال تعالى ـ عند بيان سبب اختيار طالوت للملك‬
‫جسْمِ‪[ }...‬البقرة‪:‬‬
‫طةً فِي ا ْلعِ ْل ِم وَا ْل ِ‬
‫طفَاهُ عَ َليْكُ ْم َوزَا َد ُه بَسْ َ‬
‫على قومه ـ‪{ :‬قَالَ إِنّ الَّ اصْ َ‬
‫‪ .]247‬فل بد للقيادة من العلم النافع الصحيح‪ ،‬والقوة في الجسم‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وجاء المر من ال عز وجل بالعداد‪ ،‬والستعداد بكل أنواع القوة حسب‬


‫ن ِربَاطِ‬
‫ستَطَ ْعتُ ْم مِنْ ُقوّ ٍة وَمِ ْ‬
‫المكانات المتوافرة‪ ،‬فقال ال تعالى‪{ :‬وَأَعِدّوا َلهُ ْم مَا ا ْ‬
‫لّ وَعَ ُدوّ ُكمْ …} [النفال‪ .]60:‬وجاء لفظ ((قوة)) في الية‬
‫ن ِبهِ عَ ُدوّ ا ِ‬
‫خ ْيلِ ُترْ ِهبُو َ‬
‫الْ َ‬
‫نكرة‪ ،‬غير معرفة‪ ،‬لتفيد إعداد كل ما يدخل تحت معنى القوة من إعداد جسمي‬
‫للمقاتلين‪ ،‬أو إعداد فني بالخطط والدراسات‪ ،‬أو إعداد تجهيزي بالسلح والعتاد‪.‬‬
‫وفي هذا يقول عليه الصلة والسلم مادحاً المؤمن القوي‪ ((:‬المؤمن القوي خير أو‬
‫أفضل وأحب إلى ال من المؤمن الضعيف وكل خير))‪.‬‬
‫وبناء على هذه الهمية الخاصة بالجسم‪ ،‬فإن كل نشاط مشروع يفيد الجسم‬
‫ويقويه يعد نشاط ًا مستحباً ومطلوباً‪ ،‬فاللعب والرياضة وأنواعهما المشروعة‪:‬‬
‫تصبان في هذا السبيل‪ ،‬وتعدان رافداً جيدًا لتقوية البدن‪ ،‬وصلبة العظام‪ ،‬وتنمية‬
‫العضلت‪ ،‬فإن مقصود الجهاد والعداد هو نفس المقصود والغاية من الرياضة‬
‫وممارستها‪ ،‬فإن الرماية‪ ،‬والسباحة‪ ،‬وركوب الخيل‪ ،‬وسائل من وسائل الجهاد‪.‬‬
‫والب يحرص على رعاية أولده من هذه الناحية‪ ،‬ويوجههم إلى أفضل السبل‬
‫المشروعة للستفادة من طاقاتهم الحيوية‪ ،‬وقدراتهم الجسمية بما يعود عليهم‪،‬‬
‫وعلى المة‪ ،‬بالقوة والمنعة‪.‬‬
‫ول ينبغي تذرع بعض الباء بالخوف على أولدهم‪ ،‬فيمنعونهم من ممارسة‬
‫النشاطات البدنية‪ ،‬فإن هذا الخوف يجعلهم اتكاليين‪ ،‬ضعيفي الرادة والقدرة‪ ،‬كما‬
‫أن تحقق هذا المطلب للباء بعيد المنال؛ لن الحركة عند الطفل غريزة قوية‪ ،‬ومن‬
‫المستحيل التفكير في الحد منها‪ ،‬أو كبتها‪.‬‬
‫وقد راعت الشعوب والقوام المختلفة حاجة الطفال الصغار إلى اللعب‬
‫والحركة منذ أقدم العصور‪ ،‬فهذه الحفريات تثبت أن الفراعنة كانت لديهم ألعاب‬
‫للطفال من طين‪ ،‬وفخار‪ ،‬وخشب‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وعندما جاء السلم‪ ،‬وظهر نوره في‬
‫المدينة المنورة‪ ،‬أق ّر رسول ال صلى ال عليه وسلم بعض أنواع النشاطات‬
‫البدنية‪ ،‬كسباق الخيل‪ ،‬وكان يشرف على ذلك بنفسه‪ .‬وكان عليه الصلة والسلم‬
‫يقوم ببعض النشاطات البدنية الخرى مع الولد‪ ،‬فكان ((يَصفّ عبدال وعبيدال‬
‫وكثيرًا من بني العباس ثم يقول‪ :‬من سبق إليّ فله كذا وكذا‪ ،‬قال‪ :‬فيستبقون إليه‬
‫فيقع على ظهره وصدره فيقبلهم ويلزمهم))‪ .‬وهذا من أبلغ ما نُقل عنه عليه الصلة‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والسلم في إقرار الرياضة‪ ،‬وممارسة النشاطات البدنية المختلفة مع الولد‪ .‬وقد‬


‫سبق عليه الصلة والسلم بفعله هذا رجال التربية الحديثة الذين اعتبروا اللعب‬
‫ضرورة هامة لنمو الفرد الجسمي والعقلي‪.‬‬
‫ومن هنا تكون الرياضة واللعب جائزتين في السلم‪ ،‬وتجوز ممارستها‬
‫وتتأكد بالنسبة للطفال؛ لحاجتهم الطبيعية إلى الحركة واللعب‪.‬‬
‫ويعتبر من السهل نقل إجماع أكثر رجال التربية على أهمية اللعب والحركة‬
‫ودورهما الهام في تنمية قوى الطفل‪ ،‬الجسمية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬والخلقية‪ ،‬والجتماعية‪.‬‬
‫ففي مجال التنمية الذهنية للطفل‪(( :‬أثبتت البحاث أن الطفال الذين تكون لديهم‬
‫المكانات والفرص للعب … تنمو عقولهم نمواً أكثر وأسرع من غيرهم ممن لم‬
‫تتح لهم هذه الفرص وتلك المكانات))‪ .‬وفي مجال تنمية القوى الجسمية‬
‫وتنشيطها‪ ،‬فإن لعب الطفال يكسبهم مهارات حركية‪ ،‬فالقفز‪ ،‬والجري‪ ،‬والتسلق‪،‬‬
‫والتسابق وغيرها من النشاطات الجسمية يكتسب منها الطفل قدرات حركية‪ ،‬إلى‬
‫جانب أن اللعب يساهم مساهمة كبيرة مع الغذاء في زيادة وزن الطفل‪ ،‬وحجمه‬
‫ويساعد على نمو أجهزته الجسمية المختلفة‪.‬‬
‫أما في الجانب الجتماعي والخلقي فإن ممارسة الطفل للعب وسط مجموعة‬
‫من القران‪ ،‬يساعده على التكيف الجتماعي‪ ،‬وقبوله آراء الجماعة‪ ،‬وإيثارها على‬
‫النفس‪ ،‬والتخلص من النانية وحب الذات‪ ،‬إلى جانب ظهور القيادات بين الولد‪،‬‬
‫وتعلم أساليبها وطرق ممارستها‪ .‬كما أن المباريات المختلفة بين الطفال تعتبر‬
‫مجا ًل جيداً لصرف المشاعر العدوانية عندهم‪ .‬وممارسة الطفل للدوار الجتماعية‬
‫المختلفة كالب‪ ،‬والم‪ ،‬والطبيب‪ ،‬والجندي‪ ،‬في لعبه التمثيلي‪ :‬يجعله يتقلب بين‬
‫هذه الشخصيات المختلفة‪ ،‬فيكتسب منها أدباً اجتماعي ًا في كيفية التعامل مع هذه‬
‫الفئات‪ ،‬والشخصيات الجتماعية المختلفة‪.‬‬
‫ومن فوائد اللعب أيضاً‪ :‬أنه يساعد الطفل على معرفة البيئة من حوله‪،‬‬
‫فيكتشف أولً غرفته التي يعيش فيها ومحتوياتها‪ ،‬ثم يتعرف على باقي غرف‬
‫البيت‪ ،‬وما فيها من أثاث‪ ،‬ويتدرج في ذلك ليخرج فيتعرف على ما يحيط بالبيت من‬
‫منازل‪ ،‬وحدائق‪ .‬وهكذا فالطفل في نمو مطرد‪ ،‬ومستمر‪ ،‬وظاهر حركته اللعب‬
‫واللهو‪ ،‬ولكنه لعب مفيد‪ ،‬يزيد في معرفته ومعلوماته‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وقد أشار إلى أهمية اللعب المام الغزالي‪ ،‬وتنبه إلى ذلك من جهة حث الولد‬
‫على طلب العلم‪ ،‬وعدم التنفير منه فقال رحمه ال‪(( :‬وينبغي أن يؤذن له بعد‬
‫النصراف من الكتاب أن يلعب لعباً جميلً يستريح إليه من تعب المكتب بحيث ل‬
‫يتعب في اللعب‪ ،‬فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه إلى التعليم دائمًا يميت قلبه‬
‫ويبطل ذكاءه وينغص عليه العيش‪ ،‬حتى يطلب الحيلة في الخلص منه رأساً))‪.‬‬
‫وهذه لفتة هامة من المام الغزالي تبين أثر اللعب في النشاط الفكري للولد‪ ،‬وأن‬
‫فيه راحة للعقل من كثرة التلقي‪ ،‬كما أن في إهماله إيذاء للولد وتضييقاً عليه في‬
‫عيشه‪ ،‬ودفعاً له لتخاذ الحيلة غير المشروعة‪.‬‬
‫وقال رحمه ال حول أهمية الحركة والرياضة للولد‪(( :‬ويُعوّد في بعض النهار‬
‫المشي والحركة والرياضة حتى ل يغلب عليه الكسل))‪ ،‬وقال بعض الحكماء‪:‬‬
‫((الخلق المعتدل‪ ،‬والبنية المتناسبة دليل على قوة العقل وجودة الفطنة))‪ ،‬وقد‬
‫أثبتت التجارب ما أشار إليه الغزالي من أن هناك علقة بين حركة الجسم والعقل‪،‬‬
‫((فالتمرينات العضلية التي تسبق العمل الفكري تؤدي إلى تحسينه غالباً وزيادة‬
‫نشاطه))‪ ،‬كما أنها في الجانب الخر ((تنمي كتلة العضلت‪ ،‬وتزيد من قدرتها على‬
‫المقاومة‪ ،‬كما تزيد ضخامة العظام‪ ،‬وتيسر سرعة الحركة ورشاقتها))‪.‬‬
‫ومما تقدم نجد أن الرياضة البدنية ضرورية لعداد الفراد اللئقين بدنياً‪،‬‬
‫وعقلياً‪ ،‬واكتساب القامة المعتدلة‪ ،‬وإعطاء الجهاز الدوري‪ ،‬والدورة الدموية كفاءة‬
‫جيدة مع حماية الجسم من المراض‪ ،‬ولقد نص الميثاق الدولي للتربية البدنية‬
‫والرياضية في مادته الولى على أن الرياضة حق أساسي للجميع‪ ،‬وأنه يجب توفير‬
‫برامج للتربية البدنية والرياضية للطفال‪ ،‬في سن ما قبل المدرسة‪.‬‬
‫وهذه أدلة كافية وواضحة على أهمية هذا الجانب في حياة الولد‪ ،‬حيث يتحمل‬
‫الب المسؤولية الكبرى في إعداد وتكوين الجو المناسب لبنه‪ ،‬لستغلل طاقاته‬
‫وقدراته الجسمية في ممارسة اللعاب والنشاطات البدنية المختلفة التي تعود عليه‬
‫بالنفع‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ - 19‬مكان اللعب والرياضة للطفل ووقتهما المناسب‬


‫يميل الولد إلى الحركة واللعب في جميع الوقات‪ ،‬وفي كل مكان‪ ،‬ومن‬
‫الصعب المتعذر منعهم من ذلك‪ ،‬فاللعب في مرحلة الطفولة هو مهنة الطفل التي‬
‫يعبر بها عن نفسه‪ ،‬وكيانه‪ ،‬ويفهم عن طريقها الوجود والبيئة من حوله‪ ،‬لهذا ل‬
‫ينبغي أن يمل الب من كثرة حركة ولده ونشاطه‪ ،‬فهي ضرورة لنموه‪ ،‬وطبيعة في‬
‫أصل خلقته وتكوينه‪.‬‬
‫ول يعني هذا ترك الولد بل توجيه وإرشاد في اختيار مكان ووقت اللعب‪ ،‬فإن‬
‫هذه مسؤولية الب يحددها مع الولد دون إفراط أو تفراط‪.‬‬
‫وفيما يخص مكان اللعب فقد ثبت في السنة المطهرة أن مكان لعب الولد على‬
‫عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم وما بعده في عهد الخلفاء‪ :‬كان في الطريق‪،‬‬
‫وكانوا يقرونهم على ذلك‪ ،‬ول ينكرون عليهم‪ ،‬وليمنعونهم‪ ،‬فقد روى المام أحمد‬
‫في المسند أن رسول ال صلى ال عليه وسلم خرج إلى طعام كان قد دعي إليه مع‬
‫بعض أصحابه‪(( ،‬فاستقبل رسول ال صلى ال عليه وسلم أمام القوم وحسين مع‬
‫الغلمان يلعب فأراد رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يأخذه فطفق الصبي ههنا‬
‫مرة‪ ،‬وههنا مرة فجعل رسول ال صلى ال عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه))‪.‬‬
‫وعن عقبة بن الحارث قال‪(( :‬صلى أبو بكر رضي ال عنه العصر‪ ،‬ثم خرج‬
‫يمشي‪ ،‬فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه وقال‪ :‬بأبي شبيه بالنبي‬
‫لشبيه بعلي‪ .‬وعلي يضحك))‪ .‬وكان عمر الحسن إذ ذاك سبع سنوات‪.‬‬
‫وروي أن عمر بن الخطاب رضي ال تعالى عنه مر على عبد ال بن الزبير‬
‫وهو صبي يلعب مع الصبيان ففروا ووقف هو‪ ،‬فقال له عمر‪(( :‬مالك لم تفر مع‬
‫أصحابك ؟)) قال‪(( :‬ياأمير المؤمنين لم أجرم فأخاف‪ ،‬ولم تكن الطريق ضيقة‬
‫فأوسع لك))‪ ،‬ومر ابن عمر رضي ال عنهما مرة في الطريق فرأى صبيانا‬
‫فأعطاهم درهمين‪.‬‬
‫ومما تقدم من الحاديث والروايات يتضح أن لعب الصبيان على عهد رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعهدي أبي بكر وعمر‪ :‬كان في الطريق دون نكير‪ ،‬أو‬
‫منع‪ .‬ولعله كان أنسب مكان للعب في ذلك الوقت‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫أما في ظروف اليوم‪ ،‬وأحوال المدن فإن لعب الولد في الطريق يعد مخاطرة‬
‫بحياتهم‪ ،‬لوجود السيارات‪ ،‬والعربات‪ ،‬والدراجات النارية التي تغدو وتروح‪ ،‬أما في‬
‫ذلك العهد القديم لم تكن هناك خطورة‪ ،‬فوسائل النقل كانت الدواب وخطرها على‬
‫المارة قليل‪.‬‬
‫والمستحسن اليوم توفير أماكن مأمونة للعب الولد في داخل أحياء المدن‬
‫المزدحمة‪ ،‬وتسويرها‪ ،‬لضمان حمايتهم من خطر السيارات‪ ،‬كما يمكن تأمين أندية‬
‫خاصة بالطفال‪ ،‬أو فروع خاصة بالطفال داخل الندية الرياضية الكبيرة ليمارس‬
‫الولد فيها لعبهم‪.‬‬
‫وإن لم يتمكن الب من كل هذا‪ ،‬ولم تتوفر هذه المكانات‪ ،‬خصص لولده‬
‫مكانا في فناء المنزل‪ ،‬أو على سطحه‪ ،‬أو على القل خصص غرفة في البيت‬
‫يمارس فيها الولد بعضاً من لعبهم‪ ،‬ورياضتهم السهلة‪ ،‬ويكمل هذا النقص‬
‫الحاصل من ممارستهم للرياضة في البيت بأخذهم من وقت لخر خارج المدينة في‬
‫نزهة حيث الهواء الطلق‪ ،‬والمكان المأمون لممارسة بعض النشاطات الرياضية‬
‫الخرى‪.‬‬
‫أما إن كان سكن الب خارج المدينة في قرية من القرى البعيدة عن صخب‬
‫المدن‪ ،‬وازدحام السيارات‪ ،‬فإن لعب الولد في الطريق ل بأس به‪ ،‬مع مراعاة‬
‫الحقوق العامة‪ ،‬وآداب الطريق‪.‬‬
‫ويتخير الب لولده وقت اللعب حين اعتدال الجو‪ .‬ويحذرهم من اللعب في‬
‫الشمس أثناء شدة حرارتها في الظهيرة‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم فيما روي‬
‫عنه‪(( :‬لتطيلوا الجلوس في الشمس‪ ،‬فإن الشمس تغير اللون‪ ،‬وتقبض الجلد‪،‬‬
‫وتبلي الثوب‪ ،‬وتبعث الداء الدفين))‪ .‬وربما أصيب الولد بالضربة الشمسية‪ ،‬لطول‬
‫مكثه تحت أشعتها الحارة‪ ،‬فيراعي الب هذه القضية الصحية‪ ،‬خاصة إن كان في‬
‫بلد حارة‪ ،‬فيتخذ مظلة في فناء الدار تقي الولد أشعة الشمس‪ ،‬أو يلزمهم باللعب‬
‫وقت اعتدال الجو‪ ،‬ويشغلهم في غير ذلك الوقت باللعب داخل المنزل‪.‬‬
‫وروي أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أمر عليا رضي ال عنه أن ل يبقي‬
‫الحسن والحسين ‪-‬رضي ال عنهما‪ -‬في الحر‪ ،‬فقد روت فاطمة ‪-‬رضي ال عنها‪: -‬‬
‫((أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أتاها يوما فقال‪ :‬أين ابناي ؟ فقالت‪ :‬ذهب‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫بهما علي‪ .‬فتوجه رسول ال صلى ال عليه وسلم فوجدهما يلعبان في مشربة‪.‬‬
‫وبين أيديهما فضل من تمر‪ .‬فقال‪ :‬ياعلي أل تقلب ابني قبل الحر))‪ .‬فهذا أمر من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لعلي بأن يحفظ الحسن والحسين ‪-‬رضي ال‬
‫عنهما‪ -‬من الحر‪ ،‬الذي يمكن أن يضر بهما‪ .‬وللب المسلم في رسول ال السوة‬
‫والقدوة في ذلك رحمة بالولد‪ ،‬وإشفاقا عليهم‪.‬‬
‫ويحفظ الب أولده أيضا من اللعب في المطر خاصة أثناء الصواعق والبرق‪،‬‬
‫فقد روي أن الحسن والحسين كانا عند رسول ال صلى ال عليه وسلم في المسجد‬
‫أثناء الصلة‪ ،‬فقال أبو هريرة رضي ال عنه بعد أن انتهت الصلة‪(( :‬أل أذهب‬
‫بهما عند أمهما ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬فبرقت برقة‪ ،‬فقال‪ :‬الحقا بأمكما‪ .‬فما زال يمشيان في‬
‫ضوئها حتى دخل )) ‪ .‬وفي هذا الحديث تظهر شفقة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وحرصه على سلمة الولد من أذى الصواعق والمطر‪ ،‬وأمره بحفظ الولد في‬
‫البيوت في هذه الوقات‪ ،‬وعدم السماح لهم باللعب خارجها حتى يصفو الجو‪.‬‬
‫وأفضل أوقات ممارسة الرياضة‪ :‬عند الصباح قبل تناول الفطار‪ .‬وتنظيم ذلك‬
‫يكون بعد استيقاظ الولد من نومه فيؤمر بالستحمام‪ ،‬ثم يعطى فرصة للعب بعض‬
‫الوقت‪ ،‬ثم يطعم شيئا يسيرا من الكل‪ ،‬ثم يعطى فرصة أطول للعب والستمتاع‪ ،‬ثم‬
‫يستحم ويأكل‪.‬‬
‫وينبغي الحذر من اللعب والرياضة أثناء امتلء البطن‪ ،‬وقبل انهضام الطعام‪،‬‬
‫فإن أفضل وقت لممارسة الرياضة عندما ل تكون المعدة ممتلئة ولخاوية‪ ،‬وذلك‬
‫لن الغذاء يحتاج في انهضامه إلى السكون والنوم‪ ،‬والحركة ل تساعد على حسن‬
‫الهضم‪.‬‬
‫وإن مراعاة الب لهذه القضايا الصحية يعود على أولده بالفائدة وحسن‬
‫الستمتاع باللعب والرياضة‪ ،‬ويحميهم من المراض واللم المتنوعة التي تحصل‬
‫عادة من مخالفة القواعد والداب الصحية‪.‬‬

‫‪ - 20‬اللعاب والرياضات المباحة للطفل‬


‫الب المسلم ملزم بأن يتقيد في جميع نشاطات وألعاب أولده بما هو مشروع‪،‬‬
‫ويتجنب ماهو محرم اتخاذه من اللعاب‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ولقد جاءت السنة المطهرة بأنواع من اللعاب الجائزة التي كانت تمارس على‬
‫عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬فمنها ما قام بممارسته شخصيا‪ ،‬ومنها ما‬
‫أقره‪ ،‬وأجراه‪ ،‬ولم ينكره‪ .‬وهذه كلها تدخل في باب اللعب المباح‪ .‬ومن هذه اللعاب‬
‫والرياضات المباحة التي وردت في السنة‪ :‬اللعب والرقص بالحراب في العياد‬
‫والمناسبات‪ ،‬فقد أقر رسول ال صلى ال عليه وسلم هذا النوع من اللعب في‬
‫مسجده‪ ،،‬وسمح للسيدة عائشة رضي ال عنها أن تستمتع بالنظر إليهم وهم‬
‫يلعبون‪ .‬وهذا النوع من اللعب فيه رجولة‪ ،‬وبطولة‪ .‬فالحجل أوالرقص جائز إذا خل‬
‫من الميوعة والتخنث‪ .‬وهذا النوع من اللعب يمكن أن يمارسه الولد الكبار‪،‬‬
‫مراعين استبدال الحراب الحديدية بأعواد من الخشب الرقيق لضمان حمايتهم من‬
‫احتمال الصابة على الرأس‪ ،‬أو الجسم‪ ،‬بضربة مؤلمة‪ .‬مع توجيه الب لهم بتجنب‬
‫الخشونة أثناء اللعب‪.‬‬
‫ومن اللعاب والرياضات المباحة أيضا‪ ،‬والتي يمكن أن يمارسها الولد الكبار‬
‫‪ -‬تحت إشراف الب ‪ :-‬السباق على القدام‪ ،‬فهو جائز بالكتاب والسنة وإجماع‬
‫المة فقد ثبت أن رسول ال صلى ال عليه وسلم مارسه شخصيا أكثر من مرة‪ ،‬مع‬
‫السيدة عائشة رضي ال عنها في بعض أسفاره‪ .‬وقد تقدم ذكر الحديث الذي رواه‬
‫المام أحمد في مقدمة هذا المبحث‪ ،‬والمتضمن قيام الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫بصف أبناء العباس رضي ال عنهم ثم أمرهم وحثهم على التسابق إليه‪ ،‬فيستبقون‬
‫ويقعون فيقبلهم‪ .‬وهذا دليل واضح على جواز هذا النوع من النشاط‪ ،‬ووضع جوائز‬
‫تشجيعية له لثارة النشاط‪ ،‬وبث روح التنافس الشريف بين الولد‪ .‬فيستحسن‬
‫للب أن يصطحب أولده في نزهة‪ ،‬من وقت لخر فيمارس معهم هذا النشاط‬
‫الترفيهي السهل‪ ،‬الخالي من التكلف‪ .‬ويعطي الفائز من الولد جائزة تشجيعية على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫أما رياضتا الرماية والسباحة‪ ،‬فقد تضمنهما الحديث الذي روي عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم حيث قال فيه‪(( :‬حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتابة‬
‫والسباحة والرماية وأن ليرزقه إل طيبا))‪ .‬وقد وردت أحاديث كثيرة في فضل‬
‫الرمي‪ ،‬منها ما رواه البخاري في صحيحه عندما شاهد رسول ال صلى ال عليه‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وسلم نفرا من أسلم ينتضلون فقال لهم‪(( :‬ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا))‪.‬‬
‫وفي هذا تحريض‪ ،‬وحث على تعلم الرمي‪ ،‬والتدرب عليه‪.‬‬
‫ويمكن للب ممارسة هذه الرياضة السلمية مع أولده عن طريق استخدام‬
‫القوس والسهام‪ ،‬كما كان الحال على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فقد‬
‫أصبح هذا النوع من الرياضة معروفا اليوم‪ ،‬وله هواته ومحبوه‪.‬‬
‫كما يمكنه استخدام بندقية الصيد التي تعمل بضغط الهواء‪ ،‬فإن خطرها هين‪،‬‬
‫سوى أنها تحتاج إلى قليل من العناية والنتباه تحت إشراف الب‪ .‬ويستحسن‬
‫ممارسة هذا النوع من النشاط في الخلء بعيدا عن المارة‪ ،‬أو على سطح المنزل‬
‫مع اتخاذ أسباب السلمة اللزمة‪.‬‬
‫أما السباحة فهي نشاط رياضي حيوي مفيد للبدن‪ ،‬ومن حق الولد أن يتدرب‬
‫عليها ليتعلمها‪ ،‬ويكون ذلك من خلل اصطحابه إلى أحد الشواطئ النقية المنة‪ ،‬أو‬
‫من خلل المشاركة في أحد الندية الرياضية المحافظة‪.‬‬
‫ويخصص الب يوما في السبوع لممارسة هذه الرياضة السلمية العريقة‪.‬‬
‫وإن توفر للب إمكانية تأمين حوض للسباحة في فناء منزله‪ ،‬فعليه مراعاة أن‬
‫يكون عمقه مناسبا‪ ،‬وحجمه مناسبا‪ ،‬وأن يأخذ بأسباب السلمة‪ ،‬وأهمها‪ :‬إشرافه‬
‫المباشر على نشاط الولد في الحوض‪ ،‬وأن يكون الحوض في مكان يمكن إغلقه‪،‬‬
‫فل يفتح إل بإذن الب‪ ،‬مع مراعاة جوانب السلمة الخرى المكملة لذلك من تأمين‬
‫أطواق النجاة‪ ،‬وطهارة المياه ونظافتها من الفات‪.‬‬
‫ول بأس باللعب بالعرائس‪ ،‬والدمى المصنعة خصيصا للطفال الصغار‪ .‬فقد‬
‫كان للسيدة عائشة في صغرها لعب من بينها فرس له جناحان تلهو به‪ ،‬وقد أقرها‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم على ذلك ولم ينكر عليها‪ .‬فاستعمال هذه الدمى‬
‫المجسمة كلعب للطفال ل بأس به‪ ،‬ولكن يراعي الب حسن اختيار نوع اللعبة‬
‫لولده‪ ،‬فل يكون اختياره لها عشوائيا‪ ،‬فما يصلح لعبة للبنت‪ ،‬ل ينفع دائما للولد‪.‬‬
‫ويميل الطفال إلى اللعب بالرجوحة‪ ،‬وهو من اللعب الجائز الذي كان على‬
‫عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد كانت السيدة عائشة رضي ال عنها‬
‫تلعب بها مع صاحباتها قبل دخول النبي صلى ال عليه وسلم بها‪ ،‬ويمكن للب‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫تأمين أرجوحة للولد‪ ،‬يضعها في فناء المنزل‪ ،‬أو على السطح‪ ،‬ويعطي أولده‬
‫فرصة للهو واللعب بها‪ ،‬فإن لم يتمكن من شرائها فإن من السهل تصنيعها من‬
‫الخشب والحبال‪ ،‬فل تكلفه إل اليسير من المال‪.‬‬
‫ومن اللعاب المحببة للولد أيضا اللهو بالرمل‪ ،‬والشغف والولع به‪ ،‬فل يكاد‬
‫يرى الطفل ‪ -‬خاصة الصغير ‪ -‬شيئا من الرمل في مكان ما إل وينطلق إليه لهيا به‬
‫دون ملل‪ .‬وهو ول الحمد من اللعب الجائز شرعا‪ .‬وقد روي أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم مر على صبيان يلعبون بالتراب فذهب بعض أصحاب النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم ينهونهم عن ذلك‪ ،‬فقال‪(( :‬دعهم فإن التراب ربيع الصبيان))‪ .‬وهذا‬
‫الحديث وإن كان غير صحيح إل أن معناه صحيح‪ ،‬لعظم شغف الصبيان بالتراب‪،‬‬
‫وحبهم له‪ ،‬فهو كالربيع عندهم‪ .‬والخلف الوارد في موضوع التراب خلف حول‬
‫جواز أكله‪ ،‬وليس ثمة خلف حول جواز لعب الصبيان به‪ .‬فإعطاء الولد فرصة في‬
‫بعض الوقات ليلهو بالرمل يعد نشاطا جيدا‪ ،‬خاصة بالنسبة للولد الصغار‪ .‬ومن‬
‫أفضل أماكن اللعب بالتراب‪ :‬شواطئ البحار حيث يقل الغبار‪ ،‬ويكون التراب نقيا‬
‫لكثرة احتكاكه بالماء أثناء عمليتي المد والجزر‪ .‬وخلط الرمل بالماء لطيف جدا‬
‫ويحبه الولد‪.‬‬
‫وينبغي أن يتجنب الب زجر الولد عند مبالغتهم في اللعب بالتراب أثناء‬
‫النزهة على شاطئ البحر‪ ،‬أو الصحراء‪ .‬وذلك لن الوقت وقت ترفيه ولعب وليس‬
‫وقت انضباط‪ ،‬وليس ثمة وقت ينطلق فيه الولد بل قيود إل في مثل هذه النزهات‬
‫البريئة‪ ،‬فل بد من التغافل عنهم بعض الشيء‪.‬‬
‫ومن النشاطات الجائزة أيضا‪ ،‬الرسم والتشكيل‪ ،‬حيث يجوز رسم الشجار‬
‫والحجار‪ ،‬دون ذوات الرواح‪ .‬كما يدخل في ذلك استعمال التصوير الفوتوغرافي‬
‫لمعالم الطبيعة وجمالها فهذا جائز بل خوف‪ .‬ومن المفيد أن يتعلم الولد ((عملية‬
‫التحميض))‪ ،‬وكيفية استخراج الصور من الفلم‪ ،‬فإنها عملية مشوقة ومسلية‪،‬‬
‫وسهلة التعلم‪ ،‬ول تحتاج إلى خبرة كبيرة‪.‬‬
‫وقد ازدهرت النشاطات الرياضية اليوم‪ ،‬واتسعت مجالتها‪ .‬وأدخلت إليها‬
‫ألعاب وهوايات كثيرة‪ ،‬ومن هذه اللعاب‪ :‬رياضة حمل الثقال‪ ،‬وألعاب القوى‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الخرى‪ ،‬وكرة القدم‪ ،‬واليد‪ ،‬والسلة‪ ،‬والطائرة‪ ،‬وكرة المضرب‪ ،‬وتنس الطاولة‪،‬‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫وهذه اللعاب في جملتها ل تتعارض في فكرتها مع التصور السلمي العام‬
‫لللعاب والنشاطات الرياضية‪ .‬إنما التعارض يحدث في قضايا فرعية ل علقة لها‬
‫بأساس اللعبة وفكرتها‪ .‬مثل كشف العورة‪ ،‬والتعصب لفريق معين‪ ،‬والخصام‬
‫والمشادة أثناء اللعب‪ ،‬وضعف الروح الرياضية‪.‬‬
‫وبإمكان الب التغلب على هذه الخطاء الفرعية‪ ،‬وتوفير بعض هذه اللعاب‬
‫لولده …‪ ،.‬وإعطاؤهم الفرصة لممارستها معاً‪ ،‬أو مع بعض أقاربهم‪ ،‬أو أبناء‬
‫الجيران فيمارسونها في فناء البيت‪ ،‬أو في النزهة‪ .‬ول بأس بالنضمام إلى فريق‬
‫المدرسة الرياضي‪ ،‬أو إلى ناد من النوادي الرياضية‪ ،‬إذا تيقن الب من صلح‬
‫القائمين على هذه النشاطات‪ ،‬وأن فائدتها المرجوة للولد أكبر من الضرر المتوقع‬
‫منها‪.‬‬
‫وتأمين مثل هذه اللعاب في البيت لمن كان مستطيعا من الباء يعد أفضل‬
‫وأحسن‪ ،‬خاصة وأنها ل تكلف كثيرًا‪ .‬فإن الفناء الذي يبلغ طوله عشرين إلى خمس‬
‫وعشرين مترا‪ ،‬وعرضه عشرة إلى خمسة عشر مترا‪ ،‬يمكن أن يكون ملعبا جيدا‬
‫لكثر من لعبة‪ .‬فكرة القدم‪ ،‬والسلة‪ ،‬واليد‪ ،‬والطائرة‪ ،‬وكرة المضرب‪ ،‬يمكن أن‬
‫تمارس في هذه المساحة‪ ،‬كل لعبة في وقت من الوقات‪ ،‬وذلك لن شكل المستطيل‬
‫هو شكل ملعب هذه الرياضات‪ ،‬فأي مساحة مستطيلة مناسبة الحجم تصلح أن‬
‫تكون ملعبا لحدى هذه اللعاب‪ ،‬مع التحكم في عدد اللعبين بالنسبة للمساحة‪.‬‬
‫أما بالنسبة لبعض الجهزة الرياضية مثل أدوات ألعاب القوى فيمكن أن توضع‬
‫في غرف الولد لصغر حجمها‪ ،‬علما بأن رياضة حمل الثقال‪ ،‬ومعرفة من يمكنه‬
‫رفع الثقل وزنا جائزة‪.‬‬
‫وبهذا السلوب يستغل الب طاقات الولد‪ ،‬وأوقات فراغهم بما يعود عليهم‬
‫بالفائدة‪ ،‬إلى جانب إشباع نهمهم من ممارسة رياضاتهم المفضلة في جو طاهر‬
‫بعيدًا عن التوترات‪ ،‬والمضايقات‪ ،‬والسباب‪ ،‬الذي يصاحب عادة أجواء بعض أندية‬
‫الحياء السكنية أو الندية الرسمية‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ومن الرياضات السلمية المعروفة‪ :‬رياضة ركوب الخيل‪ ،‬وهي رياضة‬


‫مشهورة على المستوى العالمي في القديم والحديث‪ ،‬وتدريب الولد على ركوب‬
‫الخيل يعتبر نشاطا رياضيا جيدا‪ ،‬حيث يمكن للب تسجيل ولده في أحد الندية‬
‫المخصصة لهواة ركوب الخيل‪ ،‬فيصطحبه من وقت لخر لممارسة هذه الهواية‪.‬‬
‫ول ينبغي حصر رياضة الركوب والقيادة على الخيول فقط‪ ،‬بل يتعداها إلى كل‬
‫ما يمكن أن يركب‪ ،‬ويقاد‪ ،‬ويتخذ أداة للصيد‪ ،‬أو الحرب‪ ،‬فالسيارات تدخل في هذا‬
‫العموم أيضاً‪.‬‬
‫والولد يميلون ويرغبون في اكتشاف طريقة قيادة السيارات‪ ،‬ويتمنى أكثرهم‬
‫قيادة السيارة‪ ،‬وتحريك عجلة القيادة‪ .‬وليس ثمة محظور شرعي يتذرع به الب‬
‫لمنع تعليم ولده الكبير قيادة السيارة‪ ،‬وإشباع رغبته في هذا الجانب‪ ،‬وحمايته من‬
‫احتمال إغراء بعض المنحرفين له بقيادة السيارة لينالوا منه مأرب ًا خبيثاً‪.‬‬
‫وربما أدى منع الولد من تجربة قيادة السيارة‪ :‬إلى سرقتها على حين غفلة‬
‫من الب‪ ،‬وربما أدى ذلك إلى كارثة ل تحمد عقباها‪.‬‬
‫والولى قيام الب في بعض الوقات بتعليم ولده قيادة السيارة من باب تعليمه‬
‫ركوب الخيل‪ ،‬وإعطائه فرصة إشباع رغبته في ذلك‪ ،‬مراعيًا أن يخرج به للتعلم‬
‫بعيدًا عن تجمعات الناس‪ ،‬وازدحام السيارات‪.‬‬
‫والمقصود هنا أن اللعاب الرياضية والهوايات المشروعة كثيرة ل تحصر‪،‬‬
‫ويمكن الستغناء بها عن اللعاب المحرمة أو المكروهة‪ ،‬فهذا من مسؤوليات الب‬
‫داخل أسرته ومكان سلطانه‪.‬‬

‫‪ - 21‬اللعاب والرياضات المحظورة على الطفل‬


‫جاءت الشريعة السلمية بتحريم بعض اللعاب التي كانت على عهد رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم مثل اللعب بالنرد؛ وهو عبارة عن قطعتين مكعبتي الشكل‪،‬‬
‫على كل وجه من وجوهها رقم‪ ،‬يبدأ من العدد واحد‪ ،‬وحتى العدد ستة‪ .‬قال عنها‬
‫عليه الصلة والسلم فيما رواه المام مسلم في صحيحه‪(( :‬من لعب بالنردشير‬
‫فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه))‪ ،‬وفي رواية صحيحة عند الحاكم في‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫المستدرك‪(( :‬من لعب بالنرد فقد عصى ال ورسوله))‪ ،‬وفي رواية أخرى له أيضاً‬
‫بلفظ‪(( :‬من لعب بالكعاب أو قال بالكعبات فقد عصى ال ورسوله))‪ .‬وألفاظ‬
‫الحاديث كلها تخص النرد المعروف‪ ،‬والمسمى اليوم بالزهرأو الطاولة‪.‬‬
‫والنردشير‪ :‬هو النرد‪ ،‬والكلمة أعجمية معربة‪ .‬والكعاب‪ :‬هي أيض ًا فصوص النرد‪.‬‬
‫وهذه الحاديث واضحة في تحريم اللعب بالنرد مطلقاً‪ ،‬وقد اتفق السلف‬
‫رضوان ال عليهم على حرمة اللعب به؛ ونقل بعضهم الجماع على ذلك‪ ،‬وهذا لنه‬
‫يورث العداوة والبغضاء عند اللعبين‪ ،‬ويصدهم عن الذكر والصلة‪ ،‬ويشغل القلب‬
‫بغير ال‪.‬‬
‫ويقاس على ذلك الشطرنج‪ ،‬فقد ذهب جمهور العلماء إلى تحريمه والمنع منه‪،‬‬
‫ولعل علة تحريمه كعلة تحريم النرد؛ لما يوقعه في النفس من الشحناء‪ ،‬والبغضاء‪،‬‬
‫والكراهية‪ ،‬واللتهاء عن الذكر والعبادة‪ .‬وقد ذكر البيهقي رحمه ال أقوال السلف‬
‫في ذمه وكرهه ـ بعد أن ذكر أقوال بعض الذين رخصوا فيه ـ ثم بين أن الكثر على‬
‫حرمته‪ ،‬ومنهم من يُحتج بقوله‪.‬‬
‫وهاتان اللعبتان المشهورتان‪ ،‬يحذرالب المسلم من تقديمهما لولده‪ ،‬أو‬
‫السماح لهم باللهو‪ ،‬أو اللعب بهما؛ بل عليه أن يؤمن لهم من اللعاب المباحة ما‬
‫يشغل فراغهم‪ ،‬ويسد حاجتهم‪ .‬ففي ما أباح ال من اللهو كفاية‪ .‬ول يلتفت إلى‬
‫الخلف في هذه المسألة‪ ،‬فإن الحتياط في مثل هذه القضايا مطلوب‪ ،‬خاصة وأن‬
‫مذهب الجمهور التحريم والمنع؛ كما تقدم‪.‬‬
‫ومن اللعاب المنهي عنها أيضاً‪ ،‬والتي كانت على عهد رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬اللعب بالحمام على سبيل تطييرها‪ ،‬وإضاعة الوقت بها‪ .‬فقد قال عليه‬
‫ل يتبع حمامة‪(( :‬شيطان يتبع شيطانة))‪ .‬أي يقفو‬
‫الصلة والسلم عندما رأى رج ً‬
‫سمّي شيطاناً؛ لشتغاله بما ل يعنيه‪ ،‬وسُمّيت شيطانة‪ ،‬لنها‬
‫أثرها ويلعب بها‪ ،‬و ُ‬
‫ألهته عن الحق‪ ،‬وشغلته عما يهمه في دينه ودنياه‪ .‬وهذا الفعل من عمل أهل‬
‫البطالة قليلي المروءة‪ .‬فيكره اللعب بها‪ .‬أما اتخاذ الحمام ونحوه للكل‪ ،‬والتكاثر‪،‬‬
‫والنس بها فل بأس‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ويجنب الب أولده تصوير وتجسيم ذوات الرواح؛ لورود النهي عن ذلك‪،‬‬
‫ويشغلهم بالرسم والتصوير المباح للحجر أوالشجر‪ ،‬ويصرفهم عن هذه اللعاب‬
‫بالبدائل المباحة‪.‬‬
‫ويحذر الب من مشاركة أولده في بعض اللعاب التي تدخل في القمار‪ ،‬مثل‬
‫شراء ما يسمى ((باليانصيب)) المعتمد على الحظ في كسب المال‪ ،‬فهو من الكسب‬
‫المحرم‪ ،‬إلى جانب أنه يضيع المال‪ ،‬وكذلك يمنعهم من جميع أنواع الرهان‪ ،‬إل ما‬
‫ورد إباحته في الشرع من أمور العداد للحرب؛ لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬ل‬
‫سبق إل في خف أو نصل أو حافر))؛ فالتسابق بغير عوض جائز في جميع أنواع‬
‫الرياضات‪ ،‬أما ما وضع له عوض‪ ،‬فإنه ل يجوز‪ ،‬إل فيما حدده الحديث بالتسابق‬
‫بين الخيل‪ ،‬والبل‪ ،‬وفي الرمي؛ لنها من آلت الحرب المُرغّب في تعلم فنونها‪.‬‬
‫وقد جاءت الحضارة المادية اليوم بألعاب كثيرة مباحة في أصلها وفكرتها‪،‬‬
‫ولكنهم أضافوا إليها إضافات منحرفة‪ ،‬وصبغوها بصبغة قبيحة مذمومة‪ .‬ومن هذه‬
‫اللعاب المصارعة بين شخصين‪ ،‬فهي في الصل جائزة‪ ،‬إنما الممنوع الذي‬
‫يخرجها عن كونها جائزة شرعاً‪ :‬الوحشية‪ ،‬والفوضى التي تُشاهد في حلبات‬
‫المصارعة في هذه اليام‪ ،‬إلى جانب محظورات كشف العورة‪.‬‬
‫وأما المصارعة الصحيحة والمباحة ((تكون في إظهار القوة بالتغلب على‬
‫الخصم وطرحه على الرض والتحايل في صد هجمات العدو‪ ،‬وعدم تمكينه من النيل‬
‫منه‪ ،‬وكل ذلك يتم بمهارة وفن‪ ،‬ل بالضرب واللكم))‪.‬‬
‫ويدخل أيضاً في المنع رياضة الملكمة لما فيه من الخشونة‪ ،‬والوحشية‬
‫المفرطة‪ .‬وإلحاق الذى بالخصم‪ ،‬خاصة في الرأس؛ لوقوع الضرب عليه‪ ،‬وربما‬
‫أتلفت هذه الرياضة الوحشية عين الرجل‪ ،‬أو أنفه‪ ،‬أو سببت له ارتجاجاً في المخ‪.‬‬
‫وتنفير الولد من ممارستها‪ ،‬ومشاهدتها‪ ،‬أمر يتوله الب ويحذر من إهماله‪.‬‬
‫كما أن هذه النواع من الرياضة تخالف ما تهدف إليه المواثيق الرياضية‬
‫المتفق عليها من تقوية البدن‪ ،‬وحمايته من المراض‪ ،‬وإكسابه الرشاقة‪ ،‬وتنمية‬
‫العضلت‪ ،‬وغير ذلك مما نصت عليه هذه المواثيق الرياضية؛ فإن مباراة واحدة‬
‫من مثل هذه تذهب بكل ما بناه المصارع أو الملكم في سنوات‪ ،‬وربما حرمته هذه‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الجولة من ممارسة الرياضة بالكلية‪ .‬فل شك في أن مثل هذه الممارسات الرياضية‬


‫ل يقرها السلم‪ ،‬ول يجيزها الشرع ول العقل السوي‪.‬‬
‫وهناك بعض اللعاب الخطرة التي يمارسها بعض الطفال دون روية‪ ،‬مثل‬
‫اللعب باللت الحادة‪ ،‬أو الدوات الحديدية القوية‪ ،‬وتخويف بعضهم البعض بها‪،‬‬
‫وهذا النوع من اللعب جاء النهي عنه على لسان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حيث قال‪(( :‬من أشار إلى أخيه بحديدة‪ ،‬فإن الملئكة تلعنه؛ حتى وإن كان أخاه‬
‫لبيه وأمه))‪ ،‬وبين عليه الصلة والسلم سبب المنع في رواية أخرى قال فيها‪:‬‬
‫((ل يشير أحدكم إلى أخية بالسلح‪ .‬فإنه ل يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع في يده‬
‫فيقع في حفرة من النار))‪ .‬فالشيطان متربص بالنسان أثناء حمله السلح على‬
‫أخيه‪ ،‬فيرمي في يده‪ ،‬ويحقق الضربة والرمية‪ ،‬فيناله الذم والخسران‪ .‬فإذا كان هذا‬
‫المنع في حق الكبير فكيف بالولد الصغير الذي ل يعقل ؟؛ لهذا يحرص الب على‬
‫تخلية مكان اللعب من جميع الدوات الحادة أو القاسية‪ ،‬مثل قطع الحديد‪ ،‬أو‬
‫الخشاب القوية الثخينة‪ ،‬أو الحجار‪ ،‬أوغيرذلك مما يمكن أن يؤذي‪ ،‬ويبالغ في ذم‬
‫من ثبت عليه من الولد ارتكاب هذا المحظور‪ ،‬ويعاقبه إن احتاج المر‪ ،‬متخذاً‬
‫أسلوب التدرج في إيقاع العقوبة‪.‬‬
‫ومن هذه اللعاب الخطرة أيضاً‪ :‬اللعب بربط الحبل على العنق ثم شده‪ ،‬أو‬
‫وضع الرأس داخل كيس من البلستيك ثم ربطه‪ ،‬أو قذف بعض قطع الموالح في‬
‫الهواء ثم التقاطها بالفم مباشرة‪ ،‬فهذه اللعاب وما شاكلها يمكن أن تذهب بحياة‬
‫الولد‪ ،‬وتفجع أهله به‪ .‬وتحذير الولد منها‪ ،‬ونهيهم عن مزاولتها‪ ،‬واجب على‬
‫الب يقوم به تجاه أولده‪ ،‬ويحذر كل الحذر من أن تصدر عنه مخالفة لما يقول‪،‬‬
‫كأن يُشاهد وهو يقذف بقطعة من الفستق في الهواء ثم يلتقطها بفمه أمام الولد‪،‬‬
‫فإنهم يقلدونه فوراً‪ ،‬إما بحضوره ووجوده أو في عدم وجوده‪.‬‬
‫وينبغي أن يعرف أن كل لعبة أو رياضة مباحة إذا عارضت شيئاً من مفاهيم‬
‫السلم كانت محرمة‪ .‬فالرياضة التي تتسبب في تأخير الصلة‪ ،‬أو إيقاع الشحناء‬
‫والبغضاء بين المسلمين‪ ،‬أو الرياضة التي تؤذي الجسم وتتلفه‪ ،‬أو الرياضة التي‬
‫تستهلك جميع وقت المسلم‪ ،‬كل هذه الرياضات وإن كانت من النوع المباح تصبح‬
‫محرمة لهذه السباب التي صاحبت ممارستها‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫فهذا الهوس الكروي‪ ،‬والتعصب‪ ،‬والمشاتمة‪ ،‬وغيرها من مظاهر الخطأ‬


‫والنحراف‪ ،‬التي تصاحب عادة المباريات الكروية‪ :‬ل توافق السلم‪ ،‬لنها تعارض‬
‫أبسط مفاهيم الخوة السلمية ومتطلباتها‪ ،‬وربما سببت الفرقة والتناحر‪ ،‬أو القتل‪،‬‬
‫ل بسبب مباراة في كرة القدم‪ ،‬وهذا لشك‬
‫ففي بريطانيا وقع اثنان وأربعون قتي ً‬
‫ينافي ويعارض مفاهيم هذا الدين الحنيف الذي يأمر بالخوة بين الفراد‪ ،‬ونبذ‬
‫الخلف‪ ،‬والفرقة‪ ،‬والعمل على تأليف القلوب‪ ،‬كما أنها تعارض مفاهيم السلم في‬
‫تحديد القصد والغاية من ممارسة الرياضة‪ ،‬إذ إن الرياضة عند المتعصبين غاية في‬
‫حد ذاتها‪ ،‬أما عند المسلم الواعي فهي وسيلة لتقوية البدن‪ ،‬والعداد للجهاد‪.‬‬
‫لهذا يحرص الب على بث هذا المفهوم في روع الولد‪ ،‬وإشعارهم دائم ًا بأن‬
‫الرياضة وسيلة إلى الجهاد بتقوية البدن وإعداده‪ ،‬وليست غاية في حد ذاتها‪،‬‬
‫مراعياً طبيعة الممارسة‪ ،‬ووقتها وآثارها على الولد‪ ،‬ومتجنباً اللعاب والرياضات‬
‫المخالفة للدين والخلق السلمية‪.‬‬

‫‪ - 22‬اختيار اللعبة التربوية المناسبة للطفل‬


‫يتولى الب توجيه ابنه لختيار أفضل اللعب وأنفعها له‪ ،‬والتي يكون لها تأثير‬
‫طيب على الولد‪ ،‬إذ أن للعبة أثراً إيجابياً وآخر سلبياً على نفس الولد‪ .‬فاللعاب‬
‫الميكانيكية التي تعمل بالزمبرك تثير الخوف عند الطفل الصغير الذي لم يبلغ‬
‫الخامسة‪ ،‬وسرعان ما يحطمها‪ .‬واختيار لعبة تجر على العجلت ـ مثلً ـ لطفل في‬
‫الخامسة‪ :‬يعطيه إحساس ًا بالشعور بالقوة‪ ،‬إذ إنه هو الذي يُديرها‪ ،‬ويقودها‪ ،‬ويكون‬
‫التأثير هنا أفضل لنفس الولد‪ .‬كما أن القوالب الخشبية تعتبر أكثر الدوات إثارة‬
‫وتنبيهاً للطفال الصغار‪ ،‬لتنوع إمكانية استخدامها‪ ،‬واللهو بها‪.‬‬
‫ول بأس بشراء اللعاب المجسمة لصور الحيوانات‪ ،‬كالقطط‪ ،‬والغزلن‪،‬‬
‫والخيول‪ ،‬والبقار‪ ،‬والدواجن‪ ،‬وغيرها المصنعة خصيصاً للطفال‪ .‬وذلك لورود‬
‫جواز اقتناء هذه اللعاب‪ ،‬وإقرار الرسول صلى ال عليه وسلم للسيدة عائشة في‬
‫صغرها على اللعب بفرس له جناحان‪ .‬ويحذر الب عند اختيار اللعبة من هذا النوع‪:‬‬
‫أن يقع اختياره‪ ،‬أو اختيار ولده على صورة خنزير‪ ،‬أوكلب‪ ،‬أو نوع من هذه‬
‫الحيوانات النجسة الخبيثة‪ ،‬وذلك لقطع صلة الولد بهذه الحيوانات المذمومة في‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الشرع‪ ،‬فل يقع في نفسه أي ميل لها بالكلية‪ ،‬ول شك في أن اختيار دمية كلب‪ ،‬أو‬
‫خنزير‪ ،‬أو فأر‪ ،‬فيه إيحاء للطفل باستلطاف هذه الحيوانات والدواب المقززة‬
‫للنفوس السوية‪.‬‬
‫ويراعي الب عند اختيار اللعبة أن يكون لها هدف تربوي مفيد‪ ،‬فالطفال في‬
‫السادسة يميلون إلى اللعاب التركيبية القابلة للفك والتركيب‪ ،‬فيحاول الب عند‬
‫شرائه للعبة الولد أن يقع اختياره على هذا النوع من اللعاب‪ ،‬لنها تثير تفكيرالولد‬
‫واهتمامه إلى مدة أطول‪ ،‬وفائدتها للولد أكبر لستخدامه عقله في فكها وتركيبها‪،‬‬
‫وهي أكثر إثارة له في هذا السن من اللعاب التي تلف أو ترقص‪ ،‬لن أثرها يزول‬
‫سريعاً‪.‬‬
‫والب يستوحي من ميول ولده وتصرفاته‪ :‬نوع اللعبة التي تناسبه‪ ،‬وتكون‬
‫أكثر نفعاً له‪ .‬فالولد الذي يرغب في القفز‪ ،‬وتمرينات الرشاقة‪ ،‬يمكن أن يؤمن له‬
‫السرير الخاص بالقفز‪ .‬والولد الذي يميل إلى التسلق في أثواب سترة النافذة‪ ،‬يمكن‬
‫أن تؤمن له ألعاب في هذا المجال‪ ،‬مثل الحبل ذي العقد المخصص للتسلق‪ .‬فيمارس‬
‫الولد رياضته ولعبته المفضلة دون إزعاج لغيره‪ .‬والولد الذي يميل إلى فك اللعاب‪،‬‬
‫واكتشاف بواطنها‪ ،‬تُؤمّن له ألعاب قابلة للفك والتركيب؛ ليشبع نهمه‪ .‬وهكذا يراعي‬
‫الب ميول الولد ورغباته مستوحياً ذلك من مشاهداته له وملحظاته لسلوكه‬
‫وتصرفاته‪.‬‬
‫ويُنصح الب أيضاً باختيار اللعاب التي تنمي مهارات القراءة والكتابة‬
‫والحساب عند الولد في سن المدرسة‪ ،‬أو ما قبلها بقليل‪ ،‬ليتهيأ للعلم‪ ،‬ويكون لعبه‬
‫مفيداً هادفاً‪ ،‬مثل اللعاب التي تعتمد على تركيب الكلمات‪ ،‬أو الجمع والطرح‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وبالنسبة للولد الكبير في سن الطفولة المتأخرة‪ ،‬فإنه يميل عادة إلى تعلم‬
‫المهارات اللزمة لشؤون الحياة ومتطلباتها‪ ،‬فإشراكه في إصلح الباب‪ ،‬أو النافذة‪،‬‬
‫أو تغيير إطار السيارة‪ ،‬أو الكشف على الماء والزيت فيها‪ ،‬وتعليمُه بعض مهارات‬
‫النجارة والميكانيكا‪ ،‬وتأمين أجهزتها ومستلزماتها الفنية له‪ ،‬كل هذه الجراءات‬
‫التربوية الموجهة‪ :‬يمكن أن تنمي في الولد جوانب شخصيته‪ ،‬وتوجه طاقته‬
‫الحركية والفكرية المتوقدة نحو ما يعود عليه بالخير والفائدة‪ ،‬ويكون اختيار الب‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫للنشاط أو اللعبة مبنياً على الوعي الصحيح بحاجات الطفولة‪ ،‬وترسم الهداف‬
‫والغايات المنشودة‪.‬‬
‫وهناك أنواع من اللعاب قد غزت أماكن بيع لعب الطفال‪ ،‬وهي اللعاب‬
‫اللكترونية التي بدأت صناعتها في القرن التاسع عشر‪ ،‬فما أن حل عام ‪1981‬م‬
‫حتى أصبح كمبيوتر المنزل والجيب متاحاً للجميع‪ .‬وتعتمد هذه اللعاب على سرعة‬
‫النتباه‪ ،‬والتفكير‪ ،‬والتركيز‪ ،‬والتوافق بين اليد والعين‪ .‬ومن مميزاتها أنها تُلعب في‬
‫أي وقت‪ ،‬ول تحتاج في بعض الحيان لكثر من شخص واحد‪ ،‬إلى جانب أن بعضها‬
‫سهل الحمل‪ ،‬رخيص السعر‪.‬‬
‫وقد اكتسبت هذه اللعاب اللكترونية شهرة واسعة‪ ،‬وقدرة فائقة على جذب‬
‫اللعبين وإغرائهم مما أدى إلى إضاعة كثير من أوقاتهم‪ ،‬وأودت ببعضهم إلى حد‬
‫الدمان المفرط مما اضطر بعض الدول إلى تحديد سن الشخاص الذين يُسمح لهم‬
‫بممارسة هذه اللعاب في الماكن العامة‪ ،‬وذلك حفاظاً على الطفال الصغار من‬
‫إغراء هذه اللعاب وجذبها‪.‬‬
‫والظاهر مما تقدم أن لهذه اللعاب جانبين أحدهما مسلٍ يمكن أن يشغل بعض‬
‫فراغ الولد‪ ،‬والخر سيئ مضر‪ ،‬لخشية الدمان وإضاعة الوقت في اللعب‪ ،‬مما‬
‫يترتب عليه إهمال كثير من الجوانب التربوية الخرى من النشاطات الثقافية‪،‬‬
‫والجتماعية‪ ،‬والرياضية‪ ،‬التي يمارسها وينظمها الب لولده‪.‬‬
‫ولعل الحل المثل لهذه المسألة هو تعليم الولد وتعويده التوسط في المور‪،‬‬
‫وتخصيص وقت لكل نشاط‪ ،‬فيعطى لهذه اللعاب وقت ًا ولغيرها وقتاً آخر‪ .‬ويراعي‬
‫الب عند اختياراللعبة اللكترونية‪ ،‬أن تكون من النوع الكبير الذي يصعب حمله لئل‬
‫يتعود الولد حملها أينما ذهب‪ ،‬ويراعي أيضاً أن تكون اللعبة ذات أهداف علمية‪،‬‬
‫وثقافية‪ ،‬ويتجنب قدر المستطاع النواع التي ل تتضمن أهدافًا تربوية‪ ،‬مثل صراع‬
‫الطائرات‪ ،‬والدبابات‪ ،‬والجنود‪ ،‬التي تعتمد على سرعة البديهة‪ ،‬والمهارة الحركية‬
‫فقط‪ .‬ويختار من بينها ما يمكن أن يلعبه أكثرمن شخص ليحصل للولد الجتماع‪،‬‬
‫ونبذ الفردية‪.‬‬
‫وبهذا يكون الب قد استفاد من الجانب المفيد في هذه اللعاب‪ ،‬وحفظ الولد‬
‫من إمكانية إضرارها بهم‪ ،‬وأسرها لهم‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ - 23‬آداب النوم للطفل المسلم‬


‫للنوم آدابه التي يحرص الوالد على تعويد ولده عليها؛ ليحصل له اتباع السنة‪،‬‬
‫وراحة الجسم‪ ،‬والستفادة من أوقات النوم‪ ،‬وحصول المقصود منها‪ ،‬كما أن هناك‬
‫قضايا ليست من السنة يحرص الب على حماية ولده منها‪.‬‬
‫ومن أهم السنن المتعلقة بآداب النوم‪ :‬مسألة التبكير إلى النوم‪ ،‬وأخذ‬
‫المضجع‪ ،‬وترك السهر إل لضرورة‪ .‬وقد ابتلي المسلمون في هذا العصر بتغيير‬
‫نظام يومهم‪ ،‬فهم يسهرون إلى ساعة متأخرة من الليل‪ ،‬ثم ينامون طويلً في‬
‫النهار‪ ،‬وربما ل يستيقظ منهم إل القليل لصلة الفجر‪ .‬رغم ما ورد عن رسول ل‬
‫صلى ال عليه وسلم في التحذير من الحديث والسهر بعد العشاء‪ ،‬فقد نقل أنه كان‬
‫((يكره النوم قبل العشاء والحديث بعدها))‪ .‬فكل العملين مذموم؛ من بكر بالنوم قبل‬
‫العشاء‪ ،‬ومن تأخر بالنوم إلى ما بعد العشاء بوقت طويل‪ ،‬والسنة دائماً ترغب في‬
‫التوسط في جميع المور‪.‬‬
‫وقد ثبت علمياً أن النوم في الليل له فوائد كثيرة‪ ،‬والجسم يستفيد منه أكثر مما‬
‫يستفيده من نوم نهار؛ لهذا يحرص الب المسلم على القتداء بالسنة في هذا الباب‪،‬‬
‫آخذًا بالحتياطات اللزمة لذلك‪ ،‬وأهمها‪ :‬تعويد الولد النوم الباكر بأن يتم تناول‬
‫طعام العشاء في الفترة من بعد المغرب إلى صلة العشاء‪ ،‬فل يأتي وقت النوم إل‬
‫وقد انهضم أكثر الطعام فيسهل عليه النوم‪ ،‬وإل فإن سوء الهضم وكثرة الطعام‬
‫تذهب النوم في الليل وتؤرق النسان‪ .‬ولو استطاع الب‪ ،‬وباقي أفراد السرة أن‬
‫يناموا جميعاً بعد العشاء مباشرة أخذًا بالسنة‪ ،‬فهذا أفضل أسلوب لتعويد الولد النوم‬
‫المبكر‪ ،‬ولكن لما كانت حياة الناس في هذا الزمن قد اختلفت وتبدلت‪ ،‬ول يمكن أن‬
‫يستقل الب وينفرد بشؤونه عن الناس‪ ،‬فربما صعب عليه أن ينام مبكراً بعد العشاء‬
‫مباشرة‪ .‬أما الولد فبإمكانه توجيههم‪ ،‬وتقييدهم بالنوم المبكر؛ لعدم وجود ما‬
‫يمنعهم من ذلك‪.‬‬
‫ومن أهم القضايا المساعدة على النوم المبكر للطفال‪ :‬منعهم من النوم في‬
‫النهار بالكلية‪ ،‬وذلك لنه يعود الولد الكسل والسهر في الليل‪ ،‬يقول الغزالي رحمة‬
‫ال‪(( :‬وينبغي أن يمنع من النوم نهاراً فإنه يورث الكسل))‪ .‬خاصة النوم بعد صلة‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الفجر مباشرة‪ ،‬فإن بعض السلف رضوان ال عليهم كانوا ليتركون أحداً من أهلهم‬
‫وأولدهم ينامون بعد الفجر حتى تطلع الشمس‪ .‬وذلك لحصول بركة دعوة الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم التى قال فيها‪(( :‬اللهم بارك لمتي في بكورها))‪ .‬وقد ثبت‬
‫علمياً أن غاز ((الوزون)) المنشط للخليا‪ ،‬والذي يقضي على كثير من المراض‪،‬‬
‫ل ينتشر إل في الفجر‪ ،‬فهذا من بركات الستيقاظ المبكر‪ ،‬وترك النوم نهاراً‪ ،‬خاصة‬
‫بعد صلة الفجر مباشرة‪.‬‬
‫وهذه الفترة بين صلة الفجر حتى الشروق ل تزيد في العادة عن ساعة‪ ،‬فلو‬
‫استغلها الب مع الولد في بعض العمال والنشاطات الدينية‪ ،‬فإن الفائدة‬
‫والمردود سوف يكونان جيدين إن شاء ال‪ ،‬وخاصة وأن الولد في الصباح وبعد‬
‫الصلة يكون صافي الذهن‪ ،‬قادراً على التفكير والتمعن‪.‬‬
‫ومن أفضل العمال في هذا الوقت التسبيح‪ ،‬وقراءة القرآن حتى تطلع‬
‫الشمس‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم فيما رواه عنه أنس بن مالك‪(( :‬من صلى‬
‫الغداة في جماعة ثم قعد يذكر ال حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين‪ :‬كانت له‬
‫كأجر حجة وعمرة‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬تامةٍ تام ٍة تامةًٍ))‪.‬‬
‫فهذا ترغيب من رسول ال صلى ال عليه وسلم في الجلوس بعد الصلة للذكر‪،‬‬
‫والب إن وجد في أولده همة لذلك ساعدهم وحثهم عليه‪ ،‬وإن وجد منهم ضعفا‪،‬‬
‫فل داعي أن يجبرهم‪ ،‬بل يقسم هذه الساعة‪ ،‬فيخصص منها للذكر وقتا‪ ،‬ولشيء‬
‫من الحديث معهم وقتا آخر‪ ،‬وباقي الوقت يأخذهم بالسيارة إلى مكان قريب منبسط‬
‫لرؤية شروق الشمس‪ ،‬فهذا محبب للطفال‪ ،‬ثم يعقب هذا بشيء من النشاط‬
‫الرياضي الخفيف‪ ،‬ثم الفطار‪.‬‬
‫ومن القضايا المهمة المتعلقة بآداب النوم‪ :‬مسألة التفريق بين الولد عند أخذ‬
‫المضجع خاصة الذكور والناث‪ ،‬وذلك لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬مروا أولدكم‬
‫بالصلة وهم أبناء سبع سنين‪ ،‬واضربوهم عليها وهم أبناء عشر‪ ،‬وفرقوا بينهم‬
‫في المضاجع))‪ .‬وذلك للحتياط في القضايا المتعلقة بالجنس‪ ،‬والولد أثناء النوم‬
‫وكذلك البنت ليدريان ما يمكن أن يحدث بينهما من الحتكاك‪ ،‬أو الحتضان‪ ،‬أو‬
‫اللتصاق‪ .‬ومن باب سد الذريعة أخذ الحتياطات في هذا المر الخطير‪ .‬وأفضل هذه‬
‫الحتياطات تخصيص غرفة للذكور وغرفة أخرى للناث‪ ،‬وجعل سرير ولحاف‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫مستقلين لكل ولد ولكل بنت‪ ،‬فإن لم يتيسر ذلك‪ ،‬فل بأس بالنوم على فراش واحد‪،‬‬
‫على أن يكون لكل واحد لحافه الخاص به‪ ،‬ويحذر الب كل الحذر من نوم الولد بعد‬
‫السنة الولى من عمره في غرفة نومه الخاصة مع أهله‪ ،‬خشية أن يرى الولد ما‬
‫يكره من العلقة الطبيعية بين الرجل والمرأة‪.‬‬
‫ويعود الولد النوم على جنبه اليمن‪ ،‬اقتداء بالرسول صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مع‬
‫وضع اليد اليمنى تحت الخد اليمن‪ .‬وتجنب النوم على البطن‪ ،‬لكراهية الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم لهذه النومة وقوله‪(( :‬إن هذه ضجعة ل يحبها ال))‪ .‬كما أن‬
‫في النوم على البطن ‪ -‬خاصة للولد الذي قارب الحلم – يسبب تهييجاً وإثارة‬
‫جنسية ‪ -‬وذلك لحتكاك العضاء التناسلية بالفراش‪ .‬والب يحرص على توجيه‬
‫أولده إلى الخير في جميع الشؤون وليهمل‪ ،‬خاصة في المسائل التي جاءت‬
‫الشريعة بأحكامها وبيانها‪.‬‬
‫وعلى الوالد أن يعلمهم ذكر أخذ المضجع وهو‪(( :‬اللهم باسمك أحيا وباسمك‬
‫أموت)) وكذلك عند الستيقاظ‪(( :‬الحمد ل الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه‬
‫النشور))‪ .‬وأن يحفظهم هذه الذكار والدعوات‪ ،‬وأن يتابعهم قبل النوم فيسألهم‬
‫عنها‪.‬‬
‫ويُفضل أن يعودهم على قراءة بعض اليات المأثور قراءتها قبل النوم كآية‬
‫الكرسي‪ ،‬وخواتيم سورة البقرة‪ .‬ول بأس بأن يجهر الب بهذه الذكار أمام أولده‪،‬‬
‫ليعلمهم حتى يحفظوا ويعقلوا عنه‪ ،‬أو يوجه الكبار منهم ليعلموا الصغار‪.‬‬
‫ويجب على الب أن ل يترك ولده ينام في البيت وحده‪ ،‬فإن الرسول صلى ال‬
‫عليه وسلم نهى أن يبيت الرجل في البيت وحده‪ ،‬فكيف بالولد الصغير ؟‪ .‬فعلى الب‬
‫أن يأخذ الحتياطات اللزمة لحماية الولد من الخلوة الطويلة في الليل وحيدا ليس‬
‫معه في البيت أحد‪ ،‬فل يجد من يساعده إذا احتاج إلى أمر من المور‪ ،‬أو مرض‪ ،‬أو‬
‫على القل لو خاف ل يجد من يؤنسه‪.‬‬
‫ويفضل أن يكون في غرفة الولد شيء من الضوء‪ ،‬كوضع مصباح كهربائي‬
‫صغير‪ ،‬أو إشعال ضوء بعيد يصل منه شيء إلى غرفته‪ ،‬وذلك احتياطا من تعثر‬
‫الولد إذا استيقظ في الليل لحاجته‪ .‬وهذا ل يعارض قول الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪(( :‬أطفئوا المصابيح عند الرقاد))‪ ،‬فإن المقصود بهذه المصابيح تلك التي‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫تشعل بالنار والفتائل والوقود‪ ،‬وعلة النهي عن تركها مشتعلة أثناء النوم واضحة‬
‫في باقي الحديث حيث قال عليه الصلة والسلم‪ .…(( :‬فإن الفويسقة ربما اجترت‬
‫الفتيلة فأحرقت البيت)) فالعلة هي الفأرة‪ ،‬أو ما شابهها من الدواب‪ ،‬تعبث في‬
‫المصباح فتكون سببا في إحراق البيت‪ .‬والمصابيح الحديثة مأمونة في الغالب‪،‬‬
‫وبعيدة عن هذه الدواب‪ ،‬خاصة المعلق منها في السقف‪ ،‬كما أنها غير قابلة‬
‫للحراق بمجرد السقوط على الرض‪.‬‬
‫ومن السنن المستحبة عند النوم أيضا‪ :‬الوضوء‪ ،‬والنوم على طهارة‪ ،‬فقد قال‬
‫عليه الصلة والسلم‪(( :‬إذا أخذت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلة))‪ .‬وذلك لينام‬
‫الولد طاهرا‪ ،‬نظيفا‪ ،‬ذاكرا ال عز وجل‪ .‬ومن نام على هذه الصفة‪ ،‬متوضئا‪،‬‬
‫طاهرا‪ ،‬ذاكرا‪ ،‬أجزل ال سبحانه وتعالى أجره وثوابه‪.‬‬
‫وعلى الب أن ل يغفل جانب النية الحسنة من مقصد النوم‪ ،‬فيعلم أولده أن‬
‫المسلم ينام في الليل ليتقوى في النهار على عبادة ربه‪ ،‬والسعي في مرضاته بالجد‬
‫والعمل‪ .‬وعلى الب أن يتابع أولده في هذه السنن والداب ول يمل حتى يتيقن‬
‫حبهم لها‪ ،‬والتزامهم بأدائها‪.‬‬

‫‪ - 24‬مسائل في المرض والتداوي للطفل‬


‫جاءت الشريعة السلمية بالمر بالتداوي واستحبابه‪ ،‬فقد سئل رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم عن التداوي‪ ،‬فقال‪(( :‬نعم تداووا فإن ال لم يضع داء إل وضع‬
‫له دواء))‪ .‬وعادة يكون التداوي وطلب العلج بعد الصابة بالمرض‪ ،‬أما الوقاية‬
‫فتكون قبله‪ ،‬لهذا جاء المر بالوقاية من المرض أولً‪ ،‬وتجنب أسبابه‪ ،‬فمن ذلك‬
‫قوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬ل يورد ممرض على مصح))‪.‬‬
‫وحماية الولد من المراض المعدية وغيرها أمر مطلوب‪ ،‬على أن ل تكون‬
‫هذه الحماية من باب الوساوس والشكوك؛ بل تكون من باب أخذ الحيطة والسباب‪،‬‬
‫دون إفراط أو تفريط‪ .‬فيراعي الب نظافة الولد في أبدانهم‪ ،‬وملبسهم‪ ،‬ونظافة ما‬
‫يأكلونه ويشربونه‪ ،‬وصحة المسكن‪ ،‬ونقاوة الهواء‪ ،‬ودخول أشعة الشمس إلى‬
‫البيت‪ ،‬وتحري اختيار السكن في المناطق المتسعة المنبسطة‪ ،‬قليلة الزدحام‪ ،‬فإن‬
‫اتخاذ هذه السباب ومراعاتها ـ بعد توفيق ال ـ له دور فعال في حماية الطفال من‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫المراض‪ ،‬لهذا يُلحظ أن أطفال السواحل والرياف أسرع نمواً من أطفال المدن‪،‬‬
‫وذلك لنقاوة الهواء ووفرة أشعة الشمس وتعرضهم لها‪.‬‬
‫وعند نزول المرض بأحد الولد‪ ،‬فإن المسارعة إلى علجه أمر هام لتدارك‬
‫الخطر‪ ،‬على أن يكون ذلك في غير هلع وارتباك؛ بل الهدوء والسكينة في ذلك‬
‫وتطمين الولد بأنه لم يصبه شيء خطير‪ :‬له أثر جيد في سرعة شفائه‪ ،‬وإدخال‬
‫المل إلى قلبه‪.‬‬
‫وليس من الضروري المسارعة إلى أخذ الولد إلى الطبيب عند حدوث أعراض‬
‫مرض ما‪ ،‬بل إن استعمال الب للدوية المفردة دون المركبة لمعالجة الولد هو‬
‫السنة التي كان عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهذا إذا كان للب خبرة في‬
‫هذا المجال‪(( ،‬وقد اتفق الطباء على أنه متى أمكن التداوي بالغذاء ل يعدل إلى‬
‫الدواء؛ ومتى أمكن بالبسيط ل يعدل إلى المركب‪ .‬قالوا‪ :‬وكل داء قدر على دفعه‬
‫بالغذية والحمية لم يحاول دفعه بالدوية))‪ .‬والطباء المعاصرون يميلون في‬
‫العادة إلى الدوية المركبة المصنعة‪ ،‬وهذه تضر بالبدن‪ ،‬إذا لم تكن موافقة للداء‪،‬‬
‫أو كانت كميتها أكبر من المحتاج إليه‪ .‬والب يختار من الطباء من لديه خبرة‬
‫بالدوية غير المركبة‪ ،‬بالضافة إلى العلم الحديث في الطب وسياسة البدن‪ ،‬فإن‬
‫اجتماع هذين العلمين‪ ،‬وتقديم أحدهما على الخر عند معالجة المرضى‪ ،‬له بإذن ال‬
‫الثر في سرعة الشفاء وذهاب الداء‪.‬‬
‫وقد جاءت نصوص كثيرة في القرآن الكريم والسنة المطهرة تحث على‬
‫ن بُطُو ِنهَا‬
‫خ ُرجُ مِ ْ‬
‫المعالجة بالعسل‪ ،‬وتبين عظم فائدته ونفعه‪ ،‬يقول ال تعالى‪{ :‬يَ ْ‬
‫ب مُخْتَ ِلفٌ أَ ْلوَا ُنهُ فِي ِه شِفَاءٌ لِلنّاسِ} [النحل‪ .]69:‬ويقول الرسول صلى ال عليه‬
‫شرَا ٌ‬
‫َ‬
‫وسلم‪(( :‬الشفاء في ثلثة‪ :‬في شرطة محجم‪ ،‬أو شربة عسل‪ ،‬أو كية بنار‪ ،‬وأنهى‬
‫أمتي عن الكي ))‪.‬‬
‫وبناء على هذه النصوص ينبغي للب المسلم أن يسارع إلى تأمين العسل في‬
‫بيته بصورة مستمرة‪ ،‬خاصة النواع الجيدة منها‪ ،‬وإن كان ل يستطيع شراءه‬
‫لغلئه وارتفاع سعره‪ ،‬اشترى منه قرصاً أو قرصين في السنة‪ ،‬واستعمله بطريقة‬
‫اللعق ثلث مرات في الشهر‪ ،‬فإن ذلك بإذن ال يكفي ويحصل به المطلوب؛ فقد‬
‫روي عنه عليه الصلة والسلم أنه قال‪(( :‬من لعق العسل ثلث غدوات‪ ،‬كل شهر‪،‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫لم يصبه عظيم من البلء))‪ ،‬وبهذه الطريقة يمكن للب الفقير‪ ،‬أن يستعمل العسل‬
‫مع أولده‪ ،‬ويحصل لهم الشفاء بإذن ال‪ ،‬مع حصول الترشيد في النفاق‪ ،‬ومراعاة‬
‫دخل السرة‪.‬‬
‫وقد وردت السنة أيضاً بتعيين أنواع من المأكولت والحبوب التي فيها شفاء‬
‫وفوائد للجسم‪ ،‬فمنها الحبة السوداء التي يقول عنها الرسول صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫((الحبة السوداء شفاء من كل داء))‪ ،‬كما جاء ذكر العجوة وفضلها في قوله عليه‬
‫الصلة والسلم‪(( :‬من اصطبح كل يوم تمرات من عجوة لم يضره سم ول سحر‬
‫ذلك اليوم إلى الليل))‪.‬‬
‫والمقصود أن السنة جاءت بتفضيل بعض الدوية البسيطة المعروفة‪ ،‬وبيان‬
‫أن لها فوائد في حماية البدن‪ ،‬وذهاب المرض‪ ،‬وحصول الشفاء‪ ،‬فعلى الب أن‬
‫يحرص على استخدامها بالطرق الصحيحة مع سؤال أهل الخبرة والمعرفة في ذلك‪.‬‬
‫وفي القرآن الكريم شفاء لما في القلوب من الشك والمراض النفسية وغيرها‪،‬‬
‫كما أن فيه شفاء للبدان من المراض الحسية الظاهرة‪ ،‬باستعمال الرقى والتعاويذ‪.‬‬
‫ويكون ذلك بقراءة المعوذات والمسح على كامل البدن بها وقول‪(( :‬أعوذ بعزة‬
‫ال وقدرته من شر ما أجد)) مع المسح باليد اليمنى سبع مرات‪ .‬وإذا كان الولد‬
‫صغيرًا ل يعقل ول يستطيع قراءة هذه الذكار‪ ،‬فإن الب يتولى ذلك بنفسه‪ ،‬فيقرأ‬
‫في يده ويمسح بها على الولد كما فعلت السيدة عائشة رضي ال عنها عندما‬
‫مرض النبي صلى ال عليه وسلم مرض موته‪ ،‬إل أنها كانت تقرأ في يده وتمسح‬
‫بها عليه لبركتها‪.‬‬
‫والرقية من العين مشروعة‪ ،‬فإن العين حق‪ ،‬وقد ورد أن النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم أمر بها لبني جعفر بن أبي طالب عندما علم أن العين تصيبهما‪ .‬وقد ورد عن‬
‫سبْتُمْ‬
‫ح ِ‬
‫ابن مسعود القراءة على المريض‪ ،‬فقرأ ذات مرة على مبتلى قوله تعالى‪{ :‬أَفَ َ‬
‫عبَث ًا …} [المؤمنون‪ ]115:‬إلى نهاية السورة فعافاه ال‪ .‬أما تعليق‬
‫َأ ّنمَا خََل ْقنَاكُمْ َ‬
‫شيء من القرآن على الولد فقد اختلف السلف في ذلك‪ ،‬والولى تركه احتياطاً‪.‬‬
‫ول ينبغي إجبار الولد على تعاطي الدواء وغصبه عليه وإدخاله في فمه‬
‫بالقوة‪ ،‬لن النبي صلى ال عليه وسلم نهى عن ذلك في مرضه الذي مات فيه‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والفضل هو سياسة الولد وترغيبه في الدواء‪ ،‬بالوسائل المختلفة دون إجبار‪ ،‬ول‬
‫بأس بوضعه له في الطعام إن كان هذا ل يضره‪ ،‬مع عدم قسره على الكل أيضاً؛‬
‫لقوله عليه الصلة والسلم‪(( :‬ل تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب‪ .‬فإن ال‬
‫يطعمهم ويسقيهم))‪ .‬وسبب النهي عن إكراههم على الكل والشرب‪ :‬لن فائدة‬
‫البدن ل تحصل في الحقيقة من الكل والشرب؛ بل القوة والعافية من عند ال عز‬
‫وجل‪ ،‬فهو الذي يحفظ لهم قوتهم‪ ،‬ويمدهم بما يماثل فائدة الطعام والشراب‪.‬‬

‫‪ - 25‬مضار التدخين وحكمه وطرق التخلص منه‬


‫يعد التدخين من أكثر الظواهر السيئة انتشاراً في العالم‪ ،‬فل توجد فئة‪ ،‬أو‬
‫طبقة من الناس‪ ،‬أيا كانت‪ ،‬إل ويوجد بينها من يتعاطى الدخان‪ .‬ونظراً لهذا النتشار‬
‫الواسع أصبح وجود السجائر في البيوت‪ ،‬وتهيئتها للمدخنين‪ ،‬وعدم منعهم من‬
‫التدخين في الماكن العامة أمراً مسلمًا به من قبل غير المدخنين‪ ،‬ولهذا ل يوجد من‬
‫بين المدخنين ـ إل ما ندر ـ من يكترث بشعور غير المدخنين عند تعاطي الدخان في‬
‫الماكن العامة وتجمعات الناس‪.‬‬
‫والعالم السلمي مستهدف من قبل شركات التبغ خاصة بعد انحسار مبيعاتهم‬
‫بعض الشيء في الدول الغربية‪ ،‬فالكميات الهائلة من التبغ يتم توريدها من هذه‬
‫الدول الغربية لتستهلك في الدول السلمية‪ ،‬فقد بلغت واردات المملكة العربية‬
‫السعودية عام ‪1972‬م (‪000‬ر ‪75‬ر ‪ )4‬كليو جراماً من التبغ‪ ،‬وفي عام ‪1981‬م‬
‫تضاعفت الكمية تسع مرات تقربي ًا لتصل إلى (‪500‬ر ‪732‬ر ‪ )36‬كيلو جراماً‪ ،‬وذلك‬
‫خلل تسع سنوات فقط‪ ،‬وهذا يدل دللة واضحة على خطورة الوضع خاصة في بلد‬
‫يعلن أكثر علمائها حرمة شرب الدخان وتعاطيه‪ ،‬وهذه الكميات تعد صغيرة بالنسبة‬
‫لما تنتجه هذه الشركات العالمية من كميات ضخمة من السجائر؛ إذ يقدر معدل‬
‫انتاجها بسيجارتين يومياً لكل فرد في العالم‪.‬‬
‫وقد ثبت بما ل يدعو إلى الشك أن تعاطي الدخان إما بطريق السجائر‪،‬أو‬
‫الشيشة أو الرجيلة‪ ،‬أو غيرها من الوسائل مضرة تفتك بالبدن‪ ،‬وتعد سبباً هاماً‬
‫ورئيسياً للصابة بالسرطان‪ ،‬فقد ((أعلنت هيئة الصحة العالمية عام ‪1975‬م أن‬
‫التدخين أشد خطراً على صحة النسان من أمراض السل والجذام والطاعون‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والجدري مجتمعة))‪ .‬وفي كل عام يُقتل في العالم بسبب هذه الفة أكثرمن مليون‬
‫شخص‪ ،‬وذلك حسب إفادة منظمة الصحة العالمية‪.‬‬
‫وبناء على المفاهيم العامة للسلم التي تُحرم المضرات‪ ،‬وتبيح الطيبات‪ ،‬ولمَا‬
‫ثبت عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه نهى ((عن كل مسكر ومفتر))‪.‬‬
‫والمفتر‪(( :‬الذي إذا شُرب أحمى الجسد وصار فيه فتور‪ ،‬وهو ضعف وانكسار))‪،‬‬
‫فقد صدرت فتاوى العلماء بحرمة تعاطيه‪.‬‬
‫وبناء على هذا ل يليق بالب المسلم أن يدخن ويتعاطى هذا السم المحرم‪،‬‬
‫وذلك لحرمته أولً‪ ،‬ثم خوفاً على اقتداء الولد به‪ ،‬فإن الطفل مقلد ماهر فل يستبعد‬
‫الب المدخن أن يرى ولده الصغير جالساً في موضع جلوس الب وماسكاً سيجارة‬
‫مشتعلة‪ ،‬فهو ل يدرك مضار التدخين‪ ،‬كما أنه يسعى جاداً ليبلغ مبلغ الكبار‪،‬‬
‫فيقلدهم في معظم أعمالهم‪ ،‬ويمكن أن تكون هذه الخطوة بداية إدمان الولد على‬
‫التدخين‪ ،‬فقد يبدأ الطفل التدخين بجدية منذ الخامسة‪ ،‬وربما تطور الموضوع ليصل‬
‫إلى المخدرات فإن هناك ارتباطاً بين التدخين والخمور والمخدرات‪.‬‬
‫فل بد للب أن يلتزم منهج السلم في موضوع التدخين‪ ،‬فإن لم يكن من‬
‫المدخنين سهل عليه إقناع الولد ببيان مضاره له‪ ،‬وإظهار كراهيته ومقته‪ ،‬فيقع في‬
‫نفس الولد بغضه وعدم الرغبة فيه‪ .‬أما إن كان الب من المدخنين فإن إيقاع‬
‫كراهية الدخان في نفس الولد أمر صعب‪ ،‬وإخفاء الب عن أولده حقيقة أمره‪،‬‬
‫وأنه من المدخنين أمر صعب أيضاً‪.‬‬
‫ولعل أمثل الحلول بالنسبة للب الذي ل يكثر من تعاطي السجائر أن يخفي‬
‫على أولده أنه يدخن فل يتعاطى ذلك إل في النادر بعيداً عن الولد على أن تكون‬
‫هذه الخطوة منه بداية جادة لترك الدخان بالكلية‪.‬‬
‫أما إن كان الب ممن ابتلي بكثرة الدخان‪ ،‬فل يستطيع إخفاءه عن الولد‪ ،‬فإن‬
‫مسارعته بتركه فوراً قبل أن يعقل أولده فعلته القبيحة يعد واجباً عليه وحقاً من‬
‫حقوق الولد إذ ل يجوز له أن يدلهم بقوله أو بفعله على أي أمر قبيح‪ .‬وإن حدث‬
‫أن علم الولد بأن أباهم يدخن‪ ،‬فعليه أن يسارع ببيان خطئه وتقصيره‪ ،‬وأنه‬
‫اعتاده قبل أن يتيقن بضرره وخطورته‪ ،‬مع إفهامهم أنه جاد في تعاطي السباب‬
‫لتركه‪ ،‬ول ينبغي له بحال أن يقول لهم‪(( :‬هذا للكبار دون الصغار))‪ ،‬أو أن يقول‪:‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫((هذا ل ينفع لكم ولكنه ينفع لي))؛ بل ل بد من أن يظهر تأسفه وندمه وخطأه على‬
‫تعاطيه؛ ليعلم الولد أن هذا الفعل من أنواع الخطأ‪ ،‬فل يقتدون بأبيهم في هذه‬
‫المسألة‪ .‬وفي هذا السلوب شيء من التناقض‪ ،‬إل أنه ل بد من المصارحة وبيان‬
‫الخطأ والعتذار‪ ،‬وليس ثمة حل أنسب من هذا في مثل هذه المواقف المحرجة مع‬
‫الولد خاصة الكبار منهم‪.‬‬
‫ويُنصح الب المدخن إذا كان جاداً في ترك الدخان أن يتعرف أولً على أضرار‬
‫تعاطي الدخان‪ ،‬وأن يبتعد عن الجواء التي يُتعاطى فيها الدخان‪ ،‬وكل ما يُذكّره به‪،‬‬
‫وعند الرغبة في التدخين يستعمل العلكة أو السواك‪ ،‬أو غيرهما ليلتهي به عن‬
‫السجائر‪ ،‬وعليه أن يقلل من تعاطي القهوة و الشاي‪ ،‬ويكثر من الفاكهة‪ ،‬والغذاء‬
‫الجيد الخالي من التوابل‪ ،‬ويتناول دائماً عصير العنب والليمون والبرتقال كل‬
‫صباح‪ ،‬وأن يستعين بال على تركه قبل كل شيء آخذًا بهذه السباب فإنها نافعة‬
‫وجيدة لترك الدخان بالكلية‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪-‬قسم تربية الفتاة‬


‫المقالت التربوية – التربية الجسمية للفتاة‬

‫ـ طبيعة نمو الفتاة الجسمي ‪1‬‬

‫سلمة نمو الفتاة الشابة في هذه المرحلة من عمرها ضرورة ل بد منها‪،‬‬


‫وتتضمن سلمة بدنها من كل عوارض النمو الجسمية‪ ،‬التي تؤثر على قيامها‬
‫بوظائفها الجسمية بصورة صحيحة وكافية‪ ،‬ضمن مهامها الدينية والجتماعية‪ ،‬في‬
‫فترة العطاء والنتاج النثوي‪ ،‬فيما بين البلوغ وحتى الثلثين من العمر‪ ،‬والتي‬
‫تعتبر فترة قمة الصحة والشباب؛ حيث يعتدل فيها الجسم بين الليونة واليبوسة‪،‬‬
‫ويصبح أكثر حرارة ونشاطاً‪.‬‬
‫وتتلخص مظاهر النمو الجسمي عند الفتاة في ثورة بدنية شاملة نحو النضج‬
‫والكمال‪ ،‬تشمل كل جزئيات الجسم‪ ،‬التي تُثيرها إفرازات الغدد الخاصة بالنمو‪ ،‬في‬
‫الفترة من سن الثامنة حتى السادسة عشرة تقريباً من عمر الفتاة‪ ،‬بحيث تكون‬
‫طفرة النمو الجسمي الكبرى عند سن الثانية عشرة تقريباً‪ ،‬وأول مظاهر البلوغ‬
‫عند الفتاة تكون بظهور برعم الصدر‪ ،‬وأحيان ًا بظهور شعر العانة‪ ،‬ثم يظهر الشعر‬
‫تحت البط‪ ،‬وشيء خفيف منه على الشفة العليا والذراعين‪ ،‬مع تغيّر في نبرة‬
‫الصوت نحو النخفاض والعمق‪ ،‬فإذا بلغت الفتاة أقصى نموها الجسمي من جميع‬
‫جوانبه حصل عندها الطمث كآخر مظهر من مظاهر النمو‪ ،‬وذلك في السابعة عشرة‬
‫من عمرها كحد أقصى‪ ،‬حيث تبلغ في هذه السن اشُدّها‪ ،‬وهي قبل طمثها تُعدّ‬
‫مراهقة‪ ،‬وقد يحصل لها الطمث قبل تمام نموها الجسمي‪ ،‬بعد ظهور بعض علمات‬
‫البلوغ‪ ،‬وذلك يرجع إلى اختلف طبائع الناث‪ ،‬وبيئاتهن الجتماعية‪.‬‬
‫ويَختلف نمو الفتيات الجسمي عن مثيله عند الذكور في تفوقهن ما بين (‪)12-9‬‬
‫سنة في الطول والوزن‪ ،‬وحاسة اللمس‪ ،‬وسعة الحوض‪ ،‬وظهور علمات البلوغ‪،‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫في حين يتفوق الذكور عليهن بعد الثانية عشرة في القوى البدنية‪ ،‬والعضلية‪،‬‬
‫وضخامة الجسم‪ ،‬وحجم الدماغ‪.‬‬
‫ويصاحب مراحل نمو الفتيات الجسمي شيء من الشعور بالتعب‪ ،‬وسرعة الرهاق‬
‫البدني‪ ،‬وآلم في الرأس‪ ،‬والتهابات في الحلق؛ مما قد يعوقهن عن أداء بعض‬
‫واجباتهن المدرسية والسرية‪ ،‬وقد يُصاب بعضهن بشيء من ضعف التوازن‬
‫الحركي‪ ،‬والشعور بالخوف من الحمل‪ ،‬والمراض العضوية‪ ،‬والقضايا الجنسية‪،‬‬
‫وأمور الحياة المستقبلية‪ ،‬إلى جانب القلق بصفة خاصة على مظاهر النمو التي‬
‫تنتاب معالم النوثة عندهن؛ مما قد يسوق بعضهن إلى النطواء الجتماعي‪،‬‬
‫وسرعة الغضب‪ ،‬والبكاء‪ ،‬والرغبة في تجاوز هذه المرحلة بسرعة وسلم‪ ،‬حتى إن‬
‫بعضهن ربما مارست سلوك النساء الكبيرات رغبة منها في الخروج المبكر من‬
‫حرج مرحلة النمو‪ ،‬كما أن البلوغ المبكر ‪-‬الذي يُعدّ تفوق ًا محبوباً عند الذكور‪-‬‬
‫يُزعج الفتاة‪ ،‬ويضعف توافقها مع القرينات ممن لم يبلغن مبلغها‪ ،‬فتعاني من ذلك‬
‫شيئاً من سوء التكيف الجتماعي‪.‬‬

‫إن هذه المظاهر الجسمية النامية‪ ،‬مع كونها مظاهر إنسانية عامة؛ فإنها من جهة‬
‫السرعة عملية فردية نسبية‪ ،‬تختلف من شخص إلى آخر‪ ،‬ومن فتاة إلى أخرى‪،‬‬
‫حيث تتأثر بنوع الوراثة‪ ،‬وجودة الغذاء‪ ،‬وطبيعة المناخ‪ ،‬ومع ذلك كلّه فإن فترة‬
‫النمو ل تدوم "لدى أي كائن حي المدة التي تستغرقها لدى النسان"‪ ،‬فهي مع‬
‫كونها تُعد عند بعض الفتيات سريعة ‪-‬مقابلة بغيرها من قريناتها‪ -‬إل أنها في‬
‫العموم طويلة المد‪ ،‬فل بد أن تراعي الفتاة طبيعة نموها‪ ،‬وتدرّجه النمائي ضمن‬
‫حدود ظروفها الفطرية‪ ،‬وطبيعة بيئتها المعيشيّة‪ ،‬مع ضرورة حفّ الفتاة النامية‬
‫بالعاطفة البوية الحانية‪ ،‬والرعاية السرية الكاملة‪ ،‬والقبول الجتماعي الذي يحقق‬
‫لها قدراً من الرصيد النفسي الذي يساعدها على مواجهة هذه التغيرات الجسمية‬
‫‪.‬بصورة طبيعية مقبولة‪ ،‬دون توتر‪ ،‬أو قلق يُخلّ بتوازنها السلوكي والعاطفي‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ـ أهداف تربية الفتاة الجسمية وخصائصها التربوية ‪2‬‬

‫أهم خصائص الفتاة الجسمية‪:‬‬


‫‪-1‬اختصاصها بالحاجة المُلحة إلى الجمال في القوام‪ ،‬واللباس‪ ،‬والزينة‪ ،‬وما‬
‫يترتب على نقصها من اضطراب صورة الذات في حسّها‪ ،‬وهذا يتطلب توجيهها إلى‬
‫العتدال في كل ميولها ورغباتها‪ ،‬مع مساعدتها في تحقيق قدر كافٍ من الشباع‬
‫الذي يضمن بقاءها ضمن حد التزان‪.‬‬
‫‪-2‬اختصاصها بالحمل والنجاب والرضاع‪ ،‬حيث تقوم النثى ‪-‬فطرياً‪ -‬بتكثير‬
‫النوع النساني‪ ،‬ضمن سنة ال تعالى التي فطرهن عليها‪ ،‬مما يتطلب تربية جسمية‬
‫سليمة‪ ،‬تعين الفتاة على القيام بهذه المسئولية الشاقة‪ ،‬التي قد تتعرض فيها الفتاة‬
‫إلى المرض أو الهزال‪ ،‬وربما تعرضت إلى الموت‪.‬‬
‫‪-3‬اختصاصها بالحاجة الملحة إلى النظافة الجسمية؛ لكونها تتعرض من خلل‬
‫وظيفتها الجتماعية‪ ،‬وطبيعتها البيولوجية إلى مزيد من الفضلت والوساخ‬
‫والروائح غير المستحسنة‪ ،‬مما قد يجعلها ‪-‬حين تهمل نظافتها‪ -‬موضع استهجان‬
‫ونفرة‪ ،‬ل سيما من الزوج‪ ،‬فهي فطري ًا موضع استمتاع له‪ ،‬ل يصح منها أن تنفره‬
‫بسلوكها وتقصيرها‪ ،‬وهذا يتطلب تربية الفتاة على أن تصبح نظافة البدن قيمة‬
‫عالية‪ ،‬تطلبها وتبحث عنها وتحرص عليها في جميع أوقاتها‪.‬‬
‫أهداف تربية الفتاة الجسمية‪:‬‬
‫‪-1‬العناية بصحة الفتاة الجسمية وفق الداب الصحية في الشريعة السلمية‪.‬‬
‫‪-2‬إسباغ الطابع السلمي على جميع أنشطة الفتاة الجسمية‪.‬‬
‫‪-3‬ضبط لباس الفتاة وزينتها بالضابط الشرعي‪.‬‬
‫‪-4‬مراعاة حاجة الفتاة إلى الترويح المباح‪.‬‬
‫‪-5‬رفع مستوى مهارات الفتاة اليدوية المشروعة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ـ تعريف الفتاة بالواجب الشرعي تجاه الجسد ‪3‬‬

‫يُقيم التصور السلمي للجسد النساني مكانة خاصة‪ ،‬فيجعل من مهمات‬


‫المكلّف‪ :‬العناية ببدنه‪ ،‬ورعاية جسمه‪ ،‬وفي الحديث قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪…(:‬إن لجسدك عليك حقاً)‪ ,‬بل إن التفريط في قوى البدن‪ ،‬واستهلكها في‬
‫غير طائل أو نافع‪ :‬مما يُذم به العبد‪ ،‬ويحاسب عليه يوم القيامة‪.‬‬
‫ولما كانت فترة الشباب الولى تزدهر بشمول النمو الجسمي‪ ،‬وانطلقته‬
‫القوية نحو كمال النضج البدني‪ ،‬فإن من الضروري ‪-‬شرعاً وعقلً‪ -‬أن تعرف الفتاة‬
‫واجبها المناط بها تجاه هذه القوى الفطرية المادية النامية‪ ،‬وكيف تتعامل معها‬
‫بصورة صحيحة إيجابية‪ ،‬فقد ثبت ميدانياً‪ :‬أن كثيراً من الفتيات في هذه السن‬
‫يستهترن بالمور والحتياطات الصحية اللزمة؛ بل ربما ظهر انحراف في‬
‫تصورات بعضهن تجاه أجسامهن‪ ،‬وبرزت في تعبيراتهن عنها صورة "التعصب‬
‫القديم ضد الجسد‪ ،‬واتهامه بالشهوة‪ ،‬واللذة‪ ،‬والشر‪ ،‬واللعقلية"‪ ،‬وكل هذا مخالف‬
‫لمبادئ التصور السلمي‪ ،‬وموقفه المعتدل من الكيان المادي في الطبيعة‬
‫النسانية‪ ،‬فمن الضروري تعديل هذه المفاهيم المختلطة في أذهان الفتيات‪ ،‬وبيان‬
‫أهمية أجسامهن لسلمة باقي قواهن النسانية‪ ،‬وإقناعهن بواجبهن الشرعي تجاه‬
‫الجسم‪ ،‬والمحافظة عليه‪.‬‬

‫ـ حاجة الفتاة الفطرية للصحة الجسمية ‪4‬‬

‫رغم أن صحة البدن تُعد غاية من الغايات النسانية‪ :‬فإن المرء بطبعه مجبول‬
‫على صيانة ذاته‪ ،‬حيث يجد في نفسه قوة تنبعث من داخله تدفعه نحو المحافظة‬
‫على نفسه‪ ،‬حتى إن هذه القوة الدافعة لتتضخم عند البعض لتصل إلى درجة‬
‫الوسوسة المفرطة‪ ،‬أو ربما إلى حالة من المرض النفسي‪ ،‬خاصة عند المراهقين‬
‫قبل بلوغهم‪ ،‬حيث يشعرون برعب شديد تجاه صحة أجسادهم‪ ،‬وبعد البلوغ‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫يشعرون بخوف من تشوه أبدانهم النامية‪ ،‬حتى إن بعضهم يكره ذاته للتغيرات‬
‫الجسمية‪ ،‬وتطورات النمو التي تنتابه‪.‬‬
‫ورغم اتحاد الجنسين في هذه المشاعر النفسية المؤلمة‪ ،‬فإنها أبلغ ما تكون‬
‫عند الفتيات المتوجهات نحو اكتمال النمو الجسمي‪ ،‬حيث التغيرات المتعددة‬
‫المصاحبة للنضج البدني‪ ،‬حتى إن بعضهن يصعب عليهن تصور أشكال أجسادهن‬
‫بصورة صحيحة‪.‬‬

‫إن التربية الصحية للجانب الجسمي تلبي عند الفتاة النامية هذه الحاجة الفطرية‬
‫تجاه الجسد في صورتها السوية‪ ،‬بحيث ل تتعارض مع طبيعتها الجبلّية‪ ،‬بل تُؤكد‬
‫عليها‪ ،‬وتُوصّلها شرعي ًا بالنصوص المحكمة‪ ،‬إلى جانب تعليم الفتاة وسائل الصحة‬
‫الجسمية‪ ،‬وشروطها الضرورية‪ ،‬وتدريبها عليها من خلل السلوك الفردي‬
‫‪.‬والجماعي‪ ،‬في البيت‪ ،‬والمدرسة‪ ،‬والمجتمع‬

‫ـ علقة الصحة الجسمية بجوانب شخصية الفتاة العامة ‪5‬‬

‫تدل البحوث العلمية على وجود علقة بين مظهر الجسم ونوع الشخصية‪،‬‬
‫فالشخصية القوية بجوانبها المختلفة يحملها في العادة جس ٌم صحيح‪ :‬فالعقل‬
‫الراجح‪ ،‬والوجدان المتزن‪ ،‬والعلقات الجتماعية الناجحة كل ذلك ينبعث من كيان‬
‫إنساني سليم‪ ،‬فالجانب الخلقي في شخصية الفتاة تابع لمزاج بدنها‪" ،‬فكلّما كانت‬
‫أخلق النفس أحسن كان مزاج البدن أعدل‪ ،‬وكلّما كان مزاج البدن أعدل كانت‬
‫أخلق النفس أحسن"‪.‬‬
‫وكذلك في الجانب العقلي عند الفتاة‪ :‬فإن العلقة قوية بينه وبين نمو جسمها‬
‫السليم‪ ،‬فالتعب "العقلي ناشئ في الغالب عن التعب الفيسيولوجي؛ لنه مصحوب‬
‫بتبدل حركات القلب‪ ،‬والتنفس‪ ،‬وازدياد الحرارة‪ ،‬وتناقص القوة العضلية‪ ،‬وضعف‬
‫مقاومة الجسد‪ ،‬وهبوط الحساسية اللمسية‪ ،‬وارتفاع الحدّة‪ ،‬وقابلية الهيجان‬
‫والغضب"‪ ،‬كل هذه المتغيرات الجسمية تؤثر في الداء العقلي‪ ،‬بل وحتى نوع‬
‫الغذاء الذي ينمو عليه الجسم‪ ،‬وطبيعة الجهد الجسمي الذي تقوم به الفتاة‪ ،‬وطريقة‬
‫معيشتها في العموم كل ذلك له تأثيره البالغ في قوة أو ضعف جوانب أدائها العقلي‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وهذه العلقة أيضًا منطبقة على الجانب النفسي عند الفتاة بصورة قد تكون‬
‫أبلغ وأعظم‪ :‬فإن تطورها النفسي السليم يخضع بصورة قوية لنمو جسمها‬
‫الصحيح‪ ،‬فالفات الجسدية‪ ،‬وتعَثّرات النضج الفسيولوجي‪ :‬من أعظم أسباب ظهور‬
‫الشذوذات النفسية المتطرّفة؛ بل إن مجرّد تشوّه يسير في شكل الفتاة الجسمي‪ ،‬أو‬
‫استئصال جزء من أجزاء بدنها الظاهرة كفيل بأن يُحطّم جانباً من كيانها النفسي‪،‬‬
‫أو على القل يسوقها نحو النعزال الجتماعي المفرط‪ ،‬الذي يؤدي بالتالي إلى‬
‫أنواع أخرى من المعاناة النفسية‪ ،‬والخفاقات الجتماعية‪ ،‬والشعور بالمنبوذية؛‬
‫فإن من الصعوبة بمكان أن تعزل الفتاة عواطفها‪ ،‬ومشاعرها عند تعاملها مع‬
‫الناس عن حالتها الجسمية‪ ،‬ووضعها الصحي‪.‬‬

‫ومن هنا تظهر أهمية صحة الجسد‪ ،‬وفاعليته‪ ،‬ودوره المتلحم مع الجوانب الخرى‬
‫من الشخصية النسانية‪ ،‬فل بد أن تنال نصيبها من الصحة الجسمية الكافية‪،‬‬
‫‪.‬والكفيلة بنمو باقي جوانب شخصيتها النسانية بصورة صحيحة ومتكاملة‬

‫ـ أهمية صحة الفتاة الجسمية لسلمة النجاب ‪6‬‬

‫إن أعظم مهمة تقوم بها الفتاة بعد عبادة ربها عز وجل ‪ :‬خدمة النوع‬
‫النساني من خلل النجاب السليم‪ ،‬ورعاية النسل‪ ،‬فإن خير مراحل عمرها أوّلُها‬
‫حين تكون منتجة للذرية‪ ،‬وراعية لها‪.‬‬
‫ولما كان لطوار الحمل والولدة متاعبها الجسمية المضنية‪ ،‬التي قد تؤدي‬
‫ببعض الحوامل الضعيفات جسمياً إلى الموت‪ ،‬فليس أحد من إناث الحيوانات أكثر‬
‫عرضة للموت عند الولدة من أنثى النسان‪ ،‬ولما كان الجنين يقضي شوطاً من‬
‫نضجه الجسمي في بطن أمه‪ ،‬حيث يتأثر بكثير مما تتعاطاه من الماديات‬
‫المحسوسة‪ ،‬أو المعنويات غير المحسوسة‪ ،‬ولما كانت الوراثة في العموم تقوم‬
‫بدور رئيس في اللياقة البدنية‪ ،‬ولما كانت العناية بالطفولة مهمة نسوية شاقة‪ :‬فإن‬
‫رعاية الفتاة جسمي ًا ونفسياً‪ ،‬وتهيئتها صحياً لهذه المهمات والمسؤوليات الكبرى‬
‫المتعلقة بها يُعد من أعظم أهداف التربية الصحية‪ ،‬ومن أهم مهماتها الجسمية‪،‬‬
‫خاصة في هذا العصر الحديث الذي هبطت فيه مستويات الصحة النسانية عموماً‪،‬‬
‫والصحة النسائية خصوصاً؛ بما يتعاطينه من المواد القبيحة المفسدة‪ ،‬والعادات‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫القبيحة‪ ،‬والعمال الجسمية المنهكة‪ ،‬التي جعلت مضاعفاتهن الجسمية أكثر في‬
‫العموم من مضاعفات الذكور‪ ،‬رغم أنهن أكثر وعي ًا بالمور الصحية من الذكور كما‬
‫دلت على ذلك بعض البحاث العلمية‪.‬‬

‫إن هذا الوضع الصحي المتردي يتطلب جهودًا صحية مضاعفة‪ ،‬وعملً متواصلً‬
‫للنهوض بمستويات الفتيات الصحية‪ ،‬وقدراتهن الجسمية حتى يتمكّن من القيام‬
‫بهذه المهام النسانية الجسيمة‪ ،‬التي ل يمكن أن يقوم بها غيرهن من النساء‬
‫اليائسات أو الذكور‪ ،‬كما ل يمكن أن يستعاض عنهن باللة المبتكرة‪ ،‬مما يُحتّم على‬
‫‪.‬منهج التربية الصحية رعايتهن‪ ،‬وكفايتهن لهذه المسؤوليات النسانية الفريدة‬

‫ـ استمتاع الفتاة بالصحة الجسمية ‪6‬‬

‫يَعتبر التصور السلمي الصحة البدنية أفضل النعم الربانية بعد نعمة السلم‪،‬‬
‫فهي أفضل للمؤمن من كثرة المال‪ ،‬فإذا اجتمع إليها المن الجتماعي‪ ،‬والكفاية‬
‫الغذائية تحقق باجتماعها جميعاً أعظم ما في الوجود من معاني السعادة النسانية‪،‬‬
‫فهي في الحقيقة ملك خفي‪ ،‬يغفل عنه النسان‪ ،‬ويسهو عن استحضار فضائله؛ لهذا‬
‫تكون الصحة البدنية أول مظاهر النّعيم التي يُسأل العبد عن شكرها يوم القيامة‪،‬‬
‫وفي الجانب الخر فإن فقدان الصحة الجسمية له آثاره الشديدة على الفرد نفسياً‪،‬‬
‫واجتماعياً‪ ،‬وسلوكياً‪" ،‬فثمّة في الواقع علقة وثيقة بين التمتع بالصحة والتمتع‬
‫بالسعادة‪ ،‬وعلى نقيض هذا ثمّة علقة أخرى وثيقة بين ضياع الصحة وبين‬
‫الحساس بالغم والكتئاب"‪ ،‬لهذا كان من دعاء رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪(:‬اللهم عافني في بدني‪ ،‬اللهم عافني في سمعي‪ ،‬اللهم عافني في بصري‪.)...‬‬

‫وأفضل فترة من العمر تتمتع فيها الفتاة بالصحة الجسمية هي فترة الشباب؛ لكونها‬
‫فترة خلّفت وراءها سن الطفولة بضعفها وأمراضها‪ ،‬ولم تدخل بعد في سن الكهولة‬
‫ثم الشيخوخة ومضاعفاتها‪ ،‬فل بد أن تستغل الفتاة هذه الفترة الحيوية من عمرها‬
‫بما يحفظها من الفات والمراض الجسدية‪ ،‬حتى تستمتع بقدراتها الجسمية‬
‫كأحسن ما يكون‪ ،‬ولمدة أطول‪ ،‬بحيث تتقدم عبر مراحل عمرها بصحة أوفر‪،‬‬
‫لسيما وأن النساء في العموم يُعمّرن أكثر من الرجال‪ ،‬إل أن تعرضهن للعجز في‬
‫‪.‬الكبر أكثر من الرجال‪ ،‬فل بد من مراعاة الجانب الصحي عندهن‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ـ ضرورة التغذية الجيدة لصحة الفتاة الجسمية ‪8‬‬

‫يعتبر الغذاء من أعظم مقوّمات كيان النسان الجسمي‪ ،‬فإن الفراط في‬
‫الجوع‪" ،‬وملزمة الحمْية‪ :‬تُنهك البدن وتهزله"‪ ،‬فإذا أدّى ذلك إلى الضرار الفادح‬
‫بالبدن‪ ،‬والعجز عن القيام بالواجبات والتكاليف الشرعية‪ :‬كان حراماً؛ ولهذا رُكّبت‬
‫في النسان شهوة الطعام‪ ،‬لتكون أداة حثّ لتحقيق مصلحة البدن من خلل إشباع‬
‫هذه الحاجة الجسمية الولية‪ ،‬بحيث ل يُذمّ النسان في طلبه للطعام وميله إليه‪ ،‬وإن‬
‫أدّى ذلك إلى أن يصل به إلى حدّ الشّبع‪ ،‬لسيما في فترة الشباب التي تزداد فيها‬
‫حاجة البدن إلى مزيد من الغذاء‪.‬‬
‫وعادات الفتيات في تناول الطعام كسائر العادات النسانية في واقع الحياة‪:‬‬
‫ف وسَطُها بجانبي الفراط والتفريط‪ ،‬بحيث يصلن إلى درجة الفراط المذموم‬ ‫يحت ّ‬
‫في تعاطي المأكولت‪ ،‬والمشروبات إلى حدّ الشره أحياناً‪ ،‬ولهذا يُلحظ الشره بين‬
‫الفتيات أكثر منه بين الفتيان‪ ،‬وبالتالي يعانين من مشكلة زيادة الوزن التي تنتشر‬
‫بينهن أيضاً‪ ،‬فقد يفوق ما تلتهمه إحداهن في اليوم في مجالس متعددة ما يتناوله‬
‫الرجل في المجلس الواحد‪ ،‬وربما انحدرت ببعضهن العادات في الجانب الخر إلى‬
‫حد الشذوذ المفرط ‪-‬غير المعقول‪ -‬في المتناع عن الطعام‪ ،‬وهذا يشبه إلى حد ما‬
‫امتناع بعض الفتيات عن تناول وجبة الفطار‪ ،‬فقد دلّت دراسة سعودية على أن‬
‫‪ %42‬من الطالبات يحضرن المدارس دون تناول وجبة الفطار‪ ،‬إلى جانب تلبسهن‬
‫بأنماط غذائية غير صحية‪ ،‬وبين هذين الجانبين المتباينين من مراتب القبال‬
‫والحجام‪ ،‬والفراط والتفريط عند الفتيات ما يخضع لحالة إحداهن النفسية‪،‬‬
‫ووضعها الجتماعي‪ ،‬ومدى استحكام "الموضة" في اختيارها لحجام الملبس‪،‬‬
‫وإلى أي حد بلغ رضاها عن جسمها؛ فإن هناك علقة قوية بين رضا الفتاة عن‬
‫جسمها وبين فقدانها لشهية الطعام‪ ،‬ولهذا يُلحظ أن الطعام كثيرًا ما يكون موضع‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫انتقام للفتيات بالفراط في القبال عليه‪ ،‬أو التفريط في المتناع عنه‪ ،‬وذلك بسبب‬
‫صراعات نفسية أو معاناة اجتماعية‪ ،‬أو إخفاق ما في الحياة‪.‬‬
‫ولما كانت الطبيعة البدنية في حاجة إلى سياسة العتدال في تناول الغذاء‪ ،‬فقد‬
‫أحكم منهج التربية الجسمية في التصور السلمي جانب التفريط في حق رعاية‬
‫البدن بإحياء مسؤولية الفرد عن صحته الجسمية‪ ،‬وضبط جانب الفراط بمناهج‬
‫التربية الزهدية‪ ،‬وربطه ‪-‬كسنّة جارية‪ -‬بين اعتدال المسلك في المأكل والمشرب‪،‬‬
‫وبين جوانب الصحة النفسية‪ ،‬والعقلية‪ ،‬والجسمية‪ ،‬بحيث ل يكاد يتخلف التأثير‬
‫اليجابي لمنهج العتدال على هذه الجوانب المهمة من كيان النسان؛ حتى إنه‬
‫ليبلغ تأثيره اليجابي الفاعل جانبي النسان‪ :‬اليماني في قلبه‪ ،‬والخلقي في سلوكه‪،‬‬
‫ثم أحاط ‪-‬بعد ذلك‪ -‬منهج التربية الجسمية هذا المسلك العتدالي بمجموعة من‬
‫الحكام الشرعية‪ ،‬والداب المرعية التي تضفي عليه صبغة اعتقادية‪ ،‬وطابعاً أدبياً‪،‬‬
‫ووقاية صحية‪ ،‬تؤثر في مجموعها على شخصية المسلم بجوانبها المتعددة‪.‬‬
‫ووسيلة الفتاة الولى للخذ بهذا المسلك الوسط ‪ -‬بعد القناعة الكاملة به‪ -‬هو‬
‫المران؛ فإن النفس النسانية إذا ألفت شيئاً‪ ،‬واعتادت عليه‪ :‬صار من جبلتها‪،‬‬
‫يصدر عنها دون تكلف وأما الوسيلة الثانية فمن خلل التعرف على أنواع الغذاء‬
‫النافع‪ ،‬والكثر جودة‪ ،‬والعراض عن الرديء منه‪ ،‬وإن كان لذيذاً‪ ،‬خاصة في هذا‬
‫ط فيه مستوى الجودة النوعية‪ ،‬وكثرت فيه المعالجات الكيميائية‬‫العصر الذي انح ّ‬
‫حتى غدا النسان المعاصر ضعيف ًا في بنيته‪ ،‬ومعرّضاً "لكثير من السباب التي تقلل‬
‫من سعادته‪ ،‬بل والتي تعرضه لنحراف المزاج‪ ،‬وللصابة بالتوترات المستمرة‪،‬‬
‫وعدم التكيف والتلؤم مع البيئة"‪.‬‬

‫ـ أزمة التدخين عند الناث ‪9‬‬

‫يصحّ بدن النسان بين أسباب الوقاية وأنواع العلج‪ ،‬في سنن فطرية ثابتة‬
‫ضمن قدر ال تعالى وقضائه العام‪ ،‬فما من داء إل وله دواء يصلح له‪ ،‬فإذا أصابه‬
‫حصل الشفاء بإذن ال تعالى‪ ،‬ولهذا حثّ الشارع الحكيم على التداوي‪ ،‬واتخاذ‬
‫العلج‪ ،‬وأوصى بأنواع منه مختلفة‪ ،‬وحذّر من أخرى‪ ،‬وفي الجانب الخر‪ :‬أمر‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫بالوقاية‪ ،‬والحرص على تجنب الصابة بالمرض‪ ،‬في غير تكلّف وهلع يخرج‬
‫صاحبه عن مراتب التوكل وحدّ العتدال‪.‬‬
‫إن من أعظم أسباب السلمة تكوين العادات الصحية الجيدة‪ ،‬بحيث يتكون لدى‬
‫الفتاة رصيد من الصحة الجسمية‪ ،‬التي تمكّنها من القيام بوظائفها البدنية بكفاءة‬
‫ُمرْضية‪ ،‬مع قدرتها الجيدة على التحمّل الجسمي في مواجهة المراض‪ ،‬والتغلّب‬
‫عليها‪ ،‬وذلك من خلل التأثير اليجابي على معارفها واتجاهاتها الصحية‪ ،‬ومن ثَمّ‬
‫ترجمتها في أنماط سلوكية صحية‪ ،‬بحيث تصبح قادرة على أن تسعى جادة‪،‬‬
‫وبصورة تلقائية‪ ،‬وبمجهوداتها الشخصية للحصول على الصحة البدنية‪ ،‬وتتحمل‬
‫‪-‬كعضو اجتماعي مكلّف‪ -‬رعاية جسمها صحياً‪ ،‬دون الحاجة إلى عون الجماعة‬
‫التي تمارس في هذا العصر أرذل صور السلبية الصحية‪ ،‬وتتعاطى أنواعاً متعددة‬
‫من العادات والسلوكيات التي تتعارض بصورة صارخة مع أبسط قواعد الصحة‬
‫العامة‪ ،‬وآداب السلوك‪.‬‬
‫ولعل في عادة التدخين ‪-‬فضلً عن المحرمات المنتشرة من المآكل والمشارب‪-‬‬
‫ما يدل على هذا المعنى بوضوح‪ ،‬حيث تمارس المجتمعات النسانية المعاصرة‬
‫تجاهه أقبح أنواع التناقض العقلي‪ ،‬وأحط أساليب التخاذل الدولي‪ ،‬ففي الوقت الذي‬
‫ثبت فيه ضرره الصحي الفادح عند كافة الشعوب المعاصرة‪ ،‬واستقرت حرمته عند‬
‫علماء المة المسلمة بصورة خاصة‪ :‬ما زالت المجتمعات المعاصرة قاطبة تُقرّه‬
‫كسلعة اقتصادية رائجة‪ ،‬وتسمح للفراد بتعاطيه ضمن حرياتهم الشخصية‪ ،‬مكتفية‬
‫في مواجهة أضراره الصحية البالغة بإقامة الحجة الهزيلة على متعاطيه بالكتابة‬
‫الرمزية على منتجاته بأنها ضارة‪ ،‬ثم تسمح ‪-‬بعد ذلك‪ -‬لوسائل إعلمها المختلفة‬
‫بالترويج له كأقوى ما يكون بصورة مباشرة وغير مباشرة‪ ،‬وتُسهّل لشركات التبغ‬
‫الوصول به إلى كل أفراد المجتمع حتى الطفال‪ ،‬في صور متناقضة من التخاذل‬
‫الجتماعي الذي يصعب تبريره‪.‬‬
‫ورغم أن التدخين بأنواعه المختلفة كان إلى عهد قريب عادة ذكورية‪ :‬فقد‬
‫أقبل عليه النساء مؤخرًا بصورة كبيرة حيث يشكّلن اليوم ثلث المدخنين‪ ،‬وحتى‬
‫الفتيات اللتي يُعتبرن في العموم أقلّ إقبالً عليه من الذكور‪ :‬فقد تورّط كثير منهن‬
‫في تعاطيه إلى درجة الدمان‪ ،‬حتى وصلت أعداد المُدخّنات في أحد البلد السلمية‬
‫إلى ‪ %39‬وفي أخرى إلى ‪ ،%50‬وما زالت أعداد المدخنين من الجنسين في تزايد‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫عالمي مستمر‪ ،‬يُنذر بخطر صحي كبير‪ ،‬ففي الوقت الذي تنخفض فيه معدلت‬
‫التدخين لدى الغرب‪ :‬تزداد ‪-‬للسف‪ -‬معدلته في الدول النامية‪ ،‬ولعل ارتباط‬
‫التدخين عند المرأة بقضايا التحرير‪ ،‬والحقوق‪ ،‬والمساواة‪ :‬دفعها في الستينات من‬
‫القرن العشرين إلى التوسع في تعاطي التدخين‪.‬‬
‫ومع كون الفتيات ‪-‬بحكم كونهن مكلفات شرعاً‪ ،‬ومسؤولت أمام ال تعالى عن‬
‫سلمة أبدانهن ‪-‬يستوين مع الذكور في حرمة التدخين‪ ،‬وتبعة الخطيئة‪ :‬فإنهن ‪-‬مع‬
‫ذلك‪ -‬ينفردن عنهم بمزيد من الثم‪ ،‬وتبعة المسؤولية‪ ،‬وذلك لسببين‪:‬‬
‫السبب الول‪ :‬كون الواحدة منهن موقع استمتاع للزوج‪ ،‬يتعفّف بها عن‬
‫الوقوع في الحرام‪ ،‬فل يصح منها أن تعتاد ما يُنفّره منها‪ ،‬ويزهّده في قربها‬
‫فتسوقه بالتالي إلى النحراف‪ ،‬والدخان ‪-‬كما هو معلوم‪ -‬من المواد المشوّهة لجمال‬
‫المرأة‪ ،‬ورائحته من أشد الروائح الكريهة نفاذاً في البدان‪ ،‬والملبس‪ ،‬والثاث‪،‬‬
‫وقد نصّ بعض الفقهاء على أن من حق الزوج منع زوجته من أكل ما يُنتن الفم‪،‬‬
‫ومن شرب الدخان؛ لما فيه من الرائحة الكريهة‪.‬‬
‫السبب الثاني‪ :‬كون الفتيات موضع الحرث وإنتاج النسل ورعايته‪ :‬فل يجوز‬
‫لهن أن يتعاطين ما يُعطّل أو يُفسد قيامهن بهذه المسؤولية الكبرى‪ ،‬وعادة التدخين‬
‫‪-‬بإجماع الطباء‪ -‬تؤثر بصورة سلبية على صحتهن أكثر من تأثيرها السلبي على‬
‫الذكور‪ ،‬فتُقلّل من خصوبتهن‪ ،‬وتضرّ بصحة الجنة في بطونهن بصور مختلفة‪،‬‬
‫وربما إلى حدّ الجهاض‪ ،‬إضافة إلى تأثيره السلبي على نشاطهن الجنسي في‬
‫العموم‪ ،‬إلى جانب الضرار الصحية التي يتعرض لها الطفال الصغار من جرّاء‬
‫استنشاق الدخان المتصاعد من أفواه المهات ومناخرهن؛ فإن (‪ )%15‬من موتى‬
‫التدخين هم من المتعرضين للدخان وليسوا من المدخنين‪.‬‬
‫ومن هنا فل يصح للفتاة المسلمة أن تتعاطى شيئاً من الدخان تحت أي مبرر‪،‬‬
‫وعليها أن تتجنب السباب الجتماعية والنفسية التي تسوق إليه‪ :‬كالمشكلت‬
‫السرية‪ ،‬والضطرابات العاطفية‪ ،‬والكتئاب النفسي‪ ،‬والشعور بالحباط والخفاق‪،‬‬
‫مع الحذر الشديد من حياة الترف‪ ،‬التي تُغري الفتيات بالتجريب وحب الطلع‪،‬‬
‫والتعبير من خلل التدخين عن علو الشأن‪ ،‬وارتفاع المكانة الجتماعية‪ ،‬والنطلقة‬
‫نحو التحرّر والنفتاح‪ ،‬فقد ثبت عند كثير من الباحثين ارتباط عادة التدخين بكثير‬
‫من الجرائم والنحرافات الخلقية الكبرى‪ ،‬التي ل تتوقع الفتاة أن تصدر عنها‪ ،‬فإن‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫المعاصي يجرّ بعضها إلى بعض‪ ،‬والخطاء يدفع بعضها إلى بعض‪ ،‬كما أن الطاعات‬
‫يحفّز بعضها إلى بعض‪ ،‬وقد أثبتت الدراسات أن التدخين بوابة تعاطي المخدرات؛‬
‫فإن (‪ )%90‬من متعاطي المخدرات بدأوا بالتدخين‪ ،‬كما أن نسبة كبيرة من المواد‬
‫المخدرة يتعاطاها أصحابها عن طريق التدخين‪ ،‬وفي الجانب الخر "تظهر البحاث‬
‫أن الطلب الذين لم يدخنوا إطلقاً‪ :‬أقل ميلً إلى تعاطي المخدرات‪ ،‬وأن الشاب الذي‬
‫يصل إلى سن العشرين دون أن يدخن‪ :‬ل يحتمل أن يبدأ في التدخين بعد هذه‬
‫السن"‪ ،‬كما أن "الطفال الذين يبدؤون في تعاطي التدخين قبل سن الخامسة‬
‫عشرة تكون لديهم القابلية للوقوع في الدمان ضعف غيرهم من الطلب الذين لم‬
‫يبدؤوا في تعاطي السجائر أو الكحول إل في سن متأخرة"‪.‬‬
‫وأما إذا ابتُليت الفتاة بالتدخين ‪-‬ولو إلى درجة الدمان‪ -‬فليس لها وسيلة إل‬
‫القلع التام بصورة مباشرة‪ ،‬ول تترك هذه العادة القبيحة كالغلّ في عنقها‪ ،‬فمع‬
‫كون الخمر أعظم إدماناً من الدخان‪ :‬فإن كثيراً من الصحابة‪ ،‬رغم ما ألفوه من‬
‫حبها وتعاطيها‪ :‬نزعوا عنها وهم يعاقرونها‪ ،‬وأقلعوا عن تعاطيها بالكلية دفعة‬
‫واحدة لما بلغهم المر باجتنابها‪ ،‬فهذا مقام الرادة التي يمتاز بها النسان عن سائر‬
‫طوائف الحيوان‪ ،‬وهو وسيلة الفتاة الوحيدة‪ -‬بعد عون ال تعالى‪ -‬للخلص من‬
‫عادة التدخين بصورة صحيحة ونهائية‪.‬‬
‫ول ينبغي من الفتاة المسلمة المعاصرة التي ثبت عندها وتواتر بيقين ضرر‬
‫التدخين بأنواعه على صحة النسان أن تعتمد على بعض الفتاوى السابقة والقديمة‬
‫المبيحة لتعاطيه‪ ،‬أو التي تصفه بالكراهة وتتردّد في تحريمه‪ ،‬فهذه الفتاوى في‬
‫غالبها لم يثبت لدى أصحابها الضرر العظيم الذي يخلّفه التدخين على متعاطيه‪،‬‬
‫ومع ذلك فقد ربطوا القول بالتحريم إذا ثبت الضرر‪ ،‬وتحقق الذى‪ ،‬إل أن ذلك لم‬
‫يثبت لديهم في زمنهم بالوضوح الذي ظهر في هذا العصر‪ ،‬من خلل المكتشفات‬
‫الطبية‪ ،‬والرقام الحصائية‪ ،‬فأي ضرر أعظم من أربعة مليين قتيل سنوي ًا بسبب‬
‫التدخين؟ عدا من تتعطل صحته بسببه‪ ،‬إضافة إلى الرقام الفلكية من الثروات التي‬
‫تُهدر في زراعته‪ ،‬وصناعته‪ ،‬وشرائه‪ ،‬والعلن عنه‪.‬‬
‫ول ينبغي استهجان القول بالتحريم لهذه الفة فقد قال به البابا النصراني في‬
‫عام ‪1642‬م‪ ،‬وأصدر إمبراطور روسيا في زمنه القوانين بأشد العقوبات على‬
‫المدخنين‪ ،‬والخلف الذي وقع بين الفقهاء المتأخرين بشأنه يرجع إلى أن تعاطيه‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫من الحوادث المستجدة التي لم تظهر إل بعد سنة ألف من الهجرة النبوية‪ ،‬حين بدأ‬
‫بعض اليهود والنصارى والمجوس ينقلون شجرته إلى بلد المسلمين‪ ،‬فتلقّفه‬
‫بعضهم وتعاطوه‪ ،‬واعتادوا عليه‪.‬‬
‫ثم إن ربط مسألة التدخين بالدين أمر مهم‪ ،‬وله إيجابيته في سلوك الناس؛ فقد‬
‫ثبت أن هناك علقة بين ارتفاع درجة التدين وانخفاض نسبة التدخين‪ ،‬إلى جانب‬
‫أن المسلم ل يرى أمرًا من أمور الحياة ‪-‬مهما كان يسيراً‪ -‬يمكن فصله عن الدين‪،‬‬
‫لسيما ماله صلة مباشرة بمقاصد الشريعة السلمية كقضية التدخين التي تتعارض‬
‫بصورة صارخة مع مقصد حفظ النفس‪ ،‬ورعايتها من الضرر والذى‪.‬‬

‫ـ حاجة الفتاة الملحة إلى جمال الجسم ‪10‬‬

‫تميل الفتاة الشابة نحو التفوق في جمال جسمها‪ ،‬بحيث تشعر بكفاية مقدار‬
‫جمالها البدني العام للقبول الجتماعي عموماً‪ ،‬وعند الجنس الخر خصوصاً‪ ،‬فإن‬
‫الشباب بصورة عامة ‪ -‬رغم كونهم طبيعيين في نموهم‪ -‬يعانون حساسية مفرطة‬
‫تجاه ملمح أجسامهم‪ ،‬ويرغبون في تعديلها على نحو ما؛ إذ يمثل الجسد بالنسبة‬
‫لهم في هذه المرحلة عاملً في غاية الهمية‪ ،‬والفتيات ‪-‬في كل هذا‪ -‬أشد اهتماماً‪،‬‬
‫وأكثر قلقاً على حالة نموهن الجسدي‪ ،‬وعيوبهن البدنية‪ ،‬وأبلغ أماني إحداهن في‬
‫هذه السن أن تكون بارعة في الجمال‪ ،‬مكتملة النمو الجسمي‪ ،‬فبقدر ما تحب الفتاة‬
‫ظ مَنْ حولها جمال نموها الجسمي‪ ،‬ويتأمّلوا ذلك منها‪ ،‬فإنها تتأثر‬
‫أن َيلْحَ َ‬
‫بانطباعاتهم‪ ،‬وتعليقاتهم التي تسهم بقوة في تكوين مفهومها عن ذاتها الجسمية‪،‬‬
‫فالفتاة مهما بلغت من العقلنية والنبوغ؛ فإنها في حاجة ملحة إلى إثارة إعجاب‬
‫الخرين بمفاتنها‪ ،‬وجمال بدنها أكثر من حاجتها إلى ثنائهم على عقلها ونبوغها‪،‬‬
‫ولهذا يقول علي بن أبي طالب ‪" :‬عقل المرأة جمالها‪ ،‬وجمال الرجل عقُلهُ"‪،‬‬
‫فالحُسن "في النساء آكد‪ ،‬فإن المر في الحسن منوط بهن‪ ،‬فمهما كانت المرأة‬
‫أحسن كان أعظم لشأنها‪ ،‬وأعز لمكانتها"‪ ،‬والمرأة في كل زمان ومكان هي المرأة‪،‬‬
‫مهما حاول بعضهم إخراجها من عالمها‪ ،‬وجسدها بخصائصه النثوية الطبيعية‬
‫عنصر أساس لعالم المرأة‪" ،‬فالنوثة والجمال هما العنصران الساسان لهذا العالم‪،‬‬
‫فما زالت مسابقات ملكات الجمال تجري حتى يومنا هذا‪ ،‬وما زال لجمال النثى دور‬
‫بارز في زواجها وعملها"‪ ،‬وإذا كان للجمال من صورة ومثال‪ ،‬فإن جسد المرأة هو‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫مادة هذا الجمال وصورته‪ ،‬فمهما تحدثنا عن المرأة بوصفها رمزاً أو معنى فإن‬
‫الجسد النثوي بما أودع ال فيه من خصائص متميزة يظل مسيطراً على عالم‬
‫المرأة"‪ ،‬فجمال الجسد في حق الفتاة‪ ،‬والنساء عموماً‪ :‬فضيلة ضرورية عندهن‪ ،‬ل‬
‫غنى عنها‪ ،‬ول بديل لها‪.‬‬
‫ويرجع سبب إلحاح النثى على استحواذ الجمال الجسمي إلى كونه مطلب ًا‬
‫رئيساً للذكور قاطبة‪ ،‬حتى النبياء عليهم السلم ل يزهدون فيه‪ ،‬فهذا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم رغب في خطبة ضباعة بنت عامر لما اشتهرت بحسنها‪ ،‬فلما‬
‫علم بكبر سنها‪ ،‬وذهاب معالم جمالها التي حُكيت عنها‪ :‬أعرض عن خطبتها‪ ،‬فعلى‬
‫الرغم من أن الجمال البشري مُقسّمٌ بين الجنسين‪ :‬فقد اقترنت صورة الجمال‬
‫المطلق في حسّ الرجال بالفتاة في عنفوان شبابها‪ ،‬وكأن الجمال في شعورهم‬
‫أنثوي الطبع‪ ،‬في حين قد يكون جمال الرجل الذكر أبلغ من جمال المرأة النثى‪ ،‬كما‬
‫هو في غالب عالم الحيوان‪ ،‬إل أن الظاهر أن جمال الفتاة المحبوبة‪ ،‬المرغوب فيها‬
‫مع كونه يحقق للزوج العفة‪ ،‬وغض البصر‪ ،‬وكمال الستمتاع‪ :‬فإنه مع ذلك يُريح‬
‫النفس ويُسكّنها؛ لن النظر ‪-‬في حد ذاته‪ -‬إلى الزوجة "الجميلة الحسنة الخلْق‬
‫يُفرح النفس‪ ،‬ويُنشّطها‪ ،‬ويزيل عنها الفكار والوساوس الرديئة"؛ ولهذا كان‬
‫مطلب الرجال للجمال في الناث مستساغاً‪ ،‬وحرصهن الشديد على التفوق فيه‪،‬‬
‫والستحواذ عليه مقبولً ل يستنكر؛ لذا يُستساغ التغاير بين النساء في الجمال‪ ،‬ول‬
‫يُستساغ ذلك بين الرجال وأما حديث الترغيب في الفتاة الصالحة‪ ،‬وتقديمها على‬
‫الجميلة‪ :‬فليس فيه ما يدل على الزجر عن الجمال؛ "بل هو زجر عن النكاح لجل‬
‫الجمال المحض‪ ،‬مع الفساد في الدين"‪ ،‬فإن النبي صلى ال عليه وسلم أشار إلى‬
‫جمال الفتاة بسرور الرجل إذا نظر إليها‪ ،‬فليس بمستهجن ‪-‬بناء على هذا الفهم‪-‬‬
‫حرص الجنسين على كسب الجمال ونيله‪ ،‬ك ٌل حسب طبيعته‪ ،‬ونوع دوافعه‪.‬‬
‫إن شعور الفتاة بنقص جمالها الجسمي‪ ،‬خاصة فيما يتعلق بجمال ملمح‬
‫الوجه‪ ،‬واعتقادها بأنها شخص غير مرغوب فيه‪ :‬كاف لحجامها عن الوسط‬
‫الجتماعي‪ ،‬واضطراب مفهومها عن ذاتها‪ ،‬وربما انخراطها في سلوك خلقي شاذ‪،‬‬
‫وقد يحصل لها اضطراب نفسي من تشوّه الوجه أو الصدر أو اليدين بسبب الحروق‬
‫التي كثيراً ما تصيب الفتيات في الخدمة المنزلية من جراء مواجهتهن للهب‪،‬‬
‫وتعاملهن مع السوائل الساخنة‪ ،‬بل إن قدراً طبيعياً من مظاهر اضطرابات النمو‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الجسمي في مرحلة البلوغ‪ :‬كاف ‪ -‬في ح ّد ذاته‪ -‬لزعاج الفتاة‪ ،‬وإشغال ذهنها‪،‬‬
‫وإشعارها بالشذوذ الجسدي‪ :‬كاختلل توازنها الجسمي بسبب النمو‪ ،‬أو تنامي حجم‬
‫النف‪ ،‬أو ظهور بعض الشعر الرقيق على جوانب من جسمها‪ ،‬أو عدم تناسق‬
‫الثديين ونحوها من مظاهر النمو الطبيعي‪ ،‬فقد تدفعها مهمتها للجمال الجسمي في‬
‫سمْرة عن طريق‬ ‫غير التجاه الصحيح‪ ،‬مثل محاولة تغيير لون البشرة إلى ال ّ‬
‫"التّشمّس"‪ ،‬فرغم أنها وسيلة مكروهة في نظام السلم الصحي‪ ،‬ولها أضرارها‬
‫الصحية‪ :‬فإن بياض البشرة ‪ -‬بصفة خاصة في الوسط العربي‪ -‬محبوب‪ ،‬وهو‬
‫عندهم يُعد نصف جمال الفتاة‪ ،‬حتى قيل‪" :‬الحسن‪ :‬بياض اللون وسواد الشعر‪،‬‬
‫وكل منهما شطره"‪ ،‬كما أن كل أمة ‪-‬في الغالب‪ -‬تستحسن من ألوان نسائها ما‬
‫اعتادت عليه‪ ،‬حتى الزنوج يستحسنون ألوان نسائهم‪ ،‬فصفاء اللون نعمة ل يصح‬
‫من الفتاة السعي في تغييرها‪.‬‬
‫وأفحش من ذلك‪ :‬أن تلجأ الفتاة تحت وطأة افتقارها للجمال الجسمي‪ ،‬ورغبتها‬
‫في زيادة حسنها‪ :‬إلى تغيير خلق ال تعالى بالتدخل الطبي من خلل عمليات جراحة‬
‫التجميل دون حاجة صحيحة قائمة‪ ،‬إل الرغبة في التّحسين الجسمي غير‬
‫المشروع‪ ،‬وقد دلّ الواقع أن غالب حالت جراحة التجميل تتم بناء على دوافع‬
‫نفسية أكثر من كونها ضرورة طبية‪.‬‬
‫إن من الضروري أن تعرف الفتاة‪" :‬أن الجمال يختلف باختلف الطباع"‪ ،‬فل‬
‫يحصره قالب أو شكل معيّن‪ ،‬وليس بالضرورة أن تكون الفتاة الجميلة في عين‬
‫الرجل قادرة بنفسها على إدارك الجمال وتذوقه‪ ،‬كما أن الجمال الفائق في حد ذاته‬
‫قد يكون نقمة على الفتاة حين يسوقها إلى التبرج والسفور وإثارة الشهوات‪ ،‬أو‬
‫الدلل به على الزوج؛ فإن كثيراً من الجميلت متعثرات في حياتهن الزوجية؛‬
‫ولهذا لم يكن العرب الوائل يستحبون الجمال البارع في الزوجة مخافة الفتنة بها‪،‬‬
‫وشدة الدلل‪ ،‬وبلوى المنافسة والتنازع‪ ،‬كما أن الفتاة الجميلة بقدر ما تُولّد من‬
‫الحب والميل في قلوب الرجال‪ ،‬فإنها ‪ -‬في الجانب الخر‪ -‬تولّد من الحقد والكراهية‬
‫في قلوب النساء‪ ،‬فليس الجمال دائم ًا في صالح الفتاة‪ ،‬ومن القواعد المعلومة أن‪:‬‬
‫"النّعمة بقدر النّقمة"‪.‬‬
‫كما يجب على الفتاة أن تعرف أن الجمال ل يخضع للوراثة فقط؛ فإن سن‬
‫الشباب‪ -‬في حد ذاته‪ -‬وكمال الصحة البدنية‪ ،‬والنظافة الجسمية‪ ،‬وجودة التزّين‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والتأنّق‪ ،‬وحسن العشرة‪ ،‬والجاذبية‪ ،‬وبراعة الحركة‪ ،‬وحسن الصوت‪ ،‬وجودة‬


‫الفهم‪ :‬كل هذه الجوانب تكوّن في مجملها أركان الجمال النثوي‪ ،‬بل إن مجرّد‬
‫النتساب إلى النسانية يُعد في حد ذاته أعلى قيمة جمالية مخلوقة في الكون‪ ،‬فال‬
‫جلّ وعل خلق النسان في أعلى درجات الجمال‪ ،‬فقد قال عز وجل ‪{ :‬لَ َقدْ خَلَ ْقنَا‬
‫ن تَ ْقوِيمٍ} [التين‪ ]4:‬يعني في أكمل وأحسن صورة‪ ،‬فمهما فقدت‬ ‫حسَ ِ‬
‫الِْنسَانَ فِي أَ ْ‬
‫الفتاة من الجمال المرغوب فيه عند الناس فقد حازت أصله وقدره العظم‬
‫بإنسانيتها‪ ،‬وأصل فطرتها‪.‬‬
‫وأعظم من هذا كله وأجل‪ :‬يقين الفتاة بضرورة جمال الباطن‪ ،‬وطهارته‪،‬‬
‫وتزكيته‪ ،‬فل مزيّة عند ال تعالى لمن كانت صورته الظاهرة جميلة‪ ،‬وكانت داخلته‬
‫الباطنة قبيحة؛ فإن في اهتمامات الفتاة غايات وآمالً أسمى بكثير وأعظم من مجرّد‬
‫الجسد وحاجاته‪" ،‬فالصل في المحاسن‪ ،‬والمطلوب عند العقلء في كل المواطن‬
‫إنما هو إصلح السرائر‪ ،‬وتهذيب البواطن ل الظواهر"‪ ،‬فالجمال "ل ينحصر بتاتاً‬
‫في الجمال الطبيعي والمصطنع أي التجمّل بل يتعداه إلى الجمال المعنوي والخلقي‬
‫الذي يُعتبر من الركان المهمة والساسية لجمال النسان"‪ ،‬ثم إن ك ّل صفة جبلّية‬
‫ل كسب للنسان فيها كحسن الصورة‪ ،‬واعتدال القامة‪ ،‬أو عكس ذلك كقبح المنظر‪،‬‬
‫ودمامة الخلْقة‪ ،‬كل ذلك ل ثواب عليه ول عقاب‪ ،‬وإنما الجزاء بالخير أو الشر على‬
‫موافقة الشرع أو مخالفته‪ ،‬فمن نال نصيبه الوافر من جمال الباطن‪ ،‬فقد نال الحظ‬
‫الكبر من الجمال الحقيقي‪ ،‬وفي الحديث‪(:‬إن ال ل ينظر إلى أجسادكم ول إلى‬
‫صوركم‪ ،‬ولكن ينظر إلى قلوبكم)‪ ,‬فجسم النسان ‪-‬كما يرى علماء الجمال‪-‬‬
‫كالزجاجة تظهر من خللها ألوان المحتوى‪ :‬جميلها وقبيحها‪.‬‬

‫ـ اعتدال وزن الفتاة الجسمي ‪11‬‬

‫من حاجات الفتاة المُلحّة في مرحلة الشباب اعتدال وزنها بين السمنة‬
‫المفرطة‪ ،‬والنّحولة المنهكة‪ ،‬فهي كما تعاني مشكلة الفراط في النحولة فإنها أيضاً‬
‫‪-‬بصورة أكبر‪ -‬تعاني مشكلة الفراط في البدانة‪ ،‬حيث الستخفاف الجتماعي‪،‬‬
‫وسخرية الزميلت‪ ،‬ومعاناة اختيار الملبس الجاهزة‪ ،‬إلى جانب الجهاد الصحي‪،‬‬
‫وضعف الحركة‪ ،‬خاصة في هذا العصر‪ ،‬ومع بداية القرن العشرين‪ ،‬وبصورة أدق‬
‫بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث ظهر التوجه بقوة ‪-‬عبر وسائل العلم‪ ،‬وبيوت‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الزياء‪ -‬نحو رشاقة النساء‪ ،‬والميل إلى شيء من النحولة بدلً من السمنة‪ ،‬التي‬
‫كانت إلى عهد قريب معلماً من معالم جمال الفتاة‪ ،‬وضرورة مهمة لقبولها عند‬
‫الرجال‪ ،‬حتى عدّها بعضهم نصف الحسن‪ ،‬وأفضل ما تحلّت به الفتاة‪ ،‬حتى "قيل‪:‬‬
‫الجميلة السمينة‪ ،‬من الجميل وهو الشحم"‪ ،‬وما زالت بعض الوساط الريفية حتى‬
‫اليوم تمتدح الفتاة بسمنها‪ ،‬وامتلء جسمها‪ ،‬وقد كان تسمين الفتيات للزواج في‬
‫القديم معلوماً؛ فإن عائشة لما أراد أهلها إدخالها على رسول ال صلى ال عليه‬
‫سمّنت بالغذاء كأحسن ما يكون‪ ،‬حتى تعجّب الناس‬‫وسلم ‪-‬وكانت صغيرة نحيلة‪ُ -‬‬
‫من سمنها؛ بل إن المبالغة في هذا الشأن‪ ،‬والفراط فيه إلى درجة الفحش‪ ،‬وارتكاب‬
‫بعض المحظورات الشرعية‪ ،‬والمكروهات السلوكية‪ :‬كان مشاعاً في بعض الوساط‬
‫الجتماعية في السابق‪ ،‬حتى إن بعض الفقهاء كانوا ينهون عن ذلك‪ ،‬وينبّهون‬
‫عليه‪.‬‬
‫إن هذا التغيّر الجذري في مفهوم حجم الجسم لدى الفتاة المعاصرة ‪-‬‬
‫والمجتمع الحضري ككل‪ -‬أدّى إلى ردّة فعل معاكسة تماماً للمفاهيم القديمة التي‬
‫كانت سائدة‪ ،‬حيث قامت النحولة مقام السمنة‪ ،‬وخفّة الوزن مقام ال َعبَالة‪ ،‬ونشط‬
‫كثير من الفتيات لممارسة أقسى أساليب تخفيف الوزن ضمن نظام غذائي صارم‪:‬‬
‫من المتناع المفرط عن الطعام‪ ،‬والرياضة البدنية القاسية‪ ،‬والتدليك الجسمي‪،‬‬
‫وتناول العقاقير الطبية إلى درجة أن طفرة النمو الطبيعية في هذه السن يعدّها‬
‫بعض الفتيات مظهراً من مظاهر السّمن الذي يحتجن معه إلى تخفيف الوزن‪ ،‬حتى‬
‫إن معالم النوثة الجسمية المميّزة لهن تكاد تضيع‪ ،‬وتختلط بمظاهر الرجولة‬
‫الجسمية‪ ،‬ضمن هذه الممارسات البدنية المفرطة‪ ،‬والمفاهيم الصحية المختلطة‪،‬‬
‫التي تبلغ عند بعضهن درجة الهوس الممرض رغبة في مطابقة الصور المطروحة‬
‫في السوق العلمية‪.‬‬
‫إن نهج العتدال هو القاعدة الساسية التي تنطلق منها مفاهيم السلم لمعالم‬
‫الصحة البدنية‪ ،‬فسعي الفتاة في زيادة وزنها‪ ،‬أو نقصانه بالوسائل المشروعة‬
‫يخضع لهذه القاعدة‪ ،‬فكما يصح لها شرعاً أن تزيد فيه رغبة منها في البراعة‬
‫الجسمية‪ ،‬فإن لها أيضاً أن تُنقص منه رغبة في الرشاقة والخفة‪ ،‬بشرط أل تتضرر‬
‫من ذلك صحياً‪ ،‬أو تتعطل عن القيام بواجباتها الدينية والجتماعية‪ ،‬مع علمها بأن‬
‫لعضاء جسمها وظائف‪ ،‬ل بد أن يظهر كل عضو بوظيفته حراً سلساً دون زيادة أو‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫نقص‪ ،‬فكما أن الزيادة تشين منظر أعضائها وتخلط بينها‪ ،‬فإن النقص يحجب تلك‬
‫العضاء‪ ،‬ويُفقدها وظيفتها‪ ،‬والعارفون بأمر النساء يفضلون المعتدلة بين النحيلة‬
‫والسمينة‪ ،‬ولئن كانت الخفّة مطلوبة في الرجال لحاجتهم لسرعة الحركة‪ :‬فإن‬
‫السمن من الوصاف المطلوبة في النساء مالم يُفرط‪ ،‬ويخرج عن الحد المعقول‪،‬‬
‫وكثيراً ما كان الشاعر العربي يمتدح المرأة بميل أردافها عند المشي‪ ،‬وهذا ل يكون‬
‫إل ممن لها شيء من السمنة‪ ،‬ومع ذلك تبقى مقاييس البراعة الجسمية في المرأة‬
‫موضع اختلف بين الناس في المجتمعات والبيئات المختلفة‪ ،‬وجماع ذلك هو‬
‫العتدال بين الفراط والتفريط‪.‬‬
‫ولما كانت مشكلة السمنة ‪ -‬في هذا العصر خاصة ‪ -‬من أعظم مشكلت الفتيات‬
‫الجسمية فإن أسبابها ترجع غالباً‪ ،‬وبصورة كبيرة إلى‪ :‬الوراثة الطبيعية‪ ،‬وكثيراً ما‬
‫تكون امتداداً للسمنة في مرحلة الطفولة‪ ،‬إلى جانب نوع الغذاء‪ ،‬وكميته‪ ،‬وأسلوب‬
‫تناوله‪ ،‬وطبيعة الفتاة المزاجية المفرطة في التفاؤل والسرور‪ ،‬وطبيعتها الجسمية‬
‫القابلة للسمن‪ ،‬كل ذلك يسهم بصورة أو بأخرى في حجم بدن الفتاة ووزنها‪ ،‬فل بد‬
‫للفتاة أن تراعي هذه الجوانب‪ ،‬فتأخذ من الطعام الجيد حاجتها وكفايتها دون زيادة‪،‬‬
‫وتمارس من الرياضة البدنية ‪ -‬بضوابطها الشرعية‪ -‬ما يستهلك الزائد من دهونها‬
‫الجسمية‪ ،‬فإن الفتيات الرياضيات ‪-‬في العموم‪ -‬أقل سمنة من غير الرياضيات‪،‬‬
‫وعليها أيضاً أن تراقب ‪-‬بصورة مستمرة‪ -‬وزنها مع طولها‪ ،‬فتراعي تناسبهما مع‬
‫سنّها‪ ،‬وأن تتجنب ‪-‬في كل ذلك‪ -‬التجويع البدني؛ فإن هذا منهك للبدن‪ ،‬ومضر‬
‫بالصحة العامة‪ ،‬تماماً كما يضر بها الفراط في الطعام‪.‬‬

‫ـ توجيه الفتاة للعناية بنظافة الجسم ‪12‬‬

‫يتغلغل مفهوم النظافة في جوانب وجزئيات الشخصية المسلمة‪ ،‬حتى ليبدو‬


‫وكأنه قضية التشريع الكبرى؛ فإن أحكام الطهارة في الفقه السلمي تحتل عادة‬
‫طهُور شطر اليمان…"‪،‬‬ ‫صدور المصنّفات‪ ،‬وأوسع البواب الفقهية‪ ،‬حتى عُدّ "ال ّ‬
‫ودخل عنصر الماء ‪-‬كأداة للطهارة والعبادة‪ -‬صلب الحياة السلمية ‪-‬تماماً‪ -‬كما‬
‫جعَ ْلنَا مِنَ‬
‫دخل عنصراً رئيساً في تركيب الحياء‪ ،‬فقد قال ال عز وجل ‪ .…{ :‬وَ َ‬
‫ل ُي ْؤمِنُونَ} [النبياء‪ ،]30:‬فجعل الشارع الحكيم الوضوء‬ ‫حيّ َأفَ َ‬
‫شيْءٍ َ‬
‫ا ْلمَاء ُك ّل َ‬
‫والغسل واجبين لصحة بعض أنواع العبادة‪ ،‬وجعل معدل استخدام الماء للوضوء‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫كحد طبيعي‪ :‬خمس مرات في اليوم والليلة‪ ،‬وحدّد أسبوعاً واحداً كأكثر مدة يمكن‬
‫أن يترك فيها المسلم ‪-‬ذكراً كان أو أنثى‪ -‬الغسل‪ ،‬وضبط ‪ -‬إلى جانب هذا‪ -‬طرق‬
‫التخلص من الفضلت عبر السبيلين‪ ،‬وسبل اتقاء أذاهما‪ ،‬وشرع حلق العانة وتقليم‬
‫الظفار ونتف البط‪ ،‬وجعل كل ذلك من سنن الفطرة‪ ،‬وحدّد ترك ذلك بأربعين ليلة‪،‬‬
‫ل يتجاوزها المسلم‪ ،‬وسن السواك حتى كاد أن يجعله فرضاً؛ لما فيه من المنافع‬
‫والفوائد‪ ،‬وأمر ‪ -‬مع كل ذلك‪ -‬بنظافة الماكن من الوساخ‪ ،‬وما يجلب الضرر العام‬
‫والخاص‪ ،‬وحتى طريقة المتخاط كيف تكون؟ فقد وضع الشارع الحكيم لذلك آداباً‬
‫وسنناً ل بد من رعايتها‪ ،‬والذي يراجع نمط العمارة في التاريخ السلمي يجد‬
‫الهتمام البالغ ببناء الحمامات العامة‪ ،‬حتى بلغ عددها في بغداد وحدها ألفي حمام‬
‫في القرن السادس الهجري‪.‬‬
‫إن هذه التوجيهات الشرعية‪ ،‬والداب النبوية ل علقة لها بجنس المسلم ما‬
‫دام مكلفاً‪ ،‬بل إذا قيل‪ :‬إنها ألصق بجنس الناث لما بَعُدَ هذا عن الحق؛ وذلك لسببين‬
‫رئيسين‪:‬‬
‫الول‪ :‬لما يخالطهن من الدماء الطبيعية المتكررة في الدورة الشهرية‬
‫والنفاس‪ ،‬وما يلحقهن من أذى في معاناتهن لشؤون الرضاعة والحضانة‪ ،‬ومهام‬
‫رعاية النسل‪ ،‬وخدمة البيت‪ ،‬مما يجعل للنظافة عندهن قيمة خلقية عالية‪ ،‬وفي هذا‬
‫المعنى قال عامر بن الظرب لمرأته‪" :‬مُري ابنتك أل تنزل مفازة إل ومعها ماء‪،‬‬
‫فإنه للعلى جَلَء‪ ،‬وللسفل نقاء"‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬كون الواحدة منهن موقع استمتاع للزوج‪ ،‬تسرّه بمنظرها‪ ،‬وتشرح‬
‫صدره بطيب رائحتها‪ ،‬فل يصح أن يرى أو يشم ما ينفّره منها‪ ،‬ويزهّده في قربها‪،‬‬
‫فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ -‬الذي هو أزهد الخلق ‪ -‬كان يبعث لمن يريد‬
‫خطبتها من يخبر له طهارتها ونظافتها‪ ،‬ويُروى في هذا المعنى أن الفرافصة لما‬
‫أرسل ابنته نائلة عروساً إلى عثمان بن عفان رضي ال عنه قال لها‪" :‬يا ابنتي إنك‬
‫تقدمين على نساء من نساء قريش‪ ،‬هن أقدر على الطيب منك‪ ،‬فاحفظي عني‬
‫خصلتين‪ :‬تكحلي وتطيّبي حتى تكون ريحُك رِيحَ من أصابه مطر"‪.‬‬
‫إن بلوغ مستوى توجيهات السلم في جانب النظافة ل يتحقق للفتاة على‬
‫الوجه الصحيح حتى تصبح هذه النماط السلوكية قيماً خلقية في حسّها‪ ،‬وحاجة‬
‫مهمة تشعر بحزن فقْدها عند غيابها‪ ،‬فل تزال تراعيها‪ ،‬وتتعاطاها حتى تصبح‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫جزءاً من كيانها‪ ،‬تصدر عنها بيسر دون تكلّف‪ ،‬ولعل أقل ما يقال في شأن النظافة‬
‫أنها من مروءة النسان؛ فقد قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي ال عنه ‪:‬‬
‫"من مروءة الرجل نقاء ثوبيه‪ ،‬والمروءة الظاهرة في الثياب الطاهرة‪ ،‬وإنه‬
‫ليعجبني‪ ،‬أو إني لحب أن أرى الشاب الناسك النظيف"‪ ،‬فل يكفي الفتاة أن تكون‬
‫متدينة مستقيمة حتى تكمل بالنظافة والطهارة‪.‬‬

‫ـ تقبّل الفتاة الصابة بالمرض ‪14‬‬

‫إن المعاناة المرضية أمر عام ل يكاد يخلو أو ينجو منه كائن حي‪ ،‬وهو في‬
‫حق النسان المؤمن أجر وثواب‪ ،‬ورفع للمنزلة عند ال تعالى‪ ،‬وفي الحديث‪(:‬ما‬
‫من مسلم يُصيبُهُ أذىً‪ ،‬مرض فما سواه‪ ،‬إل حط ال له سيئاته‪ ،‬كما تحطّ الشجرة‬
‫ورقها)‪ ,‬ولهذا استطاب بعض السلف الصابة بالمرض‪ ،‬حتى كرهوا الدواء رغبة‬
‫منهم في حيازة الفضل‪ ،‬وعظيم الجر‪ ،‬أسوة بسيد المرسلين عليه الصلة والسلم‬
‫الذي كان يُوعك كما يُوعك الرجلن‪ ،‬فيضاعف ‪-‬بالتالي‪ -‬له الجر والثواب‪ ،‬وكما‬
‫هو حال أنبياء ال تعالى عموماً عليهم السلم؛ بل كانوا يمقتون من ل يُصيبه‬
‫المرض‪ ،‬ويعتبرون ذلك أمارة كافية على فساد طويته‪ ،‬وقبيح مسلكه؛ ولهذا يقول‬
‫عليه الصلة والسلم‪(:‬من يُرد ال به خيرًا يُصب منه)‪ ,‬ويُعرف من مفهوم‬
‫ى في بدنه ونفسه‪ ،‬ل يرْزأ‬ ‫المخالفة‪ :‬أن من لم يرد ال تعالى به خيرًا يتركه معاف ً‬
‫من صحته شيئاً‪ ،‬حتى يأتي ربّه فقيراً من الحسنات يوم القيامة‪.‬‬
‫ومن هنا يظهر أن مبدأ قبول الفتاة بالحالة المرضية مبدأ ضروري في التعامل‬
‫مع المرض‪ :‬من الجهة اليمانية‪ ،‬ومن الجهة النفسية؛ "لن المصابين بالمراض‬
‫الجسمية معرضون في الغالب للتأثر بالعراض النفعالية‪ ،‬كالقلق والكتئاب"‪،‬‬
‫فيجتمع عليهم ألم البدن مع ضيق الخلُق‪ ،‬فهذه أم السائب لما اشتدت عليها الحمى‬
‫أخذت تدعو عليها وتسبّها‪ ،‬فقال لها رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪(:‬ل تسبّي‬
‫الحمى‪ ،‬فإنها تُذهب خطايا بني آدم كما يُذهب الكير خبث الحديد)‪ ,‬وربما انساقت‬
‫الفتاة تحت وطأة المرض‪ ،‬والرغبة في الشفاء نحو الهجوم على الدواء‪ ،‬وتعاطيه‬
‫على غير بيّنه‪ ،‬وهذا مضرّ بالبدن‪ ،‬فما أمكن علجه بالغذية‪ :‬استُغْني به عن‬
‫الدوية‪ ،‬وما أمكن احتماله من الداء‪ :‬تُرك بقدر ذلك الدواء‪ ،‬بل ربما تكلّفت إحداهن‬
‫اللم الجسمي تكلفاً‪ ،‬حتى تصاب بوسواس المرض‪ ،‬فتذهب "تبالغ في شأن علّة‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫جسمانية تصيبها‪ ،‬أو إخفاق‪ ،‬أو غيظ ينتابها‪ ،‬فتُعبّر عنه بأعراض بدنية‪ ،‬تتجلى في‬
‫صورة من الصداع‪ ،‬واللم المبهمة‪ ،‬والكتئاب‪ ،‬ونوبات من الغماء"‪ ،‬وهذا‬
‫المسلك معاكس تماماً لوسائل الشفاء؛ بل هو عين المرض‪ ،‬وسبب رئيس في‬
‫استجلبه‪ ،‬وصورة من صور التشاؤم المنهي عنه‪ ،‬في الوقت الذي كشفت فيه‬
‫بعض الدراسات العلمية عن فائدة التفاؤل للصحة الجسمية‪ ،‬فل بد للفتاة أن تراعي‬
‫ذلك من نفسها‪ ،‬وتتنبّه لنوع سلوكها فتتجنب التمارض‪ ،‬وتصنّع اللم‪ ،‬وتكثر من‬
‫التفاؤل‪ ،‬وإحسان الظن‪.‬‬

‫ـ أخذ الفتاة بأسباب العلج الروحي ‪15‬‬

‫إن من المسلّم به وجود تلك العلقة اليجابية المتبادلة بين جانبي النسان‬
‫المادي والروحي‪ ،‬بحيث يؤثر كل منهما في الخر بصورة فائقة‪ ،‬فقد أسفرت‬
‫الوقائع والبحاث عن صور من التأثير الروحي بنوعيه ‪-‬اليجابي والسلبي‪ -‬على‬
‫صحة النسان الجسمية‪ ،‬حتى إن مدى التأثير يمكن أن يتعدّى ذات الشخص إلى‬
‫غيره ‪-‬بكيفية غيبية‪ -‬ليتضرّر به أو ينتفع‪ ،‬ضمن قضاء ال تعالى وقدره العام‪،‬‬
‫ومما يشير إلى ذلك خبر المرأة التي جاءت رسول ال صلى ال عليه وسلم تشكو‬
‫إليه أنها تُصرع‪ ،‬فخيّرها بين الصبر مع عظيم الجر‪ ،‬وبين أن يدعو لها فتشفى‪،‬‬
‫فاختارت الصبر‪" ،‬وفي ذلك دليل على جواز ترك المعالجة والتداوي‪ ،‬وأن علج‬
‫الرواح بالدعوات والتوجه إلى ال يفعل مال يناله علج الطباء‪ ،‬وأن تأثيره‬
‫وفعله‪ ،‬وتأثر الطبيعة عنه وانفعالها أعظم من تأثير الدوية البدنية وانفعال الطبيعة‬
‫عنها‪ ..‬وعقلء الطباء معترفون بأن لفعل القوى النفسية وانفعالتها في شفاء‬
‫المراض عجائب"‪ ،‬وهذا من المور العامة‪ ،‬المستفيضة التي ل تخفى‪.‬‬
‫ومن هنا شُرع للفتاة المريضة أنواع من الدعية المأثورة‪ ،‬وجمع من الرّقي‬
‫الشرعية الموثوقة‪ :‬تردّ عنها ‪-‬بإذن ال تعالى‪ -‬ما أصابها من الذى في بدنها أو‬
‫نفسها حتى إذا أعياها الداء‪ ،‬وقصُر عن نفْعها الدواء‪ :‬كان في الذكر الصحيح‪،‬‬
‫والدعاء الصادق ما يغنيها عن الوقوع في الحرام‪ ،‬فإن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم نهى عن الدواء المحرم‪ ،‬وال تعالى بفضله ورحمته لم يجعل الشفاء فيما‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫حرّم على الناس‪ ،‬فهذا باب عظيم من أبواب الصحة العامة التي ل تستغني عنها‬
‫الفتاة‪ ،‬فل بد أن تنال نصيبها الوافر منه علم ًا وممارسة‪.‬‬

‫ـ نظرة السلم التربوية إلى لباس المرأة وزينتها ‪16‬‬

‫الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على خير خلق ال أجمعين وعلى آله‬
‫أما بعد …‬ ‫وصحبه وسلم تسليماً كثيراً‪.‬‬
‫ل من جميع جوانب‬ ‫فإن منهج التربية السلمية يُعدّ النسان إعداداً كام ً‬
‫شخصيته‪ ،‬ليكون إنساناً صالح ًا في نفسه مُصلحاً لغيره‪ ،‬نافع ًا لمجتمعه‪ .‬ول يفرق‬
‫منهج التربية السلمية في إعداده النسان بين ذكر أو أنثى‪ ،‬فهو يتعامل بمنهجه‬
‫التربوي مع نوعي النسان‪ ،‬يرعى كلً منهما بما يُصلحه ويُكمّله؛ ليكون عبداً‬
‫صالحاً ل تعالى‪ ،‬يحقق المقصد السمى من مبدأ وجوده‪ ،‬الذي حدده المولى عز‬
‫ن وَالِنسَ إِل ِليَ ْعبُدُونِ} [الذاريات‪.]56:‬‬
‫خلَقْتُ الْجِ ّ‬
‫وجل إذ يقول‪َ { :‬ومَا َ‬
‫ولما كانت النثى من نوعي النسان تقوم بمهمات اجتماعية وتربوية ل تقل‬
‫أهمية عما يقوم به الذكور في ميادينهم العملية المختلفة‪ :‬عُني منهج السلم‬
‫التربوي بإعدادها إعداداً خاصاً لتكون بنتاً بارّة‪ ،‬وأخت ًا حانية‪ ،‬وزوجة صالحة‪ ،‬وأماً‬
‫راعية‪ .‬بحيث يتولها هذا المنهج الرباني المحكم في كل مرحلة من مراحل حياتها‬
‫بالعداد التربوي المناسب الذي يؤهلها للقيام بمسؤولياتها العبادية والجتماعية‬
‫المناطة بها‪.‬‬
‫ولما كانت النثى تختلف عن الذكر في جوانب متعددة من طبيعتها الفطرية‪،‬‬
‫وحاجاتها النفسية‪ :‬راعى منهج التربية السلمية في النساء هذه الطبائع‬
‫والحاجات‪ ،‬منطلقاً في ذلك من القاعدة الفطرية‪ ،‬ونوع المهمة الجتماعية‪ ،‬وطبيعة‬
‫الوظيفة التربوية المناطة بهن؛ ولهذا جاءت كثير من التوجيهات القرآنية والنبوية‪،‬‬
‫وما بُني عليها من الحكام الشرعية‪ :‬تراعي منهن هذه الختلفات في الحاجات‬
‫الفطرية‪ ،‬وطبيعة وظيفتهن الجتماعية‪.‬‬
‫وقد حرص منهج السلم على وضع تشريعاته التربوية لعداد النسان وفق‬
‫جنسه؛ بحيث ينشأ الذكور نشأة تربوية رجولية تناسب طبائعهم الفطرية‪،‬‬
‫ومسؤولياتهم الجتماعية‪ ،‬وفي الجانب الخر أيضاً حرص في تشريعاته على نشأة‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الناث نشأة نسوية‪ ،‬تعدهن وفق طبائعهن الفطرية‪ ،‬ومسؤولياتهن الجتماعية؛‬


‫بحيث تتكامل مسؤوليات الجنسين‪ ،‬وتتعاضد مهماتهما ليتحقق من تكاملهما‬
‫وتعاضدهما هدف الخلفة في الرض‪ ،‬ومن ث ّم يتحقق الهدف السمى من خلْق‬
‫النسان ‪ -‬الذكر والنثى– وهو العبودية الخالصة ل تعالى‪.‬‬
‫وقد شدّد منهج السلم التربوي على ضرورة التفريق بين منهج إعداد‬
‫الذكور‪ ،‬ومنهج إعداد الناث؛ بحيث يبقى لكل منهج معالمه وأهدافه الخاصة التي‬
‫تميزه عن الخر‪ ،‬فل يتداخلن إل فيما يتحد فيه الجنسان من أصول العقائد‬
‫والخلق‪ ،‬وجمع من الحكام التشريعية والمبادئ النسانية العامة‪ ،‬دون غيرها من‬
‫المسالك والعمال التي تُلغي معالم الفروق بين الجنسين‪.‬‬
‫وتأتي قضية اللباس والزينة‪ ،‬وما يلحق بهما من مسالك التأنّق والتجمّل‬
‫لتكون معلم ًا من أوضح وأبرز معالم التمييز بين الجنسين في التشريع السلمي؛‬
‫فبقدْر ما ضيّقت الشريعة السلمية على الذكور في مجال اللباس والزينة بقدر ما‬
‫وسّعت فيهما على الناث‪ ،‬والناظر يجد ذلك واضحاً في أنواع الثياب وألوانها‪،‬‬
‫والحلي وأشكالها ومواضعها من البدن‪ ،‬وما يلحق بذلك من المساحيق الملونة‪،‬‬
‫والمكاحل المنوعة‪ ،‬التي تميز ‪ -‬بصورة واضحة– بين الجنسين في مجال اللباس‬
‫والزينة؛ بل ول تسمح الشريعة الغراء لحد الجنسين بأن يتخطى حدوده في اللباس‬
‫أو الزينة إلى الجنس الخر‪ ،‬فقد " لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم الرجل‬
‫سةَ الرجل"‪ ،‬فقطع بذلك رسول ال صلى ال‬ ‫يلبس ل ْبسَةَ المرأة‪ ،‬والمرأة تلبس ل ْب َ‬
‫عليه وسلم الطريق بين الجنسين في ميداني اللباس والزينة؛ ليبقى لكل جنس‬
‫طبيعته الفطرية التي خلقه ال عليها‪ ،‬ليحقق من خللها مهمته الجتماعية المناطة‬
‫به‪.‬‬
‫وقد احتلت مسألة اللباس والزينة مساحة كبيرة في كتب التراث السلمي‪،‬‬
‫تعالج هذه المسألة‪ ،‬وتضبط حدودها وآدابها في ضوء التوجيهات القرآنية‬
‫والنبوية‪ ،‬ولسيما فيما يتصل بالنساء؛ فإن الفراط والغلو في قضايا الزينة‬
‫واللباس من المور الشائعة في حياة كثير من النساء‪ ،‬والناظر في كتب الحديث‬
‫والفقه يجد أبواباً كاملة مستقلة تناقش أحكام اللباس والزينة‪ ،‬عدا ما تناقلته كتب‬
‫اللغة والدب والشعر في هذه المسألة‪ ،‬مما يُستملح أو يُستقبح من الخبار والوقائع‬
‫المتعلقة بزينة النساء وملبسهن‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ولعل المعالجة التربوية من الوجهة السلمية لقضية اللباس والزينة عند‬


‫النساء لم تحظ باهتمام الباحثين المعاصرين كما حظيت المعالجة الفقهية والدبية‬
‫عند السلف؛ ولهذا تندر عند الباحثين المعاصرين الدراسات التربوية التي تتناول‬
‫قضية اللباس والزينة عند المرأة‪ ,‬ول سيما الدراسات التربوية السلمية‪,‬التي‬
‫تعالج هذه القضية من المنطلق التربوي السلمي‪ ,‬والتي تجمع بين مصادر التراث‬
‫السلمي‪ ،‬وبين المصادر العلمية التربوية في ميادين العلوم النسانية المختلفة‪.‬‬
‫وقضية اللباس والزينة عند المرأة من أكثر القضايا حساسية في حياة الناث‪،‬‬
‫ل تكاد تنفك عن جنسهن إل عند نوادر منهن‪ ،‬فقد تجذّر في عمق الطبيعة النثوية‬
‫حبّ الزينة من الملبس والحلي والمستحضرات التجميلية والطيب ونحوها‪ ،‬فل‬
‫تكاد تزهد في حبها كبيرة ول صغيرة‪ ،‬مما قد يترتب عليه اندفاع وتعمق في سلوك‬
‫بعضهن يخرج بهن عن حدّ العتدال إلى المكروه أو المحرم في صور من‪ :‬الغلو‪،‬‬
‫أو السراف‪ ،‬أو التشبه‪ ،‬أو التبرج‪ ،‬بحيث تتحول حاجة إحداهن إلى الزينة واللباس‬
‫إلى نهمة ل يُشبعها شيء‪ ،‬واندفاعة عارمة ل يقف لها شرع ول عقل‪.‬‬
‫ومن هنا كان لبد من تلمّس التوجيه التربوي السلمي في ضبط حاجة النساء‬
‫إلى اللباس والزينة‪ ،‬ضمن حدود الشرع الحنيف في كتاب ال‪ ،‬وسنة رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وما أجمع عليه السلف‪ ،‬بحيث يُتخذ من هذه الضوابط‬
‫الشرعية معالم توجيهية تربوية تضبط هذه الحاجات عند النساء‪ ،‬وتحكم اندفاعهنّ‬
‫ضمن حد العتدال في غير إفراط ول تفريط‪.‬‬
‫إن حاجة المرأة إلى الزينة المشروعة معتبرة شرعاً‪ ،‬فإنها بطبيعتها الفطرية‬
‫تحتاج إلى استنطاق جسمها رغبة في الثارة من خلل زينة الوجه‪ ،‬والكفين‪،‬‬
‫والشعر ونحوها‪ ،‬ولكنها ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬محتاجة إلى كوابح تضبط فرط ميلها وعمق‬
‫استغراقها‪ ،‬فإن " الحافز الجنسي الناشئ عن الجمال الطبيعي‪ ،‬المُزيّن بما ل‬
‫يُخرجه عن أصل الخلقة‪ :‬حافز راقٍ سامٍ عميق‪ ،‬وأما الحافز الناشئ عن جمال‬
‫ناشئ من تغيير خلق ال فهو حافز شيطاني ناري‪ ،‬ل يلبث أن يفتر ويشيخ"‪ .‬وقد‬
‫ظهر في فرنسا مع بداية القرن العشرين الميلدي ما يؤيد العمق الشيطاني في‬
‫التزين وهو مذهب‪ " :‬المدرسة التوحشية " التي تتميز باللوان الصارخة‪،‬‬
‫والخطوط السوداء الداكنة‪ ،‬وكل ذلك مناف للفطرة السوية؛ فإن " أحسن الحسن ما‬
‫لم يُجلب بتزيين وتضييق‪ ،‬وتحلية وتزويق "‪ ،‬مما ل تكلّف فيه ول مبالغة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ويمكن فيما يلي تلخيص موقف السلم من لباس المرأة وزينتها‪ ،‬وذلك على‬
‫النحو التي‪:‬‬
‫‪ -1‬تعتبر قضية اللباس والزينة جزءاً أصيلً من كيان النثى الفطري‪ ،‬مما‬
‫يتطلب مراعاة المجتمع لحاجة النساء إليهما ضمن حدّ العتدال‪.‬‬
‫‪ -2‬يقع كثير من النساء في توجههن لشباع حاجاتهن للباس والزينة في‬
‫مخالفات سلوكية تخرجهن ‪ -‬في كثير من الحيان ‪ -‬عن حدّ العتدال المشروع إلى‬
‫التطرف والغلو الممقوت‪ ،‬مما يوجب على منهج التربية ضرورة تربية الفتيات على‬
‫منهج العتدال‪ ،‬ونبذ التعمق والغلو‪ ،‬والتنفير منهما‪.‬‬
‫‪ -3‬تضمّن منهج السلم التربوي جمعاً من الضوابط الشرعية التي تحكم‬
‫أسلوب التجمل والتأنق في سلوك النساء‪ ،‬مما يتطلب إلزام النساء بها‪ ،‬وتربية‬
‫الصغيرات عليها في السرة والمدرسة‪ ،‬حتى يتعوّدن عليها‪ ،‬وينشأن على آدابها‪.‬‬
‫‪ -4‬تتحكم دور الزياء الجنبية في تصميم ملبس النساء‪ ،‬وتفرض عليهن‬
‫نظام (الموضة) في صور من الهوس السلوكي‪ ،‬والخروج عن المشروع والمألوف‬
‫في المجتمع المسلم‪ ،‬مما يتطلب توفير مؤسسات إسلمية لتصميم أزياء النساء‬
‫المسلمات ضمن ضوابط الشرع الحنيف وآدابه وأخلقه‪.‬‬
‫‪ -5‬يمثل الرجل عنصراً مهماً في إثارة النساء نحو الزينة والتأنق‪ ،‬وهذا‬
‫يسوق بعضهن إلى التبرج والسفور‪ ،‬مما يوجب توجيه النساء وتربيتهن على ضبط‬
‫سلوكهن بما يستر زينتهن عن أعين الرجال الجانب وأنوفهم وآذانهم‪ ،‬وبما يحقق‬
‫لهن وللمجتمع السلمة من النحرافات الخلقية والسلوكية‪.‬‬
‫‪ -6‬لقد جاءت التوجيهات السلمية التربوية بنهج العتدال في لباس النساء‬
‫وزينتهن؛ بحيث ل تترك لهن الحرية الكاملة في التأنق والتجمل بما يخرجهن عن‬
‫حدّ العتدال إلى الغلو المذموم‪ ،‬وفي الجانب الخر ل تسمح لهن بمطلق الزهد‬
‫الكامل في هجر الزينة واللباس‪ ،‬الذي يسوق المرأة إلى التعطّل‪ ،‬ومسْلك الحِداد في‬
‫غير موُجب شرعي‪.‬‬
‫‪ -7‬رغم التوسع الكبير الذي سمحت به الشريعة المباركة‪ ،‬والساحة الواسعة‬
‫التي منحتها للباس النساء وزينتهنّ إل أن الفراط والتعمق كثيراً ما يوقع بعضهن‬
‫في الغلو الذي يتجاوز بهن الساحات المشروعة إلى ساحات أخرى ضيقة من‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الحرمة أو الكراهية‪ .‬وهذا الواقع يوجب تربية الفتيات على استعذاب المباح من‬
‫الزينة واللباس دون غيرها من محرمات اللباس والزينة ومكروهاتهما في‬
‫الشريعة‪.‬‬

‫ـ حاجة المرأة إلى اللباس وتأثيره في شخصيتها ‪17‬‬

‫اتخاذ اللباس من أعظم نعم ال تعالى على بني آدم‪ ،‬وهو مع ذلك فطرة إنسانية‬
‫ملحّة ت ن زع نحو التجمّل باللباس‪ ،‬والستكثار منه‪ ،‬ول يُعرف إهماله إل في‬
‫بعض القبائل النائية الشاذة‪ .‬وهو في النس اء أبلغ ما يكون؛ إذ يستحوذ على جلّ‬
‫اهتماماتهن‪ ،‬فما أن تبلغ إحداهن سن الشباب إل وتصبح قضية الملبس الجميلة‬
‫وحسن المظهر من أعظم وأكبر قضاياها الخاصة‪ ,‬حتى إن عجزها في الظهور بما‬
‫يليق بمثلها في وسطها الجتماعي قد يجرها إلى مشكلت نفسية‪ ،‬واجتماعية حادة‪.‬‬
‫وهذا من الطّباع النسائية التي لم ينج منها حتى زوجات النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫رضي ال عنهن‪ ،‬حيث رغبن في التوسع‪ ،‬وأن ينالهن من الخير ما نال المؤمنين‬
‫في مجتمع المدينة‪ ،‬بعدما أفاض ال على رسوله صلى ال عليه وسلم من النعم‬
‫والخير‪ ،‬رغبة منهن في المساواة بغيرهن‪ ،‬والتمتع بشيء من زينة الحياة الدنيا‪.‬‬
‫ولعل هذا اللحاح الفطري في طباعهن نحو اللباس والزينة‪ :‬دفع إدارات مدارس‬
‫البنات ‪ -‬دون مدارس الولد– نحو توحيد الزّي المدرسي خشية تماديهن في‬
‫التزين‪ ،‬وإغراقهن في التأنق‪.‬‬
‫ولما كان من الطبيعة النسانية أن يتأثر الفرد ‪ -‬إيجابياً أو سلبياً– بما يجري‬
‫على جوارحه‪ :‬فإن للملبس في أنواعها‪ ،‬وأشكالها‪ ،‬وطريقة ارتدائها‪ :‬آثارًا بارزة‬
‫في سلوك الفراد ‪ -‬ذكوراً كانوا أو إناث ًا ‪" -‬وليس من شك في أن مصطفى كمال‬
‫س ل تغيير ملبسٍ؛ إذ‬ ‫حينما فرض القبعة لباس ًا وطنياً للشعب إنما أراد بذلك تغيير نف ٍ‬
‫إن الملبس يحكم تصرفات النسان إلى حد بعيد"‪ ،‬فكما أن تقليد الباطن في الفكار‬
‫والراء يتبعه تقليد للظاهر في الملبس والزياء‪ :‬فكذلك تقليد الظاهر كثيراً ما‬
‫يتبعه تقليد للباطن‪ ،‬فالعلقة بينهما قوية‪.‬ولهذا خضعت الزياء عند الشعوب عامة ‪-‬‬
‫والسلمية منها خاصة– لتقاليد دينية‪ ،‬وعادات مرعية‪ ،‬تفرض على الفراد التقيّد‬
‫بها‪ ،‬وعدم تجاوزها‪ .‬وإنما تختل هذه التعاليم في نفوس أهلها‪ ،‬ويضعف أثرها في‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫فترات اختلل الوسط الجتماعي وضعف أثره‪ ،‬فتظهر بوادر التمرّد أقوى ما تظهر‬
‫في ملبس الشباب‪ ،‬ووسائل لهوهم‪.‬‬
‫ومن هنا لبد أن تتأثر شخصية المرأة بنوع الملبس التي ترتديها‪ ،‬وتتأنّق‬
‫بها‪ ,‬ولعل من المثلة التي تدل على ذلك تأثير قيمة اللباس وجماله على شخصية‬
‫المرأة؛ فحين ترتدي إحداهن اللباس الجميل الغالي الثمن‪ :‬كثيراً ما تنعكس قيمته‬
‫على سلوكها إعجاباً وترفع ًا بين القرينات‪ ,‬وكذلك إذا لبست الثمين من الحلي‪ ،‬فإنها‬
‫كثيرًا ما تسعى فتبرزه وتتباهى به؛ ولهذا ورد في السنة الترهيب من مثل ذلك‪.‬‬
‫وفي الجانب الخر حين تعجز إحداهن عن بلوغ مرتبة قريناتها في امتلك‬
‫الملبس الحسنة‪ ،‬والحلي الثمينة فإنها قد تشعر بالحباط‪ ،‬وهبوط المكانة‬
‫الجتماعية‪ ،‬وربما بالحتقار والدونية‪ .‬مما قد يدفع بعضهن إلى النزواء‪ ،‬وترك‬
‫الختلط بالنساء‪ ،‬أو الحيلة الممنوعة لكسب المال لشراء الملبس والحلي‪ ،‬وكل‬
‫ذلك تتوقّى به حتى ل تشعر بهذه المشاعر النفسية المحبطة‪.‬‬
‫ولهذا جاءت الشريعة السلمية السمحة في مثل هذه المواقف الجتماعية‬
‫بتوجيه المرأة للنظر في أمر الدنيا وزينتها إلى من هو دونها‪ ،‬والنظر في أمر‬
‫الخرة وأعمالها لمن هو فوقها‪ ،‬فهذا أجدر لئل تحتقر نعمة ال عليها‪ ،‬وفي‬
‫الحديث قال عليه الصلة والسلم‪ " :‬انظروا إلى من أسفل منكم‪ ،‬ول تنظروا إلى‬
‫من هو فوقكم‪ ،‬فهو أجدر أن ل تزدروا نعمة ال"‪.‬‬

‫ـ ضوابط لباس المرأة المسلمة ‪18‬‬

‫من خلل الستقراء ظهر أن لباس المرأة محكوم بثلثة ضوابط شرعية‪ ،‬لبد‬
‫أن تتقيد بها المرأة حتى يحصل لها المقصود السمى من اللباس‪ ،‬وتسلم أخلقها‬
‫وتصوراتها من النحراف‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬ضابط العورة‪ :‬بحيث يستر اللباس من جهة إسباغه‪ ،‬وصفاقته‪ ،‬وسعته‬
‫عورة المرأة حسب الوسط الجتماعي الذي تقع فيه‪ ،‬فل يكشف عن عورتها‬
‫بقصَره‪ ،‬ول يشفّ عنها برقّته‪ ،‬ول يصفُها بضيقه‪،‬مع التّحصّن بالسراويل‬
‫الطويلة‪،‬والبطائن تحت الثياب الرقيقة؛حفاظاً على عورتها من النكشاف؛ فإن‬
‫العلقة في غاية القوة بين فنّ اللباس والزينة‪ ،‬وبين الجاذبية الجنسية في سلوك‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫النسان‪,‬وقد قيل إن الصل في ظهور الملبس وتطورها يرجع إلى رغبة كل من‬
‫الجنسين في جذب الجنس الخر‪ .‬فل يصح من المرأة المسلمة أن ترتدي من‬
‫الملبس ما يثير الشهوة في صدور الرجال من الجانب أو المحارم‪ ,‬أو يبعث‬
‫الشذوذ في سلوك النساء‪ ,‬فإن هي تقيّدت بهذه الشروط‪ :‬فإن لها بعد ذلك أن تلبس‬
‫وتستمتع بما شاءت من ‪ :‬النواع‪ ,‬والشكال‪ ,‬واللوان حسب ما يروق لها‪ ,‬إل أنه‬
‫يُفضل لها أن تتحاشى من اللوان البياض؛ لنه غالب لباس الرجال‪ ,‬وأن تعتاد‬
‫لجلبابها وخمارها السواد؛ لنه اختيار نساء السلف‪ ,‬وأبعد ما يكون عن الفتنة‬
‫والغراء؛ فإن للّون تأثيراً خاصاً في الشخاص‪ ,‬وله معان يحملها للناظرين‪.‬‬
‫وأما حذاء الفتاة فإنه من مواقع جمالها ال ُملْفت وجاذبيتها الخاصة‪ ,‬كما أن‬
‫القلنسوة على رأس الرجل من تمام جماله‪ ,‬وحسن مظهره‪,‬ولعل هذا السبب الذي‬
‫جعل من أحذية النساء في هذا العصر فتنة كما كانت من قبْل في بعض الشعوب‬
‫المتقدمة‪،‬حيث يتحكم ارتفاع الحذاء ونوع هيئته في أسلوب مشيتهن‪،‬ويُظْهر من‬
‫عهِ عن مكنون‬‫مفاتن أبدانهن الخفية‪ ،‬ومعالم أجسادهن ما واراه الجلباب‪،‬ويُنبّه ب َقرْ ِ‬
‫زينتهنّ‪ ،‬وما أخْفينَ ُه من جمالهن‪.‬وربما اتخذته إحداهن تتطاول به‪ ،‬فقد قال عليه‬
‫الصلة والسلم حاكياً حال بعض نساء بني إسرائيل‪ …" :‬كانت المرأة تتخذ‬
‫النعلين من خشب تحاذي بها المرأة الطويلة"‪.‬فالحذاء المرتفع المصنّع للغراء‬
‫والفتنة إن لم يكن بمجمل هذه المحظورات ممنوعاً شرعاً‪ ،‬فإن أقل ما فيه‬
‫الكراهة‪,‬خاصة وأن ضرره الصحي ثابت عند الطباء‪ .‬وفي العموم فإن غالب ألبسة‬
‫النساء في هذا العصر وُضعت للفتنة والغراء‪ ،‬أكثر من كونها وُضعت لصحة‬
‫البدان‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬ضابط التشبه‪ :‬بحيث تتميّز ملبس المرأة وأزياؤها عن ملبس الكفار‬
‫عموماً‪ ،‬وعن ملبس الذكور خصوصاً‪،‬حتى في ُلبْس النّعل‪ ،‬وعصْب الرأس‪ .‬فإن‬
‫المة السلمية اليوم تعاني تخلفاً كبيراً أمام الدول المتقدمة في ميدان صناعة‬
‫ملبس النساء وتصاميمها‪ ،‬حتى سيطر إنتاج دور الزياء الجنبية على ذوق المرأة‬
‫المسلمة‪ ،‬وأسلوب تأنّقها‪ ،‬فأصبح زي كثير من النساء المسلمات المعاصرات هو‬
‫زي المرأة الغربية المتبرّج‪ .‬مما اضطر إحدى المنظمات السلمية‪ :‬أن توصي‬
‫بإنشاء "مؤسسات لتصميم الزياء السلمية حماية لقيم السلم… ورعاية‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫للذواق الجمالية السليمة‪ ،‬وسداً لذريعة ينفذ منها الموبؤون‪ ،‬وأعداء السلم على‬
‫بعض نساء المسلمين ممن ينقصهن النضج والوعي السليم"‪.‬‬
‫إن خطورة إشراف الجانب على لباس الفتيات المسلمات ل تكمن فقط في كون‬
‫أزيائهم تحمل ‪ -‬أحياناً– معلم ًا دينياً لهم كالصليب ونحوه؛ بل إنها تزيد على ذلك في‬
‫كونها تتوجه بقوة خفية‪ ،‬عبر أساليب التصميم الماكرة لعطاء ملبس الناث‬
‫صبغة ذكورية‪ ،‬بحيث تدخل أشكال أزيائهن تحت أنماط أزياء الرجال بصورة‬
‫متدرجة‪ .‬حتى أصبح مجتمع اليوم ‪ -‬بصورة تلقائية– ل يستنكر ظهور المرأة في‬
‫ملبس الذكور‪ ،‬في حين ل يزال حتى الن يستهجن‪ ،‬ويستنكر بروز الذكور في‬
‫ملبس النساء‪ ،‬ويعاقبهم على ذلك قانوناً‪ .‬ولشك أن في هذا خطراً على مسلك‬
‫المرأة الفطري؛ فإن نهاية تشبهها بالرجال هو انتقالها إلى طباع الرجال‪ ،‬فل‬
‫تتحرك فيها طباع جنسها الفطرية‪.‬‬
‫إن التصور السلمي ل يفرّق بين المرين‪ ،‬فكل مسالك التشبّه بين الجنسين‬
‫داخلة في المذمة الشرعية‪ .‬وليس في تعامل السلف ما يدل على التفريق بينهما؛ بل‬
‫كانوا في غاية الصرامة والشدة مع الفتيات المتشبهات في ملبسهن بالذكور‪ .‬فلبد‬
‫أن تراعي المرأة المسلمة هذا الضابط الشرعي في ارتداء الملبس؛ فإن " قضية‬
‫اللباس والزياء ليست منفصلة عن شرع ال ومنهجه للحياة"؛بل مرتبطة به كل‬
‫الرتباط‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬ضابط السراف‪ :‬بحيث تعتدل المرأة في استهلك الملبس من جهة‬
‫النوع ومن جهة الكم‪ ،‬فتعرف كيف تلبس‪ ،‬وتتأنق بما يليق بمثلها؛ فإن من "‬
‫المروءة أن يكون النسان معتدل الحال في مراعاة لباسه‪ ،‬من غير إكثار ول‬
‫إهمال‪ ،‬فإن إهمال مراعاتها‪ ،‬وترك تفقدها‪ :‬مهانة وذل‪ ،‬وكثرة مراعاتها‪ ،‬وصرف‬
‫الهمة إلى العناية بها‪ :‬دناءة ونقص"‪ .‬فالجواز هو الصل في اتخاذ الملبس‬
‫المباحة‪ ،‬والتجمل بها‪ ،‬حتى وإن كانت نفيسة الثمان‪ ،‬فقد كسا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم نساءه الحرير‪ ،‬ولبسه بناته‪ ,‬وكان يقول لصحابه‪ … " :‬حقّهن عليكم‬
‫أن تُحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن"‪.‬‬
‫وقد كان السلف يمتثلون أمر الرسول صلى ال عليه وسلم في ذلك‪ ،‬فعن محمد‬
‫بن ربيعة بن الحارث قال‪ " :‬كان أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم يُوسّعون‬
‫ط َرفَ‬
‫على نسائهم في اللباس الذي يُصان ويُتجمّل به‪ ،‬ثم يقول‪ :‬رأيت على عثمان مِ ْ‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫س ْوتُها إياه‪ ،‬فأنا ألبسُهُ أسرّها به"‪،‬إل أ ّ‬


‫ن‬ ‫ن مائتي درهم‪ ،‬فقال هذا لنائلة َك َ‬
‫خزٍ*ثم َ‬
‫الضابط في هذا أن تُستهلك الملبس استخداماً‪،‬ول تصل أنواعها وأشكالها بالمرأة‬
‫إلى حدّ التميّز الجتماعي والفتضاح؛ فإن ثوب الشهرة مذموم شرعاً‪ ،‬والستكثار‬
‫المفرط من ملبس النساء مكروه في حد ذاته خاصة الجميلة منها؛ لنها كثيراً ما‬
‫تُرغّب إليهن الخروج‪ ،‬والبروز‪ ،‬والتبرج‪ ،‬وقد كان عمر رضي ال عنه يقول‪" :‬‬
‫استعينوا على النساء بالعري؛ إن إحداهن إذا كثرت ثيابها وحسنت زينتُها‪ :‬أعجبها‬
‫الخروج"‪.‬‬
‫إن زمن ًا ليس ببعيد كان الثوب الحسن يبقى مع المرأة دهراً طويلً‪،‬حتى إنها‬
‫ربما ورّثته بعض بناتها‪ ،‬أو أعارته جاراتها‪ ،‬وربما لم يكن لحداهن إل الثوب‬
‫الواحد تحيض فيه وتطهر‪ .‬فلم يكن يُعرف ‪ -‬إلى عهد قريب ‪ -‬السراف في الملبس‬
‫حتى ظهر تفنّن دور الزياء النسائية في إنتاج الجديد من أنواع الملبس‪ ،‬ففُرض‬
‫على النساء نظام "الموضة" ‪ -‬بصورة غير مباشرة– بحيث تخضع أنواع الزياء‪،‬‬
‫وأشكالها المختلفة إلى مواسم خاصة‪ :‬فصلية وسنوية‪ ،‬تصبح بعدها الزياء –حتى‬
‫وإن كانت جديدة– مهملة في نظر المرأة ل قيمة لها‪ ،‬ضمن صور متشابهة متكررة‪،‬‬
‫وحِلَق دائرية مفرغة من التجديد والتطوير‪ ،‬ل نهاية لها إل مزيداً من هوس‬
‫الشراء‪ ،‬واستهلك المال‪ .‬وقد كان الشواب من النساء ولم يزلن ضمن فتنة‬
‫الموضة‪ :‬أكثر فئات المجتمع تأثراً بها‪ ،‬وخضوع ًا لمتطلباتها‪.‬‬
‫وتشمل الموضة المؤثرة في المجتمع كافة المجالت والنشطة في العلوم‬
‫والفنون والداب والهندسة والترفيه والمآكل والمشارب‪ ،‬إضافة إلى الزياء وأنواع‬
‫الملبوسات المختلفة‪ ،‬حيث تتحكم فيها روح العصر المتجددة‪ ،‬التي تشمل تغيير‬
‫الشكال والنماط والقوالب الفنية والدبية السائدة‪ ،‬وغالباً ما يلجأ إلى التلبس بها‬
‫أهل الترف من الغنياء للخروج عن المألوف‪ ،‬والرغبة في التجديد‪.‬‬
‫إن من الضروري أن تعرف المرأة‪ :‬أن نظام السلم التربوي في مثل هذه‬
‫المواقف الجتماعية يأمرها بالنظر إلى من هنّ دونها في المرتبة والمكانة وليس‬
‫لمن هنّ فوقها؛ وذلك حتى تقنع بما عندها وترضى‪ ،‬فإن مجاراة المتْرفات‬
‫المتنعّمات‬
‫ل تزيدها إل هماً وغماً‪ ،‬كما أن خضوعها واستسلمها لنظام الموضة‪ ،‬وما تفرضه‬
‫من أنواع الزياء يُعتبر نوعاً من العبودية المقيتة؛ فإن رسول ال صلى ال عليه‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وسلم يقول‪ " :‬تعس عبد الدينار والدرهم‪ ،‬والقَطيفة‪ ،‬والخميصة‪ ،‬إن أعطي رضي‪،‬‬
‫وإن لم يُعط لم يرض"‪ .‬كما ينبغي عليها أن تعلم‪ :‬أن هذه الموضوعات غالباً ما‬
‫تنتشر في الوساط الجتماعية المختلّة‪ ،‬التي ضعُفت فيها الثوابت والمبادئ‪،‬‬
‫فيسعى " أعضاؤها للحصول على اعتراف بالمكانة‪ ،‬وللعراب عن الذات عن‬
‫طريق تقليد الصفوة"‪ .‬فل يليق بالمرأة المسلمة أن تنساق إلى مثل هذه المزالق‬
‫الجتماعية الخطيرة‪ ،‬فتستهلك أوقاتها‪ ،‬وطاقاتها الجسمية‪ ،‬وثروتها المالية في‬
‫غير طائل‪.‬‬

‫ـ اللحاح الفطري إلى الزينة عند الناث ‪19‬‬


‫إن من أعجب عجائب الناث فرط تعلّقهن بالزينة‪ ،‬وميلهن الشديد للتجمل‬
‫والتحلي– حتى الصغيرات منهن– فكما أن للملبس الحسنة معنى خاصاً عندهن‪:‬‬
‫فإن للزينة في طباعهن ما يساوي ذلك أو يفوقه‪ ،‬فقد تغلغل حبّها في كيانهن‬
‫الفطري‪ ،‬وسلوكهن النثوي منذ فجر الحياة النسانية في جميع المجتمعات‪ ،‬حتى‬
‫لربما انطلقن يتغنين بها في غالب أشعارهن‪ ،‬فل يُعرف في التاريخ امرأة لم تأخذ‬
‫نصيبها من التزين والتجمل؛ لتشبع نهمتها في حب الذات‪ ،‬والتفوق الجمالي‪ ،‬من‬
‫خلل رواجها عند الرجل؛ إذ هو مقصودها الول والسمى بحسن التزين والتصنّع‬
‫كما هو حال كثير من النساء‪ ،‬بحيث لو فقدته‪ ،‬أو يئست منه‪ :‬لم يعد ‪ -‬في الغالب ‪-‬‬
‫للزينة عندها موضع تهتم له‪ ،‬والمرأة التي تتأنق فقط لترضي ذاتها دون رغبة في‬
‫الرجل إنما تفعل ذلك ‪ -‬في بعض الحيان– بدافع الشعور بالنقص أو التنافس مع‬
‫القرينات؛لنها ‪ -‬في كثير من المواقف ‪ -‬ل تتزين لتعزّز إرادة نفسها كما يفعل‬
‫الرجل؛ وإنما تتزين لتعزّز إرادة الرجل فيها‪ ,‬فقدْر الزينة الكافية عندها‪ :‬ما يزكّيها‬
‫في عين الرجل‪ ,‬ويُروّج لمكانها عنده؛ فهو الذي يحدد لها ما يُستملح منها‪ ,‬وما‬
‫يُستقبح‪,‬فإن هي فقدت الزينة المروّجة ‪ :‬غالباً ما تفقد معها الرجل‪،‬ولهذا كانت‬
‫السيدة عائشة رضي ال تعالى عنها تأمر المتزوجات بالزينة‪ ,‬وتشتدّ معهن في‬
‫ذلك‪ ,‬حتى قالت لحداهن مرة ‪" :‬إن كان لك زوج فاستطعت أن تنزعي مقْلتيك‬
‫فتصنعيهما أحسن مما هما ‪ :‬فافعلي"‪.‬‬
‫وتُعتبر الحُلي أعظم مظاهر الزينة عند النساء؛ ولهذا جاءت توجيهات الشارع‬
‫الحكيم بإباحتها لهن إجماعاً‪ ,‬صغيرات كن أو كبيرات‪ ,‬متزوجات أو عازبات‪.‬وجاءت‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫تطبيقات السلف في القرون المفضلة موافقة لهذا التوجيه‪ ,‬حيث كانوا ينفقون‬
‫الموال الكثيرة على حُلي البنات‪ ,‬والزوجات‪ ,‬وعموم النساء دون نكير‪ .‬وكانوا‬
‫يعدّون التاركة للزينة– شابة كانت أم عجوزاً– مع قدرتها عليها‪ :‬معطّلة‪ ,‬متشبّهة‬
‫بالرجال‪,‬ويوجبون– إضافة إلى ذلك– في حُليّها من الذهب أو الفضة الزكاة‪ ,‬في‬
‫حين أنها لو لبسته‪ ,‬واستمتعت به لعفيت منها على الراجح من قوْلي العلماء‪.‬كما‬
‫أنهم لم يُحلّوا لها الوفاء بالقسم على ترك الزينة‪ ,‬أو الحداد على أحد من الناس–‬
‫مهما كان عزيزاً– "فوق ثلث إل على زوج أربعة أشهر وعشراً"‪ ,‬كما جاء عن‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫والمرأة المسلمة المعاصرة إذا تقيدت في لبسها للحلي بحسن المقصد‪,‬وتجنّبت‬
‫في أشكالها صور الحياء المجسمة‪,‬واتّقت مشابهة الكفار‪,‬وحرصت على إخفاء‬
‫زينتها عن نظر الرجال الجانب وآذانهم‪:‬فإن لها بعد ذلك أن تلبس من الحلي ما‬
‫شاءت‪ :‬نفيساً كان أو حقيراً‪ ,‬ذهب ًا أو فضة‪,‬محلّقاً أو مقطعاً‪,‬لؤلؤاً أو خرزاً‪,‬عاجاً أو‬
‫عظماً مادام طاهراً ليس بنجس‪.‬ولها أيضاً أن تلبس من هذه النواع على أي جزء‬
‫شاءت من بدنها دون استثناء‪,‬حتى وإن صاحب ذلك شيء من مثْلة‪ :‬كثقب الذن‪ ,‬أو‬
‫النف‪،‬وفي هذا التساع كفاية عن الوقوع في المسلك المحظور عند اتخاذ المرأة‬
‫للزينة‪.‬‬

‫ـ الغلو في الزينة عند النساء ‪20‬‬

‫من العجيب في أمر النساء عموماً‪ ,‬والفتيات خصوصاً‪ :‬أنه رغم هذا التوسع‬
‫الهائل في شأن الزينة؛ بحيث ل تكاد الواحدة منهن تجد حرجاً شرعياً في أنواعها‬
‫التي تختارها‪ ,‬أو مواضعها البدنية التي تفضلها‪ ,‬أو زمن لبسها الذي يوافقها– رغم‬
‫كل هذا– فإن كثيراً منهن يقعن في مغالة سلوكية عند استخدامهن حق التزين‪ ,‬مما‬
‫يُوقعهن في المكروه الشرعي‪ ,‬أو المحرم‪ .‬حيث يدفعهن إلى ذلك الختلل‬
‫الخلقي‪,‬وقلة العلم والمعرفة‪ ,‬وضعف الثقة بالنفس‪ ,‬إلى جانب الشعور الطبيعي‬
‫بالنقص النثوي‪ ,‬بحيث كلما زادت هذه المشاعر المضطربة عند إحداهن‪ :‬زادت‬
‫بالتالي مبالغتها في الزينة والتأنّق؛فضعف الجاذبية الجمالية‪,‬والرغبة الملحة في‬
‫الزواج‪ ,‬وتأثير الدعاية العلمية المشوقة‪,‬كل ذلك إذا اجتمع‪ ,‬إضافة إلى الحافز‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الفطري الطبيعي عندهن‪ :‬وقعن في المغالة المفرطة‪ ,‬وفي الحديث‪" :‬ويلٌ للنساء‬
‫من الحمرين‪ :‬الذهب والمُعصْفر"‪.‬‬
‫ومن أهم مظاهر المغالة في التزين عند النساء والفتيات ما يلي‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬الغلو في زينة الوجه‪ :‬وذلك من خلل الفراط في استعمال المساحيق‬
‫الملونة إلى درجة إضاعة الوقات والموال‪ ,‬وتحديد السنان ببرد أطرفها رغبة في‬
‫مزيد من الحسن‪ ,‬وترقيق شعر الحاجبين بالنتف على طريقة أهل الجاهلية مع أنهما‬
‫على طبيعتهما من معالم الجمال‪ .‬وكذلك قشْر الوجه رغبة في صفاء اللون‪,‬‬
‫واستخدام الرموش المستعارة وما فيها من وصل الشعر الممنوع‪ ,‬واستعمال‬
‫العدسات الملونة لغير حاجة‪ ,‬مع ما فيها من المضرّة الصحية المتوقّعة‪ ,‬في الوقت‬
‫الذي يُعرض فيه كثير من الفتيات عن استخدام النظارة الطبية الضرورية خشية من‬
‫تشوّه وجوههنّ بها‪.‬‬
‫ولعل أفضل ما تعمله المرأة الراغبة في جمال الوجه‪ ،‬بما يغنيها عن فضول‬
‫الزينة‪ ،‬وكثرة البهرج‪ :‬حسن صناعة عينيها من خلل تعاهدهما بالكحل‪ ،‬لما فيه‬
‫من موافقة السنة‪ ،‬وكمال الصحة‪،‬وفي نصيحة عبد ال بن جعفر رضي ال عنهما‬
‫لبنته ما يدل على ذلك‪ ،‬حيث قال لها‪ … " :‬اعلمي أن أزين الزينة الكحل…"‪ ،‬ول‬
‫حمْرة أو صفرة تتأنّق بها المرأة‪ ،‬وتستمتع في غير غلو؛‬‫بأس بعد ذلك بشيء من ُ‬
‫فإن المغالة في استخدام المساحيق الملوّنة من سلوك المرأة الدميمة التي تبحث‬
‫عن الرواج‪ ،‬ولتحذر دعايات الشركات المنتجة لمواد التجميل؛ فإنهم من خلل‬
‫أساليب الدعاية والعلن يُوحون إلى النساء بأنهن قبيحات المنظر‪ ،‬ولبدانهن‬
‫عيوب‬
‫ل تزول إل باستخدام منتجاتهم التجميلية‪ ،‬مما يزيد في إغراق الفتيات والنساء‬
‫عموماً في استخدام هذه المواد التجميلية‪.‬‬
‫صهُ متشبهة‬‫ثانياً‪ :‬الغلو في زينة الشعر‪ :‬بحيث تزيد فيه شعراً ليس منه‪ ،‬أو تق ّ‬
‫بالذكور‪ ،‬أو تصفّفه على طريقة أهل الكفر والفجور‪ ،‬أو تجعله في هيئات معظّمة‬
‫ملفتة للنظر‪ .‬وكل ذلك ونحوه ل يصح من المرأة المسلمة أن تتعاطاه‪ ،‬فإذا اتقته‬
‫فإن لها بعد ذلك أن تفعل في شعرها ما شاءت من أنواع التصفيف تبتكره‪ ،‬والتلوين‬
‫تتخذه– عدا السّواد للكراهية –فإن الشعر للمرأة من أعظم مظاهر جمالها‪ ،‬ومازال‬
‫العرب يمتدحون المرأة بجمال وطول شعرها‪ ،‬وفي الثر‪ " :‬الشعر الحسن أحد‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الجمالين"‪ ،‬وعن عمر رضي ال عنه قال‪ " :‬إذا تم لون المرأة وشعرها فقد تم‬
‫حسنها"‪ ،‬وما ورد في السنة من كراهية المبالغة في العناية بالشعر؛ يخفّ في شأن‬
‫النساء؛ لن باب التزين والتجمل في حقهن أوسع وأرحب‪.‬‬
‫ويصح للمرأة المسلمة عند حاجتها لصلح شعرها أن تستعين بالمرأة‬
‫الصالحة الخبيرة للعناية به‪ ،‬كما كان يفعل بعض النساء في الزمن الول‪ ،‬على أن‬
‫يكون ذلك في مكان ل شبهة فيه‪ ،‬فإن صالونات تجميل النساء كثيراً ما تكون مواقع‬
‫للنحراف الخلقي‪ ،‬وأخبث من ذلك وأشد‪ :‬أن ُتسْلم المرأة شعرها للرجل الجنبي‬
‫يتولى تزيينه وتحسينه‪ ،‬فإن هذا الفعل لشك في تحريمه‪ ،‬إلى جانب أن غالب‬
‫العاملين في مثل هذه الخدمات النسائية‪ :‬منحرفون جنسياً‪ ،‬حيث يجدون سلوتهم‪،‬‬
‫ومتعتهم الشهوية في تعاطي شعور النساء ووجوههن‪ ،‬فلبد من الحذر وتوقي هذه‬
‫المواقع‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الغلو في زينة اليدين‪ :‬وذلك بإطالة الظفار‪ ،‬وتركها على حالها لكثر من‬
‫أربعين ليلة‪،‬مخالفة للفطرة السوية‪ ،‬أو طلئها بمواد تمنع وصول ماء الوضوء‬
‫إليها‪ .‬وقد نفّر رسول ال صلى ال عليه وسلم من ذلك حيث قال‪ " :‬يسأل أحدكم‬
‫عن خبر السماء‪ ،‬وهو يدع أظفاره كأظافير الطير يجتمع فيها الجنابة والخبث‬
‫والتفث"‪ ،‬ووجّه عليه السلم النساء ‪ -‬متزوجات كن أو عازبات– إلى الحناء‬
‫لتزيين اليدين والظفار‪ ،‬وحث عليها حتى إنه عليه الصلة والسلم كان ل يبايع من‬
‫النساء إل المختضبة بها؛ لما في ذلك من التميّز عن الرجال‪ ،‬والفوائد الصحية‬
‫المتعددة‪ .‬فكان حرص النساء على الحناء في ذلك الزمن كبيراً‪ .‬إل أن الغلو قد‬
‫يتطرق إلى المرأة من جهة سوء استخدامها للحناء‪ ،‬وذلك من خلل النقوش التي‬
‫يعملنها في اليدي‪ ،‬فبدلً من أن تكون بشرة المرأة مستورةً بلون الحناء عند‬
‫حاجتها لكشفها أمام الرجال الجانب‪ :‬تصبح ملْفتة بهذه التّطاريفوالزخارف‪ ،‬والنبي‬
‫صلى ال عليه وسلم يقول فيما رُوي عنه‪ " :‬يا نساء النصار اختضبن‬
‫غمساً…"‪،‬يعني أخضبن كامل اليد دون تصوير‪ ،‬وكان عمر رضي ال عنه يقول‪:‬‬
‫ن يديها‬
‫"يا معشر النساء اختضبن‪ ،‬وإيّاكنّ والنقش والتطريف‪ ،‬ولتخضب إحداك ّ‬
‫إلى هذا‪ ،‬وأشار إلى موضع السوار"‪ .‬فلبد للمرأة أن تراعي ذلك في خضابها‪ ،‬وأن‬
‫تتقيد في كل ذلك بالسنة المطهرة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وأخبث ما يمكن أن تفعله المرأة في يديها‪ ،‬أو في بعض مواقع جسمها‬


‫الخرى‪ :‬الوشم‪ ،‬وهو عملية بدائية مؤلمة جداً‪ ،‬تتلخص في حشو مواد من كحل أو‬
‫نحوه تحت الجلد بواسطة البرة‪ ،‬فيظهر لونها من تحت الجلد أخضر أو أزرق‪،‬‬
‫رغبة منها في مزيد من الحسن والجمال‪ ،‬واستغناء عن الزينة الخارجية‪ ،‬أو‬
‫لهداف أخرى دينية أو قومية‪ ،‬أو ربما لهداف جنسية؛ حيث يُوضع هذا الوشم‬
‫على العضاء التناسلية بصورة قبيحة فاضحة‪.‬‬
‫ورغم أن هذا السلوك المنحرف يرجع إلى العصور الجاهلية المتقدمة‪ :‬فقد‬
‫اتخذ اليوم أشكالً متطوّرة‪ ،‬وأصبح ضمن مهام الجراحة الطبية الحديثة‪ ،‬يُعمل‬
‫بصورة متقنة عن طريق المستشفيات في بعض الدول الغربية‪ .‬ويُلحق بهذه العادة‬
‫القبيحة ما تفعله بعض المجتمعات الفريقية من أخاديد في وجوه الفتيات للزينة‪،‬‬
‫يسمونها "الشّلخ"‪ ،‬وهذا أيضاً من المحرمات شرعاً‪ ،‬ومن مظاهر تغيير خلق ال‬
‫تعالى‪ ،‬التي تُوقع الفتيات والمسؤولين عنهن في كبائر خُلُقية تُوجب اللعن والعياذ‬
‫بال تعالى‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬الغلو في زينة البدن‪ :‬من خلل استخدام المرأة للروائح النّفّاذة عند‬
‫خروجها من البيت‪ ،‬رغبة منها في كمال الزينة‪ ،‬واتّقاء رائحة العرق المزعجة‪،‬‬
‫التي يكثر انبعاثها في سن الشباب‪ .‬فرغم أن الطيب مستحسن في الشريعة‪ ،‬ومرغّب‬
‫فيه؛ لما يشمله من المنافع الروحية والصحية‪ :‬ورغم ارتباط المرأة وتعلقها به‪ ,‬كما‬
‫وصفها ابن عباس رضي ال عنهما حيث قال ‪ " :‬هي ألطف بناناً‪ ,‬وأطيب‬
‫ريحاً"‪,‬فإن الجماع قائم على منع المرأة منه إذا هي خرجت من بيتها‪ ،‬إل إذا‬
‫ضمنت سلمة أنوف الرجال الجانب من طيب ريحها‪ ،‬كما كان بعض نساء السلف‬
‫يفعلن‪ ،‬فل بأس حينئذٍ‪ ،‬وإل كان ذلك ممنوعاً شرعاً؛ فإن للرائحة العَطِرة قوة فعّالة‬
‫في نفوس الرجال‪ ،‬أكثر بكثير مما تفعله في نفوس النساء‪ ,‬والتواصل بين الجنسين‬
‫كما يمكن أن يكون بالكلم والنظر‪ ,‬فإنه يكون أيض ًا بالرائحة؛ ولهذا كان ضابط طيب‬
‫المرأة خارج البيت‪ :‬ما بدا لونه ظاهراً‪ ،‬وخفيت عن النوف رائحته‪ ،‬فإن الجلباب‬
‫يُعالج اللون بالستر‪ ،‬وأما الرائحة فل علج لها إل بالمتناع‪.‬‬
‫ثم المرأة بعد هذا الضابط تستخدم من أنواع الطيب‪ ،‬والعطور ما شاءت‪ :‬فإن‬
‫نساء السلف كنّ يحرصن على الطيب‪ ،‬ويتنافسن فيه‪ ،‬إل ما كان منه مسْكراً‪ ،‬يفعل‬
‫بالعقول فعل الخمر‪ :‬فإن الجمهور على نجاسة الخمر؛ بل ربما قام الجماع على‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ذلك‪،‬وقد سُئلت السيدة عائشة رضي ال عنها‪ :‬عن المشطة في رأس المرأة يكون‬
‫فيه الخمر؟ فنهت عن ذلك‪ .‬وفي العموم فإن مستحضرات التجميل‪ ,‬وما يلحق بها‬
‫من المواد الفواحة المزيلة للطلء مثل السيتون ‪ ,‬فإنها مضرة بالصحة العامة‬
‫للنسان ‪ ,‬ولسيما الطفال الصغار‪ ,‬إضافة إلى خطر الدمان على شم رائحتها‪,‬فلبد‬
‫أن تراعي المرأة ذلك من نفسها تورّعاً‪ ,‬واتقاءً للضرر‪ ،‬وتجنباً للحرج الشرعي‪.‬‬

‫ـ الفتاة المسلمة والرياضة البدنية ‪21‬‬

‫الحمد ل رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء وسيد المرسلين‪،‬‬


‫خلُقاً‪ ،‬وأعلهم شرف ًا ونسباً‪ ،‬وأصحّهم عقلً وجسداً‪ ،‬بلّغ‬
‫خلْقاً و ُ‬
‫أكمل الناس َ‬
‫الرسالة‪ ،‬وأدّى المانة‪ ،‬ونصح المة‪ ،‬فما من درب خير إل أرشد إليه‪ ،‬وما من‬
‫طريق شر إل وحذّر منه‪ ،‬قعّد قواعد الدين‪ ،‬وسنّ سنن الهدى‪ ،‬فكان هديه خير‬
‫الهدي‪ ،‬ونهجه أفضل المناهج‪ ،‬فصلى ال عليه وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد…فإن المتأمل في واقع الحياة المعاصرة يجد الهتمام البالغ‪،‬والرعاية‬
‫المحلية والدولية بالشؤون الصحية‪ ،‬وما يرتبط بها من محاربة المراض‪،‬‬
‫والهتمام بوسائل العلج‪ ،‬وإصلح البيئة‪ ،‬وتحسين التغذية‪ ،‬وتطوير الدوية‬
‫والتقنية الطبية‪ ،‬وما يلحق بذلك من التوعية الصحية‪ ،‬والرشادات الطبية‪،‬‬
‫والتطعيمات ضد المراض المعدية‪ ،‬والتوسع في فتح المصحّات الطبية‪ ،‬والمراكز‬
‫الصحية‪ ،‬وإعداد المتخصصين والفنيين في جميع التخصصات الصحية المختلفة‪،‬‬
‫حتى غدت قضية الصحة البدنية مطلباً حضاري ًا وضرورياً عند المم المعاصرة على‬
‫تفاوت بينهم؛ فإن دولً‪ ،‬وشعوباً‪ ،‬ومجتمعات بأكملها لتزال في نهاية القرن‬
‫العشرين‪ ،‬وبداية القرن الواحد والعشرين قابعة في مثلث الموت‪ :‬المرض‪ ،‬والفقر‪،‬‬
‫والجهل‪ ،‬ل تكاد تخرج من أزماتها الحضارية حتى تقع فيما هو أشد وأصعب‪،‬‬
‫وكأنها تدور في حلقات مفرغة‪ ،‬ل تهتدي إلى سبيل الخلص‪.‬‬
‫وقد ترافق مع هذا التجاه العالمي نحو الهتمام بالشؤون الصحية اتجاه آخر‬
‫يوازيه‪ ،‬ويسير في محاذاته وهو‪ :‬الهتمام بالوقاية الصحية‪ ،‬باعتبارها وسيلة‬
‫مهمة في إغناء النسان عن كثير من العلج‪ ،‬مما يوفّر الجهد‪ ،‬ويرشّد النفاق‪،‬‬
‫ويحقق للنسان المتعة والسعادة بأقل تكلفة‪ ،‬وأيسر جهد‪ ،‬فازدهرت في هذا الوقت‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫أساليب التغذية الصحية‪ ،‬وما يتعلق بها من تنظيم الغذاء‪ ،‬والتدريب على حسن‬
‫اختياره‪ ،‬وانتشرت المعارف الصحية‪ ،‬والثقافة الطبية‪ ،‬التي ترشد الصحاء‪ -‬قبل‬
‫المرضى‪ -‬للمحافظة على أجسادهم صالحة دون أذى‪ ،‬وتطوّرت أساليب استشراف‬
‫مستقبل النسان الصحي‪ ،‬فوضعت برامج طبية للكشف الصحي الدوري‪ ،‬والكشف‬
‫الصحي قبل الزواج‪ ،‬حتى غدت حياة النسان المعاصر في المدن الحضارية مرتبطة‬
‫ارتباط ًا وثيقاً بالمسألة الصحية‪ ،‬وأساليبها الوقائية‪.‬‬
‫وتأتي الرياضة البدنية لتحتل ساحة ضخمة ومهمة في برامج الوقاية‬
‫الصحية‪ ،‬باعتبارها علمة من علمات الصحة‪ ،‬ووسيلة فعّالة ناجحة للترقي‬
‫بالنسان في مراتب التفوق البدني‪ ،‬حتى إنها ‪ -‬في كثير من الحيان ‪ -‬لتسبق‬
‫بالنسان نحو السلمة الصحية أسرع مما يسبق به كثير من الغذاء والدواء‪ ،‬فقد‬
‫أصبحت ممارسة أنواع من الرياضات البدنية جزءاً أصيلً في علج بعض المراض‬
‫المتعلقة بزيادة الوزن‪ ،‬والصابات الجسمية‪ ،‬والجلطات الدموية ونحوها من‬
‫المراض‪ ،‬إضافة إلى كونها وسيلة فعّالة في تأهيل بعض المرضى في فترة النقاهة‬
‫لستئناف حياتهم العملية من جديد؛ ولهذا ازدهرت في هذا الوقت المراكز‬
‫الرياضية‪ ،‬والندية التأهيلية‪ ،‬حيث يجد فيها المحتاجون للحركة البدنية مرادهم من‬
‫‪ :‬الجهزة والوسائل والتدريب والشراف ما يُعينهم على تجاوز أزماتهم الصحية‪،‬‬
‫في وقت قلّت فيه حركة النسان اليومية؛ حين نابت عنه اللة الصناعية في كثير‬
‫من أعماله البدنية‪.‬‬
‫وعلى الرغم من فوائد الرياضة البدنية للجميع‪ ،‬ولسيما لبعض فئات المجتمع‬
‫من المحتاجين لها فقد توجهت الرياضة الحديثة بمفاهيمها الجديدة إلى ما هو أبعد‬
‫من مجرد الصحة البدنية بكثير‪ ،‬حين توسع مفهوم الرياضة ليشمل أنواعاً ل تكاد‬
‫تحصى من اللعاب والنشطة النسانية المختلفة‪ ،‬ويستقطب في برامجه كل فئات‬
‫المجتمع‪ ،‬فالرياضة الحديثة قد تجاوزت بمفاهيمها المعاصرة مبدأ الممارسة‬
‫العملية‪ ،‬باعتباره هدف ًا رئيساً‪ ،‬وغاية ضرورية من غايات الرياضة إلى أن تصل‬
‫بمفهوم الرياضة إلى المعنى التجاري الستثماري‪ ،‬فتصبح الرياضة سلعة‬
‫استهلكية يتّجر بها المستثمرون المتربّصون بحاجات الناس ومتطلباتهم‪ ،‬فراجت‬
‫تجارة اللعبين‪ ،‬والمقامرة المالية‪ ،‬والدعاية العلمية‪ ،‬والشهرة العالمية‪ ،‬والثقافة‬
‫الرياضية‪ ،‬ومتعة التفرج‪ ،‬وأقيمت المنشآت للمنافسات الدولية‪ ،‬ونحوها من‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫القضايا الجتماعية والقتصادية والثقافية التي ل علقة لها أصلً بمبدأ الرياضة‬
‫البدنية‪.‬‬
‫ولم تكن المرأة في غالب مجتمعات العالم ‪ -‬بما فيها غالب المجتمعات‬
‫السلمية ‪ -‬بمعزل عن هذا الوضع الستهلكي والتجاري‪ ،‬فقد خاضت في غالب ما‬
‫خاض فيه أفراد المجتمع من حولها‪ ،‬واستُغلّت كما استُغلّ غيرها‪ ،‬فاتّجر بالفتاة‬
‫الرياضية وبجسدها‪ ،‬واستمتع المشاهدون عبر الشاشات‪ ،‬وفي المنشآت الرياضية‬
‫بقوامها ورشاقتها‪ ،‬ولطيف حركتها‪ ،‬وقُدّمت الفتاة الرياضية نموذجاً لبنات جنسها‪،‬‬
‫في كمال قدرتها الجسمية‪ ،‬ورشاقة قوامها‪ ،‬وتمام صحتها‪ ،‬وقُدّمت للمجتمع‬
‫بصفتها نموذجاً للفتاة المواطنة الصالحة‪ ,‬الممثلة لبلدها في المنافسات الدولية‬
‫والقليمية‪ ،‬حين أبدعت وحازت على شيء من ميداليات التفوق في المنافسات‬
‫الرياضية‪.‬‬
‫إن واقع الرياضة العالمي‪ ،‬بكل ما تحويه من التفاعل الحركي‪ ،‬والتنافس‬
‫الدولي‪ ،‬والستهلك الثقافي‪ ،‬والمتعة الشخصية‪ ،‬والممارسة الواقعية ‪ :‬ل تزيد ‪-‬‬
‫في المفهوم السلمي ‪ -‬عن كونها مصلحة كمالية في غالب الحوال‪ ،‬ل يجوز أن‬
‫تتعارض مع مصلحة حاجية‪ ،‬فضلً عن أن تتعارض مع مصلحة ضرورية وإل‬
‫أصبحت محرمة شرعاً‪ ،‬وواقع الممارسات الرياضية‪ ،‬وما يلحق بها من أنشطة‬
‫وألعاب ومنافسات ومخاطرات‪ ،‬وما يتخلل ذلك من مفاسد أخلقية كالتبرج في‬
‫النساء‪ ،‬والختلط بين الجنسين‪ ،‬والمقامرة المالية‪ ،‬وما يتبع ذلك من تضييع‬
‫للواجبات‪ ،‬ووقوع في المحرمات‪ ،‬كل ذلك‪ ،‬بل بعضه ‪ :‬ينقل هذه الممارسات‬
‫الرياضية من الباحة إلى الكراهية وإلى التحريم‪ ،‬بل إلى ما هو أشد من ذلك من‬
‫الكبائر والموبقات القبيحة‪ ،‬التي حذر الشارع الحكيم منها‪ ،‬وتوعّد أصحابها‬
‫بالعقوبة الشديدة‪ ،‬ولهذا يُلحظ أن حق ممارسة الفتيات للرياضة ليس إجماعاً‬
‫اجتماعياً‪ ،‬فل يزال كثير من أفراد المجتمع يأبون ذلك على الفتيات حتى في‬
‫المجتمعات التي يقل فيها اللتزام الديني‪.‬‬
‫ولئن كانت هذه القبائح السلوكية المتعلقة بالرياضة ممنوعة على الجنسين‬
‫من الذكور والناث ‪ :‬فهي في حق الناث أشد وأغلظ؛ لما هو معلوم في الشريعة‬
‫من الحتياط في شأن النثى من جهة ‪ :‬لزومها الحجاب‪ ،‬ولفْتها إلى البيت‪ ،‬وبعدها‬
‫عن الختلط بالجانب‪ ،‬ودورها الرئيس في النجاب ورعاية النسل‪ ،‬ول شك أن‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ممارسة الفتيات للرياضة البدنية ضمن هذه الظروف والحوال المعاصرة التي ل‬
‫تنضبط بالضوابط الشرعية‪ ،‬ول تعتد بالداب المرعية‪ ،‬ول تراعي طبيعة النثى‬
‫ودورها الفطري والجتماعي ‪ :‬تعد ممنوعة شرعاً‪ ،‬لمعارضتها للقيم والمبادئ‬
‫والداب التي أمر بها دين السلم‪.‬‬
‫ومن هذا المنطلق فإنه ل بد من وضع الضوابط اللزمة لحكام ممارسة‬
‫الفتيات للرياضة البدنية‪ ،‬ضمن حدّ السلمة في ‪ :‬أخلقها‪ ،‬وأنوثتها‪ ،‬ونفسيتها‪،‬‬
‫وجسمها‪ ،‬وفكرها؛ بحيث تستفيد الفتاة من ممارستها للرياضة دون الوقوع في‬
‫الحرج الشرعي‪ ،‬الذي يُلْحقها ويُلْحق المسؤولين عنها الثم والخطيئة‪ ،‬مع محاولة‬
‫إعادة مفهوم الرياضية البدنية إلى معناه الصحيح وهو ‪" :‬القيام بحركات خاصة‬
‫تكسب البدن قوة ومرونة"‪ ،‬أو هو‪" :‬تليين البدن وتذليله وتطبيعه لداء مهمات‬
‫معينة"‪ ،‬فل بد أن يعود هذا المعنى الصحي لمفهوم الرياضة البدنية للفتيات‪ ،‬مع‬
‫التخلص من متعلقات الرياضة التي ساقتها إلى الميدان الستهلكي والستثماري‬
‫التجاري‪ ،‬وصبغتها بالطابع غير الخلقي‪ ،‬وأضفت عليها صفة العنف والتوتر‪،‬‬
‫الذي يأباه السلم للنسان عامة‪ ،‬وللناث خاصة‪.‬‬

‫ـ النحراف الخلقي في واقع الرياضة النسائية ‪22‬‬

‫يُعتبر الجانب الخلقي في بناء السلم التربوي جزء أصيل في تكوين‬


‫شخصية المسلم على وجه العموم‪ ،‬وهو أشد أصالة وضرورة في تكوين شخصية‬
‫الفتاة المسلمة على وجه الخصوص‪ ،‬فلئن كانت العقيدة هي صورة النسان الباطنة‬
‫فإن الخلق صورته الظاهرة‪ ،‬حيث ترقى الفتاة بإيمانها الباطن‪ ،‬وأخلقها الظاهرة‬
‫نحو أعلى مراتب كمالها النساني‪ ،‬في حين يحتاج الرجل ليبلغ الكمال اللئق به إلى‬
‫جوانب أخرى ‪ :‬عقلية وعلمية ونفسية وجسمية ومهارية‪ ،‬إضافة إلى اليمان‬
‫والخلق ‪ :‬تؤهله ليحوز شيئاً من مراتب الكمال النساني المطلوب في الرجال‪.‬‬
‫ويتحقق الضابط الخلقي حين تسلم عورة الفتاة من النكشاف أمام النساء في‬
‫أثناء الممارسة الرياضية‪ ،‬ويسلم جسمها من الحركة الماجنة الخليعة‪ ،‬ويسلم‬
‫شخصها ككل من نظر الرجال حتى وإن كانت بكامل حجابها الشرعي؛ فإن الرياضة‬
‫النسائية في هذا العصر من أوسع أبواب الفساد الخلقي‪ ،‬من حيث الختلط بين‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الذكور والناث‪ ،‬مع انكشاف العورات المحرمة بين النساء‪ ،‬فضلً عن المحرمة‬
‫على الرجال الجانب من المسلمين ومن غيرهم في المشاركات الرياضية الدولية‬
‫والقليمية والمحلية‪ ،‬التي تظهر فيها الفتاة المسلمة غالبًا شبه عارية‪ .‬ومع كل هذه‬
‫المخالفات الشرعية فإن مبدأ دخول الفتاة المسلمة في حمام النساء العام غير‬
‫المختلط‪ ،‬مع ستر العورة‪ ،‬وقيام الحاجة ‪ :‬ل يستحب شرعاً؛ بل ربما كان من‬
‫المكروهات‪ ،‬أو حتى من المحرمات‪ ،‬خاصة وأن كثيراً من النساء عادة إذا اجتمعن‬
‫في مثل هذه الحمامات العامة قلّ تحفّظهن من انكشاف العورات ‪ ,‬وبروزها إل من‬
‫عيب جسدي يكرهن ظهوره؛ لكون بعضهن يريْن جواز ذلك؛ ولهذا حرم كثير من‬
‫العلماء دخولهن الحمامات العامة ‪ ,‬وعليه فقد قاس بعض المعاصرين حمامات‬
‫السباحة المعاصرة على حمامات النساء القديمة فمنع منها ‪ ,‬ول ينبغي استهجان‬
‫مثل هذا التوجه الفقهي فإنه في عام ‪1903‬م تأسس في مدينة ميونخ اللمانية نادٍ‬
‫نسائي للسباحة ‪ ,‬فقوبل هذا العمل بالستنكار الجتماعي‪ ,‬فليس بغريب أن يُستنكر‬
‫مثل هذا في المجتمع المسلم ‪ ,‬الذي يعطي لجسد النثى ‪ -‬من جهة النظر وحجم‬
‫العورة ‪ -‬حصانة أكبر‪.‬‬
‫وبناء على هذا فإن المختار للفتاة المسلمة المعاصرة‪ :‬التعفّف الكامل عن‬
‫الممارسات الرياضية خارج المنزل‪ ،‬رسمية كانت أو غير رسمية‪ ،‬دولية أو محلية‪،‬‬
‫حتى وإن كانت تُمارسها بعيداً عن الرجال في أندية نسائية خاصة؛*فإن هذه‬
‫التجمعات النسائية ل تخلو عادة من محظور شرعي‪ ،‬وكثيراً ما تكون وسائل للفساد‬
‫الخلقي؛ فإن نظر الرجال إليها خلسة أمر محتمل‪ ،‬ثم إن تصويرها عبر عدسات‬
‫الكاميرات الدقيقة المثبّتة في أماكن معينة‪ ،‬أو المحمولة في الهواتف النقالة هو‬
‫أيضاً أمر محتمل‪ ،‬فالبعد عن كل ذلك أسلم لدينها وخلقها‪ ،‬فإذا احتاجت الفتاة‬
‫المرفّهة إلى شيء من النشاط الحركي فإنها تمارسه داخل بيتها‪ ،‬أو ضمن ساحاته‬
‫المفتوحة المأمونة التي تُتيحها طريقة البناء في العمارة السلمية‪ ،‬فقد ثبت ميدانيا‬
‫تفضيل كثير من الفتيات المسلمات ممارسة النشاطات الرياضية داخل المنزل مع‬
‫أفراد السرة‪ ،‬كما ثبت أيضاً إحجام كثير منهن عن ممارسة النشطة الرياضية في‬
‫الماكن المكشوفة خوفاً من نظر الرجال إليهن‪ ،‬لسيما إذا عُلم أن كل حركة جسمية‬
‫قوية ‪ :‬كالدّهن‪ ،‬والدّلك‪ ،‬والتّمريخ تدخل ضمن مفهوم الرياضة البدنية النافعة‪ ،‬فل‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫تفتقر الرياضة ‪ -‬بصورة دائمة ‪ -‬إلى الساحات الكبيرة‪ ،‬والجهزة المعقّدة‪ ،‬واللعاب‬
‫المعينة بقدر ما تفتقر إلى الحركة ذاتها ‪ :‬البدنية والعضلية‪.‬‬

‫ـ أثر الرياضة البدنية العنيفة على أنوثة الفتاة ‪23‬‬


‫تتميز الفتاة عن الرجال بطابع عنصر النوثة في تكوينها الفطري وبنائها‬
‫الجسمي‪ ،‬كما يتميز الفتى ‪ -‬هو أيضاً ‪ -‬عن النساء بطابع عنصر الذكورة في تكوينه‬
‫الفطري وبنائه الجسمي‪ ،‬حيث يتأهل كل منهما ‪ -‬حسب طبيعة عنصره ‪ -‬للقيام‬
‫بمهمات ومسؤوليات متنوعة تتناسب مع فطرته‪ ،‬وتحقق التكامل مع الخر‪ ،‬دون‬
‫تداخل بينهما يُخلّ بنظام توزيع المهام والمسؤوليات بين الجنسين‪ ،‬كلٌ حسب نظام‬
‫هدايته‪ ،‬ووفق فطرته التي فطره ال تعالى عليها‪.‬‬
‫ويعمل هذا الضابط على تحقيق سلمة شخصية الفتاة من السترجال الذي‬
‫يخرجها عن طبيعة فطرتها‪ ،‬بحيث تسلم للفتاة المُمارِسة للرياضة البدنية مظاهر‬
‫النوثة في هيئتها الجسمية وسلوكها‪ ،‬فإن الشريعة تمقت المترجّلت من النساء‪،‬‬
‫ولو في لبس النّعل الخاص بالرجال‪ ،‬فإن السلف كانوا يكرهون للمرأة كل مظهر‬
‫سرْج ‪ ,‬أو تقلّد القوس‪ ،‬ونحوها من‬ ‫تتشبّه فيه بالرجل ‪ :‬كالمشْية‪ ،‬أو ركوب ال ّ‬
‫مسالك الذكور الخاصة بهم في ‪ :‬هيئاتهم‪ ،‬وأخلقهم‪ ،‬وأفعالهم‪ ،‬وأقوالهم‪ .‬بل وحتى‬
‫المسالك الرجولية الجبليّة‪ ،‬التي قد تُبتلى بها بعض النساء قَ َدرَاً ‪ :‬فإنهن يُلزمن‬
‫بتكلّف تركها‪ ،‬حتى تبقى مظاهر الجنسين واضحة الفروق والمعالم كما وضعها‬
‫العليم الخبير‪.‬‬
‫ومن هنا فإن أيّ مسلك رياضي يمكن أن يُخرج الفتاة ‪ -‬ولو بصورة جزئية ‪-‬‬
‫عن طابعها النثوي فإنه ممنوع شرعاً مهما كان نبْل الهدف من ورائه‪ ،‬سواء كان‬
‫ذلك في عنف الحركة البدنية‪ ،‬أو التشبه في اللباس بالرجال أو حتى بالنساء غير‬
‫المسلمات؛ فإن اللباس الرياضي للمرأة غير المسلمة ل يبعد كثيراً عن لباس‬
‫الرجال‪.‬‬
‫وقد ثبت يقيناً أن الحتراف الرياضي‪ ،‬والممارسة العنيفة المستمرة لي لعبة‬
‫من اللعاب الرياضية المعاصرة ‪ -‬المباحة منها أو الممنوعة ‪ -‬تطبع هيئة الفتاة‬
‫الجسمية بطابع الذكور البدني‪ ،‬حتى تنطبق مقاسات بعضهن الجسمية على مقاسات‬
‫الذكور‪ ،‬من حيث ‪ :‬ضمور الحوض‪ ،‬وسعة ما بين المنكبين‪ ،‬وعمق الصدر‪،‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وصلبة الطراف‪ ،‬وبروز العضلت‪ ،‬وخشونة الصوت‪ ،‬وبروز الحنجرة‪ .‬حتى إن‬
‫العلقة عند الباحثين الرياضيين أصبحت في غاية القوة بين زيادة معدل معالم‬
‫الذكورة في جسم الفتاة الرياضية‪ ،‬وبين تفوقها في أنواع واختبارات الداء‬
‫الحركي‪ .‬ولم يعد غريباً شذوذ بعض النساء بمظاهر للقوى البدنية ممّا يعجز عنها‬
‫كثير من أصحّاء الرجال ‪ ,‬مما حدا ببعض الموتورين إلى إنكار كل الفروق‬
‫البيولوجية بين الجنسين في القدرة على الممارسات الرياضية‪ ،‬حتى في فترة‬
‫الحمل‪ ،‬والدورة الشهرية‪ ،‬زاعمين أنها فروق مفْتعلة ترجع إلى رواسب فكرية‬
‫واجتماعية‪ ،‬ل أصل لها في طبيعة التكوين البدني عند الجنسين‪ ،‬فبنوا على هذه‬
‫المسلّمة الخاطئة‪ :‬ضرورة اتحاد الجنسين في جميع أنواع الممارسات الرياضية‪،‬‬
‫والنشطة البدنية دون استثناء‪.‬‬
‫لقد شاهد هؤلء كما شاهد غالب الناس المرأة رائدة الفضاء‪ ،‬والرامية‬
‫المتقنة‪ ،‬والمتسلّقة لعلى قمة جبل في العالم‪ ،‬والمحلّقة بالطائرة والمنطاد‪،‬‬
‫والسبّاحة الماهرة عبر بحر المانش‪ ،‬والعدّاءة السريعة‪ ،‬والقاطعة لمريكا من‬
‫غربها إلى شرقها على القدام‪ ،‬وغيرهن كثير تفوقن في بعض النشطة الجسمية‬
‫والرياضية‪ ،‬ومع ذلك فإن هذه المظاهر المتفوقة ل تغير من الحقيقة الفطرية‬
‫والواقعية شيئاً‪.‬‬
‫لقد أغفل هؤلء طبيعة الفروق التشريحية بين الذكور والناث‪ ،‬وطبيعة‬
‫الحركة الفائقة‪ ،‬والخشونة الزائدة في مسلك الذكور الفطري‪ ،‬إلى جانب إهمالهم‬
‫للفروق البارزة الجليّة بين الجنسين في مرحلة البلوغ‪ ،‬كما أنهم ‪ -‬مع كل هذا ‪-‬‬
‫سهوا عن قاعدة جسمانية طبيعية مفَادُها ‪ :‬أن أيّ عضو في جسم النسان كثرت‬
‫رياضته‪ ،‬وحركته قوي ونشط‪ ،‬فل يبعد ‪ -‬والحالة هذه ‪ -‬أن تتفوق بعض الفتيات‬
‫المدرّبات بدنياً على بعض الرجال غير المدرّبين‪ ،‬ولكن من المستحيل أن تتفوق‬
‫الفتاة المدرّبة على شاب ك ُم َل تدريبه؛ فإن الذكور من الشباب في الحالة الطبيعية‬
‫يزيدون ‪ -‬عادة ‪ -‬على الناث بثلث القوة البدنية؛ ولهذا ل توجد في واقع النشطة‬
‫الرياضية ألعاب يتنافس فيها الرجل مع المرأة؛ وذلك مراعاة للجانب الفطري الذي‬
‫يفرض نفسه‪ ,‬ويُخلّ بميزان العدل بينهما‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ومن هنا فإن الفروق الجسمية والحركية بين الجنسين فروق حقيقية واقعية‬
‫يصعب إنكارها‪ ،‬وبناء عليها لبد من اختلف نوع النشطة الرياضة لتناسب طبيعة‬
‫كل جنس‪ ،‬وتوافق فطرته‪ ،‬وتماشي نوع مهمته ومسؤوليته‪.‬‬

‫ـ خطر الرياضة العنيفة على جسم الفتاة ‪24‬‬

‫ل تسمح الشريعة السلمية للمسلم أن يتصرف في بدنه إل ضمن ما يوافق‬


‫مقصد الشارع من المحافظة عليه ورعايته؛ فإن مهمات كبيرة‪ :‬عبادية واقتصادية‬
‫واجتماعية وغيرها يقوم بها المسلم معتمداً فيها على قواه الجسدية ‪ ,‬فل يصح‬
‫منه أن يكون سبباً ‪ -‬مباشراً أو غير مباشر ‪ -‬في إعاقة جسده عن القيام بالمهام‬
‫والمسؤوليات التكليفية المناطة به‪ ,‬ولعل هذه المحافظة تكون أبلغ في شأن الناث؛‬
‫لطبيعة مسؤولياتهن الفطرية في الحمل والنجاب‪ ,‬ورعاية النسل‪ ,‬وحاجتهن ‪ -‬في‬
‫كثير من الحوال ‪ -‬إلى مزيد من النضباط الحركي‪.‬‬
‫وضابط سلمة الفتاة الجسمي من الضرار يعمل ليحقق للفتاة من خلل‬
‫ممارسة النشاط الرياضي الحد الدنى ‪ -‬على القل ‪ -‬من الصحة البدنية‪ ،‬من حيث‪:‬‬
‫اعتدال القامة‪ ،‬وجودة البنْية‪ ،‬وارتفاع القدرة على المقاومة العضلية‪ ،‬وكفاءة أداء‬
‫الجهزة الجسمية‪ ،‬إلى جانب السلمة من المراض والعاهات المعطّلة عن القيام‬
‫بالواجبات‪ ،‬مع القدرة الفائقة على استفراغ مواد الجسم الزائدة واستهلكها‪،‬‬
‫فيتحقق من مجموع هذه الهداف الصحية ‪:‬مصلحة الفتاة الجسمية‪ ،‬التي من أجلها‬
‫‪ -‬في أصل المر ‪ -‬أقيمت أنشطتهن الرياضية‪ ،‬إل أن هذه الهداف الصحية للنشطة‬
‫الرياضية ل تتحقق للفتاة بكمالها إل بشرطين مهمين ‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬اكتمال ظروف الممارسة الرياضية‪ ،‬من حيث ‪ :‬الستمرار دون‬
‫انقطاع طويل ضمن أزمنة منتظمة ومتقاربة‪ ،‬مع أهمية التدرج الحركي من الخف‬
‫إلى الشد‪ ،‬واعتدال حال المعدة من حيث المتلء والختلء‪ ،‬إلى جانب ضرورة‬
‫مراعاة حالت التعب والرهاق الجسمي التي عادة ما تصيب الفتاة النامية في سن‬
‫البلوغ‪.‬‬
‫الشرط الثاني‪ :‬صحة الوسيلة الرياضية‪ ،‬من حيث حسن اختيار اللعبة‬
‫الرياضية النافعة‪ ،‬فإن وسائل النشطة الرياضية تنقسم إلى نوعين ‪:‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫النوع الول‪ :‬ألعاب رياضية‪ ،‬وتشمل كل لعبة مشروعة تخدم ‪ -‬بصورة من‬
‫الصور ‪ -‬الهداف العامة لتربية الفتاة الصحية‪.‬‬
‫النوع الثاني‪ :‬ألعاب مخاطرة‪ ،‬أو ما يُسمى بألعاب‪" :‬مغازلة الموت"‪ ،‬وتشمل‬
‫كل لعبة عنيفة تحمل جانباً من المخاطرة بصحة الفتاة الجسمية‪ ،‬أو تُعيقها ‪-‬‬
‫بصورة مباشرة أو غير مباشرة ‪ -‬عن أداء وظيفتها تجاه خدمة النوع النساني‪،‬‬
‫ورعاية النسل؛ فإن مجرّد الوثبة الشديدة يمكن أن تذهب ببكارة الفتاة العفيفة‪ ،‬فتقع‬
‫في حرج اجتماعي‪ ،‬وضرر صحي‪ ،‬كما أن الحركة العنيفة يمكن أن تخل بانتظام‬
‫الدورة الشهرية‪ ،‬وكميات سيلن الدماء الطبيعية‪ ،‬فضلً عن أن الحركة العنيفة‬
‫يمكن أن تسقط حملها من بطنها‪.‬‬
‫ورغم وضوح هذه المبادئ من الجهة النظرية ‪ :‬فإن الواقع العالمي المعاصر‬
‫يشهد خوض كثير من النساء والفتيات في أعنف وأغلظ أنواع ألعاب المخاطرة‬
‫جميعها دون استثناء‪ ،‬بما فيها ‪ :‬الملكمة الوحشية‪ ،‬ومصارعة الثيران‪ ،‬وترويض‬
‫حسْن التحليق بالطائرات لم‬
‫الوحوش؛ بل وحتى المسابقة بالسيارات‪ ،‬والتنافس في ُ‬
‫يكن بعيداً عن طموح كثير من الفتيات‪ ،‬وحتى من المسلمات؛ مما يهدد صحتهن‬
‫العامة بالضرر‪ ،‬ويعرّضهن للخفاق في مسؤولياتهن الفطرية والجتماعية المنوطة‬
‫بأمثالهن من الناث‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن القانون الوضعي يمنع من قصد إيذاء الخصم في غالب‬
‫اللعاب الرياضية التنافسية؛ فإنه ‪ -‬مع ذلك ‪ -‬يسمح بإيقاع الذى بالخصم في بعض‬
‫اللعاب كالمصارعة والملكمة‪ ،‬ويمنع من طلب القصاص بين اللعبين رغم قصد‬
‫اليذاء‪ ،‬وهذا لشك ممنوع شرعاً؛ إذ إن حفظ النفس من الضرر مقصد أسمى من‬
‫مقاصد الشريعة السلمية‪.‬‬

‫ـ تحذير الفتيات من التنافس الرياضي ‪25‬‬

‫تتسم الحياة الحديثة بقدر كبير من التوتر‪ ،‬الذي أصبح سمة تكاد تكون عامة‬
‫في حياة النسان المعاصر‪ ،‬تزيد من قلقه‪ ،‬وتنوّع من أشكال اضطراباته‪ ،‬مما يؤدي‬
‫‪ -‬في كثير من الحيان ‪ -‬إلى اختلل اتزانه النفسي‪ ،‬وإصابته بالمراض العصبية‬
‫التي تحتاج إلى علج‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫وهذا الواقع ‪ -‬بالضرورة ‪ -‬يتطلب إزالة كل ما يمكن أن يكون سبباً في إرهاق‬


‫النسان النفسي‪ ،‬وتوتره العصبي‪ ،‬مع السعي في تخفيف معاناته اليومية بما يحقق‬
‫له الستقرار النفسي‪ ،‬واتزان الشخصية‪ ،‬لسيما بالنسبة للناث لمزيد حاجتهن إلى‬
‫الستقرار والتزان؛ وذلك لطبيعة بنائهن النفسي‪ ،‬ونوع مهماتهن الفطرية‬
‫والسرية والجتماعية المناطة بهن‪.‬‬
‫ويأتي هذا الضابط ليسهم في حماية الفتيات من أسباب التوتر النفسي‬
‫المصاحب عادة للنشطة الرياضية التنافسية‪ ،‬بحيث تتحقق للفتاة الممارسة‬
‫للرياضية البدنية‪ :‬السلمة من الثارة العاطفية الحادة‪ ،‬والنفعالت السلوكية‬
‫الشديدة‪ ،‬وتبلغ ‪ -‬من خلل نشاطها الحركي– درجة الستقرار والسكون النفسي‬
‫والعصبي‪ ،‬الذي يُعتبر الهدف السمى من وراء إقامة النشطة الرياضية‪.‬‬
‫وهذا الهدف النفسي النبيل ل يتحقق للفتاة على الوجه المطلوب إل من خلل‬
‫إلغاء النشاطات الرياضية التنافسية‪ ،‬وإحياء الرياضات التعاونية والفردية؛ فإن من‬
‫المسلّم به رياضي ًا ‪ :‬أن الطاقة النفعالية الحادة هي مادة اللعاب التنافسية الولى‪،‬‬
‫ووقودها الرئيس؛ فالتوتر العصبي‪ ،‬والنفعالت النفسية الشديدة‪ ،‬اليجابية منها‬
‫والسلبية ‪ :‬كالخوف‪ ،‬والقلق‪ ،‬والغضب‪ ،‬والحباط‪ ،‬والفرح‪ ،‬والسرور‪ ،‬والبهجة ‪ :‬ل‬
‫تكاد تنفك ‪ -‬في مجموعها ‪ -‬عن خبرة وتجربة الفتاة الرياضية المُتنافسة‪ ،‬خاصة‬
‫في هذا العصر الذي خاضت فيه الفتيات بصورة واسعة ميادين التنافس الرياضي؛‬
‫بل إن مجرد مشاهدة المباريات الرياضية العدوانية التنافسية تزيد من حدة العدوان‬
‫عند المشاهدين‪ ،‬فكيف تكون الحالة النفسية عند الممارسين لها ؟‪.‬‬
‫وموقف الملطفة من رسول ال صلى ال عليه وسلم مع السيدة عائشة رضي‬
‫ال عنها حين سابقها مرتين ‪ :‬ل يخوّل الفتيات خوض التجربة التنافسية بكل ما‬
‫تحويه من شدة النفعالت‪ ،‬والحدّة والمغالبة‪ ،‬وما يترتب على ذلك من تكوين الفرق‬
‫الرياضية‪ ،‬والمشاركة في المنافسات المحلية والدولية‪ ،‬التي قد يشترك فيها الرجال‬
‫بالتدريب‪ ،‬وتحتاج الفتيات للسفر بغير محرم‪ ،‬وربما الخلوة بالجنبي‪ ،‬وكشف‬
‫العورات‪ ،‬ونحوها من القضايا القائمة في واقع الممارسات الرياضية‪ ،‬والممنوعة‬
‫شرعاً؛ ولهذا يُعتبر فرض الرياضة البدنية في مدارس البنات في بعض الدول‬
‫المحافظة موضوع جدال اجتماعي‪ ،‬خوف ًا من مثل هذه النحرافات السلوكية‬
‫المتوقعة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والفتاة السّوية بطبعها الفطري تميل إلى النشطة الرياضية التي يقلّ فيها الحتكاك‬
‫الجسدي والزدحام‪ ،‬ويشيع فيها التعاون والتلطف‪ ،‬لسيما وأنها أحوج ما تكون‬
‫إلى الستقرار النفسي‪ ،‬والتزان النفعالي لطبيعة الدور الجتماعي الذي يُناط بها‬
‫‪.‬في خدمة النوع النساني من خلل الحمل‪ ،‬ورعاية النسل‬

‫ـ موقف الفتاة المسلمة من ترف الثقافة الرياضة ‪26‬‬

‫تحتل الثقافة الرياضية ومتعلقاتها الفكرية ساحة ضخمة من حديث الناس‬


‫واهتماماتهم المعرفية‪ ،‬وتستهلك قدراً كبيراً من طاقاتهم العقلية والنفسية في‬
‫التشجيع والمتابعة‪ ،‬مما يكون سبباً في مزيد من التوتر الجتماعي‪ ،‬والحماسة‬
‫المفرطة والثارة العاطفية‪ .‬والفتاة المسلمة ليست بمعزلٍ عن التأثر بتفاعلت‬
‫المجتمع من حولها‪ ،‬واهتماماته بالثقافة الرياضية‪ ،‬التي ل تبني القوى‪ ،‬ول تنمي‬
‫الجسم‪ ،‬وهذا من شأنه أنه يستهلك شيئاً من طاقتها النفسية‪ ،‬ويبدد جزءاً من‬
‫اهتماماتها العقلية‪.‬‬
‫ويأتي ضابط سلمة اهتمامات الفتاة الفكرية من ترف الثقافة الرياضية ‪:‬‬
‫بحيث يتجاوز باهتمامات الفتاة الرياضية مجرّد المعرفة العلمية ‪ ,‬والمتابعة الثقافية‬
‫‪ :‬إلى الممارسة الفعلية الجادة‪ ,‬والحركة الواقعية البنّاءَة؛ فعلى الرغم من أهمية‬
‫التربية الرياضية‪ :‬فإن القليل من الشباب من يتمرّس بها‪ ،‬ويداوم عليها‪ ،‬وحتى‬
‫أولئك المتحمّسين منهم للرياضة ‪ :‬ل يتجاوز أحدهم كونه محباً لها‪ ،‬متقناً للتفرّج‬
‫السلبي على أنشطتها‪ ،‬حريصاً على التشجيع والمتابعة‪ ,‬حتى غدت جماهير الرياضة‬
‫السلبية أعداداً كبيرة ل حصر لها‪ ،‬وانحصرت اهتماماتهم في متعلّقات الرياضة ‪:‬‬
‫من التنافس المقيت على الندية الرياضية‪ ،‬والصراع الفكري‪ ،‬والتشجيع المفرط‬
‫الذي قد يصل إلى حدّ الهلك‪ ،‬فحلّ أبطال الرياضة ونجومها كبديل نفسي خادع‬
‫محل المُشاهد السلبي؛ ليحققوا ‪ -‬نيابة عنه ‪-‬النجازات الرياضية التي يحلم بها‬
‫ويتمنّاها‪ ،‬فخرج ‪ -‬بذلك ‪ -‬مفهوم الرياضة عن كونه حركة جسمية هادفة ليُصبح‬
‫فكرًا رياضياً‪ ،‬وعلوماً معرفية‪ ،‬وصراعاً صحفياً‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫إن هذا الهتمام الفكري المفْرط بشؤون الثقافة الرياضية‪ ،‬الذي بعثه‪ -‬في أصل‬
‫المر‪ -‬اليهود‪ ،‬الذين يقفون عادة خلف كل رذيلة وقبيحة‪ ,‬وغذّاه القادة السياسيون‬
‫باهتمامهم ورعايتهم‪ :‬رفع مكانة الجسد النساني إلى مستوى السطورة‪ ،‬ودرجة‬
‫التقديس‪ ،‬حتى أصبح مجالً خصباً للتجار والستثمار‪ ،‬فقامت من أجله المنافسات‬
‫الدولية‪ ،‬والتجمعات الرياضية‪ ،‬والمهرجانات الولمبية‪ ،‬فاختصر بذلك الرياضيون‬
‫مفهوم الرياضة في التفوق الجسدي المُدرّ للمال‪ ،‬وجعلوا بناء الجسم من أجل‬
‫الجسم‪.‬‬
‫إن السلم بنظامه الفريد يحترم النسان‪ ،‬ويجعل من جسده ساحة محرّمة‪،‬‬
‫لكنه‪ -‬مع ذلك‪ -‬ل يسمح بحال‪ ،‬وتحت أي مبرر ‪ :‬أن يُختصر النسان المكرّم‪ ،‬بكيانه‬
‫الشامل‪ ،‬وجوانبه المتعددة في حدود نطاق "الجسديّة"؛ فإن الرياضة البدنية ‪-‬‬
‫مهما كانت متفوقة ‪ -‬تفقد قيمتها التربوية عندما تنحصر كفايتها في ذاتها؛ لن‬
‫الذي يتربى في الحقيقة ليس الجسد فحسب؛ بل هو النسان ككل‪ ،‬فالرياضة في‬
‫التصور السلمي "ليست ضرباً من التسلية الطائشة‪ ،‬وليست هواية مجردة من‬
‫الدوافع الفكرية النبيلة‪ ،‬وليست حرفة للتكسّب ونوال الشهرة الشخصية الخاصة؛‬
‫وإنما هي تكليف منوط بالمسلمين‪ ،‬فيه ما فيه من تنمية الجسم‪ ،‬وإظهار المواهب‪،‬‬
‫وتحقيق السلوى‪ ،‬واكتساب المهارات"‪ ،‬فإذا انحصرت الهداف في مواهب الجسد‬
‫‪ :‬كانت انشغالً بالوسيلة عن الغاية‪.‬‬
‫ومع كون الناث في العموم أقل فئتي المجتمع اهتماماً بالرياضة‪ ،‬ومشاركة‬
‫في أنشطتها ‪ :‬فإن العلقة إيجابية بين البيئة النسائية المحافظة‪ ،‬وبين ضعف‬
‫الهتمام بالثقافة الرياضية؛ فقد ثبت ميداني ًا ‪ :‬أن الفتيات في المملكة العربية‬
‫السعودية ‪ -‬وهي من أكثر البيئات المعاصرة محافظة ‪ -‬أقل فئات المجتمع اهتماماً‬
‫بمتابعة النشطة الرياضية‪ ،‬والتحمّس لخبارها‪ ،‬وقد ثبت ميدانياً أيضاً أن طلب‬
‫الثقافة السلمية‪ ,‬ومرتفعي المعدلت الجامعية هم أقل فئات الشباب توجّه ًا نحو‬
‫نجوم الكرة ‪ ,‬ومتعلقاتها الثقافية‪ ،‬وكأنها إشارة إلى علقة ما ‪ :‬بين مقدار تحرر‬
‫الشباب والفتيات القيمي والخلقي‪ ،‬وبين درجة اهتماماتهم العقلية بترف الثقافة‬
‫الرياضية‪ ،‬ومجالتها الفكرية‪.‬‬
‫ومن هنا فإنه لبد من التفريق بين الهتمام بالرياضة على أنها تقوية للجسد‬
‫للقيام بالواجبات الشرعية والجتماعية‪ ،‬وتحقيق الكفاية والصحة العامة‪ ،‬وبين‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الهتمام بالرياضة لمجرد المتعة الجتماعية‪ ،‬والمعرفة الثقافية التي يترفّع عنها‬
‫الشخص الجاد في العموم‪ ,‬والشخص المسلم على الخصوص‪ ,‬فضلً عن الفتاة‬
‫المسلمة المخدّرة المصونة‪.‬‬

‫ـ موقف التربية السلمية من ممارسة الفتيات للرياضة البدنية ‪27‬‬

‫يمكن من خلل النقاط التالية توضيح الوجهة التربوية السلمية تجاه ممارسة‬
‫الفتيات للرياضة البدنية‪ ،‬وذلك على النحو التي‪:‬‬
‫‪-1‬يستوعب منهج السلم التربوي بتوجيهاته وأحكامه وآدابه كل أنشطة‬
‫النسان في حياته الدنيا‪ ،‬بما في ذلك الرياضية البدنية؛ لهذا فإنه ل يصح لحد–‬
‫ي شأن من شؤون الحياة ‪ -‬ولسيما العامة منها–‬ ‫كائناً من كان ‪ -‬أن ينطلق في أ ّ‬
‫فيختار لنفسه‪ ،‬أو لمته ما شاء‪ ،‬دون الرجوع إلى المصادر الشرعية في كتاب ال‬
‫تعالى‪ ،‬وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وفيما أجمعت عليه المة‪ ،‬ومِن ثمّ‬
‫اللتزام بذلك‪.‬‬
‫‪-2‬الصل في النشطة الرياضية الباحة؛ فإن الكسل ‪ -‬بكل صوره ‪ -‬مكروهٌ‬
‫شرعاً ‪ ,‬إل أن أنواعاً من اللعاب الرياضية‪ ،‬وصوراً من أساليب ممارستها‪،‬‬
‫ومتعلقات أخرى تلحق بذلك ‪ :‬تُخرج هذه الرياضة عن حدّ الباحة إلى الكراهة أو‬
‫التحريم‪ ،‬وهذا بالضرورة يوجب التوصية بأهمية اللتزام الشرعي في اختيار‬
‫اللعاب الرياضية‪ ،‬وأساليب ممارستها‪ ،‬وكل ما يلحق بها‪ ،‬مع أهمية التقيّد بالداب‬
‫الجتماعية والخلقية المرعية بالشرع الحنيف‪ ،‬التي تهدف إلى تحقيق السلمة‬
‫الشاملة للنسان‪.‬‬
‫‪-3‬تحقق الرياضة البدنية للفتيات جملة من الفوائد الصحية العامة‪ ،‬التي تشمل‬
‫النواحي ‪ :‬الجسمية‪ ،‬والنفسية‪ ،‬والعقلية … وذلك حين تُمارس ضمن ضوابط‬
‫السلمة العامة‪ ،‬الكفيلة بإحكام نشاط الفتيات الرياضي ضمن الحدود الشرعية‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫والصحية والخلقية‪ ،‬دون متعلقات الرياضة الحديثة من ‪ :‬المفاسد الخلقية‪،‬‬


‫والضرار الصحية‪ ،‬وترف الثقافة الرياضية‪ ،‬وهذا بالضرورة يتطلب أخذ هذه‬
‫الضوابط في العتبار عند ممارسة الفتيات للرياضة البدنية‪.‬‬
‫‪-4‬تحقق الخدمة المنزلية للفتيات ‪-‬بكل فعالياتها الحركية‪ ،‬واستمراريتها‬
‫اليومية‪ -‬الهداف المنشودة من وضع النشطة الرياضية وألعابها المتنوعة؛ إذ إن‬
‫اللعاب الرياضية بأنواعها المختلفة ليست مقصودة لذاتها‪ ،‬وإنما المقصود هو‬
‫النشاط الحركي المستمر‪ ،‬مما يتطلب التأكيد على أهمية الخدمة المنزلية للفتيات في‬
‫تحقيق الصحة الجسمية‪ ،‬مع ما فيها من فضيلة القيام بالمسؤولية السرية‪،‬‬
‫ورعاية العائلة‪.‬‬
‫‪-5‬ارتبطت غالب ممارسات الفتيات المعاصرات للرياضة البدنية في الحياة‬
‫العامة بصور وأساليب ومواقف ل تتوافق مع المبادئ التربوية السلمية‪ ،‬ول‬
‫تتماشى مع قيمها وآدابها‪ ،‬وهذا يُوجب على الفتاة المسلمة الكتفاء بالممارسة‬
‫الرياضية والحركية داخل منزلها‪ ،‬أو ضمن ساحاته المفتوحة المأمونة؛ فإن حصول‬
‫الفائدة من الممارسة الرياضية البدنية ل يفتقر إلى الساحات الكبيرة‪ ،‬ول إلى‬
‫الدوات الرياضية المعقدة‪ ،‬بقدر ما يفتقر إلى الحركة الجسمية والعضلية في حدّ‬
‫ذاتها‪ ،‬بل إن الدّلك والدهن والتمريخ كل ذلك يدخل ضمن مفهوم الرياضة البدنية‬
‫المفيدة‪.‬‬
‫‪-6‬يُحجم كثير من الفتيات المسلمات عن المشاركة في النشطة الرياضية في‬
‫المؤسسات التعليمية‪ ،‬ويفضّلن ممارستها داخل المنزل مع أفراد السرة؛ وذلك‬
‫يرجع إلى خوفهن من احتمال النكشاف أمام الرجال الجانب‪ ،‬ولسيما في‬
‫المجتمعات التي ل تراعي خصوصيات الناث الجسدية‪ ،‬وأحكام الحجاب الشرعي‪،‬‬
‫لذا تجدر التوصية باكتفاء الفتيات بالممارسة الرياضية المنزلية المستمرة بهدف‬
‫السلمة الخلقية؛ فإن ستر العورة بالنسبة للنثى ‪ -‬بصورة خاصة ‪ -‬مطلب شرعي‬
‫مُحكم‪،‬ل يجوز التنازل عنه‪ ،‬أو تعريضه للختلل لمجرد مطلب كمالي ل يصل حدّ‬
‫الحاجة عادة‪ ،‬فضلً عن أن يصل درجة الضرورة‪ ،‬التي تباح عندها المحظورات‪.‬‬
‫‪-7‬جاءت الشريعة السلمية بالتفريق الواضح بين معالم الذكورة ومعالم‬
‫النوثة في جميع صور الممارسات والسلوكيات؛ ليبقى لكل جنس طبيعته المغايرة‬
‫للجنس الخر‪ ،‬فيحصل من ذلك التكامل بينهما‪ ،‬ويتهيئ كلٌ لما خُلق له‪ ،‬إل أن واقع‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الممارسات الرياضية الحديثة‪ ،‬وأهدافها القتصادية والتجارية‪ ،‬ووسائلها التنافسية‬


‫‪ :‬تُغري إلى مزيد من العطاء الجسمي المصبوغ بشيء من العنف‪ ،‬وتدفع إلى ألعاب‬
‫رياضية خطرة ومهلكة‪ ،‬ل تحقق الغاية الصحية المنشودة من ممارستها‪ ،‬ول‬
‫تناسب طبيعة الناث؛ لكونها تصبغ أجسادهن بالطابع الذكوري‪ ،‬مما يعطّلهن عن‬
‫أداء واجباتهن الطبيعية والفطرية والجتماعية المناطة بهن‪ ،‬ولشك أن هذا الوضع‬
‫للممارسات الرياضية النسائية ل يتوافق مع نظام السلم التربوي‪ ,‬الذي يؤكّد على‬
‫ضرورة السلمة الشاملة من جميع النحرافات‪ ،‬مما يوجب التوصية بضرورة‬
‫تناسب النشاط الرياضي مع طبيعة الناث الفطرية والجتماعية‪ ،‬مع ضمان حفظ‬
‫معالم أنوثتهن من الضمحلل‪ ،‬وهذا ل يحصل بكماله إل حين تُلغى أنشطة الفتيات‬
‫الرياضية التنافسية‪ ،‬وتستبدل بالنشطة الرياضية التعاونية والفردية‪.‬‬
‫‪-8‬يغلب على النشطة الرياضية وألعابها سمة التوتر والثارة والنفعال؛ لما‬
‫فيها من طابع التنافس والعدوانية والمغالبة‪ ،‬التي تُعد الوقود الرئيس لغالب اللعاب‬
‫الرياضية‪ ،‬وهذا الوصف يتعارض بصورة كاملة مع طبيعة الدور الجتماعي‬
‫والفطري المناط بالفتيات في خدمة النوع من خلل الحمل‪ ،‬ورعاية النسل‪ ،‬ومن‬
‫هنا تجب التوصية باعتماد النشطة البدنية التي يقل فيها الحتكاك الجسدي‬
‫والزدحام‪ ،‬ويشيع فيها التعاون والتلطف والسلم‪ ،‬لمناسبتها لطبيعة الناث‬
‫وأدوارهن الفطرية‪ ,‬ومسؤولياتهن الجتماعية‪.‬‬
‫‪-9‬تتسم كثير من النشطة الرياضية المعاصرة بالمخاطرة‪ ،‬ويشيع في كثير‬
‫منها درجة عالية من العنف والقسوة والوحشية‪ ،‬التي كثيراً ما تكون سبباً في‬
‫هلك النسان‪ ،‬أو إعاقته الجسدية‪ ،‬وهذا يتعارض بصورة صارخة من الوجهة‬
‫التربوية السلمية‪ ،‬التي تعتبر حفظ النفس وسلمتها من الضرر مقصداً من‬
‫مقاصدها‪ ،‬فل تُجيز للشخص ‪ -‬تحت أي مبرر ‪ -‬أن يضر بجسده‪ ،‬أو يعطّله عن‬
‫القيام بواجباته الشرعية المناطة به‪ ،‬وهذا يتأكد بصورة أبلغ في حق الناث لطبيعة‬
‫المهمات المنوطة بهن‪ ,‬ومسؤولية الحمل والنجاب‪ ،‬التي تتعارض تمام ًا مع حركة‬
‫العنف والقسوة والمخاطرة التي تتسم بها كثير من اللعاب الرياضية المعاصرة؛ لذا‬
‫تجدر التوصية بضرورة امتناع الفتيات عن النشطة واللعاب الرياضية التي تحمل‬
‫في طبيعتها سمة العنف أو الوحشية أو المخاطرة‪ ،‬والبقاء على الممارسات‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الرياضية اللطيفة التي ل تتعارض مع أدوارهن الفطرية والجتماعية‪ ،‬وتحقق لهن‬


‫قدراً من السلمة الصحية‪.‬‬
‫‪-10‬ينتشر بين غالب أفراد المجتمع السلبية تجاه الممارسة الحركية‬
‫والرياضية‪ ،‬مقابل درجة عالية من المتابعة الثقافية والفكرية للنشطة الرياضية‬
‫التنافسية؛ بحيث ينحصر نشاط كثير من الناس ضمن حدّ المتابعة‪ ،‬والتنافس‬
‫المقيت‪ ،‬والتشجيع المفرط‪ ،‬مما حدا بكثير من التجار والمستثمرين القتصاديين‬
‫لستغلل هذا الوضع الجتماعي العالمي في مزيد من الستهلك وتنمية الثروات‪،‬‬
‫حتى ارتفعت مكانة الجسد القوي والجميل إلى حدّ التقديس؛ لما يحققه من خلل ‪:‬‬
‫التنافس‪ ،‬والثارة‪ ،‬والمخاطرة‪ ،‬والجمال من العائدات المالية الكبيرة‪ ،‬والسلم‬
‫بمنهجه التربوي ل يرضى بتقديس الجسد‪ ،‬ورفع مكانته فوق المبادئ والقيم‬
‫الروحية‪ ،‬ول يوافق على بناء الجسد من أجل الجسد‪ ،‬وإنما بناء الجسد بهدف‬
‫تحقيق العبودية ل تعالى‪ ،‬من خلل عمارة الراضي‪ ،‬والقيام بالمسؤوليات العبادية‬
‫والجتماعية والقتصادية المناطة بالفرد والجماعة‪ ،‬ومن هنا لبد من التوصية‬
‫بأهمية الممارسة الرياضية الواقعية ضمن ضوابط السلمة التربوية بما يناسب كل‬
‫جنس‪ ,‬ويحقق سلمة الفتيات الصحية‪ ،‬دون اللتفات إلى المتعلقات الرياضية من‬
‫صور التنافس‪ ،‬والمتابعة‪ ،‬والتشجيع‪ ،‬بما يضمن سلمة اهتمامات الفتيات من‬
‫ترف الثقافة الرياضية‪ ،‬ومتعلقاتها الفكرية‪.‬‬

‫ـ مفهوم جديد لرياضة الفتيات البدنية ‪28‬‬

‫تتجلى فوائد ممارسة الرياضة البدنية السّوية في انعكاساتها اليجابية المتعددة‬


‫على معظم جوانب الصحة النسانية‪ ،‬فمع كونها ترتبط إيجابي ًا وبصورة جوهرية‬
‫بنواحي الصحة العقلية‪ ،‬ولها دورها الفعّال في مجال الصحة النفسية‪:‬فإن أثرها‬
‫المتميّز في الصحة الجسمية أجلّ من أن يُحصر‪ ،‬حيث تشمل فوائدها الصحية‬
‫الفائقة كل جوانب وأجزاء كيان النسان الجسمي‪ ،‬ووظائفه الحركية العامة‪.‬‬
‫والرياضة البدنية ‪ -‬مع كل هذا ‪ -‬وسيلة الفتاة الفعّالة لجمال الجسم‪ ،‬وحسن‬
‫جلّ‬
‫القوام‪ ،‬ونضارة الشباب‪ ،‬خاصة في هذا العصر الذي قامت فيه اللة الصناعية ب ُ‬
‫مهام النسان العضلية‪ ،‬مما أعطى للممارسات الرياضية البدنية دوراً مهماً في‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫التعويض الصحي عما أتلفته اللة من قوى النسان البدنية‪ ،‬فقد كانت مهام النساء‬
‫المنزلية بكل ما تحويه من النفعال الحركي‪ ،‬والجهد العضلي‪ ،‬والنشاط الجسمي‬
‫العام غير المقصود ‪ :‬كافيًا ‪ -‬في مجمله ‪ -‬لكسابهن الهداف الصحية المنشودة من‬
‫وراء ممارسة الفتيات المعاصرات للرياضة البدنية المقصودة‪ ،‬فإن الرياضة البدنية‬
‫ليست هدفاً في حدّ ذاتها‪ ،‬واللعاب الرياضية المختلفة ليست هي عين الرياضة‬
‫البدنية ‪ -‬وإن كانت في العموم داخلة فيها ‪ -‬لن مفهوم الرياضة أوسع من ذلك‬
‫وأكبر‪ .‬كما أن هذه اللعاب ليست مقصودة في ذاتها؛ بل هي وسائل للتربية البدنية‪،‬‬
‫وإنما المستهدف من كل هذه الممارسات هو النشاط الحركي ذاته؛ فإن الرياضة‬
‫تعني الحركة والتعب‪" ،‬وليس التدريب والمنافسة ضروريين في اللعاب الرياضية‬
‫كما هو الشأن في ألعاب القوى"‪ ،‬التي تتطلب التدريب المستمر‪ ،‬والممارسة‬
‫المنتظمة‪ ،‬بهدف المنافسة الفردية والجماعية‪.‬‬
‫وبناء على هذا الفهم ‪ :‬فإن كل نشاط حركي سوي معتدل ‪ -‬مقصوداً كان أو‬
‫غير مقصود‪ ،‬ضمن لعبة مباحة أو بدونها ‪ -‬فإنه في العموم نشاط رياضي‪ ،‬يخدم‬
‫الصحة الجسمية‪ ،‬ويُؤثر فيها إيجابياً‪ ،‬ويدخل في هذا حركة المرأة في بيتها‪،‬‬
‫وخدمتها زوجَها وولدها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن مبدأ الممارسة الحركية للفتيات بضوابطها الشرعية أدا ٌء‬
‫ك مكروه‪:‬فإن‬ ‫مشروع في التصور السلمي‪،‬وأن الكسل بكل مظاهره الجسمية سلو ٌ‬
‫هناك جمعاً من الضوابط الشرعية المهمة التي تحتاجها الفتاة لممارسة اللعاب‬
‫الرياضية بصورة خاصة‪ ،‬والنشطة الحركية بصورة عامة حتى تُحقق هذه‬
‫الرياضات البدنية الهدف المنشود من وراء ممارستها‪ ,‬ول سيما في هذا العصر‬
‫الذي انفتحت فيه الفتيات على النشطة الرياضية بصورة لم يسبق لها مثيل في‬
‫التاريخ‪ ،‬حتى إنه من الصعوبة بمكان إيجاد نوع من الرياضة ‪ -‬أيّا كانت ‪ -‬ليس‬
‫للناث فيها حضور وبروز مشهود‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫قسم جوانب التربية‬


‫المقالت التربوية – التربية الجسمية‬

‫ـ التربية الصحية العامة ‪1‬‬


‫المقصود من التربية الصحية ‪ :‬وضع الخبرات الصحية المتعددة في أنماط‬
‫وقوالب سلوكية‪ ،‬بهدف التأثير اليجابي على أفراد المجتمع والرفع من مستواهم‬
‫في عاداتهم واتجاهاتهم ومعارفهم‪ ،‬مع توفير الخدمات الصحية الوقائية والعلجية‬
‫اللزمة للجميع‪ ،‬بحيث يستمتع كل فرد ‪ -‬ذكراً كان أو أنثى ‪ -‬بحقه من الصحة‬
‫العامة الشاملة للكيان النساني بجوانبه المختلفة‪ ،‬فإن " مفهوم الصحة في السلم‬
‫ل يقتصر على الصحة الجسمية … بل يشمل الصحة الجسمية والنفسية والعقلية‬
‫أيضاً "‪ ،‬فالنمو النساني يستوعب كل نواحي الشخصية بأبعادها المختلفة‪ ،‬فالفرد‬
‫ل يتحرك في الحياة‪ ،‬وتفاعلتها مجزّأ؛ إنما يتحرك بكليته‪ ،‬والخطاب القرآني‬
‫واضح في تعامله مع الفرد ككيان إنساني متكامل‪ ،‬حيث يُمثّل البعد النفسي عند‬
‫النسان أشرف وأغرب جانب في طبيعته المتميّزة عن طبيعتي الحيوان والنبات‪،‬‬
‫فرغم اليقين بوجود النفس كجزء رئيس في الكيان النساني‪ ،‬وثبات طبيعتها‬
‫الفطرية‪ ،‬فإنها مع ذلك أكثر جوانب النسان غموضاً‪ ،‬وأعظمها خفاء‪ .‬ومذهب‬
‫ي ينفذ في جوهر‬ ‫الجمهور في حقيقتها أنها ‪ " :‬جسم نوراني علوي خفيف‪ ،‬ح ّ‬
‫العضاء‪ ،‬ويسري فيها سريان الماء في الورد‪ ،‬والنار في الفحم "‪ ،‬فهي جوهر‬
‫روحاني لطيف قائم بنفسه‪ ،‬وهي مع ذلك مخلوقة من مخلوقات ال تعالى‪ ،‬تموت‬
‫وتفنى كغيرها من المخلوقات‪ ،‬فهي ليست عنصراً إلهياً في طبيعة النسان كما يظن‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫بعضهم‪ ،‬وصحتها تكمن في توافقها التام والمتكامل " مع وظائفها المختلفة‪ ،‬مع‬
‫القدرة على مواجهة الزمات العادية التي تطرأ عادة على النسان‪ ،‬مع الحساس‬
‫اليجابي بالسعادة والكفاية "‪.‬‬
‫وأما البعد الجسمي الذي يمثل الساس الثاني في هذا الكتاب فهو أوضح‬
‫جوانب النسان ظهوراً‪ ،‬وأبلغها بروزاً في الطبيعة النسانية؛ لكونه مادي الصل‬
‫والنشأة والتكوين‪ ،‬حيث تعود طبيعته المادية إلى عناصر الرض ومكوناتها‪ ،‬حتى‬
‫إن الفلسفة الماديين لفرط استفحال نشوز الطبيعة المادية في الكيان النساني ظنّوا‬
‫أن النسان ل يعدو أن يكون ظاهرة مادية كيميائية‪ ،‬حتى " إن العلوم الجتماعية‬
‫الحديثة تبدو وكأنها قد عقدت العزم‪ ،‬وجمعت الهمة على أن ل ترى في النسان إل‬
‫كيانه المادي … وأن تعتبر أن النسان ل يمثل إل امتدادًا تطورياً لعالم الحيوان‪،‬‬
‫مما دفع بعضهم في منتصف القرن التاسع عشر الميلدي نحو استخدام قواعد‬
‫المنهج العلمي للعلوم التطبيقية على العلوم الجتماعية‪ ،‬في حين " يتفق الباحثون‬
‫على أن التقدم في العلوم النسانية ل يمكن قياسه بالمعايير نفسها التي تطبق على‬
‫العلوم الطبيعية "‪ ،‬كما أن البعد الجسمي بكل مظاهره البارزة المحسوسة ل يعدو‬
‫أن يكون جانباً من جوانب الطبيعة النسانية المتعددة البعاد‪ ،‬وليس هو الجانب‬
‫الوحيد في بناء الشخصية النسانية‪ ،‬وصحته المنشودة تكمن في ‪ " :‬توافقه التام‬
‫بين وظائفه المختلفة‪ ،‬مع القدرة على مواجهة الصعوبات العادية المحيطة به‪،‬‬
‫والحساس اليجابي بالنشاط والقوة والحيوية "‪ ،‬والهدف من تربيته ورعايته ‪" :‬‬
‫الوصول بالفرد إلى الكمال الجسماني‪ ،‬بحيث يكون خالياً من المراض والعاهات‪،‬‬
‫وفي حالة يكتمل فيها الشعور بالكفاية البدنية‪ ،‬مع رصيد من الصحة يمكّنه من‬
‫التغلب على المرض إذا ما انتابه‪ ،‬وأن يكون لديه القدرة على استخدام أجهزة‬
‫الجسم استخداماً يوفر من طاقتها‪ ،‬ويزيد من مهارتها "‪.‬‬
‫وأما البعد الجنسي‪ ،‬فمع كونه أدنى البعاد النسانية شرفاً‪ ،‬ودونها مكانة إل‬
‫أنه من أشدها عنفاً وعدوانية‪ ،‬وأكثرها تأثيراً في الكيان النسان الكلي‪ ،‬إلى جانب‬
‫أنه من أعظم الظواهر الساسية والمحورية في حياة الفراد والشعوب‪ ،‬ومن‬
‫أكثرها إزعاجاً للمجتمع‪ ،‬ومن أبلغها فتنة وإضللً‪ ،‬خاصة عند النثى البالغة‪ ،‬حتى‬
‫إن البعض جعله مقياساً لصدق الخلق‪ ،‬وسلمة السلوك؛ ولهذا عقد الغرب عدة‬
‫مؤتمرات خلل منتصف القرن العشرين الميلدي يؤكدون فيها على ضرورة رعاية‬
‫القيم السرية‪ ،‬ومحاربة النحرافات الخلقية‪ ،‬وتضييق فرص الممارسات الجنسية‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫المنحرفة‪ ،‬مع ضرورة التحفظ في القضايا الجنسية‪ ،‬وهذا يدل على خطر هذا‬
‫الجانب من كيان النسان‪ ،‬والحاجة الملحة للتربية الجنسية ضمن المفهوم‬
‫السلمي‪.‬‬
‫وأما الصحة الجنسية فتكمن في حصول درجة الشباع والكفاية المشروعة‬
‫الواقية من الوقوع في النحراف المُوجب للحد أو التعزير‪ ،‬وأما الهدف من السلوك‬
‫الجنسي فخدمة النوع النساني من خلل التناسل والتكاثر‪.‬‬

‫إن صحة هذه البعاد‪ ،‬وسلمة نموها‪ ،‬واستمرار أدائها الحيوي مع باقي جوانب‬
‫الكيان النساني ضمن منهج التربية السلمية هي القاعدة الكبرى في مجال التربية‬
‫الصحية للناشئ المسلم‪ ،‬وما لم تنضبط هذه البعاد‪ ،‬وتتوازن نزعاتها ضمن‬
‫التصور السلمي المحكم‪ ،‬فإن الفراغ النفسي‪ ،‬والستفحال المادي‪ ،‬والنحراف‬
‫الخلقي‪ ،‬بما تحمله من صنوف المعاناة هو مصيرالنسان المحتوم‪ ،‬ومن ثم مصير‬
‫‪.‬المجتمع كله‬

‫ـ العناية بصحة النسان الجسمية ‪2‬‬

‫من أصول الشريعة وضرورياتها المحافظة على ذات النسان روحاً وجسداً؛‬
‫لن الجسد مرْكَبٌ لقوى النسان الباطنة‪ ،‬فل يصح لحد أن يتعدى على نفسه‬
‫بالضرر‪ ،‬وحتى من صاحبها نفسه؛ فقد قال الرسول صلى ال عليه وسلم ‪…(( :‬‬
‫لجسدك عليك حقًا ))‪ ،‬وقد ثبت يقيناً أن هناك علقة قوية بين صحة الجسد من‬
‫جهة‪ ،‬وبين العمليات العقلية المختلفة من جهة أخرى‪ ،‬فقد قال الحكماء ‪ " :‬الخلق‬
‫المعتدل‪ ،‬والبُنية المتناسبة ‪ :‬دليل على قوة العقل‪ ،‬وجودة الفطنة "‪ ،‬فالحاجات‬
‫العليا في النسان ممثلة في مختلف العمليات العقلية ل يمكن أن تعبّرعن نفسها‬
‫بصورة صحيحة متكاملة ما لم تُشبع أولويات حاجات النسان الجسدية الساسية‪،‬‬
‫كما أن للنشاط العقلي المُفْرط قوة تأثيرية يمكن أن تضرّ بالجسد الضعيف‪ ،‬وتفتك‬
‫به‪.‬‬
‫إن أعظم قوى البدن أهمية لتنمية مواهب النسان العقلية هي الحواس؛ لنها‬
‫وسائل المعرفة‪ ،‬ومعبرها الوحيد إلى العقل‪ ،‬فإن التفكير يعتمد على مصدرين‬
‫للمعرفة‪ ،‬الول ‪ :‬غيبي مصدره الوحي‪ ،‬والثاني ‪ :‬مُشاهد معْبره الحواس‪ ،‬فالعقل ل‬
‫يولّد المعارف من عنده؛ إنما يستمد من العالم المحيط به بواسطة الحواس المادة‬
‫العلمية التي تقوم عليها معرفته العقلية‪ ،‬وتفاعلته الذهنية‪ ،‬فالحواس روافد العقل‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫من المعرفة‪ ،‬فإن عجزت أو ضعفت عن ذلك‪ ،‬قلّت بقدر ضعفها وعجزها معارف‬
‫النسان وعلومه‪.‬‬
‫ومن هنا تظهر أهمية الرعاية الصحية العامة لقوى النسان الجسمية‪،‬‬
‫والرعاية الصحية الخاصة لقوى الحواس ‪ :‬السمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬واللمس‪ ،‬والذوق‪،‬‬
‫والشم؛ لكونها روافد معرفة النسان لعالم الشهادة‪ ،‬وبالتالي هي وسيلته لنمو‬
‫مواهبه العقلية‪ ،‬وازدهار ملكاته الذهنية التي خصّه ال تعالى بها‪.‬‬

‫ـ أهمية الصحة الجسمية للقيام بالتكاليف الشرعية ‪3‬‬

‫يحترم التصور السلمي بدن النسان‪ ،‬فل يعتبره شرًا ول منبوذاً ول محتقراً‪،‬‬
‫فهو " وعاء الطاقة الحيوية العاملة النشيطة التي تُعمّر الرض‪ ،‬وتستخرج‬
‫كنوزها‪ ،‬وتستغل طاقاتها "‪ ،‬وعلوة على ذلك فإن الجسم ‪َ :‬مرْكَب كيان النسان‬
‫الكلي‪ ،‬ووسيلته المهمة للقيام بأعباء التكاليف الشرعية من العبادات‪ ،‬والمعاملت‬
‫ونحوهما‪ ،‬فصلحه ‪ :‬صلح للدين‪ ،‬كما أن فساده‪ :‬فساد للدين؛ فالصلة ‪-‬‬
‫كمسؤولية عبادية مستمرة ومتتابعة ل تنفك عن المكلّف ‪ -‬رغم أنها روحية الطابع‬
‫إل أنها مفتقرة إلى الجسد في الطهارة والحركة‪ ،‬وإلى العقل في التركيز والتمعّن‪،‬‬
‫وإلى القلب في النية والمقصد‪ ،‬فهي رغم طابعها الروحي المستتر فإنها ‪ -‬مع ذلك ‪-‬‬
‫تستوعب في الوقت الواحد‪ ،‬في كل لحظات أدائها جميع كيان النسان بأبعاده‬
‫المختلفة‪ ،‬بحيث تختل هذه العبادة‪ ،‬أو ينقص فضلها بقدر اختلل أحد هذه البعاد‬
‫النسانية‪ ،‬أو غيابه‪.‬‬
‫وكذلك الصيام الذي يستهلك من المكلّف عصارة قواه البدنية والشهوانية‪،‬‬
‫والحج والعمرة اللذان عدّهما رسول ال ميداني جهاد النساء البدني‪ ،‬كل هذه‬
‫العبادات ونحوها مفتقرة إلى قوى الجسد السليم‪ ،‬القادر على القيام بأعباء التكاليف‬
‫المفروضة‪ ،‬فل بد أن ينال الشاب ‪ -‬كعضو إنساني مكلّف ‪ -‬نصيبه من الرعاية‬
‫الصحية الجسمية التي تؤهله للقيام بأركان العبادات المفروضة‪ ،‬وتُساعده على‬
‫الستزادة الوافرة من نوافلها المستحبة والمندوبة‪ ،‬وفي هذا تقول التابعيّة الفاضلة‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫حفصة بنت سيرين عن العبادة في زمن الشباب ‪(( :‬يا معشر الشباب خذوا من‬
‫أنفسكم وأنتم شباب‪ ،‬فإني ما رأيت العمل إل في الشباب))‪.‬‬

‫ـ أهمية البيئة الصحية للنمو الجسمي السليم ‪4‬‬

‫إن الشخصية النسانية بكل مقوماتها المادية والمعنوية وجوانبها المتعددة ل‬


‫تزيد على أن تكون نتاجاً لمجموع المؤثرات البيئية ‪ :‬الجتماعية منها‪ ،‬والفيزيقية‪،‬‬
‫وما زالت البيئة المادية بمتغيراتها المختلفة التي تحيط بالنسان‪ ،‬وتحاصره‬
‫بنفوذها من كل جانب ‪ :‬تُؤثر فيه كأبلغ ما يكون‪ ،‬حتى تعمل عملها في صحته‬
‫الجسمية‪ ،‬وسلمته العقلية‪ ،‬وراحته النفسية‪ .‬وحتى الجانب الخلقي الذي يبعُد عن‬
‫الذهن تأثّره بالبيئة الفيزيقية؛ فإن لها في هذا الجانب تأثيرها الفعّال في النسان‬
‫كأشد ما يكون حتى ينطبع بطابعها‪ ،‬ويتصف بصفاتها‪ ،‬وفي الحديث ‪ (( :‬من بدا‬
‫جفا ))‪ ،‬وفي رواية أخرى ‪ (( :‬من سكن البادية جفا ))‪ ،‬يعني غلُظ طبعه‪ ،‬بمعنى‬
‫أنه تأثر ببيئته‪ ،‬وانطبع بطابعها‪.‬‬
‫ولما كان للبيئة المادية هذا التأثير البالغ في كيان النسان ‪ :‬جاءت التوجيهات‬
‫الرّبانية " بحتمية المحافظة عليها‪ ،‬وعدم استنزافها‪ ،‬أو تلويثها‪ ،‬أو سوء التعامل‬
‫معها‪ ،‬بمعنى تحسين العلقات البيئية‪ ،‬والقضاء على مشكلتها‪ ،‬بما في ذلك علقة‬
‫البشر مع الطبيعة … بهدف إيجاد نوعية أفضل للبيئة‪ ،‬وتحسينها‪ ،‬والرتقاء بها‬
‫… في إطار المعايير والتشريعات التي قررها السلم "‪ ،‬حيث حمّل النسان‬
‫المكلّف ‪ -‬ذكراً كان أو أنثى ‪ -‬المسؤولية الخلقية تجاه البيئة العجماء بنوعيها ‪:‬‬
‫الحي والميت‪ ،‬فحدد مجالت الفادة من الثروة الحيوانية‪ ،‬وطرق التعامل معها‪ ،‬بما‬
‫يخدم الصحة النسانية‪ ،‬ووجّه للعناية بالثروة النباتية‪ ،‬فرغّب المحسن في ذلك‬
‫بالثواب‪ ،‬وهدّد المسيء بشديد العقاب‪ ،‬وأحكم طرق الفادة من ثروات الرض‬
‫وكنوزها‪ ،‬وضبط أساليب التعامل مع مواردها المائية‪ ،‬وفجاجها المطروقة‪ ،‬ومواقع‬
‫تجمعات الناس؛ بما يحفظ للبيئة سلمتها‪ ،‬ونقاءها مما يضر بصحة النسان‬
‫الجسمية‪ ،‬وقواه البدنية‪ ،‬حتى اعتبر إماطة الذى عن الطريق من اليمان‪ ،‬واعتبر‬
‫في الجانب الخر مجرّد البصق في المسجد خطيئة‪ .‬وكل ذلك في الوقت الذي لم‬
‫تعرف فيه أوروبا أهمية العناية بصحة البيئة إل في منتصف القرن التاسع عشر‬
‫الميلدي‪ ،‬وفي الوقت الذي لم تعرف فيه البشرية عبر التاريخ تلوّث ًا بيئياً كالذي‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫تعاني منه اليوم‪ ،‬في ظل النظمة السياسية الظالمة‪ ،‬والتجمعات القتصادية‬


‫الجائرة‪ ،‬حيث يعاني الشباب من الجنسين ‪ -‬ضمن معاناة المة العامة ‪ -‬آثار التلوث‬
‫البيئي‪ ،‬خاصة في الدول النامية‪ ،‬ول سيما على النساء رغم الهمية البالغة لسلمة‬
‫النساء الصحية ‪-‬بصورة خاصة‪ -‬للقيام بمهامهن الساسية في الحمل‪ ،‬ورعاية‬
‫النسل‪.‬‬
‫" وعلى الرغم من هذه الضجة التي أثيرت حول تلوث البيئة‪ ،‬وتسارع الدول‬
‫إلى اتخاذ وسائل السلمة‪ ،‬واصطناع سبل المان‪ ،‬إل أن التلوث يزداد يوماً بعد‬
‫يوم‪ ،‬ويكتسح البر والبحر‪ ،‬ويفسد الماء والهواء‪ ،‬ويُهلك الحرث والنسل "‪ ،‬وكل‬
‫ذلك بما اقترفته يد النسان‪ ،‬بسبب جشعه وإهماله‪ ،‬وصدق ال العظيم إذا يقول ‪:‬‬
‫عمِلُوا‬
‫سبَتْ َأيْدِي النّاسِ ِليُذِي َقهُمْ بَعْضَ الّذِي َ‬
‫ح ِر ِبمَا َك َ‬
‫ظ َهرَ الْ َفسَادُ فِي ا ْل َب ّر وَا ْلبَ ْ‬
‫{ َ‬
‫ن } [الروم‪.]41:‬‬ ‫َلعَّلهُ ْم َيرْجِعُو َ‬

‫ـ ظاهرة النوم عند النسان ‪5‬‬

‫الحمد ل الحي القيوم‪ ،‬الذي خلق الليل والنهار‪ ،‬والظلمات والنور‪ ،‬يحي‬
‫ويميت‪ ،‬بيده الخير‪ ،‬وهو على كل شيء قدير‪ ،‬جعل الليل لباساً‪ ،‬والنهار معاشاً‪،‬‬
‫وسخر الشمس والقمر‪ ،‬له الحمد في الولى والخرة‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪،‬‬
‫ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن‬
‫يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأشهد أن محمداً عبده ورسوله‪.‬‬
‫أما بعد…فإن جوانب من طبيعة النسان‪ ،‬وجمعاً من سلوكياته تبقى غامضة‬
‫على الفهم‪ ،‬يصعب التكهّن بحقيقتها‪ ،‬على الرغم من إلف النسان بها‪ ،‬وممارسته‬
‫لها في حياته اليومية؛ فهذه الروح التي يحتضنها بين جنبيه‪ ،‬وهذا العقل الذي يُميّز‬
‫به‪ ،‬وهذه الجهزة المختلفة‪ ،‬والشبكات الدموية والعصبية التي ينهض بها‪ ،‬وهذه‬
‫اللوان المتنوعة من مظاهر السلوك التي يتعاطاها في يومه‪ ،‬فرغم كل أعمال‬
‫الرصد والبحث العلمي تبقى هذه الجوانب والمسالك مستعصية على الكشف العلمي‬
‫الدقيق‪ ،‬الذي يبلغ درجة اليقين في معرفة كنهها‪ ،‬والكشف عن حقيقتها؛ فإن جزءاً‬
‫ضخماً من النسان وسلوكياته ليزال غامضاً حين يقف الباحثون عند حد الوصف‪،‬‬
‫ويبقى كثير من العلل تخمينًا ل يصل إلى حد الجزم القاطع‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ولعل من أعجب مظاهر النسان غموضاً‪ ،‬ومن أشدها غرابة‪ ،‬رغم التصاقها‬
‫وامتزاجها بكيان النسان‪ :‬ظاهرة النوم‪ ،‬فعلى الرغم من أن تجربة النوم يعرفها كل‬
‫الناس‪ ،‬ويخوضون تجربتها كل يوم‪ ،‬ويشاهدونها في بعضهم وفي الدواب من‬
‫حولهم‪ ،‬تبقى هذه الظاهرة غامضة يصعب الجزم بحقيقتها‪.‬‬
‫إن ظاهرة إنسانية تستوعب ثلث عمر النسان‪ ،‬ثم يكتنفها كل هذا الغموض‪:‬‬
‫ن آيَا ِتهِ َمنَامُكُم بِالّل ْيلِ‬
‫لجديرة بالبحث والتنقيب‪ ،‬وصدق ال عز وجلّ إذ يقول‪َ { :‬ومِ ْ‬
‫وَال ّنهَارِ} [الروم‪ ،]23:‬فجعل سبحانه وتعالى النوم آية من آياته الدالة على عظيم‬
‫قدرته‪ ،‬وعجيب صنعه‪.‬‬
‫وقد أشار المولى عز وجل في آيات متفرقة من كتابه الكريم إلى ظاهرة الليل‬
‫والنهار‪ ،‬وما يرتبط بها من النوم واليقظة‪ ،‬والسكون والحركة‪ ،‬فقال سبحانه‬
‫ج َعلَ ال ّنهَا َر ُنشُورًا}‬
‫سبَاتًا وَ َ‬ ‫ج َعلَ لَ ُكمُ الّل ْيلَ ِلبَاسًا وَال ّنوْمَ ُ‬
‫وتعالى‪{ :‬وَ ُهوَ الّذِي َ‬
‫صرًا إِنّ‬‫[الفرقان‪ ،]47:‬وقال أيضاً‪ُ { :‬هوَ الّذِي جَ َعلَ لَكُمُ الّل ْيلَ ِلتَسْ ُكنُواْ فِيهِ وَال ّنهَا َر مُ ْب ِ‬
‫ج َعلَ لَ ُكمُ‬
‫ح َم ِتهِ َ‬
‫فِي ذَِلكَ ليَاتٍ لّ َقوْ ٍم َيسْمَعُونَ} [يونس‪ ،]67:‬وقال أيضاً‪{ :‬وَمِن رّ ْ‬
‫الّل ْيلَ وَال ّنهَارَ ِل َتسْ ُكنُوا فِيهِ وَ ِل َت ْبتَغُوا مِن َفضْ ِل ِه وَلَ َعلّكُ ْم َتشْ ُكرُونَ} [القصص‪،]73:‬‬
‫سبَاتًا* وَجَ َع ْلنَا الّل ْيلَ ِلبَاسًا *‬‫جعَ ْلنَا َن ْومَكُ ْم ُ‬‫وقال في موضع آخر من كتابه العزيز‪{ :‬وَ َ‬
‫وَجَ َع ْلنَا ال ّنهَا َر مَعَاشًا} [النبأ‪.]11:‬‬
‫هذه اليات وغيرها كثير تدل على أن ظاهرة النوم آية من اليات المستحقة‬
‫للتأمل وإمعان النظر‪ ،‬حين خُلق النسان متناسق ًا مع نظام الكون‪ ،‬متوافق ًا مع دورته‬
‫الفلكية‪ ،‬فحاجة الناس إلى النشاط والحركة والنتشار وطلب المعاش التي لبد منها‬
‫لعمارة الرض يلبيها ضوء النهار بإشراق شمسه على الرض‪ ،‬وحاجتهم إلى‬
‫الراحة والهجوع والسكون يلبيها الليل بظلمه العام الذي يغشاهم‪ ،‬فيضرب عليهم‬
‫بالنوم‪ ،‬الذي لبد منه لصلح أبدانهم‪ ،‬وسلمة نفوسهم‪.‬‬
‫والسياق القرآني في حديثه عن النوم ل يتناوله في معرض الحديث عن‬
‫حقيقته‪ ،‬وإنما يتناوله بهدف بيان أهميته للنسان‪ ،‬ووضعه ضمن قوائم النعم التي‬
‫يتفضل ال تعالى بها على عباده‪ ،‬وهذا يشير إلى أن بحث الماهية قد ل يجدي كثيراً‬
‫من النفع بقدر جدوى البحث عن سبل استثمار هذه النعمة‪ ،‬والستفادة من‬
‫تسخيرها في مصلحة النسان؛ فمما ل شك فيه أن النوم ضرورة غريزية ل يستغني‬
‫عنها النسان‪ ،‬وهو ضرورة لصحة البدن‪ ،‬واستقرار النفس‪ ،‬وسلمة التفكير‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فهو حالة نقص تناسب ضعف النسان وحاجته؛ ولهذا تنزه الخالق سبحانه‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫خذُ ُه سِ َن ٌة وَلَ‬
‫حيّ الْ َقيّومُ َل تَأْ ُ‬
‫وتعالى عنه فقال في كتابه العزيز‪{ :‬الّ لَ إِلَـهَ ِإلّ ُهوَ ا ْل َ‬
‫َنوْمٌ‪[ }...‬البقرة‪ ،]255:‬وقال الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬إن ال ل ينام ول‬
‫ينبغي له أن ينام"‪ ،‬ومع ذلك فإن هذه الحالة الفطرية من النقص البشري ل تشين‬
‫النسان في شيء‪ ،‬فإن أهل التقوى في عبادتهم ل تعالى ل يفرقون في طلب الجر‬
‫بين النوم واليقظة؛ إذ يعتبرون نومهم عبادة‪ ،‬كما يعتبرون صلتهم في حال يقظتهم‬
‫عبادة‪ ،‬وفي هذا يقول الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬ما من رجل تكون له ساعة‬
‫من الليل يقومها فينام عنها إل كُتب له أجر صلته‪ ،‬وكان نومه عليه صدق ًة ُتصُدّقَ‬
‫به عليه"‪ ،‬فالمسلم يطلب الجر والثواب على نومه كما يطلب الجر والثواب على‬
‫قيامه في الصلة كما هو حال السلف‪،‬ولهذا جاء التوجيه النبوي للناعس في صلته‬
‫أن يرقد حتى يذهب عنه النوم فل يصلي إل على نشاط‪ ،‬فإن الجر لن يفوته مادام‬
‫قد عقد النية الصالحة‪.‬‬
‫والنسان يتحد مع طوائف الكائنات الحية المختلفة في حاجة الجسام –‬
‫غريزياً‪ -‬إلى النوم‪ ،‬بحيث يتحقق لهذه الكائنات المتنوعة كفايتها من الهجوع‬
‫البدني‪ ،‬في صورة من صور السترخاء المختلفة المعبّر عنها بالنوم؛ لتسترد به‬
‫نشاطها الجسمي من جديد في دورة الحياة‪ ،‬وهو ظاهرة فيزيولوجية غامضة‪ ،‬ل‬
‫تزال حتى اليوم مجهولة الحقيقة رغم المعلومات الكثيرة المرصودة حوله‪ ،‬فل‬
‫يُعرف عنه إل أنه‪" :‬غشْية ثقيلة تهجم على البدن فتبطل عمل الحواس"‪.‬‬
‫والنسان من بين هذه الطوائف الحية يملك ‪ -‬إلى ح ّد كبير‪ -‬إرادته في أسلوب‬
‫إشباع حاجته إلى النوم‪ ،‬من جهة عدد الساعات‪ ،‬ومن جهة تحديد وقته من الليل‬
‫والنهار‪ .‬ومن هذا الباب يدخل الخلل والضطراب على النسان بين الفراط‬
‫والتفريط؛ حيث تفتقر حاجاته الفطرية المختلفة إلى مبدأ العتدال بين الطرفين‬
‫المذمومين في كل مسلك من مسالكه الحياتية المتنوعة‪ .‬ولئن كان النوم الصحي‬
‫مهماً للجنسين فإنه يمثل للناث ضرورة لجمالهن‪ ،‬ونضارة وجوههن‪ ،‬إذ هن‬
‫بالفطرة أحوج إلى الجمال من الذكور‪،‬وقد ثبت أن النساء العاملت – بصورة‬
‫خاصة ‪ -‬هن أكثر فئات المجتمع جهداً‪ ،‬وأقلهن نوماً‪.‬‬
‫وعلى الرغم من كثرة الدراسات والبحاث حول ظاهرة النوم عند الكائنات‬
‫بصورة عامة‪ ،‬وعند النسان بصورة خاصة‪ :‬تبقى هذه الظاهرة الفيزولوجية‬
‫غامضة على الباحثين‪ ،‬مجهولة الحقيقة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ولعل جدوى البحث المثمر تكون أبلغ حين توجه نحو استثمار هذه الظاهرة‬
‫النسانية‪ ،‬والستفادة منها بما يحقق صحة النسان الجسمية والنفسية والعقلية‪،‬‬
‫وذلك حين يلتمس الباحثون العوامل التي تساعد على الفادة من النوم‪ ،‬لسيما وأن‬
‫النسان يقضي ثلث حياته مستغرقاً في نوم عميق أو حالم‪ ،‬فحريّ بالباحثين تقصي‬
‫عوامل النوم الصحي المفيد من جهة‪ :‬المدة‪ ،‬والوقت‪ ،‬والعمق‪ ،‬والهيئة لمساعدة‬
‫النسان – ذكراً كان أو أنثى‪ -‬كيف يستفيد من ساعات نومه‪ ،‬وتحصل له آثار النوم‬
‫الصحي في جسمه وعقله ونفسه‪.‬‬
‫ولقد حفلت التربية السلمية – بمنهجها الرباني الفريد‪ -‬بظاهرة النوم؛ فقد‬
‫تحدث عنها القرآن الكريم‪ ،‬والسنة المطهرة‪ ،‬باعتبارها نعمة من نعم ال تعالى‪،‬‬
‫ووجهت السنة النبوية لنهج الفطرة السوية في التعامل مع هذه الظاهرة‬
‫الفيزيولوجية بما يحقق الصحة العامة‪ ،‬وكمال بناء الشخصية النسانية‪.‬‬

‫ـ المدة المناسبة للنوم الصحي المفيد ‪6‬‬

‫عامل المدة من العوامل المهمة للنوم الصحي‪ ،‬ويُقصد بعامل المدة‪ :‬عدد‬
‫ساعات النوم‪ ،‬بحيث ل تنقص ساعات نوم النسان الطبيعية عن ست ساعات‬
‫يومياً‪ ،‬ول تزيد عن ثمان إل لحاجة‪ ،‬ويعتبر الناث بحكم طبيعة مسؤولياتهن‬
‫الجتماعية المنزلية أقل من الذكور حاجة إلى مزيد من النوم‪ ،‬خاصة وقد ثبت ضرر‬
‫الكثار من النوم على الصحة البدنية والنفسية‪ ،‬في الوقت الذي لُوحظت فيه‬
‫النعكاسات اليجابية المتعددة على شخصيات الفراد المعتدلين في ساعات نومهم؛‬
‫ولهذا قال عبد الملك ابن مروان لمؤدب أولده‪" :‬علّمهم العوْم‪ ،‬وخُذهم بقلّة‬
‫النوم"‪.‬‬
‫وقد لُوحظ أن الفراط في النوم يرجع أحياناً إلى أسباب عضوية تُنهك قوى‬
‫البدن‪ ،‬أو نفسية مؤلمة تُلجئ صاحبها إلى الستغراق في نوبات طويلة من النوم؛‬
‫حتى يستعيد من جديد نشاطه النفسي المنْهك‪ .‬وكثيراً ما يكون سبب الفراط في‬
‫النوم راجعاً إلى الكثار من الطعام قبل النوم؛ فإن هذا المسلك مع كونه ضاراً‬
‫بالبدن‪ :‬فإنه يزيد من ساعات النوم اليومية‪ ،‬فلبد أن يراعي المسلم ذلك من نفسه؛‬
‫فإن نهج العتدال‪ -‬في كل ذلك‪ -‬هو الموصى به في كل جوانب سلوك النسان حتى‬
‫تتحقق لـه المنافع المرجوة من حكمة تركيب الغرائز المختلفة‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫ـ أهمية عامل الوقت للنوم الصحي ‪7‬‬

‫ويقصد بعامل الوقت‪ :‬زمن حصول النوم‪ ،‬بحيث يكون غالب موقع النوم في‬
‫الليل دون النهار؛ لكونه أنفع للبدن‪ ،‬إل أن يكون شيئ ًا يسيراً وقت القيلولة للحاجة‪،‬‬
‫فإن السلف كانوا يكرهون النوم بالنهار‪ ،‬خاصة بين الفجر وشروق الشمس؛ لما‬
‫فيه من المضار الصحية والكسل‪ ،‬وفوات دعوة الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم‪":‬اللهم بارك لمتي في بكورها"‪ ،‬فقد كان هشام بن عبد الملك يقول لولده‪:‬‬
‫"ل تصطبحوا بالنوم؛ فإنه شؤم ونكد"‪.‬‬
‫وتُعد حالت الرق الليلي أشد ما ينغّص على النسان أخذ حقه الكافي من النوم‬
‫في ساعات الليل‪ ،‬فإن الرق من أوسع أنواع اضطرابات النوم شيوعاً بين الناس‪،‬‬
‫خاصة بين النساء‪ ،‬وهو مع ذلك من أكثرها ضررًا بالصحة العامة‪ ،‬وغالباً ما ترجع‬
‫أسبابه إلى معاناة اجتماعية مؤلمة‪ ،‬أو مشكلت نفسية مزعجة‪،‬أو رواسب إعلمية‬
‫مثيرة‪ ،‬أو آمال مستقبلية ُمشْغلة‪ ،‬فإن لم يكن شيء من هذا فغالباً ما يكون الرق‬
‫بسبب النوم في النهار‪ ،‬أو وجود عامل مقلق من حر‪ ،‬أو ضوء‪ ،‬أو سوء هضم‪ ،‬أو‬
‫ضوضاء ونحو ذلك‪ .‬وسبب واحد من هذه السباب كاف لقلق الشخص ساعات‬
‫طويلة دون نوم؛ فإن أي اضطراب نفسي لبد أن ينعكس سلباً على النوم‪ ،‬وقد‬
‫يساعد على هذا وجود الكهرباء التي أغنت أهل السّهر عن ضوء النهار‪ ،‬وطبيعة‬
‫نظام الحياة الحديثة التي "ل تعترف بجعل النهار للسعي‪ ،‬والليل للنوم‪ ،‬فإنها في‬
‫يقظة دائمة من خلل وسائل التصال‪ ،‬ووسائل المواصلت‪ ،‬والخدمات الطبية‪،‬‬
‫والشرطة‪ ،‬وغيرها من المرافق التي ل تعترف بالليل وقتاً للنوم"‪.‬‬
‫إن على النسان أن يدرك " أن اللية التي يتم بها النوم آلية معقدة‪ ،‬ولم‬
‫تُكْشف أسرارها النهائية حتى الن"‪ ،‬وحاجته للنوم الكافي ضرورة صحية ملحة‬
‫لمتابعة مسيرة الحياة‪ ،‬وفرض ذلك من خلل العقاقير الطبية ل يزيده إل سوءاً‪،‬‬
‫وربما أدمن عليها‪ ،‬وقد ثبت أن القراص المنوّمة يكثر استعمالها بين النساء في‬
‫منتصف أعمارهن‪ ،‬وعند المترفين من الغنياء‪ ،‬والحلّ الصحيح للمشكلة يكون‬
‫بإزالة أسبابها‪ ،‬والسعي الحثيث في عدم استفحالها‪ ،‬مع حسن التوكل على ال‬
‫تعالى‪ ،‬وتمام الثقة به؛ فإنها من أعظم وسائل السترخاء العصبي‪ ،‬إلى جانب‬
‫الكثار عند إرادة النوم من ذكر أمور الخرة‪ ،‬فإن فاطمة بنت علي بن أبي طالب‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫رضي ال عنهما تقول‪ " :‬شكوت إلى محمد بن علي كثرة السهر والفكر‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫اجعلي سهرك وفكرك في ذكر الموت‪ ،‬قالت ‪ :‬ففعلت‪ ،‬فذهب عني السهر والفكر"‪.‬‬
‫وإضافة إلى كل هذا ‪ :‬ضرورة العتياد على النوم المبكر ليلً‪ ،‬فإنه أفضل‬
‫صحيًا ونفسياً‪ ،‬بحيث يتكلف المسلم ذلك تكلف ًا حتى يصبح طبعاً له‪ ،‬فإن العادة إذا‬
‫استحكمت كانت كالطبيعة للنسان‪ ،‬تعمل عملها في حفظ الصحة؛ فإن اضطراب‬
‫أوقات النوم عامل من عوامل القلق‪ ،‬وأكثر الشكوى تأتي من جهة صعوبة الدخول‬
‫في النوم‪ ،‬ورغم اتساع مشكلت اضطرابات النوم فإنها في النساء أكثر‪ ،‬وقد ثبت‬
‫عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه كره السّهر بعد العشاء الخرة لغير حاجة‪،‬‬
‫وذمّ الفراط فيه ولو كان في عبادة‪ .‬فلبد أن يراعي المسلم ذلك حتى يحصل له‬
‫النتفاع الكامل من ساعات نومه اليومية‪.‬‬

‫ـ النوم العميق وأهميته للصحة ‪8‬‬

‫عامل العمق هو أشد فترات النوم وأسكنها‪ ،‬وهو ما يُسمّى بالتسبيخ‪،‬حيث‬


‫تستحوذ حالة النوم على جسم النسان وأجهزته العصبية‪ ،‬وتمتلكُ النفسَ وقواها‬
‫الرادية‪ ،‬ويحصل من جرّاء ذلك السترخاء الكامل‪ ،‬الذي يخرج صاحبه عن تبعات‬
‫التكليف‪ .‬وهذه الحالة أنفع فترات النوم‪ ،‬وأكثرها فائدة لصحة البدن؛ حيث تُساهم‬
‫بصورة فعالة في بناء النشاط الجسمي‪ ،‬وتأهيله للعمل من جديد‪ ،‬وعادة ما تكون‬
‫هذه الحالة من النوم العميق في الساعات الثلث الولى من فترة النوم‪ ،‬وأما أقل‬
‫فترات النوم نفعاً للبدن‪ :‬فترات النوم الحالم‪ ،‬التي تكثر فيها الحلم المنامية‪ ،‬حيث‬
‫تستهلك نصف زمن النوم تقريباً‪،‬وعادة ما تكون قريبة من حال اليقظة؛ لما فيها من‬
‫النشاط الفكري الذي يُسهم بصورة إيجابية في استرداد النشاط العقلي‪ ،‬أكثر من‬
‫إسهامه في بناء القوى البدينة‪ ،‬وهذا النوع من النوم مهم للصحة النفسية‪،‬‬
‫ونقصانه مضر بالفرد؛ ولهذا تزيد ساعات النوم الحالم عند الذين يُحرمون منه‬
‫حين تُتاح لهم فرصة جديدة للنوم‪ ،‬كما تزيد بزيادة ساعات النوم عمومًا وتنقص‬
‫بنقصها‪ ،‬إل أنه يبقى للنوم العميق أهميته الكبرى في بناء قوى النسان البدنية‪.‬‬

‫ومن هنا يصبح من المنطق توجيه المسلم لتخاذ السباب المؤدية إلى زيادة فترات‬
‫النوم العميق‪ ،‬ولعل من أنفع وسائله إلى ذلك‪ :‬أن ينام عند شعوره بالنعاس وحاجته‬
‫إلى النوم‪ ،‬فيقبل عليه بمزاج هادئ معتدل‪ ،‬بعد انهضام الطعام‪ ،‬متجنباً‪ -‬في ذلك‪-‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫المواد النشوية الدسمة‪ ،‬والمثيرات الصوتية والحسية المزعجة؛ فإن طبيعة حاله‬
‫قبل النوم‪ ،‬وما يحتف به أثناء النوم من مثيرات‪ :‬لهما تأثيرهما البالغ في مقدار‬
‫عمق النوم‪ ،‬وطول فترة الحلم‪ ،‬ونوع مضامينها‪ ،‬ولما كانت الفتيات‪ -‬عموماً‪ -‬بعد‬
‫البلوغ أكثر أحلماً من الفتيان‪ ،‬فإن أشد ما يُعكّر على الفتاة أخذ راحتها في النوم‪:‬‬
‫الحلم المزعجة‪ ،‬بما تحمله من الموضوعات المخيفة والمثيرة والمشوّشة‪ ،‬التي‬
‫تغلب عادة على مضامين رؤآها؛ حيث يدخلها الشيطان بوسوسته‪ ،‬فيتلعب بالفتاة‬
‫في منامها بأهوال مزعجة‪ ،‬وتشويشات منغّصة‪ ،‬تُفسد على الفتاة عمق نومها‪،‬‬
‫إضافة إلى الضجيج الذي أصبح جزءاً من حياة النسان المعاصر؛ "إذ لم يحدث قط‬
‫في تاريخ البشرية أن استقبلت شعيرات السمع من ألوان الضجيج المختلفة في‬
‫تعددها مثل ما تستقبله في هذا العصر"‪،‬فلبد أن يتخذ النسان التدابير والسباب‬
‫الواقية من مُعكّرات النوم‪ ،‬بما يحقق له فترة أطول ضمن النوم العميق النافع‬
‫للبدن‪ ،‬ول تفُوته‪ -‬في الوقت نفسه‪ -‬حاجته المناسبة من النوم الحالم المنشّط للنفس‬
‫‪.‬والعقل‬

‫ـ الهيئة الصحية للنوم المفيد ‪9‬‬

‫المقصود بالهيئة ‪ :‬حال النسان أثناء النوم من جهة‪ :‬الطهارة الكاملة‪ -‬من‬
‫الحدثين الصغر والكبر‪ -‬الباعثة على صفاء النفس‪ ،‬وانشراح الصدر‪ ،‬ومن جهة‬
‫الذكر والدعاء الصّارف للوساوس الشيطانية‪ ،‬والهواجس النفسية‪ ،‬ومن جهة صفة‬
‫الضطجاع أيضاً‪ ،‬فقد اختار الرسول صلى ال عليه وسلم لنفسه النوم على الشق‬
‫اليمن‪ ،‬وكره للرجل النوم على البطن‪ ،‬وكره السلف للمرأة خاصة الستلقاء على‬
‫الظهر‪ ،‬حتى قال عمر بن عبد العزيز رحمه ال لمَته‪" :‬ل تدعين بناتي ينمن‬
‫مستلقيات على ظهورهن‪ ،‬فإن الشيطان يظ ّل يطمع ما دمن كذلك"‪.‬‬
‫وأما باب النية في النوم‪ ،‬فإنها من أوسع أبواب الخير التي يرجوها المسلم‪،‬‬
‫ومن أحسن ما يتهيأ به للنوم؛ حتى ينال مع لذة نومه أجرًا وثواباً‪ ،‬فقد كان السلف‬
‫ل يفرقون في اكتساب الجر بين أعلى درجات العبادة‪ ،‬وبين أعظم الملذات المباحة‪،‬‬
‫حتى قال معاذ بن جبل رضي ال عنه‪ " :‬أما أنا فأقوم وأنام‪ ،‬وأرجو في نومتي ما‬
‫أرجو في قومتي"‪ ،‬يعني من الجر والثواب‪.‬‬
‫ومن خلل هذه العوامل الربعة يمكن للمسلم ‪-‬ذكراً كان أو أنثى‪ -‬أن يستمتع‬
‫منتفعًا بنومه في أكمل صورة ممكنة‪ ،‬وهو بقدر ما يُخلّ بشيء منها‪ :‬بقدر ما يفقد‬
‫من كمال انتفاعه‪ ،‬ويُنقص من درجة استمتاعه‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫قسم موسوعة المصادر‬


‫جوانب التربية السلمية – التربية الجسمية‬

‫التربية الجسمية‬

‫‪ 1-‬أباظة ‪ ،‬أحمد قمحاوي ( ‪1988‬م ) ‪ " .‬بعض العوامل المؤثرة في معدلت الحياة‬
‫" ‪ .‬مجلة العلوم الجتماعية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 3‬جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 2-‬ابن أبي الدنيا ‪ ،‬أبو بكر عبدال بن محمد بن عبيد البغدادي ( ‪1411‬هـ ) ‪.‬‬
‫المرض والكفارات ‪ .‬تحقيق عبدالوكيل الندوي ‪ .‬بومباي ‪ :‬الدار السلفية ‪.‬‬
‫‪ 3-‬ابن القيم ‪ ،‬شمس الدين أبو عبدال محمد بن أبي بكر الدمشقي ( د ‪ .‬ت ) ‪.‬‬
‫الطـب النبـوي ‪ .‬تقديـم وتصحيـح وتحقيـق عبـدالغني عبـدالخالق وعـادل الزهري‬
‫ومحمود فرج العقدة ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬بيروت ‪ :‬دار الحكمة ‪.‬‬
‫‪ 4-‬ابن حبيب ‪ ،‬أبو مروان عبدالملك بن حبيب بن ســليمان الندلسـي اللبيري (‬
‫‪1413‬هـ ) ‪ .‬الطب النبوي ‪ .‬تحقيق محمد علي البار ‪ .‬دمشق ‪ :‬دار القلم ‪.‬‬
‫‪ 5-‬ابن سينا ‪ ،‬أبو علي الحســين بن علي ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬دفـع المضار الكليـة عن‬
‫البدان النسانية ‪ .‬ط ‪ . 2‬بيروت ‪ :‬دار إحياء العلوم ‪.‬‬
‫‪ 6-‬أبو العل ‪ ،‬عواطف ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬التربية السياســية للشباب ودور التربية‬
‫الرياضية ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار نهضة مصر ‪.‬‬
‫‪ 7-‬أبو لسان ‪ ،‬مصطفى عبـدالرؤوف ( ‪1415‬هـ ) ‪ " .‬نقـص المناعـة المكتســبة (‬
‫اليدز ) الحكام المتعلقة بالمرضى والمصابين " ‪ .‬مجلة مجمع الفقه السلمي ‪.‬‬
‫العدد ( ‪ . ) 8‬الدورة الثامنة ‪ .‬منظمة المؤتمر السلمي ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 8-‬إسماعيل ‪ ،‬كمال عبدالحميد وأســامة كامل راتب ( ‪1406‬هـ ) ‪ .‬القياســات‬
‫الجسمية للرياضيين ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر العربي ‪.‬‬
‫‪ -9-‬إسماعيل ‪ ،‬محمد ( ‪1402‬هـ ) ‪ .‬النمو في مرحلة المراهقة ‪ .‬الكويت ‪ :‬دار القلم‬
‫‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ 10-‬أكاديمية نايـف العربيـة للعلوم المنيـة ( ‪1418‬هـ ) ‪ " .‬توصيـات النـدوة‬


‫العلمية الربعين " ‪ .‬الندوة العلمية الربعون بعنوان ‪ :‬أساليب ووسائل الحد من‬
‫حوادث المرور ـ الرياض ‪1417‬هـ ‪ .‬أكاديمية نايف العربية للعلوم المنية ‪ ،‬الرياض‬
‫‪.‬‬
‫‪ 11-‬آل سعود ‪ ،‬سيف السلم بن سعود بن عبدالعزيز ( ‪1408‬هـ ) ‪ .‬تعاطي‬
‫المخـدرات فــي بعـض دول مجلس التعـاون الخليجـي ( المملكــة العربيــة‬
‫السعودية ‪ -‬الكويت ‪ -‬البحرين ) ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ ( .‬د ‪ .‬م ) ‪ ( :‬د ‪ .‬ن ) ‪.‬‬
‫‪ 12-‬آل علي ‪ ،‬لولوة صالـح ( ‪1409‬هـ ) ‪ .‬الوقايـة الصحيـة على ضـوء الكتـاب‬
‫والسنة ‪ .‬الدمام ‪ :‬دار ابن القيم ‪.‬‬
‫‪ 13-‬الجري ‪ ،‬أبو بكـر محمـد الحســين ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬تحريم النرد والشــطرنج‬
‫والملهي ‪ .‬تحقيق عمر غرامة العمروي ‪ .‬ط ‪ . 2‬القصيم ‪ :‬دار البخاري ‪.‬‬
‫‪ 14-‬السود ‪ ،‬أبو محمد العرابي الغندجاني ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬أسماء خيل العرب‬
‫وأنسابها وذكر فرسانها ‪ .‬تحقيق محمد علي سلطاني ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬بيروت ‪ :‬الشركة‬
‫المتحدة للتوزيع ‪.‬‬
‫‪ 15-‬الشول ‪ ،‬عـادل ( ‪1982‬م ) ‪ .‬علم نفـس النمـو ‪ .‬القاهـرة ‪ :‬مكتبـة النجلو‬
‫المصرية ‪.‬‬
‫‪ 16-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1400‬هـ ) ‪ .‬التدخين وأثره على الصحة ‪ .‬ط ‪ . 2‬جدة ‪:‬‬
‫الدار السعودية ‪.‬‬
‫‪ 17-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1403‬هـ ) ‪ .‬خلق النسان بين الطب والقرآن ‪ .‬ط ‪ . 3‬جدة‬
‫‪ :‬الدار السعودية ‪.‬‬
‫‪ 18-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬المراض الجنسية ‪ -‬أسبابها وعلجها ‪ .‬جدة‬
‫‪ :‬دار المنارة ‪.‬‬
‫‪ 19-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1408‬هـ ) ‪ " .‬أغرب وأشجع تقرير لشركات التبغ يقول ‪:‬‬
‫نحن قتلة " ‪ .‬مجلة المجتمع ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 861‬جمعية الصلح الجتماعي ‪،‬‬
‫الكويت ‪.‬‬
‫‪ 20-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1408‬هـ ) ‪ " .‬المسكرات والمخدرات الخطر الداهم " ‪.‬‬
‫مجلة المجتمع ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 838‬جمعية الصلح الجتماعي ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 21-‬البار ‪ ،‬محمـد علي ( ‪1408‬هـ ) ‪ .‬المخــدرات الخطــر الداهــم ( الفيــون‬
‫ومشتقاته ) ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬دمشق ‪ :‬دار القلم ‪.‬‬
‫‪ 22-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1409‬هـ ) ‪ .‬هل هناك طب نبوي ‪ .‬جدة ‪ :‬الدار السعودية ‪.‬‬

‫‪ 23-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1414‬هـ ) ‪ " .‬الموقف الشرعي من التبغ ‪ -‬آراء الفقهاء‬
‫في الدخـان " ‪ .‬مجلة المجمـع الفقهـي الســلمي ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 7‬رابطة العالم‬
‫السلمي ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 24-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1414‬هـ ) ‪ .‬الختان ‪ .‬جدة ‪ :‬دار المنارة ‪.‬‬
‫‪ 25-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1415‬هـ ) ‪ " .‬الرعاية الصحية في السلم " ‪ .‬مجلة‬
‫المجمع الفقهي السلمي ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 8‬المجمع الفقهي السلمي ‪ ،‬رابطة العالم‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫السلمي ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬


‫‪ 26-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1415‬هـ ) ‪ " .‬مـداواة الرجـل للمـرأة والمـرأة للرجـل " ‪.‬‬
‫مجلة مجمع الفقه السلمي ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 8‬الدورة الثامنة ‪ ،‬منظمة المؤتمر‬
‫السلمي ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 27-‬البار ‪ ،‬محمد علي ( ‪1417‬هـ ) ‪ " .‬اليدز ومشاكله الجتماعية والفقهية " ‪.‬‬
‫مجلة مجمع الفقه السلمي ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 9‬الدورة التاسعة ‪ ،‬منظمة المؤتمر‬
‫السلمي ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 28-‬البار ‪ ،‬محمد علي ومحمـد أمين صافـي ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬اليـدز وبـاء العصــر ‪.‬‬
‫( د ‪ .‬ط ) ‪ .‬جدة ‪ :‬دار المنارة ‪.‬‬
‫‪ 29-‬الباز ‪ ،‬راشد سعد ( ‪1997‬م ) ‪ " .‬عوامل التزام المرضى بالرشادات الطبية‬
‫في المملكة العربية السعودية " ‪ .‬مجلة العلوم الجتماعية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 4‬جامعة‬
‫الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 30-‬البنا ‪ ،‬عائدة عبدالعظيم ( ‪1404‬هـ ) ‪ .‬السلم والتربية الصحية ‪ .‬مكتب‬
‫التربية العربي لدول الخليج ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 31-‬التيفاشي ‪ ،‬شــرف الدين أحمد بن يوســف القفصي ( ‪1408‬هـ ) ‪ .‬الشـفا في‬
‫الطب المسند عن السيد المصطفى ‪ .‬تحقيق عبدالمعطي أمين قلعجي ‪ .‬بيروت ‪ :‬دار‬
‫المعرفة ‪.‬‬
‫‪ 32-‬الجار ال ‪ ،‬عبدال جار ال ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬من أضرار المسكرات والمخدرات ‪.‬‬
‫( د ‪ .‬ط ) ‪ .‬الرياض ‪ :‬مكتبة المعارف ‪.‬‬
‫‪ 33-‬الجبوري ‪ ،‬عدنان جواد وآخران ( ‪1410‬هـ ) ‪ " .‬أسباب عزوف طالبات‬
‫جامعة البصرة عن ممارسة النشطة الرياضية " ‪ .‬المجلة العربية لبحوث التعليم‬
‫العالي ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 10‬المركز العربي لبحوث التعليم العالي ‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫‪ 34-‬الجبوري ‪ ،‬يحيى ( ‪1989‬م ) ‪ .‬الملبس العربية في الشعر الجاهلي ‪ ( .‬د ‪ .‬ط )‬
‫‪ .‬بيروت ‪ :‬دار الغرب ‪.‬‬
‫‪ 35-‬الجبيلي ‪ ،‬أحمد ( ‪1407‬هـ ) ‪ " .‬نعم للحياة ‪ . .‬ل للمخدرات " ‪ .‬مجلة الشرق‬
‫الوسط ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 66‬لندن ‪.‬‬
‫‪ 36-‬الجميل ‪ ،‬محمد فارس ( ‪1415‬هـ ) ‪ " .‬حلية النساء في عصر الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم – دراسة مستمدة مــن مصادر الحديــث النبوي الشريــف " ‪.‬‬
‫مجلــة جامعة الملك سعود ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 1‬كلية الداب ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 37-‬الحاج ‪ ،‬فائز محمد ( ‪1403‬هـ ) ‪ .‬النحرافات الجنسية وأمراضها ‪ .‬بيروت ‪:‬‬
‫المكتب السلمي ‪.‬‬
‫‪ 38-‬الحارثي ‪ ،‬ساعد العرابي ( ‪1416‬هـ ) ‪ " .‬أثر التلفاز في التوعية بأخطار‬
‫تعاطي المخدرات وإدمانها " ‪ .‬مجلة جامعة أم القرى للبحوث العلمية ‪ .‬العدد (‬
‫‪ . ) 13‬جامعة أم القرى ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 39-‬الحدري ‪ ،‬خليل عبدال ( ‪1418‬هـ ) ‪ .‬التربيـة الوقائيـة في الســلم ومـدى‬
‫استفادة المدرسة الثانوية منها ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬معهد البحوث العلمية وإحياء التراث‬
‫السلمي ‪ ،‬جامعة أم القرى ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ 40-‬الحسن ‪ ،‬علي ( ‪1985‬م ) ‪ .‬أطفالنا ( نموهم ‪ -‬تغذيتهم ‪ -‬مشكلتهم ) ‪ .‬ط ‪. 3‬‬


‫بيروت ‪ :‬دار العلم للمليين ‪.‬‬
‫‪ 41-‬الحماحمي ‪ ،‬محمد محمد ( ‪1406‬هـ ) ‪ .‬أصول اللعب والتربية الرياضية‬
‫والرياضة ‪ .‬نادي مكة الثقافي ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 42-‬الحميضي ‪ ،‬ســليمان محمـد ( ‪1395‬هـ ) ‪ .‬كشــف الســتار عما في المسكرات‬
‫والمخدرات من الضرار ‪ ( .‬د ‪ .‬م ) ‪ :‬مطابع دار الثقافة ‪.‬‬
‫‪ 43-‬الخضري ‪ ،‬ليلى ومواهب عياد ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬رعاية الم والطفل ‪ .‬جدة ‪:‬‬
‫مكتبة السوادي ‪.‬‬
‫‪ 44-‬الخلل ‪ ،‬أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬الحث على التجارة‬
‫والصناعة والعمل ‪ .‬تحقيق محمود محمد الحداد ‪ .‬الرياض ‪ :‬دار العاصمة ‪.‬‬
‫‪ 45-‬الدرع ‪ ،‬محمد خير ( ‪1390‬هـ ) ‪ .‬التربية البدنية في الســلم ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬
‫دمشق ‪ :‬المكتبة الموية ‪.‬‬
‫‪ 46-‬الدعيج ‪ ،‬عبدالعزيز دعيج ( ‪2002‬م ) ‪ " .‬أسباب عزوف طلبة جامعة الكويت‬
‫عن الشتراك في النشطة الطلبية " ‪ .‬المجلة التربوية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 64‬جامعة‬
‫الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 47-‬الدويك ‪ ،‬يوسف راتب ( ‪1405‬هـ ) ‪ " .‬الرياضة في السلم " ‪ .‬مجلة التربية‬
‫‪ .‬العدد ( ‪ . ) 72‬قطر ‪.‬‬
‫‪ 48-‬الديلم ‪ ،‬فهد عبدال ( ‪1422‬هـ ) ‪ " .‬اتجاهات الشباب نحو الكرة – دراسة‬
‫استطلعية على عينة من طلبة المراحل المتوسطة والثانوية والجامعية بمنطقة‬
‫الرياض " ‪ .‬مجلة رسالة التربية وعلم النفس ‪ .‬العدد ( ‪ ، ) 15‬الجمعية السعودية‬
‫للعلوم التربوية والنفسية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 49-‬الذوادي ‪ ،‬محمود ( ‪1416‬هـ ) ‪ " .‬إشكاليات الموقف المزدوج من تعاطي‬
‫الكحوليات في ضوء علم الجتماع ‪ -‬المجتمع التونسي نموذجاً " ‪ .‬مجلة إسلمية‬
‫المعرفة ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 2‬المعهد العالمي للفكر السلمي ‪ ،‬ماليزيا ‪.‬‬
‫‪ 50-‬الرازحي ‪ ،‬عبدالوارث عبده ( ‪1420‬هـ ) ‪ " .‬الوعي الصحي لدى طلبة مرحلة‬
‫التعليم الساسي في الجمهورية اليمنية " ‪ .‬المجلة العربية للتربية ‪ .‬العدد ( ‪. ) 2‬‬
‫المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ‪ ،‬تونس ‪.‬‬
‫‪ 51-‬السعود ‪ ،‬راتب ( ‪1405‬هـ ) ‪ " .‬أهمية اللعـب في التربيـة " ‪ .‬مجلـة التربيــة‬
‫‪ .‬العدد ( ‪ . ) 34‬المارات العربية المتحدة ‪.‬‬
‫‪ 52-‬السلطان ‪ ،‬عبــدالعزيـز صالـح ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬دراســــة لبعض متغيرات‬
‫الشخصية المرتبطة بالسلوك الجرامي لمدمني المخدرات ومرتكبي السرقات في‬
‫سجون المنطقة الشرقية ‪ .‬رسالة ماجستير غير منشورة ‪ .‬كلية التربية ‪ ،‬جامعة أم‬
‫القرى ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 53-‬السمان ‪ ،‬سامية إبراهيم ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬موسوعة الملبس ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ ( .‬د ‪ .‬م )‬
‫‪(:‬د‪.‬ن)‪.‬‬
‫‪ 54-‬السيد ‪ ،‬عبدالحليم محمود ( ‪1418‬هـ ) ‪ .‬مشكلة المخدرات في الوطن العربي ‪.‬‬
‫مركز الدراسات والبحوث ‪ ،‬أكاديمية نايف العربية للعلوم المنية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ 55-‬السيد ‪ ،‬فؤاد البهي ( ‪1975‬م ) ‪ .‬السس النفسية للنمو ‪ .‬ط ‪ . 4‬القاهرة ‪ :‬دار‬
‫الفكر العربي ‪.‬‬
‫‪ 56-‬الشافعي ‪ ،‬مدحت محمد ( ‪1400‬هـ ) ‪ " .‬من هدي الرسول في الوقاية من‬
‫المرض " ‪ .‬مجلة البحث العلمي ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 3‬مركز البحث العلمي وإحياء التراث‬
‫السلمي ‪ ،‬كلية الشريعة ‪ ،‬جامعة الملك عبدالعزيز ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 57-‬الصالح ‪ ،‬ناصر عبدال ( ‪1408‬هـ ) ‪ .‬حوادث المرور بمدينة مكة المكرمة ‪-‬‬
‫العلقـات المكانيـة والتجاهـات الزمانيـة ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) مركـز بحـوث العلـوم‬
‫الجتماعيـة ‪ ،‬معهـد البحـوث العلميـة وإحياء التراث الســلمي ‪ ،‬جامعة أم‬
‫القرى ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 58-‬الصوفي ‪ ،‬محمد سالم ( ‪1418‬هـ ) ‪ " .‬الشباب الباحث عن الموت " ‪ .‬مجلة‬
‫المجتمع ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 1261‬جمعية الصلح الجتماعي ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 59-‬العامودي ‪ ،‬خالد أحمد وعبداللطيف دبيان العوفي ( ‪1416‬هـ ) ‪ " .‬مصادر‬
‫المعلومات للمعرفة الصحية ‪ -‬دراسة ميدانية لماهية المصادر الطبية وآثارها في‬
‫الوعي الصحي في البيئة السعودية " ‪ .‬مجلة جامعة أم القرى للبحوث العلمية ‪.‬‬
‫العدد ( ‪ . ) 11‬جامعة أم القرى ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 60-‬العشماوي ‪ ،‬السيد متولي ( ‪1414‬هـ ) ‪ .‬الجوانب الجتماعية لظاهرة الدمان ‪.‬‬
‫( د ‪ .‬ط ) ‪ .‬المركز العربي للدراسات المنية والتدريب ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 61-‬العظيم آبادي ‪ ،‬أبو الطيب محمد شمس الحق ( ‪1408‬هـ ) ‪ .‬عقود الجمان في‬
‫جـواز تعليـم الكتابـة للنسـوان ‪ .‬تحقيـق وصي ال محمـد عبـاس ‪ .‬كراتشي ‪:‬‬
‫مؤسسة المجمع العلمي ‪.‬‬
‫‪ 62-‬العلبـي ‪ ،‬محيى الدين طالـو ( ‪1411‬هـ ) ‪ .‬أمراض النســاء ‪ .‬دمشق ‪ :‬دار ابن‬
‫كثير ‪.‬‬
‫‪ 63-‬العلي ‪ ،‬زكية عمر ( ‪1396‬هـ ) ‪ .‬التزيق والحلي عند المرأة في العصر‬
‫العباسي ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬بغداد ‪ :‬دار الحرية ‪.‬‬
‫‪ 64-‬العماري ‪ ،‬عبدالقادر محمد ( ‪1415‬هـ ) ‪ " .‬حوادث السير " ‪ .‬مجلة مجمع‬
‫الفقه السلمي ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 8‬الدورة الثامنة ‪ .‬منظمة المؤتمر السلمي ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 65-‬العمري ‪ ،‬عبيد عبدال ( ‪1424‬هـ ) ‪ " .‬اتجاهات الشباب نحو الدمان‬
‫والمشــاركة فـي برنامج الوقاية " ‪ .‬مجلة رســالة التربية وعلم النفس ‪ .‬العدد (‬
‫‪ . ) 21‬الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 66-‬العيسوي ‪ ،‬عبدالرحمن ( ‪1997‬م ) ‪ .‬سيكولوجية الجسم والنفس ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬
‫بيروت ‪ :‬دار الراتب الجامعية ‪.‬‬
‫‪ 67-‬الغامدي ‪ ،‬علي ســعيد ( ‪1418‬هـ ) ‪ " .‬تقنية المســتقبل في مواجهة مشكلة‬
‫المرور " ‪ .‬الندوة العلمية الربعون بعنوان ‪ :‬أساليب ووسائل الحد من حوادث‬
‫المرور ـ الرياض ‪1417‬هـ ‪ .‬أكاديمية نايف العربية للعلوم المنية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 68-‬الغبرة ‪ ،‬نبيه ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬الســمنة ‪ -‬كيفيـة حدوثهـا وطـرق معالجتها ‪ .‬ط ‪. 2‬‬
‫بيروت ‪ :‬المكتب السلمي ‪.‬‬
‫‪ 69-‬الفضل ‪ ،‬منذر ( ‪1995‬م ) ‪ .‬المسؤولية الطبية في الجراحة التجميلية ‪ -‬دراسة‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫مقارنة ‪ .‬ط ‪ . 2‬الردن ‪ :‬مكتبة دار الثقافة ‪.‬‬


‫‪ 70-‬ألفي ‪ ،‬محمد ياسين ( ‪2003‬م ) ‪ " .‬صعوبات كتابة خط اللغة النجليزية لدى‬
‫المتعلمين العرب – دراسة تحليلية للسباب الممكنة وبعض القتراحات للتعليم‬
‫والتعلم " ‪ .‬المجلة التربوية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 69‬جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 71-‬القذافي ‪ ،‬رمضان ( ‪1988‬م ) ‪ .‬سيكولوجية العاقة ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬ليبيا ‪ :‬الدار‬
‫العربية للكتاب ‪.‬‬
‫‪ 72-‬القشعان ‪ ،‬حمود فهد ويعقوب يوسف الكندري ( ‪2002‬م ) ‪ " .‬العوامل‬
‫الجتماعية والقتصادية المؤدية إلـى تعاطي المخدرات والمسكرات – دراسة‬
‫ميدانية على عينة من المدمنين الكويتيين " ‪ .‬المجلة التربوية ‪ .‬العدد ( ‪. ) 65‬‬
‫جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 73-‬الكندري ‪ ،‬يعقوب يوســف ( ‪2002‬م ) ‪ " .‬الدعـم الجتماعـي وعلقتــه‬
‫بمعدلت ضغط الدم في الســرة الكويتية " ‪ .‬مجلة العلوم الجتماعية ‪ .‬العدد ( ‪) 2‬‬
‫‪ .‬جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 74-‬اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء ( ‪1410-1409‬هـ ) ‪ " .‬حوادث‬
‫السيارات وبيان ما يترتب عليها بالنسبة لحق ال وحق عباده " ‪ .‬مجلة البحوث‬
‫السلمية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 26‬الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 75-‬اللحياني ‪ ،‬مســاعد منشــط ( ‪1402‬هـ ) ‪ " .‬دراســة نفسية اجتماعية لبعض‬
‫المتغيرات المرتبطـة باعتيـاد تعاطـي المســـكرات " ‪ .‬مجلــة كليــة التربيـة ‪ .‬العدد‬
‫( ‪ . ) 9‬مركز البحوث التربوية والنفسية ‪ ،‬كلية التربية ‪ ،‬جامعة أم القرى ‪ ،‬مكة‬
‫المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 76-‬المحرر ( ‪ 11‬جمادى الولى ‪1419‬هـ ) ‪ " .‬حوادث السير تقتل ثلثة أشخاص‬
‫كل يوم في لبنان " ‪ .‬جريدة الشرق الوسط ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 7218‬لندن ‪.‬‬
‫‪ 77-‬المحرر ( ‪1408‬هـ ) ‪ " .‬حرب المخدرات في مصر " ‪ .‬مجلة الشـرق الوسط‬
‫‪ .‬العدد ( ‪ . ) 66‬لندن ‪.‬‬
‫‪ 78-‬المحرر ( ‪1409‬هـ ) ‪ " .‬المخـدرات في الكويـت " ‪ .‬مجلـة المجتمـع ‪ .‬العــدد‬
‫( ‪ . ) 893‬جمعية الصلح الجتماعي ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 79-‬المحرر ( ‪1409‬هـ ) ‪ " .‬متى تتوقف حرب المخدرات على مصر الكنانة " ‪.‬‬
‫مجلة المجتمع ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 902‬جمعية الصلح الجتماعي ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 80‬المحرر ( ‪15‬جمادى الولى ‪1408‬هـ ) ‪ " .‬تجربة السعودية الناجحة لمحاربة‬
‫المخدرات ‪ . .‬يمكن تطبيقها في العالم الســلمي " ‪ .‬جريـدة الجزيرة ‪ .‬العدد (‬
‫‪ . ) 5576‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 81-‬المحرر ( ‪1986‬م ) ‪ " .‬النشطة العملية لمنظمة الصحة العالمية " ‪ .‬نشرة‬
‫منظمة الصحة العالمية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 4‬المركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية‬
‫‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 82-‬المحرر ( ‪28‬رجب ‪1420‬هـ ) ‪ " .‬الملكمة النسائية صرعة مصيرها الزوال‬
‫" ‪ .‬صحيفة الشرق الوسط ‪ .‬العدد ( ‪. ) 7648‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ 83-‬المحرر ( ‪ 5‬جمادى الخرة ‪1421‬هـ ) ‪ " .‬سياقة المرأة للسيارة تقصر العمر‬
‫" ‪ .‬جريدة المدينة السبوعية ‪ -‬السرة ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 13647‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 84-‬المحمدي ‪ ،‬علي محمـد ( ‪1412‬هـ ) ‪ " .‬حكـم التداوي في الســلم " ‪ .‬مجلة‬
‫مجمع الفقه الســلمي ‪ .‬العــدد ( ‪ . ) 7‬الدورة الســابعة ‪ .‬منظمــة المؤتمر‬
‫السلمي ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 85-‬المصطفى ‪ ،‬عبدالعزيز ( ‪1413‬هـ ) ‪ .‬مقدمـة في علم التطور الحركي للطفل ‪.‬‬
‫( د ‪ .‬ط ) ‪ .‬مكتب التربية العربي لدول الخليج ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 86-‬المطير ‪ ،‬عامـر ناصر ( ‪1421‬هـ ) ‪ " .‬قيـادة التلميـذ للســيارات وأثرها على‬
‫الحركة المرورية في المملكة العربية السعودية " ‪ .‬مجلة دراسات الخليج والجزيرة‬
‫العربية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 98‬جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 87-‬المليجي ‪ ،‬عبــدالمنعـم وحلمـي المليجـي ( ‪1973‬م ) ‪ .‬النمو النفســي ‪ .‬ط ‪. 5‬‬
‫بيروت ‪ :‬دار النهضة العربية ‪.‬‬
‫‪ 88-‬المنجي ‪ ،‬محمد ( ‪1993‬م ) ‪ .‬دعوى تعويض حوادث السيارات ‪ .‬السكندرية ‪:‬‬
‫منشأة المعارف ‪.‬‬
‫‪ 89-‬النافع ‪ ،‬عبدال وخالد السيف ( ‪1408‬هـ ) ‪ .‬تحليل الخصائص النفسية‬
‫والجتماعية المتعلقة بسلوك قيادات السيارات بالمملكة ‪ .‬إدارة البحث العلمي ‪،‬‬
‫مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 90-‬النمر ‪ ،‬عاطف ( ‪1992‬م ) ‪ .‬فنانـون ومخـدرات ‪ .‬القاهـرة ‪ :‬المكتـب العربـي‬
‫للمعارف ‪.‬‬
‫‪ 91-‬الهاشمي ‪ ،‬عبــدالحميـد محمـد ( ‪1399‬هـ ) ‪ .‬علـم النفـس التكويني ‪ .‬ط ‪. 4‬‬
‫جدة ‪ :‬دار المجمع العلمي ‪.‬‬
‫‪ 92-‬الهواري ‪ ،‬محمد محمود ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬المخدرات من القلق إلى الستعباد ‪.‬‬
‫كتاب المة ‪ .‬رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية ‪ ،‬قطر ‪.‬‬
‫‪ 93-‬الوهيد ‪ ,‬محمد سـليمان ( ‪1418‬هـ ) ‪ ".‬القيم الجتماعيـة وأثرهـا في مشـكلة‬
‫المرور " ‪ .‬النـدوة العلميـة الربعون بعنـوان ‪ :‬أســاليب ووســائل الحد مـن حوادث‬
‫المرور‪ -‬الرياض ‪1417‬هـ ‪ .‬أكاديمية نايف العربية للعلوم المنية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 94-‬باحارث ‪ ،‬عدنان حسن ( ‪1425‬هـ ) ‪ " .‬حجاب المرأة السعودية إلى أين ؟ " ‪.‬‬
‫مجلة الجسور ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 14‬شركة النجوم للصحافة والنشر ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 95-‬باحارث ‪ ،‬عدنان حسن ( ‪1425‬هـ ) ‪ .‬ضوابط السلمة التربوية في ممارسة‬
‫الفتيات للرياضة البدنية ‪ .‬جدة ‪ :‬دار المجتمع ‪.‬‬
‫‪ 96-‬باحارث ‪ ،‬عدنان حسن ( ‪1425‬هـ ) ‪ .‬عوامل النوم الصحي المفيد في ضوء‬
‫التربية السلمية ‪ .‬جدة ‪ :‬دار المجتمع ‪.‬‬
‫‪ 97-‬باحارث ‪ ،‬عدنان حسن ( ‪1426‬هـ ) ‪ .‬ضوابط لباس المرأة وزينتها في ضوء‬
‫التوجيه التربوي السلمي ‪ .‬جدة ‪ :‬دار المجتمع ‪.‬‬
‫‪ 98-‬باشا ‪ ،‬حســان شمســي ( ‪1413‬هـ ) ‪ .‬النـوم والرق والحـلم بين الطب‬
‫والقرآن ‪ .‬ط ‪ . 2‬جدة ‪ :‬دار المنارة ‪.‬‬
‫‪ 99-‬بدر ‪ ،‬عبــدالمنعم محمـد ( ‪1987‬م ) ‪ .‬مشــكلـة المخــدرات ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫السكندرية ‪ :‬المكتب الجامعي الحديث ‪.‬‬


‫‪ 100-‬برنار ‪ ،‬ميشـيل ( ‪1983‬م ) ‪ .‬الجســد ‪ .‬ترجمـة إبراهيـم خـوري ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬
‫وزارة الثقافة والرشاد القومي ‪ ،‬دمشق ‪.‬‬
‫‪ 101-‬بوحجي ‪ ،‬هنـاء ( ‪ 29‬يونيه ‪1998‬م ) ‪ " .‬البحريـن تمنـع المنقبـات مـن‬
‫قيادة السيارات " ‪ .‬جريدة الشرق الوسط ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 7153‬لندن ‪.‬‬
‫‪ 102-‬بورو ‪ ,‬ديدييـه ( ‪2000‬م ) ‪ .‬اضطرابـات اللغـة ‪ .‬ترجمـة أنطـوان الهاشــم ‪.‬‬
‫( د ‪ .‬ط ) ‪ .‬بيروت ‪ :‬منشورات عويدات ‪.‬‬
‫‪ 103-‬تشاندلر ‪ ،‬وليم يو ‪1986 ( ،‬م ) ‪ .‬التخلص من التدخين ‪ .‬ترجمة عايـد الور ‪.‬‬
‫( د ‪ .‬ط ) ‪ .‬أوضاع العالم ‪ ،‬تقرير لمعهد المراقبة الدولي على التقدم نحو مجتمع‬
‫قابل للبقاء ‪ ( .‬د ‪ .‬م ) ‪.‬‬
‫‪ 104-‬ثابت ‪ ،‬ناصر ( ‪1404‬هـ ) ‪ .‬المخدرات وظاهرة اســتنشاق الغازات‪ -‬دراسة‬
‫اجتماعية ميدانية استطلعية ‪ .‬الكويت ‪ :‬ذات السلسل ‪.‬‬
‫‪ 105-‬جبر ‪ ،‬نادرة صالح ( ‪1972‬م ) ‪ " .‬أهمية اللعب في العملية التربوية " ‪.‬‬
‫مجلة رسالة المعلم ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 3‬الردن ‪.‬‬
‫‪ 106-‬جرجس ‪ ،‬ملك ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬اضطـراب النـوم والتبـول اللإرادي عنــد‬
‫الطفال ‪ .‬الكتاب التاسع ‪ .‬ط ‪ . 2‬الرياض ‪ :‬دار اللواء ‪.‬‬
‫‪ 107-‬جهينة ‪ ،‬إبراهيــم علم ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬مدونــة التاريــخ الرياضي ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪( .‬‬
‫د ‪ .‬م ) ‪ :‬الدار القومية ‪.‬‬
‫‪ 108-‬جوّة ‪ ،‬ع ‪ .‬وآخران ( ‪1997‬م ) ‪ " .‬ظاهرة النتحار في تونس " ‪ .‬مجلة‬
‫الثقافة النفسية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 29‬مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية ‪.‬‬
‫بيروت ‪ :‬دار النهضية العربية ‪.‬‬
‫‪ 109-‬حاجي ‪ ،‬حسين ( ‪1406‬هـ ) ‪ " .‬المخدرات في العالم السلمي إلى أين ؟ " ‪.‬‬
‫مجلة المجتمع ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 755‬جمعية الصلح الجتماعي ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 110-‬حالومة ‪ ،‬فايـزة ( ‪ 6‬محرم ‪1419‬هـ ) ‪ " .‬صالونات التجميل النســائية تلتهم‬
‫معظم ميزانية السرة " ‪ .‬جريدة المدينة ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 13796‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 111-‬حسام الدين ‪ ،‬كريم ( ‪1410‬هـ ) ‪ .‬الشــارات الجسـمية ‪ ( .‬د ‪ .‬م ) ‪ :‬مكتبة‬
‫النجلو المصرية ‪.‬‬
‫‪ 112-‬حسانين ‪ ،‬محمد صبحي ( ‪1414‬هـ ) ‪ .‬أنماط أجســام أبطال الرياضة من‬
‫الجنسين ‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر ‪.‬‬
‫‪ 113-‬حسنين ‪ ،‬عزت ( ‪1404‬هـ ) ‪ .‬المسكرات والمخدرات بين الشريعة والقانون‬
‫‪ .‬الرياض ‪ :‬دار الناصر ‪.‬‬
‫‪ 114-‬حسين ‪ ،‬تحية كامل ( ‪1996‬م ) ‪ .‬تاريخ الزياء وتطورها ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬
‫القاهرة ‪ :‬نهضة مصر ‪.‬‬
‫‪ 115-‬حسين ‪ ،‬تحية كامل ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬المؤثرات الغير مرئية على الزياء ‪ ( .‬د ‪.‬‬
‫ط ) ‪ .‬القاهرة ‪ :‬مكتبة النجلو المصرية ‪.‬‬
‫‪ 116-‬حمام ‪ ،‬سامية ( ‪1406‬هـ ) ‪ " .‬سمنة الطفال تسبب التعاسة والمرض " ‪.‬‬
‫مجلة التربية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 74‬قطر ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪ 117-‬حنورة ‪ ،‬مصري عبدالحميد ( ‪1993‬م ) ‪ .‬سيكولوجية تعاطي المخدرات‬


‫والكحوليات ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬الكويت ‪ :‬ذات السلسل ‪.‬‬
‫‪ 118-‬خربكوفا ‪ ،‬أنطونيو ( ‪1980‬م ) ‪ " .‬التربية البدنية والنمو العقلي للطفال " ‪.‬‬
‫ترجمة محمد كمال لطفي ‪ .‬مجلة مستقبل التربية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 1‬اليونسكو ‪.‬‬
‫‪ 119-‬خفاجي ‪ ،‬حياة محمد ( ‪1411‬هـ ) ‪ .‬زينة المرأة بين الباحة والتحريم ‪.‬‬
‫سلسلة دعوة الحق ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 111‬رابطة العالم السلمي ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 120-‬خليل ‪ ،‬محمد محمد وآخران ( ‪1994‬م ) ‪ " .‬السلوك الديني لدى مدمني‬
‫العقــاقير والكحـول " ‪ .‬مجلـة دراســات نفســية ‪ .‬العـدد ( ‪ . ) 16‬رابطــة‬
‫الخصائيين النفسيين المصرية ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪ 121-‬درويش ‪ ،‬نادية محمد ( د ‪ .‬ت ) ‪ " .‬أثر برنامج تدريبـي مقترح لكل من‬
‫الرقـص الشــعبي والرقـص الحديـث والباليــه على تنميــة بعـض ســمات‬
‫الشخصية " ‪ .‬صحيفة التربية ‪ ( .‬د ‪ .‬ع ) ‪ .‬رابطة خريجي معاهد وكليات التربية ‪،‬‬
‫القاهرة ‪.‬‬
‫‪ 122-‬دنيا ‪ ،‬محمود طنطاوي ( ‪1395‬هـ ) ‪ .‬التربية وأثرها في رفع المستوى‬
‫الصحي ‪ .‬الكويت ‪ :‬دار البحوث العلمية ‪.‬‬
‫‪ 123-‬دويدار ‪ ،‬عبدالفتاح محمد ( ‪1994‬م ) ‪ .‬الساس البيولوجي الفيزيولوجي من‬
‫المنظور السيكولوجي ‪ .‬ط ‪ . 2‬بيروت ‪ :‬دار النهضة العربية ‪.‬‬
‫‪ 124-‬دياب ‪ ،‬عبدالعزيز أحمد ( ‪1416‬هـ ) ‪ " .‬الحوادث المرورية في المملكة‬
‫العربية السعودية ‪ -‬دراسة اقتصادية للمحددات وطرق العلج " ‪ .‬مجلة جامعة‬
‫الملك عبـدالعزيـز ‪ -‬القتصـاد والدارة ‪ ( .‬د ‪ .‬ع ) ‪ .‬المجلـد التاسع ‪ ،‬جامعة الملك‬
‫عبدالعزيز ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 125-‬راتب ‪ ،‬أســامة كامـل ( ‪1410‬هـ ) ‪ .‬دوافـع التفـوق في النشــاط الرياضي ‪.‬‬
‫( د ‪ .‬ط ) ‪ .‬القاهرة ‪ :‬دار الفكر العربي ‪.‬‬
‫‪ 126-‬رشاد ‪ ،‬نادية محمـد ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬التربيــة الصحيــة والمــان ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬
‫السكندرية ‪ :‬منشأة المعارف ‪.‬‬
‫‪ 127-‬رفعت ‪ ،‬محمد ( ‪1988‬م ) ‪ .‬بناتنا ومشاكلهن الصحية ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬بيروت ‪:‬‬
‫دار البحار ‪.‬‬
‫‪ 128-‬روحية ‪ ،‬أمين ( ‪1974‬م ) ‪ .‬كيف تتخلص من النظارات ‪ .‬ط ‪ . 2‬بيروت ‪ :‬دار‬
‫القلم ‪.‬‬
‫‪ 129-‬زكي ‪ ،‬علي محمـد ( ‪1403‬هـ ) ‪ .‬التربيـة الصحيـة بيـن النظريـة والتطبيـق ‪.‬‬
‫الكويت ‪ :‬ذات السلسل ‪.‬‬
‫‪ 130-‬زللي ‪ ,‬عبد البديع حمزة ( أغسطس ‪2004‬م ) ‪ " .‬مستحضرات التجميل –‬
‫ل وسهلً ‪ ,‬إدارة العلقات العامة ‪،‬‬ ‫أضرار صحية ونصائح ضرورية " ‪ .‬مجلة أه ً‬
‫الخطوط الجوية العربية السعودية ‪ ,‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 131-‬زهران ‪ ،‬حامد ( ‪1986‬م ) ‪ .‬علم نفس النمو ‪ .‬ط ‪ . 8‬القاهرة ‪ :‬عالم الكتب ‪.‬‬
‫‪ 132-‬سرحان ‪ ،‬هاشم ( ‪1996‬م ) ‪ .‬أنماط تعاطي المخدرات في مجتمع المارات ‪.‬‬
‫أبو ظبي ‪ :‬منشورات المجمع الثقافي ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪- 133‬سلمة ‪ ،‬بهـاء الديـن ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬الجوانب الصحيـة في التربيـة الرياضية‬


‫‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬مكة المكرمة ‪ :‬مكتبة الفيصلية ‪.‬‬
‫‪- 134‬سلمة ‪ ،‬عبدالحميد ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬الرياضـة البدنيـة عنـد العرب ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬
‫طرابلس ‪ :‬الدار العربية للكتاب ‪.‬‬
‫‪- 135‬شبير ‪ ،‬محمد عثمان ( ‪1416‬هـ ) ‪ " .‬موقف السلم من المراض الوراثية‬
‫" ‪ .‬مجلة الحكمة ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 6‬ليدز ‪ ،‬بريطانيا ‪.‬‬
‫‪- 136‬شريف ‪ ،‬سعيدة ( ‪ 27‬ربيع الخر ‪1419‬هـ ) ‪ " .‬حوادث السير ‪ . .‬حرب‬
‫صامتة في المغرب " ‪ .‬جريدة الشرق الوسط ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 6204‬لندن ‪.‬‬
‫‪- 137‬شمس ‪ ،‬محمود زكي ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬أساليب مكافحة المخدرات في الوطن‬
‫العربي ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬بيروت ‪ :‬دار العلوم العربية ‪.‬‬
‫‪- 138‬صبحي ‪ ،‬حســن ( د ‪ .‬ت ) ‪ " .‬الزينـة عند قدماء المصريين " ‪ .‬مجلة‬
‫الرسالة ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 16‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪- 139‬صقر ‪ ،‬محمد حســين ( ‪2004‬م ) ‪ " .‬برنامـج مقترح ضمـن مناهـج العلوم‬
‫لتعديل التجاهات نحو التدخين وتعاطي المخدرات " ‪ .‬المجلة التربوية ‪ .‬العدد ( ‪71‬‬
‫) ‪ .‬جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪- 140‬عبدالخالق ‪ ،‬أحمـد محمـد ( ‪1998‬م ) ‪ " .‬التفـاؤل وصحـة الجسـم – دراسـة‬
‫عاملية " ‪ .‬مجلة العلوم الجتماعية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 2‬جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪- 141‬عبدالخالق ‪ ،‬أحمد وآخران ( ‪1995‬م ) ‪ " .‬موضوعات التفكير قبل النوم‬
‫لدى عينة من طلب جامعة الكويت " ‪ .‬مجلة العلوم الجتماعية ‪ .‬العدد ( ‪. ) 2‬‬
‫جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪- 142‬عبدالعال ‪ ،‬جمال عبد المحسن ( ‪1418‬هـ ) ‪ " .‬الحوادث المرورية‬
‫والعناصر الحاكمة لها " ‪ .‬الندوة العلمية الربعون بعنوان ‪ :‬أساليب ووسائل الحد‬
‫من حوادث المرور ـ الرياض ‪1417‬هـ ‪ .‬أكاديمية نايف العربية للعلوم المنية ‪،‬‬
‫الرياض ‪.‬‬
‫‪- 143‬عبدالعظيم ‪ ،‬سعيد ( ‪1415‬هـ ) ‪ " .‬ضوابط شرعية لللعاب الرياضية " ‪.‬‬
‫مجلة الحكمة ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 3‬ليدز ‪ ،‬بريطانيا ‪.‬‬
‫‪- 144‬عبدالفتاح ‪ ،‬أبو العل ( ‪1985‬م ) ‪ .‬بيولوجيا الرياضة ‪ .‬ط ‪ . 2‬القاهرة ‪ :‬دار‬
‫الفكر العربي ‪.‬‬
‫‪- 145‬عبدالقوي ‪ ،‬سامي ( ‪1411‬هـ ) ‪ " .‬دراسة في سيكولوجية محاولي النتحار‬
‫" ‪ .‬مجلة شؤون اجتماعية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 27‬جمعية الجتماعيين ‪ ،‬الشارقة ‪.‬‬
‫‪- 146‬عبداللطيف ‪ ،‬رشــاد أحمـد ( ‪1412‬هـ ) ‪ .‬الثـار الجتماعيــة لتعاطــي‬
‫المخدرات ‪ -‬تقدير المشكلة وسبل العلج والوقاية ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬المركز العربي‬
‫للدراسات المنية والتدريب ‪ ،‬وزارة الداخلية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪- 147‬عبدال ‪ ،‬صـدام عبــدالقــادر ( ‪1418‬هـ ) ‪ " .‬التدخين في ميــزان الطب‬
‫والقتصاد والتربية والدين وطرق مكافحته " ‪ .‬مجلة الحكمة ‪ .‬العدد ( ‪. ) 14‬‬
‫ليدز ‪ ،‬بريطانيا ‪.‬‬
‫‪- 148‬عبدالوهاب ‪ ،‬جلل ( ‪1983‬م ) ‪ .‬برامـج اللياقة البدنية للنسات والسيدات ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫الكويت ‪ :‬ذات السلسل ‪.‬‬


‫‪- 149‬عرفة ‪ ،‬عبـدالغني ( ‪1418‬هـ ) ‪ .‬التدخـين – هاجـس العـصر ‪ .‬دمشـق ‪ :‬دار‬
‫الفكر ‪.‬‬
‫‪- 150‬عريفج ‪ ،‬ســـامي ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬علـم النفـس التطـوري ‪ .‬ط ‪ . 2‬عمان ‪ :‬دار‬
‫مجدلوي ‪.‬‬
‫‪- 151‬عقل ‪ ،‬محمود عطا ( ‪1413‬هـ ) ‪ .‬النمو النساني ‪ -‬الطفولة المراهقة ‪.‬‬
‫الرياض ‪ :‬دار الخريجي ‪.‬‬
‫‪- 152‬علوي ‪ ،‬محمد حسن ( ‪1975‬م ) ‪ .‬علم النفس الرياضي ‪ .‬ط ‪ . 2‬القاهرة ‪:‬‬
‫دار المعارف بمصر ‪.‬‬
‫‪- 153‬علوي ‪ ،‬محمد حسن ( ‪1992‬م ) ‪ .‬سيكولوجية التدريب والمنافسات ‪ .‬ط ‪. 7‬‬
‫القاهرة ‪ :‬دار المعارف ‪.‬‬
‫‪- 154‬عمرو ‪ ،‬محمد عبدالعزيز ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬اللباس والزينة في الشريعة‬
‫السلمية ‪ .‬ط ‪ . 2‬بيروت ‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪.‬‬
‫‪- 155‬عويضة ‪ ،‬علي محمود ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬حق البدن ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬الكويت ‪ :‬وكالة‬
‫المطبوعات ‪.‬‬
‫‪- 156‬غلب ‪ ،‬محمود عبدالرحيم ومحمد إبراهيم الدسوقي ( ‪1996‬م ) ‪ " .‬دراسة‬
‫مقارنة بين الطفال المصابين بشلل الطفال والعاديين في بعض متغيرات‬
‫الشــخصية " ‪ .‬مجلـة دراســات نفســية ‪ .‬العـدد ( ‪ . ) 1‬رابطة الخصائيين‬
‫النفسيين المصرية ‪ ،‬القاهرة ‪.‬‬
‫‪- 157‬غنيم ‪ ،‬محمد أحمد ‪1988 ( ،‬م ) ‪ " .‬الوشم ‪ -‬دراسة انثروبولوجية مقارنة‬
‫في الفن البدائـي " ‪ .‬دوريـة كليـة الداب ‪ .‬العـدد ( ‪ . ) 8‬جامعــة المنصورة ‪،‬‬
‫المنصورة ‪.‬‬
‫‪- 158‬غيو ‪ ،‬رينيه بول ( ‪1990‬م ) ‪ " .‬تعلم كيف تتنفس " ‪ .‬مجلة الثقافة النفسية‬
‫‪ .‬العدد ( ‪ . ) 4‬مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية ‪ -‬بيروت ‪ :‬دار النهضة‬
‫العربية ‪.‬‬
‫‪- 159‬فاست ‪ ،‬يوليوس ( ‪1991‬م ) ‪ .‬لغة الجسد وعلم الحركة ‪ .‬ترجمة محمد‬
‫جمول ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬دمشق ‪ :‬دار ابن هانئ ‪.‬‬
‫‪- 160‬فهيم ‪ ،‬محمد عيسى وآخرون ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬الســلوك المزعـج الصـادر عـن‬
‫السائقين أثناء القيادة ‪ -‬دراسة ميدانية بمدينة مكة المكرمة ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬مركز‬
‫البحوث التربوية والنفسية ‪ ،‬كلية التربية ‪ ،‬جامعة أم القرى ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪- 161‬قربة ‪ ،‬جهـاد محمـد ( ‪1420‬هـ ) ‪ " .‬طبيعـة العلقـات المجاليــة للحـوادث‬
‫المرورية داخل الوسط الحضري لمدينة الشارقة ‪ -‬دراسة تحليلية لفترة التوسع‬
‫‪1992 - 1987‬م " ‪ .‬مجلة العقيق ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 26 ، 25‬نادي المدينة المنورة‬
‫الدبي ‪ ،‬المدينة المنورة ‪.‬‬
‫‪- 162‬كاشف ‪ ،‬عزت محمود ( ‪1412‬هـ ) ‪ .‬العداد النفسي للرياضيين ‪ .‬القاهرة ‪:‬‬
‫دار الفكر العربي ‪.‬‬
‫‪- 163‬كمال ‪ ،‬علي ( ‪1989‬م ) ‪ .‬باب النوم وباب الحلم ‪ .‬بيروت ‪ :‬دار الجيل ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫‪- 164‬مؤمن ‪ ،‬نجوى شكري ( ‪1996‬م ) ‪ " .‬فعالية برنامج استخدام الحاسوب‬
‫اللكتروني في تدريس وحدة النماذج ( الباترونات ) على مستوى التحصيل وأداء‬
‫المهارة " ‪ .‬مجلة دراسات تربوية واجتماعية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 1‬كلية التربية ‪ ،‬جامعة‬
‫حلوان ‪.‬‬
‫‪- 165‬متولي ‪ ،‬فؤاد بسيوني ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬التربية وظاهرة انتشار وإدمان المخدرات‬
‫‪.‬ط‪(.2‬د‪.‬م)‪(:‬د‪.‬ن)‪.‬‬
‫‪- 166‬محمد ‪ ،‬محمد شــوكت ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬المخدرات ‪ -‬آثارها الســلبية وسبل‬
‫مواجهتها ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬الرياض ‪ :‬مطابع الشرق الوسط ‪.‬‬
‫‪ 167-‬محمود ‪ ،‬حمدي شاكر ( ‪1418‬هـ ) ‪ .‬مبادئ علم نفس النمو في السلم ‪.‬‬
‫حائل ‪ :‬دار الندلس ‪.‬‬
‫‪ 168-‬محمود ‪ ،‬سامي ( ‪1414‬هـ ) ‪ .‬النوم مفتاح جمالك ‪ .‬مصر ‪ :‬الدار المصرية ‪.‬‬
‫‪ 169-‬محمود ‪ ،‬عبدالمنعم شحاتة ( ‪1998‬م ) ‪ .‬سيكولوجية التدخين ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪.‬‬
‫القاهرة ‪ :‬دار غريب ‪.‬‬
‫‪ 170-‬مدني ‪ ،‬ازدهـار محمــود ( ‪1414‬هـ ) ‪ .‬أحكام تجميل النســاء في الشــريعة‬
‫السلمية ‪ .‬رسالة ماجستير غير منشورة ‪ .‬كلية التربية للبنات ‪ ،‬الرئاسة العامة‬
‫لتعليم البنات ‪ ،‬مكة المكرمة ‪.‬‬
‫‪ 171-‬مراد ‪ ،‬عزت ( ‪1408‬هـ ) ‪ " .‬الدمان في ربيع العمر " ‪ .‬جريدة البلد ‪.‬‬
‫العدد ( ‪ . ) 8832‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 172-‬مركز أبحاث مكافحة الجريمة ( ‪1405‬هـ ) ‪ .‬المخدرات والعقاقير المخدرة ‪.‬‬
‫سلسلة كتب مكافحة الجريمة ‪ .‬الكتاب الرابع ‪ .‬وزارة الداخلية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 173-‬منسي ‪ ،‬محمود عبدالحليم ( ‪1407‬هـ ) ‪ .‬البتكار وعلقته بممارسة النشطة‬
‫الرياضيــة والمســتوى الجتماعــي ‪ .‬مركــز النشر العلمي ‪ ،‬جامعـة الملك‬
‫عبدالعزيز ‪ ،‬جدة ‪.‬‬
‫‪ 174-‬منصور ‪ ،‬عبدالمجيد سيد ( ‪1406‬هـ ) ‪ .‬الدمان ‪ -‬أسبابه ومظاهره ‪ -‬الوقاية‬
‫والعلج ‪ .‬سلسلة كتب مكافحة الجريمة ‪ .‬الكتاب الخامس ‪ .‬مركز أبحاث مكافحة‬
‫الجريمة ‪ ،‬وزارة الداخلية ‪ ،‬الرياض ‪.‬‬
‫‪ 175-‬منصور ‪ ،‬محمد جميل وفاروق عبدالسلم ( ‪1403‬هـ ) ‪ .‬النمو من الطفولة‬
‫إلى المراهقة ‪ .‬ط ‪ . 3‬جدة ‪ :‬تهامة ‪.‬‬
‫‪ 176-‬منصور ‪ ،‬محمد حسين ( د ‪ .‬ت ) ‪ .‬تدخل الســيارة في حـادث المرور ‪ -‬منـاط‬
‫مسؤولية القائد ‪ ( .‬د ‪ .‬ط ) ‪ .‬السكندرية ‪ :‬منشأة المعارف ‪.‬‬
‫‪ 177-‬منصور ‪ ،‬محمـد خالـد ( ‪1423‬هـ ) ‪ " .‬الضوابـط الشــرعية لممارســة‬
‫المرأة الرياضة في الفقه السلمي المقارن " ‪ .‬مجلة الشريعة والدراسات‬
‫السلمية ‪ .‬العدد ( ‪ . ) 49‬جامعة الكويت ‪ ،‬الكويت ‪.‬‬
‫‪ 178-‬مهيدات ‪ ،‬محمد صالح وفائق توفيق شعبان ( ‪1997‬م ) ‪ " .‬الظواهر‬
‫النفسية والجتماعية لمرضى الحروق " ‪ .‬مجلة الثقافة النفسية ‪ .‬العدد ( ‪. ) 29‬‬
‫مركز الدراسات النفسية والنفسية الجسدية ‪ .‬بيروت ‪ :‬دار النهضة العربية ‪.‬‬
‫‪ 179-‬موسى ‪ ،‬عبــدال إبراهيـم ( ‪1416‬هـ ) ‪ .‬المسـؤولية الجسـدية في السـلم ‪.‬‬

‫‪www.bahareth.org‬‬
‫ملف التربية الجسمية‬ ‫موقع التربية السلمية – الدكتور عدنان باحارث‬

‫بيروت ‪ :‬دار ابن حزم ‪.‬‬


‫‪ 180-‬وزرماس ‪ ،‬إبراهيم وحســن الحيـاري ( ‪1987‬م ) ‪ .‬أســاسيات في الترويـح‬
‫وأوقات الفراغ ‪ .‬الردن ‪ :‬دار المل‬

‫‪www.bahareth.org‬‬

You might also like