You are on page 1of 62

‫الكاديمية العربية المفتوحة في الدنمارك‬

‫كتاب‬
‫تداول المعلومات عبر النترنت‬
‫وأثره في تشكيل الوعي‬
‫في عصر العولمة‬
‫‪2007‬‬
‫تاليف‪ :‬باسل عبد المحسن القاضي‬

‫ل اشك ان البحث بهذا العنوان الكبير الواسع ‪،‬يمتد ليشمل تعريفات أساسية للمعلوماتية‪ ،‬وللنترنت ‪ ،‬وللعولمة‬
‫‪ ،‬ثم تشك يل الو عي ‪،‬ول ما كان ع صرنا كله يقوم اليوم على‪ ،‬ثورة معلومات ية ‪،‬وثورة في تقنيات الت صال –‬
‫ومنها النترنت‪ -‬وثورة بالعولمة ‪ ،‬ومن ثم التجاه إلى تشكيل الوعي المعاصر‪ ،‬والسيطرة عليه ‪ ،‬وتدجينه‬
‫بكل هذه الثورات والمفردات ‪ ،‬فل بد لنا أن نتطرق إلى تاريخ ربع قرن من الزمن الذي حصلت ‪-‬ول زالت‪-‬‬
‫فيه هذه الثورات الثلث بمفاهيمها الجديدة على البحث العلمي والعلمي علما انها لم تستغرق كل مفرداتها‬
‫عبر هذا التار يخ الق صير ‪ ،‬لذا ستصادفنا مشكلة التعر يف ال صطلحي ل كل من هذه المفردات ب ما في ها من‬
‫تنوع واجتهاد وحتى اختلف ‪.‬‬
‫ان بحيث هذه الثورات الثلث معناه كتابية تارييخ ثورة فيي الفكير –المعلوماتيية‪-‬وثورة فيي التكنولودييا –‬
‫الحا سوب ومتعلقا ته والنتر نت وخاد مه البا حث‪-‬وثورة في ال سيطرة ال سياسية والقت صادية للقطب ية الجديدة‬
‫والعالم المتقدم عموما عبر العولمة وتطبيقاتها السياسية والقتصادية والثقافية ‪.‬‬
‫من هنا فان التساؤلت التي يثيرها هذا البحث كبيرة وعديدة وحتى غير نهائية لنها لزالت تعمل في الواقع‬
‫المعاصر ما دام التطور ما زال جاريا على مستوى المعلوماتية والتقنيات التصالية والعولمة بمضامينها‬
‫من هنا فان مشكلة البحث تتسم بالسعة والشمول ولهذا وجدنا انفسنا نسرع الخطى في كثير من التفصيلت‬
‫خش ية الطالة ‪،‬ولهذا ركز نا في مشكلة الب حث على صناعة مجت مع المعلومات و ما يفرزه من و عي وتأث ير‬
‫على العقول عبر النتر نت كم ساحة والمعلومات ية كمضمون ‪ ،‬وبالتالي ف قد انح صر الب حث في الجا بة عن‬
‫بض عة ت ساؤلت من ها ‪ :‬أ ثر المعلومات العلم ية او العول مة المعلومات ية في التأث ير على الو عي ‪ ،‬ومن ها‬
‫الطا بع الق سري للفيضان المعلوما تي على الو عي ‪ ،‬ومن ها الطا بع ال سياسي والقت صادي عبر الديمقراط ية‬
‫اللكترونية والتجارة اللكترونية كمعبرين عن مضامين الثورة المعلوماتية في إطار العولمة ‪،‬‬
‫وهكذا فقد كانت اهداف البحث محددة في الجابة على هذه التساؤلت عبر استعراض لراء العلماء والباحثين‬
‫والتقنيين والسياسيين والقتصاديين كل في مجال عمله ‪.‬‬
‫كميا خرجنيا باسيتنتاجات على مسيتوى العالم الثالث عموميا والوطين العربيي خصيوصا فيميا يخيص تأثيير‬
‫المشار كة في كتا بة التار يخ المعا صر لمجتمعات هم ال تي هي الهدف ال كبر لتشك يل الو عي وال سيطرة عل يه‬
‫باعتبارهيم مين اقيل الدول حيازة لمضاميين الثورات الثلث اول ولنهيم الهدف القتصيادي الكيبير للدول‬
‫‪.‬لقيد كان البحيث باسيلوب وصيفي‬ ‫المتحكمية فيي العالم المتقدم بمسييرة العولمية والمعلوماتيية والنترنيت‬
‫ومنطق فكري فلسفي لذا لم تلعب الحصائيات دورا كبيرا في استنتاجاته وقد كان مكان البحث هو العالم كله‬
‫لن النترنت جعل العالم كله قرية صغيرة كما كان زمن البحث هو ربع القرن الخير ومدخل القرن الحادي‬
‫والعشرين فالزمن هو المعاصر والمكان هو العولمة ‪.‬‬

‫الفصل الول‬

‫‪1‬‬
‫‪-1‬مدخل أولي‬
‫لشيك ان عنوان هذا البحيث يسيتغرق كيل الثورة المعلوماتيية وثورة تكنلوجييا المعلومات وثورة العولمية ‪،‬‬
‫و من ثم أ سر الو عي البشري المعا صر في اطار كل تلك المتغيرات ‪ ،‬فالنتر نت كآل ية من آليات تكنلوج يا‬
‫المعلومات بما تعنيه من كمبيوتر وما يتبعه من استخدامات لليات البحث على صفحات النترنت ‪ ،‬انما هو‬
‫منظومة معلومات ية اي ضا ب ما تعن يه هذه المنظو مة من ثقا فة وتجارة ومجتمع ‪ ،‬كما ان العول مة ك ما يقودها‬
‫النترنت نفسه كمنظومة معلوماتية وأداتة سيطرة على وعي الشعوب ومحركات السلوك الفردي والجماعي ‪،‬‬
‫انما هي اخطر زلزال تقع فيه البشرية اليوم ول سابق له في التاريخ ‪.‬‬
‫اذن فالبحث يحتاج الى مساحة معرفية واسعة بكل هذه الليات والتقنيات والمعلومات وانعكاسها على تشكيل‬
‫الوعيي الجماهيري المعاصير ‪ ،‬وبالتالي فإن أي بحيث يحاول ان يغطيي كيل هذه المفردات والمسياحات مين‬
‫معلوماتيية الى تقنيات الى اغراق الوعيي النسياني وشبكتيه العصيبية تقود بالتالي الى سيلوك ميبرمج عيبر‬
‫النظريات النفسيية وصيول الى البرم جة الكاملة التيي تسيود جمييع هذه المعطيات العلميية والتقنيية ‪ ،‬وكأنميا‬
‫هدف هذه الحضارة التيي اطلق عليهيا البعيض حضارة الحاسيوب والنترنيت هيو اصيطياد السيلوك النسياني‬
‫وتدجين النسان ضمن سلوكيات تجارية واعلمية واجتماعية ونفسية محددة ‪.‬‬
‫لهذا السيبب فإننيا ل يمكين ان نغطيي البحيث بكيل تفاصييله ال مين خلل لغية حديثية تعتميد اللغية المركزة‬
‫والتو صيف المخت صر البل يغ الم عبر بأ قل ما يم كن من الكلمات والج مل عن اع مق واك ثر ما يم كن من‬
‫السباب والنتائج ووجهات النظر‪.‬‬
‫ان اول ع مل يم كن ان ند خل به هذا الب حث الوا سع هو التعر يف بالم صطلحات ال تي سنستخدمها وال تي قد‬
‫تسيتغرق الجابية على بعيض تسياؤلت البحيث ‪،‬فمين يدخيل هذا الوسيط علييه ان يحدد معانيي النترنيت ‪،‬‬
‫المعلومات ‪،‬الوعي ‪،‬والعولمة ‪ ،‬وبدون تحديد هذه المعاني والمصطلحات لن نستطيع ان نبحر في هذا البحر‬
‫الواسع من المعلومات وعصر العولمة وبرمجة السلوك عبر تشكيل الوعي ‪،‬‬
‫‪-2‬النترنت‬
‫آلية معلوماتية وتقنية اتصالية‬
‫لو حاولنا ان نستعرض كل التعريفات التي عرفت بها شبكة المعلومات الدولية –النترنت‪-‬لستغرق منا‬
‫مسياحة كيبيرة تتجاوز قدرة هذا البحيث ومسياحته المتاحية ‪،‬علميا ان لكيل تعرييف هدفيا محددا حسيب غايية‬
‫المعرف ‪ ،‬لذا فإن نا سنقف على ب عض التعريفات ال تي تخدم الب حث ‪ ،‬أي تعريفات ذات طا بع معلوما تي اول ‪،‬‬
‫وذات طابع تقني ثانيا ‪ ،‬فماذا نجد لدى الباحثين في هذا المجال ؟‬
‫يعرف الخيبير المعلوماتيي الدكتور نبييل علي ظاهرة النترنيت كمنظومية مين خلل المنظور الثقافيي لهيا‬
‫بقوله{النترنت او شبكة الشبكات تحدث كثيرون –مفكرون واعلميون وفنيون –عن النترنت ‪ ،‬ذلك الماموث‬
‫الشبكي الكبير ‪،‬ذي الفضاء المعلوماتي المتناهي الضخامة الدائم المتداد والنتشار ‪ ،‬والذي يقدر عدد رواده‬
‫ب ي ‪ 800‬مليون ن سمة بحلول عام ‪، 2004‬ان ها تلك الغا بة الكثي فة من مرا كز تبادل المعلومات ال تي تختزن‬
‫وتستقبل وتبث جميع انواع المعلومات في شتى فروع المعرفة ‪ ،‬وفي جوانب الحياة كافة من قضايا الفلسفة‬
‫وأمور العقيدة الى احداث الرياضية ومعاملت التجارة ‪ ،‬ومين مؤسيسات غزو الفضاء وصيناعة السيلح الى‬
‫معارض الفن ونوادي تذوق الموسيقى ‪ ،‬ومن الهندسة الوراثية الى الحرف اليدوية ‪ ،‬ومن البريد اللكتروني‬
‫الى ال بث العل مي ‪ ،‬و من المؤتمرات العلم ية الى مقا هي الدرد شة وحلقات ال سمر ٍ‪ ،‬و من صفقات بور صة‬

‫‪2‬‬
‫نيويورك الى مآسيي المجاعات والوبئة فيي أرجاء القارة السيوداء )‪ 1‬انهيا اذا تغطيي كيل مسياحة المعرفية‬
‫النسانية ‪ ،‬وإقامة علقة بين النسان وعالمه وأشياءه ‪ ،‬أي انها بتعبير الدكتور نبيل علي اصبحت { نافذة‬
‫الن سان ‪ ،‬يوا جه من خلل ها العالم على ات ساعه بحيوي ته المتدف قة وديناميا ته الهادرة ‪ ،‬وإشكاليا ته المتجددة‬
‫المتشابكية والمتراكمية ‪ ،‬إن شبكية الشبكات هذه تعييد صيياغة العلقية بيين النسيان وعالميه ‪ ،‬بيين الفرد‬
‫ومجتم عه ‪ ،‬ب ين ثقا فة المجت مع وثقافات غيره ‪،‬ل قد ا صبحت النتر نت بكل المقاي يس ساحة ثقاف ية ‪ ،‬ساخنة ‪،‬‬
‫وو سيطا اعلم يا جديدا ‪ ،‬ومجال للرأي العام مغايرا تما ما ل ما سبقه)‪2‬ولو ا ستخدمنا صيغة الت شبيه لتقر يب‬
‫بعضا من مفاهيم ومعاني النترنت لقلنا انه حينما يدخل انسان الى مكتبة فيها مليين الكتب فإذا اراد قراءتها‬
‫لستغرقته عمر البشرية كلها قبل ان يكمل قراءتها فكيف يستطيع التعرف على ما فيها من معلومات تعنيه‬
‫ويحتاجها في حياته ووظيفته ومعيشته؟هنا هي مكتبة المعلومات اللنهائية قياسا الى عمر النسان ‪ ،‬فهو ل‬
‫يستطيع ان يستفيد من هذه المكتبة على غناها إل بآلية الفهرسة المكتبية المعروفة ليعرف على القل مكان‬
‫كل علم او معر فة او تخ صص ‪ ،‬ولكن ح تى لو اختار التخ صص وو جد مكا نه فإ نه سيجد آلف الك تب فكيف‬
‫ي ستطيع أن يت صفحها أو ح تى على ال قل قراءة فهارسها ليحدد ما ير يد منها ‪ ،‬ا نه ل ي ستطيع ذلك لن هذه‬
‫الطريقة عشوائية اضافة الى مساحتها الكبيرة ‪ ،‬من هنا كان لبد ان يجد آلية تعرفه بسرعة فائقة على ما‬
‫ير يد ا ستعراضه من مضام ين هذه الك تب دون ان ي مد يده لت صفحها وتقل يب صفحاتها ‪.‬هذا الت شبيه المقرب‬
‫لع مل النتر نت والحا سوب الذي يشت غل عل يه و من ثم الخادم الذ كي الذي يب حث له عن مفات يح المعلومات‬
‫والمعرفة التي يريدها من هذا الكم اللنهائي من الكتب ‪.‬لقد فتحت النترنت المكتبة امامك لتتصفح ما تريد‬
‫منها بسعة خارقة قياسا الى التصفح اليدوي والقراءة الميكانيكية ‪،‬‬
‫ولو حاولنا ان نستعين بالرقام لقياس كم المعرفة والمعلومات المتوفرة اليوم مقارنة بعمر النسان القاريء‬
‫لوجدنا الصورة اوضح حيث تقول الرقام مايلي { يقول علماء المعلوماتية عن انفجار المعارف وفيضانها‬
‫–ان مجموع المعارف ابتداء من السنة الميلدية الصفر قد تضاعف اول مرة سنة ‪ ، 1750‬ثم تضاعف سنة‬
‫‪، 1900‬ثم تضاعف سنة ‪، 1950‬ثم تضاعف سنة ‪، 1960‬ليأخذ هذا التزايد بعد هذه السنة منحى أسيا غير‬
‫مسبوق في تاريخ البشرية ‪ ،‬ومعنى هذا ان العالم قد انتج من المعلومات خلل الثلثة عقود الخيرة فقط ما‬
‫لم ينت جه طيلة خم سة آلف سنة ‪ ،‬ومعناه اي ضا أن قارئا قادرا على قراءة ألف كل مة في الدقي قة يقرأ لمدة‬
‫ثماني ساعات يوميا ‪ ،‬يحتاج الى شهر ونصف لقراءة انتاج يوم واحد ‪ ،‬في الوقت الذي يجد نفسه قد تاخر‬
‫‪3‬‬
‫خمس سنوات ونصف عن مواكبة انتاج المعلومات )‬
‫اذن كان على النترنيت ان يقدم خدمتيه عيبر النتقال مين الباحيث البشري الى الوكييل اللي الذكيي بعيد ان‬
‫اصبحت المعلومات اكبر من ان يحصيها احد انه الفيضان المعلوماتي الذي ليمكن لي قدرة بشرية طبيعية‬
‫ان تسيتوعبها ال ان النترنيت يقدمهيا سيهلة مبرمجية تتناسيب وعمير النسيان ومدى قراءتيه{ لقيد فتحيت‬
‫النترنت بوابات الفيضان المعلوماتي على مصاريعها ‪ ،‬لتصبح مشكلة الفراط المعلوماتي من اخطر المشاكل‬
‫التي نواجهها حاليا ‪ ،‬وأصبح في حكم المؤكد استحالة التعويل على الوسائل البشرية وحدها لمسح الشبكة‬
‫دوريا بحثا عن المعلومات المطلوبة ‪ ،‬وكان لبد من أتمتة هذه العملية وذلك باللجوء الى ما يسمى بالروبوت‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪93-92‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪94‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪-‬في الثورة العلمية والمعلوماتية المعاصرة يحي اليحياوي عن النترنت‬ ‫‪3‬‬

‫‪3‬‬
‫المعرفيي ‪ knowbot‬او البرمجيي ‪ softbot‬بصيفته وكيل آلييا يحال الييه القيام بهذه المهام الروتينيية‬
‫الشاقة ‪،‬ان الروبوت المعرفي هو –شغال‪ -‬النترنت المطيع الدؤوب الدائم التجوال بين ارجاء الشبكة لتنفيذ‬
‫المهام الموكلة ال يه والوك يل اللي ل يس الروبوت الغش يم بل له ن صيب من الذكاء ال صطناعي يمن حه القدرة‬
‫على التحليل والستنتاج والتوقع ‪،‬وله أيضا استقللية في اتخاذ القرارات وفقا للسلطات المخولة اليه ‪،‬وإقامة‬
‫الحوار مع زملء عشير ته ليعملوا كفر يق ع مل متكا مل اقرب ما يكون الى ع مل ممل كة الن مل)‪. 4‬ل قد عا نى‬
‫الباحثون كثيرا من عدم القدرة على ف هم وف قه مع نى النتر نت و هو يع مل على إي صال كم المعلومات الهائلة‬
‫في سرعة ضوء خارقة في برمجة ذكية ‪ ،‬حتى ان احد الباحثين وضع عنوانا فرعيا لبحثه سماه تعريفات‬
‫النتر نت العالم ية اللغات ال سريعة قال ف يه {ل تح صى تعريفات النتر نت وشروح ها الكثيرة ف هي تش كل مادة‬
‫الع صر وتطب عه ل تعود ل حد بل للعالم كله ‪ ،‬تو حد الجماعات وتف تح آفاق المعر فة وتن مي ب ساطة الحشر ية‬
‫‪...‬وتفتح ‪-‬النوافذ – مساحات اتصال واسعة كانت غير مباحة من قبل تجعل المرء ل يعرف اين يحط الرحال‬
‫و قد ين سى من ا ين جاء قبل ‪...‬ان ها الشب كة المتحررة من كل العوائق والقوان ين والشروط اللغو ية ‪ ،‬ان ها‬
‫مجانية وتدافع في المطلق عن حريات التعبير حتى التصال يتم بأسماء مستعارة اذا شئنا ‪ ،‬وتصبح النترنت‬
‫بهذا المع نى الواج هة التجار ية العالم ية للت صال بالخارج ‪ ،‬وض عت حدا نهائ يا لتار يخ المر سل في العلم‬
‫وحتى ل يفرض فريق ثقافته واعلمه في وقت معين ‪،‬‬
‫هكذا ينتهي تاريخ الزدواجية بين النتاج والستهلك ‪ ،‬ويتمكن أي فرد من تاسيس بنك معلومات خاص به‬
‫يطر حه وف قا لمزا جه وأوقا ته ومرام يه ‪ ،‬والنتر نت هو ال سوق العالم ية والثقاف ية الوا سعة ‪ ،‬ومكت بة العالم‬
‫الخيالية وهو حاجة معاصرة وأهم تطور ثقافي منذ سيطرة النسان على النار ‪...‬لكنها سيطرة مستجدة تقتل‬
‫لغاتنا المألوفة الجميلة وفي الوقت نفسه تجذبنا نحو لغات ومفاهيم اتصالية ‪.‬‬
‫كان من المستحيل ايجاد ابرة في قفة من التبن وسقطت الصورة مع النترنت حيث يمكننا ان نجد ما نريد‬
‫تحت نقرة الفأرة تأخذنا الى مليين المفاتيح الجاهزة ‪ ،‬كلمات تفتح نوافذ ل تنتهي من المعرفة ‪،‬‬
‫فالنترنت هي نهاية الجغرافيا والخلص من محددات السجون التي طبعت الكرة والحدود ‪ ،‬وهي غزو العقول‬
‫وتكي يف المنطق وتوج يه الجمال وصنع الذواق وقولبة ال سلوك ‪ ،‬وتر سيخ ق يم عالم ية جديدة ‪ ،‬وهي ال تي‬
‫تنقلنا من القبيلة الضيقة الى القبيلة البشرية الكبرى ‪ ،‬وتمنحنا الثقافة السريعة ‪ ،‬وتجعل بمتناولنا المعارض‬
‫ال سريعة وال فن والر سم والمو سيقى ‪ ،‬و هي الملذ الوح يد الوا سع لديمقراط ية المعر فة في المك نة والزم نة‬
‫كلها ومن دون قيود ‪ ،‬ويبدو انها التجسد الفعلي للقرية العلمية اللكترونية التي رددها الناس ‪ ..‬وانتظروا‬
‫حلولها مثل الحلم ‪.‬لقد باتت النترنت من الوسائل الناجحة لتحقيق نزعات القوى الدولية نحو العالمية او‬
‫الكونية ‪ ،‬وأظهرت بصورة جلية اقتصاد عصر المعلومات التي ل تنقص خلفا للموارد المادية بل تزيد مع‬
‫تزايد استهلكها )‪ 5‬لقد بدأ العصر يوصف بأنه عصر النترنت للثر الكبير الذي تركته هذه الشبكة على واقع‬
‫النسان اليوم وقد اعتبرها البعض اعظم ثورة بعد الثورة الصناعية حيث يقول احد الباحثين { يشهد العالم‬
‫منذ ما يزيد على ربع قرن ثورة علمية وتكنولوجية فاقت في أهميتها وتأثيراتها ونتائجها ثورة القرن الثامن‬
‫عشر الصناعية في اوربا ‪ ،‬هذه الثورة كان العلم اللكتروني والتصال والمعلوماتية من ابرز مظاهرها ‪،‬‬
‫فقد أكدت العديد من الدراسات ان شبكة المعلومات العالمية ‪ injernetion net wark‬هي أهم وأعظم ما‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪102-101‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪-‬العلم العربي وانهيار السلطات اللغوية ص ‪387-386‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪4‬‬
‫أفرز ته التطورات الهائلة في مجال تكنولوج يا المعلومات والت صال ‪ tic‬وال تي ا سهمت في إحداث تأث ير بالغ‬
‫الهم ية في ظرف زم ني قصير جدا ل في بيئة وسائل العلم والتصال فحسب بل أي ضا وبشكل جذري في‬
‫جمييع أنماط التعاميل وأسياليب التفكيير والحياة ‪ ،‬كميا يؤكيد ذلك محميد العمير ‪ ..‬النترنيت أوجدت أنماطيا ل‬
‫للتوا صل والع مل والتجارة فح سب ‪ ،‬إن ما ن مط جد يد للحياة يفرض تحديا ته علىالنماط التقليد ية ال تي ألف ها‬
‫الناس من قبل في كل شيء وأهم ذلك إمكانية الوصول الى بحر لتعرف شواطؤه من المعلومات )‪. 6‬ويطلق‬
‫الدكتور اجقيو علي على النترنيت بانهيا ثورة ثقافيية ولييس مجرد ثورة تقنيية حييث يرى ان مين بيين‬
‫الستخدامات التي برزت بشكل كبير منذ بداية ما يمكن تسميته عولمة النترنت ما قامت به وسائل العلم‬
‫المختلفة والتي استطاعت الستفادة بدرجات متفاوتة من امكانيات الوسيلة التكنلوجية ‪ ،‬ويقارن بين وسائل‬
‫العلم الخرى كالرادييو والتلفاز ييبرز تطور ونميو هذه الشبكية حييث يرى ان المذياع احتاج الى ‪ 83‬سينة‬
‫ح تى ا صبح لد يه مليون مشترك ‪ ،‬بين ما احتاج التلفاز الى ‪ 51‬سنة ‪ ،‬في ح ين ان شب كة النتر نت لم تح تج‬
‫سوى بضع سنوات ان لم نقل اربع لتخطي الحواجز ‪.‬‬
‫ان العالم الثقا في والفكري والحضاري عمو ما الذي صنعته شب كة النتر نت اليوم يتجاوز المفردات الب سيطة‬
‫ال تي ي نبيء عن ها ن قل المعلومات عبره الى ح يث بدأ المجت مع كل يا يتغ ير ‪ ،‬فأ صبح مجتم عا انترنيت يا ات صاله‬
‫يقوم على الشب كة بدون حضور مادي او لقاء ح سي بل نبضات كهربائ ية تنت قل ب ين الجا نبين ‪ ،‬بل ان ف هم‬
‫التراث نف سه تغ ير عبر هذه المعطيات الجديدة ‪ ،‬ا نه عالم جد يد ومغا ير كل يا للعالم ق بل النتر نت ‪.‬يقول ا حد‬
‫الباحثين في هذا المعنى {اضحت المعلومات من اهم مقومات البنى التحتية لصناعة ثقافة الخطاب الصحفي‬
‫ب عد ان ع صفت تقنيات المعلومات ون سيج النتر نت ب جل مفردات المنظو مة المفاهيم ية في ع صرنا الرا هن ‪،‬‬
‫فبجا نب توفير ها لموارد الخطاب ال صحفي بتجليا ته الثقاف ية وال سياسية والجتماع ية ‪ ،‬فإن التقنيات الرقم ية‬
‫الجديدة وآليات الذكاء الصيطناعي قد احد ثت تغييرا حا سما في طبيعية فهم نا للتراث والفكير بعيد ان تحول‬
‫النص الحادي الى نص متشعب ‪ ،‬واصبح الخطاب عرضة لسلسلة من عمليات المعالجة المحوسبة التي ينقر‬
‫في ها دا خل البناء اللغوي والدللي لل نص للو صول الى النموذج الذي ا سهم في تول يد الفكار وأن شأ ال صرح‬
‫المفاهيميي للفكير ‪ ،‬وقيد تعمقيت الوشائج التيي تربيط الموارد المعلوماتيية بالدوات التقنيية بعيد ان اصيبحت‬
‫الفكار والثقافات عبارة عن نبضات رقم ية محفو ظة في و سائل خزن مغناطي سية وي تم تداول ها بش كل حزم‬
‫رقمية تسري عبر شبكات رقمية تلف كرتنا الرضية ‪ ،‬فلم يعد للخطاب وجود دون ارضية رقمية تسري فيها‬
‫النبضات الرقمية التي تترجمها الى نص مقروء او خطاب مرئي او مسموع )‪. 7‬‬
‫ويحدد الكا تب م ساهمة الفضاء المعلوما تي للنتر نت بالفضاء الثقا في من خلل مجم عة العنا صر ال تي يتألف‬
‫من ها وال تي تش مل ك ما يقول{‪--‬فضاء مفتوح للتجارة اللكترون ية بو صفه مو طن ت سوق الكترو ني لمختلف‬
‫انواع السلع والخدمات المطروحة للستهلك‬
‫‪--‬وسط مجتمعي تتم من خلله انشطة النقاشات والتواصل مع الخر عبر حلقات الدردشة ومجاميع الخبار‬
‫والبريد اللكتروني‬
‫‪--‬بيئة ثقافيية ومعرفيية ‪ culture media‬يتيم مين خلله تبادل المعلومات والمعارف بشتيى صيورها‬
‫وانواعها عبر الخطاب العلمي والثقافي في مواقعه الكثيرة‬

‫‪-‬الصحافة اللكترونية العربية الواقع والفاق ص ‪2‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪-‬صحافة النترنت في الوطن العربي ص ‪1‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪5‬‬
‫‪--‬بيئة سياسية مستحدثة تمارس من خللها عمليات متباينة لترجمة الخطاب السياسي الى فعل معلوماتي‬
‫يملك تأثيرا ملموسا على الجهة المناوئة‬
‫‪--‬بيئة تنظيمية مستحدثة لدارة وتنظيم النشطة التقليدية عبر وسط معلوماتي يذلل الصعاب التي تشخص‬
‫امام الفعيل التنظيميي على ارض الواقيع ويتجلى ذلك واضحيا فيي تقنيات ادارة حركية الصيناعة والتجارة‬
‫والخدمات عبر الفضاء المعلوماتي وبعيدا عن الليات القديمة التي تعاني من بطء ملحوظ‬
‫‪--‬بيئة لهو ملوثة قد شحنت بجميع انشطة الفسق والفجور التي توظف الخصائص الفريدة لحضارة الصورة‬
‫وثقافتها لشباع واستدراج الشهوات النسانية وتضليلها واجتذاب الشباب وتوسيع دائرة العهر بحيث اصبح‬
‫‪8‬‬
‫في متناول الجميع وبعيدا عن اعين رقابة المجتمع والتقاليد )‬
‫ترى هل ان تو فر المعلومات ب سهولة ل كل الناس هي م سألة سلبية ام ايجاب ية اذا كان النتر نت هو الو سط‬
‫الناقل لها؟لقد بشر بعض الباحثين بأن النترنت سيحقق ديمقراطية في المجتمع الحديث بما لم يتوفر سابقا‬
‫له وسييحقق عدالة اجتماعيية مين خلل هذه المعرفية المتاحية للجمييع فيقول {النترنيت بإتاحتهيا المعلومات‬
‫والمعر فة –ا هم موارد التنم ية‪-‬للجم يع على حد سواء ‪ ،‬ستوفر منا خا اف ضل لتحق يق العدالة الجتماع ية ‪،‬‬
‫وتمنيح فرصيا متكافئة للتعلييم والتعلم مميا يضييق الهوة الفاصيلة بيين العالم الناميي والعالم المتقدم ‪ ،‬ويقلل‬
‫الفوارق بين الفئات الجتماعية المختلفة ‪ ،‬وعلى النقيض من ذلك هناك من يؤكد ان النترنت يزيد من حدة‬
‫الستقطاب الجتماعي بين من يملك ومن ل يملك ‪ ،‬وسيؤدي الى ظهور نخبة جديدة تجمع بين القوة المادية‬
‫لرأس المال والقوة الرمز ية المتمثلة في المعارف والمعلومات ان المعلومات عبر النتر نت في رأي هؤلء‬
‫لن ت ظل حرة طلي قة مشا عة للجم يع ‪ ،‬وذلك ب عد ان ادر كت القوى الرأ سمالية التقليد ية المغزى القت صادي‬
‫للموارد الرمزيية ‪ ،‬وهيم مصيممون على ان يحيلوا المعلومات والثقافية الى سيلع تباع وتشترى وفقيا لقانون‬
‫العرض والطلب ‪.‬ان هناك من يزعم ان هذه التكنولوجيا المستحدثة ستحقق درجة غير مسبوقة من الشفافية‬
‫–احد الشروط الساسية لممارؤسة الديمقراطية‪-‬فهي تمثل وسيلة عملية لطلق حرية النسان في ان يحصل‬
‫في أي و قت و في أي مكان على كل ما يحتا جه من معلومات ‪ ،‬وأن يب عث في أي و قت والى أي مكان ما‬
‫يتراءى له من أفكار وآراء ‪،‬‬
‫على النق يض من ذلك هناك من يؤ كد ان ها تنطوي على تهد يد حقي قي لخ صوصية ان سان اليوم ‪ ،‬و قد با تت‬
‫بيانات ها الشخ صية متا حة لجهزة الرقا بة وال سيطرة عر ضة ل ستغللها في ك شف الم ستور و ما تختلج به‬
‫ال صدور وتش فى به العقول ‪،‬ان الحر ية المطل قة الموعودة ما هي ال خداع ‪ ،‬و قد بدأت الطبق ية ذلك العدو‬
‫اللدود للديمقراطيية تت سلل الى شب كة النترنيت ال تي تحتوي حال يا على عدد من النوادي المعلومات ية خاص‬
‫بالعضاء ف قط تقت صر عضويت ها على نخ بة متميزة من حملة بطاقات العضو ية او من يعرف كل مة ال سر –‬
‫الشفرة‪-‬التي تت يح له النفاذ الى بوابة المعلومات الراقية ‪ ،‬فل مكان هنا للحراف يش او المتسكعين في دروب‬
‫هذا الماموث المعلوماتي )‪. 9‬‬
‫ان هذا التأثير الكبير والخطير لشبة النترنت على المجتمع خلق علوما جديدة متصلة بدور العلم والنترنت‬
‫كوسييلة اعلميية فيي التأثيير على الفراد والجماعات ‪ ،‬مين هذه العلوم ميا يسيمى علم اجتماع العلم ‪،‬‬
‫فالنترنت كوسيلة ات صال واعلم لم يقت صر على تطور قوة البث وقوة ال ستقبال ف قط ‪ ،‬وإنما أدى الى ترك‬
‫آثار واسيعة على البنيى الجتماعيية والقتصيادية والثقافيية ‪ ،‬ومين هنيا تحول الى قضيية هيمنية يقول احيد‬

‫‪- 8‬صحافة النترنت في الوطن العربي ص ‪3‬‬


‫‪-‬الديمقراطية الرقمية ص ‪5-4‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪6‬‬
‫الباحثين في هذا العلم { ان التقنيات التصالية الجديدة هي بمثابة الزلزال الذي هز ومن ثم خلخل المرتكزات‬
‫ال ساسية للبن ية العلم ية القدي مة ب صورة شاملة ‪ ،‬بدءا من التقنيات الم ستخدمة ون مط العمليات العلم ية‬
‫والساليب المستخدمة وانتهاء بوظائف العلم ذاته)‪– 10‬ويؤكد على {ان التغير الذي طرأ على حجم عملية‬
‫التصال والدور المناط بها يتصل مباشرة بعملية تدويل النتاج والبث والتصدير وكلها ذات علقة باستخدام‬
‫انماط جديدة لممارسة الهيمنة السياسية ‪ ،‬لهذا ان وظائف العلم ووسائله تبدو مختلفة عما سبق ‪ ،‬وترتكز‬
‫ب صورة ا ساسية على تهيئة الجواء والقناعات وبلورة مشا عر م ستهلكي المادة العلم ية بأن هم ينتمون الى‬
‫بيئة سياسية دول ية او البيئات المعر ضة لم ثل هذه الحملت في مقاو مة الت سلط والدفاع عن حقوق الن سان‬
‫المقهور اجتماعيا في تبني ثقافته وسياسيا في ضمان حريته ووطنيا في ضمان استقلليته)‬
‫ان ثورة التصيال التيي احدثتهيا النترنيت غدت اليوم مين أهيم الوسيائل التيي ‪11‬تسيتعملها القوى السيياسية‬
‫الم ستنيرة لتحر ير الشعوب من ال ستبداد والظلم ال سياسي والقت صادي والجتما عي ح يث وفرت النتر نت‬
‫‪12‬‬
‫امكانات كبيرة على كافة المستويات وخاصة السياسية والعلمية ويمكن اجمال بعضها بما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬تسهيل الحصول على المعلومات وهي ل تزال طرية من مصادرها المباشرة ‪ ،‬فبمجرد نقرة على شاشة‬
‫الكمبيوتر ينتقل القاريء من موقع الى موقع أينما أراد على وجه الرض ‪ ،‬ويقرأ أي موضوع يشاء بأي لغة‬
‫يفهم دون مصادرة او قيود‬
‫‪-2‬تسهيل إيصال المعلومات الى الجمهور دون تحكم من الحكام المستبدين او رجال المال المحتكرين لملكية‬
‫وسائل العلم ‪ ،‬وتوفير المعلومات الصحيحة هو اول خطوات التغيير ‪ ،‬وقد كان احتكار اهل السلطة والثروة‬
‫للمعلومات في الماضي من اهم الوسائل التي يحتمون بها‬
‫‪-3‬التم كن من اي صال الر سالة العلم ية بالش كل الذي يريده المر سل دون تد خل مو جه من اباطرة العلم‬
‫الذين اعتادو التصرف في المعلومات التي تصلهم وصياغتها واخراجها بالطريقة التي تخدمهم على حساب‬
‫المرسل الصلي ورسالته بل يقدمون الرسالة بصورة تخدم نقيض ما اراد مرسلها‬
‫‪-4‬رخص ثمن التصالت بل ومجانيتها في اغلب الحوال مما يجعلها متاحة للجميع ول مجال لحتكارها من‬
‫طرف الحكومات القمع ية او الشركات الحتكارية ومن فوائد ر خص ثمن التصالت اشراك عامة الناس في‬
‫المعلومات ‪ ،‬وتلك هي الخطوة الولى لتخاذ الموقف السياسي الرشيد ‪.‬‬
‫‪-5‬ور غم ان الحكام الدكتاتوري ين يميلون الى التضي يق على تكنلوج يا الت صال الحدي ثة م ثل النتر نت خو فا‬
‫مين انفلت المور مين قبضاتهيم ‪ ،‬فقيد بدأ العلم اللكترونيي يقضيي على اعلم الورق –الصيحف‪ -‬وبدأ‬
‫يضايق اعلم الصورة –التلفزيون‪ -‬وهو مرشح للسيادة في المستقبل بسبب الميزات العديدة التي يمتاز بها‬
‫على العلم التقليدي‬
‫اما ميزات العلم النترنيتي على العلم التقليدي فيمكن اجمال بعضها فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬ان العلم اللكتروني يعطي القاريء فرصة اطلع اكبر من الناحية الكمية ‪ ،‬ففي جلسة واحدة يستطيع‬
‫القار يء ان يطلع على عشرات الم صادر العلم ية من جم يع ارجاء العالم ودون تكل فة ماد ية تذ كر ‪ ،‬و هو‬
‫أمر غير ممكن عمليا من حيث الوقت ومن حيث الكلفة في التعامل مع العلم التقليدي ‪.‬‬

‫‪-‬علم اجتماع العلم ص ‪125‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪- 11‬‬
‫‪- 12‬‬

‫‪7‬‬
‫‪-2‬انه يعطي القاريء حرية النتقاء والمقارنة من خلل الطلع السريع على العديد من المصادر المختلفة‬
‫الرؤى والخلفيات واستخلص النتيجة التي يراها اقرب الى الحقيقة دون ان يظل اسيرا لرؤية مخصوصة ول‬
‫تخفى قيمة ذلك في تحرير ارادة المتلقي في تعاطيه مع الوسيلة العلمية‪.‬‬
‫‪-3‬انه يمكن من القراءة المتخصصة ‪ ،‬فلم يعد من اللزم استنزاف الوقت والجهد في تصفح الصحف بحثا‬
‫عن موضوع معين او انتظار برنامج مخصوص في احدى القنوات التلفزيونية ‪ ،‬بل اصبح النترنت بوسائل‬
‫البحث في مادته يمكنك من الطلع على الموضوع الذي تريد في الوقت الذي تريد ‪.‬‬
‫‪-4‬ا نه يو صل الر سالة العلم ية الى مدى عال مي ويتجاوز القيود التقليد ية ال تي تق يد التلفزيون وال صحافة‬
‫المطبوعة فهذه تحدها حدود المكان فل يتجاوز بعضها مساحة معينة من البسيطة كما تحدها حدود المكان‬
‫فل يستطيع الجميع الوصول اليها لنها غ ير مجانية بخلف النترنت فل تحده حدود المكان وهو مجاني او‬
‫شبه مجاني في العادة ‪.‬‬
‫ان المتتبع لثورة التصال والعلم في عصر المعلومات ‪ ،‬يدرك ان العلم اصبح محوريا ل بسبب التقنيات‬
‫التي استخدمها فقط ‪ ،‬وانما بسبب طبيعة الرسالة العلمية عبر هذه التقنيات ‪ ،‬يقول الدكتور نبيل علي تحت‬
‫عنوان محور ية العلم والت صال { ل قد ظن الب عض خ طأ ان اعلم ع صر المعلومات ما هو ال مجرد طغيان‬
‫الوسيط اللكتروني على باقي وسائط التصال الخرى ‪ ،‬لكنه في حقيقة المر اخطر من ذلك بكثير ‪ ،‬فالهم‬
‫هيو طبيعية الرسيائل التيي تتدفيق خلل هذا الوسييط التصيالي الجدييد ‪ ،‬وسيرعة تدفقهيا وطرق توزيعهيا‬
‫وا ستقبالها ‪ ،‬ل قد نج مت عن ذلك تغيرات جوهر ية في دور العلم جعلت م نه محورا ا ساسيا في منظو مة‬
‫المجتميع ‪،‬فهيو اليوم محور اقتصياد الكبار وشرط اسياسي لتنميية الصيغار ‪ ،‬لقيد سياد العلم ووسيائله‬
‫اللكترون ية الحدي ثة ساحة الثقا فة ح تى جاز للب عض ان يطلق علي ها ثقا فة الميد يا ‪ ،‬وثقا فة التكنولوج يا ‪،‬‬
‫وثقا فة الو سائط المتعددة )‪. 13‬ل قد سيطرت النتر نت على كل و سائل العلم وتضمنت ها ‪ ،‬و قد كان العا مل‬
‫التق ني من العوا مل ال ساسية لثورة العلم والت صال بجا نب العا مل القت صادي وعولم ته والعا مل ال سياسي‬
‫المتم ثل في ال ستخدام المتزا يد لو سائل العلم ‪ ،‬يقول نب يل علي بان وراء ثورة العلم والت صال عوا مل‬
‫تقنية واقتصادية وسياسية ‪ ،‬وان العامل التقني المتمثل في التقدم الهائل في تكنولوجيا الكمبيوتر ‪ ،‬عتاده‬
‫وبرمجيا ته ‪ ،‬وتكنولوجييا التصيالت خا صة فيميا يتعلق بالقمار ال صناعية وشبكات اللياف الضوئ ية ‪ ،‬ل قد‬
‫اندمجت هذه العناصر التكنلوجية في توليفات اتصالية عدة الى ان افرزت شبكة النترنت التي تشكل حاليا –‬
‫كميا يقول علي‪-‬لكيي تصيبح وسييطا اعلمييا يطوي بداخله جمييع وسيائط التصيال الخرى المطبوعية‬
‫والم سموعة والمرئ ية ‪،‬وكذلك الجماهير ية وش به الجماهير ية والشخ صية ‪ ،‬ل قد انع كس ا ثر هذه التطورات‬
‫التكنلوج ية على جمييع قنوات العلم ‪ ،‬صيحافة واذاعية وتلفاز ‪ ،‬وانعكيس ذلك –وهيو الخطير‪-‬على طبيعية‬
‫العلقات التي تربط بين منتج الرسالة العلمية وموزعها ومتلقيها ‪ ،‬لقد انكمش العالم مكانا وزمانا وسقطت‬
‫الحواجز بين البعيد والقريب وكادت تكنولوجيا الواقع الخائلي ان تسقط الحاجز بين الواقعي والوهمي ‪ ،‬وبين‬
‫الحاضر والغائب ‪ ،‬وبين التصال مع كائنات الواقع الفعلي ‪ ،‬والكائنات الرمزية التي تقطن فضاء المعلومات‬
‫‪.‬ولشك ان محورية العلم والتصال هو الذي قاد الى ان تأخذ شبكة النترنت سلطة خاصة تتجاوز سلطات‬
‫التصيال والعلم الخرى‪ ،‬فإذا كان العلم سيلطة رابعية فإن النترنيت اليوم تتجاوز قدراتيه مجموع قدرات‬
‫و سلطات الم سموع والمنظور ‪ ،‬ل قد كا نت سلطة ال صحافة –ال سلطة الراب عة‪-‬باعتبار ها و سيلة اعلم ية من‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪344‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪8‬‬
‫اوضح السلطات عبر الممارسات النسانية التي عايشتها ‪ ،‬لقد وصلت سلطة الصحافة كما عبر عنها نابليون‬
‫بونابرت الذي كانت تخيفه الصحافة بقوله –ان مقالة صحافية تساوي جيشا من ‪ 300‬الف رجل ‪,,‬وهؤلء ل‬
‫يراقبون الداخل ول يخيفون الخارج افضل من دزينتين من حثالت الصحفيين‪.-‬‬
‫كذلك كان للراد يو سلطة وللتلفزيون سلطة ال صورة و صول الى سلطة الحا سوب ‪ ،‬ل قد جم عت النتر نت هذه‬
‫ال سلطات كل ها في ها م ما اعطا ها قدرة و سيطرة تا مة و هو ما تحدث ع نه ا حد الكتاب ت حت عنوان سلطات‬
‫النترنت بعد ان استعرض السلطات العلمية السابقة {قد تكون النترنت او شبكة الشبكات هي التي تساعد‬
‫اليوم في ردم الهوة بين النسان والتقنيات ‪،‬إذ خطا بواسطتها خطى سريعة تفوق بكثير الستطالت القديمة‬
‫التيي جعلت رجلييه وسيمعه ونظره ولسيانه وصيوته تتمثيل فيي العجلة والهاتيف والشاشية ‪ ،‬وميا اختراع‬
‫الحا سوب ال ا ستجابة لتقد يس قدرة الن سان الذي جعله على صورته محاول ان يج مع هذه ال ستطالت الى‬
‫ميخ صيناعي وذاكرة صيناعية وشبية اعصياب صيناعية زودهيا باطراف كهربائيية وميكانيكيية وعيون واذان‬
‫الكترون ية وعلمهيا الحركية والكتابية والقراءة ومنحهيا لغتيه ووضيع في برامجهيا عصيارة فكره وتجاربيه ‪،‬‬
‫واستأنس برفقتها في مصنعه ومتجره ومكتبه وقاعة درسه وغرف معيشته ‪ ،‬وبهذا اصبحت ذاكرة النسان‬
‫مستودعا او وعاء وحواسه هوائيات ‪ ،‬ولغته اشارات ‪ ،‬ونبضاته وفكره مواد قابلة للتعليب من خلل اساليب‬
‫الذكاء ال صطناعي ‪ ،‬وان ا ستشراء المجاز في ا سقاط الحوا جز ب ين الن سان واللة على الر غم من القرار‬
‫بصيعوبة ارتقائهيا الى مسيتواه ‪ ،‬يدخيل شبكية الشبكات الى المسيتوى الذي تبدو فييه ممثلة لقصيى تجليات‬
‫الت صال ال صطناعي الذي هو في رأي نا عدم الت صال ‪ ،‬ت ساعد النتر نت في ت ثبيت مركز ية العلم فتند مج‬
‫اللياف الضوئية والكابلت الرضية والبحرية واشعة الماكرويف ودوائر القمار الصناعية الى درجة توصل‬
‫مع ها الى التخوف من حدوث أز مة مرور للقمار ال صناعية ال تي تتزا حم في ارتفاع ها الثا بت بالن سبة الى‬
‫الرض وبصورة تهدد بتداخلت موجات ارسالها )‪. 14‬‬
‫ان مراجعة بسيطة لسلطة العلم التقليدي اليوم وفي ظل العولمة يعطينا صورة عن سلطة النترنت التي‬
‫اصبحت بديل لكل الوسائل العلمية وجامعا ومضمنا لها ‪ ،‬يقول احد الكتاب عن سلطة العلم التقليدي او‬
‫ميا يتبقيى منهيا فيي ظيل العولمية { اذا كان العلم يشكيل اليوم مادة اسياسية فيي تطويير الحياة وتنميية‬
‫المجتمعات بالتجاه الذي يؤدي الى زيادة المعارف وتوسييعها ونقلهيا وحيل المشكلت الجوهريية لسيكان‬
‫العالم ‪ ،‬فإنه اصبح في ع صر العولمة و في ظل التقدم العل مي والتقني سلطة قو ية للتأثير في الرأي العام ‪،‬‬
‫وأداة خطيرة للدعاية والحرب النفسية بقصد الغزو والسيطرة وغسل العقول في عالم متغير يتميز بالقطبية‬
‫الواحدة وسيطرة الحتكارات الدولية على ميادين الحياة ‪ ،‬وخاصة المجال القتصادي والعلمي ‪،‬‬
‫ان التصال الدولي لم ي عد يع ني نقل المعلومات والخبار ‪ ،‬وانما تعداه الى خلق فهم جديد للعملية العلمية‬
‫ال تي تتح كم ب ها طرائق ومعارف ومنا هج العلوم الحدي ثة و هو ما يف سر ا ستثمار الغرب لتكنولوج يا العلم‬
‫والت صال في تحق يق اهداف ا ستراتيجية يراد من ها الهيم نة ال سياسية والفكر ية ‪ ،‬وتفت يت الدول وشعوب ها‬
‫ضمانا لوجودها المستمر فكريا وسياسيا ونفسيا وثقافيا في هذه الدول ‪,‬والخطر في عالم اليوم هو ان ميدان‬
‫العلم وتكنلوجيا التصال يشهد ثورة كبيرة في ادواته واساليبه ومضاميته بحيث لم يعد هناك مفهوم واضح‬
‫لما يسمى –السيادة الوطنية او جغرافيا المكان ‪ ،‬ولم يعد العالم –قرية صغيرة‪ -‬كما عبر احد علماء التصال‬
‫في الغرب وان ما ا صبح العالم –غر فة صغيرة‪ -‬يع يش في ها مليارات الب شر ت حت سلطة الكل مة وال صورة ‪،‬‬

‫‪-‬العلم العربي وانهيار السلطات اللغوية ص ‪383‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪9‬‬
‫ويتحكم فيها القوى والغنى والفضل عدة ‪ ،‬وقد تسبب الوضع الدولي الراهن في خلق –الفجوة العلمية –‬
‫ميا بيين الشمال والجنوب ‪ ،‬وحرم الجنوب –العالم الثالث‪ -‬الكثيير مين المتيازات التيي تحققهيا التكنولوجييا‬
‫المتطورة في مجال العلم والت صال ‪ ،‬وجعل ها في كثير من الحيان غ ير قادرة على الحفاظ على ا ستقللها‬
‫ال سياسي وامن ها الثقا في ب سبب التفوق التكنولو جي للغرب وهيم نة المؤ سسات العلم ية الدول ية على سير‬
‫‪.‬‬ ‫‪15‬‬
‫المعلومات وتدفق الخبار )‬
‫‪-3‬المعلومات والمعلوماتية‬
‫قبل النترنت وبعده‬
‫ل شك ان المعر فة والمعلومات هي قوة كبيرة ب يد ال سلطة وب يد معار ضي ال سلطة على ال سواء‪ ،‬فإذا وظ فت‬
‫هذه المعلومات عبر اعلم الدولة اعطا ها قدرة تاث ير كبيرة على المحكوم ين ‪ ،‬وإذا وظف ها المحكومون في‬
‫اعلمهم عبر النترنت وغيره فسيكون لها قوة معارضة كبيرة ‪ ،‬لقد تحدث الرئيس المريكي كلنتون في عدد‬
‫مارس –ابريل لسنة ‪ 1996‬لمجلة فرين أفيرز قائل ‪ :‬المعرفة هي اكثر من أي وقت مضى سلطة ‪ ،‬فالدولة‬
‫التي ستتزعم ثورة العلم هي التي ستكون قوية بين الدول ‪ ،‬على المدى المنظور هذه الدولة هي الوليات‬
‫المتحدة ‪ ،‬هذه السلطة اللمادية ستمكننا من التحكم في العلقات الدولية بالجذب ل بالقوة ‪ ،‬بالتالي فل مجال‬
‫لتحمل تكاليف عسكرية جديدة‪.‬‬
‫وقد أكد الرئيس كارتر قبله ان امريكا ليست دولة استعمارية ول تريد اراضي اخرى ‪ ،‬انها تريد اقتراح نمط‬
‫تفكير ‪.‬وقد أكد آل جور نائب الرئيس المريكي هذا المعنى حينما نادى بإقامة بنية اساسية معلوماتية عالمية‬
‫ين عم ب ها سواء ب سواء اغنياء العالم وفقراؤه ثم قال –دعو نا نتجاوز اليدلوج يا ‪،‬لنتحرك م عا صوب هدف‬
‫مشترك لبناء بنية اساسية معلوماتية عالمية لم صلحة جميع الدول من اجل خدمة اقتصادنا الحر وتحسين‬
‫خدمات الصحة والتعليم وحماية البيئة والديمقراطية )‪.16‬‬
‫لقيد صيدرت عدة دعوات مين كثيريين يذهبون الى ان شبكية النترنيت وميا تنقله مين معلومات عيبر الحدود‬
‫ستكون كفيلة باسقاط النظم الدكتاتورية والستبدادية ‪ ،‬وان تزايد استخدام النترنت كوسيط اعلمي جعلها‬
‫في مقدمة القوى المسيطرة في عالم العولمة الجديد ‪،‬ويظهر ذلك من خلل انها فرضت نفسها اعلميا ‪ ،‬فهي‬
‫بجا نب كون ها شب كة الشبكات ف هي بالقدر ذا ته –و سيط الو سائط –الت صالية بل منازع ‪ ،‬وتتجلى عظ مة هذا‬
‫الوسيط العلمي في قدرته على احتواء الوسائط الخرى كمصادر للمحتوى بالنسبة له وفي هذا الصدد يقول‬
‫نبيل علي { وبينما كانت عظمة التلفزيون في احتوائه الراديو ‪ ،‬تقوم عظمة النترنت على احتوائها الصحافة‬
‫والذا عة والتلفزيون والب حث عن المعلومات ‪،‬ول ي ستقيم اليوم حد يث في شان العلم والت صال دون تناول‬
‫القضايا العديدة التي تطرحها النترنت كوسيط اعلمي)‪. 17‬‬
‫ان مراج عة دور المعلومات في تغي ير المجتمعات ق بل ظهور النتر نت يعطي نا صورة او ضح عن دور ها ب عد‬
‫ثورة المعلومات والمعلومات ية ‪.‬ف من البدي هي القول ان المعلومات تغ ير كثيرا في المجتمعات والدول الى حد‬
‫يم كن م عه القول ان ها تع يد صياغتها ‪ ،‬ف قد أدت الوفرة الهائلة في المعلومات وانتاجها وا ستهلكها وسهولة‬
‫التصالت الى تدا خل المجتمعات وزيادة تأثيرها على بعضها البعض ‪ ،‬وتجري الن دراسات حول التصويت‬
‫اللكترو ني وم سح الرأي العام عبر النتر نت ‪ ،‬فإذا اض يف الى ذلك عمليات الحوار والت صال عبر النتر نت‬

‫‪-‬التصال الدولي والعربي ص ‪12-11‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪- 16‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪24‬‬


‫‪- 17‬ن م ص ‪371‬‬

‫‪10‬‬
‫وشبكات التصال فإن الديمقراطية في العالم تدخل في مرحلة جديدة قائمة على النتشار ومزيد من الرسوخ‬
‫والتغلغل في حياة الناس وقراراتهم‪.‬في عام ‪ 1981‬عين في الحكومة البريطانية وزير لتقنية المعلومات وفي‬
‫ذلك العام قال اللورد دنيون الرئييس السيابق للمجلس السيتشاري للمعلومات العلميية –ان لثورة المعلومات‬
‫نتائج في مجال العمل والحياة تقدم فرصا افضل وتهددنا بعواقب وخيمة اذا اخطأنا الختيار ‪.-‬‬
‫في تأثير المعلومات في المجتمع كتب مايكل هيل ‪18‬كتابا جاء فيه بان المعلومات خليط من المواد الخام التي‬
‫يم كن تحويل ها الى منتجات جديدة تما ما ك ما يحول الحد يد والق طن الخام الى منتجات جديدة ‪ ،‬و سوف تج عل‬
‫المعلومات الب عض اك ثر ثراء ‪ ،‬وتح سن الحياة بالن سبة لكثير ين ك ما ان ها سوف تز يد من مشكلت الكثير ين‬
‫وتجعل البعض افقر حال ‪،‬‬
‫وفي اشارة الى النزاعات الصناعية كتب المين العام للمم المتحدة كوفي عنان ‪ :‬لقد كانت واحدة من حالت‬
‫سوء التقدير التي و قع فيها عددا عصرنا من المتعلمين تتلخص في انهم ت صوروا ان مجرد تخيل المشكلة‬
‫والو صول الى ا ستنتاجات ي حل المشكلة ‪ ،‬ان المشكلت ال تي سوف يقود نا الي ها محتوى ن ظم المعلومات‬
‫تحتاج الى الب حث وتقد يم النتائج كمعلومات يم كن ان ن ستعملها وي ستعملها ال سياسيون والعاملون في ح قل‬
‫التعليم وكل انواع المهنيين لبتداع الحلول المناسبة وتنفيذها ‪.‬‬
‫يقول المؤلف ‪:‬ان المعلومات فئة من المفاهيم تستوعبها عقولنا ونسجلها عن وعي ومن شأنها تعديل حالتنا‬
‫المعرف ية ‪ ،‬وعند ما نتل قى المعلومات فإن ها قد تكون تكرارا او تأكيدا لمعلومات لدي نا بالف عل ‪ ،‬ك ما يم كن ان‬
‫تكون اضافة على ما نعرفه بالفعل عن احد الموضوعات بالضافة الى انها يمكن ان تكون تصحيحا او تعديل‬
‫لمعرفتنا القائمة بالفعل عن احد الموضوعات او فتحا لمجال معرفة جديدة‪.‬‬
‫ويفرق المؤلف بين المعرفة والمعلومة وانهما ليسا مترادفتين ‪،‬إذ ان المعرفة في جوهرها أمر شخصي ومن‬
‫عنا صرها ال ساسية الف هم والعل قة بالق يم ‪ ،‬و هي تتكون وتزداد بالف كر وباكت ساب المعلومات وباعمال الع قل‬
‫لتقييم نوعية هذه المعلومات الجديدة واستخدامها وعواقبها على ضوء المعرفة الموجودة لدى المرء‪.‬‬
‫ويتعرض المؤلف الى اخلقيات المعرفية فيؤكيد انيه بالنسيبة الى المجتميع البشري تعتيبر مراجعية المبادييء‬
‫الخلق ية مرارا وتكرارا أمرا مه ما ‪ ،‬فالمعلومات وا ستخدامه موضوعات مه مة كمب حث م ستقل من زاو ية‬
‫الباخلقيات لجوانيب أخرى مين الحياة ‪ ،‬اذ تترتيب عليهيا حقوق ومسيؤوليات كثيرة وقضاييا اجتماعيية‬
‫واقت صادية تتم ثل في حق ال سعي لتح صيل المعلومات و حق الدرا سة والقيام بالب حث و حق المعر فة وحر ية‬
‫المعلومات وحر ية العلم و حق تل قي المعلومات وحدود الرقا بة و حق تو صيل المعلومات للغ ير والواجبات‬
‫والمسيؤوليات واخلقيات المهنية وحيق المسياواة والفجوة بيين ثراء المعلومات وضعفهيا‪،‬ةوالحيق فيي عدم‬
‫البوح بالمعلومات ‪ ،‬والحق في الخصوصية وحماية البيانات وحقوق الملكية وحقوق التأليف والطبع ‪.‬‬
‫وبالنسبة للنشر اللكتروني فقد اشار المؤلف الى انه قد ادى الى ظهور عدد من المشكلت الضافية التي يتم‬
‫حلهيا بالتدرييج ‪،‬فهناك نوعان مين البيانات فاذا حكيم على قاعدة البيانات بانهيا ابداع فكري سيوف تتمتيع‬
‫بمقت ضى قانون التحاد الور بي واتفاق ية المنظ مة العالم ية للملك ية الفكر ية الخا صة بحقوق الن شر بالحما ية‬
‫العادية كعمل ادبي ‪،‬أما اذا كانت قاعدة البيانات مجرد تجميع لكنه انطوى ابتداعه على بذل مجهود كبير في‬
‫الحصول على المحتويات وفح صها وترتيبها فان ها تعطي حماية لمدة ‪ 15‬عا ما من تاريخ ابتداعها ضد اخذ‬

‫‪-‬اثر المعلومات في المجتمع –مايكل هيل –نشر مركز المارات للدراسات والبحوث الستراتيجية –عرض‬ ‫‪18‬‬

‫ابراهيم غرايبة على النترنت في موقع الجزيرة نت‬

‫‪11‬‬
‫مقتطفات من ها ‪.‬ا ما عن عل قة المعلومات بال سياسة والح كم فيرى المؤلف ان هناك ارب عة مجالت رئي سية‬
‫مشتر كة ب ين الحكو مة والمعلومات و هي ال من والتشر يع والدارة وخد مة المواطن ين والجمهور وتوعيت هم‬
‫وتبادل المعلومات وبث ها عبر القطار لغراض العلم والتجارة او في جهات واغراض قانون ية مشرو عة ‪،‬‬
‫لكين الحكومات اليوم فيي عصير المعرفية تطور ادارة المعلومات لتقدييم وتطويير خدمات التعلييم والصيحة‬
‫والضمان والتوظيف وانجاز المعاملت ‪ ،‬وقد اوضحت الحكومة البريطانية عام ‪ 1994‬ان دورها في تسهيل‬
‫التصالت وتطويرها يقع في تأسيس الطار التنظيمي وتشجيع المنافسة ودعم البحوث وتحديد التاثير على‬
‫النشطة القت صادية والجتماع ية والرقابة على الموا صفات والخدمات وتجري الحكومات الغربية اليوم ربطا‬
‫للمكتبات والمدارس والجامعات والمؤسيسات فيي شبكات تسيهل تبادل الخدمات والمعلومات وتقلل التكرار‬
‫والزدواجية ‪.‬لقد كانت هذه المعطيات للمعلومات قبل استخدام ثورة تكنولوجيا التصال والنترنت ‪ ،‬بما يعنيه‬
‫من سعة كبيرة للمعلومات والمعلوماتية ‪،‬‬
‫ان هناك من تحدث عن ال سمات المركز ية ال تي ل بد من ا ستحضارها لف هم التحولت العمي قة ال تي يعيش ها‬
‫‪19‬‬
‫قطاع العلم والمعلومات والتصال منذ ثلثة او اربع عقود من الزمن حيث يقول فيها ‪:‬‬
‫السمة الولى‪:‬وتتمثل في غزو المعلومات بكل ضروب حياة الفراد والجماعات وبروز صناعة المعلومات‬
‫باعتبار ها المحرك القوي الجد يد للقت صاديات والمجتمعات ‪ ،‬ف جل القت صاديات والمجتمعات المعا صرة ح تى‬
‫تلك التي كانت منظومتها الفكرية تعتبر المعلومات نشاطا غير منتج قد غيرت من نظرتها للمور ‪ ،‬وإل فما‬
‫معنى تخصيص كل من فدرالية روسيا والصين لمليين الدولرات لتجديد وبناء قاعدة اعلمية واتصالتية في‬
‫افيق القرن الحادي والعشريين ‪ ،‬قرن العلم والمعرفية واقتصياد العلم كميا يقال ‪ ،‬وهناك فضل عين هذا‬
‫مجمو عة معطيات اح صائية تبين انفجار صناعة العلم والت صال والمعلومات وغزو ها لمج مل حياة الفراد‬
‫والجماعات ‪.‬‬
‫المعطى الول ‪:‬ومفاده ان سوق صناعة العلم والتصال –الكترونيات جاهزة ‪ ،‬معلوميات‪،‬اتصالت ‪،‬وسائل‬
‫اعلم وترف يه ‪ -،‬ستبلغ نها ية هذا القرن –القرن العشرون‪-‬حوالي ‪15000‬مليار فر نك فرن سي ‪،‬أي ما ينا هز‬
‫‪ %10‬الى ‪ %12‬من القتصاد العالمي ‪ 2900‬منها للتصالت ‪ 1500‬للسمعي –البصري‪،‬و ‪ 2600‬للمعلوميات‬
‫‪ ،‬وتفييد الحصيائيات الى جانيب هذا ان هناك حوالي مليار و ‪ 260‬مليون جهاز تلفاز فيي العالم ‪ ،‬وهناك‬
‫حوالي ‪700‬مليون مشترك فيي الهاتيف ‪ 80‬منهابالهاتيف الخلوي ‪ ،‬وهناك ‪200‬مليون حاسيوب شخصيي ‪30‬‬
‫منهيا مرتبطية بشبكية النترنيت ‪ ،‬وسييكون نهايية هذا القرن حوالي ‪ 650‬مليون الى مليار مسيتخدم بشبكية‬
‫النترنت يتصفحون مئات اللوف من مواقع الويب او ما يسمى شبكة العنكبوت ‪.‬‬
‫المعطى الثاني‪:‬وفحواه انه اذا كان المواطن المريكي مثل قد خصص سنة ‪ 1980‬حوالي ‪ %20‬من ميزانيته‬
‫للمأكل و ‪ %10‬للعلم والتصال –تلفزة ‪ ،‬هاتف‪....،‬الخ ‪ ،‬فإن هذه النسبة قد نزلت بعد ‪ 15‬سنة من ‪%20‬‬
‫الى ‪ ، %16‬وارتفعت الى ‪ %13‬عوض ال ‪%10‬‬
‫المعطيى الثالث ‪:‬الميبين لتسيارع هذه التحولت يرتبيط اسياسا بانفجار المعارف ‪ ،‬إذ يقدر العلماء ان مجموع‬
‫المعارف ابتداء من ال سنة الميلد ية ال صفر قد تضا عف اول مرة سنة ‪ 1750‬ثم سنة ‪ 1900‬ثم سنة ‪1960‬‬
‫ليأخذ هذا التزايد بعد هذه السنة منحا أسيا غير مسبوق في تاريخ البشرية ‪...‬ومعنى هذا ان العالم قد انتج‬
‫مين المعلومات خلل ثل ثة عقود اخيرة ما لم ينتجيه طيلة ‪ 5000‬سنةالماضية ‪ ،‬ومعناه ايضيا ان قارئأقادرا‬

‫‪-‬في الثورة العلمية والمعلوماتية المعاصرة يحي اليحياوي –عن النترنت‬ ‫‪19‬‬

‫‪12‬‬
‫على قراءة ‪ 1000‬كلمة في الدقيقة لمدة ثماني ساعات يوميا يحتاج الى شهر ونصف لقراءة انتاج يوم واحد‬
‫في الوقت الذي يجد نفسه قد تأخر خمس سنوات ونصف عن مواكبة انتاج المعلومات ‪.‬‬
‫السمة الثانية‪ :‬وتكمن في تزايد المعلومات في تكوين السلع والخدمات لدرجة اصبحت معها المعلومات تكلفة‬
‫النتاج الولى مقارنة باليد العاملة مثل او المواد الولية ‪.‬‬
‫مثالن اثنان يدللن على ذلك ؛ المثال الول ‪ :‬كل عشر سنوات تنخفض تكاليف الحواسيب بنسبة ‪ %50‬مع‬
‫احتفاضهيا بنفيس القوة –قانون جوييس‪ -‬وكيل ثمانيية عشير شهرا تتضاعيف قوة هذه الحواسييب بالسيعر‬
‫القار ‪ ،‬بمعنى ان ما كان يكلف خمسة مليين دولر في المعلوميات ‪ ،‬لم يعد يكلف اليوم اكثر من ‪ 5000‬او‬
‫‪500‬او ‪50‬وهكذا ‪ ،‬ومعناه أيضيا ان البرمجيات اصيبحت مهمية مقارنية بالجهزة والخدمات واللوجسيتيات ‪،‬‬
‫والبرا مج أ هم من المواد الول ية ‪ ،‬ومعناه كذلك ا نه في اليابان مثل من ا جل انتاج ن فس الكم ية من ال سلع‬
‫انخفضت مساهمة المواد الولية بنسبة ‪ %60‬ما بين عامي ‪1973‬و ‪ 1984‬ومعناه فضل عن ذلك ان ما كنا‬
‫نحتاجه من مواد اولية لنتاج سلعة معينة قد انخفض بنسبة ‪ %60‬خلل عشر سنوات لنتاج نفس السلعة ‪.‬‬
‫المثال الثانيي ‪ :‬قرص محوري‪-‬س د روم‪-‬بإمكانيه احتواء حوالي ‪ 250000‬صيفحة نيص او فيي ميدان‬
‫التصيالت زوج مين كوابيل اللياف البصيرية رقييق رقية الشعيرة بإمكانيه ان يمرر عدد مكالمات هاتفيية‬
‫يوازي ميا تمكنيه اطنان الكوابيل النحاسيية ‪،‬على ان هذه اللياف تنتيج فيي المختيبرات بوا سطة الرمال ‪ ،‬ول‬
‫غرض للشركات المنت جة ل ها في الب حث عن ا سواق النحاس مثل او غير ها ‪،‬ومع نى هذا ان هناك توج ها‬
‫باتجاه لمادية القتصاديات وزيادة العتماد على المادة الرمادية في انتاج السلع والخدمات ‪.‬‬
‫السيمة الثالثية‪ :‬وتتمثيل اسياسا فيي ازدياد قيمية وحجيم البحيث والتطويير ضمين هذه الصيناعات والخدمات‬
‫المعلوماتيية ‪ ،‬فعلى الرغيم مين شكاوى التقشيف المتزايدة بالدول الصيناعية الكيبرى فان المنافسية لم تعيد‬
‫تتكرس بالسيواق ‪ -،‬وان كان ذلك صيحيحا فيي تمظهراتهيا –قدر ميا اصيبحت تتيم فيي المختيبرات ومراكيز‬
‫التطو ير والتجد يد ‪ ،‬فعلى الر غم من ان مشرو عا – من ا صل عشرة مشار يع هي ال تي تخرج من مخ تبرات‬
‫البحيث والتطويير بقطاع التصيالت فإن هذا الخيير ل يتوانيى فيي تخصييص مين ‪%4‬الى ‪ %5‬مين ميبيعاته‬
‫لميزانيات الب حث والتطو ير والتجد يد ‪ ،‬وهذا ما يف سر الى حد بع يد سياسات التحالفات ال ستراتيجية وال ضم‬
‫بين كبار قطاع العلم والتصال والمعلومات بوجه خاص ‪.‬‬
‫السمة الرابعة‪ :‬وتكمن في الطابع الشبكي الذي يميز القطاعات الثلثة التي تكون قطاع العلم والتصال –‬
‫السمعي –البصري –المعلوميات‪-‬والقيمة المضافة التي تعطيها الشبكة لهذه القطاعات ‪،‬إذ في عقلنية تصميم‬
‫وطري قة ت سيير وأنماط توظ يف هذه الشبكات تك من م صادر القي مة المضا فة ل في وجود هذه الشبكات في‬
‫انغلق ها او ا ستقلليتها ‪ ،‬القي مة المضا فة تأ تي من الترابطات ال تي تم يز الشبكات ‪ ،‬ف عبر تدا خل المعلوميات‬
‫بالتصالت توفر هذه الخيرة خدمات جديدة ‪ ،‬وعبر اعتماد البرامج المتعددة القطاب يصبح بالمكان الزيادة‬
‫في اقتصاديات السلم وهكذا ‪.‬‬
‫ال سمة الخام سة ‪ :‬يم كن ملم ستها عبر زيادة ن سبة ال يد العاملة النشي طة بقطا عي العلم والت صال ض من‬
‫السيكان النشيطيين الجمالييين –تقدر الدراسيات ان نسيبة المشتغليين بقطاع العمال والتصيال سينة ‪2000‬‬
‫سيتتجاوز ال ‪ %65‬مقابيل ‪ %50‬الى ‪ %55‬حالييا سينة ‪-1998‬مقابيل ‪%2‬فقيط للزراعية والصيناعات‬
‫السيتخراجية و ‪ %22‬للصيناعات التحويليية و ‪ %10‬لخدمات أخرى ‪،‬هذه السيمة تدل بعميق ل عين طبيعية‬
‫القتصاديات الحالية فحسب بل ايضا عن طبيعة اقتصاديات القرن المقبل –الحادي والعشرين‪ ،-‬وايضا عن‬
‫طبيعة التكوين والستثمار فضل عن ابرازها ملمح البطالة القادمة ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫السيمة السيادسة‪ :‬وتتمثيل فيي مدى تأثيير هذه التحولت العلميية والمعلوماتيية والتصيالية على انماط‬
‫التنظيمات والتسيييرات والتوظيفات المكرسية طيلة عهود ميا قبيل عصير المعلومات ‪ ،‬فهناك النتقال مين‬
‫النماط الهرم ية ال سائدة في التنظ يم الى سيادة اللمركز ية و سيادة تعدد مرا كز اتخاذ القرار مع زيادة قي مة‬
‫العمل الوحداتي التشاركي ‪ ،‬ثم هناك النتقال من نظم الرقابة والضبط المركزية الى انماط رقابة ذاتية تكون‬
‫المسيؤولية فيهيا مين نصييب الجماعية ميع سييادة قيمية النجاح لدى الجمييع ‪ ،‬وهناك اعتماد قييم المرونية‬
‫والحرك ية عوض العتماد على الن ظم الجامدة والهيا كل الثاب تة والم ستقرة ‪ ،‬وهناك أخيرا اعتماد المعلومات‬
‫كمصيدر اسيتراتيجي فيي العمليية النتاجيية عوض اعتبارهيا بيانات وصيفية جامدة وبيانات تاريخيية محددة‬
‫الهداف محصورة في الزمن ‪.‬‬
‫هذه هي ال سمات ال كبرى ال تي نظن ها مميزة لع صر التحولت العلميةالجار ية خارج ها ح تى وأن كا نت في‬
‫تسارع يصعب المساك بميكانزماتها وأبعادها‪.‬‬
‫‪-4‬النترنت وشيء من السياسة‬
‫ليست السياسة غريبة على النترنت ومعلوماتها ‪ ،‬فقد كانت فكرتها الولى تستند الى توظيف عسكري اساسا‬
‫في عام ‪ 1960‬قد مت‬ ‫‪20‬‬
‫‪ ،‬و هو قوة الع نف ال سياسي ‪،‬فم ما يقال عن نشأة فكرة وجود شب كة النتر نت ا نه‬
‫الحكو مة المريك ية الى شر كة راندو كوربوري شن طل با يتعلق ببناء وانشاء نظام ات صال متطور من شأ نه ان‬
‫يقوم بضمان ربط القواعد العسكرية عبر العالم فيما بينها وقت السلم ‪ ،‬وايضا في حالة هجوم نووي تشنه‬
‫قوة معادية ‪ ،‬في هذا النظام تقوم مجموعة الكبيوترات بالتصال ببعضها بواسطة لغة مشتركة تسمى ‪TCP-‬‬
‫‪.IP‬‬
‫ثم بدا علماء من جامعة كاليفورنيا في اكتوبر عام ‪ 1969‬تجربة علمية هدفها ربط جهاز كمبيوتر في مدينة‬
‫لوس انجلس بكمبيوتر آخر في مدينة منلوبارك بخط هاتفي بحيث يستطيع الجهازان العمل معا في شكل نظام‬
‫اتصال مغلق ‪ ،‬وبدءأ من عام ‪ 1972‬تم التفكير في تمويل مشروع جديد من اجل ربط مصالح وزارة الدفاع‬
‫ميع المتعامليين معيه وحوالي عشريين جامعية تعميل على ابحاث ممولة مين نفيس الوزارة واطلق على هذا‬
‫المشروع اسم أربا‪.‬‬
‫ولم يعد استخدام شبكة اربانيت مقت صرا على مصالح البنتاغون بل استخدمت من قبل الجامعات المريكية‬
‫بكثا فة الى حد ان ها بدأت تعا ني من ازدحام يفوق طاقت ها ‪ ،‬و صار من الضروري انشاء شب كة جديدة ‪ ،‬لهذا‬
‫ظهرت شبكة جديدة في عام ‪ 1983‬سميت باسم ميل نت لتخدم المواقع العسكرية فقط ‪ ،‬واصبحت بذلك شبكة‬
‫اربانيت تتولى امير التصيالت غيير العسيكرية ميع بقائهيا موصيولة ميع مييل نيت مين خلل برناميج اسيمه‬
‫بروتوكول انتر نت الذي ا صبح في ما ب عد المعيار ال ساسي في شبكات النتر نت ‪.‬وب عد ظهور نظام التشغ يل‬
‫الم سمى يوني كس الذي اشت مل على البرمجيات اللز مة للت صال مع الشب كة وانتشار ا ستخدامه في اجهزة‬
‫المستفيدين اصبحت الشبكة مرة اخرى تعاني من الحمل الزائد ‪ ،‬مما أدى الى تحويل شبكة اربانت في عام‬
‫‪ 1984‬الى مؤسسة العلوم الوطنية المريكية التي قامت بدورها وبالتحديد في عام ‪ 1968‬بعمل شبكة اخرى‬
‫ا سمتها أن سف نت و قد عملت هذه الشب كة لغا ية عام ‪ 1990‬الذي ش هد ف صل شب كة اربا نت عن الخد مة مع‬
‫بقاء شبكة انسف نت جزءا مركزيا من شبكة النترنت ‪.‬‬

‫‪-‬الصحافة اللكترونية العربية –الواقع والفاق د اجقو علي‬ ‫‪20‬‬

‫‪14‬‬
‫اذن فأسياس فكرة النترنيت كشبكية كانيت لهداف عسيكرية ثيم تحولت الى ابحاث علميية لخدمية الهداف‬
‫العسكرية ثم هي شبكة معلومات دولية لكل شيء عنوانا للعولمة في هذا العصر ‪ ،‬عولمة العلم والقتصاد‬
‫والسياسة فكيف نفهم شيء من وظائفها السياسية؟‬
‫‪-----‬فيي تسياؤلت تاصييلية يطرح الدكتور نبييل علي فيي مقدمية كتابيه عين الثقافية العربيية وعصير‬
‫المعلومات ب عض هذه العلقية بيين السيياسة والنترنيت فهيو يتسياءل { ميا كيل هذا الضجييج حول النترنيت‬
‫وطريق المعلومات الفائق السرعة ‪INFORMATION SUPER HIWAY‬‬
‫‪,‬وكييف اصيبحت هذه المور ذات الطابيع الفنيي قاسيما مشتركيا فيي سيياسات الحكومات وبراميج الحزاب‬
‫ال سياسية من الحزب الديمقرا طي المري كي الى حزب العمال البريطا ني ‪ ،‬من حكو مة سنغافورة الى حكو مة‬
‫ساحل العاج =‪,21‬‬
‫ويضيف –هل يق صد آل جور نائب الرئيس المريكي وصاحب م صطلح طريق المعلومات الفائق السرعة ان‬
‫يكون هذا الطر يق الجد يد بمنزلة النظ ير الع صري ل سلفه طر يق ال سيارات ال سريع ؟ وك ما كان ال سلف هو‬
‫شريان نقل –بضاعة‪-‬الصناعات المريكية التقليدية محليا فسيكون اللحق هو شريان نقل –بضاعة‪-‬صناعة‬
‫الثقا فة المريك ية عالم يا‪...‬و هل ل نا –ا ستطرادا ل ما سبق –ان ن عي حرص آل جور على ان ين قل طمو حه‬
‫المحلي خارج حدود بلده ح يث نادى اخيرا بإقا مة بن ية ا ساسية معلومات ية عالم ية ين عم ب ها سواء ب سواء‬
‫اغنياء عالمنا وفقراءه ‪ ،‬ولنسترق السمع الى تلك الصيحة السامية النبيلة التي تواترت مثيلتها منذ ظهور‬
‫الكميبيوتر‪ ،‬يقول آل جور {دعونيا نتجاوز اليدلوجييا لنتحرك معيا صيوب هدف مشترك لبناء بنيية اسياسية‬
‫معلومات ية عالم ية لم صلحة جم يع الدول من ا جل خد مة اقت صادنا ال حر ‪ ،‬ولتح سين خدمات ال صحة والتعل يم‬
‫وحما ية البيئة والديمقراط ية= ‪ ،‬و كم كان فط نا جون ستراتون عند ما ل فت نظر نا الى – سندويتش‪ -‬آل جور‬
‫الوارد أعله حينما و ضع احلم التنم ية البشرية من صحة وتعليم وحما ية بيئة بين شطري هذا السندويتش‬
‫ونعني بهما –القتصاد الحر والديمقراطية‪-‬مسفرا بذلك عن ايدلوجيا النموذج الرأسمالي الذي يسعى القطب‬
‫المريكي لتعميمه من خلل مخطط للعولمة ‪ ،‬ويالك من‪ -‬شاطر – يا آل جور وياله من – شاطرومشطور‪، -‬‬
‫ول يكت مل المخطط العولمي ال بدعم من المنظمات العالم ية لضفاء لمسة الشرعية على ممارسات العول مة‬
‫المريكية ‪ ،‬وها هو التحاد العالمي للتصالت –آي تي يو‪-‬يلبي النداء ويعلن عن استراتيجيته لقامة هذه‬
‫البنية التحتية المعلوماتية العالمية في التوجهات الخمسة التالية‬
‫‪--‬تنمية من خلل الستثمارات الخاصة‬
‫‪--‬منافسة وفقا لقوانين السوق‬
‫‪--‬قواعد وتنظيمات مرنة لتسهيل عمل مؤسسات التصالت وتنظيم المنافسة بينهم‬
‫‪--‬ل تفرقة في حق النفاذ الى شبكات التصال‬
‫‪--‬التوجه العالمي لخدمة التصالت—‬
‫وكما هو يسير التحاد العالمي للتصالت على الدرب نفسه في تأكيده الصريح على قوانين السوق الحرة ‪،‬‬
‫وذلك في شأن بن ية تحت ية حيو ية ا صبحت من المقومات ال ساسية لتنم ية شعوب العالم ‪ ،‬ويك في هذا دليل‬
‫على ان المنظمات الدوليية سيتستخدم سيلحا فيي ييد القوي لفرض سييطرته وتأميين مصيالحه فيي إطار تلك‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪23‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪15‬‬
‫الظاهرة المسماة بي‪-‬العولمة‪-‬التي تجوب جم يع الديار تحيطها وصيفتاها ‪:‬الشركات المتعدية الجنسية على‬
‫جانب والمنظمات الدولية على الجانب الخر ‪.‬‬
‫ويتكرر تساؤل الدكتور نبيل علي بشكل اوضح عن النترنت كآلية سياسية حيث يقول { هل لنا ان نصغي –‬
‫بالتالي‪ -‬الى ميا يردده كثيرون مين ان شبكية النترنيت وميا تنقله مين معلومات عيبر الحدود سيتكون كفيلة‬
‫با سقاط الن ظم الدكتاتور ية وال ستبدادية هل آن لحلم البشر ية ان يتح قق؟ أم ان هذه الن ظم –كعهد نا ب ها –‬
‫‪.‬‬ ‫‪22‬‬
‫ستكون سباقة الى استخدام سلح النترنت لغرض النصياع والنضباط على جماهيرها المقهورة=‬
‫وهو يتوقع في المجال العربي وفي اطار العولمة عبر وسائل التصال والنترنت خاصة ان يحدث ما يلي ‪:‬‬
‫‪--‬ستتقلص فرص العمل بفعل العولمة امام اجيالنا سواء كانو كبارا او صغارا ‪ ،‬وسيزداد نزيف عقولنا عن‬
‫بعيد عيبر النترنيت وهيو ميا يحدث حالييا بمعدلت متزايدة خاصية بالنسيبة الى مهندسيي الكميبيوتر ونظيم‬
‫المعلومات‬
‫‪ --‬ستخترق ا سرائيل سوقنا الثقاف ية م ستغلة في ذلك ا ساليب التجارة اللكترون ية عبر النتر نت و ما اك ثر‬
‫اساليبها الملتوية‬
‫‪ --‬ستتمادى ا سرائيل في تشو يه صورة ثقافت نا العرب ية وال سلمية على النتر نت م ستغلة في ذلك تفوق ها‬
‫الحالي في تكنولوجيا المعلومات وشب كة تحالفاتها مع المراكز الكاديمية والتنظيمات الثقاف ية والدينية عبر‬
‫‪.‬‬ ‫‪23‬‬
‫العالم=‬
‫ان الوجه السياسي الواضح للنترنت جاء بعبارة واضحة وصفية في تقرير –صيانة المحتوى المعلوماتي –‬
‫تجربة موقع الجزيرة نت حيث جاءت الصياغة الوصفية التالية تحت عنوان الوجه السياسي للنترنت ‪ +‬ان‬
‫وجود النترنيت مين عدميه ومدى القيود المفروضية على اسيتخدامه اصيبح احيد سيمات التطور والتحرر‬
‫الديمقراطي الذي يميز دولة ما عن أخرى ‪ ،‬ولعل هذا الوجه السياسي لهذه الوسيلة المعلوماتية ذات الطبيعة‬
‫غير المقيدة بصورة عامة والتي لم يقتصر استخدامها على الدول الغربية المتقدمة فقط وانما امتد ليشمل‬
‫دول العالم الثالث او ما يطلقون عل يه الدول النام ية ب ما في ها الدول العرب ية ال تي جاءت هذه الو سيلة لتم ثل‬
‫متنف سا آ خر لشرائح عري ضة من فئات مجتمعات ها ب نت علي ها موا قع عدة ت عبر عن شخ صياتها وتوجهات ها‬
‫وآرائ ها في ش تى المجالت ‪ ،‬و قد لحظ نا ك يف ان ب عض الدول العرب ية ال تي تو صف نظم ها بالدكتاتور ية‬
‫تحرص بشدة على عدم توفير هذه الوسيلة لمواطنيها وان وفرتها فانها تقيدها وتفلترها بما يخدم مصالحها‬
‫ويقمع معارضيها ويحجب مواقعهم=‪. 24‬‬
‫على ان هناك من الباحث ين من يؤ صل م سألة ارتباط ال سياسة كأيدلوج يا بو سائل الت صال وحيثيات ها ‪ ،‬ح يث‬
‫يقول يحي اليحياوي تحت عنوان –في ايدلوجيا التصال ما يلي (كلما كان هناك اتصال فثمة حتما ايدلوجيا‬
‫إذا لم تكن جلية واضحة فضمنية مبطنة بالقطع ‪ ،‬فالتصال –تقنيات ‪ ،‬مضامين –ل يستنبت في بيئة جرداء‬
‫او في فضاء عق يم ‪،‬بقدر ما هو افراز ل سياق ثقا في واجتما عي من بن بالضرورة في شكله كمكافيء الجوهر‬
‫على تمثل محدد للذات وتصور معين للكون ‪،‬واذا كان من المسلم به في تاريخ تقنيات التصال تحديدا ‪ ،‬ان‬
‫الداة تبقى في الغالب العم والى حد بعيد براء من الستخدام الذي يترتب على استعمالها فانه من الثابت‬
‫اي ضا و فق ما تقد مه سوسيو لوج يا الت صال ان ها تب قى لدى وضع ها على الم حك حمولة رمز ية تب ني ما‬

‫‪- 22‬ن م ص ‪24‬‬


‫‪- 23‬ن م ص ‪38‬‬
‫‪-‬صيانة المحتوى المعلوماتي اعداد محمد السيد محمود ص ‪3‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪16‬‬
‫نسميه في هذا النص –ايدلوجيا التصال‪.‬واليدلوجيا التي نقصدها في هذا المقام ليست فقط لصيقة بالتصال‬
‫ملزمة له على مستوى المضامين ‪ ،‬مضامين الرسالة التي تطبع علقة الباث بالمتلقي ‪ ،‬بل هي كامنة ايضا‬
‫‪.‬‬ ‫‪25‬‬
‫في البعد –الدواتي‪ -‬الذي يطبع هذه العلقة ويؤسس لمرتكزاتها الساسية)‬
‫ان الستاذ يحي يؤمن بان التصال ايدلوجيا محكومة باليدلوجيا الليبرالية التي تسودها وتغمرها بمعطياتها‬
‫ويؤكد هذه الحقيقة في اضافته لما تقدم قوله {ليس ثمة شك على ما نرى في اننا حقا بإزاء طغيان للتصال‬
‫‪ ،‬تقنيات وبرامج ‪ ،‬ادوات ومضامينن بنى تحتية ومعارف ‪ ،‬واننا قطعا في هذا الطغيان بإزاء ايدلوجيا تتغيا‬
‫–تبغي‪ -‬توحيد الفراد والجماعات ونفي التباين ضمنهم جملة وتفصيل ‪ ،‬واننا عن كل هذا وذاك بإزاء توجه‬
‫لليبرالية الجديدة نحو فرض نموذج موحد في الثقافة والفكر يعتبر التصال حال واستقبال اداتها ووسيلتها ‪،‬‬
‫إذ بقدر ما تد غم اليدلوج يا الليبرال ية ايدلوج يا الت صال وتحول ها الى عن صر من عنا صرتكريسها ‪ ،‬بقدر ما‬
‫تدمج هذه العناصر بغرض تجديدها وتجديد ينابيع التأقلم في صلبها ‪...‬وبالتالي فليس ايدلوجيا التصال ال‬
‫رافدا من روافد اليدلوجيات السائدة وفي مقدمتها اليدلوجيا الليبرالية ‪.‬‬
‫اذا لم يكن المر كذلك فبم نفسر اخضاع ادوات التصال والمضامين الممررة عبرها لمؤسسات ترفع السوق‬
‫والليبرالية الى مرتبة القداسة كما هو حال منظمة التجارة العالمية مثل ناهيك بالعديد من المنظمات الناسجة‬
‫‪.‬‬ ‫‪26‬‬
‫على منواله )‬
‫ان السيتاذ يحياوي يتفيق فيي هذا ميع الدكتور نبييل علي فيي توظيفات ادوات التصيال لصيالح الليبراليية‬
‫والديمقراط ية ‪ ،‬وخا صة في الت طبيق العملي ل ها ‪ ،‬وهذا ما أكده اليحياوي في ممار سة تطبيق ية حقيق ية هي‬
‫احداث سبتمبر ح يث ك تب ت حت عنوان –أي نظام اعل مي عال مي ب عد ‪ 11‬سبتمبر يقول ( لوكان ل نا ان ن سلم‬
‫جدل بعزم الوليات المتحدة على اقامية نظام عالميي جدييد او احياء منظومتيه المتراجعية منيذ انتهاء حرب‬
‫الخلييج الثانيية ‪ ،‬لسيلمنا دونميا اجتهاد كيبير بامكانيية قيام نظام اعلميي عالميي يكون له بمثابية الركيزة‬
‫والوعاء له ‪ ،‬والواقع انه لو كانت النية قائمة لدى الوليات المتحدة –وهي قائمة بالتأكيد منذ ما تعرضت له‬
‫هيبت ها وكبرياؤ ها من تجر يح يوم الحادي ع شر من سبتمبر –لو كا نت الن ية قائ مة لدي ها على اقا مة نظام‬
‫عال مي جد يد ‪،‬فا نه لن يم هد ال سبيل الى ذلك ال اعتماد نظام اعل مي ير سي ل ها البن ية التحت ية الضرور ية‬
‫ويؤثث لها الهيكل والشكل )‪ ، 27‬ويضيف بعد استطراد لما فعلته الوليات المتحدة ضد فكرة المجتمع العالمي‬
‫فيقول –لن يبقى لمواصفات المجتمع العلمي العالمي هذا من كبير اثر بعد ما تعرضت له امريكا من احداث‬
‫وما استتبع ذلك من ممارسات ‪:‬‬
‫‪ ---‬فالقنوات التلفزيون ية –الفضائ ية من ها والرض ية –لم تعرض‪ -‬ولن تعرض ب عد هذا التار يخ من اخبار‬
‫وتحليلت ال ما ارادتهالدارة المريك ية وارتض ته ‪ ،‬وبالتالي فارتهان الحر ية العلم ية في جا نب المؤ سسة‬
‫الع سكرية والتضي يق على ال حق في الخبار ال حر والم ستقل ا صبحت القاعدة وال سمة المركز ية في ال سلوك‬
‫الرسمي المريكي ل ال ستثناء ‪ ،‬ناه يك عن الرقا بة الذات ية التي ل تعدو في نها ية المطاف كونها استسلما‬
‫من طرف المؤسسة العلمية‬

‫‪-‬التكنولوجيا والعلم والديمقراطية يحي اليحياوي ص ‪39‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪ - 26‬ن م ص ‪42‬‬
‫‪- 27‬ن م ص ‪55‬‬

‫‪17‬‬
‫‪---‬والبريد اللكتروني ‪ ،‬المواقع على شبكة النترنت كما المكالمات الهاتفية والمواقع المموسطة اعلميا ‪،‬‬
‫اصيبحت هدف مؤسيسات السيتخبارات والتحقيقات والمين العسيكري ‪ ،‬تماميا كميا اخترقيت حقوق الفراد‬
‫والجماعات في التعبير الحر عن الصحافة المكتوبة والتفكير المستقل داخل المنظمات والمؤسسات العلمية‬
‫نحن اذن –يقول اليحياوي‪-‬بإزاء تنكر صارخ من جانب الدارة المريكية ومن جانب غيرها في باقي الدول‬
‫الغربية لمباديء لم تتجرأ الدارة ول تلك الدول يوما على المساس بها او الطعن في استلليتها –‬
‫وحين ما يعالج يحياوي م سألة الرهاب ال تي ره نت العلم كله لدي ها ب ما ف يه النتر نت ‪ ،‬ينطلق من مقد مة‬
‫العل قة بين ال سياسة والعلم يقول فيها ( لم ي كن رجال ال سياسة يو ما راض ين ال في ما ندر عن العلم ول‬
‫عين ممارسييه فهيم يحتاطون منيه أيميا احتياط حينميا يكون قوييا وذا سيلطة وجاه ‪ ،‬وهيم يسيتبيحونه ايميا‬
‫ا ستباحة عند ما ي صبح مك من ض عف وهوان ‪ ،‬و هم ب ين المر ين يداهنون درءا ل جبروته او يحتاطون تجا هه‬
‫خشية قيامه من هوانه ‪..-.‬بعد ذلك يبحث موقع النترنت في سياسة الرهاب المستخدمة ضد العلم عموما‬
‫حييث يقول عنهيا‪-‬ل خيار للمنظومية العلميية فيي ذلك فهيي بصيحافتها المكتوبية والمسيموعة والمرئيية ‪،‬‬
‫وبشبكتها لتبادل المعلومات أي النترنت مجبرة ل مخيرة على المتثال لرهانات تتجاوزها وتتجاوز الفاعلين‬
‫فيها –المتطلعين الى الستقللية بالساس –وإل فل مناص من سقوطها في محظورات أخفها جنائي النتائج‬
‫والتبعات ‪...‬لم تتخلف اع تى ادوات تكنلوج يا المعلومات –اع ني شب كة النتر نت‪ -‬عن تغط ية الحادث بالكل مة‬
‫وال صورة وال صوت ح تى ليخال للمرء و هو يب حر في تقديماتها ان ها ل تزال تحت فظ بها مش الحر ية والتحرر‬
‫الذي طبعهيا منيذ ولوجهيا الميدان العام اوائل ثمانينات القرن الماضيي ‪ ..‬لييس مين المؤكيد ان الشبكية قيد‬
‫ا ستطاعت النأي بنقاوت ها عن صراعات ال سياسة واليدلوج يا ‪ ،‬ول عن ممار سات الحرب ال سيميائية ال تي‬
‫اعلنت ها الدارة المريك ية والتقطت ها موا قع الشب كة بعد ما –مو سطت‪-‬ل ها بامتياز كبريات ال صحف والمجلت‬
‫والقنوات الذاعية والتلفزيونية ‪ ،‬فهي شأنها في ذلك شأن باقي وسائل العلم ‪،‬قد سقطت بدورها في تغليب‬
‫البعيد التصيالي –بميا هيو نقطية التقاء فضاءي التقنيية والكلمية ‪ ،‬على البعيد العلميي باعتباره أداة إخبار‬
‫وتبليغ محايدة مكرسة بامتياز ما يسميه ايغاسيو رامونجي بي طغيان التصال ‪.‬‬
‫وشبكة النترنت كسواها من وسائل العلم الخرى ‪ ،‬اضحت رهينة بيد الستخبارات ومصالح المن ومكاتب‬
‫التحقيقات تشوش على مواقع ها ‪ ،‬تغلق شركات ها دون ا ستئذان قضائي تف تح صناديق بريد ها دون ما اذن او‬
‫تبرير شر عي وتطارد ال صفحات الم صنفة مشبو هة دون ما تحد يد لطبي عة الشتباه هذه ‪ ..‬وهكذا ان شب كة‬
‫النترنت كما سواها من وسائل العلم –اصبحت من هنا والى حد بعيد فضاء لتنسيق السياسات الستخبارية‬
‫والمنية ما دامت مادتها أي المعلومات هي نفسها التي يحتكم اليها مديرو الستعلمات حتى وان كانت المادة‬
‫اياها مجرد اشاعلت متداولة او تبدو في شكلها غير ذات اهمية ‪.‬‬
‫ثم ان شبكة النترنت اصبحت وكرا لحجام ضخمة من المعطيات والمعطيات المضادة من المستحيل هيكلتها‬
‫او ترتيبها او تبيان جانب الحقيقة فيها من الخطأ وهي بذلك انما تكرس المبدأ القائل ان تكرار المعطى الى‬
‫مالنها ية سيجعل م نه حقي قة ح تى وان كان مجرد اشا عة اطلق ها صحفيون لم ي عد بإمكان هم المراه نة على‬
‫تحق يق ال سبق او بلوغ الريادة في الداء إذ ال كل مع تم عل يه ال كل ضد ال كل مع ال كل في الخفاء اك ثر من‬
‫العلن)‪. 28‬‬

‫‪-‬ن م ص ‪83‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪18‬‬
‫ل شك ان هذا التفاق على ان النتر نت شب كة يم كن ا ستخدامها –و هي ت ستعمل ح قا في ترو يج أي سياسة‬
‫تتبنا ها ج هة معي نة وت ضع ل ها موا قع على الشب كة ‪ ،‬و من ه نا فان م ساهمة النتر نت في النضال ال سياسي‬
‫يمكن ان يكون مساويا لمحاولت التحكم بهذه الشبكة من قبل المحتكرين الكبار والشركات المتعدية الجنسية‬
‫اضافة الى الحكومات ‪ ،‬على ان ما تتيحه هذه الشبكة للنضال السياسي والشعبي يمكن ادراجه فيما يلي ‪:‬‬
‫‪-1‬تسهيل سرعة الستجابة للحداث الساسية والرد السريع على التحديات في سرعة قياسية ‪ ،‬فلم يعد المر‬
‫يحتاج الى سيارات تحمل ابواقا وتجول في المدن‬
‫لدعوة الناس الى م سيرة ‪ ,‬او انفاق مبالغ طائلة لترو يج حدث سياسي في و سائل العلم التجار ية ‪ ،‬بل‬
‫اصبح ال مر مجرد تحر ير رسالة تعبئة وا ستنفار وارسالها الى العناو ين اللكترونية للف الناس في لح ظة‬
‫واحدة او نشرها على مواقع معينة في الشبكة اللكترونية ليطلع عليها اللف فيستجيبون للنداء‪.‬‬
‫‪ -2‬تشويش الحكومات القمعية وخلخلة استراتيجيتها من خلل الحشد المتوازي المتعدد الرؤوس والمنابع ‪،‬‬
‫بحيث ل تستطيع القوى القمعية ان تحدد هدفها بدقة ‪ ،‬او تصوغ تكتيكا فعال للقضاء عليه ‪ ،‬بل ل تستطيع‬
‫ان تحدد التشويش الفكري والستراتيجي في أذهان القوى القمعية يشل حركتها ويقضي على فاعلية ردها ‪،‬‬
‫ويختلف ال مر لو كان واض حا لل سلطة ان وراء الحتجاجات حز با او منظ مة او حر كة مخ صوصة ‪ ،‬ي سهل‬
‫حشرها في زاوية ضيقة ‪.‬‬
‫‪-3‬تغ ير مفهوم التظا هر والحتجاج ب عد وجود النتر نت ‪ ،‬فلم ي عد بالضرورة ذلك الح شد البشري المادي‬
‫المثير للصخب ‪ ،‬المؤدي الى الشغب وربما لى التخريب والقتل وانما اصبحت امواج الرسائل الحتجاجية او‬
‫التأييديية التيي ترد عيبر النترنيت تعوض الحتشاد المادي فيي مكان واحيد اذ رأى اهيل القضيية ان يتفادوا‬
‫المواجهة المباشرة مع القوى القمعية او اجتناب الثار السلبية والثمن الباهظ للحتشاد المادي ‪ ،‬وقد برهنت‬
‫العرائض اللكترون ية ال تي يوقع ها اللف او ملي ين الناس على ان ها اداة سياسية فعالة تغ ني احيا نا عن‬
‫المظاهرات الحاشدة ‪.‬‬
‫‪-4‬حول النترنت تظاهرات الحتجاج والتأييد من نشاط محلي الى ظاهرة عالمية حيث تتوارد الرسائل من‬
‫جمييع انحاء العالم لتأيييد موقيف سيياسي معيين او للحتجاج على آخير ‪ ،‬ففيي عام ‪ 2000‬وقيع مائة الف‬
‫شخيص مين مختلف الوطان والديان خلل ايام معدودة مذكرة مرفوعية الى مندوبيية الميم المتحدة لحقوق‬
‫النسيان عيبر النترنيت تطالب بمحاكمية أريييل شارون بجرائم الحرب التيي ارتكبهيا فيي ‪1982‬ابان الغزو‬
‫السيرائيلي لبيروت ‪ ،‬وهذه الصييغة الجديدة للحتجاج والتظاهير ثمرة مين ثمرات النترنيت ‪ ،‬وتعيبير عين‬
‫المكانيات ال سياسية ال تي يوفر ها ‪ ،‬و قد دعا ها ب عض الباحث ين الديمقراط ية اللكترون ية والمجت مع المد ني‬
‫العالمي ‪.‬‬
‫‪-5‬ان الخبرة والتسهيلت الي وفرتها النترنت في مجال التنظيم والتصال والعلم غيرت المعادلة القديمة‬
‫ال تي كا نت تض طر قوى التغي ير الى العتماد على د عم دول أخرى في نضال ها ال سياسي ك ما ك تن الحال في‬
‫السيتينات والسيبعينات مين القرن العشريين حييث كانيت قوى التغييير تحتاج الى دعيم دول معينية فيي مجال‬
‫التصال والعلم والتأمين –حمل جوازات سفر الدول المساندة ‪ ،‬والحديث عبر وسائل اعلمها ‪ ،‬واستخدام‬
‫الحقائب الدبلوماسية التابعة لسفاراتها ‪...‬الخ لكن النترنت جعلت التنظيمات السياسية في غنى عن كل ذلك‬
‫فحررها من ثمن الدعم الخارجي الذي كثيرا ما يتضارب مع اهداف حركات التغيير ورسالتها ‪.‬‬
‫‪ -6‬ل قد أفادت النتر نت حركات التغي ير الديمقراطي في العد يد من دول العالم و من أش هر المثلة على ذلك‬
‫ثورة الطلب الصرب ضد مجرم الحرب سلوبودان ميلوفيثش الذي كان يقود بلدهم ‪ ،‬فقد كان لطلب جامعة‬

‫‪19‬‬
‫بلغراد لعظيم الدور فيي اشعال الثورة ضيد ميلوسيوفيتش ‪ ،‬وكان النترنيت أعظيم وسييلة لهيم فيي التصيال‬
‫والعلم والتعبئة حتى لقد دعو ثورتهم ثورة النترنت ‪.‬‬
‫‪-7‬لعل من الممارسات العربية لستخدام النترنت في الصراع العربي السرائيلي ما فعله الفلسطينيون تحت‬
‫عبارة الجهاد اللكترونيي او النتفاضية عيبر النترنيت حييث يشيير السيتاذ جمال محميد غيطاس فيي كتابيه‬
‫الديمقراطية الرقمية اليها قائل {في يناير ‪ 2001‬كان قد مضى ما يقرب من ‪ 12‬اسبوعا على اندلع انتفاضة‬
‫القصى ‪ ،‬وفي هذا الشهر تزايدت وتيرة النشطة العربية والسلمية عبر النترنت في التعبير عن القضية‬
‫ومحاولة ك سب الرأي العام العال مي الى صفها و صف الفل سطينيين‪ ،‬و ساعتها كان قل ما ن جد موق عا عرب يا او‬
‫اسيلميا ل يحميل صيدر صيفحته الرئيسيية صيورة الطفيل محميد الدرة الذي اسيتشهد برصياص الجنود‬
‫ال سرائيليين و هو مح تم بوالده ‪ ،‬و في المقا بل نشرت الموا قع ال سرائلية صورا لمعل مة يهود ية في الخل يل‬
‫بالض فة الغرب ية قتلت في عمل ية فل سطينية م ما يش عل هذا المواجهات ‪ ،‬واعت مد الفل سطينيون –الى جا نب‬
‫قدرات هم الذات ية‪ -‬على م ساعدة الموا قع العرب ية وال سلمية ال تي تش كل مر كز الث قل في المواج هة ‪ ،‬وتطور‬
‫المير شيئا فشيئا وانتقلت صيور الشهييد محميد الدرة الى موقيع شبكية ام اس ان بيي الخباريية المريكيية‬
‫واحتلت المركز الول في التصويت الذي اجر ته الشبكة حول اكثر الصور تأثيرا وتعبيرا عن بشاعة الحرب‬
‫والممار سات ال سرائيلية ‪ ،‬وه نا تدخلت العد يد من الموا قع العرب ية الداعية للدخول على مو قع شب كة ام اس‬
‫ان بيي سيي والمشاركية فيي التصيويت الذي تجرييه الشبكية ‪.‬ولفيت النتباه ايضيا ان الفلسيطينيين والعرب‬
‫والمسيلمين حاولوا تطويير احتجاجهيم الرقميي على ميا يجري فيي فلسيطين بوسيائل اكثير فعاليية ‪ ،‬فطوروا‬
‫فيرو سا اطلق عل يه فيروس –ظلم‪-‬والذي صنف على ا نه اول فيروس ذي طا بع سياسي يظ هر على نطاق‬
‫وا سع على الشب كة ويج سد احدى و سائل الحتجاج الرق مي الديمقرا طي ال سلمي غ ير الضار على النتر نت ‪،‬‬
‫وذلك لن م صممي الفيروس تميزوا بقدر كبير من الحك مة والح صافة ‪ ،‬وانتبهوا الى ضرورة ممار سة هذا‬
‫النوع من الحتجاج الديمقراطي بطريقة ل تتصادم مع الطبيعة الخاصة للنترنت‪ ،‬فصمموا الفيروس بحيث ل‬
‫يهاجم وحدات التخزين او يمحو المعلومات من على الحاسبات التي يصيبها او يؤثر سلبيا على نظم التشغيل‬
‫ك ما تف عل الفيرو سات الخرى ‪ ،‬ولك نه يكت في ف قط بتوج يه الحا سب الذي ي صل ال يه الى موا قع على عل قة‬
‫بالقضية الفلسطينية ثم يعرض رسالة تقول –ل تقلقوا هذا الفيروس غير مؤذ لن يضر نظامكم ان هدفه هو‬
‫مساعدة الشعب الفلسطيني على العيش بسلم في اراضيه ‪،‬‬
‫وحينما تابعت الشركات المتخصصة في امن المعلومات اداء هذا الفيروس وجدت انه يدخل نفسه بشكل آلي‬
‫الى خمسة وعشرين عنوانا حكوميا للبريد اللكتروني فور فتحه ‪ ،‬ويفتح خمسة نوافذ على شاشة الكمبيوتر‬
‫تت صل بموا قع موال ية للفل سطينيين وتر سل نف سها الى اول خم سين ات صال في قائ مة م ستخدم هذا البر يد‬
‫‪29‬‬
‫اللكتروني)‬
‫ان معطيات الديمقراط ية الرقم ية ل ت قف ع ند حدود ممار سة الت صويت الديمقرا طي عبر النتر نت ول ع ند‬
‫اجراء المسوح الميدانية عبر النترنت بل تجاوزتها الى اعلن الحتجاج والعصيان المدني اللكتروني ‪ ،‬الذي‬
‫يقول عنه هنري ثورو المنظم له –كل الناس يتمسكون بحق الثورة ‪ ،‬وهو حق رفض الولء لحكومة ما بل‬
‫ومقاومتهيا عندميا يصيبح اسيتبدادها وطغيانهيا وعدم كفايتهيا امورا غيير محتملة ‪ ،‬وقيد جاء دور العصييان‬

‫‪-‬الديمقراطية الرقمية ص ‪114‬‬ ‫‪29‬‬

‫‪20‬‬
‫المدني اللكتروني كبديل عصري او على القل مؤازر للحتجاج البدني ‪ ،‬كما انه يعد حل مثاليا للذين يودون‬
‫لو شاركو المتظاهرين ولكنهم يؤثرون السلمة على المشاركة في التظاهرات الفعلية في الشوارع_‪.‬‬
‫ان العصيان المدني اللكتروني يحاكي ما يحدث في الشارع دون احداث خسائر مادية ‪،‬مقارنة بما يحدث على‬
‫ارض الوا قع ‪،‬فبين ما يقوم المتظاهرون ب سد المدا خل والمخارج والممرات لم نع تد فق الم سؤولين ‪ ،‬يعترض‬
‫ناشطوا العصيان المدني اللكتروني التدفق المعلوماتي لمختلف الهيئات لشلها وتعطيلها وهو ما يحدث ضغطا‬
‫ماليا ل يمكن للتظاهر البشري الذي يجري في الشارع ان يحدثه ‪،‬حيث ان تدفق المعلومات ورؤوس الموال‬
‫من اهم عناصر الحياة في المجتمعات الراسمالية ‪،‬‬
‫عين آليية العصييان المدنيي اللكترونيي ل يحتاج اكثير مين جلوس عدد كيبير مين الناشطيين سيياسيا وراء‬
‫شاشات الحواسب والتصال بالنترنت للتظاهر او لتكوين رأي عام ما ‪ ،‬ولكن بصور ووسائل قد تكون احيانا‬
‫اكثر فلحا من المواجهة الحقيقية مع السلطات مثل‬
‫‪--‬القييم بارسيال آلف الرسيائل الحتجاجيية والمنددة ‪...‬الخ الى شتيى الجهات المعنيية بصيورة ضاغطية‬
‫مزعجة عن طريق البريد اللكتروني ‪ ،‬غير انه يستخدم هنا لغرض سياسي ل لترويج سلعة او الدعاية لها‬
‫‪--‬الدخول الى غرف الدرد شة في النتر نت للقيام بحوارات وتكو ين رأي منا صر او منا هض لقض ية ن‬
‫القضاييا ‪ ،‬فيميا يعرف باسيم المحادثات السيياسية ‪ ،‬كذلك تكويين جماعات ضغيط سيياسية داخيل مجموعات‬
‫المناقشة في النترنت ‪.‬‬
‫‪--‬القيام بتعطيل موقع ما عن طريق دخول عدد كبير من المستخدمين على ذلك الموقع في وقت واحد ‪ ،‬مما‬
‫يهييء ورود عدد هائل من الطلبات التي يجب ان يلبيها الحاسب الخادم الذي ينطلق من خلله هذا الموقع ‪،‬‬
‫وإغراق الخادم تحت هذا الطوفان من الطلبات حيث يقوم الناشطون بالدعوة لذلك العمل المنظم قبلها بفترة‬
‫كافية حتى يت سنى لكبر عدد من المشاركين الدخول في توق يت واحد دقيق بف تح عدد غ ير محدد من نوافذ‬
‫الت صفح وكتا بة عنوان المو قع ف يه ‪،‬والض غط عل يه في ساعة صفر معرو فة سلفا في ما يعرف بهجوم ايقاف‬
‫الخدمة ‪.‬وكل ذلك يؤدي الى حرمان المستخدم العادي غير المنخرط في ذلك النشاط من الوصول الى الموقع‬
‫او الخدمة التي يقدمها الموقع وهو عقاب للموقع من ورائه‬
‫‪ --‬الو صول للهدف نف سه ال سابق بإحدى الو سائل ال سهلة غ ير المكل فة من ح يث الو قت ‪ ،‬ول تحتاج لي‬
‫خبرة ومنها أمر يستخدم لختبار وجود موقع ما ‪ ،‬غير انه قد يستخدم من خلل مستخدم عادي ليكتب سطرا‬
‫ليقوم الجهاز بذلك الختبار بشكل متكرر‬ ‫‪ping‬‬ ‫واحدا عبارة عن عنوان الموقع يتقدمه أمر‬
‫‪--‬ارسال الرسائل اللكترونية وتداولها بالضافة الى عمل المواقع لنشر الفكار والرؤى الخاصة في شكل‬
‫مظاهرة لخلق رأي عام ضد قض ية ما ‪ ،‬أو في سبيل تعض يد قض ية اخرى بالضا فة الى ابراز عيوب الولى‬
‫ومخاطرها في مقابلة واضحة لمزايا وفوائد الثانية ‪.‬‬
‫(وهناك طر قا اخرى للع صيان المد ني اللكترو ني الذي ل زال في طور الطفولة سواء من ناح ية النظر ية او‬
‫التطيبيق ‪،‬فميا حدث حتيى الن وميا يحمله الغييب مين احداث يمكين ان تقوم بهيا مليشيات العصييان المدنيي‬
‫اللكترونيي جميعهيا يدل على ان هناك تغييرا قيد يكون جذرييا فيي اسياليب مناهضية القوانيين والمنظمات‬
‫والحكومات والمعاهدات وان المتمردين على الدكتاتورية التي تحكم بالحديد والنار واحزاب الخضر وجماعات‬
‫السيلم الخضير والمهتميين بشؤون البيئة وانصيار الديمقراطيية وحقوق النسيان والمطالبيين بحقوق العمال‬

‫‪21‬‬
‫والمندد ين بالعول مة الى آ خر هذه القائ مة المعرو فة ‪ ،‬قد وجدوا ضالت هم ال تي ينشدون ها في هذا النوع من‬
‫العصيان المدني اللكتروني‪.) 30‬‬
‫وهكذا نجد ان النترنت يمكن استخدامها للسياسة المؤيدة او المعارضة ‪ ،‬وأن توظيفاتها السياسية ل تقف‬
‫عند حد ‪ ،‬وأن الذين يحاولون استخدامها كاداة عولمية لنماذج رأسمالية محددة يجب ان يحسبوا حساب هذه‬
‫المعارضة بالدوات اللكترونية التي تروج للعولمة‪.‬‬
‫فالنترنيت اداة سيياسية واعلميية واقتصيادية ‪ ،‬يمكين توظيفهيا لعولمية العالم كله ولكنهيا مفتوحية للجمييع‬
‫وديمقراطيت ها الرقم ية ل من ي ستطيع ان يستخدمها ويوظفها ‪ ،‬فالحتكار ه نا محدود فل يس ث مة احتكار مطلق‬
‫ولزالت المنظمات تستخدمها للرهاب وضد الرهاب على السواء‪.‬‬
‫‪-‬النترنت والقتصاد المعلوماتي ‪5‬‬
‫حينما نعود الى السئلة التي طرحها الدكتور نبيل علي في مدخل كتابه الثقافة العربية وعصر المعلومات ‪،‬‬
‫نجد ان تساؤله عن معنى ما طرحه آل جور حينما قال –دعونا نتجاوز اليدلوجيا ‪ ،‬لنتحرك معا صوب هدف‬
‫مشترك لبناء بنية اساسية معلوماتية عالمية لمصلحة جميع الدول من اجل خدمة اقتصادنا الحر ‪ ،‬ولتحسين‬
‫خدمات ال صحة والتعل يم وحما ية البيئة والديمقراط ية –هذا الت ساؤل يع ني تب ني القت صاد ال حر في المع نى‬
‫القت صادي للمعلومات ية ‪ ،‬ك ما يع ني تب ني الديمقراط ية في المع نى ال سياسي الل يبرالي ل ها ‪ ،‬أي ان ايدلوج يا‬
‫النموذج الرأسيمالي هيو الذي يسيعى الييه ىل جور فيي مطالبتيه لبناء قاعدة معلوماتيية عالميية فيي عصير‬
‫العولمة الجديد هذا الذي تقوده الشركات المتعددة الجنسية الى جانب المنظمات الدولية ‪.‬‬
‫ه نا نأ تي الى الت ساؤل القت صادي ال كبير للدكتور علي { ماذا يف عل فقراء هذا العالم وكل فة انشاء هذه البن ية‬
‫التحت ية تقدر بتريليونات الدولرات؟{‪.‬ويكررالدكتور علي ت ساؤلته بش كل آ خر ول كن هذه المرة عن العول مة‬
‫القت صادية فيقول { ما كل هذا الجدل حول ظاهرة العول مة ؟ مايز يد على ‪ 1500‬مؤت مر وندوة؟ تلك الظاهرة‬
‫وليدة ثورة المعلومات والت صالت ‪ ،‬هل هي د ين الرا سمالية الجد يد ؟ نوع متطور من الحتم ية القت صادية‬
‫لملء فراغ الحتميات بعد ان خل بزوال النازية والفاشية والشيوعية ؟{ ثم يزيد في التساؤل الخر عن معنى‬
‫الندماجات فيي صيناعة العلم والسيينما حييث يقول { ميا كيل هذه الندماجات ب ين عمالقية صيناعة العلم‬
‫وصناعة السينما ودور النشر وشركات برمجة الكمبيوتر والنترنت؟ مثال رقم ‪ 1‬شركة ام سي ان لتصالت‬
‫اللياف الضوئ ية مع مؤ سسات روبرت مردوخ العلم ية ‪ ،‬مثال ر قم ‪ 2‬شر كة وار نر للت صالت مع التاي مز‬
‫دار النشر الصحفية ثم مع سي ان ان قطب العلم التلفزيوني ‪ ،‬وأخيرا مؤسسة ايه او ال كبرى الشركات‬
‫المريكية لتقديم خدمات النترنت{‬
‫وميا الذي دعيا شركية سيوني اليابانيية الى شراء شركية سيي بيي اس للتسيجيلت الموسييقية واسيتديوهات‬
‫كولومب يا للنتاج ال سينمائي ؟ و ما هذه الرقام الفلك ية ال تي تتنا مى الى ا سماعنا عن عوائد صناعة العاب‬
‫الفديو –حوالي ‪70‬بليون دولر سنويا‪ -‬وعما ينفق فيها حاليا من استثمارات ضخمة تقدر بعشرات المليارات‬
‫مين الدولرات سينويا ‪ ،‬تسياهم بهيا شركات امريكيية عملقية أقاميت سيمعتها على تقدييم الخدمات الجادة‬
‫لمؤسسات العمال والموال ‪ ،‬شركة أي تي اند تي على سبيل المثال ‪ ،‬هل وقار الكبار وقد ذهب يبحث عن‬

‫‪-‬الديمقراطية الرقمية ص ‪111-110‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪22‬‬
‫مصروف الصغار ويزيد من نصيبه من مصروفات المنازل ؟ أم انه التقارب بين اللعب والعمل الذي يشهده‬
‫‪.‬‬ ‫‪31‬‬
‫مجتمع المعلومات ؟ )‬
‫لشيك ان الجواب على هذه التسياؤلت التيي جاءت فيي مضمون كتاب الدكتور علي هيي المدخيل والمضمون‬
‫الحقيقي للبعد القتصادي للمعلوماتية بما فيها النترنت التي تقودها جميعا فماذا اجاب الدكتور علي عن هذه‬
‫التساؤلت ؟‬
‫حين ما ب حث الدكتور علي عن عل قة منظو مة تكنلوج يا المعلومات بالمنظو مة القت صادية قال { تبرز اهم ية‬
‫المعلومات اقتصاديا في ضوء تعدد الدوار القتصادية لها ‪،‬فالمعلومات سلعة اقتصادية ‪ ،‬وخدمة اقتصادية ‪،‬‬
‫وذلك علوة على كون المعلومات موردا حيوييا مسياندا لجمييع النشطية القتصيادية الخرى ‪ ،‬لقيد ادت‬
‫تكنلوجييا المعلومات وفيضهيا الزائد الى زيادة النتاج مميا حدا البعيض الى ان يتسياءل ‪ :‬هيل اصيبحت‬
‫الرأ سمالية الحدي ثة منت جة اك ثر من اللزم؟ وك ما يقول محمود ع بد الفض يل فان التو سع الهائل في امكانات‬
‫النتاج سيصحبه تقلص فرص العمل وارتفاع معدلت البطالة بش كل دائم م ما يؤدي الى قصور في الطلب ثم‬
‫الركود والك ساد القت صادي ‪...‬هذه ب صفة عا مة ‪ ،‬أ ما ا هم مل مح العل قة المعلومات ية –القت صادية في رأي‬
‫الكاتب فهي ‪:‬‬
‫الندماجات القت صادية الضخ مة ال تي ت تم حال يا في قطا عي المعلومات والعلم و ما ين جم عن ذلك من‬
‫خلل في توزيع فرص العمل والنتاج والبداع الى حد الحتكار‬
‫‪--‬المور المتعلقة بالملكية الفكرية وتسعير خدمات النترنت خاصة فيما يتعلق بشق المحتوى ‪ ،‬المادة‬
‫الخام لصناعة المعلومات ‪.‬‬
‫‪--‬التغيرات الجذرية المتوقعة في اقتصاد النشر الطباعي والسينما الترفيه‬
‫وكعهدنا بها ل تتوقف تكنلوجيا المعلومات عن كشف آفاق معرفية جديدة ‪ ،‬وها هي تخرج الينا بمفهوم‬
‫‪ attetionl economy‬والذي يهدف‬ ‫اقت صادي جد يد ‪ ،‬ونق صد به اقت صاد الت نبيه والترك يز‬
‫الى ترشييد اسيتخدام النسيان لحواسيه البصيرية والسيمعية ‪ ،‬وقدرتيه على التركييز واسيتخدامه موارد‬
‫ذاكرته القصيرة والمتوسطة المدى ‪.‬‬
‫لقد ظهرت اهمية هذا التوجه ازاء –حمل المعلومات الزائد‪ ..-‬لقد زادت سرعة المعلومات ومعدل تدفقها‬
‫في حين ظلت حواسنا وقدراتنا الذهنية ثابتة كما هي وهو ما يتطلب استخداما افضل لهذه الموارد حتى‬
‫‪.‬‬ ‫‪32‬‬
‫ل ينسحق النسان امام اعصار المعلومات الجارف )‬
‫لقد انعكست التوجهات القتصادية للمعلوماتية على النترنت حيث انتقل من شبكة اشبه بالمنتدى العلمي‬
‫والثقافي الى سوق التجارة اللكترونية ‪ ،‬بعدما كانت لدى مؤسسيها الوائل قد وقفت موقفا حازما ضد‬
‫أي نشاط تجاري او ت سلل اعل ني او اعل مي ‪،‬إذ أن القوى القت صادية التقليد ية وجدت في ها قدرة فائ قة‬
‫على ربيط مصيادر النتاج بمنابيع الطلب وكونهيا وسييلة فعالة لنقيل بضائع صيناعة الثقافية عيبر طرق‬
‫معلوماتيية فائقية السيرعة ‪ ،‬وهكذا كميا يعيبر الدكتور علي –وطئت مؤسيسات المال والتجارة والعلم‬
‫بأقدام ها الثقيلة هذا –الحرم الكادي مي – محيلة اياه الى مت جر الكترو ني وبوق اعل ني ومنا فذ للتوز يع‬
‫وساحة بحوث التسويق‪. -‬‬

‫‪ -‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪28-26-24‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪88‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪23‬‬
‫وهكذا تحولت النتر نت الى و سيلة الكترون ية للتجارة وبدأت مليارات الدولرات تتد فق عبر هذا الو سيط‬
‫مقا بل البضائع ذات الطا بع الثقا في ا ساسا ‪،‬وهكذا تكون ا كبر و سيلة لثورة المعلومات وتقنيات ها تتحول‬
‫الى تجارة سيواء للمعلومات او للتقنيات الخاصية بهيا ‪ ،‬وهكذا جاءت الرقام الفلكيية التيي تتداولهيا هذه‬
‫التجارة من الدولرات بسرعة لم يحلم بها تاجر ول صناعي ول اعلمي ‪ ،‬ومن هنا كان عصر عولمة‬
‫القت صاد الذي جر وراءه عول مة الثقا فة وحول ها الى سلعة دول ية م ستخدما تقنيات المعلومات ية ذات ها‬
‫وشبكة النترنت الماموثية ‪.‬‬
‫ان من الحقائق ال تي فرز ها هذا التو جه القت صادي للمعلومات ية في ع صر العول مة هو ما حدده ي حي‬
‫اليحياوي فيي قوله { ان العلم بدأ ينتقيل تدريجييا ومنيذ مدة مين اقتصياد سيوق تقليدي وملموس الى‬
‫اقت صاد شبكات ذي تيارات م ستمرة ومت سارعة يبرر جزئ يا ا ستعمالنا لم صطلحات القت صاد المعر في او‬
‫القتصياد اللمادي او القتصياد الفتراضيي او القتصياد الجدييد ‪...‬الخ وبالتالي لم يعيد البحيث العلميي‬
‫مرتب طا بابداع وت صميم ال سلعة او الخد مة بقدر ما ا صبح مهت ما ب ما ين تج عن ها من ترابطات وتداخلت‬
‫وتكاملت ‪ ،‬في ميدان تكنلوج يا العلم وو سائط الت صال مثل لم ي عد الب حث قطاع يا أي منح صرا دا خل‬
‫قطاع وا حد ‪،‬ات صالت او اعلم سمعي –ب صري او معلوميات ‪...‬الخ بل ا صبح يه تم بمدى ما ي تم دا خل‬
‫‪33‬‬
‫القطاعات الخرى بهدف الستفادة منها او النسج على منواله )‬
‫ان النظرة المباشرة الى الجانيب القتصيادي للمعلوماتيية ليمكين ان يقود الى الفهيم الصيحيح ال مين خلل‬
‫العول مة وع صرها الجد يد والرقام ال تي يعك سها اقت صاد المعلومات ية في ظل ها ‪ ،‬ف من أبرز مفاه يم العول مة‬
‫القتصيادية هيي انهيا تقوم على { اندماج اسيواق العالم فيي حقوق التجارة والسيتثمارات المباشرة وانتقال‬
‫الموال والقوى العاملة والثقافات والتقانية ضمين اطار مين رأسيمالية حريية السيواق ومالييا خضوع العالم‬
‫لقوى ال سوق العالم ية م ما يؤدي الى اختراق الحدود القوم ية والى النح سار ال كبير في سيادة الدولة وان‬
‫‪,‬‬ ‫‪34‬‬
‫العنصر الساسي في هذه الظاهرة هي الشركات الرأسمالية الضخمة متخطية الحدود)‬
‫أما آلية العولمة تقنيا ‪ ،‬فإنها تستخدم ثورة تكنولوجيا التصالت الجديدة ومنها النترنت وتظهر صورة هذه‬
‫اللية التقنية من خلل –تضاعف استخدام هذه التقنية عالميا حتى جاوز الوقت الذي استهلك في التصالت‬
‫‪ 60‬مليار دقيقية عام ‪ 1995‬وتضاعيف سيوقها حتيى قارب نصيف مليار دولر سينويا ويزداد ‪ %10‬سينويا‬
‫وكذلك من خلل‬
‫تقل يل تكل فة الت صالت الى ان ت صبح ش به مجان ية في غضون ال سنوات العشرة القاد مة و عن طر يق‬
‫النترنت الن بأمكان أي شخص من منطقة الخليج التصال بأوربا وأمريكا بتكلفة ل تزيد عن ‪ 4‬سنتات‬
‫للدقيقة الواحدة‬
‫‪--‬في مجال النترنت وهي الشبكة التي حطمت القيود والحواجز وحققت وحدة معلوماتية سيكون لها‬
‫المستقبل وتأثيرها من خلل سعتها ومحتوياتها وحرية استخدامها ومن ذلك مستخدمو النترنت اكثر من‬
‫‪ 500‬مليون مستخدم ‪ ،‬كما ان مواقع النترنت التجارية والحكومية والخاصة قد تزيد على ‪500‬مليون‬
‫موقع وهي تزداد يوميا بشكل سريع‬

‫‪-‬التكنولووجيا والعلم والديمقراطية ص ‪24‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪-‬التصال الدولي والعربي ص ‪85‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ --‬طر حت بدائل جديدة للتجارة ت سمى الن التجارة اللكترون ية ونشأت ال سواق اللكترون ية وتحق قت‬
‫وحدة السوق العالمي وضخت المليارات الدولرات مثل مدينة النترنت في دبي‬
‫‪--‬زادت صفحات النترنت في نهاية عام ‪ 2000‬على مليار ونصف صفحة والمستخدمون العرب اقل من‬
‫‪35‬‬
‫‪ %1‬من مجموع المستخدمين {‬
‫الفصل الثاني‬
‫تمظهر عولمة المعلوماتية عبر النترنت‬
‫في العلم والسياسة والقتصاد‬
‫‪-1‬مدخل نظري‪:‬‬
‫حينما نحاول ان نعرف مسألة أو موضوعا شامل ‪ ،‬تقف اللغة قاصرة عن الحاطة بالمعرف به ‪ ،‬وإذا كان شمول‬
‫الم سألة او الموضوع يحت مل تنوعات واختلفات ‪ ،‬فإن التعر يف يكون أ صعب وهذا مانجده في محاولة الباحث ين‬
‫تعريف مصطلح العولمة ‪ ،‬فالعولمة بالنسبة للقتصاديين هي تجارة الكترونية وبالنسبة للسياسيين هي ديمقراطية‬
‫الكترون ية ‪ ،‬ك ما ان ها بالن سبة للعلمي ين هي صحافة الكترون ية ‪ ،‬ول كن التعر يف ل كل من هم لم يعط نا مفهو ما‬
‫واض حا للعول مة وتمظهرات ها فإضا فة كل مة الكترون ية ل تز يد الكل مة وضو حا‪ ،‬لن ها كل مة تقن ية مل صقة بمع نى‬
‫اقت صاداو سياسة او اعلم ‪ ،‬ول ما كان ل بد ل نا ان نتقدم بتعر يف محدد للعول مة المعلومات ية والليات والو سائط‬
‫التقنية المعبرة عنها في هذا العصر ‪.‬فإننا سنستعرض بعضها هنا‬
‫يقول الدكتور احميد فؤاد باشيا عيبر مقال له على النترنيت ( لشيك ان صيياغة تعرييف جاميع مانيع –كميا يقول‬
‫المناطقة –لمصطلح العولمة ليس بالمر اليسير نظرا لتعدد مفاهيمه التي تتأثر كثيرا بتعدد التجاهات إزاءه رفضا‬
‫او قبول بدرجات متفاوتة ‪ ،‬والفضل فيما نرى ان يتم تعريف العولمة بتحديد أهم خصائصها وصفاتها ومظاهرها‬
‫التي تدل عليها ‪ ،‬ويمكن من جانبنا ان نجسد هذه الخصائص والصفات بصورة اجمالية في امرين مهمين جدا ‪:‬‬
‫ال مر الول ‪ :‬ن ستشف من تحا شي ان صار العول مة وب عض فل سفتها ادخال الد ين ض من مجالت نشاط هم ‪ ،‬ف هم‬
‫يح صرونها ب صورة رئي سية في مجالت ال سياسة والقت صاد والثقا فة ‪ ،‬و في ب عض الحيان يدرجون مجال العلم‬
‫والتقنية ‪ ،‬وهم بهذا الختزال يجعلون منها –علمانية‪-‬جديدة ‪ ،‬تستبعد الديان من دائرة التأثير‬
‫المر الثاني‪:‬هو ذلك التحيز الذي يصل الى درجة التعصب للنموذج الغربي وتعميمه وفرض سيطرته وهيمنته ‪ ،‬مع‬
‫ال سعي الى اختراق خ صوصيات الغ ير وط مس الق سمات ال تي تتش كل من ها شخ صيات ال مم والشعوب الخرى ‪،‬‬
‫وخا صة الم ستضعفة من ها و هو –أي النموذج الغر بي المد عم بالتفوق المادي والثقا في –ي سخر من ا جل هذا كل‬
‫انجازا ته العلم ية والتقن ية وقدرا ته القت صادية وإمكانا ته العلم ية بل وقو ته الع سكرية اذا اقت ضى ال مر ليفرض‬
‫تصوراته الخاصة عن السلم والمن والحرية وحقوق النسان وغير ذلك من المفاهيم التي لها عند كل امة بل‬
‫عند كل توجه فكري وسياسي تصور خاص ‪.‬‬
‫وهذان المران اللذان يجسدان أهم خصائص العولمة الغربية ومظاهرها التي تدل عليها قد صاحبها خلل السنوات‬
‫الخيرة ظهور اتجاهات نقد ية جعلت كثيرا من الشعوب بل الحكومات في الغرب نف سه تخ شى هذا الخ طر القادم‬
‫وترفض الستجابة لدعواته والنخراط تحت لوائه‪) .‬‬
‫‪36‬‬

‫و في ب حث نشره عبر النتر نت اي ضا الدكتور مح مد ح سن ر سمي عم يد كل ية الحا سبات والمعلومات في جام عة‬
‫القاهرة ت حت عنوان ك يف نتفا عل مع العول مة يقول معر فا العول مة بان ها( طوفان كا سح ل من ي قف في طريق ها‬

‫‪ -‬ن م ص ‪88‬‬ ‫‪35‬‬

‫‪-‬التقدم في ظل العولمة د احمد فؤاد باشا عن النترنت‬ ‫‪36‬‬

‫‪25‬‬
‫رافض ان يتفهم فكرها وفل سفتها وآلياتها اذا كان يملك سدا منيعا يهزم ويلتها ويسخر لنفسه ‪ ،‬ونظام العولمة‬
‫في حد ذا ته يد عم القوياء ويط حن الفقراء ويض حك ال صحاب ويب كي الضعفاء بل يم كن صانعها من التح كم‬
‫وال سيطرة وامتلك مقررات وم ستقبل المتفرج ين المذهول ين ال صامتين المنتظر ين لمعجزات ال سماء‪...-‬ويض يف‬
‫قوله –لو ادرك فا قد مع نى ومغزىالعول مة ما تحمله العول مة لمات هر با وفزعا من ويلتها ‪ ،‬ان ها فيضان الن يل‬
‫فيي وقيت غدره لمين هيو غيير مسيتعد له ‪ ،‬وخيره لمين ب نى السيدود واسيتعد لملقاتيه بالعقيل والعلم والخلص‬
‫‪37‬‬
‫والصرارعلى تحقيق الذات )‬
‫اميا الدكتور البياتيي فيرى ان هناك غموضيا لمفهوم العولمية حييث يقول{ وباختصيار فان العولمية عمليية متعددة‬
‫البعاد ‪ ،‬وهذه البعاد –ال سياسي والقت صادي والجتما عي والثقا في ‪..‬الخ متداخلة ولي ست منف صلة بعض ها عن‬
‫البعض ‪ ،‬ونعتقد ان البعد الجتماعي يحوز الهتمام الكبر الن ليس في حد ذاته ولكن كنواتج للتغيير في العملية‬
‫القتصادية ايضا ‪ ،‬كما ان مفهوم العولمة بقي غامضا للسباب التالي‬
‫‪ -1‬حداثة اطلق المصطلح‬
‫‪ -2‬تعدد القترابات فيي عمليية هذا المصيطلح ميا بيين اقترابات ماركسيية ترى ان العولمية –الهجمية الخيرة‬
‫للرأسيمالية‪ -‬الى اقترابات حضاريية ترى ان العولمية مسيعى لنفيي الحضارات الخرى غيير الغربيية ‪ ،‬وهناك‬
‫اقترابات وطنية ترى في العولمة توجها نحو تقويض سيادة دول العالم الثالث وتهميشها‪.‬‬
‫‪-3‬تعدد العمليات ال تي ينطوي علي ها من عمليات اقت صادية و سياسية وثقاف ية واجتماع ية ‪ ،‬وتع تبر و سائل العلم‬
‫أحد المرتكزات الساسية للعولمة باعتبارها تشمل مختلف الميادين القتصادية والسياسية والجتماعية والثقافية)‬
‫‪38‬‬

‫‪-‬و في درا سة اعد ها مر كز الئتلف للبحوث والدرا سات بعنوان –العول مة تجليات ها الثقاف ية والنف سية ومؤشرات‬
‫التعاميل معهيا عربييا –نشير على النترنيت تقول الدراسية بأن( اول مين تبنيى مفهوم العولمية فيي امريكيا هيو‬
‫بريجنسيكي الذي كان مسيتشارا للرئييس المريكيي فيي ‪ 1980-1977‬حييث اراد مين العولمةان تطرح النموذج‬
‫المريكي للحداثة والقيم المريكية للحرية وحقوق النسان ‪ ،‬أي ان طرح العولمة –كما تقول الدراسة‪-‬كان لخلق‬
‫توجهات –لتجانيس سيياسي واقامية الديمقراطيية ‪ ،‬وتجانيس اجتماعيي وحريية التنقيل وتأميين حقوق النسيان ‪،‬‬
‫وتجانس ثقافي أي المعلومة لمن يريدها ‪ ،‬وهي تجانسات سترتكز في بعض حوانبها على فن القناع ‪-‬نفسيا –‬
‫بالوسيائل والدوات المتاحية ‪ ،‬وبينهيا وبيين اسيتخدام القوة –الردع النفسيي‪-‬عنيد الضرورة بهدف فرض قناعات‬
‫‪39‬‬
‫بديلة لعموم المجتمعات البشرية التي باتت قريبة من بعضها بحكم وسائل التصال عالية الجودة )‬
‫ويورد هذا الب حث ا ستشهادا من كتاب ديناميك ية العول مة للمؤلف جي مس روزنار هو اقرب التعريفات الديناميك ية‬
‫ل ها ح يث يقول هذا ال ستشهاد عن تأث ير العول مة (وتأ سيسا على ذلك كان للمجال الثقا في ذو ال صلة بالجوا نب‬
‫النفسية للعولمة اسبقية تزامنت مع بعض مجالتها القتصادية وتداخلت مع اخرى او تقدمت عليها ‪ ،‬السياسية‬
‫والجتماعيية‪-‬سيلعة مثيل السيلع الماديية تتداول فيي سيوق يسيودها القوى ثقافييا وبوسيائل ايصيال للمسيتهلكين‬
‫مي سورة –القنوات الفضائ ية واللكترونيات والحوا سيب والنتر نت وغير ها –بق صد ن قل الفكار والمباد يء ون شر‬
‫المعلومات لمستوى الشيوع بين جم يع الناس و من ثم صياغة ثقافة عالمية لها قيمها ومعاييرها لزيادة معدلت‬

‫‪-‬كيف نتفاعل مع العولمة دمحمد حسن رسمي عن النترنت‬ ‫‪37‬‬

‫‪-‬التصال الدولي والعربي ص ‪89‬‬ ‫‪38‬‬

‫‪- 39‬العولمة تجلياتها الثقافية والنفسية عن النترنت‬

‫‪26‬‬
‫التشابه او التجانس بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات في محصلة تبرز في اطارها وعلى مستوى النفس‬
‫امكانية تشكيل وعي وادراك ومفاهيم‬
‫قناعات عالمية الطابع)‬
‫‪40‬‬

‫ان هدف التجا نس والتما ثل والتنم يط هو هدف كا من في ايدلوج يا الت صال ا ساسا ‪ ،‬و هو يعرض نف سه في كل‬
‫و سائل العلم لمع طى بدي هي يقول ع نه ال ستاذ ي حي اليحياوي متحد ثا عن ايدلوج يا الت صال فيقول { المع طى‬
‫الثاني فيكمن فيما نتصورفي الطابع التوحيدي الذي تدفع به ايدلوجيا التصال وتجعل الفراد والمجتمعات بموجبه‬
‫–كتلة موحدة منصيهرة او يراد بهيا ان تنصيهر فيي فكير واحيد وثقافية واحدة ونموذج للتمثيل واحيد ‪ ،‬ل تتغييا‬
‫ايدلوجيا التصال وفق هذا التصور خلق –انسان واحد‪-‬بمواصفات واحدة فحسب ‪ ،‬بل تجنح في حالة تعذر ذلك‬
‫الى ا ستنبات مباد يء وق يم من ذلك النموذج الل يبرالي ا ساسا م نذ مدة ‪ ،‬بغرض خلق ثقا فة للتوا فق والترا ضي‬
‫‪.‬‬ ‫‪41‬‬
‫تضمن لهذا الفكر النسياب بعدما تكون قد ضمنت له الرضية والفضاء)‬
‫و قد أ كد هذه الحقي قة‪-‬التجا نس والتشا به والتنم يط –الدكتور البيا تي مع تبرا ايا ها من سلبيات العول مة العلم ية‬
‫فأشار الى ذلك بقوله ( العول مة العلم ية ت سعى من خلل تكنلوج يا الثورة الت صالية الى ن شر مبدأ –التما ثل‪-‬‬
‫وتحميه ليصبح بذلك أمرا واقعا وتحويل المجتمع الى كتل متشابهة ‪ ،‬تنميط الحياة اليومية بحكم فراغ ما يسمى‬
‫بالخيال الجما عي وخوائه وظهور ن مط وا حد من الوا قع المعي شي يت صف بالتما ثل ال سكوني ‪....‬تنم يط المشا عر‬
‫النسانية والتحكم في تشكلها وفق منطق معين من الولوية والهمية ‪ ،‬فالتحكم العلمي في المشاعر البشرية‬
‫وتحديد اهميتها وبرمجة اولويتها هو تحكم في الخيال الجماعي وبالتالي تحكم في ثقافات الشعوب)‪ 42‬وأخيرا فل‬
‫بد ان ننظر الى العولمة من منظور معلوماتي صرف ‪ ،‬حبث نجد العولمة معلوماتيا او المعلومات العولمية عبر‬
‫النترنت خاصة انما تدور بآليات وتقنيات الثورة التقنية للمعلومات لتوصل مضامين ومفردات من يسيطر على‬
‫هذه التقنيات والليات ‪ ،‬و هي الدول الليبرال ية وطروحات ها على الم ستوى القت صادي وال سياسي ‪ ،‬وهذا ما أكده‬
‫الدكتور نبيل علي الذي يطرح هذه المضامين بشكل دقيق حيث يقول {يفضل الكاتب بدافع من توجهه المعلوماتي‬
‫ان يرى العول مة من منظور اك ثر تأ صيل وأك ثر صلة بالثقا فة والمعلومات م عا ال و هو منظور ثنائ ية الوجود‬
‫الز من والمكان ‪ ،‬في البدا ية كا نت –عول مة الز من‪-‬باتباع توق يت جرين تش الشه ير ب عد ان كان ل كل مدي نة قبلة‬
‫توقيتهيا الخاص بهيا ‪ ،‬وجاءت تكنلوجييا المواصيلت والتصيالت ممثلة فيي النقيل الجوي والتصيالت السيلكية‬
‫واللسلكية لتدخل المكان في دائرة العولمة والن ماذا بقي ليدخل مضمار العولمة؟ لم يبق ال الحداث التي تجري‬
‫في اطار هذا الزمن وفي نطاق ذاك المكان وهو ما تسعى اليه عولمة هذه اليام ‪،‬في ان تشمل كل أنشطة النسان‬
‫وممارساته الجتماعية‪،‬اقتصادية كانت او سياسية ‪ ،‬تجارية كانت ام ثقافية ‪ ،‬عامة كانت ام خاصة ‪،‬فهي تشمل‬
‫ضمن ما تشمل حاليا عولمة المعاملت المالية والتجارية والزياء وموضات قص الشعر ورياضة الجري ووجبات‬
‫الطعام بل عولمة الجساد ايضا ‪ ،‬حيث تسعى صناعة الرشاقة وادوية التخسيس الى ان تجعل من مقاييس جسد‬
‫المرأة الكاليفورن ية نم طا معول ما تحلم به الفتيات والن ساء ‪ ،‬وح تى عالم ال شر لم يحرم هو ال خر ن صيبه من‬
‫العول مة من جرائم الماف يا والختلس وغ سيل الموال واغت صاب الن ساء وف ساد الحكومات والمؤ سسات ‪ ،‬وهناك‬

‫‪-‬ن م‬ ‫‪40‬‬

‫‪-‬التكنولوجيا والعلم والديمقراطية ص ‪40‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪-‬التصال الدولي والعربي ص ‪96‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪27‬‬
‫كثيرون م من يعتقدون بشدة ان الج نس البشري لد يه القدرة على بناء م ستقبل ل على اوهام ايدلوج ية سقيمة بل‬
‫‪43‬‬
‫على مجموعة من القيم العامة المشتركة بين البشر جميعا )‬
‫وي ستشهد الدكتور نب يل علي بقول رئ يس وزراء هولندا ال سبق الذي اع تبره اف ضل تلخ يص للعول مة من منظور‬
‫ثقافي معلوماتي حيث يقول( لم اجد تلخيصا للعولمة من المنظور الثقافي المعلوماتي افضل من ذلك الذي خرج‬
‫به روند لوبرز رئيس وزراء هولندا السبق حيث اوجز فأوفى بعرضه ظاهرة العولمة في صورة مصفوفة رباعية‬
‫–مصفوفة ‪ -2×2‬كما اطلق عليها ‪ ،‬ويقصد بذلك ان ظاهرة العولمة قد احدثها محركان اوليان أديا بدورهما الى‬
‫متحركين او ناتجين اوتأثيرين ‪ ،‬يمكن تلخيص المحركين الولين في‬
‫ا‪-‬المحرك الول ‪ :‬البتكار التكنلوجي في مجال تكنولوجيا المعلومات والتصالت اساسا‬
‫ب‪-‬المحرك الثانيي ‪ :‬سييطرة الليبراليية الجديدة ‪ ،‬ويقصيد بهيا انتصيار ايدلوجيية اقتصياد السيوق الحير والنميط‬
‫ال ستهلكي واعلم الترف يه والخ صخصة و ما الى ذلك ‪ ،‬وتقدم الديمقراط ية في هذا الطار كتوأم لقت صاد ال سوق‬
‫الحير سيندويتش آل جور هيل لزلنيا نذكره؟ واللذان يكونان معيا اسيتراتيجية النموذج الغربيي للرأسيمالية فيي‬
‫صياغته المريكية وهو النموذج الذي حظي بدفقة قوية أثر النهيار المدوي للمعسكر الشتراكي ‪ ،‬ويؤكد مؤيدو‬
‫العولمية انهيا سيتعود بالخيير على الجمييع سيواء مين حييث النميو القتصيادي والتقدم التكنلوجيي او اشاعية‬
‫الديمقراطية والدفاع عن حقوق النسان )‪. 44‬‬
‫‪-2‬العولمة العلمية عبر النترنت‬
‫لشك ان اعلم العولمة او عولمة العلم هي اوضح ما تعبر عنها النترنت في معلوماتها ‪ ،‬ويقصد بعولمة‬
‫العلم كما يعبر احد الباحثين ( النفتاح المذهل على المعلومات وكسر الحتكار الرسمي لها ‪ ،‬إما عن طريق‬
‫ال بث التلفزيو ني العابر للحدود او شب كة النتر نت ‪ ،‬ويم كن القول ان عول مة العلم هي عمل ية تهدف الى‬
‫التعظ يم المت سارع والم ستمر في قدرات و سائل العلم على تجاوز الحدود ب ين الدول والتأث ير على المتلق ين‬
‫الذين ينتمون الى ثقافات متباينة ‪ ،‬وذلك لدعم عملية توحيد ودمج اسواق العالم من ناحية ‪ ،‬وتحقيق مكاسب‬
‫للطراف المهيمنية على صيناعة العلم والتصيال مين ناحيية ثانيية ‪ ،‬وينطوي مفهوم عولمية العلم على‬
‫مجموعة من البعاد والمرتكزات الساسية التي يوجزها عدد من الباحثين وهي ‪:‬‬
‫‪-1‬ان عولمة العلم هي عملية متسارعة التغير وبالتالي لم تتشكل ملمحها النهائية بعد ‪،‬فهي تمر بمرحلة‬
‫انتقالية وذلك لسببين رئيسين ‪:‬‬
‫الول‪ :‬ان عولمة العلم تعتبر احد ابعاد عملية اوسع هي عولمة القتصاد والجتماع والسياسة والثقافة ‪،‬‬
‫ونظرا لعدم اسيتقرار او تبلور عمليية العولمية فإن هناك مجموعية مين الرهانات والتحديات القتصيادية‬
‫وال سياسية والثقاف ية ال تي تحدد م سار تطور – بل وم ستقبل‪ -‬عمل ية عول مة العلم ‪ ،‬ومج مل هذه الرهانات‬
‫يقوم على تماثل جوهر عملية العولمة في مجالت العلم والقتصاد والجتماع والسياسة والثقافة باعتبارها‬
‫اسيقاطا للحدود السيياسية وتوحيدا ودمجيا للسيواق وبالتالي وجود ارتباط وثييق وتأثيرات متبادلة بيين هذه‬
‫المجالت الرب عة والعلم ب ما يع ني ان النجاح في عول مة العلم يد عم من فرص نجاح العول مة والثقا فة‬
‫السياسية والعكس صحيح ‪.‬‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪40-39‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪-‬ن م ص ‪41‬‬ ‫‪44‬‬

‫‪28‬‬
‫الثانيي‪:‬ان عولمية العلم تعتميد فيي بعيد مهيم منهيا على نتائج الثورة لعقود قادمية وسيتدفعها الى المام –‬
‫التطبيقات‪ -‬الجديدة أي الدوات في مجال التصالت والتي بدأت لتوها وسوف تستغرق تطوراتها مدة طويلة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -2‬الترا بط والتكا مل ب ين مجالت العلم وتكنلوج يا الت صال ومجت مع المعلومات بح يث ا صبح من ال صعب‬
‫تعرييف العلم او التصيال بمعزل عين تكنولوجييا التصيال والمعلوماتيية ‪،‬فالثورة فيي تكنولوجيية التصيال‬
‫اوجدت و سائل جديدة في الت صال م ثل ال بث التلفزيو ني الفضائي والتكنولوج يا الرقم ية ال تي وفرت امكانيات‬
‫هائلة لسيتقبال الصيوت والصيورة بدقية وبنقاء غيير مسيبوقين ‪ ،‬وكذلك وسيائل العلم المرئيية والتفاعليية‬
‫والفدييو تحيت الطلب والصيحافة اللكترونيية عيبر شبكية النترنيت ووسيائل التصيال المحمولة علوة على‬
‫الت طبيقات المختل فة للو سائط المتعددة ‪ ،‬و قد ارتب طت هذه الو سائل والت طبيقات بالمعلومات ية المتعددة وبدا ية‬
‫الدخول في مجتمع المعلوماتية الذي لم تتبلور معالمه بعد ‪.‬‬
‫‪ -3‬النمو الهائل في اقتصاديات العلم والتصال والمعلومات ‪ ،‬وقد أفضى هذا النمو الى مزيد من التداخل‬
‫بين عولمة العلم وعولمة القتصاد ‪ ،‬فعولمة العلم ليست مجرد تعظيم في قدرات العلم على الدعوة الى‬
‫عولمة القتصاد او الثقافة او ما يعرف أحيانا بنشر أيدلوجيا العولمة ‪ ،‬أي انه ليس مجرد اداة ايدلوجية بل‬
‫عول مة العلم ا صبحت جزءا ا صيل من عول مة القت صاد ‪ ،‬وذلك بالن ظر الى الدور ال كبير لقطاع الت صالت‬
‫والعلم والمعلومات في اقتصاديات الدول الكبرى والسواق العالمية ‪ ،‬فالعلم اصبح صناعة وقطاعا مؤثرا‬
‫في القتصاد العالمي ويمثل هذا القطاع ‪ %40‬من النتاج الصناعي العالمي ويضم أكثر من ‪ %60‬من اليد‬
‫العاملة في العالم الصناعي ‪.‬‬
‫‪ -4‬توسيع الخيارات والبدائل العلمية المتاحة امام الجمهور ‪،‬فقد وفرت تكنولوجيا التصال والمعلوماتية‬
‫وبصيورة غيير مسيبوقة مئات القنوات التلفزيونيية ومئات المحطات الذاعية وعشرات الصيحف والمجلت‬
‫المحلية والدولية فضل عما توفره من وسائل التصال الحدث والمرتبطة بالمعلوماتية ‪.‬‬
‫ويركز خطاب العولمة على ان آليات السوق ومدى اقبال الجمهور بغض النظر عن جنسيته او ثقافته ‪ ،‬هي‬
‫التي ستقود تطور وسائل التصال والعلم ‪ ،‬كما يؤكد ان المنافسة ستكون دائما في مصلحة الجمهور الذي‬
‫سيضمن الحصول على خدمات اعلمية جيدة تلبي احتياجاته وباسعار رخيصة ‪ ،‬والمتأمل في اطروحات هذا‬
‫الخطاب يكتشف بسهولة انه يتعامل مع العلم ومنتجات الثقافة على اساس كونها سلعا يجري تداولها في‬
‫سوق موحدة لتوجد فيها خصوصيات سياسية او ثقافية ‪ ،‬فالفضلية للسلعة او الخدمة الجود والرخص‪.‬‬
‫‪-5‬تقل يص دور الحكومات والمنظمات الدول ية في تنظ يم بيئة العلم والت صالت المحل ية والدول ية ل صالح‬
‫الشركات الحتكارية متعددة الجنسية ‪ ،‬وذلك من خلل الدعوة الى تغيير التشريعات والنظم التي تعيق التدفق‬
‫الحر للمعلومات والصور والرموز بين الدول او تمنح الحكومات ادوارا ووظائف اعلمية كالتخطيط والرقابة‬
‫والمنع والمصادرة ‪ ،‬وفي هذا السياق تطرح عولمة العلم مهام خصخصة وسائل العلم والتصال وانهاء‬
‫‪45‬‬
‫دور الدولة في مجالت العلم خاصة في دعم وسائل التصال المحلية او النتاج العلمي )‬
‫ان عولمة القتصاد تتداخل مع عولمة العلم حتى انهما تتبادلن المواقع ولهذا فقد حصل في ظل العولمة‬
‫تحالف بين القتصاد والعلم لم يكن مسبوقا من قبل يقول الدكتور نبيل علي ( في ظل هذا التحالف الجديد‬
‫بين القوى القتصادية والقوى الرمزية تاهت الحدود الفاصلة بين عولمة القتصاد وعولمة العلم ‪ ،‬وصارتا‬

‫‪-‬التصال الدولي والعربي ص ‪91-90‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪29‬‬
‫تتبادلن موقعي التأث ير والتأ ثر ب صورة مباشرة وغ ير مباشرة ‪ ،‬سافرة وغ ير سافرة‪،‬وفي ح ين ترى عولمة‬
‫القتصاد في عولمة العلم أمضى أسلحتها تسعى عولمة الثقافة من جانبها الى ان تتخذ من عولمة العلم‬
‫ساحة لحوار الثقافات وتعددها وتنوع ها ‪،‬ول يس من قب يل المغالة القول ان م صير المجت مع الن ساني با سره‬
‫‪46‬‬
‫يتوقف على من ستكون له الغلبة في النهاية على جبهة العولمة القتصاد ام الثقافة )‬
‫على ان من مظا هر العول مة هو خضوع العلم والت صال الى الحتكار ‪ ،‬ف من المعروف ان هناك ار بع او خ مس‬
‫وكالت انباء عالمية والمعروفة بالكبار تحتكر ‪ %80‬من فيض المعلومات ‪ ،‬وهناك اربع مجموعات رئيسية تتحكم‬
‫في ‪ %90‬من ال صحف البريطان ية ‪ ،‬وهناك احتكار عدد قل يل من شركات العلم المتعد ية الجن سية للر سال‬
‫الجماهيري المرئي وال سمعي والنتاج ال سينمائي والتلفزيو ني ‪ ،‬و قد تب عه في نه جه الحتكاري تلفزيون الكا بل ‪،‬‬
‫وهناك ‪ %10‬من شركات العلن المريكية تسيطر على ‪ %80‬من اجمالي النفاق العلني في الوليات المتحدة‬
‫والذي يصل الى ‪ 250‬مليار دولرسنويا ‪.‬‬
‫فإذا ما اتجه نا الى النتر نت ال تي طال ما تبا هت بحر ية تبادل المعلومات ومجان ية الح صول علي ها ها هي الخرى‬
‫تطولها يد الحتكار البغيض حيث تشير الحصائيات الى ان مائة موقع فقط على النترنت تسيطر على ‪ %80‬من‬
‫اجمالي زوار مواقع ها تار كة الخ مس ف قط لتتنا فس عل يه ملي ين الموا قع الخرى ‪ ،‬ول جدال في ان اخ طر انواع‬
‫الحتكار هيو ذلك الخاص باحتكار المحتوى –مضمون الرسيالة العلميية‪ -‬مين الموسييقى والغانيي والخبار‬
‫والفلم ‪ ،‬فالمحتوى أهم مقومات صناعة الثقافة ومن يسيطر عليه يصبح هو القابض على زمام اللعبة العلمية‬
‫بل منازع ‪.‬‬
‫لقيد أدركيت القوى الرأسيمالية المغزى القتصيادي للمعلومات بعيد ظهور النترنيت وسيرعة انتشارهيا بصيورة لم‬
‫تعرفها من ق بل في مو جة من الندماج وترك يز رأس المال هدفها من وراء ثنائ ية الحتكار والندماج هذه احكام‬
‫السييطرة الكاملة عالمييا على صيناعة المعلومات بعناصيرها الثلثية –محتوى المعلومات –معالجية المعلومات –‬
‫توزيع المعلومات –في هذا الجو العولمي اعلميا واقتصاديا فرضت شبكة النترنت نفسها اعلميا ‪ ،‬فهي بجانب‬
‫كون ها شب كة الشبكات ف هي بالقدر ذا ته و سيط الو سائط الت صالية بل منازع ‪ ،‬وتتجلى عظ مة الو سيط اللكترو ني‬
‫في قدرته على احتواء الوسائط الخرى لمصادر للمحتوى بالنسبة له ‪ ،‬وبينما كانت عظمة الثلفزيون في احتوائه‬
‫للراد يو تقوم عظ مة النتر نت علىاحتوائ ها ال صحافة والذا عة والتلفزيون والب حث عن المعلومات ‪،‬ول ي ستقيم‬
‫اليوم حد يث في شأن العلم والت صال دون تناول القضا يا ال تي تطرح ها النتر نت كو سيط اعل مي ‪ ،‬ول عل خ ير‬
‫مثال يم كن ان نأخذه على دور النتر نت في العلم المعولم اليوم هو ال صحافة اللكترون ية ف ما هي هذه الو سيلة‬
‫اللكترونيية التيي تسيتخدم النترنيت كوسييلة لمخاطبية الجمهور ؟ وميا هيي ايجابياتيه ودورهيا فيي اطار العلم‬
‫المعولم ؟ ومن ثم ماهو المدى الذي يمكن ان تصل اليه م ستقبل في صراعها او اختلفها مع ال صحف الورقية‬
‫المطبوعية؟ وفيي تمظهير اعلم العولمية عيبر النترنيت بشكيل الصيحافة اللكترونيية صيورة واضحية عين تداول‬
‫المعلومات في عصر العولمة عبر الوسيط العلمي الكبر ال وهي النترنت ‪,‬‬
‫سنحاول ان ن ستعرض آ خر مفردات ومعا ني هذه ال صحافة عبر ما قدم ته آ خر ندوة عرب ية وعالم ية في مؤت مر‬
‫صحافة النتر نت ال تي عقدت في جام عة الشار قة –كل ية الت صال –عام ‪ 2005‬عبراوراق خبراء وباحث ين عر با‬
‫وأجانب ‪.‬‬
‫الصحافة اللكترونية‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪349‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪30‬‬
‫اذا ارد نا ان نتعرض لمع نى ال صحافة اللكترون ية فل بد ان نف هم عموم مع نى الن شر اللكترو ني‪ ،‬ح يث رأي نا من‬
‫يعرف النشير اللكترونيي بأنيه ( اسيتخدام الجهزة اللكترونيية فيي مختلف مجالت النتاج والدارة والتوزييع‬
‫للبيانات وتسيخيرها للمسيتفيدين ‪ ،‬وهيو ميا يماثيل تماميا النشير بالوسيائل والسياليب التقليديية ‪ ،‬ويتيم توزيعهيا‬
‫بالوسائط اللكترونية كالنترنت ‪،‬‬
‫بفضل هذه التقنية الحديثة في النشر استفادت الصحف والمطبوعات الدورية من التقدم التكنولوجي الذي وفرته‬
‫النترنيت لتحسيين مضمونهيا ‪ ،‬وزيادة عدد قرائهيا على مسيتوى العالم مين خلل تغييير طرق التوزييع بواسيطة‬
‫الشبكة وبمشاركة جهاز الحاسوب ‪ ،‬وهذه الطريقة تتميز بالسرعة العالية والنتشار السريع ‪.‬‬
‫دخلت كث ير من ال صحف الى هذه الشب كة فظهرت في بدا ية ال مر في البلدان ال صناعية وكا نت البدايات الولى في‬
‫‪47‬‬
‫الوليات المتحدة المريكية ثم تلتها الدول الوربية وانتشرت تدريجيا في باقي العالم بما فيه العالم العربي)‬
‫أميا ماهيية الصيحافة اللكترونيية فقيد تعددت التعارييف اذ نجيد ان الصيحافة اللكترونيية تجميع بيين مفهوم‬
‫ال صحافة ونظام الملفات المت سلسلة والمتتال ية في منشور الكترو ني دوري يحتوي على الحداث الجار ية ‪،‬‬
‫سواء المرتبطة بموضوعات عامة او موضوعات ذات طابع خاص ويتم قراءتها من خلل الكمبيوتر ‪،‬‬
‫ان ال صحف اللكترون ية هي تلك ال صحف المكتو بة وال تي يعاد ن سخها على النتر نت وتتم يز عن الن سخة‬
‫المكتوبة باستعمال كبير لللوان والصوت والصورة ‪ ،‬وأحدثت الصحيفة اللكترونية ثورة في طريقة مطالعتها‬
‫‪،‬وهذا باسيتعمالها –الخيبر الرقميي‪ ،-‬وكيل هذا بهدف جعيل الخبار فيي متناول القراء عيبر كميبيوتر مجهيز‬
‫بموديم وذلك عن طريق اعداد نشرة يعاد صياغتها في كل مرة يتم تسجيل تطورات للحداث ‪،‬‬
‫وهناك من يعرف ها بان ها ال صحافة ال تي ت ستعين بالحا سوب في عملة النتاج والن شر اللكترو ني وهناك من‬
‫يعرفها من حيث النوع ‪:‬‬
‫‪---‬الصححف على الخط التي يعاد نشرها في النترنت ‪ ،‬أي هي مجرد نسخ للصحف المكتوبة وهي تابعة‬
‫لها اقتصاديا ومهنيا من حيث الشكل والمضمون‬
‫‪48‬‬
‫‪--‬الصحف اللكترونية المستقلة وهي غير تابعة للصحف المكتوبة وليس لها مقابل ورقي)‬

‫مسيرة وتطور الصحافة اللكترونية ‪:‬‬


‫يبدو ان هناك اختلف في البدايات الولى للتعا مل اللكترو ني مع الن شر ح يث ان الب عض ير جع هذه البدايات‬
‫الى عام ‪ 1976‬ع ند ظهوره كثمرة تعاون ب ين مؤ سستي بي بي سي واندبندت برود كا ستينغ ‪ ،‬فالنظام‬
‫الخاص بالمؤ سسة الولى ظ هر ت حت ا سم سيفاكس وعرف نظام المؤ سسة الثان ية با سم اورا كل ‪ ،‬و في عام‬
‫تك ست مع نظام بري ستل قدمت ها‬ ‫‪ 1979‬ظهرت في بريطان يا خد مة ثان ية تفاعل ية عر فت بخد مة فيد يو‬
‫مؤ سسة ب ت ا بري تش تلفون اوثوري تي ‪ ،‬وبناء على النجاح الذي احرز ته المؤ سسات المذكورة في توف ير‬
‫خدمة النصوص التفاعلية للمستفيدين ‪ ،‬بدأ عدد من المؤسسات الصحفية المريكية في منتصف عام ‪1980‬‬
‫الع مل على توف ير الن صوص ال صحافية بش كل الكترو ني الى الم ستفيدين عبر الت صال الفوري المبا شر و من‬
‫بين هذه الشركات‬
‫‪--‬نايت ريدورز فيوترون‬

‫‪- 47‬الصحافة اللكترونية في الجزائر جمال عجمي –بلقاسم بن روان ص ‪6‬‬


‫‪- 48‬ن م ص ‪8‬‬

‫‪31‬‬
‫‪--‬خدمة تايمز وميرور‬
‫‪--‬شركة ترينتكس التي تعتبر ثمرة المشاركة بين أي بي ام و سي بي اس ‪ ،‬محاولت هذه الشركات لم تلق‬
‫النجاح المطلوب فحسب بل تكبدت خسائر مالية قدرت في ذلك الوقت بحوالي ‪200‬مليون دولر ونتيجة لذلك‬
‫توقفت المشاريع الخاصة بهذه الشركات الصحفية بعد عام واحد ‪,‬‬
‫ويرجع المتخصصون البداية غير الموفقة للصحافة اللكترونية الى اسباب عدة اهمها‬
‫‪--‬عدم توافر تقنيات متطورة بما فيه الكفاية تسمح بوصول غير مكلف وسهل الى المحتوى اللكتروني‬
‫‪--‬الهتمام بهذا النوع من الخدمات العلمية لم يلق رواجا من المستفيدين والمعلنين على حد سواء‬
‫غير ان الوضع قد تغير كليا مع بداية التسعينات من القرن الماضي والتي حملت معها تطورات هائلة ل على‬
‫مستوى تقنيات النشر اللكتروني والتخزين والمعالجة والسترجاع فحسب ‪،‬وانما على نظرة وموقف مختلف‬
‫المستفيدين فرضته الحاجة الملحة الى الخدمات اللكترونية وإذا ارتبط نجاح خدمة تيليتكس باعتمادها على‬
‫جهاز التلفزيون فان نجاح الصحافة اللكترونية في انطلقتها الثانية مرتبط مباشرة بتوفر اجهزة الكمبيوتر‬
‫وتطور البرامج التي تسهل الوصول اليها والتعامل معها ‪,‬لقد بدأت اولى التجارب لطلق صحيفة الكترونية‬
‫فيي الوليات المتحدة ممثلة فيي م نبر شيكا غو بدايية عام ‪ 1992‬لكين اليوم ية اللكترون ية ال تي تم ثل ب حق‬
‫مدرسة كانت ميركوري نيوز التي ظهرت عام ‪. 49) 1993‬‬
‫ل قد بدا تطور صحافة النتر نت عبر تجارب التليك ست والفديوت كس في هيئة الذا عة البريطان ية والتجارب‬
‫التفاعلية الخرى في مجال نقل النصوص شبكيا ‪ ،‬ومن تطور قواعد البيانات الصحفية الشبكية ومن استخدام‬
‫الكميبيوتر فيي عمليات ميا قبيل الطباعية فيي بدايية السيبعينات مين القرن الماضيي ثيم تجارب تقدييم خدمات‬
‫الصحافة بالهاتف ال تي ميزت عمل شبكة كمبيو سيرف وغيرها بدءا من عام ‪ 1980‬التي بدأ بعدها ظهور‬
‫الصحافة اللكترونية‪.‬‬
‫ويرى البعيض انيه فيي بدايية التسيعينات بدات المؤسيسات الصيحفية تترك خدمات الفديوتكيس الى الخدمات‬
‫الكمبيوتر ية الشبك ية بالطلب الهات في من خلل امير كا اون ل ين وبرود غي وكمبيو سيرف و في عام ‪1990‬‬
‫ظهر في سيرن بسويسرا اول النماذج التجريبية للويب التي انطلقت في العام اللحق وحتى الى هذا التاريخ‬
‫‪1991‬لم تكن هناك اية صحيفة على النترنت ثم بدأت بعض المؤسسات العلمية التي اخذت علما بالشبكة‬
‫الجديدة في ايجاد موا قع ل ها في خدمات النتر نت المختل فة ال تي ل يس نت بين ها شب كة الو يب ‪.‬و من أبرز‬
‫الجهات ال صحفية ال تي أنشأت موق عا على الشب كة المريك ية هي شيكا غو اون ل ين في ما يو ‪ 1992‬كأول‬
‫صحيفة الكترونية صدرت بواسطة شيكاغو تربيون وفي العام اللحق ‪ 1997‬استضافت شبكات كمبيوسيرف‬
‫وامري كا اون ل ين عددا جديدا من ال صحف ‪50‬و في ابر يل من عام ‪ 1996‬اعلن اتحاد ال صحافة المري كي ا نه‬
‫ا صبح هناك ‪ 175‬صحيفة يومية في امريكا الشمالية موجودة على الشبكة والعدد في انحاء العالم بلغ ‪775‬‬
‫ا صدارة صحافية ‪ ،‬و قد بلغ عدد ال صحف اللكترون ية حوالي ‪ 3250‬موق عا بح سب اح صاء احدى المجلت ‪،‬‬
‫وفي عام ‪ 1999‬اصبح هناك ‪ 2800‬موقعا وقد وصل عدد الصحف اللكترونية الى خمسة آلف صحيفة في‬
‫احصاء ‪. 2004‬ان هذا التاريخ التوثيقي قد ل يعني كثيرا لنه مسألة تاريخية ولكن الذي يعني هو المراحل‬
‫ال تي مرت ب ها هذه الممار سة على م ستوى الع مل ال صحفي ذا ته‪ ،‬ح يث ان هناك من يمن هج هذه المرا حل‬

‫‪-‬الصحافة اللكترونية العربية –الواقع والفاق ص ‪11‬‬ ‫‪49‬‬

‫‪-‬التطبيقات التقليدية والمستحدثة للصحافة العربية على النترنت ص ‪3‬‬ ‫‪50‬‬

‫‪32‬‬
‫بثلث ‪ ،‬ويلخص احد الباحثين تطور هذه الصحافة في المؤتمر الثالث لصحافة النترنت عام ‪ 2001‬بجامعة‬
‫تكساس باوستن هذه الموجات بقوله‬
‫‪--‬في الموجة الولى ‪ 1992-1982‬سادت في البداية عدة تجارب للنشر اللكتروني الشبكي من نوع الفديو‬
‫تكس ثم آلت المور في النهاية الى شبكات ضخمة مثل كمبيوسيرف‬
‫‪--‬الموجة الثانية من ‪-1993‬حيث اخذت المؤسسات العلمية علما بالنترنت فبدأت بالتواجد فيها‬
‫‪--‬الموجة الثالثة التي بدات قريبا هي مرحلة البث المكثف التي تشي بالقوة في التطبيقات العلمية كما‬
‫تنبيء بالربحية اكثر من المرحلتين السابقتين ‪.‬‬
‫ان المحتوى الخباري لصحافة النترنت مر ايضا بثلثة مراحل‪ .‬في المرحلة الولى كانت صحيفة النترنت‬
‫تعيد نشر معظم او كل او جزء من محتوى الصحيفة الم وهذا النوع من الصحافة ما زال سائدا‪.‬‬
‫في المرحلة الثان ية ‪ :‬يقوم ال صحفيون باعادة انتاج ب عض الن صوص لتتواءم مع مميزات الن شر في الشب كة‬
‫وذلك بتغذية النص بالروابط والشارات المرجعية وما الى ذلك وهذا يمثل درجة متقدمة عن النوع الول‬
‫في المرحلة الثال ثة يقوم ال صحفيون بانتاج محتوى خاص ب صحيفة النتر نت ي ستوعبون ف يه مميزات الن شر‬
‫الشبكي ويطبقوا فيه الشكال الجديدة للتعبير عن الخبر وتشهد هذه المرحلة التي نعايشها حاليا تطورا مهما‬
‫يتعلق بايجاد الوسائل التي تسهل اكثر عملية الحصول على الخبار وتحسين طرق توزيع الصحف وتحصيل‬
‫الشتراكات ‪.‬‬

‫انواع الصحافة اللكترونية‬


‫يذكر الباحثون ان اصناف وانواع الصحافة اللكترونية العربية على شبكة النترنت على ثلثة انواع‬
‫‪51‬‬

‫الولى‪:‬هي الموا قع التابعة لمؤ سسات صحفية تقليد ية كال صحف وبعض الفضائيات ‪ ،‬وت عد امتدادا لها وهذه‬
‫تعد نسخا الكترونية من الصحف المطبوعة تحتوي على معظم ما ينشر على صفحات تلك الصحف ‪ ،‬ويندر‬
‫ان تحدث هذه المواقع خلل اليوم ‪ ،‬ول يعمل بها صحفيون وانما مبرمجون ينقلون ما في الصحف المطبوعة‬
‫الى المو قع اللكترو ني ‪ ،‬وهناك موا قع تفاعل ية لفضائيات م ثل قناة الجزيرة و ب ب س العربية وهذه تحوي‬
‫اخبارا وتحليلت ون صوص مقتط عة م ما يذاع عبر الث ير و قد تحتوي على اخبار خا صة بالمو قع اللكترو ني‬
‫وقد يعمل محررون ومترجمون صحفيون في هذا الموقع لتحديثها‬
‫الثانية ‪ :‬المواقع الخبارية كالبوابات العلمية امثال اريبيا اون لين وبلنيت ارابيا ونسيج وغيرها ‪ ،‬وهي‬
‫مواقيع الكترونيية متخصيصة تنشير اخبارا وتحليلت وتحقيقات اعدت خصييصا النشير على شبكية النترنيت‬
‫وتحدث المواد على مدار السياعة ويعميل فيي هذه البوابات محررون ومراسيلون مهنيون يمكين تسيميتهم‬
‫بصحفيي النترنت‬
‫الثالثية ‪ :‬الصيحف اللكترونيية البحتية التيي لييس لهيا صيحيفة مطبوعية ‪ ،‬وتدار عادة بجهيد فردي وتغطيي‬
‫مجالت الخبار كافة من سياسة واقتصاد ورياضة وسينما وموسيقى ‪ ،‬وتحاول ان تستفيد من تقنيات تصميم‬
‫الصفحة لمزيد من التنوع وهي صحف يومية يتم تحديث موادها الخبارية آنيا وصفحاتها يوميا ‪.‬‬
‫لقيد تحررت الصيحافة اللكترونيية مين العائق الذي كانيت تعانيي منيه وسيائل العلمةالتقليديية وهيي ضييق‬
‫المسياحة التحريريية بالنسيبة للصيحف اليوميية والمجلت الورقيية وضييق الوقيت بالنسيبة لنشرات الخبار‬
‫الذاع ية والتلفزيون ية ‪ ،‬هذا التحرر رشح ها لتحتوي عددا غ ير محدد من المواد العلم ية ‪ ،‬والقار يء الذي‬

‫‪-‬الصحافة اللكترونية د عبد المير الفيصل ص ‪2‬‬ ‫‪51‬‬

‫‪33‬‬
‫يعاني في السابق من الندرة الناجمة عن قيام السلطة سواء كانت الحكومة او سلطات رأس المال او سلطة‬
‫العلميين بممارسة المنع والحذف اصبح القاريء يعاني من تخمة غير مسبوقة ‪ ،‬هذه التخمة طرحت على‬
‫القاريء اشكاليتين‬
‫الولى‪ :‬التراتبية التي تفيد ترتيب اهمية واولوية المادة الصحفية بالنسبة له‬
‫الثان ية‪ :‬عدم وجود مر شح ومفل تر للمواض يع فترا كم الحداث والفكار والراء والمواض يع ال تي يتجاور في ها‬
‫الجد يد مع القد يم بو صلة دا خل ال صفحة او خارج ها في ال صحافة اللكترون ية ويتدا خل في ها ال غث وال سمين‬
‫تجعل القاريء تائها في غابة من المواد تفتقد الى مرشد او دليل ‪,‬‬
‫وهكذا ن جد ان الب حث عن النواع ال صحفية المعرو فة ال تي سيطرت على الت عبير العل مي لعدة قرون في‬
‫‪52‬‬
‫وسيلة اتصال جديدة قد يؤدي الى طريق مسدود وذلك بالنظر الى العاملين التاليين‬
‫‪-1‬ان كل و سيلة اعلم ية جديدة تخلق فضاء اعلم يا جديدا خا صا ب ها ‪،‬لذا ت ستعين بالنواع ال صحفية ال تي‬
‫كانت تعمل بها وسيلة العلم التي سبقتها وتحاول ان تطورها وتكيفها مع خصوصيتها وفضاءها العلمي‬
‫الجديد وتستحدث انواعا جديدة اكثر استجابة لدوارها ووظائفها النوعية والكثر ملءمة لخصوصيتها التقنية‬
‫‪ ،‬هذا ما حدث مع الذا عة ثم التلفزيون ‪ ،‬ويحدث الن مع ال صحافة اللكترون ية ال تي انتع شت في شب كة‬
‫النترنيت ‪ ،‬فالخصيوصية التقنيية التيي تتمتيع بهيا الصيحافة اللكترونيية سيمحت لهيا ببلورة احدى النواع‬
‫ال صحفية ال تي كا نت ت ستعمل بش كل أ قل من بق ية النواع ال صحفية ‪ ،‬ا‪.‬ان الملف ال صحفي الذي يع ني تناول‬
‫قضية او حدث معين من مختلف الجوانب لتسلط عليه الضواء من كل الجهات ويشترك في انجازه اكثر من‬
‫صحافي باستغلل جميع الوثائق للدراسات والمصادر‬
‫‪-2‬ما زلنا ننظر الى وظائف الصحافة نظرة –ثابتة‪ -‬مستمدة من الماضي الذي كان فيه العرض يسيطر على‬
‫اقت صاديات و سائل العلم ‪ ،‬ان تكنلوجيةالت صال الحدي ثة قد اعادت هيكلة هذه الو سائل على ا ساس هيم نة‬
‫الطلب فالتحدي الذي كان مفرو ضا على و سائل العلم بف عل ض غط ال سوق والمناف سة تم ثل في عرض ما‬
‫ينا سب متطلبات الجمهور وحاجيا ته وذو قه ‪ ،‬ل قد زال هذا التحدي في ظل و سائل الت صال الحدي ثة وا صبح‬
‫بإمكان أي وسيلة تتمتع بعدة التفاعلية ان تتجه وفق ما يمليه عليها الطلب‪ ،‬فسيادة الطلب معناه انفتاح افق‬
‫لتطوروسائل التصال الفردية اكثر من الجماهيرية بمعنى ان القاريء على سبيل المثال اصبح يشكل صحيفته‬
‫و فق ما يريد ويحتاج أي ل يقرأ ال ال صفحات الرياضية من ال صحف اللكترونية او ال صفحات الثقاف ية على‬
‫سيبيل المثال ‪،‬هكذا تشذر جمهور وسيائل التصيال الجديدة وجنيح نحيو الفردانيية ‪ ،‬هذا التغيير الواضيح فيي‬
‫القراءة طرح ضرورة التفكير في مسألة وظائف الصحافة التي تنهض على اساسها النواع الصحفية ‪ ،‬فهل‬
‫يعقيل ان تظيل النواع الصيحفية الكلسييكية التيي سيادت فيي وسيائل العلم الكلسييكية ذاتهيا فيي وسييلة‬
‫اعلمية جديدة يتسم جمهورها بأنه طرف منتج فيها بشكل مباشر من خلل المشاركة في منتدياتها او بشكل‬
‫مباشير مين خلل وجود جسيور لتفاعيل الجمهور ميع الصيحفيين والكتاب الذيين يأخذون فيي الغالب برأييه‬
‫وأفكاره ؟وفيي هذا الصيدد يمكين الشارة الى بعيض البحوث الميدانيية مثيل تلك التيي انجزتهيا مؤسيسة‬
‫‪ MIDDLEBERG ROSS‬فيي ‪ 2001‬والتيي تؤكيد بان ‪ %70‬مين الصيحفيين فيي الدول المتقدمية‬
‫يتحاورون مع القراء عبر شبكة النترنت ؟‬

‫‪-‬الصحافة اللكترونية احادية الشكل وتعدد المضلمين ام انواع صفية جديدةو ص ‪9‬‬ ‫‪52‬‬

‫‪34‬‬
‫ان الحديث الصحفي الذي يتحول بفضل ‪TALK BACK‬الى حوار مع الجمهور ودردشة القراء مع الكاتب‬
‫او الشخصية يشكل السمة البارزة للصحافة اللكترونية ‪ ،‬اضافة الى منابر النقاش التي تفتح للجمهور ولكل‬
‫المشتركيين فيي النترنيت الراغيبين فيي تبادل الفكار والمعلومات ‪ ،‬ربميا كانيت وراء اعتقاد البعيض بأن‬
‫ال صحافة اللكترون ية لي ست و سيلة اعلم ية بل فضاء رمزي يلت قي ف يه الناس بش كل اعتباري لتبادل الراء‬
‫والفكار والمعارف ‪ ،‬ان اللقاء الذي كان في السابق شبه مستحيل في ظل التباعد الجغرافي والتفاوت الزمني‬
‫والتفاوت الجتماعي والثقافي والعمري قد حصل ‪.‬‬

‫الصحافة اللكترونية والصحافة الورقية‬


‫تنافس واصدام ام تكامل وتكيف‬
‫فيي مؤتمير لتحاد الصيحف المريكيية ابلغ راسيل نيومان الناشريين ان التقنيية الحديثية تجعيل مين النهايية‬
‫المحتملة لل صحف التقليد ية امرا ل م فر م نه ‪ ،‬هكذا تن بأ ا ستاذ الت صالت في جام عة فلي شر المريك ية ‪،‬‬
‫وبدأت تنبؤات انهاء وجود الصحافة التقليدية فمن قائل انها ستنتهي عام ‪ 2018‬وهو ما ذهب اليه نيومان ‪،‬‬
‫ومن قائل انها ستنتهي عام ‪ 2040‬وهو ما ذهب اليه فيليس ميلر الذي كان يعتقد ان آخر مستخدم لجريدة‬
‫مطبوعة سيكون في شهر ابريل من عام ‪، 2040‬‬
‫وهناك من يرى ا نه في غضون خم سة ع شر عا ما المقبلة سيضطر عدد من ال صحف الى التخلي التدري جي‬
‫عن الطبعات الورق ية ‪ ،‬وهناك الب عض م من يرى ا نه مع مايشهده الجمهور من شيخو خة مت سارعة الوتيرة‬
‫للصحافة الورقية فسيتوقف البعض عن اصدار الطبعة الورقية من يوم الثنين الى يوم الخميس مع استمرار‬
‫الصيدور على النترنيت والحتفاظ بالطبعية الورقيية خلل عطلة نهايية السيبوع ‪ .‬ان هذه السيتنتاجات‬
‫والتوقعات جاءت نتي جة درا سات في المجتمعات الغرب ية ‪ ،‬وإذا كا نت اول صحيفة عرب ية تخلت عن طبعت ها‬
‫الورق ية لح ساب طبعت ها اللكترون ية هي صحيفة الش عب الم صرية ال ان هذا ل يع ني ان كل الكتاب العرب‬
‫وال صحفيين يؤيدون هذه التنبؤات وان ما تتعدد آراؤ هم فالبعض‪ 53‬يقول ‪ :‬أتو قع لل صحافة اللكترون ية التطور‬
‫والتقدم وللصحافة الورقية النقراض خلل بضعة اعوام او على القل سيتم الستغناء عنها تماما ‪ ،‬والبعض‬
‫الخر يقول ‪ :‬ل أعتقد ان الصحافة اللكترونية سوف تنافس الصحافة الورقية فالكلمة المكتوبة ثقافة مختلفة‬
‫ل ها سحرها الخاص وعشاق ها الذ ين ل ي ستطيعون التخلي عن ها ‪..‬ويض يف صاحب هذا الرأي ‪,,‬ح ين بدأت‬
‫الذاعية انتابنيا الخوف على الصيحف وحيين بدأ البيث التلفزيونيي انتابنيا الخوف على الصيحف والذاعية ‪،‬‬
‫وحيين ظهير الفدييو والكميبيوتر والفضائيات كان خوفنيا ينصيب على ان تلك التقنيات سيوف تزييح الكلمية‬
‫المكتو بة وتنزل ها عن عرش ها ول كن هذا لم يحدث وب قي ل كل و سيلة اعلم ية دور ها على مر ال سنين ول كن‬
‫يمكننيا ان نجزم بان الصيحافة اللكترونيية عملت وتعميل على إثراء الصيحافة الورقيية ‪ ،‬وأن عالم النترنيت‬
‫سوف يم كن ال صحفي من تقد يم ال خبر والمعلو مة وال صورة والح صاء بالش كل الذي يد عم ماد ته ال صحفية‬
‫وبتعبير آخر ان العلقة بين الوسيلتين علقة تكاملية ومن الصعب ان تطغى احداهما على الخرى ‪.‬‬
‫وهناك رأي اك ثر عم قا في تحليله يذ هب الى اا ستحالة نها ية ال صحافة المكتو بة وخا صة في عالم نا العر بي‬
‫مستندا الى ان العلم اللكتروني هو وسيلة نشر كما ان الطباعة على الورق وسيلة نشر وليوجد صراع‬
‫بين الوسائل بمعنى ان تلغي واحدة الخرى ولكن توجد منافسة في احيان ويوجد تكامل في احيان اخرى ‪،‬‬

‫‪ -‬الصحافة اللكترونية العربية الواقع والفاق ص ‪16‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪35‬‬
‫وفيي تقديير صاحب هذا الرأي انيه لن تحيل ال صحافة اللكترونيية بدل من ال صحافة المطبوعةلن الموا طن‬
‫العربي يثق اكثر في الخبر المنشور في صحيفة ورقية حتى لوكانت محدودة التوزيع ‪.‬‬
‫وفي بحث ميداني على عينة من الساتذة العرب في جامعة الشارقة يبحث احد الباحثين هذه المسألة تحت‬
‫عنوان العل قة ب ين ال صحافتين فيقول( بدأ تأث ير الثورة المعلومات ية التكنولوج ية يظ هر على صناعة الطبا عة‬
‫والن شر وان بدا ية الع قد الول للقرن الحادي والعشر ين يش هد ات ساعا متزايدا لل صحيفة اللكترون ية مقا بل‬
‫ال صحيفة التقليد ية ال تي سادت لخ مس قرون ان ال صحيفة اللكترون ية تح مل قوة جذب وابهار جديدة ت ساعد‬
‫على انتشارهيا على حسياب تلك التقليديية الحاليية لنهيا تسيتخدم الوسيائط العلميية المتعددة ‪,,،‬فهيي تتييح‬
‫لمستخدمي الشاشة ممارسة اكثر من حاسة خصوصا البصر والسمع بل واللمس ايضا فالقاريء يستطيع ان‬
‫يختار ما ير يد ويقرأ ما ي حب الطلع عل يه ويرى ال صور بألوان ها الجذا بة وي ستمع في الو قت نف سه الى‬
‫الصيوات التسيجيلية ويشاهيد الفلم المنقولة عيبر الفدييو كيل ذلك فيي عمليية سيريعة واحدة لم تسيتطع ان‬
‫توفرها له من قبل وسائل العلم المختلفة الصحافة المكتوبة والذاعة المسموعة والتلفزيون المرئي يقول‬
‫جون راسيل احيد كبار الذاعييين البريطانييين فيي الب ب س ان الخطير الكيبر يهدد الصيحيفة اليوميية‬
‫ب ين التلفزة المتطورة وتكنلوج يا الك مبيوتر‬ ‫وال سبوعية يأ تي مباشرة من التكا مل الحا صل ب ين تكنولوج يا‬
‫هذا التكامل قد يقدر في زمن ليس ببعيد على اختراق الخاصيتين الساسيتين اللتين تهددان الصحيفة اليوم‬
‫‪-1‬التوسع في كشف الخبار دون الرتباط بعامل الوقت المحدد نسبيا في نشرات الخبار او البرامج الخبرية‬
‫‪-2‬استمرار حضور الصحيفة في متناول القاريء مما يسمح له بالتصفح والمراجعة والستغراق في التأمل‬
‫‪54‬‬
‫من دون الرتباط بسلطة اللحظة والوقت )‬
‫ويعقد الكا تب فصل عن اتجاهات العل قة بين ال صحيفتين اللكترون ية والمطبوعة حيث ا نه يرى ان في ذلك‬
‫ثلثة اتجاهات‪:‬‬
‫‪-1‬اتجاه يذ هب الى ان ال صحافة اللكترون ية ب ما ل ها من امكانيات كثيرة وال صحف المطبو عة ب ما في ها من‬
‫سلبيات يجعل السيادة للصحافة اللكترونية‬
‫‪-1‬واتجاه ثا ني يذ هب الى الع كس ويطرح فكرة التعا يش ب ين النوع ين ل سباب عديدة ويقدم الدلة على‬
‫افضلية الصحافة المطبوعة احيانا على الصحافة اللكترونية‬
‫‪-3‬واتجاه ثالث هو اتجاه حيادي ل يرى ان أي من الصحافتين ستقضي على الخرى وستندمج الصحافتان‬
‫ميع تكييف خاص للصيحافة المطبوعية التيي يرى انهيا سيتتجه الىالتخصيص والمحليية وييبرر هذا الرأي‬
‫الندماجي بين الصحافتين باسباب اقتصادية حيث يقول‪:‬‬
‫‪-1‬ان دور الن شر ال صحفي في العالم با سره تت جه الى تنو يع نشاطات ها العلم ية وذلك بدخول الراد يو‬
‫والتلفاز والمطبوعات المتخصصة واعداد المؤتمرات واستغلل النترنت‬
‫‪-2‬ان الع مل المشترك ب ين صناعتي الن شر التقليدي واللكترو ني هو المحتوى المتم يز ف من غيره ل تن جح‬
‫مطبوعة ول ينتشر تلفاز ول يستمر موقع على النترنت‬
‫‪-3‬اضافة الى المحتويات فان دخول شركات النشر التقليدية عالم النشر اللكتروني يعتمد على نجاح وانتشار‬
‫السم التجاري عند المستفيد فظهر اسلوب الترويج المتقاطع حيث يقوم المطبوع اللكتروني بالترويج للموقع‬
‫اللكتروني الشقيق والعكي بالعكس ‪.‬‬

‫‪-‬التعرض للصحافة اللكترونية والمطبوعة ص ‪10‬‬ ‫‪54‬‬

‫‪36‬‬
‫ل قد تو صل الباحثون في هذا المجال الى خل صة تقول { على الر غم من الجدل ية القائ مة ال تي ينش غل ب ها‬
‫العلميون وغيرهم في بقاع العالم المختلفة ومن بينها العالم العربي حول تحديات احد افرازات هذه الثورة‬
‫أي شبكية النترنيت واحتمالت تضييقهيا الخناق على الصيحافة الورقيية او التقليديية لصيالح الصيحافة‬
‫اللكترونية ‪ ،‬فان التجارب الناجحة والمتميزة في الغرب تؤكد حقيقة ان الصحافة الورقية مهددة ل محالة ان‬
‫لم تعبر جسر التحولت اللكترونية في عصر المعلومات الى الضفة اللكترونية على النترنت بسلم ‪ ،‬كما ان‬
‫الصحافة اللكترونية ل يمكنها التطور والنتشار بدون انحسار مساحة المية في مفهومها الواسع ‪،‬‬
‫ان سير ال صحافة التقليد ية في اتجاه ال ستثمار في المحتوى اللكترو ني سيترتب عل يه ولم ل ايجاد افكار‬
‫استثمارية جديدة يحمي فيه الوجود اللكتروني للنسخ الورقية لمرين يتأكدان يوما بعد يوم اولهماما يكتنف‬
‫النسخ اللكترونية من فوائد ل تستطيع ان تأتي بها النسخ الورقية ‪ ،‬أما الخر فهو انقلب الناس الى نمط‬
‫حياة الكترون ية جديدة تتحول في ها طرائق معيشت هم التقليد ية و من بين ها ح صولهم على ال خبر والمعلو مة ‪،‬‬
‫والنتر نت بالن سبة لل صحف الورق ية على و جه الخ صوص هي في الوا قع سلح ذو حد ين ‪ :‬فإ ما ان تكون‬
‫خطرا محدقا بها بحيث تفقد موقعها التقليدي في السوق ‪ ،‬وإما أن تكون فرصة عظيمة تتمكن من خللها‬
‫احتلل مواقع واسواق جديدة بسرعة لم تكن ممكنة ابدا ضمن معطيات البيئة التقليدية ‪ ,,‬وعليه فالعلقة بين‬
‫العلم التقليدي والعلم اللكترو ني لي ست ابدا عل قة قائ مة على قاعدة انهاء احده ما ح تى ي ستمر ال خر ‪،‬‬
‫وإنما هي في رأيي علقة تنافسية في جزئياتها وتكاملية في عمومياتها ‪ ،،‬نجاح علقة التنافس والتكامل هو‬
‫‪.‬‬ ‫‪55‬‬
‫شرط ضروري لبروز هيئة اعلمية عربية تأخذ بأسباب الحاضر دون ان تتنكر للمستقبل)‬
‫ان القاء نظرة على انخفاض نسيبة القراء للصيحافة التقليديية ولجوء الصيحف الى السيتفادة والسيتعانة‬
‫بتقنيات النتر نت لر فع معدل القراء والقراءة ل صحفهم يعطي نا دليل آ خر على الهم ية ال ستثنائية لل صحافة‬
‫اللكترونية ولدور النترنت في تداول المعلومات في عصر العولمة ‪ ،‬حيث تقول الحصائيات‪ 56‬بان التغيرات‬
‫التي شهدتها علقة الجمهور بالوسائل التصالية قد ادت الى تناقص اعداد القراء للصحف في مختلف انحاء‬
‫العالم وبالذات في الدول المتقد مة ال تي تتوا فر في ها خيارات ات صالية متعددة ‪ ،‬فعلى سبيل المثال ظل الر قم‬
‫الجمالي لتوزيع الصحف المريكية اليومية مستقرا عند حوالي ‪ 59‬مليون نسخة خلل العوام ‪-1960‬وحتى‬
‫اوائل ‪ 1995‬برغيم ارتفاع عدد سيكان الوليات المتحدة مين ‪ 180‬مليون الى ‪ 260‬مليون خلل المدة نفسيها‬
‫ميع انخفاض هذا الرقيم ليبلغ ‪ 56‬مليون نسيخة يومييا نهايية عام ‪ ، 2002‬وعلى الصيعيد الفردي للصيحف‬
‫المريك ية تش ير ارقام الهيئة المهن ية المريك ية لمراق بة الن شر الى ان جريدة نيويورك تاي مز لوحد ها فقدت‬
‫‪ %42‬من قراء عدد ها اليو مي و ‪ %58‬من قراء عدد ها ال سبوعي خلل عام ‪ .1997-1969‬و في التجاه‬
‫ذاتيه يشيير مركيز الصيحافة الوربيية الى ان معدل القراء فيي اوربيا يتناقيص ولذلك فقيد خسيرت الصيحافة‬
‫الوربيية خلل عام ‪ 1997‬وحده ‪ 12‬مليون قارييء‪.‬لقيد تحولت هذه التحديات الى سيعي الصيحافة بوجوب‬
‫الهتمام بالنماط الت صالية الجديدة للتقن ية الحدي ثة ال تي تمثل ها ال صحافة اللكترون ية وحفزت هذه ال صحف‬
‫للفادة مين التصيال اللكترونيي الذي اتاحتيه شبكية النترنيت عيبر اصيدار صيحف او نسيخ الكترونيية مين‬
‫اصيداراتها المطبوعية ‪/‬وقيد اشارت احدى الدراسيات التيي اجرييت عام ‪ 2000‬مين ان ‪ %87‬مين الصيحف‬
‫المريك ية المطبو عة تن شر ن سخا الكترون ية من ا صداراتها المطبو عة ‪ ،‬ان التلفزيون وال صحافة اللكترون ية‬

‫‪- 55‬الصحافة اللكترونية د اجقو علي ص ‪23‬‬


‫‪ 56‬ن م‬

‫‪37‬‬
‫بشكل عام يكتسحان كل وسائل العلم الخرى في نسب القراءة والستماع المتداولة عالميا واقليميا او في‬
‫توسع شبكات العلم او النتشار الحقيقي او في اليرادات العلنية ‪.‬‬
‫ان ال صحافة ال تي توا جه تحدي انخفاض ن سب القراءة لل صحف في العالم تحاول ان تت صدى لهذه المعضلة‬
‫مين خلل البحيث عين قراء جدد ومين ذلك تطويير التوزييع والتروييج لحقائق جديدة ومنهيا عصيرنة تقنيات‬
‫وصناعة الصحافة فصحيفة الندبندت البريطانية تضع كل قدراتها واستراتيجيتها للتأثير في نسبة ال ‪%10‬‬
‫او ‪%20‬او ‪%30‬ال تي لتقرأ الجريدة ‪ ،‬وجريدة ليبراسيون الفرنسية غيرت من نفسها على النترنت شكل‬
‫ومضمونا وسياسة عامة لتكون اقرب الى الجمهور لواسع الذي يستخدم النترنت فزادت من عدد الصفحات‬
‫والبواب والزواييا والهتمامات ولونيت صيورها اكثير لتكون مشوقية اكثير عنيد القراءة ‪.‬وصيحيفة اللومونيد‬
‫باشرت فلسفة جديدة لمهمات الصحيفة وصيغ الخراج الجديدة بعد تطوير موقعها على شبكات النترنت بما‬
‫جعلت عدد القراء يزداد على نسختها اللكترونية يوما بعد يوم ‪.‬‬
‫و في رأي ال خبراء ان ال صحيفة مه ما بل غت من التطور والمضمون الجذاب والش كل الل فت وهيئة التحر ير‬
‫المبدعة والترويج العلني الفاعل تبقى عاجزة عن النتشار الواسع اذا لم يرافق ذلك استخدام امثل لمزايا‬
‫شبكة النترنت وما يمكن ان تقدمه من تقنيات تكون لها مزايا ايجابية سواء على زيادة عدد قراء الصحيفة‬
‫على النترنيت او على عواميل اخراج الصيحيفة وتحريرهيا والخدمية التفاعليية التيي تقدمهيا للقراء ‪.‬ان‬
‫المحرر ين والناشر ين يجربون ال ساليب الجديدة لجتذاب القراء ب ما في ذلك الق صص الق صيرة والمز يد من‬
‫الخبار ال تي تقدم بطرق جديدة ‪ ،‬ف في عام ‪ 1997‬ا ستطاعت اك ثر من ‪ 600‬صحيفة تقد يم خدمات صوتية‬
‫لمعلومات عين طرييق الطقيس والرياضية واتاحيت الوصيول الى قواعيد المعلومات الخاصية بهيا على شبكية‬
‫النترنت ‪،‬‬
‫ان العلم الجديد يقوم على التكامل والتداخل فهو يجمع كل مزايا وسائل العلم التقليدي ويزيد اليها ميزة‬
‫التفاعل المباشر وازالة الفروق بين المرسل والمستقبل فتبادل المعلومات والفكار سيتم في اتجاهين بصورة‬
‫سريعة وفور ية ‪ ،‬و سيكون بمقدور افراد الجمهور ا ستقبال وارسال الر سائل في أي و قت و سيتمكنون اي ضا‬
‫من مخاطبة بعضهم البعض بعيدا عن مصدر الفكرة او المعلومة ‪،‬أي ان سلطة المصدر والوسيلة العلمية‬
‫ستتقلص ‪ ،‬وقد يوجه شخص او وسيلة ما رسالة اعلمية لجمهور محدد ال ان التفاعل حول هذه الرسالة قد‬
‫يختلف تماميا عين اهداف صياحب الرسيالة الصيلي ‪،‬فالرسيالة هنيا تتحول الى نيص يتفاعيل حوله كيل افراد‬
‫الجمهور او بالتحديد الفراد الذين لديهم رغبة وقدرة في التفاعل حول هذه الرسالة –النص‪ -‬ولشك ان هذا‬
‫‪57‬‬
‫الوضع يخلق اشكال جديدة للتفاعل الجتماعي واساليب الربط او حتى التلعب بالوقت والمساحة)‬

‫اخلقيات الصحافة اللكترونية‬


‫حينما بحث العلماء مسألة نقل التكنولوجيا من البلدان المتقدمة الى بلدان العالم الثالث ‪ ،‬كانوا يتحدثون عن‬
‫امكانية نقل التكنلوجيا بدون قيم المجتمع الذي انتجها ‪ ،‬لن طبيعة مجتمعات العالم الثالث واعتقاداته تختلف‬
‫عن مجتمعات الدول الغربية وقيمها ‪.‬واليوم يمكن ان تطرح المسألة الخلقية والقيمية من جديد على ضوء‬
‫ن قل تقنيات الثورة العلم ية ب ما في ها النتر نت ‪ ،‬ف هل يم كن ان تطرح الم سألة الخلق ية والقيم ية من جد يد‬
‫علما ان هذه التقنية ذاتها بدأت تعاني من فقدان سلم للقيم في دول نشأتها الولى ؟ ولما كانت هذه التقنيات‬

‫‪-‬التعرض للصحافة اللكترونية والمطبوعة ص ‪15-14‬‬ ‫‪57‬‬

‫‪38‬‬
‫ترت بط في الجا نب والممار سة العلم ية فإن م سالة الحر ية وحدود ها والم سؤولية الجتماع ية تجاه ها تكون‬
‫من اقوى المؤثرات عليها ‪.‬‬
‫من هذه المقدمات وجدنا من يتحدث عن محاولة جعل ثورة التصالت ثورة في اخلقيات العلم كليا ‪،‬وجعل‬
‫مين اهيم الهداف التيي يمكين ان يحققهيا علم اخلقيات العلم هيو كييف يمكين تحوييل ثورة المعلومات‬
‫والتصالت الى ثورة اخلقية ‪ ،‬وكيف يمكن ان تلتزم الرسائل التصالية الجديدة مثل ال صحافة اللكترونية‬
‫باخلقيات العلم ‪،‬ويتسياءل الباحثون هيل تحتاج ثورة التصيال الى ثورة ثقافيية جديدة تسياهم في تشكييل‬
‫المضمون الذي تحصيل عل يه الجماهيير عيبر ثورة التصيال وتحولهيا الى اداة لتحقييق الديمقراطيية والتقدم‬
‫والتنمية ؟‬
‫ان من بديهيات ثورة الت صال ان ها تؤدي الى تو سيع نطاق الحر ية الن سانية لن الشكال الجديدة للت صال‬
‫التي وفرتها تكنلوجيا التصال سوف تجعل قوانين العلم في كل دول العالم خارج اطار الزمن ‪ ،‬فالسلطات‬
‫سوف تع جز عن ت طبيق القوان ين على الشكال الت صالية الجديدة و من اهم ها النتر نت ‪.‬وم ما ل شك ف يه ان‬
‫ال صحفي –ك ما يقول الباحثون‪ -‬يحتاج الى الحر ية ال سلبية بمع نى الحر ية من القيود الخارج ية لك نه اي ضا‬
‫يحتاج الى الحرية بمعناها اليجابي أي حرية الفعل حرية القيام بعمل ايجابي يساهم في ابداع امكانيات جديدة‬
‫للمجتمع ‪ ،‬وعند ما يقبل الصحفي الحرية اليجابية فانه يصبح حرا وأخلقيا ‪.‬‬
‫لقيد طرحيت البيئة اللكترونيية الجديدة تسياؤلت جديدة على مسيتوى اخلقيات العميل العلميي يقول احيد‬
‫الباحث ين { مع ت صاعد اعداد م ستخدمي النتر نت ‪ ،‬وتزا يد التوا جد العل مي على ساحتها وتنا مي العتماد‬
‫عليهيا كوسييلة اخباريية واتصيالية واعلميية متميزة ‪ ،‬وظهور العدييد مين المؤشرات مين تراجيع مصيداقية‬
‫وسائل العلم التقليدية ‪ ،‬بدأ المر وكأننا نعيش في بيئتين اعلميتين مختلفنين ‪ :‬احداهما تتعايش وتتواجد‬
‫فيها وسائل العلم التقليدية من صحافة واذاعة وتلفزيون وغيرها ‪ ،‬وأخرى الكترونية محضة لها سماتها‬
‫المميزة وتقنيات ها الجديدة ٍ‪ ،‬وأ ساليب عمل ها الخا صة ‪ ،‬ول كل من البيئت ين التقليد ية واللكترون ية منظوم ته‬
‫الخاصية فيميا يتعلق بأخلقيات العلم ‪ ،‬وهيو ميا دعيا العدييد من الباحثيين للتسياؤل عين واقيع وخصيائص‬
‫التشابيه والختلف بينهميا ‪ ،‬وهيل تطرح البيئة اللكترونيية منظومية اخلقيية مختلفية للعلم عين البيئة‬
‫التقليدية ؟ والى أي مدى يمكن النتفاع من المباديء والسس الخلقية التي تم اراءها في البيئة التقلديدة‬
‫ضمين سيياق العميل العلميي فيي البيئة اللكترونيية ؟ ‪.58‬ان مين اهيم ميا يثيير موضوع اخلقيات البيئة‬
‫اللكترون ية هو كون ها جاءت في خ ضم العول مة ‪ ،‬و في ظل العول مة ومفاهيم ها تتقارب الق يم وتهي من لغات‬
‫وثقافات معي نة على غير ها ح يث تتوا جد و سائل العلم وكل ها ب غض الن ظر عن هويتها الجغراف ية والثقاف ية‬
‫وال سياسية في بيئة عالم ية واحدة او متقار بة تح كم وتن ظم الع مل العل مي في هذه البيئة الجديدة ‪ ،‬و عن‬
‫امكانية التوفيق بين قيم اخلقية اعلمية عالمية تستمد مقوماتها من طبيعة البيئة اللكترونية التي تحتويها ‪،‬‬
‫وب ين ق يم اخلق ية اعلم ية ذات طا بع محلي ت ستمد مكونات ها وحيويت ها من سياقها الثقا في والجتما عي‬
‫المحلي والتقديدي ‪.‬‬
‫مما تقدم وجدنا ان الباحثين يرون ان التساؤل عن امكانية تطبيق اخلقيات العلم التي تطورت خلل القرن‬
‫‪59‬‬
‫العشرين على وسائل التصال الجديدة قاد الى رؤيتين مختلفتين تما ما هما ‪:‬‬

‫‪ .... -‬السيد بخيت ص ‪2‬‬ ‫‪58‬‬

‫‪ -‬ثورة التصال واخلقيات العلم ا د سليمان صالح ص ‪8-7‬‬ ‫‪59‬‬

‫‪39‬‬
‫الرؤية الولى ‪ :‬تقوم على ان اخلقيات العلم ل تنطبق على وسائل التصال الجديدة ‪..‬وأنه ل يمكن تطبيق‬
‫اخلقيات الصحافة المطبوعة على الصحف اللكترونية ‪ ،‬ففي دراسة اجراها كل من –أرانت واندرسون قال‬
‫‪ %47‬من محرري ال صحف اللكترون ية ان سرعة النتر نت قد قللت من امكان ية ت طبيق المعاي ير والحكام‬
‫المهن ية الخلق ية م ثل الد قة على ال صحف اللكترون ية ‪ ،‬ح يث ي صبح من ال صعب التأ كد من د قة الحقائق‬
‫والمعلومات قبل بثها على الصحف اللكترونية لكن سرعة النترنت ليست هي العامل الوحيد في عدم التزام‬
‫الصيحف اللكترونيية بالمعاييير الخلقيية ‪،‬فقيد قال ‪ %37‬مين محرري الصيحف اللكترونيية ان قلة عدد‬
‫ال صحفيين الذ ين يعملون في هذه ال صحف يؤدي الى عدم قدرت هم على ت طبيق هذه المعاي ير م ثل التا كد من‬
‫صحة المعلومات ودقتها ‪،‬‬
‫وقد تكرر هذا التفسير في دراسة اخرى عام ‪ 2000‬حيث ان الصحف اللكترونية يعمل فيها في العادة عدد‬
‫قلييل مين الصيحفيين يطلب منهيم ان يقوموا بإحداث بعيض التغييرات فيي القصيص الخباريية لجعلهيا اكثير‬
‫سخونة ب ما يتنا سب مع النتر نت واضا فة المعلومات الجديدة ال سريعة على هذه الق صص و في هذه البيئة‬
‫الصحفية يصبح من الصعب اللتزام بالمعايير المهنية او اخلقيات العلم ‪.‬‬
‫الرؤية الثانية ‪ :‬تقوم على ان اخلقيات العلم عامة‪ ،‬ول تختلف من وسيلة الى اخرى ‪ ،‬ويتبنى هذه الرؤية‬
‫الكث ير من محرري ال صحف اللكترون ية ح يث طلب ارا نت وأندر سون من محرري ال صحف المقار نة ب ين‬
‫معايير الممارسة في الصحافة المطبوعة والصحافة اللكترونية ‪ ،‬وقال معظمهم ان اخلقيات الصحافة واحدة‬
‫في الصحف المطبوعة واللكترونية ‪،‬وان المعايير ل تختلف لكن السرعة في الصحف اللكترونية تؤدي الى‬
‫عدم اللتزام بالمعايير المهنية بالضافة الى قلة عدد الصحفيين في الصحف اللكترونية حين قال ‪ %27‬من‬
‫محرري تلك الصحف انهم يعتمدون على بعض الصحفيين الذين يعملون لبعض الوقت ‪ ،‬ومع ذلك فإننا نرى‬
‫ان المشكلة ل تك من في صلحية المعاي ير والخلقيات المهن ية للت طبيق على و سائل الت صال الجديدة م ثل‬
‫الصحف اللكترونية والمواقع الخبارية على النترنت ‪ ،‬بقدر ما تكمن في ان ثورة التصال قد جعلت معظم‬
‫المعايير والخلقيات العلمية التي تطورت خلل القرن العشرين غير صالحة ‪ ،‬وأن تلك الثورة تشكل مناخا‬
‫اعلميا واتصاليا جديدا يحتاج الى معايير وأخلقيات جديدة ‪.‬‬
‫ان طبيعة النترنت والصحافة اللكترونية عليه تقوم على اساس سرعة تناول الخبر ‪ ،‬وهذا يجعل الحماسة‬
‫تلعيب دورا فيي سيباق السيرعة هذه مميا ينعكيس على الدقية والتوازن والوضوح { تتسيم صيحافة النترنيت‬
‫بالحما سة وحدة المواج هة ل كن ا سلوبها وا ستمرار دورت ها الخبار ية على مدار ال ساعة يطرحان ت ساؤلت‬
‫حول كيفية تمكن صحافة النترنت من تقديم تقارير اخبارية تنسجم مع اعلى معايير الصحافة قاطبة ‪ ،‬وتجهد‬
‫مؤ سسات الخبار الرئي سة لتتم كن من ت طبيق معاي ير اخبار ية تقليد ية قدي مة الع هد على النتر نت ‪ ،‬لكن ها‬
‫تكتشيف ان لييس مين السيهل نقيل فضائل الدقية والتوازن والوضوح الى وسييلة تقوم على اسياس اليصيال‬
‫ال سريع للخبار ‪ ،‬و في الو قت نف سه حدووثها‪ ،‬وعززت تقنيات النتر نت ع مل ال صحفيين من خلل تزويد هم‬
‫بأسياليب فعالة لسيبر المعلومات بعميق اكيبر وتأتيي القدرة على التدقييق فيي الوثائق وجميع المعلومات‬
‫ومضمونهيا التاريخيي وتحدييد المصيادر الموثوق بهيا مين خلل تعدد الدوات المتوفرة للصيحفي ‪،‬كميا انهيا‬
‫أدخلت ثقافة مختلفة بأساسها تقوم على التفاعل المتبادل وعلى عدد أقل من القواعد والقيود ‪.‬‬
‫ل قد كا نت سرعة اي صال ال خبر و في الو قت المنا سب م صدر قوة ال صحافة التقليد ية وقا مت سمعة وكالت‬
‫النباء على كون ها اول من ي بث الخبار ال ساخنة ال تي يجد ها الناس منشورة في صحفهم المحل ية ‪ ،‬وخ طف‬
‫البث المباشر للتلفزيون هذه الميزة من الصحافة المطبوعة والن أكدت النترنت محاسنها في سرعة ايصال‬

‫‪40‬‬
‫ال خبر في الو قت المنا سب ‪ ،‬وهكذا مك نت النتر نت ال صحف من العودة في عمل ها الى ن شر الخبار الفور ية‬
‫وتوسيع نطاق منشوراتها المعروفة باسمها من خلل تجديدات مبتكرة مثل اصدار نشرات اخبارية بعد الظهر‬
‫مباشرة على صفحاتها عبر النترنت‪ .‬وعند مفترق الطرق بين الصحافة التقليدية وصحافة النترنت تصطدم‬
‫محاولت تطيبيق المعاييير التقليديية لتحريير الخبار ميع معطيات أخرى كالحريية وعدم التورع عين كشيف‬
‫المحظور وحمل لواء قضية معينة واتخاذ مواقف واضحة ‪ ،‬وفي الوليات المتحدة يؤكد صحفيو النترنت ان‬
‫اللهجة الجديدة للصحافة التقليدية ل تفيد على النترنت ويعدون وسيلتهم الجديدة معبرة عن الروح الحقيقية‬
‫للدستور المريكي الذي ضمن حريات الكلم والنشر والتجمع ‪،‬ويلحظ صحفيو النترنت ان وسيلتهم الجديدة‬
‫تعيد الى الذاكرة زمنا كانت فيه اخبار الصحف تتسم بالحماسة والمواجهة المثالية )‪. 60‬‬
‫ان القاء نظرة تاريخ ية على ممار سة اخلقيات العلم في ضوء ثورة الت صالت الجديدة وخا صة الك مبيوتر‬
‫والنتر نت يعطي نا صورة او ضح على اهم ية الخلقيات ‪ ،‬فم ما يذكره الباحثون في هذا المجال ما جاء في‬
‫بحيث الدكتور بخييت الذي قال { لقيد مير الهتمام بتطويير المبادييء الخلقيية فيي البيئة اللكترونيية بعدة‬
‫مراحيل حييث سيبق الهتمام بوضيع ضوابيط اخلقيية لسيتخدام النترنيت الهتمام بسين تشريعات تنظيم هذا‬
‫الستخدام ‪ ،‬فمنذ منتصف الثمانينات بدأ طلب جامعة ‪ carregic mallon‬بوضع بعض العلمات للشارة‬
‫لب عض الت عبيرات ‪ .‬ك ما قا مت حوالي مائة شر كة ت ستخدم النتر نت م نذ اوا خر ال سبعينات بو ضع القوا عد‬
‫للحفاظ على مساحة التخزين على خوادم الكمبيوتر وتوسعت اداب التعامل في التسعينات لتشمل مواقع الويب‬
‫وطرق تصميمها واخراجها الكترونيا في وقت كانت فيه معظم المودمات تتصف بالبطء في تحميل الصفحات‬
‫وفيي عام ‪ 1988‬بدات تزييد سيرعة المودمات ‪ ،‬وبدا ان محاولت فرض اداب التعاميل التقليديية اصيبح امرا‬
‫غير مقبول ‪ ،‬كما دخل الى عالم النترنت اناس كثيرون من غير ذوي المعرفة الكبيرة بالكمبيوتر مما جعل‬
‫اداب التعاميل على النترنيت تبدو مثيل اداب التعاميل المتعارف عليهيا فيي الحياة العامية ‪ .‬وقيد طور معهيد‬
‫اخلقيات الك مبيوتر بواشن طن ما يعرف بالو صايا الع شر ل ستخدام الك مبيوتر ‪ ،‬ك ما وض عت جام عة جنو بي‬
‫كاليفورنييا ميثاق اخلقيي للتعاميل ميع الشبكية منهيا ضرورة العميل على منيع الرباك العمدي للمرور عيبر‬
‫الشبكة ‪ ،‬ومنع تحطيم شبكة الجامعة والنظمة المتصلة بها ‪ ،‬وعدم استخدام المخادع والتجاري لمصادرها ‪،‬‬
‫وعدم سرقة البيانات والمعدات او التعدي على حقوق الملكية الفكرية ‪ ،‬ومنع الوصول غير المرخص لملفات‬
‫الخر ين وعدم القيام باي سلوك مز عج وم سيء في حجرات الدرد شة العا مة ‪ ،‬وم نع ار سال ر سائل بريد ية‬
‫تستهدف الحتيال على الخرين‪ .‬وينص الميثاق الخلقي لعضاء جمعية الكمبيوتر ‪ alm---‬على ضرورة‬
‫مسياهمتهم فيي خدمية المجتميع والنسيانية ‪ ،‬وتجنيب الحاق الذى بالخريين ‪ ،‬واللتزام بالمانية والصيدق‬
‫والموضوعيية وعدم التميييز واحترام ملكيية الخريين واحترام الخصيوصية والسيرية ‪ .‬كميا توصيلت ثلث‬
‫منظمات هيي الجبهية السيترالية اللكترونيية ومؤسيسة الجبهية اللكترونيية والمنظمية المهنيية للكميبيوتر‬
‫والمسؤولية الجتماعية الى وثيقة للحقوق والمسؤوليات الجتماعية تتضمن الحقوق اللكترونية مثل الحق‬
‫في التصال والحق في الخصوصية وحق التقاضي وحق الوصول وحق التمثيل والخلقيات اللكترونية مثل‬
‫الت سامح والم صداقية ومراعاة مشا عر الخر ين والتنظ يم ‪ ،‬ك ما و ضع مر كز بحوث بالوال تو ت صوره لداب‬
‫التعامل على النترنت وكذلك فعل كل من رابطة النترنت في جنوب استراليا عام ‪ 1898‬وميثاق منظمة ‪---‬‬
‫‪acm‬وميثاق رابطية موفري خدمات النترنيت ‪ -spa--‬عام ‪ 1996‬واعلن الشبكية اللكترونيية فيي اليابان‬

‫‪-‬التعرض للصحافة اللكترونية والمطبوعة ص ‪10-9‬‬ ‫‪60‬‬

‫‪41‬‬
‫عام ‪ 1996‬وذلك بالضافية الى بعيض البيانات التيي اصيدرتها عدة جامعات لتشكيل اسياسا لتطويير مواثييق‬
‫اخلق ية في مجال النتر نت م ثل الجام عة الدول ية اليابان ية ‪ 1996‬وجام عة جرينفيلد ‪ ،‬وحددت هيئة انش طة‬
‫للنتر نت في ينا ير ‪ 1998‬ال سلوكيات الخلق ية على النتر نت بان ها تلك ال تي ت ستهدف عن ع مد ‪ ،‬الو صول‬
‫غ ير المر خص او غ ير الم سموح به لموارد النتر نت ‪ ،‬وارباك ا ستخدام النتر نت ‪ ،‬وتبد يد موارد الشب كة‬
‫واضا عة و قت الم ستخدمين ‪ ،‬والتاث ير على نزا هة ود قة المعلومات المتوفرة على الجهزة و في فرن سا ت مت‬
‫صياغة ميثاق تقوم مبادئه على خلق كيان يتل قى شكاوي م ستخدمي النتر نت ويتولى اي ضا الو ساطة لو قف‬
‫بث المواد والعلنات غيير المشرو عة ‪ .‬وفيي انجلترا نشرت جمعيية مقد مي خدمات النترنيت ‪ispa----‬‬
‫ميثاق شرف يشتميل على مجموعية مين القواعيد التيي تنظيم العلقات بيين المتعامليين على الشبكية الدوليية‬
‫للمعلومات ‪ ،‬وبمراجعة هذه الوثائق يتضح انها ل تتناسب مع اهمية المشكلة وما تحتاجه من معالجة شاملة‪،‬‬
‫‪61‬‬
‫فضل عن ان بعضها يتناول جوانب اخلقية ذات طابع تقني وفني اكثر من اعلمي ‪-‬‬
‫ل قد قاد هذا الهتمام ال ستثنائي باخلقيات تكنلوج يا المعلومات و ساحة النتر نت الى المطال بة بادخال مفردة‬
‫اخلقيات العلم الى الدراسية والتعلييم ودعيا الكثيرون مدارس الصيحافة واقسيامهما فيي الجامعات الى ان‬
‫تل عب دورا في ذلك ‪ ،‬ف في درا سة اجر يت عام ‪ 2000‬على محرري ال صحف اللكترون ية طالب ‪ %97‬من‬
‫محرري هذه الصيحف بادخال برناميج دراسيي يتناول اخلقيات العلم وكيفيية تطبيقهيا بالنسيبة للصيحافة‬
‫اللكترونية وتغطية القضايا والمشكلت الخاصة التي تنتج خلل العمل في الصحف اللكترونية ‪ .‬مع ذلك فان‬
‫الدرا سة كش فت ان ‪ %50‬من مديري الخبار في ال صحف اللكترون ية لم يتلقوا تاهيل اكاديم يا في مجال‬
‫الصحافة ‪.‬‬
‫يقول رئييس تحريير الطبقية التفاعليية لجريدة وول سيتريت جورنال ‪ :‬اننيا نحتاج الى ان نقدم المعلومات‬
‫للجمهور بشكل يتسم بالمانة والدقة والعدالة ‪ ،‬فهذه الخلقيات ل يمكن الستغناء عنها لتغيير التكنلوجيا ‪،‬‬
‫لذلك فان ال صحافة اللكترون ية تحتاج الى صحفيين يعرفون الخلقيات العلم ية وي ستطيعون تطبيق ها وهذا‬
‫يحتاج الى تعل يم ‪ .‬ولذلك فك ما فر ضت ثورة الت صال ضرورة تطو ير علم اخلقيات العلم ل كي يتم كن من‬
‫مواجهية المشكلت التيي فرضتهيا تلك الثورة فانهيا ايضيا قيد فرضيت ضرورة تطويير اسياليب تعلييم تلك‬
‫الخلقيات ‪ ،‬والبحث عن اساليب جديدة لتعليم الصحفيين كيفية اتخاذ القرارات الخلقية في المشكلت التي‬
‫–‬
‫تواجههم خاصة في مجال الصحافة اللكترونية ‪-‬‬
‫‪-2‬العولمة السياسية عبر النترنت‬
‫الديمقراطية اللكترونية‬
‫لشك ان العلقة بين الديمقراطية والنترنت ل تقف عند حدود تسهيل عملية التصويت والنتخاب اللكتروني عبر‬
‫النترنت ‪ ،‬وانما يتجاوز هذه اللية الى جوهر الديمقراطية الجديدة التي تصنعها الثورة المعلوماتية عند التعبير‬
‫عن هويتها في اطار العولمة ‪ ،‬لن وسائل العولمة ومنها العولمة العلمية والقتصادية لم تترك المجال واسعا‬
‫للختيار بيين الرفيض والقبول كميا كان سيائدا فيي زمين اليدلوجيات او عصير ميا قبيل العولمية لن الراء‬
‫والتوجهات وا ساليب الحياة يم كن اي صالها الى الجم يع في كل الظروف والوقات ودون ما ا ية تجديدات ‪،‬وبمع نى‬
‫آ خر بالمكان ابقائ ها ماثلة في و عي الم ستهدفين ب صورة ش به م ستمرة ‪ ,‬فالعل قة ب ين العول مة والديمقراط ية‬
‫اصبحت مسألة مسلم بها عند جميع الباحثين والعلماء‪،‬‬

‫‪......... 61‬د‪.‬بخيت ص ‪7‬‬

‫‪42‬‬
‫يقول الباحثان ميكلويت وأدريان وودريج في حديثهما عن تحدي العولمة ووعدها الخفي بان العولمة تساعد على‬
‫انتشار الديمقراط ية في العالم وان ث مة تلز ما ب ين الثنت ين سيما ان الظاهرت ين اكت سبتا زخ ما متزام نا في الع قد‬
‫الخ ير وب عد نها ية الحرب الباردة ‪،‬لن العول مة حط مت ا ستبداد المكان أي اتا حت المجال للناس لمز يد من التنقل‬
‫والتواصل وتجاوز الحدود التي حشرتهم لعشرات ال سنين وا جبرتهم على نمط وا حد من المعي شة وطريقة واحدة‬
‫لل ستثمار و في مكان وا حد وحدت آفاق قراءات هم ورؤيت هم للعالم اذ كا نت العول مة ل ها تأث ير كبير جدا ومبا شر‬
‫وايجابي على النفتاح السياسي وتعزيز التحول البطيء نحو الديمقراطية في الدول الدكتاتورية ‪ ،‬والمقصود هنا‬
‫بالعولمية العلميية هيو النفتاح المذهيل على المعلومات وكسير الحتكار الرسيمي لهيا اميا عين طرييق البيث‬
‫التلفزيو ني العابر للحدود او شب كة النتر نت ‪.‬ان العالم اليوم ي سعى الى تو سيع مفهوم الديمقراط ية وتأ صيله ب ما‬
‫يتفق ومطالب عصر المعلومات ووسائله وأخذت رايات الديمقراطية تتسع لتشمل افريقيا وجنوب شرق آسيا كل‬
‫ذلك يعكس حقيقة ان التفاعل بين المعلوماتية والديمقراطية هو تفاعل حقيقي حيث ان وفرة المعلومات تسهل‬
‫ممارسة الديمقراطية على كافة الصعدة وتروج لها على مستوى الكرة الرضية ‪.‬‬
‫لقد أشار الدكتور نبيل علي الى علقة المعلوماتية بالديمقراطية حيث قال { من أبرز مللمح العلقة المعلوماتية –‬
‫السياسية هو ما يتعلق بالديمقراطية مفهوما وممارسة حيث يزعم الكثيرون ان النترنت ستفضي الى اعادة النظر‬
‫في مفهوم الديمقراط ية من ا ساسه ‪ ،‬ل قد وفرت النتر نت ساحة جديدة للرأي العام ت سمح بظهور اشكال جديدة‬
‫للممار سات الديمقراط ية سواء في عمليات اتخاذ القرارات او متاب عة ما ين جم عن ها من نتائج ايجاب ية او سلبية‬
‫وعلى مستوى السياسة العالمية فمن المتوقع ان تناصر القوى السياسية الكبرى مؤسساتها القتصادية بممارسة‬
‫ضغوط هائلة على مناف سيها على م ستولى المحا فل الدول ية )‪.62‬ويؤ كد البا حث على القول بالت ساؤل { هل ل نا ان‬
‫نتفاءل ميع مين يزعمون ان النترنيت سيوف تسيقط الحلقات الوسييطة ومواطنيهيم محققية بذلك نوعيا جديدا مين‬
‫الديمقراطية المباشرة التي يشارك فيها الجميع في عملية اتخاذ القرار دون حاجة الى تمثيل نيابي يوكل اليه هذه‬
‫المهمة ؟ ام هل لنا ان نقلق اشد القلق مع من يرى في ديمقراطية النترنت هذه ضربا من الفوضى سيؤدي الى‬
‫مزيد من تدخل الحكومة من اجل السيطرة على جماهيرنا خاصة ان النترنت توفر الوسائل العملية الفعالة لحكام‬
‫هذه ال سيطرة ح يث ت سجل للمواطن ين مواقع هم وافعال هم لتك شف –بالتالي‪ -‬عن اهوائ هم ال سياسية والفكر ية م ما‬
‫يجعل هم اك ثر عر ضة لهذه الرقا بة اللكترون ية ال تي ل تغ فو ل ها ع ين)‪. 63‬ان خطورة المعلومات ية العلم ية على‬
‫الديمقراطية تظهر اكثر حينما نعلم ان السبب يعود الى‪ -‬ونتيجة‪ -‬لتخلخل في الحدود التي تميز بين المعلوماتية‬
‫وموجات الدعايية والعلنات ‪،‬فالعدييد مين قنوات العلم تمتلك قدرة كيبيرة على الهيمنية تتجاوز الجيو الحقيقيي‬
‫للمعلوماتية وتاخذ بنحو مباشر او غير مباشر بالترويج لما يحقق مصالحها ‪ ،‬وهكذا نرى ان الدعاية الخفية من‬
‫خلل مهارات في التكت يك و صناعة ال خبر والجا نب المعلوما تي ت سلب المرء فر صة المو قف الوا عي في قع دون ما‬
‫و عي ت حت تأث ير افكار يتلقا ها بو صفها اخبارا ومعلومات ‪ ،‬وبالط بع فان من يمتلك تقنيات متقد مة في العلم‬
‫والتكنلوجيا سيهيمن على الرأي العام اكثر من الخرين ‪،‬ان من يحمل فكرة او يعتنق تصورا ما‪ ،‬سيعمل ول شك‬
‫على ترويجها ‪ ،‬قصارى ما هنالك ان امتزاج المعلوماتية بأنشطة الدعاية واختلطها جعل النسانية في مواجهة‬
‫تعقيدات جادة ول بد من فرز تلك الحدود والتمييز بين المعلوماتية والنشاط الدعائي‪.‬‬
‫وهكذا نرى ان ممارسة الديمقراطية ستتاثر سلبا في محاولت الترويج الدعائي على حساب صدق المعلوماتية ‪.‬‬

‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪87‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪- 63‬ن م‬

‫‪43‬‬
‫ان تفا عل القت صاد ال حر ورأس المال والديمقراط ية في اطار التقنيات المعلومات ية في جو العول مة ‪ ،‬يظ هر ل نا‬
‫الصورة التالية {اننا اليوم أمام ثالوث المال والقتصاد الحر والديمقراطية ‪ ،‬ومعها كلها هذه التقنيات التي تدفع‬
‫الى عمل ية التدو يل والعول مة الحتم ية ‪ ،‬وتبدو قوة جذب العالم واثارة التطلعات وحر ية المعر فة والطلع ومل مح‬
‫ال ستعدادات القوية لجميع المجتمعات النسانية بهدف المشاركة ‪ ،‬محكو مة بتر قب الن صر النهائي للة الفد يو او‬
‫م سجل الفلم التلفزيون ية او تقن ية ات صالية اخرى ‪ ...‬ويظ هر تنا قض ب ين الكلم المب شر بالحر ية والديمقراط ية‬
‫وبيين قسيرية العولمية ‪،‬وتفسيير ذلك القرار بعدم حياديية المعرفية المعاصيرة وانحياز الخطاب الفكري وصيعوبة‬
‫تخل يص الفرد في خط به واقواله من حضور الرقام وا ستبدادها ‪ ،‬اضا فة الى مقولت ال ستهلك العام والضغوط‬
‫التي تمارسها عملية مختلف السلطات من خلل زخم خطبها التي نستهدفه او ايدلوجيات –الترويج والدعاية التي‬
‫تغلفه‪-‬بهذا لم تعد الديمقراطية مؤمنة بضمان حرية التعبير شرطا كافيا لها ‪،‬لنها قد تلتصق بنقيضها في ثوب‬
‫واحيد ‪ ،‬وتبدو النتائج حول معانيي السيلطة الحقيقيية ومصيادرها حافلة بالوهام والمتخيلت الكثيرة والصيور‬
‫التلميحية التي نخلقها كلها مقولت العلن تتبعه المعلومة المكثفة او برشامات المعرفة السريعة ‪ ،‬فيبدو النسان‬
‫‪64‬‬
‫متأرجحا بين اللية والنسانية باحثا عن التوفيق فيما بينهما)‬
‫ان النترنت كوسيلة اعلمية شاملة والمعلومات التي يحملها في عصر العولمة ‪ ،‬تؤثر تأثيرا مباشرا على ممارسة‬
‫الديمقراط ية في كل دول العالم وخا صة دول العالم الثالث الذي ت سيطر عل يه الدول المتقد مة { فالتقدم العل مي‬
‫الذي طرأ على وسائل التصال في الدول المتقدمة ادى الى زيادة تحكم وسيطرة هذه الدول على العلم في الدول‬
‫الناميية ‪ ،‬وتحول التدفيق الحير للمعلومات بيين دول غيير متسياوية فيي القوة القتصيادية والتكنلوجيية لييس فيي‬
‫مصلحة المجتمعات الضعف ‪ ،‬فالوليات المتحدة مثل تسيطر على النتاج السينمائي وتغرق العالم بالفلم وبرامج‬
‫التلفزيون وتسيطر على وكالت العلن ووكالت النباء مع بريطان يا وفرنسا ‪ ،‬كما ان بعض ال صحف والمجلت‬
‫تؤثر على الصفوة في الدول النامية وعلى القيم الحضارية )‪65‬ان من بديهيات التأثير العلمي وحتى قبل العولمة‬
‫العلم ية ‪ ،‬أن يقوم على ن قل الفكار وتوصيلها كي يتحقق من ورائها سلوك محدد او ا ستجابة معي نة ‪ ،‬ويكون‬
‫العمل العلمي ناجحا اذا تحقق السلوك او تحققت الستجابة على النحو المأمول او المتوقع من وراء عملية نقل‬
‫الفكار ‪ ،‬ول شك ان ال ستجابة في قرار ممار سة الديمقراطية بال سلب او اليجاب بالقبول او بالمعارضة هو من‬
‫ب ين هذه ال ستجابات ‪.‬ان العلم والديمقراط ية توءمان ‪ ،‬فالديمقراط ية تض من للعلم حري ته ‪ ،‬والعلم يض من‬
‫الدفاع عن الديمقراطية التي يعتبر أداة من أدواتها { ان العلم جزء من الديمقراطية تماما كما هي الديمقراطية‬
‫جزء من العلم ‪ ،‬ومن هنا فإذا كان لكل منهما فضاءه المستقل –ومن الضروري ان يكون المر كذلك – فكلهما‬
‫ب صرف الن ظر عن هذا الطرح او ذاك و سيلتان لهدف فل سفي وا حد ‪ ،‬ح فظ كرا مة الفرد والجما عة و صونها من‬
‫مفاعيل الضيم والستبداد )‪. 66‬‬
‫مين هنيا يمكين ان ندخيل الى مفهوم وحقيقية ميا يسيمى بالديمقراطيية اللكترونيية او ديمقراطيية النترنيت او‬
‫النتوقراطية او الديمقراطية الرقمية كآخر مصطلح من مصطلحاتها ‪.‬فما هي هذه الديمقراطية القائمة على وسيط‬
‫اعلمي واتصالي أساسا ؟ أي انها قائمة على معطيات ثورة التصالت وتقنية المعلومات في جو العولمة الواسع‬
‫الن ؟‬

‫‪-‬العلم العربي وانهيار السلطة اللغوية ص ‪399-398‬‬ ‫‪64‬‬

‫‪-‬العلم والسياسة ص ‪113‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪- 66‬التكنلوجيا والعلم والديمقراطية ص ‪104‬‬

‫‪44‬‬
‫لقد عرض الباحث جمال محمد غيطاس اساس هذه المسألة عبر كتابه –الديمقراطية الرقمية‪-‬حيث قال فيه جامعا‬
‫بين الشق السياسي –الديمقراطية –والشق التكنولوجي –ادوات التصال ومنها النترنت {ننتهي مما سبق عرضه‬
‫حول ال شق ال سياسي متمثل في الديمقراط ية وال شق التكنلو جي متمثل في ال سيادة الرقم ية الى ان المش هد على‬
‫ساحة الحداث قد تبلور في طرفين كلهما ليس امامه سوى التلحم والتلقي مع الخر ‪ :‬الطرف الول ‪:‬يتمثل في‬
‫وجود اتجاهات عالم ية عار مة وشاملة –وعني فة في ب عض الحيان‪ -‬تلح في ضرورة ن شر الديمقراط ية واعتماد‬
‫قيمهيا وآليات ها المختل فة فيي شتيى بقاع الرض كمشار كة الشعوب في بناء المؤسيسات الحاك مة عبر صناديق‬
‫اقتراح حر ونزيه ‪،‬والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار والحرية الكاملة في التعبير عن الرأي ‪ ،‬والتقويم الحقيقي‬
‫للداء وفعالية في المحاسبة وتصحيح الخطاء ‪...‬الخ ومع الزيادة الهائلة في اعداد المواطنين واتجاه المجتمعات‬
‫النسانية نحو المزيد والمزيد من التعقيد والتركيب ‪..‬باتت كل آلية من الليات الديمقراطية في حاجة الى ادوات‬
‫جديدة لتفعيلها عمليا وعلى نطاق واسع امام الجماهير الغفيرة من المواطنين ‪.‬‬
‫والطرف الثا ني يتم ثل في تكنلوج ية هائلة تم خض عن ها ادوات بل ح صر تخ صصت في التول يد والتداول الرق مي‬
‫للمعلومات على نطاق واسع وبأسعار رخيصة وبسهولة شديدة تتيح حتى للميين استخدامها وبإمكانها ان تفتح‬
‫قنوات للتواصل بين مليين البشر بصورة غير مسبوقة ‪.‬وبعدما بلغ اللحاح والحتياج للديمقراطية حد الشغف‬
‫وبلغ التداول الرقمي للمعلومات حد السيطرة والسطوة والقوة والنتشار كان من الطبيعي ان يتلقى الشقان معا ‪،‬‬
‫فمدت التكنلوجيا بساطا لتسير فوقه كل ادوات الممارسة الديمقراطية ‪ ،‬وتنهل مما تتيحه بيئته الديناميكية الهادرة‬
‫من مزايا التواصل والتدفق السهل للمعلومات والمشاركة في النشطة ‪،‬والتفاعلت الجارية وكان من الطبيعي ان‬
‫تنجذب الديمقراط ية للن هل الم ستمر من منجزات التكنلوج يا الرقم ية الهادرة وت صطبغ ب صبغة رقم ية تزداد عم قا‬
‫ووضوحا مع الوقت )‪. 67‬‬
‫وهكذا يصل المؤلف الى تعريف الديمقراطية بقوله{ ان الديمقراطية الرقمية هي توظيف ادوات تكنلوجيا المعلومات‬
‫والتصالت الرقمية في توليد وجمع وتصنيف وتحليل ومعالجة ونقل وتداول كل البيانات والمعلومات والمعارف‬
‫المتعل قة بممار سة ق يم الديمقراط ية وآليات ها المختل فة ‪ ،‬ب غض الن ظر عن نوع هذه الديمقراط ية وقالب ها الفكري‬
‫ومدى انتشارها وذيوعها ومستوى نضجها وسلمة مقاصدها وفعاليتها في تحقيق اهداف مجتمعها )‪.68‬‬
‫على ان المؤلف يؤكد حقيقة مهمة وهي ان الديمقراطية الرقمية ليست مفهوما جديدا للديمقراطية مثل الديمقراطية‬
‫الليبراليية او المسييحية او السيلمية وغيرهيا ‪ ،‬وانميا هيي وسيائل ممارسية الديمقراطيية وذلك بناء على ان‬
‫التكنلوجيا ل تصنع نموذجا فكريا ومؤسسا جديدا يحل محل ماكان قائما من مؤسسات وكيانات وافكار ونظريات ‪،‬‬
‫ولكن ها تقدم أدوات جديدة تج عل المؤ سسات والفكار والنظريات القائ مة تع مل بطري قة مختل فة وتمارس فعاليات ها‬
‫بشكل أكفأ وادق وارخص واسرع واوسع نطاقا ‪,‬‬
‫وهكذا ي صل المؤلف في هذا التأ صيل الفكري للديمقراط ية الرقم ية الى التاك يد على ان تكنلوج يا المعلومات لم تقدم‬
‫ويجب ال تقدم نظرية جديدة في الديمقراطية الرقمية ‪،‬لنها –رغم سطوتها وابهارها وقدرتها على التغيير‪-‬يجب‬
‫ان ت ظل دائ ما أداة خاد مة مطي عة للمجال الذي تدخله ‪ ،‬ولي ست سيدة متحك مة به أو غا ية تم سك بمقود حرك ته ‪،‬‬
‫ويتع ين ان يقاس نجاح ها بمدى ليونت ها وتلؤم ها مع ما يو ضع على عاتق ها من مهام ‪ ،‬وأي نظرة خلف ذلك‬
‫ت سبب ضررا مزدو جا للتكنلوج يا والمجال الذي تع مل به م عا‪.‬و في مجال النتر نت والديمقراط ية ا صدر الكاتبان‬

‫‪-‬الديمقراطية الرقمية ص ‪45-44‬‬ ‫‪67‬‬

‫‪-‬الديمقراطية الرقمية ص ‪45‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪45‬‬
‫ال سويديان الك ساندر بيرد المحا ضر الجام عي وال خبير في مجال الت صالت ال صوتية بوا سطة النتر نت ‪ ،‬وجان‬
‫سيودير الكاتيب والمنتيج والمذييع التلفزيونيي كتابيا سيموه –النتوقراطيية –حييث يتحدث الكاتبان عميا يسيمى‬
‫النتوقراطية منطلقين من رفض نظرية ان النترنت سيعزز موقف الرأسمالية والديمقراطية عبر إشاعة المزيد من‬
‫الحرية للتجارة والقتصاد والفراد عموما في مختلف نواحي الحياة ومن رفض نظرية ان بالمكان السيطرة على‬
‫النتر نت من ق بل الدول وا نه سيتحول لداة ك بت و سيطرة طارح ين بدل هات ين النظريت ين نظريته ما الجديدة عن‬
‫النتوقراط ية في كتابه ما –النتوقراط ية ‪ :‬نخ بة القوة الجديدة وحياة ما ب عد الرأ سمالية ‪ .‬وكل مة النتوقراط ية هي‬
‫نحت لغوي من قبل المؤلفين حيث يعني الجزء الول من الكلمة نت أي الشبكة والثاني قراطية ليخرج مصطلح‬
‫جديد يعبر في رأيهما عن حقبة جديدة في تاريخ النسانية تأتي فوق حطام الرأسمالية والديمقراطية ‪ ،‬ويربطان‬
‫كلمة النتوقراطية بعبارة عصر المعلوماتية الذي يأخذونه منطلقا لنظريتهم المستقبلية للعالم ‪ .‬وبمقدار ما يخص‬
‫موضوعنا في علقة الديمقراطية بالمعلومات ية وعولمتها عبر العولمة القتصادية للمعلومات نرى انهما يركزان‬
‫على القول من ان المعلومة ومن يسيطر عليها يمتلك قوة هائلة وان القتصاد يعتمد على بيع المعلومة وأصبحت‬
‫تكنولوجييا المعلومات هيي التسيلية والعلم والسيلعة الجديدة وباتيت شيئا فشيئا تحيل محيل كثيير مين مؤسيسات‬
‫المجتمع الرأسمالي السياسية والتعليمية وبات الحديث عن حرية التجارة وانتقال رؤوس الموال ل معنى له مع‬
‫تزايد التجارة اللكترونية الواقعة تحت سيطرة النخب المتحكمة بشبكات التصال والمعلومات ‪ .‬ويرى الكاتبان ان‬
‫أهم مزايا اقتصاد المعلومة أنه ل يقوم على بيع المعلومة او حتى تحويلها لمورد دخل مالي بل ان النتوقراطية –‬
‫كما يقولن – ستمتاز بنوع من الستثمار او الستهلك غير الستغللي بمعنى ان النتوقراط قد يقررون الستفادة‬
‫من معلومة خاصة لمصلحتهم ومصلحة شبكتهم او حتى متعتهم الشخصية حصريا وتبادلها في إطار نخبة ضيقة‬
‫من النتوقراط في شبكت هم الخا صة دون ان يبيعوها او ي ستثمروها على ن حو يدر ربحا ماليا ك ما هي القاعدة في‬
‫الرأسمالية ‪ ،‬اما انعكاس هذا القتصاد النتوقراطي على النظام الديمقراطي فيتحدث المؤلفان عنه بالقول بأن هناك‬
‫عدة عواميل تقود النظام الديمقراطيي وسييطرة البرجوازيية القتصيادية إلى نهايتهميا ‪ ،‬فمين جهية يلعيب انتشار‬
‫وشبكات الت صال الراه نة ل صالح جماعات الم صالح او ما ي سمى المجت مع المد ني ‪ ،‬وهذه الجماعات في الوا قع‬
‫تلعب دورا يفقد الديمقراطية معناها الشائع بصفتها حكم الغلبية ‪ ،‬فبفضل القوة والتنظيم – كما يقول المؤلفان –‬
‫الذي تستطيع جماعة صغيرة منظمة ان تمتلكها عبر وسائل التصال وتكنولوجيا المعلومات الحديثة مما يمكنها‬
‫ان تدفع بم صالحها إلى المام وتجبر ال سياسيين على تبني وجهات نظرهم وتقييمها للبرلمانات بغض النظر عن‬
‫مواقف قطاعات اجتماعية أخرى مما يجعل الحكم حكم أقليات وجماعات مصالح ل حكم الغلبية ‪ ،‬ولعل من نتائج‬
‫هذا الوضع انه بينما تنتعش هذه الجماعات المنظمة يتراجع اهتمام الجماهير بالمشاركة في النتخابات العامة ‪،‬‬
‫فتتناقيص هذه المشاركية تدريجيا فيي علمية على فقدان الهتمام بالنظام برمتيه ‪ .‬كميا ان العلم الجماهيري‬
‫الرأ سمالي قد ي سهم في إضعاف النظام الديمقرا طي ‪ ،‬فال سياسة وال سياسيون يوشكون على التحول إلى نوع من‬
‫الت سلية ‪ ،‬فأخبار هم الشخ صية وفضائح هم با تت مادة العلم المثيرة ال تي تش بع ن هم القارئ ل تفا صيل القوان ين‬
‫والتشريعات وهذا أعطيى جماعات المصيالح – ل سييما ان تعاملت ميع العلم على نحيو معيين –الفرصية لبلورة‬
‫مشاريعها الخا صة ال تي تل بي م صالحها وتمررها عبر ال سياسيين الذي ا صبح يق يس ت صرفاته ب صداها العلمي‬
‫المتو قع ويتوصل المؤلفان إلى القول انه اذا كا نت الديمقراط ية تقوم في جوهر ها على تبا ين الراء والدخول في‬
‫عمل ية حوار للو صول إلى رأي من تلك الراء ‪ ،‬فان النتر نت ا صبح ي سمح بإعادة التج مع ب ين أ صحاب الرأي‬
‫الواحد داخل الدولة وخارجها وتسيير أمورهم بأنفسهم دون الحا جة لللتقاء بأصحاب الرأي الخر ‪ ،‬وهذا يتبعه‬
‫تساقط العديد من أساطير الدولة القومية من مثل احترام شرعية الدولة والقيادة والموت لجلها ولجل سيادتها ‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫ك ما حلت شبكات إت صالية م حل الروا بط القائ مة على الن سب والعائلة واللقاب ‪ ،‬بل ان العلم الجماهيري ذا ته‬
‫يتش ظى الن وبدل الشبكات التلفزيون ية والراد يو الخاص ب كل ش عب أ صبحت تترا جع امام شبكات تبيع برامج ها‬
‫بالشتراك وتقدم ما تريده شرائح معينة من المستهلكين كل حسب اهتمامه ودون اللتزام بحدود الدول مما يلغي‬
‫تلك ال طر العلم ية القوم ية وكل هذا يعني ترا جع قدرات مؤسسات الدولة لصالح شبكات التصال والمسيطرين‬
‫علي ها ‪ ،‬وإذا كا نت الشركات المتعددة الجن سية ال سابقة تر فع عادة أعلم دول ها وتحتاج لرعايت ها والتحالف مع ها‬
‫حيث كانت رأ س حربة دولها لستعمار دول أخرى فان الشبكات ل تحتاج ذلك وتجاوزت حاجتها للدولة وبات من‬
‫مصلحتها الظهور بمظهر عالمي –غير وطني‪-‬غير محلي‪.‬‬
‫ان مجت مع النتوقراط ية هذا و في هذا ال سياق ستكون المعلو مة ف يه هي عن صر القوة والحراك الجتما عي دا خل‬
‫الهرم وسيتكون المعلومية الهيم تلك التيي ل تباع بيل يسيتفاد منهيا فهيم سييستثمرون معلوماتهيم مباشرة وميا‬
‫سيبيعونه المعرفة الناتجة عنها ‪ ،‬أما المعلومة التي تباع ويشتريها الرأسماليون فهي غالبا ما تكون مستعملة تم‬
‫النتهاء من استثمارها ‪.‬ان المعلوماتية –كما يقول المؤلفان‪-‬او مجتمع النتوقراطية ستكون زلزال تاريخيا ل يقل‬
‫حدة عين قدوم الرأسيمالية فيي أعقاب القطاع ويصيلن إلى السيتنتاج بان هناك حقبية عالميية جديدة سيتقوم‬
‫تكنولوج يا المعلومات فيهيا بتغي ير طرق ومبادئ التفكيير و سلوك الب شر و سنكون أمام اقت صاد و سياسة واسيرة‬
‫وتعليم وحتى أفراد من أنواع مختلفة كليا عما عرفه التاريخ ‪،‬ومن جانب أيدلوجي فإذا كانت الفلسفة الشمولية قد‬
‫غطت مساحة كبيرة من تاريخ الفكر النساني منذ سقراط وآدم سمث فان فلسفة الحركية ستغطي المساحة عبر‬
‫مجتمع النتوقراطية هذا‬
‫ا ما تجليات ومظا هر الديمقراط ية الرقم ية ك ما يتحدث عن ها جمال مح مد غطاس فتظ هر في جا نب النتر نت عبر‬
‫عملية التصويت حيث يقول تحت عنوان –التصويت عبر النترنت‪{ -‬يمكن ان يتاح التصويت في النتخابات عبر‬
‫النترنت من خلل انشاء بوابة اتصال بين البنية المعلوماتية الساسية للنتخابات من ناحية وشبكة النترنت من‬
‫ناح ية اخرى ‪،‬وهذه البوا بة تكون في العادة عبارة عن مو قع على الشب كة يتم يز بالقوة والديناميك ية والت صميم‬
‫المعد خصيصا لتسهيل التصويت اللكتروني ‪ ،‬ويرتبط عبر خطوط اتصال مؤمنة وذات كفاءة عالية بالحاسبات‬
‫وقوا عد البيانات ون ظم المعلومات الموجودة في البن ية المعلومات ية الخا صة بالنتخابات ‪ ،‬و في هذه الحالة يع مل‬
‫المو قع كنافذة او لج نة انتخاب ية افتراض ية على النتر نت ‪ ،‬يم كن للنا خب ان ي ستخدمها ك ما لوكان موجودا في‬
‫م قر اللج نة النتخاب ية بالض بط ‪ ،‬فيغذي المو قع بر قم الهو ية الخاص به ويطالع قوائم المرشح ين ويدلي ب صوته‬
‫الذي ينتقيل تلقائييا الى قواعيد البيانات ‪ ،‬وفيي هذه الحالة يحتاج المير لمسيتويات عاليية جدا مين سيياسات‬
‫واجراءات التأمين للموقع وللمعلومات المتبادلة بينه وبين قواعد البيانات وبينه وبين الناخبين الذي يدخل عليه‬
‫من أي مكان في العالم )‪. 69‬‬
‫وفي اطار المسوح واستطلعات الرأي في الجانب الديمقراطي والتي اصبح من الصعب على أي دولة او مجتمع‬
‫او نظام سيياسي ان يدعيي الديمقراطيية ثيم ل يسيتخدم المسيوح واسيتطلعات الرأي بدرجية او اخرى ‪ ،‬حييث‬
‫اصبحت هذه الممارسة جزءا ل يتجزأ من الممارسة والثقافة الديمقراطية ‪،‬والمسح او استطلع الرأي في جوهره‬
‫هو توجيه مجموعة من السئلة حول قضية معينة لعينة من الناس يتم تجميعها وحسابها كرقم من السكان ككل‬
‫ثيم اسيتقراء وتحلييل اجابات العينية والخروج منهيا بمؤشرات على اتجاهات وآراء المجموعية الكيبر حول ذات‬
‫القضية ‪ ،‬وهذه العينة اما ان تكون عشوائية او وفق قواعد انتقائية معينة ‪ .‬لقد انتشرت هذه المسوح بشكل غير‬

‫‪-‬الديمقراطية الرقمية ص ‪61‬‬ ‫‪69‬‬

‫‪47‬‬
‫مسبوق عن طريق النترنت حيث سقطت كل الحواجز التي قيدت انتشار آلية المسوح واستطلعات الرأي ‪ ،‬فمع‬
‫النترنت لم تعد الجهات القائمة على اجرائها مقصورة تقريبا على مؤسسات متخصصة محدودة العدد بل اصبح‬
‫في متناول كل هيئة او ج هة او ح تى ش خص هاو او مرا هق ان ي عد بنف سه ولنف سه ا ستطلع الرأي الذي ير غب‬
‫فيه ‪ ،‬ولم تعد الموضوعات التي يجري الستطلع حولها مقصورة على قضايا السلم والحرب وغيرها من القضايا‬
‫الكبرى ‪،‬بل شملت كل شيء من التشكيك في شرعية الرؤساء ونظم الحكم وانتهاء بأداء شفرات الحلقة وقدرتها‬
‫على تنعيم الوجه ‪،‬أما التكلفة فكادت تقترب من الصفر ‪.‬‬
‫لقد وفرت النترنت مرونة فائقة لم تحققها أي اداة اخرى من ادوات اجراء المسوح واستطلعات الرأي ‪،‬إذ يمكن‬
‫ب سهولة تغي ير موضوع ال ستطلع وال سئلة في لحظات لتتنا سب مع الحداث الجار ية على مدار ال ساعة ول يس‬
‫على مدار اليوم ‪ ،‬بمعنى ان الموقع الواحد قد يجري استطلعا للرأي في موضوعات مختلفة في يوم واحد ‪ ،‬أو‬
‫يجري اك ثر من ا ستطلع للرأي حول قضا يا مختل فة بش كل متزا من ‪ ،‬وبإمكان أي مو قع ان ير بط ما ب ين ادائه‬
‫الخباري والسياسي _ان كان موقعا سياسيا_وبين طبيعة استطلعات الرأي التي يتناولها في اللحظة الراهنة ‪.‬‬
‫وهكذا نرى ان الم سوح وا ستطلعات الرأي على النتر نت ا صبحت الن اداة شعب ية رخي صة شائ عة النتشار و في‬
‫متناول الملييين مين المواطنيين يعيبرون مين خللهيا عين اتجاهاتهيم حيال أي قضاييا سيياسية او اقتصيادية او‬
‫مجتمعية مطروحة على الساحة ‪.‬‬
‫أما على مستوىالنشطة السياسية الميدانية والجماهيرية الديمقراطية كما تتمظهر عبر النترنت فقد ذكره المؤلف‬
‫بشكل مفصل حيث يقول بان الجماعات السياسية المختلفة بدأت تلجأ للنظام العصبي الرقمي للتصالت في ادارة‬
‫انشطتهيا وعملياتهيا المختلفية ومين هذه الممارسيات التيي يقدمهيا النترنيت فيي هذا المجال بتلخييص شديد‪: 70‬‬
‫الدعا ية والعلن ‪ ،‬والتنق يب عن المعلومات والر سوم البيان ية والتمو يل والتجن يد والح شد وتحق يق الترا بط ب ين‬
‫الجماعات السيياسية عيبر النترنيت وتبادل المعلومات والفكار والمقترحات والمعلومات الميدانيية حول القضاييا‬
‫المختلفة التي تنوي التظاهر والحتجاج عليها ثم التحطيط والتنسيق على المستوى المعلوماتي والعملياتي بشكل‬
‫اكفأ وادق وارخص واسرع واوسع نطاقا ‪،‬‬
‫ولعل من ابدع ما تقدمه النترنت للديمقراطية والمجتمع المدني هي ما سماه المؤلف المجتمعات الخائلية ‪،‬‬
‫وهي مواقع على الشبكة تمثل نقطة التقاء لمجموعة من الشخاص يتواصلون معا من خللها باستخدام نظم‬
‫القوائم البريديية او التراسيل الفوري والمحادثية والدردشية والحوارات المطولة ومجموعات الخبار وغيرهيا‬
‫مين اسياليب التواصيل الجماعيي عيبر الشبكية ويكون القاسيم المشترك بينهيم قضيية ذات اهتمام مشترك او‬
‫التخ صص المه ني او التوا فق في الهوايات والهتمامات ‪ ،‬وبمرور الو قت تن شأ ب ين المشارك ين او العضاء‬
‫في المو قع علقات وثي قة على م ستوى الف كر وعلقات الع مل والقناعات والراء فيتش كل ما يطلق عل يه‬
‫المجتمع الخائلي الخاص بقضية ‪ ،‬لنه يوجد فقط على الشبكة وليس في العالم الواقعي ‪ ،‬وتشكل المجتمعات‬
‫الخائلية عبر النترنت ظاهرة لفتة للنظر لكونها تستقطب اهتمام المليين من العضاء النشطين في مختلف‬
‫المجالت والتخصيصات ميا بيين اطباء وفنانيين وباحثيين وطلب وسيياسيين وجماعات مدنيية بعدميا اثبتيت‬
‫جدواها في تكوين علقات قوية بين اعضائها تتعدى مجرد تبادل المعلومات المفيدة الى حل بعض المشكلت‬
‫مثل المرض او الزمات المالية واخيرا المشاركة السياسية واستخدام الحقوق الديمقراطية في ممارسة الكثير‬
‫من الفعاليات والنش طة اليجاب ية ‪ ,‬ويقول ال خبراء ان فكرة الدرد شة نف سها هي فكرة حرة ول كن بمجرد ان‬

‫‪ -‬الديمقراطية الرقمية ص ‪106-105‬‬ ‫‪70‬‬

‫‪48‬‬
‫يكت شف المتحاورون ب عض ال صلت والروا بط في ما بين هم فان هم يميلون الى بناء مجتمعات خا صة ب هم هذه‬
‫المجتمعات هي بمثابة أماكن يتشاركون فيها رؤاهم وافكارهم ويتناقشون حولها ‪.‬‬
‫وبناء على ما حققته المجتمعات الخائلية من نضج وفوائد يتوقع الكثير انه بعد ان يصبح وجود البشر على‬
‫شب كة النتر نت امرا روتين يا ‪ ،‬ف من غ ير الم ستبعد ان ت صبح فكرة كون الن سان عضوا في ا حد مجموعات‬
‫النتر نت اك ثر شيو عا وقبول في تفكيره في ان يكون عضوا في المجتمعات المدن ية الحال ية ‪ ،‬و في مقدمت ها‬
‫الحزاب السياسية والمنظمات المعنية بالشأن الديمقراطي ليمارس كل انشطته وفعالياته على النترنت بحرية‬
‫اكبر وسهولة ويسر‬
‫و من ا هم ال ستنتاجات في هذا المجال ال تي ذكر ها المؤلف ا نه من المم كن ان تل عب التكنلوج يا الرقم ية في‬
‫تجديد الفكر الديمقراطي نفسه وليس فقط في تجديد ادوات الممارسة الديمقراطية ‪ ،‬وهناك بالفعل العديد من‬
‫الدلئل المبكرة على صحة هذه التوقعات من بينها الراء التي تقول ان التكنلوجيا الرقمية افرزت العديد من‬
‫القيم الجديدة ‪ ،‬كالتوجه للمواطنين بشكل رأسي وقطاعي مصغر بديل عن التوجه الجماهيري العام ‪،‬والتوجه‬
‫ن حو اللمركزية بدل من المركز ية ‪،‬والتو جه نحو العالم ية على ح ساب القوميات المحل ية والتو جه الى الغاء‬
‫التخصصية وإلغاء العديد من الوسائط في العملية الديمقراطية ‪ ،‬والتوجه نحو الغاء الخطاب الجمعي والتركيز‬
‫على الخطاب المفتت الذي يصل لمستوى مخاطبة كل مواطن على حدة ‪.‬‬

‫‪-3‬العولمة القتصادية عبر النترنت‬


‫التجارة اللكترونية‬
‫ل يمكن نا اذا ارد نا ب حث مو قع التجارة اللكترون ية عبر النتر نت ال ان نعود الى بدا ية دخول النتر نت في‬
‫ساحة التجارة بعد ان كانت اساسا للقضايا العلمية والعسكرية وكانت رابطا بين الجامعات ومراكز البحوث ‪،‬‬
‫بيل ان مؤسيسي النترنيت الوائل كانوا يقفون موقفيا حازميا ضيد أي نشاط تجاري او تسيلل اعلنيي او‬
‫اعلميي ‪،‬مميا صيح وصيفها آنذاك‪ 71‬بيي الطهارة المعلوماتيية‪ ،-‬أي انهيا تقدم المعلومات العلميية ل لغرض‬
‫تجاري ‪ ،‬إل أن القوى القن صادية التقليد ية أدر كت المزا يا العديدة ال تي يم كن ان تقدم ها شب كة النتر نت من‬
‫حيث قدرتها الفائقة على ربط مصادر النتاج بمنابع الطلب وكونها وسيلة فعالة لنقل بضائع صناعة الثقافة‬
‫عبر طرق معلومات ها الفائ قة ال سرعة ‪ ،‬م ما دفع ها الىا ستغلل هذه الشب كة وتدن يس طهارت ها المعلومات ية‬
‫ببضائع ومراسلت وتعاقدات وغيرها حتى تحولت الشبكة الى متجر الكتروني وبوق اعلني ومنافذ للتوزيع‬
‫وساحة لبحوث التسويق‪ .‬على ان للعولمة العلمية والسياسية دورها في سحب القتصاد ذاته الى العولمة‬
‫النمو الهائل في اقتصاديات العلم والتصال والمعلومات افضى الى مزيد من التداخل‬ ‫‪72‬‬
‫الساسية حيث ان‬
‫ب ين عول مة العلم وعول مة القت صاد او الثقا فة ‪ ،‬بل ان عول مة العلم ذات ها ا صبحت جزءا من عول مة‬
‫القت صاد وذلك بالن ظر الى الدور ال كبير لقطاع الت صالت والعلم والمعلومات في اقت صاديات الدول ال كبرى‬
‫والسواق العالمية ‪ ،‬فالعلم اصبح صناعة وقطاعا مؤثرا في القتصاد العالمي حيث يمثل هذا القطاع ‪%40‬‬
‫من النتاج الصناعي العالمي ويضم اكثر من ‪ %60‬من اليد العاملة في العلم الصناعي ‪.‬‬

‫{{ لثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪96‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪ -‬التصال الدولي والعربي ص ‪91‬‬ ‫‪72‬‬

‫‪49‬‬
‫ل قد كان لتقدم ظاهرة العول مة المترا فق مع ثورة تكنلوج يا العلم والت صال وعصر المعلومات ية ان ادى الى‬
‫انفتاح الفضاءات القت صادية ح يث ج عل من شبكات العلم والت صال القلب النا بض للقت صادات الوطن ية‬ ‫‪73‬‬

‫ول سيما المتقد مة من ها‪ .‬ولو حاول نا ان نبدأ موضوع التجارة اللكترون ية لرأي نا ان هناك تعددا كبيرا في‬
‫تعريفات ها ح يث ت عد ظاهرة التجارة اللكترون ية عبر شبكات النتر نت ظاهرة حدي ثة ن سبيا و من ه نا تعددت‬
‫تعاريفهيا لن كيل تعرييف يصيف ويحدد طبيعية هذه التجارة باعتبار مكوناتهيا ‪ ،‬ومين هذه التعريفات الواردة‬
‫على صيفحات النترنيت وتحيت عنوان التجارة اللكترونيية القول { ربميا يرجيع تعدد هذه التعريفات الى ان‬
‫ت طبيقات التجارة اللكترون ية تشت مل على عدة مكونات ل بد من توافر ها لتنف يذ عمليات التجارة اللكترون ية‬
‫م ثل ا ستخدام الحوا سيب الل ية وتقن ية الت صالت ون ظم المعلومات والبرمجيات ‪،‬ومفهوم التجارة اللكترون ية‬
‫بعامة يندرج تحت مفهوم اوسع يسمى بالقتصاد الرقمي‬
‫‪– Digital economy‬حيث يشمل القطاعات اللكترونيةوالقطاعات المنتجة والمستخدمة لتقنية المعلومات‬
‫واجهزة التصالت وقطاعات خدمات التصالت ‪,‬‬
‫و من تعريفات التجارة اللكترون ية المتداولة في ادبيات هذه الظاهرة ان ها ‪ :‬ممار سة تجارة ال سلع والخدمات‬
‫بم ساعدة ادوات الت صال وغيرها من العل قة بالت صالت ‪ ،‬ويعرف ها آخرون بأنها ‪ :‬اتمام أي عمل ية تجار ية‬
‫عبر شبكات الحا سب اللي الو سيطة م ثل عمل ية الب يع والشراء)‪. 74‬على ان هناك من يعرف ها بالقول {تم ثل‬
‫التجارة اللكترونيية واحدا مين موضوعيي ميا يعرف بالقتصياد الرقميي حييث يقوم القتصياد الرقميي على‬
‫حقيقتيين ‪ :‬التجارة اللكترونيية وتقنيية المعلومات ‪ ،‬فتقنيية المعلومات او صيناعة المعلومات فيي عصير‬
‫الحوسيبة والتصيال هيي التيي خلقيت الوجود الواقعيي والحقيقيي للتجارة اللكترونيية باعتبارهيا تعتميد على‬
‫الحوسبة والتصال ومختلف الوسائل التقنية للتنفيذ وادارة النشاط التجاري ‪ ،‬والتجارة اللكترونية‬
‫‪ E_commerce‬هي تنفيذ وادارة النشطة التجارية المتعلقة بالبضاعة والخدمات بواسطة تحويل المعطيات‬
‫عبر شبكة النترنت او النظمة التقنية الشبيهة ‪ ،‬ويمتد المفهوم الشائع للتجارة اللكترونية بشكل عام الى‬
‫ثلثة انواع من النشطة ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬خدمات ربيط او دخول النترنيت وميا تتضمنيه خدمات الربيط مين خدمات ذات محتوى تقنيي ومثالهيا‬
‫الواضح الخدمات المقدمة من مزودي خدمات النترنت ‪internet services providers‬‬
‫والثاني ‪ :‬التسليم او التزويد التقني للخدمات‬
‫الثالث ‪ :‬استعمال النترنت كواسطة او وسيلة لتوزيع الخدمات والبضائع والخدمات المسلمة بطرق غير تقنية‬
‫–تسليم مادي عادي ‪،‬‬
‫وض من هذا المفهوم يظ هر الخلط ب ين العمال اللكترون ية والتجارة اللكترون ية وا ستغلل التقن ية في انشطة‬
‫التجارة التقليديية ‪ ،‬وفيي الواقيع التطيبيقي فان التجارة اللكترونيية تتخيذ انماطيا عديدة ‪ ،‬كعرض البضائع‬
‫والخدمات عبر النترنت واجراء البيوع بالوصف عبر مواقع الشبكة العالمية مع اجراء عمليات الدفع النقدي‬
‫بالبطاقات المال ية او بغيرها من و سائل الد فع وانشاء متا جر افتراضية او محال ب يع على النترنت ‪ ،‬والقيام‬

‫‪- 73‬التكنلوجيا والعلم والديمقراطية ص ‪24‬‬


‫‪-‬التجارة اللكترونية في الدول السلمية –التحديات والواقع‪-‬النترنت‬ ‫‪74‬‬

‫‪50‬‬
‫بانشطية التزوييد والتوزييع والوكالة التجاريية عيبر النترنيت ‪ ،‬وممارسية الخدمات الماليية وخدمات الطيران‬
‫‪75‬‬
‫والنقل والشحن وغيرها عبر النترنت )‬
‫ل قد صنفت التجارة اللكترون ية عالم يا في اطار م سعى منظ مة التجارة العالم ية الىايضاح طبيعت ها واطار ها‬
‫القانونيي ضمين مفهوم الخدمات ‪ ،‬وقيد تقرر ذلك فيي التقريير الصيادر عين مجلس منظمية التجارة الدوليية‬
‫الخاص بالتجارة في الخدمات بتار يخ ‪ 17/3/1999‬والمقدم الى المجلس العام لمنظ مة التجارة العالم ية ح يث‬
‫ذهب التقرير الى ان تزويد الخدمات بالطرق التقنية يقع ضمن نطاق التفاقية العامة للتجارة في الخدمات –‬
‫جاتيس‪ -‬باعتبار ان التفاقيية تطبيق على كافية الخدمات بغيض النظير عين طريقية تقديمهيا ‪ ،‬ولن العواميل‬
‫المؤثرة على التزوييد اللكترونيي للخدمات هيي نفسيها التيي تؤثير على تجارة الخدمات ‪،‬ومين هنيا تخضيع‬
‫عمليات تزويد الخدمة بالطرق التقنية الى كافة نصوص اتفاقية التجارة العامة في الخدمات‪-‬الجاتس‪ -‬سواء‬
‫في ميدان المتطلبات او اللتزامات بما فيها اللتزام بالشفافية ‪ ،‬التنظيم الداخلي‪ ،‬المنافسة ‪،‬الدفع‪،‬والتحويلت‬
‫النقدية ‪ ،‬دخول السواق ‪ ،‬المعاملة الوطنية ‪ ،‬واللتزامات الضافية ‪.‬‬
‫وفي وصف آخر للتجارة اللكترونية وبيئتها من وجهة نظر تقنيات المعلومات نجد القول او التعريف التالي‬
‫{ فالتجارة اللكترونية انما هي كمبيوتر وشبكة وموقع ومحتوى ‪ ،‬كمبيوتر يتيح ادخال البيانات ومعالجتها‬
‫وتصميم عرضها واسترجاعها ‪،‬وشبكة تتيح تناقل المعلومات باتجاهين من النظام واليه ‪ ،‬وحلول تتيح انفاذ‬
‫المنشأة للتزامات ها وانفاذ الزبون للتزاما ته ‪ ،‬حلول او برمجيات التجارة اللكترون ية ‪ ،‬ومو قع على الشب كة‬
‫لعرض المنتجات اوالخدمات وما يتصل بها ‪ ،‬اضافة الى أنشطة العلم وآليات التسويق ‪ ،‬ومحتوى هو في‬
‫ذاته مفردات الموقع من المنتجات والخدمات وما يتصل بها لكن ضمن اطار العرض المحفز للقبول والكاشف‬
‫عن قدرات الموقع التقنية)‪.76‬ان الطلع على مساحة استخدام النترنت وتعدد واتساع عدد مواقعها وانعكاس‬
‫ذلك على التعامل بالمليارات عبر التجارة اللكترونية ‪ ،‬كل ذلك يعطينا صورة لدور المعلوماتية والنترنت في‬
‫اعادة صياغة عالم اليوم كله حيث نرى ما يلي ‪:‬‬
‫زادت صفحات النتر نت عام ‪ 2000‬على مليار ون صف المليار صفحة ومواقع ها على ن صف مليون مو قع‬
‫ومستخدميها على نصف مليون ‪ ،‬أما المليارات المستثمرة فقد تجاوزت كل التقديرات حيث تشير الرقام ان‬
‫شركة ديل الشهيرة في عالم الكمبيوتر حققت زيادة كبيرة‬
‫في مبيعاتها على الخط حيث تضاعفت مبيعاتها عام ‪ 1998‬وبلغت الزيادة معدل ‪ 14‬مليون يوميا وفي الربع‬
‫الول من عام ‪ 1999‬بل غت الزيادة معدل ‪ 19‬مليون يوم يا بمبلغ اجمالي قدره خم سة بليون ون صف دولر ‪،‬‬
‫فيي حيين بلغيت الزيادة معدل ‪ 30‬مليون فيي نهايية العام ‪t‬لقيد قدر تقريير التجارة المريكيية لعام ‪ 1998‬أن‬
‫اعمال التجارة اللكترونيية بيين قطاعات العمال –ولييس قطاعات التسيويق للمسيتهلك – سيتزداد الى ‪300‬‬
‫بليون عام ‪ 2002‬لكن ما تحقق في الواقع اكثر من ذلك بكثير ‪ ،‬فالتقديرات الجديدة لتقرير التجارة المريكية‬
‫لعام ‪ 1999‬تشير الى ان مقدار عائد التجارة اللكترونية سيبلغ واحد واثنين بالعشرة تريليون عام ‪.2003‬‬
‫لقد اشار التقرير المريكي للتجارة اللكترونية لعام ‪ 2000‬الصادر عن وزارة التجارة المريكية وعن مكتب‬
‫الرئيس المريكي الى ان حجم انشطة مؤسسات البيع في حقل التجارة اللكترونية بلغ ‪ 8،4‬بليون دولر في‬
‫نهاية الربع الثالث عام ‪ 2000‬وتقول الحصائيات ان نسبة الزيادة في استخدام النترنت عموما قد زادت منذ‬

‫عن النترنت‬ ‫‪- 75‬التجارة اللكترونية‬


‫‪- 76‬ن م‬

‫‪51‬‬
‫عام ‪ 2005-2000‬بنسبة ‪ %146‬حيث كان عدد مستخدمي النترنت عام ‪ 2005‬يبلغ ‪ 888،681‬مليون علما‬
‫ان عدد سكان الرض كان ‪, 6،412،076‬‬
‫ولو قسمنا مستخدمي النترنت كما هم عام ‪ 2001‬لوجدنا الصورة التالية بالمليون‪:‬‬
‫‪77‬‬

‫افريقيا ‪4،15---‬‬
‫آسيا والباسفيك ‪143،99---‬‬
‫اوربا‪154،63---‬‬
‫الشرق الوسط ‪4،65---‬‬
‫كندا والوليات المتحدة ‪180---‬‬
‫( )امريكا اللتينية ‪25،33---‬‬
‫اللجمالي العالمي ‪513،41‬‬
‫ان العول مة العلم ية ا صبحت تم ثل قي مة اقت صادية متنام ية خا صة في ظل اقت صاد المعلومات الذي ا صبح ال سمة‬
‫الساسية للقتصاد العالمي ‪ ،‬حيث بلغت استثمارات صناعة المعلومات اكثر من ‪ 3‬تريليونات دولر سنويا بعد ان‬
‫كا نت هذه ال ستثمارات ل تتجاوز ‪ 350‬مليار عام ‪ ، 1980‬ويل حظ ا نه كان هناك خم سون شر كة كبيرة ت سيطر‬
‫على مع ظم الو سائل العلم ية المريك ية عام ‪ 1983‬وتقلص هذا العدد الى ‪ 23‬شر كة عام ‪ 1990‬وبنها ية القرن‬
‫العشرين بدأت ملمح تكتلت اعلمية انحصرت في سبع شركات عملقة ‪ ،‬ومع بداية هذا القرن سيطرت شركات‬
‫عمل قة على صناعة العلم ب كل مكونات ها ‪ ،‬وتش ير الح صائيات الى وجود سبعة مجموعات رئي سة كبرى تع مل‬
‫في النشطة العلمية على مستوى العالم اربعة منها امريكية وواحدة اوربية وواحدة استرالية‪-‬امريكية ولعل من‬
‫اخ طر التقديرات لحساب التجارة اللكترونية على حساب العلم هو ما طر حه الدكتور نب يل علي في حديثه عن‬
‫انعك سات النتر نت على الر سالة العلم ية ح يث يقول { تض يق الهوة –تدريج يا‪ -‬ب ين العلم والعلن وتع كس‬
‫التجارة اللكترون ية آثارا واض حة على محتوى الر سالة العلم ية وان كا نت ر سالة العلم قد ا ستضافت ر سالة‬
‫العلن في الماضي ‪ ،‬فربما ينقلب الوضع ويصبح العلم ضيفا على العلن ‪ ،‬فمن أجل اقتناص انتباه جماهيره‬
‫ربما يتضمن العلن بعض مواد اعلمية من تلك التي تجتذب المشاهدين ليجعل اعلنه اكثر اثارة ومتعة )‬
‫‪78‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫تشكيل الوعي بين تكنولوجيا التصال وثورة المعلومات‬

‫حينميا نفكير بتأ صيل مسيألة توظييف التكنولوجييا لخد مة اليدولوجييا ‪ ،‬فإننيا ل بيد أن ننطلق من المباد يء‬
‫والمفاه يم ال ساسية أول ليدلوج يا التصال ‪،‬و هل التكنولوج يا اذا كا نت ات صالية تب قى حياد ية في توظيفاتها‬
‫وغايات ها ك ما تبدو بدءا‪ ،‬أم ان ها بمجرد قيام ها بخد مة الت صال تتحول من تكنلوج يا حياد ية إلى تكنولوج ية‬
‫ايدلوجية ‪ ،‬مهما حاولنا النكار عليها ذلك ‪.‬‬
‫ولو بدأنا من مفردة بسيطة تقول { كلما كان هناك اتصال فثمة حتما ايدلوجية‪ ،‬ان لم تكن واضحة ‪ ،‬فضمنية‬
‫مبطنة بالقطع ‪ ،‬فالتصال –تقنيات –ومضامين‪ -‬ل تستنبت في بيئة جرداء‪ ،‬او في فضاء عقيم‪ ،‬بقدر ما هو‬
‫افراز ل سياق ثقا في واجتما عي من بن بالضرورة في شكله ك ما في الجو هر‪ ،‬على تم ثل للذات وت صور مع ين‬

‫‪- 77‬التصال والعلم في العالم العربي في عصر العولمة ص ‪189‬‬


‫‪-‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪393‬‬ ‫‪78‬‬

‫‪52‬‬
‫للكون ‪ ،‬واذا كان من المسلم به في تاريخ تقنيات التصال تحديدا ‪ ،‬ان الداة تبقى في الغالب العم وإلى حد‬
‫بع يد براء من ال ستخدام الذي يتر تب على ا ستعمالها ‪ ،‬فإ نه من الثا بت أي ضا و فق ما تقد مه سوسيولوجيا‬
‫الت صال أن ها تب قى لدى وضع ها على الم حك مك من حمولة رمز ية تب ني ما ن سميه في هذا ال نص ايدلوج يا‬
‫الت صال ‪ ،‬واليدلوجييا ال تي نقصيدها في هذا المقام لي ست ف قط ل صيقة بالتصيال ملزمية له على م ستوى‬
‫المضام ين ‪،‬مضامين الرسالة التي تطبع عل قة الباث بالمتلقي ‪،‬بل هي كامنة أيضا في البعد الدواتي الذي‬
‫يطبع هذه العلقة ويؤسس لمرتكزاتها)‪.79‬إذن كل رسالة اتصال عبر اداة تكنولوجية لبد ان تحمل معنى من‬
‫معاني الثير بهدف وغاية محددة ‪ ،‬ومن هنا فكل اتصال هو اتصال أيدلوجي –فكري ‪ ،‬ومن هنا أيضا تتحول‬
‫الداة التصالية الحيادية إلى اداة ايدلوجية بنفس الوقت ‪،‬‬
‫ان شاشة التلفزيون وسيلة عرض ل اكثر‪ ،‬ولكنها حينما تخدم مضمونا معينا فإنها تتلبس به وتأخذ صفته‬
‫وبهذا تتحول من تكنولوجية فقط إلى تكنلوجيا ذات طابع ايدلوجي ‪ ،‬وقد تتضامن التكنولوجيا مع اليدلوجيا‬
‫حينما يكون هدف التصال ذا طابع معين ‪ ،‬وهذا يؤكد الحقيقة التالية { ل تتقاطع التكنولوجيا مع اليدلوجيا‬
‫فقط لنها من نتاج وجهد بين البشر ول لعتبارهما –أداتين‪ -‬لخدمة واقع قائم او مراد له ان يقوم ‪ ،‬ولكن‬
‫أي ضا لنه ما غال با ما ي عبران عن حا جة مجتمع ية آن ية أو م ستقبلية –تتضا من‪ -‬التكنولوج يا بموجب ها مع‬
‫اليدلوجيا لشباعها ‪ .‬ليس من باب الشذوذ تقاطع الفضاءين‪ ،‬فضاء التكنولوجيا وفضاء اليدلوجيا ‪ ،‬ول من‬
‫الشذوذ في ش يء تفاعله ما م عا ‪ ،‬ل كن الشاذ في –العل قة‪. -‬هذه ان ما يك من في م صادرة اليدلوج يا لماه ية‬
‫التكنولوجيا والتحايل عليها ‪ ،‬في المختبر كما في السوق‪ ،‬بغرض اللتفاف على تطبيقاتها او تحويل وظائفها‬
‫او ت سخير ادوات ها )‪.80‬هكذا ن جد ا نه لن يتعذر علي نا القول ان تكنلوج يا القطاع –ال سمعي‪-‬الب صري‪-‬والتلفزة‬
‫اساسا انما تقوم بأيدلوجيا التوظيف لصالح المستخدم وبهذا تطبع اليدلوجيا التكنولوجيا بطابعها ‪ ،‬فالذاعة‬
‫في الحقبة النازية تحولت من وظيفة الستعمال إلى مهمة التوظيف ‪ ،‬فكانت أداة تضليل إعلمي ندر مثيلها‬
‫في تاريخ البث الذاعي ‪.‬‬
‫وهكذا تحولت التكنولوجييا التصيالية إلى خادمية بامتياز ليدلوجييا الختراق ‪ ،‬اختراق نظيم وقييم وتمثلت‬
‫مختلف شعوب الرض ‪ ،‬واذا كا نت هذه اليدلوج يا في ع صر العول مة ال تي ل تعترض بخ صوصية جغراف ية‬
‫معينة‪،‬ي وانما تمتد على سطح الرض كلها ‪،‬فإن هذه التكنولوجيا تكون اداة سيطرة وتوجيه وتغيير سلوك‬
‫وق يم ل يم كن ال سيطرة علي ها او ردع ها ‪ ،‬فك يف اذا ما كا نت اداة تكنولوج ية م ثل النتر نت ال تي ل تكت في‬
‫بإيصال الرسالة بصمت وانما تفتح باب التفاعل والمشاركة بين المتلقي ومضمون الرسالة ليتم الهدف ل من‬
‫اي صال الر سالة ف قط وان ما من احداث تاث ير على و عي الم ستلم و سلوكه ‪.‬ولو نزل نا قليل إلى الوا قع العملي‬
‫وقبل ظهور النترنت لرأينا أن الرسالة العلمية قبل عولمتها كانت تتحكم في التكنولوجيا وتوظفها توظيفا‬
‫خاصا بمن يملكها ويقودها ‪.‬‬
‫يقول هربرت شيللر عن واقع العلم المريكي –اكبر اعلم في العالم‪-‬في مقدمة كتابه المتلعبون بالعفول‬
‫{يقوم مديرو اجهزة العلم في امري كا بو ضع ا سس عمل ية تداول –ال صور والمعلومات‪ -‬ويشرفون على‬
‫معالجتها وتنقيحها واحكام السيطرة عليه –تلك الصور والمعلومات التي تحدد معتقداتنا ومواقفنا ‪،‬بل وتحدد‬
‫سيلوكنا فيي النهايية ‪ ،‬وعندميا يعميل مديرو اجهزة العلم إلى طرح افكار وتوجهات ل تتطابيق ميع حقائق‬
‫الوجود الجتما عي ‪ ،‬فإن هم يتحولون إلى سائسي عقول ‪،‬ذلك ان الفكار ال تي تن حو عن ع مد إلى ا ستحداث‬

‫‪-- 79‬التكنولوجيا والعلم والديمقراطية ص ‪39‬‬


‫‪- 80‬ن م ص ‪47‬‬

‫‪53‬‬
‫مع نى زائف وإلى انتاج و عي ل ي ستطيع ان ي ستوعب بإراد ته الشروط الفعل ية للحياة القائ مة او يرفض ها –‬
‫سيواء على المسيتوى الشخصيي او الجتماعيي –ليسيت فيي الواقيع سيوى افكار مموهية او مضللة‬
‫‪....‬ويض يف‪...‬ف في دا خل البلد تن عم صناعة –توج يه العقول‪-‬بفترة ن مو ا ستثنائية ‪ ،‬ول قد أظهرت الحملة‬
‫النتخابية القومية عام ‪ 1972‬بعض الشواهعد المبكرة لما هو آت عن طريق تعليب الوعي ‪ .‬ومع ذلك فإن‬
‫المهم ان نتذكر ان الوسائل التكنيكية للسيطرة على المعلومات والصور والتي بلغت درجة عالية من التطور‬
‫في واشنطن الحالية لها سوابقها ‪ ،‬ففي التحكم او السيطرة من خلل الستمالة والقناع لم يظهر إلى الوجود‬
‫هكذا دفعية واحدة ‪ ،‬فلقيد مثيل الجهيد الذي كلل بالنجاح لقناع الشعيب المريكيي عام ‪ 1945‬أي قبيل عهيد‬
‫نيك سون ب ما يز يد على عقد ين من الزمان ‪ ،‬بأن وجوده اليو مي تتهدده المخاطرل ب سبب القت صاد الرو سي‬
‫الذي دمرته الحرب واستنزف كلية –مثل خطوة هائلة نحو تبلور –توجيه العقول‪ .. -‬ومنذ ذلك الحين ساعد‬
‫التقدم في تكنولوجيا وسائل التصال على ظهور أشكال أكثر تعقيدا من التضليل العلمي ‪..‬‬
‫وفيي الو قت الحا ضر يعزف مهرجان وسيائل العلم القوميي الحا نه بقيادة وكلء اقت صاد الدولة الرأ سمالي‬
‫المقيمين في المكاتب التنفيذية للبيت البيض ‪ ،‬وفي مكاتب العلقات العامة ووكالت العلم بشارع ماديسون‬
‫‪ ،‬وهناك ما يبرر العتقاد بأن عمليةادارة وتوج يه المعلومات سوف تش هد المز يد والمز يد من التنظ يم على‬
‫ايدي المتحكمين في وسائل العلم في السنوات القادمة ‪ ،‬ان تدفق المعلومات في مجتمع معقد هو مصدر‬
‫لسلطة ل نظير لها ‪ ،‬وليس من الواقعية في شيء ان نتصور ان التحكم في هذه السلطة سوف يتم التخلي‬
‫ع نه عن طر يق ط يب خا طر )‪. 81‬وفعل تحق قت نبوءة شيللر الذي ك تب هذا ق بل وجود النتر نت بعقد ين من‬
‫الزمين ‪ ،‬تحققيت هذه النبوءة بعيد ان دخيل الكبار مين القتصياديين والرأسيماليين مين باب العولمية على‬
‫النترنيت مسيتخدمينه ل كوسييلة اتصيال معرفيي فقيط ‪ ،‬وانميا وسييلة للتجارة اللكترونيية كميا اسينخدمه‬
‫السياسيون الكبار للمناداة بالديمقراطية اللكترونية ‪ ،‬أما العلميون فقد استخدموه ضمن ما استخدموه لنشر‬
‫الصيحافة اللكترونيية وتوزيعهيا على العالم اجميع بعيد ان كانيت الصيحافة الورقيية ل تتجاوز فيي توزيعهيا‬
‫ومخاطبين لبضعة دول فقط ‪.‬‬
‫من هنا نستنتج كتكنلوجيا اتصالية قد وظفت لهداف السيطرة على الوعي النساني في المجالت كافة بعد ان‬
‫كان اداة من ادوات العول مة ح يث انتهت الجغراف يا إلى فضاء العالم كله ‪،‬وا صبح الو عي الن ساني ل يخاطب‬
‫بلغية وأيدلوجييا واحدة بيل انيه اسيتغرق كيل اليدلوجيات ‪،‬واسيتخدم الغراق المعلوماتيي كأداة مين ادوات‬
‫السيطرة والتوجيه لعقول البشر ‪ ،‬ففي الوقت الذي ترك له الخيار في فضاء معلوماتي لنهائي ‪،‬اذا به يغرق‬
‫في حيرة المتاهات للمضامين والرسائل المختلفة المتنوعة تنوعا يقود في كثير من الحيان إلى التناقض ل‬
‫الوحدة فيي مسيارات معينية خطيط لهيا ايدلوجيون كبار مين السياسة والقتصياديين والعلمييين فيي الدول‬
‫المتقدمة التي لها المساحة الكبرى والمواقع الكثر عددا على صفحات النترنت هذه ‪.‬‬

‫النترنت اداة سيطرة عولمية‪:‬‬


‫حينما نراجع بعض مفاهيم العولمة التي يعبر عنها البعض بأنها { مجرد آلية من آليات التطور الرأسمالي‬
‫يع كس ارادة الهيم نة على العالم)وان ها { آل ية يم كن ان تؤدي بش كل مت سارع إلى نشوء نظام عال مي جد يد‬
‫بواسيطة ثلثيية –تكنلوجييا ورأس المال والدارة وتشميل السيياسة والقتصياد والثقافية والجتماع والعراق‬

‫‪- 81‬المتلعبون بالعقول ص ‪5‬‬

‫‪54‬‬
‫ليؤ سس القر ية الكون ية الجديدة ال تي تقوم على ثورة الك مبيوتر والت صالت والثورة المعلومات ية وال سواق‬
‫ولو القي نا نظرة على المساحة ال تي تشغلها‬ ‫‪82‬‬
‫المفتو حة والشركات متعددة الجن سيات لتوح يد الن سانية )‬
‫الدول المتقدمة على شبكة النترنت سواء كمستخدمين او كمواقع فإننا ولشك سنعرف حقيقة ما يجري في‬
‫صيناعة الوعيي النسياني ‪,‬وتشكيله ضمين اطارات محددة تخدم هذه الدول والحتكارات والرأسيمالية التيي‬
‫تنادي بها ‪.‬‬
‫ان مواقيع النترنيت باللغية النكليزيية تشكيل ‪%82‬وقيد يصيل إلى ‪ %90‬اذا اضفنيا لهيا اللغية اللمانيية‬
‫والفرنسية ‪ ،‬كما ان انتاج اللكترونيات لخدمة النترنت ووظيفته تشكل ‪ %45‬بين اوربا وامريكا واكثر ‪ ،‬كل‬
‫هذا مضافيا الييه سييطرة وكالت النباء العالميية الربيع على مصيادر الخيبر هذا وغيره يعطينيا الصيورة‬
‫الواضحية لسييطرة هذه الدول على مجال البيث العلميي وشبكية النترنيت بميا يقود إلى توجييه العقول‬
‫وسيياستها بيل وتضليلهيا كميا تشاء لتبعيية دول الجنوب والعالم الثالث لهذه المعطيات العلميية عموميا‬
‫والتجارية خصوصا ‪.‬‬
‫ان كل هذه المقدمات تطرح مفردات ا ساسية على وا قع العول مة العلم ية والقت صادية وال سياسية والثقاف ية‬
‫على سطح الرض ‪،‬‬
‫فماذا يستنتج الباحثون في هذا المجال من هذه الرقام والحقائق ؟‬
‫‪83‬‬
‫في اجابة مبسطة يتحدث احد الباحثين عن هذه الستنتاجات قائل ‪:‬‬
‫‪-1‬تمر كز الم صادر العلم ية والثقاف ية والمعرف ية من ح يث النتاج والتوز يع بكا فة اشكاله في‬
‫الدول التي تحتكر مصدر القوة القتصادية والعسكرية ‪.‬‬
‫‪ -2‬ان التدفق الشامل للنباء والمعلومات يأخذ طريقه من العالم الصناعي الذي يضم ثلث سكان‬
‫العالم إلى العالم النامي الذي يضم ثلثي سكان العالم ‪ ،‬وان اكثر من ‪ %80‬من النباء الموزعة‬
‫يوميا في العالم تتولى انتاجها وكالت عالمية ل يتجاوز عددها خمس وكالت فقط‬
‫‪-3‬ان الصيراع المسيتقبلي سييكون موجهيا للسييطرة على الحاسيوب والتلفزيون والهاتيف التيي‬
‫يمكين صيهرها على النترنيت ‪ ،‬ولهذا سييكون بإمكان المجموعية التيي تسييطر على تقنيية‬
‫النترنت ان تسيطر على العالم مستقبل‪.‬‬
‫‪-4‬يت جه ال سوق والمناف سة في هذا الع صر عمل يا وف قا لنظر ية دارو ين –البقاء لل صلح‪ -‬وهذا‬
‫يعنيي ان الدول والميم والشعوب التيي ل تقدر على المنافسية ‪،‬سييكون مصييرها النقراض ‪،‬‬
‫وهذا يعود إلى الفجوة الكيبيرة بيين الدول المتقدمية والناميية فيي مجال تكنلوجييا العلم‬
‫والتصال ‪.‬‬
‫‪-5‬وجود تغييرات كبيرة في الخري طة العلم ية الدول ية متمثلة بالنفجار النو عي والك مي لليات‬
‫التحر ير والتوزيع للنتاجات المرئ ية والصوتية ‪ ،‬وبروز مجاميع بيانات الت صالت العالم ية ‪،‬‬
‫وتطوير انتناجات الترفيه والتسلية والمعلومات للذوق العالمي وليس المحلي ‪.‬‬
‫‪-6‬نجح العالم الصناعي في تحويل صناعة العلم من صناعة كثيفة البداع إلى صناعة تقليدية‬
‫كثيفية رأس المال ‪،‬حييث أن اخطير انواع الحتكار هيو احتكار النتاج العلميي واحتكار‬
‫مضمون الرسالة العلمية ‪.‬‬

‫‪- 82‬التصال الدولي والعربي ص ‪86‬‬


‫‪- 83‬التصال الدولي والعربي ص ‪95‬‬

‫‪55‬‬
‫‪-7‬بروزظاهرة العاميل التقنيي المتمثيل فيي التقدم الهائل فيي تكنلوجييا الكميبيوتر وتكنلوجييا‬
‫التصيالت خاصية فيميا يتعلق بالقمار الصيناعية وشبكات اللياف الضوئيية واندماج هذه‬
‫العناصر في توسيطات اتصالية عدة ابرزها شبكة النترنت ‪.‬‬
‫هذه هي صورة العولمة العلمية والقتصادية والسياسية التي يحققها النترنت في عصرنا الحاضر‬
‫ان القاء نظرة على وظائف اعلم العولمية يعطينيا صيورة عين الوعيي الناشييء عنهيا ‪ ،‬فقيد تطورت‬
‫وتغيرت وظائف العلم وقد ححدها احد الباحثين بشكل مركز حيث قال ‪.‬‬
‫‪-1‬اشا عة المعلومات وجعل ها مي سورة للجم يع بدون مقا بل ‪،‬بح يث ي ستطيع الح صول عليها أي فرد او‬
‫جماعية او فئة ‪ ،‬وبمعنيى آخير خلق وبناء قاعدة معلوماتيية واحدة يسيتخدمها الجمييع ويتعاميل معهيا‬
‫كمصدر رئيسي لتقييم النتاج الثقافي والمعرفي والعلمي ‪،‬وبذلك يتمكن العلم من دعم ظاهرة العولمة ‪،‬‬
‫وتعميق منطقها وجعلها اكثر قبول ومدعومة بقاعدة معلوماتية منتشرة وبتقنية معلوماتية متطورة ‪.‬‬
‫‪-2‬اذابة الثقافات الوطنية والقومية وتقليص الحدود الفاصلة بين المكونات المذكورة ومكونات العولمة‬
‫ال تي تنت مي إلى م صدر وا حد ول غة مركز ية واحدة وبن ية ثقاف ية مشتر كة ‪ ،‬و قد ن جح العلم فعل في‬
‫نجسيد الوظيفة المذكورة وجعلها اكثر فعالية وتمثل لمنطق العولمة ومضمونها ‪ ،‬بفعل التقنية الرقمية‬
‫والقمار الصيناعية التيي تملك القدرات البيث المباشير دون وسييط إلى الجمهور المعنيي او ايية بقعية‬
‫جغرافية على كوكب الرض ‪.‬‬
‫‪-3‬تنمية مولدات التماثل بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات ‪ ،‬وقد تمكن العلم إلى حد ما ‪ ،‬في‬
‫بناء مكونات التما ثل الول ية في مجالت عدة كالندماج والنتاج والتو حد ‪،‬وب صورة ملف تة للن ظر امتدت‬
‫هذه المكونات إلى البرناميج الترفيهيي والتقنيي والعلميي ونماذج النشير والبيث الرقميي ‪ ،‬وبناء مفاهييم‬
‫مشتركة حول العولمة ومظاهرها المتمثلة بشبكات المعلومات ‪ ،‬وشبكات التصالت ‪ ،‬والتغطية العلمية‬
‫للحداث العالمية مباشرة بأبعادها الثلثة ‪ ،‬المضمون ‪،‬والمكان ‪ ،‬والزمان‬
‫لقد استعرض احمد مصطفى النقاط المذكورة بصورة مقاربة جدا لمضمون اعلم العولمة فقد اشار إلى{‬
‫ان التنمييط الثقافيي يتيم باسيتغلل ثورة وشبكية التصيالت العالميية وهيكلهيا الفتصيادي النتالجيي ‪،‬‬
‫والمتمثيل فيي شبكات نقيل المعلومات والسيلع وتحرييك رؤوس الموال ‪،‬كميا ان التنمييط او التوحييد‬
‫الثقافي للنسانية مع البناء القتصادي المعلوماتي ‪،‬‬
‫و من هنا اتخذ المفهوم الثقافي للعولمة بعدا اقت صاديا واعلم يا حيث العلم هو أداة التو صيل والتأث ير‬
‫بالفكار الثقاف ية ال تي يراد ل ها الذيوع والنتشار ‪.‬و في أطار تذو يب الحدود يض يف م صطفى بان اعلم‬
‫العولمة هو اعلم وطن ‪،‬فالفضاء اللمحدود مثل هو الوطن الجديد للعولمة ‪ ،‬فهو أيضا وطن لعلمها ‪،‬‬
‫يرية وتنقله الموجات‬
‫يه اللياف البصي‬
‫ية وتنتجي‬
‫يال اللكترونيي‬
‫يه شبكات التصي‬
‫ين الذي تبنيي‬
‫يه الوطي‬
‫اني‬
‫الكهرومغناطيسيية ‪ .‬وفيي شأن وظيفية التماثيل يقول مصيطفى –اسيتطاع العلم فيي عصير العولمية‬
‫بوسائله التي تتخطى كل الحدود ان يعمل على تحويل المجتمعات والبيئات الداخلية للدول إلى مجتمعات‬
‫وبيئات عالم ية ‪،‬و هو أ مر أ ثر في ال سياسات الدخل ية و صانعيها في الدول المختل فة ‪ ,‬فلم ت عد قرارات هم‬
‫ومواقفهيم وتصيريحاتهم خافيية على عيون العلم وحتيى عندميا تسيتحكم الزمات والمشكلت الداخليية‬
‫يتجه الناس اليه أي إلى العلم ليتعرفوا على ما يدور في ببلادهم ‪،‬وبذلك اصبح العلم احد اهم ادوات‬
‫العولمية فيي تهيئة البنيية الجتماعيية وأنسياقها المختلفية القتصيادية ‪،‬الثقافيية‪ ،‬السيياسية‪،‬والمعرفيية‬

‫‪56‬‬
‫للتفا عل مع شروط ومتطلبات بناء ا سس مجت مع العول مة الجد يد )‪ 84‬ان ب عض الباحث ين يعت قد ان من‬
‫سيلبيات العولمية على المسيتوى العلميي والثقافيي هيي مسيألة التماثيل والتنمييط فيقول { العولمية‬
‫العلمية تسعى من خلل تكنلوجيا الثورة التصالية إلى نشر –مبدأ التماثل‪ -‬وتحميه ليصبح بذلك امرا‬
‫واق عا ‪ ،‬وتحو يل المجت مع إلى ك تل متشاب هة ‪-- .‬تنم يط الحياة اليوم ية بح كم فراغ ما ي سمى بالخيال‬
‫الجماعي وخوائه وظهور ن مط وا حد من الوا قع المعي شي يت صف بالتما ثل ال سكوني وهكذا ن جد العول مة‬
‫العلميية تركيز هذا اليوم على حوادث العنيف بيين الجيران وقصيد ضحاييا القتيل وحوادث الطرق‬
‫والحرائق والدعارة ‪...‬الخ وي تم مقا بل ذلك اغفال عدد من مشا كل البشر ية وتبا ين اهتمامات ها والتح كم‬
‫فرمستويات النسان‬
‫‪--‬تنم يط المشا عر الن سانية والتح كم في تشكل ها و فق من طق مع ين في الولو ية والهم ية ‪ ،‬فالتح كم‬
‫العلمي في المشاعر البشرية وتحديد اهميتها وبرمجة أولويتها هو تحكم في الخيال الجماعي وبالتالي‬
‫تحكم في ثقافات الشعوب‬
‫‪--‬تعميق وظيفة –التشيؤ‪ -‬باحلل عالم الموضوعات محل العالم النساني محل الذوات والشياء محل‬
‫الفراد باختزال القيمة النسانية إلى قيمة سلعية‬
‫‪85‬‬
‫‪--‬تعميق ثقافة الستهلك وجعل الثقافة مجرد –سلعة‪ -‬لتسطيح الحياة )‬
‫ولشك ان عملية التنميط والتماثل والتوحيد لخلق انسان بشكل واحد انما هو من اخطر عمليات العولمة‬
‫العلميية والتيي تخلق وعييا موحدا نتيجية لهيا وهذا التنمييط فيي الحقيقية هيو مين بديهيات ايدلوجييا‬
‫الت صال القد يم والحد يث ال ان قدرة التكنلوج يا الحدي ثة والنتر نت جعلت التنم يط والتجا نس ي صل إلى‬
‫م ستوى عال مي ب عد ان كان على م ستوى الموا طن للدولة المعن ية المخا طب بالعلم التقليدي ‪ ،‬أي ان‬
‫التنميط والتماثل هو معطى اساسي لكن جعله على مستوى كل البشر باعتبارهم مخاطبين بوسيلة واحدة‬
‫وشكل واحد هو الذي يعطي خطورة توحد الوعي وتزييفه ‪.‬‬
‫يقول احد الباحثين وهو يحلل ايدلوجيا التصال ومعطياته {اما المعطى الثاني فيكمن فيما نتصور في‬
‫الطابيع التوحيدي الذي تدفيع بيه ايدلوجييا التصيال وتجعيل الفراد والمجتمعات بموجبيه –كتلة واحدة‪-‬‬
‫منصيهرة او يراد لهيا ان تنصيهر في فكروا حد وثقا فة واحدة ونموذج للتمثيل واحيد ‪،‬ل تتغ يا ايدلوج يا‬
‫الت صال و فق هذا الت صور خلق ان سان وا حد بموا صفات واحدة فح سب ‪ ،‬بل وتج نح في حالة تعذر ذلك‬
‫إلى اسيتنبات مبادييء وقييم مين ذلك النموذج –اللييبرالي اسياسا منيذ مدة –بغرض خلق ثقافية للتوافيق‬
‫والتراضي تضمن لهذا الفكر النسياب بعد ماتكون قد ضمنت له الرضية والفضاء ‪،‬‬
‫واذا كانت –ثقافة التبرير –ثقافة التلفزة والسينما والشهار بالساس هي المهيمنة في هذا السياق فلن‬
‫القوة والنجاعة فضل عن ذلك لموسطة العلقات الجتماعية وصياغة الحساس الجماعي بانه ان لم يكن‬
‫موحدا كما في حالة الشهار فهو حتما غير متباين بالحدة التي تتميز بها –نظريات الطبقات الممتطية‬
‫للتلفزة وإلى حد ما للسينما –وبالتالي فتموقع ايدلوجيا التصال بين الجماعة وواقعها ل يعطي السلطة‬
‫المتحك مة امكان ية صياغة الحداث صياغة واحدة فح سب بل ويمنح ها أي ضا سبل تحو يل ال صورة ذاتها‬
‫إلى حقيقة ل تقبل الطعن او المزايدة او التشكيك )‪. 86‬‬

‫‪- 84‬علم اجتماع العلم ص ‪131-130‬‬


‫‪- 85‬التصال الدولي والعربي ص ‪97-96‬‬
‫‪- 86‬التكنولوجيا والعلم والديمقراطية ص ‪40‬‬

‫‪57‬‬
‫وهكذا ي صدق القول على تأث ير النتر نت كو سيط اعل مي والمعلومات ية كمضمون اعل مي ما قاله ا حد‬
‫الباحث ين عن العلم عمو ما { يع تبر العلم بفل سفته العري ضة وبو سائله المتطورة اقوى ادوات الت صال‬
‫الحديثية التيي تعيين الفرد على معايشية عصيره والتفاعيل معيه وهيو الذي يشكيل عقول البشير ويوجيه‬
‫اذواق هم ورؤيتهم للحياة ح يث ادت ثورة المعلومات و ما واكبها من تقدم تكنلوجي إلى تعرض الفرد إلى‬
‫مساحات مضاعفة من العلم )‪. 87‬‬
‫هكذا يؤثر النترنت والعلم عموما على تشكيل الوعي في عصر العولمة الذي نعيشه وصول إلى نهاية‬
‫المجتمعات الرقمية والنسان الرقمي ‪.‬‬

‫استنتاجات عامة وعربية‬

‫بعد ان رأينا الطابع السياسي والقتصادي والعلمي الذي يطبع عمل النترنت في عصر العولمة ‪ ،‬وبعد‬
‫ان رأينا القدرة والسيطرة الكبيرة التي تتمتع بها الشبكة على المبحرين عليها ‪ ،‬وبعد ان رأينا ان ثورة‬
‫المعلوماتية وثورة تقنية التصالت توظف توظيفا سياسيا واقتصاديا لصالح الدول المتقدمة بما تحمله‬
‫من نماذج خاصة للقتداء بها تصدر للعالم الثالث والعالم العربي منه ‪،‬‬
‫لبد ان يطرح علينا –اعلميين وسياسيين واقتصاديين – قادة ومحكومبن‪ ،‬مهمة المشاركة الفاعلة في‬
‫ممار سة حق نا المتاح على هذه الشب كة ‪ ،‬وذلك بزيادة م ساحة المشار كة اول وال تي لم ت صل ح تى الن‬
‫سوى إلى ‪ %4‬ف قط للو طن العر بي من الن سبة العالم ية في ح ين ان م ساحة المشار كة ال صهيونية‬
‫وحدهيا تتجاوز هذه النسيبة ميع قلة سيكانها مميا يؤكيد الهتمام السيتثنائي لهذه الشبكية فيي التأثيير‬
‫العالمي‪.‬كما ان العولمة بما انها تستخدم النترنت للغاء الحدود والقيود بما فيها الخصوصيات القومية‬
‫تعمل على الغاء الهوية بل وطرح النموذج المريكي خاصة في الليبرالية والقتصاد الحر ‪ ،‬كل ذلك يضع‬
‫على القيادات العرب ية خا صة والش عب العر بي عمو ما ان يدافعوا عن خ صوصياتهم الحضار ية والقوم ية‬
‫والدينية بالتكيف مع مستجدات العصر اول وبالعمل وفق آلياته التقنية والمعرفية لتعميق الفكر العربي‬
‫والتراث العربي وتوظيفه توظيفا علميا واعلميا لخدمة وحدة الشخصية العربية وخصائصها المعروفة‬
‫‪.‬ول شيك { ان السيياسة العلميية ل يمكين ان تنفصيل عين حقيقية التطور الحضاري العلميي ‪ ،‬لن‬
‫ال سياسة العلم ية و جه من وجوه ال سياسة بمعنا ها الشا مل ‪ ،‬فال سياسة صناعة الحضارة ‪ ،‬والعلم‬
‫محور جوهري من محاور هذه ال صناعة ال كبيرة ‪ ،‬فالثورة العلم ية ل ها ابعاد ها الفقه ية واليدلوج ية‬
‫والمؤسيسية والمضمونيية ‪،‬وهذه الثورة كميا وصيفها ماكلوهان بانهيا –ثورة الوعيي النسياني الكلي ‪،‬‬
‫‪88‬‬
‫وثورة التكامل النساني الكلي اللتين يمكنها بهما ان تطور النسانية كمدنية حضارية واحدة )‬
‫ان انعكاس مفردات هذا الب حث –أي دور النتر نت ‪-‬على الوا قع العل مي العر بي يعطي نا صورة كئي بة‬
‫لهذا العلم وقد شخص الدكتور نبيل علي ايقاع ثورة العلم والتصال على الواقع العربي حينما كتب‬
‫تحت عنوان الصدمة العلمية يقول { يعيش اعلمنا العربي صدمة اعلمية على مختلف المستويات –‬
‫ال سياسية والتنظيم ية والفن ية –فل يس بالقمار ال صناعية والقنوات الفضائ ية واحدث المطا بع ال صحفية‬
‫‪- 87‬العلم والسياسة ص ‪215‬‬
‫‪- 88‬التصال الدولي العربي ص ‪319‬‬

‫‪58‬‬
‫وحدها يحيا التصال في عصر المعلومات ‪ ،‬وعلينا ان نقر باننا لم نرصد بعد مسارات الخريطة الجيو‪-‬‬
‫اعلم ية الحدي ثة ‪ ،‬و هو ما عبر ع نه التقر ير ال ستراتيجي العر بي للعام ‪ 1999‬بض عف ال ستجابة إلى‬
‫عولمة العلم ‪.‬‬
‫ل قد ف قد اعلم نا العر بي محوره ‪ ،‬واض حى مكبل بقيود ارتبا طه الوث يق بال سلطة ‪ ،‬تائ ها ب ين التبع ية‬
‫الفنية والتنافس السلبي على سوق اعلمية اعلنية محدودة ‪ ،‬وكان نتيجة ذلك ان اصبح رهين العلن‬
‫من جانب وذليل الدعم الحكومي من جانب آخر ‪.‬‬
‫ان اعلمنا العربي يواجه عصر التكتلت العلمية مشتتا عازفا عن المشاركة في الموارد ‪ ،‬يعاني من‬
‫ضمور النتاج وشيح البداع حتيى كاد –وهيو المرسيل بطيبيعته‪ -‬ان يصيبح نفسيه مسيتقبل للعلم‬
‫المسيتورد ليعييد بثيه إلى جماهيره ‪،‬وأوشكيت وكالت النباء لدينيا ان تصيبح وكالة للوكالت الربيع‬
‫الكبرى حتى فيما يخص اخبارنا المحلية ‪ ،‬لقد ارتضينا ان نوكل إلى غيرنا نقل صورة العالم من حولنا‬
‫بل صنع صورتنا عن ذات نا أي ضا ‪.‬أ ما شب كة النتر نت فلم ندرك ب عد مغزا ها الثقا في ل كي يمكن نا ادراك‬
‫مغزا ها الت صالي العل مي ‪ ،‬وذلك على الر غم من قنا عة الكا تب بقدرت نا على اللحاق باعلم النتر نت‬
‫‪89‬‬
‫وهو ما زال في مهده )‬
‫بعيد ذلك يشخيص بعيض عيوب العلم العربيي مين منظور ثورة العلم والتصيال فيقول تحيت عنوان‬
‫التناقض الجوهري { يشكو اعلمنا من تناقض جوهري ‪ ،‬بعد أن تخلى عن مهمته التنموية الساسية‬
‫ليسوده طا بع الترف يه والعلم على ح ساب المهام الخرى ويق صد بها مهام التعل يم والتوع ية الثقاف ية‬
‫واعادة احياء الرادة الجماعية للمشاركة في العمل الجتماعي –ومن قبيل النصاف –فان اعلمنا شأنه‬
‫شأن معظم نظم العلم في دول العلم الثالث يعمل تحت ضغوط سياسية واقتصادية تناى به عن غاياته‬
‫الراهنة تعمل على زيادة هذه الضغوط مما يتطلب سيادة اعلمية اكثر صمودا ومرونة وابتكارا )‪. 90‬‬
‫ل قد ل خص تقر ير العلم العر بي حاضرا وم ستقبل وا قع العلم العر بي الذي و صفه بأ نه لم يرت فع إلى‬
‫مستوى الرسالة المنوط بها تعميق وعي المواطن واشراكه في التفاعل واسهامه في البناء الجماعي ‪،‬‬
‫وان اعلمنا العربي يواجه مأزقا رباعي الجوانب ‪:‬‬
‫‪-1‬مأزقا سياسيا ‪ :‬في كيف نوفق بين عولمة العلم وسيطرة الدولة وتوقعات جماهيره‬
‫‪ -2-2‬مأزقا اقتصاديا ‪ :‬في كيف يتنافس في عصر النتاج العلمي الضخم وارتفاع كلفة بناه‬
‫التحتية‬
‫‪ -3-3‬مأزقا ثقافيا ‪ :‬في كيف يصبح درعا ضد ما يهدد هويتنا وقيمنا وتراثنا‬
‫‪ -4-4‬مأزقا تنظيميا ‪ :‬في كيف تكتسب مؤسساتنا العلمية المرونة التنظيمية والكفاءة الدارية‬
‫والفنية تلبية لمطالب اعلم عصر المعلومات ودينامياته الهادئة ‪.‬‬
‫وعلى مستوى ثقافة النترنت يحدد الدكتور نبيل علي تحديات الثقافة العربية عبر النترنت يقوله {تمثل‬
‫النترنيت بالنسيبة لنيا –نحين العرب‪ -‬تحدييا ثقافييا قاسييا على الجبهات جميعهيا ‪ ،‬سيواء فيميا يخيص‬
‫مضمون رسائلنا الثقافية وقيمة تراثنا عالميا وفاعلية مؤسساتها الثقافية الرسمية وغير الرسمية ‪ ،‬او‬
‫فيما يخص اساليب حوارنا فيما بيننا ومع الغير ‪،‬ونحن مهرضون لحالة فريدة من الداروينية الثقافية‬
‫اصيبحنا مهدديين فيي ظلهيا بفجوة لغويية سيتفصل بيين العربيية ولغات العالم المتقدم تنظيرا وتعليميا‬

‫‪- 89‬الثقافة العربية وعصر المعلومات ص ‪446‬‬


‫‪ 90‬ن م ص ‪447‬‬

‫‪59‬‬
‫واستخداما وتوثيقا – مثلما نحن مهددون –أيضا بسلب تراثنا من فنون شعبية واغان ومقامات موسيقية‬
‫وازياء وطرو معماريية ‪ ،‬وفيي المقابيل تفتيح النترنيت امامنيا فرص عدة لتثيبيت دعائم ثقافتنيا العربيية‬
‫بصفتها ثقافة انسانية عالمية اصيلة ‪،‬وتعويض تخلفنا في كثير من مجالت العمل الثقافي ‪.‬‬
‫ان الموقف يتطلب اعادة النظر بصورة شاملة في سياساتنا الثقافية تجاوبا مع تقافة النترنت ‪ ،‬وذلك في‬
‫اطار الستراتيجية الشاملة للثقافة العربية التي اعدتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ووفقا‬
‫لتوجيهات مؤتمر اليونسكو باستكهولم )‪. 91‬‬
‫ان القاء نظرة على معنى النترنت كما يفهمها العرب يعطينا صورة سلبية تكاد تجعل بعض الدول تحجم‬
‫عن السماح لمواطنيها باستخدامه او توفيره بمبالغ زهيدة ‪ ،‬وقد اعلنت منظمة صحفيون بل حدود عن‬
‫اربعة دول عربية تعتبرها من اعداء النترنت منها السعودية ومصر وتونس وسوريا‪،‬حيث قامت بحجب‬
‫كثير من المواقع المعارضة لها ‪.‬‬
‫وفي استطلع اجراه احد الباحثين وزع خمسمائة استمارة طلب معلومات حول الموقف من النترنت في‬
‫لبنان وزع على او ساط جامع ية كالجام عة المريك ية والجام عة الي سوعية وكل ية العلم واتلتوث يق في‬
‫{ ان ها نوع من‬ ‫‪92‬‬
‫الجتم عة اللبنان ية ن جد موا قف حادة جدا ضد هذه الخد مة النترنيت ية ‪ ،‬فالب عض يقول‬
‫الستعمار المبريالي هدفه السيطرة على الشعوب ومحاربة الديان وخاصة الدين السلمي ‪ ،‬والنترنت‬
‫تركز اكثر ما تركز على الجنس والقمار وهدفها الستهلك والحصول على الثروات العربية‪ -‬واستمارة‬
‫اخرى تقول { النتر نت نوع من الغزو الثقا في واللغوي الذي يهدف إلى خلق مجت مع عل بي ا ستهلكي‬
‫وحسب‪ ،‬لهذا يجب التركيز على امننا الثقافي العربي ‪ ،‬انه غزو مزدوج امريكي واوربي ‪ ،‬ومهما خزنت‬
‫من معلومات فان العرب ا ساسا ل يقرؤون‪ -‬ورأي آ خر يقول {ان ها تعود اطفال نا وابناء نا على الدمان‬
‫تماميا كميا الدمان على الخمير والدخان والمخدرات احيانيا كثيرة ‪ ،‬وهيي تؤدي إلى تفسيخ العائلة‬
‫وانق سامها ‪ ،‬و قد تورث الطفال في الم ستقبل مشا كل نف سية ‪ ،‬ورب ما يرتكبون اعمال مناف ية للحش مة‬
‫وغير قانونية ‪ ،‬وقد تؤدي النترنت إلى انفاق الموال الطائلة على استخدامها هذا ما هو حاصل ) ز‬
‫ان هذه الت صورات تع كس تخل فا كبيرا عن مواك بة ثورة المعلومات وتقن ية الت صال والعول مة ‪ ،‬و هو‬
‫هروب إلى الداخل ورفض لما ل يمكن رفضه ‪ ،‬ولعل خير موقف يمكن اتخاذه في عصر العولمة من‬
‫ثورة المعلوماتية وتقنية التصالت وخاصة النترنت الذي اختصرها جميعا هو ما تحدث به احد الكتاب‬
‫تحت عنوان ايجابيات العولمة على العالم الثالث ومن ضمنها القطار العربيةوابرز هذه اليجابيات هي ‪:‬‬
‫‪-1‬تتيح للعرب والعالم الثالث منفذا ولو محدودا للستفادة وربما المشاركة فرثورة تكنلوجيا التصال ‪،‬‬
‫العلم ‪ ،‬المعلوماتية‬
‫‪-2‬كثرة وتعدد وسائل العلم واختراقها الحدود السياسية للدول وتوافر تطبيقات الوسائط المتعددة ‪،‬‬
‫وقد يقلل من قدرة العلم المحلي على اخفاء الحقائق والهيمنة السياسية وتزييف وعي مواطنيه‬
‫‪ -3‬ان خصخصة وسائل العلم والسماح للقطاع الخاص بالستثمار قد يؤدي إلى تعميق الديمقراطية‬
‫ويدعم مؤسسات المجتمع المدني ‪.‬‬
‫وعلى كل حال فإننا نرى العولمة ل يمكن رفضها لعتبارات عديدة ابرزها الفجوة الكبيرة في مجال بناء‬
‫المؤسسات السياسية والجتماعية والتكنولوجية للعرب ‪ ،‬والخلل الواضح في النظام السياسي العربي ‪،‬‬

‫‪- 91‬ن م ص ‪125‬‬


‫‪- 92‬العلم العربي وانهيار السلطات اللغوية ص ‪388‬‬

‫‪60‬‬
‫وانعدام مبدأ الديمقراطيية ‪ ،‬وحيق التصيال والتعيبير ‪ ،‬ولذلك فان التحديات كيبيرة ول يمكين لدول العيم‬
‫الثالث ال ان تأخذ من العولمة ما يفيدها وترفض ما يهدد أمنها واستقللها وقيمها وهويتها وهذا ل يتم‬
‫ال بالمشار كة الفعالة مع الع صر وثورا ته التكنولوج ية ‪ ،‬وتح صين مجتمعا ته بالعلم وخلق بيئة صحية‬
‫للبداع ‪،‬واعطاء الحق لمجتمعاتها بالمشاركة في صنع القرارات والتعبير عن افكارها بحرية بعيدة عن‬
‫القمع والقسر ول يمكن مواجهة العولمة ال بتحقيق الديمقراطية في المجتمعات العربية )‪. 93‬‬
‫لقد كانت الصحافة العربية من اوائل من استفاد من النترنت حيث ان اول صحيفة عربية انتقلت إلى‬
‫ال صحافة اللكترون ية عبر النتر نت هي جريدة الشرق الو سط وذلك عام ‪ 1995‬تبعت ها جريدة الحياة‬
‫والنهار عام ‪، 1996‬واليوم نجد ان الصحف العربية‬
‫كلهيا تقريبيا اخذت مسياحات لهيا على النترنيت ‪ ،‬وكذلك الذاعات والتلفزيون وغيرهيا كميا ان التجارة‬
‫اللكترون ية العرب ية دخلت إلى ساحة النتر نت بثقل ها ولتكاد ت جد دورة تجار ية ال وللعرب بمال هم من‬
‫اقتصاد وتجارة وجود داخلها ‪ ،‬كما ان المواقع العربية على النترنت تزداد اتساعا ومساحة وتفاعل كل‬
‫يوم ‪ ،‬وبهذا تكون المشاركية العربيية –على قلتهيا –قيد بدأت فعل صيراعها عيبر النترنيت ميع الفكار‬
‫والدعايات التي تريد الساءة اليها ‪،‬كما ان الحزاب العربية المؤيدة والمعارضة لها مساحات معينة على‬
‫النتر نت وت سمع صوتها إلى العالم كله ‪ ،‬بل ان المقاو مة العرب ية وال سلمية ل ها منافذ ها الخا صة عبر‬
‫هذه الشبكة ببياناتها واعمالها البطولية والجهادية ‪،‬‬
‫واذا كانيت دول الغرب وامريكيا بالذات تحارب السيلم فانهيا وجدت فيي شبكية النترنيت اوسيع وسييلة‬
‫للتأثير سواء كانت تحاربه باسم الرهاب او باسم غيره ‪,‬‬
‫وبالتالي فالعولمة عبر النترنت ل تحارب افكارها العدائية ال بنفس السلوب وعلى نفس الشبكة ‪،‬ومن‬
‫اراد ان يدلي برأي او لد يه وثي قة او أي اداة او ر سالة اعلم ية فالشب كة ل ت ستطيع ر فض للمشار كة ‪،‬‬
‫انها تنتقد نفسها احيانا وتصفها بمختلف الوصاف المتناقضة ومع هذا تبقى مفتوحة امام الجميع ‪.‬‬
‫فعلى العرب بما لهم من قدرة كتابية واعلمية ان يتفاعلوا اكثر مع الشبكة للحصول على اكبر قدرة من‬
‫الم ساحة والتأث ير على الرأي العام الدولي ‪ ،‬ولن يفيد نا ان نكون م ثل النعا مة نغرق رؤو سنا في الرمال‬
‫بحجة الدفاع عن النفس والخطر ‪ ،‬لن النترنت بعولمته العلمية والسياسية والقتصادية هو فيضان‬
‫معلوماتي ل تقف امامه كل سدود العالم لنها تنتقل بالفضاء والهواء عبر الضوء وشبكة اللياف الدقيقة‬
‫‪ ،‬فهل سنستجيب لهذه الدعوة المفتوحة ال تي تعرض ل نا وعي النسان العالمي مستقبل مرح با بكل ما‬
‫نطرحه من أفكار وسياسات ؟‬

‫‪- 93‬التصال الدولي والعربي ص ‪97‬‬

‫‪61‬‬
‫المصادر والمراجع‬
‫‪ -1‬الثقافة العربية وعصر المعلومات د نبيل علي كتاب المعرفة –الكويت ط ‪2001‬‬
‫‪ -2‬العلم العربي وانهيار السلطات اللغوية –د نسيم الخوري –مركز دراسات الوحدة ‪2005‬‬
‫‪-3‬الديمقراطية الرقمية جمال محمد غيطاس ط ‪ 2006‬نهضة مصر‬
‫دحميد جاعد الدليمي ط ‪ 2006‬دار الشروق عمان‬ ‫‪-4‬علم اجتماع العلم‬
‫‪-5‬التصال الدولي والعربي د ياس خضير البياتي ط ‪ 2006‬عمان‬
‫‪ -6‬التكنولوجيا والعلم والديمقراطية – يحي اليحياوي دار الطليعة بيروت ط ‪2004‬‬
‫‪ -7‬العلم والسياسة د ثروت مكي عالم الكتب ط ‪2005‬‬
‫‪ -8‬المتلعبون بالعقول هربرت شيللر كتاب المعرفة –الكويت ط ‪1986‬‬
‫‪ -9‬ندوة الصحافة اللكترونية في الوطن العربي ‪- 2005‬الشارقة‬
‫‪ -1‬الصحافة اللكترونية –مقاربة اولية – د عبد المير فيصل‬
‫‪ -2‬الصحافة اللكترونية –احادية الشكل وتعدد المضامين‬
‫‪ -3‬الصحافة اللكترونية العربية د اجقو علي‬
‫‪ -4‬التعرض للصحافة اللكترونية د احمد مصطفى علي‬
‫‪ -5‬ثورة التصال واخلقيات الاعلم د سليمان صالح‬
‫حسن رزو‬ ‫‪ -6‬صحافة النترنت في الوطن العربي‬
‫‪ -7‬صيانة المحتوى المعلوماتي محمد السيد محمود ‪-10‬‬
‫‪ -10‬التجارة اللكترونية مواقع على النترنت‬
‫‪-11‬عن النترنت‬
‫‪ -1‬التقدم العلمي في ظل العولمة –د احمد فؤاد باشا‬
‫‪ -2‬كيف نتفاعل مع العولمة د محمد حسن رسمي‬
‫كتاب ما يكل هيل عرض موقع الجزيرة نت‬ ‫‪ -4‬اثر المعلومات في المجتمع‬
‫‪ -5‬في الثورة العلمية والمعلوماتية المعاصرة يحي اليحياوي‬

‫‪62‬‬

You might also like