You are on page 1of 4

‫البترول وأزمة الفول‬

‫ربمييا يبدو أن هناك مفارقيية يحملهييا هذا العنوان‪ ،‬فمييا هييى العلقيية بييين البترول‬
‫والفول‪ ،‬ما العلقة بين السود والخضر‪ ،‬أو ربما يبدو عنوانا ً هزلياً‪ ،‬ومع ذلك أكد أنه‬
‫عنوان فى غاية الدقة والتزان‪.‬‬

‫يقف الناس فى طوابير طويلة لشراء الخبز‪ ،‬لشراء الفول والطعمية‪ ،‬لشراء بنزين‬
‫‪ ،80‬فهل لهذا علقة بذاك‪ ،‬يبدو أنه ثمة علقة‪ ،‬تتساءل إحدى الواقفات فى طابور‬
‫الطعميية وتقول‪ :‬قرص الطعميية وصيل ‪ 50‬قرش دى الحاجية أتجننيت‪ ،‬فيرد عليهيا‬
‫آخير وهيو يسيخر‪ :‬كله مين البترول‪ .‬فتعتقيد أنيه يسيتهزئ بهيا وكادت أن تنشيب بينهيم‬
‫معركية‪ ،‬إل أن أحيد الواقفيين قال فيى صيوت رصيين‪ :‬والله كلميه مظبوط‪ ،‬فزيادة‬
‫أسعار البترول شعللت سعر الفول‪.‬‬
‫فما هى أصل القصة ومظاهر المشكلة والحل لهذه الزمة الدولية والتى سوف نتأثر بها فى مصر بصورة‬
‫أكثير حدة‪ ،‬لننيا ببسياطة دولة تعتميد على اسيتيراد غذائهيا‪ ،‬والمتوقيع عالميا أن تزييد المشكلة تفاقما أى أن‬
‫ال سوأ من يأ تى ب عد‪ ،‬ف هل تش هد منطقت نا العرب ية وم صر بالتحد يد ما يم كن أن نطلق عل يه مجا عة‪ ،‬دعو نا‬
‫نقترب أكثر من السلك الشائكة نتناولها من كافة أبعادها‪.‬‬

‫فما مظاهر الزمة‪ ،‬لقد توقعت منظمات دولية أن يتواصل الرتفاع غير المسبوق في أسعار الغذاء لمدة ‪10‬‬
‫سنوات أخرى‪ ،‬وأن تنال الزمات المترت بة عل يه الدول الغن ية إلى جا نب الدول الفقيرة الك ثر تأثرا‪ ،‬و هو ما‬
‫ينذر بأن تتحول أزمة نقص الغذاء إلى أخ طر أزمة يواجهها البشر في القرن ‪ ،21‬بحسب ما نقلته صحيفة‬
‫"ذي اندنبدنت" البريطانية‪ .‬فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل عام والحبوب بوجه‬
‫خاص ارتفاعا ً غيير مسيبوق وذلك ب عد ارتفاع أ سعار الق مح في ال سوق العال مي بن سبة ‪ %130‬العام‬
‫الماضي‪ ،‬والرز بنسبة ‪ %74‬في نفس الفترة‪ ،‬وهو ما أشعل أزمات غذاء في ‪ 36‬دولة‪.‬‬

‫المر الذى سيضاعف من حجم الكارثة‪ ،‬وقد وتوقع مسئول كبير في البنك الدولي أن تتضاعف أسعار الغذاء‬
‫في ال سنوات الثلث الخيرة سيهوى ب سببه ب ي ‪ 100‬مليون ش خص في أعماق الف قر‪ ،‬و هو ما سيزيد من‬
‫معدلت الفقر في العالم ما بين ‪ %3‬و ‪.%5‬‬

‫وقد شهد العالم في السابيع الخيرة مظاهرات غاضبة وأعمال شغب؛ احتجاجا على ارتفاع تكلفة الحصول‬
‫على المواد الغذائيية السياسية كالقميح والرز والزييت‪ ،‬وذلك فيي الفلبيين والنيجير والسينغال والكاميرون‬

‫‪1‬‬ ‫البترول وأزمة الفول‬


‫وبوركينا فاسو وموريتانيا وساحل العاج ومصر والمغرب وهايتي التي اقتحم فيها متظاهرون جوعى قصر‬
‫الرئاسة غضبا من ارتفاع السعار‪.‬‬

‫فلماذا يحدث كل ذلك فجأة‪ ،‬و هل هناك دوا فع وراء هذه الز مة ؟ الجا بة‪ ،‬ن عم أن ها أز مة البترول العالم ية‪،‬‬
‫التى دفعت كل شئ إلى الجنون‪ ،‬فماذا فعلنا للبترول ليفعل بنا ذلك !!‬

‫الواقع أننا لم نفعل شيء‪ ،‬فالمعروض فى السواق العالمية من البترول أكثر من الطلب ومع ذلك فالسعار‬
‫فى زيادة لدرجة أن وزير النفط اليرانى توقع أن يصل برميل النفط إلى ‪ 200‬دولر للبرميل فى نهاية هذا‬
‫العام‪ ،‬ولكن ما الدافع‪ ،‬الدوافع كثيرة وراء ارتفاع أ سعار البترول أهمها الزمة النووية اليرانية مع أمريكا‬
‫الغرب والخوف من قيام نزاع جديد يؤدى إلى إغلق مضيق هرمز والذى يتم من خلله تصدير بتول الخليج‬
‫وإيران إلى أوربا وأمريكا‪ ،‬وكذلك عد انتظام تصدير البترول العراقى‪ ،‬إل أن أهم السباب هى المضاربات‬
‫على ال سعار فى البور صات العالم ية‪ ،‬وذلك نتي جة هروب الموال الحارة من ال ستثمار فى الدولر نظرا‬
‫لتدهور أسيعاره الراجيع إلى انخفاض معدل نميو القتصياد المريكيى والهروب إلى السيتثمار فيى الخامات‬
‫والمواد الول ية وبخا صة البترول والمواد الغذائ ية‪ ،‬وال سبب ال خر هو تدهور سعر صرف الدولر نف سه‪،‬‬
‫والذى ي تم على أ ساسه تقو يم أ سعار البترول فى دول أوب يك إلى أد نى معدلت له بالن سبة للعملت الخرى‬
‫كاليورو وال ين‪ ،‬م ما حدى بالدول الخليج ية إلى التفك ير فى فك الرتباط بالدولر واتخذت الكو يت قرار فعلى‬
‫بهذا الشأن‪ ،‬إل أن الدول الخليج ية الخرى تراج عت على أن تف عل الش يء نف سه ب عد تحذ ير أمري كى صريح‬
‫بالعقاب‪ ،‬لنه كان سيؤدى حتما إلى تدهور مضاعف فى القتصاد المريكى المترنح‪.‬‬

‫كل هذه العوا مل وغير ها أدت إلى زيادة أ سعار البترول( بر ضه معرفناش زيادة سعر البترول ل يه يأ ثر فى‬
‫سعر الفول !!)‬

‫عانت الدول الصناعية الكبرى من تذبذب أسعار البترول وتأثير تلك السعار على مستويات النمو القتصادى‬
‫بها‪ ،‬وكان عليها إتباع احد خيارين‪ ،‬إما الستسلم لتلك الزمات أو إيجاد حلول بديلة‪ ،‬ولن تلك الدول ليست‬
‫نايمية( أقصيد ناميية) وتسيتخدم التخطييط السيتراتيجى فيى المشكلت التيى تواجههيا‪ ،‬فبدأت على الفور فيى‬
‫محاولة الب حث عن بدائل‪ ،‬ولن ها فى غا ية الجد ية عند ما تتعلق المور بم صالح شعوب ها الحيو ية‪ ،‬ف قد بدأت‬
‫على الفور فيى اتخاذ التدابيير اللزمية للبحيث عين هذه البدائل‪ ،‬ففرضيت ضريبية على البترول المسيتورد‪،‬‬
‫تستخدم عوائد هذه الضريبة فى تطوير بدائل للبترول‪ ،‬فى قمة هذه الزمة لم تفكر فى إلغاء هذه الضريبية‪،‬‬
‫وكا نت البدائل المطرو حة‪ ،‬هى طا قة الهيدروج ين النظي فة الم ستخلص من الماء والطا قة الشم سية وطا قة‬
‫الرياح‪ ،‬ولكن كانت الكارثة الكبرى على فقراء العالم فى استخدام الغذاء أو الحبوب الغذائية فى استخراج ما‬
‫ي سمى بالوقود الحيوى كبد يل عن البترول ل نه أر خص تكل فة وغ ير ملوث للبيئة‪ ،‬وبد يل أخ ضر أف ضل من‬
‫البديل السود‪ ،‬هذا هو الخيط الرفيع بين أزمة البترول وأزمة الغذاء العالمى‪ ،‬فما هو الوقود الحيوى ؟؟‬

‫الوقود الحيوي هو وقود نظ يف يعت مد إنتا جه في ال ساس على تحو يل الحبوب والمحا صيل الزراع ية م ثل‬
‫الذرة وقصب السكر أو في صورة زيوت مثل زيت فول الصويا وزيت النخيل‪ ،‬إلى إيثانول كحولي أو ديزل‬
‫عضوي مما يعني إمكانية استخدامهم في النارة وتسيير السيارات وإدارة المولدات‪ ،‬وهذا حادث فعلً وعلى‬
‫نطاق واسع في دول كثيرة أبرزها أميركا والبرازيل وألمانيا والسويد وكندا والصين والهند‪ ،‬وقد مكن دولة‬
‫نامية مثل البرازيل من الستغناء نهائيا عن استيراد النفط‪.‬‬

‫غير أن ميزة الوقود الحيوي الكبرى التي يؤمل تطويرها والتوسع فيها‪ ،‬أنه يمكن إنتاجه أيضا من المخلفات‬
‫والفضلت الحيوان ية والنبات ية سواء كا نت بقا يا الحيوانات وروث ها أو كا نت من قش الرز ونشارة الخ شب‪،‬‬
‫كما يمكن إنتاجه من الطحالب المائية ومن نباتات أخرى سريعة النمو وغير ذات قيمة غذائية مثل الجاتروفا‬

‫‪2‬‬ ‫البترول وأزمة الفول‬


‫والهوهوبيا‪ .‬وكذلك فمحروقات الوقود الحيوي تتمييز مقارنية بالوقود الحفري ( البترول والفحيم) بانبعاث‬
‫محتوى أقل من ثاني أك سيد الكربون‪ ،‬الم سبب الرئي سي للحتباس الحراري‪ ،‬ومن الرصاص‪ ،‬أحد العناصر‬
‫السيامة والمسيببة للسيرطان والمراض المسيتعصية الخرى‪ ،‬كميا أن غالبيية زيوت الوقود الحيوي‪ ،‬تتحلل‬
‫تدريجيا وبطريقة تلقائية‪ ،‬مما يعني عدم تأثيرها سلبا على جودة البيئة المحيطة‪.‬‬

‫و قد ش هد العالم طفرة حقيق ية في صناعة الوقود الحيوي خلل ال سنوات الماض ية‪ ،‬سواء من ح يث الكميات‬
‫المنت جة أو من ح يث معدلت الن مو المتحق قة‪ ،‬ف في أمير كا و هي أ كبر الدول المنت جة لوقود اليثانول( الوقود‬
‫الحيوى)‪ ،‬قفز النتاج مثلً من ‪ 53‬مليون لتر في عام ‪ ،2003‬إلى ‪ 280‬مليون لتر في عام ‪.2005‬‬

‫وفي البرازيل والسويد وألمانيا أدى تعاظم القدرة النتاجية إلى تحولها إلى دول مصدرة لهذا الوقود‪ ،‬وبشكل‬
‫دعا البعض لقتراح إنشاء تجمع خاص بهذه الدول وكل الدول الخرى المصدرة للوقود الحيوي‪ ،‬في منظمة‬
‫طاقة خاصة على غرار منظمة الوبك النفطية‪.‬‬

‫وعالميا بلغ معدل النمو في صناعة الطاقة من الوقود الحيوي نحو ‪ %15‬سنويا‪ ،‬كما يتوقع أن يزداد الطلب‬
‫العالميي علييه بنسيبة ‪ %30‬خلل الفترة القادمية‪ ،‬وهيي كلهيا مؤشرات هامية للغايية وتوضيح مدى المكانية‬
‫والزدهار التي حققتهما هذه الصناعة‪.‬‬

‫أى أن وقود الغنياء يبتلع غذاء الفقراء‪ ،‬المر الذى سيؤدى إلى زيادة فى أسعار المواد الغذائية بشكل يعص‬
‫تخيله لن يقدر عليه الفقراء‪ ،‬أى أن الفقراء سوف يزدادوا فقرا والغنياء يزدادوا ثراء‪ ،‬فماذا نحن فاعلون ؟‬

‫سوف نجيب عن هذا التساؤل فى العدد القادم ويبقى لنا تعليق" من لم يمتلك غذاءه لن يمتلك حريته"‬

‫لستقبال تعليقاتكم ‪hamam_adel@yahoo.com‬‬

‫بقلم‪ /‬عادل همام‬

‫‪3‬‬ ‫البترول وأزمة الفول‬


‫‪4‬‬ ‫البترول وأزمة الفول‬

You might also like