Professional Documents
Culture Documents
َ
ن الَّر ِ
حيمِ م ِ
ح َ سم ِ الل ّ ِ
ه الَّر ْ بِ ْ
كلية التربية
إعداد الباحث
إشـــراف
قدمت هذه الرسالة استكمال لمتطلبات الحصول على درجة الماجستير في اصول
1
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
صدق ال العظيم
2
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
من أقوال"
سيد قطب"
3
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
إهــــــــــــداء
إلى كل من يطمح برفع راية لإله إل ال ويعمل على إقامة الخلفة الراشدة
إلى كل قلب نزف من الظلم ,وكل ضمير تحرك لتحقيق المساواة والعدل.
4
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
شكــــر وتقديـــــر
نشكر ال أول أن منً علينا بهذا العلم ثم.نشكرالجامعة السلمية التى ساهمت في
خليل أبو دف الذى لم يأل جهدا في المتابعة والتوجيه منذ أن كان البحث فكرة حتى
أصبح جهدا ملموسا ,وإنه ل يسعني بعد ذلك إل أن أتقدم بوافر الشكر ,والمتنان لكل
الذين أخذوا بيدي ,وشدوا من أزري حتى رأى هذا البحث النور ,وأسال ال أن يكون
وليفوتني أن أوجه الشكر لزوجتى الوفية التي ساندتني بالجهد والدعاء وتوفير
أجواء الراحة ,مما كان لذلك من أثر كبيرفي إنجاز هذا البحث.
5
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ملخـــص البحــــث
هدف هذا البحث إلى بيان معالم التغيير التربوي لدى سيد قطب من خلل كتاباته-:ومن خلل الوقوف على
العوامل التى ساهمت في تشكيل شخصية سيد قطب.وبيان مفهوم التغيير التربوي في فكر سيد قطب ,وخصائص
منهج التغيير في السلمى,وبيان مجالت التغيير التربوي, ,وبيان ألياته في فكر سيد قطب.
_1تشكلت شخصية سيد قطب التغييرية من خلل عوامل (الدين والتربية والواقع الجتماعيوالتجربة السياسية ).
_ 2يقوم مفهوم التغيير التربوي عند سيد قطب علي أساس استبدال المجتمع الجاهلي ,بالمجتمع السلمي .
_3إن التغييرات السلبية في واقع المة المسلمه المعاصرة,ترجع إلى عدم إخلص اللوهية والربوبية والسماء
والصفات ل,عزوجل.
_4إن ال ينزع بالسلطان مال ينزع بالقرآن لذلك يجب على المة أن تقيم حكم ال في الرض وعلى أساس كتابه
وسنة نبيه.
_5أبرز البحث خصائص المنهج السلمي في التغيير من خلل دعوة النسان إلي التأمل في اليات الكونية و
كونه عملية إنسانية تربوية و يتصف بالتوازن و يقوم علي التدرج علي التغيير.
_6اعتمد منهج التغيير التربوى عند سيد قطب على الهداية,تلزم العلم والعمل والتركيز على التربية اليمانية.
_7قدم سيد قطب مفهومآ جديدا للتغيير الشامل الذي يتجاوز حد المجتمع إلي العالم بأسره .
_ 8تتمثل مجالت التغيير التربوي في إصلح واقع المة ،والذى ينطلق من إعادة بناء النسان في بلد
المسلمين بتصحيح معتقداته وقيمه وتصوراته ومفاهيمه وتعديل أنماط سلوكه.
_9اهتم قطب بالسرة المسلمة كعنصر حيوي في المجتمع و أكد علي دورها في التغيير التربوي الشامل
والمتكامل والذي ليمكن أن يستعاض عنه من خلل أي مؤسسة أخري.
_10وجود الجماعة المسلمة يعد ضرورة شرعية ،تتمثل في إقامة شرع ال في الرض.
6
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
, _ ينبغي أن يسبق التغيير التربوي تغييرأجتماعي وثقافي في عقول و نفوس الناس عن طواعية و رضي11
.ليتم المحافظة علي البناء الجديد من أبناء المجتمع بأسره
._يقوم منهج التغييرعند سيدقطب على الحساس بالمسئولية وإقامة الحكم على أركان الحق والعدل13
._توجيه المجتمع توجيها صحيحا إسل ميا لكى نستطيع التغيير بطرق إجتماعية مقبولة3
._الخلفه السلمية مطلب شرعى ضرورى ل يقوم الدين إل به ويجب العمل عليه4
_على المؤسسات التربوية أن تأخذ دورها في عملية التغيير التربوي من خلل إعادة صياغة المناهج التربوية5
.لتكون قادرة على إحداث تحول اجتماعي نحو السلم والحضارة
._تربية الجيوش السلمية تربية جهادية واعية وتوجيه طاقاتهم للدفاع عن قضايا المسلمين6
Abstract
This research aims at illustrating the main characteristics of the pedagogic shifts of
Said Qutob through his writing. The research highlights
the factors contributed in forming Qutob's personality And The pedagogic shifts
concepts of Qutob's thought.And The features of the Islamic approach of
transformation in Qutob's thought.And Fields of educational changes in Qutob's
thought And Methods of pedagogic alteration in Qutob's thought.
In his research, the author has utilized the descriptive and analytical approach and he
managed to achieve the following results:
- Qutob's reforming personality has been impacted by religion, family behavior, local
society, and political experience.
- Mankind has a responsibility to struggle for the sake of Allah, so that he can live and
die according to Islamic lows.
- The main concept of reforming according to Qutob is to replace the uneducated
society by Islamic society.
7
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
- The main cause of setback in the contemporary Islamic society is the lack of
maintaining Islamic lows.
- Qutob has emphasized the concept of "Governorship" as a main base for establishing
Islamic society.
- The Islamic society has to implement the Islamic lows based on Quran and Sunna of
the Prophet )peace and blessings of Allah be upon him(.
- Islamic low is a realistic approach to develop society for better.
- The research has emphasized the characteristics of the Islamic approach to reform
societies through gradual and smooth process.
- Qutob's approach of reformation depends on showing the way to Allah.
- The first step to promote the Islamic society is through improving the behavior of
Moslems.
- Moral constitution is the most important component for reforming the Islamic
society.
- Qutob has focused on the role of the Islamic family as a key element in advancing the
society as a whole.
- Islamic community is a necessity to establish Allah low on earth.
- Social and cultural changes is a perquisite for any behavioral reforms in society.
- Qutob did not rule out the resort to force as a kind of legitimate Jihad.
- Moslem should be cautious to use force as long as the government obey Islamic rules.
محتويات البحث
4.................................................................._إهداء
8
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
-شكر وتقدير5............................................................
_ملخص البحث6..........................................................
_المقدمة .............................................................................
_مشكلة البحث........................................................................
-أهداف البحث.......................................................................
-أهمية البحث.......................................................................
-حدود البحث........................................................................
-منهج البحث........................................................................
-الدراسات السابقة...................................................................
أ -أسرته35..............................................................................
ب – والده 35.............................................................................
9
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الفصل الرابع -:خصائص منهج التغيير في السلم كما بينها سيد قطب
10
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
-1تغيير الفرد119..............................................................................
-2تغيير السرة122...........................................................................
-3اصلح المجتمع126........................................................................
-4التغيير العالمي127.........................................................................
ثانيا -:التربية144.............................................................................
ثالثا -:الجهاد152.............................................................................
-النتائج والتوصيات162........................................................................
-التوصيات164.................................................................................
11
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الفصل الول
الطارالعام للبحث
_المقدمة
_مشكلة البحث
-أهداف البحث
-أهمية البحث
-حدود البحث
-منهج البحث
-مصطلحات البحث
-الدراسات السابقة
12
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ارتبطت التربية بظهور النسان على وجه الرض ،وإحساسه بنفسه ،وإقامته وتعامله فى جو السرة ثم حياة
الجماعة ،وتهدف التربية إلى " تنمية شخصية الفرد تنمية متكاملة ،وإلى خدمه المجتمع فى مجالته المختلفة ،
وإلى تطوير أعمال النسان في الميادين الثقافية المتنوعة " ( الغا وعبد المنعم ,1992،ص . ) 22:
فالتربية عملية مقصودة تهدف إلى تنشئة النسان ليكون مواطنا صالحا ،وذلك من خلل تنمية طاقاته المختلفة
الجسمية والعقلية والروحية ( .عبد ال ,1989 ،ص . ) 101 :
حيث يقول تعالى "وَ ُقلْ َربّ ا ْر َح ْمهُمَا َكمَا رَبّيَانِي صَ ِغيًا " (سورة السراء ،آية)24 :
حيث يقول تعالى " قَا َل أَلَ ْم ُنرَّبكَ فِينَا وَلِيدًا َولَبِثْتَ فِينَا مِ ْن ُع ُمرِكَ سِِنيَ" ( ف سورة الشعراء ،آية) 18 :
تعد التربية السلمية إحدى فروع علم التربية الذي يعنى بتربية النسان المسلم وإعداده ،في مختلف جوانب
حياته القولية والعملية .وتقوم التربية السلمية بإعداد النسان المسلم إعدادا كاملً وعلى أكمل وجه لحياتي
الدنيا والخرة ،حيث جعلت النسان محور اهتمامها وربته على اليمان بال ورسوله ،مما يوجد لدينا إنسانا
صاحب قيم إسلمية تتناسب وكافة المواطن والحداث التى يحيا فيها .
وتتميزة التربية السلمية عن غيرها في كونها تهدف إلى إعداد النسان الصالح من خلل إقراره ل تعالى
بالعبودية ،وجميع ما جاء به هدى النبي صلى ال عليه وسلم .و كما قال عز وجل " ِإنّ اللّ َه لَا يُغَّيرُ مَا ِبقَوْ ٍم حَتّى يُغَّيرُوا
سهِمْ " (سورة الرعد ،أيه)11 :
مَا بِأَْنفُ ِ
فإن محور التغيير فى منهاج التربية السلمية هو النفس البشرية ،التي تعد نقطة البدء في التغيير سواء الى
الحسن أو إلى السوء ( القريشى ، 1989،ص. ) 122:
وكما ورد فى الحديث الشريف " أل إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله
أل وهى القلب " ( مسلم ،ج . ) 31، 6
بالتربية فكان المربى وبناء على ذلك فان النسان يمثل المهمة الولى للتربية السلمية فلذلك اهتم النبي
الول ,وسار على نهجه صحابته الكرام رضي ال عنهم ,ومن بعدهم علماء السلم قدامى ومحدثون فكان محمد
بن سحنون الذي ألف كتابا سماه (آداب المعلمين) ،والجاحظ الذي اهتم كثيرا بالتربية والتعليم ،في كثير من
مؤلفاته التي من بينها (البيان والتبين) و(الحيوان) وكانت مقدمة ابن خلدون مشتملة على مصطلح التنشئة الذي
يقصد به التربية ,ورعاية النسان منذ الصغر وسار على خطى السابقين من العلماء المعاصرين سيد قطب الذي
13
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
راعى في كتاباته تربية المسلم وإعداده ,وتنشئته على قيم السلم ,ودفعه نحو التغيير ،وذلك من خلل مؤلفاته
في هذا المجال وخاصة في كتابه تفسير القرآن المسمى"في ظلل القران" .
ويعد التغيير في حد ذاته ظاهرة طبيعية ،تخضع لها مظاهر الكون وشئون الحياة بالجمال ،وهو أكثر وضوحا
في الحياة الجتماعية لنها في تغير دائم وتفاعل مستمر ( .مطر : 1986،ص )10
وإن من سنن التغير التدافع وذكره ال عز وجل في أكثر من موطن فقال سبحانه وتعالى ":وَلَ ْولَا دَ ْف ُع اللّهِ النّاسَ
صلَوَاتٌ وَمَسَاجِ ُد يُ ْذ َكرُ فِيهَا اسْمُ اللّ ِه كَِثيًا " (سورة الحج ،أية. ( 40 :
ت صَوَامِعُ وَِبيَعٌ َو َ
ض َلهُدّمَ ْ
ضهُ ْم بَِبعْ ٍ
بَعْ َ
والتدافع هو سبيل الحيوية والنمو والزدياد والستمرار في الحياة وهو أحد محركاتها الجتماعية ،وامتداد
تاريخها البشرى وذلك لن الصراع بين الخير والشر ،وبين المعروف والمنكر ،ل ينتهي إل بانتهاء الحياة
(حسنه 1994 ،م .) 22 :
منها أيضا المداولة :فاليام بين الناس دول ،والحال ل يبقى على ما هو عليه ،وقد بين ذلك مولنا فى كتابه
سكُمْ َقرْحٌ َفقَدْ مَسّ اْلقَوْمَ َقرْحٌ ِم ْثلُهُ وَِت ْلكَ الْأَيّا ُم نُدَاوُِلهَا بَيْنَ النّاسِ " (
العزيز وبأنها سنة من سنن الكون فقال تعالى " ِإ ْن َيمْسَ ْ
سورة أل عمران ،إيه.) 140 :
أما سنة التغيير التي تبرز دور النسان على أنه محور عملية التغيير ،فهي إحدى سنن الكون ،وقد أوكلت مهمة
التغيير والبناء للنسان ،وكلف بتحقيق الخلفة على هذه الرض وإدارة الصراعات التي تجرى فوقها .
( حسنة ) 42: 1994 ،
ولقد اهتم سيد قطب بالتغيير التربوي حيث انتقد السلبية الذيليه التي تفرضها المذاهب المادية على النسان إذ
تجعل منه عنصرا سلبيا إزاء الحتميات الجبارة التي ليس للكائن النساني إزاءها حول ول قوة .وقد أكد القرآن
الكريم على إرادة النسان ودورة في عملية التغيير سواء كان ذلك في التجاه اليجابي أو السلبي كما جاء في
سهِمْ وََأ ّن اللّ َه َسمِي ٌع َعلِي ٌم "( سورة النفال ،
قوله عز وجل ":ذَِلكَ بَِأ ّن اللّ َه لَ ْم َيكُ ُمغَّيرًا نِ ْعمَ ًة أَْن َع َمهَا َعلَى قَوْ ٍم حَتّى ُيغَّيرُوا مَا بِأَنْفُ ِ
أية ) 53 :
وإن الناظر إلى الواقع التربوي العربي السلمي ليرى من الزدواجية ،الناتجة عن التبعية وفقدان الصالة الذاتية
،التي ولدتها العلمانية في جميع مظاهر الحياة واتخذت لها أبعادا خطيرة ،أدت إلى الثنائية والنتشار في واقعنا
التربوي من تخلف وضعف حضاري وتعليمي واقتصادي وسياسي وهذا ما أكدت عليه بعض الدراسات التي جرت
في مجتمعنا مثل :ما أشار إليه ( أبو دف ،في دراسته :معالم الفكر التربوي عند سيد قطب من خلل تفسيره
في ظلل القران ) ،إلى حالة الضعف التي وصلنا لها بسبب بعدنا عن الفكر التربوي السلمى وعدم التزامنا
بالقيم السلمية منذ التنشئة .
14
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
كما أشار ( الجعب ،فى دراسته :عن التغير الجتماعي فى عهد عمر بن عبد العزيز ) إلى المراحل التي مرت
بها المة السلمية بفترات من الضعف كما هو حاصل في واقعنا ول يمكن للخروج من هذا الواقع إل بالتغيير
والرجوع إلى القيم السلمية.
ويشير أبو دف في دراسة مظاهر التغير السلبي في واقع المسلمين المعاصر كما بينتها السنة النبوية وسبل
مواجهتها في ضوء التوجيه التربوي السلمي إلى حدوث التغيرات السلبية فى واقع المسلمين وما حدث بالفعل
في واقعنا المعاصر في جميع مجالت الحياة ،كما يبين ان هذه التغيرات السلبية ترجع بالدرجة الولى إلى
العوامل والظروف الداخلية ،الروحية ،والعقائدية ،والفكرية ،والنفسية ومن أجل مواجهة هذه التغيرات يجب
الرجوع إلى القران الكريم والسنة النبوية المطهرة وتبصير المتعلمين بسبب التغيير في السلم لمواجهة الواقع
المرير الذي تعيشه المة اليوم.
وقد اعتبر (الخالدى في دراسته المنهج الحركى فى ظلل القران ) سيد قطب واحدا من رموز الفكر التربوي
السلمي فكان رائدا للفكر السلمي في عصره كما وصفه العديد من الكتاب المعاصرين ،ولسيد قطب مؤلفات
عديدة متنوعة في الدب والتربية والقتصاد والدعوة والسياسة وكان من أبرز أعماله تفسيره (في ظلل القران)
الذي قدم من خلله تراثا فكريا تربويا ،وفي البحث الحالية يحاول الباحث أن يُبيّن معالم التغيير التربوي من خلل
كتاباته سيد قطب ،وركز الباحث على ذلك لما رآه من تفكك وتصدع في واقع المة السلمية وتمزق في
أوضاعها ووحدتها ،ويرى الباحث أنه من الضروري التغيير من أجل نقل المجتمع والفرد من النحراف عن
منهج ال إلى عبادة ال ،ونقله من مجتمع الجاهلية إلى مجتمع السلم لكي تأخذ المة دورها الذي كُلفت به ،
في قيادة العالم كما كانت في السابق .ومن هنا تمخضت فكرة البحث لدى الباحث للمساعدة في تغيير أوضاع المة
وذلك من خلل دراسة معالم التغيير التربوي في فكر سيد قطب من خلل كتاباته ويأمل الباحث أن يستوفى البحث
لهذا الجانب ول من وراء القصد والحمد ل رب العالمين وما التوفيق إل من عند ال.
مشكلةالبحث :
15
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
-3ما خصائص منهج التغييرفي السلم كما بينها سيد قطب من خلل كتاباته؟
إن التغيير التربوي يعد من أهم العوامل التي تؤدى إلى تقدم المجتمع ,وخروجه من حالة التخلف والتبعية,
والرجعية التي تسيطر عليه.
يعد سيد قطب من رموز الفكر التربوي السلمي في العصر الحديث ولفكر سيد قطب دورا رئيسا في تغيير
المجتمع المسلم ،ولقي فكره رواجا بين فئات الشباب المسلم الذين هم أساس تغيير المجتمع المسلم .
ومن هنا يتضح لنا أهمية البحث من خلل تلك النقاط -:
-1تعد هذه الدراسةمهمة لكون المة السلمية بحاجة للتغييروالعودة إلى منهج السلف الصالح التربية.
16
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
-3يمكن أن تُعد هذه الدراسة خطوة علىطريق توضيح الصورة الجليه لفكر سيد قطب.
-4يمكن أن تستفيد من هذا البحث الحكومات والجماعات والحزاب السياسية في العالم العربي والسلمى وتطوير
برامجها في الصلح التربوي .
-5يمكن أن تستفيد من البحث المؤسسات التربوية لتطوير مناهجها التعليمية,وخاصة في مجال التربية السلمية
يقتصر هذا البحث على دراسة معالم التغيير التربوي في فكر سيد قطب من خلل كتاباته التالية :
المنهج الو صفى التحليلي " :الذي يعتمد على تجميع الحقائق والمعلومات ثم مقارنتها وتفسيرها للوصول الى
التعميمات المقبولة " (بدوى ، 1982 ،ص ) 22
التغيير في اللغة " :هو التحول والتبدل " (البستاني ، 1973 ،ص )563:
التغيير " :يقصد به عملية إحداث تحولت في البيئة الجتماعية والثقافية دون إصدار أحكام محددة" (أبو دف ،
،2004ص )5:
التعريف الجرائي للتغيير التربوي عند سيد قطب :بأنه" جملة من المفاهيم والمبادئ والمناهج التربوية المستنبطة
من الشريعة السلمية والجهود البشرية التي تقوم على نقل المجتمع والفرد من حالة النحراف عن منهج ال إلى
حالة اللتزام بالعقيدة والعبادة والشريعة دون سواها من أنظمة الجاهلية باستخدام جميع الوسائل العملية والنظرية
17
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
من اجل تحقيق العبودية ل ،ويقوم هذا النظام على الحكم بشريعة ال اى استبدال النظام الجاهلي بالنظام
السلمي .
بعد الطلع على كثير من الدوريات والمجلت العلمية المُتخصصة في الدب التربوي والمتعلقة بهذا الموضوع ،
وجد الباحث العديد من الدراسات التي لها علقة بموضوع البحث ،وقام بترتيبها تنازليا على النحو التي :
أ -دراسة أبو دف 2005(،م) بعنوان " :منهج الشيخ احمد ياسين فى التغيير"
هدفت الدراسة إلى الكشف عن منهج الشيخ أحمد ياسين في التغيير من حيث المفهوم والمقاصد والمبادئ التي
اعتمدها في برنامجه التغييري .
-1أوضحت الدراسة أن طموحات الشيخ ياسين التغييرية تتعدى مجرد تحرير أرض فلسطين إلى إقامة دولة
إسلمية على ترابها
-2كشفت عن مقومات قائد التغيير الفاعل ،وقد تمثلت في شخصيته وكما أظهرت انه يمتلك برنامجا شامل
ومتكامل للصلح والتغيير وكان للمرأة المسلمة دورا فاعل فيه كما للرجل
-3أثبتت الدراسة إن الشيخ ياسين كان قائدا عمليا من خلل اهتمامه ببناء المؤسسات الجتماعية والثقافية
والتعليمية وحرص على التجديد والتطوير المستمر لكافة البرامج والنشطة والوسائل التي اعتمدها في عملية
التغيير.
ب-دراسة أبو دف 2002( ،م)بعنوان " :معالم الفكر التربوي عند سيد قطب من خلل تفسيره في ظلل القران "
هدفت الدراسة للتعرف على أبرز معالم الفكر التربوي عند سيد قطب من خلل تفسيره في ظلل القران.والتعرف
إلى خصائص المنهج السلمي في التربية كما تصورها سيد قطب فى تفسيره
18
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
-1تم التعرف على خصائص المنهج السلمي في التربية كما يراها سيد قطب .
ج -دراسة الجعب 2000(،م) بعنوان "التغير الجتماعي في عهد عمر بن عبد العزيز"
هدفت هذه الدراسة إلى بيان معالم التغيير الجتماعي في عهد عمر بن عبد العزيز من خلل -:
-1التعرف على ماهية التغيير الجتماعي وعلقته بكل من التربية والسلم .
-2تحديد العوامل التي ساهمت في بناء شخصية عمر بن عبد العزيز كقائد للتغيير
-3استخلص منهج التغيير الذي اتبعه عمر بن عبد العزيز في دائرة الدولة .
-4استخلص منهج التغيير الذي اتبعه عمر بن عبد العزيز في دائرة المجتمع.
-1المنهج السلمي للتغيير منهج واقعي قادر على بناء المجتمع الفضل .
-3تشكلت شخصية عمر بن عبد العزيز التغييريه من خلل عوامل الدين والتربية والواقع الجتماعي والتجربة
السياسية .
-4تمثل منهج التغيير الجتماعي عند عمر بن عبد العزيز في دائرتين هما الدولة والمجتمع.
د-دراسة أبو فارس 1999(،م) بعنوان" منهج التغيير عند الشهيدين حسن البنا وسيد قطب"
هدفت الدراسة الى بيان منهج التغيير لدى الشهيدين من خلل نظرتهما وحكمتهما على النظمة والمجتمعات
ووسائط التغيير ومرحلة وما يعقب ذلك من إشارة وأمل في النصر والتمكين واستخدم الباحث في درا ستة المنهج
الو صفى التحليلي .
19
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وتوصلت الدراسة إلى أن كل من الشهيدين قد اعتمد على مشكاة واحدة هي كتاب ال وسنة رسوله صلى ال
علية وسلم وأنهما حددا بوضوح مفردات منهج التغيير وأفكاره من حيث الموقف من النظمة المعاصرة والحكم
عليها والعمل على تغييرها بوسائل محددة.
ه-دراسة الحورانى 1999(،م)بعنوان الفكر القتصادي عند سيد قطب من خلل كتاباته .
واستهدفت الكشف عن إسهاماته في مجال الفكر القتصادي في السلم وأكد على المفهومات المذهبية والسس
العقائدية في هذا المجال والذي أصبح واضحا في اهتمامات سيد قطب وأرائه القتصادية التي عالجها في سياق
طرحه الشامل ومنظومة الحياة والنسان والكون واستخدم الباحث المنهج الو صفى .
-1ان القعيدة السلمية تنبع من قوة الدافع الفطري لدى النسان ,وتحدث تطورات إنسانية أكثر عمقا ودافعيه من
تأثير المذاهب الجتماعية والنظريات القتصاديه ,وبالتالي لن تتمكن هذه المذاهب والنظريات من الوصول إلى
الهداف النسانية الفضلى ما لم تستند إلى عقيدة روحية خالصة تدعم موقفها.
-2ليتحقق مبدأ الستخلف,والكرامة اللئقة للنسان ,وينشئ علقة إيجابية على القيم المادية ويتضمن مفاهيم
الصلح للرض ,والعمل ,والنتاج .
-3قياس التقدم القتصادي للمعايير النسانية التي تضبط قيم الحياة ,وأنماط العلقة فيها ليس بالمعايير المادية
التي تلجأ إليها النظم الوضعية كأدوات مطلقة لتنظيم أشكال التطور والرفاهية.
-4يشكل عمل المرأة في نطاق البيت حالة للستثمار المثل في المورد البشرى بينما يمثل إنفاق طاقاتها في
النتاج المادي وفى نطاق السوق فاقدا اقتصاديا في صناعة النسان.
و -دراسة شبيب (1994م) :بعنوان "منهج سيد قطب في الدعوة "
هدفت الكشف عن خصائص هذا المنهج ،حيث استخدم الباحث في دراسته المنهج الوصفي التحليلي.
لقد توصلت الدراسة إلى أن سيد قطب ل يعتبر الدعوة ابتداء مجرد عملية نقد قولية للمبادئ والفكار بل يعتبرها
عملية تحقيق للواقع السلمي من خلل التغيير للواقع الجاهلي كله تصورا واعتقادا,وشريعة,ومنهج حياة وقد
تجسدت ملمح منهجه في الدعوة من خلل المبادئ التالية:
20
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
زً-دراسة الطرابلسى )1993 ( ،بعنوان "التغيير الجذري في فكر الشهيد سيد قطب".
هدفت الدراسة إلقاء الضوء على الجوانب المهمة في فكر الشهيد سيد قطب ,وبالخص الجوانب العملية
منها,والتي حددت مسار بعد الحركات السلمية التي نشأت على نهجه واستخدم الباحث فى دراستة منهج
التحليلي,ومنهج المقارنة,وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية -:
-2ان وظيفة العقل تتجسد في النقل عن رسالة السلم وفهمها وليس محاكمة مقررات الدين
-3ان الذين يتخوفون من إقامة مجتمع إسلمي ,فهذا التخوف ليس موضوعيا,ول أساس له.
-4إن الجهاد ضرورة للدعوة التي تسعى إلى تحرير النسان كما إن هزيمة الجاهلية بمقاومتها ل بالمشاركة
فيها.
ح-دراسة كشميري 1986(،م) بعنوان ":سيد قطب الديب العملق والمجدد والملهم فى ضوء اطارته وانجازاته
الدبية "
-1إن فترة الثلثينات كانت من حيث العموم فترة الختبار الثقافي لشخصية سيد قطب .
-2ظهور عبقريته في نقد عباقرة الدب مثل طه حسين والعقاد وحاكمهم في موضوعا تهم وطرق معالجتهم لها .
ط -دراسة الخالدى )1984(،بعنوان "في ظلل القران دراسة وتقويم "
21
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
هدفت الدراسة إلى تزويد القراء بمعلومات وأخبار يراها الباحث ضرورية حول الظلل من الناحية التاريخية
والموضوعية و العلمية والتفسيرية .
-1تفسير في ظلل القران لم يكتب من فراغ إنما كتبة صاحبه من الميدان الجهادى حيث خاض مع الجاهلية
معركة شديدة قاسيه استخدم فيها كتاب ال جاهدهم به جهادا كبيرا
-2إن سيد قطب عاش جوا إيمانيا وهو يكتب الظلل .
-3إن سيد قطب عندما اختار لتفسيره هذا العنوان الفريد (في ظلل القران ) كان يعنيه تماما فإن هذا العنوان
مرتبط ارتباط مباشر مع نظريته حول الصور والظلل في العمل الدبي والقيم الشعورية والتعبيرية فيه .
-4ان الظلل تفسير وانه لون جديد من التفسير ،وانه نقلة جديدة بعيدة فى التفسير ،وانه ل يغنى عنه أي تفسير
-5لسيد قطب أهداف خاصة توخاها في كتابة الظلل .
-6كان سيد قطب وهو يكتب الظلل من معين القرآن الثرى النقي الصافي ،واستمد منه أفكاره وأرائه ،وكانت
المصادر والموارد الثانوية ويعود إليها للتصحيح والستدراك والستشهاد.
ى-دراسة ياسين ؛(1983م) بعنوان ":التربية السلمية في ظلل القران دراسة حركية "
هدفت الدراسة إلى تحديد ابرز المبادئ التي يفترض أن توجه سلوك الدعاة إلى ال ،وإبراز الحاجة إلى السلم
والكشف عن أساليب العداء في محاربته.
-2محاربة الجاهلية السلم لكونه ينتزع منها سلطات اللوهية ويردها إليه عز وجل.
-3إبراز وسائل الكفار فى محاربة السلم ,وتشويه الحركات السلمية الصحيحة ,وإنفاق الموال للصد عن
سبيل ال والتشكيك في عالمية السلم .
22
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ك-دراسة فائز 1980( ،م) بعنوان "دستور السرة في ظلل القران "
هدفت الدراسة إلى الكشف عن أراء وتصورات سيد قطب عن المرأة المسلمة والقواعد التنظيمية في بناء السرة
وسبل صيانتها والعلقات النسانية داخلها ,والوسائل الوقائية لحمايتها .
استخدم الباحث في دراسته المنهج الو صفى التحليلي ,والمنهج المقارن .
-1تكريم السلم المرأة وإعطائها الكثير من الحقوق التي سلبتها منها الجاهلية القديمة ,والمعاصرة.
-2أقام السلم نظام السرة على أساس إيماني ,وأخلقي ,وإنساني بما يكفل صيانتها من التفكك والنحراف بحق
أهدافها المنشودة .
- 3قدم البيت النبوي أنموذجا تقيد به في مجال الترجمة الصحيحة لعقيدة السلم بكل
خصائصه.
من خلل استعراض الباحث للدراسات السابقة ومقارنتها بهذه الدراسة تبين وجود عدد من الختلفات والتمايز ،
ومن ذلك :
-1بروزسيد قطب وإزدهار مواهبه ,كمفكر صاحب مدرسة واتجاه ,كان في بداية الربعينات.
-2اتصاف فكرسيد قطب السلمى ,بالشمولية وتعدد الجوانب والهتمامات فقد كان له
أفكار وتصورات في مجال الدعوة والدب والقتصاد والجتماع والتربية والسياسة.
-3اهتمام قطب بقضية التغيير الشامل والجذري في حياة المسلمين ,تحقيقا لهداف
السلم وسعيا لقامة المجتمع المسلم والخلفة السلمية كبديل عن الجاهلية.
-4بعض الدراسات السابقة تناولت التغيير كمنهج من جانب واحد كالجانب الجتماعي
مثل دراسة الجعب ،أما هذه الدراسة فتتناول معالم التغيير التربوي لدى سيد قطب من
خلل كتاباته من جميع الجوانب .
23
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
-5هناك بعض الدراسات تناولت الفكر التربوي عند سيد قطب من خلل تفسيره "في
ظلل القرآن" مثل دراسة أبو دف ،أما هذه الدراسة ،فإنها ل تقتصر على تفسيره
السابق فقط ،بل تتناول بعض كتاباته أيضا .
-6بعض الدراسات السابقة تناولت الجانب القتصادي وأبرزته كعامل أولي لتغيير الواقع
السلمي مثل دراسة أبو فارس ودراسة الحوراني ,والمتأمل في أزمة المة السلمية
يجد أنها أكبر من هذا العامل ،فالخلل قد أصابها في جميع الميادين ،وهي بحاجة إلى
إصلح شامل مما يجعل أهم عوامل التغيير الصلحي هو التغيير التربوي .
-7بعض الدراسات تناولت الجانب العملي مثل دراسة شبيب ،حيث أبرزت المبادئ التي
يُفترض أن توجه سلوك الدعاة إلى ال والقواعد التي تنظم بناء السرة ،أما هذه
الدراسة فإنها تُمثل الجانب النظري والعملي .
بناء الطار النظرى العام للبحث ,وتعرف الباحث على مفهوم التغيير بوجة عام ,وكذلك تعرف الباحث على فكر
سيد قطب من جوانب عدة .
-1انفراد البحث عن الدراسات السابقة بأنه يتناول معالم التغيير التربوى لدى سيد قطب
من خلل كتاباته.
-2يسلط هذا البحث الضوء على معالم التغيير التربوي ,ومفهومه,وخصائصه ,ومجالته
وأليات.
-3لم يتطرق أحد إلى دراسة معالم التغيير التربوي لدى سيد قطب حسب علم الباحث .
الفصل الثاني
حياته وعصره
24
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
حياته وعصره:
ب_والده -:
هو الحاج قطب إبراهيم وكان عميدا للسرة وهذه الوجاهة تتطلب منه أن ينفق الكثير لكي يحافظ على السرة
،فكان يضطر لبيع بعض قطع الراض التي ورثها ،وصار يبيعها قطعة قطعة كلما وقع في ضائقة مالية ،
25
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وما وجدت السرة لنفسها في النهاية قطعة أرض لتزرعها ،ولقد اضطر الوالد في النهاية الى بيع بيت العائلة
الكبير .وكان وقع البيع شديد على والدته ،وعلى نفسه الصغيرة أيضا وعلى إخوته وكانت أمه تعده ليعيد
للسرة ما فقد منها بالبيع ولذلك أرسلته إلى القاهرة ليتعلم ثم يحصل على وظيفة ويدخر ما يكفي من المال
ليشتري ما باعه والده .وكان والده رجلً متدنيا مرموقا بين سكان القرية وعضو في لجنة الحزب الوطني
الذي كان يرأسه مصطفى كامل ،يهتم بزراعة أراضيه ويعطف على الفقراء ويبرهم (.قطب ,1967 ،ص:
) 37 _ 21
وأما والدة سيد قطب فقد كانت من أسرة مرموقة في القرية ،عاشت مع والدها فترة في القاهرة ،قبل أن
يعود بالسرة إلى القرية ،ويستقر فيها.كانت والدته أمرأة مؤمنة متدينة ،متصفة بصفات المؤمنات .كانت
كريمة كثيرة الصدقات في سبيل ال ،تقوم بنفسها بإعداد الطعام للعمال في المزارع ،وللقراء الذين يأتون
للقراءة في البيت ،تجهد نفسها في هذا كله ،وهي راضية النفس ،لنها تتقرب إلى ال بهذا العمل.تزوج
والد سيد قطب زوجتين :أنجبت الولى ولدا .أما أم سيد قطب أنجبت خمسة أولد :ولدين وثلث بنات وهم
نفيسة ،وسيد ،وأمينه ،محمد ،حميدة وكانت له أختان وأخ أصغر منه سنا هم حميدة وأمينة ومحمد ،
يقاسمونه آراءه التي تظهر بوضوح في كتابهم المشترك والطياف الربعة ( .فضل ال ,1978 ،ص) 43 :
ج_المجـال الفكري:
العمق,الحيوية,الحركية,الجدية,الثورية.
د_المجال الجتماعي:
26
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الشجاعة,الكرم,التواضع,النزاهة,العصامية(.الخالدي,1981,ص)189_176:
27
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
القران إيمان َاً ل يتناوله الشك والرافعي يقول في كتابه على السفود أنها غضبة ل وللقرآن .حتى أن
ل " :إن انتقاد سيد قطب لدب الرافعي معناه
محمود محمد شاكر ذهب إلى الطعن في موقف سيد قطب قائ ً
مجابهةً للدين والتقوى والحياء "( .فضل ال , 1978 ،ص) 48 :
وكذلك حذا حذوه إسماعيل الغمراوي .يذهب الباحث إلى العتقاد بأن المسائل عند سيد قطب لم تكن المسألة
دين أو غير دين وإنما هي الفرق بين مدرستين أدبيتين مدرسة العقل ويمثلها الرافعي ،و( مدرسة القلب )
ويمثلها العقاد ،وقد رد سيد قطب على إسماعيل الغمراوي الذي شكك في صدق إيمانه قائلًإن الدب والشعر
كالفنون ترجمه عن النفس النسانية وإحساسها وآمالها ول دخل للدين فيه كما يتصور إسماعيل الغمراوي
لنني أدري من غيري بحقيقة الدين ( فضل ال ،1978 ،ص ) 48-17 :
فالفلسفة والمثل التي كانت تسير أدب سيد قطب لم تكن لكثير من الكتاب والباحثين واضحة ،فربما بدأ سيد قطب
للبعض ذا نزعة اشتراكية ،وأن قصة أشواك تبرز ذلك ،وربما بدأ أدبه للخرين أدب انحلل أو عدم التزام أما
نحن ،فنرى أن النزعة الروحية تغلف أدبه الذي يهيب بالنسان إلى الرتفاع فوق المادة والشهوات والتحلي
بالخلق ،وأنه إذا كان أعجب بأدب العقاد ،فلن موضوعات العقاد التي عالجها كانت تلئم مثله التي يريدها .
ج_المرحلة الثالثة :
وتمتد من 1939إلى ، 1951وهي تمثل بداية تحوله نحو اليدولوجية السلمية ،ففي عام 1939نشر مقاله
في مجلة المقتطف بعنوان التصوير الفني في القرآن ،كشف فيه عن الجمال الفني في بعض اليات ،وقال
بإعجازها وربما يمكن القول أن هذه المقالة كانت بداية انسلخه الفكري عن العقاد الذي أنكر إعجاز القرآن ،
وفي عام ، 1945ظهر له كتابان :التصوير الفني في القرآن ومشاهد القيامة في القرآن ،وفيهما يعترف
صراحة بأنهما ثمرة تربيته الدينية ,وبأن القرآن أسره ,وكثرة بتناسقه العجيب وبفكرته المتسقة الشاملة( .قطب،
,1948ص)277:
وأن الجدل في الدين الذي قام عليه علم الكلم هوعقيم ل يؤدي الى نتيجة ،وان العقل عاجز عن معرفة غير
المحسوس ،ونشر قصيدة بعنوان وفي الصحراء صرح فيها بأن ترتيب الشياء ،إنما هو بقدرة عليا في عام
1946ظهر في مصر كتاب هذه هي الغلل ,وفيه يناقش مؤلفه عبد ال على القصيمي مشكلتين مشكلةاليمان
بالنسان وقدرته على الخلق والعطاء ومشكلة اليمان بالديان وقام العقاد وغيره يثنون على الكتاب بوجه الجمال
أما سيد قطب فا ندفع يهاجم بعنف جميع من أطروا الكتاب لنه بنظره يغالط حقائق الدين فمؤلفه يذهب إلى
القول بأن روح التدين تخالف روح الحياة ،وأن المتدين ل يمكنه أن يكون رجل دنيا ول سيما السلم الذي
أعتبره المؤلف مصدر التأخر والنحطاط في العالمين العربي والسلمي .في 21أكتوبر 1946انتقد الحضارة
المعاصرة قائلً بأنها حضارة مادية خاوية من القيم الروحية ،وفي نهاية عام 1948ظهر كتابه العدالة
الجتماعية في السلم الذي أبان بصراحه بالعدالة الجتماعية الصحيحة التي هي أمل البشريةول يمكن أن
تتحقق إل في ظل النظام السلمي ،وبأنه ينبغي أن يكون لنا أدب منبثق عن التصور السلمي (.قطب 1948 ،
،ص) 278 :
28
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
بعد وقفة و مراجعة وتفكير طويلة ،دامت سبع سنوات من 1955م إلى خرج 1962سيد قطب بضرورة
وجود حركة إسلمية كحركة الخوان المسلمين وعدم توقفها ويقوم منهجها على ما يلي :
_1ل بد أن تبدأ الحركة السلمية من القاعدة ،وهي إحياء مدلول العقيدة السلمية في القلوب والعقول .
_2تربية من يقبل هذه الدعوة ،وهذه المفهومات الصحيحة ،تربية إسلمية صحيحة .
29
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
_4عدم محاولت فرض النظام السلمي عن طريق الستيلء على الحكم ،قبل أن تكون القاعدة المسلمة
في المجتمعات هي التي تطلب النظام السلمي لنها عرفته على حقيقة وتريد أن تحكم به .
_5يجب حماية الحركة من العتداء عليها من الخارج عن طريق وجود مجموعات مدربة تدريبا فدائيا ،بعد
تمام تربيتها السلمية ,ول تبدأ بالعتداء ,ول محاولة لقلب نظام الحكم ،ول مشاركة في الحداث السياسية
المحلية ،وطالما الحركة آمنة .
_6أن هذه المجموعات تتدخل عند العتداء على الحركة ,والدعوة والجماعة ،وتتدخل لرد العتداء ،
وضرب القوة المعتدية بالقدر الذي يسمح للحركة أن تستمر في طريقها .
إن تصور سيد قطب لمنهج سير الحركة السلمية ،يعيد اعتبار أهمية الوضوح التصوري الفكري من خلل
البدء بالعقيدة ,والبيان ,ويعيد اعتبار أهمية العامل التربوي ،الذي يقوم على المجاهدة والخذ بالعزائم ،
واللتزام بالسلوك ,والممارسة العملية ( .قطب , 1964 ،ص.)35_22 :
رابعا:محنته واستشهاده-:
تفاقم الخلف بين عبد الناصر ,وبين الخوان المسلمين ،وبيت عبد الناصر النية لضرب الخوان وفي
15يناير 1954م وفي الساعة الواحدة إل ربع من صباح ذ لك اليوم أصدر مجلس قيادة الثورة ،أمرا بحل
جماعة الخوان المسلمين ،وفي صبيحة هذا اليوم تم اعتقال قادة الخوان المسلمين وعلى رأسهم المرشد
العام حسن الهضيبي ,وكان سيد قطب في مقدمة الخوان المعتقلين ،بعد أقل من شهر من اعتقال سيد قطب ،
وقيادات وأعضاء جماعة الخوان المسلمين شكلت لهم محاكم عسكرية سميت "محكمة الثورة " رؤساؤها
ل ،بسبب المراض التي أصيب
وقضاتها ضباط الجيش تأخرت محاكمة سيد قطب أمام محكمة جمال سالم قلي ً
بها ،والتي ضاعف منها تعذيبه المتواصل " وفي اليوم الثالث من شهر أيار سنة 1955م نقل إلى المستشفى
العسكري ،للمعالجة مما أصابه من آثار التعذيب ،والمراض المختلفة التي خلفها سجنه الرهيب ،في
جسده الطاهر ،مرضا صدريا ،وأزمة قلبية و " روماتيزم " في معظم أعضاء جسمه المعذب المكدود .وفي
الثالث عشر من تموز سنة 1955م حكمت محكمة الشعب ،على الرجل المبتلى ،والعالم الرباني ،بالسجن
لمدة خمسة عشر عاما مع الشغال الشاقة وكان الحكم غيابيا لعدم استطاعته حضور الجلسة ،من جراء ما
أصابه من إعياء ومرض وتعذيب " (العظم ,1980 ،ص)39 :
وفي سنة 1964م تعرض سيد قطب لنهيار حاد جديد في صحته استدعى نقله الى مستشفى "المنيل"الجامعي
لكنه هذه المرة لم ينقل ،لنه أفرج عنه إفراجا صحيا وخرج سيد من سجنه بعفو صحي ،بعد إصابته بالذبحة
الصدرية ،مع قائمة المراض الخرى في الكلى والمعدة والمعاء ( .حمودة ، 1981 ،ص)159 :
30
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وهو في تصوره للعمل يستبعد النشغال السياسي والنقابي والمهني ،توفيرا للوقت والجهد وهو يلغي اللجوء
إلى الرهاب والعنف ،والتغلغل في الجيش والجهزة الحكومية حتى ل تؤخذ الجماعة بالعنف والرهاب
والتأمر على الحكم ,وهو يؤمن بوجوب نقل المجتمعات إلى الفهم الصحيح للسلم ،والمطالبة الجادة بحكم
السلم ،ويعلم أن هذا الطريق طويل لكن هذا هو الطريق ( .الخالدي ،1991 ،ص)384_382:
وفي ليلة الثنين 9/8/1965م داهمت المباحث منزل سيد قطب في رأس البر قبل الفجر ،وألقت القبض عليه
،وساقته إلى السجن الحربي ،حيث بقي فيه في التعذيب والتحقيق والمحاكمة الى أن تم إعدامه بعد سنة
من هذا العتقال ( .جوهر ,1977 ،ص)110 :
انتهى التحقيق مع سيد قطب يوم 20/12/1965م وشكلت المحاكم لمحاكمته مع إخوانه ،وبدأت المحكمة
عملها في 9/4/1966م ,لما بدأت محاكمة سيد قطب وإخوانه أمام المحاكم كان المراقبون يعلمون ما في هذه
المحاكم من تجاوزات وانحرافات .وقد أزعج ذلك المر محامين عربا فتطوعوا للقدوم إلى مصر ،والدفاع
عن سيد قطب وإخوانه ،ولكن الحكومة منعتهم " لقد منعت السلطات الظالمة يوم ذاك عددا من المحامين
العرب ،الذين تطوعوا من السودان والمغرب والردن وغيرها ،للدفاع عن المتهمين( .العظم ,1980 ،ص:
)59
وقد حاولت منظمة العفو الدولية ،إرسال أحد أعضائها المحامين لحضور المحاكمات ،بصفة مراقب ،لكن
الحكومة المصرية لم توافق .وقد أذاعت المنظمة بيانا للصحف والرأي العام العالمي ،بتاريخ / 15/4
1961أدانت فيه المحاكمات المصرية ,ومما جاء في بيانها إن المستر " بيتر أرش " عضو البرلمان
البريطاني ،وعضو المجلس التنفيذي البريطاني للهيئة العالمية لرعاية المسجونين السياسيين قد عاد من
القاهرة ،حيث قام بمهمة استطلعية بشأن محاكمة ثلثة وأربعين عضوا من جماعة الخوان المسلمين وقد
قدم المستر " أرش " تقريرا أبرز فيه النقاط التالية :
_إن محاكمات الخوان المسلمين فرض عليها قانون استثنائي صدر بعد وقوع العتقالت بأثر رجعي
_المحاكم التي حاكمت المعتقلين من الخوان المسلمين أخذت صفة محاكم عسكرية ليس لسلطتها أي حدود .
_إن المحاكم العسكرية رفضت سماع أقوال المتهمين عن التعذيب الذي وقع عليهم كما رفضت استماع
أدلة,وشهود لثبات وقوع التعذيب .
_الستاذ سيد قطب وزملؤه من الخوان المسلمين ،حرموا من حقهم الشرعي,والطبيعي ،في اختيار محامين
للدفاع عنهم .
_إن السلطات المصرية طردت المحامين السودانيين الذي ذهبوا للقاهرة ،بقصد الدفاع عن الخوان المسلمين ،
وأبعد تهم عن مصر بدون مبرر .
_إن السلطات المصرية خالفت قرارات مؤتمر المحامين العرب ،التي شاركت فيه نقابة المحامين في مصر ،
ووافقت على قراره بإعطاء المحامين العرب الحق في المراقبة عن المتهمين السياسيين أمام القضاء المصري .
31
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
_إن السلطات المصرية منعت الجمهور,والصحافة من حضور الجلسات وفرضت الرقابة على أنباء المحاكمات
والجلسات.
_المنظمة نبهت السلطات المصرية إلى ضرورة إقامة محاكمات عادلة ،حرصا على سمعة القضاء المصري
( الخالدي ، 1991 ،ص ص. ) 449 ، 448 :
أثارت محاكمة الدجوي الظالمة ،وتعذيب الجلدين الرهيب المراقبين للحداث ،وكان ممن أثارتهم المحاكمات ،
السيد كمال الدين حسين ,وكان عضوا في مجلس قيادة الثورة ,ووزيرا سابقا للتربية والتعليم ,ونائبا سابقا
ما يلي : لرئيس الجمهورية,وقد بعث رسالة للرئيس عبد الناصر ,وكان نص الرسالة
"بسم ال الرحمن الرحيم "
السيد جمال عبد ا لناصر_ رئيس الجمهورية
من كمال الدين حسين
السلم عليكم ورحمة ال وبركاته وبعد :
لك ....اتق ال . ل خير في إذا لم أقلها
اتق ال :ـ اتق ال ..ول تكن ممن قال فيهم ال ،سبحانه وتعالى :وَِإذَا قِيلَ َلهُ اتّ ِق اللّ َه َأخَذَْتهُ الْ ِعزّ ُة بِالْإِثْمِ َفحَسُْبهُ
َجهَنّمُ وَلَبِئْسَ اْل ِمهَادُ "(.سورة البقرة,أية)206:
اتق ال .....
أمر ال بها الرسول والمؤمنين ....وأمر بها الرسول أصحابه المؤمنين ..وقالها الخلفاء والئمة لبعضهم
ولولتهم وللمسلمين ..وقالها المسلمون للخلفاء والئمة الولة ..ولبعضهم بعضا .
اتق ال ....
س تَأْ ُمرُونَ بِاْل َم ْعرُوفِ وَتَ ْنهَ ْو َن عَنِ اْلمُ ْن َكرِ وَتُ ْؤمِنُو َن بِاللّهِ قالتها تلك المة التي أعزها ال بقوله " :كُنْتُ ْم خَ ْي َر أُمّةٍ ُأ ْخرِجَ ْ
ت لِلنّا ِ
" (سورة أل عمران ,أية. )110 :وسلمي على من اتبع الهدى ( .جوهر ، 1966 ،ص ص)197,196:
وبعد أربعة أشهر في محاكمة سيد قطب وإخوانه ،وفي يوم الحد 21/8/1966م أصدر الفريق أول " فؤاد
الدجوي " الحكام في قضية التنظيم الخواني ،على المتهمين الثلثة والربعين .
وكانت الحكام قاسية جائرة عنيفة ،حيث لم يبرأ منهم أحد .
32
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
حكم على سبعة منهم بالعدام ،وعلى خمسة وعشرين بالسجن المؤبد .وعلى أحد عشر بالسجن في خمس
عشرة إلى عشر سنوات .والذين حكم عليه بالعدام هم قادة التنظيم .
سيد قطب ،ومحمد يوسف هواش ،وعبد الفتاح إسماعيل ،صبري عرفة ،وأحمد عبد المجيد ،ومجدي عبد
العزيز وعلى عشماوي ( .جوهر ،1977 ،ص)195-192 :
أثار الحكم على سيد قطب وأخويه محمد يوسف هواش وعب الفتاح إسماعيل الكثير في الحتجاجات
والمظاهرات ،وحملت الستنكار والستهجان ،مما كثير في البلد العربية والسلمية واتصل أناس من
الخوان المسلمين ببعض المسئولين في البلد العربية ليتوسطوا لدى عبد الناصر حتى يخفف عن سيد حكم
العدام .وكان ممن توسط لدى عبد الناصر الملك فيصل بن عبد العزيز .ولقد أرسل الملك فيصل برقيه ،
يلح في الرجاء في عدم إعدام سيد قطب ،ولكن عبد الناصر قال :أعدموه في الفجر بكرة ،واعرض على
البرقية بتاعه سيد فيصل بعد العدام ثم أرسل برقية اعتذار له ,و يكتب في الهرام تم العدام في سطرين
ويرو ى أحمد رائف أثر خبر العدام على الملك فيصل (رائف .1989,ص)152_149:
في ليلة تنفيذ أحكام العدام في سيد قطب وأخوته ،ثم نقل الخوان الثلثة من السجن الحربي إلى سجن
الستئناف ليتم العدام .وقد نشر التلفزيون في نشرته الخبارية المسائية مساء يوم الحد 1966 /28/8م
صورة لسيد قطب ولخويه ،لحظة خروجهم من السجن الحربي ،ليستقلوا السيارة إلى سجن الستئناف.
ورأينا سيد قطب وكنا نتابع النشرة التلفزيونية وهو خارج منتصب القامة ،رافع الرأس ،مشرق الوجه ،
منبسط السارير .وكان يمد يده لكل جندي وحارس أمام السجن الحربي ويسلم عليه مصافحا ،ويودعه
بابتسامة مشرقة .والتقطت صورة هذه البتسامة ونشرت في الصحف ،وصارت تنشر في الكتب التي تتحدث
عن الشهيد .وفي المجلت التي تتكلم عنه بمناسبة استشهاده .
33
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الكريم ..وتزينت الحور العين لستقبال أزواجها ـ وأزلفت الجنة للوافدين الجدد .وأسدل الستار على آخر
صفحة من حياة الرائد الشهيد في هذه الدنيا الغائبة ليبدأ عند ال حياته الحقيقية في جنات الخلود إن شاء ال .
(الخالدي,1991,ص)481:
34
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وقد اشترك في تحرير الكتاب مع أخويه الثلثة :حميدة ومحمد وأمينة ( .الخباص ،1983 ،ص )361 :
_6طفل في القرية :
صدر الكتاب عن لجنة النشر للجامعيين عام ( .1946مجلة الكتاب ,.العدد , 9ص )465 :
_7المدينة المسحورة :
هي قصة خيالية أسطورية استوحاها من قصص ألف ليلة وليلة .وقد أصدرتها دار المعارف ضمن سلسلة "
أقرأ " سنة 19 46م ( .الخباص ،1983 ،ص)281 :
_8كتب وشخصيات :
هو ثالث كتاب أصدره عام 1946م والكتاب مقالت نقدية نشرها سيد قطب في المجلت نقد فيها كتب لدباء
وباحثين ( .الخباص ،1983 ،ص)281 :
_9أشواك :
هي قصة حب حقيقية ،عاشها سيد قطب نفسه مع خطيبته ،وقد أهدا ها لخطيبته وقد أصدر سيد قطب قصته
" أشواك " في شهر مايو ـ أيار ـ عام 1947م عن دار سعد مصر بالقاهرة .
(الخباص 1983 ،ص)292:
_10مشاهد القيامة في القرآن :
أصدر سيد قطب كتابه هذا في إبريل و"نيسان "1947م عن دار سعد مصر بالقاهرة وهو الكتاب الثاني في
"مكتبة القرآن الجديد " والكتاب متمم ومكمل للكتاب القرآني الول " التصوير الفني في القرآن ( .مجلة
الكتاب,عدد ,10ص )168 :
_11روضة الطفل :
روضة الطفل عبارة عن سلسلة قصصه للطفال ،أصدرها بالشتراك مع "أمينة السعيد " يوسف مراد " وقد
أصدروا من هذه الروضة حلقتين فقط :وصدرت الحلقتان عن دار المعارف بمصر ،عام 1947م ( .الخباص
، 1983 ،ص )179 :
_12القصص الدينية للطفال :
أصدر عام 1947م مع السيد قطب عبد الحميد جودة السحار الحلقة الولى في سلسلة القصص الديني للطفال
وصدرت عن مكتبة سعد مصر بالقاهرة ( .الخباص :1983 ،ص)279 :
_13الجديد في اللغة العربية .
_14الجديد في المحفوظات :
هما كتابان منهجيان لطلبة مدارس وزارة المعارف ألفهما مع آخرين من رجال المناهج في الوزارة ،وقد
أصدرت الكتابين دار المعارف بمصر ,وكان هذان الكتابان مقررين على مدارس الوزارة ،حتى بعد محنة
35
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
سيد قطب الولى عام 1954م ومحاكمته والحكم عليه ،ولم يلغ هذان الكتابان إل عند محنة سيد قطب الثانية
عام 1965م ( .الخباص‘ 1983ص )361:
_15النقد الدبي :أصوله ومناهجه( .مجلة الكتاب ,العدد , 6ص )288 :
_16العدالة الجتماعية في السلم :
أنهى سيد قطب تأليف كتابه قبل سفره إلى أمريكا عام 1948م وعهد إلى شقيقه محمد بطبعه وهو أول
مؤلفاته في الفكر السلمي .وظهر في أبريل _نيسان_ عام 1949م.
(مجلة الكتاب,العدد ,7ص)756 :
_17معركة السلم والرأسمالية :
أصدر سيد قطب كتابه معركة السلم والرأسمالية بعد أن انقطع عن الكتاب ,والتأليف مدة سنتين ،من 1948م
إلى 1950أثناء وجوده في أمريكا ،الذي صدر عن دار الكتاب العربي بمصر :في شهر فبراير "شباط" عام
1951م ( .مجلة الكتاب ,العدد , 10ص)45 :
_18السلم العالمي والسلم :
بعد بضعة شهور من كتاب معركة السلم والرأسمالية ظهر سيد قطب على الناس بكتاب ثوري إصلحي آخر
هو السلم العالمي والسلم حيث صدر عن دار الكتاب العربي في أكتوبر تشرين أول عام 1951م ( .مجلة
الكتاب,العدد , 10ص) 930:
_19في ظلل القرآن :
في ظلل القرآن ،من أشهر كتب سيد قطب ،وهو تفسير كامل للقرآن أصدره في ثلثين جزءا بعدد أجزاء
القرآن .وسجل فيه آراءه وأفكاره ،وتصوره للسلم والدعوة والحركة والمواجهة والتغيير قال عنه الستاذ
محمد قطب " الكتاب الذي عاش صاحبه بروحه وفكره وشعوره وكيانه كله ..وعاشه لحظة لحظة ،وفكرة
فكرة ،ولفظة لفظة ..وأودعه خلصة تجربته الحية في عالم اليمان " (قطب, 1977,ص)9:
36
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
القويمة التي يقوم عليها ورسم الطريق الحركي الجهادي لنشائه وذلك من منطلق أن الجماعة ضرورية
لتربية قرآنية ناجحة.
( خالدي , 1986 ،ص. ) 108 – 100 :
ومن خلل استقراء تفسير الظلل ،يتضح أن سيد قطب قد عالج القضايا التربوية للمنهج السلمي في
التربية ،الطبيعة النسانية ،القيم ،التغير الجتماعي والثقافي ،السرة المسلمة كوسيط تربوي ،تربية
الجماعة المسلمة ،نظرة السلم إلى المعرفة والعلم ،جوانب أساسية في تربية الشخصية المسلمة ،التربية
العقائدية ،التربية الخلقية ،التربية الجهادية ،التربية الجتماعية ,و تزويد المسلم المعاصر بدليل عملي
مكتوب.
_20دراسات إسلمية :
أصدر سيد قطب كتابه هذا عام 1953م حيث نشرته له مكتبة لجنة الشباب المسلم والكتاب عبارة عن خمس
وثلثين مقالة إسلمية ،نشرها سيد قطب في المجالت الدبية ،والسلمية قبيل الثورة ،وبعد قيامها مباشرة
،مثل مجلت :الرسالة ،والدعوة ،والشتراكية ،واللواء الجديد ،وغيرها ( .قطب , 1975 ،ص) 112 :
_21هذا الدين :
أصدر سيد قطب كتابه هذا الدين في السجن,وطبعته دار القلم بالقاهرة عام 1960وسبب تأليف هذا الكتاب,
ما ل حظه سيد قطب على وجوه بعض شباب الخوان المسلمين ،حيث زج بهم في سجون عبد الناصر،حيث
لقوا فيها مال قوا من صنوف التعذيب والذى ففكر سيد قطب في ما يعيشه بعض إخوانه ,وفكر في تعليل ما
مر به وبالخوان من أحداث ,وفكر في طبيعة هذا الدين ,وفي منهجه في العمل والدعوة فألف كتابه لبيان
طبيعة هذا الدين وخصائصه ،وأنه منهج للبشر ل يعمل ولينتصر بطريقة سحرية غيبية ،وإنما وفق سنن
مطردة ،وأسباب مادية وبجهود البشر أنفسهم ,وأنه منهج ميسر ل عرفيه ول مشقة ،ويسهل على النفوس
الجادة حملة و النهوض بتكاليفه ( .الخباص , 1983 ،ص)323:
37
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
أصدر سيد قطب كتابه هذا في نفس العام :حيث نشرته دار إحياء الكتب العربية عام 1962م ويقوم الكتاب
على استعراض مشكلت الحضارة التي أنتجتها قيادة العالم الغربي للبشرية في العصر الحديث ،ثم تقديم حل
السلم لهذه المشكلت ( .الخباص ، 1983 ،ص)326 :
_25معالم في الطريق :
صدرهذا كتاب في حياة سيد قطب ،وقد أصدرته مكتبة " وهبة " عام 1964م وألف سيد قطب كتابه ليكون بيانا
لمنهج عمل الحركة السلمية ،وتوضيحا لمعالم طريقها في الدعوة إلى ال .وقد أجمع المراقبون ومن
الخوان وغيرهم على أن من أهم أسباب الحكم على سيد قطب بالعدام ،وتنفيذه فيه عام 1966م هو كتاب
المعالم ،ولذلك صدق محرر جريدة المنار الردنية عندما قال من المعالم الكتاب الذي حكم على صاحبه
بالعدام ( .الخباص ,1983 ،ص)322 :
_26مقومات التصور السلمي :
مقومات التصور السلمي ،هو القسم الثاني الذي أعلن عنه في كتاب خصائص التصور السلمي
وهو مكمل له,ومتم لموضوعه فالكتابان يبحثان في العقيدة السلمية من حيث خصائص ومقوماتهاوهو
الكتاب الوحيد الذي طبع بعد استشهاد صاحبه بعشرين عاما .فقد صدرت الطبعة الولى من الكتاب عن دار
الشروق ،عام 1986م ( .قطب ،1986 ،ص )50 :
وبالمجمل وباستعراض الباحث لميراث سيد قطب الفكرى السلمي وخلل فترة زمنية قصيرة نسبيآ يبين ما
يلي:
_ غزارة إ نتاجه .
_تنوع هذا النتاج وشموليتة لمجالت متعددة (أدبية_فكريه_ سياسية_أقتصاديه_ دعوية _حركيه).
_عمق الحس السلمي الذى يسيطرعلى كتاباته وحيويةهذا الفكر في تعبيره عن الواقع السلمى.
الفصل الثالث
أول_مفهوم التغيير.
38
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
التعريف اللغوي للتغيير:يعنى في اللغة إحداث شيء لم يكن من قبل بنفس الصورة التي أصبح عليها بعد التغيير,
وكانت العرب تقول :غير فلن بعيره ,إذا حط عنه رحله ,وأصبح من شأنه ,وتغيرت الشياء إذا اختلفت عن
سابقتها ,فحين تقول :غيرت دارى إذا بنيتها بناء غير الذي كانت عليه وهو يعنى التحول والتبدل ( .البستاني,
,1973ص)563:
أول:مفهوم التغيير":يقصد به عملية إحداث تحولت في البيئة الجتماعية الثقافية دون إصدار أحكام محددة"(.أبو
دف,2004,ص)5:
ثانيا:مفهوم التغيير التربوي عند سيد قطب:هو جملة من المفاهيم والمبادئ والمناهج التربوية المستنبطة من
الشريعة السلمية والجهود البشرية التي تقوم على نقل المجتمع والفرد من حالة النحراف عن منهج ال إلى
حالة اللتزام بالعقيدة والعبادة والشريعة دون سواها من أنظمة الجاهلية باستخدام جميع الوسائل العملية والنظرية
39
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
من أجل تحقيق العبودية ل ,ويقوم هذا النظام على الحكم بشريعة ال اى استبدال النظام الجاهلي بالنظام
السلمى .
أن التغيير عند سيد قطب يقوم على نقل المجتمع الجاهلي إلى المجتمع السلمى وبناءا على ذلك يميز سيد قطب
من نوعين من المجتمعات البشرية :المجتمع السلمي والمجتمع الجاهلي .
المجتمع السلمي :هو الذي يعترف بشريعة ال السلم فيقوم على مبدأ وحدانية ال المطلقة وإخلص العبادة
ل ،عقيدة وسلوكا ،ول يعترف بالحاكمية العليا إل ال وحده ،ويمنح كل فرد فيه حرية الرادة
له قولً وفع ُ
وإرادة التحرر من كل ألوان العبودية الباطلة لذا فهو مجتمع ل يكتفي بممارسة الشعائر الدينية من صلة وصيام
ل عن أنه ليس هو الذي يبتدع إسلما خاصا على هواه
وحج ،إنما هو الذي تكون فيه شريعة ال هي السائدة فض ً
،إسلما يقال له متطورا يتفق واحتياجاته ،وإن تعارض مع ما أراده ال للناس ،وما بلغه النبي صلى ال عليه
وسلم (.فضل ال , 1978 ،ص ) 117 :
ويعريف المجتمع السلمى:هو المجتمع القائم على منهج ال ,المحكوم بشريعته ,هو الذي يستحق أن تصان فيه
الدماء ,وتصان فيه الموال ,ويصان فيه النظام العام,وأن توقع على المخلين بأمنه المعتدين على الرواح
والموال فيه العقوبات التي تنص عليها الشريعة السلمية (.قطب, 2005,ص ص)874,873:
المجتمع الجاهلي:هو الذي ليعترف بشريعة ال منهجا لحياة الناس ,ويرضى بحكم البشر للبشر ,والعتراف
بألوهية بعض البشر ,وبالعبودية لهم من دون ال(.قطب,2005,ص)1219:
مفهوم الجاهلية :الجاهلية في اللغة من الجهل وهي حالة الجهل الوثنية في بلد العرب قبل السلم ونستطيع
استنباط مفهوم الجاهلية في اصطلح الشرع باستقرائنا للنصوص القرآنية التي أوردت هذا اللفظ ومعرفة مرادها
به وردت كلمة الجاهلية في القرآن الكريم في أربعة مواضيع ،وهذه المواضيع أو اليات والربع بينت أن
الجاهلية مفهوما واحدا وهو أنها عبارة عن وصف لحالة المجتمع الذي يحكم بشريعة غير شريعة السلم .
( جودة ,1989 ،ص ) 11 :
استخدم مصطلح الجاهلي في الظلل وفي المعالم مرات كثيرة ،وأكد عليه في كل موضع رآه مناسب َا ،وهذا
المصطلح له معنى محدد عنده ،وله دللة واضحة وهو وصف ينطبق على حالة قائمة ،إن البعض قد ل يفهم
معنى هذا المصطلح فيطلقه على الفترة التي عاشها العرب قبل السلم .وقد قرر أن الجاهلية ليست مقابلة للعلم
والتقدم ،ولكنها مقابلة لليمان واللتزام بمنهج ال وتطبيق شريعته ولذلك فهي ليست فترة ماضية من الزمان ،
40
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ولكنها وصف ينطبق على كل حالة ترفض فيها مجموعة من الناس اللتزام بمنهج ال .يقول في تفسير قوله
حكْمَ اْلجَا ِهلِيّ ِة َيبْغُونَ َومَ ْن َأحْسَ ُن مِ َن اللّ ِه ُح ْكمًا ِلقَوْ ٍم يُو ِقنُو َن " ( سورة المائدة ،آية ) 50 :
تعالى :أَ َف ُ
إن معنى الجاهلية يتحدد بهذا النص ،فالجاهلية كما يصفها ال ويحددها قرآنه وهي حكم البشر للبشر ،لنها هي
عبودية البشر للبشر ،والخروج من عبودية ال ورفض ألوهية ال ،والعتراف في مقابلة هذا الرفض بألوهية
بعض البشر ،وبالعبودية لهم من دون ال .إن الجاهلية في ضوء هذا النص ليست فترة في الزمان ولكنها وضع
من الوضاع هذا الوضع يوجد بالمس ،ويوجد اليوم ،ويوجد غدا ،فيأخذ صفة الجاهلية المقابلة للسلم .
( قطب ، 2005 ،ص ) 904 :
وأن موالة الحكام لعداء السلم ,والتفريط في حقوق المة الوطنية وان يمد الى المستعمرين أيديهم ،وخيانة
الحكام لقضايا شعوبهم لدينهم لهى من أشد حوافز التغيير ،الن المة ل تتسامح مع الخونة والعملء فأمثال
هؤلء الذين يوقعون الضرر بأمتهم لم يعمر السلمى قلوبهم ،ولو تبنوا السلم عقيدة وشريعة لتحولوا الى
مجاهدين مكافحين عن قضايا المة ،لن السلم يستند الى قوة الزل والبد ،ويخوضون المعركة وملء قلوبهم
شوق الى الستشهاد في الرض لينالوا حياتهم في السماء التي هم مسئولون عنها أمام ال والتاريخ والجيال
القادمة (.قطب ، 1971 ،ص ص ) 36,35 :
وكما يؤكد على أن الجاهلية أنواع وألوان فمنها :جاهلية العتقاد و جاهلية التباع ,والتصور والعبادة والشعائر
،أو كانت جاهلية الدنيوية والتباع والطاعة والخضوع .ومنها جاهلية العراف والعادات والتقاليد ,فنحن نشهده
اليوم بصورة أوضح في الجاهليات الحديثة هذه العادات والتقاليد التي تكلف الناس العنت الشديد في حياتهم ،ثم
ل يجدون لنفسهم منها مفرا ،ومنها هذه الزياء والمراسم التي تفرض نفسها على الناس فرضا ،وتكلفهم
أحيانا ما ل يطيقون من النفقة ،وتأكل حياتهم واهتماماتهم ثم تفسد أخلقهم وحياتهم ،ومع ذلك ل يملكون إل
الخضوع لها ( .قطب ، 2005 ،ص ) 1944_1219 :
و نتيجة لذلك يقرر أننا نعيش الن في الجاهلية :نحن نعيش في جاهلية مجتمع وجاهلية تشريع ،وجاهلية
أخلق ،وجاهلية تقاليد ،وجاهلية نظم وجاهلية آداب ،وجاهلية ثقافة كذلك ( .قطب , 2005 ،ص ) 3619 :
41
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
المطلقة للعباد .وبهذا المقياس الساس يتضح أن وجه الرض اليوم تغمره الجاهلية وأن حياة البشرية اليوم
تحكمها الجاهلية ،وأن السلم اليوم متوقف عن الوجود مجرد الوجود ( .قطب , 2005 ،ص ص ، 1256 :
) 1257
وقد تحدث عن الجاهلية أيضا في كتابه معالم في الطريق وكان بيانه لها فيه قريبا من بيانه لها في الظلل ،ول
اختلف إل في الصياغة والعبارات ،مع أنه يميل في " المعالم " إلى التحديد أكثر في هذا الموضوع .ولكن يهمنى
أن أضيف إلى هذا البيان رأيه الذي سجله في المعالم وهو أن المجتمع السلمي وحده هو المتحضر لن السلم
وحده هو الحضارة ،وأن المجتمع الجاهلي هو المجتمع المتخلف والمجتمع السلمي بصفته تلك هو وحدة
المجتمع المتحضر ،والمجتمعات الجاهلية بكل صورها المتعددة مجتمعات متخلفة ( .قطب 1968 ،ص ) 140 :
وأن سبب اعتبار المجتمع الجاهلي مجتمعا متخلفا ورغم تقدمه العلمي والمادي هو أن التصورات والمناهج ،
والقيم والموازين ،والعادات والتقاليد كلها تشريع يخضع الفراد لضغطه وحين يضع الناس بعضهم لبعض هذه
الضغوط ،ويخضع لها البعض الخر منهم في مجتمع ،ل يكون هذا المجتمع متحررا ،إنما هو مجتمع بعضه
أرباب ،وبعضه عبيد كما أسلفنا وهو من ثم مجتمع متخلف أو بالمصطلح السلمي مجتمع جاهلي ( .قطب ،
,1968ص ) 145 :
ومن الملحظ إن بعض الباحثين أساؤا فهم كلم سيد قطب ,وخرج منها بنتائج خاطئة وبني عليها أحكاما ظالمة
جائرة وبهذا شوه هذه الفكرة التي جلها سيد قطب مما دفع بالبعض إلى أن يغالي وهو يبطل فهم ونتائج هذا
الفريق فيتهم سيد قطب في كلمه حول المجتمع الجاهلية ،ويدعي أنه ل يتفق مع النصوص الشرعية والمبادئ
السلمية .بدأ هذا الفهم المعوج مع ظهور جماعة المسلمين في مصر ،المشهورة باسم جماعة التكفير
والهجرة ،حيث قرؤوا الظلل والمعالم ثم بدؤوا يجسدون ما ورد في كتابات سيد قطب ،عن الجاهلية ،
والمجتمع المعاصر وكيف أنه أصبح جاهليا ،حتى استخلصوا منها فهما خاصا و هو أن المجتمع المسلم قد ارتد
كافرا ( .البهنساوي ، 1994 ،ص ) 11 :
وقد قام الدعاة بواجبهم في الرد على هذه الجماعة وكان من أبرز هذه الردود رد البهنساوي في كتابه الحكم
وقضية تكفير المسلم وناقشهم في موضوع الجاهلية مناقشة علمية موضوعية أصلية .ولقد ظلمت تلك الجماعة
سيد قطب عندما نسبت إليه دعوته إلى المفاصلة الحسية والعزلة المادية والمقاطعة التامة للمجتمع ،وأسست
على ذلك الفهم السقيم مبادئ عملية لفرادها أهمها :
-1عدم الترشيح للنتخابات وعدم الشتراك فيها بصوت أو نصح أو رأي ،لن المجالس النيابية تشرع من دون
ال ،والمساهمة في ذلك كفر بواح لنه إتباع للكفر أو رضاء به .
42
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
-2مقاطعة المساجد ،لن الصلة فيها خلف أئمتها تتضمن لهم الشهادة باليمان وهم كافرون .
-3الهجرة إلى الصحراء أو الكهوف لن ذلك هو السبيل الذي سلكه النبي صلي ال عليه وسلم لقامة دولة
إسلمية .
-4التوقف عن المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،لن المجتمعات كافرة وليس بعد الكفر ذنب بل عدم
المساهمة في أي إنتاج لن ذلك يؤدي إلى تماسك المجتمع الجاهلي .
_7عدم الزواج منهم وتزويجهم أو أكل ذبائحهم ( .جودة ، 1989 ،ص )24 _15 :
وأن المفاصلة عبارة عن مرحلتين :المفاصلة الشعورية ,و المفاصلة العملية,وأن الجماعة المسلمة في المرحلة
الولى تخالط الناس وتدعوهم إلى السلم إن الخطوة الولى تبدأ دعوة للناس بالدخول في السلم ،الدينونة ل
وحده بل شريك ،ونبذ الدينونة لحد في خلقه في صورة من صور الدينونة ثم ينقسم القوم الواحد قسمين ،
ويقف المؤمنون الموحدون الذين يدينون ل وحده صفا أو أمة ويقف المشركون الذين يدينون لحد من خلق ال
صفا أخر ,ثم يفاصل المؤمنون المشركين ،ثم يحق وعد ال بنصر المؤمنين والتدمير على المشركين ،كما وقع
باطراد على مدار التاريخ البشري وقد تطول فترة الدعوة قبل المفاصلة العملية ولكن المفاصلة العقيدية الشعورية
يجب أن تتم منذ اللحظة الولى ( .قطب , 2005 ،ص ) 1947 :
وقد فهم العزلة والمفاصلة الشعورية من خلل نظرته في حياة الصحابة الكرام ،وفي طريقة الرسول ال صلى
ال عليه وسلم في تربيتهم حيث كانت المفاصلة والعزلة الشعورية في تصورهم منذ إسلمهم ولكنهم مع ذلك
كانوا يخالطون الناس الكافرين ,ويدعونهم إلى ال ,فلم تكن هناك عزلة إل العزلة بالتصور اليماني الجديد ،
وعدم خلطة بأية رقعة غريبة عنه في أثناء التكوين النفسي لهذه الجماعة وكانت التربية المستمرة متجهة دائما
إلى إنشاء هذا التصور اليماني الخاص المتميز ،المنعزل بحقيقته وطبيعته عن التصورات السائدة في العالم كله
يومذاك ،وفي الجزيرة العربية بصفة خاصة ،أما الناس الذين ينشأ هذا التصور المتميز في نفوسهم فلم يكونوا
بمعزل عن واقع الحياة ومضطرب الحداث ،بل كانوا يصهرون في بوتقة الحوادث يوما بعد يوم ،ومرة بعد
مرة ،ويعاد صهرهم في المر الواحد والخلق الواحد مرات كثيرة ،وتحت مؤثرات متنوعة ( .قطب , 2005 ،
ص )37_35 :
43
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وأن لم يكن من طبيعة ول مبادئه الدعوة إلى العزلة الحسية ،وهو الجتماعي المؤثر في مجتمعه طيلة حياته ،
وهوالحريص على مخالطة الناس من حوله إن العزلة شيء غريب تأباه طبيعته ونفسه وعقليته ،وقد عرفنا ذلك
في كلم له يخاطب به شقيقته الفاضلة أمينة قطب في رسالة وجهها إليها وهو في أمريكا وجاء فيها قوله :
ل،ل
حين نعتزل الناس لننا نحس أننا أطهر منهم روحًا ،أو أطيب قلبا ،أو أرحب منهم نفسا أو أذكى منهم عق ً
نكون قد صنعانا شيئا كبيرا ،لقد اخترنا لنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة .إن العظمة الحقيقية :أن نخالط هؤلء
الناس ونحن مشبعين بروح السماحة والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم ،وروح الرغبة الحقيقية في
تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع .إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن أفاقنا العلياء ومثلنا
السامية ،أو أن تملق هؤلء الناس و نثني على رذائلهم أو نشعرهم أننا أعلى منهم أفقا ,إن التوفيق بين هذه
المتناقضات وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوافيق من جهد هو العظمة الحقيقة (.قطب ,1971 ،ص ص :
) 11,10
وكما أنه يقصد من العزلة المفاصلة والتميز في كتاب المعالم ويمثل هذا التوضيح الرأي الخير لسيد قطب وهو
نص ثمين ل أدري كيف غاب عن بعض من ينتقد سيد في هذا الموضوع ,ولن يكون هذا بأن نجاري الجاهلية
في بعض الخطوات ،كما أنه لن يكون بأن نقاطعها الن ،ونتروى عنها ونتغزل ،كل إنما هي المخالطة مع
التمييز ،والخذ والعطاء مع الترفع ،والصدع بالحق في مودة ،والستعلء باليمان في تواضع والمتلء بعد
هذا كله بالحقيقة الواقعة :وهي أننا نعيش في وسط جاهليته ،وأننا أهدى طريقا من هذه الجاهلية وأنها نقلة
بعيدة واسعة هذه النقلة من الجاهلية إلى السلم وأنها هوة فأصالة ل يقام فوقها معبر لللتقاء في منتصف
الطريق ،ولكن لينقل عليه أهل الجاهلية إلى السلم ( .قطب ,1998 ،ص ) 237 :
وفي هذا كله يظهر لنا رأي سيد قطب في العزلة والمفاصلة وأنها شعورية وليست حسية مادية ،ونتيجة لذلك
فرأيه صحيح ،وتعبيره مقبول ،واستعماله لهذين المصطلحين سليم شائع ل غبار عليه وبنائه على ما سبق يبرز
الختلل في مفهوم التوحيد والحاكميه في مجتمع الجاهلي لكي يتضح لنا هذا الخلل الذي يتمثل في التوحيد.
لقد اعتبر السلم قضية التوحيد هي قضيته الولى وقضيته الكبرى.توحيد اللوهية وإفرادها بخصائصها
والعتراف بها ل وحده ,وشمول العبودية لكل شيء ولكل حي .وتجريدها من خصائص اللوهية جميعا.فالتوحيد
على هذا المستوى وفى هذا الشمول هو مقوم السلم الول.كما أنه انتهى إلى أن يكون من خصائصه الميزة.ذلك
أن ديانات التوحيد كلها ومنها ما هو قائم كاليهودية والنصرانية قد دخلها التحريف,وشابتها شوائب الوثنية في
أصولها ونصوصها بسبب الضافات والتأويلت البشرية,وبقى السلم وحده محفوظا من التحريف في أصوله,
ونصوصه,فبقيت له سمة التوحيد خصيصة له مميزة(.قطب ,1986,ص ص)117,116:
44
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ومتى انحرفت عن التوحيد المطلق قيد شبر انساقت في انحرافها إلى أي مدى ,وانفرجت المسافة بينها وبين نقطة
النحراف التي بدأت صغيرة ل تكاد تلحظ ,وهؤلء المشركون كانوا على دين التوحيد ولكنهم انحرفوا عن هذا
التوحيد ولبد أن يكون النحراف قد بدأ يسيرا,ثم انتهى إلى مثل هذا النحراف الشنيع أن يجعلوا ل
شركاء(.قطب, 2005,ص)1162:
أن مشركو العرب ما كانوا يجحدون ال البتة,بل كانوا يقرون بوجوده سبحانه ,وبأنه الخالق الرازق,المالك,المحي
الميت إلى كثير من الصفات,لكنً انحرافهم الذي وصمهم بالشرك هو أنهم ما كانوا يعترفون بمقتضى اعترافهم ذاك
من تحكيم ال سبحانه في أمرهم كله,ونفى الشركاء له في تدبير شؤون حياتهم,واتخاذ شريعته وحدها قانونا,
ورفض مبدأ تحكيم غير ال في أي شأن من شؤون الحياة.هذا هو الذي وصمهم بالشرك وبالكفر,مع إقرارهم
بوجود ال سبحانه( .قطب2005,ص ص)1032,1031:
كذلك كان النحراف عن التوحيد عند عرب الجاهلية يتجلى في مجال أخر غير مجال العتقاد وإن كان متصل
بقاعدة العتقاد ذلك هو مجال الحاكمية والسلطان ,الذي يجعله السلم مظهر التوحيد وعلمة السلم.فقد كانوا
يتحاكمون إلى عرف الجاهلية,المؤلف من فتاوى الكهان,وشيوخ القبائل ,وكبار المشركين ,ومخلفات الباء
والجداد,حدثت هذه النحرافات بعد ظهور عقائد التوحيد(.قطب1986 ,ص)109:
-مدلول كلمة الدين :ليس الدين كما يحدده ال سبحانه ويريده ويرضاه هو كل اعتقاد في ال إنما هي صورة
واحدة من صور العتقاد فيه سبحانه ،صورة التوحيد المطلق الناصع القاطع :توحيد اللوهية التي يتوجه إليها
البشر ،وعلى الكون كله ،فل يقوم شيء إل بال تعالى ول يقوم على الخلئق إل ال تعالى ،ومن ثم يكون
الدين الذي يقبله ال في عباده هو السلم فالسلم هو الدين وهو في هذه الحالة :الستسلم المطلق للقوامة
اللهية ،والتلقي في هذا المصدر وحده في كل شيء من شؤون الحياة ,والتحاكم إلى كتاب ال المنزل من هذا
المصدر ,وهكذا يتحدد معنى الدين ،وحد اليمان ،وشرط السلم ،ونظام المجتمع المسلم ومنهجه في الحياة,
ونظام يحكم,ومنهج يتحكم ،وقيادة تطاع (.فائز 1982 ،ص ) 16،17
يترتب على إقرار هذا المبدأ الساس توجيهات كثيرة كلها تفريعات على هذا الصل الكبير :
ـ يترتب عليه أن تكون التنظيمات الجتماعية كلها في المجتمع ,وشأنها شأن الشعائر التعبدية ,مرتكنة إلى هذا
الصل الكبير ،مستندة إلى معنى الدين وحد اليمان وشرط السلم وهي مقتضى اليمان بال والعتراف بإلوهيته
،وإفراده باللوهية ،والتلقي من القيادة التي يحددها .
45
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ـ يترتب على إقرار ذلك الصل الكبير أن يكون ولء المؤمنين لقيادتهم ,ولجماعتهم المؤمنة فل يتولوا أحدا ل
يؤمن إيمانهم ،ول يتبع منهجهم ،ول يخضع لنظامهم ول يتلقى من قيادتهم وإل فهو الشرك أو النفاق وهو
الخروج من الصف المسلم على كل حال .
ـ يترتب عليه وجوب هجرة المسلمين من دار الحرب ،وهي كل دار ل تقوم فيها شريعة السلم ول تدين للقيادة
المسلمة ليلحقوا بالجماعة المسلمة متى قامت في الرض ,وأصبح لها قيادة وسلطان وليستظلوا براية القيادة
المسلمة ,ول يخضعوا الراية الكفر ,وهي كل راية غير راية السلم وإل فهو النفاق أو الكفر ،والخروج من
الصف المسلم على كل حال (.قطب. 2005,ص)564:
إنه يتناول بيان شرط اليمان وحدة ،متمثلً في النظام السياسي لهذه المة ,ومن الموضوع في ذاته ،ومن
طريقة ارتباطه وامتزاجه بالنظام الساسي للمة يستمد خطورته وخطره ,وإلى أن المه السلميه لم تمر في
مراحل تطور المجتمعات ,كما مرنظام الرسمالى ,ونظام الشتراكي بل منفردة وتميزية المه عن غيرها لن
القرآن هو منشئ هذه المة من حيث لم تكن ,ومربى الجيل الول منها و جيل الصحابة رضي ال عليهم ,جيلً
مميزا في تاريخ السلم كله ,وفي تاريخ البشرية جميعه على رغم أن قرآن هذه الدعوة بين أيدينا ،وحديث
رسول ال صلى ال عليه وسلم ,وسيرته الكريمة ،كلها بين أيدينا كذلك فل بد من اللتزام بهما ( .قطب ،
,1962ص) 11 :
ض وَمَ ْن يََتوَّلهُمْ وجاء في محكم التنزيل في قوله تعالى" يَا أَّيهَا الّذِي َن آَمَنُوا لَا تَّتخِذُوا الَْيهُودَ وَالنّصَارَى َأوْلِيَا َء بَ ْع ُ
ضهُمْ َأوْلِيَا ُء بَعْ ٍ
مِ ْنكُمْ فَإِنّهُ مِ ْنهُ ْم ِإ ّن اللّ َه لَا َيهْدِي الْ َقوْمَ الظّاِلمِيَ" (.سورة المائدة ،آية ) 51 :
تشير الية إلى طريقة المنهج القرآني في تربية الجماعة المسلمة ,وإعدادها لدورها الذي قدره ال لها ،كما
تشير إلى مقومات هذا المنهج والمبادئ التي يريد تقريرها في النفس المسلمة وفي الجماعة المسلمة في كل حين
،وهي مقومات ومبادئ ثابتة ليست خاصة بجيل من هذه المة دون جيل ,إنما هي أساس النشأة للفرد المسلم
وللجماعة المسلمة في كل جيل إن هذا القرآن يربي الفرد المسلم على أساس إخلص ولئه لربه ورسوله
وعقيدته وجماعته المسلمة .ثم يعرف القرآن المسلم بحقيقة أعدائه ،وحقيقة المعركة التي يخوضها معهم,
ويخوضونها معه إنها معركة العقيدة ،فالعقيدة هي القضية القائمة بين المسلم وكل أعدائه ( .ياسين,1983 ,ص:
)41
46
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وإن هذا الدين يقرر أن التحليل والتحريم هو من شأن ال وحده ،لنها أخص خصائص اللوهية ،وليس لحد
غيره أن يشرع في هذا وذاك ،ليس لحد أن يدعي الحق لن هذا مرادف تماما لدعوى اللوهية ،ومن ثم فإن
ل بطلنا أصليا ،غير قابل للتصحيح ،لنه ل وجود
الجاهلية تحرم أو تحلل فيصدر هذا التحريم والتحليل عنها باط ً
له منذ البتداء ،فإذا جاء السلم إلى ما أحلت الجاهلية أو حرمت فهو يحكم ابتداء ببطلنه كلية بطلنا أصليا
ويعتبره كله غير قائم بما أنه صادر من وجهة ل تملك إصداره لنها ليست إلها ثم يأخذ هو في إنشاء فإذا أحل
شيئا كانت الجاهلية تحله ،أو حرم شيئا كانت الجاهلية تحرمه ،فهو ينشأ هذه الحكام ابتداء ول يعتبر هذا فيه
اعتمادا لحكام الجاهلية التي أبطلها كلها لنه هي باطلة لم تصدر من الجهة التي تملك وحدها إصدار هذه الحكام
وهو ال ( .ياسين ,1983 ،ص) 42 :
-إخلص اللوهية ,والربوبية ل وحده مع عدم الخروج على حدود ال سبحانه في جزئيته منها .
جرِي مِ ْن َتحِْتهَا الْأَْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا َوذَِلكَ اْلفَ ْوزُ الْ َعظِي ُم ()13
ت َت ْ قال تعالى " ِت ْل َ
ك حُدُودُ اللّهِ وَ َم ْن ُيطِ ِع اللّهَ َو َرسُوَلهُ يُ ْد ِخ ْلهُ جَنّا ٍ
ي ( ()14سورة النساء ،آية ) 13،14 :
ص اللّهَ وَ َرسُوَلهُ وَيََتعَ ّد حُدُودَهُ يُ ْد ِخ ْلهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَ ُه عَذَابٌ ُمهِ ٌ
َومَ ْن يَعْ ِ
كما يؤكد في تفسيره لهذه اليه على القاعدة الساسية في هذه العقيدة قاعدة التلقي من ال وحده وإل فهو الكفر
والعصيان والخروج من هذا الدين فأن اللوهيه ,والربوبية ل وحده ,بل شريك من خلقه فهو اليمان إذن ،هو
السلم ،وهو الدين ,فال وحده هو الذي يختار للناس منهج حياتهم وال وحده هو الذي يسن للناس شرائعهم ,
وال وحده هو الذي يضع للناس موازينهم وقيمهم وأوضاع حياتهم ,وأنظمة مجتمعاتهم ,وليس لغيره أفرادا أو
جماعات شيء في هذا الحق إل بالرتكان الى شريعة ال لن هذا لحق هو مقتضى اللوهية ,والربوبية,ومظهرها
البارز المحدد بخصائصها المميزة ( .قطب,2005,ص)595:
ويشير على أن تكن اللوهية أو الربوبية لحد من خلق ال وشركه مع ال أو أصالة عن دونه فهي الدينونة في
العبادة لغير ال .وهي العبودية من الناس لغير ال وهي الطاعة من البشر لغير ال وذلك بالتباع للمناهج
والنظمة والشرائع والقيم والموازين ،التي يضعها ناس من البشر ،ليستندون في وضعها إلى كتاب ال
وسلطانه ,إنما يستندون إلى إسناد أخرى ،يستمدون منها السلطات ,ومن ثم فل دين ,ول إيمان ,ول إسلم إنما
هو الشرك ,والكفر ,والفسوق ,والعصيان ( .قطب,2005,ص)596:
-التلقي من غير ال سبحانه وتعالى في أي شأن من شؤون الحياة الخاصة والعامة معناه الشرك بال"
47
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
كما جاء في محكم التنزيل في قوله تعالى ":اّتخَذُوا َأحْبَارَهُمْ َورُهْبَاَنهُ ْم أَ ْربَابًا مِ ْن دُو ِن اللّهِ وَاْلمَسِيحَ اْبنَ َمرْيَمَ َومَا ُأ ِمرُوا إِلّا
ش ِركُو َن ( ()31سورة التوبة ،آية ) 31
لَِيعْبُدُوا إَِلهًا وَاحِدًا لَا إِلَ َه إِلّا ُه َو سُ ْبحَانَ ُه َعمّا يُ ْ
و في تفسيره لهذ الية استمرار في وجهة السياق في هذه اليه من السورة .من إزالة الشبهة في أن هؤلء أهل
كتاب فهم إذن على دين ال فهي تقرر أنهم لم يعودوا على دين ال بشهادة واقعهم بعد شهادة اعتقادهم وأنهم
أمروا بأن يعبدوا ال وحده فاتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون ال كما اتخذوا المسيح ابن مريم ربا ,وأن
هذا منهم شرك بال ,تعالى ال عن شركهم ,فهم إذن ليسوا مؤمنين بال اعتقادا وتصورا ،كما أنهم ل يدينون
دين الحق واقعا وعملً ,وأن الشرك بال يتحقق بمجرد إدعاء حق التشريع لغير ال من عباده ،ولو لم يصبحه
شرك في العتقاد بإلوهيته ،ول تقديم الشعائر التعبدية له كما هو واضح في اليه السابقة و لكننا نزيدها هنا
بيانا (.قطب, 2005,ص)1641:
كما يؤكد على أن دين الحق الذي ل يقبل ال من الناس كلهم دنيا غيره هو السلم,والسلم ل يقوم إل بإتباع ال
وحده في الشريعة بعد العتقاد بإلوهيته وحده ,وتقديم الشعائر التعبدية له وحده فإذا اتبع الناس شريعة غير
شريعة ال صح فيهم ما صح في اليهود ,والنصارى ,ومن أنهم يشركون ل يؤمنون بال مهما كانت دعواهم في
اليمان لن هذا الوصف يلحقهم بمجرد أتباعهم لتشريع العباد لهم من دون ال بغير إنكار منهم يثبت منه أنهم ل
يتبعون إل عن إكراه واقع بهم ل طاقة لهم بدفعه ،وأنهم ل يقرون هذا الفتات على ال ,ولقد انحسر مفهوم
الدين في نفوس الناس اليوم ،حتى باتوا يحبسونه عقيدة في الضمير وشعائر تعبدية تقام وهذا ما كان عليه
اليهود الذي يقرر هذا النص المحكم ويقرر تفسير رسول ال صلى ال عليه وسلم أنهم لم يكونوا يؤمنون بال
وأنهم أشركوا به وأنهم خالفوا عن أمره بأل يعبدوا إلإلها واحدا وأنهم اتخذوا أحبارهم أربابُا من دون ال .
(قطب,2005,ص)1642:
ويتضح من خلل ماسبق,أن المعنى الول للدين هو الدينونة أي الخضوع والستسلم والتباع وهذا يتجلى في
أتباع الشرائع كما يتجلى في تقديم الشعائر والمر جد ل يقبل هذا التميع في اعتبار من يتبعون شرائع غير ال
دون إنكار منهم يثبتون به عدم الرضا عن الفتات على سلطات ال مؤمنين بال ،مسلمين لمجرد أنهم يعتقدون
بألوهية ال سبحانه ويقدمون له وحده الشعائر وهذا التميع هو أخطر ما يعانيه هذا الدين في هذه الحقبة في
التاريخ ,وهو أفتك السلحة التي تحاربه لها أعداؤه ،الذين يحرصون على تثبيت لفته السلم على أوضاع
وعلى أشخاص ،يقرر ال سبحانه في أمثالهم أنهم مشركون ل يدينون دين الحق وأنهم يتخذون أربابا من دون
ال وإذا كان أعداء هذا الدين يحرصون على تثبيت لفتة السلم على تلك الوضاع وهؤلء الشخاص فواجب
حماة هذا الدين أن ينزعوا هذه اللفتات الخادعة ،وأن يكشفوا ما تحتها من شرك وكفر واتخاذ أرباب من دون
ال ,وما أمروا إل ليعبدوا إلها واحدا ل إله إل هو سبحانه عما يشركون ( .قطب ، 2005 ،ص ) 1643:
48
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ش َركَائِنَا كما جاء في محكم التنزيل في قوله تعالى َ ":وجَ َعلُوا ِللّ ِه ِممّا ذَرََأ مِنَ اْل َ
ح ْرثِ وَالْأَنْعَا ِم نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا ِللّ ِه ِب َز ْعمِهِمْ وَهَذَا ِل ُ
ح ُكمُو َن ( ( )136سورة النعام ،آية :
ص ُل إِلَى ُش َركَاِئهِمْ سَاءَ مَا َي ْ
صلُ إِلَى اللّ ِه وَمَا كَانَ ِللّهِ َفهُ َو يَ ِ
ش َركَاِئهِمْ َفلَا يَ ِ
َفمَا كَانَ لِ ُ
) 136وتعرض اليه مجموعة التصورات والمزاعم الجاهلية حول ما كانوا يزاولونه في شأن الثمار والنعام
والولد في جاهليتهم فنجد هذه التصورات والمزاعم تتمثل في :
_تقسيمهم ما رزقهم ال من رزق ،إلى قسمين :قسم يجعلونه ل وقسم يجعلونه لشركائهم .
_وبعد ذلك يجورون على ما قسموه ل فيأخذون جانبا منه ويضمونه إلى ما قسموه لشركائهم .
_أنهم يقتلون أولدهم بتزيين من شركائهم فهم في هذه الحالة الكهان والمشرعون الذين يصنعون التقاليد التي
يخضع لها الفراد في المجتمع بحكم الضغط الجتماعي من ناحية ،وبحكم التأثير بالساطير الدينية من ناحية
أخرى.
_أنهم كانوا يحجزون بعض النعام و الزر وع فيزعمون أنها ل تطعم إل بإذن خاص في ال .
_وأنهم كانوا يسمون ما في بطون بعض النعام من الحمل لذكورهم ،ويجعلونه محرما على إناث إل أن ينزل
الحمل ميتا فعندئذ يشترك فيه الذكور والناث مع نسبة هذه الشريعة إلى ال .
هذه هي مجموعة التصورات والمزاعم والتقاليد التي كانت تصبغ وجه المجتمع العربي في الجاهلية ،والتي
يتصدى هذا السياق القرآني الطويل في سورمكية للقضاء عليها وتطهير النفوس والقلوب منها وإبطالها كذلك في
الواقع الجتماعي ( .قطب,2005,ص)12:
ولقد سلك السياق القرآني هذا المنهج في خطواته البطيئة الطويلة الدقيقة :
حيث قرر ابتداء خسران الذين قتلوا أولدهم سفها بغير علم وحرموا مارزقهم ال ,افتراء على ال وأعلن ظللهم
المطلق في هذه التصورات والمزاعم التي ينسبونها إلى ال بغير علم .
ثم لفت أنظارهم إلى أن ال هو الذي أنشأ لهم هذه الموال التي يتصرفون فيها هذه التصرفات هو الذي أنشأ لهم
جنات معروشات وغير معروشات .وهو الذي خلق لهم هذه النعام والذي يرزق هو وحده الذي يملك .وهو
وحده الذي يشرع للناس فيما رزقهم من هذه الموال ,وبعد ذلك استعرض في تفصيل شديد سخافة تصوراتهم
فيما يختص بالنعام ،وخلوها من كل منطق ،وألقى الضواء على ظلمات التصورات حتى لتبدو تافهة مهلهلة
متهافتة (.قطب,2005,ص)14:
49
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وأشار إلى جملة من المبادئ الساسية للحياة الجتماعية في مقدمتها توحيد ل وبعضها أوامر وتكاليف ولكن
التحريمات أغلب فجعلها عنوانا للكل :
لقد نهى ال عن الشرك,وأمر بالحسان للوالدين ,ونهي عن قتل الولد من الفقر مع طمأنتهم على الرزق ونهي
عن القرب في الفواحش ما ظهر منها ,وما بطن ,ونهي عن قتل النفس التي حرم ال إل بالحق ,ونهى عن مس
مال اليتيم إل بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأمر بإيفاء الكيل والميزان بالقسط وأمر بالعدل في القول في
الشهداة ,والحكم ,ولو كان ذا قربى وأمر بالوفاء بعهد ال كله وجعل هذا جميعه وصية في ال كررها عقب كل
جملة من الوامر والنواهي ,وإن هذا الدين شريعته كعقيدته في تقرير صفة السلم ،بل إن شريعته في عقيدته
في هذه الدللة .بل إن شريعته هي عقيدته إذ هي الترجمة الواقعية لها كما تتجلى هذه الحقيقة الساسية من
خلل النصوص القرآنية ،وعرضها في المنهج القرآني (.قطب,2005,ص)15:
ويؤكد على إن بعض المتحمسين لهذا الدين ليشغلون بالهم وبال الناس ببيان إن كان هذا القانون ،وهذا
الجراء ،أو هذا القول ،منطبقا على شريعة ال,أو غير منطبق ,وتأخذهم الغيرة على بعض المخالفات هنا,
وهناك ,كأن السلم كله قائم ،فل ينقص وجوده ,وقيامه ,وكماله إل أن تمتنع هذه المخالفات .بهذا يؤذون هذا
الدين من حيث ل يشعرون بل يطعنونه الطعنة النجلء بمثل هذه الهتمامات الجانبية الهزيلة إنهم يفرغون الطاقة
العقيدية الباقية في نفوس الناس ,و إنهم يؤدون شهادة ضمينة لهذه الوضاع الجاهلية شهادة بأن هذا الدين قائم
لِ ما دام ل يتمثل في
فيها ل ينقصه ليكمل إل أن تصحح هذه المخالفات بينما الدين كله متوقف عن الوجود أص ً
نظام ,وأوضاع الحاكمية فيها ل وحده من دون العباد (.قطب,2005,ص) 13 :
وإن المعركة الحقيقية التي خاضها السلم ليقرر وجوده لم تكن هي المعركة مع اللحاد ,ولم تكن هي المعركة
مع الفساد الجتماعي ,أو الفساد الخلقي ,فهذه معارك تالية لمعركة وجود هذا الدين لقد كانت المعركة الولى
التي خاضها السلم ليقرر وجوده ،هي معركة الحاكمية تقرير لمن تكون لذلك خاضها ,وهو في مكة ,خاضها,
وهو ينشئ العقيدة ,ول يتعرض للنظام والشريعة خاضها ليثبت في الضمير أن الحاكمية ل وحده ،ل يدعيها
لنفسه مسلم ،ول يقر مدعيها على دعواه مسلم ,فلما أن رسخت هذه العقيدة في نفوس العصبة المسلمة في مكة
،يسر ال لهم مزاولتها الواقعية في المدينة فلينظر المتحمسون لهذا الدين ما هم فيه ,وما يجب أن يكون بعد
أن يدركوا المفهوم الحقيقي لهذا الدين ( .قطب ،2005 ،ص )16 :
لما كان التوحيد يبدأ بشهادة أن ل إله إل ال وأن محمد رسول ال ،وهو ما يسمى باليمان الذي عرفه النبي
صلى ال عليه وسلم بقوله " :أن تؤمن بال,وملئكته ,وكتبه ,ولقائه ,ورسله ,وتؤمن بالبعث "( مسلم,ج ,6ص:
) 253
50
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ولما كان كمال هذه الشهادة يتحقق باليمان,والتصديق بكل ما يتصل بها من مفهوم كلمات الله والرب والعبودية
والدين ,فإنه يلزم الشارة إلى هذه المعاني حيث زعم القوم أنها تبدلت وأصبح المسلم بعيدا عن التوحيد بدا
يخرجه عن الملة ( .البهنساوي , 94،19ص ) 39:
و إن أخص خصائص اللوهية,هي الحاكمية ,والذي يشرع لمجموعة من الناس يأخذ فيهم مكان اللوهية
ويستخدم خصائصها ,وكذلك الحاكمية من خصائص الربوبية ,وأن ملوك الرعاة لم يكونوا يدعون الربوبية قول
كالفراعنة ولم يكونوا منتسبون إلى الله أو اللهة كالفراعنة ولم يكن لهم من مظاهر الربوبية إل الحاكمية وهي
نص في معنى الربوبية ( .قطب 2005 ،ص ) 1992_ 1967 :
ويلحظ أنه استخدم مصطلح الحاكمية في الظلل أثناء حديثه عن اللوهية والربوبية ،وأثناء حديثه عن العقيدة
السلمية ،وأثناء حديثه عن الحكم والسلطة والتشريع ،والنظمة والمناهج ،وأثناء تفسيره لليات التي تتحدث
عن تلك الموضوعات ,وقد أكد على أن الحكم ليكون إلل فهو مقصور عليه سبحانه بحكم اللوهية ،من أدعى
الحق فيها لقد نازع ال سبحانه أولى خصائص ألوهيته ،سواء أدعى هذا الحق فرد ،أو طبقة ،أو حزب أو
هيئة ،أو أمة ،أو الناس جميعا في صورة منظمة عالمية ومن نازع ال سبحانه أولى خصائص ألوهيته ،
وادعاها فقد كفر بال كفرا بواحا(.قطب,2005,ص) 1990:
وادعاء هذا الحق ل يكون بصورة واحدة هي التي تخرج المدعى من دائرة الدين القيم ،وتجعله منازعا ل في
أولى خصائص ألوهيته سبحانه ,فليس من الضروري أن يقول :ما علمت لكم من إله غيري ،أو يقول :أناربكم
العلى ،ولكنه يدعي هذا الحق وينازع ال فيه بمجرد أن ينحى شريعة ال من الحاكمية وأن مصدر الحاكمية هو
ال وكثيرون حتى من الباحثين المسلمين يخلطون بين مزاولة السلطة وبين مصدر السلطة فالناس بجملتهم ل
يملكون حق الحاكمية إنما يملكه ال وحده ،والناس إنما يزاولون تطبيق ما شرعه ال بسلطانه ،أما ما لم
يشرعه ال فل سلطان له ,ول شرعية ،وما أنزل ال به من سلطان (.قطب,2005,ص)1991:
ول يعني هذا وقوع سيد قطب في التناقض إذا اعتبر الحاكمية مرة من خصائص اللوهية ومرة من خصائص
الربوبية ،فاللوهية والربوبية عنده متلزمان إذ الربوبية من خصائص اللوهية أيضا والظاهر أن الحاكمية
ألصق ما تكون بالربوبية لن الرب هو المربي والمصلح ,والقيم وهذا هو معنى الحاكمية ولكن الربوبية
والحاكميه تقودان في نهاية المر الى اللوهية فال هو الرب وهو الحاكم سبحانه ( .الخالدي ,1986 ،ص :
) 175
و أن هذه الحاكمية مأخوذة من شهادة أن ل إله إل ال وأن محمد رسول ال فهذه الشهادة ينشأ منها أن ل حاكم
إل ال وأن ل مشرع إل ال .وهذه الحاكمية ملزمة للدين السلمي ،ويمكن فهمها وإدراكها بسهولة ويسر ،
ول يحتاج ذلك إلى كبير جهد ونظر إذ القضية هي هكذا بصياغة سيد قطب إنه واحد ومالك واحد .وإذن فحاكم
51
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
واحد ,ومتصرف واحد ,وإذن فشريعة واحدة,ومنهج واحد ,وقانون واحد ،وإذن فطاعة ,وأتباع وحكم بما أنزل
ال فهو إيمان ,وإسلم ,أو معصية ,وخروج وحكم بغير ما أنزل ال فهو كفر وظلم ,وفسوق,وهذا هو الدين كما
أخذ ال ميثاق العباد جميعا عليه كما جاء به كل الرسل من عند أمة محمد المم قبلها على السواء,ولم يكن بد أن
يكون دين ال هو الحكم بما أنزل ال دون سواه فهذا هو مظهر سلطان ال مظهر الحاكمية ل مظهر أن ل إله
إل ال (.قطب ، 2005 ،ص ) 828
و أنه أسهب في الحديث عن الحاكمية ,وبيان معناها,ومنزلتها من الدين السلمى ،وصلتها باللوهية ,والربوبية
,والعقيدة ،وحتى ل يجد بعض القراء حجة لعتبار هذا السهاب مأخذا ,وبين هذا السهاب فيقول:نحن نحتاج إلى
هذا التذكر المستمر لن جهود الشياطين في زحزحة هذا الدين عن مفاهيمه الساسية قد أتت ثمارها مع السف
حيث جعلت الحاكمية تتزحزح عن مكانها ومنزلتها في العقيدة ,ومن ثم نجد بعض الغيورين على السلم يتحدثون
لتصحيح شعيرة تعبدية أو لستنكار انحلل أخلقي ،أو مخالفة من المخالفات القانونية,ولكنهم ل يتحدثون عن
أصل الحاكمية ،وموقعها من العقيدة السلمية فيستنكرون المنكرات الجانبية الفرعية ,ول يستنكرون المنكر
الكبر وهو قيام الحياة على غير إفراد ال سبحانه ,وتعالى بالحاكمية (.قطب ,2005 ،ص )123 :
هذه هي الحاكمية كما بينها سيد قطب ,وهذه هي صلتها بالعقيدة ,وارتباطها بالتصور السلمى كما
عرضها.ولنقف بعد هذا البيان لرأيه,لنتعرف على بعض الشبهات التي أثارها بعض الباحثين حول كلمه,ومنهم
انتقاد أبو الحسن الندوي الذي هاجم الحاكمية,واعتبرها غريبة على السلم,ليقرها ول يقول بها,إنما هي بدعه
أمريكية,أوحت بها أمريكا إلى سيد قطب لينادى بها ليثير الشبهات حول الحكم المصري الثوري يومها.وبعضهم
رفض هذا المصطلح لن أول من أطلقه في التاريخ السلمى هم الخوارج في محاربتهم للخليفة الراشد على بن
أبى طالب فطالما قالوا بها فل صحة لها(.الخالدي,1986,ص)178:
وعرض الندوي فقرات من كلم سيد قطب في الظلل و المعالم حول الحاكمية وصلتها باللوهية والربوبية ،وذلك
في معرض نقده لكلم المودودي حول المصطلحات الربعة في القرآن ،ولم يناقش الندوي في التفسير السياسي
للسلم كلم سيد قطب حول الحاكمية واكتفى ببعض الكلمات التي يبدو فيها استغرابه لكلم سيد وإنكاره له
وتعجبه منه ,ومن ذلك قوله :وقد جعل سيد قطب الحاكمية أخص خصائص اللوهية ،وكتاباته تقلل من شناعة
عبادة الصنام والوثان وعبادة غير ال في الجاهلية ،لنه يعتبرها صورة ساذجة بدائية للجاهلية الولى .
ول أدري كيف فهم الندوي من وصف سيد قطب للجاهلية الولى بالسذاجة والبدائية ،أن سيد يقلل من شناعة
هذه الجاهلية ،مع أن الظلل فيه كلم واضح وصريح لسيد قطب يصف فيه تلك الجاهلية بالقبح والشناعة .
52
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ويقول في موضع آخر ول يفهم من ل إله إل ال إل رد الحاكمية في كل المور إلى ال وإفراده بهذه الحاكمية (.
الندوي ، 1981 ،ص) 70 :
وهذا التباس آخر في الفهم ،ففرق بين أن يجعل سيد قطب من أبرز معاني ومضامين ل إله إل ال ،رد الحاكمية
إلى ال ،ثم يجعلها تتضمن معاني أخرى من إفراد ال بالعبادة والنابة والقصد والتوجه ،وبين أن يجعله الستاذ
الندوي ل يفهم من ل إله إل ال إل ال إل رد الحاكمية إلى ال ،وبهذا يقول سيد ما لم يقله ،ينسب إليه تجريد
ل إله إل ال من مضامينها إل الحاكمية ومتى وأين قال سيد هذا ( .الخالدي ، 1986 ،ص ) 179 :
وقوله في موضع ثالث :ومن يجعل الحاكمية أخص خصائص الولوهية فكرتها المركزية ،فإنه يعتبر طبيعيا
التحاكم إلى قانون من القوانين البشرية ،في أي شأن من شؤون الحياة مخالفة للدين وإشراكا في الحاكمية الذي
يرادف عند هؤلء السادة الشراك في اللوهية أو الربوبية (.الندوي ، 1981 ،ص ) 71 :
وكما كان الندوي ينسب إلى سيد قطب عدم جواز وضع تشريعات للمسلمين أو تنظيمات تنظم جانب من حياتهم
الجتماعية أو القتصادية أو الجنائية ،كأنظمة وقوانين التعليم أو الزراعة أو الصحة أو غير ذلك لن المة إن
وضعت هذه القوانين أشركت بال ،وأن ال هو الذي يتولى وضع هذه النظمة والقوانين ول أدري كيف نسب
الندوي إلى سيد قطب هذا الرأي الغريب الذي ل يقول به مسلم عاقل ( .الخالدي ، 1986ص ) 180 :
أما كتاب دعاة ل قضاة للهضيبى فقد خصص الفصل الرابع منه لمناقشة الحاكمية .ومما جاء فيه قوله :جرت على
بعض اللسن لفظة الحاكمية تعبيرا عن معان وأحكام تضمنتها آيات من القرآن الكريم والحاديث الشريفة ثم
أسندت اللفظة إلى المولى عز وجل فقيل الحاكمية ل ،وثم تفرعت عن اللفظة مضافة إلى اسم المولى عز وجل
أحكام فقيل :إن مفهوم الحاكمية كذا وكذا مقتضى ذلك أن يعتقد الشخص كذا وكذا وأن يكون فرضا عليه أن يقوم
بكذا وكذا من العمال ،فإن لم يعملها وعمل غيرها فهو خارج عن الحاكمية ال تعالى فوضعه كذا ونحن على
يقين أن لفظه الحاكمية لم ترد بأية آية من الذكر الحكيم ،ونحن في بحثنا في الصحيح من أحاديث الرسول ال
عليه الصلة والسلم لم يخبر منها حديث قد تضمن تلك اللفظة فضلً عن إضافتها إلى اسم المولى.
وبما أن هذا المصطلح لم يرد بآية أو حديث صحيح فيدعو إلى طرحه وعدم استعمال لذلك كان لزاما علينا أل
نتعلق بالمصطلحات التي يقول بها البشر غير المعصومين وأن نتثبت بكلم رب العالمين ،وكلم المعصوم سيد
المرسلين عليه الصلة والسلم( .الهضيبي ,1978 ،ص ) 84 :
53
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ويتابع كلمه إلى أن يقول والحكام الشرعية تؤخذ في كلم ال تعالى وحديث الرسول عليه الصلة والسلم ,ل
من أقوال أو مصطلحات يضعها الناس ،أيا كان هؤلء الناس واليات والحاديث هي التي تحدد الحكم الشرعي
وشروط تحقيقه وحدود استعماله ويقول فلتكن إذن آيات القرآن الكريم دائما هي الصل الذي نتلوه ونرجع إليه
ونتدبره ,وليكن الثابت الصحيح من أحاديث الرسول عليه أفضل الصلة والسلم هي البيان لكل ما احتاج إلى بيان
(.الهضيبي , 1978 ،ص ) 85,86 :
ويخرج في هذه المقدمات المتفق عليها ،والتي توافقه فيها تمام الموافقة إلى نتيجة خاطئة ويصدر حكم العدام
على مصطلح الحاكمية فيقول :ولها تفتي عن ذلك أبد أي مصطلحات يضعها بشر غير معصوم ول خاصة لنا
بعد كتاب ال وأحاديث الرسول عليه الصلة والسلم ،بأن نتعلق بأية مصطلحات يضعها بشر غير معصوم .
وأن هذا الكلم قد يكون في ظاهرة حق ،ولكن ليجوز أن يستخدم لصدار حكم على الحاكمية ومن قال بها ،وأن
يراد به إلغاء هذا المصطلح فهذا الكلم مردود على قائله ,و إن الظروف والبواعث التي دفعت الهضيبي لتأليف
كتابة دعاة ل قضاة تتمثل في الرد على المغالة والخطأ في أفكار جماعة التكفير والهجرة و أن هذه الجماعة
توكأت على أفكار المودودي وسيد قطب ،كما أنها أخطأت في فهمها وظلمت المامين بتبنيها المغالي والمنحرف
لفكارهما (.الخالدي,1986,ص )181:
ونعلم أنه ل بد من تأليف كتابات تفند مزاعم هذه الجماعة وتبطل ادعاءاتها لكن يجب أل نتطرق ونحن نعالج تلك
المزالق ول نلغي الفكرة والمبدأ الصحيح ,والرأي المقبول لمجرد أن قال به الخوارج أو تبنته جماعة ,ويجب
على المؤلف البصير الحكيم أن يبطل الفهم الخاطئ والتفسير المرفوض للمبدأ الصحيح ,وأن عدم وجود مصطلح
في القرآن الكريم,أو الحديث الصحيح يعني عدم جواز استخدامها ،أم أنه يجوز استخدامها وإطلقها إذا شملت
معاني وأحكاما موجودة في القرآن والحديث ,لو صح كلم الهضيبي لمنعنا استعمال كثير من المصطلحات مثل
اللوهية والربوبية والعبودية و إعجاز القرآن ,وبلغة القرآن ,وغير ذلك بحجة عدم ,وجود تلك المصطلحات في
القرآن والحديث ( .الخالدي , 1986 ،ص ) 182 :
وإن الهضيبي أورد في كتابه مجموعة كبيرة من اليات والحاديث تتضمن الحاكمية وتشير إليها فلماذا ل
نستخرج من تلك اليات والحاديث هذا المصطلح ثم إنه يناقش أصحاب الفهم الخاطئ للحاكمية مناقشة موضوعية
،يظهر منها أنه يقول بالحاكمية عمليا ويثبت معناها ومضمونها .بل أنه جعل عنوان الفصل الخامس من كتابه إن
الحكم إل ل عقيدتنا وشرح هذا بإقرار مضمون هذا المصطلح ( .الهضيبي ، 1978 ،ص )100_ 87 :
54
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
و ما يدل علي صحة وأصالة الحاكمية وإن لم ترد بهذا اللفظ أن مادة حكم ومشتقاتها وتصريفاته في مجال الحكم
والحاكميه جاوزت في القرآن مائة مرة .وأن علماء أصول الفقه ،كانوا عندما يبحثون الحكام الشرعية يبدأون
هذه المباحث بيان الحاكم وقد اتفقوا على أن الحاكم هو ال وحده ل شريك له وفي هذا يقول الشيخ عبد الوهاب
خلف :ل خلف بين علماء المسلمين في أن مصدر الحكام الشرعية لجميع أفعال المكلفين هو ال سبحانه ولهذا
اتفقت كلمتهم على تعريف الحكم الشرعي بأنه خطاب ال المتعلق بأفعال المكلفين طلبا أو تخييرا واشتهر من
ي " ( .سورة النعام
صلِ َ
حقّ وَهُ َو خَ ْيرُ الْفَا ِ أصولهم ل حكم إل ال وهو مصداق قوله سبحانه ِ" :إنِ اْل ُ
حكْ ُم إِلّا ِللّ ِه يَقُصّ اْل َ
،آية ، ) 57 :فالمر ليس كذلك ،فصحيح أن الخوارج هم أول من رفعوا هذا الشعار وأطلقوا هذه الصيحة
وأدانوا بها الخليفة الراشد على بن أبي طالب رضي ال عنه ،حكموا عليه بالكفر بسبها لكن استخدامهم لهذا
الشعار ل يعني رفضه وطرحه طالما أن النصوص الشرعية تشير إليه ،غاية ما في المر أن نخطئ الخوارج في
استغلله وسوء استخدامه ،نزيل ما علق به من ظلمهم وتجنبهم وسوء فهمهم ونعيد إليه أصالته ونقاءه
ونستعمله بعد ذلك ( .الخالدي ، 1986 ،ص ) 184 :
وخلصة القول أن سيد قطب اعتبر الحاكمية من خصائص اللوهية والربوبية ،ومن مضامين ل إله إل ال وبين
معناها وأهميتها وخصوصا لمسلمي هذا العصر ،وأورد أدلته على القول بها واستعمالها وأصالتها.وقد أراد أن
يلفت النتباه إلى نقطة هامة جدا وهى أن الحاكمية ل كل ل يتجزأ فل يجوز لنا أن نأخذ لمبدأ الحاكمية في أمور
ونتركها في أمور أخرى.
55
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الفصل الرابع
56
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
هذه الخصائص تتعدد وتتنوع ،ولكنها تتحد وتتجمع عند خاصية واحدة الربانية ،هي التي تنبثق منها وترجع
إليها سائر الخصائص الخاضعة للسنن الكونية:
57
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
فالدين ما جاء ليعمل في حياتنا بطريقة سحرية غامضة السباب مجهولة النتائج ،إنما جاء ليعمل بجهد البشر
حسب ظروفهم وواقعهم ( .أبو دف ،2004 ،ص) 5 :
وقد أمر ال عباده لتأمل سننه في خلقه كما جاء في التوجيه القرآني حيث قال تعالى ":قَ ْد َخلَتْ مِنْ َق ْب ِلكُمْ سُنَنٌ فَ ِ
سيُوا
فِي الْأَ ْرضِ فَاْنظُروا كَ ْيفَ كَا َن عَاقَِبةُ اْل ُمكَذّبِيَ " (.سورة آل عمران ن آية ) 137 :
و القرآن الكريم يرد المسلمين إلى سنن ال في الرض .يردهم إلى الصول التي تجري وفقها المور فهم ليسو
بدعا في الحياة ،فالنواميس التي تحكم الحياة جارية ل تتخلف ،والمور ل تمضي جزافا ،إنما هي تتبع هذه
النواميس فإذا هم درسوها ،وأدركوا مغازيها تكشفت لهم الحكمة من وراء الحداث ،وتبينت لهم الهداف من
وراء الوقائع واطمأنوا إلى ثبات النظام الذي تتبعه الحداث وإلى وجود الحكمة الكامنة وراء هذا النظام,
واستشرفوا خط السير على ضوء ما كان في ماضي الطريق ولم يعتمدوا على مجرد كونهم مسلمين لينالوا النصر
والتمكين ،بدون الخذ بأسباب النصر وفي أولها طاعة ال وطاعة الرسول .والسنن التي يشير إليها السياق هنا
ويوجه أبصارهم إليها هي عاقبة المكذبين على مدار التاريخ ,ومداولة اليام بين الناس ,والبتلء لتمحيص
السرائر وامتحان قوة الصبر على الشدائد ,واستحقاق النصر للصابرين ,والمحق للمكذبين ,ومن خلل استعراض
تلك السنن تحفل اليات بالتشجيع على الحتمال والمواساة في الشدة ،والتأسيه على القرح ،الذي لم يصبهم
وحدهم ،وإنما أصاب أعداءهم كذلك ،وهم أعلى من أعدائهم عقيدة وهدفا وأهدى منهم طريقا ,ومنهجا ,والعاقبة
بعد لهم ,و الدائرة على الكافرين (.قطب,2005,ص.)477:
وجاء في تنزيل حكيم قوله تعالى ":قَدْ َخلَتْ ِمنْ قَ ْب ِلكُمْ سَُننٌ فَ ِ
سيُوا فِي الْأَ ْرضِ فَاْنظُروا كَ ْيفَ كَا َن عَاقَِبةُ اْل ُمكَذّبِيَ ( )137هَذَا
بَيَا ٌن لِلنّاسِ َوهُدًى وَمَ ْو ِع َظةٌ ِل ْلمُتّقِيَ" (سورة أل عمران,أيه.)137:
إن القرآن يربط ماضي البشرية بحاضرها وبما فيه فيشير من خلل ذلك كله إلى مستقبلها .وهؤلء العرب الذين
وجه لهم القول وأوامره لم تكن حياتهم ،ولم تكن معارفهم ولم تكن تجاربهم قبل السلم لتسمح لهم بمثل هذه
النظرة الشاملة لول هذا السلم,وكتابة القرآن الذي أنشأهم به ال نشأة أخرى وخلق به منهم أمة تقود الدنيا .
(قطب ,2005 ,ص)477:
وإن النظام القبلي الذي كانوا يعيشون في ظله ،ما كان ليقود تفكيرهم إلى الربط بين سكان الجزيرة ومجريات
ل على الربط بين الحداث العالمية والسنن الكونية
ل على الربط بين سكان هذه الرض وأحداثها فض ً
حياتهم ،فض ً
التي تجري وفقها الحياة جميعا ،وهي نقلة بعيدة لم تنبع من البيئة ،ولم تنشأ من مقتضيات الحياة في ذلك
الزمان إنما حملتها إليهم هذه العقيدة .بل حملتهم إليها وارتقت بهم إلى مستواها ،في ربع قرن من الزمان على
حين أن غيرهم من معاصريهم لم يرتفعوا إلى هذا الفق من التفكير العالي إل بعد قرون ,وقرون ،ولم يهتدوا إلى
ثبات السنن والنواميس الكونية إل بعد أجيال وأجيال فلما اهتدوا إلى ثبات السنن والنواميس نسوا أن معها كذلك
طلقة المشيئة اللهية ،وأنه إلى ال تصير المور ,فأما هذه ألمه المختارة فقد استيقنت هذا كله ،واتسع له
58
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
تصورها ،ووقع في حسها التوازن بين ثبات السنن وطلقة المشيئة ،فاستقامت حياتها على التعامل مع سنن ال
الثابتة ,والطمئنان بعد هذا إلى مشيئته الطليقة (.قطب, 2005,ص)478:
وفى قولة تعالى"قَ ْد َخلَتْ مِنْ َق ْب ِلكُمْ سُنَ ٌن " .وهي التي تحكم الحياة وهي هي التي قررتها المشيئة الطليقة فيما وقع
منها في غير زمانكم فسيقع مثله بمشيئة ال في زمانكم ,وما انطبق منها على مثل حالكم فهو كذلك سينطبق على
ض " .فالرض كلها واحدة .والرض كلها مسرح للحياة البشرية والرض حالكم .وقولة تعالى "فَ ِ
سيُوا فِي الْأَ ْر ِ
ف كَانَ عَاقَِبةُ اْل ُمكَذّبِيَ " .وهي عاقبة
والحياة فيها كتاب مفتوح تتمل البصار والبصائر.أما قولة تعالى ":فَاْنظُروا كَ ْي َ
تشهد بها آثارهم في الرض ،وتشهد بها سيرهم التي يتناقلها خلفهم هناك ,ولقد ذكر القرآن الكريم كثيرا في
هذه السير وفي هذه الثار في مواضيع منه متفرقة بعضها حدد مكانة ,وزمانه وشخوصه ,وبعضها أشار إليه
بدون تحديد ول تفصيل .وهنا يشير بالشارة المجملة ليصل منها الى نتيجة مجملة :إن ما جرى للمكذبين
بالمس سيجري مثله للمكذبين اليوم وغدا ،ذلك كي تطمئن قلوب الجماعة المسلمة إلى العاقبة من جهة وكي
تحذر النزلق من جهة أخرى وقد كان هنالك ما يدعو إلى الطمأنينة وما يدعوا إلى التحذير ( .قطب ,2005 ،
ص ) 479 :
59
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
به في هذا الوجود ،وعلقته هو بهذا الكون وما يجري فيه ,ومن هذا الجانب يتبين تقدير هذا الكائن في ميزان
ال وتكريمه بهذا التقدير (.قطب,2005،ص.) 1535:
وكما يبين فعالية النسان في مصير نفسه وفي مصير الحداث من حوله ،فيبدوا عنصرا إيجابيا في صياغة هذا
المصير بإذن ال وقدره الذي يجري من خلل حركته وعمله ونيته وسلوكه وتنتفي عنه تلك السلبية الذليلة التي
تفرضها عليه المذاهب المادية ،التي تصوره عنصرا سلبيا إزاء الحتميات الجبارة ،حتمية القتصاد ,وحتمية
التاريخ ,وحتمية التطور إلى آخر الحتميات التي ليس للكائن النساني إزاءها حول ,ول قوة ,ول يملك إل
الخضوع المطلق لما تفرضه عليه,وهو ضائع خانع مذلول ،كذلك تصور هذه الحقيقة ذلك التلزم بين العمل,
والجزاء في حياة هذا الكائن ونشاطه ،وتصور عدل ال المطلق في جعل هذا التلزم سنة يجري بها قدره ،ول
يظلم فيها عبد من عبيده (قطب,2005 ,ص.)1536:
ولئن كان التغيير مسئولية النسان كفرد ،إل أنه كذلك سنة جماعية ،وقد عبر عن ذلك قوله تعالىِ" :إ ّن اللّهَ لَا ُيغَّيرُ
سهِ ْم " (.سورة الرعد ،آية ) 11 :
مَا ِبقَوْ ٍم حَتّى ُيغَّيرُوا مَا بِأَْنفُ ِ
فعلى الرغم من أن تغيير ما بالنفس أساس تغيير المجتمع ،إل أن الفردية وحدها ليس لها حظ في التغيير
الشامل الذي يقوم على العمل الجماعي ،وليس على أساس المجهودات الفردية غير المنسقة والتي أحيانا ما
تكون متضاربة ،ول تؤدي إلى الغرض المطلوب ( .على,1993,ص) 179:
ويعقب على الية السابقة ,فهو يتعقبهم بالحفظة في أمره لمراقبة ما يحدثونه من تغيير بأنفسهم وأحوالهم فيرتب
عليه ال تصرفه بهم .فإنه ل يغير نعمة أو بؤس ،ول يغير عزا أو ذلة ،ول يغير مكانة أو مهانة إل أن يغير
الناس من مشاعرهم وأعمالهم وواقع حياتهم ،فيغير ال ما بهم وفق ما صارت إليه نفوسهم وأعمالهم ،وإن
كان ال يعلم ما سيكون منهم قبل أن يكون ,ولكن ما يقع عليهم يترتب على ما يكون منهم ،ويجيء ل حقا له في
الزمان بالقياس إليهم .وإنما الحقيقة تلقي على البشر تبعة ثقيلة فقد قضت مشيئة ال ,وجرت بها سننه ،أن
تترتب مشيئة ال بالبشر على تصرف هؤلء البشر ،وأن تنفذ فيهم سننه بناء على تعرضهم لهذه السنة
بسلوكهم ,والنص صريح في هذا ل يحتمل التأويل ,وهو يحمل كذلك إلى جانب التبعة ..دليل التكريم لهذا
المخلوق الذي اقتضت مشيئة ال ،أن يكون هو بعمله أداة التنفيذ لمشيئة ال فيه,وبعد تقرير المبدأ يبرز السياق
حالة تغيير ال ما بقوم إلى السوء ،لنهم حسب المفهوم من الية غيروا ما بأنفسهم إلى أسوء فأرداهم ال
السوء ( .قطب ، 2005 ،ص)30_20:
ومن هنا جاءت دعوتة إلى تضافر الجهود ,والقوى ,والرادات المخلصة ,وتعاونها جميعا ،حتى يحدث التغيير
المنشود ،فالفرد ما لم يفجر طاقته ,والمجتمع ما لم يستغل جميع أبناءه المخلصين ،فلن يستطيع أن يخرج من
وضعه السيئ إلى وضع أكثر رقيا ،ذلك أن المجتمع الجاهلي ل يتحرك كأفراد وإنما يتحرك ككائن عضوي ومن
ثم ل يمكن مواجهة هذا الكيان ،إل في صورة تجمع ولءه بعضه لبعض وإل وقعت الفتنة في الرض وحل الفساد
فيها وطغت الجاهلية على السلم وذلك أفسد الفساد .وحتى تؤتى عملية التغيير كلها بصورتها الفردية
والجماعية (قطب,2005 ,ص.)40:
60
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ويؤكد على ضرورة النطلق من التربية كعامل أساسي في التغيير القائم على بصيرة ويضرب مثالً لذلك ،الفترة
المكية التي كانت فتره تربيه وإعداد لقوم في بيئة معينة وقد كان من أبرز أهدافها تعويد الفرد العربي على الصبر
على ما ل يصبر عليه عادة ،من الضيم يقع على شخصه أو على من يلوذون به وتربيته كذلك على ضبط
انفعالته ,فل يندفع لول مؤثر وليهيبج لول مهيج وتربيته كذلك على أن يتبع مجتمعَا منظما له قيادة يرجع إليها
في كل أمر من أمور حياته ول يتصرف إل وفق ما تأمره وقد كان هذا هو حجر الساس في إعداد شخصية
العربي لنشاء المجتمع المسلم .ول يقف دور التربية في عملية التغيير ،عند تهيأة الفراد لقبوله والتعامل
الواعي مع برنامجه وإنما يتعدى ذلك الدور التوجيهي إلى دور تصحيحي ونقدي (.قطب,2005,ص.) 50_42:
ويشير القرضاوي إلى ضرورة أن يتوجه التغيير إلى ما بداخل النفس من مفاهيم مغلوطة وأفكار ميتة و مبادئ
فاسدة وأخلق مذمومة وصفات مرذولة إلى مفاهيم صحيحة وأفكار حيه ومبادئ صالحة وأخلق محمودة وصفات
طيبة,ويجب أن يتهيأ الفراد في المة السلمية لحياة غير الحياة التي ألفوها حياة إيمان ,وعمل صلح ,وعبادة
وعلم وجهاد ،حياة إنتاج وعمل ل بطالة وكسل حياة جد ل هزل حياة اعتدال ل ترف حياة إصرار ل استرخاء .
( القرضاوي ، 1992 ،ص ص) 55,53 :
ثالثا :قائم على التدافع :
الصراع والتدافع هو سبيل الحيوية والنمو والزدياد وعلقة الحياة والستمرار وهو إحدى محركات الحياة
الجتماعية وامتداد التاريخ البشري ذلك أن الصراع بين الخير والشر بين المعروف والمنكر ،ل يتوقف إل
بانتهاء الحياة .لذا رأي العلماء أنه من المستحيل واقعا وشرعا,أن يسلط ال على البشرية ظالما واحداَ يتحكم في
مصيرها لفترة طويلة ،ذلك أن التدافع يكون بين الظلمة أنفسهم وبينهم وبين الحق ،وهذه سنة جاريه في الحياة
حتى يتوقف التاريخ ويتغير نظام الكون (.حسنة ، 1995 ،ص ص) 89,88 :
فالحياة بطبيعتها ل تخلو من وجود الصراع بين البشر ،وقد أوجد ال جلت حكمته هذا الصراع أو التدافع في
حياتهم وجعله سنة من سننه التي تجري بها الحياة البشرية لغاية معينة ( .الطباطباني ، 1983 ،ص ) 380 :
ض لَفَسَ َدتِ الْأَ ْرضُ وََلكِ ّن اللّ َه ذُو ولقد ورد تقرير هذه السنة الربانية في قوله عز وجل "وَلَ ْولَا دَ ْف ُع اللّهِ النّاسَ بَعْ َ
ضهُ ْم بَِبعْ ٍ
ض ٍل َعلَى اْلعَاَلمِيَ " ( سورة البقرة ،آية ) 251 :
فَ ْ
ويقدم تفسيرا الية السابقة بقوله :هنا تتوارى الشخاص والحداث لتبرز من خلل النص القصير حكمة ال العليا
في الرض من اصطراع القوي وتنافس الطاقات وانطلق السعي في تيار الحياة المتدفق الصاخب الموار ،وهنا
تنكشف على مد البصر ساحة الحياة المترامية الطراف تموج بالناس في تدافع وتسابق وزحام إلى الغايات ,ومن
ورائها جميعا تلك اليد الحكيمة المدبرة تمسك بالخيوط جميعا ،وتقود المركب المتزاحم المتصارع المتسابق ،إلى
الخير والصلح والنماء ،في نهاية المطاف .لقد كانت الحياة كلها تأسن وتعفن لول دفع ال الناس بعضهم
ببعض ,ولول أن في طبيعة الناس التي فطرهم ال عليها أن تتعارض مصالحهم ,وإتجاهاتهم الظاهرية القريبة ،
لتنطلق الطاقات كلها تتزاحم وتتقالب وتدافع ،فتنفض عنها الكسل ,والخمول ,وتستجيش ما فيها من مكونات
61
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
مذخورة ،وتظل أبدا يقظة عاملة ،مستنبطة لذخائر الرض مستخدمة قوامها ,وأسرارها الدفينة وفي النهاية
يكون الصلح ,والخير ,والنماء يكون بقيام الجماعة الخبرة المهتدية المتجردة .تعرف الحق الذي يبينه ال لها .
(قطب,2005,ص ص.)270 ,269:
وتعرف طريقها إليه واضحا ,وتعرف أنها مكلفة بدفع الباطل وإقرار الحق النبيل ،وإل أن تحتمل في سبيله ما
تحتمل في الرض طاعة ل ,وابتغاء لرضاه وهنا يمضي ال أمره ،وينفذ قدره ،ويجعل كلمة الحق والخير,
والصلح هي العليا ،ويجعل حصيلة الصراع والتنافس والتدافع في يد القوة الخيرة الباينة ,التي استجاش
الصراع أنبل مافيها أكرمه ,وأبلغها أقصى درجات الكمال المقدر لها في الحياة,ومن هنا كانت الفئة القليلة المؤمنة
الواثقة بال تغلب في النهاية ,وتنتصر ذلك أنها تمثل إرادة ال العليا في دفع الفساد عن الرض ,وتمكين الصلح
في الحياة,إنها تنتصر لنها تمثل غاية عليا تستحق النتصار ( .قطب ، 2005 ،ص ) 271 :
وإن ال سبحانه يعلم أن الشر متبجح ،ل يمكن أن يكون منصفا ول يمكن أن يدع الخير ينمو مهما يسلك هذا
الخير من طرق سلمية موادعة ،فإن مجرد نمو الخير يحمل الخطورة على الشر ومجرد وجود الحق يحمل الخطر
على الباطل ،ول بد أن يجنح الشر إلى العدوان ،ول بد أن يدافع الباطل عن نفسه بمحاولة قتل الحق وخنقه
بالقوة ( .قطب ، 2005 ،ص ) 742 :
ويشير القرآن الكريم إلى أن ال سبحانه وتعالى ل يتخلى عن أوليائه المؤمنين في صراعهم مع أهل الباطل ,ف
صرِهِمْ
ب ُكلّ َخوّانٍ َكفُورٍ (ُ )38أ ِذنَ ِللّذِينَ ُيقَاَتلُو َن بِأَّنهُمْ ُظ ِلمُوا وَِإ ّن اللّ َه َعلَى نَ ْ
قولة تعالِ :إنّ اللّ َه يُدَا ِفعُ عَنِ الّذِي َن آَمَنُوا ِإ ّن اللّهَ لَا ُيحِ ّ
ت صَوَامِعُ َوبِيَعٌ
ض َلهُدّمَ ْ
ضهُمْ ِببَعْ ٍ
س َبعْ َ
لَقَدِي ٌر ( )39الّذِي َن ُأ ْخ ِرجُوا مِ ْن دِيَا ِرهِمْ ِبغَ ْي ِر حَ ّق إِلّا َأنْ َيقُولُوا رَبّنَا اللّهُ وَلَوْلَا دَفْ ُع اللّهِ النّا َ
ي َعزِي ٌز ( ( . ")40سورة الحج ،اليات من :
صرُ ُه ِإ ّن اللّ َه َلقَ ِو ّ
ص َر ّن اللّ ُه مَ ْن يَنْ ُ
صلَوَاتٌ وَمَسَاجِ ُد يُ ْذ َكرُ فِيهَا اسْمُ اللّ ِه كَِثيًا وَلَيَنْ ُ
َو َ
) 40_ 38إن قوى الشر والضلل تعمل في هذه الرض والمعركة مستمرة بين الخير والشر والهدى والضلل ،
والصراع قام بين قوي اليمان وقوي الطبقات منذ أن خلق ال النسان .والشر جامع والباطل مسلح ،وهو
يبطش غير متحرج ،ويضر غير متورع ،ويملك أن يفتن الناس عن الخير إن اهتدوا إليه ،وعن الحق إن
تفتحت قلوبهم له ،فلبد لليمان والخير والحق من قوة تحميها من البطش ،وتقيها من الفتنة وتحرسها من
الشواك والسموم ( .قطب,2005,ص.)2424:
ولم يشأ ال أن يترك اليمان والخير و الحق في عزله تكافح قوى الطغيان والشر والباطل وحدها ،اعتمادا على
قوة اليمان في النفوس وتغلغل الحق في الفطر وعمق الخير في القلوب فالقوة المادية التي يملكها الباطل قد
تزلزل القلوب وتفتن النفوس وتزيغ الفطر وللصبر حد وللحتمال أمد وللطاقة البشرية مدى تنتهي إليه وال أعلم
بقلوب الناس ونفوسهم ومن ثم لم يشأ أن يترك المؤمنين للفتنة ,إل ريثما يستعدون للمقاومة ويتهيئون للدفاع ،
ويتمكنون من وسائل الجهاد وعندئذ أذن لهم في القتال لرد العدوان ووراء هذا كله تلك القاعدة العامة حاجة
صلَوَاتٌ وَمَسَاجِ ُد يُ ْذ َكرُ
ت صَوَا ِمعُ وَبَِيعٌ َو َ
ض َلهُدّمَ ْ العقيدة إلى الدفاع عنها حيث قال تعالى " :وَلَ ْولَا دَ ْف ُع اللّهِ النّاسَ بَعْ َ
ضهُ ْم بَِبعْ ٍ
62
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
فِيهَا اسْمُ اللّ ِه كَِثيًا " (سورة الحج,أية) 40:والصوامع أماكن العبادة لليهود والمساجد أماكن العبادة للمسلمين ,وهي
كلها معرضة للهدم وعلى قداستها وتخصيصها لعبادة ال,ول يشفع لها في نظر الباطل أن اسم ال يذكر فيها ،
ول يحميها إل دفع ال الناس بعضهم ببعض أي دفع حماة العقيدة لعدائها الذين ينتهكون حرمتها,ويعتدون على
أهلها ،فالباطل متبجح ل يكف ,ول يقف عن العدوان إل أن يدفع بمثل القوة التي يصول بها ويجول بها ,ول
يكفي الحق أنه الحق ليقف عدوان الباطل عليه ،بل ل بد من القوة تحميه وتدفع عنه وهي قاعدة كلية ل تتبدل ما
دام النسان هو النسان ( .قطب,2005,ص)2425:
ولقد أرادال تعالى أن يجعل دفاعه عن الذين آمنوا يتم عن طريقهم هم أنفسهم كي يتم نضجهم في أثناء
المعركة ،فالبنية النسانية ل تستيقظ كل الطاقات المذخورة فيها كما تستيقظ وهي تواجه الخطر ،وهي تدفع,
وتدافع ،وهي تستجمع كل قوتها لتواجه القوة المهاجمة عندئذ تتحفز كل خلية بكل ما أودع فيها من استعداد
لتؤدي دورها ،ولتتساند مع الخليا الخرى في العمليات المشتركة ،ولتؤتى أقصى ما تملكه ،وتبذل آخر ما
تنطوي عليه ،وتصل إلى أكمل ما هو مقدور لها وما هي مهيأة له من الكمال .والمة التي تقوم على دعوة ال
في حاجة إلى استيقاظ كل خلياها ،واحتشاد كل قواها ،وتوافر كل استعدادتها ،وتجمع كل طاقاتها ،كي يتم
نموها ،يكتمل نضجها ،وتتهيأ بذلك لحمل المانة الضخمة والقيام عليها ( .قطب ،2005 ،ص .)2426 :
وأن دين ال الذي أنزله على العباد لم يأت مغلول ول مبسوطا بل جاء متوازنآ و صانت هذه الخاصية الفريدة
الدين السلمى من الندفاعات والغلو والتصادم وحمته من هذه الفات التي لم يسلم منها أي تصور من
التصورات الدينية التي شوهتها النحرافات البشرية أو التصورات الفلسفية ،بما أضافته إليها أو أنقصت منها أو
ل خاطئا ،وأضافت هذا التأويل الخاطئ إلى صلب العقيدة وتتمثل هذه الخاصية في عدة موازنات نذكر
أولته تأوي ً
منها ( قطب ،1967 ،ص ) 34 :
هناك التوازن بين الجانب الذي تتلقاه الكينونة النسانية لتدركه وتسلم به وينتهي عملها فيه عند التسليم الجانب
الذي يتلقاه لتدركه ،وتبحث حججه وبراهينه ،وتحاول معرفة علله وغاياته وتفكر في مقتضياته العملية وتطبقها
في حياتها الواقعية .وأن توازن في مفهوم الطبيعة النسانية ما من شك في أن معرفتنا الطبيعة النسان وحقيقة
ووعينا بخصائصه الفطرية يساعد على التعامل معه بموضوعية وكفاءة ومن ثم يفتح الطريق أمام إطلقه طاقاته
وتوجيهها نحو تغيير وبناء المجتمع القوي وقد شغل موضوع الطبيعة النسانية على مر التاريخ مساحة واسعة
من اهتمام الفلسفة والتربويين بما أن النسان هو محور التغيير (.قطب, 2005,ص) 2767:
ومن الشواهد على التوازن التي أشار إليها على أن الطبيعة النسانية مزدوجة من حيث كون النسان خلق من
عناصر الطين اللزج المتحول إلى صلصال ثم من النفخة العلوية التي فرقت بينه وبين سائر الحياء ومنحته
63
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
خصائصه النسانية ول نفاضل بين هذين العنصرين في تكون النسان .وبناء على هذه التركيبة يدرك المنهج
السلمي ضعف المخلوق البشري الذي تهبط به ثقلة الجسد أحيانا إلى درك الفاحشة وتهيج به فورة اللحم والدم
فينزو نزوة الحيوان في حمى الشهوة وتدفعه نزواته وشهواته ورغباته إلى المخالفة عن أمر ال في حمى
الندفاع ،فالسلم يدرك ضعفه فل يقسو عليه ول يبادر إلى طرده من رحمة ال ،فهو يعلم أن فيه بجانب
الضعف قوة وبجانب الثقلة رفقة وأشواق ربانية ،فهو يعطف عليه في لحظة الضعف ,ويأخذ بيده إلى الصعود
ويربت عليه في لحظة العثرة ( .قطب,2005 ,ص)3915 :
ومن قبيل الزدواجية في الكائن البشري ،أنه مزود باستعدادات متساوية للخير والشر والهدى والضلل ،يحكم
تكوينه من طين الرض ونفخة ال من روحه وهو مع ذلك قادر على التمييز بين ما هو خير ,وماهو الشر .
وتتفق هذه النظرية مع ما ذهب إليه " الغزالي " الذي أكد على أن الطبيعة النسانية فيها فطرة طيبة تهفو إلى خير
تسر بإدراكه وتأسى للشر وتحزن من ارتكابه وترى في الحق امتداد وجودها وصحة حياتها وفيها إلى جوار ذلك
نزعات وتحزن من ارتكابه وترى في الحق امتداد وجودها وصحة حياتها وفيها إلى جوار ذلك نزعات تشرد
بهاعن سواء السبيل وتزين لها فعل ما يعود عليها بالضرر كما تختلف هذه النظرية اليجابية إلى الطبيعة
النسانية عن نظرة بعض الفلسفات والمدارس الفكرية ،التي تعتبر النسان محاطا بالخطيئة منذ قدومه إلى هذا
العالم .ويتحدد اتجاه النسان نحو الخير أو الشر ,و بناء على مدى استثماره للقوة الواعية المدركة في داخله
والتي تناط بها التبعة ،فإن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتظهيرها وتنمية استعداد الخير وتغليبه فقد خاب
( .قطب,2005,ص.)3917:
وهذا ما ينسجم مع التوجيه القرآني فى قولة تعالى " :قَ ْد َأ ْف َلحَ مَنْ َزكّاهَا ( )9وَقَ ْد خَابَ مَ ْن َدسّاهَا ( ( " )10سورة
الشمس ،اليتان , )10,9 :وهنالك إذن تبعة مترتبة على منح النسان هذه القوة الواعية القادرة على الختيار,
والتوجيه ،توجيه الستعادادات الفطرية القابلة للنمو في حقل الخير وفي حقل الشر سواء ,فهي حرية تقابلها
تبعة ،وقدرة يقابلها تكليف ،ومنحة يقابلها واجب ،ورحمة من ال بالنسان لم يدعه لستعداد فطرته اللهامي ،
ول للقوة الواعية المالكة للتصرف فأعانه بالرسالت التي تضع له الموازين الثابتة الدقيقة ،وتكشف له عن
موحيات اليمان ,ودلئل الهدى في نفسه وفي الفاق من حوله ،وتجلو عنه غواش الهوى فيبصر الحق في
صورته الصحيحة ،وبذلك يتضح له الطريق وضوحا كاشفا ل غبش فيه ول شبه ,فتتصرف القوة الواعية حينئذ
عن بصيرة ,وإدراك لحقيقة التجاه الذي تختاره ,وتسير فيه(قطب, 2005,ص) 3918:
وهذه في جملتها هي مشيئة ال بالنسان ,وكل ما يتم في دائرتها فهو محقق لمشية ال وقدره العام ،هذه النظرة
المجملة إلى أقصى حد تنبثق منها جملة حقائق ذات قيمة في التوجيه التربوي :
64
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
أ_ ترتفع بقيمة هذا الكائن النساني ،حين تجعله أهلً لحتمال تبعة اتجاهه ،وتمنحه حرية الختيار فالحرية
والتبعة يضعان هذا الكائن في مكان كريم ,ويقرران له في هذا الوجود منزلة عالية تليق بالخليفة فيه نفخ ال فيها
من روحه ,وسواها بيده ،وفضلها على كثير من العالمين .
ب_ تلقي على هذا الكائن تبعة مصيرة ،وتجعل أمره بين يديه فتثير في حسه كل مشاعر اليقظة والتحرج
والتقوى ,وهو يعلم أن قدر ال فيه يتحقق من خلل تصرفه هو بنفسه وهي تبعة ثقيلة ل يغفل صاحبها ول يغفو.
ج_ تشعر هذا النسان بالحاجة الدائمة للرجوع إلى الموازين اللهية الثابتة ليظل على يقين أن هواه لم يخدعه
ولم يضلله كي ل يقوده الهوى إلى المهلكة ,ول يحق عليه قدر ال ,فيمن يجعل إلهه هواه ،وبذلك يظل قريبا من
ال ،يهتدي بهديه ،ويستضيء بالنور الذي أمده به في متاهات الطريق .ومن ثم فل نهاية لما يملك هذا
النسان إن يصل إليه من تزكية النفس ,وتطهيرها ،وهو يغتسل في نور ال الفائض ،ويتطهر في هذا العباب
الذي يتدفق حول من ينابيع الوجود ( .قطب ، 2005 ،ص ) 3920 :
التدرج من السنن الربانية في الخلق والكون ،وينبغي على المة أن تراعيها وهي تعمل من أجل تغيير واقعها ،
ويقصد بمراعاة سنة التدرج هنا ,أن تتدرج المة في عملها وسعيها إلى تغيير واقعها من السهل إلى الصعب ومن
الهدف القريب إلى الهدف البعيد ومن الخطة الجزئية إلى الخطة الكلية ومنطلق هذه السنة أن الطريق طويل ل
سيما في هذا العصر الذي تذمرت فيه الجاهلية ,وضرب الشر والفساد جذوره في أعماق المة,وعليه فلو قطعت
الطريق في نفس واحدة مع ثقل الحمل وضخامة التبعة لكان النقطاع ,وبالتالي القعود ,أو الفتور والتواني المر
الذي يمكن أن يؤدي إلى رد فعل أشد وأعنف ( .نوح ، 1991 ،ص ص ) 68،69 :
وتشتد الحاجة إلى ترسيخ هذه السنة مع وجود بعض العاملين في حقل الدعوة السلمية يحسبون أن التمكين
يمكن أن يتحقق بين عشية وضحاها ويريدون أن يغيروا الواقع الذي تحياه المة السلمية في طرفة عين دون
نظر في العواقب ودون فهم للظروف والملبسات المحيطة بهذا الواقع ودون إعداد جيد للمقدمات أو الساليب
والوسائل (.نوح ،1991 ،ص ص ) 57،58 :
وقف أمام المنهج السلمي التربوي من خلل تدرجه في تحريم الخمر ،ونجاحه في ذلك ،وقارن بينه,وبين
محاولت البشر اليائسة في هذا ,فأما السلم فقضى على هذه الظاهرة العميقة في المجتمع الجاهلي ،ببضع آيات
من القرآن الكريم نذكر منها قوله تعالى .":يَا َأّيهَا الّذِينَ آَ َمنُوا لَا تَ ْقرَبُوا ال ّ
صلَاةَ وَأَنْتُ ْم ُسكَارَى حَتّى َت ْع َلمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلّا
سلُوا وَِإنْ ُكنْتُمْ َم ْرضَى َأوْ َعلَى سَ َفرٍ َأ ْو جَاءَ َأحَدٌ ِم ْنكُمْ مِنَ الْغَاِئطِ َأ ْو لَامَسْتُ ُم النّسَاءَ َفلَ ْم َتجِدُوا مَاءً َفتََي ّممُوا صَعِيدًا
عَاِبرِي سَبِي ٍل حَتّى َتغْتَ ِ
سحُوا ِب ُوجُو ِهكُمْ وَأَيْدِيكُ ْم ِإ ّن اللّ َه كَا َن عَفُوّا غَفُورًا " ( سورة النساء ،آية ) 43 :
طَيّبًا فَامْ َ
65
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
إنها حلقة في سلسلة التربية الربانية للجماعة المسلمة التي التقطها المنهج السلمي من سفح الجاهلية ,وكانت
الخمر إحدى تقاليد المجتمع الجاهلي الصيلة الشاملة ،وإحدى الظواهر المميزة لهذا المجتمع كما أنها تكاد تكون
ظاهرمميزه لكل جاهلية في القديم إلى الشعر الجاهلية ،حيث نجد الخمر عنصرا أساسيا من عناصر المادة
الدبية ،كما أنه عنصر أساسي من عناصر الحياة كلها ووصف مجالس الشراب ،المعاصرة بها تزحم الشعر
الجاهلي ،وتطبعه طابعا ظاهرا ( .قطب,2005,ص) 663:
سرِ ُقلْ فِي ِهمَا إِثْ ٌم كَِبيٌ َومَنَا ِفعُ ولقد ظل عمر يشرب الخمر في السلم حتى إذا نزل قولة تعالى ":يَسْأَلُوَنكَ عَنِ اْل َ
خ ْمرِ وَاْلمَيْ ِ
لِلنّاسِ وَإِْث ُم ُهمَا َأكَْبرُ مِ ْن نَ ْف ِع ِهمَا "(سورة ,البقرة,أية )219:وقال " :اللهم بين لنا بيانا في الخمر " .واستمر حتى إذا
صلَاةَ وَأَنْتُ ْم ُسكَارَى حَتّى َت ْع َلمُوا مَا تَقُولُو َن " (سورة النساء ,أية ) 43:قال :
نزل قولة تعالى " :يَا َأّيهَا الّذِينَ آَ َمنُوا لَا تَ ْقرَبُوا ال ّ
سرُ اللهم بين لنا بيانا شافيا في الخمر حتى إذا انزل ال آية التحريم الصرحية في قولة تعالى " :إِّنمَا اْل َ
خ ْمرُ وَاْلمَيْ ِ
وَالْأَنْصَابُ وَالَْأزْلَامُ ِرجْسٌ مِ ْن َع َملِ الشّ ْيطَانِ فَاجَْتنِبُو ُه َل َع ّلكُمْ ُت ْف ِلحُونَ ( )90إِّنمَا ُيرِيدُ الشّ ْيطَا ُن َأنْ يُو ِقعَ َبيَْنكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالَْبغْضَاءَ فِي
صلَاةِ َف َه ْل أَنْتُمْ ُمنَْتهُو َن "(سورة,المائدة,اليتان )91,90:فقال :انتهينا انتهينا
سرِ وَيَصُ ّدكُ ْم عَنْ ِذ ْك ِر اللّهِ َوعَنِ ال ّ
خ ْمرِ وَاْلمَيْ ِ
اْل َ
وانتهى(.قطب,2005,ص)664:
وهكذا عالج المنهج الرباني تغلغل ظاهرة الخمر ببضع آيات من القرآن وعلى مراحل ،وفي رفق وتؤدة ركب
المعركة دون حرب ودون تضحيات ودون إراقة دماء والذى أريق فقط هو دنان الخمر وزقاقها وجرعات منها
كانت في أفواه الشاربين حين سمعوا آية التحريم فمجوها من أفواههم ولم يبلعوها .ولم يلجأ إلى تحريم الخمر
بقوة الدولة وسيف السلطان إنما كان أولً سلطان القرآن وتدرج فيه وبدأ المنهج عمله في رفق وفي يسر ،وفي
خبره بالنفس البشرية والوضاع الجتماعية (.قطب ، 2005 ،ص ) 665 :
ويقدم وصفا للمنهج السلمى في التغيير بقوله إن أيسر ما في المنهج الرباني أنه وهو يضع في حسابه البلوغ
إلى القمة ل يتعسف الطريق ول يتعجل الخطي ,ول يخطي المراحل فهو يسير هينا لينا مع الفطرة يوجهها من هنا
ويزودها من هناك ويقومها حتى تميل ولكنه ل يكسرها ول يحطمها ول يجهدها بل يصبر عليها صبر العارف
البصير الواثق من الغاية البعيدة ,فالذي ل يتم في الجولة الولى يتم في الجولة الثانية ,وكما ينبت الشجرة
الباسقة ,وتضرب بجدورها في أعماق التربة وتتطاول فروعها وتتشابك ،كذلك ينبت هذا المنهج في النفس
والحياة ،ويمتد في بطء ،وعلى هينة وفي ثقة وطمأنينة ثم يكون مايريد ال أن يكون.
وهذه السنة الربانية في رعاية التدرج ينبغي أن تتبع في سياسة الناس ,وعندما يراد تطبيق السلم في الحياة,
واستئناف حياة إسلمية متكاملة يكون التمكين ثمرتها فإذا أردنا أن نقيم مجتمعا إسلميا حقيقيا ،فل نتوهم أن
ذلك يمكن أن يتحقق بقرار يصدر من رئيس ,أو ملك ,أو مجلس قيادي ,أو برلماني ،إنما يتحقق بطريق التدرج
66
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
أي العداد ,والتهيئة الفكرية ,والنفسية ,والخلقية ,والجتماعية وهو المنهج نفسه الذي سلكه النبي صلى ال
عليه وسلم لتغيير الحياة الجاهلية إلى الحياة السلمية فقد ظل ثلثة عشر عاما في مكة ،كانت مهمته الساسية
فيها تنحصر في تربية الجيل المؤمن الذي يستطيع أن يحمل عبء الدعوة ,وتكاليف الجهاد كما بينها ,ونشرها في
الفاق ,ولهذا لم تكن المرحلة المكية مرحلة تشريع بقدر ما كانت مرحلة تربية وتكوين.
ومن أهم ما ينبغي أن يراعيه العاملون من أجل تغيير واقع المسلمين فقه الولويات بمعنى وضع كل شيء في
مرتبته فل يؤخرما حقه التقديم أو يقدم ما حقه التأخير ،وهذا ما تأمر به أحكام الشرع وتقضي به قوانين الكون
وهذا الفقه غائب عن كثير من المسلمين فنجدهم يهتمون بالفروع قبل الصول وبالجزيئات قبل الكليات وبالمختلف
فيه قبل المتفق عليه ويثيرون معارك من أجل نافلة وقد ضيع الناس الفرائض ومن أجل شكل ,أو هيئة دون
اعتبار المضمون ,وإن من فقه الوليات أن تعرف أي العداء أولى بتوجيه قوانا الطاربة له وتركيز العمل يسير
في خطة المستقيم مركز المفعول مكثف الجهد قريب الثمرة ( .القرضاوي ، 1992 ،ص ) 37_34 :
ويلحظ من كتابات سيد قطب واقعية المنهج السلمى لذلك لحظ مهمة القرآن الحركية وأدرك أغراض القرآن
الساسية فانطلق منها في تفسير النصوص القرآنية ،ولذلك كانت أغراضه من الظلل تحقق أغراض القرآن ،
فكانت أغراضا حركية تربوية ،واقعية جدية .وكان تركيزه على الموضوعات التي تهم المعاصرين ,وتلبي
حاجاتهم ,وتبصرهم بطريقهم ،ولذلك جاء الظلل في وقته المجدد ،وأدى مهمته الواقعية ،فأقبل عليه العاملون
لهذه السمة الواقعية التي لم يجدوها في غيره ( .الخالدي ، 1986 ،ص ) 306 :
إن المعرفة في السلم ,إنما تطلب لمواجهة حاجة واقعة في حدود هذه الحاجة الواقعة مع أن المنهج التربوي
القرآنى منهج واقعي جاد يواجهه عملية واقعية مواجهة تقدر المشكلة بحجمها وشكلها وظروفها كاملة,
وملبساتها ،ثم تقضي فيها بالحكم الذي يقابلها ويضبطها ويشملها وينطبق عليها انطباقا كاملً دقيقا ( .قطب ،
، 2006ص ص )988,987 :
والتزم بالواقعية لن البحث في السلم ل بد أن يكون له هدف فقد وقف وقفة علمية منهجية في تفسير قوله
صرَةً َو ِذ ْكرَى ِل ُكلّ عَبْ ٍد مُنِيبٍ " ( سورة ق ،آية ) 8 :
تعالى " :تَبْ ِ
وقارن بين منهج البحث الواقعي في السلم ومناهج البحث التي يسمونها علمية في بلد الغرب فالبحوث والفكار
والنظريات والتأملت ،ل بد أن تحقق الوصلة اليمانية بين القلب البشري وإيقاعات هذا الكون الهائل الجميل ،
هذه هي الوصلة التي تجعل للنظر في كتاب الكون ،والتعرف إليه أثرا في القلب البشري ،وقيمة في الحياة
البشرية هذه هي الوصلة التي يقيمها القرآن بين المعرفة والعلم ،وبين النسان الذي يعرف ,ويعلم وهي التي
تمهلها مناهج البحث التي يسمونها علمية في هذا الزمان ،فكل معرفة علمية بهذا الوجود ,والكون يجب أن
67
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
تستجيل في الحال إلى إيقاع في القلب البشري ,ومن ثم يجب أن يكون للمنهج اليماني الواقعي الجاد فكرة في
مجال البحوث والدراسات ليربط الحقائق العلمية برباط اليمان ,ويوصل بين النسان والكون .
( قطب ، 2005 ،ص ص )3360,3359:
ومن خلل كتاباته فيبين أنه يوجد دللت واقعية وحركية تربويه منهجيه كانت على النحو التالي :أنها تدل على
التقدم الجتماعي والفكري والشعوري والنساني في مجتمع الصحابة الكرام.
وكما تدل على يقظة الحس الديني ،وتغلغل العقيدة الجديدة ،وسيطرتها التامة الشاملة على النفوس.
وتدل على المهمة العملية الحركية للقرآن ،ووجوده دائما في المعركة بكل مجالتها وألوانها بين المسلمين وبين
أعدائهم ( قطب ، 2005 ،ص ص.) 179،180 :
ومن أظهر ألوان الواقعية موقفه من عالم الغيب ,ومنهجيته في النظر في النصوص التي تتحدث عنه حيث كان
وقافا عند تلك النصوص محترما لعقله في عدم الخوض فيها معترفا بعجزه عن الخوض فيه ،لعدم وجود الوسيلة
والداة التي تعينه في ذلك لذلك تلقي حقائق النصوص بالقبول والتسليم بدون تأويل أو تحريف أو خوض في
التفاصيل فالغيب وما وراء تصان الطاقة البشرية أن تنفق في استجلئه واستكناهه لن معرفته ل تواجه حاجة
واقعية في حياة البشرية وحسب العقل البشري أن يؤمن بهذا الغيب كما وصفه العليم به .فأما حين يتجاوز
اليمان به إلى البحث عن كنهه ،فإنه ل يصل إلى شيء أبدا لنه ليس مزودا بالمقدرة على استكناهه إل في
الحدود التي كشف ال عنها فهو جهد ضائع فوق أنه ضرب في التيه بل دليل ،يؤدي الى الضلل البعيد .
( قطب ، 2005 ،ص ) 987 :
ب لَا َي ْع َلمُهَا إِلّا هُوَ ("....سورة النعام ،آية ) 59
وفي تفسير قوله تعالى َ " :وعِنْدَهُ َمفَاِتحُ الْغَيْ ِ
وقف وقفة علمية منهجية ،تدل على موقفه من عالم الغيب وطريقته في فهمه ،ومنهجيته في النظر إليه والصلة
بين العقل وبين الغيب في السلم وقارن بين التصور السلمي في هذا والتصور المادي الجاهلي وأورد أقوالً
للمفكرين الغربيين يبنون فيها الصلة بين العلم وبين الغيب ،ويقررون أن النسان يسبح في بحر من الغيب غيب
الماضي وغيب الحاضر والمستقبل ،حتى اللحظة الحاضرة يجهل كل إنسان ما يجري فيها في كيانه هو وفي
الكون من حوله وإن النسان عاجز عن الخوض في الغيب بعقله وفكره وقرر حقيقة ثابتة وهي حقيقة الغيب من
مقومات التصور السلمي الساسية ،لنها من مقومات العقيدة السلمية الساسية ومن قواعد اليمان الرئيسية
.كما قرر أن العقلية السلمية عقلية غيبية علمية لن الغيبية هي العلمية بشهادة العلم والواقع .أما التنكر
للغيب فهو الجهلية التي يتعامل أصحابها وهم بهذه الجهالة ( .قطب ، 2005 ،ص ) 1121 _1113 :
68
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الفصل الخامس
69
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
والتغيير من الحسن إلى الحسن ,ومن السلب إلى اليجاب أصبح اليوم علما قائما بذاته له وسائله وآلياته
ل بسيطا ساذجا ،وإنما أصبح ثمرة
وشروطه وخططه وتخصصاته الكثيرة ،تشارك فيه عدة علوم ،ولم يعد عم ً
لمجموعة علوم وخبرات ومعارف متراكبة ومتراكمة ،تبدأ من الحاطة والرؤية والشمولية لواقع الحال واكتشاف
السنن ,والسباب التي تحكمه ,وتنشئه ,ووضع الخطط ,ورسم سبل التغيير لتبديل الواقع في ضوء المكانات
المتوفرة ,والظروف المحيطة ( .حسنة ، 1995 ،ص ) 177 :
ويندرج تحت هذا المجال عدة مسارات ,ويمكن إجمالها فيما يأتي :
أ_تصحيح العقيدة وتربية اليمان في النفوس :
وتعد العقيدة قوة فكرية ،تعمل على تطوير النماذج الجتماعية والثقافية وفقا لسياسة متكاملة ،تتخذ أساليب
ووسائل هادفة ،فهي حركة فكرية هادفة لها فعالية إيجابية في الواقع الجتماعي وفي العلقات الجتماعية وهي
قوة تؤدي إلى تغيير جذري في البناء الجتماعي والسياسي ( .بدران ،محفوظ ، 1977 ،ص) 112 :
ولقد كانت المسافة بين السلم يوم جاء,وبين واقع الناس في الجزيرة العربية وفي الرض كافة مسافة هائلة ،
وكانت النقلة التي يريدها لهم بعيدة وقفت في وجهها ألوان من القوى ،فالسلم ل يكتفي بتغيير العقائد
والتصورات القيم ,والموازين ,والعادات ,والتقاليد ,والخلق ,والمشاعر ،إنما يريد كذلك أن يغير النظمة
والوضاع والشرائع والقوانين لينتزع قيادة البشرية من يد الطاغوت والجاهلية ،ويردها إلى السلم ( .قطب ،
، 1992ص ص )52,51:
وحينما سئل الرسول صلى ال عليه وسلم عن خير القول في السلم أجاب " قل آمنت بال ثم استقم " ( رواه
مسلم ،ج : 1ص ) 95فاليمان أساس الستقامة في القول والسلوك ،وفي المقابل فإن تدني مستوى التمسك
بالقيم السلمية راجع بالدرجة الولى إلى ضعف العقيدة السلمية في نفوس أصحابها ومما ساعد على ذلك الغزو
الفكري عن طريق التكنولوجيا الحديثة كما أن المدارس في بلد المسلمين ،ل تكون العقيدة الدافعة إلى السلوك
بموجبها ( .يالجن ، 1991,ص ص ) 30 ،29 :
فالعمل الصالح وهو الثمرة الطبيعية لليمان ،والحركة الذاتية التي تبدأ في ذات اللحظة التي تستقر فيها حقيقة
اليمان في القلب فاليمان حقيقة ايجابية متحركة ما إن تستقر في الضمير حتى تسعى بذاتها الى تحقيق ذاتها في
الخارج في صورة عمل صالح ،هذا هو اليمان السلمي ل يمكن أن يظل خاملً ل يتحرك ،كافئا ل يبتدئ في
صورة حسية خارج ذات المؤمن فإن لم يتحرك هذه الحركة الطبيعية فهو مزيف أو ميت ،شأنه شأن الزهرة ل
تملك أريجها فهو ينبعث منها انبعاثا طبيعا ،وإل فهو غير موجود ومن هنا قيمة اليمان ،إنه حركة وعمل وبناء
وتعمير يتجه إلى ال إنه ليس انكماشا وسلبية وانزواء في مكنونات الضمير وليس مجرد النوايا الطبية التي ل
تتمثل في حركة وهذه طبيعة السلم البارزة بالمنهج الرباني وهذا المنهج حركة دائمة متصلة في صميم الوجود ،
صادرة عن تدبير ،متجهة إلى غاية وقيادة اليمان للبشرية هي قيادة لتحقيق منهج الحركة التي هي طبيعة
الوجود ،الحركة الخيرة النظيفة البائية المعمرة اللئقة بمنهج يصدر عن ال ( .قطب,2005,ص)3967:
70
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
إن مفتاح شخصيه هذه المة ,ومفجر طاقاتها ,هو اليمان الذي جعل هذه المه من قبل خير أمه أخرجت للناس,
وحقق لها النصر على أعظم المبراطوريات في الرض على الرغم من قلة عددها وضعف عدتها (.القرضاوي ،
،1985ص ) 21 :
وإذا كانت المة السلمية اليوم في صراع خطير مع قوى الكفر التي تملك الكثير من المكانات المادية ،في حين
أن المة ليس لديها من أسباب التفوق المادي ما يغني ،فإن المعركة ستكون خاسرة بالنسبة لها مالم تمتلك
التفوق اليماني المطلوب ( .حوي ، 1984 ،ص ) 46 :
واليمان المطلوب هو اليمان الصادق الذي يقر في القلب تصديقا ويقينا ويغطي على الجوارح سلوكا وعمل إنه
اليمان الذي يضيء القلب ,ويحرك الرادة ويوجه العقول ,ويوظف الطاقات ،ليكون صورة عملية واقعية يتجلى
فيها ليثبت ,وجوده إنه اليمان الذي يصلح القلوب ,ويهيئ النفوس وينشىء النسان خلقا آخر ,ويصبه في قالب
جديد ،فيغير هدفه ويهذب سلوكه وذوقه ونظراته للحياة ( .الخطيب ،ب ت ،ص ص ) 19 ، 18 :
إن السلم بطبيعته ل يبدأ التغيير من المنطلقات المادية والدوافع الولية ,والحتياجات النية فهي ومع أهميتها
تبقى تابعة المنطلقات المعنوية التي تشكل القوام الساس لنسانية النسان ،لذلك يبدأ التغيير من ضبط
المعتقدات ،ومن خلل ربطها بخالقها ,وموجدها عز وجل ،مما يحقق الرتقاء الروحي ،الذي يقود القيم,
والسلوك في التجاه الصحيح ( .السمر ،1997 ،ص) 315:
ويؤكد على أن التغيير يبدأ بتصحيح العقيدة واجتثاث التصور الجاهلي العتقادي جملة من جذوره ،وإقامة
التصور السلمي الصحيح إقامته من أعماق القاعدة المرتكزة إلى الفطرة يبين للناس فساد تصوراتهم عن
اللوهية وهداهم إلى الله الحق ،وحين عرفوا إلههم الحق بدأت نفوسهم تستمع الى مايحبه منهم هذا الله الحق
وما يكرهه ،وما كانوا قبل ذلك ليسمعوا أو يطيعوا أمرا ول نهيا ،وما كانوا ليقلعوا عن مألوفا تهم في الجاهلية
مهما تكرر لهم النهي وبذلت لهم النصيحة .إن عقدة الفطرة البشرية هي عقدة العقيدة وما لم تنعقد هذه العقدة
أولً فلن يثبت فيها شيء من خلق أو تهذيب أو إصلح اجتماعية إن مفتاح الفطرة البشرية ها هنا وما لم تفتح
بمفتاحها فستظل سراديبها مغلقة ودروبها ملتوية ،وكلما كشف منها زقاق انبهمت أزقة ،وكلما أضاء منها
جانب أظلمت جوانب وكلما حلت منها عقدة تعقدت عقد ،وكلما فتح منها درب سدت دروب ومسالك إلى ما ل
نهاية (.قطب,.2005,ص)973:
لذلك لم يبدأ المنهج السلمي في علج رذائل الجاهلية وانحرافاتها وفي هذه الرذائل والنحرافات إنما بدأ من
العقيدة بدأ في شهادة أن ل إله إل ال وطالت فترة إنشاء ل إله إل ال هذه في الزمن حتى بلغت نحو ثلثة عشر
عاما ،لم يكن فيها غاية إل هذه الغاية تعريف الناس بإلههم الحق وتعبيدهم له وتطويعهم لسلطانه ..حتى إذا
خلصت نفوسهم ل ،وأصبحوا ل يجدون لنفسهم خيرة إل ما يختاره ال عندئذ بدأت التكاليف بما فيها الشعائر
التعبدية وعندئذ بدأت عملية تنقية رواسب الجاهلية الجتماعية والقتصادية والنفسية والخلقية والسلوكية بدأت
في الوقت الذي يأمر ال فيطيع العباد بل جدال لنهم يعلمون لهم خيرة فيما يأمر ال به أو ينهي عنه أيا كان .
( قطب , 2005 ،ص ) 974 :
71
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ويلحظ من خلل استقراء المرحلة المكية في الدعوة السلمية أن الرسول صلى ال عليه وسلم اهتم اهتماما بالغا
بغرس وترسيخ أصول العقيدة السلمية في نفوس المسلمين الوائل وقد استغرق ذلك ثلثة عشر عاما حتى أتت
هذه التربية ثمارها ( .الحمد ، 1988 ،ص ) 43 :
وفي ضوء ما سبق ،ينبغي الهتمام بما يلي :
1ـ تصحيح العقيدة لدى المسلمين ،إذا كان التغيير نحو الفضل ل يبدأ من المنطلقات المادية والدوافع الولية ،
بل من المنطلقات المعنوية ويبدأ التغيير بضبط المعتقدات من خلل ربطها بخالقها وموجدها عز وجل .
_2ترسيخ مفهوم التوكل على ال عزة وجل والستعانة به في السراء والضراء واللجوء المستمر إليه بالدعاء
ل بالتوجه النبوي الشريف ل يرد القدر إل بالدعاء ول
لصلح النفس وتقبل العمل والثبات على المحن والفتن عم ً
يزيد في العمر إل البر ،وإن الرجل ليحرم الرزق بالذئب يصيبه .
(الحاكم ،ج ، 1ص ) 67 :
3ـ غرس عقيدة الولء والبراء في نفوس المسلمين وتحويل هذه العقيدة إلى أنماط سلوك والتزامات فعلية تجاه
المجتمع والمة وعلج كل مظاهر الولء الفاسد لغير المسلمين .
4ـ إعادة تأصيل مفهوم اليمان ليشمل المظاهر الجتماعية للعبادة بد ًل من حصره في المظهر الديني وحده
تتركز تطبيقاته في قلب الجتماع البشري على الرض ( .أبو دف ، 2004 ،ص ) 22 :
5ـ إبراز أهمية تكامل عناصر القرار للمؤمنين أي الهوية والجنسية والثقافة والتأكيد على استحالة الفصل
بينها فالمة التي تتحد فيها هوية النسان وجنسيته على أساس اليمان هي وحدها التي تكون قيمها ونظمها
وأخلقها ,وعاداتها ,وتقاليدها ,وفضائلها وقنواتها ,وشبكة العلقات الجتماعية فيها مستمدة من اليمان .
( الكيلني ، 1985 ،ص ) 52 :
72
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى
منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى "(ابن حنبل,ج , 2ص.) 325:وأمروا بالمعروف فدعوا إلى
الخير والصلح ودفعوا إليه الناس ونهوا عن المنكر فقاوموا الشر والفساد ،وحققوا بهذا وذاك صفة المة
المسلمة التي ل تبقى على منكر وهي قادرة على تغييره ،ول تقصد عن معروف وهي قادرة على تحقيقه .
( قطب 2005 ،ص ص ) 2428 ، 2427 :
ويتضمن العداد الروحي للفرد المسلم ،تطهر النفس من الرذائل ,والسيئات التي تجعل الروح مريضة ,وبدأ
السلم بتحرير الوجدان البشري من عبادة احد غير ال ،ومن الخضوع لحد غير ال فما لحد عليه غير ال من
سلطان ،وما من أحد يميته أو يحييه إل ال ،وما من أحد يملك له ضرا ول نفعا ،وما من أحد يرزقه من شيء
في الرض ,ول في السماء ،وليس بينه وبين ال وسيط ,ول شفيع وال وحده هو الذي يستطيع والكل سواه
عبيد ل يملكون لنفسهم ,ول لغيرهم شيئا ( .يالجن . 1986 ،ص ) 345 :
وكذلك يأخذ السلم المر من وجوهه كلها ،ومن مناحيه جميعا ،فيكفل التحرر الوجداني تحررا مطلقا ،ل يقوم
على المعنويات وحدها ،ول على القتصاديات وحدها ،ولكن يقوم عليها جميعا فيعرف للحياة واقعها ،وللنفس
طاقتها ،ويستثير في الطبيعة البشرية غاية أشواقها وأعلى طاقاتها ،ويدفع بها إلى التحرر الوجداني كاملً
صريحا ,فبغير التحرر الكامل لن تقوى على عوامل الضعف والخضوع ,والعبودية ,ولئن تتطلب نصيبها من
العدالة الجتماعية ،ولن تصبر على تكاليف العدالة حين تعطاها ( .قطب . 1980 ،ص ) 55_41 :
ويمكن أن يتعزز هذا البناء من خلل الخذ بالوسائل التالية :
1ـ إبراز مدى حاجة الفرد المستمرة الى ال عز وجل في كل أموره وتكوين الوعي الكامل لديه بأهمية الحياة
الروحية ودورها من وقاية الفرد ,والمجتمع والمة من المراض الجتماعية والخلقية وتمكين المسلمين في
صلَاةَ
ض أَقَامُوا ال ّ
ي َعزِيزٌ ( )40الّذِينَ ِإ ْن َمكّنّاهُمْ فِي الْأَ ْر ِ
صرُهُ ِإ ّن اللّهَ لَقَ ِو ّ الرض كما جاء في قولة تعالى" :وَلََينْ ُ
ص َرنّ اللّهُ مَ ْن َينْ ُ
َوآَتَوُا ال ّزكَاةَ وَأَ َمرُوا بِاْلمَ ْعرُوفِ وََنهَوْا عَنِ اْلمُ ْن َكرِ وَِللّ ِه عَاقَِبةُ الْأُمُورِ" (.سورة الحج ،اليتان ) 40،41 :
2ـ تعويد المسلم على أداء العبادات بروحها ل بشكلها وقد أوصى الرسول صلى ال عليه وسلم بالتزام العبادات
ل سيما في وقت الفتن.
3ـ تربية الفرد على الزهد في الحياة الدنيا وقصر المد فيها .
4ـ إكساب المسلم مهارات التعامل مع كتاب ال وسنة الرسول صلى ال عليه وسلم قراءة وتدبرا وفهما
وممارسة .
5ـ تكوين استعداد قوي واتجاه راسخ لدى المسلم نحو ترك المعاصي والذنوب ،وبيان آثارها المدمرة على
المجتمع والمة ،والترفع عن الشبهات والتسابق في ميادين الخير المتنوعة ،وقد جاء في التوجيه النبوي
الشريف عن أبى الدرداء قال :أوصاني خليلي صلى ال عليه وسلم " ل تشرك بال شيئا وإن قطعت وحرقت ،
وتترك صلة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه الذمة ،ل تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر ( .ابن ماجه ،ب .ت ،ج
، 2ص )1336 :
73
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
6ـ تربية المسلمين على مقاومة أهواء النفس ومجاهدتها وإصلحها واكتساب المهارات اللزمة لتغيير ما في
النفس نحو الفضل ( .أبو دف . 2004 ،ص ) 25 :
ثانيا :المجال الجتماعي والثقافي :
التغيير يعني في اللغة إحداث شيء لم يكن من قبل بنفس الصورة التي أصبح عليها بعد التغيير ،وكانت العرب
تقول :غير فلن بعيره إذا حط عنه رحلة ،وأصلح من شأنه وتغيرت الشياء إذا اختلفت عن سابقتها فحين تقول
:غيرت دارى إذا بنيتها بناء غير الذي كانت عليه ( .المعجم الوسيط ،مجلد . 2ص ) 66 :
أما كلمة الجتماعي فهي مأخوذة من الفعل الثلثي ،جمع ،ومضارعه يجمع والمصدر جمعا والجمع :مصدر
لقولك جمعت الشيء ،كما أنه يطلق على المسجد الجامع لنه يجمع المصلين في مواقيت الصلة ،فهو نعت
للمسجد لنه علمة للجتماع ( .لسان العرب ،مجلد ، 8ص ) 55_53 :
من خلل التعريف اللغوي استطاع بعض المفكرين وضع حد اصطلحي فعرفة هيربرت بلومر :بأنه ذلك النشاط
الجتماعي الذي يأخذ غالبا شكل التصورات المشاعر غير المنظمة وهو النشاط الذي يصبح تدريجيا معبرا عن
أشكال جديدة في العتقاد ،السلوك الجمعي ،الذي ل تجد منافذ للتعبير عن مطالبها ،فتحول إلى حركة منظمة ،
تهدم النماط الجتماعية الموجودة ( .زهد ، 2004 ،ص ) 44 :
أما كلمة ثقافة لفظ ثقافة مصدر من الفعل ثقف أو ثقف ويبدو أن المعنى الصلي المادي لهذا الفعل هو تشذيب
الرماح وتقويمها والقائم بعملية التشذيب والتقويم هو :المثقف والرمح المعدل المقوم الذي ل اعوجاج فيه هو :
المثقف وقد انتقل هذا المعنى المادي الصلي إلى مجالت غير مادية ،فأصبح يقال :ثقف الشيء أي تعلمه
بسرعة ,أو ثقفت الشيء أي حذقته وورد في حديث الهجرة :وهو غلم ثقف أي ذو فطنة وذكاء والمراد أنه
ثابت المعرفة بما يحتاج إليه ( .لسان العرب ،مجلد ، 9مادة ثقف .ص ) 19 :
ويؤكد على مفهوم التغيير الجتماعي الذي يسبقه التغيير الثقافي في عقلية الفرد والمجتمع بأسره ،حيث يرى أن
الواقع الجتماعي وليد التصور العتقادي ،والتصور العتقادي له مصدر واحد هو الذي يتحكم في وجود الشياء
وإيجادها حيث يقول :إن العدالة الجتماعية ل بد أن تنبثق في المجتمع من تصور اعتقادي شامل يرد المر كله
ل ،ويقبل عن رضي وعن طواعية ما يقضي به ال من عدالة في التوزيع ومن تكافل بين الجميع ويستقر معه
في قلب الخذ المأخوذ منه وأنه ينفذ نظاما يرضاه ال ،ويرجوا على الطاعة فيه الخير والحسنى في الدنيا
والخرة سواء فل تمتلئ قلوب بالطمع ول تمتلئ قلوب بالحقد ول تسير المور كلها بالسيف والعصا وبالتخويف
والرهاب ول تفسد القلوب كلها وتختنق الرواح ،كما يقع في الوضاع التي نراها قد قامت علي غير " :ل إله
إل ال " ( .قطب ،2005 ,ص ص) 1007 ، 1006 :
ومن البديهي أن التغبير سنة كونية وهو أمر واقع وظاهرة عيانية موجودة في كل المستويات ابتداء من المادة
الحسية انتهاء بالحياة الجتماعية والنفسية أو عالم الفكار عامة وقد رأي كثير من العلماء أن اليمان نفسه يزيد
وينقص وأن النفس تنقلب بين التزكية ,وأن التحول الفكري يقود إلى تغير في السلوك والستجابة (.حسنة ،
، 1994ص ) 27 :
74
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وقد أخبر ال سبحانه وتعالى عن نفسه بأنه ل ينفك عن إحداث الجديد في هذا الكون في قوله تعالى " ُك ّل يَوْمٍ ُهوَ فِي
شَ ْأنٍ " ( .سورة الرحمن ،آية ) 29 :
ويسلم بأن الفطرة النسانية فطرت على حب التغيير والتبديل والنتقال من حال الى حال ومن مكان الى مكان ومن
نظام الى نظام وبذلك يندفع النسان نحو تغيير واقع الحياة ويكشف عن مجاهيل الرض ويبدع في نظم المجتمع
وأشكال المادة وبذلك تتطور الحياة وترتقي وهذا ما يتناسب مع موقع النسان كخليفة على الرض وطبيعة دوره
فيها الذي يستدعي تحوير الحياة وتطويرها حتى تبلغ الكمال ( .قطب ، 2005 ،ص ) 2296 :
وبناء عليه فإن مهمة السلم دائما ،أن يدفع بالحياة إلى التميز والتطور والرقي وأن يدفع بالطاقات البشرية الى
النشاء والنطلق والرتفاع ( .قطب ، 1974 ،ص ) 16 :
مفهوم التغيير الجتماعي والثقافي :
ويمكن تعريف التغيير الجتماعي والثقافي بأنه عبارة عن إحداث تحويلت على بنية ووظائف النظمة الجتماعية
والثقافية بدون إصدار أي أحكام قيمية عليها ,فالتغيير الجتماعي تحولت تحدث في النظام الجتماعي أي في بناء
وظائف المجتمع المتعددة والمختلفة بينما يحدث التغيير الثقافي في كل فروع الثقافة ,والمعرفة ,والمعتقدات,
والقيم والخلق والفن والعادات التي حصل عليها النسان لكونه في مجتمع وأيا كان المر فإنه ليس بالمكان
الفصل بين عناصر التغيير الجتماعي والثقافي فإذا ما حدث تغيير في واحد منهما استدعى ذلك غالبا تغيير في
الخر ( .بدران ،محفوظ ، 1977 ،ص ) 106 :
أ ـ مقاصد التغيير في المجال الجتماعي والثقافي :
يتحدث بصورة مستفيضة عن الواقع الجاهلي الذي تعيشه البشرية اليوم والذي يظهر فيه التدهور الخلقي
والنحلل الجتماعي وتتآكل في ظله إنسانية النسان وتتحلل آدميته وهو يلهث وراء الحيوان ليلحق بعالمه
الهابط .حيث يقول :إن الجاهلية هي الجاهلية ولكل جاهلية أرجاسها وأدناسها ل يهم موقعها في الزمان والمكان
،فحيثما خلت قلوب الناس من عقيدة إلهية تحكم تصوراتهم ومن شريعة منبثقة من هذه العقيدة تحكم حياتهم فلن
تكون إل الجاهلية في صورة من صورها الكثيرة,والجاهلية التي تتمرغ البشرية اليوم في وحلها ل تختلف في
طبيعتها عن تلك الجاهلية العربية ,أو غيرها من الجاهليات التي عاصرتها في أنحاء الرض حتى أنقذها منها
السلم وطهرها وزكاها (.قطب,2005,ص) 510:
إن البشرية اليوم تعيش في ماخور كبير ونظرة إلى صحافتها وأفلمها ومعارض أزيائها ومسابقات جمالها ،
ومراقصها ،وحاناتها .ونظرة إلى سعارها المجنون للحم العاري ,والوضاع المثيرة والى جانب التدهور الخلقي,
والنحلل الجتماعي ,الذي أصبح يهدد كل نفس وكل بيت ,وكل نظام وكل تجمع إنساني ،نظرة إلى هذا كله تكفي
للحكم على المصير البائس الذي تدلف إليه البشرية في ظل هذه الجاهلية .إن البشرية تتآكل إنسانيتها وتتحلل
أدميتها وهي تلهث وراء الحيوان ومثيرات الحيوان ،لتحلق بعالمه الهابط ,والحيوان أنظف ,وأشرف ,وأطهر
لنه محكوم بفطرة حازمة ل تتميع ,ول تأسن كما تأسن شهوات النسان حين ينفلت من رباط العقيدة ومن نظام
75
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
العقيدة ،ويرتد الى الجاهلية التي أنقذه ال منها ,والتي يمن ال على عباده المؤمنين بتطهيرهم منها ( .قطب ،
,2005ص ) 511 :
وقد تغلغلت الجاهلية في التقاليد,والعادات ,والخلق ,والعلقات فهي نظام حياة من هنا قضي للنظام السلمى
واقع مختلف,فالجاهلية كما يراها سيد قطب وهي عبارة عن كل منهج فيه عبودية البشر للبشر ( .قطب 2005 ،
.ص ) 557 :
وقد عبر عن هذا الواقع السلبي في حياة المسلمين الجتماعية والثقافية ،ما جاء في حديث الرسول عليه الصلة
ل لهم " :خير القرون قرني ،ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ،ثم إن بعدهم
والسلم حيثما أخبر أصحابه قائ ً
قوما يشهدون ول يستشهدون ويخونون ول يؤتمنون ويندرون ول يوفون ويظهر فيهم السمن " ( .البخاري ،ج
. 2ص ص )288,287 :
وفي ضوء ما سبق يتحدد الهدف من التغيير الذي ينشده بقوله " :إن مهمتنا الولى هي تغيير هذا الواقع الجاهلي
من أساسه ،هذا الواقع الذي يصطدم اصطداما أساسيا بالمنهج السلمي وبالتصور السلمي ,والذي يحرمنا
بالقهر ,والضغط أن نعيش كما يريد لنا المنهج اللهي " ( .قطب ، 1965 ,ص ) 99 :
فالتغيير الذي ينشده يستهدف استبدال وجه العالم الحالي بعالم آخر ،يقر فيه سلطان ال وحده ويبطل سلطان
الطواغيت ،إنه العالم الذي يولد فيه النسان الحر الكريم المتحرر من العبودية لغير ال .حيث يقول :لقد جاء
هذا الدين ليغير وجه العالم ،وليقيم عالما آخر ،يقر فيه سلطان ال وحده ،ويبطل سلطان الطواغيت ،عالما
يعبد ال وحده وبمعنى العبادة الشامل ,ول يعبد معه أحد من العبيد عالما يخرج ال فيه من شاء من عباده إلى
عبادة ال وحده عالما يولد فيه النسان الحر الكريم النظيف المتحرر من شهوته وهواه ،تحرره من العبودية
لغير ال .جاء هذا الدين ليقيم قاعدة :أشهد أن ل إله إل ال التي جاء بها كل نبي إلى قومه على مدار التاريخ
البشري ( .قطب ، 2005 ،ص ) 1255 :
وينتقد بعض المفكرين ،الذين يتصورون أن الواقع الجاهلي هو الصل الذي يجب على دين ال ،أن يطابق نفسه
عليه وأن يغير في أحكامه ،حتى يصبح مقبو ًل لدى الخرين .حيث يقول :إن المحنة الحقيقية لهؤلء الباحثين
أنهم يتصورون أن هذا الواقع الجاهلي هو الصل ،الذي يجب على دين ال أن يطابق نفسه عليه ولكن المر غير
ذلك تماما إن دين ال هو الصل الذي يجب على البشرية أن تطابق نفسها عليه ،وأن تحول من واقعها الجاهلي,
وتغير حتى تتم هذه المطابقة,ولكن هذا التحول وهذا التغيير ل يتنامى عادة إل عن طريق واحد هو التحرك في
وجه الجاهلية لتحقيق ألوهية ال في الرض,وربوبيته وحده للعباد ,وتحرير الناس من العبودية للطاغوت ،
بتحكيم شريعة ال وحدها في حياتهم وهذه الحركة ل بد أن تواجه الفتنة والذى والبتلء فيفتن من يفتن ويرتد
من يرتد ،ويصدق ال من يصدقه فيقضي نحبه ويستشهد ،ويصبر من يصبر ويمضي في حركته حتى يحكم ال
بينه وبين قومه بالحق وحتى يمكن ال له في الرض وعندئذ فقط يقوم النظام السلمي .
76
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ويرى أن تحقيق هذا الهدف ل يكون بمجاراة الجاهلية والسير معها خطوات في أول الطريق كما أنه ل لن يكون
بمقاطعتها والنعزال عنها وإنما يكون من خلل المخالطة مع التمييز والخذ والعطاء مع الترفع والصدع بالحق
في مودة والستعلء باليمان في تواضع ( .قطب ، 1965 ،ص ) 161 :
ويتضح مما سبق أن التغيير الذي يتطلع إليه سيد قطب هو تغيير شامل يستهدف الصول والفروع ويأتي على
جميع مجالت الحياة الجتماعية ,والثقافية كما يتبنى أن منهج سيد قطب في التغيير قائم على العتدال والتوازن
بعيدا عن التعصب العمى ،والنغلق السلبي ،على الرغم من إقراره بفساد الواقع الجاهلي واصطدامه مع دين
ال .
لقد مر السلم بمرحلتين المرحلة الولى :إقامة النبي صلى ال عليه وسلم بمكة المكرمة وتسمى مرحلة ماقبل
الهجرة النبوية المرحلة الثانية :بعد هجرته صلى ال عليه وسلم إلى المدينة وتم فيها بناء السرة المسلمة,
والمجتمع المسلم والدولة التي تحكم بشريعة السلم ,ونستخلص من ذلك أن غرض اليات القرآنية في التغيير
الجتماعي كان موزعا على المرحلتين السابقتين فالمرحلة الولى تتحدث اليات فيها عن التغيير الجذري للفراد
عقيدة وأخلقا وسلوكا ،لن المجتمع السلمى كان يتمثل في أفراد ينتمون إليه ليس بأيديهم السلطة والقيادة,
وإنما كانت لمشايخ القبائل .أما المرحلة الثانية :فكانت التوجيهات القرآنية تركز على الصلح الجتماعي
بإحداث التغيير الشامل في حياة الفرد والسرة ,والمجتمع بأسره نخرج بنتيجة من هذا التقييم أنه يجب أن يسبق
الصلح الجتماعي إصلح فردي بتربية الفراد على عقيدة اليمان ،وتمكن ملكه المراقبة ل في ضمائرهم ،حتى
يصبحوا لبنات صالحة في جسم المجتمع ,وخطا السلم خطوات عظيمة لتحقيق التغيير في حياة الناس عبر
مجالته ثلثة وهي( .زهد,2004,,ص)45:
ركز سيد قطب على بيان تكريم ال سبحانه للنسان ,ونعم ال عليه ,وإظهار كرامة هذا النسان على ال,
وانطلق من هذا في بيان دور النسان ووظيفته ومهمته ورسالته في هذه الحياة ,وما يريده ال منه.ودعا السلم
الى إصلح الفراد من خلل إحداث التغيير الشامل في سلوكهم الحياتي ،وفق معتقداتهم اليمانية ،حيث جاء في
الحديث الشريف عن سفيان الثقفي قال :قلت يارسول ال :قل لي في السلم قولً ل أسأل عنه أحد بعدك ؟ قال:
" قل أمنت بال ثم استقم " ( .رواه مسلم ،ج ، 1ص.) 62 :
77
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وأشار إلى تلك القيمة الكبرى التي يعطيها التصور السلمي للفرد في العلن العلوي الجليل في المل العلى
الكريم ,إنه مخلوق ليكون خليفة في الرض,وأول اعتبار من هذه العتبارات هو أن الفرد سيد هذه الرض,ومن
أجله خلق كل شيء ,فهو إذن أعز وأكرم وأغلى من كل شيء مادي ,ومن كل قيمة مادية في هذه الرض
جميعا.والعتبار الثاني هو أن الدور الول للنسان على الرض هو الذي يغير ,ويبدل في أشكالها وفى
ارتباطاتها,وهو الذي يقود اتجاهاتها ورحلتها( .قطب,2005,ص) 60:
ومن مظاهر تكريم ال للفرد وأبلغها ,وأبرزها لنسانيته ,وأظهرها دللة على حقوقه وحريته ,واحترام إرادته,
وفكره ومشاعره,وترك أمره لنفسه فيما يختص بالهدى والضلل في العتقاد ,وتحميله تبعة عمله ,وحساب
نفسه,وهذه هي أخص خصائص التحرر النساني ,وإن حرية العتقاد هي أول حقوق الفرد,التي يثبت له بها
وصف إنسان ,فالذي يسلب الفرد حرية العتقاد ,إنما يسلبه إنسانيته ابتداء ومع حرية العتقاد حرية الدعوة
للعقيدة ,والمن من الذى والفتنة ,وإل فهى حرية بالسم ل مدلول لها في واقع الحياة(.قطب, 2005,ص)291:
وإن أراد الفرد السعادة والتوافق في حياته عليه أن يلتزم بمنهج ال سبحانه ,وهو السلم في نفسه وحياته
ومجتمعه,ليتناسق مع نظام الكون كله ,ويتعامل معه ,والمؤمن يحسن الستفادة من القوى الطبيعية في الكون,
وموقفه منها موقف التعرف ,والصداقة ,ل موقف التقاتل ,والعداء ,ذلك أن قوة الفرد وقوة الطبيعة صادرتان عن
إرادة ال ومشيئته ,محكومتان بإرادة ال ومشيئته ,متناسقتان متعاونتان في الحركة والتجاه,إن ال خلق هذه
القوى للفرد لتكون له صديقا مساعدا متعاونا ,وأن سبيله إلى كسب هذه الصداقة أن يتأمل فيها ,ويتعرف إليها,
ويتعاون وإياها ,ويتجه معها إلى ال ربه وربها(.قطب,2005,ص)25:
إن ترك المنهج اللهي يعمل ويتحقق عن طريق الجهد البشرى ,ويتأثر بتصرف البشر إزاءه,هو خير في عمومه
,فهو يصلح الحياة البشرية ول يفسدها ,ويصلح الفطرة البشرية ويوقظها ويردها إلى سوائها ,وهذا يتطلب من
الفرد المسلم أن يتعرض لمجاهدة الناس في أمر تمام حقيقة هذا اليمان ,ومجاهدتهم باللسان بالتبليغ و البيان,
ومجاهدتهم باليد لدفعهم من طريق الهدى حين يعترضونه بالقوة الباغية ,وحتى يتعرض في هذه المجاهدة
للبتلء والصبر على الجهد ,والصبر على الذى ,والصبر على الهزيمة ,والصبر على النصر فالصبر على
النصر أشق من الصبر على الهزيمة وحتى يتحمص القلب ,ويتميز الصف ,وتستقيم الجماعة على الطريق,
وتمضى فيه راشدة صاعدة ,متوكلة على ال في تغيير المجتمع الجاهلي إلى المجتمع السلمي(.قطب2005,
,ص)528:
كما يؤكد على أن الفرد الذي توكل له مهمة التغيير عندما يدخل في السلم يخلع على عتبته كل ماضيه في
الجاهلية ,وكان يشعر أنه في عزله شعورية كاملة بين ماضي المسلم في جاهلية وحاضره في إسلمه ,وانخلع
من البيئة الجاهلية ,وعرفها وتصورها وروابطها,و ينشأ عن النخلع من عقيدة الشرك إلى عقيدة التوحيد ,ومن
78
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
تصور الجاهلية إلى تصور السلم عن الحياة والوجود ,وينشأ من النضمام إلى التجمع السلمى الجديد ,
بقيادته الجديدة ,ومنح هذا المجتمع وهذه القيادة كل ولئه وكل طاعته وكل تبعيته(.قطب,1964,ص)17:
ولقد ركز المنهج القرآني على إعداد الفراد ،لنهم بمثابة اللبنات التي يتألف منها المجتمع فاعتبر الفرد أساسا
للمجتمع الصالح فهذب الفرد من جانبين :
-إبراز الشخصية المستقلة للفرد :حافظ السلم على مكونات النسان وأحاطها بالرعاية ،فحافظ على جسمه
وعقله وروحه ،وماله ،وعمله ،ليكون إنسانا سويا في المجتمع ،إيجابيا في حركته وعمله وإنتاجه ,لهذا كانت
التكليفات الفردية في التشريع السلمي .
-بناء الشخصية العامة :إن المنهج القرآني حافظ على الشخصية العامة للمجتمع المسلم من خلل بيانه لطبيعة
العلقة بين الفراد ،وما ينبغي القيام به من خدمات لتحقيق السعادة للجميع ،لذلك جاءت التكاليف فى هذا المجال
جماعية ( .زهد , 2004 ،ص ص ) 52 , 51 :
يتضح مما سبق :أنه بقدر ما يكون عند الفرد من القوة اليمانية والرادة والخلق والسمو الروحي والحساس
بالمسئولية يكون نصيب المجتمع من الصلح ,والسعادة ،والرفاه الجتماعي فصلح الفرد هو صلح المجتمع,
وصلح المجتمع من صلح الفرد ،وشقاؤه من شقائه ،وفساده من فساده ،فهما مترابطان ترابط الجسد والروح
لذلك كانت العناية الربانية بتربية الفراد لينهض المجتمع من خلل تطبيقه لتعاليم القرآن الكريم .
ل يكتفي السلم من المسلم إن يكون مسلم لشخصه دون الهتمام بمن حوله ،بل يطلب منه العتناء بالخرين ،
س ِلمِيَ " ( .سورة
ودعوتهم والنصح لهم ،قال تعالى َ " :ومَ ْن َأحْسَنُ قَوْلًا ِممّنْ َدعَا إِلَى اللّهِ َو َع ِملَ صَاِلحًا وَقَا َل إِنّنِي مِنَ اْلمُ ْ
فصلت ،آية ) 33 :لذلك أوجب السلم على المسلم بعد إحداث التغيير في حياته إن يحمل رسالة السلم وتعاليمه
السامية إلى أهل بيته ,وللمجتمع الصغير وإلى الزوجة والولد والقارب ،قال تعالى ":يَا أَّيهَا الّذِي َن آَمَنُوا قُوا أَْنفُ َ
سكُمْ
حجَارَ ُة " ( سورة التحريم ،آية ) 6 :ويأتي الهتمام بالسرة اليوم مواكب لما تقوم به
وَأَ ْهلِيكُمْ نَارًا وَقُو ُدهَا النّاسُ وَاْل ِ
من وظائف حيوية في حياة الفراد والمجتمعات في المؤسسة الفريدة في تربيتها وتنشئتها للجيال الصاعدة ول
يمكن لمؤسسة أخرى بناء شيء مها في عملية التنشئة الجتماعية بنفس المقدرة والكفاءة ،فالسرة تتوسط بين
الفرد والمجتمع ،فمن ناحية تنقل شقاقه المجتمع إلى الفراد ومن ناحية أخرى ،تزود أفرادها بالدوار التي
تمكنهم من التفاعل والتعامل مع المؤسسة الجتماعية (.قطب ,2005 ،ص ) 255 :
فالطفل النساني في حاجة ماسة إلى رعاية السرة وملزمة البوين أكثر من حاجة أي طفل لحيوان أخر وذلك
لن الطفل لنساني هو أطول الحياء طفولة من غيره ،كما أن مرحلة الطفولة هي فترة إعداد وتهيئة وتدريب
79
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
للدور المطلوب من كل حي باقي حياته ،ولما كانت وظيفة النسان هي اكبر وظيفة ودوره في السرة أعظم دور
امتدت طفولته لتحسين إعداده وتدريبه ليكون أساسا لتغييرالمستقبل ( .قطب , 205 ،ص ) 235 :
وكما يؤكد على أن السرة هى المسئوله عن تربية الولد تربيه صحيحه مستمدة من الكتاب وسنة ,ومن أجل
تغيير المجتمع الجاهلى بالمجتمع السلمى ،ل يمكن أن يناظرها وكمحضن تربوي أي جهاز وقد أثبتت التجارب
العملية ،أن أي جهاز غير جهاز السرة ،ل يعوض عنها ول يقوم مقامها ،بل ل يخلو من أضرار مفسدة لتكوين
الطفل وبخاصة نظام المحاضن الجماعية ،التي أرادت بعض المذاهب المصطنعة المتعسفة ،أن تستعيض بها عن
نظام السرة في ثورتها الجامحة الشاردة ضد النظام الفطري الصالح القويم الذي قبله ال النسان ( .قطب ،
. 2005ص )235 :
كذلك يحتاج الطفل الى سلطة واحدة ثابتة تشرف عليه فترة من حياته كي يتحقق له ثبات الشخصية وهذا مال
يتيسر إل في محضن السرة الطبيعي فأما في المحاضن الصناعية فل تتوفر السلطة الشخصية الثابتة لتغيير
الحاضنات بالمناوبة على الطفال فتنشأ شخصياتهم مخلخلة ،ويحرمون ثبات الشخصية والتجارب في المحاضن
تكشف في كل يوم عن حكمة أصيلة في جعل السرة هي اللبنة الولى في بناء المجتمع السليم الذي يستهدف
السلم إنشاءه على أساس النظرة السليم (.قطب , 2005 ،ص ) 3262 :
وما من شك في أن الباء فطروا على حب البناء وهم يدعون ربهم أن يرزقهم الذرية وقد عبر عن ذلك قوله
ك َسمِيعُ ال ّدعَاءِ " تعالى على لسان زكريا عليه السلم ُ ":هنَاِلكَ َدعَا َز َكرِيّا رَبّهُ قَالَ َربّ هَ ْ
ب لِي ِمنْ لَ ُدْنكَ ذُرّيّةً طَيّبَ ًة إِّن َ
( سورة آل عمران ،آية ) 38 :
ويؤكد على المفهوم الشامل للرعاية السرية فهي ل تقصر على الجوانب البيولوجي فحسب بل تتعداه إلى جوانب
أخرى حيوية ,ومطلوبة وقد لخص أبرز الوظائف التربوية للسرة في تنمية النشيء جسديا وحسيا وعاطفيا ،كما
أنها مطالبة بتزويد النشيء برصيد من المعرفة النسانية والتجارب التي تؤهله في حياة المجتمع النساني,
والمشاركة في حمل تبعته ,وترسخ في روح الجهادية وليعمل على إقامة الخلفة الراشدة ( .قطب ، 2005 ،ص
)620 _ 235 :
وحتى تقوم السرة المسلمة بوظائفها التربوية تجاه البناء ل بد من توافر بعض المقومات في البوين ,وعلى
رأسها اللتزام بالسلم ولذا يوصي سيد قطب الرجل المسلم بأن يبحث عن الفتاة الصالحة المينة إذا أراد أن يبني
بيتا مسلم ًاٍ ( .قطب . 2005 ،ص ) 3619 :
فذلك أمر السلم بحسن اختيار شريكة الحياة ورفيقة الدرب ،وأوصى رسول ال صلى ال عليه وسلم باختيار
ذات الدين فهي أمينة على البيت والمال الولد ،ومن خللها تصبح السرة قلعة من قلع العقيدة السلمية ،عن
80
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
عبد ال بن عمر وقال :قال رسول ال عليه وسلم " ل تتزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يردهن
لتتزوجوهن لموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهنى ,لكن تزوجوهن على الدين ولمة خرما سوداء ذات دين أفضل
" ( مسلم ،ج . 8ص ) 2048 :وذلك من أجل بناء أسرة مسلمه تقوم على أساس دينى وعلى كلمة توحيد,وتقيم
حدودال وترضى بحكمه في حياتها وتكون نواه الولى في تغيير المحتمع الجاهلى وتعمل على تطبيق شريعة ال
في الرض(.قطب, 2005,ص)3260:
وما من شك في أن التزام الزوجين بالدين يشكل قاعدة أساسية لقامة المجتمع السلمى الذى يحكم بشريعة ال
,وكما يشكل قاعدة للتفاهم بينهما ويوجد ميولهما واتجاهاتهما وأهدافهما ورغباتهما وسيجدان فيه دائما المرجع
الذي يحتكمان إليه ويطمئنان لحلوله السليمة ,وأقامة حدود ال بينهما بما يرضى ال ( .التميمي . 1985 ،ص :
) 37
ويؤكد على تلك التنظيمات التي شرعها ال للسرة في المنهج السلمي ,ليرفع بها المجتمع المسلم من وهدة
الحياة الجاهلية ,وليرفع بها مستواه النفسي والخلقي والجتماعي إلى القمة السامقة النظيفة الوضيئة التي رفعه
إليها.وليكشف للجماعة المسلمة عن حقيقة ما يريده ال لها بهذا المنهج وبتلك الحكام والتشريعات
والتنظيمات(.قطب,2005,ص) 630:
وإن السرة هي المؤسسة الولى في الحياة النسانية .الولى من ناحية أنها نقطة البدء التى تؤثر في كل مراحل
الطريق.والولى من ناحية الهمية لنها تزاول إنشاء وتنشئة العنصر النساني ,وهو أكرم عناصر هذا الكون ,
في التصور السلمى ,وهو المسئول عن تغيير المجتمع الجاهلي إلى المجتمع السلمى(.قطب,2005,ص)650:
_3إصلح المجتمع:
إن إصلح المجتمع هدف عظيم من أهداف السلم السامية فقد خاطب القرآن الكريم المة,بأن تعتصم بمنهج ال
لن في العتصام ترابطا واتحادا وقوة ترهب العداء و قال تعالى " :وَاعْتَ ِ
صمُوا ِبحَ ْب ِل اللّ ِه َجمِيعًا وَلَا تَ َفرّقُوا وَا ْذ ُكرُوا نِ ْعمَةَ
ف بَيْ َن ُقلُوِبكُمْ فََأصَْبحْتُ ْم بِنِ ْعمَِت ِه ِإخْوَانًا " ( سورة آل عمران ،آية ) 103 :
اللّ ِه َعلَ ْيكُمْ ِإذْ كُ ْنتُمْ َأعْدَاءً فَأَّل َ
و في تفسيره لهذه الية على الخوة التي تنبثق من التقوى والسلم من الركيزة الولى أساسها العتصام بحبل
ال أي عهده ومنهجه ودينه وليست مجرد تجميع على أي تصور آخر ،ول على أي هدف آخر ،ول بواسطة
جيل آخر من أجبال الجاهلية الكثيرة .هذه الخوة المعتصمة بحبل ال نعمة يمتن ال بها على الجماعة المسلمة
الولى وهي نعمة يهبها ال لمن يحبهم من عباده دائما وهو هنا يذكرهم هذه النعمة يذكرهم كيف كانوا في
81
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الجاهلية أعداء فألف ال بين قلوب الحيين من العرب بالسلم وما كان إل السلم وحده يجمع هذه القلوب
المتنافرة وما كان إل حبل ال الذي يعتصم به الجميع فيصبحون بنعمة ال إخوانا وما يمكن أن يجمع القلوب إل
أخوة في ال تصغر إلى جانبها الحقاد التاريخية ،والثارات القبلية والطماع الشخصية والرايات العنصرية
ويتجمع الصف تحت لواء ال الكبير المتعال ويذكرهم كذلك نعمته عليهم في إنقاذهم من النار التي كانوا على
وشك أن يقعوا فيها ،إنقاذهم من النار وبهدايتهم إلى العتصام بحبل ال الركيزة الولى وبالتأليف بين قلوبهم ،
فأصبحوا بنعمة ال إخوانا ( .قطب . 2005 ،ص ص)443 ،442 :
وأوضح رسول ال صلى ال عليه وسلم وحدة المة وتماسكها بجملة مصغرة ،فقد جاء عن أبي موسى عن
النبي صلى ال عليه وسلم قال " :إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه " ( .البخاري
،ج 1ص ) 122 :وحذر القرآن الكريم المة من التفرق والنقسام إلى شيع وفرق لن ذلك يؤدي الى تشتت
ت مِ ْنهُمْ فِي َشيْ ٍء إِّنمَا َأ ْمرُهُ ْم إِلَى اللّ ِه " (.
وضياع لمقدرات المجتمع ،قال تعالى ِ" :إنّ الّذِينَ َفرّقُوا دِيَنهُمْ َوكَانُوا شِيَعًا لَسْ َ
سورة النعام ،آية ) 159 :ويجزم القول بأن المة حينما تمسكت بكتاب ال وسنة رسول ال صلى ال عليه
وسلم أصبحت خير أمة أخرجت للناس ،وأصبح المجتمع قائما على التقوى واليمان والفضيلة ،وحينئذ انتصروا
على أعدائهم ألف عام وبغير السلم انهزمت المة ،وتراجعت عن دورها القيادي المنوط بها ،لهذا يتحتم
ي " ( .سورة
إصلح المجتمع وفق مبادئ السلم وقال تعالى " :وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا َلَنهْدِيَّنهُمْ سُُبلَنَا وَِإ ّن اللّ َه َلمَعَ اْل ُمحْسِنِ َ
العنكبوت ،آية ) 69 :
جاء القرآن الكريم بهدف كبير ،وهو تغيير العالم أجمع وإصلحه إلى الفضل بصفته الرسالة الخيرة للبشرية ،
قال تعالى " :تَبَا َركَ الّذِي َن ّزلَ الْ ُفرْقَا َن َعلَى عَبْدِ ِه لَِيكُو َن ِل ْلعَاَلمِيَ نَذِيرًا " ( .سورة الفرقان ،آية ) 1 :إن الدعوة السلمية
كانت عالمية منذ أيامها الولى فهي منذ نشأتها رسالة للعالمين طبيعتها طبيعة عالمية شاملة ووسائلها وسائل
إنسانية كاملة ،وغايتها نقل هذه البشرية كلها من عهد إلى عهد ومن نهج إلى نهج عن طريق هذا الفرقان الذي
نزله ال على عبده ليكون للعالمين نذيرا ,فهي عالمية للعالمين .وكلما تقدم العلم البشرى فكشف عن بعض
جوانب التناسق العجيب في قوانين الكون ونسبه ومفرداتة اتسع تصور البشر لمعنى ذلك النص القرآني(.قطب,
,2005ص)2548:
فهي عالمية للعالمين ,والدعوة في مكة تقابل بذلك الجحود,ويقابل رسولها صلى ال عليه وسلم بتلك النظرات
المسمومة المحمومة ,ويرصد المشركون لحربها كل مايملكون وهى في هذا الوقت المبكر ,وفى هذا الضيق
المتحكم ,تعلن عن عالميتها .كما هي طبيعتها ,وحقيقتها,فلم تكن هذه الصفة جديدة عليها حين انتصرت في
المدينة كما يدعى المفترون اليوم .أنما كانت صفة مبكرة في أيام مكة الولى لنها حقيقة ثابتة في صلب هذه
82
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الدعوة منذ نشأتها,كذلك أرادها ال وكذلك اتجهت منذ أيامها الولى ,وكذلك تتجه إلى آخر الزمان.وال الذي
أرادها كما أرادها هو صاحبها وراعيها .وهو المدافع عنها وحاميها .وهو الذي يتولى المعركة مع المكذبين,
وليس على أصحابها إل الصبر حتى يحكم ال وهو خير الحاكمين(.قطب,2005,ص ص)3672,3671:
و أن غاية الجهاد في السلم ,هي هدم بنيان النظم المناقضة لمبادئه ,وإقامة حكومة مؤسسة على قواعد السلم
في مكانها واستبدالها بها,وهذه المهمة مهمة إحداث انقلب اسلمى عام .غير منحصرة في قطر دون قطر.بل مما
يريده السلم ,ويضعه نصب عينيه أن يحدث هذا النقلب الشامل في جميع إنحاء المعمورة .هذه غايته
العليا,ومقصده السمى الذي يطمح إليه يبصره إل انه غير مطروحة للمسلمين ,أو أعضاء الحزب السلمى عن
الشروع في مهمتهم بإحداث النقلب المنشود ,والسعي وراء تغيير نظم الحكم في بلدهم التي يسكنونها .أما
غايتهم العليا وهدفهم السمى فهو النقلب العالمي الشامل ,وسماه الثورة العالمية المحيطة بجميع أنحاء الرض
( .قطب,2005,ص) 145:
وجعل ذلك التغيير مرتبطا بروح التضحية والقدام ,ومن أجل الصلح وتطهير النفس وقيام المجتمع والدولة التي
تحكم الناس من جميع القوميات والقليات إلى منهج ال رب العالمين قال تعالى "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " (سورة الحجرات ,أية )13:ثم ربط تحقيق هذا الهدف السامي بروح الشجاع في
قول الحق وتغيير الباطل ,حيث جاء عن أبى سعيد الخدرى رضي ال عنه قال:سمعت رسول ال صلى ال عليه
وسلم يقول :من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ,فان لم يستطيع فبلسانه ,فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف
اليمان"(مسلم,ج ,2ص )437:وبهذه الروح المؤمنة بالتغيير للواقع الجاهلي وبهذا التفوق الساحق على الجاهلية
في بنائها الروحي والخلقي والجتماعي ومن ثم السياسي والقيادي اجتاح السلم الجاهلية اجتياحا أولً في
الجزيرة العربية واجتاحها ثانيا في المبراطورتين العظيمتين الممتدتين حوله إمبراطورتين كسرى وقيصر ثم بعد
ذلك في جوانب الرض الخرى سواء كان معه جيش وسيف ،أم كان معه مصحف وأذان ذلك أنه لم يكن اكتساحا
عسكريا فحسب ولكنه كان اكتساحا عقيديا ثقافيا حضاريا كذلك يتجلى فيه التفوق الساحق الذي يطوي من غير
إكراه عقائد الشعوب ولغاتها وتقاليدها وعاداتها المر الذي ل نظير له على الطلق في أي اكتساح عسكري آخر
قديما أو حديثا ( .قطب , 2005،ص )673 :
والتاريخ قادر على أن يعيد نفسه من جديد إذا أقبلنا على السلم بنفس الروح التي أخذ بها الصحابة السلم
شرُ اْلمُ ْؤمِنِيَ الّذِينَ يَ ْع َملُونَ الصّاِلحَاتِ َأ ّن َلهُ ْم َأ ْجرًا كَِبيًا " .
حفظا وتطبيقا ،قال تعالى ِ" :إنّ هَذَا اْل ُق ْر َآنَ َيهْدِي ِللّتِي ِهيَ َأقْوَمُ وَيَُب ّ
( سورة السراء ،آية ) 9 :
يوضح مقومات التغيير التي ينبغي على الدعاة اعتمادها في إحداث النقلة البعيدة القائمة على الهدم والبناء ،
الهدم للمجتمع الجاهلي والبناء للمجتمع السلمي ،الذي يحتكم إلى منهج رب العالمين وإخراج الناس من
83
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الجاهلية إلى السلم ويستقي هذه المقومات من خلل دراسته للمنهج الحركي للسيرة النبوية المطهرة في بناء
الجماعة المؤمنة ،والحركة الواقعية الجدية لتغيير المجتمع الجاهلي ،من خلل تغيير الصول الثقافية ،التي ينبثق
منها السلوك الجتماعي للفرد والجماعة ،وبذلك ينشأ جيل التغيير المرتقب ،الذي يسميه الجيل القرآني الفريد ،
المنوط به إعادة الحياة السلمية من جديد في حياة الناس عند ما يمتلك المقومات التية:
(قطب, 2005,ص)2214:
_ تحديد المصدرية :إذا استعرضنا أحداث السيرة النبوية في مكة المكرمة والمدينة المنورة يتضح كيف حدث
التغيير الثقافي ,والجتماعي في حياة الجماعة المسلمة ،حتى يشمل جميع مناحي الحياة السياسية والخلقية
والقتصادية والجتماعية ،عندما توفرت لديهم أدوات التغيير بأسرها وأولها تحديد منهج التلقي والقتصار عليه
في البناء الروحي والثقافي والخلقي ,ويتمثل في الستقاء من ينبوع القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة في
تربية الجيل القرآني الفريد ،على مائدة القرآن الكريم فاهتدى للتي هي أقوم في التنسيق بين ظاهر النسان
وباطنه بين مشاعره وسلوكه وبين عقيدته وعمله وأيضا في علقة الناس بعضهم ببعض أفرادا ،وحكومات ،
وشعوبا ودول وأجناسا ضمن السس ,والمبادئ التي أنزلها العليم الخبير بخلقه فهداهم للتي هي أقوم في نظام
الحكم ونظام المال ،ونظام الجتماع والتعامل الدولي اللئق بعالم النسان ،وحينئذ عاشت البشرية في سلم ووئام
فهذه هي قاعدته الصلية في العمل ,والجزاء فعلى اليمان ,والعمل الصالح يقيم بناءه فل إيمان بل عمل ،ول
عمل بل إيمان الول مبتور لم يبلغ تمامه ،والثاني مقطوع ل ركيزة له وأنهما معا تسير الحياة على التي هي
أقوم ويهما معا تتحقق الهدايا بهذا القرآن ( .قطب . 2005 ،ص ) 2215 :
وبهذا تتضح الحكمة من إرادة النبي صلى ال عليه وسلم لصحابه الستسقاء من نبغ القرآن وحده وترك
المصادر الخرى البعيدة عن دين ال لنها ل تحقق إل النكد والضياع في حياة البشرية ويبرهن على ذلك غضب
الرسول صلى ال عليه وسلم عندما رأى في يد عمر بن الخطاب رضي ال عنه صحيفة من التوراة فقال :دعها
ياعمر وال لو كان موسى حيا بين ظهرانيكم ما حل له إل أن يتبعني ( .قطب ، 1965 ،ص ) 13 :
وهذا هو بداية الطريق للتغيير أما إذا اختلطت الينابيع صبت في النبع الذي استقت منه الجيال التالية فلسفة
الغريق ومنطقهم وأساطير الفرس ,وتصوراتهم ،وإسرائيليات اليهود ول هوت النصارى غير ذلك من رواسب
الحضارات ,والثقافات,واختلط هذا كله بتفسير القرآن الكريم ,وعلم الكلم,كما اختلط بالفقه ,والصول أيضا,
وتخرج على ذلك النبع المشوب سائر الجيال بعد ذلك الجيل فلم يتكرر ذلك الجيل أبدا ,وبالتالي يحدث الشقاء في
الدنيا والخرة يبعدها عن مصدر حياتها ( .قطب ، 1965 ،ص ) 13 :وقال تعالى"ِإنّ هَذَا الْ ُق ْر َآ َن َيهْدِي ِللّتِي ِهيَ
ت َأ ّن َلهُمْ َأ ْجرًا كَِبيًا " ( .سورة السراء ،آية ) 9 :
شرُ اْلمُؤْ ِمنِيَ الّذِي َن َي ْع َملُونَ الصّاِلحَا ِ
أَقْوَ ُم وَيُبَ ّ
84
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
إن التغيير الشامل للحياة الفردية والجماعية في المجتمع يتم ببناء العقيدة السلمية في نفوس جيل التغيير,
وخاصة عندما يعتقد النسان أن ال هو الله المتفرد في اللوهية ،والربوبية ،والحاكميه والتشريع وهو وحدة
الذي تنحني الرقاب لجبروته ,وسلطانه ،ويستسلم له النسان بكل مركباته النفسية والروحية والعقلية ،
والجسدية ،يستسلم بكيانه إلى ال الواحد القهار قال تعالى " :بلَى مَ ْن َأ ْسلَمَ َو ْجهَهُ ِللّهِ وَ ُهوَ ُمحْسِنٌ َف َل ُه َأ ْجرُهُ عِنْدَ رَبّهِ وَلَا
حزَنُونَ " ( سورة البقرة ،آية ) 112 :ومجمل القول أن يستسلم النسان ل رب العالمين ،
ف َعلَ ْيهِمْ َولَا هُمْ َي ْ
خَوْ ٌ
صاحب السلطان وهذا يعني اليمان الكامل بشهادة أن ل إله إل ال القليلة في مبناها ،العظيمة في معناها والتي
تمثل الثورة الشاملة على حاكميه البشر في كل أشكالها وأنظمتها والتمرد على كل وضع في أرجاء الرض الحكم
فيه لغير ال سبحانه وتعالى ( .قطب ،2005 ،ص ) 1508 :
وشهادة ل إله إل ال " ينبثق منها منهج حياة للبشرية بأسرها فهي حياة لنها تتضمن أصولً في النظرة الشمولية
للسلم عن الكون والنسان والحياة ،فال سبحانه هو الخالق المدبر القيوم وحده ،وهو الحاكم المشرع ول يجوز
لحد غيره أن يستعبد الناس ،أو يذلهم أو أن يحكمهم بسلطانه فيضع لهم القوانين لن ذلك اعتداءا على ال في
أولى خصائص اللوهية ( .قطب ، 1965 ،ص ) 21 :
وينبغي على الدعاة العاملين في حقل الدعوة إلى ال أن يشغلوا أنفسهم بالقضية الساسية وهي قضية البناء
العقدي وهي القضية التي ركز عليها القرآن المكي حتى استوفت ما تستحقه من البيان ،وثم استقرارها في قلوب
ل للتغيير ولتحمل التبعات الناجمة عن تحقيق أهداف السلم النبيلة في إصلح
المؤمنين استقرارا ثابتا فكانوا أه ً
المجتمع ( .قطب . 2005 ،ص ) 937 :
بعد تحديد المصدر الثقافي من أجل التلقي والتطبيق والبعد عن المصادر الخرى المغايرة لدين ال وخاصة في
مرحلة العداد ,والتكوين لطلئع البعث السلمي ،ل بد من العتماد على المعيار الحي في التعامل مع الثقافة
الحية ،التي تنادي بالدمج بين مفهوم النظرية ,والتطبيق ،لذلك كان الصحابي يتلقى القرآن الكريم ،ليتلقى أمر
ال في خاصة شأنه ،وشأن الجماعة التي يعيش فيها وشأن الحياة التي يحياها هو وجماعته يتلقى أمر ال ليعمل
به فور سماعة ،كما يتلقى الجندي في الميدان المر اليومي ليعمل به فور تلقيه ,ومن ثم لم يستكثر أحدهم من
الواجبات والتكاليف وكان يكتفي بعشر آيات حتى يحفظها ويعمل بها في واقع الحياة .إن شعور التلقي للقرآن من
أجل التنفيذ هو الذي يترجم عمليا السر في نزول القرآن الكريم منجما ،قال تعالى " :وَ ُق ْرآَنًا َفرَ ْقنَاهُ لِتَ ْقرَأَ ُه َعلَى النّاسِ
َعلَى ُمكْثٍ وََنزّْلنَاهُ َت ْنزِيلًا " ( .سورة السراء ،آية ) 106 :وبهذا يتضح أن المنهج السلمي ل يريد للمعرفة أن
تكون باردة تخاطب العقل النساني فقط بدون تأثير في الواقع ول تؤدي إلى التغييرات المرجوة في مجالت الحياة
المتعددة ( .زهد , 2004 ،ص ) 57 :
85
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
إن التعامل مع المنهج الرباني يجب أن يكون بشكل جدي وعملي ،من أجل صياغة الواقع وفق التصور اليماني ،
لن الهدف من وراء المعرفة هو أن تتحول المعرفة الى قوة دافعة ،لتحقيق مدلولها في واقع حياة الناس أجمعين
( .قطب , 1967 ،ص ) 10 :
وإنه يضع أداة أخرى من مقومات التغيير ،ليصبح الفرد مؤهلً ثقافيا للتغيير .وتتمثل هذه الداة في التخلص من
ضغط الجاهلية وثقافاتها البعيدة عن التصور السلمي ،لن وظيفة الطليعي أن يغير المجتمع بتصوراته وسلوكه
ونظامه ،وفق المصدر الرباني ،ول يتأثر أو ينحرف تجاه تصورات الواقع الخاطئ ول يبحث عن وسائل وأساليب
للتوفيق بين هذا الواقع الرديء والتصور السلمي الواضح ،حيث يقول :لقد كان هناك انخلع من البيئة
الجاهلية ،وعرفها وتصورها وعاداتها وروابطها ينشأ عن النخلع عن عقيدة الشرك إلى عقيد التوحيد ،ومن
تصور الجاهلية إلى تصور السلم عن الحياة والوجود ( .قطب , 1965 ،ص ) 17 :
ولم يقصد رحمه ال بالنخلع عن الجاهلية ،المفاصلةالعملية للمجتمع وإنما المفاصلة الشعورية التي تجعله يشعر
بأنه كائن جديد ل يمت بصله إلى ذلك الكائن الول وإن كان يحمل اسمه وجسده وبالتالي فمن واجب الداعية أن
يشفق على هذا المجتمع ,ويحنو عليه بأن يمد يد المساعدة له للخروج من ضلل هذه التصورات الجاهلية السنة
إلى القمة السامقة المتمثلة في التصور الذي ارتضاه ال لعباده المؤمنين قال تعالى ِ" :إنّ الدّينَ عِنْ َد اللّهِ الِْإ ْسلَامُ
" ( سورة آل عمران ،آية ) 19 :ويؤكد سيد قطب على هذا التسامي بقوله :إن أولى الخطوات في طريقنا هي
أن نستعلي على هذا المجتمع الجاهلي وقيمه وتصوراته ،وأل نعدل نحن من قيمنا وتصوراتنا قليلً أو كثيرا
لنلتقي معه في منتصف الطريق كل إننا وإياه على مفترق الطريق ،وحين نسايره خطوة واحدة فإننا نفقد المنهج
كله ونفقد الطريق ( .قطب , 1965 ،ص ) 19 :
وهكذا يفصح عن المفهوم النخبوي للتغيير في ظلله فيقول " :إن المنهج الصحيح في بناء العقول والنفوس
لصحاب التغيير أن يتطهروا ويهجروا ويتحرروا من كل الشوائب السلوكية والفكرية التي صاحبتهم بعض حين
قبل أن يمن ال عليهم بنعمته وأخرجهم من ظلمات الجهل,إلى نعمة اليمان والسلم فهو لديه رسالة ودعوة يجب
أن يبلغها للخرين ،ومزاولة الدعوة في وسط التيارات والهواء والمداخل والدروب وما يصاحب هذا ويلبسه
من أدران ,وأخلط ,وشوائب تحتاج من الداعية إلى الطهارة الكاملة كي يملك استنقاذ الملوثين دون أن يتلوث
وملمسة المدنسين من غير أن يتدنس " ( قطب ,2005 ،ص ) 3755 :
86
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
إن لعلماء الجتماع أشكالً متعددة للتغيير الجتماعي ,والثقافي ,والحركات الصلحية الجتماعية على اختلف
بينها في ذلك فمنها من يؤمن بالتغيير بالشكل الصلحي ,ومنها من يؤمن بالطريقة الثورية في التغيير ,ومنها
من يقوم على الطريقة النتقالية لكن المنهج الذي نادى به سيد قطب هو التغيير الشامل والكامل في البنية التحتية
والفوقية للمجتمع القائم وذلك بعد إنشاء التصور اليماني والثقافة النابعة من الفكر السلمى .حيث يقول :إن هذا
الدين منهج عملي حركي جاد ،جاء ليحكم الحياة في واقعها ويواجه مجتمع يعترف ابتداء بحاكميه ال وحده(.
قطب ,1965 ,ص ) 49 :
لذلك فهو يؤمن بأن تتمثل بذور التغيير في وجود تجمع حركي ،أي في طليعة تعزم العزيمة ،وجماعة تمضي
واضحة المعالم مستبصرة لهدفها المنشود ،ل تحيد عنه قيد أنملة وكان يريد أن يبني الجماعة والحركة بالعقيدة,
وأن يبني العقيدة بالجماعة والحركة وأن يكون واقع الجماعة الحركي الفعلي هو الصورة المجسمة للعقيدة .إن
الواقع العملي للتجمع الجاهلي هو الذي يفرض واقعا عمليا إسلميا يسعى للتغيير وإل بقي السلم مجرد شعار
يرفع ,وطقوس تؤدي ليس له نصيب في واقع الحياة العملية وهذا مما استدعى سيد قطب أن يكرر ذلك بقوله :
ومرة أخرى أكرر أن التصور العتقادي يجب أن يتمثل في فرزه في تجمع حركي وأن يكون التجمع الحركي في
الوقت ذاته تمثيلً صحيحا وترجمة حقيقة التصور العتقادي ومرة أخرى أكرر كذلك أن هذا هو المنهج الطبيعي
للسلم الرباني وأنه منهج أعلى وأقوم ،وأشد فاعلية وأكثر انطباق َا على الفطرة البشرية في منهج صياغة
النظريات كاملة مستقلة وتقديمها في الصورة الذهنية البارزة للناس قبل أن يكون هؤلء الناس مشتغلين فعلً
بحركة واقعية,وقبل أن يكونوا هم أنفسهم ترجمة حية تنمو خطوة خطوة لتمثيل ذلك المفهوم النظري ( .قطب ،
, 1965ص )44_39 :
وأي خلل في هذه المعادلة يؤدي إلى تشويه في الحقيقة أو تضخم في بعض الجوانب على حساب جوانب أخرى
وبالتالي يخرج هذا المنهج عن طبيعته ويؤيد ذلك صاحب فقه الدعوة حيث يقول :إن وسائل هذا المنهج لنشاء
آثاره في عالم الواقع ومزاولته بالفعل ،أن ل يقدم مبادئ نظرية ،ول توجيهات مجردة ،ولكنه يطبق ويزاول
نظرياته وتوجيهاته على الواقع وفي الواقع ( .زهد , 2004 ،ص ) 60 :
و يعلن بصراحة أن هدف السلم الول بعد إنشاء التصور النقي الواضح في النفس هو تحويله لواقع عملي
بوجوده في جماعة حية تغير هذا الواقع بجميع مكوناته ،سواء في مجال الثقافة أو الواقع الجتماعي ،بمعنى أن
يكون التغيير في الجانب الثقافي ,والجتماعي على حد سواء وخطوة بخطوة حيث تمضي كل خطوة إلى التي تليها
بشكل طبيعي ( .قطب ,1974 ،ص ) 71 :
87
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
لقد أخبر المعصوم عليه الصلة والسلم الذي ل ينطق عن الهوى عن حدوث تغيرات في واقع المة المعاصرة،
وحذر من شرورها وآثارها الخطيرة وهو يتحدث لصحابه رضوان ال عليهم وكان من بين ما أشار إليه إخباره
عليه الصلة والسلم عن تراجع المة في دينها وأخلقها بعد عصره كما جاء في الحديث الشريف " خير القرون
قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم إن بعدهم قوما يشهدون ول يستشهدون ويخونون ول يؤتمنون وينذرون
ول يوفون ويظهر فيهم السمنة ( البخاري ،ج 2ص ) 288 ، 287 :فمرحلة القوة والتمييز المشار إليها في
الحديث السابق هي فترة السيرة والخلفة الراشدة المشهود لها من الرسول صلى ال عليه وسلم التي تعد فترة
ل ومعيارا لكل العصور حتى ل
القدوة في تحقيق الرؤية القرآنية وبيانها النبوي لتكون هذه الفترة الراشدة دلي ً
يكرس التضليل الثقافي ويطبع المنكر وخاصة في فترات الهزائم والنكسارات وتنتقص معاني الجهاد فيها ,فتصبح
من خوف الموت في موت ومن خوف الذل في ذل ( .حسنة , 1995 ،ص ) 76 :
وتواجه المجتمعات البشرية على المستويين القليمي ,والعالمي خطرا أكبر من السلحة الذرية والنووية ،إنه
خطر الزلزل الجارية في ميادين القيم وسوف يشهد القرن القادم اختفاء ثقافات وذوبان مجتمعات من خلل
عمليات النصهار والتحليل والتركيب الجارية في ميدان القيم ( .الكيلني , 1988 ،ص ) 300 :
يمكن أبرز التغيرات السلبية في هذا المجال وهي كما يلي :
أ ـ ضياع المانة واضطراب المعايير الخلقية وفسادها :فالمتأمل في واقع المسلمين اليوم ،يرى بجلء إسناد
المر إلى غير أهله في جميع مجالت الحياة غالبا ،وقد حذر الرسول المعلم صلى ال عليه وسلم من ذلك واعتبره
علمة من علمات الساعة حينما سئل أخبرني الساعة فأجاب " :فإذا ضيعت المانة فانتظر الساعة قال كيف
أضاعها :قال :إذا وسد المر إلى غير أهله فانتظر الساعة ( .البخاري ،ج , 2ص ) 33 :وقد تبدلت المعايير
الخلقية وفسدت في حياة المسلمين اليوم وأصبحت موازين السلم كأنها مفقودة .
ب ـ انتشار الكذب :فقد أصبح الكذب عند الكثير من المسلمين اليوم أمرا طبيعيا ،تساق له تبريرات عجيبة
ويطلق عليه أوصاف مختلفة فهناك كذبة نيسان ,والكذبة البيضاء الكذب تحت غطاء المزاح والفكاهة ,وتارة
تسمى الكذب فهلوة على الرغم من أن الكذب من أكبر الفات الخلقية التي حذر منها السلم .
ج ـ انتشار العادات والتقاليد الفاسدة :إن نظرة عاجلة لواقعنا اليوم تكشف لنا مدى انتشار عادات وتقاليد
اجتماعية فاسدة ومنحرفة عن دين ال وشرعه وقد دخلت ميادين عديدة في حياة المسلمين حتى ألفها الناس
وذهب بعضهم إلى الدفاع عنها (.النحوي ، 1995 ،ص ) 81 :
88
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
د ـ انتشار أعمال العنف والعدوان :حيث انتشرت العمال العدوانية على الموال والنفس وشاعت السرقات
الظاهرة و الباطنة في بلد المسلمين ( .يالجن , 1999 ،ص ص) 18 ، 17:
هـ ـ شيوع التباغض ووهن العلقات بين المسلمين :حيث أخبر الرسول صلى ال عليه وسلم عن هذا الداء
الذي يصيب أمته بقوله :سيصيب أمتي داء المم فقالوا :يارسول ال وما داء المم ؟ قال :الشر والبطر
والتكاثر والتناجش في الدنيا والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي (الحاكم ،ج ,1ص ) 185 :
ويؤكد العديد من الباحثين ،أن مشكلة تبلور الشخصية ،ترتبط إلى حد بعيد بثقافة كل شعب والقيم التي يحملها
ومفهومه عن المحرمات ,ونظرته إلى ما هو رفيع وإلى ما هو مرغوب وهذه المجموعة من المواقف تشكل قيم
كل شعب ,ولها احترام وقدسية عنده ( .عرب , 1983 ،ص) 71 :
وتلعب القيم دورا كبيرا في توجيه سلوك الفرد ,واتجاهاته فيما يتصل بما هو مرغوب فيه أو مرغوب عنه من
أشكال السلوك ،في ضوء ما تتضمنه القيم من قواعد ومعايير ( .خليفة , 1992 ،ص ) 16 :
كما أن التربية في حقيقتها عبارة عن نسق من القيم ،يسهم في تشكيل شخصية الفرد وضميره والوازع الداخلي
الذي يضبط سلوكه ( .عبد الغفار ,1992 .ص ) 179 :
وتعرف القيم من منظور إسلمي بأنها " مفهوم يدل على مجموعة من المعايير والحكام تتكون لدى الفرد من
خلل تفاعله مع المواقف ,والخبرات الفردية ,والجتماعية ،بحيث تمكنه من اختيار أهداف وتوجيها لحياته ،
يراها جديرة بتوظيف إمكانياته ,وتتجسد من خلل السلوك العملي أو اللفظي بطريقة مباشرة وغير مباشرة " .
( أبو العنين , 1988 ،ص ) 34 :
فالمجتمع الرباني ل يحتقر القيم المادية ،لكون المادة من مقومات خلفة النسان في الرض والستمتاع بها وفي
الوقت نفسه ،ل يقبل بأن تهدر في سبيلها كرامة النسان ومقوماته ،كما هو الحال في المجتمعات الملحدة ,أو
المشركة ,ويضع معيار الحكم على المجتمعات من حيث التحضر والتخلف إذ يرى أن المجتمع الذي تسود فيه
القيم اليمانية النسانية كما هي في ميزان ال فهو المجتمع المتحضر المتقدم ,وأما المجتمع الذي تسود فيه
النزعات والقيم المادية الحيوانية فهو المجتمع المتخلف ،مهما يبلغ من تقدم في المجال العلمي ,والقتصادي .
( قطب , 2005 ،ص ) 2258 :
ويحذر من الوقوع في العبودية للقيم المادية ويرى أن التحرر من ذلك يكون من خلل وضع هذه القيم في
موضعها الحقيقي بل إغفال ول مغالة ورد القيم المادية إلى اعتبارات معنوية ذاتية ،كامنة في نفس الفرد ،مما
يضعف تأثير القيم المادية ( .قطب ، 1989 ،ص ) 38 :
فإنه يؤكد أن أعلى قيمة في هذا الكون هي قيمة اليمان ومن حاز هذه القيمة فله الخير كله ومن فقدها فليس
بنافعة شيء ( .قطب , 2005 ،ص ) 2674 :
فاليمان يمثل القيمة الحقيقية الباقية ,وأما القيم المادية المال ,والمتاع واللذائذ فهي قيم زائفة زائلة ل يحرم
الطيب منها ,ول يصح أن تكون غاية لحياة النسان ويعطي سيد قطب تفسيرا موضوعيا لهذا الترتيب القيمي
لقوله :إن قيم اليمان ,وقيم الفضائل ,والصلح ,والخلص لهي قيم يقوم عليها استخلف النسان في الرض,
89
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وهي أعلى ,وأكرم من جميع القيم المادية كما أنها تنمي في النسان خصائصه النسانية التي ينفرد بها عن
الحيوان ,وبالتالي على النسان أن يعلي هذه القيم مع تحقيقه القيم المادية ،بحيث ل تطغى على القيم العليا ،
وانتقد سيد قطب المذاهب المادية التي تستهزئ بكل القيم الروحية والدبية في سبيل إعلء القيم ( .قطب ،
, 2005ص )61_25 :
وبذلك تبدو نظرة سيد قطب للقيم معتدلة متوازنة إذا ما روعيت في تربيتنا نتج عنها توازن في شخصية الفرد
والمجتمع ومن الملحظ أن القرآن الكريم يحذر من الفتتان بالقيم المادية ويلفت إلى ضرورة تقدم القيم اليمانية
عليها ويعتبر مخالفة ذلك فسقا يستوجب العقاب,وينسجم ذلك مع قوله تعالى ُ ":ق ْل ِإ ْن كَانَ آَبَا ُؤكُمْ وَأَْبنَا ُؤكُمْ وَِإخْوَاُنكُمْ
ب إَِل ْيكُمْ مِ َن اللّهِ َو َرسُولِ ِه َو ِجهَادٍ فِي سَبِيلِهِ
ش ْونَ كَسَادَهَا َومَسَاكِ ُن َت ْرضَوَْنهَا َأحَ ّ
شيَتُكُمْ وََأمْوَالٌ اقَْترَ ْفُتمُوهَا وَِتجَارَ ٌة َتخْ َ
وََأزْوَا ُجكُمْ َوعَ ِ
ي " ( سورة التوبة ،آية ) 24 :
فََترَبّصُوا حَتّى يَأِْت َي اللّ ُه بَِأ ْمرِهِ وَاللّ ُه لَا َيهْدِي اْلقَوْمَ اْلفَاسِقِ َ
و يلفت النتباه ،إلى أن الميزان الذي أنزله ال للناس مع الرسل ،ليقوموا به القيم كلها هو التقوى فهي القيمة
الوحيدة التي يرجح بها وزن الناس وهي قيمة سماوية بحتة ل علقة لها بمواصفات الرض وملبساتها وينسجم
ذلك مع قوله تعالى "ِإ ّن َأ ْكرَ َمكُ ْم عِنْ َد اللّ ِه أَْتقَاكُمْ " ( سورة الحجرات :آية ) 13 :ينتقد اهتمام الناس الزائد بقيم
الحياة المادية كالمال ,والبنين ,والتي يتعبدون بها في الرض ويزنون بها الناس وفي المقابل يذرون القيم
الحقيقية التي يفترض أن يوزن الناس على أساسها وهي الصالحات من العمال والقوال والعبادات .
( قطب ، 2005 ،ص ) 3823 :
كما يستنكر سلوك الناس الذين يقيمون الخرين بناء على القيم المادية الظاهرة التي يرونها في أنفسهم وقد
يسخر الرجل الغني من الرجل الفقير ,والرجل القوي من الرجل الضعيف ،وقد يسخر الذكي الماهر من الساذج
الخام وقد يسخر ذو الولد من العقيم ذو العصبية من اليتيم ,وقد تسخر الجميلة من القبيحة ،والشابة من
العجوز ،والمعتدلة من المشوهة والغنية من الفقيرة ولكن هذه وأمثالها من قيم الرض ليست هي المقياس
لميزان ال يرفع ويخفض بغير هذه الموازين ( .قطب ، 2005 ،ص )3344 :
الفصل السادس
ثانيآ:التربية .
90
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ثالثآ:الجهاد .
91
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
92
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
فإن منهج القرآن في تربية الجماعة المسلمة,وإعدادها لقيادة البشرية جانبا جانبا من نظرة هذا الدين إلى حقيقة
ما يجري في الرض وفي حياة البشر كلها مصوغة في أسلوب توجيه المربي ،الذي ينشئ التصور العتقادي
الصحيح ويجعله هو المحرك الول والكبر في النشاط النساني ,وهذه هي سمة المنهج القرآني في عرض
الحداث وتوجيهها ( .قطب ، 2005 ،ص ) 1468 :
وتمثل العقيدة السلمية ،أصل الحياة الكبير ،الذي ينبثق منه كل فرع من فروع الخير ,وتتعلق به كل ثمرة من
ثماره ,وهي المحور الذي تشد إليه جميع خيوط الحياة الرفيعة ,والمنهج الذي يضم شتات العمال ،ويردها إلى
نظام يتناسق معه ,ويتعاون ( .قطب ، 2005 ،ص ) 3966 :
وقد جاءت السنة النبوية لتؤكد على أهمية العقيدة في التربية ،حيث كانت تربية النبي صلى ال عليه وسلم
لصحابه مبنية على أسس عظيمة ,وأصول كبيرة أولها العقيدة الصحيحة التي حواها القرآن الكريم بما فيه من
اليات التي تدعو الى التوحيد ( .المالكي ، 1995 ،ص ) 114 :
ولكي تؤتى التربية ثمارها فإن المنهج السلمي في التربية ،يربط بين العبادة ,وحقائق العقيدة في الضمير,
ويجعل العبادة وسيلة لستحياء هذه الحقائق ,وإيضاحها,وتثبيتها في صورة حية تتخلل المشاعر ,ول تقف عند
التفكير وقد ثبت أن هذا المنهج وحده ،هو أصلح المناهج لحياء هذه الحقائق ومنحها الحركة في عالم الضمير,
وعالم السلوك وأن الدراك النظري وحده لهذه الحقائق ل يحركها حركة دافعة في حياة الفرد ,ول في حياة
الجماعة ( .قطب ، 2005 ،ص ) 3946 :
ب_مخاطبة الفطرة النسانية باليات الكونية :
والتربية باليات من أساليب التربية السلمية الفاعلة ويقصد بها تربية عقل النسان ,وسمعه وبصره ,ومشاعره
باليات ،على حسن الدراك ,وعلى الستبصار ,واستخدام الحواس وإرهافها لتوصله الى معرفة مسبب السباب,
ومعرفة الحق في كل النتائج والسباب وقد لخص النحلوي أهم أهداف التربية باليات في التي :
_بيان الحق للنسان ,وإظهاره له جليا .
_تقديم البرهان على توحيد ال ,باللوهية والربوبية .
_ترسيخ اليمان باليوم الخر .
_تربية النسان على الخوف من ال ,والبتعاد عن المحرمات ( .النحلوي ، 1989 ،ص ) 88-37 :
ويشير قطب إلى تميز المنهج السلمي في التربية ,من حيث كونه يخاطب الفطرة البشرية بآيات ال الكونية
المبثوثة حول النسان في هذا الكون والتي يعلم سبحانه أن فيها لغة مفهومة وإيحاءات مسموعة ولذا لم يلجأ
المنهج القرآني الى السلوب الجدلي العقيم ،الذي جاء فيما بعد عند المتكلمين والفلسفة لن ال يعلم أن هذا
السلوب ،ل يصل الى القلوب ول يدفع الى حركة ول يؤدي الى بناء حياة ( .قطب ، 2005 ،ص ) 1766 :
ن المنهج القرآني يكثر من الربط بين عبودية هذا الكون ال ,ودعوة البشر الى التساق مع
ويلفت انتباهنا الى إ ً
الكون الذي يعيشون فيه ,والسلم ل الذي أسلم له الكون ,والذي يتحرك مسخرا بأمره ،ذلك إن هذا اليقاع بهذه
93
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الحقيقة الكونية كفيل بأن يهز القلب البشري هزا ,وان يستحثه من داخله ،على أن ينخرط في سلك العبادة
المستسلمة ,فل يكون وحده نشازا في نظام الوجود كله ( .قطب ,2005 :ص ) 7،13 :
ومن الشواهد على هذا الربط بين عبودية الكون ل ودعوة النسان الى التماثل معها والسير في فلكها ،ما جاء
حسْبَانٍ ()5
شمْسُ وَا ْل َقمَرُ ِب ُ
حمَنُ ( )1عَّلمَ ا ْلقُرْ َآنَ ( )2خَلَقَ الْإِ ْنسَانَ ( )3عَّل َمهُ الْبَيَانَ ( )4ال ّ
في قوله تعالى " :ال ّر ْ
ن "( سورة الرحمن ،اليات ) 6-1 :وفق موضع آخر من كتاب ال الحكيم ،تصوير رائع
سجُدَا ِ
شجَ ُر َي ْ
وَال ّنجْمُ وَال ّ
ك الْ َأمْثَالُ
خشْ َيةِ الّل ِه وَتِلْ َ
شعًا مُتَصَدّعًا ِمنْ َ
ن عَلَى جَ َب ٍل لَ َرأَيْ َتهُ خَا ِ
للجيل الخاشع ل عز وجل " َلوْ أَنْزَلْنَا هَذَا ا ْلقُرْآَ َ
س َلعَّل ُهمْ يَ َتفَكّرُونَ"( سوية الحشر ،آية ) 21 :
نَضْرِ ُبهَا لِلنّا ِ
ج-تنظم ودوافع الفطرة وعدم محاربتها :
وقد أشار إلى أن السلم ل يحارب دوافع الفطرة ول يستنفرها ،إنما ينظمها ويطهرها ويرفعها عن المستوى
الحيواني ويرقيها حتى تصبح المحور الذي يدور عليه الكثير من الداب النفسية والجتماعية .
( قطب , 2005 ،ص ) 2489 :
وعلى سبيل المثال فإن السلم لم يكبت الغريزة الجنسية كما فعلت المسيحية وإنما عمل على ضبطها والفارق
الساس بين الكبت والضبط يكمن في ,أن الول عملية ضارة ,وأما الثاني فعملية واعية ،فعملية الضبط ل
تتعرض للشهوة في منبتها قبل أن تظهر في الشعور كما يصنع الكبت ,لن ذلك يحبس النشاط الحيوي عن منطقة
الطبيعي فالضبط يتولى عمله بعد أن تخرج الشهوة من ظلمات اللشعور إلى الشعور وتكون مهمته أن ينظم
مسارها وينظفها ويتحكم في القدر الذي يصرح به منها ,ويعمل المنهج السلمي على تنظيم الدوافع ,وتوجيهها
بما يحقق مصلحة الفرد والجماعة من خلل توجيه النسان الى إشباعها عن طريق الحلل المسموح به شرعا
كاللجوء الى الزواج لشباع الدافع الجنسي بدل من اقتراف الزنا ،كما يؤكد السلم على تنظيم إشباع الدوافع
بأسلوب معتدل بعيدا عن السراف (.قطب ,1983 ،ص ) 91 :
د_اعتماد أسلوب التربية بالعمل والممارسة والتجريب :
والتربية السلمية في طبيعتها تربية عملية تتحول بها الكلمة الى عمل ايجابي وسلوك فاضل وقد حث السلم
على اليمان المقترن بالعمل الصالح ,ورغب فيه كما جاء في المحكم تنزيل في قوله تعالى " :إِنّ الّذِينَ َآمَنُوا
ت ا ْلفِرْ َدوْسِ ُنزُلًا"( سورة الكهف ،آية ) 107 :
ت كَانَتْ َل ُهمْ جَنّا ُ
عمِلُوا الصّا ِلحَا ِ
وَ َ
ويؤكد على أن منهج التربية الرباني بالقرآن منهج واقعي عملي حركي ,لمنهج نظري معرفي,مهمته بناء نظرية
وعرضها لذاتها (.قطب,2005,ص) 1478:
ويقدم تفسيرآ تربويا ونفسيا بطبيعة هذا المنهج في التربية بقوله :فقد علم ال أن هذه الخليقة البشرية ل تصاغ
صياغة سليمة ,ول تنضج نضجا صحيحا ول تصح وتستقيم على منهج إل بذاك النوع من التربية التجريبية
الواقعية ،التي تحفر في القلوب وتنقش في العصاب ,وتأخذ من النفوس ,وتعطى في معترك الحياة ,ومصطرع
الحداث ,أما القرآن فيتنزل ليكشف لهذه النفوس عن حقيقة ما يقع ,ودللته ,وليوجه تلك القلوب وهي منصهرة
بنار الفتنة ،ساخنة بحرارة البتلء قابلة للطرق ،مطاوعة للصياغة ( .قطب ,2005 ،ص ) 2832 :
94
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ويذهب إلى أن التجاه التجريبي الذي قامت عليه الحضارة الصناعية الوروبية الحاضرة,لم ينشأ ابتداء في
أوروبا ,وإنما نشأ في الجامعات السلمية في الندلس ,والمشرق ،مستمدا أصوله من التصور السلمي,
وتوجيهاته الى الكون وطبيعته الواقعية ،ثم استغلت النهضة العلمية في أوروبا بهذا المنهج واستمرت تنمية
وترقية ,بينما ركد وترك نهائيا في العالم السلمي بسبب بعده تدريجيا عن السلم .
( قطب . 2005 ،ص ص) 129،130 :
ولم يخف إعجابه بطريقة المشروع المستخدمة في التعليم الغربي ,ورأى أنها يمكن أن تخرج بثروة علمية
متنوعة ،فضلً عن كونها دراسة عملية ل تختلف كثيرا عن واقع الحياة ,وقد أوصى بتعديل الخطط ,والكتب
المدرسية في مصر بحيث تبتعد قدر المستطاع عن قاعدة الفصل بين المدرسة والحياة.
( قطب ,1994 ،ص ) 625 :
95
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
بعادة أو تقليد ,أو بوضع اجتماعي معقد ،فإن السلم يتريث ,ويأخذ المسألة باليسر والرفق والتدرج ويهيئ
الظروف الواقعية التي تيسر الطاعة والتنفيذ (.قطب , 2005 ،ص ) 229 :
ويضرب مثال على استخدام التدرج في التغيير,وفي معالجة العادات السيئة المألوفة ،حيث بدأ القرآن بتحريك
الوجدان الديني ,والمنطق التشريعي في نفوس المسلمين بأن الثم في الخمر والميسر أكبر من النفع ثم كانت
الخطوة الثانية بالنهي عن الدخول في الصلة حالة السكر ،إذ من المعروف أن المدمن يشعر بالحاجة الى ما
أدمن عليه من مسكر ,أو مخدر في الموعد الذي اعتاد تناوله فيه فإذا تجاوز هذا الوقت بصورة متكررة ،فترت
هذه العادة وأمكن التغلب عليها حتى إذا تمت هاتان الخطوتان جاء النهي الجازم والخير بتحريم الخمر.
( قطب ,2005 ،ص ) 129 :
ز_ تربية الجماعه المسلمه على الصبر والتضحية والتجرد :
خلَ
عنِ النّارِ َوأُ ْد ِ
كماجاء في محكم التنزيل ُ ":كلّ َنفْسٍ ذَا ِئ َقةُ ا ْل َموْتِ َوإِ ّنمَا ُت َو ّفوْنَ ُأجُو َر ُكمْ َي ْومَ ا ْلقِيَا َمةِ َفمَنْ ُزحْ ِزحَ َ
ن أُوتُوا
ن مِنَ الّذِي َ
س َمعُ ّ
سكُمْ وَلَ َت ْ
ع ا ْلغُرُورِ ( )185لَتُبْ َلوُنّ فِي َأ ْموَا ِل ُكمْ َوأَنْ ُف ِ
ا ْلجَ ّنةَ َفقَدْ فَا َز َومَا ا ْلحَيَا ُة الدّنْيَا إِلّا مَتَا ُ
ك مِنْ عَ ْزمِ الُْأمُو ِر "( سورة آل عمران ،
ن ذَلِ َ
ن الّذِينَ َأشْ َركُوا أَذًى كَثِيرًا َوإِنْ تَصْ ِبرُوا وَتَ ّتقُوا فَإِ ّ
ا ْلكِتَابَ مِنْ قَبْ ِل ُكمْ َومِ َ
آية )185 :
إن استقرار هذه الحقيقة في النفس ،حقيقة أن الحياة في هذه الرض موقوتة ,و محدودة بأجل ،وأن الموت
كأس يتذوقه الجميع ,وأن سنة العقائد والدعوات ل بد من بلء ,ول بد من أذى في الموال والنفس ول بد من
صبر ومقاومة ,واعتزام ,وأن الطريق إلى الجنة قد حفت بالمكارة ,بينما حفت النار بالشهوات وثم هو الطريق
الذي ل طريق غيره ,لنشاء الجماعة التي تحمل هذه الدعوة ,وتنهض بتكاليفها ,بطريق التربية لهذه الجماعة
وإخراج مكنوناتها من الخير والقوة والحتمال وهو طريق المزاولة العملية للتكاليف ,والمعرفة الواقعية لحقيقة
الناس وحقيقة الحياة وذلك ليثبت على هذه الدعوة أصلب أصحابها عودا ,فهؤلء هم الذين يصلحون لحملها إذن
والصبر عليها,فهم عليها مؤتمنون ولكي تعز الدعوة عليهم وتغلو,بقدر ما يصيبهم في سبيلها من عنت وبلء ,
وبقدر ما يضحون في سبيلها من عزيز وغالى ,فل يفرطوا فيها بعد ذلك مهما تكن الحوال .
( قطب , 2005 ،ص ) 537 :
و لكي يصلب عود الدعوة والدعاة فلبد من المقاومة التي تستثير القوى الكامنة وتنميها وتجمعها وتوجهها
,والدعوة الجديدة في حاجة الى استثارة هذه القوى لتتأصل جذورها وتتعمق ,وتتصل بالتربية الخصبة الغنية في
أعماق الفطرة ,وأن سنة الدعوات ,وما يصبر على مافيها من مشقة ،ويحافظ في ثنايا الصراع المرير على
تقوى ال فل يشط فيعتدي وهو يرد العتداء ,ول ييأس من رحمة ال ويقطع أمله في نصره وهو يعانى الشدائد
ما يصبر على ذلك كله إل أولو العزم القوياء (قطب,2005,ص) 538:
وهكذا علمت الجماعة المسلمة في المدينة ما ينتظرها من تضحيات ,وآلم وما ينتظرها من أذى وبلء في
النفس ,والموال,من أهل الكتاب من حولها من المشركين أعدائها ولكنها سارت في الطريق ولم تتخاذل ,وكانت
تستيقن أن كل نفس ذائقة الموت وأن توفيه الجور يوم القيامة ،على هذه الرض الصلبة المكشوفة كانت تقف
96
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وعلى الطريق القاصد الواصل كانت تخطو وإن هذه الرض والطريق باقية لصحاب هذه الدعوة في كل زمان
وأعداء هذه الدعوة هم أعداؤها وهم ماضون في الكيد لها من وراء القرون والجيال والقرآن هو القرآن .
( قطب , 2005 ،ص ) 539 :
و أن التوجيه القرآني يبقى رصيدا للجماعة المسلمة كلما همت أن تتحرك بهذه العقيدة وأن تحاول تحقيق منهج
ال في الرض فتجمعت عليها وسائل الكيد والفتنة ,ووسائل الدعاية الحديثة لتشويه أهدافها ،وتمزيق أوصالها
يبقى هذا التوجيه القرأنى حاضرا يجلوا لبصارها طبيعة هذه الدعوة ،وطبيعة طريقها وطبيعة أعدائها الراصدين
لها في الطريق ويبث في قلبها الطمأنينة لكل ما تلقاه ،من وعد ال ذاك ،فتعرف حين تتناوشها الذئاب بالذى ،
وحين تعوي حولها بالدعاية ،وحين يصيبها البتلء والفتنة أنها سائرة في الطريق وأنها ترى معالم الطريق
ومن ثم تستبشر بالبتلء والذى والفتنة والدعاء الباطل عليها وإسماعها ما يكره وما يؤذي ،تستبشر بهذا
كله ،لنها تستيقن منه أنها ماضية في الطريق التي وضعها ال لها من قبل وتستبقي أن الصبر والتقوى هما زاد
الطريق ويبطل عندها الكيل والبلبلة ويصغر عندها البتلء والذى ،وتمضي في طريقها الموعد الى المل
المنشود في صبر وفي تقوى وفي عزم أكيد ( .قطب .2005 ،ص ص ) 540،541 :
ويؤكد على أنه ل قيمة ول وزن في نظر السلم للنتصار العسكري أو السياسي أو القتصادي ،مالم يقم هذا كله
على أساس المنهج الرباني ،في النتصار على النفس ،والغلبة على الهوى ،والفوز على الشهوة وتقرير الحق
الذي أراده ال في حياة الناس ،ليكون كل نصر نصرا ل ولمنهج ال ،وليكون كل جهد في سبيل ال ومنهج ال
وإل فهي جاهلية تنتصر على جاهليه ،ول خير فيها للحياة ول للبشرية ،إنما الخير أن ترتفع راية الحق لذات
الحق ,والحق واحد ل يتعدد إنه منهج ال وحده ،ول حق في هذا الكون غيره وانتصاره ل يتم حتى يتم في
ميدان النفس البشرية ،وفي نظام الحياة الواقعية وحين تخلص النفس من خط ذاتها في ذاتها ،ومن مطامعها
وشهواتها ,ومن أدرانها وأحقادها ,ومن قيودها وأصفادها وحين تفر الى ال متحررة من هذه الثقال والوهام
وحين تتسلخ من قوتها ومن وسائلها ومن أسبابها لتكل المر كله الى ال ،بعد الوفاء بواجبها من الجهد
والحركة ,وحين تحكم منهج ال في المر كله ,وتعد هذا التحكيم هو غاية جهادها وانتصارها حين يتم هذا كله
يحتسب النتصار في المعركة الحربية أو السياسية أو القتصادية انتصار في ميزان ال وإل فهو انتصار الجاهلية
على الجاهلية ل يأدي لتغيير صحيح ,وهو نقل المجتمع الجاهلية الى المجتمع السلمي .
( قطب ,2005 ،ص ص ) 545،546 :
ثالثآ :الجهاد :
الجهاد لغة :مأخوذ من جهد يجهد جهدا فالمصدر الجهد بالضم أو الفتح وهو الوسع أو الطاقة وقيل :الجهد "
بالضم " وهو الوسع والطاقة والجهد " بالفتح " هو المشقة ويستعمل الجهد " بالفتح" بمعنى الغاية ( وأقسموا بال
جهد أيمانهم ) أي غاية ونهاية قسمهم فالجهد والجهاد في اللغة :بذل أقصى ما يستطيعه النسان من طاقة لنيل
محبوب أو لدفع مكروه (.القاموس المحيط .ب.ت.ص) 632 :
97
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الجهاد شرعا أو اصطلحا :اتفق الفقهاء الربعة أن الجهاد هو القتال والعون فيه .يؤكد عبدال عزام أن
النفوس التي تعد لبناء المم المسلمة ومجتمعاتها ,ولقيادة البشرية وتوجيهها ل بد أن تبنى على محك الشدائد
وتصقل في أتون المحن وتنضج على حرارة الفتنة وأهوال الطريق ,فالذين يفكرون في التغيير وفي تربية الجيال
وفي قيادتها عليهم أن يروا ناموس ال في دعواتهم وقانونه في انتصار المبادئ والعمل على تطبيق شريعته في
ن يُتْ َركُوا أَنْ َيقُولُوا َآمَنّا
حسِبَ النّاسُ أَ ْ
الرض ,وأن أصحاب المبادئ لبد لهم من المحن والفتن كما قال تعالى "َأ َ
ن ا ْلكَاذِبِينَ " ( .سورة العنكبوت ،
ن صَدَقُوا وَلَ َيعْ َلمَ ّ
ن الّلهُ الّذِي َ
ن مِنْ قَبْ ِل ِهمْ فَلَ َيعْ َلمَ ّ
وَ ُهمْ لَا ُيفْتَنُونَ ( )2وَ َلقَدْ فَتَنّا الّذِي َ
آية ) 2 :وأن حب الجهاد منة يمن بها ال على من يشاء من عباده ونعمة كبيرة يسبغها ال على القلوب وليس
حب الجهاد بأماني النسان ول باجتهاده ،ول بدراسته وعمله وإنما الفضل فيها ل أولً وأخيرا .وعلموا أن
الترف والتقلب بين أعطاف النعيم ينخر في كيان النفس كما ينخر السوس في الخشب وكلما كانت النفس تعيش
على التقشف والزهد فإنها تستطيع مواجهة الحداث واحتمال البلء إذا أناخ عليها الزمان بكلكله (.عزام 1988 ،
،ص ) 20-5 :
و في فتاوى شيوخ الزهر ,وعلمائه في وجوب الجهاد ،ومنها وجب مقاطعة اليهود وإسرائيل حتى تسترد
الرض وتعود القدس وتطالب المسلمين بالجهاد في سبيل ال بالنفس والمال والقيام بفرض ال علينا لدفع عدوان
المعتدين من اليهود علينا ,وتحث على الستشهاد في سبيل ال وحماية ديار المسلمين وبيوتهم من المعتدين وأن
إنقاذ فلسطين واجب ديني على المسلمين عامة وحرمت بيع أراضي فلسطين وأوجبت مقاطعة اليهود وعدم
التعامل معهم ,وقررت أن من يستبيح بيع الراضي أو التعامل معهم يكون مرتداَ عن دين السلم فيفرق بينه
وبين زوجته ول يصلى عليه ول يدفن في مقابر المسلمين وكما أن التقصير في مقاومة العدو الصهيوني هو
عصيان ل تعالى وإثم كبير وان وجود إسرائيل في فلسطين خطر يهدد المسجد القصى ,وأنه يجب على الدولة
السلمية أل تعترف بإسرائيل وأنه ل يجوز للمسلمين أن يصالحوا اليهود الذين اغتصبوا أرض فلسطين ،وأن
ال سبحانه وتعالى قضى أن يحدث قتال بين المسلمين ,واليهود يستعيد فيه المسلمين المسجد القصى فكان ل بد
أن يجمعهم في مكان واحد حتى يمكن محاربتهم ( .أحمد ,1998 ،ص ) 196_191 :
ويؤكد على أن الفتوحات السلمية جاءت من أجل التغيير وكانت تهدف الى أن تكون كلمة ال هي العليا ،وأن
يكون السلم هو دين البشرية كافة ،ل عن طريق الكراه ولكن عن طريق الدعوة وضمانا لحرية الدعوة ولحرية
العقيدة ساقت الجيوش ,وخاضت المعارك ,وفتحت البلد بعد أن قدمت الدعوة بين يديها ,وأعلنت أنها الغاية
الولى ,والخيرة ،وأن السلم عقيدة ,وجدانية تنبثق منها شريعة قانونية ،ويقوم عليها نظام اجتماعي ,نظام
متميز عن سائر النظم الجتماعية التي عرفتها البشرية ،ذو مقومات خاصة به ،قد تشترك معه في بعضها بعض
النظم الخرى ,ولكنه في مجموعة يبدو متميزا عن سائر النظم بكل تأكيد ،وأنه نظام عالمي مبرأ من العصيبة
العنصرية ومن التعصب الديني ،ومن ثم فهو يسمح لكل إنسان أن ينضم الى موكبه في يسر ،أن يتمتع فور
انضمامه إليه بكافة الحقوق التي يتمتع بها أول مسلم من أي جنس ,ومن أي قبيلة وأنه نظام عادل يضمن لجميع
الفراد حقوقا متساوية ،ول يجعل للحاكم أو السرة أو لطبقة أي حق زائد عن حقوق الفرد العادي ،ويضمن
98
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
العدالة المطلقة في علقات الطوائف والمم ,فل يقيم وزنا للعداوة والشأن ،كما أنه ل يقيم وزنا للصداقة
والقربى ( .قطب , 1971 ،ص ) 43-40 :
وأن عدم استبعاد استخدام القتال ،الى جانب الجهاد باللسان لحداث التغيير ,وتبديل الواقع السلبي ويتضح ذلك
من خلل قول :كل وال إن هذا الدين ل يقوم ،إل بجهد وجهاد ,ول يصلح إل بالعمل وكفاح ,ول بد لهذا الدين
من أهل ،يبذلون جهدهم لرد الناس إليه ولقامة شريعة ال في حياة الناس ،ل بد من جهاد بالحسنى حين يكون
الظالمون أفرادا ضالين يحتاجون الى الرشاد ,والثارة وبالقوة حين تكون القوة الباغية في طريق الناس تصدهم
عن الهدى وتعطل دين ال أن يوجد وتعوق شريعة ال أن تقوم (.قطب , 2005 ،ص ص ) 992،993 :
وينسجم هذا المنهج الشامل في التغيير مع السنة النبوية ،حيث جاء في الحديث الشريف " ما من نبي بعثه ال
في أمة من قبلي ،إل كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم أنها تخلف من بعدهم
خولف ،يقولون مال يفعلون مال يؤمرون ،فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن
جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من اليمان حبة خردل " (.مسلم ،ج , 3ص )70 :وإن كان الجهاد
بالقوة أليه من أليات تغيير الواقع الفاسد في حياة المة ,فإن في تركه إضعافا للمة وإذللها ،حتى تصبح نهبا
للمم من حولها يمارس في حقها كل أشكال التداعي والتسلط السياسي والقتصادي والثقافي ,وهذا ما يحصل
للواقع المة السلمية اليوم ،وهذا ما أخبر عنه الرسول صلى ال عليه وسلم وحدث بالفعل لمتنا السلمية
المعاصرة " يوشك أن تداعي عليكم المم من كل أفق كما تداعي الكلة على قصعتها قال :قلنا يارسول ال أمن
قلة ينا يومئذ قال :أنتم يؤمئذ كثير ولكن تكونون غثاء كغثاء السيل ،ينتزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل في
قلوبكم الوهن قال :قلنا :وما الوهن قال :حب الحياة وكراهية الموت " ( .ابن حنبل,ج ,2ص ) 178 :
س تَ ْأ ُمرُونَ
ولقد جاء هذا الدين لينشئ خير أمة أخرجت للناس ،كما قال تعالى " :كُنْ ُتمْ خَيْ َر ُأ ّمةٍ ُأخْ ِرجَتْ لِلنّا ِ
ن ا ْلمُ ْنكَرِ وَ ُت ْؤمِنُونَ بِالّلهِ"( سورة آل عمران ،آية ) 110 :وليقيم دولة تحتكم الى منهجه
ن عَ ِ
بِا ْل َمعْرُوفِ وَتَ ْن َهوْ َ
س لَا َيعْ َلمُونَ"(
ن ا ْلقَيّ ُم وَ َلكِنّ َأكْثَرَ النّا ِ
ن ا ْلحُ ْكمُ إِلّا لِّلهِ َأمَ َر أَلّا َتعْبُدُوا إِلّا إِيّاهُ ذَِلكَ الدّي ُ
القويم ،كما قال تعالى " :إِ ِ
سورة يوسف ،آية ) 40 :ولينظم مجتمعا ويربي أفرادا على الخلق على الفضيلة ،كما قال تعالى :وَ َنفْسٍ َومَا
سوّاهَا (َ )7فأَ ْل َه َمهَا ُفجُو َرهَا وَتَ ْقوَاهَا ( )8قَ ْد أَفْ َلحَ مَنْ َزكّاهَا ( )9وَقَ ْد خَابَ َمنْ َدسّاهَا " ( سورة الشمس ،اليات :
َ
) 10-7
يؤكد على أن هذا الهدف السلمي الكبير ل يتحقق إل بالبناء الجماعي للفراد ,وفق التصور العتقادي ،واعتبر
ذلك المقدمة الولى لنشاء المجتمع السلمي حيث يقول :إن المجتمع المسلم الجديد ل ينشأ ,ول يتعزز وجوده
إل إذا بلغ درجة من القوة ،يواجه بها ضغط المجتمع الجاهلي القديم ,قوة العتقاد والتصور ،وقوة الخلق
والبناء النفسي ،وقوة التنظيم والبناء الجماعي (.قطب ,1946 ،ص ) 88 :
و أن هذا الفهم الواعي والتأصيل الحركي لستخدام القوة يجعل المنهج التغييري الذي يصرح به منهجا واقعيا
عمليا يأخذ خصائص النماء الطبيعية كأي كائن حي ،وبشكل طبيعي ل يتصادم مع طبائع الشياء ,والقوة التي
يقصدها هي القوة الذاتية للكيان العضوي الحي ،وهي المحرك والحامي والحارس لكينونته الذاتية ،فعندما يأخذ
99
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
الكائن الحي بعوامل القوة الذاتية المتمثلة في القوة ا لروحية والفعلية والجسمية نفسيا وماديا ,فإنه يأخذ حقه
الطبيعي في تحقيق وجوده ككائن حي ،وهذه أولى أنواع القوة التي ينبغي على الدعاة التركيز عليها في بداية
الطريق ،وعلى طلئع البعث والتغيير أن تتوفر فيها عوامل القوة الطبيعية التي هي لها حق طبيعي فيكون بناؤها
الذاتي قويا على مستوى العتقاد,والتصور ,وعلى مستوى الخلق,والبناء النفسي,وعلى مستوى العداد
والتنظيم ،وعلى جميع المستويات الذاتية المؤهلة لها بالصمود في حالة الصراع الذي يفرضه الطرف الخر.
( قطب ,1964 ،ص ) 90 :
وهذا العداد القائم على بناء الفكر السلمي في القلوب,ومزاولته في واقع الحياة ،هو الذي يخشاه الطغاة
المجيرون في الرض ,والطغيان ل يخشى شيئا كما يخشى يقظة الشعوب وصحوة القلوب ،ول يكره أحدا كما
يكره الداعيين الى الوعي واليقظة ،ول ينقم على أحد كما ينقم على من يهزون الضمائر الغافلة (.قطب ،
,2005ص) 2593 :
وبالتالي يشعر المجتمع الجاهلي بخطر الدعاة الى هذا الدين ،فحينئذ يستخدم ضدهم القوة ليوقف دعوتهم ،
ويشل حركتهم وعندئذ ينبغي على المجتمع المسلم أن يمتلك من القوة المادية ليواجه بها ضغط المجتمع الجاهلي
بوسائل متكافئة ،حيث ل يعقل أن يندفع مصارع الى حلبة الصراع لحظة التحدي له من آخرين بدون أن يمتلك
المؤهلت المطلوبة اللزمة لهذا الصراع الذي يكون فيه منتصرا أو مهزوما ,وإن السلم إعلن عام لتحرير
النسان ،وهو منهج حركي واقعي يواجه واقع الناس بوسائل مكافئة يواجه حواجز الدراك والرؤية بالتبليغ ,
والبيان ،لتصحيح معتقدات الناس الباطلة بتبني الفكر السلمي ،ويواجه حواجز الوضاع ,والسلطة بالجهاد
المادي ،لتحطيم سلطان الطواغيت وتقرير سلطان ال في الرض ( .قطب ,2005 ،ص) 1509_1507:
إذا وقفت الجاهلية في وجه الدعاة الى ال سدا منيعا لتحول بينهم وبين توصيل الهدى الى الناس فحينئذ يجوز
استخدام القوة المادية لتقرير حرية الدعوة وحتى ل تفتنهم الجاهلية عن دينهم الذي ارتضوه بكامل حريتهم وتصل
كلمة الحق الى الناس جميعا ( .قطب ,1953 ،ص ) 40 :
وكما يؤكد على استخدام القوة المادية ,التي هي قوة الساعد والسلح في أكثر من موطن في كتاباته ،ويعتبر إن
الصف المسلم يتفوق على الخرين بقوة العقيدة ,واليمان ,والطاعة ,والدعاء ،لذلك يجب على الدعاء إن يقيموا
الصلة وان يرتلوا القرآن ,وأن يتوجهوا الى ال بالدعاء ,وفي السراء والضراء ,ولكن هذه العبادة وحدها ل
تؤهلهم لحمل دعوة ال وحمايتها ,وإنما هي الزاد الذي يتزودونه ،الذخيرة التي يدخرونها للمعركة ,والسلح
الذي يطمئنون إليه ,وهم يواجهون الباطل بمثل سلحه ,ويزيدون عنه سلح التقوى واليمان ( .قطب , 2005 ،
ص ) 2425 :
وطالب استنفار هذه القوة ,وشحذها بهمة وعزيمة جبارة صادقة ،ضد القوة التي تفرض نفسها على رقاب
الناس ،لتحد من أدميتهم وإنسانيتهم وتغرفهم في ,وحل الفساد العتقادي ,والجتماعي ,ويكون هذا الستخدام
للقوة بعد استنفاذ جميع أساليب الدعوة السلمية لنشر حرية العتقاد ,ولنتماء الصادق للسلم .
( قطب ,1954 ،ص ) 104 :
100
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
ولقدأيد بعض العلماءأقوال سيد قطب لستخدام الجهاد في إحداث التغيير منهم على سبيل المثال ل الحصر:
-1الغزالي :يرى أن الحاكم الظالم الفاسق يجب خلعه واستبداله إذا وجد من يقيم العدل ،ويحكم بين الناس
بكتاب ال ,وسنة نبيه من غير إحداث فتنة ،ول تهييج قتال بين المسلمين ،وإن لم يكن ذلك إل بإحداث القتال,
وجبت طاعته ،وحكم بإمامته ،لن السلطان الظالم الجاهل متى ساعدته الشوكة ،وعسر خلعه من السلطة وكان
في الستبدال به فتنة ثائرة ل تطاق قد تحصد أرواحا من المسلمين ،وجب تركه ووجبت الطاعة له .
( الغزالي , 1975 ،ص ) 534
-2حسن البنا :يرى مؤسس جماعة الخوان المسلمين أن الدولة السلمية ل تقوم بالوعظ والرشاد فقط ,بل
بالسيطرة على السلطة التنفيذية ،لن شريعة السلم جاءت لكي تطبق في حياة الناس ،وليعمل بها في
ن لَا َيعْ َلمُونَ"(
ن الْ َأمْرِ فَاتّ ِب ْعهَا وَلَا تَتّبِ ْع أَ ْهوَاءَ الّذِي َ
شرِي َعةٍ مِ َ
ك عَلَى َ
جعَلْنَا َ
المجتمع ،كما جاء في قوله تعالى ُ " :ثمّ َ
سورة الجاثية ,آية ) 18:وأن أول درجة من درجات القوة ،قوة العقيدة ,واليمان,ويلي ذلك قوة الوحدة
,والرتباط ثم بعدها قوة الساعد ,والسلح ,ول يصح أن توصف جماعة بالقوة حتى تتوفر لها هذه المعاني جميعا,
وأنها إذا استخدمت قوة الساعد والسلح وهي مفككة الوصال مضطربة النظام ,أو ضعيفة العقيدة خامدة اليمان ،
سيكون مصيرها الفناء والهلك (.البنا , 1992 ،ص )26 :
لذلك فهو يؤمن باستخدام القوة عندما تتوفر العوامل التية :
-استكمال الوسائل الثلث للقوة قوة العقيدة واليمان في النفوس ،وقوة البناء التنظيمي للحركة ،المتمثل في
الوحدة والرتباط داخل الصف المسلم ،وقوة الساعد والسلح .
-عدم استجابة النظام السياسي لتنفيذ حكم ال ،والصغاء لمره ،ومطاردة الدعاة الى ال ،وعدم السماح لهم
بمزاولة الدعوة الى ال ،حيث جاء في رسالة المؤتمر الخامس ,قد يكون مفهوما أن يقنع المصلحون
السلميون برتبة الوعظ والرشاد إذا وجدوا من أهل التنفيذ إصغاء لوامر ال وتنفيذ لحكامه.
( البنا , 1992 ،ص ) 22 :
إذا وقفت الحكومة موقفا تتحدى به تحديا صريحا متعمدا نصوص القرآن ،فإن هذا الموقف يعتبر كفرا صريحا
,المر الذي يستوجب نزع السلطة من يدها وإسقاطها ويؤيد ذلك حديث عبادة بن صامت قال " دعانا النبي صلى
ال عليه وسلم فبايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا,والنتازع المر
أهله ،إل أن تروا كفرا بواحا عندكم من ال فيه برهان " (.البخاري ،ج ,2ص ) 2612 :ويوضح بصورة أدق
عندما يصرح أن الخوان سيستخدمون القوة العملية حيث ل يجدي غيرها ،وحيث يتقون أنهم قد استكملوا عدة
اليمان والوحدة ( .البنا , 1992 ،ص ) 24 :
_3يوسف القرضاوي :لقد عبر عن استخدام القوة في كتابه "الحل السلمي فريضة وضرورة " لقد اتفق فقهاء
المسلمين على إزالة المنكر باليد تشريع لمن يملك القدرة على التغيير ،وبشرط أل يترتب على إزالة المنكر منكر
أكبر منه ,فالواجب هو التغيير باللسان والقلب حسب الستطاعة حين تحين الفرصة .
( القرضاوي , 1992 ،ص ) 159 :
101
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
وأما المعارضين لستخدام الجهاد في إحداث التغيير يتمثل هذا الفريق في التى:
_1ابن القيم :يرى أنه إذا عم الفسق بين الناس ،وغلب على معظم أهل الرض ،ل تمنع إمامه الفاسق ،لنه
إذا منعت إمامه الفساق وشهاداتهم وأحكامهم وفتا ويهم وولياتهم على الناس ،لتعطلت الحكام وفسد نظام الخلق
،وبطلت أكثر الحقوق لذلك فهو يرى أمام الضرورة والغلبة بالباطل الصبر والمصابرة واستخدام أضعف مراتب
النكار أل وهو النكار بالقلب في تغيير ذلك الواقع الذي وصلت إليه المة ( .كشك , 1988 ،ص ) 5282 :
_2ابن تيمية :يرى أن الخروج على الئمة وقتالهم بالسيف وإن كان فيهم ظلم أو فسق ل يجوز ،لنه يعتبر
الفساد الناتج عن قتالهم بسبب فتنة أعظم من الفساد الحاصل بظلمهم بدون قتال ,ول فتنة في المجتمع ،لذلك
فهو يؤمن بدفع أعظم الفاسدين ،بالتزام الذي هو أدنى ،ويعني عدم الخروج عليهم ،خوفا من إحداث الفتن
والضطراب الذي ل تحمد عواقبه ،ويعتبر ذلك هو المشهور من مذهب أهل السنة ( .ابن تيمية ،ب .ت ص
ص ) 222 ،221 :
وإن السلم بمنهجه الرباني يهدف الى نشأة الحياة المثل في حياة البشر جميعا لهذا نجد المن والسلم والراحة
النفسية في ظل تطبيق الشريعة السلمية ومزاولتها في واقع حياة المجتمع ،كما جاء في قولة تعالى ":فَأَ ِقمْ
ن أَكْثَ َر النّاسِ لَا
ن الْقَ ّيمُ وَ َلكِ ّ
ك الدّي ُ
علَ ْيهَا لَا تَبْدِيلَ ِلخَلْقِ الّل ِه ذَلِ َ
جهَكَ لِلدّينِ حَنِيفًا ِفطْرَةَ الّل ِه الّتِي َفطَرَ النّاسَ َ
َو ْ
َيعْ َلمُونَ " ( سورة الروم ،آية ) 30 :وإذا انحرفت النظمة الحاكمة عن هذا المنهج القويم واستبدلته بقوانين
البشر المستوردة من الشرق والغرب ،تتحقق التعاسة والشقاء في حياة المة ,وحينئذ ينبغي على دعاة التغيير
والصلح التحرك تجاه إنقاذ المجتمع ،والقضاء على الفساد السياسي ،والجتماعي ،والقتصادي ،بتبني
الثورة على الحاكم الظالم الفاسق ,الخارج عن دين ال بعد استنفاذ وسائل المر بالمعروف والنهي عن المنكر,
والعمل بالضوابط التية وبعد استكمال الحركة التغييرية لوسائل القوة الثلثة ،قوة العقيدة ،واليمان في النفوس,
وقوة البناء التنظيمي الذي يعبر عن وحدة الصف ,وقوة الساعد والسلح مع مراعاة الضوابط التية :
_اليمان الكامل بأن للمير حق الطاعة في المنشط والمكره ،بغض النظر عن عدم الرضا عن سياسته في إدارة
شؤون الدولة .
_إذا أصدرت الحكومة قوانين ,أو أوامر فيها معصية صريحة ،تخالف الشريعة السلمية فحينئذ ل سمع ول
طاعة مما يدلل على ذلك ما جاء عن ابن عمر رضي ال عنهما عن النبي صلى ال عليه وسلم قال ":على المرء
المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره ،إل أن يؤمر بمعصية ،فإذا أمر بمعصية فل سمع ول طاعة " .
( البخاري ،ج , 2ص ) 2612 :
_ل يكون تغير النظام بقوة الساعد والسلح إل في حالة وجود الكفر الصريح ,كالتحدي الواضح المتعمد للنصوص
الشرعية ,وبشرط إل يؤدي ذلك التغيير الى وجود منكر أكبر وفتن أعظم .
102
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
النتائج والتوصيات
أول:النتائج:
من خلل الدراسة توصل الباحث إلى النتائج التالية:
_ 1تشكلت شخصية سيد قطب التغيرية من خلل عوامل ( الدين والتربية والواقع الجتماعي والتجربة
السياسية ).
_2إن روح النسان أمانة يحملها بين جسده يحارب بها من أجل رفع راية لإله إلال لتكون منهج لحياتة
للمجتمع الذى يحيا فيه ومهما لقى في ذلك من العذاب من الباطل ,فيها يحيا وفيها يموت وعليها يلقى ال عز
وجل.
_ 3يقوم مفهوم التغيير التربوي عند قطب علي أساس استبدال المجتمع الجاهلي الذى ل يعترف بشريعة ال
منهج لحياة الناس ,ويرضى بحكم لبشر للبشر ,والعتراف بالوهية بعض البشر ,وبالعبودية لهم من دون ال ,
بالمجتمع السلمي القائم على منهج ال ,المحكوم بشريعته ,و يرسيخ مفهوم التوحيد فيه و إقرار الحاكمية ل
عز و جل .
_4أن التغيرات السلبية في واقع المةالمسلمه المعاصره,ترجع بالدرجة الولى إلى عوامل وظروف داخلية
عقائدية وروحية تتمثل في عدم إخلص اللوهية والربوبية ل وضعف عقيدة الولء لدى المسلمين وعوامل
أخرى تتمثل في غياب العمل بمنهاج ال سبحانه وتعالى مما دفع هذه المة إلى الهاوية,فلذلك يجب العودة إلى
تصحيح العتقاد بتوحيد ال من أجل العودة إلى المسار الصحيح واسيادة السلمية وقامة حكم ال في الرض.
_ 5أولي قطب إهتماما بالغا بمفهوم الحاكمية كأساس للمجتمع السلمي الذى يعترف بشريعة ال السلم وتكون
فيه شريعة ال هي السائدة ,ول يعترف بالحاكمية العليا إل ال وحده ,و حث علي تطبيق شريعة ال في الرض.
_6إن ال ينزع بالسلطان مال ينزع بالقرأن لذلك يجب على المة أن تقيم حكم ال في الرض وعلى أساس كتابه
وسنة نبيه.
_7المنهج السلمي للتغيير منهج واقعي رباني شمولي إنساني تدريجي ,يعتبر أن النفس البشرية هي نقطة
البداية في التغيير التربوي.
_8أبرز البحث خصائص منهج السلمي في التغيير ,والذي يتجسد من خلل توافقه مع الفطرة النسانية وتقديره
لحاجاتها ودوافعها وحرصه على توجيهها نحو الخيروتركيزه على الساليب العملية فى التربية من خلل دعوة
103
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
النسان إلي المل في اليات الكونية ,وكونه عملية إنسانية تربوية و يتصف بالتوازن ,ويقوم علي التدرج علي
التغيير.
_9اعتمد منهج التغيير التربوى عند سيد قطب على الهداية لالجباية,تلزم العلم والعمل والتركيز على التربية
اليمانية.
_10قدم قطب مفهوم جديدا للتغيير الشامل الذي يتجاوز حد المجتمع إلي العالم بأسره و يؤمن بالثورة العالمية
للتغيير,وهذا يكون من خلل استبدال النظام الجاهلى بالنظام السلمى وفق عملية مدروسة ومتدرجة تراعى
الفطرة البشرية في ذلك.
_ 11تتمثل مجالت التغيير التربوي ,والتى تتجسد من خلل إصلح واقع المة ،والذى ينطلق من إعادة بناء
النسان في بلد المسلمين بتصحيح معتقداته و قيمه و تصوراته و مفاهيمه و تعديل أنماط سلوكه.
_12اعتبر قطب الخلق من أهم مجالت التغيير التربوي حيث تقوم مبادئ السلم في جوهرها علي الخلق و
هي أساس بناء المة السلمية.
_13اهتم قطب بالسرة المسلمة كعنصر حيوي في المجتمع ,وأكد علي دورها في التغيير التربوي الشامل,
والمتكامل ,والذي ل يمكن يستعاض عنه من خلل أي مؤسسة أخري.
_14وجود الجماعة المسلمة يعد ضرورة شرعية ،تتمثل في إقامة شرع ال في الرض و قيادة البشرية ،كما
تشكل ضرورة تربوية تتجسد في كون هذه الجماعة ،هي المسئولة عن تربية الفرد المسلم و رعاية السرة و
من أجل ذلك كان ل بد من أن تتربى تربية أصيلة مستمدة من كتاب ال عز و جل و سنة نبيه وتكون حازما مع
كل من يهددالمة بالخطر.
_15ينبغي أن يسبق التغيير التربوي تغيير أجتماعي وثقافي في عقول و نفوس الناس عن طواعية و رضي ,
ليتم المحافظة علي البناء الجديد من أبناء المجتمع بأسره.
_16التغيير التربوي ليس ظاهرة حتمية ،بل هو عملية يشكل النسان فيها عنصرا أساسا كعامل من عوامل
التغيير كما أن التربية هي أداة فاعلة في إحداثه من أهم أساليبه المر بالمعروف و النهي عن المنكر .
_17للتربية دور مهم في توجيه التغيير التربوي ،و إعداد طاقاته ،و معالجة المشكلت الناشئة عنه ,وإعادة
البناء التربوى على أسس تستلهم الماضى وتستوعب الحاضر,والتوصل إلى نظرية تربوية تساهم في تغيير النظام
التربوى .
_18يقوم منهج التغيير عند قطب على الحساس بالمسئولية وإقامة الحكم على أركان الحق والعدل والشورى,
وبناء علقة مع الرعية تقوم على الطاعة والمحبة والمحاسبة والحرية السياسية.
_19لم يستبعد قطب استخدام القوة كنوع من الجهاد المشروع وفقا لما جاء في الكتاب و السنة من أجل التغيير,
ورد العتبار علي أي اعتداء علي الجماعة المسلمة,والتركيز على التربية الجهاديةللجند على العبادة والعلم
والخلق.
104
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
_20الحذر من استخدام القوة,طالما أن النظام يأتمر بأمر ال تبارك وتعالى,ويأخذ بقاعدة المر بالمعروف والنهى
عن المنكر,ل يكون تغيير النظام بقوة الساعد والسلح ,إل في حالة وجود الكفر الصريح ,كالتحدي الواضح
المعتمد للنصوص الشرعية.
_21عدم الفراط و التفريط في استخدام القوة من أجل التغيير ،و إنما ينبغي التعقل و النضباط الكامل برأي
جمهور العلماء في ذلك ،حتى ل يكون إصلح المنكر علي حساب الوقوع في منكر اكبر منه .
ثانيا:التوصيات:
في ضوء نتائج الدراسة السابقة الذكر يوصى الباحث ما يلي :
_1توعية الجيل المسلم بقضية التغييرالتربوى ,من حيث المفهوم ,والعوامل ودور النسان فيها والمبادى التى
تقوم عليها وأن يكون ذلك كله ,منطلقا من التصور السلمى المستمد من الكتاب ال وسنة رسوله صلى ال
عليه وسلم ,واجتهادات العلماء المسلمين.
_2الهتمام بتربية النشء المسلم على تربية أصلية مستمدة من كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم
ومن أجل ايجاد جيل يستطتيع أن يعيد للمة عزتها وكرامتها .
_3التركيز علي غرس العقيدة السلمية الصحيحة في التربية لدى السرة.
_4الهتمام بالجانب الخلقي في ابناء ,والتغيير,وذلك مآله ليمان سيد قطب العميق بقوة الرباط بين السلم ,
والخلق الكريم إذ أن السلم جاء داعيا لمكارم الخلق ,والخلق سبيل للتغيير الناجع.
_5توجيه المجتمع توجيها صحيحا إسل ميا لكى نستطيع التغيير بطرقإجتماعية مقبولة.
_6الخلفه السلمية مطلب شرعى ضرورى ل يقوم الدين إل به ويجب العمل عليه.
_7على المؤسسات التربوي أن تأخذ دورها في عملية التغيير التربوي من خلل إعادة صياغة المناهج التربوية
لتكون قادرة على إحداث تحول اجتماعي نحو السلم والحضارة.
_8تربية الجيوش السلمية تربية جهادية ,واعية وتوجيه طاقاتهم للدفاع عن قضايا المسلمين.
_9إحياء مبادئ القتصاد السلمي لحماية ثروات المة ,ومقدراتها ,والستغناء عن النظمة الربوية والوصاية
الغربية.
_10إعادة بناء المجتمع السلمي على أسس الخوة ,والمساواة ,والرعاية الجتماعية ,واحترام حقوق القليات.
_11يقترح الباحث بدراسة ما يلى:
_دراسة سنن ال في التغيير الجتماعي من خلل الكتاب والسنة والتاريخ البشرى.
_دراسة تجارب التغيير السلمى على مدار الخمسة عشر قرنا من تاريخ السلم ,مع التركيز على الدور التربوي
في عمليات التغيير التربوي.
_دراسة التغيرات الجتماعية التي حدثت في فلسطين بعد أسلو ,الستفادة منها في رسم صورة لمستقبل القضية
الفلسطينية.
105
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
_إجراء بحوث ميدانية لدراسة دور التعليم في الجامعات في عمليات التغيير التربوي في فلسطين والبلد العربية
الخرى.
مراجع البحث
القرآن الكريم
أول:المصادر:
.2ابن حنبل ،أحمد (ب .ت ) :مسند المام أحمد بن حنبل ،المكتب السلمي ،بيروت
.3ابن كثير,أبو الفداء عماد الدين إسماعيل بن عمرو (: )1993البداية والنهاية ,تحقيق (أحمد عبد
الوهاب ) دار الحديث ,القاهرة.
.6البخاري ،عبد ال محمد بن إسماعيل( :)1987صحيح البخاري ،مكتبة دار المعرفة ،
.8الترمذي ,أبي على محمد (ب.ت) :الصحيح الجامع ,تحقيق (أحمد شاكر) ,دار التراث العربي ,بيروت.
.9الحاكم ،محمد بن عبدا ل ( : )1990المستدرك على الصحيحين ،تحقيق ( مصطفى عبد القادر ،
دار النشر لكتب العلمية ،بيروت.
.10الطبري,أبو جعفر محمد بن جرير( : ) 1987جامع البيان في تفسير القرآن ,دار الريان ,القاهرة.
.11الفيروز أبادي ,مجد الدين محمد بن يعقوب(: )1978القاموس المحيط, ,دار الفكر ,بيروت.
106
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
.12مسلم ،الحجاج بن مسلم القشيرى النيسابوري ( )1993صحيح مسلم تحقيق محمد عبد الباقي ,دار إحياء
الكتب العربية.
.13مسلم ،الحجاج ابن مسلم القشيرى النيسايورى : )1994(.صحيح مسلم ،ضبط وتصحيح ،محمد سالم هاشم
.دار الكتب العلمية ،بيروت .
ثانيا:مراجع :
.14أبو العنين ،على خليل ( :)1988القيم السلمية والتربية ،مكتبة إبراهيم حلبي ،المدينة المنورة.
.15أبو العنين,على خليل (: )1986أصول الفكر التربوي الحديث ,دار الفكر العربي ,القاهرة.
.16أبو فارس ،محمد عبد القادر ( :)1999منهج التغييرعندالشهيدين حسن البنا وسيد قطب دار البشير ،عمان
.17السمر ،أحمد رجب ( :)1997فلسفة التربية السلمية وانتماء وارتقاء ,دار الفرقان للنشر ,عمان.
.18الغا ،إحسان وعبد المنعم ،عبد ال )1992( .مقدمة في التربية وعلم النفس ,غزة.
.21البنا ،حسن ( :)1992مجموعة الرسائل ،دار الطباعة والنشر السلمية ،القاهرة .
.22الحمد ،أحمد بن ناصر بن محمد ( :)1988العقيدة نبع التربية ،مكتبة التراث ،مكة المكرمة.
.23الحورانى ،ياسر ( : )1999الفكر القتصادي عند سيد قطب من خلل كتاباته ،أبحاث اليرموك ،سلسلة
العلوم النسانية والجتماعية ،العدد الول .
.24الخالدي ،صلح عبد الفتاح ( : )1981سيد قطب الشهيد الحي .مكتبة القصى ,عمان.
.25الخالدي ،صلح عبد الفتاح ( : ) 1986في ظلل القرآن في الميزان .دار المنارة ،جدة ـ السعودية .
.26الخالدي ،صلح عبد الفتاح ( :)1991سيد قطب في الميلد إلى الستشهاد .دار القلم دمشق .
.27الخباص ،عبد ال عوض ( )1983سيد قطب الديب النافذ ,مكتبة المنار ,الزرقاء.
.28الشخيبي ،على السيد وآخرون ( : )1998الصول الجتماعية للتربية ,جامعة عين شمس .
.29العظم يوسف ( : )1980رحلته الضياع للعلم العربي المعاصر .الدار السعودية للنشر ,جدة.
107
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
.30العظم,يوسف ( )1980رائد الفكر السلمي المعاصر الشهيد سيد قطب ,دار العلم,جدة.
.31الغزالي ,أبو حامد ( : )1991المر بالمعروف والنهي عن المنكر ,تحقيق سيد إبراهيم دار الحديث ،القاهرة
.33القرضاوي ,يوسف ( : )1992أولويات الحركة السلمية في المرحلة القادمة ,مؤسسة الرسالة ,بيروت.
.37الكيلني ،ماجد عرسان ( :)1985تطور مفهوم النظرية التربوية ،دار ابن الكثير ,دمشق.
.38الكيلني ،ماجد عرسان ( : )1988فلسفة التربية السلمية ،مكتبة هادي ،مكة المكرمة.
.41النحلوي ،عبد الرحمن ( : )1989التربية باليات ،دار الفكر المعاصر ،بيروت .
.42النحلوي ،عبد الرحمن( : )1988الصلح التربوي والجتماعي والسياسي من خلل المبادئ والتجاهات
التربوية ,عند التاج السبكي,المكتب السلمي,بيروت.
.44الندوي,أبو الحسن على الحسني(: )1973ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين,دار القلم,الكويت.
.45الندوي,أبو الحسن على الحسني(: )1980السلم في عالم متغير,ترجمة على عثمان ,مكتبة الحياة ,بيروت.
.47الطبري ,أبي جعفر محمد بن جرير ( : ) 1979تاريخ الطبري _ تاريخ الرسل والملوك ,تحقيق محمد أبو
الفضل إبراهيم ,دار المعارف,بيروت.
..48الركاب ،زين العابدين 1978 ( ،م):قدم سيد قطب معركتا مع اليهود .دارالشروق,بيروت.
108
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
.53ابن تيمية ،أبو العباس تقي الدين احمد بن عبد الحليم ( : ) 1989منهاج السنة النبوية ,دار الوفاء
للطباعة والنشر والتوزيع,القاهرة.
.54ابن تيمية ,أبو العباس تقي الدين احمد بن عبد الحليم (ب.ت) :السياسة في إصلح الراعي والرعية ,تحقيق
أبو عبد ال على بن محمد المغربي ,دار اليمان ,السكندرية.
.56بدران ،شبل ،محفوظ ،فاروق ( :)1977أسس التربية ،دار المعرفة الجامعية السكندرية.
.58جواد ,أحمد ,محمد ( : )1998فتاوى الزهر في وجوب الجهاد وتحريم التعامل مع الكيان الصهيوني ،مركز
يافا للدراسات والبحاث ,القاهرة .
.63حسنة عمر عبد ( :)1995رؤية في منجية التغيير ،المكتب السلمي ،بيروت .
.64حسين ،عبد الباقي محمد ( : )1986سيد قطب :حياته وأدبه .دار الوفاء ,المنصورة.
.65حمودة ،عادل ( )1987سيد قطب من القرية إلى المشنقة .سينا للنشر ,القاهرة.
.66حوي ،سعيد ( :)1984جند ال ثقافة وأخلق ،دار السلم للطباعة والنشر ،القاهرة .
.67حوي ,سيعد (:)1979المدخل إلى الدعوة السلمية ,جمعية عمال الطابع التعاونية,عمان.
109
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
.69خليفة ،عبد اللطيف محمد :)1992( ،ارتقاء نسق القيم ،سلسلة عالم المعرفة ،الكويت.
.70رائف أحمد (1988م) البوابة السوداء :صفحات من تاريخ الخوان المسلمين .الزهراء للعلم ,القاهرة.
.72زيدان ،عبد الكريم ( ب .ت ) :الفرد والدولة في الشريعة السلمية ,دار الشروق.القاهرة
.73زهد ،عصام العيد :)2004 ( ،معالم تغيير الجتماعي في تفسير سيد قطب ،مجلة علمية محكمة ،تصدر
عن عمادة البحث العلمي ،جامعة القصى غزة .
.74شبيب ،جمال الدين ( : )1994منهج سيد قطب في الدعوة .دار البشير للثقافة والعلوم السلمية ،طنطا
.76عبد الحميد,محسن (: ) 1983منهج التغيير الجتماعي في السلم ,مؤسسة الرسالة ,بيروت.
.77عبد الغفار ،أحلم ،رجب ( : )1994التطور القيمي لطلب كلية التربية النوعية لتربية المعاصرة ،القاهرة
.78عبد ال ،عبد الرحمن صالح )1989(.دراسات في الفكر التربوي السلمى .دار البشير .
.81علي ،سعيد إسماعيل ( : )1993أصول التربية السلمية ،دار الفكر العربي ,القاهرة .
.82فائز ،أحمد ( : ) 1982طريق الدعوة في ظلل القرآن .مؤسسة الرسالة ،بيروت .
.83فائز ،أحمد ( : )1980دستور السرة في ظلل القرآن .مؤسسة الرسالة ،بيروت .
.84فضل ال ،مهدي ( : )1978مع سيد قطب في فكرة السياسي الديني .مؤسسة الرسالة ،بيروت.
.85قطب ،سيد ( : )1933مهمة الشاعر في الحياة .دار الشرق ,القاهرة.
110
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
.92قطب ،سيد ( :)1974في التاريخ فكرة ومنهاج .دار الشروق ,بيروت .
.93قطب سيد ( )1977في ظلل القرآن ستة مجلدات .دار الشروق .
.98قطب ،سيد( :)1994الكتب المدرسية تبتعد عن الحياة ،مجلة التربية المعاصرة ،رابطة التربية الحديثة ،
القاهرة ،العدد ، 1994 ، 32هي ص 5،6نقل عن مجلة الشؤون الجتماعية عدد . ) 1940 ، 8
.100قطب ،محمد ( :)1983النسان بين المادية والسلم :دار الشروق ,بيروت .
.101قطب ،محمد علي ( :)1975سيد قطب أوثورة الفكر السلمي .دار الحديث بيروت .
.103كشميري ،سيد بشير أحمد ( : )1986عبقرية السلم سيد قطب :الديب العملق المجدد الملهم في ضوء
آثاره وإنجازاته الدبية .دار الفضيلة للنشر والتوزيع ،القاهرة .
.104كشك ,عبد الحميد ( :) 1988في رحاب التفسير .المكتب المصري الحديث القاهرة .
.105مطر ،سيف السلم :)1986(.التغيير الجتماعي ،دراسة تحليلية من منظور التربية السلمية ,دار الوفاء,
القاهرة.
111
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
.106ياسين ،عبد ال ( : ) 1983التربية السلمية في ظلل القرآن .دار الرقم ,عمان .
.112الجعبة ،نافذ سليمان عبد الرحمن ( :)2000التغيير الجتماعى في عهد عمر بن عبد العزيز رسالة
ماجستير غير منشورة ،الجامعة السلمية .قسم أصول التربية .
.113القريشى ،على ( :)1989التغيير الجتماعى عند مالك بن النظير .رسالة ماجستير منشورة ،القاهرة:
الزهراء للعلم العربي ،الطبعةالولى.
المقدم للمؤتمر المام الشهيد احمد ياسين في الجامعة السلمية بغزة كلية الداب.
.115أبو دف ،محمود خليل( :)2004مظاهر التغيير السلبي في واقع المسلمين المعاصر في ضوء التوجيه
التربوي السلمى .المقدم للمؤتمر التربوي الول في كلية التربية في الجامعة السلمية بغزة.
.116أبو دف ،محمود خليل ( :)2002معالم الفكر التربوي عند سيد قطب من خلل تفسيره في ظلل القران :
المقدم للمؤتمر التربوي بين الصالة والمعاصرة في كلية التربية والفنون في جامعة اليرموك.
.117أبو العنين ,على خليل (: )1995التجربة السلمية في التغيير في التربية ,المؤتمر السنوي الثالث,ج
,1تحت عنوان:إرادة التغيير في التربية وإدارته في الوطن العربي ,الجمعية المصرية للتربية المقارنة والدارة
التعليمية بالشتراك مع كلية التربية جامعة عين شمس ,مطبعة الخوة الشقاء.
112
لدى سيد قطب من خلل كتاباته معالم التغيير التربوي
.118القضاة ,احمد محمد مفلح (:)1994قضية التغيير دراسة للدوافع والمنهج والمضمون ,المؤتمر الدولي
للعمل السلمي الواقع والمستقبل ,جامعة الزهر ,القاهرة ,بالتعاون مع رابطة الجامعات السلمية.
113