You are on page 1of 2

‫روح جديد إسمها "مقاومه"‬

‫احمد مفرح*‬
‫(‪)1‬‬
‫( ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه المة فيحييه بالقرآن ‪ ،‬ونور جديد‬
‫يشرق فيبدد ظلم المادة بمعرفة الله ‪ ،‬وصوت داو يعلو مرددا دعوة‬
‫الرسول صلي الله عليه وسلم ‪ .‬ومن الحق الذي ل غلو فيه أن تشعروا‬
‫أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلي عنه الناس ( ‪.‬‬

‫لم يكن أفضل المتفائلين يظن أن دعوة هذا الرجل و كلماته تلك ستكون‬
‫واقعا ملموسا على ارض الواقع ‪ ،‬و كيف ل و هو قد بذل جاهدا أن يجعل‬
‫كلماته في قلوب رجال يمشون على الرض و ليس رجال يصرخون في‬
‫حجر مغلقه‪.‬‬

‫و قف المام البنا يبث تلك الروح الجديدة في قلوب أنصاره و تابعيه بتلك‬
‫الدعوة نبتت شجره المقاومة و ازداد ثباتها و جذورها في العالم السلمي‪،‬‬
‫بتلك الروح الجديدة تشكلت كلمه " كرامه " و عادت كلمه " رجولة " و‬
‫ظهرت كلمه " نخوة " من جديد أتت من جراح البرياء و من شهود‬
‫الشهداء و من وقوف المظلوم أمام الظالم ‪.‬‬

‫(‪)2‬‬
‫و كلمة مقاومة هي الكثر ظهورا وتميزا بين تلك الكلمات‬
‫في القاموس السياسي المعاصر الذي اكتسب قداسة خاصة‬
‫بين البشر عبر تجارب طويلة سواء كانت مؤلمة أو مفرحة‬
‫إلى أن أصبحت مرادفا للشرف النساني ذاته‪.‬‬

‫في كتابه حضارة الهند تساءل "غوستاف لوبون"‪ :‬كيف استطاع‬


‫البريطانيون ببضعة آلف من الجنود أن يستعمروا الهند ذات المليين‬
‫العديدة؟‬
‫وأجاب‪ :‬عند تشريح جمجمة الهندي ل نراها مختلفة عن جمجمة النجليزي‪،‬‬
‫ولكن الفرق هو الرادة‪ :‬الثبات والعزم في قوم‪ ،‬والضعف والستكانة في‬
‫آخرين‪.‬‬

‫إن أمة أو جماعه تشعر نفسها بالضعف فهي ضعيفة‪ ،‬وستظل ضعيفة ما‬
‫دام هذا الشعور ل يفارقها ونستطيع نحن الن أن نقول نفس الكلم أو‬
‫قريبا منه عن امتنا العربية و السلميه في زماننا‪ ،‬إن الزمة الحقيقية هي‬
‫انعدام الوعي بذواتنا‪ ،‬أزمة فقدان الثقة بقدراتنا على الفعل‪ ،‬وأسوأ ما‬
‫يمكن أن يصيب أمه أو جماعه هو فقدان الثقة بنفسها وبإمكانياتها‬
‫وبقدراتها على الفعل والمشاركة اليجابية في صنع الحداث وتجاوز المحن‬
‫والزمات‪.‬‬
‫لقد بلي كثير من المسلمين اليوم بالهزيمة النفسية‪ ،‬التي كان من ثمارها‬
‫الحنظلية العيش مع المجتمعات الخرى بنفسية المغلوب ل بنفسية‬
‫الغالب‪ ،‬فحملها ذلك أن انقادت وراء هذه المجتمعات وسلمت لها خطامها‬
‫وأقرت لها بالتبعية والولء‪.‬‬

‫لقد نكبت المة وذلت‪ ،‬وزلت وضلت‪ ،‬يوم وجهت وجهها نحو الذل و‬
‫الستكانة و فقدان الثبات و العزم يوم وقفت ضد المقاومة و غاصت في‬
‫رمال الستسلم و المهانة و تمسكت بحبال نجاه المريكان و الصهاينة ‪،‬‬
‫فأصبحت تقتات من فتاتهم‪ ،‬وتتمسح بأعتابهم‪ ،‬وتسير في ركابهم ‪.‬‬

‫زين لها ذلك أصحاب الفكر المغلوب‪ ،‬والعقل المقلوب‪ ،‬الذين ما فتئوا‬
‫يصيحون بالمة أن تسلم قيادتها للغرب‪ ،‬وأن تأخذ كل ما عنده من عادات‬
‫وثقافات خيرها وشرها‪ ،‬حلوها ومرها‪ ،‬ما يحمد وما يعاب‪ ،‬زد عليه ذاك‬
‫الجهد الكبار من المتأمركين و ذيول المتصهينين في بلدنا العربية أصحاب‬
‫مشاريع التسوية و السلم في تغريب المجتمعات السلمية‪ ،‬ومسخ هويتها‬
‫وعزلها عن منبع عزها ومكمن فخرها‪ ،‬حتى خرج جيل من المثقفين و‬
‫الكتاب و الحكام بعيد كل البعد عن روح المقاومة و قريب كل القرب‬
‫لروح الستسلم في ثقافته‪ ،‬وشخصيته‪ ،‬وسلوكه‪ ،‬ونمط حياته‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫بالمنطق و الحساب و الرقام ل يمكن لحد أن يتخيل أن تكون هناك نواه‬


‫من قوه لمثل هؤلء القاطنين ذلك الشريط الضيق من المساحة في‬
‫فلسطين المحتلة ضد تلك اللله المتترسه و هذا الحتلل الصهيوني بكل‬
‫ما يملك من ماده و عقل ول يملك اى محلل استراتيجي أو عسكري إل و‬
‫يقول بان ما يحدث في غزه هو تحقيق لمعجزه ‪.‬‬

‫لول مرة تحاول إسرائيل اقتحام أرض فلسطينية وتفشل فكل العتداءات‬
‫السابقة منذ ‪ 48‬وما قبلها كان اليهود يهاجمون ويستولون على المناطق ثم‬
‫تفريغها من الفلسطينيين بالقتل ونزوح من بقي على قيد الحياة ‪ .‬حتى‬
‫عندما كانت الجيوش النظامية مسئولة عن حماية المناطق الفلسطينية ‪،‬‬
‫فلم يسجل التاريخ مطلقا أن شعبا تحت الحتلل كان أقوى من الذي‬
‫يحتله‪ ،‬ولم يسجل التاريخ مطلقا أن خسائر الحتلل كانت يوما أكبر من‬
‫خسائر من يرزح تحت الحتلل‪ ،‬لكن المقاومة دائما تدفع ضريبة التحرر‬
‫والنعتاق دما ودمارا ‪.‬‬

‫هذه هي المقاومة‪ ،‬وما النصر أو الهزيمة إل بمن يثبت ويصمد‪ ،‬ومن‬


‫يحقق أهدافه السياسية في أي حرب يخوضها أو تفرض عليه‪ ،‬وما الدعاء‬
‫بأن الخسائر تعني الهزيمة إل سذاجة وقبح يتعمده من يطلق مثل هذه‬
‫الدعوات التي تظهر علينا من أبواق مأجورة تقبض ثمنا بخسا لعمالتها‬
‫لضرب السافين وتشويه صورة المقاومة وتجريمها وتحميل تبعات‬
‫الموقف برمته للصواريخ الشرعية التي تضرب على الحتلل دفاعا ً عن‬
‫النفس وردا واجبا‪.‬‬
‫باحث و محلل سياسى‬
‫‪10/1/2009‬‬

You might also like