Professional Documents
Culture Documents
على الرغم من أن العلقة بين " البيئة " و " التربية " قد ظهرت منذ أن وجد النسان على
ظهر الرض ،إل أن المتأمل في طبيعة هذه العلقة يرى أنها مرت بعدة مراحل متميزة ،ففي
بداية حياة النسان كانت البيئة هي المصدر المباشر للتربية ،منها يكتسب خبراته من خلل
تفاعله المباشر مع كل مكوناتها ،ومع تطور الحياة وظهور المدرسة كمؤسسة اجتماعية ظهر
ما يمكن أن نسميه " التعليم الشكلي " حيث تبلورت خبرات النسان في صورة مواد دراسية
وأصبح واجب المتعلم هو أن يلم بهذه الخبرات من خلل عملية تعليم وتعلم قوامها الحفظ
والستظهار ،وبذلك انعزل المتعلم عن بيئته ،وانعزلت التربية عن البيئة.
ومع مرور الزمن شعر العديد من المربين بخطورة هذه الفجوة ،ونادوا بضرورة ربط ما
يدرسه المتعلم ببيئته حتى يصبح ما يتعلمه ذا معنى بالنسبة له ،واستجابت التربية لهذه الدعوة
وبذلت جهود من أجل تحقيق هذه الغاية ولكنها نظرت إلى البيئة باعتبار أنها "وسيلة " للتربية،
أي أن تطوير البيئة والمحافظة عليها لم يكن هدفا من أهداف التربية في تلك المرحلة.
وبدخول النسان عصر العلم والتكنولوجيا ،ظهرت مشكلت بيئية أخذت تزداد خطورة
إلى الحد الذي أصبحت معه تهدد البيئة ،بل حياة النسان نفسه ،ومن هنا ظهرت الدعوة إلى
ما نسميه الن " بالتربية البيئية " التي تأخذ فيها التربية بعدا جديدا باعتبارها " وسيلة " و" غاية
" في الوقت نفسه ،فالبيئة مصدر إثراء للعملية التربوية ،وفي الوقت نفسه فإن التربية تهدف
إلى المحافظة عليها ورفع مستواها وتطورها ،وبهذا المفهوم الحديث أخذت " التربية البيئية "
مكانتها المتميزة في الفكر التربوي المعاصر ،واستحوذت على اهتمام المربين بعامة
والمتخصصين في المناهج خاصة.
ويمكن تعريف التربية البيئية بأنها " العملية المنظمة لتكوين القيم والتجاهات والمهارات
اللزمة لفهم العلقات المعقدة التي تربط النسان وحضارته بالبيئة ،ولتخاذ القرارات المناسبة
المتصلة بنوعية البيئة وحل المشكلت القائمة والعمل على منع ظهور مشكلت بيئية جديدة".