Professional Documents
Culture Documents
تأليف
المام عبد الرحن بن حسن بن شيخ السلم ممد بن عبد الوهاب
رحهم ال تعال
مقدمة الشارح
بسم ال الرحن الرحيم
وبه نستعي وعليه التكلن
المد ل رب العالي ،والعاقبة للمتقي ،ول عدوان إل على الظالي ،كالبتدعة والشركي ،وأشهد أن
ل إله إل ال وحده ول شريهك له ،إله الوليه والخريهن ،وقيوم السهماوات والرضيه .وأشههد أن
ممدا عبده ورسوله ،وخيته من خلقه أجعي.
الل هم صل على م مد وعلى آل م مد وأ صحابه و من تبع هم بإح سان إل يوم الد ين ،و سلم ت سليما
كثيا.
أما بعد:
فإن كتاب التوحيد الذى ألفه المام شيخ السلم ممد بن عبد الوهاب أجزل ال له الجر والثواب،
وغفر له ولن أجاب دعوته إل يوم يقوم الساب ،قد جاء بديعا ف معناه من بيان التوحيد بباهينه،
وجع جل من أدلته ليضاحه وتبيينه .فصار علما للموحدين ،وحجة على اللحدين .فانتفع به اللق
الكث ي ،وال م الغف ي .فإن هذا المام رح ه ال ف مبدأ منشئه قد شرح ال صدره لل حق ال بي ،الذى
بعث ال به الرسلي :من إخلص العبادة بميع أنواعها ل رب العالي ،وإنكار ما كان عليه الكثي من
شرك الشركي ،فأعلى ال هته ،وقوى عزيته ،وتصدى لدعوة أهل ند إل التوحيد ،الذى هو أساس
ال سلم واليان ،ونا هم عن عبادة الشجار والحجار والقبور ،والطواغ يت والوثان ،و عن اليان
بالسحرة والنجمي والكهان.
فأبطل ال بدعوته كل بدعة وضللة يدعو إليها كل شيطان ،وأقام ال به علم الهاد ،وأدحض به شبه
العارضي من أهل الشرك والعناد ،ودان بالسلم أكثر أهل تلك البلد ،الاضر منهم والباد وانتشرت
دعو ته ومؤلفا ته ف الفاق ،ح ت أ قر ال له بالف ضل من كان من أ هل الشقاق .إل من ا ستحوذ عل يه
الشيطان .وكره إل يه اليان ،فأ صر على العناد والطغيان .وقد أ صبح أ هل جزيرة العرب بدعوته ،ك ما
قال قتادة رحه ال عن حال أول هذه المة إن السلمي لا قالوا ( ل إله إل ال) أنكر ذلك الشركون
وكبت عليهم ،وضاق با إبليس ،وجنوده .فأب ال إل أن يضيها ويظهرها ،ويفلجها وينصرها على
من ناوأها ،إنا كلمة من خاصم با فلج ،ومن قاتل با نصر ،إنا يعرفها أهل هذه الزيرة الت يقطعها
الراكب ف ليال قلئل ،ويسي من الدهر ،ف فئام من الناس ،ل يعرفونا ول يقرون با .
وقد شرح ال صدور كثي من العلماء لدعوته ،وسروا واستبشروا بطلعته ،وأثنوا عليه نثرا ونظما.
فمن ذلك ما قاله عال صنعاء :ممد بن إساعيل المي ف هذا الشيخ رحه ال تعال:
يعد لنا الشرع الشريف با يبدى وقد جاءت الخبار عنه بأنه
ومبتدع منه ،فوافق ما عندى وينشر جهرا ما طوى كل جاهل
مشاهد ،ضل الناس فيها عن الرشد ويعمر أركان الشريعة هادما
يغوث وود ،بئس ذلك من ود أعادوا با معن سواع ومثله
كما يهتف الضطر بالصمد الفرد وقد هتفوا عند الشدائد باسها
أهلت لغي ال جهرا على عمد وكم عقروا ف سوحها من عقية
ومستلم الركان منهن باليدى وكم طائف حول القبور مقبل
وقال شيخنا عال الحساء أبو بكر حسي بن غنام رحه ال تعال فيه:
وأ ما كتا به الذكور فموضو عه ف بيان ما ب عث به ال ر سله :من توح يد العبادة ،وبيا نه بالدلة من
الكتاب والسنة ،وذكر ما ينافيه من الشرك الكب أو يناف كماله الواجب ،من الشرك الصغر ونوه،
وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه.
وقد تصدى لشرحه حفيد الصنف ،وهو الشيخ سليمان بن عبد ال رحه ال تعال فوضع عليه شرحا
أجاد فيه وأفاد ،وأبرز فيه من البيان ما يب أن يطلب منه ويراد ،وساه تيسي العزيز الميد ،ف شرح
كتاب التوحيد .
وحيث أطلق شيخ السلم فالراد به أبو العباس أحد بن عبد الليم بن عبد السلم بن تيمية ،و الافظ
فالراد به أحد بن حجر العسقلن.
ولا قرأت شرحه رأيته أطنب ف مواضع ،وف بعضها تكرار يستغن بالبعض منه عن الكل ،ول يكمله.
فأخذت ف تذي به وتقري به وتكميله ،ورب ا أدخلت ف يه ب عض النقول ال ستحسنة تتميما للفائدة و سيته
فتح الجيد بشرح كتاب التوحيد .
ل من سعى
وأسأل ال أن ينفع به كل طالب للعلم ومستفيد ،وأن يعله خالصا لوجهه الكري وموص ً
فيه إل جنات النعيم ،ول حول ول قوة إل بال العلى العظيم.
ابتدأ كتا به بالب سملة اقتداء بالكتاب العز يز وعملً بد يث " كل أ مر ذى بال ل يبدأ ف يه بب سم ال
الرحن الرحيم فهو أقطع" أخرجه ابن حبان من طريقي .قال ابن صلح :والديث حسن .ولب دواد
وابن ماجه " كل أمر ذى بال ل يبدأ فيه بالمد ل أو بالمد فهو أقطع " ولحد " كل أمر ذى بال
ل يفتتح بذكر ال فهو أبتر أو أقطع " وللدارقطن عن أب هريرة مرفوعا " كل أمر ذى بال ل يبدأ فيه
بذكر ال فهو أقطع ".
والصنف قد اقتصر ف بعض نسخه على البسملة ،لنا من أبلغ الثناء والذكر للحديث التقدم .وكان
النب صلى ال عليه وسلم يقتصر عليها ف مراسلته ،كما ف كتابه لرقل عظيم الروم ووقع ل نسخة
ب طه رح ه ال تعال بدأ في ها بالب سملة ،وث ن بال مد وال صلة على ال نب صلى ال عل يه و سلم وآله.
وعلى هذا فالبتداء بالب سملة حقي قى ،وبالمدلة ن سب إضا ف ،أى بالن سبة إل ما ب عد ال مد يكون
مبدوءا به.
والباء ف بسم ال متعلقة بحذوف ،واختار كثي من التأخرين كونه فعلً خاصا متأخرا.
أما كونه فعل ،فلن الصل ف العمل للفعال.
وأما كونه خاصا ،فلن كل مبتدىء بالبسملة ف أمر يضمر ما جعل البسملة مبدأ له.
وأما كونه متأخرا ،فلدللته على الختصاص ،وأدخل ف التعظيم ،وأوفق للوجود ،ولن أهم ما يبدأ به
ذكر ال تعال.
وذكر العلمة ابن القيم رحه ال تعال لذف العامل فوائد ،منها أنه موطن ل ينبغى أن يتقدم فيه غي
ذكر ال .ومنها :أن الفعل إذا حذف صح البتداء بالبسملة ف كل عمل وقول حركة .فكان الذف
أعم .إنتهى ملخصا.
وباء بسم ال للمصاحبة .وقيل :للستعانة .فيكون التقدير :بسم ال أؤلف حال كون مستعينا بذكره،
متبكا به .وأما ظهوره ف " اقرأ باسم ربك " وف " بسم ال مريها " فلن القام يقتضى ذلك كما ل
يفى.
والسم مشتق من السمو وهو العلو .وقيل :من الوسم وهو العلمة ،لن كل ما سى فقد نوه باسه
ووسم.
قوله ( ال ) :قال الك سائي والفراء :أ صله الله ،حذفوا المزة ،وأدغموا اللم ف اللم ،ف صارتا لما
واحدة مشددة مفخمة .قال العلمة ابن القيم رحه ال :الصحيح :أنه مشتق ،وأن أصله الله ،كما هو
قول سيبويه وجهور أصحابه إل من شذ .وهو الامع لعان الساء السن والصفات العلى .والذين
قالوا بالشتقاق إن ا أرادوا أ نه دال على صفة له تعال .و هى الل ية ك سائر أ سائه ال سن ،كالعل يم
والقدير ،والسميع ،والبصي ،ونو ذلك .فإن هذه الساء مشتقة من مصادرها بل ريب ،وهى قدية،
ونن ل نعن بالشتقاق إل أن ا ملقية ل صادرها ف اللفظ والع ن ،ل أنا متولدة منه تولد الفرع من
أ صله .وت سمية النحاة للم صدر والشت قق م نه :أ صلً وفرعا .ل يس معناه أن أحده ا متولد من ال خر.
وإنا هو باعتبار أن أحدها يتضمن الخر وزيادة.
قال أبو جعفر بن جرير ال أصله الله أسقطت المزة الت هى فاء السم .فالتقت اللم الت هى عي
ال سم واللم الزائدة و هى ساكنة فأدغ مت ف الخرى ،ف صارتا ف الل فظ لما واحدة مشددة .وأ ما
تأويلل فإ نه على معن ما روى ل نا عن ع بد ال بن عباس قال :هو الذى يأل ه كل شئ ويعبده كل
خلق و ساق ب سنده عن الضحاك عن ع بد ال بن عباس قال :ال ذو اللوه ية والعبود ية على خل قه
لف أجع ي فإن قال ل نا قائل :و ما دل على أن اللوه ية هى العبادة وأن الله هو العبود ،وأن له أ ص ً
فعل ويفعل ،وذكر بيت رؤية بن العجاج.
يعن من تعبدى وطلب ال بعملى .ول شك أن التأله التفعل ،من أله يأله وأن معن أله إذا نطق به :عبد
ال .وقد جاء منه مصدر يدل على أن العرب قد نطقت منه بفعل يفعل بغي زيادة .وذلك ما حدثنا به
سفيان بن وكيع -وساق السند إل ابن عباس أنه قرأ " ويذرك وآلتك " قال :عبادتك .ويقول :إنه
كان يعبد ول يعبد وساق بسند آخر عن ابن عباس ويذرك وإلهتك .قال :إنا كان فرعون يعبد ول
يعبد وذكر مثله عن ماهد ،ث قال :فقد بي قول ابن عباس وماهد هذا :أن أله عبد وأن اللة مصدره
و ساق حديثا عن أ ب سعيد مرفوعا أن عي سى أ سلمته أ مه إل الكتاب ليعل مه .فقال له العلم :اك تب
بسم ال .فقال عيسى :أتدرى ما ال ؟ ال إله اللة .
قال العل مة ا بن الق يم رح ه ال :لذا ال سم الث سريف ع شر خ صائص لفظ ية و ساقها .ث قال :وأ ما
خصائصه العنوية فقد قال أعلم اللق صلى ال عليه وسلم " :ل أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت
على نفسك " وكيف نصى خصائص اسم لسماه كل كمال على الطلق ،وكل مدح وحد ،وكل
ثناء وكل مد ،وكل جلل وكل كمال ،وكل عز وكل جال ،وكل خي وإحسان ،وجود وفضل وبر
فله ومنه ،فما ذكر هذا السم ف قليل إل كثره ،ول عند خوف إل أزاله ،ول عند كرب إل كشفه،
ول عند هم وغم إل فرجه ،ول عند ضيق إل وسعه ،ول تعلق به ضعيف إل أفاده القوة ،ول ذليل إل
أناله العز ،ول فقي إل أصاره غنيا ،ول مستوحشا إل آنسه ،ول مغلوب إل أيده ونصره ،ول مضطر
إل ك شف ضره ،ول شر يد إل آواه .ف هو ال سم الذى تك شف به الكربات ،وت ستنل به البكات،
وتاب به الدعوات ،وتقال به العثرات ،وتستدفع به ال سيئات ،وتستجلب به ال سنات .و هو السم
الذى قامت به الرض والسماوات ،وبه أنزلت الكتب ،وبه أرسلت الرسل ،وبه شرعت الشرائع .وبه
قا مت الدود ،و به شرع الهاد ،و به انق سمت اللي قة إل ال سعداء والشقياء ،و به ح قت الا قة.
ووقعت الواقعة .وبه وضعت الوازين القسط ونصب الصراط ،وقام سوق النة والنار .وبه عبد رب
العال ي وح د ،وب قه بع ثت الر سل ،وع نه ال سؤال ف ال قب ويوم الب عث والنشور و به ال صام وإل يه
الحاكمة ،وفيه الوالة والعاداة ،وبه سعد من عرفه وقام بقه ،وبه شقى من جهله وترك حقه ،فهو
سر اللق وال مر .و به قا ما وثب تا ،وإل يه انته يا ،فاللق به وإل يه ولجله .ف ما و جد خلق ول أ مر ول
ثواب ول عقاب إل مبتدئا منهه ومنتهيا إليهه ،وذلك موجبهه ومقتضاه " :ربنها مها خلقهت هذا باطلً
سبحانك فقنا عذاب النار " إل آخر كلمه رحه ال.
قوله (الرحن الرحيم) :قال ابن جرير :حدثن السري بن يي حدثنا عثمان بن زفر سعت العزرمى
يقول :الرحن بميع اللق ،والرحيم بالؤمني .وساق بسنده عن أب سعيد -يعن الدرى " -قال:
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :إن عيسى ابن مري قال :الرحن :رحن الخرة والدنيا .والرحيم:
رحيم الخرة".
قال ا بن الق يم رح ه ال تعال :فا سه ال دل على كو نه مألوها معبودا .يأل ه اللئق :م بة وتعظيما
وخضوعا ،ومفزعا إليه ف الوائج والنوائب .وذلك مستلزم لكمال ربوبيته ورحته ،التضمني لكمال
اللك والمد ،وإليته وربوبيته ورحانيته وملكه ،مستلزم لميع صفات كماله .إذ يستحيل ثبوت ذلك
ل ن ل يس ب ى ،ول سيع ،ول ب صي ،ول قادر ،ول متكلم ،ولفعال ل ا ير يد ،ول حك يم ف أقواله
وأفعاله .فصهفات اللل والمال أخهص باسهم ال ،وصهفات الفعهل والقدرة والتفرد بالضهر والنفهع
(العطاء وال نع ونفوذ الشيئة وكمال القوة وتدبر أ مر اللي قة :أ خص با سم الرب) ،و صفات الح سان
والود والب والنان والنة والرأفة والعطف أخص باسم الرحن.
وقال رح ه ال أيضا :الرح ن دال على ال صفة القائ مة به سبحانه والرح يم دال على تعلق ها بالرحوم.
واذا أردت ف هم هذا فتأ مل قوله تعال" :وكان بالؤمن ي رحيما " " :إ نه ب م رؤوف رح يم" ول ي يء
قط رحان بم.
وقال :إن أساء الرب تعال هي أساء ونعوت ،فإنا دالة على صفات كماله .فل تناف فيها بي العلمية
والوصفية ،فالرحن اسه تعال ووصفه ،فمن حيث هو صفة جرى تابعا لسم ال ،ومن حيث هو اسم
ورد فه القرآن غيه تابهع ،بهل ورد السهم العلم ،كقوله تعال "الرحنه على العرش اسهتوى " انتههى
ملخصا.
ومعناه الثناء بالكلم على الميهل الختياري على وجهه التعظيهم ،فمورده :اللسهان والقلب ،والشكهر
يكون باللسان والنان والركان ،فهو أعم من المد متعلقا ،وأخص منه سببا ،لنه يكون ف مقابلة
النعمة ،والمد أعم سببا وأخص متعلقا،لنه يكون ف مقابلة النعمة وغيها .فبينهما عموم وخصوص
وجهى ،يتمعان ف مادة وينفرد كل واحد عن الخر ف مادة.
قال الصنف رحه ال( :وصلى ال على ممد وعلى آله وسلم) :
قلت :و قد يراد با الدعاء ،كما ف السند عن على مرفوعا " اللئكة تصلى على أحدكم ما دام ف
مصله :اللهم اغفر له اللهم ارحه ".
أى أتباعه على دينه ،نص عليه المام أحد هنا .وعليه أكثر الصحاب .وعلى هذا فيشمل الصحابة
وغيهم من الؤمني.
كتاب :مصدر كتب يكتب كتابا وكتابة وكتبا ،ومدار الادة على المع .ومنه :تكتب بنو فلن ،إذا
اجتمعوا .والكتي بة لما عة ال يل ،والكتا بة بالقلم لجتماع الكلمات والروف .و سى الكتاب كتابا:
لمعه ما وضع له.
والتوح يد نوعان :توح يد ف العر فة والثبات .و هو توح يد الربوب ية وال ساء وال صفات .وتوح يد ف
الطلب والقصد .وهو توحيد اللية والعبادة.
قال العلمة ابن القيم رح ه ال :وأما التوحيد الذى دعت إليه الرسل ونزلت به الكتب فهو نوعان:
توحيد ف العرفة والثبات ،وتوحيد ف الطلب والقصد.
فالول هو :إثبات حقيقة ذات الرب تعال وصفاته وأفعاله وأسائه وتكلمه بكتبه وتكليمه لن شاء من
عباده ،وإثبات عموم قضائه وقدره وحكمته ،وقد أفصح القرآن عن هذا النوع جد الفصاح ،كما ف
أول سهورة الديهد ،وسهورة طهه ،وآخهر الشهر ،وأول تنيهل السهجدة ،وأول آل عمران ،وسهورة
الخلص بكمالا ،وغي ذلك.
النوع الثا ن :ما تضمن ته سورة " قل يا أي ها الكافرون " وقوله تعال " :قل يا أ هل الكتاب تعالوا إل
كلمة سواء بيننا وبينكم أن ل نعبد إل ال ول نشرك به شيئا ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال
فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنها مسهلمون " وأول سهورة تنيهل الكتاب وآخرهها .وأول سهورة الؤمهن:
ووسطها وآخرها ،وأول سورة العراف وآخرها .وجلة سورة النعام ،وغالب سور القرآن .بل كل
سورة ف القرآن فهي متضمنة لنوعى التوحيد ،شاهدة به داعية إليه.
فإن القران إما خب عن ال وأسائه وصفاته وأفعاله وأقواله ،فهو التوحيد العلمى البى وإما دعوة إل
عبادته وحده ل شريك له وخلع ما يعبد من دونه ،فهو التوحيد الرادي الطلب .وإما أمر ونى ،وإلزام
بطاعته وأمره ونيه ،فهو حقوق التوحيد ومكملته وإما خب عن إكرام أهل التوحيد وما فعل به ف
الدنيا وما يكرمهم به ف الخرة ،فهو جزاء توحيده ،وإما خب عن أهل الشرك وما فعل بم ف الدنيا
من النكال وما يل بم ف العقب من العذاب .فهو جزاء من خرج عن حكم التوحيد .فالقرآن كله ف
التوحيد ،وحقوقه وجزائه ،وف شأن الشرك وأهله وجزائهم .انتهى.
قال شيخ السلم :التوحيد الذى جاءت به الرسل إنا يتضمن إثبات اللية ل وحده بأن يشهد أن ل
إله إل ال :ل يعبهد إل إياه ،ول يتوكهل إل عليهه ،ول يوال إل له ،ول يعادى إل فيهه ،ول يعمهل إل
لجله .وذلك يتضمن إثبات ما أثبته لنفسه من الساء والصفات .قال تعال" :وإلكم إله واحد ل إله
إل هو الرحن الرحيم" قال تعال " :وقال ال ل تتخذوا إلي اثني إنا هو إله واحد فإياي فارهبون "
وقال تعال" :و من يدع مع ال إل ا آ خر ل برهان له به فإن ا ح سابه ع ند ر به إ نه ل يفلح الكافرون"
وقال تعال" :واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحن آلة يعبدون" وأخب عن
كل نب من النبياء أنم دعوا الناس إل عبادة ال وحده ل شريك له .وقال " :قد كانت لكم أسوة
حسنة ف إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم وما تعبدون من دون ال كفرنا بكم وبدا
بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حت تؤمنوا بال وحده " وقال عن الشركي " ،:إنم كانوا إذا قيل
لم ل إله إل ال يستكبون * ويقولون أإنا لتاركوا آلتنا لشاعر منون " وهذا ف القرآن كثي.
وليس الراد بالتوحيد :مرد توحيد الربوبية .وهو اعتقاد أن ال وحده خلق العال ،كما يظن ذلك من
يظ نه من أ هل الكلم والت صوف .وي ظن هؤلء أن م إذا أثبتوا ذلك بالدل يل ف قد أثبتوا غا ية التوح يد.
وأنم إذا شهدوا هذا وفنوا فيه فقد فنوا ف غاية التوحيد فإن الرجل لو أقر با يستحقه الرب تعال من
الصفات ونزهه عن كل ما ينه عنه .وأقر بأنه وحده خالق كل شئ ،ل يكن موحدا حت يشهد بأن
ل إله إل ال وحده .في قر بأن ال وحده هو الله ال ستحق للعبادة .ويلتزم بعبادة ال وحده ل شر يك
له .و الله هو الألوه العبود الذى يستحق العبادة .وليس هو الله بعن القادر على الختراع .فإذا فسر
الفسر الله بعن القادر على الختراع واعتقد أن هذا العن هو أخص وصف الله .وجعل إثبات هذا
هو الغاية ف التوحيد -كما يفعل ذلك من يفعله من متكلمة الصفاتية .وهو الذى يقولونه عن أب
السن وأتباعه ل يعرفوا حقيقة التوحيد الذى بعث ال به رسوله صلى ال عليه وسلم .فإن مشركى
العرب كانوا مقر ين بأن ال وحده خالق كل شئ .وكانوا مع هذا مشرك ي .قال تعال" :و ما يؤ من
أكثرههم بال إل وههم مشركون" قالت طائفهة مهن السهلف تسهألم :مهن خلق السهموات والرض ؟
فيقولون :ال و هم مع هذا يعبدون غيه قال تعال " - :قل ل ن الرض و من في ها إن كن تم تعلمون *
سيقولون ل قل أفل تذكرون * قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون ل قل
أفل تتقون * قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يي ول يار عليه إن كنتم تعلمون * سيقولون ل
قل فأ ن ت سحرون " فل يس كل من أ قر بأن ال تعال رب كل شئ وخال قه يكون عابدا له ،دون ما
سواه .داع يا له دون ما سواه راجيا له خائفا م نه دون ما سواه .يوال ف يه ويعادى ف يه .ويط يع رسله
ويأمر با أمر به .وينهى عما نى عنه .وعامة الشركي أقروا بأن ال خالق كل شئ .وأثبتوا الشفعاء
الذ ين يشركون م به وجعلوا له أندادا .قال تعال " ، :أم اتذوا من دون ال شفعاء قل أو لو كانوا ل
يلكون شيئا ول يعقلون * قل ل الشفاعة جيعا له ملك السماوات والرض " وقال تعال " :ويعبدون
من دون ال ما ل يضر هم ول ينفع هم ويقولون هؤلء شفعاؤ نا ع ند ال قل أتنبئون ال ب ا ل يعلم ف
ال سماوات ول ف الرض سبحانه وتعال ع ما يشركون " وقال تعال" :ول قد جئتمو نا فرادى ك ما
خلقنا كم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنم
فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون" وقال تعال" :ومن الناس من يتخذ من
دون ال أندادا يبون م ك حب ال" ولذا كان أتباع هؤلء من ي سجد للش مس والق مر والكوا كب
ويدعوها .ويصوم وينسك لا ويتقرأ إليها .ث يقول :إن هذا ليس بشرك .إنا الشرك إذا اعتقدت أنا
الدبرة ل .فإذا جعلتها سببا وواسطة ل أكن مشركا .ومن العلوم بالضطرار من دين السلم أن هذا
شرك .انتهى كلمه رحه ال تعال.
قال الصنف رحه ال تعال ( :وقول ال تعال" :وما خلقت الن والنس إل ليعبدون") :
قال شيخ السلم :العبادة هى طاعة ال بامتثال ما أمر ال به على ألسنة الرسل.
وقال أيضا :العبادة اسم جامع لكل ما يبه ال ويرضاه من القوال والعمال الظاهرة والباطنة.
قال ابن القيم :ومدارها على خس عشرة قاعدة .من كملها كمل مراتب العبودية.
وبيان ذلك :أن العبادة منقسمة على القلب واللسان والوارح .والحكام الت للعبودية خسة :واجب
ومستحب وحرام ومكروه ومباح .وهن لكل واحد من القلب واللسان والوارح.
وقال القرطهب :أصهل العبادة التذلل والضوع .وسهيت وظائف الشرع على الكلفيه عبادات .لنمه
يلتزمونا ويفعلونا خاضعي متذللي ل تعال.
ومعن الية :أن ال تعال أخب أنه ما خلق الن والنس إل لعبادته .فهذا هو الكمة ف خلقهم.
قال العماد ابن كثي :وعبادته هى طاعته بفعل الأمور وترك الحظور .وذلك هو حقيقة دين السلم.
لن معن السلم :الستسلم ل تعال ،التضمن غاية النقياد والذل والضوع .انتهى.
وقال أيضا ف تفسي هذه الية :ومعن الية أن ال خلق اللق ليعبدوه وحده ل شريك له .فمن أطاعه
جازاه أت الزاء .ومن عصاه عذبه أشد العذاب .وأخب أنه غي متاج إليهم .بل هم الفقراء ف جيع
أحوالم وهو خالقهم ورازقهم .وقال علي بن أب طالب رضى ال عنه ف الية إل لمرهم أن يعبدون
وأدعوهم إل عبادتى وقال ماهد :إل لمرهم وأناهم اختاره الزجاج وشيخ السلم .قال :ويدل على
هذا قوله " :أيسب النسان أن يترك سدى" قال الشافعى :ل يؤمر ول ينهى وقال ف القرآن ف غي
مو ضع "اعبدوا رب كم" "اتقوا رب كم" ف قد أمر هم ب ا خلقوا له .وأر سل الر سل بذلك .وهذا العن هو
الذى قصد بالية قطعا ،وهو الذى يفهمه جاهي السلمي ويتجون بالية عليه.
قال وهذه الية تشبه قوله تعال" :وما أرسلنا من رسول إل ليطاع بإذن ال" ث قد يطاع وقد يعصى.
وكذلك ما خلقهم إل لعبادته .ث قد يعبدون وقد ل يعبدون .وهو سبحانه ل ي قل :إنه ف عل الول.
وهو خلقهم ليفعل بم كلهم .الثان :وهو عبادته ولكن ذكر أنه فعل الول ليفعلوا هم الثان .فيكونوا
هم الفاعلي له .فيحصل لم بفعله سعادتم ويصل ما يبه ويرضاه منه ولم .انتهى.
فمنها ما أخرجه مسلم ف صحيحه عن أنس بن مالك رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم
قال" :يقول ال تعال لهون أهل النار عذابا :لو كانت لك الدنيا وما فيها ومثلها معها أكنت مفتديا
با ؟ فيقول :نعم .فيقول :قد أردت منك أهون من هذا وأنت ف صلب آدم .أن ل تشرك -أحسبه
قال :ول أدخلك النار -فأبيت إل الشرك" فهذا الشرك قد خالف ما أراده ال تعال منه :من توحيده
وأن ل يشرك به شيئا .فخالف ما أراده ال منه فأشرك به غيه .وهذه هى الرادة الشرعية الدينية كما
تقدم.
فبي الرادة الشرعية الدينية والرادة الكونية القدرية عموم وخصوص مطلق.
يتمعان ف حق الخلص الطيع .وتنفرد الرادة الكونية القدرية ف حق العاصى .فافهم ذلك تنج من
جهالت أرباب الكلم وتابعيهم.
قال الصسنف رحهس ال تعال( :وقوله " :ولقسد بعثنسا فس كسل أمسة رسسول أن اعبدوا ال واجتنبوا
الطاغوت ") :
الطاغوت :مشتهق مهن الطغيان ،وههو ماوزة الده .قال عمهر بهن الطاب رضهى ال عنهه :الطاغوت
الشيطان .وقال جابر رضى ال عنه الطاغوت كهان كانت تنل عليهم الشياطي رواها ابن أب حات.
وقال مالك :الطاغوت كل ما عبد من دون ال.
قلت :وذلك الذكور ب عض أفراده ،و قد حده العل مة ا بن الق يم حدا جامعا فقال الطاغوت كل ما
تاوز به الع بد حده :من معبود أو متبوع أو مطاع .فطاغوت كل قوم :من يتحاكمون إل يه غ ي ال
ور سوله ،أو يعبدو نه من دون ال أو يتبعو نه على غ ي ب صية من ال أو يطيعو نه في ما ل يعلمون أ نه
طا عة ل .فهذه طواغ يت العال .إذا تأملت ها وتأملت أحوال الناس مع ها .رأ يت أكثره هم أعرض عن
عبادة ال تعال إل عبادة الطاغوت و عن طا عة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم إل طا عة الطاغوت
ومتابعته.
وأ ما مع ن ال ية :فأ خب تعال أ نه ب عث ف كل طائ فة من الناس ر سولً بذه الكل مة "أن اعبدوا ال
واجتنبوا الطاغوت" أي اعبدوا ال وحده واتركوا عبادة مها سهواه ،كمها قال تعال" :فمهن يكفهر
بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لا" وهذا معن ل إله إل ال فإنا هي
العروة الوثقى.
قال العماد ا بن كث ي ف هذه ال ية :كل هم -أى الر سل -يد عو إل عبادة ال ،وين هى عن عبادة ما
سواه ،فلم يزل سبحانه يرسل إل الناس الرسل بذلك منذ حدث الشرك ف بن آدم ف قوم نوح الذين
أر سل إلي هم ،وكان أول ر سول بع ثه ال تعال إل أ هل الرض إل أن ختم هم بح مد صلى ال عل يه
وسلم ،الذى طبق دعوته النس والن ف الشارق والغارب ،وكلهم كما قال ال تعال" :وما أرسلنا
من قبلك من رسول إل نوحي إليه أنه ل إله إل أنا فاعبدون" وقال تعال ف هذه الية الكرية " :ولقد
بعثنا ف كل أمة رسول أن اعبدوا ال واجتنبوا الطاغوت " فكيف يسوغ لحد من الشركي بعد هذا
أن يقول " :لو شاء ال ما عبد نا من دو نه من ش يء " ،فمشيئة ال تعال الشرع ية عن هم منف ية ،ل نه
ناههم عن ذلك على ألسن رسله ،وأما مشيئته الكونية -وهى تكينهم من ذلك قدرا -فل حجة
لم فيها ،لنه تعال خلق النار وأهلها من الشياطي والكفرة ،وهو ل يرضى لعبادة الكفر ،وله ف ذلك
الجة البالغة والكمة القاطعة ،ث إنه تعال قد أخب أنه أنكر عليهم بالعقوبة ف الدنيا بعد إنذار الرسل،
فلهذا قال" :فمنهم من هدى ال ومنهم من حقت عليه الضللة" انتهى.
قلت :وهذه ال ية تف سي ال ية ال ت قبل ها .وذلك قوله" :فمن هم من هدى ال ومن هم من ح قت عل يه
الضللة" فتدبر.
ودلت هذه ال ية على أن الك مة ف ار سال الر سل ،دعوت م أم هم إل عبادة ال وحده ،والن هي عن
عبادة ما سواه ،وأن هذا هو دين النبياء والرسلي ،وإن اختلفت شريعتهم كما قال تعال "لكل جعلنا
منكم شرعة ومنهاجا" وأنه ل بد ف اليان من عمل القلب والوارح.
قال الصنف رحه ال تعال( :قوله تعال " :وقضى ربك أن ل تعبدوا إل إياه وبالوالدين إحسانا "):
قال ماهد قضى يعن وصى ،وكذا قرأ أب بن كعب وابن مسعود وغيهم ولبن جرير عن ابن عباس
وقضى ربك يعن أمر.
وقوله تعال " :أن ل تعبدوا إل إياه " العن ،أن تعبدوه وحده دون ما سواه ،وهذا معن ل إله إل ال.
قال ا بن الق يم رح ه ال تعال ،والن في ال حض ل يس توحيدا ،وكذلك الثبات بدون الن في ،فل يكون
التوحيد إل متضمنا للنفي والثبات ،وهذا هو حقيقة التوحيد.
وقوله ":وبالوالد ين إح سانا "أي وق ضى أن ت سنوا بالوالد ين إح سانا ،ك ما ق ضى بعباد ته وحده ل
شريك له .كما قال تعال ف الية الخرى " :أن اشكر ل ولوالديك إل الصي"
وقوله" :إما يبلغن عندك الكب أحدها أو كلها فل تقل لما أف ول تنهرها" أى أل تسمعهما قولً
سيئا ،حت ول التأفيف الذي هو أدن مراتب القول السيء "ول تنهرها" أي :ل يصدر منك إليهما
فعل قبيح ،كما قال عطاء بن أب رباح ل تنفض يديك عليهما.
ول ا ناه عن الف عل القب يح والقول القب يح أمره بالف عل ال سن والقول ال سن فقال" :و قل ل ما قو ًل
كريا" أي لينا طيبا بأدب وتوقي وقوله "واخفض لما جناح الذل من الرح ة" أى تواضع لما "و قل
رب ارحه ما" أي ف كبه ا وع ند وفات ما " ك ما ربيا ن صغيا " و قد ورد ف بر الوالد ين أحاد يث
كثية ،منها :الديث الروي من طرق عن أنس وغيه "أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا صعد
ال نب قال :آم ي ،آم ي ،آم ي ،فقالوا يا ر سول ال ،على ما أم نت ؟ قال أتا ن جب يل فقال :يا م مد
رغم أنف امرىء ذكرت عنده فلم يصل عليك قل :آمي ،فقلت :آمي ث قال :رغم أنف امرىء دخل
عليه شهر رمضان ث خرج ول يغفر له ،قل آمي :فقلت آمي ،ث قال :رغم أنف امرىء أدرك أبويه أو
أحدها فلم يدخله النة قل :آمي ،فقلت آمي" وروى المام أحد من حديث أب هريرة رضي ال
عنه عن النب صلى ال عليه وسلم "رغم أنف ،ث رغم أنف ،ث رغم أنف رجل أدرك والديه ،أحدها
أو كلها ل يدخل النة " قال العماد ابن كثي :صحيح من هذا الوجه عن أب بكرة رضى ال عنه
قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " :أل أنبئ كم بأ كب الكبائر قل نا :بلى يا ر سول ال ،قال:
الشراك بال ،وعقوق الوالديهن .وكان متكئا فجلس ،فقال أل وقول الزور ،أل وشهادة الزور ،فمها
زال يكررها حت قلنا :ليته سكت" رواه البخارى ومسلم .وعن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما
قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :رضى الرب ف رضى الوالدين ،وسخطه ف سخط الوالدين
" ،عن أ سيد الساعدى رضى ال ع نه قال" :بينا نن جلوس عند النب صلى ال عل يه و سلم إذ جاءه
رجل من بن سلمة فقال :يا رسول ال ،هل بقى من بر أبوي شئ أبرها به بعد موتما ؟ فقال :نعم،
ال صلة عليه ما وال ستغفار ل ما ،وإنفاذ عهده ا من بعده ا ،و صلة الر حم ال ت ل تو صل إل ب ما،
وإكرام صديقهما " رواه أبو داود وابن ماجة .والحاديث ف هذا العن كثية جدا.
قال العماد ا بن كث ي رح ه ال ف هذه ال ية :يأ مر ال تعال عباده بعباد ته وحده ل شر يك له ،فإ نه
الالق الرازق التف ضل على خل قه ف ج يع الالت ،و هو ال ستحق من هم أن يوحدوه ول يشركوا به
شيئا من ملوقاته .انتهى.
وهذه الية هى الت تسمى آية القوق العشرة ،وف بعض النسخ العتمدة من نسخ هذا الكتاب تقدي
هذه الية على آية النعام ،ولذا قدمتها لناسبة كلم ابن مسعود الت لية النعام ،ليكون ذكره بعدها
أنسب.
قال الصنف رحه ال تعال( :وقوله تعال " :قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن ل تشركوا به
شيئا وبالوالدين إحسانا " اليات) :
قال العماد ابهن كثيه رحهه ال :يقول تعال لنهبيه ورسهوله ممهد صهلى ال عليهه وسهلم (قهل) لؤلء
الشرك ي الذ ين عبدوا غ ي ال ،وحرموا ما رزق هم ال (تعالوا) أي هلموا وأقبلوا (أ تل) أ قص علي كم
(ماحرم رب كم علي كم) حقا ،ل تر صا ول ظنا ،بل وحيا م نه وأمرا من عنده (أل تشركوا به شيئا)
وكأن ف الكلم مذوفا دل عليه السياق تقديره :وصاكم أل تشركوا به شيئا ،ولذا قال ف آخر الية
(ذلكم وصاكم به) ا هه.
قلت :فيكون العن :حرم عليكم ما وصاكم بتركه من الشراك به ،وف الغن لبن هشام ف قوله تعال
" أن ل تشركوا به شيئا " سبعة أقوال ،أحسنها :هذا الذى ذكره ابن كثي ،ويليه :بي لكم ذلك لئل
تشركوا ،فحذ فت الملة من أحده ا ،و هى (و صاكم) وحرف ال ر و ما قبله من الخرى .ولذا إذا
سئلوا ع ما يقول ل م ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قالوا :يقول اعبدوا ال ول تشركوا به شيئا،
واتركوا ما يقول آباؤكم كما قال أبو سفيان ،لرقل وهذا هو الذى فهمه أبو سفيان وغيه من قول
رسول ال صلى ال عليه وسلم لم قولوا ل اله إل ال تفلحوا.
وقوله تعال" :وبالوالد ين إح سانا" قال القر طب :الح سان إل الوالد ين بره ا وحفظه ما و صيانتهما
وامتثال أمرها ،وإزالة الرق عنهما ،وترك السلطنة عليهما ،و(إحسانا) نصب على الصدرية ،وناصبه
فعل من لفظه تقديره :وأحسنوا بالوالدين إحسانا.
وقوله "ول تقتلوا أولدكم من إملق نن نرزقكم وإياهم" إلملق :الفقر ،أى ل تئدوا بناتكم خشية
العيلة والفقر ،فإن رازقكم وإياهم ،وكان منهم من يفعل ذلك بالذكور خشية الفقر ،ذكره القرطب.
وف الصحيحي "عن ابن مسعود رضى ال عنه (قلت :يا رسول ال ،أى الذنب أعظم عند ال ؟ قال:
أن تعل ل ندا وهو خلقك .قلت :ث أى ؟ قال :أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك .قلت :ث أي ؟
قال :أن تزان بليلة جارك .ث تل رسول ال صلى ال عليه وسلم " - :والذين ل يدعون مع ال إلا
آخهر ول يقتلون النفهس الته حرم ال إل بالقه ول يزنون ومهن يفعهل ذلك يلق أثامها * يضاعهف له
العذاب يوم القيامة ويلد فيه مهانا * إل من تاب وآمن وعمل عمل صالا فأولئك يبدل ال سيئاتم
حسنات وكان ال غفورا رحيما " ".
وقوله" :ول تقربوا الفواحهش مها ظههر منهها ومها بطهن" قال ابهن عطيهة :نيه عام عهن جيهع أنواع
الفواحش ،وهى العاصى.
وقوله " :ول تقتلوا الن فس ال ت حرم ال إل بال ق " ف ال صحيحي " :عن ا بن عباس ر ضى ال ع نه
مرفوعا :ل يله دم امرىء مسهلم يشههد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال إل بإحدى ثلث:
الثيب الزان ،والنفس بالنفس ،والتارك لدينه الفارق للجماعة".
وقوله" :ذل كم و صاكم به لعل كم تعقلون" قال ا بن عط ية( :ذل كم) إشارة إل هذه الحرمات والو صية
المر الؤكد القرر .وقوله (لعلكم تعقلون) (لعل) للتعليل أى إن ال تعال وصانا بذه الوصايا لنعقلها
ع نه ونعمل ب ا ،وف تف سي ال طبى الن فى :ذ كر أو ل (تعقلون) ف (تذكرون) ث (تتقون) لنم إذا
عقلوا تذكروا وخافوا واتقوا.
وقوله " :ول تقربوا مال اليتيم إل بالت هي أحسن حت يبلغ أشده " قال ابن عطية :هذا نى عام عن
القرب الذى ي عم وجوه الت صرف وف يه سد الذري عة ،ث ا ستثن ما ي سن و هو ال سعى ف نائه ،قال
ما هد :الت هي أح سن ،إشارة ف يه ،وف قوله( :حت يبلغ أشده) قال مالك وغيه :هو الرشد وزوال
السفه مع البلوغ ،روى نو هذا عن زيد بن أسلم والشعب وربيعة وغيهم.
وقوله" :وأوفوا الكيل واليزان بالقسط " قال ابن كثي :يأمر تعال بإقامة العدل ف الخذ والعطاء " ل
نكلف نف سا إل و سعها " أي من اجتهاد بأداء ال ق وأخذه ،فإن أخ طأ ب عد ا ستفراغ الو سع وبذل
جهده فل حرج عليه.
وقوله" :وإذا قل تم فاعدلوا ولو كان ذا قر ب" هذا أ مر بالعدل ف القول والف عل على القر يب والبع يد.
قال النفي :العدل ف القول ف حق الول والعدو ل يتغي ف الرضى والغضب بل يكون على الق وإن
كان ذا قر ب فل ي يل إل ال بيب والقر يب " :ول يرمن كم شنآن قوم على أن ل تعدلوا اعدلوا هو
أقرب للتقوى ".
وقوله "وبع هد ال أوفوا" قال ا بن جر ير :وبو صية ال تعال ال ت و صاكم ب ا فأوفوا .وإيفاء ذلك بأن
يطيعوه با أمرهم به وناهم عنه .وأن يعملوا بكتابه وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ذلك هو الوفاء
بعهد ال .وكذا قال غيه ،وقوله "ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون" تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه.
وقوله" :وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله" قال القرطب :هذه
آ ية عظي مة عطف ها على ما تقدم .فإ نه ن ي وأ مر وحذر عن اتباع غ ي سبيله على ما بين ته الحاد يث
الصحيحة وأقاويل السلف .و (أن) ف موضع نصب .أي أتلو أن هذا صراطي ،عن الفراء و الكسائي.
ويوز أن يكون خفضا .أي وصهاكم بهه وبأن هذا صهراطي .قال :والصهراط الطريهق الذي ههو ديهن
ال سلم( .م ستقيما) ن صب على الال ومعناه م ستويا قيما ل اعوجاج ف يه .فأ مر باتباع طري قه الذي
طرقه على لسان ممد صلى ال عليه وسلم وشرعه ونايته النة وتشعبت منه طرق ،فمن سلك الادة
نا ،ومن خرج إل تلك الطرق أفضت به إل النار .قال ال تعال" :ول تتبعوا السبل فتفرق بكم عن
سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" أي ييل .انتهى.
وروى المام أح د والن سائي و الدار مي و ا بن أ ب حا ت و الا كم -و صححه " -عن ا بن م سعود
رضي ال عنه قال :خط رسول ال صلى ال عليه وسلم خطا بيده ،ث قال هذا سبيل ال مستقيما ،ث
خط خطوطا عن ي ي ذلك ال ط و عن شاله ث قال :وهذه سبل ل يس من ها سبيل إل وعل يه شيطان
يد عو إل يه ،ث قرأ "وأن هذا صراطي م ستقيما فاتبعوه ول تتبعوا ال سبل " ال ية " .و عن ما هد :ول
تتبعوا السبل ،قال :البدع والشهوات.
قال ابن الق يم رح ه ال :ولنذ كر ف الصراط الستقيم قولً وجيزا فإن الناس قد تنو عت عبارات م عنه
ل لم إليه ول بسب صفاته ومتعلقاته ،وحقيقته شئ واحد ،وهو طريق ال الذي نصبه لعباده موص ً
طريق إليه سواه ،بل الطرق كلها مسدودة على اللق إل طريقه الذي نصبه على ألسن رسله ،وجعله
ل لعبادة ال وهو إفراده بالعبادات ،وإفراد رسله بالطاعة ،فل يشرك به أحدا ف عبادته ول يشركموص ً
بر سوله صلى ال عل يه و سلم أحدا ف طاع ته .فيجرد التوح يد ،ويرد متاب عة الر سول صلى ال عل يه
و سلم ،وهذا كله مضمون شهادة أن ل إله إل ال ،وأن ممدا ر سول ال فأي شئ ف سر به ال صراط
الستقيم فهو داخل ف هذين الصلي .ونكتة ذلك ،أن تبه بقلبك وترضيه بهدك كله ،فل يكون ف
قلبك موضع إل معمورا ببه ،ول يكون لك إرادة متعلقة برضاته .فالول يصل بتحقيق شهادة أن ل
إله إل ال ،والثان يصل بتحقيق شهادة أن ممدا رسول ال .وهذا هو الدى ودين الق ،وهو معرفة
ال ق والعمل به ،و هو معرفة ما بعث ال به رسوله والقيام به ،وقل ما شئت من العبارات الت هذا
آخيتها وقطب رحاها .قال :وقال سهل بن عبد ال :عليكم بالثر والسنة ،فإن أخاف ،إنه سيأت عن
قل يل زمان إذا ذ كر إن سان ال نب صلى ال عل يه و سلم والقتداء به ف ج يع أحواله ذموه ونفروا ع نه
وتبأوا منه ،وأذلوه وأهانوه .ا هه.
قال ال صنف رح ه ال تعال( :قال ا بن م سعود :من أراد أن ين ظر إل و صية م مد صلى ال عل يه
و سلم ال ت علي ها خات ه فليقرأ " :قل تعالوا أ تل ما حرم رب كم علي كم " -إل قوله " -وأن هذا
صراطي مستقيما فاتبعوه " الية) :
قوله :ابن مسعود هو عبد ال بن مسعود بن غافل -بعجمة وفاء -ابن حبيب الذل أبو عبد الرحن،
صهحاب جليهل مهن السهابقي الوليه ،وأههل بدر وأحهد والندق وبيعهة الرضوان مهن كبار علماء
الصحابة ،أمر عمر على الكوفة ،ومات سنة اثنتي وثلثي رضى ال عنه.
وهذا الثر رواه الترمذي وحسنه ،وابن النذر وابن أب حات والطبان بنحوه .وقال بعضهم :معناه من
أراد أن ينظر إل الوصية الت كأنا كتب وختم عليها فلم تغي ول تبدل فليقرأ( :قل تعالوا -إل آخر
اليات) شبهها بالكتاب الذى كتب ث ختم فلم يزد فيه ول ينقص .فإن النب صلى ال عليه وسلم ل
يوص إل بكتاب ال ،كما قال فيما رواه مسلم" :وإن تارك فيكم ما إن تسكتم به لن تضلوا :كتاب
ال" وقد روى عبادة بن الصامت قال" :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :أيكم يبايعن على هؤلء
اليات الثلث ؟ ث تل قوله تعال" :قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم" حت فرغ من الثلث اليات.
ث قال من وف بن فأجره على ال ،ومن انتقص من هن شيئا فأدركه ال به ف الدنيا كانت عقوب ته،
ومن أخره إل الخرة كان أمره إل ال إن شاء آخذه وإن شاء عفا عنه " رواه ابن أب حات و الاكم
وصححه و ممد بن نصر ف العتصام.
قلت :ولن النب صلى ال عليه وسلم ل يوص أمته إل با وصاهم ال تعال به على لسانه .وف كتابه
الذى أنزله " :تبيانها لكهل شيهء وهدى ورحةه وبشرى للمسهلمي " وهذه اليات وصهية ال تعال
ووصية رسوله صلى ال عليه وسلم.
قال الصنف رحه ال تعال( :وعن معاذ بن جبل قال :كنت رديف النب صلى ال عليه وسلم على
حار فقال ل :يا معاذ أتدري ما حق ال على العباد ،وما حق العباد على ال ؟ .قلت :ال ورسوله
أعلم .قال :حسق ال على العباد أن يعبدوه ول يشركوا بسه شيئا وحسق العباد على ال أن ل يعذب
من ل يشرك به شيئا ،قلت :يا رسول ال أفل أبشر الناس ؟ قال :ل تبشرهم فيتكلوا " .أخرجاه
ف الصحيحي) :
وقال ف النها ية أ نه يتقدم العلماء برتوة أي برم ية سهم .وق يل :ب يل ،وق يل :مد الب صر .وهذه الثل ثة
أشبه بعن الديث .مات معاذ سنة ثان عشرة بالشام ف طاعون عمواس .وقد استخلفه صلى ال عليه
وسلم على أهل مكة يوم الفتح يعلمهم دينهم.
قوله( :كنت رديف النب صلى ال عليه وسلم) فيه جواز الرداف على الدابة ،وفضيلة معاذ رضى ال
عنه.
قوله( :على حار) ف رواية اسه عفي ،قلت :أهداه إليه القوقس صاحب مصر.
وفيه :تواضعه صلى ال عليه وسلم لركوب المار والرادف عليه ،خلفا لا عليه أهل الكب.
قوله( :أتدرى ما حق ال على العباد) أخرج السؤال بصيغة الستفهام ليكون أوقع ف النفس وأبلغ ف
فهم التعلم وحق ال على العباد وهو ما يستحقه عليهم وحق العباد على ال معناه أنه متحقق ل مالة،
لنه وعدهم ذلك جزاء لم على توحيده " :وعد ال ل يلف ال وعده".
قال شيخ السلم :كون الطيع يستحق الزاء هو استحقاق إنعام وفضل ،ليس هو استحقاق مقابلة،
ك ما ي ستحق الخلوق على الخلوق ،ف من الناس من يقول :ل مع ن لل ستحقاق ،إل أ نه أ خب بذلك
ووعده صدق ،ولكن أكثر الناس يثبتون استحقاقا زائدا على هذا ،كما دل عل يه الكتاب والسنة قال
تعال " :وكان حقا علي نا ن صر الؤمن ي" ل كن أ هل ال سنة يقولون :هو الذي ك تب على نف سه الرح ة
وأوجهب على نفسهه القه ،ول يوجبهه عليهه ملوق ،والعتزلة يدعون أنهه واجهب عليهه بالقياس على
الخلوق وأن العباد هم الذ ين أطاعوه بدون أن يعل هم مطيع ي له ،وأن م ي ستحقون الزاء بدون أن
يكون هو الو جب ،وغلطوا ف ذلك ،وهذا الباب غل طت ف يه الب ية والقدر ية أتباع ج هم والقدر ية
النافية.
قوله (قلت ال ورسوله أعلم) فيه حسن الدب من التعلم ،وأنه ينبغي لن سئل عما ل يعلم أن يقول
ذلك ،بلف أكثر التكلفي.
قوله( :أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا) أي يوحدوه بالعبادة .ول قد أحسن العل مة ابن القيم رح ه ال
حيث عرف العبادة بتعريف جامع فقال:
قوله( :ول يشركوا به شيئا) أى يوحدوه بالعبادة ،فلبد من التجرد من الشرك ف العبادة ،ومن ل
يتجرد من الشرك ل يكن آتيا بعبادة ال وحده ،بل هو مشرك قد جعل ل ندا .وهذا معن قول
الصنف رحه ال( :وفيه أن العبادة هى التوحيد ،لن الصومة فيه ،وف بعض الثار اللية :إن والن
والنس ف نبأ عظيم ،أخلق ويعبد غيى ،وأرزق ويشكر سواى ،خيي إن العباد نازل ،وشرهم إل
صاعد ،أتبب إليهم بالنعم ،ويتبغضون إل بالعاصى).
قوله( :وحق العباد على ال أل يعذب من ل يشرك به شيئا) قال الافظ :اقتصر على نفي الشراك لنه
يستدعي التوحيد بالقتضاء ،ويستدعى إثبات الرسالة باللزوم ،إذ من كذب رسول ال صلى ال عليه
وسلم ف قد كذب ال ،ومن كذب ال فهو مشرك وهو مثل قول القائل :ومن توضأ صحت صلته،
أى مع سائر الشروط .ا هه.
قوله( :أفل أبشهر الناس) فيهه اسهتحباب بشارة السهلم باه يسهره ،وفيهه مها كان عليهه الصهحابة مهن
الستبشار بثل هذا .قال الصنف رحه ال.
قوله (ل تبشر هم فيتكلوا) أى يعتمدوا على ذلك فيتركوا التنا فس ف العمال .و ف روا ية :فأ خب ب ا
معاذ عند موته تأثا أى ترجا من الث .قال الوزير أبو الظفر :ل يكن يكتمها إل عن جاهل يمله
جهله على سهوء الدب بترك الدمهة فه الطاعهة ،فأمها الكياس الذيهن إذا سهعوا بثهل هذا زادوا فه
الطاعة ،ورأوا أن زيادة النعم تستدعى زيادة الطاعة ،فل وجه لكتمانا عنهم.
و ف الباب من الفوائد غ ي ما تقدم ،ال ث على إخلص العبادة ل وأن ا ل تن فع مع الشرك ،بل ل
تسهمى عبادة .والتنهبيه على عظمهة حهق الوالديهن .وتريه عقوقهمها .والتنهبيه على عظمهة اليات
الحكمات ف سورة النعام .وجواز كتمان العلم للمصلحة.
قوله( :أخرجاه) أى البخارى ومسلم .و البخارى رحه ال هو المام ممد ابن إساعيل بن إبراهيم بن
بردزبهه العفهي مولههم،الافهظ الكهبي صهاحب الصهحيح والتاريهخ والدب الفرد وغيه ذلك مهن
مصنفاته .روى عن المام أحد بن حنبل والميدى وابن الدين وطبقتهم .وروى عنه مسلم والنسائي
والترمذي والفربرى رواى الصحيح .ولد سنة أربع وتسعي ومائة ومات سنة ست وخسي ومائتي.
ومسلم رحه ال هو ابن حجاج بن مسلم أبو السي القشيى النيسابورى صاحب الصحيح والعلل
والوجدان وغي ذلك روى عن أحد بن حنبل ويي بن معي وأب خيثمة وابن أب شيبة وطبقتهم.
وروى عن البخاري .وروى عنهالترمذي وإبراه يم بن م مد بن سفيان راوى ال صحيح وغيه ا .ولد
سنة أربع ومائتي .ومات سنة إحدى وستي ومائتي بنيسابور رحهما ال.
باب
بيان فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب
باب خب مبتدأ مذوف تقديره هذا (قلت) ويوز أن يكون مبتدأ خبه مذوف تقديره هذا .و ما يوز
أن تكون موصولة والعائد مذوف ،أي وبيان الذي يكفره من الذنوب ،ويوز أن تكون مصدرية ،أي
وتكفيه الذنوب ،وهذا الثان أظهر.
قوله( :وقول ال تعال" :الذين آمنوا ول يلبسوا إيانم بظلم أولئك لم المن وهم مهتدون") :
قال ابن جرير :حدثن الثن -وساق بسنده -عن الربيع ابن أنس قال :اليان الخلص ل وحده.
وقال ابن كثي ف الية :أى هؤلء الذين أخلصوا العبادة ل وحده ول يشركوا به شيئا هم المنون يوم
القيامة ،الهتدون ف الدنيا والخرة .وقال زيد بن أسلم وابن إسحاق :هذا من ال على فصل القضاء
بي إبراهيم وقومه.
و عن ا بن م سعود( :ل ا نزلت هذه ال ية قالوا :فأي نا ل يظلم نف سه ؟ فقال ر سول ال صلى ال عل يه
وسلم :ليس بذلكم ،أل تسمعوا إل قول لقمان" :إن الشرك لظلم عظيم" ).
وساقه البخارى بسنده فقال "حدثنا عمر بن حفص بن غياث حدثنا أب حدثنا العمش حدثن إبراهيم
عن علق مة عن ع بد ال ر ضي ال ع نه قال :ل ا نزلت" :الذ ين آمنوا ول يلب سوا إيان م بظلم" قل نا :يا
رسول ال ،أينا ل يظلم نفسه ؟ قال :ليس كما تقولون ،ل يلبسوا إيانم بظلم ،بشرك .أو ل تسمعوا
إل قول لقمان لبنه " :يا بن ل تشرك بال إن الشرك لظلم عظيم " ".
ولح د بنحوه عن "ع بد ال قال ( :ل ا نزلت "الذ ين آمنوا ول يلب سوا إيان م بظلم" شق ذلك على
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا يا رسول ال :فأينا ل يظلم نفسه ؟ قال :إنه ليس الذى
تعنون .أل تسمعوا ما قال العبد الصال " :يا بن ل تشرك بال إن الشرك لظلم عظيم " إنا هو الشرك)
" .وعن عمر أنه فسره بالذنب .فيكون العن :المن من كل عذاب .وقال السن والكلب :أولئك لم
المن ،ف الخرة ،وهم مهتدون ف الدنيا.
قال شيخ السلم :والذى شق عليهم أنم ظنوا أن الظال الشروط عدمه هو ظلم العبد نفسه ،وأنه ل
أمن ول اهتداء إل لن ل يظلم نفسه ،فبي لم النب صلى ال عليه وسلم ما دلم على أن الشرك ظلم
ف كتاب ال ،فل ي صل ال من وإلهتداء إل ل ن يل بس إيا نه بذا الظلم ،فإن من ل يل بس إيا نه بذا
الظلم كان من أهل المن والهتداء ،كما كان من أهل الصطفاء ف قوله" :ث أورثنا الكتاب الذين
اصطفينا من عبادنا فمنهم ظال لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق باليات بإذن ال ذلك هو الفضل
الكبي" وهذا ل ينفى أن يؤاخذ أحدهم بظلمه لنفسه بذنب إذا ل يتب كما قال تعال " ، :فمن يعمل
مثقال ذرة خيا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقد " سأل أبو بكر الصديق رضى ال عنه النب
صلى ال عليه وسلم فقال :يا رسول ال ،أينا ل يعمل سوءا ؟ فقال :يا أبا بكر ألست تنصب ؟ ألست
تزن ؟ أليهس يصهيبك اللواء ؟ فذلك ما تزون به" فهبي أن الؤمهن إذا مات دخهل ال نة قهد يزى
بسيئاته ف الدنيا بالصائب .فمن سلم من أجناس الظلم الثلثة :الشرك ،وظلم العباد .وظلمه لنفسه با
دون الشرك .كان له المن التام والهتداء التام .ومن ل يسلم من ظلمه لنفسه كان له المن والهتداء
الطلق .بع ن أ نه ل بد أن يد خل ال نة ك ما و عد بذلك ف ال ية الخرى :و قد هداه ال إل ال صراط
الستقيم الذى تكون عاقب ته ف يه إل ال نة .ويصل له من نقص المن والهتداء بسب ما نقص من
إيانه بظلمه لنفسه وليس مراد النب صلى ال عليه وسلم بقوله إنا هو الشرك أن من ل يشرك الشرك
الكب يكون له المن التام والهتداء التام .فإن أحاديثه الكثية مع نصوص القرآن تبي أن أهل الكبائر
معرضون للخوف ،ل ي صل ل م ال من التام والهتداء التام اللذ ين يكونون ب ما مهتد ين إل ال صراط
ال ستقيم ،صراط الذ ين أن عم ال علي هم ،من غ ي عذاب ي صل ل م .بل مع هم أ صل الهتداء إل هذا
الصراط ،ومعهم أصل نعمة ال عليهم ولبد لم من دخول النة .وقوله إنا هو الشرك إن أراد الكب،
فمقصوده أن من ل يكن من أهله فهو آمن ما وعد به الشركون من عذاب الدنيا والخرة .وإن كان
مراده جنس الشرك .يقال ظلم العبد نفسه،كبخله لب الال ببعض الواجب -هو شرك أصغر .وحبه
مها يبغضهه ال تعال حته يقدم هواه على مبهة ال الشرك أصهغر ونوه ذلك .فهذا فاتهه مهن المهن
والهتداء بسبه .ولذا كان السلف يدخلون الذنوب ف هذا الشرك بذا العتبار ملخصا.
وقال ابن القيم رح ه ال :قوله" :الذ ين آمنوا ول يلبسوا إيانم بظلم أولئك ل م المن وهم مهتدون"
قال الصهحابة :وأينها يها رسهول ال ل يلبهس إيانهه بظلم ؟ قال :ذلك الشرك .أل تسهمعوا قول العبهد
الصال "إن الشرك لظلم عظيم" لا أشكل عليهم الراد بالظلم فظنوا أن ظلم النفس داخل فيه.
وأن من ظلم نفسه أى ظلم كان ل يكن آمنا ول مهتديا .أجابم صلوات ال وسلمه عليه بأن الظلم
الرا فع لل من والدا ية على الطلق هو الشرك .وهذا وال هو الواب ،الذى يش في العل يل ويروي
الغل يل .فإن الظلم الطلق التام هو الشرك .الذى هو و ضع العبادة ف غ ي موضع ها .وال من والدى
الطلق :ها المن ف الدنيا والخرة.
والدى إل ال صراط الستقيم .فالظلم الطلق التام رافع لل من والهتداء الطلق التام .ول ينع أن يكون
الظلم مانعا من مطلق المن ومطلق الدى .فتأمله .فالطلق للمطلق ،والصة للحصة ا ه ملخصا.
وقوله"( :عن عبادة بن الصامت رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :من شهد
أن ل إله إل ال وحده ل شريسك له ،وأن ممدا عبده ورسسوله ،وأن عيسسى عبسد ال ورسسوله
وكلمتسه ألقاهسا إل مريس وروح منسه .والنسة حسق ،أدخله ال النسة على مسا كان مسن العمسل ".
أخرجاه):
عبادة بن ال صامت بن ق يس الن صارى الزر جى ،أ بو الول يد ،أ حد النقباء بدرى مشهور مات بالرملة
سنة أربع وثلثي وله اثنتان وسبعون سنة ،وقيل :عاش إل خلفة معاوية رضى ال عنه.
قوله (من شهد أن ل إله إل ال) أى من تكلم با عارفا لعناها ،عاملً بقتضاها ،باطنا وظاهرا ،فلبد
ف الشهادتي من العلم واليقي والعمل بدلولا ،كما قال ال تعال" :فاعلم أنه ل إله إل ال" وقوله :
"إل من شهد بالق وهم يعلمون" أما النطق با من غي معرفة لعناها ول يقي ول عمل با تقتضيه:
من الباءة من الشرك ،وإخلص القول والع مل :قول القلب والل سان وع مل القلب والوارح -فغ ي
نافع بالجاع.
قال القرطب ف الفهم على صحيح مسلم :باب ل يكفى مرد التلفظ بالشهادتي بل لبد من استيقان
القلب -هذه الترج ة ت نبيه على ف ساد مذ هب غلة الرجئة ،القائل ي بأن التل فظ بالشهادت ي كاف ف
اليان .وأحاد يث هذا الباب تدل على ف ساده .بل هو مذ هب معلوم الف ساد من الشري عة ل ن و قف
عليها .ولنه يلزم منه تسويغ النفاق ،والكم للمنافق باليان الصحيح .وهو باطل قطعا ا هه.
وف هذا الديث ما يدل على هذا .وهو قوله :من شهد فإن الشهادة ل تصح إل إذا كانت عن علم
ويقي وإخلص وصدق.
قال النووي :هذا حد يث عظ يم جل يل الو قع ،و هو أج ع -أو من أج ع -الحاد يث الشتملة على
العقائد .فإنه صلى ال عليه وسلم جع فيه ما يرج من ملل الكفر على اختلف عقائدههم وتباعدها.
فاقتصر صلى ال عليه وسلم ف هذه الحرف على ما يباين جيعهم ا هه.
ومع ن ل إله إل ال ل معبود ب ق إل ال .و هو ف غ ي مو ضع من القرآن ،ويأت يك ف قول البقا عى
صريا قوله (وحده) تأكيد للثبات (ل شريك له) تأكيد للنفى .قال الافظ :كما قال تعال" :وإلكم
إله واحد ل إله إل هو الرحن الرحيم" وقال " :وما أرسلنا من قبلك من رسول إل نوحي إليه أنه ل
إله إل أنا فاعبدون " وقال" :وإل عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا ال ما لكم من إله غيه" فأجابوه
ردا عليه بقولم " :أجئتنا لنعبد ال وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا " وقال تعال " :ذلك بأن ال هو
الق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن ال هو العلي الكبي ".
فتضمن ذلك نفى اللية عما سوى ال ،وهي العبادة .وإثباتا ل وحده ل شريك له ،والقرآن من أوله
إل آخره يبي هذا ويقرره ويرشد إليه.
فالعبادة بم يع أنواع ها إن ا ت صدر عن تأله القلب بال ب والضوع والتذلل رغبا ورهبا ،وهذا كله ل
يستحقه إل ال تعال ،كما تقدم ف أدلة هذا الباب وما قبله .فمن صرف من ذلك شيئا لغي ال فقد
جعله ل ندا ،فل ينفعه مع ذلك قول ول عمل.
قد تقدم كلم ابن عباس ،وقال الوزير أبو الظفر ف الفصاح :قوله :شهادة أن ل إله إل ال يقتضى أن
يكون الشاهد عالا بأ نه ل إله إل ال ،كما قال تعال" :فاعلم أنه ل إله إل ال" قال :واسم (ال) بعد
(إل) من ح يث أ نه الوا جب له الل ية ،فل ي ستحقها غيه سبحانه .قال :وجلة الفائدة ف ذلك :أن
تعلم أن هذه الكلمة مشتملة على الكفر بالطاغوت واليان بال ،فإنك لا نفيت اللية وأثبت الياب
ل سبحانه كنت من كفر بالطاغوت وآمن بال.
وقال ابن القيم ف البدائع ردا لقول من قال :إن الستثن مرج من الستثن منه .قال ابن القيم :بل هو
ل ف ال ستثن ،إذ لو كان كذلك ل يد خل الر جل ف مرج من ال ستثن م نه وحك مه ،فل يكون داخ ً
ال سلم بقوله :ل إله إل ال ل نه ل يث بت الل ية ل تعال .وهذه أع ظم كل مة تضم نت بالو ضع ن فى
اللية عما سوى ال وإثباتا له بوصف الختصاص .فدللتها على إثبات إليته أعظم من دللة قولنا:
(ال إله) ول يستريب أحد ف هذا البتة .انتهى بعناه.
وقال أ بو ع بد ال القر طب ف تف سيه (ل إله إل ال) أى ل معبود إل هو .وقال الزمشرى :الله من
أساء الجناس .كالرجل والفرس ،يقع على كل معبود بق أو باطل ،ث غلب على العبود بق.
وقال ش يخ ال سلم :الله هو العبود الطاع ،فإن الله هو الألوه ،والألوه هو الذى ي ستحق أن يع بد.
وكونه يستحق أن يعبد هو با اتصف به من الصفات الت تستلزم أن يكون هو الحبوب غاية الب،
الخضوع له غا ية الضوع ،قال :فإن الله هو الحبوب العبود الذى تأل ه القلوب بب ها ،وت ضع له
وتذل له ،وتا فه وترجوه ،وتن يب إل يه ف شدائد ها ،وتدعوه ف مهمات ا ،وتتو كل عل يه ف م صالها،
وتل جأ إل يه وتطمئن بذكره ،وت سكن إل ح به ،ول يس ذلك إل ل وحده ،ولذا كا نت (ل إله إل ال)
أ صدق الكلم ،وكان أهل ها أ هل ال وحز به ،والنكرون ل ا أعداءه وأ هل غض به ونقم ته ،فإذا صحت
صح با كل مسألة وحال وذوق ،وإذا ل يصححها العبد فالفساد لزم له ف علومه وأعماله.
وقال ا بن الق يم( :الله) هو الذى تأل ه القلوب م بة وإجللً وإنا بة ،وإكراما وتعظيما وذلً وخضوعا
وخوفا ورجاء وتوكلً.
وقال ا بن ر جب( :الله) هو الذى يطاع فل يع صى ،هي بة له وإجللً ،وم بة وخوفا ورجاء ،وتوك ً
ل
عليه ،وسؤا ًل منه ودعاء له ،ول يصلح هذا كله إل ال عز وجل ،فمن أشرك ملوقا ف شئ من هذه
المور الت هي من خصائص اللية كان ذلك قدحا ف إخلصه ف قول (ل إله إل ال) وكان فيه من
عبودية الخلوق بسب مافيه من ذلك.
وقال البقا عي :ل إله إل ال ،أى انتفاء عظيما أن يكون معبود ب ق غ ي اللك الع ظم ،فإن هذا العلم
هو أعظم الذكرى النجية من أهوال الساعة ،وإنا يكون علما إذا كان نافعا ،وإنا يكون نافعا إذا كان
مع الذعان والعمل با تقتضيه ،وإل فهو جهل صرف.
وقال الطيهب( :الله) فعال بعنه مفعول ،كالكتاب بعنه الكتوب ،مهن أله إلةه أى عبهد عبادة .قال
الشارح :وهذا كثي ف كلم العلماء وإجاع منهم.
فدلت (ل إله إل ال) على ن في الل ية عن كل ما سوى ال تعال كائنا ما كان ،وإثبات الل ية ل
وحده دون كل ما سواه ،و هذا هو التوح يد الذى د عت إل يه الر سل ودل عل يه القرآن من أوله إل
آخره ،كما قال تعال عن الن " :قل أوحي إل أنه استمع نفر من الن فقالوا إنا سعنا قرآنا عجبا *
يهدي إل الر شد فآم نا به ولن نشرك برب نا أحدا " فل إله إل ال ل تن فع إل من عرف مدلول ا نفيا
وإثباتا ،واعتقد ذلك وقبله وعمل به .وأما من قال ا من غ ي علم واعتقاد وعمل ،فقد تقدم ف كلم
العلماء أن هذا جهل صرف ،فهى حجة عليه بل ريب.
فقوله ف الد يث وحده ل شر يك له تأك يد وبيان لضمون معنا ها .و قد أو ضح ال ذلك وبي نه ف
قصص النبياء والرسلي ف كتابه البي ،فما أجهل عباد القبور بالم ! وما أعظم ما وقعوا فيه من
الشرك النا ف لكل مة الخلص ل إله إل ال ! فإن مشر كي العرب ونو هم جحدوا ل إله إل ال لفظا
ومع ن .وهؤلء الشركون أقروا ب ا لفظا وجحدو ها مع ن ،فت جد أحد هم يقول ا و هو يأله غ ي ال
بأنواع العبادة ،كالب والتعظيم ،والوف والرجاء والتوكل والدعاء ،وغي ذلك من أنواع العبادة .بل
زاد شركههم على شرك العرب براتهب ،فإن أحدههم إذا وقهع فه شدة أخلص الدعاء لغيه ال تعال،
ويعتقدون أنه أسرع فرجا من ال ،بلف حال الشركي الولي ،فإنم يشركون ف الرخاء ،وأما ف
الشدائد فإن ا يل صون ل وحده ،ك ما قال تعال " :فإذا ركبوا ف الفلك دعوا ال مل صي له الد ين
فل ما نا هم إل الب إذا هم يشركون " ال ية .فبهذا ي تبي أن مشر كي أ هل هذه الزمان أج هل بال
وبتوحيده من مشركي العرب ومن قبلهم.
وقوله( :وأن ممدا عبده ورسهوله) أي وشههد بذلك ،وههو معطوف على مها قبله على نيهة تكرار
العا مل ،ومع ن الع بد ه نا الملوك العا بد ،أي أ نه ملوك ل تعال .والعبود ية الا صة و صفه ،ك ما قال
تعال" :أليس ال بكاف عبده" فأعلى مراتب العبد العبودية الاصة والرسالة فالنب صلى ال عليه وسلم
أكمل اللق ف هاتي الصفتي الشريفتي .وأما الربوبية واللية فهما حق ال تعال ،ل يشركه ف شئ
منه ما ملك مقرب ول نب مر سل .وقوله :عبده ور سوله أ تى بات ي ال صفتي وجعه ما دفعا للفراط
والتفريط ،فإن كثيا من يدعى أنه من أمته أفرط بالغلو قولً وعملً ،وفرط بترك متابعته ،واعتمد على
الراء الخالفة ل ا جاء به ،وتعسف ف تأو يل أخباره وأحكا مه ،ب صرفها عن مدلول ا وال صدوف عن
النقياد لا مع إطراحها فإن شهادة أن ممدا رسول ال تقتضى اليان به وتصديقه فيما أخب ،وطاعته
فيما أمر ،والنتهاء عما عنه نى وزجر ،وأن يعظم أمره ونيه ،ول يقدم عليه قول أحد كائنا من كان.
والواقع اليوم وقبله -من يتنسب إل العلم من القضاة والفتي -خلف ذلك ،وال الستعان .وروى
الدارمى ف مسنده عن "عبد ال بن سلم رضى ال عنه أنه كان يقول :إنا لنجد صفة رسول ال صلى
ال عليهه وسهلم :إنها أرسهلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للمييه ،أنهت عبدي ورسهول ،سهيته
التوكل ،ليس بفظ ول غليظ ،ول صخاب بالسواق ،ول يزى بالسيئة مثلها ،ولكن يعفو ويتجاوز،
ولن أقبضه حت يقيم اللة التعوجة بأن يشهد أن ل إله إل ال ،يفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا
غلفا " قال عطاء بن يسار :وأخبن أبو واقد الليثى أنه سع كعبا يقول مثل ما قال ابن سلم.
قوله( :وأن عيسى عبد ال ورسوله) أى خلفا لا يعتقده النصارى أنه ال أو ابن ال ،أو ثالث ثلثة.
تعال ال ع ما يقولون علوا كبيا " :ما ات ذ ال من ولد و ما كان م عه من إله" فل بد أن يش هد أن
عيسى عبد ال ورسوله على علم ويقي بأنه ملوك ل ،خلقه من أنثى بل ذكر ،كما قال تعال" :إن
مثل عيسى عند ال كمثل آدم خلقه من تراب ث قال له كن فيكون" فليس ربا ول إلا .سبحان ال
عما يشركون .قال تعال " - :فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان ف الهد صبيا * قال إن عبد
ال آتان الكتاب وجعلن نبيا * وجعلن مباركا أين ما كنت وأوصان بالصلة والزكاة ما دمت حيا *
وبرا بوالد ت ول يعل ن جبارا شق يا * وال سلم علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أب عث ح يا * ذلك
عيسى ابن مري قول الق الذي فيه يترون * ما كان ل أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنا
يقول له كن فيكون * وإن ال رب وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم " وقال" :لن يستنكف السيح
أن يكون عبدا ل ول اللئ كة القربون و من ي ستنكف عن عباد ته وي ستكب ف سيحشرهم إل يه جيعا "
ويش هد الؤ من أيضا ببطلن قول أعدائه اليهود :أ نه ولد ب غى ،لعن هم ال تعال .فل ي صح إ سلم أ حد
علم ما كانوا يقولونه حت يبأ من قول الطائفتي جيعا ف عيسى عليه السلم ،ويعتقد ما قاله ال تعال
فيه :أنه عبد ال ورسوله.
قوله( :وكلم ته) إن ا سى عي سى عل يه ال سلم كل مة لوجوده بقوله تعال :كن ك ما قاله ال سلف من
الف سرين .قال المام أح د ف الرد على الهم ية بالكل مة ال ت ألقا ها إل مر ي ح ي قال له كن فكان
عي سى ب كن ول يس عي سى هو كن ول كن ب كن كان .ف كن من ال تعال قول ،ول يس كن ملوقا،
وكذب النصارى والهمية على ال ف أمر عيسى انتهى.
قوله( :ألقاها إل مري) قال ابن كثي :خلقه بالكلمة الت أرسل با جبيل إل مري فنفخ فيها من روحه
بأ مر ر به عز و جل :فكان عي سى بإذن ال عز و جل ،ف هو ناشىء عن الكل مة ال ت قال له كن فكان
والروح الت أرسل با :هو جبيل عليه السلم.
وقوله( :وروح م نه) قال أ ب بن ك عب :عي سى روح من الرواح ال ت خلق ها ال تعال وا ستنطقها
بقوله" :ألست بربكم قالوا بلى" بعثه ال إل مري فدخل فيها رواه عبد بن حيد وعبد ال بن أحد ف
زوائد السند ،وابن جرير وابن أب حات وغيهم .قال الافظ :ووصفه بأنه منه ،فالعن أنه كائن منه،
كما ف قوله تعال " :وسخر لكم ما ف السماوات وما ف الرض جيعا منه " فالعن أنه كائن منه،
ك ما أن مع ن ال ية الخرى أ نه سخر هذه الشياء كائ نة م نه أي أ نه مكون ذلك وموجده بقدر ته
وحكمته.
قال ش يخ السلم :الضاف إل ال تعال إذا كان معن ل يقوم بنفسه ول بغيه من الخلوقات وجب
أن يكون صفة ل تعال قائ مة به ،وامت نع أن تكون إضاف ته إضا فة ملوق مربوب .وإذا كان الضاف
عينا قائمة بنفسها كعيسى وجبيل عليهما السلم وأرواح بن آدم امتنع أن تكون صفة ل تعال ،لن
ما قام بنفسه ل يكون صفة لغيه.
لكن العيان الضافة إل ال تعال على وجهي:
أحده ا :أن تضاف إل يه لكو نه خلق ها وأبدع ها ،فهذا شا مل لم يع الخلوقات ،كقول م :ساء ال،
وأرض ال .فجميع الخلوقي عبيد ال ،وجيع الال مال ال.
الوجه الثان :أن يضاف إليه لا خصه به من معن يبه ويأمر به ويرضاه ،كما خص البيت العتيق بعبادة
فيه ل تكون ف غيه .وكما يقال ف مال المس والفىء :هو مال ال ورسوله .ومن هذا الوجه :فعباد
ال هم الذ ين عبدوه وأطاعوا أمره .فهذه إضا فة تتض من ألوهي ته وشر عه ودي نه ،وتلك إضا فة تتض من
ربوبيته وخلقه .ا .ه ملخصا.
قوله( :والنة حق والنار حق) أى وشهد أن النة الت أخب با ال تعال ف كتابه أنه أعدها للمتقي
حق ،أى ثابتة ل شك فيها ،وشهد أن النار الت أخب با تعال ف كتابه أنه أعدها للكافرين حق كذلك
ثاب تة ،ك ما قال تعال " :سابقوا إل مغفرة من رب كم وج نة عرض ها كعرض ال سماء والرض أعدت
للذ ين آمنوا بال ور سله ذلك ف ضل ال يؤت يه من يشاء وال ذو الف ضل العظ يم " وقال تعال " :فاتقوا
النار ال ت وقود ها الناس والجارة أعدت للكافر ين " و ف اليت ي ونظائره ا دل يل على أن ال نة والنار
ملوقتان الن ،خلفا للمبتدعة .وفيهما اليان بالعاد.
وقوله( :أدخله ال النة على ما كان من العمل) هذه الملة جواب الشرط وف رواية :أدخله ال من
أى أبواب النة الثمانية شاء .قال الافظ :معن قوله :على ما كان من العمل أى من صلح أو فساد،
لن أهل التوحيد لبد لم من دخول النة ،ويتمل أن يكون معن قوله :على ما كان من العمل أن
يدخله النه على حسب أعمال كل منهم ف الدرجات.
قال القاضى عياض :ما ورد ف حديث عبادة يكون مصوصا لن قال ما ذكره صلى ال عليه وسلم
وقرن بالشهادت ي حقي قة اليان والتوح يد الذي ورد ف حدي ثه فيكون له من ال جر ما ير جح على
سيئاته ويوجب له الغفرة والرحة ودخول النة لول وهلة.
قال( :ولما ف حديث عتبان فإن ال حرم على النار من قال ل إله إل ال يبتغي بذلك وجه ال) :
قوله( :ول ما) أي البخاري وم سلم ف صحيحيهما بكماله .وهذا طرف من حد يث طو يل أخر جه
الشيخان.
وعتبان بكسر الهملة بعدها مثناة فوقية ث موحدة ،ابن مالك بن عمرو بن العجلن النصاري ،من بن
سال بن عوف ،صحاب مشهور ،مات ف خلفة معاوية.
وأخرج البخاري ف صحيحه بسنده "عن قتادة قال :حدثنا أنس بن مالك أن النب صلى ال عليه وسلم
ومعاذ رديفه على الرحل قال :يا معاذ ،قال :لبيك يا رسول ال وسعديك .قال :يا معاذ ،قال لبيك يا
ر سول ال و سعديك .قال :يا معاذ ،قال :لب يك يا ر سول ال و سعديك -ثلثا -قال :ما من أ حد
يش هد أن ل إله إل ال وأن ممدا ر سول ال صدقا من قل به إل حر مه ال تعال على النار ،قال :يا
ر سول ال أفل أ خب به الناس في ستبشروا ؟ قال :إذا يتكلوا ،فأ خب ب ا معاذ عند مو ته تأثا " .و ساق
ب سند آ خر" :حدث نا معت مر قال :سعت أ ب ،قال :سعت أن سا قال :ذ كر ل أن ال نب صلى ال عل يه
وسلم قال لعاذ ابن ج بل :من ل قى ال ل يشرك به شيئا دخل ال نة .قال :أل أبشر الناس ؟ قال :ل،
إن أخاف أن يتكلوا ".
قلت :فتبي بذا السياق معن شهادة أن ل إله إل ال ،وأنا تتضمن ترك الشرك لن قالا بصدق ويقي
وإخلص.
قال شيخ السلم وغيه :ف هذا الديث ونوه أنا فيمن قالا ومات عليها ،كما جاءت مقيدة بقوله:
خالصا من قلبه غي شاك فيها بصدق ويقي فإن حقيقة التوحيد انذاب الروح إل ال تعال جلة ،فمن
شهد أن ل إله إل ال خالصا من قلبه دخل النة ،لن الخلص هو انذاب القلب إل ال تعال بأن
يتوب من الذنوب تو بة ن صوحا ،فإذا مات على تلك الال نال ذلك فإ نه قد تواترت الحاد يث بأ نه
"يرج من النار من قال ل إله إل ال ،وكان ف قلبه من الي ما يزن شعية ،وما يزن خردلة ،وما يزن
ذرة" وتواترت بأن كثيا من يقول ل إله إل ال يدخل النار ث يرج منها ،وتواترت بأن ال حرم على
النار أن تأكل أثر السجود من ابن آدم ،فهؤلء كانوا يصلون ويسجدون ل ،وتواترت بأنه يرم على
النار مهن قال ل إله إل ال ،ومهن شههد أن ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال ،لكهن جاءت مقيدة
بالقيود الثقال ،وأك ثر من يقول ا ل يعرف الخلص ،وأك ثر من يقول ا إنا يقولا تقليدا أو عادة ،ول
تالط حلوة اليان بشاشة قلبه .وغالب من يفت عند الوت وف القبور أمثال هؤلء ،كما ف الديث
"سعت الناس يقولون شيئا فقلته" وغالب أعمال هؤلء إنا هى تقليد واقتداء بأمثالم ،وهم من أقرب
الناس من قوله تعال" :إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون".
وحينئذ فل منافاة ب ي الحاد يث ،فإ نه إذا قال ا بإخلص ويق ي تام ل ي كن ف هذه الال م صرا على
ذنب أصلً ،فإن كمال إخلصه ويقينه يوجب أن يكون ال أحب إليه من كل شئ ،فإذا ل يبقى ف
قلبه إرادة لا حرم ال ،ول كراهة لا أمر ال .وهذا هو الذي يرم على النار وإن كانت له ذنوب قبل
ذلك ،فإن هذا اليان وهذا الخلص ،وهذه التو بة وهذه الح بة وهذا اليق ي ،ل تترك له ذنبا إل م ي
ع نه ك ما ي حو الل يل النهار ،فإذا قال ا على و جه الكمال الا نع من الشرك ال كب وال صغر ،فهذا غ ي
مصر على ذنب أصلً ،فيغفر له ويرم على النار ،وإن قالا على وجه خلص به من الشرك الكب دون
الصغر ،ول يأت بعدها با يناقض ذلك ،فهذه السنة ل يقاومها شئ من السيئات فيجح با ميزان
السنات ،كما ف حديث البطاقة فيحرم على النار ،ولكن تنقص درجته ف النة بقدر ذنوبه ،وهذا
بلف من رج حت سيئاته ب سناته ومات م صرا على ذلك ،فإ نه ي ستوجب النار .وإن قال ل إله إل
ال وخلص با من الشرك الكب ولكنه ل يت على ذلك ،بل أتى بعدها بسيئات رجحت على حسنة
توحيده ،فإنه ف حال قولا كان ملصا لكنه أتى بذنوب أوهنت ذلك التوحيد والخلص فأضعفته،
وقويهت نار الذنوب حته أحرقهت ذلك بلف الخلص السهتيقن ،فإن حسهناته ل تكون إل راجحهة
على سيئاته ول يكون مصرا على سيئات ،فإن مات على ذلك دخل النة.
وإنا ياف على الخلص أن يأتى بسيئة راجحة فيضعف إيانه فل يقولا بإخلص ويقي مانع من جيع
السيئات ،ويشى عليه من الشرك الكب والصغر ،فإن سلم من الكب بقي معه من الصغر فيضيف
إل ذلك سيئات تن ضم إل هذا الشرك في جح جا نب ال سيئات فإن ال سيئات تض عف اليان واليق ي،
فيضعهف قول ل إله إل ال ،فيمتنهع الخلص بالقلب ،فيصهي التكلم باه كالاذى أو النائم ،أو مهن
يسن صوته بالية من القرآن من غي ذوق طعم وحلوة ،فهؤلء ل يقولوها بكمال الصدق واليقي،
بل يأتون بعدها بسيئات تنقض ذلك بل يقولونا من غي يقي وصدق وييون على ذلك ،ويوتون على
ذلك ،ول م سيئات كثية تنع هم من دخول ال نة .فإذا كثرت الذنوب ث قل على الل سان قول ا وق سا
القلب عن قول ا ،وكره العمل ال صال وث قل عل يه ساع القرآن ،واستبشر بذ كر غ ي ال ،واطمأن إل
الباطل ،واستحلى الرفث ،ومالطة أهل الغفلة ،وكره مالطة أهل الق ،فمثل هذا إذا قالا قال بلسانه
ما ليس ف قلبه ،وبفيه ما ل يصدقه عمله.
قال ال سن :ل يس اليان بالتحلي ول بالتم ن ،ول كن ما و قر ف القلوب و صدقته العمال .ف من قال
خيا وعمل خيا قبل منه ،ومن قال خيا وعمل شرا ل يقبل منه.
وقال بكر بن عبد ال الزن :ما سبقهم أبو بكر بكثرة صيام ول صلة ولكن بشئ وقر ف قلبه.
فمن قال :ل إله إل ال ول يقم بوجبها بل اكتسب مع ذلك ذنوبا ،وكان صادقا ف قولا موقنا با،
لكهن له ذنوب أضعفهت صهدقه ويقينهه ،وانضاف إل ذلك الشرك الصهغر العملي ،فرجحهت هذه
السيئات على هذه السنة ،ومات مصرا على الذنوب ،بلف من يقولا بيقي وصدق ،فإنه إما أن ل
يكون مصرا على سيئة أصلً ،ويكون توحيده التضمن لصدقه ويقينه رجح حسناته .والذين يدخلون
النار م ن يقول ا :إ ما أن م ل يقولو ها بال صدق واليق ي التام النافي ي لل سيئات أو لرجحان ا ،أو قالو ها
واكتسبوا بعد ذلك سيئات رجحت على حسناتم ،ث ضعف لذلك صدقهم ويقينهم ،ث ل يقولوها
بعد ذلك بصدق ويقي تام ،لن الذنوب قد أضعفت ذلك الصدق واليقي من قلوبم ،فقولا من مثل
هؤلء ل يقوي على مو السيئات فترجح سيئاتم على حسناتم .انتهى ملخصا.
وقد ذكر هذا كثي من العلماء كابن القيم و ابن رجب وغيهم.
قال :وف الديث دليل على أنه ل يكفي ف اليان النطق من غ ي اعتقاد وبالعكس ،وف تري النار
على أهل التوحيد الكامل وفيه إن العمل ل ينفع إل إذا كان خالصا لوجه ال تعال على ما شرعه على
لسان رسوله صلى ال عليه وسلم.
(ت نبيه) قال القر طب ف تذكر ته :قوله ف الد يث من إيان أي من أعمال اليان ال ت هي من أعمال
الوارح ،فيكون فيه دللة على أن العمال الصالة من اليان ،والدليل على أنه أراد باليان ما قلناه،
ول يرد مرد اليان الذي هو التوح يد ون في الشركاء والخلص بقول ل إله إل ال ما ف الد يث
نف سه من قوله أخرجوا -ث ب عد ذلك يق بض سبحانه قب ضة فيخرج قوما ل يعملوا خيا قط ير يد
بذلك التوحيد الجرد من العمال ا ه ملخصا من شرح سنن ابن ماجة.
قال الصنف رحه ال"( :وعن أب سعيد الدري رضي ال عنه عن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال :قال موسى عليه السلم :يا رب علمن شيئا أذكرك وأدعوك به ،قال :قل يا موسى ل إله إل
ال .قال :كسل عبادك يقولون هذا ،قال :يسا موسسى لو أن السسموات السسبع وعامرهسن غيي
والرضي السبع ف كفة ،ول إله إل ال ف كفة ،مالت بن ل إله إل ال رواه ابن حبان والاكم
وصححه") :
أبو سعيد :اسه سعد بن مالك بن سنان بن عبيد النصاري الزرجي ،صحاب جليل وأبوه كذلك،
استصغر أبو سعيد بأحد وشهد ما بعدها ،مات بالدينة سنة ثلث أو أربع أو خس وستي وقيل سنة
أربع وستي.
قوله (قل يا موسى ل إله إل ال) فيه أن الذاكر با يقولا كلها ،ول يقتصر على لفظ الللة ،ول على
هو كما يفعله غلة جهال التصوفة ،فإن ذلك بدعة وضلل.
قوله ( :كل عبادك يقولون هذا) ث بت ب ط ال صنف بال مع ،والذى ف ال صول يقول بالفراد مراعاة
للفظة كل وهو ف السند من حديث عبد ال بن عمر بلفظ المع كما ذكره الصنف على معن كل
ومعن قوله كل عبادك يقولون هذا أي إنا أريد شيئا تصن به من بي عموم عبادك ،وف رواية بعد
قوله كل عبادك يقولون هذا -قل ل إله إل ال ،قال ل إله إل أنت يارب،إنا أريد شيئا تصن به.
ول ا كان بالناس -بل بالعال كله -من الضرورة إل ل إله إل ال ما ل نا ية له ،كا نت من أك ثر
الذكار وجودا ،وأيسرها حصولً ،وأعظمها معن .والعوام والهال يعدلون عنها إل الدعوات البتدعة
الت ليست ف الكتاب ول ف السنة.
قوله (وعامرهن غيي) هو بالنصب عطف على السموات ،أي لو أن السموات السبع ومن فيهن من
العمار غ ي ال تعال ،والرض ي ال سبع و من في هن ،وضعوا ف ك فة اليزان ول إله إل ال ف الك فة
الخرى ،مالت بن ل إله إل ال.
قوله( :ف كفة) هو بكسر الكاف وتشديد الفاء ،أي كفة اليزان.
قوله( :مالت بن) أي رجحت .وذلك لا اشتملت عليه من نفي الشرك ،وتوحيد ال الذي هو أفضل
العمال .وأساس اللة والدين ،فمن قالا بإخلص ويقي ،وعمل بقتضاها ولوازمها وحقوقها ،واستقام
على ذلك ،فهذه ال سنة ل يوازن ا شئ ،ك ما قال ال تعال" :إن الذ ين قالوا رب نا ال ث ا ستقاموا فل
خوف عليهم ول هم يزنون".
ودل الد يث على أن ل إله إل ال أف ضل الذ كر .كحد يث ع بد ال بن عمرو مرفوعا :خ ي الدعاء
دعاء يوم عر فة وخ ي ما قلت أ نا وال نبيون من قبلى :ل إله إل ال وحده ل شر يك له ،له اللك وله
المد وهو على كل شئ قدير رواه أحد والترمذي ،وعنه أيضا مرفوعا يصاح برجل من أمت على
رؤوس اللئق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلً ،كل سجل منها مد البصر ث يقال :أتنكر
من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبت الافظون فيقول :ل يارب .فيقال :أفلك عذر أو حسنة ؟ فيهاب الرجل
فيقول :ل ،فيقال :بلى إن لك عندنا حسنة وإنه ل ظلم عليك اليوم ،فيخرج له بطاقة فيها :أشهد أن
ل إله إل ال وأن ممدا عبده ورسوله .فيقول يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلت ؟ فيقال :إنك
ل تظلم ،فتوضع السجلت ف كفة ،والبطاقة ف كفة فطاشت السجلت وثقلت البطاقة رواه الترمذي
وحسنه.
والنسائى وابن حبان والاكم .وقال :صحيح على شرط مسلم ،وقال الذهب ف تلخيصه :صحيح.
قال ابن القيم رحه ال :فالعمال ل تتفاضل بصورها وعددها ،وإنا تتفاضل بتفاضل ما ف القلوب،
فتكون صورة العمل ي واحدة وبينه ما من التفا ضل ك ما ب ي ال سماء والرض .قال :وتأ مل حد يث
ل كل سجل منها مدى البصر ،فتثقل البطاقة البطاقة الت توضع ف كفة ويقابلها تسعة وتسعون سج ً
وتطيش السجلت ،فل يعذب .ومعلوم أن كل موحد له هذه البطاقة وكثي منهم يدخل النار بذنوبه.
قوله( :رواه ابن حبان والاكم) ابن حبان اسه ممد بن حبان -بكسر الهملة وتشديد الوحدة -ابن
أحد بن حبان بن معاذ ،أبو حات التميمي البست الافظ صاحب التصانيف :كالصحيح ،والتاريخ،
والضعفاء ،والثقات وغي ذلك .قال الاكم :كان من أوعية العلم ف الفقه واللغة والديث والوعظ،
ومن عقلء الرجال .مات سنة أربع وخسي وثلثائة بدينة بست -بضم الوحدة وسكون الهملة.
وأما الاكم فاسه ممد بن عبد ال بن ممد النيسابورى أبوعبد ال الافظ ويعرف بابن البيع ولد سنة
إحدى وعشرين وثلثمائة،وصنف التصانيف ،كالستدرك وتاريخ نيسابور وغيها ،ومات سنة خس
وأربعمائة.
قال الصنف رحه ال (وللترمذي -وحسنه " -عن أنس :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم
يقول :قال ال تعال يا بن آدم لو أتيت ن بقراب الرض خطا يا ث لقيت ن ل تشرك ب شيئا لتي تك
بقرابا مغفرة") :
ذ كر ال صنف رح ه ال الملة الخية من الد يث ،و قد رواه الترمذي بتما مه فقال " :عن أ نس قال
سهعت رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم يقول :قال ال تبارك وتعال :يها بهن آدم إنهك مها دعوتنه
ورجوتنه غفرت لك على مها كان منهك ول أبال ،يها بهن آدم لو بلغهت ذنوبهك عنان السهماء ثه
استغفرتن غفرت لك ول أبال يا بن آدم ،إنك لو أتيتن -الديث ".
الترمذي :اسه ممد بن عيسى بن سورة -بفتح الهملة -بن موسى بن الضحاك السلمي أبو عيسى،
صاحب الا مع وأ حد الفاظ ،كان ضر ير الب صر ،روى عن قتي بة وهناد والبخاري وخلق .مات سنة
تسع وسبعي ومائتي.
وأنس :هو ابن مالك بن النضر النصاري الزرج] ،خادم رسول ال صلى ال عليه وسلم خدمه عشر
سني ،وقال له :اللهم أكثر ماله وولده وأدخله النة مات سنة اثنتي وقيل :ثلث وتسعي ،وقد جاوز
الائة.
والديث قد رواه المام أحد من حديث أب ذر بعناه ،وهذا لفظه "ومن عمل قراب الرض خطيئة ث
لقين ل يشرك ب جعلت له مثلها مغفرة" ورواه مسلم ،وأخرجه ال طبان من حد يث ابن عباس عن
النب صلى ال عليه وسلم.
قوله( :لو أتيت ن بقراب الرض) ب ضم القاف :وق يل بك سرها وال ضم أش هر و هو ملؤ ها أو ما يقارب
ملئها.
قوله ( :ث لقيت ن ل تشرك ب شيئا) شرط ثق يل ف الو عد ب صول الغفرة ،و هو ال سلمة من الشرك:
كثيه وقليله ،صغيه وكبيه .ول يسلم من ذلك إل من سلم ال تعال ،وذلك هو القلب السليم كما
قال تعال " :يوم ل ينفع مال ول بنون * إل من أتى ال بقلب سليم ".
قال ابن رجب :من جاء مع التوحيد بقراب الرض خطايا لقيه ال بقرابا مغفرة -إل أن قال -فإن
كمل توحيد العبد وإخلصه ل تعال فيه ،وقام بشروطه بقلبه ولسانه وجوارحه ،أو بقلبه ولسانه عند
الوت ،أعقب ذلك مغفرة ما قد سلف من الذنوب كلها ومنعه من دخول النار بالكل ية .ف من تقق
بكلمة التوحيد قلبه أخرجت منه كل ما سوى ال :مبة وتعظيما ،وإجل ًل ومهابة وخشية وتوكلً،
وحينئذ ترق ذنوبه وخطاياه كلها ،وإن كانت مثل زبد البحر ا ه ملخصا.
قال العلمة ابن القيم رحه ال تعال ف معن الديث :ويعفى لهل التوحيد الحض الذي ل يشوبوه
بالشرك ما ل يعفى لن ليس كذلك .فلو لقى الوحد الذي ل يشرك بال شيئا ألبته ربه بقراب الرض
خطايا أتاه بقرابا مغفرة ،ول يصل هذا لن نقص توحيده .فإن التوحيد الالص الذى ل يشوبه شرك
ل يبقى معه ذنب ،لنه يتضمن من مبة ال وإجلله وتعظيمه ،وخوفه ورجائه وحده ما يوجب غسل
الذنوب ولو كانت قراب الرض ،فالنجاسة عارضة والدافع لا قوى .ا هه.
وفه هذا الديهث :كثرة ثواب التوحيهد ،وسهعة كرم ال وجوده ورحتهه والرد على الوارج الذيهن
يكفرون ال سلم بالذنوب ،وعلى العتزلة القائل ي بالنلة ب ي النلت ي ،و هي الف سوق ،ويقولون ل يس
بؤمن ول كافر ،ويلد ف النار .والصواب قول أهل السنه :أنه ل يسلب عنه اسم اليان ،و ل يعطاه
على الطلق ،بهل يقال ههو مؤمهن عاص ،أو مؤمهن بإيانهه ،فاسهق بكهبيته .وعلى هذا يدل الكتاب
والسنة وإجاع سلف المة .و "عن عبد ال بن مسعود رضى ال عنه قال :لا أسرى برسول ال صلى
ال عل يه و سلم انت هي به إل سدرة النت هى ،فأع طي ثلثا :أع طى ال صلوات ال مس ،وخوات يم سورة
البقرة ،وغفر لن ل يشرك بال من أمته شيئا :القحمات " رواه مسلم.
قال ابن كثي ف تفسيه :وأخرج المام أحد والترمذي وابن ماجه والنسائى "عن أنس ابن مالك قال:
قرأ رسول ال صلى ال عليبه وسلم هذه الية " :هو أهل التقوى وأهل الغفرة" وقال :قال ربكم :أنا
ل أن أغفر له ".
أهل أن أتقى فل يعل معي إله ،فمن اتقى أن يعل معي إلا كان أه ً
قال الصنف رحه ال( :تأمل المس اللوات ف حديث عبادة فإنك إذا جعت بينه وبي حديث عتبان
تبي لك معن قوله :ل إله إل ال وتبي لك خطأ الغرورين.
وف يه أن ال نبياء يتاجون للت نبيه على ف ضل ل إله إل ال والت نبيه لرجحان ا بم يع الخلوقات ،مع أن
كثيا من يقولا يف ميزانه .وفيه إثبات الصفات خلفا للمعطلة .وفيه أنك إذا عرفت حديث أنس
وقوله ف "حديث عتبان إن ال حرم على النار من قال ل إله إل ال يبتغى بذلك وجه ال " تبينت لك
أن ترك الشرك ف قولا باللسان فقط.
باب
من حقق التوحيد دخل النة بغي حساب
أي ول عذاب.
قلت :تقيقه تليصه وتصفيته من شوائب الشرك والبدع والعاصى.
قال ال تعال" :إن إبراهيم كان أمة قانتا ل حنيفا ول يك من الشركي" وصف إبراهيم عليه السلم
بذه الصفات الت هي الغاية ف تقيق التوحيد.
الول :أنه كان أمة ،أي قدوة وإماما معلما للخي .وما ذاك إل لتكميله مقام الصب واليقي الذين تنال
بما المامة ف الدين.
الثانيهة :قوله قانتا قال شيهخ السهلم :القنوت دوام الطاعهة ،والصهلي إذا أطال قيامهه أو ركوعهه أو
سجوده فهو قانت .قال تعال" :أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يذر الخرة ويرجو رحة ربه"
ا هه .ملخصا.
الثالثة :أنه كان حنيفا .
قلت :قال العلمة ابن القيم النيف القبل على ال ،العرض عن كل ما سواه ا .ه.
الرابعة :أنه كان من الشركي ،أي لصحة إخلصه وكمال صدقه ،وبعده عن الشرك.
قلت :يوضح هذا قوله تعال" :قد كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم والذين معه" أي على دينه من
إخوانه الرسلي ،قاله ابن جرير رحه ال تعال " :إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم وما تعبدون من دون
ال كفر نا ب كم وبدا بين نا وبين كم العداوة والبغضاء أبدا ح ت تؤمنوا بال وحده إل قول إبراه يم لب يه
ل ستغفرن لك و ما أملك لك من ال من ش يء " وذ كر تعال عن خليله عل يه ال سلم أ نه قال لب يه
آزر " ، :وأعتزل كم و ما تدعون من دون ال وأد عو ر ب ع سى أن ل أكون بدعاء ر ب شق يا * فل ما
اعتزلم وما يعبدون من دون ال وهبنا له إسحاق ويعقوب وكل جعلنا نبيا " فهذا هو تقيق التوحيد.
وهو الباءة من الشرك وأهله واعتزالم ،والكفر بم وعداوتم وبغضهم .فال الستعان.
قال ال صنف رح ه ال ف هذه ال ية" :إن إبراه يم كان أ مة" لئل ي ستوحش سالك الطر يق من قلة
السهالكي (قانتا ل) ل للملوك ول للتجار الترفيه (حنيفا) ل ييهل يينا ول شالً ،كفعهل العلماء
الفتوني (ول يك من الشركي) خلفا لن كثر سوادهم وزعم أنه من السلمي .ا هه.
وقد روى ابن أب حات عن ابن عباس ف قوله" :إن إبراهيم كان أمة" على السلم .ول يك ف زمانه
أحد على السلم غيه.
قلت :ول منافاة بي هذا وبي ما تقدم :من أنه كان إماما يقتدى به ف الي.
قال( :وقوله تعال " - :إن الذين هم من خشية ربم مشفقون * والذين هم بآيات ربم يؤمنون *
والذين هم بربم ل يشركون ") :
وصف الؤمني السابقي إل النة فأثن عليهم بالصفات الت أعظمها :أنم بربم ل يشركون .ولا كان
الرء قد يعرض له ما يقدح ف إ سلمه :من شرك جلي أو خ في ،ن فى ذلك عن هم ،وهذا هو تق يق
التوحيد ،الذي حسنت بم أعمالم وكملت ونفعتهم.
قلت :قوله حسنت وكملت هذا باعتبار سلمتهم من الشرك الصغر ،وأما الشرك الكب فل يقال ف
تركه ذلك ،فتدبر .ولو قال الشارح :صحت لكان أقوم.
قال ابن كثي" :والذين هم بربم ل يشركون" أي ل يعبدون مع ال غيه ،بل يوحدونه ويعلمون أنه ل
إله إل ال أحد صمد ،ل يتخذ صاحبة ول ولدا وأنه ل نظي له.
قال الصنف"( :عن حصي بن عبد ال بن عبد الرحن قال :كنت عند سعيد بن جبي فقال :أيكم
رأى الكوكب الذي انقض البارحة ؟ فقلت :أنا ،ث قلت :أما إن ل أكن ف صلت ولكن لدغت،
قال :فما صنعت ؟ قلت :ارتقيت .قال :فما حلك على ذلك ؟ قلت :حديث حدثناه الشعب ،قال:
وما حدثكم ؟ قلت :حدثنا عن بريدة بن الصيب أنه قال :ل رقية إل من عي أو حة .قال :قد
أح سن من انت هى إل ما سع، ،ول كن حدث نا ا بن عباس عن ال نب صلى ال عل يه و سلم أ نه قال:
عرضت على المم ،فرأيت النب ومعه الرهط ،والنب ومعه الرجل والرجلن ،والنب وليس معه
أ حد .إذ ر فع ل سواد عظ يم ،فظن نت أن م أم ت ،فق يل :هذا مو سى وقو مه ،فنظرت فإذا سواد
عظ يم ،فق يل ل :هذه أم تك ومع هم سبعون ألفا يدخلون ال نة بغ ي ح ساب ول عذاب .ث ن ض
فد خل منله ،فخاض الناس ف أولئك ،فقال بعض هم :فلعل هم اللذ ين صحبوا ر سول ال صلى اله
عليه وسلم وقال بعضهم :فلعلهم الذين ولدوا ف السلم ،فلم يشركوا بال شيئا ،وذكروا أشياء،
فخرج عليهسم رسسول ال صسلى ال عليسه وسسلم فأخسبوه ،فقال :هسم الذيسن ل يسسترقون ،ول
يكتوون ،ول يتطيون ،وعلى رب م يتوكلون .فقام عكا شة بن م صن فقال :يا ر سول ال ادع ال
أن يعلن منهم .قال :أنت منهم ث قام رجل آخر فقال :ادع ال أن يعلن منهم .فقال :سبقك با
عكاشة ").
هكذا أورده ال صنف غ ي معزو ،و قد رواه البخارى مت صرا ومطولً ،وم سلم ،والل فظ له ،والترمذي
والنسائي.
قوله :عن (ح صي بن ع بد الرح ن) هو ال سلمي ،أ بو الذ يل الكو ف .ث قة ،مات سنة ست وثلث ي
ومائة ،وله ثلث وتسعون سنة.
وسعيد بن جبي :هو المام الفقيه من جلة أصحاب ابن عباس ،روايته عن عائشة وأب موسى مرسلة.
وهو كوف مول لبن أسد ،قتل بي يدى الجاج سنة خس وتسعي ول يكمل المسي.
قوله( :انقض) هو بالقاف والضاد العجمة أى سقط .والبارحة هى أقرب ليله مضت .قال أبو العباس
ثعلب :يقال قبل الزوال :رأيت الليلة ،وبعد الزوال :رأيت البارحة ،وكذا قال غيه ،وهى مشتقة من
برح إذا زال.
قال( :أما إن ل أكن ف صلة) قال ف مغن اللبيب :أما بالفتح والتخفيف على وجهي :أحدها أن
تكون حرف ا ستفتاح بنلة أل فإذا وق عت أن بعد ها ك سرت .الثا ن أن تكون بع ن حقا أو أ حق.
وقال آخرون :هى كلمتان المزة للستفهام ،ما اسم بعن شئ ،أى أذلك الشئ حق ،فالعن أحق هذا
؟ وهو الصواب و ما نصب على الظرفية ،وهذه تفتح أن بعدها .انتهى.
والنسب هنا هو الوجه الول والقائل هو حصي ،خاف أن يظن الاضرون أنه رآه وهو يصلي ،فنفى
عهن نفسهه إبام العبادة ،وهذا يدل على فضهل السهلف وحرصههم على الخلص وبعدههم على الرياء
والتزين با ليس فيهم.
وقوله (ولكن لدغت) بضم أوله وكسر ثانيه ،قال أهل اللغة :يقال لدغته العقرب وذوات السموم ،إذا
أصابته بسمها ،وذلك بأن تأبره بشوكتها.
قوله (فما حلك على ذلك) فيه طلب الجة على صحة الذهب.
وقوله (حديث حدثناه الشعب) اسه :عامر بن شراحيل المدان ولد ف خلفة عمر ،وهو من ثقات
التابعي وفقهائهم مات سنة ثلث ومائة.
قوله( :عن بريدة) بضم أوله وفتح ثانيه تصغي بردة .ابن الصيب -بضم الاء وفتح الصاد الهملتي
-ابن الارث السلمى ،صحاب شهي .مات سنة ثلث وستي .قاله ابن سعد.
والعي هى إصابة العائن غيه بعينه .والمة -بضم الهملة وتفيف اليم -سم العقرب وشبهها .قال
الطاب :ومعن الديث :ل رقية أشفى وأول من رقية العي والمة .وقد رقى النب صلى ال عليه
وسلم ورقي.
قوله( :قد أحسن من انتهى إل ما سع) أى من أخذ با بلغه من العلم وعمل به فقد أحسن بلف من
يعمل بهل ،أو ل يعمل با يعلم فإنه مسىء آث .وفيه فضيلة علم السلف وحسن أدبم.
قال ال صنف رح ه ال( :وف يه ع مق علم ال سلف لقوله :قد أح سن من انت هى إل ما سع ول كن كذا
وكذا .فعلم أن الديث الول ل يالف الثان).
قوله( :عر ضت على ال مم) و ف الترمذي والن سائي من روا ية عب ثر بن القا سم عن ح صي بن ع بد
الرحن أن ذلك كان ليلة السراء قال الافظ :فإن كان ذلك مفوظا كان فيه قوة لن ذهب إل تعدد
السراء ،وأنه وقع بالدينة أيضا (قلت) وف هذا نظر.
قوله( :فرأيت النب ومعه الرهط) والذي ف صحيح مسلم الرهيط بالتصغي ل غي ،وهم الماعة دون
العشرة ،قاله النووي.
قوله( :والنب ومعه الرجل والرجلن ،والنب وليس معه أحد) فيه الرد على من احتج بالكثرة.
قوله( :إذ رفع ل سواد عظيم) الراد هنا الشخص الذى يرى من بعيد.
قوله( :فقيل له :هذا موسى وقومه) أي موسى بن عمران كليم الرحن ،وقومه :أتباعه على دينه من
بن إسرائيل.
قوله( :فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل ل هذه أمتك ومعهم سبعي ألفا يدخلون النة بغي حساب ول
عذاب) أي لتحقيق هم التوح يد،و ف روا ية ا بن فض يل ويد خل ال نة من هؤلء من أم تك سبعون ألفا
و" ف حد يث أ ب هريرة ف ال صحيحي أن م تض يء وجوه هم إضاءة الق مر ليلة البدر " وروى المام
أح د والبيه قي ف "حد يث أ ب هريرةفا ستزدت ر ب فزاد ن مع كل ألف سبعي ألفا" قال الا فظ:
وسنده جيد.
قوله( :ثه نضه) أي قام ،قوله( :فخاض الناس فه أولئك) خاض بالاء والضاد العجمتيه وفه هذا
إبا حة الناظرة والباح ثة ف ن صوص الشرع على و جه ال ستفادة وبيان ال ق ،وف يه ع مق علم ال سلف
لعرفتهم أنم ل ينالوا ذلك إل بعمل ،وفيه حرصهم على الي ،ذكره الصنف.
قوله( :فقال هم الذين ل يسترقون) هكذا ثبت ف الصحيحي وهو كذلك ف حديث ابن مسعود ف
مسند أحد .وف رواية لسلم ول يرقون قال شيخ السلم ابن تيمية :هذه الزيادة وهم من الراوي ،ل
يقل النب صلى ال عليه وسلم و ل يرقون وقد "قال النب صلى ال عليه وسلم وقد سئل على الرقى:
من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه" .و"قال :ل بأس بالرقى ما ل تكن شركا" قال :وأيضا فقد
"رقى جبيل النب صلى ال عليه وسلم" و "رقى النب صلى ال عليه وسلم أصحابه" قال والفرق بي
الراقي والسترقي :أن السترقى سائل مستعط ملتفت إل غي ال بقلب ،والراقى مسن .قال :وإنا الراد
وصف السبعي ألفا بتمام التوكل ،فل يسألون غيهم أن يرقيهم ول يكويهم .وكذا قال ابن القيم.
قوله( :ول يكتوون) أي ل ي سألون غي هم أن يكوي هم ك ما ل ي سألون غي هم أن يرقي هم ،ا ستسلما
للقضاء ،وتلذذا بالبلء.
قلت :والظا هر أن قوله ل يكتوون أ عم من أن ي سألوا ذلك أو يف عل ذلك باختيار هم .أ ما ال كي ف
نفسه فجائز ،كما ف الصحيح "عن جابر بن عبد ال أن النب صلى ال عليه وسلم بعث إل أب بن
كعب طبيبا فقطع له عرقا وكواه".
و ف صحيح البخارى " عن أ نس أ نه كوى من ذات ال نب وال نب صلى ال عل يه و سلم حى" وروى
الترمذى وغيه "عن أنس أن النب صلى ال عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة".
وف صحيح البخارى "عن ابن عباس مرفوعا الشفاء ف ثلث :شربة عسل ،وشرطة مجم ،وكية نار،
وأنا أنى أمت عن الكى وف لفظ:وما أحب أن أكتوى".
قال ابن القيم رحه ال :قد تضمنت أحاديث الكى أربعة أنواع (أحدها) فعله( .والثان) عدم مبته.
(والثالث) الثناء على من تر كه( .والرا بع) الن هي ع نه .ول تعارض بين ها ب مد ال ،فإن فعله يدل على
جوازه ،وعدم مبته له ل يدل على النع منه ،وأما الثناء على تاركه فيدل على أن تركه أول وأفضل،
وأما النهي عنه فعلى سبيل الختيار والكراهة.
قوله( :ول يتطيون) أي ل يتشاءمون بالطيور ونو ها .و سيأت إن شاء ال تعال بيان الطية وما يتعلق
با ف بابا.
قوله( :وعلى ربم يتوكلون) ذكر الصل الامع الذى تنوعت عنه هذه الفعال والصال وهو التوكل
على ال ،وصدق اللتجاء إليه ،والعتماد بالقلب عليه ،الذي هو ناية تقيق التوحيد الذي يثمر كل
مقام شريف :من الحبة والرجاء والوف ،والرضا به ربا وإلا ،والرضا بقضائه.
واعلم أن الد يث ل يدل على أن م ل يباشرون ال سباب أ صلً ،فإن مباشرة ال سباب ف الملة أ مر
فطري ضروري ،ل انفكاك ل حد ع نه ،بل ن فس التو كل :مباشرة لع ظم ال سباب ك ما قال تعال:
"و من يتو كل على ال ف هو ح سبه" أي كاف يه وإن ا الراد أن م يتركون المور الكرو هة مع حاجت هم
إليها ،توكلً على ال تعال ،كالكتواء والسترقاء ،فتركهم له لكونه سببا مكروها ،ل سيما والريض
يتشبث -فيما يظنه سببا لشفائه -بيط العنكبوت.
وأمها مباشرة السهباب والتداوي على وجهه ل كراههة فيهه ،فغيه قادح فه التوكهل ،فل يكون تركهه
مشروعا ،ل ا ف ال صحيحي " عن أ ب هريرة مرفوعا ما أنزل ال من داء إل أنزل له شفاء ،عل مه من
علمه ،وجهله من جهله"" .وعن أسامة بن شريك قال :كنت عند النب صلى ال عليه وسلم وجاءت
العراب ،فقالوا يا ر سول ال أنتداوى ؟ قال :ن عم .يا عباد ال تداووا ،فإن ال عز و جل ل ي ضع داء
إل وضع له شفاء ،غي داء واحد .قالوا :وما هو ؟ قال :الرم" رواه أحد.
وقال ابن القيم رحه ال تعال :وقد تضمنت هذه الحاديث إثبات السباب والسببات ،وإبطال قول
من أنكر ها ،وال مر بالتداوى ،وأ نه ل ينا ف التو كل ،ك ما ل يناف يه د فع أل الوع والع طش ،وال ر
والبد :بأضدادها بل ل تتم حقيقة التوحيد إل بباشرة السباب الت نصبها ال تعال مقتضية لسبباتا
قدرا وشرعا ،وأن تعطيلها يقدح ف نفس التوكل ،كما يقدح ف المر والكمة .ويضعفه من حيث
ي ظن معطل ها أن ترك ها أقوى ف التو كل ،فإن ترك ها ع جز ينا ف التو كل الذى حقيق ته اعتماد القلب
على ال تعال ف حصول ما ينفع العبد ف دينه ودنياه ،ودفع ما يضره ف دينه ودنياه .ول بد مع هذا
ل للحك مة والشرع ،فل ي عل الع بد عجزه توكلً ول العتماد من مباشرة ال سباب ،وإل كان معط ً
توكله عجزا.
وقد اختلف العلماء ف التداوى هل هو مباح ،وتركه أفضل ،أو مستحب أو واجب ؟
فالشهور عند أحد :الول لذا الديث وما ف معناه ،والشهور عند الشافعية الثان ،حت ذكر النووى
ف شرح مسلم :أنه مذهبهم ومذهب جهور السلف وعامة اللف ،واختاره الوزير أبو الظفر .قال:
ومذهب أب حنيفة أنه مؤكد حت يدان به الوجوب .قال :ومذهب مالك أنه يستوي فعله وتركه فإنه
قال :ل بأس بالتداوي ول بأس بتركه.
وقان ش يخ ال سلم :ل يس بوا جب ع ند جاه ي الئ مة وإن ا أوج به طائ فة قليلة من أ صحاب الشاف عي
وأحد.
فقوله( :فقام عكاشة بن مصن) هو بضم العي وتشد يد الكاف ،ومصن بك سر اليم وسكون الاء
وفتح الصاد الهملتي ابن حرثان -بضبم الهملة وسكون الراء بعدها مثلثة -السدي :من بن أسد
بن خزية .كان من السابقي إل السلم ومن أجل الرجال ،هاجر وشهد بدرا وقاتل فيها ،واستشهد
ف قتال الردة مع خالد بن الول يد ب يد طلي حة ال سدي سنة اثن ت عشرة ،ث أ سلم طلي حة ب عد ذلك
وجاهد الفرس يوم القادسية مع سعيد بن أب وقاص ،واستشهد ف وقعة السر الشهورة.
قوله( :فقال يا رسول ال ادع ال أن يعلن منهم ،فقال أنت منهم) وللبخاري ف رواية :فقال اللهم
اجعله منهم وفيه :طلب الدعاء من الفاضل.
قوله( :ث قام رجل آخر) ذكر مبهما ول حاجة بنا إل البحث عن اسه.
قوله( :فقال سبقك ب ا عكا شة) قال القر طب :ل ي كن ع ند الثا ن من الحوال ما كان ع ند عكا شة،
فلذلك ل ي به ،إذ لو أجا به لاز أن يقلب ذلك كل مهن كان حاضرا فيتسهلسل المهر ،فسهد الباب
بقوله ذلك ا هه.
قال الصنف رحه ال تعال :وفيه استعمال العاريض وحسن خلقه صلى ال عليه وسلم.
باب
الوف من الشرك
قوله( :باب الوف من الشرك ،وقول ال عز وجل :و "إن ال ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لن يشاء").
قال ابن كثي :أخب تعال أنه (ل يغفر أن يشرك به) أي ل يغفر لعبد لقيه وهو مشرك (ويغفر ما دون
ذلك لن يشاء) أي من الذنوب لن يشاء من عباده .انتهى.
فتبي بذه الية أن الشرك أعظم الذنوب ،لن ال تعال أخب أنه ل يغفره لن ل يتب منه ،وما دونه من
الذنوب فهو داخل تت الشيئة إن شاء غفره لن لقيه به ،وإن شاء عذبه به ،وذلك يوجب للعبد شدة
الوف مهن الشرك الذي هذا شأ نه ع ند ال ،ل نه أق بح القبيهح وأظلم الظلم ،وتن قص لرب العاليه،
وصهرف خالص حقهه لغيه وعدل غيه به ،ك ما قال تعال " :ث الذ ين كفروا بربمه يعدلون" ولنهه
مناقض للمقصود باللق والمر مناف له من كل وجه ،وذلك غاية العاندة لرب العالي ،والستكبار
عن طاعته ،والذل له ،والنقياد لوامره الذي ل صلح للعال إل بذلك ،فمت خل منه خرب وقامت
القيا مة ،ك ما "قال صلى ال عليه وسلم ل تقوم الساعة حت ل يقال ف الرض ال ال "رواه مسلم.
ولن الشرك ت شبيه للمخلوق بالالق تعال ومشار كة ف خ صائص الل ية :من ملك ال ضر والنفهع،
والعطاء والنع ،الذى يوجب تعلق الدعاء والوف والرجاء ،والتوكل وأنواع العبادة كلها بال وحده،
فمهن علق ذلك بخلوق فقهد شبههه بالالق وجعهل مهن ل يلك لنفسهه ضرا ول موتا ول حياة ول
نشورا ،شبيها ب ن له ال مد كله ،وله اللق كله ،وله اللك كله ،وإل يه ير جع ال مر كله ،وبيده ال ي
كله ،فأز مة المور كل ها بيده سبحانه ومرجع ها إل يه ،ف ما شاء كان و ما ل ي شأ ل ي كن .ل ما نع ل ا
أعطى ول معطي لا منع ،الذي إذا فتح للناس رحة فل مسك لا ،وما يسك فل مرسل له من بعده
وهو العزيز الكيم .فأقبح التشبيه تشبيه العاجز الفقي بالذات :بالقادر الغن بالذات .ومن خصائص
اللية :الكمال الطلق من جيع الوجوه ،الذى ل نقص فيه بوجه من الوجوه .وذلك يوجب أن تكون
العبادة كلهها له وحده ،والتعظيهم والجلل ،والشيهة والدعاء ،والرجاء والنابهة والتوكهل والتوبهة
والستعانة ،وغاية الب مع غاية الذل :كل ذلك يب عقلً وشرعا وفطرة أن يكون ل وحده ،ويتنع
ل وشرعا وفطرة أن يكون لغيه .فمن فعل شيئا من ذلك لغيه فقد شبه ذلك الغي بن ل شبيه له عق ً
ول مث يل له ،ول ند له ،وذلك أق بح الت شبيه وأبطله .فلهذه المور وغي ها أ خب سبحانه وتعال أ نه ل
يغفره،مع أنه كتب على نفسه الرحة .هذا معن كلم ابن القيم رحه ال.
و ف ال ية رد على الوارج الكفر ين بالذنوب .وعلى العتزلة القائل ي بأن أ صحاب الكبائر يلدون ف
النار ،وليسوا عندهم بؤمني ول كفار.
ول يوز أن يمل قوله" :ويغفر ما دون ذلك لن يشاء" على التائب ،فإن التائب من الشرك مغفور له
كما قال تعال " :قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم ل تقنطوا من رحة ال إن ال يغفر الذنوب
جي عا " فه نا ع مم وأطلق ،لن الراد به التائب ،وهناك خص وعلق ،لن الراد به من ل ي تب .هذا
ملخص قول شيخ السلم.
قوله( :وقال الليل عليه السلم" :واجنبن وبن أن نعبد الصنام") :
الصنم ما كان منحوتا على صورة ،والوثن ما كان موضوعا على غي ذلك .ذكره الطبي عن ماهد.
قلت :وقد يسمى الصنم وثنا كما قال الليل عليه السلم " :إنا تعبدون من دون ال أوثانا وتلقون
إفكا " الية ويقال :إن الوثن أعم ،وهو قوى ،فالصنام أوثان ،كما أن القبور أوثان.
قال إبراهيم التيمي :من يأمن البلء بعد إبراهيم ؟ رواه إبن جرير وابن أب حات.
فل يأمن الوقوع ف الشرك إل من هو جاهل به وبا يلصه منه :من العلم بال وبا بعث به رسوله من
توحيده ،والنهي عن الشرك به.
قال الصنف( :وف الديث" :أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر ،فسئل عنه فقال :الرياء") :
أورد ال صنف هذا الد يث مت صرا غ ي معزو .و قد رواه المام أح د وال طبان والبيه قي ،وهذا ل فظ
أحد :حدثنا يونس حدثنا ليث عن يزيد -يعن ابن الاد -عن عمرو عن ممود بن لبيد أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم قال " :إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر .قالوا وما الشرك الصغر
ه رسهول ال ؟ قال :الرياء .يقول ال تعال يوم القيامهة ،إذا جازى الناس بأعمالمه :اذهبوا إل الذيهن
يا
كنتم تراءوا ف الدنيا فانظروا هل تدون عندهم جزاء ".
قال النذري :وممود بن لبيد رأى النب صلى ال عليه وسلم ول يصح له منه ساع فيما أرى .وذكر
ابن أب حات أن البخارى قال :له صحبة ،ورجحه ابن عبد الب والافظ .وقد رواه الطبان بأسانيد
جيدة عن ممود بن لبيد عن رافع بن خديج .مات ممود سنة ست وتسعي .وقيل سنة سبع وتسعي
وله تسع وتسعون سنة.
قول( :إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الصغر) هذا من شفقته صلى ال عليه وسلم بأمته ورحته
ورأفته بم ،فل خي إل دلم عليهم وأمرهم به ،ول شر إل بينه لم وأخبهم به وناهم عنه ،كما قال
صلى ال عليه وسلم فيما صح عنه " :ما بعث ال من نب إل كان حقا عليه أن يدل أمته على خي ما
يعلمه لم " ...الديث ،فإذا كان الشرك الصغر موفا على أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم
مع كمال علم هم وقوة إيان م ،فك يف ل يا فه و ما فو قه من هو دون م ف العلم واليان برا تب ؟
خصوصا إذا عرف أن أكثر علماء المصار اليوم ل يعرفون من التوحيد إل ما أقر به الشركون ،وما
عرفوا معن اللية الت نفتها كلمة الخلص عن كل ما سوى ال.
وأخرج أبو يعلى وابن النذر عن حذيفة بن اليمان عن أب بكر عن النب صلى ال عليه وسلم قال" :
الشرك أخفى من دبيب النمل .قال أبو بكر :يا رسول ال ،وهل الشرك إل ما عبد من دون ال أو ما
د عى مع ال ؟ قال :ثكل تك أ مك ،الشرك في كم أخ فى من دب يب الن مل" الد يث .وف يه :أن تقول
أعطان ال وفلن ،والند أن يقول النسان :لول فلن قتلن فلن ا هه .من الدر.
قال الصنف( :وعن ابن مسعود رضى ال عنه :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال" :من مات
وهو يدعو ل ندا دخل النار" رواه البخارى) :
قال ابن القيم رحه ال :الند الشبيه ،يقال :فلن ند فلن ،وند يده ،أى مثله وشبيهه ا هه .قال تعال:
"فل تعلوا ل أندادا وأنتم تعلمون".
قوله( :من مات وهو يدعو ل ندا) أي يعل ل ندا ف العبادة يدعوه ويسأله ويستغيث به دخل النار.
قال العلمة ابن القيم رحه ال:
وفيه :بيان أن دعوة غي ال فيما ل يقدر عليه إل ال شرك جلي ،كطلب الشفاعة من الموات ،فإنا
ملك ل تعال وبيده ،ليهس بيهد غيه منهها شهئ ،وههو الذي يأذن للشفيهع أن يشفهع فيمهن لقهى ل
بالخلص والتوحيد من أهل الكبائر ،كما يأت تقريره ف باب الشفاعة إن شاء ال تعال.
قال الصنف رحه ال تعال( :ولسلم عن جابر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال" :من لقي
ال ل يشرك به شيئا دخل النة .ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار" ) :
جابر :هو ابن عبد ال بن عمرو بن حرام -بهملتي -النصاري ث السلمي -بفتحتي -صحاب
جليل هو وأبوه ،ولبيه مناقب مشهورة رضى ال عنهما مات بالدينة بعد السبعي ،وقد كف بصره،
وله أربع وتسعون سنة.
قوله( :من لقي ال ل يشرك به شيئا) قال القرطب :أى ل يتخذ معه شريكا ف اللية ،ول ف اللق،
ول ف العبادة ،ومن العلوم من الشرع الجمع عليه عند أهل السنة :أن من مات على ذلك فل بد له
من دخول ال نة ،وإن جرت عل يه ق بل ذلك أنواع من العذاب والح نة .وأن من مات على الشرك ل
يدخل النة ول يناله من ال رحة ،ويلد ف النار أبد الباد ،من غي انقطاع عذاب ول تصرم آماد.
وقال النووي :أما دخول الشرك النار فهو على عمومه ،فيدخلها ويلد فيها،ول فرق فيه بي الكتاب
اليهودي والنصران،وبي عبدة الوثان وسائر الكفرة ،ول فرق عند أهل الق بي الكافر عنادا وغيه،
ول بي من خالف ملة السلم وبي من انتسب إليها ث حكم بكفره بحده وغي ذلك .وأما دخول
من مات غي مشرك النة فهو مقطوع له به .لكن إن ل يكن صاحب كبية مات مصرا عليها دخل
النة أول ،وإن كان صاحب كبية مات مصرا عليها فهو تت الشيئة .فإن عفا ال عنه دخل النة
أولً ،وإل عذب ف النار ث أخرج من النار وأدخل النة.
وقال غيه :اقتصر على نفي الشرك لستدعائه التوحيد بالقتضاء واستدعائه إثبات الرسالة باللزوم .إذ
من كذب ر سل ال ف قد كذب ال ،و من كذب ال ف هو مشرك ،و هو كقولك :من تو ضأ صحت
صلته .أي مع سائر الشروط ،فالراد :من مات حال كونه مؤمنا بميع ما يب اليان به إجا ًل ف
ل ف التفصيلي .انتهى.
الجال وتفصي ً
باب
الدعاء إل شهادة أن ل إله إل ال
لا ذكر الصنف رحه ال التوحيد وفضله ،وما يوجب الوف من ضده ،نبه بذه الترجة على أنه ل
ينب غى ل ن عرف ذلك أن يقت صر على نف سه ،بل ي ب عل يه أن يد عو إل ال تعال بالك مة والوع ظة
السنة .كما هو سبيل الرسلي وأتباعهم كما قال السن البصري لا تل قوله تعال " :ومن أحسن
قول من دعا إل ال وعمل صالا وقال إنن من السلمي " فقال :هذا حبيب ال ،هذا ول ال ،هذا
صفوة ال ،هذا خية ال ،هذا أ حب أ هل الرض إل ال ،أجاب ال ف دعو ته .ود عا الناس إل ما
أجاب ال فيه من دعوته ،وعمل صالا ف إجابته :إنن من السلمي .هذا خليفة ال.
قال رحه ال( :وقوله " :قل هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية أنا ومن اتبعن وسبحان ال وما
أنا من الشركي") :
قال أبو جعفر ابن جرير :يقول تعال ذكره لنبيه ممد صلى ال عليه وسلم (قل) يا ممد (هذه) الدعوة
ال ت أد عو إلي ها ،والطري قة ال ت أ نا علي ها ،من الدعاء إل توح يد ال ،وإخلص العبادة له دون الل ة
والوثان .والنتهاء إل طاع ته وترك معصيته (سبيلي) طريقت ،ودعوت (أد عو إل ال) تعال وحده ل
شريك له (على بصية) بذلك ،ويقي علم من به (أنا) ويدعو إليه على بصية أيضا من اتبعن وصدقن
وآمن ب (وسبحان ال) يقول له تعال ذكره :وقل .تنيها ل تعال وتعظيما له من أن يكون له شريك
ف ملكه أو معبود سواه ف سلطانه (وما أنا من الشركي) يقول :وأنا برىء من أهل الشرك به .لست
منهم ولهم من انتهى.
قال ف شرح النازل :يريد أن تصل باستدللك إل أعلى درجات العلم وهى البصية الت تكون نسبة
العلوم فيها إل القلب كنسبة الائي إل البصر ،وهذه هي الصيصة الت اختص با الصحابة عن سائر
المة وهي أعلى درجات العلماء .قال تعال" :قل هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية أنا ومن اتبعن"
أي أنا وأتباعي على بصية .وقيل (من اتبعن) عطف على الرفوع ف (أدعو) أى أنا أدعو إل ال على
ب صية ،و من اتبع ن كذلك يد عو إل ال تعال على ب صية ،وعلى القول ي :فال ية تدل على أن أتبا عه
هم أ هل البصائر الداعون إل ال تعال ،ومن ليس منهم فل يس من أتباعه على القي قة والوافقة ،وإن
كان من أتباعه على النتساب والدعوى.
قال الصنف رحه ال( :فيه مسائل :منها التنبيه على الخلص لن كثيا ولو دعا إل الق فهو يدعو
إل نفسه ،ومنها :أن البصية من الفرائض .ومنها :أن من دلئل حسن التوحيد أنه تنيه ل تعال عن
السبة .ومنها أن من قبح الشرك كونه مسبة ل تعال .ومنها إبعاد السلم عن الشركي ل يصي منهم
ولو ل يشرك) ا هه.
وقال العل مة ا بن الق يم رح ه ال تعال ف مع ن قوله تعال " :ادع إل سبيل ر بك بالك مة والوع ظة
السنة " الية .ذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلثة أقسام بسب حال الدعو ،فإنه إما أن يكون
طالبا للحق مبا له .مؤثرا له على غيه إذا عرفه .فهذا يدعى بالكمة .ول يتاج إل موعظة وجدال.
وإمها أن يكون مشتغلً بضهد القه .لكهن لو عرفهه آثره واتبعهه .فهذا يتاج إل الوعظهة بالترغيهب
والترهيب .وإما أن يكون معاندا معارضا ،فهذا يادل بالت هى أحسن .فإن رجع وإل انتقل معه إل
اللد إن أمكن .انتهى.
قال( :وعن ابن عباس رضى ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا بعث معاذا إل اليمن
قال" :إنك تأت قوما من أهل الكتاب .فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ل إله ال ال -وف
رواية :إل أن يوحدوا ال -فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن ال افترض علي هم خس صلوات
ف كل يوم وليلة .فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن ال افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم
وترد على فقرائ هم .فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموال م .وا تق دعوة الظلوم .فإ نه ل يس
بينها وبي ال حجاب" أخرجاه) :
قال الا فظ :كان ب عث معاذ إل الي من سنة ع شر .ق بل حج ال نب صلى ال عل يه و سلم ك ما ذكره
الصنف -يعن البخارى ف أواخر الغازي -وقيل :كان ذلك ف آخر سنة تسع عند منصرفه صلى
ال عليه وسلم من تبوك .رواه الواقدي بإسناد إل كعب بن مالك .وأخرجه ابن سعد ف لطبقات عنه
واتفقوا على أ نه ل يزل على الي من إل أن قدم ف خل فة أ ب ب كر ر ضى ال ع نه ث تو جه إل الشام
فمات با.
قال شيخ السلم :ومن فضائل معاذ رضى ال عنه أنه صلى ال عليه وسلم بعثه إل اليمن مبلغا عنه.
ومفقها ومعلما وحاكما.
قوله (إنك تأت قوما من أهل الكتاب) قال القرطب :يعن اليهود والنصارى ،لنم كانوا ف اليمن أكثر
من مشركي العرب أو أغلب ،وإنا نبه على ذلك ليتهيأ لناظرتم.
قوله (فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن ل إله إل ال شهادة رفع على أنه اسم يكن مؤخر .و أول
خبها مقدم .ويوز العكس.
قوله( :وف رواية إل أن يوحدوا ال) هذه الرواية ثابتة ف كتاب التوحيد من صحيح البخارى .وأشار
الصنف بذ كر هذه الروا ية إل التنبية على مع ن شهادة أن ل إله إل ال فإن معنا ها توح يد ال بالعبادة
ون في عبادة ما سواه .و ف روا ية فلي كن أول ما تدعو هم إل يه عبادة ال وذلك هو الك فر بالطاغوت
واليان بال ،ك ما قال تعال " :ف من يك فر بالطاغوت ويؤ من بال ف قد ا ستمسك بالعروة الوث قى ل
انفصام لا " والعروة الوثقى هى (ل إله إل ال) وف رواية للبخارى فقال :ادعهم إل شهادة أن ل إله
إل ال وأن رسول ال.
قلت :ل بد ف شهادة أن ل إله إل ال من سبعة شروط ،ل تنفع قائلها إل باجتماعها ،أحدها :العلم
النا ف للج هل .الثا ن :اليق ي النا ف لل شك .الثالث :القبول النا ف للرد .الرا بع :النقياد النا ف للترك.
الامس :الخلص الناف للشرك .السادس :الصدق الناف للكذب .السابع :الحبة النافية لضدها.
وفيه دليل على أن التوحيد -الذي هو إخلص العبادة ل وحده ل شريك له وترك عبادة ما سواه -
هو أول وا جب .ولذا كان أول ما د عت إل يه الر سل علي هم ال سلم" :أن اعبدوا ال ما ل كم من إله
غيه" وقال نوح" :أن ل تعبدوا إل ال" وفيه معن (ل إله إل ال) مطابقة.
قال شيخ السلم :وقد علم بالضطرار من دين الرسول صلى ال عليه وسلم واتفقت عليه المة أن
أ صل ال سلم وأول ما يؤ مر به اللق :شهادة أن ل إله إل ال ،وأن ممدا ر سول ال ،فبذلك ي صي
الكافر مسلما ،والعدو وليا ،والباح دمه وماله :معصوم الدم والال .ث إن كان ذلك من قلبه فقد دخل
ف اليان وإن قاله بلسانه دون قلبه فهو ف ظاهر السلم دون باطن اليان .قال :وأما إذا ل يتكلم با
مع القدرة فهو كافر باتفاق السلمي باطنا وظاهرا ،عند سلف المة وأئمتها وجاهي العلماء ا هه.
قال ال صنف رح ه ال تعال( :وف يه أن الن سان قد يكون عالا و هو ل يعرف مع ن ل إله إل ال أو
يعرفه ول يعمل به) .
قوله( :فإن ههم أطاعوك لذلك) أي شهدوا وانقادوا لذلك (فأعلمههم أن ال افترض عليههم خسه
صلوات) فيه :أن الصلة أعظم واجب بعد الشهادتي .قال النووى ما معناه :أنه يدل على أن الطالبة
بالفرائض ف الدن يا ل تكون إل ب عد ال سلم .ول يلزم من ذلك أن ل يكو نا ما طبي ب ا ،ويزاد ف
عذابم بسببها ف الخرة .والصحيح أن الكفار ماطبون بفروع الشريعة الأمور به والنهى عنه .وهذا
قول الكثرين ا هه.
قوله( :فأعلمهم أن ال افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم).
فيه دليل على أن الزكاة أوجب الركان بعد الصلوات ،وأنا تؤخذ من الغنياء وتصرف إل الفقراء،
وإنا خص النب صلى ال عليه وسلم الفقراء لن حقهم ف الزكاة آكد من حق بقية الصناف الثمانية.
وف يه :أن المام هو الذى يتول ق بض الزكاة و صرفها :إما بنف سه أو نائ به ،ف من امت نع عن آدائ ها إل يه
أخذت منه قهرا.
ف الديث دليل على أنه يكفي إخراج الزكاة ف صنف واحد ،كما هو مذهب مالك وأحد.
وفيه :أنه ل يوز دفعها إل غن ول إل كافر غي الؤلف ،وإن الزكاة واجبة ف مال الصب والجنون،
كما هو قول المهور ،لعموم الديث.
قلت :والفقي إذا أفرد ف اللفظ تناول السكي وبالعكس ،كنظائره .كما قرره شيخ السلم.
قوله (إياك وكرائم أموالم) بنصب كرائم على التحذير ،وجع كرية قال صاحب الطالع هي الامعة
للكمال الم كن ف حق ها ،من غزارة ل ب ،وجال صورة ،وكثرة ل م و صوف .ذ كر النووي (قلت)
وهي خيار الال وأنفسه وأكثره ثنا.
وفيه :أنه يرم على العامل ف الزكاة أخذ كرائم الال ،ويرم على صاحب الال إخراج شرار الال .بل
يرج الوسط ،فإن طابت نفسه بالكرية جاز.
قوله( :واتق دعوة الظلوم) أي اجعل بينك وبينها وقاية بالعدل وترك الظلم ،وهذان المران يقيان من
رزقهما من جيع الشرور دنيا وأخرى.
وفيه تنبيه على التحذير من جيع أنواع الظلم.
قوله( :فإ نه) أي الشأن (ل يس بين ها وب ي ال حجاب) هذه الملة مف سرة لضم ي الشأن ،أي فإن ا ل
تجب عن ال فيقبلها.
و ف الد يث أيضا قبول خب الوا حد العدل ،ووجوب الع مل به .وب عث المام العمال لبا ية الزكاة.
وأنه يعظ عماله وولته ،ويأمرهم بتقوى ال تعال ،ويعلمهم ،وينهاهم عن الظلم ويعرفهم سوء عاقبته.
والتنبيه على التعليم بالتدريج .قاله الصنف.
واعلم أنه ل يذكر ف الديث الصوم والج ،فأشكل ذلك على كثي من العلماء .قال شيخ السلم:
أجاب بعض الناس :أن بعض الرواة اختصر الديث وليس كذلك .فإن هذا طعن ف الرواة .لن ذلك
قوله (أخرجاه) أي البخارى ومسلم ،وأخرجه أيضا أحد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.
قال( :ولما عن سهل بن سعد رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال يوم خيب" :
لعطيس الرايسة غدا رجلً يبس ال ورسسوله ويبسه ال ورسسوله ،يفتسح ال على يديسه فبات الناس
يدوكون ليلت هم ،أي هم يعطا ها .فل ما أ صبحوا غدوا على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم كل هم
يرجو أن يعطاها ،فقال :أين علي بن أب طالب ؟ فقيل :هو يشتكي عينيه قال فأرسلوا إليه ،فأت
به ،فبصق ف عينيه ودعا له ،فبأ كأن ل يكن به وجع ،فأعطاه الراية ،قال انفذ على رسلك حت
تنل بساحتهم ،ث ادعهم إل السلم ،وأخبهم با يب عليهم من حق ال تعال فيه،فو ال لن
يهدي ال بك رجلً واحدا خي لك من حر النعم") :
يدوكون أي يوضون.
قوله( :عن سهل بن سعد) أي ابن مالك بن خالد النصارى الزرجى الساعدى ،أب العباس صحاب
شهي ،وأبوه صحاب أيضا ،مات سنة ثان وثاني وقد جاوز الائة.
قوله( :قال يوم خيب) وف الصحيحي عن سلمة بن الكوع قال" :كان علي رضي ال عنه قد تلف
عن النب صلى ال عليه وسلم ف خيب ،وكان أرمد ،فقال :أنا أتلف عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم فخرج علي رضى ال عنه فلحق بالنب صلى ال عليه وسلم فلما كان مساء الليلة الت فتحها ال
عز وجل ف صباحها قال صلى ال عليه وسلم :لعطي الراية -أو ليأخذن الراية -غدا رجل يبه ال
ورسوله ،أو قال :يب ال ورسوله ،يفتح ال على يديه .فإذا نن بعلي وما نرجوه ،فقالوا :هذا علي،
فأعطاه رسول ال صلى ال عليه وسلم الراية ففتح ال عليه".
قوله( :لعط ي الراية) قال الافظ :ف روا ية بريدة" :إن دافع اللواء إل ر جل يبه ال ورسوله" وقد
صرح جاعة من أهل اللغة بترادفها ،ولكن روى أحد والترمذي من حديث ابن عباس "كانت راية
رسول ال صلى ال عليه وسلم سوداء ،ولواؤه أبيض" ومثله عند الطبان عن بريدة .وعن ابن عدي
عن أب هريرة وزاد مكتوب فيه :ل إله إل ال ممد رسول ال.
قوله( :يب ال ورسوله ويبه ال ورسوله) فيه فضيلة عظيمة لعلي رضى ال عنه.
قال شيخ السلم :ليس هذا الوصف متصا بعلي ول بالئمة ،فإن ال ورسوله يب كل مؤمن تقي،
ي ب ال ور سوله ،ل كن هذا الد يث من أح سن ما ي تج به على النوا صب الذ ين ل يتولو نه ،أو
يكفرونه أو يفسقونه ،كالوارج .لكن هذا الحتجاج ل يتم على قول الرافضة الذين يعلون النصوص
الدالة على فضائل الصحابة كانت قبل ردتم ،فإن الوارج تقول ف علي مثل ذلك ،ولكن هذا باطل،
فإن ال تعال ورسوله ل يطلق مثل هذا الدح على من يعلم ال أنه يوت كافرا.
قوله( :يفتح ال على يديه) صريح ف البشارة بصول الفتح ،فهو علم من أعلم النبوة.
قوله( :فبات الناس يدوكون ليلتههم) بنصهب (ليلتههم) و يدوكون قال الصهنف :يوضون .أي فيمهن
يدفعها إليه .وفيه حرص الصحابة على الي واهتمامهم به ،وعلو مرتبتهم ف العلم واليان.
قوله( :فلما أصبحوا غدوا على رسول ال صلى ال عليه وسلم كلهم يرجو أن يعطاها) وف رواية أب
هريرة عند مسلم أن عمر قال" :ما أحببت المارة إل يومئذ".
قال ش يخ إل سلم :إن ف ذلك شهادة ال نب صلى ال عل يه و سلم لعلي بإيا نه باطنا وظاهرا وإثباتا
لوالتهه ل تعال ورسهوله ووجوب موالة الؤمنيه له ،وإذا شههد النهب صهلى ال عليهه وسهلم لعيه
بشهادة ،أو د عا له أ حب كث ي من الناس أن يكون له م ثل تلك الشهادة وم ثل ذلك الدعاء ،وإن كان
النب يشهد بذلك للق كثي ويدعو للق كثي ،وهذا كالشهادة بالنة لثابت بن قيس.
وعبد ال بن سلم وإن كان شهد بالنة لخرين ،والشهادة بحبة ال ورسوله للذي ضرب ف المر.
قوله( :فقال أين علي بن أب طالب) فيه سؤال المام عن رعيته ،وتفقد أحوالم.
قوله( :فقيل هو يشتكي عينيه) أي من الرمد ،كما ف صحيح مسلم عن سعد بن أب وقاص فقال:
ادعوا ل عليا فأت به أرمد الديث ،وف نسخة صحيحة بط الصنف :فقيل هو يشتكي عينيه ،فأرسل
إليه مبن للفاعل ،وهو ضمي مستتر ف الفعل راجع إل النب صلى ال عليه وسلم ويتمل أن يكون
مبنيا ل ا ل ي سم فاعله .ول سلم من طر يق إياس بن سلمة بن الكوع عن أب يه قال :فأر سلن إل علي
فجئت به أقوده أرمد.
وقوله (ودعا له فبأ) هو بفتح الراء والمزة ،أي عوف ف الال ،عافية كاملة كأن ل يكن به وجع من
رمد ول ضعف بصر.
وعند الطبان من حديث علي فما رمدت ول صدعت منذ دفع النب صلى ال عليه وسلم إل الراية
وفيه دليل على الشهادتي.
قوله (فأعطاه الراية) قال الصنف :فيه اليان بالقدر لصولا لن ل يسع ومنعها عمن سعى.
قوله (وقال ان فذ على ر سلك) ب ضم الفاء ،اي ا مض ور سلك بك سر الراء و سكون ال سي ،أي على
رفقك من غي عجلة .وساحتهم فناء أرضهم وهو ما حولا.
وفيه :الدب عند القتال وترك العجلة والطيش ،والصوات الت ل حاجة إليها.
وف يه :أ مر المام عماله بالر فق من غ ي ض عف ول انتقاض عزي ة ،ك ما يش ي إل يه قوله ث ادع هم إل
ال سلم أي الذي هو مع ن شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا ر سول ال ،وإن شئت قلت ال سلم:
شهادة أن ل إله إل ال وأن ممدا عبده ورسوله ،وما اقتضته الشهادتان من إخلص العبادة ل وحده،
وإخلص الطا عة لر سوله صلى ال عل يه و سلم .و من ه نا طا بق الد يث الترج ة ك ما قال تعال ل نبيه
ورسوله " :قل يا أهل الكتاب تعالوا إل كلمة سواء بيننا وبينكم أن ل نعبد إل ال ول نشرك به شيئا
ول يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون ال فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ".
قال شيخ السلم رحه ال :والسلم هو الستسلم ل ،وهو الضوع له والعبودية له .كذا قال أهل
اللغة.
وقال رحه ال تعال :ودين السلم الذي ارتضاه ال وبعث به رسله :هو الستسلم له وحده ،فأصله
ف القلب .والضوع له وحده بعباد ته وحده دون ما سواه .ف من عبده وع بد م عه إلا آ خر ل ي كن
م سلما .و من ا ستكب عن عباد ته ل ي كن م سلما ،و ف ال صل :هو من باب الع مل ،ع مل القلب
والوارح .وأما اليان فأصله تصديق القلب ،وإقراره ومعرفته ،فهو من باب قول القلب التضمن عمل
القلب .انتهى.
فتبي أن أصل السلم هو التوحيد ونفي الشرك ف العبادة وهو دعوة جيع الرسلي ،وهو الستسلم
ل تعال بالتوحيد ،والنقياد له بالطاعة فيما أمرهم به على ألسن رسله ،كما قال تعال عن نوح أول
رسول أرسله" :أن اعبدوا ال واتقوه وأطيعون".
وفيه :مشروعية الدعوة قبل القتال ،لكن إن كانوا قد بلغتهم الدعوة جاز قتالم ابتداء لن النب صلى
ال عليه وسلم أغار على بن الصطلق وهم غارون وإن كانوا ل تبلغهم الدعوة وجبت دعوتم.
قوله وأخبهم با يب عليهم من حق ال تعال فيه أي ف السلم إذا أجابوك إليه فأخبهم با يب
من حقوقه الت لبد لم من فعلها :كالصلة والزكاة ،كما ف حديث أب هريرة" :فإذا فعلوا ذلك فقد
منعوا م ن دماء هم وأموال م إل بق ها " ول ا قال ع مر ل ب ب كر ف قتاله مان عي الزكاة ":ك يف تقا تل
النساء وقد قال رسول ال صلى اله عليه وسلم :أمرت أن أقاتل الناس حت يقولوا :ل إله إل ال .فإذا
قالو ها ع صموا م ن دماء هم وأموال م إل بق ها .قال أ بو ب كر :فإن الزكاة حق الال ،وال لو منعو ن
عناقا كانوا يؤدونا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،لقاتلتهم على منعها ".
وفيه :بعث إلمام الدعاة إل ال تعال ،كما كان النب صلى ال عليه وسلم وخلفائه الراشدون يفعلون،
كما ف السند عن عمر بن الطاب رضى ال عنه أنه قال ف خطبته " :أل إن وال ما أرسل عمال
إليكم ليضربوا أبشاركم ول ليأخذوا أموالكم .ولكن أرسلهم إليكم ليعلموكم دينكم وسننكم ".
قوله( :فو ال لن يهدى ال بك رجلً واحدا خي لك من حر النعم) أن مصدرية واللم قبلها مفتوحة
لنا لم القسم .وأن والفعل بعدها ف تأويل مصدر ،رفع على البتداء والب خي و حر بضم الهملة
وسكون اليم ،جع أحر .و النعم بفتح النون والعي الهملة ،أي خي لك من البل المر .وهي أنفس
أموال العرب.
قال النووي :وتشبيه أمور الخرة بأمور الدنيا إنا هو للتقريب إل الفهام ،وإل فذرة من الخرة خي
من الرض بأسرها وأمثالا معها.
وفيه :فضيلة من اهتدى على يديه رجل واحد ،وجواز اللف على الب والفتيا ولو ل يستحلف.
باب
تفسي التوحيد وشهادة أن ل إله إل ال
فإن قيل :قد تقدم ف أول الكتاب من اليات ما يبي معن ل إله ال ال وما تضمنته من التوحيد كقوله
تعال " :وقضى ربك أن ل تعبدوا إل إياه " وسابقها ولحقها ،وكذلك ما ذكره ف البواب بعدها،
فما فائدة هذه الترجة ؟
قيل :هذه اليات الذكورات ف هذا الباب فيها مزيد بيان بصوصها لعن كلمة الخلص وما دلت
عليه :من توحيد العبادة .فيها :الجة على من تعلق من النبياء والصالي يدعوهم ويسألم .لن ذلك
هو سبب نزول بعض هذه اليات ،كالية الول" :قل ادعوا الذين زعمتم من دونه" أكثر الفسرين
على أنا نزلت فيمن يعبد السيح وأمه ،والعزير واللئكة ،وقد نى ال عن ذلك أشد النهى ،كما ف
هذه ال ية من التهد يد والوع يد على ذلك .وهذا يدل على أن دعاء هم من دون ال شرك بال ،ينا ف
التوحيد ويناف شهادة أن ل إله إل ال ،فإن التوحيد أن ل يدعى إل ال وحده .وكلمة الخلص نفت
هذا الشرك ،لن دعوة غي ال تأليه وعبادة له .و الدعاء مخ العبادة.
و ف هذه ال ية :أن الد عو ل يلك لداع يه ك شف ضرر ول تويله من مكان إل مكان ،ول من صفة
إل صفة .ولو كان الد عو نبيا أو ملكا .وهذا يقرر بطلن دعوة كل مد عو من دون ال كائنا من
كان ،لن دعو ته تون داع يه أحوج ما كان إلي ها ،ل نه أشرك مع ال من ل ينف عه ول يضره .وهذه
الية تقرر التوحيد ،ومعن ل إله إل ال.
يبي أن هذا سبيل النبياء والرسلي ومن تبعهم من الؤمني .قال قتادة :تقربوا إليه بطاعته والعمل فيما
يرضيه وقرأ ابن زيد ":أولئك الذين يدعون يبتغون إل ربم الوسيلة أيهم أقرب " قال العماد ابن كثي:
وهذا ل خلف فيه بي الفسرين .وذكره عن عدة من أئمة التفسي.
قال العل مة ابن الق يم رح ه ال تعال :ف هذه ال ية ذ كر القامات الثلث :الب ،وهو ابتغاء التقرب
إليه .والتوسل إليه بالعمال الصالة .والرجاء والوف .وهذا هو حقيقة التوحيد وحقيقة دين السلم
كما ف السند عن بز بن حكيم عن أبيه عن جده أنه قال للنب صلى ال عليه وسلم " وال يا رسول
ال ما أتيتك إل بعد ما حلقت عدد أصابعي هذه :أن ل آتيك .فبالذي بعثك بالق ،ما بعثك به ؟
قال :السهلم .قال :ومها السهلم ؟ قال :أن تسهلم قلبهك وأن توجهه وجههك إل ال ،وأن تصهلي
ال صلوات الكتو بة ،وتؤدي الزكاة الفرو ضة" وأخرج م مد بن ن صر الروزى من حد يث خالد بن
معدان عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " إن لل سلم صوى ومنارا كمنار
الطريق .من ذلك أن تعبد ال ول تشرك به شيئا وتقيم الصلة وتؤت الزكاة وتصوم رمضان ،والمر
بالعروف والنههي عهن النكهر" وهذا معنه قوله تعال" :ومهن يسهلم وجههه إل ال وههو مسهن فقهد
استمسك بالعروة الوثقى وإل ال عاقبة المور".
وقوله تعال " :وإذ قال إبراهيم لبيه وقومه إنن براء ما تعبدون * إل الذي فطرن فإنه سيهدين *
وجعلها كلمة باقية ف عقبه ":
فتدبر كيف عب الليل عليه السلم عن هذه الكلمة العظيمة بعناها الذي دلت عليه .ووضعت له من
الباءة من كل ما يعبد من دون ال من العبودات الوجودة ف الارج :كالكواكب والياكل والصنام
ال ت صورها قوم نوح على صور ال صالي :ود و سواع ويغوث ويعوق ون سر ،وغي ها من الوثان
والنداد ال ت كان يعبد ها الشركون بأعيان ا .ول ي ستثن من ج يع العبودات إل الذي فطره ،و هو ال
وحده ل شريك له ،فهذا هو الذي دلت عليه كلمة الخلص .كما قال تعال" :ذلك بأن ال هو الق
وأن ما يدعون من دونه هو الباطل" فكل عبادة يقصد با غي ال :من دعاء وغيه فهي باطلة ،وهي
الشرك الذي ل يغفره ال ،قال تعال " ، :ث قيل لم أين ما كنتم تشركون * من دون ال قالوا ضلوا
عنا بل ل نكن ندعوا من قبل شيئا كذلك يضل ال الكافرين ".
وقوله تعال" :اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال والسيح ابن مري":
فصارت طاعتهم ف العصية عبادة لغي ال وبا اتذوهم أربابا ،كما هو الواقع ف هذه المة ،وهذا من
الشرك الكب الناف للتوحيد الذي هو مدلول شهادة ل إله إل ال.
فتبي بذه الية أن كلمة الخلص نفت هذا كله لنافاته لدلول هذه الكلمة .فأثبتوا ما نفته من الشرك
وتركوا ما أثبتته من التوحيد.
وقوله تعال" :ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا يبونم كحب ال" فكل من اتذ ندا ل يدعوه
من دون ال ويرغب إليه ويرجوه لا يؤمله منه من قضاء حاجاته وتفريج كرباته -كحال عباد القبور
والطواغيت والصنام -فل بد أن يعظموهم ويبوهم لذلك ،فإنم أحبو هم مع ال وإن كانوا يبون
ال تعال.
ويقولون ل إله إل ال ويصهلون ويصهومون ،فقهد أشركوا بال فه الحبهة بحبهة غيه وعبادة غيه
فاتاذهم النداد يبونم كحب ال يبطل كل قول يقولونه وكل عمل يعملونه .لن الشرك ل يقبل
م نه ع مل ،ول ي صح م نه .وهؤلء وإن قالوا ل إله إل ال ف قد تركوا كل ق يد قيدت به هذه الكل مة
العظيمة :من العلم بدلولا .لن الشرك جاهل بعناها ،ومن جهله بعناها جعل ال شريكا ف الحبة
وغيها ،وهذا هو الهل الناف للعلم با دلت عليه من الخلص :ول يكن صادقا ف قولا :لنه ل
ينف ما نفته من الشرك ،ول يثبت ما أثبتته من الخلص وترك اليقي أيضا ،لنه لو عرف معناها وما
دلت عليه لنكره أو شك فيه ،ول يقبله وهو الق ،ول يكفر با يعبد من دون ال ،كما ف الديث،
بل آ من ب ا يع بد من دون ال باتاذه ال ند ومب ته له وعباد ته إياه من دون ال ك ما قال تعال "والذ ين
آمنوا أشد حبا ل" لنم اخلصوا له الب فلم يبوا إل إياه،ويبون من أحب ويلصون أعمالم جيعا
ل ،ويكفرون با عبد من دون ال .فبهذا يتبي لن وفقه ال تعال لعرفة الق وقبوله دللة هذه اليات
العظيمهة على معنه شهادة أن ل إله إل ال ،وعلى التوحيهد الذي ههو معناهها الذي دعها إليهه جيهع
الرسلي .فتدبر.
قال( :قوله تعال " :أولئك الذ ين يدعون يبتغون إل رب م الو سيلة أي هم أقرب " ال ية،ي تبي مع ن
هذه ال ية بذ كر ما قبل ها ،و هو قوله تعال " قل ادعوا الذ ين زعم تم من دو نه فل يلكون ك شف
الضر عنكم ول تويلً").
قال ابن كثي رحه ال :يقول تعال (قل) يا ممد للمشركي الذين عبدوا غي ال "ادعوا الذين زعمتم
من دو نه" من ال صنام والنداد وارغبوا إلي هم ،فإن م ل يلكون ك شف ال ضر عن كم أي بالكل ية (ول
تويل) أي ول يولوه إل غيكم.
والع ن :أن الذي يقدر على ذلك هو ال وحده ل شر يك له ،الذي له اللق وال مر .قال العو ف عن
ابن عباس ف الية :كان أهل الشرك يقولون :نعبد اللئكة والسيح وعزيرا ،وهم الذين يدعون .يعن
اللئكة والسيح وعزيرا .
وروى البخاري ف الية عن ابن مسعود رضى ال عنه قال" :ناس من الن كانوا يعبدون فأسلموا "
وف رواية" :كان ناس من النس يعبدون ناسا من الن فأسلم الن وتسك هؤلء بدينهم".
وقول ابن مسعود هذا يدل على أن الوسيلة هى السلم ،وهو كذلك على كل القولي.
وقال السدي عن أب صال عن ابن عباس ف الية قال :عيسى وأمه وعزير وقال مغية عن إبراهيم:
كان ا بن عباس يقول ف هذه ال ية :هم عي سى وعز ير والش مس والق مر وقال ما هد :عي سى وعز ير
واللئكة.
وقوله" :يرجون رح ته ويافون عذا به "ل ت تم العبادة إل بالوف والرجاء ،ف كل داع د عا دعاء عبادة
أو استغاثة ل بد له من ذلك ،فإما أن يكون خائفا وإما أن يكون راجيا ،وإما أن يتمع فيه الوصفان.
قال شيخ السلم رحه ال تعال ،ف هذه الية الكرية ،لا ذكر أقوال الفسرين :وهذه القوال كلها
حق ،فإن ال ية ت عم من كان معبوده عابدا ل ،سواء كان من اللئ كة أو من ال ن أو من الب شر،
وال سلف ف تف سيهم يذكرون تف سي ج نس الراد بال ية على نوع التمث يل ،ك ما يقول الترجان ل ن
سأله :ما معن البز ؟ فييه رغيفا ،فيقول هذا ،فالشارة إل نوعه ل إل عينه ،وليس مرادهم من هذا
تصيص نوع من شول الية ،فالية خطاب لكل من دعا من دون ال مدعوا ،وذلك الدعو يبتغي ال
ال الوسيلة ويرجو رحته وياف عذابه ،فكل من دعا ميتا أو غائبا من الولياء والصالي سواء كان
بلفظ الستغاثة أو غيها فقد تناولته هذه الية الكرية ،كما تتناول من دعا اللئكة والن ،فقد نى
ال تعال من دعائهم ،وبي أنم ل يلكون كشف الضر عن الداعي ول تويله ،ول يرفعونه بالكلية
ول يولو نه من مو ضع إل مو ضع ،كتغي ي صفته أو قدره ،ولذا قال( :ول تويل) فذ كر نكرة ت عم
أنواع التحويل ،فكل من دعا ميتا أو غائبا من الولياء والصالي أو دعا اللئكة فقد دعا من ل يغيثه
ول يلك كشف الضر عنه ول تويله اه.
وف هذه الية رد على من يدعو صالا ويقول :أنا ل أشرك بال شيئا ،الشرك عبادة الصنام.
قال( :وقوله " وإذ قال إبراهيم لبيه وقومه إنن براء ما تعبدون * إل الذي فطرن " الية) :
قال ابهن كثيه :يقول تعال مبها عهن عبده ورسهوله وخليله إمام النفاء ،ووالد مهن بعهث بعده مهن
النبياء ،الذي تنتسب إليه قريش ف نسبها ومذهبها :أنه تبأ من أبيه وقومه ف عبادتم الوثان فقال" :
إنن براء ما تعبدون * إل الذي فطرن فإنه سيهدين * وجعلها كلمة باقية ف عقبه لعلهم يرجعون " أي
هذه الكلمة وهي عبادة ال وحده ل شريك له .وخلع ما سواه من الوثان ،وهي ل إله إل ال جعلها
ف ذريته يقتدى به فيها من هداه ال من ذرية إبراهيم عليه السلم (لعلهم يرجعون) أي إليها.
قال عكرمة وماهد والضحاك وقتادة والسدي وغيهم ف قوله " :وجعلها كلمة باقية ف عقبه لعلهم
يرجعون " يعن ل إله إل ل ل يزال ف ذريته من يقولا.
وروى ا بن جر ير عن قتادة " إن ن براء م ا تعبدون * إل الذي فطر ن " قال :كانوا يقولون :ال رب نا :
"ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن ال" فلم يبأ من ربه رواه عبد بن حيد .وروى ابن جرير وابن النذر
عن قتادة " وجعل ها كل مة باق ية ف عق به " قال :الخلص والتوح يد ل يزال ف ذري ته من يع بد ال
ويوحده.
قلت :فتبي أن معن ل إله إل ال توحيد العبادة بإخلص العبادة له والباءة من كل ما سواه.
قال الصنف رحه ال (وذكر سبحانه أن هذه الباءة وهذه الوالة ،هي شهادة أن ل إله إل ال).
وف هذا العن يقول العلمة الافظ ابن القيم رحه ال ف الكلمة الشافية:
قال( :وقوله تعال "اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال" ...الية) :
الحبار :هم العلماء والرهبان هم العباد .وهذه الية قد فسرها رسول ال صلى ال عليه وسلم لعدي
بن حا ت ،وذلك أ نه ل ا جاء م سلما د خل على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فقرأ عل يه هذه ال ية.
قال :فقلت :إنمه ل يعبدوههم .فقال :بلى :إنمه حرموا عليههم اللل وحللوا لمه الرام فاتبعوههم،
فذلك عبادتم إياهم رواه أحد والترمذي وحسنه ،وعبد بن حيد وابن أب حات والطبان من طرق.
قال السهدي :اسهتنصحوا الرجال ونبذوا كتاب ال وراء ظهورههم .ولذا قال تعال" :ومها أمروا إل
ليعبدوا إلا واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون" فإن اللل ما أحله ال ،والرام ما حرمه ال،
والدين ما شرعه ال.
فظ هر بذا أن ال ية دلت على أن من أطاع غ ي ال ور سوله ،وأعرض عن ال خذ بالكتاب وال سنة ف
تليل ما حرم ال ،أو تري ما أحله ال ،وأطاعه ف معصية ال ،واتبعه فيما ل يأذن به ال ،فقد اتذه
ربا ومعبودا وجعله ل شريكا ،وذلك يناف
التوح يد الذي هو د ين ال الذي دلت عل يه كل مة الخلص (ل إله إل ال) فإن الله هو العبود ،و قد
سى ال تعال طاعت هم عبادة ل م ،و ساهم أربابا ك ما قال تعال " :ول يأمر كم أن تتخذوا اللئ كة
وال نبيي أربابا " أي شركاء ل تعال ف العبادة " أيأمر كم بالك فر ب عد إذ أن تم م سلمون " وهذا هو
الشرك .فكل معبود رب ،وكل مطاع ومتبع على غي ما شرعه ال ورسوله فقد اتذا الطيع التبع ربا
ومعبودا ،كما قال تعال ف آية النعام" :وإن أطعتموهم إنكم لشركون" وهذا هو وجه مطابقة الية
للترجة ،ويشبه هذه الية ف العن قوله تعال " :أم لم شركاء شرعوا لم من الدين ما ل يأذن به ال"
وال أعلم.
قال ش يخ ال سلم ف مع ن قوله "اتذوا أحبار هم ورهبان م أربابا من دون ال" وهؤلء الذ ين اتذوا
أحبارههم ورهبانمه أربابا حيهث أطاعوههم فه تليهل مها حرم ال وتريه مها أحهل ال يكونون على
وجهي :أحدها :أن يعلموا أنم بدلوا دين ال فيتبعونم على هذا التبديل ،فيعتقدون تليل ما حرم ال
أو تري ما أحل ال ،اتباعا لرؤسائهم ،مع علمهم أنم خالفوا دين الرسل .فهذا كفر ،وقد جعله ال
ورسوله شركا ،وإن ل يكونوا يصلون لم ويسجدون لم .فكان من اتبع غيه ف خلف الدين مع
علمه أنه خلف للدين ،واعتقد ما قاله ذلك دون ما قاله ال ورسوله ،مشركا مثل هؤلء.
الثان :أن يكون اعتقادهم وإيانم بتحري الرام وتليل اللل ثابتا ،لكنهم أطاعوهم ف معصية ال،
ك ما يف عل ال سلم ما يفعله من العا صي ال ت يعت قد أن ا معاص ،فهؤلء ل م ح كم أمثال م من أ هل
الذنوب ،كما قد ثبت "عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال :إنا الطاعة ف العروف".
ث ذلك الحرم للحلل والحلل للحرام إن كان متهدا ق صده اتباع الر سل ل كن خ فى عل يه ال ق ف
نفس المر وقد اتقى ال ما استطاع ،فهذا ل يؤاخذه ال بطئه بل يثيبه على اجتهاده الذي أطاع به
ربه .ولكن من علم أن هذا أخطأ فيما جاء به الرسول ث اتبعه على خطئه وعدل عن قول الرسول.
فهذا له ن صيب من هذا الشرك الذي ذ مه ال ،ل سيما إن ات بع ذلك هواه ون صره بال يد والل سان مع
عل مه أ نه مالف للر سول .فهذا شرك ي ستحق صاحبه العقو بة عل يه ،ولذا ات فق العلماء على أ نه إذا
عرف الق ل يوز له تقليد أحد ف خلفه ،وإنا تنازعوا ف جواز التقليد للقادر على الستدلل .وإن
كان عا جز عن إظهار ال ق الذي يعل مه .فهذا يكون ك من عرف أن الد ين ال سلم حق و هو ب ي
النصارى ،فإذا فعل ما يقدر عليه من الق ل يؤاخذ با عجز عنه ،وهؤلء كالنجاشي وغيه .وقد أنزل
ال ف هؤلء اليات من كتابه كقوله تعال" :وإن من أهل الكتاب لن يؤمن بال وما أنزل إليكم وما
أنزل إليهم" وقوله" :وإذا سعوا ما أنزل إل الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ما عرفوا من الق "
الية وقوله " :ومن قوم موسى أمة يهدون بالق وبه يعدلون " .وأما إن كان الت بع للمجتهد عاجزا
عن معرفة الق على التفضيل وقد فعل ما يقدر عليه مثله :من الجتهاد ف التقليد فهذا ل يؤاخذ إن
أخطأ كما ف القبلة .وأما من قلد شخصا دون نظيه بجرد هواه ،ونصره بيده ولسانه من غي علم أن
م عه ال ق ،فهذا من أ هل الاهل ية ،وإن كان متبو عه م صيبا ل ي كن عمله صالا ،وإن كان متبو عه
مطئا كان آثا .كمن قال ف القرآن برأيه ،فإن أصاب فقد أخطأ ،وإن أخطأ فليتبوأ مقعده من النار،
وهؤلء من ج نس ما نع الزكاة الذي تقدم ف يه الوع يد ،و من ج نس ع بد الدينار والدر هم والقطي فة
والمي صة ،فإن ذلك ل ا أ حب الال من عه من عبادة ال وطاع ته و صار عبدا له،وكذلك هؤلء فيكون
فيهم شرك أصغر ،ولم من الوعيد بسب ذلك ،وف الديث" :إن يسي الرياء شرك" وهذا مبسوط
عند النصوص الت فيها إطلق الكفر والشرك على كثي الذنوب .انتهى.
وقال أبو جعفر بن جرير ف معن قول ال تعال "وتعلون له أندادا" أي وتعلون لن خلق ذلك أندادا
وهم الكفاء من الرجال تطيعونم ف معاصى ال .انتهى.
قال( :وقوله " :ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا يبونم كحب ال " ...الية) :
قال العماد ا بن كث ي رح ه ال :يذ كر ال حال الشرك ي به ف الدن يا ومآل م ف الدار الخرة ،ح يث
جعلوا ل أندادا ،أي أمثالً ونظراء يعبدون م م عه ويبون م كح به ،و هو ال ل إله إل هو ،ول ضد له
ول ند له ،ول شر يك م عه .و ف ل صحيحي عن "ع بد ال بن م سعود ر ضى ال ع نه قال :قلت :يا
رسول ال ؟ أي الذنب أعظم ؟ قال :أن تعل ل ندا وهو خلقك".
وقوله" :والذين آمنوا أشد حبا ل" ولبهم ل تعال وتام معرفتهم به وتوقيهم وتوحيدهم ل يشركون
به شيئا .بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه ،ويلجأون ف جيع أمورهم إليه .ث توعد تعال الشركي
به ،الظال ي لنف سهم بذلك .فقال تعال" :ولو يرى الذ ين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة ل جيعا"
قال بعضههم تقديهر الكلم ،لو عاينوا العذاب لعلموا حينئذ أن القوة ل جيعا ،أي أن الكهم له وحده
ل شريهك له ،فإن جيهع الشياء تته قهره وغلبتهه وسهلطانه " وأن ال شديهد العذاب " كمها قال
تعال " ، :فيومئذ ل يعذب عذابه أحد * ول يوثق وثاقه أحد " يقول :لو علموا ما يعانون هناك وما
يل بم من المر الفظيع النكر الائل على شركهم وكفرهم لنتهوا عما هم فيه من الضلل .ث أخب
عن كفر هم بأعوان م و تبؤ التبوع ي من التابع ي .فقال تعال" :إذ تبأ الذ ين اتبعوا من الذ ين اتبعوا"
ترأت منهم اللئكة الذين كانوا يزعمون أنم يعبدونم ف الدار الدنيا ،فتقول اللئكة " :تبأنا إليك ما
كانوا إيا نا يعبدون" ويقولون " :سبحانك أ نت ولي نا من دون م بل كانوا يعبدون ال ن أكثر هم ب م
مؤمنون" الن أيضا يتبأون منهم ويتنصلون من عبادتم لم ،كما قال تعال " ، :ومن أضل من يدعو
من دون ال من ل يستجيب له إل يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لم
أعداء وكانوا بعبادتم كافرين " .انتهى كلمه.
روى ابن جرير عن كلمه ف قوله تعال "يبونم كحب ال" مباهاة ومضاهاة للحق سبحانه بالنداد
"والذين آمنوا أشد حبا ل" من الكفار لوثانم.
قال الصنف رحه ال تعال (ومن المور البينة لتفسي التوحيد وشهادة أن ل إله إل ال :آية البقرة ف
الكفار الذ ين قال تعال في هم "وما هم بارج ي من النار" ذ كر أن م يبون أنداد هم ك حب ال ،فدل
على أن م يبون ال حبا عظيما ،فلم يدخلوا ف ال سلم ،فك يف بن أ حب ال ند أكب من حب ال ؟
فكيف بن ل يب إل الند وحده ؟) ا هه.
ففى الية بيان أن من أشرك مع ال تعال غيه ف الحبة فقد جعله شريكا ل ف العبادة واتذه ندا من
دون ال ،وأن ذلك هو الشرك الذى ل يغفره ال ،ك ما قال تعال ف أولئك "و ما هم بارج ي من
النار" وقوله" :ولو يرى الذيهن ظلموا إذ يرون العذاب" الراد بالظلم هنها الشرك .كقوله" :ول يلبسهوا
إيان م بظلم" ك ما تقدم .ف من أ حب ال وحده ،وأ حب ف يه وله ف هو ملص ،و من أح به وأ حب م عه
غيه ،ف هو مشرك ،ك ما قال تعال " ، :يا أي ها الناس اعبدوا رب كم الذي خلق كم والذ ين من قبل كم
لعل كم تتقون * الذي ج عل ل كم الرض فرا شا وال سماء بناء وأنزل من ال سماء ماء فأخرج به من
الثمرات رزقا لكم فل تعلوا ل أندادا وأنتم تعلمون ".
قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال ما معناه :فمن رغب إل غي ال ف قضاء حاجة أو تفريج كربة:
لزم أن يكون مبا له ومبته هى الصل ف ذلك .انتهى.
فكلمهة الخلص ل إله إل ال تنفهى كهل شرك .فه أى نوع كان مهن أنواع العبادة ،وتثبهت العبادة
بميع أفرادها ل تعال .وقد تقدم بيان أن الله هو الألوه الذى تأله القلوب بالحبة وغيها من أنواع
العبادة فل إله إل ال ،ن فت ذلك كله عن غ ي ال ،وأثبت ته ل وحده .فهذا هو ما دلت عل يه كل مة
الخلص مطابقة ،فلبد من معرفة معناها واعتقاده ،وقبوله ،والعمل به باطنا وظاهرا .وال أعلم.
قال العلمة ابن القيم رحه ال تعال :فتوحيد الحبوب أن ل يتعدد مبوبه ،أى مع ال تعال بعبادته له،
وتوحيد الب :أن ل يبقى ف قلبه بقية حب حت يبذلا له ،فهذا الب -وإن سى عشقا -فهو غاية
صلح العبد ونعيمه وقرة عينه ،وليس لقلبه صلح ول نعيم إل بأن يكون ال ورسوله أحب إليه من
كل ما سواها ،وأن تكون مبته لغي ال تابعة لحبة ال تعال ،فل يب إل ال ،ول يب إل ال ،كما
ف الديث الصحيح ثلث من كن فيه الديث ومبة رسول ال صلى ال عليه وسلم هى من مبة ال،
ومبة الرء إن كانت ل فهى من مبته ،وإن كانت لغي ال فهى منقصة لحبة ال مضعفة لا ،ويصدق
هذه الح بة بأن تكون كراهي ته لب غض الشياء إل ال مبو به و هو الك فر -بنلة كراهي ته للقائه ف
النار أو أشد ،ول ر يب أن هذا من أع ظم الح بة ،فإك الن سان ل يقدم على مبة نفسه وحياته شيئا،
فإذا قدم م بة اليان بال على نف سه ب يث لو خ ي ب ي الك فر وب ي إلقائه ف النار لختار أن يل قى ف
النار ول يك فر ،كان أ حب إل يه من نف سه ،وهذه الح بة هى فوق ما يده العشاق الحبون من م بة
مبوبيهم ،بل ل نظي لذه الحبة .كما ل مثل لن تعلقت به ،وهى مبة تقتضى تقدي الحبوب فيها
على النفس والال والولد .وتقتضى كمال الذل والضوع والتعظيم والجلل والطاعة والنقياد ظاهرا
وباطنا .وهذا ل نظ ي له ف م بة الخلوق ،ولو كان الخلوق من كان .ولذا من أشرك ب ي ال وب ي
غيه ف هذه الحبة الاصة كان مشركا شركا ل يغفره ال .كما قال تعال" :ومن الناس من يتخذ من
دون ال أندادا يبونم كحب ال والذين آمنوا أشد حبا ل" والصحيح :أن معن الية :أن الذين آمنوا
أشد حبا من ال أهل النداد لندادهم .كما تقدم أن مبة الؤمني لربم ل ياثلها مبة ملوق أصلً،
كما ل ياثل مبوبم غيه ،وكل أذى ف مبة غيه فهو نعيم ف مبته .وكل مكروه ف مبة غيه فهو
قرة عي مبته .ومن ضرب لحبته المثال الت ف مبة الخلوق للمخلوق :كالوصل ،والجر والتجن
بل سبب من ال حب ،وأمثال ذلك م ا يتعال ال ع نه علوا كبيا .ف هو مطىء أق بح ال طأ وأفح شه،
وهو حقيق بالبعاد والقت .انتهى.
(وف "ال صحيح عن ال نب صلى ال عل يه وسلم أنه قال :من قال ل إله إل ال وكفر با يع بد من
دون ال حرم ماله ودمه وحسابه على ال" ) :
قوله ف الصحيح :أى صحيح مسلم عن أب مالك الشجعى عن أبيه عن النب صلى ال عليه وسلم
فذكره.
وأ بو مالك ا سه سعد بن طارق ،كو ف ث قة مات ف حدود الربع ي ومائة .وأبوه طارق بن أش يم -
بالعجمة والثناة التحتية وزن أحر -ابن مسعود الشجعى ،صحاب له أحاديث .قال مسلم :ل يرو
عنه غي ابنه .وف مسند المام أحد عن أب مالك قال :وسعته يقول للقوم":من وحد ال وكفر با
يع بد من دون ال حرم ماله ود مه وح سابه على ال عز و جل" ورواه المام أح د من طر يق يز يد بن
هارون قال أخبنا أبو مالك الشجعى عن أبيه .ورواه أحد عن عبد ال بن إدريس قال :سعت أبا
مالك قال :قلت لب -الديث .ورواية الديث بذا اللفظ تفسر :ل إله إل ال.
قوله( :من قال ل إله إل ال وكفر يا يعبد من دون ال) اعلم أن النب صلى ال عليه وسلم علق عصمة
الال والدم ف هذا الديث بأمرين.
الول :قول ل إله إل ال عن علم ويقي ،كما هو قيد ف قولا ف غي ما حديث كما تقدم.
والثان :الكفر با يعبد من دون ال ،فلم يكتف باللفظ الجرد عن العن ،بل لبد من قولا والعمل با.
قلت :وفيه معن " :فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لا".
قال الصنف رحه ال تعال( :وهذا من أعظم ما يبي معن ل إله إل ال ،فإنه ل يعل اللفظ با عاصما
للدم والال ،بل ول معرفة معناها مع لفظها ،بل ول القرار بذلك ،بل ول كونه ل يدعو إل ال وحده
ل شر يك له ،بل ل يرم ماله ود مه ح ت يض يف إل ذلك الك فر ب ا يع بد من دون ال ،فإن شك أو
تردد ل يرم ماله ود مه .ف يا ل ا من م سألة ما أجل ها و يا له من بيان ما أوض حه ،وح جة ما أقطع ها
للمنازع) انتهى.
قلت :وهذا هو الشرط ال صحح لقوله :ل إله إل ال فل ي صح قول ا بدون هذا ال مس ال ت ذكر ها
الصهنف رحهه ال أصهلً .قال تعال" :وقاتلوههم حته ل تكون فتنهة ويكون الديهن كله ل" وقال" :
فاقتلوا الشرك ي ح يث وجدتو هم وخذو هم واح صروهم واقعدوا ل م كل مر صد فإن تابوا وأقاموا
الصهلة وآتوا الزكاة فخلوا سهبيلهم " أمهر بقتالمه حته يتوبوا مهن الشرك ويلصهوا أعمالمه ل
تعال،ويقيموا الصلة ،ويؤتوا الزكاة ،فإن أبوا عن ذلك أو بعضه قوتلوا إجاعا.
وف صحيح مسلم عن "أب هريرة مرفوعا أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن ل إله إل ال ،ويؤمنوا
ب وب ا جئت به،فإذا فعلوا ذلك ع صموا م ن دماء هم وأموال م إل بق ها وح سابم على ال" و ف
"الصحيحي عن ابن عمر قال:قال رسول ال صلى ال عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا
أن ل إله إل ال وأن ممدا رسهول ال ويقيموا الصهلة ويؤتوا الزكاة .فإذا فعلوا ذلك عصهموا منه
دماءهم وأموالم إل بقها وحسابم على ال" وهذان الديثان تفسي اليتي :آية النفال ،وآية براءة.
وقد أجع العلماء على أن من قال :ل إله إل ال ول يعتقد معناها ول يعمل بقتضاها .أنه يقاتل حت
يعمل با دلت عليه من النفى والثبات.
قال أ بو سليمان الطا ب رح ه ال ف قوله :أمرت أن أقا تل الناس ح ت يقولوا :ل إله إل ال معلوم أن
الراد بذا أهل عبادة الوثان ،دون أهل الكتاب ،لنم يقولون :ل إله إل ال ث يقاتلون ول يرفع عنهم
السيف.
وقال القاضهى عياض :اختصهاص عصهمة الال والنفهس بنه قال ل إله إل ال تعهبي عهن الجابهة إل
اليان ،وأن الراد بذلك مشر كو العرب وأ هل الوثان ،فأما غيهم م ن ي قر بالتوحيد ،فل يكتفى ف
عصمته بقول ل إله إل ال إذ كان يقولا ف كفره .انتهى ملخصا.
وقال النووى :ل بد مع هذا من اليان بم يع ما جاء به الر سول صلى ال عل يه و سلم ك ما جاء ف
الرواية ويؤمنوا ب وبا جئت به.
وقال شيخ السلم ،لا سئل عن قتال التتار فقال :كل طائفة متنعة عن التزام شرائع السلم الظاهرة
من هؤلء القوم أو غيهم فإنه يب قتالم حت يلتزموا شرائعه ،وإن كانوا مع ذلك ناطقي بالشهادتي
وملتزمي بعض شرائعه .كما قاتل أبو بكر والصحابة رضى ال عنهم مانعى الزكاة .وعلى هذا اتفق
الفقهاء بعد هم .قال :فأي ا طائ فة امتن عت عن ب عض ال صلوات الفروضات أو ال صيام ،أو ال ج أو عن
التزام تري الدماء ،أو الموال أو المر ،أو اليسر أو نكاح ذوات الحارم ،أو عن التزام جهاد الكفار.
أو غ ي ذلك من التزام واجبات الد ين ومرما ته ال ت ل عذر ل حد ف جحود ها أو ترك ها ،الت يك فر
الواحد بحودها .فإن الطائفة المتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة با ،وهذا ما ل أعلم فيه خلفا بي
العلماء .قال :وهؤلء عند الحققي ليسوا بنلة البغاة ،بل هم خارجون عن السلم .انتهى.
قوله( :وحسهابه على ال) أي ال تبارك وتعال ههو الذى يتول حسهاب الذي يشههد بلسهانه بذه
الشهادة ،فإن كان صادقا جازاه بنات النع يم ،وإن كان منافقا عذ به العذاب الل يم .وأ ما ف الدن يا
فالكم على الظاهر ،فمن أتى بالتوحيد ول يأت با ينافيه ظاهرا والتزم شرائع السلم وجب الكف
عنه.
قلت :وأفاد الديث أن النسان قد يقول ل إله إل ال ول يكفر با يعبدون من دون ال فلم يأت با
يعصم دمه وماله كما دل على ذلك اليات الحكمات والحاديث.
قلت :وأن ما بعدها من البواب فيه ما يبي التوحيد ويوضح معن ل إله إل ال وفيه أيضا :بيان أشياء
كثية من الشرك الصغر والكب وما يوصل إل ذلك من الغلو والبدع ،ما تركه من مضمون ل إله إل
ال ف من عرف ذلك وتق قه تبي له مع ن ل إله إل ال و ما دلت عل يه من الخلص ون فى الشرك،
وبضدها تتبي الشياء ،فبمعر فة الصغر من الشرك يعرف ما هو أعظم م نه من الشرك ال كب الناف
للتوحيد ،وأما الصغر فإنا يناف كماله ،فمن اجتنبه فهو الوحد حقا ،وبعرفة وسائل الشرك والنهى
عن ها لتجت نب تعرف الغايات ال ت ن ى عن الو سائل لجل ها ،فإن اجتناب ذلك كله ي ستلزم التوح يد
والخلص بل يقتض يه .وف يه أيضا من أدلة التوح يد إثبات ال صفات وتن يه الرب تعال ع ما ل يل يق
بلله وكل ما يعرف بال من صفات كماله وأدلة ربوبيته يدل على أنه هو العبود وحده ،وأن العبادة
ل تصلح إل له ،وهذا هو التوحيد ،ومعن شهادة أن ل إله إل ال.
باب
من الشرك لبس اللقة واليط ونوها ،لرفع البلء أو دفعه
قوله( :باب من الشرك لبس اللقة واليط ونوها ،لرفع البلء أو دفعه) :
قال( :وقول ال تعال " :قل أفرأي تم ما تدعون من دون ال إن أراد ن ال ب ضر هل هن كاشفات
ضره أو أرادن برحة هل هن مسكات رحته ") :
قال ابن كثي :أي ل تستطيع شيئا من المر (قل حسب ال) أي ال كاف من توكل عليه (عليه يتوكل
التوكلون) كما قال هود عليه السلم حي قال قومه " - :إن نقول إل اعتراك بعض آلتنا بسوء قال
إن أشهد ال واشهدوا أن بريء ما تشركون * من دونه فكيدون جيعا ث ل تنظرون * إن توكلت
على ال رب وربكم ما من دابة إل هو آخذ بناصيتها إن رب على صراط مستقيم " قال مقاتل ف معن
الية :فسألم النب صلى اله عليه وسلم فسكتوا .أي لنم ل يعتقدون ذلك فيها.
وإنا كانوا يدعونا على معن أنا وسائط وشفعاء عند ال ،ل على أنم يكشفون الضر ،وييبون دعاء
الضطر،فهم يعلمون أن ذلك ل وحده .كما قال تعال " ، :ث إذا مسكم الضر فإليه تأرون * ث إذا
كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربم يشركون ".
قلت :فهذه ال ية وأمثال ا تب طل تعلق القلب بغ ي ال ف جلب أو د فع ضر ،وأن ذلك شرك بال .و ف
الية بيان أن ال تعال وسم أهل الشرك بدعوة غي ال والرغبة إليه من دون ال .والتوحيد ضد ذلك.
و هو أن ل يدعو إل ال ،ول ير غب إل إل يه ،ول يتو كل إل عليه ،وكذا جيع أنواع العبادة ل يصلح
منها شئ لغي ال .كما دل على ذلك الكتاب والسنة وإجاع سلف المة وأئمتها كما تقدم.
ل ف يده حل قة من صفر
قال"( :و عن عمران بن ح صي أن ال نب صلى ال عل يه و سلم رأى رج ً
فقال :ما هذه ؟ قال :من الواهنة .قال :انزعها فإنا ل تزيدك إل وهنا ،فإنك لو مت وهى عليك
ما أفلحت أبدا " رواه أحد بسند ل بأس به) :
قال المام أحد :حدثنا خلف بن الوليد حدثنا البارك عن "السن قال :أخبن عمران بن حصي أن
النب صلى ال عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة -قال أراها من صفر -فقال :ويك ما هذه ؟
قال :من الواهنة .قال :أما إنا ل تزيدك إل وهنا .انبذها عنك فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت
أبدا " رواه ابن حبان ف صحيحه فقال :فإنك لو مت وكلت إليها والاكم وقال :صحيح السناد،
وأقره الذهب ،وقال الاكم :أكثر مشاينا على أن السن سع من عمران ،وقوله ف السناد :أخبن
عمران يدل على ذلك.
قوله (عن عمران بن حصي) أي ابن عبيد خلف الذاعي ،أبو نيد -بنون وجيم -مصغر ،صحاب
عن صحاب ،أسلم عام خيب،ومات سنة اثنتي وخسي بالبصرة.
قوله (رأى رجلً) ف روا ية الا كم دخلت على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم و ف عضدي حل قة
صفر ،فقال :ما هذه الديث فالبهم ف رواية أحد هو عمران راوي الديث.
قوله (ما هذه) يتمل أن الستفهام للستفسار عن سبب لبسها ،ويتمل أن يكون للنكار وهو أشهر.
قوله( :من الواهنة) قال أبو السعادات :الواهنة عرق يأخذ ف النكب واليد كلها ،فيقى منها ،وقيل هو
مرض يأخذ ف العضد ،وهي تأخذ الرجال دون النساء وإنا نى عنها لنه إنا اتذها على أنا تعصمه
من الل ،وفيه اعتبار القاصد.
قوله(انزعها فإنا ل تزيدك إل وهنا) النع هو الذب بقوة ،أخب أنا ل تنفعه بل تضره وتزيده ضعفا،
وكذلك كل أمر نى عنه فإنه ل ينفع غالبا وإن نفع بعضه فضره أكب من نفعه.
قوله (فإنك لو مت وهو عليك ما أفلحت أبدا) لنه شرك ،والفلح هو الفوز والظفر والسعادة.
قال الصنف رحه ال تعال ( :فيه شاهد لكلم الصحابة :إن الشرك الصغر أكب الكبائر ،وأنه ل يعذر
بالهالة .وفيه النكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك ).
قوله ( :رواه أحد بسند ل بأس به ) هو المام أحد بن حنبل بن هلل ابن أسد بن إدريس بن عبد
ال بن حسان بن عبد ال بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن ابن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة
بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسعد بن
ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان _ المام العال أبو عبد ال الذهلي ث الشيبان الروزي ث البغدادي،
إمام أهل عصره وأعلمهم بالفقه والديث ،وأشدهم ورعا ومتابعة للسنة ،وهو الذي يقول فيه بعض
أهل السنة :عن الدنيا ما كان أصبه ،وبالاضي ما كان أشبهه ،أتته الدنيا فأباها ،والشبه فنفاها ،خرج
به من مرو وهو حل فولد ببغداد سنة أربع وستي ومائة ف شهر ربيع الول.
وطلب أحد العلم سنة وفاة مالك ،وهي سنة تسع وسبعي فسمع من هشيم وجرير بن عبد الميد
وسفيان بن عيينة ومعتمر بن سليمان ويي بن سعيد القطان وممد بن إدر يس الشافعي ويزيد بن
هرون وع بد الرزاق وع بد الرح ن بن مهدي وخلق ل ي صون ب كة والب صرة والكو فة وبغداد والي من
وغيها من البلد .روى عنه ابناه صال وعبد ال ،والبخاري ومسلم وأبو داود وإبراهيم الرب وأبو
زرعة الرازي وأبو زرعة الدمشقي وعبد ال بن أب الدنيا وأبو بكر الثرم وعثمان بن سعيد الدارمي
وأبو القاسم البغوى ،وهو آخر من حدث عنه ،وروى عنه من شيوخه عبد الرحن بن مهدي والسود
بن عا مر ،و من أقرا نه علي الدي ن وي ي بن مع ي .قال البخاري :مرض أح د لليلت ي خل تا من رب يع
الول ومات يوم الم عة لثن ت عشرة خلت م نه ،وقال حن بل :مات يوم الم عة ف رب يع الول سنة
إحدى وأربعي ومائتي وله سبع وسبعون سنة .وقال ابنه عبد ال والفضل بن زياد :مات ف ثان عشر
ربيع الخر رحه ال تعال.
قوله ( :وله عن عقبة بن عامر مرفوعا من تعلق تيمة فل أت ال له ،ومن تعلق ودعة فل ودع ال
له وف رواية :من تعلق تيمة فقد أشرك ) :
الديهث الول رواه المام أحده كمها قال الصهنف ،ورواه أيضا أبهو يعلى والاكهم وقال :صهحيح
السناد وأقره الذهب.
قوله( :وف رواية) أي من حديث آخر رواه أحد فقال :حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا عبد
العزيز بن مسلم حدثنا يزيد بن أب منصور عن دجي الجرى عن عقبة بن عامر الهن "أن رسول ال
صلى ال عليه وسلم أقبل إليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد ،فقالوا يا رسول ال ،بايعت تسعة
وأمسكت عن هذا ؟ فقال :إن عليه تيمة فأدخل يده فقطعها ،فبايعه وقال :من تعلق تيمة فقد أشرك"
ورواه الاكم ونوه .ورواته ثقات.
قوله( :عن عقبة بن عامر) صحاب مشهور فقيه فاضل ،ول إمارة مصر لعاوية ثلث سني ومات قريبا
من الستي.
قوله( :من تعلق تيمة) أي علقها متعلقا با قلبه ف طلب خي أو دفع شر ،قال النذري :خرزة كانوا
يعلقونا يرون أنا تدفع عنهم الفات ،وهذا جهل وضللة ،إذ ل مانع ول دافع غي ال تعال.
قوله( :و من تعلق ود عة) بف تح الواو و سكون الهملة .قال ف م سند الفردوس :شئ يرج من الب حر
يشبه الصدف يتقون به العي.
قوله( :فل ودع ال له) بتخف يف الدال ،أي ل جعله ف د عة و سكون ،قال أ بو ال سعادات وهذا دعاء
عليه.
قوله ( :وف رواية :من تعلق تيمة فعد أشرك ) قال أبو السعادات :إنا جعلها شركا لنم أرادوا دفع
القادير الكتوبة عليهم ،وطلبوا دفع الذى من غي ال الذي هو دافعه.
قال ابن أب حات :حدثنا ممد بن السي بن إبراهيم بن أشكاب حدثنا يونس بن ممد حدثنا حاد بن
سلمة عن عا صم الحول عن عروة قال :د خل حذي فة على مر يض ،فرأى ف عضده سيا فقط عه أو
انتزعه .ث قال " :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون ".
وابن أب حات هو المام أبو ممد عبد الرحن بن أب حات ممد بن إدريس الرازي التميمي النظلي
الافظ ،صاحب الرح والتعديل والتفسي وغيها مات سنة سبع وعشرين وثلثائة.
وحذيفة هو ابن اليمان .واسم اليمان :حسيل بهملتي مصغرا ،ويقال حسل -بكسر ث سكون -
العب سي بالوحدة ،حل يف الن صار ،صحاب جل يل من ال سابقي ويقال له صاحب ال سر وأبوه أيضا
صحاب ،مات حذيفة ف أول خلفة علي رضي ال عنه سنة ست وثلثي.
قوله( :وتل قوله" :وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون" استدل حذيفة رضي ال عنه بالية على
أن هذا شرك .ففيه صحة الستدلل على الشرك الصغر با أنزله ال ف الشرك الكب ،لشمول الية
ودخوله ف مسمى الشرك ،وتقدم معن هذه الية عن ابن عباس وغيه ف كلم شيخ السلم وغيه.
وال أعلم.
وف هذه الثار عن الصحابة :ما يبي كمال علمهم بالتوحيد وما ينافيه أو يناف كماله.
باب
ما جاء ف الرقي والتمائم
قوله( :عن أب بشي) بفتح أوله وكسر العجمة ،قيل اسه قيس بن عبيد قاله ابن سعد .وقال ابن عبد
الب :ل يو قف له على ا سم صحيح ،هو صحاب ش هد الندق ومات ب عد ال ستي .ويقال :إ نه جاوز
الائة.
قوله( :ف بعض أسفاره) قال الافظ :ل أقف على تعيينه.
قوله( :فأرسل رسولً) هو زيد بن حارثة .روى ذلك الارث بن أب أسامة ف مسنده قاله الافظ.
قوله( :أن ل يبق ي) بالثناة التحت ية والقاف الفتوحت ي وقلدة مرفوع على أ نه فا عل و الو تر بفتحت ي،
وأحد أوتار القوس .وكان أهل الاهلية إذا اخلولق الوتر أبدلوه بغيه وقلدوا به الدواب إعتقادا منهم
أنه يدفع عن الدابة العي.
قوله( :أو قلدة إل قطعت) معناه :أن الراوى شك هل قال شيخه :قلدة من وتر أو قال :قلدة وأطلق
ول يقيده ؟ ويؤ يد الول ما روى عن مالك أ نه سئل عن القلدة ؟ فقال :ما سعت بكراهت ها إل ف
الوتر .ولب داود ول قلدة بغي شك.
قال البغوى ف شرح السنة :تأول مالك أمره عليه الصلة والسلم بقطع القلئد على أنه من أجل العي
وذلك أنمه كانوا يشدون الوتار والتمائم ويعلقون عليهها العوذ ،يظنون أناه تعصهمهم مهن الفات.
فنهاهم النب صلى ال عليه وسلم عنها وأعلمهم أنا ل ترد من أمر ال شيئا.
قال أ بو عب يد :كانوا يقلدون ال بل الوتار ،لئل ت صيبها الع ي ،فأمر هم ال نب صلى ال عل يه و سلم
بإزالتها إعلما لم بأن الوتار ل ترد شيئا .وكذا قال إبن الوزى وغيه.
قال الافظ :ويؤيده حديث عقبة بن عامر ،رفعه من تعلق تيمة فل أت ال له رواه أبو داود .وهى ما
علق من القلئد خشية العي ونو ذلك .انتهى.
قال الصنف( :وعن ابن مسعود :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :إن الرقى والتمائم
والتولة شرك رواه أحد وأبو داود) :
وف يه ق صة ،ول فظ أ ب داود :عن "زي نب امرأة ع بد ال بن م سعود قالت :إن ع بد ال رأى ف عن قى
خيطا فقال :ما هذا ؟ قلت :خيط رقى ل فيه .قالت :فأخذه ث قطعه ،ث قال :أنتم آل عبد ال لغنياء
عن الشرك سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :إن الرقى والتمائم والتولة شرك .فقلت :لقد
كانت عين تقذف ،وكنت أختلف إلىفلن اليهودي ،فاذا رقى ف سكنت .فقال عبد ال :إنا ذلك
ع مل الشيطان ،كان ينخ سها بيده ،فإذا كف عن ها .إن ا كان يكف يك أن تقول ك ما كان ر سول ال
صلى ال عليه وسلم يقول :أذهب البأس ،رب البأس ،واشف أنت الشاف ،ل شفاء إل شفاؤك شفاء
ل يغادر سقما" ورواه ابن ماجه وابن حبان والاكم وقال :صحيح ،وأقره الذهب.
قوله( :إن الرقى) قال الصنف ( :هى الت تسمى العزائم ،و خص منه الدل يل ما خل من الشرك ،ففد
رخص فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم من العي والمة) يشي إل أن الرقى الوصوفة بكونا شركا
هى الت يستعان فيها بغي ال ،وأما إذا ل يذكر فيها إل بأساء ال وصفاته وآياته ،والأثور عن النب
صلى ال عليه وسلم ،فهذا حسن جائز أو مستحب.
قوله (فقد رخص فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم من العي والمة) كما تقدم ذلك ف باب من
حقق التوحيد .وكذا رخص ف الرقى من غيها ،كما ف صحيح مسلم عن "عوف بن مالك :كنا
نرقى ف الاهلية ،فقلنا يا رسول ال كيف ترى ف ذلك ؟ فقال :اعرضوا علي رقاكم .ل بأس بالرقى
ما ل تكن شركا" وف الباب أحاديث كثية.
قال الطاب :وكان عليه السلم قد رقى ورقى ،وأمر با وأجازها ،فإذا كانت بالقرآن وبأساء ال فهى
مباحة أو مأمور با ،وإنا جاءت الكراهة والنع فيما كان منها بغي لسان العرب ،فإنه ربا كان كفرا
أو قو ًل يدخله شرك.
قلت :من ذلك ما كان على مذا هب الاهل ية ال ت يتعاطون ا ،وأن ا تد فع عن هم الفات ويعتقدون أن
ذلك من قبل الن ومعونتهم .وبنحو هذا ذكر الطاب.
وقال ال سيوطى :قد أج ع العلماء على جواز الر قى عند اجتماع ثلث شروط :أن تكون بكلم ال أو
بأ سائه و صفاته ،وبالل سان العر ب :ما يعرف معناه ،وأن يعت قد أن الرق ية ل تؤ ثر بذات ا بل بتقد ير ال
تعال.
قوله( :والتمائم) قال ال صنف ( :شئ يعلق على الولد من الع ي) وقال اللخال :التمائم ج ع تي مة
و هى ما يعلق بأعناق الصبيان من خرزات وعظام لدفع الع ي ،وهذا منهى عنه .ل نه ل دا فع إل ال،
ول يطلب دفع الؤذيات ال بال وبأسائه وصفاته.
قال الصنف( :لكن إذا كان العلق من القرآن فرخص فيه بعض السلف .وبعضهم ل يرخص فيه
ويعله من النهى عنه .منهم ابن مسعود) :
اعلم أن العلماء من الصحابة والتابعي فمن بعدهم اختلفوا ف جواز تعليق التمائم الت من القرآن أساء
ال وصفاته ،فقالت طائفة يوز ذلك ،وهو قول عبد ال بن عمرو بن العاص وهو ظاهر ما روى عن
عائشة .وبه قال أبو جعفر الباقر وأحد ف رواية .وحلوا الديث على التمائم الت فيها شرك.
وقالت طائفة ل يوز ذلك .وبه قال ابن مسعود وابن عباس .وهو ظاهر قول حذيفة وعقبة بن عامر
وابن عكيم ،وبه قال جاعة من التابعي ،منهم أصحاب ابن مسعود وأحد ف رواية اختارها كثي من
أصحابه ،وحزم با التأخرون ،واحتجوا بذا الديث وما ف معناه.
قوله( :التولة) ،قال الصنف( :هى شئ يصنعونه يزعمون أنه يبب الرأة إل زوجها والرجل إل امرأته
وبذا فسهرها ابهن مسهعود راوي الديهث :كمها فه صهحيح ابهن حبان والاكهم قالوا :يها أبها عبهد
الرحن،هذه الرقى والتمائم قد عرفناها فما التولة؟ قال :شئ نصنعه للنساء يتحبب به إل أزواجهن.
قال الا فظ :التولة :بك سر الثناة وف تح الواو واللم مففا -شيئا كا نت الرأة تلب به م بة زوج ها،
وهو ضرب من السحر ،وال أعلم.
قال الصنف( :وعن عبد ال بن عكيم مرفوعا من تعلق شيئا وكل إليه رواه أحد والترمذي) :
ورواه ابو داود والاكم ،وعبد ال بن عكيم هو بضم الهملة مصغرا ،ويكن أبا معبد ،الهن الكوف.
قال البخاري :أدرك زمن النب صلى ال عل يه وسلم ول يعرف له ساع صحيح وكذا قال أبو حات.
قال الطيب سكن الكوفة وقدم الدائن ف حياة حذيفة وكان ثقة ،وذكر ابن سعد من غيه أنه مات
ف ولية الجاج.
قوله( :و من تعلق شيئا و كل إل يه) التعلق يكون بالقلب ،ويكون بالف عل ،ويكون ب ما و كل إل يه أي
وكله ال إل ذلك الشئ الذي تعلقه فمن تعلق بال وأنزل حوائجه إليه والتجأ إليه ،وفوض أمره إليه،
وكفاه وقرب إل يه كل بع يد وي سر له كل ع سي ،و من تعلق بغيه أو سكن إل رأ يه وعقله ودوائه
وتائمه ونو ذلك ،وكله ال إل ذلك وخذله ،وهذا معروف بالنصوص والتجارب .قال تعال " :ومن
يتوكل على ال فهو حسبه".
قال المام أحد :حدثنا هشام بن القاسم حدثنا أبو سعيد الؤدب حدثنا من سع عطاء الرسان قال:
لقيت وهب بن من به وهو يطوف بالبيت فقلت :حدث ن حديثا أحفظه عنك ف مقامي هذا وأوجز.
قال :نعم ،اوحى ال تبارك وتعال إل داود :يا داود،وأما عزت وعظمت ل يعتصم ب عبد من عبادي
دون خلقي أعرف ذلك من نيته ،فتكيده السموات السبع ومن فيهن والرضون السبع ومن فيهن إل
جعلت له بينهن مرجا وأما عزت وعصمت ل يعتصم عبد من عبادي بخلوق دون أعرف ذلك من
نيته ،إل قطعت أسباب السماء من يده وأسخت الرض من تت قدميه ث ل أبال بأي أوديتها هلك.
قال الصنف( :وروى المام أحد عن رويفع قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " يا رويفع،
ل عل الياة ستطول بك ،فأ خب الناس أن من ع قد لي ته أو تقلد وترا أو ا ستنجى برج يع دا بة أو
عظم ،فإن ممدا بريء منه ") :
الديث رواه المام أحد عن يي بن إسحاق والسن بن موسى الشيب كلها عن ابن ليعة .وفيه
قصة اختصرها الصنف .وهذا لفظ حسن :حدثنا ابن ليعة حدثنا عياش بن عباس عن شييم بن بيتان
قال :حدثنا رويفع بن ثابت قال :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يأخذ جل أخيه على أن يعطيه
النصف ما غنم وله النصف ،حت إن أحدنا ليصي له النصل والريش وللخر القدح .ث قال ل رسول
ال صلى ال عليه وسلم ...الديث.
ث رواه أحد بن يي بن غبلن حدثن الفضل عياش بن عباس أن شييم بن بيتان أخبه أنه سع شييان
القتبا ن -الد يث .ا بن لي عة ف يه مقال .و ف ال سناد الثا ن شيبان القتبا ن ،ق يل ف يه مهول .وبق ية
رجالما ثقات.
قوله( :فأخب الناس) دليل على وجوب إخبار الناس ،وليس هذا متصا برويفع ،بل كل من كان عنده
علم ليس عند غيه ما يتاج إليه الناس وجب إعلمهم به ،فإن إشترك هو وغيه ف علم ذلك فالتبليغ
فرض كفاية .قاله أبو زرعة ف شرح سنن أب داود.
قوله( :ل عل الياة ستطول بك) ف يه علم من أعلم النبوة ،فإن رويفعا طالت ح يا ته إل سنة ست
وخسي فمات ببقة من أعمال مصر أميا عليها ،وهو من النصار .وقيل مات سنة ثلث وخسي.
قوله( :إن من عقد ليته) بكسر اللم ل غي ،والمع لى بالكسر والضم قاله الوهري.
قوله :أو تقلد وترا أي جعله قلدة ف عنقه أو عنق دابته .وف رواية ممد بن الربيع أو تقلد وترا يريد
تيمة .
فإذا كان هذا في من تقلد وترا فك يف ب ن تعلق بالموات و سألم قضاء الاجات ،وتفر يج الكربات،
الذي جاء النهى عنه وتغليظه ف اليات الحكمات ؟
قوله :أو ا ستنجى برج يع دا بة أو ع ظم فإن ممدا بر يء م نه قال لنووي :أي بر يء من فعله ،وهذا
خلف الظاهر .والنووي كثيا ما يتأول الحاديث بصرفها عن ظاهرها فيغفر ال تعال له.
وف صحيح مسلم عن ابن مسعود رضي ال عنه مرفوعا " :ل تستنجوا بالروث ول العظام فإنه زاد
إخوانكم من الن " وعليه ل يزى الستنجاء بما كما هو ظاهر مذهب أحد ،لا روى ابن خزية
والدارقطن عن أب هريرة " :أن النب صلى ال عليه وسلم نى أن يستنجي بعظم أو روث ،وقال :إنما
ل يطهران ".
قوله( :وعن سعيد بن جبي قال " :من قطع تيمة من إنسان كان كعدل رقبة " رواه وكيع) :
هذا عنهد أههل العلم له حكهم الرفهع ،لن مثهل ذلك ل يقال بالرأي ويكون هذا مرسهلً لن سهعيدا
تابعى .وفيه فضل قطع التمائم لنا شرك .ووكيع هو ابن الراح ابن وكيع الكوف ،ثقة إمام ،صاحب
تصانيف منها الامع وغيه .روى عنه المام أحد وطبقته .مات سنة سبع وتسعي ومائة.
قوله( :وله عن إبراهيم قال :كانوا يكرهون التمائم كلها من القرآن وغي القرآن) :
وإبراهيم هو المام بن يزيد النخعى الكوف ،يكن أبا عمران ثقة من كبار الفقهاء .قال الزى :دخل
على عائشة ،ول يثبت له ساع منها .مات سنة ست وتسعي ،وله خسون سنة أو نوها.
قوله :كانوا يكرهون التمائم إل آخره ،مراده بذلك أ صحاب ع بد ال بن م سعود ،كعلق مة وال سود
وأب وائل والارث بن سويد ،وعبيد السلمان ومسروق والربيع بن خثيم ،وسويد بن غفلة وغيهم،
و هو من سادات التابع ي وهذه ال صيغة ي ستعملها إبراه يم من حكا ية أقوال م ك ما ب ي ذلك الفاظ
العراقى وغيه.
باب
من تبك بشجرة ونوهها
قوله( :وقوله ال تعال " :أفرأيتم اللت والعزى * ومناة الثالثة الخرى...اليات) :
وكا نت اللت لثق يف ،والعزى لقر يش وب ن كنا نة ،ومناة لب ن هلل .وقال ا بن هشام :كا نت لذ يل
وخزاعة.
فأما اللت فقرأ المهور بتخفيف التاء ،وقرأ ابن عباس وابن الزبي وماهد وحدي وأبو صال ورويس
بتشديد التاء.
فعلى الول قال العمش :سوا اللت من الله ،والعزى من العزيز .قال ابن جرير :وكانوا قد اشتقوا
ا سها من ال تعال ،قالوا :اللت مؤن ثة م نه ،تعال ال عن قول م علوا كبيا قال :وكذا العزى من
العزيز.
وقال ابن كث ي :اللت كانت صخرة بيضاء منقو شة عليها بيت الطائف له أستار وسدنة وحوله فناء
مع ظم ع ند أ هل الطائف ،و هم ثق يف و من تبع ها يفتخرون به على من عدا هم من أحياء العرب ب عد
قريش ،قال ابن هشام :فبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم الغية بن شعبة فهدمها وحرقها بالنار.
ل يلت السهويق للحاج ،فمها مات عكفوا على قهبه ذكره وعلى الثانيهة قال ابهن عباس :كان رج ً
البخاري قال ابن عباس :كان يبيع السويق والسمن عند صخرة ويسلؤه عليها ،فلما مات ذلك الرجل
عبدت ثق يف تلك ال صخرة إعظاما ل صاحب ال سويق و عن ما هد نوه وقال :فل ما مات عبدوه رواه
سعيد بن منصور .وكذا روى ابن أب حات عن ابن عباس أنم عبدوه وبنحو هذا قال جاعة من أهل
العلم.
قلت :ل منافاة بي القولي .فإنم عبدوا الصخرة والقب تأليها وتظيما.
ولثل هذا بنيت الشاهد والقباب على القبور واتذت أوثانا .وفيه بيان أن أهل الاهلية كانوا يعبدون
الصالي والصنام.
وأ ما العزى فقال ا بن جر ير :كا نت شجرة علي ها بناء وأ ستار بنخلة ب ي م كة والطائف كا نت قر يش
يعظمون ا ...ك ما قال أ بو سفيان يوم أ حذ :ل نا العزى ولعزى ل كم فقال ر سول ال صلى ال عل يه
و سلم " قولوا :ال مول نا ول مول ل كم " وروى الن سائي وابن مردو ية عن أ ب الطف يل قال :ل ا ف تح
رسول ال صلى ال عل يه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إل نلة وكا نت با العزى ،وكانت على
ثلث سرات فق طع ال سمرات ،وهدم الب يت الذي كان علي ها .ث أ تى ال نب صلى ال عل يه و سلم
فأ خبه .فقال ار جع فإ نك ل ت صنع شيئا ،فر جع خالد ،فل ما أب صرته ال سدنة أمعنوا ف ال بل و هم
يقولون :يا عزى يا عزى ،فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تفن التراب على رأسها فعمها
بالسيف فقتلها ث رجع إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخبه .فقال :تلك العزى قلت :وكل هذا
وما هو أعظم منه يقع ف هذه الزمنة عند ضرائح الموات وف الشاهد.
وأ ما مناة فكا نت بالشلل ع ند قد يد ،ب ي م كة والدي نة ،وكا نت خزا عة والوس والزرج يعظمون ا
ويهلون من ها لل حج ،وأ صل اشتقاق ها :من إ سم ال النان ،وق يل :لكثرة ما ي ن أي يراق عند ها من
الدماء للتبك با.
قال البخاري رحه ال ،ف حديث عروة عن عائشة رضي ال عنها :إنا صنم بي مكة والدينة قال ابن
هشام :فبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم عليا فهدمها عام الفتح فمعن الية كما قال القرطب :أن
فيها حذفا تقديره :أفرأيتم هذه اللة ،أنفعت أو ضرت ،حت تكون شركاء ل تعال ؟
وقوله " :أل كم الذ كر وله الن ثى " قال ا بن كث ي :تعلون له ولدا وتعلون ولده أن ثى وتتارون ل كم
الذكور ؟ قوله " :تلك إذا قسمة ضيزى " أي جور وباطلة .فكيف تقاسون ربكم هذه القسمة الت لو
كانت بي ملوقي كانت جورا وسفها فتنهون أنفسكم عن الناث وتعلونن ل تعال .وقوله " :إن
هي إل أساء سيتموها أنتم وآباؤكم " أي من تلقاء أنفسكم " ما أنزل ال با من سلطان " أي من
حجة " إن يتبعون إل الظن " أي ليس لم مستند إل حسن ظنهم بآبائهم الذين سلكوا هذا السلك
الباطل قبلهم " وما توى النفس " وإل حظ أنفسهم ف رياستهم وتعظيم آبائهم القدمي .قوله" :
ولقد جاءهم من ربم الدى " قال ابن كثي :ولقد أرسل ال تعال إليهم الرسل بالق الني والجة
القاطعة ،ومع هذا ما اتبعوا ما جاءوهم به ول انقادوا له ا هه.
ومطابقهة اليات للترجةه مهن جههة أن عباد هذه الوثان إنمه كانوا يعتقدون حصهول البكهة منهها
بتعظيم ها ودعائ ها وال ستعانة ب ا والعتماد علي ها ف ح صول ما يرجو نه من ها ويؤملو نه ببكت ها
وشفاعتهها وغيه ذلك ،فالتهبك بقبور الصهالي كاللت ،وبالشجار كالعزى ومناة مهن ضمهن فعهل
أولئك الشركي مع تلك الوثان ،فمن فعل مثل ذلك واعتقد ف قب أو حجر أو شجر فقد ضا هى
عباد هذه الوثان في ما كانوا يفعلو نه مع ها من هذا الشرك ،على أن الوا قع من هؤلء الشرك ي مع
معبوديهم أعظم ما وقع من أولئك .فال الستعان.
قوله ( :عن أ ب وا قد اللي ثي قال " :خرج نا مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم إل حن ي ،ون ن
حدثاء عهد بكفر ،وللمشركي سدرة يعكفون عندها وينوطون با أسلحتهم ،يقال لا ذات أنواط
فمرر نا ب سدرة ،فقل نا يا ر سول ال ،اج عل ل نا ذات أنواط ك ما ل م ذات أنواط ،فقال ر سول ال
صلى ال عليه وسلم :ال أكب إنا السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لوسى "
اج عل ل نا إلا ك ما ل م آل ة قال إن كم قوم تهلون " لترك ب سنن من كان قبل كم " رواه الترمذي
وصححه) :
أبو واقد إسه الارث بن عوف ،وف الباب عن أب سعيد وأب هريرة قاله الترمذي وقد رواه أحد وأبو
يعلى وابن أب شيبة والنسائي وابن جرير وابن النذر وابن أب حات والطبان بنحوه.
قوله :عن أ ب وا قد قد تقدم ذ كر إ سه ف قول الترمذي و هو صحاب مشهور مات سنة ثان و ستي
وثانون سنة.
قوله :خرجنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم إل حني وف حديث عمرو بن عوف وهو عند ابن
أب حات وابن مردويه والطبان .قال غزونا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم يوم الفتح ،ونن ألف
ونيف حت إذا كنا بي حني والطائف الديث.
قوله :ونن حدثاء عهد بكفر أي قريب عهدنا بالكفر ،ففيه دليل على أن غيهم من تقدم إسلمه من
الصحابة ل يهل هذا وأن النتقل من الباطل الذي اعتاده قبله ل يأمن أن يكون ف قلبه بقية من تلك
العادة .ذكره الصنف رحه ال.
قول :وللمشركي سدرة يعكفون عندها العكوف هو القامة على الشئ ف الكان ،ومنه قول الليل
عل يه ال سلم " :ما هذه التماث يل ال ت أن تم ل ا عاكفون " وكان عكوف الشرك ي ع ند تلك ال سدرة
تبكا با وتعظيما لا وف حديث عمرو كان يناط با السلح فسميت ذات أنواط وكانت تعبد من
دون ال.
قلت :ف في هذا بيان أن عبادت م ل ا بالتعظ يم والعكوف وال تبك ،وبذه المور الثل ثة عبدت الشجار
ونوها.
قوله :فقلنا :يا رسول ال اجعل لنا ذات أنواط قال أبو السعادات :سألوه أن يعل لم مثلها فنهاهم
عن ذلك .وأنواط ج ع نوط و هو م صدر سى ب ا النوط .ظنوا أن هذا أ مر مبوب ع ند ال وق صدوا
التقرب به ،وإل فهم أجل قدرا من أن يقصدوا مالفة النب صلى ال عليه وسلم.
قوله :فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ال أ كب و ف روا ية سبحان ال والراد تعظ يم ال تعال
وتنييه عن هذا الشرك بأي نوع كان ،ما ل يوز أن يطلب أو يقصد به غي ال وكان النب صلى ال
عليه وسلم يستعمل التكبي والتسبيح ف حال التعجب تعظيما ل وتنيها له إذا سع من أحد ما ل يليق
بال ما فيه هضم للربوبية أو اللية.
قوله :قل تم والذي نف سي بيده ك ما قالت ب نو إ سرائيل لو سى " اج عل ل نا إلا ك ما ل م آل ة " ش به
مقالت هم هذه بقول ب ن إ سرائيل ،با مع أن كلً طلب أن ي عل له ما يأل ه ويعبده من دون ال ،وإن
اختلف اللفظان .فالعن واحد ،فتغيي السم ل يغي القيقة.
ففيه الوف من الشرك ،وأن النسان قد يستحسن شيئا يظن أنه يقربه إل ال ،وهو أبعد ما يبعده من
رح ته ويقر هب من سخطه ،ول يعرف هذا على القي قة إل من عرف ما و قع ف هذه الزمان من
كثي من العلماء والعباد مع أرباب القبور ،من الغلو فيها وصرف جل العبادة لا ،ويسبون أنم على
شئ وهو الذنب الذي ل يغفره ال.
وذكر ابن القيم رحه ال نو ما ذكره أبو شامة ،ث قال :فما أسرع أهل الشرك إل اتاذ الوثان من
دون ال ولو كا نت ما كا نت ،ويقولون :إن هذا ال جر وهذه الشجرة وهذه الع ي تق بل النذر ،أي
تقبل العبادة من دون ال ،فإن النذر عبادة وقربة يتقرب با الناذر إل النذور له ،وسيأت ما يتعلق بذا
الباب عند قوله صلى ال عليه وسلم " :اللهم ل تعل قبي وثنا يعبد".
وفه هذه الملة مهن الفوائد :أن مها يفعله مهن يعتقهد فه الشجار والقبور والحجار مهن التهبك باه
العكوف عند ها والذ بح ل ا هو الشرك ،ول يغ تر بالعوام والطغام ،ول ي ستبعد كون الشرك بال تعال
ي قع ف هذه ال مة ،فإذا كان ب عض ال صحابة ظنوا ذلك ح سنا وطلبوه من ال نب صلى ال عل يه و سلم
ح ت ب ي ل م أن ذلك كقول ب ن إ سرائيل " :اج عل ل نا إلا ك ما ل م آل ة " فك يف ل ي فى على من
دونم ف العلم والفضل بأضعاف مضاعفة مع غلبة الهل وبعد العهد بآثار النبوة ؟ ! بل خفى عليهم
عظائم الشرك ف اللية والربوبية ،فأكبوا فعله واتذوه قربة.
وفيها أن العتبار ف الحكام بالعان ل بالساء ،ولذا جعل النب صلى ال عليه وسلم طلبتهم كطلبة
بن إسرائيل ،ول يلتفت إل كوفهم سوها ذات أنواط .فالشرك مشرك وإن سى شركه ما ساه .كمن
يسمى دعاء الموات والذ بح والنذر لم ون و ذلك تعظيما وم بة ،فإن ذلك هو الشرك ،وإن ساه ما
ساه .وقس على ذلك.
قوله :لترك ب سنن من كان قبل كم ب ضم الوحدة و ضم ال سي أي طرق هم ومناهج هم و قد يوز ف تح
السي على الفراد أي طريقهم .وهذا خب صحيح .والواقع من كثي من هذه المة يشهد له.
وفيه علم من أعلم النبوة من حيث إنه وقع كما أخب به صلى ال عليه وسلم.
وف الديث :النهى عن التشبه بأهل الاهلية وأهل الكتاب فيما كانوا يفعلونه ،إل ما دل الدليل على
أنه من شريعة ممد صلى ال عليه وسلم.
قال الصنف رحه ال( :وفيه التنبيه على مسائل القب) :
أما :من ربك ؟ فواضح .وأما :من نبيك ؟ فمن إخباره أنباء الغيب .وأما :ما دينك ؟ فمن قولم اجعل
ل نا إلا إل .وفيه :أن الشرك ل بد أن يقع ف هذه ال مة خلفا ل ن اد عى خلف ذلك ،وفيه الغضب
عند التعليم ،وإن ما ذم ال به اليهود والنصارى فإنه قال لنا لنحذره قاله الصنف رحه ال.
وأما ما ادعاه بعض التأخرين من أنه يوز التبك بآثار الصالي فممنوع من وجوه:
منها :أن السابقي الولي من الصحابة ومن بعدهم ل يكونوا يفعلون ذلك مع غي النب صلى ال عليه
و سلم ،ل ف حيا ته ول ب عد مو ته .ولو كان خيا ل سبقونا إل يه ،وأف ضل ال صحابة أ بو ب كر وع مر
وعثمان وعلي رضي ال عنهم .وقد شهد لم رسول ال صلى ال عليه وسلم فيمن شهد له بالنة،
وما فعله أحد من الصحابة والتابعي مع أحد من هؤلء السادة ،ول فعله التابعون مع ساداتم ف العلم
والدين وأهل السوة .فل يوز أن يقاس على رسول ال صلى ال عليه وسلم أحد من المة ،وللنب
صلى ال عليه وسلم ف حال الياة خصائص كثية ل يصلح أن يشاركه فيها غيه.
باب
ما جاء ف الذبح لغي ال
قوله " ( :قل إن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب العالي * ل شريك له " الية) :
قال ابن كثي :يأمره تعال أن يب الشركي الذي يعبدون غي ال ويذبون له :بأنه أخلص ل صلته
وذبيحته .لن الشركي يعبدون الصنام ويذبون لا ،فأمره ال تعال بخالفتهم والنراف عما هم فيه
والقبال بالق صد والن ية والعزم على الخلص ل تعال .قال ما هد :الن سك الذ بح ف ال ج والعمرة.
وقال الثورى عهن السهدى عهن سهعيد ابهن جهبي :ونسهكى ذبىه .وكذا قال الضحاك .وقال غيه "
ومياي ومات " أي وما آتيه ف حياتى وما أموت عليه من اليان والعمل الصال " ل رب العالي "
خالصا لوجهه " ل شريك له وبذلك " الخلص " أمرت وأنا أول السلمي " أى من هذه المة لن
إسلم كل نب متقدم.
قال ابن كثي :وهو كما قال ،فإن جيع النبياء قبله كانت دعوتم إل السلم ،وهو عبادة ال وحده
ل شر يك له .ك ما قال تعال " :و ما أر سلنا من قبلك من ر سول إل نو حي إل يه أ نه ل إله إل أ نا
فاعبدون " وذكر آيات ف هذا العن.
وو جه مطاب قة ال ية للترج ة :أن ال تعال تع بد عباده بأن يتقربوا إل يه بالن سك ،ك ما تعبد هم بال صلة
وغيها من أنواع العبادات ،فإن ال تعال أمرهم أن يلصوا جيع أنواع العبادة له دون كل ما سواه،
فإذا تقربوا إل غي ال بالذبح أو غيه من أنواع العبادة فقد جعلوا ل شريكا ف عبادته ،ظاهر ف قوله:
" ل شريك له " نفى أن يكون ل تعال شريك ف هذه العبادات ،وهو بمد ال واضح.
قال شيخ السلم رحه ال تعال :أمر ال أن يمع بي هاتي العبادتي ،وها الصلة والنسك ،الدالتان
على القرب والتواضع والفتقار وحسن الظن ،وقوة اليقي ،وطمأنينة القلب إل ال وإل عدته ،عكس
حال أ هل ال كب والنفرة ،وأ هل الغ ن عن ال الذ ين ل حا جة ل م ف صلتم إل رب م ،والذ ين ل
ينحرون له خوفا من الف قر ،ولذا ج ع بينه ما ف قوله " :قل إن صلت ون سكي " ال ية والن سك
الذبيحهة ل تعال إبتغاء وجههه .فإنمها أ جل ما يتقرب به إل ال ،فإ نه أ تى فيهمها بالفاء الدالة على
ال سبب ،لن ف عل ذلك سبب للقيام بش كر ما أعطاه ال تعال من الكو ثر .وأ جل العبادات البدن ية:
الصلة ،وأجل العبادات الالية :النحر .وما يتمع للعبد ف الصلة ل يتمع له ف غيها ،كما عرفه
أرباب القلوب الية ،وما يتمع له ف النحر إذا قارنه اليان والخلص ،من قوة اليقي وحسن الظن:
أمر عجيب ،وكان النب صلى ال عليه وسلم كثي الصلة ،كثي النحر.ا ه.
قلت :وقد تضمنت الصلة من أنواع العبادات كثيا ،فمن ذلك الدعاء والتكبي ،والتسبيح والقراءة،
والتسهميع والثناء ،والقيام والركوع ،والسهجود والعتدال ،وإقامهة الوجهه ل تعال ،والقبال عليهه
بالقلب ،وغ ي ذلك م ا هو مشروع ف ال صلة ،و كل هذه المور من أنواع العبادة ال ت ل يوز أن
يصرف منها شئ لغي ال :وكذلك النسك يتضمن أمورا من العبادة كما تقدم ف كلم شيخ السلم
رحه ال تعال.
قوله( :وعن علي بن أب طالب قال " :حدثن رسول ال صلى ال عليه وسلم بأربع كلمات :لعن
ال من ذبح لغي ال ،ولعن ال من لعن والديه ،ولعن ال من آوى مدثا ،ولعن ال من غي منار
الرض " رواه مسلم):
من طرق وفيه قصة ،ورواه المام أحد كذلك عن أب طفيل قال قلنا لعلى :أخبنا بشئ أسره إليك
رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :ما أسر إل شيئا كتمه الناس ،ولكن سعته يقول :لعن ال من
ذبح لغي ال ،ولعن ال من آوى مدثا ،ولعن ال من لعن والديه ،ولعن ال من غي توم الرض ،يعن
النار .
قوله :لعن ال اللعن :البعد عن مظان الرحة ومواطنها .قيل :واللعي واللعون من حقت عليه اللعنة ،أو
دعى عليه با .قال أبو السعادات :أصل اللعن :الطرد والبعاد من ال ،ومن اللق السب والدعاء.
قال شيخ السلم رحه ال ما معناه :إن ال تعال يلعن من استحق اللعنة بالقول كما يصلي سبحانه
على من ا ستحق ال صلة من عباده قال تعال " ، :هو الذي ي صلي علي كم وملئك ته ليخرج كم من
الظلمات إل النور وكان بالؤمن ي رحي ما * تيت هم يوم يلقو نه سلم " وقال " :إن ال ل عن الكافر ين
وأ عد ل م سعيا " وقال" :ملعون ي أين ما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلً " والقرآن كل مه تعال أوحاه إل
جبيل عليه السلم وبلغه رسوله ممدا صلى ال عليه وسلم ،وجبيل سعه منه كما سيأت ف الصلة
إن شاء ال تعال ،فال صلة ثناء ال تعال كما تقدم .فال تعال هو الصلى وهو الث يب ،كما دل على
ذلك الكتاب والسنة ،وعليه سلف المة .قال المام أحد رحه ال :ل يزل ال متكلما إذا شاء .
قوله :من ذبح لغي ال قال شيخ السلم رحه ال تعال " :وما أهل به لغي ال " ظاهره :أنه ما ذبح
لغي ال ،مثل أن يقول :هذا ذبيحة لكذا .وإذا كان هذا هو القصود فسواء لفظ به أو ل يلفظ ،وتري
هذا أظهر من تري ما ذبه للصنم وقال فيه :باسم السيح أو نوه .كما أن ماذبناه متقربي به إل ال
كان أزكى وأعظم ما ذبناه للحم ،وقلنا عليه :بسم ال .فإذا حرم ما قيل فيه باسم السيح أو الزهرة،
فلن يرم ما قيل ف يه ل جل السيح أو الزهرة أو قصد به ذلك أول ،فإن العبادة لغ ي ال أع ظم كفرا
من الستعانة بغ ي ال .وعلى هذا فلو ذبح لغ ي ال متقربا إل يه يرم ،وإن قال ف يه باسم ال ،ك ما قد
يفعله طائفة من منافقى هذه المة الذين يتقربون إل الكواكب بالذبح والبخور ونو ذلك وإن هؤلء
مرتدين ل تباح ذبيحتهم بال .لكن يتمع ف الذبيحة مانعان:
الول :أنه ما أهل به لغي ال.
والثان :أنا ذبيحة مرتد.
ومن هذا الباب :ما يفعله الاهلون بكة من الذبح للجن ،ولذا روى عن النب صلى ال عليه وسلم أنه
نى عن ذبائح الن .اه.
قال الزمشري :كانوا إذا اشتروا دارا أو بنوها أو استخرجوا عينا ذبوا ذبيحة خوفا أن تصيبهم الن،
فأضيفت إليهم الذبائح لذلك.
وذكر إبراهيم الروزي :أن ما ذبح عند استقبال السلطان تقربا إليه ،أفت أهل بارى بتحريه ،لنه ما
أهل به لغي ال.
قوله :ل عن ال من ل عن والد يه :يع ن أباه وأ مه وإن عل يا .و ف ال صحيح أن ر سول ال صلى ال عل يه
وسلم قال " :من الكبائر شتم الرجل والديه ،قالوا :يا رسول ال وهل يشتم الرجل والديه ؟ قال :نعم
يسب أبا الرجل فيسب أباه ،ويسب أمه فيسب أمه ".
قال أبو السعادات :أويت إل النل ،وأويت غيى ،وآويته .وأنكر بعضهم القصور التعدى.
وأما مدثا فقال أبو السعادات :يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والفعول ،فمعن الكسر :من
نصر جانبا وآواه وأجاره من خصمه ،وحال بينه وبي أن يقتص منه .وبالفتح :هو المر البتدع نفسه،
ويكون معن اليواء فيه الرضى به والصب عليه ،فإنه إذا رضى بالبدعة وأقر فاعلها ول ينكر عليه فقد
آواه.
قال ابن القيم رحه ال تعال :هذه الكبية تتلف مراتبها باختلف مراتب الدث ف نفسه فكلما كان
الدث ف نفسه أكب كانت الكبية أعظم.
قوله :ولعن ال من غي منار الرض بفتح اليم علمات حدودها .قال أبو السعادات ف النهاية ف مادة
ت م ملعون من غ ي توم الرض أي معال ها وحدود ها ،وحد ها ت م ق يل :أراد حدود الرم خا صة:
وقيل هو عام ف جيع الرض ،وأراد العال الت يهتدى با ف الطريق .وقيل هو أن يدخل الرجل ف
ملك غيه فيقتطعه ظلما .قال ويروى توم بفتح التاء على الفراد وجعه تم بضم التاء والاء .ا هه.
وتغييها :أن يقدمها أو يؤخرها ،فيكون هذا من ظلم الرض الذي قال فيه النب صلى ال عليه وسلم:
" من ظلم شبا من الرض طو قه يوم القيا مة من سبع أرض ي " فف يه جواز ل عن أ هل الظلم من غ ي
تعيي.
قوله "( :و عن طارق بن شهاب أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال :د خل ال نة ر جل ف
ذباب .ودخل النار رجل ف ذباب .قالوا كيف يا رسول ال ؟ قال :مر رجلن على قوم لم صنم،
ل يوزه أ حد ح ت يقرب له شيئا ،فقالوا لحده ا :قرب .قال :ل يس عندي شئ أقرب .قالوا له:
قرب ولو ذبابا .فقرب ذبابا .فخلوا سسبيله ،فدخسل النار ،وقالوا للخسر :قرب ،فقال :مسا كنست
لقرب لحد شيئا دون ال عز وجل .فضربوا عنقه ،فدخل النة " رواه أحد) .:
قال ابن القيم رحه ال :قال المام أحد رحه ال حدثنا أبو معاوية حدثنا العمش عن سليمان بن
ميسرة عن طارق بن شهاب يرفعه قال :دخل النة ف رجل ف ذباب الديث.
وطارق بن شهاب :هو البجلى الحس ،أبو عبد ال .رأى النب صلى ال عليه وسلم وهو رجل.
قال البغوي :نزل الكو فة .وقال أ بو داود :رأى ال نب صلى ال عل يه و سلم ول ي سمع م نه شيئا .قال
الافظ :إذا ثبت أنه لقى النب فهو صحاب .وإذا ثبت أنه ل يسمع منه فروايته عنه مرسل صحاب وهو
مقبول على الراجح ،وكانت وفاته على ما جزم به ابن حبان سنة ثلث وثاني.
قوله :قالوا :وكيف ذلك يا رسول ال كأنم تقالوا ذلك ،وتعجبوا منه .فبي لم النب صلى ال عليه
وسلم ما صي هذا المر القي عندهم عظيما يستحق هذا عليه النة ،ويستوجب الخر عليه النار.
قوله :فقال :مر رجلن على قوم لم صنم الصنم ما كان منحوتا على صورة ويطلق عليه الوثن كما
مر.
قوله :ل ياوزه أي ل ير به ول يتعداه أحد حت يقرب إليه شيئا وإن قل.
قوله :قالوا له قرب ولو ذبابا فقرب ذبابا فخلوا سبيله ،فدخل النار ف هذا بيان عظمة الشرك ،ولو ف
شئ قليل ،وأنه يوجب النار .كما قال تعال " :إنه من يشرك بال فقد حرم ال عليه النة ومأواه النار
وما للظالي من أنصار ".
وف هذا الديث :التحذير من الوقوع ف الشرك ،وأن النسان قد يقع فيه وهو ل يدرى أنه من الشرك
الذي يوجب النار.
وفيه أنه دخل النار بسبب ل يقصده ابتداء ،وإنا فعله تلصا من شر أهل الصنم.
وفيه أن ذلك الرجل كان مسلما قبل ذلك ،وإل فلو ل يكن مسلما ل يقل دخل النار ف ذباب.
وفيه أن عمل القلب هو القصود العظم حت عند عبدة الوثان ،ذكره الصنف بعناه.
قوله :وقالوا للخر :قرب .قال :ما كنت لقرب شيئا دون ال عز وجل .
قال ال صنف رح ه ال :وف يه معر فة قدر الشرك ف قلوب الؤمن ي ك يف صب على الق تل ول يوافق هم
على طلبتهم مع كونم ل يطلبوا منه إل العمل الظاهر .
باب
ل يذبح مكان يذبح فيه لغي ال
قوله( :باب :ل يذبح بكان يذبح فيه لغي ال تعال ) :
ل نافية ويتمل أنا للنهى وهو أظهر ،قوله :وقول ال تعال " :ل تقم فيه أبدا " الية قال الفسرون
إن ال تعال نى رسوله عن الصلة ف مسجد الضرار ،والمة تبع له ف ذلك ،ث إنه تعال حثه على
الصلة ف مسجد قباء الذي أسس من أول يوم بن على التقوى،وهي طاعة ال ورسوله صلى ال عليه
وسلم ،وجعا لكلمة الؤمني ومعقلً ومنلً للسلم وأهله ،ولذا جاء ف الديث الصحيح أن رسول
ال صلى ال عليه وسلم قال " :صلة ف مسجد قباء كعمرة " وف الصحيح :أن رسول ال صلى ال
عليه وسلم كان يزور قباء راكبا وماشيا وقد صرح أن السجد الذكور ف الية هو مسجد قباء جاعة
من السلف ،منهم ابن عباس ،وعروة ،والشعب ،والسن وغيهم.
قلت :ويؤيده قوله ف ال ية " ف يه رجال يبون أن يتطهروا " .وق يل هو م سجد ر سول ال صلى ال
عليه وسلم لديث أب سعيد قال " :تارى رجلن ف السجد الذي أسس على التقوى من أول يوم،
فقال رجل :هو مسجد قباء .وقال الخر :هو مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فقال رسول ال
صلى ال عليه وسلم :هو مسجدي هذا " رواه مسلم ،وهو قول عمر وابنه وزيد ابن ثابت وغيهم.
قال ابن كثي :وهذا صحيح .ول منافاة بي الية والديث .لنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على
التقوى من أول يوم ،فم سجد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم بطر يق الول ،وهذا بلف م سجد
الضرار الذي أسس على معصية ال كما قال تعال " :والذين اتذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بي
ه إل السهن وال يشههد إنمه الؤمنيه وإرصهادا لنه حارب ال ورسهوله من ق بل وليحلفهن إن أردن ا
لكاذبون " .فلهذه المور نى ال نبيه عن القيام فيه للصلة .وكان الذي بنوه جاءوا إل النب صلى ال
عليه وسلم قبل خروجه إل غزوة تبوك فسألوه أن يصلي فيه ،وأنم إنا بنوه للضعفاء وأهل العلقة ف
الليلة الشاتية ،فقال " :إنا على سفر ،ولكن إذا رجعنا إن شاء ال " فلما قفل عليه السلم راجعا إل
الدينة ،ول يبق بينه وبينها إل يوم أو بعضه نزل الوحي بب السجد ،فبعث إليه فهدمه قبل قدومه إل
الدينة .وجه مناسبة الية للترجة :أن الواضع العدة للذبح لغي ال يب اجتناب الذبح فيها ل ،كما
أن هذا السجد لا أعد لعصية ال صار مل غضب لجل ذلك ،فل توز الصلة فيه ل .وهذا قياس
صحيح يؤيده حديث ثابت الضحاك التى.
قوله " :ف يه رجال يبون أن يتطهروا " :روى المام أح د وا بن خزي ة وغيه ا عن عو ي بن ساعدة
النصاري " أن النب صلى ال عليه وسلم آتاهم ف مسجد قباء فقال :إن ال قد أحسن عليكم الثناء
بالطهور ف ق صة م سجدكم ،ف ما هذا الطهور الذي تطهرون به ؟ فقالوا :وال يا ر سول ال ما نعلم
شيئا إل أ نه كان ل نا جيان من اليهود كانوا يغ سلون أدبار هم من الغائط ،فغ سلنا ك ما غ سلوا " و ف
رواية عن جابر وأنس هو ذاك فعليكموه رواه ابن ماجه وابن أب حات والدارقطن والاكم.
قوله " :وال يب الطهرين " قال أبو العالية :إن الطهور بالاء لسن ولكنهم التطهرون من الذنوب.
وفيه إثبات صفة الحبة،خلفا للشاعرة ونوهم.
قوله( :و عن ثا بت بن الضحاك قال " :نذر ر جل أن ينحر إبلً ببوا نة ،ف سأل ال نب صلى ال عل يه
وسلم فقال :هل كان فيها وثن من أوثان الاهلية يعبد ؟ قالوا :ل .قال :فهل كان فيها عيد من
أعيادهسم .قالوا :ل .فقال رسسول ال صسلى ال عليسه وسسلم :أوف بنذرك ،فإنسه ل وفاء لنذر فس
معصية ال ول فيما ل يلك ابن آدم " رواه أبو داود ،وإسناده على شرطهما ) :
قوله :عن ثابت بن الضحاك أي ابن خليفة الشهلى ،صحاب مشهور ،روى عنه أبو قلبة وغيه .مات
سنة أربع وستي.
قوله :ببوانهة بضهم الباء وقيهل بفتحهها .قال البغوي :موضهع فه أسهفل مكهة دون يلملم .قال أبهو
السعادات :هضبة من وراء ينبع.
قوله :فهل كان فيها وثن من أوثان الاهلية يعبد ؟ فيه النع من الوفاء بالنذر إذا كان ف الكان وثن،
ولو بعد زواله .قال الصنف رحه ال.
قوله :فهل كان فيها عيد من أعيادهم ؟ قال شيخ السلم رحه ال :العيد اسم لا يعود من الجتماع
العام على و جه معتاد عائد ،إ ما بعود ال سنة أو ال سبوع أو الش هر أو ن و ذلك والراد به ه نا الجاع
العتاد من اجتماع أ هل الاهل ية .فالع يد يمع أمورا منها يوم عائد ،كيوم الفطر ويوم المعة ،ومن ها
اجتماع فيه ،ومنها أعمال تتبع ذلك من العبادات والعادات ،وقد يتص العيد بكان بعينه ،وقد يكون
مطلقا ،وكل من هذه المور قد يسمى عيدا .فالزمان كقول النب صلى ال عليه وسلم ف يوم المعة
"إن هذا يوم قد جعله ال للم سلمي عيدا " والجتماع والعمال كقول ا بن عباس شهدت الع يد مع
ر سول ال صلى ال عل يه و سلم والكان كقول ال نب صلى ال عل يه و سلم " ل تتخذوا قبى عيدا "
وقد يكون لفظ العيد إسا لجموع اليوم والعمل فيه وهو الغالب ،كقول النب صلى ال عليه وسلم" :
دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا " انتهى.
قال الصنف :وفيه استفصال الفت والنع من الوفاء بالنذر بكان عيد الاهلية ولو بعد زواله .
قوله :فأوف بنذرك هذا يدل على أن الذ بح ل ف الكان الذي يذ بح ف يه الشركون لغ ي ال .أي ف
مله أعيادههم ،معصهية ،لن قوله فأوف بنذرك تعقيهب للوصهف بالكهم بالفاء ،وذلك يدل على أن
الو صف سبب ال كم .فيكون سبب ال مر بالوفاء خلوه من هذ ين الو صفي .فل ما قالوا ل قال أوف
بنذرك وهذا يقت ضى أن كون البق عة مكانا لعيد هم ،أو ب ا و ثن من أوثان م :ما نع من الذ بح ب ا ولو
نذره .قال شيخ السلم.
وقوله :فإ نه ل وفاء لنذر ف مع صية ال دل يل على أن هذا نذر مع صية لو قد و جد ف الكان ب عض
الوا نع .و ما كان من نذر الع صية فل يوز الوفاء به بإجاع العلماء .واختلفوا هل ت ب ف يه كفارة
يي ؟ ها روايتان عن أحد.
أحدها :يب وهو الذهب .وروى عن ابن مسعود وابن عباس .وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ،لديث
عائ شة ر ضي ال عن ها مرفوعا " :ل نذر ف مع صية ،وكفار ته كفارة ي ي " رواه أح د وأ هل ال سنن
واحتج به أحد واسحق.
ثانيه ما :ل كفارة عل يه .وروى ذلك عن م سروق والش عب والشاف عي ،لد يث الباب .ول يذ كر ف يه
كفارة .وجوابه :أنه ذكر الكفارة ف الديث التقدم .والطلق يمل على القيد.
قوله :ول في ما ل يلك ا بن آدم قال ف شرح ال صابيح :يع ن إذا أضاف النذر إل مع ي ل يل كه بأن
قال :إن ش فى ال مري ضي فلله على أن أع تق ع بد فلن ون و ذلك .فأ ما إذا التزم ف الذ مة شيئا ،بأن
قال إن شفى ال مريضي فلله على أن أعتق رقبة ،وهو ف تلك الال ل يلكها ول قيمتها ،فإذا شفى
مريضه ثبت ذلك ف ذمته.
وأبو داود :اسه سليمان ابن الشعث بن اسحق بن بشي بن شداد الزدى السجستان صاحب المام
أح د ،وم صنف ال سنن والرا سيل وغي ها ،ث قة إمام حا فظ من كبار العلماء مات سنة خ س و سبعي
ومائتي .رحه ال تعال.
باب
من الشرك النذر لغي ال
أي لكونه عبادة يب الوفاء به إذا نذره ل .فيكون النذر لغي ال تعال شركا ف العبادة.
(وقوله تعال " :يوفون بالنذر ويافون يوما كان شره مستطيا ") :
فالية دلت على وجوب الوفاء بالنذر ومدح من فعل ذلك طاعة ل ووفاء با تقرب به إليه.
(وقوله تعال " :وما أنفقتم من نفقة أو نذرت من نذر فإن ال يعلمه "):
قال ابهن كثيه :يبه تعال أنهه عال بميهع مها يعله العاملون مهن اليات ،مهن النفقات والنذورات،
وتضمن ذلك مازاته على ذلك أوفر الزاء للعاملي إبتغاء وجهه .ا هه.
إذا علمت ذلك :فهذه النذور الواقعة من عباد القبور ،تقربا با إليهم ليقضوا لم حوائجهم وليشفعوا
ل م ،كل ذلك شرك ف العبادة بل ر يب .ك ما قال تعال " :وجعلوا ل م ا ذرأ من الرث والنعام
ن صيبا فقالوا هذا ل بزعم هم وهذا لشركائ نا ف ما كان لشركائ هم فل ي صل إل ال و ما كان ل ف هو
يصل إل شركائهم ساء ما يكمون ".
قال شيخ السلم رحه ال :وأما ما نذر لغي ال كالنذر للصنام والشمس والقمر والقبور ونو ذلك،
فههو بنلة أن يلف بغيه ال مهن الخلوقات .والالف بالخلوقات ل وفاء عليهه ول كفارة ،وكذلك
الناذر للمخلوقات .فإن كلها شرك .والشرك ليس له حرمة ،بل عليه أن يستغفر ال من هذا ويقول
ما قال النب صلى ال عليه وسلم " :من حلف وقال ف حلفه :واللت والعزى فليقل ل إله إل ال ".
وقال فيمن نذر سعة أو نوها دهنا لتنور به ويقول :إنا تقبل النذر كما يقوله بعض الضالي :وهذا
النذر مع صية باتفاق ال سلمي ل يوز الوفاء به وكذلك إذا نذر ما ًل لل سدنة أو الجاور ين العاكف ي
بتلك البق عة .فإن في هم شبها من ال سدنة ال ت كا نت ع ند اللت والعزى ومناة ،يأكلون أموال الناس
بالباطل ويصدون عن سبيل ال .والجاورون هناك فيهم شبه من الذين قال فيهم الليل عليه السلم" :
ما هذه التماث يل ال ت أن تم ل ا عاكفون " والذ ين اجتاز ب م مو سى عل يه ال سلم وقو مه ،قال تعال" :
وجاوزنها ببنه إسهرائيل البحهر فأتوا على قوم يعكفون على أصهنام لمه " فالنذر لولئك السهدنة
والجاور ين ف هذه البقاع نذر مع صية .وف يه ش به من النذر ل سدنة ال صلبان والجاور ين عند ها ،أو
لسدنة البداد ف الند والجاورين عندها.
وقال الرافعى ف شرح النهاج :وأما النذر للمشاهد الت على قب ول أو شيخ أو على إسم من حلها
من الولياء ،أو تردد ف تلك البقعة من الولياء والصالي فإن قصد الناذر بذلك وهو الغالب أو الواقع
من قصود العامة تعظيم البقعة والشهد ،أو الزاوية ،أو تعظيم من دفن با أو نسبت إليه ،أو بنيت على
اسه فهذا النذر باطل غي منعقد ،فإن معتقدهم أن لذه الماكن خصوصيات ،ويرون أنا ما يدفع با
البلء ويستجلب با النعماء ،ويستشفى بالنذر لا من الدواء حت إنم ينذرون لبعض الحجار لا قيل
لم :إ نه ا ستند إلي ها عبد صال وينذرون لبعض القبور السرج والشموع والزيت ،ويقولون إنا تق بل
النذر كما يقوله البعض يعنون بذلك أنه يصل به الغرض الأمول من شفاء مريض ،أو قدوم غائب أو
سلمة مال ،وغ ي ذلك من أنواع الجازاة ،فهذا النذر على الو جه با طل ل شك ف يه ،بل نذر الز يت
والشمع ونوها للقبور باطل مطلقا .ومن ذلك نذر الشموع الكثية العظيمة وغيها لقب الليل عليه
السهلم ولقهب غيه مهن النهبياء والولياء ،فإن الناذر ل يقصهد بذلك اليقاد على القهب إل تهبكا
وتعظيما ،ظانا أن ذلك قربة ،فهذا ما ل ريب ف بطلنه ،واليقاد الذكور مرم ،سواء انتفع به هناك
منتفع أم ل.
قال الشيخ قاسم النفى ف شرح درر البحار :النذر الذي ينذره أكثر العوام على ما هو مشاهد ،كأن
يكون للنسان غائب أو مريض أو له حاجة ،فيأت إل بعض الصلحاء ويعل على رأسه ستره ،ويقول:
يا سيدي فلن إن رد ال غائ ب أو عو ف مري ضي ،أو قض يت حاج ت فلك من الذ هب كذا ،أو من
الف ضة كذا ،أو من الطعام كذا ،أو من الاء كذا ،أو من الش مع والز يت .فهذا النذر با طل بالجاع
لوجوه ،منها :أنه نذر لخلوق ،والنذر للمخلوق ل يوز ،لنه عبادة والعبادة ل تكون لخلوق ،ومنها
أن النذور له ميت ،واليت ل يلك ،ومنها أنه ظن أن اليت يتصرف ف المور دون ال ،واعتقاد ذلك
ك فر إل أن قال :إذا عل مت هذا ف ما يؤ خذ من الدرا هم والش مع والز يت وغي ها وين قل إل ضرائح
الولياء تقربا إليها فحرام بإجاع السلمي.
نقله عنه ابن نيم ف البحر الرائق ،ونقله الرشدى ف تذكرته وغيها عنه وزاد :قد ابتلى الناس بذا ل
سيما ف مولد البدوى.
وقال الشيخ صنع ال اللب النفي ف الرد على من أجاز الذبح والنذر للولياء :فهذا الذبح والنذر إن
كان على اسم فلن فهو لغي ال ،فيكون باطلً .وف التنيل " :ول تأكلوا ما ل يذكر اسم ال عليه "
" :قل إن صلت ون سكي ومياي وما ت ل رب العال ي * ل شر يك له " والنذر لغ ي ال إشراك مع
ال ،كالذبح لغيه.
قوله :عن عائ شة هي أم الؤمن ي ،زوج ال نب صلى ال عل يه و سلم ،واب نة ال صديق ر ضي ال عنه ما
تزوجها النب صلى ال عليه وسلم وهي ابنة سبع سني ،ودخل با ابنة تسع وهي أفقه النساء مطلقا،
وهي أفضل أزواج النب صلى ال عليه وسلم إل خدية ففيها خلف .ماتت سنة سبع وخسي على
الصحيح رضي ال عنها.
قوله :من نذر أن يطيع ال فليطعه أي فليفعل ما نذره من طاعة ال وقد أجع العلماء على أن من نذر
طاعة لشرط يرجوه ،كإن شفى ال مريضى فعلى أن أتصدق بكذا ونو ذلك وجب عليه ،إن حصل
له ما علق نذره على ح صوله .وح كى عن أ ب حني فة :أ نه ل يلزم الوفاء إل ب ا جن سه وا جب بأ صل
الشرع كالصوم وأما ما ليس كذلك كالعتكاف فل يب عليه الوفاء به.
قوله :ومن نذر أن يعصى ال فل يعصه زاد الطحاوى :وليكفر عن يينه وقد أجع العلماء على أنه ل
يوز الوفاء بنذر العصية.
قال الا فظ :اتفقوا على تر ي النذر ف الع صية ،وتنازعوا :هل ينع قد موجبا للكفارة أم ل ؟ وتقدم.
وقد يستدل بالديث على صحة النذر ف الباح ،كما هو مذهب أحد وغيه ،يؤيده ما رواه أبو داود
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ،وأحد والترمذي عن بريدة :أن امرأة قالت" :يا رسول ال إن
نذرت أن أضرب على رأ سك بالدف ،فقال أو ف بنذرك" وأ ما نذر اللجاج والغ ضب ف هو ي ي ع ند
أح د ،فيخ ي ب ي فعله وكفارة ي ي ،لد يث عمران بن ح صي مرفوعا " ل نذر ف غ ضب،وكفار ته
كفارة ي ي " رواه سعيد بن من صور وأح د والن سائي ،فإن نذر مكروها كالطلق ا ستحب أن يك فر
ول يفعله.
باب
من الشرك الستعاذة بغي ال
الستعاذة اللتجاء والعتصام ،ولذا يسمى الستعاذ به :معاذا وملجأ فالعائذ بال قد هرب ما يؤذيه أو
يهل كه ،إل ر به ومال كه ،واعت صم وا ستجار به والت جأ إل يه ،وهذا تث يل ،وإل ف ما يقوم بالقلب من
اللتجاء إل ال ،والعت صام به ،والنطراح ب ي يدى الرب ،والفتقار ،والتذل يل له ،أ مر ل ت يط به
العبارة .قاله ابن القيم رحه ال.
وقال ا بن كث ي :ال ستعاذة هي اللتجاء إل ال واللت صاق بنا به من شر كل ذى شر .والعياذ يكون
لدفع الشر .واللياذ لطلب الي .انتهى.
قلت :وهي من العبادات الت أمر ال تعال با عباده ،كما قال تعال " :وإما ينغنك من الشيطان نزغ
فاستعذ بال إنه هو السميع العليم " وأمثال ذلك ف القرآن كثي كقوله " :قل أعوذ برب الفلق " و "
قل أعوذ برب الناس " ف ما كان عبادة ل فصرفه لغي ال شرك ف العبادة ،فمن صرف شيئا من هذه
العبادات لغ ي ال جعله شريكا ل ف عباد ته ونازع الرب ف إلي ته ك ما أن من صلى ل صلى لغيه
يكون عابدا لغي ال ،ول فرق ،كما سيأت تقريره قريبا إن شاء ال تعال.
قوله( :وقول ال تعال " :وأنه كان رجال من النس يعوذون برجال من الن فزادوهم رهقا ") :
وذاك أن الرجل من العرب كان إذا أمسى بواد قفر وخاف على نفسه قال :أعوذ بسيد هذا الوادي من
سفهاء قومه ،يريد كبي الن ،وقد أجع العلماء على أنه ل يوز الستعاذة بغي ال.
وقال مل على قاري الن في :ل يوز ال ستعاذة بال ن .ف قد ذم ال الكافر ين على ذلك وذ كر ال ية
وقال :قال تعال " :ويوم يشر هم جي عا يا مع شر ال ن قد ا ستكثرت من ال نس وقال أولياؤ هم من
النس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إل ما شاء
ال إن ربك حكيم عليم " فاستمتاع النسى بالن ف قضاء حوائجه وامتثال أوامره وإخباره بشئ من
الغيبات ،واستمتاع الن بالنسى تعظيمه إياه ،وإستعاذته به وخضوعه له .انتهى ملخصا.
قال الصنف :وفيه أن كون الشئ يصل به منفعة دنيوية ل يدل على أنه ليس من الشرك .
قوله( :وعن خولة بنت حكيم قالت :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :من نزل من ًل
فقال :أعوذ بكلمات ال التامات من شر ما خلق ،ل يضره شئ حت يرتل من منله ذلك " رواه
مسلم ) :
هي خولة بنت حكيم بن أمية السلمية ،يقال لا أم شريك ،ويقال إنا هي الواهبة وكانت قبل تت
عثمان بن مظعون.
قوله :أعوذ بكلمات ال التامات شرع ال لهل السلم أن يستعيذوا به بدلً عما يفعله أهل الاهلية
من الستعاذة بالن ،فشرع ال للمسلمي أن يستعيذوا بأسائه وصفاته.
قال القر طب :ق يل :معناه الكاملت ال ت ل يلحق ها ن قص ول ع يب ،ك ما يل حق كلم الب شر .وق يل
معناه :معناه الشافية الكاف ية .وقيل الكلمات هنا هي القرآن .فإن ال أخب عنه بأنه :و :و " :هدى
وشفاء " وهذا ال مر على ج هة الرشاد إل ما يد فع به الذى .ول ا كان ذلك ا ستعاذة ب صفات ال
تعال كان من باب الندوب إل يه الر غب ف يه ،وعلى هذا ف حق السهتعيذ بال أو بأ سائه وصهفاته أن
ي صدق ال ف إلتجائه إل يه ،ويتو كل ف ذلك عل يه ،وي ضر ذلك ف قل به ،فم ت ف عل ذلك و صل إل
منتهى طلبه ومغفرة ذنبه.
قال شيخ السلم رحه ال :وقد نص الئمة كأحد وغيه على أنه ل يوز الستعاذة بخلوق .وهذا
ما استدلوا به على أن كلم ال غي ملوق .قالوا :لنه ثبت عن النب صلى ال عليه وسلم أنه استعاذ
بكلمات ال وأمر بذلك ،ولذا نى العلماء عن التعازي والتعاويذ الت ل يعرف معناها خشية أن يكون
فيها شرك.
وقال ابن القيم :ومن ذبح للشيطان ودعاه ،وا ستعاذ به وتقرب إليه با يب فقد عبده ،وإن ل يسم
ذلك عبادة ويسهميه اسهتخداما ،وصهدق ،ههو اسهتخدام مهن الشيطان له ،فيصهي مهن خدم الشيطان
وعابديه ،وبذلك يدمه الشيطان ،لكن خدمة الشيطان له ليست خدمة عباده ،فإن الشيطان ل يضع
له ول يعبده كما يفعل هو به ا هه.
قوله " :من شر ما خلق " قال ا بن الق يم رح ه ال :أي من كل شر ف أي ملوق قام بن ال شر من
حيوان أو غيه ،إن سيا أو جنيا ،أو ها مة أو دا بة ،أو ريا أو صاعقة ،أو أي نوع من أنواع البلء ف
الدنيا والخرة.
وما ههنا موصولة وليس الراد با العموم الطلقي ،بل الراد التقييدي الوصفي ،والعن :من كل شر
كل ملوق فيه شر،ل من شر كل ما خلقه ال ،فإن النة واللئكة والنبياء ليس فيهم شر ،والشر
يقال على شيئي :على الل ،وعلى ما يفضى إليه.
قوله :ل يضره شئ حت يرتل من منله ذلك قال القرطب :هذا خب صحيح وقول صادق علمنا صدقه
دليلً وتر بة ،فإ ن م نذ سعت هذا ال ب عملت عل يه فلم يضر ن شئ إل أن ترك ته ،فلدغت ن عقرب
بالهدية ليلً ،فتفكرت ف نفسي فإذا ب قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات.
باب
من الشرك الستعانة بغي ال ودعاء غي ال
قال ش يخ ال سلم رح ه ال :ال ستغاثة والدعاء أن ال ستغاثة ل تكون إل من الكروب ،والدعاء أ عم
من ال ستغاثة ،ل نه يكون من الكروب وغيه .فع طف الدعاء على ال ستغاثة من ع طف العام على
الاص .فبينه ما عموم وخ صوص مطلق ،يتمعان ف مادة وينفرد الدعاء عن ها ف مادة ،ف كل ا ستغاثة
دعاء ،وليس كل دعاء استغاثة.
وقوله :أو يدعو غيه :اعلم أن الدعاء نوعان :دعاء عبادة ،ودعاء مسألة ،ويراد به ف القرآن هذا تارة،
وهذا تارة ،ويراد به مموعهما فدعاء السألة هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر،
ولذا أنكر ال على من يدعو أحدا من دو نه من ل يلك ضرا ول نفعا ،كقوله تعال " :قل أتعبدون
من دون ال ما ل يلك لكم ضرا ول نفعا وال هو السميع العليم " وقوله " :قل أندعوا من دون ال
ما ل ينفعنا ول يضرنا ونرد على أعقابنا بعد إذ هدانا ال كالذي استهوته الشياطي ف الرض حيان
له أصحاب يدعونه إل الدى ائتنا قل إن هدى ال هو الدى وأمرنا لنسلم لرب العالي " وقال " :ول
تدع من دون ال ما ل ينفعك ول يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالي ".
قال شيخ السلم رحه ال :فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء السألة ،وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء
العبادة ،قال ال تعال " :ادعوا ربكم تضرعا وخفية إ نه ل يب العتد ين " وقال تعال " :قل أرأيتكم
إن أتاكم عذاب ال أو أتتكم الساعة أغي ال تدعون إن كنتم صادقي * بل إياه تدعون فيكشف ما
تدعون إل يه إن شاء وتن سون ما تشركون " وقال تعال " :له دعوة ال ق والذ ين يدعون من دو نه ل
يستجيبون لم بشيء إل كباسط كفيه إل الاء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إل ف ضلل
" وأمثال هذا ف القرآن ف دعاء ال سألة أك ثر من أن ي صر ،و هو يتض من دعاء العبادة ،لن ال سائل
أخلص سؤاله ل ،وذلك من أف ضل العبادات ،وكذلك الذا كر ل والتال لكتا به ونوه ،طالب من ال
ف العن ،فيكون داعيا عابدا.
ف تبي بذا من قول ش يخ ال سلم أن دعاء العبادة م ستلزم لدعاء ال سألة ك ما أن دعاء ال سألة متض من
لدعاء العبادة ،وقد قال ال تعال عن خليله " ، ، :وأعتزلكم وما تدعون من دون ال وأدعو رب عسى
أن ل أكون بدعاء رب شقيا * فلما اعتزلم وما يعبدون من دون ال وهبنا له إسحاق ويعقوب وكل
جعلنا نبيا " فصار الدعاء من أنواع العبادة ،فإن قوله " :وأدعو رب عسى أن ل أكون بدعاء رب شقيا
" كقول زكريا " :إن وهن العظم من واشتعل الرأس شيبا ول أكن بدعائك رب شقيا " .وقد أمر ال
تعال به ف مواضع من كتابه كقوله " ، :ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه ل يب العتدين * ول تفسدوا
ف الرض بعد إصلحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحة ال قريب من الحسني " وهذا هو دعاء السألة
التضمن للعبادة ،فإن الداعي يرغب إل الدعو ويضع له ويتذلل.
وضابط هذا :أن كل أمر شرعه ال لعباده وأمرهم به ففعله ل عبادة ،فإذا صرف من تلك العبادة شيئا
لغي ال فهو مشرك مصادم لا بعث به رسوله من قوله " :قل ال أعبد ملصا له دين " وسيأت لذا
مزيد بيان إن شاء ال تعال.
قال ش يخ ال سلم رح ه ال ف الر سالة ال سنية :فإذا كان على ع هد ال نب صلى ال عل يه و سلم م ن
انتسب إل ال سلم من مرق م نه مع عباد ته العظيمة ،فليعلم أن النت سب إل ال سلم وال سنة ف هذه
الزمان قد يرق أيضا من ال سلم ل سباب من ها :الغلو ف ب عض الشا يخ ،بل الغلو ف علي بن أ ب
طالب ،بل الغلو ف السيح ،فكل من غل ف نب أو رجل صال ،وجعل فيه نوعا من اللية مثل أن
يقول :يا سيدي فلن ان صرن أو أغث ن ،أو ارزق ن ،أو أ نا ف ح سبك ،ون و هذه القوال .ف كل هذا
شرك وضلل ي ستتاب صاحبه ،فإن تاب وإل ق تل .فإن ال سبحانه وتعال إن ا أر سل الر سل ،وأنزل
الك تب ،ليع بد وحده ل شر يك له ،ول يد عى م عه إله آ خر .والذي يدعون مع ال آل ة آخرى م ثل
ال سيح واللئ كة وال صنام ،ل يكونوا يعتقدون أن ا تلق اللئق أو تنل ال طر أو تن بت النبات ،وإن ا
كانوا يعبدون م ،أو يعبدون قبور هم ،أو يعبدون صورهم ،يقولون " :ما نعبد هم إل ليقربو نا إل ال
زلفى " " :ويقولون هؤلء شفعاؤنا عند ال " فبعث ال سبحانه رسله تنهى عن أن يدعى أحد من
دونه ،ل دعاء عبادة ول دعاء استغاثة .ا هه.
وقال أيضا :من جعل بينه وبي ال وسائط يتوكل عليهم ويدعوهم ويسألم كفر إجاعا.
نقله عنه صاحب الفروع وصاحب النصاف وصاحب القناع وغيهم .وذكره شيخ السلم ونقلته
عنه ف الرد على ابن جرجيس ف مسألة الوسائط.
وقال ا بن الق يم رح ه ال :و من أنوا عه يعن الشرك طلب الوائج من الوتى ،وال ستغاثة ب م والتو جه
إلي هم .وهذا أ صل شرك العال .فإن ال يت قد انق طع عمله ،و هو ل يلك لنف سه نفعا ول ضرا ،فض ً
ل
عمن استغاث به أو سأله أن يشفع له إل ال ،وهذا من جهله بالشافع والشفوع عنده ،وسيأت تتمة
كلمه ف باب الشفاعة إن شاء ال تعال.
وقال الا فظ م مد بن ع بد الادي رح ه ال ف رده على ال سبكى ف قوله :إن البال غة ف تعظي مه أي
الرسول صلى ال عليه وسلم واجبة .إن أريد به البالغة بسب ما يراه كل أحد تعظميا ،حت الج
إل قبه والسجود له ،والطواف به ،واعتقاد أنه يعلم الغيب ،وأنه يعطى وينع لن استغاث به من دون
ال الضهر والنفهع ،وأنهه يقضهى حوائج السهائلي ويفرج كربات الكروبيه ،وأنهه يشفهع فيمهن يشاء،
ويدخل النة من يشاء فدعوى البالغة ف هذا التعظيم مبالغة ف الشرك ،وانسلخ من جلة الدين.
وف الفتاوى البزازية من كتب النفية :قال علماؤنا :من قال أرواح الشائخ حاضرة تعلم :يكفر.
وقال الشيخ صنع ال النفي رحه ال ف كتابه الرد على من ادعى أن للولياء تصرفات ف الياة وبعد
ه بيه السهلمي جاعات يدعون أن للولياء المات على سهبيل الكرامهة :هذا وأنهه قهد ظههر الن فيم ا
ت صرفات بيات م وبعد مات م ،وي ستغاث ب م ف الشدائد والبليات وبمم هم تكشف الهمات ،فيأتون
قبورههم وينادونمه فه قضاء الاجات ،مسهتدلي أن ذلك منههم كرامات وقالوا :منههم أبدان ونقباء،
وأوتاد ونباء و سبعون و سبعة ،وأربعون وأرب عة ،والق طب هو الغوث للناس ،وعل يه الدار بل التباس،
وجوزوا لم الذبائح والنذور ،وأثبتوا فيهما الجور ،قال :وهذا كلم فيه تفريط وإفراد ،بل فيه اللك
البدى والعذاب السرمدى،لا فيه من روائح الشرك الحقق ،ومصادمة الكتاب العزيز الصدق ،ومالفة
لعقائد الئمة وما اجتمعت عليه المة .وف التنيل " :ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبي له الدى
ويتبع غي سبيل الؤمني نوله ما تول ونصله جهنم وساءت مصيا ".
ث قال :فأما قولم :إن للولياء تصرفات ف حياتم وبعد المات ،فيده قوله تعال " :أإله مع ال " " ،
أل له اللق والمر " " ،ل ملك السموات والرض " ونوها من اليات الدالة على أنه النفرد باللق
والتدب ي والت صرف والتقد ير ،ول شئ لغيه ف شئ ما بو جه من الوجوه فال كل ت ت مل كه وقهره
تصرفا وملكا ،وإماتة وخلقا .وتدح الرب تبار وتعال بانفراده بلكه ف آيات من كتابه كقوله " :هل
من خالق غ ي ال ؟ " " :والذ ين تدعون من دو نه ما يلكون من قطم ي * إن تدعو هم ل ي سمعوا
دعاء كم ولو سعوا ما ا ستجابوا ل كم ويوم القيا مة يكفرون بشرك كم ول ينبئك م ثل خبي " وذ كر
آيات ف هذا العن.
ث قوله :فقوله ف اليات كل ها من دو نه أي من غيه .فإ نه هام يد خل ف يه من اعتقد ته ،و من ول
وشيطان تسهتمده ،فإن مهن ل يقدر على نصهر نفسهه كيهف يده غيه ؟ إل أن قال :إن هذا لقول
وخيهم،وشرك عظيهم ،إل أن قال :وأمها القول بالتصهرف بعهد المات فههو أشنهع وأبدع مهن القول
بالتصرف ف الياة .قال جل ذكره " :إنك ميت وإنم ميتون " " :ال يتوف النفس حي موتا والت
ل تت ف منامها فيمسك الت قضى عليها الوت ويرسل الخرى إل أجل مسمى " :و :و " :كل
نفس ذائقة الوت " " :كل نفس با كسبت رهينة " وف الديث " :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إل
مهن ثلث " الديهث فجميهع ذلك ومها ههو نوه دال على انقطاع السه والركهة مهن اليهت ،وأن
أرواحهم مسكة وأن أعمالم منقطعة عن زيادة ونقصان ،فدل ذلك على أنه ليس للميت تصرف ف
ل عن غيه .فإذا ع جز عن حر كة نف سه .فك يف يت صرف ف غيه ؟ فلله سبحانه ي ب أن ذا ته فض ً
الرواح عنده،وهؤلء اللحدون يقولون :إن الرواح مطلقة متصرفة " :قل أأنتم أعلم أم ال ؟ ".
قال :وأما اعتقادهم أن هذه التصرفات لم من الكرامات ،فهو من الغالطة ،لن الكرامة شئ من عند
ال يكرم به أولياءه ،ل ق صد ل م ف يه ول تدى ،ول قدرة ول علم ،كما ف ق صة مر ي ب نت عمران،
وأسيد بن حضي ،وأب مسلم الولن.
قال :وأما قولم فيستغاث بم ف الشدائد ،فهذا أقبح ما قبله وأبدع لصادمته قوله جل ذكره " :أمن
ييب الضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويعلكم خلفاء الرض أإله مع ال ؟ " " ، :قل من ينجيكم
من ظلمات الب والب حر تدعو نه تضر عا وخف ية لئن أنا نا من هذه لنكو نن من الشاكر ين * قل ال
ينجيكم منها ومن كل كرب ث أنتم تشركون " وذكر آيات ف هذا العن ،ث قال :فإنه جل ذكره قرر
أنه الكاشف للضر ل غيه ،وأنه النفرد بإجابة الضطرين ،وأنه الستغاث لذلك كله ،وأنه القادر على
دفع الضر ،القادر على إيصال الي .فهو النفرد بذلك ،فإذا تعي هو جل ذكره خرج غيه من ملك
ونب وول.
قال :والستغاثة توز ف السباب الظاهرة العادية من المور السية ف قتال ،أو إدراك عدو أو سبع أو
نوه ،كقولم :يا لزيد ،يا للمسلمي ،بسب الفعال الظاهرة.
وأما الستغاثة بالقوة والتأثي أو ف المور العنوية من الشدائد ،كالرض وخوف الغرق والضيق والفقر
وطلب الرزق ونوه فمن خصائص ال ل يطلب فيها غيه.
قال :وأما كونم معتقدين التأثي منهم ف قضاء حاجاتم كما تفعله جاهلية العرب والصوفية والهال.
وينادونم ويستنجدون بم .فهذا من النكرات .فمن اعتقد أن لغي ال من نب أو ول أو روح أو غي
ذلك ف كشف كربة وغيه على وجه المداد منه :أشرك مع ال ،إذ ل قادر على الدفع غيه ول خي
إل خيه.
قال :وأ ما ما قالوا إن من هم أبدالً ونقباء وأوتادا ونباء و سبعي و سبعة وأربع ي وأرب عة والق طب هو
الغوث للناس .فهذا من موضوعات إفك هم .ك ما ذكره القا ضي الحدث ف سراج الريد ين ،وا بن
الوزى وابن تيمية .انتهى باختصار.
والق صود أن أ هل العلم ما زالوا ينكرون هذه المور الشرك ية ال ت ع مت ب ا البلوى واعتقد ها أ هل
الهواء .فلو تتبعنا كلم العلماء النكرين لذه المور الشركية لطال الكتاب .والبصي النبيل يدرك الق
مهن أول دليهل،ومهن قال قولً بل برهان فقوله ظاههر البطلن،مالف مها عليهه أههل القه واليان
التمسكون بحكم القرآن ،التسجيون لداعى الق واليان .وال الستعان وعليه التكلن.
قال( :وقوله تعال " :ول تدع من دون ال ما ل ينفعك ول يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالي
") :
قال ابن عطية :معناه قيل ل ول تدع فهو عطف على أقم وهذا المر والخاطبة للنب صلى ال عليه
وسهلم .إذا كانهت هكذا فأحرى أن يذر مهن ذلك غيه .والطاب خرج مرج الصهوص وههو عام
للمة.
قال أبو جعفر ابن جرير ف هذه الية :يقول تعال ذكره :ول تدع يا ممد من دون معبودك وخالقك
شيئا ل ينفعك ف الدنيا ول ف الخرة ،ول يضرك ف دين ول دنيا ،يعن بذلك اللة والصنام ،يقول
ل تعبد ها راجيا نفع ها أو خائفا ضر ها فإن ا ل تن فع ول ت ضر .فإن فعلت ذلك فدعوت ا من دون ال
فإنك إذا من الظالي يكون من الشركي بال الظال لنفسه.
قلت :وهذه الية لا نظائر كقوله " :فل تدع مع ال إلا آخر فتكون من العذبي " وقوله " :ول تدع
مع ال إلا آ خر ل إله إل هو " ف في هذه اليات بيان أن كل مد عو يكون إلا ،والل ية حق ل ل
ي صلح من ها شئ لغيه .ولذا قال " :ل إله إل هو " ك ما قال تعال " :ذلك بأن ال هو ال ق وأن ما
يدعون من دو نه هو البا طل وأن ال هو العلي ال كبي " وهذا هو التوح يد الذي ب عث ال به ر سله،
وأنزل به كتبه ،كما قال تعال " :وما أمروا إل ليعبدوا ال ملصي له الدين " والدين :كل ما يدان ال
به من العبادات الظاهرة والباطنة .وفسره ابن جرير ف تفسيه بالدعاء ،وهو فرد من أفراد العبادة ،على
عادة السلف ف التفسي ،يفسرون الية ببعض أفراد معناها ،فمن صرف منها شيئا لقب أو صنم أو وثن
أو غي ذلك فقد اتذه معبودا وجعله شريكا ل ف اللية الت ل يستحقها إل هو ،كما قال تعال" :
ومن يدع مع ال إلا آخر ل برهان له به فإنا حسابه عند ربه إنه ل يفلح الكافرون " فتبي بذه الية
ونوها أن دعوة غي ال كفر وشرك وضلل.
وقوله "( :وإن يسسك ال بضر فل كاشف له إل هو وإن يردك بي فل راد لفضله ") :
فإنه النفرد باللك والقهر ،والعطاء والنع ،والضر والنفع ،دون كل ما سواه .فيلزم من ذلك أن يكون
هو الدعو وحده ،العبود وحده ،فإن العبادة ل تصلح إل لالك الضر والنفع .ول يلك ذلك ول شيئا
منه غيه تعال ،فهو الستحق للعبادة وحده ،دون من ل يضر ول ينفع.
وقوله تعال " :قل أفرأيتم ما تدعون من دون ال إن أرادن ال بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادن
برحة هل هن مسكات رحته قل حسب ال عليه يتوكل التوكلون " ،وقال " :ما يفتح ال للناس من
رحة فل مسك لا وما يسك فل مرسل له من بعده وهو العزيز الكيم " .
فهذا ما أخب به ال تعال ف كتابه من تفرده باللية والربوبية ،ونصب الدلة على ذلك .فاعتقد عباد
القبور والشاهد نقيض ما أخب به ال تعال ،واتذوهم شركاء ل ف استجلب النافع ودفع الكاره،
ب سؤالم واللتجاء بالرغ بة والره بة والتضرع ،وغ ي ذلك من العبادات ال ت ل ي ستحقها إل ال تعال،
واتذوههم شركاء ل فه ربوبيتهه وإليتهه .وهذا فوق شرك كفار العرب القائليه " :مها نعبدههم إل
ليقربونا إل ال زلفى " " هؤلء شفعاؤنا عند ال " فإن أولئك يدعونم ليشفعوا لم ويقربوهم إل ال.
وكانوا يقولون ف تلبيتهم :لبيك ،ل شريك لك* إل شريكا هو لك * تلكه وما ملك *.
وأما هؤلء الشركون فاعتقدوا ف أهل القبور والشاهد ما هو أعظم من ذلك .فجعلوا لم نصيبا من
التصرف والتدبي ،وجعلوهم معاذا لم وملذا ف الرغبات والرهبات " سبحان ال عما يشركون ".
قال( :وقوله تعال " :فابتغوا عند ال الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون") :
يأمر تعال عباده بابتغاء الرزق منه وحده دون ما سواه من ل يلك لم رزقا من السماوات والرض
شيئا" .فتقديه الظرف يفيهد الختصهاص .وقوله" :واعبدوه مهن عطهف العام على الاص ،فإن ابتغاء
الرزق عنده من العبادة الت أمر ال با".
قال العماد ابن كثي رحه ال تعال :فابتغوا أي فاطلبوا عند ال الرزق أي ل عند غيه .لنه الالك له،
وغيه ل يلك شيئا من ذلك واعبدوه أي أخل صوا له العبادة وحده ل شر يك له واشكروا له أي على
ما أنعم عليكم إليه ترجعون أي يوم القيامة فيجازى كل عامل بعمله.
قال أ بو جع فر بن جر ير ف قوله " :وإذا ح شر الناس كانوا ل م أعداءً " يقول تعال ذكره :وإذا ج ع
الناس ليوم القيامة ف موقف الساب كانت هذه اللة الت يدعونا ف الدنيا لم أعداء ،لنم يتبأون
من هم " وكانوا بعبادت م كافر ين " يقول تعال ذكره :وكا نت آلت هم ال ت يعبدون ا ف الدن يا بعبادت م
جاحدين ،لنم يقولون يوم القيامة :ما أمرناهم ول شعرنا بعبادتا إيانا .تبأنا منهم يا ربنا .كما قال
تعال " ، :ويوم يشرههم ومها يعبدون مهن دون ال فيقول أأنتهم أضللتهم عبادي هؤلء أم ههم ضلوا
السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حت
نسوا الذكر وكانوا قوما بورا ".
قال ابن جرير " :ويوم يشرهم وما يعبدون من دون ال " من اللئكة والنس والن وساق بسنده
عن ماهد قال :عيسى وعزير واللئكة.
ث قال :يقول تعال ذكره قالت اللئ كة الذ ين كان هؤلء الشركون يعبدون م من دون ال وعي سى:
تنيها لك يا ربنا وتبئ ًة ما أضاف إليك هؤلء الشركون " ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من
أولياء " نواليهم " أنت ولينا من دونم " انتهى.
قلت :وأكثر ما يستعمل الدعاء ف الكتاب والسنة واللغة ولسان الصحابة ومن بعدهم من العلماء :ف
ال سؤال والطلب ،ك ما قال العلماء من أ هل الل غة وغي هم :ال صلة ل غة الدعاء ،و قد قال تعال" ، :
والذين تدعون من دونه ما يلكون من قطمي " اليتي وقال " :قل من ينجيكم من ظلمات الب والبحر
تدعونه تضرعا وخفية " وقال " :وإذا مس النسان الضر دعانا لنبه أو قاعدا أو قائما " وقال " :وإذا
مسه الشر فذو دعاء عر يض " وقال" :ل يسأم الن سان من دعاء ال ي " ال ية .وقال " :إذ تستغيثون
ربكم فاستجاب لكم " الية.
و ف حد يث أ نس مرفوعا " :الدعاء مخ العبادة " و ف الد يث ال صحيح " :ادعوا ال وأن تم موقنون
بالجابة " وف آخر " :من يسأل ال يغضب عليه " وحديث " :ليس شئ أكرم على ال من الدعاء "
رواه أحد والترمذي وابن ماجه وابن حبان والاكم وصححه .وقوله " :الدعاء سلح الؤمن وعماد
الدين ونور السماوات والرض " رواه الاكم وصححه .وقوله " :سلوا ال كل شئ حت الشسع إذا
انق طع " الد يث .وقال ا بن عباس ر ضي ال عنه ما :أف ضل العبادة الدعاء وقرأ" :وقال رب كم ادعو ن
أستجب لكم " الية .رواه ابن النذر والاكم وصححه .وحديث " :اللهم إن أسألك بأن ل المد ل
إله إل أنت النان "...الديث وحديث " :اللهم إن أسألك بأنك أنت ال ل إله إل أنت الحد الصمد
الذي ل يلد ول يولد ول يكن له كفوا أ حد " وأمثال هذا ف الكتاب والسنة أك ثر من أن يصر ،ف
الدعاء الذي ههو السهؤال والطلب ،فمهن جحهد كون السهؤال والطلب عبادة فقهد صهادم النصهوص
وخالف اللغة واستعمال المة سلفا وخلفا.
وأما ما تقدم من كلم شيخ السلم ،وتبعه العلمة ابن القيم رحهما ال تعال من أن الدعاء نوعان:
دعاء م سألة ودعاء عبادة .و ما ذ كر بينه ما من التلزم وتض من أحده ا لل خر .فذلك باعتبار كون
الذاكر والتال والصلى والتقرب بالنسك وغيه طالبا ف العن .فيدخل ف مسمى الدعاء بذا العتبار،
و قد شرح ال تعال ف ال صلة الشرع ية من دعاء ال سألة ما ل ت صح ال صلة إل به ،ك ما ف الفات ة
والسجدتي وف التشهد ،وذلك عبادة كالركوع والسجود .فتدبر هذا القام يتبي لك جهل الاهلي
بالتوحيد.
وما يتبي هذا القام ويزيد إيضاحا .قوله العلمة ابن القيم رحه ال تعال ف قوله تعال " :قل ادعوا ال
أو ادعوا الرح ن أ يا ما تدعوا فله ال ساء ال سن " وهذا الدعاء الشهور أ نه دعاء ال سألة .قالوا :كان
النب صلى ال عليه وسلم يدعو ربه ويقول مرة يا ال ومرة يا رحن فظن الشركون أنه يدعو إلي
فأنزل ال هذه الية .ذكر هذا عن ابن عباس رضي ال عنهما .وقيل :إن هذا الدعاء هنا بعن التسمية،
والع ن :أي سيتموه به من أ ساء ال تعال ،إ ما ال وإ ما الرح ن فله ال ساء ال سن .وهذا من لوازم
العن ف الية .وليس هو عي الراد .بل الراد بالدعاء معناه العهود الطرد ف القرآن .وهو دعاء السؤال
ودعاء الثناء.
ث قال :إذا عرف هذا فقوله " :ادعوا ربكم تضرعا وخفية " يتناول نوعي الدعاء لكنه ظاهر ف دعاء
ال سألة متض من لدعاء العبادة ،ولذا أ مر بإخفائه .قال ال سن :ب ي دعاء ال سر ودعاء العلن ية سبعون
ضعيفا .ول قد كان ال سلمون يتهدون ف الدعاء ول ي سمع ل م صوت إن كان إل ه سا بين هم وب ي
ربم .وقوله تعال " :وإذا سألك عبادي عن فإن قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان " يتناول نوعى
الدعاء ،وبكل منهما فسرت الية قيل :أعطيه إذا سألن ،وقيل أثيبه إذا عبدن ،وليس هذا من استعمال
اللفظ ف حقيقته ومازه ،بل هذا استعمال ف حقيقته الواحدة التضمنة للمرين جعيا .وهذا يأت ف
مسألة الصلة وإنا نقل عن مسماها ف اللغة وصارت حقيقة شرعية ،واستعملت ف هذه العبادة مازا
للعلقة بينهما وبي السمى اللغوي وهي باقية على الوضع اللغوي ،وضم إليها أركان وشرائط .فعلى
ما قررناه ل حاجة إل شئ من ذلك ،فإن الصلى من أول صلته إل آخرها ل ينفك عن دعاء :إما
عبادة وثناء ،أو دعاء طلب ومسألة ،وهو ف الالتي داع .ا هه .ملخصا من البدائع.
قال( :وقوله " :أ من ي يب الض طر إذا دعاه ويك شف ال سوء ويعل كم خلفاء الرض أإله مع ال
قليلً ما تذكرون") :
بي تعال أن الشركي من العرب ونوهم قد علموا أنه ل ييب الضطر ويكشف السوء إل ال وحده
فذكر ذلك سبحانه متجا عليهم ف اتاذهم الشفعاء من دونه ،ولذا قال " أإله مع ال ؟ " يعن يفعل
ذلك .فإذا كا نت آلت هم ل تيب هم ف حال الضطرار فل ي صلح أن يعلو ها شركاء ل الذي ي يب
الضطر إذا دعاه ويكشف السوء وحده .وهذا أصح ما فسرت به الية كسابقتها من قوله " أمن خلق
ال سماوات والرض وأنزل ل كم من ال سماء ماء فأنبت نا به حدائق ذات ب جة ما كان ل كم أن تنبتوا
شجرها أإله مع ال بل هم قوم يعدلون * أمن جعل الرض قرارا وجعل خللا أنارا وجعل لا رواسي
وجعل بي البحرين حاجزا أإله مع ال بل أكثرهم ل يعلمون " ول حقتها إل قوله " :أمن يهديكم ف
ظلمات الب والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بي يدي رحته أإله مع ال تعال ال عما يشركون * أمن
يبدأ اللق ث يعيده ومن يرزقكم من السماء والرض أإله مع ال قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقي
".
فتأمل هذه اليات يتبي لك أن ال تعال احتج على الشركي با أقروا به على ما جحدوه :من قصر
العبادة جعيها عليه ،كما ف فاتة الكتاب " :إياك نعبد وإياك نستعي ".
قال أ بو جع فر بن جر ير :قوله " :أ من ي يب الض طر إذا دعاه ويك شف ال سوء " إل قوله "قليلً ما
تذكرون " يقول تعال ذكره :أم مها تشركون بال خيه ،أم الذي ييهب الضطهر إذا دعاء ويكشهف
ال سوء النازل به ع نه ؟ وقوله " :ويعل كم خلفاء الرض " يقول :ي ستخلف ب عد أموات كم ف الرض
منكم خلفاء أحياء يلفونم ،وقوله " :أإله مع ال ؟ " أإله سواه يفعل هذه الشياء بكم وينعم عليكم
ل من عظ مة ال وأياد يه عند كم تذكرون، ل ما تذكرون " يقول تذكرا قلي ً
هذه الن عم ؟ وقوله " :قلي ً
وتعتبون ححج ال عليكم يسيا .فلذلك أشركوا بال وغيه ف عبادته .ا هه.
قوله( :وروى ال طبان "أ نه كان ف ز من ال نب صلى ال عل يه و سلم منا فق يؤذي الؤمن ي .فقال
بعضهم :قوموا بنا نستغيث برسول ال صلى ال عليه وسلم من هذا النافق ،فقال النب صلى ال
عليه وسلم :إنه ل يستغاث ب ،وإنا يستغاث بال ") :
ال طبان :هو المام الا فظ سليمان بن أح د بن أيوب اللخ مي ال طبان ،صاحب العا جم الثل ثة
وغيها .روى عن النسائي وإسحاق بن إبراهيم الديرى وخلق كثي .مات سنة ستي وثلثمائة .روى
هذا الديث عن عبادة بن الصامت رضي ال عنه.
قوله :أنه كان ف زمن النب صلى ال عليه وسلم منافق يؤذي الؤمني ل أقف على اسم هذا النافق.
قوله :فقال بعضهم أي الصحابة رضي ال عنهم ،هو أبو بكر رضي ال عنه.
قوله :قوموا بنا نستغيث برسول ال صلى ال عليه وسلم من هذا النافق لنه صلى ال عليه وسلم يقدر
على كف أذاه.
قوله :إنه ل يستغاث ب ،وإنا يستغاث بال فيه النص على أنه ل يستغاث بالنب صلى ال عليه وسلم
ول بن دونه .كره صلى ال عليه وسلم أن يستعمل هذا اللفظ ف حقه ،وإن كان ما يقدر عليه ف
حيا ته ،حا ية لناب التوح يد ،و سدا لذرائع الشرك وأدبا وتواضعا لر به ،وتذيرا لل مة من و سائل
الشرك ف القوال والفعال .فإذا كان فيما يقدر عليه صلى ال عليه وسلم ف حياته ،فكيف يوز أن
يستغاث به بعد وفاته ويطلب منه أمورا ل يقدر عليها إل ال عز وجل ؟ كما جرى على ألسنة كثي
من الشعراء كالبوصيي والبعي وغيهم ،من الستغاثة بن ل يلك لنفسه ضرا ول نفعا ول موتا ول
حياة ول نشورا ،ويعرضون عن ال ستغاثة بالرب العظ يم القادر على كل ش يء الذي له اللق وال مر
وحده ،وله اللك وحده ،ل إله غيه ول رب سواه .قال تعال " ) : ( :قل ل أملك لنف سي نفعا ول
ضرا إل ما شاء ال " ف موا ضع من القرآن ( " ) :قل إ ن ل أملك ل كم ضرا ول رشدا " فأعرض
ه دلت عليهه هذه اليات الحكمات ،وتبعههم على ذلك الضلل هؤلء عهن القرآن واعتقدوا نقيهض م ا
اللق الكث ي وال م الغف ي .فاعتقدوا الشرك بال دينا ،والدى ضللً ،فإ نا ل وإ نا إل يه راجعون .ف ما
أعظمها من مصيبة عمت با البلوى ،فعاندوا أهل التوحيد وبدعوا أهل التجريد ،فال الستعان.
باب
أيشركون ما ل يلق شيئا وهم يلقون
قوله( :باب قول ال تعال " :أيشركون ما ل يلق شيئا وهم يلقون * ول يستطيعون لم نصرا ول
أنفسهم ينصرون ") :
قوله " أيشركون " أي ف العبادة .قال الفسرون :ف هذه الية توبيخ وتعنيف للمشركي ف عبادتم
مع ال تعال ما ل يلق شيئا وهو ملوق ،والخلوق ل يكون شريكا للخالق ف العبادة الت خلقهم لا،
وبي أنم ل يستطيعون لم نصرا ول أنفسهم ينصرون ،فكيف يشركون به من ل يستطيع نصر عابديه
ول ن صر نف سه ؟ وهذا برهان ظا هر على بطلن ما كانوا يعبدو نه من دون ال ،وهذا و صف كل
ملوق ،حت اللئكة والنبياء والصالي .وأشرف اللق ممد صلى ال عليه وسلم قد كان يستنصر
ربه على الشركي ويقول " اللهم أنت عضدي ونصيي ،بك أحول وبك أصول ،وبك أقاتل " وهذا
كقوله " :واتذوا من دو نه آل ة ل يلقون شيئا و هم يلقون ول يلكون لنف سهم ضرا ول نف عا ول
يلكون موتها ول حياة ول نشورا " وقوله " :قهل ل أملك لنفسهي نفعها ول ضرا إل مها شاء ال ولو
كنت أعلم الغيب لستكثرت من الي وما مسن السوء إن أنا إل نذير وبشي لقوم يؤمنون " وقوله :
" قل إن ل أملك لكم ضرا ول رشدا * قل إن لن يين من ال أحد ولن أجد من دونه ملتحدا * إل
بلغا من ال ورسالته ".
فكفى بذه اليات برهانا على بطلن دعوة غي ال كائنا من كان .فإن كان نبيا أو صالا فقد شرفه
ال تعال بإخلص العبادة له ،والرضاء به ربا ومعبودا ،فك يف يوز أن يعل العابد معبودا مع توج يه
الطاب إليه بالنهي عن هذا الشرك كما قال تعال " :ول تدع مع ال إلا آخر ل إله إل هو كل شيء
هالك إل وج هه له ال كم وإل يه ترجعون " وقال " :إن ال كم إل ل أ مر أن ل تعبدوا إل إياه " ف قد
أمر عباده من النبياء والصالي وغيهم بإخلص العبادة له وحده ،وناهم أن يعبدوا معه غيه ،وهذا
هو دينه الذي بعث به رسله ،وأنزل به كتبه ،ورضيه لعباده ،وهو دين السلم ،كما روى البخاري
عن أب هريرة ف سؤال جبيل عليه السلم قال " يا رسول ال ،ما السلم ؟ قال السلم أن تعبد ال
ول تشرك به شيئا ،وتقيم الصلة ،وتؤت الزكاة الفروضة ،وتصوم رمضان " الديث.
وقوله تعال " :والذين تدعون من دونه ما يلكون من قطمي * إن تدعوهم ل يسمعوا دعاءكم ولو
سعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ول ينبئك مثل خبي " :
ي ب تعال عن حال الدعو ين من دو نه من اللئ كة وال نبياء وال صنام وغي ها ب ا يدل على عجز هم
وضعفهم وأنم قد انتفت عنهم السباب الت تكون ف الدعو ،وهي اللك ،وساع الدعاء ،والقدرة
على استجابته ،فمت ل توجد هذه الشروط تامة بطلت دعوته فكيف إذا عدمت بالكلية ؟ فنفى عنهم
اللك بقوله " مها يلكون مهن قطميه " قال ابهن عباس وماههد وعكرمهة ،وعطاء والسهن وقتادة:
القطمي :اللفافة الت تكون على نواة التمر كما قال تعال " :ويعبدون من دون ال ما ل يلك لم رزقا
مهن السهموات والرض شيئا ول يسهتطيعون " وقال " ، :قهل ادعوا الذيهن زعمتهم مهن دون ال ل
يلكون مثقال ذرة ف السماوات ول ف الرض وما لم فيهما من شرك وما له منهم من ظهي * ول
تنفع الشفاعة عنده إل لن أذن له " ونفى عنهم ساع الدعاء بقوله " إن تدعوهم ل يسمعوا " لنه ما
ب ي م يت وغائب عن هم ،مشت غل ب ا خلق له ،م سخر ب ا أ مر به كاللئ كة ،ث قال " ولو سعوا ما
ا ستجابوا ل كم " لن ذلك ل يس ل م ،فإن ال تعال ل يأذن ل حد من عباده ف دعاء أ حد من هم ،ل
استقللً ول واسطة ،كما تقدم بعض أدلة ذلك .وقوله " ويوم القيامة يكفرون بشرككم " فتبي بذا
أن دعوة غ ي ال شرك .وقال تعال " ، :واتذوا من دون ال آل ة ليكونوا ل م عزا * كل سيكفرون
بعبادتمه ويكونون عليههم ضدا " وقوله تعال " :ويوم القيامهة يكفرون بشرككهم " قال ابهن كثيه:
يتبأون منكم ،كما قال تعال " ، :ومن أضل من يدعو من دون ال من ل يستجيب له إل يوم القيامة
وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لم أعداء وكانوا بعبادتم كافرين ".
قال( :وقوله " ول ينبئك مثل خبي " أي ول يبك بعواقب المور ومآلا وما تصي إليه مثل خبي با.
قال قتادة :يعن نفسه تبارك وتعال .فإنه أخب بالواقع ل مالة) .
فالكيس يستقبل هذه اليات الت هي الجة والنور والبهان باليان والقبول والعمل ،فيجرد أعماله ل
وحده دون كل ماسواه من ل يلك لنفسه نفعا ول دفعا ،فضلً عن غيه.
قوله( :فس الصسحيح عسن أنسس رضسي ال عنسه قال " شسج النسب صسلى ال عليسه وسسلم يوم أحسد
وكسرت رباعيته .فقال :كيف يفلح قوم شجوا نبيهم ؟ فنلت الية " :ليس لك من المر شيء
") :
قوله :ف ال صحيح أي ال صحيحي .عل قه البخاري .قال وقال ح يد وثا بت عن أ نس .وو صله أح د
والترمذي والن سائي عن ح يد عن أ نس .وو صله م سلم عن ثا بت عن أ نس .وقال ا بن إ سحاق ف
الغازي .حدثنا حيد الطويل عن أنس قال كسرت رباعية النب صلى ال عليه وسلم يوم أحد وشج
وج هه ،فج عل الدم ي سيل على وج هه ،وج عل ي سح الدم و هو يقول :ك يف يفلح قوم خضبوا و جه
نبيهم وهو يدعوهم إل ربم ؟ فأنزل ال الية .
قوله :شج النب صلى ال عليه وسلم قال أبو ال سعادات :الشج ف الرأس خاصة ف الصل ،وهو أن
يضربه بشئ فيجرحه فيه ويشقه ،ث استعمل ف غيه من العضاء ،وذكر ابن هشام من حديث أب
سعيد الدري أن عتبة بن أب وقاص هو الذي كسر رباعية النب صلى ال عليه وسلم السفلى وجرح
شفته العليا وأن عبد ال بن شهاب الزهري هو الذي شجه ف وجهه ،وأن عبد ال بن قمئة جرحه ف
وجنته ،فدخلت حلقتان من حلق الغفر ف وجنته وأن مالك ابن سنان مص الدم من وجه رسول ال
صلى ال عليه وسلم وازدرده .فقال له :لن تسك النار .
قال القرطب :والرباعية بفتح الراء وتفيف الياء وهي كل سن بعد ثنية.
قال الافظ :والراد أنا كسرت ،فذهب منها فلقة ول تقلع من أصلها.
قال النووي :وف هذا وقوع السقام والبتلء بالنبياء صلوات ال وسلمه عليهم لينالوا بذلك جزيل
الجر والثواب .ولتعرف المم ما أصابم ويأتسوا بم.
قال القا ضي :وليعلم أن م من الب شر ت صيبهم م ن الدن يا ،ويطرأ على أج سامهم ما يطرأ على أج سام
البشر ليتيقن أنم ملوقون مربوبون .ول يفت با ظهر على أيديهم من العجزات ويلبس الشيطان من
أمرهم ما لبسه على النصارى وغيهم انتهى.
قوله :يوم أحد هو شرقي الدينة .قال صلى ال عليه وسلم " أحد جبل يبنا ونبه " وهو جبل معروف
كانت عنده الواقعة الشهورة .فأضيفت إليه.
قوله :كيف يفلح قوم شجوا نبيهم زاد مسلم مسلم كسروا رباعيته وأدموا وجهه .
قوله :فأنزل ال " :ليس لك من المر شيء " قال ابن عطية :كأن النب صلى ال عليه وسلم لقه ف
تلك الال يأس من فلح كفار قريش ،فقيل له بسبب ذلك " ليس لك من المر شيء " أي عواقب
المور بيد ال ،فامض أنت لشأنك ،ودم على الدعاء لربك.
وقال ابن إسحاق " :ليس لك من المر شيء " ف عبادي إل ما أمرتك به فيهم.
قوله( :وفيه عن ابن عمر رضي ال عنهما أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول إذا رفع
رأسه من الركوع ف الركعة الخية من الفجر :اللهم العن فلنا وفلنا بعد ما يقول :سع ال لن
حده ،ربنا ولك المد .فأنزل ال " ليس لك من المر شيء " وف رواية يدعو على صفوان بن
أمية ،وسهيل بن عمرو ،والارث بن هشام فنلت " ليس لك من المر شيء ") :
قوله :عن ابن عمر هو عبد ال بن عمر بن الطاب ،صحاب جليل ،شهد له رسول ال صلى ال عليه
وسلم بالصلح ،مات سنة ثلث وسبعي ف آخرها أو ف أول الت تليها.
قوله :أنه سع رسول ال هذا القنوت على هؤلء بعد ما شج وكسرت رباعيته يوم أحد.
قوله :اللههم العهن فلنا وفلنا قال أبهو السهعادات :أصهل اللعهن والطرد والبعاد مهن ال .ومهن اللق
السب والدعاء وتقدم كلم شيخ السلم رحه ال.
قوله :فلنا وفلنا يع ن صفوان بن أم ية و سهيل بن عمرو والارث بن هشام ،ك ما بي نه ف الروا ية
التية.
وفيه :جواز الدعاء على الشركي بأعيانم ف الصلة ،وأن ذلك ل يضر ف الصلة.
قوله :ب عد ما يقول؛ سع ال ل ن حده قال أ بو ال سعادات :أي أجاب حده وت قبيله .وقال ال سهيلي:
مفعول سع مذوف،لن ال سمع متعلق بالقوال وال صوات دون غي ها فاللم تؤذن بع ن زائد و هو
الستجابة للسمع ،فاجتمع ف الكلمة الياز والدللة على الزائد ،وهو الستجابة لن حده.
وقال ابن القيم رحه ال ما معناه :سع ال لن حده باللم التضمنة معن استجاب له .ول حذف وإنا
هو مضمن.
قوله :ربنا لك المد ،ف بعض روايات البخاري بإسقاط الواو .قال ابن دقيق الع يد :كأن إثباتا دال
على معن زائد ،لنه يكون التقدير :ربنا استجب ولك المد .فيشتمل على معن الدعاء ومعن الب.
قال شيخ السلم :والمد ضد الذم ،والمد يكون على ماسن الحمود مع الحبة له .كما أن الذم
يكون على مساويه مع البغض له.
وكذا قال ابن القيم :وفرق بينه وبي الدح بأن الخبار عن ماسن الغي إما أن يكون إخبار مردا عن
حب وإرادة ،أو يكون مقرونا ب به وإراد ته .فإن كان الول ف هو الدح ،وإن كان الثا ن ف هو ال مد.
فالمد إخبار عن ماسن الحمود مع حبه وإجلله وتعظيمه .ولذا كان خبا يتضمن النشاء بلف
الدح ،فإنه خب مرد .فالقائل إذا قال :المد ل أو قال ربنا ولك المد تضمن كلمه الب عن كل
ما ي مد عل يه تعال بإ سم جا مع م يط متض من ل كل فرد من أفراد الملة الحق قة والقدرة ،وذلك
يستلزم إثبات كل كمال يمد عليه الرب تعال ،ولذا ل تصلح هذه اللفظة على هذا الوجه ول تنبغي
إل لن هذا شأنه ،وهو الميد الجيد.
وف يه :الت صريح بأن المام ي مع ب ي الت سميع والتحم يد ،و هو قول الشاف عي وأح د وخالف ف ذلك
مالك وأبو حنيفة ،وقال :يقتصر على سع ال لن حده .
قوله :وف رواية يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والارث بن هشام .
وذلك لن م رؤوس الشرك ي يوم أ حد ،هم وأ بو سفيان بن حرب ،ف ما ا ستجيب له صلى ال عل يه
وسلم فيهم بل أنزل ال " ليس لك من المر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبم " فتاب عليهم فأسلموا
وح سن إ سلمهم .و ف كله مع ن شهادة أن ل إله إل ال الذي له ال مر كله ،يهدي من يشاء بفضله
ورحته ،ويضل من يشاء بعدله وحكمته.
و ف هذا من ال جج والباه ي ما يبي بطلن ما يعتقده عباد القبور ف الولياء وال صالي .بل ف
الواغ يت من أن م ينتفعون من دعا هم ،وينعون من لذ بما هم .ف سبحان من حال بين هم وب ي ف هم
الكتاب .وذلك عدله سبحانه ،وهو الذي يول بي الرء وقلبه ،وبه الول والقوة.
قوله( :وفيه عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم حي أنزل ال
عليه " :وأنذر عشيتك القربي " قال " يا معشر قريش أو كلمة نوها اشتروا أنفسكم ل أغن
عنكم من ال شيئا .يا عباس بن عبد الطلب ل أغن عنك من ال شيئا .يا صفية عمة رسول ال،
ل أغن عنك من ال شيئا .يا فاط مة ب نت ممد ،سلين من مال ما شئت ،ل أغ ن عنك من ال
شيئا ") :
قوله :عن أ ب هريرة اختلف ف ا سه .و صحيح النووي أن ا سه ع بد الرح ن ا بن صخر ،ك ما رواه
الاكم ف الستدرك عن أب هريرة قال :كان اسي ف الاهلية عبد الرحن وروى الدولب بإسناده عن
أب هريرة أن النب صلى ال عليه وسلم ساه عبد ال وهو دوسي من فضلء الصحابة وحفاظهم ،حفظ
عن النب صلى ال عليه وسلم أكثر ما حفظه غيه مات سنة سبع أو ثان أو تسع وخسي ،وهو ابن
ثان وسبعي سنة.
قوله :قام رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الصحيح من رواية ابن عباس صعد رسول ال صلى ال
عليه وسلم على الصفا .
قوله :حي أنزل عليه " وأنذر عشيتك القربي " عشية الرجل :هم بنو أبيه الدنون أو قبيلته .لنم
أحهق الناس بهبك وإحسهانك الدينه والدنيوي ،كمها قال تعال " :يها أيهها الذيهن آمنوا قوا أنفسهكم
وأهلي كم نارا وقود ها الناس والجارة " و قد أمره ال تعال أيضا بالنذارة العا مة ،ك ما قال " :لتنذر
قوما ما أنذر آباؤهم فهم غافلون " " ) :وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب ".
قوله :اشتروا أنفسهكم أي بتوحيهد ال وإخلص العبادة له وحده ل شريهك له وطاعتهه فيمها أمهر بهه
والنتهاء عمها نىه عنهه .فإن ذلك ههو الذي ينجهي مهن عذاب ال ل العتماد على النسهاب
والحساب ،فإن ذلك غي نافع عند رب الرباب.
قوله " :ما أغ ن عن كم من ال من ش يء " ف يه ح جة على من تعلق على ال نبياء وال صالي ،ور غب
إليهم ليشفعوا له وينفعوه ،أو يدفعوا عنه ،فإن ذلك هو الشرك الذي حرمه ال تعال ،وأقام نبيه صلى
ال عليه وسلم بالنذار عنه ،كما أخب تعال عن الشركي ف قوله " :والذين اتذوا من دونه أولياء
ما نعبدهم إل ليقربونا إل ال زلفى " " :هؤلء شفعاؤنا عند ال " فأبطل ال ذلك ونزه نفسه عن هذا
الشرك ،و سيأت تقر ير هذا القام إن شاء ال تعال .و ف صحيح البخاري يا ب ن ع بد مناف ل أغ ن
عنكم من ال شيئا .
قوله :يا عباس بن عبد الطلب بنصب بن ويوز ف عباس الرفع النصب .وكذا ف قوله يا صفية عمة
رسول ال ،ويا فاطمة بنت ممد.
وفيه :أنه ل يوز أن يسأل العبد إل ما يقدر عليه من أمور الدنيا .وأما الرحة والغفرة والنة والنجاة
من النار ون و ذلك من كل ما ل يقدر عل يه إل ال تعال ،فل يوز أن يطلب إل م نه تعال ،فإن ما
عند ال ل ينال إل بتجريد التوحيد ،والخلص له با شرعه ورضيه لعباده أن يتقربوا إليه به ،فإذا كان
ل ين فع بن ته ول ع مه ول عم ته ول قراب ته إل ذلك ،فغي هم أول وأحرى .و ف ق صة ع مه أ ب طالب
معتب.
فانظر إل الواقع الن من كثي من الناس اللتجاء إل الموات والتوجه إليهم بالرغبات والرهبات ،وهم
عاجزون ل يلكون لنف سهم ضرا ول نفعا ،فضلً عن غي هم _ ي تبي لك أن م لي سو على شئ " :
إن م اتذوا الشياط ي أولياء من دون ال ويسبون أن م مهتدون " أظ هر ل م الشيطان الشرك ف قالب
مبة الصالي ،وكل صال يبأ إل ال من هذا الشرك ف الدنيا ويوم يقوم الشهاد .ول ريب أن مبة
الصالي إنا تصل بوافقتهم ف الدين ،ومتابعتهم ف طاعة رب العالي ،ل باتاذهم أندادا من دون
ال يبون م ك حب ال إشراكا بال ،وعبادة لغ ي ال ،وعداوة ل ور سوله وال صالي من عباده ،ك ما
قال تعال " ، :وإذ قال ال يا عي سى ا بن مري أأ نت قلت للناس اتذو ن وأ مي إل ي من دون ال قال
سبحانك ما يكون ل أن أقول ما ليس ل بق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما ف نفسي ول أعلم ما
ف نف سك إ نك أ نت علم الغيوب * ما قلت ل م إل ما أمرت ن به أن اعبدوا ال ر ب ورب كم وك نت
عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتن كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ".
قال العلمة ابن القيم رحه ال ف هذه الية بعد كلم سبق :ث نفى أن يكون قال لم غي ما أمر به
وهو مض التوحيد فقال " ما قلت لم إل ما أمرتن به أن اعبدوا ال رب وربكم " ث أخب أن شهادته
عليههم مدة مقامهه فيههم ،وأنهه بعهد الوفاة ل إطلع له عليههم ،وأن ال عهز وجهل النفرد بعهد الوفاة
بالطلع علي هم فقال " وك نت علي هم شهيدا ما د مت في هم فل ما توفيت ن ك نت أ نت الرق يب علي هم
وأنت على كل شيء شهيد " وصف ال سبحانه بأن شهادته فوق كل شهادة وأعم ا هه.
قلت :ففي هذا بيان أن الشركي خالفوا ما أمر ال به رسله من توحيده الذي هو دينهم الذي اتفقوا
عليه ،ودعوا الناس إليه ،وفارقوا فيه إل من آمن ،فكيف يقال لن دان بدينهم ،وأطاعهم فيما أمروا به
من إخلص العبادة ل وحده :إنه قد تنقصهم بذا التوحيد الذي أطاع به ربه ،واتبع فيه رسله عليهم
السلم ،ونزه به ربه عن الشرك الذي هو هضم للربوبية .وتنقص لللية وسوء ظن برب العالي ؟.
والشركون هم أعداء الرسل وخصماؤهم ف الدنيا والخرة ،وقد شرعوا لتباعهم أن يتبأوا من كل
مشرك ويكفروا به ،ويبغضوه ويعادوه ف رب م ومعبود هم " :قل فلله ال جة البال غة فلو شاء لدا كم
أجعي ".
باب
قول ال " حت إذا فزع عن قلوبم "
قوله( :باب قول ال تعال " :ح ت إذا فزع عن قلوب م قالوا ماذا قال رب كم قالوا ال ق و هو العلي
الكبي ") :
قوله " :ح ت إذا فزع عن قلوب م " أي زال الفزع عن ها .قاله ا بن عباس وا بن ع مر وأ بو ع بد الرح ن
السلمى والشعب والسن وغيهم.
وقال ابن جرير :قال بعضهم :الذين فزع عن قلوبم :اللئكة قالوا :وإنا فزع عن قلوبم من غشية
تصيبهم عند ساعهم كلم ال بالوحي وقال ابن عطية :ف الكلم حذف ما يدل عليه الظاهر .كأنه
قال :ول هم شفعاء ك ما تزعمون أن تم ،بل هم عبدة م سلمون ل أبدا ،يع ن منقادون ،ح ت إذا فزع
عن قلوبم .والراد اللئكة على ما اختاره ابن جرير وغيه.
قال ابن كثي :وهو الق الذي ل مرية فيه ،لصحة الحاديث فيه والثار.
وقال أبو حيان :تظاهرت الحاديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أن قوله " :حت إذا فزع عن
قلوب م " إنا هي اللئكة إذا سعت الو حي إل جب يل يأمره ال به سعت كجر سلسلة الديد على
الصفوان ،فتفزع عند ذلك تعظيما وهيبة .قال :وبذا العن من ذكر اللئكة ف صدر الية تتسق هذه
ال ية على الول ،و من ل يش عر أن اللئ كة مشار إلي هم من أول قوله " :الذ ين زعم تم " ل تت صل له
هذه الية با قبلها.
ومثله الديث ماذا قال ربنا يا جبيل وأمثال هذا ف الكتاب والسنة كثي.
قوله " :قالوا القه " أي قال ال القه .وذلك لنمه إذا سهعوا كلم ال صهعقوا ثه إذا أفاقوا أخذوا
يسألون ،فيقولون :ماذا قال ربكم ؟ فيقولون :قال الق.
قوله " :و هو العلي ال كبي " علو القدر وعلو الق هر وعلو الذات ،فله العلو الكا مل من ج يع الوجوه،
كما قال عبدال بن البارك لا قيل له :با نعرف ربنا ؟ قال بأنه على عرشه بائن من خلقه تسكا منه
بالقرآن لقوله تعال " :الرحنه على العرش اسهتوى " " :ثه اسهتوى على العرش الرحنه " فه سهبعة
مواضع من القرآن .
قوله( :ف الصحيح عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إذا قضى ال
ال مر ف ال سماء ضر بت اللئ كة بأجنحت ها خضعانا لقوله ،كأ نه سلسلة على صفوان ،ينفذ هم
ذلك ،ح ت إذا فزع عن قلوب م قالوا :ماذا قال رب كم ؟ قالوا :ال ق و هو العلي ال كبي ،في سمعها
م سترق ال سمع وم سترق ال سمع هكذا بع ضه فوق ب عض .و صفة سفيان بك فه فحرف ها وبدد ب ي
أ صابعه في سمع الكل مة فيلقي ها إل من ت ته ،ث يلقي ها ال خر إل أن ت ته ،ح ت يلقي ها على ل سان
الساحر أو الكاهن،فربا أدركه الشهاب قبل من يلقيها ،وربا ألقاها قبل أن يدركه ،فيكذب معها
مائة كذ بة ،فيقال :أل يس قد قال ل نا اليوم كذا وكذا :وكذا و كذا ؟ في صدق بتلك الكل مة ال ت
سعت من السماء ") :
قوله :إذا قضي ال المر ف السماء أي إذا تكلم ال بالمر الذي يوحيه إل جبيل با أراد ،كما صرح
به ف الديث الت،وكما روى سعيد بن منصور وأبو داود وابن جرير عن ابن مسعود " إذا تكلم ال
بالوحي سع أهل السموات صلصة كجر السلسلة على الصفوان ".
وروى ابن أب حات وابن مردويه عن ابن عباس قال :لا أوحي البار إل ممد صلى ال عليه وسلم
دعا الرسول من اللئكة ليبعثه بالوحي ،فسمعت اللئكة صوت البار يتكلم بالوحي .فما كشف عن
قلوبم سألوا عما قال ال .فقالوا :الق .وعلموا أن ال ل يقول إل حقا .
قوله :ضربت اللئكة بأجنحتها خضعانا لقوله أي لقول ال تعال .قال الافظ :خضعانا بفتحتي من
الضوع .وف رواية بضم أوله وسكون ثانيه .وهو مصدر بعن خاضعي.
قوله :كأنه سلسلة على صفوان أي كأن الصوت السموع سلسلة على صفوان وهو الجر الملس.
قوله :ينفذههم ذلك ههو بفتهح التحتيهة وسهكون النون وضهم الفاء والذال العجمهة ذلك أي القول،
والضم ي ف ينفذ هم للملئ كة،أي ين فذ ذلك القول اللئ كة أي يلص ذلك القول وي ضي في هم ح ت
يفزعوا منه .وعند ابن مردويه من حديث ابن عباس فل ينل على أهل ساء إل صعقوا وعند أب داود
وغيه مرفوعا "إذا تكلم ال بالوحهي سهع أههل السهماء الدنيها صهلصلة كجهر السهلسلة على الصهفا
فيصعقون ،فل يزالون كذلك حت يأتيهم جبيل " الديث.
قوله :قالوا ماذا قال ربكم ؟ قالوا الق أي قالوا :قال ال الق ،علموا أن ال ل يقول إل الق.
قوله :فيسمعها مسترق السمع أي يسمع الكلمة الت قضاها ال ،وهم الشياطي يركب بعضهم بعضا.
و ف صحيح البخاري عن عائ شة مرفوعا " :إن اللئ كة تنل ف العنان و هو ال سحاب فتذ كر ال مر
قضى ف السماء ،فتسترق الشياطي السمع ،فتوجه إل الكهان".
قوله :ومسترق السمع هكذا وصفه سفيان بكفه أي وصف ركوب بعضهم فوق بعض.
وسفيان هو ابن عيينة أبو ممد اللل الكوف ث الكي ،ثقة حافظ ،فقيه ،إمام حجة ،مات سنة ثان
وتسعي ومائة وله إحدى وتسعون سنة.
قوله :فحرفها باء مهملة وراء مشددة وفاء .قوله :وبدد أي فرق بي أصابعه.
قوله :فيسمع الكلمة فيلقيها إل من تته أي يسمع الفوقان الكلمة فيلقيها إل آخر تته ،ث يلقيها إل
من تته حت يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن.
قوله :فرب ا أدر كه الشهاب ق بل أن يلقي ها الشهاب هو الن جم الذي ير مي به ،أي رب ا أدرك الشهاب
السترق ،وهذا يدل على أن الرمي بالشهب قبل البعث .لا روى أحد وغيه والسياق له ف السند من
طر يق مع مر :أنبأ نا الزهري عن علي بن ال سي عن ا بن عباس قال كان ر سول ال صلى ال عل يه
وسلم جالسا ف نفر من أصحابه قال عبد الرزاق :من النصار قال :فرمى بنجم عظيم ،فاستنار ،قال:
مها كنتهم تقولون إذا كان مثهل هذا فه الاهليهة ؟ قال :كنها نقول :لعله يولد عظيهم أو يوت ،قلت
للزهري :أكان يرمى با ف الاهلية ؟ قال نعم ،ولكن غلظت حي بعث النب صلى ال عليه وسلم
قال :فإنا ل يرمى با لوت أحد ول لياته ،ولكن ربنا تبارك اسه إذا قضى أمرا سبح حلة العرش ،ث
سبح أهل السماء الذين يلونم ث الذين يلونم ،حت يبلغ التسبيح هذه السماء الدنيا .ث يستخب أهل
السهماء الذيهن يلون حلة العرش ،فيقول الذيهن يلون حلة العرش لملة العرش :ماذا قال ربكهم ؟
فيخبونم ،ويب أهل كل ساء حت ينتهي الب إل هذه السماء ،وتطف الن السمع فيمون ،فما
جاءوا به على وجهه فهو حق ،ولكنهم يقرفون فيه ويزيدون .قال عبد ال :قال أب :قال عبد الرزاق
ويطف الن ويرمون وف رواية له لكنهم يزيدون فيه ويقرفون وينقصون .
قوله :أليهس قهد قال لنها يوم كذا وكذا :وكذا وكذا ؟ هكذا فه نسهخة بطه الصهنف ،وكالذي فه
صحيح البخاري سواء.
قال الصنف :وفيه قبول النفوس للباطل ،كيف يتعلقون بواحدة ول يعتبون بائة كذبة ؟ .
وفيه :أن الشئ إذا كان فيه شئ من الق فل يدل على أنه حق كله ،فكثيا ما يلبس أهل الضلل الق
بالباطل ليكون أقبل لباطلهم ،قال تعال" :ول تلبسوا الق بالباطل وتكتموا الق وأنتم تعلمون ".
و ف هذه الحاد يث و ما بعد ها و ما ف معنا ها :إثبات علو ال تعال على خل قه على ما يل يق بلله
وعظمته ،وأنه تعال ل يزل متكلما إذا شاء بكلم يسمعه اللئكة ،وهذا قول أهل السنة قاطبة سلفا
وخلفا .خلفا للشاعرة والهمية ،ونفاة العتزلة .فإياك أن تلتفت إل مازخرفه أهل التعطيل ،وحسبنا
ال ونعم الوكيل.
قوله( :و عن النواس بن سعان قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " إذا أراد ال تعال أن
يو حي بال مر تكلم بالو حي أخذت ال سموات م نه رج فة أو قال رعدة شديدة خوفا من ال عز
وجل .فإذا سع ذلك أهل السموات صعقوا وخروا ل سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبيل،
فيكلمه ال من وحيه با أراد ،ث ير جبيل على اللئكة ،كلما مر بسماء سأله ملئكتها :ماذا قال
ربنا يا جبيل ؟ فيقول جبيل :قال الق ،وهو العلي الكبي .فيقولون كلهم مثل ما قال جبيل،
فينتهي جبيل بالوحي إل حيث أمره ال عز وجل") :
هذا الديث رواه ابن أب حات بسنده كما ذكره العماد ابن كثي ف تفسيه.
النواس بن سعان ،بكسر السي ،بن خالد الكلب ،ويقال :النصاري صحاب .ويقال :إن أباه صحاب
أيضا.
قوله :إذا أراد ال أن يوحهي بالمهر إل آخره .فيهه النهص على أن ال تعال يتكلم بالوحهي .وهذا مهن
حجة أهل السنة على النفاة :ل يزل ال متكلما إذا شاء.
قوله :أخذت ال سموات م نه رج فة ال سموات مفعول مقدم ،والفا عل رج فة أي أ صاب ال سموات من
كلمه تعال رجفة ،أي ارتفت .وهو صريح ف أنا تسمع كلمه تعال ،كما روى ابن أب حات عن
عكرمة .قال إذا قضى ال أمرا تكلم تبارك وتعال رجفت السموات والرض والبال ،وخرت اللئكة
كلهم سجدا .
قوله :أو قال رعدة شديدة شك من الراوي .هل قال النب صلى ال عليه وسلم رجفة ،أو قال رعدة.
والراء مفتوحة فيهما.
قوله :خوفا من ال عز وجل وهذا ظاهر ف أن السموات تاف ال ،با يعل تعال فيها من الحساس
ومعر فة من خلق ها .و قد أ خب تعال أن هذه الخلوقات العظي مة ت سبحه ك ما قال تعال " :ت سبح له
ال سماوات السبع والرض و من في هن وإن من ش يء إل ي سبح بمده ولكن ل تفقهون تسبيحهم إ نه
كان حليما غفورا " وقال تعال " :تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الرض وتر البال هدا " وقال
تعال " :وإن من ها ل ا يه بط من خش ية ال " و قد قرر العل مة ا بن الق يم رح ه ال أن هذه الخلوقات
تسبح ال وتشاه حقيقة ،مستدلً بذه اليات وما ف معناها.
وف البخاري عن ابن مسعود قال كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل وف حديث أب ذر " أن النب
صلى ال عليه وسلم أخذ ف يده حصيات ،فسمع لن تسبيح "...الديث .وف الصحيح قصة حني
الذع الذي كان يطب عليه النب صلى ال عليه وسلم قبل اتاذ النب .ومثل هذا كثي.
قوله :فيكون أول من ير فع رأ سه جب يل بن صب أول خب يكون مقدم على ا سها .ويوز الع كس.
ومعن جبيل :عبد ال،كما روى ابن جرير وغيه عن على ابن السي قال :كان اسم جبيل :عبد
ال ،واسم ميكائيل عبيد ال ،وإسرافيل عبد الرحن .وكل شئ رجع إل ايل فهو معبد ل عز وجل.
وفيه فضيلة جبيل عليه السلم .كما قال تعال " - :إنه لقول رسول كري * ذي قوة عند ذي العرش
مكي * مطاع ث أمي ".
قال ابن كثي رحه ال تعال :إن هذا القرآن لتبليغ رسول كري .وقال أبو صال ف الية جبيل يدخل
ف سبعي حجابا من نور بغي إذن .
ولحد بإسناد صحيح عن ابن مسعود قال رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم جبيل ف صورته وله
ستمائة جناح ،كل جناح منها قد سد الفق ،يسقط من جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما ال به
عل يم فإذا كان هذا ع ظم هذه الخلوقات فخالف ها أع ظم وأ جل وأ كب .فك يف ي سوى به غيه ف
العبادة :دعاء وخوفا ورجاء وتوكلً وغ ي ذلك من العبادات ال ت ل ي ستحقها غيه ؟ فان ظر إل حال
اللئكة وشدة خوفهم من ال تعال ،وقد قال تعال " _ :بل عباد مكرمون * ل يسبقونه بالقول وهم
بأمره يعملون * يعلم ما بي أيديهم وما خلفهم ول يشفعون إل لن ارتضى وهم من خشيته مشفقون
* ومن يقل منهم إن إله من دونه فذلك نزيه جهنم كذلك نزي الظالي ".
قوله :ث ينتهي جبيل بالوحي إل حيث أمره ال عز وجل من السماء والرض وهذا تام الديث.
واليات الذكورة فه هذا الباب والحاديهث تقرر التوحيهد الذي ههو مدلول شهادة أن ل إله إل ال،
فإن اللك العظيم الذي تصعق الملك من كلمه خوفا منه ومهابة وترجف منه الخلوقات ،الكامل ف
ذاته وصفاته ،وعلمه وقدرته وملكه وعزه ،وغناه عن جيع خلقه ،وافتقارهم جيعا إليه ،ونفوذ تصرفه
وقدره فيهم لعلمه وحكمته ،ل يوز شرعا ول عقلً أن يعل له شريك من خلقه ف عبادته الت هي
حقه عليهم ،فكيف يعل الربوب ربا ،والعبد معبودا ؟ أين ذهبت عقول الشركي ؟ سبحان ال عما
يشركون.
وقال تعال " :إن كل من ف السموات والرض إل آت الرحن عبدا " من أولم إل آخرهم تزجرهم
عن ذلك الشرك وتنهاهم عن عبادة ما سوى ال .انتهى من شرح سنن ابن ماجه.
باب
الشفاعة
قوله ( :باب الشفاعة ) :
أي بيان ما أثبته القرآن منها وما نفاه .وحقيقة ما دل القرآن على إثباته.
قوله( :وقول ال عز وجل " :وأنذر به الذين يافون أن يشروا " ) :
قوله :به قال ا بن عباس بالقرآن " الذ ين يافون أن يشروا إل ربم " و هم الؤمنون وعن الفض يل بن
عياض ليس كل خلقه عاتب ،إنا عاتب الذين يعقلون ،فقال " :وأنذر به الذين يافون أن يشروا إل
ربم " وهم الؤمنون أصحاب العقول الواعية .
قال الزجاج :مو ضع ل يس ن صب على الال ،كأ نه قال :متخل ي من كل ول وشف يع .والعا مل ف يه
يافون.
وقوله " :قل ل الشفاعة جيعا " وقبلها " أم اتذوا من دون ال شفعاء قل أو لو كانوا ل يلكون شيئا
ول يعقلون " وهذه كقوله تعال " :ويعبدون مهن دون ال مها ل يضرههم ول ينفعههم ويقولون هؤلء
شفعاؤنا عند ال قل أتنبئون ال با ل يعلم ف السموات ول ف الرض سبحانه وتعال عما يشركون "
فبي تعال ف هذه اليات وأمثالا أن وقوع الشفاعة على هذا الوجه منتف ومتنع ،وأن اتاذهم شفعاء
شرك ،يتنه الرب تعال ع نه .و قد قال تعال " :فلول ن صرهم الذ ين اتذوا من دون ال قربانا آلة بل
ضلوا عن هم وذلك إفك هم و ما كانوا يفترون " فبي تعال أن دعوا هم أن م يشفعون ل م بتأليه هم .إن
ذلك منهم إفك وافتراء.
وقوله تعال " :قل ل الشفاعة جيعا " أي هو مالكها ،فليس لن تطلب منه شئ منها ،وإنا تطلب من
يلكها دون كل من سواه ،لن ذلك عبادة وتأليه ل يصلح إل ل.
قال البيضاوي :لعله رد لا عسى أن ييبوا به ،وهو أن الشفعاء أشخاص مقربون.
وقوله تعال " :له ملك السهموات والرض " تقريهر لبطلن اتاذ الشفعاء مهن دونهه ،لنهه مالك
اللك،فاندرج ف ذلك ملك الشفا عة،فإذا كان هو مالك ها ب طل أن تطلب م ن ل يلك ها " :من ذا
الذي يشفع عنده إل بإذنه " " :ول يشفعون إل لن ارتضى ".
قال ابن جرير :نزلت لا قال الكفار :ما نعبد أوثاننا هذه إل ليقربونا إل ال زلفى قال ال تعال " :له
ملك السموات والرض ث إليه ترجعون ".
قال( :وقوله " :من ذا الذي يشفع عنده إل بإذنه ") :
قد تبي ما تقدم من اليات أن الشفاعة الت نفاها القرآن هي الت تطلب من غي ال .وف هذه الية
بيان أن الشفاعة إنا تقع ف الدار الخرة بإذنه ،كما قال تعال " :يومئذ ل تنفع الشفاعة إل من أذن له
الرحن ورضي له قول " فبي أنه ل تقع لحد إل بشرطي :إذن الرب تعال للشافع أن يشفع ،ورضاه
عن الأذون بالشفا عة ف يه ،و هو تعال ل ير ضى من القوال والعمال الظاهرة والباط نة إل ما أريد به
وج هه ،ول قى الع بد به ر به مل صا غ ي شاك ف ذلك ،ك ما دل على ذلك الد يث الصحيح .و سيأت
ذلك مقررا أيضا ف كلم شيخ السلم رحه ال.
وقوله " :وكم من ملك ف السموات ل تغن شفاعتهم شيئا إل من بعد أن يأذن ال لن يشاء ويرضى
" قال ابن كثي رحه ال " وكم من ملك ف السموات ل تغن شفاعتهم شيئا إل من بعد أن يأذن ال
لن يشاء ويرضى " كقوله " من ذا الذي يشفع عنده إل بإذنه " " ول تنفع الشفاعة عنده إل لن أذن
له " فإذا كان هذا ف حق اللئكة القربي ،فكيف ترجون أيها الاهلون شفاعة هذه النداد عند ال،
وهو ل يشرع عبادتا ول أذن فيها ،بل قد نى عنها على ألسنة جيع رسله ،وأنزل بالنهي عن ذلك
جيع كتبه ؟
قال ( :وقوله تعال " :قل ادعوا الذين زعمتم من دون ال ل يلكون مثقال ذرة ف السماوات ول
ف الرض وما لم فيهما من شرك وما له منهم من ظهي * ول تنفع الشفاعة عنده إل لن أذن له
") :
قال ابهن القيهم رحهه ال تعال فه الكلم على هذه اليات :وقهد قطهع ال السهباب الته يتعلق باه
الشركون جيعها .فالشرك إنا يتخذ معبوده لا يصل له من النفع ،والنفع ل يكون إل من فيه خصلة
من هذه الر بع :إ ما مالك ل ا ير يد عابده م نه،فإن ل ي كن مالكا كان شريكا للمالك ،فإن ل ي كن
شريكا له كان معينا له وظهيا ،فإن ل يكهن معنيا ول ظهيا كان شفيعا عنده .فنفهى ال سهبحانه
ل من العلى إل الدن ،فنفى اللك والشركة والظاهرة والشفاعة الت الراتب الربع نفيا مرتبا ،متنق ً
يطلب ها الشرك ،وأث بت شفا عة ل ن صيب في ها لشرك ،و هي الشفا عة بإذ نه .فك فى بذه ال ية نورا
وبرهانا وتريدا للتوحيد ،وقطعا لصول الشرك ومواده لن عقلها .والقرآن ملوء من أمثالا ونظائرها،
ولكن أكثر الناس ل يشعرون بدخول الواقع تته وتضمنه له ،ويظنونا ف نوع وقوم قد خلوا من قبل
ول يعقبوا وارثا ،فهذا ههو الذي يول بيه القلب وبيه فههم القرآن .ولعمهر ال ،إن كان أولئك قهد
خلوا فقد ورثهم من هو مثلهم أو شر منهم أو دونم ،وتناول القرآن لم كتناوله لولئك.
ث قال :ومن أنوا عه أي الشرك طلب الوائج من الو تى وال ستغاثة ب م ،وهذا أصل شرك العال .فإن
اليت قد انقطع عمله وهو ل يلك لنفسه نفعا ول ضرا ،فضلً عمن استغاث به وسأله أن يشفع له إل
ال .وهذا من جهله بالشافع والشفوع عنده .فإنه ل يقدر أن يشفع له عند ال إل بإذنه ،وال ل يعل
استغاثته وسؤاله سببا لذنه ،فإنه ل يقدر أن يشفع له عند ال إل بإذنه ،وال ل يعل استغاثته وسؤاله
سببا لذنه ،وإنا السبب كمال التوحيد ،فجاء هذا الشرك بسبب ينع الذن ،وهو بنلة من استعان ف
حاجته با ينع حصولا .وهذه حالة كل مشرك ،فجمعوا بي الشرك بالعبود وتغيي دينه ،ومعاداة أهل
التوحيد ،ونسبة أهله إل التنقص بالموات ،وهم قد تنقصوا الالق بالشرك ،وأولياءه الوحدين بذمهم
وعيب هم ومعادات م ،وتنق صوا من أشركوا به غا ية التن قص ،إذا ظنوا أن م راضون من هم بذا ،وأن م
أمروهم به ،وأنم يوالونم عليه ،وهؤلء هم أعداء الرسل ف كل زمان ومكان ،وما أكثر الستجيبي
لم ،وما نى من شرك هذا الشرك الكب إل من جرد توحيده ل ،وعادى الشركي ف ال ،وتقرب
بقت هم إل ال ،وات ذ ال وحده ول يه وإل ه ومعبوده .فجرد ح به ل وخو فه ل ،ورجاءه ل ،وذله ل،
وتوكله على ال ،واسهتعانته بال ،والتجاءه إل ال ،واسهتغاثته بال ،وقصهده ل ،متبعا لمره متطلبا
لرضاته ،إذا سأل سأل ال ،وإذا استعان استعان بال ،وإذا عمل عمل ل .فهو ل وبال ومع ال .انتهى
كلمه رحه ال تعال.
وهذا الذي ذكره هذا المام ف معن الية هو حقيقة دين السلم ،كما قال تعال " :ومن أحسن دينا
من أسلم وجهه ل وهو مسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا واتذ ال إبراهيم خليلً ".
قوله :قال أبو العباس هذه كنية شيخ السلم أحد بن عبد الليم بن عبد السلم ابن تيمية الران إمام
السلمي رحه ال.
نفى ال عما سواه كل ما يتعلق به الشركون ،فنفى أن يكون لغيه ملك أو قسط منه ،أو يكون عونا
ل .فلم يبق إل الشفاعة .فبي أنا ل تنفع إل لن أذن له الرب ،كما قال تعال " :ول يشفعون إل لن
ارت ضى " فهذه الشفا عة ال ت يظن ها الشركون هي منتف ية يوم القيا مة ك ما نفا ها القرآن ،وأ خب ال نب
صلى ال عليه وسلم أنه يأت فيسجد لربه ويمده ،ل يبدأ بالشفاعة أولً .ث يقال له :ارفع رأسك وقل
يسمع ،وسل تعطه ،واشفع تشفع .وقال له أبو هريرة "من أسعد الناس بشفاعتك ؟ قال :من قال ل
إله إل ال خالصها مهن قلبهه " فتلك الشفاعهة لههل الخلص بإذن ال ،ول تكون لنه أشرك بال،
وحقيقت ها :أن ال سبحانه وتعال هو الذي يتف ضل على أ هل الخلص ،فيغ فر ل م بوا سطة دعاء من
أذن له أن يش فع ليكر مه وينال القام الحمود .فالشفا عة ال ت نفا ها القرآن ما كان في ها شرك ،ولذا
أث بت الشفا عة بإذ نه ف موا ضع ،و قد ب ي ال نب صلى ال عل يه و سلم أن ا ل تكون إل ل هل التوح يد
والخلص انتهى .
قوله( :وقال أبو هريرة إل آخره .هذا الديث رواه البخاري والنسائي عن أب هريرة ورواه أحد
وصححه ابن حبان وفيه " وشفاعت لن قال ل إله إل ال ملصا ،يصدق قلبه لسانه ،ولسانه قلبه"
وشاهده ف صحيح مسلم عن أب هريرة قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " لكل نب دعوة
مستجابة ،فتجعل كل نب دعوته ،وإن اختبأت دعوت شفاعة لمت يوم القيامة .فهي نائلة إن شاء
ال من مات ل يشرك بال شيئا ") :
وقد ساق الصنف رحه ال كلم شيخ السلم هنا ،فقام مقام الشرح والتفسي لا ف هذا الباب من
اليات ،وهو كاف واف بتحقيق مع الياز .وال أعلم.
وقد عرف الخلص بتعريف حسن فقال :الخلص مبة ال وحده وإرادة وجهه .ا هه.
وقال ابن القيم رحه ال ف معن حديث أب هريرة :تأمل هذا الديث كيف جعل أعظم السباب الت
تنال ب ا شفاع ته تر يد التوح يد ،ع كس ما ع ند الشركي أن الشفا عة تنال باتاذ هم شفعاء وعبادت م
وموالتم ،فقلب ال نب صلى ال عل يه و سلم ما ف زعمهم الكاذب ،وأ خب أن سبب الشفا عة تر يد
التوح يد ،فحينئذ يأذن ال للشافع أن يشفع ومن جهل الشرك اعتقاده أن من اتذه وليا أو شفيعا أنه
يش فع له وينف عه ع ند ال ،ك ما يكون خواص الولة واللوك تن فع من وال هم ول يعلموا أ نه ل يش فع
عنده أحد إل بإذنه ف الشفاعة ،ول يأذن ف الشفاعة إل لن رضى قوله وعمله ،كما قال ف الفصل
الول " :من ذا الذي يش فع عنده إل بإذ نه " و ف الف صل الثا ن " :ول يشفعون إل ل ن ارت ضى "
وبقى فصل ثالث ،وهو أنه ل يرضى من القول والعمل إل توحيده واتباع رسوله صلى ال عليه وسلم.
فهذه ثلثة فصول تقطع شجرة الشرك من قلب من عقلها ووعاها .ا هه.
باب
إنك ل تدي من أحببت
قوله( :باب قول ال تعال " :إنسك ل تدي مسن أحببست ولكسن ال يهدي مسن يشاء وهسو أعلم
بالهتدين ") :
سبب نزول هذه الية ،موت أب طالب على ملة عبد الطلب ،كما سيأت بيان ذلك ف حديث الباب.
قال ابن كثي رحه ال تعال :يقول تعال لرسوله :إنك يا ممد ل تدي من أحببت ،أي ليس إليك
ذلك ،إنا عليك البلغ وال يهدي من يشاء .وله الكمة البالغة ،والجة الدامغة ،كما قال تعال" :
ليس عليك هداهم ولكن ال يهدي من يشاء " وقال تعال " :وما أكثر الناس ولو حرصت بؤمني ".
قلت :والنفى هنا هداية التوفيق والقبول ،فإن أمر ذلك إل ال ،وهو القادر عليه .وأما الداية الذكورة
ف قول ال تعال " :وإنك لتهدي إل صراط مستقيم " فإن ا هدا ية الدللة والبيان ،فهو البي عن ال
والدال على دينه وشرعه.
وقوله( :ف الصحيح عن ابن السيب عن أبيه قال " :لا حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول ال
صلى ال عل يه و سلم وعنده ع بد ال بن أ ب أم ية وأ بو ج هل ،فقال له :يا عم قل ل إله إل ال،
كل مة أحاج با ع ند ال .فقال له :أتر غب عن ملة ع بد الطلب ؟ فأعاد عليه ال نب صلى ال عل يه
وسلم ،فأعاد .فكان أخر ما قال :هو على ملة عبد الطلب .وأب أن يقول ل إله إل ال .فقال النب
صلى ال عليه وسلم لستغفرن لك مال أنه عنك " .فأنزل ال عز وجل " :ما كان للنب والذين
آمنوا أن ي ستغفروا للمشرك ي ولو كانوا أول قر ب من ب عد ما تبي ل م أن م أ صحاب الح يم "
وأنزل ال ف أب طالب " :إنك ل تدي من أحببت ولكن ال يهدي من يشاء ") :
قوله :ف الصحيح أي ف الصحيحي .وابن السيب هو سعيد بن السيب بن حزن بن أب وهب بن
عمر بن عائذ بن عمران بن مزوم القرشي الخزومي ،أحد العلماء والفقهاء الكبار السبعة من التابعي.
اتفق أ هل الديث على أن مرا سيله أصح الرا سيل .وقال ابن الدين :ل أعلم ف التابع ي أوسع علما
منه .مات بعد التسعي وقد ناهز الثماني.
وأ بو ال سيب صحاب ،ب قى إل خل فة عثمان ر ضي ال ع نه ،وكذلك جده حزن ،صحاب ا ستشهد
باليمامة.
قوله :يا عم منادي مضاف يوز ف يه إثبات الياء وحذف ها ،حذ فت الياء ه نا ،وبق يت الك سرة دليلً
عليها.
قوله :قهل ل إله إل ال أمره أن يقولاه لعلم أبه طالب باه دلت عليهه مهن نفهى الشرك بال وإخلص
العبادة له وحده ،فإن من قال ا عن علم ويق ي ف قد برىء من الشرك والشرك ي ود خل ف ال سلم.
لنم يعلمون ما دلت عليه ،وف ذلك الوقت ل يكن بكة إل مسلم أو كافر .فل يقولا إل من ترك
الشرك وبرىء م نه .ول ا ها جر ال نب صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه إل الدي نة كان في ها ال سلمون
الوحدون والنافقون الذين يقولونا بألسنتهم وهم يعرفون معناها ،لكن ل يعتقدونا ،لا ف قلوبم من
العداوة وال شك والر يب ،ف هم مع ال سلمي بظا هر العمال دون البا طن ،وفي ها اليهود ،و قد أقر هم
ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل ا ها جر ،ووادع هم بأن ل يظاهروا عل يه عدوا ك ما هو مذكور ف
كتب الديث والسي.
قوله :كل مة :قال القر طب :بالن صب على أ نه بدل من ل إله إل ال ويوز الر فع على أ نه خب مبتدأ
مذوف.
قوله :أحاج لك با عند ال هو بتشديد اليم من الحاجة ،والراد با بيان الجة با لو قالا ف تلك
الال .وف يه دليل على أن العمال بالوات يم ،لنه لو قالا ف تلك الال معتقدا ما دلت عل يه مطابقة
من النفي والثبات لنفعته.
قوله :فقال له :أترغب عن ملة عبد الطلب ذكراه الجة اللعونة الت يتج با الشركون على الرسلي،
كقول فرعون لوسى " :فما بال القرون الول " وكقوله تعال " :وكذلك ما أرسلنا من قبلك ف قرية
من نذير إل قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ".
قوله :فأعاد النب صلى ال عليه وسلم فأعادا فيه معرفتهما لعن ل إله إل ال لنما عرفا أن أبا طالب
لو قال ا لبىء من ملة ع بد الطلب .فإن ملة ع بد الطلب هي الشرك بال ف إلي ته .وأ ما الربوب ية فقد
أقروا ب ا ك ما تقدم .و قد قال ع بد الطلب لبر هة :أ نا رب ال بل ،والب يت له رب ين عه م نك وهذه
القالة منهما عند قول النب صلى ال عليه وسلم لعمه :قل ل إله إل ال استكبارا عن العمل بدلولا.
كما قال ال تعال عنهما وعن أمثالما من أولئك الشركي " ، :إنم كانوا إذا قيل ل م ل إله إل ال
ي ستكبون * ويقولون أإ نا لتاركوا آلت نا لشا عر منون " فرد علي هم بقوله " :بل جاء بال ق و صدق
الرسلي " فبي تعال أن استكبارهم عن قوله ل إله إل ال لدللتها على نفي عبادتم اللة الت كانوا
يعبدوناه مهن دون ال .فإن دللة هذه الكلمهة على نفهي ذلك دللة تضمهن ،ودللتهها عليهه وعلى
الخلص دللة مطابقة.
و من حك مة الرب تعال ف عدم هدا ية أ ب طالب إل ال سلم ل يبي لعباده أن ذلك إل يه ،و هو القادر
عليه دون من سواه ،فلو كان عند النب صلى ال عليه وسلم الذي هو أفضل خلقه من هداية القلوب
وتفريهج الكروب ،ومغفرة الذنوب ،والنجاة مهن العذاب ،ونوه ذلك شهئ ،لكان أحهق الناس بذلك
وأولهم به عمه الذي كان يوطه ويميه وينصره ويؤويه ،فسبحان من برت حكمته العقول ،وأرشد
العباد إل ما يدلم على معرفته وتوحيده ،وإخلص العمل له وتريده.
قوله :فكان آخر ما قال الحسن فيه الرفع على أنه اسم كان وجلة هو وما بعدها الب.
قوله :هو على ملة ع بد الطلب الظا هر أن أ با طالب قال :أ نا فغيه الراوى ا ستقباحا لل فظ الذكور،
وهو من التصرفات السنة ،قاله الافظ.
قوله :وأبه أن يقول ل إله إل ال قال الافهظ :هذا تأكيهد مهن الراوى فه نفهي وقوع ذلك مهن أبه
طالب.
قال الصنف رحه ال :وفيه الرد على من زعم إسلم عبد الطلب وأسلفه ومضرة أصحاب السوء على
النسان ،ومضرة تعظيم السلف .
أي إذا زاد على الشروع ،بيث تعل أقوالم حجة يرجع إليها عند التنازع.
قوله :فقال النب صلى ال عليه وسلم لستغفرن لك ما ل أنه عنك قال النووي :وفيه جواز اللف من
غي استحلف .وكان اللف هنا لتأكيد العزم على الستغفار تطييبا لنفس أب طالب.
قال ا بن فارس :مات أ بو طالب ولر سول ال صلى ال عل يه و سلم ت سع وأربعون سنة وثان ية أش هر
وأحد عشر يوما.
وتوفيت خدية أم الؤمني رضي ال عنها بعد موت أب طالب بثمانية أيام.
قوله " :ما كان لل نب والذ ين آمنوا أن يستغفروا للمشركي ولو كانوا أول قرب " ال ية أي ما ينب غي
لم ذلك .وهو خب بعن النهي ،والظاهر أن هذه الية نزلت ف أب طالب .فإن التيان بالفاء الفيدة
للترتيب ف قوله :فأنزل ال بعد قوله لستغفرن لك ما ل أنه عنك يفيد ذلك.
وقد ذكر العلماء لنول الية الثانية فواضح ف قصة أب طالب .وأما نزول الية الت قبلها ففيه نظر،
ويظهر أن الراد أن الية التعلقة بالستغفار نزلت بعد أب طالب بدة ،وهي عامة ف حقه وحق غيه،
ويو ضح ذلك ما يأ ت ف التف سي ،فأنزل ال ب عد ذلك " :ما كان لل نب والذ ين آمنوا أن ي ستغفروا
للمشركي " الية .ونزل ف أب طالب " :إنك ل تدي من أحببت " كله ظاهر ف أنه مات على غي
السلم .ويضعف ما ذكره السهيلي أنه روى ف بعض كتب السعودى أنه أسلم ،لن مثل ذلك ل
يعارض ما ف الصحيح .انتهى.
وفيه تري الستغفار للمشركي وموالتم ومبتهم ،لنه إذا حرم الستغفار لم فموالتهم ومبتهم أول.
باب
ما جاء أن سبب كفر بن آدم وتركهم دينم هو الغلو ف الصالي
قوله( :باب :ما جاء أن سبب كفر بن آدم وتركهم دينم هو الغلو ف الصالي) :
قوله :ترك هم بال ر عطفا على الضاف إل يه .وأراد ال صنف رح ه ال تعال بيان ما يؤول إله الغلو ف
الصالي من الشرك بال ف اللية الذي هو أعظم ذنب عصى ال به ،وهو يناف التوحيد الذي دلت
عليه كلمة الخلص :شهادة أن ل إله إل ال.
قوله( :وقول ال عز وجل " :يا أ هل الكتاب ل تغلوا ف دين كم ول تقولوا على ال إل ال ق إن ا
السيح عيسى ابن مري رسول ال وكلمته ألقاها إل مري وروح منه ") :
الغلو هو الفراط ف التعظ يم بالقول والعتقاد ،أي ل ترفعوا الخلوق عن منل ته ال ت أنزله ال فتنلوه
النلة الت ل تنبغي إل ل .والطاب وإن كان لهل الكتاب فإنه عام يتناول جيع المة ،تذيرا لم أن
يفعلوا بنبيهم صلى ال عليه وسلم فعل النصارى ف عيسى ،واليهود ف العزير كما قال تعال " :أل يأن
للذ ين آمنوا أن ت شع قلوب م لذ كر ال و ما نزل من ال ق ول يكونوا كالذ ين أوتوا الكتاب من ق بل
فطال علي هم ال مد فق ست قلوب م وكث ي من هم فا سقون " ولذا قال ال نب صلى ال عل يه و سلم " ل
تطرون كما أطرت النصارى ابن مري " ويأت.
فكل من دعا نبيا أو وليا من دون ال فقد اتذ إلا ،وضاهأ النصارى ف شركهم ،وضاهأ اليهود ف
تفريط هم .فإن الن صارى غلوا ف عي سى عل يه ال سلم ،واليهود عادوه و سبوه وتنق صوه .فالن صارى
أفرطوا ،واليهود فرطوا .وقال تعال " :ما ال سيح ا بن مر ي إل ر سول قد خلت من قبله الر سل وأ مه
صديقة كانا يأكلن الطعام " ففي هذه الية وأمثالا الرد على اليهود والنصارى.
قال شيخ السلم رحه ال :ومن تشبه من هذه المة باليهود والنصارى ،وغل ف الدين فإفراط فيه أو
تفريط فقد شابهم .قال :وعلى رضى ال عنه حرق الغالية من الرافضة ،فأمر بأخاديد خدت لم عند
باب كندة فقذفهم فيها .واتفق الصحابة على قتلهم .لكن ابن عباس مذهبه أن يقتلوا بالسفق من غي
تريق .وهو قول أكثر العلماء.
قوله ( :ف ال صحيح عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما ف قوله تعال " :وقالوا ل تذرن آلت كم ول
تذرن ودا ول سواعا ول يغوث ويعوق ونسرا " قال :هذه أساء رجال صالي من قوم نوح ،فلما
هلكوا أوحى الشيطان إل قومهم :أن انصبوا إل مالسهم الت كانوا يلسون فيها أنصابا وسوها
بأسائهم ،ففعلوا ،ول تعبد ،حت إذا هلك أولئك ونسى العلم عبدت) :
وهذا الثر اختصره الصنف .ولفظ ما ف البخاري :عن ابن عباس رضي ال عنهما قال صارت الوثان
الت ف قوم نوح ف العرب بعد .أما ود فكانت لكلب بدومة الندل .وأما سواع فكانت لذيل .وأما
يغوث فكا نت لراد ث لب ن غط يف بالرف ع ند سبأ .وأ ما يعوق فكا نت لمدان .وأ ما ن سر فكا نت
لمي لل ذي الكلع :أساء رجال صالي ف قوم نوح ...إل آخره.
وروى عكرمة والضحاك وابن إسحاق نو هذا.
قال ابن جرير :حدثنا ابن حيد قال حدثنا مهران عن سفيان عن موسى عن ممد ابن قيس أن يغوث
ويعوق ونسرا كانوا قوما صالي من بن آدم ،وكان لم أتباع يقتدون بم .فلما ماتوا قال أصحابم:
لو صورناهم كان أشوق ل نا إل العبادة ،فصوروهم ،فل ما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبل يس فقال:
إنا كانوا يعبدونم وبم يسقون الطر .فعبدوهم .
قوله :أنصابا جع نصب ،والراد به هنا الصنام الصورة على صور أولئك الصالي الت نصبوها ف
مالسهم ،وسوها بأسائهم .وف سياق حديث ابن عباس ما يدل على أن الصنام تسمى أوثانا .فاسم
الوثن يتناول كل معبود من دون ال ،سواء كان ذلك العبود قبا أو مشهدا ،أو صورة أو غي ذلك.
قوله :ونسى العلم ورواية البخاري وينسخ وللكشميهن ونسخ العلم أي درست آثاره بذهاب العلماء،
وعم الهل حت صاروا ل ييزون بي التوحيد والشرك فوقعوا ف الشرك ظنا منهم أنه ينفعهم عند ال.
قوله :عبدت لا قال لم إبليس :إن من كان قبلكم كانوا يعبدونم وبم يسقون الطر ،هو الذي زين
لم عبادة الصنام وأمرهم با ،فصار هو معبودهم ف القيقة .كما قال تعال " :أل أعهد إليكم يا بن
آدم أن ل تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبي * وأن اعبدون هذا صراط مستقيم * ولقد أضل منكم
جبل كثيا أفلم تكونوا تعقلون " وهذا يفيهد الذر مهن الغلو ووسهائل الشرك ،وإن كان القصهد باه
حسنا .فإن الشيطان أدخل أولئك ف الشرك من باب الغلو ف الصالي والفراط ف مبتهم ،كما قد
وقع مثل ذلك ف هذه المة :أظهر لم الغلو والبدع ف قالب تعظيم الصالي ومبتهم ،ليوقعهم فيما
هو أعظم من ذلك ،من عبادتم لم من دون ال وف رواية أنم قالوا :ما عظم أولنا هؤلء إل وهم
يرجون شفاعتههم عنهد ال أي يرجون شفاعهة أولئك ال Uاليه الذيهن صهوروا تلك الصهنام على
صورهم و سوها بأ سائهم .و من ه نا يعلم أن اتاذ الشفعاء ورجاء شفائ هم بطلب ها من هم :شرك بال،
كما تقدم بيانه ف اليات الحكمات.
قوله( :وقال ا بن الق يم رح ه ال :قال غ ي وا حد من ال سلف :ل ا ماتوا عكفوا على قبور هم ،ث
صوروا تاثيلهم ،ث طال عليهم المد فعبدوا) :
قوله :وقال ابن القيم رحه ال هو المام العلمة ممد بن أب بكر بن أيوب الزرعي الدمشقي العروف
با بن ق يم الوز ية .قال الا فظ ال سخاوي :العل مة ال جة التقدم ف سعة العلم ومعر فة اللف وقوة
النان ،الج مع عل يه ب ي الوا فق والخالف ،صاحب الت صانيف ال سائرة والحا سن ال مة .مات سنة
إحدى وخسي وسبعمائة.
قوله :وقال غي واحد من السلف هو بعن ما ذكره البخاري وابن جرير إل أنه ذكر عكوفهم على
قبورهم قبل تصويرهم تاثيلهم .وذلك من وسائل الشرك بل هو الشرك ،لن العكوف ل ف الساجد
عبادة .فإذا عكفوا على القبور صار عكوفهم تعظيما ومبة :عبادة لا.
قوله :ث طال عليهم المد فعبدوهم أي طال عليهم الزمان .وسبب تلك العبادة والوصل إليها هو ما
جرى من الولي من التعظيم بالعكوف على قبورهم ،ونصب صورهم ف مالسهم ،فصارت بذلك
أوثانا تعبد من دون ال ،كما ترجم به الصنف رحه ال تعال .فإنم تركوا بذلك دين السلم الذي
كان أولئك عليه قبل حدوث وسائل هذا الشرك ،وكفروا بعبادة تلك الصور واتذوهم شفعاء .وهذا
أول شرك حدث ف الرض.
قال القرطب :وإنا صور أوائلهم الصور ليتأسوا بم ويتذكروا أفعالم الصالة ،فيجتهدوا كاجتهادهم،
ويعبدوا ال عند قبورهم .ث خلفهم قوم جهلوا مرادهم ،فوسوس لم الشيطان أسلفهم كانوا يعبدون
هذه الصور ويعظمونا ا هه.
قال ابن القيم رحه ال :وما زال الشيطان يوحي إل عباد القبور ويلقى إليهم أن البناء والعكوف عليها
من مبة أهل القبور من النبياء والصالي ،وأن الدعاء عندها مستجاب ،ث ينقلها من هذه الرتبة إل
الدعاء با ،والقسام على ال با ،فإن شأن ال أعظم من أن يقسم عليه أو يسأل بأحد من خلقه.
فإذا تقرر ذلك عند هم نقل هم م نه إل دعائه وعباد ته ،و سؤاله الشفا عة من دون ال ،واتاذ قبه وثنا
تعلق عليه القانديل والستور،ويطاف به ويستلم ويقبل ،ويج إليه ويذبح عنده ،فإذا تقرر ذلك عندهم
نقلههم منهه إل دعاء الناس إل عبادتهه ،واتاذه عيدا ومنسهكا ،ورأوا أن ذلك أنفهع لمه فه دنياههم
وأخراهم .وكل هذا ما قد علم بالضطرار من دين السلم أنه مضاد لا بعث ال به رسوله صلى ال
عليه وسلم من تديد التوحيد ،وأن ل يعبد إل ال.
فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم منه إل أن من نى عن ذلك فقد تنقص أهل هذه الرتب العالية وحطهم
عن منلتهم ،وزعم أنه ل حرمة لم ول قدر ،فغضب الشركون واشأزت قلوبم ،كما قال تعال" :
وإذا ذكهر ال وحده اشأزت قلوب الذيهن ل يؤمنون بالخرة وإذا ذكهر الذيهن مهن دونهه إذا ههم
ي ستبشرون " و سرى ذلك ف نفوس كث ي من الهال والطغام ،وكث ي م ن ينت سب إل العلم والد ين،
حت عادوا أهل التوحيد ورموهم بالعظائم ونفروا الناس عنهم ،ووالوا أهل الشرك وعظموهم ،وزعموا
أن م أولياء ال وأن صار دي نه ور سوله،ويأ ب ال ذلك " :و ما كانوا أولياءه إن أولياؤه إل التقون " .اه
كلم ابن القيم رحه ال.
ومنها :رد الشبه الت يسميها أهل الكلم عقليات ،ويدفعون با ما جاء به الكتاب والسنة من توحيد
الصفات ،وإثباتا على ما يليق بلل ال وعظمته وكبيائه.
ومنها :ضرورة المة إل ما جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم علما وعملً با يدل عليه الكتاب
والسنة فإن ضرورة العبد إل ذلك فوق كل ضرورة.
قوله( :وعن عمر رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " ل تطرون كما أطرت
النصارى ابن مري .إنا أعبد عبد ،فقولوا عبد ال ورسوله " أخرجاه) :
قوله عن عمر هو ابن الطاب بن نفيل بنون وفاء مصغرا العدوى أمي الؤمني وأفضل الصحابة بعد
الصديق رضي ال عنهم .ول اللفة عشر سني ونصفا .فامتلت الدنيا عدلً ،وفتحت ف أيامه مالك
كسرى وقيصر .واستهشد ف ذي الجة سنة ثلث وعشرين رضي ال عنه.
قوله :ل تطرون كما أطرت النصارى ابن مري الطراء ماوزة الد ف الدح والكذب عليه .قاله أبو
السعادات .وقال غيه :أي ل تدحون بالباطل ،ول تاوزوا الد ف مدحي.
وقد ذكر شيخ السلم رحه ال عن بعض أهل زمانه أنه جوز الستغاثة بالرسول صلى ال عليه وسلم
ف كل ما ي ستغاث ف يه بال ،و صنف ف ذلك م صنفا رده ش يخ ال سلم ،ورده موجود ب مد ال.
ويقول :إنه يعلم مفاتيح الغيب الت ل يعلهما إل ال .وذكر لم أشياء من هذا النمط .نعوذ بال من
عمى البصية وقد اشتهر ف نظم البوصيي قوله:
سواك عند حدوث الادث العمم يا أكرم اللق ما ل من ألوذ به
ومها بعده مهن البيات الته مضموناه إخلص الدعاء واللياذ والرجاء والعتماد فه أضيهق الالت،
وأعظم الضطرار لغي ال ،فناقضوا الرسول صلى ال عليه وسلم بارتكاب ما نى عنه أعظم مناقضة،
وشاقوا ال وروسوله أعظم مشاقة ،وذلك أن الشيطان أظهر لم هذا الشرك العظيم ف قالب مبة النب
صلى ال عل يه و سلم وتعظي مه ،وأظ هر ل م التوح يد والخلص الذي بع ثه ال به ف قالب تنقي صه،
وهؤلء الشركون هم التنق صون الناق صون ،أفرطوا ف تعظي مه ب ا نا هم ع نه أ شد الن هي ،وفرطوا ف
متابع ته ،فلم يعبأوا بأقواله وأفعاله ،ول رضوا بك مه ول سلموا له .وإن ا ي صل تعظ يم الر سول صلى
ال عل يه و سلم بتعظ يم أمره ون يه ،والهتداء بد يه ،واتباع سنته ،والدعوة إل دي نه الذي د عا إل يه
ونصرته ،وموالة من عمل به ،ومعاداة من خالفه .فعكس أولئك الشركون ما أراد ال ورسوله علما
وعملً ،وارتكبوا ما نى عنه ورسوله .فال الستعان.
قوله( :وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " إياكم والغلو .فإنا أهلك من كان قبلكم الغلو ") :
هذا الديث ذكره الصنف بدون ذكر راويه .وقد رواه المام أحد والترمذي وابن ماجه من حديث
ابن عباس.
وهذا لفظ رواية أحد :عن ابن عباس رضي ال عنهما قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم غداة
جع " :هلم القط ل .فلقطت له حصيات هن حصى الذف .فما وضعهن ف يده قال :ن عم بأمثال
هؤلء فارموا .وإياكم والغلو ف الدين ،فإنا هلك من كان قبلكم بالغلو ف الدين ".
قال شيخ السلم :هذا عام ف جيع أنواع الغلو ف العتقادات والعمال وسبب هذا اللفظ العلم رمي
المار ،وهو داخل فيه ،مثل الرمي بالجارة الكبار ،بناء على أنه أبلغ من الصغار .ث علله با يقتضي
مانبة هدى من كان قبل نا إبعادا عن الوقوع في ما هلكوا به ،فإن الشارك لم ف ب عض هدي هم ياف
عليه من اللك.
قوله( :ولسلم عن ابن مسعود أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :هلك التتطعون قالا ثلثا)
:
قال الطاب :التنطع التعمق ف الشئ ،التكلف البحث عن علي مذاهب أهل الكلم الداخلي فيما ل
يعنيهم ،الائضي فيما ل تبلغه عقولم.
ومن التنطع :المتناع من الباح مطلقا ،كالذي يتنع من أكل اللحم والبز ،ومن لبس الكتان والقطن،
ول يلبس إل الصوف ،ويتنع من نكاح النساء ،ويظن أن هذا من الزهد الستحب .قال الشيخ تقي
الدين :فهذا جاهل ضال ،انتهى.
وقال ابن القيم رحه ال :قال الغزال :والتنطعون ف البحث والستقصاء.
وقال أبو السعادات :هم التعمقون الغالون ف الكلم ،التكلمون بأقصى حلوقهم .مأخوذ من النطع،
وهو الغار العلى من الفم ،ث استعمل ف كل متعمق قو ًل وفعلً.
وقال النووي :فيه كراهة التقعر ف الكلم بالتشدق وتكلف الفصاحة ،واستعمال وحشى اللغة ودقائق
العراب ف ماطبة العوام ونوهم.
قوله :قال ا ثلثا أي قال هذه الكل مة ثلث مرات ،مبال غة ف التعل يم والبلغ ،ف قد بلغ البلغ ال بي.
صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه أجعي.
باب
ما جاء من التغليظ فيمن عبد ال عند قب رجل صال
فكيف إذا عبده ؟
قوله( :باب :ما جاء من التغليظ فيمن عبد ال عند قب رجل صال ،فكيف إذا عبده ؟ ) :
أي الرجل الصال ،فإن عبادته هي الشرك الكب ،وعبادة ال عنده وسيلة إل عبادته ،ووسائل الشرك
مرمة .لنا تؤدي إل الشرك الكب وهو أعظم الذنوب.
قوله ( :ف ال صحيح :عن عائ شة ر ضي ال عن ها أن أم سلمة ذكرت لر سول ال صلى ال عل يه
وسلم كنيسة رأتا بأرض البشة وما فيها من الصور .فقال " :أولئك إذا مات فيهم الرجل الصال
أو الع بد ال صال ،بنوا على قبه م سجدا ،و صوروا ف يه تلك ال صور أولئك شرار اللق ع ند ال "
فهؤلء جعوا بي الفتنتي :فتنة القبور وفتنة التماثيل) :
قوله :أن أم سلمة هي هند بنت أب أمية بن الغية بن عبد ال بن عمر بن مزوم القرشية الخزومية.
تزوجها رسول ال صلى ال عليه وسلم بعد أب سلمة سنة أربع ،وقيل :ثلث ،وكانت قد هاجرت
مع أب سلمة إل البشة ماتت سنة اثنتي وستي.
قوله :ذكرت لرسول ال وف الصحيحي أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا ذلك لرسول ال صلى ال عليه
وسلم و الكنسية بفتح الكاف وكسر النون :معبد النصارى.
قوله :إذا مات في هم الرجل الصال أو العبد الصال هذا وال أعلم شك من بعض رواة الديث :هل
قال النب صلى ال عليه وسلم هذا أو هذا ؟ ففيه التحري ف الرواية .وجواز الرواية بالعن.
قوله :وصوروا فيه تلك الصور الشارة إل ما ذكرت أم سلمة وأم حبيبة من التصاوير الت ف الكنسية.
قوله :أولئك شرار اللق عند ال وهذا يقتضى تري بناء الساجد على القبور ،وقد لعن صلى ال عليه
وسلم من فعل ذلك كما سيأت.
قال البيضاوي :ل ا كا نت اليهود والنصهارى ي سجدون لقبور النهبياء تعظيما لشأن م ،ويعلن ها قبلة
يتوجهون ف الصلة نوها واتذوها أوثانا لعنهم النب صلى ال عليه وسلم.
قال القرطب :وإنا صور أوائلهم الصور ليتأسوا با ويتذكروا أعمالم الصالة ،فيجتهدوا كاجتهادهم،
ويعبدوا ال عنهد قبورههم ،ثه خلفههم قوم جهلوا مرادههم ووسهوس لمه الشيطان أن أسهلفهم كانوا
يعبدون هذه الصور ويعظمونا .فحذر النب صلى ال عليه وسلم عن مثل ذلك ،سدا للذريعة الؤدية
إل ذلك.
قوله :فهؤلء جعوا بي الفتنتي :فتنة القبور وفتنة التماثيل هذا من كلم شيخ السلم ابن تيمية رحه
ال تعال ،ذكره الصنف رحه ال تنبيها على ما وقع من شدة الفتنة بالقبور والتماثيل فإن فتنة بالقبور
كالفتنة بالصنام أو أشد.
قال شيهخ السهلم رحهه ال :وهذه العلة الته لجلهها نىه الشارع صهلى ال عليهه وسهلم عهن اتاذ
ال ساجد على القبور لن ا هي ال ت أوق عت كثيا من ال مم إ ما ف الشرك ال كب أو في ما دو نه من
الشرك .فإن النفوس قد أشركت بتماثيل الصالي ،وتاثيل يزعمون أنا طلسم الكواكب ونو ذلك.
فإن الشرك ب قب الر جل الذي يعت قد صلحه أقرب إل النفوس من الشرك بش بة أو ح جر .ولذا ت د
أ هل الشرك يتضرعون عند ها ،ويشعون ويضعون ،ويعبدون بقلوب م عبادة ل يفعلون ا ف بيوت ال
ول و قت ال سحر ،ومن هم من ي سجد ل ا ،وأكثر هم يرجون من بر كة ال صلة عند ها والدعاء ما ل
يرجونه ف الساجد ،فلجل هذه الفسدة حسم النب صلى ال عليه وسلم مادتا .حت ني عن الصلة
ف القبة مطلقا ،وإن ل يقصد الصلى بركة البقعة بصلته ،كما يقصد بصلته بركة الساجد ،كما
ن ى عن ال صلة و قت طلوع الش مس وغروب ا ،لن ا أوقات يق صد في ها الشركون ال صلة للش مس،
فنهى أمته عن الصلة حينئذ وإن ل يقصد ما قصده الشركون ،سدا للذريعة .وأما إذا قصد الرجل
ال صلة ع ند القبور م تبكا بال صلة ف تلك البق عة فهذا ع ي الحادة ل ولر سوله ،والخال فة لدي نه
وابتداع دين ل يأذن به ال ،فإن السلمي قد أجعوا على ما علموه بالضطرار من دين الرسول صلى
ال عليه وسلم :أن الصلة عند القبور منهى عنها ،وأنه صلى ال عليه وسلم لعن من اتذها مساجد،
ف من أع ظم الحدثات وأ سباب الشرك :ال صلة عند ها واتاذ ها م ساجد ،وبناء ال ساجد علي ها .و قد
تواترت الن صوص عن ال نب صلى ال عل يه و سلم بالن هي عن ذلك والتغل يظ ف يه .و قد صرح عا مة
الطوائف بالنهي عن بناء الساجد عليها متابعة منهم للسنة الصحيحة الصرية .وصرح أصحاب أحد
وغي هم من أ صحاب مالك والشاف عي بتحر ي ذلك .وطائ فة أطل قت الكرا هة والذي ينب غي أن ت مل
على كراهة التحري ،إحسانا للظن بالعلماء ،وأن ل يظن بم أن يوزوا فعل ما تواتر عن رسول ال
صلى ال عليه وسلم لعن فاعله والنهي عنه .ا ه كلمه رحه ال تعال.
قوله( :ولما عنها أي عن عائشة رضي ال عنها قالت " :لا نزل برسول ال صلى ال عليه وسلم
طفسق يطرح خيصسة له على وجهسه ،فإذا اغتسم باس كشفهسا فقال وهسو كذلك :لعسن ال اليهود
والنصارى ،اتذوا قبور أنبيائهم مساجد ،يذر ما صنعوا .ولول ذلك أبرز قبه ،غي أنه خشى أن
يتخذ مسجدا " أخرجاه) :
قوله :ولما أي البخاري ومسلم .وهو يغن عن قوله ف آخره أخرجاه .
قوله :لا نزل هو بضم النون وكسر الزاي .أي نزل به ملك الوت واللئكة الكرام عليهم السلم.
قوله :طفق بكسر الفاء وفتحها ،والكسر أفصح .وبه جاء القرآن ،ومعناه جعل.
قوله :لعن ال اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد يبي أن من فعل مثل ذلك حل عليه من
اللعنة ما حل على اليهود والنصارى.
قوله :يذر ما صنعوا الظاهر أن هذا كلم عائشة رضي ال عنها لنا فهمت من قول النب صلى ال
عليه وسلم ذلك تذير أمته من هذا الصنيع الذي كانت تفعله اليهود والنصارى ف قبور أنبيائهم ،فإنه
من الغلو ف النبياء ،ومن أعظم الوسائل إل الشرك .ومن غربة السلم أن هذا الذي لعن رسول ال
صلى ال عليه وسلم فاعليه تذيرا لمته أن يفعلوه معه صلى ال عليه وسلم ومع الصالي من أمته قد
فعله اللق الكثيه مهن متأخري هذه المهة ،واعتقدوه قربهة مهن القربات ،وههو مهن أعظهم السهيئات
والنكرات ،وما شعروا أن ذلك مادة ل ورسوله.
قال القرطب ف معن الديث :وكل ذلك لقطع الذريعة الؤدية إل عبادة من فيها كما كان السبب ف
عبادة الصنام .انتهى.
إذ ل فرق ب ي عبادة ال قب و من ف يه وعبادة ال صنم ،وتأ مل قول ال تعال عن نبيه يو سف ا بن يعقوب
حيث قال " :واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بال من شيء " نكرة
ف سياق النفي تعم كل شرك.
قوله :ولول ذلك أي ما كان يذر من اتاذ قب النب صلى ال عليه وسلم مسجدا لبرز قبه وجعل
مع قبور الصحابة الذين كانت قبورهم ف البقيع.
قوله :غ ي أ نه خ شي أن يت خذ م سجدا روى بف تح الاء وضم ها ،فعلى الف تح يكون هو الذي خ شي
ذلك صلى ال عليه وسلم ،وأمرهم أن يدفنوه ف الكان الذي قبض فيه .وعلى رواية الضم يتمل أن
يكون الصحابة هم الذين خافوا أن يقع ذلك من بعض المة ،فلم يبزوا قبه ،خشية أن يقع ذلك من
بعض المة غلوا وتعظيما با أبدى وأعاد من النهي والتحذير منه ولعن فاعله.
قال القرطب :ولذا بالغ السلمون ف سد الذريعة ف قب النب صلى ال عليه وسلم فأعلوا حيطان تربته
وسدوا الداخل إليها ،وجعلوها مدقة بقبه صلى ال عليه وسلم ،ث خافوا أن يتخذ موضع قبه قبلة
إذا كان مستقبل الصلي ،فتصور ال صلة إليه بصورة العبادة فبنوا جدار ين من رك ن ال قب الشماليي
وحرفوها حت التقيا على زاوية مثلثة من ناحية الشمال حت ل يكنوا أحد من استقبال قبه انتهى.
قوله( :ولسلم عن جندب بن عبد ال قال :سعت النب صلى ال عليه وسلم قبل أن يوت بمس،
وهو يقول " :إن أبرأ إل ال أن يكون ل منكم خليل .فإن ال قد اتذن خليلً ،كما اتذ إبراهيم
خليلً ولو كنست متخذا مسن أمتس خليلً لتذت أبسا بكسر خليلً ،أل وإن مسن كان قبلكسم كانوا
يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ،أل فل تتخذوا القبور مساجد ،فإن أناكم عن ذلك ") :
قوله :عن جندب بن ع بد ال أي ا بن سفيان البجلي ،وين سب إل جده ،صحاب مشهور .مات ب عد
الستي.
قوله :أ ن أبرأ إل ال أن يكون ل من كم خل يل أي أمت نع ع ما ل يوز ل أن أفعله .واللة فوق الح بة
والل يل هو الحبوب غا ية ال ب ،مش تق من اللة بف تح الاء و هي تلل الودة ف القلب ،ك ما قال
الشاعر:
وبذا سى الليل خليلً قد تللت مسلك الروح من
هذا هو الصحيح ف معناها كما ذكره شيخ السلم وابن القيم وابن كثي وغيهم رحهم ال تعال.
قال القرطب :وإنا كان ذلك لن قلبه صلى ال عليه وسلم قد امتل من مبة ال وتعظيمه ومعرفته فل
يسع خلة غيه.
قال ابن القيم رحه ال :وأما ما يظنه بعض الغالطي من أن الحبة أكمل من اللة ،وأن إبراهيم خليل
ال ،وممد حبيب ال فمن جهلهم ،فإن الحبة عامة ،واللة خاصة وهي ناية الحبة .وقد أخب النب
ل ونفى أن يكون له خليل غي ربه ،مع إخباره ببه لعائشةصلى ال عليه وسلم أن ال قد اتذه خلي ً
ولبي ها ،ولع مر بن الطاب ،ومعاذ بن ج بل وغي هم ر ضي ال عن هم .وأيضا فإن ال ي ب التواب ي
ويب التطهرين ويب الصابرين ،وخلته خاصة بالليلي.
ل ل تذت أبا بكر خليلً فيه بيان أن الصديق أفضل الصحابة .وفيه الرد
قوله :ولو كنت متخذا خلي ً
على الرافضة وعلى الهمية وها شر أهل البدع ،وأخرجهم بعض السلف من الثنتي والسبعي فرقة.
وبسبب الرافضة حدث الشرك وعبادة القبور ،وهم أول من بن عليها الساجد .قاله الصنف رحه ال،
وهو كما قال بل ريب.
وفيه إشارة إل خلفة أب بكر ،لن من كانت مبته لشخص أشد كان أول به من غيه .وقد استخلفه
على الصلة بالناس ،وغضب صلى ال عليه وسلم لا قيل يصلي بم عمر وذلك ف مرضه الذي توف
فيه صلى ال عليه وسلم.
قوله :أل حرف استفتاح أل وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم مساجد ...الديث قال
اللخال :وإنكار النب صلى ال عليه وسلم صنيعهم هذا مرج على وجهي:
أحدها :أنم يسجدون لقبور النبياء تعظيما.
الثان :أنم يوزون الصلة ف مدافن النبياء والتوجه إليها حالة الصلة ،نظرا منهم بذلك إل عبادة
ال والبالغة ف تعظيم النبياء .والول :هو الشرك اللي .والثان :اللفي ،فلذلك استحقوا اللعن.
قوله :فقد نى عنه ف آخر حياته أي كما ف حديث جندب .وهذا من كلم شيخ السلم .وكذا ما
بعده.
قوله :ث إنه لعن ،وهو ف السياق من فعله كما ف حديث عائشة.
قلت :فك يف ي سوع ب عد هذا التغل يظ من سيد الر سلي أن تع ظم القبور ويب ن علي ها وي صلى عند ها
وإليها ؟ هذا أعظم مشاقة ومادة ل تعال ولرسوله لو كانوا يعقلون.
قوله :الصلة عندها من ذلك ،وإن ل يب مسجد أي من اتاذها مساجد اللعون فاعله.
وهذا يقتضي تري الصلة عند القبور وإليها.
وعن أب سعيد الدري رضي ال عنه مرفوعا " الرض كلها مسجد إل القبة والمام " رواه أحد
وأهل السنن وصححه ابن حبان والاكم.
قال ابن القيم رحه ال :وبالملة فمن له معرفة بالشرك وأسبابه وذرائعه وفهم عن رسول ال صلى ال
عل يه و سلم مقا صده ،جزم جزما ل يت مل النق يض أن هذه البال غة والل عن والن هي ب صيغته صيغة ل
تفعلوا وصيغة أن أناكم عن ذلك ليس لجل النجاسة ،بل هو لجل ناسة الشرك اللحقة لن عصاه،
وارتكب ما عنه ناه ،واتبع هواه ،ول يش ربه وموله ،وقل نصيبه أو عدم من ل إله إل ال فإن هذا
وأمثاله مهن النهب صهلى ال عليهه وسهلم صهيانة لمهى التوحيهد أن يلحقهه الشرك ويغشاه ،وتريهد له
وغضب لربه أن يعدل به سواه ،فأب الشركون إل معصية لمره وارتكابا لنهيه ،وغرهم الشيطان بأن
هذا تعظيم لقبور الشايخ والصالي ،وكلما كنتم لا أشد تعظيما وأشد فيهم غلوا كنتم بقربم أسعد،
ومن أعدائهم أبعد ،ولعمر ال ،من هذا الباب دخل الشيطان على عباد يعوق ويغوث ونسرا ،ودخل
على عباد ال صنام م نذ كانوا إل يوم القيا مة ،فج مع الشركون ب ي الغلو في هم والط عن ف طريقت هم،
فهدى ال أ هل التوح يد ل سلوك طريقت هم وإنزال م منازل م ال ت أنزل م ال إيا ها من العبود ية و سلب
خصائص اللية عنهم.
قال الشارح رح ه ال تعال :وم ن علل بوف الفت نة بالشرك :المام الشاف عي ،وأ بو ب كر الثرم ،وأ بو
ممد القدسي .وشيخ السلم وغيهم رحهم ال .وهو الق الذي ل ريب فيه.
قوله :فإن الصحابة ل يكونوا ليبنوا حول قبه مسجدا أي لا علموا من تشديده ف ذلك وتغليظه النهي
عنه ،ولعن من فعله.
قوله :وكل موضع قصدت الصلة فيه فقد اتذ مسجدا أي وإن ل يب مسجد ،بل كل موضع يصلى
فيه يسمى مسجدا ،يعن وإن ل يقصد بذلك ،كما إذا عرض لن أراد أن يصلي فأوقع الصلة ف ذلك
الوضع الذي حانت الصلة عنده من غ ي أن يقصد ذلك الو ضع بصوصه ،فصار بفعل الصلة فيه
مسجدا.
قوله :كمها قال صهلى ال عليهه وسهلم " جعلت ل الرض مسهجدا وطهورا " أي فسهمى الرض
مسجدا ،توز الصلة ف كل بقعة منها إل ما استثن من الواضع الت ل توز الصلة فيها ،كالقبة
ونوها.
قال البغوي ف شرح السنة :أراد أن أهل الكتاب ل تبح لم الصلة إل ف بيعهم وكنائسهم ،فأباح ال
لذه ال مة ال صلة ح يث كانوا ،تفيفا علي هم وتي سيا ،ث خص من ج يع الوا ضع :المام وال قبة
والكان النجس .انتهى.
قوله( :ولحد بسند جيد عن ابن مسعود مرفوعا " إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم
أحياء ،والذين يتخذون القبور مساجد " ورواه أبو حات ابن حبان ف صحيحه) :
قوله :من تدركهم الساعة وهم أحياء أي مقدمتها ،كخروج الدابة ،وطلوع الشمس ف مغربا .وبعد
ذلك ينفخ ف الصور نفخة الفزع.
قوله :والذين يتخذون القبور مساجد معطوف على خب إن ف مل نصب على نية تكرار العامل ،أي
وإن من شرار الناس الذ ين يتخذون القبور م ساجد أي بال صلة عند ها وإلي ها ،وبناء ال ساجد علي ها،
وتقدم ف الحاديث الصحيحة أن هذا من عمل اليهود والنصارى وأن النب صلى ال عليه وسلم لعنهم
على ذلك ،تذيرا للمة أن يفعلوا مع نبيهم وصاليهم مثل اليهود والنصارى .فما رفع أكثرهم بذلك
رأسا ،بل اعتقدوا أن هذا المر قربة ل تعال ،وهو ما يبعدهم عن ال ويطردهم عن رحته ومغفرته.
والعجب أن أكثر من يدعى العلم من هو من هذه المة ل ينكرون ذلك ،بل ربا استحسنوه ورغبوا
ف فعله ،فلقد اشتدت غربة السلم وعاد العروف منكرا والنكر معروفا ،والسنة بدعة والبدعة سنة،
تنشأ على هذا الصغي وهرم عليه الكبي.
قال شيخ السلم :أما بناء الساجد على القبور فقد صرح عام الطوائف بالنهي عنه ،متابعة للحاديث
الصحيحة .وصرح أصحابنا وغيهم من أصحاب مالك والشافعي بتحريه ،ث ذكر الحاديث ف ذلك
إل أن قال وهذه الساجد البنية على قبور النبياء والصالي ،أو اللوك وغيهم تتعي إزالتها بدم أو
غيه .هذا ما ل أعلم فيه خلفا بي العلماء العرفي.
وقال ابن القيم رحه ال :يب هدم القباب الت بنيت على القبور ،لنا أسست على معصية الرسول
صلى ال عليه وسلم ،وقد أفت جاعة من الشافعية بدم ما ف القرافة من البنية ،منهم ابن الميزي
والظهي التزمين وغيها.
وقال القاضي ابن كج :ول يوز أن تصص القبور ،ول أن يبن عليها قباب ،ول غي قباب ،والوصية
با باطلة.
وقال الذرعي :وأما بطلن الوصية ببناء القباب وغيها من البنية وانفاق الموال الكثية ،فل ريب ف
تريه.
وقال القرطب ف حديث جابر رضي ال عنه نى أن يصص القب أو يين عليه وبظاهر هذا الديث
قال مالك ،وكره البناء والص على القبور .وقد أجازه غيه ،وهذا الديث حجة عليه.
وقال ابن رشد :كره مالك البناء على القب وجعل البلطة الكتوبة ،وهو من بدع أهل الطول ،أحدثوه
إرادة الفخر والباهاة والسمعة ،وهو ما ل اختلف عليه.
وقال الزيلغي ف شرح الك ن :ويكره أن يبن على ال قب .وذ كر قا ضي خان :أ نه ل ي صص ال قب ول
يب ن عل يه .ل ا روى عن ال نب صلى ال عل يه و سلم أ نه ن ى عن التج صيص وللبناء فوق ال قب .والراد
بالكراهة عند النفية رحهم ال كراهة التحري .وقد ذكر ذلك ابن نيم ف شرح الكن.
وقال الشاف عي رح ه ال :أكره أن يع ظم ملوق ،ح ت ي عل قبه م سجدا ما فة الفت نة عل يه وعلى من
بعده من الناس .وكلم الشافعي رحه ال يبي أن مرده بالكراهة كراهة التحري.
قال الشارح رح ه ال تعال :وجزم النووي رح ه ال ف شرح الهذب بتحر ي البناء مطلقا ،وذ كر ف
شرح مسلم نوه أيضا.
قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال :وأما القبة فل فرق فيها بي الديدة والعتقية ،انقلبت تربتها أو
ل تنقلب .ول فرق بي أن يكون بينه وبي الرض حائل أو ل ،لعموم السم وعموم العلة ،ولن النب
صلى ال عليه وسلم لعن الذين اتذوا قبور أنبيائهم مساجد ،ومعلوم أن قبور النبياء ل تنجس.
وبالملة فمن علل النهي عن الصلة ف القبة بنجاسة التربة خاصة فهو بعيد عن مقصود النب صلى
ال عل يه وسلم ،ث ل يلو أن يكون القب قد بن عليه م سجد ،فل يصلي ف هذا الكان سواء صلى
خلف القب أو أمامه بغي خلف ف الذهب :لن النب صلى ال عليه وسلم قال " إن من كان قبلكم
كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصاليهم مساجد ،أل فل تتخذوا القبور مساجد فإن أناكم عن ذلك "
وخص قبور النبياء لن عكوف الناس على قبورهم أعظم ،واتاذها مساجد أشد ،وكذلك إن ل يكن
عليه بن مسجد ،فهذا قد ارتكب حقيقة الفسدة الت كان النهي عن الصلة عند القبور من أجلها،
فإن كل مكان صلى فيه يسمى مسجدا،كما قال صلى ال عليه وسلم " جعلت ل الرض مسجدا
وطهورا " وإن كان موضع قب أو قبين.
وقال بعض أصحابنا :ل ينع الصلة فيها لنه ل يتناولا اسم القبة ،وليس ف كلم أحد ول بعض
أصحابه هذا الفرق ،بل عموم كلمهم يقتضى منع الصلة عند كل قب.
وقد تقدم عن علي رضي ال عنه أنه قال :ل أصلي ف حام ول عند قب .
فعلى هذا ينبغي أن يكون النهي متناولً لري القب وفنائه ،ول توز الصلة ف مسجد بن ف مقبة،
سواء كان له حيطان تجز بينه وبي القبور أو كان مكشوفا.
قال ف رواية الثرم :إذا كان السجد بي القبور ل يصلى فيه الفريضة ،وإن كان بينها وبي السجد
حاجز فرخص أن يصلي فيه على النائز ول يصلى فيه على غي النائز .وذكر حديث أب مرثد عن
النب صلى ال عليه وسلم :ل تصلوا على القبور وقال :إسناده جيد ،انتهى.
ولو تتبعنها كلم العلماء فه ذلك ل حتمهل عدة أوراق .فتهبي بذا أن العلماء رحههم ال بينوا أن علة
النهي ما يؤدي إليه ذلك :من الغلو فيها وعبادتا من دون ال كما هو الواقع وال الستعان.
وقد حدث بعد الئمة الذين يعتد بقولم أناس كثر ف أبواب العلم بال اضطرابم ،وغلظ عن معرفة ما
ب عث ال به ر سوله من الدى والعلم حجاب م فقيدوا ن صوص الكتاب وال سنة بقيود أوه نت النقياد
وغيوا با ما قصده الرسول صلى ال عليه وسلم بالنهي وأراد .فقال لتنجسها بصديد الوتى ،وهذا
كله باطل من وجوه :منها :أنه من القول على ال بل علم .وهو حرام بنص الكتاب.
ومن ها :أن ما قالوه ل يقت ضى ل عن فاعله والتغل يظ عل يه ،و ما الا نع له أن يقول :صلى ف بق عة ن سة
فعل يه لع نة ال .ويلزم على ما قاله هؤلء أن ال نب صلى ال عل يه و سلم ل يبي العلة ،وأحال ال مة ف
بيانا على من ييء بعده صلى ال عليه وسلم وبعد القرون الفضلة والئمة ،وهذا باطل قطعا وعقلً
وشرعا ،ل يلزم عليه من أن الرسول صلى ال عليه وسلم عجز عن البيان أو قصر ف البلغ ،وهذا من
أبطل الباطل .فإن النب صلى ال عليه وسلم بلغ البلغ البي ،وقدرته ف البيان فوق قدرة كل أحد،
فإذا بطل اللزم بطل اللزوم.
ويقال أيضا :هذا الل عن والتغل يظ الشد يد إن ا هو في من ات ذ قبور ال نبياء م ساجد ،وجاء ف ب عض
الن صوص ما ي عم ال نبياء وغي هم ،فلو كا نت هذه هي العلة لكا نت منتف ية ف قبور ال نبياء ،لكون
أجسادهم طرية ل يكون لا صديد ينع من الصلة عند قبورهم ،فإذا كان النهي عن اتاذ الساجد
ع ند القبور يتناول قبور ال نبياء بال نص ،علم أن العلة ما ذكره هؤلء العلماء الذ ين قد نقلت أقوال م،
والمهد ل على ظهور الجهة وبيان الحجهة .والمهد ل الذي هدانها لذا ،ومها كنها لنهتدي لول أن
هدانا ال.
باب
ما جاء أن الغلو ف قبور الصالي يصيها أوثانا تعبد من دون ال
قوله( :باب :ما جاء أن الغلو ف قبور الصالي يصيها أوثانا تعبد من دون ال) :
روى مالك ف الوطأ أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :اللهم ل تعل قبى وثنا يعبد ،اشتد
غضب ال على قوم اتذوا قبور أنبيائهم مساجد " .
ل عن زيد بن أسلم ،عن عطاء بن يسار :أن رسول ال صلى ال عليه هذا الديث رواه مالك مرس ً
وسلم قال ...الديث .ورواه ابن أب شيبة ف مصنفه عن ابن عجلن عن زيد بن أسلم به ،ول يذكر
عطاء ،ورواه البزار عن زيد عن عطاء عن أب سعيد الدري مرفوعا.
وله شاهد عند المام أحد بسنده عن سهيل بن أب صال عن أبيه عن أب هريرة رفعه :اللهم ل تعل
قبي وثنا ،لعن ال قوما اتذوا قبور أنبيائهم مساجد .
قوله :روى مالك ف الوطأ هو المام مالك بن أنس بن مالك بن أب عامر بن عمرو الصبحي ،أبو
عبدال الدن .إمام دار الجرة وأحد الئمة الربعة وأحد التقني للحديث ،حت قال البخاري :أصح
السانيد مالك عن نافع عن ابن عمر ،مات سنة تسع وسبعي ومائة .وكان مولده سنة ثلث وتسعي.
وقيل أربع وتسعي .وقال الواقدي :بلغ تسعي سنة.
قوله :اللهم ل تعل قبى وثنا يعيد قد استجاب ال دعاءه كما قال ابن القيم رحه ال تعال:
ودل الديث على أن قب النب صلى ال عليه وسلم لو عبد لكان وثنا ،لكن حاه ال تعال با حال بينه
وبي الناس فل يوصل إليه .ودل الديث على أن الوثن هو ما يباشره العابد من القبور والتوابيت الت
عليها .وقد عظمت الفتنة بالقبور لتعظيمها وعبادتا ،كما قال عبد ال بن مسعود رضي ال عنه كيف
أنتم إذا مستكم فتنة يهرم فيها الكبي ،وينشأ فيها الصغي .ترى على الناس يتخذونا سنة ،إذا غيت
قيل :غيت السنة انتهى.
قال ابن وضاح :سعت عيسى بن يونس يقول :أمر عمر بن الطاب رضي ال عنه بقطع الشجرة الت
بويع تتها النب صلى ال عليه وسلم فقطعها لن الناس كانوا يذهبون فيصلون تتها ،فخاف عليهم
الفتنة.
وقال العرور بن سويد :صليت مع عمر بن الطاب بطريق مكة صلة الصبح .ث رأى الناس يذهبون
مذاهب ،فقال :أين يذهب هؤلء ؟ فقيل :يا أمي الؤمني ،مسجد صلى فيه النب صلى ال عليه وسلم
ف هم ي صلون ف يه ،فقال :إن ا هلك من كان قبل كم ب ثل هذا ،كانوا يتتبعون آثار أ نبيائهم ويتخذون ا
كنائس وبيعا ،فمن أدركته الصلة ف هذه الساجد فليصل .ومن ل فليمض ول يتعمدها .
وف مغازي ابن إسحاق من زيادات يونس بن بكي عن أب خلدة خالد بن دينار .حدثنا أبو العالية
قال :لا فتحنا تستر وجدنا ف بيت مال الرمزان سريرا عليه رجل ميت ،عند رأسه مصحف .فأخذنا
الصحف فحملناه إل عمر ،فدعا له كعبا فنسخه بالعربية ،فأنا أول رجل قرأه من العرب ،قرأته مثل
ما أقرأ القرآن .فقلت ل ب العال ية :ما كان ف يه ؟ .قال :سيتكم وأمور كم ولون كلم كم و ما هو
كائن ب عد .قلت :فماذا صنعتم بالر جل ؟ قال :حفر نا له بالنهار ثل ثة عشرة قبا متفر قة .فل ما كان
الل يل دفناه و سوينا القبور كل ها لنعم يه عن الناس ل ينبشو نه .قلت :و ما يرجون م نه ؟ قال :كا نت
السماء إذا حبست عنهم برزوا بسريره فيمطرون .فقلت :من كنتم تظنون الرجل ؟ قال :رجل يقال له
دانيال .فقلت :منذ كم وجدتوه مات ؟ قال :منذ ثلثائة سنة.
قلت :ما كان تغي منه شئ ؟ قال :ل ،إل شعيات من قفاه ،إن لوم النبياء ل تبليها الرض.
قال ابن القيم رحه ال :ففي هذه القصة ما فعله الهاجرون والنصار رضي ال عنهم من تعمية قبه
لئل يفتت به ،ول يبزوه للدعاء عنده والتبك به ،ولو ظفر به التأخرون لالدوا عليه بالسيف ولعبدوه
من دون ال.
قال شيخ السلم رحه ال :وهو إنكار منهم لذلك ،فمن قصد بقعة يرجو الي بقصدها ول يستحب
الشارع ق صدها ف هو من النكرات ،وبع ضه أ شد من ب عض ،سواء ق صدها لي صلي عند ها أو ليد عو
عندها ،أو ليقرأ عندها أو ليذكر ال عندها ،أو لينسك عندها بيث يص تلك البقعة بنوع من العبادة
الت ل يشرع تصيصها به ل نوعا ول عينا ،إل أن ذلك قد يوز بكم التفاق ل لقصد الدعاء فيها،
كمن يزورها ويسلم عليها ،ويسأل ال العافية له وللموتى ،كما جاءت به السنة .وأما ترى الدعاء
عندها بيث يستشعر أن الدعاء هناك أجوب منه ف غيه ،فهذا هو النهى عنه .انتهى ملخصا.
قوله :اشتد غضب ال على قوم اتذوا قبور أنبيائهم فيه تري البناء على القبور ،وتري الصلة عندها،
وأن ذلك من الكبائر.
و ف القرى لل طبى من أ صحاب مالك عن مالك أ نه كره أن يقول :زرت قب ال نب صلى ال عل يه
وسلم ،وعلل ذلك بقوله صلى ال عليه وسلم " :اللهم ل تعل قبي وثنا يعبد " الديث .كره إضافة
هذا اللفظ إل القب ،لئل يقع التشبه بفعل أولئك ،سدا للذريعة.
قال ش يخ ال سلم رح ه ال تعال :ومالك قد أدرك التابعي ،و هم أعلم الناس بذه ال سألة ،فدل ذلك
على أ نه ل ي كن معروفا عند هم ألفاظ زيارة قب ال نب صلى ال عل يه و سلم إل أن قال و قد ذكروا
أسباب كراهته لن يقول :زرت قب النب صلى ال عليه وسلم لن هذا اللفظ قد صار كثي من الناس
يريد به الزيارة البدعية ،وهو قصد اليت لسؤاله ودعائه ،والرغبة إليه ف قضاء الوائج ،ونو ذلك ما
يفعله كث ي مهن الناس ،ف هم يعنون بلفهظ الزيارة م ثل هذا .وهذا ليهس بشروع باتفاق الئ مة .وكره
مالك أن يتكلم بلفظ ممل يدل على معن فاسد ،بلف الصلة والسلم عليه ،فإن ذلك ما أمر ال
به .أ ما ل فظ الزيارة ف عموم القبور فل يف هم من ها م ثل هذا الع ن .أل ترى إل قوله :فزوروا القبور
فإنا تذكركم الخرة مع زيارته لقب أمه .فإن هذا يتناول قبور الكفار .فل يفهم من ذلك زيارة اليت
لدعائه وسهؤاله والسهتغاثة بهه ،ونوه ذلك ماه يفعله أههل الشرك والبدع ،بلف مها إذا كان الزور
معظما فه الديهن كالنهبياء والصهالي ،فإنهه كثيا مها يعنه بزيارة قبورههم هذه الزيارة البدعيهة
الشركية،فلهذا كره مالك ذلك ف مثل هذا ،وإن ل يكره ذلك ف موضع آخر ليس فيه هذه الفسدة .ا
هه.
وفيه :أن النب صلى ال عليه وسلم ل يستعذ إل ما ياف وقوعه .ذكره الصنف رحه ال تعال.
قوله( :ول بن جرير بسنده عن سفيان عن منصور عن ماهد " أفرأيتم اللت والعزى " قال :كان
يلت ل م ال سويق ،فمات فعكفوا على قبه ،كذا قال أ بو الوزاء عن ا بن عباس قال :كان يلت
السويق للحاج) :
قوله :عن سفيان الظاهر :أنه سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري أبو عبد ال الكوف ثقة حافظ فقيه
إمام عابهد كان متهدا ،وله أتباع يتفقهون على مذهبهه .مات سهنة إحدى وسهتي ومائة ،وله أربهع
وستون سنة.
قوله :عن منصور هو ابن العتمر بن عبد ال السلمي ثقة ثبت فقيه .مات سنة اثنتي وثلثي ومائة.
قوله :عن ماهد هو ابن جب باليم الواحدة أبو الجاج الخزومي مولهم الكي ،ثقة إمام ف التفسي،
أخذ عن ابن عباس وغيه رضي ال عنهم .مات سنة أربع ومائة ،قاله يي القطان ،وقال ابن حبان:
مات سنة اثنتي أو ثلث ومائة وهو ساجد ،ولد سنة إحدى وعشرين ف خلفة عمر رضي ال عنه.
قوله :كان يلت ال سويق ل م فمات فعكفوا على قبه ف روا ية :فيط عم من ي ر من الناس .فل ما مات
عبدوه ،وقالوا :هو اللت رواه سعيد بن منصور.
ومناسبته للترجة :أنم غلوا فيه لصلحه حت عبدوه وصار قبه وثنا من أوثان الشركي.
قوله :وكذا قال أبو الوزاء هو أوس بن عبد ال الربعي ،فتح الراء والباء ،مات سنة ثلث وثاني.
قال البخاري :حدث نا م سلم و هو ا بن إبراه يم .حدث نا أ بو الش هب حدث نا أ بو الوزاء عن ا بن عباس
قال :كان اللت رجلً يلت سويق الجاج .
قال ا بن خزي ة :وكذا العزى ،وكا نت شجرة علي ها بناء وأ ستار بنخلة ،ب ي م كة والطائف ،كا نت
قريش يعظمونا ،كما قال أبو سفيان يوم أحد :لنا العزى ول عزى لكم .
قوله( :وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال " :لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم زائرات القبور
والتخذين عليها الساجد والسرج " رواه أهل السنن) :
قلت :وف الباب حديث عن أب هريرة وحديث حسان بن ثابت .فأما حديث أب هريرة فرواه أحد
والترمذي وصححه .وحديث حسان أخرجه ابن ماجه من رواية عبد الرحن بن حسان بن ثابت عن
أبيه قال " :لعن رسول ال صلى ال عليه وسلم زوارات القبور ".
وحديث ابن عباس هذا ف إسناده أبو صال مول أم هانء ،وقد ضعفه بعضهم ووثقة بعضهم .قال
على بن الدي ن ،عن ي ي القطان :ل أر أحدا من أ صحابنا ترك أ با صال مول أم ها ن .و ما سعت
أحدا من الناس يقول فيه شيئا ،ول يتركه شعبة ول زائدة ول عبد ال بن عثمان .قال ابن معي :ليس
به بأس ولذا أخرجه ابن السكن ف صحيحه .انتهى من الذهب البريز عن الافظ الزي.
قال شيخ السلم رحه ال تعال :وقد جاء عن النب صلى ال عليه وسلم من طريقي :فعن أب هريرة
رضي ال عنه " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لعن زوارات القبور " وذكر حديث ابن عباس .ث
قال :ورجال هذا ليهس رجال هذا .فلم يأخذه أحدهاه عهن الخهر .وليهس فه السهنادين مهن يتههم
بالكذب .ومثل هذا حجة بل ريب .وهذا من أجود السن الذي شرطه الترمذي ،فإنه جعل السن ما
تعددت طرقه ول يكن فيه متهم ،ول يكن شاذا ،أي مالفا لا ثبت بنقل الثقات وهذا الديث تعددت
طرقه وليس فيها متهم ول خالفه أحد من الثقات ،هذا لو كان عن صاحب واحد ،فكيف إذا كان
رواه عن صاحب وذاك عن آخر ؟ فهذا كله يبي أن الديث ف الصل معروف.
والذين رخصوا ف الزيارة اعتمدوا على ما روى عن عائشة رضي ال عنها أنا زارت قب أخيها عبد
الرحن وقالت :لو شهدتك ما زرتك وهذا يدل على أن الزيارة ليست مستحبة للنساء كما تستحب
الرجال .إذ لو كان كذلك ل ستحبت زيارته سواء شهدته أم ل.
وهذا السياق لديث عائشة رواه الترمذي من رواية عبد ال بن أب مليكة عنها ،وهو يالف سياق
الثرم له عن عبد ال بن أب مليكة أيضا :أن عائشة رضي ال عنها أقبلت ذات يوم من القابر .فقلت
لا :يا أم الؤمني ،أليس نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن زيارة القبور ؟ قالت :نعم نى عن
زيارة القبور ،ث أمر بزيارتا .
فأجاب ش يخ ال سلم رح ه ال عن هذا وقال :ول ح جة ف حد يث عائ شة فإن الح تج علي ها اح تج
بالن هي العام ،فدف عت ذلك بأن الن هي من سوخ ،ول يذ كر ل ا الح تج الن هي الاص بالن ساء الذي ف يه
لعن هن على الزيارة .يبي ذلك قول ا قد أ مر بزيارت ا فهذا يبي أ نه أ مر ب ا أمرا يقت ضي ال ستحباب،
والستحباب إنا هو ثابت للرجال خاصة .ولو كانت تعتقد أن النساء مأمورات بزيارة القبور لكانت
تفعل ذلك كما يفعله الرجال ول تقل لخيها لا زرتك واللعن صريح ف التحري ،والطاب بالذن ف
قوله فزورو ها ل يتناول النساء فل يدخلن ف الكم النا سخ ،والعام إذا عرف أ نه بعد الاص ل يكن
ناسخا له عند جهور العلماء،وهو مذهب الشافعي وأحد ف أشهر الروايتي عنه ،وهو العروف عند
أصحابه ،فكيف إذا ل يعلم أن هذا العام بعد الاص ؟ إذ قد يكون قوله :لعن ال زوارات القبور بعد
إذ نه للرجال ف الزيارة .يدل على ذلك أ نه قر نه بالتخذ ين علي ها ال ساجد وال سرج .ومعلوم أن اتاذ
الساجد والسرج النهي عنها مكم ،كما دلت عليه الحاديث الصحيحة وكذلك الخر.
أحد ها :أن قوله صلى ال عل يه و سلم فزورو ها صيغة تذك ي .وإن ا يتناول الن ساء أيضا على سبيل
التغليب .لكن هذا فيه قولن ،قيل :إنه يتاج إل دليل منفصل ،وحينئذ فيحتاج تناول ذلك للنساء إل
دليل منفصل ،وقيل أنه يتمل على ذلك عند الطلق .وعلى هذا فيكون دخول النساء بطريق العموم
الضع يف ،والعام ل يعارض الدلة الا صة ول ين سخها ع ند جهور العلماء ،ولو كان الن ساء داخلت
ف هذا الطاب ل ستحب لن زيارة القبور .وما علمنا أحدا من الئمة استحب لن زيارة القبور ،ول
كان النساء على عهد النب صلى ال عليه وسلم وخلفائه الراشدين يرجن إل زيارة القبور.
ومنها :أن النب صلى ال عليه وسلم علل الذن للرجال بأن ذلك " يذكر الوت ،ويرقق القلب ،وتدمع
الع ي " هكذا ف م سند أح د .ومعلوم أن الرأة إذا ف تح بال ا هذا الباب أخرج ها إل الزع والندب
والنياحة ،لا فيها من الضعف وقلة الصب .وإذا كانت زيارة النساء مظنة وسببا للمور الحرمة فإنه ل
ي كن أن ي د القدار الذي ل يف ضي إل ذلك ،ول التمي يز ب ي نوع ونوع ،و من أ صول الشري عة :أن
الك مة إذا كا نت خف ية أو منتشرة علق ال كم بظنت ها .فيحرم هذا الباب سدا للذري عة ،ك ما حرم
النظر إل الزينة الباطنة ،وكما حرم اللوة بالجنبية وغي ذلك .وليس ف ذلك من الصلحة ما يعارض
هذه الفسدة .فإنه ليس ف ذلك إل دعاؤها للميت وذلك مكن ف بيتها.
و من العلماء من يقول :التشي يع كذلك ،وي تج بقوله صلى ال عل يه و سلم " ارج عن مأزورات غ ي
مأجورات ،فإن كن تف ت ال ي وتؤذ ين ال يت " ،وقوله لفاط مة " :أ ما إ نك لو بل غت مع هم الكدى ل
تدخلي النة " ويؤيده ما ثبت ف الصحيحي من أنه نى النساء عن اتباع النائز ومعلوم أن قوله صلى
ال عل يه وسلم " :من صلى على جنازة فله قياط ومن تبعها حت تدفن فله قياطان " وهو أدل على
العموم من صيغة التذك ي .فإن ل فظ من يتناول الرجال والن ساء باتفاق الناس ،و قد علم بالحاد يث
الصحيحة أن هذا العموم ل يتناول النساء لنهي النب صلى ال عليه وسلم لن عن اتباع النائز ،فإذا ل
يدخلن ف هذا العموم فكذلك ف ذلك بطريق الول .انتهى ملخصا.
قلت :ويكون الذن فه زيارة القبور مصهوصا للرجال ،خهص بقوله :لعهن ال زوارات القبور....
الديث فيكون من العام الخصوص.
منها :أن ما ذكروه عن عائشة وفاطمة رضي ال عنهما معارض ما ورد عنهما ف هذا الباب فل يثبت
به نسخ.
ومنها :أن قول الصحاب وفعله ليس حجة على الديث بل نزاع ،وأما تعليمه عائشة كيف تقول إذا
زارت القبور ون و ذلك ،فل يدل على ن سخ ما دلت عل يه الحاد يث الثل ثة من ل عن زائرات القبور،
لحتمال أن يكون ذلك قبل هذا النهي الكيد والوعيد الشديد وال أعلم.
قال م مد بن ا ساعيل ال صنعان رح ه ال ف كتا به تطه ي العتقاد :فإن هذه القباب والشا هد ال ت
صارت أعظم ذريعة إل الشرك واللاد ،وأكب وسيلة إل هدم السلم وخراب بنيانه :غالب بل كل
من يعمرها هم اللوك والسلطي والرؤساء والولة ،إما على قريب لم أو على من يسنون الظن فيه
من فاضل أو عال أو صوف أو فقي أو شيخ أو كبي ،ويزوره الناس الذي يعرفونه زيارة الموات من
دون توسل به ول هتف بإسه ،بل يدعون له ويستغفرون حت ينقرض من يعرفه أو أكثرهم ،فيأت من
بعدهم فيجد قبا قد شيد عليه البناء ،وسرجت عليه الشموع ،وفرش بالفراش الفاخر ،وأرخيب عليه
الستور ،وألقيت عليه الوراد والزهور ،فيعتقد أن ذلك لنفع أو دفع ضر ،وتأتيه السدنة يكذبون على
اليت بأنه فعل وفعل ،وأنزل بفلن الضر النفع .حت يغرسوا ف جبلته كل باطل ،والمر ما ثبت ف
الحاد يث النبو ية من ل عن من أ سرج على القبور وك تب علي ها وب ن علي ها .وأحاد يث ذلك وا سعة
معروفة فإن ذلك ف نفسه منهى عنه .ث هو ذريعة إل مفسدة عظيمة .انتهى.
ومنه تعلم مطابقة الديث للترجة وال أعلم.
قوله :ال سرج قال أ بو م مد القد سي :لو أب يح اتاذ ال سرج علي ها ل يل عن من فعله ،لن ف يه تضييعا
للمال ف غي فائدة ،وإفراطا ف تعظيم القبور أشبه بتعظيم الصنام.
وقال ابن القيم رحه ال :اتاذها مساجد وإيقاد السرج عليها من الكبائر.
قوله :رواه أهل السنن يعن أن أبا داود والترمذي وابن ماجه فقط ول يروه النسائي.
باب
ما جاء ف حاية الصطفى صلى ال عليه وسلم وسده كل طريق
يوصل إل الشرك
قوله :باب ( ما جاء ف حاية الصطفى صلى ال عليه وسلم وسده كل طريق يوصل إل الشرك ) :
الناب :هو الانب .والراد حايته عما يقر منه أو يالطه من الشرك وأسبابه.
قوله( :وقول ال تعال " :ل قد جاء كم ر سول من أنف سكم عز يز عل يه ما عن تم حر يص علي كم
بالؤمن ي رؤوف رح يم * فإن تولوا فقسل ح سب ال ل إله إل هو عل يه توكلت و هو رب العرش
العظيم ") :
قال ابن كثي رحه ال :يقول ال تعال متنا على الؤمني با أرسل إليهم رسولً من أنفسهم أي من
جنسهم وعلى لغتهم كما قال إبراهيم عليه السلم " :ربنا وابعث فيهم رسو ًل منهم " وقال تعال" :
ل قد من ال على الؤمن ي إذ ب عث في هم ر سولً من أنف سهم " وقال تعال " :ل قد جاء كم ر سول من
أنفسكم " أي منكم ،كما قال جعفر بن أب طالب للنجاشي ،والغية بن شعبة لرسول كسرى :إن
ال بعث فينا رسو ًل منا نعرف نسبه وصفته ،ومدخله ومرجه ،وصدقه وأمانته وذكر الديث .قال أبو
سفيان بن عيينة عن جعفر بن ممد عن أبيه ف قوله تعال ":لقد جاءكم رسول من أنفسكم" قال :ل
يصبه شئ ف ولدة الاهلية .
وقوله " :عزيز عليه ما عنتم " أي يعز عليه الشئ الذي يعنت أمته ويشق عليها ولذا جاء ف الديث
الروي من طرق عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال " :بعثت بالنيفية السمحة " وف الصحيح " :إن
هذا الدين يسر" وشريعته كلها سحة سهلة كاملة ،ميسية على من يسرها ال عليه.
قوله" :حر يص علي كم " أي على هدايت كم وو صول الن فع الدنيوي والخروي إلي كم .و عن أ ب ذر
ر ضي ال ع نه قال :تركنا رسول ال صلى ال عل يه وسلم وما طائر يقلب جناح يه ف الواء إل و هو
يذكر لنا منه علما أخرجه الطبان ،قال :وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ما بقى شئ يقر من
النة ويباعد من النار إل وقد بينته لكم ".
وقوله " :بالؤمني رؤوف رحيم " ك ما قال تعال " :واخفض جناحك لن اتبعك من الؤمني * فإن
ع صوك ف قل إ ن بر يء م ا تعملون * وتو كل على العز يز الرح يم " وهكذا أمره تعال ف هذه ال ية
الكرية وهي قوله " :فإن تولوا " أي عما جئتم به من الشريعة العظيمة الطهرة الكاملة " حسب ال ل
إله إل هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ".
قلت :فاقتضت هذه الوصاف الت وصف با رسول ال صلى ال عليه وسلم ف حق أمته أن أنذرهم
وحذرهم الشرك الذي هو أعظم الذنوب ،وبي لم ذرائعه الوصلة إليه ،وأبلغ ف نيهم عنها ومن ذلك
تعظيم القبور والغلو فيها ،والصلة عندها وإليها ،ونو ذلك ما يوصل إل عبادتا ،كما تقدم ،وكما
سيأت ف أحاديث الباب.
قوله( :وعن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " ل تعلوا بيوتكم
قبورا ول تعلوا قسبى عيدا ،وصسلوا فإن صسلتكم تبلغنس حيسث كنتسم " رواه أبسو داود بإسسناد
حسن .رواته ثقات) :
قوله :ل تعلوا بيوت كم قبورا قال ش يخ ال سلم :أي ل تعطلو ها من ال صلة في ها والدعاء والقراءة،
فتكون بنلة القبور ،فأ مر بتحري العبادة ف البيوت ون ى عن تريه ما ع ند القبور ،ع كس ما يفعله
الشركون من النصارى ومن تشبه بم من هذه المة.
قوله :ول تعلوا قبى عيدا قال شيخ السلم رح ه ال تعال :العيد اسم لا يعود من الجتماع العام
على وجه معتاد ،عائدا إما بعود السنة أو بعود السبوع أو الشهر ونو ذلك.
وقال ابهن القيهم رحهه ال تعال :العيهد مها يعتاد ميئه وقصهده مهن زمان ومكان ،مأخوذ مهن العاودة
والعتياد .فإذا كان اسا للمكان فهو الكان الذي يقصد فيه الجتماع وانتيابه للعبادة وغيها ،كما أن
السجد الرام ومن ومزدلفة وعرفة والشاعر جعلها ال عيدا للحنفاء ومثابة ،كما جعل أيام العيد فيها
عيدا .وكان للمشركي أعياد زمنية ومكانية .فلما جاء ال بالسلم أبطلها وعوض النفاء منها عيد
الفطر وعيد النحر وأيام من ،كما عوضهم من أعياد الشركي الكانية بالكعبة ومن ومزدلفة وعرفة
والشاعر.
قال ش يخ ال سلم رح ه ال تعال :يش ي بذلك إل أن ما ينالن منكم من ال صلة وال سلم يصل مع
قربكم من قبي وبعدكم ،فل حاجة لكم إل اتاذه عيدا.
قوله :ل تعلوا بيوتكم قبورا تقدم كلم شيخ السلم ف معن الديث قبله ا هه.
ل ييء إل فرجة كانت عند قب النب قوله( :وعن علي بن السي رضي ال عنه " :أنه رأى رج ً
صلى ال عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو ،فنهاه وقال :أل أحدثكم حديثا سعته من أب عن جدي
عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ قال :ل تتخذوا قبي عيدا ،ول بيوتكم قبورا ،وصلوا علي
فإن تسليمكم يبلغن أين كنتم " رواه ف الختار) :
أما الول :فرواه أ بو داود وغيه من حد يث ع بد ال بن نا فع ال صائغ قال :أ خبن ا بن أب ذئب عن
سعيد القبي عن أب هريرة فذكره ،ورواته ثقات مشاهي ،لكن عبد ال بن نافع قال فيه أبو حات:
ليس بالافظ ،تعرف وتنكر .وقال ابن معي :هو ثقة وقال أبو زرعة :ل بأس به .قال شيخ السلم
رح ه ال :وم ثل هذا إذا كان لد يث شوا هد علم أ نه مفوظ ،وهذا له شوا هد متعددة .وقال الا فظ
ممد بن عبد الادي :هو حديث حسن جيد السناد ،وله شواهد يرتقى با إل درجة الصحة.
وأما الديث الثان :فرواه أبو يعلى والقاضي إساعيل والافظ الضياء ممد بن عبد الواحد القدسي ف
الختارة.
قال شيخ السلم رحه ال تعال :فانظر هذه السنة كيف مرجها من أهل الدنية وأهل البيت الذين
لم من رسول ال صلى ال عليه وسلم قرب النسب وقرب الدار ،لنم إل ذلك أحوج من غيهم،
فكانوا له أضبط .ا هه.
وقال سعيد بن منصور ف سننه ،حدث نا عبد العز يز بن ممد أ خبن سهيل بن أب سهل قال :رآن
السن بن علي بن أب طالب رضي ال عنهم عند القب ،فنادان ،وهو ف بيت فاطمة رضي ال عنها
يتعشى ،فقال :هلم إل العشاء .فقلت :ل أريده .فقال :ما ل رأي تك ع ند القب ؟ فقلت :سلمت على
النب صلى ال عليه وسلم .فقال :إذا دخلت السجد فسلم .ث قال :إن رسول ال صلى ال عليه وسلم
قال " :ل تتخذوا قبي عيدا ،ول تتخذوا بيوتكم مقابر ،وصلوا علي فإن صلتكم تبلغن حيثما كنتم،
لعن ال اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد ،ما أنتم وبن بالندلس إل سواء ".
وقال سعيد أيضا :حدث نا حبان بن علي ،حدث نا م مد عجلن عن أ ب سعيد مول الهري قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وسلم " ل تتخذوا قبي عيدا ول بيوتكم قبورا ،وصلوا علي فإن صلتكم
تبلغن ".
قال شيخ السلم :فهذان الرسلن من هذين الوجي الختلفي يدلن على ثبوت الديث ل سيما وقد
احتج به من أرسله .وذلك يقتضي ثبوته عنده هذا لو ل يرو من وجوه مسندة غي هذين ،فكيف وقد
تقدم مسندا.
قوله :على بن السي أي ابن علي بن أب طالب ،العروف بزين العابدين رضي ال عنه ،أفضل التابعي
مهن أههل بيتهه وأعلمههم .قال الزهري :مها رأيهت قرشيا أفضهل منهه .مات سهنة ثلث وتسهعي على
الصحيح .وأبوه السي سبط رسول ال صلى ال عليه وسلم وريانته ،حفظ عن النب صلى ال عليه
وسلم واستشهد يوم عاشوراء سنة إحدى وستي وله ست وخسون سنة رضي ال عنه.
قوله :أنه رأى رجلً ييء إل فرجة بضم الفاء وسكون الراء ،وهي الكوة ف الدار والوخة ونوها.
قوله :فيد خل فيها فيد عو فنهاه هذا يدل على النهي عن ق صد القبور والشا هد ل جل الدعاء وال صلة
عندها.
قال ش يخ ال سلم رح ه ال تعال :ما عل مت أحدا ر خص ف يه ،لن ذلك نوع من اتاذه عيدا ويدل
أيضا على أن قصد القب للسلم إذا دخل السجد ليصلي منهى عنه ،لن ذلك ل يشرع ،وكره مالك
لهل الدينة كلما دخل النسان السجد أن يأت قب النب صلى ال عليه وسلم لن السلف ل يكونوا
يفعلون ذلك ،قال :ولن يصلح آخر هذه المة إل ما أصلح أولا وكان الصحابة والتابعون رضي ال
عن هم يأتون إل م سجد ال نب صلى ال عل يه و سلم في صلون ،فإذا قضوا ال صلة قعدوا أو خرجوا ،ول
يكونوا يأتون القب للسلم ،لعلمهم أن الصلة والسلم عليه ف الصلة أكمل وأفضل ،وأما دخولم
عند قبه للصلة والسلم عليه هناك ،أو للصلة والدعاء فلم يشرعه لم ،بل ناهم عنه ف قوله " ل
تتخذوا قبي عيدا و صلوا علي فإن صلتكم تبلغ ن " فبي أن ال صلة ت صل إل يه من ب عد وكذلك
ال سلم ،ول عن من ات ذ قبور ال نبياء م ساجد .وكا نت الجرة ف زمان م يد خل إلي ها من الباب ،إذا
كا نت عائ شة ر ضي ال عن ها في ها ،وب عد ذلك إل أن ب ن الائط ال خر ،و هم مع ذلك التم كن من
الوصول إل قبه ل يدخلون عليه ،ل للسلم ول للصلة ،ول للدعاء لنفسهم ول لغيهم ،ول لسؤال
عن حد يث أو علم ،ول كان الشيطان يط مع في هم ح ت ي سمعهم كلما أو سلما فيظنون أ نه هو
كلمهم وأفتاهم ،وبي لم الحاديث ،أو أنه قد رد عليهم السلم بصوت يسمع من خارج ،كما طمع
الشيطان ف غيهم فأضلهم عند قبه وقب غيه ،حت ظنوا أن صاحب القب يأمرهم وينهاهم ويفتيهم
ويدث هم ف الظا هر ،وأ نه يرج من ال قب ويرو نه خارجا من ال قب ،ويظنون أن ن فس أبدان الو تى
خر جت تكلم هم ،وأن روح ال يت ت سدت ل م فرأو ها ك ما رآ هم ال نب صلى ال عل يه و سلم ليلة
العراج.
والقصود :أن الصحابة رضي ال عنهم ل يكونوا يعتادون والسلم عليه عند قبه كما يفعله من بعدهم
من اللوف ،وإنا كان بعضهم يأت من خارج فيسلم عليه إذا قد من سفر .كما كان ابن عمر يفعله.
قال عبيد ال بن عمر عن نافع كان ابن عمر إذا قدم من سفر أتى قب النب صلى ال عليه وسلم فقال:
السلم عليك يا رسول ال .السلم عليك يا أبا بكر .السلم عليك يا أبتاه ث ينصرف قال عبيد ال ما
نعلم أحدا من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم فعل ذلك إل ابن عمر وهذا يدل على أنه ل يقف
عند القب للدعاء إذا سلم كما يفعله كثي.
قال شيخ السلم رحه ال :لن ذلك ل ينقل عن أحد من الصحابة ،فكان بدعة مضة .وف البسوط:
قال مالك :ل أرى أن يقف عند قب النب صلى ال عليه وسلم ولكن يسلم ويضى .ونص أحد أنه
يستقبل القبلة ويعل الجرة عن يساره لئل يستدبره.
وبالملة فقد اتفق الئمة على أنه إذا دعا ل يستقبل القب ،وتنازعوا :هل يستقبله عند السلم عليه أم
ل ؟ و ف الد يث دل يل على م نع شد الرحال إل قبه وإل غيه من القبور والشا هد ،لن ذلك من
اتاذها أعيادا .بل من أعظم أسباب الشراك بأصحابا .وهذه هي السألة الت أفت با شيخ السلم
رح ه ال أع ن من سافر لجرد زيارة قبور ال نبياء وال صالي ون قل في ها اختلف العلماء ،ف من مب يح
لذلك .كالغزال وأ ب م مد القد سي .و من ما نع لذلك ،كا بن ب طة وا بن عق يل ،وأ ب م مد الوي ن،
والقاضي عياض .وهو قول المهور ،نص عليه مالك ول يالفه أحد من الئمة ،وهو الصواب .لا ف
الصحيحي عن أب سعيد عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل تشد الرحال إل إل ثلثة مساجد:
ال سجد الرام ،وم سجدي هذا ،وال سجد الق صى " فد خل ف الن هي شد ها لزيارة القبور والشا هد،
فإما أن يكون نيا ،وإما أن يكون نفيا .وجاء ف رواية بصيغة النهي ،فتعي أن يكون للنهي ،ولذا فهم
منه الصحابة رضي ال عنهم النع كما ف الوطأ والسند والسنن عن بصرة بن أب بصرة الغفاري أنه
قال لب هريرة وقد أقبل من الطور :لو أدركت قبل أن ترج إليه لا خرجت :سعت رسول ال صلى
ال عليه وسلم يقول " :ل تعمل الطي إل إل ثلثة مساجد :السجد الرام ،ومسجدي هذا ،والسجد
القصى " وروى المام أحد وعمر بن شبة ف أخبار الدينة بإسناد جيد عن قزعة قال :أتيت ابن عمر
فقلت :إ ن أر يد الطور .فقال :إن ا ت شد الرحال إل ثل ثة م ساجد :ال سجد الرام ،وم سجد الدي نة،
ل الطور ما ني عن والسجد القصى .فدع عنك الطور ول تأته فابن عمر وبصرة بن أب بصرة جع ً
شد الرحال إليه .لن اللفظ الذي ذكراه فيه النهي عن شدها إل غي الثلثة ما يقصد به القربة ،فعلم
أن ال ستن م نه عام ف ال ساجد وغي ها ،وأن الن هي ل يس خا صا بال ساجد ،ولذا ن يا عن شد ها إل
الطور م ستدلي بذا الد يث .والطور إن ا ي سافر من ي سافر إل يه لفضيلة البق عة .فإن ال ساه الوادي
القدس ،والبق عة البار كة وكلم كلي مه مو سى عل يه ال سلم هناك ،وهذا هو الذي عل يه الئ مة الرب عة
وجهور العلماء ،ومن أراد بسط القول ف ذلك والواب عما يعارضه فعليه با كتبه شيخ السلم ميبا
لبن الخنائي فيما أعترض به على ما دلت عليه الحاديث الصحيحة وأخذ به العلماء وقياس الول.
لن الفسدة ف ذلك ظاهرة.
وأما النهي عن زيارة غي الساجد الثلثة فغاية ما فيها :أنا ل مصلحة ف ذلك توجب شد الرحال،
ول مزية تدعو إليه .وقد بسط القول ف ذلك الافظ ممد بن عبد الادي ف كتاب الصارم النكي ف
رده ال سبكي ،وذ كر ف يه علل الحاد يث الواردة ف زيارة قب ال نب صلى ال عل يه و سلم وذ كر هو
وشيخ السلم رحهما ال تعال أنه ل يصح منها حديث عن النب صلى ال عليه وسلم ول عن أحد
من أ صحابه ،مع أن ا ل تدل على م ل الناع .إذ ل يس في ها إل مطلق الزيارة ،وذلك ل ينكره أ حد
بدون شد الرحال ،فيحمل على الزيارة الشرعية الت ليس فيها شرك ول بدعة.
قوله :رواه ف الختارة الختارة :كتاب جع فيه مؤلفه الحاديث الياد الزائدة عن الصحيحي.
ومؤلفه :هو أبو عبد ال ممد بن عبد الواحد القدسي الافظ ضياء الدين النبلي أحد العلم .قال
الذهب :أفن عمره ف هذا الشأن مع الدين التي ،والورع والفضيلة التامة والتقان .فال يرحه ويرضى
عنه.
وقال شيخ السلم :تصحيحه ف متاراته خي من تصحيح الاكم بل ريب .مات سنة ثلث وأربعي
وستمائة.
باب
ما جاء أن بعض هذه المة يعبد الوثان
قوله( :باب :مسا جاء أن بعسض هذه المسة يعبسد الوثان ،وقول ال تعال " :أل تسر إل الذيسن أوتوا
نصيبا من الكتاب يؤمنون بالبت والطاغوت ") :
الوثن يطلق على ما قصد بنوع من أنواع العبادة من دون ال من القبور والشاهد وغيها لقول الليل
عليه السلم " :إنا تعبدون من دون ال أوثانا وتلقون إفكا " ومع قوله " :قالوا نعبد أصناما فنظل لا
عاكفي " وقوله " :أتعبدون ما تنحتون " فبذلك يعلم أن الوثن يطلق على الصنام وغيها ما عبد من
دون ال ،كما تقدم ف الديث.
قوله " :يؤمنون بالبت والطاغوت " روى ابن أب حات عن عكرمة قال :جاء حيي بن أخطب وكعب
بن الشرف إل أهل مكة فقالوا لم :أنتم أهل الكتاب وأهل العلم ،فأخبونا عنا وعن ممد .فقالوا:
ما أنتم وما ممد ؟ فقالوا :نن نصل الرحام ،وننحر الكوماء ،ونسقي الاء على اللب ،ونفك العناة،
ونسقي الجيج ،وممد صنبور ،قطع أرحامنا ،واتبعه سراق الجيج من غفار .فنحن خي أم هو ؟
فقالوا :أن تم خيا وأهدى سبيلً فأنزل ال تعال " :أل تر إل الذ ين أوتوا ن صيبا من الكتاب يؤمنون
ل " وف مسند أح د عن بال بت والطاغوت ويقولون للذ ين كفروا هؤلء أهدى من الذ ين آمنوا سبي ً
ابن عباس نوه.
قال عمر بن الطاب رضي ال عنه البت السحر ،والطاغوت الشيطان وكذلك قول ابن عباس وأبو
العالية وماهد والسن وغيهم .وعن ابن عباس وعكرمة وأب مالك البت الشيطان زاد ابن عباس:
بالبشية وعن ابن عباس أيضا :البت الشرك وعنه البت الصنام وعنه البت :حي بن أخطب وعن
الش عب ال بت الكا هن و عن ما هد :ال بت ك عب بن الشرف قال الوهري ال بت كل مة ت قع على
الصنم والكاهن والساحر ونو ذلك.
قال الصنف رحه ال تعال :وفيه معرفة اليان بالبت والطاغوت ف هذا الوضع هل هو اعتقاد قلب،
أو هو موافقة أصحابا ،مع بغضها ومعرفة بطلنا ؟ .
قوله( :وقوله تعال " :قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند ال من لعنه ال وغضب عليه وجعل
منهم القردة والنازير وعبد الطاغوت ") :
يقول تعال لنبيه ممد صلى ال عليه وسلم :قل يا ممد هل أخبكم بشر جزاء عند ال يوم القيامة ما
تظنو نه ب نا ؟ و هم أن تم أي ها الت صفون بذه ال صفات الف سرة بقوله :من لع نه ال أي أبعده من رح ته
وغ ضب عل يه أي غضبا ل ير ضى بعده أبدا " وج عل من هم القردة والناز ير " و قد قال الثوري عن
علقمة بن مرثد عن الغية بن عبد ال اليشكري عن العرور بن سويد أن ابن مسعود رضي ال عنه قال
" سئل رسول ال صلى ال عليه وسلم عن القردة والنازير ،أهي ما مسخ ال ؟ فقال :إن ال ل يهلك
قوما أو قال ل ي سخ قوما فج عل ل م ن سلً ول عقبا ،وإن ا القردة والناز ير كا نت ق بل ذلك " رواه
مسلم.
قال البغوي ف تفسيه قل يا ممد هل أنبئكم أخبكم بشر من ذلك الذي ذكرت ،يعن قولم :ل نر
أهل دين أقل حظا ف الدنيا والخرة منكم ،ول دينا شرا من دينكم ،فذكر الواب بلفظ البتداء وإن
ل يكن البتداء شرا ،لقوله تعال " :قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار ".
وقوله :مثوبة ثوابا وجزاء ،نصب على التفسي عند ال ،من لعنه ال أي هو من لعنه ال وغضب عليه
يعن اليهود " وجعل منهم القردة والنازير " فالقردة أصحاب السبت ،والنازير كفار مائدة عيسى.
وعن علي بن أب طلحة عن ابن عباس أن السخي كلها من أصحاب السبت ،فشبابم مسخوا قردة
وشيوخهم مسخوا خنازير .
وعبد الطاغوت أي وجعل منهم من عبد الطاغوت ،أي أطاع الشيطان فيما سول له ،وقرأ ابن مسعود
عبدوا الطاغوت وقرأ حزة و عبهد بضهم الباء ،و الطاغوت بره التاء أراد العبهد .وهاه لغتان :عبهد
بسكون الباء ،وعبد بضمنها ،مثل سبع وسبع وقرأ السن وعبد الطاغوت على الواحد.
و ف تف سي الطب سي :قرأ حزة وحده وع بد الطاغوت ب ضم الياء و جر التاء ،والباقون وع بد الطاغوت
بنصب الباء وفتح التاء .وقرأ ابن عباس وابن مسعود وإبراهيم الخعي والعمش وأبان بن تغلب وعبد
الطاغوت بضمن العي والباء وفتح الدال وخفض التاء ،قال :وحجة حزة ف قراءته وعبد الطاغوت أنه
يمله على ما ع مل ف يه ج عل كأ نه :وج عل من هم ع بد الطاغوت .ومع ن ج عل خلق .كقوله وج عل
الظلمات والنور وليس عبد لفظ جع لنه ليس من أبنية الموع شئ على هذا البناء ،ولكنه واحد يراد
به الكثرة ،أل ترى أن ف ال ساء الفردة الضا فة إل العارف ما لف ظه الفراد ومعناه ال مع ،ك ما ف
قوله تعال " :وإن تعدوا نعمة ال ل تصوها " ولن بناء فعل يراد به البالغة والكثرة نو يقظ ودنس،
وكأن تقديره :أنه ذهب ف عبادة الطاغوت كل مذهب.
وأما من فتح فقال وعبد الطاغوت فإنه عطفه على بناء الضي الذي ف الصلة وهو قوله لعنه ال وأفرد
الضمي ف عبد وإن كان العن فيه الكثرة ،لن الكلم ممول على لفظه دون معناه ،وفاعله ضمي من
ك ما أن فا عل المثلة العطوف علي ها ضم ي من فأفرد ل مل ذلك جيعا على الل فظ .وأ ما قوله :ع بد
الطاغوت فهو جع عبد.
وقال أحد بن يي :عبد جع عابد ،كبازل وبزل ،وشارف وشرف ،وكذلك عبد جع عابد .ومثله
عباد وعباد .ا هه.
وقال شيخ السلم ف قوله وعبد الطاغوت الصواب أنه معطوف على ماقبله من الفعال ،أي من لعنه
وغ ضب عل يه ،و من ج عل من هم القردة والناز ير و من ع بد الطاغوت .قال :والفعال التقد مة الفا عل
فيها اسم ال ،مظهرا أو مضمرا .وهنا الفاعل اسم من عبد الطاغوت .وهو الضمي ف عبد ول يعد
سبحانه من لنه جعل هذه الفعال صفة لصنف واحد وهم اليهود.
قوله :أولئك شر مكانا ما تظنون بنا وأضل عن سواء السبيل وهذا من باب استعمال أفعل التفضيل
فيما ليس ف الطرف الخر له مشارك كقوله تعال " :أصحاب النة يومئذ خي مستقرا وأحسن مقيل
" قاله العماد ابن كثي ف تفسيه ،وهو ظاهر.
قوله( :وقول ال تعال " :قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا ") :
والراد أنم فعلوا مع الفتية بعد موتم ما يذم فاعله .لن النب صلى ال عليه وسلم قال :لعن ال اليهود
والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم وصاليهم مساجد أراد تذير أمته أن يفعلوا كفعلهم .
قوله( :عن أب سعيد رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :لتتبعن سنن من كان
قبلكسم حذو القذة بالقذة ،حتس لو دخلوا جحسر ضسب لدخلتموه قالوا يسا رسسول ال :اليهود
والنصارى ؟ قال :فمن ؟ " أخرجاه وهذا سياق مسلم) :
قوله :سنن بفتح الهملة أي طريق من كان قبلكم .قال الهلب :فتح أول.
قوله :حذو القذة بالقذة بنصب حذو على الصدر .والقذة بضم القاف واحدة القذذ وموريش السهم.
أي لتتبعن طريقهم ف كل ما فعلوه ،وتشبهوهم ف ذلك كما تشبه قذة السهم القذة الخرى .وبذا
تظهر مناسبة اليات للترجة .وقد وقع كما أخب ،وهو علم من أعلم النبوة.
قلت :فما أكثر الفريقي ،لكن من رحة ال تعال ونعمته أن جعل هذه المة ل تتمع على ضللة كما
ف حديث ثوبان الت قريبا.
قوله :قالوا يا رسول ال ،اليهود والنصارى ؟ قال فمن ؟ هو برفع اليهود خب مبتدأ مذوف ،أي أهم
اليهود والنصارى الذين نتبع سننهم ؟ ويوز النصب بفعل مذوف تقديره :تعن.
قوله( :ولسلم عن ثوبان رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إن ال زوى ل
الرض فرأ يت مشارق ها ومغارب ا ،وإن أم ت سيبلغ ملك ها ما زوى ل من ها .وأعط يت الكن ين:
الحر ،والبيض .وإن سألت رب لمت أن ل يهلكها بسنة بعامة ،وأن ل يسلط عليهم عدوا من
سسوى أنفسسهم ،فيسستبيح بيضتهسم ،وإن ربس قال :يسا ممسد ،إذا قضيست قضاء فإنسه ل يرد ،وإن
أعطيتك لمتك أن ل أهلكها بسنة بعامة .وأن ل أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح
بيضتهم ،ولو اجتمع عليهم من بإقطارها حت يكون بعضهم يهلك بعضا ،ويسب بعضهم بعضا "
ورواه البقان ف صحيحه وزاد " وإنا أخاف على أمت الئمة الضلي .وإذا وقع عليهم السيف ل
يرفع إل يوم القيامة ول تقوم الساعة حت يلحق حي من أمت ،بالشركي وحت تعبد فئام من أمت
الوثان .وأنه سيكون ف أمت كذابون ثلثون ،كلهم يزعم أنه نب ،وأنا خات النبيي ل نب بعدي،
ول تزال طائفة من أمت على الق منصورة ل يضرهم من خذلم ول من خالفهم حت يأت أمر ال
تبارك وتعال ") :
هذا الديث رواه أبو داود ف سننه وابن ماجه بالزيادة الت ذكرها الصنف.
قوله :عن ثوبان هو مول النب صلى ال عليه وسلم صحبه .ولزمه .ونزل بعده الشام ومات بمص
سنة أربع وخسي.
قوله :زوى ل الرض قال التوربشت :زويت الشئ جعته وقبضته ،يريد تقريب البعيد منها حت اطلع
عليه إطلعه على القريب .وحاصله أنه طوى له الرض وجعلها مموعة كهيئة كف ف مرآة ينظره.
قال الطيب :أي جعها ،حت بصرت ما تلكه أمت من أقصى الشارق والغارب منها.
قوله :وإن أمت سيبلغ ملكها ما زوى ل منها قال القرطب :هذا الب وجد مبه كما قال ،وكان ذلك
من دلئل نبو ته ،وذلك أن ملك أم ته ات سع إل أن بلغ أق صى طن جة بالنون وال يم الذي هو منت هى
عمارة الغرب ،إل أقصى الشرق ما هو وراء خراسان والنهر ،وكثي من بلد السند والند والصغد،
ول يتسع ذلك التساع من جهة النوب والشمال .وذلك ل يذكر عليه السلم أنه أريه ول أخب أن
ملك أمته يبلغه.
قوله :زوى ل منها يتمل أن يكون مبينا للفاعل ،وأن يكون مبنيا للمفعول.
قوله :وأعطيت الكنين :الحر والبيض قال القرطب :عن به كن كسرى ،وهو ملك الفرس ،وكن
قيصر وهو ملك الروم وقصورها وبلدها .وقد قال صلى ال عليه وسلم " :والذي نفسي بيده لتنفقن
كنوزها ف سبيل ال " وعب بالحر عن كن قيصر لن الغالب عندهم كالذهب ،وبالبيض عن كن
ك سرى لن الغالب عند هم كان الو هر والف ضة .وو جد ذلك ف خل فة ع مر .فإ نه سيق إل يه تاج
كسرى وحليته وما كان ف بيوت أمواله ،وجيع ما حوته ملكته على سعتها وعظمتها ،وكذلك فعل
ال بقيصر والبيض والحر منصوبان على البدل.
قوله :وإن سألت رب لمت أن ل يهلكها بسنة بعامة هكذا ثبت ف أصل الصنف رحه ال بعامة بالباء
وهي رواية صحيحة ف صحيح مسلم وف بعضها بذفها .قال القرطب :وكأنا زائدة لن عامة :صفة
ال سنة ،وال سنة الدب الذي يكون به اللك العام ،ويسمى الدب والق حط :سنة .يمع على سني،
كما قال تعال " :ولقد أخذنا آل فرعون بالسني " أي الدب التوال.
قوله :من سوى أنفسهم أي من غيهم من الكفار من إهلك بعضهم بعضا ،وسب بعضهم بعضا ،كما
هو مبسوط ف التاريخ فيما قيل .وف زماننا هذا ،نسأل ال العفو والعافية.
قوله :فيستبيح بيضتهم قال الوهري :بيضة كل شئ جوزته .وبيضة القوم ساحتهم ،وعلى هذا فيكون
معن الديث :إن ال تعال ل يسلط العدو على كافة السلمي حت يستبيح جيع ما حازوه من البلد
والرض ،ولو اجتمع عليهم من بأقطار الرض وهي جوانبها .وقيل :بيضتهم معظمهم وجاعتهم ،وإن
قلوا.
قوله :حت يكون بعضهم يهلك بعضا ،ويسب بعضهم بعضا والظاهر أن حت عاطفة ،أو تكون لنتهاء
الغاية ،أي إن أمر المة ينتهي إل أن يكون بعضهم يهلك بعضا .وقد سلط بعهضم على بعض كما
هو الواقع ،وذلك لكثرة اختلفهم وتفرقهم.
قوله :وإن رب قال :يا ممد ،إذا قضيت قضاء فإنه ل يرد قال بعضهم :أي إذا حكمت حكما مبما
نافذا فإنه ل يرد بشئ،ول يقدر أحد على رده ،كما قال النب صلى ال عليه وسلم ول راد لا قضيت.
قوله :رواه البقان ف صحيحه هو الافظ الكبي أبو بكر أحد بن ممد بن أحد بن غالب الوارزمي
الشاف عي .ولد سنة ست وثلث ي وثلثائة ومات سنة خ س وعشر ين وأربعمائة .قال الط يب :كان
ثبتا ورعا ،ل نر ف شيوخنا أثبت منه ،عارفا بالفقه كثي التصانيف .صنف مسندا ضمنه ما أشتمل
عليه الصحيحان .وجع حديث الثوري وحديث شعبة وطائفة.
وهذا الديث رواه أبو داود بتمامه بسنده إل أب قلبة عن أب أساء عن ثوبان رضي ال عنه قال :قال
رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم " إن ال أو قال إن ربه زوى ل الرض فأريهت مشارق الرض
ومغارب ا ،وإن ملك أم ت سيبلغ ما زوى ل من ها .وأعط يت الكن ين :الح ر والب يض .وإ ن سألت
لمت أن ل يهلكها بسنة عامة ول يسلط عليهم عدوا سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم .وأن رب قال
ل :يا م مد إ ن إذا قض يت قضاء فإ نه ل يرد ،ول أهلك هم ب سنة عا مة ،ول أ سلط علي هم عدوا من
سوى أنف سهم في ستبيح بيضت هم .وإن ر ب قال ل :يا م مد إ ن إذا قض يت قضاء فإ نه ل يرد ،ول
أهلكهم بسنة عامة ،ول أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من
بي أقطارها أو قال :بأقطارها حت يكون بعضهم يهلك بعضا ،وحت يكون بعضهم يسب بعضا .وإنا
أخاف على أم ت الئ مة الضل ي .وإذا و ضع ال سيف ف أم ت ل ير فع عن ها إل يوم القيا مة .ول تقوم
ال ساعة ح ت يل حق قبائل أم ت بالشرك ي ،وح ت تع بد قبائل من أم ت الوثان وإ نه سيكون ف أم ت
كذابون ثلثون كلهم يزعم أنه نب ،وأنا خات النبيي ل نب بعدي ،ول تزال طائفة من أمت على الق
قال ابن عيسى :ظاهرين ث اتفقا ل يضرهم من خالفهم حت يأت أمر ال تعال ".
وروى أبو داود أيضا عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال" :
تدور رحى السلم لمس وثلثي ،أو ست وثلثي ،أو سبع وثلثي ،فإن يهلكوا فسبيل من هلك،
وإن يقم لم دينهم يقم سبعي عاما قلت :أما بقى أو ما مضى ؟ قال :ما مضى ".
وروى ف سننه أيضا عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ":يتقارب
الزمان وينقص العلم ،وتظهر الفت ،ويلقى الشح ،ويكثر الرج ،قيل :يا رسول ال أيه هو ؟ قال :القتل
القتل ".
قوله :وإناه أخاف على أمته الئمهة الضليه أي المراء والعلماء والعباد فيحكمون فيههم بغيه علم
فيضلونم ،كما قال تعال " :وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكباءنا فأضلونا السبيل " وكان بعض هؤلء
يقول ل صحابه :من كان له حا جة فليأت إل قبي فإ ن أقضي ها له ول خ ي ف ر جل يج به عن
أصحابه ذراع من تراب ،ونو هذا .وهذا هو الضلل البعيد،يدعو أصحابه إل أن يعبدوه من دون ال
ويسألوه ما ل يقدر عليه من قضاء حاجاتم وتفريج كرباتا ،وقد قال تعال " ، :يدعو من دون ال ما
ل يضره و ما ل ينف عه ذلك هو الضلل البع يد * يد عو ل ن ضره أقرب من نف عه لبئس الول ولبئس
العش ي " وقال تعال " :واتذوا من دو نه آل ة ل يلقون شيئا و هم يلقون ول يلكون لنف سهم ضرا
ول نفعا ول يلكون موتا ول حياة ول نشورا " وقال تعال " :فابتغوا عنههههد ال الرزق واعبدوه
واشكروا له إليه ترجعون " وأمثال هذا ف القرآن كثي ،يبي ال تعال به الدى من الضلل.
ومن هذا الضرب :من يدعى أنه يصل مع ال إل حال تسقط فيها عنه التكاليف ،ويدعى أن الولياء
يدعون ويستغاث بم ف حياتم وماتم ،وأنم ينفعون ويضرون ويدبرون المور على سبيل الكرامة،
وأ نه يطلع على اللوح الحفوظ ،يعلم أ سرار الناس و ما ف ضمائر هم ،ويوز بناء ال ساجد على قبور
ال نبياء وال صالي وإيقاد ها بال سرج ون و ذلك من الغلو والفراط والعبادة لغ ي ال .ف ما أك ثر هذا
الذيان والكفر والحادة ل ولكتابه ولرسوله.
وقوله صلى ال عليه وسلم " :وإنا أخاف على أمت الئمة الضلي " أتى بإنا الت قد تأت للحصر بيانا
لشدة خوفه على أمته من أئمة الضلل ،وما وقع ف خلد النب صلى ال عليه وسلم من ذلك إل لا
أطلعه ال عليه من غيبه أنه سيقع نظي ما ف الديث قبله من قوله " :لتتبعن سنن من كان قبلكم" ...
الديث.
وعن أب الدرداء رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :إن أخوف ما أخاف على
أمت الئمة الضلون " رواه أبو داود الطيالسي .وعن ثوبان رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم قال " :إنا أخاف على أمت الئمة الضلي " رواه الدارمى.
وقد بي ال تعال ف كتابه صراطه الستقيم الذي هو سبيل الؤمني .فكل من أحدث حدثا ليس ف
كتاب ال ول ف سنة رسوله صلى ال عليه وسلم فهو ملعون وحدثه مردود ،كما قال صلى ال عليه
و سلم " :من أحدث حدثا أو آوى مدثا فعل يه لع نة ال واللئ كة والناس أجع ي ل يق بل ال م نه يوم
القيامة صرفا ول عدلً " وقال " :من أحدث ف أمرنا ما ليس منه فهو رد " وقال " :كل مدثة بدعة
وكهل بدعهة ضللة " وهذه أحاديهث صهحيحة .ومدار أصهول الديهن وأحكامهه على هذه الحاديهث
ونو ها .و قد ب ي ال تعال هذا ال صل ف موا ضع من كتا به العز يز ك ما قال تعال " :اتبعوا ما أنزل
ل ما تذكرون " وقال تعال " :ث جعلناك على شريعة من إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونه أولياء قلي ً
المر فاتبعها ول تتبع أهواء الذين ل يعلمون " ونظائرها ف القرآن كثي.
و عن زياد بن حد ير قال :قال ل ع مر ر ضي ال ع نه :هل تعرف ما يهدم ال سلم ؟ قلت :ل ،قال
يهدمه زلة العال ،وجدال النافق بالكتاب ،وحكم الئمة الضلي رواه الدارمى.
قوله :وإذا وقع السيف ل يرفع إل يوم القيامة وكذلك وقع .فإن السيف لا وقع بقتل عثمان رضي ال
عنه ل يرفع ،وكذلك يكون إل يوم القيامة ،ولكن قد يكثر تارة ويقل أخرى ،ويكون ف جهة ويرتفع
عن أخرى .
وقوله :حت تعبد فئام من أمت الوثان الفئام بكسر الفاء مهموز الماعات الكبية ،قاله أبو السعادات.
وهذا هو شا هد الترج ة ،فف يه الرد على من قال بل فه من عباد القبور الاحد ين ل ا ي قع من هم من
الشرك بال بعبادتم الوثان .وذلك لهلهم بقيقة التوحيد وما يناقضه من الشرك والتنديد ،فالتوحيد
هو أعظم مطلوب والشرك هو أعظم الذنوب.
وف معن هذا الديث :ما ف الصحيحي عن أب هريرة رضي ال عنه مرفوعا " :ل تقوم الساعة حت
تضطرب أليات نسهاء دوس على ذي اللصهة قال :وذو اللصهة طاغيهة دوس الته كانوا يعبدون فه
الاهلية " وروى ابن حبان عن معمر قال :إن عليه الن بيتا مبنيا مغلقا.
قال العلمة ابن القيم رح ه ال ف قصة هدم اللت ،لا أسلمت ثقيف :فيه أنه ل يوز إبقاء مواضع
الشرك والطواغيت بعد القدرة على هدمها وإبطالا يوما واحدا ،وكذا حكم الشاهد الت بنيت على
القبور ،وال ت اتذت أوثانا تع بد من دون ال ،والحجار ال ت تق صد لل تبك والنذر ل يوز إبقاء شئ
منها على وجه الرض مع القدرة على إزالتها ،وكثي منها بنلة اللت والعزى ومناة،أو أعظم شركا
عندها وبا .فاتبع هؤلء سنن من كان قبلهم ،وسلكوا سبيلهم حذو القذة بالقذة ،وغلب الشرك على
أكثر النفوس ،لظهور الهل وخفاء العلم ،وصار العروف منكرا والنكر معروفا ،والسنة بدعة والبدعة
سنة ،وطمست العلم ،واشتدت غربة السلم ،وقل العلماء ،وغلب السفهاء ،وتفاقم المر ،واشتد
البأس ،وظههر الفسهاد ،فه الب والبحهر باه كسهبت أيدي الناس ،ولكهن ل تزال طائفهة مهن العصهابة
الحمدية بالق قائمي ،ولهل الشرك والبدع ماهدين ،إل أن يرث ال الرض ومن عليها وهو خي
الوارثي ا ه ملخصا.
قلت :فإذا كان هذا ف القرن السابع وقبله ،فما بعده أعظم فسادا كما هو الواقع.
وقوله :وإنه سيكون ف أمت كذابون ثلثون كلهم يزعم أنه نب قال القرطب :وقد جاء عددهم معينا
ف حد يث حذيفة قال :قال ر سول ال صلى ال عليه وسلم " :يكون ف أم ت كذابون دجالون سبع
وعشرون ،منهم أربع نسوة " أخرجه أبو نعيم .وقال :هذا حديث غريب .انتهى.
قال القاضي عياض :عد من تنبأ من زمن رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الن من اشتهر بذلك
وعرف وأتب عه جا عة على ضللة .فو جد هذا العدد في هم ،و من طالع ك تب الخبار والتوار يخ عرف
صحة هذا.
وقال الافظ :وقد ظهر مصداق ذلك ف زمن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،فخرج مسيلمة الكذاب
باليما مة ،وال سود العن سي بالي من ،و ف خل فة أ ب ب كر :طلي حة بن خويلد ف ب ن أ سد بن خزي ة،
وسجاح ف بن تيم ،وقتل السود قبل أن يوت النب صلى ال عليه وسلم ،وقتل مسيلمة ف خلفة أب
بكر رضي ال عنه ،قتله وحشي قاتل حزة يوم أحد ،وشاركه ف قتل مسيلمة يوم اليمامة رجل من
النصار ،وتاب طليحة ومات على السلم ف زمن عمر رضي ال عنه .ونقل أن سجاح تابت أيضا.
ث خرج الختار بن أب عبيد الثقفي وغلب على الكوفة ف أول خلفة الزبي .وأظهر مبة أهل البيت
ودعا الناس إل طلب قتلة السي ،فتتبعهم فقتل كثيا من باشر ذلك ،وأعان عل يه .فأحبه الناس ،ث
ل عليه السلم يأتيه .ومنهم الرث الكذاب ،خرج ف خلفة عبد اللك بن ادعى النبوة وزعم أن جبي ً
مروان فقتل .وخرج ف خلفة بن العباس جاعة.
ول يس الراد بالد يث من اد عى النبوة مطلقا .فإن م ل ي صحون كثرة لكون غالب هم تن شأ دعو ته عن
جنون أو سوداء .وإنا الراد من قامت له شوكة وبدأ له شبهة كمن وصفنا .وقد أهلك ال تعال من
وقع له منهم ذلك وبقي منهم من يلحقه بأصحابه وآخرهم الدجال الكب.
قوله :وأنا خات النبيي قال السن .الات الذي ختم به يعن أنه آخر النبيي ،كما قال تعال " :ما كان
ممد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول ال وخات النبيي " وإنا ينل عيسى ابن مري ف آخر الزمان
حاكما بشريعة ممد صلى ال عليه وسلم مصليا إل قبلته .فهو كأحد من أمته ،بل هو أفضل هذه
ال مة .قال ال نب صلى ال عل يه و سلم " :والذي نف سي بيده لينلن في كم ا بن مر ي حكما مق سطا.
فليكسرن الصليب ،وليقتلن النير ،وليضعن الزية ".
قوله :ول تزال طائفة من أمت على الق منصورة ل يضرهم من خذلم ول من خالفهم قال يزيد بن
هرون ،وأحد بن حنبل :إن ل يكونوا أهل الديث فل أدري من هم ؟ .
قال ابن البارك وعلى بن الدين ،وأحد بن سنان والبخاري وغيهم إنم أهل الديث وعن ابن الدين
رواية هم العرب واستدل برواية من روى ،هم أهل الغرب .وفسر الغرب بالدلو العظيمة ،لن العرب
هم الذين يستقون با.
قال النووي :يوز أن تكون الطائفة جاعة متعددة من أنواع الؤمني ما بي شجاع وبصي بالرب،
وفق يه ومدث ومف سر ،وقائم بال مر بالعروف والن هي عن الن كر .وزا هد وعا بد ،ول يلزم أن يكونوا
متمع ي ف بلد وا حد ،بل يوز اجتماع هم ف ق طر وا حد ،وافتراق هم ف أقطار الرض ،ويوز أن
يتمعوا ف البلد الوا حد وأن يكونوا ف ب عض دون ب عض م نه ،ويوز إخلء الرض من بعض هم أولً
بأول إل أن ل يبقى إل فرقة واحدة ببلد واحد ،فإذا انقرضوا جاء أمر ال .ا ه ملخصا مع زيادة فيه.
قاله الافظ.
قال القرطب :وفيه دليل على أن الجاع حجة لن المة اجتمعت فقد دخل فيهم الطائفة النصورة.
قال الصنف رحه ال :وف الية العظيمة :أنم مع قلتهم ل يضرهم من خذلم ول من خالفهم .وفيه
البشارة بأن الق ل يزول بالكلية .
قتل :واحتج به المام أحد على أن الجتهاد ل ينقطع ما دامت هذه الطائفة موجودة.
قوله :حت يأت أمر ال الظاهر أن الراد به ما روى من قبض من بقي من الؤمني بالريح الطيبة ،ووقوع
اليات العظام ،ث ل يبقى إل شرار الناس ،كما روى الاكم أن عبد ال بن عمر قال :ل تقوم الساعة
إل على شرار اللق ،هم شر أ هل الاهل ية فقال عق بة بن عا مر لع بد ال :اعلم ما تقول ،وأ ما أ نا
ف سمعت ال نب صلى ال عل يه و سلم يقول :ل تزال ع صابة من أم ت يقاتلون على أ مر ال ظاهر ين ل
يضرهم من خالفهم حت تأتيهم الساعة وهم على ذلك قال عبد ال :ويبعث ال ريا ريها السك،
ومسها مس الرير فل تترك أحدا ف قلبه مثقال ذرة من إيان إل قبضته ،ث يبقى شرار الناس فعليهم
تقوم الساعة وف صحيح مسلم :ل تقوم الساعة حت ل يقال ف الرض ال ال .
قلت :ويشهد له الواقع وحال أهل الشام وأهل بيت القدس ،فإنم من أزمنة طويلة ل يعرف فيهم من
قام بذا المر بعد شيخ السلم ابن تيمية رضي ال عنه وأصحابه ف القرن السابع وأول الثامن ،فإنم
كانوا ف زمان م على ال ق يدعون إل يه ،ويناظرون عل يه ،وياهدون ف يه .و قد ي يء من أمثال م ب عد
بالشام من يقوم مقامهم بالدعوة إل الق والتمسك بالسنة .وال على كل شئ قدير.
وما يؤيد هذا أن أهل الق والسنة ف زمن الئمة الربعة وتوافر العلماء ف ذلك الزمان وقبله وبعده ل
يكونوا ف مل واحد ،بل هم ف غالب المصار ف الشام منهم الئمة ،وف الجار وف مصر ،وف
العراق واليمن ،وكلهم على الق يناضلون ،وياهدون أهل البدع ،ولم الصنفات الت صارت أعلما
لهل السنة ،وحجة على كل مبتدع.
فعلى هذا ،فهذه الطائفة قد تتمع وقد تتفرق ،وقد تكون ف الشام ،وقد تكون ف غيه ،فإن حديث
أب أمامة ،وقول معاذ ،ل يفيد حصرها بالشام وإنا يفيد أنا تكون ف الشام ف مصر بعض الزمنة ل
ف كلها.
وكل جلة من هذا الديث علم من أعلم النبوة ،فإن كل ما أخب به النب صلى ال عليه وسلم ف هذا
الديث وقع كما أخب صلى ال عليه وسلم.
وأ ما صفة تبارك فمخت صة به ،ك ما أطل قه على نف سه ف قوله " :تبارك ال رب العال ي " " :تبارك
الذي بيده اللك وهو على كل شيء قدير " أفل تراها كيف اطردت ف القرآن جارية عليه متصة به،
ل تطلق على غيه ؟ وجاءت على بناء السهعة والبالغهة ،كتعال وتعاظهم ونوه ،فجاء بناء تبارك على
بناء تعال الذي ههو دال على كمال العلو ونايتهه ،فكذلك تبارك دال على كمال بركتهه وعظمتهه
وسعتها .وهذا معن قول من قال من السلف تبارك تعاظم .وقال ابن عباس رضي ال عنهما :جاء بكل
بركة.
قوله( :قال عمر رضي ال عنه :البت :السحر .والطاغوت :الشيطان) :
قوله :وقال جابر :الطواغيت كهان كان ينل عليهم الشيطان ،ف كل حي واحد هذا الثر رواه ابن
أ ب حا ت بنحوه مطو ًل عن و هب بن من به قال :سألت جابر بن ع بد ال عن الطواغ يت ال ت كانوا
يتحاكمون إلي ها ،فقال :إن ف جهي نة واحدا ،و ف أ سلم واحدا ،و ف هلل واحدا ،و ف كل حي
واحدا ،وهم كهان كانت تنل عليهم الشياطي .
قوله :كان ينل عليههم الشيطان أراد النهس ل الشيطان الذي ههو إبليهس خاصهة ،بهل تنل عليههم
الشياطي وياطبونم ويبونم با يسترقون من السمع ،فيصدقون مرة ويكذبون مائة.
قوله( :وعن أ ب هريرة رضي ال ع نه قال :قال رسول ال صلى ال عل يه و سلم " :اجتنبوا السبع
الوبقات ،قالوا :يا رسول ال وما هن ؟ قال :الشرك بال ،والسحر ،وقتل النفس الت حرم ال إل
بال ق ،وأ كل الر با ،وأ كل مال اليت يم ،والتول يوم الز حف ،وقذف الح صنات الغافلت الؤمنات
"):
قوله :اجتنبوا أي ابعدوا ،وهو أبلغ من قوله :دعوا واتركوا ،لن النهي عن القربان أبلغ ،كقوله " :ول
تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ".
قوله :الوبقات بوحدة وقاف .أي الهلكات .وسهيت هذه موبقات لناه تلك فاعلهها فه الدنيها باه
يترتب عليها من العقوبات،وف الخرة من العذاب.
وف حديث ابن عمر عند البخاري ف الدب الفرد والطبي ف التفسي ،وعبد الرزاق مرفوعا وموقوفا
قال :الكبائر تسع وذكر السبع الذكورة وزاد :واللاد ف الرم ،وعوق الوالدين ولبن أب حات عن
علي قال :الكبائر فذكهر السهبع إل مال اليتيهم ،وزاد العقوق ،والتعرب بعهد الجرة ،وفراق :الماعهة
ونكث الصفقة .
قال الافظ :ويتاج عندي هذا الواب عن الكمة ف القتصار على سبع.
وياب :بأن مفهوم العدد ل يس ب جة و هو ضع يف ،أو بأ نه أعلم أو ل بالذكورات .ث أعلم ب ا زاد،
فيجب الخذ بالزائد ،أو أن القتصار وقع بسب القام بالنسبة إل السائل.
وقد أخرج الطبان وإساعيل القاضي عن ابن عباس أنه قيل له :الكبائر سبع قال :هن أكثر من سبع
وسبع وف رواية هي إل سبعي أقرب وف رواية :إل السبعمائة .
قوله :قال؛ الشرك بال هو أن ي عل ل ندا يدعوه ويرجوه ،ويا فه ك ما ياف ال ،بدأ به ل نه أع ظم
ذنب عصى ال به ،كما ف الصحيحي عن ابن مسعود " سألت النب صلى ال عليه وسلم أي الذنب
أعظم عند ال ؟ قال :أن تعل ل ندا وهو خلقك "... ،الديث ،وأخرج الترمذي بسنده عن صفوان
بن ع سال قال :قال يهودي ل صاحبه :اذ هب ب نا إل هذا ال نب ،فقال له صاحبه :ل ت قل نب ،إ نه لو
سعك لكان له أربع أعي ،فأتيا رسول ال صلى ال عليه وسلم فسأله عن تسع آيات بينات ،فقال
النب صلى ال عليه وسلم " :ل تشركوا بال شيئا ،ول تسرقوا ،ول تزنوا ،ول تقتلوا النفس الت حرم
ال إل بالقه ،ول تشوا بهبيء إل ذي سهلطان ليقتله ،ول تسهحروا ،ول تأكلوا الربها ،ول تقذفوا
مصهنة ،ول تولوا للفرار يوم الزحهف ،وعليكهم خاصهة اليهود أن ل تعدوا فه السهبت .فقبل يديهه
ورجليه .وقال :نشهد أنك نب "...الديث .وقال :حسن صحيح.
وقوله :وقتل النفس الت حرم ال أي حرم قتلها .وهي نفس السلم العصوم.
قوله :إل بالق أي بأن تفعل ما يوجب قتلها .كالشرك والنفس بالنفس ،والزان بعد الحصان ،وكذا
قتل العاهد ،كما ف الديث "من قتل معاهدا ل يرح رائحة النة ".
واختلف العلماء فيمن قتل مؤمنا متعمدا ،وهل له توبة أم ل ؟ فذهب ابن عباس وأبو هريرة وغيها
إل أنه ل توبة له ،استدل ًل بقوله تعال " :ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها " وقال
ابن عباس نزلت هذه الية وهي آخر ما نزل وما نسخها شئ وف رواية :لقد نزلت ف آخر ما نزل
وما نسخها شئ حت قبض رسول ال صلى ال عليه وسلم وما نزل وحي وروى ف ذلك آثار تدل لا
ذهب إليه هؤلء ،كما عند المام أحد والنسائي وابن النذر عن معاوية :سعت رسول ال صلى ال
عليه وسلم يقول " :كل ذنب عسى ال أن يغفره إل الرجل يوت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا
".
وذهب جهور المة سلفا وخلفا إل أن القاتل له توبة فيما بينه وبي ال ،فإن تاب وأناب عمل صالا
بدل ال سيئاته حسنات ،كما قال تعال " :والذين ل يدعون مع ال إلا آخر ول يقتلون النفس الت
حرم ال إل بال ق ول يزنون و من يف عل ذلك يلق أثا ما * يضا عف له العذاب يوم القيا مة ويلد ف يه
مهانا * إل من تاب وآمن وعمل عمل صالا " اليات.
قوله :ومن يقتل مؤمنا متعمدا قال أبو هريرة وغيه هذا جزاؤه إن جازاه .
وقد روى عن ابن عباس ما يوافق قول المهور ،فروى عبد بن حيد والنحاس عن سعيد بن عبادة أن
ا بن عباس ر ضي ال ع نه كان يقول :ل ن ق تل مؤمنا تو بة وكذلك ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما .وروى
مرفوعا " أن جزاءه جهنم إن جازاه ".
قوله :وآكل الربا أي تناوله بأي وجه كان ،كما قال تعال " :الذين يأكلون الربا ل يقومون إل كما
يقوم الذي يتخب طه الشيطان من ال س " اليات .قال ا بن دق يق الع يد :و هو مرب ل سوء الات ة .نعوذ
بال من ذلك.
قوله :وآكل مال اليتيم يعن التعدي فيه .وعب بالكل لنه أعم وجوه النتفاع ،كما قال تعال " :إن
الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنا يأكلون ف بطونم نارا وسيصلون سعيا ".
قوله :والتول يوم الزحف أي الدبار عن الكفار وقت التحام القتال ،وإنا يكون كبية إذا فر إل غي
فئة أو غي متحرف لقتال .كما قيد به ف الية.
قوله :وقذف الحصهنات الغافلت الؤمنات وههو بفتهح الصهاد :الحفوظات مهن الزنها ،وبكسهرها
الافظات فروجههن منهه ،والراد بالرائر العفيفات ،والراد رميههن بزنها أو لواط .والغافلت ،أي عهن
الفواحش وما رمي به .فهو كناية عن البيئات .لن الغافل بريء عما بت به .والؤمنات ،أي بال
تعال احترازا من قذف الكافرات.
قوله( :وعن جندب مرفوعا " حد الساحر ضربه بالسيف " رواه الترمذي) :
قوله :عن جندب ظا هر صنيع ال طبان ف ال كبي أ نه جندب بن ع بد ال البجلي .ل جندب ال ي
الزدي قاتل الساحر فإنه رواه ف ترجة جندب البجلي من طريق خالد العبد عن السن عن جندب
عن النب صلى ال عليه وسلم .وخالد العبد ضعيف .قال الافظ :والصواب أنه غيه .وقد رواه ابن
قانع والسن بن سفيان من وجهي عن السن عن جندب الي :أنه جاء إل ساحر فضربه بالسيف
ح ت مات ،وقال :سعت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يقول فذكره وجندب ال ي هو جندب بن
كعب ،وقيل :جندب بن زهي ،وقيل :ها واحد ،كما قال ابن حبان :أبو عبد ال الزدي الغامدي
صحاب روى ابن السكن من حديث بريدة أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :يضرب ضربة واحدة
فيكون أمة واحدة ".
قوله :حد الساحر ضربه بالسيف وروى بالاء وبالتاء ،وكلها صحيح.
وبذا الد يث أ خذ مالك وأح د وأ بو حني فة فقالوا :يق تل ال ساحر .وروى ذلك عن ع مر ،وعثمان،
وابن عمر ،وحفصة ،وجندب بن عبد ال ،وجندب بن كعب ،وقيس ابن سعد ،وعمر بن عبد العزيز،
ول ير الشافعي القتل عليه بجرد السحر إل إن عمل ف سحره ما يبلغ الكفر .وبه قال ابن النذر وهو
رواية عن أحد .والول أول للحديث ولثر عمر ،وعمل به الناس ف خلفته من غي نكي.
قال( :و ف صحيح البخاري عن بالة بن عبدة قال :ك تب ع مر بن الطاب أن اقتلوا كل ساحر
وساحرة .قال فقتلنا ثلث سواحر) :
هذا الثر رواه البخاري كما قال الصنف رحه ال ،لكن ل يذكر قتل السواحر.
قوله :عن بالة بفتح الوحدة بعدها جيم ،ابن عبدة بفتحتي ،التميمي العنبي بصرى ثقة.
قوله :كتب إلينا عمر بن الطاب أن اقتلوا كل ساحر وساحرة وظاهره أنه يقتل من غي استتابة .وهو
كذلك على الشهور عن أحد ،وبه قال مالك ،لن علم السحر ل يزول بالتوبة .وعن أحد يستتاب،
فإن تاب قبلت توب ته ،و به قال الشاف عي لن ذن به ل يز يد عن الشرك ،والشرك ي ستتاب وتق بل توب ته
ولذلك صح إيان سحرة فرعون وتوبتهم.
قوله :وصح عن حفصة أنا أمرت بقتل جارية لا سحرتا فقتلت .
وحفصة هي أم الؤمني بنت عمر بن الطاب تزوجها النب صلى ال عليه وسلم بعد خينس بن حذافة
وماتت سنة خس وأربعي.
قوله :وكذلك صح عن جندب أشار ال صنف بذا إل قتلة ال ساحر ك ما رواه البخاري ف تاري ه عن
أ ب عثمان النهدي قال :كان ع ند الول يد ر جل يل عب فذ بح إن سانا وأبان رأ سه فعجب نا ،فأعاد رأ سه
فجاء جندب الزدى فقتله ورواه البيهقي ف الدلئل مطولً .وفيه فأمر به الوليد فسجن فذكر القصة
بتمامها ولا طرق كثية.
قوله :قال أحد عن ثلث من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم أحد هو المام ابن ممد بن حنبل.
قوله :عن ثلثة أي صح قتل الساحر عن ثلثة ،أو جاء قتل الساحر عن ثلثة من أصحاب النب صلى
ال عليه وسلم ،يعن عمر ،وحفصة ،وجندبا .وال أعلم.
باب
بيان شيء من أنواع السحر
قلت :ذكر الشارح رحه ال تعال ها هنا شيئا من الوارق وكرامات الولياء وذكر ما اغتر به كثي
من الناس من الحوال الشيطان ية ال ت غرت كثيا من العوام والهال ،وظنوا أن ا تدل على ول ية من
جرت على يد يه منه هو من أولياء الشيطان ل من أولياء الرح ن ،ث قال :ولش يخ ال سلم كتاب
الفرقان بي أولياء الرحن وأولياء الشيطان فراجعه .انتهى.
قال رح ه ال تعال( :قال أح د :حدث نا م مد بن جع فر .حدث نا عوف عن حيان ا بن العلء ،حدث نا
قطن بن قبيصة عن أبيه أنه سع النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن العيافة ،والطرق ،والطية من
البت " قال عوف :العيافة زجر الطي ،والطرق الط يط ف الرض ،والبت :قال السن رنة
الشيطان إسناده جيد .ولب داود والنسائي وابن حبان ف صحيحه السند منه) :
وممد بن جعفر هو الشهور بغندر الذل البصري ،ثقة مشهور ،مات سنة ست ومائتي.
وعوف هو ابن أب جيلة بفتح اليم العبدي البصري ،العروف بعوف العراب ،ثقة مات سنة ست أو
سبع وأربعي ،وله ست وثانون سنة.
وحيان بن العلء هو بالتحتية ،ويقال حيان بن مارق ،أبو العلء البصري ،مقبول.
قوله :عن أبيه هو قبيصة بفتح أوله ابن مارق بضم اليم أبو عبد ال اللل .صحاب ،نزل البصرة.
قوله :إن العيا فة والطرق والطية من البت قال عوف :العيافة زجر الط ي والتفاؤل بأ سائها وأ صواتا
ومرها ،وهو من عادات العرب ،وكثي من أشعارهم ،يقال :عاف يعيف عيفا ،إذا زجر وحدس وظن.
وقال أبو السعادات :هو الضرب بالصى الذي يفعله النساء .وأما الطية فيأت الكلم عليها ف بابا إن
شاء ال تعال.
قوله :من البت أي السحر .قال القاضي :والبت ف الصل الفضل الذي ل خي فيه ،ث استعي لا
يعبد من دون ال ،وللساحر والسحر.
قوله :قال السن :ر نة الشيطان قلت :ذ كر إبراهيم بن ممد بن مفلح أن ف تف سي بقي بن ملد أن
إبل يس رن أر بع رنات :ر نة ح ي ل عن ،ور نة ح ي أه بط ،ور نة ح ي ولد ر سول ال صلى ال عل يه
وسلم ،ورنة حي نزلت فاتة الكتاب .قال سعيد بن جيي :لا لعن ال تعال إبليس تغيت صورته عن
صورة اللئكة ،ورن رنة ،فكل رنة منها ف الدنيا إل يوم القيامة .رواه ابن أب حات .وعن سعيد بن
جبي عن ا بن عباس قال :ل ا ف تح ر سول ال صلى ال عل يه و سلم م كة رن إبل يس ر نة اجتم عت إل يه
جنوده .رواه الا فظ الضياء ف الختارة :الرن ي ال صوت .و قد رن يرن رنينا ،وبذا يظ هر مع ن قول
السن رحه ال تعال.
قوله :ولب داود وابن حبان ف صحيحه :السند منه ول يذكر التفسي الذي فسره به عوف .وقد رواه
أبو داود بالتفسي الذكور بدون كلم السن.
قوله( :و عن أ ب عباس ر ضي ال عنه ما قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " :من اقت بس
شعبة من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر ،زاد ما زاد " رواه أبو داود وإسناد صحيح) :
قوله :من اقتبس قال أبو السعادات :قبست العلم واقتبسته إذا علمته .اهه.
قوله :شعبة أي طائفة من النجوم علم .والشعبة الطائفة .ومنه الديث " الياة شعبة من اليان " أي
جزء منه.
قال ش يخ ال سلم رح ه ال تعال :ف قد صرح ر سول ال صلى ال عل يه و سلم بأن علم النجوم من
السحر ،وقال تعال " :ول يفلح الساحر حيث أتى ".
قوله :زاد ما زاد من تعلم علم النجوم زاد ف الث الاصل بزيادة القتباس من شعبه ،فإن ما يعتقده ف
النجوم من التأثي باطل ،كما أن تأثي السحر باطل.
قوله( :وللنسائي من حديث أب هريرة رضي ال عنه " :من عقد عقدة ث ن فث فيها فقد سحر.
ومن سحر فقد أشرك .ومن تعلق شيئا وكل إليه ") :
هذا حديث ذكره الصنف من حديث أب هريرة وعزاه للنسائي .وقد رواه النسائي مرفوعا وحسنه ابن
مفلح.
قوله :وللنسائي هو المام الافظ أحد بن شعيب بن علي بن سنان بن بر بن دينار أبو عبد الرحن
صاحب السنن وغيها .وروى عن ممد بن الثن وابن بشار وقتيبة وخلق ،وكان إليه النتهي ف العلم
بعلل الديث ،مات سنة ثلث وثلثمائة ،وله ثان وثانون سنة رحه ال تعال.
قوله :من ع قد عقدة ث نفث في ها فقد سحر اعلم أن ال سحرة إذا أرادوا ع مل ال سحر عقدوا اليوط
ونفثوا على كل عقدة ،حت ينعقد ما يريدون من السحر ،قال ال تعال " :ومن شر النفاثات ف العقد
" يعن السواحر اللت يفعلن ذلك ،والنفث هو النفخ مع الريق ،وهو دون التفل .والنفث فعل الساحر،
فإذا تكي فت نف سه بال بث وال شر الذي يريده ال سحور وي ستعي عل يه بالرواح البي ثة ن فخ ف تلك
العقيدة نفخا معه ريق .فيخرج من نفسه البيثة نفس مازج للشر والذى مقارن للريق المارج لذلك،
وقد يتساعد هو والروح الشيطانية على أذى السحور فيصيبه بإذن ال الكون القدرى ل الشرعي ،قاله
ابن القيم رحه ال تعال.
قوله :ومن سحر فقد أشرك نص ف أن الساحر مشرك ،إذا ل يتأتى السحر بدون الشرك كما حكاه
الافظ عن بعضهم.
قوله :ومن تعلق شيئا وكل إليه أي من تعلق قل به شيئا :بيث يعتمد عليه ويرجوه وكله ال إل ذلك
ال شئ .ف من تعلق على ر به وإل ه و سيده وموله رب كل شئ وملي كه ،كفاه ووقاه وحف ظه وتوله.
فنعهم الول ونعهم النصهي .قال تعال " :أليهس ال بكاف عبده " ومهن تعلق على السهحرة والشياطيه
وغي هم من الخلوق ي وكله ال إل من تعلق فهلك .و من تأ مل ذلك ف أحوال اللق ون ظر بع ي
البصية رآى ذلك عيانا ،وهذا من جوامع الكلم .وال أعلم.
قال( :وعن ابن مسعود رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :أل هل أنبئكم ما
العضه ؟ هي النميمة ،القالة بي الناس " رواه مسلم) :
قوله :أل هل أنبئكم أخبكم و العضه بفتح الهملة وسكون العجمة ،قال أبو السعادات :هكذا يروي
ف ك تب الد يث .والذي ف ك تب الغر يب أل أنبئ كم ما الع ضه بك سر الع ي وف تح الضاد .قال
الزمشري :أصلها العضهة فعلة من العضة وهو البهت .فحذفت لمه ،كما حذفت من السنة والشفة،
وت مع على عض ي ث ن ف سره بقوله :هي النمي مة القالة ب ي فأطلق علي ها الع ضه لن ا ل تن فك من
الكذب والبهتان غالبا .ذكره القرطب.
وذكر ابن عبد الب عن يي بن أب كثي قال :يفسد النمام والكذاب ف ساعة ما ل يفسد الساحر ف
سنة .وقال أبو الطاب ف عيون السائل :ومن السحر السعي بالنميمة والفساد بي الناس .قال ف
الفروع :ووج هه أن يق صد الذى بكل مه وعمله على و جه ال كر واليلة ،أش به ال سحر ،وهذا يعرف
بالعرف والعادة أ نه يؤ ثر وين تج ما يعمله ال سحر ،أو أك ثر فيع طى حك مه ت سوية ب ي التماثل ي أو
التقارب ي .ل كن يقال :ال ساحر إن ا يك فر لو صف ال سحر و هو أ مر خاص ودليله خاص ،وهذا ل يس
بساحر .وإنا يؤثر عمله ما يؤثره فيعطي حكمه إل فيما اختص به من الكفر وعدم قبول التوبة .انتهى
ملخصا.
وبه يظهر مطابقة الديث للترجة .وهو يدل على تري النميمة ،وهو ممع عليه قال ابن حزم رحه
ال :اتفقوا على تري الغيبة والنميمة ف غي النصيحة الواجبة .وفيه دليل على أنا من الكبائر.
قوله :القالة ب ي الناس قال أ بو ال سعادات :أي كثرة القول وإيقاع ال صومة ب ي الناس وم نه الد يث:
"فشت القالة بي الناس".
قال( :ولما عن ابن عمر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إن من البيان لسحر ") :
البيان البلغة والفصاحة .قال صعصعة بن صوحان :صدق نب ال ،فإن الرجل يكون عليه الق وهو
ألن بالجج من صاحب الق ،فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالق وقال ابن عبد الب تأوله طائفة على
الذم .لن السحر مذموم ،وذهب أكثر أهل العلم وجاعة أهل الدب إل أنه على الدح .لن ال تعال
مدح البيان .قال :وقد قال عمر بن عبد العزيز لرجل سأله عن حاجة فأحسن السألة فأعجبه قوله.
قال :هذا ول السحر اللل انتهى .والول أصح والراد به البيان الذي فيه تويه على السامع وتلبيس،
كما قال بعضهم:
وإن تشأ قلت :ذا قيء الزنابي تقول :هذا ماج النحل ،تدحه
والق قد يعتريه سوء تعبي مدحا وذما ،وما جاوزت وصفهما
قوله :إن من البيان ل سحرا هذا من الت شبيه البل يغ ،لكون ذلك يع مل ع مل ال سحر ،فيج عل ال ق ف
قالب البا طل ،والبا طل ف قالب ال ق .في ستميل به قلوب الهال ،ح ت يقبلوا البا طل وينكروا ال ق،
ونسأل ال الثبات والستقامة على الدى.
وأ ما البيان الذي يو ضح ال ق ويقرره ،ويب طل البا طل و يبينه .فهذا هو المدوح .وهكذا حال الر سل
وأتباعهم ،ولذا علت مراتبهم ف الفضائل وعظمت حسناتم.
وبالملة فالبيان ل يمد إل إذا ل يرج إل حد السهاب والطناب ،وتغطية الق ،وتسي الباطل.
فإذا خرج إل هذا فههو مذموم .وعلى هذا تدل الحاديهث كحد يث الباب وحديهث " إن ال يب غض
البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانا " رواه أحد وأبو داود.
باب
ما جاء ف الكهانة
الكاهن هو الذي يأخذ عن مسترق السمع ،وكانوا قبل البعث كثيا .وأما بعد البعث فإنم قليل .لن
ال تعال حرس السماء بالشهب .وأكثر ما يقع ف هذه المة ما يب به الن أولياءهم من النس عن
الشياء الغائبة با يقع ف الرض من الخبار ،فيظنه الاهل كشفا وكرامة ،وقد اغتر بذلك كثي من
الناس يظنون الخهب لمه بذلك عهن النه وليا ل .وههو مهن أولياء الشيطان ،كمها قال تعال " :ويوم
يشر هم جيعا يا معشر الن قد استكثرت من النس وقال أولياؤ هم من النس رب نا استمتع بعض نا
ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إل ما شاء ال إن ربك حكيم عليم
".
قوله( :روى مسلم ف صحيحه عن بعض أزواج النب صلى ال عليه وسلم عن النب صلى ال عليه
وسلم قال " :من أتى عرافا فسأله عن شئ ،فصدقه با يقول ،ل تقبل له صلة أربعي يوما ") :
قوله :عن بعض أزواج النب صلى ال عليه وسلم هي حفصة ،ذكره أبو مسعود الثقفي .لنه ذكر هذا
الديث ف الطراف ف مسندها.
قوله :من أ تى عرافا سيأت بيان العراف إن شاء ال تعال .وظا هر هذا الد يث أن الوع يد مر تب على
ميئه وسؤاله ،سواء صدقه أو شك ف خبه .فإن ف بعض روايات الصحيح "من أتى عرافا فسأله عن
شئ ل تقبل له صلة أربعي ليلة ".
قوله :ل تقبل له صلة إذا كانت هذه حال السائل ،فكيف بالسئول ؟ قال النووي وغيه :معناه أنه ل
ثواب له في ها ،وإن كا نت مزئة ب سقوط الفرض ع نه ،ول بد من هذا التأو يل ف هذا الد يث ،فإن
العلماء متفقون على أنه ل يلزم من أتى العراف إعادة صلة أربعي ليلة .ا ه ملخصا.
وف الد يث النهي عن إتيان الكا هن ونوه .قال القر طب :يب على من قدر على ذلك من متسب
وغيه أن يقيم من يتعاطى شيئا من ذلك من السواق وينكر عليهم أشد النكي ،وعلى من ييء إليهم،
ول يغتر بصدقهم ف بعض المور ول بكثرة من ييء إليهم من ينتسب إل العلم ،فإنم غي راسخي
ف العلم بل من الهال با ف إتيانم من الحذور.
قال( :عن أب هريرة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :من أتى كاهنا فصدقه با
يقول فقد كفر با أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم " رواه أبو داود) :
وف رواية أب داود أو أتى امرأة قال مسدد :امرأته حائضا أو أتى امرأة .قال مسدد :امرأته ف دبرها
فقد بريء ما أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم فناقل هذا الديث من السنن حذف منه هذه الملة
واقتصر على ما يناسب الترجة.
قال( :وللربعة والاكم وقال صحيح على شرطهما عن النب صلى ال عليه وسلم من أتى عرافا
أو كاهنا فصدقه با يقول فقد كفر با أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم) :
هكذا بيض الصنف لسم الراوي .وقد رواه أحد والبيهقي والاكم عن أب هريرة مرفوعا.
قوله :من أتى كاهنا قال بعضهم ل تعارض بي هذا وبي حديث من أتى عرافا فسأله عن شئ ل تقبل
له صلة أربعي ليلة هذا على قول من يقول هو كفر دون كفر ،أما على قول من يقول بظاهر الديث
فيسأل عن وجه المع بي الديثي .وظاهر الديث أن يكفر مت اعتقد صدقه بأي وجه كان .وكان
غالب الكهان قبل النبوة إنا كانوا يأخذون عن الشياطي.
قوله :فقد كفر ب ا أنزل على ممد صلى ال عليه وسلم قال القرطب :الراد بالنل الكتاب وال سنة .ا
هه .وهل الكفر ف هذا الوضع كفر دون كفر ،فل ينقل عن اللة ،أم يتوقف فيه ،فل يقال يرج عن
اللة ول يرج ؟ وهذا أشهر الروايتي عن أحد رحه ال تعال.
قال( :ولب يعلى بسند جيد عن ابن مسعود مثله مرفوعا) :
أبو يعلى اسه أحد بن علي بن الثن الوصلى المام صاحب التصانيف كالسند وغيه .روى عن يي
بن معي وأب بكر بن أب شيبة وخلق .وكان من الئمة الفاظ ،مات سنة سبع وثلثائة ،وهذا الثر
رواه البزار أيضا ولفظه :من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه با يقول فقد كفر با أنزل على ممد صلى
ال عليه وسلم وفيه دليل على كفر الكاهن والساحر لنما يدعيان علم الغيب وذلك كفر ،والصدق
لما يعتقد ذلك ويرضى به وذلك كفر أيضا.
قال( :وعن عمران بن حصي رضي ال عنه مرفوعا " ليس منا من تطي أو تطي له ،أو تكهن أو
تكهن له ،أو سحر أو سحر له .ومن أتى كاهنا فصدقه با يقول فقد كفر با أنزل على ممد صلى
ال عليه وسلم " رواه البزار بإسناد جيد ،ورواه الطبان ف الوسط بإسناد حسن من حديث ابن
عباس دون قوله :ومن أتى كاهنا ...الديث) :
قوله :ليس منا فيه وعيد شديد يدل على أن هذه المور من الكبائر وتقدم أن الكهانة والسحر كفر.
قوله :من تطي أي فعل الطية أو تطي له أي قبل قول التطي له وتابعه كذا معن أو تكهن أو تكهن له
كالذي يأت الكاهن ويصدقه ويتابعه ،وكذلك من عمل الساحر له السحر.
ف كل من تلقى هذه المور ع من تعاطا ها فقد بريء م نه ر سول ال صلى ال عل يه و سلم لكون ا إ ما
شركا ،كالطية ،أو كفرا كالكهانة والسحر ،فمن رضي بذلك وتابع عليه فهو كالفاعل لقبوله الباطل
واتباعه.
قوله :رواه البزار هو أح د بن ع مر بن ع بد الالق ،أ بو ب كر البزار الب صري صاحب ال سند ال كبي .
وروى عن ابن بشار وابن الثن وخلق ،مات سنة اثنتي وتسعي ومائتي.
قوله :قال البغوي إل آخره البغوي بفتحتي هو السي بن مسعود الفراء الشافعي ،صاحب التصانيف
وعال أ هل خرا سان ،كان ث قة ،فقيها زاهدا ،مات ف شوال سنة ست عشرة وخ سمائة رح ه ال
تعال.
قوله :العراف :الذي يدعهى معرفهة المور ظاهرة :أن العراف ههو الذي يبه عهن الوقائع كالسهرقة
وسارقها والضالة ومكانا.
وقال شيهخ ال سلم ابهن تيميهة رحهه ال تعال :إن العراف اسهم للكاههن والنجهم والرمال ونوههم،
كالارز الذي يدعى علم الغيب أو يدعى الكشف.
وقال أيضا :والنجم يدخل ف اسم الكاهن عند الطاب وغيه من العلماء ،وحكى ذلك عن العرب.
وعند آخرين هو من جنس الكاهن ،وأسوء حالً منه ،فيلحق به من جهة العن.
وقال أبو السعادات :العراف النجم ،والارز الذي يدعى علم الغيب ،وقد استأثر ال تعال به.
وقال ابن القيم رحه ال تعال :من اشتهر بإحسان الزجر عندهم سوه عائفا ،وعرافا.
والقصود من هذا :معرفة أن من يدعى معرفة علم الشئ من الغيبات فهو إما داخل ف اسم الكاهن،
وإما مشارك له ف العن فيلحق به .وذلك أن إصابة الخب ببعض المور الغائبة ف بعض الحيان يكون
بالك شف .وم نه ما هو من الشياط ي ويكون بالفأل والز جر والطية والضرب بال صى وال ط ف
الرض والتنج يم والكها نة وال سحر ،ون و هذا من علوم الاهل ية ،ونع ن بالاهل ية كل من ل يس من
أتباع الرسل عليهم السلم ،كالفلسفة والكهان والنجم ي ،وجاهلية العرب الذين كانوا قبل مبعث
ال نب صلى ال عل يه و سلم ،فإن هذا علوم لقوم ل يس ل م علم ب ا جاءت به الر سل صلى ال علي هم
وسلم ،وكل هذه المور تسمى صاحبها كاهنا أو عرافا أو ف معناها ،فمن أتاهم فصدقهم با يقولون
لقه الوعيد .وقد ورث هذه العلوم عن هم أقوام فادعوا با علم الغيب الذي استأثر ال بعل مه ،وادعوا
أنم أولياء وأن ذلك كرامة.
ول ر يب أن من اد عى الولية ،واستدل بإخباره ببعض الغيبات فهو من أولياء الشيطان ل من أولياء
الرحن ،إن الكرامة أمر يريه ال على يد عبده الؤمن التقى ،إما بدعاء أو أعمال صالة ل صنع للول
في ها ،ول قدرة له علي ها ،بلف من يد عى أنه ول ويقول للناس :اعلموا أن أعلم الغيبات ،فإن هذه
المور قد تصل با ذكرنا من السباب ،وإن كانت أسبابا مرمة كاذبة ف الغالب ،ولذا قال النب
صلى ال عل يه وسلم ف و صف الكهان :فيكذبون مع ها مائة كذ بة فبي أنم يصدقون مرة ويكذبون
مائة ،وهكذا حال من سلك سبيل الكهان م ن يد عى الول ية تزك ية الن فس الن هي عن ها بقوله " :فل
تزكوا أنفسكم " وليس هذا من شأن الولياء ،فإن شأنم الزراء على نفوسهم وعيبهم لا ،وخوفهم
من رب م ،فك يف يأتون الناس ويقولون :اعرفوا أن نا أولياء ،وأ نا نعلم الغ يب ؟ و ف ض من ذلك طلب
النلة ف قلوب اللق واقتناص الدن يا بذه المور .وح سبك بال ال صحابة والتابع ي ر ضي ال عن هم،
وهم سادات الولياء ،أفكان عندهم من هذه الدعاوى والشطحات شئ ؟ ل وال بل كان أحدهم ل
يلك نفسه من البكاء إذا قرآ القرآن ،كالصديق رضي ال عنه ،وكان عمر رضي اله عنه يسمع نشيجه
من وراء ال صفوف يبكي ف صلته ،وكان ي ر بال ية ف ورده من الل يل فيمرض من ها ليال يعودو نه،
وكان ت يم الداري يتقلب على فرا شه ول ي ستطيع النوم إل قليلً خوفا من النار ث يقوم إل صلته.
ويكفيهك فه صهفات الولياء مها ذكره ال تعال فه صهفاتم فه سهورة الرعهد والؤمنيه والفرقان
والذاريات والطور فالتصفون بتلك الصفات هم الولياء الصفياء ،ل أهل الدعوى والكذب ومنازعة
رب العالي فيما اختص به من الكبياء والعظمة وعلم الغيب ،بل مرد دعواه علم الغيب كفر .فكيف
يكون الدعى لذلك وليا ل ؟ ولقد عظم الضرر واشتد الطب بؤلء الفترين الذين ورثوا هذه العلوم
عن الشركي ،ولبسوا با على خفافيش القلوب :نسأل ال السلمة والعافية ف الدنيا والخرة.
قوله( :وقال ابن عباس ف قوم يكتبون أبا جاد ...إل آخره) :
هذا الثر رواه الطبان عن ابن عباس مرفوعا .وإسناده ضعيف .ولفظه " رب معلم حروف أب جاد
دارس ف النجوم ل يس له ع ند ال خلق يوم القيا مة " ورواه ح د بن زنو يه ع نه بل فظ رب نا ظر ف
النجوم ومتعلم حروف أب جاد ليس له عند ال خلق .
قوله :ما أرى بوز فتح المزة بعن :ل أعلم .ويوز ضمها بعن :ل أظن وكتابه أب جاد وتعلمها لن
يد عى ب ا علم الغ يب هو الذي ي سمى علم الرف ،و هو الذي جاء ف الوع يد ،فأ ما تعلم ها للته جي
وحساب المل فل بأس به.
قوله :وينظرون ف النجوم أي يعتقدون أن لا تأثيا كما سيأت ف باب التنجيم .وفيه من الفوائد عدم
الغترار ب ا يؤتاه أ هل البا طل من معارف هم وعلوم هم ك ما قال تعال " :فل ما جاءت م ر سلهم بالبينات
فرحوا با عندهم من العلم وحاق بم ما كانوا به يستهزئون ".
باب
ما جاء ف النشرة ،وما هي النشرة
بضم النون ،كما ف القاموس ،قال أبو السعادات :النشرة ضرب من العلج والرقية ،يعال به من يظن
أن به مسا من الن ،سيت نشرة لنه ينشر با عنه ما خامره من الداء ،أي يكشف ويزال.
قال السن :النشرة من السحر .وقد نشرت عنه تنشيا ،ومنه الديث :فلعل طبا أصابه ،ث نشره بقل
أعوذ برب الناس أي رقاه.
وقال ابن الوزي :النشرة حل السحر عن السحور .ول يكاد يقدر عليه إل من يعرف السحر.
قال( :عن جابر رضي ال عنهما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سئل عن النشرة ؟ فقال " :هي
من الشيطان " رواه أحد بسند ج يد .وأ بو داود ،وقال :سئل أحد عنها فقال :ا بن مسعود يكره
هذا كله) :
هذا الد يث رواه أح د ورواه ع نه أ بو داود ف سننه .والف ضل بن زياد ف كتاب ال سائل عن ع بد
الرزاق عن عق يل بن مع قل بن من به عن جابر فذكره قال ا بن مفلح :إ سناد ج يد ،وح سن الا فظ
إسناده.
قوله :سهئل عهن النشرة واللف واللم فيالنشرة للعههد أي النشرة العهودة الته كان أههل الاهليهة
يصنعونا هي من عمل الشيطان.
قوله :وقال :سئل أحد عنها فقال :ابن مسعود يكره هذا كله أراد أحد رحه ال أن ابن مسعود يكره
النشرة الت هي من عمل الشيطان كما يكره تعليق التمائم مطلقا.
قوله :عن قتادة هو ابن دعامة بكسر الدال الدوسي ثقة فقيه من أحفظ التابعي .قالوا إنه ولد أكمه.
مات سنة بضع عشرة ومائة.
قوله :ر جل به طب بك سر الطاء .أي سحر ،يقال :طب الر جل بال ضم ذا سحر .ويقال :كنوا عن
السحر بالطب تفاؤلً .كما يقال للديغ :سليم.
وقال ابن النباري :الطب من الضداد .يقال لعلج الداء طب ،والسحر من الداء يقال له طب.
قوله :يؤخذ بفتح الواو مهموزة وتشديد الاء العجمة وبعدها ذال معجمة .أي يبس عن امرأته ول
يصل إل جاعها .والخذة بضم المزة الكلم الذي يقوله الساحر.
قوله :أيل بضم الياء وفتح الاء مبن للمفعول.
قوله :ل بأس به يعن أن النشرة ل بأس با لنم يريدون با الصلح ،أي إزالة السحر ،ول ينه عما
يراد به الصلح ،وهذا من ابن السيب يمل على نوع من النشرة ل يعلم أنه سحر.
قوله( :وروى ال سن أ نه قال :ل ي ل ال سحر إل ساحر هذا ال ثر ذكره ا بن الوزي ف جا مع
السانيد) :
والسن هو ابن أب السن واسه :يسار بالتحتية والهملة البصرى النصاري :مولهم .ثقة فقيه ،إمام
من خيار التابعي .مات سنة عشرة ومائة رحه ال ،وقد قارب التسعي.
قوله( :قال ابن القيم :النشرة حل السحر عن السحور ،وهي نوعان ،حل بسحر مثله ،وهو الذي
من عمل الشيطان إل آخره) :
وما جاء ف صفة النشرة الائزة :ما رواه ابن أب حات وأبو الشيخ عن ليث بن أب سليم قال :بلغن أن
هؤلء اليات شفاء من السحر بإذن ال ،تقرأ ف إناء فيه ماء ،ث يصب على رأس السحور :الية الت
ف سورة يونس " ، :فل ما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر إن ال سيبطله إن ال ل يصلح عمل
الفسدين * ويق ال الق بكلماته ولو كره الجرمون " وقوله " :فوقع الق وبطل ما كانوا يعملون "
إل آخر اليات الربع .وقوله " :إنا صنعوا كيد ساحر ول يفلح الساحر حيث أتى ".
وقال ابن بطال :ف كتاب وهب بن منبه :أنه يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بي حجرين ث
يضربه بالاء ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل ث يسو منه ثلث حسوات ث يغتسل به يذهب عنه كل
مابه ،هو جيد للرجل إذا حبس عن أهله.
قلت :قول العل مة ا بن الق يم والثا ن النشرة بالرق ية والتعوذات والدعوات والدو ية البا حة ف هو جائز
يشي رحه ال إل مثل هذا ،وعليه يمل كلم من أجاز النشرة من العلماء.
والا صل :أن ما كان م نه بال سحر فيحرم ،و ما كان بالقرآن والدعوات والدو ية البا حة فجائز ،وال
أعلم.
باب
ما جاء ف التطي
أي من النهي عنه والوعيد فيه ،مصدر تطي يتطي ،و الطية بكسر الطاء وفتح الياء ،وقد تسكن اسم
مصدر من تطي طية ،كما يقال تي خية ،ول ييء ف الصادر على هذه الزنة غيها ،وأصله التطي
بالسهوانح والبوارح مهن الطيه والظباء وغيهاه ،وكان ذلك يصهدهم عهن مقاصهدهم ،فنفاه الشارع
وأبطله ،وأخب أنه ل تأثي له ف جلب نفع ول دفع ضر.
قال الدائن سألت رؤبه بن العجاج قلت :ما السانح ؟ قال :ما ولك ميامنه .قلت :فما البارح ؟ قال:
ما ولك مياسره .والذي ييء من أمامك فهو الناطح والنطيح ،والذي ييء من خلفك فهو القاعد
والقعيد .
ولاه كانهت الطية مهن الشرك النافه لكمال التوحيهد الواجهب لكوناه مهن إلقاء الشيطان وتويفهه
ووسوسته ذكرها الصنف رحه ال ف كتاب التوحيد تذيرا ما يناف كما التوحيد الواجب.
قوله( :وقول ال تعال " :أل إنا طائرهم عند ال ...الية" ) :
ذكر تعال هذه الية ف سياق قوله " :فإذا جاءتم السنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيوا بوسى
ومن معه " الية .العن :أن آل فرعون كانوا إذا أصابتهم السنة ،أي الصب والسعة والعافية ،كما
فسره ماهد وغيه قالوا :لنا هذه ،أي نن الديرون والقيقيون به ،ونن أهله .وإن تصبهم سيئة .أي
بلء وقحط تطيوا بوسى ومن معه ،فيقولون :هذا بسبب موسى وأصحابه أصابنا بشؤمهم فقال ال
تعال " :أل إنا طائرهم عند ال " قال ابن عباس طائرهم :ماقضى عليهم وقدر لم وف رواية شؤمهم
عند ال ومن قبله أي إنا جاءهم الشؤم من قبله بكفرهم وتكذيبهم بآياته ورسله.
قوله " :ولكهن أكثرههم ل يعلمون " أي أن أكثرههم جهال ل يدرون .ولو فهموا وعقلوا لعلموا أنهه
ليس فيما جاء به موسى عليه السلم إل الي والبكة والسعادة والفلح لن آمن به واتبعه.
العن وال أعلم حظكم وما نابكم من شر معكم ،بسبب أفعالكم وكفركم ومالفتكم الناصحي ،ليس
هو من أجلنا ول بسببنا .بل ببغيكم وعدوانكم .فطائر الباغي الظال معه ،فما وقع به من الشر فهو
سهببه الالب له .وذلك بقضاء ال وقدره وحكمتهه وعدله ،كمها قال تعال " ، :أفنجعهل السهلمي
كالجرم ي * ما ل كم ك يف تكمون " ويت مل أن يكون الع ن :طائر كم مع كم .أي را جع علي كم،
فالتطي الذي حصل لكم إنا يعود عليكم .وهذا من باب القصاص ف الكلم .ونظيه قوله عليه الصلة
والسلم " :إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا :وعليكم " ذكره ابن القيم رحه ال.
قوله تعال " :أإن ذكرت " أي من أجل أنا ذكرناكم وأمرناكم بتوحيد ال قابلتمونا بذا الكلم " بل
أنتم قوم مسرفون " قال قتادة :أئن ذكرناكم بال تطيت بنا ؟
ومناسبة اليتي للترجة :أن التطي من عمل أهل الاهلية والشركي .وقد ذمهم ال تعال به ومقتهم،
وقد نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن التطي وأخب أنه شرك .كما سيأت ف أحاديث الباب.
قال ( :و عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال " :ل عدوى ول
طية ول هامة ول صفر " أخرجاه .زاد مسلم " :ول نوء ول غول ") :
قال أبو السعادات :العدوى اسم من العداء .كالدعوى .يقال :أعداء الداء يعديه إعداد إذا أصابه مثل
ما بصاحب الداء.
وقال غي :ل عدوى هو اسم من العداد ،وهو ماوزة العلة من صاحبها إل غيه والنفي نفس سراية
العلة أو إضافتها إل العلة .والول هو الظاهر.
وف رواية لسلم أن أبا هريرة كان يدث بديث ل عدوى ،ويدث عن النب صلى ال عليه وسلم أنه
قال " :ل يورد مرض على م صح " ث إن أ با هريرة اقتصهر على حد يث :ل يورد مرض على مصهح
وأمسك عن حديث ل عدوى فراجعوه وقالوا :سعناك تدث به ،فأب أن يعترف به .قال أبو مسلمة
الراوي عن أب هريرة :فل أدري أنسى أبو هريرة أو نسخ أحد القولي الخر ؟
و قد روى حد يث ل عدوى جا عة من ال صحابة :أ نس بن مالك ،وجابر بن ع بد ال ،وال سائب بن
يزيد ،وابن عمر ،وغيهم ،وف بعض روايات هذا الديث وفر من الجذوم كما تفر من السد.
وقد اختلف العلماء ف ذلك .وأحسن ما قيل فيه :قول البيهقي ،وتبعه ابن الصلح وابن القيم ،وابن
رجب ،وابن مفلح وغيهم :أن قوله :ل عدوىعلى الوجه الذي يعتقده أهل الاهلية من إضافة الفعل
إل غ ي ال تعال ،وإن هذه المور تعدى بطبع ها .وإل ف قد ي عل ال بشيئ ته مال طة ال صحيح من به
شئ من المراض سببا لدوث ذلك ،ولذا قال :فر من الجذوم ك ما ت فر من ال سد وقال :ل يورد
مرض على مصح وقال ف الطاعون :من سع به ف أرض فل يقدم عليه وكل ذلك بتقدير ال تعال.
ولح د والترمذي عن ا بن م سعود مرفوعا " :ل يعدي شئ قال ا ثلثا فقال أعرا ب يا ر سول ال إن
النقبة من الرب تكون بشفر البعي أو بذنبه ف البل العظيمة فتجرب كلها ؟ فقال رسول ال صلى
ال عليهه وسهلم :فمهن أجرب الول ؟ ل عدوى ول طية ول هامهة ول صهفر ،خلق ال كهل نفهس
وك تب حيات ا وم صائبها ورزق ها " فأ خب صلى ال عل يه و سلم أن ذلك كله قضاء ال وقدره ،والع بد
مأمور باتقاء أسباب الشر إذا كان ف عافية .فكما أنه يؤمر أن ل يلقى نفسه ف الاء والنار ،ما جرت
العادة أن يهلك أو ي ضر .فكذلك اجت نب مقار بة الر يض كالجذوم ،والقدوم على بلد الطاعون .فإن
هذه كلها أسباب للمرض والتلف ،فال سبحانه هو خالق السباب ومسبباتا .ل خالق غيه ول مقدر
غيه .وأ ما إذا قوى التو كل على ال واليان بقضاء ال وقدره فقو يت الن فس على مباشرة ب عض هذه
السباب اعتمادا على ال ورجاء منه أن ل يصل به ضرر ،ففي هذه الال توز مباشرة ذلك ،لسيما
إذا كانت مصلحة عامة أو خاصة ،وعلى هذا يمل الديث الذي رواه أبو داود والترمذي " :أن النب
صلى ال عليه وسلم أخذ بيد مذوم فأدخلها معه ف القصعة ،ث قال كل بسم ال ثقة بال وتوكلً
عليه " وقد أخذ به المام أحد .وروى ذلك عن ابن عمر وابنه وسلمان رضي ال عنهم .ونظي ذلك
ما روى عن خالد بن الوليد رضي ال عنه أنه أكل السم ومنه مشى سعد بن أب وقاص وأب مسلم
الولن على مت البحر ،قاله ابن رجب رحه ال.
قوله :ول طية قال ابن القيم رحه ال تعال :يتمل أن يكون نفيا أو نيا أي ل تطيوا ،ولكن قوله ف
الديث :ل عدوي ول صفر ول هامة يدل على أن الراد النفي وإبطال هذه المور الت كانت الاهلية
تعانيها .والنفي ف هذا أبلغ من النهي .لن النفي يدل على بطلن ذلك وعدم تأثيه ،والنهي إنا يدل
على النع منه.
وف صحيح مسلم عن معاوية بن الكم أنه قال لرسول ال صلى ال عليه وسلم " ومنا أناس يتطيون.
قال :ذلك شئ يده أحدكم ف نفسه فل يصدنكم " فأخب أن تأذيه وتشاؤمه بالطية إنا هو ف نفسه
وعقدته ،ل ف التطي به ،فوهه وخوفه وإشراكه هو الذي يطيه ويصده لا رآه وسعه ،فأوضح صلى
ال عليه وسلم لمته المر ،وبي لم فساد الطية ليعلموا أن ال سبحانه ل يعل لم عليه علمة ،ول
فيها دللة ،ول نصبها سببا لا يافونه ويذرونه ،ولتطمئن قلوبم ،وتسكن نفوسهم إل وحدانيته تعال
الت أرسل با ر سله ،وأنزل با كت به ،وخلق لجل ها السماوات والرض ،وعمر الدار ين ال نة والنار
ب سبب التوح يد فق طع صلى ال عل يه و سلم علق الشرك ف قلوب م ،لئل يب قى في ها عل قة من ها ،ول
يتلبسوا بعمل من أعمال أهل النار البتة.
فمن استمسك بعروة التوحيد الوثقى ،واعتصم ببله التي ،وتوكل على ال ،قطع هاجس الطية من
قبل استقرارها ،وبادر خواطرها من قبل استكمانا .قال عكرمة :كنا جلوسا عند ابن عباس ،فمر طائر
ي صيح ،فقال ر جل من القوم :خ ي خ ي .فقال له ا بن عباس :لخ ي ول شر.فبادره بلنكار عل يه لئل
يعتقد تأثيه ف الي والشر .وخرج طاوس مع صاحب له ف سفر ،فصاح غراب ،فقال الرجل :خي.
فقال طاوس :وأي خي عند هذا ؟ ل تصحب .ا ه ملخصا.
و قد جاءت أحاد يث ظن ب عض الناس أن ا تدل على جواز الطية ،كقوله :الشؤم ف ثلث :ف الرأة،
والدابة ،والدار ونو هذا.
قال ابن القيم رحه ال تعال :إخباره صلى ال عليه وسلم بالشؤم ف هذه الثلثة ليس فيه إثبات الطية
الته نفاهها ال سهبحانه ،وإناه غايتهه أن ال سهبحانه قهد يلق منهها أعيانا مشؤومهة على مهن قارباه
و ساكنها ،وأعيانا مبار كة ل يلحق من قاربا شؤم ول شر ،وهذا كما يع طي سبحانه الوالد ين ولدا
مباركا يريان اليه على وجههه ،ويعطهى غيهاه ولدا مشؤوما يريان الشهر على وجههه ،وكذلك مها
يعطاه العبد من ولية وغيها ،فكذلك الدار والرأة والفرس .وال سبحانه خالق الي والشر والسعود
والنحوس ،فيخلق بعهض هذه العيان سهعودا مباركهة ،ويقضهي بسهعادة مهن قارباه وحصهول اليمهن
والب كة له .ويلق بعض ها نو سا يتن حس ب ا من قارب ا .و كل ذلك بقضائه وقدره ،ك ما خلق سائر
السباب وربطها بسبباتا التضادة والختلفة .كما خلق السك وغيه من الرواح الطيبة ولذذ با من
قاربا من الناس .وخلق ضدها وجعلها سببا لل من قاربا من الناس ،والفرق بي هذين النوعي مدرك
بالس ،فكذلك الديار والنساء واليل .فهذا لون والطية الشركية لون .انتهى.
قوله :ول هامة بتخفيف اليم على الصحيح .قال الفراء :الامة طي من طي الليل .كأنه يعن البومة.
قال ابن العراب :كانوا يتشاءمون با إذا وقعت على بيت أحدهم ،يقول :نعت إل نفسي أو أحدا من
أهل داري ،فجاء الديث بنفي ذلك وإبطاله.
قوله :ول صفر بفتح الفاء ،روى أبو عبيدة ف غريب الديث عن رؤبة أنه قال :هي حية تكون ف
الب طن ت صيب الاش ية والناس ،و هي أعدى من الرب ع ند العرب .وعلى هذا فالراد بنف يه ما كانوا
يعتقدونه من العدوى ومن قال بذا سفيان بن عيينة والمام أحد والبخاري وابن جرير.
وقال آخرون :الراد به ش هر صفر ،والن في ل ا كان أ هل الاهل ية يفعلو نه ف الن سيء وكانوا يلون
الحرم ويرمون صفر مكانه،وهو قول مالك.
وروى أبو داود عن ممد بن راشد عمن سعه يقول :إن أهل الاهلية يتشاءمون بصفر ،ويقولون :إنه
مشؤوم ،فأبطهل النهب صهلى ال عليهه وسهلم ذلك .قال ابهن رجهب :ولعهل هذا القول أشبهه القوال،
والتشاؤم بصهفر ههو مهن جنهس الطية النههي عنهها ،وكذلك التشاؤم بيوم مهن اليام كيوم الربعاء
وتشاؤم أهل الاهلية بشوال ف النكاح فية خاصة.
قوله :ول نواء النوء واحد النواء ،وسيأت الكلم عليه ف بابه إن شاء ال تعال.
قوله :ول غول هو بالضم اسم ،وجعه أغوال وغيلن ،وهو الراد هنا.
قال أبو السعادات :الغول واحد الغيلن ،وهو جنس من الن والشياطي كانت العرب تزعم أن الغول
ف الفلة تتراءى للناس ،تتلون تلونا ف صور ش ت وتغول م ،أي تضل هم عن الطر يق وتلك هم ،فنفاه
النب صلى ال عليه وأبطله.
فإن قيل :ما معن النفي وقد قال النب صلى ال عليه وسلم " :إذا تغولت الغيلن فبادروا بالذان ".
أجيب عنه :بأن ذلك كان ف البتداء ،ث دفعها ال عن عباده .أو يقال :النفى ليس وجود الغول ،بل
ما يزعمه العرب من تصرفه ف نفسه ،أو يكون العن بقوله ل غول أنا ل تستطيع أن تضل أحدا مع
ذكر ال والتوكل عليه .ويشهد له الديث الخر " ل غول ولكن السعال سحرة الن " أي ولكن ف
ال ن سحرة ل م تلب يس وتي يل .وم نه الد يث " إذا تغولت الغيلن فبادروا بالذان " أي ادفعوا شر ها
بذلك بذكر ال.
وهذا يدل على أنه ل يرد بنفيها أو عدمه .ومنه حديث أب أيوب " كان ل تر ف سهوة فكانت الغول
تي فتأخذ ".
قوله( :ول ما عن أ نس قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل عدوى ول طية ،ويعجب ن
الفأل ،قالوا :وما الفأل ؟ قال :الكلمة الطيبة ") :
قوله :ويعجب ن الفأل قال أ بو ال سعادات :الفأل ،مهموز في ما ي سر وي سوء ،والطية ل تكون إل في ما
يسهوء ،ورباه ا ستعملت في ما ي سر .يقال :تفاءلت بكذا وتفاولت ،على التحقيهق والقلب ،و قد أولع
الناس بترك المزة تفيفا ،وإنا أحب الفأل لن الناس إذا أملوا فائدة ال ورجوا عائدته عند كل سبب
ضع يف أو قوى ف هم على خ ي ،وإذا قطعوا آمال م ورجاء هم من ال تعال كان ذلك من ال شر .وأ ما
الطية فإن فيها سوء الظن بال وتوقع البلء ،والتفاؤل :أن يكون رجل مريض فيسمع آخر يقول :يا
سال ،أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول :يا واجد ،فيقع ف ظنه أنه يبأ من مرضه ويد ضالته.
ومنه الديث" :قيل يا رسول ال ما الفأل ؟ قال :الكلمة الطيبة ".
قوله :قالوا :وما الفأل ؟ قال :الكلمة الطيبة بي صلى ال عليه وسلم أن الفأل يعجبه فدل على أنه ليس
من الطية النهى عنها.
قال ا بن الق يم رح ه ال تعال :ل يس ف العجاب بالفأل ومب ته شئ من الشرك ،بل ذلك إبا نة عن
مقت ضى الطبي عة ومو جب الفطرة الن سانية ال ت ت يل إل ما يوافقها ويلئم ها ،ك ما أ خبهم صلى ال
عليه وسلم أنه حبب إليه من الدنيا النساء والطيب ،وكان يب اللواء والعسل ،ويب حسن الصوت
بالقرآن والذان ويستمع إليه ويب معال الخلق ومكارم الشيم .بالملة يب كل كمال وخي ما
يف ضي إليه ما ،وال سبحانه قد ج عل ف غرائز الناس العجاب ب سماع ال سم ال سن ومب ته ،وم يل
نفوسهم إليه ،وكذلك جعل فيها الرتياح والستبشار والسرور باسم الفلح والسلم والنجاح والتهنئة
والبشرى والفوز والظفر ونو ذلك ،فإذا قرعت هذه الساء الساع استشبت با النفوس وانشرح لا
ال صدر وقوى ب ا القلب ،وإذا سعت أضداد ها أو جب ل ا ضد هذه الال .فأحزن ا ذلك ،وأثار ل ا
خوفا وطية وانكماشا وانقباضا عما قصدت له وعزمت عليه ،فأورث لا ضررا ف الدنيا ونقصا ف
اليان ومقارفة الشرك.
وقال الليمي :وإنا كان صلى ال عليه وسلم يعجبه الفأل لن التشاؤم سوء ظن بال تعال بغي سبب
مقق ،والتفاؤل حسن ظن به ،والؤمن مأمور بسن الظن بال تعال على كل حال.
قوله( :ولب داود بسند صحيح عن عقبة بن عامر قال :ذكرت الطية عند رسول ال صلى ال
عليه وسلم فقال " :أحسنها الفأل ،ول ترد مسلما ،فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل :اللهم ل يأت
بالسنات إل أنت ،ول يدفع السيئات إل أنت ول حول ول قوة إل بك ") :
قوله :عن عقبة بن عامر هكذا وقع ف نسخ التوحيد ،وصوابه :عن عروة ابن عامر كذا أخرجه أحد
وأبو داود وغيها .وهو مكي اختلف ف نسبه ،فقال أحد :عن عروة بن عامر القرشي ،وقال غيه:
اله ن .واختلف ف صحبته ،فقال الاوردي :له صحبة ،وذكره ا بن حبان ف ثقات التابع ي ،وقال
الزي :ل صحبة له تصح.
قوله :فقال أح سنها الفأل قد تقدم أن ال نب صلى ال عل يه و سلم كان يعج به الفأل .وروى الترمذي
وصححه عن أنس رضي ال عنه " أن النب صلى ال عليه وسلم كان إذا خرج لاجته يب أن يسمع:
يا نيح ،يا راشد " وروى أبو داود عن بريدة أن النب صلى ال عليه وسلم كان ل يتطي من شئ،
ل سأله عن ا سه فإذا أعجبه فرح به ،وإن كره اسه رؤي كراه ية ذلك ف وج ههوكان إذا بعث عام ً
وإسناده حسن .وهذا فيه استعمال الفأل.
قال ا بن الق يم :أ خب صلى ال عل يه و سلم أن الفأل من الطية و هو خي ها ،فأب طل الطية وأ خب أن
الفأل من ها ولك نه خ ي من ها ،فف صل ب ي الفأل والطية ل ا بينه ما من المتياز والتضاد ،ون فع أحده ا
ومضرة الخر ،ونظي هذا :منعه من الرقي بالشرك وإذنه ف الرقية إذا ل يكن فيها شرك ،لا فيها من
النفعة الالية من الفسدة.
قوله :ول ترد مسلما قال الطيب :تعريض بأن الكافر بلفه.
قوله :اللهم ل يأت بالسنات إل أنت ول يدفع السيئات إل أنت أي ل تأت الطية السنة ول تدفع
الكروهات ،بل أ نت وحدك ل شر يك لك الذي تأ ت بال سنات ،وتد فع ال سيئات ،و ال سنات ه نا
النعم ،و السيئات الصائب ،كقوله " ، :وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند ال وإن تصبهم سيئة
يقولوا هذه من عندك قل كل من ع ند ال فمال هؤلء القوم ل يكادون يفقهون حدي ثا * ما أ صابك
من حسنة فمن ال وما أصابك من سيئة فمن نفسك " ففيه نفي تعليق القلب بغي ال ف جلب نفع أو
دفع ضر ،وهذا هو التوحيد ،وهو دعاء مناسب لن وقع ف قلبه شئ من الطية وتصريح بأنا ل تلب
نفعا ول تدفع ضرا ،ويعد من اعتقدها سفيها مشركا.
قوله :ول حول ول قوة إل بك استعانة بال تعال على فعل التوكل وعدم اللتفات إل الطية الت قد
تكون سببا لوقوع الكروه عقوبة لفاعلها .وذلك الدعاء إنا يصدر عن حقيقة التوكل الذي هو أقوى
السباب ف جلب اليات ودفع الكروهات.
و الول التحول والنتقال من حال إل حال ،و القوة على ذلك بال وحده ل شر يك له .فف يه ال تبي
من الول والقوة والشيئة بدون حول ال وقوته ومشيئ ته .وهذا هو التوحيد ف الربوبية ،وهو الدليل
على توح يد الل ية الذي هو إفراد ال تعال بم يع أنواع العبادة ،و هو توح يد الق صد والرادة ،و قد
تقدم بيان ذلك بمد ال.
قوله( :وعن ابن مسعود رضي ال عنه مرفوعا " :الطية شرك ،والطية شرك .وما منا إل ،ولكن
ال يذهبه بالتوكل " رواه أبو داود والترمذي وصححه .وجعل آخره من قول ابن مسعود) :
ورواه ابهن ماجهه وابهن حبان .ولفهظ أبه داود الطية شرك ،الطية شرك ،الطية شرك .ثلثا وهذا
صريح ف تري الطية ،وأنا من الشرك لا فيها من تعلق القلب على غي ال تعال.
قال ابن حدان :تكره الطية ،وكذا قال غيه من أصحاب أحد.
قال ابهن مفلح :والول القطهع بتحريهها لناه شرك ،وكيهف يكون الشرك مكروها الكراهيهة
الصطلحية ؟
قال ف شرح ال سنن :وإن ا ج عل الطية من الشرك لن م كانوا يعتقدون أن الطية تلب ل م نفعا أو
تدفع عنهم ضرا إذا عملوا بوجبها ،فكأنم أشركوا مع ال تعال.
قوله :وما منا إل قال أبو القاسم الصبهان ،والنذري :ف الديث إضمار .التقدير :وما منا إل وقد
وقع ف قلبه شئ من ذلك .ا هه.
وقال اللخان :حذف الستثن لا يتضمنه من الالة الكروهة .وهذا من أدب الكلم.
قوله :ولكن ال يذهبه بالتوكل أي لكن لا توكلنا على ال ف جلب النفع ودفع الضر أذهبه ال عنا
بتوكلنا عليه وحده.
قوله :وجعل آخره من قول ابن مسعود قال ابن القيم :وهو من الصواب ،فإن الطية نوع من الشرك.
قال( :ولحد من حديث ابن عمر ":ومن ردته الطية عن حاجته فقد أشرك .قالوا فما كفارة ذلك
؟ قال :أن تقول :اللهم ل خي إل خيك ،ول طي إل طيك ،ول إله غيك ") :
هذا الديث رواه أحد والطبان عن عبد ال بن عمرو بن العاص ،وف إسناده ابن ليعة وبقية رجاله
ثقات.
قوله:من حديث ابن عمرو وهو عبد ال بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي أبو ممد .وقيل أبو عبد
الرحن ،أحد السابقي الكثرين من الصحابة وأحد العبادلة الفقهاء .مات ف ذي الجة ليال الرة على
الصح بالطائف.
قوله :من ردته الطية عن حاجته فقد أشرك وذلك أن الطية هي التشاؤم بالشئ الرئي أو السموع،
فإذا رده شئ من ذلك عن حاجته الت عزم عليها كإرادة السفر ونوه ،فمنعه عما أراده وسعى فيه ما
رأى وما سع تشاؤما ،فقد دخل ف الشرك .كما تقدم ،فلم يلص توكله على ال بالتفاته إل ما سواه
فيكون للشيطان منه نصيب.
قوله :فما كفارة ذلك ؟ إل آخره .فإذا قال ذلك وأعرض عما وقع ف قلبه ،ول يلتفت إليه ،كفر ال
عنه ما وقع ف قلبه ابتداء لزواله عن قلبه بذا الدعاء التضمن للعتماد على ال وحده ،والعراض عما
سواه.
وتض من الد يث أن الطية ل ت ضر من كره ها وم ضى ف طري قه ،وأ ما من ل يلص توكله على ال
واسترسل مع الشيطان ف ذلك ،فقد يعاقب بالوقوع فيما يكره ،لنه أعرض عن واجب اليان بال،
وأن الي كله بيده ،فهو الذي يلبه لعبده بشيئ ته وإراد ته ،و هو الذي يدفع ع نه الضر وحده بقدر ته
ولطفه وإحسانه ،فل خي إل منه ،وهو الذي يدفع الشر عن عبده فما أصابه من ذلك فبذنبه ،كما قال
تعال " :ما أصابك من حسنة فمن ال وما أصابك من سيئة فمن نفسك ".
قوله( :وله من حديث الفضل بن عباس " :إنا الطية ما أمضاك أو ردك ") :
هذا الد يث ع ند المام أح د من حد يث الف ضل بن عباس قال " :خر جت مع ر سول ال صلى ال
عليه وسلم يوما ،فبح ظب ،فمال ف شقه فاحتضنته ،فقلت :يا رسول ال تطيت ،فقال :إنا الطية
ما أمضاك أو ردك " وف إسناده انقطاع ،أي بي مسلمة رواية وبي الفضل ،وهو الفضل بن العباس
بن عبد الطلب ابن عم النب صلى ال عليه وسلم .قال ابن معي :قتل يوم اليموك .وقال غيه :قتل
يوم مرج ال صفر سنة ثلث عشرة و هو ا بن اثنت ي وعشر ين سنة .وقال أ بو داود :ق تل بدم شق .كان
عليه درع رسول ال صلى ال عليه وسلم.
قوله :إنا الطية ما أمضاك أو ردك هذا حد الطية النهى عنها :أنا ما يمل النسان على الضمي فيما
أراده ،وينعه من الضي فيه كذلك .وأما الفأل الذي كان يبه النب صلى ال عليه وسلم فيه نوع من
بشارة ،في سر به الع بد ول يعت مد عل يه بلف ما يض يه أو يرده ،فإن للقلب عل يه نوع اعتماد .فاف هم
الفرق وال أعلم.
باب
ما جاء ف التنجيم
قال شيخ السلم رحه ال :التنجيم هو الستدلل بالحوال الفكلية على الوادث الرضية.
وقال الطاب :علم النجوم النهى عنه هو ما يدعيه أهل التنجيم من علم الكوائن والوادث الت ستقع
ف مستقبل الزمان ،كأوقات هبوب الرياح وميء الطر ،وتغي السعار ،وما ف معناها من المور الت
يزعمون أنا تدرك معرفتها بسي الكواكب ف ماريها ،واجتماعها وافتراقها ،يدعون أن لا تأثيا ف
السفليات ،وهذا منهم تكم على الغيب ،وتعاط لعلم قد استأثر ال به ،ول يعلم الغيب سواه.
قوله( :قال البخاري ف صحيحه :قال قتادة :خلق ال هذه النجموم لثلث :زينة للسماء ،ورجوما
للشياطي ،وعلمات يهتدى با ،فمن تأول فيها غي ذلك أخطأ وأضاع نصيبه ،وتكلف ما ل علم
له به) :
فتأمل ما أنكره هذا المام ما حدث من النكرات ف عصر التابعي ،وما زال الشر يزداد ف كل عصر
بعدهم حت بلغ الغاية ف هذه العصار ،وعمت به البلوى ف جيع المصار فمقل ومستكثر ،وعز ف
الناس من ينكره ،وعظمت الصيبة به ف الدين .فإنا ل وإنا إليه راجعون.
قوله :خلق ال هذه النجوم لثلث قال تعال " :ولقهد زينها السهماء الدنيها بصهابيح وجعلناهها رجوما
للشياطيه " وقال تعال " :وعلمات وبالنجهم ههم يهتدون " وفيهه إشارة إل أن النجوم فه السهماء
الدنيا ،كما روى ابن مردويه عن ابن مسعود رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم "
أما السماء الدنيا فإن ال خلقها من دخان وجعل فيها سراجا وقمرا منيا ،وزينها بصابيح وجعلها
رجوما للشياطي ،وحفظا من كل شيطان رجيم ".
قوله :وعلمات :أي دللت على الهات يهتدي با أي يهتدي با الناس ف ذلك .كما قال تعال" :
وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا با ف ظلمات الب والبحر " أي لتعرفوا با جهة قصدكم ،وليس
الراد أن يهتدي با ف علم الغيب ،كما يعتقده النجمون ،وقد تقدم وجه بطلنه وأنه ل حقيقة له كما
قال قتادة :فمن تأول فيها غي ذلك أي زعم فيها غي ما ذكر ال ف كتابه من هذه الثلث فقد أخطأ.
حيث زعم شيئا ما أنزل ال به من سلطان ،وأضاع نصيبه من كل خي ،لنه شغل نفسه با يضره ول
ينفعه.
فإن قيل :النجم قد يصدق ؟ قيل :صدقه كصدق الكاهن ،ويصدق ف كلمة ويكذب ف مائة .وصدقه
ليس عن علم ،بل قد يوافق قدرا ،فيكون فتنة ف حق من صدقه.
وعن ابن عباس رضي ال عنهما ف قوله " :وألقى ف الرض رواسي أن تيد بكم وأنارا وسبل لعلكم
تتدون * وعلمات " فقوله :علمات معطوف على ما تقدم ما ذكره ف الرض ،ث استأنف فقال" :
وبالنجم هم يهتدون " ذكره ابن جرير عن ابن عباس بعناه.
وقد جاءت الحاديث عن النب صلى ال عليه وسلم بإبطال علم التنجيم ،كقوله " :من اقتبس شعبة
من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر .زاد ما زاد ".
وعن رجاء بن حيوة أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن ما أخاف على أمت :التصديق بالنجوم،
والتكذ يب بالقدر ،وح يث الئمة " رواه عبد بن ح يد .و عن أ ب م جن مرفوعا " :أخاف على أمت
ثلثا :حيف الئمة ،وإيانا بالنجوم وتكذيبا للقدر " رواه ابن عساكر وحسنه السيوطي.
و عن أنس رضي ال مرفوعا "أخاف على أمت بعدي خصلتي :تكذيبا بالقدر ،وإيان بالنجوم " رواه
أ بو يعلي وا بن عدي والطاب ف كتاب النجوم وح سنه ال سيوطي أيضا .والحاد يث ف ذم التنج يم
والتحذير منه كثية.
قوله( :وكره قتادة تعلم منازل الق مر .ول ير خص ا بن عيي نة ف يه .ذكره حرب عنه ما .ور خص ف
تعلم النازل أحد وإسحاق) :
قال الطا ب :أما علم النجوم الذي يدرك من طر يق الشاهدة وال ب الذي يعرف به الزوال ،وتعلم به
جهة القبلة فإنه غي داخل فيما نى عنه .وذلك أن معرفة رصد الظل ليس شيئا أكثر من أن الظل ما
دام متناقصا فالشمس بعد صاعدة نو وسط السماء من الفق الشرقي ،وإذا أخد ف الزيادة فالشمس
هابطة من وسط السماء نو الفق الغرب ،وهذا علم يصح إدراكه بالشاهدة ،إل أن أهل هذه الصناعة
قد دبروها با اتذوه من اللت الت يستغن الناظر فيها عن مراعاة مدته ومراصدته .وأما ما يستدل به
من النجوم على جهة القبلة فإنا كواكب رصدها أهل البة من الئمة الذين ل نشك ف عنايتهم بأمر
الد ين ومعرفتهم ب ا و صدقهم في ما أ خبوا به عنها ،م ثل أن يشاهد ها بضرة الكع بة ويشاهد ها على
حال الغيبة عنها ،فكان إدراكهم الدللة منها بالعاينة ،وإدراكنا ذلك بقبول خبهم إذ كانوا عندنا غي
مهتمي ف دينهم ،ول مقصرين ف معرفتهم .انتهى.
وروى ابن النذر عن ماهد أنه كان ل يرى بأسا أن يتعلم الرجل منازل القمر .وروى عن إبراهيم أنه
كان ل يرى بأسا أن يتعلم الرجل من النجوم ما يهتدي به .قال ابن رجب :والأذون ف تعلمه التسيي
ل علم التأثي فإنه باطل مرم ،قليله وكثيه .وأما علم التسيي فيتعلم ما يتاج إليه منه للهتداء ومعرفة
القبلة والطرق جائز عند المهور.
قوله :ذكره حرب عنه ما هو المام الا فظ حرب بن إ ساعيل أ بو م مد الكرما ن الفق يه من جلة
أصحاب المام أحد .روى عن أحد وإسحاق وابن الدين وابن معي وغيهم .وله كتاب السائل الت
سئل عن ها المام أح د وغيه ،مات سنة ثان ي ومائت ي .وأ ما إ سحاق ف هو ا بن إبراه يم بن ملد أ بو
أيوب النظلي النيسابوري ،المام العروف بابن راهويه .روى عن ابن البارك وأب أسامة وابن عيينة
وطبقت هم .قال أح د :إ سحاق عند نا إمام من أئ مة ال سلمي .روى ع نه أح د والبخاري وم سلم وأ بو
داود وغيهم .وروى هو أيضا عن أحد .مات سنة تسع وثلثي ومائتي.
قال( :وعن أب موسى رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ثلثة ل يدخلون
النة :مدمن المر ،وقاطع الرحم ،ومصدق بالسحر " رواه أحد وابن حبان ف صحيحه) :
هذا الد يث رواه أيضا ال طبان والا كم وقال :صحيح .وأقره الذ هب .وتامه ومن مات و هو يدمن
المر سقاه ال من نر الغوطة :نر يري من فروج الومسات ،يؤذي أهل النار ريح فروجهن .
قوله :وعن أب موسى هو عبد ال بن قيس بن سليم بن حضار بفتح الهملة وتشديد الضاد ،أب موسى
الشعري .صحاب جليل .مات سنة خسي.
قوله :ثل ثة ل يدخلون ال نة هذا من ن صوص الوع يد ال ت كره ال سلف تأويل ها .وقالوا :أمرو ها ك ما
جاءت ،وعن تأولا فهو على خطر من القول على ال بل علم .وأحسن ما يقال :إن كل عمل دون
الشرك والك فر الخرج على ملة ال سلم فإ نه ير جع إل مشيئة ال ،فإن عذ به ف قد ا ستوجب العذاب،
وإن غفر له فبفضله وعفوه ورحته.
قوله :وقاطهع الرحهم يعنه القرابهة كمها قال تعال " :فههل عسهيتم إن توليتهم أن تفسهدوا فه الرض
وتقطعوا أرحامكم " الية.
قوله :وم صدق بال سحر أي مطلقا .وم نه التنج يم ،ل ا تقدم من الد يث .وهذا و جه مطاب قة الد يث
للترجة.
قال الذهب ف الكبائر :ويدخل فيه تعلم السيميا وعملها ،وعقد الرء عن زوجته ومبة الزوج لمرأته
وبغضها وبغضه .وأشباه ذلك بكلمات مهولة .قال :وكثي من الكبائر بل عامتها إل القل يهل خلق
من المة تريه ،وما بلغه الزجر فيه ،ول الوعيد عليه ا هه.
باب
ما جاء ف الستسقاء بالنواء
أي من الوع يد ،والراد :ن سبة ال سقيا وم يء ال طر إل النواء .ج ع نوء و هي منازل الق مر .قال أ بو
ال سعادات :و هي ثان وعشرون منلة .ينل الق مر كل ليلة من ها .وم نه قوله تعال " :والق مر قدرناه
منازل " يسقط ف الغرب كل ثلث عشرة ليلة منلة طلوع الفجر ،وتظلع أخرى مقابلتها ذلك الوقت
من الشرق ،فتقضي جيعها مع انقضاء السنة .وكانت العرب تزعم أن مع سقوط النلة وطلوع رقيبها
يكون مطر ،وينسبونه إليها ،ويقولون مطرنا بنوء كذا وكذا وإنا سى نوءا لنه إذا سقط الساقط منها
ناء الطالع بالشرق ،أي نض وطلع.
قال( :وقوله تعال " :وتعلون رزقكم أنكم تكذبون ") :
روى المام أحد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أب حات والضياء ف الختارة عن علي رضي ال
عنهه ،قال :قال رسهول ال صهلى ال عليهه وسهلم " " :وتعلون رزقكهم " يقول :شكركهم " أنكهم
تكذبون " تقولون :مطر نا بنوء كذا وكذا :بن جم كذا وكذا " و هذ أول ما ف سرت به ال ية .وروى
ذلك عن علي وابن عباس وقتادة والضحاك وعطاء الراسان وغيهم وهو قول جهور الفسرين وبه
يظهر وجه استدلل الصنف رحه ال بالية.
قال ا بن الق يم رح ه ال :أي تعلون حظ كم من هذا الرزق الذي به حيات كم :التكذ يب به ،يع ن
القرآن .قال ال سن :تعلون حظ كم ون صيبكم من القرآن أن كم تكذبون قال :وخ سر ع بد ل يكون
حظه من القرآن إل التكذيب.
قوله ( :عن أ ب مالك الشعري ر ضي ال ع نه أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال " :أر بع ف
أمت من أمر الاهلية ل يتركونن :الفخر بالحساب ،والطعن ف النساب ،والستسقاء بالنجوم،
والنياحة " .وقال " :النائحة إذا ل تتب قبل موتا تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع
من جرب " رواه مسلم ) :
أبو مالك اسه الرث بن الرث الشامي .صحاب تفرد عنه بالرواية أبو سلم .وف الصحابة أبو مالك
الشعري اثنان غي هذا.
قوله :أربع ف أمت من أمر بالاهلية ل يتركونن ستفعلها هذه المة إما مع العلم بتحريها أو مع الهل
بذلك ،مع كونا من أعمال الاهلية الذمومة الكروهة الحرمة .والراد بالاهلية هنا :ما قبل البعث،
سوا ذلك لفرط جهلهم .وكل ما يالف ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم فهو جاهلية ،فقد
خالف هم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ف كث ي من أمور هم أو أكثر ها .وذلك يدرك بتدبر القرآن
ومعرفة السنة .ولشخنا رحه ال مصنف لطيف ذكر فيه ما خالف رسول ال صلى ال عليه وسلم فيه
أهل الاهلية ،بلغ مائة وعشرين مسألة.
قال شيخ السلم رحه ال تعال :أخب أن بعض أمر الاهلية ل يتركه الناس كلهم ذما لن ل يتركه،
وهذا يقت ضي أن كل ما كان من أ مر الاهلية وفعلهم فهو مذموم ف د ين السلم ،وإل ل يكن ف
إضافة هذه النكرات إل الاهلية ذم لا ،ومعلوم أن إضافتها إل الاهلية خرج مرج الذم ،وهذا كقوله
تعال " :ول تبجن تبج الاهلية الول " فإن ف ذلك ذما للتبج وذما لال الاهلية الول ،وذلك
يقتضي النع من مشابتهم ف الملة.
قوله :الف خر بالح ساب أي التعا ظم على الناس بالباء ومآثر هم ،وذلك ج هل عظ يم ،إذ ل كرم إل
بالتقوى ،ك ما قال تعال " :إن أكرم كم ع ند ال أتقا كم " وقال تعال " :و ما أموال كم ول أولد كم
بال ت تقرب كم عند نا زل فى إل من آ من وع مل صالا فأولئك ل م جزاء الض عف ب ا عملوا و هم ف
الغرفات آمنون ".
ول ب داود عن أ ب هريرة مرفوعا " :إن ال قد أذ هب عن كم عب ية الاهل ية وفخر ها بالباء ،إن ا هو
مؤمن تقي ،أو فاجر شقي ،الناس بنو آدم وآدم من تراب ،ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنا فحم من
فحم جهنم ،أو ليكونن أهون على ال من العلن ".
ل بأمه
قوله :والطعن ف النساب أي الوقوع فيها بالعيب والتنقص .ولا عي أبو ذر رضي ال عنه رج ً
قال له النب صلى ال عل يه و سلم ":أعي ته بأ مه ؟ إ نك امرؤ ف يك جاهل ية " مت فق عل يه .فدل على أن
الطعن ف النساب من عمل الاهلية ،وأن السلم قد يكون فيه شئ من هذه الصال باهلية ويهودية
ونصرانية ،ول يوجب ذلك كفره ول فسقه .قاله شيخ السلم رحه ال.
قوله :وال ستسقاء بالنجوم أي ن سبة الطر إل النوء وهو سقوط النجم .كما أخرج المام أح د وابن
جر ير ال سوائي قال :سعت رسول ال صلى ال عل يه و سلم يقول ":أخاف على أم ت ثلثا :استسقاء
بالنجوم .وحيف السلطان .وتكذيبا بالقدر ".
فإذا قال قائلهم :مطرنا بنجم كذا أو بنوء كذا .فل يلوا إما أن يعتقد أن له تأثيا ف إنزال الطر .فهذا
شرك وك فر .و هو الذي يعتقده أ هل الاهل ية كاعتقاد هم أن دعاء ال يت والغائب يلب ل م نفعا ،أو
يد فع عن هم ضرا .أو أ نه يش فع بدعائ هم إياه ،فهذا هو الشرك الذي ب عث ال ر سوله صلى ال عل يه
وسلم بالنهي عنه وقتال من فعله .كما قال تعال" :وقاتلوهم حت ل تكون فتنة ويكون الدين كله ل "
والفت نة الشرك ،وإ ما أن يقول :مطر نا بنوء كذا مثل ،ل كن مع اعتقاده أن الؤ ثر هو ال وحده .لك نه
أجرى العادة بوجود الطر عند سقوط ذلك النجم ،والصحيح :أنه يرم نسبة ذلك إل النجم ولو على
طر يق الجاز ،ف قد صرح ا بن مفلح ف الفروع :بأ نه يرم قول مطر نا بنوء كذا وجزم ف الن صاف
بتحري ه ولو على طر يق الجاز ،ول يذ كر خلفا .وذلك أن القائل لذلك ن سب ما هو من ف عل ال
تعال الذي ل يقدر عل يه غيه إل خلق م سخر ل ين فع ول ي ضر ول قدرة له على شئ ،فيكون ذلك
شركا أصغر .وال أعلم.
قوله :والنياحهة أي رفهع الصهوت بالندب على اليهت لناه تسهخط بقضاء ال ،وذلك ينافه الصهب
الواجب ،وهي من الكبائر لشدة الوعيد والعقوبة.
قوله :والنائحة إذا ل تتب قبل موتا فيه تنبيه على أن التوبة تكفر الذنب وإن عظم ،هذا ممع عليه ف
الملة ،ويكفر أيضا السنات الاحية والصائب ،ودعاء السلمي بعضهم لبعض ،وبالشفاعة بإذن ال،
وعفو ال عمن شاء من ل يشرك به شيئا وف الديث عن ابن عمر مرفوعا ":إن ال تعال يقبل توبة
العبد ما ل يغرغر" رواه أحد والترمذي وابن ماجه وابن حبان.
قوله :تقام يوم القيامهة وعليهها سهربال مهن قطران ودرع مهن جرب قال القرطهب :السهربال واحهد
السرابيل ،وهي الثياب والقميص،يعن أنن يلطخن بالقطران ،فيكون لم كالقمص ،حت يكون اشتعال
النار بأجسادهن أعظم ،ورائحتهن أنت ،وألهن بسبب الرب أشد .وروى عن ابن عباس :إن القطران
هو النحاس الذاب.
قال"( :ولما عن زيد بن خالد رضي ال عنه قال :صلى لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم صلة
الصبح بالديبية على إثر ساء كانت من الليل ،فلما انصرف أقبل على الناس فقال :أتدرون ماذا
قال ربكم ؟ قالوا :ال ورسوله أعلم .قال :قال :أصبح من عبادي مؤمن ب وكافر ،فأما من قال:
مطرنا بفضل ال ورحته فذلك مؤمن ب كافر بالكوكب ،وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك
كافر ب مؤمن بالكوكب ") :
زيد بن خالد الهن صحاب مشهور ،مات سنة ثان وستي ،وقيل :غي ذلك ،وله خس وثانون سنة.
قوله :صلى لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم أي بنا ،فاللم بعن الباء .قال الافظ :وفيه إطلق ذلك
مازا .وإنا الصلة ل.
قوله :على إثر ساء كانت من الليل بكسر المزة وسكون الثلثة على الشهور ،وهو ما يعقب الشئ.
قوله :ساء أي مطر .لنه ينل من السحاب ،والسماء يطلق على كل ما ارتفع.
قوله :فل ما ان صرف أي من صلته ،أي الت فت إل الأموم ي ،ك ما يدل عل يه قوله :أق بل على الناس
ويتمل أنه أراد السلم.
قوله :هل تدرون لفظ استفهام ومعناه التنبيه .وف النسائي :أل تسمعوا ما قال ربكم الليلة ؟ وهذا من
الحاديث القدسية .وفيه إلقاء العال على أصحابه السألة ليختبهم.
قوله :قالوا ال ور سوله أعلم ف يه ح سن الدب للم سئول ع ما ل يعلم أن ي كل العلم إل عال ه .وذلك
يب.
قوله :أصبح من عبادي الضافة هنا للعموم بدليل التقسيم إل مؤمن وكافر كقوله تعال " :هو الذي
خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ".
قوله :مؤمهن به وكافهر إذا اعتقهد أن للنوء تأثيا فه إنزال الطهر فهذا كفهر لنهه أشرك فه الربوبيهة.
والشرك كافر .وإن ل يعتقد ذلك فهو من الشرك الصغر ،لنه نسب نعمة ال إل غيه ،ولن ال ل
يعل النوء سببا لنزال الطر فيه ،وإنا هو فضل من ال ورحته يبسه إذا شاء وينله إذا شاء.
ودل هذا الد يث على أ نه ل يوز ل حد أن يض يف أفعال ال إل غيه ولو على سبيل الجاز .وأيضا
الباء تتمل معان ،وكلها ل تصدق بذا اللفظ ،فليست للسببية ول للستعانة ،لا عرفت من أن هذا
باطل .ول تصدق أيضا على أنا للمصاحبة ،لن الطر قد ييء ف هذا الوقت وقد ل ييء فيه ،وإنا
ييء الطر ف الوقت الذي أراد ال ميئه فيه برحته وحكمته وفضله .فكل معن تمل عليه الباء ف هذا
اللفظ النهى عنه فاسد .فيظهر على هذا تري هذه اللفظة مطلقا لفساد العن .وقد تقدم القطع بتحريه
ف كلم صاحب الفروع والنصاف.
قال الصنف رحه ال :وفيه التفطن لليان ف هذا الوضع يشي إل أنه الخلص.
قوله :فأمها مهن قال :مطرنها بفضهل ال ورحتهه فالفضهل والرحةه صهفتان ل ،ومذههب أههل السهنة
والماعة :أن ما وصف ال به نفسه ووصفه به رسوله من صفات الذات :كالياة والعلم ،وصفات
الفعال ،كالرحة الت يرحم با عباده .كلها صفات ل قائمة بذاته ليست قائمة بغيه ،فتفطن لذا فقط
غلط فيه طوائف.
و ف هذا الد يث :إن ن عم ال ل يوز أن تضاف إل إل يه وحده ،و هو الذي ي مد علي ها ،وهذه حال
أهل التوحيد.
قوله :وأما من قال :مطرنا بنوء كذا وكذا إل أخره ،تقدم ما يتعلق بذلك.
قال الصنف رحه ال :وفيه التفطن للكفر ف هذا الوضع .
يشي إل أنه نسبة النعمة إل غي ال كفر ،ولذا قطع بعض العلماء بتحريه ،وإن ل يعتقد تأثي النوء
بإنزال الطر ،فيكون من كفر النعم ،لعدم نسبتها إل الذي أنعم با ،ونسبتها إل غيه ،كما سيأت ف
قوله تعال " :يعرفون نعمة ال ث ينكرونا ".
قال القرطب ف شرح حديث زيد بن خالد :وكانت العرب إذا طلع نم من الشرق وسقط آخر من
الغرب فحدث عند ذلك مطر أو ريح ،فمنهم من ينسبه إل الطالع ،ومنهم من ينسبه إل الغارب نسبة
إل إياد واختراع ،ويطلقون ذلك القول الذكور فه الديهث .فنههى الشارع عهن إطلق ذلك لئل
يعتقد أحد اعتقادهم ول يتشبه بم ف نطقهم .انتهى.
قوله :فمن هم من ين سبه ن سبة إياد يدل على أن بعض هم كان ل يعت قد ذلك ،ك ما قال تعال " :ولئن
سألتهم من نزل من السماء ماء فأحيا به الرض من بعد موتا ليقولن ال قل المد ل بل أكثرهم ل
يعقلون " فدل على أن منهم من يعرف ويقر بأن ال هو الذي أوجد الطر ،وقد يعتقد هؤلء أن النوء
فيه شيئا من التأثي ،والقرطب ف شرحه ل يصرح أن العرب كلهم يعتقدون ذلك العتقدالذي ذكره.
فل اعتراض عليه بلية للحتمال الذكور.
قوله( :ولما من حديث ابن عباس معناه ،وفيه :قال بعضهم :لقد صدق نوء كذا وكذا .فأنزل ال
هذه اليات " - :فل أق سم بوا قع النجوم * وإ نه لق سم لو تعلمون عظ يم * إ نه لقرآن كر ي * ف
كتاب مكنون * ل ي سه إل الطهرون * تن يل من رب العال ي * أفبهذا الد يث أن تم مدهنون *
وتعلون رزقكم أنكم تكذبون " .وبلفظه عن ابن عباس قال :مطر الناس على عهد النب صلى ال
عل يه و سلم فقال ال نب صلى ال عل يه و سلم ":أ صبح من الناس شا كر ،ومن هم كا فر .قالوا :هذه
رحة ال .وقال بعضهم :لقد صدق نوء كذا وكذا " .فقال :فنلت هذه الية " :فل أقسم بواقع
النجوم ") :
هذا قسم من ال عز وجل ،يقسم با شاء من خلقه على ما شاء .وجواب القسم " :إنه لقرآن كري "
فتكون ل صلة لتأكيد النفي ،فتقدير الكلم ،ليس المر كما زعمتم ف القرآن أنه سحر ،أو كهانة ،بل
هو قرآن كري .قال ابن جرير :قال بعض أهل العربية :معن قوله :فل أقسم فليس المر كما تقولون،
ث استؤنف القسم بعد فقيل :أقسم بواقع النجوم .قال ابن عباس :يعن نوم القرآن ،فإنه نزل جلة ليلة
القدر من ال سماء الدنيا ،ث نزل مفرقا ف السني بعد ،ث قرأ ا بن عباس هذه الية .ومواقع ها :نزول ا
شيئا بعد شئ .وقال ماهد :مواقع النجوم مطالعها ومشارقها .واختاره ابن جرير .وعلى هذه فتكون
الناسبة بي القسم به والقسم عليه وهو القرآن من وجوه :أحدها :أن النجوم جعلها ال يهتدي با ف
ظلمات الب والبحهر ،وآيات القرآن يهتدي باه فه ظلمات الغهي والههل .فتلك هدايهة فه الظلمات
السية ،والقرآن هداية ف الظلمات العنوية .فجمع بي الدايتي مع ما ف النجوم من الزينة الظاهرة.
وف القرآن من الزينة الباطنة ،ومع ما ف النجوم من الرجوم للشياطي ،وف القرآن من رجوم شياطي
ال ن وال نس .والنجوم آيا ته الشهودة العيان ية ،والقرآن آيا ته التلوة ال سمعية ،مع ما ف مواقع ها ع ند
الغروب من العبة والدللة على آياته القرآنية ومواقعها عند النول ذكره ابن القيم رحه ال.
وقوله " :وإ نه لق سم لو تعلمون عظ يم " قال ا بن كث ي :أي وإن هذا الق سم الذي أق سمت به لق سم
عظيم لو تعلمون عظمته لعظمتم القسم به عليه.
وقوله " :إ نه لقرآن كر ي " هذا هو الق سم عل يه ،و هو القرآن ،أي إ نه و حي ال وتنيله وكل مه ،ل
كما يقول الكفار :إنه سحر أو كهانة ،أو شعر .بل هو قرآن كري أي عظيم كثي الي لنه كلم ال.
قال ابن القيم رحه ال تعال :فوصفه با يقتضي حسنه وكثرة خيه ومنافعه وجللته ،فإن الكري هو
البهي الكثي الي العظيم ،وهو من كل شئ أحسنه وأفضله .وال سبحانه وتعال وصف نفسه بالكرم
وو صف به كل مه ،وو صف به عر شه ،وو صف به ما ك ثر خيه وح سن منظره من النبات وغيه
ولذلك فسر السلف الكري بالسن قال الزهري :الكري اسم جامع لا يمد،وال تعال كري جيل
الفعال ،وإنه لقرآن كري يمد لا فيه من الدى والبيان والعلم والكمة.
وقوله " :ف كتاب مكنون " أي ف كتاب معظم مفوظ موقر ،قاله ابن كثي.
وقال ا بن الق يم رح ه ال تعال :اختلف الف سرون ف هذا ،فق يل :هو اللوح الحفوظ وال صحيح أ نه
الكتاب الذي بأيدي اللئكة ،و هو الذكور ف قوله " :ف صحف مكرمة * مرفو عة مطهرة * بأيدي
سفرة * كرام بررة " ويدل على أنه الكتاب الذي بأيدي اللئكة قوله " :ل يسه إل الطهرون " فهذا
يدل على أنه بأيديهم يسونه.
قوله " :ل ي سه إل الطهرون " قال ا بن عباس ر ضي ال عنه ما :ل ي سه إل الطهرون .قال :الكتاب
الذي ف السماء وف رواية ل يسه إل الطهرون يعن اللئكة وقال قتادة :ل يسه عند ال إل الطهرون
فأما ف الدنيا فإنه يسه الجوسي النجس والنافق الرجس واختار هذا القول كثيون ،منهم ابن القيم
رحه ال ورجحه ،وقال ابن زيد :زعمت قريش أن هذا القرآن تنلت به الشياطي ،فأخب ال تعال أنه
ل يسه إل الطهرون كما قال تعال " :وما تنلت به الشياطي * وما ينبغي لم وما يستطيعون * إنم
عن ال سمع لعزولون " قال ا بن كث ي :هذا قول ج يد .و هو ل يرج عن القول قبله .وقال البخاري
رحه ال تعال ف صحيحه ف هذه الية :ل يد طعمه إل من آمن به .
قال ابن القيم رحه ال :هذا من إشارة الية وتنبيهها ،وهو أنه ل يلتذ به وبقراءته وفهمه وتدبره إل
من يشهد أنه كلم ال تكلم به حقا ،وأنزله على رسوله وحيا .ل ينال معانيه إل من ل يكن ف قلبه
حرج منه بوجه من الوجوه.
وقال آخرون " :ل يسه إل الطهرون " أي من النابة والديث .قالوا :ولفظ الية خب معناه الطلب.
قالوا :والراد بالقرآن ههنا الصحف .واحتجوا على ذلك با رواه مالك ف الوطأ عن عبد ال بن ممد
بن أ ب ب كر بن م مد بن عمرو بن حزم :إن ف الكتاب الذي كت به ر سول ال صلى ال عل يه وسلم
لعمرو بن حزم :أن ل يس القرآن إل طاهر .
وقوله ":تنيل من رب العالي " قال ابن كث ي :هذا القرآن منل من رب العالي وليس كما يقولون
إنه سحر أو كهانة أو شعر،بل هو الق الذي ل مرية فيه ،وليس وراءه حق نافع .وف هذه الية :أنه
كلم ال تكلم به.
قال ا بن الق يم رح ه ال :ونظيه " :ول كن حق القول م ن " وقوله " :قل نزله روح القدس من ر بك
بالق " هو إثبات علو ال تعال على خلقه .فإن النول والتنيل الذي تعقله العقول وتعرفه الفطر هو
وصول الشئ من أعلى إل أسفل ول يرد عليه قوله " :وأنزل لكم من النعام ثانية أزواج" لنا نقول:
إن الذي أنزلا فوق ساواته .فأنزلا لنا بأمره.
قال ا بن الق يم رح ه ال :وذ كر التن يل مضافا إل ربوبي ته للعال ي ال ستلزمة لل كه ل ا وت صرفه في هم،
وحكمه عليهم ،وإحسانه إليهم ،وإنعامه عليهم ،وأن من هذا شأنه مع اللق كيف يليق به مع ربوبيته
التامة أن يتكرهم سدى ،ويدعهم هلً ،ويلقهم عبثا .ل يأمرهم ول ينهاهم ول يثيبهم ول يعاقبهم ؟
ف من أ قر بأ نه رب العال ي أ قر بأن القرآن تنيله على ر سوله .وا ستدل بكو نه رب العال ي على ثبوت
رسالة رسوله وصحة ما جاء به ،وهذا الستدلل أقوى وأشرف من الستدلل بالعجزات والوارق.
وإن كانت دللتها أقرب إل أذهان عموم الناس .وذلك إنا تكون لواص العقلء.
قوله " :أفبهذا الديث أنتم مدهنون " :قال ماهد :أتريدون أن تالئوهم فيه وتركنوا إليهم ؟.
قال ابن القيم رحه ال تعال :ث وبهم على وضعهم الدهان ف غي موضعه ،وأنم يداهنون فيما حقه
أن ي صدع به ويعرف به ،وي عض عل يه بالنوا جذ ،وتث ن عل يه النا صر ،وتع قد عل يه القلوب والفئدة،
ويارب وي سال لجله ،ول يلتوى ع نه ينة ول ي سرة ،ول يكون للقلب التفات إل غيه ،ول ماكمة
إل إل يه ،ول ما صمة إل به ،ول اهتداء ف طرق الطالب العال ية إل بنوره،ول شفاء إل به ،ف هو روح
الوجود ،وحياة العال ،ومدار السهعادة ،وقائد الفلح ،وطريهق النجاة ،وسهبيل الرشاد،ونور البصهائر.
فكيف تطلب الداهنة با هذا شأنه ،ول ينل للمداهنة ،وإنا نزل بالق وللحق ،والداهنة إنا تكون ف
باطل قوى ل تكن إزالته ،أو ف حق ضعيف ل تكن إقامته ،فيحتاج الداهن إل أن يترك بعض الق
ويلتزم بعض الباطل ،فأما الق الذي قام به كل حق فكيف يداهن به ؟
قوله " :وتعلون رزقكم أنكم تكذبون " تقدم الكلم عليها أول الباب ،وال تعال أعلم.
باب
قول ال تعال ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا
قوله( :باب قول ال تعال " :ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا يبونم كحب ال ") :
لا كانت مبته سبحانه هي أصل دين السلم الذي يدور عليه قطب رحاه ،فبكمالا يكمل ،وبنقصها
ينقص توحيد النسان ،نبه الصنف على ذلك بذه الترجة.
قوله تعال " :ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا " الية.
قال ف شرح النازل :أخب تعال أن من أحب من دون ال شيئا كما يب ال تعال فهو من اتذ من
دون ال أندادا ،فهذا ند ف الحبة ل ف اللق والربوبية ،فإن أحدا من أهل الرض ل يثبت هذا الند،
بلف ند الحبة .فإن أكثر أهل الرض قد اتذوا من دون ال أندادا ف الب والتعظيم .ث قال تعال:
" يبونم كحب ال " وف تقدير الية قولن:
أحدها :والذين آمنوا أشد حبا ل من أصحاب النداد لندادهم وآلتهم الت يبونا ويعظمونا من
دون ال.
وروى ا بن جر ير عن ما هد ف قوله تعال " :يبون م ك حب ال " مباهاة ومضاهاة لل حق بالنداد "
والذ ين آمنوا أشد حبا ل" من الكفار لوثانم .ث روى عن ا بن ز يد قال :هؤلء الشركون أنداد هم
آلت هم ال ت عبدوا مع ال يبون م ك ما ي ب الذ ين آمنوا ال ،والذ ين آمنوا أ شد حبا ل من حب هم
آلتهم .انتهى.
والثان :والذين آمنوا أشد حبا ل من الشركي بالنداد ل ،فإن مبة الؤمني خالصة ،ومبة أصحاب
النداد قد ذه بت أنداد هم بق سط من ها ،والح بة الال صة أ شد من الشتر كة .والقولن مرتبان على
القولي ف قوله تعال " :يبونم كحب ال " فإن فيها قولي أيضا:
أحدها :يبونم كما يبون ال .فيكون قد أثبت لم مبة ال .ولكنها مبة أشركوا فيها مع ال تعال
أندادهم.
والثان :أن العن يبون أندادهم كما يب الؤمنون ال ،ث بي تعال أن مبة الؤمني ل أشد من مبة
أصحاب النداد لندادهم.
وكان شيخ السلم ابن تيمية رحه ال يرجح القول الول ويقول :إنا ذموا بأن شركوا بي ال وبي
أنداد هم ف الح بة ول يل صوها ل كمح بة الؤمن ي له ،وهذه الت سوية الذكورة ف قوله تعال حكا ية
عنهم ،وهم ف النار أنم يقولون للتهم وأندادهم وهي مضرة معهم ف العذاب " ، :تال إن كنا لفي
ضلل مبي * إذ نسويكم برب العالي " ومعلوم أنم ما سووهم برب العالي ف اللق والربوبية وإنا
سووهم به ف الح بة والتعظ يم،وهذا أيضا هو العدل الذكور ف قوله تعال " :ال مد ل الذي خلق
السموات والرض وجعل الظلمات والنور ث الذين كفروا بربم يعدلون " به غيه ف العبادة الت هي
الحبة والتعظيم.
وقال تعال " :قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال " وهذه تسمى آية الحنة .قال بعض السلف:
ادعى قوم مبة ال فأنزل ال تعال آية الحنة " :قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال " إشارة إل
دليل الحبة وثرتا وفائدتا ،فدليلها وعلمتها :اتباع الرسول صلى ال عليه وسلم وفائدتا وثرتا ،مبة
الرسل لكم ،فما ل تصل منكم التابعة فمحبتكم له غي حاصلة ،ومبته لكم منتفية.
وقال تعال " :يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأت ال بقوم يبهم ويبونه أذلة على
الؤمني أعزة على الكافرين ياهدون ف سبيل ال ول يافون لومة لئم " ذكر لا أربع علمات:
إحداها :أنم أذلة على الؤمني ،قيل :معناه أرقاء رحاء مشفقي عاطفي عليهم ،فلما ضمن أذلة هذا
الع ن عداه بأداة على .قال عطاء رح ه ال :للمؤمن ي كالولد لوالده وكالع بد ل سيده ،وعلى الكافر ين
كالسد على فريسته " ،أشداء على الكفار رحاء بينهم ".
العلمة الثالثة :الهاد ف سبيل ال بالنفس واليد والال واللسان .وذلك تقيق دعوى الحبة.
العل مة الرابعة :إن م ل تأخذ هم ف ال لومة لئم .وهذه عل مة صحة الح بة .ف كل م ب أخذه اللوم
على مبوبه فليس بحب على القيقة .وقال تعال " :أولئك الذين يدعون يبتغون إل ربم الوسيلة أيهم
أقرب ويرجون رحته ويافون عذابه " فذكر القامات الثلثة :الب .وهو ابتغاء القرب إليه ،والتوسل
إليهه بالعمال الصهالة .والرجاء والوف يدل على أن ابتغاء الوسهيلة أمهر زائد على رجاء الرحةه
وخوف العذاب ،و من العلوم قطعا أ نه ل يتنا فس إل ف قرب من ي ب قر به ،و حب قر به ت بع لح بة
ذاته ،بل مبة ذاته أوجبت مبة القرب منه .وعند الهمية والعطلة :ما من ذلك كله شئ فإنه عندهم ل
تقرب ذاته من شئ ،ول يقرب من ذاته شئ ،ول يب ،فأنكروا حياة القلوب ،ونعيم الرواح وبجة
النفوس ،وقرة العيون وأعلى نعيم الدنيا والخرة .ولذلك ضربت قلوبم بالقسوة وضرب دونم ودون
ال حجاب على معرفتهه ومبتهه،فل يعرفونهه ول يبونهه ول يذكرونهه إل عنهد تعطيهل أسهائه
وصهفاته،فذكرههم أعظهم آثامههم وأوزارههم ،بهل يعاقبون من يذكره بأسهائه و صفاته ونعوت جلله
ويرمونم بالدواء الت هم أحق با وأهلها .وحسب ذي البصية وحياة القلب ما يرى على كلمهم
من القسوة والقت والتنفي عن مبة ال تعال ومعرفته وتوحيده وال الستعان.
وقال رحهه ال تعال أيضا :ل تده الحبهة بده أوضهح منهها ،فالدود ل تزيدهها إل خفاء .فحدهها
وجودها ول توصف الحبة بوصف أظهر من الحبة ،وإنا يتكلم الناس ف أسبابا وموجباتا وعلماتا
وشواهدها وثراتا وأحكامها .وأجع ما قيل ف ذلك :ما ذكره أبو بكر الكتان عن النيد.
قال أبو بكر :جرت مسألة ف الحبة بكة أعزها ال ف أيام الوسم فتكلم الشيوخ فيها ،وكان النيد
أصغرهم سنا ،فقالوا :هات ما عندك يا عراقي ،فأطرق رأسه ودمعت عيناه ،ث قال :عبد ذاهب عن
نفسه ،متصل بذكر ربه ،قائم بأداء حقوقه ،ناظر إليه بقلبه ،أحرق قلبه أنوار هيبته ،وصفا شرابه من
كأس مودته ،وانكشف له الياء من أستار غيبه ،فإن تكلم فبال ،وإن نطق فعن ال ،وإن ترك فبأمر
ال ،وإن سكن فمع ال ،فهو ل وبال ومع ال .فبكى الشيوخ وقالوا :ما على هذا مزيد ،جبك ال يا
تاج العارفي .
فمن هذه السباب العشرة وصل الحبون إل منازل الحبة ودخلوا على البيب.
قوله( :وقول ال تعال " :قل إن كان آباؤكم وأبناؤ كم وإخوان كم وأزواجكم وعشيت كم وأموال
اقترفتموها وتارة تشون كسادها ومساكن ترضونا أحب إليكم من ال ورسوله وجهاد ف سبيله
فتربصوا حت يأت ال بأمره وال ل يهدي القوم الفاسقي ") :
أمر ال نبيه صلى ال عليه وسلم أن يتوعد من أحب أهله وماله وعشيته وتارته ومسكنه فآثارها ،أو
بعضها على فعل ما أوجبه ال عليه من العمال الت يبها ال تعال ويرضاها ،كالجرة والهاد ونو
ذلك.
قال العماد ابن كثي رحه ال تعال :أي إن كانت هذه الشياء " أحب إليكم من ال ورسوله وجهاد
ف سبيله فترب صوا " أي انتظروا ما ي ل ب كم من عقا به .روى المام أح د وأ بو داود والل فظ له من
حد يث أ ب ع بد الرح ن ال سلمي عن عطاء الرا سان عن نا فع عن ا بن ع مر ر ضي ال عنه ما قال:
سعت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم يقول ":إذا تبايع تم بالعي نة ،وأخذ ت أذناب الب قر ،ورضيت هم
بالزرع ،وتركتم الهاد،سلط ال عليكم ذلً ل ينعه عنكم حت تراجعوا دينكم ".
فل بد من إيثار ما أحبه ال من عبده وأراده على ما يبه العبد ويريده ،فيحب ما يبه ال ويبغض ما
يبغضه ،ويوال فيه ويعادي فيه ويتابع رسوله صلى ال عليه وسلم كما تقدم ف آية الحنة ونظائرها.
قوله( :وعن أنس رضي ال عنه :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يؤمن أحدكم حت
أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجعي " أخرجاه أي البخاري ومسلم) :
قوله :ل يؤمن أحدكم أي اليان الواجب ،والراد كماله ،حت يكون الرسول أحب إل العبد من ولده
ووالده والناس أجعي ،بل ول يصل هذا الكمال إل بأن يكون الرسول أحب إليه من نفسه ،كما ف
الديث " :أن عمر بن الطاب رضي ال عنه قال :يا رسول ال لنت أحب إل من كل شئ إل من
نفسي .فقال :والذي نفسي بيده حت أكون أحب إليك من نفسك ،فقال له عمر :فإنك الن أحب
إل من نفسي ،فقال :الن يا عمر " رواه البخاري.
فمهن قال :إن النفهي ههو الكمال ،فإن أراد الكمال الواجهب الذي يذم تاركهه ويعرض للعقوبهة فقهد
صدق ،وإن أراد أن الن في الكمال ال ستحب ،فهذا ل ي قع قط ف كلم ال ور سوله صلى ال عل يه
وسلم .قاله شيخ السلم رحه ال.
فمن ادعى مبة النب صلى ال عليه وسلم بدون متابعة وتقدي قوله على قول غيه فقد كذب كما قال
تعال " :ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالؤمني "
فنفى اليان عمن تول عن طاعة الرسول صلى ال عليه وسلم ،لكن كل مسلم يكون مبا بقدر ما
معه من السلم وكل مسلم ل بد أن يكون مؤمنا وإن ل يكن مؤمنا اليان الطلق .لن ذلك ليصل
إل لواص الؤمني.
قال شيخ السلم رحه ال :وعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر ،أو ولدوا على السلم والتزموا شرائعه
وكانوا من أهل الطاعة ل ورسوله .فهم مسلمون ومعهم إيان ممل ،لكن دخول حقيقة اليان إل
قلوبمه يصهل شيئا فشيئا إن أعطاههم ال ذلك ،وإل فكثيه مهن الناس ل يصهلون إل اليقيه ول إل
ه يدرأ
الهاد ،ولو شككوا لشكوا ،ولو أمروا بالهاد لاه جاهدوا .إذ ليهس عندههم مهن علم اليقيه م ا
الر يب ،ول عند هم من قوة ال ب ل ور سوله ما يقدمو نه على ال هل والال ،فهؤلء إن عرفوا من
الحنة ماتوا ودخلوا النة ،وإن ابتلوا بن يدخل عليهم شبهات توجب ريبهم فإن ل ينعم ال عليهم با
يزيل الريب وإل صاروا مرتابي ،وانتقلوا إل نوع من النفاق .انتهى.
وف هذا الديث :أن العمال من اليان .لن الحبة عمل القلب.
وف يه :أن م بة الر سول صلى ال عل يه و سلم واج بة تاب عة لح بة ال لز مة ل ا ،فإن ا ل ولجله ،تز يد
بزيادة مبة ال ف قلب الؤمن وتنقص بنقصها ،وكل من كان مبا ل فإنا يب ف ال ولجله كما
يب اليان والعمل الصال .وهذه الحبة ليس فيها شئ من شوائب الشرك كالعتماد عليه ورجائه ف
حصول مرغوب منه أو دفع مرهوب منه .وما كان فيها ذلك فمحبته مع ال لا فيها من التعلق على
غيه والرغ بة إل يه من دون ال ،فبهذا ي صل التمي يز ب ي الح بة ف ال ولجله ،ال ت هي من كمال
التوحيد ،وبي الحبة مع ال الت هي مبة النداد من دون ال لا يتعلق ف قلوب الشركي من اللية
الت ل توز إل ل وحده.
قوله( :ولما عنه أي البخاري ومسلم ،عن أنس رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه
وسلم " :ثلث من كن فيه وجد حلوة اليان :أن يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها ،وأن
ي ب الرء ل ي به إل ل ،وأن يكره أن يعود ف الك فر ب عد إذ أنقذه ال م نه ك ما يكره أن يقذف
بالنار " وف رواية :ل يد أحد حلوة اليان حت يب الرء ل يبه إل ل ...إل) :
قوله :وجد بن حلوة اليان اللوة هنا هي الت يعب عنها بالذوق لا يصل به من لذة القلب ونعيمه
وسروره وغذائه ،وهي شئ مسوس يده أهل اليان ف قلوبم.
قال السيوطي رحه ال ف التوشيح :وجد حلوة اليان فيه استعارة تييلية .شبه رغبة الؤمن ف اليان
بشئ حلو،وأثبت له لزم ذلك الشئ ،وأضافه إليه.
وقال النووي :معنه حلوة اليان اسهتلذاذ الطاعات وتمهل الشاق وإيثار ذلك على أغراض الدنيها،
ومبة العبد ل بفعل طاعته وترك مالفته .وكذلك الرسول صلى ال عليه وسلم.
قال يي بن معاذ :حقيقة الب ف ال :أن ل يزيد بالب ول ينقص بالفاء.
قوله :أن يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها يعن بالسوى :ما يبه النسان بطبعه ،كمحبة الولد
والال والزواج ونوها .فتكون أحب هنا على بابا.
وأمها الحبهة الشركيهة الته قهد تقدم بياناه فقليلهها وكثيهها ينافه مبهة ال ورسهوله وفه بعهض
الحاد يث":أحبوا ال ب كل قلوب كم" ف من علمات م بة ال ور سوله :أن ي ب ما ي به ال ويكره ما
يكرهه ال ،ويؤثر مرضاته على ما سواه ،ويسعى ف مرضاته ما استطاع ،ويبعد عما حرمه ال ويكرهه
أشد الكراهة ،ويتابع رسوله ويتثل أمره ويترك نيه ،كما قال تعال " :من يطع الرسول فقد أطاع ال
" ف من آثر أمر غيه على أمره وخالف ما ن ى عنه ،فذلك أ حب ال وأطا عه أحب الر سول وأطاعه.
ومن ل فل ،كما ف آية الحنة ،ونظائرها .وال الستعان.
قال شيخ السلم رحه ال تعال :أخب النب صلى ال عليه وسلم أن هذه الثلث من كن فيه وجد
حلوة اليان .لن وجود اللوة لل شئ يت بع الح بة له ف من أ حب شيئا واشتهاه ،إذا ح صل له مراده
فإ نه ي د اللوة واللذة وال سرور بذلك ،واللذة أ مر ي صل عق يب إدراك اللئم الذي هو الحبوب أو
الشتههى .قال :فحلوة اليان التضمنهة للذة والفرح تتبهع كمال مبهة العبهد ل .وذلك بثلثهة أمور:
تكميل هذه الحبة وتفريغها ،ودفع ضدها .فتكميلها أن يكون ال ورسوله أحب إل العبد ما سواها،
فإن مبة ال ورسوله ل يكتفى فيها بأصل الب ،بل أن يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها.
قلت :ومبة ال تعال تستلزم مبة طاعته ،فإنه يب من عبده أن يطيعه .والحب يب ما يبه مبوبه
ول بد.
ومن لوازم مبة ال أيضا :مبة أهل طاعته ،كمحبة أنبيائه ورسله والصالي من عباده .فمحبة ما يبه
ال ومن يبه ال من كمال اليان ،كما ف حديث ابن عباس الت.
قال :وتفريغهها .أن يبه الرء ل يبهه إل ل ،قال :ودفهع ضدهها أن يكره ضهد اليان كمها يكره أن
يقذف ف النار .انتهى.
قوله :أحب إليه ما سواها فيه جع ضمي ال تعال وضمي رسوله صلى ال عليه وسلم وفيه قولن:
أحدها :أنه ثن الضمي هنا إياء إل أن العتب هو الجموع الركب من الحبتي ،ل كل واحدة فإنا
وحدها لغية .وأمر بالفراد ف حديث الطيب إشعارا بأن كل واحد من العصياني مستقل باستلزام
الغواية إذ العطف ف تقدير التكرير ،والصل استقلل كل من العطوفي ف الكم.
وجواب ثالث :وهو أن هذا وارد على الصل ،وحديث الطيب ناقل فيكون أرجح.
قوله :ك ما يكره أن يقذف ف النار أي ي ستوى عنده المران .وف يه رد على الغلة الذ ين يتوهون أن
صدور الذنب من العبد نقص ف حقه مطلقا وإن تاب منه.
وال صواب :أ نه إن ل ي تب كان نق صا وإن تاب فل ،ولذا كان الهاجرون والن صار ر ضي ال عن هم
أفضل هذه المة مع كونم ف الصل كفارا فهداهم ال إل السلم ،والسلم يحو ما قبله ،وكذلك
الجرة .كما صح الديث بذلك.
قوله :وف رواية " :ل يد أحد" :هذه الرواية أخرجها البخاري ف الدب من صحيحه .ولفظها :ل
يد أحد حلوة اليان حت يب الرء ل يبه إل ل ،وحت أن يقذف ف النار أحب إليه من أن يرجع
إل الكفر بعد إذ أنقذه ال منه ،وحت يكون ال ورسوله أحب إليه ما سواها .
و قد تقدم أن الح بة ه نا عبارة ع ما يده الؤ من من اللذة والبه جة وال سرور والجلل والي بة ولوازم
ذلك ،قال الشاعر:
قوله ( :وعن ابن عباس رضي ال عنهما" :من أحب ف ال ،وأبغض ف ال ،ووال ف ال ،وعادى
ف ال ،فإنا تنال ولية ال بذلك ،ولن يد عبد طعم اليان وإن كثرت صلته وصومه حت يكون
كذلك .وقد صارت عامة مؤاخاة الناس على أمر الدنيا ،وذلك ل يدي على أهله شيئا " رواه ابن
جرير) :
قوله :ومن أحب ف ال أي أحب أهل اليان بال وطاعته من أجل ذلك.
قوله :وأبغض ف ال أي أبغض من كفر بال وأشرك به وفسق عن طاعته لجل ما فعلوه ما يسخط ال
وإن كانوا أقرب الناس إليه ،ك ما قال تعال " :ل تد قوما يؤمنون بال واليوم الخر يوادون من حاد
ال ورسوله " الية.
قوله :ووال فه ال هذا والذي قبله مهن لوازم مبهة العبهد ل تعال ،فمهن أحهب فيهه ،ووال أولياءه،
وعادى أ هل مع صيته وأبغض هم ،وجا هد أعداءه ون صر أن صاره .وكل ما قو يت م بة الع بد ل ف قل به
قويت هذه العمال الترتبة عليها ،وبكمالا يكمل توحيد العبد ،ويكون ضعفها على قدر ضعف مبة
العبد لربه ،فمقل ومستكثر ومروم.
قوله :فإناه تنال وليهة ال بذلك أي توليهه لعبده .و وليهة بفتهح الواو ل غيه :أي الخوة والحبهة
والنصرة ،وبالكسر المارة ،والراد هنا الول .ولحد والطبان عن النب صلى ال عليه وسلم قال" :
ل يد العبد صريح اليان حت يب ل ويبغض ل .فإذا أحب ل وأبغض ل ،فقد استحق الولية ل "
وف حديث آخر " :أوثق عري اليان الب ف ال ،والبغض ف ال عز وجل " رواه الطبان.
قوله :ولن يده ع بد ط عم اليان إل آخره .أي ل ي صل له ذوق اليان ولذ ته و سروره وإن كثرت
صلته وصومه ،حت يكون كذلك ،أي حت يب ف ال ويبغض ف ال ،ويعادي ف ال ،ويوال فيه.
وف حديث أب أمامة مرفوعا " :من أحب ال وأبغض ل وأعطى ل ومنع ل فقد استكمل اليان "
رواه أبو داود.
قوله :و قد صارت عا مة مؤاخاة الناس على أ مر الدن يا .وذلك ل يدي على أهله شيئا أي ل ينفع هم،
بل يضرهم كما قال تعال " ، :الخلء يومئذ بعضهم لبعض عدو إل التقي " فإذا كانت البلوى قد
عمت بذا ف زمن ابن عباس خي القرون ف ما زاد المر بعد ذلك إل شدة ،حت وقعت الوالة على
الشرك والبدع والف سوق والعصيان .وقد و قع ما أ خب به صلى ال عل يه وسلم بقوله " :بدأ ال سلم
غريبا وسيعود غريبا كما بدأ " .وقد كان الصحابة رضي ال عنهم من الهاجرين والنصار ف عهد
نبيهم صلى ال عليه وسلم وعهد أب بكر وعمر رضي ال عنهما يؤثر بعضهم بعضا على نفسه مبة ف
ال وتقربا إليه ،كما قال تعال " :ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بم خصاصة " وعن ابن عمر رضي
ال عنهما قال :لقد رأيتنا على عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم وما منا أحد يرى أنه أحق بديناره
ودرهه من أخيه السلم رواه ابن ماجه.
قوله( :وقال ابن عباس ف قوله تعال " :وتقطعت بم السباب " قال :الودة) :
هذا الثر رواه عبد بن حيد وابن جرير وابن النذر وابن أب حات والاكم وصححه.
قوله :قال الودة أي الت كانت بينهم ف الدنيا خانتهم أحوج ما كانوا إليها ،وتبأ بعضهم من بعض،
كما قال تعال " :وقال إنا اتذت من دون ال أوثانا مودة بينكم ف الياة الدنيا ث يوم القيامة يكفر
بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ".
قال العا مة ا بن الق يم ف قوله تعال " ، :إذ تبأ الذ ين اتبعوا من الذ ين اتبعوا ورأوا العذاب " اليت ي
فهؤلء التبوعون كانوا على الدى وأتباع هم ادعوا أن م على طريق هم ومناهج هم ،و هم مالفون ل م
سالكون غي طريقهم ،ويزعمون أن مبتهم لم تنفعهم مع مالفتهم ،فيتبآون منهم يوم القيامة فإنم
اتذو هم أولياء من دون ال .وهذا حال كل من ات ذ من دون ال أولياء ،يوال ل م ،ويعادي ل م،
ويرضى لم ،ويغضب لم ،فإن أعماله كلها باطلة ،يراها يوم القيامة حسرات عليه مع كثرتا وشدة
تعبه فيها ونصبه ،إذ ل يرد موالته ومعاداته وحبه وبغضه وإنتصاره وإيثاره ل ورسوله ،فأبطل ال عز
و جل ذلك الع مل كله .وق طع تلك ال سباب .فينق طع يوم القيا مة كل سبب و صلة وو سيلة ومودة
كانت لغي ال ،ول يبقى إل السبب الواصل بي العبد وربه .وهو حظه من الجرة إليه وإل رسوله
وتريده عباد ته ل وحده ولوازم ها :من ال ب والب غض ،والعطاء وال نع ،والوالة والعاداة ،والتقرب
والبعاد ،وتر يد ومتاب عة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم تريدا مضا بريئا من شوائب اللتفات إل
ل عن الشرك بي نه وب ي غيه ،فضلً عن تقد ي قول غيه عل يه .فهذا ال سبب هو الذي ل غيه ،فض ً
ينقطع بصاحبه .وهذه هي النسبة الت بي العبد وربه ،وهي نسبة العبودية الحضة ،وهي آخيته الت
يول ما يول وإليها مرجعه ،ول تتحقق إل بتجريده متابعة الرسل صلوات ال وسلمه عليهم ،إذ هذه
العبودية إنا جاءت على ألسنتهم ،وما عرفت إل بم ول سبيل إلي ها إل بتابعتهم .وقد قال تعال" :
وقدمنا إل ما عملوا من عمل فجعلناه هبا ًء منثورا " فهذه هي العمال الت كانت ف الدنيا على غي
سنة رسله وطريقتهم ولغي وجهه ،يعلها ال هبا ًء منثورا ل ينتفع منها صحابا بشئ أصلً .وهذا من
أع ظم السرات على الع بد يوم القيامة :أن يرى سعيه ضائعا .وقد سعد أ هل ال سعي النافع بسعيهم.
انتهى ملخصا.
باب
قول ال تعال إنا ذلكم الشيطان يوف أولياءه
قوله( :باب قول ال تعال " :إناس ذلكسم الشيطان يوف أولياءه فل تافوهسم وخافون إن كنتسم
مؤمني ") :
الوف من أفضل مقامات الدين وأجلها ،وأجع أنواع العبادة الت يب إخلصها ل تعال .قال تعال:
" وهم من خشيته مشفقون " وقال تعال " :يافون ربم من فوقهم " وقال تعال " :ولن خاف مقام
ربههه جنتان " وقال تعال " :فإياي فارهبون " وقال تعال " :فل تشوا الناس واخشون " وأمثال هذه
اليات ف القرآن كثي.
أحد ها :خوف ال سر ،و هو أن ياف من غ ي ال من و ثن أو طاغوت أن ي صيبه ب ا يكره ،ك ما قال
تعال عن قوم هود عليه السلم إنم قالوا له " :إن نقول إل اعتراك بعض آلتنا بسوء قال إن أشهد ال
واشهدوا أن بريء ما تشركون * من دونه فكيدون جيعا ث ل تنظرون " وقال تعال " :ويوفونك
بالذ ين من دو نه " وهذا هو الوا قع من عباد القبور ونو ها من الوثان يافون ا ،ويوفون ب ا أ هل
التوحيد إذا أنكروا عبادتا وأمروا بإخلص العبادة ل ،وهذا يناف التوحيد.
الثا ن :أن يترك الن سان ما ي ب عل يه ،خوفا من ب عض الناس ،فهذا مرم و هو نوع من الشرك بال
النا ف لكمال التوح يد .وهذا هو سبب نزول هذه ال ية .ك ما قال تعال " :الذ ين قال ل م الناس إن
الناس قد جعوا ل كم فاخشو هم فزاد هم إيا نا وقالوا ح سبنا ال ون عم الوك يل * فانقلبوا بنع مة من ال
وفضل ل يسسهم سوء واتبعوا رضوان ال وال ذو ف ضل عظ يم* إن ا ذل كم الشيطان يوف أولياءه "
ال ية .و ف الد يث " :إن ال تعال يقول للع بد يوم القيا مة :ما من عك إذ رأ يت الن كر أن ل تغيه ؟
فيقول :رب خشية الناس .فيقول :إباي كنت أحق أن تشى ".
الثالث :الوف الطبيعي ،و هو الوف من عدو أو سبع أو غ ي ذلك .فهذا ل يذم .ك ما قال تعال ف
قصة موسى عليه السلم " :فخرج منها خائفا يترقب " الية.
ومع ن قوله " :إن ا ذل كم الشيطان يوف أولياءه " أي يوف كم أولياءه " فل تافو هم وخافون " وهذا
نى من ال تعال للمؤمني أن يافوا غيه ،وأمر لم أن يقصروا خوفهم على ال ،فل يافون إل إياه.
وهذا هو الخلص الذي أمر به عباده ورضيه منهم .فإذا أخلصوا له الوف وجيع العبادة أعطاهم ما
يرجون وأمنهم من ماوف الدنيا والخرة ،كما قال تعال " :أليس ال بكاف عبده ويوفونك بالذين
من دونه " الية.
قال العلمة ا بن الق يم رح ه ال تعال :ومن ك يد عدو ال :أ نه يوف الؤمني من جنده وأوليائه ،لئل
ياهدوهم ،ل يأمروهم بعروف ،ول ينهوم عن منكر .وأخب تعال أن هذا من كيد الشيطان وتويفه.
ونانا أن نافهم .قال :والعن عند جيع الفسرين :يوفهم بأوليائه .قال قتادة :يعظمهم ف صدوركم.
فكل ما قوى إيان الع بد زال خوف أولياء الشيطان من قل به ،وكل ما ض عف إيا نه قوى خو فه من هم.
فدلت هذه الية على أن إخلص الوف من كمال شروط اليان.
قوله( :وقول ال تعال " :إناس يعمسر مسساجد ال مسن آمسن بال واليوم الخسر وأقام الصسلة وآتسى
الزكاة ول يش إل ال فعسى أولئك أن يكونوا من الهتدين ") :
أ خب تعال أن م ساجد ال ل يعمر ها إل أ هل اليان بال واليوم ال خر ،الذ ين آمنوا بقلوب م وعملوا
بوارحهم ،وأخلصوا له الشية دون من سواه ،فأثبت لم عمارة الساجد بعد أن نفاها عن الشركي.
لن عمارة الساجد بالطاعة والعمل الصال ،والشرك وإن عمل فعمله " :كسراب بقيعة يسبه الظمآن
ماء ح ت إذا جاءه ل يده شيئا " أو " :كرماد اشتدت به الر يح ف يوم عا صف " و ما كان كذلك
فالعدم خي منه ،فل تكون الساجد عامرة إل باليان الذي معظمه التوحيد مع العمل الصال الالص
من شوائب الشرك والبدع ،وذلك كله داخل ف مسمى اليان الطلق عند أهل السنة والجاع.
قوله " :ول يش إل ال " قال ابن عطية :يريد خشية التعظيم والعبادة والطاعة ،ول مالة أن النسان
يشى الحاذير الدنيوية ،وينبغي ف ذلك كله قضاء ال وتصريفه.
وقال ا بن الق يم رح ه ال :الوف عبود ية القلب .فل ي صلح إل ل ،كالذل والنا بة والح بة والتو كل
والرجاء وغيها من عبودية القلب.
قوله " :فع سى أولئك أن يكونوا من الهتد ين " قال بن أ ب طل حة عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما:
يقول :إن أولئك هم الهتدون ،وكل عسى ف القرآن فهي واجبة وف الديث " :إذا رأيتم الرجل يعتاد
السجد فاشهدوا له باليان قال ال تعال " :إنا يعمر مساجد ال من آمن بال واليوم الخر " " رواه
أحد والترمذي والاكم عن أب سعيد الدري.
قوله " :ومن الناس من يقول آمنا بال فإذا أوذي ف ال جعل فتنة الناس كعذاب ال ".
قال ابن كثي رحه ال تعال :يقول تعال مبا عن صفات قوم من الكذبي يدعون اليان بألسنتهم،
ول يث بت ف قلوبم :أن م إذا جاءت م منة وفت نة ف الدن يا اعتقدوا أن ا من نق مة ال بم ،فارتدوا عن
السلم .قال ابن عباس رضي ال عنهما :يعن فتنة أن يرتد عن دينه إذا أوذي ف ال .
وقال ابن القيم رح ه ال تعال :الناس إذا أرسل إلي هم الر سل ب ي أمرين :إما أن يقول أحدهم :آم نا،
وإ ما أن ل يقول ذلك .بل ي ستمر على ال سيئات والك فر ،ف من قال :آم نا امتح نه ر به وابتله وفت نه.
والفت نة :البتلء والختبار ،لي تبي ال صادق من الكاذب ،و من ل يقل :آم نا .فل يسب أ نه يعجر ال
ويفوته ويسبقه .فمن آمن بالرسل وأطاعهم عاداه أعداؤهم وآذوه وابتلى با يؤله ،ومن ل يؤمن بم
ول يطعهم عوقب ف الدنيا والخرة وحصل له ما يؤله ،وكان هذا الل أعظم وأدوم من أل أتباعهم.
فل بد من حصول الل لكل نفس ،آمنت أو رغبت عن اليان ،لكن الؤمن يصل له الل ف الدنيا
ابتداء ث تكون له العاقبة ف الدنيا والخرة ،والعرض عن اليان تصل له اللذة ابتداء ث يصي ف الل
الدائم ،والن سان ل بد أن يع يش مع الناس ،والناس ل م إرادات وت صورات ،فيطلبون م نه أن يوافق هم
عليها ،وإن ل يوافقهم آذوه وعذبوه ،وإن وافقهم حصل له العذاب تارة منهم وتارة من غيهم ،كمن
عنده دين وتقي حل بي قوم فجار ظلمة ل يتمكنون من فجورهم وظلمهم إل بوافقته لم أو سكوته
عن هم ،فإن وافق هم أو سكت عن هم سلم من شر هم ف البتداء ،ث يت سلطون عل يه بالها نة والذى
أضعاف ما كان يافه ابتداء لو أنكر عليهم وخالفهم ،وإن سلم منهم فل بد أن يهان ويعاقب على يد
غيهم.
فالزم كل الزم ب ا قالت أم الؤمن ي عائ شة ر ضي ال عن ها لعاو ية ر ضي ال ع نه " :من أر ضى ال
بسخط الناس كفاه ال مؤونة الناس .ومن أرضى الناس بسخط ال ل يغنوا من ال شيئا ".
فمن هداه ال وألمه رشده ووقاه شر نفسه امتنع من الوافقة على فعل الحرم وصب على عداوتم ،ث
تكون له العاقبة ف الدنيا والخرة ،كما كانت للرسل وأتباعهم.
ث أ خب تعال عن حال الدا خل ف اليان بل ب صية وأ نه إذا أوذي ف ال ج عل فت نة الناس له ،و هي
أذاهم ونيلهم إياه بالكروه ،وهو الل الذي ل بد أن ينال الرسل وأتباعهم من خالفهم ،جعل ذلك ف
فراره منه وتركه السبب الذي يناله به :كعذاب ال الذي فر منه الؤمنون باليان.
فالؤمنون لكمال بصيتم فروا من أل عذاب ال إل اليان ،وتملوا ما فيه من الل الزائل الفارق عن
قرب .وهذا لضعف بصيته فر من أل أعداء الرسل إل موافقتهم ومتابعتهم ،ففر من أل عذابم إل أل
عذاب ال .فجعل أل فتنة الناس ف الفرار منه بنلة عذاب ال .وغب كل الغب إذ استجار من الرمضاء
بالنار .وفر من أل ساعة إل أل البد ،وإذا نصر ال جنده وأولياءه قال :إن كنت معكم ،وال أعلم با
انطوى عليه صدره من النفاق .انتهى.
وف الية رد على الرجئة والكرامية ،ووجهه :أنه ل ينفع هؤلء قولم :آمنا بال .مع عدم صبهم على
أذى مهن عاداههم فه ال ،فل ينفهع القول والتصهديق بدون العمهل .فل يصهدق اليان الشرعهي على
الن سان إل باجتماع الثل ثة :الت صديق بالقلب وعمله ،والقول بالل سان ،والع مل بالركان .وهذا قول
أهل السنة والماعة سلفا وخلفا ،وال سبحانه وتعال أعلم.
قوله( :عن أب سعيد مرفوعا :إن من ضعف اليقي أن ترضى الناس بسخط ال ،وأن تمدهم على
رزق ال ،وأن تذم هم على ما ل يؤ تك ال ،إن رزق ال ل يره حرص حر يص ،ول يرده كراه ية
كاره) :
هذا الد يث رواه أبو نعيم ف الل ية والبيه قي ،وأعله بحمد بن مروان السدى وقال :ضعيف ،وف يه
أيضا عطيهة العوفه :ذكره الذههب الضعفاء والتروكيه ،ومعنه الديهث صهحيح ،وتامهه " :وإن ال
بكمته جعل الروح والفرح ف الرضى واليقي ،وجعل الم والزن ف الشك والسخط ".
قوله :إن من ض عف اليق ي الض عف ي ضم ويرك ،ضد القوة ،ض عف ككرم ون صر ،ضعفا ،وضع فة،
وضعاف ية ،ف هو ضع يف وضعوف وضعفان ،وال مع :ضعاف وضعفاء وضع فة وضع فى ،أو الض عف
بالفتح ف الرأي وبالضم ف البدن ،فهي ضعيفة وضعوف .اليقي كمال اليان .قال ابن مسعود :اليقي
اليان كله ،وال صب ن صف اليان رواه أ بو نع يم الل ية ،والبيه قي ف الز هد من حدي ثه مرفوعا .قال:
ويدخل ف ذلك تقيق اليان بالقدر السابق ،كما ف حديث ابن عباس مرفوعا " :فإن استطعت أن
تعمل بالرضى ف اليقي فافعل ،فإن ل تستطع فإن ف الصب على ما تكره خيا كثيا " وف رواية" :
قلت يا رسول ال كيف أصنع باليقي ؟ قال :أن تعلم أن ما أصابك ل يكن ليخطئك ،وما أخطأك ل
يكن ليصيبك ".
قوله :أن ترضى الناس بسخط ال أي تؤثر رضاهم على ر ضى ال ،وذلك إذا ل يقم بقل به من إعظام
ال وإجلله وهيبته ما ينعه من استجلب رضى الخلوق با يلب له سخط خالقه وربه ومليكه الذي
يتصرف ف القلوب ويفرج الكروب ويغفر الذنوب .وبذا العتبار يدخل ف نوع من الشرك .لنه آثر
رضى الخلوق على رضى ال .وتقرب إليه با يسخط ال .ول يسلم من هذا إل من سلمه ال .ووفقه
لعرفته ومعرفة ما يوز على ال من إثبات صفاته على ما يليق بلله ،وتنيهه تعال عن كل ما يناف
كماله ،ومعرفة توحيده من ربوبيته وإليته وبال التوفيق.
قوله :وأن تمدهم على رزق ال أي على ما وصل إليك من أيديهم ،بأن تضيفه إليهم وتمدهم عليه.
فإن التفضل ف القيقة هو ال وحده الذي قدره لك وأوصله إليك ،وإذا أراد أمرا قيض له أسبابا .ول
ينا ف هذا حد يث " :من ل يش كر الناس ل يش كر ال " لن شكر هم إن ا هو بالدعاء ل م لكون ال
ساقه على أيديهم فتدعو لم أو تكافئهم ،لديث " :ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه ،فإن ل تدوا ما
تكافئونه فادعوا له حت تروا أنكم قد كافأتوه " .فإضافة الصنيعة إليهم لكونم صاروا سببا ف إيصال
العروف إليك ،والذي قدره وساقه هو ال وحده.
قوله :وأن تذم هم على ما ل يؤ تك ال ل نه ل يقدر لك ما طلب ته على أيدي هم فلو قدره لك ل ساقته
القادير إليك .فمن علم أن التفرد بالعطاء والنع هو ال وحده وأنه هو الذي يرزق العبد بسبب وبل
سبب ،و من ح يث ل يت سب ،ل يدح ملوقا على رزق ول يذ مه على م نع ،ويفوض أمره إل ال،
ويعت مد عل يه ف أ مر دي نه ودنياه .و قد قرر ال نب هذا الع ن بقوله ف الد يث " :إن رزق ال ل يره
حرص حريص ول يرده كراهية كاره " كما قال تعال " :ما يفتح ال للناس من رحة فل مسك لا
وما يسك فل مرسل له من بعده وهو العزيز الكيم ".
قال شيخ السلم رحه ال :اليقي يتضمن اليقي ف القيام بأمر ال وما عدا ال أهل طاعته ،ويتضمن
اليقي بقدر ال وخلقه وتدبيه ،فإذا أرضيتهم بسخط ال ل تكن موقنا ل بوعده ول برزقه ،فإنه إنا
ي مل الن سان على ذلك إ ما م يل إل ما ف أيدي هم فيترك القيام في هم بأ مر ال ل ا يرجوه من هم ،وإ ما
ضعف تصديقه با وعد ال أهل طاعته من النصر والتأييد والثواب ف الدنيا والخرة .فإنك إذا أرضيت
ال نصرك ورزقك وكفاك مؤونتهم .وإرضاؤهم با يسخطه إنا يكون خوفا منهم ورجا ًء لم وذلك
من ضعف اليقي .وإذا ل يقدر لك ما تظن يفعلونه معك فالمر ف ذلك إل ال ل لم .فإنه ما شاء
كان و ما ل ي شأ ل ي كن ،فإذا ذمت هم على ما ل يقدر كان ذلك من ض عف يقي نك ،فل تف هم ول
ترجهم ول تذمهم من جهة نفسك وهواك ،ولكن من حده ال ورسوله منهم فهو الحمود ،ومن ذمه
ال ورسوله منهم فهو الذموم .ولا قال بعض وفد بن تيم " :أي ممد أعطن .فإن حدي زين وذمي
شي ،قال النب صلى ال عليه وسلم ذاك ال " ودل الديث على أن اليان يزيد وينقص وأن العمال
من مسمى اليان.
قوله( :وعن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من التمس رضى ال
ب سخط الناس رضي ال ع نه وأرضى عنه الناس ،و من الت مس رضى الناس ب سخط ال سخط ال
عليه وأسخط عليه الناس " رواه ابن حبان ف صحيحه ) :
هذا الديث رواه ا بن حبان بذا اللفظ ،ورواه الترمذي عن رجل من أ هل الدي نة قال :كتب معاوية
ر ضي ال ع نه إل عائ شة ر ضي ال عن ها :أن اك تب ل كتابا تو صين ف يه ،ول تكثري علي ،فكت بت
عائشة رضي ال عنها :إل معاوية ،سلم عليك،أما بعد فإن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم
يقول " :من التمس رضا ال بسخط الناس كفاه ال مؤونة الناس ،ومن التمس رضا الناس بسخط ال
وكله ال إل الناس .والسلم عليك " ورواه أبو نعيم ف اللية.
قال شيخ السلم :وكتبت عائشة إل معاوية ،وروي أنا رفعته " :من أرضى ال بسخط الناس كفاه
ال مؤو نة الناس ،و من أر ضى الناس ب سخط ال ل يغنوا ع نه من ال شيئا " هذا ل فظ الرفوع .ول فظ
الوقوف " :من أرضى ال بسخط الناس رضى ال عنه وأرضى عنه الناس ،ومن أرضى الناس بسخط
ال عاد حامده من الناس له ذما " وهذا من أعظم الفقه ف الدين فإن من أرضى ال بسخطهم كان قد
اتقاه وكان عبده ال صال ،وال يتول ال صالي ،وال كاف عبده " ، :و من ي تق ال ي عل له مر جا *
ويرزقه من حيث ل يتسب " .وال يكفيه مؤنة الناس بل ريب .وأما كون الناس كلهم يرضون عنه
قد ل يصل ذلك ،لكن يرضون عنه إذا سلموا من الغراض وإذا تبي لم العاقبة .ومن أرضى الناس
ب سخط ال ل يغنوا ع نه من ال شيئا كالظال الذي ي عض يد يه .وأ ما كون حامده ينقلب ذاما ،فهذا
يقع كثيا ويصل ف العاقبة .فإن العاقبة للتقوى ل تصل ابتداء عند أهوائهم .ا هه.
فكل الذي فوق التراب تراب إذا صح منك الود يا غاية الن
قال ابن رجب رحه ال :فمن تقق أن كل ملوق فوق التراب فهو تراب فكيف يقدم طاعة من هو
تراب على طاعة رب الرباب ؟ أم كيف يرضى التراب بسخط اللك الوهاب ؟ إن هذا لشئ عجاب.
وف الديث :عقوبة من خاف الناس وآثرهم رضاهم على ال ،وأن العقوبة قد تكون ف الدين .عياذا
بال من ذلك .كما قال تعال " :فأعقبهم نفاقا ف قلوبم إل يوم يلقونه با أخلفوا ال ما وعدوه وبا
كانوا يكذبون ".
باب
قوله ال تعال " :وعلى ال فتوكلوا إن كنتم مؤمني "
قوله( :باب قوله ال تعال " :وعلى ال فتوكلوا إن كنتم مؤمني ") :
قال أبهو السهعادات :يقال :توكهل بالمهر .إذا ضمهن القيام بهه ،ووكلت أمري إل فلن .إذا اعتمدت
عليه ،ووكل فلن فلنا إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته ،أو عجزا عن القيام بأمر نفسه .ا هه.
وأراد الصنف رح ه ال بذه الترج ة بال ية بيان أن التو كل فريضة ي ب إخل صه ل تعال ،فإن تقدي
العمول يف يد ال صر .أي وعلى ال فتوكلوا ل على غيه ،ف هو من أج ع أنواع العبادة وأعظم ها ،ل ا
ينشأ عنه من العمال الصالة ،فإنه إذا اعتمد على ال ف جيع أموره الدينية والدنيوية ،دون كل من
سواه صح إخلصه ومعاملته مع ال تعال ،فهو من أعظم منازل " إياك نعبد وإياك نستعي " فل يصل
كمال التوح يد بأنوا عه الثل ثة إل بكمال التو كل على ال ،ك ما ف هذه ال ية ،وك ما قال تعال " :إن
كن تم آمن تم بال فعل يه توكلوا إن كن تم م سلمي " وقوله " :رب الشرق والغرب ل إله إل هو فاتذه
ل " اليات ف المر به كثية جدا .قال المام أحد رحه ال :التوكل عمل القلب . وكي ً
وقال ا بن الق يم ف مع ن ال ية التر جم ب ا :فج عل التو كل على ال شرطا ف اليان فدل على إنتفاء
اليان عند انتفائه ،وف الية الخرى " :قال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بال فعليه توكلوا إن كنتم
مسلمي " فجعل دليل صحة السلم التوكل ،وكلما قوى إيان العبد كان توكله أقوى ،وإذا ضعف
ل على ضعف اليان ول بد .وال تعال يمع اليان ضعف التوكل وإذا كان التوكل ضعيفا كان دلي ً
ب ي التو كل والعبادة ،وب ي التو كل واليان ،وب ي التو كل والتقوى ،وب ي التو كل وال سلم ،وب ي
التوكل والداية.
فظ هر أن التو كل أ صل ج يع مقامات اليان والح سان ،ولم يع أعمال ال سلم ،وأن منل ته من ها
كمنلة السد من الرأس ،فكما ل يقوم الرأس إل على البدن فكذلك ل يقوم اليان ومقاماته وأعماله
إل على ساق التوكل.
قال شيخ السلم رحه ال تعال :وما رجا أحد ملوقا ول توكل عليه إل خاب ظنه فيه ،فإنه مشرك:
" ومن يشرك بال فكأنا خر من السماء فتخطفه الطي أو توي به الريح ف مكان سحيق ".
أحدهاه :التوكهل فه المور الته ل يقدر ال ،كالذيهن يتوكلون على الموات والطواغيهت فه رجاء
مطالبهم من نصر ،أو حفظ أو رزق أو شفاعة .فهذا شرك أكب.
الثان :التوكل ف السباب الظاهرة ،كمن يتوكل على أمي أو سلطان فيما أقدره ال تعال عليه من
رزق ،أو دفع أذى ونو ذلك ،فهو نوع شرك أصغر .والوكالة الائزة هي توكيل النسان النسان ف
فعل ما يقدر عليه نيابة عنه ،لكن ليس له أن يعتمد ف حصوله ما وكل فيه ،بل يتوكل على ال ف
تيسي أمره الذي يطلبه بنفسه أو نائبه ،وذلك من جلة السباب الت يوز فعلها ،ول يعتمد عليها بل
يعتمد على السبب الذي أوجد السبب والسبب.
قال( :وقول ال تعال " :إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبم " اليات) :
قوله " :وإذا تليت عليهم آياته زادتم إيانا " استدل الصحابة رضي ال عنهم والتابعون ومن تبعهم من
أهل السنة بذه الية ونظائرها على زيادة اليان ونقصانه.
قال عم ي بن حبيب ال صحاب " :إن اليان يز يد وين قص ،فق يل له :و ما زياد ته ونق صانه ؟ قال :إذا
ذكرنا ال وخشيناه فذلك زيادته .وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه " .رواه ابن سعد.
وقال ماهد :اليان يزيد وينقص وهو قول وعمل رواه ابن أب حات.
وحكى الجاع على ذلك الشافعي وأحد وأبو عبيد وغيهم رحهم ال تعال.
قوله " :وعلى رب م يتوكلون " أي يعتمدون عل يه بقلوب م مفوضي إليه أمور هم فل يرجون سواه ول
يقصدون إل إياه ،ول يرغبون إل إليه ،يعلمون أن ما شاء كان وما ل يشأ ل يكن ،وأنه التصرف ف
اللك وحده ،والعبود وحده ،ل شريك له .وف الية وصف الؤمني حقا بثلث مقامات من مقامات
الحسان ،وهي :الوف ،وزياة اليان ،والتوكل على ال وحده .وهذه القامات تقتضي كمال اليان
وحصول أعماله الباطنة والظاهرة مثال ذلك الصلة ،فمن أقام الصلة وحافظ عليها وأدى الزكاة كما
أمره ال ا ستلزم ذلك الع مل ب ا يقدر عل يه من الواجبات وترك ج يع الحرمات ،ك ما قال تعال " :إن
الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر ولذكر ال أكب ".
قال ( :وقوله " :يا أيها النب حسبك ال ومن اتبعك من الؤمني ") :
قال ابن القيم رحه ال :أي ال وحده كافيك وكاف أتباعك :فل تتاجون معه إل أحد ،وهذا اختيار
شيخ السلم ابن تيمية رحه ال.
وبذا ي تبي مطاب قة ال ية للترج ة .فإذا كان هو الكا ف لعبده و جب أل يتو كل إل عل يه ،وم ت الت فت
بقلبه إل سواه وكله ال إل من التفت إليه ،كما ف الديث " :من تعلق شيئا وكل إليه ".
قال( :وقول ال تعال " :ومن يتوكل على ال فهو حسبه ") :
قال ابن القيم رحه ال وغيه :أي كافيه .ومن كان ال كافيه وواقيه فل مطمع فيه لعدوه ول يضره
إل أذى ل بد منه ،كالر والبد والوع والعطش .وأما أن يضره با يبلغ به مراده منه فل يكون أبدا،
وفرق بي الذى الذي هو الظاهر إيذاء وف القيقة إحسان وإضرار بنفسه ،وبي الضرر الذي يتشفى
به م نه .قال ب عض ال سلف :ج عل ال ل كل ع مل جزاء من نف سه ،وج عل جزاء التو كل عل يه ن فس
كفاي ته ،فقال " :و من يتو كل على ال ف هو ح سبه " فلم ي قل :فله كذا وكذا من ال جر ك ما قال ف
العمال ،بل جعل نفسه سبحانه كاف عبده التوكل عليه وحسبه وواقيه .فلو توكل العبد على ال حق
توكله ،وكادته السموات والرض ومن فيهن ،لعل ال له مرجا وكفاه رزقه ونصره .انتهى.
وف أثر رواه أحد ف الزهد عن وهب بن منبه قال " :قال ال عز وجل ف بعض كتبه :بعزت إنه من
اعت صم ب فكاد ته ال سموات بن في هن والرضون بن في هن ،فإ ن أجعل له من ذلك مرجا ،ومن ل
يعتصم ب فإن أقطع يديه من أسباب السماء وأخسف من تت قدميه الرض ،فأجعله ف الواء ث
أكله إل نف سه .ك فى ب لعبدي مآلً .إذا كان عبدي ف طاع ت أعط يه ق بل أن ي سألن ،وأ ستجيب له
قبل أن يدعون .فأنا أعلم باجته الت نرفق به منه ".
و ف ال ية دل يل على ف ضل التو كل ،وأ نه أع ظم ال سباب ف جلب النا فع ود فع الضار .لن ال تعال
علق الملة الخية على الول وتعليهق الزاء على الشرط .فيمتنهع أن يكون وجود الشرك كعدمهه،
لنه ال تعال رتب الكم على الوصف الناسب له ،فعلم أن توكله هو سبب كون ال حسبا له.
وفيها تنبيه على القيام بالسباب مع التوكل ،لنه تعال ذكر التقوى ث ذكر التوكل ،كما قال تعال" :
واتقوا ال وعلى ال فليتو كل الؤمنون " فجلع التو كل مع التقوى الذي هو قيام ال سباب الأمور ب ا.
فالتو كل بدون القيام بال سباب الأمور ب ا ع جز م ض ،وإن كان مشوبا بنوع من التو كل فل ينب غي
للعبد أن يعل توكله عجزا ول عجزه توكلً ،بل يعل توكله من جلة السباب الت ل يتم القصود
إل با كلها .ذكره ابن القيم بعناه.
قال( :و عن ا بن عباس رضي ال عنهما قال " :حسبنا ال ون عم الوك يل " ،قال ا إبراهيم صلى ال
عليه وسلم حي ألقي ف النار ،وقالا ممد صلى ال عليه وسلم حي قالوا له " :إن الناس قد جعوا
لكم فاخشوهم فزادهم إيانا وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل " رواه البخاري) :
قوله :حسبنا ال أي كافينا .فل نتوكل إل عليه .قال تعال " :أليس ال بكاف عبده ؟ ".
قوله :ونعم الوكيل أي نعم الوكل إليه ،كما قال تعال " :واعتصموا بال هو مولكم فنعم الول ونعم
النصي " ومصوص نعم مذوف تقديره هو.
قال ا بن الق يم رح ه ال :هو ح سب من تو كل عل يه وكا ف من ل أ إل يه ،و هو الذي يؤ من خوف
الائف ،وي ي ال ستجي ،ف من توله وا ستنصر به وتو كل عل يه ،وانق طع بكلي ته إل يه ،توله وحف ظه
وحرسه وصانه .ومن خافه واتقاه ،أمنه ما ياف ويذر ،ويلب إليه ما يتاج إليه من النافع.
قوله :قالا إبراهيم صلى ال عليه وسلم حي ألقي ف النار قال تعال " :قالوا حرقوه وانصروا آلتكم
إن كنتم فاعلي * قلنا يا نار كون بردا وسلما على إبراهيم * وأرادوا به كيدا فجعلناهم الخسرين
".
قوله :وقالا ممد صلى ال عليه وسلم حي قالوا له " :إن الناس قد جعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيانا
وقالوا حسبنا ال ونعم الوكيل " وذلك بعد منصرف قريش والحزاب من أحد " بلغه أن أبا سفيان
و من معه قد أجعوا الكرة علي هم ،فخرج النب صلى ال عل يه و سلم ف سبعي راكبا ح ت انتهى إل
حراء السد ،فألقى ال الرعب ف قلب أب سفيان .فرجع إل مكة بن معه ،ومر به ركب من عبد
القيس فقال :أين تريدون ؟ قالوا :نريد الدينة .قال :فهل أنتم مبلغون ممدا عن رسالة ؟ قالوا :نعم.
قال فإذا وافيتموه فأخبوه أنا قد أجعنا السي إليه وإل أصحابه لنستأصل بقيتهم .فمر الركب برسول
ال صلى ال عليه وسلم و هو بمراء ال سد ،فأخبوه بالذي قال أبو سفيان .فقال :ح سبنا ال ونعم
الوكيل " ففي هاتي القصتي فضل هذه الكلمة العظيمة وأنا قول الليلي عليهما الصلة والسلم ف
الشدائد .وجاء ف الديث " :إذا وقعتم ف المر العظيم فقولوا :حسبنا ال ونعم الوكيل ".
باب
قول ال " أفأمنوا مكر ال "
قوله( :باب قول ال تعال " :أفأمنوا مكر ال فل يأمن مكر ال إل القوم الاسرون ") :
قصد الصنف رحه ال بذه الية التنبيه على أن المن من مكر ال من أعظم الذنوب .وأنه يناف كمال
التوح يد ،ك ما أن القنوط من رح ه ال كذلك وذلك ير شد إل أن الؤ من ي سي إل ال ب ي الوف
والرجاء ،كما دل على ذلك الكتاب والسنة وأرشد إليه سلف المة والئمة.
ومع ن ال ية :أن ال تبارك وتعال ل ا ذ كر حال أ هل القرى الكذب ي للر سل ب ي أن الذي حل هم على
ذلك هو المن مكر ال وعدم الوف منه ،كما قال تعال " :أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا
وهم نائمون * أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون * أفأمنوا مكر ال فل يأمن مكر
ال إل القوم الاسهرون " .أي الالكون .وذلك أنمه أمنوا مكهر ال لاه اسهتدرجهم بالسهراء والنعهم،
فاستبعدوا أن يكون ذلك مكرا.
قال السن رحه ال :من وسع ال عليه فلم ير أنه يكر به فل رأى له .
وقال قتادة :بغت القوم أمر ال ،وما أخذ ال قوما قط إل عند سلوتم ونعمتهم غرتم .فل تغتروا بال
.
وف الديث " :إذا رأيت ال يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يب فإنا هو استدراج " رواه أحد
وابن جرير وابن أب حات.
وقال إساعيل بن رافع " :من المن من مكر ال إقامة العبد على الذنب يتمن على ال الغفرة " رواه
ابن أب حات.
وهذا هو تفسي الكر ف قول بعض السلف :يستدرجهم ال بالنعم إذا عصوه ،ويلى لم ث يأخذهم
أخذ عزيز مقتدر .وهذا هو معن الكر والديعة ونو ذلك ،ذكره ابن جرير بعناه.
قال( :وقول ال تعال " :ومن يقنط من رحة ربه إل الضالون ") :
القنوط :استبعاد الفرج واليأس منه .وهو يقابل المن من مكر ال .وكلها ذنب عظيم .وتقدم ما فيه
لنافاته لكمال التوحيد.
وذكر الصنف رحه ال تعال هذه الية مع الت قبلها تنبيها على أنه ل يوز لن خاف ال أن يقنط من
رحته ،بل يكون خائفا راجيا ،ياف ذنوبه ويعمل بطاعته ،ويرجو رحته ،كما قال تعال " :أمن هو
قانت آناء الليل ساجدا وقائما يذر الخرة ويرجو رحة ربه " وقال " :إن الذين آمنوا والذين هاجروا
وجاهدوا ف سبيل ال أولئك يرجون رح ة ال وال غفور رح يم " فالرجاء مع الع صية وترك الطا عة
غرور من الشيطان ،ليوقع العبد ف الخاوف مع ترك ال سباب النجية من الهالك ،بلف حال أهل
اليان الذيهن أخذوا بأسهباب النجاة خوفا مهن ال تعال وهربا مهن عقابهه ،وطمعا فه الغفرة ورجاء
لثوابه.
والع ن أن ال تعال ح كى قول خليله إبراه يم عل يه ال سلم ،ل ا بشر ته اللئ كة باب نه إ سحاق " :قال
أبشرتون على أن مسن الكب فبم تبشرون " لن العادة أن الرجل إذا كب سنه وسن زوجته استبعد أن
يولد له منها .وال على كل شئ قدير ،فقالت اللئكة " :بشرناك بالق " الذي ل ريب فيه .فإن ال
إذا أراد شيئا إنا يقول له كن فيكون " :فل تكن من القانطي " أي من اليسي ،فقال عليه السلم" :
ومن يق نط من رح ة ر به إل الضالون " فإ نه يعلم من قدرة ال ورح ته ما هو أبلغ من ذلك وأع ظم،
لكنه وال أعلم قال ذلك على وجه التعجب.
قوله " :إل الضالون " قال بعضههم :إل الخطئون طريهق الصهواب ،أو إل الكافرون .كقوله " :إنهه ل
ييأس من روح ال إل القوم الكافرون ".
قوله( :و عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " سئل عن الكبائر،
فقال :الشرك بال ،واليأس من روح ال ،والمن من مكر ال ") :
هذا الد يث رواه البزار وا بن أب حات من طر يق شبيب بن بشر عن عكرمة عن ا بن عباس ورجاله
ثقات إل شبيب بن بشر .فقال ابن معي :ثقة .ولينه أبو حات .وقال ابن كثي :ف إسناده نظر .والشبه
أن يكون موقوفا.
قوله :الشرك بال هو أكب الكبائر .قال ابن القيم رحه ال :الشرك بال هضم للربوبية وتنقص لللية،
وسوء ظن برب العالي .انتهى.
ولقد صدق ونصح .قال تعال " :ث الذين كفروا بربم يعدلون " وقال تعال " :إن الشرك لظلم عظيم
" ولذا ل يغفره ال إل بالتوبة منه.
قوله :واليأس من روح ال أي قطع الرجاء الول والمل من ال فيما يافه ويرجوه ،وذلك إساءة ظن
بال ،وجهل به وبسعة رحته وجوده ومغفرته.
قوله :وال من من م كر ال أي من ا ستدراجه للع بد و سلبه ما أعطاه من اليان ،نعوذ بال من ذلك.
وذلك جهل بال وبقدرته ،وثقة بالنفس وعجب با.
واعلم أن هذا الد يث ل يرد به ح صر الكبائر ف الثلث ،بل الكبائر كث ي وهذه الثلث من أ كب
الكبائر الذكورة ف الكتاب والسنة ،وضابطها ما قاله الحققون من العلماء :كل ذنب ختمه ال بنار
أو لعنة أو غضب أو عذاب .زاد شيخ السلم ابن تيمية رحه ال :أو نفى اليان.
قلت :ومن برىء منه رسول ال صلى ال عليه وسلم ،أو قال " :ليس منا من فعل كذا وكذا ".
وعن ابن عباس رضي ال عنهما :هي إل سبعمائة أقرب منها إل سبع ،غي أنه ل كبية مع الستغفار
ول صغية مع الصرار
قوله( :و عن ا بن م سعود ر ضي ال ع نه قال " :أ كب الكبائر الشراك بال .وال من من م كر ال،
والقنوط من رحة ال ،واليأس من روح ال " رواه عبد الرزاق) :
وف يه الت نبيه على الرجاء والوف ،فإذا خاف فل يق نط ول ييأس ،بل ير جو رح ة ال .وكان ال سلف
ي ستحبون أن يقوى ف ال صحة الوف ،و ف الرض الرجاء .وهذه طري قة أ ب سليمان الدارا ن وغيه.
قال :ينبغهي للقلب أن يكون الغالب عليهه الوف،فإذا غلب الرجاء الوف فسهد القلب .قال تعال" :
إن الذيهن يشون ربمه بالغيهب لمه مغفرة وأجهر كهبي " وقال " :يافون يومها تتقلب فيهه القلوب
والبصار " قال تعال " :والذين يؤتون ما آتوا وقلوبم وجلة أنم إل ربم راجعون * أولئك يسارعون
ف اليات و هم ل ا سابقون " وقال تعال " :أ من هو قا نت آناء الل يل ساجدا وقائ ما يذر الخرة
ويرجو رحة ربه " الية .قدم الذر على الرجاء ف هذه الية.
باب
من اليان بال الصب على أقدار ال
قال المام أح د :ذ كر ال تعال ال صب ف ت سعي موضعا من كتا به .و ف الد يث ال صحيح " :ال صب
ضياء " رواه أحد ومسلم،وللبخاري ومسلم مرفوعا " :ما أعطى أحد عطاء خيا أوسع من الصب "
قال عمر رضي ال عنه :وجدنا خي عيشنا بالصب رواه البخاري .قال علي رضي ال عنه " :إن الصب
من اليان بنلة الرأس من السد ث رفع صوته فقال :أل إنه ل إيان لن ل صب له ".
واشتقا قه :من صب إذا ح بس وم نع .وال صب ح بس الن فس عن الزع ،وح بس الل سان عن التش كي
والتسخط ،والوارح عن لطم الدود وشق اليوب ونوها ذكره ابن القيم رحه ال.
واعلم أن الصب ثل ثة أقسام :صب على ما أ مر ال به ،و صب عما نى ع نه ،و صب على ما قدره من
الصائب.
قوله( :وقول ال تعال " :ومن يؤمن بال يهد قلبه ") :
وأول ال ية " :ما أ صاب من م صيبة إل بإذن ال " أي بشيئ ته وإراد ته وحكم ته ،ك ما قال ف ال ية
الخرى " :ما أصاب من مصيبة ف الرض ول ف أنفسكم إل ف كتاب من قبل أن نبأها إن ذلك
على ال ي سي " وقال " :وب شر ال صابرين * الذ ين إذا أ صابتهم م صيبة قالوا إ نا ل وإ نا إل يه راجعون *
أولئك عليهم صلوات من ربم ورحة وأولئك هم الهتدون ".
قوله " :و من يؤ من بال ي هد قل به " :قال ا بن عباس ف قوله " :إل بإذن ال " إل بأ مر ال يع ن عن
قدره ومشيئ ته " و من يؤ من بال ي هد قل به " أي من صابته م صيبة فعلم أن ا بقدر ال ف صب واحت سب
واستسلم لقضاء ال هدى ال قلبه وعوضه عما فاته من الدنيا هدى ف قلبه ،ويقينا صادقا .وقد يلف
عليه ما كان أخذ منه.
قوله " :وال بكل شيء عليم " تنبيه على أن ذلك إنا يصدر عن علمه التضمن لكمته .وذلك يوجب
الصب والرضا.
قوله( :قال علقمة :هو الرجل تصيبه الصيبة فيعلم أنا من عند ال فيضى ويسلم) :
وعلقمة :هو قيس بن عبد ال النخعي الكوف .ولد ف حياة النب صلى ال عليه وسلم ،وسع من أب
ب كر وعثمان وعلي و سعد وا بن م سعود وعائ شة وغي هم ر ضي ال عن هم .و هو من كبار التابع ي
وأجلئهم وعلمائهم وثقاتم مات بعد الستي.
قوله :هو الر جل ت صيبه ال صيبة إل .هذا ال ثر رواه الع مش عن أ ب ظبيان .قال :ك نا ع ند علق مة
فقرىء عليه هذه الية " :ومن يؤمن بال يهد قلبه " قال هو الرجل تصيبه الصيبة فيعلم أنا من عند ال
فيضى ويسلم .هذا سياق ابن جرير .وف هذا دليل على أن العمال من مسمى اليان .قال سعيد بن
جبي " :و من يؤمن بال يهد قل به " يعن يسترجع .يقول إ نا ل وإ نا إل يه راجعون .وف ال ية بيان أن
الصب سبب لداية القلب وأنا من ثواب الصابرين.
قوله( :وف صحيح مسلم عن أب هريرة رضي ال عنه :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال" :
اثنتان ف الناس ها بم كفر :الطعن ف النسب ،والنياحة على اليت ") :
أي ها بالناس كفر حيث كانتا من أعمال الاهلية ،وها قائمتان بالناس ول يسلم منهما إل من سلمه
ال تعال ورز قه علما وإيانا ي ستضيء به .ل كن ل يس من قام بشع بة من ش عب الك فر ي صي كافرا
كالكفر الطلق .كما أنه ليس من قام به شبعة من شعب اليان يصي مؤمنا اليان الطلق .وفرق بي
الكفر العرف باللم كما ف قوله " :ليس بي العبد وبي الكفر أو الشرك إل ترك الصلة " وبي كفر
منكر ف الثبات.
قوله :الطعن ف النسب أي عيبه ،يدخل فيه أن يقال :هذا ليس ابن فلن مع ثبوت نسبه.
قوله :والنياحة على اليت أي رفع الصوت بالندب وتعداد فضائل اليت ،لا فيه من التسخط على القدر
الناف للصب ،كقول النائحة :واعضداه ،واناصراه ،ونو ذلك .وفيه دليل على أن الصب واجب ،وأن
الكفر ما ل ينقل عن اللة.
قوله( :ولما عن ابن مسعود مرفوعا " :ليس منا من ضرب الدود ،وشق اليوب ،ودعا بدعوى
الاهلية ") :
هذا من نصوص الوعيد ،وقد جاء عن سفيان الثوري وأحد كراهية تأويلها ليكون أوقع ف النفوس،
وأبلغ ف الزجر ،وهو يدل على أن ذلك يناف كمال اليان الواجب.
قوله :من ضرب الدود وقال الافظ :خص الد لكونه الغالب وإل فضرب بقية الوجه مثله.
قوله :و شق اليوب هو الذي يد خل ف يه الرأس من الثوب ،وذلك من عادة أ هل الاهل ية حزنا على
اليت.
قوله :ودعا بدعوى الاهلية قال شيخ السلم رحه ال تعال :هو ندب اليت .وقال غيه :هو الدعاء
بالو يل والثبور .وقال ا بن الق يم رح ه ال :الدعاء بدعوى الاهل ية كالدعاء إل القبائل والع صبية،ومثله
التع صب إل الذا هب والطوائف والشا يخ،وتفض يل بعض هم على ب ضع ،يد عو إل ذلك ويوال عل يه
ويعادي ،فكل هذا من دعوى الاهلية.
وعند ابن ماجه وصححه ابن حبان عن أب أمامة " :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لعن الامشة
وجهها ،والشاقة جبيها ،والداعية بالويل والثبور ".
وهذا يدل على أن هذه المور من الكبائر ،وقد يعفى عنه الشئ اليسي من ذلك إذا كان صدقا وليس
على وجه النوح والتسخط نص عليه أحد رحه ال ،لا وقع لب بكر وفاطمة رضي ال عنهما لا توف
رسول ال صلى ال عليه وسلم.
وليس ف هذه الحاديث ما يدل على النهي عن البكاء ،لا ف الصحيح أن ر سول ال صلى ل عليه
وسلم لا مات ابنه إبراهيم قال " :تدمع العي ويزن القلب ،ول نقول إل ما يرضي الرب ،وإنا بك يا
إبراهيم لحزونون " وف الصحيحي عن أسامة بن زيد رضي ال عنه " :أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم انطلق إل إحدى بناته ولا صب ف الوت ،فرفع إليه ونفسه تقعقع كأنا شن ،ففاضت عيناه،
فقال سعد :ما هذا يا رسول ال ؟ قال :هذه رحة جعلها ال ف قلوب عباده ،وإنا يرحم ال من عبادة
الرحاء ".
قوله "( :وعن أنس رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :إذا أراد ال بعبده الي
عجل له العقوبة ف الدنيا ،وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حت يواف به يوم القيامة ") :
هذا الديث رواه الترمذي والاكم وحسنه الترمذي .وأخرجه الطبان والاكم عن عبد ال بن مغفل
ابن عدي عن أب هريرة ،والطبان عن عمار بن ياسر.
قوله :إذا أراد ال بعبده ال ي ع جل له العقو بة ف الدن يا أي ي صب عل يه البلء وال صائب ل ا فرط من
الذنوب منه ،فيخرج منها وليس عليه ذنب يواف به يوم القيامة.
قال ش يخ ال سلم رح ه ال تعال :ال صائب نع مة ،لن ا مكفرات للذنوب ،وتد عو إل ال صب فيثاب
علي ها .وتقت ضي النا بة إل ال والذل له ،والعراض عن اللق ،إل غ ي ذلك من ال صال العظي مة.
فنفس البلء يكفر ال به الذنوب والطايا .وهذا من أعظم النعم .فالصائب رحة ونعمة ف حق عموم
اللق إل أن يدخل صاحبها بسببها ف معاصي أعظم ما كان قبل ذلك فيكون شرا عليه من جهة ما
أصابه ف دينه ،فإن من الناس من إذا ابتلى بفقر أو مرض أو وجع حصل له من النفاق والزع ومرض
القلب والكفر الظاهر وترك بعض الواجبات وفعل بعض الحرمات ما يوجب له الضرر ف دينه ،فهذا
كا نت العاف ية خيا له من ج هة ما أورث ته ال صيبة ل من ج هة ن فس ال صيبة ،ك ما أن من أوج بت له
الصيبة صبا وطاعة ،كانت ف حقه نعمة دينية ،فهي بعينها فعل الرب عز وجل ورحة للخلق وال
تعال ممود عليها ،فمن ابتلى فرزق الصب كان الصب عليه نعمة ف دينه ،وحصل له بعد ما كفر من
خطاياه رحة ،وحصل له بثنائه على ربه صلة ربه عليه ،قال تعال " :أولئك عليهم صلوات من ربم
ورح ة " وحصل له غفران السيئات ور فع الدرجات .فمن قام بال صب الواجب حصل له ذلك انتهى
ملخصا.
قوله :وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه أي أخر عنه العقوبة بذنبه حت يواف به يوم القيامة وهو بضم
الياء وكسر الفاء منصوبا بت مبنيا للفاعل .قال العزيزي :أي ل يازيه بذنبه ف الدنيا حت ييء ف
الخرة مستوفر الذنوب وافيها ،فيستوف ما يستحقه من العقاب .وهذه الملة هي آخر الديث .فأما
قوله :وقال ال نب صلى ال عل يه و سلم " إن ع ظم الزاء مع ع ظم البلء " إل آخره ف هو أول حد يث
آخر ،لكن لا رواها الترمذي بإسناد واحد وصحاب واحد جعلهما الصنف كالديث الواحد.
وفيه التنبيه على حسن الرجاء وحسن الظن بال فيما يقضيه لك ،كما قال تعال " :وعسى أن تكرهوا
شيئا وهو خي لكم وعسى أن تبوا شيئا وهو شر لكم وال يعلم وأنتم ل تعلمون ".
قوله( :وقال النب صلى ال عليه وسلم " إن عظم الزاء مع عظم البلء .وإن ال تعال إذا أحب
قوما ابتلهم ،فمن رضي فله الرضى ،ومن سخط فله السخط " حسنه الترمذي) :
قال الترمذي :حدثنا قتيبة ثنا الليث عن يزيد بن أب حبيب عن سعد بن سنان عن أنس ،فذكر الديث
السابق ث قال :وبذا السناد عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال " :إن عظم الزاء " ...الديث .ث
قال حد يث ح سن غر يب من هذا الو جه .ورواه ا بن ما جه .وروى المام أح د عن ممود بن لب يد
رفعه " :إذا أحب ال قوما ابتلهم ،فمن صب فله الصب ،ومن جزع فله الزع " قال النذري :رواته
ثقات.
قوله :إن عظم الزاء بكسر العي وفتح الظاء فيها .ويوز ضمها مع سكون الطاء .أي من كان ابتلؤه
أعظم كمية وكيفية.
وقد يتج بذا الديث من يقول :إن الصائب يثاب عليها مع تكفي الطايا ،ورجح ابن القيم أن ثوابا
تكفي الطايا فقط ،إل إذا كانت سببا لعمل صال ،كالصب والرضا والتوبة والستغفار .فإنه حينئذ
يثاب على ما تولد من ها ،وعلى هذا يقال ف مع ن الد يث :إن ع ظم الزاء مع ع ظم البلء إذا صب
واحتسب.
قوله :وإن ال إذا أحب قوما ابتلهم ولذا ورد ف حديث سعد " :سئل النب صلى ال عليه وسلم :أي
الناس أ شد بلء ؟ قال ال نبياء ،ث الم ثل فالم ثل ،يبتلي الر جل على ح سب دي نه ،فإن كان ف دي نه
صلبة اشتد بلؤه ،وإن كان ف دينه رقة ابتلى على قدر دينه ،فما يبح البلء بالعبد حت يتركه يشي
على الرض وما عليه خطيئة " رواه الدرامى وابن ماجه والترمذي وصححه.
وهذا الديث ونوه من أدلة التوحيد ،فإذا عرف العبد أن النبياء والولياء يصيبهم البلء ف أنفسهم
الذي هو ف القيقة رحة ول يدفعه عنهم إل ال ،عرف أنم ل يلكون لنفسهم نفعا ول دفعا ،فلن
ل يلكوه لغي هم أول وأحرى ،فيحرم ق صدهم والرغ بة إلي هم ف قضاء حا جة أو تفر يج كر بة ،و ف
وقوع البتلء بالنبياء والصالي من السرار والكم والصال وحسن العاقبة ما ل يصى.
قوله :ومن سخط وهو بكسر الاء ،قال أبو السعادات :السخط الكراهية للشئ وعدم الرضا به .أي
من سخط على ال في ما دبره فله ال سخط ،أي من ال ،وك فى بذلك عقو بة .و قد ي ستدل به على
وجوب الر ضا و هو اختيار ا بن عق يل .واختار القا ضي عدم الوجوب ،ورج حه ش يخ ال سلم وا بن
القيم.
قال شيخ السلم :ول ييء المر به كما جاء المر بالصب .وإنا جاء الثناء على أصحابه .قال :وأما
ما يروى من ل يصب على بلئي ول يرض بقضائي فليتخذ ربا سوائي فهذا إسرائيلي ل يصح عن النب
صلى ال عليه وسلم.
قال شيخ السلم :وأعلى من ذلك أي من الرضا أن يشكر ال على الصيبة لا يرى من إنعام ال عليه
با .ا ه وال أعلم.
باب
ما جاء ف الرياء
قوله ( :باب :ما جاء ف الرياء ) :
أي من النهي والتحذير .قال الافظ :هو مشتق من الرؤية .والراد با إظهار العبادة لقصد رؤية الناس
لا فيحمدون صاحبها .والفرق بينه وبي السمعة :أن الرياء لا يرى من العمل كالصلة .والسمعة لا
يسمع كالقراءة والوعظ والذكر ،ويدخل ف ذلك التحدث با عمله.
قوله( :وقول ال تعال " :قل إن ا أ نا ب شر مثلكم يو حى إل أن ا إلكم إله واحد " أي ل يس ل من
الربوبية ول من اللية شئ ،بل ذلك كله وحده ل شريك له أوحاه إل " فمن كان يرجو لقاء ربه
" أي يافه " فليعمل عملً صالا ول يشرك بعبادة ربه أحدا ") :
قوله أحدا نكرة فه سهياق النههي تعهم ،وهذا العموم يتناول النهبياء واللئكهة والصهالي والولياء
وغيهم.
قال شيخ السلم رحه ال :أما اللقاء فقد فسره طائفة من السلف واللف با يتضمن العاينة ،وقالوا:
لقاء ال يتضمن رؤيته سبحانه وتعال يوم القيامة ،وذكر الدلة على ذلك.
قال ابن القيم رحه ال ف الية :أي كما أن ال واحد ل إله سواه ،فكذلك ينبغي أن تكون العبادة له
وحده ل شريك له ،فكما تفرد باللية يب أن يفرد بالعبودية ،فالعمل الصال :هو الالص من الرياء
القيد بالسنة.
وف الية دليل على أن أصل الدين الذي بعث ال به رسول ال صلى ال عليه وسلم والرسلي قبله،
هو إفراده تعال بأنواع العبادة ،كما قال تعال " :وما أرسلنا من قبلك من رسول إل نوحي إليه أنه ل
إله إل أ نا فاعبدون " والخالف لذا ال صل من هذه ال مة أق سام :إ ما طاغوت ينازع ال ف ربوبي ته
وإلي ته ،ويد عو الناس إل عباد ته ،أو طاغوت يد عو الناس إل عبادة الوثان ،أو مشرك يد عو غ ي ال
ويتقرب إل يه بأنواع العبادة أو بعض ها ،أو شاك ف التوح يد :أ هو حق أم يوز أن ي عل ل شر يك ف
عبادتهه ؟ أو جاههل يعتقهد أن الشرك ديهن يقرب إل ال ،وهذا ههو الغالب على أكثهر العوام للههم
وتقليدهم من قبلهم ،لا اشتدت غربة الدين ونسى العلم بدين الرسلي.
قوله( :وعن أ ب هريرة رضي ال ع نه مرفوعا " :قال ال تعال :أنا أغ ن الشركاء عن الشرك .من
عمل عملً أشرك معي فيه غيي تركته وشركه" رواه مسلم) :
قوله :من عمل عملً أشرك فيه غيي أي من قصد بعمله غيي من الخلوقي تركته وشركه .ولبن
ما جه فأ نا بر يء و هو الذي أشرك قال الط يب :الضم ي الن صوب ف قوله ترك ته يوز أن ير جع إل
العمل.
قال ابن رجب رحه ال :واعلم أن العمل لغي ال أقسام فتارة يكون رياء مضا كحال النافقي .كما
قال تعال " :وإذا قاموا إل ال صلة قاموا ك سال يراؤون الناس ول يذكرون ال إل قليل " وهذا الرياء
ال حض ل يكاد ي صدر عن مؤ من ف فرض ال صلة أو ال ت يتعدى نفع ها ،فإن الخلص في ها عز يز،
وهذا العمل ل يشك مسلم أنه حابط ،وأن صاحبه يستحق القت من ال والعقوبة.
وتارة يكون الع مل ل ويشار كه الرياء ،فإن شار كه من أضله فالن صوص ال صحيحة تدل على بطل نه
وذ كر أحاد يث تدل على ذلك من ها :هذا الد يث وحد يث شداد بن أوس مرفوعا " من صلى يرائى
ف قد أشرك ،ومن صام يرائي فقد أشرك ،ومن ت صدق يرائي فقد أشرك ،وإن ال عز و جل يقول :أنا
خي قسم لن أشرك ب ،فمن أشرك ب شيئا فإن جدة عمله وقليله وكثيه لشريكه الذي أشرك به .أنا
ل نية غي الرياء ،مثل عنه غن " رواه أحد ،وذكر أحاديث ف العن ث قال :فإن خالط نية الهاد مث ً
أخذ أجرة الدمة أو أخذ من الغنيمة أو التجارة نقص بذلك أجر جهاده ول يبطل بالكلية.
قال ابن رجب :وقال المام أحد رحه ال :التاجر والستأجر والكرى أجرهم على قدر ما يلص من
نياتم ف غزواتم ،ول يكون مثل من جاهد بنفسه وماله ل يلط به غيه.
وقال أيضا في من يأ خذ ج عل الهاد :إذا ل يرج ل جل الدرا هم فل بأس كأ نه خرج لدي نه إن أع طى
شيئا أخذه .وروى عن عبد ال بن عمرو رضي ال عنهما قال " :إذا أجع أحدكم على الغزو فعوضه
ال رزقا فل بأس بذلك ،وأ ما إن أحد كم أع طى درا هم غزا وإن ل ي عط ل ي غز فل خ ي ف ذلك ".
وروى عن ماهد رحه ال أنه قال ف حج المال وحج الجي ،وحج التاجر :هو تام ل ينقص من
أجرهم شئ أي لن قصدهم الصلي كان هو الج دون التكسب .قال :وأما إن كان أصل العمل ل
ث طرأ عل يه ن ية الرياء ،فإن كان خاطرا ث دفعه فل يضره بغ ي خلف ،وإن ا سترسل معه فهل يبط
عمله أم ل فيجازى على أ صل ني ته ؟ ف ذلك اختلف ب ي العلماء من ال سلف قد حكاه المام أح د
وابن جرير ،ورجحا أن عمله ل يبطل بذلك ،وأنه يازي بنيته الول ،وهو مروى عن السن وغيه.
وف هذا العن جاء حديث أب ذر عن النب صلى ال عليه وسلم " :أنه سئل عن الرجل يعمل العمل
من الي يمده الناس عليه ،فقال :تلك عاجل بشرى الؤمن " رواه مسلم .انتهى ملخصا.
قلت :وتام هذا القام يتبي ف شرح حديث أب سعيد إن شاء ال تعال.
قوله( :و عن أ ب سعيد مرفوعا " أل أ خبكم ب ا هو أخوف علي كم عندي من ال سيح الدجال ؟
قالوا :بلى يا ر سول ال .قال :الشرك ال في :يقوم الر جل في صلي فيز ين صلته ل ا يرى من ن ظر
رجل " رواه أحد) :
وروى ابن خزية ف صحيحه عن ممود بن لبيد قال " :خرج عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم
فقال :أي ها الناس ،إيا كم وشرك ال سرائر ،قالوا يا ر سول ال و ما شرك ال سرائر ؟ قال :يقوم الر جل
فيصلي فيزين صلته لا يرى من نظر الرجل إليه .فذلك شرك السرائر ".
قوله :الشرك الفي ساه خفيا لن صاحبه يظهر أن عمله ل وقد قصد به غيه ،أو شركه فيه بتزيي
صلته لجله .و عن شداد بن أوس قال :ك نا ن عد الرياء على ع هد ر سول ال صلى ال عل يه و سلم
الشرك الصغر رواه ا بن أ ب الدن يا ف كتاب الخلص ،وا بن جر ير ف التهذيب ،وال طبان والا كم
وصححه.
قال ابهن القيهم :وأمها الشرك الصهغر فكيسهي الرياء والتصهنع للخلق واللف بغيه ال ،وقول الرجهل
للرجل ماشاء ال وشئت ،وهذا من ال ومنك ،وأنا بال وبك ،وما ل إل ال وأنت ،وأنا متوكل على
ال وعليهك ،ولول ال وأنهت ل يكهن كذا وكذا .وقهد يكون هذا شرك أكهب بسهب حال قائله
ومقصده ،انتهى.
و ف الديث عن الفوائد :شفقة النب صلى ال عل يه وسلم على أمته ونصحه لم ،وأن الرياء أخوف
على الصالي من فتنة الدجال .فإن كان النب صلى ال عليه وسلم يافه على سادات الولياء مع قوة
إيانم وعلمهم فغيهم من هو دونم بأضعاف أول بالوف من الشرك أصغره وأكبه.
باب
من الشرك إرداة النسان بعمله الدنيا
قوله ( :باب :من الشرك إرادة النسان بعمله الدنيا ) :
فإن قيل :فما الفرق بي هذه الترجة وبي ترجة الباب قبله ؟
قلت :بينه ما عموم وخ صوص مطلق ،يتمعان ف مادة ،و هو ما إذا أراد الن سان بعمله التز ين ع ند
الناس والتصنع لم والثناء ،فهذا رياء كما تقدم بيانه ،كحال النافقي .وهو أيضا إرادة الدنيا بالتصنع
ل صالا ،أراد به عرضا من عند الناس ،وطلب الدحة منهم والكرام .ويفارق الرياء بكونه عمل عم ً
الدنيا ،كمن ياهد ليأخذ مالً ،كما ف الديث " تعس عبد الدينار " أو ياهد للمغنم أو غي ذلك من
المور الت ذكرها شيخنا عن ابن عباس رضي ال عنه وغيه من الفسرين ف معن قوله تعال " :من
كان يريد الياة الدنيا وزينتها ".
وأراد ال صنف رح ه ال بذه الترج ة و ما بعد ها أن الع مل ل جل الدن يا شرك ينا ف كمال التوح يد
الواجب ،ويبط العمال ،وهو أعظم من الرياء ،لن مريد الدنيا قد تغلب إرادته تلك على كثي من
عمله ،وأما الرياء فقد يعرض له ف عمل دون عمل ،ول يسترسل معه ،والؤمن يكون حذرا من هذا
وهذا.
قال ابن عباس رضي ال عنه " :من كان يريد الياة الدنيا " أي ثوابا .وزينتها ،أي مالا .نوف ،أي
نوفهر لمه ثواب أعمالمه بالصهحة والسهرور فه الال والههل والولد " :وههم فيهها ل يبخسهون " ل
ينق صون ،ث ن سختها " ، :من كان ير يد العاجلة عجل نا له في ها ما نشاء ل ن نر يد " اليت ي .رواه
النحاس ف ناسخه.
وقال قتادة :من كانت الدنيا هه وطلبته ونيته جازاه ال بسناته ف الدنيا ث يفضي إل الخرة وليس له
حسنة يعطي با جزاء ،وأما الؤمن فيجازى بسناته ف الدنيا ويثاب عليها ف الخرة ذكره ابن جرير
بسنده ،ث ساق حديث أب هريرة عن ابن البارك عن حيوة ابن شريح قال :حدثن الوليد بن أب الوليد
أبو عثمان أن عقبة بن مسلم حدثه أن شفى بن ماتع الصبحي حدثه ( :أنه دخل الدينة فإذا هو برجل
قد اجتمع عليه الناس ،فقال :من هذا ؟ فقالوا :أبو هريرة .قال :فدنوت منه حت قعدت بي يديه ،وهو
يدث الناس .فما سكت وخل قلت :أنشدك بق وبق لا حدثتن حديثا سعته من رسول ال صلى
ال عليه وسلم عقلته وعلمته .قال :فقال أبو هريرة :أفعل ،لحدثنك حديثا حدثنيه رسول ال صلى
ال عليه وسلم ف هذا البيت ما فيه أحد غيي وغيه ث نشغ أبو هريرة نشغة ،ث أفاق فقال :لحدثنك
حديثا حدثن يه ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ف هذا الب يت ما ف يه غيي أ حد وغيه .ث ن شغ أ بو
هريرة نشغة أخرى ،ث مال خارا على وجهه ،واشتد به طويلً .ث أفاق فقال :حدثن رسول ال صلى
ال عل يه و سلم " :إن ال تبارك وتعال إذا كان يوم القيا مة نزل إل القيا مة ليق ضي بين هم ،و كل أ مة
جاثية .فأول من يد عو به رجل جع القرآن ،ور جل ق تل ف سبيل ال ،ور جل كث ي الال .فيقول ال
تبارك وتعال للقارىء :أل أعل مك ما أنزلت على ر سول ؟ قال :بلى يا رب .قال :فماذا عملت في ما
عل مت ؟ قال :ك نت أقوم آناء الل يل وآناء النهار .فيقول ال له :كذ بت ،وتقول له اللئ كة :كذ بت،
ويقول ال له :بل أردت أن يقال فلن قارىء ف قد ق يل ذلك .ويؤ ت ب صاحب الال فيقول ال له :أل
أو سع عل يك ح ت ل أد عك تتاج إل أ حد ؟ قال :بلى يا رب ،قال :ف ما عملت في ما آتي تك ؟ قال:
كنت أصل الرحم وأتصدق ،فيقول ال له :كذبت ،وتقول له اللئكة :كذبت ،ويقول ال :بل أردت
أن يقال فلن جواد ،ف قد ق يل ذلك .ويؤ ت بالذي ق تل ف سبيل ال فيقال له :فبماذا قتلت ؟ فيقول:
أمرت بالهاد فه سهبيلك فقاتلت حته قتلت ،فيقول ال له :كذبهت ،وتقول له اللئكهة :كذبهت،
ويقول ال له :بل أردت أن يقال فلن جريء فقد قيل ذلك .ث ضرب رسول ال صلى ال عليه وسلم
على ركبت فقال :يا أبا هريرة ،أولئك الثلثة أول خلق ال تسعر بم النار يوم القيامة ".
وقد سئل شيخنا الصنف رحه ال عن هذه الية فأجاب با حاصله :ذكر عن السلف فيها أنواع ما
يفعله الناس اليوم ول يعرفون معناه.
فمهن ذلك :العمهل الصهال الذي يفعله كثيه مهن الناس ابتغاء وجهه ال :مهن صهدقة وصهلة ،وصهلة
وإحسان إل الناس ،وترك ظلم ،ونو ذلك ما يفعله النسان أو يتركه خالصا ل ،لكنه ل يريد ثوابه
ف الخرة ،إنا يريد أن يازيه ال بفظ ماله وتنميته ،أو حفظ أهله وعياله ،أو إدامة النعمة عليهم ،ول
ه ة له ف طلب ال نة والرب من النار ،فهذا يع طي ثواب عمل يه ف الدن يا ول يس له ف الخرة من
نصيب .وهذا النوع ذكره ابن عباس.
النوع الثان :و هو أكب من الول وأخوف ،و هو الذي ذكره ما هد ف ال ية :أنا نزلت ف يه و هو أن
يعمل أعمالً صالة ونيته رياء الناس ،ل طلب ثواب الخرة.
النوع الثالث :أن يعمل أعما ًل صالة يقصد با مالً ،مثل أن يج لال يأخذه أو يهاجر لدنيا يصيبها،
أو امرأة يتزوج ها ،أو يا هد ل جل الغنم ،فقد ذ كر أيضا هذا النوع ف تف سي هذه ال ية ،ك ما يتعلم
الرجل لجل مدرسة أهله أو مكسبهم أو رياستهم ،أو يتعلم القرآن ويواظب على الصلة لجل وظيفة
السجد ،كما هو واقع كثيا.
النوع الرا بع :أن يعمل بطا عة ال ملصا ف ذلك ل وحده ل شر يك له لك نه على عمل يكفره كفرا
يرجه عن السلم ،مثل اليهود والنصارى إذا عبدوا ال ،أو تصدقوا أو صاموا إبتغاء وجه ال والدار
الخرة ،وم ثل كث ي من هذه ال مة الذ ين في هم ك فر أو شرك أ كب يرج هم من ال سلم بالكل ية ،إذا
أطاعوا ال طاعهة خالصهة يريدون باه ثواب ال فه الدار الخرة ؟ لكنههم على أعمال ترجههم مهن
السلم وتنع قبول أعمالم ،فهذا النوع أيضا قد ذكر ف هذه الية عن أنس بن مالك وغيه ،وكان
السلف يافون منها ،قال بعضهم :لو أعلم أن ال تقبل من سجدة واحدة لتمنيت الوت لن ال تعال
يقول " :إنا يتقبل ال من التقي ".
ث قال :بقي أن يقال :إذا عمل الرجل الصلوات المس والزكاة والصوم والج إبتغاء وجه ال ،طالبا
ثواب الخرة ،ث بعد ذلك عمل أعمالً قاصدا با الدنيا ،مثل أن يج فرضه ل ،ث يج بعده لجل
الدن يا ك ما هو وا قع ،ف هو ل ا غلب عل يه منه ما .و قد قال بعض هم :القرآن كثيا ما يذ كر أ هل ال نة
اللص وأهل النار اللص ،ويسكت عن صاحب الشائبتي ،وهو هذا وأمثاله ا هه.
قوله( :ف الصحيح عن أب هريرة رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :تعس
عبد الدينار ،تعس عبد الدرهم ،تعس عبد الميصة ،تعس عبد الميلة ،إن أعطى رضى ،وإن ل
يعط سخط ،تعس وانتكس وإذا شك فل انتقش .طوب لعبد أخذ بعنان فرسه ف سبيل ال أشعث
رأسه ،مغبة قدماه ،إن كان ف الراسة كان ف الراسة ،وإن كان ف الساقة كان ف الساقة .إن
استأذن ل يؤذن له ،وإن شفع ل يشفع له ") :
قوله :ت عس هو بك سر الع ي ويوز الف تح أي سقط ،والراد ه نا هلك .قاله الا فظ ،وقال ف مو ضع
آخر :وهو ضد سعد .أي شقي .قال أبو السعادات :يقال تعس يتعس إذا عثر وانكب لوجهه .وهو
دعاء عليه باللك.
قوله :تعس عبد الدرهم وهو من الفضة ،قدره الفقهاء بالشعي وزنا ،وعندنا منه درهم من ضرب بن
أمية وهو زنة خسي حبة شعي وخسا حبة ساه عبدا له ،لكونه هو القصود بعمله ،فكل من توجه
بقصده لغي ال فقد جعله شريكا له ف عبوديته كما هو حال الكثر.
قوله :تعس عبد الميصة قال أبو السعادات :هي ثوب خز أو صوف معلم ،وقيل ل تسمى خيصة إل
أن تكون سوداء معل مة،وت مع على خائص .والميلة بف تح الاء العج مة وقال أ بو ال سعادات :ذات
المل ،ثياب لا خل من أي شئ كان.
قوله :تعس وانتكس قال الافظ :هو بالهملة ،أي عاوده الرض .وقال أبو السعادات :أي انقلب على
رأسه .وهو دعاء عليه باليبة .قال الطيب :فيه الترقي بالدعاء عليه .لنه إذا تعس انكب على وجهه.
وإذا انتكس انقلب على رأسه بعد أن سقط.
قوله :وإذا شيك أي أصابته شوكة فل انتقش أي فل يقدر على إخراجها بالنقاش قاله أبو السعادات.
والراد أن من كا نت هذه حاله فإ نه يستحق أن يدعى عليه با يسوءه ف العواقب ،ومن كانت هذه
حاله فل بد أن يد أثر هذه الدعوات ف الوقوع فيما يضره ف عاجل دنياه وآجل أخراه.
قال شيخ السلم رحه ال :فسماه النب صلى ال عليه وسلم عبد الدينار والدرهم وعبد القطيفة وعبد
الميصة .وذكر فيه ما هو دعاء بلفظ الب وهو قوله :تعس وانتكس وإذا شيك فل انتقش وهذه حال
مهن إذا أصهابه شهر ل يرج منهه ول يفلح ،لكونهه تعهس وانتكهس ،فل نال الطلوب ،ول خلص مهن
الكروه ،وهذا حال من عبد الال .وقد وصف ذلك بأنه :إن أعطى رضى ،وإن منع سخط كما قال
تعال " :ومنهم من يلمزك ف الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن ل يعطوا منها إذا هم يسخطون "
فرضاؤهم لغي ال ،وسخطهم لغي ال ،وهكذا حال من كان متعلقا منها برياسة أو صورة ونو ذلك
من أهواء نفسه ،إن حصل له رضى ،وإن ل يصل له سخط ،فهذا عبد ما يهواه من ذلك وهو رقيق
له ،إذ الرق والعبودية ف القيقة هو رق القلب وعبوديته ،فما استرق القلب واستعبده فهو عبده إل أن
قال:
وهكذا أيضا طالب الال ،فإن ذلك يستعبده ويسترقه وهذه المور نوعان ،فمنها ما يتاج إليه العبد،
ك ما يتاج إل طعا مه وشرا به ومنك حه وم سكنه ون و ذلك ،فهذا يطلب من ال وير غب إل يه ف يه.
فيكون الال عنده يستعمله ف حاج ته بنلة حاره الذي يرك به ،وبساطه الذي يلس عل يه من غ ي أن
يستعبده فيكون هلوعا.
ومنها :ما ل يتاج إليه العبد ،فهذا ينبغي أن ل يعلق قلبه با ،فإذا تعلق قلبه با صار مستعبدا لا ،وربا
صار مستعبدا متعمدا على غي ال فيها ،فل يبقى معه حقيقة العبودية ل ول حقيقة التوكل عليه ،بل
فيه شعبة من العبادة لغي ال وشعبة من التوكل على غي ال ،وهذا من أحق الناس بقوله صلى ال عليه
وسلم " :تعس عبد الدينار ،تعس عبد الدرهم ،تعس عبد الميصة ،تعس عبد الميلة " وهذا هو عبد
لذه المور ولو طلبها من ال ،فإن ال إذا أعطاه إياه رضى ،وإن منعه إياها سخط ،وإنا عبد ال من
يرض يه ما ير ضي ال وي سخطه ما ي سخط ال وي ب ما أح به ال ور سوله ويب غض ما أبغ ضه ال
ورسوله ،ويوال أولياء ال ويعادى أعداء ال فهذا الذي استكمل اليان ،انتهى ملخصا.
قوله :طوب لعبد قال أبو السعادات :طوب اسم النة ،وقيل :هي شجرة فيها ويؤيد هذا ما روى ابن
وهب بسنده عن أب سعيد قال " :قال رجل :يا رسول ال وما طوب ؟ قال :شجرة ف النة مسية
مائة سنة ،ثياب أهل النة ترج من أكمامها " ورواه المام أحد :حدثنا حسن بن موسى سعت عبد
ال بن ليعة حدثنا دراج أبو السمح أن أبا اليثم حدثه أبو سعيد الدري عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم " إن رجلً قال :يا رسول ال ،طوب لن رآك وآمن بك ،قال طوب لن رآن وآمن ب ،وطوب
ث طوب ث طوب لن آمن ب ول يرن .قال له رجل :وما طوب ؟ قال :شجرة ف النة مسية مائة عام،
ثياب أ هل ال نة ترج من أكمام ها " وله شوا هد ف ال صحيحي وغيه ا .و قد روى ا بن جر ير عن
و هب بن من به هاهنا أثرا غريبا عجيبا .قال و هب رح ه ال :إن ف ال نة شجرة يقال ل ا طوب ي سي
الراكب ف ظلها مائة عام ل يقطعها :زهرها رياط ،وورقها برود وقضبانا عنب ،وبطحاؤها ياقوت،
وترابا كافور ،ووحلها مسك ،يرج من أصلها أنار المر واللب والعسل ،وهي ملس لهل النة،
بين ما هم ف مل سهم إذا أتت هم اللئ كة من رب م يقودون نبا مزمومة ب سلسل من ذ هب ،وجوه ها
كالصابيح من حسنها ،ووبرها كخز الرعزي من لينه ،عليها رحال ألواحها من ياقوت ،ودفوفها من
ذ هب وثياب ا من سندس وإ ستبق ،فينيخون ا ويقولون :إن رب نا أر سل إلي كم لتزوروه وت سلموا عل يه
قال :فيكبونا ،قال :فهي أسرع من الطائر ،وأوطأ من الفراش .خبا من غي مهنة ،يسي الراكب إل
جنهب أخيهه وههو يكلمهه ويناجيهه ،ل تصهيب أذن راحلة منهها أذن صهاحبتها ،ول برك راحلة برك
صاحبتها ،حت إن الشجرة لتنتحى عن طريقهم لئل تفرق بي الرجل وأخيه .قال :فيأتون إل الرحن
الرحيم فيسفر لم عن وجهه الكري حت ينظروا إليه ،فإذا رأوه قالوا :اللهم أنت السلم ومنك السلم،
وحهق لك اللل والكرام ،قال :فيقول تبارك وتعال عنهد ذلك ،أنها السهلم ومنه السهلم وعليكهم
ح قت رح ت ومب ت ،مرحبا بعبادي الذ ين خشو ن بالغ يب وأطاعوا أمري .قال فيقولون :رب نا إ نا ل
نعبدك حق عبادتك ،ول نقدرك ،فائذن لنا بالسجود قدامك .قال :فيقول ال :إنا ليست بدار نصب
ول عبادة ،ولكنها دار ملك ونعيم ،وإن قد رفعت عنكم نصب العبادة ،فسلون ما شئتم ،بأن لكل
رجل منكم أمنيته .فيسألونه ،حت إن أقصرهم أمنية ليقول :رب ،تنافس أهل الدنيا ف دنياهم فتضايقوا
في ها ،رب فآت ن من كل شئ كانوا ف يه من يوم خلقت ها إل أن انت هت الدن يا ،فيقول ال تعال :ل قد
ق صرت بك اليوم أمني تك .ول قد سألت دون منل تك .هذا لك م ن و سأتفك بنل ت لن ل يس ف
عطائي ن كد ول ق صر يد .قال :ث يقول :اعرضوا على عبادي ما ل تبلغ أماني هم ول ي طر على بال.
قال :فيعرضون علي هم ح ت تق صر ب م أماني هم ال ت ف أنف سهم ،فيكون في ما يعرضون علي هم براذ ين
مقرنة على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة .على كل سرير منها قبة من ذهب مفزعة .ف كل
قبة منها فرش من فرش النة مظاهرة .ف كل قبة منها جاريتان من الور العي .على كل جارية منهن
ثوبان من ثياب النة .وليس ف النة لون إل وهو فيهما .ول ريح طيب إل قد عبق بما .ينفذ ضوء
وجوههما غلظ القبة .حت يظن من يراها أنما من دون القبة يرى مهما من فوق سوقهما كالسلك
البيض ف يا قوته حراء .يريان له من الفضل على صحابته كفضل الشمس على الجارة أو أفضل.
ويرى ل ما م ثل ذلك .ث يد خل عليه ما فيحييا نه ويقبل نه ويعانقا نه ويقولن له :وال ما ظن نا أن ال
يلق مثلك .ث يأمر ال تعال اللئكة فيسيون بم صفا ف النة حت ينتهي كل رجل منهم إل منلته
الت أعدت له .
من ها من الياقوت ال صفر ف هو مفروش بالرجوان ال صفر ،مبو بة بالزمرد الخ ضر والذ هب الح ر
ه غرف مهن والفضهة البيضاء ،قوائمهها وأركاناه مهن الوههر ،وشرفهها مهن قباب مهن لؤلؤ ،وبروجه ا
الرجان .فل ما ان صرفوا إل ما أعطا هم رب م قر بت ل م براذ ين من ياقوت أب يض منفوخ في ها الروح،
تتها الولدان الخلدون ،بيد كل وليد منهم حكمة برذون من تلك الباذين ولمها وأعنتها من فضة
بيضاء منظومهة بالدر والياقوت ،سهرر موضونهة مفروشهة بالسهندس والسهتبق ،فانطلقهت بمه تلك
الباذ ين تزف فينظرون رياض ال نة فل ما انتهوا إل منازل م وجدوا اللئ كة قعدوا على منابر من نور
ينتظرونم ليزوروهم ويصافحوهم ويهنئوهم كرامة ربم ،فلما دخلوا قصورهم وجدوا فيها جيع ما
تطاول به علي هم و ما سألوا و ما تنوا ،وإذا على باب كل ق صر من تلك الق صور أرب عة جنان جنتان
ذواتا أفنان وجنتان مدهامتان وفيهمها عينان نضاختان ،وفيهمها مهن كهل فاكههة زوجان ،وحور
مقصورات ف اليام ،فلما تبوءوا منازلم واستقروا قرارهم قال لم ربم " :هل وجدت ما وعد ربكم
حقا قالوا ن عم " ورب نا .قال :هل رضي تم ثواب رب كم ؟ قالوا :رب نا رضي نا فارض ع نا ،قال :فبضائي
عنكم أحللتكم داري ونظرت إل وجهي ،فعند ذلك قالوا " :المد ل الذي أذهب عنا الزن إن ربنا
لغفور شكور * الذي أحل نا دار القا مة من فضله ل ي سنا في ها ن صب ول ي سنا في ها لغوب " وهذا
سياق غريب وأثر عجيب ولبعضه شواهد ف الصحيحي.
وقال خالد بن معدان :إن ف النة شجرة يقال لا طوب ،ضروع كلها ،ترضع صبيان أهل النة ،وإن
سقط الرأة يكون ف نر من أنار النة يتقلب فيه حت تقوم القيامة فيبعث ابن أربعي سنة رواه ابن أب
حات.
قوله :أشعث مرور بالفتحة لنه اسم ل ينصرف للوصفية ووزن الفعل ،ورأسه مرفوع على الفاعلية،
وهو طائر الشعر ،شغله الهاد ف سبيل ال عن التنعم بالدهان وتسريح الشعر.
قوله :إن كان ف الراسة كان ف الراسة هو بكسر الاء أي حى اليش عن أن يهجم العدو عليهم.
قوله :كان ف الراسة أي غي مقصر فيها ول غافل ،وهذا اللفظ يستعمل ف حق من قام بالمر على
وجه الكمال.
قوله :وإن كان ف الساقة كان ف الساقة أي ف مؤخرة اليش ،يقلب نفسه ف مصال الهاد ،ف كل
مقام يقوم فيه إن كان ليلً أو نارا ،رغبة ف ثواب ال وطلبا لرضاته ومبة لطاعته.
قال ابن الوزي رحه ال :وهو خامل الذكر ل يقصد السمو.
وقال اللخال :العن ائتماره با أمر ،وإقامته حيث أقيم .ل يفقد من مقامه ،وإنا ذكر الراسة والساقة
لنما أشد مشقة .انتهى .وفيه فضل الراسة ف سبيل ال.
قوله :إن استأذن ل يؤذن له أي إن استأذن على المراء ونوهم ل يؤذن له لنه ل جاه له عندهم ول
منلة .لنه ليس من طلبا .وإنا يطلب ما عند ال ل يقصد بعمله سواه.
قوله :وإن شفع بفتح أوله وثانية ل يشفع بفتح الفاء مشددة .يعن لو ألأته الال إل أن يشفع ف أمر
يبه ال ورسوله ل تقبل شفاعته عند المراء ونوهم.
وروى المام أح د وم سلم عن أ ب هريرة مرفوعا " :رب أش عث مدفوع بالبواب لو أق سم على ال
لبره ".
وروى المام أحد أيضا عن مصعب بن ثابت بن عبد ال بن الزبي قال :قال عثمان رضي ال وهو
يطب على م نبه " :إن مدث كم حديثا سعته من ر سول ال صلى ال عل يه وسلم ل يكن ينع ن أن
أحدثكم به إل الظن بكم .سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول :حرس ليلة ف سبيل ال أفضل
من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نارها ".
وروى الا فظ ابن عساكر ف ترجة ع بد ال بن البارك قال ع بد ال بن ممد قا ضي نصيبي حدثن
م مد بن إبراه يم بن أ ب سكينة أ نه أملى عل يه ع بد ال بن البارك هذه البيات بطر سوس وواعده
الروج .وأنشدها معه إل الفضيل بن عياض ف سنة سبع وسبعي ومائة .قال:
قال :فلق يت الفض يل بكتا به ف ال سجد الرام فل ما قرأه ذر فت عيناه فقال :صدق أ بو ع بد الرح ن
ون صحن ،ث قال :أ نت م ن يك تب الد يث ؟ قلت :ن عم قال ل :اك تب هذا الد يث ،وأملى على
الفضيل بن عياض :حدثنا منصور بن العتمر عن أب صال عن أب هريرة" :أن رجلً قال :يا رسول ال
علمن عملً أنال به ثواب الجاهدين ف سبيل ال ،فقال :هل تستطيع أن تصلي فل تفتر ،وتصوم فل
تف طر ؟ فقال :يا ر سول ال أ نا أض عف من أن أ ستطيع ذلك ،ث قال ال نب صلى ال عل يه و سلم :فو
الذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت فضل الجاهدين ف سبيل ال ،أما علمت أن فرس الجاهد
ليست ف طوله فيكتب له بذلك حسنات ؟ ".
باب
من أطاع العلماء والمراء ف تري ما أحل ال
قوله( :باب :من أطاع العلماء والمراء ف تر ي ما أ حل ال أو تل يل ما حرم ال ،ف قد اتذ هم
أربابا من دون ال) :
لقول ال تعال " :اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال والسيح ابن مري وما أمروا إل ليعبدوا
إلا واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون" وتقدي تفسي هذا ف أصل الصنف رحه ال عند ذكر
حديث عدي ابن حات رضي ال عنه.
قوله( :وقال ابن عباس رضي ال عنهما " :يوشك أن تنل عليكم حجارة من السماء .أقول :قال
رسول ال صلى ال عليه وسلم وتقولون :قال أبو بكر وعمر ؟ ") :
وهذا القول من ابن عباس رضي ال عنهما جواب لن قال :إن أبا بكر وعمر رضي ال عنهما ل يريان
التم تع بالعمرة إل ال ج،ويريان أن إفراد ال ج أف ضل :أو ما هو مع ن هذا ،وكان ا بن عباس يرى أن
التم تع بالعمرة إل ال ج وا جب ويقول :إذا طاف بالب يت وسعى ب ي ال صفا والروة سبعة أشواط فقد
حل من عمرته شاء أم أب" لديث سراقة بن مالك حي أمرهم النب صلى ال عليه وسلم أن يعلوها
عمرة ويلوا إذا طافوا بالبيت وسعوا بي الصفا والروة ،فقال سراقة :يا رسول ال ألعامنا هذا أم للبد
؟ فقال :بل للبد " والديث ف الصحيحي ،وحينئذ فل عذر لن استفى أن ينظر ف مذاهب العلماء
و ما استدل به كل إمام ويأخذ من أقوالم ما دل عليه الدل يل إذا كان له ملكة يقتدر با على ذلك.
كما قال تعال " :فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر ذلك
خي وأحسن تأويل ".
وللبخاري ومسلم وغيها أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما
أهديت ولول أن معي الدى لحللت " هذا لفظ البخاري ف حديث عائشة رضي ال عنها .ولفظه ف
حديهث جابر " :افعلوا مها أمرتكهم بهه فلول أنه سهقت الدى لفعلت مثهل الذي أمرتكهم " فه عدة
أحاديث تؤيد قول ابن عباس.
وبالملة فلهذا قال ا بن عباس ل ا عارضوا الد يث برأي أ ب ب كر وع مر ر ضي ال عنه ما :يو شك أن
تنل عليكم حجارة من السماء ....الديث.
وقال المام مالك رح ه ال تعال :ما م نا إل راد ومردود عل يه ،إل صاحب هذا ال قب صلى ال عل يه
وسلم .
وما زال العلماء رحهم ال يتهدون ف الوقائع فمن أصاب منهم فله أجران ،ومن أخطأ فله أجر ،كما
ف الديث ،لكن إذا استبان لم الدليل أخذوا به وتركوا اجتهادهم .وأما إذا ل يبلغهم الديث أو ل
يثبت عن النب صلى ال عليه وسلم عندهم فيه حد يث ،أو ثبت وله معارض أو مصص ون و ذلك
فحينئذ يسوغ للمام أن يتهد .وف عصر الئمة الربعة رحهم ال تعال إنا كان طلب الحاديث من
هي عنده باللقى والسماع ،ويسافر الرجل ف طلب الديث إل المصار عدة سني .ث اعتن الئمة
بالتصانيف ودونوا الحاديث ورووها بأسانيدها ،وبينوا صحيحها من حسنها من ضعيفها .والفقهاء
صنفوا ف كل مذ هب ،وذكروا ح جج الجتهد ين .ف سهل ال مر على طالب العلم .و كل إمام يذ كر
الكم بدليله عنده ،وف كلم ابن عباس رضي ال عنهما ما يدل على أن من يبلغه الدليل فلم يأخذ به
تقليدا لمامه فإنه يب النكار عليه بالتغليظ لخالفته الدليل.
وقال المام أحد :حدثنا أحد بن عمر البزار ،حدثنا زياد بن أيوب ،حدثنا أبو عبيدة الداد عن مالك
بن دينار عن عكرمة ابن عباس قال :ليس منا أحد إل يؤخذ من قوله ويدع غي النب صلى ال عليه
وسلم .
وعلى هذا فيجب النكار على من ترك الدليل لقول أحد من العلماء كائنا من كان ،ونصوص الئمة
على هذا ،وأنه ل يسوغ التقليد إل ف مسائل الجتهاد الت ل دليل فيها يرجع إليه من كتاب ول سنة،
فهذا هو الذي عناه بعض العلماء بقوله :ل إنكار ف مسائل الجتهاد .وأما من خالف الكتاب والسنة
فيجب الرد عليه كما قال ابن عباس والشافعي ومالك وأحد ،وذلك ممع عليه ،كما تقدم ف كلم
الشافعي رحه ال تعال.
قوله( :وقال المام أحدس :عجبست لقوم عرفوا السسناد وصسحته ،ويذهبون إل رأي سسفيان .وال
تعال يقول " :فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم " أتدرون ما
الفتنة ؟ الفتنة الشرك ،لعله إذا رد بعض قوله أن يقع ف قلبه شئ من الزيغ فيهلك) :
هذا الكلم من المام أح د رح ه ال رواه ع نه الف ضل بن زياد وأ بو طالب .قال الف ضل عن أح د:
نظرت ف الصحف فوجدت طاعة الرسول صلى ال عليه وسلم ف ثلث وثلثي موضعا ،ث جعل
يتلو " :فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة " الية ،فذكر من قوله :الفتنة الشرك إل قوله
فيهلك .ث جعل يتلو هذه الية " :فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف
أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما ".
وقال أ بو طالب عن أح د وق يل له :إن قوما يدعون الد يث ويذهبون إل رأي سفيان وغيه ،فقال:
أعجب لقوم سعوا الديث وعرفوا السناد وصحته يدعونه ويذهبون إل رأي سفيان وغيه ،قال ال
تعال " :فليحذر الذ ين يالفون عن أمره أن ت صيبهم فت نة أو ي صيبهم عذاب أل يم " أتدري ما الفت نة ؟
الفتنة :الكفر .قال ال تعال " :والفتنة أكب من القتل " فيدعون الديث عن رسول ال صلى ال عليه
وسلم وتغلبهم أهواؤهم إل الرأي ذكر ذلك عنه شيخ السلم رحه ال تعال.
قوله :عرفوا السناد أي إسناد الديث وصحته ،فإن صح إسناد الديث فهو صحيح عند أهل الديث
وغيهم من العلماء.
وسفيان :هو الثوري المام الزاهد العابد الثقة الفقيه ،وكان له أصحاب يأخذون عنه ،ومذهبه مشهور
يذكره العلماء رحههم ال فه الكتهب الته يذكهر فيهها مذاههب الئمهة ،كالتمهيهد لبهن عبهد الب،
والستذكار له ،وكتاب الشراف على مذاهب الشراف لبن النذر ،والحلى لبن حزم ،والغن لب
ممد عبد ال بن أحد بن قدامة النبلي .وغي هؤلء.
فقول المام أح د رح ه ال :عج بت لقوم عرفوا ال سناد و صحته ...إل إنكار م نه لذلك .وأ نه يؤول
إل ز يع القلوب الذي يكون به الرء كافرا .و قد ع مت البلوى بذا الن كر خ صوصا م ن ينت سب إل
العلم ،نصبوا البائل ف الصد عن الخذ بالكتاب والسنة ،وصدوا عن متابعة الرسول صلى ال عليه
و سلم وتعظ يم أمره ون يه ،ف من ذلك قول م :ل ي ستدل بالكتاب وال سنة إل الجت هد .والجتهاد قد
انق طع ويقول :هذا الذي قلد ته أعلم م نك بالد يث وبنا سخه ومن سوخه ،ون و ذلك من القوال ال ت
غايتها ترك متابعة الرسول صلى ال عليه وسلم الذي ل ينطق عن الوى ،والعتماد على قول من يوز
عليه الطأ ،وغيه من الئمة يالفه ،وينع قوله بدليل ،فما من إمام إل والذي معه بعض العلم ل كله.
فالواجب على كل مكلف إذا بلغه الدليل من كتاب ال وسنة رسوله وفهم معن ذلك :أن ينتهي إليه
ويعمل به ،وإن خالفه من خالفه ،كما قال تعال " :اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونه
ل ما تذكرون " وقال تعال " :أول يكفهم أ نا أنزل نا عليك الكتاب يتلى عليهم إن ف ذلك أولياء قلي ً
لرحةه وذكرى لقوم يؤمنون " وقهد تقدم حكايهة الجاع على ذلك ،وبيان أن القلد ليهس مهن أههل
العلم ،وقد حكى أيضا أبو عمر ابن عبد الب وغيه الجاع على ذلك.
قلت :ول يالف فه ذلك إل جهال القلدة ،لهلههم بالكتاب والسهنة ،ورغبتههم عنهها ،وهؤلء وإن
ظنوا أنم قد اتبعوا الئمة فإنم ف القيقة قد خالفوهم ،واتبعوا غي سبيلهم .كما قدمنا من قول مالك
والشاف عي وأح د ،ول كن ف كلم أح د رح ه ال إشارة إل أن التقل يد ق بل بلوغ ال جة ل يذم وإن ا
ين كر على من بلغ ته ال جة وخالف هم لقول إمام من الئ مة ،وذلك إن ا ين شأ عن العراض عن تدبر
كتاب ال وسنة رسوله والقبال على كتب من تأخروا والستغناء با عن الوحيي ،وهذا يشبه ما وقع
من أهل الكتاب الذي قال ال فيهم " :اتذوا أحبارهم ورهبانم أربابا من دون ال " كما سيأت بيان
ذلك ف حديث عدي بن حات ،فيجب على من نصح نفسه إذا قرأ كتب العلماء ونظر فيها وعرف
أقوالم أن يعرضها على ما ف الكتاب والسنة ،فإن كل متهد من العلماء ومن تبعه وانتسب إل مذهبه
ل بد أن يذكر دليله ،والق ف السألة واحد،والئمة مثابون على اجتهادهم،فالصنف يعل النظر ف
كلم هم وتأمله طريقا إل معر فة ال سائل وا ستحضارها ذهنا وتييزا لل صواب من ال طأ بالدلة ال ت
يذكرها الستدلون ،ويعرف بذلك من هو أسعد بالدليل من العلماء فيتبعه ،والدلة على هذا الصل ف
كتاب ال أك ثر و ف ال سنة كذلك ،ك ما أخرج أ بو داود ب سنده عن أناس من أ صحاب معاذ " :أن
ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ل ا أراد أن يب عث معاذا إل الي من قال :ك يف تق ضي إذا عرض لك
قضاء ؟ قال :أقضي بكتاب ال تعال ،قال :فإن ل تد ف كتاب ال ؟ قال :فبسنة رسول ال صلى ال
عل يه و سلم قال فإن ل ت د ف سنة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ول ف كتاب ال ؟ قال :أجت هد
رأيي ول آلو ،قال :فضرب رسول ال صلى ال عليه وسلم صدره وقال :المد ل الذي وفق رسول
رسول ال لا يرضي رسول ال" وساق بسنده عن الارث بن عمر عن أناس من أصحاب معاذ بن
جبل رضي ال عنه :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا بعثه إل اليمن بعناه .
والئمة رحهم ال ل يقصروا ف البيان ،بل نوا عن تقليدهم إذا استبانت السنة ،لعلمهم أن من العلم
شيئا ل يعلموه ،وقد يبلغ غيهم ،وذلك كثي كما ل يفى على من نظر ف أقوال العلماء.
قال أبو حنيفة رحه ال :إذا جاء الديث عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فعلى الرأس والعي ،وإذا
جاء عن الصحابة رضي ال عنهم فعلى الرأس والعي ،وإذا جاء عن التابعي فنحن رجال وهم رجال.
وقال :إذا قلت قولً وكتاب ال يال فه فاتركوا قول لكتاب ال .ق يل :إذا كان قول ر سول ال صلى
ال عليهه وسهلم يالفهه ؟ قال :اتركوا قول ل ب الرسهول صهلى ال عليهه وسهلم .وقيهل إذا كان قول
الصحابة يالفه ؟ قال :اتركوا قول لصحابة.
وقال الربيع :سعت الشافعي رحه ال يقول :إذا وجدت ف كتاب خلف سنة رسول ال صلى ال عليه
وسلم فخذوا سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ودعوا ما قلت.
وقال مالك :كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم.
وتقدم له مثل ذلك ،فل عذر لقلد بعد هذا .ولو استقضينا كلم العلماء ف هذا لرج عما قصدناه من
الختصار ،وفيما ذكرناه كفاية لطالب الدى.
قوله :لعله إذا رد ب عض قوله أي قول الر سول صلى ال عل يه و سلم أي ي قع ف قل به شئ من الز يغ
فيهلك نبه رحه ال أن رد قول الرسول صلى ال عليه وسلم سبب لزيغ القلب ،وذلك هو اللك ف
الدنيا والخرة كما قال تعال " :فلما زاغوا أزاغ ال قلوبم وال ل يهدي القوم الفاسقي ".
قال شيهخ السهلم رحهه ال فه معنه قول ال تعال " :فليحذر الذيهن يالفون عهن أمره " فإن كان
الخالف لمره قد حذر من الك فر والشرك ،أو من العذاب الل يم ،دل على أ نه قد يكون مفضيا إل
الكفر والعذاب الليم ،ومعلوم أن إفضاءه إل العذاب الليم هو مرد فعل العصية ،فإفضاؤه إل الكفر
إنا هو لا يقترن به من الستخفاف ف حق المر ،كما فعل إبليس لعنه ال تعال ا هه.
وقال أبو جعفر ابن جرير رحه ال تعال عن الضحاك " :فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم
فتنة " قال :يطبع على قلبه فل يؤمن أن يظهر الكفر بلسانه فتضرب عنقه.
قال أ بو جع فر بن جر ير :أدخلت عن لن مع ن الكلم فليحذر الذ ين يلوذون عن أمره ويدبرون ع نه
معرضي.
قوله :أو يصيبهم ف الدنيا عذاب من ال موجع على خلفهم أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم.
قوله( :عن عدي بن حات رضي ال عنه :أنه سع النب صلى ال عليه وسلم يقرأهذه الية " :اتذوا
أحبار هم ورهبان م أربابا من دون ال وال سيح ا بن مري " ال ية .فقلت " :إ نا ل سنا نعبد هم .قال:
أليس يرمون ما أحل ال فتحرمونه ويلون ما حرم ال فتحلونه ؟ فقلت :بلى ،قال :فتلك عبادتم
" رواه أحد والترمذي وحسنه) :
هذا الديث قد روى من طرق ،فرواه ابن سعد وعبد بن حيد وابن النذر وابن جرير وابن أب حات
والطبان ،وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي.
قوله :عن عدي بن حات أي الطائي الشهور .وحات هو ابن عبد ال بن سعد بن الشرج بفتح الاء
الشهور بالسخاء والكرم .قدم عدي على النب صلى ال عليه وسلم ف شعبان سنة تسع من الجرة.
فأسلم وعاش مائة وعشرين سنة.
و ف الديث دليل على أن طاعة الحبار والرهبان ف معصية ال عبادة لم من دون ال ،ومن الشرك
ال كب الذي ل يغفره ال لقوله تعال ف آ خر ال ية " :و ما أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا ل إله إل هو
سبحانه عما يشركون " ونظي ذلك ف قوله تعال " :ول تأكلوا ما ل يذكر اسم ال عليه وإنه لفسق
وإن الشياطي ليوحون إل أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لشركون " وهذا قد وقع فيه كثي
من الناس مع من قلدو هم ،لعدم إعتبار هم الدل يل إذا خالف القلد ،و هو من هذا الشرك .ومن هم من
يغلو ف ذلك ويعتقد أن ال خذ بالدل يل والالة هذه يكره ،أو يرم ،فعظمت الفت نة .ويقول :هم أعلم
منا بالدلة .ول يأخذ بالدليل إل الجتهد ،وربا تفوهوا بذم من يعمل بالدليل ،ول ريب أن هذا من
غربة السلم كما قال شيخنا رحه ال ف السائل:
فتغيت الحوال ،وآلت إل هذه الغايهة فصهارت عنهد الكثهر عبادة الرهبان ههي أفضهل العمال،
ويسمونا ولية ،وعبادة الحبار هي العلم والفقه .ث تغيت الال إل أن عبد من ليس من الصالي،
وعبد بالعن الثان من هو من الاهلي.
وأما طاعة المراء ومتابعتهم فيما يالف ما شرعه ال ورسوله فقد عمت با البلوى قديا وحديثا ف
أك ثر الولة بعد اللفاء الراشدين وهلم جرا .وقد قال تعال " :فإن ل يستجيبوا لك فاعلم أنا يتبعون
أهواءهم ومن أضل من اتبع هواه بغي هدى من ال إن ال ل يهدي القوم الظالي ".
وعن زياد بن حدير قال :قال ل عمر رضي ال عنه " :هل تعرف ما يهدم السلم ؟ قلت :ل ،قال:
يهدمه زلة العال ،وجدال النافق بالقرآن ،وحكم الئمة الضلي " رواه الدارمى.
باب
" أل تر إل الذين يزعمون أنم آمنوا "
قوله( :باب :قول ال تعال " :أل تر إل الذين يزعمون أنم آمنوا با أنزل إليك وما أنزل من قبلك
" اليات) :
قال العماد ابن كثي رحه ال تعال :والية ذامة لن عدل عن الكتاب والسنة وتاكم إل ما سواها من
الباطل ،وهو الراد بالطاغوت ههنا.
وتقدم ما ذكره ابن القيم رحه ال ف حده للطاغوت ،وأنه كل ما تاوز به العبد حده من معبود أو
متبوع أو مطاع ،فكل من حاكم إل غي كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم فقد حاكم إل
الطاغوت الذي أ مر ال تعال عباده الؤمن ي أن يكفروا به ،فإن التحا كم ل يس إل إل كتاب ال و سنة
رسوله صلى ال عليه وسلم ومن كان يكم بما ،فمن تاكم إل غيها فقد تاوز به حده ،وخرج
عما شرعه ال ورسوله صلى ال عليه وسلم وأنزله منلة ل يستحقها .وكذلك من عبد شيئا دون ال
فإنا عبد الطاغوت ،فإن كان العبود صالا صارت عبادة العابد له راجعة إل الشيطان الذي أمره با،
ك ما قال تعال " :يوم نشر هم جي عا ث نقول للذ ين أشركوا مكان كم أن تم وشركاؤ كم فزيل نا بين هم
وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون * فكفى بال شهيدا بيننا وبينكم إن كنا عن عبادتكم لغافلي *
هنالك تبلو كل نفس ما أسلفت وردوا إل ال مولهم الق وضل عنهم ما كانوا يفترون " وكقوله" :
ويوم يشر هم جي عا ث يقول للملئ كة أهؤلء إيا كم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أ نت ولي نا من
دونم بل كانوا يعبدون الن أكثرهم بم مؤمنون " وإن كان من يدعو إل عبادة نفسه أو كان شجرا
أو حجرا أو قبا وغ ي ذلك م ا يتخذه الشركون أ صناما على صور ال صالي واللئ كة وغ ي ذلك،
ف هي من الطاغوت الذي أ مر ال تعال عباده أن يكفروا بعباد ته ،وي تبأوا م نه ،و من عبادة كل معبود
سوى ال كائنا من كان ،وهذا كله من عمل الشيطان وتسويله ،فهو الذي دعا إل كل باطل وزينة
لنه فعهل ،وهذا ينافه التوحيهد الذي ههو معنه شهادة أن ل إله إل ال .فالتوحيهد :ههو الكفهر بكهل
طاغوت عبده العابدون من دون ال ،كما قال تعال " :قد كانت لكم أسوة حسنة ف إبراهيم والذين
م عه إذ قالوا لقوم هم إ نا برآء من كم وم ا تعبدون من دون ال كفر نا ب كم وبدا بين نا وبين كم العداوة
والبغضاء أبدا حت تؤمنوا بال وحده " وكل من عبد غي ال فقد جاوز به حده وأعطاه من العبادة ما
ل يستحقه.
وكذلك من دعا إل تكيم غي ال ورسوله فقد ترك ما جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم ورغب
عنه ،وجعل ل شريكا ف الطاعة وخالف ما جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم فيما أمره ال تعال
به ف قوله " :وأن احكم بينهم با أنزل ال ول تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل
ال إليك " وقوله تعال " :فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم
حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما " فمن خالف ما أمر ال به ورسوله صلى ال عليه وسلم بأن حكم
ب ي الناس بغ ي ما أنزل ال ،أو طلب ذلك أتباعا ل ا يهواه ويريده ف قد خلع رب قة ال سلم واليان ف
عنقه .وإن زعم أنه مؤمن ،فإن ال تعال أنكر على من أراد ذلك ،وأكذبم ف زعمهم اليان لا ف
ض من قوله " :يزعمون " من ن فى إيان م ،فإن " يزعمون " إن ا يقال غالبا ل ن اد عى دعوى هو في ها
ه وعمله ب ا ينافيهها،يقهق هذا قوله " :وقهد أمروا أن يكفروا به " لن الكفهر
كاذب لخالفتهه لوجبه ا
بالطاغوت ر كن التوح يد ،ك ما ف آ ية البقرة فإن ل ي صل هذا الر كن ل ي كن موحدا والتوح يد هو
أ ساس اليان الذي ت صلح به ج يع العمال وتف سد بعد مه .ك ما أن ذلك ب ي ف قوله تعال " :ف من
يك فر بالطاغوت ويؤ من بال ف قد ا ستمسك بالعروة الوث قى " ال ية .وذلك أن التحا كم إل الطاغوت
إيان به.
وقوله " :وير يد الشيطان أن يضل هم ضل ًل بعيدا " يبي تعال ف هذه ال ية أن التحا كم إل الطاغوت
ما يأمر به الشيطان ويزينه لن أطاعه :ويبي أن ذلك ما أضل به الشيطان من أضله ،وأكده بالصدر،
ووصفه بالبعد .فدل على أن ذلك من أعظم الضلل وأبعده عن الدى.
ف سبحان ال ما أع ظم هذا القرآن و ما أبل غه ،و ما أدله على أ نه كلم رب العال ي ،أوحاه إل ر سوله
الكري ،وبلغه عبده الصادق المي .صلوات ال وسلمه عليه.
قوله " :وإذا ق يل ل م تعالوا إل ما أنزل ال وإل الر سول رأ يت النافقي ي صدون ع نك صدودا " ب ي
تعال أن هذه صفة النافق ي ،وأن من فعل ذلك أو طلبه ،وإن زعم أنه مؤمن فإ نه ف غاية البعد عن
اليان.
قال العلمة ابن القيم رحه ال تعال :هذا دليل على أن من دعى إل تكيم الكتاب والسنة فأب أنه من
النافقي.
قوله " :ويصدون " لزم وهو بعن يعرضون ،لن مصدره صدودا فما أكثر من اتصف بذا الوصف،
خصوصا من يدعى العلم ،فإنم صدوا عما توجبه الدلة من كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه
وسهلم إل أقوال مهن يطىء كثيا منه ينتسهب إل الئمهة الربعهة فه تقليدههم مهن ل يوز تقليده،
واعتمادههم على قول مهن ل يوز العتماد على قوله ،ويعلون قوله الخالف لنهص الكتاب والسهنة
وقواعد الشريعة هو العتمد عندهم الذي ل تصح الفتوى إل به .فصار التبع للرسول صلى ال عليه
وسلم بي أولئك غريبا ،كما تقدم التنبيه على هذا ف الباب الذي قبل هذا.
فتدبر هذه اليات وما بعدها يتبي لك ما وقع فيه غالب الناس من العراض عن الق وترك العمل به
ف أكثر الوقائع .وال الستعان.
قوله " :وإذا قيل لم ل تفسدوا ف الرض قالوا إنا نن مصلحون " :
قال أبو العالية ف الية :يعن ل تعصوا ف الرض .لن من عصى ال ف الرض أو أمر بعصية ال فقد
أفسد ف الرض ،لن صلح الرض والسماء إنا هو بطاعة ال ورسوله .وقد أخب تعال عن إخوة
يوسف عليه السلم ف قوله تعال " :ث أذن مؤذن أيتها العي إنكم لسارقون" إل قوله "قالوا تال لقد
علمتم ما جئنا لنفسد ف الرض وما كنا سارقي " فدلت الية على أن كل معصية فساد ف الرض.
ومناسبة الية للترجة :أن التحاكم إل غي ال ورسوله من أعمال النافقي وهو الفساد ف الرض.
وف الية :التنبيه على عدم الغترار بأقوال أهل الهواء وإن زخرفوها بالدعوى.
وفيها التحذير من الغترار بالرأي ما ل يقم على صحة دليل من كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه
وسلم فما أكثر من يصدق بالكذب ويكذب بالصدق إذا جاءه ،وهذا من الفساد ف الرض ويترتب
عل يه من الف ساد أمور كثية ،ترج صاحبها عن ال ق وتدخله ف البا طل .ن سأل ال الع فو والعاف ية
والعافاة الدائمة ف الدين والدنيا والخرة.
فتدبر ت د ذلك ف حال الك ثر إل من ع صمه ال و من عل يه بقوة دا عي اليان ،وأعطاه عقلً كام ً
ل
عنهد ورود الشهوات ،وبصهرا نافذا عنهد ورود الشبهات ،وذلك فضهل ال يؤتيهه مهن يشاء وال ذو
الفضل العظيم.
قال أبو بكر بن عياش ف الية :إن ال بعث ممدا صلى ال عليه وسلم إل أهل الرض وهم فساد،
فأصلحهم ال بحمد صلى ال عليه وسلم فمن دعا إل خلف ما جاء به ممد صلى ال عليه وسلم
فهو من الفسدين ف الرض.
وقال ابن القيم رحه ال :قال أكثر الفسرين :ل تفسدوا فيها بالعاصي والدعاء إل غي طاعة ال بعد
إصلح ال لا ببعث الرسل ،وبيان الشريعة والدعاء إل طاعة ال ،فإن عبادة غي ال والدعوة إل غيه
والشرك به هو أعظم فساد ف الرض ،بل فساد الرض ف القيقة إنا هو بالشرك به ومالفة أمره،
فالشرك والدعوة إل غي ال وإقامة معبود غيه ،ومطاع متبع غي رسول ال صلى ال عليه وسلم ،هو
أع ظم ف ساد ف الرض ،ول صلح ل ا ول لهل ها إل أن يكون ال وحده هو الطاع ،والدعوة له ل
لغيه ،والطاعة والتباع لرسوله ليس إل ،وغيه إنا تب طاعته إذا أمر بطاعة الرسول صلى ال عليه
وسلم .فإذا أمر بعصية وخلف شريعته فل سع ول طاعة .ومن تدبر أحوال العال وجد كل صلح
ف الرض فسببه توحيد ال وعبادته وطاعة رسوله،وكل شر ف العال وفتنة وبلء وقحط وتسليط عدو
وغي ذلك فسببه مالفة رسوله والدعوة إل غي ال ورسوله .ا هه.
قوله ( :وقول ال تعال " :أفحكم الاهلية يبغون ومن أحسن من ال حكما لقوم يوقنون ") :
قال ابن كثي رحه ال :ينكر تعال على من خرج عن حكم ال تعال الشتمل على كل خي ،الناهي
عن كل شر وعدل إل ما سواه من الراء والهواء والصطلحات الت وضعها الرجال بل مستند من
شري عة ال ،ك ما كان أ هل الاهل ية يكمون به من الهالت والضللت ك ما ي كم به التتار من
السياسات الأخوذة عن جنكيز خان الذي وضع لم الياسق وهو عبارة عن كتاب أحكام قد اقتبسها
من شرائع شت من اليهودية والنصرانية واللة السلمية وفيها كثي من الحكام أخذها عن مرد نظرة
وهواه .فصارت ف بنيه شرعا يقدمونا على الكم بالكتاب والسنة ،فمن فعل ذلك فهو كافر يب
قتاله حت يرجع إل حكم ال ورسوله ،فل يكم بسواه ف قليل ول كثي.
قوله " :و من أح سن من ال حكما لقوم يوقنون " :ا ستفهام إنكار أي ل ح كم أح سن من حك مه
تعال .وهذا من باب استعمال أف عل التفض يل فيما ل يس له ف الطرف ال خر مشارك ،أي ومن أعدل
من ال حكما لن عقل عن ال شرعه وآمن وأيقن أنه تعال أحكم الاكمي ،وأرحم بعباده من الوالدة
بولدها ،العليم بصال عباده القادر على كل شئ ،الكم ف أقواله وأفعاله وشره وقدره ؟.
وف الية ،التحذير من حكم الاهلية وإختياره على حكم ال ورسوله ،فمن فعل ذلك فقد أعرض عن
الحسن ،وهو الق ،إل ضده من الباطل.
قوله( :عن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما :أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يؤمن
أحد كم ح ت يكون هواه تبعا ل ا جئت به " قال النووي :حد يث صحيح رويناه ف كتاب ال جة
بإسناد صحيح) :
هذا الد يث رواه الش يخ أ بو الف تح ن ضر بن إبراه يم القد سي الشاف عي ف كتاب :ال جة على تارك
الجهة بإسهناد صهحيح كمها قاله الصهنف رحهه ال عهن النووي .ورواه الطهبان وأبهو بكهر بهن
عاصم،والافظ أبو نعيم ف الربعي الت شرط لا أن تكون ف صحيح الخبار ،وشاهده ف القرآن
قوله تعال " :فل ور بك ل يؤمنون ح ت يكموك في ما ش جر بين هم " ال ية .وقوله " :و ما كان لؤ من
ول مؤم نة إذا ق ضى ال ور سوله أمرا أن يكون ل م الية من أمر هم " وقوله " :فإن ل ي ستجيبوا لك
فاعلم أنا يتبعون أهواءهم " ونو هذه اليات.
قوله :ل يؤ من أحد كم أي ل يكون من أ هل كمال اليان الوا جب الذي و عد ال أهله عل يه بدخول
النة والنجاة من النار .وقد يكون ف درجة أهل الساءة والعاصي من أهل السلم.
قوله :حت يكون هواه تبعا لا جئت به .الوى بالقصر ،أي ما يهواه وتبه نفسه وتيل إليه ،فإن كان
الذي تبه وتيل إليه نفسه ويعمل به تابعا لا جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم ل يرج عنه إل
ما يال فه .فهذه صفة أ هل اليان الطلق ،وإن كان بلف ذلك أو ف ب عض أحواله أو أكثر ها انت فى
عنه من اليان كماله الواجب ،كما ف حديث أب هريرة " :ل يزن الزان حي يزن وهو مؤمن ،ول
يسرق السارق حي يسرق وهو مؤمن " يعن أنه بالعصية ينتفي عنه كمال اليان الواجب وينل عنه
ف در جة ال سلم وين قص إيا نه ،فل يطلق عل يه اليان إل بق يد الع صية ،أو الف سوق ،فيقال :مؤ من
عاص ،أو يقال :مؤ من بإيا نه فا سق بع صيته ،فيكون م عه مطلق اليان الذي ل ي صح إ سلمه إل به.
كما قال تعال " :فتحرير رقبة مؤمنة " والدلة على ما عليه سلف المة وأئمتها :أن اليان قول وعمل
ونية يزيد بالطاعة وينقص بالعصية :من كتاب ال تعال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم أكثر من أن
تصى ،فمن ذلك قوله تعال " :وما كان ال ليضيع إيانكم " أي صلتكم إل بيت القدس قبل تويل
القبلة ،وقول ال نب صلى ال عل يه و سلم لو فد ع بد الق يس " :آمر كم باليان بال وحده ،أتدرون ما
اليان بال وحده ؟ شهادة أن ل إله إل ال " الديث ،وهو ف الصحيحي والسنن .والدليل على أن
اليان يز يد قوله تعال " :ويزداد الذ ين آمنوا إيانا " ال ية .وقوله " :فأ ما الذ ين آمنوا فزادت م إيا نا "
اليهة .خلفا لنه قال :إن اليان ههو القول ،وههم الرجئة ،ومهن قال :إن اليان ههو التصهديق
كالشاعرة .و من العلوم عقلً وشرعا أن ن ية ال ق ت صديق ،والع مل به ت صديق وقول ال ق ت صديق
وليس مع أهل البدع ما يناف قول أهل السنة والماعة ول المد والنة .قال ال تعال " :ليس الب أن
تولوا وجوه كم ق بل الشرق والغرب ول كن الب من آ من بال واليوم ال خر" إل قوله "أولئك الذ ين
صهدقوا " أي فيمها عملوا بهه فه هذه اليهة مهن العمال الظاهرة والباطنهة .وشاهده فه كلم العرب
قول م :حلة صادقة .وقد سي ال تعال الوى الخالف ل ا جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم إلا،
فقال تعال " :أفرأيت من اتذ إله هواه " قال بعض الفسرين :ل يهوى شيئا إل ركبه.
قال ابن رجب رحه ال :أما معن الديث :فهو أن النسان ل يكون مؤمنا كامل اليان الواجب حت
تكون مبته تابعة لا جاء به الرسول صلى ال عليه وسلم من الوامر والنواهي وغيها .فيجب ما أمر
به ويكره ما نى عنه ،وقد ورد القرآن مثل هذا العن ف غي موضع ،وذم سبحانه من كره ما أحبه ال
أو أ حب ما كر هه ال ك ما قال تعال " :ذلك بأن م اتبعوا ما أ سخط ال وكرهوا رضوا نه فأح بط
أعمالم " فالواجب على كل مؤمن أن يب ما أحبه ال مبة توجب له التيان با أوجب عليه منه،
فإن زادت الحبة حت أتى با ندب إليه منه كان ذلك فضلً ،وأن يكره ما يكرهه ال كراهة توجب له
الكف عما حرم عليه منه ،فإن زادت الكراهة حت أوجبت الكف عما كراهه تنيها كان ذلك فضلً.
فمن أحب ال ورسوله مبة صادقة من قلبه أوجب ذلك له أن يب بقلبه ما يب ال ورسوله ويكره
ما يكر هه ال ور سوله ،في ضي ما ير ضي ال ور سوله ،وي سخط ما ي سخط ال ور سوله ،ويع مل
بوار حه بقت ضى هذا ال ب والب غض ،فإن ع مل بوار حه شيئا يالف ذلك ،بأن ارت كب ب عض ما
يكر هه ال ور سوله وترك ما ي به ال ور سوله مع وجو به والقدرة عل يه ،دل ذلك على ن قص مب ته
الواج بة ،فعل يه أن يتوب من ذلك وير جع إل تكم يل الح بة الواج بة ال ت هي ر كن العبادة إذا كملت
فجميع العاصي تنشأ عن تقدي هوى النفس على مبة ال ورسوله .وقد وصف ال الشركي باتباع
الوى ف مواضع من كتابه ،فقال تعال " :فإن ل يستجيبوا لك فاعلم أنا يتبعون أهواءهم ومن أضل
م ن ات بع هواه بغ ي هدى من ال " وكذلك البدع إن ا تن شأ من تقد ي الوى على الشرع .ولذا سي
أهل ها أ هل الهواء ،وكذلك العا صي إن ا تن شأ من تقدي الوى على م بة ال وم بة ما ي به ،وكذلك
حب الشخاص :الوا جب ف يه أن يكون تبعا ل ا جاء به الر سول صلى ال عل يه و سلم ،في جب على
الؤ من م بة ما ي به ال من اللئ كة والر سل وال نبياء وال صديقي والشهداء وال صالي عموما ،ولذا
كان مهن علمات وجود حلوة اليان :أن يبه الرء ل يبهه إل ل فتحرم موالة أعداء ال ومهن
يكر هه ال عموما ،وبذا يكون الد ين كله ل .و من أ حب ل وأب غض ل ،وأع طى ل وم نع ل ف قد
استكمل اليان ،ومن كان حبه وبغضه وعطاؤه ومنعه لوى نفسه كان ذلك نقصا ف إيانه الواجب.
فتجب التوبة من ذلك :انتهى ملخصا.
ومناسهبة الديهث للترج ة :بيان الفرق بيه أ هل اليان وأ هل النفاق والعا صي ف أقوالمه وأفعالمه
وإرادتم.
قوله :وقال الشعب هو عامر بن شراحيل الكوف ،عال أهل زمانه ،وكان حافظا علمة ذا فنون .كان
يقول :ما كت بت سوداء ف بيضاء ،وأدرك خلقا كثيا من ال صحابة وعاش بضعا وثان ي سنة .قال
الذهب.
وفيما قاله الشعب ما يبي أن النافق يكون أشد كراهة لكم ال ورسوله من اليهود والنصارى .ويكون
أشد عداوة منهم لهل اليان .كما هو الواقع ف هذه الزمنة وقبلها من إعانة العدو على السلمي.
وحرصهم على إطفاء نور السلم واليان :ومن تدبر ما ف التاريخ وما وقع منهم من الوقائع عرف
أن هذا حال النافقي قديا وحديثا ،وقد حذر ال نبيه صلى ال عليه وسلم من طاعتهم والقرب منهم،
وحضه على جهادهم ف مواضع من كتابه ،قال تعال " :يا أيها النب جاهد الكفار والنافقي واغلظ
عليهم " الية .وف قصة عمر رضي ال عنه وقتله النافق الذي طلب التحاكم إل كعب بن الشرف
اليهودي دل يل على ق تل من أظ هر الك فر والنفاق ،وكان ك عب بن الشرف هذا شد يد العداوة لل نب
صلى ال عل يه و سلم والذى له والظهار لعداو ته فانت قض به عهده .و حل به قتله .وروى م سلم ف
صحيحه عن ع مر :سعت جابرا يقول ::قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " :من لك عب ا بن
الشرف ؟ فإنه قد آذى ال ورسوله ،قال ممد بن سلمة :يا رسول ال ،أتب أن أقتله ؟ قال :نعم.
قال :ائذن ل فلقل ،قال :قل ،فأتاه فقال له ،وذكر ما بينهما وقال :إن هذا الرجل قد أراد صدقة وقد
عنانا .فما سعه قال :وأنا أيضا وال لتملنه ،قال :إنا قد اتبعناه الن ،ونكره أن ندعه حت ننظر إل أي
شئ ي صي أمره،قال :و قد أردت أن ت سلفن سلفا ،قال :ف ما ترهن ن ؟ قال :ما تر يد .قال :ترهن ن
نسائكم ؟ قالت :أنت أجل العرب ،أنرهنك نسائنا ؟ قال :ترهنون أولدكم ؟ قال :يسب ابن أحدنا
فيقال :رهن ف وسقي من تر .ولكن نرهنك اللمة يعن السلح قال :فنعم :وواعده أن يأتيه بالارث
وأ ب ع بس بن جب وعباد بن ب شر .قال :فجاءوا فدعوه ليلً فنل إلي هم قال سفيان قال غ ي عمرو:
قالت له أمرأته :إن أسع صوتا كأنه صوت دم ،قال :إنا هذا ممد بن مسلمة ورضيعه وأبو نائلة إن
الكريه لو دعهى إل طعنهة ليلً لجاب ،قال ممهد إنه إذا جاء فسهوف أمهد يدي إل رأسهه ،فإذا
استمكنت منه فدونكم قال :فلما نزل وهو متوشح .فقالوا :ند منك ريح الطيب ،قال :نعم ،تت
فلنة أعطر نساء العرب ،قال :فتأذن ل أن أشتم منه ؟ قال :نعم فشم ،فتناول فشم ،ث قال :أتأذن ل
أن أعود ؟ قال :فاستمكن من رأسه .ث قال :دونكم .قال :فقتلوه ".
وف قصة عمر :بيان أن النافق الغموض بالنفاق إذا أظهر نفاقه قتل ،كما ف الصحيحي وغيها :أن
النب صلى ال عليه وسلم إنا ترك قتل من أظهر نفاقه منهم تأليفا للناس ،فإنه قال " :ل يتحدث الناس
أن ممدا يقتل أصحابه " فصلوات ال وسلمه عليه.
باب
من جحد شيئا من الساء والصفات
وقول ال تعال " :وهم يكفرون بالرحن قل هو رب ل إله إل هو عليه توكلت وإليه متاب ".
سبب نزول هذه الية معلوم مذكور ف كتب التفسي وغيها .وهو أن مشركي قريش جحدوا اسم
الرحن عنادا ،وقال تعال " :قل ادعوا ال أو ادعوا الرحن أيا ما تدعوا فله الساء السن " و الرحن
اسهم وصهفته ،دل هذا السهم على أن الرحةه وصهفه سهبحانه ،وههي مهن صهفات الكمال ،فإن كان
الشركون جحدوا إسا من أسائه تعال ،وهو من الساء الت دلت على كماله سبحانه وبمده فجمود
معن هذا السم ونوه من الساء يكون كذلك ،فإن جهم بن صفوان ومن تبعه يزعمون أنا ل تدل
على صفة قائ مة بال تعال .وتبع هم على ذلك طوائف من العتزلة والشاعرة وغي هم .فلهذا كفر هم
كثيون من أهل السنة .قال العلمة ابن القيم رحه ال تعال:
فإن هؤلء الهمية ومن وافقهم على التعطيل جحدوا ما وصف به نفسه ووصفه به رسوله من صفات
كماله ونعوت جلله ،وبنوا هذا التعط يل على أ صل با طل أ صلوه من ع ند أنف سهم ،فقالوا :هذه هي
صهفات الجسهام .فيلزم مهن إثباتاه أن يكون ال جسهما ،هذا منشهأ ضلل عقولمه ،ل يفهموا مهن
صفات ال إل ما فهموه من خصائص صفات الخلوقي ،فشبهوا ال ف إبتداء آرائهم الفاسدة بلقه ث
عطلوه مهن صهفات كماله ،وشبهوه بالناقصهات والمادات والعدومات ،فشبهوا أولً وعطلوا ثانيا.
وشبهوه ثالثا بكل ناقص ومعدوم ،فتركوا ما دل عليه الكتاب والسنة من إثبات ما وصف ال به نفسه
ووصفه به رسوله على ما يليق بلله وعظمته .وهذا هو الذي عليه سلف المة وأئمتها ،فإنم أثبتوا ل
ما أثبته لنفسه وأثبته له رسوله صلى ال عليه وسلم إثباتا بل تثيل ،وتنيها بل تعطيل ،فإن الكلم ف
الصهفات فرع عهن الكلم فه الذات يتذى حذوه فكمها أن هؤلء العطلة يثبتون ل ذاتا ل تشبهه
لذوات ،فأهل السنة يقولون ذلك ويثبتون ما وصف ال به نفسه ووصفه به رسوله من صفات كماله
ونعوت جلله ل تشبه صفاته صفات خلقه ،فإنم آمنوا بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم
ول يتناقضوا ،وأولئك العطلة كفروا ب ا ف الكتاب وال سنة من ذلك ،وتناقضوا .فب طل قول العطل ي
بالعقل والنقل ول المد والنة ،وإجاع أهل السنن من الصحابة والتابعي وتابعيهم وأئمة السلمي.
وقد صنف العلماء رحهم ال تعال ف الرد على الهمية والعطلة والعتزلة والشاعرة وغيهم ف إبطال
هذه البدع و ما في ها من التنا قض والتها فت :كالمام أح د رح ه ال تعال ف رده الشهور ،وكتاب
السنة لبنه عبد ال ،وصاحب اليدة عبد العزيز الكتان ف رده على بشر الريسي ،وكتاب السنة لب
عبد ال الروزي ،ورد عثمان بن سعيد على الكافر العنيد .وهو بشر الريسي ،وكتاب التوحيد لمام
الئمة ممد بن خزية الشافعي ،وكتاب السنة لب بكر اللل ،وأب عثمان الصابون الشافعي ،وشيخ
السلم النصاري ،وأب عمر بن عبد الب النمري ،وخلق كثي من أصحاب الئمة الربعة وأتباعهم،
وأهل الديث ومن متأخريهم أبو ممد عبد ال بن أحد بن قدامة ،وشيخ السلم ابن تيمية وأصحابه
وغي هم رح هم ال تعال .فلله ال مد وال نة على بقاء ال سنة وأهل ها مع تفرق الهواء وتش عب الراء.
وال أعلم.
قوله( :و ف صحيح البخاري عن علي ر ضي ال ع نه :حدثوا الناس ب ا يعرفون أتريدون أن يكذب
ال ورسوله) :
على هو أمي الؤمني أبو السن علي بن أب طالب ،وأحد اللفاء الراشدين .وسبب هذا القول وال
أعلم ما حدث ف خلفته من كثرة إقبال الناس على الديث ،وكثرة القصاص وأهل الوعظ .فيأتون ف
ق صصهم بأحاد يث ل تعرف من هذا القب يل ،فرب ا ا ستنكرها ب عض الناس ورد ها و قد يكون لبعض ها
أ صل أو مع ن صحيح ،في قع ب عض الفا سد لذلك ،فأرشد هم أم ي الؤمن ي ر ضي ال ع نه إل أن م ل
يدثون عامة الناس إل با هو معروف ينفع الناس ف أصل دينهم وأحكامه ،من بيان اللل من الرام
الذي كلفوا به علما وعملً ،دون ما يشغل عن ذلك ما قد يؤدي إل رد الق وعدم قبوله فيفضي بم
إل التكذيب ،ول سيما مع اختلف الناس ف وقته ،وكثرة خوضهم وجدلم.
وقد كان شيخنا الصنف رحه ال ل يب أن يقرأ على الناس إل ما ينفعهم ف أصل دينهم وعباداتم
ومعاملتم الذي ل غن ل م عن معرف ته ،وينهاهم عن القراءة ف م ثل ك تب ا بن الوزي :كالن عش،
والرعش ،والتبصرة لا ف ذلك من العراض عما هو أوجب وأنفع ،وفيها ما ال به وأعلم ما ل ينبغي
اعتقاده .والعصوم من عصمه ال.
وقد كان أمي الؤمني معاوية بن أب سفيان ينهى القصاص عن القصص ،لا ف قصصهم من الغرائب
والتساهل ف النقل وغي ذلك ،ويقول :ل يقص إل أمي أو مأمور وكل هذا مافظة على لزوم الثبات
ل ونية وقصدا ،وترك كل ما كان وسيلة إل الروج عنه من البدععلى الصراط الستقيم علما وعم ً
ووسائلها ،وال الوفق للصواب ،ول حول ول قوة إل بال.
قوله( :وروى عبد الرزاق عن معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس :أنه رأى رجلً انتفض
لا سع حديثا عن النب صلى ال عل يه وسلم ف الصفات استنكارا لذلك فقال :ما فرق هؤلء ؟
يدون رقة عند مكمه ،ويهلكون عند متشابه) :
قوله :وروى عبد الرزاق هو ابن هام الصنعان الحدث مدث اليمن صاحب التصانيف،أكثر الرواية
عن معمر بن راشد صاحب الزهري .وهو شيخ عبد الرزاق يروي عنه كثيا.
ومع مر بف تح اليم ي و سكون الع ي أ بو عروة بن أ ب عمرو را شد الزدي الرا ن ث اليما ن ،أ حد
العلم من أصحاب ممد بن شهاب الزهري يروي عنه كثيا.
قوله :عن ابن طاوس هو عبد ال بن طاوس اليمان .قال معمر :كان من أعلم الناس بالعربية .وقال ابن
عيينة :مات سنة اثنتي وثلثي ومائة.
قوله :عن أبيه هو طاوس بن كيسان الندي بفتح اليم والنون المام العلم ،قيل اسه ذكوان ،قاله ابن
الوزي.
قلت :وهو من أئمة التفسي ومن أوعية العلم ،قال ف تذيب الكمال :عن الوليد الوقري عن الزهري
قال :قد مت على ع بد اللك بن مروان فقال :من أ ين قد مت يا زهري ؟ قال :قلت :من م كة ،قال:
ومن خلفت يسودها وأهلها ؟ قلت :عطاء بن أب رباح ،قال :فمن العرب أم من الوال ؟ قلت :من
الوال ،قال :ف بم سادهم ؟ قال :قلت :بالديا نة والروا ية .قال :إن الديا نة والروا ية لينب غي أن ي سودوا.
قال :فمن يسود أهل اليمن ؟ قلت :طاوس بن كيسان ،قال :فمن العرب أم من الوال ؟ قال :قلت:
من الوال ،قال :ف بم سادهم ؟ قلت :ب ا ساد به عطاء ،قال :إ نه لينب غي ذلك .قال :ف من ي سود أ هل
م صر ؟ ؟ قلت يز يد بن حبيب ،قال :ف من العرب أم من الوال ؟ قال :قلت :من الوال ،قال :ف من
يسود أهل الشام ؟ قلت :مكحول ،قال :فمن العرب أم من الوال ؟ قلت من الوال ،عبد نوب أعتقته
امرأة من هذ يل .قال :ف من ي سود أ هل الزيرة ؟ قلت :ميمون بن مهروان ،قال :ف من العرب أم من
الوال ،قال :قلت :من الوال .قال فمن يسود أهل خراسان ؟ قال :قلت :الضحاك بن مزاحم ،قال:
فمن العرب أم من الوال ؟ قال :قلت :من الوال ،قال :فمن يسود أهل البصرة ؟ قال :قلت :السن
الب صري ،قال ف من العرب أم من الوال ؟ قلت :من الوال .قال :ويلك ،و من ي سود أ هل الكو فة ؟
قال :قلت :إبراه يم النخ عي ،قال :ف من العرب أم من الوال ؟ قال :قلت :من العرب .قال :ويلك يا
زهري فر جت ع ن ،وال لت سودن الوال على العرب ف هذا البلد ح ت ي طب ل ا على النابر والعرب
تتها .قال :قلت :يا أمي الؤمني ،إنا هو دين :من حفظه ساد ومن ضيعه سقط .
قوله :عن ابن عباس قد تقدم ،وهو حب المة وترجان القرآن ،ودعا له النب صلى ال عليه وسلم قال:
" اللهم فقهه ف الدين وعلمه التأويل " وروى عنه أصحابه أئمة التفسي :كمجاهد ،وسعيد بن جبي،
وعطاء بن أب رباح ،وطاوس وغيهم.
قوله :ما فرق هؤلء يستفهم من أصحابه ،يشي إل أناس من يضر ملسه من عامة الناس ،فإذا سعوا
شيئا من م كم القرآن ومعناه ح صل مع هم فرق أي خوف ،فإذا سعوا شيئا من أحاد يث ال صفات
انتفضوا كالنكر ين له ،فلم يصل من هم اليان الوا جب الذي أوج به ال تعال على عباده الؤمني قال
الذ هب :حد يث وك يع عن إ سرائيل بد يث:إذا جلس الرب على الكر سي فاقش عر ر جل ع ند وك يع.
فغضب وكيع .وقال :أدرك نا العمش وسفيان يدثون بذه الحاديث ول ينكرونا أخرجه عبد ال
بن أح د ف كتاب الرد على الهم ية .ورب ا ح صل مع هم من عدم تلق يه بالقبول ترك ما و جب من
اليان به ،فشبه حالم حال من قال ال فيهم " :أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " فل يسلم
من الكفر إل من عمل با وجب عليه ف ذلك من اليان بكتاب ال كله واليقي كما قال تعال " :هو
الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات مكمات هن أم الكتاب وأخر متشابات فأما الذين ف قلوبم زيغ
فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إل ال والراسخون ف العلم يقولون آمنا
به كل من ع ند رب نا و ما يذ كر إل أولو اللباب " فهؤلء الذ ين ذكر هم ا بن عباس ر ضي ال عنه ما
ه وجهب عليههم مهن اليان باه ل يعرفوا معناه مهن القرآن ،وههو حق ل يرتاب فيهه مؤمهن، تركوا م ا
وبعضهم يفهم منه غي الراد من العن الذي أراد ال فيحمله على غي معناه ،كما جرى لهل البدع،
كالوارج والراف ضة والقدر ية ،ونو هم م ن يتأول ب عض آيات القرآن على بدع ته .و قد و قع من هم
البتداع والروج عن ال صراط الستقيم ،فإن الوا قع من أ هل البدع وتريف هم لع ن اليات يبي مع ن
قول ابن عباس.
وسبب هذه البدع جهل أهلها وقصورهم ف الفهم ،وعدم أخذ العلوم الشرعية على وجهها ،وتلقيها
من أهل ها العارف ي لعنا ها الذ ين وفق هم ال تعال لعر فة الراد ،والتوف يق ب ي الن صوص ،والق طع بأن
بعض ها ل يالف بعضا ،ورد التشا به إل الح كم .وهذه طري قة أ هل ال سنة والما عة ف كل زمان
ومكان ،فلله المد ل نصي ثناء عليه.
قال ف الدر النثور :أخرج الاكم وصححه عن ابن مسعود عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :كان
الكتاب الول ينل من باب وا حد على حرف وا حد ،فنل القرآن من سبعة أحرف :ز جر ،وأ مر،
وحلل ،وحرام ،ومكم ومتشابه ،وأمثال .فأحلوا حلله ،وحرموا حرامه ،وافعلوا ما أمرت به ،وانتهوا
عما نيتم عنه ،واعتبوا بأمثاله واعملوا بحكمة ،وآمنوا بتشابه ،وقولوا آمنا به كل من عند ربنا ".
قال :وأخرج عبد بن حيد عن قتادة ف قوله تعال " :فأما الذين ف قلوبم زيغ فيتبعون ما تشابه منه "
ال ية .قال :طلب القوم التأو يل ،فأخطأوا التأو يل وأ صابوا الفت نة ،وطلبوا ما تشا به م نه فهلكوا ب ي
ذلك.
وأخرج عبد بن حيد وابن جرير وابن أب حات عن ابن عباس ف قوله " :آيات مكمات " قال :منهن
قوله تعال " :قل تعالوا أ تل ما حرم رب كم علي كم " إل ثلث آيات ،ومن هن " :وق ضى ر بك أن ل
تعبدوا إل إياه " إل آخر اليات .
وأخرج ابن جرير من طريق أب مالك عن أب صال عن ابن عباس ،وعن مرة عن ابن مسعود وناس
من الصحابة رضي ال عنهم :الحكمات الناسخات الت يعمل بن ،والتشابات النسوخات .
وأخرج ابن أب حات مقاتل بن حيان إنا قال " :هن أم الكتاب " لنه ليس من أهل دين ل يرضي بن:
" وأخر متشابات " يعن فيما بلغنا أل و الص و الر .
قلت :وليس ف هذه الثار ونوها ما يشعر بأن أساء ال تعال وصفاته من التشابه ،وما قال النفاة من
أنا من التشابه دعوى بل برهان.
قوله( :ولا سعت قريش رسول ال صلى ال عليه وسلم يذكر الرحن أنكروا ذلك فأنزل ال فيهم:
" وهم يكفرون بالرحن " روى ابن جرير عن قتادة " :وهم يكفرون بالرحن " روى ابن جرير عن
قتادة " :وهم يكفرون بالرحن " ذكر لنا أن نب ال صلى ال عليه وسلم زمن الديبية حي صال
قريشا كتب :هذا ما صال عل يه ممد رسول ال ،فقال مشركوا قريش :لئن كنت رسول ال ث
قاتلناك لقد ظلمناك ،ولكن اكتب :هذا ما صال عليه ممد بن عبد ال .فقال أصحاب رسول ال
صلى ال عليه وسلم :يا رسول ال دعنا نقاتلهم .فقال :ل .اكتبوا كما يريدون :إن ممد بن عبد
ال فل ما ك تب الكا تب ب سم ال الرح ن الرح يم قالت قر يش :أ ما الرح ن فل نعر فه .وكان أ هل
الاهل ية يكتبون :باسك اللهم .فقال أ صحابه :دع نا نقاتلهم .قال :ل .ول كن اكتبوا ك ما يريدون
وروى أيضا عن ما هد قال :قوله " :كذلك أر سلناك ف أ مة قد خلت من قبل ها أ مم لتتلو علي هم
الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحن قل هو رب ل إله إل هو عليه توكلت وإليه متاب " قال:
هذا ما كا تب عل يه ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قريشا ف الديب ية ،ك تب ب سم ال الرح ن
الرحيم قالوا :ل تكتب الرحن ،ل ندري ما الرحن ؟ ل نكتب إل باسك اللهم .قال تعال " :وهم
يكفرون بالرحن " الية) :
وروى أيضا عن ابن عباس رضي ال عنهما قال :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يدعو ساجدا:
يا رحن يا رحيم .فقال الشركون :هذا يزعم أنه يدعو واحدا وهو يدعو مثن مثن .فأنزل ال " :قل
ادعوا ال أو ادعوا الرحن أيا ما تدعوا فله الساء السن " الية .
باب
قول ال تعال " :يعرفون نعمة ال ث ينكرونا وأكثرهم الكافرون ".
قوله( :باب :قول ال تعال " :يعرفون نعمة ال ث ينكرونا وأكثرهم الكافرون ") :
ذكر الصنف رحه ال ما ذكر بعض العلماء ف معناها .وقال ابن جرير :فإن أهل التأويل اختلفوا ف
العن بالنع مة .فذ كر عن سفيان عن ال سدى " :يعرفون نعمة ال ث ينكرون ا " قال :ممد صلى ال
عل يه و سلم وقال آخرون بل مع ن ذلك أن م يعرفون أن ما عدد ال تعال ذكره ف هذه ال سورة من
الن عم من ع ند ال ،وأن ال هو الن عم علي هم بذلك ،ولكن هم ينكرون ذلك ،فيزعمون أن م ورثوه عن
آبائهم.
وأخرج عن ما هد " :يعرفون نع مة ال ث ينكرون ا " ،قال :هي ال ساكن والنعام و ما يرزقون من ها
وال سرابيل من الديد والثياب ،تعرف هذا كفار قر يش ث تنكره ،بأن تقول :هذا كان لبائنا فورثونا
إياه وقال آخرون :معن ذلك أن الكفار إذا قيل لم من :رزقكم ؟ أقروا بأن ال هو الذي يرزقهم ث
ينكرونه بقولم :رزقنا ذلك شفاعة آلتنا.
وذكر الصنف مثل هذا عن ابن قتيبة وهو أبو ممد عبد ال بن مسلم بن قتيبة الدينوري قاضي مصر
النحوي اللغوي ،صهاحب الصهنفات البديعهة الفيدة الحتويهة على علوم جةه ،اشتغهل ببغداد وسهع
الديث على إسحاق بن راهوية وطبقته .توف سنة ست وسبعي ومائتي.
وقال آخرون :ما ذكره الصنف عن عون بن عبد ال بن عتبة بن مسعود الذل أبو عبد ال الكوف
الزا هد عن أب يه وعائ شة وا بن عباس وع نه قتادة وأ بو الزب ي والزهري ،وث قة أح د وا بن مع ي قال
البخاري :مات بعهد العشريهن ومائة " يعرفون نعمهة ال ثه ينكروناه " قال :إنكارههم إياهها أن يقول
الرجل :لول فلن ما كان كذا وكذا ،ولول فلن ما أصبت كذا وكذا وإختار ابن جرير القول الول،
واختار غيه أن الية تعم ما ذكره العلماء ف معناها .وهو الصواب وال أعلم.
قوله :قال ماهد هو شيخ التفسي :المام الربان ،ماهد بن جب الكي مول بن مزوم .قال الفضل بن
ميمون :سعت ماهدا يقول عرضت الصحف على ابن عباس مرات ،أقفه عند كل آية وأسأله :فيم
نزلت ؟ وكيف نزلت ؟ وكيف معناها ؟ توف سنة اثنتي ومائة .وله ثلث وثانون سنة رحه ال.
قوله :وقال أبو العباس هو شيخ السلم أحد بن عبد الليم بن عبد السلم ابن تيمية المام الليل
رحه ال بعد حديث زيد بن خالد وقد تقدم ف باب ما جاء ف الستسقاء بالنواء .قال :وهذا كثي
ف الكتاب والسنة ،يذم سبحانه من يضيف إنعامه إل غيه ويشرك به .قال بعض السلف هو كقولم:
كانت الريح طيبة ،واللح حاذقا .نو ذلك ما هو جار على ألسنة كثي .ا هه.
قال شيخنا رحه ال :وفيه اجتماع الضدين ف القلب ،وتسمية هذا الكلم إنكارا للنعمة.
باب
قوله( :باب :قول ال تعال " :فل تعلوا ل أندادا وأنتم تعلمون ") :
الند :الثل والنظي .وجعل الند ل :هو صرف أنواع العبادة أو شئ منها لغي ال ،كحال عبدة الوثان
الذ ين يعتقدون في من دعوه ورجوه أ نه ينفع هم ويد فع عن هم ،ويش فع ل م .وهذه ال ية ف سياق قوله
تعال " :يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذي جعل لكم
الرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم فل تعلوا ل أندادا
وأنتم تعلمون " قال العماد ابن كثي رحه ال ف تفسيه :قال أبو العالية :ل تعلوا ل أندادا أي عدلء
شركاء .وهكذا قال الربيع بن أنس وقتادة والسدى وأبو مالك واساعيل بن أب خالد.
وقال ابهن عباس " :فل تعلوا ل أندادا وأنتهم تعلمون " أي ل تشركون بال شيئا مهن النداد الته ل
تن فع ول ت ضر ،وأن تم تعلمون أ نه رب كم ل رب ل كم يرزق كم غيه ،و قد علم تم أن الذي يدعو كم
الرسول إليه من توحيده هو الق الذي ل شك فيه .وكذلك قال قتادة وماهد " :فل تعلوا ل أندادا
" قال أكفاء من الرجال تطيعون م ف مع صية ال .وقال ا بن ز يد :النداد هي الل ة ال ت جعلو ها م عه
وجعلوا لاه مثهل مها جعلوا له .وعهن ابهن عباس " :فل تعلوا ل أندادا " أشباها .وقال ماههد " :فل
تعلوا ل أندادا وأن تم تعلمون " قال تعلمون أ نه إله وا حد ف التوراة والن يل .وذ كر حديثا ف مع ن
هذه الية الكرية وهو ما ف مسند أحد عن الارث الشعري أن نب ال صلى ال عليه وسلم قال" :
إن ال أمر يي بن زكريا عليه السلم بمس كلمات أن يعمل بن وأن يأمر بن إسرائيل أن يعملوا
بن ،وأ نه كاد أن يبط يء با .فقال له عيسى عليه ال سلم :إن ال أمرك بمس كلمات أن تعمل بن
وتأمر بن إسرائيل أن يعملوا بن فإما أن تبلغهن وإما أن أبلغهن ،فقال :يا أخي ،إن أخشى إن سبقتن
أن أعذب أو يسف ب .قال :فجمع يي بن زكريا بن إسرائيل ف بيت القدس ،حت امتل السجد
وقعد على الشرف .فحمد ال وأثن عليه ث قال :إن ال أمرن بمس كلمات أن أعمل بن وآمركم
أن تعملوا بن :أولهن أن تعبدوا ال ول تشركوا به شيئا :فإن مثل ذلك مثل رجل اشترى عبدا من
خالص ماله بذ هب أو ورق ،فج عل يع مل ويؤدي غل ته إل غ ي سيده ،فأي كم ي سره أن يكون عبده
كذلك ؟ وإن ال خلق كم ورزق كم فاعبدوه ول تشركوا به شيئا .وآمر كم بال صلة فإن ال ين صب
وجهه لوجه عبده ما ل يلتفت .فإذا صليتم فل تلتفتوا .وآمركم بالصيام ،فإن مثل ذلك كمثل رجل
معه صرة من مسك ف عصابة كلهم يد ريح السك .وإن خلوف فم الصائم عند ال أطيب من ريح
ال سك .وآمر كم بال صدقة .فإن م ثل ذلك كم ثل ر جل أ سره العدو فشدوا يد يه إل عن قه ،وقدموه
ليضربوا عن قه .فقال ل م :هل ل كم أن أفتدي نف سي من كم ؟ فج عل يفتدى بالقل يل والكث ي ح ت فك
نف سه .وآمر كم بذ كر ال كثيا :فإن م ثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا ف أثره ،فأتى ح صنا
حصينا فتحصن فيه ،وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان ف ذكر ال .قال :وقال رسول
ال صلى ال عليه وسلم :وأنا آمركم بمس ال أمرن بن :الماعة ،والسمع والطاعة،والجرة والهاد
ف سبيل ال ،فإنه من خرج من الماعة قيد شب فقد خلع ربقة السلم من عنقه إل أن يراجع ،ومن
د عا بدعوى الاهل ية ف هو من ج ثي جه نم .قالوا يا ر سول ال وإن صلى و صام ؟ فقال :وإن صلى
وصام وزعم أنه مسلم ،فادعوا السلمي بأسائهم الت ساهم ال عز وجل :السلمي الؤمني عباد ال
".
وهذا حديث حسن ،والشاهد منه ف هذه الية قوله " :واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا " وهذه الية
دالة على توحيد ال تعال بالعبادة وحده ل شريك له .وقد استدل با كثي من الفسرين على وجود
الصهانع ،وههي دالة على ذلك بطريهق الول .واليات الدالة على هذا القام فه القرآن كثية جدا.
وسئل أبو نواس عن ذلك فأنشد:
بي ابن عباس رضي ال عنهما أن هذا كله من الشرك ،وهو الواقع اليوم على ألسن كثي من ل يعرف
التوحيد ول الشرك :فتنبه لذه المور .فإنا من النكر العظيم الذي يب النهي عنه والتغليظ فيه لكونه
من أكب الكبائر .وهذا من ابن عباس رضي ال عنهما تنبيه بالدن من الشرك على العلى.
قوله( :وعن عمر بن الطاب رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :من حلف
بغي ال فقد كفر أو أشرك " رواه الترمذي وحسنه وصححه الاكم) :
قوله :ف قد ك فر أو أشرك يت مل ل أن يكون شكا من الراوي ويت مل أن تكون أو بع ن الواو فيكون
قد كفر وأشرك .ويكون الكفر الذي هو دون الكفر الكب .كما هو من الشرك الصغر .وورد مثل
هذا عن ابن مسعود بذا اللفظ.
قوله( :وقال ابن مسعود :لن أحلف بال كاذبا أحب إل من أن أحلف بغيه صادقا) :
ومن العلوم أن اللف بال كاذبا كبية من الكبائر لكن الشرك أكب من الكبائر .وإن كان أصغر كما
تقدم بيان ذلك ،فإذا كان هذا حال الشرك ال صغر فك يف بالشرك ال كب الو جب للخلود ف النار ؟
كدعوة غي ال والستغاثة به ،والرغبة إليه ،وإنزال حوائجه به ،كما هو حال الكثر من هذه المة ف
هذه الزمان و ما قبل ها :من تعظ يم القبور ،واتاذه ها أوثانا ،والبناء علي ها ،واتاذ ها م ساجد ،وبناء
الشاهد باسم اليت لعبادة من بنيت باسه وتعظيمه ،والقبال عليه بالقلوب والقوال والعمال .وقد
عظمت البلوى بذا الشرك الكب الذي ل يغفره ال ،وتركوا ما دل عليه القرآن العظيم من النهي عن
هذا الشرك ومها يوصهل إليهه .قال ال تعال " :فمهن أظلم منه افترى على ال كذبا أو كذب بآياتهه
أولئك ينالم نصيبهم من الكتاب حت إذا جاءتم رسلنا يتوفونم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون ال
قالوا ضلوا عنا وشهدوا على أنفسهم أنم كانوا كافرين " كفرهم ال تعال بدعوتم من كانوا يدعونه
من دونه ف دار الدنيا .وقد قال تعال " :وأن الساجد ل فل تدعو مع ال أحدا " وقال تعال " :قل
إن ا أد عو ر ب ول أشرك به أحدا * قل إن ل أملك لكم ضرا ول رشدا " وهؤلء الشركون عك سوا
المر فخالفوا ما بلغ به المة وأخب به عن نفسه صلى ال عليه وسلم ،فعاملوه با ناهم عنه من الشرك
بال والتعلق على غي ال حت قال قائلهم:
سواك عند حلول الادث العمم يا أكرم اللق ما ل من ألوذ به
فضلً ،وإل فقل :يا زلة القدم إن ل تكن ف معادي آخذا بيدي
ومن علومك علم اللوح والقلم فإن من جودك الدنيا وضرتا
فانظر إل هذا الهل العظيم حيث اعتقد أنه ل ناة له إل بعياذه ولياذه بغي ال ،وانظر إل هذا الطراء
العظيم الذي تاوز الد ف الطراء الذي ني عنه صلى ال عليه وسلم بقوله " :ل تطرون كما أطرت
النصارى ابن مري ،إنا أنا عبد فقولوا عبد ال ورسوله " رواه مالك وغيه ،وقد قال تعال " :قل ل
أقول لكم عندي خزائن ال ول أعلم الغيب ول أقول لكم إن ملك ".
فانظر إل هذه العارضة العظيمة للكتاب والسنة والحادة ل ورسوله .وهذا الذي يقوله هذا الشاعر هو
الذي فه نفوس كثيه خصهوصا منه يدعون العلم والعرفهة .ورأوا قراءة هذه النظومهة ونوهها لذلك
وتعظيمها من القربات فإن ل وإنا إليه راجعون.
قوله( :وعن حذيفة رضي ال عنه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :ل تقولوا ما شاء ال وشاء
فلن ،ولكن قولوا ما شاء ال ،ث شاء فلن " رواه أبو داود بسند صحيح) :
وذلك لن العطوف بالواو يكون مسهاويا للمعطوف عليهه ،لكوناه إناه وضعهت لطلق المهع .فل
تقتضي ترتيبا ول تعقيبا .وتسوية الخلوق بالالق شرك ،إن كان ف الصغر مثل هذا فهو أصغر ،وإن
كان ف الكب فهو أكب .كما قال تعال عنهم ف الدار الخرة " ، :تال إن كنا لفي ضلل مبي * إذ
نسهويكم برب العاليه " بلف العطوف بثهم .فإن العطوف باه يكون متراخيا عهن العطوف عليهه
بهملة .فل مذور لكونه صار تابعا.
قوله( :و عن إبراه يم النخ عي :أ نه يكره أن يقول الر جل أعوذ بال و بك .ويوز أن يقول :بال ث
بك .قال ويقول :لول ال ث فلن .ل تقولوا :لول ال وفلن) :
وقد تقدم الفرق بي ما يوز وما ل يوز من ذلك .هذا إنا هو ف الي الاضر الذي له قدرة وسبب
ف الشئ .وهو الذي يري ف حقه مثل ذلك .وأما ف حق الموات الذين ل إحساس لم بن يدعوهم
ول قدرة لم على نفع ول ضر .فل يقال ف حقهم شئ من ذلك .فل يوز التعلق عليه بشئ ما بوجه
من الوجوه ،والقرآن يبي ذلك وينادي بأنه يعلهم آلة إذا سئلوا شيئا من ذلك ،أو رغب إليهم أحد
بقوله أو عمله الباطن أو الظاهر ،فمن تدبر القرآن ورزق فهمه صار على بصية من دينه وبال التوفيق.
وأعظم من هذه الستة من رزقه ال تعال الفهم والفظ ،وأتعب نفسه ف تصيله فهو الوفق لن شاء
من عباده .كما قال تعال " :وعلمك ما ل تكن تعلم وكان فضل ال عليك عظيما ".
ولقد أحسن العلمة ابن القيم رحه ال تعال من حيث قال:
باب
ما جاء فيمن ل يقنع باللف بال والنهي عن اللف بالباء
قوله :من حلف بال فلي صدق هذا م ا أوج به ال على عباده وحض هم عل يه ف كتا به .قال تعال " :يا
أيها الذين آمنوا اتقوا ال وكونوا مع الصادقي " وقال " :والصادقي والصادقات " وقال " :فلو صدقوا
ال لكان خيا لمه " وههو حال أههل الب ،كمها قال تعال " :ولكهن الب مهن آمهن بال واليوم الخهر
واللئكة والكتاب والنبيي " إل قوله "أولئك الذين صدقوا وأولئك هم التقون ".
وقوله :من حلف فليض ،ومن ل يرض فليس من ال أما إذا ل يكن له بكم الشريعة على خصمه إل
اليم ي فأحل فه فل ر يب أ نه ي ب عل يه الر ضا .وأ ما إذا كان في ما يري ب ي الناس م ا قد ي قع ف
العتذارات من بعضهم لبعض ونو ذلك .فهذا من حق السلم على السلم :أن يقبل منه إذا حلف له
معتذرا أو متبئا من تمة ومن حقه عليه :أن يسن به الظن إذا ل يتبي خلفه ،كما ف الثر عن عمر
رضي ال عنه :ول تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا وأنت تد لا ف الي مملً .
وفيه :من التواضع واللفة والحبة وغي ذلك من الصال الت يبها ال ما ل يفى على من له فهم.
وذلك من أ سباب اجتماع القلوب على طا عة ال ،ث إ نه يد خل ف ح سن اللق الذي هو أث قل ما
يوضع ف ميزان العبد ،كما ف الديث وهو من مكارم الخلق.
فتأمل أيها الناصح لنفسه ما يصلحك مع ال تعال :من القيام بقوقه وحقوق عباده ،وإدخال السرور
على ال سلمي ،وترك النقباض عن هم والتر فع علي هم .فإن ف يه من الضرر ما ل ي طر بالبال ول يدور
باليال .وبسهط هذه المور وذكهر مها ورد فيهها مذكور فه كتهب الدب وغي ها .فمهن رزق ذلك
والعمل با ينبغي العمل به من وترك ما يب تركه من ذلك ،دل على وفور دينه ،وكمال عقله .وال
الوفق لعبده الضعيف السكي .وال أعلم.
باب
قول ما شاء ال وشئت
عن قتيلة " :أن يهوديا أ تى ال نب صلى ال عل يه و سلم ،فقال :إن كم تشركون .تقولون :ما شاء ال
وشئت ،وتقولون ،وتقولون :والكعبهة .فأمرههم النهب صهلى ال عليهه وسهلم إذا أرادوا أن يلفوا أن
يقولوا :ورب الكعبة .وأن يقولوا :ما شاء ال ث شئت " رواه النسائي وصححه.
قوله :عن قتيلة بثناة مصغرة بنت صيفي النصارية صحابية مهاجرة ،لا حديث ف سنن النسائي ،وهو
الذكور ف الباب .ورواه عنها عبد ال بن يسار العفي.
وفيه :قبول الق ما جاء به كائنا من كان .وفيه :بيان النهي عن اللف بالكعبة ،مع أنا بيت ال الت
حجها وقصدها بالج والعمرة فريضة .وهذا يبي أن النهي عن الشرك بال عام ل يصلح منه شئ ،ل
للك مقرب ول نب مرسل .ول للكعبة الت هي بيت ال ف أرضه .وأنت ترى ما وقع من الناس اليوم
من اللف بالكعبة وسؤالا ما ل يقدر عليه إل ال .ومن العلوم أن الكعبة ل تضر ول تنفع .وإنا شرع
ال لعباده الطواف ب ا والعبادة عند ها وجعل ها لل مة قبلة :فالطواف ب ا مشروع وال ف ب ا ودعاؤ ها
منوع .فميز أيها الكلف بي ما يشرع وما ينع ،وإن خالفك من خالفك من جهة الناس الذين هم
كالنعام ،بل هم أضل سبيلً.
قوله :إنكم تشركون .تقولون :ما شاء ال وشئت والعبد وإن كانت له مشيئة فمشيئته تابعة لشيئة ال،
ول قدرة له على أن يشأ شيئا إل إذا كان ال قد شاءه ،كما قال تعال " ، :لن شاء منكم أن يستقيم
* وما تشاؤون إل أن يشاء ال رب العالي " وقوله " ، :إن هذه تذكرة فمن شاء اتذ إل ربه سبيل *
وما تشاؤون إل أن يشاء ال إن ال كان عليما حكيما ".
و ف هذه اليات والحاد يث :الرد على القدر ية والعتزلة ،نفاة القدر الذ ين يثبتون للع بد مشيئة تالف
ما أراده ال تعال من العبد وشاءه ،وسيأت ما يبطل قولم ف :باب ما جاء ف منكري القدر إن شاء
ال تعال ،وأنم موس هذه المة.
وأما أهل السنة والماعة فتمسكوا بالكتابة والسنة ف هذا الباب وغيه .واعتقدوا أن مشيئة العبد تابعة
لشيئة ال تعال ف كل شئ ما يوافق ما شرعه ال وما يالفه ،من أفعال العباد وأقوالم .فالكل بشيئة
ال وإرادته .فما وافق ما شرعه رضيه وأحبه .وما خالفه كرهه من العبد ،كما قال تعال " :إن تكفروا
فإن ال غن عنكم ول يرضى لعباده الكفر " الية .وفيه :بيان أن اللف بالكعبة شرك .فإن النب صلى
ال عليه وسلم أقر اليهودي على قوله :إنكم تشركون .
وقوله :أجعلتن ل ندا فيه بيان أن من سوى العبد بال ولو ف الشرك الصغر فقد جعله ندا ل شاء أم
أب ،خلفا لا يقوله الاهلون ،ما يتص بال تعال من عباده ،وما يب النهي عنه من الشرك بنوعيه.
ومن يرد ال به خيا يفقهه ف الدين.
قوله( :ولبن ماجه :عن الطفيل أخي عائشة لمها قال :رأيت فيما يرى النائم كأن أتيت على نفر
من اليهود ،فقلت :من أنتم ؟ قالوا :نن اليهود ،قلت :إنكم لنتم القوم ،لول أنكم تقولون عزير
ا بن ال .قالوا :وإنكم لنتم القوم ،لول أنكم تقولون :ما شاء ال وشاء ممد .ث مررت بنفر من
النصارى فقلت :من أنتم ؟ قالوا نن النصارى .قلت إنكم لنتم القوم لول أنكم تقولون :السيح
ابن ال ،قالوا :وإنكم لنتم القوم لول أنكم تقولون :ما شاء ال وشاء ممد ،فلما أصبحت أخبت
با من أخبت ث أت يت النب صلى ال عل يه وسلم فأخبته ،فقال :هل أخبت با أحدا ؟ قلت:
ل رأى رؤ يا أ خب ب ا من أ خب من كم،
ن عم .قال :فح مد ال وأث ن عل يه .ث قال :أ ما ب عد فإن طفي ً
وإنكم قلتم كلمة كان ينعن كذا وكذا أن أناكم عنها .فل تقولوا :ما شاء ال وشاء ممد ،ولكن
قولوا :ما شاء ال وحده) :
قوله :عن الطفيل أخي عائشة لمها هو الطفيل بن عبد ال بن سخبة أخو عائشة لمها ،صحاب له
حديث عند ابن ماجه ،وهو ما ذكره الصنف ف الباب.
وهذه الرؤيا حق أقرها رسول ال صلى ال عليه وسلم وعمل بقتضاها .فنهاهم أن يقولوا :ما شاء ال
وشاء ممد ،وأمرهم أن يقولوا :ما شاء ال وحده .
وهذا الديث والذي قبله فيه أن يقولوا :ما شاء ال وحده ول ريب أن هذا أكمل ف الخلص وأبعد
عن الشرك من أن يقولوا :ث شاء فلن لن فيه التصريح بالتوحيد الناف للتنديد ف كل وجه .فالبصي
يتار لنفسه أعلى مراتب الكمال ف مقام التوحيد والخلص.
قوله :كان ينعن كذا وكذا أن أناكم عنها ورد ف بعض الطرق :أنه كان ينعه الياء منهم وبعد هذا
الديث الذي حدثه به الطفيل عن رؤياه خطبهم صلى ال عليه وسلم فنهى عن ذلك نيا بليغا ،فما
زال صلى ال عليه وسلم يبلغهم حت أكمل ال له الدين وأت له به النعمة ،وبلغ البلغ البي ،صلوات
ال وسلمهم عليه وعلى آله وصبحه أجعي.
وفيه معن قوله صلى ال عليه وسلم" :الرؤيا الصالة جزء من ستة وأربعي جزءا من النبوة ".
قلت :وإن كان رؤيا منام فهي وحي يثبت با ما يثبت بالوحي أمرا ونيا .وال أعلم.
باب
من سب الدهر فقد آذى ال
قال العماد ابن كثي ف تفسيه :يب تعال عن دهرية الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب ف إنكار
العاد " :وقالوا ما هي إل حياتنا الدنيا نوت ونيا وما يهلكنا إل الدهر " ما ث إل هذه الدار ،يوت
قوم ويعيهش آخرون ،ومها ثه معاد ول قيامهة .وهذا يقوله مشركهو العرب النكرون للمعاد ،ويقوله
الفل سفة الليون من هم ،و هم ينكرون البدأة والرج عة .وتقول الفل سفة الدهر ية الدور ية ،النكرون
للصانع ،العتقدون أن ف كل ستة وثلثي ألف سنة يعود كل شئ إل ما كان عليه .وزعموا أن هذا
قد تكرر مرات ل تتناهى ،فكابروا العقول وكذبوا النقول ،ولذا قالوا " :وما يهلكنا إل الدهر " قال
ال تعال " :وما لم بذلك من علم إن هم إل يظنون " أي يتوهون ويتخيلون.
فأ ما الد يث الذي أخر جه صاحب ال صحيح وأ بو داود والن سائي من روا ية سفيان ا بن عيي نة عن
الزهري عن سعيد بن ال سيب عن أ ب هريرة قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " :يقول ال
تعال :يؤذي ن ا بن آدم ،ي سب الد هر وأ نا الد هر ،بيدي ال مر ،أقلب الل يل والنهار " و ف روا ية " :ل
تسبوا الدهر فإن أنا الدهر " وف رواية " :ل يقل ابن آدم يا خيبة الدهر ،فإن أنا الدهر ،أرسل الليل
والنهار ،فإذا شئت قبضتهما " ا هه.
قال ف شرح السنة :حديث متفق على صحته أخرجاه من طريق معمر من أوجه عن أب هريرة قال:
ومعناه أن العرب كان من شأنا ذم الدهر أي سبه عند النوازل ،لنم كانوا ينسبون إليه ما يصيبهم من
الصائب والكاره فيقولون :أصابتهم قوارع الدهر وأبادهم الدهر ،فإذا أضافوا إل الدهر ما نالم من
الشدائد الت يصنعونا فنهوا عن سب الدهر .ا ه باختصار.
وقد أورده ابن جرير بسياق غريب جدا بذا الطريق .قال :كان أهل الاهلية يقولون :إنا يهلكنا الليل
والنهار و هو الذي يهلك نا وييت نا وييي نا ،فقال ال ف كتا به " :وقالوا ما هي إل حيات نا الدن يا نوت
ونيا وما يهلكنا إل الدهر " .ويسبون الدهر .فقال ال عز وجل :يؤذين ابن آدم ،يسب الدهر وأنا
الدهر ،بيدي المر ،أقلب الليل والنهار .
وكذا رواه ابن أب حات عن أحد بن منصور عن سريج بن النعمان عن ابن عيينة مثله .ث روى عن
يونس عن ابن وهب عن الزهري عن أب سلمة عن أب هريرة :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم
يقول " :يقول ال تعال :ي سب ا بن آدم الد هر وأ نا الد هر ،بيدي الل يل والنهار " وأخر جه صاحب
الصحيح والنسائي من حديث يونس بن يزيد به.
وقال ممد بن إسحاق عن العلء بن عبدالرحن عن أبيه عن أب هريرة أن رسول ال صلى ال عليه
وسلم قال " :يقول ال عز وجل :استقرضت عبدي فلم يعطن ،ويسبن عبدي ،يقول :وادهراه ،وأنا
الدهر ".
قال الشافعي وأبو عبيد وغيها من الئمة ف تفسي قوله :أل تسبوا الدهر فإن ال هو الدهر كانت
العرب ف جاهليت ها إذا أ صابم شدة أو بلء أو نك بة قالوا :يا خي بة الد هر في سندون تلك الفعال إل
الدهر ويسبونه ،وإنا فاعلها هو ال تعال .فكأنا إنا سبوا ال سبحانه ،لنه فاعل ذلك ف القيقة،
فلهذا نى عن سب الدهر بذا العتبار لن ال هو الدهر الذي يعنونه ويسندون إليه تلك الفعال .هذا
أحسن ما قيل ف تفسيه وهو الراد وال أعلم.
وقد بي معناه ف الديث بقوله :أقلب الليل والنهار وتقليبه تصرفه تعال فيه با يبه الناس ويكرهونه.
وف هذا الديث زيادة ل يذكرها الصنف رحه ال تعال ،وهي قوله :بيدي المر .
معن هذه الرواية :هو ما صرح به ف الديث من قوله :وأنا الدهر ،أقلب الليل والنهار يعن ما يري
فيه من خي وشر بإرادة ال وتدبيه ،بعلم منه تعال وحكمة ،ل يشاركه ف ذلك غيه .ما شاء كان
وما ل يشأ ل يكن ،فالواجب عند ذلك حده ف الالتي وحسن الظن به سبحانه وبمده ،والرجوع
إليه بالتوبة والنابة .كما قال ال تعال " :وبلوناهم بالسنات والسيئات لعلهم يرجعون " وقال تعال:
" ونبلو كم بال شر وال ي فت نة وإلي نا ترجعون " ون سبة الف عل إل الد هر وم سبته كثية ،ك ما ف أشعار
الولدين ،كابن العتز والتنب وغيها .وليس منه وصف السني بالشدة ونو ذلك كقوله تعال " :ث
يأت من بعد ذلك سبع شداد " الية .وقال بعض الشعراء:
باب
التسمى بقاضي القضاة
ذ كر ال صنف رح ه ال هذه الترج ة إشارة إل الن هى عن الت سمى بقا ضي القضاة قيا سا على ما ف
حديث الباب .لكونه شبهه ف العن فينهى عنه.
قوله( :ف ال صحيح عن أ ب هريرة رضي ال ع نه عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن أخ نع
اسم عند ال رجل تسمى ملك الملك ،ل مالك إل ال ") :
لن هذا اللفظ إنا يصدق على ال تعال .فهو ملك الملك ل ملك أعظم ول أكب منه .مالك اللك
ذو اللل والكرام .وكل ملك يؤتيه ال من يشاء من عباده فهو عارية يسرع ردها إل العي .وهو
ال تعال ،ينع اللك من ملكه تارة وينع اللك منه تارة فيصي ل حقيقة له سوى اسم زال مسماه.
وأما رب العالي فملكه دائم كامل ل انتهاء له بيده القسط يفضه ويرفعه ،ويفظ على عباده أعمالم
بعل مه سبحانه وتعال ،و ما تكت به الف ظة علي هم .فيجازى كل عا مل بعمله إن خيا فخ ي وإن شرا
ف شر .ك ما ورد ف الد يث " :الل هم لك ال مد كله ولك اللك كله وبيدك ال ي كله .وإل يك ير جع
المر كله .أسألك من الي كله ،وأعوذ بك من الشر كله ".
قوله( :قال سفيان يعن ابن عيينة مثل شاهنشاه عند العجم عبارة عن ملك الملك .ولذا مثل به
سفيان لنه عبارة عنه بلغة العجم) :
قوله :أغيظ من الغيظ وهو مثل الغضب والبغض .فيكون بغيضا إل ال مغضوبا عليه .وال أعلم.
قوله :وأخب ثه و هو يدل أيضا على أن هذا خبيث ع ند ال فاجتم عت ف ح قه هذه المور لتعاظ مه ف
نفسه وتعظيم الناس له بذه الكلمة الت هي من أعظم التعظيم ،فتعظمه ف نفسه وتعظيم الناس له با
ليس له بأهل ،وضعه عند ال يوم القيامة .فصار أخبث اللق وأبغضهم إل ال وأحقرهم ،لن البيث
البغيض عند ال يكون يوم القيامة أحقر اللق وأخبثهم ،لتعاظمه ف نفسه على خلق ال بنعم ال.
قوله :أخنع :يعن أوضع هذا هو معن أخنع فيفيد ما ذكرنا ف معن أغيظ أنه يكون حقيا بغيضا عند
ال.
وفيه التحذير من كل ما فيه تعاظم .كما أخرج أبو داود عن أب ملذ قال :خرج معاوية رضي ال عنه
على ا بن الزب ي وا بن عا مر .فقام ا بن عا مر وجلس ا بن الزب ي .فقال معاو ية ل بن عا مر :اجلس ،فإ ن
سعت ر سول ال صلى ال عليه وسلم يقول" :من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من
النار " وأخرجه الترمذي أيضا ،وقال حسن .وعن أب أمامة رضي ال عنه قال " :خرج علينا رسول
ال صلى ال عل يه و سلم متكئا على ع صا ،فقم نا إل يه .فقال :ل تقوموا ك ما تقوم العا جم ،يع ظم
بعضهم بعضا " رواه أبو داود.
قوله :أغ يظ ر جل هذا من ال صفات ال ت ت ر ك ما جاءت ،ول يس شئ م ا ورد ف الكتاب وال سنة إل
وي ب اتباع الكتاب وال سنة ف ذلك وإثبا ته على و جه يل يق بلل ال وعظم ته تعال ،إثباتا بل تث يل
وتنيها بل تعط يل ك ما تقدم ،والباب كله وا حد .وهذا هو قول أ هل ال سنة والما عة من ال صحابة
والتابعي فمن بعدهم من الفرق الناجية من الثلث والسبعي فرقة .وهذا التفرق والختلف إنا حدث
فه أواخهر القرن الثالث ومها بعده كمها ل يفهى على مهن له معرفهة باه وقهع فه المهة مهن التفرق
والختلف والروج عن الصراط الستقيم ،وال الستعان.
باب
احترام أساء ال تعال وتغيي السم لجل ذلك
عن أب شريح :أنه كان يكن أبا الكم .فقال له النب صلى ال عليه وسلم " :إن ال هو الكم .وإليه
ال كم ،فقال :إن قو مي إذا اختلفوا ف شئ أتو ن فحك مت بين هم فر ضى كل الفريق ي .فقال :ما
أحسن هذا .فما لك من الولد ؟ قل :شريح ومسلم وعبد ال .قال :فمن أكبهم ؟ قلت :شريح .قال:
فأنت أبو شريح " رواه أبو داود وغيه .
قوله :عن أب شريح قال ف خلصة التهذيب :هو أبو شريح الزاعي اسه خويلد بن عمرو أسلم يوم
الف تح ،له عشرون حديثا ،اتف قا على حديث ي وانفرد البخاري بد يث ،وروى ع نه أ بو سعيد ال قبي
ونافع بن جيي وطائفة .قال ابن سعد :مات بالدينة سنة ثان وستي .وقال الشارح اسه هانء بن يزيد
الكندي قاله الافظ ،وقيل :الارث الضباب .قاله الزي.
قوله :يكن الكنية ما صدر بأب أو أم ونو ذلك واللقب ما ليس كذلك كزين العابدين ونوه.
وقول النب صلى ال عليه وسلم :إن ال هو الكم وإليه الكم فهو سبحانه الكم ف الدنيا والخرة،
يكم بي خلقه ف الدنيا بوحيه الذي أنزل على أنبيائه ورسله ،وما من قضية إل ول فيها حكم با
أنزل على نبيه من الكتاب والك مة ،و قد ي سر ال معر فة ذلك لك ثر العلماء من هذه ال مة ،فإن ا ل
تتمع على ضللة ،فإن العلماء وإن اختلفوا ف ب عض الحكام فل بد أن يكون الصيب فيهم واحدا،
فمن رزقه ال تعال قوة الفهم وأعطاه ملكة يقتدر با على فهم الصواب من أقوال العلماء يسر له ذلك
بفضله ومنه عليه وإحسانه إليه ،فما أجلها من عطية ،فنسأل ال من فضله.
قوله :وإل يه ال كم ف الدن يا والخرة ك ما قال تعال " :و ما اختلف تم ف يه من ش يء فحك مه إل ال "
وقال " :فإن تنازع تم ف ش يء فردوه إل ال والر سول إن كن تم تؤمنون بال واليوم ال خر ذلك خ ي
وأحسن تأويل " فالكم إل ال هو الكم إل كتابه ،والكم إل رسوله هو الكم إليه ف حياته وإل
سنته بعد وفاته.
وقد قال صلى ال عليه وسلم لعاذ لا بعثه إل اليمن " :ب تكم ؟ قال :بكتاب ال :قال :فإن ل تد ؟
قال :بسنة رسول ال صلى ال عليه وسلم .قال فإن ل تد ؟ قال أجتهد رأيي .فقال المد ل الذي
و فق ر سول ر سول ال إل ما ير ضى ر سول ال " فمعاذ من أ جل علماء ال صحابة بالحكام ومعر فة
اللل من الرام ،ومعرفة أحكام الكتاب والسنة .ولذا ساغ له الجتهاد إذا ل يد للقضية حكما ف
كتاب ال ،ول ف سنة رسوله صلى ال عل يه و سلم ،بلف ما يقع اليوم وقبله من أ هل التفر يط ف
الحكام من يهل حكم ال ف كتابه وسنة رسوله ،فيظن أنه الجتهاد يسوغ له مع الهل بأحكام
الكتاب والسنة وهيهات.
و قد يلت حق بذا ب عض القلدة ل ن ل ي سغ تقليده فيعت مد على قول من قلده ويترك ما هو ال صواب
الوافق لصول الكتاب والسنة .وال الستعان.
وقول رسول ال صلى ال عليه وسلم " :فما لك من الولد ؟ قال شريح ،ومسلم ،وعبد ال .قال :فمن
أكبهم ؟ قلت :شريح .قال :فأنت أبو شريح " فيه تقدي الكب ف الكنية وغيها غالبا .وجاء هذا
العن ف غي ما حديث وال أعلم.
باب
من هزل بشيء فيه ذكر ال والرسول
قوله( :وقول ال تعال " :ولئن سألتهم ليقولن إنا كنا نوض ونلعب قل أبال وآياته ورسوله كنتم
تستهزئون") :
وقال ابن إسحاق :وقد كان جاعة من النافقي منهم وديعة بن ثابت أخو بن أمية ابن زيد بن عمرو
بن عوف ،ورجل من أشجع حليف لبن سلمة يقال له :مشي بن حي ،يشيون إل رسول ال صلى
ال عل يه وسلم وهو منطلق إل تبوك ،فقال بعض هم لبعض :أتسبون جلد بن ال صفر كقتال العرب
بعضهم بعضا ؟ وال لكأنا بكم غدا مقرني ف البال ،إرتافا وترهيبا للمؤمني .فقال مشي بن حي:
وال لوددت أنه أقاضهي على أن يضرب كهل رجهل منها مائة جلدة ،وأنها نتلفهت أن ينل فينها قرآن
لقالتكم هذه ،وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم فيما بلغن لعمار بن ياسر :أدرك القوم فإنم قد
احترقوا ،فسلهم عما قالوا ،فإن أنكروا فقل :بل قلتم كذا وكذا وكذا ،فانطلق إليهم عمار ،فقال ذلك
لم ،فأتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم يعتذورن إليه .فقال وديعة بن ثابت ورسول ال واقف على
راحلته فجعل يقول وهو آخذ بقها :يا رسول ال إنا كنا نوض ونلعب ،فقال مشي بن حي :يا
رسول ال قعد ب اسي واسم أب ،فكان الذي عناه أي بقوله تعال " :إن نعف عن طائفة منكم نعذب
طائفة " ف هذه الية :مشي بن حي فسمى عبد الرحن،وسأل ال أن يقتل شهيدا ل يعلم بكانه،
فقتل يوم اليمامة فلم يوجد له أثر .
وقال عكرمة ف تفسي هذه الية :كان رجل من إن شاء ال عفا عنه يقول :اللهم إن أسع آية أنا أعن
ل ف سبيلك ،ل يقول أ حد أ نا ب ا تقش عر من ها اللود ،وت ل من ها القلوب .الل هم فاج عل وفا ت قت ً
غسلت ،أنا كفنت ،أنا دفنت .قال :فأصيب يوم اليمامة ،فما أحد من السلمي إل وقد وجد غيه .
وقوله " :ل تعتذروا قد كفر ت ب عد إيان كم " أي بذه القالة ال ت ا ستهزأت ب ا " إن ن عف عن طائ فة
منكم " أي مشي بن حي " نعذب طائفة " أي ل يعفى عن جيعكم ،ول بد من عذاب بعضكم "
إنم كانوا مرمي " أي بذه القالة الفاجرة الاطئة .انتهى.
قال شيخ السلم :وقد أمره ال تعال أن يقول لم " :قد كفرت بعد إيانكم " وقول من يقول :إنم
كفروا بعد إيانم بل سانم مع كفر هم أو ًل بقلوب م :ل يصح لن اليان باللسان مع ك فر القلب قد
قارنه الكفر ،فل يقال :قد كفرت بعد إيانكم ،فإنم ل يزالوا كافرين ف نفس المر ،وإن أريد أنكم
أظهرت الكفر بعد إظهاركم اليان ،فهم ل يظهروا للناس إل لواصهم ،وهم مع خواصهم ما زالوا
كذلك .ول يدل اللفظ على أنم ما زالوا منافقي.
وقال رحه ال ف موضع آخر :فقد أخب أنم كفروا بعد إيانم مع قولم :إنا تكلمنا بالكفر من غي
اعتقاد له ،بل إنا كنا نوض ونلعب .وبي أن الستهزاء بآيات ال كفر .ول يكون هذا إل من شرح
صدرا بذا الكلم ،ولو كان اليان ف قل به لن عه أن يتكلم بذا الكلم ،والقرآن يبي أن إيان القلب
يستلزم العمل الظاهر بسبه .كقوله تعال " :ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ث يتول فريق منهم
من بعد ذلك" إل قوله "إنا كان قول الؤمني إذا دعوا إل ال ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سعنا
وأطعنا وأولئك هم الفلحون " فنفى اليان عمن تول عن طاعة الرسول ،وأخب أن الؤمني إذا دعوا
إل ال ورسوله ليحكم بينهم سعوا وأطاعوا ،فبي أن هذا من لوازم اليان ،انتهى.
وف يه :بيان أن الن سان قد يكفر بكلمة يتكلم ب ا أو عمل يعمل به .وأشد ها خطرا إرادات القلوب.
فهي كالبحر الذي ل ساحل له .ويفيد الوف من النفاق الكب .فإن ال تعال أثبت لؤلء إيانا قبل
أن يقولوا ما قالوه ،ك ما قال ا بن أ ب ملي كة :أدر كت ثلث ي من أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه
وسلم كلهم ياف النفاق على نفسه .نسأل ال السلمة والعفو والعافية ف الدنيا والخرة.
باب
قول ال " ولئن أذقناه رحة منا من بعد ضراء مسته " الية
قوله ( :باب :قول ال تعال " :ولئن أذقناه رحة منا من بعد ضراء مسته " الية) :
ذكر الصنف رحه ال تعال عن ابن عباس وغيه من الفسرين ف معن هذه الية وما بعدها ما يكفي
ف العن ويشفي.
قوله( :قال ماهد :هذا بعملي وأنا مقوق به .وقال ابن عباس :يريد من عندي .وقوله " :قال إنا
أوتي ته على علم عندي " قال قتادة :على علم م ن بوجوه الكا سب :وقال آخرون :على علم من
ال أن له أهل وهذا معن قول ماهد :أوتيته على شرف) :
قال العماد ابن كثي رحه ال ف معن قوله تعال " :إذا خولناه نعمة منا قال إنا أوتيته على علم بل هي
فت نة " ي ب أن الن سان ف حالة ال ضر يضرع إل ال تعال وين يب إل يه ويدعوه ،ث إذا خوله نع مة م نه
طغى وبغى و " قال إنا أوتيته على علم " أي لا يعلم ال من استحقاق له ،ولول أن عند ال حظيظ
ل ا خول ن هذا .قال تعال " :بل هي فت نة" أي ل يس ال مر ك ما ز عم بل إن ا أنعم نا عل يه بذه النع مة
لنختبه فيما أنعمنا عليه أيطيع أم يعصى ؟ مع علمنا التقدم بذلك " بل هي فتنة " أي إختبار " ولكن
أكثرهم ل يعلمون " فلهذا يقولون ما يقولون ،ويدعون ما يدعون " :قد قالا الذين من قبلهم " أي قد
قال هذه القالة وزعم هذا الزعم وادعى هذه الدعوى كثي من سلف من المم " فما أغن عنهم ما
كانوا يكسبون " أي فما صح قولم ول نفعهم جعهم ،وما كانوا يكسبون .كما قال تعال مبا عن
قارون " :إذ قال له قومه ل تفرح إن ال ل يب الفرحي * وابتغ فيما آتاك ال الدار الخرة ول تنس
نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن ال إليك ول تبغ الفساد ف الرض إن ال ل يب الفسدين *
قال إن ا أوتي ته على علم عندي أول يعلم أن ال قد أهلك من قبله من القرون من هو أ شد م نه قوة
وأكثر جعا ول يسأل عن ذنوبم الجرمون " وقال تعال " :وقالوا نن أكثر أموالً وأولدا وما نن
بعذبي " ا هه.
قوله :أخرجاه أي البخاري ومسلم .والناقة العشراء بضم العي وفتح الشي وبالد هي الامل.
قوله :أنتج وف رواية فنتج معناه تول نتاجها ،والناتج للناقة كالقابلة للمرأة.
قوله :ولد هذا هو بتشد يد اللم ،أي تول ولدت ا ،و هو بع ن أن تج ف النا قة ،فالولد والنا تج والقابلة
بعن واحد ،لكن هذا للحيوان ،وذلك لغيه.
قوله :ل أجهدك معناه :ل أشق عليك ف رد شئ تأخذ ،أو تطلب من مال ذكره النووي.
وهذا حديث عظيم ،وفيه معتب :فإن الولي جحدا نعمة ال ،فما أقرا ل بنعمة ،ول نسبا النعمة إل
النعم با ،ول أديا حق ال فيها ،فحل عليهما السخط .وأما العمى فاعترف بنعمة ال ،ونسبها إل
من أن عم عل يه ب ا ،وأدى حق ال في ها ،فا ستحق الر ضا من ال بقيا مه بش كر النع مة ل ا أ تى بأركان
الشكر الثلثة الت ل يقوم الشكر إل با .وهي القرار بالنعمة ونسبتها إل النعم ،وبذلا فيما يب.
قال العلمة ابن القيم رحه ال :أصل الشكر هو العتراف بإنعام النعم على وجه الضوع له ،والذل
والح بة ،فمن ل يعرف النعمة بل كان جاهلً ب ا ل يشكر ها ،ومن عرفها ول يعرف ب ا ل يشكر ها
أيضا ،ومن عرف النعمة والنعم لكن جحدها كما يجد النكر لنعمة النعم عليه با فقد كفرها ،ومن
عرف النعمة والنعم با ،وأقر با ول يحدها ،ولكن ل يضع له ول يبه ويرض به وعنه ،ل يشكره
أيضا ،ومن عرفها وعرف النعم با وأقر با ،وخضع للمنعم با ،وأحبه ورضى به وعنه ،واستعملها ف
مابه وطاعته ،فهذا هو الشاكر لا ،فل بد ف الشكر من علم القلب ،وعمل يتبع العلم ،وهو اليل إل
النعم ومبته والضوع له.
باب
قول ال " فلما آتاها صالا " الية
قوله( :قول ال تعال " :فلما آتاها صالا جعل له شركاء فيما آتاها فتعال ال عما يشركون ") :
قال المام أحد رحه ال ف معن هذه الية :حدثنا عبد الصمد حدثنا عمر بن إبراهيم حدثنا قتادة عن
السن عن سرة عن النب صلى ال عليه وسلم قال " :لا ولدت حواء طاف با إبليس وكان ل يعيش
لا ولد فقال :سيه عبد الارث فإنه يعيش ،فسمته عبد الارث فعاش .وكان ذلك من وحي الشيطان
وأمره " وهكذا رواه ا بن جر ير عن م مد بن بشار بندار عن ع بد ال صمد بن ع بد الوارث به .ورواه
الترمذي ف تفسي هذه الية عن ممد ابن الثن عن عبد الصمد به ،وقال :هذا حديث حسن غريب،
ل نعرفه إل من حديث عمر بن إبراهيم ،ورواه بعضهم عن عبد الصمد ول يرفعه .ورواه الاكم ف
م ستدركه من حد يث ع بد ال صمد مرفوعا ،وقال :هذا حد يث صحيح ال سناد ،ول يرجاه .ورواه
المام أبو ممد بن أب حات ف تفسيه عن أب زرعة الرازي عن هلل بن فياض عن عمر بن إبراهيم
به مرفوعا.
وقال ابن جرير :حدثنا ابن وكيع ،حدثنا سهيل بن يوسف عن عمرو عن السن " جعل له شركاء
فيما آتاها " قال :كان هذا ف بعض أهل اللل ول يكن آدم .وحدثنا بشر بن معاذ قال :حدثن يزيد،
حدثنها سهعيد عهن قتادة قال :كان السهن يقول :ههم اليهود والنصهارى ،رزقههم ال أولدا فهودوا
ونصروا وهذا إسناد صحيح عن السن رحه ال.
قال العماد ابن كثي ف تفسيه :وأما الثار :فقال :ممد بن إسحاق عن داود ابن الصي عن عكرمة
عن ابن عباس قال :كانت حواء تلد لدم عليه السلم أولدا فتعبدهم ل وتسميهم عبد ال وعبيد ال
ون و ذلك ،في صيبهم الوت ،فأتاها إبليس فقال :أما إنكما لو تسميانه بغ ي الذي ت سميانه به لعاش،
ل فسماه عبد الارث ،ففيه أنزل ال " :هو الذي خلقكم من نفس واحدة " الية وقال فولدت له رج ً
العوف عن ابن عباس:فأتاها الشيطان فقال :هل تدريان ما يولد لكما ؟ أم هل تدريان ما يكون ،أبيمة
أم ل ؟ وز ين ل ما البا طل ،إ نه لغوي مبي ،و قد كا نت ق بل ذلك ولدت ولد ين فما تا ،فقال ل ما
الشيطان :إنكما إن ل تسمياه ب ل يرج سويا ،ومات كما مات الول .فسميا ولدها عبد الارث،
فذلك قوله تعال " :فلما آتاها صالا جعل له شركاء فيما آتاها فتعال ال عما يشركون " .
وذكر مثله عن سعيد بن جيي عن ابن عباس .ورواه ابن أب حات .وقد تلقى هذا الثر عن ابن عباس
جاعة من أصحابه كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبي ،ومن الطبقة الثانية :قتادة والسدى وجاعة من
اللف ،و من الف سرين والتأخر ين جاعات ل ي صون كثرة .قال العماد ا بن كث ي :وكأن أ صله وال
أعلم مأخوذ من أهل الكتاب.
قوله( :قال ابن حزم :اتفقوا على تري كل اسم معبد لغي ال كعبد عمرو وعبد الكعبة ،وما أشبه
ذلك ،حاشى عبد الطلب) :
ا بن حزم :هو عال الندلس ،أ بو م مد على بن أح د بن سعيد بن حزم القر طب الظاهري .صاحب
التصانيف ،توف سنة ست وخسي وأربعمائة .وله اثنتان وسبعون سنة.
وعبد الطلب هذا هو جد رسول ال صلى ال عليه وسلم .وهو ابن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن
كلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزية بن مدركة
بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ،وما فوق عدنان متلف فيه .ول ر يب أنم من ذرية
إساعيل بن إبراهيم الليل عليهما السلم.
حكى رحه ال اتفاق العلماء على تري كل ما عبد لغي ال ،لنه شرك ف الربوبية واللية .لن اللق
كل هم ملك ل وعب يد له ،ا ستعبدهم لعباد ته وحده ،وتوحيده ف ربوبي ته وإلي ته ،فمن هم من ع بد ال
ووحده ف ربوبي ته وإلي ته ،ومن هم من أشرك به ف إلي ته وأقر له بربوبيته وأ سائه و صفاته ،وأحكامه
القدرية جارية عليهم ول بد ،كما قال تعال " :إن كل من ف السماوات والرض إل آت الرحن عبدا
" فهذه هي العبودية العامة.
وأما العبودية الاصة فإنا تص بأهل الخلص والطاعة ،كما قال تعال " :أليس ال بكاف عبده "
ونوها.
قوله :حا شى ع بد الطلب :هذا ا ستثناء من العموم ال ستفاد من كل وذلك أن ت سميته بذا ال سم ل
مذور فيها ،لن أصله من عبودية الرق ،وذلك أن الطلب أخو هاشم قدم الدينة ،وكان ابن أخيه شيبة
هذا قد نشأ ف أخواله بن النجار من الزرج،لن هاشا تزوج فيهم امرأة ،فجاءت منه بذا البن ،فلما
شب ف أخواله ،وبلغ سن التمييز سافر به عمه الطلب إل مكة بلد أبيه وعشيته فقدم به مكة وهو
رديفه ،فرآه أهل مكة وقد تغي لونه بالسفر ،فحسبوه عبدا للمطلب ،فقالوا :هذا عبد الطلب ،فعلق به
هذا السم وركبه ،فصار ل يذكر ول يدعى إل به ،فلم يبق للصل معن مقصود .وقد قال النب صلى
ال عليه وسلم " :أنا ابن عبد الطلب " وقد صار معظما ف قريش والعرب ،فهو سيد قريش وأشرفهم
ف جاهليته ،وهو الذي حفر زمزم وصارت له السقاية وف ذريته من بعده .وعبد ال والد رسول ال
صلى ال عليه وسلم أحد بن عبد الطلب ،وتوف ف حياة أبيه .قال الافظ صلح الدين العلئي ف
كتاب الدرة السنية ف مولد خي البية :كان سن أبيه عبد ال حي حلت منه آمنة برسول ال صلى
ال عليه وسلم نو ثانية عشر عاما ،ث ذهب إل الدينة ليمتار منها ترا لهله فمات با عند أخواله
بن عدي بن النجار ،والنب صلى ال عليه حل على الصحيح .انتهى.
قلت :وصار النب صلى ال عليه وسلم لا أوضعته أمه ف كفالة جده عبد الطلب .قال الافظ الذهب:
وتوف أبوه عبد ال وللنب ثانية وعشرون شهرا ،وقيل أقل من ذلك ،وقيل :وهو حل .توف بالدينة،
وكان قد قدم ها ليمتار ترا ،وق يل :بل مر ب ا راجعا من الشام ،وعاش خ سة وعشر ين سنة .قال
الواقدي :وذلك أثبت القاويل ف سنه ووفاته .وتوفيت أمه آمنة بالبواء وهي راجعة به صلى ال عليه
وسلم إل مكة من زيارة أخوال أبيه بن عدي بن النجار ،وهو يومئذ ابن ست سني ومائة يوم ،وقيل:
ابن أربع سني .فلما ماتت أمه حلته أم أين مولته إل جده ،فكان ف كفالته إل أن توف جده ،وللنب
صلى ال عليه وسلم ثان سني فأوصى به إل عمه أبو طالب ا هه.
قوله( :وله بسند صحيح عن قتادة قال :شركاء ف طاعته ول يكن ف عبادته) :
قال شيخنا رحه ال :إن هذا الشرك ف مرد تسمية ،ل يقصدا حقيقته الت يريدها إبليس ،وهو ممل
ح سن يبي أن ما و قع من البو ين من ت سميتهما ابنه ما ع بد الارث إن ا هو مرد ت سمية ل يق صدا
تعبيده لغي ال وهذا معن قول قتادة :شركاء ف طاعته ول يكن ف عبادته.
باب
قول ال " ول الساء السن فادعوه با "
قوله( :باب قول ال تعال " :ول السساء السسن فادعوه باس وذروا الذيسن يلحدون فس أسسائه "
الية):
عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إن ل تسعة وتسعي اسا ،مائة
إل واحدا ،من أحصاها دخل النة ،وهو وتر يب الوتر " أخرجاه ف الصحيحي من حديث سفيان
ا بن عيي نة .ورواه البخاري عن أ ب اليمان عن أ ب الزناد عن العرج ع نه .وأخر جه الوزجا ن عن
صفوان بن صال عن الوليد بن مسلم عن شعيب بسنده مثله .وزار بعد قوله " :يب الوتر :هو ال
الذي ل إله إل هو ،الرحن ،الرحيم ،اللك ،القدوس ،السلم ،الؤمن ،الهيمن ،العزيز ،البار ،التكب،
الالق ،البارىء ،الصور ،القهار ،الغفار ،الوهاب ،الرزاق ،الفتاح ،العليم ،القابض ،الباسط ،الافض،
الرافهع ،العهز ،الذل ،السهميع ،البصهي ،الكهم ،العدل ،اللطيهف ،البهي ،الليهم ،العظيهم ،الغفور،
الشكور ،العلي ،الكبي ،الفيظ ،القيت ،السيب ،الليل ،الكري ،الرقيب ،الجيب ،الواسع ،الكيم،
الودود ،الج يد ،البا عث ،الشه يد ،ال ق ،الوك يل ،القوي ،الت ي ،الول ،الم يد ،الح صي ،البدىء،
العيد ،الحي ،الميت ،الي ،القيوم ،الواجد ،الاجد ،الواحد ،الحد ،الفرد ،الصمد ،القادر ،القتدر،
القدم ،الؤخر ،الول ،ال خر ،الظاهر ،الباطن ،الوال ،التعال ،الب ،التواب ،النتقم ،العفو ،الرؤوف،
مالك اللك ،ذو اللل والكرام ،القسط ،الامع ،الغن ،الغن ،العطي ،الانع ،الضار ،النافع ،النور،
الادي ،البديع ،البا قي ،الوارث ،الرش يد ،ال صبور " .ث قال الترمذي :هذا حد يث غر يب .وقد روى
من غ ي و جه عن أ ب هريرة ،ول نعلم ف كث ي من الروايات ذ كر ال ساء إل ف هذا الديث .الذي
عول عليه جاعة من الفاظ أن سرد الساء ف هذا الديث مدرج فيه .وإنا ذلك كما رواه الوليد بن
مسلم وعبد اللك بن ممد الصنعان عن زهي بن ممد أنه بلغه عن غي واحد من أهل العلم أنم قالوا
ذلك .أي أنم جعوها من القرآن كما روى عن جعفر بن ممد وسفيان وأب زيد اللغوي وال أعلم.
هذا ما ذكره العماد ابن كث ي ف تف سيه .ث قال :ليعلم أن الساء السن ليست منحصرة ف تسعة
وت سعي .بدل يل ما رواه أح د عن يز يد بن هارون عن فض يل بن مرزوق عن أ ب سلمة اله ن عن
القاسم بن عبد الرحن عن أبيه عن عبد ال بن مسعود عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ما
أ صاب أحدا قط هم ول حزن فقال :الل هم إ ن عبدك بن عبدك ،بن أم تك ،نا صيت بيدك .ماض ف
حكمك .عدل ف قضاؤك .أسألك اللهم بكل اسم هو لك .سيت به نفسك .أو أنزلته ف كتابك .أو
علمته أحدا من خلقك .أو استأثرت به ف علم الغيب عنك .أن تعل القرآن العظيم ربيع قلب ونور
صدري .وجلء حزن .وذهاب هي وغمى .إل أذهب ال هه وحزنه .وأبدله مكانه فرحا فقيل :يا
رسول ال :أل نتعلهما ؟ فقال :بلى .ينبغي لن سعها أن يتعلمها " وقد أخرجه أبو حات وابن حبان ف
صحيحه.
وقال العوف عن ابن عباس ف قوله تعال " :وذروا الذين يلحدون ف أسائه " قال :إلاد اللحدين :أن
دعوا اللت ف أساء ال وقال ابن جريج عن ماهد " :وذروا الذين يلحدون ف أسائه " قال :اشتقوا
اللت من ال .واشتقوا العزى من العزيز .
وقال قتادة :يلحدون :يشركون وقال علي بن أب طلحة عن ابن عباس اللاد التكذيب .
وأ صل اللاد ف كلم العرب :العدول عن الق صد .وال يل والور والنراف .وم نه الل حد ف ال قب.
لنرافه إل جهة القبلة عن ست الفر.
وقال رحه ال تعال :فاللاد إما بحدها وإنكارها .وإما بحد معانيها وتعطيلها وإما بتحريفها عن
ال صواب وإخراج ها عن ال ق بالتأويلت .وإ ما أن يعل ها أ ساء لذه الخلوقات كإلاد أ هل التاد.
فإن م جعلو ها أ ساء هذا الكون ممود ها ومذموم ها .ح ت قال زعيم هم :هو ال سمى بع ن كل ا سم
ل وشرعا وعرفا .تعال عمها يقولون علوا كهبيا،ل وشرعا وعرفا .وبكهل اسهم مذموم عق ًمدوح عق ً
انتهى.
قتل :والذي عليه أهل السنة والماعة قاطبة .متقدمهم ومتأخرهم :إثبات الصفات الت وصف ال با
نف سه وو صفه ب ا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم على ما يل يق بلل ال وعظم ته .إثباتا بل تث يل.
وتنيها بل تعطيل .كما قال تعال " :ليس كمثله شيء وهو السميع البصي " وأن الكلم ف الصفات
فرع عن الكلم ف الذات يتذى حذوه ومثاله .فكما أنه يب العلم بأن ال ذاتا حقيقة ل تشبه شيئا
من ذوات الخلوق ي ،فله صفات حقي قة ل تش به شيئا من صفات الخلوق ي ،ف من ج حد شيئا م ا
وصف ال به نفسه أو وصفه به رسوله ،أو تأوله على غي ما ظهر من معناه فهو جهمي قد اتبع غي
سبيل الؤمن ي .ك ما قال تعال " :و من يشا قق الر سول من ب عد ما تبي له الدى ويت بع غ ي سبيل
الؤمني نوله ما تول ونصله جهنم وساءت مصيا ".
( فائدة جليلة )
الرابع :التنيه الحض .ول بد من تضمنه ثبوتا ،إذا ل كمال ف العدم الحض ،كالقدوس والسلم.
الامس :ول يذكره أكثر الناس وهو السم الدال على جلة أوصاف عديدة ل تتص بصفة معينة ،بل
دال على معان ،نوه الجيهد العظيهم الصهمد .فإن الجيهد مهن اتصهف بصهفات متعددة ،مهن صهفات
الكمال ،ولفظهه يدل على هذا .فإنهه موضوع للسهعة والزيادة والكثرة ،فمنهه اسهتمجد الرخ والعفار
وأمد الناقة ،علفها .ومنه رب العرش الجيد صفة العرش لسعته وعظمته وشرفه .وتأمل كيف جاء هذا
السم مقترنا بطلب الصلة من ال على رسوله كما علمناه صلى ال عليه وسلم لنه ف مقام طلب
الزيد والتعرض لسعة العطاء ،وكثرته ودوامه .فأتى ف هذا الطلوب باسم يقتضيه ،كما تقول :اغفر ل
وارحن إنك أنت الغفور الرحيم ،فهو راجع إل التوسل إليه بأسائه وصفاته .وهو من أقرب الوسائل
وأحبها إليه .ومنه الديث الذي ف الترمذي " :ألظوا بياذا اللل والكرام " ومنه " :اللهم إن أسألك
ه ذا اللل والكرام " فهذا سؤال له بأن لك ال مد ل إله إل أ نت النان بد يع ال سموات والرض ي ا
وتوسل إليه بمده وأنه ل إله إل هو النان .فهو توسل إليه بأسائه وصفاته .وما أحق ذلك بالجابة
وأعظمه موقعا عند السؤول .وهذا باب عظيم من أبواب التوحيد.
السادس :صفة تصل من اقتران أحد السي والوصفي بالخر .وذكل قدر زائد على مفرديهما نو
الغن الميد ،الغفور القدير ،الميد الجيد ،وهكذا عامة الصفات القترنة والساء الزدوجة ف القرآن.
فإن الغ ن صفة كمال و ال مد كذلك ،واجتماع الغ ن مع ال مد كمال آ خر ،فله ثناء من غناه من
حده ،وثناء من اجتماعه ما ،وكذلك الغفور القد ير ،والم يد الج يد ،والعز يز الك يم ،فتأمله فإ نه
أشرف العارف.
باب
ل يقال السلم على ال
هذا الديث رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث شقيق بن سلمة عن عبد
ال بن مسعود رضي ال عنه قال " :كنا إذا جلسنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ف الصلة قلنا:
ال سلم على ال ق بل عباده ،ال سلم على فلن وفلن الد يث " و ف آخره ذ كر التش هد الخ ي .رواه
الترمذي من حديث السود بن يزيد عن ابن مسعود .وذكر ف الديث سبب النهي عن ذلك بقوله" :
فإن ال هو السلم ومنه السلم " وقد كان النب صلى ال عليه وسلم إذا انصرف من الصلة الكتوبة
يسهتغفر ثلثا ويقول " :اللههم أنهت السهلم ومنهك السهلم ،تباركهت يها ذا اللل والكرام " .وفه
الد يث" :إن هذا هو ت ية أ هل ال نة لرب م تبارك وتعال " و ف التن يل ما يدل على أن الرب تبارك
وتعال يسلم عليهم ف النة .كما قال تعال " :سلم قو ًل من رب رحيم ".
ومعن قوله :إن ال هو السلم إن ال سال من كل نقص ومن كل تثيل .فهو الوصوف بكل كمال،
النه عن كل عيب ونقص.
قال العل مة ا بن الق يم ف بدائع الفوائد :ال سلم ا سم م صدر .و هو من ألفاظ الدعاء .يتض من النشاء
والخبار ،فجهة الب فيه ل تناقض الهة النشائية .وهو معن السلم الطلوب عند التحية .وفيه قولن
مشهوران:
الول :أن السلم هنا هو ال عز وجل .ومعن الكلم :نزلت بركته عليكم ونو ذلك .فاختي ف هذا
العن من أسائه عز وجل اسم السلم دون غيه من الساء.
الثان :أن السلم مصدر بعن السلمة .وهو الطلوب الدعو به عند التحية ومن حجة أصحاب القول:
أ نه يأ ت منكرا ،فيقول ال سلم :سلم علي كم ولو كان ا سا من أ ساء ال ل ي ستعمل كذلك .و من
حجتهم :أنه ليس القصود من السلم هذا العن ،وإنا القصود منه اليذان بالسلمة خبا ودعاء.
قال العلمة ابن القيم رحه ال :وفصل الطاب أن يقال :الق ف مموع القولي .فكل منهما بعض
الق ،والصواب ف مموعهما .وإنا يتبي ذلك بقاعدة .وهي :أن حق من دعا ال بأسائه السن أن
ي سأل ف كل مطلوب ويتو سل بال سم القت ضى لذلك الطلوب ،النا سب ل صوله ،ح ت إن الدا عي
متشفع إل ال تعال متوسل به إل يه .فإذا قال :رب اغفر ل وتب علي إنك أنت التواب الغفور .فقد
سأله أمرين وتوسل إليه باسي من أسائه ،مقتضيي لصول مطلوبه .وقال صلى ال عليه وسلم لب
بكر رضي ال عنه وقد سأله ما يدعو به " قل :اللهم أن ظلمت نفسي ظلما كثيا ،ول يغفر الذنوب
إل أ نت فاغ فر ل مفغرة من عندك ،وارح ن إ نك أ نت الغفور الرح يم " فالقام ل ا كان مقام طلب
ال سلمة ال ت هي أ هم ع ند الر جل ،أ تى ف طلب ها ب صيغة ا سم من أ ساء ال تعال و هو ال سلم الذي
تطلب منه السلمة .فتضمن لفظ السلم معني :أحدها :ذكر ال،والثان :طلب السلمة .وهو مقصود
السلم .فقد تضمن سلم عليكم اسا من اساء ال وطلب السلمة منه .فتأمل هذه الفائدة .وحقيقته:
الباءة واللص والنجاة من الشر والعيوب .وعلى هذا العن تدور تصاريفه ،فمن ذاك قولم :سلمك
ال ،ومنه دعاء الؤمني على الصراط رب سلم سلم ومنه سلم الشئ لفلن ،أي خلص له وحده .قال
ل سلما لر جل " أي خال صا له وحده ل ل ف يه شركاء متشاك سون ورج ً تعال " :ضرب ال مثلً رج ً
يلكه معه غيه .ومنه السلم ضد الرب :لن كل واحد من التحاربي يلص ويسلم من أذى الخر،
ولذا ب ن ف يه على الفاعلة ،فق يل :ال سالة م ثل الشار كة .وم نه القلب ال سليم و هو الن في من الد غل
والعيهب .وحقيقتهه :الذي قهد سهلم ل وحده ،فخلص مهن دغهل الشرك وغله ،ودغهل الذنوب
والخالفات ،فهو مستقيم على صدق حبه وحسن معاملته .وهذا هو الذي ضمن له النجاة من عذاب
ال والفوز بكرامته .ومنه أخذ السلم ،فإنه من هذه الادة ،لنه الستسلم والنقياد ل ،والتخلص من
شوائب الشرك ،فسلم لربه وخلص له ،كالعبد الذي سلم لوله ليس له فيه شركاء متشاكسون .ولذا
ضرب سبحانه هذين الثلي للمسلم الالص لربه وللمشرك به.
باب
قول :اللهم اغفر ل إن شئت
قوله( :ف الصحيح عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل يقل
أحدكم :اللهم اغفر ل إن شئت ،اللهم ارحن إن شئت ،ليعزم السألة فإن ال ل مكره له : )"...
بلف العبد ،فإنه قد يعطي السائل مسألته .لاجته إليه،أو لوفه أو رجائه ،فيعطيه مسألته وهو كاره.
فاللئق بال سائل للمخلوق أن يعلق ح صول حاج ته على مشيئة ال سؤول ،ما فة أن يعط يه و هو كاره،
بلف رب العال ي ،فإ نه تعال ل يل يق به ذلك لكمال غناه عن ج يع خل قه ،وكمال جوده وكر مه،
وكلهم فقي إليه ،متاج ل يستغن عن ربه طرفة عي وعطاؤه كلم .وف الديث " :يي ال ملى ل
يغيضها نفقة ،سخاء الليل والنهار .أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والرض ؟ فإنه ل يغض ما ف
يينه ،وف يده الخرى القسط يفضه ويرفعه " يعطي تعال لكمة وينع لكمة وهو الكيم البي.
فاللئق بن سأل ال أن يعزم السألة ،فإ نه ل يعطي عبده شيئا عن كراهة ول عن عظم مسألة .وقد
قال بعض الشعراء فيمن يدحه:
وهذا بالن سبة إل ما ف نفوس أرباب الدن يا ،وإل فإن الع بد يع طي تارة وي نع أك ثر ،ويع طي كرها،
والب خل عل يه أغلب .وبالن سبة إل حاله هذه فل يس عطاؤه بعظ يم ،وأ ما ما يعط يه ال تعال عباده ف هو
دائم مستمر ،يود بالنوال قبل السؤال من حي وضعت النطفة ف الرحم .فنعمه على الني ف بطن
أمه دارة ،يربيه أحسن تربية ،فإذا وضعته أمه عطف عليه والديه ورباه بنعمة حت يبلغ أشد ،يتقلب ف
نعم ال مدة حياته ،فإن كانت حياته على اليان والتقوى ازدادت نعم ال تعال عليه إذا توفاه أضعاف
أضعاف ما كان عليه ف الدنيا من النعم الت ل يقدر قدرها إل ال ،ما أعده ال تعال لعباده الؤمني
التقي .وكل ما يناله العبد ف الدنيا من النعم وإن كان بعضها على يد ملوق فهو بإذن ال وإرادته
وإح سانه إل عبده ،فال تعال هو الحمود على الن عم كل ها ،ف هو الذي شاء ها وقدر ها وأجرا ها عن
كرمه وجوده وفضله .فله النعمة وله الفضل وله الثناء السن .قال تعال " :وما بكم من نعمة فمن ال
ث إذا م سكم ال ضر فإل يه تأرون " و قد ي نع سبحانه عبده إذا سأله لكمة وعلم ب ا ي صلح عبده من
العطاء والنع ،وقد يؤخر ما سأله عبده لوقته القدر ،أو ليعطيه أكثر .فتبارك ال رب العالي.
أي ف سؤاله ربه حاجته ،فإنه يعطي العظائم كرما وجودا وإحسانا .فال تعال ل يتعاظمه شئ أعطاه،
أي ليس شئ عنده بعظيم ،وإن عظم ف نفس الخلوق .لن سائل الخلوق ل يسأله إل ما يهون عليه
هن فيكون "ه ،فإن عطاءه كلم " :إنا ه أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كه
بذله بلف رب العاليه
فسبحان من ل يقدر اللق قدره ،ل إله غيه ول رب سواه.
باب
ل يقول :عبدي وأمت
ذكر الديث الذي ف الصحيح :عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال:
" ل يقولن أحد كم :أط عم ر بك .وض يء ر بك .ولي قل :سيدي ومولي .ول ي قل أحد كم :عبدي
وأمت ،وليقل :فتاي وفتات وغلمي ".
هذه اللفاظ النهى عنها .وإن كانت تطلق لغة .فالنب صلى ال عليه وسلم نى عنها تقيقا للتوحيد
وسدا لذرائع الشرك لا فيها من التشريك ف اللفظ .لن ال تعال هو رب العباد جيع هم .فإذا أطلق
على غيه شار كه ف ال سم .فين هى ع نه لذلك .وإن ل يق صد بذلك التشر يك ف الربوب ية ال ت هي
وصف ال تعال .وإنا العن أن هذا مالك له .فيطلق عليه هذا اللفظ بذا العتبار .فالنهي عنه حسما
لادة التشريك بي الالق والخلوق .وتقيقا للتوحيد .وبعدا عن الشرك حت ف اللفظ .وهذا أحسن
مقاصد الشريعة .لا فيه من تعظيم الرب تعال ،وبعده عن مشابة الخلوقي ،فأرشدهم صلى ال عليه
و سلم إل ما يقوم مقام هذه اللفاظ .و هو قوله سيدي ومولي وكذا قوله :ول ي قل أحد كم عبدي
وأمت لن العبيد عبيد ال .والماء إماء ال .قال ال تعال " :إن كل من ف السماوات والرض إل آت
الرحن عبدا " ففي إطلق هاتي الكلمتي على غي ال تشريك ف اللفظ ،فنهاهم عن ذلك تعظيما ل
تعال وأدبا وبعدا عن الشرك وتقيقا للتوح يد ،وأرشد هم إل أن يقولوا :فتاي وفتا ت وغل مي وهذا
من باب حاية الصطفى صلى ال عليه وسلم جناب التوحيد ،فقد بلغ صلى ال عليه وسلم أمته كل ما
ف يه ل م ن فع ،ونا هم عن كل ما ف يه ن قص ف الد ين .فل خ ي إل دل م عل يه ،خ صوصا ف تق يق
التوحيد ،ول شر إل حذرهم منه ،خصوصا ما يقرب من الشرك لفظا وإن ل يقصد به .وبال التوفيق.
باب
ل يرد من سأل ال
ظاهر الديث النهي عن رد السائل إذا سأل بال .لكن هذا العموم يتاج إل تفصيل بسب ما ورد ف
الكتاب وال سنة ،في جب إذا سأل ال سائل ما له ف يه حق كبيت الال أن ياب فيع طى م نه على قدر
حاجته وما يستحقه وجوبا ،وكذلك إذا سأل الحتاج من ف ماله فضل فيجب أن يعطيه على حسب
حاله ومسألته ،خصوصا إذا سأل من ل فضل عنده ،فيستحب أن يعطيه على قدر حال السؤول ما ل
يضر به ول يضر عائلته ،وإن كان مضطرا وجب أن يعطيه ما يدفع ضرورته.
ومقام النفاق من أشرف مقامات الدين ،وتفاوت الناس فيه بسب ما جبلوا عليه من الكرم وضدها
من البخل والشح .فالول :ممود ف الكتاب والسنة .والثان :مذموم فيهما .وقد حث ال تعال عباده
على النفاق لعظم نفعه وتعد يه وكثرة ثوابه .قال ال تعال " ، :يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات
ما كسبتم وما أخرجنا لكم من الرض ول تيمموا البيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إل أن تغمضوا
فيهه واعلموا أن ال غنه حيهد * الشيطان يعدكهم الفقهر ويأمركهم بالفحشاء وال يعدكهم مغفرة منهه
وفضل وال واسع عليم " وقال تعال " :وأنفقوا ما جعلكم مستخلفي فيه " وذلك النفاق من خصال
الب الذكورة ف قوله تعال " :ليس الب أن تولوا وجوهكم قبل الشرق والغرب ولكن الب من آمن بال
واليوم ال خر واللئ كة والكتاب وال نبيي وآ تى الال على ح به ذوي القر ب واليتا مى وال ساكي وا بن
ال سبيل وال سائلي " ال ية فذكره ب عد ذ كر أ صول اليان وق بل ذ كر ال صلة .ذلك وال أعلم لتعدي
نفعه .وذكره تعال ف العمال الت أمر ال با عباده .وتعبدهم با ووعدهم عليها الجر العظيم .قال
تعال " :إن السهلمي والسهلمات والؤمنيه والؤمنات والقانتيه والقانتات والصهادقي والصهادقات
والصهابرين والصهابرات والاشعيه والاشعات والتصهدقي والتصهدقات والصهائمي والصهائمات
والافظي فروجهم والافظات والذاكرين ال كثيا والذاكرات أعد ال لم مغفرة وأجرا عظيما ".
وكان النب صلى ال عليه وسلم يث أصحابه على الصدقة حت النساء .نصحا للمة وحثا لم على ما
ينفعههم عاجلً وآجلً .وقهد أثنه ال سهبحانه على النصهار رضهي ال عنههم باليثار ،فقال تعال" :
ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بم خصاصة ،ومن يوق شح نفسه فأولئك هم الفلحون " واليثار من
أف ضل خ صال الؤ من ك ما تفيده هذه ال ية الكري ة ،و قد قال تعال " ، :ويطعمون الطعام على ح به
مسكينا ويتيما وأسيا * إنا نطعمكم لوجه ال ل نريد منكم جزاء ول شكورا ".
واليات والحاديث ف فضل الصدقة كثية جدا ،ومن كان سعيه للخرة رغب ف هذا ورغب ،بال
التوفيق.
قوله :من دعاكم فأجيبوه هذا من حقوق السلمي بعضهم على بعض :إجابة دعوة السلم ،وتلك من
أسباب اللفة والحبة بي السلمي.
قوله :و من صنع إلي كم معروفا فكافئوه ندب م صلى ال عل يه و سلم على الكافأة على العروف ،فإن
الكافأة على العروف من الروءة الت يبها ال ورسوله ،كما دل عليه هذا الديث ول يهمل الكافأة
على العروف إل اللئام من الناس ،وب عض اللئام يكافء على الح سان بال ساءة ،ك ما ي قع كثيا من
بعض هم .ن سأل ال الع فو والعاف ية ف الدن يا والخرة ،بلف حال أ هل التقوى واليان فإن م يدفعون
السيئة بالسنة طاعة ل ومبة لا يبه لم ويرضاه ،كما قال تعال " :ادفع بالت هي أحسن السيئة نن
أعلم ب ا ي صفون * و قل رب أعوذ بك من هزات الشياط ي * وأعوذ بك رب أن يضرون " وقال
تعال " ، :ادفع بالت هي أحسن فإذا الذي بينك وبي نه عداوة كأنه ول حيم * وما يلقا ها إل الذ ين
صبوا وما يلقاها إل ذو حظ عظيم " وهم الذين سبقت لم من ال تعال السعادة.
قوله :تروا بضم التاء تظنوا أنكم قد كافأتوه ويتمل أنا مفتوحة بعن تعلموا .ويؤيده ما ف سنن أب
داود من حديث ابن عمر :حت تعلموا فتعي الثان للتصريح به .وفيه :من سألكم بال فأجيبوه أي إل
ما سأل .فيكون بعن :أعطوه ،وعند أب داود ف رواية أب نيك عن ابن عباس :من سألكم بوجه ال
فأعطوه وف رواية عبيد ال القواريري لذا الديث ومن سألكم بال كما ف حديث ابن عمر.
باب
ل يسأل بوحه ال إل النة
ذكر فيه حديث جابر رواه أبو داود عن جابر قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ل يسأل
بوجه ال إل النة ".
وهنا سؤال :وهو أنه قد ورد ف دعاء النب صلى ال عليه وسلم عند منصرفه من الطائف حي كذبه
أهل الطائف ومن ف الطائف من أهل مكة ،فدعا النب صلى ال عليه وسلم بالدعاء الأثور " :اللهم
إليك أشكو ضعف قوت ،وقلة حيلت ،وهوان على الناس .أنت رب الستضعفي وأنت رب ،إل من
تكلن ؟ إل بعيد يتجهمن ،أو إل عدو ملك ته أمري ؟ إن ل يك ب كل غضب علي فل أبال ،غ ي أن
عافي تك هي أو سع ل " و ف آخره " :أعوذ بنور وج هك الذي أشر قت له الظلمات و صلح عل يه أ مر
الدن يا والخرة .أن ي ل على غض بك ،أو ينل ب سخطك .لك الع تب ح ت تر ضى ول حول ول قوة
إل بال " .والديث الروي ف الذكار " :الل هم أنت أ حق من ذ كر وأ حق من عبد وف آخره أعوذ
بنور وجهك الذي أشرقت له السموات والرض " وف حديث آخر " :أعوذ بوجه ال الكري ،وباسم
ال العظيم وبكلماته التامة من شر السامة واللمة ،ومن شر ما خلقت ،أي رب ،ومن شر هذا اليوم
ومن شر ما بعده ،ومن شر الدنيا والخرة " .وأمثال ذلك ف الحاديث الرفوعة بالسانيد الصحيحة
أو السان.
فالواب :أن ما ورد من ذلك فهو ف سؤال ما يقرب إل النة أو ما ينعه من العمال الت تنعه من
النة ،فيكون قد سأل بوجه ال وبنور وجهه ما يقرب إل النة كما ف الديث الصحيح " :اللهم إن
أسألك النة وما يقرب إليها من قول وعمل ،وأعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول وعمل "
بلف ما ي تص بالدنيا كسؤال الال والرزق والسعة ف العيشة رغ بة ف الدنيا ،مع ق طع الن ظر عن
كونه أراد بذلك ما يعينه على عمل الخرة .فل ريب أن الديث يدل على النع من أن يسأل حوائج
دنياه بوجه ال .وعلى هذا فل تعارض بي الحاديث .كما ل يفى .وال أعلم.
وحديث الباب من جلة الدلة التواترة ف الكتاب والسنة على إثبات الوجه ل تعال .فإنه صفة كمال:
وسلبه غاية النقص والتشبيه بالناقصات .كسلبهم جيع الصفات أو بعضها .فوقعوا ف أعظم ما فروا
م نه .تعال ال ع ما يقول الظالون علوا كبيا .وطري قة أ هل ال سنة والما عة سلفا وخلفا .اليان ب ا
وصف ال به نفسه ف كتابه ووصفه به رسوله صلى ال عليه وسلم ف سنته على ما يليق بلل ال
وعظمته ،فيثبتون له ما أثبته لنفسه ف كتابه وأثبته له رسوله صلى ال عليه وسلم ،وينفون عنه مشابة
الخلوق .فكما أن ذات الرب ل تشبه الذوات فصفاته كذلك ل تشبه الصفات ،فمن نفاها فقد سلبه
الكمال.
باب
ما جاء ف اللو
أي من الوعيد والنهي عنه عند المور الكروهة ،كالصائب إذا جرى با القدر لا فيه من الشعار بعد
الصب والسى على ما فات ،ما ل يكن استدراكه ،فالواجب التسليم للقدر ،والقيام بالعبودية الواجبة
و هو ال صب على ما أ صاب الع بد م ا يكره .واليان بالقدر أ صل من أ صول اليان ال ستة .وأد خل
ال صنف رح ه ال أداة التعر يف على لو وهذه ف هذا القام ل تف يد تعريفا كنظائر ها ،لن الراد هذا
اللفظ كما قال الشاعر:
وقوله( :وقول ال عز وجل " :يقولون لو كان لنا من المر شيء ما قتلنا هاهنا ") :
قال بن إسحاق :فحدثن يي بن عباد بن عبد ال بن الزبي عن أبيه عن عبد ال ابن الزبي قال :قال
الزبي :لقد رأيتن مع رسول ال صلى ال عليه وسلم حي اشتد الوف علينا أرسل ال علينا النوم .فما
منا رجل إل ذقنه ف صدره ،قال :فو ال إن لسع قول معتب بن قشي ما أسعه إل كاللم :لو كان
لنا من المر شئ ما قتلنا ها هنا .فحفظتها منه ،وف ذلك أنزل ال عز وجل " :يقولون لو كان لنا من
المر شيء ما قتلنا هاهنا " لقول معتب رواه ابن أب حات .قال ال تعال " :قل لو كنتم ف بيوتكم
لبز الذين كتب عليهم القتل إل مضاجعهم " أي هذا قدر مقدر من ال عز وجل وحكم حتم لزم ل
ميد عنه ول مناص منه.
وقوله " :الذين قالوا لخوانم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا " الية.
قال العماد ابن كثي :الذين قالوا لخوانم ،وقعدوا :لو أطاعونا ما قتلوا أي لو سعوا مشورتنا عليهم
بالقعود وعدم الروج ما قتلوا مع من قتل .قال ال تعال " :قل فادرؤوا عن أنفسكم الوت إن كنتم
صادقي " أي إذا كان القعود يسلم به الشخص من القتل والوت ،فينبغي لكم أن ل توتوا ،والوت ل
بد آت إلي كم ،ولو كن تم ف بروج مشيدة ،فادفعوا عن أنف سكم الوت إن كن تم صادقي .قال ما هد
عن جابر بن ع بد ال :نزلت هذه ال ية ف ع بد ال بن أ ب وأ صحابه يع ن أ نه هو الذي قال ذلك.
وأخرج البيهقي عن أ نس أن أ با طلحة قال :غشي نا النعاس ونن ف مصافنا يوم أ حد ،فج عل ي سقط
سيفي وآخذه وي سقط وآخذه .قال :والطائ فة الخرى النافقون ل يس ل ا هم إل أنف سهم ،أج ب قوم،
وأرعبه ،وأخذله للحق " يظنون بال غي الق ظن الاهلية " إنا هم أهل ريب وشك بال عز وجل .
قوله :قد أهت هم أنف سهم يع ن ل يغشا هم النعاس عن القلق والزع والوف " :يظنون بال غ ي ال ق
ظن الاهلية ".
قال شيخ السلم رحه ال :لا ذكر ما وقع من عبد ال بن أب ف غزوة أحد قال :فلما انذل يوم
أحد وقال :يدع رأيي ورأيه ويأخذ برأي الصبيان ؟ أو كما قال ...انذل معه خلق كثي ،كان كثي
منهم ل ينافق قبل ذلك .فأولئك كانوا مسلمي وكان معهم إيان ،هو الضوء الذي ضرب ال به الثل.
فلو ماتوا قبل الح نة والنفاق لاتوا على السلم،ول يكونوا من الؤمني حقا الذ ين امتحنوا فثبتوا على
الحنة ،ول من النافقي حقا الذين ارتدوا عن اليان بالحنة .وهذا حال كثي من السلمي ف زماننا
أو أكثر هم إذا ابتلوا بالح نة ال ت يتضع ضع في ها أ هل اليان ين قص إيان م كثيا وينا فق كث ي من هم.
ومنهم من يظهر الردة إذا كان العدو غالبا ،وقد رأينا من هذا ورأى غينا من هذا ما فيه عبة .وإذا
كا نت العاف ية ،أو كان ال سلمون ظاهر ين على عدو هم كانوا م سلمي ،و هم مؤمنون بالر سل باطنا
وظاهرا ،لك نه إيان ل يث بت على الح نة ،ولذا يك ثر ف هؤلء ترك الفرائض وانتهاك الحارم وهؤلء
من الذ ين قالوا :آم نا ،فق يل ل م " :ل تؤمنوا ول كن قولوا أ سلمنا ول ا يد خل اليان ف قلوب كم " أي
اليان الطلق الذي أهله هم الؤمنون حقا ،فإن هذا هو اليان إذا أطلق ف كتاب ال تعال ،ك ما دل
عليه الكتاب والسنة،فلم يصل لم ريب عند الحن الت تقلقل اليان ف القلوب ،انتهى.
قلت :ون ن كذلك رأي نا من ذلك ما ف يه عبة ع ند غل بة العدو ،من إعانت هم العدو على ال سلمي،
والطعن ف الدين ،وإظهار العداوة والشماتة ،وبذل الهد ف إطفاء نور السلم ،وذهاب أهله ،وغي
ذلك ما يطول ذكره .وال الستعان.
اختصر الصنف رحه ال هذا الديث ،وتامه :عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال " :الؤمن القوي
خ ي وأ حب إل ال من الؤ من الضع يف ،و ف كل خ ي .اخرص على ما ينف عك " أي ف معا شك
ومعادك .والراد الرص على ف عل ال سباب ال ت تن فع الع بد ف دنياه وأخراه م ا شر عه ال تعال لعباده
من السباب الواجبة والستحبة والباحة ،ويكون العبد ف حال فعله السبب مستعينا بال وحده دون
كل ما سواه ليتم له سببه وينفعه .ويكون اعتماده على ال تعال ف ذلك ،لن ال تعال هو الذي خلق
السبب والسبب ،ول ينفعه سبب إل إذا نفعه ال به ،فيكون اعتماده ف فعل السبب على ال تعال.
ففعل السبب سنة ،والتوكل على ال توحيد .فإذا جع بينهما ت له مراده بإذن ال.
قوله :ول تعجزن النون نون التأكيد الفيفة .ناه صلى ال عليه وسلم عن العجز وذمه ،والعجز مذموم
شرعا وعقلً ،و ف الد يث " :الك يس من دان نف سه وع مل ل ا ب عد الوت ،والعا جر من أت بع نف سه
هواها وتن على ال المان " فأرشده صلى ال عليه وسلم ف هذا الديث إذا أصابه ما يكره أن ل
يقول :لو أنه فعلت كذا لكان كذا وكذا .ولكهن يقول :قدر ال ومها شاء فعهل ،أي هذا قدر ال
والواجب التسليم للقدر ،والرضى به ،واحتساب الثواب عليه.
قوله :فإن لو تف تح ع مل الشيطان أي ما ف يه من التأ سف على ما فات والتح سر ولوم القدر ،وذلك
يناف الصب والرضى ،والصب واجب ،واليان بالقدر فرض ،قال تعال " ، :ما أصاب من مصيبة ف
الرض ول ف أنفسكم إل ف كتاب من قبل أن نبأها إن ذلك على ال يسي * لكي ل تأسوا على ما
فاتكم ول تفرحوا با آتاكم وال ل يب كل متال فخور ".
قال أم ي الؤمن ي على بن أ ب طالب ر ضي ال ع نه :ال صب من اليان بنلة الرأس من ال سد وقال
المام أحد :ذكر ال الصب ف تسعي موضعا من القرآن .
قال شيخ السلم رحه ال وذكر حديث الباب بتمامه ث قال ف معناه :ل تعجز عن مأمور ،ول تزع
عن مقدور ،و من الناس من ي مع كل الشر ين ،فأ مر ال نب صلى ال عل يه و سلم بالرص على النا فع
والستعانة بال ،والمر يقتضي الوجوب ،وإل فالستحباب ،ونى عن العجز وقال :إن ال يلوم على
العجز والعاجز ضد الذين هم ينتصرون فالمر بالصب والنهي عن العجز مأمور به ف مواضع كثية،
وذلك لن الن سان ب ي أمر ين :أ مر أ مر بفعله ،فعل يه أن يفعله ويرص عل يه وي ستعي ال ول يع جز،
وأمر أصيب به من غي فعله .فعليه أن يصب عليه ول يزع منه ،ولذا قال بعض العقلء ابن القفع أو
غيه المور أمران :أمر فيه حيلة فل تعجز عنه ،وأمر ل حيلة فيه فل تزع منه .وهذا ف جيع المور
لكن عند الؤمن :الذي فيه حيلة هو ما أمره ال به ،وأحبه له .فإن ال ل يأمره إل با فيه حيلة له ،إذ
ل يكلف ال نفسا إل وسعها ،وقد أمره بكل خي له فيه حيلة .وما ل حيلة له فيه ما أصيب به من
غ ي فعله .واسم ال سنات وال سيئات يتناول قسمي :فالفعال م ثل قوله تعال " :من جاء بالسنة فله
عشر أمثالا ومن جاء بالسيئة فل يزى إل مثلها " ومثل قوله تعال " :إن أحسنتم أحسنتم لنفسكم
وإن أسأت فلها " ومثل قوله تعال " :وجزاء سيئة سيئة مثلها " ومثل قوله تعال " :بلى من كسب سيئة
وأحاطت به خطيئته " إل آيات كثية من هذا النس وال أعلم.
والق سم الثا ن :ما يري على الع بد بغ ي فعله من الن عم وال صائب .ك ما قال تعال " :ما أ صابك من
حسهنة فمهن ال ومها أصهابك مهن سهيئة فمهن نفسهك " واليهة قبلهها ،فالسهنة فه هاتيه اليتيه:
النعم،والسيئة :الصائب ،هذا هو الثان من القسمي.
وأظن شيخ السلم رحه ال ذكره ف هذا الوضع ولعل الناسخ أسقطه وال أعلم.
ث قال رحه ال :فإن النسان ليس مأمورا أن ينظر إل القدر عندما يؤمر به من الفعال ولكن عندما
يري عل يه الصائب الت ل حيلة له ف دفعها ،فما أصابك بفعل الدميي أو بغي فعلهم فاصب عليه
وارض وسلم .قال تعال " :ما أصاب من مصيبة إل بإذن ال ومن يؤمن بال يهد قلبه " ولذا قال آدم
لوسى :أتلومن على أمر قدره ال على قبل أن أخلق بأربعي سنة ؟ فحج أدم موسى لن موسى قال
له :لاذا أخرجتنا ونفسك من النة فلمه على الصيبة الت حصلت بسبب فعله ،ل لجل كونا ذنبا.
وأما كونا لجل الذنب كما يظنه طوائف من الناس فليس مرادا بالديث ،فإن آدم عليه السلم كان
قد تاب من الذنب .والتائب من الذنب كمن ل ذنب له .ول يوز لوم التائب باتفاق الناس ،انتهى.
قال العلمة ابن القيم رحه ال :فتضمن هذا الديث أصولً عظيمة من أصول اليان .أحدها :أن ال
سبحانه موصوف بالحبة وأنه يب حقيقة .الثان :أنه يب مقتضى أسائه وصفاته وما يوافقها ،فهو
القوي ويب الؤمن القوي ،وهو وتر ويب الوتر ،وجيل يب المال ،وعليم يب العلماء ،ونظيف
ي ب النظا فة ،ومؤ من ي ب الؤمن ي ،وم سن ي ب الح سني ،و صابر ي ب ال صابرين ،وشا كر ي ب
الشاكرين.
ومنهها :أن سهعادة النسهان فه حرصهه على مها ينفعهه فه معاشهه ومعاده ،والرص ههو بذل الههد
واستفراغ الوسع .فإذا صادف ما ينتفع به الريص كان حرصه ممودا وكماله كله ف مموع هذين
المرين :أن يكون حريصا وأن يكون حرصه على ما ينتفع به،فإن حرص على ما ل ينفعه أو فعل ما
ينفعه من غي حرص فإنه من الكمال بقدر ما فاته من ذلك ،فالي كله ف الرص على ما ينفع.
ول ا كان حرص الن سان وفعله إن ا هو بعو نة ال ومشيئ ته وتوفي قه أمره أن ي ستعي بال ليجت مع له
مقام " :إياك نعبد وإياك نستعي " فإن حرصه على ما ينف عه عبادة ل تعال .ول ي تم إل بعونته فأمره
أن يعبده وأن يستعي به .فالريص على ما ينفعه ،الستعي بال ضد العاجز ،فهذا إرشاد له قبل وقوع
القدور إل مها ههو أعظهم أسهباب حصهوله ،وههو الرص عليهه مهع السهتعانة بنه أزمهة المور بيده
ومصدرها منه ومردها إليه.
فإن فاته ما ل يقدر له فله حالتان :عجز .وهو مفتاح عمل الشيطان ،فيلقيه العجز إل لو ول فائدة من
لو هه نا بل هي مفتاح اللوم والع جز وال سخط وال سف والزن ،وذلك كله من ع مل الشيطان فنهاه
صهلى ال عليهه وسهلم عهن افتتاح عمله بذا الفتتاح ،وأمره بالالة الثانيهة .وههي النظهر إل القدر
وملحظته وأنه لو قدر له ل يفته ول يغلبه عليه أحد ،فلم يبق له ها هنا أنفع من شهود القدر ومشيئة
الرب النافذة الته توجهب وجوب القدور ،وإن انتفهت امتنهع وجوده ،ولذا قال :فإن غلبهك أمهر فل
تقل :لو أن فعلت كذا وكذا ولكن قل :قدر ال وما شاء فعل فأرشده إل ما ينفعه ف الالتي :حال
حصول الطلوب ،وحالة فواته ،فلهذا كان هذا الديث ما ل يستغن عنه العبد أبدا ،بل هو أشد إليه
ضرورة ،وههو يتضمهن إثبات القدر والكسهب والختيار والقيام بالعبوديهة ظاهرا وباطنا فه حالته
الطلوب وعدمه ،وبال التوفيق.
باب
النهي عن سب الريح وما يقول عند هياج الريح
قوله( :عن أب بن كعب رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ل تسبوا الريح
فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا :اللهم إنا نسألك من خي هذه الريح وخي ما فيها ،وخي ما أمرت
به ،ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به " .صححه الترمذي) :
لنا أي الريح إنا تب عن إياد ال تعال وخلقه لا وأمره .لنه هو الذي أوجدها وأمرها ،فمسبتها
مسبة للفاعل ،وهو ال سبحانه .كما تقدم ف النهي عن سب الدهر وهذا يشبهه ،ول يفعله إل أهل
ال هل بال ودي نه وب ا شر عه لعباده ،فن هى صلى ال عل يه و سلم أ هل اليان ع ما يقوله أ هل ال هل
والفاء وأرشدهم إل ما يب أن يقال عند هبوب الرياح فقال :إذا رأيتم ما تكرهون فقولوا :اللهم إنا
نسألك من خي هذه الريح وخي ما فيها وخي ما أمرت به يعن إذا رأيتم ما تكرهون من الريح إذا
هبت فارجعوا إل ربكم بالتوحيد وقولوا " اللهم إنا نسألك من خي هذه الريح وخي ما فيها ،وخي ما
أمرت به .ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به " ففي هذا عبودية ل وطاعة له
ولرسوله ،واستدفاع للشرور به ،وتعرض لفضله ونعمته وهذه حال أهل التوحيد واليان ،خلفا لال
أهل الفسوق والعصيان الذين حرموا ذوق طعم التوحيد الذي هو حقيقة اليان.
باب
قول ال تعال " :يظنون بال غي الق ظن الاهلية"
قوله( :باب قول ال تعال " :يظنون بال غي الق ظن الاهلية يقولون هل لنا من المر من شيء
قل إن المر كله ل " الية) :
وهذه الية ذكرها ال ف سياق قوله تعال ف ذكر وقعة أحد " ث أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا
يغ شى طائ فة من كم " يع ن أ هل اليان والثبات والتو كل ال صادق ،و هم الازمون بأن ال تعال ين صر
ر سوله صلى ال عل يه و سلم وين جز له مأموله ،ولذا قال " :وطائ فة قد أهت هم أنف سهم " يع ن ل
يغشاهم النعاس من الزع والقلق والوف " يظنون بال غي الق ظن الاهلية " كما قال تعال " :بل
ظننتم أن لن ينقلب الرسول والؤمنون إل أهليهم أبدا وزين ذلك ف قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم
قوما بورا " وهكذا هؤلء اعتقدوا أن الشركي لا ظهروا تلك الساعة ظنوا أنا الفيصلة ،وأن السلم
قد باد وأهله .وهذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل أمر من المور الفظيعة تصل لم هذه المور
الشنيعة ،عن ابن جريج قال :قيل لعبد ال بن أب :قتل بنو الزرج اليوم ؟ قال :وهل لنا من المور من
شئ ؟ .
قال العلمة ابن القيم رحه ال تعال ف الكلم على ما تضمنته وقعة أحد :وقد فسر هذا الظن الذي ل
يل يق بال سبحانه بأ نه ل ين صر ر سوله ،وأن أمره سيضمحل وأ نه ي سلمه للق تل ،وف سر بظن هم أن ما
أ صابم ل ي كن بقضاء ال وقدره ول حك مة له ف يه .فف سر بإنكار الك مة .وإنكار القدر ،وإنكار أن
ي تم أمر رسول ال صلى ال عل يه و سلم وأن يظهره على الد ين كله .وهذا هو ظن ال سوء الذي ظ نه
النافقون والشركون ف سورة الفتح حيث يقول " :ويعذب النافقي والنافقات والشركي والشركات
الظاني بال ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب ال عليهم ولعنهم وأعد لم جهنم وساءت مصيا
" وإنا كان هذا هو ظن السوء وظن الاهلية وهو النسوب إل أهل الهل وظن غي الق ،لنه ظن
غي ما يليق بأسائه السن وصفاته العليا وذاته البأة من كل عيب وسوء ،وخلف ما يليق بكمته
وحده وتفرده بالربوبية واللية ،وما يليق بوعده الصادق الذي ل يلفه ،وبكلمته الت سبقت لرسله
أ نه ين صرهم ول يذلم .ولنده بأن م هم الغالبون .ف من ظن به أ نه ل ين صر ر سله ول ي تم أمره ول
يؤيده ويؤيد حزبه ويعليهم ويظفرهم بأعدائهم ويظهرهم ،وأنه ل ينصر دينه وكتابه ،وأنه يديل الشرك
على التوحيد ،والباطل على الق إدالة مستقرة ،يضمحل معها التوحيد والق اضمحل ًل ل يقوم بعده
أبدا .ف قد ظن بال ظن ال سوء ،ون سبه إل خلف ما يل يق بلله وكماله و صفاته ونعو ته ،فإن حده
وعزته وحكمته وإليته تأب ذلك وتأب أن يذل حزبه وجنده ،وأن تكون النصرة الستقرة والظفر الدائم
لعدائه الشرك ي به العادل ي به .ف من ظن به ذلك ف ما عر فه ول عرف أ ساءه ول عرف صفاته
وكماله .وكذلك من أنكر أن يكون ذلك بقضاءه وقدره .فما عرفه ولعرف ربوبيته وملكه وعظمته.
وكذلك من أن كر أن يكون قدر ما قدره من ذلك وغيه لك مة بال غة وغا ية ممودة ي ستحق ال مد
عليها ،وأن ذلك إنا صدر عن مشيئة مردة عن حكمته وغاية مطلوبة هي أحب إليه من فواتا .وأن
تلك ال سباب الكرو هة له الفض ية إلي ها ،ل يرج تقدير ها عن الك مة ،لفضائ ها إل ما ي ب وإن
كانت مكروهة له ،فما قدرها سدى ول شاءها عبثا ول خلقها باطلً " :ذلك ظن الذين كفروا فويل
للذين كفروا من النار ".
وأكثر الناس يظنون بال غي الق ظن السوء فيما يتص بم ،وفيما يفعله بغيه ،ول يسلم من ذلك إل
من عرف ال وعرف أسائه وصفاته ،وعرف موجب حكمته وحده .فمن قنط من رحته وأيس من
روحه فقد ظن به ظن السوء .ومن جوز عليه أن يعذب أولياءه مع إحسانم وإخلصهم ويسوى بينهم
وبي أعدائه فقد ظن به ظن السوء .ومن ظن أن يترك خلقه سدى معطلي عن المر والنهي ،ل يرسل
ل كالنعام فقد ظن به ظن السوء ،ومن ظن أنه لن إليهم رسله ول ينل عليهم كتبه بل يتركهم ه ً
يمع عبيده بعد موتم للثواب والعقاب ف دار يازى الحسن فيها بإحسانه والسيء بإساءته ،ويبي
للقه حقيقة ما اختلفوا فيه ويظهر للعالي كلهم صدقه وصدق رسله ،وأن أعداءه كانوا هم الكاذبي
فقد ظن به ظن السوء .ومن ظن أنه يضيع عليه عمله الصال الذي عمله خالصا لوجهه على امتثال
أمره ،ويبطله عليه بل سبب من العبد ،وأنه يعاقب با ل صنع له فيه ول اختيار له ول قدرة ول إرادة
له ف حصوله ،بل يعاقبه على فعله هو سبحانه به ،أو ظن به أنه يوز عليه أن يؤيد أعداءه الكاذبي
عليه بالعجزات الت يؤيد با أنبياءه ورسله ويريها على أيديهم ليضلوا با عباده ،وأنه يسن منه كل
شئ حت تعذ يب من أفن عمره ف طاع ته فيخلده ف الحيم ف اسفل السافلي ،وينعم من استنفذ
عمره ف عداوته وعداوة رسله ودينه فيفعه إل أعلى عليي ،وكل المرين ف السن عنده سواء ،ول
يعرف امتناع أحدها ووقوع الخر إل بب صادق ،وإل فالعقل ل يقضي بقبح أحدها وحسن الخر.
فقد ظن به ظن السوء.
ومن ظن أنه أخب عن نفسه وصفاته وأفعاله با ظاهره باطل وتشبيه وتثيل ،وترك الق ل يب به وإنا
رمز إليه رموزا بعيدة ،وأشار إليه إشارة ملغزة ول يصرح به وصرح دائما بالتشبيه والتمثيل والباطل،
وأراد من خلقه أن يتعبوا أذهانم وقواهم وأفكارهم ف تريف كلمه عن مواضعه ،وتأويله على غي
تأويله ،ويتطلبوا له وجوه الحتمالت ال ستكرهة والتأويلت ال ت هي باللغاز والحا جي أش به من ها
بالكشف والبيان ،وأحالم ف معرفة أسائه وصفاته على عقولم وآرائهم ل على كتابه .بل أراد منهم
أل يملوا كلمه على ما يعرفونه من خطابم ولغتهم ،مع قدرته على أن يصرح لم بالق الذي ينبغي
التصريح به ،ويريهم من اللفاظ الت توقعهم ف اعتقاد الباطل فلم يفعل ،بل سلك بم خلف طريق
الدى والبيان .فقد ظن به ظن السوء ،فإنه إن قال :إنه غي قادر على التعبي عن الق باللفظ الصريح
الذي عب به هو و سلفه ف قد ظن بقدر ته الع جز ،وإن قال إ نه قادر ول يبي ،وعدل عن البيان و عن
التصريح بالق إل ما يوهم ،بل يوقع ف الباطل الحال والعتقاد الفاسد .فقد ظن بكمته ورحته ظن
السوء.
و من ظن أ نه هو و سلفه عبوا عن ال ق ب صريه دون ال ور سوله .وأن الدى وال ق ف كلم هم
ه كلم ال فإناه يؤ خذ مهن ظاهره الت شبيه والتمثيهل والضلل وظا هر كلم التهوكيه
وعبارات م وأم ا
واليارى هو الدى والق فهذا أسوأ الظن بال.
فكل هؤلء من الظاني بال ظن السوء ومن الظاني بال غي الق ظن الاهلية.
ومن ظن به أن يكون ف ملكه ما ل يشاء ول يقدر على إياده وتكوينه ،فقد ظن بال ظن السوء.
ل من الزل إل البد عن أن يف عل ،ول يو صف حينئذ بالقدرة على الفعل ثومن ظن أ نه كان معط ً
صار قادرا عليه بعد أن ل يكن قادرا ،فقد ظن به ظن السوء.
ومن ظن به أنه ل سع له ول بصر ول علم ول إرادة ،ول كلم يقوم به ،وأنه ل يكلم أحدا من اللق
ول يتكلم أبدا ،ول قال ،ول يقول ،ول له أمر ول ني يقوم به ،فقد ظن بم ظن السوء.
و من ظن به أ نه ل يس فوق سواته على عر شه بائن من خل قه ،وأن ن سبة ذا ته إل عر شه كن سبتها إل
أسفل سافلي ،وإل المكنة الت يرغب عن ذكرها ،وأنه أسفل كما أنه أعلى ،وأنه من قال :سبحان
رب السفل كان كمن قال :سبحان رب العلى .فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه.
ومن ظن أنه يب الكفر والفسوق والعصيان ،ويب الفساد كما يب اليان والب والطاعة والصلح
ز فقد ظن به ظن السوء.
ومن ظن به أنه ل يب ول يرضى ،ول يغضب ول يسخط ،ول يوال ول يعادي ،ول يقرب من أحد
من خل قه ،ول يقرب م نه أ حد .وأن ذوات الشياط ي ف القرب من ذا ته كذوات اللئ كة القرب ي
وأوليائه الفلحي .فقد ظن به ظن السوء.
ومن ظن به أنه يسوي بي التضادين ،أو يفرق بي التساويي من كل وجه ،أو يبط طاعات العمر
الديد الالصة الصواب بكبية واحدة تكون بعدها ،فيخلد فاعل تلك الطاعات ف الحيم أبد البدين
بتلك الكبية ،ويبط با جيع طاعاته ويلده ف العذاب كما يلد من ل يؤمن به طرفة عي ،واستنفذ
ساعات عمره ف مساخطة ومعاداة رسله ودينه ،فقد ظن به ظن السوء.
ومن ظن به أن له ولدا أو شريكا ،أو أن أحدا يشفع عنده بدون إذنه ،أو أن بينه وبي خلقه وسائط
يرفعون حوائج هم إل يه ،وأ نه ن صب لعباده أولياء من دو نه يتقربون ب م إل يه ،ويتو صلون ب م إل يه،
ويعلونم وسائط بينه وبينهم ،فيدعونم ويافونم ويرجونم فقد ظن به أقبح الظن وأسوأه.
و من ظن به أ نه ينال ما عنده بع صيته ومالف ته ،ك ما يناله بطاع ته والتقرب إل يه ،ف قد ظن به خلف
حكمته وخلف موجب أسائه وصفاته وهو من ظن السوء.
ومن ظن به أنه إذا ترك شيئا من أجله ل يعوضه خيا منه ،أو من فعل شيئا لجله ل يعطه أفضل منه،
فقد ظن به ظن السوء.
ومن ظن به أنه إذا صدقه ف الرغبة والرهبة وتضرع إليه وسأله واستعان به وتوكل عليه أنه ييبه ول
يعطيه ما سأله ،فقد ظن به ظن السوء .وظن به خلف ما هو أهله.
ومن ظن أنه يثيبه إذا عصاه كما يثيبه إذا أطاعه ،وسأله ذلك ف دعائه ،فقد ظن به خلف ما تقتضيه
حكمته وحده ،وخلف ما هو أهله وما ل يفعله.
ومن ظن به أنه إذا أغضبه وأسخطه وأوضع ف معاصيه ث اتذ من دونه أولياء ودعا من دونه ملكا أو
بشرا حيا أو ميتا يرجو بذلك أن ينفعه عند ربه ويلصه من عذابه ،فقد ظن به ظن السوء.
فأكثر اللق بل كلهم إل من شاء ال يظنون بال غيه الق وظن السوء ،فإن غالب بن آدم يعتقد أنه
مبخوس ال ق نا قص ال ظ ،وأ نه ي ستحق فوق ما شاءه ال وأعطاه .ول سان حاله يقول :ظلم ن ر ب
ومنعن ما أستحقه ونفسه تشهد عليه بذلك ،وهو بلسانه ينكره ول يتجاسر على التصريح به .ومن
فتش نفسه وتغلغل ف معرفة طواياها رأي ذلك فيها كامنا كمون النار ف الزناد ،فاقدح زناد من شئت
ينبئك شراره عمها فه زناده ،ولو فتشهت مهن فتشهت لرأيهت عنده تعنتا وتعتبا على القدر وملمهة له
واقتراحا عل يه خلف ما جرى به ،وإ نه كان ينب غي أن يكون كذا وكذا .فم ستقل وم ستكثر ،وف تش
نفسك هل أنت سال من ذلك ؟
فليع ت اللب يب النا صح لنف سه بذا الو ضع ،ولي تب إل ال وي ستغفره ف كل و قت من ظ نه بر به ظن
السوء ،وليظن السوء بنفسه الت هي مادة كل سوء ومنبع كل شر ،الركبة على الهل والظلم .فهي
أول بظن السوء من أحكام الاكمي ،وأعدل العادلي ،وأرحم الراحي الغن الميد ،الذي له الغن
التام ،وال مد التام ،والك مة التا مة ،النه عن كل سوء ف ذا ته و صفاته وأفعاله وأ سائه ،فذا ته ل ا
الكمال الطلق من كل و جه و صفاته كذلك وأفعاله كل ها حك مة وم صلحة ورح ة وعدل ،وأ ساؤه
كلها حسن.
قوله " :الظان ي بال ظن ال سوء " قال ا بن جر ير ف تف سيه " ويعذب النافق ي والنافقات والشرك ي
والشركات الظاني بال ظن السوء " الظاني بال أنه لن ينصرك وأهل اليان بك على أعدائك ،ولن
يظهر كلمته فيجعلها العليا على كلمة الكافرين به .وذلك كان السوء من ظنونم الت ذكرها ال ف
هذا الوضع .يقول تعال ذكره :على النافق ي والنافقات والشركي والشركات الذين ظنوا هذا الظن
دائرة السوء .يعن دائرة العذاب تدور عليهم به .واختلف القراء ف قراءة ذلك :فقرأته عامة قراء الكوفة
دائرة السوء بفتح السي .وقرأ بعض قراء البصرة دائرة السوء بالضم .وكان الفراء يقول :الفتح أفشى
ف السي .وقل ما تقول العرب دائرة السوء بضم السي.
وقوله " :وغضب ال عليهم ولعنهم " يعن ونالم ال بغضب منه ولعنهم .يقول :وأبعدهم فأقصاهم
من رحته " وأعد لم جهنم " يقول :وأعد لم جهنم يصلونا يوم القيامة " وساءت مصيا " يقول:
وساءت جهنم منلً يصي إليه هؤلء النافقون والنافقات والشركون والشركات.
وقال العماد ا بن كث ي رح ه ال تعال " :ويعذب النافق ي والنافقات والشرك ي والشركات الظان ي
بال ظن السوء " أي يتهمون ال ف حكمه ويظنون بالرسول صلى ال عليه وسلم وأصحابه أن يقتلوا
ويذهبوا بالكلية .ولذا قال تعال " :عليهم دائرة السوء " وذكر ف معن الية الخرى نوا ما ذكره
ابن جرير رحهما ال تعال:
الذي ذكره الصنف ف الت قدمته لندراجه ف كلمه الذي سقته من أوله إل آخره.
باب
ما جاء ف منكري القدر
أخرج أبو داود عن عبد العزيز بن أب حازم عن أبيه عن ابن عمر رضي ال عنهما عن النب صلى ال
عليه وسلم قال " :القدرية موس هذه المة ،إن مرضوا فل تعودوهم .وإن ماتوا فل تشهدوهم ".
قوله( :وقول ابسن عمسر :والذي نفسسي بيده ...إل حديسث ابسن عمسر أخرجسه مسسلم وأبسو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجه عن يي بن يعمر قال :كان أول من تكلم ف القدر بالبصرة معبد
الهن ،فانطلقت أنا وحيد بن عبد الرحن الميي حاجي ،أو معتمرين .فقلنا :لو لقينا أحدا من
أصحاب رسول ال صلى ال عل يه وسلم ف سألناه عما يقول هؤلء ف القدر ؟ فو فق ال تعال ل نا
عبد ال بن عمر داخلً ف السجد ،فاكتنفته أنا وصاحب ،فظننت أن صاحب سيكل الكلم إل،
فقلت :أ با ع بد الرح ن ،إ نه قد ظ هر قبل نا أناس يقرآون القرآن ،ويتقفرون العلم يزعمون أن ل
قدر ،وأن ال مر أ نف ،فقال :إذا لق يت أولئك فأ خبهم أ ن من هم بر يء ،وأن م م ن برآء .والذي
يلف به عبد ال بن عمر لو أن لحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ف سبيل ال ما قبله ال منه ،حت
يؤمن بالقدر .ث قال حدثن عمر بن الطاب رضي ال عنه قال " :بينما نن جلوس عند رسول ال
صلى ال عليه وسلم إذا طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ،شديد سواد الشعر ل يرى عليه أثر
ال سفر ،ول يعر فه م نا أ حد .ح ت جلس إل ال نب صلى ال عل يه وسلم فأ سند ركبت يه إل ركبت يه،
ووضع كفيه على فخذيه .وقال :يا ممد أخبن عن السلم .قال رسول ال صلى ال عليه وسلم:
ال سلم أن تش هد أن ل إله إل ال وأن ممدا ر سول ال ،وتق يم ال صلة ،وتؤ ت الزكاة ،وت صوم
رمضان ،وت ج الب يت إن ا ستطعت إل يه سبيلً .قال :صدقت .فعجب نا له ي سأله وي صدقه .قال:
فأخبن عن اليان .قال :أن تؤمن بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر ،وتؤمن بالقدر خيه
وشره ،قال :صدقت .قال :فأ خبن عن الح سان ،قال :أن تع بد ال كأ نك تراه فإن ل ت كن تراه
فإنه يراك .قال :فأخبن عن الساعة ،قال :ما السؤول عنها بأعلم من السائل .قال :فأخبن عن
أمارات ا قال :أن تلد ال مة ربت ها وأن ترى الفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون ف البنيان .قال
فانطلق .فلبث ثلثا ،وف رواية مليا ،ث قال يا عمر أتدري من السائل ؟ قلت :ال ورسوله أعلم،
قال :فإنه جبيل أتاكم يعلكم دينكم ") :
ففي هذا الديث أن اليان بالقدر من أصول اليان الستة الذكورة ،فمن ل يؤمن بالقدر خيه وشره
ل من أصول الدين وجحده ،فيشبه من قال ال فيهم " :أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون
فقد ترك أص ً
ببعض " الية.
قد تقدم ذكره ف باب فضل التوحيد ،وحديثه هذا رواه أبو داود ورواه المام أحد بكماله قال حدثنا
السن بن سوار حدثنا ليث عن معاوية عن أيوب بن زياد ،حدثن عبادة بن الوليد بن عبادة ثن أب
قال :دخلت على عبادة وههو مريهض أتايهل فيهه الوت ،فقلت :يها أبتاه أوصهن واجتههد ل ،فقال:
أجل سون .قال :يا ب ن إ نك لن ت د ط عم اليان ،ولن تبلغ حقي قة العلم بال ح ت تؤ من بالقدر خيه
وشره ،قلت :يها أبتاه فكيهف ل أن أعلم مها خيه القدر وشره ؟ قال :تعلم أن مها أخطأك ل يكهن
ليصيبك ،وما أصابك ل يكن ليخطئك ،يا بن سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول" :إن أول
ما خلق ال القلم ،فقال له :اكتب ،فجرى ف تلك الساعة با هو كائن إل يوم القيامة .يا بن ،إن مت
ولست على ذلك دخلت النار " .ورواه الترمذي ب سنده التصل إل عطاء بن أب رباح عن الول يد بن
عبادة عن أبيه ،وقال :حسن صحيح وغريب.
و ف هذا الد يث ونوه :بيان شول علم ال تعال وإحاط ته ب ا كان ويكون ف الدن يا والخرة ،ك ما
قال تعال " :ال الذي خلق سبع ساوات ومن الرض مثلهن يتنل المر بينهن لتعلموا أن ال على كل
شيء قدير وأن ال قد أحاط بكل شيء علما ".
وقد قال المام أحد رحه ال لا سئل عن القدر قال :القدر قدرة الرحن واستحسن ابن عقيل هذا من
أحد رحه ال.
والعنه :أنهه ل ينهع عهن قدرة ال شهئ .ونفاة القدر قهد جحدوا كمال قدرة ال تعال فضلوا سهواء
السبيل .وقد قال بعض السلف :ناظروهم بالعلم ،فإن أقروا به خصموا وإن جحدوه كفروا.
وهو أبو بسر بالسي الهملة ،وبالباء الضمومة .ويقال أبو بشر بالشي العجمة وكسر الباء وبعضهم
صحح الول .وإسه عبد ال بن فيوز .ولفظ أب داود قال :لو أن ال عذب أهل سواته وأهل أرضه،
عذبم وهو غي ظال لم .ولو رحهم لكانت رحته خيا لم من أعمالم .ولو أنفقت مثل أحد ذهبا
مها قبله ال منهك حته تؤمهن بالقدر ،وتعلم أن مها أصهابك ل يكهن ليخطئك ومها أخطأك ل يكهن
ليصيبك ،ولو مت على غي هذا لكنت من أهل النار .قال :فأتيت عبد ال بن مسعود فقال مثل ذلك
ث أتيت حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك ،قال :ث أتيت زيد بن ثابت ،قال :فحدثن عن النب صلى
ال عليه وسلم مثل ذلك وأخرجه ابن ماجه.
وقال العماد ابن كثي رحه ال :عن سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش عن رجل عن علي بن أب
طالب ر ضي ال ع نه قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " :ل يؤ من ع بد ح ت يؤ من بأر بع:
يش هد أن ل إله إل ال وأ ن ر سول ال بعث ن بال ق ،ويؤ من بالب عث ب عد الوت ،ويؤ من بالقدر خيه
وشره " وكذا رواه الترمذي عن النضر بن شيل عن شعبة عن منصور به .ورواه من حديث أب داود
الطياليسي عن شعبة عن ربعي عن على فذكره.
وكل هذه الحاديث وما ف معناها فيها الوعيد الشديد على عدم اليان بالقدر وهي الجة على نفاة
القدر من العتزلة وغي هم .ومن مذهبهم :تل يد أهل العا صي ف النار .وهذا الذي اعتقدوه من أكب
الكبائر وأعظم العاصي.
وف القيقة إذا اعتبنا إقامة الجة عليهم با تواترت به نصوص الكتاب والسنة من إثبات القدر فقد
حكموا على أنف سهم باللود ف النار إن ل يتوبوا .وهذا لزم ل م على مذهب هم هذا ،و قد خالفوا ما
تواترت به أدلة الكتاب والسنة من إثبات القدر ،وعدم تليد أهل الكبائر من الوحدين ف النار.
باب
ما جاء ف الصورين
وقد ذكر النب صلى ال عليه وسلم العلة :وهي الضاهاة بلق ال ،لن ال تعال له اللق والمر ،فهو
رب كل شئ ومليكه،وهو خالق كل شئ وهو الذي صور جيع اللوقات ،وجعل فيها الرواح الت
تصل با الياة ،كما قال تعال " :الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق النسان من طي * ث جعل
نسله من سللة من ماء مهي * ث سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والبصار والفئدة
قليل ما تشكرون " فال صور ل ا صور ال صورة على ش كل ما خل قه ال تعال من إن سان وبي مة صار
مضاهئا للق ال .ف صار ما صوره عذابا له يوم القيا مة ،وكلف أن ين فخ في ها الروح ول يس بنا فخ.
فكان أشد الناس عذابا ،لن ذنبه من أكب الذنوب.
فإن كان هذا في من صور صورة على مثال ما خل قه ال تعال من اليوان ،فك يف بال من سوى
الخلوق برب العاليه وشبههه بلقهه ،وصهرف له شيئا مهن العبادة الته مها خلق ال اللق إل ليعبدوه
وحده با ل يستحقه غيه من كل ع مل ي به ال من الع بد ويرضاه .فت سوية الخلوق بالالق بصرف
حقه لن ل يستحقه من خلقه ،وجعله شريكا له فيما اختص به تعال وتقدس ،وهو أعظم ذنب عصى
ال تعال بهه .ولذا أرسهل رسهله وأنزل كتبهه لبيان هذا الشرك والنههي عنهه ،وإخلص العبادة بميهع
أنواعها ل تعال .فنجى ال تعال رسله ومن أطاعهم .وأهلك من جهل التوحيد ،واستمر على الشرك
والتند يد ،ف ما أعظ مه من ذ نب " : :إن ال ل يغ فر أن يشرك به ويغ فر ما دون ذلك ل ن يشاء " " :
ومن يشرك بال فكأنا خر من السماء فتخطفه الطي أو توي به الريح ف مكان سحيق ".
قوله( :ولسلم عن أب الياج السدي حيان بن حصي قال :قال ل علي رضي ال عنه: )...
قوله :أل أبعثك على ما بعثن عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم ؟ أن ل تدع صورة إل طمستها ول
قبا مشرفا إل سويته .
ف يه ت صريح بأن ال نب صلى ال عل يه و سلم ب عث عليا لذلك .أ ما ال صور فلمضاهات ا للق ال .وأ ما
ت سوية القبور فل ما ف تعليت ها من الفت نة بأرباب ا وتعظيم ها ،و هو من ذرائع الشرك وو سائله .ف صرف
ال مم إل هذا وأمثاله من م صال الد ين ومقا صده وواجبا ته .ول ا و قع الت ساهل ف هذه المور و قع
الحذور ،وعظمت الفتنة بأرباب القبور ،وصارت مطا لرحال العابدين العظمي لا .فصرفوا لا جل
العبادة :من الدعاء والستعانة والستغاثة ،والتضرع لا ،والذبح لا ،والنذور ،وغي ذلك من كل شرك
مظور.
قال العلمة ابن القيم رحه ال :ومن جع بي سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم ف القبور وما أمر به
ونى عنه وما كان عليه أصحابه ،وبي ما عليه أكثر الناس اليوم .رأى أحدها مضادا للخر ،مناقضا
له بيث ل يتمعان أبدا .فنهى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الصلة إل القبور ،وهؤلء يصلون
عندها وإليها.
ونى عن اتاذها مساجد ،وهؤلء يبنون عليها الساجد ،ويسمونا مشاهد مضاهاة لبيوت ال .ونى
عن إيقاد ال سرج علي ها وهؤلء يوقفون الوقوف على إيقاد القناد يل علي ها .ون ى عن أن تت خذ عيدا،
وهؤلء يتخذون ا أعيادا ومنا سك ،ويتمعون ل ا كاجتماعات م للع يد أو أك ثر .وا مر بت سويتها ،ك ما
روى مسلم ف صحيحه عن أب الياج السدي فذكر حديث الباب وحديث تامة بن شفي وهو عند
م سلم أيضا قال :ك نا مع فضالة بن عب يد بأرض الروم بدردس ،فتو ف صاحب ل نا ،فأ مر فضالة ب قبه
فسوى ،ث قال :سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يأمر بتسويتها وهؤلء يبالغون ف مالفة هذين
الديثي،ويرفعونا عن الرض كالبيت ،ويعقدون عليها القباب .ونى عن تصيص القب والبناء عليه.
كما روى مسلم ف صحيحه عن جابر رضي ال عنه قال :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم عن
تصيص القب وأن يعقد عليه ،وأن يبن عليه ونى عن الكتابة عليها ،كما روى أبو داود ف سننه .عن
جابر أن رسول ال صلى ال عليه وسلم " :نى عن تصيص القبور ،وأن يكتب عليها " قال الترمذي:
حد يث ح سن صحيح .وهؤلء يتخذون علي ها اللواح ،ويكتبون علي ها القرآن وغيه ،ون ى أن يزاد
عليها غي ترابا .كما روى أبو داود عن جابر أيضا أن رسول ال صلى ال عليه وسلم نى أن يصص
القهب ،أو يكتهب عليهه ،أو يزاد عليهه وهؤلء يزيدون عليهه الجهر والصه والحجار .قال إبراهيهم
النخعي :كانوا يكرهون الجر على قبورهم.
والق صود :أن هؤلء العظم ي للقبور التخذين ها أعيادا ،الوقد ين علي ها ال سرج ،الذ ين يبنون علي ها
الساجد والقباب مناقضون لا أمر به رسول ال صلى ال عليه وسلم مادون لا جاء به ،وأعظم ذلك
اتاذها مساجد ،وإيقاد السرج عليها .وهو من الكبائر .وقد صرح الفقهاء من أصحاب أحد وغيهم
بتحريه.
قال أبو ممد القدسي :ولو أتيح اتاذ السرج عليها ل يلعن من فعله .ولن فيه تضييعا للمال ف غي
فائدة وإفراطا فه تعظيهم القبور أشبهه تعظيهم بالصهنام .قال :ول يوز اتاذ السهاجد على القبور لذا
الب ،ولن النب صلى ال عليه وسلم قال " :لعن ال اليهود والنصارى اتذوا قبور أنبيائهم مساجد.
يذر ما صنعوا " متفق عليه .ولن تصيص القبور بالصلة عندها يشبه تعظيم الصنام بالسجود لا
والتقرب إليهها ،وقهد روينها أن ابتداء عبادة الصهنام تعظيهم الموات باتاذ صهورهم ،والتمسهح باه
والصلة عندها .انتهى.
فمنها :تعظيمها الوقع ف الفتتان با .ومنها :اتاذها أعيادا .ومنها السفر إليها .ومنها :مشابة عباد
الصنام با يفعل عندها من العكوف عليها والجاورة عندها وتعليق الستور عليها وسدانتها ،وعبادها
يرجحون الجاورة عندها على الجاورة عند السجد الرام ،ويرون سدانتها أفضل من خدمة الساجد،
والو يل عند هم لقيم ها ليلة يطفىء القند يل العلق علي ها .ومن ها :النذر ل ا ول سدنتها .ومن ها :اعتقاد
الشرك ي في ها أن ب ا يك شف البلء وين صر على العداء ،وي ستنل غ يث ال سماء ،وتفرج الكروب،
وتق ضي الوائج ،وين صر الظلوم ،ويار الائف إل غ ي ذلك .ومن ها :الدخول ف لع نة ال ور سوله
باتاذ الساجد عليها وإيقاد السرج عليها .ومنها :الشرك الكب الذي يفعل عندها.
ومنها :إيذاء أصحابا با يفعله الشركون بقبورهم .فإنم يؤذيهم ما يفعل عند قبورهم ،ويكرهونه غاية
الكراه ية ،ك ما أن ال سيح عل يه ال سلم يكره ما يفعله الن صارى ع ند قبه ،وكذلك غيه من ال نبياء
والولياء والشايخ يؤذيهم ما يفعله أشباه النصارى عند قبورهم .ويوم القيامة يتبأون منهم ،كما قال
تعال " ، :ويوم يشرههم ومها يعبدون مهن دون ال فيقول أأنتهم أضللتهم عبادي هؤلء أم ههم ضلوا
السبيل * قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حت
نسوا الذكر وكانوا قوما بورا " قال ال تعال للمشركي " :فقد كذبوكم با تقولون " وقال تعال" :
وإذ قال ال يا عي سى ا بن مر ي أأ نت قلت للناس اتذو ن وأ مي إل ي من دون ال قال سبحانك ما
يكون ل أن أقول مها ليهس ل بقه " اليهة وقال تعال " ، :ويوم يشرههم جيعها ثه يقول للملئكهة
أهؤلء إياكم كانوا يعبدون * قالوا سبحانك أنت ولينا من دونم بل كانوا يعبدون الن أكثرهم بم
مؤمنون ".
ومنهها تفصهيلها على خيه البقاع وأحبهها إل ال ،فإن عباد القبور يقصهدونا مهع التعظيهم والحترام
والشوع ور قة القلب ،والعكوف بال مة على الو تى ب ا ل يفعلو نه ف ال ساجد ول ي صل ل م في ها
نظيه ول قريبا منه.
ومنها :أن الذي شرعه الرسول صلى ال عليه وسلم عند زيارة القبور إنا هو تذكر الخرة ،والحسان
إل الزور بالدعاء له ،والتر حم عل يه ،وال ستغفار له .و سؤال العاف ية له ،فيكون الزائر م سنا إل نف سه
وإل ال يت .فقلب هؤلء الشركون المهر وعكسهوا الديهن ،وجعلوا الق صود بالزيارة الشرك بال يت،
ودعاءه والدعاء به ،و سؤالم حوائج هم ،وا ستنال الب كة م نه ،ون صره ل م على العداء .ون و ذلك.
ف صاروا م سيئي إل أنف سهم وإل ال يت .وكان ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قد ن ى الرجال عن
زيادة القبور سدا للذريعة فلما تكن التوحيد ف قلوبم أذن لم ف زيارتا على الوجه الذي شرعه،
وناهم أن يقولوا هجرا ،ومن أعظم الجر :الشرك عندها قو ًل وفعلً.
و ف صحيح م سلم عن أ ب هريرة ر ضي ال ع نه قال :قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " زوروا
القبور ،فإنا تذكر الوت " وعن ابن عباس رضي ال عنهما قال :مر رسول ال صلى ال عليه وسلم
بقبور الدينة ،فأقبل عليهم بوجهه فقال ":السلم عليكم يأهل القبور ،يغفر ال لنا ولكم ،أنتم سلفنا
ونن بالثر " رواه أحد والترمذي وحسنه.
فهذه الزيارة الت شرعها رسول ال صلى ال عليه وسلم لمته ،وعلمهم إياها ،هل تد فيها شيئا ما
يعتمده أهل الشرك والبدع ؟ أم تدها مضادة لا هم عليه من كل وجه ؟ وما أحسن ما قال مالك بن
أنس رح ه ال :لن يصلح آ خر هذه ال مة إل ما أ صلح أولا ولكن كل ما ضعف ت سك المم بعهود
أنبيائهم ونقص إيانم عوضوا عن ذلك با أحدثوه من البدع والشرك.
ولقد جرد السلف الصال التوحيد وحوا جانبه ،حت كان أحدهم إذا سلم على النب صلى ال عليه
وسلم ث أراد الدعاء استقبل القبلة ،وجعل ظهره إل جدار القب ث دعا ونص على ذلك الئمة الربعة:
أنه يستقبل القبلة وقت الدعاء حت ل يدعو عند القب ،فإن الدعاء عبادة .وف الترمذي وغيه :الدعاء
هو العبادة فجرد السلف العبادة ل ول يفعلوا عند القبور منها إل ما أذن فيه رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،من الدعاء لصحابا والستغفار لم والترحم عليهم .وأخرج أبو داود عن أب هريرة قال :قال
ر سول ال صلى ال عل يه و سلم " :ل تعلوا بيوت كم قبورا ،ول تعلوا قبي عيدا ،و صلوا علي فإن
صلتكم تبلغن حيث كنتم " وإسناده جيد ورواته ثقات مشي .قوله :ل تعلوا بيوتكم قبورا أي ل
تعطلوها عن الصلة فيها والدعاء والقراءة فتكون بنلة القبور فأمر بتحري النافلة ف البيوت ونى عن
ترير النافلة عند القبور ،وهذا ضد ما عليه الشركون من النصارى وأشباههم.
ث إن ف تعظيم القبور واتاذها أعيادا من الفاسد العظيمة الت ل يعلمها إل ال ما يغضب ال لجله
كل من ف قلبه وقار ال وغية على التوحيد وتجي وتقبيح للشرك ،ولكن ما لرح بيت إيلم.
فمن الفاسد :اتاذها أعيادا والصلة إليها والطواف با وتقبيلها واستلمها وتعفي الدود على ترابا
وعبادة أ صحابا ،وال ستغاثة ب م ،و سؤالم الن صر والرزق والعاف ية ،وقضاء الد ين ،وتفر يج الكربات،
وإغاثة اللهفات وغي ذلك من أنواع الطلبات الت كان عباد الوثان يسألونا أوثانم .فلو رأيت غلة
التخذين لا عيدا ،وقد نزلوا عن الكوار والدواب إذا رأوها من مكان بعيد ،فوضعوا لا الباه ،وقبلوا
الرض ،وكشفوا الرؤوس ،وارتفعت أصواتم ،بالضجيج ،وتباكوا حت تسمع لم النشيج ،ورأو أنم
قد أربوا ف الربح على الجيج ،فاستغاثوا بن ل يبديء ول يعيد ،ونادوا ولكن من مكان بعيد ،حت
إذا دنوا منهها صهلوا عنهد القهب ركعتيه ،ورأوا أنمه قهد أحرزوا مهن الجهر ول أجهر مهن صهلى إل
ل من اليت ورضوانا ،وقد ملوا أكفهم خيبة القبلتي !! فتراهم حول القب ركعا سجدا يبتغون فض ً
وخسرانا.
فلغيه ال بهل الشيطان مها يراق هناك مهن العهبات ،ويرتفهع مهن الصهوات ،ويطلب مهن اليهت مهن
الاجات ،وي سأل من تفر يج الكربات ،وإغا ثة اللهفات ،وإغناء ذوي الفاقات ،ومعافاة ذوي العاهات
والبليات ،ث انثنوا بعد ذلك حول القب طائفي ،تشبيها له بالبيت الرام الذي جعله ال مباركا وهدى
للعالي .ث أخذوا ف التقبيل والستلم .أرأيت الجر السود وما يفعل به وفد البيت الرام .ث عفروا
لديه تلك الباه والدود ،الت يعلم ال أنه ل تعفر كذلك بي يديه ف السجود ،ث كملوا مناسك حج
القب بالتقصي هناك واللق واستمتعوا بلقهم من ذلك الوثن إذ ل يكن لم عند ال من خلق ،وقد
قربوا لذلك الوثن القرابي وكانت صلتم ونسكهم وقربانم لغي ال رب العالي ،فلو رأيتهم يهنء
بعضهم بعضا ويقول :أجزل ال لنا ولكم أجرا وافرا وحظا ،فإن رجعوا سألم غلة التخلفي أن يبيع
أحدهم ثواب حجة القب بجة التخلف إل البيت الرام ،فيقول :ل ول بجك كل عام.
هذا ول نتجاوز فيما حكيناه عنهم ،ول استقصينا جيع بدعهم وضللم ،إذ هي فوق ما يطر بالبال،
ويدور ف اليار ،وهذا مبدأ الصنام ف قوم نوح كما تقدم .وكل من شم أدن رائحة من العلم والفقه
يعلم أن من أ هم المور ،سد الذري عة إل هذا الحظور .وأن صاحب الشرع أعلم بعاق بة ما ن ى ع نه
وما يؤول إليه ،وأحكم ف نيه عنه وتوعده عليه ،وأن الي والدى ف اتباعه وطاعته ،والشر والضلل
ف معصيته ومالفته .ا ه كلمه رحه ال تعال.
باب
ما جاء ف كثرة اللف
قال ا بن جرير ل تتركوها بغ ي تكف ي .وذ كر غيه من الف سرين عن ا بن عباس ير يد ل تلفوا .وقال
آخرون :احفظوا أيان كم عن ال نث فل تنثوا .وال صنف أراد من ال ية الع ن الذي ذكره ا بن عباس،
فإن القول ي متلزمان ،فيلزم من كثرة اللف كثرة ال نث مع ما يدل عل يه من ال ستخفاف ،وعدم
التعظيم ل ،وغي ذلك ما يناف كمال التوحيد الواجب أو عدمه.
عن أب هريرة رضي ال عنه قال سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول ":اللف منفقة للسلعة
محقة للكسب " أخرجاه.
أي البخاري وم سلم .وأخر جه أ بو داود والن سائي .والع ن :أ نه إذا حلف على سلعته أ نه أع طى في ها
كذا وكذا ،أو أنه اشتراها بكذا وكذا ،وقد يظنه الشتري صادقا فيما حلف عليه فيأخذها بزيادة على
قيمتها ،والبائع كذاب وحلف طمعا ف الزيادة ،فيكون قد عصى ال تعال ،فيعاقب بحق البكة ،فإذا
ذهبت بركة كسبه دخل عليه من النقص أعظم من تلك الزيادة الت دخلت عليه بسب حلفه ،وربا
ذ هب ث ن تلك ال سلعة رأ سا .و ما ع ند ال ل ينال إل بطاع ته وإن تزخر فت الدن يا للعا صي فعاقبت ها
اضمحلل وذهاب وعقاب.
قوله( :وعن سلمان رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :ثلثة ل يكلمهم ال
ول يزكي هم ول م عذاب أل يم :أشي مط زان ،وعائل مستكب ،ورجل ج عل ال بضاع ته ،ل يشتري
إل بيمينه ،ول يبيع إل بيمينه " رواه الطبان بسند صحيح) :
و سلمان لعله سلمان الفار سي أ بو ع بد ال ،أ سلم مقدم ال نب صلى ال عل يه و سلم الدي نة ،وش هد
الندق ،روى عنه أبو عثمان النهدي وشرحبيل بن السمط وغيها .قال النب صلى ال عليه وسلم":
سلمان م نا أ هل الب يت ،إن ال ي ب من أ صحاب أرب عة :عليا ،وأ با ذر ،و سلمان ،والقداد " أخر جه
الترمذي وابن ماجه .قال السن :كان سلمان أميا على ثلثي ألفا يطب بم ف عباءة يفترش نصفها
ويل بس ن صفها .تو ف ف خل فة عثمان ر ضي ال ع نه .قال أ بو عبيده سنة ست وثلث ي عن ثلثائة
وخسي سنة .ويتمل أنه سلمان بن عامر بن أوس الضب.
قوله :ثل ثة ل يكلم هم ال ن فى كلم الرب تعال وتقدس عن هؤلء الع صاة دل يل على أن يكلم من
أطا عه .وأن الكلم صفة كماله .والدلة على ذلك من الكتاب وال سنة أظ هر شئ وأبي نه .وهذا هو
الذي عل يه أ هل ال سنة والما عة من الحقق ي قيام الفعال بال سبحانه ،وأن الف عل ي قع بشيئ ته تعال
وقدرته شيئا فشيئا ول يزل متصفا به .فهو حادث الحاد قدي النوع ،كما يقول ذلك أئمة أصحاب
الد يث وغي هم من أ صحاب الشاف عي وأح د و سائر الطوائف ،ك ما قال تعال " :إن ا أمره إذا أراد
شيئا أن يقول له كههن فيكون " فأتههى بالروف الدالة على السههتقبال والفعال الدالة على الال
والستقبال أيضا .وذلك ف القرآن كثي.
قال شيخ السلم ابن تيمية رحه ال :فإذا قالوا لنا يعن النفاة :فهذا يلزمه أن تكون الوادث قائمة به.
قل نا :و من أن كر هذا قبل كم من ال سلف والئ مة ؟ ون صوص القرآن وال سنة تتض من ذلك مع صريح
العقل .ولفظ الوادث ممل ،فقد يراد به العراض والنقائص ،وال تعال منه عن ذلك ولكن يقوم به
ما يشاء من كل مه وأفعاله ون و ذلك :م ا دل عل يه الكتاب وال سنة .والقول ال صحيح :هو قول أ هل
العلم والديهث الذيهن يقولون :ل يزل ال متكلما إذا شاء ،كمها قال ابهن البارك وأحده بهن حنبهل
وغيها من أئمة السنة ،ا هه.
قلت :ومعن قيام الوادث به تعال :قدرته عليها وإياده لا بشيئته وأمره .وال أعلم.
قوله :ول يزكي هم ول م عذاب أل يم ل ا ع ظم ذنب هم عظ مت عقوبت هم ،فعوقبوا بذه الثلث ال ت هي
أعظم العقوبات.
قوله :أشي مط زان صغره تقيا له وذلك لن دا عي الع صية ض عف ف ح قه ،فدل على أن الا مل له
على الزنا :مبة العصية والفجور ،وعدم خوفه من ال .وضعف الداعي إل العصية مع فعلها يوجب
تغليظ العقوبة عليه ،بلف الشاب ،فإن قوة داعي الشهوة منه قد تغلبه مع خوفه من ال ،وقد يرجع
على نفسه بالندم ،ولومها على العصية فينتهي ويراجع.
وكذا العائل ال ستكب ل يس له ما يدعوه إل ال كب ،لن الدا عي إل ال كب ف الغالب كثرة الال والن عم
والرياسة .والعائل الفقي ل داعي له إل أن يستكب ،فاستكباره مع عدم الداعي إليه يدل على أن الكب
طبيع له ،كامن ف قلبه ،فعظمت عقوبته لعدم الداعي إل هذا اللق الذميم الذي هو من أكب العاصي.
قوله :ورجل جعل ال بضاعته بنصب السم الشريف ،أي اللف به ،جعله بضاعته للزمته له وغلبته
عل يه .وهذه أعمال تدل على أن صاحبها إن كان موحدا فتوحيده ضع يف وأعماله ضعي فة ب سب ما
قام بقلبه وظهر على لسانه وعمله من تلك العاصي العظيمة على قلة الداعي إليها .نسأل ال السلمة
والعافية ،نعوذ بال من كل عمل ل يبه ربنا ول يرضاه.
قوله :وف الصحيح أي صحيح مسلم .وأخرجه أبو داود والترمذي ،ورواه البخاري بلفظ خيكم .
قوله :عن عمران بن حصي رضي ال عنه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم " :خي أمت قرن
ث الذين يلونم ،ث الذين يلونم قال عمران :فل أدري أذكر بعد قرنيه مرتي أو ثلثا ؟ ث إن بعدكم
قوما يشهدون ول يستشهدون ،ويونون ول يؤتنون ،وينذرون ول يوفون ،ويظهر فيهم السمن " .
قوله :خ ي أم ت قر ن لفضيلة أ هل ذلك القرن ف العلم واليان والعمال ال صالة ال ت يتنا فس في ها
التناف سون ،ويتفا ضل في ها العاملون ،فغلب ال ي في ها وك ثر أهله ،و قل ال شر في ها وأهله واع تز في ها
السلم واليان ،وكثر فيها العلم والعلماء ث الذين يلونم فضلوا على من بعدهم لظهور السلم فيهم
وكثرة الدا عي إل يه والرا غب ف يه والقائم به .و ما ظ هر ف يه من البدع أن كر وا ستعظم وأذ يل ،كبد عة
الوارج والقدر ية والراف ضة ،فهذه البدع وإن كا نت قد ظهرت فأهل ها ف غا ية الذل وال قت والوان
والقتل فيمن عاند منهم ول يتب.
قوله :فل أدري أذكر بعد قرنه مرتي أو ثلثا هذا شك من راوي الديث عمران بن حصي رضي ال
عنه .والشهور ف الروايات :أن القرون الفضلة ثلثة ،الثالث دون الولي ف الفضل ،لكثرة البدع فيه،
ل كن العلماء متوافرون وال سلم ف يه ظا هر والهاد ف يه قائم ،ث ذ كر ما و قع ب عد القرون الثل ثة من
الفاء ف الدين ،وكثرة الهواء.
فقال :ث إن بعدكم قوما يشهدون ول يستشهدون لستخفافهم بأمر الشهادة وعدم تريهم الصدق،
وذلك لقلة دينهم وضعف إسلمهم.
قوله :ويونون ول يؤتنون يدل على أن اليانهة قهد غلبهت على كثيه منههم أو أكثرههم وينذرون ول
يوفون أي ل يؤدون ما وجب عليهم ،فظهور هذه العمال الذميمة يدل على ضعف إسلمهم وعدم
إيانم.
قوله :ويظ هر في هم ال سمن لرغبت هم ف الدن يا ،ون يل شهوات م والتن عم ب ا ،وغفلت هم عن الدار الخرة
والعمل لا .وف حديث أنس " :ل يأت على الناس زمان إل والذي بعده شر منه حت تلقوا ربكم "
قال أنس :سعته من نبيكم صلى ال عليه وسلم ،فما زال الشر يزيد ف المة حت ظهر الشرك والبدع
ف كثي منهم حت فيمن ينتسب إل العلم ويتصدر للتعليم والتصنيف.
قلت :بل قد دعوا إل الشرك والضلل والبدع ،و صنفوا ف ذلك نظما ونثرا فنعوذ بال من موجبات
غضبه.
قوله( :وفيه عن ابن مسعود رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :خي الناس قرن ث
الذ ين يلون م ،ث الذ ين يلون م ،ث الذ ين يلون م ،ث ي يء قوم ت سبق شهادة أحد هم يي نه ويي نه
شهادته ") :
قلت :وهذه حال من صرف رغب ته إل الدن يا ون سى العاد ،ف خف أ مر الشهادة واليم ي عنده تم ً
ل
وأداء ،لقلة خوفه من ال وعدم مبالته بذلك ،وهذا هو الغالب على الك ثر .وال الستعان .فإذا كان
هذا قد وقع ف صدر السلم الول فما بعده أكثر بأضعاف .فكان الناس على حذر.
قوله( :وقال إبراهيم هو النخعي كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونن صغار) :
وذلك لكثرة علم التابعي ،وقوة إيانم ومعرفتهم بربم ،وقيامهم بوظيفة المر بالعروف والنهي عن
النكر ،لنه من أفضل الهاد ول يقوم الدين إل به .وف هذا رغبة ف ترين الصغار على طاعة ربم
ونيهم عما يضرهم .وذلك فضل ال يؤتيه من يشاء وال ذو الفضل العظيم.
باب
ما جاء ف ذمة ال وذمة نبيه
قال العماد بن كث ي :وهذا م ا يأ مر ال تعال به و هو الوفاء بالعهود والواث يق ،والحاف ظة على اليان
الؤكدة .ولذا قال " :ول تنقضوا اليان ب عد توكيد ها " ول تعارض ب ي هذا وقوله " :ول تعلوا ال
عر ضة ليانكم " وبي قوله " :ذلك كفارة أيان كم إذا حلفتم واحفظوا أيانكم " أي ل تتركو ها بل
تكفي .وبي قوله صلى ال عليه وسلم ف الصحيحي " :إن وال إن شاء ال ل أحلف على يي فأرى
غيها خيا منها إل أتيت الذي هو خي منها وتللتها وف رواية وكفرت عن يين " ل تعارض بي
هذا كله وبي الية الذكورة هنا وهي " :ول تنقضوا اليان بعد توكيدها " لن هذه اليان الراد با
الداخلة ف العهود والواثيق ،ل اليان الواردة على حث أو منع ،ولذا قال ماهد ف هذه الية :يعن
اللف أي حلف الاهلية .ويؤيده ما رواه المام أحد عن جبي بن مطعم قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وسلم " :ل حلف ف السلم ،وإنا حلف كان ف الاهلية ل يزده السلم إل شدة " وكذا
رواه مسهلم ،ومعناه أن السهلم ل يتاج معهه إل اللف الذي كان أههل الاهليهة يفعلونهه،فإن فه
التمسك بالسلم كفاية عما كانوا فيه.
وقوله تعال " :إن ال يعلم ما تفعلون " تديد ووعيد لن نقض اليان بعد توكيدها.
وصايا النب صلى ال عليه وسلم لقواد جيوشه بأن ل يغلوا ول يغدروا ول يقتلوا وليدا إل
قوله " :قال :كان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أمر أميا على جيش أو سرية أوصاه ف خاصته
بتقوى ال تعال " فيه من الفقه تأمي المراء ووصيتهم.
قال الرب :السرية :اليل تبلغ أربعمائة ونوها .واليش ما كان أكثر من ذلك .وتقوى ال :التحرز
بطاعته من عقوبته.
قوله :ومن معه من السلمي خيا أي ووصاه بن معه أن يفعل معهم خيا :من الرفق بم ،والحسان
إليهم ،وخفض الناح لم ،وترك التعاظم عليهم.
قوله :اغزوا با سم ال هذا أي اشرعوا ف ف عل الغزو م ستعيني بال مل صي له .قلت :فتكون الباء ف
بسم ال هنا للستعانة والتوكل على ال.
قوله :قاتلوا من كفر بال هذا العموم يشمل جيع أهل الكفر الحاربي وغيهم .وقد خصص منهم من
ل به :ول تقتلوا وليدا وإنا نى عن قتلله عهد والرهبان والنسوان ،ومن ل يبلغ اللم ،وقد قال متص ً
الرهبان والنسوان لنه ل يكون منهم قتال غالبا .وإن كان منهم قتال أو تدبي قتلوا.
قوله :ول تغلوا ول تغدروا ول تثلوا الغلو :ال خذ من الغني مة من غ ي ق سمتها .الغدر ن قض الع هد.
والتمث يل ه نا التشو يه بالقت يل ،كق طع أن فه وأذ نه والع بث به .ول خلف ف تر ي الغلو والغدر .و ف
كراهية الثلة.
قوله :وإذا لقيت عدوك من الشركي فادعهم إل ثلث خلل أو خصال الرواية بالشك وهو من بعض
الرواة .ومعن اللل والصال واحد.
قوله :فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم قيدناه عمن يوثق بعلمه وتقييده بنصب أيتهنعلى أن
يع مل في ها أجابوك ل على إ سقاط حرف ال ر .و ما زائدة .ويكون تقد ير الكلم :فإل أيت هن أجابوك
فاقبل منهم .كما تقول :جئتك إل كذا وف كذا .فيعدى إل الثان برف جر.
قلت :فيكون ف ناصب أيتهن وجهان :ذكرها الشارح .الول :منصوب على الشتغال .والثان :على
نزع الافض.
قوله :ثه ادعههم إل السهلم كذا وقعهت الروايهة فه جيهع نسهخ كتاب مسهلم ثه ادعههم بزيادة ثه
والصواب إسقاطها .كما روى ف غي كتاب مسلم .كمصنف أب داود ،وكتاب الموال لب عبيد.
لن ذلك هو إبتداء تفسي الثلث خصال.
وقوله :ث ادع هم إل التحول إل دار الهاجر ين يع ن الدي نة .وكان ف أول ال مر وجوب الجرة إل
الدينة على كل من دخل ف السلم .وهذا يدل على أن الجرة واجبة على كل من آمن من أهل مكة
وغيهم.
قوله :فإن أبوا أن يتحولوا يعن أن من أسلم ول يهاجر ول ياهد ل يعطي من المس ول من الفيء
شيئا .وقد أخذ الشافعي رحه ال بالديث ف العراب ،فلم ير لم من الفيء شيئا .إنا لم الصدقة
الأخوذة من أغنيائهم فترد على فقرائهم .كما أن أهل الهاد وأجناد السلمي ل حق لم ف الصدقة
عنده ،وم صرف كل مال ف أهله .و سوى مالك رح ه ال وأ بو حني فة رح ه ال ب ي الال ي ،وجوزا
صرفهما للضعيف.
قوله :فإن هم أبوا فاسألم الزية فيه حجة لالك وأصحابه والوزاعي ف أخذ الزية من كل كافر:
عربيا كان أو غيه ،كتابيا كان أو غيه .وذهب أبو حنيفة رحه ال إل أنا تؤخذ من الميع إل من
مشر كي العرب ومو سهم .وقال الشاف عي ل تؤ خذ إل من أ هل الكتاب عربا كانوا أو عجما .و هو
قول المام أحد ف ظاهر مذهبه ،وتؤخذ من الجوس.
قلت :لن النب صلى ال عليه وسلم أخذها منهم .وقال " :سنوا بم سنة أهل الكتاب ".
وقد اختلفوا ف القدر الفروض من الزية :فقال مالك :أربعة دناني على أهل الذهب ،وأربعون درها
على أهل الورق .وهل ينقص منها الضعيف أو ل ؟ قولن .قال الشافعي :فيه دينار على الغن والفقي.
وقال أبو حنيفة رحه ال ،والكوفيون :على الغن ثانية وأربعون درها والوسط أربعة وعشرون درها.
والفقي اثنا عشر درها.
هوس ،فإن هم سلموا الزية أصدد وقاتل يهودا والنصارى وعصبة الجه
وأربعة من بعد عشرين زد على الدون اثن عشر درها افرضن
ً ثانية مع أربعي لتنقد لوسطهم حالً ومن كان موسرا
وشيخ لم فان وأعمى ومقعد وتسقط عن صبيانم ونسائهم
ومن وجبت منهم عليه فيهتدي وذي الفقر والجنون أو عبد مسلم
وعند مالك وكافة العلماء على الرجال الحرار البالغي العقلء دون غيهم ،وإنا تؤخذ من كان تت
قهر السلمي ل من نأى بداره ،ويب تويلهم إل بلد السلمي أو حربم.
قوله :وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تعل لم ذمة ال وذمة نبيه :الديث الذمة العهد ،وتفر
تن قض يقال :أخفرت الر جل إذا نق ضت عهده ،وخفر ته :أجر ته ،ومعناه أ نه خاف من ن قض من ل
يعرف حق الوفاء بالعهد ،كجملة العراب :فكأنه يقول :إن وقع نقض من متعد معتد كان نقض عهد
اللق أهون من نقض عهد ال تعال .وال أعلم.
قوله :وقول نافع وقد سئل عن الدعوة قبل القتال ،ذكر فيه أن مذهب مالك يمع بي الحاديث ف
الدعوة ق بل القتال ،قال و هو أن مالكا قال :ل يقا تل الكفار ق بل أن يدعوا ول تلت مس غرت م إل أن
يكونوا قد بلغتهم الدعوة .فيجوز أن تلتمس غرتم وهذا الذي صار إليه مالك هو الصحيح لن فائدة
الدعوة أن يعرف العدو أن السلمي ل يقاتلون للدنيا ول للعصبية وإنا يقاتلون للدين فإذا علموا بذلك
ل لم إل النقياد إل الق ،بلف ما إذا جهلوا مقصود السلمي .فقد أمكن أن يكون ذلك سببا مي ً
يظنون أنم يقاتلون للملك وللدنيا فيزدادون عتوا وبغضا .وال أعلم.
باب
ما جاء ف القسام على ال
قوله :يتأل أي يلف .واللية بالتشديد اللف .وصح من حديث أب هريرة قال البغوي ف شرح السنة
وساق بالسند إل عكرمة بن عمار قال :دخلت مسجد الدينة فنادان شيخ قال :يا يامي ،تعال ،وما
أعر فه ،قال :ل تقولن لر جل :وال ل يغ فر ال لك أبدا ول يدخلك ال نة .قلت :و من أ نت يرح ك
ال .قال :أبو هريرة ،فقلت :إن هذه كلمة يقولا أحدنا لبعض أهله إذا غضب ،أو لزوجته أو لادمه،
قال ،فإن سعت ر سول ال صلى ال عل يه وسلم يقول " :إن رجلي كا نا ف ب ن إسرائيل متحابي،
أحدها متهد ف العبادة ،والخر ،كأنه يقول مذنب ،فجعل يقول :أقصر عما أنت فيه .قال فيقول:
خلن ورب ،قال :فوجده يوما على ذنب استعظمه فقال :أقصر ،فقال :خلن ورب ،أبعثت علي رقيبا،
فقال :وال ل يغ فر ال لك ول يدخلك ال نة أبدا .قال :فب عث ال إليه ما ملكا ،فق بض أرواحه ما،
فاجتمعا عنده ،فقال للمذنب :ادخل النة برحت،وقال للخر :أتستطيع أن تظر على عبدي رحت ؟
قال :ل يا رب ،قال :اذهبوا به إل النار .قال أبو هريرة :والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أو بقت دنياه
وآخرته " .ورواه أبو داود ف سننه ،وهذا لفظه عن أب هريرة رضي ال عنه يقول " :كان رجلن ف
بن إسرائيل متآخيي فكان أحدها يذنب ،والخر متهد ف العبادة .فكان ل يزال الجتهد يرى الخر
على الذنب فيقول :أقصر ،فوجده يوما على ذنب فقال له :أقصر ،فقال :خلن ورب أبعثت علي رقيبا
؟ قال :وال ل يغ فر ال لك ول يدخلك ال نة ،فقب ضت أرواحه ما ،فاجتم عا ع ند رب العال ي ،فقال
لذا الجت هد :أك نت ب عالا ،أو ك نت على ما ف يدي قادرا ؟ فقال للمذ نب :اذ هب فاد خل ال نة
وقال للخر :اذهبوا به إل النار ".
يشي إل قوله ف هذا الديث :أحدها متهد ف العبادة وف هذه الحاديث بيان خطر اللسان وذلك
يفيد التحرز من الكلم ،كما ف حديث معاذ " قلت يا رسول ال ،وإنا لؤاخذون با نتكلم به ؟ قال:
ثكلتهك أمهك يها معاذ ،وههل يكهب الناس فه النار على وجوههم أو قال على مناخرههم إل حصهائد
ألسنتهم " .ال أعلم.
باب
ل يشتشفع بال على خلقه
وذكر الديث وسياق أب داود ف سننه أت ما ذكره الصنف رحه ال ولفظه :عن جبي بن ممد بن
جبي بن مطعم عن أبيه عن جده قال " :أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم أعراب فقال :يا رسول
ال ،جهدت النفهس ،وضاعهت العيال ،ونكهت الموال ،وهلكهت النعام ،فاسهتسق ال لنها ،فإنها
نستشفع بك على ال ،ونستشفع بال عليك ،قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :ويك ،أتدري ما
تقول ؟ وسبح رسول ال صلى ال عليه وسلم فما زال يسبح حت عرف ذلك ف وجوه أصحابه ،ث
قال :ويك ،إنه ل يستشفع بال على أحد من خلقه ،شأن ال أعظم من ذلك،ويك أتدري ما ال.
إن عرشه على سواته لكذا وقال بأصابعه مثل القبة عليه وإنه ليئط به أطيط الرجل بالراكب " قال ابن
بشار ف حديثه " :إن ال فوق عرشه فوق ساواته ".
قال الا فظ الذ هب :رواه أ بو داود بإ سناد ح سن عنده ف الرد على الهم ية من حد يث م مد بن
إسحاق بن يسار.
قوله :ويك إنه ل يستشفع بال على أحد من خلقه فإنه تعال رب كل شئ ومليكه ،والي كله بيده،
ل مانع لا أعطى ول معطي لا منع ،ول راد لا قضى ،وما كان ال ليعجزه من شئ ف السموات ول
ف الرض إنه كان عليما قديرا .إنا أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون .واللق وما ف أيديهم
ملكه يتصرف فيهم كيف يشاء وهو الذي يشفع الشافع إليه ،ولذا أنكر على العراب.
قوله :و سبح ل كثيا وعظ مه لن هذا القول ل يل يق بالالق سبحانه وبمده إن شأن ال أع ظم من
ذلك.
وف هذا الديث :إثبات علو ال على خلقه ،وأن عرشه فوق ساواته .وفيه تفسي الستواء بالعلو كما
فسهره الصهحابة والتابعون والئمهة ،خلفا للمعطلة والهميهة والعتزلة ومهن أخهذ عنههم ،كالشاعرة
ونو هم م ن أل د ف ا ساء ال و صفاته و صرفها عن الع ن الذي وض عت له ودلت عل يه من إثبات
صفات ال تعال الت دلت على كماله جل وعل ،كما عل يه السلف ال صال والئمة ومن تبعهم م ن
ت سك بال سنة ،فإن م أثبتوا ما أثب ته ال لنف سه وأثب ته له ر سوله من صفات كماله على ما يل يق بلله
وعظمته إثباتا بل تثيل ،وتنيها بل تعطيل.
قال العل مة ا بن الق يم رح ه ال تعال ف مفتاح دار ال سعادة ب عد كلم سبق في ما يعرف الع بد بنف سه
وبربه من عجائب ملوقاته .قال بعد ذلك:
والثان :أن يتجاوز هذا إل النظر بالبصية الباطنة فتفتح له أبواب السماء ،فيجول ف أقطارها وملكوتا
وب ي ملئكت ها ،ث يف تح له باب ب عد باب ح ت ينت هي به سي القلب إل عرش الرح ن فين ظر سعته
وعظم ته وجلله ومده ورفع ته ،ويرى ال سماوات ال سبع والرض ي ال سبع بالن سة إل يه كحل قة ملقاة
بأرض فلة ،ويرى اللئكة حافي من حول العرش لم زجل بالتسبيح والتحميد والتقديس والتكبي،
وال مر ينل من فو قه بتدب ي المالك والنود ال ت ل يعلم ها إل رب ا ومليك ها ،فينل ال مر بإحياء قوم
وإما تة آخر ين ،وإعزاز قوم إذلل آخر ين ،وإنشاء ملك و سلب ملك ،وتو يل نع مة من م ل إل م ل
وقضاء الاجات على إختلفها وتبيانا وكثرتا :من جب كسي ،وإغناء فقي ،وشفاء مريض ،وتفريج
كرب ،ومغفرة ذ نب ،وك شف ضر ،ون صر مظلوم ،وهدا ية حيان ،وتعل يم جا هل ،ورد آ بق ،وأمان
خائف ،وإجارة م ستجي ،ومدد لضع يف ،وإغا ثة للهوف ،وإعا نة لعا جز ،وانتقام من ظال ،و كف
لعدوان ،فهي مراسيم دائرة بي العدل والفضل ،والكمة والرحة ،تنفذ ف أقطار العوال ،ل يشغله سع
شئ منها عن سع غيه ،ول تغلطه كثرة السائل والوائج على اختلف لغاتا وتبيانا واتاد قوتا ،ول
يتبم بإلاح اللحي ،ول تنقص ذرة من خزائنه ،ل إله إل هو العزيز الكيم .فحينئذ يقوم القلب بي
يدي الرح ن مطرقا ليئ ته خاشعا لعظم ته عانيا لعز ته ،في سجد ب ي يدي اللك ال ق ال بي ،سجدة ل
ير فع رأ سه منها إل يوم الزيد ،فهذا سفر القلب ،و هو ف وط نه وداره وم ل مل كه ،وهذا من أع ظم
آيات ال وعجائب صنعه ،فياله من سفر ما أبركه وأروحه ،وأعظم ثرته وربه ،وأجل منفعته وأحسن
عاقبته ،سفر هو حياة الرواح ،ومفتاح السعادة ،وغنيمة العقول واللباب ،ل كالسفر الذي هو قطعة
من العذاب .ا هه كلمه رحه ال.
وأما الستشفاع بالرسول صلى ال عليه وسلم ف حياته فالراد به استجلب دعائه ،وليس خاصا به
صلى ال عل يه و سلم بل كل حي ير جى أن ي ستجاب له فل بأس أن يطلب م نه أن يد عو لل سائل
بالطالب الاصة والعامة ،كما قال النب صلى ال عليه وسلم لعمر لا أراد أن يعتمر من الدينة ل تنسنا
يا أخي من صال دعائك وأما اليت فإنا يشرع ف حقه الدعاء له على جنازته على قبه وف غي ذلك.
و هذ هو الذي يشرع ف حق ال يت ،وأ ما دعاؤه فلم يشرع ،بل قد دل الكتاب وال سنة على الن هي
والوع يد عل يه ،ك ما قال تعال " ، :والذ ين تدعون من دو نه ما يلكون من قطم ي * إن تدعو هم ل
يسمعوا دعاءكم ولو سعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم " فبي ال تعال أن دعاء
من ل يسمع ول يستجيب شرك يكفر به الدعو يوم القيامة أي ينكره ويعادي من فعله ،كما ف آية
الحقاف " :وإذا حشر الناس كانوا لم أعداء وكانوا بعبادتم كافرين " فكل ميت أو غائب ل يسمع
ول ي ستجيب ول ين فع ول ي ضر .وال صحابة ر ضي ال عن هم ،ل سيما أ هل ال سوابق من هم كاللفاء
الراشد ين ،ل ينقل عن أحد من هم ول عن غيه أنم أنزلوا حاجت هم بال نب صلى ال عل يه وسلم ب عد
وفاته ،حت ف أوقات الدب ،كما وقع لعمر رضي ال عنه لا خرج ليستسقي بالناس خرج بالعباس
عم النب صلى ال عليه وسلم فأمره أن يستسقي لنه حي حاضر يدعو ربه فلو جاز أن يستسقي بأحد
بعد وفاته لستسقى عمر رضي ال عنه والسابقون الولون بالنب صلى ال عليه وسلم .وبذا يظهر
الفرق بي الي واليت ،لن القصود من الي دعاءه إذا كان حاضرا .فإنم ف القيقة إنا توجهوا إل
ال بطلب دعاء من يدعوه ويتضرع إليه ،وهم يدعون ربم ،فمن تعدى الشروع إل ما ل يشرع ضل
وأ ضل .ولو كان دعاء ال يت خيا لكان ال صحابة إل يه أ سبق وعل يه أحرص ،وب م أل يق ،وب قه أعلم
وأقوم .فمن تسك بكتاب ال نا ،ومن تركه واعتمد على عقله هلك .وبال التوفيق.
باب
ما جاء ف حاية النب حى التوحيد
قوله( :باب :ما جاء ف حاية النب صلى ال عليه وسلم حى التوحيد ،وسد طرق الشرك) :
حايته صلى ال عليه وسلم حى التوحيد عما يشوبه من القوال والعمال الت يضمحل معها التوحيد
أو ين قص وكذا كث ي ف ال سنة الثاب تة ع نه صلى ال عل يه و سلم كقوله " :ل تطرو ن ك ما أطرت
الن صارى ا بن مر ي إن ا أ نا ع بد فقولوا :ع بد ال ور سوله " وتقدم .وقوله " :إ نه ل ي ستغاث ب وإن ا
ي ستغاث بال عز و جل " ون و ذلك .ون ى عن التمادح وشدد القول ف يه ،كقوله ل ن مدح إن سانا:
ويلك قطعت ع نق صاحبك ...الد يث أخر جه أ بو داود عن ع بد الرح ن بن أ ب بكرة عن أب يه :أن
رجلً أثن على رجل عند النب صلى ال عليه وسلم فقال له" :قطعت عنق صاحبك ...ثلثا " وقال:
"إذا لقي تم الداح ي فاحثوا ف وجوه هم التراب " أخر جه م سلم والترمذي وا بن ما جه عن القداد بن
السود.
و ف هذا الد يث :ن ى عن أن يقولوا :أ نت سيدنا وقال :ال سيد ال تبارك وتعال ونا هم أن يقولوا:
ل وأعظمنا طولً وقال :ل يستجرينكم الشيطان . وأفضلنا فض ً
وكذلك قوله ف حديث أنس " :أن ناسا قالوا :يا رسول ال يا خينا وابن خينا " ...إل .كره صلى
ال عليه وسلم أن يواجهوه بالدح فيفضي بم إل الغلو .وأخب صلى ال عليه وسلم أن مواجهة الادح
للمدوح بدحه ولو با هو فيه من عمل الشيطان لا تفضي مبة الدح إليه من تعاظم المدوح ف نفسه
وذلك ينا ف كمال التوح يد فإن العبادة ل تقوم إل بق طب رحا ها الذي ل تدور إل عل يه ،وذلك غا ية
الذل ف غا ية الح بة ،وكمال الذل يقت ضي الضوع والش ية وال ستكانة ل تعال ،وأن ل يرى نف سه
إل ف مقام الذم لا والعاتبة لا ف حق ربه ،وكذلك الب ل تصل غايته إل إذا كا يب ما يبه ال،
ويكره ما يكرهه ال من القوال والعمال والرادات ،ومبة الدح من العبد لنفسه تالف ما يبه ال
منه والادح يغره من نفسه فيكون آثا ،فمقام العبودية يقتضي كراهة الدح رأسا ،والنهي عنه صيانة
لذا القام ،فمت أخلص العبد الذل ل والحبة له خلصت أعماله وصحت ومت أدخل عليها ما يشوبا
من هذه الشوائب د خل على مقام العبود ية بالن قص أو الف ساد ،وإذا أداه الدح إل التعا ظم ف نف سه
والعجاب ب ا و قع ف أمر عظ يم يناف العبود ية الا صة كما ف الديث " :ال كبياء درائي والعظمة
إزاري فمن نازعن شيئا منهما عذبته " :وف الديث " :ل يدخل النة من كان ف قلبه مثقال ذرة من
كب" :وهذه الفات قد تكون مبة الدح سببا لا وسلما إليها ،والعجب يأكل السنات كما تأكل
النار ال طب ،وأ ما الادح ف قد يف ضي به الدح إل أن ينل المدوح منلة ل ي ستحقها ،ك ما يو جد
كثيا ف أشعارهم من الغلو الذي نى عنه الرسول صلى ال عليه وسلم وحذر أمته أن يقع منهم ،فقد
وقع الكثي منه حت صرحوا فيه بالشرك ف الربوبية واللية واللك ،كما تقدمت الشارة إل شئ من
ذلك .والنب صلى ال عليه وسلم لا أكمل ال له مقام العبودية صار يكره أن يدح ،صيانة لذا القام،
وأرشد المة إل ترك ذلك نصحا لم ،وحاية لقام التوحيد عن أن يدخله ما يفسده ،أو يضعفه من
الشرك ووسائله " :فبدل الذين ظلموا قولً غي الذي قيل لم " ورأو أن فعل ما ناهم صلى ال عليه
وسلم عن فعله قربة من أفضل القربات وحسنه من أعظم السنات !
قال العل مة ا بن الق يم ف بدائع الفوائد :اختلف الناس ف جواز إطلق ال سيد على الب شر .فمن عه قوم،
ونقل عن مالك ،واحتجوا بقول النب صلى ال عليه وسلم لا قيل له :يا سيدنا قال :السيد ال تبارك
وتعال وجوزه قوم ،واحتجوا بقول النب صلى ال عليه وسلم للنصار :قوموا إل سيدكم وهذا أصح
من الد يث الول .قال هؤلء :ال سيد أ حد ما يضاف إل يه ،فل يقال للتمي مي سيد كندة ،ول يقال
اللك سيد البشر .قال :وعلى هذا فل يوز أن يطلق على ال هذا السم ،وف هذا نظر ،فإن السيد إذا
أطلق عليه تعال فهو ف منلة الالك ،والول والرب .ل بعن الذي يطلق على الخلوق .انتهى.
قلت :فقد صح عن ابن عباس رضي ال عنهما أنه قال ف معن قول ال تعال " :قل أغي ال أبغي ربا
" أي إلا وسيدا وقال ف قول ال تعال " :ال الصمد " أنه السيد الذي كمل ف جيع أنواع السؤدد:
وقال أ بو وائل :هو ال سيد الذي انت هى سؤدده .وأ ما ا ستدللم بقول ال نب صلى ال عل يه و سلم
للنصار قوموا إل سيدكم فالظا هر أن النب صلى ال عل يه وسلم ل يوا جه سعدا به ،فيكون ف هذا
القام تفضيل وال أعلم.
باب
ما جاء ف قول ال تعال " :وما قدروا ال حق قدره "
قوله( :باب قول ال تعال " :وما قدروا ال حق قدره والرض جيعا قبضته يوم القيامة والسماوات
مطويات بيمينسه سسبحانه وتعال عمسا يشركون " أي مسن الحاديسث والثار فس معنس هذه اليسة
الكرية) :
قال العماد ابن كثي رحه ال تعال :يقول تعال :ما قدر الشركون ال حق قدره حت عبدوا معه غيه،
وهو العظيم الذي ل أعظم منه ،القادر على كل شئ الالك لكل شئ ،وكل شئ تت قهره وقدرته.
قال ماهد :نزلت ف قريش .وقال السدى :ما عظموه حق عظمته .وقال ممد بن كعب :لو قدروه
حق قدره ما كذبوه .وقال علي بن أ ب طل حة عن ا بن عباس :هم الكفار الذ ين ل يؤمنوا بقدرة ال
عليهم فمن آمن أن ال على كل شئ قدير ،فقد قدر ال حق قدره ،ومن ل يؤمن بذلك فلم يقدر ال
حق قدره.
وقد وردت أحاد يث كثية متعلقة بذه ال ية ،الطر يق فيها وف أمثال ا مذ هب ال سلف ،و هو إمرار ها
كما جاءت من غي تكييف ول تريف وذكر حديث ابن مسعود كما ذكره الصنف رحه ال ف هذا
الباب قال :ورواه البخاري ف غ ي مو ضع من صحيحه .والمام أح د وم سلم والترمذي والن سائي
كلهم من حديث سليمان بن مهران وهو العمش عن إبراهيم عن عبيدة عن ابن مسعود بنحوه.
قال المام أحد :حدثنا معاوية حدثنا العمش ،عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال قال " :جاء رجل
من أ هل الكتاب إل النب صلى ال عل يه وسلم فقال :يا أبا القاسم أبلغك أن ال تعال يعل اللئق
على إ صبع وال سموات على إ صبع ،والرض ي على إ صبع ،والش جر على إ صبع ،والثرى على إ صبع
وسائر اللق على إصبع .فيقول :أنا اللك .فضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم حت بدت نواجذه
تصديقا لقول الب .قال :وأنزل ال " :وما قدروا ال حق قدره " "الية .وهكذا رواه البخاري ومسلم
والنسائي من طرق عن العمش به.
وقال المام أحد :حدثنا السي بن حسن الشقر ،حدثنا أبو كدينة عن عطاء.
عن أب الضحى عن ابن عباس قال " :مر يهودي برسول ال صلى ال عليه وسلم وهو جالس ،فقال:
ك يف تقول يا أ با القا سم يوم ي عل ال ال سموات على ذه وأشار بال سبابة والرض على ذه ،والبال
على ذه وسهائر اللق على ذه ؟ كهل ذلك يشيه بأ صابعه ،فأنزل ال " :ومها قدروا ال حهق قدره " "
وكذا رواه الترمذي ف التفسي بسنده عن أب الضحى مسلم بن صبيح به .وقال :حسن صحيح غريب
ل نعرفه إل من هذا الوجه .ث قال البخاري :حدثنا سعيد بن عفي حدثنا الليث حدثن عبد الرحن بن
خالد بن مسافر عن ابن شهاب عن أب سلمة بن عبد الرحن أن أبا هريرة رضي ال عنه قال :سعت
رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول " :يقبض ال الرض ويطوي السماء بيمينه ،فيقول :أنا اللك أين
ملوك الرض ؟ " تفرد به من هذا الوجه ،ورواه مسلم من وجه آخر.
وقال البخاري ف موضع آخر :حدثنا مقدم بن ممد حدثنا عمى القاسم بن يي عن عبيد ال عن نافع
عن ابن عمر رضي ال عنهما قال :إن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال " :إن ال تعال يقبض يوم
القيامة الرضي على إصبع وتكون السماء بيمينه ث يقول :أنا اللك " تفرد به أيضا من هذا الوجه.
ورواه مسلم من وجه آخر.
و قد رواه المام أحد من طر يق آ خر بل فظ أبسط من هذا ال سياق وأطول فقال :حدث نا عفان حدث نا
حاد بن سلمة ،أنبأنا إسحاق بن عبد ال بن أب طلحة عن عبيد ال ابن مقسم عن ابن عمر أن رسول
ال صلى ال عل يه و سلم قرأ هذه ال ية ذات يوم على ال نب " و ما قدروا ال حق قدره والرض جيعا
قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ،سبحانه وتعال عما يشركون " ورسول ال صلى ال
عليه وسلم يقول هكذا بيده يركها ،يقبل با ويدبر ،يجد الرب تعال نفسه :أنا البار ،أنا التكب ،أنا
اللك ،أنا العزيز ،أنا الكري ،فرجف برسول ال صلى ال عليه وسلم النب حت قلنا :ليخرن به ا هه.
كذا ف روا ية م سلم .قال الميدي و هي أ ت ،و هي ع ند م سلم من حد يث سال عن أب يه .وأخر جه
البخاري من حديث عبيد ال عن نافع عن ابن عمر رضي ال عنهما قال " :إن ال يقبض يوم القيامة
الرضي وتكون السماء بيمينه " وأخرجه مسلم من حديث عبيد ال بن مقسم .
قلت :وهذه الحاديث وما ف معناها تدل على عظمة ال وعظيم قدرته وعظم ملوقاته .وقد تعرف
سبحانه وتعال إل عباده ب صفاته وعجائب ملوقا ته ،وكلها تعرف وتدل على كماله ،وأ نه هو العبود
ل شريك له ف ربوبيته وإليته وتدل على إثبات الصفات له على ما يليق بلل ال وعظمته ،إثباتا بل
تثيل ،وتنيها بل تعطيل ،وهذا هو الذي دلت عليه نصوص الكتاب والسنة وعليه سلف المة وأئمتها
ومن تبعهم بإحسان ،واقتفى أثرهم على السلم واليان.
وتأمل ما ف هذه الحاديث الصحيحة من تعظيم النب صلى ال عليه وسلم ربه بذكر صفات كماله
على ما يليق بعظمته وجلله وتصديقه اليهود فيما أخبوا به عن ال من الصفات الت تدل على عظمته
وتأمل ما فيها من إثبات علو ال تعال على عرشه ،ول يقل النب صلى ال عليه وسلم ف شئ منها .إن
ظاهرها غي مراد ،وأنا تدل على تشبيه صفات ال بصفات خلقه ،فلو كان هذا حقا بلغه أمينه أمته،
فإن ال أكمل به الدين وأت به النعمة فبلغ البلغ البي .صلوات ال وسلمه عليه وعلى آله وصحبه
ومن تبعهم إل يوم الدين .وتلقى الصحابة رضي ال عنهم عن نبيهم صلى ال عليه وسلم ما وصف به
ر به من صفات كماله ونعوت جلله ،فآمنوا به وآمنوا بكتاب ال و ما تضم نه من صفات رب م جل
وعل ،كما قال تعال " :والراسخون ف العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا " وكذلك التابعون لم
بإح سان وتابعو هم ،والئ مة من الحدث ي والفقهاء كل هم و صف ال ب ا و صف به نف سه وو صفه به
ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ول يحدوا شيئا من ال صفات ،ول قال أ حد منهم :إن ظاهر ها غ ي
مراد ول أ نه يلزم من إثبات ا الت شبيه ،بل أنكروا على من قال ذلك غا ية النكار ،ف صنفوا ف رد هذه
الشبهات الصنفات الكبار العروفة الوجودة بأيدي أهل السنة والماعة.
قال شيخ السلم أحد بن تيمية رحه ال تعال :وهذا كتاب ال من أوله إل آخره وسنة رسول ال
صلى ال عليه وسلم ،وكلم الصحابة والتابعي ،وكلم سائر الئمة ملوءة كلها با هو نص أو ظاهر
أن ال تعال فوق كل شئ ،وأنه فوق العرش فوق السموات مستو على عرشه ،مثل قوله تعال " :إليه
يصعد الكلم الطيب والعمل الصال يرفعه " وقوله تعال " :يا عيسى إن متوفيك ورافعك إل " وقوله
تعال " :بل رفعه ال إليه " وقوله تعال " : :ذي العارج * تعرج اللئكة والروح إليه " وقوله تعال" :
يدبر المر من السماء إل الرض ث يعرج إليه " وقوله تعال " :يافون ربم من فوقهم " وقوله تعال:
" هو الذي خلق لكم ما ف الرض جيعا ث استوى إل السماء فسواهن سبع ساوات " وقوله تعال" :
إن رب كم ال الذي خلق ال سماوات والرض ف ستة أيام ث ا ستوى على العرش يغ شي الل يل النهار
يطل به حثي ثا والش مس والق مر والنجوم م سخرات بأمره أل له اللق وال مر تبارك ال رب العال ي "
وقوله " :إن ربكم ال الذي خلق السماوات والرض ف ستة أيام ث استوى على العرش يدبر المر ما
من شف يع إل من ب عد إذ نه " ...ال ية فذ كر التوحيد ين ف هذه ال ية .قوله تعال " :ال الذي ر فع
السهماوات بغيه عمهد تروناه ثه اسهتوى على العرش " وقوله تعال " ، :تنيل منه خلق الرض
والسماوات العلى * الرحن على العرش استوى " وقوله " ، :وتوكل على الي الذي ل يوت وسبح
بمده وك فى به بذنوب عباده خبيا * الذي خلق السهماوات والرض و ما بينه ما ف ستة أيام ث
استوى على العرش الرحن فاسأل به خبيا " وقوله تعال " ، :ال الذي خلق السماوات والرض وما
بينه ما ف ستة أيام ث ا ستوى على العرش ما ل كم من دو نه من ول ول شف يع أفل تتذكرون * يدبر
المر من السماء إل الرض ث يعرج إليه ف يوم كان مقداره ألف سنة ما تعدون " وقوله " :هو الذي
خلق السماوات والرض ف ستة أيام ث استوى على العرش يعلم ما يلج ف الرض وما يرج منها وما
ينل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أ ين ما كن تم وال با تعملون بصي " فذكر عموم عل مه
وعموم قدر ته وعموم إحاط ته وعموم رؤي ته .وقوله تعال " ، :أأمن تم من ف ال سماء أن ي سف ب كم
الرض فإذا هي تور * أم أمنتم من ف السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف نذير " وقوله
تعال " :تنيل من حكيم حيد " وقوله " :تنيل الكتاب من ال العزيز الكيم " وقوله تعال " ، :وقال
فرعون يا هامان ا بن ل صرحا لعلي أبلغ ال سباب * أ سباب ال سماوات فأطلع إل إله مو سى وإ ن
لظنه كاذبا " .انتهى كلمه رحه ال.
وقوله تعال " :تنيل من حكيم حيد " وقوله " :تنيل الكتاب من ال العزيز الكيم " وقوله تعال، :
" وقال فرعون يا هامان ا بن ل صرحا لعلي أبلغ ال سباب * أ سباب ال سماوات فأطلع إل إله مو سى
وإن لظنه كاذبا " .انتهى كلمه رحه ال.
قلت :و قد ذ كر الئ مة رح هم ال تعال في ما صنفوه ف الرد على نقاة ال صفات من الهم ية والعتزلة
والشاعرة ونو هم أقوال ال صحابة والتابعي .ف من ذلك ما رواه الافظ الذ هب ف كتاب العلو وغيه
بالسانيد الصحيحة عن أم سلمة زوج النب صلى ال عل يه وسلم أن ا قالت ف قوله تعال " :الرح ن
على العرش استوى " قالت :الستواء غي مهول ،والكيف غي معقول ،والقرار به إيان ،والحود به
كفر رواه ا بن النذر والللكائي وغيه ا بأ سانيد صحاح .قال :وثبت عن سفيان بن عيي نة رح ه ال
تعال أنه قال :لا سئل ربيعة بن أب عبد الرحن :كيف الستواء ،قال :الستواء غي مهول ،والكيف
غي معقول ،ومن ال الرسالة ،وعلى الرسول البلغ ،وعلينا التصديق .وقال ابن وهب :كنا عند مالك
فدخل رجل فقال :يا أبا عبد ال " الرحن على العرش استوى " كيف استوى ؟ فأطرق مالك رحه
ال وأخذته الرحضاء وقال :الرحن على العرش استوى ،كما وصف نفسه ول يقال كيف ؟ و كيف
عنه مرفوع ،وأنت صاحب بدعة .أخرجوه رواه البيهقي بإسناد صحيح عن ابن وهب ،ورواه عن يي
بن يي أيضا ،ولفظه قال :الستواء غي مهول ،والكيف غي معقول،واليان به واجب ،والسؤال عنه
بدعة.
قال الذهب :فانظر إليهم كيف أثبتوا الستواء ل ،وأخبوا أنه معلوم ل يتاج لفظه إل تفسي ،ونفوا
عنه الكيفية ،قال البخاري ف صحيحه :قال ماهد استوى عل على العرش .وقال إسحاق بن راهويه
سعت غي واحد من الفسرين يقول " :الرحن على العرش استوى " أي ارتفع .وقال ممد ابن جرير
الطبي ف قوله تعال " :الرحن على العرش استوى " أي عل وارتفع.
وشواهده ف أقوال الصحابة والتابعي وأتباعهم ،فمن ذلك قول عبد ال بن رواحة رضي ال عنه:
وروى الدارمى والاكم والبيهقي بأصح إسناد إل علي بن السي بن شقيق ،قال :سعت عبد ال بن
البارك يقول :نعرف ربنا بأنه فوق سبع ساواته على العرش استوى ،بائن ف خلقه ،ول نقول كما قال
الهمية قال الدارمي :حدثنا السن بن الصباح البزار حدثنا علي بن السي بن شقيق عن ابن البارك:
قيل له :كيف نعرف ربنا ؟ قال :بأنه فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلفه .
وقد تقدم قول الوزاعي :كنا والتابعون متوافرون نقول :إن ال تعال ذكره بائن من خلقه ،ونؤمن با
وردت به السنة.
وقال أ بو عمر الطلمن كي ف كتاب ال صول :أج ع ال سلون من أ هل ال سنة على أن ال استوى على
عر شه بذا ته .وقال ف هذا الكتاب أيضا :أج ع أ هل ال سنة على أن ال تعال ا ستوى على عر شه على
القيقة ل على الجاز ،ث ساق بسنده عن مالك قوله :ال ف السماء وعلمه ف كل مكان :ث قال ف
هذا الكتاب :أجع السلمون من أهل السنة أن معن قوله " :وهو معكم أين ما كنتم " ونو ذلك من
القرآن :أن ذلك عل مه ،وأن ال فوق ال سماوات بذا ته م ستو على عر شه ك يف شاء .وهذا لف ظه ف
كتابه.
وهذا كث ي ف كلم ال صحابة والتابع ي والئ مة ،أثبتوا ما أثب ته ال ف كتا به على ل سان ر سوله على
القيقة على ما يليق بلل ال وعظمته ،ونفوا عنه مشابة الخلوقي ،ول يثلوا ول يكيفوا ،كما ذكرنا
ذلك عنهم ف هذا الباب.
وقال الا فظ الذ هب :وأول و قت سعت مقالة من أن كر أن ال فوق عر شه :هو ال عد بن در هم.
وكذلك أنكر جيع الصفات .وقتله خالد بن عبد ال القسري وقصته مشهورة ،فأخذ هذه القالة عنه
ال هم بن صفوان إمام الهم ية ،فأظهر ها واح تج ل ا بالشبهات ،وكان ذلك ف آ خر ع صر التابع ي
فأنكر مقالته أئمة ذلك العصر مثل الوزاعي وأب حنيفة ،ومالك والليث بن سعد والثوري ،وحاد بن
ز يد ،وحاد بن سلمة وا بن البارك و من بعد هم من أئ مة الدى .فقال الوزا عي إمام أ هل الشام على
رأس المسي ومائة عند ظهور هذه القالة :ما أخبنا عبد الواسع البري بسنده إل أب بكر البيهقي:
أنبأنا أبو عبد ال الافظ ،أخبن ممد بن علي الوهري ببغداد حدثنا إبراهيم بن اليثم حدثنا ممد
بن كثي الصيصي سعت الوزاعي يقول :كنا والتابعون متوافرون نقول :إن ال فوق عرشه .ونؤمن با
وردت به السنة من صفاته .أخرجه البيهقي ف الصفات ورواته أئمة ثقات.
وقال المام الشاف عي رح ه ال تعال :ل أ ساء و صفات ل ي سع أحدا رد ها و من خالف ب عد ثبوت
الجة عليه كفر ،وأما قبل قيام الجة فإنه يعذر بالهل ،ونثبت هذه الصفات وننفي عنه التشبيه ،كما
نفى عن نفسه فقال " :ليس كمثله شيء وهو السميع البصي " ا ه من فتح الباري.
قوله( :عن العباس بن عبد الطلب ساقه الصنف رحه ال متصرا ،والذي ف سنن أب داود :عن
العباس بن ع بد الطلب قال :ك نت ف البطحاء ف ع صابة في هم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم،
فمرت ب م سحابة فن ظر إلي ها فقال ":ما ت سمون هذه؟ قالوا :ال سحاب قال :والزن قالوا :والزن.
قال :والعنان قالوا :والعنان قال أبسو داود :ل أتقسن العنان جيدا قال :هسل تدرون مسا بعسد مسا بيس
السماوات والرض ؟ قالوا :ل ندري قال :إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلث وسبعون
سنة ،ث السماء الت فوقها كذلك ،حت عد سبع ساوات ،ث فوق السابعة بر بي أسلفه وأعله
م ثل ما ب ي ساء إل ساء ،ث فوق ذلك ثان ية أوعال ،ب ي أظلف هم وركب هم م ثل ما ب ي ساء إل
ساء ،ث على ظهور هم العرش ب ي أ سلفه وأعله ك ما ب ي ساء إل ساء ،ث ال تعال فوق ذلك "
وأخرجه الترمذي وابن ماجه وقال الترمذي :حسن غريب) :
وقال الافظ الذهب :رواه أبو داود بإسناد حسن وروى الترمذي نوه من حديث أب هريرة وفيه :ما
بي ساء إل ساء خسمائة عام ول منافاة بينهما .لن تقدير ذلك بمسمائة عام هو على سي القافلة
مثلً ،ونيف وسبعون سنة على سي البيد ،لنه يصح أن يقال :بيننا وبي مصر عشرون يوما باعتبار
سي العادة ،وثلثة أيام باعتبار سي البيد .وروى شريك بعض هذا الديث عن ساك فوقفه .هذا آخر
كلمه.
قلت :ف يه الت صريح بأن ال فوق عر شه ك ما تقدم ف اليات الحكمات ،والحاد يث ال صحيحة و ف
كلم السلف من الصحابة والتابعي وتابعيهم ،وهذا الديث له شوا هد ف الصحيحي وغيها ،ول
عبة بقول من ضعفه لكثرة شواهده الت يستحيل دفعها وصرفها عن ظواهرها.
وهذا الديث كأمثاله يدل على عظمة ال وكماله وعظم ملوقاته ،وأنه التصف بصفات الكمال الت
و صف ب ا نفسه ف كتابه وو صفه با رسول ال صلى ال عل يه وسلم ،وعلى كمال قدر ته وأ نه هو
العبود وحده ل شريك له دون كل ما سواه.
وبال التوفيق
ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم
وحسبنا ال ونعم الوكيل