You are on page 1of 23

‫روحانية صائم‬

‫ماضرة للشيخ‪ /‬إبراهيم الدويش‬


‫كتبها مموعة من طالبات كلية الشريعة ‪ -‬الكويت‬
‫القدمة‬
‫بسم ال الرحن الرحيم ‪ ،‬المد ل والصلة والسلم على رسول ال‪ ،،‬أما بعد ؛‬
‫معاشر السلمي‪:‬‬
‫اقبل علينا رمضان سيد الشهور فمرحبا به وأهلً‪ ،‬وكان النب صلى ال عليه وسلم إذا دخل‬
‫رجب قال ‪" :‬اللهم بارك لنا ف رجب وشعبان وبلغنا رمضان"‪ ،‬كما ف حديث أنس قال‬
‫اليثمي عنه‪ :‬رواه الطبان ف الوسط وفيه دائرة أب الرقاد وفيه كلم وقد وثق‪ ..‬انتهى‪.‬‬

‫بعد أيام نستقبل شهرنا العظيم‪ ،‬شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن‪ ،‬شهر الصيام والذكر‪،‬‬
‫شهر التوبة والغفران‪ ،‬شهر العزة والكرامة‪ ..‬اللهم بلغنا رمضان‪ ..‬الم بلغنا رمضان‪ ،‬فكم من‬
‫آمل أن يصوم هذا الشهر ففاجأه أمله فسار قلبه إل ظلمة القب‪ ،‬كم من مستقبل يوم ل‬
‫يستكمله ومؤمل غدا ل يدركه‪..‬‬

‫كم كنت تعرف من صام ف سلف *** من بي أهل وجيان وإخوان‬


‫أفناهم الوت واستبقاك بعدهم *** حيا فما أقرب القاصي من الدانـي‬

‫أيها الحد عشر شهرا!! ظلت ترى بسرعة عجيبة ف دهشة وذهول من العاقلي‪ ،‬وغفلة‬
‫ومون من اللهي‪" ،‬قال كم لبثتم ف الرض عدد سني‪ ،‬قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسأل‬
‫العادين" (الؤمني ‪ )113-112‬هكذا تطوى الليال واليام؛ وتنقض الشهور والعوام؛‬
‫والعاقل اللبيب من يفكر ويعتب بتلك اليام الت عاشها والليال الت قضاها‪ ،‬نعم هي ماض‬
‫تركه خلفه لن يعود؛ لن يعود لك مرة أخرى‪ ،‬لكنه يسجل عليك فال تعال يقول‪" :‬هذا كتابنا‬
‫ينطق عليكم بالق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون"‬

‫كل الناس يغدو ف أهداف وآمال ورغبات وأمان‪ ،‬ولكن أين الادون؟ أين الادون فرمضان‬
‫آن بعد أيام فكيف حال الناس بل كيف حال المة!! هل من وقفة صادقة للمحاسبة؟ وهل من‬
‫وقوف جاد للتأمل؟ وما هي مراسم الستقبال؟؟‬

‫معاشر السلمي‪:‬‬
‫إن رمضان آت بعد أيام‪ ،‬وف المة تُعساء يستقبلونه على أنه شهر؛ جوع نار وشبع ليل‪ ،‬نوم‬
‫ف الفراش إل ما بعد العصر؛ وسر ف الليل إل الفجر‪ ،‬تراهم ذئابا ف الليل جيفا ف النهار‪،‬‬
‫جعلوا من رمضان موسم طرب وسهر ودعايات وقنوات‪ ،‬انم يقتلون رمضان ويفسدون‬
‫حلوته وطعمه‪ ،‬حُرموا وحَرموا غيهم من جال رمضان وروعة الياة فيه‪ ،‬عبادة للبدن‬
‫والسد بنواته ولذاته‪ ،‬وأسر للروح والعقل؛ مساكي هؤلء‪..‬‬

‫رمضان ؛ ُربّ فمٍ تنّع عن شراب أو طعام‬


‫ظن الصيامَ عن الغذاء هو القيقة ف الصيام‬
‫وهوى على العراض ينهشها ويقطع كالُمام‬
‫يا ليته إذ صام‪ ،‬صام عن النمائم والرام‬
‫وانساك إذ ينساك عن كذب وجود وإحرام‬
‫وعن القيام لو أنه فيما ياوله استقام‬
‫رمضان نوى ملص للمسلمي وللسلم‬
‫تسمو با الصلوات والدعوات تضرم إضرام‬

‫حال السلف‬
‫أما رسول ال صلى ال عليه وسلم (بأب هو و أمي)‪ ،‬فقد كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان‬
‫كما أخرجه أحد والنسائي من حديث أب هريرة رضى ال تعال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يبشر أصحابه‪" :‬قد جاءكم شهر رمضان‪ ،‬شهر مبارك افترض ال عليكم‬
‫صيامه‪ ،‬يفتح فيه أبواب النة‪ ،‬ويغلق فيه أبواب الحيم‪ ،‬وتغل فيه الشياطي‪ ،‬فيه ليلة خي من‬
‫ألف شهر‪ ،‬من حرم خيها فقد حرم" صححه اللبان كما ف صحيح النسائي‪ ،‬وقال معلى بن‬
‫الفضل عن السلف‪" :‬كانوا يدعون ال ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ث يدعونه ستة أشهر أن‬
‫يتقبل منهم"‪ ،‬وقال يي بن أب كثي‪" :‬كان من دعائهم؛ اللهم سلمن إل رمضان‪ ،‬وسلم ل‬
‫رمضان ‪ ،‬وتسلمه من متقبلً"‪ ،‬وباع قوم من السلف جارية؛ فلما قرب شهر رمضان رأتم‬
‫يتأهبون له ويستعدون بالطعمة وغيها فسألتهم؛ فقالوا‪" :‬نتهيأ لصيام رمضان"‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫"وأنتم ل تصومون إل رمضان!! لقد كنت عند قوم كل زمانم رمضان؛ ردون إليهم"‪.‬‬
‫هكذا كان استقبال السلف لرمضان‪ ،‬فرمضان له طعم خاص ولذة عجيبة ف نفوسهم رضوان‬
‫ال تعال عليهم‪ ،‬فهو يبعث ف نفوسهم قوة اليان والشجاعة والعزة والكرامة‪ ،‬ولذا كانت‬
‫أكثر غزوات ومعارك السلمي ف رمضان لاذا؟ نعم لاذا؟‬

‫اسع الجابة‪ ،‬إنا حياة الروح حت وإن كانت البطون خاوية والشفاه يابسة‪ ،‬فالياة حياة‬
‫الروح؛ حياة القلب؛ حياة النتصار على النفس وعلى الشهوات؛ ومن انتصر على نفسه‬
‫انتصر على العداء‪.‬‬

‫أنا حياة الصلة والثقة بال جل وعل‪ ،‬وهنا يكمن جال رمضان وروعة هذا الشهر بتلك‬
‫الروحانية العجيبة الت توقظ الشاعر وتؤثر ف النفوس‪ ،‬فرمضان له ف نفوس الصالي‬
‫الصادقي بجة؛ وف قلوب التعبدين الخلصي فرحة؛ فهو شهر الطاعات ولنا فيه جيل‬
‫الذكريات‪ ،‬انه زاد الروح تتغلب الروح فيه على البدن والسد‪.‬‬

‫الروحانية‬
‫الديث عن تلك الروحانية وفيه حقيقة الروح وزادها وعلقتها بالصيام‪..‬‬

‫الروح والنفس واحد غي أن الروح مذكر والنفس مؤنثة عند العرب‪ ،‬ولا سئل اليهود‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم عن الروح‪ ،‬نزل قوله تعال‪" :‬ويسئلونك عن الروح‪ ،‬قل الروح‬
‫من أمر رب"‬

‫وروى الزهري بسنده عن ابن عباس ف قوله‪" :‬ويسئلونك عن الروح" قال؛ إن الروح قد‬
‫نزل ف القرآن بنازل ‪ ،‬ولكن قولوا كما قال ال جل وعل‪" :‬قل الروح من أمر رب وما أوتيتم‬
‫من العلم إل قليلً" (السراء ‪)85‬‬

‫قال ابن الثي‪" :‬وقد تكرر ذكر الروح ف الديث كما تقرر ف القرآن‪ ،‬ووردت فيه على‬
‫معان‪ ،‬والغالب منها أن الراد بالروح الذي يقوم به السد‪ ،‬وتكون به الياة‪ ،‬وقد أطلق على‬
‫القرآن والوحي والرحة وعلى جبيل‪ "..‬إل آخر كلمة رحة ال‪.‬‬
‫والروح ساوية علوية‪ ،‬والسد أرضى سفلي‪ ،‬وعند موت النسان كل يتجه إل أصله فالروح‬
‫إل السماء‪ ،‬والسد إل الرض‪ ،‬ومن الناس من هته ف الثرى ومنهم من هته ف الثريا‪ ،‬فمنهم‬
‫من يسعى لياة الروح ومنهم من يسعى لياة السد‪ ،‬وحياة الروح باتصالا بالسماء بالوف‬
‫والشية والراقبة والخلص ل جل وعل‪ ،‬والروح والسد ل غن لحدها عن الخر‪ ،‬إل إذا‬
‫أصبح السد ل هم له إل شهوته وهواه‪ ،‬وفيه قول الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬تعس عبد‬
‫الدينار‪ ،‬تعس عبد الدرهم"‪ ،‬ومن الناس من نسى روحه وغفل عنها وعن حقوقها‪ ،‬فعبدها‬
‫لسده وشهواته‪ ،‬فأصبحت حياته هوما وغموما ً و أكدارا وأحزانا ليس له هم إل أن يرضى‬
‫هواه‪.‬‬

‫مساكي أهل الدنيا‪ ،‬خرجوا منها وما ذاقوا أطيب ما فيها‪ ،‬وأطيب ما فيها حلوة اليان ولذة‬
‫الطاعة‪ ،‬فالنسان جسد وروح وشهوة وعقل‪ ،‬والسد تتبع لا شهوة‪ ،‬والروح تتبع لا العقل‪،‬‬
‫والصراع دائم بي الفريقي؛ السد والشهوة معا والروح والعقل معا‪ ،‬ومت شبع البطن‬
‫تركت الشهوة‪ ،‬ومن خل البطن هدأ السد وانطلقت الروح تنمو وتنشط‪ ،‬ففي الصيام حلوة‬
‫ل يدركها إل من صام من أجل ال بصدق‪.‬‬

‫ول يعرفها إل الذين خالطت بشاشة اليان قلوبم‪ ،‬وهذه هي الروحانية العجيبة الت نياها ف‬
‫رمضان‪ ،‬روحانية صائم؛ بذرها بالوع وسقاها بالدموع وقواها بالركوع وحسنها الشوع‬
‫والضوع‪ ،‬روحانية صائم؛ فيها السعادة واللذة والفراح والشواق ما ل يبثه لسان ول يصفه‬
‫بيان‪ ،‬روحانية صائم؛ فيها الرواح تتز وترتاح وتطي بغي جناح‪ ،‬فهي ف أفراح وأفراح‪.‬‬

‫الصائم ؛ فيها من الني لنات النعيم ما تورمت له أقدام التهجدين‪ ،‬وبذل له‬ ‫روحانية‬
‫الثمي‪ ،‬وسُمع له الني‪.‬‬

‫صائم؛ ل يعرفها العاشقون‪ ،‬ول التصوفة الواجدون‪ ،‬بل هي وال حكر على‬ ‫روحانية‬
‫الحبي الصادقي والخلصي العارفي‪.‬‬

‫صائم؛ تلصت من أسر الوى والشهوة وحيل النفس والشيطان‪.‬‬ ‫روحانية‬


‫صائم؛ عاش ف جنة الدنيا‪ ،‬وف الدنيا جنة من ل يدخلها ل يدخل جنة الخرة‪،‬‬ ‫روحانية‬
‫ولكن كم بي خلى وسجيا وواجد وفاقد وكات ومبد‪.‬‬

‫معاشر السلمي‪:‬‬
‫هذه أفراح الروح عند انتصارها؛ وفك أسرها من شهوات السد‪ ،‬ولذلك قال ابن القيم رحه‬
‫ال‪" :‬فالروح الطلقة من أسر الوى‪ ،‬من أسر البدن وعلئقه وعوائقه من التصرف والقوة‬
‫والنفاذ والمة وسرعة الصعود إل ال والتعلق بال ما ليس للروح الهينة الحبوسة ف علئق‬
‫البدن وعوائقه" انتهى كلمه رحه ال‪.‬‬

‫أطلق الرواح من أصفادها *** ف بيج من رياض التقياء‬


‫غاديات رائحات كالسنا *** سابات بي آفاق الضياء‬
‫إنا يا شهر ظمأى فاسقها *** مشتهاها من ينابيع الصفاء‬
‫شهوة الجساد قد ألقت با *** ف قفار ليس فيها من رواء‬
‫ما غذاء السم ف ألوانه *** فيه للرواح شيء من حباء‬
‫إنا الرواح تيا بالذي *** ف صيام السم تزجيه السماء‬
‫يا ربيع الروح اقبل وأعطها *** صولان الكم ف دنيا الشقـاء‬
‫كي يعيش الناس من آلئها *** ف رفاء وازدهار وارتقاء‬
‫هل درى أهل الجا أن الذي *** شيطن النسان ف الرض اشتهاء‬
‫زورق الشيطان ف وجدانه *** طعمه فيها من الفراط داء‬
‫ما ارتقت إل بزهر أنفس *** ف طعامي عنه عاشت ف غناء‬
‫واطمأنت ف حياة الروح ل *** تبتغي إل لقيمات وماء‬
‫إنا سلطانا من دونه *** كل سلطان به النسان باء‬
‫حسبه أن اخضع النفس الت *** تسترق الناس حت القوياء‬
‫أي سلطان يكف النفس عن *** موبقات غي قيد كالوجاء‬
‫إنه الصوم الذي أوصى به *** رحة بالناس رب الكماء‬
‫فيه ترويض لطبع جامح *** فيه روض فيه للمرض شفـاء‬
‫فيه للحساس إرهاف فل *** يأخذ الدنيا بعي الغبياء‬

‫وصف الروحانية‬

‫أيها الحبة‪:‬‬
‫هذه الروحانية ل نعرف كنهها‪ ،‬ول نستطيع وصفها حت من ذاق طعمها وعرف حلوتا من‬
‫أولئك الفذاذ الذين تسعى بم أعمالم يوما‪.‬‬

‫تسعى بم أعمالم شوقا إل *** النات شوق اليل بالركبان‬


‫ل فاستراحوا دائما *** يا عزة التوفيق للنسان‬
‫صبوا قلي ً‬
‫رفعت لم ف السي أعلم السعـ *** ـادة والدى يا ذلة اليان‬

‫أقول حت هؤلء الذين ذاقوا طعمها وعرفوا حلوتا ما استطاعوا وصفها ول التعبي عن‬
‫وجدها إل بألفاظ عامة‪ ،‬ل تفصح عن حقيقة الشعور‪ ،‬واسع لبعضهم يقول‪" :‬إنه ليمر بالقلب‬
‫لظات أقول إن كان أهل النة ف مثل هذا إنم لفي نعيم"‪ ،‬أنه شعور عام ل يستطيع وصفه‬
‫بأكثر من هذا‪ ،‬فإن ل ترها العي فقد أبصرها القلب‪ ،‬واسع للخر يقول‪" :‬أنا جنت وبستان ف‬
‫صدري فماذا يفعل أعدائي ب‪ ،‬سجن خلوة‪ ،‬ونفى سياحة‪ ،‬وقتلى ف سبيل ال شهادة" وهذا‬
‫ثالث ل يد ما يعب به عن السعادة واللذة الت يبها إل بقوله‪" :‬إن ف الدنيا جنة من ل يدخلها‬
‫ل يدخل جنة الخرة" إنا حلوة اليان وطعم الصلة بال‪ ،‬أنا أفراح الروح ل تنقل‬
‫بالكلمات‪ ،‬إنا تسرى ف القلب فيستروحها ويهش لا ويندى با‪ .‬وكأن بك أيها الصائم تقول‬
‫‪" :‬أيها التحدث ترفّق‪ ..‬فنفوسنا تشقّق‪ ..‬وقلوبنا تُحرّق‪ ..‬ودموعنا تَدفّق‪"..‬‬

‫فكيف السبيل لذا النعيم؟ كيف نصوم وكيف نقوم لنجد ما وجد أولئك الرجال؟‬

‫كيف السبيل ؟‬
‫فكيف السبيل لذا النعيم؟ كيف نصوم وكيف نقوم لنجد ما وجد أولئك الرجال؟‬
‫فأقول؛ أما الكيفية؛ فصم وقم كما كان يصوم ويقوم قدوتنا وحبيبنا ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم؛ "قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال" (آل عمران ‪)31‬‬

‫ولكن الهم‪ :‬لاذا نصوم؟ نعم لاذا نصوم؟‬

‫سؤال مهم يب أن يسأله السلم نفسه خاصة ف شهر رمضان‪ ،‬وحت ل يتحول هذا الشهر‬
‫من عبادة لا أهداف ومقاصد عظيمة إل عادة ثقيلة‪ ،‬كان لبد من الجابة عن هذا السؤال‪،‬‬
‫فكثي من الناس يصومون‪ ،‬ولكن قليل أولئك الذين يعرفون لاذا يصومون‪ ..‬هذا هو الفرق بي‬
‫العادة والعبادة ؛ لاذا نصوم ؟ يدد لك الدف والغاية الت من أجلها فرض صوم رمضان‪.‬‬
‫ووضوح الدف ف آي عمل تقوم به يسهل عليك ذلك العمل‪ ،‬ويدفعك الجتهاد والجاهدة‬
‫للوصول إليه (أي للهدف)‪..‬‬

‫وف رمضان؛ أنت تسك عن الطعام والشراب والماع أكثر من نصف يوم لاذا؟ توع‬
‫وتعطش لاذا؟ تسهر وتتعب لاذا؟ أصناف الطعام بي يديك والاء البارد بي عينيك فل تد‬
‫يدك إليه؛ لاذا؟ ماذا تريد من كل هذا؟ ما هو الدف؟ إل أي شئ تريد أن تصل؟ ربا حدثتك‬
‫نفسك فقالت‪ :‬لاذا ال أمرنا بالصيام؟ ولاذا فرض علينا شهر رمضان؟‬

‫فأقول؛ حاشا ال عز وجل أن يكون الراد تويعنا وتعطيشنا وإتعابنا وهو أرحم الراحي‪ ،‬وهو‬
‫أرحم من الم بولدها‪ ،‬بل إن ال قال ف آخر آيات الصيام "يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم‬
‫العسر" (البقرة ‪)185‬‬

‫وربا تقول أيها البيب؛ إننا نصوم رمضان لن ال أمرنا بصيامه‪ ،‬فتجب الطاعة والستجابة ل‬
‫با أمر‪.‬‬

‫فأقول؛ نعم إن الستجابة ل ورسوله أمر واجب على كل مسلم ومسلمة‪ ،‬ولو ل تتبي لنا‬
‫الثمرة والكمة من هذا المر‪ ،‬فنحن أسلمنا واستسلمنا ل جل وعل‪ ،‬فيجب علينا طاعة ال‪،‬‬
‫فإن الي كل الي فيما أمر ال ورسوله به‪ ،‬لتكن هناك ثرة وغاية عظيمة بينها ال عز وجل‬
‫من شهر الصيام بقوله‪" :‬يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من‬
‫قبلكم لعلكم تتقون" (البقرة ‪)183‬‬

‫وقد يستبد الوع ب ويهدن *** ظمأ ويفت ف حيات كفاح‬


‫لكن تقوى ال تفز هت *** ويشد من أزرى لديك صلح‬
‫وأراك يا رمضان رحلة مؤمن *** ألف الطريق وأُنسه بطاح‬
‫وأراك حي تيء توقظ ما غن *** عاما بقلب اثخنته جراح‬
‫فإذا بآلء اليقي تظلن *** وإذا الحبة غدوة ورواح‬
‫وإذا أنا روح تلق ف الدى *** بسنن يلوح وللصفاء يتاح‬

‫الدف من الصوم‬
‫إذا فالغاية الول والدف السى من صيام رمضان‪.‬‬

‫*** هو إعداد القلوب للتقوى ومراقبة ال‪.‬‬


‫*** إعداد القلوب لشية ال‪.‬‬

‫فالصوم يعل القلوب لينة رقيقة‪ ،‬يعلها ذات شفافية وحساسية‪ ،‬يعلها وجلة حية‪ ..‬يوقظ‬
‫القلوب‪ ،‬فإذا فسد الناس ف زمن من الزمان فإن صلحه ل يكون بالتشدد والتنطع‪ ،‬فليبدأ‬
‫الصلح بإعداد القلوب وبث حرارة اليان فيها‪ ،‬وخوف ال ومراقبته‪ ،‬فالسلم ل يقود‬
‫الناس بالسلسل إل الطاعات‪ ،‬إنا يقودهم بالتقوى ومراقبة ال والوف منه‪.‬‬

‫ثار الصيام‬
‫ومن اعظم ثار الصيام‪ ،‬تربية القلوب على مراقبة ال وتعويدها على الوف والياء منه‪.‬‬

‫ويقول القسطلن ‪-‬رحه ال‪ -‬معددا ثرات الصوم؛ يقول‪" :‬ومنها رقة القلب وغزارة الدمع‪،‬‬
‫وذلك من أسباب السعادة‪ ،‬فإن الشبع ما يذهب نور العرفان‪ ،‬ويقضى بالقسوة والرمان"‬
‫انتهى كلمه رحة ال‪.‬‬

‫إذا ما علقة الشرب والكل بالتقوى؟ فالكل والشرب للبطن والتقوى مكانا القلب؛ فما‬
‫دخل ذا بذا؟‬
‫اسع رعاك ال الجابة؛ أليس كثرة الطعام والشراب لا أثر كبي على فساد القلب وغفلته؟‬
‫فالبطنة تذهب الفطنة كما يقال‪ ،‬والشبع يقسي القلب ويعميه‪ ،‬والرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫يقول‪" :‬ما مل أبن آدم وعاء شرا من بطنه" كما ف الترمذي وحسنه‪ ،‬وقال عمرو بن قيس‪:‬‬
‫"إياكم والبطنة فإنا تقسي القلب"‪ ،‬وقال الارث بن كلدة؛ وهو الطبيب العرب الشهور‪:‬‬
‫"المية رأس الدواء والبطنة رأس الداء"‪ ،‬وقال سفيان الثوري‪" :‬إن أردت أن يصح جسمك‬
‫ويقل نومك فأقلل من الكل"‪ ..‬ولذلك فان تقليل الطعام والشراب ومباشرة النساء ينور‬
‫القلب ويوجب رقته‪ ،‬ويزيل قسوته‪ ،‬فالصيام فيه كسب للنفس وتلية القلب للذكر والفكر‪.‬‬

‫والصيام يضيق مارى الدم الت هي مارى الشيطان من ابن آدم‪ ،‬فإن الشيطان يرى من ابن‬
‫آدم مرى الدم‪ ،‬فتسكن بالصيام وساوس الشيطان‪ ،‬وتنكسر ثورة الشهوة والغضب‪.‬‬

‫واسع لهل التجارب والبات من عاشوا ف عال الروحانيات؛ فقد روى عن ذي النون‬
‫الصري ‪-‬رحه ال‪ -‬وهو العبد الصال أنه قال‪" :‬توّع بالنهار وقم بالسحار‪ ،‬ترى عجبا من‬
‫اللك البار"‪ ،‬وقال يي بن معاذ‪" :‬من شبع من الطعام عجز عن القيام"‪ ،‬فهل عرفت أيها الخ‬
‫البيب بعد هذا كله علقة الطعام والشراب بالتقوى؟!‬
‫معاشر السلمي‪:‬‬
‫إن المساك عن الطعام والشراب ف رمضان ليس هدفا ف ذاته‪ ،‬بل هو وسيلة لرقة القلب‬
‫وانكساره وخشيته ل‪ ،‬ولذلك قال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من ل يدع قول الزور والعمل به‪،‬‬
‫فليس ل حاجه ف أن يدع طعامه وشرابه" كما ف البخاري‪ ،‬وقال أيضا صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫"ليس الصيام من الطعام والشراب إنا الصيام من اللغو والرفث" رواه ابن خزية وابن حبان‬
‫والاكم وقال صحيح على شرط مسلم‪ ،،‬فهل الدف من صيام رمضان واضح لك الن ؟؟‬

‫هذه هي حقيقة الصيام فل ترم نفسك منها أيها الخ؛ أما إن كان المر ترك الطعام والشراب‬
‫فما أهون الصيام‪ ،‬ولكن إذا صمت فليصم سعك وبصرك ولسانك من الكذب والحارم؛‬
‫وجاع ذلك خوف القلب من ال ومراقبته‪ ،‬وإل فتنبه وأحذر فربا دخلت ف قول الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬ربّ صائم حظه من صيامه الوع والعطش‪ ،‬ورب قائم حظه من قيامه‬
‫السهر"‪ ،‬نعوذ بال من حال هؤلء‪ ..‬والديث أخرجه النسائي وابن ماجة وابن خزية وابن‬
‫حبان وقال الاكم صحيح على شرط البخاري‬

‫إذا؛ فليس رمضان إمساك عن الطعام والشراب فقط؛ وسجودا وركوعا‪ ،‬والقلب هو القلب‬
‫قاس عاص غافل له‪ ،‬الغناء يطرب الذان‪ ،‬وللعيني أُطلق العنان‪ ،‬واللسان غش وكذب‬
‫وغيبته نيمة وسب ولعان‪.‬‬

‫وصدق من قال‪:‬‬

‫إذا ل يكن ف السمع من تصامم *** وف العي غض وف منطقي صمتُ‬


‫فحظي إذا من صومي الوع والظمأ *** فإن قلت إن صمت يومي فما صمت ُ‬

‫فأف ث أف لنفوس ل يهذبا الوع ول يربا السجود والركوع‪ ،‬فالصيام تدريب للنفوس‬
‫وتعويد لا على الصب وترك الشهوات‪.‬‬

‫يدخل رمضان ويرج وبعض النفوس ل تتغي‪ ،‬يوع ويعطش وقلبه هو قلبه‪ ،‬ومعاصيه هي‬
‫معاصيه‪ ،‬وربا يركع ويسجد‪ ،‬ويسهر ويتعب وحاله هي حاله‪ ،‬ولسانه هو لسانه‪ ..‬نعوذ بال‬
‫من حال هؤلء‪.‬‬
‫فلو قيل لهل القبور تنوا‪ ،‬لتمنوا يوما من رمضان‪ ،‬وهؤلء؛ كلما خرجوا من ذنب دخلوا ف‬
‫آخر‪ ،‬بل ربا ل تلو لم الشهوات والفت ف العاصي والسيئات إل ف شهر رمضان وال‬
‫الستعان‪.‬‬

‫يا هؤلء‪ ..‬انتم ف رمضان شهر التوبة والغفران‪.‬‬

‫يا هؤلء فيه تغلق أبواب النيان وتفتح النات‪ ،‬وتصفد الان‪ ..‬فدونك نفسك أيها النسان‪.‬‬

‫يا هؤلء‪ ..‬أما تنفعكم العب؟ أما عصيتم وستر؟ اعرفوا قدر من قدر‪ ..‬فقد آن الرحيل وأنتم‬
‫على خطر‪ ،‬لكن عند المات يأتيكم الب؛ نعوذ بال من طول المل فإنه ينع خي العمل‪.‬‬

‫قال ابن رجب ‪-‬رحه ال‪" : -‬كل قيام ل ينهى عن الفحشاء والنكر‪ ،‬ل يزيد صاحبه إل بعدا‪،‬‬
‫وكل صيام ل يصان عن قول الزور والعمل به‪ ،‬ل يورث صاحبه إل مقتا وردا‪ ،‬يا قوم أين‬
‫آثار الصيام!! أين أنوار القيام!! إن كنت تنوح يا حام البان للبي أين شواهد الحزان!!‬
‫أجفانك للدموع أم أجفان‪ ،‬ل تقبل دعوى بل برهان" انتهى كلمه رحه ال ‪.‬‬

‫أيها السلم‪:‬‬
‫ليس الصيام ف السلم لتعذيب النفوس‪ ،‬بل هو لتربيتها وتزكيتها ولينها ورقتها‪ ،‬فالقرآن‬
‫يعلمنا أن الصوم إنا فرض لنذوق طعم اليان ونشعر براحة القلب وسعادة النفس ولذة الياة‬
‫وكل ذلك ف مراقبة ال والوف منه‪ ،‬فتقوى ال اعظم كن يلكه العبد ف الدنيا‪ ،‬وليس أشقى‬
‫وال على وجه الرض من يرمون طمأنينة النس بال بتقوى ال‪.‬‬

‫وقد يقول قائل؛ كيف نصل للهدف؟ أو كيف تصل ثرة الصيام (تقوى ال)؟‬

‫فأقول؛ علقة الصيام بتقوى ال تظهر من وجوه كثية فأرعن سعك وانتبه لذه السئلة‪..‬‬

‫أل يكن وأنت صائم ف نار رمضان أن تتفي عن أعي الناس فتأكل وتشرب وتفعل ما تشاء‬
‫ل يعلم بك أحد من الناس ول تطلع عليك عي من عيون اللق؟؟ اسأل نفسك ما الذي‬
‫ينعك؟ ما الذي يردك؟ لنك تعلم أن ال يراك ومطلع عليك ويعلم ما تفي وما تعلن‪..‬‬
‫أليس ف هذا تربية للقلب؟ وارتباط بالقه وخوفه وخشيته ومنه؟ أليس من صام بثل هذه‬
‫العان وبثل هذه الشاعر إزداد صلة بال وخشية وخوفا من ال وازداد تذوقا بصيام رمضان‬
‫وراحة للنفس والبال؟ وهذا اعظم زاد للروح‪ ،‬فالصوم أمر موكول إل نفس الصائم ل رقيب‬
‫عليه إل ال‪ ،‬فهو سر بينك وبي ربك‪ ،‬سر بي العبد وربه‪ ،‬ولول استشعاره لرقابة ال وانه‬
‫يراه لا صب عن هذه الشهوات‪.‬‬

‫إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقل *** خلوت ولكن قل عليّ رقيب‬
‫ول تسب ال يغفل ساعة *** ول إن ما تفي عليه يغيب‬
‫لونا لعمر ال حت تتابعت *** ذنوب على آثارهم بذنوب‬
‫فيا ليت أن ال يغفر ما مضى *** ويأذن ف توباتنا فنتوب‬

‫سؤال ثان ؛ عند الوضوء للصلة‪ ،‬وف الضمضة والستنشاق‪ ،‬لاذا ترص أيها الخ البيب‬
‫أن ل يفوت إل حلقك قطرة ماء؟ لاذا كل هذا الرص مع انه ل يطلع عليك أحد من الناس‬
‫ول يعلم بك أحد لو أدخلت جرعة ماء فكيف بقطرة؟ سبحان ال من علمك هذا الدب؟ من‬
‫علمك هذا الرص العجيب؟ إنا رقابة ال‪ ،‬فأنت على يقي انه يرى قطرة الاء هذه لو سالت‬
‫إل حلقك‪ ،‬فيا سبحان ال‪ .‬إننا نرى الرأة ف رمضان‪ ،‬نراكِ أيتها الخت الكرية من بعد صلة‬
‫الظهر إل غروب الشمس‪ ،‬وأنت ف مطبخك تقفي أمام أصناف الأكولت والشروبات‪ ،‬تراها‬
‫بعينيها‪ ،‬وتشم روائحها الغرية بأنفسها‪ ،‬وربا ذاقت ذلك بطرف لسانا فأخرجته بركة سريعة‬
‫عجيبة سبحان ال تأملوا هذا الوقف‪ ..‬تأمليه أيتها الخت هي جائعة وعطشى ولوحدها ل‬
‫يراها أحد من الناس‪ ،‬فلماذا ل تد يدها فتأكل وتشرب؟ من الذي ينعها؟ من يردها؟ إنا‬
‫حلوة الروح‪ ،‬حلوة الروح بصلتها بال‪ ،‬بوفها من ال فهي تعلم أن ال يراها ومطلع عليها‬
‫ويعلم حالا‪ ،‬فأي تذيب وأي تأديب هذا الذي أحدثه الصيام ف النفوس؟ فما رأيكن أيتها‬
‫الصائمات هل عرفت لاذا نصوم!!‬

‫إذا فخلصة المر نقول؛ أن تويع البطن والفرج لبضع ساعات فيه حياة الروح‪ ..‬فيه حياة‬
‫للقلب‪.‬‬
‫وأنت أيتها الخت إنسانة بروحك وقلبك ل ببطنك وفرجك‪ ،‬فنحن نأكل لنعيش ولسنا نعيش‬
‫لنأكل‪ ،‬ومن ذاق حلوة الروح وراحة القلب‪ ،‬بان له الفرق‪ ،‬فانكسار النفس وخلو البطن‬
‫وتضييق مارى الدم فوائد للصيام‪ ،‬مفادها حياة الروح التمثلة برقة القلب ولينة وخوفه‬
‫وخشيته من ال جل وعل‪.‬‬

‫وإذا ملك العبد قلبا بذه الصفات‪،‬انضبط قوله وفعله وحاله‪ ،‬إذ ل يكن أبدا أن يتثل لترك‬
‫هذه الشهوات؛ الطعام والشراب والماع‪ ،‬وهى حلل فيتعداها إل الرام من كذب وظلم‬
‫وغش ومشاهدة للحرام وساع للغناء‪ ،‬سواء كان ف الليل أو النهار‪ ،‬وسواء كان ف رمضان‬
‫أو غي رمضان‪ ،‬فنرى من صلى وصام وترك الشراب والطعام ف رمضان لعلمه أن ال رقيب‬
‫عليه‪ ،‬مطلع عليه‪ ،‬سيترك الرام ف غي رمضان أيضا لن ال ل يزال مطلعا عليه‪ ،‬وعليما‬
‫لالة؛ وهنا يشعر النسان بلذة الصيام؛ هنا تشعرين أيتها الخت بلذة شهر رمضان‪ ،‬وبالعان‬
‫الميلة لشهر رمضان فهي تصوم لبناء ذلك السد النيع بي النفس وشهواتا وصدق بشر بن‬
‫الارث بقوله‪" :‬ول تد حلوة العبادة حت تعل بينك وبي الشهوات سدا"‪ ،‬هذا السد هو‬
‫خوف ال ومراقبته ف السر والعلن‪ ،‬هذا السد الذي جعلك ف رمضان تسك عن الطعام‬
‫والشراب بذه الدقة العجيبة‪ ،‬هو السد الذي جعل ذلك الرجل ف غي رمضان والرأة ذات‬
‫النصب والمال تدعوه فيقول لا‪" :‬إن أخاف ال" مع وجود الغريات فهي ذات منصب‬
‫وذات جال‪ ،‬وهى الت تدعوه؛ لكنها تقوى القلوب؛ لكنها حياة اليان؛ لكنه الوف من ال‬
‫الذي من أجله فرض الصيام‪..‬‬

‫فأين حال هذا الرجل من حال أولئك الذين ل يدون للحقة النساء وبنات السلمي لذة إل‬
‫ف شهر رمضان؛ نعوذ بال من حال هؤلء‪ ..‬هدانا ال وإياهم لا فيه الق واتباع هذا الدين‪.‬‬

‫هذا السد هو الذي جعلك ترص على صلة الماعة ف رمضان‪ ،‬هو السد نفسه الذي جعل‬
‫تلك الصغية ف غي رمضان تتنع عن مزج اللب بالاء وتقول كلمتها الشهورة "إن كان عمر‬
‫ل يرانا فإن رب عمر يرانا"‪.‬‬

‫هذا السد الذي جعلك أيتها الرأة السلمة توخيت كل الرص على أل يفوت للقك شئ من‬
‫الطعام عند الذاق خوفا ومراقبة ل ف رمضان‪ ،‬هو السد النيع الذي جعل تلك الرأة تتنع ف‬
‫غي رمضان عن الوقوع ف الزنا لا غاب عنها زوجها طويلً مع جيش السلمي وكانت تردد‬
‫هذه البيات‪:‬‬

‫تطاول هذا الليل وأسود جانبه *** وأرقن أل خليل ألعبه‬


‫فو ال لول ال أن أراقبه *** لرك من هذا السرير جوانبه‬
‫ولكن تقوى ال عن ذا تصدن *** وحفظا لبعلي أن تنال مراكبه‬

‫قال ابن القيم‪" :‬بالب والوف والرجاء يذوق السلم حلوة اليان‪ ،‬ومن استطال الطريق‬
‫ضعف مشيه" انتهى كلمه رحه ال‬

‫إذا فلماذا ناف ال ونراقب ال ف رمضان‪ ،‬ونصوم ونصلى ونفعل الي كله ونمل؛ بل‬
‫ويترك البعض ذلك ف غي رمضان‪ ،‬عجيب أمر تلك النفوس‪ ،‬إن ال الذي يطلع عليك ف‬
‫رمضان يطلع عليك ف رجب وشعبان وغيها من الشهور‪ .‬فال فرض الصيام ثلثي يوما‬
‫تدريبا وتذكيا للنفوس برقابة ال عليها‪ ،‬وصدق ال‪" :‬لعلكم تتقون" أي من أجل أن تتقوا‪،‬‬
‫ومن ل يصم بذه العان فليتذكر حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم النف الذكر؛ "رب‬
‫صائم حظه من صيامه الوع والعطش‪ ،‬ورب قائم حظه من قيامه السهر"‬

‫أيهـا الراجي ثار الصوم أعط الصوم حقه‬


‫من خشوع واصطبار والتداد بالشقــة‬
‫وانطلق ف سبيل العيش ف رفق ورقة‬
‫طارحا عن روحك الغلـول بالشهوات رقة‬
‫إن ف هذا لعبد السـم طول العام عتقه‬
‫قصص من ذاقوها !!‬

‫أما القسم الثان من هذا الدرس‪:‬‬


‫مشاعر هذه الروح وهو تصوير لشاعر وأحاسيس وروحانيات وأشجان لن ذاق حلوة‬
‫اليان‪ ،‬وطعم الصلة بال برمضان‪ ،‬وعرف حقيقة الصيام‪ ،‬وهى للجميع؛ فل يتص با الرجال‬
‫دون النساء‪ ،‬ول الكبار دون الصغار‪ ،‬لعل ال أن ينفع با الميع؛ فإن من ذاق طعم الشيء‬
‫حرص عليه وتسك فيه‪ ،‬ومن ذاق طعم اليان بذل من أجله النفس والنفيس‪.‬‬

‫تعالوا لنسمع أفراح الروح وهى تسرى ف القلب‪ ،‬فتتلذذ بالصيام والقيام والصدقة وقراءة‬
‫القرآن والتوبة والغفران‪ ،‬تعالوا لفراح الروح لنسمع أفراح الروح ف شهر رمضان كيف‬
‫تعيش تلك الروح‪.‬‬

‫فهذا صائم ياول التعبي عن هذه الروحانية فيقول‪" :‬ف نار يوم من أيام رمضان؛ اشتد ب‬
‫الوع فيبس لسان‪ ،‬وقرصت الشفتان وغارت العينان‪ ،‬فنظرت من يين فإذا أصناف الطعام؛‬
‫وعن شال أنواع الشراب‪ ،‬فذكرت قول ال عز وجل ف الديث القدسي؛ ترك طعامه وشرابه‬
‫من أجلى‪ ،‬فرق قلب ودمعت عين وانتابن شعور جيل له حلوة ل أستطيع وصفه ول بيانه‪..‬‬
‫قلت؛ لعله أثر من أثار الخلص ف هذه العبارة العظيمة ولكن من أنا‪ ،‬عبد من عبيده‪ ،‬فقي‬
‫إليه ذليل بي يديه‪ ،‬من أنا فيخاطبن وهو العظيم الليل ذو البوت واللكوت ‪،،‬ترك طعامه‬
‫وشرابه من أجلي‪ ،،‬من أنا حت ياطبن بقوله؛ (من أجلي) فأت ُل قوله؛ (من أجلي) رقة وشفافية‬
‫عجيبة‪ ،‬بذه الرقة وبذه الشفافية وبذا اليناس نسيت جوعي وتعب؛ فأي مشقة ف الصوم ف‬
‫ظل هذا الود والقرب من السيد لعبده؛ فشعرت برص واطمئنان وثقة ويقي بالقرب من ال‬
‫جل وعل"‪.‬‬

‫قلب فؤادك ف ماسن شرعنا *** تلقى جيع السن فيه مصـورا‬
‫كم من معانٍ ف صيام بيننا *** نفح أرق من النسيم إذا سرى‬
‫نرا تفجرا أحديا كوثرَ *** وانظر لفرق صيامهم وصيامنا‬
‫فدهشت بي جاله وجلله *** وغدا لسان الال عن مبا‬
‫لو أن كل السن أكمل صوره *** ورآه كان مهلل ومكبا‬
‫وهذه الشاعر متصدق صائم قال فيها؛ "ف رمضان؛ الصدقة لا طعم خاص ولذة عجيبة‪ ،‬ول‬
‫غرو فإن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪،،‬كان أجود الناس وكان أجود ما يكون ف‬
‫رمضان‪ ،،‬أخذت عهدا على نفسي أن ل ير يوما من رمضان إل ول فيه نصيب من الصدقة‬
‫والحسان؛ فقليل دائم خي من كثي منقطع؛ وبعد صولت وجولت بي بيوت الرامل‬
‫واليتامى والفقراء والحتاجي ل يعلم ب أحد إل ال؛ شعرت برقة ف قلب‪ ،‬ولذة عجيبة ف‬
‫نفسي‪ ،‬فعرفت حقيقة الصيام‪ ،‬وأحسست بقرصة الوع والرمان‪ ،‬وقفت على أرملة لا صبية‬
‫صغار وبيتهم باليار ودموع غزار‪ ،‬ربا عبث الم بقلبها ففضلت الوت على الياة‪ ،‬أو‬
‫سلكت طريق البغاة‪ ،‬عندها تبي ل قول الرسول صلى ال عليه وسلم؛ القائم على الرملة‬
‫والسكي كالجاهد ف سبيل ال أو القائم الليل أو الصائم النهار‪ ،،‬كما ف البخارى ومسلم‪،‬‬
‫وجلست مع اليتيم فنظرت ف عينيه‪ ،‬فكأنه يسألن عن أبويه‪ ،‬ولاذا هو ليس كغيه من الصغار‬
‫معهم اللعاب واللوى والطعام‪ ،‬وهل سأشتري له ثوبا جديدا ليلبسه ف العيد؟ فمسحت‬
‫بيدي على رأس اليتيم‪ ،‬فإذا بقلب يلي ودمعي يسيل؛ فذكرت قول البيب صلى ال عليه‬
‫ل شكى إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫وسلم ف السند من حديث أب هريرة؛ أن رج ً‬
‫قسوة قلبه‪ ،‬فقال له صلى ال عليه وسلم؛ إن أردت تليي قلبك فأطعم السكي وامسح على‬
‫رأس اليتيم‪"،،‬‬

‫هكذا نيا رمضان‪ ،‬فهو مدرسة تستثي الشفقة‪ ،‬وتض على الصدقة‪ ،‬وهو شهر يعلمنا الود‬
‫والحسان‪ ،‬ليس فقط ف رمضان بل وال على الدوام؛ "وما تنفقوا من خي فلنفسكم"‪.‬‬

‫حدثن أحد الخوة بكلم عجيب كان له وقع ف نفسي‪ ،‬قال أنه قرأ للشعب رحة ال كلما‬
‫ل قال فيه‪" :‬من ير نفسه إل ثواب الصدقة أحوج من الفقي إل صدقته فقد أبطل صدقته‬
‫جي ً‬
‫وضرب با وجهه"‪ ،‬فما تركت بعدها صدقة‪ ،‬فأنا الفقي وأنا الحتاج؛ نعم وال أنا الفقي إل‬
‫عفو رب‪ ،‬وأنا الحتاج إل غفران ال جل وعل لنفسي‪ ،‬كان ابن عمر رضى ال عنهما؛ "يصوم‬
‫ول يفطر إل مع الساكي‪ ،‬فإذا منعه أهله عنهم ل يتعشى تلك الليلة"‪ ،‬وجاء سائل إل المام‬
‫أحد؛ "فرفع إليه رغيفي كان يعدها لفطره ث نام جائعا‪ ،‬ث أصبح صائما"‪ ،‬وعُلم أن عائشة‬
‫رضى ال عنها أم الؤمني؛ "أنفقت ف يوم واحد ‪ 100‬ألف درهم وهى صائمة‪ ،‬فقالت لا‬
‫خادمتها؛ لو أبقيت لنا ما نفطر به اليوم‪ ،‬فقالت عائشة؛ لو ذكرتن لفعلت"‪.‬‬

‫سبحان ال! ما هذه الروحانية العجيبة‪ ،‬وما هذا السمو الذهل ف النفس الصائمة‪ ،‬حت أنا‬
‫تنسى حاجتها ومطالبها وكأنا ل تذكر إل أمتها وحاجات الفقراء أو الحتاجي‪.‬‬

‫حديث التائبي‬
‫أما حديث التائبي وخاصة ف شهر التوبة فعجيب غريب‪ ،‬واسع هذا التائب ف رمضان وهو‬
‫ياول أن يصف فرحته وسعادته فيقول‪" :‬ما أجل رمضان وما أحسن أيامه‪ ،‬سبحان ال! كل‬
‫هذه اللذة وهذه اللوة ول أذق طعمها إل هذا العام‪ ،‬أين هي عين كل هذه السنوات؟؟ إيه‪..‬‬
‫بل أين أنا عنها‪ ،‬فإن من تر الي يعطه‪ ،‬ومن بث عن الطريق وجده‪ ،‬ومن أقبل على ال‬
‫أعانه‪ ..‬صدق ال ف الديث القدسي؛ من تقرب من شبا تقريب منه ذراعا‪ ،،‬كما ف‬
‫الصحيحي‪ ،‬سبحان ال! أشعر أن حلً ثقيلً زاح عن صدري؛ وأشعر بانشراح فسيح ف‬
‫نفسي‪ ،‬أول مرة ف حيات أفهم تلك الية الت أسعها تقرأ ف مساجدنا؛ فمن يرد ال أن يهديه‬
‫يشرح صدره للسلم‪ ،‬ومن يرد أن يضله يعل صدره ضيقا حرجا كأنا يصعد ف السماء‪،،‬‬
‫أين ذلك الضيق؟ وتلك الموم الت كانت تكتم نفسي حت أكاد اصرع؟ أين تلك الواجس‬
‫والفكار والوساوس؟ أين شبح الوت الذي كان يلحقن فيفسد علي النام؟ إنن أشعر بسرور‬
‫عجيب‪ ،‬وبصدر رحيب‪ ،‬وبقلب لي دقيق‪ ،‬أريد أن ابكي! أريد أن أناجى رب واعترف له‬
‫بذنب‪ ،‬لقد عصيت وأذنبت وصليت وتركت وأسررت وجاهرت وأبعدت وقربت وشرقت‬
‫وغربت وسعت وشاهدت‪..‬‬

‫ويح قلب من تناسيه مقامي يوم حشري‬


‫واشتغال عن خطايا أثقلت وال ظهري‬
‫ليتن اقبل وعظي ليتن اسع زجــري‬

‫وال لول الياء من بواري لصرخت بأعلى صوت؛ أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنب فأغفر‬
‫ل فإنه ل يغفر الذنب إل أنت‪ ،،‬لسان حال يقول للمام؛ لاذا قطعت علي حلوة الناجاة يا‬
‫إمام! لاذا رفعت من السجود فحرمتن من لذة العتراف والفتقار للواحد القهار؛ يا إمام أريد‬
‫أن أبكى فأنا ل أبكى منذ أعوام‪..‬‬

‫أل يا عي وحيك أسعدين‬


‫بطول الدمع ف ظلم الليال‬
‫لعلك ف القيامة أن تفوزي‬
‫بي الدهر ف تلك العللـي‬

‫يا إمام أسعن القرآن‪ ،‬فلقد مللت ملهي الشيطان؛ يا إمام لاذا يذهب رمضان وفيه عرفنا‬
‫الرحن وأقلعنا عن الذنب والعصيان!!‬

‫ف صيام الشهر طب ليس يبديه طبيب‬


‫فيــه أسرار يعيها صائم حقا أريب‬
‫فيه غيث من صفاء ترتوي فيه القلوب‬
‫فيه للرواح شفع دونه الكون الرحيب‬
‫صائم ف درع تقوى تلي عنه الكروب‬

‫ما أحلك يا رمضان‪ ..‬ما أجلك‪ ..‬سأشغل أيامك ولياليك‪ ،‬بل ساعاتك وثوانيك‪ ..‬كيف ل‬
‫وقد وجدت نفسي فيك!! أليس ف الديث؛ رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ث أنسلخ قبل‬
‫أن يغفر له‪ ،،‬كما ف الترمذي وقال حسن غريب‪.‬‬

‫إذا هجع النّوام أسبلت عبت‬


‫وأنشدت بيتا وهو من الصَفِ الشعر‬
‫أليس من السران أن لياليا‬
‫تر بل علم وتسب من عمري؟‬

‫يا معشر العاصي؛ ل بأس من قلب خُمّر وجُمّر و ُقسّي وتبلّد‪ ،‬فإنه يكن أن تدب فيه الياة‪،‬‬
‫ويكن أن يشرق فيه النور‪ ،‬ويكن أن يشع لذكر ال‪ ،‬فنحن ف شهر رمضان‪ ..‬شهر التوبة‬
‫والغفران؛ شهر تصفيد الشياطي وفتح أبواب النان وإغلق أبواب النيان‪ ،‬وال يي الرض‬
‫بعد موتا فتنبت وتزهر‪..‬‬

‫يا معشر التائبي‪..‬‬


‫تعالوا كل من حضر لنطرق بابه سحرا *** ونبكى كلنا أسفا على من بات قد هجرا‬

‫كيف نصنع إذا نودي بالرحيل وما تأهبنا؟ ألسنا الذين بارزنا بالكبائر وما راقبنا؟ يا معشر‬
‫الذنبي‪ ..‬لنبسط لسان العتذار‪ ،‬ونظهر العجز والفتقار‪ ،‬وليدد كل واحد منا‪..‬‬

‫إلي لئن خبْتُ وطردتن فمن *** ذا الذي أرجو ومن ذا أشفّع‬
‫إلي لئن أعطيت نفسي سؤلا *** منها أنا ف روض الندامة أرتع‬
‫إلي ترى حال وفقرى وفاقت *** وأنت مناجات الفية تسمع‬
‫إلي فل تقطع رجائي ول تزغ *** فؤادي فلي ف جل جودك مطمع‬
‫ل خائفا لك أخضع‬
‫إلي أجرن من عذابك إنن *** أسي ذلي ً‬
‫إلي لئن جلت وجت خطيئت *** فعفوك من ذنب أجل وأوسع‬

‫انتهى كلمه‪..‬‬

‫فقلت؛ سبحان ال! ف رمضان رياح السحار تمل أني الذنبي وأنفاس الحبي وقصص‬
‫التائبي ورحم ال مطرف بقوله‪" :‬اللهم أرض عنا فإن ل ترض عنا فاعف عنا"‪ ،‬وهذا مودع‬
‫لرمضان ذاق طعمه وعرف حلوته؛ وهاهو يتحسر على فراقه فيقول‪" :‬ف اليام الخية ف‬
‫رمضان‪ ،‬شعرت بتسارع النفاس‪ ،‬وكثرت الاجس والوسواسة‪ ،‬أعن أن أمسك الشمس فل‬
‫تزول‪ ،‬ل أصدق أن رمضان سيحل بعد أيام‪ ،‬لقد ذقت حلوة الصيام ولذة القيام‪ ،‬لقد وقفت‬
‫مع الصالي وركعت مع الراكعي وسجدت مع الساجدين‪ ،‬بالمس كنت أذرف دموع‬
‫الفرح لستقباله‪ ،‬واليوم تسيل دموع الزن لرحيل هلله‪ ..‬آه لرمضان؛ فقد هيم نفسي ويتم‬
‫قلب‪ ..‬تلقينا وكأنا لظات‪ ..‬وتناجينا وكأنا هسات‪ ..‬فمن منا ل تؤله ساعات الفراق ومن‬
‫منا يتمل لظات العناق‪ ..‬رمضان أيها البيب ترفق‪ ..‬دموع الحبي تدفق‪ ..‬قلوبم من أل‬
‫الفراق تشقق‪ ..‬رمضان أطفأت أنوار الساجد‪ ..‬وتفرق الراكع والساجد‪ ..‬رمضان هل أنا‬
‫مقبول أم مطرود؟؟ وهل تعود أيامك أو ل تعود؟؟ وإن عادت هل أنا ف الوجود أم ف‬
‫اللحود؟؟ سأعان الحزان وأبث الشجان‪ ،‬وسأرسل العبات والزفرات والهات؛ فربا هذه‬
‫آخر ليلة منك يا رمضان‪ ..‬ول أدرى أنا رابح فيك أن خسران!!‬

‫يا رب إن فراق الل عذبن‬


‫وأورث النفس آلما وأحزانا‬
‫وأذهب العي حت صار ناظرها‬
‫يقول‪ :‬وحيك قد تلقاه عميانا‬
‫ألقاه أعمى ولكن ل يفارقنــي‬
‫يبقى وتبقى معا ف القلب سكنانا‬
‫يا رب رد غريبا ف ظل وجهتـه‬
‫يقلب الطرف بي الناس حيانا‬
‫يبيت يبكى ويصحو باكيا أبدا‬
‫قد جرب الزن أشكالً وأواناَ‬

‫ف يوم العيد !!‬


‫وأخيا هذه مشاعر مسلم ف صبيحة العيد فيقول‪" :‬تذكرت ف صبيحة العيد وأنا أقبل أولدي‬
‫يتامى ل يدون من يقبلهم أو حت يبتسم لم‪ ..‬تذكرت ف صبيحة العيد وأنا مع زوجي أيامى‬
‫ل يدن حنان الزوج ورقته‪ ..‬تذكرت ف صبيحة العيد ونن على الطعام الطيب والشراب‬
‫البارد الموع الت توت من الوع‪ ..‬تذكرت ف صبيحة العيد وأنا ألبس الديد‪ ..‬ذلك الذي‬
‫ل يد ما يستر به عورته‪ ،‬وربا غطى بالوراق واللود سوءته‪ ..‬تذكرت ف صبيحة العيد وقد‬
‫اجتمع شلنا وأنسنا بآبائنا وأمهاتنا‪ ،‬إخوانا لنا شردتم الروب‪ ،‬ل راحة ول استقرار ول أمن‬
‫ول آمان فعيدهم دموع وأحزان وذكريات وأشجان‪ ،‬جالت ف خاطري هذه الذكريات‪ ..‬ومع‬
‫ذلك لبست الديد‪ ،‬وزرت القريب والبعيد‪ ،‬وأكلت وشربت وابتسمت ومازحت؛ لكن‬
‫شعور السد الواحد وشعور الخاء قوى ف نفسي؛ ل أنساهم ف حديثي؛ وان ضحكت تبدو‬
‫مسحة الزن على وجهي‪ ..‬يهيج بالدعاء لم لسان؛ وأحدث عنهم أهلي وجيان؛ وف‬
‫صحيح مسلم؛ مثل الؤمني ف توادهم وتراحهم مثل السد الواحد‪ ،‬إذا اشتكى منه عضو‬
‫تداعى له سائر العضاء بالمى و بالسهر‪ ،،‬ومن عمل صالا فلنفسه‪ ،،‬ومن علت هته أتصف‬
‫بكل جيل‪ ،‬ومن دنت هته اتصف بكل خلق رذيل‪..‬‬

‫سأصرف هت بالكل عما *** نان ال من أمر الزاح‬


‫إل شهر الشوع مع الشوع *** إل شهر العفاف مع الصلح‬
‫يازى الصائمون إذا استقاموا *** بدار اللد والور اللح‬
‫وبالغفران من رب عظيم *** وباللك الكبي بل براح‬
‫فيا أحبابنا اجتهدوا وجدوا *** بذا الشهر من قبل الرواح‬
‫عسى الرحن أن يحوا ذنوب *** ويغفر زلت قبل افتضاحِ‬

‫الاتة‬
‫أيها الحبة؛‬
‫هكذا نيا رمضان‪ ،‬عندما نفهم حقيقة الصيام ونشعر بلوة اليان‪ ،‬هذه الحاسيس الميلة‬
‫والشاعر النبيلة‪ ،‬هذه الروحانية السنوية‪ ،‬ما هي إن شاء ال إل عاجل بشرى الؤمن‪ ،‬فسبحان‬
‫من أشهد عباده جنته قبل لقاءه‪ ،‬وفتح لم أبواب ف دار العمل فآتاهم من روحها ونسيمها‬
‫وطيبها ما استفرغ قواه لطلبها والسابقة إليها‪ ،‬أما اللوة القيقية فيكفى قول الق عز جل؛‬
‫"فل تعلم نفس ما أخفى لم من قرة أعي جزاءا با كانوا يعملون"‪..‬‬

‫أيها السلمون‪:‬‬
‫هلموا إل دار ل يوت سكانا‪ ..‬نن ف رمضان موسم اليات؛ فهلموا إل دار ل يوت‬
‫سكانا؛ ول يرب بنيانا؛ ول يهرم شبانا؛ ول يتغي حسنها وإحسانا؛‬

‫هوائها النسيم‪ ..‬يتقلب أهلها ف رحة أرحم الراحي‪ ..‬ويتمتعون بالنظر إل وجهه الكري كل‬
‫حي‪ ..‬دعواهم فيها؛ سبحانك اللهم‪ ،‬وتيتهم فيها سلم وآخر دعواهم أن المد ل رب‬
‫العالي‪.‬‬

‫وطعامهم ما تشتهيه نفوسهم‬


‫ولوم طي ناعم قسمان‬
‫وفواكه شت بسب مناهم‬
‫يا شبعة كملت لذي اليان‬
‫لم وخر والنسا وفواكه‬
‫والطيب مع روح ومع ريان‬
‫وصحافهم ذهب تطوف عليهم‬
‫بأكف خدام من الولدان‬

‫نسأل ال الكري من فضله العظيم أن يبلغنا جنة الفردوس‪ ،‬اللهم إنا نسألك جنة الفردوس‬
‫برحتك يا أرحم الراحي‪.‬‬

‫أيها السلمون‪:‬‬
‫أكرموا هذا الوافد الكري‪ ..‬استقبلوه بالتوبة الصادقة والرجوع إل ال؛ أروا ال من أنفسكم‬
‫ف هذا الشهر البارك‪ ..‬فإن ل نفحات من حرمها فقد حرم خيا كثيا‪ ،‬جاهدوا أنفسكم؛‬
‫أخلصوا النية ل ف الستعداد له؛ فربا قطع هادم اللذات تلك المان فبلغ صاحبها بنيته ما ل‬
‫يبلغه بعمله‪ ..‬كم من إخواننا الذين كانوا يططون لشهر رمضان وعمل اليات فيه‪ ،‬وقد‬
‫حلناهم على الكتاف ودفناهم تت الحداث لكنهم بلغوا إنشاء ال بنياتم‪.‬‬

‫ت بمد ال‬

You might also like