Professional Documents
Culture Documents
1
تقديم
ب ناء ع لى توجي هات ال سيد الع ماد أول نائب ال قائد ال عام ـ نائب رئ يس
مجلس ا لوزراء وز ير ا لدفاع .قام مركز الدراسات الع سكرية بترجمة وطبع
كتاب "رقعة الشطرنج الكبرى ".
مؤ لف الك تاب "زبغي نو بريجين سكي "مست شار ا لمن ال قومي للرئ يس
الميركي جيمي كارتر بين عام 1977ـ ، 1981وهو يعمل حاليا @ مستشارا @ في
مر كز الدرا سات ال ستراتيجية والدول ية وأ ستاذا @ ل مادة السيا سة الخارج ية
الميركية في كلية نبتز للدراسات المتقدمة بجامعة جونز هوبكتر.
يقدم كتاب رقعة الشطرنج الكبرى ،نظرة جريئة ومثيرة عن استمرارية
التفوق الميركي في القرن الحادي والعشرين ،ويتركز تحليل المؤلف على
ممار سة ال سيطرة في أورا سيا /أورو با وآ سيا /مع تبرا @ هذه المنط قة موئل
لمعظم دول العالم من حيث تعداد السكان ووفرة المواد الطبيعية والنشاط
القتصادي إلى جانب القوة النووية ،فهي تمثل رقعة الشطرنج الجيوبوليتية
ا لتي ترى أمير كا أن علي ها أن ت حافظ ع لى قدرتها ع لى الم ناورة السيا سية
والمعالجة الديبلوماسية ،وفي الوقت ذاته ل بد من العتراف بتفوق قوتها أو
سيطرتها وم نع ظ هور أي ائتلف م عاد يم كن أن ي شكل ت حديا @ ل هذا الت فوق
على مدى السنوات المقبلة القريبة أو البعيدة .والكتاب مفيد للقارئ العربي
كي يطلع على مخططات السياسة الميركية في القرن المقبل .
مركز الدراسات العسكرية
ZBIGNIEW
BRZEZINSkI
The
Grand
Chessboard
AMERIOAN PRIMAOY AND ITB
DEDBTRATEBIO IMPERATIVEB
2
كلمة عن الكتاب
نجد مع اقتراب القرن العشرين من النهاية ،أن الوليات المتحدة تحتل
في ال عالم دور ال قوة العظ مى الوح يدة :فل يس ث مة دو لة أ خرى تم لك قوة
عسكرية واقتصادية مماثلة لها ،أو تملك مصالح تمتد عبر العالم مثلها .ومع
ذ لك يب قى ال سؤال الم حرج ا لذي يواجه أمير كا دون جواب ماذا ي جب أن
ت كون عل يه ال ستراتيجية الميرك ية ل كي ت حافظ ع لى و ضعها ال ستثنائي في
ال عالم؟ و هذا هو ال سؤال ا لذي ي عالجه بريجين سكي في هذا الك تاب الوا ضح
المعالم والذي يعتبر فتحا جديدا في هذا المجال .
ي قدم ك تاب "رق عة ال شطرنج ال كبرى" ن ظرة ج يو ا ستراتيجية مثيرة
و جريئة لبريجن سكي عن الت فوق ا لميركي في ال قرن ال حادي والع شرين.
ويتركز تحليله على ممارسة القوة في البر الوراسي الذي يعيش فيه الجزء
الكبر من سكان العالم ،والجزء الكبر أيضا @ من الموارد الطبيعية والنشاط
القتصادي .وإذ تمتد أوراسيا )أوروبا وآسيا( من البرتغال إلى مضيق بيرينغ ،
ومن ل بلند إلى ماليزيا ،فإنها تشكل "رقعة الشطرنج الكبرى" التي سيتم
فيها العتراف بالتفوق أو السيطرة الميركية وتحديها في السنوات المقبله.
و هو يؤ كد أن المه مة ا لتي تواجه الول يات المت حدة ،هي إدارة النزا عات
والعل قات في أورو با وآ سيا وال شرق والو سط ع لى ن حو لت صعد م عه أ ية
دو لة عظ مى مناف سة لت هدد الم صالح الميرك ية أو حا لة الر فاه ال سائد في
أمريكا .
أن ق لب أو مر كز رق عة ال شطرنج ال كبرى هو تحل يل بريجين سكي لربع
م ناطق حر جة في آ سيا وللمراه نة الميرك ية ع لى كل من ها ،و هي ت شمل
أورو با ،ورو سيا وآ سيا الو سطى و شرق آ سيا .وعمو ما @ فرب ما ت بدو خ طوط
التحدي المحرجة مألوفة ،ولكن أنهيار التحاد السوفيتي خلق منافسين جدد
وعلقات جديدة ،كما أن بريجينسكي ينظم التشعبات الستراتيجية للحقائق
الجيوبوليتية الجديدة .فهو يشرح على سبيل المثال :
ـ ل ماذا ستلعب فرن ساوألمانيا أدوارا أ ستراتيجية رئي سة،بين ما لن تف عل
بريطانياواليابان ذلك؟
ـ ل ماذا ي قدم ال ناتو الرا غب في التو سع ،فر صة إ لى رو سيا ل كي ت صحح
أخطاء الماضي ،لماذا ل تستطيع روسيا أن تغفل هذه الفرصة ؟.
ـ لماذا يعتبر مضير أوكرانيا وأذربيجان هاما @ بالنسبة إلى أميركا؟.
3
ـ ل ماذا لي ست أمير كا ال قوة العظ مى العالمية ا لولى ف قط بل وا لخيرة
أيضا@؟ ،وماذا يترتب عليها إزاء وراثتها لهذا الدور؟.
ـ إن ا ستنتاجات بريجين سكي المده شة والمبت كرة تق لب غال با @ الحك مة
التقليد ية رأ سا @ ع لى ع قب ع ندما ير سي هذا الر جل قا عدة لرؤ ية ملز مة
وجد يدة للم صالح الحيو ية الميرك ية .و مرة ثان ية ،ي قدم زييغن يو بريجين سكي
إ لى دولت نا )أمير كا( مر شدا فل سفيا @ وعمل يا @ للمحاف ظة ع لى قوت نا العالم ية
التي حققناها بصعوبة ،ولدارة هذه القوة.
4
كلمة عن المؤلف
5
ج عل زبغن يو بريجين سكي من نف سه أ حد أبرز محل لي ال شؤون الدول ية،
وأ حد الممار سين المت قدمين في فن ال ستراتيجية .و هو يج مع ه نا كل هاتين
ال سمتين لي قدم إلي نا تحليل @ مثيرا @ ل شكل ال عالم ب عد ال حرب ال بادرة و لدور
أميركا في هذا العالم .إنه كتاب يجب أن يقرأ ،ناهيك عن كونه جيدا @ أيضا @ .
6
ا لهداء
7
اثن ين لل سيادة العالم ية ،ه ما أدو لف هت لر ،وجوز يف ستالين اتف قا ب شكل
واضح في محادثاتهما السرية في تشرين الثاني من العام 1940على استبعاد
أمير كا من أوراسيا .و قد تأ كد كل منه ما من أن إد خال ال قوة الميرك ية إ لى
أورا سيا سوف ي ستبعد طمو حاته المت صلة بال سيطرة العالم ية .وا شترك كل
منهما أيضا @ في الفتراض بأن أوراسيا هي مركز العالم وإن من يسيطر على
أوراسيا هذا يسيطر على العالم .وبعد نصف قرن ،أعيد تحديد القضية عبر
الت ساؤل ال تالي :هل ت ستمر سيادة أمير كا ع لى أورا سيا ،و ما هي ال هداف
التي يمكن لهذه السيطرة أن تحققها ؟
إن ال هدف الن هائي للسيا سة الميرك ية ي جب أن ي كون حياد يا @ ومثال يا@ :أي
يتم ثل في خ لق مجت مع عالمي مت عاون ب شكل حقي قي ،وذ لك من خلل
المحاف ظة ع لى التجا هات البع يدة ال مدى والم صالح الجوهر ية للج نس
الب شري ،ول كن ي جب في ا لوقت ذا ته ،أل يظ هر ت حد أورا سي ،قادر ع لى
ال سيطرة ع لى أورا سيا ،وبال تالي ع لى ت حدي أمير كا .وه كذا ،فإن ال هدف
الرئي سي من هذا الك تاب هو صياغة جيوا ستراتيجية أورا سية متكام لة
وشاملة.
زبغنيو بريجينسكي
واشنطن ،دي ،سي،
نيسان1997 ،
8
الفصل ا لول
9
الكثر موهبة من الخارج ،وأدخلوا بسرعة في النسيج العام للبلد فإن الثقافة
„
سهلت ،في ضوء ذلك ،توسع القوة القومية.
أمنت الحرب العالمية الولى أول فرصة للنقل الكثيف للقوة العسكرية
الميرك ية إ لى أورو با .فالدو لة ا لتي كانت معزو لة ن سبيا @ حتى ذ لك التار يخ
ا ستطاعت أن تن قل ب سرعة ب ضع مئات ا للف من الج نود عبر الطل سي،
و كان ذ لك ع بارة عن حم لة ع سكرية غ ير م سبوقة حج ما @ وتنو عا @ تن قل عبر
المحيط ،المر الذي دل على ظهور لعب رئيس جديد في المسرح الدولي.
ول ي قل عن ذ لك أهم ية أن هذه ال حرب ح ثت ع لى الق يام بأول ج هد
دبلوما سي رئ يس من ا جل ا ستخدام الم بادئ الميرك ية في إي جاد حل
للم شكلت الدول ية لورو با .و قد مث لت ن قاط ردود ولم سن ا لربع ع شرة
عمل ية ح قن المثال ية الميرك ية في ع لم السيا سة* الطبع ية ا لوروبي ،و عزز
ذلك بالقوة الميركية) .وقبل عقد ونصف ،كانت الوليات المتحدة قد لعبت
دورا @ بارزا @ في حل نزاع في ال شرق الق صى ب ين رو سيا واليا بان ،م عززة
بذلك و ضعها ا لدولي المت نامي الهم ية( .وعمو ما@ ،فإن الج مع ب ين المثال ية
الميرك ية وال قوة الميرك ية ج عل من أمير كا قوة ملمو سة كل يا @ ع لى
المسرح الدولي.
وعموما@ ،فإذا أردنا دقة أكثر في الكلم ،نقول إن الحرب العالمية الولى
كانت حر با @ أوروب ية غال با @ و لم ت كن حر با @ عالم ية .ول كن طابع ها ال تدميري
الذاتي سجل بداية النهاية للتفوق السياسي والقتصادي والثقافي الوروبي
على سائر العالم .وفي أثناء الحرب ،لم تكن أي دولة أوروبية قادرة بمفردها
ع لى تحق يق الن صر ،وبال تالي فإن نتي جة ال حرب تأثرت إ لى حد كبير بدخول
دولة صاعدة غير أوروبية ،هي أميركا ،إلى النزاع .وفي ما بعد ،فإن أوروبا
ستصبح بدرجة متزايدة ،الطرف المستهدف في سياسة القوة العالمية بعد
ان كانت الطرف الفاعل في هذه السياسة.
ومه ما ي كن ا لمر ،فإن هذا التف جر ال سريع والق صير ال مد في الزعا مة
العالم ية الميرك ية لم يث مر انخرا طا أميرك يا م ستمرا @ في شؤون ال عالم.
وعوضا عن ذلك ،فسرعان ما تراجعت أميركا إلى حالة الجمع بين النعزالية
والمثالية على نحو مشع للرغبات الذاتية .وبالرغم من أن الديكتاتورية كانت
تع يد تنظ يم ذات ها وت ستعيد قوت ها في منت صف الع شرينيات والثلثين يات في
القارة الوروبية ،فإن الدولة الميركية ،التي كانت تملك آنذاك أسطول قويا
يع مل في محيط ين ويت فوق بو ضوح ع لى البحر ية البريطان ية ،بق يت غ ير
ملتز مة ب شيء وف ضل ا لميركيون أن يكو نوا م جرد متفرج ين في الم سرح
العالمي .
10
وانسجاما مع هذه النزعة وجد آنذاك المفهوم الميركي عن المن ،الذي
ا ستند إ لى وج هة ن ظر ترى في أمير كا م جرد جز يرة قار ية .وه كذا ر كزت
الستراتيجية الميركية على حماية شواطئ أميركا ،وبالتالي كانت ذات حجم
قومي ضيق ،ولم تعر سوى أهمية قليلة إلى العتبارات الدولية أو العالمية.
وظل اللعبون الدوليون الحساسون متمثلين في الدول الوروبية إضافة إلى
اليابان التي تنامي دورها أيضا .
* ترجمة كلمة ) (Geopoliticsوهي تأثير العومل القتصادية والبشرية في
سياسة الدولة الخارجية بخاصة )المترجم(.
وصلت المرحلة الوروبية في السياسة العالمية إلى النهاية الخيرة لها
في أث ناء ال حرب العالم ية الثان ية ،ا لتي كانت أول حرب عالم ية حقي قة .وإذ
خي ضت هذه ال حرب في ثلث قارات في و قت وا حد ،مع حدوث صراعات
شديدة والوطأة في المحيطين الطلسي والهادي ،فقد ثبت بعدها العالمي
ع لى ن حو مل موس ع ندما ا صطدم الج نود البري طانيون واليا بانيون ،ا لذين
احتلوا ،على التوالي جزيرة أوروبية غربية بعيدة وجزيرة شرق آسيوية بعيدة
مماث لة أي ضا ع لى م سافة آلف الم يال عن وطنيه ما ،وذ لك ع لى ال حدود
الهندية البورمية .وهكذا أصبحت أوروبا وآسيا ميدان قتال واحد.
ولو تحقق النصر في الحرب لصالح ألمانيا النازية لكان محتمل @ أن تبرر
دو لة وا حدة بو صفها ال قوة المتفو قة عالم يا) .و كان انت صار اليا بان في
المحيط الهادي سيحقق لها دورا @ مسيطرا @ في الشرق القصى ،ولكن كانت
اليا بان ستظل ،في كل الحت مالت ،دو لة مهين ية إقليم ية ف قط .وعو ضا عن
ذ لك فإن هزي مة ألمان يا ت قررت نهائ يا بوا سطة ا لدولتين المنت صرتين غ ير
ا لوروبيتين تقري با .أي الول يات المت حدة والت حاد ال سوفييتي ،ال لتين أ صبحتا
وري ثتين للمحاو لة الوروب ية غ ير المن جزة ا لتي هدفت إ لى تحق يق سيطرة
عالمية.
ثم خ ضعت ال سنوات الخم سون التال ية إ لى ال صراع الث نائي الق طب
ا لميركي ـ ال سوفييتي ال هادف إ لى تحق يق ال سيطرة العالم ية .و في ب عض
النواحي ،نجد أن هذا الصراع بين التحاد السوفييتي والوليات المتحدة مثل
تحقيق نظريات الجيوبوليتيين الكثر تشددا ،وبتعبير أخر فإنه وضع أقوى قوة
بحر ية في ال عالم ،ت سيطر ع لى المحيط ين الطل سي وال هادي ،مقا بل قوة
برية في العالم تتوضع في مركز البر الوراسي )مع وجود الكتلة الصينية ـ
ال سوفييتية المحي طة بمنط قة من الياب سة تذكر ع لى ن حو مل حوظ بح جم أو
اتساع المبراطورية المنغولية ( .ولم يكن ممكنا أن يصبح البعد الجيوبوليتي
11
أ كثر و ضوحا من ذ لك :أي أمير كا ال شمالية مقا بل أورا سيا ،مع كون ال عالم
في مو ضع ر هان .فالرا بح سوف ي سيطر ع لى ال عالم و لم ي كن ث مة طرف
آ خر قادرا ع لى الو قوف في الطر يق بم جرد أن يتح قق الن صر ل حد هذين
الطرفين .
كان كل طرف مزاحم قد نشر في العالم كله دعوة أيديوليوجية اقترنت
بتفاؤل تاريخي وبررت لكل منهما الجهود الضرورية اللزمة بينما كانت تعزز
قنا عة كل طرف بالن صر الحت مي .و من الوا ضح أن كل طرف مزا حم كان
م سيطرا ضمن م جاله ال خاص به ،وذ لك خل فا @ للمر شحين ا لوربيين
المبر ياليين للهيم نة العالم ية ،ح ين لم ين جح أ حد من هم قط في تأك يد ت فوقه
الحا سم حتى ضمن أور با ذات ها .وا ستخدام كل طرف ا يديولوجيته لتعز يز
سيطرته ع لى أت باعه ومؤ يديه بطري قة تذكرنا إ لى حد ما بع صر ال حروب
الدينية .
إن الج مع ب ين الم جال الجيوبول يتي ال عالمي وال طابع ال عالمي المز عوم
للع قائد المتناف سة أع طى ال صراع شدة غ ير م سبوقة .ول كن عامل @ إ ضافيا@،
ومشربا @ أيضا @ في المضامين العالمية ،جعل هذا الصراع فريدا @ من نوعه فعل.
ف قد ع نى ظ هور ال سلحة النوو ية أن أي حرب قاد مة ،حتى و لو كانت من
ال نوع الكل سيكي ،ب ين المت صارعين الرئي سيين لن تؤدي إ لى تدمير مت بادل
فحسب /ولكن يمكن أن تؤدي إلى نتائج مميتة لجزء هام من البشرية كلها،
وهكذا أخضعت شدة النزاع في الوقت ذاته إلى قيود ذاتية استثنائية فرضها
كل الطرفين المتزاحمين .
„
يشن غالبا @ في المناطق المحيطية وفي المجال الجيوبوليتي ،كان النزاع
من أورا سيا ذات ها .و قد سيطرت الكت لة ال صينية ال سوفييتية ع لى مع ظم
أوراسيا ،دون أن تفرض هذا السيطرة على المحيطات )الطراف المحيطية(
لهذه الكتلة .نجحت أميركا الشمالية في التوضع على كل الشاطئين الغربي
القصى والشرقي القصى للقارة الوراسية الكبرى .وإن الدفاع عن رؤوس
الج سور القار ية هذه )المم ثل ع لى"الجب هة" ال شرقية بح صار برل ين وع لى
الجب هة ال شرقية بالحرب الكور ية( كان بال تالي ،أول اخت بار ا ستراتيجي ل ما
أصبح يعرف بالحرب الباردة.
وفي المرحلة الخيرة من الحرب الباردة ظهرت جبهة دفاعية ثالثة ،هي
الجب هة الجنوب ية ،ع لى خري طة أورا سيا .و قد أدى ال غزو ال سوفييتي
لفغان ستان إ لى ت سريع ا لرد ا لميركي ال مزدوج ا لذي تم ثل بالم ساعدة
المبا شرة للمقاو مة الوطن ية في أفغان ستان بغ ية إ غراق الج يش ال سوفييتي
12
في الم ستنقع الف غاني؛ و في الب ناء الوا سع الن طاق للو جود الع سكري
ا لميركي في الخل يج ]الفار سي[ بو صفه راد عا @ لي عمل ية ن قل أ خرى ن حو
الج نوب لل قوة السيا سية أو الع سكرية ال سوفييتية ،وه كذا ا لتزمت الول يات
المت حدة با لدفاع عن منط قة الخل يج ]الفار سي[ ،وذ لك ع لى ن حو مما ثل
للدفاع عن مصالحها المنية الوراسية الغربية والشرقية .
كان الح تواء النا جح من ق بل أمير كا ال شمالية لج هود الكت لة الورا سية
بغ ية تحق يق ت سلط ف عال ع لى أورا سيا كل ها ،و في ضوء ار تداع كل ال جانبين
حتى النها ية عن الق يام بأي صدام ع سكري مبا شر خ شية ا ندلع ال حرب
النوو ية ،قد ع نى أن نتي جة ال صراع ستقرر في نها ية الم طاف بو سائل غ ير
ع سكرية وبال تالي فإن الحيو ية السا سية ،والمرو نة اليديولوج ية ،وألدينام ية
القتصادية والغراء الثقافي ،أصبحت كلها البعاد الحاسمة .
13
و كذلك ،فإن القيود اليديولوجية عملت أي ضا على إ ضعاف ال قدرة البداعية
للت حاد ال سوفييتي ،جاع لة ن ظامه أ كثر ق سوة مع ز يادة ال هدر في اقت صاده،
ناهيك بجعله اقل قدرة على التنافس تكنولوجيا .وبما أن الحرب ذات القدرة
التدمير ية المتباد لة لم تن شب ،فإن الم قاييس ل بد وأن تم يل ل صالح أمير كا
في التنافس الطويل المد .
و كذلك فإن النتي جة أو لمح صلة النهائية تأثرت إ لى حد كبير بالعت بارات
الثقافية .فقد قبل التحالف المقاد من قبل أميركا ،وبدرجة كبيرة الكثير من
ال سهامات الثقاف ية والسيا سية و الجتماع ية الميرك ية بو ضعها ذات طابع
إيجابي .وهكذا فإن الحليقين الهم لميركا في المحيطين الغربي والشرقي
لل قارة الورا سية ،أي ألمان يا واليا بان ،ا ستعادا كله ما صحته أو عافيته
القتصادية في سياق العجاب غير المكبوح بكل الشياء الميركية .وقد نظر
إ لى أمير كا بو صفها تم ثل الم ستقبل ،وع لى أن ها مجت مع ي ستحق الع جاب
والتقليد.
و في المقا بل ،ف قد ن ظر بازدراء إ لى الثقا فة الرو سية من ق بل مع ظم
اتباع ها في أور با الو سطى ،و حتى بدر جة أ قوى من ق بل حليف ها ال شرقي
الرئيسي والمطمئن على نحو متزايد اي الصين .وبالنسبة إلى الوروبيين في
و سط أور با ،كانت ال سيطرة الرو سية تع ني عزلت هم ع ما كانوا يع تبرونه
وطنهم الفلسفي والثقافي :أي عن أوربا الغربية وتقاليدها الدينية المسيحية.
وال سوء من ذ لك،أن ها كانت تع ني ال سيطرة من ق بل شعب كان ا لوربيون
في أوربا الوسطى يعتبرونه ،وإن كان ذلك غير صحيح غالبا@ ،متخلفا @ ثقافيا.
أ ما ال صينيون فتع ني كل مة روسيا بالن سبة إلي هم" ،ا لرض الجائ عة" ،ف قد
كانوا اكثر ازدراء لها حتى على نحو مكشوف .وبالرغم من أن الصينيين لم
يق فوا في البدا ية إل ب شكل مت سم بال هدوء ضد مزا عم مو سكو عن كون
النموذج السوفييتي ذا طابع عالمي ،فما لبثوا أن أصبحوا .بعد عقد واحد من
ال ثورة ال شيوعية ال صينية ،ي شكلون ت حديا @ أك يدا @ لل سيادة اليديولوج ية
لمو سكو ،ولدر جة بدؤوا مع ها ي عبرون ب صراحة عن ازدرائ هم التقل يدي
لجيرانهم البربريين الشماليين .
وأخ يرا@ ،و ضمن الت حاد ال سوفييتي ذا ته ،فإن ن سبة الخم سين في المئة
من ال سكان ا لذين هم من غ ير ا لروس رف ضوا فعل @ سيطرة مو سكو .وإن
اليق ظة السيا سية التدريج ية لغ ير ا لروس كانت تع ني أن ،ا لوكرانيين،
وال جورجيين ،وا لرمن ،وا لزريين بدؤوا ين ظرون إ لى ال سلطة الرو سية
بوصفها شكل @ من أشكال السيطرة المبريالية الجنبية التي يمارسها شعب
14
لم يشعروا إزاءه بكونهم أقل ثقافة منه .أما في آسيا الوسطى ،فربما كانت
الطمو حات القوم ية أ ضعف ول كن هذه ال شعوب ه نا كانت قد أث ير حما سها
ب سبب ال شعور المت نامي تدريجيا @ بالهو ية ال سلمية ،وا لذي ا شتد في ضوء
معرفة ما كان يحدث من تخلص من الستعمار في أماكن أخرى .
وع لى غرار ال كثير من المبراطور يات ا لتي سبقته ف قد تف جر الت حاد
السوفييتي من الداخل وتجزأ إلى شظايا ،وإذا كان لم يسقط بسبب هزيمة
عسكرية مباشرة فقد تسارع تفتته بسبب الضغوط القتصادية والجتماعية.
و قد أث بت م صيره هذا صحة الملح ظة ال جديرة با لذكر ا لتي أ شار إلي ها أ حد
العل ماء إذ قال" :إن المبراطور يات ت كون دائ ما @ غ ير م ستقرة سيا سيا @ لن
الو حدات )ا لجزاء( التاب عة ل ها تف ضل ،ب شكل دائم تقري با@،أن تح صل ع لى
در جة ا كبر من الح كم ا لذاتي،ك ما أن الم ضادين أو الم عادين للن خب )ج مع
نخ بة( في هذه ا لجزاء يعملون وب شكل دائم تقريبا @ أيضا@ ،وكل ما أتي حت ل هم
الفر صة ،ع لى الح صول ع لى در جة ا كبر من الح كم ا لذاتي .وب هذا المع ني،
فإن المبراطور يات ل ت سقط؛ ولكن ها تتف تت ،وب شكل بط يء عادة وإن كان
ذلك يحدث احيانا @ بسرعة ملحوظة.((1
) (1دونالد بوشال في"تاريخ مستقبل العلقات الدولية "مجلة"الخلق والشؤون الدولية"
.183 :(1994)8
15
القوة العظمى الولى
أ صبحت الول يات المت حدة في و ضع فر يد من نوعه ب عد انه يار غريم ها
المنافس لها .وبالتالي ،فهي تمثل الن القوة العالمية الولى و الوحيدة في
آن ،و مع ذ لك فإن سيادة أمير كا عالم يا @ تذكرنا في ب عض الم جالت
بالمبراطور يات ال سابقة ،بالرغم من الب عاد القليم ية ا لتي م يزت هذه
المبراطور يات .وه كذا ،ف قد ب نت هذه المبراطور يات قوت ها ع لى ال سلطة
التي مارستها على أتباعها ،والخاضعين لها ،محمياتها ومستعمراتها ،علما أنها
كانت تن ظر عمو ما @ إ لى الخارجين عن هذه السيطرة بوصفهم برابرة .وإلى
درجة ما ،فإن هذه التعابير المنطوية على مفارقات تاريخية ليست كلها غير
ملئ مة لب عض ا لدول ا لتي تدور حال يا @ في الف لك ا لميركي .وع لى غرار
الما ضي فإن الممار سة "المبريال ية " الميرك ية ت شتق إ لى حد كبير من
التنظيم المثل ،و من قدرتها على ت عبئة موارد اقتصادية وتكنولوجية ضخمة
ومعدة لهداف عسكرية ،ومن الغراء الثقافي الغامض ،والمتسم في الوقت
ذا ته بالهم ية وا لذي تت صف به طري قة أو أ سلوب الح ياة الميرك ية ،و من
الدينام ية ال حادة والتناف سية المتأ صلة لدى الن خب )ج مع نخ بة( الجتماع ية
والسياسية الميركية .
كانت المبراطور يات ال سابقة تتم تع ب هذه ال سمات عمو ما@ .ول عل رو ما
ترد أول @ إلى الذهن .فقد أقيمت هذه المبراطورية خلل قرنين ونصف قرن
تقري با @ ع لى تو سع إقلي مي دائب ن حو ال شمال أول@ ،و من ثم ن حو ال غرب
والجنوب الشرقي ،إضافة إلى تأكيد السيطرة البحرية الفعالة على شواطئ
الب حر ا لبيض المتو سط كل ها .ف من الناح ية الجغراف ية ،و صلت ذروة التو سع
في العام 211قبل الميلد )انظر الخريطة( .كانت روما ذات سلطة سياسية
مركز ية وذات اقت صاد يتم تع بالكت فاء ا لذاتي .أ ما سلطتها المبريال ية ف قد
مور ست عن تع مد وق صد عبر منظو مة مع قدة من التنظي مات السيا سية
والقت صادية .و كذلك ،فإن منظو مة ال طرق البر ية والبحر ية الم صممة
ا ستراتيجيا ،والمنطل قة من العا صمة ،سمحت بإ عادة النت شار ال سريع
وبالح شد ،كل ما حدث تهد يد أم ني رئ يس ،للج يوش الرومان ية المتو ضعة في
مختلف الدول التابعة ،وفي المقاطعات الخاضعة للدولة المركزية.
وفي ذروة المبراطورية نشرت الجيوش الرومانية في الخارج ما ل يقل
عن 300ألف رجل ،وهي قوة كبيرة وهامة جعلت من التفوق الروماني في
التكتيك والسلحة حقيقة فعلية إضافة إلى قدرة المركز على التحكم بإعادة
الن شر ال سريعة ن سبيا) .و من ال مدهش أن نذكر أ نه في ال عام ،1996كانت
أمير كا ،ا لتي ت شكل حال يا @ ال قوة العظ مى ذات الت عداد ال سكاني ا لكبر ب كثير
16
من سكان المبراطورية الرومانية ،تحمى أماكن المتداد الخارجية لمناطق
سيطرتها بوساطة 296ألف جندي محترف يتوضعون في ما وراء البحار .
ومه ما ي كن من ا ثر فإن ال قوة المبريال ية لرو ما كانت قد جاءت من
حقيقة نفسية مهمة .فالقول "أنا مواطن روماني "كان أرقى تعريف ممكن
بالذات ،ومصدر فخر واعتزاز ،وطموحا @ يريد كل إنسان أن يحققه .وغالبا @ ما
كان يم نح ذ لك حتى إ لى ا لذين لم يكو نوا قد و لدوا في إمبراطور ية رو ما،
و كان هذا الو ضع المتم يز لل مواطن الرو ماني يع تبر ت عبيرا @ عن ت فوق ث قافي
وتر بوي يبرر الح ساس بأ صالة ال سلطة المبريال ية الرومان ية .و هو ل يع ني
النت ماء إلى الحكم ال شرعي لروما فح سب ،بل كان يج عل الخا ضعين ل هذه
ال سلطة را غبين في أن ي تم ق بولهم وتمثل هم وإد خالهم في البن ية
المبراطورية .فالتفوق الثقافي ،الذي اعتبر أمرا @ مسلما @ به من قبل الحكام
ومعتر فا @ به من ق بل الت باع ال مذعنين ع مل في نها ية الم طاف ع لى تعز يز
القوة المبراطورية .
وعمو ما@ ،فإن هذه ال قوة المبريال ية المث لى ،وا لتي لم ي كن ينازع ها أ حد
ا ستمرت 300سنة .وبا ستثناء الت حدي ا لذي فرض في مرح لة ما من ق بل
قرطا جة الم جاورة وع لى ا لطراف ال شرقية للمبراطور ية اليونان ية ،فإن
ال عالم ال خارجي كان في معظ مه بربر يا @ وغ ير من ظم ج يدا وغ ير قادر في
غالب الح يان ع لى الق يام إل بهج مات متفر قة وم شتتة ،ناه يك عن تخل فه
الث قافي .وطال ما كانت المبراطور ية الرومان ية قادرة ع لى المحاف ظة ع لى
الحيو ية والو حدة ا لداخليتين ،فإن ال عالم ال خارجي كان غ ير قادر ع لى
المنافسة .
ثمة أسباب ثلثة رئيسة أدت إلى النهيار الفعلي للمبراطورية الرومانية.
فالول هو أن المبراطورية أصبحت كبيرة جدا @ ولم يعد ممكنا @ أن تحكم من
مر كز وا حد ،ول كن انق سامها إ لى ن صفين غر بي و شرقي د م „ر أوتوماتيك يا
ال طابع الحت كاري ل سلطتها .وال ثاني هو أن ال فترة الطوي لة ال مد للح ساس
بالغطرسة والعتزاز خلقت مذهب المتعة الثقافي الذي عمل بالتدريج على
تآكل رغبة النخبة السياسية في العظمة .والثالث هو أن التضخم الدائم عمل
بدوره ع لى ن سف قدرة الن ظام ع لى المحاف ظة ع لى نف سه دون ت ضحيات
اجتماعية ،المر الذي لم يعد المواطنون مستعدين للقيام به .وهكذا تأمر كل
من التفتت الثقافي ،والنقسام السياسي والتضخم المالي ،لكي يجعلوا روما
غير منيعة إزاء البرابرة الذين عاشوا على حدودها الخارجية .
17
لم تكن روما ،حسب المقاييس المعاصرة الحالية ،قوة عالمية حقيقية،
بل كانت م جرد قوة إقليم ية .ومه ما ي كن ا لمر في ضوء الح ساس بالعز لة
ا لتي كانت سائدة في ذ لك ا لوقت ب ين مخت لف قارات ال عالم ،فإن قوت ها
القليم ية كانت متحف ظة )أو مح تواة ذات يا@ ،وبت عبير آ خر م ستهلكة ذات يا@(
ومعزو لة ،و لم ي كن يو جد ل ها غر يم مبا شر أو حتى بع يد .وه كذا ،كانت
المبراطور ية الرومان ية عال ما @ قائ ما @ ب حد ذا ته عل ما @ أن تنظيم ها السيا سي
المت فوق وتفوق ها الث قافي جعل من ها خلي فة للنظ مة المبراطور ية ا لتي
سبقتها وكانت ذات مساحات جغرافية أكبر منها .
و مع كل ذ لك ،لم ت كن المبراطور ية الرومان ية فر يدة في نوع ها.
فالمبراطوريتان الرومانية والصينية ظهرتا معا @ في نفس الوقت ،بالرغم من
أن أ يا منه ما لم ت كن ت عي و جود ا لخرى .و في ال عام 221ق بل الميلد )و هو
ز من ال حروب البون ية ب ين رو ما وقرطا جة( ،ن جد أن توح يد ا لدول ال سبع
المو جودة آ نذاك في قوام المبراطور ية ال صينية ا لولى ،من ق بل "ت شين"
ث ع لى ب ناء ال جدار العظ يم في ال صين ال شمالية ل كي ي عزل الممل كة ح „
الداخلية عن عالم البربر الموجود وراءها .أما إمبرطورية هان اللحقة ،التي
بدأت تظ هر في ال عام 140ق بل الميلد ،ف قد كانت أ كثر أهم ية و تأثيرا @ من
ح يث الح جم والتنظ يم .وع ندما بدأت مرح لة الم سيحية ،كان عدد من
يخ ضعون ل سلطة هذه المبراطور ية ل ي قل عن 57مل يون إن سان .وإن هذا
العدد الكبير ،الذي لم يسبق له مثيل ،كان دليل @ على وجود سيطرة مركزية
فعا لة ع لى ن حو ا ستثنائي ،وع لى أن هذه ال سيطرة كانت ت مارس بو ساطة
ن ظام بيروقرا طي مر كزي و تأدبي .وتو سع الح كم المبر يالي إ لى كور يا
)الحال ية( ،وأ جزاء من منغول يا ،ومع ظم ال ساحل ال صيني )ال حالي( .ول كن،
وحسبما حدث لروما ،فقد أصبحت إمبراطورية هان مصابة بأمراض داخلية
وتسارع أنهيارها الفعلي بسبب تقسيمها في العام 220قبل الميلد إلى ثلث
ممالك مستقلة .
ت ضمن التار يخ الل حق لل صين دورات توح يد وتو سع ،ول كن جاءت ب عدها
فترات التف تت والت شظي .و قد نج حت ال صين ،أ كثر من مرة ،في إقا مة
أنظمة إمبريالية ذات أحتواء ذاتي ،ومعزولة ،وغير معرضة لتحديات خارجية
من قبل أي منافسين .ولم يلبث التقسيم الثلثي الطراف لمملكة هان أن
انع كس ات جاهه في ال عام 589ب عد الميلد ،مع ظ هور شيء ما قر يب من
الن ظام المبر يالي .ول كن فترة توك يد ا لذات أو الت فوق المبر يالي العظ يم
للصين اصطدمت بالمانشوريين )شعب منشوريا المنغولي( وخاصة في أثناء
الحكم المبكر لسللة تشينغ .وفي القرن الثامن عشر أصبحت الصين ،مرة
18
ثان ية ،إمبراطور ية قو ية الج ناحين ،ح يث أح يط مركز ها المبر يالي
)ا لمبراطوري( بدول من الت باع والمؤ يدين ،ب ما في ذ لك كور يا )الحال ية(
واله ند ال صينية ،وتايل ند وبور ما ،وني بال .وه كذا أم تد الح كم ال صيني من
ال شرق الق صى الرو سي )حال يا@( و عبر سيبيريا الجنوب ية إ لى بح يرة باي كال،
و حتى كازاخ ستان )الحال ية أي ضا@( ،و من ثم ن حو المح يط اله ندي ،وبات جاه
الخلف عبر لوس وفيتنام الشمالية.
وع لى غرار الحا لة الرومان ية ،فإن هذه المبراطور ية كانت ذات تنظ يم
مالي ،واقتصادي ،وثقافي ،وأمني معقد .فالسيطرة على مساحة كبيرة من
ا لرض ،وع لى ما يز يد ع لى 300مل يون إن سان يعي شون في ها ،كانت قد
مور ست عبر كل هذه الو سائل ،و مع ت شديد قوي ع لى سلطة سيا سية
مركز ية ،ومدعو مة بمنظو مة خدمات لل سعادة )ج مع ساعي أو مرا سل(
فعالة إلى حد كبير .وكانت المبراطورية كلها مقسمة إلى أربع مناطق ،تبدأ
من العا صمة بك ين )حال يا @ بيج ين( وت صل إ لى م ناطق حدود ية تب عد م سافات
يقطع ها ال سعاة في أ سبوع وأ سبوعين ،وثل ثة أ سابيع ،وأرب عة أ سابيع ع لى
التوالي .أما السلطة البيروقراطية المركزية ،المدربة مهنيا@ ،والمنتقاة على
أساس التنافس والمهارة ،فهي التي كانت تقدم مصادر القوة للوحدة .
كانت هذه الو حدة قد عززت ،ودع„ مت ،ع لى غرار ما حدث في رو ما
أي ضا @ بإح ساس قوي ال تأثير ومت جذر بع مق عن الت فوق الث قافي ا لذي ازداد
قوة في ظل الكونفوشيو سية ا لتي كانت فل سفة مف ضلة إمبراطور يا@ ،و مع
التشديد على النسجام ،والتسلسل الهرمي في السلطة والنضباط .وعموما
فإن ال صين ،أو المبراطور ية ال سماوية ،كان ين ظر إلي ها ع لى أن ها مر كز
العالم ،مع وجود برابرة فقط على حدودها وما وراء هذه الحدود .وأن كونك
صينيا @ يع ني أ نك مث قف ،ول هذا ال سبب ،فإن سائر ال عالم كان يدين لل صين
بالحترام والذ عان لرغبات ها .وإن هذا الح ساس ال خاص بالتفوق تخل „ل ا لرد
ا لذي أع طاه ا لمبراطور ال صيني ،حتى في مرح لة ترا جع الن مو في ال صين،
في نهاية القرن الثامن عشر ،إلى ملك بريطانيا العظمى جورج الثالث الذي
كان مبعو ثوه قد حاولوا إ غراء ال صين ع لى ا لدخول في عل قة تجار ية من
خلل ت قديم ب عض المنت جات ال صناعية البريطان ية ،بو صفها هدايا ت عبر عن
حسن النية :
"ن حن ،ال مبراطور ،نأمر ،بنع مة ال سماء ،م لك إنك لترا أن يأ خذ عل ما
بتوجيهاتنا:
فالمبراطورية السماوية ،التي تحكم الجميع ضمن البحار الربعة....
19
ل تث „من ال شياء ال نادرة والنفي سة ...ول يس ل ها أ قل حا جة إ لى صناعات
بلد كم ....و لذا ف قد ...أمر نا مب عوثيكم الم حترمين أن ي عودوا بأ مان إ لى
وطن هم .وأ نت أي ها الم لك ،ي جب عل يك أن تع مل بان سجام مع رغبات نا ،وذ لك
بأن تقوى ولءك لنا وأن تؤكد لنا الطاعة الدائمة ".
إن ترا جع و سقوط عدة إمبرطور يات صينية عزي ب صورة رئي سة إ لى
عوا مل داخل ية .ف قد انت صر الم غول و في و قت ل حق "ا لبرابرة" الغرب يون
بسبب التعب الداخلي ،والفساد ،ومذهب المتعة ،والنهيار القتصادي ،إضافة
إ لى أن ال بداع الع سكري ع مل ع لى إ ضعاف ا لرادة ال صينية ثم ع لى
انهيارها .وهكذا ،استغلت القوى الخارجية سوء الحوال الداخلية في الصين،
وخاصة بريطانيا في حرب الفيون في العوام 1839ـ ،1842ثم اليابان ،بعد
قرن من ذلك التاريخ ،حيث خلقت ،بدورها ،إحساسا @ عميقا@ ،بالذلل الثقافي
ا لذي أ ثار المشاعر الصينية عبر ال قرن الع شرين ،وذ لك ب سبب الصدام بين
إحسا سهم الت حذر بالتفوق الث قافي من ناح ية ،وب ين الح قائق السيا سية
المخزية لدولة الصين في فترة ما بعد المبراطورية من ناحية ثانية .وعلى
غرار إمبراطورية روما ،فان الصين المبراطورية .تصنف حاليا @ بوصفها قوة
إقليمية ولكن هذه الدولة كانت لها تطلعات عالمية في فترة ذروتها ،وذلك
بمعنى أنه لم تكن توجد آنذاك أي دولة أخرى قادرة على تحدي هذا الوضع
ا لمبراطوري أو حتى ع لى مقاو مة أي تو سع ل حق له ،إذا كان هذا التو سع
يمثل نزعة أو رغبة صينية .وكان النظام الصيني ذا احتواء ذاتي وقدرة ذاتية
ع لى ال ستمرارية ،واعت مد ب صورة رئي سية ع لى الهو ية التن ية الم شتركة،
بال ضافة إ لى قدرة م حدودة ن سبيا @ في ممار سة ال سلطة )ن قل ال قوة(
المركزية إلى الدول الخاضعة لها والموجودة على حدودها الجغرافية أو ذات
التنيات الجنبية .
إن المر كز الت ني ال كبير والم سيطر ج عل من المم كن أن ت قوم ال صين
بعمليات تجديد إمبراطورية دورية أو عمليات إحياء وترميم نشيطة .وفي هذا
الم جال ،كانت ال صين مختل فة تما ما @ عن المبراطور يات ا لخرى ا لتي كانت
في ها ال شعوب ال قل عددا@ ،وذات ا لدوافع ا لقوى إ لى الهيم نة ،قادرة ،خلل
فترة زمنية ما على أن تفرض سيطرتها ،وتستمر بها ،على السكان الخرين
من ذوي التنيات الخرى .ومهما يكن المر ،فما أن انهارت السيطرة لمثل
هذه المبراطور يات ذات البن ية المركز ية ال صغيرة ،حتى أ صبحت عمل ية
التجديد غير واردة .
ولكي نجد ما يماثل إلى حد ما التعريف الحالي للقوة العالمية ،يجب أن
ن عود إ لى ال ظاهرة الها مة للمبراطور ية المغول ية .ف قد ظ هرت هذه
20
المبراطورية عبر صراع حاد مع خصوم رئيسيين ومنظمين جيدا .وكانت بين
هؤلء المهزوم ين مملك تا بولون يا وهنغار يا ،و قوات المبراطور ية الرومان ية
المقد سة ،و عدة ول يات رو سية ،والخل فة في ب غداد ،و حتى سللة سنغ في
الصين ،في وقت لحق .
أ قام جينك يز خان وخل فاؤه ،ب عد أن هزم مناف سيه ا لقليميين ،سيطرة
مركزية على الراضي التي احتلها ،وبالتالي فإن علماء الجغرافيا السياسية
الحاليين عرفوا هذه الكتلة من الراضي بأنها المنطقة المركزية أو المحورية
الحيو ية لل قوة )الدو لة( العالم ية .و قد ام تدت هذه المبراطور ية القار ية
الوراسية من شواطئ بحر الصين إلى الناضول في آسيا الصغرى وأوروبا
الوسطى )انظر الخريطة( .ولم يحدث بعد ذلك أن وجدت سيطرة مركزية
مماث لة ع لى م ثل هذه الم ساحات الوا سعة من الرا ضي ا لتي احتلت ها
المبراطور ية المغول ية إل في أ يام ا لذروة للكت لة ال صينية ال سوفييتية
الستالينية.
كانت المبراطوريات الرومانية ،والصينية ،والمغولية دول إقليمية حققت
طمو حات المتطلع ين إ لى امتلك سلطة أو قوة عالم ية .و في حا لة رو ما
والصين ،وحسبما ل حظنا سابقا@ ،فقد كانت بينهما المبراطورية متطورة جدا
على الصعيدين السياسي والقتصادي ،بينما مارس المغول المنتشرون على
ن طاق وا سع لت فوق "المر كز" دورا @ جام عا @ ها ما@ .و في المقا بل ،فإن
المبراطورية المغولية حافظت على السيطرة السياسية بالعتماد ،على نحو
مباشر ،على الغزو العسكري الذي كان يليه التكيف مع الشروط المحلية .
كانت السلطة المبراطورية المغولية تعتمد إلى حد“ كبير على السيطرة
الع سكرية .وإذ كانت هذه ال سيطرة تتح قق بال ستخدام ا لذكي ،ا لذي تن عدم
ف يه ال شفقة أو الرح مة ،للتكت يك الع سكري المت فوق ا لذي ج مع ب ين ال قدرة
الكبيرة في الحركة السريعة والحشد المؤقت جيدا @ )في الوقت المناسب(،
فإن الحكم المغولي لم يكن يملك نظاما @ اقتصاديا @ أو ماليا @ منظما@ ،ول كانت
السلطة المغولية نابعة من أي إحساس أكيد بالتفوق الثقافي .وكان الحكام
المغول قليلي العدد جدا @ إذا أخذنا ذلك من منظور تمثيل طبقة حاكمة قادرة
ع لى الت كاثر ا لذاتي ومه ما ي كن ا لمر فإن غ ياب ذ لك الح ساس ،من ح يث
ا لوعي ا لذاتي ،بالتفوق الث قافي أو حتى الت ني ،هو ا لذي حرم النخ بة
المبراطورية من الثقة الذاتية اللزمة.
و في الحقي قة ،فإن الح كام الم غول أثب توا أن هم حسا سون جدا @ إزاء
استيعابهم تدريجيا @ أو ذوبانهم في الشعوب الكثر تقدما @ وثقافة التي استولوا
21
علي ها .وه كذا ،فإن أ حد أح فاد جينك يز خان ا لذي أ صبح إ مبراطورا @ لل جزء
ال صيني من ممل كة ال خان العظ مى ،أ صبح داع ية متحم سا @ ل مذهب
الكونفوشو سية ،بين ما أ صبح حف يد آ خر داع ية متحم سا @ لل سلم في وظيف ته
كسلطان لبلد الفرس ،وكذلك ،أصبح حفيد ثالث من هؤلء ،الحاكم الثقافي
الفارسي لسيا الوسطى .
وهكذا ،كان هذا العامل ،أي استيعاب أو ذوبان الحكام في المحكومين،
ومع غياب الثقافة السياسية المسيطرة ،إضافة إلى المشكلت غير القابلة
للحل المتعلقة بخلفة الخان الكبير الذي أسس المبراطورية ،هو الذي ادى
ا لى انهيار ها في نها ية الم طاف .و قد أ صبحت ممل كة الم غول كبيرة جدا
ولدرجة لم يعد ممكنا @ معها أن تحكم من قبل مركز واحد ،ولكن الحل الذي
جرب في هذا الم جال ،أي تق سيم المبراطور ية إ لى عدة أ جزاء ذات ية
حث ،وحتى بسرعة أكبر على الذوبان المحلي المر الذي„ الحتواء ،هو الذي
سرع ،بدوره ،التفتت المبراطوري .وبعد أن ،استمرت أكبر إمبراطورية برية „
في ال عالم مدة قرن ين ،من ال عام 1206إ لى ال عام ،1405اخت فت دون أن
تترك أثرا.
وب عد ذ لك ،أ صبحت أورو با مر كز ال قوة العالم ية من ناح ية ،ومر كز
ال صراعات من أ جل امتلك ال قوة العالم ية من ناح ية ثان ية .و في الوا قع،
فخلل الثل ثة قرون تقري با@ ،ا ستطاع المح يط ال شمالي الغر بي من ال قارة
الورا سية أو يح قق ،عبر ال قدرة ع لى ن قل ال قوة البحر ية و لول مرة في
التار يخ ،سيطرة عالم ية حقيق ية ع ندما و صلت ال قوة الوروب ية ،إ لى كل
قارات ال عالم ،وأثب تت وجود ها في هذه ال قارت .وي جدر با لذكر أن ال قائمين
بهذه السيطرة من الوروبيين الغربيين المبراطوريين كانوا قلة من الناحية
الديموغرافية ،ول سيما إذا ما قورنوا بعدد الذين أخضعوا لهم ،ومع ذلك فمع
بداية القرن العشرين ،وخارج نصف الكرة الغربي )الذي كان قد خضع أيضا
ق بل قرن ين لل سيطرة الوروب ية الغرب ية وا لذي كان مأهول @ في معظ مه
بالم هاجرين ا لوروبيين وأح فادهم( ،ن جد أن ال صين ،ورو سيا ،والمبراطور ية
العثمانية ،وأثيوبيا كانت وحدها متحررة من السيطرة الوروبية الغربية.
22
السيادة الوروبية العالمية
ــــــــــــــ
السيادة )السيطرة( الوروبية على العالم
1ـ التفوق البحري البريطاني
2ـ السيطرة السياسية الوروبية
3ـ النفوذ أو التأثير الثقافي الوروبي
4ـ المحيط الهادي الشمالي
5ـ المحيط الهادي الجنوبي
6ـ المحيط الطلسي الشمالي
7ـ المحيط الطلسي الجنوبي
8ـ المحيط الهندي
9ـ المحيط الهادي الشمالي
10ـ المحيط الهادي الجنوبي.
ومه ما ي كن ا لمر ،فإن ال سيطرة الوروب ية الغرب ية لم ت كن معاد لة
للحصول على القوة العالمية من قبل أوروبا الغربية .فالحقيقة الساسية هي
ت لك المتعل قة ب سيادة أورو با عالم يا @ وح ضاريا @ و بالقوة القار ية الوروب ية
المت شظية .وخل فا لحتلل ا لرض المركز ية الورا سية من ق بل الم غول أو
من ق بل المبراطور ية الرو سية لح قا@ ،فإن المبريال ية الوروب ية في ما وراء
البحار لم تتحقق إل عبر الكتشافات المستمرة عبر المحيطات والتوسع في
الت جارة البحر ية .ومه ما ي كن ا لمر ،ف قد ت ضمنت هذه العمل ية أي ضا @ صراعا
م ستمرا @ ب ين ا لدول الوروب ية ال بارزة ل يس من أ جل المحم يات في ما وراء
الب حار فح سب ،بل و من ا جل الهيم نة ضمن أورو با ذات ها أي ضا .أ ما الحقي قة
المهمة جيوبوليتيا @ فهي أن الهيمنة العالمية لوروبا لم تنبثق من الهيمنة في
أوروبا من قبل أي قوة )دولة( أوروبية بمفردها.
وبت عبير أو سع ،ن جد أن إ سبانيا كانت ال قوة الوروب ية الم سيطرة حتى
منتصف القرن السابع عشر ،وكانت قد ظهرت بوصفها قوة إمبريالية رئيسة
في ما رواء البحار ،وتتمتع بطموحات عالمية .وقد خدم الدين بوصفه عقيدة
موح”دة ،ومصدرا @ لرغبة في القيام بالمهام التبشيرية المبريالية .وفي الواقع،
فقد احتاج المر إلى تحكيم بابوي بين إسبانيا ومنافستها البحرية ،البرتغال،
23
ل كي ي تم إ ضفاء ال شرعية ع لى التق سيم الر سمي لل عالم إ لى م جالت
)م ناطق( كولونيال ية إ سبانية وبرتغال ية في معا هدتي توردب سيل )(1494
وساراغو سا ) .(1529وبر غم ذ لك ،فإن إ سبانيا ،ا لتي واجهت ها الت حديات
البريطانية ،والفرنسية ،واللمانية ،لم تستطع قط ان تؤكد سيادتها الحقيقية،
سواء في أوروبا الغربية ذاتها أو عبر المحيطات.
و ما ل بث بروز إ سبانيا أن تخ لى عن الن فوذ ل صالح فرن سا .حتى ال عام
،1815كانت فرنسا القوة الوروبية المسيطرة ،بالرغم من تعرضها باستمرار
للخطر من قبل منافسيها الوروبيين ،سواء في القارة أو في ما وراء البحار.
وفي عهد نابليون كادت فرنسا تقيم سيطرة حقيقية على أوروبا .ولو نجحت
ا نذاك ،ل ستطاعت أن تح قق متطل بات أو و ضع ال قوة العالم ية الم سيطرة.
ومه ما ي كن ا لمر ،فإن هزيمت ها من ق بل الت حالف ا لوروبي أ عادت إقا مة
توازن القوى القاري.
و في ال قرن ال تالي ،و حتى ال حرب العالم ية ا لولى ،مار ست بريطان يا
العظمى سيطرة بحرية عالمية عندما أصبحت لندن المركز المالي والتجاري
الرئي سي في ال عالم "وحك مت البحر ية البريطان ية الب حار" .وإذا كانت
بريطان يا العظ مى قد أ صبحت ال قوة العل يا في ما وراء الب حار ،فإن لم
تستطع ،شأنها شأن الطامحين الوروبيين الذين أرادوا قبلها تحقيق الهيمنة
ع لى ال عالم ،أن ،تح كم ال عالم و حدها .وعو ضا @ عن ذ لك ،ف قد اعت مدت
بريطان يا ع لى ديبلوما سية توازن ال قوى المع قدة ،وفي ما ب عد ع لى الو فاق
النكليزي ـ الفرنسي لمنع السيطرة القارية من قبل روسيا أو ألمانيا.
أقي مت المبراطور ية البريطانية في ما وراء البحار في البدا ية عبر الج مع
ب ين الكت شاف ،والت جارة ،وال غزو .ولكن ها انبث قت أي ضا@ ،ع لى غرار ما حدث
لل سلف الرو مانيين وال صينيين وللمناف سين الفرن سيين وال سبان ،من ذ لك
الح جم ال كبير لقوت ها المتبق ية من إدراك أهم ية الت فوق الث قافي البري طاني.
و لم ي كن هذا الت فوق م جرد م سألة عجز ية ذات ية من ق بل الطب قة الحاك مة
المبراطورية ،بل كانت وجهة نظر ذات أفق مستقبلي اشترك فيها الكثيرون
من ال مواطنين غ ير البري طانيين .و قد قال عن ذ لك نيل سون ما نديل ،أول
رئ يس أ سود لدو لة ج نوب إفريق يا" :ك نت قد رب يت أو ن شأت في مدر سة
بريطان ية ،و في و قت كانت ف يه بريطان يا موطن كل ال شياء الف ضل في
ال عالم .و لم أن بذ جان با @ ذ لك ال تأثير ا لذي مار سته بريطان يا والتار يخ والثقا فة
البريطانيان علي" .وعمو ما@ ،فإن الت فوق الث قافي ا لذي أ كد على نحو نا جح،
وأ ثر ب هدوء ،كان له تأثير ا لقلل من الحا جة إ لى العت ماد ع لى قوات
ع سكرية كبيرة من أ جل المحاف ظة ع لى قوة المر كز ا لمبراطوري أو
24
المبريالي .وحتى العام ،1914كانت آلف قليلة من العسكريين والموظفين
ال مدنيين البري طانيين ت سيطر ع لى ن حو أ حد ع شر مل يون م يل مر بع وع لى
نحو 400مليون إنسان غير بريطاني.
1ـ السيطرة البريطانية على العالم في الذرة 1914-1860
2ـ نقاط الختناق )الممرات الجبارية( المحيطة المسيطر عليها من قبل
بريطانيا
3ـ التفوق البحري البريطاني
4ـ الرض التي تسيطر عليها بريطانيا
5ـ المحيط الهادي الشمالي
6ـ المحيط الهادي الجنوبي
7ـ المحيط الطلسي الشمالي
8ـ المحيط الطلسي الجنوبي
9ـ المحيط الهندي
-10المحيط الهادي الشمالي
-11المحيط الهادي الجنوبي
وباختصار ،فإن روما مارست سلطتها إلى حد“ كبير عبر تنظيم عسكري
متفوق وإغراء ثقافي .واعتمدت الصين بدرجة كبيرة على جهاز بيروقراطي
ك فء ليح كم إمبراطور ية ت ستند ،بدورها ،إ لى هو ية اتن ية م شتركة ،م عززة
سيطرتها عبر إح ساس مت طور جدا @ بالتفوق الث قافي .أ ما المبراطور ية
المغول ية ف قد جم عت ب ين التكت يك الع سكري المت قدم الم ستخدم في ال غزو
من ناح ية وب ين الم يل أو النز عة إ لى ا ستيعاب ا لخرين من ناح ية ثان ية
بو صفهما أسا سا @ للح كم .ول كن البري طانيين ) شأنهم شأن ال سبان والل مان
والفرن سيين( حق قوا الظ هور ال بارز ه نا وه ناك ع ندما كانت أعلم هم )ج مع
علم أو راية( تتبع تجارتهم ،إضافة إلى تعز يز سيطرتهم بالتنظيم الع سكري
المت فوق وبالعا مل الث قافي الحا سم .ول كن أي من هذه المبراطور يات لم
ي كن عالم يا .و حتى بريطان يا العظ مى لم ت كن قوة عالم ية فعل@ .ف هي لم
ت سيطر ع لى أورو با ولكن ها حق قت ال توازن في ها .وه كذا ،كانت أورو با
الم ستقرة ضرورية للت فوق أو ا لبروز ا لدولي البري طاني ،ك ما أن ال تدمير
الذاتي لوروبا هو الذي حدد حتما @ نهاية السيادة البريطانية.
25
و في المقا بل ،فإن أب عاد نفوذ ية ال قوة العالم ية الميرك ية حال يا @ هي
فريدة في نوعها .فالوليات المتحدة ل تسيطر على بحار ومحيطات العالم
فح سب ،بل طورت أي ضا @ قدرة ع سكرية حا سمة لل سيطرة البرمائ ية ع لى
الشواطئ مما يمكنها من نقل قوتها بطرائق أو أساليب هامة على الصعيد
السياسي .وهكذا ،فإن جيوشها العسكرية تتوضع بثبات على الحدود الغربية
وال شرقية بأورا سيا ،و هي ت سيطر أي ضا @ عل الخل يج الفار سي .ا ما ا لدائرون
في فلك أميركا ،الذين يتوق بعضهم إلى أن يرتبط رسميا @ بواشنطن ،فإنهم
موجودون في كل أنحاء القارة الوراسية ،كما تبين الخريطة .
1ـ السيادة العالمية الميركية
2ـ السيطرة الميركية على المحيطات البحرية
3ـ النفوذ )التأثير( السياسي الميركي
4ـ التفوق الجيوبوليتي الميركي
5ـ المحيط الهادي الشمالي
6ـ المحيط الهادي الجنوبي
7ـ المحيط الطلسي الشمالي
8ـ المحيط الطلسي الجنوبي
9ـ المحيط الهندي
10ـ المحيط الهادي الشمالي
11ـ المحيط الهادي الجنوبي.
تؤمن الدينام ية القت صادية الميرك ية ال شروط ال ضرورية لممار سة
ال سيطرة أو ال سيادة العالم ية .ف في البدا ية ،و فور انت هاء ال حرب العالم ية
الثان ية ،و قف القت صاد ا لميركي ب شكل متم يز عن كل القت صادات ا لخرى،
حيث زادت أرقامه على نسبة % 50من الدخل القومي السنوي للعالم كله.
ول كن ال صحوة القت صادية في أورو با الغرب ية واليا بان ،وا لتي تلت ها ال ظاهرة
الو سع عن الدينام ية القت صادية في آ سيا ،كانت تع ني أن ح صة أمير كا من
الدخل القومي السنوي العالمي ل بد أن تتقلص لتصبح أقل من المستويات
العال ية وغ ير المتنا سبة ا لتي و جدت في فترة ما ب عد ال حرب .وبر غم ذ لك،
فعندما انتهت الحرب الباردة اللحقة ،كانت حصة أميركا من الدخل القومي
ال سنوي ال عالمي ،وب شكل ا كثر تحد يدا@ ،ح صتها من ا لدخل ال صناعي ،قد
26
ا ستقرت ع لى ر قم يب لغ ن حو 30في المئة ،عل ما @ أن هذا الر قم كان م عدل
و سطيا @ ل هذه البلد ،ما عدا ب عض ال سنوات ال ستثنائية ا لتي جاءت مبا شرة
بعد الحرب العالمية الثانية.
وا لهم من ذ لك ،أن أمير كا حافظت ع لى" ،و حتى و سع„ت" سبقها في
ا ستثمار النجا حات العلم ية في تحق يق ال هداف الع سكرية ،م ما جعل ها ت لك
المؤس سة الع سكرية ا لتي ل يو جد مث يل ل ها ع لى ال صعيد التكنو لوجي،
وبالتالي أصبحت الدولة الوحيدة التي يمكنها الوصول الفعال إلى كافة أنحاء
ال عالم .وخلل كل ذ لك ،حافظت أمير كا ع لى مزايا ها التناف سية القو ية في
تكنولوج يات المعلو مات الحا سمة اقت صاديا .وإن ال سيادة الميرك ية في
القطا عات الحسا سة من اقت صاد ال غد يوحي بأن ال سيطرة التكنولوج ية
المريك ية ل يحت مل أن تتراجع قري با@ ،وخا صة أن ا لميركيين ل يزا لوا
محافظين على ،أو حتى موسعين تميزهم ،وسبقهم في القدرة النتاجية في
المجالت الحاسمة اقتصاديا@ ،على منافسيهم الوروبيين الغربيين واليابانيين .
وبالتأك يد أي ضا ،فإن رو سيا وال صين ه ما قو تان تغتا ظان من الهيم نة
الميرك ية .ف في بدا ية ال عام ،1996عبرت ها تان ا لدولتان عن ذ لك في أث ناء
الزيارة التي قام بها رئيس روسيا بوريس يلتسن إلى بكين )بيجين( .وعلوة
على ذلك ،فإنهما تمتلكان ترسانات نووية يمكنها أن تهدد المصالح الميركية
الحيوية .ولكن الحقيقة القاسية هي أنه في الوقت الراهن ،وفي المستقبل
القر يب ،و بالرغم من أنه ما ت ستطيعان شن حرب نوو ية انتحار ية ،فإن أ يا
منه ما ل ت ستطيع تحق يق الن صر في هذه ال حرب .وب ما أنه ما تفت قران إ لى
القدرة على نقل القوات إلى مسافات طويلة بغية فرض إرادتهما السياسية،
ونظرا @ إلى كونهما متخلفتين تكنولوجيا @ عن أميركا ،فإنهما ل تملكان الوسائل
اللز مة لممار سة ن فوذ سيا سي مدعوم ودائم في أن حاء ال عالم ك له ،و لن
يملكا قريبا @ مثل هذه الوسائل .
27
التكنولوجي حيث تحافظ فيه على المجالت الحادة والحساسة في البتكار؛
والم جال الث قافي ا لذي تتم تع ف يه ،بالرغم من ب عض ال سلبيات ،بإغراء ل
يمكن منافسته ،وخاصة بين شبان العالم ،الذين يرون في الوليات المتحدة
دو لة تم لك ن فوذا @ سيا سيا @ ل ت قترب أي دو لة أ خرى من م جال ال قدرة ع لى
منافسته .وهكذا ،فإن الجمع بين هذه المجالت الربعة هو الذي يجعل من
أميركا تلك القوة العظمى العالمية الوحيدة حصرا @ .
28
النظام العالمي الميركي
بالرغم من أن الت فوق ا لدولي لمير كا ي شترك في أ مور كثيرة مع
النظ مة المبريال ية ال سابقة ،فإن ال فروق هي أ كثر حدة .و هي تذهب إ لى
أبعد من البعاد الرضية .فالقوة العالمية الميركية تمارس عبر نظام عالمي
ذي تصميم أميركي متميز يعكس الخبرة الداخلية الميركية .والمر الرئيس
في هذه ال خبرة الداخل ية هو ال طابع الت عددي لك ل“ من المجت مع ا لميركي
ونظامه السياسي.
كانت المبراطور يات ال سابقة قد بن يت من ق بل ن خب )ج مع نخ به(
سياسية أرستقراطية وكانت تحكم في معظم الحالت من قبل أنظمة تتسم
بكون ها م ستبدة أو مطل قة ب صورة رئي سية .و كان الق سم ا لكبر من سكان
ا لدول المبريال ية أ ما غ ير مت هم أو غ ير م بال سيا سيا@ ،أو كان ،في الز مة
الحدي ثة ،ملو ثا @ بالعواطف والر موز المبريال ية .و كان ال سعي إ لى الم جد
القومي )الوطني( أو "عبء الرجل البيض" أو ما يعرف باللغة الفرنسية بـ
"المه مة التمدين ية" ،إذا لم نت حدث عن فرض الر بح الشخ صي ،ي خدم ت عبئة
الدعم للمغامرات المبريالية وإدامة أو استمرارية إهرام السلطة المبريالية
المراتبية بصورة رئيسية.
أ ما مو قف الجم هور ا لميركي إزاء الن قل ال خارجي لل قوة الميرك ية ف قد
كان مت عدد التجا هات .و قد د عم هذا الجم هور ان خراط أمير كا بالحرب
العالم ية الثان ية ل سباب ت عود في معظم ها إ لى تاثير ال صدمة ا لذي أ حدثه
الهجوم الياباني على بيرل هاربر .ولكن دخول الوليات المتحدة في الحرب
الباردة قوبل في البداية بشيء من الرفض والكراه حتى جرى حصار برلين
ون شبت ال حرب الكور ية .وب عد انت هاء ال حرب ال باردة ،لم ي سبب ظ هور
الول يات المت حدة ك قوة عالم ية من فردة ال كثير من الرت ياح لدى الجم هور،
ولك نه ع مل فعل @ ع لى إ ثارة نز عة ن حو ت صريف أ كثر تحد يدا @ للم سؤوليات
الميركية في الخارج .وقد أشارت استفتاءات الرأي العام التي أجريت في
ال عامين 1995و 1996إ لى تف ضيل "م شاطرة" ال قوة العالم ية مع آخر ين،
عوضا @ عن ممارستها من قبل قطب واحد .
وب سبب هذه العوا مل الداخل ية ،شدد الن ظام ال عالمي ا لميركي ع لى
تقن ية أو أ سلوب التم ني أو الخت يار الت عاوني )ع لى غرار ما هو ال حال لدي
المناف سين المهزوم ين ،أي ألمان يا ،واليا بان ،ولح قا @ رو سيا( إ لى مدى أ كبر
بكثير مما كان معمول @ به في النظمة المبريالية السابقة .وعلى نحو مماثل،
فإن ذلك يعتمد إلى حد كبير على الممارسة غير المباشرة للنفوذ على نخب
29
)ج مع نخ بة( أجنب ية غ ير م ستقلة ،بين ما ت تم في ا لوقت ذا ته ال ستفادة كثيرا
من إغراءات المبادئ والمؤسسات الديمقراطية .ثم تعزز كل ما ذكر سابقا
بال تأثير ال حاد والمل موس لل سيطرة الميرك ية ع لى الت صالت العالم ية
ووسائل اللهو الشعبية ،والثقافة الشاملة ،وكذلك بالسيطرة الملموسة جدا
للتفوق التكنولوجي لميركا ولقدرتها العسكرية على الوصول إلى كافة أنحاء
العالم .
كانت السيطرة الثقافية ،ول زالت إحدى سمات القوة العالمية الميركية
التي لم تقدر حق قدرها .ومهما فكر المرء في القيم الجمالية ،فإن الثقافة
ال شاملة في أمير كا ت مارس إ غراء مغناطي سيا@ ،وخا صة بالن سبة إ لى شبان
العالم .ويمكن أن يكون إغراؤها نابعا @ من نوعية مذهب المتعة التي تحفل به
أ سلوب الح ياة الميرك ية ،ول كن إغراء ها ال عالمي ل يم كن إن كاره .فبرا مج
التلفز يون وا لفلم الميرك ية تح تل ن حو ثل ثه أر باع ال سوق العالم ية.
والموسيقى الشعبية الميركية تسيطر ،هي الخرى ،على نحو مماثل ،بينما
ن جد أي ضا @ أن ال عالم ك له يق لد ،وع لى ن حو متزا يد ،الهوا يات أو ال بدع
وال موديلت )ج مع مود يل أو مو ضة( ،و عادات الط عام ،و حتى طري قة ار تداء
الملبس ،والملبس ذاتها .ثم إن لغة النترنيت هي إنكليزية ،كما أن النسبة
ا لكبر من ال حاديث العالم ية في الحوا سب تأتي أي ضا @ من أمير كا،م ما يؤثر
في مح توى المحاد ثات العالم ية .واخ يرا@ ،ف قد أ صبحت أمير كا الم كان ا لذي
يحج إليه الساعون إلى الثقافة المتقدمة ،علما @ أن ثمة نصف مليون طالب
أج نبي تقري با @ ي تدفقون إ لى الول يات المت حدة ،ول ي عود ال كثيرون من هم إ لى
أو طانهم .ويم كن أن ن جد خري جي الجام عات الميرك ية في كل مك تب تقري با
في كل القارات .
وكذلك ،فإن أسلوب الكثيرين من الساسة الديمقراطيين الجانب يشبه
أو يق لد ال سلوب ا لميركي .و لم ي كن جون كي ندي الوح يد ا لذي و جد من
يق لده في ال خارج ،ول كن حتى آ خر ال قادة والزع ماء السيا سيين ا لميركيين
)وال قل شهرة( أ صبحوا مو ضع درا سة دقي قة وتقل يد سيا سي )يق لدهم
آ خرون( .وه كذا ،فإن سيا سيين من ثقا فات متباي نة كالبري طانيين واليا بانيين
)وعلى سبيل المثال ،رئيس الوزراء الياباني في منتصف التسعينات ريوتارو
ها شيموتو ،ورئ يس وزراء بريطان يا توني بل ير ل حظ تقل يد بل يرل"جي مي"
كارتر ،و"ب يل" كلين تون ،او " بوب" دول( ا لذين ي جدون من الملئم تما ما @ أن
يق لدوا عادات كلين تون الداخل ية ) في ا لداخل( ،ولم ساته ال شعبية العا مة،
وتقنيات أو أساليب علقاته العامة.
30
إن المثال يات الديمقراط ية ،المتراف قة بالتقال يد السيا سية الميرك ية،
تع مل أي ضا @ ع لى تعز يز ما يلح ظه أو ين ظر إل يه الب عض بو صفه "المبريال ية
الثقافية" لميركا .ففي عصر النتشار الكثر كثافة للشكل الديمقراطي من
الحكو مات ،ن جد أن ،ال خبرة السيا سية الميرك ية تم يل إ لى أن ت ستخدم
بو صفها مقيا سا @ للتقل يد .فالت شديد المنت شر في ال عالم ك له ع لى مركز ية
دستور مكتوب وعلى سيادة القانون وتفضيله على النفعية السياسية ،وبغض
النظر عن حجم التغيير القصير المد في الممارسة ،اعتمد على قوة الطابع
الدستوري ا لميركي .و في الزمنة الحديثة او في ال سنوات القليلة الخيرة،
ن جد أن تب ني ا لدول ال شيوعية ال سابقة لم بدأ ال سيطرة المدن ية ع لى
العسكريين ]وخاصة عندما اعتبر ذلك شرطا @ مسبقا @ لعضوية حلف الطلسي
)ال ناتو([ كان ول يزال ي تأثر إ لى حد“ كبير بالن ظام ا لميركي عن العل قات
المدنية العسكرية.
كان إغراء وتأثير النظام السياسي الميركي الديمقراطي قد ترافقا أيضا
بالجاذب ية المتزا يدة للن موذج القت صادي ا لميركي المعت مد ع لى المقاو لة
واللتزا مات ا لذي ي شدد على التجارة الحرة العالمية والتنافس غير المق يد.
وب ما أن دول الر فاه الغرب ية ،ب ما في ذ لك مراعات ها للت شديد الل ماني ع لى
"ات خاذ ال قرار بالت عاون" ب ين المتع هدين ونقا بات الع مال ،بدأت تف قد قوة
ا ندفاعها القت صادية ،فإن المز يد من ا لوروبيين ين شدون ا لن ا لرأي ال قائل
إن ال سلوب القت صادي ا لميركي ا لكثر تناف سا @ و حتى ال قل شفقة ورح مة
)أو المعدوم الشفقة( ،يجب أن يقƒلد )بفتح وتشديد اللم( إذا كانت أوروبا ل
تر يد أن تتخ لف .و حتى في اليا بان ،ن جد أن الفرد ية المت شددة في ال سلوك
القتصادي أصبحت معترفا @ بها بوصفها أمرا @ ضروريا @ للنجاح القتصادي.
وإن التشديد الميركي على الديمقراطية السياسية ،والتطوير القتصادي
يتحدان معا @ لينقل رسالة إيديولوجية بسيطة تغري الكثيرين :وهي أن السعي
إ لى الن جاح ال فردي ي عزز الحر ية ويو لد الغ نى أي ضا .وبال تالي ،فإن المز يج
الناتج عن الجمع بين المثالة والنانية هو مزيج قوي .ويقال أيضا @ إن النجاز
الذاتي الفردي هو هبة من الله ويستطيع في الوقت ذاته ان يفيد الخرين،
إ ما بإع طاء الم ثل او بتول يد الغ نى )ا لثروة( .وت لك هي العق يدة ا لتي ت جذب
الناس الذين لديهم الطاقة الطموحات ،والقدرة العالية على التنافس.
وإذ ي غزو ال طرائق الميرك ية ال عالم بالتدر يج ،فإنه يخ لق الو سط ا لكثر
ملءمة لممارسة الهيمنة الميركية غير المباشرة والتي تبدو كأنها ذات طابع
يو جد إج ماع عل يه .وع لى غرار ما هو عل يه ال حال في الن ظام ا لميركي
الداخلي ،فإن هذه الهيمنة تتضمن بنية معقدة من المؤسسات والجراءات
31
المترابطة داخليا @ في ما بينها ،والمع„دة لتوليد الجماع وعدم التماثل الغامض
في القوة والنفوذ .وهكذا ،تدعم السادة العالية الميركية بوساطة منظومة
دقيقة من التحالفات والئتلفات تمتد في كل أنحاء العالم .
أن التحالف الطلسي ،الممثل مؤسساتيا @ بما يعرف بحلف الناتو ،يربط
دول أوروبا الكثر إنتاجا @ ونفوذا @ بأميركا ،جاعل @ من الوليات المتحدة مشاركا
رئي سا @ حتى في ال شؤون الداخل ية الوروب ية ال سائدة ب ين دول أورو با .أ ما
الروابط السياسية والعسكرية الثنائية الطرف مع اليابان ،فإنها تربط أقوى
اقتصاد آسيوي بأميركا ،مع بقاء اليابان )وإن في الوقت الراهن على القل(
محم ية أميرك ية ب صورة رئي سة .وت شترك أمير كا أي ضا في ت لك التنظي مات
المت عددة ا لطراف الول يدة عبر المح يط ال هادي ك ندوة ) سوق( الت عاون
القتصادي السيوي ـ الباسيفيكي ) ،(APECجاعلة من نفسها مشاركا @ رئيسا
في شؤون هذه المنطقة من العالم .وإن نصف الكرة الغربي محمي عموما
من ال تأثيرات الخارج ية ،م ما يم كن أمير كا من ل عب دور مر كزي في
التنظي مات المت عددة ا لطراف المو جودة في ن صف ال كرة الغر بي هذا.
سي[ ،وخا صة ب عد“ و كذلك ،فإن الترتي بات المن ية الخا صة في الخل يج ]الفار
المهمة التأديبية المختصرة في عام 1991ضد العراق ،جعلت هذه المنطقة
الحيو ية اقت صاديا ت حت الحما ية الع سكرية الميرك ية .و حتى الم جال
ال سوفييتي ال سابق كان قد ا خترق بترتي بات مختل فة ترعا ها أمير كا وت هدف
إلى تعاون أوثق مع الناتو ،ونذكر منها على سبيل المثال ما عرف بالشراكة
من أجل السلم .
وفضل @ عن ذلك ،يجب أن نأخذ في العتبار ،وكجزء من النظام الميركي،
ال شبكة العالم ية للتنظي مات المتخص صة ،وخا صة المؤس سات المال ية
"الدول ية" .وه كذا يم كن ال قول إن صندوق الن قد ا لدولي ) (IMFوالب نك
ا لدولي يمثلن م صالح "عالم ية" ،ك ما أن بنيته ما يم كن أن تف هم ع لى أن ها
عالم ية .أ ما في الوا قع ،فت تم ال سيطرة عليه ما ،وإ لى حد كبير ،من ق بل
أميركا ،ويمكن تقفي أثرهما في مبادرة أميركية أصل ،تعود بشكل خاص إلى
مؤتمر بريتون وودز عام .1944
وخل فا @ للمبراطور يات ال سابقة ،فإن هذا الن ظام ال عالمي المع„ قد ل يس
هرما @ مراقبيا @ أو ذا سلطات متسلسلة .ولكن الواقع هو أن أميركا تقف في
مر كز عالم مت شابك داخل يا@ ،عل ما @ أن هذا ال عالم ت مارس ف يه ال قوة عبر
المساومة المستمرة ،والحوار ،والنتشار ،والسعي إلى إجماع رسمي ،حتى
بالرغم من أن ال قوة تن شأ فعل @ من م صدر وا حد ،هو ،وا شنطن دي .سي.
و هذا هو الم كان ا لذي ي جب أن تل عب ف يه اللع بة .وأن تل عب أي ضا @ و فق
32
القوا عد أو ال قوانين الداخل ية لمير كا .ورب ما ي كون أ كبر ث من يدفعه ال عالم
ل قاء مركز ية العمل ية الديمقراط ية في الهيم نة العالم ية الميرك ية هو در جة
انجذاب الدول الجنبية إلى المساومة السياسية الميركية الداخلية .فضمن
ال مدى ا لذي ت ستطيع الحكو مات الجنب ية أن تت صرف ف يف ن جد أن ها ت سعى
إ لى ت عبئة أولئك ا لميركيين ا لذين ت شترك مع هم في هو ية دين ية أو اتن ية
خا صة .و كذلك ت ستخدم مع ظم الحكو مات اللوب يات الميرك ية ل كي تح قق
ت قدما @ ما في ق ضاياها ،ول سيما في ال كونغرس ،وذ لك بال ضافة إ لى ن حو
أ لف مجمو عة م صالح أجنب ية خا صة م سجلة بو صفها ن شيطة في العا صمة
الميرك ية .وت سعى أي ضا @ المجمو عات التن ية الميرك ية إ لى ال تأثير في
السياسة الجنبية الميركية ،علما @ أن اللوبيات اليهودية ،واليونانية ،والرمنية
تقف في المقدمة بوصفها ذات تنظيمات تعتبر الكثر فعالية .
وه كذا ن جد أن ال سيادة الميرك ية خل قت نظا ما @ دول يا @ جد يدا@ ،لم يع مل
على تقديم نسخة ثانية عن الكثير من ملمح النظام الميركي فحسب ،بل
ع مل أي ضا @ ع لى ا ضفاء ال طابع المؤس ساتي الم شروع ع لى هذه المل مح.
وتشمل الملمح الرئيسة لهذا النظام ما يلي:
ـ نظام أمن جماعي ،بما في ذلك قيادة وقوات موحدة )الناتو ،المعاهدة
المنية الميركية اليابانية ،الخ (...
ـ ت عاون اقت صادي إقلي مي ) ندوة الت عاون القت صادي ال سيوي-
البا سيفيكي ،واتفاق ية الت جارة ال حرة لميرك يا ال شمالية( ومؤس سات تعاون ية
عالم ية متخص صة )الب نك ا لدولي ،و صندوق الن قد ا لدولي ،ومنظ مة الت جارة
العالمية(.
كان معظم هذا النظام قد نشأ في أثناء الحرب الباردة بوصفه جزءا @ من
الج هد ا لميركي ال هادف إ لى اح تواء مناف سه ال عالمي ا لذي هو الت حاد
السوفييتي .
33
وهكذا كان هذا النظام جاهزا @ للستخدام العالمي ،بمجرد ان تداعى هذا
الم نافس ،وبال تالي خر جت أمير كا بو صفها ال قوة العالم ية ا لولى والوح يدة.
وقد وصف أحد علماء السياسة ج .جون إيكينيري جوهر هذا النظام بما يلي:
وفي الوقت الراهن ،لتوجد منافسة لهذه الهيمنة العالمية الميركية غير
المسبوقة .ولكن هل ستبقى دون تحديات في السنوات القادمة؟.
) (1من البحث الذي قام به بعنوان "خلق النظام الليبرالي :مناشىء واستمرارية إيجاد
الحلول الغربية في فترة ما بعد الحرب" ،جامعة بنسلفانيا ،فيلدلفيا ،تشرين الثاني.1995 ،
34
الفصل الثاني
35
بالنسبة إلى القارة الرئيسة في العالم .فثمة 75في المئة من سكان العالم
يعي شون في أورا سيا ،ك ما أن مع ظم ا لثروات الماد ية لل عالم مو جودة ه نا
أي ضا .ويب لغ ا لدخل ال قومي ال سنوي لورا سيا ن حو 60في المئة من إج مالي
الدخل القومي السنوي في العالم ،كما أن مصادر الطاقة فيها تساوي تقريبا
ثلثة أرباع موارد الطاقة الجمالية المعروفة في العالم .
وأوراسيا هي أيضا @ موطن معظم دول العالم الدينامية والحازمة سياسيا@.
فب عد الول يات المت حدة ،ن جد أن أ قوى ستة اقت صاديات ،وأ كثر ست دول
إنفاقا @ على التسلح العسكري موجودة في أوراسيا .وأن كل القوى )الدول(
النووية المعلنة في العالم ما عدا واحدة ،وكل الدول النووية غير المعلنة ما
عدا وا حدة مو جودة أي ضا @ في أورا سيا .ثم إن ا لدولتين ا لكثر سكانا @ في
ال عالم والمر شحتين للهيم نة القليم ية وللن فوذ ع لى ال عالم ه ما أورا سيتان.
و كذلك فإن كل المت حدين المحتمل ين سيا سيا @ و/أو اقت صاديا لل سيادة أو
السيطرة الميركية هم أوراسيون .وبصورة إجمالية ،فإن قوة أوراسيا تفوق
إلى حد كبير قوة أميركا .ولكن ،ولحسن حظ أميركا ،فإن أوراسيا هي من
الكبر )التساع( على نحو يصعب معه أن تتوحد سياسيا@.
وهكذا ،فإن أوراسيا @ هي رقعة الشطرنج التي يستمر فيها الصراع على
ال سيطرة العالم ية .و مع أن الج يو ا ستراتيجية ،أو ا لدارة ال ستراتيجية
للم صالح الجيوبوليت ية ،يم كن أن ت قارن بال شطرنج ،فإن الرق عة ال شطرنجية
لوراسيا ذات الشكل البيضاوي إلى حد ما ،ل يقتصر لعبوها على اثنين ،بل
يتعدى ذلك إلى عدة لعبين ،يملك كل منهم حجما @ مختلفا @ من القوة .ولكن
الل عبين الرئي سيين يتو ضعون في غرب ،و شرق ،وو سط ،وج نوب هذه
الرق عة .وإن كل الطرف ين الق صيين الغر بي وال شرقي من رق عة ال شطرنج
هذه يحتويان على مناطق كثيفة السكان ،وتضم عدة دول قوية .ففي حالة
المح يط الغر بي ال صغير لورا سيا ،ن جد أن ال قوة الميرك ية تنت شر مبا شرة
عليه .وتشكل الرض الرئيسة الشرقية مقرا @ للعب مستقل ذي قوة متزايدة
ويسيطر على عدد كبير جدا @ من السكان بينما نجد أن ،أرض منافسة القوي،
المقت صرة ع لى عدة جزائر )ج مع جز يرة( مت جاورة ،ون صف شبه جز يرة
صغيرة شرق أقصوية .تؤمن مقرا @ أو مرتكزا @ للقوة الميركية.
1ـ القارة المركزية جيوبوليتيا في العالم والجزاء الحيوية المحيطة به
2ـ عكست الخريطة من المنظور أو الشكل التقليدي لتصبح ذات التأثير
بصري
3ـ أميركا الشمالية
36
4ـ المحيط الهادي الشمالي
5ـ المحيط الطلسي الشمالي
6ـ المحيط الهادي الجنوبي
7ـ أميركا الجنوبية
8ـ المحيط الطلسي الجنوبي
9ـ إفريقيا
10ـ أوراسيا
11ـ المحيط الهادي الشمالي
12ـ المحيط الهادي الجنوبي
13ـ أوستراليا
1ـ القارات :المساحة
2ـ بمليين الكيلومترات المربعة
3ـ أوراسيا
4ـ إفريقيا /الشرق الوسط
5ـ أميركا الجنوبية
6ـ أميركا الشمالية
7ـ القارات :السكان
8ـ بالمليين
9ـ اوراسيا
10إفريقيا /الشرق الوسط
11ـ أميركا الجنوبية
12ـ أميركا الشمالية
13ـ القارات :الدخل القومي السنوي
14ـ بمليارات الدولرات
15ـ أوراسيا
16ـ إفريقيا /الشرق الوسط
37
17ـ أميركا الجنوبية
18ـ أميركا الشمالية
1ـ رقعة الشطرنج الوراسية
2ـ المنطقة الوسطى
3ـ المنطقة الشرقية
4ـ المنطقة الجنوبية
5ـ المنطقة الغربية
تمتد بين الطرفين الغربي والشرقي تلك الرض الوسطى الواسعة التي
ي توزع في ها ال سكان ه نا وه ناك وتع تبر غ ير متما سكة سيا سيا @ ومت شظية
تنظيم يا@ ،وا لتي شغلها سابقا @ م نافس قوي للو جود ا لميركي ،عل ما @ أن هذا
المنافس كان في وقت ما قد التزام بطرد أميركا من أوراسيا ،وإلى الجنوب
من هذا ال سهل الورا سي المر كزي ال كبير تو جد منط قة ت سودها الفو ضى
السيا سية ولكن ها غن ية بالطا قة ويحت مل أن ت كون ذات أهم ية كبيرة لكل تا
ا لدولتين الورا سيتين الغرب ية وال شرقية ،ب ما في ذ لك المنط قة الواق عة في
أقصى الجنوب ذات الكثافة السكانية العالية والمرشحة للهيمنة القليمية .
إن هذه الرق عة ال شطرنجية الورا سية الغرب ية ال شكل ،وا لتي تم تد من
ل شبونة إ لى فلديف ستوك ،ت قدم م كان وز مان "اللع بة" .وه كذا ،فإذا أم كن
تو سيع هذه الم ساحة المركز ية ع لى ن حو متزا يد إ لى ا لدائرة أو المح يط
المم تد إ لى ال غرب )ح يث تت فوق أمير كا( ،وإذا لم تخ ضع المنط قة الجنوب ية
لسيطرة لعب واحد ،أو إذا لم يوحد الشرق بطريقة تدفع إلى طرد أميركا
من القوا عد ال ساحلية ،فإن أمير كا ت ستطيع ،ع ندئذ ،أن ت سود .ول كن إذا
عم لت المنط قة الو سطى ع لى صد المنط قة الغرب ية ،فست صبح كيا نا م فردا
حاسما@ ،وبالتالي فإما ستسيطر على المنطقة الجنوبية أو تشكل تحالفا مع
ل عب شرقي رئ يس ،وع ندئذ فإن ال سيادة الميرك ية في أورا سيا سوف
تتق لص ع لى ن حو درا مي) حاد( .و سيحدث ال شيء ذا ته إذا تو حد لع بان
شرقيان رئيسان بشكل أو بآخر .وأخيرا فإذا طرد الشركاء الغربيون أميركا
من قاعدتها في المحيط )الدائرة( الغربية سوف ينهي أوتوماتيكيا @ المشاركة
الميرك ية في الل عب ع لى رق عة ال شطرنج الورا سية ،حتى و لو كان ذ لك
يعني غالبا @ التبعية الفعلية للمنطقة الغربية إلى لعب بعث من جديد وشغل
المنطقة الوسطى.
38
إن أب عاد الهيم نة العالم ية لمير كا كبيرة ع لى ن حو م عترف به ،ول كن
عمق ها قل يل ،وم ح „ دد بتقي يدات داخل ية وخارج ية ع لى حد سواء .فالهيم نة
الميركية تتضمن ممارسة نفوذ حاسم ،وإن لم يكن هذا النفوذ عموما@ ،نوعا
من ال سيطرة المبا شرة ،ع لى غرار ما كان عل يه ا لمر في المبراطور يات
السابقة .فالحجم الكبير والتنوع في أوراسيا ،وإلى جانب قوة بعض دولها،
ي حدان من ع مق الن فوذ ا لميركي ،و من ح جم ال سيطرة الميرك ية ع لى
م جرى ال حداث .ف هذه ال قارة ال كبيرة جدا@ ،وال كثيرة ال سكان ،والمتنو عة
الثقا فات ،والمؤل فة من عدد كبير من ا لدول الطمو حة تاريخ يا@ ،والن شيطة
سياسيا @ ل يمكنها أن تذعن حتى لقوة عالمية مهما كانت ناجحة اقتصاديا @ أو
بارزة ومتفو قة سيا سيا .وإن هذا ال شرط ي شجع ع لى الم هارة
الجيوا ستراتيجية ،وع لى الن شر المعت نى به ،والنت قائي ،وال مدروس ج يدا
لموارد أميركا على رقعة الشطرنج الوراسية الكبيرة جدا.
وإ نه ل صحيح أي ضا @ أن أمير كا ا لتي ت مارس الديمقراط ية في ا لداخل ل
يمكن ها أن ت كون م ستبدة في ال خارج .فإن ذ لك ي حد „ من ا ستخدام ال قوة
الميركية ،ول سيما قدرتها على الترويع العسكري .ولم يحدث قط من قبل
أن استطاعت ديمقراط ية شعبية أن تح قق سيادة دولية .ولكن ال سعي إ لى
اكتساب القوة ليس هدفا @ يستقطب العواطف الشعبية إل في شروط الخطر
الم فاجئ أو الت حدي لم شاعر ال ناس إزاء الر فاه ا لداخلي .فن كران ا لذات
اقت صاديا @ )أي الن فاق ا لدفاعي( والت ضحيات الب شرية )ال صابات حتى ب ين
الج نود الم حترفين( ا لتي يح تاج إلي ها الج هد الم بذول في هذا الم جال لي ست
متناغ مة مع ال غرائز الديمقراط ية.فالديمقراط ية ب حد ذات ها هي غ ير ملئ مة
للتعبئة المبريالية.
وف ضل @ عن ذ لك ،فإن ال كثير من ا لميركيين ل يج ندون ولي شعرون
بالتعاطف مع وضع بلدهم الجديد بوصفها القوة العظمى العالمية الوحيدة.
وإن "الفر حة" السيا سية المتعل قة بانت صار أمير كا في ال حرب البار جة تل قى
استقبال @ باردا@ ،وقد كانت أيضا @ مدعاة لشيء من السخرية من قبل المعلقين
ذوي التفكير اللبيرالي .وفي الواقع ،فثمة وجهتا نظر محتلفتان إزاء مضامين
الموقف الميركي الراهن ونجاح اميركا في التنافس مع التحاد السوفييتي
السابق وهما ،أي وجهتا النظر هاتان تثيران عواصف على الصعيد السياسي:
ف من ناح ية ن جد وج هة الن ظر القائ لة إن انت هاء ال حرب ال باردة هو مبرر هام
لخفض الشتباك العالمي لميركا مع الحداث ،وبغض النظر عن النتائج على
هذا المو قف ال عالمي لمير كا؛ و من ناح ية ثان ية ،ن جد وج هة الن ظر ا لخرى
القائلة إنه حان الوقت لتعددية دولية حقيقية ،والتي يحب فيها على أميركا
39
أن تتخلى عن بعض سيادتها .وقد استقطبت كل هاتين المدرستين ولء وتأييد
نخبة أو جمهور ملتزم .
إن ما يعقد الزمات التي تواجه القيادة الميركية هو التغيرات في طبيعة
الو ضع ا لدولي ذا ته :فال ستخدام المبا شر لل قوة يم يل ا لن إ لى أن ي كون
مق يدا @ بدر جة أ كبر م ما كان عل يه في الما ضي .و قد عم لت ال سلحة النوو ية
ع لى ا لقلل ب شكل حاد من فائدة ال حرب كأداة للسيا سة أو حتى بو صفها
تهد يدا @ وخ طرا .وه كذا ،فإن العت ماد القت صادي المت بادل ب ين ا لدول يج عل
ال ستغلل السيا سي للتهد يد القت صادي أ قل إلحا حا .وبال تالي ،فإن الم ناورة
والديبلوماسية ،وإقامة التحالف ،واختيار الحلفاء ،والنشر المتعمد للمؤثرات
السياسية لدولة ما ،أصبحت كلها عناصر رئيسة في الممارسة )الستخدام(
الناجحة للقوة الجيواستراتيجية على رقعة الشطرنج الوراسية .
40
وعموما@ ،فإن الظاهرة الكثر حدة في الربط بين القومية وامتلك الرض
تظهر على نحو واضح في ألمانيا النازية واليابان المبراطورية .فالجهد لبناء
"الرا يخ ا لذي ا ستمر أ لف سنة" ذ هب إ لى أب عد من هدف إ عادة توح يد
الشعوب الناطقة باللغة اللمانية تحت سقف سياسي واحد ورك„ز أيضا على
الرغ بة في ال سيطرة ع لى "ز هرة الق مح" في أوكران يا وع لى الرا ضي
السلفية أيضا@ ،والتي كان على شعوبها أن تقدم يدا @ عاملة رخيصة بوساطة
الر قاء ل صالح الدو لة المبريال ية .كان اليا بانيون قد تم سكوا ،ع لى ن حو
مما ثل ،بالمفهوم ال قائل إن الحتلل المبا شر لرض من شوريا ،ولح قا @ ل جزر
اله ند ال شرقية المنت جة للن فط ،هو ضروري لتحق يق ال سعي اليا باني إ لى
امتلك القوة القومية والوضع الدولي .
وع لى ن حو مما ثل ،ول قرون من الز من ،فإن تعر يف العظ مة القوم ية
الرو سية كان م عادل @ لمتلك ا لرض ،و حتى في نها ية ال قرن الع شرين ،ن جد
أن ال صرار الرو سي ع لى الحت فاظ بال سيطرة ع لى شعوب غ ير رو سية
كالشيشان ،على سبيل المثال ،الذين كانوا يعيشون حول خط نفط حيوي،
برر بالرغم أن هذه ال سيطرة ضرورية لمو قف أو هي بة رو سيا كان قد „
بوصفها قوة )دولة( عظمى.
ت ستمر ا لدول ا لمم في كون ها ت شكل و حدات أسا سية في الن ظام
العالمي .وبالرغم من التراجع في المفهوم القومي للقوة )الدولة( الكبرى،
و من أن تل شي اليديولوج ية خ ف „ض وا ضعف الم ضمون ال عاطفي للسيا سة
العالم ية ،وبين ما أدخ لت ال سلحة النوو ية تقي يدات رئي سة ع لى ا ستخدام
ال قوة ،فإن الت نافس المعت مد ع لى امتلك ا لرض ل يزال يح كم ال شؤون
العالم ية ،حتى و لو أن أ شكاله تم يل حال يا @ إ لى أن ت كون ذات طابع مدني
بدرجة أكبر .وفي هذه المنافسة فإن الموقع الجغرافي ل يزال يشكل نقطة
النطلق لتعريف أو تحديد الفضليات الخارجية للدولة المة ،كما أن حجم أو
مساحة الرض الوطنية تبقى أيضا @ أحد أهم العوامل الرئيسة للهيبة والقوة .
ومهما يكن المر فبالنسبة إلى الدول المم ،نجد أن قضية امتلك الرض
بدأت تتراجع مؤخرا @ وتف قد أهميت ها وبروز ها .و في ال مدى ا لذي ل تزال ف يه
النزاعات القليمية عامل @ مهما @ في تشكيل السياسة الخارجية لبعض الدول،
فهي تعتبر مسألة استياء ناجم عن التنكر لحق تقرير المصير للخوة التنيين
ا لذين ي قال عن هم إن هم محرو مون من حق الن ضمام إ لى "ا لوطن الم" أو
م سألة تظ لم من سوء التعا مل المز عوم من ق بل دو لة جارة لقل يات اتن ية
أ كثر م ما هي ذ لك ال سعي إ لى تحق يق و ضع او هي بة وطن ية مح سنة عبر
التوسع القليمي .
41
وه كذا ،ن جد أي ضا @ ع لى ن حو متزا يد،أن الن خب )ج مع نخ بة( الوطن ية
الحاك مة أ صبحت ت عترف ان عوا مل أ خرى غ ير ا لرض أ صبحت أ كثر أهم ية
في تقر ير الو ضع أو الهي بة الدول ية لدو لة ما أو تقر ير در جة نفوذ ها ا لدولي.
وإن الم هارة القت صادية ،وترجمت ها إ لى ابت كارات تكنولوج ية ،ت ستطيع أن
ت كون عامل @ رئي سا @ من عوا مل ال قوة .واليا بان ذات ها ت قدم م ثال @ رائ عا @ ع لى
ذلك.وبرغم ذلك ،فإن الموقع الجغرافي ل يزال يميل إلى تقرير الفضليات
الفورية للدولة المعنية ،وبالتالي ،فكلما ازدادت القوة العسكرية والقتصادية
والسيا سية لدو لة ما ،ازداد أي ضا @ ي صف ق طر دائرة م صالحها الجيوبوليت ية
الحيوية ،ونفوذها ،وتدخلها ،على نحو يتعدى جيرانها المباشرين .
و حتى و قت قر يب جرة جدل ب ين المحلل ين الجيوبول يتيين ال بارزين ع ما
إذا كانت قوة الرض أهم من قوة البحر ،وما هي المنطقة الوراسية الكثر
حيو ية لل سيطرة ع لى ال قارة كل ها .و قد قاد أ حد أبرز هؤلء المحلل ين ،و هو
هارولد ماكيندر ،النقاش في بداية القرن الحالي وخلص إلى مفاهيم لحقة
عن "المنطقة المحورية" الوراسية )التي قيل انها تضم كل سيبيريا والجزء
ا لكبر من آ سيا الو سطى( و في و قت ل حق عن "ا لرض المركز ية" في
وسط وشرق اوروبا بوصفها تشكل نقاط النطلق الحيوية لتحقيق السيطرة
ع لى ال قارة .و قد أ ضفى طاب عا @ شعبيا @ ع لى مف هومه عن ا لرض المركز ية
بمقولته المشهورة :
ـ من يحكم شرق أوروبا يسيطر على الرض المركزية ؛
ـ ومن يحكم الرض المركزية يسيطر على جزيرة العالم؛
ـ ومن يحكم جزيرة العالم يسيطر على العالم.
أث يرت الجغراف يا السيا سية من ق بل ب عض عل ماء الجغراف يا السيا سية
الل مان ال بارزين ل كي تبرر شعار بلد هم"الم تداد الح يوي ن حو ال شرق" ول
سيما كارل هاوسهوفر ا لذي لءم مف هوم ماكيندر مع الحاجات الستراتيجية
للمانيا .وكان يمكن سماع الصدى ألهمجي لهذا المفهوم وفي تشديد أدولف
هتلر على حاجة الشعب اللماني إلى "المدى الحيوي" .وقد توقع مفكرون
أوروبيون آخرون في النصف الول من هذا القرن تغييرا @ في اتجاه الشرق
في المركز الجيوبوليتي للجاذبية ،على ان تصبح منطقة المحيط الهادي ،ول
سيما أمير كا واليا بان ،الوار ثة المحتم لة لل سيطرة الوروب ية المتل شية.
ولحباط هذه التغيير،فقد دا فع عالم الجغرافيا السياسية الفرنسي ،وعلماء
جيوبوليتيون آخرون ،عن ضرورة تحقيق وحدة أكبر بين الدول الوروبية حتى
قبل الحرب العالمية الثانية.
42
وفي الوقت الراهن ،لم تعد قضية الجغرافيا السياسية متعلقة بكون هذا
أو ذاك ال جزء الجغرا في من أورا سيا ي شكل نق طة انطلق لل سيطرة ع لى
القارة ،أو يكون قوة الرض أهم من قوة البحر .ولكن الجغرافيا السياسية
انتقلت من البعد القليمي إلى البعد العالمي ،مع جعل السيطرة على القارة
الورا سية كل ها أسا سا @ لل سيطرة ع لى ال عالم .فالول يات المت حدة،ا لتي هي
دو لة غ ير أورا سية ،تتم تع إ لى ،ب سيطرة دول ية ،مع و جود قوت ها المنت شرة
مباشرة على ثلثة حدود محيطية للقارة الوراسية ،والتي تمارس منها نفوذا
قو يا @ ع لى ا لدول ا لتي ت شغل المنط قة الخلف ية الورا سية .ول كن يحت مل أن
يظ هر م نافس أو غر يم محت مل لمير كا في هذه ال قارة ذات ها ،أي أورا سيا،
ا لتي تع تبر أ هم بق عة في ال عالم لممار سة الل عب .وهكذا ،فإن ا لتركيز على
الل عبين الرئي سيين ،والتقي يم ال صحيح ل لرض ي جب أن يكو نا نق طة النطلق
ل صياغة الجغراف يا ال ستراتيجية الميرك ية من أ جل ا لدارة الطوي لة ال مد
للمصالح الجيوبوليتية الوراسية لميركا.
ومن هنا نجد أن ثمة حاجة إلى خطوتين أساسيتين هما:
ـ ا لولى المتمث لة في تحد يد ا لدول الورا سية الدينام ية جيوا ستراتيجيا
وا لتي تم لك ال قوة ل حداث تغي ير محت مل هام في التوز يع ا لدولي لل قوة،
ولك شف ال هداف الخارج ية الرئي سة للن خب )ج مع نخ بة( السيا سية الحاك مة
وللنتائج المحتملة ل سعي ا لدول المعنية إلى تحقيق أ هدافها؛ و كذلك لتحد يد
ا لدول الورا سية الحسا سة جيوبوليت يا @ ا لتي ي كون لتو ضعها الجغرا في و/أو
وجودها تأثيرات محفزة إما على اللعبين الجيواستراتيجيين الكثر نشاطا @ أو
على الشرط القليمية؛
ـ الثانية ،المتمثلة في صياغة سياسات أميركية معينة تعمل على التوازن
وال ستيعاب و/أو ال سيطرة ع لى ما جاء أعله ،وذ لك ع لى ن حو يم كن م عه
المحاف ظة ع لى الم صالح الميرك ية الحيو ية ور فع م ستواها ،و كذلك تع مل
ع لى و ضع م فاهيم أ كثر شمولية عن الجيوا ستراتيجيا يمكن ها أن تق يم ع لى
نطاق عالمي علقة متبادلة بين السياسات الميركية الكثر وضوحا @ وفعالية .
وباختصار فإن الجيواستراتيجية الوراسية التي تأخذ بها الوليات المتحدة
تت ضمن ا لدارة الهاد فة أو الحا سمة ا لتي ت مارس ع لى ا لدول الدينام ية
جيوا ستراتيجيا@ ،والح تواء ال حذر ل لدول ال مؤثرة جيوبوليت يا@ ،وذ لك من خلل
مرا عاة الم صالح المزدو جة لمير كا في المحاف ظة ع لى ال مد الق صير ع لى
قوتها العالمية الفريدة في نوعها وفي تحويل هذه القوة على المدى الطويل
إلى تعاون عالمي ذي طابع مؤسساتي يتزايد مع الزمن .ولكي نضع ذلك في
43
ت عبير ي عود إ لى الز من ا لكثر همج ية في المبراطور يات القدي مة ،ن جد أن
المور الثلثة الكبرى للجيواستراتيجية المبراطورية تهدف إلى منع التصادم
والمحاف ظة ع لى العت ماد ا لمني المت بادل ب ين الت باع الخا ضعين لل سيطرة،
وإ لى المحاف ظة أيضا @ على هؤلء التباع في وضع الذعان وحمايتهم ،ناهيك
بمحاولة البقاء على البرابرة في وضع يمنع التحالف بينهم.
اللعبون الجيواستراتيجيون والمحاور الجيوبوليتية
إن الل عبين الجيوا ستراتيجيين الن شيطين هم ا لدول ا لتي تم لك ال قدرة
وا لرادة القوم ية ع لى ممار سة ال قوة أو الن فوذ في ما وراء ال حدود بغ ية
تغي ير ،وبدر جة تؤثر في الم صالح الميرك ية ،حا لة ال شؤون الجيوبوليت ية
الراه نة .تم لك هذه ا لدول أي ضا @ الم قدرة الكام نة و/أو ال ستعداد لن ت كون
سريعة التأثر جيوبوليتيا .وهكذا نجد أن بعض الدول تسعى فعل@ ،ولي سبب
كان ،كأن تر يد تحق يق الب هة القوم ية أو الن جازات اليديولوج ية ،أو
الطموحات الدينية ،أو التوسع القتصادي ،إلى تحقيق السيطرة القليمية أو
الهي بة العالم ية .و هي ت كون مدفو عة ب حوافز عمي قة ال جذور ومع قدة .ولعل نا
نجد أفضل تعبير عنها في قول روبرت براونينغ:
"...إن هدف النسان يجب أن يكون أكبر مما يستطيع فعله ،أو ما يعتبر
بالنسبة إليه ،سماء أو جنة له ؟" .وهكذا ،يجب على هذه الدول أن تحسب
بد قة قوة أمير كا ،وتقرر ال مدى الذي تستطيع فيه أن تتجاوز هذه الدو لة او
تصطدم بها ،وفي ضوء ذلك تضع اهدافها الوراسية المحدودة نوعا @ ما ،والتي
قد تتصادم أحيانا@ ،أو تتوافق في أحيان أخرى مع سياسات أميركا .ولذا يجب
أن تع ير أمير كا اهتما ما @ خا صا @ إ لى ا لدول الورا سية ا لتي تم لك م ثل هذه
الحوافز.
أما المحاور الثابتة الجيوبوليتية فهي الدول التي ل تأتي أهميتها من قوتها
وحوافزها بل من مواقع ها الحساسة ،و من نتائج شروطها او ظروف ها ا لتي
ت كون غال با @ غ ير مني عة إزاء سلوك الل عبين الجيوا ستراتيجيين .و في أغ لب
الح يان ،تت عثر الم حاور الثاب تة الجيوبوليت ية بجغراف ية ا لدول المعن ية ا لتي
تع طي هذه الم حاور ،في ب عض ال حالت ،دورا @ خا صا @ إ ما في تحد يد طري قة
الو صول إ لى م ناطق مه مة أو في م نع ال موارد عن ل عب م هم .و في ب عض
ال حالت ا لخرى ،يم كن ان تت صرف الدو لة ا لتي ت شكل الم حور الجيوبول يتي
بو صفها در عا @ دفاع يا @ لدو لة حيو ية ما او حتى لديا نة ما .و في أح يان أ خرى،
يمكن القول إن مجرد وجود مثل هذه الدولة ذات المحور الجيوبوليتي يعني
44
حدوث تأثيرات سياسية وثقافية ها مة جدا @ في ل عب جيواستراتيجي مجاور
ذي فعالية أكبر.
وعموما@ ،فإن تحديد الدول المحورية الجيوبوليتية الوراسية الرئيسة في
فترة ما بعد الحرب الباردة ،وحمايتها ،هو ،بالتالي ،سمة حرجة من سمات
الجيواستراتيجية العالمية لميركا.
ي جب ان يل حظ في البدا ية أ نه بالرغم من م يل الل عبين
الجيواستراتيجيين كلهم إلى أن يكونوا دول @ مهمة وقوية ،فل تعتبر كل الدول
المهمة والقوية بشكل آلي من اللعبين الجيواستراتيجيين .وهكذا ،فإن كان
تحد يد الل عبين الجيوا ستراتيجيين عمل @ سهل @ ن سبيا@ ،فإن إل غاء ب عض ا لدول
المهمة من اللئحة التي سترد لحقا @ يمكن أن يحتاج إلى بعض التبرير.
وفي الظروف العالمية الراهنة ،يمكن أن نحدد على القل خمسة لعبين
جيوا ستراتيجيين رئي سيين وخ مس دول محور ية جيوبوليت ية ) مع كون اث نتين
من هذه ا لدول الخ مس تحملن رب ما ما يؤهله ما جزئيا @ لتكو نا من الل عبين(
في الخريطة السياسية الجديدة لوراسيا .فرنسا ،وألمانيا ،وروسيا ،والصين،
واله ند هي من الل عبين الرئي سيين والف عالين ،بين ما ل تتأ هل بريطان يا
العظ مى ،واليا بان ،واندوني سيا ،ل هذا ا لدور بالرغم من ال عتراف بأن ها دول
مه مة جدا .أ ما أوكران يا ،وأذربي جان ،وكور يا الجنوب ية ،وترك يا ،وإ يران ،فإن ها
تل عب دور الم حاور الثابتة الجيوبوليتية المه مة إ لى حد حرج ،بالرغم من ان
تركيا وإيران تعتبران جيواستراتيجيا @ إلى حد ما ،وضمن إمكاناتهما المحدودة
عموما .وسيقال المزيد عن كل منهما في الفصول اللحقة .
و في هذه المرح لة ،يك في أن ن قول إن ال عبين الجيوا ستراتيجيين
الرئيسيين والديناميين في الطرف القصى الغربي من اوراسيا هما فرنسا
وألمان يا .وكل هاتين ا لدولتين تحفزه ما رؤ ية م ستقبلية عن أورو با المو حدة،
بالرغم من أنه ما تختل فان عن مدى وطري قة و جوب ب قاء أورو با مرتب طة
بأميركا )شدة هذا الرتباط وأسلوبه( .ولكن كلتيها تريدان تشكيل شيء ما
يكون جديدا @ وملبيا @ لطموحات في أوروبل مما يؤدي إلى تغيير المر الواقع.
وتم لك فرن سا ب شكل خاص مفهو ما جيوا ستراتيجيا @ عن أورو با يخت لف في
ب عض سماته الها مة عن مف هوم الول يات المت حدة ،و هي ،أي فرن سا ،تم يل
إ لى الن خراط في م ناورات تكتيك ية م عدة لج عل رو سيا تل عب ضد أمير كا
وج عل بريطان يا العظ مى تل عب ضد ألمان يا ،حتى بالرغم من اعتماد ها ع لى
التحالف الفرنسي اللماني لتجاوز ضعفها النسبي أو موازنته.
45
وف ضل @ عن ذ لك ،فإن فرن سا وألمان يا كان تا قو يتين وف عالتين ب ما يك في
لممارسة النفوذ ضمن نصف قطر إقليمي أوسع .ففرنسا ل تسعى إلى دور
سيا سي رئ يس في توح يد أورو با فح سب ،ولكن ها ترى نف سها أي ضا بو صفها
نواة لتج مع دول حوض الب حر المتو سط و شمال إفريق يا ا لتي ل ها اهتما مات
م شتركة .وألمان يا ت شعر ع لى ن حو متزا يد بو ضعها ال خاص كأهم دو لة في
أورو با ،أو بو صفها ال قوة المحر كة القت صادية للمنط قة ،وال قائد ال بارز في
الت حاد ا لوروبي .وت شعر ألمان يا أي ضا بم سؤوليتها الخا صة عن أورو با
الو سطى المت حررة حديثا @ من قيود ها وبطري قة تذكر ع لى ن حو غامض
بالمفاهيم السابقة عن أوروبا الوسطى المقادة من قبل ألمانيا .وفضل عن
ذلك ،فإن كل الدولتين فرنسا وألمانيا تعتبران نفسيهما مالكتين لحق تمثيل
الم صالح الوروب ية في التعا مل مع رو سيا ،و كذلك ،فإن ألمان يا تحت فظ
لنف سها ،وب سبب موقع ها الجغرا في ،وإن نظر يا @ ع لى ال قل ،بالخ يار ال كبير
للتكيف الخاص الثنائي الطرف مع روسيا .
وفي المقابل ،فإن بريطانيا العظمى ليست لعبا @ جيواستراتيجيا@ .ولديها
عدد أ قل من الخ يارات الرئي سة ،ف هي ل تم لك رؤ ية طمو حة عن م ستقبل
أورو با ،ك ما أن تراجع ها الن سبي ق ل „ل أي ضا @ من قدرتها ع لى ل عب ا لدور
التقل يدي ا لذي كانت ت قوم به بو صفها محق قة لل توازن ا لوروبي .وإن ت عدد
وجهات النظر فيها إزاء الوحدة الوروبية وارتباطها بعلقة متلشية مع أميركا
جعل منها )أي بريطانيا العظمى( دولة غير معنية على نحو متزايد ،وإن حتى
الن على القل ،بالخيارات الرئيسة التي تواجه مستقبل أوروبا .وهكذا نجد
أن لندن أخرجت نفسها ،إلى حد كبير من اللعبة الوروبية.
يذكر ال سير روي دين مان ،أ حد الم سؤولين البري طانيين الك بار ال سابقين
في اللج نة الوروب ية ،في مذكراته ،أن ال ناطق الر سمي با سم بريطان يا أ كد
بو ضوح ،في ال مؤتمر ا لذي ع قد في بدا ية ال عام 1955في م سينا ،وا لذي
عر ضت ف يه وج هات ن ظر عن ت شكيل الت حاد ا لوروبي ،وأ مام ال مؤتمرين
الذين اعتبروا آنذاك مهندسي مستقبل أوروبا ،على ما يلي:
"إن المعا هدة الم ستقبلية ا لتي تناق شونها لن ت تاح ل ها فر صة المواف قة
عليها؛ وإذا تمت الموافقة عليها فلن تتاح لها فرصة التنفيذ .وحتى إذا نفذت
ف سوف ت كون غ ير مقبو لة إج مال @ من ق بل بريطان يا ...أودع كم ا لن وأتم نى
لكم حظا سعيدا((1".
@
46
وبعد أكثر من 50سنة تبقى هذه المقولة بصورة رئيسة ممثلة أو معبرة
عن الموقف البريطاني الساسي إزاء إقامة أوروبا الموحدة على نحو فعلي.
وإن ر فض بريطان يا ال شتراك في الت حاد القت صادي والن قدي )المتع لق
بتوح يد العملت الم ستعملة في عملة وا حدة( وا لذي ي جب أن يطبق اعت بارا
من كانون ال ثاني ،1999يع كس عدم رغ بة هذه الدو لة في ر بط )تحد يد(
مصيرها بمصير أوروبا .وكان جوهر هذا الموقف قد لخص في بداية أعوام
التسعينات كما يلي:
ـ بريطانيا ترفض هدف التوحيد السياسي .
ـ بريطانيا تحبذ نموذج التكامل القتصادي المعتمد على التجارة الحرة .
ـ بريطانيا تفضل السياسة الخارجية ،والمن ،وتنسيق الدفاع خارج إطار
)المجموعة الوروبية( .
ـ بريطان يا عم لت نادرا @ ع لى ج عل نفوذ ها في حده الق صى في م جال
عمل أو مع المجموعة الوروبية.((2
إن بريطانيا العظمى ما تزال ،بالتأكيد ،مهمة لميركا .وهي مستمرة في
ممارسة در جة ما من الن فوذ العالمي عبر راب طة الشعوب البريطانية )دول
الكومنولث( ،ولكنها ليست قوة )دولة( رئيسة )كبيرة( مضطربة ول تحفزها
رؤ ية م ستقبلية طمو حة .إن صداقتها تح تاج إ لى تقو ية ،ول كن سيا ساتها ل
تدعو إلى إعارة اهتمام دائم .فهي لعب جيواستراتيجي متقاعد ،وتنام على
حرير أمجادها الرائعة ،وقد فكت اشتباكها عن المغامرات الوروبية الكبرى
التي تلعب فيها فرنسا وألمانيا أدوارا @ رئيسة .
أما الدول الوروبية المتوسطة الحجم الخرى ،ومع كون معظمها أعضاء
في حلف الناتو و/أو في التحاد الوروبي ،فهي إما أنها تتبع لزعامة أميركا أو
ت قف ب هدوء خ لف ألمان يا أو فرن سا .ول يس لسيا ساتها تأثير إقلي مي وا سع،
ولكن ها لي ست في و ضع يمكن ها من تغي ير انحيازات ها السا سية .و في هذه
المرح لة هي لي ست في عداد الل عبين الجيوا ستراتيجيين أو ب ين ا لدول
المحور ية الجيوبوليت ية .وال شيء ذا ته صحيح في يتع لق بالدو لة الوروب ية
المركز ية المه مة والمحت مل ان ضمامها إ لى كل من ح لف ال ناتو والت حاد
الوروبي ،أي بولونيا .فهذه الدولة هي من الضعف بحيث ل يمكنها أن تكون
) (2في م ساهمة روبرت سكيديل سكي في "بريطان يا العظ مى وأورو با الجد يدة" ،في
ف صل " من الطل سي إ لى ا لورال" ،الم حرر داف يد كاليو وغيل يب غوردون )أرلينغ تون،
فيرجينيا( الصفحة .145
47
لعبا @ جيواستراتيجيا@ ،وليس أمامها سوى خيار واحد هو أن تصبح متكاملة مع
الغرب .وفضل @ عن ذلك فإن اختفاء المبراطورية الروسية القديمة وتعميق
ارتبا طات بولون يا ل كل من ح لف الطل سي وأورو با الجد يدة يعط يان هذه
الدو لة أي بولونيا ،أمنا @ غ ير م سبوق تاريخيا@ ،وأن كان ذ لك ي حد من خيارات ها
الستراتيجية.
أن رو سيا ،وا لمر ي كاد ل يح تاج إ لى ال حديث ع نه تب قى لع با
جيوا ستراتيجيا @ رئي سا @ بالرغم م ما أ صابها من ضعف ،ورب ما من ا ستمرار
حالت ها ال سيئة لز من طو يل .وإن م جرد وجود ها يؤثر ع لى ن حو مك ثف في
ا لدول الم ستقلة حديثا @ ضمن الم ساحة أل ورا سية الوا سعة للت حاد
ال سوفييتي ال سابق .ف هي تم لك أ هدافا @ جيوبوليت ية طمو حة تع مل ع لى ن حو
متزا يد ،ع لى ا لعلن عن ها ب صراحة .و ما أن ت ستعيد هذه الدو لة قوت ها حتى
تمارس تأثيرها أيضا@ ،وعلى حد كبير،في جيرانها الغربيين والشرقيين .وفضل
عن ذلك ،فل تزال روسيا تضع خيارها الجيواستراتيجي في ما يخص علقتها
مع أمير كا :و هل هذه ا لخيرة عدو أو صديق ل ها؟ ورب ما ت شعر رو سيا أي ضا
أن ها تم لك خ يارات رئي سة في ال قارة الورا سية في هذا الم جال .إن ال كثير
يعتمد على كيفية تطور سياساتها الداخلية ،ول سيما عما إذا ما كانت روسيا
ستصبح دولة ديموقراطية أم إمبراطورية أو راسية مرة ثانية .وفي أي حال،
ف هي تب قى بو ضوح لع با@ ،حتى و لو ف قدت ب عض "قطع ها" )ج مع قط عة أو
ح جر في ال شطرنج( ،إ ضافة إ لى ف قدان ب عض الم ساحات الها مة في رق عة
الشطرنج الوراسية.
وعلى نحو مماثل ،يكاد المر ل يحتاج إلى نقاش في شأن كون الصين
لعبا @ رئيسا .فهي قد أصبحت فعل @ قوة إقليمية هامة ويحتمل أن تكون لديها
طمو حات أو سع ،في ضوء تاريخ ها ا لذي احت لت ف يه مو قع ال قوة )الدو لة(
الرئي سة ،ونظرت ها إ لى الدو لة ال صينية ال كبرى بو صفها مر كزا @ عالم يا@ .وإن
الخيارات ا لتي تضعها الصين بدأت فعل @ تؤثر في التوز يع الجيوبول يتي لل قوة
في آ سيا بين ما ترت بط قوت ها المحر كة القت صادية بإع طاء قوة ماد ية أ كبر
وطوحات متزايدة .وإن ظهور "الصين الكبرى" لن يترك قضية تايوان نائمة،
وبال تالي ،فإن ذ لك سوف يؤثر حت ما @ ع لى الو ضع ا لميركي في ال شرق
الق صى .و كذلك ،فإن الت حاد ال سوفييتي خ لق ع لى ال حدود الغرب ية لل صين
سل سلة من ا لدول ،ل يم كن لل قادة ال صينيين ان يهم لوا أ خذها في العت بار.
وه كذا ،فإن رو سيا سوف ت تأثر وإ لى حد كبير بالظهور الف عال لل صين ع لى
المسرح الدولي.
48
إن المح يط ال شرقي لورا سيا يخ لق تناق ضا@ .فاليا بان هي قوة رئي سة
ع لى ن حو وا ضح في ال شؤون الدول ية ،و كان الت حالف ا لميركي اليا باني قد
حدد غال با@ ،وع لى ن حو صحيح ،بو صفه أ هم عل قة ثنائ ية ال طرف .وب ما أن
اليا بان هي إ حدى ال قوى القت صادية ا لتي ت قف في ذروة ال عالم ف هي تم لك
ال قدرة على ممارسة دور قوة سياسية من الفئة ا لولى .ومع ذ لك ،ف هي ل
تفعل ذلك ،مبتعدة عن أي طموحات في شأن السيطرة القليمية ،ومفضلة
العمل في ظل الحماية الميركية ،وعلى غرار بريطانيا العظمى في أوروبا،
فإن اليا بان تف ضل أل ت صبح منخر طة في سيا سات ا لبر الرئ يس من قارة
آسيا ،بالرغم من أن السبب الجزئي لذلك يعود غالبا @ للعداوة المستمرة لدى
كثير من ا لدول ال سيوية إزاء ال سعي اليا باني إ لى تحق يق أي دور سيا سي
بارز إقليميا.
إن هذا المو قف السيا سي اليا باني ال „
مق يد ذات يا @ ي سمح ،بدوره ،للول يات
المت حدة بل عب دور أم ني رئ يس في ال شرق الق صى .وه كذا ،فإن اليا بان
لي ست لع با @ جيوا ستراتيجيا@ ،بالرغم من قدرتها الوا ضحة ع لى أن ت صبح
ب سرعة في عداد الل عبين الجيوا ستراتيجيين ،ول سيما إذا غ يرت ال صين أو
أميركا فجأة سياستهما الراهنة ،وبالتالي ،فإن اليابان سوف تفرض ،عندئذ،
ع لى الول يات المت حدة التزا مات خا صة ت خص المرا عاة ال حذرة للعل قة
الميرك ية اليابان ية .ولي ست السيا سة الخارج ية اليابان ية هي ا لتي ي جب ع لى
أميركا أن تراعيها وتراقبها ،بل إن القيود الذاتية على اليابان هي التي يجب
ع لى أمير كا أن ترعا ها بذكاء وم هارة .وبال تالي فإن أي إ ضعاف هام
للرتبا طات السيا سية الميرك ية اليابان ية سوف يؤثر ع لى ن حو مبا شر في
استقرار المنطقة.
أ ما في ما ي خص عدم إد خال إندوني سيا في لئ حة الل عبين
الجيوا ستراتيجيين ا لديناميين ،فا لمر أ كثر سهولة من ح يث تبريره .ف في
جنوب شرق آسيا ،تحتل أندونيسيا أهم دور بين سائر الدول ،ولكن حتى في
هذه المنط قة ذات ها ،فإن قدرة أندوني سيا ع لى ممار سة ن فوذ هام تع تبر
م حدودة ب سبب حا لة عدم الت طور الن سبي للقت صاد الندوني سي ،و في ضوء
ما ت عانيه من ال شكوك في السيا سة الداخل ية ،وب سبب توزع ال جزر )ج مع
جزيرة( التي تتشكل الدولة منها ناهيك بحساسيتها إزاء النزاعات التنية التي
تتفلقم عادة بسبب الدور الرئيسي التي تمارسه القلية الصينية في شؤونها
المال ية الداخل ية .و في نق طة ما،ت ستطيع أندوني سيا أن ت صبح عق بة ها مة
للطمو حات التو سعية ال صينية في ات جاه الج نوب .و قد ا صبح هذا الحت مال
معتر فا @ به من ق بل ا ستراليا ا لتي كانت تخ شى في و قت ما التو سع
49
الندونيسي ،ولكنها بدأت مؤخرا تحبذ وجود تعاون أمني أسترالي أندونيسي
أوثق .ولكن ثمة حاجة إلى فترة من التضامن السياسي والنجاح القتصادي
الم ستمر ق بل أن ي صبح ممك نا @ الن ظر إ لى أندوني سيا بو صفها صاحبة دور
مسيطر إقليميا@.
و في المقا بل ،فإن اله ند هي ع لى و شك ممار سة دور ال قوة القليم ية
وبالتالي فهي تنظر إلى نفسها بوصفها لعبا @ عالميا @ رئيسا @ محتمل @ أيضا .وربما
يكون ذلك أمرا @ يتعلق بالمبالغة في تقدير إمكاناتها في المدى البعيد ،ولكن
الهند هي بدون شك الدولة السيوية الجنوبية القوى ،وبالتالي فهي تسعى
إلى الهيمنة القليمية بشكل ما أو بآخر .وهي أيضا@ ،دولة نووية شبه سرية،
وقد أ صبحت كذلك ،ل لترويع الباكستان فحسب ،بل لموازنة امتلك الصين
تر سانة نوو ية أي ضا .تم لك اله ند رؤ ية م ستقبلية جيوا ستراتيجية عن دور ها
القليمي ،سواء في الوقوف وجها @ لوجه أمام جيرانها أم في المحيط الهندي.
ومه ما ي كن ا لمر ،فإن طموحات ها في هذه المرح لة تقت صر ع لى التط فل
محيطيا @ فقط على المصالح الوراسية لميركا ،وهكذا ،فهي ليست بوصفها
لعبا @ جيواستراتيجيا@ ،مصدر قلق أو اهتمام جيوبوليتي ،أو ليست على القل
ناشطة في هذا المجال على غرار روسيا أو الصين.
وأوكران يا ،هي ا لخرى ،تح تل مكا نا @ جد يدا @ وها ما @ في رق عة ال شطرنج
الورا سية ،وبال تالي ف هي دو لة محور ية جيوبوليت ية لن وجود ها ذا ته كدو لة
مستقلة يساعد على تحويل أو تغيير موقف روسيا .وهكذا ،فإن روسيا ،بدون
أوكرانيا ل تشكل إمبراطورية أوراسية .وروسيا ،بدون أوكرانيا ،ت ستطيع أن
ت تابع ال سعي إ لى أن ت كون ذات و ضع أو هي بة إمبراطور ية ،ويحت مل جدا @ أن
تجر إ لى نزاعات موهنة مع ا لدول ال سيوية الوسطى الصاعدة ا لتي سوف
تغ تاظ ،ع ندئذ ،من ف قدان ا ستقللها ال حديث ،و تدعم أي ضا @ من ق بل دول
إ سلمية شقيقة في الج نوب .ويحت مل أي ضا @ أن ال صين سوف ت عارض أي
استعادة للسيطرة الروسية على آسيا الوسطى في ضوء اهتمامها المتزايد
بالدول المستقلة حديثا @ في هذه المنطقة .ومهما يكن المر ،فإذا استعادت
مو سكو ال سيطرة ع لى أوكران يا ،بمليين ها الث ني و الخم سين وموارد ها
ال كبيرة ،ووجود ها ع لى الب حر ال سود ،فإن رو سيا ت ستعيد ع ندئذ ،وب شكل
أتو ماتيكي ثروات ها لت صبح دو لة إمبراطور ية قو ية ،مم تدة عبر أور با وآ سيا.
و كذلك ،فإن ف قدان أوكران يا ل ستقللها سوف يترك تأثيرات نوو ية ع لى
أوروبا الوسطى ،محول @ بولونيا إلى دولة محورية جيواستراتيجية على الحدود
الشرقية لوروبا الموحدة.
50
و بالرغم من صغر ح جم )م ساحة( أذربي جان و ضآلة عدد سكانها ،فإن ها
تع تبر ،ب ما تمل كه من م صادر طا قة كبيرة ،حسا سة جيوبوليت يا .ف هي سدادة
الزجاجة الحاوية على ثروات حوض بحر قزوين وآسيا الوسطى والتي يمكن
أن ت صبح ل قي مة ل ها إذا أ صبحت أذربي جان خا ضعة كل يا @ ل سيطرة مو سكو.
يم كن أي ضا @ أن ي تم إخ ضاع ال موارد النفط ية الها مة جدا @ في أذربي جان
لل سيطرة الرو سية بم جرد ف قدان هذه الدو لة ل ستقللها .وإن أذربي جان
الم ستقلة والمرتب طة بال سواق الغرب ية بأ نابيب ن قل الن فط ا لتي ل ت مر عبر
أرض ي سطر علي ها ا لروس ،ت صبح أي ضا @ صلة و صل رئي سة ب ين القت صادات
المتقد مة والم ستهلكة للطا قة من ناح ية وب ين الجمهور يات ال سيوية
الوسطى الغنية بالطاقة من ناحية ثانية .وعلى غرار ما هو عليه الحال تقريبا
في أوكرانيا ،فإن مستقبل أذربيجان وآسيا الوسطى هو أيضا حرج في ضوء
تحديد ما يمكن وما ل يمكن ان تصبح عليه روسيا.
تن خرط ترك يا وإ يران في إقا مة در جة ما من الن فوذ في منط قة ب حر
قزو ين وآ سيا الو سطى ،م ستغلين ترا جع او انك ماش ال قوة الرو سية .ول هذا
السبب،يمكن اعتبارهما لعبين جيواستراتيجيين .ومهما يكن المر ،فإن كل
هاتين الدولتين تواجهان مشكلت داخلية جدية ،كما أن قدرتهما على التأثير
في التغ يرات القليم ية الرئي سة ا لتي ت حدث في توزع ال قوة هي م حدودة.
وه ما أي ضا @ متناف ستان ،وبال تالي تم يل كل منه ما إ لى إل غاء ن فوذ ا لخرى.
وعلى سبيل المثال ففي أذربيجان التي حققت فيها تركيا دورا @ مؤثرا @ نجد أن
الو ضع ا ليراني )ال ناجم عن الق لق إزاء التحر كات القوم ية الذر ية الممك نة
ضمن إيران نفسها( كان أكثر مساعدة للروس .
ومه ما ي كن ا لمر ،فإن كل دو لتي ترك يا وإ يران ه ما دول تان محوري تان
جيواستراتيجيتان مهمتان بصورة رئيسية .فتركيا تؤمن الستقرار في منطقة
الب حر ال سود وت سيطر ع لى مداخله من ات جاه الب حر ا لبيض المتو سط
و توازن رو سيا في القو قاز وت ستمر حتى ا لن في ت قديم التر ياق لل صولية
ال سلمية ،وت خدم بو صفها مر سي جنوب يا @ لح لف الطل سي .أ ما ترك يا غ ير
الم ستقرة ف من المحت مل أن تثير المز يد من الع نف في دول البل قان،
الجنوب ية ك ما ت سهل إ عادة فرض ال سيطرة الرو سية ع لى ا لدول الم ستقلة
حديثا @ في القو قاز .و كذلك ،فإن إ يران ،و بالرغم من غ موض موقف ها إزاء
أذربي جان ،تؤمن ع لى ن حو مما ثل ا لدعم الم سبب لل ستقرار في الن سيج
السيا سي المت نوع الجد يد ل سيا الو سطى .و هي ت سيطر ع لى ال ساحل
الشرقي للخليج ]العربي[ ،بينما يعمل استقللها ،وبالرغم من العداء اليراني
51
الرا هن للول يات المت حدة ،ك حاجز لي تهد يد رو سي في ال مدى البع يد
للمصالح الميركية في منطقة الخليج ]العربي[.
وأخ يرا@ ،فإن كور يا الجنوب ية هي دو لة محور ية جيوبوليت ية في ال شرق
الق صى .فارتباطات ها الوثي قة بالول يات المت حدة تم كن أمير كا من حما ية
اليابان وبالتالي منع هذه الدولة من أن تصبح قوة عسكرية رئيسة ومستقلة،
دون أن يكون لها ،أي لميركا ،وجود مؤثر ضمن اليابان ذاتها .وإن أي تغيير
هام في موقف كوريا الجنوبية ،سواء عبر التوحيد و/أو عبر تغيير في مجال
النفوذ الصيني المتوسع ،سوف يغي„ر بالضرورة ،وعلى نحو درامي )حاد( دور
أمير كا في ال شرق الق صى ،وبال تالي يغ ير دور اليا بان أي ضا .وبال ضافة إ لى
ذ لك ،فإن ال قوة القت صادية المتنام ية لكور يا الجنوب ية تج عل من ها "منط قة"
أ هم ب حد ذات ها ،وبال تالي ت صبح ال سيطرة ع لى هذه المنط قة ذات قي مة
متزايدة فعل.
إن اللئ حة ال مذكورة أعله عن الل عبين الجيوا ستراتيجيين وا لدول
المحورية الجيوبوليتية ليست دائمة ول ثابتة .ول بد أحيانا @ من إضافة أو إلغاء
ب عض ا لدول .وبالتأك يد ،فب عض ال نواحي ،ن جد أن تل يوان أو تايل ند أو
الباكستان ،أو ربما كازاخستان أو أوزبكستان يجب أيضا @ أن تضاف إلى الفئة
ا لخيرة .فالتغيرات في مو قف أي من ها سوف تم ثل أ حداثا ها مة وتن طوي
على تغييرات في توزيع القوة ،ولكن يشك في أن النتائج المحفزة ستكون
بع يدة الم نال .ول عل ال ستثناء الوح يد يك من في ق ضية تايوان إذا اختر نا أن
نن ظر إلي ها بم عزل عن ال صين .و حتى في هذه ال حال ،فإن هذه الق ضية لن
تثار إل إذا استخدمت الصين قوة رئي سة لل ستيلء على هذه الجز يرة ،و في
تحد ناجح للوليات المتحدة مهددة بذلك عموما @ المصداقية السياسية لميركا
في الشرق القصى .وأن احتمال هذا السيناريو للحداث يبدو ضعيفا@ ،ولكن
هذا العت بار ي جب أن يب قى في ا لذهن لدى صياغة السيا سة الميرك ية إزاء
الصين .
الخيارات الحرجة والتحديات المحتملة
إن تحد يد الل عبين الرئي سيين وا لدول المحور ية الرئي سة ي ساعد في
تحد يد الز مات ا لتي تواجه ها السيا سة العل يا لمير كا ،و في تو قع الت حديات
الرئي سة في ال قارة الورا سية ال كبرى .ويم كن تلخ يص هذه الت حديات ،ق بل
النت قال إ لى مناق شتها ال شاملة في الف صول اللح قة ،في خ مس ق ضايا
واسعة هي كما يلي:
52
1ـ ما هي أورو با ا لتي ي جب أن تف ضلها أمير كا وبال تالي تع مل ع لى
إيجادها؟
2ـ ما هي رو سيا ا لتي ت خدم م صلحة أمير كا ،و ماذا تف عل أمير كا ،و كم
تستطيع أن تفعل ،في هذا المجال؟
3ـ ما هي احت مالت ظ هور "البلق نة "الجد يدة في أورا سيا الو سطى،
و ماذا ي جب ع لى أمير كا أن تف عل ل كي ت ح „ د ،إ لى أد نى حد ،من الم خاطر
الناجمة عن ذلك ؟
4ـ ما هو الدور الذي يجب أن تشجع الصين على القيام به في الشرق
الق صى ،و ما هي انعكا سات ذ لك ل ع لى الول يات المت حدة فح سب ،بل
وعلى اليابان أيضا @ ؟
5ـ ما هي التحالفات الوراسية الجديدة المحتملة ،والتي يمكن أن تكون
الكثر خطرا @ على المصالح الميركية وماذا يجب أن نفعل لكي نستبعدها ؟
كانت الول يات المت حدة قد أعل نت دائ ما عن إخل صها لق ضية أورو با
المو حدة .فم نذ أ يام إدرارة كن يدي ،كان الت جاه ال سائد يدعو إ لى "ال شراكة
المتساوية "أو "المتوازية " .وقد أعلنت واشنطن الرسمية دائما @ عن رغبتها
حد ذي قوة كافية للسهام مع أميركا في رؤية أوروبا المندمجة في كيان مو „
في حمل مسؤوليات وأعباء الزعامة العالمية .
كان ذ لك هو الخ طاب المع لن عن المو ضوع ول كن في الوا قع كانت
الول يات المت حدة أ قل و ضوحا @ وأ قل إ صرارا @ في هذا ال سياق .ف هل تر يد
وا شنطن فعل @ أن ترى في أورو با ذ لك ال شريك الم عادل ل ها ب شكل حقي قي
في الشؤون العالمية ،أو أنها تفضل تحالفا @ غير متعادل؟ وعلى سبيل المثال،
ف هل الول يات المت حدة م ستعدة لم شاطرة أورو با في الزعا مة في ال شرق
الو سط ،ا لذي هو منط قة لي ست أ قرب جغراف يا إ لى أورو با من أمير كا
فح سب ،بل هو أي ضا @ ذ لك الم كان ا لذي تو جد ف يه م صالح قائ مة م نذ ز من
طو يل ل عدة دول أوروب ية؟ وإن ق ضية إ سرائيل تق فز فورا @ إ لى ا لذهن
هنا.وكذلك ،فإن الخلفات الميركية الوروبية في شأن إيران والعراق كانت
قد عوملت من ق بل الول يات المت حدة بو صفها ق ضية م ثارة ب ين أ طراف
متعادلة بل كمسألة تتسم بوجود أطراف يحتل بعضها منزلة أدنى من البعض
الخر .
والغ موض في شأن در جة ا لدعم ا لميركي للو حدة الوروب ية يم تد أي ضا
إ لى الق ضية المتعل قة بكيف ية تعر يف هذه الو حدة ،ول سيما ب ما ي خص أي
53
دولة ،إذا وجدت ،سوف تقود أوروبا الموحدة .وقد شجعت واشنطن موقف
ل ندن ال سلبي إزاء توح يد أورو با بالرغم من أن ها ،أي وا شنطن ،أظ هرت
تف ضيل @ وا ضحا @ للزعا مة اللمان ية ،ول يس الفرن سية ،في أورو با .و كان ذ لك
مفهوما في ضوء الندفاع التقليدي للسياسة الفرنسية ،ولكن كان للتفضيل
تأثير في عدم ت شجيع الظ هور في ا لوقت المنا سب لو فاق ت كتيكي فرن سي
بري طاني ي هدف إ لى مقاو مة ألمان يا ،و في عدم الت شجيع أي ضا @ لل غزل
الفرنسي مع موسكو بغية مواجهة التحالف الميركي اللماني .
إن ظ هور أو ولدة أورو با مو حدة فعل@ ،ول سيما إذا حدث ذ لك بدعم
أميركي بƒناء سوف يتطلب تغييرات هامة في بنية وأعمال حلف الطلسي،
وفي الرابطة الرئيسة بين أميركا وأوروبا .فالناتو ل يقدم آلية العمل الرئيسة
لممار سة الن فوذ ا لميركي المتع لق بال شؤون الوروب ية فح سب ،بل ي قدم
أيضا @ الساس للوجود العسكري الميركي الحرج على الصعيد السياسي في
أورو با الغرب ية .ومه ما ي كن ا لمر ،فإن الو حدة الوروب ية سوف تتط لب ت لك
البنية ا لتي تتك „يف مع الح قائق الجد يدة لحلف يعت مد على طرفين مت عادلين
بدر جة أ كبر أو أ قل ،عو ضا @ عن ذ لك الح لف ا لذي ي ضم ،إذا ا ستعملنا ت عابير
تقليدية في هذا المجال ،دولة مهيمنة ودول @ أخرى تابعة .كانت هذه القضية
قد أغف لت إ لى حد كبير حتى ا لن ،بالرغم من الخ طوات المتوا ضعة ا لتي
ات خذت في ال عام 1996لتح سين دور الت حاد ا لوروبي الغر بي ضمن ال ناتو،
ودور الت حالف الع سكري ب ين ا لدول الوروب ية الغرب ية عمو ما .وه كذا ،فإن
الختيار الحقيقي لوروبا موحدة سوف يستوجب إعادة تنظيم بعيدة المدى
للناتو ،مما سيضعف حتما @ السيادة الميركية ضمن الحلف.
وباخت صار ،فإن الجيوا ستراتيجية الميرك ية البع يدة ال مد لورو با سوف
ت خاطب ع لى ن حو وا ضح ق ضايا الو حدة الوروب ية وال شراكة الحقيق ية مع
أورو با .فا لميركي ا لذي ير غب فعل @ في أورو با المو حدة وبال تالي ا لكثر
ا ستقللية سوف يترتب عل يه أن ير مي بثق له خ لف ت لك ال قوات الوروب ية
الملتز مة فعل @ بالتكا مل السيا سي والقت صادي لورو با .وإن م ثل هذه
ال ستراتيجية سوف تع ني أي ضا @ التخ لص من آ خر بقا يا أو أ ثار ت لك العل قة
الميركية البريطانية الخاصة التي كانت مقدسة ومبجلة في يوم ما.
و كذلك سوف يترتب ع لى السيا سة المتعل قة بأورو با المو حدة أن
ت خاطب ،وإن بال شتراك مع ا لوروبيين ،الق ضية العال ية الحسا سية المتعل قة
بالبعاد الجغرافية لوروبا .فكم يجب أن يمتد التحاد الوروبي نحو الشرق؟
وهل يجب أن تكون الحدود الشرقية للتحاد الوروبي متماثلة أو متطابقة مع
خط الجب هة ال شرقية لل ناتو؟ فالق سم ا لول هو م سألة ت خص بدر جة أ كبر
54
القرار الوروبي ،ولكن أي قرار أوروبي في شأن هذه القضية سوف تكون
له تأثيرات مبا شرة في قرار ال ناتو .أ ما الق سم ال ثاني ،عمو ما@ ،ف هو ي خص
الوليات المتحدة ،كما أن الصوت الميركي في الناتو سيبقى حاسما .وفي
ضوء الج ماع المتزا يد في مايخص الرغ بة في إد خال دول أورو با الو سطى
إلى كل من التحاد الوروبي والناتو ،فإن المعنى العملي لهذه المسألة يركز
الهت مام على المو قف الم ستقبلي لجمهوريات البلطيق ورب ما أيضا لمو قف
أوكرانيا .
وهكذا يو جد تشابك بين الزمة الوروبية ا لتي نوق شت أعله من ناحية،
وب ين الز مة ا لخرى المتعل قة برو سيا .و من ال سهل أن نرد ع لى ال سؤال
المتع لق بم ستقبل رو سيا با لعلن عن تف ضيل دو لة رو سية ديموقراط ية،
ومرتب طة ع لى ن حو وث يق بأورو با .وه كذا ي فترص أن ت كون رو سيا
الديمقراط ية أ كثر تعاط فا @ مع الق يم ا لتي تأ خذ ب ها أمير كا وأورو با ،وبال تالي،
يكبر احتمال أن تصبح روسيا شريكا @ صغيرا @ في تشكيل أوراسيا التي تكون
أ كثر ا ستقرارا @ ورغ بة في الت عاون .ول كن طمو حات رو سيا يم كن أن تذهب
إ لى أب عد من ح صولها ع لى ال عتراف وال حترام بو صفها دو لة ديمقراط ية.
ف في مؤس سة السيا سة الخارج ية الرو سية )المؤل فة في معظم ها من
م سؤولين سوفييت سابقين( ،ل تزال تن مو رغ بة عمي قة ال جذوز في دور
أورا سي خاص ،و هي الرغ بة ا لتي تؤدي ل ح قا @ إ لى سيطرة مو سكو ع لى
دول التحاد السوفييتي السابق التي استقلت حديثا.
و في هذا ال سياق ،ف حتى السيا سة الغرب ية الود ية ين ظر إلي ها من ق بل
ب عض الع ضاء ال مؤثرين في هيئة صنع ال قرار الرو سية ع لى أن ها م عدة
لحرمان روسيا من المطالبة المحقة بموقف أو دور عالمي .وعن ذلك يقول
اثنان من الجيوبوليتيين الروس:
"إن الول يات المت حدة ودول ح لف ال ناتو تع مل ،في ا لوقت ا لذي ت ستبعد
فيه مسألة احترام الذات في روسيا إلى أقصى حد ممكن ،وعلى نحو ثابت
ومتما سك ،ع لى تدمير ال سس الجيوبوليت ية ا لتي ت ستطيع ،إن نظر يا @ ع لى
القل ،أن تسمح لروسيا بأن تأمل تحقيق موقف القوة الثانية في السياسة
العالمية ،والذي كان يتمتع به التحاد السوفييتي".
وفضل @ عن ذلك ،ينظر إلى أميركا على أنها تتبع سياسة تتم فيها إقامة:
"التنظ يم الجد يد للمنط قة الوروب ية ا لذي ي تم ت صميمه من ق بل ال غرب،
والذي يبني ،من حيث الجوهر ،على فكرة الدعم ،في هذا الجزء من العالم،
55
لدول قوم ية ضعيفة و صغيرة ن سبيا @ وجد يدة ،من خلل جعل ها ت قترب بدر جة
أكبر أو أقل من الناتو والتحاد الوروبي ،لتقوية علقاتها بهذه التنظيمات".((1
إن هاتين الفقرتين تحددان جيدا@ ،وإن مع شيء من العداء ،الزمة التي
تواجه ها الول يات المت حدة .فإلى أي حد ي جب أن ت تم م ساعدة رو سيا
اقتصاديا@ ،المر الذي يقويها حتما @ سياسيا @ وعسكريا@ ،وإلى أي حد أيضا @ يجب
أن ت تم الم ساعدة في ا لوقت ذا ته ل لدول الم ستقلة حديثا @ في ا لدفاع عن
استقللها وتدعيمه؛ وهل تستطيع روسيا أن تكون قوية وديمقراطية في آن
وا حد؟ وإذا أ صبحت هذه الدو لة أي رو سيا قو ية ثان ية ،أ لن ت سعى إ لى
ا سترجاع سيطرتها المبريال ية المف قودة ،و هل ت ستطيع ع ندئذ ،أن ت كون
إمبراطورية وديمقراطية معا@؟
إن السيا سة الميرك ية إزاء الم حاور الجيوبوليت ية الحيو ية لوكران يا
وأذربي جان ل يمكن ها أن تغ فل هذه الق ضية وه كذا تواجه أمير كا أز مة صعبة
في ما ي خص ال توازن الت كتيكي وال هدف ال ستراتيجي .وإن ا ستعادة العاف ية
الداخل ية لرو سيا هي أ مر ضروري لجعل ها ديمقراط ية المن حى ،ول ضفاء
ال طابع ا لوروبي الفع لي علي ها .ول كن أي ا ستعادة ل قدرتها المبريال ية سوف
ت كون غ ير ملئ مة لكل هذين ال هدفين .وف ضل @ عن ذ لك ،فع لى هذه الق ضية
ذات ها يم كن أن تن شأ الخل فات ب ين أمير كا وب عض ا لدول الوروب ية ،وخا صة
ع ندما يتو سع ال ناتو والت حاد ا لوروبي .ف هل ي جب أن تع تبر رو سيا مر شحة
للعضوية المحتملة في أي من هذين التنظيمين؟ وماذا عن أو كرانيا في هذه
الحال؟ إن ثمن استبعاد روسيا يمكن أن يكون عاليا@ ،ولكن نتائج إضعاف أي
من التحاد الوروبي والناتو يمكن أن يكون مدعاة لعدم الستقرار .
ث مة حا لة مهمة أ خرى من عدم اليقين تخيم على المنطقة الكبيرة من
ناحية والمائعة جيوبوليتيا @ من ناحية ثانية في أوراسيا الوسطى ،وتزداد حدة
ب سبب عدم المنا عة المحتم لة للم حورين ا لتركي وا ليراني .ف في المنط قة
المم تدة من ال قرم في الب حر ال سود وع لى ن حو مبا شر إ لى ال شرق ع لى
ام تداد ال حدود الجنوب ية الجد يدة لرو سيا ،مرورا @ بمقاط عة "ك ين ج يانغ"
الصينية .ثم نحو اشمال إلى شرق البحر المتوسط ،ورجوعا @ إلى القرم ذاته،
يعيش نحو 400مليون إنسان في 25دولة ،علما @ أن أغلبهم تقريبا @ ينتمون إلى
اتنية وديانة واحدة ،بينما ل تنعم أي دولة من كل هذه الدول ،وبشكل عملي،
) (1أ .بو غاتوروف وف .كريمي نوك )كله ما يعملن مدر سين كبيرين في مع هد الول يات
المت حدة وك ندا( في "العل قات الراه نة وال فاق الم ستقبلية للتفا عل المت بادل ب ين رو سيا
والوليات المتحدة"،مجلة "المجلة المستقلة " 28حزيران.1996 ،
56
بال ستقرار السيا سي .إن ب عض هذه ا لدول هو ع لى و شك امتلك ال سلحة
النووية.
إن هذه المنط قة ال كبيرة جدا @ وا لتي تمزق ها الكراه ية وتح يط ب ها دول
مجاورة قوية منافسة يحتمل أن تصبح ميدان قتال رئيسيا @ إما للحروب بين
ا لدول ا لمم أو ،وباحت مال أ كبر ،لممار سة أع مال الع نف ا لثني وا لديني
الطو يل ال مد .وإن ت صرف اله ند بو صفها ق يدا @ او عن صرا @ م ستغل @ لب عض
ال فرص بغ ية فرض إرادت ها ع لى الباك ستان ،سوف يؤثر إ لى حد كبير في
الب عد ا لقليمي لل صراعات المحتم لة .ا ما م صادر ال توتر والج هاد الداخل ية
ضمن إيران وتركيا فل يحتمل أن تزداد سوءا @ فحسب بل ستعمل أيضا @ إلى
حد كبير ع لى إ ضعاف ا لدور ال مؤدي إ لى ال ستقرار ا لذي تلع به ها تان
ا لدولتان في هذه المنط قة البركان ية .و سوف تج عل هذه الت طورات بدورها
عمل ية ا ستيعاب ا لدول الجد يدة في آ سيا الو سطى أ كثر صعوبة للمجت مع
ا لدولي بين ما تؤثر أي ضا @ وع لى ن حو سبلي في أ من منط قة الخل يج ]العر بي[
الذي" أي المن"تسيطر عليه أميركا .وفي أي حال فمن الممكن أن تواجه
أمير كا والمجت مع ا لدولي م عا @ في هذه المنط قة ت حديا @ سوف ي فاقم الز مة
التي حدثت مؤخرا @ في يوغسلفيا السابقة.
1ـ المنط قة العالم ية ا لتي ين شط في ها الع نف 2ـ م ناطق ال ضطراب
والنزاع والعنف 3ـ المحيط الهندي 4ـ السودان 5ـ مصر 6ـ المملكة العربية
ال سعودية 7ـ إ يران 8ـ الباك ستان 9ـ اله ند 10ـ ال صين 11ـ أفغان ستان 12ـ
ال عراق 13ـ سورية 14ـ ترك يا 15ـ الب حر ال سود 16ـ ب حر قزو ين 17ـ
توركمن ستان 18ـ أوزباك ستان 19ـ طاجاك ستان 20ـ كورغ ستان 21ـ
كازاخستان 22ـ روسيا.
أن الت حدي المم كن لل سيادة الميرك ية ا لذي ت شكله ال صولية ال سلمية
يمكن أن يكون جزءا @ من المشكلة في هذه المنطقة غير المستقرة .وهكذا
تستطيع الصولية السلمية باستغللها العداء الديني لطريقة الحياة الميركية
وال ستفادة من ال نزاع العر بي ال “ سرائيلي أن ت سقط عدة حكو مات شرق
أو سطية مؤ يدة لل غرب وت شكل خ طرا @ في نها ية الم طاف ع لى الم صالح
القليمية الميركية ول سيما في منطقة الخليج ]العربي[ .ومهما يكن المر
ف ما لم ي توفر تما سك سيا سي ،و مع عدم و جود دو لة إ سلمية وا حدة قو ية
فعل@ ،فإن الت حدي ا لذي ت شكله ال صولية ال سلمية سوف يفت قر إ لى لب أو
ق لب جيوبول يتي وبال تالي سوف يز يد إحت مال ت عبيره عن ذا ته عبر ن شر
الرهاب .
57
نج مت الق ضية الجيوا ستراتيجية ذات الهم ية الحر جة من ظ هور ال صين
كقوة رئيسية ،فالنتيجة الكثر إثارة سوف تأتي من إختيار الصين ،بعد تحولها
إ لى النظام ا لديمقراطي وال سوق الحرة ،ا لدخول إ لى إطار ت عاون إقلي مي
آ سيوي أ كبر .ول كن لن فترض أن ال صين لم تت حول إ لى دو لة ديمقراط ية
وا ستمرت في المقا بل في الن مو في ال قوة القت صادية والع سكرية يم كن
عندئذ أن تظهر )الصين العظمى( مهما كانت رغبات وحسابات جيرانها .وإن
أي ج هد ي هدف إ لى م نع حدوث ذ لك ي ستطيع أن يؤدي إ لى نزاع حاد مع
ال صين وإن م ثل هذا ال نزاع يمك نه أن يخ لق ال توتر في العل قات الميرك ية
اليابانية لن أحدا @ ل يمكنه التأكيد أن اليابان سوف تريد أن تسير على خطا
أمير كا في اح تواء ال صين وبال تالي يم كن لذلك أن يترك تأثيرات ثور ية غالبا
ع لى تحد يد طوك يو لدور اليا بان ا لقليمي ورب ما يؤدي ذ لك أي ضا @ إ لى إن هاء
الو جود ا لميركي في ال شرق الق صى .ومه ما ي كن ا لمر فإن للتك يف مع
الصين واستيعابها ثمنا @ أيضا@ ،فقبول الصين بوصفها قوة إقليمية ليس مسألة
تتع لق بم جرد ت طبيق شعار ما ول بد أن ي كون ث مة خلف ية لم ثل هذا ا لبروز
القليمي .ولكي نعبر عن هذا الموضوع بشكل مباشر يجب أن نعرف مدى
ما تقبل به أميركا من تنامي نفوذ الصين وأين يتم هذا التنامي ،وذلك كجزء
من سيا سة إد خال ال صين ع لى ن حو نا جح إ لى ال شؤون العالم ية .وال سؤال
ا لخر ه نا هو ما هي الم ناطق المو جودة خارج ن صف ق طر الهتما مات
السيا سية لل صين ا لن وا لتي يم كن أن تن ضم أو ت سلم إ لى المبراطور ية
الصينية التي تبرز إلى الوجود ثانية ؟
و في هذا ال سياق فإن إب قاء الو جود ا لميركي في كور يا الجنوب ية ي صبح
مه ما ب شكل خاص ،ف بدونه ي صعب أن نت صور ا ستمرار الترتي بات الدفاع ية
الميركية اليابانية في شكلها الحالي لن اليابان سوف تضطر لن تصبح ذات
اكت فاء ذا تي أ كبر من الناح ية الع سكرية .ول كن أي ت حرك ن حو إ عادة توح يد
الكور يتين يحت مل أن ي شوش ع لى خلف ية الو جود الع سكري ا لميركي
الم ستمر في كور يا الجنوبية .ويمكن لكور يا الم عادة توحيدها أن تختار عدم
ا ستمرار الحما ية الع سكرية الميرك ية و هذا يم كن أن ي كون بالف عل الث من
ال غالي ا لذي تتحم له ال صين من خلل ر مي ثقل ها الحا سم وراء إ عادة توح يد
شبه الجز يرة الكور ية وباخت صار فإن إدارة أو ممار سة الول يات المت حدة
لعلقت ها مع ال صين سوف ت كون ل ها حت ما @ تأثيرات أو ن تائج مبا شرة ع لى
استقرار العلقات المنية المثلثية الميركية اليابانية الكورية.
وأخ يرا @ ي جب أن نل حظ باخت صار ب عض حالت ال طوارئ المت ضمنة
للنحيازات السياسية المستقبلية وهو ما سوف يناقش بالتفصيل في فصول
58
متعل قة به .ف في الما ضي كانت ال شؤون الدول ية تح كم إ لى حد كبير
بالنزاعات بين دول منفردة على السيطرة القليمية وبالتالي ،فإنه يمكن أن
تضطر الوليات المتحدة لن تقرر كيف تتكيف مع التحالفات القليمية التي
تسعى إلى إخراج أميركا من أوراسيا مما يهدد موقف أو هيبة أميركا بوصفها
قوة عالم ية .ومه ما ي كن ا لمر فإن ق يام أو عدم ق يام م ثل هذه التحال فات
بت حدي ال سيادة الميركية سوف يعت مد في الوا قع وإ لى حد بعيد على مدى
فعالية استجابة أو رد الوليات المتحدة على الزمات الكبرى المحددة هنا.
من المحتمل أن يكون أخطر السيناريوهات هو الذي يتمثل في التحالف
ب ين ال صين و رو سيا ورب ما إ يران أي ضا في كون تحال فا )م ضادا @ للهيم نة( ل
تجم عه اليديولوج ية وإن ما تجم عه التظل مات أو حالت ال ضيم ا لتي يك مل
بعضها البعض الخر .وسوف يذكر ذلك من حيث أبعاده بالتحدي الذي شكلته
في يوم ما الكت لة ال صينية ال سوفييتية بالرغم من أن ال صين ستكون ال قائد
في هذه ال مرة بين ما ت كون رو سيا ال طرف ال تابع .ول ستبعاد هذا الحت مال
مه ما كان بع يدا @ عن ال حدوث يقت ضي أن تظ هر الول يات المت حدة م هارة
جيوا ستراتيجية ع لى ال حدود المحيط ية الغرب ية وال شرقية الجنوب ية لورا سيا
في آن .
أما التحدي المحدود لدرجة أ كبر على الصعيد الجغرافي ،وإن كان أكثر
أهم ية غال با@ ،ف هو ا لذي يم كن أن ي ضم الم حور ال صيني اليا باني غداة انه يار
الو ضع ا لميركي في ال شرق الق صى ،و لدى حدوث تغ ير ثوري في الن ظرة
العالم ية لليا بان ف هو سيجمع قوة شعبين منتج ين ع لى ن حو ا ستثنائي،
ويستطيع أن يستغل شكل @ ما من )النز عة السيوية( بوصفها عقيدة مو حدة
ضد الميركيين .ومهما يكن المر فل يبدوا محتمل @ في المستقبل المنظور أن
الصين واليابان سوف تشكلن تحالفا @ إذا أخذنا في العتبار الخبرة التاريخية
الحدي ثة ،وبال تالي ي جب ع لى السيا سة الميرك ية البع يدة الن ظر في ال شرق
الق صى ان ت كون قادرة بالتأك يد ع لى م نع حدوث هذا الحت مال .و كذلك
فا لمر البع يد جدا@ ،وإن لم ي كن م ستبعدا @ كل يا@ ،هو احت مال حدوث تحال فات
أوروب ية كبيرة جد يدة ،ت شمل إ ما التوا طؤ الل ماني الرو سي أو الو فاق
الفرن سي الرو سي .وث مة سوابق تاريخ ية وا ضحة لكل هذين الت حالفين،
وبال تالي يم كن لي منه ما أن يظ هر إ لى الو جود إذا توقفت ل سبب أو لخر
عملية توحيد أوروبا أو إذا ساءت العلقات بين أوروبا وأميركا على نحو حاد.
و في الوا قع ،ف في الحت مال ا لخير يم كن لل مرء أن يت صور تقار با @ أوروب يا
59
روسيا يهدف إلى استبعاد أميركا من القارة وفي هذه المرحلة تبدوا كل هذه
الحت مالت غ ير ممك نة ف هي ل تحت لج إ لى إ ساءة شاملة لدارة أمير كا
لسياستها الوروبية فحسب بل تحتاج أيضا @ إلى إعادة توجه درامية من قبل
الدول الوروبية الرئيسية.
ومه ما كان الم ستقبل ،ف من المنط قي أن ن ستنتج أن ال سيادة الميرك ية
على القارة الوراسية سوف تواجه بالضطراب والشغب وربما"على القل"
بالعنف المتقطع ،ومن المحت مل أن تكون السيادة الميركية غير مني عة إزاء
الت حديات الجد يدة سواء من ق بل المناف سين ا لقليميين أو التجم عات
الجد يدة .وإن الن ظام ال عالمي ا لميركي الم سيطر حال يا @ وا لذي ن جد ف يه )أن
خطر الحرب مستبعد الن( يحتمل أن يكون مستقرا @ فقط في تلك الجزاء
من العالم التي تعتمد فيها السيادة الميركية الموجهة بجيواستراتيجية طويلة
ال مد ع لى أنظ مة اجتماع ية سيا سية متناغ مة ومن سجمة ومرتب طة م عا
بإطارات عمل متعددة الطراف وخاضعة للسيطرة الميركية .
60
الفصل الثالث
61
أوكرانيا حاد 45 الت 30 يوغسلفيا منظ مة الت عاون وا لمن 15 1
الوروبي الوروبية
كورغو ستا 46 31 الناتو 16 2
ن 47 ألمانيا يات 32 17 بولونيا 3
الول
اوزبكستان 48 فرنسا 33 المتحدة 18 جمهورية التشيك 4
نوركست ستا 49 إيطاليا 34 كندا 19 سلوفاكيا 5
ن
50 لوكسمبورج 35 تركيا 20 هنغاريا 6
طاجكستان
51 هولندا 36 ايسلندا 21 بلغاريا 7
أرمينيا
52 البرتغال 37 نروج 22 رومانيا 8
أذربيجان
53 أسبانيا حاد 38 الت 23 استونيا 9
جورجيا الوروبي
كة 54 الممل 39 24 10لتقيا
سويسرا المتحدة ايرلندا
40 25 ليتوانيا 11
ليشتنشتاين روسيا النمسا
41 26 12ألبانيا
بيلروسيا السويد
42 27 13سلوفينيا
أوكرانيا فلندا
43 28 كروانيا 14
مولدوفا اليونان
44 29 البوسنة والهرسك
مولدوفا الدانمرك
كازاخستان بلجيكا
ول كن ،وق بل كل شيء فإن أورو با هي رأس ج سر جيوبول يتي رئي سي
لمري كا في ال قارة الوراسية ،وإن الر هان الجيوا ستراتيجي لمير كا هو كبير
جدا .وخل فا @ لرتبا طات أمير كا باليا بان فإن الح لف الطل سي يع مق الن فوذ
السيا سي وال قوة الع سكرية ا لميركيين ب شكل مبا شر في ا لبر الورا سي.
و في هذه المرح لة من العل قات الميرك ية الوروب ية ح يث ل تزال ا لدول
الوروبية الحليفية تعتمد إلى حد كبير على الحماية المنية الميركية فإن أي
توسع في مساحة أوروبا يصبح أوتوماتيكيا @ توسعا @ في حجم النفوذ الميركي
المباشر أيضا .و في المقا بل فبدون ارتباطات وثي قة عبر الطل سي سرعان
ما تتل شى ال سيادة الميرك ية في اورا سيا وبال تالي فإن ال سيطرة الميرك ية
ع لى المح يط الطل سي و قدرتها ع لى ن قل الن فوذ وال قوة إ لى أ ماكن أع مق
في اوراسيا سوف يحد منهما على نحو حاد.
62
ومه ما ي كن ا لمر فإن الم شكلة هي أ مة ل تو جد فعل@" .فأورو با "ك هذه
هي رؤ ية ،أو مف هوم ،أو هدف ،ولكن ها لم ت صبح حقيق ية أو واق عا @ حتى ا لن.
إن أورو با الغرب ية هي سوق م شتركة فعل ولكن ها ل تزال بع يدة عن كون ها
كيا نا @ سيا سيا @ وا حدا .ول بد أن تت شكل أورو با السيا سية وتظ هر إ لى الو جود،
و قد قدمت الز مة في البو سنة برها نا مؤل ما ع لى الغ ياب ا لدائم لورو با ،إذ
كانت ل تزال ث مة حا جة إ لى ت قديم براه ين في هذا ال سياق ،وإن الحقي قة
ال مرة هي أن أورو با الغرب ية ،وأورو با الو سطى بدر جة أ كبر أي ضا @ ل تزالن
محم يتين أميرك يتين إ لى حد كبير ،عل ما @ أن ا لدول الحلي فة فيه ما تذكرنا
بالقطا عات والب لدان القدي مة ا لتي كانت تدفع الجز ية إ لى ال فاتحين ،وذ لك
ليس بالمر الصحيح سواء بالنسبة إلى أمريكا أو إلى الدول الوروبية .
فالمور تزداد سوءا @ بالتراجع الكثر انتشارا @ في الحيوية الداخلية لوروبا.
فه نا ن جد أن شرعية كل الن ظام الجت ماعي القت صادي الرا هن و حتى
الح ساس ال سائد من الهو ية الوروب ية ت بدو غ ير مني عة ،ويم كن لل مرء أن
يكتشف في عدد من الدول الوروبية وجود أزمة ثقة وفقدانا @ للحركة الخلقة
إ ضافة إ لى الو ضع ا لداخلي ا لذي يت سم بالنعزال ية والهروب ية من ال مآزق
الكبرى لل عام ،وليس وا ضحا @ ما إذا كان مع ظم ا لوروبيين ير يدون أن تكون
أوروبا قوة )دولة( كبرى ،أو ما إذا كانوا مستعدين لن يفعلوا ما تحتاج إليه
هذه ال قارة ل كي ت صبح قوة )دو لة( كبرى .ف حتى من ب قي من ا لوروبيين
الم عادين لل سيطرة الميرك ية وا لذين هم ضعفاء ا لن ،يثيرون ال سخرية
والت شاؤم لنهم اكت شفوا "الهيم نة" الميرك ية فعل @ ولكن هم ير تاحون في
اللتجاء إليها.
كانت ال قوة المحر كة السيا سية لتوح يد أورو با تدفع في يوم ما بثل ثة
حوافز هي "ذكر يات الحرب ين ال عالميتين ال مدمرتين ،والرغ بة في ا ستعادة
القت صاد المزد هر ،و عدم ا لمن ال ناجم عن الخ طر ال سوفييتي .ومه ما ي كن
المر ،فقد بدأت هذه الحوافز الثلثة تتلشى في منتصف أعوام التسعينات،
فا ستعادة القت صاد المزد هر تحق قت إ لى حد كبير .و في المقا بل فإن
الم شكلة ا لتي تواجه ها أورو با ع لى ن حو مت نام هي المتعل قة بن ظام ال ضمان
الج ماعي ا لذي ي شكل عبئا @ متزا يدا @ وي ستنزف حيويت ها القت صادية ،بين ما ن جد
أن المقاو مة النفعال ية لي إ صلح ع لى ح ساب الم صالح الخا صة توجه
الهتمام السياسي الوروبي إلى الداخل وقد اختفى الخطر السوفيتي ،بينما
لم تترجم رغ بة ب عض ا لوروبيين في ال ستقلل عن الو صاية أو الن فوذ
الميركي إلى حافز ملزم لتوحيد القارة.
63
ول كن الق ضية الوروب ية كانت ول تزال ت قوى بالقوة الداف عة
البيروقراط ية ا لتي و لدتها الل ية المؤس ساتية ال كبيرة ا لتي خلقت ها بدورها
ال سوق الوروب ية وخليفت ها الت حاد ا لوروبي .ول تزال ف كرة الو حدة تتم تع
بدعم شعبي كبير وإن كانت تم يل إ لى الف تور ،وتفت قر إ لى الح ماس
والح ساس ب ضرورة الع مل من أجل ها .وعمو ما @ فإن أورو با الغرب ية الحال ية
تنقل انطباعا @ عن أنها تضم مجموعة مجتمعات مضطربة وتفتقر إلى التركيز
ومرتاحة بالرغم من الحساس بالقلق اجتماعيا @ ناهيك بكونها ل تشترك في
أي رؤ ية أ كثر ات ساعا@ ،وه كذا فإن الو حدة الوروب ية هي إ جراء أو عمل ية ما
)على غرار عملية السلم( وليست قضية بحد ذاتها .
ومع ذلك فثمة نخبتان سياسيتان حاكمتان في دولتين أوروبيتين بارزتين،
هما فرنسا وألمانيا بقيتا ملتزمتين إلى حد كبير بهدف تشكيل وتحديد دولة
أوروب ية ستكون أورو با ب حق وحق يق .وبال تالي فه ما ،أي فرن سا وألمان يا،
مهند ستان رئي سيتان لورو با ،وإذ تعملن م عا @ فإنه ما تبن يان أورو با ال جديرة
بماضيها وبقدرتها ،ولكن كل دولة منهما تلتزم برؤية وتصميم مختلفين إلى
حد ما ولي ست أي وا حدة منه ما قو ية ب ما ف يه الكفا ية ل كي ت صبح صاحبة
الكلمة الولى في هذا المجال.
إن هذا ال شرط يخ لق للول يات المت حدة فر صة خا صة ل تدخل الحا سم
ف هي ترى ضرورة الن خراط في الع مل ال مؤدي إ لى و حدة أورو با ،وإل فإن
عملية التوحيد يمكن أن تتوقف ثم تتراجع تدريجيا .ولكن أي انخراط أميركي
ف عال في ب ناء أورو با ل بد أن ي قاد مع و ضوح في التفك ير ا لميركي في ما
يتع لق ب نوع الدو لة الوروب ية ا لتي تف ضلها أمير كا وت كون م ستعدة لدعمها،
فهل تريدها أن تكون شريكا @ مساويا @ لها أم مجرد حليف صغير ،وكذلك في
ما يتع لق بالحجم الفع لي ل كل من الت حاد ا لوربي ) (EUوح لف الطل سي )
.( NATOويتط لب ا لمر أي ضا @ التعا مل بد قة مع المهند سين الرئي سيين في
أوروبا )ذكر سابقا@(.
64
العظمة والتحرير
إن فرنسا تسعى إلى أن تتجسد ثانية في أوروبا ،ولكن ألمانيا تأمل في
التحرر والنعتاق عبر أوروبا ،وان هذين الحافزين المختلين ي سيران مسافة
بعيدة نحو تفسير وتحديد جوهر التصميم البديل الفرنسي واللماني لوروبا .
وبالن سبة إ لى ألمان يا فإن ال لتزام بأورو با هو أ ساس تحرير ها وانعتاق ها
بينما تعتبر علقتها الودية بأميركا مهمة لمنها ،وهكذا ،فإن أوروبا المستقلة
ع لى ن حو ا كثر جز ما @ عن أمير كا لي ست خ يارا @ قابل @ للح ياة ،ف في ما يتع لق
بألمانيا نجد أن التحرير +المن= أوروبا +أميركا .فهذه المعادلة تحدد وضع
ألمان يا وسيا ستها م ما يج عل من ألمان يا مواط نا @ صالحا @ فعل @ لورو با ،و في
الوقت نفسه تكون هي أي ألمانيا أقوى داعم أوروبي لميركا.
65
يح سنون الم صلحة الوروب ية الم شتركة فإنهم سوف يك سبون ا لدعم
والحترام الوروبيين.
كانت فرن سا حلي فا @ موال يا @ ومخل صا@ ،م صمما @ )عا قدا @ ال عزم( في الق ضايا
الرئي سة لل حرب ال باردة .ووق فت كت فا @ إ لى ك تف مع أمير كا ع ندما ن شبت
الزمات ولم يكن ثمة شك في موقف فرنسا الثابت سواء في أثناء حصاري
برلين أو في أثناء أزمة الصواريخ الكوبية ،ولكن دعم فرنسا لحلف الطلسي
أع يق بالرغ بة الفرن سية "المتزام نة" الهاد فة إ لى ضمان هو ية سيا سية
فرن سية "المتزام نة" الهاد فة إ لى ضمان هو ية سيا سية فرن سية منف صلة،
وإ لى المحاف ظة على حر ية الع مل اللز مة ل هذه الدو لة ول سيما في ا لمور
التي تخص الوضع العالمي لفرنسا أو التي لها علقة بمستقبل أوروبا.
يو جد عن صر ا ستحواذ خادع في ان شغال النخ بة السيا سية الفرن سية
بالمفهوم المتمثل في أن فرن سا ما تزال قوة )دو لة( عالمية .فعندما أعلن
رئ يس ا لوزراء آلن جوبيه ،شأنه شان من سبقوه ،في الجمع ية الوطن ية
الفرن سية في أ يار 1995أن "فرن سا ت ستطيع ،وي جب ،أن ت ضمن مهمت ها أو
دور ها ك قوة عالم ية" ،فإن الح ضور أطل قوا عا صفة ت صفيق تلقائ ية .وه كذا
فإن الصرار الفرنسي على تطوير الرادع النووي كان نابعا @ غالبا @ من وجهة
النظر القائلة إن فرنسا سوف تحسن بذلك حريتها في العمل ،وتكسب في
ا لوقت ذا ته ال قدرة ع لى ال تأثير في قرارات الح ياة وال موت الميرك ية عن
أمن التحالف الغربي ككل .ولم يكن سعى فرنسا إلى رفع مستوى وضعها
في هذا المجال نابعا @ عن الرغبة في الوقوف في وجه التحاد السوفييتي لن
ا لرادع ال نووي الفرن سي لم ي كن له سوى تأثير هام شي ،حتى في أف ضل
حالته ،ع لى إمكا نات صنع ال حرب ال سوفييتية و قد شعرت باريس أن
أ سلحتها النوو ية الخا صة ب ها ستعطي فرن سا دورا @ في إ جراءات )عمل يات(
اتخاذ القرارات الكثر خطرا @ والعلى مستوى عن الحرب الباردة.
وفي التفكير الفرنسي ،فإن امتلك السلحة النووية عزز مطلب فرنسا
بأن تصبح قوة عالمية ،وأن تملك صوتا @ يجب أن يحترم في كل أنحاء العالم.
و هو أي هذا المتلك عزز ع لى ن حو مل موس و ضع فرن سا بو صفها إ حدى
ا لدول أو الع ضاء الخم سة ا لذين يمل كون حق ا ستخدام الفي تو في مج لس
ا لمن ا لدولي عل ما @ أن هذه ا لدول الخ مس كل ها هي دول نوو ية .و من
المن ظور الفرن سي ،ف قد كان ا لرادع ال نووي البري طاني م جرد ام تداد ل لرادع
ا لميركي ،خا صة في ضوء ال لتزام البري طاني بعل قة خا صة مع أمير كا،
66
وبامت ناع بريطان يا عن الم شاركة في الج هد ال هادف إ لى ب ناء أورو با م ستقلة
)عل ما @ أن ا ستفادة البرنا مج ال نووي الفرن سي إ لى حد كبير من الم ساعدة
الميرك ية ال سرية لم ت كن في رأي الفرن سيين ذات أهم ية في الح سابات
ال ستراتيجية لفرن سا( .وأخ يرا @ فإن ا لرادع ال نووي عزز أي ضا@ ،في الف كر
الفرنسي الوضع المسيطر أو القيادي لفرنسا بوصفها دولة قارية بارزة ،أو
الدولة الوروبية الفعلية الوحيدة التي ملكت هذه الميزة .
جرى التعبير أيضا @ عن الطموحات العالمية لفرنسا عبر جهودها الحاسمة
الهاد فة إ لى المحاف ظة ع لى دور أم ني خاص في مع ظم ا لدول الفريق ية
الناطقة باللغة الفرنسية .وبالرغم من الخسارة ،وبعد قتال طويل المد في
فيت نام وال جزائر والتخ لي عن إمبراطور ية أو سع م ساحة ،فإن هذه المه مة
المن ية وال سيطرة الفرن سية الم ستمرة حتى ا لن ع لى جزر متفر قة في
المح يط ال هادي )و هي ا لتي أم نت ل ها أ ماكن للخت بارات لذر ية الفرن سية
المثيرة للجدل( عززتا اقتناع النخبة الفرنسية بأن فرنسا ل تزال فعل @ تملك
دورا @ عالم يا @ ي جب أن تلع به ،و بالرغم من حقي قة كون ها ل ت شكل ب صورة
رئيسية سوى قوة أوروبية ذات مرتبة متوسطة في العصر ما بعد المبريالي
.
ل قد ع مل كل ما ذ كر أعله ع لى المحاف ظة ع لى ط لب فرن سا وع لى
حفزها أيضا @ على الصرار على هذا الطلب المتمثل في ضرورة إسهامها في
القيادة الوروبية .فمع كون بريطانيا في حالة تهميش ذاتي ،ومجرد ملحق أو
ام تداد لل قوة الميرك ية و كون ألمان يا مق سمة خلل مع ظم فترة ال حرب
الباردة ،ومحرومة أو معاقبة بسبب تاريخها في القرن العشرين ،استطاعت
فرن سا أن تتم سك بف كرة أو مف هوم أورو با ،وتع تبر نف سها شيئا وا حدا @ مع ها
وتغت صبها أو تدعي هيمنت ها علي ها بو صف هذه ا لخيرة متطاب قة أو من سجمة
مع مفهوم فرنسا عن نفسها .
إن البلد ا لتي كانت أول من ابت كر ف كرة الدو لة ال مة ذات ال سيادة
وحولت القومية الى ديانة مدنية وجدت أنه من الطبيعي جدا @ ان ترى نفسها،
وبن فس ال لتزام ال عاطفي ا لذي كان و ظف في يوم ما في ما ي عرف ب ـ
"الوطن" على أنها تجسيد لوروبا مستقلة ولكنها متحدة ،وهكذا فإن عظمة
أوروبا المقادة من قبل فرنسا ستكون عندئذ عظمة فرنسا أيضا @ .
إن هذا العمل أو الحتراف الخاص ،والذي ولد من رحم إحساس عميق
بالمصير التاريخي وعزز بزهو ثقافي فريد في نوعه ،هو ذو مضامين سياسية
كبيرة .وإن الم جال الجيوبولي يتي الرئ يس ا لذي كان ع لى فرن سا أن تبق يه
67
ضمن مدار نفوذ ها أو ع لى ال قل تم نع ال سيطرة عل يه من ق بل دو لة أ قوى
منها يمكن أن يرسم في شكل نصف دائرة .وهو يشمل شبه جزيرة اليبرية
والساحل الشمالي لغرب البحر البيض المتوسط وألمانيا صعودا @ حتى أوروبا
الو سطى وال شرقية .ول يس ذ لك هو ن صف الق طر ا لدنى الوح يد ل لمن
الفرن سي ،بل هو أي ضا @ المنط قة السا سية للمصالح السيا سية الفرن سية ول
يمكن إل بدعم مضمون من الدول الجنوبية وبضمان مساندة ألمانيا ،أن يتم
ع لى ن حو ف عال تحق يق هدف ب ناء أورو با مو حدة وم ستقلة تقود ها فرن سا.
و من الوا ضح ،أن ألمان يا المتنام ية ال قوة سوف ت كون حت ما @ ال صعب انق يادا
ضمن هذا المدار الجيوبوليتي.
وح سب الرؤ يا الفرن سية فإن ال هدف الرئي سي من أورو با المو حدة
والمستقلة يمكن تحقيقه بالجمع بين توحيد أوروبا بقيادة فرنسا من ناحية،
وب ين التقل يل ال متزامن والمن فذ تدريجيا @ من ال سيادة الميرك ية ع لى ال قارة
من ناح ية ثان ية .ول كن إذا كانت فرن سا هي ا لتي ست شكل م ستقبل أورو با،
في جب أن تع مل في أن ع لى م شاغلة ألمان يا وتقي يدها ،وت سعى أي ضا إ لى
تجريد واشنطن شيئا @ فشيئا @ من قيادتها السياسية للشؤون الوروبية .ستكون
ال مآزق السيا سية الرئي سة ا لتي تعاني ها فرن سا ذات شقين ه ما :أول@ :كيف ية
المحاف ظة ع لى ال لتزام ا لمني ا لميركي بأورو با ،وا لذي ت عرف فرن سا أ نه،
أي هذا ال لتزام ،ما يزال ضروريا@ ،والع مل بث بات ع لى ا لقلل من الو جود
ا لميركي .ثان يا@ :كيف ية المحاف ظة ع لى ال شراكة الفرن سية اللمان ية بو صفها
المحرك السيا سي القت صادي الم شترك للو حدة الوروبية وذ لك في ا لوقت
الذي تستبعد فيه القيادة اللمانية في أوروبا.
1ـ المدران الجيوبوليتيان لفرنسا وألمانيا المتعلقان بالمصالح الخاصة
2ـ المدار الفرنسي للمصالح الخاصة )انظر اللون(
3ـ المدار اللماني للمصالح الخاصة )انظر اللون(
4ـ البحر البيض المتوسط
5ـ البحر السود.
لو كانت فرنسا فعل @ قوة عالمية ،لما كان من الصعب حل هذه الزمات
في أث ناء متاب عة تحق يق أو إن جاز ال هدف الرئ يس ل هذه الدو لة .ول تو جد أي
دو لة أوروب ية أ خرى " ما عدا ألمان يا" تم لك ن فس هذا الط موح ،أو يحفز ها
ن فس الح ساس بالمه مة من هذا ال نوع .و حتى ألمان يا رب ما يم كن أن ي تم
إغواؤ ها ع لى ق بول الق يادة )الزعا مة( الفرن سية في دو لة أوروب ية مو حدة،
68
ومستقلة )عن أميركا( ،ولكن ذلك ل يحدث إل إذا شعرت ألمانيا أن فرنسا
هي قوة عالم ية فعل @ وي ستطيع أن ت قدم إ لى أورو با ذ لك ا لمن ا لذي ل
يستطيع أن تقدمه ألمانيا ،ولكن تستطيع أميركا تقديمه بطبيعة الحال .
ومه ما ي كن ا لمر ،فإن ألمان يا ت عرف ال حدود الحقيق ية لل قوة الفرن سية.
وفرن سا أ ضعف ب كثير من ألمان يا أقت صاديا @ بين ما ل ت ستطيع مؤس ستها
الع سكرية )ح سبما أظ هرت حرب الخل يج في ال عام (1991ا لدخول في
المناف سة .و هي "أي فرن سا "ج يدة جدا في إح ماد النقل بات الع سكرية
الداخل ية في ا لدول الفريق ية التاب عة ل ها )ال سائرة في مدارها( ،ولكن ها ل
ت ستطيع إل حما ية أورو با و هي ل ت قدر ع لى ن قل قوات كبيرة )مه مة( بع يدا
عن أوروبا .وعموما ،فإن فرنسا لم تعد أكثر أو أقل من قوة )دولة( أوروبية
ذات مرتبة متوسطة .وبالتالي فلكي تبني أوروبا ،كانت ول تزال ألمانيا راغبة
في مشاطرة الزهو الفرنسي ،ولكن ومن أجل البقاء على أوروبا آمنة فعل@،
ف قد كانت ول تزال راغ بة أي ضا في ال سير خ لف الق يادة الفرن سية ب شكل
أع مق .وا ستمرت في ال صرار ع لى أن ي كون ث مة دور رئ يس لمير كا في
المن الوروبي .
أن هذه الحقي قة ا لتي تع تبر مؤل مة لل حترام ا لذاتي الفرن سي ،ظ هرت
على نحو أكثر وضوحا @ بعد إعادة توحيد ألمانيا .وحتى هذا الوقت ،كان الوفاق
الفرن سي الل ماني قد بدأ فعل @ في شكل ق يادة سيا سية فرن سية ممتط ية
بارتياح على الدينامية القتصادية اللمانية .وكان هذا الحساس قد لءم فعل
كل الطرفين .فهو لطف المخاوف الوروبية التقليدية من ألمانيا ،وكان له أثر
تقو ية وإر ضاء الو هام )الم شاعر( الفرن سية بأن خ لق انطبا عا @ عن أن ب ناء
أورو با ي قاد من ق بل فرن سا .و يدعم من ق بل ألمان يا الغرب ية ذات الدينام ية
القتصادية.
كان الو فاق الفرن سي الل ماني ،حتى في ضوء م فاهيمه ال سيئة ،ت طورا
إيجاب يا @ خدم أورو با ،ول كن ل يم كن المبال غة بأهم ية .و قد ع مل ع لى ت قديم
الساس الحرج لكل نواحي التقدم التي أنجزت حتى الن في عملية التوحيد
ال صعبة لورو با .وه كذا ،ف قد كان من سجما @ كل يا @ أي ضا @ مع الم صالح الميرك ية
و مع الب قاء ع لى ال لتزام ا لميركي ال قائم م نذ ز من طو يل بر فع م ستوى
التعاون بين دول أورو با .وإن انهيار التعاون الفرنسي الل ماني سوف ي كون
نكسة مميتة لوروبا وكارثة لوضع أميركا في أوروبا .
وعمو ما @ فإن ا لدعم ا لميركي الم بدئي م كن فرن سا وألمان يا من د فع
عمل ية توح يد أورو با إ لى ال مام .وف ضل @ عن ذ لك ،فإن إ عادة توح يد ألمان يا
69
زادت قوة ال حافز الفرن سي لر بط ألمان يا في إ طار الع مل ا لوروبي المق يد
)أو الرا بط ل كل ا لطراف( .وه كذا ،ف في " 6كانون ا لول" 1990ا لتزم
الرئيس الفرنسي والمستشار اللماني بتحقيق هدف أوروبا الفيدرالية ،وبعد
ع شرة أ يام أ صدر مؤتمر رو ما لرؤ ساء حكو مات ا لدول الوروب ية المنع قد
ل جل الت حاد السيا سي ،و بالرغم من التحف ظات البريطان ية ،تفوي ضا @ وا ضحا
لوزراء خارجية الدول الثنتي عشرة في المجموعة الوروبية لتحضير مسودة
معا هدة عن الت حاد السيا سي .ومه ما ي كن ا لمر ،فإن إ عادة توح يد ألمان يا
غيرت أيضا @ وعلى نحو درامي السمات الحقيقية للسياسات الوروبية .وكانت
هزيمة جيوبوليتية لروسيا وفرنسا معا .فألمانيا الموحدة لم تتوقف فقط عن
كون ها شريكا @ سيا سيا @ صغيرا @ لفرن سا ولكن ها أ صبح أتوماتيك يا @ قوة رئي سية ل
ينازع ها أ حد في أور با الغرب ية ،أو أ صبحت قوة عالم ية جزئ ية ،وخا صة عبر
إ سهاماتها المال ية ال كبيرة في د عم المؤس سات ا لدولي الرئي سة .((1بال تالي
خل قت هذه الحقي قة الجد يدة نو عا @ ما من الت حرر المت بادل من ا لوهم في
العلقة الفرنسية اللمانية لن ألمانيا أصبحت الن قادرة وراغبة في أن تضع
بو ضوح رؤيت ها الخا صة من أور با المو حدة وت طوير هذه الرؤ ية ع لى ن حو
مك شوف ،وذ لك من منط لق كون ها شريكة لفرن سا ول يس بو صفها محم ية
لهذه الخيرة
و في ما يتع لق بفرن سا ،فإن ما أ صابها من ترا جع في وزن ها السيا سي
أملى عليها عدة نتائج سياسية .وأصبح يترتب عليها أن تستعيد "إلى حد ما"
ن فوذا @ أ كبر في ح لف الطل سي ،عل ما @ أن ها كانت قد أ ضعفت علقت ها به
احتجا جا @ ع لى ال سيطرة الميرك ية عل يه ،و كان علي ها أي ضا @ أن ت ستعيض عن
ضعفها النسبي بمناورة دبلوماسية أكبر .فالعودة إلى حلف الطلسي يمكن
أن تم كن فرن سا من ال تأثير بدر جة أ كبر من أمير كا .و كذلك فإن ال غزل مع
موسكو أو لندن يمكن أن يولد ضغطا @ من الخارج على أميركا وعلى ألمانيا
أيضا @ .
وهكذا فقد عادت فرنسا إلى البنية القيادية لحلف الطلسي كجزء من
سيا سة الم ناورة ول يس ب سبب اقتناع ها بذلك .ف في ال عام ،1994أ صبحت
فرنسا مرة ثانية عضوا @ فعال @ حقيقيا @ في صنع القرارات السياسية والعسكرية
لح لف ال ناتو ،و في ال عام 1995أ صبح وز يرا الخارج ية وا لدفاع الفرن سيان
على سبيل المثال ،وكنسبة مئوية من الميزانية العالمية ،فإن ألمانيا تسهم ب .5 )
%28من ميزان ية التحاد ا لوروبي و 22 .8من ميزانية الناتو ،و %8 .93من ميزان ية
المم المتحدة ،إضافة إلى كونها تملك أكبر نسبة من أسهم البنك الدولي ،والبنك
الوروبي لعادة البناء والتطوير.
70
يحضران على نحو منتظم جلسات حلف الطلسي .وتم ذلك لقاء ثمن :فما
إن عاد الفرن سيون كل يا @ إ لى هذا الح لف ،حتى أ عادوا تأك يد عزم هم ع لى
إ صلح بن ية الح لف بغ ية خ لق توازن أ كبر ب ين الق يادة الميرك ية والم شاركة
الورب ية ل ها .وأرادوا أن ي كون ل لوربيين )دول الح لف الورب ية( تأثير أ هم
ودور أ كبر في هذا الح لف .و قد عبر عن ذ لك وز ير الخارج ية الفرن سية،
إيرف يه دي شاريت في كل مة له بتار يخ 8ني سان 1996ح يث قال" :بالن سبة
إ لى فرن سا فإن ال هدف الرئ يس )لقا مة العل قات الود ية( هو تأك يد الهو ية
الوروب ية ضمن الح لف ا لذي هو ذو م صداقية ع لى ال صعيد العملي ـاتي وذو
وضوح على الصعيد السياسي".
و في ا لوقت ذا ته ،كانت باريس م ستعدة تما ما @ لن ت ستثمر تكتيك يا
ارتباطاتها التقليدية بروسيا لكي تقيد السياسة الوروبية لميركا ولكي تحيي،
كل ما كان ا لمر ملئ ما@ ،الو فاق الفرن سي البري طاني ال قديم لمواج هة
وامت صاص ال سيادة الوروب ية المتنام ية للمان يا .وا قترب وز ير الخارج ية
الفرنسي من قول ذلك أيضا @ ولى نحو واضح ،في آب 1996عندما أعلن أنه
" إذا أرادت فرنسا أن تلعب دورا @ دوليا@ ،فإنها سوف تستفيد من وجود روسيا
القوية ،ومن مساعدة هذه الخيرة لكي تثبت كونها قوة )دولة( عظمى" حاثا
بذلك وزير الخارجية الروسية على تأكيد هذا الرأي عندما رد هذا الخير عليه
قائل @ "إن الفرن سيين هم ا لقرب ،ب ين دول ال عالم كل ها إ لى ال خذ بموا قف
بناءة في علقاتهم بروسيا. ((1
وهكذا فإن الدعم الفاتر الذي أظهرته فرنسا في بادىء المر نحو توسع
ح لف الطل سي شرقا@ ،وا لذي بدا في الوا قع نو عا @ من الرغ بة ا لتي يعتري ها
الشك ،كان في جزء منه تكتيكا @ معدا @ لكسب القوة والنفوذ في تعاملها مع
الول يات المت حدة .ون ظرا @ إ لى أمير كا وفرن سا كان تا مؤ يدتين ب صورة رئي سية
لتو سيع ال ناتو ،ف قد و جدت فرن سا من الملئم ل ها أن تل عب دورا @ باردا @ و لم
تتردد في التعبير عن قلقها إزاء التأثير المحتمل هذه المبادرة على روسيا،
و في أن تع مل بو صفها الم حاور ا لوروبي ا لكثر حسا سية مع مو سكو .و قد
بدا لب عض ا لوروبيين في أورو با الو سطى أن الفرن سيين عم لوا حتى ع لى
ن قل ذ لك النط باع عن أن هم لي سوا ضد ممار سة الن فوذ الرو سي في أورو با
الشرقية .وهكذا ،فإن الورقة الروسية لم توازن الثقل الميركي وتنقل تلك
الرسالة "غير الماكرة" جدا @ إلى ألمانيا فحسب ،بل زادت أيضا @ من الضغط
ع لى الول يات المت حدة ل كي تأ خذ في العت بار القترا حات الفرن سية عن
إصلح الناتو .
71
وأخ يرا@ ،فإن تو سيع ال ناتو سوف يح تاج إ لى الج ماع ب ين أع ضائه ال بالغ
عددهم 16دولية عر فت باريس أن قبول ها لم يكن حيو يا @ ف قط للج ماع ،بل
هو ضروري أيضا @ لن ثمة حاجة إلى الدعم الفعلي الفرنسي لتجنب معارضة
أع ضاء آخر ين في الح لف .وه كذا لم ت كن سرا @ ت لك الن ية الفرن سية ا لتي
ت ستهدف ج عل د عم فرن سا للتو سع شرطا @ لتلب ية م طالب أمير كا ف نها ية
المطاف ،لما عزمت عليه فرنسا من تغيير لميزان القوى ضمن الحلف من
ناحية ،وللتنظيم الساسي له من ناحية ثانية.
كانت فرن سا غ ير متحم سة أي ضا @ في البدا ية إزاء دعم ها لتو سع الت حاد
ا لوروبي شرقا .فه نا جاءت الم بادرة من ق بل ألمان يا بالدر جة ا لولى،
وترافقت بدعم أميركي ولكن بدون اهتمام مماثل لما قامت به أميركا في
ما يتع لق بتو سيع ح لف الطل سي .و حتى بالرغم من أن فرن سا كانت تم يل
ع لى غرار ما فع لت في ح لف الطل سي إ لى التأك يد بأن تو سيع الت حاد
الوروبي سوف يؤمن مظلة أكثر ملئمة للدول الشيوعية السابقة ،فما أن
بدأت ،ألمانيا تضغط من أجل توسيع أفضل للتحاد الوروبي ليشمل أوروبا
الو سطى أي ضا @ حتى بدأت فرن سا في إ ثارة م خاوف تقن ية ،وطل بت أي ضا @ أن
يع ير هذا الت حاد ا لوروبي اهتما ما @ إ لى المجن بة الجنوب ية المتو سطية )ن سبة
إلى البحر المتوسط( الوروبية المكشوفة .ظهرت هذه الخلفات في وقت
مب كر ) شهر ت شرين ال ثاني( 1994ع ندما ع قدت الق مة الفرن سية اللمان ية.
وكان لهذا التشدد الفرنسي على هذه القضية الخيرة تأثير تمثل في كسب
فرنسا لدعم العضاء الجنوبيين في حلف الطلسي ،المر الذي زاد من قوة
الم ساومة الجمال ية لفرن سا إ لى أق صى حد .ول كن الث من جاء في تو سيع
الث غرة في الرؤ يا الجيوبوليت ية المعن ية عن أورو با لدى كل من فرن سا
وألمان يا ،عل ما إن هذه الث غرة لم ت ضيق إل جزئ يا من ق بل فرن سا ع ندما
وافقت لحقا @ في النصف الثاني من العام 1996على دخول بولوينا إلى حلف
الناتو و التحاد الوروبي معا.
كانت الث غرة حتم ية في ضوء ال سياق ال تاريخي المتغ ير .فم نذ نها ية
ال حرب العالم ية الثان ية ،كانت ألمان يا الديمقراط ية قد أ قرت بأن الو فاق
الل ماني الفرن سي يع تبر ضروريا @ لب ناء المجمو عة الوروب ية في الن صف
الغر بي من أورو با المق سمة .و كان هذا الو فاق ها ما @ أي ضا @ ل عادة التأه يل
التاريخ ية للمان يا .وبال تالي ،فإن ق بول ال قادة الفرن سية بذلك كان ثم نا @ ج يدا
يجب دفعه .وفي الوقت ذاته ،فإن الخطر السوفييتي المستمر آنذاك على
أوروبا الغربية غير المنيعة جعل الولء لميركا شرطا @ أساسيا @ للبقاء على قيد
الح ياة ،عل ما @ بأنه حتى فرن سا نف سها ا عترفت بذلك .ول كن ب ناء أورو با أ كبر
72
وأكثر توحدا@ ،بعد انهيار التحاد السوفييتي ،لم يعد بحاجة إلى التبعية لفرنسا.
وبت عبير آ خر ،فإن هذه التبع ية لم ت عد ضرورية أو ملئ مة عمو ما@ .وبال تالي
أ صبحت ال شراكة اللمان ية الفرن سية النم ساوية ،وخا صة ب عد أن أ صبحت
ألمان يا الم عاد توح يدها ال شريك ا لكبر فعل@ ،أ كثر من صفقة ج يدة ل باريس،
و من ه نا ،أ صبح يترتب على فرن سا أن تف ضل بب ساطة ،ألمان يا ب سبب كون ها
وسيلة الرتباط المني الرئيسية مع الحليف عبر الطلسي الذي يقوم أيضا
بدور الحماية أيضا.
و مع انت هاء ال حرب ال باردة ،ف قد اكت سبت و سيلة الرت باط هذه أهم ية
جد يدة بالن سبة إ لى ألمان يا .ف في الما ضي كانت قد ح مت ألمان يا من خ طر
خارجي وقريب جدا @ إضافة إلى كونها شرطا @ ضروريا @ لعادة التوحيد الفعلية
للبلد .ولدى اختفاء التحاد السوفييتي وإعادة توحيد ألمانيا ،فقد أمنت هذه
الراب طة مع أمير كا ا لن مظ لة ت ستطيع ألمان يا أن تع مل تحت ها ،وع لى ن حو
مكشوف ،في ممارسة دورها القيادي في أوروبا الوسطى دون أن تهدد ،في
ا لوقت ذا ته جيران ها .و كذلك ،فإن العل قة الميرك ية أم نت أ كثر من شهادة
حسن سلوك عندما طمأنت جيران ألمانيا عن أن العلقة الوثيقة معها )مع
ألمان يا( تع ني أي ضا @ و جود عل قة أو ثق مع أمير كا .و قد ج عل كل ذ لك من
السهل على ألمانيا ان تحدد بشكل مكشوف أفضلياتها الجيوبوليتية .
تستطيع ألمانيا ،التي رست بأمان في أوروبا واستقرت دون أذى ،وبكثير
من المان في ظل الوجود العسكري الميركي الواضح ،أن تعمل الن على
ت طوير ا ستيعاب اورو با الو سطى الم حررة حديثا @ في الب نى الوروب ية .و لن
ي كون ذ لك ع لى غرار دو لة أورو با الو سطى ا لتي خ ضعت في يوم ما
للمبريال ية اللمان ية ،بل مجتم عا @ أ كثر اع تدال @ ومت جددا @ اقت صاديا @ ومن شطا
بالتوظي فات المال ية والت جارة اللمان ية.وتع مل ألمان يا ف يه بو صفها راع ية
للد خال الرسمي في نها ية المطاف لوروبا الوسطى الجد يدة إ لى كل من
التحاد الوروبي وحلف الطلسي .وفي ظل تامين الحلف الفرنسي اللماني
المن صة الحيو ية ل ضمان دور إقلي مي أ كثر ح سما@ ،فإن المان يا لم ت عد بحا جة
إ لى أن تخ جل من ت ثبيت نف سها او تأك يد ذات ها ضمن أ حد مدارات م صلحتها
الخاصة.
وعلى خريطة أوروبا ،يمكن رسم منطقة المصلحة الخاصة اللمانية في
شكل مستطيل يضم في الغرب فرنسا بالتأكيد ،ويمتد في الشرق إلى دول
أوروبا الوسطى المتحررة حديثا @ من الشيوعية ،بما فيها دول البلطيق ،التي
تح يط بأوكران يا وبيل رو سيا ،وي صل حتى إ لى رو سيا .و في ال كثير من
73
ال نواحي ،فإن هذه المنط قة تنط بق ع لى ن صف الق طر ال تاريخي للن فوذ
الثقافي اللماني البناء ،والذي كان قد حدد في مرحلة ما قبل القومية من
قبل الحضريين والستعماريين الزراعيين اللمان في شرق أوروبا الوسطى
في جمهور يات البلط يق ،عل ما @ أن كل لك م سح أو أل غي في أث ناء ال حرب
العالم ية الثان ية .وال هم من ذ لك ،فإن م ناطق الهت مام ال خاص للفرن سيين
)نوقشت سابقا@( ولللمان ،عندما ينظر إليهما معا@ ،تحدد فعل @ الحدود الغربية
وال شرقية لورو با بين ما ي شير ال تداخل بينه ما إ لى الهم ية الجيوبوليت ية
الحاسمة للعلقة الفرنسية اللمانية بوصفها القلب الحيوي لوروبا.
إن الن جاح ال حرج ل لدور الل ماني المؤ كد ع لى ن حو أ كثر صرامة في
أورو با الوسطى جاء من الو فاق الل ماني البو لوني ا لذي حدث في منتصف
أ عوام الت سعينات .ف بالرغم من ب عض المعار ضة الول ية ،ما لب ثت ألمان يا
المعاد توحيدها )مع تدخل أميركي( أن اعترفت فعل @ بحدود ألمانيا الدائمة مع
بولون يا ،وعم لت هذه الخ طوة بدورها ،ع لى إزا لة التح فظ البو لوني ا لهم
والوح يد في ما يتع لق بإقا مة عل قة أو ثق بألمان يا وب عد ب عض التلمي حات
المتبادلة الخرى إلى النية الحسنة والتسامح ،خضعت هذه العلقة إلى تغير
درا مي .ف لم تتف جر الت جارة اللمان ية البولون ية فح سب ) في ال عام 1995
تفوقت بولونيا على روسيا في كونها أكبر شريك تجاري للمانيا في الشرق(،
ول كن المان يا أ صبحت أي ضا @ الرا عي الرئي سي لبولون يا في انتمائ ها لع ضوية
الت حاد ا لوروبي ،ك ما ر عت هي وأمير كا م عاص عمل ية انتمائ ها إ لى ال ناتو
)حلف الطلسي( .ول نبالغ إذا قلنا إن الوفاق اللماني البولوني أصبح يحتل
في منت صف الع قد ال حالي أهم ية جيوبوليت ية في أورو با الو سطى م ضاهيا
بذلك التاثير ال سابق للو فاق الفرن سي الل ماني في أوروبا الغربية .استطاع
النفوذ اللماني أن يمتد ،عبر بولونيا ،نحو الشمال ،إلى دول البلطيق ،ونحو
الشرق إلى أوكرانيا وبيلروسيا .وفضل @ عن ذلك ،فإن حجم الوفاق اللماني
البو لوني تو سع إ لى حد ما بالد خال العر ضي لبولون يا إ لى المناق شات
اللمان ية الفرن سية الها مة المتعل قة بم ستقبل أورو با .و قد خ لق ما ي عرف
بمث لث وايم لر )ا لذي سمي با سم المدي نة اللمان ية ا لتي جرت في ها أول
استشارات عالية المستوى ثلثية الجانب بين فرنسا وألمانيا وبولونيا ،والتي،
أي هذه الستشارات ،أ صبحت دورية ب عد ذلك( محورا @ جيوبوليتيا @ مهما غالبا
في القارة الوروبية ،يضم ن حو 180مل يون ن سمة من ثلث دول وبإحساس
74
عال بالهوية القومية .فمن ناحية ،نجد أن ذلك عزز بدرية أكبر الدور الحاسم
للمان يا في أورو با الو سطى ،ولكن هذا ا لدور أ صبح متواز نا @ إ لى حد ما من
ناحية ثانية بالمشاركة الفرنسية البولونية في الحوار ذي التجاهات الثلثة.
إن الق بول ا لوروبي الو سطي بالق يادة اللمان ية ،ع لى غرار ما حدث،
وحتى بدرجة أكبر مع دول أوروبا الصغرى الوسطى ،وجد دعما @ في اللتزام
اللماني الواضح جدا @ بالتوسع نحو الشرق للمؤسسات الرئيسة في أوروبا.
فإذا ا لتزمت ألمان يا بذلك ،ف قد أ خذت ع لى عاتق ها الق يام بمه مة تاريخ ية
تخت لف كثيراص عن ب عض وج هات الن ظر الوروب ية الغرب ية العمي قة ال جذور
فعل .و في هذا ال سياق ا لخير ،ف قد ن ظر إ لى ال حداث ا لتي ت تم في شرق
المان يا والنم سا بو صفها ت حدث ب شكل ما أو بآخر خارج حدود الهت مام
ا لوروبي الحقي قي .وإن هذا المو قف ،ا لذي كان حدد بالتف صيل في بدا ية
القرن الثامن عشر من قبل اللورد بولينغبروك الذي أكد أن العنف السياسي
في ال شرق لم يكن ذا تأثير في ا لوروبيين الغربي ين ،عاد إ لى الظ هور ثانية
في أثناء أزمة ميونخ عام 1938 ،وكذلك ظهر مرة أخرى وعلى نحو مأساوي
في ال موقفين البري طاني والفرن سي في أث ناء ال نزاع في منت صف أ عوام
التسعينات في البوسنة .ول يزال يكمن تحت السطح في النقاشات الدائرة
حال يا صفي شأن م ستقبل أورو با .و في المقا بل فإن الن قاش ال جدلي
الحقي قي الوح يد في ألمان يا دار حول ما إذا كان ي جب أن يو سع ح لف
الطل سي أم الت حاد ا لوروبي أول@ ،عل ما @ بأن وز ير ا لدفاع ف ضل ا لول بين ما
دافع وزير الخارجية عن الثاني ،وبذلك كانت النتيجة هي أن ألمانيا أصبحت
ا لرائد ا لذي ل ي نازع لورو با ا لكبر ات ساعا @ وا لكثر نزو عا @ للو حدة .وت حدث
المستشار اللماني عن العام 2000بوصفة العام الهدف الذي سيتم فيه أول
توسع نحو الشرق للتحاد الوروبي ،كما كان وزير الدفاع اللماني بين أوائل
من ا قترح أن ي كون الع يد ا لذهبي ) مرور 50سنة ع لى التأ سيس( تاري خا
رمز يا @ ملئ ما @ لول تو سع ن حو ال شرق لل ناتو )ح لف الطل سي( .وه كذا فإن
مف هوم ألمان يا عن م ستقبل أورو با اخت لف عن مف هوم حلفائ ها ا لوروبيين
الرئي سيين :فالبري طانيون أعل نوا عن تف ضيلم لورو با أ كبر ات ساعا @ لن هم رأوا
في التوسيع وسيلة لضعاف وحدة أوروبا ،والفرنسيون كانوا يخشون من أن
التو سيع سوف ي عزز دور ألمان يا وبال تالي ف ضلوا دم جا @ ع لى أ ساس أ ضيق،
وداف عت ألمان يا عن كل وج هتي الن ظر هاتين وبال تالي اكت سبت مكا نة خا صة
بين دول أوروبا الوسطى كلها.
الهدف الرئيسي لميركا
75
ـــــــــــــ
إن الق ضية الرئي سية لمير كا هي ك يف تب ني أورو با ع لى أ ساس العل قة
الفرن سية اللمان ية ،أو أورو با ا لتي ت كون قاب لة للح ياة وتب قى مرتب طة
بالوليات المتحد ويمكنها أ ،توسع حجم او أبعاد النظام الدولي الديمقراطي
الت عاوني ا لذي تعت مد عل يه كثيرا @ الممار سة الفعال ية لل سيادة العالم ية
الميركية .وبالتالي فالمسألة ل تكمن في الختيار بين فرنسا والمانيا ،فبدون
أي منهما لن تكون هناك أوروبا أبدا.
نستنتج ثلثة استنتاجات واسعة من المناقشة:
1ـ إن الرت باط ا لميركي بق ضية الو حدة الوروب ية هو ضروري لمواز نة
الز مات المعنو ية والهدف ية الداخل ية ا لتي كانت ت ضعف الحيو ية الوروب ية
وللتغ لب ع لى ال شكوك الوروب ية الوا سعة النت شار من أن أمير كا تح بذ فعل
الو حدة الوروب ية الحقيق ية ،و لزرق )ح قن( الجر عة اللز مة من الح ماس
الديمقراطي في عملية أخذ الوروبيين لهذا المر على عاتقهم .وهذا يتطلب
التزاما @ أميركيا @ واضح المعالم بالقبول الفعلي باوروبا كشريك عالمي لميركا.
2ـ و في ال مدى الق صير المعار ضة التكتيك ية للسيا سة الفرن سية و لدعم
القيادة اللمانية تجد ما يبررها ،أما في المدى البعيد ،فإن الوحدة الوروبية
سوف تنطوي على ،أو تأخذ هوية سياسية وعسكرية أوروبية اكثر تميزا @ إذا
كانت أوروبا ستصبح فعل @ حقيقة واقعة .وهذا يتطلب بدوره بعض الستيعاب
أو الحتواء المتدرج لوجهة النظر الفرنسية المتعلقة بتوزيع القوة )السلطة(
ضمن المؤسسات عبر الطلسية.
3ـ لي ست فرن سا ول ألمان يا قوتين ب ما يك في لب ناء أورو با بامكاناته ما
الخا صة أو لل حل ،بالت عاون مع رو سيا ،ل نواحي الغ موض ا لتي تكت نف تحد يد
البعاد الجغرافية لوروبا .فهذا يتطلب تدخل @ اميركيا @ نشيطا @ ومركزا @ وحاسما
)ذا تصميم على الفعل( ول سيما مع اللمان في تحديد أبعاد أوروبا وبالتالي
في التك يف مع ت لك الق ضايا الحسا سة )وخا صة لرو سيا( من نوع الو ضع
النهائي لجمهوريات البلطيق وأوكرانيا.
إن لم حة وا حدة ع لى خري طة ا لبر الورا سي ت شير إ لى الهم ية
الجيوبوليتية لرأس الجسر الوروبي لميركا ،وإلى أهمية المساحة الجغرافية
المتوا ضعة أي ضا .وإن المحاف ظة ع لى رأس الج سر هذا وتو سيعه بو صفة
نق طة انطلق للديمقراط ية ،و كونه ذا عل قة مبا شرة بامن أمير كا .وعمو ما
فإن الثغرة الموجودة بين الهتمام العالمي لميركا بالستقرار ،وما يرتبط به
من انتشار للديمقراطية من ناحية وبين ما يبدو من عدم مبالة أوروبا بهذه
76
القضايا ) بالرغم من الو ضع المعلن عنه ذاتيا لفرن سا بو صفها قوة عالمية(،
تحتاج إلى أن تغلق ،ول يمكن تضييقها إل إذا أخذت أوروبا وعلى نحو متزايد
ب طابع أ كثر كونفدرال ية .إن أورو با ل ت ستطيع أن ت صبح دو لة ـ أ مة )دو لة
قوم ية( وا حدة ب سبب تما سك تقال يدها الوطن ية المختل فة ول كن يمكن ها أن
تصبح كيانا يعكس على نحو تراكمي وعبر المؤسسات السياسية المشتركة
قي ما @ ديمقراط ية م شتركة وي حدد م صالحه الخا صة مع جعل ها ذات طابع عام
ويمارس جذبا @ مغناطيسيا @ على جيرانه من سكان المجال الوراسي .
إذا ترك ا لوروبيون لو حدهم فأنهم ي خاطرون بأن ي صبحوا عر ضة
للمتصاص أو التماهي في مشاغلهم الجتماعية الداخلية .فاستعادة القتصاد
المزدهر الوروبي عتمت على التكاليف في المدى الطويل للنجاح الظاهر.
و كانت هذه الت كاليف مدمرة اقت صاديا @ وسيا سيا @ ع لى حد سواء .إن الز مة
الشرعية السياسية والحيوية القتصادية التي تواجهها أوروبا الغربية على نحو
متزايد دون أن تكون قادرة على التغلب عليها هي متجذرة بعمق في التوسع
ع لى ن طاق كبير للبن ية الجتماع ية ا لتي ترعا ها الدو لة وا لتي تف ضل طري قة
الح كم البو ية ،والحما ية ،وال ضيق في أ فق التفك ير .وت كون النتي جة حما ية
النتاج الوطني بفرض رسوم عالية على السلع المستوردة .متمثلة في ذلك
الشرط الثقافي الذي يجمع بين مذهب المتعة الهروبي والفراغ الروحي ،أي
ال شرط ا لذي يم كن ا ستغلله من ق بل الق صويين ال قوميين أو أ صحاب
اليديولوجيات الدوغماتية .إن هذا الشرط ،إذا أصبح منتشرا@ ،قد يصبح مميتا
للديمقراطية ولفكرة أوروبا .وإن كل هاتين الس”متين مرتبطتان فعل @ إحداهما
با لخرى ،لن الم شكلت لورو با سواء أ كانت متمث لة في اله جرة أم في
الت نافس القت صادي التكن لوجي مع أمير كا أو آ سيا وب غض الن ظر عن الحا جة
إلى إصلح مستقر سياسيا للبنى الجتماعية القتصادية ل يمكن التعامل معها
ع لى ن حو ف عال في سياق ذي طابع قاري مت نام .وعمو ما@ ،فإن أورو با ا لتي
هي أ كبر من ح جم أجزائ ها أي أورو با ا لتي ترى دورا @ عالم يا @ لنف سها في
ت طوير الديمقراط ية و في الهدا ية الو سع نطا قا @ إ لى ق يم إن سانية أسا سية،
يتح مل ل ها بدر جة أ كبر أن ت كون غ ير ملئ مة للت طرف السيا سي وللنزا عات
القومية الضيقة ،أو مذهب المتعة الجتماعي .
ول سنا بحا جة إ لى إ شارة الم خاوف القدي مة من و فاق أل ماني رو سي
منف صل ،أو إ لى المبال غة في ت قدير ن تائج ال غزل الت كتيكي الفرن سي مع
موسكو للتعامل مع القلق إزاء الستقرار الجيوبوليتي لوروبا ،ولدور أميركا
فيه ،ونقصد بذلك القلق الناجم عن فشل الجهود التي ل تزال أوروبا تقوم
بها الن من أجل توحيدها .وإن إي فشل من هذا القبيل ربما سيترتب عليه
77
الق يام بب عض الم ناورات الوروب ية الجد يدة والتقليد ية .و هي ستخلق بالتأك يد
فر صا @ لتأك يد ا لذات جغراف يا من ق بل رو سيا أم ألمان يا و مع ذ لك ف قد كان
تار يخ أورو با ال حديث يح توي ع لى دروس معي نة فل يحت مل أن أ حدا @ سيحقق
نجا حا @ ثاب تا @ في هذا الم جال .ومه ما ي كن ا لمر و في أ قل الحت مالت ،رب ما
ستصبح ألمانيا أكثر ثقة ووضوحا @ في تحديد مصالحها الوطنية .
وفي ا لوقت الرا هن ،فإن المصالح اللمانية متواف قة مع و حتى مندم جة
ضمن ،م صالح الت حاد ا لوروبي وح لف الطل سي .و كذلك ،ف حتى ال ناطقون
باسم التحالف اليساري ،وجماعات الخضر دافعوا عن توسيع كل من التحاد
ا لوروبي وح لف الطل سي .ول كن إذا كان ع لى توح يد أورو با وتو سيعها أن
يتو قف أو ي تأخر ف سوف ي كون ث مة سبب ما لن ن فترض أن تعري فا @ أ كثر
الت صاقا @ بالوطن ية لمف هوم ألمان يا عن "الن ظام ا لوروبي" سوف يظ هر إ لى
ال سطح و سيكون غال با @ مؤذ يا @ لل ستقرار ا لوروبي .كان وولف غانغ شاوبل،
زع يم ا لديمقراطيين الم سيحيين في مج لس ال نواب الل ماني ،والخلي فة
المحتمل للمستشار كول ،قد عبر عن هذه الفكرة عندما أعلن أن ألمانيا لم
ت عد "الح صن الغر بي ضد ال شرق ،ف قد أ صبحنا مر كز أورو با" ،وأ ضاف إ لى
ذلك قائل @ إن "ألمانيا في فترات طويلة من العصور الوسطى كانت منخرطة
في خلق النظام في أوروبا" .((1وفي هذه الرؤية ،فإن أوروبا الوسطى التي
كانت خاضعة للمانيا اقتصاديا @ في يوم ما ،وعوضا @ عن كونها منطقة أوروبية،
تت فوق في ها ألمان يا اقت صاديا@ ،سوف ت صبح منط قة سيادة سيا سية ألمان ية
مفتو حة وأسا سا @ أو منطل قا @ لسيا سة ألمان ية تت سم بدر جة أ كبر من النز عة
الحادية الجانب ،مقابل الشرق والغرب على حد سواء .
وع ندئذ لن تب قى أورو با رأس ج سر أورا سيا لل قوة الميرك ية ،ونق طة
النطلق المحتم لة لتو سع الن ظام ال عالمي ا لديمقراطي إ لى أورا سيا .و هذا
هو ال سبب ا لذي ي جب من أج له الب قاء ع لى ا لدعم ا لميركي الوا ضح
والملموس لتوحيد أوروبا .وبالرغم من أن أميركا كانت قد أعلنت غالبا سواء
في أثناء استعادة القتصاد المزدهر في أوروبا أم ضمن التحالف المني عبر
الطل سي ،عن دعم ها للو حدة الوروب ية و عن م ساندتها للت عاون ب ين دول
أوروبا ،فقد تصرفت أيضا ،أي أميركا ،كما لو أنها تفضل التعامل في قضايا
اقت صادية وسيا سية م ضطربة مع دول أوروب ية مت فردة ول يس مع الت حاد
الوروبي العتيد .وإن الصرار الميركي العرضي على امتلك "صوت" ضمن
عمل ية صنع ال قرار ا لوروبي كان قد عزز ال شكوك الوروب ية بأن أمير كا
تفضل التعاون بين الوروبيين عندما يكونون تابعين للقيادة الميركية ،وليس
78
ع ندما ي صوغون سيا سات أورو با بأنف سهم .وت لك هي الر سالة الخ طأ ا لتي
يجب نقلها.
إن ال لتزام ا لميركي بو حدة أورو با ،وا لذي كرر ع نوة في ب يان مدر يد
ا لميركي ـ ا لوروبي الم شترك في كانون ا لول ،1995سوف ي ستمر في
الرنين ا لجوف حتى تصبح أمير كا م ستعدة ل ل لعلن بدون إن هاء أو غ موض
عن كون ها جاهزة للق بول بالن تائج المترت بة ع لى ت حول أورو با إ لى أورو با
مو حدة حقيق ية فح سب ،بل حتى تت صرف هذه الدو لة ع لى هذا ال ساس
أي ضا .وبالن سبة إ لى أورو با فإن النتي جة الفعل ية سوف تع ني أن ت كون هذه
ال قارة شريكا حقيق يا لمير كا ول يس م جرد حل يف نف ضل "و ضميره "ل هذه
الخيرة .و كذلك ،فإن ال شراكة الحقيقة تعني فعل المشاطرة في ال قرارات
والم سؤوليات ع لى حد سواء .وأن ا لدعم ا لميركي ل هذه الق ضية سوف
ينشط الحوار عبر الطلسي ،كما سيدفع الوروبيين إلى التركيز بشكل أكثر
جدية على الدور الذي يمكن لوروبا ذات الهمية الفعلية تلعبه في العالم .
يعت قد أ نه في نق طة ما )أو في م كان وز مان معين ين( يم كن أن ي صبح
الت حاد ا لوروبي المو حد وال قوي غري ما سيا سيا عالم يا للول يات المت حدة.
وي ستطيع هذا الت حاد أن ي صبح ،بالتأك يد ،مناف سا أقت صاديا تكنولوج يا صعبا
بين ما يم كن أي ضا لم صالحة الجيوبوليت ية في ال شرق الو سط و في أ ماكن
أ خرى أن تت عارض مع مصالح أميركا .ولكن في الحقي قة ل يحت مل أن تظ هر
إلى الوجود في المستقبل المنظور أوروبا قومية وذات تفكير موحد سياسيا.
فخلفا للشروط التي سادت في أميركا في زمن تشكل الوليات المتحدة ،
ن جد أ نه تو جد جذور تاريخ ية عمي قة تم نع ا لدول ا لمم )ا لدول القوم ية(
الوروبية مع هذا التشكل كما أن النزعة إلى أوروبا متخطية للحدود تراجعت
وضعفت على نحو واضح .
إن ال بدائل الحقيق ية في الع قد أو الع قدين هي إ ما أورو با مو سعة
ومتوحدة وسائرة وإن بتردد أو تشنج أو على نحو متقطع إلى هدف الوحدة
القارية ،أو أوروبا الواقعة في موقف حرج والتي ل يمكنها التحرك إلى أبعد
من الحا لة ا لتي ت عاني من الو ضع ال حرج والمت شظية بال تدرج والم ستأنفة
للنزا عات القدي مة ع لى ال قوة )ال سلطة( .و في أورو با ذات المو قف ال حرج
هذا ،سيكون أ مرا حتم يا أن ت ضعف عمل ية د مج ألمان يا بأورو با ،وين تج ،عن
ذ لك ،تحد يد ذو نز عة قوم ية أ قوى لم صلحة الدو لة اللمان ية .وبالن سبة إ لى
أميركا ،فإن الخيار هو الفضل ولكنه خيار يتطلب تنشيط الدعم الميركي إذا
أريد له أن يحدث أو يتم .
79
و في هذه المرح لة من الب ناء ال متردد لورو با ،فإن أمير كا ل تح تاج إ لى
الن خراط مبا شرة في نقا شات جدل ية مع قدة تتع لق بت لك الق ضايا من نوع
و جوب أو عدم و جوب ات خاذ الت حاد ا لوروبي ل قرارات السيا سة الخارج ية
بالغلب ية )و هو الو ضع المف ضل ب شكل خاص من ق بل ألمان يا( ،أو من نوع
وجوب أو عدم وجوب امتلك البرلمان الوروبي لسلطات التشريع الحاسمة،
و صيرورة اللج نة الوروب ية في بروك سل سلطة تنفيذ ية أوروب ية ،أو من نوع
ضرورة أو عدم ضرورة تمد يد م هل ال جدول الزم ني لتنف يذ اتفاق ية الت حاد
القت صادي والن قدي )متع لق بال مال( ا لوروبي؛ أو أخ يرا من نوع ضرورة او
عدم ضرورة أورو با ذات ن ظام كون فدرالي وا سع )ف ضفاض( أو كيا نا مت عدد
ال جوانب )الطب قات( مع ق لب داخ لي فدرالي ،و حرف )إ طار( خارجي أ قل
تماسكا إلى حد ما .تلك هي مسائل يجب على الوروبيين أن يدرسوها بين
أنفسهم علما أنه ل يتحمل أن يكون التقدم في كل هذه القضايا متساويا ول
أن تتخل له توق فات ،ول يدفع إ لى ال مام من الناح ية العمل ية ال باللجوء إ لى
الحلول الوسيطة المعقدة .وبرغم ذلك ،فمن النطقي أن نفترض أن التحاد
القت صادي والن قدي سوف يظ هر إ لى الو جود ال عام 2000ورب ما في البدا ية
ب ين 6ـ 10دول من ا لدول الخ مس ع شرة المو جودة حال يا في الت حاد
ا لوروبي .و سوف ي سرع ذ لك الد مج القت صادي لورو با خارج الب عد الن قدي
)المتعلق بالموال والعملت( ،مما يشجع أكثر فأكثر على الدمج السياسي.
وهكذا ،فعلى نحو متقطع وغير منتظم ومع وجود داخلي )قلب( أكثر تماسكا
وطبقة خارجية أكثر ارتخاء سوف تصبح أوروبا الواحدة ،وعلى نحو متنام مع
الز من ،لع با سيا سيا ها ما ع لى رق عة ال شطرنج الورا سية .و في أي حال ل
ي جوز أن تن قل أمير كا ذ لك النط باع عن أن ها تف ضل تجم عا أوروب يا أ كثر
غمو ضا ،حتى لو كان أ كثر أت ساعا ول كن ي جب أن ت كرر ال قول ،بالكل مات
والف عال ،إن ها تر غب في التعا مل ،في نها ية الم طاف ،مع الت حاد ا لوروبي
بوصفه شريكا أمنيا وسياسيا عالميا لها،وليس بوصفه مجرد سوق مشتركة
إقليمية مؤلفة من دول متحالفة مع الوليات المتحدة عبر حلف الطلسي .
ولجعل هذا اللتزام أكثر صدقية ،وللذهاب إلى أبعد من مجرد الكلم عن
ال شراكة ،يم كن ا قتراح و بدء تنف يذ التخط يط الم شترك مع الت حاد ا لوروبي
في ما يتع لق بآل يات صنع ال قرار عبر الطل سي الثنائ ية ال جانب والجد يدة.
ينط بق الم بدأ ذا ته ع لى ح لف الطل سي أي ضا .فالب قاء ع لى هذا الح لف هو
حيوي للعلقة عبر الطلسي .وفي هذه القضية ،يوجد إجماع أميركي أوروبي
ساحق .ف بدون ح لف الطل سي ،لن ت صبح أورو با غ ير مني عة فح سب ،بل
ست صبح ،وع لى ن حو فوري تقري با ،مت شظية سيا سيا أي ضا .فح لف الطل سي
80
هذا يضمن المن الوروبي ويؤمن اطار عمل مستقرا لمتابعة تحقيق الوحدة
الوروبية .وهذا هو الذي يجعل حلف الطلسي حيويا لهذه الدرجة لوروبا .
ومهما يكن من أمر ،واذ تتوحد أوروبا تدريجيا وبشيء من التردد ،يجب
أيضا على البنية الداخلية والجراءات المتعلقة بالناتو أن تتكيف مع ما يحدث.
وفي هذه القضية ،يملك الفرنسيون وجهة نظر .ول يمكن أن تصبح لدينا في
يوم ما أوروبا موحدة فعل ،ومع ذلك يبقى ذلك الحلف المقام على أساس
التكا مل أو الد مج ب ين قوة عظ مى )أو دو لة عظ مى( و 15دو لة م ستقلة
أ خرى .و ما أن تبدأ أورو با في امتلك هو ية سيا سية حقيق ية خا صة ب ها ،و مع
أ خذ الت حاد ا لوروبي ،وع لى ن حو متزا يد ،ب عض و ظائف الحكو مة فوق
القومية ،حتى يجب على حلف الطلسي أن يغير نفسه على أساس الصيغة
التالية )1+1:أميركا +اتحاد أوروبي(.
لن يحدث ذلك بين يوم وليلة أو فورا .ول بد أن نكرر أن التقدم في هذا
الت جاه سوف ي كون مح يرا .ول كن ي جب أن ينع كس م ثل هذا الت قدم في
ترتيبات الحلف الموجود حاليا ،مثل يصبح غياب مثل هذا التعديل عقبه أمام
التقدم اللحق .والخطوة الهامة في هذا التجاه تمثلت في قرار الحلف في
العام 1996عن إفساح المجال لقوات المهام المشتركة المجمعة ،مما أتاح
إمكانية تنفيذ بعض المبادرات العسكرية الوروبية الصرفة المعتمدة على فن
ال سوقيات والقيادة وال سيطرة والتصالت والستطلع في الحلف .وعمو ما
فإن الرغبة الميركية الكبرى في استيعاب الطلبات الفرنسية المتعلقة بدور
متزايد الهيمة للتحاد الوروبي الغربي في حلف الطلسي ،وبخاصة في ما
يتعلق بالقيادة وصنع القرار ،ستكون هي الخرى دليل على الدعم الميركي
الحقي قي للو حدة الوروب ية ،وي جب أن ت ضيق إ لى حد ما الث غرة ب ين أمير كا
وفرنسا في شأن التحديد الذاتي الفعلي لدور أوروبا .
و في ال مدى البع يد ول كي ي كون ممك نا أن ي ضم الت حاد ا لوروبي الغر بي
ب عض ا لدول الع ضاء في الت حاد ا لوروبي ،وا لتي يم كن أن تخ تار ،ل سباب
جيوبوليتية أو تاريخية مختلفة ،أل تنضم إلى عضوية حلف الطلسي .ويمكن
أن يشمل ذلك فنلندا أو السويد ،أو ربما حتى النمسا ،وهي كلها دول حصلت
ع لى صفة المرا قب في الت حاد ا لوروبي الغر بي .يم كن لدول أ خرى أن
تسعى إلى علقة بهذا التحاد تمهيدا للنظمام إلى عضوية حلف الطلسي.
و كذلك يم كن للت حاد ا لوروبي الغر بي أن يخ تار في نق طة ما أن ي نافس
الشراكة الناتو ية )ن سبة إلى حلف الناتو( على برنا مج السلم في ما يتعلق
بالع ضاء الم ستقبليين ا لذين سين ضمون إ لى الت حاد ا لوروبي .وسي ساعد
81
على إقامة شبكة أوسع للتعلون المني في أوروبا ذاته ،خارج البعد الرسمي
للتحالف عبر الطلسي .
وفي ا لوقت ذاته ،وإ لى أن تظهر أوروبا أكبر تو حدا ،علما أن ذلك حتى
في أف ضل ال شروط ،لن ي حدث في الم ستقبل القر يب ،فإن الول يات
المت حدة سوف ت كون م ضطرة للع مل ع لى ن حو وث يق مع كل من فرن سا
وألمان يا ل كي ت ساعد ع لى ظ هور م ثل م هذه الدو لة الوروب ية ا لكبر وا لكثر
توحدا .وهكذا ،وفي ما يتعلق بفرنسا ،فإن المأزق السياسي الرئيس لميركا
سوف ي ستمر في أن ي كون عن كيف ية إ غواء فرن سا ع لى تكا مل أو ا ندماج
سياسي وعسكري أطلسي أوثق دون التضحية بالعلقة الميركية ـ اللمانية.
و في ما يتع لق بألمان يا ،فإن ال شيء ذا ته هو عن كيف ية ا ستثمار العت ماد
ا لميركي ع لى الق يادة اللمان ية في أورو با أطل سية ال طابع دون إ ثارة ق لق
فرنسا وبريطانيا ،والدول الوروبية الخرى أيضا .
إن المز يد من المرو نة الميرك ية ا لتي يم كن إظهار ها إزاء ال شكل
الم ستقبلي للح لف سي ساعد في الت عبئة الفعل ية لدعم فرن سي أ كبر لعمل ية
تو سع هذا الح لف شرقا .و في ال مدى البع يد ،فإن منط قة ا لمن الع سكري
المتكا مل لل ناتو في كل جانبي ألمان يا سوف تؤمن بث بات أو ب صلبة أ كبر
حماية هذه الدولة ضمن إطار عمل متعدد الطراف وهو ما يجب أن يكون
م سألة ذات أهم ية لفرن سا .وف ضل عن ذ لك فإن تو سع الح لف سوف يز يد
من إمكان ية ت حول مث لث واي مار )ا لذي ي ضم ألمان يا ،وفرن سا ،وبولون يا( إ لى
وسيلة رائعة لموازنة القيادة اللمانية في أوروبا إلى حد ما .وبالرغم من أن
بولون يا تعت مد ع لى ا لدعم الل ماني ل كي تتم كن من ا لدخول إ لى الح لف
)وتغ تاظ من ا لتردد الفرن سي الرا هن إزاء م ثل هذا التو سع( ،ف ما أن ت صبح
هذه الدو لة ،أي بولون يا ،دا خل الح لف حتى يزداد احت مال ظ هور وج هة ن ظر
جيوبوليتية فرنسية بولونية مشتركة.
وفي أي حال فل يجوز أن تفقد واشنطن رؤيتها للحقيقة المتمثلة في أن
فرن سا هي الخ صم الوح يد في ال مدى القر يب في الم سائل المتعل قة بهو ية
أوروبا أو بالعمال الداخلية للناتو .والهم من ذلك ،يجب أل تغرب عن ذهنها
حقيقة كون فرنسا شريكا أساسيا في المهمة الهامة للدخال الدائم للمانيا
الديمقراطية إلى أوروبا ،وهذا هو الدور التاريخي للعلقة الفرنسية اللمانية.
ويجب أن يحس توسع التحاد الوروبي والناتو شرقا من أهمية هذه العلقة
بوصفها القلب الداخلي الصلب لوروبا .وأخيرا فإن فرنسا ليست قوية بما
فيه الكفا ية إ ما لل عتراض على أمير كا في وضعها للسس الجيواستراتيجية
82
لسياستها ازاء أوروبا ،أو لتصبح هي ذاتها قائدة لوروبا هذه ،وبالتالي يمكن
تحمل خصوصياتها وحتى نوبات غضبها .
وأنه لمن الملئم أيضا أن نلحظ ان فرنسا ل تلعب دورا بناء في شمال
أفريق يا و في ا لدول الفريق ية الناط قة بالل غة الفرن سية .و هي ال شريك
السا سي للم غرب و تونس بين ما ت مارس أي ضا دورا م ساعدا ع لى ال ستقرار
في ال جزائر .وث مة سبب داخ لي ج يد لم ثل هذا ا لنخراط الفرن سي ا لن.
وه كذا فإن فرن سا تم لك رها نا حيو يا في ا ستقرار شمال افريق يا وت طوره
المنتظم .ولكن هذه المصلحة تفيد بدرجة أكبر أمن أوروبا .وبدون الحساس
الفرن سي بالمه مة المل قاة ع لى عاتق فرن سا ،فإن المجن بة الجنوب ية لورو با
ستكون أقل استفزازا إلى حد كبير وتشكل خطرا .وعموما فإن كل أوروبا
الجنوب ية تت حول ع لى ن حو متزا يد إ لى الح ساس بالقلق إزاء الخ طر
الجت ماعي السيا سي ال ناجم عن عدم ال ستقرار ع لى ام تداد ال شاطئ
الجنوبي للبحر المتوسط يرتبط تماما باهتمامات الناتو المنية ،وكذلك يجب
أن يؤ خذ هذا العت بار في الح سبان ع ندما ت ضطر أمير كا أحيا نا للتكل يف
والتعامل مع ادعاءات فرنسا المبالغ بها عن موقفها القيادي الخاص .
أما ألمانيا ف هي مسالة أخرى حيث ل يمكن إنكار دورها القيادي ،ولكن
ي جب ال حذر في ما يتع لق بأي مواف قات ذات طابع شعبي )ج ماهيري( ع لى
دور الزعا مة اللمان ية في أورو با .و قد ت كون هذه الزعا مة ملئ مة بب عض
ا لدول الوروب ية ،كت لك ا لدول في أورو با الو سطى ا لتي ت قدر الم بادرة
اللمانية في شأن توسع أوروبا شرقا @ -ويمكن تحملها من قبل الدول الغربية
مادامت مصنعة تحت عنوان السيادة الميركية ،ولكن بناء أوروبا ل يمكن أن
يعتمد عليها في المدى البعيد .فالكثير من الذكريات موجود والكثير جدا @ من
الم خاوف ل يزال محت مل الظ هور ثان ية إ لى ال سطح .وإن أورو با ا لتي تب نى
وت قاد من ق بل برل ين ،لي ست ممك نة في أب سط ال حالت .و لذا فإن ألمان يا
تحتاج إلى فرنسا ،كما أن أوروبا تحتاج إلى فرنسا ،اوروبا تحتاج إلى العلقة
الفرنسية اللمانية ،ول يمكن ،بالتالي ،لميركا أن تختار بين ألمانيا وفرنسا.
إن النقطة الساسية المتعلقة بتوسع الناتو هي أن هذا التوسع هو عملية
مرتب طة ع لى ن حو متكا مل بتو سع أورو با ذات ها .وإذا كان الت حاد ا لوروبي
سيصبح مجتمعا @ اكبر تكامل @ وطبقات خارجية أقل تكامل@ ،وكانت أوروبا هذه
ستعتمد في أنها على تحالف مستمر مع أميركا ،فينتج عن ذلك ،عندئذ ،أن
ذلك القطاع الكثر تعرضا @ على الصعيد الجغرافي منها ،أي أوروبا الوسطى،
لن ي ستثنى حت ما @ من ال شتراك في ال حس الم ني ا لذي تتم تع أو ت شعر به
سائر أوروبا من خلل التحالف عبر الطلسي .وفي هذه النقطة تنفق أميركا
83
وألمانيا .وبالنسبة إليهما ،نجد أن الحافر للتوسع هو سياسي ،وتاريخي وبناء.
وهو ل ينبع من العداء لروسيا ،ول من الخوف من هذه الخيرة ،ول حتى من
الرغبة في عزل هذه الدولة.
و من ه نا ،فل @ بد أن تع مل أمير كا ،وب شكل وث يق جدا@ ،مع ألمان يا في
ت طوير تو سع أورو با شرقا .و سيكون الت عاون ا لميركي الل ماني والق يادة
الم شتركة الق ضية ب هذه الق ضية ضروريين .و سيتم التو سع إذا شجعت
الول يات المت حدة وألمان يا م عا @ الحل فاء ا لخرين في ح لف الطل سي ع لى
الموافقة على هذه الخطوة ،ثم العمل إما على التفاوض الفعال على بعض
الت سويات مع رو سيا إذا كانت هذه ا لخيرة راغ بة في ذ لك )ان ظر الف صل
الرابع( ،أو على التصرف على نحو مضمون ،ومن خلل القتناع الصحيح بأن
مهمة بناء أوروبا ل يمكن إخضاعها لعتراضات موسكو .وسوف تدعو الحاج
بشكل خاص إلى الحصول على الموافقة اللزمة بالجماع لكل أعضاء حلف
الطل سي ،ول كن أ حدا @ من هؤلء الع ضاء لن ي كون قادرا @ ع لى الر فض إذا
ضغطت أميركا وألمانيا معا @ عليه.
وأخ يرا @ ن جد في الر هان في هذا الج هد ا لدور الطو يل ال مد لمير كا في
أوروبا .فثمة أوروبا جديدة ل تزال تتشكل ،وإذا كان على أوروبا الجديدة هذه
أن تبقى ،من الناحية الجغرافية ،جزءا @ من المجال" الورو ـ أطلسي"نفل بد
ان يكون توسع الناتو ضروريا .وفي الواقع ،فإن السياسة الميركية الشاملة
لورا سيا ك كل لن ت كون ممك نة اذا كان الج هد ال هادف إ لى تو سيع ال ناتو،
وا لذي كان قد أط لق من ق بل أمير كا ،سيتوقف ويت عثر .و سوف يؤدي هذا
الف شل إ لى نزع الث قة بالق يادة الميرك ية ،و كذلك ،ف سوف ي شتت مف هوم
اورو با المتو سعة ،و سيؤدي أي ضا إ لى خ فض الحا لة المعنو ية ل سكان أورو با
الو سطى ،و قد ي ستطيع إ عادة تفع يل الطمو حات الجيوبوليت ية الرو سية،
النائمة او المحتضرة حاليا @ في شان أوروبا الوسطى .وبالنسبة إلى الغرب،
فسوف يكون ذلك جرحا @ ذاتيا @ وسيدمر حتى الموت الفاق المستقبلية لعمود
أورو بي حقي قي في أي ب ناء أم ني أورا سي فع لي ،أ ما بالن سبة إ لى أمير كا،
ف لن ي كون ا لمر م جرد هزي مة إقليم ية فح سب ،بل سيكون أي ضا @ هزي مة
عالمية.
إن الخط السفلي أو الحد الدني الموجه للتوسع التدريجي لوروبا يجب
أن يتم ثل بالقتراح ال قائل إ نه ل حق قوة خارج ية من الن ظام الرا هن عبر
الطل سي بأن ت عترض ع لى ا شتراك أي دو لة أوروب ية مؤه لة في الن ظام
ا لوروبي ،وبال تالي في لن ظام ا لمني عبر الطل سي أي ضا ،وإ نه ل ي جوز
ا ستبعاد أي دو لة أوروب ية مؤه لة ب شكل بديهي من الع ضوية الفعل ية في أي
84
من لتحاد الوربي أو حلف الطلسي .وبشكل خاص فإن لدول البلطيق ذات
الحد العلى من عدم المناعة والمؤهلة على نحو متزايد كل الحق بأن تعرف
أن ها ت ستطيع أن ت صبح أي ضا ،في نها ية الم طاف ،أع ضاء كام لة الع ضوية في
كل هذين التنظيمين .وأنه في الوقت ذاته ،ل يمكن تهديد سيادتها دون التأثير
في مصالح أوروبا المتوسعة وشريكها الميركي.
و من ح يث ال جوهر ،ي جب ع لى ال غرب ،ول سيما أمير كا وحلفائ ها
ا لوروبيين الغربي ين ،أن ي قدموا جوا با @ عن ال سؤال ا لذي طر حه ،بم هارة،
فاكلف ها فل )رئ يس جمهور ية الت شيك( في أ خن بتار يخ 15ا يار من ال عام
:1996
"أنا أعرف أنه ل التحاد الوروبي ول حلف شمال الطلسي يستطيعان
أن يفتحا أبوابهم طول الليل لكل من يطمح إلى ولوج هذه البواب .وأن ما
يفعله قبل أن يصبح الوقت متأخرا @ جدا@ ،هو أن يعطيا كل أوروبا ،التي ينظر
إلي ها كم جال للق يم الم شتركة ،التأك يد الوا ضح بأنه ما لي سا نابين مغلق ين.
وي جب أن ي صوغا سيا سة وا ضحة ومف صلة عن التو سع ال تدريجي ،وا لتي،
أي هذه السياسق ل تحتوي على جدول زمني فقط ،بل تفسر أيضا @ المنطق
الكامل خلف هذا الجدول".
85
الجدول الزمني التاريخي لوروبا
الجدول الزمني التاريخي لوروبا
بالرغم من أن الحدود الشرقية الفعلية لوروبا في هذه المرحلة ل يمكن
تحديدها على نحو ثابت أو تثبيتها نهائيا@ ،فإن أوروبا ،وبالمعنى الوسع للكلمة،
هي حضارة مشتركة جاءت من التقاليد المسيحية المشتركة .وإن التعريف
ال غرب ال ضيق ب عدا @ لورو با كان قد ا قترن برو ما وميراث ها ال تاريخي .ول كن
التقال يد الم سيحية لورو با كانت قد شملت أي ضا @ البيزنط ية والرثوذك سية
الروسية التي انبثقت من هذه الخيرة .وهكذا ،فعلى الصعيد الثقافي نجد أن
أورو با هي أ كثر من أورو با البطر سية )ن سبة إ لى ب طرس الر سول ،(.و هذا
ا لخيرة هي بدورها ا كبر بكثير من أوروبا الغربية ،حتى بالرغم من أن هذه
الخيرة اغتصبت في السنوات الخيرة هوية "أوروبا" .وأن مجرد لمحة إلى
الخريطة تؤكد لنا أن أوروبا الراهنة ليست أوروبا الكاملة .والسوأ من ذلك،
فهذه أوروبا التي يمكن لمنطقة عدم المن فيها والواقعة بين أوروبا وروسيا
أن تمارس تأثيرا @ امتصاصيا @ )يتم فيه الشد والدفع( في الثنين ،مسببا@ ،وعلى
نحو حتمي التوتر والتنافس.
إن أورو با شارلمان )المقت صرة ع لى أورو با الغرب ية( ،هي ا لتي كانت
ملمو سة في أث ناء ال حرب ال باردة ،ول كن أورو با هذه أ صبحت ا لن شاذة.
ولهذا السبب فبالضافة إلى كون أوروبا الموحدة الجديدة حضارة بحد ذاتها،
ي جب اعتبار ها أي ضا @ طري قة في الح ياة ،أو م ستوى في المعي شة ،أو نظا ما
ي ضم إ جراءات ديمقراط ية م شتركة ،ول يس محمل @ بع بء النزا عات التن ية
والقليمية .وأن أوروبا هذه في أبعادها المنظمة رسميا @ هي حاليا @ ذات قدرة
أ قل ب كثير من قدرتها الفعل ية .وإن العد يد من دول أورو با الو سطى
الم ستقرة سيا سيا @ وا لكثر ت قدما@ ،عل ما @ أن ها ت شكل كل ها جزءا @ من التقال يد
البطر سية الغرب ية ،ول سيما جمهور ية الت شيك ،وبولون يا ،وهنغار يا ،ورب ما
سلوفينيا أي ضا@ ،هو مؤ مل ومت شوق للن ضمام إ لى الع ضوية في "أورو با"
وعلقتها المنية عبر الطلسي.
و في ال ظروف الراه نة ،فإن تو سيع ال ناتو لي شمل بولون يا وجمهور ية
الت شيك ،وهنغار يا ،رب ما في ال عام ،1999ي بدو محتمل@ .وب عد هذه الخ طوة
الول ية ،والها مة ،يحت مل أن ي كون أي تو سع ل حق للح لف ا ما متواف قا @ أو
متزام نا @ مع تو سع الت حاد ا لوروبي أو يأتي ب عده .،ف هذا ا لخير ين طوي ع لى
عمل ية أ كثر تعق يدا@ ،سواء في عدد المرا حل المؤه لة أو في تلب ية متطل بات
العضوية .وهكذا ،فحتى أول عمليات دخول إلى التحاد الوروبي من أوروبا
الو سطى لي ست محتم لة ق بل ال عام 2002أو رب ما في و قت ل حق وبر غم
86
ذ لك ،فب عد أن ين ضم أول ثل ثة أع ضاء جدد من ال ناتو إ لى الت حاد الورو بي،
فإن كل التنظيمين أي التحاد الوروبي والناتو ،سوف يضطران إلى معالجة
م سألة تو سيع الع ضوية إ لى جمهور يات البلط يق ،و سلوفينيا ،ورومان يا،
وبلغاريا ،وسلوفاكيا ،وربما إلى أوكرانيا ،أيضا@ ،في نهاية المطاف .
ت جدر ال شارة إ لى إمكان ية الع ضوية الفعل ية أ صبحت ت مارس تأثيرا @ في
شؤون وسلوك العضاء العتيدين .وهكذا فإن المعرفة عن عدم رغبة التحاد
الوروبي والناتو بأن يحمل عبء نزاعات إضافية متعلقة إما بحقوق القليات
أو بادعاءات إقليمية بين العضاء )المثال عن الوقوف تركيا ضد اليونان هو
ا كثر من كاف( كانت قد أع طت فعل @ سلوفاكيا ،وهنغار يا@ ،ورومان يا ،ال حافز
اللزم ل كي تتو صل إ لى ت سويات ت لي المتطل بات القيا سية ا لتي و ضعها
مج لس أورو با .وا لمر ذا ته صحيح عن الم بدأ ال عام ال قائل بأن ا لدول
الديمقراطية وحدها مؤهلة للعضوية .وإن للرغبة في عدم البقاء خارجا @ تأثيرا
مه ما @ في ا لدول الديمقراط ية الجد يدة .و في أي حال ،ي جب أن يؤ خذ م بدأ
كون الو حدة السيا سية وا لمن لورو با غي قابلين للت جزئة ع لى أ نه أ مر
بديهي .و في الحقي قة ،ي صعب عمل يا @ أن نف كر في أورو با المو حد فعل @ دون
مرا عاة ترت يب أم ني من ا لن ف صاعدا @ إ لى ا لدول ا لتي هي في و ضع ال بدء
في إ جراء مفاو ضات ا لدخول مع الت حاد الورو بي ،وت كون مدعوة لذلك،
بوصفها ستخضع فعل @ لحماية الناتو المفترضة.
عضوية التحاد الوروبي :تقديم طب للدخول
تقدم الدولة الوروبية المعنية طلبا @ من اجل العضوية في مجلس التحاد
الوروبي )المجلس(
يطلب المجلس إلى اللجنة أن تقدم رأيها عن الطلب
اللجنة تقدم رأيها عن الطلب إلى المجلس
المجلس يقرر بالجماع بدء المفاوضات من اجل الدخول
اللجنة تقترح ،والمجلس يتبنى بالجماع ،الوضاع التي يجب أن تؤخذ في
العت بار من ق بل الت حاد ،في ما يتع لق بم قدمي الطل بات ،في مفاو ضات
الدخول.
يقوم التحاد ممثل @ برئيس المجلس ،بالتفاوض مع الدولة مقدمة الطلب.
ت تم كتا بة الت فاق ا لذي تم التو صل اليه بين التحاد والدو لة المعن ية في
مسودة معاهدة عن الدخول.
تقدم معاهدة الدخول إلى المجلس والبرلمان الوروبي
87
البرل مان ا لوروبي ي سلم موافقته ع لى معا هدة ا لدخول بالغلب ية
المطلقة.
المجلس يوافق على معاهدة الدخول بالجماع.
الدول العضاء والدول الطالبة توقع رسميا @ معاهدة الدخول
الدول العضاء والدول الطالبة تصادق على معاهدة الدخول
بعد المصادقة توضع اتفاقية الدخول موضع التنفيذ
وبال تالي ،يحت مل أن تت قدم عمل ية تو سيع وت كبير الن ظام ا لمني عبر
الطلسي إلى المام في مراحل مدروسة .ومع افتراض البقاء على اللتزام
المير كي وا لوروبي الغر بي ،ف من المم كن أن ي كون ال جدول الزم ني،
التقريي والدي رويت فيه الواقعية على نحو حذر ،لهذه المراحل كما يلي:
حتى ال عام 1999ن ستكون اول ا لدول الع ضاء من أورو با الو سطى قد
ادخلت إلى حلف الطلسي ،بالرغم من أن دخولها إلى التحاد الوروبي ربما
لن يتم قبل عام 2002أو . 2003
وفي الوقت ذاته ،فإن التحاد الوروبي سوف يبدأ مفاوضات الدخول مع
دول البلط يق و سوف ي بدأ ال ناتو أي ضا الت حرك إ لى ال مام في ق ضية عضوية
هذه الدول إضافة إ لى عضوية رومانيا ،حيث يحتمل أن يكتمل الدخول في
ال عام .2005و في نق طة ما من هذه المرح لة يم كن أي ضا أن ت صبح دول
البلقان الخرى مستوفية لشروط الدخول .
وفي وقت ما بين العامين 2005و ،2010يجب أن تصبح أوكرانيا ،وخاصة
إذا حق قت في هذا ا لوقت ت قدما ها ما في إ صلحاتها الداخل ية ونج حت في
ج عل نف سها ذات هو ية انت ماء إ لى أورو با الو سطى ،م ستعدة للمفاو ضات
جدية مع كل من التحاد الوروبي وحلف الطلسي .
و في ا لوقت ذا ته ،يحت مل أن ي كون قد تع مق إ لى حد كبير ،الت عاون
الفرنسي اللماني البولوني ضمن التحاد الوروبي وحلف الناتو ،وخاصة في
م جال ا لدفاع .ويم كن أن ي صبح هذا الت عاون مر كز الث قل الغر بي في أي
ترتي بات أمن ية أوروب ية أو سع نطا قا رب ما ت ضم ،في نها ية الم طاف ،كل من
رو سيا وأوكران يا .و في ضوء الم صلحة الجيوبوليت ية الخا صة للمان يا وبولون يا
في ا ستقلل أوكران يا ف من المم كن تما ما أن أوكران يا هذه سوف ت سحب
بالتدريج إلى العلقة الفرنسية اللمانية البولونية الخاصة .وحتى العام ،2010
يم كن للت عاون السيا سي الفرن سي الل ماني البو لوني ا لوكراني ا لذي ي ضم
88
عددا من السكان في حدود 230مليونا ،أن يتطور إلى شراكة تحسن العمق
الجيواستراتيجي لوروبا .
ث مة أهم ية كبيرة ت بدو إذا كان ال سيناريو ال مذكور أعله سيظهر إ لى
الو جود ب شكل مع تدل أو في سياق ا شتداد ال توترات مع رو سيا .وي جب أن
ت تم طمأ نة رو سيا با ستمرار عن كون أ بواب أورو با مفتو حة ،شأنها شأن
ا لبواب المؤد ية إ لى ا شتراكها الفع لي بن ظام أم ني مو سع عبر الطل سي
وربما ،في نقطة ما )زمن ما( من المستقبل ،بالنظام المني عبر الوراسي.
ولع طاء الم صداقية إ لى هذا ال ضمانات ي جب أن ير فع م ستوى الرتبا طات
التعاون ية المختل فة ،ع لى ن حو مدروس جدا ،ب ين رو سيا وأورو با ،وذ لك في
جميع المجالت) .سوف تناقش علقة روسيا بأوروبا ،ودور أوكرانيا في هذا
المجال ،على نحو أكثر تفصيل في الفصل الرابع(.
إذا نج حت أورو با في التوح يد والتو سيع ،وإذا أ خذت رو سيا ،في ا لوقت
ذا ته ،ع لى عاتق ها ،بت ضامن ديمقرا طي نا جح وت حديث اجت ماعي ،فإن ها ،أي
روسيا ،تستطيع هي الخرى ،أن تصبح ،في وقت ما مستوفية لشروط إقامة
عل قة أ كثر ع ضوية بأورو با .و هذا ،بدوره ،يم كن من ال ندماج الفع لي ب ين
النظام المني عبر الطلسي والنظام الوراسي عبر القاري .ومهما يكن من
أ مر ،فإن م سألة الع ضوية الر سمية لرو سيا ،من ح يث كون ها حقي قة عمل ية،
لن تظهر على المسرح إل بعد وقت ربما يطول إلى حد ما ،وهذا يعتبر ،اذا
تحقق ،سببا آخر لعدم إغلق البواب ،على نحو يتسم بالحماقة ،أمامها .
ولك ني نن هي الكلم ه نا ن قول إ نه مع ذ هاب أورو با "يال طا" )ا لتي حدد
مصيرها في مؤتمر يالطا السابق ( ،إلى غير رجعة ،فمن الضروري أل تكون
ث مة عودة إ لى أورو با "فر ساي" .وأن نها ية تق سيم أورو با ي جب أل ت سرع
ال عودة إ لى أورو با ا لدول ـ ا لمم )ا لدول القوم ية( المتناز عة ،بل ي جب أن
ت كون نق طة النطلق لت شكيل أورو با أ كبر وذات تكا مل متزا يد ،وم عززة
بحلف الطلسي الموسع والتي جعلت أكثر أمنا تعلقة أمنية بناءة مع روسيا.
ومن هنا ،فإن الهدف الجيواستراتيجي الرئيس لميركا في أوروبا يمكن أن
يل خص بب ساطة تا مة :في قال لع نه ع نه أ نه متم ثل في التعز يز ،عبر شراكة
حقي قة فعل عبر الطل سي ،لرأس الج سر ا لميركي في ال قارة الورا سية.
بح يث يم كن لورو با المو سعة أن ت صبح نق طة انطلق قاب لة للح ياة لن قل
النظام الديمقراطي والتعاوني الدولي إلى أوراسيا .
89
الفصل الرابع
الثقب السود
كان انه يار أ كبر دو لة في ال عالم من ح يث الم ساحة ،في نها ية ال عام
،1991قد خ لق "ثق با أ سود" في مر كز أورا سيا .و حدث ذ لك ك ما لو أن
"قلب" الجغرافيا السياسية أنتزع فجأة من خريطة العالم.
وبالن سبة إ لى أمير كا ،فإن هذا الو ضع الجغرا في السيا سي الجد يد
والمحير خلق تحديا حرجا .وفهم عموما ،أن المهمة الفورية يجب أن تكون
متمثلة في القلل من احت مال حدوث فو ضى سياسية أو ال عودة إلى نظام
ديك تاتوري م عاد في دو لة من هارة ل تزال تم لك تر سانة نوو ية قو ية .ول كن
المه مة الطوي لة ال مد تب قى مع مول ب ها و هي :ك يف ن شجع ع لى الت حول
الديمقراطي لروسيا وعلى استعادتها لوضع اقتصادي معافي مع تجنب إعادة
ظ هور إمبراطور ية أورا سية ت ستطيع أن تع يق ال هدف الجيوا ستراتيجي
الميركي المتمثل في تشكيل نظام أوروبي أطلسي أكبر يمكن لروسيا أن
تربط به على نحو مستقر ومأمون .
الوضع الجيوبوليتي )الجغرافي السياسي( الجديد لروسيا
كان انهيار التحاد السوفييتي هو المرحلة النهائية في التشظي المستمر
للكت لة ال شيوعية ال صينية ال سوفييتية الوا سعة ا لتي ضاهت خلل فترة
قصيرة ،وحتى تجاوزت في بعض المجالت ،حجم مملكة جنكيز خان .ولكن
هذه الكتلة الوراسية عبر القارية الكثر حداثة لم تدم إل لوقت قصير ،حيث
ظ هرت ا لردة ا لولى من ق بل يوغ سلفيا تي تو وظ هر الت مرد ا لول من ق بل
الصين الماوية ،مما اعتبر من المؤشرات المبكرة الدالة على نقطة ضعف
أو عدم منا عة المع سكر ال شيوعي إزاء الطمو حات القوم ية ا لتي أثب تت أ نه
أ قوى من الروا بط اليديولوج ية .ا ستمرت الكت لة ال صينية ال سوفييتية ن حو
عشر سنوات ،واستمر التحاد السوفيتي نحو سبعين سنة.
ومهما يكن من أ مر ،فقد كان المر الهم على الصعيد الجيوبوليتي هو
انحلل المبراطور ية الروسية العظمى ا لتي حكمتها موسكو ب عد أن ع مرت
قرو نا .و قد ت سرع تف تت هذه المبراطور ية ب سبب الف شل الجت ماعي
القت صادي والسيا سي ال عام للن ظام ال سوفييتي ،بالرغم من أن ال كثير من
مساوئه كان قد أخفى حتى النهاية تقريبا بوساطة السرية الشاملة والنعزال
الذاتي .وبالتالي ،فقد ذهل العالم بالسرعة الظاهرية للتدمير الذاتي للتحاد
90
السوفييتي .فخلل أسبوعين قصيرين في شهر كانون الول من العام 1991
أع لن أول وب جرأة عن حل الت حاد ال سوفييتي من ق بل رؤ ساء الجمهور يات
الرو سية ،والوكران ية ،والبيلرو سية ،تم ا ستبدال ر سميا بك يان أ كثر غمو ضا
د عى راب طة ا لدول الم ستقلة ا لتي كل الجمهور يات ال سوفييتية ما عدا
جمهور يات البلط يق؛ ثم ا ستقال الرئ يس ال سوفييتي مكرو ها وأ نزل الع لم
السوفييتي للمرة الخيرة ،عن برج الكرملين ،وأخيرا ،ظهر التحاد الروسي،
ا لذي هو حال يا دو لة قوم ية رو سية ت ضم 150مل يون ن سمة ،بو صفة الخلف ية
الفع لي للت حاد ال سوفييتي ال سابق ،بين ما أ كدت الجمهور يات ا لخرى ،ا لتي
تضم 150مليون نسمة أيضا ،وبدرجات مختلفة ،سيادتها المستقلة .
أدى انه يار الت حاد ال سوفييتي إ لى فو ضي جيوبوليت ية بارزة فخلل
أ سبوعين ف قط ،اكت شف ف جأة ال شعب الرو سي ،ا لذي كان عمو ما ،أ قل
إحسا سا من ال عالم ال خارجي بالخطر ا لذي شكله ا قتراب تف تت الت حاد
ال سوفييتي ،أ نه لم ي عد سيد المبراطور ية عبر القار ية ،وأن حدود رو سيا
تراج عت إ لى ما كانت عل يه في القو قاز في الع قد ا لول من ال قرن التا سع
ع شر ،و في آ سيا الو سطى إ لى ما كانت عل يه في منت صف ال قرن التا سع
ع شر أيضا ،إ ضافة إلى ا لمر ا لكثر مأساوية وألما ،و هو ترا جع هذه الحدود
في ال غرب إ لى ما كانت عل يه في ال عام 1600تقري با ،أي ب عد ح كم اي فان
الره يب مبا شرة .وعمو ما ،فإن ف قدان القو قاز أ عاد إح ياء الم خاوف
ال ستراتيجية من الن فوذ ا لتركي الم ستبعد لن شاطه؛ وو لد ف قدان آ سيا
الوسطى إحساسا بالحرمان من مصادر الطاقة والمصادر المعدنية الكبيرة
جدا في هذه المنط قة إ ضافة إ لى الق لق إزاء الت حدي ال سلمي المحت مل؛
و كذلك فإن ا ستقلل أوكران يا ت حدى جوهر الز عم الرو سي ال قائل بأن ها ،أي
رو سيا ،هي الحام لة ال شرعية للهو ية ال سلفية الم شتركة الممنو حة إلي ها
بقدسية خاصة .إن المساحة التي كانت تمثلها المبراطورية القيصرية خلل
قرون من الزمن ،والتي احتلها التحاد السوفييتي الذي تحكمه روسيا ،لثلثة
أر باع ال قرن أ صبحت ا لن م شغولة من ق بل اث نتي ع شرة دو لة ،عل ما أن
مع ظم هذه ا لدول ) ما عدا رو سيا( لي ست مه يأة إل ب صعوبة لل سيادة
الحقيقية ،وهي تتراوح في الحجم بين دولة أوكرانيا الكبيرة نسبيا التي يبلغ
عدد سكانها 52مليون نسمة ودولة أرمينيا التي يبلغ عدد سكانها 305مليون
نسمة فقط .وبدا أن قابليتها للحياة غير مؤكدة ،بينما كانت رغبة موسكو في
ال ستيعاب ا لدائم للوا قع الجد يد أ مر ل يم كن التن بؤ به .و كانت ال صدمة
التاريخية التي عانى منها الروس قد ضخمت بالحقيقة المتمثلة بأن نحو 20
مليون شخص ممن يتكلمون اللغة الروسية أصبحوا الن مواطنين في دول
91
أجنب ية محكو مة سيا سيا من ق بل ن خب )ج مع نخ بة( حاك مة ذات اتجا هات
قوم ية متنام ية وم صممة ع لى تأك يد هويات ها ب عد ع قود من م حاولت إ ضفاء
الطابع الروسي عليها بدرجة أكبر أو أقل من القسر .
خلق انهيار المبراطورية الروسية فراغا @ في القوة في قلب أوراسيا.فلم
يكن ثمة ضعف وفوضى فقط في الدول المستقلة حديثا@،بل إن الضطراب
في رو سيا ذات ها خ لق أز مة شاملة ،وخا صة إذا عل ما أن هذا ال ضطراب
ترا فق بمحاو لة متزام نة ل حل الن موذج الجت ماعي القت صادي ال سوفييتي.
وساءت الساة القومية إلى حد أكبر بسبب التورط العسكري لروسيا في
طاجكستان مدفو عة بمخاوف من استلم المسلمين ل هذه الدو لة المستقلة
حديثا .ثم ازداد الوضع سوءا @ بسبب التدخل الروسي المأساوي ،والوحشي،
والمك لف جدا @ ع لى ال صعيدين القت صادي والسيا سي ،و في تشي شينيا .و كان
المر الكثر ايلما @ هو تراجع الموقف أو الهيبة الدولية لروسيا إلى حد كبير،
فب عد أن كانت إ حدى ال قوتين العظمي ين في ال عالم ،أ صبحت ا لن في ن ظر
ال كثيرين في مو قع ل يز يد كثيرا @ عن قوة إقليم ية في ال عالم ال ثالث بالرغم
من امتلكها لترسانة نووية هامة ولكنها تتقادم على نحو متزايد.
ت ضخم ال فراغ الجيوبول يتي ب سبب ازد ياد أب عاد الز مة الجت ماعي في
روسيا .فالحكم الشيوعي الذي استمر ثلثة أرباع القرن كان قد سبب أذى
بيولوجيا @ غير مسبوق للشعب الروسي .فقد تم قتل أو موت نسبة كبيرة جدا
من الفراد الموهوبين والشجعان في الغولغ )معسكرات العمل الجماعي(،
وذ لك بأ عداد ت عد بال ماليين .وبال ضافة إ لى ذ لك ،فخلل هذا ال قرن ،عانت
هذه البلد أي ضا @ من ال خراب ا لذي ألحق ته ب ها ال حرب العالم ية ا لولى ،و من
القتلى في حرب اهلية طويلة المد ،ومن وحشية الحرب العالمية الثانية وما
رافقها من حرمانات .وقد فرض النظام الشيوعي معتقدات عقائدية خانقة،
بينما عزلت البلد عن سائر دول العالم ،وكانت سياستها القتصادية منفصلة
كليا @ عن اهتماماتها اليكولوجية ،وبالتالي فإن البيئة من ناحية ،وصحة الناس
من ناح ية ثان ية ،عان تا ال كثير ب سبب ذ لك .فوف قا @ للح صاءات الرو سية
الرسمية ،كانت نسبة المولودين الجدد الذين يتمتعون بصحة جيدة في أعوام
التسعينيات في حدود 40في المئة فقط ،بينما عاني نحو 20في المئة من
التلميذ الروس في الصفوف البتدائية من نوع ما من التأخر العقلي .ونقص
متو سط الع مر لدى ا لذكور إ لى 5703سنة ،ك ما أن عدد الوف يات زاد ع لى
عدد ا لولدات .وه كذا ،فإن ال شروط الجتماع ية في رو سيا كانت ،في
الحقي قة ،مماث لة ع لى ن حو ن موذجي ،ل ما هي عل يه في دو لة متو سطة
التصنيف من العالم الثالث.
92
ل يمكن للمرء أن يبالغ في وصف حالت الرعب والبليا التي عانى منها
ال شعب الرو سي في هذا ال قرن ،ف من ال صعب تقري با @ أن ن جد عائ لة رو سية
واحدة أتيحت لها الفرصة لن تعيش حياة حضارية عادية .ولنأخذ في العتبار
التأثيرات الجتماعية لتسلسل الحداث التالية:
.الحرب الروسية اليابانية في العام ،1905التي انتهت إلى هزيمة مذلة
لروسيا.
.ال ثورة"البروليتار ية" ا لولى في ال عام ،1905ا لتي أ شعلت ن يران ع نف
حضري )في المدن( واسع النطاق.
.ال حرب العالم ية ا لولى في ال عوام ،1917 - 1914مع ملي ين القت لى
والجرحى والضطراب القتصادي الشامل.
.الحرب الهلية في العوام ،1921-1918التي استهلكت ثانية عدة ملين
من البشر ودمرت الرض بما فيها.
.ال حرب الرو سية البولون ية عامي ،1920-1919ا لتي انت هت بهزي مة
روسيا.
.بدء معسكرات العمل الجماعي في بداية أعوام العشرينيات ،بما في
ذلك إهلك القسم العظم من النخبة التي وجدت قبل الثوة وخروجها على
نطاق واسع من روسيا دون عودة.
.ممار سات الع مل في الت صنيع وال مزارع الجماع ية في بدا ية ومنت صف
اعوام الثلثينيات التي أدت مجاعات شاملة وإلى موت المليين في أوكرانيا
وكازخستان.
.أعمال التطهير والرعب الكبرى في منتصف ونها ية اعوام الثلثينيات،
مع حجر ال ماليين في معسكرات الع مل وإ عدام حتى مليون شخص و موت
حتى عدة مليين من سوء المعاملة.
.ال حرب العالم ية الثان ية في ا لعوام 1945-1941نالتي ادت إ لى ق تل
و جرح ع شرات ال ماليين من الع سكريين وال مدنيين وا لى د مار اقت صادي
واسع.
.إعادة فرض الرعب الستاليني في نهاية اعوام الربعينيات ،ومرة ثانية
شمل ذلك العتقالت على نطاق واسع والعدامات المتكررة.
93
.سياق الت سلح ا لذي ا ستمر 40سنة مع الول يات المت حدة ،وذ لك من
أ عوام الربعين يات إ لى أ عوام الثمانين يات ،و ما ترك من تأثيرات اجتماع ية
مفقرة.
.الحرب المضعفة أو حرب النهاك في أفغانستان من العام 1978حتى
العام 1989؛
.التح طم الف جائي للت حاد ال سوفييتي ،و ما تب عه من ا ضطرابات مدن ية،
وأزمة اقتصادية مؤلمة ،وحرب دموية ومذلة ضد تشيشينيا.
لم ي كن الز مة في ال شروط الداخل ية لرو سيا وف قدانها لهيبت ها الدول ية
مهما فقد السببان اللذان أديا إلى الحساس بالقلق والضيق ،ول سيما لدى
النخ بة السيا سية الرو سية ،بل إن الو ضع الجيوبول يتي لرو سيا كان قد تاثر
سلبيا أيضا .ف في غرب البلد وبنتيجة تفتت التحاد ال سوفيتي ،تغيرت حدود
روسيا على نحو مؤلم جدا@ ،وتقلص مجال نفوذها الجيوبوليتي على نحو حاد.
وكانت دول البلطيق تخضع للسيطرة الروسية منذ بداية القرن الثامن عشر،
ك ما أن ف قدان مر فاي ري غا و تالين ج عل و صول رو سيا إ لى ب حر البلط يق
محدودا @ بدرجة أكبر وخاضعا @ للتجمد الشتوي .وبالرغم من أن موسكو حاولت
أن تبقي على وضع مسيطر سياسيا @ في جمهورية بيلروسيا المستقلة حديثا
من الناحية الرسمية ،والتي أضفي عليها الطابع الروسي بدرجة عالية ،فلم
يكن مؤكدا @ أن الفئة القومية )الراغبة في البقاء مع التحاد الروسي( ل تملك
فعل @ ال يد العل يات في هذه الدو لة أي ضا .و في م ما وراء حدود الت حاد
ال سوفييتي ال سابق ،فإن انه يار ح لف وار سو كان يع ني أن دول أورو با
الو سطى ا لتي كانت تدور في ف لك الت حاد ال سوفييتي ,ول سيما بولون يا،
أصبحت تنجذب بسرعة نحو حلف الطلسي )الناتو( والتحاد الوروبي.
كان ا لمر ا لكثر ازعا جا @ هو ف قدان أوكران يا .فظ هور دو لة أوكران ية
مستقلة لم يكن تحديا @ فقط لكل الروس بحيث يجعلهم يعيدون التفكير في
طبيعة هويتهم السياسية والتنية ،ولكنه مثل أيضا @ انتكاسة جيوبوليتية للدولة
الرو سية .وإن ر فض ال عتراف بأكثر من ثلثمئة سنة من التار يخ المبر يالي
الرو سي كان يع ني خ سارة اقت صاد زرا عي و صناعي غ ني جدا @ و 52مل يون
إن سان ارتب طوا بعل قة وثي قة ب شكل كاف اتن يا @ ودين يا @ بالروس ليجع لوا من
رو سيا دو لة امبراطور ية كبيرة وموث قة فعل .وه كذا ،فإن ا ستقلل أوكران يا
حرم روسيا أيضا @ من وضعها المسيطر على البحر السود حيث كانت أوديسا
با با @ حيو يا @ لرو سيا ت تاجر من خل له مع حوض الب حر المتو سط وال عالم ا لذي
يقع وراءة.
94
وكذلك ،فقد كانت خسارة أوكرانيا بالغة الهمية جيوبوليتيا@ ،لنها جعلت
خيارات روسيا الجيواستراتيجية محدودة .وحتى بدون دول البلطيق وبولونيا،
فإن رو سيا كانت ستظل ت سعى ،لو أب قت سيطرتها ع لى أوكران يا ،إ لى أن
تكون قائدة لمبراطورية أوراسية حاسمة ،تستطيع روسيا فيها أن تحكم غير
ال سلفيين في ج نوب ،وج نوب شرق الت حاد ال سوفييتي ال سابق .ول كن،
فبدون أوكرانيا وسكانها السلفيين البالغ عددهم 52مليونا@ ،فإن أي محاولة
من قبل موسكو لعادة بناء المبراطورية الوراسية يحتمل أن تجعل روسيا
متور طة و حدها في نزا عات طوي لة ال مد مع غ ير ال سلفيين ا لذين أŸوق ظت
فيهم النزعات القومية والدينية ،والحرب مع تشيشينيا ربما تكون ،ببساطة،
اول المث لة ع لى ذ لك .وبال ضافة إ لى ذ لك ،فإذا أ خذنا في العت بار ترا جع
معدلت الولدة فيروسيا ،ومعدلت الولدة المتزايدة بشكل حاد بين سكان
آ سيا الو سطى ،ن جد أن أي ك يان أورا سي جد يد يعت مد ع لى ال قوة أو الدو لة
الروسية وحدها ،وبدون أوكرانيا ،سوف يصبح حتما @ ذا طابع أوروبي أقل وذا
طابع آسيوي اكثر مع كل سنة تمر.
لم ي كن ف قدان أوكران يا بالغ الهم ية ع لى ال صعيد الجيوبول يتي فح سب،
بل كان أيضا @ حافزا @ للخرين عل التشبه به وعلى الصعيد الجيوبوليتي أيضا.
وه كذا ،فإن الع مال الوكران ية ،كإعلن أوكران يا عن ا ستقللها في كانون
الول ،1991وإ صرارها في المفاوضات الحرجة في بيل فيجا على أ نه يجب
استبدال التحاد السوفييتي برابطة دول مستقلة أقل أرتباطا @ مما كان عليه
ال مر سابقا@ ،وال فرض الم فاجئ،ب ما ب شبه النقلب الع سكري ،لممار سة
القيادة الوكرانية على وحدات الجيش السوفييتي المتو ضعة على الراضي
الوكران ية ،م ما م نع راب طة ا لدول الم ستقلة من أن ت صبح م جرد ا سم جد يد
لت حاد سوفييتي أ كثر كونفدرال ية .و قد أد هش تقر ير الم صير السيا سي
لوكران يا ،مو سكو وأ صبح م ثال @ يح تذى به في الجمهور يات ال سوفييتية
الخرى ،بالرغم من أن إتباع هذا التجاه كان في بداية يتسم بخوف أكبر مما
حدث في ما بعد.
ت كرر ف قدان رو سيا لموقع ها الم سيطر في ب حر البلط يق و في الب حر
السود ،ولم يكن ذلك بسبب استقلل أوكرانيا فحسب ،بل لن دول القوقاز
ا لتي ا ستقلت هي ا لخرى أي ضا @ )جورج يا ،وأرمين يا ،وأذربي جان( ح سنت
ال فرص لترك يا كي تع يد ممار سة نفوذ ها ،ا لذي ف قدته في يوم ما في
الما ضي ،ع لى هذه المنط قة .وق بل ال عام ،1991كان الب حر ال سود ي شكل
نقطة النطلق لنقل القوات البحرية الروسية إلى البحر المتوسط .أما في
منتصف أعوام التسعينات فقد ترك لروسيا شريط ساحلي صغير على البحر
95
ال سود وا ستمر الن قاش دون حل مع أوكران يا في شان ح قوق التو ضع في
القرم لبقايا أسطول البحر السود السوفييتي ،بينما روقبت ،في الوقت ذاته
وبإ ثارة وا ضحة ،م ناورات ال ناتو وأوكران يا الم شتركة البحر ية وا لتي تم في ها
أي ضا @ ا لنزال ع لى ال شوطئ ،إ ضافة إ لى ت نامي ا لدول ا لتركي في منط قة
البحر السود .وقد تطرق الشك أيضا @ لدى روسيا إزاء تقديم تركيا لمساعدة
فعالة إلى المقاومة التشيشانية.
و في م كان اب عد بات جاه الج نوب ال شرقي ،أدى الجي شان )ال ثوران(
الجيوبوليتي إلى تغيير هام مماثل في الموقف في حوض بحر قزوين وفي
آسيا الوسطى عموما .فقبل انهيار التحاد السوفييتي كان بحر قزوين ،فعليا،
بح يرة رو سية ،مع و جود ق طاع ج نوبي صغير ضمن مح يط أو حدود إ يران.
ول كن ،ف مع ظ هور أذربي جان الم ستقلة ،ذات الت جاه ال قومي ال قوي ،وا لتي
عزز موقفها بتدفق أصحاب رؤوس الموال الغربيين المتشوقين إلى توظيف
أ موالهم في الن فط ،وظ هور كازاخ ستان وتوركمن ستان الم ستقلتين أي ضا،
أصبحت روسيا واحدا فقط من خمسة مطالبين بثروات حوض قزوين .ولم
يعد بإمكانها بأن تفترض بثقة أنها تستطيع التصرف بهذه الموارد لصالحها .
ع لى ظ هور دول آ سيا الو سطى الم ستقلة أن ال حدود الجنوب ية ال شرقية
لرو سيا أرج عت أو دف عت إ لى الخ لف بات جاه ال شمال في ب عض ال ماكن
لم سافة تز يد ع لى أ لف م يل ) 1600كي لو متر( .وأ صبحت ا لدول الجد يدة
تسيطر على مخزونات معدنية ومخزونات طاقة كانت دائما ول تزال تجتذب
الم صالح الجنب ية .وه كذا ،ف قد أ صبح أ مرا محت ما تقري با إن ا لمر لم ي عد
يقت صر ع لى الن خب )ج مع نخ به( الحاك مة ف قط ،بل وي شمل شعوب هذه
ا لدول ،في أن ت صبح ،هي و شعوبها ،ذوي م شاعر قوم ية أ قوى ،ورب ما ذوي
نظرة إسلمية متزايدة الشدة أيضا .ففي كازاخستان ،التي هي دولة واسعة
ت ضم موارد طبيع ية كبيرة جدا ،وي سكن في ها ن حو 20مل يون إن سان ن صفهم
تقري با من الكازاخ ستانيين والن صف ا لخر من ال سلفيين ،يحت مل أن ت شتد
الحتكاكات اللغو ية والقومية .وإن أوزبك ستان ،ب سكانها ا لكثر تجانسا على
الصعيد التني والبالغ عددهم 25مليون وبقادتها الذين يشددون على المجاد
التاريخ ية لبلد هم ،أ صبحت حاز مة ع لى ن حو متزا يد في تأك يد المو قع ب عد
الكولون يالي )ال ستعماري( الجد يد ل هذه المنط قة .أ ما توركمن ستان المحم ية
جغراف يا بكازاخ ستان من أي ت ماس مبا شر برو سيا ،ف قد طورت ايجاب يا
روا بط جد يدة بإيران بغ ية ا لقلل من اعتماد ها ال سابق ع لى منظو مة
التصالت الروسية من أجل الوصول إلى السواق العالمية.
96
كانت ول تزال دول آسيا الوسطى ،وفي ظل دعمها من الخارج من قبل
ترك يا وإ يران ،والباك ستان ،والممل كة العرب ية ال سعودية ،غ ير ميا لة إ لى
المساومة على سيادتها السياسية الجديدة حتى ولو كان ذلك مقابل تكاملها
القتصادي المفيد مع روسيا ،حسبما ل يزال يأمل الكثير من الروس في أن
تفعل هذه الدول ذلك
1ـ فقدان السيطرة اليديولوجية والتوضع المبريالي .
2ـ فقدان الممتلكات الرضية .
3ـ فقدان السيطرة اليديولوجية.
وعلى القل ،ل يمكن تجنب بعض التوتر والعداء في علقات هذه الدول
برو سيا ،بين ما توحي ال سوابق مع تشي شينيا وطاجك ستان أ نه ل يم كن
ال ستبعاد كل يا لن ي حدث شيء ما أ سوأ .وبالن سبة إ لى ا لروس ،فإن م جال
النزاع المحتمل مع الدول ال“سلمية على امتداد كل المجنبة الجنوبية لروسيا
)ا لتي ت ضم اذا أ ضفنا الي ها ترك يا ،وإ يران ،والباك ستان أ كثر من 300مل يون
إنسان( يجب أن تكون مصدر اهتمام جدي .
وأخ يرا ،ف في ا لوقت ا لذي انح لت ف يه المبراطور ية الرو سية ،كانت
روسيا تواجه أيضا وضعا جيوبوليتيا جديدا منذرا بالسوء في الشرق القصى،
حتى بالرغم من أ نه لم ت حدث أي تغ يرات اقليم ية )أر ضية( أو سيا سية.
فل عدة قرون كانت ال صين أ ضعف وأ كثر من رو سيا ،وإن ع لى ال قل في
المجالت السياسية ـ العسكرية .ول يستطيع أي روسي مهتم بمستقبل بلده
ومح تار ازاء التغ يرات الدرام ية في هذا الع قد ،أن يتجا هل الحقي قة المتمث لة
بأن ال صين هي في الطر يق ا لى أن ت صبح دو لة أ كثر ت قدما ،وأ كثر دينام ية،
وأ كثر نجا حا من رو سيا .وأن ال قوة القت صادية لل صين ،م ضافة ا لى الطا قة
الدينامية لمليار ومئتي مليون إنسان ،تعكس أو تقلب المعادلة التاريخية بين
ا لدولتين ،مع ال خذ في العت بار ،أن الم ساحات الفار غة في سيبيريا ت غري
تقري با با ستعمارها )احتلل ها( من ق بل ال صين .كان ل بد ل هذا الوا قع
الم ضطرب الجد يد أن يؤثر في الح ساس الرو سي با لمن في المنط قة
الواق عة في ال شرق الق صى ،وبالم صالح الرو سية في آ سيا الو سطى أي ضا.
وق بل ز من طو يل كان يم كن ل هذا الت طور أن يل قي ظل ع لى الهم ية
الجيوبوليت ية لف قدان رو سيا لوكران يا .و قد عبر فلديم ير لوكين ،أول سفير
لرو سيا ع ين ،ب عد الع هد ال شيوعي ،في الول يات المت حدة ،و ترأس مؤخرا
لج نة ال شؤون الخارج ية في ا لدوما ،عن الم ضامين وال تأثيرات ال ستراتيجية
لهذا الفقدان بقوله .
97
"في الماضي ،رأت روسيا نفسها تسير أمام آسيا بسرعة أكبر بكثير...
ول نجد أنفسنا الن بين "أوروبا العصرية "وآسيا المتخلفة" ،بل نشغل ،فعل،
مكانا متوسطا غريبا ما بين "الوروبيتين.((1
وباختصار ،فإن روسيا ،التي كانت حتى وقت قريب صانعة إمبراطورية
إقليمية عظمى ،وقائدة لكتلة إيديولوجية من دول تدور في فلكها وتمتد إلى
قلب أوروبا ذاته ،وفي نقطة ما إلى بحر الصين الجنوبي ،أصبحت الن دولة
قوم ية م ضطربة ،دون م مرات جغراف ية سهلة إ لى ال عالم ال خارجي ،ورب ما
غير منيعة إزاء النزاعات الموهنة مع جيرانها في المجنبات الغربية والجنوبية
وال شرقية .وإن مناطق ها ال شمالية غ ير الم سكونة وا لتي ي صعب الو صول
إليها ،والمجمدة على نحو دائم تقريبا ،هي وحدها التي تبدو آمنة من الناحية
الجيوبوليتية.
) (1جاء ذ لك في م قال ،مأزق نا ا لمني في مج لة السيا سة الخارج ية ال عدد ،88خر يف
:1992الصفحة . 60
98
المشهد الجيواستراتيجي الدائم التغير
وهكذا ،لم يكن ممكنا تجنب فترة الفوضى التاريخية في روسيا ما بعد
المبراطورية .فالنهيار المروع للتحاد السوفييتي ،ول سيما التفتت المذهل
وغير المتوقع عموما للمبراطورية الروسية العظمى خلق في روسيا حجما
كبيرا من الت فتيش عن ا لذات ونقا شا وا سع الن طاق في شأن ما ي جب أن
يكون عليه تحديد الذات التاريخي الراهن لروسيا ،وجدل شديدا عاما وخاصا
في شأن أسئلة ل تثار عادة في معظم الدول الكبرى ،والتي هي من نوع:
ما هي رو سيا؟ وأ ين هي رو سيا؟ و ماذا تع ني رو سيا بالن سبة إ لى الن سان
الروسي؟.
لي ست هذه ال سئلة م جرد أ سئلة نظر ية :فأي جواب يح توي م ضمونا
جيولوجيا @ هاما .فالسؤال :هل روسيا دولة قومية؟ يعتمد بشكل واضح على
التن ية الرو سية ،أو هل رو سيا بالتعريف شيء ما أ كثر من ذ لك )على غرار
قول نا إن بريطان يا هي ا كثر من إنك لترا ( وبال تالي م عدة لن ت كون دو لة
إمبراطور ية؟ و ما هي -تاريخ يا@ ،وا ستراتيجيا@ ،واتي „ نا @ – ال حدود ال صحيحة
لروسيا؟ وهل يجب أن ينظر إلى أوكرانيا المستقلة بوصفها ضلل @ أو انحرافا
مؤق تا @ ع ندما تŸق ƒيم بم ثل هذه التعاب ـير التاريخ ية ،وال ستراتيجية ،والتن ية؟
)يميل الكثير من الروس إلى الحساس بهذه الطريقة ( .ولكي يكون النسان
يجب عليه أن يكون روسيا@ ،اتنيا @ )على الصعيد التني( ،أو يستطيع أن يكون
رو سيا@ ،سيا سيا @ )ع لى ال صعيد السيا سي( ول كن ل يس اتن يا @ )أي أن ي كون
مواط نا @ رو سيا@ ،أو ما ي عادل ال مواطن البري طاني ،ول كن ل يس "ا لنكليزي"!
وع لى سبيل الم ثال ،فإن يل ستين وب عض ا لروس أ كدوا جدل @ ) مع ن تائج
مأساوية( أن التشي شانيين ي ستطيعون ،و في الوا قع يجب علي هم ،أن يعتبروا
روسا.
كان أ حد ال قوميين ا لروس ،و هو من القلئل ا لذين رؤوا أن النها ية
تقترب ،قد صرخ قائل @ في نوع من اليأس ،وذلك قبل سنة من موت التحاد
السوفييتي:
"اذا حدثت فعل @ الكار ثة المخي فة ،ا لتي ليم كن التفك ير في ها من ق بل
س رق،الشعب الروسي ،وتمز قت الدولة إلى أشلء ،وانتهى الشعب ،ا لذي Ÿ
و خŸدع ب تاريخه ا لذي ي عود إ لى أ لف سنة ،عل ن حو م فاجىء ،وأ خذ "أ خوته"
ال جدد ما يخ صهم من ممتل كات واخت فوا في "مرا كب إن قاذهم القوم ية،
وأب حروا بع يدا @ عن ال باخرة السا سية -ح سنا@ ،ف ماذا نف عل ن حن ،ول يس لدينا
مكان نذهب إليه ...إن ألمواطنية الروسية ا لتي تج سد " الفكرة الروسية"،
99
سيا سيا@ ،واقت صاديا@ ،وروح يا @ ،سوف تب نى مع جد يد .و سوف تج مع كل ما
يم ثل الف ضل من الممل كة ا لتي عمر ها أ لف سنة و من التار يخ ال سوفيتي
خلل سنواته السبعين التي مرت في لحظة .( ( 1ولكن كيف؟ إن صعوبة تحديد
جواب ي كون مق بول @ لل شعب الرو سي ،وي كون واقع يا @ أي ضا@ ،تع قدت بالز مة
التاريخ ية للدو لة الرو سية ذات ها .وخلل تاريخ ها ك له تقري با @ فإن هذه الدو لة
كانت دائ ما @ أداة تو سع إقلي مي وت طور اقت صادي .و كانت أي ضا @ دو لة لم تع مد
باختيار ها إ لى أن ت كون م جرد أداة قوم ية ،بالمعنى التقل يدي ا لوروبي
الغر بي ،بل حددت لنف سها أن ت كون من فذة لمه مة فوق قوم ية خا صة ،في
ضوء "الف كرة الرو سية" الم حددة ع لى ن حو مخت لف في كل من ال شروط
الدين ية ،أو الجيوبوليت ية ،أو اليديولوج ية .أ ما ا لن ،وب شكل م فاجئ ،ف قد
أ صبحت هذه المه مة مرفو ضة ع ندما تقل صت الدو لة إقليم يا إ لى ب عد إت ني
واحد كبير.
وف ضل @ عن ذ لك ،فإن أز مة ا لدول الرو سية في فترة ما ب عد الع هد
ال سوفييتي )وخا صة إذا تكلم نا عن "جوهر ها"( ،تع قدت فعل @ ب سبب الحقي قة
القائ لة إن رو سيا لم تواجه ف قط بالت حدي المتم ثل بكون ها حر مت ف جأة من
مهمت ها المبريال ية ،ول كن ،فل كي تغ لق الث غرة المتو سعة ب ين تخلف ها
الجت ماعي وت قدم ا لجزاء ا لخرى من أورا سيا ،ف قد أ صبحت ا لن تت عرض
ب ضغط الم حدثين )ال قائمين بالت حديث( ا لداخليين )ومست شاريهم الغربي ين(
لكي تنسحب من دورها القتصادي التقليدي بوصفها صاحبة الرأي ،والمالكة
والمتصرفة بالثروة الجتماعية ،ولم يدع ذلك إلى اقل من تحديد ثوري على
ال صعيد السيا سي ل لدورين ا لدولي وا لداخلي للدو لة الرو سية .و كان ذ لك
مدمرا @ بع مق للن ماذج ا لكثر استقرارا @ في الحياة الداخل ية الرو سية وبالتالي
أ سهم في خ لق شعور م سبب للخلف وال شقاق إزاء سوء ال توجه
الجيوبوليتي ضمن النخبة السياسية الروسية.
وفي هذا الوضع المحير ،وكما يمكن أن يتوقع المرء ،فإن السؤال" :إلى
أ ين ت سير رو سيا و ما هي رو سيا؟ كان ي حث ع لى مجمو عة مختل فة من
الجو بة .كان التو ضع الورا سي الوا سع لرو سيا قد ج عل هذه النخ بة تف كر
منذ أمد طويل بالشروط الجيوبوليتية .وكان أول وزير خارجية لروسيا ما بعد
العهد المبراطوري والعهد الشيوعي ،أندريه كوزيريف ،قد أكد ثانية أسلوب
) (1الك سندر برو خانوف في م قال"مأ ساة المركز ية" في مج لة رو سيا ،كانون ال ثاني،
1990الصفحتان .5-4
100
التفك ير المع مول به وذ لك في إ حدى م حاولته المب كرة ا لتي أراد في ها أن
ي حدد ك يف ي جب ع لى رو سيا أن تت صرف أو ت سلك ذات يا @ ع لى الم سرح
الدولي .وما كاد يمر شهر واحد على حل التحاد السوفييتي حتى قال" :في
تخلينا عن الفكر الع قائدي ي جب أن نم هد لل خذ بال مذهب ا لذرائعي )العملي
أو ا لواقعي( ...و سرعان ما أ صبحنا @ نف هم أن الجيوبوليت كا )ع لم السيا سة
الطبيع ية أو درا سة تأثير العوا مل الجغراف ية والقت صادية والب شرية في
سيا سة الدو لة الخارج ية خا صة أو السيا سة الحكوم ية المبن ية ع لى أ ساس
هذا العلم –المترجم( ...تحل مكان اليديولوجيا ".وعموما ،يمكن القول إن
ثلثة خيارات واسعة ومتداخلة جزئيا @ من المنظور الجيواستراتيجي ،وكل منها
متع لق فعل @ بان شغال رو سيا بموقف ها في مواج هة أمير كا ،ك ما أن كل @ من ها
أيضا @ يحتوي على بعض الحالت الداخلية المعنية ،كانت قد ظهرت كرد فعل
ع لى انه يار الت حاد ال سوفييتي .ويم كن ت صنيف هذه ال مدارس الفكر ية
المتعددة كما يلي.
101
وج هات ن ظر تكتنف ها الو هام فعل @ عن ال قوة الراه نة لرو سيا ،و عن قدرتها
الدول ية ،وم صالحها الجنب ية .و في ال فترة المبا شرة ا لتي ت لت انه يار الت حاد
السوفييتي ،فإن وضع يلتسين الولي مثل ذروة المفهوم "الغربي" التقديم،
وإن لم ي كن ناج حا @ قط ،في الف كر السيا سي الرو سي ،وا لذي يرى :أن
روسيا تنتمي إلى الغرب ،ويجب أن تكون جزءا من هذا الغرب ،ويجب عليها
أن تقلد بقدر ما تستطيع ،الغرب في تطورها الداخلي .تمسك بهذه الفكرة.
يلت سين نف سه ووز ير خارجيته ،عل ما @ أن يلت سين هذا كان صريحا @ تما ما @ في
إنكار الرث المبراطوري الروسي .وفي خطاب له في كييف في 19تشرين
ال ثاني ،1990،وبكل مات ا ستطاع ا لوكرانيون والتشي شانيون في ما ب عد أن
يحولوها ضده ،أعلن يلتسين ببلغة:
"ل تط مح رو سيا إ لى أن ت صبح مر كزا @ لي نوع من المبراطور يات
الجد يدة ...ورو سيا تق هم ا كثر من ا لخرين ضرر هذا ا لدور ،لن ها كانت قد
أدت هذا الدور لزمن طويل قبل .فماذا ربحت من ذلك؟ وهل أصبح الروس
أ كثر حر ية بنتي جة ذ لك؟ أم هل ا صبحوا أ كثر غ نى؟ أم أ كثر سعادة؟ ...و قد
علم نا التار يخ أن ال شعب ا لذي يح كم ا لخرين لي ستطيع أن ي كون سعيدا
أو محظوظا@".
كان الموقف الودي الذي اختير بترو من قبل الغرب ،ول سيما من قبل
الول يات المت حدة ،إزاء الق يادة الرو سية الجد يدة م صدرا @ لت شجيع مج سدي
الفكر الغربي أو مؤيدي السلوب الغربي الذين برزوا ،بعد العهد السوفييتي،
في مؤس سة السياسة الخارج ية الروسية .ف قد عم لت هذه المؤس سة على
تعزيز ميولها الميركية وأغوت أعضاءها العاملين فيها شخصيا .فالقادة الجدد
تعرضوا للطراء ورفع الكلفة من قبل صانعي السياسة لدى القوة العظمى
الوحيدة في العالم علما @ أنه كان من السهل أن ينخدع هؤلء القادة وبالتالي
يفكرون بانهم هم أنفسهم قادة لقوة عظمى أيضا .وعندما أطلق الميركيون
شعار "العل قة ال ستراتيجية النا ضجة" ب ين وا شنطن ومو سكو ،ف قد بدا
للروس كما لو أن علقة مشتركة ديمقراطية أميركية روسية جديدة اكتسبت
قدسية ما لتحل مكان النزاع السابق.
وستكون هذه العلقة المشتركة ذات أبعاد عالمية .وبالتالي ،فإن روسيا
لن ت كون الخلي فة ال شرعية للت حاد ال سوفييتي ال سابق فح سب ،بل ستكون
أيضا الشريك الفعلي في التسوية العالمية المعت مدة على مساواة حقيقية.
وب ما أن ال قادة ا لروس لم يتع بوا قط من تأك يد ذ لك ،فإنه كان يع ني أ نه
ليجب أن يعترف سائر العالم بأن روسيا مساوية لميركا فحسب ،بل أنه لن
ي تم التعا مل مع أو ال حل لي م شكلة عالم ية دون ا شتراك رو سيا و/أو بإذن
102
منها .وبالرغم من أن ذلك لم يعلن عنه بصراحة ،فإن المر الواضح في هذا
الوهم كان يتمثل أيضا @ في الفكرة القائلة إن أوروبا الوسطى يجب أن تبقى
بشكل ما ،أو يمكنها حتى أن تختار بأن تبقى منطقة جوار أو تقارب سياسي
خاص لرو سيا .و كذلك فإن حل ح لف وار سو والكومي كون لن يتب عه ان جذاب
أعضائها السابقين سواء إلى حلف الطلسي أو حتى إلى التحاد الوروبي.
إن المساعدة الغربية ،في الوقت ذاته ،سوف تمكن الحكو مة الروسية
من الق يام بإ صلحات داخل ية تؤمن إ خراج الدو لة من ال ضائقة القت صادية
وت سمح ل ها بتعز يز المؤس سات الديمقراط ية .وه كذا ،فإن النت عاش
القت صادي لرو سيا ،وو ضعها أو موقف ها ال خاص ك شريك م ساو لمير كا،
وجاذبيتها ،سوف تشجع الدول المستقلة حديثا @ في رابطة الدول المستقلة،
مع الملحظة بأن روسيا الجديدة ل تهدد أو ل تشكل خطرا @ على هذه الدول
التي تعي على نحو متزايد ،عندئذ ،فوائد إقامة شكل ما من أشكال التحاد
مع رو سيا ،ع لى ا لدخول في تكا مل اقت صادي أو ثق من ال سابق ،و ثم في
تكامل سياسي معها المر الذي يعزز عندئذ نفوذها )أي نفوذ روسيا( وقوتها.
إن الم شكلة المتعل قة ب هذا ال سلوب هي أن ها كانت خال ية من الواقع ية
الدول ية والداخل ية .وبين ما ن جد أن مف هوم "ال شراكة ال ستراتيجية النا ضجة"
كان يتسم بالتملق ،نجد أيضا @ أنه كان يتسم بالخداع .فأميركا لم تكن ميالة
إ لى م شاطرة رو سيا في ال قوة العالم ية ،و لم ت كن ت ستطيع أن تف عل ذ لك،
حتى لو أن ها أرادت أن تف عل .ورو سيا الجد يدة كانت ،بب ساطة ضعيفة جدا@،
و مدمرة إ لى حد كبير ب عد ثل ثة أر باع قرن من الح كم ال شيوعي ،ومتخل فة
جدا @ اجتماع يا لدر جة لم ت كن مع ها مؤه لة لن ت صبح شريكا @ عالم يا @ حقيق يا.
و من من ظور وا شنطن ،فإن ألمان يا ،واليا بان ،وال صين ،كانت كل ها ل ت قل
أهم ية و تأثيرا @ عن رو سيا .وف ضل عن ذ لك ،ف في ب عض الق ضايا
الجيوا ستراتيجية المركز ية ذات الم صلحة القوم ية لمير كا ،في أورو با،
والشرق الوسط ،والشرق القصى ،لم تكن الطموحات الميركية الروسية
متماث لة ،إن لم ت كن حتى بع يدة جدا في المن حى وال هدف .و ما أن بدأت
الختل فات تط فو ع لى ال سطح ع لى ن حو ل يم كن تجن به ،حتى بدأ عدم
التنا سب في ال قوة السيا سية والن فوذ ال مالي ،والبت كار التكنو لوجي،
والجاذبية الثقاف ية يج عل "ال شراكة ال ستراتيجية النا ضجة" ت بدو جو فاء ،و قد
د هش ال كثير من ا لروس ،وع لى ن حو متزا يد يو ما @ ب عد يوم ،من أن هذه
ال شراكة كانت م عدة ع مدا @ ل خداع رو سيا .رب ما كان من المم كن تج نب هذا
الحباط لو أن أميركا عملت في وقت مبكر ،في أثناء شهر العسل الميركي
الرو سي ،ع لى ال خذ بمف هوم تو سيع ال ناتو ،و قدمت في ا لوقت ذا ته إ لى
103
رو سيا " صفقة ل يمكن ها أن ترف ضها" و هي ،أي ال صفقة ،تحد يدا@ ،عل قة
تعاونية خاصة بين روسيا والناتو .ولو أخذت أميركا على نحو واضح وحاسم
بف كرة تو سيع الح لف ،و مع ا شتراط و جوب ان ضمام رو سيا إل يه ،فرب ما كان
يم كن تج نب إح ساس مو سكو الل حق بالح باط إزاء "ال شراكة النا ضجة"
وإزاء الضعف المتزايد للوضع السياسي لحاملي لواء الغرب في الكرملين .
إن لحظة فعل ذلك كانت في النصف الثاني من العام ،1993أي مباشرة
بعد موافقة يلتسين العامة والصريحة في آب على رغبة بولونيا في النضمام
إ لى الح لف عبر الطل سي ،واعت بار هذه الرغ بة من سجمة مع "م صالح أو
اهتمامات روسيا" .وعوضا @ عن ذلك ،فإن إدارة كلينتون ،التي كانت ل تزال
آ نذاك تأ خذ بسيا سة "رو سيا أول @ " ،ماطلت ل مدة سنتين ،غ ير الكرمل ين
خللها لهجته وأصبح معاديا على نحو متزايد للمؤشرات الظاهرة ،وإن بشكل
متردد ،عن النية الميركية في توسع الناتو .وعندما قررت أميركا أخيرا @ في
ال عام 1996أن تج عل تو سع ال ناتو هدفا مركز يا @ في سيا ستها الهاد فة إ لى
تشكيل مجتمع أوروبي أطلسي أكبر وأكثر أمنا ،كان الروس قد انغلقوا على
أنف سهم وأظ هروا معار ضة صلبة .و لذا يم كن الن ظر إ لى ال عام 1993بو صفة
العام الذي فقدت فيه الفرصة التاريخية .
ولكن ل بد من العتراف أن الهتمامات الروسية المتعلقة بتوسيع الناتو
لم ت كن كل ها تفت قر إ لى الم شروعية ك ما لم ت كن ناب عة من حوافز سيئة
الن يات .فب عض الخ صوم وخا صة ب ين الع سكريين ا لروس ،ت ناولوا ا لمر
بالعقلية التي كانت سائدة في فترة الحرب الباردة ،ونظروا إلى توسع الناتو
ل بو صفه جزءا @ مكمل @ لن موا أو تو سع أورو با ،بل باعت باره اقترا با ن حو رو سيا
من ق بل ح لف ت قوده أمير كا ول يزال ذا طابع عدائي .وا ستمر ب عض ا فراد
نخبة السياسة الخارجية الروسية ،علما @ أن معظمهم كانوا بالفعل مسؤولين
سوفييت سابقين في الخذ بالنظرة الجيواستراتيجية القائمة منذ أمد طويل
عن أنه ل يوجد مكان لميركا في أوراسيا ،وإن توسع الناتو كان مدفوعا @ إلى
حد كبير برغ بة أمير كا في ز يادة م جال نفوذ ها .و كان ب عض معار ضتهم ناب عا
أيضا @ من المل بأن أوروبا الوسطى غير الملحقة )أو المنفصلة( ستعود يوما
ما إلى مجال النفوذ الجيوبوليتي لموسكو بمجرد أن تسترد روسيا عافيتها .
ول كن ال كثيرين من ا لديمقراطيين ا لروس خ شوا أي ضا من أن تو سيع
الناتو سوف يعني أن روسيا سوف تترك خارج أوروبا ،وتنبذ سياسيا وتعتبر
غير مستحقة لعضوية الطار المؤسساتي للحضارة الوروبية فانعدام المن
104
الثقافي عقد المخاوف السياسية جاعل @ توسيع الناتو يبدو كما لو أنه تتويج أو
دروة للسياسة الغربية القائمة منذ زمن طويل والمعدة لعزل روسيا ،وتركها
وح يدة في ال عالم وغ يره مني عة إزاء مخت لف أ عدائها .وف ضل @ عن ذ لك ،فإن
ا لديمقراطيين ا لروس لم ي ستطيعوا ف هم ا لمور ا لكثر عم قا سواء أ كانت
متعلقة بامتعاض سكان أوروبا الوسطى من تحكم موسكو الذي استمر أكثر
من نصف قرن أو برغبتهم )رغبة هؤلء الديمقراطيين الروس( في أن يكونوا
جزءا @ من منظومة أوروبية أطلسية أكبر .
وفي المقابل ،فربما لم يكن ممكنا @ تجنب الحباط أو الضعاف لمؤ يدي
ال غرب من ا لروس .ول سبب وا حد ،فإن النخ بة الحاك مة الرو سية الجد يدة،
المق سمة من ا لداخل ،وغ ير ال قادرة سواء مع رئي سها أو مع وز ير خارجيت ها
على تأمين قيادة جيواستراتيجية منسجمة ،لم تستطع أن تحدد بوضوح ماذا
تريد روسيا الجديدة من أوروبا ،ول استطاعت أيضا @ أن تقيم واقعيا @ التقييدات
أو التحديدات المفروضة على وضع روسيا الذي جرى إضافة .أما ديمقراطيو
موسكو الذين خسروا المعركة سياسيا @ فلم يستطيعوا الوقوف في موقع من
يع لن ب جرأة أن رو سيا الديمقراط ية ت عارض تو سيع المجت مع ا لدولي
ا لديمقراطي عبر الطل سي ،ناه يك بكون ها تر غب في أن تن ضم إ لى هذا
المجت مع أي ضا .وأن و هم المو قف ال عالمي ا لذي ت شترك ف يه رو سيا وأمير كا
ج عل من ال صعب ع لى النخ بة السيا سية في مو سكو أن تتخ لى عن ف كرة
الو ضع الجيوبول يتي المتميز )يملك امتيازات( لروسيا ،وذ لك ليس ف قط في
منطقة التحاد السوفييتي السابق ذاتها بل وفي منطقة دول أوروبا الوسطى
التي كانت تدور في فلك التحاد السوفييتي أيضا @ .
و سرعان ما انتق لت كرة الل عب ب هذه الت طورات إ لى أ يدي ال قوميين،
ا لذين بدؤوا م نذ ال عام 1994ي ستعيدون أ صواتهم ومع هم الع سكريون ا لذين
أ صبحوا آ نذاك في عدد المؤ يدين المهم ين جدا @ ليلت سين في ا لداخل .ول كن
أ صواتهم العال ية وردود فعل هم الخ طرة أحيا نا@ ،ع لى طمو حات سكان أورو با
الو سطى لم تع مل إل ع لى ز يادة حدة ت صميم ا لدول ا لتي كانت تدور في
فلك التحاد السوفييتي السابق ،وفي ظل وعيها وإدراكها العميقين لتحررها
ا لذي أن جز مؤخرا @ من الح كم الرو سي ،ع لى أن تر بح أو ت هرع إ لى سماء
الناتو المنة .
ات سع الخلف )الث غرة( ب ين وا شنطن ومو سكو أ كثر فأكثر ب سبب عدم
رغبة الكرملين في إدانة فتوحات ستالين .فالرأي العام الغربي ،وخاصة في
ا سكندينافيا و في الول يات المت حدة أي ضا@ ،كان منزع جا @ ب شكل خاص ب سبب
105
غ موض المو قف الرو سي إزاء جمهور يات البلط يق .ف بالرغم من ال عتراف
با ستقلل هذه ا لدول و عدم ال صرار ع لى ع ضويتها في راب طة ا لدول
الم ستقلة ،ن جد أ نه حتى ال قادة ا لروس ا لديمقراطيين ل جؤوا مؤق تا @ إ لى
التهد يدات ل كي يح صلوا ع لى معام لة تف ضيلية للمجمو عات ال كبيرة من
الستعماريين الروس الذين كانوا قد استقروا باختيارهم في هذه البلدان في
أث ناء ال سنوات ال ستالينية .وأ صبح ال جو أ كثر تل بدا @ بالغيوم ب سبب عدم رغ بة
الكرمل ين الم شار إلي ها آن فا @ في شحب التفاق ية الناز ية ال سوفيتية ال سرية
ل عام 1939ا لتي كانت قد ع بدت الطر يق إ لى ال ضم الق سري ل هذه
الجمهور يات إ لى الت حاد ال سوفييتي .و حتى ب عد خ مس سنوات من انه يار
التحاد السوفييتي ،أصر الناطق باسم الكرملين )في بيان رسمي بتاريخ 10
أي لول (1996،أن دول البلط يق "ان ضمت طو عا @ في ال عام 1940إ لى الت حاد
ال سوفييتي .كانت النخبة الحاك مة الرو سية في الع هد ما ب عد ال سوفييتي قد
توقعت أيضا@ ،وبشكل واضح ،أن الغرب سوف يساعد في ،أو على القل لن
يعيق ،استعادة الدور الروسي المركزي في الفترة ما بعد العهد السوفييتي.
و لذا ف قد أمتع ضت هذه النح بة من رغ بة ال غرب في م ساعدة ا لدول ا لتي
ا ستقلت حديثا @ ب عد الع هد ال سوفييتي ع لى د عم وتعز يز وجود ها السيا سي
المنف صل .و حتى ع ندما حذر المحل لون ا لروس الك بار للسيا سة الخارج ية
الميركية من أن "المواجهة مع الوليات المتحدة ...هي خيار يجب تجنبه "،
ف قد أ كدوا ،في ا لوقت ذا ته) ،و لم يكن ذ لك كله غير صحيح( أن الول سايات
المت حدة كانت ت سعى إ لى إ عادة تنظ يم العل قات ب ين ا لدول في أورا سيا
كلها ...حيث لم تكن توجد دولة بارزة أو قيادية في القارة ،بل وجدت عدة
دول متو سطة وم ستقرة ن سبيا@ ،وب عض ا لدول ذات ال قوة المعتد لة ...ولكن ها
أ قل قوة بال ضرورة من الول يات المت حدة من ح يث امكانات ها المن فردة أو
حتى الجماعية ". ((1
و في هذا الم جال ،ف قد كان و ضع أوكران يا حر جا .فالم يل ا لميركي
المت نامي ،وخا صة في ال عام ،1994إ لى إع طاء أف ضلية عال ية للعل قات
الميركية الوكرانية ولمساعدة أوكرانيا في المحافظة على حريتها القومية
الجد يدة كان قد ن ظر إل يه من ق بل ال كثيرين في مو سكو ،و حتى من ق بل
"مؤيدي الغرب" بوصفه سياسة موجهة ضد المصلحة الروسية الحيوية التي
ت ستهدف في نها ية الم طاف إ عادة أوكران يا إ لى الحظ يرة العا مة .أ ما كون
) (1بوغاتوروف وف .كريمينيون )وكلهما من العلماء الكبار في معهد الوليات المتحدة
وك ندا( في م قال بع نوان "ا لميركيون أنف سهم سوف لن يتوق فوا أ بدا " في "المج لة
الروسية المستقلة بتاريخ 28حزيران .1996،
106
أوكرانيا ستندمج ثانية "في يوم ما مع روسيا ،فهو أمر ل يزال موضع إيمان
به ب ين ال كثير من النخ بة السيا سية الرو سية .وبنتي جة ذ لك ،فإن الت ساؤل
الجيوبوليتي والتاريخي لروسيا عن الموقف المنفصل لوكرانيا تصادم وجها
لوجه مع وج هة الن ظر الميرك ية القائ لة إن رو سيا المبريال ية ل ت ستطيع أن
تكون روسيا ديموقراطية ((2.وبالضافة إلى ذلك ،فقد وجدت أسباب داخلية
صرفة ل كون "ال شراكة ال ستراتيجية" ب ين "الديمقراط ية " أثب تت أن ها م جرد
أو هام .فرو سيا كانت متخل فة جدا @ و مدمرة جدا @ من ق بل الح كم ال شيوعي
لكي تكون أو تقبل بوصفها شريكا @ ديموقراطيا @ قابل @ للستمرار مع الوليات
المت حدة .و لم ي كن ممك نا @ الت عتيم ع لى هذه الحقي قة المركز ية )الرئي سة(
بالخطب )جمع خطبة( ذات الصوت العالي أو بالكلم المنمق عن الشراكة.
وف ضل @ عن ذ لك ،فإن رو سيا ما ب عد الع هد ال سوفييتي لم تق طع علقات ها إل
جزئ يا بالما ضي .ف كل قادت ها "ا لديمقراطيين" تقري با@ ،و حتى لو كانوا غ ير
حاملين للو هام عن الما ضي ال سوفييتي ،لم يكو نوا فعل @ من ن تاج الن ظام
ال سوفييتي ف قط ،بل كانوا أيضا أع ضاء مهمين سابقين في النخبة الحاك مة
ل هذا الن ظام .و لم يكو نوا من شقين سابقين على غرار ما هو عل يه ا لمر في
بولونيا أو في جمهور ية الت شيك فالمؤس سات الرئي سة لل سلطة ال سوفييتية،
و بالرغم من أن ها أ ضعفت وخف ضت معنويات ها ،وأف سدت ،فإن ها ل تزال
موجودة .وأن الرمز عن هذه الحقيقة وعن التمسك بالماضي الشيوعي هو
ال صرح ال تاريخي لمو سكو :أي الو جود ا لذين ل زال م ستمرا ل ضريح لين ين.
والمر أشبه أو هو على غرار كون ألمانيا ما بعد النازية ل تزال محكومة من
ق بل "الهتلري ين" ال نازيين من ذوي الم ستوى المتو سط ا لذين ل يزا لون
يرددون ببل غة شعارات ديمقراط ية ،مع ب قاء ضريح هت لر قائ ما @ في و سط
برلين.
إن ال ضعف السيا سي للنخ بة الديمقراط ية الجد يدة تع قد بالحجم ال كبير
للز مة القت صادية الرو سية .فالحا جة إ لى إ صلحات شاملة ،و لدت توق عات
) (2على سبيل المثال فحتى كبير مستشاري يلتسين ،ديمتري ريوريكوف ،ذكر عنه من
ق بل "أ نتر فاكس ") 20ت شرين الثاني ،(1996،أ نه في الم ستقبل المنظور يمكن لل حداث
في شرق أوكرانيا أن تواجه روسيا بمشكلة صعبة جدا .فالمظاهرات الشعبية الجماعية
المعبرة عن السخط ...سوف تترافق بدعوات إلى روسيا ،أو حتى بطلبات صريحة بأن
تستلم المنطقة .وإن عددا @ قليل من الناس في موسكو سيكونون جاهزين لدعم مثل هذه
الخطط .وهكذا ،لم تهدأ الهتمامات الغربية القلقة إزاء النيات الروسية بسبب المطالبات
الروسية بالقرم وسيفاستيبول ،أو إزاء تلك التصرفات الستفزازية كالدخال المتعمد في
نهاية العام 1996لمدينة سيفاستيبول في نشرة التنبؤات المسائية عن الطقس التي تبث
من التلفزيون الروسي عن المدن الروسية .
107
م بالغ ب ها الم ساعدة الغرب ية ،وخا صة الميرك ية .و بالرغم من أن هذه
الم ساعدات ،وخا صة من ألمان يا وأمير كا و صلت بن سب كبيرة وبالتدر يج،
ف حتى في أح سن ال ظروف لم ت ستطع أن تع مل ع لى ا ستعادة العاف ية
القت صادية ب سرعة .وبال تالي ،فإن ال سخط الجت ماعي ال ناجم عن ذ لك قدم
شحنة إضافية إلى الجوقة المتنامية التي تضم نقادا @ محبطين ممن ادعوا أن
ال شراكة مع الول يات المت حدة كانت خد عة مف يدة لمير كا ولكن ها مدمرة
لروسيا .
وباخت صار ،ف لم تو جد ال شروط الذات ية أو المو ضوعية ل شراكة عالم ية
فعا لة في ال سنوات ا لتي جاءت مبا شرة ب عد انه يار الت حاد ال سوفييتي .أ ما
مؤ يدو ال غرب "ا لديمقراطيون ف قد كانوا ير يدون أ شياء كثيرة ولكن هم لم
يستطيعوا أن يقدموا إل القليل .فهم رغبوا في شراكة متعادلة ،أو في إقامة
سيادة مشتركة مع أميركا )جنبا @ إلى جنب( ،وأن تكون لهم اليد العليا نسبيا
ضمن رابطة الدول المستقلة ،وأرضا محرمة في أوروبا الوسطى .ومع ذلك،
فإن ازدواجيتهم في شأن التاريخ السوفييتي وافتقارهم إلى الواقعية في ما
يتع لق بالقوة العالم ية ،وع مق الز مة القت صادية ،وغ ياب ا لدعم الجت ماعي
على نطاق واسع كان كله يعني أنهم لم يستطيعوا تأمين الستقرار أو خلق
رو سيا ديمقراط ية فعل @ يؤمن وجود ها ت طبيق مف هوم ال شراكة المتعاد لة.
وكان على روسيا أن تخضع لعملية إصلح سياسي طويلة المد ،ل تقل من
ح يث طول ال مدة عن عمل ية ال ستقرار ا لديمقراطي ،و حتى إ لى عمل ية
أطول من التحديث الجتماعي القتصادي ،على أن تقوم لحقا @ بالنتقال من
التفك ير المبر يالي أو ا لمبراطوري إ لى العقلن ية القوم ية في ما يتع لق
بالح قائق الجيوبوليت ية الجد يدة ل يس ف قط في أورو با الو سطى بل وب شكل
خاص ضمن المبراطور ية الرو سية ال سابقة ق بل أن ت ستطيع إقا مة شراكة
مع أميركا يمكنها أن تصبح خيارا @ جيوبوليتيا @ قابل @ للحياة )الستمرار(.
و في ظل هذه ال ظروف ،ل يس مده شا @ أن أف ضلية "ال خارج القر يب"
أ صبحت مو ضع ن قد رئ يس بالن سبة إ لى الخ يار المؤ يد لل غرب ،إ ضافة إ لى
كون ها بديل @ ب كرا @ للسيا سة الخارج ية .و قد اعت مدت ع لى ال جدل ال قائل بأن
مف هوم "ال شراكة " تجا هل ما ي جب أن ي كون ذا أهم ية ق صوى لرو سيا :أي
علقات ها مع الجمهور يات ال سوفييتية ال سابقة .وه كذا جاء "ال خارج القر يب"
لي كون صياغة مخت صرة ل لدفاع عن السيا سة ا لتي ست شدد ب صورة رئي سة
على الحاجة إلى إعادة بناء نوع ما من إطارات العمل القابلة للحياة ،على
أن تكون موسكو في مركز اتخاذ القرار ،بالنسبة إلى المجال )أو المساحة(
الجيوبوليتية التي كان يشغلها التحاد السوفييتي .وحسب هذه المقدمة ،فقد
108
وجد اتفاق واسع النطاق عن أن سياسة التركيز على الغرب ،وخاصة على
أمير كا ،كانت ت قدم القل يل وتك لف ال كثير جدا .وبب ساطة ف قد جع لت من
ال سهل ع لى ال غرب ان ي ستغل ال فرص ا لتي أو جدها انه يار الت حاد
السوفييتي.
ومهما يكن من أمر فإن المدرسة الفكرية عن "الخارج القريب" كانت
مظ لة وا سعة أم كن تجم يع عدة م فاهيم جيوبوليت ية مختل فة تحت ها .ف هي لم
ت ضم ف قط المنتفع ين القت صاديين ،وال قدريين ب من في هم "مؤ يدو ال غرب"
الذين اعتقدوا أن رابطة الدول المستقلة تستطيع أن تتطور إلى نموذج مقاد
من قبل موسكو ومماثل للتحاد الوروبي ،بل ضمت أيضا @ آخرين ممن رؤوا
في التكامل القتصادي واحدا @ من عدة أدوات لستعادة النظام المبراطوري
ا لذي ي ستطيع ان يع مل إ ما ت حت مظ لة راب طة ا لدول الم ستقلة أو عبر
ترتيبات خاصة )صيغت في العام (1996بين روسيا وبيلروسيا أو بين روسيا
وبيلرو سيا ،وكازاخ ستان ،وكورغو ستان ،و شمل أي ضا @ الرومان سيين الم حبين
للسلفية الذين دافعوا عن اتحاد سلفي يضم روسيا ،وأوكرانيا ،وبيلروسيا،
وأخيرا أنصار فكرة الوراسية ،الغربية إلى حد ما ،وبوصفها تعريفا @ ملموسا
للمهمة التاريخية الدائمة لروسيا.
شملت أفضلية "الخارج القريب" في أ ضيق أشكالها ،ال قتراح العقلني
جدا @ عن أ نه ي جب ع لى رو سيا أن تر كز ع لى العل قات مع ا لدول الم ستقلة
حديثا وخا صة لن كل هذه ا لدول بق يت مرتب طة ب ها من خلل ح قائق
السيا سة الرو سية ا لتي ت مت رعايت ها ع لى ن حو متع مد بغ ية ت طوير اعت ماد
اقت صادي مت بادل في ما بين ها .و كان لذلك هدف أو مع نى اقت صادي
وجيوبول يتي م عا" .فالم جال القت صادي الم شترك" ا لذي تك لم ع نه ال قادة
ا لروس مرارا@ ،كان حقي قة ل يم كن تجاهل ها من ق بل قادة ا لدول الم ستقلة
حديثا .فالتعاون وحتى التكامل إلى حد ما ،كانا ضرورتين اقتصاديتين .وهكذا
فلم يكن أمرا @ عاديا @ فقط ،بل مرغوبا فيه ،أن تطور مؤسسات مشتركة في
راب طة ا لدول الم ستقلة بغ ية ع كس )تغي ير ات جاه( الت مزق والت شظي
القتصاديين اللذين نجما عن النقسام السياسي للتحاد السوفييتي .
وبالنسبة إلى بعض الروس ،فإن تطوير التكامل القتصادي ،كان بالتالي،
رد فعل مسؤول @ سياسيا@ ،وفعال @ وظيفيا@ ،على ما كان قد حدث .وأن التشابه
مع الت حاد ا لوروبي كان قد ذ كر غال با @ ع لى أ نه أ مر يتع لق بالو ضع ما ب عد
ال سوفييتي .وعمو ما فإن ا ستعادة المبراطور ية كان قد ر فض بو ضوح من
ق بل ال مدافعين ا لكثر اع تدال @ عن التكا مل القت صادي .وع لى سبيل الم ثال،
فإن التقر ير ال مؤثر عن ال ستراتيجية الم عدة لرو سيا" وا لذي كان قد أ صدر
109
في شهر آب من ال عام 1992من ق بل مج لس السيا ستين الخارج ية
والدفاع ية ،وا لذي هو مجمو عة من الم سؤولين الح كوميين والشخ صيات
البارزة ،كان قد دافع على نحو حاد جدا @ عن التكامل المشرق في فترة ما
ب عد الع هد ا لمبراطوري "بو صفه برنام جا @ صحيحا@"للم جال القت صادي
المشترك" في فترة ما بعد العهد السوفييتي .
ومهما يكن من أمر ،فإن التشديد على "الخارج القريب" لم يكن مجرد
عقيدة جيدة سياسيا @ أو تعاونا اقتصاديا @ إقليميا .فمحتواه الجيوبوليتي كان ذا
م عان إمبراطور ية او إمبريال ية .و حتى تقر ير عام 1992المع تدل ن سبيا @ تك لم
عن روسيا التي استعادت عافيتها والتي سوف تقيم فعل @ شراكه استراتيجية
مع ال غرب ،ح يث سيكون ل ها دور"من ظم الو ضع في أورو با ال شرقية وآ سيا
الو سطى" ،وال شرق الق صى" .وث مة مدافعون آ خرون عن هذه الف ضلية
كانوا أ قل ارتبا كا @ أو خجل @ في التك لم بو ضوح عن "ا لدور الح صري" لرو سيا
في الم جال ما ب عد ال سوفييتي و في ات هام ال غرب بالنخراط في سيا سة
م ضادة ل لروس من خلل ت قديمه الم ساعدة إ لى أوكران يا وا لدول ا لخرى
المستقلة حديثا @ .
إن الم ثال الن موذجي ،وإن لم ي كن ق صريا @ هو ال جدل ا لذي أ ثاره ي.
امبرت سيموف ،رئ يس لج نة ال شؤون الخارج ية البرلمان ية وال مدافع ال سابق
عن أفضلية الشراكة ،الذي أكد بصراحة أن المجال السوفييتي السابق كان
م جال ن فوذ جيوبول يتي سوفييتي ح صرا .و في كانون ال ثاني ،1994 ،كرر هذا
الكلم وز ير الخارج ية أ ندريه كوزير يف ،ا لذي كان آ نذلك مدافعا @ ن شيطا @ عن
أفضلية النحياز إلى الغرب،حيث أعلن أنه يجب على روسيا أن تحافظ على
وجود ها الع سكري في الم ناطق ا لتي كانت ضمن م جال اهتمام ها ل قرون
م ضت" .و في الحقي قة ،كت بت صحيفة" الزف ستيا" في 8ني سان ،1994أن
رو سيا كانت قد نج حت في الب قاء ع لى ما ل ي قل عن 28قا عدة ع سكرية
في أرا ضي ا لدول الم ستقلة حديثا@ ،وأن ال خط ا لذي ر سم ع لى الخري طة
وير بط ال قوات الع سكرية الرو سية المنت شرة في كالينينغراد ،ومو لدوفا،
وال قرم وأرمين يا ،وطاجاك ستان ،و جزر الكور يل ،سوف ينط بق تقري با @ ع لى
الحدود الخارجية للتحاد السوفييتي السابق.
و في أي لول ،1995أ صدر الرئ يس يلت سن وثي قة ر سمية عن السيا سة
الروسية إزاء رابطة الدول المستقلة حدد فيها الهداف الروسية كما يلي:
"إن ال هدف الرئي سي لسيا سة رو سيا إزاء راب طة ا لدول الم ستقلة هو
خ لق ات حاد دول متكا مل سيا سيا @ واقت صاديا @ و قادر ع لى المطال بة بم كانه
110
الصحيح في المجتمع العالمي ...وعلى دعم روسيا بوصفها القوة القائدة في
ت شكيل منظو مة جد يدة من العل قات القت صادية والسيا سية ب ين دول
الرابطة وعلى أرض المجال ما بعد السوفييتي".
1ـ القواعد العسكرية الروسية في المجال السوفييتي السابق.
2ـ قواعد في حوافي الحدود السوفييتية.
يجب أن نلحظ التشديد على البعد السياسي للجهد ،وعلى الشارة إلى
الك يان الوح يد الم طالب "بم كانه" في الن ظام ال عالمي ،و كذلك ع لى ا لدور
الحا سم لرو سيا ضمن الك يان الجد يد .و قد أ صرت مو سكو ،من خلل
المحاف ظة ع لى هذا الت شديد ،ع لى أن ت عزز أي ضا @ الروا بط السيا سية
والع سكرية ب ين رو سيا وراب طة ا لدول الم ستقلة المن شأة حديثا@؛ وع لى أن
ت كون ال حدود "الخارج ية" لدول هذه الراب طة خا ضعة ل سيطرة مركز ية
)المق صود سيطرة مو سكو(؛ و كذلك ع لى أن تل عب ال قوات الرو سية دورا
حاسما @ في أي أعمال تهدف إلى حفظ السلم ضمن الرابطة التي يجب أن
تتوضع مؤسساتها الرئيسة في موسكو )وليس في مينسك كما اتفق سابقا
في العام ،(1991إضافة إلى أن الرئيس الروسي هو الذي يرأس اجتماعات
القمة لرابطة الدول المستقلة.
ولم يكن ذلك كل شيء .فقد أعلن في وثيقة أيلول أيضا @ أنه:
"يجب أن يضمن البث التلفزيوني والذاعي الروسي في الخارج القريب،
ك ما ي جب أن يدعم توز يع ال صحف الرو سية في المنط قة وي جب أي ضا @ أن
تدرب روسيا الكوادر الوطنية لدول رابطة الدول المستقلة .
وي جب أن ي عار اهت مام خاص إ لى ا ستعادة و ضع رو سيا بو صفها المر كز
الثقافي الرئيس في المجال ما بعد السوفييتي ،مع الخذ في العتبار الحاجة
إلى تعليم وتثقيف جيل الشباب في دول رابطة الدول المستقلة بوحي من
العلقات الودية بروسيا".
وإذ عكس مجلس الدوما الروسي هذا المزاج ،فقد ذهب في بداية العام
1996إلى أبعد من ذلك ليعلن أن حل التحاد السوفييتي لم يكن مشروعا@.
وف ضل @ عن ذ لك ،ف في رب يع ن فس ال عام وق عت رو سيا ات فاقيتين عن إقا مة
تكامل اقتصادي وسياسي أوثق بين روسيا والعضاء الكثر تكيفا @ في رابطة
الدول المستقلة .وهكذا وقعت إحداهما في جو احتفالي ،وأمنت إقامة اتحاد
ب ين رو سيا وبيل رو سيا ضمن مجت مع جمهور يات ذات سيادة"جد يد عرف
بالحروف المختصرة ) (SSSRعلما @ أن رمز التحاد السوفييتي السابق كان )
111
(SSSRوكازاخ ستان وكورغو ستان ،ح يث تم الت فاق ع لى خ لق"مجت مع دول
متكاملة "طويل المد" .وقد أشارت المبادرتان إلى عدم الصبر إزاء التقدم
البطيء في التكامل ضمن رابطة الدول المستقلة وإلى تصميم روسيا على
الستمرار في تطويره.
إن ت شديد ال خارج القر يب ع لى تعز يز آل يات الع مل المركز ية لراب طة
ا لدول الم ستقلة ،وذ لك بالجمع ب ين ب عض عنا صر العت ماد ع لى الحتم ية
القتصادية الموضوعية من ناحية وبين جرعة قوية من التصميم المبراطوري
الذاتي من ناحية ثانية .ولكن أيا @ منهما لم يقدم جوابا @ يتسم بدرجة أكبر من
الفل سفة والسيا سة الطبيع ية ع لى ال سؤال ا لذي ل يزال ي سبب الز عاج
وهو"ما هي روسيا وما هي مهمتها الحقيقية وحجمها )أبعادها( الصحيحة؟".
كان هذا هو ال فراغ ا لذي حاولت عق يدة الورا سية الجذا بة ع لى ن حو
متزا يد ،وبتركيز ها أي ضا @ ع لى ال خارج القر يب ،أن تم له .و كانت نق طة
النطلق لهذا التوجه ،والتي عرفت بتعابير ثقافية وحتى غامضة هي الفرضية
القائ لة إن رو سيا لي ست ع لى ال صعيدين الجيوبول يتي أو الث قافي أوروب ية
تما ما @ ول آ سيوية تما ما@ ،وأن ها ،بال تالي ،ذات هو ية أورا سية متم يزة .و هذه
الهوية موروثة عن السيطرة المكانية الفريدة في نوعها لروسيا على الكتلة
البرية الكبيرة جدا @ بين أوروبا الوسطى وشواطئ المحيط الهادي ،وموروثة
أي ضا @ عن الدو لة المبراطور ية ا لتي أقامت ها مو سكو خلل أرب عة قرون في
ات جاه التو سع ال شرقي .و كان هذا التو سع قد ضم إ لى رو سيا سكانا @ غ ير
روس وغير أوروبيين م ما خلق بذلك ،شخصية أوراسية .ذات طابع سياسي
وثقافي متميز .
إن ال ظاهرة الورا سية بو صفها عق يدة ،لم تن شأ في الع هد ب عد
ال سوفييتي .ولكن ها ط فت إ لى ال سطح لول مرة في ال قرن التا سع ع شر،
ولكنها أصبحت أكثر انتشارا @ في القرن العشرين ،وذلك بوصفها بديل @ واضحا
لل شيوعية ال سوفييتية ورد ف عل ع لى النح طاط المز عوم لل غرب .و كان
الم هاجرون ا لروس ن شيطين ب شكل خاص في ن شر العق يدة بو صفها بديل
للمذهب السوفييتي ،بعد أن تأكدوا من أن ضعف المشاعر القومية لدى غير
ا لروس ضمن الت حاد ال سوفييتي تط لب أو اح تاج إ لى ،عق يدة فوق قوم ية
قوية ،لئل @ يؤدي سقوط الشيوعية في نهاية المطاف إلى تفتت المبراطورية
الروسية الكبرى القديمة.
112
و في ن حو منتصف الع شرينيات من هذا ال قرن جرى تو ضيح هذه الحا لة
ع لى ن حو مق نع من ق بل ا لمين .،س تروبت سكوي ،أ حد الن صار ال بارزين
للمذهب الوراسي ،حيث كتب قائل:
" كانت ال شيوعية في الحقي قة أنموذ جا ممو ها @ لل مذهب ا لوروبي في
تدمير ال سس الروح ية والوجدان ية القوم ية في الح ياة الرو سية ،ح يث أن ها
ن شرت هذا ال طار ال مادي المرج عي ا لذي كان يح كم فعل @ كل @ من أورو با
وأميركا...
وأن مهمت نا هي خ لق ثقا فة جد يدة كل يا@ ،هي ثقافت نا الخا صة ،وا لتي لن
تشبه الحضارة الوروبية عندما تتوقف روسيا عن أن تكون انعكاسا @ مشوها
للحضارة الوربية ...وعندما تصبح مرة أخرى هي ذاتها" أي روسيا اوراسيا،
التي هي الوريث الواعي ،والحامل ،لرث جنكيزخان الكبير" . ((1
و جدت وج هة الن ظر هذه اتبا عا @ مت شوقين في الو ضع ب عد ال سوفييتي
الم شوش .ف من ناح ية ،أدي نت ال شيوعية بو صفها خداعا @ للرثوذك سية
)المعت قدات القوم ية( الرو سية و"للف كرة الرو سية" ال صوفية الخا صة؛ و من
ناحية ثانية ،رفض مؤ يدو الغرب لن هذا الغرب ،وخاصة أميركا ،كان ينظر
إليه بوصفه فاسدا@ ،معاديا @ للثقافة الروسية ،ويميل إلى أن ينكر على روسيا
ادعاء ها ذا ال جذور التاريخ ية والجغراف ية في ال سيطرة ح صرا @ ع لى الكت لة
البرية الوراسية.
كان ال مذهب الورا سي قد أع طي تف سيرا أكاديم يا @ في كتا بات ل يف
غوميل يف ا لتي تقت بس كثيرا@ ،و هذا الر جل هو مؤرخ ،وجغرا في ،و عالم في
ع لم الن سان الو صفي ،ك ما ان كت به" رو سيا ال قرون الو سطى وال سهل
ال كبير" و " ثائر أورا سيا" و "جغراف يا التن ية والقوم ية في الز من ال قديم"،
قدمت حجة قوية للقتراح القائل إن اوراسيا هي الموقع الجغرافي الطبيعي
"للتنية والقومية" .اللتين تميز بهما الشعب الروسي ،وجاءتا بنتيجة التعايش
التاريخي بين السكان الروس وغير الروسي في السهول المفتوحة مما خلق
كيا نا @ اورا سيا روح يا @ وثقاف يا @ فر يدا @ في نوعه .و قد حذر غوميل يف من أن
التك يف مع ال غرب لن يع ني شيئا @ لل شعب ا لروس أ قل من ف قدانه "التن ية
والقومية والروح".
وجدت وجهات النظر هذه تجاوبا @ معها ،وإن بصورة أكثر بدائية ،من قبل
مجمو عة متنو عة من السيا سيين ال قوميين ا لروس .وع لى سبيل الم ثال،
) (1ن ،س تروبت سكوي ف "ارث جنكيز خان ،في مج لة الت يارات ال صليبية" ال عدد 9عام
،1990الصفحة .68
113
فال نائب ال سابق ليلت سين ،الك سندر روت سكوي ،أ كد "أ نه من الوا ضح من
النظر إلى الوضع الجيوبوليتي للبلد أن روسيا تمثل الجسر الوحيد بين آسيا
وأوروبا .فأي شخص يسيطر على هذا المجال الجغرافي سوف يسيطر على
ال عالم" ((1أ ما المت حدي ال شيوعي ليلت سين ،غي نادي زو غانوف ،و بالرغم من
عق يدته المارك سية اللينين ية ،ف قد تق بل الت شدد ال صوفي في ال مذهب
الورا سي ع لى ا لدور الرو حي والتب شيري ال خاص لل شعب الرو سي في
المجالت )المساحات( الواسعة من اوراسيا مؤكدا @ أن روسيا وهبت في هذا
السياق موهبة ثقافية فريدة في نوعها وقاعدة جغرافية ملئمة بشكل خاص
لممارسة الزعامة العالمية .
و قد قدم أي ضا ا لنموذج البراغ ماتي )ا لواقعي( و ا لكثر رزا نة لل مذهب
الوراسي من قبل زعيم كازاخستان نور سلطان نازار باييف .فعندما واجه
في ب لده ان شقاقا شبه دي موغرافي ب ين مواطنيه ال كازاخيين والم ستوطنين
ا لروس ،وإذ سعى إ لى إي جاد صيغة تخ فف إ لى حد ما من ال ضغوط ا لتي
مار ستها مو سكو من أ جل التكا مل السيا سي ،ع مل ع لى ن شر مف هوم
"التحاد الوراسي" بوصفه بديل @ لرابطة الدول المستقلة غير الفعالة والتي
تكاد تكون ملمح .وبالرغم من أن هذا النموذج افتقر إلى المحتوى الصوفي
للتفك ير الورا سي التقل يدي و لم ي قدم بالتأك يد أي دور تب شيري خاص إ لى
اوراسيا ،فقد اشتق من الفكرة القائلة أن اوراسيا المعرفة جغرافيا @ بتعابير
مماثلة لتلك التي عرف بها التحاد السوفييتي ،شكلت وحدة كاملة عضوية
يجب أن تملك أيضا @ بعدا @ سياسيا @ .
وإلى درجة ما ،فقد بررت محاولة إعطاء "الخارج القريب" أعلى أفضلية
في التفك ير الجيوبول يتي الرو سي في ال سياق أو المع نى ال قائل إن نو عا @ ما
من الن ظام والتكيف بين روسيا ما ب عد الع هد المبراطوري من ناحية ،وبين
ا لدول الم ستقلة حديثا @ من ناح ية ثان ية كان ضرورة مطل قة من ح يث
ال شروط المن ية والقت صادية .ومه ما ي كن من أ مر ،فا لذي أع طى لم سة
سريالية أو فوق واقعية إلى الكثير من النقاش الدائر حول هذا الموضوع هو
الف كرة ال مترددة القائ لة إ نه ب شكل ما أو بآخر ،و سواء أ جاء التكا مل
السياسي للمبراطورية السابقة طوعيا @ )بسبب القتصاد( أو بنتيجة استعادة
روسيا ،في نهاية المطاف ،لقوتها الضائعة ودون أن نتحدث عن مهمة روسيا
السلفية أو الوراسية الخاصة ،فإنه ،أي هذا التكامل ،مرغوب فيه وممكن .
وفي هذا السياق فإن المقارنة التي تثار مرارا @ مع التحاد الوروبي تهمل
م يزة حسا سة هي :أن الت حاد بالنفوذ ا لوروبي ،حتى مع ال سماح ال خاص
مقابلة مع مجلة "ليكسيريسو" )روما ـ 15تموز .( 1994 )(1
114
للمان يا ،ل يح كم من ق بل قوة وا حدة تل قي ظل @ ع لى كل الع ضاء ا لخرين،
سواء من حيث الدخل القومي السنوي ،أو تعداد السكان ،أو مساحة الرض.
ولن يكون التحاد الوروبي خليفة لمبراطورية قومية ،وخاصة لن العضاء
المحرر ين يمل كون شكوكا @ عمي قة ال جذور بأن "التكا مل" هو كل مة ال سر
للتبع ية المت جددة .و حتى في هذه ال حال ي ستطيع ال مرء ب سهولة أن يتخ يل
ماذا كان يم كن أن ي كون رد ف عل ا لدول الوروب ية لو أن ألمان يا كانت قد
أعلنت رسميا @ أن هدفها هو تعزيز وتوسيع دورها القيادي في التحاد الوروبي
إ لى الخ طوط ا لتي أعلنت ها رو سيا في أي لول ،1995وا لتي ذ كرت سابقا@ .إن
التشبيه بالتحاد الوروبي يعاني من نقطة ضعف أخرى أيضا .فالقتصاديات
الوروب ية الغرب ية المفتو حة والمت طورة ن سبيا @ كانت جاهزة للتكا مل
ا لديمقراطي ،و قد ل حظ مع ظم ا لوروبيين الغربي ين و جود فوائد اقت صادية
وسيا سية ملمو سة في هذا التكا مل .و حتى ا لدول الوروب ية الغرب ية ا لفقر
ا ستطاعت أي ضا @ أن ت ستفيد من م ساعدات مال ية ملمو سة .و في المقا بل،
فإن الدول المستقلة حديثا @ نظرت إلى روسيا بوصفها غير مستقرة سياسيا@،
ناهيك بكونها ل تزال تملك طموحات في السيطرة ،وإضافة إلى كونها ،على
الصعيد القتصادي ،ت شكل عائ قا لشتراك هذه ا لدول في القتصاد ال عالمي
وفي الوصول إلى توظيف رؤوس الموال الجنبية التي تمس الحاجة إليها .
إن المعار ضة لف كار مو سكو عن "التكا مل " كانت قو ية ب شكل خاص
في أوكران يا .ف سرعان ما أدرك قادت ها أن م ثل هذا التكا مل وخا صة في
التحفظات الروسية المتعلقة بشرعية الستقلل الوكراني ،سوف يؤدي في
نهاية المطاف ،إلى فقدان السيادة القومية .وفضل @ عن ذلك ،فإن المعاملة
الرو سية الثقي لة ال يد للدو لة الوكران ية الجد يدة ،و عدم رغ بة رو سيا في
العتراف بحدود أوكرانيا ،وتساؤلها )أي روسيا( عن حق أوكرانيا في القرم،
وإصرارها على السيطرة المتخطية للحدود على ميناء سيفاستيبول ،أعطت
كل ها للقوم ية الوكران ية حدا @ أو سلحا @ مم يزا @ ضد ا لروس .وان التحد يد أو
التعر يف ا لذاتي للقوم ية )ا لوطن( ا لوكراني ،في أث ناء مرح لة الت شكل
الحر جة في تار يخ الدو لة الجد يدة ،كان قد صرف عن ال توجه التقل يدي
الم عادي لبولون يا أو الم عادي لرومان يا ،وأ صبح مر كزا @ عو ضا عن ذ لك ع لى
معار ضة أي اقترا حات رو سية لراب طة ا لدول الم ستقلة ا لتي ت كون أ كثر
ت كامل@ ،و لي مجت مع سلفي خاص ) مع رو سيا وبيل رو سيا( ،أو مع الت حاد
الوراسي ،معتبرا @ إياها تكتيكات إمبريالية روسية .
115
وعمو ما @ فإن ت صميم أوكران يا ع لى المحاف ظة ع لى ا ستقللها كان قد
شجع بدعم خارجي .وبالرغم من أن الغرب ،وخاصة الوليات المتحدة ،كان
قد تأخر في البداية في إدراك الهمية الجيوبوليتية لدولة أوكرانية منفصلة،
ف في منت صف أ عوام الت سعينيات أ صبحت أمير كا وألمان يا من ا لداعمين
القو ياء لهو ية كي يف المنف صلة .و في شهر ت موز 1996أع لن وز ير ا لدفاع
المريكي ما يلي" :ل أستطيع المبالغة في تقدير أهمية أوكرانيا بوصفها دولة
مستقلة لمن واستقرار كل أوروبا" ،بينما ذهب المستشار اللماني في شهر
أيلول ،وبالرغم من دعمه القوي ليلتسن ،إلى ابعد من ذلك عندما أعلن أن
"الم كان ال ثابت لوكران يا في أورو با لم ي عد قابل @ للت حدي من ق بل أي
شخص ...وأن أ حدا @ لن ي كون قادرا @ ب عد ا لن أن ي ناقش ا ستقلل أوكران يا
وسيادتها على أرضها" .وعمل صانعو السياسة الميركيون أيضا @ على وصف
العل قة الميرك ية الوكران ية بأن ها" شراكة ا ستراتيجية م ستخدمين عن ع مد
نفس الجملة المستخدمة في وصف العلقة الميركية الروسية.
116
وع لى استئ صال مخت لف مخل فاته المورو ثة .وه كذا ف حتى كازاخ ستان غ ير
المني عة اتن يا @ ان ضمت إ لى دول آ سيا الو سطى ا لخرى في التخ لي عن
البجد ية ال سلفية القدي مة لت حل مكان ها ا لحرف اللتين ية ع لى غرار ما تم
ا ستخدامها وتكيف ها سابقا @ من ق بل تركيا .و في الوا قع ،ف في منت صف أ عوام
الت سعينيات ظ هرت ر سميا @ كت لة م قادة من ق بل أوكران يا ومؤل فة من
اوزربك ستان ،وتوركمان ستان وأذربي جان ،وأحيا نا @ أي ضا @ من كازاخ ستان
وجورج يا ،ومو لدافيا ،ل كي ت عارض الج هود الرو سية الهاد فة إ لى ا ستخدام
رابطة الدول المستقلة بوصفها أداة للتكامل السياسي .
كان للصرار الوكراني على تكامل اقتصادي في معظمة ومحدود فقط
تأثير ل حق في حر مان ف كرة "الت حاد ال سلفي" من أي مع نى عم لي .وإذ
نشرت هذه الفكرة من قبل محبي النزعة السلفية ،وأعطيت بروزا @ بسبب
د عم الك سندر سولجنت سين ل ها ،فإن ها أ صبحت أتوماتيك يا @ دون مع نى ع لى
ال صعيد الجيوبول يتي بم جرد رف ضها من ق بل أوكران يا .وه كذا فإن ها تر كت
بيلروسيا وحدها مع روسيا؛ واقتضت أيضا @ تقسيما ممكنا لكازاخستان ،على
أن تشكل مناطقها الشمالية التي يقطنها سكان روس جزءا محتمل من قبل
هذا التحاد .وقد فهم أن مثل هذا الخيار لم يكن مطمئنا لحكام كازاخستان
ال جدد ،وع مل ف قط ع لى تقو ية ا ندفاع نزعت هم القوم ية في ات جاه م عاد
للروس .وفي بيلروسيا ،كان التحاد السلفي دون أوكرانيا ل يعني شيئا @ أقل
من الن ضمام إ لى رو سيا ،م ما يل هب أي ضا @ م شاعر المت عاض ال قومي ع لى
نحو أكثر حدة .
عززت هذه العوائق الخارجية لسياسة "الخارج القريب" بقيد داخلي هام
هو مزاج ال شعب الرو سي .ف بالرغم من ال ثارة الكلم ية والسيا سية ب ين
النخبة السياسية في ما يتعلق بالمهمة الخاصة لروسيا في مجال )مساحة(
المبراطورية السابقة ،فإن الشعب الروسي ،ولسباب تعود جزئيا @ إلى كونه
شعر بالتعب فعل@ ،ناهيك بتأثير مشاعره العامة ،لم يظهر سوى القليل من
الحماس لي برنامج طموح يهدف إلى استعادة المبراطورية الروسية .وقد
ف ضل ال ناس ال حدود المفتو حة ،والت جارة ال حرة ،وحر ية الحر كة ،والمو قع
الخاص للغة الروسية ولكن التكامل السياسي ،وخاصة إذا كان ينطوي على
تكاليف اقتصادية أو يتطلب إراقة دماء ،لم يثر إل القليل من الحماس .كان
ال ناس قد أ سفوا لتف كك "الت حاد" ويف ضلون ا ستعادته ،ول كن رد ف عل
الجمهور على الحرب في تشيشينيا أشار إلى أن أي سياسة تذهب إلى أبعد
117
من ا ستخدام الفعال ية أو ال قوة القت صادية و/أو ال ضغط السيا سي سوف
تفتقر إلى الدعم والتأييد الشعبيين .
وباخت صار فإن عدم الملء مة الجيوبوليت ية الجوهر ية لف ضلية "ال خارج
القر يب" جاءت من كون رو سيا غ ير قو ية سيا سيا ب ما ف يه الكفا ية ل فرض
إرادتها وليست جذا بة اقتصاديا @ بما فيه الكفاية لن تكون قادرة على إغراء
الدول الجديدة .ولم تؤد الضغط الروسي إل إلى جعل هذه الدول تسعى إلى
مز يد من الرتبا طات الخارج ية وبالدر جة ا لولى مع ال غرب ،و في ب عض
ال حالت مع ال صين وا لدول ال سلمية الرئي سة المو جودة في الج نوب أي ضا.
وعندما هددت روسيا بت شكيل كتلت ها الع سكرية الخا صة ب ها ردا @ على توسيع
ال ناتو ،فإن ها التم ست الجا بة عن ال سؤال " مع من" والتم ست حتى الجا بة
الكثر إيلما :وفي أحسن الحالت ،ربما مع بيلروسيا وطاجاكستان .
كانت الدول الجديدة عموما@ ،تميل على نحو متزايد إلى عدم الثقة حتى
بالشكال المشروعة تماما @ واللزمة من التكامل القتصادي مع روسيا ،لنها
تخشى نتائجه السياسية المحتملة .وفي الوقت ذاته ،فإن الفكار عن المهمة
الورا سية المزعو مة لرو سيا وال صوفية ال سلفية عم لت ف قط ع لى عزل
روسيا أكثر فأكثر عن أوروبا ،وبدرجة أكبر عن الغرب ،المر الذي أدى إلى
ا ستمرار أز مة الع هد ما ب عد ال سوفييتي و تأخير الت حديث اللزم والتغر يب
)إ ضفاء ال طابع الغر بي( للمجت مع الرو سي ع لى ام تداد الخ طوط ا لتي كان
ك مال أ تاتورك قد أ خذ ب ها في ترك يا غداة انه يار المبراطور ية العثمان ية.
وهكذا فإن خيار الخارج القريب لم يقدم إلى روسيا حل @ جيوبوليتيا @ بل وهما
جيوبوليتيا.
إذا لم يكن ثمة سيادة مشتركة مع أميركا ولم يكن يوجد "خارج قريب"
أيضا@ ،فما هو الخيار الستراتيجي المتاح لروسيا؟ وإن فشل التوجه الغربي
في خلق المساواة العالمية المرغوبة بين أميركا "وروسيا ديمقراطية" ،وهي
التي كانت ،أي المساواة ،مجرد شعار اكثر مما هي حقيقة ،سبب تباطؤا @ بين
ا لديمقراطيين ح يث أن ال عتراف ع لى م ضض بأن إ عادة تكا مل أو د مج
إمبراطور ية قدي مة كان في أح سن ال حالت احت مال @ بع يدا @ م ما أ غرى ب عض
الجيوبول يتيين ا لروس ع لى مقار بة ف كرة ال خذ ب نوع ما من التحال فات
المضادة الموجهة ضد وضع الهيمنة الميركية في اوراسيا.
وفي وقت مبكر من العالم 1996أبدل يلتسن وزير خارجيته ذي التوجه
الغر بي كوزير يف ،بالختصا صي ا لدولي وال شيوعي المت شدد ال سابق وذي
ال خبرة ا لكثر يفغي ني بري ماكوف ،ا لذي كان اهت مامه م نذ ز من طو يل يوجه
118
إ لى إ يران وال صين .و قد ف كر ب عض المعلق ين ا لروس ان توجه بري ماكوف
يمكن أن ي سرع الج هد الهادف إلى صنع ائتلف جد يد"مضاد للهيمنة" ،حيث
يشكل حول القوى الثلث مع أكبر رهان جيوبوليتي على القلل من السيادة
الميرك ية في ارورا سيا .وه كذا ،فإن ي عض أ سفار )رحلت( وتعلي قات
بريماكوف الولية عززت هذا النطباع .وفضل @ عن ذلك ،فإن العلقة الصينية
اليران ية الراه نة في ت جارة ال سلح والم يل الرو سي إ لى الت عاون مع ج هود
إ يران الهاد فة إ لى ز يادة إمكان ية و صولها إ لى الطا قة النوو ية بديا كأنه ما
يقدمان أرضية كاملة )ملئمة تماما@( لحوار سياسي أوثق ولتحالف فعلي في
نها ية الم طاف .ويم كن للنتي جة ،أن تج مع ،وإن نظر يا @ ع لى ال قل ،ال قوة
ال سلفية ا لبرز في ال عالم وال قوة ال سلمية ا لكثر رو حا @ قتال ية في ال عالم،
والقوة السيوية القوية والكثر سكانا @ في العالم ،يخلق ،عندئذ ائتلفا @ قويا @ .
إن نق طة النطلق ال ضرورية لي خ يار مما ثل وم ضاد للت حالف ت شمل
تجديد العلقة الثنائية الطرف الصينية الروسية ،والعتماد على المتعاض بين
النخبتين السياسيتين في كل الدولتين من ظهور أميركا كقوة عظمى عالمية
وحيدة .ففي وقت مبكر من العام ،1996سافر يلتسن إلى بكين ووقع بيانا
ا ستنكرت ف يه ع لى ن حو وا ضح اتجا هات "الهيم نة" العالم ية ،ا لمر ا لذي
اقت ضى أن تت حالف ا لدولتان ضد الول يات المت حدة .و في كانون ا لول ،رد
رئ يس ا لوزراء ال صيني لي بي نغ الز يارة ،و كرر الطر فان معار ضتهما للن ظام
ا لدولي "الم سيطرة عل يه" من ق بل قوة وا حدة ولكنه ما واف قا ع لى تعز يز
التحالفات الراهنة .ورحب المعلقون الروس بهذا التطور ونظروا إليه بوصفه
تغيرا @ إيجابيا @ في العلقة الدولة للقوة ،وردا @ ملئما @ على رعاية أميركا لتوسيع
ح لف الطل سي )ال ناتو( .و حتى ان الب عض بدا فر حا @ لن الت حالف ال صيني
الروسي سوف يعطي أميركا ما تستحقه من عقاب .
ومهما يكن من أمر ،فإن الئتلف الذي يجمع روسيا مع كل من الصين
وإ يران ل يم كن أن يت طور إل إذا كانت الول يات المت حدة ق صيرة الن ظر ب ما
ف يه الكفا ية بم عاداة ال صين وإ يران في آن .وبالتأك يد فإن هذا الحت مال ل
يم كن ا ستبعاده ،ك ما أن ال سلوك ا لميركي في ال عامين 1996 -1995بدا
من سجما @ تقري با @ مع الف كرة القائ لة إن الول يات المت حدة كانت ت سعى إ لى
عل قة عدائ ية مع كل من ط هران وبك ين .ومه ما ي كن ا لمر ،فل إ يران أو
ال صين كان تا م ستعدتين لن تدفعا @ ثم نا كبيرا @ لتقر ير فر صتهما ع لى ال صعيد
الستراتيجي مع روسيا التي كانت غير مستقرة وضعيفة في آن .وقد تأكدت
ها تان ا لدولتان من أي ائتلف من هذا ال نوع سوف ي عرض للخ طر،بم جرد
تجاوزه لنوع ما من التنسيق التكتيكي العرضي ،وصولهما إلى العالم الكثر
119
تقدما @ وإلى قدرته المتميزة في التوظيف المالي ،وكذلك إلى ما يمتلكه من
تكنولوجيا عالية تحتاجان إليهما .وروسيا ،في المقابل ،ل تملك سوى القليل
لكي تقدمه ويجعلها شريكا @ يستحق المشاركة فعل @ في ائتلف ضد الهيمنة.
وفي الحقيقة فإن هذا الئتلف الذي يفتقر إلى أي ايديولوجية مشتركة،
وا لذي ينط لق من م جرد عوا طف أو م شاعر ضد الهيم نة ،سوف ي كون
بصورة أساسية تحالفا @ لجزء من العالم الثالث ضد معظم القسام المتقدمة
من العالم الولى .وإن أيا @ من أعضائه لن يربح كثيرا@ ،فالصين بشكل خاص
سوف ت خاطر بف قدان تدفق التوظي فات المال ية ال كبيرة جدا @ إلي ها .وبالن سبة
إ لى رو سيا أي ضا@ ،فإن شبح الت حالف الرو سي ال صيني ....سوف يز يد ع لى
ن حو حاد من احت مال حرمان ها ،أي رو سيا ،من التكنولوج يا ورأس ال مال
الغربي ين ،ح سبما قال أ حد الجيوبول يتيين ا لروس المهمين .((1إن الت حالف
سوف يدين في نها ية الم طاف ،كل الم شتركين ف يه ،سواء أ كانوا اثن ين أو
ثلثة يجعلهم معزولين لوقت طويل ومشتركين أيضا @ في التخلف .
وفضل @ عن ذلك ،فإن الصين ستكون العضو القدم في أي جهد روسي
جدي ي هدف إ لى ب لورة م ثل هذا الئتلف الم عادي للهيم نة .وب ما أن ال صين
هي ا لكثر ت عدادا @ من ح يث ال سكان ،وا لكثر ن شاطا @ صناعيا @ وا لكثر ابت كارا@،
وا لكثر دينام ية ،وت ضم ب عض الن يات المحتم لة إزاء أراض معي نة في رو سيا،
فهي حتما @ سوف تجعل روسيا في موقف الشريك الصغر ،بينما تفتقر في
ا لوقت ذا ته ،إ لى الو سائل )رب ما إ لى أي رغ بة حقيق ية( لم ساعدة رو سيا
بالتغلب ع لى تخلف ها .وه كذا سوف ت صبح رو سيا مخ فف صدمة ب ين أورو با
المتوسعة والصين المتطلعة إلى توسع إقليمي.
وأخ يرا @ ف قد ا ستمر ب عض خبراء ال شؤون الخارجية الرو سية في مداع بة
المل بأن يسود مأزق ما في التكامل الوروبي ،بما في ذلك ربما الخلفات
الغربية الداخلية في شأن الشكل المستقبلي للناتو ،والتي يمكنها أن تخلق
ع لى ال قل فر صا @ تكتيك ية ل عزل رو سي أل ماني أو رو سي فرن سي ،ح يث
يحدث ،في أي من الحالتين ،أذى لعلقات أوروبا عبر الطلسي بأميركا .ولم
ي كن هذا الحت مال جد يدا @ لن مو سكو ،حاولت في أو قات مختل فة في أث ناء
ال حرب ال باردة ل عب الور قة اللمان ية أو الفرن سية .و مع ذ لك ف لم ي كن أ مرا
) (1ألك سي و غاتروف في "العل قات الراه نة وال فاق الم ستقبلية للتفا عل ب ين رو سيا
والوليات المتحدة" المجلة المستقلة حزيران .1996
120
غ ير مع قول لب عض جيوبول يتيي مو سكو أن يح سبوا أن ال مأزق في ال شؤون
الوروب ية ي ستطيع أن يخ لق ث غرات تكتيك ية يم كن أن ت ستغل لغ ير
صالح أميركا.
ولكن ذلك هو كل ما كان يمكن تحقيقة بهذه الوسيلة :أي مجرد خيارات
تكتيك ية .فل فرن سا ول ألمان يا يم كن أن تتخل يا عن العل قة الميرك ية .أ ما
ال غزل العر ضي ،وخا صة مع الفرن سيين ،وا لذي ترك „ز ع لى ق ضية ضيقة ،فل
يم كن ا ستبعاده ،ول كن الع كس الجيوبول يتي للتحال فات ي جب أن ي سبق
بجيشان أو ثوران شامل في الشؤون الوربية ،كان يحدث انهيار في التوحيد
ا لوروبي و في الرتبا طات عبر الطل سي .و حتى ع ندئذ ،ل يحت مل أن ت صبح
ا لدول الورب ية ذات نز عة لتحق يق ت حالف جيوبول يتي شامل مع رو سيا ا لتي
فقدت توجهها .
وه كذا ،فإن أ يا من الخ يارات الم ضادة للت حالف ل ي قدم في نها ية
الم طاف ،بديل @ قابل @ للح ياة فال حل لل مآزق الجيوبوليت ية الجد يدة لرو سيا لن
يو جد في الت حالف الم ضاد ،ول يتح قق من خلل ا لوهم أو الن خداع ب شراكة
ا ستراتيجية متعاد لة مع أمير كا أو الج هد ال هادف إ لى خلق نوع ما من الب نى
الجد يدة المتكام لة "سيا سيا @ واقت صاديا @ في الم جال )الم ساحة( ا لتي كان
يشغلها التحاد السوفييتي السابق .فكل هذه الخيارات تتجنب الخيار الوحيد
المتاح في الحقيقة لروسيا .
مأزق البديل الوحيد
إن الخ يار الجيوا ستراتيجي الحقي قي الوح يد لرو سيا ،أو الخ يار ا لذي
يستطيع أن يعطيها دورا @ دوليا @ حقيقيا ،ويجعل فرصة تحويلها اجتماعيا @ وتحديثا
لذاتها متا حة بأق صى حد ،هو أورو با .ول يس أي أورو با ،بل أورو با عبر
الطل سي ا لتي يتو سع في ها الت حاد ا لوروبي وح لف الطل سي )ال ناتو( .وأن
أوروبا هذه تتشكل الن ،كما رأينا في الفصل الثالث من هذا الكتاب ،ومن
المحت مل أي ضا @ أن تب قى مرتب طة ع لى ن حو وث يق بأمير كا .و هذه هي أورو با
التي يجب أن تقيم روسيا علقة معها ،إذا أرادت أن تتجنب عزلة جيوبوليتية
خطيرة .
وبالنسبة إلى أميركا فإن روسيا ضعيفة جدا @ إذا أرادت أن تكون شريكا@،
ولكن ها تب قى قو ية جدا @ إذا أرادت بب ساطة أن ت كون مري ضا @ تع نى به أمير كا.
121
ويحتمل أن تصبح مشكلة بحد ذاتها ،ما لم ترعى أميركا وضعا @ يساعد على
إقناع الروس بأن الخيار الفضل لبلدهم هو تقوية العلقة العضوية مع أوروبا
عبر الطلسي )أوروبا الطلسية( .وبالرغم من أن التحالف الروسي الصيني
الطو يل ال مد و الت حالف ال ستراتيجي الرو سي ا ليراني غ ير محتمل ين،
فالمهم ب شكل وا ضح لمير كا هو أن تتج نب السيا سات ا لتي يم كن أن تب عد
رو سيا عن ال خذ بالخ يار الجيوبول يتي اللزم .و ضمن ال مدى المم كن ،ي جب
بال تالي ،أن ت صاغ العل قات الميرك ية بال صين وإ يران مع إب قاء تأثير ها في
الح سابات الجيوبوليت ية الرو سية في ا لذهن .وعمو ما @ فإن ا ستمرار الو هام
الخاد عة المتعل قة بالخ يارات الجيوا ستراتيجية ال كبيرة ،ل يمك نه إل تأخير
الخيار التاريخي الذي يجب على روسيا أن تأخذ به لكي تنهي الضيق العميق
الذي تعاني منه .
إن رو سيا ا لتي تر غب في ق بول الح قائق الجد يدة عن أورو با ،سواء
أ كانت اقت صادية أم جيوبوليت ية ،هي و حدها ا لتي ستكون قادرة ع لى
ال ستفادة داخل يا من الح جم المو سع للت عاون ا لوروبي عبر الطل سي في
الت جارة والت صالت ،والتوظ يف ال مالي ،والثقا فة .وإن ا شتراك رو سيا في
مجلس أوروبا سيكون خطوة جيدة في التجاه الصحيح .وسيكون ذلك دللة
ع لى الرتبا طات المؤس سية ا لخرى ب ين رو سيا الجد يدة وأورو با المتنام ية.
ويقتضي ذلك أيضا أنه إذا اتبعت روسيا هذه المسلك ،فلن يكون أمامها أي
خ يار غ ير أن ت حاكي ،في نها ية الم طاف ،المن هج ا لتي اخ تارته ترك يا ما ب عد
العهد العثماني عندما قررت هذه الخيرة أن تتخلى عن طموحاتها المبريالية
وت سير متع مدة ع لى طر يق الت حدث وال خذ بالن هج ا لوروبي ،والت حول إ لى
الديمقراطية.
ل يمكن لي خيار آخر أن يقدم إلى روسيا الفوائد التي يمكن أن تقدمها
أورو با الحدي ثة ،والغن ية والديمقراط ية المرتب طة بأمير كا .فأورو با وأمير كا ل
تشكلن خطرا @ على روسيا عندما تكون دولية ديمقراطية وليس لديها نزعة
قومية توسعية .وليس لهاتين القارتين ،أي أوروبا وأميركا أطماع اقليمية في
رو سيا ،ع لى غرار ما و جد لدى ال صين في يوم ما ،ول ت شتركان مع ها في
حدود غ ير آم نة أو يحت مل أن ي سودها الع نف في أي و قت ،وا لمر يخت لف
بالتأكيد عما هو عليه الحال بالنسبة إلى روسيا وحدودها غير الواضحة اتنيا
وإقليميا @ )بريا@( مع الدول المسلمة في الجنوب .وعلى العكس ،فبالنسبة إلى
أوروبا وأميركا أيضا@ ،نجد أن روسيا القومية والديمقراطية هي كيان مرغوب
فيه جيوبوليتيا@ ،وهي مصدر للستقرار في المركب الوراسي الهش .
122
وبال تالي تواجه رو سيا ال مأزق المتم ثل في أن الخ يار ل صالح أمير كا
وأورو با ،يتط لب ل كي يمك نه ت قديم فوائد ملمو سة ،بالدر جة ا لولى ،و عدا
بالتخلي عن الما ضي المبر يالي ،وبالدر جة الثان ية ،عدم موار بة إزاء تو سيع
روا بط أوروبا السياسية و المنية بأميركا .فالمطلب الول يعني التكيف مع
التعددية الجيوبوليتية التي أصبحت سائدة في كل مجالت )أراضي( التحاد
ال سوفييتي ال سابق .وأن هذا التك يف ل ي ستبعد الت عاون القت صادي ،وخا صة
حسب النموذج السائد في منطقة التجارة الحرة الوروبية القديمة ،ولكنه ل
ي ستطيع أن ي شمل ق يودا @ ع لى ال سيادة السيا سية ل لدول الجد يدة ،وذ لك
ل سبب ب سيط هو أن ها ل تر غب في هذه الق يود .وا لمر ا لهم في هذا
الخ صوص هو الحا جة إ لى ق بول وا ضح و خال من الغ موض من ق بل رو سيا
لوجود أوكراني منفصل عن حدودها وعن كيانها القومي المتميز .
يم كن للمط لب ال ثاني أن ي كون أ كثر صعوبة في الق بول .فالعل قة
التعاونية الحقيقية مع مجت مع عبر الطل سي ل يمكن أن تعت مد على الفكرة
القائلة إن هذه الدول الديمقراطية في أوروبا التي ترغب في أن تكون جزءا
من ها يم كن أن ت ستثني أو ت ستبعد إذا أراد ا لروس ذ لك ،وأن تو سع هذا
المجت مع من ا لدول يح تاج إ لى ت سريع ،وبالتأك يد ل ي جب أن ي طور ب ناء@ ع لى
ال طرح الم عادي ل لروس .ول كن ليم كن أن يو قف ول ي جب أن يو قف ب سبب
صياغة سياسية تعكس بذاتها فكرة تقادم عليها الزمن عن العلقات المنية
الوروبية .وعموما يجب على أوروبا المتوسعة والديمقراطية أن تكون عملية
تاريخية مفتوحة الطرف ،وأن ل تخضع لحدود جغرافية اعتباطية من الناحية
السياسية .
وبالنسبة إلى كثير من الروس فإن مأزق البديل الواحد يمكن أن يكون
في البداية ولبعض الزمن اللحق صعب الحل وسوف يحتاج إلى حجم كبير
من ا لدارة السيا سية ورب ما يح تاج أي ضا @ إ لى قائد بارز و قادر ع لى الخت بار
وإ لى تو ضيح الرؤ ية الم ستقبلية عن رو سيا ديمقراط ية وقوم ية وأوروب ية
وحديثة فعل .وربما لن يحدث ذلك خلل بعض الوقت .فالتغلب على الزمات
في العهد بعد الشيوعي وبعد المبراطوري ل يحتاج إلى وقت أكثر مما احتاج
إل يه ا لمر في الت حول ب عد الع هد ال شيوعي لورو با الو سطى فح سب ،بل
يح تاج أي ضا @ إ لى ظ هور ق يادة سيا سية م ستقرة وبع يدة الن ظر .ول يو جد
أتاتورك روسي الن في المدى المنظور .وبرغم ذلك يجب على الروس أن
يدركوا في نها ية الم طاف أن إ عادة التحد يد القوم ية لرو سيا لي ست عمل ية
123
استسلم بل عملية تحرير .((1وسوف يضطرون لقبول ما كان يلتسن قد قاله
في كي يف عام 1990ع لى أن الم ستقبل غ ير المبر يالي لرو سيا هو ا لذي
يخطط له على نحو مطلق وإن روسيا غير المبريالية سوف تبقى قوة كبرى
تت جاوز اورا سيا ا لتي هي أ كبر و حدة إقليم ية في ال عالم حتى ا لن .و في أي
حال فإن إ عادة تحد يد ما هي رو سيا وأ بن هي فرب ما سوف ت حدث ع لى
مرا حل ف قط ،و سوف تح تاج إ لى و ضع مو قف غر بي ثابت وحك يم .وي جب
على أوروبا وأميركا أن تساعدا في هذا المجال.
وبالتالي يجب أن ت قدما إلى روسيا ليس مجرد معاهدة خاصة أو ميثاقا
مع ال ناتو بل ي جب أي ضا @ أن ت بدأ في عمل ية اكت شاف مع رو سيا لت شكيل
الن ظام ال قاري الفع لي المتع لق با لمن والت عاون وا لذي يذهب إ لى أب عد من
البنية غير المتماسكة لمنظمة المن والتعاون في أوربا ) .(OSCEوإذا عززت
روسيا مؤسساتها الديمقراطية الداخلية وحققت تقدما @ ملموسا @ في التطوير
القت صادي المعت مد ع لى ال سوق ال حرة ،فإن ارتباط ها ا لوثق من أي و قت
مضى مع الناتو والتحاد الوروبي يجب أل يستبعد .وفي الوقت ذاته ،فالمر
ا لذي ل ي قل أهم ية عن ذ لك بالن سبة إ لى ال غرب .ول سيما إ لى أمير كا ،هو
اتباع سياسات تؤدي إلى استمرار مأزق البديل الوحيد لروسيا .فالستقرار
السيا سي والقت صادي لدول ما ب عد الع هد ال سوفييتي الجد يدة هو عا مل
رئي سي في ج عل إ عادة التحد يد ا لذاتي التاريخ ية لرو سيا ضرورة ل بد من ها.
وبالتالي فإن الدعم لدول ما بعد العهد السوفييتي الجديده من أجل تحقيق
التعدد ية الجيوبوليتية في الحيز ا لذي كانت ت شغله المبراطور ية ال سوفييتية
ال سابقة ،ي جب أن ي كون جزءا @ مكمل @ للسيا سة الم عدة ل حث رو سيا ع لى
ممارسة خيارها الوروبي على نحو غير غامض .ويوجد بين هذه الدول ثلث
ذات أهم ية خا صة من الناح ية الجيوبولوت ية هي أذربي جان واوزبك ستان
وأوكرانيا .
ت ستطيع أذربي جان الم ستقلة ،أن ت خدم بو صفها م مرا "للو صول الغر بي
إلى حوض بحر قزوين وآسيا الوسطى الغنيين بالطاقة .وعلى العكس فإن
أذربيجان غير المستقلة أو الخاضعة للغير سوف تعني أنه يمكن فصل آسيا
الو سطى عن ال عالم ال خارجي وبال تالي جعل ها غ ير مني عة سيا سيا" إزاء
الضغط الروسي الهادف إلى إعادة التكامل )الدمج( .وكذلك فإن اوزبكستان
ا لتي هي ا لكثر حيو ية ع لى ال صعيد ال قومي وا لكثر سكانا" ضمن دول آ سيا
) (1في بدا ية ال عام 1996ن شر الج نرال الك سندر لي بد م قال @ ج يدا @ بع نوان )تل شي
المبراطورية والميلد الجديد لرو سيا في مج لة"ال يوم" بتار يخ 26ني سان (1996و قد ذ هب
بعيدا @ في التهيئة لهذه الحالة.
124
الوسطى ،تمثل عقبة رئيسة أمام أي سيطرة روسية جديدة على المنطقة،
وا ستقللها حرج وح ساس ل ستمرار و جود أو ب قاء ا لدول ا لخرى في آ سيا
الوسطى وهي القل مناعة إزاء الضغوط الروسية .
ومه ما ي كن ا لمر ،فالدو لة ا لكثر أهم ية هي أوكران يا وع ندما يتو سع
التحاد الوروبي وحلف الناتو ،سوف تصبح أوكرانيا فعل @ "في وضع يجب أن
تخ تار ف يه ما إذا كانت تر غب في أن ت كون جزءا" من أي هذين التنظيم ين.
ومن المحتمل أن ترغب أوكرانيا ،وبغية تعزيز موقفها المفضل في النضمام
إ لى كليه ما ،بم جرد أن ي صبح هذان التنظي مان ع لى حدودها وع ندما ت بدأ
عملية تحولها الداخلي الهادفة إلى جعلها مؤهلة للعضوية فيهما .ومع أن ذلك
سوف يأ خذ وق تا" ،فل يس ا لوقت مب كرا @ جدا @ لل غرب ا لذي يح سن وي عزز
ارتباطاته القتصادية والمنية بكييف )عاصمة أوكرانيا( ليبدأ بتحديد العقد بين
العامين 2 005و 2015على أنه الطار الزمني المعقول لبدء الضم التدريجي
لوكرانيا ،مما يقلل المخاطرة المتمثلة بأن الوكرانيين يمكن أن يخشوا من
ان تو سع أورو با سوف يتو قف ع ند ال حدود البولون ية الوكران ية .يحت مل أن
تقبل روسيا بالرغم من احتجاجاتها بتوسيع حلف الناتو في العام 1999لكي
يشمل عدة بلدان من أوروبا الوسطى ،لن الثغرة الثقافية والجتماعية بين
روسيا وأوروبا الوسطى اتسعت كثيرا"منذ سقوط الشيوعية .وفي المقابل،
فإن ها سوف ت جد ال مر أ كثر صعوبة ،وع لى ن حو ل ي قارن في شأن قبول ها
بدخول أوكران يا إ لى ح لف الطل سي )ال ناتو( لن ها إذا فع لت ذ لك فإنه يع ني
أنها تعترف بأن مصير أوكرانيا لم يعد مرتبطا @ عضويا @ بمصير روسيا.ومع ذلك
فإذا كان على أوكرانيا أن تستمر في الوجود كدولة مستقلة فلبد أن تصبح
جزءا @ من أورو با الو سطى وع ندئذ سوف يترتب علي ها أن تنت قل كل يا @ من
ارتباطات ها بأورو با الو سطى إ لى ال ناتو والت حاد ا لوروبي .وإن ق بول رو سيا
بهذه الرتباطات سوف يحدد عندئذ قرارها بأن تكون فعل @ جزءا @ من أوروبا.
و كذلك فإن ر فض رو سيا سيكون م عادل @ لر فض أورو با في ما يتع لق بهو ية
ووجود "أو راسيين"منفردين.
إن النقطة الرئيسة التي ل يمكن أن تغرب عن الذهن هي أن اوراسيا ل
تستطيع أن تكون في أوروبا بدون أن تكون أوكرانيا في هذه الخيرة أيضا@،
بين ما ت ستطيع أوكران يا أن ت كون في أورو با دون أن ت كون رو سيا في ها ،وإذا
افتر ضنا أن رو سيا قررت أن تترك ذ لك ليت قرر عر ضيا@ ،ف سنجد في نها ية
الم طاف ا نه سيكون في م صلحتها )أي رو سيا( أن ي تم شمول أوكران يا في
البنى الوروبية المتوسعة .وفي الواقع ،فإن علقة أوكرانيا بأوروبا يمكن أن
تكون نقطة النعطاف لروسيا ذاتها .ولكن ذلك يعني أيضا @ أن لحظة تحطم
125
الحسم لعلقة روسيا بأوروبا ل تزال على مسافة زمنية ما ،علما @ أن الحسم
ه نا ا ستخدم بمع نى أن خ يار أوكرانيا لصالح أورو با سوف ي حدد قرار رو سيا
في ما يتع لق بالمرح لة التال ية من تاريخ ها :فإ ما أن ت كون جزءا @ من أورو با
أيضا @ أو تصبح دولة أوراسية منبوذة ،فل هي من أوروبا ول هي من آسيا ،بل
تغوص في وحل نزاعات "الخارج القريب".
ي جب أن يؤ مل أن ت ستطيع العل قة التعاون ية ب ين أورو با المتو سعة
ورو سيا ،الت حرك من الرتبا طات الثنائ ية ال طرف الر سمية إ لى الرتبا طات
القت صادية والسيا سية والمن ية ا لكثر ع ضوية وتما سكا .و بذلك ،و في أث ناء
الع قدين ا لولين من ال قرن ال قادم ،ت ستطيع رو سيا أن ت صبح أ كثر فأكثر
جزءا @ مكمل @ لوروبا التي ل تضم أوكرانيا فحسب ،بل تصل أيضا @ إلى الورال
وحتى إلى ما وراء ذلك .وان الجمع وحتى العضوية بشكل ما أو آخر لروسيا
في الب نى الوروب ية و عبر الطل سية سوف تف تح ،بدورها ،ا لبواب لد خال
الدول القوقازية الثلث ،أي جورجيا ،وأرمينيا ،وأذربيجيان ،والتي تطمح ،إلى
حد اليأس إ لى إقا مة عل قة لها مع أورو با .ل يمكن لل مرء أن يتنبأ بال سرعة
التي تستطيع أن تتحرك بها هذه العملية ،ولكن ثمة شيئ واحد أكيد وهو أنها
سوف تتحرك على نحو أسرع إذا رفعت البيئة الجيوبوليتية المتشكلة روسيا
في هذا التجاه ،بينما تغلق الطريق على الغراءات الخرى .وكلما تحركت
روسيا بسرعة أكبر نحو أوروبا ،تسارع أكثر ملء الثقب السود في اوراسيا
بمجتمع يصبح حديثا @ وديمقراطيا @ على نحو متزايد .وفي الواقع ،فبالنسبة إلى
روسيا ،نجد أن مأزق البديل الوحيد لم يعد متعلقا @ بصنع خيار استراتيجي ،بل
بمواجهة ضرورات البقاء على قيد الحياة .
126
الفصل الخامس
127
أكثر أهمية بوصفه جائزة اقتصادية محتملة أيضا :إذ يوجد تركيز كبير جدا @ من
ال غاز ال طبيعي والحتيا طات النفط ية في هذه المنط قة ،إ ضافة إ لى م عادن
مهمة ،بما فيها الذهب.
سوف يز يد إ لى حد كبير ا ستهلك ال عالم من الطا قة في الع قدين أو
الثل ثة ع قود المقب لة .وتتو قع ت قديرات وزارة الطا قة الميرك ية أن الحت ياج
العالمي سوف يرتفع بأكثر من 50في المئة بين العامين 1993و ،2015علما
أن أ كبر ز يادة في ال ستهلك ستكون في ال شرق الق صى .فالقوة الداف عة
في الت طور القت صادي ل سيا تو لد فعل @ ضغوطا @ قوم ية من أ جل اكت شاف
وا ستثمار موارد جد يدة للطا قة ،عل ما @ أ نه من الم عروف أن منط قة آ سيا
الو سطى و حوض ب حر قزو ين يحتو يان ع لى احتيا طات من ال غاز ال طبيعي
والنفط تقزم ما يوجد منها في الكويت ،أو خليج المكسيك ،أو بحر الشمال.
إن الو صول إ لى هذه ال موارد وم شاطرة ا لثروة المحتم لة في ها تم ثل
أ هدافا @ ت حرك الطمو حات القوم ية ،وتح فز ع لى إي قاظ الم صالح الم شتركة،
وتع يد إ شعال أو إ ثارة الم طالب التاريخ ية ،وتح يي ثان ية الطمو حات
المبريالية ،وتسخن التزاحم الدولي ،وكذلك ،فالوضع يصبح كله أكثر هشاشة
بسبب الحقيقة المتمثلة بأن المنطقة ل تعاني من فراغ القوة فحسب ،بل
و من عدم ال ستقرار ا لداخلي أي ضا .وي عاني كل من ب لدانها من صعوبات
داخلة جدية وخطرة ،ولكل من هذه الدول حدود هي إما موضع مطالبة من
ق بل دول م جاورة أو م ناطق امت عاض وغ يظ اتني ين ،وقل ما تو جد في ها دول
متجانسة ،كما أن بعضها أصبح منخرطا @ في عنف إقليمي )يتعلق بالرض( ،أو
اتني ،أو ديني.
المرجل التني
يشمل البلقان الوراسي تسع دول تنطبق مواصفاتها بشكل ما أو بآخر
ع لى ما جاء أعله ،ودو لتين أخري ين تع تبران مر شحتين محتم لتين في هذه
ال سياق .فا لدول الت سع هي كازاخ ستان ،وقيرغيز يا ،وطاجك ستان،
وتوركمن ستان ،وأوزبك ستان ،وأذربي جان ،وأرمين يا ،وجورج يا] ،عل ما @ أن كل
هذه ا لدول كانت ت شكل سابقا @ جزءا @ من الت حاد ال سوفييتي ال سابق[
وأفغان ستان .أ ما ا لدولتان المر شحتان إ لى هذه اللئ حة أي ضا @ فه ما ترك يا
وإ يران ،ح يث أن كلتيه ما تتمت عان ب ظروف سيا سية واقت صادية تجعله ما أ كثر
قابل ية للح ياة وال ستمرار من ا لدول ا لخرى ،وكلتاه ما تع تبران مناف ستين
ن شيطتين ع لى الن فوذ ا لقليمي ضمن البل قان الورا سي ،وبال تالي فه ما
128
لعبان جيواستراتيجيان مهمان في المنطقة .وفي الوقت ذاته ،فكلتاهما غير
منيعتين غالبا @ إزاء النزاعات التنية الداخلية.
وإذا كانت إحداهما أو كلتاهما ستصبحان غير مستقرتين ،فإن المشكلت
الداخلية في المنطقة سوف تصبح غير قابلة للسيطرة عليها ،بينما يمكن أن
تكون الجهود الهادفة إلى الحد من السيطرة القليمية من قبل روسيا على
هذه المنطقة،عقيمة.
إن دول القوقاز الثلث ،أي أرمينيا ،وجورجيا ،وأذربيجان ،يمكن أن يقال
عن ها إن ها معت مدة ع لى ع شائر أو شعوب تاريخ ية فعل ية .ونتي جة لذلك ،فإن
التجا هات القوم ية في ها تم يل إ لى أن ت كون سائدة وقو ية ،و كذلك ،فإن
النزا عات الداخل ية في ها كانت ول تزال تم يل إ لى أن ت كون ت حديا @ رئي سا
لزدهار ها ورفاهيت ها .و في المقا بل ،فإن ا لدول الخ مس الجد يدة في آ سيا
الو سطى يم كن أن ي قال عن ها إن ها ل تزال فعل @ في مرح لة ب ناء الدو لة،
وبالتالي ل تزال الهويات القبلية والتنية قوية فيها ،مما يجعل من الخلف أو
الشقاق الداخلي صعوبة رئيسة .وفي أي نوع من هذه أو تلك الدول ،نجد أن
ن قاط ال ضعف ال مذكورة أ غرت ا لدول الم جاورة ل ها ،وا لتي هي أ كثر قوة
وذات تفكير إمبريالي ،باستغللها.
ل يس البل قان الورا سي فسيف ساء اتن يا@ ،ف حدود دو له كانت قد ر سمت
اعتباط يا @ من ق بل ر سامي ال خرائط ال سوفييت في ا عوام الع شرينيات
والثلثين يات ،ع ندما أقي مت ر سميا @ الجمهور يات ال سوفييتية المعن ية) .أ ما
افغان ستان ا لتي لم ت كن قط جزءا @ من الت حاد ال سوفييتي ،هي ال ستثناء(.
وكانت حدود هذه الدول قد حددت غالبا @ حسب مبدأ اتني ،ولكن هذه الحدود
عك ست أي ضا @ م صلحة الكرمل ين في المحاف ظة ع لى المنط قة الجنوب ية من
المبراطورية الروسية مقسمة داخليا@ ،وبالتالي أكثر خضوعا.
129
-1الجما عات التن ية الرئي سة في آ سيا الو سطى -2أوزبك ستانيون -3
كازاخيون -4طاجيكيون -5روس أوكران يون -6تورك مان ) -7قيرغيز يون(
-8ب حر قزو ين -9توركمن ستان -10أوزبك ستان -11طاجك ستان - 12
كازاخستان -13قيرغيزيا -14بحر أورال
أوزبكستان توركمنستان طاجكستان قيرغيزيا كازاخستان جورجيا أذربيجان أرمينيا أفغانستان
2103
2301 401 602 408 1704 507 708 306
5405 1301 805 804 5502 6 1308 801 ير غ
معروف
)بمليارا
ت
ا لدولرا
ت
ق طن ذ هب طبيعي أ سمدة غاز طبيعي قطن )**( ق طن ألمن يوم فواكه مواد صوف نفط عصير نفط، ذهب قمح ال صادرا
شة لى أقم عادن ع م ز يت ن باتي أقم شة كيميائ ية ق طن معادن فواكه غاز ألمنيوم دواجن ت
)منسوجات( منتجات غذائية منتجات بترولية )**( )منسوجات( م عادن حاو ية حاوية شاي مواد معدات فواكه الرئيسي
شة باء أقم كهر على الحديد على الحديد خمور كيمياوية نقل سجاد ة
)منسوجات ( معادن غير حاوية م عادن غ ير معدات معدات معدات صوف
سجاد على الحديد حاو ية ع لى ميكانيكية لحقول كهربائية أحجار
أحذ ية م عدات الحد يد مواد معادن النفط كريمة
ميكانيكية تبغ كيميائية حبوب حاوية أقمشة )جواهر(
صوف لحم فحم على قطن
الحديد
معادن
غير
حاوية
على
الحديد
)×( معادل القوة الشرائية ،1944 :حسب تقدير مؤسسة البنك الدولي
للعام .1992
)××( إنى توركمنستان هي عاشر أكبر منتج عاشر للقطن في العالم،
ولديها خامس أكبر احتياطات من الغاز الطبيعي والحتياطات النفطية الهامة
الخرى.
وهكذا ،رفضت موسكو اقتراحات القوميين في آسيا الوسطى عن جمع
مخت لف شعوب آ سيا الو سطى ) لم ت كن تو جد لدى معظم هم آ نذاك حوافز
قوم ية ( في و حدة أو ك يان سيا سي وا حد ،ع لى أن يدعى" ،تورك ستان"
مفضلة ،عوضا @ عن ذلك ،أن تخلق خمس "جمهوريات" منفصلة ،يكون لكل
منها اسم جديد مميز وحدود متشابكة .ويفترض انطلقا @ من حساب مماثل،
أن الكرمل ين تخ لى عن خ طط إقا مة ات حاد قو قازي مو ح„ د .وبال تالي ،فل يس
مدهشا @ أنه لدى النهيار السوفيتي ،لم يكن أي من الدول الثلث في القوقاز
130
أو من ا لدول الخ مس في آ سيا الو سطى م ستعدا @ كل يا @ لمو قف أو حا لة
الستقلل الجديدة ول للتعاون القليمي اللزم.
ففي القوقاز سرعان ما تورطت أرمينيا التي يقل عدد سكانها عن أربعة
مليين إنسان وأذربيجان التي يزيد عد سكانها على ثمانية مليين إنسان في
حرب مفتو حة )معل نة( ب سبب منط قة ناغورنو ـ كارا باخ ،ا لتي ت قع ضمن
أذربيجان ولكن تقطنها أغلبية أرمينية .وأدى النزاع إلى القيام بأعمال تطهير
اتن ية وا سعة الن طاق ح يث هرب مئات آلف اللجئ ين والمطرود ين في كل
التجا هات .وإذا أ خذنا في العت بار الحقي قة المتمث لة بأن أرمين يا م سيحية
وأذربي جان م سلمة ،يم كن أن نن ظر إ لى هذا ال نزاع بو صفه ذا طابع دي ني.
وجعلت هذه الحرب المدمرة اقتصاديا @ من الصعب جدا @ على أي من الدولتين
أن تؤ سس نف سها كدو لة م ستقلة م ستقرة .ودف عت أرمين يا إ لى أن تعت مد
بدر جة أ كبر ع لى رو سيا ا لتي قدمت إلي ها م ساعدة ع سكرية ها مة،بين ما
ا ضطرت أذربي جان إ لى الق بول أو الترا ضي بالح صول ع لى ال ستقلل
والستقرار الداخلي مقابل فقدان ناغورنو-اراباخ.
تركت عدم مناعة أذربيجان تأثيرات إقليمية واسعة لن موقع هذه الدولة
يجعل ها ذات أهم ية جيوبوليت ية .ويم كن أن تو صف بأن ها "ال سدادة" الها مة
حيو يا @ والم سيطرة ع لى ع نق الزجا جة ا لتي تح توي ع لى ثروات حوض ب حر
قزو ين وآ سيا الو سطى .وه كذا ،فإن أذربي جان الم ستقلة ،والناط قة بالل غة
الترك ية ،والحاو ية ع لى خ طوط أ نابيب الن فط الذاه بة من ها إ لى دو لة ترك يا
التي ترتبط بها اتنيا @ وتدعمها سياسيا@ ،سوف يمنع روسيا من ممارسة احتكار
الوصول إلى المنطقة وبالتالي سوف يحرمها من الفعالية )النفوذ( السياسي
الحا سم ع لى سيا سات ا لدول الجد يدة في آ سيا الو سطى .و مع ذ لك ،فإن
أذربيجان معرضة كثيرا @ للضغوط من روسيا القوية في الشمال ومن إيران
في الج نوب .ويو جد عدد من ا لذريين يب لغ ضعف ما هو مو جود من هم في
أذربيجان ،وثمة من يقدر هذا العدد بعشرين مليونا@ ،في شمال غرب إيران.
وإن هذه الحقيقة تجعل إيران خائفة من ظهور حركة انفصالية محتملة بين
سكانها الذريين وبالتالي فهي تشعر بازدواجية وتناقض إزاء سيادة أذربيجان
بالرغم من أن الدولتين تدينان بالدين السلمي .ونتيجة لذلك ،فقد أصبحت
أذربيجان هدفا للضغوط الروسية واليرانية الهادفة إلى الحد من تعاملها مع
الغرب .
131
وخل فا لرمين يا وأذربي جان ،ل لتين تع تبران متجان ستين تما ما @ ضمن كل
منه ما ع لى ال صعيد الت ني ،فإن ن حو 30في المئة من سكان جورج يا ال بالغ
عددهم ستة مليين إنسان هم من القليات.
وفضل @ عن ذلك ،إن هذه المجتمعات الصغيرة التي هي ذات طابع قبلي
في التنظيم والهوية تشعر بامتعاض قوي إزاء السيطرة الجورجية .لدى حل
الت حاد ال سوفييتي ،ستفاد الو سيتيانيون وا لبخلزيون من ال نزاع السيا سي
ا لداخلي في جورج يا و حاولوا النف صال عن ها ك ما أن رو سيا دعمت هم ب هدوء
ل كي ت جبر جورج يا ع لى ال ستجابة لل ضغوط الرو سية الهاد فة إ لى إبقائ ها
ضمن راب طة ا لدول الم ستقلة )ا لتي أرادت جورج يا في البدا ية أن تن سحب
من ها( ول كي تق بل بالقوا عد الع سكرية الرو سية ع لى ا لرض الجيورج ية بغ ية
إحكام إغلق المنطقة في وجه تركيا .
و في آ سيا الو سطى ،ا نت العوا مل الداخل ية أ كثر أهم ية في ت فاقم عدم
ال ستقرار .من ال ناحيتين الثقاف ية واللغو ية ،ا نت أر بع دول من ا لدول
المستقلة حديثا @ في آسيا الوسطى جزءا @ من العالم التوركي )وليس التركي،
أن ال توركي يتع لق بأ سرة من الل غات ت شمل الترك ية والذربيجان ية
والتركمان ية ،والقيرغيز ية ا لخ ...ل مترجم( .طاجك ستان هي لغو يا @ وثقاف يا
فارسية ،ينما أفغانستان )وهي خارج التحاد السوفييتي السابق( هي باتانية،
طاجيك ية ،وبا شتونية ،ضافة إ لى الفسيف ساء التن ية الفار سية و كل ا لدول
ال ست تدين بال سلم .قد كان أغ لب هذه ا لدول ،بر ال سنين ،ت حت تأثير
الن فوذ ال عابر )المت تالي( للمبراطور يات الفار سية ،الترك ية ،الرو سية ،ل كن
هذه التجر بة لم ت خدم ترب ية روح الم صلحة القليم ية الم شتركة بين ها .ع لى
الع كس ،إن ا لتركيب الت ني المخت لف ل هذه ا لدول يجعل ها غ ير مني عة إزاء
النزاعات الداخلية والخارجية مما يغري بتدخل الدول المجاورة الكثر قوة .
و من ا لدول الخ مس الم ستقلة حديثا @ في آ سيا الو سطى ،ع تبر
كازاخ ستان وأوزبك ستان ا لدولتين ال كثر أهم ية .ع لى ال صعيد ا لقليمي ،إن
كازاخ ستان هي ا لدرع وأوزبك ستان هي ا لروح بالن سبة إ لى حر كات اليق ظة
القوم ية المختل فة في المنط قة .الم ساحة الجغراف ية لكازاخ ستان وموقع ها
يحم يان ا لدول ا لخرى من ال ضغط الفع لي الرو سي المبا شر ،ما دا مت
كازاخ ستان تم لك و حدها حدودا @ م شتركة مع رو سيا .مه ما ي كن ا لمر فإن
سكانها ال بالغ عددهم ن حو 18مليو نا @ ي ضمون ن حو % 35من ا لروس )ل كن
تعداد السكان الروسي في المنطقة كلها يتناقص باستمرار( ونحو %20أيضا
من غ ير الكازاخ ستانيين ،ت لك حقي قة جع لت ا لمور صعبة ع لى الح كام
الكازاخستانيين الجدد ،الذين هم أنفسهم ذوو نزعات قومية متنامية ولكنهم
132
ل يمث لون سوى ن صف عدد ال سكان الج مالي في البلد تقري با @ في متاب عة
هدف بناء الدولة على أساس التنية واللغة .
إن ا لروس ال قاطنين في الدو لة الجد يدة ممتع ضون من الق يادة
الكازاخستانية الجديدة ،بما أنهم كانوا يشكلون الطبقة الستعمارية الحاكمة
سابقا@ ،لكونهم أفضل ثقافة واستقرارا@ ،هم يخشون فقدان امتيازاتهم .فضل
عن ذ لك ،هم يمي لون إ لى أن ين ظروا إ لى القوم ية الكازاخ ستانية الجد يدة
بازدراء من الناح ية الثقاف ية ل يم كن اخ فاؤه غال با .و مع كون كل المنط قتين
الشمالية الغربية والشمالية الشرقية من كازاخستان محكومتين بكثافة من
قبل الستعماريين الروس ،فإن كازاخستان هذه سوف تواجه خطر النفصال
ا لقليمي )التق سيم( إذا ساءت العل قات الكازاخ ستانية الرو سية إ لى حد
خ طر .في ا لوقت ذا ته ،فإن بضع مئات ا للف من الكازاخ ستانيين يقطنون
في ال جانب الرو سي من حدود الدو لة و في أوزبك ستان ال شمالية ال شرقية،
أي الدو لة ا لتي ين ظر إلي ها الكازاخ ستانيون بو صفها الم نافس الرئي سي ل هم
على قيادة آسيا الوسطى.
إن أوزبكستان ،هي في الحقيقة ،المرشح الرئيسي للقيادة القليمية في
آسيا الوسطى .بالرغم من كونها أصغر حجما @ وأقل امتلكا @ للموارد الطبيعية
من كازاخستان ،لديها تعداد أكبر من السكان )نحو 25مليونا@( ،ما أن الهم
من ذ لك ب كثير هو و جود ت جانس سكاني لديها أ كبر ب كثير م ما هو عل يه في
كازاخستان .مع وجود معدل ولدات محلي أكبر من معدل الخروج التدريجي
للروس الذين كانوا مسيطرين سابقا@ ،سرعان ما سيصبح نحو 75في المئة
من سكانها من الوزبك ستانيين ،ع ب قاء أقل ية رو سية غ ير كبيرة ف قط ول
سيما في العاصمة طشقند .
بالضافة إلى ذلك ،إن النخبة السياسية في البلد تحدد عمدا @ هوية الدولة
الجديدة على أنها تنحدر مباشرة من أمبراطورية تيمورلنك الواسعة الرجاء
ا لتي و جدت في ال قرون الو سطى ) 1336ـ (1404ا لتي كانت عا صمتها،
سمرقند ،قد أصبحت مركزا @ إقليميا @ مشهورا @ لتدريس الدين ،الفلك والفنون.
وإن هذا ا لرث ي ضفي ع لى أوزبك ستان الحدي ثة طاب عا @ من ال ستمرارية
التاريخية ومن حمل المهام التاريخية أعمق مما هو لدى جيرانها .في الواقع،
فإن ب عض ال قادة الوزبك ستانيين يرون في يرون في دولت هم مر كزا @ قوم يا
لكيان آسيوي متوسط واحد ،ع افتراض كون طشقند عاصمة له .على نحو
ي فوق أي دو لة أ خرى في آ سيا الو سطى ،جد أن النخ بة السيا سية في
133
أوزبكستان ،مع شعب هذه الخيرة أيضا@ ،دأت تعمل فعل @ على تحديث دولتها
القومية وهي مصممة ،الرغم من الصعوبات الداخلية على عدم العودة إلى
الوضع الستعماري السابق .
إن هذا الشرط يجعل أوزبكستان قائدا @ يرعى مشاعر القومية الحديثة ما
ب عد الثن ية ،إ ضافة إ لى أن ها ت صبح هدفا @ لب عض ال ضطراب و عدم ال ستقرار
ب ين جيران ها .ول كن ،ف حتى ع ندما ي سرع قادة أوزبك ستان الخ طى )ج مع
خ طوة( في ب ناء الدو لة وا لدفاع عن الو صول إ لى در جة أ كبر في الكت فاء
الذاتي القليمي ،نجد أن التجانس القومي الكبر نسبيا فيها ،والوعي القومي
ا لكثر قوة لديها ،يوح يان بالخوف ب ين ح كام تركمان ستان ،وقيرغيز يا،
وطاجاك ستان ،و حتى كازاخ ستان ،من أن ت ستطيع الق يادة القليم ية
الوزبك ستانية من الت طور إ لى ال سيطرة القليم ية .وإن هذا الق لق يم نع
التعاون القليمي بين الدول الجديدة ذات السيادة ،والذي ل يشجعه الروس
في أي حال ،وبال تالي ت ستمر عدم المنا عة القليم ية .وعمو ما@ ،فإن
أوزبكستان ،شأنها شأن الدول الخرى ،ليست متحررة كليا @ من التوتر التني.
فث مة أ جزاء من ج نوب أوزبك ستان ،وخا صة حول مر كزي سمرقند وب خاري
المهم ين تاريخ يا @ وثقاف يا@ ،تو جد في ها تجم عات سكانية كبيرة من
الطاجاكستانيين الذين ل يزالون مستائين من الحدود التي كانت موسكو قد
ر سمتها .ول عل ما يع قد ا لمور أ كثر فأكثر هو و جود الوزبك ستانيين في
طاجاك ستان الغرب ية ،وو جود كل من الوزبك ستانيين و الطاجاك ستانيين في
وادي فرغانة الهام اقتصاديا في قيرغيزيا )حيث نشب عنف اتني دموي في
السنوات الخيرة( ،ناهيك بوجود الوزبكستانيين في شمال أفغانستان .
و في ا لدول الثلث ا لخرى في آ سيا الو سطى ا لتي خر جت من الح كم
ال ستعماري الرو سي ،و هي قيرغيز يا ،وطاجاك ستان ،وتركمان ستان ،ن جد أن
الث لث ف قط متما سك ن سبيا ع لى ال صعيد الت ني .وإن ن حو % 75من عدد
السكان البالغ 405مليونا هم من التركمان ،علما @ أن الروس والوزبكستانيين
ي شكل كل منه ما أ قل من %10وعمو ما@ ،فإن المو قع الجغرا في المح مي
لتركمان ستان يجعل ها بع يدة ن سبيا من رو سيا ،عل ما أن أوزبك ستان وإ يران
ت شكلن صلة جغرافية أ كبر بم ستقبل هذه الدو لة .وما أن يتم تمد يد أ نابيب
الن فط في المنط قة ،حتى يم كن ال قول إن احتيا طات تركمن ستان ال كبيرة
فعل من الغاز الطبيعي تعد بمستقبل مزدهر لشعب هذه الدولة .
134
إن سكان قيرغيزيا البالغ عددهم 5مليين نسمة هم أكثر تنوعا إلى حد
كبير .فالقيرغيزيون أنف سهم ي شكلون ن حو %55من إج مالي ال سكان ،و
الوزبكستانيون يشكلون نحو ، %13علما @ أن الروس انخفض عددهم مؤخرا
من %20إلى ما يزيد قليل @ على . %15أما قبل الستقلل ،فقد كان الروس
يؤل فون النخ بة التقن ية الهند سية المثق فة ،وبال تالي فإن خروج هم من البلد
سبب ضررا لقت صادها .و بالرغم من كون قيرغيز يا غن ية بالم عادن وتتم تع
بج مال طبي عة ا خاذ د عا ال كثيرين إ لى ت سميتها بسوي سرا آ سيا الو سطى
)وهكذا يحتمل أن تصبح قبلة للسواح( ،فإن موقعها الجيوبوليتي الذي تنحصر
فيه بين الصين وكازاخستان ،يجعلها معتمدة إلى حد كبير على الدرجة التي
يمكن فيها لكازاخستان نفسها أن تنجح في المحافظة على استقللها .
ول كن طاجاك ستان أ كثر تجان سا @ إ لى حد ما ع لى ال صعيد الت ني .ف من
سكانها ال بالغ عددهم 6,5مليو نا@ ،ث مة أ قل من الث لثين من الطاجاك ستانيين
وأكثر من %25من الوزبكستانيين )الذين ينظر إليهم بشيء من العداء من
قبل الطاجاكستانيين( بينما يشكل الروس الباقون نحو ثلثة في المئة فقط.
ومهما يكن المر ،وعلى غرار ما هو عليه الحال في الماكن الخرى ،نجد أنه
حتى المجتمع التني المسيطر )الذي يشكل الكثرية( مقسم على نحو حاد
وحتى على نحو متسم بالعنف ،على امتداد الخطوط القبلية علما أن القومية
المعا صرة يقت صر و جود أن صارها غال با @ ع لى النخ بة السيا سية في ال مدن.
ونتيجة لذلك ،فالستقلل لم يخلق صراعا @ مدنيا فحسب بل خلق أيضا @ عذرا
لرو سيا كي ت ستمر في ن شر جي شها في البلد .والو ضع ا لتني ي صبح أ كثر
تعقيدا @ أيضا ب سبب الو جود الكثيف للطاجاكستانيين عبر الحدود ،في شمال
شرق أفغان ستان .و في الحقي قة ،فه ناك عدد من الطاجاك ستانيين ا لثنيين
ا لذين يعي شون في أفغان ستان ي عادل من يعي شون من هم في طاجاك ستان،
علما @ أن ذلك يشكل عامل @ آخر لصالح نسف الستقرار القليمي.
إن حالة الفوضى الراهنة في أفغانستان هي إرث سوفييتي أيضا @ بالرغم
من أن هذه البلد لي ست جمهور ية سوفييتية سابقة .فب عد أن ت شظت أو
ت جزأت ب سبب الحتلل ال سوفييتي و حرب الع صابات الطوي لة ال مد ،لم ت عد
أفغان ستان دولة أمة أو دو لة قومية إل بالسم فقط .ف سكانها البالغ عددهم
22مليو نا @ أ صبحوا مق سمين ع لى ن حو حاد ع لى ام تداد الخ طوط الثن ية مع
ت نامي النق سامات ب ين البا شتونيين ،والطاجاك ستانيين ،وال هازاريين .و في
ا لوقت ذا ته ،فإن الج هاد ضد المحتلين ا لروس ج عل ا لدين ب عدا @ حا سما @ في
الحياة السياسية للبلد ،حيث أدخل الحمى العقائدية إلى لخلفات السياسية
ال حادة أ صل .و لذا ي جب أل ين طر إ لى أفغان ستان بو صفها جزءا @ من الل غز أو
135
المشكلة المحيرة التنية في آسيا الوسطى فحسب ،بل بوصفها جزءا @ هاما
على الصعيد السياسي من البلقان الوراسي أيضا @ .
و بالرغم من أن كل دول آ سيا الو سطى ال سوفييتية سابقا ،ب ما في ها
أذربيجان ،يسكنها المسلمون غالبا ،فإن النخب )جمع نخبة( السياسية فيها،
وا لتي ل تزال غال با من ن تاج الف توة ال سوفييتية ،هي غ ير متدي نة تقري با من
حيث المظهر كما أن الدول تعتنق العلمانية رسميا .ومهما يكن المر ،فبما
أن سكان هذه الدول انتقلوا سابقا من الهوية العشائرية أو القبلية التقليدية
بصورة رئيسية إلى الوعي القومي الكثر حداثة ،فمن المحتمل أن يصبحوا
ا لن م شردين في ا لوعي ال سلمي المت نامي ال شدة .و في الحقي قة فإن
الحياء أو النتعاش السلمي ،الذي حرض عليه من الخارج ،ليس من قبل
إ يران فح سب ،بل و من ق بل الممل كة العرب ية ال سعودية أي ضا@ ،يحت مل أن
يصبح الحافز المحرك للنزعات القومية الجديدة التي تنتشر على نحو متزايد
والم صممة ع لى معار ضة أي تكا مل أو د مج جد يد ت حت ال سيطرة الرو سية،
وبمعنى آخر السيطرة الملحدة .
و في الوا قع ،فإن عمل ية ال سلحة يحت مل أن تث بت كون ها معد ية أي ضا
للمسلمين الذين بقوا ضمن روسيا نفسها .فتعدادهم يبلغ 20مليون إنسان،
أي أ كثر بمرت ين من عدد ا لروس غ ير الم تأثرين )ن حو 905مليو نا@( ا لذين
ي ستمرون في الع يش ت حت الح كم ا لجنبي في دول آ سيا الو سطى
الم ستقلة .وإن الم سلمين ا لروس ا لذين ي شكلون ن حو %13من سكان
رو سيا ،وإ نه لمر حت مي تقري با أن هم سي صبحون أ كثر جز ما في م طالبتهم
بحقوقهم في هوية دينية وسياسية متميزة .وحتى إذا لم تأخذ هذه المطالبة
شكل السعي إلى الستقلل الكامل ،على غرار ما حدث في تشيشينيا ،فهي
سوف ت تداخل مع الز مات التمث لة في أن رو سيا ،سوف ت ستمر ،في ضوء
تورط ها المبر يالي ا لذي حدث مؤخرا @ وو جود أقل يات رو سية في ا لدول
الجديدة في مواجهة آسيا الوسطى.
إن ا لمر ال مؤدي إ لى تزا يد خ طر في عدم ا ستقرار البل قان الورا سي
وج عل الو ضع أ كثر تفج يرا @ ف يه هو لحقي قة المتمث لة بو جود دو لتين قوم يتين
متجاورتين ،لكل منه ما اهتما مات إمبريالية ،وثقافية ،واقتصادية عبر التار يخ
في المنط قة ه ما ترك يا وإ يران ،تت سمان بكونه ما تعان يان من الهشا شة في
توجهه ما الجيوبول يتي ناه يك بكونه ما غ ير مني عتين داخل يا .وإذا ما أ صبحت
هاتان الدولتان غير مستقرتين ،فمن المحتمل تماما @ أن المنطقة كلها سوف
تغرق في فوضى كثيفة شاملة ،مع خروج النزاعات التنية والقليمية الراهنة
عن ال سيطرة ،ناه يك ب ما حدث فعل من خ لل حاد في توازن ال قوى ال هش
136
أصل @ في المنطقة .فتركيا وإيران ليستا فقط لعبين جيواستراتيجين هامين،
بل هما محوران جيوبوليتيان أيضا@ ،حيث أن ظروفهما الداخلية الخاصة ،تعد
بال غة الهم ية لم صير المنط قة .وكلتاه ما قو تان متو سطتا الح جم ،و لديهما
طموحات إقليمية قوية وإحساسا @ بأهميتهما التاريخية .ومع ذلك ،فإن التوجه
الجيوبوليتي المستقبلي وحتى التماسك القومي لكل هاتين الدولتين ل يزالن
غير أكيدين.
إن تركيا ،التي هي دولة ما بعد إمبريالية ،ل تزال في طور إعادة تحديد
هويت ها ،وبال تالي ف هي تت عرض لل جذب إ لى ثل ثة اتجا هات :فمؤ يدو الت حديث
في ها يودون أن ت صبح دو لة أوروب ية و لذا ف هم يتطل عون إ لى ال غرب،
وال سلميون يمي لون في ات جاه ال شرق الو سط؛ والمجت مع ال سلمي و لذا
ف هم يتطل عون إ لى الج نوب؛ والقوم يون ذوو الف كر ال تاريخي يرون في
ال شعوب ال تو رك ية ) ،سبق أن ذكر نا أن هذه ال شعوب ت ضم ا لتراك
والذربيجانيين والتركمان والقيرغيزيين ..الخ ...المترجم( لحوض بحر قزوين
وآسيا الوسطى مهمة جدا @ لتركيا المسيطرة إقليميا @ وبالتالي ،فهم يتطلعون
إ لى ال شرق .وه كذا فإن كل من وج هات الن ظر هذه ت فترض أو تحدد محورا
ا ستراتيجيا @ مختل فا@ ،وإن ال صراع أو ال صدام بينه ما يثير أو يدخل ،لول مرة
م نذ ال ثورة الكمال ية ،در جة أو م قدارا @ ما من ال شك إ لى ا لدور ا لقليمي
لتركيا.
وبالضافة إلى ذلك ،فإن تركيا نفسها يمكن أن تصبح على القل ضحية
جزئ ية للنزا عات التن ية في المنط قة .و بالرغم من أن مع ظم سكانها ال بالغ
عددهم 65مليونا @ هم من التراك ،مع كون نحو %80من هؤلء ينتمون إلى
التن يات التورك ية ،بالرغم من و جود مجمو عة مختل فة من ال جر كس،
والل بانيين والبو سنيين ،والبل غاريين وال عرب بين هم( ،فإن %20أو رب ما أ كثر
هم من الكراد .وإذ يتركز الكراد ا لتراك في المناطق ال شرقية من تركيا،
ف قد جذبوا ع لى ن حو متزا يد إ لى ال صراع من أ جل ال ستقلل ال قومي ا لذي
ي قوده ا لكراد العراق يون وا ليرانيون .وعمو ما@ ،فإن أي حالت توتر داخل ية
ضمن تركيا في ما يتعلق بالتجاه العام في البلد سوف ت شجع بدون شك،
الكراد على الضغط بعنف أكثر من أجل الحصول على وضع قومي شرعي
منفصل.
إن التوجه المستقبلي ليران يتسم بكونه أكثر إشكالية وتعقيدا@ .فالثورة
الشيعية الصولية التي انتصرت في نهاية أعوام السبعينيات يمكن أن تدخل
أو هي دخلت فعل @ مرحلة "العتدال النسبي" ،المر الذي يعزز الشك في ما
يتعلق بالدور الجيواستراتيجي ليران .فمن ناحية أولى ،نجد أن انهيار التحاد
137
ال سوفييتي المل حد ف تح ال باب أ مام دول ال جوار الم ستقلة حديثا @ والمو جودة
في شمال إ يران ،إ لى الهدا ية الدين ية ،ول كن ن جد أي ضا@ ،من ناح ية ثان ية ،أن
عداء إيران للوليات المتحدة جعل إيران تميل إلى التبني وإن تكتيكيا @ على
القل ،للتوجه المؤيد لموسكو ،والذي تعزز باهتمامات إيران المتعلقة بتأثير
استقلل أذربيجان مؤخرا في تماسكها الداخلي.
و قد ن جم هذا الهت مام من عدم منا عة إ يران إزاء حالت ال توتر الت ني.
ف من سكانها ال بالغ عددهم 65مليو نا @ )و هو ر قم مما ثل تقري با @ ل عدد ،سكان
ترك يا( ،يو جد أ كثر من الن صف بقل يل من ال فرس ،ون حو الرا بع تقري با @ من
الذريين،بينما يتوزع الباقون بين الكراد ،والتركمان ،والعرب ،والبالوشيين )
،(baluchisوقبائل أخرى .وباستثناء الكراد والذريين ،فإن الخرين ل يملكون
ال قدرة ع لى تهد يد ال سيادة القوم ية ليران ،وخا صة إذا أ خذنا في العت بار
الدرجة العالية من الوعي القومي وحتى المبريالي بين الفرس .ولكن ذلك
يمكن أن يتغير بسرعة ،ول سيما في حال حدوث أزمة سياسية جديدة في
التجاهات اليرانية الراهنة.
وبالضافة إلى ذلك ،فإن الحقيقة ذاتها المتمثلة بوجود عدة دول مستقلة
حديثا @ في المنط قة ،وأن مل يون تشي شاني ا ستطاعوا أن يدافعوا ب حزم عن
طموحاتهم السياسية ،ترتبط بكونها ذات تأثير معدي على الكراد وعلى كل
القل يات التن ية ا لخرى في إ يران .وإذا نج حت أذربي جان في الت طور
السياسي والقتصادي المستقر ،فربما سوف يصبح الذريون ملتزمين ،على
ن حو متزا يد ،بف كرة أذربي جان ال كبرى .وه كذا ،يم كن ل عدم ال ستقرار
السياسي والنقسامات في طهران أن تتوسع وتقوى لتصبح تحديا @ لتماسك
الدولة اليرانية ،مما يوسع أيضا@ ،وعلى نحو حاد ،حجم وقوة الرهانات على
ما يحدث في البلقان الوراسي .
الصراع المتعدد الطراف
كان البلقان التقليدي في أوروبا قد أثار تنافسا @ حادا @ بين ثلثة متنافسين
إمبر ياليين هم المبراطور ية العثمان ية ،والمبراطور ية النم ساوية الهنغار ية،
والمبراطورية الروسية .وكان يوجد أيضا @ ثلثة مشتركين غير مباشرين ممن
شعروا بالقلق إزاء احت مال تأثر م صالحهم الوروب ية سلبيا @ بانت صار خ صوم
معين ين ل هم :فألمان يا خ شيت من ال قوة الرو سية ،وفرن سا عار ضت النم سا،
138
هنغار يا ،وبريطان يا العظ مى ف ضلت رؤ ية سيطرة المبراطور ية العثمان ية
الضعيفة على الدردنيل ،على ظهور أي من المتصارعين الرئيسيين الخرين
في موقع السيطرة على البلقان .وفي أثناء القرن التاسع عشر ،عملت هذه
القوى على احتواء النزا عات البلقانية دون إ يذاء المصالح الحيو ية لي منها،
ولكنها ،أي هذه القوى ،فشلت أن تفعل ذلك في العام ،1914مما أدى إلى
نتائج كارثية على الجميع.
وإن الت نافس ال حالي ضمن البل قان الورا سي ي ضم أي ضا @ وع لى ن حو
مبا شر ثلث قوى مت جاورة هي"رو سيا وترك يا وإ يران بالرغم من أن ال صين
يم كن أن ت صبح فعل @ خ صما @ رئي سيا @ أي ضا .و كذلك ان خرط في الت نافس ولكن
من مكان أبعد ،كل من أوكرانيا والباكستان والهند وأمريكا البعيدة .ولم يكن
كل من هؤلء المت صارعين الثل ثة الرئي سيين والم شتبكين ع لى ن حو مبا شر
في الصراع مدفوعا @ بما يرغب فيه من فوائد جيوبوليتية واقتصادية مستقبلية
فح سب ،بل كانت تح ثه ع لى ذ لك دوا فع تاريخ ية قو ية أي ضا .كان كل من هم
إ ما قوة م سيطرة سيا سيا @ أو قوة م سيطرة ثقاف يا @ في المنط قة .و كان كل
منهم ينظر بشيء من الشك إلى الخرين .وبالرغم من عدم احتمال نشوب
حرب مباشرة بين الطراف ،فإن التأثير التراكمي لتنافسهم الخارجي يمكن
أن يسهم في خلق الفوضى في المنطقة.
وبالنسبة إلى الروس ،فإن موقفهم المعادي للتراك يميل إلى الفراط.
فو سائل ا لعلم الرو سية ت صور ا لتراك ع لى أن هم ير يدون ال سيطرة ع لى
المنط قة ،بو صفهم مثيري المقاو مة المحل ية لرو سيا ) مع ب عض ال تبرير في
حا لة تشي شينيا( وباعت بارهم م هددين لمن رو سيا لدر جة ي خرج في ها التهد يد
عن حده قيا سا @ بالمكا نات الفعل ية لرو سيا .و يرد ا لتراك بالم ثل فين ظرون
إ لى دور هم بو صفه دور من ي حرر أ خوته من ال ضطهاد الرو سي الطو يل
المد .وكذلك ،فقد كان التراك واليرانيون )الفرس( متنافسين تاريخيين في
المنط قة ،ك ما أن هذا الت نافس عاد إ لى ال ساحة في ال سنوات ا لخيرة ،في
ظروف حملت فيها تركيا صورة البديل العلماني والحديث للمفهوم اليراني
عن المجت مع ال سلمي .و بالرغم من أ نه يم كن ال قول عن كل من هذه
الطراف الثلثة وانه يسعى على القل إلى تحقيق مجال ما من النفوذ ،ففي
حا لة رو سيا ،ن جد أن طمو حات مو سكو تم لك ا ندفاعا @ أو سع ب كثير ب سبب
ذكرياتها الجديدة نسبيا @ عن السيطرة المبريالية ،ووجود بضعة مليين روسي
في المنط قة ورغ بة الكرمل ين في إ عادة ج عل رو سيا قوة عالم ية رئي سية.
وعمو ما@ ،فإن بيا نات السيا سة الخارج ية لمو سكو أو ضحت أن ها تن ظر إ لى
139
الم جال )الم سلحة( الكام لة للت حاد ال سوفييتي ال سابق بو صفها منط قة
اهت مام جيوا ستراتيجي خاص للكرمل ين ،وبال تالي ي جب أن ي ستبعد من ها أي
ن فوذ خارجي سيا سي ،أو حتى اقت صادي .و في المقا بل ،ف بالرغم من أن
الطمو حات الترك ية إ لى الن فوذ ا لقليمي تن طوي ع لى ب عض آ ثار ماض
إمبر يالي ،وإن كان مغر قا @ في ال قدم) ،و صلت المبراطور ية العثمان ية إ لى
الذروة في العام 1590باستيلئها على القوقاز واذربيجان ،بالرغم من أنها لم
تكن تضم آسيا الوسطى( ،فهي ،أي هذه الطموحات ،أكثر تجذرا @ في الجانب
الت ني الل غوي من الهو ية الذات ية لل شعوب التورك ية .و مع ال خذ في العت بار
لل قوتين الع سكرية والسيا سية الم حدودتين لترك يا ،يم كن ال قول بب ساطة إن
م جال الن فوذ السيا سي ال شامل ل هذه الدو لة ل يم كن تحقي قه .و في الوا قع
فإن ترك يا ترى نف سها قائدا @ محتمل @ للمجت مع ال هش ا لذي يتك لم الل غات
التورك ية ،وت ستفيد حتى النها ية من حداثتها الجذا بة ن سبيا@ ،و من صلتها
اللغو ية ،وو سائل اقت صادها ال قادرة ع لى جعل ها ال قوة ا لكثر ن فوذا @ في
عمليات بناء الدول التي تنشط حاليا @ في المنطقة.
أما طموحات إيران فهي أكثر غموضا@ ،ولكنها ليست في المدى الطويل
أ قل خ طرا @ من طمو حات رو سيا .فالمبراطور ية الفار سية بع يدة جدا @ في
ا لذاكرة .و في ذروت ها،أي في ن حو ال عالم 500ق بل الميلد ،كانت ت ضم
الرا ضي الحال ية ل لدول القوقاز ية الثلث ،أي توركمان ستان و أوزبك ستان
وطاجاك ستان ،إ ضافة إ لى أفغان ستان وترك يا وال عراق و سورية ولب نان،
وإ سرائيل )يق صد المؤ لف فل سطين ....ال مترجم( .و بالرغم من أن
الطمو حات الجيوبوليت ية الراه نة ليران هي أ ضيق من طمو حات ترك يا ،إذ
ت شير ب صورة رئي سية إ لى أذربي جان وأفغان ستان ف قط ،فإن كل ال سكان
الم سلمين في المنط قة ،حتى ضمن روسيا ذات ها هم هدف الهت مام ا لديني
ا ليراني .و في الوا قع ،فإن إح ياء ال سلم في آ سيا الو سطى أ صبح جزءا
عضويا @ من طموحات الحكام الحاليين ليران .
إن الهتما مات التناف سية لرو سيا وترك يا وإ يران ممث لة ع لى الخري طة:
ففي حالة الندفاع الجيوبوليتي لروسيا نرى السهمين الموجهين مباشرة إلى
جنوب أذربيجان وكازاخستان ،وفي حالة تركيا نرى سهما @ واحدا @ موجها @ نحو
الشرق عبر أذربيجان وبحر قزوين في آسيا الوسطى وفي حالة إيران نرى
سهمين م سددين إ لى ال شمال في أذربي جان وإ لى ال شمال ال شرقي في
توركمان ستان وأفغان ستان وطاجاك ستان .وأن هذه ال سهم لي ست مائ لة
فقط ،بل يمكن أن تتقاطع أيضا.
المنطقة الثنية اللغوية التوركية
140
1ـ روسيا 2ـ البحر السود 3ـ بحر قزوين 4ـ تركيا 5ـ إيران
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
و في هذه المرح لة ،فإن دور ال صين م حدود جدا @ وأ هدافها أ قل و ضوحا@.
وهي تبرر ذلك في أنها تفضل مواجهة مجموعة من دول مستقلة نسبيا @ في
ال غرب ع لى مواج هة إمبراطور ية رو سية .ف في ال حد ا لدنى ت خدم ا لدول
الجد يدة بو صفها مخف فات صدمة ،ول كن ال صين قل قة أي ضا من أن أقليات ها
التوركية في مقاطعة كسينجيانغ يمكنها أن تنظر إلى الدول المستقلة حديثا
في آسيا الوسطى بوصفها مثال جذابا يحتذى به .ولهذا السبب ،فقد سعت
ال صين إ لى ضمانات من كازاخ ستان بأن ن شاط القل ية عبر ال حدود سوف
يقمع .وفي المدى الطويل ،فإن مصادر الطاقة في المنطقة ستكون موضع
اهتمام خاص من قبل بكين ،كما أن الوصول المباشر إلى هذه المصادر غير
الخا ضعة ل سيطرة مو سكو ي جب أن ي كون هدفا @ رئي سا @ لل صين .وه كذا ،فإن
الهتمام الجيوبوليتي الشامل للصين يميل إلى التصادم مع سعي روسيا إلى
دور حاسم وهو مكمل للطموحات التركية و اليرانية .
وبالن سبة إ لى أوكران يا ،فإن ق ضاياها الرئي سة هي ال طابع الم ستقبلي
لراب طة ا لدول الم ستقلة والو صول ال سهل إ لى م صادر الطا قة ،ا لمر ا لذي
سيقلل اعتمادها ،أي أوكرانيا ،على روسيا .وفي هذا الخصوص فإن علقات
أو ثق لوكران يا ب كل من أذربي جان وتركمان ستان ،وأوزبك ستان أ صبحت ها مة
لكي يف )عا صمة أوكران يا( ،عل ما أن ا لدعم ا لوكراني ل لدول ا لكثر ا ستقلل
في التفك ير هو ام تداد لج هود أوكران يا الهاد فة إ لى تعز يز ا ستقللها عن
مو سكو .وبال تالي ن جد أن أوكران يا كانت ول تزال تدعم ج هود جورج يا ل كي
تصبح الطريق الغربي لصادرات النفط الذري .وقد تعاونت أوكرانيا أيضا @ مع
تركيا لكي تضعف النفوذ الروسي في البحر السود ودعمت الجهود التركية
الهادفة إلى توجيه تدفق النفط من آسيا الوسطى إلى الموانئ التركية .
إن تورط الباك ستان واله ند ل يزال بع يدا @ جدا@ ،ول كن أ يا @ من هاتين
ا لدولتين ل يظ هر عدم م بالة إزاء ما يم كن أن ي حدث في دول البل قان
الورا سية الجد يدة .فبالن سبة إ لى الباك ستان ،ن جد أن الهت مام الرئي سي هو
كسب عمق جيواستراتيجي عبر النفوذ السياسي في أفغانستان ،ومنع إيران
من ممار سة م ثل هذا الن فوذ في أفغان ستان وطاجاك ستان وال ستفادة في
نها ية الم طاف من ب ناء أي خط أ نابيب نف طي ير بط آ سيا الو سطى بالبحر
العر بي .أ ما اله ند ،و في رد فعل ها ع لى الباك ستان ورب ما ب سبب اهتمام ها
بالنفوذ الطويل المد للصين في المنطقة ،فإنها تنظر على نحو أكثر إيجابية
141
إ لى الن فوذ ا ليراني في أفغان ستان وإ لى و جود رو سي أ كبر في الرا ضي
ال سوفييتية ال سابقة .و بالرغم من ب عد الول يات المت حدة ،و مع رهان ها ع لى
صيانة التعدد ية الجيوبوليت ية في أورا سيا ما ب عد ال سوفييتية ،ف هي ت بدو في
الخلف ية كل عب م هم ذي أهم ية متزا يدة ،وإن ب شكل غ ير مبا شر ،عل ما @ بأن
هذا اللعب ليس مهما @ بتطوير مصادر المنطقة فحسب ،بل وفي منع روسيا
من ال ستئثار في ال سيطرة ع لى الم جال الجيوبول يتي ل هذه المنط قة أي ضا.
وإذ تفعل أميركا ذلك فهي ل تتابع أهدافها الجيواستراتيجية الوراسية الكبرى
فحسب ،بل تمثل أيضا @ مصلحتها القتصادية المتنامية إضافة لمصلحة أوروبا
والشرق القصى في كسب أو تأمين وصول غير محدود إلى هذه المنطقة
التي كانت مغلقة حتى الن .وهكذا ففي الرهان في هذه المشكلة المحيرة،
تو جد قوة جيوبوليتية ،ووصول إلى ثروة كبيرة كامنة ،وإنجاز لمهام قومية،
أو دين ية ،وأ من .ومه ما ي كن ا لمر فإن ا لتركيز في هذا ال صراع هو ع لى
الو صول .ف حتى انه يار الت حاد ال سوفييتي ،كان الو صول إ لى هذه المنط قة
ح كرا @ ع لى مو سكو .ف كل خ طوط ال سكك الحديد ية وأ نابيب ن قل ال غاز
والنفط ،وحتى السفر جوا@ ،كانت توجه أو تقاد عبر المركز .وبطبيعة الحال
فإن الجيوبول يتيين ا لروس يف ضلون أن تب قى كذلك ،ماداموا يعر فون ان أي
طرف ي سيطر ويتح كم بالو صول إ لى المنط قة هو ال طرف ا لذي يحت مل أن
يربح الجائزة الجيوبوليتية والقتصادية .
إن هذا العت بار هو ا لذي ج عل ق ضية أ نابيب الن فط مركز ية وها مة جدا
لم ستقبل حوض ب حر قزو ين وآ سيا الو سطى .فإذا ا ستمرت خ طوط الن فط
الرئي سية إ لى المنط قة في ال مرور عبر أرا ضي رو سية إ لى م خرج رو سي
ع لى الب حر ال سود في نوفوراسي سك ،ف سوف تج عل الن تائج السيا سية ل هذا
ال شرط ا لخرين ي شعرون ب ها ،حتى بدون أن تل عب ال قوى الرو سية
المك شوفة أي لع بة .و ستبقى المنط قة غ ير م ستقرة سيا سيا@ ،مع كون
موسكو في موقع قوى تقرر منه كيف يتم تقاسم الثروة الجديدة للمنطقة.
وفي المقابل ،فإذا عبر خط نفطي آخر بحر قزوين إلى أذربيجان ،وثم إلى
الب حر المتو سط عبر ترك يا ،وذ هب خط آ خر إ لى الب حر العر بي عبر
أفغان ستان ف لن ت كن قوة وا حدة ح كرا @ ع لى الو صول .إن الحقي قة المقل قة
هي أن ب عض العنا صر في النخ بة السيا سية الرو سية تت صرف ك ما لو أن ها
تفضل أل تطور أبدا @ مصادر المنطقة إذا لم تملك روسيا سيطرة كاملة على
الوصول .فلتبق الثروة غير مستثمرة إذا كان البديل هو أن توظيف الموال
الجنب ية سوف يؤدي إ لى و جود مبا شر أ كثر ات ساعا @ للم صالح القت صادية
الجنب ية ،وبال تالي للم صالح السيا سية الجنب ية أي ضا .وعمو ما @ فإن مو قف
142
التم لك هذا مت جذر في التار يخ ،و سوف يح تاج ا لمر إ لى و قت و ضغوط
خارجية حتى يمكن تغييره.
إن التو سع القي صري إ لى القو قاز ،وآ سيا الو سطى ،حدث خلل فترة
زمن ية ام تدت ن حو 300سنة ،ول كن انت هاء هذا التو سع ا لذي تم مؤخرا @ كان
م فاجئا @ ع لى ن حو مروع .فع ندما تراج عت حيو ية المبراطور ية العثمان ية،
ا ندفعت المبراطور ية الرو سية إ لى الج نوب ،ع لى ام تداد شواطئ ب حر
قزو ين بات جاه بلد فارس "إ يران" فاحتلت خا نات ا ستراخان عام ،1556ثم
وصلت بلد الفرس عام .1607واستولت على القرم في الفترة ،1784-1774
ثم احت لت ممل كة جورج يا عام 1801وق هرت الق بائل المنت شرة في سل سلة
ج بال القو قاز )لق يت مقاو مة عن يدة من ق بل التشي شانيين و حدهم( في
الن صف ال ثاني من ال قرن التا سع ع شر ثم أكم لت احتلل أرمين يا في ال عام
. 1878
كان احتلل آ سيا الو سطى م سألة تتع لق بالتغلب ع لى إمبراطور ية
منافسة أكثر مما هو إخضاع ،بصورة رئيسة ،لخانات )جمع خانة وهي منطقة
يحكم ها ال خان-ك ما يح كم ا لمير ال مارات -ال مترجم( وإ مارات قادرة ع لى
إظ هار مقاو مة مؤق تة ومعزو لة ف قط .و قد احت لت أوزبك ستان وكاراخ ستان
عبر سلسلة من الحملت العسكرية في فترة العوام ما بين 1881-1801مع
اقتحام نوركمانستان وإشراكها في حملت استمرت من عام 1873إلى عام
.1886ومه ما ي كن من أ مر ،ف في ال عام 1850اك مل ب صورة رئي سة ال ستيلء
على معظم آسيا الوسطى ،بالرغم من أنه حدثت فترات دورية مؤقتة من
المقاومة المحلية حتى في أثناء المرحلة السوفييتية.
أدى انه يار الت حاد ال سوفييتي إ لى ترا جع تاريخي درا مي .فخلل أ سابيع
قليلة فقط من شهر كانون الول عام 1991تقلصت مساحة روسيا السيوية
بن جو 20في المئة ،وانخ فض عدد ال سكان ا لذين ت سيطر علي هم رو سيا في
آ سيا من 75مليو نا @ إ لى ن حو ثلث ين مل يون ف قط .وف ضل @ عن ذ لك ،فث مة 18
مل يون قاطن في القو قاز ف صلوا أي ضا @ عن رو سيا .ول عل ما ج عل هذه
التراج عات أ كثر إيل ما @ للنخ بة السيا سية الرو سية هو إدراك ها أن ال قدرة
القت صادية ل هذه الم ناطق أ صبحت ا لن موج هة من ق بل م صالح أجنب ية
وبوسائل مالية معدة للتوظيف في التطوير ،والستثمار للموارد التي كانت
حتى وقت قريب تحت تصرف روسيا أو متاحة لها وحدها.
143
و مع ذ لك فإن رو سيا تواجه مأز قا @ هو أن ها ضعيفة جدا @ من الناح ية
السياسية ول تستطيع أن تغلق المنطقة كليا @ على الخارج ،وفقيرة جدا @ من
الناح ية المال ية ول ت ستطيع أن ت طور هذه المنط قة بإمكانات ها ف قط .وف ضل
عن ذ لك ،ف قد تأ كد ال قادة ا لروس ذوي الحسا سية الدقي قة أن النف جار
ا لديمغرافي )ال سكاني( في ا لدول الجد يدة يع ني ان ف شلهم في المحاف ظة
ع لى الن مو القت صادي سوف يخ لق في نها ية الم طاف و ضعا @ متف جرا @ ع لى
ام تداد كل ال حدود الجنوب ية لرو سيا .ويم كن لتجر بة رو سيا في أفغان ستان
وتشي شينيا أن تت كرر ع لى ام تداد كل خط ال حدود ا لذي ي صل ب ين الب حر
ال سود ومنغول يا ،خا صة مع ال خذ في العت بار النب عاث ال ثوري ال قومي
والسلمي الذي يحدث الن بين الشعوب التي كانت تخضع للحكم الروسي
سابقا .وه كذا ي جب ع لى رو سيا أن ت جد طري قة ما للتك يف مع الوا قع ب عد
المبريالي الجديد ،بينما تسعى إلى احتواء الوجودين التركي واليراني ،وإلى
م نع ان جذاب ا لدول الجد يدة إ لى مناف سيها الرئي سيين ،وإ لى عدم ت شجيع
تشكيل تعاون إقليمي مستقل فعل @ في آسيا الوسطى ،وإلى الحد من النفوذ
الجيوبوليتي المريكي في العواصم التي استعادت سيادتها .ولم تعد القضية
تتع لق با ستعادة الن ظام المبر يالي ،ا لتي ستكون مكل فة جدا @ و سوف ت قاوم
بشراسة ،ولكنها تنطوي ،عوضا @ عن ذلك على خلق شبكة من العلقات التي
ستقيد ا لدول الجد يدة وت حافظ ع لى الو ضع الرو سي الم سيطر جيوبوليت يا
واقتصاديا.
إن ا لدارة المخ تارة لن جاز هذه المه مة كانت ب صورة رئي سة ،راب طة
الدول المستقلة ،بالرغم من الستعمال ،في بعض الماكن للقوة العسكرية
الروسية ،كما أن الستخدام الماهر للدبلوماسية الروسية المعروفة بـ"قسم
واحكم" خدم مصالح الكرملين أيضا@ ،واستخدمت موسكو نفوذها أيضا @ لكي
تح صل من ا لدول الجد يدة ع لى أق صى در جة من التق يد برؤيت ها أو وج هة
نظر ها عن "راب طة ا لدول " المتكاملة على نحو متزا يد ،و ضغطت من أ جل
نظام سيطرة موجه مركزيا على الحدود الخارجية لرابطة الدول المباشرة،
و من أ جل تكا مل ع سكري أو ثق ضمن إ طار ع مل السيا سة الخارج ية
الم شتركة! و من أ جل تو سيع ل حق ل شبكة خ طوط أ نابيب الن فط ) كانت
السوفييتية أصل( لكي تشمل أي خطوط جديدة يمكن أن تمد خارج روسيا.
وعمو ما@ ،فإن التحليلت السيا سية أو ضحت أن مو سكو تن ظر إ لى المنط قة
144
بوصفها مجالها الجيوبوليتي الخاص ،حتى بالرغم من أنها لم تعد جزءا @ مكمل
لمبراطوريتها .
ثمة مؤشر إلى نيات جيوبوليتية روسية يظهر في أجزاء الكرملين على
إب قاء و جود ع سكري رو سي في أرا ضي ا لدول الجد يدة .و قد ا ستفادت
مو سكو من الحر كة النف صالية البخار ية لتح صل ع لى ح قوق تو ضع لقوات ها
في جورجيا ،كما أضفت الشرعية على وجودها العسكري في أراضي أرمينيا
با ستغلل حاجت ها إ لى ا لدعم في ال حرب ضد أذربي جان ،وا ستخدمت ضغطا
سياسيا @ وماليا @ لكي تحصل على موافقة كازاخستان على القواعد الروسية،
وبالضافة إلى ذلك ،فإن الحرب الهلية في طاجاكستان مكنت من استمرار
وجود الجيش السوفييتي فيها.
ا ستمرت مو سكو من خلل تحد يد سيا ستها ،في التو قع الوا ضح بأن
شبكة علقاتها بعد العهد المبريالي بآسيا الوسطى سوف تقوي نسيج سيادة
وعلقة الدول الجديدة الضعيفة على المستوى الفردي )الحادي( ،وأن هذه
ال شبكة سوف ت ضع هذه ا لدول في مو قع تبع ية أو إل حاق بالمركز الق يادي
لرابطة الدول المستقلة "المتكاملة "أو المدمجة .و لنجاز هذا الهدف ،فإن
رو سيا لم ت شجع ا لدول الجد يدة ع لى خ لق )ت شكيل( جيو شها المنف صلة
الخا صة ب ها ،وع لى تعز يز ا ستخدام صفاتها ال صلية المم يزة )ا لتي ت ستبدل
في ها بالتدر يج البجد ية ال سلفية بالبجد ية اللتين ية( ،وع لى تنم ية ارتبا طات
وثي قة بال جانب ،وع لى ت طوير ) مد( خ طوط أ نابيب نفط ية جد يدة ت صل
مبا شرة إ لى البحر ين العر بي والمتو سط وإذا نج حت هذه السيا سة ،فإن
روسيا تستطيع أن تسيطر على علقاتها الجنبية وتقرر مشاطرة أو تقاسم
العائدات .
و في متاب عة هذا ال هدف فإن ال ناطقين با سم الهيئات الرو سية الر سمية
يست شهدون غال با@ ،ك ما رأي نا في الف صل الرا بع ،بالت حاد ا لوروبي ا لذي
يع تبرونه م ثال @ على ذ لك .و في الحقي قة ،فإن السيا سة الرو سية عمو ما @ إزاء
دول آ سيا الو سطى والقو قاز تذكرنا بدول المجت مع ا لفريقي الفرانك فوني
)الناط قة بالل غة الفرن سية( ،ح يث ت قرر الو حدات الع سكرية الفرن سية
والم ساعدات المقد مة من فرن سا إ لى ميزان يات هذه ا لدول و فق سلوكها
وسيا ستها في ال فترة ما ب عد ال ستعمارية .وبين ما ن جد أن ا ستعادة أق صى
در جة ممك نة من الن فوذ السيا سي والقت صادي الرو سي في المنط قة هو
الهدف العام ،وإن تعزيز رابطة الدول المستقلة هي اللية الرئيسة لتحقيق
هذا الهدف .ونجد أيضا @ أن الهداف الجيوبوليتية الرئيسية لموسكو في عملية
145
الل حاق السيا سية ت بدو مر كزة ع لى دو لتي أذربي جان وكازاخ ستان .ول كي
ي كون اله جوم الم عاكس السيا سي لمو سكو ناج حا @ ي جب علي ها أن تغ لق
الو صول إ لى المنط قة ،ول كن ي جب أي ضا @ في ا لوقت ذا ته أن ت خترق درع ها
الجغرافي .
وبالنسبة إلى روسيا ،فقد كانت ول تزال أذربيجان هدفا @ مفضل@ .فإلحاقها
سوف ي ساعد في ف صل أو ق طع آ سيا الو سطى عن ال غرب ،وخا صة عن
ترك يا ،م ما يز يد ع ندئذ ،ن فوذ رو سيا مقا بل أوزبك ستان وتركمان ستان
المتمردتين عليها والرافضتين لي تحكيم من هذا القبيل .ولذا فإن التعاون
الت كتيكي مع إ يران في ما يتع لق بت لك الق ضايا ال مثيرة لل جدل م ثل كيف ية
تق سيم الت نازلت المتعل قة بالحفر في قاع ب حر قزو ين ي خدم ال هدف ال عام
المتم ثل في إج بار باكو ع لى التك يف مع رغ بات مو سكو .و كذلك ،فإن
أذربي جان الخا ضعة لمو سكو سوف ت سهل أي ضا @ تعز يز المو قع الرو سي
المسيطر في كل من جورجيا وأرمينيا .
إن كازاخ ستان تع تبر هدفا @ رئي سا @ مغر يا @ ب شكل خاص أي ضا @ لن عدم
مناعتها التنية تجعل من المستحيل على حكومة كازاخستان أن تتغلب على
المواجهة المكشوفة مع موسكو ،وتستطيع موسكو أن تستغل أيضا @ مخاوف
الكازاخستانيين من دينامية الصين المتنامية ،ناهيك عن احتمال تنامي أشياء
هؤلء الكازاخ ستانيين من إ ضفاء ال طابع ال صيني ع لى مقاط عة ك سينجيانغ
الم جاورة في ال صين .و سيكون الل حاق ال تدريجي لكازاخ ستان تأثير
جيوبول يتي يتم ثل بال جذب التو ماتيكي تقري با لقيرغيز يا وطاجاك ستان إ لى
م جال سيطرة مو سكو ،بين ما ي تم أي ضا @ ت عرض كل @ من أوزبك ستان
وتوركمانستان إلى مزيد من الضغط الروسي المباشر .
ومه ما يكن من أ مر ،فإن ال ستراتيجية الرو سية ت سير في عكس اتجاه
طموحات كل الدول الموجودة في آسيا الوسطى تقريبا@ ،وإن النخب )جمع
نخ بة( السيا سة في هذه ا لدول لن ت سلم طو عا ال قوة والمت يازات ا لتي
اكت سبتها بنتي جة ال ستقلل .وإذ يتخ لى ا لروس المحل يون بالتدر يج عن
مواقعهم المتم يزة سابقا@ ،فإن الن خب الجد يدة تزداد اهتما ما @ بال غا @ في
السيادة ،التي هي عمليا @ دينامية ،ومعدية )ناقة للعدوى( اجتماعيا@ .وبالضافة
إلى ذلك ،فإن السكان الذين كانوا سلبيين سياسيا @ في يوم ما يصبحون الن
أكثر قومية ،خارج جورجيا وأرمينيا ،وأكثر إحساسا @ أيضا @ بهويتهم السلمية .
146
أ ما في ما يتع لق بال شؤون الخارج ية ،فإن كل ا لدولتين جورج يا وأرمين يا
)و بالرغم من اعت ماد ا لخيرة ع لى ا لدعم الرو سي في حرب ها مع أذربي جان(
سوف تودان أن تصبحا بالتدريج على علقة أقوى بأوروبا .وكذلك فإن دول
آسيا الوسطى الغنية بالموارد ،بالضافة إلى أن أذربيجان ،سوف تود أن تزيد
إ لى اق صى حد ع لى أرا ضيها من الو جود القت صادي المتم ثل برأس ال مال
ا لوروبي واليا باني ،و مؤخرا ال كوري ،آم لة بذلك أن ت سرع إ لى حد كبير
تطورها القتصادي ،وتعزز استقللها .ولذا ،فهي ترحب أيضا بزيادة دور تركيا
وإ يران ح يث ترى في هاتين ا لدولتين قوة مواز نة لل قوى الرو سية وج سرا
إلى العالم السلمي الكبير في الجنوب .
وه كذا لم تر فض أذربي جان ،بت شجيع من كل ا لدولتين ترك يا وأمير كا،
الطل بات الرو سية من أ جل إقا مة قوا عد ع سكرية فح سب ،بل ت حدت أي ضا
الطلبات الروسية من أجل تمديد خط أنابيب نفطي واحد إلى مرفأ روسيي
على البحر السود ،مختارة ،عوضا @ عن ذلك ،حل @ مزدوجا @ يشمل خط أنابيب
ثانيا @ عبر جورجيا إ لى تركيا) .ثمة خط أ نابيب نحو الجنوب عبر إيران يمول
من قبل شركة أميركية كان ل بد من التخلي عنه ب سبب المقاطعة المالية
الميرك ية لل صفقات مع إ يران( .و في ال عام 1995وو سط كثير من التب جح
افت تح خط حد يدي ير بط ب ين توركمان ستان وإ يران م ما م كن أورو با من
المتاجرة مع آسيا الوسطى عبر خط حديدي متجنبة روسيا كلها .وقد وجدت
لم سة من ا لدراما الرمز ية في إ عادة الفت تاح هذه لطر يق الحر ير ال قديم،
حيث لم تعد روسيا قادرة على فصل أوروبا عن آسيا.
أ صبحت أوزبك ستان أي ضا @ حاز مة ع لى ن حو متزا يد في معار ضتا لج هود
روسيا الهادفة إلى "التكامل" .وقد أعلن وزير خارجيتها بصراحة في آب عام
1996أن أوزبك ستان ت عارض خ لق مؤس سات متخط ية لل حدود القوم ية في
راب طة ا لدول الم ستقلة ،ح يث يم كن ،ا ستخدامها بو صفها أدوات لل سيطرة
المركز ية .و قد أ ثار موقفه ذو ال طابع ال قومي ال قوي ا ستنكار ال صحافة
الرو سية ":ث مة توجه مت شدد مؤ يد لل غرب في القت صاد ،كالطعن القا سي
بمعا هدات التكا مل الملئ مة جدا @ ضمن راب طة ا لدول الم ستقلة ،والر فض
الحاسم للنضمام حتى إلى التحاد الجمر كي ،والسياسة القومية المبرمجة
المعاد ية ل لروس حتى ر ياض) ،ج مع رو ضة( الط فال ا لتي ت ستخدم الل غة
الرو سية ي تم إغلق ها( ....فإن هذا الو ضع جذاب جدا @ بالن سبة إ لى الول يات
المتحدة التي تمارس في منطقة آسيا سياسة إضعاف روسيا.((1
147
وحتى كازاخستان أصبحت تفضل ،في رد فعلها على الضغوط الروسية،
طريقا @ ثانيا @ غير روسي لتدفق نفطها .وقد عب„ر ذلك أومر سيريك كازينوف،
مستشار الرئيس الكازاخستاني ،بقوله:
ثمة حقيقة هي أن تفتيش كازاخستان عن خطوط نفطية بديلة ،جاء ردا
على تصرفات روسيا التي شملت الحد من الشحن بحرا @ لنفط كازاخستان
إ لى نوفوراسي سك ولن فط ت يومين إ لى م صفاة بافلودار .وإن ج هود
توركمنستان الهادفة إلى إقامة خط أنابيب لنقل الغاز إلى إيران تعزى في
جزء من ها إ لى الحقي قة المتمث لة في أن دول راب طة ا لدول الم ستقلة تدفع
%60ف قط من ال سعر ال عالمي أو ل تدفع شيئا @ ((1إن توركمان ستان ،ولن فس
ال سبب ،كانت ول تزال تكت شف آ فاق إقا مة خط أ نابيب نف طي عبر
أفغان ستان والباك ستان إ لى الب حر العر بي ،بال ضافة إ لى ب ناء ف عال لخ طوط
حديد ية جد يدة تربط ها بكازاخ ستان وأوزبك ستان في ال شمال و بإيران
وأفغان ستان في الج نوب .و قد دارت محاد ثات تمهيد ية واستك شافية ب ين
الكازاخستانيين ،والصينيين ،واليابانيين في شأن مشروع خط أنابيب طموح
يمتد من آسيا الوسطى إلى بحر الصين .
وه كذا ،ف مع و جود التزا مات غرب ية طوي لة ال مد عن توظ يف أ موال في
الغاز والنفط تصل في أذربيجان إلى نحو 13مليار دولر وفي كازاخستان إلى
ما يز يد على 20مليار دولر )أرقام عام ،(1996ونجد أن الطرف أن طوق
العز لة القت صادية والسيا سية ل هذه المنط قة ينك سر في و جه ال ضغوط
القتصادية العالمية والخيارات المالية الروسية المحدودة .
كان لل خوف من رو سيا تأثير في د فع دول آ سيا الو سطى إ لى ت عاون
إقلي مي أ كبر مدى .فالت حاد القت صادي في آ سيا الو سطى ا لذي شكل في
كانون ال ثاني ،1993و عانى في البدا ية من الر كود ،لم يل بث أن ا ستعاد
نشاطه وفعاليته بالتدريج .
1ـ خطوط أنابيب تصدير النفط الممتدة إلى بحر قزوين والبحر البيض
المتوسط
2ـ الطرق المأخوذة في العتبار أو التي هي قيد النشاء
3ـ البحر العربي -4الهند -5الباكستان -خط أنابيب أتو كال -6نيبال -7
ال صين -8أفغان ستان -9كابول -10طاجاك ستان -11دو شانبية -12قيرغيز يا
-13ب خارى -14ألماآ تا -15ط شقند -16أوزباك ستان -17شاردذو -18
) " (1ماذا تر يد رو سيا في منط قة عبر القو قاز وآ سيا الو سطى" "المج لة الم ستقلة"
24كانون الثاني .1995،
148
اشغابات -19توركمانستان -20بحر قزوين -21إيران -22خط أنابيب إيراني
عراقي -23طهران -24العراق -25المملكة العربية السعودية -26مصر -27
كيهان -32تركيا -33انقرة إسرائيل -28لبنان -29بغداد -30سوريا -31
-34استنبول -35البحر السود -36البوسفور -37أذربيجان -38خط أنابيب
أزري -39أذربي جان -40ب حر قزو ين -41خط أ نابيب تشي شينيا -42خط
أ نابيب نوفاراسي سك -43أوكران يا -44بيلرو سيا -45رو سيا -46ح قل ن فط
-49ه يران -50ا لردن -51 تنغ يز -47كازاخ ستان -48ب حر آرال
نوفاراسيسك .
و حتى الرئ يس الكازاخ ستاني نور سلطان نازار باييف ،كان يدافع في
البدا ية عن "الت حاد الورا سي" الجد يد ،ثم ت حول بالتدر يج إ لى الف كار عن
إقا مة ت عاون آ سيوي مر كزي أو ثق ،وت عاون ع سكري متزا يد ب ين دول
المنط قة ،ود عم لج هود أذربي جان الهاد فة إ لى تمر ير ن فط ب حر قزو ين
وكازاخ ستان عبر ترك يا ،والن ضمام إ لى معار ضة الج هود الرو سية واليران ية
الهاد فة إ لى م نع التق سيم الق طاعي )ح سب قطا عات أو ن سب معي نة(
للموارد المعدنية في الجرف القاري لبحر قزوين بين الدول الموجودة على
سواحله.
149
راب طة ا لدول "المتعاو نة" و "وغ ير المتكام لة" .و لذا ،فإن أوكران يا وق عت
اتفاق يات عن الت عاون الع سكري مع أوزبك ستان ،وتوركمن ستان ،وجورج يا؛
وفي أيلول من العام ،1996انخرط وزير خارجية اوكرانيا ،وأوزبكستان حتى
في الع مل الر مزي جدا @ ا لذي تم ثل في إ صدار ب يان يطل بان ف يه بأل تنع قد
مؤتمرات ق مة راب طة ا لدول الم ستقلة برئا سة الرئ يس الرو سي ح صرا@،
وبالتالي يجب أن تكون هذه الرئاسة دورية .
كان للمثل أو السابقة التي وضعتها أوكرانيا وأوزبكستان تأثير حتى على
ال قادة ا لذين كانوا أ كثر احترا ما @ للهتما مات المركز ية لمو سكو .ول بد ان
الكرمل ين كان منزع جا @ ب شكل خاص إذ سمع كل من رئ يس كازاخ ستان نور
سلطان نازار باييف ورئ يس جورج يا إدوارد شيفاردنادزة يعل نان في أي لول
1996أنهما سوف يتركان رابطة الدول المستقلة "إذا تهدد استقلل بلديهما.
وعمو ما@ ،و في مواج هة سلبية لراب طة ا لدول الم ستقلة ،ن جد أن دول آ سيا
الوسطى ،وأذربيجان ،رفعت مستوى نشاطها في منظمة التعاون القتصادي
ا لتي هي تجم يع آ خر أ قل تما سكا @ ن سبيا @ ل لدول ال سلمية في المنط قة ،ب ما
في ها ترك يا ،وإ يران ،والباك ستان ،وم عدة لتعز يز الروا بط المال ية والقت صادية
والنقلية ب ين أعضائها .و كانت مو سكو قد انت قدت علنا @ هذه المبادرات ح يث
رأت فيها ،وهي محقة تماما @ في ذلك ،عامل إضعاف لعضوية الدول المعنية
في رابطة الدول المستقلة.
و في ات جاه مما ثل ،كان ث مة تح سن متزا يد في الرتبا طات بترك يا وإ لى
حد أقل بإيران .فالدول الناطقة باللغة التوركية قبلت بتشوق عروض تركيا
عن ال تدريب الع سكري ل كوادر ال ضباط ا لوطنيين ال جدد ،ومخططات ها
ل ستقبال ن حو 10آلف طالب .وه كذا ،فإن مؤتمر الق مة الرا بع ل لدول
الناطقة باللغة التوركية والذي عقد في طشقند في تشرين الول 1996وتم
التح ضير له بم ساندة ترك يا ر كز كثيرا @ ع لى تح سين ارتبا طات الن قل وز يادة
الت جارة ،و كذلك ع لى الم ستويات الثقاف ية الم شتركة ،والت عاون الث قافي مع
تركيا .وكانت كل الدولتين إيران وتركيا ناشطتين بشكل خاص في مساعدة
ا لدول الجد يدة في البرم جة التلفزيون ية ،م ما سيترك تأثيرا @ مبا شرا @ في
جمهور كبير من المشاهدين.
أ ما الحت فال ا لذي أق يم في أل ما آ تا ،عا صمة كازاخ ستان ،في كانون
الول ،1996فقد كان يرمز بصورة خاصة إلى ارتباط تركيا عاطفيا @ باستقلل
دول المنط قة .و في منا سبة ا لذكرى الخام سة ل ستقلل كازاخ ستان ،و قف
150
الرئيس التركي سليمان ديميريل إلى جانب الرئيس نازارباييف وأماطا اللثام
عن ع مود مط لي با لذهب يب لغ ارت فاعه 28مترا @ وم توج ب صورة م حارب
أسطوري كارزاكي -توركي يمتطي حيوانا أسطوريا نصفه نسر ونصفه الخر
أسد.
وفي هذه المناسبة حيث كازاخستان تركيا "لوقوفها معها في كل خطوة
من تطور ها كدو لة م ستقلة" ،ورد ا لتراك التح ية بان من حوا كازاخ ستان
اعت مادا @ م صرفيا @ بقي مة 300مل يون دولر أمير كي .إ ضافة للتوظ يف ال مالي
التركي الخاص الذي بلغ نحو 1200مليون دولر أيضا@.
وإذا لم تكن تركيا أو إيران تملكان الوسائل لستبعاد روسيا من ممارسة
الن فوذ ا لقليمي في هذه المنط قة ،فإن ترك يا )وبدر جة أ قل إ يران( عمل تا
ع لى تعز يز إرادة و قدرة ا لدول الم ستقلة في مقاو مة إ عادة التكا مل مع
جارتهم ال شمالية ،و سيدتهم ال سابقة .وإن ذ لك سوف ي ساعد بالتأك يد في
المحافظة على إبقاء المستقبل الجيوبوليتي للمنطقة مفتوحا.
ـــــــــــــــ
ـــــــــ
ــــــ
151
لسيادة ول استبعاد
لسيادة ول استبعاد
إن ال تأثيرات الجيوا ستراتيجية لمير كا وا ضحة :ف هي ،أي أمير كا ،بع يدة
جدا @ ل كي ت سيطر في هذا ال جزء من أورا سيا ،ولكن ها قو ية جدا @ وبال تالي ل
يحت مل أل تن خرط في هذا الم كان من ال عالم .وإن كل ا لدول في هذه
المنط قة تن ظر إ لى ال تدخل أو الن خراط ا لميركي باعت باره ضروريا @ لبقائ ها.
ورو سيا أ صبحت ضعيفة جدا @ وغ ير قادرة ع لى ا ستعادة سيادتها المبريال ية
ع لى المنط قة أو ع لى إب عاد ا لخرين من ها ،ولكن ها قري بة جدا @ وقو ية جدا
وبال تالي ل يم كن ا ستبعادها .وإن ترك يا وإ يران قوي تان ب ما ف يه الكفا ية
لممارسة النفوذ ،ولكن عدم مناعتهما تستطيع أن تجعل المنطقة غير قادرة
على التكيف والتعامل مع التحدي القادم من الشمال ومع النزاعات الداخلية
في المنطقة .والصين قوية جدا ولكن ليس لدرجة تخيف معها روسيا ودول
آ سيا الو سطى ،و مع ذ لك فإن وجود ها ذا ته ودي نا ميت ها القت صادية ي سهلن
على آسيا الوسطى السعي إلى امتداد عالمي أوسع.
نستنتج من ذلك أن المصلحة الرئيسة لميركا تكمن في المساعدة لكي
ت ضمن بأن أي قوة من فردة لن ت سيطر ع لى هذا الم جال الجيوبول يتي ،وأن
المجتمع العالمي لم يعق حرية الوصول المالي والقتصادي إليه .ولن تصبح
التعدد ية واق عا @ دائ ما @ إل ع ندما تر بط شبكة من أ نابيب الن فط و طرق
المواصلت المنطقة مباشرة بالمراكز الرئيسة للنشاط القتصادي ال عالمي
عبر البحر ين العر بي وا لبيض المتو سط ،و عبر ا لبر أي ضا .وبال تالي ،فإن
الج هود الرو سية الهاد فة إ لى احت كار حر ية الو صول ي جب أن ت قاوم بو صفها
غير ملئمة للستقرار القليمي .
ومهما يكن المر ،فإن استبعاد روسيا من المنطقة ليس مرغوبا @ فيه ول
ممك نا@ ،ول يح بذ أي ضا @ خ لق عداوة ب ين ا لدول الجد يدة في المنط قة من
ناح ية ،وب ين رو سيا من ناح ية ثان ية ،و في الحقي قة فإن ال سهام القت صادي
الف عال لرو سيا في ت طوير المنط قة يع تبر ضروريا @ ل ستقرار هذه ا لخيرة،
ويج عل رو سيا شريكا@ ،ول كن ل يس حاك ما @ مهيم نا @ ح صرا@ ،يم كن أن تتح قق
فوائد اقت صادية ها مة ونا ضجة أي ضا .وعمو ما@ ،فإن ال ستقرار ا لكبر وا لثروة
المتزايدة ضمن المنطقة سوف يسهمان مباشرة في رفاهية روسيا وتعطي
معنى حقيقيا @ "لرابطة الدول" التي تعد بها التسمية المعروفة بها أي رابطة
ا لدول الم ستقلة .ول كن هذا الخ يار الت عاوني لن ي صبح سيا سة رو سية إل
عندما تستبعد على نحو فعال التصاميم أو الفكار الكثر طموحا @ التي تحمل
152
مفار قات تاريخ ية ،و تذكر ع لى ن حو مؤلم ب ما كان ي حدث في دول البل قان
الساسية .
إن ا لدول ا لتي ت ستحق أ قوى د عم جيوبول يتي من ق بل أمير كا هي
أذربيجان ،وأوزبكستان ،و)من خارج المنطقة( ،أوكرانيا ،علما @ أن هذه الدول
الثلثه تعتبر كلها محورية أو بالغة الهمية جيوبوليتيا .وفي الوقت ذاته ،فإن
كازاخ ستان ت ستحق أي ضا@ ،إذا أ خذنا في العت بار م ساحتها ،و قدرتها
القت صادية ،وموقع ها الم هم جغراف يا ،م ساندة دول ية عقلن ية ،ول سيما في
مجال المساعدة القتصادية الدائمة .ومع مرور الزمن ،فإن النمو القتصادي
في كازاخ ستان يمك نه أن ي ساعد في جر الخل فات التن ية ا لتي تج عل هذا
"الدرع" السيوي الوسطي غير منيع إزاء الضغط الروسي.
و في هذه المنط قة ،تتقا سم أمير كا الهت مام الم شترك ل يس ف قط مع
ترك يا الم ستقرة وذات النز عة الغرب ية ،ول كن مع إ يران وال صين أي ضا .وإن
تح سنا @ تدريجيا @ في العل قات الميرك ية اليران ية سوف يز يد كثيرا @ من حر ية
الو صول ال عالمي إ لى هذه المنط قة ،ويق لل ع لى ن حو أ كثر تخصي صا @ من
التهديد الفوري لبقاء أذربيجان .وإن الوجود القتصادي المتنامي للصين في
هذه المنطقة ورهانها السياسي على استقلل هذه الخيرة يتوافقان أيضا @ مع
مصالح أميركا .وكذلك ،فإن مساندة الصين لجهود الباكستان في أفغانستان
سوف تجعل حرية الوصول الدولي إلى توركمنستان ممكنة بدرجة أكبر،مما
ي ساعد بال تالي في تعز يز هذه الدو لة و كذلك أوزبك ستان أي ضا @ ) في حال
اضطرت كازاخستان لمعاناة الضطراب(.
يحتمل أن يكون تطور تركيا وتوجهها حاسمين بشكل خاص بالنسبة إلى
م ستقبل دول القو قاز .وإذا ا ستطاعت ترك يا أن ت شق طريق ها إ لى أورو با،
و لم تغ لق هذه ا لخيرة أبواب ها أمام ها )ترك يا( ،فل يحت مل أن تن جذب دول
القو قاز إ لى ال مدار ا لوروبي ،عل ما @ أن هذه ا لدول تر غب ع لى ن حو مح موم
في أن يتح قق ذ لك .ول كن إذا توقفت عمل ية "أور بة" ترك يا ،سواء ل سباب
داخل ية أو خارج ية ،ف لن ي كون ،ع ندئذ ،أي خ يار أ مام جورج يا وارمين يا سوى
التك يف مع نز عات رو سيا .و سوف ي صبح م ستقبل هاتين ا لدولتين مرتب طا
بعلقة روسيا المتطورة بأوروبا المتوسعة ،سواء للخير أو للشر.
يحت مل أن ي كون دور إ يران أ كثر إ شكالية .فالعودة إ لى الو ضع المؤ يد
لل غرب سوف ت سهل بالتأك يد ا ستقرار وتعز يز المنط قة ،وبال تالي ف من
المر غوب ف يه ا ستراتيجيا @ أن ت شجع أمير كا هذا الت حول في سلوك إ يران.
ولكن ،إلى أن يحدث ذلك ،يحتمل أن تلعب إيران دورا @ سلبيا@ ،يؤثر على نحو
153
غير ملئم في توقعات أذربيجان ،حتى ولو اتخذت )أي إيران( مواقف إيجابية
كجعل تور كمنستان تنفتح على العالم وتعزيز إحساس سكان آسيا الوسطى
بإرثهم الديني ،بالرغم من الصولية الراهنة السائدة فيها.
وأخ يرا@ ،يحت مل أن يت شكل م ستقبل آ سيا الو سطى من خلل مجمو عة
من ال ظروف تع تبر أ كثر تعق يدا@ ،إ ضافة إ لى تقر ير م صير دول ها من خلل
التفاعل المعقد بين المصالح الروسية ،والتركية ،واليرانية ،والصينية ،وإلى
الدر جة ا لتي تك يف في ها الول يات المت حدة علقات ها برو سيا في ضوء ا حترم
هذه ا لخيرة ل ستقلل ا لدول الجد يدة .وإن حقي قة هذا التفا عل ت ستثني إ ما
المبراطور ية أو الحت كار بو صفهما هدفا @ ذا مع نى وم جديا @ لي من الل عبين
الجيواستراتيجيين المشتركين في اللعبة .وفي الواقع ،فإن الخيار الساسي
هو ب ين ال توازن ا لقليمي الح ساس ،ا لذي سوف ي سمح بالد خال ال تدريجي
للمنطقة في القتصاد العالمي الجديد بينما تعزز دول المنطقة نفسها وربما
تمت لك أي ضا @ هو ية إ سلمية أ كثر و ضوحا @ من ناح ية ،وب ين ال نزاع ا لتني،
والت شظي )النق سام( السيا سي ،ورب ما حتى الممار سات القتال ية العدائ ية
ع لى ام تداد ال حدود الجنوب ية لرو سيا من ناح ية ثان ية .وعمو ما@ ،فإن تحق يق
ودعم التوازن القليمي يجب أن يكونا @ هدفا @ رئيسا @ في أي استراتيجية طبيعية
)جيواستراتيجية( أميركية شاملة معدة لجل أوراسيا.
154
الفصل السادس
155
تعتبر عالمية من ناحية ،ومع ذلك ل تزال محمية في الوقت ذاته ،من ناحية
ثانية.
وكذلك ،فبالنسبة إلى اليابان ،فإن أميركا تستمر في كونها شريكا @ حيويا
في عملية ظهور اليابان كفائد دولي .ولكن أميركا هي أيضا @ السبب الرئيس
وراء افتقار اليابان المستمر إلى العتماد على الذات قوميا @ في مجال المن.
فكم من الزمن يمكن أن يستمر هذا الوضع؟
وبت عبير آ خر ،ف في الم ستقبل المن ظور ن جد أن ق ضيتين جيوبوليت يتين،
ومت فاعلتين مبا شرة أي ضا@ ،سوف ت حددان دور أمير كا في ال شرق الق صى
الوراسي وهما:
1ـ ما هو التعر يف العم لي ،و ما هو الح جم المق بول ،من وج هة ن ظر
أميركا ،للظهور المحتمل للصين بوصفها قوة إقليمية مسيطرة ولطموحاتها
المتنامية إلى موقع القوة العالمية؟
2ـ إذا كانت اليابان تسعى إلى تحديد دور عالمي لنفسها ،فكيف ستعالج
أمير كا الن تائج القليم ية ل لتراجع الحت مي في در جة ق بول اليا بان بموقع ها
كمحمية أميركية؟
يتم يز حال يا @ الم شهد الجيوبول يتي في شرق آ سيا بعل قات قوة شبه
م ستقرة .وي شمل شبه ال ستقرار هذا شرطا @ لل صلبة الخارج ية ،وإن كانت
مرون ته قلي لة ن سبيا@ ،ا لمر ا لذي يذكرنا بالحد يد أ كثر من ال فولذ .و هو غ ير
منيع إزاء رد فعل تسلسلي مدمر تولده ضربة ارتجاجية قوية.
وعمو ما@ ،فإن ال شرق الق صى ا لن ي مارس دينام ية اقت صادية أ كثر من
عاد ية إ لى جانب حا لة ال شك السيا سي المتنام ية .ويم كن للن مو القت صادي
ال سيوي في الحقي قة أن ي سهم في هذا ال شك لن الرفاه ية ت موه أو تع تم
على نقاط الضعف السياسية في المنطقة ،بينما تقوي الطموحات القومية
وتوسع التوقعات الجتماعية .
إن كون آ سيا تم ثل نجا حا @ اقت صاديا @ ل نظ ير له في الت طور الب شري هو
أ مر ل يح تاج إ لى إث بات .وإن م جرد إح صاءات أسا سيه قلي لة تل قي ال ضوء
ع لى ن حو درا مي ع لى هذه الحقي قة .فق بل أ قل من ارب عة ع قود كان شرق
آسيا )بما فيه اليابان( ل يشكل سوى 4في المئة فقط أو شيء قريب من
ذ لك ،من ا لدخل ال قومي ال سنوي الج مالي لل عالم .بين ما و صل هذا ا لدخل
في أميركا إلى نحو 35ـ 40في المئة؛ وفي منتصف أعوام التسعينات كانت
المنطقتان متساويتين تقريبا @ )في حدود 25في المئة( .وفضل @ عن ذلك؛ فإن
156
وتيرة النمو في آسيا كانت غير مسبوقة تاريخيا .وقد لحظ القتصاديون أن
بريطان يا العظ مى اح تاجت ،في مرح لة ا لقلع في الت صنيع ،إ لى أ كثر من
خمسين سنة ،واحتاجت أميركا إلى أقل بقليل من خمسين سنة أيضا@ ،لكي
ت ضاعف كل منه ما د خل ال فرد ،بين ما حق قت كل ا لدولتين ال صين وكور يا
الجنوبية مضاعفة هذا الدخل خلل 10سنوات فقط تقريبا @ .
ومع تجاوز بعض حالت التمزق القليمي فمن المحتمل أن آسيا سوف
تت جاوز ،خلل ر بع قرن ،كل @ من أمير كا وأورو با في ا لدخل ال قومي ال سنوي
الجمالي .
وفي المقابل ،فإن آسيا هي اليوم مقر أكبر تركيز في العالم للقوميات
ال ثائرة ال شاملة ا لتي ا ستيقظت مؤخرا@ ،و قويت ب سبب الو صول الم فاجئ
إ لى الت صالت الجماع ية ،ون شطت من خلل تو سيع التوق عات الجتماع ية
ا لتي و لدتها الرفاه ية القت صادية المتنام ية وات ساع ال فروق في ا لثروة
الجتماعية .وجعلت أكثر حساسية للتعبئة السياسية بسبب الزيادة المتفجرة
في ال سكان وانت قال ال ناس إ لى ال مدن .و قد ت فاقمت هذه ال شروط ب سبب
ازد ياد ح جم الت سلح في آ سيا .ف في ال عام ،1995أ صبحت المنط قة ،ح سب
معطيات المعهد الدولي للدراسات الستراتيجي ،أكبر مستورد للسلحة في
العالم ،متجاوزة بذلك أوروبا والشرق الوسط .
157
وباختصار ،فإن شرق آسيا تغلي بنشاط دينامي كان حتى الن يوجه في
اتجاهات سلمية بسبب وتيرة النمو القتصادي السريعة في المنطقة .ولكن
صمام المان هذا يمكن أن يفشل في منطقة ما بسبب النزعات السياسية
غير المقيدة ،وذلك بمجرد تفجرها في نقطة ملتهبة ما ،حتى وإن كانت هذه
النق طة تاف هة .وإن احت مال و جود هذه النق طة الملته بة يك من في عدد كبير
من القضايا المتنازع عليها ،علما أن كل @ منها يشكل نقطة ضعف غير منيعة
إزاء ال ستغلل ا لديماغوجي )الغو غائي( وبال تالي يحت مل حدوث التف جر في
أي لحظة:
158
وهناك اضطراب إثني في مقاطعة كسينجيانغ؛ وخصومات ومشاحنات صينية
أندونيسية على الحدود المحيطية )انظر الخريطة(.
1ـ المطالبة الصينية 2ـ المطالبة الهندية 3ـ المطالبة الصينية
4ـ الحت كاك ال حدودي ب ين ال صين وفيت نام 5ـ جزر بارا سيل 6ـ جزر
سبراتلي 7ـ جز يرة برا تاس 8ـ جزر سنكاكو /ديايو ـ يو ـ تاي 9ـ
صخورليانكورث 10ـ خط الفصل 11ـ الراضي الشمالية 12ـ المحيط الهندي
13ـ المحيط الهادي .
ل يس توز يع ال قوة في المنط قة متواز يا @ أي ضا@ .فال صين بتر سانتها النوو ية
وقوات ها الم سلحة ال كبيرة ،هي ال قوة الع سكرية الم سيطرة ب شكل وا ضح
)ان ظر ال جدول( .و قد تب نت البحر ية ال صينية عق يدة ا ستراتيجية هي "ا لدفاع
الف عال عن الم ناطق البحر ية البع يدة ن سبيا @ عن ال شواطئ ،في سعي من ها
إ لى امتلك قدرة ع لى "ال سيطرة الفعا لة ع لى الب حار ضمن سل سلة ال جزر
الولى" مما يعني شمول مضيق تايوان وبحر الصين الجنوبي .وبالتأكيد فإن
القدرة العسكرية لليابان تتزايد أيضا@ ،ومن حيث النوعية ليس لهذه القدرة
نظ ير إقلي مي .ومه ما ي كن من أ مر ف في ا لوقت الرا هن ،لي ست ال قوات
الم سحلة اليابان ية أداة للسيا سة الخارج ية اليابان ية ،ول كن ين ظر إلي ها غال با
على أنها امتداد للوجود العسكري الميركي في المنطقة .
إن بروز ال صين ج عل جيران ها في الج نوب ال شرقي ي حترمون ع لى ن حو
متزا يد الهتما مات المقل قة ال صينية .وال جدير با لذكر أ نه في أث ناء الز مة
الصغيرة في بداية العام 1996المتعلقة بتايوان )والتي انخرطت فيها الصين
في ب عض الم ناورات الع سكرية الخ طرة )الم هددة( ومن عت الو صول ب حرا
و جوا @ إ لى منط قة قرب تايوان ،م سرعة بذلك النت شار الت ظاهري للبحر ية
الميرك ية( ،أع لن وز ير خارج ية تايل ند ب سرعة أن هذا الم نع طبيعي ،ك ما
أوضح أيضا @ نظيره الندونيسي أن ذلك هو شأن صيني صرف ،وكذلك أعلنت
الفيليبين وماليزيا عن سياسة محايدة إزاء هذه القضية .
إن غ ياب توازن ال قوة ا لقليمي في ال سنوات ا لخيرة د فع بدولتي
أ ستراليا وأندوني سيا ،ال لتين كان تا حتى هذا ا لوقت حذرتين إ حداهما من
الخرى ،إلى بدء تنسيق عسكري متنام بينهما .ولم تتكتم كل هاتين الدولتين
ع لى قلقه ما إزاء التوق عات ع لى ال مدى الطو يل عن ال سيطرة الع سكرية
القليمية الصينية وإزاء بقاء قوة الوليات المتحدة بوصفها ضامن للمن في
المنطقة .وكان هذا القلق قد جعل سنغافورة أيضا @ تعمل على إقامة تعاون
أم ني أو ثق مع هذه ا لدول .و في الحقي قة ،ف في المنط قة كل ها ،ن جد أن
159
ال سؤال المر كزي لدى ال ستراتيجيين ،وا لذي ل تو جد إجا بة ع نه ،أ صبح ك ما
ي لي" :إ لى م نى ي ستطيع ال سلم في المنط قة ال كثر كثا فة سكانية وا لكثر
ت سلحا @ في ال عالم أن ي ضمن بو ساطة مئة أ لف ج ندي أمير كي ،وإ لى متى
يحتمل أن يبقى هؤلء الجنود عموما @ ؟".
و في هذا الو ضع ال هش ا لذي تزداد ف يه النز عات القوم ية حدة ،ويتزا يد
عدد ال سكان ،وتن مو الرفاه ية ،وتتف جر التوق عات ،وت تداخل طمو حات ال قوة،
نجد أنه تحدث تغيرات تكتونية حقيقية في المشهد أو المسرح الجيوبوليتي
لشق آسيا .
ـ إن ال صين ،ومه ما كانت آفاق ها النوع ية وتوقعات ها ،هي قوة صاعدة
ويحتمل أن تكون مسيطرة .
ـ إن دور أمير كا ا لمني يصبح على نحو متزا يد معتمدا @ على التعاون مع
اليابان .
ـ إن اليابان تتطلع إلى دور سياسي أكثر تحديدا @ واستقللية .
ـ ترا جع كثيرا @ دور رو سيا ،بين ما أ صبحت آ سيا الو سطى ا لتي كانت
محكومة سابقا @ من قبل روسيا هدفا @ للتنافس الدولي .
ـ لم ي عد ا لدفاع عن تق سيم كور يا أو الب قاء عل يه ممك نا @ م ما يج عل من
ال توجه الم ستقبلي ل هذه الدو لة م سألة تتع لق بالهت مام الجيوا ستراتيجي
المتزايد لجيرانها الرئيسيين .
وهكذا ،فإن هذه التغيرات التكتونية تعطي بعدا @ إضافيا @ مهما @ إلى قضيتين
مركزيتين جاء ذكرهما في بداية هذا الفصل .
القوات المسلحة السيوية
عد د عد د س فن عد د عد د
ت عداد ال قوة الدول
الغ و ا صات السط ح ال طا ئر ات ا لد با با ت
شرية الب
ال م قا تل ة
)الفراد(
( 7) 53 ( 40) 57 5224 ( 500) 9400 3030000 الصين
)( 124
( 6) 6 ( 8) 11 ( 160) 336 ( 40) 1890 577000 الباكستان
( 12) 18 ( 14) 21 ( 374) 700 3500 1100000 الهند
)( 2700
( 0) 0 ( 6) 14 ( 18) 74 ( 313) 633 295000 تايلند
( 0) 0 ( 0) 0 ( 6) 143 ( 0) 350 55500 سنغافورة
160
( 0) 23 ( 0) 3 ( 136) 730 ( 2225) 4200 1127000 يا ك ور
الش م الي ة
( 3) 3 ( 9) 17 ( 48) 334 ( 450) 1860 633000
كوريا الجنوبية
( 17) 17 ( 40) 62 ( 231) 324 ( 929) 1200 237700
اليابان
( 2) 4 ( 11) 38 ( 10) 460 ( 0) 1400 442000
تايوان)*(
( 0) 0 ( 5) 7 ( 0) 240 ( 400) 1900 857000
فييتنام
( 0) 0 ( 0) 2 ( 0) 50 ( 26) 26 114500 ماليز يا)**(
( 0) 0 ( 0) 1 ( 0) 7 ( 0) 41 106500 ال فيلييبي ن
( 2) 2 ( 4) 17 ( 12) 54 ( 110) 235 270900
أندونيسيا
)ملح ظة :إن الر قام المو جودة ضمن أ قواس ت شير إ لى عدد
المنظومات السلحية المتطورة(
)*( إن تايوان متعاقدة على شراء 160طائرة ف 16و 60ميراج و 130
طائرة مقاتلة أخرى كما أن لديها بضعة مراكب بحرية قيد الصنع .
)**( تشتري ماليزيا حاليا @ 8طائرات ف 18وربما 18طائرة ميغ .29
ملح ظة :إن ت عداد ال قوة الب شرية أو ت عداد ا لفراد يع ني كل ال قوات
العاملة )الدائمة(؛ والدبابات تعني مجموع دبابات القتال الرئيسة والخفيفة؛
وال طائرات المقات لة تع ني طائرات الق تال الهجوم ية جو ـ جو ،و طائرات
اله جوم الر ضي؛ و سفن ال سطح تع ني حاملت ال طائرات ،ال مدمرات،
والفرقا طات ،وال طرادات؛ والغوا صات تع ني كل ا لنواع المو جودة.
والمنظومات المتطورة تعني أنها مصممة بعد منتصف أعوام الستينات على
القل ومجهزة بمعدات تكنولوجية متطورة ،كالليزر ومقاييس المسافات في
الدبابات .
الم صدر :تقر ير مك تب المحا سبة ال عام "،تأثير الت حديث الع سكري في
الصين على منطقة المحيط الهادي " ،حزيران . 1955
161
الصين ليست عالمية بل إقليمية
ـــــــــــــــــ
الصين :ليست عالمية بل إقليمية
إن تار يخ ال صين هو تار يخ عظ مة قوم ية .فالقوم ية النا شطة حال يا @ لدى
ال شعب ال صيني لي ست جد يدة إل في قدرتها ع لى النت شار اجتماع يا@ ،ولن ها
ت شغل التحد يد ا لذاتي للهو ية والعوا طف ل عدد لم ي سبق له نظ ير من
الصينيين .ولم تعد ظاهرة مقتصرة في معظمها على الطلب الذين شكلوا ،
في السنوات الولى من هذا القرن ،طليعة للكيومنتانغ والحزب الشيوعي.
وهكذا ،فإن القومية الصينية هي ا لن ظاهرة شاملة ،تحدد التجاه الفكري
للدولة الكثر سكانا @ في العالم .
ول هذا التجاه الفكري جذور تاريخية عميقة .فالتار يخ هيأ النخبة الصينية
لتفكر في الصين على أنها المركز الطبيعي للعالم .وفي الحقيقة ،فإن كلمة
"ال صين "تع ني في الل غة ال صينية "الممل كة الو سطى "أو شونغ ك يو" ،وكل
هذين الت عبيرين يحملن ف كرة مركز ية ال صين في ال شؤون العالم ية وتع يد
تأكيد أهمية الوحدة القومية .وإن هذا المفهوم يعني أيضا @ إشعاعا @ ذا تسلسل
هر مي للن فوذ من المر كز إ لى ا لطراف المحي طة ،وه كذا فإن ال صين،
كمركز ،تتوقع الحترام من الخرين.
وفضل @ عن ذلك ،فمن زمن مغرق في القدم ،كانت الصين؛ بعدد سكانها
الكبيرة ،مثل حضارة متميزة ،وموضع فخر بحد ذاتها .وكانت هذه الحضارة
متقد مة جدا @ في كل الم جالت :كالفل سفة ،والثقا فة ،والف نون ،والم هارات
الجتماع ية ،وال قدرة التقن ية ع لى ال ختراع ،وال قوة السيا سية .وي تذكر
ال صينيون أن هم كانوا حتى ال عام 1600تقري با @ ي قودون ال عالم في الن تاج،
والخترا عات ال صناعية ،وم ستوى المعي شة .ول كن ،وخل فا @ للح ضارتين
الوروب ية ،وال سلمية ،ال لتين خلف تا أو أو جدتا ن حو 75دو لة غ ير كام لة ،فإن
ال صين بق يت في مع ظم تاريخ ها دو لة وا حدة ،و كانت ت ضم ،ع ندما أع لن
ا ستقلل أمير كا ،أ كثر من 200مل يون إن سانا@ ،ك ما كانت ال قوة ال صناعية
الولى في العالم .
و من هذا المن ظور ،فإن سقوط ال صين مع مو قع العظ مة أو ال سنوات
المئة والخم سين ا لتي مورس في ها ا لذلل ل هذه الدو لة ،هو ان حراف عن
القاعدة ،أو انتهاك لقدسية النوعية الخاصة بالصين ،وبتعبير آخر ،فهو إهانة
شخ صية ل كل فرد صيني .وي جب أن يم حى ذ لك ،ك ما أن من فذيه ي ستحقون
العقاب .
162
و هؤلء ا لذين ارتك بوا هذه الع مال الم شينة ،و بدرجات مختل فة كانوا
أرب عة ب صورة رئي سة هم :بريطان يا العظ مى واليا بان ،ورو سيا ،وأمير كا؛
فبريطان يا مته مة ب سبب حرب ا لفيون و ما تل ها من إذلل م شين لل صين
وحط من قدرها؛ واليابان متهمة بسبب حروب النهب والسلب التي خاضتها
ضد الصين في القرن الماضي ،مؤدية إلى إيقاع مرعب )لم يعبر عن الندم
إزاء ها حتى ا لن( للمعا ناة ع لى ال شعب ال صيني؛ ورو سيا مته مة ب سبب
اعتداءاتها الطويلة المد على الراضي الصينية في الشمال ،وبسبب النزعة
ال ستبدادية المت سمة ب عدم الح ساس و عدم المرا عاة لل حترام ا لذاتي
الصيني من قبل ستالين وأخيرا @ أميركا المتهمة بأنها وقفت ،بسبب وجودها
السيوي ودعمها لليابان ،في وجه الطموحات الخارجية للصين .
وح سب وج هة الن ظر ال صينية ،فإن اث نتين من هذه ا لدول ا لربع عوقب تا
حتى الن ،ولنقل ،من قبل التاريخ .فبريطانيا العظ مى لم ت عد إمبراطور ية،
كما أن تخفيض رافعة التحاد في هونغ كونغ تخفيضا @ أبديا @ يغلق هذا الفضل
ال مؤلم ب شكل خاص .ورو سيا تب قى في ال باب الم جاور ،وإن كانت قد
تراج عت كثيرا @ في موقع ها ،وهيبت ها ،وم ساحة أر ضها .وأ ما أمير كا واليا بان
فهما الدولتان اللتان تثيران أكثر المشكلت خطرا @ بالنسبة إلى الصين ،وفي
سياق هذا التفا عل معه ما سوف يت حدد ع لى ن حو مل موس ا لدور ا لقليمي
والدور العالمي للصين .
ومهما يكن من أمر ،فإن هذا التعريف سوف يعتمد بالدرجة الولى على
كيفية تطوير الصين لنفسها ،وعلى مدى ما ستصبح عليه من قوة اقتصادية
وع سكرية .و في هذا ال سياق ،فإن ت شخيص ماه ية ال صين هو عمو ما @ وا حد،
بالرغم من أن ذلك لن يخلو من بعض الشكوك والمواصفات الهامة .وهكذا،
فإن كل ال سمتين المتمثل ين في وت يرة الن مو القت صادي ال سريعة ،وح جم
التوظيف المالي الجنبي في الصين ،وكل منهما تقع بين النسب العلى في
ال عالم ،ت قدمان أسا سا @ إح صائيا @ للت شخيص التقل يدي ع لى ن حو يم كن ال قول
م عه إن ال صين سوف ت صبح خلل ع قدين من الز من تقري با @ قوة عالم ية،
وع لى م ستوى قر يب من الول يات المت حدة وأورو با ) مع ا فتراض أن هاتين
الخيرتين تتحدان وتتوسعان أكثر(.
163
ويمكن أن تصبح الصين آنذاك ذات دخل قومي سنوي يزيد إلى حد كبير
عن الدخل المماثل في اليابان علما @ أنها تزيد الن عن روسيا بهامش كبير.
وعموما@ ،فإن هذا الندفاع القتصادي يجب أن يسمح للصين بأن تمتلك قوة
ع سكرية ع لى م ستوى سيكون مرو عا @ أو مخي فا @ ل كل جيران ها ،ورب ما حتى
للخ صوم ا لكثر ب عدا @ من الناح ية الجغراف ية ا لذين ل ين ظرون بارت ياح إ لى
طموحات الصين .وإذ ازدادت الصين قوة بانضمام هونغ كونغ وما كاو ،وربما
أي ضا @ و في و قت ل حق بالل حاق السيا سي ل تايوان علي ها ،فإن ها سوف لن
ت صبح دو لة م سيطرة في ال شرق الق صى فح سب ،بل ست صبح اي ضا @ قوة
عالمية من المرتبة الول.
ومهما يكن المر ،فإنه توجد نقاط ضعف في أي تشخيص من هذا النوع
للنبعاث الحتمي "للملكة الوسطى" لتصبح قوة عالمية مركزية ،ولعل الكثر
وضوحا @ من هذه النقاط تتعلق بالعتماد الميكانيكي على السقاط )التفكير(
الحصائي .وإن هذا الخطأ عينه كان قد ارتكب في وقت ليس بعيدا @ من قبل
أولئك ا لذين تن بأوا بأن اليا بان سوف تت جاوز الول يات المت حدة في ق يادة
القت صاد ال عالمي ،وإن اليا بان هذه كانت م عدة لن ت صبح الدو لة العظ مى
الجد يدة .و قد ف شل هذا التن بؤ في ال خذ في الح سبان كل @ من عا مل عدم
المنا عة القت صادية لليا بان ،وم شكلة عدم ال ستمرارية السيا سية ،و كذلك
فإن الخ طأ ذا ته يرت كب حال يا @ من ق بل أولئك ا لذي يعل نون ،ويخ شون أي ضا@،
من البروز الحتمي للصين كقوة عالمية .
ف من ناح ية أو لى ،ي ستبعد جدا @ أن تتم كن ال صين من المحاف ظة ع لى
م عدلت الن مو المتف جرة الحال ية خلل الع قدين ال قادمين .ول يم كن ا ستبعاد
حدوث ت باطؤ اقت صادي ،عل ما @ أن ذ لك ب حد ذا ته سوف يدخل ال شك إ لى
الت شخيص التقل يدي .و في الحقي قة ،فل كي يم كن المحاف ظة ع لى هذه
المعدلت خلل فترة طويلة من الزمن ل بد من الجمع الملئم على نحو غير
عادي ب ين ق يادة وطن ية فعا لة ،و هدوء سيا سي ،وان ضباط اجت ماعي داخ لي،
وم عدلت توفير عال ية ،و تدفق عال جدا @ وم ستمر ل لموال الجنب ية الموظ فة
في هذه البلد ،واستقرار إقليمي .ولكن الجمع على المدى الطويل بين هذه
العوامل اليجابية سيكون إشكاليا @ وصعبا @ .
وبالضافة إلى ذلك ،فمن المحتمل أن تؤدي وتيرة النمو السريعة للصين
إ لى تأثيرات جانب ية سيا سية يمكن ها أن ت حد من حر ية الع مل .وإن ا ستهلك
الصين للطاقة بدأ يزداد بمعدل يزيد عن النتاج المحلي .وسوف تتسع هذه
الزيادة في أي حال ،ول سيما إذا استمر معدل النمو في الصين في مستوى
164
عال .وي صح ال شيء ذا ته ع لى الط عام .ف حتى مع ال خذ في العت بار لب طاء
الن مو ا لديموغرافي )ال سكاني( في ال صين ،فإن ت عداد ال سكان في ها ل يزال
يزداد بأر قام كبيرة ،ح يث ت صبح م ستوردات الط عام أ كثر ضرورة للرفاه ية
الداخل ية ولل ستقرار السيا سي .وإن العت ماد ع لى الم ستوردات لن ي ضع
أع باء ع لى ال موارد القت صادية ال صينية ب سبب الت كاليف العال ية فح سب ،بل
سوف يجعل الصين أيضا @ أقل مناعة للضغوط الداخلية .
وعلى الصعيد العسكري ،يمكن أن تصنف الصين جزئيا @ كقوة عالمية ،ما
دام الح جم ال كبير لقت صادنا ،و ما دا مت م عدلت الن مو العال ية لديها تم كن
حكامها من تخصيص نسبة كبيرة من الدخل القومي السنوي لجراء توسيع
وتحديث رئيسيين للقوات المسحلة الصينية ،بما في ذلك بناء ترسانة نووية
استراتيجية .ومه ما يكن من أ مر ،فإذا كان هذا الجهد مفرطا @ )ح سب بعض
التقديرات الغربية ،فإن الصين كانت تستهلك في منتصف أعوام التسعينات
نحو 20في المئة من دخلها القومي السنوي لهذا الغرض( ،فربما سيكون له
نفس التأثير السلبي في النمو القتصادي البعيد المد للصين الذي مارسته
المحاولة الفاشلة للتحاد السوفييتي في دخوله التنافس في سباق التسليح
مع الوليات المتحدة ،على القتصاد السوفييتي .وفضل @ عن ذلك ،يحتمل أن
ي سرع الج هد ال صيني الرئ يس في هذا الم جال عمل ية الت سليح اليا باني
المواز ية ،م ما سيؤدي إ لى الحر مان من ب عض ال فوائد السيا سية للبرا عة
العسكرية المتنامية للصين .ول ينبغي للمرء أن يتجاهل الحقيقة المتمثلة بأن
ال صين يحت مل أن تفت قر ،خارج ن طاق ال قوات النوو ية ،إ لى الو سائل اللز مة
لنقل قواتها العسكرية إلى ما وراء حدودها القليمية .
يم كن ل حالت ال توتر ضمن ال صين أن ت شتد ،بنتي جة عدم الت ساوي
الحت مي في الن مو القت صادي المت سارع جدا@ ،وال مدفوع ب قوة بو ساطة
ال ستغلل غ ير المح ظر لل فرص الهام شية .فالجنوب وال شرق ال ساحليان،
ومرا كز ال مدن الرئي سة ا لتي ي سهل و صول ا لموال الجنب ية الموظ فة
والت جارة من ما وراء الب حار إلي ها ،ح صلت حتى ا لن ع لى الح صص ال كبرى
من النمو القتصادي الكبير للصين .وفي المقابل ،فإن مناطق الجزر الريفية
عمو ما@ ،وب عض الم ناطق البع يدة تخل فت عن الر كب ) مع و جود ن حو مئة
مليون ريفي عاطل عن العمل فيها(.
وه كذا ،فإن ال ستياء ال ناجم عن عدم الم ساواة القليم ية يم كن أن ي بدأ
في التفا عل مع الغ ضب ال ناجم عن عدم الم ساواة الجتماع ية .وإن الن مو
165
ال سريع لل صين يو سع الث غرة الجتماع ية في توز يع ا لثروة .و في نق طة ما،
ول سباب ت عود إ ما إ لى أن الحكو مة يم كن أن ت سعى إ لى ال حد من هذه
ال فروق ،أو إ لى ل ستياء الجت ماعي ل لذين يعي شون في الم ستويات ا لدنيا،
يم كن ل عدم الم ساواة القليم ية وللث غرة الجتماع ية أن تؤثرا ،بدور ه ما ،في
الستقرار السياسي للبلد.
وال سبب ال ثاني لل شك ال حذر إزاء التن بؤات الوا سعة النت شار عن بروز
ال صين في الر بع ا لول من ال قرن ال قادم ك قوة م سيطرة في ال شؤون
العالم ية ،هو ،في الحقي قة ،سيا سة ال صين .فال طابع ا لديناميكي للت حول
القت صادي غ ير الم سيطر عل يه من ق بل الدو لة في ال صين ،ب ما في ذ لك
النفتاح القتصادي على سائر دول العالم ،ليس ملئما @ على نحو متبادل مع
الخرين وعلى المدى الطويل ،إذا استمرت الدكتاتورية الشيوعية المتشددة
بيروقراط يا @ والمغل قة ن سبيا .وعمو ما@ ،فإن ال شيوعية المع لن عن ها في هذه
الدكتاتور ية ت صبح بالتدر يج م سألة أ قل ارتبا طا @ باللتزام /ل يديولوجي وأ كثر
تم سكا @ بالم صلحة البيروقراط ية الرا سخة .وتب قى النخ بة السيا سية ال صينية
منظمة كفئة حاكمة ذاتية الضواء صلبة ،ومنضبطة ،وغير متسامحة احتكاريا
كما تظل متمسكة طقوسيا @ بأمانتها للعقيدة التي يقال عنها إنها تبرر سلطة
هذه النخبة،التي لم تعد تنفذها )العقيدة( اجتماعيا@ .وفي نقطة ما ،فإن هذين
البعدين الحياتيين سوف يتصادمان وجها @ لوجه ،ما لم تبدأ السياسية الصينية
بالتكيف تدريجيا @ مع الضرورات الجتماعية لقتصادات الصين.
وهكذا ،فإن ال خذ بالنظام ا لديموقراطي في الصين ل يمكن تجنبه إلى
أمد غير محدود ،ما لم تعمد هذه الدولة إلى اتخاذ نفس القرار الذي كانت
ات خذته في ال عام :1474و هو عزل نف سها عن ال عالم ،ع لى غرار ما تف عل
حاليا @ كوريا الشمالية .ولكي تفعل ذلك ،فعليها ،أي الصين ،أن تستدعي أكثر
من 70أ لف طالب صيني يدر سون في الول يات المت حدة ،وت طرد ر جال
الع مال ال جانب ،وتغ لق أجهزت ها الكومبيوتر ية ،و تدمر صحون ا ستقبال
المح طات التلفزيون ية الف ضائية في ملي ين الم نازل ال صينية .و سيكون ذ لك
عمل @ جنونيا@ ،يذكر بالثورة الثقافية .وربما يحدث ولفترة قصيرة ،وفي سياق
ال صراع ا لداخلي ع لى ال سلطة ،أن ي حاول ج ناح مت شدد عقائد يا @ من الحزب
ال شيوعي الصيني الحاكم ،وإن كانت مثل هذه الجنحة في طر يق التلشي
166
تقل يد كور يا ال شمالية ،ول كن ذ لك ل يم كن أن ي كون إل ظاهرة ا ستثنائية
مؤقتة .والكثر احتمال @ في هذه الحال هو أن هذا التصرف سوف يؤدي إلى
الكساد القتصادي ،وبالتالي يسبب انفجارا @ سياسيا.
وفي أي حال ،فإن العزل الذاتي سوف يعني نهاية أي طموحات صينية
جدية ليس فقط بأن تصبح قوة عالمية بل وحتى في الوصول إلى السيادة
القليمية أيضا .وفضل @ عن ذلك ،فإن هذه البلد تملك فرصة كبيرة للوصول
إ لى عالم ال يوم ،عل ما @ أن هذا ال عالم يخت لف عن عالم ال عام ،1474في أ نه
اقتحامي جدا @ ول يمكن الستغناء عنه عموما .ولذا ،فل يوجد أي بديل مثمر
اقت صاديا@ ،وقا بل للح ياة سيا سيا@ ،لل صين عن ال ستمرار في النف تاح ع لى
العالم.
وهكذا ،فإن التحول إلى الديموقراطي سوف يبرز على نحو متزايد في
الصين .ول يمكن تجنب هذا التحول والمسألة المتعلقة بحقوق النسان ذات
الصلة الوثي قة به لزمن طويل .فالتقدم المستقبلي للصين ،وظهورها كقوة
رئي سة ،سوف يعت مدان إ لى حد كبير على كيف ية تعا مل الن خب )ج مع نخبة(
الصينية الحاكمة مع المشكلتين المتعلقتين بانتقال السلطة من جيل الحكام
ال حالي إ لى فر يق أ صغر سنا @ و بالتكيف مع ال توتر المت نامي ب ين الن ظامين
القتصادي والسياسي في البلد .
ولن جاز هذا الت حول الم سيطر عل يه إ لى الديموقراط ية ،ف سوف يترتب
على النخبة السياسية الصينية أن تقاد بمهارة استثنائية ،وبتوجيه من الحس
العام الذرائعي )الواقعي( ،وأن تبقى موحدة نسبيا @ وراغبة في تسليم جزءا
من احتكارها للسلطة )ومن المتيازات الشخصية( ،بينما يترتب على معظم
ال سكان أن يكو نوا صبورين وغ ير ملح ين في م طالبهم .وأن هذا الج مع
167
لل ظروف الملئ مة يم كن أن يث بت ا نه صعب التحق يق .فالخبرة تع لم أن
الضغوط من أجل التحول إلى الديموقراطية التي تأتي من تحت ،سواء أكان
ذلك من أولئك الذين سعروا بأنهم مقموعون سياسيا @ )المثقفون والطلب(
أو الم ستغلون اقت صاديا @ )فئة الع مال الجد يدة في ال مدن ،وف قراء الر يف(،
تميل عموما @ إلى تجاوز رغبة الحكام في التنازل .وفي نقطة ما ،فإنه يحتمل
أن تن ضم الفئة ال ساخطة سيا سيا @ واجتماع يا @ إ لى ال قوى ا لخرى المطال بة
بمز يد من الديموقراط ية ،وحر ية الت عبير ،وا حترام ح قوق الن سان .وعمو ما@،
فإن ذ لك لم ي حدث من م يدان تيا نامين في ال عام ،1989ول كن يم كن أن
يحدث في المرة القادمة.
وبالتالي ،فليس من المحتمل أن الصين سوف تكون قادرة على تجنب
مرحلة اضطراب سياسي .فمع الخذ في العتبار بحجمها ،وحقيقة الظروف
القليم ية المتنام ية ،وإرث له 50سنة من الديكتاتور ية العقائد ية فإن هذه
المرح لة يم كن أن ت كون ذات طابع فو ضوي وم مزق لن سيج المجت مع ع لى
ال صعيدين السيا سي والقت صادي .وي بدو أ نه حتى ال قادة ال صينيين أنف سهم
يتوق عون ت لك ،عل ما @ أن درا سات داخل ية أجرا ها ال حزب ال شيوعي في بدا ية
أعوام التسعينات تنبأت باحتمال حدوث اضطراب سياسي خطر .((1وعموما@،
فقد تنبأ بعض الخبراء الصينيين أن الصين يمكن أن تنجرف إلى واحدة من
المرا حل التاريخ ية للت شظي ا لداخلي،م ما يؤدي ع ندئذ إ لى تو قف ك لي
لم سيرتها ن حو العظ مة .ول كن احت مال حدوث م ثل ذ لك ي قل ب سبب ال تأثير
ال مزدوج للم شاعر القوم ية و الت صالت الحدي ثة ،عل ما @ أن كل @ منه ما يع مل
لصالح دولة صينية موحدة .
يوجد أخيرا@ ،سبب ثالث للشك المتعلق بالتوقعات عن بروز الصين في
ال سنوات الع شرين القاد مة ك قوة عالم ية رئي سة فعل@ ،وبالن سبة إ لى
الميركيين ،كقوة أصبحت منذ الن تشكل خطرا @ أو إذا استطاعت إلى حد ما
أن تؤمن استمرار معدلت نموها القتصادي الستثنائية خلل ربع قرن ،وفي
الحالتين يقترن الكلم بـ "لو" أو "إذا" الشرطيتين ،فإنها سوف تبقى ،بالرغم
)" (1الوثي قة الر سمية تتو قع الفو ضى في أث ناء فترة ما ب عد دا نغ" ،ل شانغ ي نغ )هو نغ
كونغ( 1 ،شباط ،1995،وهي تضم ملخصا @ مفصل @ عن تحليلين ح ض „رتهما قيادة الحزب في
ما يتع لق بمخت لف أ شكال ال ضطراب المحت مل .وث مة وج هة ن ظر عرب ية عن ن فس
المو ضوع في م قال ريت شارد باوم" .ال صين ب عد دا نغ :ع شرة سيناريوهات في الت فتيش
عن الحقيقة" ،مجلة"الصين الربعية" )آذار .(1996
168
من ذ لك ،فقيرة جدا @ ن سبيا .و حتى مضاعفة ا لدخل ال قومي ال سنوي للصين
ثلث مرات سوف تترك سكانها في الم ستويات ا لدنيا ،من ح يث ا لدخل
ال فردي ال سنوي ،ب ين دول ال عالم ،ناه يك بالفقر الفع لي لق سم كبير من
شعبها .وكذلك ،فإن موقفها في امتلك الفراد للهواتف والسيارات وأجهزة
الكو مبيوتر) ،مح سوبة بال عدد من كل من ها ل كل فرد( ،وإذا لم نأ خذ في
الحسبان السلع الستهلكية الخرى ،يعتبر منخفضا @ جدا.
ولنج مل ذ لك بالقول إ نه حتى في ال عام ،2020لن يحت مل حتى في
أحسن الظروف أن تصبح الصين منافسة حقيقية في البعاد الرئيسة للقوة
العالم ية .ومه ما ي كن ا لمر ،ف حتى في هذه الحا لة ،ن جد أن ال صين هي في
الطريق إلى أن تصبح القوة القليمية المتفوقة في شرق آسيا .وقد أصبحت
فعل @ سيطرة جيوبوليت يا @ في الق سم الرئ يس من آ سيا .فقوت ها الع سكرية
والقت صادية ت ق „زم جيران ها المبا شرين ،با ستثناء اله ند .وبال تالي ،فا لمر
الطبيعي هو أن تؤكد الصين ذاتها ،وعلى نحو متزايد ،إقليميا@ ،ول سيما في
المحافظة على ما يمليه عليها تاريخها ،وجغرافيتها ،واقتصادها.
ي عرف الطلب ال صينيون ا لذين يدر سون تار يخ بلد هم أن إمبراطور ية
الصين كانت تمتد في العام 1840عبر جنوب شرق آسيا ،وصول @ إلى مضيق
مال قا ،ب ما في ذ لك يور ما وأ جزاء من بنغلدش الحال ية ،وني بال ،وأ جزاء من
كازاخ ستان الحال ية ،و كل منغول يا ،والمنط قة ا لتي ت عرف حال يا @ بالمقاط عة
الروسية ال شرق أقصوية في جنوب المكان ا لذي ي تدفق فيه ن هر آ مور إ لى
المحيط .وقد كانت هذه المناطق إما تقع تحت نوع ما من السيطرة الصينية
أو تدفع جزية إلى الصين .وما لبث التوسع الستعماري الفرنسي البريطاني
أن طرد الن فوذ ال صيني من ج نوب شرق آ سيا في ال سنوات ،1895 -1885
بينما فقدت الصين ،بموجب معاهدتين فرضتهما روسيا في العامين ،1858و
،1864أرا ض “ في ال شمال ال شرقي وال شمال الغر بي .في ال عام ،1895
وبنتيجة الحرب الصينية اليابانية ،فقدت الصين تايوان أيضا @ .
169
الول من القرن القادم ،وذلك بعد الستيعاب القتصادي والهضم السياسي
لهونغ كونغ :ويمكن أن تصبح إ عادة ال ضم أو التوح يد سلمية ،ورب ما ب موجب
صيغة "دولة واحدة وعدة أنظمة ")حالة من الشعار الذي طرحه دانغ كيوبينغ
في ال عام " ،1984ب لد وا حد ،ونظا مان"( جذا بة ل تايوان و لن ت قاوم من ق بل
أميركا ،ولكن ذلك يحدث فقط إذا نجحت الصين في المحافظة على تقدمها
القت صادي و في تبني ها إ صلحات ديمقراط ية ها مة .وإل ،ف حتى ال صين
الم سيطرة إقليم يا @ يحت مل أن ت ظل مفت قرة إ لى و سائل ع سكرية ل فرض
إرادتها ،وخاصة في وجه المعارضة الميركية ،علما @ أن القضية مرتبطة في
هذه الحا لة بال ستمرار في تلم يع صورة القوم ية ال صينية في ا لوقت ا لذي
تؤدي فيه إلى تردي العلقات الميركية الصينية .
والجغراف يا هي أي ضا @ عا مل م هم في د فع الهت مام ال صيني إ لى إقا مة
ت حالف مع الباك ستان وإقا مة و جود ع سكري في بور ما .و في كل ال حالتين،
ن جد أن اله ند هي هدف جيوا ستراتيجي .فالت عاون الع سكري الوث يق مع
الباك ستان يز يد من حدة الز مات المن ية لله ند وي حن من قدرة اله ند ع لى
جعل نفسها دولة مهيمنة إقليميا @ في جنوب آسيا ،ومنافسا @ جيوبوليتيا @ للصين.
و كذلك ،فإن الت عاون الع سكري مع بور ما يح قق حر ية و صول ال صين إ لى
المن شآت البحر ية ل عدة جزر بورم ية بع يدة ن سبيا @ عن ال شاطئ في المح يط
اله ندي ،م ما يؤمن بال تالي ب عض الن فوذ ال ستراتيجي ال ضافي في ج نوب
شرق آسيا .وعموما@ ،وفي مضيق مالقا خصوصا@ .وإذا استطاعت الصين أن
ت سيطر ع لى م ضيق مالل قا وع لى نق طة الخت ناق الجيوا ستراتيجية في
سنغافورة ،ف هي بذلك ت سيطر ع لى حر ية و صول اليا بان إ لى ن فط ال شرق
الو سط وإ لى ال سواق الوروب ية .ثم أن الجغراف يا ،م عززة بالتار يخ ،تم لي
أي ضا @ اهت مام ال صين بكور يا .ف في و قت كانت هذه الدو لة تدفع الجز ية إ لى
الصين ،ولكن كوريا المعاد توحيدها )إذا حدث ذلك( وبوصفها امتدادا @ للنفوذ
ا لميركي )وب شكل غ ير مبا شر أي ضا @ للن فوذ اليا باني( لن ت كون مقبو لة أو
تصر الصين على أن „ يمكن تحملها من قبل الصين .وفي الحد الدنى ،سوف
تأخذ كوريا المعاد توحيدها دور مخفف صدمة بين الصين واليابان ،كما سوف
تتو قع ال صين أي ضا @ أن ال عداوة الكور ية ذات ال جذور التاريخ ية ن حو اليا بان
سوف تجذب ذاتيا @ كور يا إلى مجال الن فوذ الصيني .ومه ما يكن ا لمر ،ف في
سمة تناسب الصين أكثر ،وبالتالي يحتمل الوقت الراهن ،نجد أن كوريا المق „
أن تفضل الصين استمرار وجود النظام الكوري الشمالي الحالي .
170
إن العت بارات القت صادية ستؤثر أي ضا @ في مدى حدة الطمو حات
القليم ية لل صين .و في هذا الخ صوص ،فإن الط لب المت نامي ب سرعة ع لى
موارد طا قة جد يدة ج عل ال صين ت ص „ر ع لى دور م سيطر في أي ا ستثمار
إقلي مي ل ما يو جد من هذه ال موارد في قاع ب حر ال صين الج نوبي .ول هذا
ال سبب ذا ته ،ن جد أن ال صين بدأت تظ هر اهت مام متزا يد با ستقلل دول آ سيا
الو سطى الغن ية بالطا قة .ف في شهر ني سان من ال عام ،1996وق عت ال صين
وكازاخ ستان ،وقيرغيز يا ،وطاجاك ستان اتفاق ية أ من م شتركة؛ و في أث ناء
زيارة الرئيس جيانغ زيمين إلى كازاخستان في تموز من العام ذاته ،ذكر إن
الجانب الصيني قدم ضمانات من الصين "للجهود الكازاخستانية الهادفة إلى
ا لدفاع عن ا ستقلل بلد هم؛ و سيادتها و سلمة أرا ضيها" .و كان ذ لك مؤ شرا
وا ضحا @ إ لى ان خراط ال صين المت نامي في الن شاطات الجيوبوليت ية ل سيا
الوسطى.
يتآزر التاريخ والقتصاد أيضا @ في العمل على زيادة اهتمام الصين الكثر
قوة إقليم يا @ في ال شرق الق صى الرو سي .وا لول مرة م نذ أن شاطرت
ال صين رو سيا في حدود ر سمية ،ن جد أن ال صين أ صبحت ال طرف ا لكثر
دينام ية اقت صاديا @ وا لقوى سيا سيا .وه كذا ،فإن التسل سل إ لى المنط قة
الروسية من قبل مهاجرين وتجار صينيين أصبح يشكل نسبة كبيرة .كما أن
الصين أصبحت أكثر فعالية في تطوير تعاون اقتصادي في شمال شرق آسيا
ي شمل أي ضا @ اليا بان وكور يا .و في هذا الت عاون ،تم سك رو سيا بالور قة
ال ضعف ،بين ما ي صبح ال شرق الق صى الرو سي أ كثر اعت مادا@ ،في الم جال
القتصادي ،على ارتباطات أوثق مع منشوريا الصينية .وتنشط قوى اقتصادية
مماث لة أي ضا @ في ف لك رو سيا ،عل ما ان ال صين ا عترفت با ستقلل منغول يا
رسميا @ عن غير رغبة.
وهكذا يتشكل مجال النفوذ القليمي الصيني .ومهما يكن المر ،فإن هذا
الم جال ،ينب غي أن يم يز عن منط قة ال سيطرة السيا سية من ال نوع ا لذي
مارسه التحاد السوفييتي في أوربا الشرقية .فهو ذو طابع أكثر نفوذية على
ال صعيد الجت ماعي القت صادي ،ذو طابع احت كاري أ قل حدة ع لى ال صعيد
السيا سي .وبر غم ذ لك ،فإنه ،أي هذا الم جال يقت ضي و جود م جال جغرا في
تعير فيه دوله المختلفة ،عندما تصيغ سياساتها ،احتراما @ خاصا @ إلى المصالح،
ووج هات الن ظر ،وردود الف عل المتوق عة ،للدو لة الم سيطرة إقليم يا.
وباختصار ،يمكن أن يحدد مجال النفوذ الصيني ،وربما إذا قلنا مجال الحترام
171
ن كون أ كثر د قة في الت عبير بو صفه ذ لك الم جال ا لذي ي كون ف يه أول سؤال
ي سأل في مخت لف العوا صم في ما ي خص أي ق ضية مفتر ضة هو " :ما هي
وجهة نظر بكين عن ذلك؟".
إن الخريطة المبينة في الصفحة التالية تحدد المدى المحتمل خلل الربع
ال تالي من ال قرن ال قادم لل صين الم سيطرة إقليم يا @ و كذلك لل صين ك قوة
عالمية ،وذلك في الحال التي تصبح فيه الصين ،بالرغم من العوائق الداخلية
والخارج ية ا لتي ذ كرت قبل@ ،قوة عالم ية فعل .وعمو ما@ ،فإن ال صين ال كبرى
المسيطرة إقليميا@ ،التي سوف تعبئ الدعم السياسي لفراد الشتات القوي
اقتصاديا @ والغني جدا @ من سكانها المنتشرين في سنغافورا وبانكوك ،وكوال
لمبور و مانيل ،وجاكرتا ،إذا لم نذكر أيضا @ الموجودين في تايوان وهونغ كونغ
)انظر الملحظة أدناه من بعض المعطيات المذهلة( ((1والذين سوف يدخلون
إ لى كل من آ سيا الو سطى وال شرق الق صى الرو سي ،سوف ن قترب )أي
الصين الكبرى( في قطرها الجديد هذا من حجم المبراطورية الصينية قبل
بدء ضعفها وانحطاط ها أو تراجع ها ،م نذ ق بل 150سنة ،و حتى من تو سيع
مداها الجيوبوليتي عبر تحالفها مع الباكستان .ومع صمود الصين في القوة
والهي بة ،ف من المحت مل أن ال صينيين الغن ياء المو جودين في ما وراء الب حار
سوف يت عاطفون أ كثر فأكثر مع طمو حات ال صين وبال تالي سوف ي صبحون
طلي عة قو ية ل قوة ال ندفاع المبريال ية ال صينية .ورب ما ت جد دول ج نوب شرق
آسيا،أنه من الحكمة أن تحترم الحساسيات السياسية والمصالح القتصادية
لل صين ،عل ما @ أن هؤلء يفع لون ذ لك فعل @ وب صورة متنام ية .((1وع لى ن حو
) (1إن الممتل كات الجمال ية لل شركات الخم سمائة ال كبرى ا لتي يملك ها صينيون في
جنوب شرق آسيا ،بلغت قيمتها 540مليار دولر ،حسب يازو زوكان في مجلة "آسيا ويك"
ال صادرة بتار يخ 25أي لول .1994 ،وث مة ت قديرات أ خرى عن أر قام أع لى :فمج لة"القت صاد
الدولي "الصادة في تشرين ثاني /كانون أول 1996كتبت عن أن الدخل السنوي للصينيين
المو جودين في ما وراء الب حار وا لذين يز يد عددهم عن 50مل يون إن سان هو أ كبر من
الر قم ال مذكور أعله ،وبال تالي ي ساوي تقري با @ ا لدخل ال قومي ال سنوي ل لوطن ا لم .و قد
ق يل إن ال صينيين في ما وراء الب حار ي سيطرون ع لى ن حو %90من أقت صاد أندوني سيا ،و
%75من اقتصاد تايلند ،و %60 – 50من اقتصاد ماليزيا ،وعلى كل اقتصاد تايوان ،وهونغ
كو نغ ،و سنغافورة .وإن الق لق إزاء هذا الو ضع كان قد ج عل السفير الندوني سي ال سابق
في اليابان يحذر أمام الجمهور من أن "التدخل القتصادي الصيني في المنطقة" ،يمكن
أل يستغل مثل هذا الوجود الصيني فحسب بل يمكن حتى أن يؤدي إلى تشكيل"حكومات
من ا لدمى "برعا ية صينية ) .سايديمان سوريو هادبروجو" ،ك يف ي تم التعا مل مع ال صين
وتايوان "أساهي شيمبون" ]طوكيو[ 23،أيلول.(1996 ،
) (1إن ما كان بارزا @ في هذا الم جال هو التقر ير ا لذي ن شر في ال صحيفة اليوم ية ا لتي
ت حرر بالل غة النكليز ية في بانكوك والم سماة" زي ني شن )The Nation ) "(17آذار (1997،عن
172
مما ثل ،فإن ا لدول الجد يدة في آ سيا الو سطى تن ظر أ كثر فأكثر إ لى ال صين
كقوة لها رهان على استقلل هذه الدول وعلى دورها كمخففات صدمة بين
الصين وروسيا.
1ـ نزا عات ال قوة المحتم لة -2ال صين ال كبرى الم سيطرة إقليم يا -3
للصين الكبرى كقوة عالمية -4المحيط الهندي -5البحر العربي -6الهند -7
الباك ستان -8أوزباك ستان -9كازاخ ستان -10رو سيا -11منغول يا -12ال صين
-13المحيط الهادي الشمالي -14اليابان 16 – 15ماليزيا -17أندونيسيا -18
بورما -19لوس -20تايلند -21كمبوديا -22فيتنام -23أفغانستان -24
قيرغيزيا -25طاجاكستان .
إن و ضع ال صين بو صفها قوة عالم ية سوف يت ضمن غال با @ بروزا @ جنوب يا
أع مق إ لى حد كبير ،مع ا ضطرار كل دو لتي أندوني سيا والف لبين للتك يف مع
الوا قع الفع لي للبحر ية ال صينية بو صفها قوة م سيطرة في ب حر ال صين
الجنوب ية .وإن م ثل هذه الدو لة ال صينية يم كن أن تت عرض لغراء حل ق ضية
تايوان بالقوة ،وب غض الن ظر عن مو قف أمير كا .و في ال غرب ،فإن دو لة
أوزبك ستان ،و هي الدو لة ا لكثر ت صميما@ ،في آ سيا الو سطى ،ع لى مقاو مة
الع تداءات الرو سية ع لى أرا ضيها ا لتي كانت سابقا @ جزء من المبراطور ية
الروسية ،يمكنها أن تفضل عقد تحالف مع الصين يحقق لها التوازن ،شأنها
شأن تركمان ستان و كذلك يم كن لل صين أن ت صبح أ كثر حز ما @ في ما يتع لق
بكازاخستان المقسمة أثنيا @ و بالتالي غير المنيعة قوميا .ويمكن أيضا للصين
ا لتي ت صبح فعل @ عمل قا @ سيا سيا @ واقت صاديا @ أن ت مارس مز يدا @ من الن فوذ
السياسي المكشوف في الشرق القصى الروسي ،بينما ترعى في الوقت
ذاته توحيد كوريا بإشرافها )انظر الخريطة(.
ول كن هذه ال صين المنتف خة ا لوداج سوف تواجه غال با @ معار ضة خارج ية
قوية .وتوضح الخريطة السابقة إن دولتي الهند وروسيا ،في الغرب ،ستكون
لديهما أ سباب جيوبوليت ية قو ية ل كي تتحال فا م عا @ سعيا @ إ لى ا لرد ع لى ت حدي
الصين .ويحتمل أن يركز التعاون بينهما بصورة رئيسية على آسيا الوسطى
زيادة رئيس وزراء تايلند شافاليت يونغ تشاي يود إلى بكين .إن الهدف من الزيارة كان
قد حدد ع لى أ نه إقا مة ت حالف ا ستراتيجي مع "ال صين ال كبرى" وق يل إن ق يادة تايل ند
"ا عترفت بال صين ك قوة عظ مى ل ها دول عالمي" ،وبأن ها تر غب في أن ت قوم بدور
"الو سيط )الج سر( ب ين ال صين وراب طة آ سيا" .وذه بت سنغافورة إ لى أب عد من ذ لك في
التشديد على ارتباطها بالصين.
173
و الباك ستان ح يث ستهدد ال صين م صالحهما بأق صى در جة .و في الج نوب
ستكون المعارضة في أ قوى حد لها من الفيتنام وأندوني سيا )وربما ستدعم
هذه المعار ضة من ق بل أو ستراليا( أ ما في ال شرق ،فإن أمير كا ،ا لتي رب ما
تدعم من قبل اليابان ،وسوف تتصرف بعداء إزاء أي جهود صينية هادفة إلى
تحقيق السيطرة على كوريا وإلى ضم تايوان بالقوة ،علما @ أن هذه العمال
سوف ت ضعف الو جود السيا سي ا لميركي في ال شرق الق صى لي صبح غ ير
مستقر غالبا @ ومقتصرا @ على مكان واحد في اليابان .
وأخ يرا@ ،فإن احت مال حدوث أي من ال سيناريوهات المخط طة ع لى
ال خرائط ل ي عترض ع لى كيف ية ت طوير ال صين لنف سها فح سب ،بل وع لى
السلوك والضغط الميركيين أيضا .فأميركا غير المشغولة في أماكن أخرى
سوف تج عل ال سيناريو ال ثاني أ كثر احت مال@ ،ول كن ف حتى الظ هور ال شامل
لل سيناريو ا لول سوف يتط لب ب عض التك يف ا لميركي و شيئا @ من ضبط
الن فس .إن ال صينيين يعر فون ذ لك ،و لذا ي جب أن تر كز السيا سة ال صينية
بصورة رئيسية على تأثير في كل من السلوك الميركي ،والعلقة الميركية
اليابان ية الحر جة أو الحسا سة ب شكل خاص ،ع لى أن ت تم معال جة عل قات
الصين الخرى تكتيكيا @ مع إبقاء ذلك الهتمام الستراتيجي المذكور سابقا @ في
الذهن.
إن معار ضة ال صين الرئي سية لمير كا ل يتع لق ب ما ت قوم به أمير كا فعل
بقدر ما يتعلق بما هي أميركا عليه في الوقت الراهن وبالمكان الذي تشغله.
فال صين تن ظر إ لى أمير كا بو صفها الدو لة المهيم نة حال يا @ ع لى ال عالم ،و من
منظور كون وجودها ذاته في هذه المنطقة من العالم والمتوضع في موقعه
الم سيطر في اليا بان ،يع مل ع لى اح تواء ن فوذ ال صين .وح سب قول مح لل
صيني يع مل في فرع الب حاث من وزارة الخارج ية ال صينية " :فإن ال هدف
ال ستراتيجي ا لميركي هو ال سعي إ لى الهيم نة ع لى ال عالم ك له ،وأمير كا ل
ت ستطيع تح مل ظ هور أي قوة كبرى في ال قارتين الورب ية وال سيوية ت شكل
تهد يد أو خ طرا @ على موقعها القيادي" .((1و من هنا ،وبمجرد كون أمير كا في
ما هي عل يه ا لن و في الم كان ا لذي تو جد ف يه حال يا@ ،يج عل من ها عدوا @ غ ير
مقصود للصين أكثر مما هي حليف طبيعي لها.
) (1سونغ ييمين "مناقشة تقسيم وتجميع القوات في العالم بعد نهاية الحرب الباردة"،
الدرا سات الدول ية )مع هد ال صين للدرا سات الدول ية ،بك ين( .10-(1996)8-6وإن كون هذا
التقييم لميركا بمثل وجهة نظر القيادة العليا للصين مشار إليه في الحقيقة المتمثلة في
أن نموذ جا @ أق صر من هذا التحل يل ظ هر في صحيفة ال حزب الشيوعي ال صيني الوا سعة
النتشار" ،رينمين ريباو" )صحيفة الشعب اليومية( ،الصادرة في 29نيسان .1996
174
وبال تالي ،فإن مه مة السيا سة ال صينية ،إذا أرادت ال خذ بالحك مة
الستراتيجية القديمة "صن تسو" ،تتمثل في استخدام القوة الميركية لدحر
الهيمنة الميركية سلميا@ ،ولكن بدون أي إثارة للطموحات اليابانية القليمية
الكام نة .و لذا ي جب ع لى الجيوا ستراتيجية ال صينية أن تح قق أو ت سعى إ لى
هدفين في آن ،حسبما حدد ذلك على نحو غامض إلى حد ما من قبل دانغ
ك سيوبينغ في آب ،1994وه ما أول @ معار ضة الهيم نة وسيا سة ال قوة إن قاذ
ال سلم ال عالمي ،وثان يا @ ب ناء ن ظام سيا سي واقت صادي دو لي جد يد" .فا لول
يستهدف بوضوح ،الوليات المتحدة وهو ذو هدف متمثل في إضعاف التفوق
ا لميركي ،بين ما ي تم تج نب ال صدام الع سكري ب كثير من ال حذر لنه سوف
ينتهي اندفاع الصين إلى القوة القتصادية ،والثاني يسعى إلى إعادة النظر
في توز يع ال قوة العالم ية ،بالعت ماد ع لى ال ستياء في ب عض ا لدول الرئي سة
من ن ظام الق ضم ال عالمي الرا هن ،ا لذي ت قف ف يه الول يات المت حدة ع لى
الق مة ،مدعو مة من ق بل أور با )أو ألمان يا( في أق صى ال غرب من أورا سيا،
ومن قبل اليابان في أقصى الشرق وعموما@ ،فإن الهدف الثاني للصين حث
بكين على أخذ بجيواستراتيجية إقليمية تسعى إلى تجنب أي نزاعات خطرة
مع جيران ها المبا شرين ،حتى ع ندما ت كون م ستمرة في ال سعي إ لى تحق يق
الت فوق ا لقليمي .وه كذا ،ن جد أن التح سن الت كتيكي في العل قات ال صينية
الروسية يأتي فعل @ في حينه ،ولسيما أن روسيا هي الن أضعف من الصين.
وبال تالي ،ف في ني سان من ال عام ،1997ا شتركت ا لدولتان في ا ستنكارهما
"للهيم نة" و في ا لعلن عن أن تو سع ال ناتو "غ ير م سموح به" ومه ما ي كن
ا لمر ،فل يس محتمل أن تأ خذ ال صين جديا @ في اعتبار ها أي ت حالف رو سي
صيني شامل وطويل المد ضد أميركا فذلك سوف يؤدي تعميق وتوسع أبعاد
الت حالف ا لميركي اليا باني ا لذي تر يد ال صين أن ت صفعه بب طء ك ما سوف
يعزل الصين عن مصادر هامة جدا @ للتكنولوجيا الحديثة وراس المال.
وعلى غرار العلقات الصينية الروسية ،فإن الصين يلئمها أن تتجنب أن
صدام مبا شر مع اله ند ،حتى ع ندما ت كون م ستمرة في المحاف ظة ع لى
تعاون ها الع سكري الوث يق مع الباك ستان وبور ما .و سيكون لسيا سة ال عداء
المكشوف تأثير سلبي في تعقيد تكيف الصين تكتيكيا @ مع روسيا ،وذلك في
الوقت الذي تندفع فيه الصين نفسها نحو علقات تعاونية أقوى مع أميركا.
و ضمن ال مدى ا لذي ت شاطر ف يه اله ند ال ستعداد للو قوف ضد "الهيم نة"
العالم ية الحال ية ن جد أن أي إ ضعاف أو تخف يض في حالت ال توتر ال صينية
الهندية يكمن أيضا @ في مشاطرة الصين لتركيزها الجيواستراتيجي الوسع .
175
تنط بق ن فس العت بارات عمو ما @ ع لى عل قات ال صين الحال ية بج نوب
شرق آ سيا .ف حتى ع ندما يؤ كد ال صينيون من طرف وا حد م طالبتهم بب حر
الصين الجنوبي ،نجد أنهم يعملون في الوقت ذاته على مراعاة قادة جنوب
شرق آسيا )باستثناء القادة الفيتناميين الذين يعتبرون في حالة عداء تاريخي
مع هم( ،م ستغلين الم شاعر ا لكثر و ضوحا @ في ال عداء لل غرب )ول سيما في
قضية القيم الغربية وحقوق النسان( الذي بدا واضحا @ في السنوات الخيرة
لدى قادة ماليز يا و سنغافورة .ف قد ر حب هؤلء ع لى ن حو خاص بالخ طاب
ال شديد الله جة الم عادي ل لميركيين ا لذي أل قاه رئ يس وزراء ماليز يا دا توك
م هاتير ،ا لذي ت سائل ف يه ج هارا @ في ندوة ع قدت في طوك يو في أ يار 1996
حتى عن الحا جة أ صل @ إ لى معا هدة ا لمن المع قودة ب ين الول يات المت حدة
واليا بان ،مطال با @ أن ي عرف هو ية ال عدو ا لذي ي فترض أن يدافع هذا الت حالف
ضده ،ومؤ كدا @ أن ماليز يا ل تح تاج حل فاء .ويح سب ال صينيون بو ضوح أن
ن فوذهم في هذه المنط قة من ال عالم سوف يتح سن أتوماتيك يا @ كل ما ضعف
موقف أميركا فيها .
وعلى نحو مماثل نجد أن ضغط المريض يبدو ناجحا @ عن سياسة الصين
الراهنة إزاء تايوان .فبينما يتبنى القادة الصينيون وضعا @ يتسم بالتصلب إزاء
الوضع الدولي لتايوان ،وإلى حد يبدو فيه أنهم راغبون في أن يختلقوا عمدا
توترات دول ية لكي ينق لوا عبر ها جد ية ال صين إزاء هذه الم سألة )ك ما حدث
في آذار ،(1996ن جد بال تالي أن هم متأ كدون ،تخمي نا@ ،من ا ستمرار افت قارهم
حل مرض .و هم متأ كدون أيضا “ في ا لوقت اللزم إلى ال قوة اللز مة ل فرض
أن اعتمادهم قبل الوان على القوة لن يؤدي إل إلى تعجيل الصدام المدمر
ذات يا @ مع أمير كا ،وع لى تقو ية دور أمير كا بو صفها ال ضامن ا لقليمي لل سلم.
وبال ضافة إ لى ذ لك ،فإن ال صينيين أنف سهم ي عترفون بأن مدى ا ستيعابهم
الجيد والفعال لهونغ كونغ سوف يقرر إلى حد كبير الفاق المستقبلية لظهور
الصين العظمى .
إن التكيف الذي كان يحدث في العلقات الصين بكوريا الجنوبية هو جزء
مك مل لسيا سة تدعيم مجنبات ها ل كي ت كون قادرة ع لى ا لتركيز بفعال ية أ كبر
ع لى ال هدف المر كزي .وإذا أ خذنا في العت بار تار يخ كور يا م شاعرها العا مة
نجد أن التكيف الصيني الكوري بحد ذاته يسهم في إضعاف الدور القليمي
المحتمل لليابان ،ويهيئ الظروف أو الخلفية اللزمة لظهور علقة ذات طابع
تقل يدي أ كثر حدة ب ين ال صين وكور يا )إ ما الم عاد توح يدها أو ا لتي ل تزال
مقسمة( ثانية .
176
وا لهم من ذ لك ،هو أن التح سن ال سلمي للمو قف ا لقليمي لل صين
سوف يسهل متابعة الهدف المركزي ،الذي كان الستراتيجي الصيني القديم
" صن ت سو" قد صاغه ك ما ي لي" "أن ي تم إ ضعاف ال قوة القليم ية الميرك ية
إ لى ال حد ا لذي ت صبح ف يه أمير كا الم ضعفة بحا جة إ لى ال صين الم سيطرة
إقليميا @ بوصفها حليفا @ لها وحتى في نهاية المطاف إلى الصين القوية عالميا
شريكا @ لها" .وعموما@ ،يجب أن يتم السعي إلى هذا الهدف وتحقيقه بطريقة
سرع„ ل ت سرع التو سع ا لدفاعي في م جال الت حالف ا لميركي اليا باني ول ت
أي ضا @ ال ستبدال ا لقليمي ل قوة أمير كا ب قوة اليا بان .ول كي تح قق ال صين
ال هدف المر كزي في ال مدى القر يب ،فإن ها ت سعى إ لى م نع تعز يز وتو„ سع
الت عاون ا لمني ا لميركي اليا باني .و قد خ شيت ال صين ب شكل خاص الز يادة
الفعلية في بداية العام 1996في مدى التعاون المني الميركي الياباني من
"الشرق القصى" الضيق إلى "آسيا الباسيفيكية" الوسع ،معتبرة أن ذلك ل
يشكل خطرا @ مباشرا @ على المصالح الصينية فحسب ،بل نقطة انطلق أيضا
لمنظو مة أمن ية آ سيوية تخ ضع ل سيطرة أميرك ية وت هدف إ لى اح تواء ال صين
)وا لتي ستكون اليا بان في ها الم حور السا سي الح يوي ،((1شأنها شأن ألمان يا
في الناتو في فترة الحرب الباردة ( .وقد نظر إلى التفاقية عموما @ في بكين
ع لى أن ها ت سهل ا لبروز الفع لي لليا بان ك قوة ع سكرية رئي سة ،ورب ما قادرة
حتى ع لى العت ماد ع لى ال قوة في حل النزا عات القت صادية أو البحر ية
ال بارزة بنف سها .وه كذا يحت مل أن تع مل ال صين ب قوة ع لى إ ثارة الم خاوف
ال سيوية ا لتي ل تزال قو ية من أي دور ع سكري .يا باني م هم في هذه
المنطقة من العالم ،بغية تقييد أميركا وترويع اليابان .
ومهما يكن المر ،ففي المدى الطويل ،وحسب الحسابات الستراتيجية
لل صين ،فإن الهيم نة الميرك ية ل ت ستطيع أن ت ستمر .و بالرغم من أن ب عض
الصينيين ،ول سيما العسكريين منهم ،يميلون إلى انظر إلى أميركا بوصفها
المضادة للصين جاء في مقال وانغ شونيين ،التطلع إلى المام إلى المن السيوي
البا سيفيكي في بدا ية ال قرن ال حادي والع شرين .و قد أ كد مع لق صيني آ خر إن
الترتي بات المن ية الميرك ية اليابان ية كانت قد غ يرت من "درع د فاعي "ي هدف إ لى
اح تواء ال قوة ال سوفييتية إ لى "ر مح ه جومي"م سدد إ لى ال صين ) يانغ بيج يانغ،
"مضامين العلن المني الياباني الميركي "في مجلة ]العلقات الدولية المعاصرة
[ 20 ،حزيران .(1996،وفي 31كانون الثاني ، 1997نشرت الصحيفة اليومية الناطقة
بل سان ال حزب ال شيوعي ال صيني "رينم ين ري باو" م قال @ بع نوان ":تقو ية الح لف ل
تتوافق مع التجاهات السائدة حاليا" حيث استنكرت فيه إعادة تحديد حجم التعاون
العسكري الميركي الياباني معتبرة إياه "خطوة خطرة ".
177
ال عدو الح قود والعن يد للصين ،ك ما أن التو قع ال سائد في بك ين هو أن أمير كا
سوف ت صبح أ كثر عز لة إقليم يا @ ب سبب اعتماد ها الم بالغ ف يه ع لى اليا بان،
وبالتالي فإن اعتماد أميركا على اليابان سوف يزداد أكثر ،ولكن ستزداد أيضا
التناق ضات الميرك ية اليابان ية والم خاوف الميرك ية الميرك ية عن النز عة
الع سكرية اليابان ية .و سوف يج عل ذ لك ،ع ندئذ من المم كن لل صين أن تدفع
أميركا واليابان إلى أن تلعبا إحداهما ضد الخرى ،على غرار ما فعلت الصين
في وقت سابق مع الوليات المتحدة والتحاد السوفييتي .وحسب وجهة نظر
بك ين ،ف سوف يأتي ا لوقت ا لذي تتأ كد ف يه أمير كا من أن ها ل كي تب قى قوة
آ سيوية با سيفيكية مؤثرة ،ف لن ي كون ل ها أي خ يار سوى أن تت حول إ لى
شريكها الطبيعي في الرض الم السيوية .
اليابان :ليست إقليمية بل دولية
إن كيف ية ت طور العل قة الميرك ية اليابان ية هي ب عد حرج في الم ستقبل
الجيوبول يتي لل صين .فم نذ انت هاء ال حرب الهل ية ال صينية في ال عام ،1949
كانت ول تزال سياسة أميركا في الشرق الوسط معتمدة على اليابان .وإذا
كانت اليا بان في البدا ية قد شكل„ت موق عا @ ف قط لتو ضع ال قوة الع سكرية
الميرك ية المحت لة ،فإن ها لم تل بث أن أ صبحت قا عدة للو جود السيا سي
العسكري لميركا في المنطقة السيوية الباسيفيكية ،وحليفا @ عالميا @ ذا أهمية
رئي سة لمير كا ،ومحم ية أمن ية أي ضا .ومه ما ي كن ا لمر ،فإن ظ هور ال صين
ع لى الم سرح أ ثار فعل ال سؤال ع ما إذا كانت العل قة الميرك ية اليابان ية
الوثي قة سوف ت ستمر في ال سياق ا لقليمي المتغ ير ،و لي هدف .وعمو ما@،
فإن دور اليا بان في ت حالف م ضاد لل صين سوف ي كون وا ضحا@؛ ول كن ماذا
يجب أن يكون دور اليابان إذا جرى استيعاب نهوض أو صعود الصين بشكل
ما أو بأخر وحتى إذا كان هذا الدور سيضعف سيادة أميركا في هذه المنطقة
؟
إن اليا بان هي ،شأنها شأن ال صين ،دو لة قوم ية ذات إح ساس مت جذر
بع مق بطابع ها الفر يد في نوعه وبموقع ها ال خاص .وإن تاريخ ها المنف صل أو
المت سم بالعز لة ،و حتى ميتولوجيت ها المبراطور ية ،عمل @ ع لى تهيئة ال شعب
جد )الكادح( والمنضبط لرؤية نفسه بوصفه ممنوحا @ تلك الطريقة الياباني الم „
المتميزة والمتفوقة في الحياة ،والتي دافعت عنها اليابان في البداية بالعزلة
الرائ عة ثم بالتقل يد ،ع ندما فرض ال عالم نف سه في ال قرن التا سع ع شر،
للمبراطور يات الوروب ية في ال سعي إ لى خ لق إمبراطور ية خا صة ب ها في
ا لرض ا لم ال سيوية .و لم تل بث كار ثة ال حرب العالم ية الثان ية أن جع لت
ال شعب اليا باني ير كز ع لى ال هدف ذي الب عد الوا حد في ا ستعادة العاف ية
178
القت صادية ،ولكن ها ،أي هذه الكار ثة ،تر كت هذا ال شعب في حا لة من عدم
اليقين إزاء المهمة الوسع نطاقا @ لبلده .
إن الم خاوف الراه نة لمير كا من ال صين الم سيطرة هي بقا يا لل هوس
ا لميركي ال حديث ن سبيا @ من اليا بان .فق بل ع قد وا حد من الز من ،كانت
التنبؤات عن البروز الحتمي والوشيك لليابان "كدولة عظمى" في العالم ،قد
أثارت الخوف ليس من خلع أميركا عن عرش العالم ،بل )وحتى عن طردها
خارج الم سرح( فح سب ،بل و من احت مال فرض نوع ما من "ال سلم
ا لميركي" ع لى هذا ال عالم ،وبال تالي ،فإن هذه التن بؤات أ صبحت ال شغل
ال شاغل للمعلق ين والسيا سيين ا لميركيين .ول كن ذ لك لم ي حدث ب ين
الميركيين فقط .فاليابانيون أنفسهم سرعان ما أصبحوا مقلدين متشوقين
إ لى الت فوق ،مع سل سلة من ال سلع ا لكثر مبي عا @ في اليا بان عززت المقو لة
بأن قدر اليا بان هو أن تت فوق في الت نافس ع لى التكنولوج يا العالم ية مع
الول يات المت حدة ،وأن ها ،أي اليا بان سرعان ما ست صبح مر كز "إمبراطور ية
المعلومات" العالمية ،بينما تترلق أميركا ،حسب الزعم الياباني ،إلى الوراء
بسبب تعبها التاريخي وانغماسها الذاتي الجتماعي في الملذات والهواء .
عم لت هذه التحليلت ال سهلة ع لى الت عتيم ع لى الدر جة ا لتي كانت
اليا بان في ها ،ول تزال ،دو لة غ ير مني عة .ف هي غ ير مني عة إزاء أ خف حالت
الت مزق أو الختلل في ال تدفق ال عالمي المنت ظم لل موارد والت جارة ،هذا إذا
لم نذكر ال ستقرار ال عالمي عمو ما@ ،و هي تغ لق أي ضا @ ب سبب نواحي ال ضعف
ا لداخلي ا لتي تظ هر ع لى ال سطح ،ب ما في ها ال نواحي الديموغراف ية،
والجتماع ية ،والسيا سية .فاليا بان هي غن ية ،ودينام ية ،وقو ية اقت صاديا@ ،في
آن ،ولكن ها معزو لة إقليم يا@ ،ومق يدة سيا سيا @ ب سبب اعتماد ها ا لمني ع لى
حل يف قوي يع تبر ،م صادفة ،ال حافظ الرئ يس لل ستقرار ال عالمي )تعت مد
اليابان عليه كثيرا( ،وفي الوقت ذاته يعتبر المنافس القتصادي الرئيسي لها
)لليابان( أيضا @ .
ول يحت مل أن يب قى الو ضع الرا هن لليا بان ،ا لذي هو مح طة طا قة
اقتصادية محتر مة عالميا @ من ناحية ،وامتداد جيوبوليتي لل قوة الميركية من
ناح ية ثان ية ،مق بول @ من ق بل الج يال اليابان ية الجد يدة ،ا لتي لم ت عد ت شعر
بعمق المأساة والعار اللذين خلفتهما تجربة الرحب العالمية .ولسباب تتعلق
بالتاريخ واحترام الذات معا@ ،فإن اليابان هي بلد ليس راضيا @ كليا @ عن الوضع
ال عالمي الرا هن ،وإن كان ذ لك ي عبر ع نه بأ سلوب أ كثر است سلما @ م ما هو
عل يه ا لمر بالن سبة إ لى ال صين .ف هي ،أي اليا بان ،ت شعر ،مع شيء من
التبرير ،أنها تستحق أن يعترف بها كقوة عالمية ،ولكنها حذرة وتعي أيضا @ أن
179
أعتماد ها ا لمني المف يد إقليم يا @ )والمطمئن أي ضا @ لجيران ها ال سيويين( ع لى
أميركا يمنع هذا لعتراف .
وبال ضافة إ لى ذ لك ،فإن ال قوة المتنام ية لل صين ع لى ا لرض ا لم في
آ سيا ،وإ لى جانب الحت مال بأن نفوذ ها يمك نه أن ي شع حال @ إ لى الم ناطق
البحرية ذات الهمية القتصادية لليابان ،تعمل على تقوية الحساس الياباني
بالغموض في ما يتعلق بالمستقبل الجيوبوليتي لهذه البلد .فمن ناحية أولى،
يو جد في اليا بان ت عاطف ث قافي و عاطفي قوي مع ال صين إ ضافة إ لى
إح ساس كامن بالهو ية ال سيوية الم شتركة .ويم كن لب عض اليا بانيين أن
يشعروا أيضا @ بأن ظهور دولة صينية أقوى يمكن أن يكون له تاثير ملئم في
تحسين أو تعزيز أهمية اليابان للوليات المتحدة في الوقت الذي تضعف فيه
ال سلطة العليا القليمية لمير كا .ومن ناحية ثانية ،فإن الصين هي ،بالن سبة
إلى الكثير من اليابانيين ،منافس تقليدي ،وعدو سابق ،وخطر محتمل على
ا ستقرار المنط قة .و هذا يج عل الرت باط ا لمني مع أمير كا أ هم من ال سابق،
حتى و لو زاد ا ستياء ب عض اليا بانيين ا لكثر ت شددا @ ع لى ال صعيد ال قومي من
القيود المزعجة على الستقلل السياسي والعسكري لليابان .
يو جد ت شابه ظاهري ب ين و ضع اليا بان في ال شرق الق صى الورا سي
وألمان يا في ال غرب الق صى الورا سي .فكل هاتين ا لدولتين من الحل فاء
ا لقليميين الرئي سيين للول يات المت حدة .و في الوا قع ،فإن ال قوة الميرك ية
في أورو با وآ سيا م شتقة مبا شرة من الت حالف الوث يق مع هاتين ا لدولتين.
وكلتاه ما تمل كان مؤس سات ع سكرية محتر مة ،ول كن أ يا منه ما ل تم لك
ا ستقللية في هذا الم جال :فألمان يا مق يدة بالتكا مل الع سكري مع ح لف
الطل سي )ال ناتو( ،بين ما تق يد اليا بان بتحد يداتها الد ستورية )وإن كانت من
ت صميم أمير كي( وبمعا هدة ا لمن الميرك ية اليابان ية .و كذلك ،فإن هاتين
الدولتين هما محطتا طاقة تجارية ومالية ،ومسيطرتان إقليميا@ ،وبارزتان في
الت فوق على الصعيد ال عالمي .ويمكن تصنيفهما ك قوتين شبه عالميتين ،ك ما
أن كلتيهما غاضبتان من الستمرار في تجاهلهما وعدم العتراف رسميا @ بهما
من خلل إعطائهما مقعدين دائمين في مجلس المن الدولي.
ول كن الختل فات في شروطهما الجيوبوليت ية ل تزال حب لي ،و قد ت كون
له ما ن تائج محتم لة ها مة .وإن العل قة الفعل ية للمان يا بال ناتو ت ضع البلد في
مو قع م ساو“ لحلفائ ها ا لوروبيين الرئي سيين ،وت حت مظ لة معا هدة شمال
الطل سي )ال ناتو( ،ك ما أن للمان يا التزا مات دفاع ية متباد لة ر سمية مع
الوليات المتحدة.
180
وعمو ما ،فإن المعا هدة المن ية الميرك ية اليابان ية ت شترط التزا مات
أميرك ية ل لدفاع عن اليا بان ،ولكن ها ل ت شترط ) حتى وإن ر سميا @ ف قط( أن
تستخدم القوات العسكرية اليابانية للدفاع عن أميركا .فالمعاهدة في الواقع
تنظم علقة وقائية.
وبال ضافة إ لى ذ لك،فلم ي عد أ حد ين ظر إ لى ألمانيا ،و من خلل عضويتها
النا شطة في الت حاد ا لوروبي وح لف الطل سي )ال ناتو( بو صفها خ طرا@،
وخاصة أولئك الجيران الذين كانوا في الماضي ضحايا لعدوانها ،ولكن أصبح
الجم يع ين ظرون إلي ها من زاو ية أ خرى ح يث يعتبرون ها شريكا @ اقت صاديا
وسياسيا @ مرغوبا @ فيه .وثمة من يرحبون بالظهور المحتمل لوروبا الوسطى
المقادة من قبل ألمانيا،حيث ينظر إليها كقوة إقليمية معتدلة .وهذا يختلف
كثيرا @ عن حال الج يران ال سيويين لليا بان ،ا لذين ل يزا لون يك نون عداوة
إزاءها تعتبر من بقايا الحرب العالمية الثانية .وثمة عامل يسهم في استياء
الج يران هو تقي يم ال ين )و حدة العم لة اليابان ية( ا لذي لم يثر ف قط شكاوى
مرة بل أعاق أيضا @ إجراء تسويات مع ماليزيا ،وأندونيسيا ،والفليلبين ،وحتى
ال صين ،عل ما @ أن 30في المئة من ا لديون ال كبيرة والطوي لة ال مد ل هذه
الدول ،والمستدانة من اليابان ،هي بالين.
ل يوجد لليابان في آسيا معادل لفرنسا إزاء ألمانيا :فهذه شريك إقليمي
معادل بدرجة أقل أو أكثر ،.ولكن يوجد جذب ثقافي قوي ومعترف به نحو
ال صين ،ورب ما يخت لط هذا ال جذب بإح ساس با لذنب ،ولك نه مت سم بالغموض
سيا سيا @ من ح يث أن طرف ل ي ثق با لخر ،ك ما أن أ يا @ منه ما ل يس م ستعدا
لق بول الق يادة القليم ية ل لخر .ول يو جد لليا بان أي ضا @ م عادل لبول ندا إزاء
ألمانيا :فهذه الدولة أضعف بكثير ولكنها تعتبر من الناحية الجيوبوليتية جارا
مه ما @ يم كن أن ت صبح الت سوية م عه أو حتى الت عاون واق عا Ÿملمو سا .ورب ما
يم كن لكور يا أن ت صبح ،وخا صة ب عد التوح يد المحت مل ،هذا الم عادل ،ول كن
العل قات اليابان ية الكور ية لي ست ج يدة إل ع لى ال صعيد الر سمي ،لن
الذكريات الكورية عن التحكم الياباني في الماضي وعن الحساس بالتفوق
الث قافي لدى اليا بانيين يع يق أي ت سوية اجتماع ية حقيق ية .((1وأخ يرا@ ،فإن
عل قات اليا بان برو سيا كانت ول تزال أ كثر برودة من علقات ها بألمان يا.
فرو سيا ل تزال تحت فظ ب جزر الكور يل الجنوب ية بالقوة ،عل ما @ أن ها كانت قد
ج مد العلقة الروسية اليابانية. احتلت قبل نهاية الحرب العالمية الثانية مما „
) (1كانت "زي جا بان دايج ست"ال صادر في 25شباط ،1997 ،قد ذ كرت أ نه ب موجب
ا ستفتاء ح كومي ،و جد أن 36في المئة ف قط من اليا بانيين يحم لون م شاعر ود ية إزاء
كوريا الجنوبية .
181
وباختصار ،فإن اليابان معزولة سياسيا @ في منطقتها ،بينما ل تعاني ألمانيا من
هذه الظاهرة .
وبال ضافة إ لى ذ لك ،فإن ألمان يا ت شاطر وجيران ها كل @ من الم بادئ
الديمقراط ية العا مة وا لرث الم سيحي الو سع نطا قا @ لورو با .و هي ت سعى
أي ضا @ إ لى تحد يد هويت ها وتع مل حتى ع لى ت صعيد نف سها ضمن ك يان وق ضية
ه ما أ كبر من نف سها ،ونعني بذلك "أورو با" .و في المقا بل ،فل تو جد "آ سيا"
مناف سة .ف في الوا قع ،فإن ما ضي اليا بان المت سم بالعز لة ،و حتى نظام ها
ا لديمقراطي الرا هن ،يميلن إ لى ف صلها عن سائر المنط قة ،بالرغم من
ظ هور الديمقراط ية في ال سنوات ا لخيرة في عدة ب لدان آ سيوية .ين ظر
الكثيرون من السيويين إلى اليابان ليس بوصفها أنانية قوميا@ ،فحسب ،بل
بوصفها أيضا @ مقلدة للغرب وغير راغبة في النضمام إليهم في التساؤل عن
وج هات ن ظر ال غرب عن ح قوق الن سان وأهم ية ال ظاهرة الفرد ية .وه كذا،
ين ظر إ لى اليا بان من ق بل ال كثيرين من ال سيويين ع لى أن ها لي ست آ سيوية
فعل@ ،علما @ أن الغرب ذاته يتساءل أحيانا@ ،وبشيء من الحيرة عن مدى تحول
اليابان فعل @ إلى دولة ذات مفاهيم غربية .
و في الوا قع ،فإن اليا بان لي ست آ سيوية ب شكل مر يح ،بالرغم من أن ها
مو جودة في آ سيا .وإن هذا ال شرط ي حد إ لى حد كبير من خيارات ها
الجيواستراتيجية .فالخيار القليمي الحقيقي ،والمتمثل في وجود دولة يابانية
متفوقة إقليميا @ وتبرز الصين في هذا المجال ،وحتى لو لم تعد معتمد على
السيطرة اليابانية ،ولكن على التعاون القليمي المقاد من قبلها ،ل يبدو قابل
للحياة لسباب تاريخية ،وسياسية ،وثقافية قوية .وفضل @ عن ذلك ،فاليابان ل
تزال معت مدة ع لى الحما ية الع سكرية الميرك ية وع لى الرعا ية الدول ية.
فالل غاء ،أو حتى ال ضعاف ال تدريجي للمعا هدة المن ية الميرك ية اليابان ية
سوف يجعل اليابان غير منيعة فورا @ للتمزفات أو الضطرابات التي يمكن أن
تنتج عن أي ظهور جدي لضطراب إقليمي أو عالمي .وسوف تكون البدائل
الوحيدة عندئذ متمثلة إما في قبول السيطرة القليمية للصين أو في الخذ
ببرنامج إعادة تسلح عسكري كثيف وشامل ،المر الذي لن يكون مكلفا @ جدا
فحسب ،بل وخطرا @ جدا @ أيضا .ومن المفهوم تماما@ ،أن الكثير من اليابانيين
يجدون أن الوضع الراهن لبلدهم ،والذي تعتبر فيه اليابان قوة شبه عالمية،
ومحم ية أمن ية في ا لوقت ذا ته ،هو و ضع شاذ .ول كن ال بدائل الدرام ية،
والقاب لة للح ياة للترتي بات المو جودة حال يا@ ،لي ست وا ضحة ب حد ذات ها .وإذا
أمكن القول إن ال هداف القومية للصين ،وبالرغم من التنوع ا لذي ل يمكن
تجنبه في وجهات نظر الستراتيجيين الصينيين عن ملمح معينة ،هي واضحة
182
ب شكل مبرر وإن ال ندفاع ا لقليمي للطمو حات الجيوبوليت ية لل صين يم كن
التنبؤ به نسبيا@ ،فإن الرؤية الجيواستراتيجية لليابان تميل إلى كونها ضبابية أو
عات مة ن سبيا@ ،ناه يك ب كون ال مزاج ال عام اليا باني مت سما @ بدر جة أ كبر من
الغموض.
إن مع ظم اليا بانيين متأ كدون من أن أي تغي ير م فاجئ وم هم ا ستراتيجيا
لمن هج عمل هم أو م سارهم السيا سي يم كن أن ي كون خ طرا.ف هل ت ستطيع
اليابان أن تصبح قوة إقليمية في منطقة ل تزال هدفا @ للستياء ،وحيث تظهر
الصين كقوة بارزة إقليميا@ ،ومع ذلك فهل يجب على اليابان أن تقبل ببساطة
ب هذا ا لدور ال صيني؟ ثم هل ت ستطيع اليا بان أن ت صبح قوة عالم ية شاملة
حقيقية )بكل أبعادها( دون أن تعرض للخطر الدعم الميركي ودون أن تثير
مزيدا @ من العداوة القليمية؟ وهل سوف تبقى أميركا ،في أي حال ،مسمرة
في مكانها ول تأتي بحركة في آسيا ،وإذا فعلت ذلك،فكيف سيكون رد فعلها
على تأثير النفوذ المتنامي للصين في الفضلية التي كانت حتى الن معطاة
إلى العلقة الميركية اليابانية؟ لم يثر أي من هذه السئلة في معظم فترة
الحرب الباردة .واليوم ،أصبحت هذه السئلة بارزة استراتيجيا@ ،وتثير نقاشا
حيا @ على نحو متزايد في اليابان.
كانت السياسة الخارجية اليابانية ول تزال ،منذ أعوام الخمسينات توجه
بأربعة مبادئ أساسية صاغها رئيس وزراء اليابان شيغيرو يوشيدا الذي وصل
إلى هذا المنصب بعد الحرب العالمية الثانية .وقد طالبت عقيدة يوشيدا بأنه
يجب أول @ أن يكون الهدف الرئيس لليابان متمثل @ في التطور القتصادي ،وأن
تت سلح اليا بان ثان يا @ ع لى ن طاق ضيق أو خف يف عمو ما @ وتتج نب ال تورط في
النزا عات الدول ية ،وأن ت سير ثال ثا @ ع لى هدى الق يادة السيا سية الميرك ية
وتق بل بحما ية ع سكرية من الول يات المت حدة ،وأن ت كون الدبلوما سية
الميرك ية راب عا @ غ ير إيدديولوج ية ك ما ي جب ا لتركيز ع لى الت عاون ا لدولي.
ومه ما ي كن من أ مر ،وب ما أن ال كثير من اليا بانيين شعروا أي ضا @ ب عدم ارت ياح
إزاء مدى تورط اليا بان في ال حرب ال باردة ،فإن الف كرة الخيال ية عن ما
ي عرف ب شبه الح ياد كانت قد لق يت الرعا ية اللز مة في ا لوقت ذا ته .و في
الواقع ،ففي العام 1981اضطر وزير الخارجية اليابانية مازايوشي للستقالة
لنه سمح باستعمال كلمة "التحالف" في وصف العلقات الميركية اليابانية.
إن هذا ك له هو من الما ضي ف قط .و قد كانت اليا بان آ نذاك ت ستعيد
عافيت ها ،و كانت ال صين معزو لة ذات يا@ ،ك ما كانت أورا سيا م ستقطبة.
وبالمقارنة ،يجد أن النخبة السياسية في اليابان تشعر الن بأن اليابان الغنية
183
والمنخر طة اقت صاديا @ في ال عالم ،لم ت عد ت ستطيع أن ت حدد الغ نى ا لذاتي
بوصفه هدفا @ قوميا @ مركزيا @ دون إثارة الستياء الدولي.
وف ضل @ عن ذ لك ،فإن اليا بان القو ية اقت صاديا@ ،وخا صة ت لك ا لتي ت نافس
أمير كا ،ل ت ستطيع بب سلطة أن ت كون م جرد ام تداد للسيا سة الخارج ية
الميركية بينما تتجنب في الوقت ذاته أي مسؤوليات سياسية دولية وعموما@،
فإن اليا بان ال مؤثرة سيا سيا @ بدر جة أ كبر ،وخا صة ت لك ا لتي ت سعى إ لى
اعتراف عالمي بها )وعلى سبيل المثال ،حيازتها على مقعد دائم في مجلس
المن الدولي( ،ل تستطيع أن تتجنب اتخاذ مواقف معينة في القضايا المنية
الكثر حساسية أو في القضايا الجيوبوليتية المؤثرة في السلم العالمي.
ونتي جة لذلك ،فإن ال سنوات ا لخيرة شهدت انت شارا @ لدرا سات وت قارير
خاصة لمجموعات متنوعة من الهيئات العامة والخاصة اليابانية ،إضافة إلى
عدد كبير جدا @ من الك تب ال مثيرة لل جدل غال با @ لسيا سيين وأ ساتذة ك بار
ومعروف ين ج يدا@ ،ح يث حددت في ها م هام جد يدة لليا بان في فترة ما ب عد
ال حرب ال باردة .((1و قد اح توى ال كثير من هذه الك تب ع لى أف كار متعل قة
بإمكانية استمرار و)بالرغبة في استمرار( التحالف المني الميركي الياباني،
ك ما دا فع أ صحابها عن دبلوما سية يابان ية أ كثر ن شاطا @ وفعال ية ،وخا صة ن حو
) (1نذكر على سبيل المثال ،لجنة هيغوشي ،وهي هيئة استشارية لرئاسة الوزارة ،كانت
قد لخ صت "الع مدة الثل ثة للسيا سة المن ية اليابان ية" في تقر ير صدر في صيف ال عام
،1994وشددت على أفضلية الرتباطات المنية الميركية اليابانية ،ولكنها دافعت أيضا @ عن
الحوار المني السيوي المتعدد الطراف؛ وتقرير لجنة أوزاوا للعام ،1994بعنوان "برنامج
عمل ليابان جديدة" .وملخص ياميوري شيمبون عن "السياسة المنية الشاملة" المؤرخ
في أيار ،1995والذي يدافع ،بين أشياء أخرى ،عن الستخدام الخارجي للقوات العسكرية
اليابان ية من أ جل المحاف ظة ع لى ال سلم ،وتقر ير ني سان 1996لت حاد الهيئات التنفيذ ية
اليابانية ،الذي حضر بمساعدة من قبل مركز البحاث التكنولوجية المشتركة في مصرف
في جي ،وا لذي حث ع لى إي جاد تما ثل أ كثر في الن ظام ا لدفاعي ا لميركي ـ اليا باني؛
والتقر ير المع نون ب ـ "امكان ية ودور الن ظام ا لمني في المنط قة ال سيوية البا سيفيكية"
وا لذي قدم إ لى رئ يس ا لوزراء في حز يران 1996من ق بل ال ندوة اليابان ية عن ال شؤون
الدولية؛ وكذلك عدد كبير من الكتب والمقالت التي نشرت خلل بضع السنوات الخيرة،
وا لتي كانت غال با @ أ كثر عن فا @ وت شددا @ في تو صياتها ،ك ما أن ها كانت غال با @ تقت بس من ق بل
و سائل ا لعلم الغرب ية وع لى ن طاق أو سع ب كثير من الت قارير ا لخرى ال مذكورة أعله.
وعلى سبيل المثال ،ففي العام 1996أثار كتاب حرره جنرال ياباني تعليقات صحفية على
ن طاق وا سع ع ندما ت جرأ ع لى ال قول إن الول يات المت حدة يم كن أن تف شل ،في ظروف
معينة ،في حماية اليابان وبالتالي يجب على هذه الخيرة أن تزيد من إمكاناتها الدفاعية
القوم ية )ان ظر الج نرال يا سو شيرو موري نو ،في" قوة ا لدفاع ا لذاتي البر ية من الج يل
ال ثاني" والتعلي قات عل يه ،في" الخرا فات عن مج يء الول يات المت حدة لم ساعدتنا"،
شانكاي شيمبون4 ،آذار.(1996 ،
184
ال صين ،أو عن دور ع سكري يا باني أ كثر دينام ية في هذه المنط قة من
العالم .وإذا كان على المرء أن يحكم على حالة الرتباط الميركية ،اليابانية
على أساس ال حوار ال عام ،ف سيجد مبررا @ لل ستنتاج بأن العل قات بين هاتين
الدولتين سوف تدخل مرحلة التأزم في منتصف أعوام التسعينات.
ومهما يكن من أمر ،ففي مستوى السياسة العامة ،كانت التوصيات التي
نوق شت بجد ية ،عمو ما@ ،رزي نة ن سبيا@ ،وم حددة الب عاد ،ومعتد لة .فالخ يارات
القصوى ،أي تلك التي تحمـل الطابع السلمي الصحيح )والتي صيغت بلهجة
)ل غة( معاد ية للول يات المت حدة( أو المتعل قة بإ عادة الت سلح الرئيس ـة
والحاد ية ال طرف )ا لتي تتط لب إ عادة الن ظر بالد ستور والمتب عة تخمي نا @ في
ضوء ت حدي رد ف عل إقلي مي وأمير كي م عاد( ا ستقطبت ا لن عددا @ قليل @ من
المؤ يدين .وعمو ما@ ،فإن الجاذب ية الجماهير ية للنز عة ال سلمية ،إن و جدت،
أ صبحت في حا لة تل شي في ال سنوات ا لخيرة ،و كذلك فإن مذهبي العز لة
الحاد ية ال جانب ،والنز عة الع سكرية ف شل @ في أ ستقطاب ال كثير من ا لدعم
الج ماهيري بالرغم من أن ب عض ال ناطقين "الم تألقين" با سمهما داف عوا
عنه ما .وه كذا ،فإن الجم هور عمو ما@ ،ونخ بة ر جال الع مال ال مؤثرة ب شكل
خاص ،شعرا بع مق أن أ يا @ من الخ يارين ل ي قدم حل @ سيا سيا @ حقيق يا@ ،و في
الحقيقة ،فإنهما يؤديان فقط إلى تعريض الرفاهية اليابانية للخطر.
كانت المناق شات العا مة ا لتي سيطر علي ها ال طابع السيا سي قد ت ضمنا
بصورة رئيسة خلفات في التشديد على الوضع الدولي الساسي لليابان ،مع
ب عض الختل فات الثانو ية ا لخرى المتعل قة بالف ضليات الجيوبوليت ية .وبت عبير
أدق ،فث مة ثل ثة توج هات رئي سة ورب ما توجه را بع ثانوي ،يم كن أن ت حدد
وت صنف ك ما ي لي " :توجه ا لدعاة دون خ جل لمير كا" ،و توجه فئة الت جار
الحت كاريين ال عالميين ،و توجه ا لواقعيين النا شطين ،و توجه ال حالمين
ا لدوليين .ومه ما ي كن ا لمر ،ف في نها ية الم طاف ،ن جد أن هذه التوج هات
الرب عة ت شترك في ن فس ال هدف ال عام وي شغلها اهت مام مر كزي وا حد هو:
ا ستغلل العل قة بالول يات المت حدة ل كي تح صل ع لى ال عتراف ال عالمي
باليابان ،بينما يتم تجنب العداوة للسيوية دون تعريض مظلة المن الميركي
للخطر قبل الوان.
ينطلق التوجه الول نقطة من القتراح القائل إن المحافظة على العلقة
الميركية اليابانية الموجودة )مع العتراف بأنها غير متماثلة أو غير متوازنة(
ي جب أن تب قى م حورا @ مركز يا @ في الجيوا ستراتيجية اليابان ية .وير غب أتباع ها،
شأنهم شأن مع ظم اليا بانيين ،في ا عتراف دو لي أو سع باليا بان و في در جة
أ كبر من الم ساواة في الح لف ،ول كن الف قرة الرئي سة في إي مانهم هي،
185
ح سبما عبر عن ها رئ يس ا لوزراء اليا باني كيت شي م يازاوا في كانون ال ثاني
" ،1993أن الن ظرة إ لى ال عالم ا لذاهب إ لى ال قرن ال حادي والع شرين سوف
تعت مد غال با @ ع لى ما إذا كانت اليا بان والول يات المت حدة قادرتين أو غ ير
قادرتين ع لى تأمين ق يادة من سقة ضمن رؤ ية م شتركة" .و قد كانت ،ول
تزال ،وج هة الن ظر هذه م سيطرة لدى النخ بة السيا سية الدول ية ومؤس سة
السياسة الخارجية اللتين كانتا مم سكتين بال سلطة خلل الع قدين الما ضيين
تقري با .ف في الق ضايا الجيوا ستراتيجية الرئي سة المتعل قة با لدور ا لقليمي
لل صين و بالوجود ا لميركي في كور يا ،ن جد أن هذه الق يادة كانت مؤ يدة
للول يات المت حدة ،ولكن ها ترى أي ضا @ دور ها بو صفه م صدرا @ للق يود ع لى أي
نز عة أميرك ية هاد فة إ لى تب ني و ضع مواج هة إزاء ال صين .و في الحقي قة،
ف حتى هذه المجمو عة أ صبحت تم يل ع لى ن حو متزا يد إ لى الت شديد ع لى
الحاجة إلى علقات أميركية صينية أوثق ،مصنفة أهمية هذه العلقات تحت
الرتباطات بأميركا بمقدار قليل .
إن التوجه الثاني ل يعارض التحالف الجيواستراتيجي لسياسة اليابان مع
سياسة أميركا ،ولكنه ينظر إلى أن أفضل خدمة تقدم إلى المصالح اليابانية
هي العتراف الصريح والقبول بالحقيقة القائلة إن اليابان هي قوة اقتصادية
ب صورة رئي سة .وإن هذه الن ظرة تن سجم غال با @ مع البيروقراط ية ال مؤثرة
تقل يديا @ لوزارة الت جارة وال صناعة الدول ية ،و مع ق يادات أع مال الت جارة
والت صدير في البلد .و في وج هة الن ظر هذه ،ن جد أن إ ضعاف الع سكرة
اليابان ية هو أ مر ي ستحق أن ي حافظ عل يه .ف مع كون أمير كا ضامنة لمن
اليا بان ،ت صبح هذه ا لخيرة حرة في أت باع سيا سة ال شتباك القت صادي
العالمي ،المر الذي يعزز بهدوء موقفها الدولي .
وفي عالم مثالي ،سوف يميل التوجه الثاني إلى تفضيل سياسة تتسم
على القل بالحياد الواقعي ،حيث تتفوق أميركا على القوة القليمية للصين
وبالتالي تحمي تايوان وكوريا الجنوبية ،جاعلة اليابان في وضع مريح يمكنها
أن تر عى ف يه عل قة اقت صادية أو ثق مع ا لبر الرئي سي من ال قارة ،وج نوب
شرق آسيا .ومهما يكن المر ،ففي ظل الحقائق السياسية الموجودة ،نجد
أن فئة الت جار ال عالميين تق بل الت حالف ا لميركي اليا باني بو صفة ترتي با
ضروريا@ ،بما في ذلك النفقات المتواضعة نسبيا @ المخصصة للقوات المسلحة
اليابانية )ل تزال دون نسبة 1في المئة من الدخل القومي السنوي الجمالي
للبلد( ،ولكنهم ليسوا متشوقين إلى حقن التحالف بأي وسائل مادية مهمة
إقليميا @ .
186
تميل المجموعة الثالثة ،المؤلفة من الواقعيين الناشطين لن تكون في
عداد الفئة الجديدة من السياسيين والمفكرين الجيوبوليتيين .وهم يعتقدون
أن اليا بان تم لك ،بو صفها دو لة ديمقراط ية غن ية وناج حة ،الفر صة وال لتزام
لكي تجعل المور مختلفة فعل @ في عالم ما بعد الحرب الباردة .وهي إذ تفعل
ذلك ،فإنها تستطيع أن تحصل على العتراف العالمي الذي تستحقه بوصفها
مر كز تأثير اقت صادي وت صنف تاريخ يا @ ب ين ا لدول ال كبرى القلي لة في ال عالم.
و كان ظ هور هذا الو ضع اليا باني ا لكثر قوة قد أ شير إل يه من ق بل رئ يس
الوزراء الياباني ياسو شيرو ناكاسوني في أعوام الثمانينات ،ولكن ربما كان
أفضل عرض لوجهة النظر هذه قد جاء في تقرير لجنة أوزاوا المثير للجدل،
وا لذي ن شر عام 1984وح مل الع نوان "برنا مج ع مل ليا بان جد يدة :التفك ير
المتجدد للدولة".
وإذ سمي هذا التقر ير با سم رئ يس اللج نة ،اي شيروا اوزاوا ،وا لذي هو
قائد سيا سي م هم ظ هر ب سرعة ع لى الم سرح ،ف قد دا فع ،أي التقر ير ،عن
أمرين هما إضفاء الطابع الديمقراطي على الثقافة السياسية الهرمية للبلد
وإ عادة التفك ير في الو ضع ا لدولي لليا بان .وإذ حث هذا التقر ير ع لى أن
تصبح اليابان" دولة عادية" ،فقد أوصى أيضا @ بإبقاء العلقة المنية الميركية
اليابانية ،ولكنه قدم رأيـا @ آخـر عـن وجوب تخلي اليابان عن سلبيتها الدولية
بأن تنخرط على نحو ف ع „ال في السياسة العالميـة ،وخاصـة في الخذ بدور
بارز في جهود حفظ السلم الدولية .ولهذا الغرض ،فقد أوصى التقرير برفع
التقييدات الدستورية عن إرسال قوات مسلحة يابانية إلى الخارج.
أما الشيء الذي لم يقل ولكنه وجد ضمنا @ في التشديد على كون اليابان
"بلدا @ عاديا@" ،فد تمثل في فكرة النعتاق الجيوبوليتي المهم جدا @ من العباءة
المنية الميركية .وكان المدافعون عن وجهة النظر هذه يميلون إلى التأكيد
بأن اليا بان ي جب أل تتردد ،في الم سائل ذات الهم ية العالم ية ،في التك لم
باسـم آسيا عوضا @ عن اتباع خط السير الميركي بصورة أوتوماتيكية .ومهما
ي كن ا لمر ،ف قد ظ لوا في و ضع من الغ موض في شأن ت لك الم سائل
الحسا سة كا لدور ا لقليمي المت نامي لل صين أو م ستقبل كوري ـا ،دون أن
يختلفوا كثيرا @ عن زملئهم التقليديين .وهكذا ،ففي ما يتعلق بالمن القليمي،
شاطروا هؤلء الزمـلء الترعة اليابانية التي ل تزال قوية في شأن إبقاء هذه
المور ضمن مسؤولية أميركا بصورة رئيسة ،على أن تمارس اليابان مجرد
دور معدل أو مهدئ لي تصرف حماسي مبالغ به من قبل أميركا .
187
و في الن صف ال ثاني من أ عوام الت سعنينات بدأ هذا ال توجه ل لواقعيين
النا شطين في ال سيطرة ع لى التفك ير ال عام و يؤثر في صياغة السيا سة
الخارج ية اليابان ية .ف في الن صف ا لول من ال عام ، 1996بدأت الحكو مة
اليابان ية تتك لم عن "الديبلوما سية الم ستقلة "لليا بان ،حتى بالرغم من أن
وز ير الخارج ية اليابان ية ال حذر دائ ما @ اخ تار أن يترجم الجم لة اليابان ية عن
"الدبلوما سية النا شطة " بو صفها ت عبيرا @ أ كثر غمو ضا @ )وإن كان ذ لك يع تبر،
تخمينا@ ،أقل وضوحا @ في توجهه إلى أميركا(.
أ ما ال توجه الرا بع ،ا لذي يتع لق بال حالمين ا لدوليين ،ف قد كان أ قل تأثيرا
من أي من التوج هات ا لتي سبق ذكر ها ،ولك نه خدم أحيا نا @ في ح قن وج هة
النظر اليابانية بكلمات أكثر مثالية .وهو يميل إلى أن يرتبط جماهيريا @ بأفراد
بارزين مثل أكيو موريتا من شركة سوني الذي أضفى ،شخصيا@ ،طابعا @ دراميا
على أهمية التزام اليابان الحاسم بالهداف العالمية المرغو بة على الصعيد
ا لخلقي .وغال با @ ما كان هؤلء ال حالمون يدعون اليا بان ،من خلل إ ثارتهم
لف كرة "ن ظام عالمي جد يد" ،وبال ضبط لن ها ل تح مل ع بء م سؤوليات
جيوبوليت ية ،إ لى أن ي كون ل ها ال سبق ،عالم يا@ ،في ت طوير وت قديم مف كرة أو
برنامج أعمال ذي طابع إنساني من أجل المجتمع العالمي .
تتفق كل هذه التوجهات الربعة في قضية إقليمية رئيسة واحدة هي :أن
ظهور أو نشوء المزيد من التعاون السيوي الباسيفيكي المتعدد الطراف هو
في مصلحة اليابان .ويمكن لهذا التعاون أن تكون له ،مع مرور الزمن ،ثلثة
تأثيرات إيجاب ية :ف هو ي ستطيع أن ي ساعد في أن ي غري ال صين بالم شاركة
)وأن ي ضع ق يودا@ ،ب شيء من ا لذكاء ،علي ها(؛ وي ستطيع أن ي حافظ على ب قاء
أميركا في آسيا ،حتى وإن كان يعمل في الوقت ذاته على إضعاف سيطرتها
بالتدر يج؛ و كذلك ي ستطيع أن ي ساعد في تلط يف ال ستياء ضد اليا بان،
وبال تالي يز يد من ن فوذ هذه ا لخيرة .و بالرغم من أ نه ل يحت مل أن يخ لق
م جال ن فوذ إقلي مي يابان يا @ فإنه ي ستطيع أن يح قق لليا بان در جة ما من
الحترام ألقليمي ،وخاصة في الدول البحرية البعيدة عن شواطئها التي قد
ل تكون مرتاحة إزاء القوة المتنامية للصين .
تتفق أيضا @ كل وجهات النظر الربع على أن المراعاة الحذرة للصين هي
أفضل من أي جهد تقوده أميركا ويهدف إلى الحتواء المباشر لهذه الدولة.
188
وفي الحقيقة ،فإن فكرة الستراتيجية المقادة من قبل أميركا والهادفة إلى
احتواء الصين ،أو حتى فكرة التحالف ال موازن غير الرسمي المقتصر على
الدول الجزائرية )موجودة في جزر( التي تضم تايوان ،والفيليبين ،وبروناي،
وأندوني سيا ،وال مدعوم من ق بل اليا بان وأمير كا ،لم ت كن ذات جاذب ية كبيرة
بالنسبة إلى مؤسسة السياسة الخارجية اليابانية .فمن وجهة النظر اليابانية،
ن جد أن أي ج هد من هذا ال نوع لن يح تاج إ لى ضغط ع سكري أمير كي كبير
وغير محدود في كل من اليابان وكوريا فحسب ،بل يحتمل أن يصبح ،ومن
خلل خلق تداخل أو تشابك جيوبوليتي ملتهب بين المصالح القليمية الصينية
من ناحية،والمصالح الميركية اليابانية من ناحية ثانية )انظر الخريطة( ،نبوءة
ذاتية التحقيق عن صدام مع الصين .((1وسوف تكون النتيجة متمثلة في منع
النع تاق أو الت حرر الت طوري لليا بان وتهد يد الرفاه ية القت صادية في ال شرق
القصى.
وفي نفس هذا المجال ،فإن قلة تفضل العكس :أي تحقيق وفاق وتكيف
بين اليابان والصين .وإن النتائج القليمية لهذا العكس الكلسيكي للتحالفات
ستكون غير مستقرة أو مضطربة جدا @ لن ستتمثل في انسحاب أميركي من
المنطقة ،إضافة إلى اللحاق السريع لكل من تايوان وكوريا بالصين ،وترك
اليابان تحت رحمة الصين .ليس هذا المر جذابا@ ،ولن يكون كذلك إل بالنسبة
إ لى عدد قل يل من المتطرف ين .وعمو ما@ ،ف مع تهم يش رو سيا جيوبوليت يا@،
والستخفاف بها تاريخيا@ ،فليس ثمة بديل للجماع الساسي على أن الرتباط
بأمير كا يب قى ذ لك ال خط الح ياتي المر كزي لليا بان .و بدون ذ لك ،فاليا بان ل
ت ستطيع أن ت ضمن لنف سها إ مدادا @ م ستمرا @ من الن فط ول أن تح مي نف سها
من قنب لة نوو ية صينية )ورب ما ،من قنب لة مماث لة كور ية ،في و قت قر يب
ل حق( .ول عل الق ضية السيا سية الحقيق ية ،الوح يدة هي ك يف نعا لج بأف ضل
طريقة الرتباط الميركي بغية دفع المصالح اليابانية إلى المام.
وبال تالي ،ن جد أن اليا بانيين ذه بوا إ لى م كان بع يد مع الرغ بات الميرك ية
بغية تعزيز التعاون العسكري الميركي الياباني ،بما في ذلك ،المجال الذي
ي بدو متو سعا @ اعت بارا @ من "ال شرق الق صى "الم حدد إ لى" ال صيغة ال سيوية
الباسيفيكية" ذات البعاد الكثر اتساعا@ .وانسجاما @ مع ذلك،وسعت الحكومة
كان بعض اليابانيين المحافظين قد تعرضوا للغراء بفكرة إقامة ارتباط خاص بين )
اليابان وتايوان ،وفي العام 1996شكلت رابطة برلمانية يابانية تايوانية لكي تطور
هذا الهدف ،فكان رد الفعل الصيني ،حسبما تم التنبؤ به ،معاديا.
189
اليابان ية أي ضا @ في بدا ية ال عام 1996ع ندما أ عادت الن ظر في ما ي عرف
بالخطوط الرئيسة عن الدفاع الميركي الياباني ،مجال استخدامها المحتمل
للقوات الدفاعية اليابانية من "عمليات الطوارئ في الشرق القصى" إلى"
عمليات الطوارئ في المناطق المجاورة لليابان" .وإن رغبة اليابان في جعل
أمير كا مواف قة ع لى ،ومتكي فة مع هذه الم سألة كانت ذات دوا فع ذات صلة
بإزا لة ال شكوك الم ثارة إزاء ال قوة الميرك ية الباق ية ل مد طو يل في آ سيا،
وال نواحي ا لخرى المقل قة المتمث لة في صعود ال صين ،و ما ي بدو من ق لق
تشعر به أميركا إزاء هذا الصعود الذي يستطيع في نقطة ما في المستقبل
أن يستمر في فرض خيار غير مقبول على اليابان :فإما أن تقف مع أميركا
ضد الصين ،أو تقف ،بدون أميركا وحلفائها ،مع الصين.
-1الت شابك ب ين ال صين ال كبرى والت حالف ا لميركي اليا باني الم ضاد
للصين.
-2التحالف الميركي الياباني المضاد للصين.
-3التشابك مع الصين بوصفها قوة عالمية.
-4البحر العربي.
-5الهند.
-6الباكستان.
-7أفغانستان.
-8أوزبكستان.
-9كازاخستان.
-10روسيا.
-11منغوليا.
-12الصين.
-13اليابان.
-14المحيط الهادي الشمالي.
-15أندونيسيا.
-16ماليزيا.
-17ماليزيا.
190
-18بورما.
-19لوس.
-20تايلند.
-21كمبوديا.
-22فيرغيزيا
-23توركمنستان
وبالنسبة إلى اليابان ،فإن هذا المأزق الجوهري يحتوي أيضا @ على مسألة
تاريخية :فبما أن تحول هذه الدولة إلى قوة إقليمية مسيطرة لم يكن هدفا
قابل @ للحياة ،وبما أن التحول إلى قوة عالمية شاملة فعل @ ليس أمرا @ واقعيا@،
فإنه ين تج عن ذ لك أن اليا بان ت ستطيع أن تح قق الت حول إ لى دو لة قائدة
عالم يا @ عبر انخراط ها الن شيط في عمل يات ح فظ ال سلم ع لى الم ستوى
العالمي وفي التطور القتصادي .وإذ تستفيد من التحالف الميركي الياباني
لضمان استقرار الشرق القصى ،ولكن بدون جعل هذا الستقرار يتطور إلى
ت حالف م ضاد لل صين ،فإن ها ،أي اليا بان ،ت ستطيع أن تع مل بأ مان ع لى تنف يذ
مهمة عالمية مؤثرة ومتميزة بوصفها تلك القوة التي تطور تعاونا @ مؤسساتيا
دول يا @ حقيق يا @ وأ كثر فعال ية .وه كذا ت ستطيع اليا بان أن ت صبح أ قوى ب كثير
وتعادل في نفوذها العالمي دولة مثل كندا ،أي تصبح دولة محترمة من أجل
ا ستخدامها الب ناء لثروت ها وقوت ها ولكن ها ستكون في ا لوقت ذا ته دو لة ل
يخافها أحد ول يستاء منها أحد.
ـــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــ
191
التكيwف الجيواستراتيجي لميركا
ي جب أن ت كون مه مة السيا سة الميرك ية أن تتأ كد من أن اليا بان تأ خذ
بم ثل هذا الخ يار ،وأن صعود ال صين إ لى مرت بة ا لبروز ا لقليمي ل يم نع
ال توازن المث لثي الم ستقر لل قوة ال شرق آ سيوية .وإن الج هد الم عد „ لترويض
اليا بان وال صين والمحاف ظة ع لى تفا عل ثل ثي التجا هات وم ستقر ي شمل
أمير كا أي ضا @ سوف ير هف ع لى ن حو حاد الم هارات الديبلوما سية الميرك ية
والتخ يل السيا سي ا لميركي .وعمو ما@ ،فإن التغ لب ع لى التر سيخ ال سابق
للخ طر ا لذي ي شكله ،ح سبما يز عم ،ال صعود القت صادي اليا باني وتج نب
المخاوف من القوة السياسية الصينية ،يساعدان في إنعاش وتغذية واقعية
باردة في السياسية التي يجب أن تستند على حسابات استراتيجية دقيقة أي
"ك يف تو „
جه الطا قة اليابان ية في الت جاه ا لدولي وك يف توجه ال قوة ال صينية
إلى التوافق والتكيف القليميين.
وب هذه الطري قة ف قط ستكون أمير كا قادرة ع لى أن تخ لق في ا لبر
الرئي سي من أو را سيا م عادل @ متجان سا @ من الناح ية الجيوبوليت ية لدور أورو با
في الحدود المحيطية الغربية لوراسيا ،وهذا يعني ،إقامة بنية لقوة إقليمية
معتمدة على مصالح مشتركة .ومهما يكن المر وخلفا @ للحالة الوروبية ،فلن
يظ هر فورا @ رأس ج سر ديمقرا طي في ا لبر الرئي سي ال شرقي .ول كن،
وعو ضا @ عن ذ لك ،يجب على التحالف مع اليابان المعاد توجيهه في ال شرق
الق صى أن ي خدم بو صفه أسا سا @ للتك يف ا لميركي مع ال صين ال بارزة
والمتفوقة إقليميا.
وبالنسبة إلى أميركا ،فإن عدة استنتاجات جيواستراتيجية مهمة تأتي من
تحليل القسمين السابقين من هذا الفصل :فالمعرفة السائدة عن أن الصين
هي القوة العالمية الثانية تخلق هوسا @ من هذه الدولة ،وتعزز الصابة بجنون
العظ مة ضمن ال صين ذات ها .وإن الم خاوف من دو لة ال صين العدائ ية
والعدوانية التي ستكون قبل وقت ليس بعيدا @ عن القوة العالمية الثانية،هي،
في أفضل الحالت ،سابقة لوانها؛ وكذلك ،ففي أسوأ الحوال ،يمكن لهذه
المخاوف أن تصبح نبوءة ذاتية التحقيق .وينتج عن ذلك ،أنه سيكون أمرا @ غير
مثمر أن ينظم تحالف معد „ لحتواء صعود الصين إلى قوة عالمية .وإن ذلك
سوف ي ضمن ف قط أن ت كون ال صين ال مؤثرة إقليم يا @ دو لة معاد ية .و في
ا لوقت ذا ته ،فإن أي ج هد من هذا ال نوع سوف يج هد العل قة الميرك ية
اليابان ية ما دام محتمل @ أن مع ظم اليا بانيين سوف يعار ضون هذا الت حالف.
ف عن الضغط على اليابان لكي وبالتالي ،يجب على الوليات المتحدة أن تك „
ت مارس م سؤوليات دفاع ية أ كبر في المنط قة ال سيوية البا سيفيكية .وإن
192
الجهود في هذا المجال سوف تعمل فقط على إعاقة نشوء علقة مستقرة
بين اليابان والصين ،بينما تؤدي ،في الوقت ذاته إلى تعزيز عزل اليابان في
هذه المنطقة .
ولكن لنه ل يحتمل في الحقيقة أن تصبح الصين حال @ قوة عالمية ،ولنه،
ول هذا ال سبب ذا ته لن ي كون من الحك مة أن ي تم ال خذ بسيا سة الح تواء
ا لقليمي لل صين ،ف من المر غوب ف يه أن تعا مل ال صين كل عب هام عالم يا.
أ ما سحب ال صين إ لى ت عاون دو لي أو سع ومنح ها المو قع أو المرت بة ا لتي
تتوق إليها ،فسوف يكون له تأثير في تشذيب حدة الطموحات القومية لهذه
الدولة .والخطوة الهامة في هذا التجاه ستكون متمثلة في ضم الصين إلى
الق مة ال سنوية لدول ال عالم ال بارزة ،أو ما ي عرف بمجمو عة ا لدول ال سبع
الكبرى ،وخاصة بعد أن دعيت روسيا إلى حضور هذه القمة .
وبالرغم من المظاهر الخارجية ،فإن الصين ل تملك في الحقيقة خيارات
استراتيجية مهمة .وإن النجاح القتصادي المستمر للصين يبقى معتمدا @ إلى
حد كبير على تدفق رأس المال إلى السواق الجنبية ،المر الذي ي „
ح د كثيرا
من خياراتها .ثم إن التحالف مع روسيا غير المستقرة والتي تعاني من الفقر
لن ي „
عزز المكا نات القت صادية أو الجيوبوليت ية لل صين )وبالن سبة إ لى رو سيا،
فإنها سوف تعني التبعية للصين( .ولذا ،فإن ذلك ليس خيارا @ جيواستراتيجيا
قابل @ للحياة ،حتى وإن كان أمرا @ مغريا@ ،تكتيكيا ،لكل من الصين وروسيا أن
تتعامل مع هذه الفكرة .وعموما@ ،فإن مساعدة الصين ليران والباكستان هي
أكثر أهمية لها من الناحيتين القليمية والجيوبوليتية في المدى القرب ،ولكن
حتى ذ لك ل يؤمن ت قديم نق طة النطلق ال ضرورية للب حث عن أو ال سعي
ال جدي إ لى مو قع )مرت بة( ال قوة العالم ية .و كذلك ،يم كن للت حالف "الم ضاد
للهيم نة" أن ي صبح خ يار الملذ ا لخير إذا بدأت ال صين ت شعر بأن الطر يق
يغلق على طموحاتها القومية أو القليمية من قبل الوليات المتحدة )وبدعم
من اليا بان( .ولك نه سيكون ت حالف الف قراء ا لذين يحت مل أن يب قوا كل هم
فقراء لزمن ما ،قد يطول ،في المستقبل.
قد تظ هر إ لى الو جود دو لة صينية كبرى بو صفها قوة م سيطرة إقليم يا@.
وبهذا الشكل ،فإنها قد تحاول أن تفرض نفسها على جيرانها بطريقة تؤدي
إ لى عدم ال ستقرار إقليم يا@؛ أو يم كن أن تكت في بممار سة نفوذ ها ع لى ن حو
غير مباشر بأن تحافظ على تاريخها المبريالي السابق.
أ ما احت مال ظ هور م جال ن فوذ مت سم بالهيم نة أو م جال ا حترام مت سم
بالغموض فيعت مد جزئ يا @ ع لى ال طابع الوح شي وال ستبدادي ا لذي يحت فظ به
193
النظام الصيني ،كما يعتمد في جزء آخر منه على الطريقة التي يتصرف بها
اللعبون الخارجيون الرئيسيون ،ول سيما أميركا واليابان ،إزاء ظهور الصين
الكبرى .وإن سياسة السترضاء يمكنها أن تشجع على اتخاذ وضع أو موقف
صيني أكثر حزما@؛ ولكن سياسة العتراض فقط على ظهور مثل هذه الدولة
الصينية سوف تؤدي غالبا @ إلى نتيجة مماثلة .فالوفاق الحذر على ،او التكيف
مع ،ب عض الق ضايا ،والر سم ا لدقيق لل خط الفا صل ب ين هاتين السيا ستين
سوف يؤديان إلى تجنب كلتيهما.
وفي أي حال ،يمكن للصين الكبرى أن تمارس في بعض مناطق أوراسيا
ن فوذا @ جيوبوليت يا يتلءم مع الم صالح الجيوا ستراتيجية ال كبرى لمير كا في
أوراسيا المستقرة والتي توجد فيها أنظمة حكم تعددية سياسيا .وعلى سبيل
الم ثال ،فإن اهت مام ال صين المتزا يد بآ سيا الو سطى يقي „د حت ما @ حر ية رو سيا
في الع مل لدى سعيها إ لى إن جاز أي شكل من أ شكال إ عادة التكا مل
السياسي في المنطقة بإشراف موسكو .وفي هذا الخصوص ،وفي المجال
المتع لق بالخل يج الفار سي )العر بي( ،ن جد أن حا جة ال صين المتنام ية إ لى
الطاقة تملي وجود اهتمام مشترك لدى الصين وأميركا في المحافظة على
حرية الوصول إلى مناطق استخراج النفط وعلى الستقرار السياسي فيها.
وع لى ن حو مما ثل ،فإن د عم ال صين للباك ستان يق يد طمو حات اله ند في
إلحاق هذه الدولة بها ويضعف ميل الهند أيضا @ إلى التعاون مع روسيا في ما
يتعلق بأفغانستان وآسيا الوسطى.
وأخ يرا@ ،فإن الن خراط ال صيني واليا باني في ت طوير شرق سيبيريا
ي ستطيع أي ضا @ أن ي ساعد في تعز يز ال ستقرار ا لقليمي .وي جب أن تكت شف
هذه المصالح المشتركة عبر حوار استراتيجي دائب.((1
تو جد أي ضا @ م ناطق يم كن للطمو حات ال صينية أن تت صادم في ها مع
الم صالح الميرك ية )أو مع الم صالح اليابان ية أي ضا@( ،ول سيما إذا كانت هذه
الطمو حات ستلحق عبر تكت يك عن يف ات „ سم تاريخ يا @ بأنه كان مألو فا @ جدا.
وينطبق ذلك بشكل خاص على جنوب شرق آسيا ،وتايوان ،وكوريا.
) (1ك نت قد حددت ،في اجت ماع ،في ال عام ،1996مع الم سؤولين ا لمنيين وا لدفاعيين
الكبار في الصين )مستخدما @ أحيانا @ صيغا @ غامضة عن عمد( المناطق التالية ذات الهمية
الستراتيجية المشتركة بوصفها أساسا @ لمثل هذا الحوار1:ـ جنوب شرق آسيا المسالم؛ 2ـ
عدم استخدام القوة في حل القضايا المتنازع عليها والموجودة بعيدا @ عن الشواطئ؛ 3ـ
إعادة توحيد الصين سلميا@؛ 4ـ الستقرار في كوريا؛ 5ـ استقلل آسيا الوسطى؛ 6ـ التوازن
ب ين اله ند والباك ستان؛ 7ـ كون اليا بان دينام ية اقت صاديا @ ومعتد لة سيا سيا@؛ 8ـ كون رو سيا
مستقرة ،ولكنها غير قوية جدا.
194
إن ج نوب شرق آ سيا غ ني جدا @ غال با@ ،ومنت شر ع لى م ساحات وا سعة
مة حتى من قبل دولة جغرافيا@ ،وهو ببساطة كبير جدا @ من منظور سهولة ض „
ال صين القو ية ،ولك نه ،في المقا بل ،ضعيف جدا @ أي ضا@ ،ومق سم جدا @ ع لى
ال صعيد السيا سي،لدر جة ي صعب مع ها أن ي صبح ،ع لى ال قل ،في مو ضع
ا حترام من ق بل ال صين .ثم إن الن فوذ ا لقليمي لل صين ،والم ع „زز بالوجود
ال مالي والقت صادي ال صيني في كل دول هذه المنط قة من ال عالم ،يجت مل
حت ما @ أن ي كبر كل ما ازدادت قوة ال صين .وال كثير يعت مد ع لى كيف ية ا ستخدام
الصين لهذه القوة ،ولكن ليس المر واضحا @ في ما يتعلق بكون أميركا ذات
مصلحة خاصة في معارضة هذه القوة مباشرة أو في أن تصبح متورطة في
مثل هذه القضايا ،كالنزاع على بحر الصين الجنوبي .ويملك الصينيون خبرة
تاريخ ية كبيرة في التعا مل بذكاء مع العل قات غ ير المت ساوية )أو المت سمة
بالتبعية( ،وسيكون بالتأكيد من مصلحة الصين أن تمارس قيودا @ ذاتية )على
نفسها( لكي تجن „ب الخرين المخاوف القليمية من المبريالية الصينية .فهذا
ال خوف قد يو ل „د تحال فا „ أقليم يا @ م ضادا @ لل صين )عل ما @ أن ب عض النغ مات
المتصلة بذلك بدأت تظهر في التعاون العسكري الندونيسي _ الوسترالي
الوليد( ،كما قد يدفع هذا التحالف باحتمال كبير إلى السعي للحصول على
د عم من الول يات المح تدة واليا بان ،وأ ستراليا .إن ال صين ال كبرى ،وخا صة
بعد استيعاب هونغ كونغ ،سوف تسعى بشكل مؤكد تقريبا @ وبنشاط أكبر إلى
الع مل ع لى إ عادة ضم تايوان إ لى ا لبر ال صيني الرئي سي .و من الم هم أن
ن قدر الحقي قة المتمث لة في أن ال صين لم ي سبق ل ها قط أن قب لت بالف صل
النهائي لتايوان عنها .وبالتالي ،ففي نقطة ما ،يمكن لهذه القضية أن تؤدي
إ لى صدام أمير كي صيني وج ها @ لوجه .و سيكون انع كاس ن تائج هذا ال صدام
ع لى كل المعني ين مدمرة إ لى أق صى حد .فال فاق القت صادية الم ستقبلية
للصين سوف تعاني من انتكاسة؛ ويمكن أن تصبح ارتباطات أميركا باليابان
مجهدة جدا@؛ وكذلك يمكن أن تخرج الجهود الميركية الهادفة إلى خلق توازن
مستقر للقوة في أوراسيا الشرقية عن خطها الصحيح.
ولذا ،فمن الضروري أن تحقق على نحو متبادل أقصى وضوح في هذه
الق ضية وأن ت حافظ عل يه .و حتى إذا كان يحت مل أن تفت قر ال صين في
الم ستقبل المن ظور إ لى الو سائل ا لتي تمكن ها من ضم تايوان ع نوة ،فع لى
بكين أن تفهم ،وأن يتم إقناعها بشكل موثوق ،أن القبول الميركي بمحاولة
ال صين الهاد فة إ لى إ عادة ضم تايوان إلي ها ع نوة ،أي با ستخدام ال قوة
العسكرية ،سوف يكون مدمرا @ لوضع أميركا في الشرق القصى ،وبالتالي ل
195
ت ستطيع هذه الخ يرة أن تب قى ،في هذه ال حال ،سلبية ع سكريا إذا لم ت كن
تايوان قادرة على حماية نفسها.
وبت عبير آ خر ،فإن أمير كا سوف ت ضطر لل تدخل ل يس ل صالح ب ناء تايوان
منف صلة فح سب ،بل من أ جل المحاف ظة ع لى م صالحها الجيوبوليت ية في
المنط قة ال سيوية البا سيفيكية أي ضا .وإن هذا التمي يز أو ال فرق م هم جدا@.
فالول يات المت حدة ل يس ل ها ،من ح يث الم بدأ ،أي م صلحة خا صة في ب قاء
تايوان منف صلة و في الحقي قة ،فإن و ضعها الر سمي كان ،وي جب أن يب قى،
متمثل @ في و جود دو لة صينية وا حدة ف قط،ول كن الطري قة ا لتي ت سعى من
خلل ها ال صين إ لى إ عادة التوح يد )ال ضم( يمكن ها أن تؤثر في الم صالح
الميركية الحيوية ،وعلى الصينيين أن يكونوا مدركين بوضوح لهذا المر.
و كذلك ،فإن ق ضية تايوان تع طي أمير كا مبررا @ م شروعا @ ل ثارة م سألة
ح قوق الن سان في تعاملت ها مع ال صين دون أن تبرر اتهام ها بال تدخل في
ال شؤون الداخل ية ال صينية .و من الملئم تما ما @ أن ت كرر أمير كا كلم ها لبك ين
عن أن إعادة التوحيد سوف تتم فقط عندما تصبح الصين أكثر ازدهارا @ وأكثر
ديمقراط ية .و هذه ال صين ف قط هي ا لتي ستكون قادرة ع لى جذب تايوان
وا ستيعابها ضمن ال صين ال كبرى ا لتي ت كون م ستعدة أي ضا @ لن ت كون
كونفدرالية معتمدة على المبدأ القائل" :دولة واحدة ،وعدة أنظمة" .وفي أي
حال ،وبسبب تايوان ،فسيكون من مصلحة الصين أن تعزز احترامها لحقوق
النسان كما أنه من الملئم لميركا أن تعالج المسألة في هذا السياق.
وفي الوقت ذاته ،ينبغي على الوليات المتحدة ،إذ تريد المحافظة على
و عدها لل صين ،ان تمت نع عن ا لدعم مبا شرة أو غ ير مبا شرة لي م ساهمة
دول ية ت هدف إ لى ر فع مرت بة أو مو قع تايوان .ف في أ عوام الت سعينات نق لت
ب عض الت صالت الر سمية ب ين الول يات المت حدة و تايوان انطبا عا @ عن أن
الول يات المت حدة بدأت ،من ح يث الم بدأ ،تعا مل تايوان باعتبار ها دو لة
منفصلة )مستقلة( ،وإن الغضب الصيني إزاء هذه القضية كان مفهوما@ ،شأنه
شأن ال ستياء ال صيني من تقو ية الج هد ا لذي ي بذله الم سؤولون ال تايوانيون
من أجل الحصول على اعتراف دولي بوضع تايوان المنفصل )أو المستقل(.
وبال تالي ،ي جب أل تخ جل الول يات المت حدة من أن تو ضح ا لمور عن أن
موقف ها إزاء تايوان سوف ي تأثر سلبا @ بج هود هذه ا لخيرة الهاد فة إ لى تغي ير
حالت الغ موض المتع مد والقائ مة م نذ أ مد طو يل ،وا لتي تح كم العل قة
الصينية التايوانية .وفضل عن ذلك ،فإذا أصبحت الصين مزدهرة وديمقراطية
و لم ين طو امتصا صها أو ا ستيعابها لهو نغ كو نغ ع لى أي انت كاس متع لق
196
بالحقوق المدن ية ،فإن الت شجيع ا لميركي ل حوار جدي عبر الم ضائق عن
شروط إعادة التوحيد الفعلي سوف يساعد أيضا على توليد ضغط من أجل
التحول المتزايد إلى الديمقراطية ضمن الصين ،بينما يتم أيضا@ ،في الوقت
ذا ته ،تعز يز و فاق أو تك يف ا ستراتيجي أو سع نطا قا @ ب ين الول يات المت حدة
والصين الكبرى .
ت ستطيع كور يا ،و هي الدو لة المحور ية جيوبوليت يا @ في شمال شرق آ سيا
أن ت صبح ثان ية م صدرا @ لل نزاع ب ين أمير كا وال صين ،ك ما أن م ستقبلها سوف
يؤثر أي ضا @ ب شكل مبا شر في الرت باط أو العل قة ب ين أمير كا واليا بان .و ما
دا مت كور يا مق سمة وغ ير مني عة إزاء حرب تن شب ،في أي و قت ،ب ين
ال شمال غ ير الم ستقر والج نوب ا لذي يتزا يد غ نى و ثروات ،فإن ال قوات
الميرك ية سوف ت ضطر للب قاء في شبه الجز يرة الكور ية .وإن أي ان سحاب
أمير كي أ حادي ال جانب لن يؤدي إ لى ز يادة احت مال التعج يل ب حرب جد يدة
فح سب ،بل سوف ي كون مؤ شرا@ ،في كل الحت مالت ،إ لى إن هاء الو جود
الع سكري ا لميركي في اليا بان أي ضا .و من ال صعب أن نف كر في ا ستمرار
اليا بان في العت ماد ع لى الن شر الم ستمر لل قوات الميرك ية ع لى ا لرض
اليابانية غداة التخلي الميركي عن كوريا الجنوبية .أما إعادة التسلح السريع
في اليا بان ف ستكون النتي جة ا لكثر احت مال@ ،ناه يك بن تائج أ خرى مؤد ية إ لى
عدم الستقرار الواسع النطاق في هذه المنطقة من العالم ككل.
ومه ما ي كن ا لمر ،ف من المحت مل أن إ عادة توح يد كور يا سوف تخ لق
مآزق جيوبوليت ية جد ية وخ طرة .وإذا كانت ال قوات الميرك ية ستبقى في
كور يا المو حدة ،ف سوف ين ظر إلي ها حت ما @ من ق بل ال صينيين بو صفها موج هة
ضد ال صين .و في الحقي قة ،ف من الم شكوك ف يه أن يق بل ال صينيون بإ عادة
التوحيد في ظل هذه الظروف .وإذا تمت إعادة التوحيد هذه على مرا حل،
مت ضمنة ما ي عرف " بالهبوط ال ناعم" ،فإن ال صين سوف تعار ضه سيا سيا
وتدعم تلك العناصر في كوريا الشمالية التي بقيت معارضة لعادة التوحيد.
أما إذا تمت إعادة التوحيد بالعنف مع "النزال المدمر" في كوريا الشمالية،
فل ي ستبعد حتى ال تدخل الع سكري ال صيني .و من المن ظور ال صيني ،فإن
كوريا المعاد توحيدها لن تكون مقبولة إل إذا لم تكن في الوقت ذاته امتدادا
مباشرا @ للقوة الميركية )مع وجود اليابان في الخلفية كمنصة وثب أو نقطة
انطلق(.
ومه ما ي كن ا لمر ،فإن كور يا الم عاد توح يدها بدون قوات أميرك ية ع لى
أراضيها سوف يحتمل تماما @ أن تنجذب أول @ إلى شكل من الحياد بين الصين
واليابان ،ثم تندفع تدريجيا@ ،وجزئيا @ بالمشاعر المعادية لليابان المتبقية والتي
197
ل تزال قو ية ،أ ما ن حو م جال الن فوذ ال صيني ا لكثر ميل @ إ لى التوك يد وال جزم
ع لى ال صعيد السيا سي أو ن حو ن فس هذا الم جال المت سم بدر جة ما من
ال حترام ا لكثر ر قة وكيا سة .و سوف تن شأ ع ندئذ الق ضية المتعل قة ب ما إذا
كانت اليابان ستظل راغبة في أن تخدم باعتبارها القاعدة السيوية الوحيدة
للقوة الميركية .ويمكن القول إن القضية ستكون ،في أقل الحوال ملءمة،
مثيرة للنقسام إلى أقصى حد ضمن الدوائر السياسية الداخلية في اليابان.
وإن أي تقليص ناجم عن ذلك في مجال وصول القوات العسكرية الميركية
)انتشارها( في الشرق القصى سوف يجعل ،بدوره ،المحافظة على توازن
أوراسي مستقر للقوة أكثر صعوبة .وهكذا ،فإن هذه العتبارات سوف تعزز
الرهانات الميركية واليابانية على الوضع الراهن الكوري )وإن كان ذلك يعود
في كل حا لة ل سباب مختف لة إ لى حد ما ،إذا كان ي جب تغي ير هذا الو ضع
الرا هن ،في جب أن ي حدث ع لى مرا حل بطيئة جدا @ ويف ضل في و ضع من
الوفاق أو التكيف القليمي الميركي الصيني المعمق( .
و في ا لوقت نف سه ،فإن ت سوية يابان ية كور ية حقيق ية سوف ت سهم إ لى
حد كبير في تحق يق خلف ية إقليم ية أ كثر ا ستقرارا @ لي عمل ية إ عادة توح يد
نهائية .وإن التعقيدات الدولية المختلفة التي يمكن أن تنجم عن إعادة دمج
الكور يتين سوف تل طف بت سوية حقيق ية ب ين اليا بان وكور يا ،م ما يؤدي إ لى
ن شوء عل قة سيا سية ذات طابع ت عاوني و جامع ع لى ن حو متزا يد ب ين هذين
الب لدين .وت ستطيع الول يات المت حدة أن تل عب دورا @ حسا سا @ في ت طوير هذه
الت سوية .وعمو ما@ ،فإن ال كثير من الخ طوات النوع ية ا لتي ات خذت لتحق يق
الت سوية اللمان ية الفرن سية أول @ والت سوية ب ين ألمان يا وبولون يا لح قا @ )وا لتي
تراو حت ،ع لى سبيل الم ثال ،من البرا مج الجامع ية الم شتركة و حتى
التشكيلت العسكرية الموحدة( ،يمكن أن تكيف لتصبح ملئمة لهذه الحالة.
و كذلك ،فإن شراكة يابان ية كور ية شاملة وم ستقرة إقليم يا @ سوف ت سهل،
بدورها ،الحضور أو الوجود الميركي المستمر في الشرق القصى حتى بعد
توحيد كوريا غالبا @ .
ول يح تاج ا لمر حتى للتأك يد إذا قل نا إن عل قة سيا سية وثي قة مع اليا بان
ستكون في م صلحة أمير كا الجيوا ستراتيجية العال ية .ول كن سواء أ كانت
اليا بان تاب عا@ ،أم مناف سا@ ،أم شريكا @ لمير كا ،فإن ا لمر يعت مد ع لى قدرة
ا لميركيين واليا بانيين على أن يحددوا ،بوضوح أ كثر ،نوعية الهداف الدولية
ا لتي ي جب أن ي سعى ب لداهما إ لى تحقيق ها عمو ما@ ،وأن ير سموا بد قة عال ية
خط الفصل الذي يفصل بين المهمة الجيواستراتيجية الميركية في الشرق
القصى من ناحية وبين الطموحات اليابانية إلى دور عالمي من ناحية ثانية.
198
وبالن سبة إ لى اليا بان ،و بالرغم من ال جدل ال حاد ا لداخلي حول السيا سة
الخارج ية اليابان ية ،فأن العل قة بأمير كا ل تزال ت شكل المر شد الرئ يس
لحسا سها) ،أي اليا بان( بالت جاه ال عالمي .فاليا بان ا لتي ف قدت ال توجه،
والساعية إما إعادة التسلح أو إلى تكيف ووفاق منفصلين مع الصين ،سوف
تن هي ا لدور ا لميركي في المنط قة ال سيوية البا سيفيكية وتع مل ع لى إغلق
نشوء ترتيب ثلثي الطرف ومستقر إقليميا@ ،ويضم كل @ من أميركا ،واليابان،
والصين .وهذا سيؤدي بدوره إلى منع أو إعاقة تشكيل توازن سياسي تديره
أميركا في أوراسيا كلها .
وباختصار فإن اليابان الفاقدة للتوجه ستكون مشابهة لحوت مرمي على
ال شاطئ ي ندفع و يدور دون أن ي كون له حول ول قوة ،ولك نه يت صرف ع لى
ن حو خ طر .ويمكن ها أن ت سبب عدم ال ستقرار ل سيا ،ولكن ها ل ت ستطيع أن
تخلق بديل @ قابل @ للحياة للميزان المؤدي إلى الستقرار الذي تحتاجه أميركا،
واليا بان ،وال صين .و لن ت كون أمير كا قادرة ع لى التك ي „ف مع الطمو حات
القليمية للصين والحد من تظاهراتها العتباطية إل بوساطة تحالف وثيق مع
اليا بان .وع لى هذا ال ساس ف قط يم كن ا ستنباط و فاق ثل ثي التجا هات
ومع قد ،وي ضم ال قوة العالم ية لمير كا ،والت فوق ا لقليمي لل صين ،والق يادة
الدولية لليابان .
ن ستنتج من ذ لك أن تخف يض الم ستويات المو جودة حال يا @ من ال قوات
الميرك ية في اليا بان )وام تداداتها في كور يا( ،في الم ستقبل المن ظور ل يس
أمرا @ مرغوبا @ فيه .ومهما يكن المر ،وحسب نفس المبدأ ،فإن أي زيادة هامة
في الم جال الجيوبول يتي والح جم الفع لي للج هد الع سكري لليا بانيين لي ست
„
سيحرض غالبا @ على تنفيذ مرغوبة أيضا .و كذلك ،فإنه انسحابا @ أميركيا @ مهما @
برنامج تسلح ياباني رئيس في سياق حالة عدم التوجه الستراتيجي المسببة
لعدم الستقرار بينما ل يستطيع الضغط الميركي الهادف إلى جعل اليابان
تستأنف دورا @ عسكريا @ أكبر إل أن يدمر آفاق واحتمالت الستقرار القليمي،
وي سبب إعا قة التك يف ا لقليمي الو سع مع ال صين ال كبرى ،وي حرف اليا بان
عن تنف يذ مه مة دول ية أ كثر نجا عة ،وبال تالي يع قد الج هد ال هادف غ لى رعا ية
التعددية الجيوبوليتية المستقرة في أوراسيا كلها.
ونستنتج أيضا @ أن اليابان ،إذا كان عليها أن تدير وجهها إلى العالم وبعيدا
عن آسيا ،فيجب أن تعطى حافزا @ ذا معنى وموقعا @ خاصا@ ،بحيث أن مصلحتها
القومية تخدم عندئذ جيدا .وخلفا @ للصين ،التي تستطيع أن تسعى إلى القوة
العالم ية بأن ت صبح أول @ قوة إقليم ية ،فإن اليا بان ت ستطيع أن تح قق ن فوذا
عالميا @ بتجنبها السعي إلى أن تكون قوة إقليمية .ولكن ذلك يجعل من المهم
199
بدر جة أ كبر أن ت شعر اليا بان أن ها شريك خاص لمير كا في مه مة عالم ية ل
تقل في كونها مرضية سياسيا @ عن كونها مفيدة اقتصاديا .ولذا ،فإن أميركا
ستفعل جيدا @ إذا أخذت في العتبار تبني اتفاقية تجارة حرة أميركية يابانية،
خال قة بذلك م جال @ اقت صاديا @ أميرك يا @ يابان يا @ م شتركا .و ستقدم م ثل هذه
الخ طوة ،ا لتي ت ضفي ال صفة الر سمية ع لى الر بط المت نامي ب ين اقت صادي
الب لدين ،ال ساس أو الدعا مة الجيوبوليت ية إ لى كل من الو جود الم ستمر
لميركا في الشرق القصى وإلى الشتباك العالمي البناء لليابان. ((1
و في ال ستنتاج ا لخير يم كن ال قول :إ نه ي جب أن ت كون اليا بان ،بالن سبة
إ لى أمير كا ،شريكا حيو يا ورئي سا @ في ب ناء ن ظام ت عاون دو لي قا بل للنت شار
وذي طابع ت عاوني مت نام ،ولكن دون أن ت كون ب صورة رئي سة حلي فا @ ع سكريا
ل ها في أي ترت يب إقلي مي م عد لل صراع ضد الت فوق ا لقليمي لل صين .و في
الوا قع ي جب ع لى اليا بان أن ت كون شريكا @ عالم يا @ لمير كا في التعا مل مع
مف كرة أو برنا مج الع مل الجد يد لل شؤون الدول ية .وي جب أن ت صبح ال صين
المتفو قة إقليم يا @ المرت كز ال شرق أق صوي لمير كا في الم جال التقل يدي
لسيا سة ال قوة ،م ساعدة هذه ا لخيرة في تعز يز م يزان ال قوى الورا سي،
ع لى أن ي كون لل صين ال كبرى في شرق أورا سيا دور مما ثل في هذا
الخصوص لدور أوروبا الموسعة في غرب أوراسيا.
الخاتمة
ل قد حان ا لوقت ل كي ت ضع الول يات المت حدة وتن فذ جيوا ستراتيجية
متكام لة ،و شاملة ،وطوي لة ال مد لورا سيا كل ها .و تأتي هذه الحا جة من
التفا عل ب ين حقي قتين جوهر يتين اث نتين ه ما أن أمير كا هي ا لن ال قوة
العظمى العالمية الوحيدة ،وأن أوراسيا هي المسرح المركزي للعالم .ومن
ه نا ،فإن ما ي حدث من توز يع لل قوة في ال قارة الورا سية سيكون ذا أهم ية
حاسمة للتفوق أو السيادة الميركية وللرث التاريخي لميركا.
إن ال سيادة العالم ية الميرك ية هي متم يزة أو فر يدة من نوع ها في
الح جم وال طابع.ف هي هيم نة من نوع جد يد يع كس ال كثير من مل مح الن ظام
الديمقراطي الميركي الذي يتميز بكونه تعدديا@ ،ومرنا@ ،وقابل @ للنتشار .وإن
ال ظاهرة الجيوبوليت ية ل هذه الهيم نة ا لتي أم كن تحقق ها هي ا لدور ا لميركي
غ ير الم سبوق في ا لبر الرئي سي الورا سي ،وا لذي كان حتى ال يوم النق طة
) -(1وضع كورت تونغ في مقاله "ثورنة سياسة أميركا إزاء اليابان" في مجلة "السياسة
الخارج ية" ) شتاء (1997-1996ح يث حدد ق ضية مه مة ل هذه الم بادرة م شيرا @ إ لى ال فوائد
القتصادية المتبادلة التي ستنجم عنها.
200
الساس ،أو نقطة النطلق لكل المتنافسين السابقين على القوة العالمية.
فأميركا هي الن الحكم )الذي يحكم بين اللعبين المتنافسين( في أوراسيا،
عل ما @ أ نه ل يو جد ق ضية أورا سية رئي سة قاب لة لل حل دون ا شتراك أمير كا أو
على نحو مضاد لمصالحها.
إن كيفية تعامل أميركا وتكيفها مع اللعبين الجيواستراتيجيين الرئيسيين
ع لى رق عة ال شطرنج الورا سية وكيف ية إدارت ها للم حاور أو ا لدول المحور ية
الجيوبوليت ية الرئي سة في أورا سيا ستكونان حسا ستين أو حر جتين ل مدى
ا ستمرار ال سيادة العالم ية لمير كا ول ستقرار هذه ال سيادة .ف في أورو با
سوف ت ستمر فرن سا وألمان يا في كونه ما الل عبين الرئي سيين ،ك ما ي جب أن
ي كون ال هدف المر كزي لمير كا متمثل @ في تعز يز وتو سيع رأس الج سر
ا لديمقراطي المو جود في ال حدود المحيط ية الغرب ية لورا سيا .و في ال شرق
الق صى الورا سي يحت مل أن ت كون ال صين ذات دور رئ يس ع لى ن حو
متصاعد ،ولن يكون لميركا موطئ قدم سياسي في البر الرئيسي السيوي
ما لم ي عزز ب شكل نا جح الج ماع الجيوا ستراتيجي ا لميركي ال صيني .وه كذا
ف في مر كز أورا سيا ،فإن الف سحة ب ين أورو با المتو سعة وال صين المتنام ية
وال صاعدة إقليم يا @ سوف تب قى ثق با @ أ سود جيوبوليت يا@ ،وإن ع لى ال قل حتى
تحل روسيا صراعها الداخلي في ما يتعلق بالتحديد الذاتي لهويتها في فترة
ما بعد المبريالية ،بينما تهدد المنطقة الموجودة في جنوب روسيا ،أي دول
البلقان الوراسية ،بأن تصبح مرجل @ للنزاع التني والمزاحمة أو التنافس بين
القوى العظمى .
و في هذا ال سياق ،وخلل ب عض ا لوقت في الم ستقبل ،ورب ما لكثر من
جيل واحد ،فإن موقع أميركا كقوة أولى في العالم يحتمل أن يتم التنافس
عليه من قبل أي طرف أو دولة متحدية منفردة .ولكن ل يحتمل أن تقوم أي
دو لة قوم ية بم ضاهاة أمير كا في الب عاد الرب عة لل قوة )الع سكري،
ة ضربة سياسية عالمية والقتصادي والتكنولوجي والثقافي( التي تنتج مجمع @
حاسمة .وإذا استثنينا التنازل الميركي المتعمد او غير المتعمد ،فإن البديل
الحقي قي الوح يد للق يادة الميرك ية العالم ية في الم ستقبل المن ظور هو
الفو ضى الدول ية .و في هذا الخ صوص ،ي كون صحيحا @ أن نؤ كد أن أمير كا
أ صبحت ،ح سبما ي قول الرئ يس كلين تون" ،الدو لة ا لتي ل ي ستغني
العالم عنها".
ومن المهم أن نشدد هنا على كل من حقيقة عدم الستغناء هذا وحقيقة
أو واقع ية احت مال حدوث الفو ضى العالم ية .وعمو ما @ فإن الن تائج ال مدمرة
للتفجير السكاني والهجرات الناجمة عن الفقر ،وإضفاء الطابع الجذري على
201
التح ضر )انت قال ال ناس إ لى ال مدن( ،وال عداوات التن ية والدين ية ،وانت شار
أ سلحة ال تدمير ال شامل سوف ت صبح كل ها غ ير قاب لة للتح كم ب ها إذا ت عرض
ال طار العم لي ذو ال ستقرار الجيوبول يتي ال صلب والقا عدة التحت ية المؤل فة
من دول قوم ية للت شظي والنق سام .و ما لم ي تم ا لدعم وال تدخل المبا شر
ا لميركيين ،فإن قوى الفو ضى العالم ية ت ستطيع ب عد و قت غ ير طو يل ،أن
تح كم سيطرتها ع لى الم سرح ال عالمي .وإن احت مال م ثل هذا الت شظي
والنقسام يكمن في حالت التوتر والجيوبوليتية ليس في أوراسيا فحسب،
بل وفي العالم كله أيضا @ .
يحت مل أن تزداد أ كثر فأكثر الخ طار المت شكلة ع لى ال ستقرار ال عالمي
من خلل وا قع النح طاط ال عام لل شروط الن سانية .وإذا أ خذنا ب شكل خاص
ا لدول ا لكثر ف قرا @ في ال عالم ن جد أن التف جر ال سكاني وانت قال ال سكان في
ا لوقت ذا ته إ لى ال مدن يو لدان ب سرعة ازدحا ما @ سكانيا @ ل ي ضم ف قط
المحروم ين بل ي ضم أي ضا @ وب شكل خاص مئات الملي ين من ال عاطلين عن
الع مل وال شبان الذين يعانون من القلق والستياء ويتزا يدون يوما @ ب عد يوم،
بين ما أ صبح م عدل الخي بة والح باط لديهم يتزا يد ح سب سل سلة هند سية
مخيفة .وكذلك ،فإن التصالت الحديثة تقوي حدة تمزق هؤلء وابتعادهم عن
ال سلطة التقليد ية بين ما تجعل هم أي ضا @ مدركين ع لى ن حو متزا يد ،وم ستائين،
من عدم المساواة العالمية وبالتالي أكثر تأثرا @ بالتبعية المتطرفة .فمن ناحية
أو لى ،ن جد أن ال ظاهرة المت صاعدة لله جرات العالم ية ،وا لتي و صلت حتى
الن إلى عشرات المليين ،يمكنها أن تخدم كصمام أمان مؤقت ،ولكن نجد
من ناح ية ثان ية ،أ نه يحت مل أن ت خدم هذه ال ظاهرة كعر بة م عدة لن قل
النزاعات التنية و الجتماعية عبر القارات.
وهكذا نجد أن دور القهرمان )الوكيل المسؤول عن تدبير أعمال القصر
كال شراف ع لى ال خدم وج مع الي جارات و تدوين الح سابات ـ ال مترجم(
ال عالمي ا لذي ورث ته أمري كا يحت مل بال تالي أن ي صطدم بمقاو مة من حا لة
ال ضطراب ،وال توتر ،أو ع لى ال قل بمقاو مة الع نف ،ال مؤقت وإن الن ظام
ا لدولي الجد يد والمع قد ،ا لذي شكلته الهيم نة الميرك ية وا لذي يحت مل أن
تقتصر فيه مقولة أو مبدأ "كون التهديد بالحرب أصبح خارج الطاولة أو بعيدا
عنها" على تلك الجزاء من العالم الذي عززت فيها القوة الميركية بأنظمة
اجتماع ية سيا سية ديمقراط ية ،وبإ طارات ع مل خارج ية مدرو سة ومت عددة
ا لطراف ،ولكن ها ت قع ت حت سيطرة أميرك ية .إن الجيوا ستراتيجية الميرك ية
المتعل قة بأورا سيا سوف ت كون ،بال تالي ،ع لى ت نافس مع قوى ال ضطراب.
ففي أوروبا توجد مؤشرات إلى أن القوة المحركة الدافعة للتكامل والتوسع
202
تتل شى وأن الحر كات القوم ية الوروب ية التقليد ية يم كن أن ت ستيقظ ثان ية
خلل وقت ليس طويل .فالبطالة الموجودة على نطاق واسع مستمرة حتى
في أكثر الدول الوروبية نجاحا@ ،وهي تولد ردود فعل ضد الجانب يمكنها أن
تسبب فجأة ترنحا @ أو جنونا @ في السياستين اللمانية والفرنسية نحو التطرف
السيا سي ال حاد وإ لى ال شوفينية ذات ال توجه ا لداخلي .و في الوا قع ،فإن
الو ضع ق بل ال ثوري الحقي قي يم كن أن ي كون في مرح لة الت شكل .وإن
ال جدول الزم ني ال تاريخي لورو با ،ا لذي ل خص في الف صل ال ثالث من هذا
الكتاب ،ليمكن أن يتحقق إل إذا شجعت طموحات أوروبا إلى الوحدة وحتى
مع الحث على هذه الوحدة من قبل الوليات المتحدة .
ثم أن الشكوك المتعلقة بمستقبل روسيا هي أكبر مما نتصور ،علما @ أن
آ فاق الت طور الي جابي تت سم ،هي ا لخرى ،بكون ها أ كثر غمو ضا .و لذا ،ف من
ال ضروري أن تع مل أمير كا ع لى ت شكيل سياق جيوبول يتي ي كون ملئ ما
ل ستيعاب رو سيا في خلف ية وا سعة من الت عاون ا لوروبي المت نامي ي كون
م عززا @ أي ضا @ لل ستقلل ا لذي تعت مد ف يه ا لدول الم جاورة ،ا لتي ح صلت ع لى
سيادتها مؤخرا@ ،ع لى ذات ها .و مع ذ لك ،فإن قدرة ب عض ا لدول ع لى الب قاء
)الح ياة( ،كأوكران يا وأوزبك ستان )دون أن نتك لم عن كازاخ ستان المق سمة
اتن يا( سوف تب قى غ ير مؤ كدة ،وخا صة إذا ا صبح الهت مام ا لميركي م شتتا
ب سبب الز مات الداخل ية الجد يدة في أورو با ،وب سبب الث غرة المتنام ية ب ين
ترك يا وأورو با ،أو ب سبب ا شتداد حدة ال عداوة في العل قات الميرك ية
اليرانية .
إن إمكان التكيف الكبير النهائي مع الصين يمكن أيضا @ أن يجهض بسبب
أزمة مستقبلية من أجل تايوان ،أو لن الديناميات السياسية الصينية الداخلية
تحرض على ظهور نظام عدواني وعدائي؛ أو لن العلقات الميركية الصينية
يمكن أن تتحول ببساطة إلى علقات سيئة .يمكن أن تصبح الصين قوة غير
م ستقرة إ لى حد كبير في ال عالم ،وت فرض ق يودا @ شديدة الو طأة ع لى
العلقات الميركية اليابانية وربما تولد أيضا @ حالة فقدان التوجه الجيوبوليتي
في اليا بان نف سها .و في هذه الخلف ية ،سوف ي صبح ا ستقرار ج نوب شرق
آ سيا ،بالتأك يد ،في خ طر ،ول يم كن لل مرء إل أن يف كر ك يف سيؤثر ا ندماج
هذه ال حداث كل ها في و ضع اله ند وتما سكها عل ما @ أن هذا الب لد يع تبر حر جا
في ما يتعلق باستقرار جنوب آسيا .
ت خدم هذه الملح ظات في التذكير بأن أ يا من هذه الم شكلت العالم ية
الجد يدة ا لتي تذهب إ لى ما وراء الدو لة القوم ية أو الهتما مات الجيوبوليت ية
التقليد ية ل يحت مل أن ي حل أو ي تم اح تواؤه ،إذا بدأت البن ية الجيوبوليت ية
203
التحت ية لل قوة العالم ية في التف تت والنه يار .و مع و جود إ شارات إ نذار في
الفق عبر أوروبا وآسيا ،فإن أي سياسة أميركية ناجحة يجب أن تركز على
أوراسيا ككل وأن توجه بتصميم جيواستراتيجي .
جيواستراتيجية معدة لوراسيا
إن نق طة النطلق للسيا سة اللز مة ي جب أن ت كون ال عتراف ال صلب
بال شروط الثل ثة غ ير الم سبوقة ا لتي ت „
عرف الحا لة الجيوبوليت ية ل شؤون
العالم :فاللمرة الولى في التاريخ نجد أن
أول @ :أن دولة واحدة تشكل قوة عالمية حقيقية.
ثانيا @ :أن دولة غير أوراسية هي دولة متفوقة عالميا@.
ثالثا @ :أن المنطقة المركزية في العالم ،أي أوراسيا ،محكومة أو مسيطر
علي ها من ق بل قوة„ غ ير أورا سية ومه ما ي كن من أ مر ،فإن جيوا ستراتيجية
شاملة ومتكاملة لوراسيا يجب أن تعتمد على العتراف بحدود القوة الفعالة
الميرك ية وبا ستنزاف حجم ها مع مرور الز من .وح سبما لوحظ سابقا@ ،فإن
أبعاد أوراسيا ذاتها وتنوعها ،إضافة إلى القوة الكامنة لبعض دولها ،تحد من
ع مق الن فوذ ا لميركي و من در جة ال سيطرة ع لى م سار ال حداث ،وإن هذا
ال شرط ي شجع ع لى الرؤ ية الم ستقبلية ال ستراتيجية وع لى الن شر النت قائي
المتعمد لموارد أميركا على رقعة الشطرنج الوراسية الكبرى .وبما أن قوة
أميركا غير المسبوقة سوف تقل مع مرور الزمن ،فيجب أن تعطي الفضلية
إ لى التعا مل مع صعود قوى إقليم ية أ خرى ب طرائق ل ت هدد ال سيادة
العالمية لميركا.
وكما في الشطرنج ،يجب على اللعبين العالميين الميركيين أن يفكروا
ب عدة خ طوات )نقلت شطرنجية( م سبقا@ ،مع تو قع الخ طوات الم ضادة
المحتم لة .وبال تالي ي جب ع لى الجيوا ستراتيجية ال قادرة ع لى ال ستمرار أن
تم يز ب ين ال مدى الزم ني الق صير ال مد )ال سنوات الخ مس القاد مة أو أ كثر
بقل يل( ،وال مدى المتو سط ) حتى 20سنة أو أ كثر بقل يل( وال مدى الطو يل
المد )أكثر من 20سنة( .وفضل @ عن ذلك ،يجب أن ينظر إلى هذه المراحل
ليس بوصفها شقوقا @ ل يتسرب إليها الماء ،ولكن بوصفها جزءا @ من سلسلة
متصلة .فالمرحلة الولى يجب أن تؤدي بالتدريج ،وعلى نحو متماسك ،إلى
المرحلة الثانية ،وفي الواقع يجب أن توجه عن ع مد إليها ،كما أن المرحلة
الثان ية ي جب ع ندئذ أن تؤدي إ لى المرح لة الثال ثة" ،ف في ال مدى الق صير،
204
سيكون من م صلحة أمير كا أن ت عزز وتع مل ع لى ا ستمرارية التعدد ية
الجيوبوليت ية ال سائدة ع لى خري طة أورا سيا .و هذا ي شجع ع لى الم ناورة
والتل عب بغ ية ظ هور ت حالف م عاد يمك نه في نها ية الم طاف أن ي سعى إ لى
ت حدي سيادة أمير كا ،هذا إذا لم تذكر المكان ية البع يدة الحت مال عن ظ هور
دولة معينة تسعى إلى أن تفعل ذلك .وفي المدى المتوسط ،يجب على ما
ذ كر سابقا @ أن يع مل بالتدر يج ع لى الت شديد بدر جة أ كبر ع لى ظ هور شركاء
مهيمن ين ع لى ن حو متزا يد ولكن هم ملئم ين ا ستراتيجيا@ ،و سوف يكو نون
قادرين ،إذا شجعوا أو حرضوا من قبل القيادة الميركية ،على تشكيل نظام
أم ني عبر أورا سي أ كثر تعاو نا .وأخ يرا @ و حتى في ال مدى الب عد ،يم كن من
خلل ما ذ كر سابقا @ أن ي تم التخط يط لج عل المر كز ال عالمي الورا سي ذا
مسؤولية سياسية مشتركة حقيقية".
إن ما يتطلبه ذلك ،بوصفه هدفا @ في الحد المتوسط ،هو تعزيز الشراكات
الحقيق ية ا لتي كان ب ين الم سيطرين في ها اولئك ا لذين ير يدون أورو با أ كثر
تو حدا @ وم حددة سيا سيا@ ،وير يدون دو لة صينية متفر قة إقليم يا @ إ ضافة إ لى
205
روسيا ما بعد المبريالية وذات التوجه الوروبي )حسبما يؤمل( ودولة الهند
الديمقراط ية والم ستقرة إقليم يا@ ،في ال طرف الج نوبي من أورا سيا .ول كن
سيكون نجاح أو فشل الجهد الهادف إلى إقامة علقات استراتيجية أوسع مع
أوروبا والصين ،على التوالي ،هو الذي سيشكل السياق المحدد لدور روسيا،
سواء أكان سلبيا @ أم إيجابيا @ .
وين تج عن ذ لك أن أورو با الو سع وح لف الطل سي المو سع سوف
ي خدمان ج يدا @ أ هداف السيا سة الميرك ية ع لى ال مديين الق صير وا لطول.
فأورو با الو سع سوف تو سع مدى الن فوذ ا لميركي ،ك ما سوف تز يد أي ضا،
عبر إد خال أع ضاء أوروبي ين رئي سيين جدد ،من عدد ا لدول ذات الم يول
المريك ية في الم جالس الوروب ية ،دون أن تخ لق ،في ا لوقت نف سه ،أورو با
متكاملة سياسيا @ إلى حد تستطيع معه فورا @ أن تتحدى الوليات المتحدة في
م سائل جيوبوليت ية ذات أهم ية كبيرة لمير كا في أ ماكن أ خرى ،وخا صة في
الشرق الوسط .
لت ستطيع أمير كا باعتراف الجم يع ،أن تخ لق بنف سها أورو با أ كثر تو حدا@،
ف هذا أ مر ي عود إ لى ا لوروبيين ول سيما الفرن سيين و الل مان ،ول كن أمير كا
ت ستطيع أن ت عارض ظ هور أورو با ا لكثر تو حدا @ هذه .ويم كن لذلك أن يث بت
كونه كارث يا @ ع لى ال ستقرار في أورا سيا وبال تالي ع لى م صالح أمير كا أي ضا.
و في الوا قع ،ف ما لم ت صبح أورو با أ كثر تو حدا@ ،يحت مل ع ندئذ أن ت صبح أ كثر
ت شرذما @ مرة ثان ية .وبال تالي ،ح سبما جاء سابقا@ ،فإنه لمر ح يوي أن تع مل
أمير كا ع لى ن حو وث يق مع كل من فرن سا وألمان يا ع لى ال سعي إ لى خ لق
أوروبا قابلة للحياة سياسيا@ ،أو أوروبا التي تبقى مرتبطة بالوليات المتحدة،
وا لتي تو سع م جال أو أب عاد نظام ها ا لدولي ا لديمقراطي المت عاون مع
ا لخرين .وعمو ما@ ،فإن الخت يار ب ين فرن سا وألمان يا ل يس الق ضية المعي نة.
ف بدون فرن سا أو ألمان يا لن ت كون ث مة أورو با ،و بدون أورو با لن ي كون ث مة
نظام عبر أرواسي .
ومن الناحية العملية ،فإن ما تقدم سوف يتطلب تكيفا @ متدرجا @ مع قيادة
م شتركة في ال ناتو ،وق بول @ أ كبر لهتما مات فرن سا بدور أورو بي ل يس في
أفريق يا فح سب بل و في ال شرق الو سط أي ضا@ ،ودع ما @ م ستمرا @ لتو سيع
206
التحاد الوربي نحو الشرق ،حتى عندما يصبح هذا التحاد لعبا ((1عالميا أكثر
حزما @ على الصعيدين السياسي والقتصادي ،ويمكن لتفاقية تجارة حرة عبر
الطلسي ،كان قد دافع عنها وأيدها عدد من القادة الطلسيين البارزين ،أن
تخفف خطر التنافس القتصادي المتنامي بين اتحاد أوروبي أكثر توحدا @ من
ناح ية وب ين الول يات المت حدة من ناح ية ثان ية .و في أي حال فإن الن جاح
الفعلي لهذا التحاد في دفن العداوات القومية الوروبية التي استمرت قرونا
من الزمن ،مع تأثيراتها المدمرة عالميا@،سوف يستحق جيدا @ بعض التخفيف
من الدور الحاسم لميركا بوصفها الحكم )الذي يحكم بين اللعبين ( الراهن
في أوراسيا.
إن تو سيع ح لف الطل سي والت حاد ا لوروبي سوف ي خدم إ عادة إن عاش
إح ساس أورو با المتل شي بو جود مه مة أ كبر بين ما ي عزز ،ولم صلحة كل من
أمير كا وأورو با ،المكا سب الديمقراط ية ا لتي تحق قت عبر الن هاء النا جح
للحرب الباردة .ولن يوجد في الرهان على هذا الجهد شيء أقل من إقامة
علقة طويلة المد لميركا بأوروبا فأوروبا الجديدة ل تزال تتشكك وإذا كانت
أورو با هذه ستبقى جيوبوليت يا@ ،جزءا من الم جال ا لوروبي الطل سي " فإن
تو سع ح لف ال ناتو سيكون ضروريا .وح سبنفس الم بدأ ،فإن الف شل في
تو سيع هذا الح لف )أي ال ناتو( ،ب عد أن تم ال لتزام ا لن بذلك ،سوف يف تت
مف هوم أورو با المو سعة ويخ فض معنو يات ا لوروبيين الو سطيين )ال قاطنين
في أورو با الو سطى( .ويم كن لذلك حتى أن يع يد إ شعال الطمو حات
الجيوبوليتية الروسية في أوروبا الوسطى ،علما أنها ،أي الطموحات ،تعاني
حليا @ من السبات أو الحتضار.
وفي الواقع ،فإن فشل الجهد الذي تقوده أميركا من أجل توسيع حلف
ال ناتو يم كن أن يوقظ ثان ية الرغ بات الرو سية ا لكثر طمو حا .ول يس وا ضحا
حتى ا لن وإن كان ال سجل ال تاريخي ي قف ب قوة في ال طرف الم ضاد ،ما إذا
كانت النخ بة السيا سية الرو سية ت شاطر أورو با رغبات ها في و جود سيا سي
وعسكري أميركي مستمر .وبالتالي ،فبينما نجد أن تعزيز العلقة ذات الطابع
التعاوني المتزايد حدة مع روسيا مرغوب فيه على نحو واضح ،نجد أيضا @ أنه
) (1قدم عدد من القتراحات البناءة عن ذلك في مؤتمر مركز الدراسات الستراتيجية
والدول ية عن أمير كا وأورو با ا لذي ع قد في برو ك سل في شباط .1997وتراو حت هذه
القتراحات بين الجهود المشتركة في الصلح البنيوي المعد للقلل من العجوزات )جمع
عجز مالي( المالية للحكومة ،وتطوير قاعدة صناعية دفاعية أوروبية محسنة ،مما سيعزز
الت عاون ا لدفاعي عبر الطل سي ك ما ي عزز ا لدور ا لوروبي ا لكبر في ال ناتو .و قد ذ كرت
لئ حة مف يدة من م بادرات مماث لة وغير ها بغ ية خ لق دور أورو بي ت وف .ستيفن لرا بي
"أميركا وأوروبا "شراكة من أجل مرحلة جديدة " )سانتا مونيكا ،كاليفورنيا"راند .(1997
207
من الم هم بالن سبة إ لى أمير كا أن تر سل ر سالة وا ضحة عن أف ضلياتها
العالم ية .وإذا كان ي جب أن ي تم الخت يار ب ين ن ظام أورو بي أطل سي أ كبر
وعل قة أف ضل مع رو سيا ،فإن الخ يار ا لول يأتي في مرت بة أع لى
بالنسبة لميركا.
ول هذا ال سبب ،فان أي تك يف و فاقي مع رو سيا في ما يتع لق بق ضية
تو سيع ال ناتو ي جب أل يؤدي إ لى عاق بة ذات تأثير يج عل من رو سيا ع ضوا
حقيق يا @ في م جال صنع ال قرار في الح لف،م ما ي ضعف ال طابع ا لوربي
الطل سي)ال ناتو( بين ما يب عد في ا لوقت ذا ته الع ضاء المنتم ين إ لى الح لف
حديثا @ إلى مرتبة الفئة الثانية .وسوف يخلق ذلك فرصا @ لروسيا ل لتستأنف
ج هدها ال هادف إ لى ا ستعادة م جال نفوذ ها في آ سيا الو سطى فح سب ،بل
يجعل ها أي ضا @ ت ستخدم وجود ها ضمن ال ناتو ل كي تل عب ع لى أي خل فات
أميركية أوروبية بغية القلل من الدور الميركي في الشؤون الوروبية.
وإنه لمر حساس ،عندما تدخل أوروبا الوسطى إلى الناتو ،أن تكون أي
ضمانات أمن ية لرو سيا في ما يتع لق ب هذه المنط قة متباد لة فعل"@ ،وبال تالي
تكون هذه الضمانات مطمئنة على نحو متبادل أيضا .فالتقييدات على نشر
قوات ال ناتو وال سلحة النوو ية ع لى أرا ضي الع ضاء ال جدد يم كن أن ت كون
عامل @ مهما @ في تحليل الهتمامات الروسية المشروعية والمهدئة ،ولكن هذه
ا لخيرة ي جب أن ت قارن بال ضمانات الرو سية المتماث لة في ما يتع لق ب نزع
السلح من نتوء كالينينغراد الخطر استراتيجيا @ وبالقيود على عمليات انتشار
ال قوات الرئي سة قرب حدود ا لدول الجد يدة المحت مل ضمها إ لى ح لف
الطل سي والت حاد ا لوروبي .وإذا كان الج يران الغرب يون الم ستقلون حديثا
متشوقين إلى إقامة علقة مستقرة وذات طابع تعاوني مع روسيا ،فإننا نجد
أي ضا @ ت لك الحقي قة المتمث لة في أن هم ل يزا لون يخ شون هذه الدو لة لسباب
مفهومة تاريخيا .ومن هنا ،فإن ظهور أو نشوء تكيف وفاقي متساو بين الناتو
والتحاد الوروبي من ناحية وبين روسيا من ناحية ثانية ،سوف يلقى ترحيبا
من ق بل ا لوروبيين كل هم وذ لك كمؤ شر إ لى أن رو سيا ت صنع أخ يرا @ خيار ها
المرغوب جدا @ في فترة ما بعد المبريالية ولصالح أوروبا .
يم كن ل هذا الخت يار أن يع بد الطر يق لج هد أ كبر ي عزز مو قف رو سيا
ويجعلها محترمة .فالعضوية الرسمية في مجموعة الدول السبع )إضافة إلى
رفع مستوى آلية صنع السياسة في منظمة التعاون والمن في أوروبا التي
يم كن أن تؤ لف ضمنها لج نة أمن ية خا صة مؤل فة من أمير كا ورو سيا و عدة
دول أوروبية رئيسة( ،سوف تخلق فرصا @ لنخراط روسي بناء في تشكيل كل
الب عدين السيا سي وا لمني لورو با .وإن عمل ية إع طاء وزن مل موس إ لى
208
الخ يار الرو سي في ما يتع لق بأورو با ،يمكن ها ،إذا تراف قت مع الم ساعدة
المال ية الغرب ية المقد مة حال يا @ إ لى رو سيا ،وبال ضافة إ لى ت طوير مخط طات
طموحة جدا @ عن ربط روسيا على نحو أوثق بأوروبا عبر شبكات جديدة من
الطرق الرئيسة والخطوط الحديدية ،أن تتحرك كثيرا @ إلى المام.
إن ا لدور الطو يل ال مد لرو سيا في أورا سيا سوف يعت مد إ لى حد كبير
على الختيار التاريخي الذي يجب على هذه الدولة أن تقوم به ،وربما حتى
خلل هذا الع قد ،في ما يتع لق بتحد يدها ا لذاتي ل هذا ا لدور .و حتى مع ز يادة
أوروبا والصين لنصف قطر منطقة النفوذ القليمية لكل منهما ،فإن روسيا
سوف تبقى مسؤولة عن أكبر مساحة في العالم تسيطر عليها دولة واحدة.
فهي تغ طي ع شر مناطق زمنية )يو جد في ها ع شرة توقيتات مختل فة( وتز يد
هذه الم ساحة مرت ين ع لى م ساحة الول يات المت حدة أو ال صين ،مقز مة في
هذا الخ صوص حتى أورو با المو سعة .و من ه نا ،فإن الحر مان ا لقليمي ل
ي شكل م شكلة رئي سية لرو سيا .و في الوا قع ،فإن رو سيا ال كبرى ي جب أن
تواجه بأما نة و صلبة وت ستنتج ال تأثيرات ال صحيحة من الحقي قة المتمث لة بأن
كل دو لتي أورو با وال صين أ صبحتا فعل @ أ قوى اقتصاديا @ من ها ،وأن ال صين ت هدد
أيضا @ بسبق روسيا على الطريق إلى التحديث الجتماعي.
وفي هذه الظروف ،يجب أن يصبح المر أكثر وضوحا @ للنخبة السياسية
الروسية بأن الفضلية الولى لروسيا هي تحديث نفسها عوضا @ عن النخراط
في جهد عقيم يهدف إلى استعادة موقعها السابق كقوة .ومع الخذ بالعتبار
الحجم الكبير جدا @ والتنوع في طبيعة هذه البلد ،فإن نظاما @ سياسيا @ ل مركزيا
دولية فيها ويعتمد على السوق الحرة ،سوف يؤدي غالبا @ إلى تحرير القدرة
الخلقة لكل من الشعب الروسي والموارد الطبيعية الواسعة لبلده .وسوف
ت كون هذه الدو لة الرو سية ا لكثر مركز ية بدورها ،أ قل تحس سا @ للت عبئة
المبريالية .أما روسيا ذات النظام الكونفدرالي غير المتماسك والمؤلف من
روسيا الوروبية وجمهورية سيبيريا ،وجمهورية الشرق القصى فسوف تجد
من ال سهل علي ها أن تر عي عل قات اقت صادية أو ثق بأورو با ،و مع ا لدول
الجد يدة في آ سيا الو سطى ،و مع ال شرق ،ا لمر ا لذي ي سرع تطور ها )أي
تطور روسيا ذاتها( .وعموما@ ،فغن كل من هذه الكيانات الكونفدرالية الثلثة
سوف يكون أيضا @ أكثر قدرة على استثمار قدراتها الخلقة المحلية ،بعد أن
عانت من التج مد ل قرون من الز من ب سبب ال يد البيروقراط ية الثقي لة
لموسكو.
أن اخت يارا @ وا ضحا @ من ق بل رو سيا يف ضل الخ يار ا لوروبي ع لى الخ يار
المبر يالي سيكون محتمل @ بدر جة أ كبر إذا أ خذت أمير كا ،وع لى ن حو نا جح،
209
ال جزء ا للزامي ال ثاني من ا ستراتيجيتها ن حو رو سيا :أي بتعز يز التعدد ية
الجيوبوليتية السائدة في الفترة ما بعد السوفييتية .فمثل هذا التعزيز سوف
يع مل ع لى ت ثبيط أي م حاولت إمبريال ية مغر ية .وي جب فعل @ ع لى رو سيا ما
بعد الفترة المبريالية وذات التوجه الوروبي أن تنظر إلى الجهود الميركية
الموج هة إ لى هذا ال غرض بو صفها ت ساعد ع لى تعز يز ال ستقرار ا لقليمي
وعلى إضعاف احتمال حدوث نزاعات على امتداد حدودها الجنوبية الجديدة
ا لتي ستكون غ ير م ستقرة غال با .ول كن ي جب ع لى سيا سة تعز يز التعدد ية
الجيوبوليتية أل تكون مشروطة بوجود علقة جيدة بروسيا .وفي الواقع ،فإن
ذ لك يع تبر ضمانا @ مه ما @ أي ضا @ في حال ف شل ت طوير عل قة ج يدة ،لنه يخ لق
عوائق أمام أعادة ظهور أي سياسة إمبريالية روسية خطرة فعل @ .
ينتج من ذلك أن الدعم السياسي والقتصادي للدول الرئيسة حديثا @ هو
جزء مك مل ل ستراتيجية أو سع لورا سيا .وه كذا ،فإن تعز يز أوكران يا ذات
ال سيادة ،وا لتي تع يد تعر يف نف سها في ا لوقت ذا ته بو صفها دو لة أوروب ية
رئي سة تدخل في تكا مل أو ثق مع أورو با الو سطى ،يع تبر عن صرا @ مه ما @ جدا
وحسا سا @ في م ثل هذه السيا سة شأنه شأن رعا ية وتعز يز عل قة أو ثق مع
تلك الدول المحورية استراتيجيا @ كأذربيجان وأوزبكستان ،بالضافة إلى الجهد
الهادف إلى فتح آسيا )بالرغم من العوائق الروسية( على القتصاد العالمي .
إن التوظ يف ال مالي ا لدولي الوا سع الن طاق في منط قة ب حر قزو ين
وآسيا الوسطى والمتاحة له حرية الوصول على نحو متزايد ،لن يساعد في
تعزيز استقلل الدول الجديدة في هذه المنطقة فحسب ،بل سيفيد أيضا @ في
ال مدى البع يد رو سيا الديمقراطية في فترة ما ب عد المبريالية .و كذلك ،فإن
ا ستغلل م صادر الطا قة والم عادن في هذه المنط قة ،سوف يخ لق ازد هارا@،
ويحرض على الحساس بدرجة أكبر من الستقرار والمن فيها ،بينما يضعف
أي ضا @ م خاطر النزا عات من ال نوع البل قاني .وإن فوائد الت طور ا لقليمي
المت سارع والم مول من ق بل التوظي فات المال ية الخارج ية ،سوف ت شع أو
تنت شر إ لى المقاط عات الرو سية الم جاورة ،بم جرد أن تتح قق الن خب )ج مع
نخبة( الحاكمة الجديدة في المنطقة بأن روسيا تقبل بتكامل هذه المنطقة
مع القتصاد العالمي ،وبالتالي ،فإن هذه النخب ستصبح أقل خوفا @ من النتائج
السياسية للعلقات القتصادية الوثيقة بروسيا .ومع مرور الزمن ،فإن روسيا
ما ب عد فترة المبريال ية ت ستطيع أن تك سب الق بول ب ها ك شريك اقت صادي
مت فوق ) بارز( في المنط قة حتى وإن لم ت عد ال حاكم المبر يالي ل ها .ل كي
ي طوƒر القو قاز الج نوبي الم ستقل وآ سيا الو سطى الم ستقلة ،ي جب ع لى
أمير كا مرا عاة عدم تغر يب ترك يا ك ما ي جب علي ها أن تكت شف ما إذا كان
210
تح سين العل قات الميرك ية اليران ية ممك نا .فترك يا ا لتي ت شعر بأن ها من بوذة
من أورو با ا لتي كانت ت سعى إ لى الن ضمام إلي ها ،سوف ت صبح أ كثر تم سكا
بالسلم ،ويحتمل بدرجة أكبر أن تعارض توسيع الناتو نكاية بما صنعوه بها،
كما يحتمل بدرجة أقل أن تتعاون مع الغرب في سعيه إلى تحقيق الستقرار
والع مل ع لى تكا مل أو د مج آ سيا الو سطى العلمان ية في المجت مع ال عالمي.
وهكذا يجب على أميركا أن تستخدم نفوذها في أوروبا للتشجيع على إدخال
ترك يا إ لى الت حاد الورو بي ك ما ي جب علي ها أن تعا مل ترك يا كدو لة أوروب ية
شريطة أل تت حول السيا سة الترك ية الداخل ية ع لى ن حو درا مي إ لى الت جاه
السلمي .وعموما @ فإن التشاور المنتظم والمنفذ دوريا @ مع أنقره بما يتعلق
بم ستقبل حوض ب حر قزو ين وآ سيا الو سطى سوف ي قوي في ترك يا
الحساس بشراكة استراتيجية مع الوليات المتحدة .ويجب على أميركا أيضا
أن تدعم بقوة الطموحات التركية عن تمرير خط أنابيب النفط من باكو في
أذربيجان إلى سيهان على الشاطئ التركي من البحر المتوسط لكي يخدم
كمخرج رئيس لمصادر الطاقة في حوض بحر قزوين .
وف ضل @ عن ذ لك ،فل يس من م صلحة أمير كا أن ي ستمر ال عداء ا لميركي
ا ليراني .وي جب ع لى أي ت سوية نهائ ية أن تعت مد ع لى ال عتراف بو جود
مصلحة استراتيجية متبادلة في خلق الستقرار في ما يعتبر الن بيئة اقليمية
هشة جدا @ بالنسبة ليران .ومن المعترف به أن أي تسوية يجب أن يأخذ بها
الطر فان ،وأن ها لن ت كون من „ة أو خد مة يمنح ها أ حدهما إ لى ا لخر .فإيران
القو ية ،و حتى لو كانت ذات حوافز دين ية .وغ ير المتع صبة ضد ال غرب ،هي
في م صلحة أمير كا ،و في نها ية الم طاف ،ف حتى النخ بة السيا سية اليران ية
يمكن ها أن ت عترف ب هذه الحقي قة .و في ا لوقت نف سه ،فإن الم صالح الطوي لة
ال مد الميرك ية في أورا سيا سوف ت خدم ع لى ن حو أف ضل بالتخلي عن
العترا ضات الميرك ية المو جودة حال يا @ ع لى الت عاون القت صادي ا لتركي
اليراني الوثيق ،وخاصة في تمديد خطوط أنابيب النفط الجديدة ،وكذلك في
ب ناء )إقا مة( الرتبا طات ا لخرى ب ين إ يران ،وأذربي جان ،وتركمان ستان .وإن
الشتراك الميركي الطويل المد في تمويل هذه المشاريع سوف يخدم في
الحقيقة ،مصلحة أميركا.((1
) (1من الملئم أن أقتبس هنا النصيحة الجديدة التي قدمها صديقي في معهد الدراسات
الستراتيجية والدولية ،كور دسمان )غي بحثه المعروف "التهديد أو الخطر الميركي على
الول يات المت حدة " شباط ،1997و قد أل قي كمحا ضرة في كل ية ال حرب التاب عة للج يش،
ح يث كان قد حذر ف يه من النز عة الميرك ية إ لى إخ ضاع الق ضايا و حتى ا لدول لن فوذ
الشياطين .وقد جاء فيه" :إن إيران والعراق وليبيا دول اعتبرتها الوليات المتحدة أنظمة
عدائية تشكل تهديدات حقيقية ولكن غير خطرة ،وأخضعتهم لنفوذ الشياطين أو حولتهم
211
يح تاج ا لدور المحت مل لله ند إ لى إل قاء ال ضوء عل يه بالرغم من أن هذه
الدولة ليست حاليا @ سوى لعب سلبي نسبيا @ على المسرح الوراسي .والهند
مح تواة جيوبوليت يا @ من ق بل الت حالف ال صيني الباك ستاني ،بين ما ل ت ستطيع
رو سيا ال ضعيفة أن ت قدم ا لدعم السيا سي ا لذي كان ي قدمه الت حاد
ال سوفييتي .ومه ما يكن من أ مر ،فان بقاء الديمقراطية م هم من حيث أن ها
تدحض ع لى ن حو أف ضل من النقا شات الكاديم ية المف هوم )الف كرة( القائ لة
إن حقوق النسان والديمقراطية هي مجرد تظاهرة غربية ضيقة ومحدودة.
و قد أثب تت اله ند أن "الق يم ال سيوية" الم ضادة للديمقراط ية ا لتي ين شرها
ال ناطقون با سم سنغافورة ،وال صين هي بب ساطة م ضادة للديمقراط ية فعل
ولكنها ليست خاصة أو مميزة ،بالضرورة ،لسيا .وحسب نفس المبدأ ،فإن
ف شل اله ند ،سيكون ضربة موج هة إ لى موا قع الديمقراط ية ،و سوف تز يل
من الم سرح ت لك ال قوة ا لتي ت سهم في خ لق توازن أ كبر ع لى الم سرح
ال سيوي ،وخا صة إذا أ خذنا في العت بار صعود ال صين إ لى مرت بة الت فوق
الجيوبول يتي .وين تج عن ذ لك أن الن خراط الم ستمر لله ند في مناق شات
متعل قة بالستقرار القليمي ،وخاصة في ما يخص مستقبل آسيا الوسطى،
يت حول إ لى ان خراط ي حدث في ا لوقت المنا سب ،وب غض الن ظر عن ت طوير
ارتباطات ثنائية الجانب ومباشرة بين الهيئات الدفاعية الميركية والهندية.
إن التعدد ية الجيوبوليت ية في أورا سيا ك كل لن ت كون قاب لة للتح قق أو
للستقرار دون تفهم استراتيجي معمق بين أميركا والصين .وينتج عن ذلك
أن سيا سة ا شراك ال صين في حوار ا ستراتيجي جدي ،رب ما في نها ية
المطاف في جهد ثلثي التجاهات يشمل اليابان أيضا@ ،وهو الخطوة الولى
الضرورية في تعزيز مصلحة الصين في تكيف وفاقي مع أميركا يعكس عدة
م صالح جيوبوليت ية )وخا صة في شمال شرق آ سيا و في آ سيا الو سطى(
ي شترك في ها الب لدان فعل@ .وي جب أي ضا @ ع لى أمير كا أن تز يل أي شكوك
متعل قة بالتزام ها سيا سة و جود دو لة صينية وا حدة ،لئل تزداد ق ضية تايوان
التهابا @ وسوءا@ ،وخاصة بعد امتصاص الصين لهونغ كونغ .وحسب نفس المبدأ،
فمن مصلحة الصين أن تجعل هذا المتصاص )الستيعاب( إثباتا @ ناجحا @ للمبدأ
المتم ثل في أ نه حتى ال صين ال كبرى ت ستطيع أن تتح مل وتح مي الت نوع
المتزايد في ترتيباتها السياسية الداخلية.
إلى شياطين دون أن تطور أي لعبة نهائية في المديين المتوسط والطويل لستراتيجياتها
هذه .ول ي ستطيع المخط طون ا لميركيون أن يأملوا ب عزل هذه ا لدول كل يا@ ،ول يس ث مة
مع نى للتعا مل مع هم ك ما لو أن هم دول إرهاب ية ...والول يات المت حدة تع يش في عالم
رمادي أخلقيا @ ول تستطيع أن تنجح بجعله أسود أو أبيض.
212
وبين ما ن جد ،ح سبما ناق شنا ذ لك في الف صلين الرا بع وال سادس من هذا
الكتاب ،أ نه ل يحتمل أن يتبلور التحالف الصيني الروسي اليراني المزعوم
ضد أمير كا خارج ب عض المز جة او الو ضاع التكتيك ية العر ضية ،ف من الم هم
بالن سبة للول يات المت حدة الميرك ية بأن تتعا مل مع ال صين بأ سلوب ل يدفع
ال صين في هذا الت جاه .و في أي ت حالف "م ضاد للهيم نة" ستكون ال صين
الم حور السا سي أو"م سمار العج لة" .و ستكون أي ضا @ العن صر أو الم كون
ا لقوى ،وا لكثر دينام ية ،وبال تالي ا لبرز .وعمو ما @ فل يم كن أن يظ هر هذا
الت حالف إل حول دو لة ال صين ال ساخطة ،والمحب طة ،والمعاد ية .ول كن ل
تم لك إ يران أو رو سيا الو سائل الماد ية ا لتي ت سمح أي منه ما بأن ت كون
المغ ناطيس المر كزي لم ثل هذا الت حالف .إن ال حوار ا لميركي ال صيني في
شأن الم ناطق ا لتي ير غب كل الب لدين في رؤيت ها مت حررة من سيطرة
أ طراف مهيم نة طمو حة أخ لى ي صبح ضروريا @ حت ما .ول كن ،فل كي ي تم ب عض
الت قدم ي جب أن ي كون هذا ال حوار م ستمرا @ و جديا .و في خلل هذا الت صال
يم كن أن يعا لج أي ضا @ المز يد من الق ضايا الخلف ية المتعل قة ب تايوان و حتى
بحقوق النسان ،وعلى نحو أكثر إقناعا .وفي الواقع ،فإن هذه النقطة يمكن
أن تجعل موثوقة تماما @ إذا جرى توضيح المر عن أن قضية التحرر الداخلي
لل صين لي ست م جرد شأن صيني داخ لي ما دا مت ال صين المزد هرة و ا لتي
ت مارس فيها الديمقراطية هي ف قط القادرة على إغراء تايوان و جذبها إليها
سلميا .إن أي محاو لة ل عادة التوح يد ع نوة لن ت ضع العل قات الميرك ية
الصينية في موضع خطر فحسب ،بل ستولد حتما @ نتائج سلبية وغير ملئمة
لقدرة الصين على جذب رأس المال الجنبي وعلى استمرار تطورها أيضا.
وبال تالي ستتم الت ضحية ع ندئذ بطمو حات ال صين الهاد فة إ لى تحق يق ت فوق
إقليمي وموقع دولي.
213
ال شرق الق صى ف قط بل في أورا سيا كل ها يحت مل أن ين مو أي ضا .و من ه نا،
ف من الحك مة في شيء أن ي تم ضمها ،كزم يل جد يد ،إ لى الق مة ال سنوية
لمجموعة الدول )الصناعية( السبع ،وخاصة بعد أن وسع ضم روسيا إلى هذه
المجموعة تركيز القمة من القتصاد إلى السياسة .وعندما تصبح الصين أكثر
ت كامل @ مع الن ظام ال عالمي ،وبال تالي أ قل قدرة وأ قل ميل @ إ لى ا ستغلل
سيادتها القليمية بأسلوب يتسم بالغباء على الصعيد السياسي ،فإنه ينتج عن
ذ لك أن الظ هور الفع لي لها لة ال حترام المحي طة بال صين في م جالت
اهتمامات ها التاريخ ية يحت مل أن ي كون جزءا @ من البن ية الورا سية للتك يف
الو فاقي الجيوبول يتي ا لذي يظ هر ع لى ال سطح .أ ما كون كور يا المو حدة
ستتأرجح في موقف ها إزاء هذه الها لة فيعت مد كثيرا @ ع لى در جة الت سوية
اليابان ية الكور ية )ا لتي ي جب ع لى أمير كا أن ت شجعها ب شكل ف عال( ،ول كن،
ففي أي حال ،تظل عملية إعادة توحيد كوريا دون تكيف وفاقي مع الصين
غير محتملة .سوف تضغط الصين الكبرى في نقطة ما ،وبشكل حتمي ،من
أ جل حل ق ضية تايوان ،ول كن لدر جة إد خال أو شمول ال صين في مجمو عة
الرتباط القتصادية والسياسية الدولية ذات الطابع الملزم على نحو متزايد
يمكن أيضا @ أن يكون له تأثير إيجابي في طبيعة السياسات الداخلية الصينية.
وإذا أثبت امتصاص )استيعاب( الصين لهونغ كونغ أنه غير فمعي ،فإن صيغة
دا نغ عن تايوان القائ لة بو جود ب لد وا حد ون ظامين يم كن أن ي عاد تعريف ها أو
صياغتها لت صبح و جود ب لد وا حد و عدة أنظ مة.يم كن لذلك أن يج عل إ عادة
التوح يد أ كثر ق بول @ ل لطراف المعن ية ،ا لمر ا لذي سيعزز النق طة أو المقو لة
المتمث لة بأنه ما لم ي حدث ب عض الت طور السيا سي في ال صين ذات ها ،فإن
إعادة تشكيل دولة صينية واحدة بطريقة مسالمة لن تكون ممكنة .وفي أي
حال ،ي جب ع لى ال صين أن تع تبر أمير كا حليف ها ال طبيعي وذ لك ل سباب
تاريخ ية وجيوبوليت ية م عا .وخل فا @ لليا بان أو رو سيا ف لم ت كن تو جد قط أي
مطا مح متعل قة با لرض لدى أمير كا إزاء ال صين .و كذلك فخل فا @ لبريطان يا
العظمى ،فأميركا لم تعمل قط على إذلل الصين .وفضل @ عن ذلك ،فبدون
إج ماع ا ستراتيجي قا بل للح ياة )ال ستمرار( مع أمير كا ،ل يحت مل أن ت صبح
ال صين قادرة ع لى الحت فاظ بام كان جذب التوظي فات المال ية الجنب ية
المكث فة وال ضرورية لنمو ها القت صادي وبال تالي لتحق يق تفوق ها ا لقليمي.
ول هذا ال سبب ذا ته ،ف بدون تك ي „ف ا ستراتيجي أمير كي صيني ع لى غرار
214
المر ساة أو المرت كز الرئي سي لن خراط أمير كا في أورا سيا ،ف لن تو جد
جيوا ستراتيجية لدى أمير كا من أ جل ا لبر الرئي سي ل سيا .و كذلك ف بدون
جيواستراتيجية للبر الرئيسي السيوي فلن توجد لدى أميركا جيواستراتيجية
من أ جل أورا سيا .وه كذا ،فبالن سبة إ لى أمير كا ت ستطيع ال قوى القليم ية
لل صين والمن ضمة إ لى إ طار ع مل أوسع في الت عاون ا لدولي ،أن ت كون قوة
جيواستراتيجية مهمة حيويا @ ول تقل في هذا المجال عن أهمية أوروبا كما ل
تقل وزنا @ عن اليابان في ضمان استقرار أوراسيا.
ومهما يكن من أمر ،وخلفا للوضع الوروبي ،فلن يظهر في وقت قريب
رأس جسر ديمقراطي في البر الرئيسي الشرقي .وإن ما يجعل المر أكثر
أهمية هو أن تعتمد جهود أميركا الهادفة إلى خلق علقة استراتيجية معمقة
بال صين ع لى ال عتراف الوا ضح بأن اليا بان الديمقراط ية والناج حة اقت صاديا
هي الشريك العالمي الرئيسي والشريك الباسيفيكي الول لميركا .وبالرغم
من أن اليا بان ل ت ستطيع أن ت صبح قوة إقليم ية آ سيوية م سيطرة إذا أ خذنا
في العت بار ما يثيره ذ لك من كره إقلي مي قوي ،فإن ها ت ستطيع في ا لوقت
نفسه أن تصبح قوة دولية بارزة .وتستطيع طوكيو أن تقوم بدور مؤثر عالميا
بتعاونها الوثيق مع الوليات المتحدة في ما يتعلق بما يمكن تسميته بمفكرة
أو برنا مج الع مل الجد يد عن الهتما مات العالم ية ،بين ما ي تم تج نب أي ج هد
عق يم ورب ما غ ير مث مر من أ جل أن ت صبح هي ذات ها قوة إقليم ية .وبال تالي
ي جب أن ت كون مه مة السيا سة الميرك ية متمث لة في توجيه اليا بان في هذا
التجاه .فاتفاقية التجارة الحرة الميركية اليابانية ،التي تخلق مجال @ اقتصاديا
م شتركا ،سوف تقوي العلقات وتعزز الهدف ،وبالتالي يجب تدقيق فائدتها
بالشتراك بين الطرفين .
وعمو ما@ ،ف من خلل عل قة سيا سية وثي قة باليا بان سوف ت كون أمير كا
قادرة ع لى ن حو مأمون ع لى ا ستيعاب الطمو حات القليم ية لل صين ،بين ما
ت عارض ال ظواهر ا لكثر اعتباط ية ل ها .ول يم كن ،إل ع لى هذا ال ساس ،أن
ت ستنبط طري قة ا ستيعاب مع قدة وثلث ية التجا هات ،أي ت لك الطري قة ا لتي
ت ضم ال قوة العالم ية لمير كا والت فوق ا لقليمي لل صين ،والق يادة الدول ية
لليابان .ومهما يكن المر ،فإن هذا الستيعاب الجيواستراتيجي الواسع يمكن
أن ين سف أو يدمر بالتو سع غ ير المت سم بالحك مة في الت عاون الع سكري
ا لميركي اليا باني .وي جب أل ي كون ا لدور المر كزي لليا بان على غرار حام لة
الطائرات غير القابلة للغرق التي تملكها أميركا في الشرق القصى ،كما ل
ي جب أن ل ي كون دور ال شريك الع سكري ال سيوي الرئي سي لمير كا أو قوة
215
إقليم ية آ سيوية محتم لة .وإن الج هود ال سيئة ال توجيه الهاد فة إ لى ت طوير أي
أمر مما ذكر سوف تؤدي إلى قطع أميركا عن البر الرئيسي السيوي .وإلى
إ ضفاء الحيو ية ع لى احت مالت الو صول إ لى إج ماع ا ستراتيجي مع ال صين،
وبالتالي إلى إحباط قدرة أميركا على تعزيز التعدادية الجيوبوليتية المستقرة
في أوراسيا كلها .
النظام المني عبر الوراسي
إن ا ستقرار التعدد ية الجيوبوليت ية في أورا سيا ،و مع ا ستبعاد ظ هور قوة
م سيطرة ومن فردة ،سوف يت عزز بالظهور الن هائي ،ورب ما في ا لوقت مب كر
من ال قرن ال قادم لن ظام أم ني عبر أورا سي ) .(Tessوي جب أن ت شمل م ثل
هذه التفاقية عبر القارية حلف الطلسي الموسع ،المرتبط بميثاق ذي طابع
متعاون مع روسيا ،والصين ،واليابان )التي ل تزال مرتبطة بالوليات المتحدة
بمعاهدة أمن ثنائية الجانب( .ولكن لكي يصل حلف الطلسي إلى هنا ،يجب
أول @ أن يتوسع ،بين ما ي تم إد خال رو سيا في إطار ع مل إقلي مي أ كبر للت عاون
ا لمني .وبال ضافة إ لى ذ لك ،ي جب ع لى ا لميركيين واليا بانيين أن يت شاوروا
ويت عاونوا في تن شيط حوار سيا سي أم ني ثل ثي في ال شرق الق صى ا لذي
ي ضم ال صين .ويم كن للمحاد ثات المن ية الميرك ية اليابان ية ال صينية أن ت ضم،
في نها ية الم كان ،مز يدا @ من ال شركاء ال سيويين ،و تؤدي لح قا إ لى حوار
بينهم وبين منظمة المن والتعاون في أوروبا .ويستطيع هذا الحوار ،بدوره،
أن يعب „د الطر يق أ مام سل سلة من ال مؤامرات ا لتي ت شترك في ها كل ا لدول
الوروب ية وال سيوية ،وبال تالي ت بدأ عمل ية إ ضفاء ال طابع المؤس ساتي ع لى
النظام المني عبر القاري .
ومع مرور الزمن ،يمكن للبنية ذات الطابع الرسمي الكثر حدة أن تبدأ
بأ خذ شكل ي حث ع لى ظ هور ن ظام أم ني عبر أورا سي يغ طي لول مرة
ال قارة كل ها .وإن ت شكل هذا الن ظام ،أي تحد يد ماهيته ثم إ ضفاء ال طابع
المؤس ساتي عل يه ،يم كن أن ي صبح الم بادرة الهند سية الرئي سية في الع قد
ال قادم بم جرد أن تخ لق السيا سات ا لتي ذ كرت سابقا @ ال شروط ال ضرورية
لذلك .ويستطيع مثل هذا الطار العملي المني عبر القاري الواسع أن يضم
أيضا @ لجنة أمنية دائمة ،مؤلفة من كيانات أوراسية رئيسة بغية تحسين قدرة
النظام المني عبر الوراسي على تطوير تعاون فع„ال في القضايا الحساسة
المتعل قة بال ستقرار ال عالمي .يم كن أن ت كون أمير كا ،وأورو با ،وال صين،
ورو سيا الكونفدرال ية ،واله ند ،ورب ما ب عض الب لدان ا لخرى ،بمنز لة الثع لب
لم ثل هذا الن ظام عبر ال قاري ا لكثر قوة .وإن الظ هور الن هائي ل هذا الن ظام
216
ا لمني عبر الورا سي ي ستطيع أن يخ فف بالتدر يج عن أمير كا ب عض أعبائ ها،
حتى عندما تستمر بدورها الحاسم كعنصر استقرار وتحكيم في أوراسيا .
ماوراء القوى العظمى في أوراسيا
ترتبط السياسة العالمية ،في المدى البعيد ،بأن تصبح غير ملئمة ،على
ن حو متزا يد ،لتركيز ال قوى المهيم نة في أ يدي دو لة وا حدة .فأمير كا لي ست
ف قط ال قوة العظ مى العالم ية ا لولى ،والوح يدة ،بل يحت مل أن ت كون أي ضا
الخيرة .
ول يعود ذلك فقط إلى أن الدول القومية تصبح أكثر فأكثر قابلة لن يتم
النفوذ عبرها ،بل لن المعرفة ،شأنها شأن القوة أصبحت أكثر انتشارا @ وأكثر
قابل ية للم شاطرة ،وأ قل تقي يدا @ بال حدود القوم ية .و كذلك يحت مل أن ت صبح
القوة القتصادية أكثر توزعا .وفي السنوات القادمة ل يحتمل أن تصل قوة
)دولة( واحدة إلى مستوى 30بالمئة أو ما يقرب من هذا الرقم من إجمالي
الناتج القومي السنوي للعالم كله ،علما @ أن أميركا حافظت على هذا الرقم
خلل معظم هذا القرن ،وبغض النظر عن رقم ال 50بالمئة الذي وصلته في
العام .1945وعموما @ فإن بعض التقديرات تشير إلى أن أميركا ستظل حتى
نهاية هذا العقد محافظة على نسبة 20في المئة من الناتج القومي السنوي
للعالم ،وربما تتراجع هذه النسبة إلى 10ـ 15في المئة في العام 2020عندما
تزداد الحصة النسبية بقوى )أو دول( أخرى مثل أوربا ،والصين ،واليابان ،إلى
ن سبة أ كثر أو أ قل من الم ستوى ا لميركي) .قد تز يد الن سبة ل حداها فتصبح
أ كثر أو أ قل وت قل الن سبة لدو لة أخ لى من ها فت صبح أ قل( .ول كن الت فوق
القت صادي ال عالمي لك يان وا حد ،و من ال نوع ا لذي حقق ته أمير كا خلل هذا
القرن ،ليس محتمل @ علما @ أنه ستكون لذلك تأثيرات عسكرية وسياسية بعيدة
ال مدى .وبال ضافة إ لى ذ لك ،فإن ال طابع المت عدد القوم يات وال ستثنائي
للمجتمع الميركي جعل من السهل على أميركا أن تجعل هيمنتها ذات طابع
عالمي دون أن تدع هذه الهيمنة تبدو ذات طابع قومي صارم .وعلى سبيل
الم ثال ،فإن ج هدا @ ت قوم به ال صين سعيا @ إ لى ال سيادة العالم ية سوف ين ظر
إليه حتما @ من قبل الخرين على أنه محاولة لفرض هيمنة قومية .ولكي نعبر
عن ذ لك بب ساطة ن قول إ نه يم كن لي شخص أن ي صبح أميرك يا@ ،ول كن
الصيني وحده يستطيع أن يكون صينيا@ ،ويضع ذلك حاجزا @ إضافيا @ ومهما @ في
طر يق أي هيم نة عالم ية ذات طابع قوي ب صورة رئي سية .وبال تالي ،ف ما أن
ت بدأ الزعا مات الميرك ية بالتل شي حتى ي صبح من غ ير المحت مل لل سيطرة
العالم ية الراه نة لمير كا أن ت كرر من ق بل أي دو لة بمفرد ها .وه كذا فإن
217
ال سؤال الرئي سي عن الم ستقبل هو ماذا ست„ورث أمير كا لل عالم كإرث دائم
من سيادتها؟".
وال جواب يعت مد في جزء م نه ع لى مدى ا ستمرار هذه ال سيادة وع لى
مدى فعال ية الطري قة ا لتي ت ستخدمها أمير كا في ت شكيل إ طار الع مل
ل شراكات ال قوة الرئي سية ا لتي يم كن أن ت ضفى علي ها ،مع الز من ،ال طابع
المؤس ساتي ر سميا .و في الحقي قة فإن نا فذة الفر صة التاريخ ية ل ستثمار
أميركا البن„اء لقوتها العالمية تستطيع أن تثبت أنها ضيقة نسبيا@ ،وذلك لسباب
داخل ية وخارج ية م عا .فالديمقراط ية ال شعبية الحقيق ية لم تح قق قط قبل
سيادة دول ية .ثم إن متاب عة سيا سة ال قوة ول سيما ما تتطل به غال با @ ممار سة
هذه ال قوة من ت كاليف وت ضحيات ب شرية لي ست ملئ مة عمو ما @ لل قدرات
الديمقراط ية .فالتحول إ لى الديمقراط ية هو م عاد وغ ير ملئم للت عبئة
المبريالية .وفي الواقع ،فإن الشك الحرج إزاء المستقبل يمكن أن يتطرق
إلى ما إذا كانت أميركا ستصبح أول قوة عظمى غير قادرة أو غير راغبة في
ال سيطرة ع لى قوت ها .ف هل يم كن أن ت صبح قوة عالم ية عاجزة؟ إن
ا ستفتاءات ا لرأي ال عام ت شير إ لى أن أقل ية صغيرة ف قط من ا لميركيين )
13في المئة( تف ضل ال قتراح ال قائل إ نه ي جب ع لى الول يات المت حدة،
بوصفـها القـوة العظمى الوحيدة الباقية ،أن تستمر في كونها القائد العالمي
البارز الذي يعمل على حل المشكلت الدولية وتفضل اغلبية ساحقة ) 74في
المئة( أن ت قوم أمير كا بقسط وا فر في الج هود الهادفة إلى حل الم شكلت
الدولية .في بلدان أخرى. ((1
وبال ضافة إ لى ذ لك ،وإذ ت صبح أمير كا مجتم عا @ مت عدد لثقا فات ع لى ن حو
متزايد ،فقد تجد أنه سيكون من الصعب عليها أن تحقق إجماعا @ على قضايا
السيا سة الخارج ية .ما عدا ما ي حدث في ظروف التهد يد ال خارجي المبا شر
الملموس والكثيف فعل .وقد وجد مثل هذا الجماع عموما @ في أثناء الحرب
العالمية الثانية كلها ،وحتى خلل الحرب الباردة أيضا .ومهما يكن المر ،فلم
يكن ذلك متجذرا @ في القيم الديمقراطية التي يأخذ بها الناس بعمق ،والتي
أح ست الج ماهير بأن ها ،أي الق يم ،تت عرض للخ طر ،بل أي ضا في ال صلت أو
العل قات التن ية والثقاف ية ا لتي تج مع ب ين ضحايا النظ مة الديكتاتور ية
) (1إجماع يظهر ع لى السطح ـ درا سة لمواقف ا لرأي ال عام ا لميركي إزاء دور أميركا
في العالم )كوليج بارك :مركز الدراسات الدولية والمنية في جامعة ميريلند تموز (1996
إنها دراسة تستحق التقدير وهي منسجمة مع ما جاء سابقا@ ،وثمة دراسات أخرى قام بها
هذا المركز في بداية عام ) 1997بإشراف الباحث الرئيس ستيفن كول( وأظهرت أن هناك
أغلبية كبيرة موافقة على توسيع الناتو )%62مع ،منهم %27مع )بقوة( و %29فقط ضد،
منهم %14ضد )بقوة(.
218
المعادية الذين كان معظمهم من الوربيين .وفي غياب تحد خارجي منافس،
ف من المم كن أن ي جد المجت مع ا لميركي أ نه من ال صعب جدا @ أن ي صل إ لى
اتفاق متعلق بالسياسات الخارجية التي ل يمكن ربطها مباشرة بالمعتقدات
الرئيسية وبحالت التعاطف التي يشعر بها الناس على نطاق واسع ،والتي ل
تزال بحا جة إ لى و جود ا شتباك إمبر يالي م ستمر ومك لف أحيا نا .وإذا و جد
شيء من ذ لك ،فث مة وجه تا ن ظر مختلف تان إ لى أق صى حد عن أن تأثيرات
النت صار ال تاريخي لمير كا في ال حرب ال باردة يحت مل أن ت كون أ كثر جاذب ية
سياسيا :فمن ناحية أولى ثمة وجهة النظر القائلة غن نهاية الحرب الباردة
تبرر تخفي ضا @ ها ما @ في ح جم ال شتباك أو الن خراط ال عالمي لمير كا ب غض
الن ظر عن الن تائج المترت بة ع لى المو قف ا لميركي .و من ناح ية ثان ية ،ه ناك
ا لدراك بان ا لوقت قد حان لو جود ت عدد أ طراف دو لي حقي قي ي جب ع لى
أمير كا أن تت نازل له عن ب عض من سيادتها وأن كل وج هتي الن ظر هاتين
تحكمان )تسيطران( على ولء أنصارهما الملتزمين بهما.
وعمو ما@ ،يم كن أي ضا @ للتغ ير الث قافي في أمير كا أن ي كون غ ير ملئم
ل ستمرار ممار سة ا ستخدام ال قوة المبريال ية ع لى ن حو فع لي في ال خارج.
ف هذه الممار سة تتط لب در جة عال ية من الحافز ية العقائد ية ،وال لتزام
الف كري ،والر ضا ا لوطني .و مع ذ لك ،فإن الثقا فة الم سيطرة في البلد
أصبحت تتركز على نحو متزايد على اللهو أو التسلية الواسعة النطاق التي
كانت ول تزال ت سيطر علي ها إ لى حد كبير بمو ضوعات أو أف كار متع بة ع لى
الصعيد الشخصي وهروبية )فيها تهرب من الواقع( على الصعيد الجتماعي.
و قد ج عل ال تأثير ا لتراكمي من ال صعب أ كثر فأكثر أن ت تم ت عبئة الج ماع
السيا سي اللزم من أ جل الق يادة أو الزعا مة الميرك ية الدائ مة والمكل فة،
أحيانا@ ،في الخارج .ولعبت التصالت الواسعة النتشار دورا @ مهما @ بوجه خاص
في هذا المجال ،مولدة رد فعل قويا @ ضد أي استخدام انتقائي للقوة يترتب
عليه حتى أخفض مستويات إصابة الشخاص في القتال )قتلي وجرحي( .
وبال ضافة إ لى ذ لك ،ف قد و جدت أمير كا وأورو با الغرب ية ،ول تزالن
تجدان ،أنه من الصعب التكيف مع نتائج ممارسة مذهب المتعة الجتماعي
والتراجع الدرامي في استقرار )مركزية( القيم الدينية في المجتمع) .إن ما
حدث بالتوازي مع ا لتراجع في النظ مة المبريال ية ا لذي ل خص في الف صل
ا لول كان مذهل في هذا الم جال( .و قد تع قدت الز مة الثقاف ية الناج مة
بانتشار المخدرات ،وخاصة في أميركا ،وبربطها بالقضية العرقية .وأخيرا @ لم
219
يعد معدل النمو القتصادي قادرا @ على التوقعات المادية المتنامية ،علما @ أن
هذه ا لخيرة ،أث يرت بالثقا فة ال سائدة ا لتي ت شجع ع لى ال ستهلك .ول ن بالغ
إذا قلنا إن الحساس بالقلق التاريخي ،وربما حتى بالتشاؤم ،يصبح ملموسا
في القطاعات الكثر بروزا @ من المجتمع الغربي.
وقبل نصف قرن تقريبا@ ،قلق مؤرخ مشهور ،هو هانز كون ،بعد أن لحظ
التجربة المأساوية للحربين العالميتين وللنتائج المنهكة للتحدي الديكتاتوري،
من أن ال غرب يم كن أن ي صبح "تع با وم ستنفدا@" و في الوا قع ف هو قد خ شي
من:
"أن إنسان القرن العشرين أصبح أقل ثقة بنفسه مما كان عليه سلفه
في ال قرن التا سع ع شر .و قد شهد ال قوى الظلم ية في التار يخ في تجرب ته
الخاصة .فالشياء التي بدت أنها تنتمي إلى الماضي عادت إلى الظهور ثانية:
كالي مان إ لى در جة التع صب ،وال قادة ا لذين ل يخطئون ،والعبود ية والمذا بح
. ((1 الجماعية ،واستئصال جذور الناس كلهم ،وانتفاء الرحمة ،والبربرية"
إن الفت قار إ لى الث قة كان ول يزال يزداد حدة ب سبب الخي بة الوا سعة
النت شار ا لتي نج مت عن ن تائج ال حرب ال باردة .وعو ضا @ عن "ن ظام عالمي
جديد"معتمد على الجماع والنسجام نجد أن "الشياء التي بدت أنها تنتمي
إ لى الما ضي" أ صبحت كل ها ف جأة تنت مي إ لى الم ستقبل .و بالرغم من أن
النزاعات التنية القومية لم تعد تنطوي على كونها تسبب حربا @ رئيسة ،فهي
تهدد السلم في اجزاء هامة من العالم .وهكذا ،فل يحتمل أن تصبح الحرب
من مخلفات الماضي في الزمن المستقبلي القريب .ومع وجود الدول الكثر
ت قدما @ المق يدة ب قدراتها التكنولوج ية العال ية ا لتي ت ستطيع أن ت سبب ا لدمار
ا لذاتي أو تح قق الم صلحة الذات ية ،ف قد أ صبحت ال حرب تر فا @ ل يم كن أن
تتحمله سوى الشعوب الفقيرة .وفي المستقبل المنظور ،فإن ثلثي البشرية
ا لتي ت عاني من الف قر ل يم كن أن تح فز بالقيود المفرو ضة ع لى ا لذين
يتمتعون بامتيازات.
و من ال جدير با لذكر أي ضا @ أن النزا عات الدول ية وأع مال الر هاب كانت
حتى الن خالية من أي استخدام لسلحة التدمير الشامل .أما كم من الزمن
يمكن أن ي ستمر هذا التقي يد ا لذاتي ،فل يمكن التنبؤ به ،ولكن توفر وسائل
إي قاع ال صابات الكثي فة ،ب ما في ذ لك ال سلحة النوو ية والبكتريولوج ية ع لى
220
ن حو متزا يد ،ول يس عمو ما @ لدى ا لدول فح سب بل و لدى المجمو عات
المنظمة أيضا@ ،سوف يزيد من احتمال استخدامها.
وباختصار ،فإن أميركا بوصفها القوة الولى في العالم ،تواجه فعل @ نافذة
ضيقة لفر صة تاريخ ية .فالو ضع الرا هن لل سلم ال عالمي الن سبي يم كن أل
ي ستمر إل لوقت ق صير .وإن هذا الوا قع شدد ع لى الحا جة المل حة إ لى
انخراط أميركي في العالم الذي يتم التركيز فيه عمدا @ على تعزيز الستقرار
الجيوبول يتي ا لدولي وع لى إ عادة إح ياء الح ساس بالت فاؤل ال تاريخي في
ال غرب .ول كن هذا الت فاؤل يتط لب ال قدرة المثب تة ع لى التعا مل في آن مع
التحديات الجيوبوليتية الخارجية ومع التحديات الجتماعية الداخلية.
ومه ما ي كن من أ مر ،فإن إ عادة إذ كاء الت فاؤل الغر بي وج عل الق يم
الغربية عالمية الطابع ل يعتمدان حصرا @ على أميركا وأوروبا .فاليابان وللهند
تثب تان أن م فاهيم ح قوق الن سان ومركز ية التجر بة الديمقراط ية يم كن أن
تصلح في الخلفيات السيوية أيضا@ ،سواء في الخلفيات )الدول( النامية جدا
أم في ت لك ا لتي ل تزال نام ية ف قط .وإن الن جاح ا لديمقراطي الم ستمر
لليا بان واله ند هو بال تالي ،ذو أهم ية كبيرة أي ضا @ في المحاف ظة ع لى أ فق
م ستقبلي أو من ظور مو ثوق بدر جة أ كبر ومتع لق بال شكل السيا سي
المستقبلي للعالم وفي الحقيقة فأن خبرة هاتين الدولتين شانهما شأن خبرة
كور يا الجنوب ية و تايوان ت شير أن الن مو القت صادي الم ستمر لل صين،
وال مترافق ب ضغوط خارج ية يو لدها تدخل دو لي أ كثر حدة من أ جل التغي ير،
يمكنه أن يؤدي أيضا إلى جعل النظام الصيني ديمقراطيا @ بالتدريج .
إن مواج هة هذه الت حديات هو ع بء أمير كا وم سؤوليتها الفرد ية من
نوعن ها .ف مع ال خذ بالعت بار لحقي قة أو وا قع الديمقراط ية الميرك ية ،ن جد أن
الرد الفعال سوف يحتاج إلى خلق فهم عام للهمية الدائمة للقوة الميركية
في ت شكيل إ طار الع مل الوا سع للت عاون الجيوبول يتي الم ستقر ،أي ذ لك
الت عاون ا لذي يتج نب الفو ضى العالم ية ويؤ جل بن جاح ظ هور ت حدي قوة
جد يدة .وإن هذين ال هدفين ،أي تج نب الفو ضى العالم ية وتأج يل ظ هور
م نافس في ال قوة ،ه ما غ ير قابلين للف صل عن التحد يد ع لى ال مدى الب عد
لهدف الشتباك أو النخراط العالمي لميركا ،أي ذلك الهدف المتعلق بإقامة
إطار عمل دائم وقادر على البقاء للتعاون الجيوبوليتي العالمي.
ولسوء الحظ ،فحتى الن كانت الجهود الهادفة إلى تحديد هدف رئيس
جد يد وع لى م ستوى ال عالم وللول يات المت حدة ،غداة انت هاء ال حرب ال باردة،
ذات ب عد وا حد .و قد ف شلت هذه الج هود في ر بط الحا جة إ لى تح سين
221
الشروط النسانية بضرورة المحافظة على مركزية القوة الميركية )دورها
المر كزي( في ال شؤون العالم ية .ويم كن التحد يد ،أو ال شارة إ لى عدة
م حاولت جد يدة من هذا ال نوع فخلل ال سنتين ا لوليتين لدارة كلين تون ،لم
يأ خذ ا لدفاع عن تعدد ية ا لطراف الحاز مة في العت بار ،وع لى ن حو كاف،
الح قائق السا سية لل قوة المعا صرة .و في و قت ل حق ،ن جد أن الت شديد
ال بديل ع لى المف هوم ال قائل إ نه ي جب ع لى أمير كا أن تر كز ع لى التو سع
ا لديمقراطي "ال عالمي" لم يأ خذ في الح سبان ب ما ف يه الكفا ية ،الهم ية
الم ستمرة لمحاف ظة أمير كا ع لى ال ستقرار ال عالمي أو حتى لتطوير ها
علقات قوة ملئمة )ولكنها للسف غير ديمقراطية( ،على غرار ما يجب أن
تفعله مع الصين.
وع لى غرار الف ضلية الميرك ية المركز ية ،فإن عوا مل الجاذب ية ال ضيقة
التركيز كانت ول تزال أقل إقناعا@ ،علما @ أنها شملت تلك العوامل التي ركزت
ع لى إزا لة الن ظام ال سائد في توز يع ا لدخل عالم يا@ ،وع لى ت شكيل" شراكة
ا ستراتيجية نا ضجة" مع رو سيا ،أو ع لى اح تواء انت شار ال سلحة .أ ما ال بدائل
ا لخرى ،كو جوب ترك يز أمير كا ع لى حما ية ا لبيئة ،أو ،ب شكل أ ضيق ،ع لى
خوض حروب محل ية ،ف قد كانت تم يل إ لى تجا هل الح قائق الرئي سية عن
ال قوة العالم ية .ونتي جة لذلك ،فإن أ يا @ من ال صيغ ال مذكورة سابقا @ لم يعا لج
كل يا @ الحا جة إ لى خ لق ا ستقرار جيوبول يتي عالمي في حده ا لدنى بو صفه
ي شكل ال ساس ال ضروري لطا لة ز من الهيم نة الميرك ية والتج نب الف عال
للفوضى الدولية في آن.
وباخت صار ،ي جب أن ي كون هدف السيا سة الميرك ية مزدو جا @ دائ ما@ :أي
يتم ثل في ا ستمرار الو ضع الم سيطر لمير كا ل مدة ج يل وا حد ع لى ال قل،
ويف ضل أن ي تم ذ لك ل فترة أ طول؛ وأن ي تم خ لق إ طار ع مل جيوبول يتي
ي ستطيع امت صاص ال صدمات والج هادات أو ال توترات الحتم ية للتغ ير
الجت ماعي السيا سي بين ما ي طور في ا لوقت ذا ته الق لب أو ال جوهر
الجيوبول يتي للم سؤولية المتقا سمة من أ جل إدارة ال عالم سلميا .وعمو ما@،
فإن المرحلة الطويلة من التعاون المتوسع بالتدريج مع الشركاء الوراسيين
الرئيسيين .والذي ينشط ويحكم من قبل أميركا ،تستطيع ،أيضا@ ،أن تساعد
في تعز يز ال شروط الضرورية لرفع م ستوى بنى )جمع بنية( ا لمم المتحدة
الموجود حاليا @ والتي تقادم عليها الزمن على نحو متزايد .ويستطيع التوزيع
الجد يد للم سؤوليات والمت يازات أن يأ خذ ع ندئذ في الح سبان الح قائق
المتغ يرة لل قوة العالم ية ،وا لتي تخت لف ع لى ن حو حاد عن ت لك ا لتي و جدت
في العام . 1945
222
سوف تم لك هذه الج هود الم يزة التاريخ ية الم ضافة عن ال ستفادة من
الشبكة الجديدة للرتباطات العالمية التي تنمو بوتيرة متسارعة خارج نظام
الدو لة القوم ية التقليد ية .ول قد خلق ـت ،فعل@ ،هذه ال شبكة ،ا لتي ن سجتها
مؤس سات مت عددة القوم يات ،ومنظ مات غ ير حكوم ية )يح مل ال كثير من ها
ال طابع ما فوق ال قومي( ومجتم عات )هيئات( علم ية ،و عز „زت ب شبكة
ال نترنت ،منظو مة عالم ية غ ير ر سمية تع تبر غ ير ملئ مة للت عاون ذي ال طابع
المؤسساتي والشامل.
وه كذا ف في أث ناء ب ضعة الع قود القاد مة ،يم كن أن تظ هر بن ية عمل ية
للتعاون الدولي ،معتمدة علـى الحقائق الجيوبوليتية ،وتمارس ،بالتدريج ،دور
"الحاكم" الحالي للعالم الذي يحمل في الوقت الواهن عبء المسؤولية عن
استقرار العالم وسلمه .وإن النجاح الجيواستراتيجي في هذه القضية سوف
يم ثل إرث ـا @ ملئ ما @ لدور أمير كا بو صفها ال قوة العظ مى الحقيق ية ا لولى،
والوحيدة ،والخيرة.
223