You are on page 1of 21

‫العفيف‬

‫ة‬
‫الشيخ ‪ /‬عبدالعزيز‬
‫السويدان‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫المد ل القائلِ ف كتابه الكري ‪ (( :‬فاستجاب لم ربم أن ل أضيع عمل عامل منكم من ذكر‬
‫أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا و أخرجوا من ديارهم و أوذوا ف سبيلي و قاتلوا و‬
‫قتلوا لكفرن عنهم سيئاتم و لدخلنهم جنات تري من تتها النار ثوابا من عند ال و ال‬
‫عنده حسن الثواب ))‬
‫صرَةِ الذّاب ِة‬
‫خّ‬‫كانت تشي ف السوق مِشيةً مثيةً متكسّرة ‪ ،‬مزه ّوةً بقوامها و عباءتِها الميل ِة الُ َ‬
‫جدا ‪ ،‬والت أبرزت معالِ َم جِسْمِها ‪ ،‬وأضفتْ على قَوامِها نُعوم ًة ورِقّة ‪..‬ول فُستان سهرة !! ‪،‬‬
‫فمرّت بأختٍ لا من النساء ‪ ،‬فتحسّرت تلك الخرى و هي ترى ما تلبّست به أختُها من معالِ‬
‫الفتن ِة و الغراءِ و ج ْذبِ النظار ‪ ،‬فخافت عليها من عقاب ال ‪ ،‬نعم ‪ ..‬خافت عليها من عقابِ‬
‫ال ‪ ،‬و أشفقت عليها من سَخَطِه ‪ ،‬فلم تستطع إلّ أن تُبا ِدرَها قائلةً لا ‪ ( :‬يا أخت ‪ ..‬ياأخت‬
‫ل عل ّي و عليك ف الدنيا و الخرة ) ‪ ،‬فسبحان من أوقع كلمَها ف سويداءِ قلبِ‬ ‫تستّري ستر ا ُ‬
‫تلك الرأة ‪ ،‬فطأطأت رأسَها و قالت ‪ ( :‬إل هذه الدرجة !!؟؟ ) ‪ ،‬قالت ‪ ( :‬إي و ال ‪ ..‬أل‬
‫ترين نظراتِ الرجال ؟ ) ‪ ،‬فتلفّتت حولا فما هو إلّ كما قالت ‪ ،‬ث التفتت إليها و قالت ‪:‬‬
‫( أتدرين أنكِ أوّ ُل واحدة تقول ل مثلَ هذا الكلم ؟‪ ..‬ل أمّي ‪ ،‬ول أب ‪ ،‬ول أَحَدَ من أهلي ‪،‬‬
‫ول حت صديقات قدّموا إلّ هذه اللحظة !! ) ‪( ،‬ربا استحوْا ِمْنكِ ؟) ‪( ،‬ل بالعكس ‪ ..‬هم‬
‫ض اللوان إللّي اختارها ‪ ،‬لكن العباءة ‪ ..‬ول مرّة ‪..‬‬ ‫ينتقدون بعض الفساتي إللّي ألبسْها ‪ ،‬وبع َ‬
‫‪ ،‬حتّى اللّي ما يَلْبَسون نوعيّة هاذي العباءة ول مرّة قالوا شيْ !! ) ‪ ( ،‬تتوقعي إنّ هاذي العباءة‬
‫حرام ؟؟) ‪ ( ،‬ياأخت أنا متأكّدة إنا حرام ‪ ..‬لن هاذي العباءة صُمّمَت أصلً لتُعطي إللي تلبسها‬
‫نعومة وجال وإثارة ‪ ،‬وهاذي المور‪ ..‬يب على الرأة أن تسترها ‪ ..‬ولّ تُظ ِهرْها وتشي با بي‬
‫الرجال ؟؟) ‪ ( ،‬لكن ‪..‬أنا ما أقصد إظهارها للرجال) ‪ ( ،‬أنا عارفة ياأخت ‪..‬لكن الث أحيانا‬
‫يكون على القصد السّيّء ‪ ،‬وأحينا يكون على العمل نفسِه ولو ل يكن القصد سيّء ) ‪ ( ،‬سبحان‬
‫ل ما فيها خي ‪،‬‬ ‫ال ‪..‬صحيح هذا الكلم ؟؟!!) ‪ ( ،‬نعم ‪ ،‬شوف يا أخت ‪ ، ..‬هاذي العباءة وا ِ‬
‫وما تيب إلّ الشرّ‪ ، ..‬وأحلفْ لِك إ ّن الرّجال ‪ ،‬يترمون الرأة اللي تلبس عباية الرأس العاديّة ‪،‬‬
‫ب ‪ ،‬حتّى الفسّاق أهلُ‬ ‫أكثرْ من اللي تلبس العباءة الخصّرة أوالغربية أو مثلَها من أنواع العِ ّ‬
‫جرَئون على إزعاجها ‪ ،‬ث لتنسي ياأخت ‪ ..‬إ ّن هناك رب ‪ ،‬وحساب ‪ ،‬وجنّة‬ ‫العاكسات ما يَ ْ‬
‫ونار‪ ..‬ال يعلن ويا ِك من أهل النة ‪ ،‬ويِْبعِدْن وإياكِ عن أهل النار ) ‪ ( ،‬وال كلمِك صحيح‬
‫‪..‬ال يزيكِ خي‪ ..‬ال يزيكِ خي ‪..‬استغفر ال العظيم وأتوب إليه ‪ ،‬استغفر ال العظيم وأتوب‬
‫إليه )‬
‫( وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من‬
‫الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * وما لنا ل نؤمن بال وما جاءنا من‬
‫الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين)[ ‪ 84 ، 83‬المائدة ]‬
‫أخت الكرية ‪ ..‬مشه ُد النّصيحةِ هذا ‪ ..‬ب ِودّي لو يتكرّر ‪ ،‬ب ِودّي لو تنصحُ ك ّل مسلمةٍ أختَها ‪،‬‬
‫ب ِودّي لو تنصحي أنتِ كلّ مسلمةٍ‪ ..‬سواءً كنتِ امرأةً متزوجة ‪ ،‬أو كنتِ طالبةً ف الدرس ِة ‪ ،‬أو‬
‫ف الكلية ‪ ،‬تنصحي من ترين أنا تستدعي النّص َح من َأخَواِتكِ الؤمنات ‪ ،‬فالؤمنون والؤمنات ‪،‬‬
‫كما قال ال تعال ‪ ،‬أولياء يتعاونون على الب والتقوى ( و الؤمنون والؤمناتُ بعضُهم أولياءُ‬
‫بعض يأمرون بالعروف وينهون عن النكر ويقيمون الصلة ويؤتون الزكاةَ ويُطيعون ال‬
‫ورسوله أولئك سيحهم ال إن ال عزيزٌ حكيم )أخت العفيفة ‪ ..‬حتّى مت نُ ْ‬
‫سرِفُ على أنفسنا ؟‬
‫ب صلى ال عليه وسلم من‬
‫‪ ،‬استمعي إل ما قالته أمّ سلمة رضي ال عنها ‪ ، ..‬قالت (استيقظَ الن ّ‬
‫الليل وهو يقول‪ :‬ل إل َه إل اللّه!! ‪ ،‬ماذا أُْنزِ َل الليلةَ منَ الفت؟ ‪ ،‬ماذا أُنزِ َل من الزائن؟من‬
‫يوقظُ صواحبَ الُجُرات؟ [يقصِد زوجاتِه (صلى ال عليه وسلم)]كم من كاسيةٍ ف الدنيا عاريةٌ‬
‫يومَ القيامة) ‪ ،‬ولحظي لفظة ( كم من ) ف قوله ‪( :‬كم من كاسيةٍ ف الدنيا عاريةٌ يوم القيامة‬
‫) فهذه الّلفْظة تعن الكَثْرة ‪ ،‬يعن ‪ :‬أن النساءَ العارياتِ يوم القيامة كثياتٌ جدّا ( نسأل ال‬
‫السّْترَ والسلمة ) ‪ ،‬إذن فالسألة ليست ِزيّا تلبسينه وانتهى المر ‪ ، ..‬ل ‪ ،‬ليس بذه البساطة !!‬
‫‪ ،‬هناك مراقبةٌ لكل ِفعْل ‪ ،‬وتسجي ٌل لكل حركة ‪ ،‬وماسبة ‪ ،‬وعقاب ‪ ،‬وثواب ‪ ،‬ولذلك ‪..‬‬
‫انظري كيف كان إيا ُن الصحابيات وش ّدةُ تأّث ِرهِ ّن بالحاديث ‪ ،‬يقول الزّهري‪ :‬وكانت هند بنتُ‬
‫الارث(رضي ال عنها) ‪ ،‬وهي الت روت الديث عن أم سلمة ‪ ،‬كانت لا أزرارٌ ف كُمّيْها بي‬
‫أصابعها ‪ ،‬والعن ‪ ،‬أنا كانت تشى أن يبدو من جَسَدِها شيء بِسَببِ سَعةِ كُمّيْها ‪ ،‬فكانت‬
‫تُز ّررُ ذلك لئل يبدوَ منه شي ٌء ‪ ،‬خوفا من أن تدخلَ ف قولِه (صلى ال عليه وسلم) (كاسيةٍ ف‬
‫الدنيا عاريةٌ يوم القيامة) ‪. ،‬قال الافظ بنُ حجر ف شرحه للحديث ‪ :‬أنه (صلى ال عليه وسلم)‬
‫حذّر النساء من لِباس الرقيقِ من الثيابِ الواصفةِ لجسامهن ‪ ،‬لئل َي ْعرَيْنَ ف الخرة ‪ ،‬واخْتلَ َ‬
‫ف‬
‫العلماءُ ف الُرادِ بقوله‪« :‬كاسية وعارية» ‪ ،‬وإن كانت الحصّل ُة وخيم ًة على أيّ حال ‪ ،‬اختلفوا‬
‫على أوجه ‪ ،‬أ َحدُها ‪ :‬كاسيةٌ ف الدنيا بالثياب لوجود الغِنَى ‪ ،‬عاري ٌة ف الخرة من الثّواب ‪،‬‬
‫لعدم العمل على طاعة ال وتركِ مساخطه ف الدنيا ‪ ،‬ثانيها ‪ :‬كاسيةٌ بالثياب نعم ‪ ..‬لكنها ثيابٌ‬
‫شفافةٌ أو رقيقةٌ أوضيّقة تُبدي مفاتِنَها ‪ ،‬فتُعاَقبُ ف الخرة بالعُري جزاءً على ذلك ‪ ،‬ثالثها ‪:‬‬
‫كاسي ٌة جسدَها ‪ ،‬لكنها تشُ ّد خارَها من ورائها ‪ ،‬فيبدو صدرُها ‪ ،‬فتصي عاريةً ‪ ،‬فتُعاقب ف‬
‫الخرة ‪ ،‬الاصل أنّ اللفظة‪ ..‬وإن َو َر َدتْ ف أزواج النب (صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬لكن العبة‬
‫بعموم اللفظ ‪ ،‬قال العلماء ‪ :‬فأراد (صلى ال عليه وسلم) تذيرَ أزواجِه من ذلك كلّه‪ ،‬وكذا‬
‫تذيرَ غيِهن مّمن َبلَغه ذلك ‪ ،‬ولذلك تقول أم سلمة (رضي) «لَمّا َنزََلتْ {ُيدَنِيَ َعلَ ْيهِ ّن مِنْ‬
‫جَلَبِيِبهِنّ} َخرَجَ نِسَاءُ الْنصَارِ َكأَنّ َعلَى رُؤو ِسهِنّ اْل ِغرْبَا َن مِنَ الكْسَِيةِ»‪.‬وهو ما حَمَل‬
‫عائشةَ(رضي)لن تُثنَ على نساء النصارِ بذلك وتقولُ فيما ورد ‪ (( :‬إن نساءَ قريشٍ َل ُفضَلء ‪،‬‬
‫ل ما رأيتُ أفض َل من نساء النصارِ أش ّد تصديقا بكتاب ال ول إيانا بالتنيل ‪ ،‬يعن‬
‫ولكن وا ِ‬
‫لّا َنزَلت آياتُ المرِ بالجاب ‪ ،‬بادرْن إل اللتزامِ بالجابِ كّلهُنّ بل استثناء مباشرةً دون‬
‫تردد ‪ ،‬تقول ‪ :‬ما منهن امرأة ‪ ..‬ما منهن امرأة إل قامت إل ِمرْطها [ وهو الكساءُ من‬
‫الصوف ] يعن استترْن بتلك الكسية ‪ ،‬فأصبحن يصلي الصبح معتجِرات [ أي بتلك الكسية ]‬
‫كأن على رؤوسهن الغِربان» ‪ ،‬أخت الكرية ‪ ..‬أنا وأنتِ نتّفق أنّ الُ تعال هو العلمُ بعبادِه كما‬
‫جاء ف الية‪ ( :‬هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الرض ) ‪ ،‬فهو سبحانه يعلم ‪ ،‬أنّ الرأةَ هي أضرّ‬
‫فتن ٍة على الرجال ‪ ،‬كما قال (صلى ال عليه وسلم) ‪ ( :‬ما تركت بعدي فتن ًة أضرّ على الرجال‬
‫من النساء ) ‪ ،‬ولذلك ص ّح أنه (صلى ال عليه وسلم) قال ‪ ( :‬الرأةُ عورة إذا خرجت [ يعن من‬
‫بيتها ] استشرفها الشيطان ) [أي زينها ف نظر الرجال ليفتنهم با ]ولذلك قال المام بن البارك‬
‫‪ ( :‬الرأة عورة ‪ ،‬وأقربُ ما تكونُ إل ال ف َق ْعرِ بيتها ‪ ،‬فإذا خرجت استشرفها الشيطان‪، ).‬‬
‫ق والنافقي أذيّ َة النساء الفرّطاتِ بالجاب ‪ ،‬لنّ‬‫والُ تعال يعلم أيضا ‪ ،‬أنّ من طبيعةِ الفسّا ِ‬
‫الستهانةَ بالجاب ‪ ،‬أو بيئ ِة الجاب ‪ ،‬يدعو السّفل َة والفُسّاقَ التسكّعي ف السواق‬
‫والطرقات ‪ ،‬إل التّع ّرضِ و الذى و النظر بشهوة ‪ ،‬وهذا من الفساد !! و ال ل يبّ الفساد ‪،‬‬
‫فقال تعال ُمرْشدا وآمرا ‪ ( :‬يا أيها النب قل لزواجك وبناتك ونساء الؤمني يدني عليهن من‬
‫جلبيبهن ذلك أدن أن يعرفن فل يؤذين[يعن من قِبَ ِل الفُسّاق] وكان ال غفورا رحيما ) ‪،‬‬
‫فكانت تلك الستجابةُ العظيمةُ من نساءِ الصّحابة كما وصفت أمّ الؤمني السيدة عائشة رضي‬
‫ال عنها ‪ ،‬أخت العفيفة ‪ ..‬ونن نسي نو حالٍ أرشد ‪ ،‬ومستوىً إيانّ أفضل ‪ ،‬سنقفُ أنا‬
‫وأنتِ اليوم إن شاء ال تعال وَقفَاتٍ مهمّة ‪ ،‬وناول أن نتأمّلَ عند كلّ َو ْقفَة ‪ ،‬ونوضّحَ بعضَ‬
‫الفاهي َم والثّوابتَ الهمّة ‪ ،‬ث نُق ّررُ سويّا [إن شاء ال] أهّّيةَ العنايةِ با ‪ ،‬وهكذا نصنعُ عند كلّ‬
‫وقفة ‪ ..‬حت َنصِلَ إل َب ّر المانِ‪.‬‬
‫الوقفةُ الول ‪:‬‬
‫(عِلّةُ الحياة)‬

‫طالا قرأنا قوله تعال ‪ ( :‬وما خلقت الن والنس إ ّل ليعبدون ) لكننا ل نتأمّل بشكلٍ جاد ف‬
‫مدى مطابقة واقعنا لذه الية العظيمة ‪ ،‬ربا لو سألُتكِ ‪ :‬ما العِلّةُ من إيادكِ ف هذه الياة ؟‬
‫لبادرْتِ قائلةً بكل بساطة‪ :‬لعبادة ال تعال ‪ ، ..‬أليس كذلك ؟ ‪ ،‬أقول بلى هو كذلك ‪، ..‬‬
‫لكنْ هذه الجابةُ السطحيّة ليست مقصودةً ف هذا القام ‪ ،‬فلسنا ف مدرسةٍ ول ف قاعةِ‬
‫امتحان‪ ، ..‬إذن ما القصود من السؤال ؟ ‪ ،‬القصود من السؤال هو استشعار أبعادِ الجابةِ‬
‫النفة ‪ ، ..‬لعبادة ال تعال ‪ ،‬استشعار مقتضياتِها ‪ ،‬استشعار معناها القيقي ‪ ،‬استشعار‬
‫صرُ مفهومُ العبادةِ ف أذهاننا على الصلةِ‬
‫الانب العملي الواسع لفهومِ العبادة ‪ ، ..‬هل يا ُترَى َيقَْت ِ‬
‫و الزكاةِ والصومِ والج ‪ ،‬أم إ ّن للعباد ِة مفهوما أوسع ؟؟ ‪ ،‬ومَن أفص ُح وأصدقُ من القرآن‬
‫لُيجِيبَ على هذا التّساؤل ‪ ..‬يقول ال تعال ‪ ( :‬قل إ ّن صلت ونسكي ومياي ومات ل رب‬
‫العالي ل شريك له وبذلك أمرت وأنا أول السلمي ) ‪ ،‬لحظي المع بي الصلة والياة ‪،‬‬
‫ل رب العالي ‪ ،‬فلئِن َتبَا َدرَ إل الذّهن عند ذِ ْكرِ العبادة‪..‬‬
‫صلت‪..‬ث قال ‪ ..‬ومياي ‪ ،‬فكلها ِ‬
‫جزِي دونا الياةَ بأكْمَلِها ‪ ..‬فإنا أيضا لِ رب العالي ‪ ،‬الصلةُ ل ‪ ،‬والياةُ‬ ‫"الصلة" ‪ ..‬فل ْت ِ‬
‫ط تقومي به ف‬ ‫ل ‪ ،‬بل حتّى الماتُ ل!! ‪ ،‬والياة ‪ ..‬أخت الكرية ‪ ..‬تشمل كلّ نشا ٍ‬
‫ك ‪ ،‬حت إماطةُ الذى عن الطريق ‪ ،‬الذي بعتِب ُر ُه مُعظَمُ الناس مُج ّردَ سلوكٍ حضاريّ‪ ..‬هو‬ ‫حياِت ِ‬
‫ل القلب كلّها عبادات‬ ‫أيضا ل ‪ ،‬أي أنّه عبادة كما صح ف الديث ‪ ،‬بل حت الشاعرُ وخوا ُ‬
‫يب أن ُتصْرف ل لشريك له ‪ ،‬فالبّ والبغض ‪ ،‬والوالة والعاداة ‪ ،‬والوف والرجاء ‪،‬‬
‫والرغبةُ والرهبة ‪ ،‬والضوعُ والتوكل ‪ ..‬كل هذه الشاعرِ القلبية عباداتٌ عظيمة ‪ ،‬وليس الصلة‬
‫والصوم فقط ‪ ،‬ويب أن تكون كلّها خالص ًة ل ‪ ،‬ول تتصوّري أ ّن هناك تعقيدا أو صعوب ًة ف‬
‫هذا الفهوم أو ف مارسته ‪ ،‬أبدا‪..‬أبدا ‪..‬المر فقط يتاجْ إل حضور قلب ونيّة ‪ ،‬فمُمارسةْ هذا‬
‫الفهومِ الشّامل إذا ‪ ،‬هي العبادةُ بعينها ‪ ،‬بل إنّ العب َد [وأقصدْ بالعبد ‪ ،‬الرّجُل والرأة على حدّ‬
‫سَواء]العبد ‪ ،‬ل يكونُ عبدا ُحرّا من كلّ قيْد ‪ُ … ،‬حرّا من ك ّل قيْد ‪ ،‬من ك ّل قيد أقول ‪، ..‬‬
‫ج ّردَ هذه الشاعرَ القلبيةَ لِ وحدَه ل شريكَ له ‪ ،‬فل يمع بي التضادّات ف قلبه ول ف‬ ‫حت يُ َ‬
‫ل ‪..‬يقول ‪( :‬أنا أحبّ ال وحده لشريك له ‪ ،‬وأنا مُخلِص‬ ‫سلوكه ‪ ،‬فيزعُمُ إخلصَ الحبةِ لِ مث ً‬
‫ف ُحبّي لربّي [وإخلصُ الحبّةِ أعظ ُم عبادة] ث بعدَ كُلّ هذا التعبي الازم والتأكيد على مّبةِ ال‪..‬‬
‫صرّ عليها‪..‬كيف؟ ‪ ،‬أين إخلصُ الحبّةِ لِ إذن‬
‫يُجا ِهرُ بعصيته ‪ ، !!..‬كيف؟ ‪ ،‬ويباهي با ‍‍‪ ، ..‬وُي ِ‬
‫‪ ،‬أين ؟؟ ‪ ،‬لن التعارفَ عليه ‪ ..‬أ ّن مِن مقتضياتِ الحبّ ِة الكاملةِ الالصة ‪ ..‬طاعةَ الحبوب ‪ ،‬إذا‬
‫أحببتِ بإخلص ‪ ..‬ما الذي ترصي عليه ‪..‬؟ إرضاءُ من تُحِبّي أم إسخاطُه ؟؟ ‪ ،‬طاعتُه أم‬
‫معصيتُه ؟؟ ‪ ،‬ث بِناءً على مّبِتكِ ل ‪ ..‬من وماذا تبي ؟ ‪ ،‬فإذا كان الواب ‪ :‬لنّي أُ ِحبّ ال ‪،‬‬
‫فإنّي أحبّ ما يبّه ال !! ‪ .. ،‬نقول هذا الكلم جيل ‪ !!..‬لكن إذا كان ف قلِبكِ مكانٌ للفسق ِة ‪،‬‬
‫والعُصاةِ الجاهرين بالعاصي ‪ ،‬فتحبّي الطربة الفلنية ‪ ،‬وتُعجَبي بالطرب أو المثّل الفلن ‪،‬‬
‫حبّ‬ ‫فينبغي مراجعةُ كلمِكِ السابق ‪ ،‬فالتناقض ‪ ،‬والزدواجيّة بي ضِدّين أ ْمرٌ مرفوض ‪ ،‬فإنّ الُ ِ‬
‫خطُ حبيبَه ‪ ،‬فالعبة إذن ليست ف مّبةِ الِ عزّ‬ ‫الصّادق ‪ ،‬ل يَخِلطُ ف مبّتِه بي حبيِب ِه ومن يُس ِ‬
‫حبّ الُ جلّ وعل من العمال ‪،‬‬ ‫وج ّل ‪ ، ..‬فك ّل يدّعي مّبةَ ال ‪ ،‬ولكنّ العبةَ ف مبّةِ ما ُي ِ‬
‫واليئات[ أي الشكال] ‪ ،‬والقوال ‪ ... ،‬ولذلك امتحن ال الناسَ رجالً ونساءً بذه العبادةِ‬
‫العُظمى قائلً ‪ ( :‬قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال) ‪ ،‬فالتباع ‪ ،‬والضوعُ لمر الِ‬
‫ورسولِه ‪ ،‬هو برهانُ الحبّة ‪ ،‬وقال تعال‪ ( :‬قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم‬
‫وعشيتكم وأموا ٌل اقترفتموها وتار ٌة تشون كسادها ومساكنُ ترضونا أحبّ إليكم من ال‬
‫ورسوله وجهادٍ ف سبيله فتربّصوا حت يأتَ ال بأمره و ال ل يهدي القوم الفاسقي ) ‪ ،‬ووالِ‬
‫يا أخت ‪ ..‬إنّ السعادةَ القيقة ‪ ،‬ل السعادةَ الوهي َة النيّ َة الادعة‪..‬ل ‪ ، ..‬هذه يشترك فيها معظمُ‬
‫الناس ‪ ،‬العصاة ‪ ،‬الفجرة ‪ ،‬بل حتّى ال ُكفّار ‪ ،‬يضحكون مِلءَ أفواههم اليوم ‪ ،‬ويسَبون أنّهم‬
‫سُعداء ‪ ..‬ث يق ّط ُعهُم البكا ُء من الغد !! ‪ ،‬ل ‪..‬ل‪ ، ..‬أنا أتكلّم عن شيءٍ آخر ‪ ،‬أنا أتكلّم عن‬
‫السعادة القيقية ‪ ،‬سعادةِ اليان ‪ ،‬السعادة الت تدينها عندما تنف ِردِين بنفسِك ‪ ،‬ما معكِ أحدٌ‬
‫ص عليكِ هذا‬ ‫شعُري َن بسعادةِ مناجاتِه والُنسِ به تبارك ف عُله ‪ ،‬ول تدين ما يَُنغّ ُ‬ ‫إلّ ال ‪َ ، ..‬فتَ ْ‬
‫ي قلِبكِ وبي من تُحبّي بكُلّ‬ ‫ع العاصي ‪ ،‬ويتحقّقُ اتّصا ٌل مُباشر ب َ‬ ‫الُنسَ والنشراح من أنوا ِ‬
‫ك وبي ال ‪ ،‬هذه هي السّعادةُ الت أعنيها ‪ ،‬السعادة‬ ‫صدقٍ وإخلص ‪ ،‬اتّصالٌ مباشرٌ بي قلِب ِ‬
‫المتدّة عب هذه الياةِ القصية إل ما َبعْدَ هذه الياة ‪ ،‬السعادة الزليّة الت ل تنتهي ‪ ،‬ل تنتهي ‪،‬‬
‫سرّا ِء والضّرّاء ‪ ،‬ف الغِن والفقر ‪ ،‬ف‬
‫فهي معكِ حيثُما كُنتِ ‪ ،‬وحيثُما تقّلبَ ِبكِ الزّمان ‪ ،‬ف ال ّ‬
‫الصِحّة والرَض ‪ ،‬إنّه السّرور الذي تدينه ف الياة ‪ ،‬وأثناءَ الحتضارِ عند توديعِ الياة ‪ ،‬وبعد‬
‫الوتِ وأنتِ ِلوَحدِكِ ف القب ‪ ،‬وعند النشور ف يومِ الع ْرضِ الكب ‪ ،‬يومِ الساب ‪ ،‬كما قال الُ‬
‫تعال مُبشّرا ‪( :‬فأمّا من أوت كتابه بيمينِه فسوف يُحاسَب حسابا يسيا وينقلِبُ إل أه ِلهِ‬
‫مسرورا) هذا السرور وهذه السعادة ‪ ، ..‬ل تتحقق إلّ بتجري ِد العبوديّ ِة كلّها ل تعال كما‬
‫ذ َكرْتُ آنِفا ‪ ،‬فالياةُ الطّيّبة ‪ ،‬الت هي حياةُ الطّمأنينة ‪ ،‬وراحةِ البال ‪ ،‬وراحةِ الضمي ‪ ،‬ل‬
‫يُمكِن أن تتحقق إ ّل بتجريد الشاعرِ والفعالِ ل تعال ‪ ،‬كما قال تعال ‪ ( :‬من عمل صالا من‬
‫ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينّه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون ) ‪،‬‬
‫نعم ‪ ..‬حياةً طيبةً ف الدنيا ‪ ،‬و حياةً أطيبَ منها ف الخرة ‪ ،‬والن أعود وأسأل ‪ ..‬هل تصوّر ِ‬
‫ت‬
‫هذا الفهومَ الواسعَ للعبادة لّا أجْبتِ على السؤا ِل التقدّم ‪ ،‬لّا سألُتكِ ف ُق ْلتُ‪ :‬ما ال ِعلّةُ من إيادِك ؟‬
‫فقلتِ ‪ :‬عبادةَ ال ‪ ،‬هل تصوّرتِ هذا الفهومَ الواسعَ للعبادة لّا أجْبتِ على السؤال ؟ ‪ ،‬فإن‬
‫كانت الجابة ( ل‪..‬ل أتصوّر هذا الفهومَ الواسع ) في ْل َز ُمكِ استدراكُ اللل ‪ ،‬واستكما ُل مفهوم‬
‫العبادة بشك ٍل شاملٍ وعمل ّي ‪ ،‬ومسوس ‪ ،‬راجعي أخت ‪..‬راجعي ‪ ،‬راجعي مدى مطابقةِ‬
‫سلوكيّاتِك لا يتويهِ قلُبكِ من مشاعرِ العبادة ‪ ،‬عسى الُ أن ُيعِيَنكِ ويأ ُخذَ بي ِدكِ ‪ .. ،‬وأمّا إن‬
‫كانت الجابة ( نعم ‪ ..‬كنت أتصور هذا الفهوم ) ‪..‬فالمد ل إذن ‪ ،‬ولْنَنْطلِقْ ف طريقنا نو‬
‫التطبيق العملي ‪ ..‬وهو السلوك ‪..‬‬

‫الوقفة الثانية ‪:‬‬


‫(السلوك)‬
‫السلوك أخت الكرية ‪ ..‬هو مصداق ما ف القلب مِن أعمال ‪ ،‬ولنّ أعما َل القلب أص ُل‬
‫شهَدَ با‬
‫مَيْدانِها‪ ..‬أصلُ مكانِها القلب ‪ ،‬فهي إذن خفيّة مستترة ‪ ،‬القلب ‪ ..‬ل أحَدَ يستطيعُ أن يَ ْ‬
‫فيه من صِدْق ‪ ،‬وإخلص ‪ ،‬ومبّ ٍة ل ‪ ،‬وخضوع ‪ ،‬ورهبة ‪ ،‬وخشية ‪ ،‬وتعظيم ‪ ،‬وغيِها من‬
‫العمالِ القلبية ‪ ،‬فالسبي ُل الوحيد إذن لعرف ِة قيامِ أعما ِل القلب هذه وحقيقتِها ما هي؟ ‪ ،‬هي‬
‫عَمَلُ الركان ‪ ،‬عملُ الوارح ‪ ،‬فالقلبُ إذا أخلص العبادةَ ل ‪ ،‬فاض ذلك الخلصُ على‬
‫ص الحبِ ال ‪ ،‬فالسلوك إذن ‪، ..‬‬ ‫أركان السدِ كلّه ‪ ،‬فيتحرك السد با يُمليهِ عليه قلبُ الخل ِ‬
‫ص القرآن وأوامرِ النّبّ(صلى ال‬ ‫ماذا تقولي ‪ ،‬ماذا تفعلي ‪ ،‬ماذا تلبسي ‪ ،‬كيف تتعاملي مع نصو ِ‬
‫عليه وسلم)وإرشاداتِه ‪ .. ،‬هذا السلوك ‪ ،‬هو انعكاسٌ حيّ ظاهرٌ مسوس لا استتر ف القلب من‬
‫إيان ‪ ،‬ومشاعر ‪ ،‬وتعظيم وإجلل ل تبارك وتعال ‪ ،‬والن ‪ ..‬هل يُمكن أن تتصوّري وجودَ‬
‫ب من إذا غادرت البل َد ‪،‬‬ ‫ب ل ‪ ،‬ورهبةٍ وخشي ٍة منه ‪ ،‬وتعظيمٍ له ‪ ،‬ف ق ْل ِ‬
‫صدْقٍ وإخلص وح ّ‬
‫وهي على مَتْ ِن الطائرةِ بعْدُ ‪ ،‬ل تَ َمسّ قدمُها الرضَ الت هي مُسافِرةٌ إليها ‪ ،‬كان من سلوكِها‬
‫أنْ خلعت العباءةَ والجاب ‪ ،‬ث طوْتهُما ‪ ،‬كأن ل تكن بينها وبينَهما مودّة ‪ ،‬وحشرتْهما ف‬
‫شنطتها ‪َ ،‬كمَنْ يُخْفي عَيْبا !! ‪ ،‬ث خرجت أمام أعيِ الناس مُسْفرةً عن كلّ زينة !! ‪ ،‬أسأُلكِ‬
‫بكُلّ أمانةٍ أُخت الكرية ‪ ،‬هل يُمكن أن تتص ّورِي صدْقا وإخلصا لِ ف ق ْلبِ من تسُلكُ هذا‬
‫ل وإجللً لمره ونيه ف قلبِها؟؟ ‪ ،‬هل يُمكن أن‬ ‫السلوك ؟؟ ‪ ،‬هل يُمكن أن تتصوّري تعظيما ِ‬
‫تتصوّري حُبّا لا ُيحِبّه ال ف قلبها ؟؟ ‪ ،‬هل يُمكن أن تتصوّري ذلك ‪..‬‬
‫أُختاه يا بِنتَ الزيرةِ ربا *** غَطّى على عينيكِ فِ ْك ٌر أحر‬
‫وَل ُربّا خ َد َعْتكِ عَلمانيّ ٌة *** وَل ُربّا أغرا ِك ذِئبٌ أغــب‬
‫أُختاه يا بِنتَ الزيرةِ هكذا *** وخنادقُ الباغيَ حوَلكِ تُحفر‬
‫شرُ‬‫ض ِربُ دَفّها *** يُلقَى بياُنكِ بالسفور ويُن َ‬ ‫أو هكذا والربُ َت ْ‬
‫أو هكذا واللحدون تمّعوا مِن *** حولِنا والطّامعون تمهروا‬
‫ض َعتْ فرنسا والعُصاةُ توتّروا‬ ‫أنسيتِ فاطمةَ الت لِحِجابا *** َخ َ‬
‫أنسيتِها ‪ ..‬أنسيتِ كيف تدّثت *** عنها الوسائلُ كيف َعزّ الَخَْبرُ‬
‫شرُ‬
‫قد كنتِ أوْلَى أن تكون ُقدْوةً *** تدعو إل إسلمِها وتُب ّ‬
‫ف ويفْخرُ‬ ‫قد كنتِ أوْلَى أن تكون للتّقى *** رمْزا يَجِلّ به العَفا ُ‬
‫أوّاهُ يا بِنتَ الزيرةِ هكذا *** تتمرّدين لبِئسَ هذا النظرُ‬
‫ع الجابِ تدهْورُ‬ ‫ك *** والسّعيُ ف نزْ ِ‬ ‫إنّ التِزا َمكِ بالجابِ تا ُس ٌ‬
‫ع الجابِ تأ ّخرُ‬ ‫إنّ التِزا َمكِ بالجابِ تق ّد ٌم *** والسّعيُ ف نزْ ِ‬
‫ماذا نقولُ لكعبةِ ال الت *** بالّث ْوبِ طُو َل زمانا تتستّر‬
‫شرْعيّة ‪ ،‬هذا السلوكُ الَشي ‪،‬‬ ‫َفَنزْعُ الِجاب ‪ ،‬والتّفريطُ ف اللتزا ْم بيئةِ الجابِ الرّبّانّيةِ ال ّ‬
‫ل منه ‪ ،‬سلوكٌ عمل ّي ‪..‬ول يُمكن أن ين َعزِ َل السلوكُ عمّا يُ ِكنّه القلب ‪ ،‬إ ِذ القلب ‪ ..‬هو‬ ‫سلمكِ ا ُ‬
‫ق قوله (صلى ال‬ ‫الذي يُف ِرزُ السلوك ‪ ،‬هذه هي القيقةُ الناصعة مهما كابرَ الُكابِر ‪ ،‬وهو مصدا ُ‬
‫صلَحت صلح السدُ كلّه وإذا فسدت فسد السدُ‬
‫عليه وسلم) ‪ ( :‬أل إنّ ف السد مُضغةً إذا َ‬
‫كلّه أل وهي القلب ) ‪ ،‬وأذ ّكرُ هنا‪ ..‬أننا قد اتّفقنا أنا وأن ِ‬
‫ت من قبْ ُل على مفهومِ العبادةِ الواسع‬
‫والشّامل ‪ ،‬وأّنكِ تَعينه وتفهمينه جيّدا ‪ ،‬القضية أخت ليست صلة وصوم فقط ‪ ،‬ل ‪، ..‬‬
‫القضية أكب وأبعدُ من ذلك ‪ ،‬إنّ العبادة تسليمٌ واستسلم ‪ ،‬تسليمٌ بربوبيّ ِة ال‪ ..‬أنّه هو الالق ‪،‬‬
‫ال ّرزّاق ‪ ،‬مالكُ كلّ شيء ‪ ،‬له وحدَه ح ّق المرِ و النهي كما جاء ف الية( أل له اللق والمر)‬
‫‪ ،‬هذا أوّ ًل ‪ ،‬ومن ثَ ّم ‪ ، ..‬استسلمٌ لمره (سِعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك الصي )وهذا ثانيا‬
‫‪ ،‬فالستسلم ‪ ،‬الذي يعن السّمع والطّاعة ‪ ،‬هو نتيج ٌة حتْمّيةٌ لياننا الكامل بربوبيّته ‪ ،‬ولذلك‬
‫ل عزّ وجلّ يُقسِم بذاتِه العظيمةِ ج ّل وعل ‪ ، ..‬يقسِمُ بذاتِه القدّسة على هذا المر ‪،‬‬
‫‪ ..‬ترْينَ ا َ‬
‫ول يقسِمُ الُ بذاته إلّ على أمرٍ عظيمٍ جدّا ‪ ،‬وهذا المرُ العظيم هو صِدْقُ استسلمي‬
‫واستسل ِمكِ لحكامِه وأوامرِه عزّ وج ّل ‪ ،‬قال تعال ‪ ( :‬فل ورِبكَ[ ما الذي يُقسِمُ به ا ُ‬
‫ل هُنا ؟‬
‫ُيقْسِ ُم بذاتِه سبحانه ] فل ورِبكَ ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف‬
‫أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلّموا تسليما) ‪ ،‬وتأمّلي أيّتها الفاضلة(أ ْسعَدَكِ الُ بطاعتِه)تأمّلِي ف‬
‫قوله تعال ‪ ( :‬ويسلموا تسليما ) فلم يقل ‪ ( :‬ويسلّموا ) فقط ‪ ،‬ل‪ ، ..‬بل أتى بالفعولِ الطلق‬
‫الذي هو الصدرُ هنا ( تسليما ) والذي يفيد التّوكيدَ الازم على َف َرضِيّ ِة التسليم لحكام ال جلّ‬
‫وعل ‪ ،‬باطِنا وظاهِرا ‪ ،‬فقال مؤكّدا وجازما ‪ ( :‬ويسلّموا تسليما ) ‪ ،‬وإنّ من التسليم لِ تعال ‪،‬‬
‫أن تش ُعرَ السلمة بالياءِ من الِ خالقِها ‪ ،‬تشعُر بالياء باطِنا وظاهِرا ‪ ،‬فالياءُ ف أصِل ِه شعورٌ‬
‫ب ‪ ،‬لكنْ يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ واضح ‪ ،‬الياء ‪ ..‬يظهرُ أثرُه على السّلوك بشكلٍ‬ ‫قل ّ‬
‫واضح ‪ ،‬وهو عبادةٌ عظيمةٌ جدّا جدّا ‪ ،‬بيّن ذلك رسول ال (صلى ال عليه وسلم) بقولِه ‪( :‬‬
‫الياءُ واليا ُن ُقرِنا جيعا فإذا ُرفِعَ أح ُدهُما ُرفِعَ الخر ) ‪ ،‬سبحان ال !! ‪..‬إذا رُفِ َع اليان رُفِعَ‬
‫الياء ‪ ،‬وإذا رُفِ َع الياء رُفِ َع اليان ‪.. ،‬والن ‪ ..‬هل من الياء أن ترُجَ الرأةُ السلم ُة الوحّدة ف‬
‫ف مفاتِنَها أمام النساء ‪..‬؟؟ ‪ ،‬هل من الياء أن‬ ‫حفْلتِ الزّواج ‪ ،‬أو أيّةِ منا َسبَة ‪ ،‬بأزياء تكشِ ُ‬
‫ترُجَ بفستان قصي فوق الركبة ‪ ،‬وآخر مشقوقِ النبي يُظ ِهرُ فخِ َذيْها ‪ ،‬وآخر يكشِفُ صدرَها ‪..‬‬
‫صفَه أو أكثرَ من ذلك ‪ ،‬أو يكشِفُ ك ّل ظهرِها ‪ ،‬أو ترج بفستانٍ ضيّق يُحجّمُ مفاِتنَها ‪ ،‬أو‬ ‫ِن ْ‬
‫غيِها من الزياءِ الت ل تلي ُق بالرأةِ العفيفة ‪ ،‬هل من الياء ‪ ..‬الذي هو دليل اليان ‪ ..‬أن ترُجَ‬
‫ق النّعاج‪ ، !..‬نركُضُ وراء‬ ‫الرأةُ بِثلِ هذه الزياء ‪..‬؟؟ ‪َ ،‬أوَ هكذا تسوقُنا الهواءُ والشّهواتُ َسوْ َ‬
‫الوُضة بل شعور !! ‪ ،‬نركضْ وراءَها رَكْضَ العُميان !! ‪ ،‬نركض وراء الوُضة بل اعتبار لدين‬
‫ول أخلق ول حياء!! ‪ ،‬أين تّيزُ السلمة عن غيِها من نساءِ ال ُك ْفرِ والباحيّة ؟ ‪ ،‬أ ّم سلمة‬
‫(رضي ال عنها) ‪ ،‬أمّ سلمة الت ينبغي أن تكونَ قُدْوةً لكِ ولك ّل مسلمة ‪ ،‬لّا سِعت رسو َل الِ‬
‫(صلى ال عليه وسلم) يقول ‪ ( :‬من جرّ ثوبه خيلء ل ينظ ِر ال إليه يوم القيامة ) ‪ ،‬جاءت إليه‬
‫تسأُلهُ باهتمامٍ شديد ( فكيف يصنعُ النساءُ بذيولنّ [ أي بطرفِ الفستان أو الثّوب ] ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫ف أقدامهنّ !!) ‪ ،‬قال ‪ ( :‬يُرخي ذراعا ول يزدن ) ‪،‬‬
‫(يرخي شِبْرا ) ‪ ،‬فقالت ‪ ( :‬إذن تنكش ُ‬
‫ف القدمي‬ ‫ال أكب ‪ ..‬انظري ‪ ، ..‬انظري ‪ ، ..‬ما الذي أقلق أمّ سلمة (رضي) ؟؟ ‪ ،‬انكشا ُ‬
‫!! ‪.. ،‬كيف تنكشفُ القدمان ‪ ..‬هذا هو الذي أقلقها ؟!! ‪.. ،‬هل لكِ أن تتصوّري حياءً مثْلَ‬
‫هذا الياء أخت السلمة ؟؟ ‪ ،‬ولّا نعود إل أص ِل الكم الفقهي ‪ ،‬أقول ‪ :‬نعم ‪ ، ..‬نعم ‪ ..‬هناك من‬
‫س ّرةِ إل الرّكبة ‪ ،‬وهو قولٌ‬ ‫ض أقوا ِل العلماء مِن أنّ حدو َد عورةِ الرأةِ أمام الرأة من ال ّ‬
‫تتجّ ببع ِ‬
‫مَبْنِ ّي على أن الصل ‪ ،‬اشتراكُ الرأةِ مع الرّجلِ ف الحكام إ ّل ما ُخصّت به الرأة ‪ ،‬فلمّا ل يأتِ‬
‫بيانٌ خاصّ بالرأةِ ف حدودِ عورتِها بالنّسبةِ للمرأة ‪ ،‬قاس أصحابُ هذا القولِ على الكمِ بالنسبة‬
‫س ّرةِ إل الركبة أيضا ‪ ،‬وقيّد بعضُهم جوازَ النّظرِ‬ ‫للرجال ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬عورةُ الرأةِ أمام الرأة من ال ّ‬
‫س ّرةِ والرّكبة ‪،‬‬
‫بأمْنِ الفتنة ‪ ،‬يعن إذا ل يكن هناك فتنة ‪ ،‬فيجوزُ لا أن تنظرَ سِوى ما بيَ ال ّ‬
‫ض العلماء على هذا القول بالتّفريق بي (حك ِم النّظر وحكمِ اللّباس) ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬هناك‬ ‫واستدرك بع ُ‬
‫شفِها‬ ‫أحكا ٌم للنّظرِ وأحكامٌ ِللّباس ‪ ،‬فجوازُ نظرِ الرأةِ إل صدرِ الرأةِ مثلً ‪ ،‬ل يستل ِزمُ جوا َز تك ّ‬
‫سهِ ّن الليعةِ الفاضح ِة ‪ ،‬حرامٌ‬ ‫وارتداءِها ملبسَ الفاسقات ‪ ،‬فإ ّن التّشّبهَ بالفاسقاتِ بُِلْبسِ ملبِ ِ‬
‫قطْعا ‪ ،‬وإنّما أجزْنا النّظرَ لا تقتضيه حاجةُ الرأ ِة من كشْفِ الثّديِ للرّضاعِ حا َل اجتماعِها بالنساءِ‬
‫وما شابه ذلك ‪ ،‬وعلى أيّ حال ‪..‬أخت الكرية ‪ ،‬فهناك قولٌ فقه ّي قويّ يذهبُ إل أنّ حدودَ‬
‫عورةِ الرأةِ بالنّسب ِة للمرأةِ ‪ ،‬هي كما هي بالنّسبةِ للمحارم ‪ ،‬أي مواضعُ الزّين ِة مِن جسدِ الرأة ‪،‬‬
‫وهي كالتال ‪ :‬الشعر ‪ ،‬الذي هو موض ُع التّاج ‪ ،‬والنحر ‪ ،‬الذي هو موضعُ القِلدة ‪ ،‬واليدان‬
‫والذراعان حت ال َعضُدَيْن ‪ ،‬موضعُ الاتَم و الَسور ِة والدّملُج ‪ ،‬والقدمان حتّى أسفلَ السّاقي ‪،‬‬
‫للْخال ‪ ،‬أمّا ما وراءَ هذه الدودِ ‪ ،‬فحرامٌ كشفُهُ على الطل ِ‬
‫ق ‪ ،‬سِوى للزّوج ‪،‬‬ ‫موضِعُ ا َ‬
‫واستدلّوا على ذلك باليةِ الكرية (وقل للمؤمناتِ يغضضن من أبصارهن ويفظن فروجهن ‪، ،‬‬
‫ول يبدين زينته ّن [ أي زينَتهُ ّن ذاتَها ويأت تَبَعا مواضعُ زينِتهِ ّن ] إلّ لبعولِتهِنّ أو آبائهِنّ أو‬
‫آبا ِء بعولتهِنّ ‪ ، ،‬إل قولِه ‪ :‬أو نسائهن ) ‪ ،‬فجَمَعَ ف حدود ما يوزُ أن تُب ِديَه الرأةُ من أجزاءِ‬
‫جسدِها ‪ ،‬جَمَعَ بي الحارمِ والنساءِ ‪ ،‬فحُكْ ُمهُما واحد ‪ .. ،‬ولذلك نرى نْيا من الرّسولِ (صلى‬
‫ال عليه وسلم) للرّجالِ أن يسمحْنَ لزوجاِتهِنّ أن يدخُلْ َن المّامَ الاصّ بالنّساء [ والقصود ‪ :‬هو‬
‫خصّصُ ف بعضِ البلد من أجل‬ ‫ص ‪ ،‬إمّا للرجالِ أو للنساء ‪ ،‬والذي يُ َ‬ ‫ذلك المّامُ الماعي الا ّ‬
‫خشَى أن يكو َن فيه كشْفٌ للعورات ] ‪ ،‬قال (صلى ال‬ ‫غَسْ ِل السد ‪ ،‬أشَْبهَ بالمام الّترْكي ‪ ،‬ويُ ْ‬
‫عليه وسلم) ‪ ( :‬من كان يؤمن بال واليومِ الخِر فل يُدخِلُ حليلتَه المّام ) ‪ ،‬رواه النّسائي‬
‫والّترْمذيّ وحسّنه ‪ ،‬وف حديثِ أب أيوبٍ (رضي ال عنه) بلفظ ‪( :‬من كان يؤمن بال واليومِ‬
‫الخِر من نسائكُم فل يَدخُلِ المّام ) ‪ ،‬وعن أب الَُليْحِ ا ُلذَلِ ّي ‪ ،‬أ ّن نساءً من أهلِ حِمْص ‪ ،‬أو‬
‫من أهلِ الشّام ‪ ،‬دخ ْلنَ على عائش َة (رضي ال عنها) ‪ ،‬فقالت ‪ ( :‬أنتُ ّن اللت يَد ُخلْ َن نساؤكُنّ‬
‫ل (صلى ال عليه وسلم) يقول ‪ ( :‬ما مِنِ امرأةٍ تضعُ ثيابَها ف‬
‫المّامات ؟! ‪ ،‬سِعتُ رسولَ ا ِ‬
‫ي بيتِ زوجِها إ ّل هَتَ َكتِ السّ ْترَ بينها وبي ربّها ) رواه التّرمذيّ وهو صحيح ‪ ،‬فتلك الية ‪،‬‬
‫غِ‬
‫وتلك الثار ت ُدلّ على أ ّن الياءَ لباسٌ للمسلمةِ ل ت ِن ُعهُ عنها ‪ ،‬سواءً أمام الرجال ‪ ،‬أو أمام النّساء‬
‫ض النساء ‪ ،‬أو كثيٌ من النساء ف الفَلت ‪ ،‬ويتباهيْن با‬ ‫‪ ،‬فالزياءُ الليعة الت يلبَسُها بع ُ‬
‫ض الياء ‪ ،‬ول تليق أبدا بالرأةِ الؤمنة ‪ .. ،‬ظاهرةٌ أخرى‬
‫وبلعَتِها وتعريتِها لجسادهن ‪ ،‬تناقِ ُ‬
‫تتعلقُ بالسلو ِك النّابعِ من مقدار إيانِ السلمةِ بديثِ الرّسولِ(صلى ال عليه وسلم) ‪ ،‬إنّها ظاهرةُ‬
‫السّفرِ بدونِ مرم ‪ ،‬فما هو مقدارُ إياُنكِ أخت السلمة بديثِ النّبِ(صلى ال عليه وسلم) الذي‬
‫يقولُ فيه ‪ ( :‬ل تُسافرُ الرأ ُة إ ّل مع ذي مرم )رواه أحد والبيهقي بسن ٍد صحيح ‪ ،‬ول تغترّي‬
‫أخت العفيفةُ ببعضِ الراءِ الغريبةِ الُتساهلة ‪ ،‬الراءِ الت ل تستندُ إل دليل ‪ ،‬كالرّأيِ الذي يُجي ُز‬
‫للمرأة السفرَ مع مموعةٍ مأمونةٍ من النّساء ‪ ،‬فالكمُ الشّرعي ل يؤخذُ من الراءِ العقلنيّة الت تَأَّثرَ‬
‫أصحابُها بضغطِ الواقع وكثرةِ الهواء فح ِرصَوا على أن يُنشِئوا ِفقْها يُناسبُ أمزجةَ النّاسِ ولو‬
‫ف الدّليل ‪ ،‬فالك ُم الشرعيّ ل يُؤخَ ُذ من تلك الراء ‪ ،‬أُخت ف ال ‪..‬إ ّن المرَ دين ‪ ،‬والدّين‬ ‫خالَ َ‬
‫‪ ..‬هو أعظمُ وأغلى شيءٍ يلِ ُكهُ النسان ‪ ،‬فل يُؤخ ُذ مِن أصحابِ الناه ِج الت ترى أنّ التّيس َي ‪ ،‬ف‬
‫قولِه(صلى ال عليه وسلم) ‪ ( :‬يسّروا ول تُعسّروا ) هو ف اتّبا ِ‬
‫ع القوالِ الضّعيف ِة والراءِ الشّاذّة ‪،‬‬
‫هؤلءِ لن يرفعوا عنكِ ال َث باتّبا ِعكِ لقواِلهِم ‪ ،‬وإنّما يَعتصِمُ السلمُ بالكتابِ والسنّ ِة ف مثلِ هذه‬
‫ب (صلى ال عليه‬ ‫ف رغبةَ النّفس ‪ ،‬ومِن ثَ ّم يطُلبُ الباءةَ لدينِه ‪ ،‬ولقد أ ْعفَ َى الن ّ‬
‫المور ولو خالَ َ‬
‫وسلم) رجلً من الهادِ ف سبيل ال من أجلِ أن يُسافرَ مع زوجتِه إل الج ‪ ،‬ولو كان سفرُ الرأةِ‬
‫لوحدِها مع النساءِ مُباحا لرخّص لا الّنبّ(صلى ال عليه وسلم)ف ذلك ‪ ،‬فعن ابن عباس‪َ« :‬أنّه‬
‫خلُو ّن رَجَ ٌل بِامْرَأةِ إ ّل َو َمعَها ذو‬
‫صلّى ال ّلهُ َعلَ ْيهِ وَآِل ِه وَ َس ّلمَ يَخْ ُطبُ َيقُولُ‪ :‬لَ يَ ْ‬
‫سَمِعَ النّبّ َ‬
‫ح َرمِ» ‪َ ،‬فقَا َم رَجُلٌ َفقَالَ‪ :‬يَا َرسُولَ الّلهِ إِنّ ا ْمرََأتِي َخرَ َجتْ‬
‫حرَ ٍم وَلَ تُسَا ِفرُ الْ َمرْأةُ إِ ّل مع ذِي مَ ْ‬
‫مَ ْ‬
‫ج مَعَ ا ْمرَأَِتكَ»‪.‬متف ٌق على صحّته ‪،‬‬
‫حَاجّةً وإِنّي اكُْتتِْبتُ ف َغ ْز َوةِ كَذَا وكذا ‪ ،‬قَالَ‪« :‬فَانْ َطلِقْ فَحُ ّ‬
‫فإذا كان الرّجلُ يُعفَى من الهاد من أجْلِ السّفرِ مع زوجته ‪ ،‬فكيف تُبيحُ الُسلِمةُ ِلَنفْسِها السّفر‬
‫بل مرم بل سبب أو لدن سبب ؟ ‪ ،‬وإذا كان الشّارعُ قد نى السلمةَ عن سفرِ الطّاع ِة ‪ ،‬كالج‬
‫ل ‪ ،‬بدونِ مرم ‪ ..‬فكيف بغ ِيهِ من السفار العادية للنّزهة أو للزيارة ‪..‬؟ ‪ ،‬جاءَ عند الدّارَقطن‬ ‫مث ً‬
‫من حديث ب ِن عبّاس أنه(صلى ال عليه وسلم) قال‪« :‬لَ تَحُجّنّ ا ْمرََأةٌ إِ ّل َو َمعَهَا َزوْجٌ» صححه‬
‫أبو عوانة ‪ ،‬الاصل أخت الكرية ‪ ،‬أن السلوك مهما كان‪ ..‬هو مِصداقُ ما ف القلب مِن أعمال ‪،‬‬
‫ول يُمكن لحدٍ أن يفرّقَ بي السلوك وبي ما يُكِنّه القلب ‪ ،‬ولذلك جع النبّ (صلى ال عليه‬
‫وسلم) بي المرين ف ميزانِ ال تعال فقال (صلى ال عليه وسلم) ‪ ( :‬إن ال ل ينظر إل‬
‫صوركم وأموالكم ولكن ينظر إل قلوبِكم وأعمالِكم) رواه أحد ومسلم وبن ماجة ‪( ،‬ينظرُ إل‬
‫قلوبكم وأعمالكم)‪ ..‬إذن ل انفصال بي عمل القلب وعمل الارحةِ ف ميزا ِن ال تبارك وتعال ‪،‬‬
‫ق ما ف القلب مِن أعمال؟؟ ‪ ،‬وأ ّن‬ ‫أل تتّفقي معي إذن أخت الكرية ‪ ،‬ف أنّ السّلو َك ‪ ..‬هو مصدا ُ‬
‫سبِ ُقرْبِه أو ُبعْ ِدهِ مِن دينِ ال ‪..‬‬
‫كُلّ عمَ ٍل صغيٍ وكبيٍ تقومي به ‪ ،‬وكُ ّل مَظْهرٍ تَخرُجي به ‪ ،‬بِحَ َ‬
‫إنّما هو انعكاسٌ (ح ّي ‪ ،‬ظاه ٌر ‪ ،‬مسوس) لا استتر ف قَلِْبكِ من إيان ومشاعرَ ُحبّ وتعظيمٍ‬
‫ل ‪ ،‬واسأليهِ الدايةَ‬‫وإجللٍ ل تبارك وتعال ؟؟ ‪ ،‬إذا ُق ْلتِ كلّ ل أّتفِقُ معَك !! ‪ُ ،‬ق ْلتُ استعين با ِ‬
‫والرّشاد ‪ ،‬وراجعي كتابَ ال ‪ ،‬راجعيه ‪..‬فإنّه مليءٌ بالدِلّ ِة ‪ ،‬مليءٌ بالدِّلةِ على هذه القيقة ‪،‬‬
‫أمّا إنْ كانت إجابَُتكِ ‪ :‬بلى أّتفِ ُق معكَ ‪ [..‬وهو ما أتوّقعُه إن شاءَ ال] ُق ْلتُ ‪ :‬المدُ لِ ‪ ..‬عسى‬
‫ك على القّ ‪ ،‬فإ ّن الثّباتَ على القّ والستقام َة عليهِ نعمةٌ عظيمة ‪ ،‬والثّباتُ‬ ‫الُ أن يَُثّبتَ قلب وقلَب ِ‬
‫على ال ّق ‪ ،‬يقودُنا للوقفةِ الثّالث ِة الت ُتعْنَى بِرعايةِ القّ و ِحفْظِه ‪ ،‬ووِقايَ ِة القلب مِن أسبابِ الزّيغِ‬
‫والنراف ‪، ..‬‬
‫الوقفةُ الثالثة‪:‬‬
‫( ُقطّاع الطّريق ‪)!!..‬‬
‫ت ‪ ،‬أو َقرَأ تِ يوما ما تذي َر البع ضِ للمرأةِ ال سلمة بأنّ ها م ستهدَفة ‪ ، ..‬ف هل أن تِ فِع ً‬
‫ل‬ ‫رب ا سِع ِ‬
‫موضوعـ‬
‫َ‬ ‫أنـ‬
‫مُسـتَهدفة ؟ ‪ ،‬ومـا معنـ مُسـتهدفة ؟ ‪ ،‬ومـا الدّليلُ على هذا السـتهداف ؟ ‪ ،‬أم ّ‬
‫ض الثقّفي ‪ ،‬موضوعا وهِيّا ل حقيقةَ له ؟؟‬ ‫الستهداف ‪ ،‬كما يقول بعضُ كُتّابِ الصّحف وبع ُ‬
‫‪ ،‬ويُلحِقونَه ب ا يُ سمّونه نظرّي َة الُؤامَرة !! ‪ .. ،‬فدعي نا نتناو ُل هذه التّ ساؤلت ‪ :‬هـل أنتِـ ِفعْلً‬
‫مُ سْتهدَفة ‪..‬و ما الدّل يل على ذلك؟ ‪ ،‬والواب ‪ :‬بدو نِ فل سف ٍة طويلة ‪ ،‬ول كل مٍ َعقْلنّ فارغ ‪،‬‬
‫ف عام ‪ ،‬وهنا كَ ا ْسِتهْدافٌ خاص ‪ ،‬أمّا الدّليل على الستِهداف العام ‪ ،‬فهو ما نطَ قَ‬
‫هنا كَ ا ْسِتهْدا ٌ‬
‫خذُوهُ َع ُدوّا‬
‫به القُرآنُ الكري وحذّر منه ف أكث َر مِن آية ‪ ،‬قال تعال ‪{ :‬إِ ّن الشّيْطَانَ لَ ُكمْ َع ُد ّو فَاتّ ِ‬
‫سعِيِ }‪ .‬إن ـما يدعو حز به ‪ ،‬يعن ـي شيعتَه ‪ ،‬و من‬
‫صحَابِ ال ّ‬
‫ِإنّمَا َيدْعُو ِحزْبَ هُ لِيَكُونُوْا مِ نْ َأ ْ‬
‫سعِ ِي ‪ ،‬وقال تعال ‪:‬‬
‫ب ال ّ‬
‫تابعَهُ إلـى طاعته والقَبو ِل منه ‪ ،‬والكفرِ بـال ‪ ،‬لِـيَكُونُوا منْ أصحَا ِ‬
‫ن عُ عَ ْنهُمَا لِبَا َسهُمَا لُِيرَِيهُمَا‬
‫ج أََب َويْكُ مْ مّ نَ الْجَّنةِ يَ ِ‬
‫{يَابَنِي آدَ مَ لَ َيفْتِنَنّكُ ُم الشّيْطَا نُ كَمَآ أَ ْخرَ َ‬
‫س َنْوءَاِتهِمَا إِنّهُن َيرَاكُم ْن ُه َو َوقَبِيلُهُن مِن ْن حَيْث ُن لَ َت َروَْنهُم ْن إِنّان َج َعلْنَا الشّيَاطِيَ َأ ْولِيَاءَ ِل ّلذِين َن لَ‬
‫ُي ْؤمِنُونَ } ‪ ،‬فنحن جيعا مُستهدفون مِن قِبَ ِل الشّيطانِ وأعوانِه ‪ ،‬بل إنّ القرآنَ بَّينَ هذا الستهدافَ‬
‫صرَا َطكَ‬
‫الشّيطا ن على ل سا ِن عدوّ نا اللّدودِ ذاتِه لّا قال ‪{ :‬قَالَ فَبِمَآ أَ ْغ َويْتَنِي َل ْقعُدَنّ َلهُ ْم ِ‬
‫جدُ‬
‫الْمُ سَْتقِيمَ * ثُمّ لتِيَّنهُ ْم مّ ن بَيْ نِ َأْيدِيهِ ْم َومِ نْ َخ ْل ِفهِ مْ وَعَ نْ َأيْمَاِنهِ مْ وَعَن شَمَآِئ ِلهِ ْم وَلَ تَ ِ‬
‫إنـ‬
‫َقامـ لذِكرِهـا ‪ .. ،‬ثـ ّ‬
‫ّسـعُ ال ُ‬
‫آياتـأُخرى كثيةٌ مُشابةـ ل يت ِ‬
‫ٌ‬ ‫ِينن } ‪ ،‬وهناك‬
‫ُمن شَا ِكر َ‬
‫أَكَْث َره ْ‬
‫للشيطان أعوانا ‪ ،‬ولذلك حذّر النّبّ( صلى ال عل يه و سلم) ف أكثرَ مِن حد يث ‪ ،‬مِن أن يكو نَ‬
‫ال سلمُ عونا للشيطا نِ على أخ يه ‪ ،‬فيقول أحيانا( صلى ال عل يه و سلم) ‪(( :‬لَ يَنْبَغِي َأ نْ تَكُونُوا‬
‫أعوانَ الشيطان)) ‪ ،‬ويقولُ أحيانا أُخرى‪(( :‬ل تكونوا عونا للشيطان على أخيكم)) ‪ ،‬فإن كان‬
‫ـهْدِفُ فـ هذه الياتِـ هـو الشّيطان ‪ ..‬فإنّـ له[كمـا تقدّم] أعوانا مِن النسِـ هيّأهُم ‪ ،‬ثُمّـ‬‫الُس َت‬
‫استخدمهُم لعانتِه ف تقيقِ هدفِه ‪ ،‬سواءً علِموا بذلك أم ل يعلموا ‪ ،‬والقيق ُة أنّهم ل يعلمون ‪..‬‬
‫ل لم ‪ ،‬بل‬ ‫إذْ أ نّ ضللَهم قد ا سْتفْحل فيهِم حتّى أعماهُم عن ال ّق فاجتنَبُوه واتّخذوا الباطل سبي ً‬
‫إنّهـم أصـبحوا دُعاةً للباطـل ‪ ،‬فكانوا بذلك أعوانا للشّيطان بالضّرورة ‪ ،‬وهؤلء هـم أهلُ الهواءِ‬
‫والشهوات من ال نس ‪ ،‬قال تعال ‪ (( :‬إ نّ الذ ين يِبّون أن تشِي عَ الفاحِشةُ ف الّذ ين آمنوا ل م‬
‫عذا بٌ ألي مٌ ف الدّنيا والخرة ‪ ،‬وال يعلم وأنتم ل تعلمون )) ‪ ،‬وقال تعال ‪ (( :‬وَاللّ هُ ُيرِي ُد أَن‬
‫ش َهوَاتِن أَن تَمِيلُوْا مَيْلً عَظِيما )) ‪ ،‬تلك الحبّة ‪ ،‬وهذه‬
‫يَتُوبَن َعلَيْكُم ْن وَُيرِيدُ اّلذِينَن يَتِّبعُونَن ال ّ‬
‫الرادةُ ه ا أ صْ ُل ال ستهداف !! ‪ ،‬إنّ هم يُحِبّون أن تشي َع الفاحش ُة ف أهْ ِل ال ي ‪ ،‬وإنّ هم يُريدو َن‬
‫أهلَ ال ِي والطّاعةِ أن ييلوا عن طري قِ الُدى ميلً عظيما ‪ ،‬إنّهم والِ ‪ُ ..‬يرِيدُونَ كِ أن تِ أن تَميلي‬
‫سنَتِنا ‪ ،‬وقد‬
‫مَيْلً عظيما!! ‪ ،‬وإنّهم كما ذكر ( صلى ال عليه وسلم) مِن جِلدتِنا ‪ ،‬ويتكلّمون بأل ِ‬
‫يُ صَلّون معنا ‪ ،‬لكنهم ك ما قال(عليه ال صّل ُة وال سلم)‪ (( :‬دُعاةٌ على أبوا بِ جهنّم ‪ ،‬من أجابُم‬
‫إليها قذفوه فيها !!)) ‪ ،‬هذا َحوْلَ الستهدافِ العام ‪ ،‬أمّا الستهداف الا صّ ب ِ‬
‫ك ‪ ،‬حفِظَ كِ الُ‬
‫ُهـ قولُهـُ(صـلى ال عليـه وسـلم) ‪(( :‬الْ َمرْأَةُ َع ْو َرةٌ‪َ ،‬فِإذَا َخرَجَت‬
‫الشيطانـ وأعوانِه ‪ ،‬فدليل ُ‬
‫ِ‬ ‫مـن‬
‫ش َر َفهَا الشّيْطَان )) رواه التّرمذ يّ وب ُن ماجة وب نُ ِحبّان ‪ ،‬وهو حدي ٌ‬
‫ث صحيح ‪ ،‬قال العلماءُ‬ ‫ا سْتَ ْ‬
‫ف ش ْر ِحهِم لقولِه ((استشرفها)) ‪ ،‬أي ‪ :‬أي زيّنها ف نَ َظرِ الرّجال ‪ ،‬وقيل أي َنظَر إليها لُي ْغوِيَها‬
‫ي ب ا ‪ ،‬فأن تِ أيّتُ ها الخ تُ الكري ُة مُ سَتهْدف ٌة مِن قَِبلِ إبلي سَ وأعوانِه ‪ ،‬وإبل يس ياولُ أن‬ ‫وُي ْغوِ َ‬
‫حكْ مِ اليْلِ الذي فُ ِطرَ علي هِ الرّجالُ نوَ ِك ‪ ،‬ذلك اليْلُ‬
‫سدَ دي َن الرّجالِ ب كِ بِ ُ‬
‫ُيفْ سِدَ دينَ كِ ‪ ،‬ويُف ِ‬
‫الذي قال الُ تعال فيه ‪ (( :‬زُيّ نَ للنّا سِ ُحبّ الشّهوا تِ مِ نَ النّساء ‪ ..‬الية )) ‪ ،‬فجاءت النّساءُ‬
‫ل ‪ « :‬ما‬
‫ب (صلى ال عليه وسلم) ف صورِتهِ الُحرّم ِة قائ ً‬
‫ف الُقدّمة ‪ ،‬وذلك اليْلُ الذي حذّر مِنه النّ ّ‬
‫ت ف الناسِ بعدي فتنةً أضرّ على الرجا ِل من النساء»رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬ومن هنا نُف ّ‬
‫سرُ‬ ‫ترك ُ‬
‫ق والغرْ بِ للنّ سا ِء ‪ ،‬بل وكث ٍي من ال سلميَ مع ال سف ‪ ،‬ا ستخدا َمهُم للن ساء‬
‫ا ستِخدامَ الشّر ِ‬
‫[للغرضِ الادّي] ‪ ،‬ف الدّعاياتِ لتسويقِ متَلَفِ السّلَع والُنتجاتِ الصّناعيّة ‪ ،‬سواءً كان لا علقةٌ‬
‫بالرأةِ أم ل يكُ ْن لا عَلقةٌ البتّة ‪ ،‬واستِخدا َمهِم للنّساءِ كذلك ف أماك ِن الستِقبال ف الُستشفيا ِ‬
‫ت‬
‫ق ‪ ،‬وف الطاعِم ‪ ،‬وف الراف ِق ال سّياحيّة ‪ ،‬ومُظِيفات ف الطّائرات ‪ ،‬وما شابه هذه الماكِن‬ ‫والفنادِ ِ‬
‫ْريـ ‪،‬‬
‫ْبـ الرّجال اسـِتغْللً لذلك اليْ ِل الفِط ّ‬
‫ّوظيفـ جذ َ‬
‫ِ‬ ‫ْصـدُون مـن وراءِ هذا الت‬
‫والعمال ‪َ ،‬يق ِ‬
‫ص َورِ النّساءِ لتسويقِ الجلّت ‪ ،‬مع التّأكيد على اختيا ِر الفاتِنةِ مِنهُنّ‬
‫سرُ استِخدا َمهُم لِ ُ‬
‫وكذلك نُف ّ‬
‫ـ ِفزّ أعوانَهُـ مِن النـس‬
‫على صَـفْحَ ِة الغِلف ‪ ،‬إل آ ِخرِهِـ مِن هذه الغراضِـ ‪ .. ،‬فالشيطانُـ يس َت‬
‫ضهِم الادّية التّجاريّة ‪ ،‬وبالتّال يَف سُ ُد الجتم ُع دينيّا وأخلقيّا ‪،‬‬
‫لستغللِ هذا اليْل ف تقي قِ أغرا ِ‬
‫ك مُستهدفة فخذي الذَر !! ‪ ،‬نعم ‪ ، ..‬لقد أرد تُ أُخت العفيفة ‪ ..‬أن أستدِلّ‬ ‫فأن تِ بل أدن ش ّ‬
‫بكتا بِ الِ و سُّن ِة نبيّه ( صلى ال عل يه و سلم)على حقيقةِ هذا ال ستهداف ‪ ،‬أوّلً ‪ ،‬لنّ ن أعلَ مُ‬
‫أّنهُ ما ف نظري ون َظرِ ِك ‪ ..‬أعزّ وأوثَ ُق ما يُ ستَ َدلّ به ‪ ،‬وثانيا ‪ ،‬حتّى ل أدَ َ‬
‫ع مَجالً ل ْهلِ القِيَ مِ‬
‫والَبادئ الادّّي ِة ‪ ،‬العارضيـ لقيقةِ هذا السـتهداف ‪ ،‬كـي يتفلسـفوا ‪ ،‬ويَُنمّقوا كلما عقْلنيّا ل‬
‫أ صْ َل له مِن شرْ عٍ ول خُلُق ‪ ،‬نعم ‪ ..‬قد يكون أح ُدهُم دكتورا جامِعِيّا ‪ ،‬أو كاتِبا مشهورا تتنازَ عُ‬
‫ل اجتماعيّا له ف ُك ّل صحيفةٍ بَ صْمة ‪ ،‬ولك نّ مبادِئَهُم‬ ‫عل يه ال صّحُف ‪ ،‬و قد يكون الخ ُر مُحَلّ ً‬
‫وقِيَ َمهُم ‪ ،‬وإنْ كانت جيلةَ الخراج ‪ ،‬وقريب ًة مِن الَنطقِ الا ّديّ الُجرّد ‪ ،‬إلّ أنّها غريب ٌة على مبادئِ‬
‫دين السلم ‪ ،‬وبعيد ٌة عن مقا صِدِ الشّريع ِة ‪ ،‬وإن كانوا يتم سّحون بالدّين ف ثنايا كلمهِم ‪ ،‬بل‬
‫إ نّ قي َمهُم ف كث ٍي مِن الحيان – ول أُبالِ غُ إذا قلت – قيَ ٌم مُنحرِفة ‪ ،‬هؤلء ‪ ..‬هم الذين يُدمنون‬
‫الدّعوةَ إل خرو جِ الرأةِ للعمل خار جَ بيتِها أجيةً عند الغي ‪ ،‬وليس لعمالٍ مُعيّن ٍة خا صّ ٍة با ‪ ..‬ل‬
‫‪ ،‬بل حتّى للعمال الّ ت ل تتنا سبُ مع تكوي نِ الرأةِ ال سَ ِديّ ‪ ،‬والنّف س ّي ‪ ،‬والدّينّ ‪ ،‬بدعوى‬
‫ال ساواةِ بالرّ جل وعدَ مِ تعطيلِ نِ صْفِ الُجت مع ‪ ،‬هؤلء ‪ ..‬هم الّذ ين ينَتهِجون أ ساليب الغرْب ف‬
‫ـ البهائم ‪ ،‬الرأ ِة‬‫ـ الرأةِ الَهضوم ِة هُناك ‪ ،‬الرأةِ الغربّيةِ الُسـَتهْلَكة ‪ ،‬الكادِحةِ كدْح َ‬
‫الُطالب ِة بِحقوق ِ‬
‫ح للمرأةِ‬‫الغربيّةِ ا ُل ستَغلّة ‪ ..‬ال ت ل ولّ ل ا ول نا صر ‪ ،‬إنّ هم ينتهِجون أ ساليَبهُم ‪ ،‬فيطالبون أن يُتا َ‬
‫ال سلمةِ الكريةِ العزيزة هُ نا ‪ ،‬ما أُتي حَ للمرأةِ الغربيّة هناك من ُح ّريّةٍ بيميّ ٍة عمياء ‪ ،‬بل تقديرٍ ول‬
‫أدْنـ اعتبار لاـ تترتّب ُـ عليـه تلك الُطالبات ُـ مـن مفاسـدَ شّرعّيةٍ قرّرهـا عُلماءُ أُصـولِ الشّريعـة ‪،‬‬
‫لكنّ هم[لعرِفتِهِم ِبفِطْرةِ النا سِ الدّينيّة ه نا ف هذا الجتم عِ الكر ي ] يتم سّحون بال ّد ين ف ثنا يا‬
‫كلمِهـم ‪ ،‬كـي يكونَـ كلمُهُم أدْعـى لل َقبُول ‪ ،‬كترديدِهـم لعبار ِة " وَفْقا لتعاليـم دينِنـا النيـف‬
‫وشريعتِنا ال سّمحةِ " ‪ ،‬ذرّا للرّمادِ على عيون الغفّلي ‪ ،‬فهم يردّدون هذه العبارة ‪..‬ثّ يُطالبون با‬
‫ح للمسلمةِ بال سّفرِ بِ ُمفْردِها ‪ ،‬أو الُطالبة بإقْحامِها ف الرّياضة ‪،‬‬
‫يُناِقضُها‍‪ ، !!..‬كمطالبتِهم بال سّما ِ‬
‫أو ف ال سّياسة ‪ ،‬أو إلاحِهِم ال ستميت ف مطالبتهِم بقيادَتِ ها لل سيّارة ‪ ،‬أو ما شا به ذلك مِن‬
‫الُطالبا تِ والراءِ الُنحرِفة ‪ ،‬هؤلء ‪ ..‬هم الّذين يتقرون دورَ الرأةِ العظي ِم ف رِعايةِ بيتِها وَتهْيِئتِه‬
‫ليكو نَ سَكَنا سعيدا ل ا ولزوْجِ ها ‪ ،‬أو لهلِ بيتِ ها أيّا كانوا ‪ ،‬هم الذ ين يهزئون ب َربّ ِة البي تِ الّ ت‬
‫بتلكـ ا َلهَمّ ِة الفِ ْطرِيّ ِة النّبيلة ‪َ ،‬مهَمّةِ َترْبِي ِة الطفال ‪ ،‬وإنشاءِ الجيالِ‬
‫َ‬ ‫ل للقيام‬
‫سـخّرت وقْتَهـا كام ً‬
‫ال صّالة ‪َ ،‬مهَمّ ِة رَبّةِ البي تِ ‪ ،‬ال ت ا ستيقظ الغر بُ وتنبّه إل أهّيتِ ها ب عد فوا تِ الوان ‪ ،‬وأ صبح‬
‫ينادي العقل ُء ف أمريكا وأوروبا إل عودةِ الرأةِ إل هذه ا َلهَمّةِ العظيمة إنقاذا للمُجتمع ‪ ،‬هؤلء‬
‫‪..‬هم الذين ُيقَلّلو َن مِن شأ نِ هذه ا َلهَمّة ‪ ،‬بل ويعتَبِرون م ْن قامت با رقْما زائدا ف قائمةِ بَطال ِة‬
‫النّساء ‪ ،‬فالرأةُ العامِل ُة ف ن َظ ِرهِم ‪ ،‬هي الّت دخلت سوقَ العمل فحسْب ‪ ،‬هي فقط الرأةُ الجية‬
‫‪ ..‬تلك ال ت تتقا ضى راتِبا ف مِهن ٍة ما ‪ ،‬وأقول أجية ‪ ،‬ل يس تقيا لفهوم الِه نة بالنّ سْبةِ للمرأة ‪،‬‬
‫أنـ ُأعِي َد الُصـطَلَحاتِ الّتـ أِلفْنـا اسـِتخْدامَها إل أُصـولِها‬ ‫أقصـدُ هذا ‪ ، ..‬وإنّمـا أُحاوِل ْ‬
‫أبدا ل ِ‬
‫شرْع للعمال التبوعةِ‬ ‫ال صّحيحة ‪ ،‬ل نّ أج ي ‪ ،‬أو أجية ‪ ،‬هو[ غالِبا ] الُ ص َطلَحُ الُ ستَخْ َد ُم ف ال ّ‬
‫بالجْر ‪ ،‬وليس مُصطلَح [ عامل ] ‪ ،‬قال تعال ‪( :‬قالت إحداهُما يا أب تِ استأ ِجرْه إ نّ خي من‬
‫استأجرْت القوِيّ المي )( قال إنّي أُريد أن أُنكِحَك إحدى ابنتّ هات ي على أن تأ ُجرَن ثان‬
‫حجج ) ‪ ،‬حتّى كت بُ الفِقه تُطلِ قُ على هذا النّشا ِ‬
‫ط من نشاطا تِ الياةِ لفْ ظَ الجارة ‪ ،‬تدين ف‬
‫أبوا بِ الفِ قه ‪ ،‬با بْ الجارة ‪ ،‬أو كتاب الجارات ‪ ،‬أمّا لف ظُ الع مل ف قد جاء ف القرآن بع ن‬
‫الطّاعا تِ ‪ ،‬أو ال سّيئات عُموما ‪ ،‬كما قدّمنا أ ّولَ الكلم ‪ ،‬ف قولِ هِ تعال‪ (( :‬فاستجاب لم ربم‬
‫أنّي ل أُضي عُ عَمَ َل عاملٍ من كم من ذكرٍ أو أُن ثى بعضُ كم من ب عض )) ‪ (( ،‬اعملوا آل داود‬
‫شكرا )) ‪ (( ،‬ف من يعمل مثقال ذرّ ٍة خيا يره ومن يعمل مثقال ذرّ ٍة شرّا يره )) ‪ ،‬فلفْ ظُ العملِ‬
‫لعما ِل الجار ِة ‪ ،‬هو ف القيق ِة مُعرّ بٌ من اللّف ظِ الغرْبّ ‪ ،‬ل ّن مُصطلح القُوى العامِل ِة الُنتِج ِة ف‬
‫مُفهو مِ الغرْب ‪ ،‬ل يدخُلُ ف يه إلّ الفرادُ الّذ ين يتقاضون عن أعمالِهِم أجورا مادّيّةً ‪ ،‬وبالتّال فإ نّ‬
‫الرأةَ الجيةَ ‪ ،‬التـ تتقاضـى أجْرا مادّيُا ‪ ،‬الرأة الجية فـ مفهومِـ هؤلءِ الّذيـن تربّوا على أفكارِ‬
‫وقِيَ مِ الغرْب ‪ ،‬هي الرأةُ الُنتِج ُة عِن َدهُم نظ َي مُقاب ٍل مادّي ‪ ،‬هي الرأةُ الت تنفَ ُع وطَنَها فح سْب ‪،‬‬
‫مالتـ عظيمةٍ بدون انتظارِ أ ْج ٍر مادّي ‪ ،‬كتلك الُْنهَمِكةِ فـ تربيةِ أولدِهـا‬ ‫ٍ‬ ‫المـ العاملةُ فـ‬
‫أمّا ّ‬
‫ورِعاي ِة بيتِ ها ‪ ..‬فإنّ ها ل ُتعْتََبرُ امرأةً عامل ًة مُنتِجةً نافِعةً للو طن !! ‪ ،‬بل هي ف ن َظرِ هم ‪ ..‬عُن صُرا‬
‫سخٍ فِكْريّ يا ِر ُسهُ هؤلء !! ‪ ،‬أيّ إفسادٍ للعقولِ وللخل قِ‬ ‫مُعطّلً!! ‪ .. ،‬سبحان ال !! ‪ ،‬أيّ مَ ْ‬
‫وللقِيَ مِ يقترِفو نه ‪ ،‬ل قد بات كث ٌي من النّ ساء من جرّاءِ هذا ال ّطرْ حِ الت َكرّر والُجْحِف ‪ ،‬ل يَريْ نَ‬
‫شيئا يُحقّ قُ كياَنهُ ّن ووُجو َدهُنّ سِوى الوظي فة ‪ ،‬أو بِعبارةٍ أخرى أجية ‪ ،‬حتّى لو كان م ستواهُنّ‬
‫ستَوىً طيّبا ‪ ،‬لقد تكوّنت لدى الجت ِم عِ نظْرةٌ مادّيّ ٌة مُخيف ٌة ‪ ،‬فإذا ترّجتِ‬ ‫شيّ بِدُو نِ الوظيف ِة مُ ْ‬
‫العي ِ‬
‫حتْ وظيفةُ الفتاةِ‬ ‫الفتاةُ ول تتوظّف أجيةً لدى الغي ‪ ،‬فيا للمُصيب ‍ة‍‪ ، ..‬ويا لَخسارةِ الّتعَب ‪ ،‬وأصْبَ َ‬
‫ُشغْلً شاغِلً ‪ ،‬ف في سبيلِ وظيف ِة البِ نت ‪ ..‬يهو نُ كلّ ش يء ‪ ،‬كلّ شيء‍ ‪ ، ..‬فمِ نْ أجْلِ الوظيفةِ‬
‫ُردّ كث ٌي مِن الشَبا بِ الُتَقدّ مِ للزّواج إذا تعارض الزّواج مع وظيفتِ ها ‪ ،‬ومِن أجْ ِل الوظيفةِ زادت‬
‫نِ سْب ُة الطّلق ‪ ،‬ومِن أجْ ِل الوظيفةِ ‪ ،‬ومُبا َش َرةِ العم ِل فيها ولو كانت بعيدةَ الساف ِة ‪ ،‬مِئا ِ‬
‫ت الميالِ‬
‫ت ‪ ،‬ومِن أجْ ِل الوظيفةِ ضا عَ‬
‫ح النّساءِ ف حواد ثِ ال سّيارا ِ‬
‫خار جَ الدينة ‪ُ ،‬أ ْز ِهقَ تْ كث ٌي مِن أروا ِ‬
‫ف الادِمات ‪ ،‬هذا هو نتا جُ الّنفْ ِخ ف هذا‬ ‫كث ٌي من البيوت ‪ ،‬وانرَ فَ كث ٌي مِن الولدِ تت إشرا ِ‬
‫الوضوع الّذي ينفُ ُخ ف يه هؤلءِ الادّيون ‪ .. ،‬أخ ت الكري ة ‪ ، ..‬ل تفه مي خطًَأ بأنّي ضِدّ عملِ‬
‫الرأةِ أجي ًة ف مال تِ العم ِل اللّئق ِة ب ا كامرأةٍ م سلمة ‪ ،‬ل ‪ ..‬أبدا ‪ ،‬بل إ نّ عمَل الرأةِ خارِ جَ‬
‫بيتِ ها ف بع ضِ الال تِ يُعَتَبرُ ُمهِمّا وضروريّا إذا ل تِ ْد من يعولُها ‪ ،‬أو كا نت هي بِذاتِ ها تعولُ‬
‫وال َديْ ها أو بْيتَ ها ‪ ،‬ل سِيّما وأوضا عُ المّ ِة ال سلميّةِ اليوم ل تَمَن حُ الرأةَ ما يِ بُ على المّةِ أن‬
‫تنَحهُ لا ف ظِلّ الكم السلميّ الُتكامل مِن توفيِ العيشةِ الكرية لا ‪ ،‬وسَْترِها ‪ ،‬والحافظ ِة عليها‬
‫مِن التّبذّلِ خارجَ بيتِها إن ل يكن لا ولّ مقتدِر ‪ ،‬فالقصود أن ننظرَ إل الوضوعِ بت َعقّل ‪ ،‬وبِنظرةٍ‬
‫أقصـُد بذا‬ ‫روحـ فيهـا ول ِم ْزعَ ًة مِن ديـن ‪ ،‬فأنـا ل ِ‬ ‫َ‬ ‫إسـلمّيةٍ شرعّيةٍ متجرّدة ‪ ،‬ل بنظْرةٍ مادّيةٍ ل‬
‫أقصـدُ كمـا ُقلْت ‪ ،‬أنّه ينبغـي أن نن ُظرَ إل هذا‬ ‫ولكنـ ِ‬ ‫ْ‬ ‫توظيفـ النّسـاء ‪ ..‬أبدا ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫الكلمـ إلْغاءَ‬
‫ِ‬
‫ش ْرعِّيةَ ف الَقا مِ الوّل ‪ ،‬على ال صالِحِ الادّّي ِة ‪ ،‬الغرْبّيةِ‬ ‫الوضوع بنظر ٍة مُّتزِنَةٍ ‪ ،‬نُقدّ مُ في ها ال صالَ ال ّ‬
‫القِيَم ‪ ،‬وال ت سيطرت على عقولِ هؤلء القوم ‪ ،‬وهؤلء أيضا ‪ ..‬هم الذ ين يُحاولون التّأث َي على‬
‫السلمةِ العفيفة ‪ ،‬بإبرازِ ناذِ جَ شا ّذةٍ لشخصيّاتٍ نِسائيّ ٍة مسلم ٍة ف العموم ‪ ،‬لك نّ نظْرَتهُنّ للحياة ‪،‬‬
‫ع وزْنا عند تديدِ معالِ الَْن َه جِ ال سّلوكيّ والخْلق ّي للمرأةِ‬ ‫نظْر ٌة عَلْمانّيةٌ ل ُتقِي ُم للدّين ول للشّر ِ‬
‫صبَ تست ْل ِز ُم مُخالطةَ الرّجال ‪ ،‬و قتْلَ‬ ‫‪ ،‬كالُ َمثّلت ‪ ،‬والُغنّيات ‪ ،‬والُذيعات ‪ ،‬أو مَ نْ تقلّدْ َن أيّ َة منا ِ‬
‫الَياءِ ف الرأةِ الؤمنة ‪ ،‬مناصبْ ‪ ..‬تست ْل ِزمُ هدْ َم الجابِ الّذي أ َمرَ القُرآنُ بإقامتِه بي الرّ ُجلِ والرأة‬
‫(( وإذا سنألتموهُنّ متاعا فسنألوهُنّ منن وراءِ حجاب ‪ ..‬ذلكنم أطهرُ لقلوبِكنم وقلوِبهِنّن )) ‪،‬‬
‫هؤلء أخت ‪ ..‬هم الّذين ما َيفْتئَون ي ْزعُمون أنّ الرأ َة ف هذه البلدِ مظلومة ‪ ،‬مُهانة ‪ ،‬فما هو وج ُه‬
‫الظّلْ ِم ف ن َظ ِرهِم يا تُرى ؟؟ ‪ ،‬هل هي العادا تُ الّت ل تَ ُمتّ للسلمِ بِ صِلة ‪ ،‬العادا تُ الت تت ِقرُ‬
‫الرأة ‪ ،‬وتعتِبرُ ها أمرا َمعِيبا يج ُل الن سانُ حتّى مِن ذِ ْكرِه ‪ ،‬ك ما هو الا صِلُ ف عادا تِ ب ْع ضِ‬
‫النّاس ؟؟ ‪ ،‬ل ‪ ، !!..‬ط يب هل هي العادا تُ ال ت ت ِرمُ ها مِن الياث ‪ ،‬وير ّددُ أ صحابُها القولةَ‬
‫الشهورة " الل ْل منا يروح ْن لِلنّسنيب " كمـا هـو العمولُ ِ‬
‫بهـ إل الن فـ بعض ِـ الناطـق ُظلْما‬
‫أنـ‬
‫ْمـ عندَهُم ‪ ..‬ول أمثالَ هذا ‪ ،‬فإنّهـم يعلمون ّ‬ ‫وجهـ الظّل ِ‬
‫وعُدوانـا؟؟ ‪ ،‬ل ‪ ، !!..‬ليـس هذا َ‬
‫ت الاهليّة ‪ ،‬إذن ‪ ..‬فما هو وج هُ الظّل ِم عن َدهُم ‪ ،‬وما هي‬ ‫السل َم هو أوّلُ العارضي لذه العادا ِ‬
‫أمثَِلتُه؟؟ ‪ ،‬إنّ و ْجهَ الظّلْ ِم عن َدهُم ‪ ،‬هو ف مَنْعِ الرأ ِة مِن السّفرِ لو ْحدِها بل مرَم ‪ ،‬فهل يقصِدون أنّ‬
‫رسو َل الِ (صلى ال عليه وسلم) ظَلمَ الرأةَ أم ماذا ‪..‬؟!! ‪ ،‬لنّه هو المرُ بذا !! ‪ ،‬فقد ص ّح عند‬
‫الما مِ أحدَ وغيِه قولُ ُه ( صلى ال عل يه و سلم) ‪(( :‬ل ت سافر الرأة إل مع زوج ها أو ذي مرم‬
‫من ها)) ‪ ،‬و ف لفْ ظٍ آخَر ‪(( ،‬ل يَحِلّ لمرأة تؤ من بال واليوم ال خر أن ت سافر يوما إل مع ذي‬
‫رحم)) ‪ .. ،‬وجْ هُ الظّلْ ِم عن َدهُم أيضا ‪ ،‬هو ف مْنعِها مِن دخولِ عالِ الف ّن ‪ ،‬كالتمثيل ‪ ،‬والغِناء ‪،‬‬
‫والوسيقى ‪ ،‬كما صوّر لنا العلمُ تلك الغنّيةَ ‪ ،‬الت حاول أخوها أن ينعها من الغناء ‪ ، ..‬ص ّورَها‬
‫جيعـ‬
‫وتكسـرُ َ‬ ‫ِ‬ ‫العلم بصـورةِ الرأةِ الريئة التـ تتحدّى الميـع ‪ ،‬الميـع ‪ ..‬حتّى أقاربَهـا!! ‪،‬‬
‫ل عن أن‬ ‫الواج ِز ف سبي ِل الف ّن ‪ ،‬فهل رضِ يَ الُ عن الرّجلِ الذي دخَ َل عالَ َم الفنّ الُعا صِر فضْ ً‬
‫ض ف هذا العالِ العفِن !!؟ ‪ ،‬وجْ هُ الظّلْ مِ عن َدهُم ‪ ،‬هو ف مْنعِها‬ ‫يرضى عن الرأةِ السلمةِ أن تو َ‬
‫مِن قيادةِ ال سّيارة ‪ ،‬حتّى ف ظِلّ انيارِ النّظا مِ الخل قي الذي يعيشُ هُ كث ٌي مِن شبا بِ الشّوار عِ‬
‫اليوم ‪ ،‬أولئك الذين ل يأمَ نُ النسا ُن من ش ّرهِم على أهلِ هِ وهو معهم ف ال سّيارة ‪ ،‬فكيف والرأةُ‬
‫تقودُها لوحْدِها أو معها بناتُها الشّابّات (نسألُ الَ أن يفظَنا جيعا) ‪ ،‬إنّ العاق َل ‪ ،‬الذي ين ُظرُ إل‬
‫واق عِ الشّبا بِ اليوم ‪ ،‬بنَظْرةٍ عقلنيّ ٍة مادّية ‪ ،‬دعْ كِ مِن الدّينيّة ‪ ،‬ليأنَ فُ مِن هذا التّوجّ هِ خوفا على‬
‫ِع ْرضِه ‪ ،‬فكيف إذا جَعَ إل ذلك نظْرةً دينّيةً واعية ‪ ،‬وليست قيادةُ السيّارةِ عن َدهُم مقصودةً بذاتِها‬
‫بِق ْد ِر ما هي نقط ُة البدايةِ ال ت لو تقّ قت ‪ ،‬لطالبوا بعدَ ها ب ا هو أ كبُ وأع ظم ‪ .. ،‬هذه الطال بٌ‬
‫وأمثالُها ‪ ،‬هي القو قُ الت ينادون با للمرأة ‪ ، ..‬وإنّن أتعجّ بُ أيتُها الُخت ‪ ،‬أتعجّب مِن هؤلءِ‬
‫الذين ُيطْلَ ُق عليهِم مُثقّفي ‪ ،‬أتعجّبُ مِن إصْرا ِرهِم على هذا النّوعِ الحدو ِد ‪ ،‬والعروف ‪ ،‬والُتكرّر‬
‫جعْلِ تلك‬ ‫مـن الطالِب ‪ ،‬وماولتِهِم الُسـتميَتةِ ‪ ،‬والَُت َكرّرةِ بِصـور ٍة مُمِلّة ‪ ،‬ولسـنواتٍ عديدة ‪ ،‬لِ َ‬
‫الطالبـ الُحَدّدة ‪ ،‬وإغفالِه ِم التّام ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫ّبـ م ِن إصـرارِهم على تلك‬ ‫الطالب واقِعا َمرْئِيّا ‪ .. ،‬أتعج ُ‬
‫حةِ للمرأة ‪ ، ..‬إنّهم ل ينادوا بقّها ‪ ،‬إنّهم ل‬
‫وإهاِلهِم الواضح ‪ ،‬للمطالِبِ القيقّيةِ الشّرعيّ ِة والُلِ ّ‬
‫ينادوا بقّ كِ أن تِ أخت العفيفة ‪ ،‬ف توفيِ بيئةٍ أ ْكَثرَ أمْنا ل ِ‬
‫ك مِن اعتداءا تِ قُطعا نِ الفَ سَق ِة ‪ ،‬مِن‬
‫ق ‪ ،‬وعند مدارسِ البنات ‪ ،‬وف ال ّطرُقِ العّامّة ‪ ،‬وف الُنتزهات ‪،‬‬ ‫ِسفْلَ ِة الشّباب الُتسكّعي ف السوا ِ‬
‫وخا صّ ًة ف الُنا سباتِ العاّ مة ‪ ،‬واحتفال تِ العياد ‪ ،‬تلك العتداءا تُ ال ت هي آخذ ٌة ف الزديادِ‬
‫صوِْنكِ وحِمايتِ كِ مِن‬
‫ف ف الونةِ الخية ‪ ،‬إنّهم ل ينادوا بقّ كِ ف توف ِي البيئة المنة ل َ‬
‫بشكْلٍ مي ٍ‬
‫تلك القُطعا نِ الائجة ‪ ،‬ل نّ تلك العتداءا تِ ليست مشكلِ ًة كبيةً عِن َدهُم ‪ ،‬ولك ّن الشكلة هي ف‬
‫من عِ الرأ ِة مِن القيادة ‪ ،‬هذه هي الشكلة ‪ ..‬هذا هو الَمّ الكب !! ‪ ،‬إنّهم ل ينادوا بقّ ِ‬
‫ك ف إيادِ‬
‫مُنَتزَهاتٍ خاصّ ٍة للنّساء فيها اللعاب والتّسال للطفال ‪ ،‬تستطيع السلم ُة فيها أن تلعَ حجابَها بل‬
‫ف مِن ن َظرِ الرّجا ِل ‪ ،‬وُتعْطَى بذلك الُريّةَ الكامل َة ف التّنّه وتفري حِ أطفالِ ها ‪ ،‬إنّ هم ل ينادوا‬
‫خوْ ٍ‬
‫ت ‪ ،‬ويُؤكّدون على أهِّيةِ البقاءِ على‬ ‫ع مِن الُنَتزَها ِ‬
‫بقّ كِ ف ذلك ‪ ..‬بل إنّهم يُعارِضون هذا النّو َ‬
‫الُنَت َزهَا تِ مُختَلَطَة !! ‪ ،‬إنّ هم ل ينادوا بقّ ِ‬
‫ك ف إيادِ مكتبات عامّ ٍة خا صّة بالنّ ساء والطفال ‪،‬‬
‫حبَ المّ أطفالَها الصّغا َر معها إل تلك الكتبات ‪ ،‬فتستفيد ويستفيدون ‪ ،‬مع التّأكيد على‬ ‫كي تص َ‬
‫لرْص على تكثي فِ التّرغ يب ف زيارتِ ها من خلل ال صّحُفِ‬ ‫الادةِ النّافع ِة ف تلك الكتبات ‪ ،‬وا ِ‬
‫سبَ الرأةُ ال ِعلْ َم النّا فع ‪ ،‬والثقافةَ ال سلمّيةَ الرّفي عة ‪ ،‬وتتربّى‬‫وو سائلِ العل مِ الخرى ‪ ،‬كي تكت ِ‬
‫ك ف ذلك ‪ ،‬ل نّ‬ ‫على حُبّ القراءةِ والهتما مِ بالعلم ‪ ،‬وكذا يتربّى أطفالُ ها أيضا ‪ ،‬ل ينادوا بقّ ِ‬
‫س َفرِ ِلوَحْدِها ‪ ،‬هذا هو ُشغُْلهُم الشّاغل ‪،‬‬
‫ح للمرأةِ بال ّ‬ ‫ذلك غ ُي مهمّ ‪ ..‬الذي يهُ ّم عن َدهُم هو السّما ُ‬
‫لتتم ّردَ على دينِ ها وأوامرِ نبيّ ها ‪ ،‬إنّ هم ل ينادوا بإياد حلّ جذري لوضوع العنو سة الذي يتزا يد‬
‫عاما وراء عام ‪ ،‬والذي هو نات ٌج عن أ سبابٍ عديدة ‪ ،‬من ها الغال ُة ف الهور ‪ ،‬وجش عُ كث ٍي من‬
‫الباء ‪ ،‬إنّ هم ل ينادوا بقّ الرأةِ ف معامَلَ ٍة ح سن ٍة مِن زوجِ ها ‪ ،‬أو من أبي ها ‪ ،‬معامَلةٍ خالي ٍة مِن‬
‫الظّلْ مِ [كالستيل ِء على رات بِ الزّوجةِ ‪ ،‬أو البنة مثلً]وغيِ ذلك مِن أنوا عِ الظّلم ‪ ،‬ل ينادوا بِ َمنْ ِع‬
‫ذلك الظّلْ مِ ‪ ،‬ول ينادوا بِ َمنْ ِع الهانا تِ الُتََنوّعةِ الت يتلقّاها كث ٌي من النّساءِ من أزوا ِجهِ ّن ‪ ،‬كما‬
‫يري ذلك ف كث ٍي كث ٍي مِن البيوت ‪ ،‬إنّ هم ل ينادوا بقّ ها ف رَفْ عِ ذلك الظّلْم ‪ ،‬ل ّن هناك ف‬
‫ن َظ ِرهِم ما هو أهمّ مِن هذه المور ‪ ،‬سخّروا له أقل َمهُم ‪ ،‬وا سْتَجْمَعوا له فلسفَتهُم ‪ ، ‍..‬ما هو يا‬
‫تُرى ؟؟ ‪ ،‬إنّه إعادةُ النّظر ف حُ ْك مِ غِطاءِ الوَجه للمرأة ‪ ،‬ودندنة طويلة ‪ ، ..‬وأُطروحات مُتَكَلّفة‬
‫‪ ، ..‬ونقاشات متنوّعة ‪ ، ..‬وجهود ‪ ، ..‬واستحضار لِلفات فقهية ‪ ، ..‬ومُح صّل ُة هذا كُلّه ما‬
‫هو ؟؟ ‪ ،‬ماذا يريدون ف النّهاية ؟؟ ‪ ،‬يريدون أن ترفَ عَ الرأةُ الغطا َء عن وجهِها ‪.. ،‬يريدون سفورَ‬
‫النّ ساءِ بوجو ِههِ ّن ف هذا البل ِد الكر ي ‪ ،‬آخ ِر َم ْعقَلٍ للحجا بِ الكا مل !! ‪ ،‬هذا هو الد فُ الذي‬
‫يلهثون فـ سـبي ِل الوصـولِ إليـه ‪ ،‬ويبذُلون فـ سـبيلِ تقيقِهِـ هذه الهودَ الُضنِيـة ‪ ،‬ولن تنشرَِحَـ‬
‫ل العامّة ‪ ،‬والهمّة ‪ ،‬الت تنفعُ‬
‫صدو ُرهُم حت ترفعَ الرأةُ السلمةُ الغطا َء عن وجهِها ‪.. ،‬حتّى الصا ُ‬
‫ش ّدةِ تركيزِهم على هذا الوضوع ‪ ،‬إنّهم ل ينادوا بِجِدّيةِ بقّ الرأةِ العاملة‬
‫الرأةَ ‪ ،‬ل يلتفِتوا إليها ل ِ‬
‫‪ ،‬وبالذّات الُعلّ مة ‪ ،‬ف إيادِ ُفرَ صِ عملٍ قريب ٍة مِن مدينتِ ها ‪ ،‬ل ف مُدُ نٍ أُخرى بعيدة ‪ ،‬حتّى ل‬
‫تتغرّب وتتعرّ ضَ للضّرر ‪ ،‬إنّ هم ل ينادوا بقّ ها ف هذا الَطْل بِ ا ُللِ ّح ‪ .. ،‬ل ‪ ..‬لنّ هم ي صرُخُون‬
‫ح موضو عِ دخولِ الرأةِ عالَ الرّياضة ‪.. ،‬هذا‬ ‫هناك ‪ ،‬ف وادٍ آخرَ بعيدٍ ‪ ،‬إنّهم مشغولون ف َطرْ ِ‬
‫هو ال هم!! ‪ ،‬هذا هو حقّ الرأةِ الضّائ ُع ف ن َظرِهِم !! ‪ ،‬إنّ هم ل ينادوا بقّ الرأةِ العامِلةِ خار جَ‬
‫ب رمْزيّ ‪ ،‬أو بدو ِن راتِب ‪ ،‬إجازة ‪ ..‬ليسَ لِمُ ّدةٍ شهرين أو أربعة‬
‫بيتِها بإجازةِ أُموم ٍة مُناسِب ٍة ‪ ،‬براتِ ٍ‬
‫ص القرآ نُ ف قولِ هِ تعال ‪ ( :‬وفِصاُلهُ ف عام ي ) على مُ ّدةِ العام ي لِف صالِ ال ّطفْلِ‬
‫‪ ،‬وإنّ ما ك ما ن ّ‬
‫الرّض يع ‪ ،‬كي تتفرّ غَ ا ُل سلمةُ لهمّ عملٍ رف َع ال سلمُ ب هِ شأ نَ الرأة ‪ ،‬وجعَ َل الّنةَ لجْل هِ عن َد‬
‫ق َدمَيْها ‪ ،‬لتربيةِ طِفلِها والعناي ِة به حقّ العناية ‪ ،‬ل يُناقِشوا هذا الوضوع ‪ ،‬ل يناقشوا حقّها ف زم نِ‬
‫تقاع ٍد مُب ّكرٍ يُنا ِسبُ طبيعتَها الُنثويّة ‪ ،‬لاجَتِها لللتفا تِ لولدِها[بني وبنات]ومتابعِتهِم على أقلّ‬
‫ّفريقـ بينَهـا وبيـ الرّجلِ فـ الُدّة ‪ ،‬ل يطالبوا بذلك لنّه‬‫سـنّ الُراهقـة ‪ ،‬ل يُطالِبوا بالت ِ‬ ‫حال فـ ِ‬
‫ح الوضوعِ الهم ‪ ،‬موضوع ضرورةِ البِطاق ِة للمرأة ‪،‬‬ ‫موضوعٌ هامش ّي ‍‪ ، ..‬إنّهم مشغولون ف طرْ ِ‬
‫ث الرأة على العمل كمذيعة ف التلفزيون ‪،‬‬ ‫وكأنّه موضوع حياة أو موت ‪ ،‬إنّهم مشغولون ف ح ّ‬
‫ت النّادر َة مِن النّسا ِء ‪ ،‬الال تِ الت بِحمدِ‬ ‫ترج بوجهِها على مليي الرّجال ‪ ،‬ث يدحون الال ِ‬
‫جرُون معه نّ القابلت ‪،‬‬ ‫ال ‪ُ ،‬تعَدّ بأصابِعِ اليدِ الواحدة ‪ ،‬مِمّن دخلْ نَ ما َل التّقدي التلفزيون ‪ ،‬وُي ْ‬
‫وكأ ّن ما هم في هِ إنازٌ فر يد ‪ ،‬وشجا عة ‪ ،‬واختراق لواجزِ العادات والتقال يد ‪ .. ، !!..‬سبحان‬
‫ال ‪ ، ..‬آلُ أ َمرَ بذا؟؟ ‪ ،‬كان الجد ُر ب م أن يناقِشوا حقّ ها ف ألّ تعي شَ التّناقُض ب ي ال سلم‬
‫ك الُ مِن ش ّرهِم ‪ ،‬على العكْ سِ مِن ذلك ‪ ،‬يست ِغلّون‬ ‫والواقِ عِ العلمي الؤل ‪ ،‬لكنّهم ‪ ، ..‬حفِظَ ِ‬
‫ض التّصرياتِ الرّسيّ ِة العامّة ‪ ،‬كتلك الت عقّبت على اتفاقيّاتِ المم الُتّحِدة للقضاء على جي عِ‬ ‫بع َ‬
‫ع ضرورةِ استِحداثِ "ِفقْهٍ مُعاصِر وجديد لقضايا‬ ‫ض لوضو ِ‬ ‫أشكالِ التّمييز ضِدّ الرأة ‪ ،‬ليجُسّوا النّْب َ‬
‫صرِ الديث ‪ ،‬والعولة ‪ ،‬وتغَّيرِ الزّمان ‪ .. ،‬هذا ما يومونَ حولَه بل‬ ‫الرأة" ينسجِ ُم مع مُعطَياتِ الع ْ‬
‫َسـ ال َعلْمانـ الذي ل يرى‬
‫ْحظـ فيهِم ذلك الّنف َ‬
‫ُهـ أن يل َ‬ ‫ّاسـ ذكاءً يُمكِن ُ‬
‫إنـ أق ّل الن ِ‬
‫مللٍ ول كلل ‪ّ ،‬‬
‫ع مُطل قَ القّ ف اتّخاذِ القرار ف شئو نِ الرأة ‪ ،‬سبحان ال ‪..‬ما أهو نَ الشّر عَ ف نفو ِسهِم ‪،‬‬ ‫شرْ ِ‬
‫لل ّ‬
‫ض ف مسائِلهِ وأحكامِ هِ‬ ‫شرْع ‪ ،‬وما أجْرؤهُم على الوْ ِ‬ ‫صهِم على تزْهي ِد النّا سِ ف ال ّ‬‫وما أشدّ ِحرْ ِ‬
‫شرْ عِ وإنّما هي عادا تٌ وتقاليد ُيمْكِ نُ‬
‫الت ل تُعجُِبهُم ‪ ،‬وادّعائهِم زورا وبُهتانا أنّها ليست من ال ّ‬
‫ال ستغناءُ عن ها بكُ ّل سهول ٍة ‪( ،‬حفِ ظَ الُ ال سلمي من شرورِهِم) ‪ ،‬ذكرت إحدى التّائبات ف‬
‫رسال ٍة لا (وقد تص ّر ْفتُ بالرّسالةِ قليلً لطولِها) قالت ‪ :‬أخت الكري ُة ‪ ..‬يا رعا كِ ال ‪ ،‬إ ّن قُطّا عَ‬
‫الطّري ِق مِن شياطيِ الن سِ والِنّ كثيون ‪ ،‬ك ّل منهم مُتَربّ ٌ‬
‫ص بك ‪ ،‬يُحاوِلُ أن ينتزِ عَ قِطع ًة مِن‬
‫ك وبيَ ربّك ‪ ،‬ك ّل منهم يُحاوِلُ إن يُخرجَكِ مِن‬ ‫ك ‪ ،‬كلّ منهم يُحاوِلُ أن ُي ْ‬
‫ضعِفَ الصّل َة بين ِ‬ ‫إيانِ ِ‬
‫ك ‪ ،‬أو على الق ّل ‪ ..‬أ نْ ُي ْفقِدَ هُ وظيفَتَ هُ ال ت ُشرِ عَ مِن‬ ‫ك ‪ ،‬كلّ من هم ياولُ أن يَنِ َ‬
‫ع حِجابَ ِ‬ ‫بيتِ ِ‬
‫أجلِها ‪ ،‬يُحاوِلُ أن يعلَ حِجابَ كِ ِزيّ إغراءٍ وفِتنة ‪ ،‬يُحاوِلُ أن يعلَ حِجابَ كِ ِنقْمَ ًة علي كِ ووبالً‬
‫ك عندَ الِ وُقرْبةً إليه ‪ ،‬كلّ منهم يقومُ بذه الُحاولتِ ‪ ،‬بِشتّى‬
‫يو َم القيامة ‪ ،‬بدَلَ أن يكو َن رِفْعةً ل ِ‬
‫ال ّطرُ قِ الغر ية ‪ ،‬وبكُ ّل مَ ْكرٍ ودَهاء ‪ ،‬كلّ من هم يُحاوِلُ أن يقْط عَ علي ِ‬
‫ك الطّري قَ ‪ ،‬طري قَ الِدا ية ‪،‬‬
‫مغسـَلةُ الدمِغ ِة‬
‫ْتـ آنِفا ‪ ،‬وهناك التليفزيون ‪َ ،‬‬ ‫فهناكـ م َن ذَ َكر ُ‬
‫َ‬ ‫طريقـ النّجاة ‪.. ،‬‬
‫َ‬ ‫طريقـ الفوْز ‪،‬‬
‫َ‬
‫والخلق ‪ ،‬ببامِجه ‪ ،‬ومُسلْسلتِه ‪ ،‬وأفْلمِه ‪ .. ،‬فيه نفْ ٌع ضئيلٌ يسي ‪ ،‬ومُعظَمُ هُ ش ّر مُستطي ‪،‬‬
‫والبدائ ُل مُمْكِنة ‪ ،‬ولكنّها ضعيفة ‪ ،‬وغ ُي مُقنِعة ‪ ،‬ولذلك فإنّها تستدْعي صْبرَ ِك ‪ ،‬وتستدْعي عامِلً‬
‫ُمهِمّا آ خر ‪ ..‬بل هو اله ّم ‪ ،‬ت ستدعي ُحبّ كِ ِلرَبّ كِ ‪ ،‬وُقرْبَ كِ مِ نه ‪ ،‬وتقديَ مابّ ِه ومرْضاتِ هِ على‬
‫أهوائ كِ وشهواتِك ‪.. ،‬إ ّن قُطّا عَ الطّري قِ كثيون ‪ ،‬فهُنا كَ الرّفيقا تُ غيُ ال صّالِحات ‪ ،‬الرّفيقا تُ‬
‫ك مِن الِ إ ّل ُبعْدا ‪ ،‬الرّفيقاتُ اللّت ي ْفتَحْنَ لكِ أبوابَ الَعصِية وُي ْغرِيَنكِ بالدّخُو ِل‬
‫‪ ..‬اللّت ل ي ِزدَْن ِ‬
‫ْسـَنكَ السـابَ‬ ‫وأناطـ السـّلوك ‪ ،‬ويُن ِي‬
‫ِ‬ ‫ِنـ الزياء ‪،‬‬‫عليكـ م َ‬
‫ِ‬ ‫خطُ الَ‬ ‫ُسـ ِ‬
‫لكـ مـا ي ْ‬
‫فيهـا ‪ ،‬وُيزَيّنّ ِ‬
‫والعِقاب ‪ ،‬فاحْذريهِنّ أشدّ الذر ‪ ،‬أشدّ الذرِ أقول ‪..‬واستبْدليهِنّ بالرّفيقاتِ الصّالات الصّادِقات‬
‫‪ ،‬حفِظَن الُ وإيّا ِك مِن سوءِ العاقِبة‬
‫( ( و يوم يع ضّ الظال مُ عل ى يد ي ه ‪ ،‬يق ول ي ا ليت ن ي اتخ ذت مع الر سول‬
‫سب يل * ي ا ويل تى ليت ني لم ات خ ذ فل ن ا خل يل * ل ق د أضل ني ع ن ا لذ كر‬
‫بعد إذ جاء ني وكا ن الشي طانَ لل نسانِ خذ ول ))‬
‫إ ّن قُطّا عَ الطّري قِ كثيون أخ ت العفي فة ‪ ،‬فهناك البيئةُ حولَك ‪ ،‬البيئ ُة ‪ ..‬من الهْلِ والعارف ‪،‬‬
‫وصعوبةِ الدايةِ الرّاشِد ِة ف أكنافِهم أحيانا ‪ ،‬دون التّعرّ ضِ لل سّخريةِ والغ ْمزِ والّلمْز ‪ ،‬فاصبي على‬
‫ما أ صاَبكِ مِن ذلك ‪.. ،‬وهناك البيئةُ حولَ كِ من اللّقاءا تِ غيِ الادِ فة ‪ ،‬ال ت تَكُْثرُ في ها الغِي بة ‪،‬‬
‫ث عن الدّنيا ‪ ،‬وبُيوتا تِ الزياءِ والوضات ‪ ،‬والقيلُ والقال ‪ ،‬ول يُذ َكرُ الُ فيها‬ ‫ويكُثرُ فيها الدي ُ‬
‫ِنـ الزّينـة ‪،‬‬
‫ُسـتَلْزماتِها م َ‬
‫والسـفْرات ‪ ،‬وم ْ‬ ‫والسـهَراتِ ‪ّ ،‬‬ ‫َلتـ ‪ّ ،‬‬
‫لف ِ‬ ‫بأنواعـ ا َ‬
‫ِ‬ ‫إلّ قليل ‪ ،‬البيئةُ الليئةُ‬
‫والهتمامـ الشّديدِ بالدّنيـا وزينتِهـا‬
‫ِ‬ ‫ِشيانـ السـواقِ بصـورةٍ مُسـتَ ِمرّة ‪،‬‬
‫ِ‬ ‫خرِ والُيلء ‪ ،‬وغ‬ ‫والفْ ْ‬
‫ك ف الغفلةِ ون سيانِ‬ ‫وزُ ْخرُفِ ها ‪ ،‬و صرْفِ الموا ِل الكثي ِة الكثيةِ ف هذه ال سّبيل ‪ ،‬البيئةُ ال ت تغرِقُ ِ‬
‫الخرةِ ‪ ،‬ونُدْرةِ التّفك ي ف الوْت القر يب ‪ ،‬والتّفك ِي ف ال ق ِب ونعيمِه وعذابِه ‪ ،‬ونُدْرةِ التفك ِي ف‬
‫ال سابِ والعقاب ‪ ،‬والنّا ِر والعذاب ‪ ،‬والنّ ِة والثّواب ‪ ،‬البيئ ُة ‪ ..‬ال ت ل تزي ُد قلبَ كِ إلّ ق سْوةً فو قَ‬
‫قسْوة ‪ ،‬هذه البيئة ‪ ..‬تقط ُع عليكِ الطّريقَ إل ال ‪ ،‬وتُنسيكِ الغاي َة مِن وجودِكِ ف هذه الياة والت‬
‫تدّثنا عنها ف الوقف ِة الول ‪ .. ،‬هذه البيئ ُة أخت العفيفة ‪ ..‬هذّبيها ‪ ،‬واعتدِلِي ف التّعامُ ِل معها ‪،‬‬
‫ول تعلي ها تَطْ غى على حياتِ كِ على ِح سابِ الخرة ‪ ،‬ل تعلي ها تَطْ غى على ُحبّ كِ ل ‪ ، ..‬ل‬
‫تعليها تَطْغى على ُحّبكِ ل ‪..‬‬
‫وأخيا أخ ت العفي فة ‪ ..‬احذري مِن قُطّا عِ الطّر يق ‪ ،‬احذري من هم على دينِك ‪ ،‬وعلى عقلِ ِ‬
‫ك‪،‬‬
‫ك ‪ ،‬وعلى مبادئ كِ العقَديّة ‪ ،‬واحذري مِن أن تكون مُشارِك ًة ‪ ،‬أو موافِق ًة لم ف أيّ‬ ‫وعلى أخلقِ ِ‬
‫مُنكرٍ قولّ أو عمل يّ ‪ ،‬وقدّ مي رِ ضا الِ على رِ ضا النّاس ‪ ،‬واحرِ صي أن تعلي من حُبّ كِ لِ ‪،‬‬
‫حبّ هُ ويرضاه ‪ ،‬دافِعا ‪ ،‬وو سيلةً لتغي ِي هذا الواق عِ لِيَتوَافَ َق مع هذه الحبّة ‪ ،‬فت سْعدِي‬ ‫وحُبّ كِ ل ا يُ ِ‬
‫ك سعادةً حقيقيّ ًة ف الدّن يا والخِرة ‪ ،‬إنّ هم ‪ ،‬يا رعا ِك ال ‪ ،‬يريدون أن‬ ‫سعَ َد مُجْتَ َمعُ ِ‬
‫حينئ ٍذ ‪ ،‬ويَ ْ‬
‫ك ِم ْعوَلَ هدْم ‪ ،‬فكون يَ َد بِناء ‪ ،‬وأبشري بعد ذلك بالفلح ‪..‬‬ ‫يعلوا مِن ِ‬
‫هذه ال َوقَفا تُ الثّل ثُ الت وقفنا عليها ‪ ،‬مهمّ ٌة ف حياتِك وحياةِ كُلّ مسلمة ‪.. ،‬‬
‫قفي عندها مرّةً ‪ ..‬ومرّتي ‪ ..‬وثل ثَ مَرّات ‪ ،‬وتأمّلي طويلً ف واقِ ِع حياتِ كِ مِن‬
‫خِللِها ‪ ،‬فإ نّ العُمُرَ يضي ب سُرْعة ‪ ..‬فل ت َدعِي هِ يضي وأنتِ مِنه ف غفْلة ‪ ،‬والو تُ‬
‫يأت بغْتة ‪ ،‬فاستعِدّي له مِن هذه اللحظة‪ ، ..‬أسأل الَ تعال أن يه ِديَنا جيعا سبُلَ‬
‫ال سّلم ‪ ،‬وأن يُخرجَ نا مِن الظّلُما تِ إل النّور ‪ ،‬وأن ي ِقيَ نا شرّ كِلّ ذي شرّ ‪ ،‬وأن‬
‫يُثّبتَنا وإيّاكِ على الدى حتّى نلقاه ‪ ،‬إنّه سي ٌع قريبٌ مُجيب … ‪ ،‬باركَ الُ فيكِ ‪،‬‬
‫ك ورحةُ الِ وبركاتُه …‬ ‫والسّلمُ علي ِ‬

You might also like