You are on page 1of 20

‫�أو�ضاع احلريات‬

‫ال�صحفية يف ال�سودان‬
‫قيود �أمنية ورقابة م�شددة‬
‫تقرير ور�صد حول الرقابة على ال�صحف يف الفرتة ما بني (يناير‪ -‬دي�سمرب ‪)2008‬‬

‫اعداد‪ :‬حممد ك�شان‬

‫اخلرطوم ‪� -‬أبريل ‪2009‬‬


‫�صحفيات ونا�شطات ي�شاركن يف جتمع احتجاجي على الرقابة ُنظم يف مقر جريدة (ال�صحافة) يف نوفمرب ‪2008‬‬

‫معار�ضة للمادة ‪ 130‬من القانون والتي مبوجبها يتم اغالق ال�صحف‬

‫* تقرير حول الرقابة على ال�صحف يف ال�سودان �صادر �ضمن التقرير اال�سرتاتيجي ال�سنوي الذي ي�صدره مركز الدرا�سات ال�سودانية‬
‫احلريات ال�صحفية يف ال�سودان ‪ ..‬قيود �أمنية ورقابة م�شددة‬
‫(يناير‪ -‬دي�سمرب ‪)2008‬‬

‫*‬ ‫حممد ك�شان‬


‫�شهد العام ‪ 2008‬نقاط حتول كبرية وخطرية يف جمال احلريات ال�صحفية بال�سودان‪ ،‬فقد‬
‫عا�ش ال�صحفيون عاما كامال من الرقابة امل�شددة على ال�صحف‪ ،‬تنوعت فيه املو�ضوعات‬
‫واملقاالت التي كان يحجبها الرقيب الأمني‪ ،‬ومن حظر الن�شر حول املو�ضوعات املتعلقة‬
‫بق�ضية �إقليم دارفور امل�ضطرب يف غرب البالد‪ ،‬انتقلت الرقابة �إىل مو�ضوعات �أخرى‬
‫متعددة‪ ،‬و�أ�صبح الرقيب الأمني كابو�سا يوميا يعي�شه ال�صحفيون العاملون يف ال�صحف‬
‫خا�ص ًة امل�ستقلة منها‪ ،‬وبعد �أن كانت مو�ضوعات احلظر حمددة م�سبقا وتقت�صر على‬
‫ق�ضية دارفور �أو الأو�ضاع الأمنية مثال‪� ،‬أ�صبح للرقيب احلق يف حذف �أي خرب �أو تقرير �أو‬
‫مقال �أو حتقيق يراه غري �صاحل ًا للن�شر‪.‬‬
‫وال تقت�صر الرقابة على ال�صحيفة قبل مثولها للطبع‪ ،‬و�إمنا تتم مالحقة العدد حتى‬
‫املطبعة للت�أكد من مدى امتثال �إدارة ال�صحيفة يف حذف املواد امل�ؤ�شرة من قبل الأجهزة‬
‫الأمنية ‪ ،‬وقد ُت�صادر ال�صحيفة حتى بعد طباعتها �إذا حاول م�سئول التحرير مترير بع�ض‬
‫الإخبار �أو املواد ال�صحفية دون علم الرقيب الأمني‪ ،‬وتخ�ضع �إدارة ال�صحيفة للم�ساءلة‬
‫يف اليوم التايل �إذا افلت خرب �أو تقرير من عني الرقيب‪ ،‬كما ي�شرتط رجال الرقابة على‬
‫ال�صحف عدم �إعادة ن�شر املواد املحذوفة م�سبقا ‪ ،‬مبعنى �أن املادة ال�صحفية �إذا حددت‬
‫كمادة غري �صاحلة لعدد اليوم‪ ،‬يعنى هذا عدم �صالحيتها الحقا يف �أي عدد‪.‬‬

‫يعترب �شهر فرباير ‪ 2008‬نقطة هامة حتول يف جمال حرية ال�صحافة يف ال�سودان‪ ،‬ففي ذلك‬
‫ال�شهر �شددت الأجهزة الأمنية من رقابتها علي ال�صحف بعد توتر عالقة احلكومة مع دولة‬
‫ت�شاد املتاخمة حلدود ال�سودان الغربية مع �إقليم دارفور‪.‬‬
‫وتعترب احلكومة التعليقات حول عالقتها املتوترة مع ت�شاد من املحاذير ال�صحفية التي ال يجب‬
‫اخلو�ض فيها بكثري من التفا�صيل‪ ،‬خا�صة �إذا كان املو�ضوع املن�شور يتعلق مبا يثار حول دعم‬

‫* حممد ك�شان‪� ،‬صحفي يعمل يف �صحيفة (الأحداث) اليومية ‪.‬‬


‫ال�سودان للمتمردين املعار�ضني حلكومة ت�شاد‪.‬‬
‫وهاجم املتمردين الت�شاديون العا�صمة �أجنمينا يف الأول من فرباير ‪ ،2008‬لكن الرئي�س‬
‫الت�شادي �إدري�س ديبي �أعاد �سيطرته على عا�صمته بعد �أيام معدودة من هجوم املعار�ضة‪،‬‬
‫واتهم حينها احلكومة ال�سودانية �صراحة بدعم مهاجميه الذين انطلقوا من داخل املناطق‬
‫ال�سودانية املتاخمة لت�شاد‪ ،‬وعقب تلك الأحداث �شددت ال�سلطات الأمنية من رقابتها على‬
‫ال�صحف ومنعت تداول ون�شر �أي �أخبار �أو مقاالت حول دور احلكومة ال�سودانية يف الهجوم‬
‫ودعم املتمردين الت�شاديني‪� ،‬أو حول م�شاركة �سودانيني يف املعارك التي دارت يف ت�شاد‪.‬‬
‫ويف ‪ 14‬فرباير �صادرت الأجهزة الأمنية �صحيفة (ر�أى ال�شعب) ومنعتها عن ال�صدور (ناطقة‬
‫با�سم امل�ؤمتر ال�شعبي املعار�ض)‪ ،‬وذل��ك لن�شرها تقريرا يتهم احلكومة بدعم املتمردين‬
‫الت�شاديني‪ ،‬ومل يتوقف الأمر على (ر�أي ال�شعب) فقط بل �شددت احلكومة من رقابتها ومنعت‬
‫بقية ال�صحف من الكتابة �أو التحليل �أو جمرد �إبداء الر�أي حول املو�ضوع‪.‬‬
‫معركة ال�شرطة وال�صحافة‬
‫قبل ان ين�صرم �شهر فرباير ن�شبت �أزمة جديدة بني ال�صحف وال�شرطة‪ ،‬و�أعادت تلك الأزمة‬
‫فر�ض نوع جديد من الرقابة‪ ،‬فقد ن�شرت ال�صحف ال�صادرة يوم ‪ 18‬فرباير ‪ 2008‬خربا‬
‫من�سوبا �إىل م�صادر من داخل ال�شرطة مفاده �صدور ق��رارا برتقية و�إعفاء بع�ض قيادات‬
‫ال�شرطة‪ ،‬ونفى املكتب ال�صحفي لل�شرطة اخلرب‪ ،‬فيما نظمت ال�شرطة حملة اعتقاالت وا�سعة‬
‫�شملت ‪� 9‬صحفيني بينهم ‪ 4‬ر�ؤ�ساء حترير هم عادل الباز (الأح��داث)‪ ،‬كمال ح�سن بخيت‬
‫(ال��ر�أي العام) ‪� ،‬سيد احمد خليفة (الوطن)‪ ،‬م�صطفى �أبو العزائم (�آخ��ر حلظة) ‪ ،‬ومت‬
‫الإفراج عنهم يف اليوم التايل بعد وجهت لهم ال�شرطة تهمة ن�شر �أخبار كاذبة‪.‬‬
‫وخالل تلك الأزمة بني ال�شرطة وال�صحف قامت الأخرية مبقاطعة �أخبار ال�شرطة‪ ،‬ونظم‬
‫ال�صحفيون تظاهرات �سلمية وم�سريات احتجاجية على طريقة تعامل ال�شرطة مع ال�صحفيني‬
‫واعتقالهم على نحو ُمهني‪ ،‬وطالب ال�صحفيون يف تلك التظاهرات برفع الرقابة على‬
‫ال�صحف‪.‬‬
‫انتهت الأزم��ة يف �آخ��ر الأم��ر بني ال�شرطة وال�صحفيني‪ ،‬بينما ا�ستمرت الرقابة من قبل‬
‫الأجهزة الأمنية‪ ،‬والحقا وبعد مرور �أقل من ‪� 5‬أ�سابيع �أعلنت ال�شرطة عن تلك التنقالت التي‬
‫كذبتها!!‪.‬‬
‫احتجبت يف هذا العام �صحفا عديدة عن ال�صدور من تلقاء نف�سها‪ ،‬وذلك احتجاجا على‬
‫الرقابة امل�سبقة‪ ،‬لكن يف كثري من املرات كانت الرقابة تت�سبب يف منع ال�صحيفة من ال�صدور‬
‫بحذف معظم املواد‪ ،‬ففي الأ�سبوع الثاين من مايو قامت الأجهزة الأمنية الرقابية بحذف ‪5‬‬
‫مقاالت ر�أى وعدد من التقارير والأخبار من �صحيفة (�أجرا�س احلرية) ما عطل ال�صحيفة‬
‫من الذهاب �إىل املطبعة وال�صدور يف اليوم التايل‪� ،‬إذ ان حذف هذه املواد ال�صحفية يتم يف‬
‫�ساعات مت�أخرة من الليل‪ ،‬وال ي�أتي الرقيب الأمني �إىل مقر ال�صحيفة �إال بعد ان ين�صرف‬
‫طاقم املحررين يف ال�صحيفة‪ ،‬وبالتايل تكون فر�صة ا�ستبدال امل��واد ال�صحفية املحذوفة‬
‫ب�أخرى ع�سرية‪ ،‬ويف بع�ض املرات ينتظر ال�صحفيون ل�ساعات طوال بعد الفراغ من ت�صميم‬
‫العدد حتى يح�ضر الرقيب الأمني ملقر ال�صحيفة ويطلع عليها وي�أذن بالن�شر‪.‬‬
‫يف �شهر �أبريل من العام ‪ 2008‬ن�شبت �أزمة جديدة بني �إدارات ال�صحف والأجهزة الأمنية‪،‬‬
‫�إذ �أخطرت الأخرية ر�ؤ�ساء حترير ال�صحف ب�إح�ضار ن�سخة من ال�صحيفة (الربوفة) �إىل‬
‫مقر اجلهاز الأمني للإطالع عليها و�إجازتها ثم �إرجاعها ملقر اجلريدة مرة �أخرى للطباعة‬
‫‪ ،‬وهو الأمر الذي رف�ضه معظم مديري ال�صحف‪ ،‬و�أ�صروا علي عدم �إر�سال ال�صحيفة �إىل‬
‫مقر الأجهزة الأمنية ‪ ،‬وتوحدت معظم ال�صحف يف عدم تنفيذ هذا القرار باعتباره قرارا‬
‫مذال للمهنة ولل�صحفيني‪ ،‬وا�ضطرت ثالث �صحف لعدم ال�صدور ليومني متتاليني حتي تنازلت‬
‫الأجهزة الأمنية يف �آخر الأمر عن قرارها‪ ،‬وعادت �إىل موا�صلة الرقابة يف مقر ال�صحيفة‪،‬‬
‫لكن �أعقب ذلك ت�شديد الرقابة‪ ،‬وم�صادرة �أعداد كبرية من �صحيفتي (ال�سوداين) و(الأيام)‬
‫بعد مثولهما للطبع‪.‬‬
‫هجوم �أم درمان وت�شديد الرقابة‬
‫يف العا�شر من مايو ‪ 2008‬تعر�ضت مدينة (�أم درمان) �إىل هجوم ع�سكري بري من حركة‬
‫(العدل وامل�ساواة) ‪ ،‬وهى حركة معار�ضة ع�سكرية انطلقت من �إقليم دارفور ‪ ،‬وكانت حتارب‬
‫قوات احلكومة يف الإقليم الواقع �أق�صى غرب البالد ‪ ،‬ولكنها بهجومها على مدينة �أم درمان‪،‬‬
‫نقلت معركتها �إىل داخل العا�صمة وباتوا على مقربة من الق�صر الرئا�سي بعدة كيلومرتات‪،‬‬
‫حيث دخل املتمردون �إىل العا�صمة م�ستغلني ‪ 180‬عربة جمهزة للقتال‪ ،‬وقالت احلكومة ان‬
‫‪� 600‬شخ�صا لقوا حتفهم يف الهجوم من اجلانبني بينهم مدنيني و�أطفال ون�ساء‪،‬‬
‫وبعد تلك الأحداث زادت الأجهزة الأمنية من رقابتها على ال�صحف‪ ،‬ومنعت الكتابة عن �أية‬
‫تفا�صيل حول كيفية دخول القوات املهاجمة �إىل داخل املدينة‪ ،‬واىل اليوم ال ميلك الكثري من‬
‫املواطنني معلومات حول كيفية و�صول هذه القوات �إيل داخل العا�صمة‪ ،‬ومنعت ال�صحف من‬
‫الكتابة عن اي تفا�صيل ع�سكرية حول الهجوم‪ ،‬و�أ�صبحت القنوات الإعالمية الر�سمية من‬
‫تلفزيون الدولة و�إذاعتها هما امل�صدران الرئي�سيان للأخبار‪ .‬وبعد الهجوم بيومني �أغلقت‬
‫ال�سلطات احلكومية �صحيفة « الوان» اليومية امل�ستقلة بقرار من جهاز امن الدولة وذلك‬
‫ب�سبب خرب ن�شرته ال�صحيفة حول اختفاء �إحدى الطائرات املقاتلة احلكومية يف الهجوم‪،‬‬
‫وق�ضى القرار ب�إيقاف ال�صحيفة عن ال�صدور وحجز جميع ممتلكات و�أ�صول ال�شركة التي‬
‫ت�صدر ال�صحيفة مع ت�سجيل بالغ بنيابة امن الدولة يف مواجهة رئي�س حترير ال�صحيفة‬
‫(ح�سني خوجلي) ‪ ،‬و ُمنع ال�صحفيون من الدخول �إىل مباين �صحيفتهم بعد ان طردوا منها‪،‬‬
‫وال يزال مقر ال�صحيفة حتى اليوم مغلقا‪.‬‬
‫ويف نف�س ال�شهر توقفت �صحيفة «الإنتباهة» عن ال�صدور ملدة �أربعة �أيام متتالية احتجاجا على‬
‫�إحلاق �أفراد من جنوب ال�سودان يف تيم الرقابة ال�صحفية‪ ،‬و(الإنتباهة) �صحيفة تدعو �إىل‬
‫ف�صل �شمال ال�سودان عن جنوبه‪ ،‬ومقربة للنظام احلاكم‪.‬‬
‫ومت احلاق ه��ؤالء الأف��راد يف جهاز الأم��ن عقب توقيع اتفاق �سالم بني ال�شمال واجلنوب‪،‬‬
‫ويتعار�ض كل ما تكتبه ال�صحيفة مع حتقيق الوحدة بني ال�شمال واجلنوب‪.‬‬

‫ال ت��زال صحيفة (أل �وان) متوقفة عن ال�ص��دور منذ‬ ‫‪،،‬‬


‫م��اي��و ‪ 2008‬وح �ت��ى ال �ي��وم ب �ق��رار م��ن ج �ه��از أم ��ن الدولة‬
‫‪،،‬‬ ‫ب �ع��د ح �ج��ز مم �ت �ل �ك��ات وأص� � ��ول ال� �ش ��رك ��ة ال� �ن ��اش ��رة‬
‫الإنرتنت ‪� ..‬ساحة جديدة للن�شر‬
‫مع هذه الرقابة امل�شددة على ال�صحف يف ال�سودان‪ ،‬جل�أت بع�ض هذه ال�صحف �إىل �إعادة‬
‫ن�شر الأخبار والتقارير املحذوفة وتدوينها علي مواقع و�صفحات منتديات ومدونات على �شبكة‬
‫االنرتنت‪ ،‬وبينما التزمت بع�ض تلك ال�صحف بعدم ن�شر املواد املحذوفة على الن�سخة الورقية‬
‫‪ ،‬قامت بن�شرها يف مواقعها على االنرتنت‪ ،‬ولكن اجلهات الأمنية ا�ستدعت بع�ض ال�صحفيني‬
‫الذين يدونون على مواقع االنرتنت �إىل مكاتبها و�أبلغتهم ب�ضرورة االمتناع عن ن�شر الأخبار‬
‫والتقارير املحذوفة من �صحفهم‪ ،‬ومن �أ�شهر ال�صحف التي اتخذت من االنرتنت مالذا‬
‫�آمنا للن�شر �صحيفة (امليدان) و(الأح��داث) و(الأي��ام) و(�أجرا�س احلرية) و(ال�صحافة)‬
‫و(ال�سوداين) و(ر�أي ال�شعب)‪.‬‬
‫ومتتلك غالبية ال�صحف ال�سودانية مواقع لها على االنرتنت‪ ،‬لكن القليل منها تهتم بتحديث‬
‫حمتواها اليومي‪ ،‬بينما دفعت الرقابة بع�ضا من هذه ال�صحف �إىل تن�شيط موقعها االلكرتوين‬
‫واالهتمام به‪.‬‬
‫يف ‪ 21‬يوليو ‪ 2008‬قامت الهيئة القومية لالت�صاالت (منظم االت�صاالت يف ال�سودان) قامت‬
‫بحجب موقع (يوتيوب) ال�شهري على �شبكة االنرتنت ‪ youtube.com‬وهو �أكرب موقع‬
‫متخ�ص�ص يف عر�ض وتبادل الت�سجيالت والفيديو‪ ،‬وا�ستمر احلجب لعدة �أ�شهر قبل �أن ت�سمح‬
‫ال�سلطات ملت�صفحي املوقع بالدخول اليه‪ ،‬ومل تذكر الهيئة �سببا للحجب‪ ،‬لكن يالحظ ان‬
‫املوقع �أ�صبح م�ستخدما با�ستمرار من قبل حركات دارفور املتمردة ‪ ،‬ومت من خالله عر�ض‬
‫ت�سجيالت فيديو لهجوم حركة العدل وامل�ساواة على مدينة ام درمان‪ ،‬ومت ت�صويرها بوا�سطة‬
‫�أجهزة الهاتف املحمول‪ ،‬بالإ�ضافة للقطات فيديو مت عر�ضها باملوقع حتتوي على م�شاهد‬
‫جلنود يقومون ب�ضرب �أطفال من ا�سري �أحداث ام درمان ‪ ،‬وبذلك ان�ضم ال�سودان لقائمة‬
‫الدول التي حجبت موقع يوتيوب مثل �سوريا والهند و�إيران وباك�ستان وتركيا وال�صني‪ ،‬والحقا‬
‫قامت الهيئة القومية لالت�صاالت بحجب جزئي ملوقع اليوتيوب منعت فيه امل�ستخدمني من‬
‫الو�صول لبع�ض ال�صفحات والتي من بينها �صفحات م�شاهد �ضرب االطفال اال�سرى‪ ،‬وما‬
‫يزال احلجب قائما حتي كتابة هذا الر�صد‪.‬‬
‫وا�ستنكرت جهات كثرية حجب موقع (يوتيوب) معتربين ذلك تراجعا وانتهاكا حلرية التعبري‪،‬‬
‫واحتجت منظمة (مرا�سلون بال حدود) احلجب الذي طال املوقع وقال �أمني املنظمة العام‬
‫م�سرية احتجاجية نظمها ال�صحفيون يف يونيو ‪ 2007‬احتجاجا على احتجاز زمالء لهم �أثناء �أداء مهامهم ال�صحفية‬

‫روبري مينار يف ر�سالة وجهها للمدير العام للهيئة القومية لالت�صاالت ان املنظمة قلقة حيال‬
‫حرية التعبري عرب الإنرتنت يف ال�سودان‪ ،‬و�أ�شار روبري �إن يوتيوب موقع لتبادل املعلومات‪ ،‬وقد‬
‫تع ّر�ض للرقابة يف دول �ش�أن ال�صني وتركيا وباك�ستان يف �سعيها �إىل ال�سيطرة على الإنرتنت‬
‫ل�ضبط موا�ضيع ح�سا�سة بطبيعة احلال‪ ،‬و�أكد انه من اجلائز حجب ال�صفحات التي ترى‬
‫الدولة �أنها خملة‪ ،‬و�أ�ضاف روبري �أن حجب املوقع ب�أ�سره يبقى غري منا�سبا‪ ،‬وانتهاكا حلرية‬
‫والتعبري وال�صحافة على االنرتنت يف ال�سودان‪.‬‬
‫ظهرت االنرتنت يف ال�سودان م�ؤخرا كم�صدر من م�صادر الأخبار اليومية‪ ،‬وما ال يجده القارئ‬
‫يف ال�صحف اليومية‪ ،‬يبحث عنه يف �شبكة االنرتنت ومواقعها املتعددة واملختلفة التي تبث‬
‫الأخبار يوميا وب�شكل مبا�شر‪ ،‬لكن يخ�شي الكثريون من حجب هذه املواقع نف�سها من على‬
‫ال�شبكة‪ ،‬وقد �أ�صبح احد هذه املواقع وهو (�سودانيز اون الين) مالذا للكثري من ال�صحفيني‬
‫لن�شر الأخبار والتقارير ومقاالت الر�أي املحذوفة من �صحفهم‪ ،‬بل وحتى �أخبار اعتقالهم‬
‫وا�ستدعائهم من قبل اجلهات الأمنية‪ ،‬تلك الأخبار التي بالطبع مينع ن�شرها وتداولها يف‬
‫ال�صحف‪.‬‬
‫وما �ضاعف هذه اخل�شية هو تعر�ض عدد من املواقع على �شبكة االنرتنت لأعمال قر�صنة‬
‫متكررة‪ ،‬وو�صل عدد املواقع املخرتقة يف اكتوبر �إىل ‪ 300‬موقعا الكرتونيا‪ ،‬ومتكن املخرتقون‬
‫من تعطيل وحذف (�سودانيز اون الين) نف�سه من على ال�شبكة نهائيا بوا�سطة قرا�صنة (هكرز)‬
‫حمرتفني‪ ،‬وتعطل املوقع لأكرث من �أ�سبوع خالل الن�صف الأول من �أكتوبر ‪ ،2008‬ويرتاد هذا‬
‫منتدى ي�شرتك فيه �أكرث من �ستة‬
‫ً‬ ‫املوقع �أكرث من �ألف مت�صفح وقارئ على مدار ال�ساعة‪ ،‬وبه‬
‫الآف ع�ضوا‪ ،‬معظمهم من ال�سيا�سيني وال�صحفيني والكتاب والفنانني وامل�سرحيني وغريهم‪،‬‬
‫و�أعلنت ال�سلطات القب�ض على املت�سببني يف تعطيل املوقع ولكنها �أفرجت عنهم الحقا‪.‬‬
‫�سودان تربيون و �سيتزن‬
‫يف اخلام�س والع�شرين من �أغ�سط�س ‪ 2008‬حظر املجل�س القومي لل�صحافة �صدور �صحيفتي‬
‫(�سودان تربيون) و (�سيتزن) الناطقتني بالإجنليزية‪ ،‬وقال املجل�س �إن احلظر جاء نتيجة‬
‫لأ�سباب «�إدارية» تتعلق مبخالفة اتفاقية الرتخي�ص‪ ،‬لكن رئي�سا حترير ال�صحيفتني �أ�شارا �إىل‬
‫ان احلظر مت لدوافع �سيا�سية‪ ،‬وقال وليام ايزكال رئي�س حترير �صحيفة (�سودان تربيون) ان‬
‫قرار الإيقاف جاء لن�شره �أخبار عن ال�صراع يف جنوب ال�سودان «ب�شكل ال تر�ضى عنه احلكومة‬
‫ال�سودانية»‪ ،‬ووافقه القول نيال بول رئي�س حترير (�سيتزن)‪ ،‬ويف ‪� 29‬أغ�سط�س �سمح املجل�س لـ‬
‫(�سودان تربيون) مبعاودة ال�صدور فيما �أبقى احلظر على (�سيتزن) لفرتة �أخرى‪.‬‬
‫ويف العا�شر من اكتوبر ‪ 2008‬قامت ال�شرطة بتوقيف واحتجاز نيال بول رئي�س حترير (�سيتزن)‬
‫على خلفيه ن�شره مقا ًال عن الف�ساد يف جنوب ال�سودان‪ ،‬واتهمته بالقذف ون�شر �أخبار كاذبة‪،‬‬
‫ب�سبب املقال املن�شور يف �صحيفته يف ال�سابع من �أكتوبر وجه فيه انتقادات لوزير ال�شئون‬
‫القانونية يف حكومة جنوب ال�سودان (الذي يتمتع بحكم �شبه ذاتي) وقال بول « كان ينبغي‬
‫�أن تكون ق�ضية مدنية‪ ،‬لكن قيل يل �أنني �س�أبقى يف احلب�س ثالثة �أيام دون �إمكانية اخلروج‬
‫ر�ؤ�ساء حترير و�صحفيون ي�شاركون يف تظاهرة احتجاجية يف يونيو ‪2007‬‬

‫بكفالة‪ ».‬ويرى نيال �أنه بعد ‪ -‬حتققه من الوقائع الواردة يف املقال مو�ضوع االتهام‪ -‬ال جتوز‬
‫مالحقته �إال من قبل حمكمة مدنية‪ ،‬وال ينبغي �أن يو�ضع يف احلب�س‪ ،‬وكان بول نف�سه قد احتجز‬
‫يف �أغ�سط�س من العام نف�سه لن�شره مقاال يف ق�ضية م�شابهة‪.‬‬
‫يف احل��ادي ع�شر من �أكتوبر ‪ 2008‬اعتقل جهاز الأم��ن مبدينة نياال بوالية جنوب دارفور‪،‬‬
‫ال�صحفي نور الدين حممد �سليمان برمية‪ ،‬مرا�سل �صحيفة (�أجرا�س احلرية) وذلك عقب‬
‫م�شاركته يف لقاء جمع القوى ال�سيا�سية ومنظمات املجتمع املدين بالوالية يف �إطار مبادرة‬
‫�سالم ترعاها دولة قطر بدارفور‪ ،‬وقام برمية برتجمة كالم احدى ن�ساء دارفور من لغة الفور‬
‫�إىل العربية �أثناء اللقاء‪ ،‬ومل يطلق �سراحه �إال يف ‪� 25‬أكتوبر دون توجيه �أي تهمة له‪.‬‬
‫و�سائل جديدة لالحتجاج‬
‫ازدادت وترية الرقابة القبلية على ال�صحف يف الأ�شهر الأخرية من العام ‪ ،2008‬وبد�أ ال�صحفيون‬
‫ال�سودانيون يفكرون يف و�سائل لالحتجاج �ضد احلجر على مهنتهم ومراقبتها‪ ،‬ويف احلادي‬
‫ع�شر من نوفمرب �أعلنت �صحف (�أجرا�س احلرية‪ ،‬ر�أي ال�شعب‪ ،‬امليدان‪ ،‬اخلرطوم مونيرت‪،‬‬
‫�سيتزن) اعت�صامها واحتجابها عن ال�صدور لثالث �أيام متتالية وذلك احتجاجا على الرقابة‬
‫القبلية‪ ،‬اىل جانب جمموعة من ال�صحفيني والكتاب‪ ،‬وقالت جمموعة ال�صحف ال�سابقة‬
‫يف بيان لها «ظلت العديد من ال�صحف ال�سودانية ال�صادرة بالعربية والإجنليزية‪ ،‬اليومية‬
‫والأ�سبوعية‪ ،‬تتعر�ض حلملة �شر�سة من قبل جهاز الأمن واملخابرات الوطني‪ ،‬بفر�ض وممار�سة‬
‫رقابة يومية على كل ما يكتب بال�صحف‪ ،‬من �أخبار و�أعمدة ومقاالت‪ .‬وت�صل الرقابة القبلية‬
‫�إىل حد نزع الأخبار‪ ،‬وحجب الأعمدة‪ ،‬و�إزال��ة �صفحات ب�أكملها‪� ،‬إىل جانب منع ال�صدور‪،‬‬
‫وم�صادرة ال�صحيفة‪ ،‬وحرقها بالنار بعد طباعتها! (‪ )..‬لذلك احتجاج ًا على ما تتعر�ض له‬
‫من م�ضايقات تعيق �أداءها‪ ،‬وتعر�ضها للكثري من اخل�سائر املادية‪ ،‬دخلت �صحف (�أجرا�س‬
‫احلرية‪ ،‬ور�أي ال�شعب‪ ،‬وامليدان وخرطوم مونيرت و �ستيزن) �إىل جانب العديد من ال�صحفيني‪،‬‬
‫والكتاب‪ ،‬ومنظمات املجتمع املدين‪ ،‬يف اعت�صام ملدة ثالثة �أيام و�إ�ضراب عن الطعام ليوم‬
‫واحد»‪.‬‬
‫وا�ضاف البيان ان جهاز الرقابة غيب ال�صحف املذكورة �صباح ال�سبت ‪ 8‬نوفمرب ب�سبب الرقابة‬
‫امل�شددة‪ ،‬وبعد �أن مت ا�ستدعاء رئي�س حترير (�أجرا�س احلرية) ومدير (ر�أي ال�شعب) للجهاز‪،‬‬
‫�سمح لهما مبعاودة ال�صدور‪ ،‬لكن ال�صحف املذكورة قررت موا�صلة امل�شوار «من �أجل �صحافة‬

‫الرتاجع اخلطري يف احلريات العامة‪ ،‬وحرية الصحافة‪ ،‬ومنهج تعامل‬ ‫‪،،‬‬


‫‪،،‬‬
‫األجهزة األمنية‪ ،‬يساهم يف ختريب النسيج االجتماعي ويهدد الوحدة الوطنية‪،‬‬
‫وي �ن��ذر حب��رب أه�ل�ي��ة م�ت�ص��اع��دة‪ ،‬ت� ��ؤدي لتعميق األزم� ��ة ال �س��ودان �ي��ة‬
‫ال�رشطة متنع �صحفيون حمتجون على الرقابة من الو�صول اىل داخل الربملان وحتتجزهم يف نوفمرب ‪2008‬‬

‫حرة �أو ال �صحافة» بالتجمع واالعت�صام مبقر (�أجرا�س احلرية) �صباح الثالثاء ‪ 11‬نوفمرب‬
‫والإ�ضراب عن ال�صدور‪ ،‬واملطالبة بالف�صل يف الطعن الد�ستوري املقدم من �أجرا�س احلرية‪،‬‬
‫وامليدان‪ ،‬ور�أي ال�شعب‪ ،‬منذ �أكرث من �شهر‪� ،‬ضد الرقابة الأمنية‪.‬‬
‫وقال البيان «�إن احلظر امل�سبق للن�شر يعد ت ِّعدي ًا على الدميقراطية‪ ،‬وخمالفة للد�ستور‪،‬‬
‫بن�ص املادة (‪( )39‬تكفل الدولة حرية ال�صحافة وو�سائل الإعالم الأخرى‪ ).‬و�إن ا�ستمرار‬
‫الرقابة بكل �أ�شكالها على ال�صحف يحجب املعلومات واحلقائق عن �سائر املواطنني‪ ،‬ويطعن‬
‫يف جدية وم�صداقية احلكومة ‪ ،‬وي�ؤكد يومي ًا �إ�صرار (امل�ؤمتر الوطني) (احلزب احلاكم)‬
‫على التم�سك بال�سلطة‪ ،‬وعدم احرتامه حرية الن�شر والتعبري‪ ،‬وانتهاكه حقوق الإن�سان‪ ،‬وعدم‬
‫رغبته يف �إحداث �أي حت ُّول دميقراطي حقيقي بال�سودان‪ ،‬مما يجعله مهدد ًا ال�ستقرار ووحدة‬
‫البالد‪ ،‬وا�ضاف البيان‪�:‬إن الرتاجع اخلطري يف احلريات العامة‪ ،‬وحرية ال�صحافة‪ ،‬ومنهج‬
‫تعامل الأجهزة الأمنية‪ ،‬ي�ساهم يف تخريب الن�سيج االجتماعي ويهدد الوحدة الوطنية‪ ،‬وينذر‬
‫جمموعة من ال�صحفيات داخل �سجن ام درمان مت اعتقالهن من امام الربملان‬

‫بحرب �أهلية مت�صاعدة‪ ،‬ت�ؤدي لتعميق الأزمة ال�سودانية‪ ،‬ويبقى املدخل لت�صحيح م�سار احلياة‬
‫ال�سيا�سية والت�شريعية يف ال�سودان يف تعديل كل القوانني املتعلقة باحلقوق واحلريات‪ ،‬لتتما�شى‬
‫مع الد�ستور‪ ،‬ويف مقدمتها قانوين (الأمن وال�صحافة‪).‬‬
‫وبالفعل نفذت ال�صحف اخلم�س جمتمعة �إ�ضرابها واحتجابها‪ ،‬وهي (�أجرا�س احلرية)‬
‫وما يذكر انها �صحيفة م�ستقلة مقربة من (احلركة ال�شعبية) ال�شريك الثاين يف احلكومة‪،‬‬
‫و(ر�أي ال�شعب) ناطقة با�سم امل�ؤمتر ال�شعبي الإ�سالمي املعار�ض‪( ،‬وامليدان) ل�سان حال‬
‫احلزب ال�شيوعي ال�سوداين‪ ،‬و(خرطوم مونيرت) (و�سيتزن) (والأخريتني ناطقتني باللغة‬
‫االجنليزية)‪.‬‬
‫يف نف�س التوقيت قامت ال�سلطات الأمنية باعتقال ال�صحفي �صالح باب اهلل من �صحيفة‬
‫(االنتباهة) ب�سبب ن�شره خرب ًا عن انت�شار احلمى النزفية يف �إقليم كردفان بغرب البالد‪،‬‬
‫وال تقت�صر الرقابة على الأخبار ال�سيا�سية والع�سكرية فقط‪ ،‬فهناك الأخبار اخلا�صة بانت�شار‬
‫�أمرا�ض الكولريا و�شلل الأطفال يف مع�سكرات النازحني يف غرب البالد بدارفور‪ ،‬وغريها‬
‫من الأمرا�ض التي ت�صيب الرثوة احليوانية‪ ،‬وهي �أخبار تعتربها احلكومة م�شجعة لهروب‬
‫امل�ستثمرين ومهددة لالقت�صاد ال�سوداين‪.‬‬
‫اعتقال �صحفيني باجلملة‬
‫يف ال�سابع ع�شر من نوفمرب اعتقلت ال�سلطات �أك�ثر من ‪� 60‬صحفيا بينهم ر�ؤ�ساء حترير‬
‫وكتاب مقاالت �أثناء تنظيمهم احتجاجا على الرقابة‪ ،‬نظمه ال�صحفيون العاملون يف خمتلف‬
‫ال�صحف �أمام الربملان‪ ،‬وحمل املتظاهرون الفتات ترف�ض الرقابة على ال�صحف وتطالب‬
‫بحرية التعبري‪.‬‬
‫وجتمع �أكرث من ‪� 150‬صحفيا �أمام املجل�س الوطني (الربملان) للتعبري عن رف�ضهم للرقابة‬
‫امل�سبقة على ال�صحف‪ ،‬وبغر�ض ت�سليمهم مذكرة للربملان للتدخل لوقف االنتهاك ال�صارخ‬
‫حلرية ال�صحافة والتعبري بالبالد‪ ،‬و�ضرورة �سن ت�شريع ي�ضمن حرية ال�صحافة ويحمي‬
‫العاملون يف املهنة‪ ،‬ويلزم الدولة بتطبيق مواد احلريات التي ن�ص عليها د�ستور البالد املوقع‬
‫عليه عقب اتفاقية ال�سالم بني ال�شمال واجلنوب وعلى الرغم من ان االتفاقية بني احلزب‬
‫احلاكم واحلركة ال�شعبية يف ‪ 2005‬ن�صت ر�سميا على كفالة حرية ال�صحافة والتعبري‪ ،‬لكن‬
‫ال�شرطة قامت بتفريغ جموع ال�صحفيني ومنعتهم من دخول �ساحة الربملان‪ ،‬بل وقامت باعتقال‬
‫‪� 63‬صحفيا و�صحفية قبل �أن تطلق �سراحهم الحقا وتتوعد بتقدميهم للمحاكمة‪.‬‬
‫ومنعت ال�سلطات يف نف�س الوقت ال�صحفيني من الدخول للربملان وح�ضور جل�ساته‪ ،‬وا�ستثنت‬
‫فقط �صحفيون يحملون بطاقة ح�ضور اجلل�سات‪.‬‬
‫و�شارك يف هذه االحتجاجات �صحفيون وحمررون ور�ؤ�ساء حترير وكتاب الر�أي واملقاالت‪ ،‬لكن‬
‫الفعالية نظمتها جمموعة من ال�صحفيني �أطلقت على نف�سها (�شبكة ال�صحفيني ال�سودانيني)‬
‫وهم جمموعة من ال�شباب ت�أ�س�ست يف �أواخر �أكتوبر ‪ 2008‬وتهدف لالرتقاء مبهنة ال�صحافة‬
‫و�أو�ضاع ال�صحفيني املهنية واملعي�شية‪ ،‬ولي�س هذه املجموعة الأوىل من نوعها فقد تكونت يف‬
‫الثالث �سنوات الأخرية ما يقارب الـ ‪ 10‬كيانات ومنظمات �صحفية هدفت لنف�س ما �أعلنته‬
‫املجموعة الأخرية‪.‬‬
‫وعقب �إطالق �سراح ال�صحفيني املحتجزين مبا�شر ًة‪ ،‬عقدت ال�شبكة م�ؤمترا �صحفيا مبقر‬
‫جريدة (ال�صحافة) ا�ستنكرت ما حدث و�أعلنت من خالله ثمانية �صحف احتجابها عن‬
‫ال�صدور يف اليوم الذي يليه‪ ،‬وذلك احتجاج ًا لتعر�ض ال�صحفيني وال�صحفيات للحجز ومنعهم‬
‫من االحتجاج على الرقابة ومعاملتهم بطريقة ال تليق بكرامتهم ومهنتهم وم�صادرة حقهم يف‬
‫التعبري‪.‬‬
‫ويف ذات يوم االعت�صام قام جهاز الأمن واملخابرات با�ستدعاء ال�صحفي خالد �سعد‪ ،‬الذي‬
‫يعمل بجريدة (ال�صحافة)‪ ،‬ويعمل �أي�ضا كمرا�سل جلريدة (الريا�ض) ال�سعودية‪ ،‬ومت ا�ستجوابه‬
‫من قبل الأجهزة الأمنية حول ما ُن�شر يف (الريا�ض) حول االحتجاجات التي نظمتها «�شبكة‬
‫ال�صحفيني ال�سودانيني»‪ ،‬وعالقته باملجموعة‪ ،‬وتكرر ا�ستدعاء جهاز الأمن لل�صحفي خالد‬
‫لأيام متتالية‪ ،‬حيث كان ميكث يف مباين اجلهاز من ال�صباح وحتى امل�ساء دون توجيه �أي تهمة‬
‫له‪.‬‬
‫وحوى اخلرب الذي ن�شرته (الريا�ض) ان جمموعة با�سم �شبكة ال�صحفيني ال�سودانيني �أعلنت‬
‫عن ترتيبات و�إج��راءات خمتلفة ملناه�ضة الرقابة الأمنية‪ ،‬يف وقت رفع رئي�س كتلة التجمع‬
‫الوطني الدميقراطي فاروق ابوعي�سى م�س�ألة م�ستعجلة �إىل رئي�س الربملان ب�ش�أن الرقابة الأمنية‬
‫على ال�صحف‪ ،‬وابلغ النائب �أبو عي�سى ال�صحيفة انه رفع م�س�ألة م�ستعجلة بناء على املادة ‪41‬‬
‫من الئحة تنظيم �أعمال املجل�س الوطني ل�سنة ‪2005‬م‪ ،‬و�أ�شار اخلرب �إىل ان ال�صحفيون‬
‫اقرتحوا خيارات عديدة من بينها االعت�صام والإ�ضراب عن العمل‪ ،‬وتنظيم تظاهرات �سلمية‬
‫احتجاجا على الرقابة‪.‬‬
‫�صُ حف جت�أر بال�شكوى‬
‫انتهي العام ‪ 2008‬ومل تنتهي رقابة الأجهزة الأمنية على ال�صحف وال�صحفيني‪ ،‬ويف ‪30‬‬
‫دي�سمرب ‪ 2008‬قام التيجاين الطيب رئي�س حترير �صحيفة (امليدان) بتوجيه خطاب احتجاج‬
‫للمجل�س القومي لل�صحافة واملطبوعات ال�صحفية‪� ،‬أ�شار فيه اىل ان «الرقابة القبلية ما زالت‬
‫متار�س من قبل الأجهزة الأمنية‪ ،‬بل زادت حدتها علي (امليدان) ب�شكل خا�ص‪ ،‬فقد �أ�صبح‬
‫عن�صر الأمن املكلف بالرقابة علي �صحيفة امليدان يتدخل با�ستمرار وبنهج ثابت ومتحامل‬
‫خالل ال�شهور املا�ضية وحتى تاريخه وذلك بحجب العديد من املواد بحجة �أن الن�شر فيها‬
‫حمظور يف حني �أن �أغلبها يتم ن�شره يف �صحف �أخري»‪.‬‬
‫و�أ�شار رئي�س حترير (امليدان) �إىل �شكاوى ومالحظات عديدة قدمتها ال�صحيفة للمجل�س �آخرها‬
‫كان بتاريخ الأول من �أبريل ‪ 2008‬بخ�صو�ص رف�ض ال�صحيفة للرقابة القبلية التي ميار�سها‬
‫جهاز الأمن واملخابرات علي ال�صحف‪ ،‬وقالت (امليدان) يف خطابها «و�صل الأمر بالرقيب‬
‫لدرجة حذف كلمة (امليدان) وهي متثل ر�أي احلزب يف الأحداث و�أكرث من ذلك ي�صر علي‬
‫حجب (تروي�سة) الأعمدة التي يرف�ض ن�شر مادتها‪ ..‬يف حني �أن الو�ضع يف ال�صحف االخري‬
‫بخالف ذلك»‪ ،‬وكررت ال�صحيفة احتجاجها علي هذا التدخل الأمني املتحامل واالنتقائي‬
‫�ضدها‪ ،‬معتربة اياه تدخال ميثل انتهاك ًا �صارخ ًا حلقها يف حرية الن�شر والتعبري الذي كفله‬
‫الد�ستور االنتقايل كما كفلته كل العهود واملواثيق الدولية‪ ،‬مطالبة املجل�س ب�أن ي�ضطلع بدوره‬
‫املنوط به يف حماية حرية ال�صحافة والتعبري كما جاء بقانون ال�صحافة واملطبوعات للعام‬
‫‪.2004‬‬
‫وبعثت (امليدان) بن�سخة من خطابها لل�صحف ووكاالت الأنباء املحلية والعاملية والف�ضائيات‪،‬‬
‫�إ�ضافة للجهات ذات ال�ش�أن مثل �إحتاد ال�صحفيني الدويل‪ ،‬احتاد ال�صحفيني العرب‪ ،‬احتاد‬
‫ال�صحفيني الأفارقة‪ ،‬احتاد ال�صحفيني ال�سودانيني‪ ،‬منظمات املجتمع املدين‪.‬‬
‫معايري خمتلفة للرقابة‬
‫يختلف ت�شديد الرقابة الأمنية من �صحيفة �إىل �أخرى‪ ،‬ففي الوقت الذي ت�صدر فيه بال�سودان‬
‫حوايل ‪� 44‬صحيفة وجملة‪ ،‬تخ�ضع معظم هذه ال�صحف �إىل رقابة يومية �صارمة‪ ،‬تبد�أ من‬
‫�أ�صغر العناوين �إىل التقارير والتحقيقات املطولة‪ ،‬وفى كثري من احلاالت يكون تقدير احلذف‬
‫ومع الن�شر ذاتي يرجع لرجل الرقابة وتقديره ال�شخ�صي‪ ،‬وفى بع�ض احلاالت مينع مقال �أو‬
‫تقرير بوا�سطة رجل �أمن حمدد وي�أتي يف اليوم الذي يليه رجل �أمن �آخر وي�سمح بن�شر ذلك‬
‫املقال‪ ،‬وهو ما جعل �أجهزة الأمن ت�شرتط على ال�صحف عدم �إعادة ن�شر املواد ال�صحفية التي‬
‫حذفت من قبل‪.‬‬
‫ويح�ضر �إىل ال�صحيفة رجل �أمن واحد �أو اثنني‪ ،‬وفى بع�ض املرات �أكرث من ذلك‪ ،‬ويدخل‬
‫كثري من ال�صحفيني يف مناو�شات مع رجال الأمن‪ ،‬لإ�صرار الرقيب الأمني على حذفه مواد‬
‫�صحفية من �صحيفة حمددة وتركها يف �أخرى‪ ،‬وهو ما يثبت ان التقدير ذاتي‪ ،‬ويتناوب رجال‬
‫�أمن معرفون على ال�صحف وبع�ضهم �أ�صبح م�ألوفا لدي ال�صحفيني‪.‬‬
‫وكانت الرقابة ال�صحفية منذ العام ‪ 2006‬تتم بوا�سطة عدد حمدد من رجال الأمن ال يتجاوز‬
‫الثالث ويقوم ه�ؤالء الأفراد الثالث بتنفيذ مهمة فر�ض الرقابة على جميع ال�صحف‪ ،‬لكن‬
‫العام ‪� 2008‬شهد زيادة ملحوظة يف �أعداد �أفراد الرقابة الأمنية على ال�صحف‪ ،‬وو�صل لأكرث‬
‫من ‪ 15‬رجل �أمن يتناوبون على ال�صحف ال�صادرة يف اخلرطوم‪.‬‬
‫وي�سمى ال�صحفيون رجال الرقابة الأمنية (ر�ؤ�ساء ر�ؤ�ساء التحرير) ‪ ،‬فلهم الكلمة الأخرية‬
‫يف �صدور ال�صحيفة من عدمه‪ ،‬وال وجود الي جهة �أو احتاد �صحفيني �أو نقابة يف ال�سودان‬
‫ت�ستطيع ان متنع الرقيب الأمني من ممار�سة مهامه �أو �إيقافها‪ ،‬فاحتاد ال�صحفيني حم�سوب‬
‫على احلكومة‪ ،‬وجمل�س ال�صحافة كذلك‪ ،‬فهو م�ؤ�س�سة حكومية تنظم عمل املهنة وال تتدخل‬
‫فيما يخ�ص الرقابة الأمنية‪ ،‬وال ترف�ض امل�ؤ�س�ستان الرقابة على ال�صحف ب�صورة قاطعة‪،‬‬
‫ويعتقد كثري من العاملني يف مهنة ال�صحافة �أن قرار الرقابة على ال�صحف هو قرار �صادر‬
‫من جهات �سيادية يف الدولة‪ ،‬وال جمال للتوقف عن هذه الرقابة وحت�سن �أجواء العمل ال�صحفي‬
‫�إال با�ستقرار الأو�ضاع ال�سيا�سية يف البالد‪.‬‬
‫وتوجد بالبالد جمموعات ومنظمات �صحفية تدافع عن حقوق ال�صحفيني وحرية ال�صحافة‪،‬‬
‫ولكنها ال متلك �أي�ضا الكثري لفعله‪.‬‬
‫الرقابة‪ ..‬ت�شكيك يف �أداء ال�صحفي‬
‫يعترب الكثري من �أ�ساتذة ال�صحافة والإعالم �أن الرقابة على ال�صحف ت�ؤثر على اجلانب املهني‬
‫لل�صحفيني وت�شكك يف قدرتهم على �أداء املهام ال�صحفية ح�سب ما هو خمطط لها‪ ،‬و�شهدت‬
‫ال�سنوات الأخرية يف ال�سودان اختفاء نوع مهم من ال�صحافة‪ ،‬وهو �صحافة التحقيقات‪ ،‬وهي‬
‫ال�صحافة التي تعمل على ك�شف ظواهر الف�ساد واملح�سوبية وتناول الق�ضايا التي تعتربها‬
‫الرقابة الأمنية من املحظورات التي ال يجب تناولها �أو تداولها يف ال�صحف‪ ،‬وحتى التحقيقات‬
‫التي ُتن�شر‪ ،‬تتعر�ض للق�ص واحلذف وهذا ما ي�شكك يف مهنية ال�صحفي ومقدراته‪ ،‬وح�سب‬
‫مالحظة مدير حترير �أحدى هذه ال�صحف‪ ،‬فان كثريا من الق�ضايا والتحقيقات املتميزة‬
‫ت�صطدم بحائط الرقابة الأمنية‪ ،‬ومتتلئ حوا�سيب و�أدراج �صحفيي التحقيقات يف هذه‬
‫ال�صحف بالكثري من هذه التحقيقات التي مل جتد طريقها للن�شر‪.‬‬
‫جعلت الرقابة الأمنية على ال�صحف يف ال�سودان الكثري من ال�صحفيون يعي�شون يف حالة‬
‫من الي�أ�س والإحباط ب�سبب بذلهم جمهودا كبريا يف كتابة التقارير �أو الأخبار ويفاج�أون يف‬
‫اليوم التايل بعدم ن�شرها ب�سبب الرقيب الأمني‪ ،‬ومل يهن�أ ال�صحفيون بهام�ش احلريات الذي‬
‫جاء عقب توقيع اتفاق �سالم �شامل بني �شمال ال�سودان وجنوبه‪ ،‬ليجدوا �أنف�سهم �أمام رقيب‬
‫قوي ال انفكاك من قراره‪ ،‬كما تقلل الرقابة على ال�صحف وحتكم االجهزة االمنية على ما‬
‫ين�شر يف و�سائل االعالم‪ ،‬تقلل من فر�ص اجراء انتخابات حرة ونزيهة‪ ،‬خا�صة ان احلكومة‬
‫ت�سيطر على االذاعة والتلفزيون ‪ ،‬االمر الذي ي�ضعف فر�ص االحزاب االخرى يف املناف�سة‬
‫وب��أي حال لن تكون الفر�ص مت�ساوية يف ظل وجود رقابة على ال�صحف امل�ستقلة ‪ ،‬بينما‬
‫�ستجرى االنتخابات العامة يف العام املقبل‪� ،‬أما ما جعل ال�صحفيون يعي�شون يف حالة من‬
‫الغنب والغ�ضب هو �أن بع�ضا من ال�صحف ال�صادرة ال تخ�ضع �أ�صال للرقابة الأمنية‪ ،‬وذلك‬
‫الرتباطها الوثيق باحلزب احلاكم‪� ،‬أو تابعة له مثل �صحيفة (الرائد) �أو (�آخر حلظة) املقربة‬
‫من النظام ‪ ،‬وحتى لو كانت هناك رقابة علي بع�ض هذا النوع من ال�صحف‪ ،‬ف�إنها تكون يف‬
‫العناوين البارزة لل�صحيفة‪ ،‬وفى بع�ض املرات يت�صل م�س�ؤول �أو مدير التحرير يف هذه ال�صحف‬
‫ليقر�أ على اجلهات الرقابية عناوين ال�صحيفة البارزة فقط‪ ،‬دون �أن يكلف الرقيب الأمني‬
‫نف�سه باحل�ضور �إىل مقر ال�صحيفة‪ ،‬فيما ينتظر بقية ال�صحفيني يف ال�صحف الأخرى ح�ضور‬
‫الرقيب الأمني ل�ساعات طوال‪ ،‬ويطلع على حمتواها وي�أذن بطباعتها‪ ،‬وهو ما ي�ؤخر ال�صحيفة‬
‫من اللحاق باملطبعة يف وقت منا�سب خا�صة �أن ‪ 5‬من هذه ال�صحف تطبع يف مطبعة واحدة‬
‫ولكل منها زمن حمدد ‪ ،‬و�إذا ت�أخرت عنه تفقد حقها يف الطباعة وبالتايل ال�صدور يف اليوم‬
‫التايل‪ ،‬وهو ما يعد نوعا من �أنواع القيود على ال�صحف امل�ستقلة يف ال�سودان التي ال متتلك‬
‫مطابع خا�صة بها‪ ،‬وما ي�شار �إليه �إىل ان �أحد �أف�ضل مطابع ال�صحف يف ال�سودان تعود ملكيتها‬
‫اىل نافذين يف الدولة‪ ،‬و ُتطبع فيها �صحف احلزب احلاكم واملقربة له‪.‬‬

‫معلومات �أكرث ‪:‬‬


‫‪www.aswwat.blogspot.com‬‬
‫‪sudanoo@yahoo.com‬‬

You might also like