You are on page 1of 66

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫المقـدمــة‬

‫الحمششد ل العلي الكششبير‪ ،‬مجيششب دعوة المضطريششن‪ ،‬وكاشششف كرب‬


‫المكروبين‪ ،‬وموهن مكر الماكرين‪ ،‬سبحانه ل يهدي كيد الخائنين‪ ،‬والصلة‬
‫والسلم على خاتم النبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن المسلمين بعد انحلل وحدتهم عام ‪ 1342‬عاشوا بين‬
‫نازلتين حربيتين تخريبيتين –استعماريتين(‪:-)1‬‬
‫الولى‪ :‬اسشتعمار الكفار لبلد السشلم فشي معركتهشم الحربيشة الدمويشة‬
‫وسشلحهم المصشلت على رقاب المسشلمين‪ ،‬حتشى احتلوا عامشة ديار السشلم‪،‬‬
‫ولم يبششق منهششا رقعششة إل دخلهششا السشتعمار سششوى حرم السشلم‪ ،‬قلب جزيششة‬
‫العرب فقششد حماهششا ال منششه؛ إذ لم يحتلهششا اسششتعمار كافششر منششذ طلوع فجششر‬
‫السشلم حتشى يومنشا هذا –بحمشد ال‪ ،-‬وأمام هذا السشتعمار كان المسشلمون –‬
‫بحمشد ال‪ -‬صشوتًا واحداً ضده‪ ،‬واسشتمرت جهودهشم فشي الجهاد والدفاع حتشى‬
‫أنقذ ال البلد والعباد من استيلء الكافرين‪ ،‬وكتب ال عليهم الجلء من بلد‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫أما الثانية‪ :‬فإن أعداء ال عباد الصليب وغيرهم من الكافرين‪ ،‬أنزلوا‬
‫بالمسشلمين اسشتعماراً مشن طراز آخشر هشو‪" :‬السشتعمار الفكري" وهشو أششد‬
‫وأنكشى مشن حربهشم المسشلحة؟! فأوقدوهشا معركشة فكريشة خبيثشة ماكرة‪ ،‬وناراً‬
‫ماردة‪ ،‬وسشيوفاً خفيشة على قلوب المسشلمين باسشتعمارها عقيدة وفكراً ومنهشج‬
‫حياة؛ ليصشبح العالم السشلمي غربيًا فشي أخلقشه ومقوماتشه‪ ،‬متنافراً مشع ديشن‬
‫السلم الحق‪ ،‬وكان أنكى وسائله‪ :‬جلب "نظام التعليم الغربي" و"المدارس‬
‫السشتعمارية – الجنبيشة العالميشة" إلى عامشة بلد العالم السشلمي‪ ،‬ولم يبشق‬
‫منها بلد إل دخلته هذه الكارثة سوى حرم السلم قلب جزيرة العرب – فقد‬
‫حماها ال منها‪.‬‬

‫‪)(1‬‬
‫عن لفظ "الستعمار" انظر‪" :‬المعجم الوسط"‪)627-2/626( :‬‬
‫ولما حلت هذه النازلة في بلد السلم لم يكن محل جدل بين العلماء‬
‫في تحريم فتح المدارس الجنبية في بلد المسلمين‪ ،‬وفي تحريم إدخال‬
‫أولدهم فيها‪ ،‬وهذان الحكمان ل يحتاجان إلى إقامة دليل؛ لقبح هذه الطامة‬
‫بطرفيها‪ ،‬وبشاعتها‪ ،‬وشناعتها؛ إذ الحكم بتحريم قبول الستعمار الفكري‬
‫أولى من الحكم بتحريم الستعمار الحسي‪ ،‬ول يرضى المسلم الحق أن‬
‫يكون للكافرين على المؤمنين سبيل مطلقاً‪.‬‬
‫لكن قدر ال وما شاء فعل‪ ،‬ففي هذا العام عام ‪ 1419‬امتد نفوذ‬
‫مدارس أعداء ال عباد الصليب وغيرهم من الكفرة والملحدة إلى قلب‬
‫جزيرة العرب‪ ،‬ففتحوا فيها مدارسهم‪ ،‬وجاءت فيها هذه الفتنة الكبيرة‪،‬‬
‫والخطيئة الخطيرة‪ ،‬التي ظاهرها تعليم الجنبيين وباطنها الدعوة إلى غير‬
‫سبيل المؤمنين‪ ،‬فأثارت استياء المسلمين فيها‪ ،‬وجرحت إحساسهم‪ ،‬ورأوا‬
‫أنها أعظم ضربة وجهت إلى جزيرتهم ول عهد لقلب الجزيرة بها‪ ،‬وحذروا‬
‫المسارعين إليها من سوء عاقبتها‪ ،‬فالن ل بد من بيان سطوة هذه الكارثة‬
‫على السلم‪ ،‬ومدى ما نفشته في عقيدته وأخلقه من الفساد‪ ،‬والتعددية‬
‫والنقسام‪ ،‬عسى أن يكون هذا البيان مضخة إنقاذ‪ ،‬يطفئ من جذوتها‪،‬‬
‫ويُذهب سعيرها وسُعارها‪ ،‬ولسماع المسلمين كلمة الحق في حكمها‬
‫وتشخيص مخاطرها‪ ،‬والخلوص من معرة الكتمان‪ ،‬عسى ال أن ينفع به‬
‫من شاء من عباده‪ ،‬ولول بشاعة هذه النازلة لما حركت للقلم ساكناً‪ ،‬فأقول‪:‬‬
‫إن عددًا جماً غفيراً من المصلحين الغيورين من العلماء وغيرهم في‬
‫شتى أقطار العالم السلمي‪ :‬في المملكة‪ ،‬ومصر‪ ،‬والسودان‪ ،‬والعراق‪،‬‬
‫والشام بأقسامه الربعة‪ ،‬وفي تركيا‪ ،‬والهند‪ ،‬والباكستان‪ ،‬وفي الكويت‪،‬‬
‫والمارات‪ ،‬وفي المغرب بولياته الربع‪ ،‬وفي إندونيسيا‪ ،‬وماليزيا…‬
‫وغيرها أعلنوا موقفهم السلمي الصريح من المدارس المقطوعة الصلة‬
‫بالسلم عقيدة ومنهجاً ولغة وتاريخاً‪( :‬المدارس الستعمارية الجنبية‪..‬‬
‫العالمية) التي افتتحت في بلد المسلمين لتكون محاضن للجيال المسلمة‬
‫محذرين منها ومن إدخال أولد المسلمين فيها‪ ،‬مبينين مخاطرها على المة‬
‫السلمية في حاضرها ومستقبلها‪ ،‬وأنها معاقل للخيانة بالمسلمين باستعمار‬
‫أجيالهم عقدياً وفكرياً وثقافياً‪ ،‬وما في ذلك من تذويب الشخصية السلمية‬
‫وتشكيل العقل والفكر بما يرفضه السلم‪ ،‬وأنها بحق‪" :‬البيت المظلم"‪.‬‬
‫وأنها حرب جلية فكرية من عباد الصليب أعمق من حروبهم الصليبية‬
‫المسلحة‪ ،‬وأنها "السيوف المصلتة" على القلوب‪ ،‬فإنهم لما اغمدوا سيوفهم‬
‫عن رقاب المسلمين سلوها على قلوبهم‪ ،‬وإنها‪" :‬الخنجر المسموم" الذي‬
‫طعن به المسلمون فأصاب منهم مقاتل متعددة فأخذوا يعالجون الجرح‬
‫النازف‪ ،‬والخنجر المسموم ما زال مغروزاً في جسم المة السلمية‪ ،‬فأولى‬
‫لهم انتزاع الخنجر ليزول الجرح ويقف النزيف‪ .‬وأنها شر القوى المسلطة‬
‫على العالم السلمي‪.‬‬
‫وهم لبالغ كيدهم ومكرهم‪ ،‬تركوا المدارس الحكومية والهلية على ما‬
‫هي عليه من مناهج سليمة لم يتعرضوا لها‪ ،‬لكن عملوا على جادة السلوب‬
‫البطيء المباشر "فتح المدارس الجنبية" بجانبها؛ لتعلم الدنيا ول تعلم‬
‫الدين‪ ،‬وفي بعضها جزء هو من جملة إخراج المسلمين من السلم‪ ،‬فهي‬
‫بحق مثل بناء الكنائس بجانب المساجد‪ ،‬بيوت كفر وردة بجانب بيوت إسلم‬
‫وطاعة‪.‬‬
‫ويبين الستاذ محمد إقبال شدة مخاطر هذه المدارس على المسلمين‬
‫فيقول(‪" :)1‬إن التعليم ‪-‬الغربي‪ -‬هو الحامض الذي يذيب شخصية الكائن‬
‫الحي‪ ،‬ثم يكون كما شاء‪ ،‬وأن هذا الحامض هو أشد قوة وتأثيراً من أي مادة‬
‫كيماوية"‪.‬‬
‫وبذل أولئك المصلحون في إنكار هذه البلية والدفع في وجهها جهوداً‬
‫مشكورة ذات جوانب متعددة ومنها‪ :‬تأليف الكتب‪ ،‬والرسائل‪ ،‬والمقالت‪،‬‬
‫وإصدار البيانات والفتاوى بشأنها التي زادت عن ستين عدداً سيأتي خبرها‬
‫في البيانات اللحقة إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫‪ )(1‬بواسطة كتاب‪ :‬الصراع بين الفكرة السلمية والفكرة الغربية للندوي‪.‬‬
‫واليوم في هذا العام ‪ 1419‬تزحف هذه المدارس إلى قلب الجزيرة‬
‫العربية‪ ،‬أول مفتاح للتنصير والتغريب ودخول أول أزمة جديدة في مجال‬
‫التعليم وهي أولى وسيلة في مثلث التبشير‪( :‬المدرسة – المستشفى – دار‬
‫اليتام) فتزدحم بها المدن‪ ،‬وتنتشر في ساعة من نهار‪ ،‬ول حول ول قوة إل‬
‫بال العزيز الحكيم‪.‬‬
‫وعسى أن ل تكون واحدة من فعاليات المؤتمرات المتتابعة لوحدة‬
‫الديان والتقريب بينها‪ ،‬في "ظاهرة التحول" المخيفة‪ ،‬كالتركيز على‬
‫تغريب المرأة في فعاليات مؤتمرات المرأة والسكان‪...‬‬
‫وعسى أن ل تكون من آثار "نظرية الخلط" –العولمة‪ -‬تحت شعار‬
‫"المدارس المنتسبة"‪" :‬نحن نعيش في عالم واحد‪ ،‬ونتعلم من أجل عالم‬
‫واحد"‪ ،‬شعار‪" :‬توأمة المدارس" وشعار‪" :‬التربية الدولية" المتجاوزة‬
‫لحدود الدين واللغة‪.‬‬
‫وإننا في هذه البلد –قلب الجزيرة العربية‪ -‬حماها ال وسائر بلد‬
‫المسلمين من كل سوء –مرت بنا مواقف في مجال التعليم الوافد والمدارس‬
‫الجنبية منها‪:‬‬
‫الموقف الول‪:‬‬
‫كنا في هذه البلد نسمع عما حل في عامة أقطار العالم السلمي من‬
‫المصيبة العظيمة‪ ،‬والرّزية الفادحة الليمة من السماح لمم الكفر والضلل‬
‫من النصارى‪ ،‬وغيرهم بفتح المدارس الجنبية على أرض السلم‪ ،‬وجعلها‬
‫محاضن لولد الجاليات في شعورهم الديني‪ ،‬وشعائرهم الدينية‪ ...‬فنتألم‬
‫لذلك‪ ،‬ونسأل ال –سبحانه‪ -‬أن يرفع هذه البلء عن المسلمين‪ ،‬وأن يعيذنا‬
‫وإياهم من شرورها وأن ل نراها على أرضنا‪ ،‬وهي البقية الباقية اليوم‪.‬‬
‫الموقف الثاني‪:‬‬
‫وكنا نرى جهود المخلصين من العلماء والناصحين والغيورين في‬
‫مصر والشام والعراق وغيرها في التحذير من هذه المدارس وتحريم‬
‫افتتاحها‪ ،‬وتحريم إدخال أولد المسلمين فيها‪ ،‬وأن هذا من أعظم المحرمات‬
‫وأكبر الجنايات على ذراري المسلمين‪ ،‬ومستقبل المة السلمية‪ ،‬وتتكون‬
‫جهودهم المباركة في مناصحة الولة بإغلقها‪ ،‬وفي احتساب الهالي بفتح‬
‫المدارس الهلية السلمية؛ لحتضان أولد المسلمين‪ ،‬وتعليمهم فيها‪ ،‬وفي‬
‫نشر المؤلفات والفتاوى والمقالت الصحفية في التحذير من هذه المدارس‪،‬‬
‫إلى غير ذلك مما سترى خبره –إن شاء ال تعالى‪ -‬في البيانات اللحقة‪.‬‬
‫فنحمد ال على إقامة الحجة ويشاركهم من علمائنا من شاء ال في‬
‫إقامتها‪ ،‬وندعو لنا ولهم بالثبات والمثوبة‪ ،‬ونحث ذوي اليسار على مد يد‬
‫المعونة حسب القدرة‪.‬‬
‫الموقف الثالث‪:‬‬
‫بالمس القريب يبذل الناصحون منا النصح‪ ،‬والتحذير من مخاطر‬
‫ابتعاث شببة المسلمين في هذه الديار إلى بلد الكفر‪ ،‬وإلى المدارس الجنبية‬
‫في البلد السلمية؛ اتقاءً للمخاطر على عقيدتهم وسلوكهم وتلويث‬
‫أفكارهم‪.‬‬
‫الموقف الرابع‪:‬‬
‫بالمس القريب يبذل الناصحون منا النصيحة تلو الخرى بحماية‬
‫مناهج التعليم من نفثات السوء‪ ،‬ونفوذ الضلل إليها‪ ،‬وبتقوية المواد الدينية‬
‫السلمية وغرس العقيدة في قلوب ذراري المسلمين‪ ،‬وانتقاء المدرسين‬
‫الموثوق بدينهم وسلمة معتقدهم والجاري سلوكهم على السلمة والسداد‪،‬‬
‫والحذر من جلب المدرسين‪ ،‬الذين مرجت عهودهم‪ ،‬وداخلتهم أمراض‬
‫الشبهات‪ ،‬والشهوات؛ لما لحتضانهم أولد المسلمين من مخاطر ل تخفى‪.‬‬
‫الموقف الخامس‪:‬‬
‫كل هذا يجري بالمس –ونأمل الخير إلى البد‪ -‬أما اليوم فيأتي‬
‫موقف المواقف في فاتحة العام الدراسي لهذا العام ‪:1419‬‬
‫هوى له أحد وانهد ثهلن‬ ‫دهى الجزيرة أمرٌ ل عزاء له‬
‫اليوم يُفتح في بلدنا‪" :‬البيت المظلم"‪ ،‬تحل في بلدنا أعظم ضربة‬
‫توجه إلى هذه البلد إنها قاصمة الظهر‪ /‬بفتح المدارس الجنبية العالمية‬
‫الستعمارية‪.‬‬
‫اليوم هي على أرضنا ملء السمع والبصر‪.‬‬
‫اليوم نزلت في قلب الجزيرة العربية‪ ،‬حرم السلم وعاصمة‬
‫المسلمين وقاعدتهم‪ :‬نازلة الشؤم والخطر‪ ،‬نازلة أولى وسائل التبشير‪،‬‬
‫وأدهى وسائل التنصير والتغريب‪ ،‬والنقلة الحادة بأولد المسلمين من‬
‫محاضنهم السلمية –المدارس الحكومية والهلية السلمية‪ -‬بنقلتهم‬
‫وإسلمهم إلى محاضن الكفر والضلل والباحية واللحاد في‪( :‬المدارس‬
‫العالمية‪-‬الجنبية)‪.‬‬
‫إنها وال رزية وأي رزية تحل في قلب الجزيرة العربية بجوار‬
‫الحرمين الشريفين في بلد التوحيد وتحكيم الشرع المطهر‪ ،‬في البلد الذي ل‬
‫يجوز في تجنس الكافر بجنسيته‪ ،‬ول تمليكه جزءً من أرضه‪ ،‬واليوم يؤذن‬
‫لعداء ال ورسوله وأعداء المؤمنين بفتح محاضن لولدنا لمن ليسوا على‬
‫ديننا‪ :‬المدرس كافر أو عاهر‪ ،‬والمناهج مستوردة كافرة‪...‬‬
‫إنه موقف الواقف‪ ،‬موقف الدهشة والستغراب‪ ،‬والحسرة والندامة‪،‬‬
‫والفجيعة واللم‪.‬‬
‫إنها ساعة الذهول فينا‪ ،‬فحق أن يقال لنا‪" :‬اصنعوا لل جعفر‬
‫طعاماً"‪.‬‬
‫إنها قنطرة إلى مبدأ حرية تغيير الدين‪.‬‬
‫إنها درجة إلى‪( :‬عولمة التعليم) بين المدارس الدينية للملل المختلفة‪،‬‬
‫وبينها وبين المدارس اللدينية –العلمانية‪.-‬‬
‫إنها حركة لهدم الماضي المشرق العريق والمستقبل المضيء باسم‬
‫(تجديد البناء) ومن آثارها‪ :‬كسر حاجز النفرة من الكفر والكافرين‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫أنه لن يقال للكافر‪ :‬يا كافر‪ ،‬بعد الن‪.‬‬
‫إنها‪ :‬تعطينا التفاتة‪ ،‬لكتاب‪ :‬عبدالودود شلبي (الزحف إلى مكة) وفيه‬
‫يقول عن المنصر المريكي روبرت ماكس‪" :‬لن تتوقف جهودنا وسعينا في‬
‫تنصير المسلمين حتى يرتفع الصليب في سماء مكة‪ ،‬ويقام قدّاس الحد في‬
‫المدينة" انتهى كلمه –قبحه ال وخيب أمله‪.-‬‬
‫وأحسن ال إلى المؤلف شلبي‪ ،‬إذ قال بعده‪" :‬نحن في انتظار أبرهة‬
‫المريكي ل على أبواب مكة‪ ،‬فهو لن يراها أبداً ولكن على أبواب جهنم‬
‫التي تنتظره وأمثاله ليستقر هناك في دركها السفل" انتهى‪.‬‬
‫إن قلب الجزيرة العربية يعتبر بلداً مغلقًا أمام المبشرين المنصرين‪،‬‬
‫وإن فتح هذه المدارس هي خطوة جريئة لنفوذ سلطانهم الكنسي والثقافي‬
‫فالخطوة بعدها‪( :‬فتح الكنائس)‪ ،‬وبث الناجيل‪ ،‬والكتب التنصيرية‪،‬‬
‫والعلم التنصيري‪ ،‬وفتح المحاكم الجنبية وفتح مراكز الرساليات –‬
‫البعثات‪ -‬التنصيرية كما هي أمامنا وخلفنا عن أيماننا وعن شمائلنا في جميع‬
‫بلدان الخليج العربي بل استثناء!! امتدادًا للواقع الحزين في العالم‬
‫السلمي‪.‬‬
‫إنها مؤامرة أمم الكفر في اقتحام حرم السلم‪ ،‬إن المشكلة أفظع مما‬
‫نتصور‪ :‬إنها إقامة حزام جغرافي لمجموعة الدول الكافرة تحصر المنابع‬
‫السلمية؟!‬
‫اللهم إنا نبرأ إليك من الرضا بهذه المدارس‪ ،‬أو أن تطمئن لها قلوبنا‬
‫وغاية ما نملكه هو بذل النصيحة ل ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين‬
‫وعامتهم فنبين ما نعلمه عن هذه المدارس الجنبية في تاريخها ومخاطرها‬
‫وأصولها وسيرتها ووجوب نبذها عن بلد المسلمين وإغلقها وإيقاف‬
‫نشاطها وانتماآتها مستخلصاً مما كتبه عدد من علماء المسلمين وكتابهم –ل‬
‫درهم ول أبوهم‪ -‬لعل ال أن ينفع بها‪ ،‬وأسوة بما صدر من اللجنة الدائمة‬
‫للبحوث العلمية والفتاء بالبيان الصادر في ‪ 3/2/1420‬القاطع بتحريمها‬
‫والتحذير منها ووجوب إغلقها ورفعها عن المسلمين‪..‬‬
‫وعسى أن تقرّ أعين المسلمين بتنفيس الكربة فيُنشِدوا‪:‬‬
‫من الكروب وسقوط المدرسة‬ ‫الحمد ل على ما نفّسه‬
‫فإلى كل مسلم هذه البيانات عن هذه النازلة (المدارس العالمية‬
‫الجنبية)‪.‬‬
‫المؤلف‬
‫بكر بن عبدال أبو زيد آل غيهب‬
‫في مدينة النبي صلى ال عليه‬
‫وسلم‬
‫البيـانــات‬

‫البيان الول‪ :‬جهود المصلحين من العلماء وغيرهم في مقاومتها‪.‬‬


‫البيان الثاني‪ :‬أسماؤها‪.‬‬
‫البيان الثالث‪ :‬تبعيتها‪.‬‬
‫البيان الرابع‪ :‬تاريخها‪.‬‬
‫البيان الخامس‪ :‬الولويات في فتح المدارس الستعمارية‪.‬‬
‫البيان السادس‪ :‬برامج المدارس الستعمارية وإدارتها وأساتذتها‪.‬‬
‫البيان السابع‪ :‬أهدافها وآثارها المدمرة للمسلمين‪.‬‬
‫البيان الثامن‪ :‬نماذج من أقوال العلماء وبياناتهم وفتاويهم عن‬
‫المدارس الستعمارية‪.‬‬
‫البيان التاسشع‪ :‬حكشم الشريعشة السشلمية فشي المدارس الجنبيشة المبنشي‬
‫على النصوص الشرعية والقواعد والمقاصد العامة‪.‬‬
‫البيان الول‬
‫جهود المصلحين من العلماء وغيرهم في مقاومتها‬

‫مضى على المة السلمية نحو‪ "1300" :‬عام وحياتها قائمة على‬
‫الولء والبراء‪ ،‬الولء للسلم والمسلمين والبراءة من الكفر والكافرين‪،‬‬
‫وعلى الحب والبغض في ال‪ ،‬محبة السلم والمسلمين‪ ،‬وبغض الكفر‬
‫والكافرين‪ ،‬فبينهم وبين الكفار حاجز من اليمان تنقطع عن نواله أعناق‬
‫الرجال‪ ،‬ومن دونه خرط القتاد‪ ،‬فل غرابة أن يُقابلو بالرفض كل ما يرفضه‬
‫السلم‪ ،‬فضلً عما ينابذه ويهدم كيانه‪.‬‬
‫وكان من تلك المرفوضات‪" :‬المدارس الجنبية الستعمارية‬
‫التبشيرية" التي أوفدتها البعثات والرساليات النصرانية لنشاب مخالبها‬
‫الستعمارية في جسد المة السلمية‪ ،‬وكان أول قدم تُمهّد لهم نشوب‬
‫الستعمار الذاتي‪ :‬الستعمار العقلي والفكري والثقافي "بالتعليم" بداية من‬
‫حضانة الطفال‪ ،‬وتعليم البنات‪ ،‬إلى نشر المدارس‪ ،‬إلى التعليم العالي في‬
‫الكليات والجامعات وتكثيف بثها في بلدان المسلمين‪.‬‬
‫ول شك أن هذا غريب علىجسد المة السلمية يخترق قواعدها‬
‫ومسلماتها من الساس‪ ،‬فرفضته شكلً ومضموناً‪ ،‬وتعالت الصيحات‪،‬‬
‫والنداآت من الناصحين من العلماء الغيورين وغيرهم بالتحذير من هذه‬
‫المدارس‪ ،‬ومن افتتاحها‪ ،‬وإدخال أولد المسلمين فيها‪.‬‬
‫وكانت جهودهم الدفاعية في الخطوة التية‪:‬‬
‫الخط الدفاعي الول‪ :‬في إصدار الكتب والرسائل والمقالت والفتاوى‬
‫والبيانات وإليك قائمة بأهم ما تم الوقوف عليه حسب الوفيات أو تاريخ‬
‫النشر‪:‬‬
‫‪ -1‬إرشاد الحيارى في تحذير المسلمين من مدارس النصارى‪.‬‬
‫‪ -2‬مختصر إرشاد الحيارى في تحذير المسلمين من مدارس النصارى‪.‬‬
‫كلهما من تأليف‪ :‬يوسف بن إسماعيل – المتوفى سنة ‪.1350‬‬
‫‪ -3‬مضار تعليم البناء في مدارس الجانب‪ /‬السيد علي حبيب –مجلة‬
‫السلم‪ -‬ربيع الخر سنة ‪.1352‬‬
‫‪ -4‬مدارس التبشير‪ /‬محمد السيد صبحو –مجلة السلم‪ -‬جمادى الولى سنة‬
‫‪.1352‬‬
‫‪ -5‬بيان مشيخة الزهر عن معاهد المبشرين‪ /‬مجلة السلم – جمادى‬
‫الثانية سنة ‪.1352‬‬
‫‪ -6‬تفسير المنار‪ /‬محمد رشيد رضا ‪ -‬المتوفى سنة ‪ .1354‬في مواضع من‬
‫تفسيره‪.515-411،514-10/410 :‬‬
‫‪ -7‬فتاوى محمد رشيد رضا أيضاً ج ‪ 6‬ص ‪ 2387‬بعنوان‪ :‬تعليم أولد‬
‫المسلمين في المدارس اللدينية الحكومية وغيرها أو مدارس‬
‫النصرانية‪ .‬وأصل هذه الفتوى منشور في مجلة المنار سنة ‪ 1350‬مج‬
‫‪ ،32‬ج ‪ 3‬ص ‪.178،181‬‬
‫‪ -8‬الغارة على العالم السلمي – لخصها ونقلها إلى العربية‪ /‬مساعد اليافي‬
‫المتوفى سنة ‪ .1363‬ومحب الدين الخطيب المتوفى سنة ‪.1389‬‬
‫‪ -9‬جدد نفسك‪ /‬للشيخ محمد صبري عابدين – مجلة الزهر سنة ‪ 1373‬مج‬
‫‪ 25‬ج ‪.3‬‬
‫‪ -10‬المدارس الغربية في البلد الشرقية‪ /‬أحمد أمين – المتوفى سنة ‪.1373‬‬
‫فيض الخاطر ‪.1154-10/1150‬‬
‫‪ -11‬المدارس الجنبية والسلم‪ /‬أحمد حمزة – مجلة لواء السلم – ذو‬
‫القعدة سنة ‪.1375‬‬
‫‪ -12‬نصيحة مختصرة في الحث على التمسك بالدين والتحذير من المدارس‬
‫الجنبية‪ /‬للشيخ عبدالرحمن السعدي المتوفى سنة ‪.1376‬‬
‫‪ -13‬تعليم الدين في المدارس (ضمن مقالت‪ :‬حكم الجاهلية‪ /‬ص ‪174،17‬‬
‫‪ )6‬للشيخ أحمد بن محمد شاكر المتوفى سنة ‪.1377‬‬
‫‪ -14‬الدعوة إلى الصلح ص‪.158-152/‬‬
‫‪ -15‬رسائل الصلح ص‪.158-152/‬‬
‫‪ -16‬الهداية السلمية‪ ،‬ص‪.152-151/‬‬
‫جميعها للشيخ محمد الخضر حسين التونسي المتوفى سنة ‪.1377‬‬
‫‪ -17‬مطابقة الختراعات العصرية‪ .‬ص ‪/65،66‬لحمد محمد الصديق‬
‫المتوفى سنة ‪.1380‬‬
‫‪ -18‬آثار الشيخ محمد البشير البراهيمي المتوفى سنة ‪.1385‬‬
‫‪ -19‬البكاء ليس وسيلة إيجابية لمقاومة المدارس التبشيرية‪ /‬مجلة المجتمع‬
‫–عدد ‪ 93‬صفر سنة ‪.1392‬‬
‫‪ -20‬معاقل التبشير في الجابرية وواجب المسؤولين‪ /‬مجلة المجتمع – عدد‬
‫‪ 288‬صفر سنة ‪.1392‬‬
‫‪ -21‬تصفية المدارس التنصيرية في الكويت ضرورة ملحة‪ /‬مجلة المجتمع‬
‫– عدد ‪ 288‬صفر سنة ‪.1396‬‬
‫‪ -22‬الغزو الفكري (مجموعة بحوث مقدمة لمؤتمر الفقه السلمي الذي‬
‫عقدته جامعة المام محمد بن سعود السلمية بالرياض سنة ‪)1396‬‬
‫مطبوعات جامعة المام سنة ‪.1404‬‬
‫‪ -23‬المدارس التبشيرية التضليلية‪ ..‬إلى متى؟‪ /‬مجلة المجتمع – عدد ‪350‬‬
‫جمادى الولى سنة ‪.1397‬‬
‫‪ -24‬حكم الشريعة السلمية في تعليم المسلمين أولدهم بالمدارس الجنبية‪/‬‬
‫للشيخ حسن مشاط المكي المتوفى سنة ‪.1399‬‬
‫‪ -25‬خاتمة كشف الشبهات‪ /‬للشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري المتوفى‬
‫سنة ‪.1399‬‬
‫‪ -26‬الجانب والتعليم بمصر‪ /‬صالح رمضان محمود – مجلة المؤرخ‬
‫العربي العدد ‪ 17‬سنة ‪.1401‬‬
‫‪ -27‬المدارس الجنبية (ضمن المنتقى من محاضرات جمعية الشبان‬
‫المسلمين ص ‪.)335-324‬‬
‫‪ -28‬هل هذه النهضة خاضعة لسلطان العلم؟ مجلة المنار سنة ‪ - 1348‬مج‬
‫‪ 30‬ج ‪.3‬‬
‫كلهما لعجاج نويهض المتوفى سنة ‪.1402‬‬
‫[والعجيب أن هذا الرجل ذكر عنه أحمد العلونة أنه درزي كما‬
‫في ترجمته في ذيل العلم ص ‪.]137‬‬
‫‪ -29‬التجاهات الوطنية في الدب المعاصر‪.‬‬
‫‪ -30‬حصوننا مهددة من داخلها‪ /‬كلهما لمحمد محمد حسين المتوفى سنة‬
‫‪.1403‬‬
‫‪ -31‬مخاطر التعليم الجنبي في البلد العربية‪ /‬عمر السباخي – مجلة‬
‫العربي‪.‬‬
‫‪ -32‬التبشير والسياسة التعليمية في مناطق جبال النوبة‪ /‬كمال عثمان صالح‬
‫– مجلة دراسات إفريقية – العدد الول رجب سنة ‪.1405‬‬
‫‪ -33‬التبشير والستعمار (ص ‪/)90-65‬عمر فروخ المتوفى سنة ‪.1408‬‬
‫ومصطفى الخالدي المتوفى سنة ‪.1397‬‬
‫‪ -34‬الثار التغريبية لمدارس اللغات ‪-‬المدارس الجنبية – للستاذ طلبة‬
‫الدمنهوري (ضمن دراسات وآراء في التربية السلمية) الكتاب‬
‫الول‪ .‬محرم سنة ‪.1411‬‬
‫‪ -35‬التعليم في بلد الشام في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين‪/‬‬
‫عبدالكريم الباني – مجلة التراث العربي – دمشق عدد ‪ 45‬ربيع‬
‫الثاني سنة ‪.1412‬‬
‫‪ -36‬المخططات الستعمارية لمكافحة السلم‪ /‬محمد محمود الصواف‬
‫المتوفى سنة ‪( .1413‬ص ‪.)224-212‬‬
‫‪ -37‬أسلمة التعليم في ديار المسلمين‪ .‬عمر بن سليمان الشقر‪ .‬طبع دار‬
‫النفائس عام ‪.1414‬‬
‫‪ -38‬التبشير الصليبي‪ /‬الوسائل والهداف‪ .‬من رسائل جمعية الصلح‬
‫بالمارات طبع عام ‪.1413‬‬
‫‪ -39‬المدارس التنصيرية‪ /‬نديم هزاز – مركز البلقان للدراسات والبحاث‬
‫العلمية – استانبول سنة ‪.1415‬‬
‫‪ -40‬انحراف الشباب عن الدين والتحاقهم بالمرتدين‪ /‬للشيخ عبدال بن زيد‬
‫آل محمود المتوفى سنة ‪( 1417‬مجموعة الرسائل ج ‪ 2‬ص ‪.)217‬‬
‫‪ -41‬أباطيل وأسمار‪ /‬محمود محمد شاكر المتوفى سنة ‪.1418‬‬
‫‪ -42‬تعليم الغالب للمغلوب (قصة ‪ 150‬عاماً من التعليم الجنبي في مصر)‬
‫مجلة السرة عدد ‪ 59‬سنة ‪.1419‬‬
‫‪ -43‬غزو في الصميم‪ /‬عبدالرحمن بن حسن حبنكة الميداني‪.‬‬
‫‪ -44‬الموالة والمعاداة في الشريعة السلمية‪ /‬محماس بن عبدال بن محمد‬
‫الجلعود‪ .‬ج ‪ 2‬ص‪.681-669/‬‬
‫‪ -45‬أساليب الغزو الفكري‪ /‬علي محمد جريشة ومحمد شريف الزيبق ص‪/‬‬
‫‪.70-62‬‬
‫‪ -46‬واقعنا المعاصر‪ /‬محمد قطب‪ .‬ص‪.234-217 /‬‬
‫‪ -47‬بلد شنقيط‪ :‬المنارة والرباط‪ .‬ص‪ 366-355/‬طبع سنة ‪1987‬م‪.‬‬
‫‪ -48‬إفريقيا المسلمة ‪ 100‬الهوية الضائعة ص‪ 131-100 /‬كلهما تأليف ‪/‬‬
‫الخليل النحوي‪.‬‬
‫‪ -49‬أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية‪/‬‬
‫خادم حسين إلهي بخش‪ .‬ص‪.167-109 /‬‬
‫‪ -50‬أفيقوا أيها المسلمون قبل أن تدفعوا الجزية‪.‬‬
‫‪ -51‬الزحف إلى مكة‪.‬‬
‫كلهما للستاذ عبدالودود شلبي‪.‬‬
‫‪ -52‬التربية السلمية الحرة‪ /‬للشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي‪.‬‬
‫‪ -53‬الصراع بين الفكرة السلمية والفكرة الغربية‪ .‬لبي الحسن الندوي‪.‬‬
‫ص ‪.187-173‬‬
‫‪ -54‬أين محاضن الجيل المسلم‪ /‬للستاذ يوسف العظم‪.‬‬
‫‪ -55‬احذروا الساليب الحديثة في مواجهة السلم ص‪ 80-71/‬لسعد الدين‬
‫السيد صالح‪.‬‬
‫‪ -56‬التغريب في التعليم في العالم السلمي (وخاصة ص ‪ 76‬فما بعدها)‬
‫محمد عبدالعليم مرسي – منشورات جامعة المام محمد بن سعود‬
‫السلمية بالرياض سنة ‪.1409‬‬
‫‪ -57‬الخنجر المسموم الذي طعن به المسلمون‪ /‬أنور الجندي‪.‬‬
‫‪ -58‬التطوير بين الحقيقة والتضليل‪ /‬جمال عبدالهادي وعلي أحمد لبن‪.‬‬
‫‪ -59‬المؤسسات التعليمية الجنبية في اسطنبول‪ .‬تأليف سهيل صبان رسالة‬
‫ماجستير من جامعة المام بالرياض عام ‪ .1412-1409‬ونشر‬
‫ملخصها في مجلة عالم الكتب في المجلد الحادي عشر‪ :‬العدد الول‪.‬‬
‫‪ -60‬المسلمون وظاهرة الهزيمة النفسية‪ /‬عبدال بن حمد الشبانة‪ .‬ص‪-63/‬‬
‫‪ .181-161 ،73‬طبع عام ‪ 1409‬بالرياض‪.‬‬
‫‪ -61‬ملمح عن النشاط التنصيري في الوطن العربي‪ /‬إبراهيم عكاشة علي‪.‬‬
‫نشر جامعة المام بالرياض عام ‪ .1407‬ص‪128-127 ،32-28/‬‬
‫بالحواشي‪.‬‬
‫‪ -62‬فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء بالمملكة العربية السعودية‬
‫برقم (‪ )4172‬وتاريخ ‪.4/12/1401‬‬
‫‪ -63‬فتوى اللجنشة الدائمشة للبحوث العلميشة والفتاء بالمملكشة العربيشة‬
‫السشعودية برئاسشة سشماحة الشيشخ عبدالعزيشز بشن عبدال بشن باز‬
‫بتحريششم تأجيششر الماكششن للمدارس الجنبيششة‪ .‬ورقششم هذه الفتوى (‬
‫‪ )20262‬في ‪.3/3/1419‬‬
‫‪ -64‬بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء بالمملكة العربية السعودية‬
‫في ‪ 3/2/1420‬بتحريم فتح المدارس الجنبية في بلد المسلمين‪.‬‬
‫برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدال آل الشيخ أعانه ال وسدده‪.‬‬
‫وكان قد نظر فيه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز قبيل وفاته وأقره‬
‫وزاد فيه قبل وفاته بيومين اثنين‪ ،‬وكانت زيادته في النص على‬
‫خصوصية جزيرة العرب والحاديث في ذلك‪ ،‬وعاجلته المنية قبل أن‬
‫يوقعه فرحمه ال رحمة واسعة ورفع درجته في عليين فقد كان يحمل‬
‫هم إصلح المة وردها إلى الجادة إلى آخر يوم من حياته‪.‬‬
‫هذا ما تم الوقوف عليه فضلً عن المصادر الساس في ذلك‪ ،‬وهي‬
‫الكتب التي تتحدث عن التبشير والستعمار‪ ،‬والغزو الفكري‪ ،‬والتعليم‬
‫وتاريخه‪ ،‬والتربية‪ ،‬والتبعية‪ ،‬والثقافة‪ ،‬والرساليات –البعثات‪ -‬النصرانية‪،‬‬
‫وفي المقالت المتتابعة في الدوريات‪.‬‬
‫الخط الدفاعي الثاني‪ :‬إغناء الناس عن هذه المدارس الستعمارية‬
‫بفتح المدارس السلمية الحكومية والخاصة؛ لن المدارس الجنبية داءٌ‬
‫يجب أن يستأصل بالدواء‪ ،‬وهذا من الدوية التي تخفف استقطابها لولد‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫الخط الدفاعي الثالث‪ :‬نشر النصيحة بالكلمة من الموعظة الحسنة‬
‫والخطب التحذيرية والدروس العلمية العامة تحذيراً من هذه المدارس‬
‫الستعمارية وأن على أولياء الولد أن يتقوا ال في أنفسهم وفي أولدهم‬
‫فل يدفعوا بهم إلى هذه المدارس التي تصدهم عن دينهم‪ ،‬وتُمرض أخلقهم‪،‬‬
‫وتوهن عقيدتهم‪ ،‬وأن كل تهذيب بل إسلم فل خير فيه وكل تأديب من غير‬
‫تقوى ال ل أثر له‪.‬‬
‫الخط الدفاعي الرابع‪ :‬تكونت لجنة أزهرية لمكافحة التنصير في‬
‫مصر‪ ،‬وصار لها فروع متعددة في أنحاء مصر عام ‪ 1350‬فما بعد‪،‬‬
‫تصدّت للتنصير‪ ،‬وصد عادياته عن المسلمين‪.‬‬
‫ولقاء هذه الخطوط الدفاعية تعرّض المصلحون لبعض المحن‬
‫الدنيوية منها أنه في عام ‪ُ 1350‬فصِل بضعة وسبعون عالماً من وظائفهم‬
‫في الزهر(‪ .)1‬فإنا ل وإنا إليه راجعون والحمدل على كل حال‪.‬‬

‫() ملمح عن النشاط التنصيري في الوطن العربي‪ .‬لبراهيم عكاشة‪ .‬ص‪ 128-127/‬طبع‬ ‫‪1‬‬

‫جامعة المام عام ‪.1407‬‬


‫البيان الثاني‬
‫أســماؤهــا‬

‫للسشم شأن عظيشم؛ لتنوع دللتشه‪ ،‬فالسشم دليشل على المسشمى يُعرف بشه‬
‫ويدلك على حقيقتشه‪ ،‬فترغشب إليشه أو تحذره‪ ،‬وتواليشه أو تعاديشه‪ ،‬إذ السشماء‬
‫قوالب للمعانشي‪ ،‬وفشي حال يحصشل اللبشس والتلبيشس لقاء التضليشل بالسشماء‬
‫على خلف مششا تحويششه مششن الحقائق‪ ،‬فتكون العششبرة بالمقاصششد والمعانششي ل‬
‫باللفاظ والمبانشي؛ لهذا صشار ل بشد لنشا مشن اسشتقراء مشا أمكشن مشن أسشماء هذه‬
‫المدارس الوافدة؛ ليعرفها المسلمون بأسشمائها المطابقشة لحقيقتهشا‪ ،‬أو المُضّللُ‬
‫بها‪ ،‬فيحذروها‪.‬‬
‫وبالتتبع وجد أن أسماءها على أنواع ثلثة هي‪:‬‬
‫‪ -1‬أسماؤها العامة‪:‬‬
‫باعتبار ِوفَادتها من بلد الكفر إلى بلد السلم وهي‪" :‬المدارس‬
‫الجنبية" ويقال‪" :‬الفرنجية" و"الغربية" و"الحديثة" و"العالمية"‬
‫و"مدارس دنلوب" نسبة إلى القسيس دنلوب الذي تولى كبرها في مصر‪.‬‬
‫ويسميها بعض علماء المسلمين‪" :‬المدارس‪ )1(.................‬بالغايات‬
‫والمقاصد‪ ،‬فإن الكفرة لما ‪ )1(.................‬طالما أعملوها في رقاب‬
‫المسلمين سلّو سيوفهم على السلم في صدور المسلمين عن طريق‬
‫التعليم‪ ...‬ولهذا لقبها أنور الجندي بلقب‪" :‬الخنجر المسموم" وعنون به‬
‫كتابه‪" :‬الخنجر المسموم الذي طعن به المسلمون"‪ ،‬ولقبها الستاذ‪/‬‬
‫عبدالعزيز الثنيان بلفظ‪" :‬السيوف الخفية" في مقالته المنشورة في جريدة‬
‫الجزيرة‪ .‬وأرى أن اسمها بل مواربة‪" :‬المدارس الكفرية"‪.‬‬
‫‪ -2‬أسماؤها العامة‪:‬‬
‫باعتبار هدفها التبشيري بالنصرانية‪ ،‬وهي‪" :‬الرسالية" –البعثات‬
‫النصرانية‪" ،-‬النجيلية"‪" ،‬التنصيرية" "التبشيرية"‪" ،‬الشيوعية"‪،‬‬
‫"البروتستانتية"‪" ،‬الكاثلوكية"‪" ،‬الرمنية"‪ ،‬ويسميها بعض المستشرقين‪:‬‬
‫"دق السفين"‪ .‬يُقال‪ :‬دق بينهم أسفيناً أي فرّق بينهم‪ ،‬كما في‪" :‬المعجم‬
‫الوسيط"‪.)1/18( :‬‬
‫وتُسمّى مدارس المبتدئين باسم‪" :‬مدارس التلقين" وهي التي تسبق‬
‫التعميد‪ ،‬وباسم‪" :‬مدارس الحراش"‪.‬‬
‫‪ -3‬أسماؤها الخاصة لكل مدرسة‪:‬‬
‫‪)(1‬‬
‫اعتذار‪ :‬مكان النقاط غير واضح في الصل (الناسخ)‪.‬‬
‫باعتبار تبعيتها التبشيرية ومنها ما ذكره يوسف العظم في رسالته‪:‬‬
‫"أين محاضن الجيل المسلم" إذ قال‪:‬‬
‫"ولو اتسع المجال هنا لسردت لكم أسماء تلك المدارس جميعاً‬
‫وأسماء المؤسسات أو الطوائف أو الفراد الذين يكمنون خلفها‪ ،‬ولكن لن‬
‫أحرمكم من تلمس الداء والحساس بالخطر فأنقل لكم موجزاً عن ذلك في‬
‫عرض سريع‪:‬‬
‫أما المدارس فمنها‪ :‬المدرسة اليسوعية‪ .‬مدرسة المطران المارونية‪.‬‬
‫الفرير‪ .‬المعمدانية‪ .‬التراسنطا‪ .‬راهبات ماريوسف‪ .‬الراعي الصالح‪.‬‬
‫المطران‪ .‬المانويت‪ .‬راهبات الفرنسيسكان‪ .‬الكلية الهلية‪ .‬ميتم الرض‬
‫المقدسة‪ .‬هانوميان بوزباستيان البيلر‪ .‬المدرسة الميريكة‪ .‬والرمن‬
‫الرثوذكس‪ .‬طاركنشاتس‪ .‬الشبان المسيحية‪ .‬الفنستت‪ .‬المخلص‪.‬‬
‫السالزيان‪ .‬الصناعية ‪ .‬السبئيين‪ .‬راهبات سيدة الرسل‪ .‬الكلية البطريركية‪.‬‬
‫اللتينية‪ .‬الناصري‪ .‬النجيلي‪ .‬التقارب‪ .‬المسيحي‪ .‬راهبات الوردية‪ .‬الثقافة‬
‫الرثوذكية‪ .‬السريان‪ .‬راهبات صهيون‪ .‬القبطية‪ .‬دار الطفل‪ .‬الشهيدة دميانة‪.‬‬
‫سيدة البشارة‪ .‬السلم‪ .‬المحبة‪ .‬القدسية مريم‪ .‬القديس نقول‪ .‬العائلة المقدسة‪.‬‬
‫المدرسة الليسية‪ .‬الراهبات الفرنسيسكان‪.‬‬
‫هذا قليل من كثير‪ ..‬ولكن ملحوظتين ل بد من إبدائهما هنا‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أن معظم هذه المدارس ذات فروع متعددة للرياض والبنين‬
‫والبنات‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬أن كل هذه المدارس ل تستأجر بيوتاً‪ ،‬وإنما تمتلك البيوت‬
‫والحدائق والعمارات في ظل الكنيسة وأفياء الدير‪.‬‬
‫وأما المؤسسات والطوائف التي تكمن خلف هذه المدارس التبشيرية‬
‫فمنها‪:‬‬
‫البطريركية اللتينية‪ .‬جمعية القدس والمشرق‪ .‬المجمع الكنسي‪.‬‬
‫بطريركية الرمن‪ .‬إرسالية المعمدانية‪ .‬جمعية المانونيت‪ .‬السقفية‬
‫النجليكانية لكنيسة المعمدانية‪ .‬راهبات الفرنسيسكان‪ .‬أخوة المدارس‪.‬‬
‫المسيحية‪ .‬الباء الفرنسيسكان‪ .‬الرهبنة السالية‪ .‬الكنيسة اللوثرية‪ .‬التحاد‬
‫اللوثوري العالمي‪ .‬مؤسسة المريكان‪ .‬جمعية اتحاد القدس‪ .‬جمعية السريان‬
‫الخيرية‪ .‬إرسالية الفدنستت‪ .‬بطريركية الروم الكاثوليك‪ .‬وبطريركية الروم‬
‫الرثوذكس‪ .‬بطريركية الرمن الكاثوليك‪ .‬مطران السريان الرثوذكس‪.‬‬
‫جمعية التقارب المسيحي‪ .‬واضح من سياق ذكر المدارس التي سمعتم‬
‫أسماءها لم آت عليها جميعاً كما لم أعرض أسماء كل الجمعيات‬
‫والمؤسسات التي تمولها لن ذلك يطول بنا ولكنه عَرْض لهمها وأبرزها‬
‫وأشهرها‪ ..‬وهناك الكثير المنتشر الذي تعرفه كل مدينة‪ ،‬وقرية‪ ،‬وحي‬
‫أردني وجد فيه النصارى أم لم يوجدوا لن هذه المدارس ل تقام لبنائهم‬
‫ضلّ‪ ،‬ولذلك فحظنا منها حظ وافر‬ ‫وإنما لبنائنا ول تؤسس لِتُعلّم إنم لِ ُت ِ‬
‫وحصتنا من وجودها حصة السد والحمدل الذي ل يحمد على مكروه‬
‫سواه‪ "..‬انتهى‪.‬‬
‫ومنها أيضاً‪ :‬الكلية الفرنسية‪ .‬كلية الجيزويت‪ .‬كلية الفرير‪ .‬كلية‬
‫فكتوريا النجليزية‪ .‬كلية سان مارك الفرنسية‪ .‬كلية سانت كاترين‪ ،‬بجانب‬
‫كنيسة سانت كاترين بالقاهرة‪ .‬مدارس أم الله؟ مدارس بنات الحسان‪.‬‬
‫مدارس العازاريين‪.‬‬
‫ورأيت في البحرين‪" :‬مدرسة القلب المقدس"‪.‬‬
‫وأما في قلب جزيرة العرب‪ ،‬ففتحت على نحو بعض هذه السماء‬
‫ولما حصلت جفوة واستنكار غُيّرت السم للتعمية فمثلً ‪" :‬مدارس الفق‬
‫المريكية" غيرت خلل شهر باسم "مدارس الفق العالمية"‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫"مدرسة نافذة المستقبل العالمية"‪ ،‬و"الكاديمية الفلبينية العالمية" وهكذا‬
‫بلغت ما يزيد عن مائة وخمسين مدرسة في ظرف عام‪ ،‬فل حول ول قوة‬
‫إل بال العظيم‪.‬‬
‫البيان الثالث‬
‫تـبـعـيـتـهـا‬

‫إن افتتاح هذه المدارس‪ ،‬يكون تحششت إحدى مظلتيششن‪ ،‬وقششد تجمعهمششا‬
‫وهما نوعان‪:‬‬
‫‪ -1‬مدارس تابعة للرساليات –البعثات‪ -‬التنصيرية‪ ،‬الكاثوليكية‬
‫والبروتستانتية‪" :‬جمعيات التبشير" اليطالية‪ ،‬والفرنسية‪ ،‬والبريطانية‪،‬‬
‫واللمانية‪ ،‬والمريكية‪ ،‬واليونانية‪ ..‬وكل إرسالية تحمل لقباً منها‪" :‬إرسالية‬
‫الفرير" و"إرسالية الجزويت" وهكذا حسب النتماء الدعوي لمم الكفر‪.‬‬
‫‪ -2‬مدارس تابعة للسفارات الجنبية؛ ولهذا تجدها مدارس‪" :‬فرنسية"‬
‫و"ألمانية" و"أمريكية" أو غيرها‪ ،‬وقد تسمى باسم‪" :‬المدارس القومية"‬
‫وهي مشتهرة باسم‪" :‬مدارس الجاليات"‪.‬‬
‫وكل مدرسة من النوعين المذكورين تخدم ما تنتمي إليه من دين‬
‫ونحلة وسلوك ومنهج‪ ،‬لكن النوع الول المقصود به استعمار مواليد‬
‫المسلمين والتأثير عليهم‪ ،‬وأما النوع الثاني فقد يكون مقصوراً على أولد‬
‫الجالية فقط‪ ،‬ففيه مبدأ وجودها على الرض السلمية‪ ،‬وقد يُسْمَح بإدخال‬
‫أولد المسلمين فيها‪ ،‬فتشارك النوع الول في آثارها الستعمارية‪.‬‬
‫وقد تسمح بإدخال أولد الكفار الذين ليسوا على ملتها فتكون مراكز‬
‫للتنصير إن كانت نصرانية‪ .‬أو مراكز للتهويد إن كانت يهودية‪ ،‬أو لللحاد‬
‫إن كانت ل دينية وجميعها مدارس إلحاد‪.‬‬
‫فهي على كل الحالين‪" :‬بيوت مظلمة" و"مدارس كفرية" ول يقول‬
‫مسلم بجواز فتح بيت يكفر فيه بال تعالى مثل‪" :‬الكنائس" في بلد إسلمي‬
‫ول يختلف أهل السلم في تحريم فتح مكان يكفر فيه بال تعالى كالمدرسة‬
‫والكنيسة في بلد إسلم‪ ،‬فكيف في حَرَمِه‪.‬‬
‫البيان الرابع‬
‫تــاريخـهــا‬

‫مضششى ثلثششة عشششر قرناً وأقطار العالم السششلمي ل تعرف شيئًا مششن‬
‫مدارس التعليششششم الجنبيششششة‪ ،‬ول يجرؤ أرباب الديانات والنّحَشششل مششششن يهود‬
‫ونصششارى ومجوس وهندوس وغيرهششم على افتتاح مراكششز للتعليششم فششي ديار‬
‫المسششلمين‪ ،‬لكششن على مشارف انحلل الدولة العثمانيششة أواخششر القرن الثالث‬
‫عششر وبدايشة القرن الرابشع عششر وانتعاش الروح السشتعمارية التبشيريشة فشي‬
‫العالم ونشوب الستعمار في عامة أقطار العالم السلمي كان المبشّر الول‬
‫هششو (المدرسششة)؟! وهششي شششر قوى الغزو الفكري والثقافششي المسششلطة على‬
‫النفسية العامة في هذه البلدان السلمية‪.‬‬
‫إنها المدارس الجنبية والكليات والجامعات بل فرق بين التبشيرية‬
‫منها وغير التبشيرية‪ ،‬وإن كان السواد العظم منها هو التبشير على كل‬
‫حال‪.‬‬
‫وإنما كانت‪" :‬المدرسة" و"التعليم" أولى خطط التبشير لسببين‬
‫مهمين‪:‬‬
‫الول‪ :‬ان حاجة الناس إلى العلم ل تنقطع فالقبال عليه غريزة دافعة‬
‫إلى طلبه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن التعليم يتضمن تنشئة الجيال وهذه المدارس تصبغهم‬
‫بصبغتها وتوجههم بوجهتها‪.‬‬
‫ف الكفار عن غزو المسلمين بالسيف والنار‪ ،‬إل وقد كثّفوا‬ ‫وما إن ك ّ‬
‫غزوهم للمسلمين بطريق التعليم‪.‬‬
‫وكانت أول شرارة قدحت في افتتاح المدارس الجنبية في بلد‬
‫المسلمين‪:‬‬
‫في بيروت‪ :‬بإنشاء مدرسة للبنات في المبراطورية العثمانية سنة‬
‫‪1830‬م؛ لن البنات سيكن أمهات فإذا تربين في هذه المدارس النصرانية‬
‫أثّرن على أولدهن!! وكانت تُعنى ببنات السر والبيوت الكبيرة اللتي‬
‫ستكون لهنّ السيطرة على الجيل المقبل‪ ،‬ولهذا قال بعض دعاتهم‪ :‬إن‬
‫مدرسة البنات في بيروت هي بؤبؤ عيني!!‬
‫ولبنان هو الذي تركزت فيه جهود المريكيين والفرنسيين‪.‬‬
‫وفي مصر عام ‪1840‬م من خلل البعثات التنصيرية قام الباء‬
‫بتأسيس الكلية الفرنسية بالسكندرية والجمعية النجيلية البروتستانتية‪ ،‬ثم‬
‫تبعتها مدارس الباء اليسوعيين عام ‪1880‬م مقدمة لحتلل مصر عام‬
‫‪1882‬م وبلغ عدد مجموع الطلب من المسلمين ‪ 7117‬طالباً مسلماً حتى‬
‫عام ‪1891‬م وكان انتشار المدارس الجنبية فيها مكثفاً حتى أنها الن تبلغ‬
‫عشرات اللف من المدارس ويبلغ نسبة الدارسين فيها من المسلمين ‪%52‬‬
‫من الطلب بمصر‪ .‬ويشير مؤرخو المدارس الجنبية أن الجالية اليونانية‬
‫كلما حلوا في بلد أنشأوا فيه كنيسة ومدرسة كما فعلوا في السكندرية عام‬
‫‪1843‬م ثم في المنصورة‪ ،‬وطنطا‪ ،‬وبور سعيد‪ ،‬والسويس‪ ،‬والقاهرة‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫وهكذا الجالية اليطالية منذ عام ‪1862‬م والجالية اللمانية عام‬
‫‪1866‬م واليهود منذ عام ‪1872‬م والمارونيين السوريين‪ ،‬وكانت أولى‬
‫الجاليات الجالية الرمنية عام ‪1828‬م في بولق‪.‬‬
‫ونشرت مجلة‪" :‬المجتمع" عددها‪ 350/‬في ‪ 29/5/1397‬موافقة‬
‫السادات لكارتر على إنشاء جامعة في مصر للتبشير بالدين المسيحي في‬
‫الوطن العربي بشرط قيام الحكومة المريكية بتمويلها‪.‬‬
‫وفي سوريا في نحو هذا التاريخ جهود موسعة لفتح المدارس‬
‫الرسالية حتى كان نصيب سوريا وحدها من المدارس المريكية عام‬
‫‪1909‬م‪ )174( :‬مدرسة في المدن والقرى‪.‬‬
‫ثم تطورت بهم الحال إلى إنشاء الكليات للتعليم العالي وكان أولها‬
‫في بيروت سنة ‪1862‬م التي تحولت فيما بعد باسم‪( :‬الكلية السورية‬
‫النجيلية) ثم هي اليوم‪( :‬الجامعة المريكية في بيروت)‪.‬‬
‫ثم فتحوا في استنابول‪( :‬كلية روبرت)‪.‬‬
‫ومن خبرها أن أول مُ َنصّر أمريكي وصل إلى استانبول عام‬
‫‪1831‬م‪ ،‬فولد له مولود فيها وسماه‪" :‬قسطنطين واشنطن" للربط بين تركيا‬
‫وأمريكا؛ لنجاحه في مهمته التنصيرية‪.‬‬
‫وفي عام ‪1863‬م طرح المنصّر هاملين على صديقه روشلد اليهودي‬
‫إنشاء مدرسة ثانوية بجوار "قلعة الروملي" قائلً‪" :‬لقد أنشأ التراك حصناً‬
‫لتفح اسطانبول وأنا سأُنشئ هنا مدرسة لهدمهم"‪.‬‬
‫وكان من عملء هؤلء المنصرين في تركيا الجنرال‪ :‬أحمد وفيق‬
‫باشا الذي أمّن أرضاً للمدرسة؛ ولذا لما سُ ِئلَ السلطان عبدالحميد الثاني عن‬
‫المكان الذي سيدفن فيه الجنرال‪ ،‬قال‪" :‬في قلعة الروملي"؛ ليستمع الرجل‬
‫الذي باع للبروستانت أرضاً ليؤسسوا عليها صوت أجراسهم‪ ،‬أصوات هذه‬
‫الجراس إلى يوم القيامة(‪ ")1‬انتهى‪.‬‬
‫ثم في القاهرة‪( :‬الكلية المريكية)‪.‬‬
‫ثم أنشأ الفرنسيون كلية في مدينة‪( :‬لهور) من مدن الهند‪.‬‬
‫وفي السودان‪ :‬أسس النجليز كلية في الخرطوم عام ‪1903‬م بإسم‪:‬‬
‫(كلية غوردن) باسم ضابط إنجليزي‪.‬‬
‫وفي السودان من أنواع المدارس والبعثات التنصيرية الشيء الكثير‪،‬‬
‫بل إن عدد الكنائس في الخرطوم يفوق عدد المساجد!!‬
‫وأما في جبال النوبة فقد استولت على التعليم فيها الرساليات‬
‫البريطانية منذ عام ‪1919‬م وحاصرت توسع السلم واللغة العربية وأقفلت‬
‫ما يفتح من المدارس السلمية عام ‪1931‬م‪.‬‬
‫وفي العراق‪ :‬في أوائل القرن العشرين الميلدي كانت أول مدرسة‬
‫تبشيرية في البصرة‪( :‬مدرسة للبنات) ومكتبة في العشائر‪ ،‬ثم انتشرت‬
‫مدارسهم في أنحاء العراق‪.‬‬
‫وفي موريتانيا‪ :‬جاء في كتاب‪" :‬بلد شنقيط" للخليل النحوي‪ .‬ص‪/‬‬
‫‪ 360-357‬ما مختصره عن المدارس الفرنسية‪" :‬وتلك الحقيقة أدركها‬
‫السكان الذين جعلوا المدرسة –الفرنسية‪ -‬نازلة فقهية‪ ،‬فطرحوا على بساط‬
‫الجدل الفقهي مسألة حكم إرسال البناء الصغار إلى مدارس الكفار‪.‬‬
‫وكان المستفتين شعراً محمد بن محمد المصطفى البارتيلي‪ ،‬من أهل‬
‫بوتيلميت الذي قال‪:‬‬
‫عن حكم أمر في البلد نازل‬ ‫ِملْح البلد ما جواب سائل‬
‫طوعشاً إلى مدارس النصارى‬ ‫إسشلمُنا أولدنا الصغارا‬
‫اعتبر بعض العلماء الستفتاء من باب السؤال عن المعلوم و"السؤال‬
‫عن المعلوم مذموم" وواجه بعضهم بالصمت خوفاً أو تقية‪ ،‬وأجاب بعضهم‬
‫تلميحاً فوق التصريح‪.‬‬
‫وكان الشيخ أحمد بن الشيخ عبدالرحمن بن فتى الشقروي من فرسان‬
‫هذا الميدان‪ ،‬فقد قاوم المدرسة الفرنسية‪ ،‬وظل يرفضها حتى بعد استقلل‬
‫البلد‪ .‬وله في ذلك شعر كثير‪.‬‬

‫‪)(1‬‬
‫المدارس التنصيرية‪ .‬ص‪ 20،19-17/‬إصدار مركز البلقان‪.‬‬
‫وإلى تحريم المدرسة الفرنسية ذهب المختار بن بلول المتوفى سنة‬
‫‪1398/1978‬م في فتوى منشورة‪ ،‬صرح فيها بمنع إرسال الطفال إلى‬
‫المدرسة الفرنسية‪ ،‬مذكراً بأن كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه‬
‫يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما جاء في الحديث‪ ،‬وعلى أبوي الطفل‬
‫ومعلميه حراسة عقيدته ورعايتها‪ ،‬فقد نُهي الرجال البالغون عن مجالسة‬
‫أهل البدع‪ ،‬فكيف بالصبيان‪ ..‬ونقل المختار كلماً في المعنى عن ابن الحاج‬
‫في كتابه "المدخل" وعن النبهاني في كتابه‪" :‬إرشاد الحيارى في تحذير‬
‫المسلمين من مدارس النصارى"‪.‬‬
‫وهكذا وقعت المدرسة الفرنسية على الشناقطة وقع الصاعقة وكانت‬
‫تفتح في الحياء والقرى بقرار مركزي ل يُستأمر السكان فيه‪ ،‬ول يُعذرون‬
‫في عدم تنفيذه‪ .‬فنفرت من العلماء طائفة تطلب النجدة من المدرسة –‬
‫الكارثة‪.‬‬
‫من ذلك أن الدارة الستعمارية قررت في الخمسينات فتح مدرسة‬
‫في حي "أولد أعمر أكداش" الحسنيين‪ ،‬فهب الشيخ محمد حام ابن آل‬
‫المتوفى سنة ‪1379/1959‬م لجهاض القرار‪ ،‬فاستنجد بزعيم قبيلته محمد‬
‫بن إبراهيم بن الشيخ الحسن وبالشيخ عبدال بن الشيخ سيديا‪ ،‬وكانا‬
‫مسموعي الكلمة عند الفرنسيين‪.‬‬
‫وقد آتت جهود الشيخ محمد حامد أكلها‪ ،‬فتقرر إلغاء المدرسة وتلقى‬
‫الحي التهاني بهذا النصر العظيم‪ ،‬فحمد ال عليه بلسان الشيخ أحمد بن أحمد‬
‫دام‪:‬‬
‫من الكروب وسقوط المدرسة‬ ‫الحمد ل على ما نفّسه‬
‫إلى آخره‪ "...‬انتهى‪.‬‬
‫وهكذا بذروا مدارسهم لتعليم أولد الجاليات الجنبية ثم آلت إلى‬
‫محاضن لولد المسلمين في عامة أقطار العالم السلمي ولم يبق إل قلب‬
‫الجزيرة العربية وفي عام ‪ 1419‬افتتحت المدارس الجنبية في قلب‬
‫الجزيرة العربية فكانت أول دفعة منها تربو على (‪ )100‬مدرسة في أنحاء‬
‫مختلفة‪ ..‬وقد أفرزت بعض هذه المدارس نشرة تبشيرية في شهورها الولى‬
‫من الفتتاح‪ ،‬كما جرى اللباس للطالبات في احتفال التخرج بلباس‬
‫الراهبات!!‪:‬‬
‫إن كان في القلب إسلمٌ وإيمان‬ ‫لمثل هذا يموت القلب من كمدٍ‬
‫البيان الخامس‬
‫الولويات في فتح المدارس الستعمارية‬

‫إن ج ّر الشعوب كلها مسلمة كانت أم غير مسلمة إلى النحراف بين‬
‫اللحاد والباحية‪ ،‬وخاصة جرّها إلى "الكنيسة" هي الغاية القصوى من‬
‫ل للثر‪ ،‬واستغللً‬ ‫هذه المدارس‪ ،‬لكن لهم أولويات في فتحها استعجا ً‬
‫للغرض منها‪:‬‬
‫‪ -1‬الولوية للبلد التي يكثر فيها الفقر والجهل؛ لن كلً من عاملي‬
‫الجهل والفقر‪ ،‬ينتج الفرصة أكثر لنشر النحراف‪ ،‬وبخاصة إلى التنصير‪.‬‬
‫ولذا كثّفوا نشاطهم في مجاهل أفريقيا‪ ،‬وأدرك أعداء ال عباد‬
‫الصليب مأربهم‪ ،‬ويُجسد هذا التأثير بعض الفارقة‪ ،‬فيقول‪" :‬عندما جاء‬
‫النصارى إلى بلدنا كان لديهم النجيل ولدينا الرض واليوم لدينا نحن‬
‫النجيل ولديهم الرض"(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬الولوية للبلد التي يكثر فيها الصراع الفكري‪ ،‬والتعداد الملي‪،‬‬
‫مثل‪ :‬لبنان‪ ،‬ومصر‪ ،‬وسوريا‪ ،‬وفلسطين‪ ،‬والردن‪ ،‬والهند‪ ،‬والباكستان‪...‬‬
‫‪ -3‬الولوية للوليات ذات الرقع الصغيرة؛ لضعف نفوذها‬
‫ومعنوياتها‪.‬‬
‫‪ -4‬الولوية في مجال مراحل التعليم‪ ،‬فتح محاضن الطفال؛ لن سن‬
‫الطفولة وما قاربها هو البيئة الخصبة؛ لتلقيح التنصير‪ ،‬وسهولة التحويل‪،‬‬
‫وسرعة التأثير‪ ،‬قبل أن تأخذ طبائعهم أشكالها السلمية عقيدة وشريعة‪.‬‬
‫ن أمهات‪،‬‬ ‫‪ -5‬الولوية في مجال الجنسين للبنات؛ لن البنات سيك ّ‬
‫وهن أسرع وأقوى تأثيراً على مواليدهن من الباء‪ ،‬فتؤدّي الم الغرض‬
‫الستعماري في قلوب أولدهن بل مؤونة يقول أحد المبشرين‪" :‬جسب"‪:‬‬
‫"إن مدارس البنات في بلد السلم هي بؤبؤ عيني‪ ،‬لقد شعرت دائماً أن‬
‫مستقبل المر في سوريا إنما هو بمنهج تعليم بناتها ونسائها"‪.‬‬
‫وقبل هذا وبعده المقايضة لقاء الستعمار المعنوي‪ ،‬مثل‪ :‬سابقة يد‬
‫الفضال‪ ،‬وعمليات النقاذ من الزمات السياسية‪ ،‬والصحية‪ ،‬والقتصادية‪،‬‬
‫وغيرها‪ ،‬من خلل هذا الستعمار المعنوي يُقحمون أولى وسائلهم‬
‫للستعمار الفكري‪" :‬المدارس" باسم المداد بالتعليم الحضاري‪.‬‬

‫‪)(1‬‬
‫المدارس التنصيرية‪ .‬ص‪ 4/‬إصدار مركز البلقان‪.‬‬
‫البيان السادس‬
‫برامج المدارس الستعمارية وإدارتها وأساتذتها‬

‫لما كان هناك أهداف من وراء فتح المدارس الستعمارية في بلد‬


‫المسلمين‪ ،‬فليس غريباً أن تُتّخذ التدابير اللزمة‪ ،‬والضمانات الكافية‪،‬‬
‫لتحقيق تلكم الهداف والغايات؛ ولهذا وجهوا العناية إلى التي‪:‬‬
‫‪ -1‬برامج التعليم فيها ومناهجها هي المتبعة في بلدها‪ ،‬وعلى اتصال‬
‫دائم بخطط التعليم القومي الديني في بلدها‪.‬‬
‫‪ -2‬البتعاد في مناهج هذه المدارس الستعمارية عن المناهج‬
‫الرسمية للبلد المسلم التي تُفتح فيها؛ لن التقيد بها يفقدها عنصراً أساساً في‬
‫صفتها التبشيرية؛ ولهذا تشتد مطالبتها بجعل التعليم حراً‪.‬‬
‫‪ -3‬اختيار المدرسين الذين على مللهم ونحلهم علماً وتطبيقاً من‬
‫القسس والرهبان وغيرهم من الكفرة والملحدة‪.‬‬
‫‪ -4‬رصد أضخم ميزانية في العالم لمواجهة السلم من طرق شتى‪،‬‬
‫أهمها ما يصرف على المدارس والجامعات ورياض الطفال‪.‬‬
‫البيان السابع‬
‫أهدافها وآثارها المدمرة للمسلمين‬

‫الحديث عن هذا البيان في أمور‪:‬‬


‫المر الول‪ :‬منزلة التعليم لي أمة‪:‬‬
‫التعليم مثل أي كائن حي مستقل بذاته‪ ،‬له جُرمٌ وجَوهرٌ‪ ،‬وله شَبحٌ‬
‫ورُوح‪.‬‬
‫وما روح التعليم وجوهره إل ظل لعقائد واضعيه وأخلقهم‪ ،‬فلبد أن‬
‫ينتج الهداف والغايات التي تعكس آثار هذا التعليم بكليته على العقائد‪،‬‬
‫والخلق‪ ،‬والثقافة‪ ،‬والسياسة‪ ،‬والجتماع‪.‬‬
‫فإذا تَبنّت أمة نظام التعليم في عقيدتها وأخلقها‪ ،‬أنتج أهدافه منعكسة‬
‫على شدّ المة إلى عقيدتها وأخلقها‪ ،‬وسياستها‪ ،‬وآدابها الجتماعية‪،‬‬
‫والثقافية‪ ،‬ووحدتها في ذلك‪ ،‬وتضييق مساحة الصراع والتبدد والنقسام‪.‬‬
‫أمّا إذا تبنت أمة نظام تعليم وافد في ظل عقيدة غير عقيدتها‪ ،‬وأخلق‬
‫غير أخلقها‪ ،‬فإنه ينتج أهدافه منعكسة عليها في العتقاد والخلق‬
‫والسياسة والجتماع؛ لما تنطوي عليه نقوس ناشئتها في أفكار وانحرافات‬
‫مغايرة لما عليه إيمانها وعقيدتها وسلوكها‪ ،‬مفضيًا ذلك إلى زعزعة العقيدة‪،‬‬
‫ثم الردة الفكرية‪ ،‬فالعقدية‪ ،‬وبه تؤول حياة المة إلى تبدد وانقسام‪ ،‬وتصدع‬
‫وصراع‪ ،‬وتعيش في ظله بين البناء والهدم‪ ،‬والتصديق والتكذيب‪،‬‬
‫والحترام والزدراء‪ ،‬والتشقق في تزايد وامتداد‪ ،‬والصراع في تصاعد‬
‫واتساع‪ ،‬ول تسأل حينئذٍ عن فشو الفوضى‪ ،‬واضطراب الحوال‪.‬‬
‫والحاصل أن نظام التعليم الوافد ينفذ إلى صخرة الوحدة والجتماع‪،‬‬
‫ويفككها إلى الفوضى والصراع‪ ،‬حتى تصل إلى حال يصعب التغلّب عليها‪،‬‬
‫فتكون بداية النهاية‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال العزيز الحكيم‪.‬‬
‫سلّمةٌ في تصورها‪ ،‬وأهدافها‪ ،‬وآثارها‪ ،‬فما هي آثار هذا‬ ‫هذه حقيقة ُم َ‬
‫النظام التعليمي الجنبي على المة السلمية؟! وما هي وسائل إغراء‬
‫الغزو به؟!‬
‫المر الثاني‪ :‬وسائل الغراء في التعليم الستعماري‪:‬‬
‫لفظاعة الهداف والغايات الفسادية‪ ،‬في المدارس الستعمارية‪،‬‬
‫وعظيم نكايتها بالمسلمين بين اللحاد والباحية‪ ،‬لبسوا لها المسوح من‬
‫اللين‪ ،‬وأفاضوا بغشاوة على أبصار المسلمين‪ ،‬وخادعوا بصائرهم‪ ،‬وأتقنوا‬
‫ن الخداع والمكر‪ ،‬إنها وداعة الفعى في صورة العلم والحضارة والتقدم‬ ‫فّ‬
‫والثقافة‪ ،‬ثم سياسة النفتاح والخلط والعولمة‪ .‬فهرع إليها جهّال المسلمين‪،‬‬
‫وفسقتهم ومُرّاقهم‪ .‬ولذا صارت الغراآت بها في مرحلتين‪:‬‬
‫المرحلة الولى‪ :‬وسائل إغراء هي بمثابة‪" :‬بطاقة الدخول" للمدارس‬
‫الجنبية –نظام التعليم الغربي‪ -‬في البلد السلمية‪.‬‬
‫فأنشئت باسم أنها‪:‬‬
‫‪ -1‬مدارس تثقيفية تهذيبية تهدف إلى التثقيف العام وتنوير الذهان‪.‬‬
‫‪ -2‬ولنشر العلوم الحضارية بين المسلمين‪.‬‬
‫‪ -3‬وإقناع الناس بأنها نماذج متقدمة للثقافة والعلوم وتعليم اللغات‪.‬‬
‫‪ -4‬وإيهام الناس بأنها رفيعة المستوى فيلهثون وراءها مصابين بداء‬
‫الغرور والستعلء‪.‬‬
‫‪ -5‬وباسم مكافحة ما يعانيه المسلمون من الجهل والتخلف‪.‬‬
‫‪ -6‬وباسم تعليم أولد الجاليات‪.‬‬
‫‪ -7‬ورصد الموال الطائلة لها وبذلها‪.‬‬
‫المرحلة الثانية‪ :‬وسائل إغراء هي بمثابة‪" :‬بطاقة دخول" أولد‬
‫المسلمين فيها‪.‬‬
‫اتخذ أعداء ال وسيلتين لضمان القبال عليها ودفع أولد المسلمين‬
‫إليها‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫‪ -1‬جعلها وسيلة للرزق من ناحية جعل الولوية للمتخرجين منها في‬
‫الوظائف‪.‬‬
‫‪ -2‬أكسبوها مكانة اجتماعية تفوق مكانة الدارسين في المدارس‬
‫الحكومية أو الخاصة؛ ولهذا يلقب المنتسبون إليها‪ :‬بالطبقة الجديدة‪ ،‬والطبقة‬
‫المعاصرة‪ ،‬والطبقة المتطورة‪.‬‬
‫المر الثالث‪ :‬أهداف نشر التعليم الجنبي بين المسلمين‪:‬‬
‫من معجزات النبوة الظاهرة‪ ،‬وآثارها الباهرة‪ ،‬الحديث المتفق على‬
‫صحته "كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو‬
‫يمجسانه" ومن مآثر علماء المسلمين المشكورة‪ ،‬العمل على تلقين عامتهم‬
‫وأولدهم هذا الحديث‪ ،‬وقاية لهم في فطرتهم ودينهم‪ ،‬وحماية لهم من‬
‫الضلل‪.‬‬
‫ولذا صار حقًا أن احتضان الصغار وتعليمهم قبل تشكلهم بالسلم‬
‫علماً وعملً‪ ،‬هو البيئة الخصبة للقاح الول في توجيههم نحو الخير أو‬
‫الشر؛ ولهذا استعمل المبشرون من عباد الصليب وغيرهم من أرباب‬
‫الديانات الكافرة هذه الخاصية فعملوا عملهم بالستعمار العقلي والفكري‬
‫والثقافي والعقدي في العالم السلمي‪ ،‬بسعيهم جادّين إلى فتح المدارس‬
‫الستعمارية في بلد المسلمين‪ ،‬وزرعها هنا وهناك من أرض السلم لنشر‬
‫حقدهم السود لفساد العقائد والعقول‪ ،‬بداية من رياض الطفال إلى نهاية‬
‫التعليم الجامعي‪ ،‬مصانع لهم لعلهم يظهرون‪ ،‬وأوكاراً ومصايد يتصيدون‬
‫بها من ضعفت عقولهم‪ ،‬أو مرجت عهودهم‪ ،‬أو من عضّهم الفقر بنابه‪ ،‬أو‬
‫من أوقعهم سوء حظهم في قبضة هؤلء الضالين كل هذا لغاية الغايات‬
‫لديهم تحويل المسلمين بِرِدّة شاملة عن دينهم الحق‪" :‬السلم" ولو لم يكن‬
‫من مساوئها‪ :‬إل تقليب النظر من أولد المسلمين في وجوه الكافرين من‬
‫المدرسين والداريين‪ ،‬والتلميذ ورحم ال المام أحمد فكان إذا نظر إلى‬
‫نصراني غمض عينيه‪ ،‬فقيل له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ل أقدر أن أنظر إلى من‬
‫افترى على ال وكذب عليه‪:‬‬
‫تلك الوجوه التي ضلت بأجمعها بئس الوجوه عليها الذل والعار‬
‫على الرعيشة أغلل وآصشار‬ ‫ما أحلم ال عن قوم مقشررهم‬
‫وإن المة السلمية هي السوة الحسنة لهل الرض‪ ،‬فإذا ما داخلها‬
‫التعليم الجنبي عنها‪ ،‬فإنه سيصيبها في غربة في دينها‪ ،‬وغياب في‬
‫أخلقها‪ ،‬ولغتها‪ ،‬وآدابها‪ ،‬واحتقار لتاريخها في ماضيها وحاضرها‪،‬‬
‫وانشطار في وحدتها وآليات حياتها‪ ،‬وفرقة بعد اجتماع‪ ،‬وخلف بعد وفاق‪.‬‬
‫سلّم قيادتها من جيل جديد‪ ،‬هو على القل‪ :‬إسلمي في السم‪،‬‬ ‫وتَ َ‬
‫وعقد النكاح‪ ،‬وتسجيل المواليد‪ ،‬أجنبي في اللسان‪ ،‬والذوق‪ ،‬والرأي‪،‬‬
‫والتفكير‪ ،‬يسهم في قتل روح أمته وفي طمس جوهرها‪.‬‬
‫أل إن هذه الموجة الطاغية التي أجتالت العالم السلمي جلب‪:‬‬
‫"التعليم الجنبي" لتثقيف ناشئتها هي في الحقيقة مؤامرة على الدين‬
‫والخلق والمروؤات واللغة والتاريخ‪ ،‬فلعنة ال على الظالمين الذين‬
‫يبغونها عوجاً وبالخرة هم كافرون‪.‬‬
‫واليوم أقبلت أمم الكفر على فتح هذه "البيوت المظلمة" المدارس‬
‫الستعمارية في قلب جزيرة العرب كشأنها في بلد المسلمين الخرى قائمة‬
‫على تعصب ديني وتثقيف قومي في اللسان والتاريخ‪ ،‬فكل مدرسة تُعنى‬
‫بدين بلدها‪ ،‬ولغتها‪ ،‬وتاريخها‪ ،‬ومقومات حياتها‪ ،‬تلقنها طلب مدارسها‪،‬‬
‫وتسعى بواسطتهم لنشرها بين أهليهم ومن يسمع صوتهم‪ ،‬وينفذ إليه‬
‫بصرهم وهذه بالطبع تفضي إلى الثار المدمرة في‪ :‬اللغة‪ ،‬والتاريخ‪،‬‬
‫والدين‪.‬‬
‫أما في اللغة‪ :‬فهذه المدارس المظلمة بالقومية القائمة‪ ،‬مِها ٌد لنشر‬
‫التثقيف القومي بلسانها ولغتها‪ ،‬ولضرب الحصار الثقافي اللغوي علىعقلية‬
‫الجيل المسلم باستعمار لسانه بالرطانة العجمية‪ ،‬ومعلوم أن كل لغة تحمل‬
‫فكر الناطقين بها‪ ،‬ففي تغليب اللغة الجنبية على اللغة العربية لتدريس‬
‫المواد‪ ،‬بثّ للفكر الجنبي في عقول الناشئة‪ ،‬وهذا يفضي إلى الثار التية‪:‬‬
‫‪ -1‬إن فرض اللغة الجنبية لغتة لتعليم المواد الدراسية‪ ،‬هو في حد‬
‫ذاته اقتحام للحصن السلمي‪" :‬اللغة العربية" بإبعاد مظهريتها شعاراً لهل‬
‫السلم‪ ،‬وحجبها عن لسان الناشئة‪ ،‬وكم في هذا من إضعافها وتبغيضها في‬
‫نفوسهم؛ بل عزل لهم عن إسلمهم‪ ،‬فإنه إذا حيل بين المسلم ولغته لغة‬
‫القرآن‪ ،‬تم العزل له بطبيعة الحال عن إسلمه وأمجاده‪ ،‬وحضارته‪ ،‬وأول‬
‫ما ينزع منه اعتقاده في كتاب ربه‪" .‬القرآن العظيم" الذي نزل بلسان عربي‬
‫مبين على خاتم النبياء والمرسلين ليكون نذيرًا للعالمين‪.‬‬
‫‪ -2‬نتيجة لتدريس المواد بغير العربية‪ ،‬يتكون لدى الطالب عقدة‬
‫الحساس المعمق بقصور لغته عن تدريس العلوم الحديثة‪ ،‬ثم قطع صلة‬
‫هذه العلوم بالسلم ولغته العربية‪.‬‬
‫‪ -3‬ثم أنفة الشباب المسلم من لغتهم وآدابها‪ ،‬وزهدهم فيها حتى ل‬
‫يعلموا منها إل ما يعلمه العامي منها‪ ،‬وهذا سبب فعّال في تدهور اللغة‬
‫العربية وحجب شيوعها واستعمالها‪.‬‬
‫‪ -4‬ومن آثار هذه الخطة الغضبية وجود استعداد تام لدى عامة هذا‬
‫النشأ المسلم –إن كان بقي له شيء من إسلمه‪ -‬الذي تربّى في هذه المدارس‬
‫الجنبية بتصويب السهام إلى اللغة العربية من كل جانب‪ ،‬وأصبحت عنده‬
‫حساسية مفرطة ضد من يخطئ في اللغة الجنبية التي تلقنها‪ ،‬وأما لغته‬
‫العربية فل حجر أن يجمع هو أو يمر على سمعه جميع سوآت اللحن‪.‬‬
‫وهذا الوضع المزري ينتقل بالطبع إلى كل ما هو مكتوب باللغة‬
‫العربية وأعظم ذلك "القرآن الكريم" الذي نزل بلسان عربي مبين‪ ،‬فل‬
‫يحسن قراءته فضلً عن فهمه وتدبره‪.‬‬
‫وهذا آخر المطاف المطلوب صرف الجيل عن تراث المة السلمية‬
‫المكتوب بلسانها العربي‪ ،‬وفي مقدمتها الوحيان الشريفان "الكتاب والسنة"‪.‬‬
‫والنصراف إلى التراث الوافد المكتوب باللغة التي تلقنها وشب‬
‫عليها‪ ،‬وكسر عقود حياته في دراستها‪ ،‬كما هو مشاهد ومعروف في أبناء‬
‫كثير من الدول العربية التي سلخ الستعمار لسانها‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية –رحمه ال تعالى‪ -‬في‪" :‬اقتضاء الصراط‬
‫المستقيم"‪( :‬ص‪" :)307-306/‬واعلم أن اعتياد اللغة يؤثر في العقل‪،‬‬
‫واللغة‪ ،‬والدين‪ ،‬تأثيراً قوياً بيناً‪ ،‬ويؤثر أيضاً في مشابهة صدر هذه المة‬
‫من الصحابة والتابعين‪ ،‬ومشابهتهم تزيد العقل‪ ،‬والدين‪ ،‬والخلق‪.‬‬
‫وأيضًا فإن نفس اللغة العربية من الدين‪ ،‬ومعرفتها فرض واجب‪،‬‬
‫وإن فهم الكتاب والسنة فرض ول يفهم إل بفهم اللغة العربية‪ ،‬وما ل يتم‬
‫الواجب إل به فهو واجب" انتهى‪.‬‬
‫وأما في التاريخ‪ :‬فهذه المدارس المظلمة بالقومية القائمة مِهادٌ لنشر‬
‫ثقافتها التاريخية‪ ،‬ولضرب الحصار على عقلية الجيل المسلم عن تاريخه‬
‫وشحنه بتاريخ أوروبا وأمريكا مثلً‪ ،‬فهو ل يرى من خلل دراسته‪،‬‬
‫وموادها‪ ،‬واساتذتها‪ ،‬ومناهجها إل تاريخ أوروبا مثلً‪ ،‬وأنها أرقى الشعوب‪،‬‬
‫مدنيتها هي الم للعالم‪ ،‬وأنها هي الحقيقة بالسيطرة على العالم‪ ،‬وأما تاريخ‬
‫السلم فمحجوب عنه مشوب بالنقص والحتقار‪.‬‬
‫والحاصل أن التعليم الجنبي إبادة للجيال المسلمة‪ ،‬وصياغة لها في‬
‫ثقافتها التاريخية بما ل صلة له بالسلم ول بالمسلمين‪.‬‬
‫وأما في الدين‪ :‬فإن غزو هذه المدارس التثقيفي القومي هو تمهيد‬
‫للغزو الديني فهي معاقل تبشير بالديانات وال ِنحَل التي محاها السلم‬
‫وأبطلها‪ ،‬والتي ل يزال الكافرون ينتمون إليها كالنصرانية بمذاهبها الثلثة‪:‬‬
‫الكاثوليك‪ ،‬والبروتستانت‪ ،‬والرثوذكس‪.‬‬
‫وإن الوليد المسلم الذي يرمي به أبواه في أحضان هذه المدارس‬
‫الستعمارية‪:‬‬
‫إما أن يخرج مسلماً خواء مفرغاً من مقوماته من حيث ل يشعر‬
‫مشحوناً بمقومات غيره في دينه وثقافته‪ ،‬يستخدمونه لغراضهم وغاياتهم‪.‬‬
‫وإما رِدّة إلى دين باطل كالنصرانية‪.‬‬
‫وإما رِدّة إلى غير دين‪" :‬اللدينية"‪ .‬نعود بال من ذلك ونسأله سبحانه‬
‫الثبات على السلم‪.‬‬
‫أما الرّدة إلى النصرانية‪:‬‬
‫فإن مدارس عباد الصليب هي أكثر المدارس انتشاراً‪ ،‬وأقواها دعاية‬
‫للكفر إلى دين النصارى الحيارى‪ ،‬أو إلى اللدينية؛ لنهم يتسنمون قارتي‬
‫أوروبا وأمريكا ويتملكون القوة المادية الصناعية في العالم‪ ،‬فسحروا أعين‬
‫الناس‪ ،‬واسترهبوهم‪.‬‬
‫ولهذا فإنه يقع في هذه المدارس التنصيرية التي تفتح في بلد‬
‫المسلمين وتحتضن مواليدهم‪ ،‬من شعائر عباد الصليب ما يكون كفيلً بتلقين‬
‫التقوى المسيحية‪ ،‬والسلوك المسيحي‪ ،‬وتنشئة طلبها على فلسفة مسيحية‬
‫للحياة –هكذا على حد قولهم‪-‬؟!‬
‫ومن هذه الفعلت الكفرية‪:‬‬
‫‪ -1‬إقامة شعائر الصلوات النصرانية‪ ،‬والترانيم‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ومشاهدة‬
‫أولد المسلمين لها على القل‪ ،‬أو إلزامهم بالمشاركة فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬إلزام الطلب بالذهاب إلى الكنيسة‪.‬‬
‫‪ -3‬إلزام الطلب بالمشاركة في المراسيم الدينية الكنسية‪.‬‬
‫‪ -4‬إرشادهم إلى تقبيل الصليب حتى تغفر لهم ذنوبهم‪.‬‬
‫‪ -5‬كفارة خطأ الطالب تقبيل الصليب‪.‬‬
‫‪ -6‬إثارة الشبه حول السلم وتلقينها تلكم النفوس البريئة‪.‬‬
‫‪ -7‬عرض الكتب التي تطعن في السلم‪.‬‬
‫ولهذا فإن بعض منظري المدارس المريكية التنصيرية في بلد‬
‫المسلمين‪ ،‬يُمثّل‪" :‬المدرسة" بالطّعم‪ ،‬ويمثل‪" :‬التنصير" بالسّنّارة‬
‫سنّارة بل طُعم" أي ل خير في مدرسة بل‬ ‫للصطياد‪ ،‬ويقول‪" :‬ل خير في ُ‬
‫تنصير؟!‬
‫الردة إلى اللدين‪ :‬سلخ هذه المدارس الستعمارية لدين المسلم إلى‬
‫اللحاد والعلمنة هي أوسع مساحة من ردته إلى دين باطل كالنصرانية‪.‬‬
‫وهي مهمة الذي كفروا في الذين أسلموا بهدم كيانهم المعنوي‬
‫والحسي‪:‬‬
‫هدم العقيدة السلمية‪.‬‬
‫هدم الخلق السلمية‪.‬‬
‫هدم الوحدة السلمية‪.‬‬
‫هدم الدولة السلمية‪.‬‬
‫فهدم العقيدة السلمية ينتج اللحاد‪.‬‬
‫وهدم الخلق السلمية‪ :‬ينتج الباحية؛ ولذا كانت هذه المدارس‬
‫الستعمارية هي أول من أدخل فتنة الختلط بين الجنسين؛ لما فيه من‬
‫إشاعة الفساد والمنكرات وهدم العفة والحتشام(‪ ،)1‬وحصل فيها رفض قبول‬
‫الطالبات المحجبات(‪.)2‬‬
‫وهدم الوحدة السلمية‪ :‬ينتج الفوضى‪.‬‬
‫وهدم الدولة السلمية‪ :‬ينتج الولية الكافرة‪.‬‬
‫المر الرابع‪ :‬آثارها المدمرة في المسلمين‪:‬‬
‫إن الهدف ينتج الثر‪ ،‬فكل هدف من أهداف هذه المدارس‬
‫الستعمارية تأتي آثاره المدمرة ومخاطره البالغة على المسلمين بواسطة‬
‫ناشئتهم الذين ارتموا في أحضان هذه المدارس‪ ،‬وقد تحقق لعباد الصليب‬
‫وغيرهم من أمم الكفر بواسطة مدارس الضرار هذه‪ ،‬تكوين قوى مضادة‬
‫خلَفوا أساتذتهم الكفرة بِ َنوْبة‬
‫للمسلمين من أنفسهم وذراريهم وبني جلدتهم‪َ ،‬‬
‫المستعمر لبلد السلم‪ ،‬وهم على طبقات متعددة كل فرد منها بقدر تأثره‬
‫بما تلقاه من الباحية واللحاد‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬طبقة المتاثرين بالنصرانية‪:‬‬
‫َتجِدُ عامة من كَ َتبَ عن المدارس الستعمارية‪ ،‬يذكر نماذج لحداث‬
‫مؤلمة وقعت في قطره أو في غير قطره من بلد السلم تكشف الخطار‬
‫التي تؤدي إليها هذه المدارس من الردة إلى النصرانية وخدمة السياسة‬
‫الستعمارية‪:‬‬
‫فمن الحوادث في مصر أن شاباً مسلماً ارتد إلى النصرانية فحمله‬
‫النصارى على الوعظ والدعوة إلى النصرانية في مجامعهم وكنائسهم فحز‬
‫ذلك في نفس جمال الدين الفغاني‪ ،‬فاتفق مع آخرين على اختطافه وهو يعِظ‬
‫في كنيسة في الزبكية ففعلوا‪ ،‬ووضعوه في مكان خفي‪ ،‬فذهب هو وتلميذه‬
‫الشيخ محمد عبده إليه‪ ،‬وأقنعاه حتى عاد إلى دينه السلم(‪.)3‬‬
‫وفي عام ‪ 1351‬حصلت أحداث تنصيرية في مصر مروعة لعداد‬
‫من اليتامى والقاصرين وقد حصل لها ردة فعل من المسلمين طُرِد على‬
‫اثرها بعض المنصّرين(‪.)4‬‬

‫‪)(1‬‬
‫مختصر إرشاد الحيارى ‪ 1‬ص‪.17-16/‬‬
‫‪)(2‬‬
‫المصدر السابق‪.‬‬
‫() مقالت أحمد أمين‪.1/151 :‬‬ ‫‪3‬‬

‫() ملمح عن النشاط التنصيري في الوطن العربي‪ ،‬ص‪ 128-126/‬لبراهيم عكاشة علي‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫طبع جامعة المام محمد بن سعود السلمية‪.‬‬


‫وفي عام ‪ 1413‬عملت بعض المدارس الجنبية بالكويت غِناءً يحكي‬
‫قصة نبي ال يونس –عليه السلم‪ -‬وفيها مقاطع افتراء على ال تعالى‬
‫لتلقينه الطلب فأصدرت لجنة الفتوى في الكويت فتوى في إنكار ذلك وبيان‬
‫خطره(‪.)1‬‬
‫وبعض أولياء أمور الطلب الذين زجوا بهم في هذه المدارس‪،‬‬
‫يستمع من أولده ترانيم كنسية فيستغرب ذلك وعند المتابعة يعلم أنهم قد‬
‫علموهم الصلة المسيحية(‪.)2‬‬
‫وكان مدرس في المدارس اليسوعية في بيروت يسأل الطلب في‬
‫صباح كل يوم‪" :‬هل أنت بنعمة ال مسيحي" فيجيبوا بنعم‪ ،‬وفي يوم أجابوا‬
‫جميعهم بذلك إل مسلماً أجاب بقوله‪" :‬أنا مسلم" فناله من الغضب والذى ما‬
‫ناله‪ ،‬وما زال المدرس به حتى أجاب بقوله‪" :‬نعم"(‪.)3‬‬
‫ومن حوادثها أن طالباً يَعلم والده نشاطه وذكائه‪ ،‬أخفق في دراسته‪،‬‬
‫فذهب إلى المدرسة يسأل عن سبب ذلك‪ ،‬فأجابته المدرسة بأن الطالب لم‬
‫يكمل تثقيفه الديني‪ ،‬لنه شوهد يصلي صلة المسلمين في خفية عن إخوانه‪،‬‬
‫فلذا اعتبر سيء السلوك وأخفق في دراسته(‪.)4‬‬
‫ومن حوادثها تعلّق الطلب بعيد ميلد المسيح‪ ،‬وإدخال بيوت أهليهم‪:‬‬
‫"شجرة الميلد" وسرور أهلهم بذلك؟!(‪.)5‬‬
‫‪ -2‬طبقة المسلوبين ‪:‬‬
‫ومن آثارها وجود طبقة بين المسلمين من ذراريهم‪ ،‬مسلوبة خاوية‬
‫مفرغة من موالة المسلمين والبراءة من الكافرين‪ ،‬والغيرة على الدين‬
‫يعيشون بين أمراض الشبهات‪ ،‬وعقدة الشك والصراع الفكري والعقدي‬
‫وبين أمراض الشهوات‪ ،‬فيعايشون الحياة الغربية بلسانهم‪ ،‬ومعلوماتهم‪،‬‬
‫ولباسهم‪ ،‬ونمط حياتهم وغدوهم ورواحهم في غاية من التغريب والتفرنج‪.‬‬
‫وهم بهذه المعايشة في الفكر والسلوك ينشرون التغريب والتشبه‬
‫بأعداء ال بين المسلمين‪.‬‬
‫وهذه الطبقة خسارة في الوجود السلمي‪ ،‬وانكسار في رأس مال‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫‪ -3‬طبقة المنافقين‪:‬‬

‫() مجلة الوعي السلمي‪ .‬العدد‪.323 /‬‬ ‫‪1‬‬

‫() مجلة الوعي السلمي‪ .‬العدد‪.46 /‬‬ ‫‪2‬‬

‫() مختصر إرشاد الحيارى‪ .‬ص‪ .29-28/‬حكم الشريعة السلمية للمشاط‪ .‬ص‪.8/‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪)(4‬‬
‫انظر‪ :‬احذروا الساليب الحديثة في مواجهة السلم لسعد الدين صالح‪ .‬ص‪.75/‬‬
‫‪)(5‬‬
‫انظر‪ :‬مختصر إرشاد الحيارى‪ .‬ص‪.33-32/‬‬
‫ومن آثارها وجود طبقة المنافقين الذين يحملون نصيبهم من السلم‬
‫ظاهراً بالسم‪ ،‬وعقد النكاح‪ ،‬وتسجيل المواليد‪ ،‬وتشييع جنائزهم ودفنها في‬
‫مقابر المسلمين‪ .‬وهم يستبطنون اللحاد‪ ،‬ويظهرون الباحية والفساد‪.‬‬
‫‪ -4‬طبقة الملحدين‪:‬‬
‫ومن آثارها وجود طبقة الكافرين ظاهراً وباطناً الذين يعلنون كفرهم‬
‫وإلحادهم‪ ،‬فيسبون ال والرسول والسلم‪ ،‬ويستهزؤون بالمسلمين‬
‫ويسخرون من الدين‪ .‬وما بقي لهم من السلم إل ما بقي لخوانهم المنافقين‬
‫ليزداد الفريقان بها كفراً فيداخلون المسلمين بالتزاوج‪ ،‬وولية العمال‬
‫والتصرف في شؤونهم ول حول ول قوة إل بال العزيز الحكيم‪.‬‬
‫ومن فعلت هذه الطبقات في بلد الٍسلم‪:‬‬
‫‪ -1‬أن مدرسة التنصير التي افتتحت في استانبول عام ‪1863‬م هي‬
‫التي قادت حركة التمرد على الدولة العثمانية بزعامة قائد اللحاد والعلمنة‬
‫والتغريب أتاتورك (‪ ..)1938-1924‬وهذا هدم للدولة السلمية(‪.)1‬‬
‫‪ -2‬أن مدرسة التنصير التي افتتحت في بيروت عام ‪1823‬م هي التي‬
‫طرحت فكرة "القومية العربية" وتولت قيادتها في الوسط السلمي‪.‬‬
‫وهذا هدم الحكم بالسلم عقيدة وشريعة‪.‬‬
‫‪ -3‬ومنها ما قاله الستاذ أبو الحسن الندوي رحمه ال تعالى في‬
‫كتابه‪" :‬الصراع بين الفكرة السلمية والفكرة الغربية"‪( :‬ص‪" :)182/‬إن‬
‫القادة وولة الحكم في البلد المسلمة كلهم إنتاج نظام التعليم الغربي ووليد‬
‫حضارته‪ .‬أما الذين لم يتح لهم أن يتثقفوا في بلد أوروبي وينشأوا في بيئته‬
‫فإنهم تعلموا في مراكز هذا التعليم في بلدهم‪ ،‬وتثقفوا بها تحت إشراف‬
‫ممثلية الكبار ورقابتهم‪ ،‬إن بعضهم تخرجوا في الكليات الحربية التي يعنى‬
‫فيها بالتعليم والتربية الغربية عناية فائقة‪ .‬وذلك هو السر في أن العالم‬
‫السلمي يتأرجح بين عقليتين وفلسفتين ووجهتين مختلفتين تتصارعان‬
‫دائماً‪ "...‬انتهى‪.‬‬
‫‪ -4‬ومن تفعيل دور هذه الطبقات في انحراف الوسط السلمي‬
‫توليتهم العمال القيادية‪ ،‬وتلميع شخصياتهم‪ ،‬وتحسينهم في نظر المسلمين‪،‬‬
‫حتى يؤدوا رسالتهم المشؤومة على المة السلمية(‪.)2‬‬

‫‪)(1‬‬
‫انظر‪ :‬مختصر إرشاد الحيارى‪ .‬ص‪ .33-32/‬الصراع للندوي‪ .‬ص‪.182-181/‬‬
‫‪)(2‬‬
‫انظر‪ :‬مختصر إرشاد الحيارى‪ .‬ص‪.42/‬‬
‫‪ -5‬ومن فعاليات هذه الطبقات وآثارها في انحراف المسلمين ما‬
‫يحصل من ابتلء المة السلمية بهذا الجيل مما هو شوكة في نحرها إذ‬
‫تتعالى صيحاتهم‪ ،‬وتتعدد نداآتهم بفرنجة المسلمين‪ ،‬وتجاوز القيود الشرعية‬
‫عن حياتهم‪ ،‬وبث جرائمهم وأدوائهم الوروبية أو المريكية مثلً بين‬
‫المسلمين‪ ،‬ويتكرهون حياتهم المبنية على العبودية ل والحتشام والمثل‬
‫العليا في السلم‪ ،‬ويبغونها إباحية ماجنة‪ ،‬وهم في الحقيقة دعاة التمرد على‬
‫الوحي‪ ،‬والرهاب بين أهليهم وذويهم وبني جلدتهم ل على شيء إل على‬
‫نعمة السلم‪.‬‬
‫وهذا الجيل المظلوم –من أبويه‪ -‬الظالم لعقابهم‪ ،‬هم سعاة الفتنة في‬
‫المبادئ الباحية واللحادية‪ ،‬مثل إلحاحهم على‪ :‬قضايا فصل الدين عن‬
‫الحياة‪ ،‬وتهميش دور العلماء‪ ،‬وصرف النظر عن تحريم الربا والخمر‬
‫والميسر‪ ،‬والتركيز على قضايا المرأة باسم تحريرها‪ ،‬وحريتها‪ ،‬ومساواتها‬
‫بالرجل‪ ،‬وبالجملة الدعوة إلى صياغة المجتمع السلمي وصبغة من جديد‬
‫بالصبغة الوروبية‪ ،‬أو المريكية أو‪ ...‬كل بحسب فكر من تولى تلويثه(‪.)1‬‬
‫ومن هذه الثار المدمرة يتبين أن هذه المدارس التبشيرية منها وغير‬
‫التبشيرية على اختلف أنواعها ومراحلها مرتبطة في الهداف والغايات‪:‬‬
‫أنها شر القوى المسلطة على العالم السلمي لتوهين السلم في‬
‫نفوس أهله وتقويضه‪.‬‬
‫أنها مراكز مسلحة بأحدث آلت الفساد بين الباحية واللحاد‪.‬‬
‫وأنها مراكز للغارة على المة وأجيالها شر من الغارات العسكرية‪.‬‬
‫وأنها آلة استلب العقائد والخلق‪.‬‬
‫وأنها سند لتحقيق مطامع العداء في المسلمين‪.‬‬
‫وأنها مِدْ َرةُ طعن للمة السلمية في ذاتها والتشكيك في قُدراتها‪ ،‬ثم‬
‫القضاء عليها‪.‬‬
‫وصبغ رعايا المسلمين في أجيالهم المقبلة بصبغة تنابذ السلم‪.‬‬
‫وقلب النتماء في قول الناشئة من الولء لدينهم ولغتهم وتأريخهم‪.‬‬
‫وتفريغ العقل المسلم من مقوماته واستسلمه لمن يقوده‪ .‬وهذا يلغي‬
‫بالطبع أول شرط لي نهضة إسلمية‪.‬‬
‫وبالجملة إيجاد أنواع من التعددية الفكرية‪ ،‬والعقدية‪ ،‬والنتماآت‬
‫المتنافرة لبث الصراع‪ ،‬وانفجار النقسامات السياسية والطائفية‪ ،‬وفي هذا‬
‫تفكيك الوحدة السلمية‪ ،‬وتهديد المن السلمي بمقوماته كافة‪ .‬وال خير‬
‫حافظاً وهو أرحم الراحمين‪.‬‬
‫‪)(1‬‬
‫حكم الشريعة السلمية للمشاط‪ .‬ص‪ .8/‬الصراع للندوي‪ .‬ص‪.183-182/‬‬
‫وهذه الغايات الفسادية هي حقيقة في الرهاب إن كان له حقيقة‪،‬‬
‫ونشر الرّعب والتمرّد باسم العلم والتعلّم‪...‬‬
‫الن يا معاشر المسلمين‪( :‬قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر‬
‫بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها وال سميع‬
‫عليم) [البقرة‪.]256 :‬‬
‫البيان الثامن‬
‫نماذج من أقوال العلماء وبياناتهم وفتاويهم عن المدارس‬
‫الستعمارية‬

‫جرد علماء المسلمين أقلمهم في التحذير من فتح المدارس الجنبية‬


‫في بلد المسلمين‪ ،‬والتحذير من إدخال أولد المسلمين فيها‪ .‬وقد كان لعددٍ‬
‫من علماء المملكة العربية السعودية –حماها ال من كل سوء‪ -‬كلمات‬
‫مشهودة في هذا قبل أن تحل في ديارهم‪ ،‬لكن من باب البيان والنصرة لهل‬
‫السلم والنصح لهم‪.‬‬
‫والن هذه نماذج من أقوالهم وأقوال غيرهم من علماء الفاق‬
‫وكتابههم‪ ،‬وبعض من البيانات والفتاوى وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬قال أحمد أمين في مقالته‪" :‬المدارس الغربية في البلد الشرقية"‪:‬‬
‫"وبعد‪ :‬فواجب الشرق أل يُشجع هذه المدارس لنها مأوى التبشير‬
‫والستعمار معاً‪ ،‬وهي تجعل من نفسها داعية لدين غير دين البلد‪ ،‬كما‬
‫تجعل من نفسها حكومة داخل حكومة البلد‪ ،‬وفي ذلك إهدار الستقلل‪،‬‬
‫ومدعاة للفساد‪.‬‬
‫إن المم الحريصة على توحيد كلمتها وتوحيد آمالها‪ ،‬تصب أبناءها‬
‫في قالب واحد‪ ،‬حتى يكونوا متفقين متساندين‪ ،‬أما هذه المدارس فتجعل أبناء‬
‫البلد شيعاً كل طائفة تصطبغ بصبغة خاصة‪ ،‬وإذ ذاك تتضارب الميول‪،‬‬
‫وتتنازع المال‪ ،‬ويكون أبناء البلد الواحد‪ ،‬بعضهم أعداء بعض وفي ذلك‬
‫من الفساد ما ل يخفى" انتهى من‪" :‬مقالت أحمد امين‪ .‬ج ‪."10/1154‬‬
‫‪ -2‬وفي صحيفة الفتح السلمية لمحب الدين الخطيب محاضرة‬
‫بعنوان‪" :‬المدارس التبشيرية" جاء فيها‪:‬‬
‫"فحرامٌ أن يُسلِم الوالد ولده والخ أخاه إلى المدرسة التبشيرية لتأخذه‬
‫عدة سنوات‪ ،‬فتتسلمه ولداً صحيحاً بعقيدته وثقافته ودينه‪ ،‬ثم بعد حين ترده‬
‫إلى أهله وأمته وبلده ولدًا مزيفاً‪ ،‬ما كان فيه قد ُأخِذَ منه‪ ،‬وما أعطيه ففاسد‬
‫ل جدوى منه ول منفعة" انتهى‪.‬‬
‫‪ -3‬وقال الشيخ علي الطنطاوي –رحمه ال تعالى‪" :-‬ولتضع‬
‫الحكومات العربية القوانين الصريحة بإغلق كل مدرسة أجنبية إنكليزية أو‬
‫فرنسية أو أمريكية‪ ،‬وإل ذهب عملنا هباء‪ ،‬وكان عبثاً‪ ،‬وأخرجت هذه‬
‫المدارس من أبنائنا أعداء لنا وأعواناً لعدونا‪ ،‬كما وقع في الشام حين تولّى‬
‫ضرب دمشق رجل عربي أبوه شيخ اسمه علء الدين المام –عليه لعنة‬
‫ال" انتهى من‪" :‬مجلة الرسالة – العدد‪."743/‬‬
‫‪ -4‬وقال الشيخ‪ /‬محمد أحمد الغمراوي –رحمه ال تعالى‪ -‬في كتابه‪:‬‬
‫"الطريقة المثلى للمحافظة على كرامة السلم ورد عادية الطاعنين عليه"‪:‬‬
‫(ص‪ )15/‬ما نصه‪" :‬وأسباب ضعف الروح السلمي في البالغين من‬
‫المسلمين اليوم يمكن إجمالها في شيء واحد هو سوء التربية السلمية‪،‬‬
‫وإذن فَعَلى المسلمين أن يعنوا العناية كلها بإنشاء أولدهم نشأة إسلمية في‬
‫مدارس إسلمية ينشؤونها من أجل ذلك‪.‬‬
‫ول يَدَعوا أولدهم فريسة للمدارس غير السلمية الروح‪ ،‬تُربيهم‬
‫على غير غِرار السلم‪ ،‬وتخرجهم عنه بالتدريج‪ ،‬فإن المسلمين إن لم‬
‫يصونوا أولدهم –وهم صغار‪ -‬عن تحكم الملحد أو غير المسلم في عقولهم‬
‫ونفوسهم لم يكن لهم أن يعجبوا من خروجهم –وهم كبار‪ -‬عن طريق الدين‪،‬‬
‫ومتابعتهم من يطعن باسم العلم أو الدب أوحرية الرأي أو حرية التفكير"‬
‫انتهى‪.‬‬
‫‪ -5‬وقال شيخ الجامع الزهر‪ /‬الشيخ محمد الخضر حسين –رحمه‬
‫ال تعالى‪ -‬في‪" :‬الهداية السلمية"‪ :‬ص‪ 151/‬ما نصه‪:‬‬
‫"أبناء المسلمين في مدارس التبشير‪ :‬من الذي يستطيع أن يُهيء لولده‬
‫عيشًا راضياً‪ ،‬وينبته نباتاً حسناً‪ ،‬فينشأ سليم القلب طاهر اللسان‪ ،‬صديقاً‬
‫لسرته‪ ،‬عاملً على إعلء شأن أمته‪ ،‬ولكنه يأبى أن يفعل هذا الذي ينصح‬
‫به لولده ويجني ثمار الحمد من عواقبه‪ ،‬فيعمد إليه وهو صافي الفطرة‪،‬‬
‫فيلقيه في بيئة يتوله فيها من ل يرقبون إلً ول ذمة‪ ،‬فل يزالون يلقنونه‬
‫زيغاً‪ ،‬ويبذرون في نفسه شراً‪ ،‬والذي خبث ل يخرج إل نكداً‪.‬‬
‫ذلك مثل المسلم الذي يهبه ال ولداً ليسلك به في هداية‪ ،‬ويعدّه لن‬
‫يكون عضواً يرتاح لسعادة قومه‪ ،‬ويتألم لشقائهم‪ ،‬فإذا هو يبعث به إلى‬
‫مدارس أسست لمحاربة الدين الحنيف‪ ،‬ولقتل العاطفة القومية‪ ،‬وهي‬
‫المدارس التي تنشئها في بلدنا الجمعيات التي يُقال لها "جمعيات التبشير"‪.‬‬
‫إن الذي يقذف بولده بين جدران هذه المدارس‪ ،‬ل تكون جريمته من‬
‫جريمة أولئك الذين كانوا يقتلون أولدهم خشية إملق ببعيد‪ ،‬ألم يقم الدليل‬
‫إِثْر الدليل على أن القائمين فيها بأمر التعليم يلقنون أبناء المسلمين معتقدات‬
‫ديانة غير إسلمية‪ ،‬ويحملونهم على تقاليدها‪ ،‬ويتعرضون للطعن في شريعة‬
‫السلم بطرق شأنها أن تؤثر على الطفال ومن هم بمنزلة الطفال في عدم‬
‫معرفتهم بحقائق الدين معرفة تقيهم من شر ذلك الغواء؟! ليس ذلك الذي‬
‫يزج بابنه في مدارس التبشير بالذي يقتل نفساً واحدةً ولكنه يقتل خلقاً كثيراً‪،‬‬
‫ويجني بعد هذا على المة بأجمعها‪ ،‬ول أقول هذا مبالغة‪ ،‬فقد يصير هذا‬
‫الولد أستاذاً من بعد‪ ،‬ويفسد على طائفة عظيمة من أبناء المسلمين أمر دينهم‬
‫ووطنيتهم‪ ،‬كما أفسد عليه أولئك القسس أمر دينه ووطنيته‪ ،‬وقد أرتنا الليالي‬
‫أن المتخرجين في هذه المدارس من يملك سلطة على قوم مسلمين‪ ،‬فيجدون‬
‫فيه الغلظة والمكر وعدم احترام الشريعة ما ل يجدونه في الناشئ على غير‬
‫السلم" انتهى‪.‬‬
‫‪ -6‬وقال أيضاً –رحمه ال تعالى‪ -‬في‪" :‬رسائل الصلح"‪( :‬ص‪/‬‬
‫‪:)155‬‬
‫"ومن الذي ل يعلم أن معاهد تقام في أوطاننا باسم العلم أو العطف‬
‫على النسانية والغاية منها صرف النفوس عن صراط ال السوي‪َ ،‬دلّ على‬
‫هذا كتب يدرسونها في هذه المعاهد‪ ،‬وهي كما قرأنا نبذًا محشوة بالطعن في‬
‫السلم والحط من شأن الرسول العظم –صلى ال عليه وسلم‪ ...-‬وقد رأينا‬
‫لهذه المدارس التي تفتح في سورية ومصر وغيرها من البلد آثاراً محزنة‪.‬‬
‫فكم من فتى مسلم بعث بها إليها فتخرج منها وهو يحمل من التنكر‬
‫لقومه وشريعتهم مثل ما يحمله خصومهم المحاربون" انتهى‪.‬‬
‫‪ -7‬وقال أيضاً –رحمه ال تعالى‪ -‬في كتابه‪" :‬الدعوة إلى الصلح"‪:‬‬
‫(ص‪ )75-74/‬ما نصه‪:‬‬
‫"لم يتفشّ زيغ العقيدة فيما سلم تفشيه اليوم‪ ،‬لن وسائل ساعدت على‬
‫سريان وبائه لم توجد قبل‪ ،‬وأمهات هذه الوسائل ثلثة أمور‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬هذه المدارس التي يفتحها الجانب في أوطاننا باسم العلم‪،‬‬
‫ويغفل بعض المسلمين عن سريرتها‪ ،‬فتأخذهم بمظاهرها‪ ،‬حتى يسلموا‬
‫أطفالهم وهم على الفطرة إلى من يصبغ هذه الفطرة بسواد‪ ،‬وينزع منها‬
‫روح الدب الذي يجعلهم أولياء لعشيرتهم نصحاء لمتهم‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬تهاون بعض الباء بواجب أبنائهم‪ ،‬إذ يرسلون الناشئ إلى‬
‫معاهد العلم في أوروبا قبل أن يتلقن من علوم الدين ما يجعل عقيدته‬
‫مطمئنة‪ ،‬فيلقي في أثناء الدراسة هنالك أو في بعض المحادثات شُبهاً ل‬
‫يجد في نفسه من الحجج ما يدفعها‪ ،‬وإذا تواردت الشبه على الناشئ رانت‬
‫على قلبه‪ ،‬وأصبح يُبصر وجه الحق أسوداً قائماً‪ ،‬فيعود إلى وطنه وهو‬
‫يحمل لبويه عقيدة أنهما في ضلل قديم‪ .‬وذلك جزاء من يستهين بهدي ال‪،‬‬
‫ول يهمه إل أن يكون لبنه مورد رزق واسع‪ ،‬أومنصب في أحد الدواوين‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أن كثيراً من الحكومات السلمية ضعف فيها روح العتزاز‬
‫بالدين الحنيف‪ ،‬فاستباح واضعوا برامج التعليم العام في مدارسها أن ل‬
‫يضربوا لعلوم الدين بسهم‪ ،‬ومن يضرب لها فبسهم ل يغني من جهل‪،‬‬
‫والتعليم الذي يهضم فيه جانب العلوم الدينية‪ ،‬ل يُرجى منه تهيئة نشء‬
‫تتساقط عليهم الشبه فيطردونها‪ ،‬أو توسوس إليهم الشياطين فيستعيذون‬
‫منها" انتهى‪.‬‬
‫‪ -8‬وقال الشيخ محمد رشيد رضا –رحمه ال تعالى‪ -‬في‪" :‬تفسير‬
‫المنار"‪:)10/514( :‬‬
‫"ولكن أكثرهم تركوا هذه الفريضة فجنوا على دينهم وملتهم وأمتهم‪،‬‬
‫فصاروا أسوأ من جميع المم حالً في مصالحهم الملية والسياسية‪ ،‬حتى‬
‫فقدوا ملكهم وعزهم وشرفهم‪ ،‬وصاروا عالة على أهل الملل الخرى حتى‬
‫في تربية ابنائهم وبناتهم‪ ،‬فهم يلقونهم في مدارس دعاة النصرانية أو دعاة‬
‫اللحاد فيفسدون عليهم دينهم ودنياهم‪ ،‬ويقطعون روابطهم الملية والجنسية‪،‬‬
‫ويعدونهم ليكونوا عبيدًا أذلة للجانب عنهم‪ .‬وإذا قيل لهم لماذا ل تؤسسون‬
‫لنفسكم مدارس كمدارس هؤلء الرهبان والمبشرين؟ أو الملحدة‬
‫الباحيين؟ قالوا‪ :‬إننا ل نجد من المال ما يقوم بذلك‪ .‬وإنما الحق أنهم ل‬
‫يجدون من الدين والعقل وعلو الهمة والغيرة ما يمكنهم من ذلك‪ ،‬فهم يرون‬
‫أبناء الملل الخرى يبذلون للمدارس والجمعيات الخيرية والسياسية ما ل‬
‫يوجبه عليهم دينهم‪ ،‬وإنما أوجبته عليهم عقولهم وغيرتهم الملية والقومية‬
‫ول يغارون منهم‪ ،‬وإنما يرضون أن يكونوا عالة عليهم‪ .‬تركوا دينهم‪،‬‬
‫فضاعت بإضاعتهم له دنياهم (نسو ال فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون)‬
‫انتهى‪ ،‬ونحوه (ص‪.)410/‬‬
‫‪ -9-10‬وقال الستاذ أبو الحسن الندوي –رحمه ال تعالى‪ -‬في كتابه‪:‬‬
‫"الصراع بين الفكرة السلمية والفكرة الغربية"‪( :‬ص‪ :)185-184/‬ونقله‬
‫عنه مقراً له الستاذ محمد أمين المصري –رحمه ال تعالى‪ -‬في كتابه‪:‬‬
‫"المسؤولية"‪( :‬ص‪ )130-128/‬نقلً عن محاضرة لبي الحسن الندوي –‬
‫رحمه ال تعالى‪ -‬مع زيادات مهمة منها‪:‬‬
‫"لذلك ليس من المعقول ول من الجائز أن تستورد أمة لها شخصيتها‬
‫ورسالتها‪ ،‬ولها عقائدها ومناهج حياتها‪ ،‬ولها طبيعتها ونفسيتها‪ ،‬ولها‬
‫تاريخها وماضيها‪ ،‬ولها محيطها الخاص وظروفها الخاصة‪ ،‬أن تستورد‬
‫نظاماً تعليميًا من الخارج‪ ،‬ول أن تكل وظيفة التعليم والتربية وتنشئة‬
‫الجيال‪ ،‬وصياغة العقول إلى الناس –مهما بلغوا من البراعة في التدريس‪،‬‬
‫وإتقان اللغات والفنون‪ -‬ل يؤمنون بهذه السس والعقائد‪ ،‬ول يتحمسون‬
‫لشرحها وتعضيدها‪ .‬يقول الستاذ المريكي الدكتور ج‪.‬ب كونكن في كتابه‪:‬‬
‫التعليم والتربية‪( :‬إن عملية التعليم ليست عملية تعاط وبيع وشراء‪ ،‬وليست‬
‫بضاعة تصدر إلى الخارج أو تستورد إلى الداخل‪ ،‬إننا في فترات من‬
‫التاريخ خسرنا أكبر مما ربحنا باستيراد نظرية التعليم النجليزية أو‬
‫الوروبية إلى بلدنا المريكية"‪.‬‬
‫وعلى هذا الساس يتفق المعسكران الشرقي والغربي‪ ،‬وقد دل ما‬
‫سبق من أقوال خبراء التعليم وقادة الفكر في أوربة وأمريكا على وجهة نظر‬
‫هؤلء إلى التربية‪ ،‬وإنها ليست إل أداة مؤثرة لترسيخ العقيدة ونظرة المة‬
‫إلى الحياة والكون‪ ،‬وتعميق جذورها في قلوب الناشئة ونفوسها‪ ،‬ونقل‬
‫التراث العقلي والعقائدي والجتماعي إلى الجيال القادمة‪ ،‬وإقناعها‬
‫بضرورة الحتفاظ بها والمثابرة عليها‪ ،‬والجهاد في سبيلها‪ .‬أما المعسكر‬
‫الشرقي الذي اشتهر بالثورة على جميع السس والقيم‪ ،‬ونقد القديم وبلبلة‬
‫الفكار‪ ،‬فإنه شديد التمسك بهذه النظرية للتوفيق بين التربية والعقيدة التي‬
‫يختارها والفلسفة التي آمن بها‪ ،‬وإخضاع علم التربية لهذا الغرض‬
‫وصياغته في قالبه صياغة دقيقة متقنة‪ .‬يقول عالم من كبار علماء الطبيعة‬
‫في البلد السوفيتية‪( :‬إن العلم الروسي ليس قسماً من أقسام العلم العالمي‬
‫يدرس في البلد السوفيتية‪ ،‬ولكنه قسم منفصل قائم بذاته يختلف عن سائر‬
‫القسام كل الختلف‪ ،‬إن سمة العلم السوفيتي الساسية‪ :‬أنه قائم على فلسفة‬
‫واضحة متميزة‪ ..‬إن أساس علومنا الطبيعية الفلسفة المادية التي قدمها‬
‫ماركس وأنجلز وستالين)‪.‬‬
‫ومن المآسي التي تحيّر العقل وتجرح القلب أن تظل القطار‬
‫السلمية وحدها في فوضى وتعارض وغموض والتباس بين الحقائق التي‬
‫تؤمن بها‪ ،‬وبين نظام التربية الذي تطبقه‪ .‬ول تفكر في التوفيق بين اليمان‬
‫بهذه الحقائق وبين التربية التي تنفق عليها أكبر جزء من إمكانياتها‪...‬‬
‫وكانت حَرِيّة أن تكون أبعد الناس عن تلك الخطة التي تعيش فيها متطفلة‬
‫على مائدة المم الجنبية‪ ،‬وكانت حَرِيّة أن تزيل جميع العقبات في سبيل‬
‫الوئام والتعاون بين العلم والدين‪..‬‬
‫إن المنقذ الوحيد للعالم من النهاية الليمة التي ترتقبه هو وجود نظام‬
‫للتربية يقوم على التوفيق بين العقيدة والثقافة‪ ،‬بين قوة العاطفة والتهاب‬
‫جذوة اليمان‪ ،‬وبين العلم الواسع والفكر النيّر‪ ،‬ومعرفة أحدث ما وصلت‬
‫إليه الجيال البشرية من تجربة واكتشاف‪.‬‬
‫واقدّم لكم العناصر التي تنافي الغاية وترزأ هذه المة في شخصيتها‪:‬‬
‫‪ -1‬استيراد المناهج الدراسية والمواد التعليمية من الخارج‪.‬‬
‫‪ -2‬استيراد الساتذة والمعلمين من أوروبا وأمريكا الذين أقل ما يقال‬
‫فيهم أنهم لن يخلصوا في إنشاء الجيل الجديد على عقيدة المة‪.‬‬
‫‪ -3‬الهتمام الزائد باللغات الجنبية وإعطاؤها أكثر من حقها‪ ،‬فإنها‬
‫تنمو على حساب اللغة العربية‪ .‬إن تدريس عدة لغات في وقت ما قد أصبح‬
‫موضع بحث عند خبراء التعليم خصوصاً في المراحل البتدائية‬
‫والمتوسطة‪.‬‬
‫‪ -4‬وجود مدرسين ل يؤمنون بأهداف المة ونظرتها إلى الحياة‪.‬‬
‫وكيف يصح أن يكون أمثال هؤلء أساتذة مربين وقادة موجهين‪ ،‬هذا شيء‬
‫ل يقبله عقل ول منطق (انتهت كلمة الستاذ الندوي بتصرف) انتهى‪.‬‬
‫ولعدد من علماء المملكة العربية السعودية ورجال التعليم فيها‪،‬‬
‫كلمات مضيئة في تحريم المدارس الجنبية‪ ،‬لما سمعوا عنها في العالم‬
‫السلمي قبل افتتاحها في هذه البلد عام ‪ 1419‬نعوذ بال من الغواية‪:‬‬
‫‪ -11‬قال الشيخ حسن مشاط –رحمه ال تعالى‪ -‬وهو من علماء‬
‫المسجد الحرام في رسالته‪" :‬حكم الشريعة السلمية في تعليم المسلمين‬
‫أولدهم في المدارس الجنبية"‪( :‬ص‪.)32-31/‬‬
‫"أفيقوا أيها الولياء استيقظوا من نوم الغفلة وارجعوا إلى إلى ربكم‬
‫الجليل ول تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار واعلموا أنكم إذا سمحتم‬
‫لولدكم بدخول تلك المدارس فقد سمحتم لهم بدخول الكنائس وشهود‬
‫طقوس الكفر وسماع الطعن في دين السلم وبكل ما تنهى عنه الشريعة‬
‫الغراء وتأباه الفضيلة النسانية‪.‬‬
‫وتنبهوا إلى أنكم بذلك آثمون في حق ال تعالى وحق دينكم وأمتكم‬
‫وحق أولدكم وعشيرتكم عاصون ل ولرسوله أشد العصيان مخالفون بذلك‬
‫ما أوجبه ال عليكم نحو أولدكم من تعليمهم التعاليم السلمية وصونهم من‬
‫كل ما يخالف ذلك‪.‬‬
‫واعلموا أن في الحفاظ على الدين والخلق الخير والسعادة وأن ما‬
‫تتوهمونه من الجاه والمال نتيجة للتعلّم في المدارس الجنبية ل وزن له‬
‫بجانب المحافظة على الدين والخلق الفاضلة (زين للناس حب الشهوات‬
‫من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة‬
‫والنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا وال عنده حسن المآب) [آل عمران‪-14 :‬‬
‫‪ .]15‬وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم إذ يقول‪" :‬يوشك أن تداعى‬
‫عليكم المم من كل أفق كما تداعى الكلة على قصعتها قلنا يا رسول ال‬
‫أمِن قلة بنا يومئذ؟ قال‪ :‬أنتم يومئذ كثير ولكنكم غُثاء كغثاء السيل تنزع‬
‫المهابة من قلوب عدوّكم ويجعل في قلوبكم الوهن قالوا‪ :‬وما الوهن يا‬
‫رسول ال؟ قال‪ :‬حب الدنيا وكراهية الموت" ويقول عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫"أبشروا وأملوا ما يسركم فوال ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط‬
‫الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم"‬
‫انتهى‪.‬‬
‫‪ -12‬وقال الشيخ عبدالرحمن الدوسري –رحمه ال تعالى‪ -‬في‬
‫"خاتمة كشف الشبهات" (ص‪ )15/‬في بيان مظاهر الوثنية الجديدة‪ ،‬ما‬
‫نصه‪:‬‬
‫"ول يزال خريجوا المدارس الستعمارية يركزون هذه المفاهيم في‬
‫طبقات المة السلمية‪ ،‬وعلى الخص في المدارس التي هي أول فرصة‬
‫فرض الستعمار علينا ثقافته بواسطتها‪ ،‬وأخذت تعمل الصابع الخفية التي‬
‫يحركها في هذا السبيل" انتهى‪.‬‬
‫‪ -13‬وقال القاضي الشيخ عبدال بن سليمان بن حميد –رحمه ال‬
‫تعالى‪ -‬في كتابه‪" :‬الهدية الثمينة فيما يحفظ به المرء دينه" (ص‪-121/‬‬
‫‪.)122‬‬
‫"ومثل هؤلء الذين يتعلمون في مدارس الفرنج‪ ،‬فإن التلميذ على‬
‫عقيدة أستاذه ودينه وأخلقه‪ ،‬فهو أضر شيء على المجتمع السلمي‪ ،‬ول‬
‫يغتر بهم إل جاهل‪ "...‬انتهى‪.‬‬
‫‪ -14‬وللعلمة الشيخ عبدال بن محمد بن حميد –رحمه ال تعالى‪-‬‬
‫رسالة مطبوعة في ذلك نشرت في جريدة حراء في ‪ 27/5/1378‬وطبعت‬
‫في الجزء السادس عشر من‪" :‬الدرر السنية"‪( :‬ص‪.)27-21/‬‬
‫‪ -15‬وقال الشيخ عبدالرحمن بن سعدي –رحمه ال تعالى‪ -‬في‬
‫رسالته‪" :‬نصيحة مختصرة في الحث على التمسك بالدين والتحذير من‬
‫المدارس الجنبية"‪( :‬ص‪:)16-11/‬‬
‫"فصل‪ :‬ومن الصول العظيمة المهمة لصلح الدين والدنيا‪ :‬السعي‬
‫في إصلح التعليم‪ ،‬وإصلح الخلق‪ ،‬لهذا يجب العناية التامة في جميع‬
‫المدارس والمعاهد والتعاليم البتدائية والنهائية في تعاليم الدين‪ ،‬وفي تطبيق‬
‫أخلق الدين على المعلمين والمتعلمين‪ ،‬فلهذا أثره الفعال في حسن نتائج‬
‫التعليم‪ ،‬وحصول ثمراته الدينية والدنيوية‪.‬‬
‫فتعاليم الدين إذا جعلت هي الساس والصل في التعليم‪ ،‬ثم طبقت‬
‫التعاليم الخرى عليها‪ ،‬وأنها من وسائلها ومما يعين عليها‪ ،‬وكلها ترجع‬
‫إليها‪ ،‬فإن الدين يهدي ويرشد للتي هي أقوم واصلح من جميع العلوم التي‬
‫تفيد الناس في دينهم ودنياهم‪ ،‬ويستغنون بها عن الجانب‪.‬‬
‫ويعلم بذلك غلط من قصر نظره وعلمه وضعفت بصيرته‪ ،‬حتى قدح‬
‫في علوم الكون‪ ،‬وفي العلوم العصرية النافعة‪ ،‬وأعظم منه غلطاً من قبل‬
‫جميع ما قيل أنه علوم عصرية نافعها وضارها‪ ،‬خيرها وشرها‪ ،‬فإن‬
‫الواجب التمييز بين العلوم العصرية النافعة التي ل تؤثر في العقائد الدينية‬
‫آثاراً ضارة‪ ،‬وبين العلوم العصرية التي سلكت ما ل سبيل لها إليه من‬
‫النظريات الخاطئة الباطلة‪ ،‬المبنية على الجهل والضلل‪ ،‬وعلى خلف‬
‫المعلوم من دين الرسل‪ ،‬فكم لهذه العلوم الضارة من الثار والنتائج القبيحة‪،‬‬
‫وكم أهلكت من ضعفاء البصائر‪ ،‬ومن ل معرفة لهم بالدين من أمم‪ ،‬وكم‬
‫كان المشتغلون بها أعداء لدينهم وقومهم وأوطانهم‪ ،‬وسلحاً للعداء عليهم‪.‬‬
‫ولهذا يجب الحذر والتحذير من دخول المدارس الجنبية التي تدرس‬
‫فيها هذه العلوم الضارة‪ ،‬وخصوصاً لمن ل معرفة لهم تامة في الدين‪ ،‬ول‬
‫بصيرة لهم فيه‪ ،‬فكيف يرضى من عنده دين وعقل أن يضع ولده وفلذة كبده‬
‫علِمَ عداؤها لدين السلم‪ ،‬بل لجميع الديان‪ ،‬ولم‬ ‫ويسلمه لمدارس أجنبية قد ُ‬
‫سلِم العاقل موليه وهو‬‫تؤسس إل لص ّد الناس عن دين ال وتوحيده؟ كيف ُي ْ‬
‫خالي الذهن من التعاليم الدينية‪ ،‬ومن الخلق المرضية‪ ،‬إلى هؤلء الذين‬
‫يحشون ذهنه باللحاد والتشكيكات؟ وال يقول‪( :‬يا أيها الذين آمنوا قوا‬
‫أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) [التحريم‪ ]6 :‬أي بتعليمهم ما‬
‫ينفعهم‪ ،‬وتهذيب أخلقهم‪ ،‬فمن لم يعلمهم العلوم الدينية‪ ،‬ولم يقومهم‬
‫بالخلق والداب المرضية‪ ،‬فإنه لم يمتثل ما فرض ال عليه من جهتهم‪،‬‬
‫فكيف مع هذا إذا سعى في تعليم العلوم الضارة‪ ،‬والخلق الرذيلة‪ ،‬فهذا من‬
‫أعظم الناس جرماً‪ ،‬وأقلهم ديناً وأكبرهم إثماً‪ ،‬بل ومن أضعفهم عقلً‪ ،‬فإن‬
‫الولد أكبر مغنم ومكسب للنسان‪ ،‬فكيف يرضى عاقل أن يفوّت هذا‬
‫المغنم‪ ،‬ويخسر أولده خسارة ل تجبر‪ ،‬فإن النسان إنسانٌ بدينه وأخلقه‬
‫فإذا ذهب الدين والخلق صار أضل من النعام‪ ،‬وربما وجد هؤلء الباء‬
‫الذين رضوا لولدهم التعلم في المدارس الجنبية نموذج ما عملوه معهم‬
‫معجلً‪ :‬ربما احتقروا آباءهم كما احتقروا غيرهم‪ ،‬فإن قلوبهم مملوءة كبراً‬
‫وتيهاً واحتقاراً لغيرهم‪ ،‬كما قال تعالى في مثل هذه العلوم‪( :‬إن الذي‬
‫يجادلون في آيات ال بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إل كبر ما هم‬
‫ببالغيه) [غافر‪( ،]56 :‬فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم‬
‫وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون) [غافر‪.]83 :‬‬
‫وهذا مشاهد فإنك تجد كثيراً ممن يتخرجون من المدارس الجنبية‬
‫المؤسسة على الدعوة لدينهم عندهم من الكبر واحتقار غيرهم حتى آبائهم‬
‫ومن يجب عليهم احترامه‪ ،‬ويزعمون أنهم عرفوا ما لم يعرفوا‪ ،‬وأنهم أهل‬
‫المعرفة والعلم‪ ،‬وغيرهم أهل الجهل والمية‪ ،‬وهم مع ذلك أجهل الخلق‬
‫بعلوم الدين‪ ،‬وبالعلوم النافعة التي ترفع أهلها في الدنيا والخرة كما قال‬
‫تعالى‪( :‬يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) [المجادلة‪]11 :‬‬
‫فأخبر تعالى أن الرفعة الحقيقية في الدنيا والخرة هي لمن جمع بين العلم‬
‫واليمان الصحيح‪ ،‬فهؤلء الباء الذين وضعوا أولدهم في المدارس‬
‫الجنبية قد خسروا دينهم ودنياهم‪ ،‬ول بد أن يجدوا بعض جزائهم في الدنيا‬
‫قبل الخرة‪ ،‬فويلٌ لهم من الجهتين‪ ،‬ويلٌ لهم مما أهملوهم وضيعوهم من‬
‫علوم الدين وأخلقه وأعماله‪ ،‬وويلٌ لهم من جنايتهم الكبرى إذ وضعوهم‬
‫بين يدي أعداء الدين‪ ،‬يلقون عليهم ما يريدون‪ ،‬حتى أخرجوهم من الدين‪،‬‬
‫فما ظنك بطفل أو ضعيف البصيرة إذ سلمة أهله ووضعوه بين يدي معلم قد‬
‫علِمت عداوته للدين‪ ،‬وحرصه الشديد إلى الدعوة إلى مذهبه وإلحاده‪،‬‬ ‫ُ‬
‫والحامل لوليه على هذا ضعف الدين وضعف البصيرة‪ ،‬والجهل الشديد‪،‬‬
‫ويظن بجهله أنه بذلك ينال المراتب الدنيوية‪ ،‬والوظائف الراقية‪ ،‬وهذا جهل‬
‫فاضح‪ ،‬فإن المراتب الدنيوية‪ ،‬والرياسات ل تتوقف على التعاليم بهذه‬
‫المدارس‪ ،‬وكثيراً ما تكون حائلً عن ذلك‪ ،‬كما كانت حائلً عن الدين‪ ،‬ولو‬
‫فرض وقدر حصول ما يؤملون من نيل الوظائف فل خير في مراتب ل‬
‫تنال إل بذهاب الدين والخلق فاتقوا ال في أولدكم‪ ،‬فإنهم أمانات عندكم‪،‬‬
‫ل يحل لكم أن تضيعوهم ول تهملوهم ول يحل لكم أن تضعوهم في مدارس‬
‫تهلك دينهم وأخلقهم‪ ،‬ويتبع ذلك فساد الدنيا واختلل الحوال‪ ،‬فلبد أن‬
‫ُتسْألوا عن أولدكم‪ ،‬وعما عملتم معهم‪ ،‬فانظروا رحمكم ال ماذا تجيبيون‬
‫عن هذا السؤال‪ ،‬هل تقولون‪ :‬يا ربنا حفظنا فيهم المانة‪ ،‬وبذلنا ما نستطيع‬
‫نحوهم من العناية والصيانة‪ ،‬فربيناهم بالعلوم الدينية‪ ،‬ولحظناهم بالداب‬
‫المرضية‪ ،‬وحفظناهم من كل ما يعود عليهم بالضرر في دينهم ودنياهم‪ ،‬فإن‬
‫كان هذا صدقاً فأبشروا بالرحمة والرضوان‪ ،‬وبالثواب العاجل والجل‪،‬‬
‫ولكم الهناء والتهنئة بهؤلء الولد الصالحين الذكياء البارين‪ ،‬الذين‬
‫ينفعونكم في أمور الدين والدنيا‪.‬‬
‫وإن كان الجواب بعكس هذا الجواب فبشراكم بالخيبة والخسران‪ ،‬ويا‬
‫ويحكم من الحسرة والندم‪ ،‬قد فاتكم المطلوب‪ ،‬وحصل لكم كل شر‬
‫ومرهوب‪ ،‬وغضب عليكم علّم الغيوب‪ ،‬قد خسرتم دنياكم وأخراكم‪ ،‬وفاتكم‬
‫رشدكم وتوفيقكم وهُداكم‪ ،‬فيا حسرة المفرطين‪ ،‬ويا فضيحة المجرمين‪.‬‬
‫لقد كان لكم في مدارس مملكتكم غنية كبرى عن سفركم إلى المدارس‬
‫المنحرفة التي ل تعود عليكم إل بكل شر‪.‬‬
‫ومن نعمة ال على أهل الجزيرة سلمتهم من البدع‪ ،‬ولزومهم لمذهب‬
‫السلف‪ ،‬واعتقادهم الصحيح وعافيتهم –ول الحمد‪ -‬من مذهب الماديين‬
‫الملحدين‪ ،‬وسعي حكومتهم الحثيث في فتح المدارس المتنوعة‪ :‬البتدائية‬
‫والنهائية‪ ،‬وعنايتهم في علوم الدين‪ ،‬واختيار الساتذة من خيرة الوطنيين‬
‫وخيرة الزهريين‪ ،‬وحرصهم على تعليمهم وهم في بلدهم وبين أهلهم‪،‬‬
‫حرصاً على مصالحهم‪ ،‬وصوناً لعقائدهم عن الدخول واللتحاق بالمدارس‬
‫الجنبية التي ضررها كبير على الدين والعقائد والشعب والبلد‪ ،‬وبذلهم‬
‫الموال الطائلة في سبيل هذا التعليم‪ ،‬وتنشيط المعلمين والمتعلمين بكل‬
‫وسيلة‪ ،‬أليس هذا من أكبر نعم ال عليكم‪ ،‬وأياديه الجزيلة الواصلة إليكم‪،‬‬
‫فاحمدوا ال على هذه النعم‪ ،‬واقبلوا عليها بجد واجتهاد‪ ،‬فإن فيها أكبر غنية‬
‫عن مدارس الماديين أهل اللحاد‪.‬‬
‫والحكومة –ول الحمد‪ -‬ل تزال تحث المعلمين على العناية التامة في‬
‫علوم الدين وأخلقه‪ ،‬وتلحظهم في ذلك‪ ،‬وتضم إلى علوم الدين جميع‬
‫العلوم التي تعين عليه‪ ،‬ويتوصل به إليه‪ ،‬من أنواع علوم العربية‪ ،‬وكذلك‬
‫علوم الكون التي يطلق عليها الكثير من الناس‪ :‬العلوم العصرية‪ ،‬التي‬
‫يتوصلون بها إلى المنافع والمصالح الكثيرة‪ ،‬وتقتصر منها على كل ما فيه‬
‫نفع للناس في دينهم ودنياهم‪ ،‬وكذلك تضم إليها المدارس الحربية مدارس‬
‫الدفاع التي القصد منها‪ :‬حفظ البلد‪ ،‬وعز الدين والدنيا‪ ،‬وبها قيام الجهاد‪،‬‬
‫وكل هذه المدارس ل تزال تترقى في كل وقت من كمال إلى أكمل‪ ،‬وقد‬
‫ظهر من نتائجها وثمراتها ما شاهده الناس‪.‬‬
‫والحكومة ل تزال ملحة في إدخال جميع التحسينات إليهان وأولتها‬
‫كل اهتمام‪ ،‬فنسأل ال العظيم أن يوفق الجميع حكومة وشعباً للتعاون على‬
‫البر والتقوى‪ ،‬وأن يجمع القلوب على الخير والقبال على كل مصلحة‬
‫وصلح‪ ،‬إنه جواد كريم‪.‬‬
‫إخواني المسلمين أحذركم غاية التحذير من المدارس الجنبية التي لم‬
‫تؤسس إل شركاً ومصائد يصطادون بها كل من تعلم فيها‪ ،‬ويلقونهم في هُوّة‬
‫الهلك‪ ،‬وإذا أردتم أن تعرفوا حق المعرفة نتائجها الوخيمة‪ ،‬وعواقبها‬
‫الذميمة‪ ،‬فانظروا حالة المتعلمين بها فإنهم ل يزالون في تردّ من سوء إلى‬
‫أسوأ منه‪ ،‬لنها تنهج لهم منهجاً مرسوماً على الغاية التي يريدونها‪ ،‬فإنها‬
‫تعمل على التحلل من الدين‪ ،‬ومن جميع تقاليده وأخلقه‪ ،‬وأخلق أمته‪،‬‬
‫وشعائره الدينية‪ ،‬وفضائله السامية‪ ،‬وتمسخ الجيل المتعلم بها مسخاً مشوهاً‪،‬‬
‫تربّي المتعلمين تربية تضعف عقولهم‪ ،‬وتسلب أخلقهم‪ ،‬وتتمسك بأهداب‬
‫الغرب المادية‪ ،‬وإنها حرِية أن تنتج جيلً يحيا في عزلة تامة عن كل ما‬
‫يربطه بدينه وتاريخه المجيد‪ ،‬فهي دائبة على المحو من أذهان التلميذ كل‬
‫طابع وصلة بدينهم وأمتهم‪ ،‬فهي ل تزال تنفث في عقولهم السموم القتالة‬
‫لعقائدهم وأخلقهم‪ ،‬وتفضي بالعقول الصغيرة إلى الشك والتشكيك واللحاد‪،‬‬
‫ول تزال تنفخ في عقولهم روح التعظيم لعدائهم‪ ،‬والعجاب بهم والتعبد‬
‫لهم‪ ،‬وهذه سلسلة عظيمة من سلسل الستعمار‪ ،‬يجرون به النشء المطاوع‬
‫لهم إلى كل خلق رذيل‪ ،‬ويبعدونهم عن كل خلق جميل‪.‬‬
‫ومضار المدارس الجنبية ل يمكن إحصاؤها فنسأل ال أن يوفق‬
‫المسلمين شعباً وحكومة على مقاومتها‪ ،‬والحذر والتحذير عنها بكل ممكن‪،‬‬
‫وأن يكون لهم من براهين دينهم ما يقاومون به كل شبهة وشك وتشكيك‪،‬‬
‫ول شك أن هذا من أعظم الجهاد وأفرضه‪ .‬وال الموفق‪ ،‬وصلى ال على‬
‫محمد‪.‬‬
‫قال ذلك وكتبه الفقير إلى ال‪ :‬عبدالرحمن بن ناصر بن سعدي‪،‬‬
‫حرره في ‪ 5‬ذي القعدة ‪ 1374‬وصلى ال على محمد وآله وصحبه وسلم"‬
‫انتهى‪.‬‬
‫‪ -16‬ولما وقعت نازلة المدارس العالمية –الجنبية الستعمارية‪ -‬في‬
‫هذه البلد‪ ،‬كتب رجل التعليم‪ ،‬وأستاذ الجيل‪ ،‬الستاذ‪ /‬عبدالعزيز بن‬
‫عبدالرحمن الثنيان مقالة بعنوان‪" :‬السيوف الخفية" نشرت في جريدة‬
‫الجزيرة في العدد‪ 11514 /‬بتاريخ‪ ،15/11/1420 :‬منها‪:‬‬
‫"سألني صديق طلب المشورة والرأي عن المدرسة التي يسجل فيها‬
‫أبناءه؟‬
‫قلت‪ :‬أرى أن تلحقه بالمدارس الحكومية‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأين أبناؤك؟‬
‫قلت‪ :‬جميعهم في المدارس الحكومية‪.‬‬
‫قال‪ :‬وما رأيك في المدارس الهلية؟‬
‫قلت‪ :‬فيها الجيد وما دون ذلك وهي كالمدارس الحكومية تتفاوت من‬
‫حيث الدارة وهيئة التدريس وبيئة المدرسة‪.‬‬
‫قال‪ :‬والمدارس الجنبية؟‬
‫قلت‪ :‬تلك السيوف الخفية التي انبهر بها بعض الباء وظنوا أن لها‬
‫تميزاً وتفوقاً بل ونادى البعض بالتوسع فيها والترخيص لها بأن تفتح أبوابها‬
‫لكل راغب وتلك نظرة قاصرة ورؤية المغلوب للغالب والضعيف للقوي‪.‬‬
‫قال‪ :‬وكيف تصفها بالسيوف الخفية؟‬
‫قلت‪ :‬لنها تفرّق ول تجمع وتُشتّت ول توحد‪.‬‬
‫قال‪ :‬ولماذا؟‬
‫قلت‪ :‬تعلم أن موحد المملكة وبطلها الملك عبدالعزيز طيب ال ثراه‬
‫جمع المملكة بعد شتات ووحد صفوفها بعد تفرق وجاء التعليم ليؤكد الوحدة‬
‫ويجمع الصف‪ ،‬فحين كنت في موقع المسؤولية بوزارة المعارف كانت‬
‫سعادتي تزداد نشوة حين أزور المدارس في مختلف المدن والقرى وأجد‬
‫الطلب يقرأون منهجاً يجمعهم وكتباً توحدهم وكم كنت أسعد بسؤال ابنائنا‬
‫في تلك المناطق عن محافظات المملكة وعن تاريخنا… فألقاهم يجيبون‬
‫إجابة واحدة وأرى المدارس تتبارى في ربط أبناء المجتمع بثقافتهم‬
‫السلمية وحضارتهم العربية‪ ...‬وتنشر بينهم ثقافة متجانسة تبني شخصيتهم‬
‫وتقوي ولءهم للمجتمع والقيادة‪.‬‬
‫قال‪ :‬ومناهج المدارس الجنبية؟‬
‫قلت‪ :‬مناهج تلك المدارس ذات ارتباط بأصولها فهي تطرح ثقافات‬
‫المجتمعات التي تمثلها والتعليم في تلك المدارس وإن كان الجانب المادي‬
‫فيها أقوى واثرى إل أن الجانب الروحي‪ ..‬أفقر وأجدب والتعليم فيها يتجاهل‬
‫الدين السلمي واللغة العربية‪ ،‬فضلً عن التاريخ السلمي‪...‬‬
‫قال‪ :‬وماذا يترتب على ذلك؟‬
‫قلت‪ :‬تخرج أجيالً متنافرة فاقدي الهوية متعددي التجاهات مختلفي‬
‫التوجهات وتوجد بيننا من انتماؤه للثقافة المريكية وآخر للفرنسية وثالث‬
‫لللمانية… وهكذا‪.‬‬
‫قال‪ :‬وماذا سيكون؟‬
‫قلت‪ :‬يكون الهدم والبلء‪ ،‬والتنافر والتناحر والزدراء والسخرية بين‬
‫كل فريق وآخر ويتشتت الجتماع وتنفر القلوب وتتمزق الوحدة التي أرسى‬
‫قواعدها الملك الموحد –رحمه ال‪.-‬‬
‫قال‪ :‬إذاً أبارك رأيك فالمدارس الجنبية سيوف خفية يجب الحذر‬
‫منها؟‬
‫قلت‪ :‬وأحمد ال فولة المور والقائمون على التعليم يدركون ذلك‬
‫وجمهرة من الكتاب يرون هذا الرأي فالقوة الحقيقية هي في بناء الذات وفي‬
‫العتزاز بالهوية السلمية واللغة العربية… هذا وبال التوفيق"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫‪ -17‬وفي صحيفة السلم العدد‪ 1/1352/‬ما نصه‪:‬‬
‫"قرار هيئة كبار العلماء بالزهر الشريف فيما يجب على المة‬
‫السلمية اتخاذه إزاء أعمال المبشرين‪:‬‬
‫في يوم الثنين ‪ 3‬من ربيع الول سنة ‪ 26( 1352‬من يونية سنة‬
‫‪1933‬م) اجتمعت هيئة كبار العلماء بالجامع الزهر الشريف تحت رياسة‬
‫حضرة صاحب الفضيلة الستاذ الكبر شيخ الجامع الزهر بناء على‬
‫الدعوة الموجهة إليهم من فضيلته‪.‬‬
‫وقد عرض عليهم فضيلته في هذا الجتماع ما استفاضت به الخبار‬
‫من قيام (المبشرين) بتنصير أبناء المسلمين وفتياتهم في مختلف الجهات بما‬
‫يتخذونه من وسائل الحيل والخديعة والغراء تارة وضروب العنف‬
‫والرهاب تارة أخرى وبعد البحث والمداولة قررت الهيئة ما يأتي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬مطالبة الحكومة بأن تسن تشريعاً حازماً حاسمًا يجتث بذور هذا‬
‫الفساد ويستأصل شأفة هذا المرض الوبيل الفتاك كي يطمئن المسلمون على‬
‫الدين السلمي القويم والقرآن المجيد‪ ،‬وكي يكون أولدهم وإخوانهم‬
‫وأقاربهم في مأمن من أن تصل إليهم يد بالعتداء أو الغراء لتحويلهم عن‬
‫دينهم‪.‬‬
‫وقد عهدت في تنفيذ ذلك إلى حضرة صاحب الفضيلة الستاذ الكبر‬
‫شيخ الجامع الزهر ليقوم بمطالبة الحكومة بسن هذا التشريع‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬إصدار البيان التي‪:‬‬
‫بيان إلى المة السلمية من هيئة كبار العلماء بالزهر الشريف‪:‬‬
‫أيها المسلمون‪ .‬لقد استفاضت الخبار بما يعمله هؤلء الذين يسمون‬
‫أنفسهم (مبشرين) وعمت البلد من أولها إلى آخرها‪ ،‬ووصل إلى علمكم‬
‫أنهم يتخذون الوسائل الفظيعة إلى تنصير أطفال المسلمين‪ ،‬وضعفاء العقول‬
‫منهم‪ ،‬وأنهم ل يخجلون من ارتكاب ما ل يجيزه عقل ول فطرة‪ ،‬وما يحمر‬
‫منه وجه المروءة والفضيلة‪ ،‬ويجعلون ذلك طريقاً لخراج الشاب المسلم‬
‫الضعيف الدراك عن دينه‪.‬‬
‫فإذا أعيتهم الحيلة عمدوا (على ما جاء في الصحف) إلى التخدير‬
‫والتنويم‪ ،‬فإذا لم يفدهم هذا عمدوا إلى الرهاب والتعذيب حتى يصلوا إلى‬
‫بغيتهم‪.‬‬
‫ولقد انبث هؤلء المبشرون في المدن والقرى‪ ،‬وأتقنوا الحيل فظهروا‬
‫أمام ضعفاء العقول بمظهر رسل الرحمة‪ ،‬فأنشئوا المستشفيات تقبل‬
‫المرضى وتعالجهم مجاناً‪ ،‬وأنشئوا المدارس تقبل أولد الفقراء وتعلمهم بل‬
‫مقابل‪ ،‬وبنوا الملجئ تقبل المعوزين وتوسع عليهم في النفقة – عمل‬
‫ظاهره فيه الرحمة وباطنة فيه الختل والخداع‪.‬‬
‫فأقبل ضعفاء الدراك والعقول على مستشفياتهم ومدارسهم وملجئهم‬
‫ورائدهم حسن النية‪ ،‬ل يدرون أن وراء الكمة ما وراءها‪.‬‬
‫إنهم أيها المسلمون‪ ،‬يتخذون من هذه المستشفيات والمدارس‬
‫والملجئ شباكاً يصطادون بها ضعفاء العقول من الطفال والمرضى‬
‫والفقراء والمعوزين‪.‬‬
‫أما في المستشفيات فإن المبشرين ينتهزون من مرض المسلم وفقره‬
‫وضعفه وحاجته إلى الصحة فرصة لزحزحته عن دين السلم‪.‬‬
‫وأما في المدارس فإنهم يعلمون أولد المسلمين أموراً هي ضد الدين‬
‫السلمي وضد محمد صلى ال عليه وسلم وضد القرآن الكريم‪ ،‬يبثون ذلك‬
‫في الدروس كالسم في الدسم‪ ،‬ويصورون للطفال محمداً صلى ال عليه‬
‫وسلم تصويرًا مخيفاً مزعجاً‪ .‬ويفترون على الدين؛ والقرآن المجيد ما شاءوا‬
‫أن يفتروا‪ ،‬ويرغمون هؤلء الطفال على تأدية صلواتهم معتمدين في ذلك‬
‫كله على أن الطفال ضعفاء الدراك يسهل تشكيكهم وتحويلهم عن دينهم‪.‬‬
‫وأما في الملجئ فإنهم يتصيدون الفقراء الذين مسهم الضر‪ ،‬ثم‬
‫يضعونهم فيها فيطعمونهم ويكسونهم وعند ذلك يتصرف المبشرون في‬
‫عقائدهم الدينية حتى يخرجوهم من دين السلم‪.‬‬
‫فإذا تم لهم ما أرادوا اجتهدوا في قطع صلة من َنصّروه بأهله وذوي‬
‫قرابته وربما غربوه إلى البلد البعيدة التي ل يرجع منها إلى بلده‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬إن مما فرضه ال على العلماء أن يذكروكم بما يوجبه‬
‫السلم عليكم نحو هذه العمال الضارة بدينكم وأولدكم وإخوانكم وأمتكم‪.‬‬
‫فالواجب عليكم شرعاً أن تحبطوا أعمال المبشرين‪ .‬وتباعدوا بينهم‬
‫وبين أولدكم الذين هم فلذات أكبادكم‪.‬‬
‫يوجب عليكم السلم أن تنبذوا وتهجروا كل من يعرض ابنه أو بنته‬
‫أو قريبه للدخول في هذه الماكن الخبيثة والبيئات الضالة المضلة‪.‬‬
‫إن من يدخل ولده أو مريضه في هذه الماكن الموبوءة بعد أن‬
‫افتضح أمرها وتبينت العمال المروعة التي ترتكب فيها لهو الرجل‬
‫المحتقر في نظر الدين بل الخارج من حظيرة السلم إن كان عالمًا بتلك‬
‫النتائج التي يقصدها المبشرون راضياً بها‪.‬‬
‫فيجب عليكم معاشر المسلمين أن تهجروه ول تمكنوه من معاملتكم‬
‫ول يكون له في قلوبكم أي ميل أو عطف حتى يشعر بعظم ما ارتكب في‬
‫حق دينه وأولده وعشيرته فيفيء إلى أمر ال ويرجع عن غيه ويخرج‬
‫صغيره أو قريبه من الظلمات إلى النور‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬هل ترضون لولدكم وإخوانكم أن يتخذوا غير‬
‫السلم دينًا وال تعالى يقول‪( :‬ومن يبتغ غير السلم ديناً فلن يقبل منه‬
‫وهو في الخرة من الخاسرين)‪.‬‬
‫وهل يسوغ لكم أن تسلموا أولدكم إلى طائفة المبشرين وتخدعكم‬
‫حيلهم وال تعالى يقول‪( :‬يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا‬
‫الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين)‪.‬‬
‫وهل ترضون لبناتكم المسلمات أن يكن زوجات لمن ليسوا على دين‬
‫السلم فيتصرفوا في أعراضهن ودينهن أين نخوتكم السلمية وأين‬
‫غيرتكم على دينكم وأحسابكم وأنسابكم الكريمة‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬إذا أنتم تهاونتم في أمر دينكم فماذا يكون موقفكم غداً‬
‫بين يدي ال تعالى‪( :‬يوم ل تجزي نفسٌ عن نفسٍ شيئاً) أيها المسلمون‪ :‬لقد‬
‫علمتم أن أعمال هؤلء المبشرين قامت على المستشفيات والمدارس‬
‫والملجئ ينشئونها في المدن والقرى ويتصيدون لها من هنا ومن هنا من‬
‫أوقعهم الفقر وسوء الحظ في حبائلهم‪.‬‬
‫فالسلم يوجب عليكم أن تجتثوا الوباء من أساسه فتنشئوا مثل هذه‬
‫المستشفيات والمدارس والملجئ وتقوموا بالنفقة عليها إنقاذاً لدينكم‬
‫وأعراضكم ومنعاً لفقرائكم ومعوزيكم من الذهاب إلى تلك المكنة الموبوءة‬
‫التي علمتم أغراض المبشرين من إنشائها‪.‬‬
‫قال ال تعالى‪( :‬وأنفقوا في سبيل ال ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة‬
‫وأحسنوا إن ال يحب المحسنين) وقال تعالى‪( :‬وأنفقوا من ما رزقناكم من‬
‫قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لول أخرتني إلى أجل قريب فأصدق‬
‫وأكن من الصالحين) وقال تعالى‪( :‬مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل ال‬
‫كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة وال يضاعف لمن يشاء‬
‫وال واسع عليم)‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬إن إنقاذ الدين السلمي وأولد المسلمين بإنشاء مثل‬
‫هذه المستشفيات والمدارس والملجئ والنفاق عليها واجب على المة‬
‫السلمية حكومة وشعباً على اختلف الطبقات وفي المقدمة العلماء كل‬
‫بحسب قدرته وما يستطيع بذله – وواجب العلماء أن يبذلوا أموالهم‬
‫ونصحهم وإرشادهم الناس بالحجة والبرهان إلى معرفة ما يوجبه الدين‬
‫السلمي عليهم في هذا المر‪.‬‬
‫وواجب الحكومة التي تعنى بالمحافظة على الرواح والموال أن‬
‫تقوم بحراسة الدين وأن تنقذ أولد المسلمين من مخالب المبشرين وأن تضع‬
‫تشريعاً حاسماً يستأصل ضلل المبشرين من الدولة المصرية‪( .‬ومن أحسن‬
‫قولً ممن دعا إلى ال وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫"وقد أيد هذا القرار الحكيم جميع الهيئات الدينية والعلمية بالقطر‬
‫المصري ولبى نداء هذا الواجب المقدس الثراة والوجهاء فتبرعوا بمبالغ‬
‫طائلة تحت إشراف لجان منظمة وستوحد الجهود لتخاذ القرارات الحكيمة‬
‫في إنشاء ما يعود على المة بالخير والسعادة(‪.")1‬‬
‫‪ -18‬قرار من العلماء في كلية الشريعة السلمية‪:‬‬
‫في يوم الثلثاء ربيع الول ‪ 27( 1352‬يونية سنة ‪ )1933‬اجتمع‬
‫حضرات أساتذة كلية الشريعة السلمية برياسة حضرة صاحب الفضيلة‬
‫الستاذ الجليل الشيخ محمد مأمون الشناوي شيخ الكلية‪ ،‬وتداولوا فيما يقوم‬
‫به المبشرون من أعمال تنفر منها العقول السليمة‪ ،‬وفيما يجب على‬
‫المسلمين عامة والعلماء منهم خاصة نحو ذلك فأصدروا البيان التي‪:‬‬
‫"اطلعنا على القرار الحكيم الذي أصدرته هيئة كبار العلماء بالزهر‬
‫الشريف في شأن التبشير والمبشرين فوجدناه قد كشف الداء ووصف الدواء‬
‫وأبان عن حكم ال ورسم للمسلمين المحجة البيضاء – ول عذر بعد البيان‪.‬‬

‫() هذا ويسرنا أن نسجل في مقدمة المتبرعين حضرات أصحاب الفضيلة الستاذ الكبر‬ ‫‪1‬‬

‫الشيخ الحمدي الظواهري شيخ الجامع الزهر فقد تبرع بمبلغ ‪ 200‬جنيه والستاذ الشيخ‬
‫عبدالمجيد سليم مفتي الديار المصرية بمبلغ ‪ 100‬جنيه وكل من الشيخ محمد عبداللطيف‬
‫الفحام وكيل الجامع الزهر والشيخ حسين والي بمبلغ ‪ 50‬جنيهاً وغير ذلك مما ل يقع تحت‬
‫حصر‪ .‬ول تزال المشيخة جادة الن في طبع إيصالت تعطى للمتبرعين وستذيع قريباً أسماء‬
‫حضراتهم والمبالغ التي اكتتبوا بها‪.‬‬
‫ول يفوتنا أن ننوه بالشكر الجزيل لحضرات المائل الغيورين من أهالي بلد القطر‬
‫الذي ساهموا بقسط وافر في المساعدة بأموالهم الطائلة والمثل الكامل منهم كبير سراة المنيا‬
‫فقد تبرع بثمانية عشر فداناً من أجود الفدنة لجماعة الدفاع عن السلم – وفق ال العاملين‬
‫لنصرة دينه‪.‬‬
‫وإنا لنؤيد ذلك القرار‪ ،‬ونرى أنه هو الدواء الحاسم لصد عدوان‬
‫المبشرين‪ .‬ونضم صوتنا إلى صوت هيئة كبار العلماء في مطالبة أولي‬
‫المر بسن تشريع حازم حاسم يقطع على أولئك المهرجين سبيلهم ويطمئن‬
‫المسلمين على دينهم وعلى أطفالهم وذوي الحاجة والضعفاء منهم‪.‬‬
‫وإن الحكومة إذ تسن هذا التشريع تعمل على صون المن في البلد‬
‫وعلى إطفاء نار الفتنة التي يوقدها هؤلء المبشرون دائماًن بما يرتكبون من‬
‫استهواء أبناء المسلمين‪ ،‬وصرفهم عن دينهم‪ ،‬واستعمال وسائل غير‬
‫مشروعة من إغراء القاصرين والقاصرات تارة‪ ،‬ومن ضربهم وسجنهم‬
‫تارات أخر‪ ،‬إلى غير ذلك من العمال التي تهيج شعور المسلمين‪ ،‬وتثير‬
‫الفتن والقلقل‪ ،‬وإن تشريعاً يحفظ على المة السلمية دينها لهو عمل‬
‫إنساني جليل يصون المبادئ السامية ويعزز الفضيلة ومكارم الخلق‬
‫وينشر السلم بين الناس جميعاً‪ .‬فالسلم دين السلم والمحبة والوئام‪.‬‬
‫وإننا ندعو المة كما دعاها هيئة كبار العلماء أل يدخلوا أبناءهم‬
‫وبناتهم مدارس المبشرين ول ملجئهم ول مستشفياتهم‪ .‬لنهم يسلبونهم فيها‬
‫أعز شيء لديهم وهو دينهم وذلك هو الخسران المبين‪.‬‬
‫وندعو المة كلها إلى أن يتواصوا فيما بينهم بالنصح والرشاد في أن‬
‫يمتنعوا من معاملة هؤلء النفر الذين يرسلون أبناءهم إلى مدارس المبشرين‬
‫بعد أن ظهر للعيان ضررها البليغ على الدين وبعد أن تبينت مقاصد هذه‬
‫الفئة التي سمت نفسها بالمبشرين وأن يتوخوا في ذلك سبيل الحكمة‬
‫والسكينة والهدوء‪ .‬وليتنبهوا إلى أن أي اعتداء على أي شخص هو أكبر‬
‫عقبة في سبيل العاملين للدين‪.‬‬
‫كما أننا ندعو أغنياء المة وموسريها أن ينموا فيها عاطفة الرحمة‬
‫بالفقراء والضعفاء ببذل اليسير مما أنعم ال عليهم به من الموال في سبيل‬
‫إنقاذ هؤلء البائسين من هواة الفساد‪.‬‬
‫وسنكون من أول الباذلين لموالهم في هذه السبيل (الراحمون‬
‫يرحمهم الرحمن)‪.‬‬
‫ساهموا أيها المسلمون في بناء المستشفيات والملجئ والمدارس‬
‫ليواء إخوانكم وأبنائكم وذوي الحاجة منكم‪ ،‬ول تلجئوهم إلى أن يدخلوا في‬
‫تلك النار المستعرة مضطرين في صورة مختارين (وقل اعملوا فسيرى ال‬
‫عملكم ورسوله والمؤمنون)" انتهى‪.‬‬
‫‪ -19‬وفي صحيفة السلم‪ /‬العدد‪ 22 /‬عام ‪ 1352‬ما نصه‪:‬‬
‫"نداء من مشيخة الزهر عن‪ :‬معاهد المبشرين‬
‫تلقينا من مشيخة الزهر النداء التي ننشره فيما يلي بحروفه‪:‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬السلم عليكم ورحمة ال وبعد‪ .‬فقد قامت هيئة كبار‬
‫العلماء وقادة الرأي في المة يحذرونكم من دور التعليم التبشيرية التي‬
‫ظاهرها خدمة العلم وباطنها فتنة المسلمين عن دينهم‪ ،‬وكان ذلك إجماعاً من‬
‫المة على اختلف هيئاتها وطبقاتها‪ ،‬والن وقد دخل العام الدراسي يرى‬
‫شيخ الجامع الزهر ورئيس هيئة كبار العلماء من الواجب الديني عليه أن‬
‫يذكر المة بالواجب عليها شرعاً من وجوب تجنب هذه المعاهد‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪:‬‬
‫هاهي ملجئ الحكومة قد فتحت أبوابها فليلجها من به حاجة إليها‪،‬‬
‫وهاهي ذي مدارس الدولة فليتقدم آباء التلميذ بأولدهم إليها وليبتعدوا عن‬
‫تلك المدارس التي تحول أبناءهم عن دينهم‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬أل كلكم راعٍ وكلكم مسؤول‬
‫عن رعيته‪ ،‬فالمام الذي على الناس راع عليهم وهو مسؤول عنهم‪،‬‬
‫والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم‪ ،‬والمرأة راعية على بيت‬
‫بعلها وولدها وهي مسؤولة عنهم‪ ،‬والعبد راع على مال سيده وهو مسؤول‬
‫عنه‪ ،‬وكلكم راع ومسؤول عن رعيته"‪.‬‬
‫ومن رعاية الرجل على أهل بيته وهو مسؤول عنها أن يحسن القيام‬
‫على تربية أبنائه وأن ينشئهم على الخلق الفاضلة وأن يحفظ عليهم دينهم‬
‫وأل يعرضهم لكل ما يفتنهم عن دينهم‪.‬‬
‫وقد ثبت أن بعض هذه المدارس تنتهز فرصة ضعف أولدكم‬
‫وتشككهم في دينهم‪ ،‬وتحط من قدر نبيهم وتكون النتيجة إما أن يعيشوا بل‬
‫دين‪ ،‬وإما أن يستبدلوا ديناً غير السلم بدين السلم‪ ،‬فأنتم مسؤولون عن‬
‫ذلك غداً بين يدي ال تعالى فيقال لكم‪ :‬لماذا دفعتم أبناءكم وهم ضعفاء لمن‬
‫يفتنونهم عن دينهم ويردونهم بعد إيمانهم كافرين؟‬
‫إذا كانت شفقتكم البوية تدفعكم إلى أن تكدوا لبنائكم وتجمعوا لهم‬
‫العقار والرضين ليسعدوا في الدنيا وينجوا من شقائها فأحرى بهذه الشفقة‬
‫نفسها أن تدفعكم إلى حفظ دين أبنائكم لتحرزوا لهم سعادة الخرة ولتنجوهم‬
‫من شقائها وعذابها وليحرزوا السعادتين وينالوا الحسنيين‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪:‬‬
‫إننا ل نجد بدّا من أن نسدي إليكم النصح خالصاً ونتلو عليكم (كذا)‬
‫حكم ال (كذا) الرهيب فيمن أدخل أولده في هذه المدارس‪ .‬إن من أدخل‬
‫ولده أو قريبه من هذه الدور وهو يعلم أنها أعدت لخراج الناس من دينهم‬
‫فهو مرتد عن السلم (كذا) لم يكن ال ليغفر له ول ليهديه سبيلً (كذا) أل‬
‫قد بلغت اللهم فاشهد ليعلم الشاهد الغائب‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪:‬‬
‫ليست المضار الناجمة من دخول هذه المدارس مقصورة على‬
‫المسلمين في أمر آخرتهم بل هي تتعداه إلى أمر دنياهم وإننا نعيذكم بال من‬
‫يوم تشطر فيه السرة المصرية شطرين‪ ،‬شطر يدين بدين الباء والجدود‬
‫وهو دين السلم وشطر آخر يتشكك في الديان كلها أو يدين بدين يتلقفه‬
‫من هذه البيئات فيقع في السرة بقدر هذا الختلف فتنفصم العرى وتنحل‬
‫القوى ويقع في المة من الفرقة بقدر ما وقع في السرة نسأل ال أن ل‬
‫يكون فأبعدوا هذا اليوم ول تصوبوا سهامكم إلى نحوركم ول تلقوا بأيديكم‬
‫إلى التهلكة فإنه ليس أحمق من أمة تسعى بقدمها إلى هلكها وتبحث عن‬
‫حتفها بظلفها‪.‬‬
‫(هذا بلغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا‬
‫اللباب)" انتهى‪.‬‬
‫‪ -20‬فتوى رقم (‪ )4172‬وتاريخ ‪ 4/12/1401‬من اللجنة الدائمة‬
‫للبحوث العلمية والفتاء بالمملكة العربية السعودية‪:‬‬
‫الحمد ل وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪ .‬وبعد‪ :‬فقد‬
‫اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء على ما ورد إلى سماحة‬
‫الرئيس العام من المستفتي… وقد سأل المستفتي عن خمسة عشر سؤالً‪،‬‬
‫وبعد دراسة اللجنة لسئلة المستفتي أجابت عن كل سؤال عقبه بما يناسبه‪:‬‬
‫ومنها‪" :‬ما الحكم أن يأخذ رجل ابنه أو ابنته‪ ،‬ويسجله في مدرسة‬
‫فرنسية‪ ،‬أو إنجليزية المخالفتين لتعاليم الدين مع زعمه أنه مسلم وأنه يختار‬
‫لهم مستقبلً حسناً‪.‬‬
‫ج‪ :‬يجب على الوالد أن يربي أولده ذكورًا وإناثاً تربية إسلمية‪،‬‬
‫فإنهم أمانة بيده‪ ،‬وهو مسؤول عنهم يوم القيامة‪ ،‬ول يجوز له أن يدخلهم‬
‫مدارس الكفار؛ خشية الفتنة وإفساد العقيدة والخلق‪ ،‬والمستقبل بيد ال جل‬
‫وعل‪ ،‬يقول ال جل وعل‪( :‬ومن يتق ال يجعل له من أمره يسرا)‪ .‬ولقد‬
‫صدرت فتوى من اللجنة في الموضوع نرفق لك صورة منها" انتهى‪.‬‬
‫‪ -21‬فتوى رقم (‪ )20262‬وتاريخ ‪ 3/3/1419‬من اللجنة الدائمة‬
‫بالمملكة العربية السعودية‪:‬‬
‫الحمد ل وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء على ما ورد إلى‬
‫سماحة المفتي العام من المستفتي‪ …/‬والمحال إلى اللجنة من المانة العامة‬
‫لهيئة كبار العلماء برقم (‪ )1514‬وتاريخ ‪ .21/2/1419‬وقد سأل المستفتي‬
‫ل هذا نصه‪( :‬اتصل بي أحد الصدقاء من الرياض يسأل ويقول يوجد‬ ‫سؤا ً‬
‫لدي عمارة معروضة لليجار‪ ،‬وقد طلبت السفارة الفليبينية استئجارها‬
‫لجعلها مدارس خاصة بأولدهم وهم غير مسلمين‪ ،‬فهل يجوز لي تأجيرها‬
‫عليهم أم ل‪ ،‬أفتونا‪ ،‬وجزاكم ال خير الجزاء…)‪.‬‬
‫وبعد دراسة اللجنة للستفتاء أجابت بأنه ل يجوز لك تأجير الفلة‬
‫المذكورة مدرسة يعلم فيها دين غير دين السلم لن هذا من التعاون على‬
‫الثم والعدوان الذي نهى ال عنه بقوله سبحانه‪( :‬وتعاونوا على البر‬
‫والتقوى ول تعاونوا على الثم والعدوان واتقوا ال إن ال شديد العقاب)‪.‬‬
‫ومن ترك شيئاً ل عوضه ال خيراً منه‪ ،‬ونشكرك على اهتمامك وسؤالك‬
‫عما يبرئ ذمتك وبال التوفيق‪.‬‬
‫وصلى ال على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم…‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبدالعزيز‬ ‫عبدال بن عبدالرحمن الغديان عبدالعزيز بن عبدال بن محمد آل الشيخ‬
‫بن عبدال بن باز‬
‫عضو‬ ‫عضو‬
‫صالح بن فوزان الفوزان‬ ‫بكر بن عبدال أبو زيد‬
‫‪ -22‬بيان من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء عن حكم فتح‬
‫المدارس الجنبية في بلد المسلمين‪:‬‬
‫الحمد ل والصلة والسلم على من ل نبي بعده نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء على ما ورد إليها‬
‫من كتابات وأسئلة واستفسارات حول ظاهرة شيوع المدارس والكليات‬
‫الجنبية في بلد المسلمين والمراد بها‪ :‬تلك المدارس التي أسست على غير‬
‫تقوى من ال ورضوان وإنما أسست على مناهج إفرنجية ل تمت إلى‬
‫السلم ولغته وتاريخه بصلة‪.‬‬
‫ول يخفى على كل مسلم نوّر ال بصيرته شدة عداوة اليهود‬
‫والنصارى للمسلمين وأنهم ل يزالون يكيدون للسلم وأهله ليلً ونهاراً‬
‫ويعملون الخطط والشباك للوقيعة بالمسلمين وإخراجهم من دينهم الحق إلى‬
‫شعب الغواية والضلل!! فصارعوا المسلمين بالغزو المسلح أحقاباً من‬
‫الزمن‪ ،‬ثم أخذوا يدسون الشبهات على العقول المسلمة في عقيدتهم وقرآنهم‬
‫ونبيهم وهو ما اصطلح عليه بالغزو الفكري أو الثقافي حتى آلت النوبة إلى‬
‫طعن المسلمين في أجيالهم وعقولهم صراحة عن طريق فتح المدارس‬
‫والكليات ذات الصبغة اللحادية من جهة والباحية من جهة أخرى‪ .‬فنشطوا‬
‫في العناية بها شكلً ومضموناً لجذب عدد أكبر من عامة المسلمين‬
‫لضللهم وإغوائهم وجدّوا إلى تكثيرها والدعاية لها حتى أصبح لها في كل‬
‫بلد إسلمي منارة وصوت وتخرج فيها من أولد المسلمين ذكورًا وإناثاً ما‬
‫تتجرع المة بسببهم أصناف النحلل العقدي والخلقي والسعي في قذف‬
‫المة في محاضن أعدائها وحسبنا ال ونعم الوكيل‪ ،‬وقد قام ثلة من علماء‬
‫القطار السلمية –شكر ال سعيهم‪ -‬في الشام ومصر والجزيرة العربية‬
‫وغيرها ببيان خطر هذه المدارس على المسلمين وأنها امتداد للهجمات‬
‫الشرسة من أعدائهم للقضاء على السلم في قلوب المسلمين وحياتهم‪.‬‬
‫وامتداداً لتلك الجهود المباركة من علماء المة فإن اللجنة الدائمة للبحوث‬
‫العلمية والفتاء تقرر ما يلي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬فتح المدارس والكليات الجنبية في بلد المسلمين وسيلة من‬
‫وسائل الغزو المنظم ضد المسلمين من قبل أعدائهم ل سيما "المنصّرون"‬
‫وأنها خطة خبيثة كشف عن حقيقتها الغيورون على مصالح هذه المة‪.‬‬
‫وسبق أن صدر من هذه اللجنة فتوى برقم (‪ )20096‬وتاريخ‬
‫‪ 22/12/1418‬في التحذير من وسائل التنصير ومنها‪ :‬فتح المدارس‬
‫الجنبية في بلد المسلمين‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬بناءً على ما تقدم فإنه ل يجوز للمسلمين فتح المدارس والكليات‬
‫الجنبية ول تشجيعها ول الرضا بها ول إدخال أولد المسلمين فيها لنها‬
‫من وسائل الهدم والتدمير للعقيدة السلمية والخلق السوية وهذا ضرر‬
‫ظاهر وفساد محقق يجب دفعه وسد الذرائع الموصلة إليه‪ ،‬ويزداد المر‬
‫تحريماً فتح هذه المدارس في جزيرة العرب لما ثبت عن النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم أنه قال‪" :‬ل يجتمع دينان في جزيرة العرب" ولنه صلى ال‬
‫عليه وسلم أوصى بإخراج الكفار منها‪.‬‬
‫ثالثاً‪ :‬ل يجوز بناء ول تأجير الماكن والمحلت للمدارس والكليات‬
‫الجنبية لن ذلك من التعاون على الثم والعدوان وال عز وجل يقول‪:‬‬
‫(وتعاونوا على البر والتقوى ول تعاونوا على الثم والعدوان واتقوا ال إن‬
‫ال شديد العقاب) وسبق أن صدر من هذه اللجنة فتوى برقم (‪)20262‬‬
‫وتاريخ ‪ 3/3/1419‬تقضي بتحريم ذلك‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬يجب على جميع المسلمين رعاةً ورعيةً العناية بتعليم الولد‬
‫ذكورًا وإناثاً السلم الحق عقيد ًة وأحكامًا وأخلقًا وآداباً‪ ،‬ول يجوز تفريغ‬
‫برامج التربية والتعليم من ذلك ول مزاحمة دين السلم بغيره من العقائد‬
‫والمذاهب والراء الباطلة‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬ليعلم كل مسلم استرعاه ال رعية أن ال عز وجل سيسأله‬
‫عن هذه المانة التي حملها فإن كان أداها على الوجه الكمل ونصح لها‬
‫فليحمد ال‪ ،‬وإن كان غير ذلك فل يلومن إل نفسه‪ ،‬قال ال تعالى‪( :‬يا أيها‬
‫الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة)‪ .‬وقال النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم‪" :‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"‪ ،‬وقال أيضاً‬
‫عليه الصلة والسلم‪" :‬ما من عبدٍ يسترعيه ال رعيةً يموت يوم يموت‬
‫وهو غاش لرعيته إل حرّم ال عليه الجنة"‪.‬‬
‫نسأل ال عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين وأن يبطل كيد الكائدين‬
‫وأن يتوفانا مسلمين إنه على كل شيء قدير‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‪،‬‬
‫وصلى ال وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫الرئيس‬ ‫عضو‬
‫عبدالعزيز بن عبدال بن محمد آل‬ ‫عبدال بن عبدالرحمن الغديان‬
‫الشيخ‬
‫عضو‬ ‫عضو‬
‫صالح بن فوزان الفوزان‬ ‫بكر بن عبدال أبو زيد‬
‫البيان التاسع‬
‫حكم الشريعة السلمية في المدارس الجنبية المبني على‬
‫النصوص الشرعية والقواعد والمقاصد العامة‬

‫أولً‪ :‬وجوب إعلن إنكارها والبراءة منها‪:‬‬


‫يجب على كل مسلم أن يبغض المنكر إذا رآه وأن يسعى في إزالته‬
‫حسب استطاعته‪ ،‬ومن لم يبغض المنكر ولم ينكره فل خير فيه كما أخبر‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم بذلك في قوله‪" :‬من رأى منكم منكراً فليغيره‬
‫بيده‪ ،‬فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم يستطع فبقلبه وليس وراء ذلك من‬
‫اليمان حبة خردل"‪.‬‬
‫ول يستريب مؤمن بعد أن يعرف حال المدارس الجنبية وآثارها‬
‫السيئة على المسلمين أفراداً وجماعات وأمة أنها من أعظم المنكر فيجب‬
‫بغضها وإنكارها وإعلن البراءة منها‪.‬‬
‫ثانياً تحريم الذن بفتحها‪:‬‬
‫ل يجوز لهل السلم تمكين أهل الكفر والضلل والنحل الباطلة من‬
‫يهود ونصارى ومجوس وملحدة وغيرهم من الدعوة إلى باطلهم والذن‬
‫لهم بفتح المكاتب والمؤسسات من أجل ذلك‪ ،‬ومنها المؤسسات التعليمية‬
‫على كافة المستويات‪ ،‬ابتداءً من رياض الطفال وانتهاءً بالجامعة؛ لن في‬
‫ذلك إباحة للردة عن السلم‪ ،‬والرضا بما يخالف الدين الحق‪ ،‬وفي ذلك‬
‫ظهور للكفر على اليمان‪ ،‬وهذا يضاد مقصود الرسالة المحمدية‪ ،‬قال ال‬
‫تعالى‪( :‬هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله‬
‫ولو كره المشركون) [التوبة‪ ]33 :‬كما أن كل مبدأ واعتقاد يخالف السلم فهو‬
‫مشتمل على الطعن في السلم وأحكامه وتشريعاته فيكيف يُقرّ ذلك بين‬
‫المسلمين على أرض السلم؟!‬
‫فمن النصيحة للمسلمين تطهير بلدهم من كل نجس‪ ،‬ونبذ كل باطل‬
‫حماية لهم‪ ،‬وصيانة للسلم من الطعن عليه‪.‬‬
‫ول نرى هذه المدارس الستعمارية الجنبية العالمية إل بيوتاً مظلمة‬
‫تضارع مساجد الضرار‪ ،‬فهي تضار المدارس السلمية؛ لمناهجها الكفرية‬
‫ونظامها الغربي‪ ،‬وهي داعية تفريق المؤمنين وشق وحدتهم‪ :‬طلب مدارس‬
‫إسلمية وطلب مدارس أجنبية‪ ،‬كالشأن في مسجد الضرار يصلي فيه‬
‫بعضهم ويترك "مسجد قباء" الذي يصلي فيه المسلمون‪ ،‬وهي أوكار لمن‬
‫حارب ال ورسوله من أمم الكفر التي زحفت بمناهجها وأساتذتها‪ ،‬لفتح هذه‬
‫البيوت المظلمة واحتضان أولد المسلمين فيها‪ .‬وذلك باسم نشر العلم‪،‬‬
‫والحضارة وتثقيف العقل البشري وال يشهد وكل مسلم يشهد إنهم لكاذبون‪،‬‬
‫كالشأن في بناة مسجد الضرار من المنافقين‪.‬‬
‫قال ال –عز شأنه‪( :-‬والذين اتخذوا مسجدًا ضراراً وكفراً وتفريقاً‬
‫بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب ال ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا‬
‫إل الحسنى وال يشهد إنهم لكاذبون) [التوبة‪.]107:‬‬
‫ثالثاً‪ :‬وجوب كفاية المسلمين بفتح المدارس السلمية‪ :‬يجب على من‬
‫بسط ال يده أن يهيء لولد المسلمين ذكورًا وإناثاً المدارس الصالحة النقية‬
‫الخالية من الكفر واللحاد والفحش والفجور والختلط بين الجنسين‪ ،‬وأن‬
‫يختار لها من المعلمين‪ :‬الكفاء‪ ،‬الناصحين لدينهم وأمتهم‪ ،‬المشفقين على‬
‫أولد المسلمين ومصالحهم‪.‬‬
‫كما يجب العناية بالمناهج والكتب الدراسية شكلً ومضموناً وأن‬
‫تنطلق من العتقاد الصحيح بالسلم وإرادة الخير للمة أفراداً وجماعات‪.‬‬
‫كما ل يجوز لهل السلم تعطيل المناهج والمقررات الدراسية من‬
‫تعلم أصول السلم ونواقضه وفرائضه‪ ،‬ومن ذلك التوحيد واليمان وما‬
‫يضاده من الكفر والشرك‪ ،‬وكذلك تعليم فرائض السلم وآدابه وسننه‬
‫ومعاملته وأحكامه‪.‬‬
‫وهذه أمانة كبرى والسؤال عنها يوم القيامة عسير!! فاللهم اهد من‬
‫وليته شيئاً من أمور المسلمين وأعنه على كل خير إنك قريب مجيب‪.‬‬
‫رابعاً‪ :‬تحريم التجار بفتحها والعمل بها‪:‬‬
‫يجب على عامة المسلمين من أهل التجارة والمال أن يطيّبوا مكاسبهم‬
‫طاعة ل‪ ،‬واتقاء لغضبه سبحانه ورجاءً لبركته‪ ،‬وأن يكونوا وُعاةً فطناء فل‬
‫يجلبوا لخوانهم المسلمين الشر والفساد واللحاد‪ ،‬من أجل متاع الدنيا‬
‫القليل‪ ،‬وعملً بالقاعدة اليهودية الغائية‪ ،‬والماكيافيلية‪ :1‬الغاية تبرر‬
‫الوسيلة!! سواء كان التجار عن طريق التعليم الجنبي أو العمل فيه أو‬
‫غيره من الطرق‪ .‬وليعلموا أنهم مسؤولون يوم القيامة عن كل فرد فرد‬
‫تسببوا في إضلله وإفساده‪.‬‬
‫وليعلموا أيضاً أن كل درهم يحصلونه من وراء هذا التعليم الهادم‬
‫للسلم والمة أنه سحت وحرام‪ .‬وليتقوا ال حق التقوى وليوقنوا بأن ما‬
‫أباحه ال تعالى ففيه غنية عن الحرام‪ ،‬وأن من ترك شيئاً ل عوضه خيراً‬
‫منه‪.‬‬
‫خامساً‪ :‬تحريم العانة عليها بالتأجير أو الدعاية ونحوها‪:‬‬
‫ل يحل لمسلم أن يعين المدارس الهادمة للسلم والمة بأي نوع من‬
‫أنواع العانة أو المشاركة فيها أو التشجيع عليها لن ال عز وجل يقول‪:‬‬
‫(ول تعاونوا على الثم والعدوان) [المائدة‪ .]2 :‬والعانة تكون بمثل‪ :‬المشاركة‬
‫بالمال أو بالعمل أو بتأجير الرض أو المحل أو بالدعاية وغير ذلك‪.‬‬
‫والراضي بالمنكر والمعين له كالفاعل نعوذ بال من ذلك‪.‬‬
‫سادساً‪ :‬تحريم إدخال أولد المسلمين فيها‪:‬‬

‫‪ )(1‬نسبة إلى اليهودي اليطالي ماكيافيلي‪ ،‬منشئ‪" :‬النظرية القومية"‪.‬‬


‫ل يحل لمسلم يؤمن بال واليوم الخر أن يُلقي بأولده إلى التهلكة في‬
‫أحضان المدارس الجنبية وهم ل يملكون لنفسهم نفعاً ول ضراً‪ ،‬ول‬
‫يعلمون من السلم شيئًا قليلً ول كثيرًا فيتلقون الكفر واللحاد والشر‬
‫والفساد وناهيك بأثر ذلك على فِطَر الصغار الغرار والنبي صلى ال عليه‬
‫وسلم أخبر بأنه‪" :‬ما من مولود إل يُولد على الفطرة فأبواه يهوّدانه أو‬
‫ينصّرانه أو يمجّسانه" فكل مولود فإنه يولد على فطرة السلم لو ترك على‬
‫حاله ورغبته لما اختار غير السلم لول ما يعرض لهذه الفطرة من‬
‫السباب المقتضية لفسادها وتغييرها وأهمها التعاليم الباطلة والتربية السيئة‬
‫الفاسدة‪ ،‬وقد أشار إليها النبي صلى ال عليه وسلم بقوله‪" :‬فأبواه يهوّدانه أو‬
‫ينصّرانه أو يمجّسانه" أي‪ :‬أنهما يعملن مع الولد من السباب والوسائل ما‬
‫يجعله نصرانياً خالصاً أو يهودياً أو مجوسياً‪ ،‬ومن هذا‪ :‬تسليم الولد‬
‫الصغار الغرار إلى المدارس الكفرية أو اللدينية بحجة التعلم فيتربون في‬
‫حجرهم ويتلقون تعليمهم وعقائدهم منهم‪ ،‬وقلب الصغير قابل لما يلقى فيه‬
‫سلّمونهم إلى هذه‬ ‫من الخير والشر بل ذلك بمثابة النقش على الحجر‪ ،‬فَ ُي َ‬
‫عبّ منها ونَ َهلَ‪ ،‬وقد‬ ‫المدارس نظيفين‪ ،‬ثم يستلمونهم ملوثين‪ ،‬كل بقدر ما َ‬
‫يدخله مسلماً ويخرج منها كافراً‪ ،‬نعوذ بال من ذلك‪ ،‬فالويل كل الويل لمن‬
‫تسبب في ضلل ابنه وغوايته‪ ،‬فمن أدخل ولده راضياً مختاراً مدرسة وهو‬
‫يعلم أنها تسعى بمناهجها ونشاطاتها لخراج أولد المسلمين من دينهم‬
‫وتشكيكهم في عقيدتهم فهو مرتد عن السلم كما نص على ذلك جمع من‬
‫العلماء‪.‬‬
‫نسأل ال السلمة والعافية لنا ولجميع المسلمين‪.‬‬
‫سابعاً‪ :‬تحريم فتحها في بلد السلم مطلقاً‪:‬‬
‫ل يجوز فتح مدرسة من هذه المدارس في بلد من بلدان المسلمين‬
‫ن فيها‬
‫حتى ولو لم يُسمح لولد المسلمين بالدخول فيها؛ لنها بيوت كفر‪ُ ،‬يَلقّ ُ‬
‫دين غير دين السلم‪ ،‬فَيُ ْكفَرُ فيها بال تعالى‪ ،‬ول يجوز لبلد إسلمي فتح‬
‫بيت يُكفر فيه بال تعالى أو الذن به‪ ،‬ولنها تكون مراكز للدعوة إلى دين‬
‫وملة غير السلم‪ ،‬كتنصير من ليس على ملة السلم من أصحاب الملل‬
‫الخرى‪ ،‬فتكون مراكز لنقله من كفر إلى كفر في بلد إسلم‪ ،‬وعلى مرأى‬
‫ومسمع من المسلمين‪ ،‬ولنها تعطي الملل الكافرة قوة واعتبارًا للبقاء على‬
‫كفرهم‪ ،‬وسابقة لتوسع الكفرة في مطالبهم بفتح معابد لهم كالكنائس‪ ،‬ولنها‬
‫تخالف ما جرى عليه عمل المسلمين من الشروط على الذميين ونحوهم‪،‬‬
‫كما في كتاب الشروط العمرية وغيره‪ .‬وال المستعان‪.‬‬
‫ثامناً‪ :‬تحريم فتحها في جزيرة العرب والمناشدة بإلغائها‪:‬‬
‫ش ُملُ كل بلد إسلمي‪ ،‬لكنها تتأكد‬ ‫أحكام هذا الفصل تَ ُعمّ كل مسلم‪ ،‬وتَ ْ‬
‫في حق‪" :‬جزيرة العرب" وفي حق من أضيفت إليهم‪" :‬عربها"؛ لما‬
‫للجزيرة من المزايا التي اقتضت تفضيلها على جميع بلدان العالم السلمي‪،‬‬
‫تجمع مزاياها‪ :‬الذاتية‪ ،‬وعمق الجذور السلمية التي ل ينافسها فيها أي بلد‬
‫في العالم‪ ،‬وهذا ِلحِكَم يريدها ال –سبحانه‪ -‬فإنها حرم السلم‪ ،‬وقاعدته‪،‬‬
‫وعاصمته الولى والخيرة وهي مأرز اليمان‪ ،‬ومتنزل القُرآن‪ ،‬ودار‬
‫السنة والقدوة‪ ،‬ودار نبي السلم‪ ،‬وعَرين صحابته الكرام‪ ،‬وقبلة المسلمين‪،‬‬
‫ودار حجهم وعُمرتهم‪ ،‬ول يجتمع فيها دينان‪ ،‬ول مجال فيها للمبادئ‬
‫الهدامة‪.‬‬
‫وأهلها هم أصل العرب ومادة السلم‪ ،‬فارتبطت الجزيرة بهم‬
‫وارتبطوا بها‪ ،‬فهي بحق أرضاً وأهلً دار القيادة والتوجيه والشراف‬
‫والمركز الرئيس للعالم السلمي‪ ،‬وحصن الدعوة إلى ال‪ ،‬والمحافظة على‬
‫حدوده وحرماته‪.‬‬
‫لهذا يجب أن تبقى دارًا وأهلً متمتعة بالصالة وصفاء التوحيد‪،‬‬
‫وحسن السوة‪ ،‬والستقلل‪ ،‬والكتفاء الذاتي‪ ،‬وأن ترفض التبعية والتقليد‬
‫ونفوذ الوفادات الجنبية عليها فل مجال فيها لما ينابذها‪.‬‬
‫ومن هذا‪" :‬التعليم" فهو لباس من ألبسة التقوى فل تُ ْكسَى الجزيرة‬
‫بخاصة ول أهل السلم بعامة بلباس تعليمي ينكث التقوى ويوهن السلم‪.‬‬
‫فحرامٌ ثم حرامٌ فتح المدارس الجنبية "المدارس الستعمارية"‬
‫العالمية‪ ،‬مدارس الذين كفروا في دار السلم وحَرَ ِمهِ‪ :‬قلب جزيرة العرب‪،‬‬
‫وحرام ثم حرام على أي مسلم إدخال أولده ومن تحت يده فيها‪ ،‬ويجب على‬
‫من وله ال المر رفع هذه المصيبة عن المسلمين‪ ،‬وستكون من أعظم‬
‫أياديه على المسلمين في مسيرة جهوده السلمية العظيمة‪.‬‬
‫تاسعاً‪ :‬وجوب تواصي المسلمين بالتحذير منها‪:‬‬
‫يا أهل السلم‪ :‬احذروا هذه المدارس الستعمارية العالمية‪ ،‬واحفظوا‬
‫ذراريكم منها؛ لما فيها من أسباب الردة والفساد‪ ،‬والفسوق والعصيان‪،‬‬
‫وانصحوا بالحذر منها أقاربكم وإخوانكم من المسلمين ولكم عبرة فيما‬
‫عظَ بغيره‪.‬‬ ‫حصل من آثارها السيئة في العالم السلمي‪ ،‬والسعيد من وُ ِ‬
‫عاشراً‪ :‬واجب العلماء المسلمين مواصلة البيان بإنكارها‪:‬‬
‫يا علماء المسلمين‪ :‬تابعوا النّصح والبيان‪ ،‬إثْ َر النصيحة والبيان عن‬
‫هذه المدارس المظلمة وحذّروا المسلمين من سوء عاقبتها‪ ،‬واحملوهم على‬
‫الحق والتواصي به والصبر عليه‪ .‬قال ال عز شأنه‪( :‬والعصر إن النسان‬
‫لفي خسر إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا‬
‫بالصبر)‪.‬‬
‫هذه نصيحتي وغاية جُهدي‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫المؤلف‬
‫بكر بن عبدال أبو زيد آل غيهب‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬
‫البيان الول‪ :‬جهود المصلحين من العلماء وغيرهم في مقاومتها ‪9‬‬
‫‪16‬‬ ‫البيان الثاني‪ :‬أسماؤها‬
‫‪19‬‬ ‫البيان الثالث‪ :‬تبعيتها‬
‫‪20‬‬ ‫البيان الرابع‪ :‬تاريخها‬
‫‪25‬‬ ‫البيان الخامس‪ :‬الولويات في فتح المدارس الستعمارية‬
‫البيان السادس‪ :‬برامج المدارس الستعمارية وإدارتها وأساتذتها ‪27‬‬
‫‪28‬‬ ‫البيان السابع‪ :‬أهدافها وآثارها المدمرة للمسلمين‬
‫البيان الثامن‪ :‬نماذج من أقوال العلماء وبياناتهم وفتاويهم‬
‫‪40‬‬ ‫عن المدارس الستعمارية‬
‫البيان التاسع‪ :‬حكم الشريعة السلمية في المدارس الجنبية‬
‫‪65‬‬ ‫المبني على النصوص الشرعية والقواعد والمقاصد العامة‬

You might also like