Professional Documents
Culture Documents
الحمد ل:
أحمده تعالى على جزيل إنعامه وإفْضاله ،وأشكره على جليلِ إحسانه ونواله ،وله الحمدُ
على أسمائهِ الحسنى وصفاتِ كمالهِ ونعوتِ جلله ،وله الحم ُد على عْدله قَدَراً وشرعًا ،وله
الحمدُ في الخرةِ والولى وهو الحكيمُ الخبير ،وأشهد أن ل إله إل الُ وحده ل شريك له
ك والوزيرِ ،وتقدّس في ق العليّ الكبير ،تعالى في ألوهيته وربوبيتهِ عن الشري ِ المِلكُ الح ّ
أحَ ِد ّيتِه وصَمَديتِه عن الصاحب ِة والولدِ والوليّ والنصير ،وتنزّه في صفاتِ كمال ِه ونعوتِ
ع والمُغالبِجللِه عن الكُفء والنظير ،وعـزّ في سلطانِ قَهره وكمالِ قـدره عن المُناز ِ
غنَا ُه عن المُطعِم والمُجير ،فسبحانه ما أعظمَه وأحلمَه، ن والمُشيرِ ،وجلّ في بقائه و ِ والمُعي ِ
ت وإليه أُنيبُ ،وهو حسبي ونعم الوكيل. وما أجّله وأكملَه ،عليه توكل ُ
من أيـن أبدأ والمحامـد كلهـا لك يا مهيمن يا مصوُر يا صمْد
ت ولم أزدْ احترتُ في أبهى المعاني أن تفي بجلل قدرِك فاعتذر ُ
ف الضـرّاء ،معطي السـراء. ل على جزيلِ العطاء ،مسدِي النّعماء ،كاش ِ الحمد ِ
ي القَهرِ والقَدْر ،الحمد ل المتكفلِ بالقوات ، الحمد ل عال ِم السرّ والجهر ،الحمد ل عال ْ
ف الكربات ،المرجوّ في الزمات. ش ِالمدع ّو عند المدَلهِمّات ،المطلوبِ عند ك ْ
ل أمرٍ يسّره ،وعلى كل صرَفها ،وعلى ك ّ الحمد ل على كل نعمةٍ أنعم بها ،وعلى كل بليّ ٍة َ
ث لَطَف فيه. قضاءٍ قدّره ،وكل مكروهٍ كفاه ،وكلّ حاد ٍ
الحمد ل كم أعطى من النعيم ،كم َمنَح من الخير العميم ،كم تفضّل به من النوال الجسيم ،
عمّت نعمُه ،انصرفتْ ن َقمُه ،تضاعف كرمُه.
الحمد ل على تمام المِنة ،الحمد ل بالكتاب والسنة ،الحمد ل على نعم ِة السلم ،وتواتر
النعام ،توالتْ أفضالُه ،ع ّم نوالُه ،حَسُنتْ أفعالُه ،ت ّمتْ أقوالُه الحمد ل ُم ْولِى الجميل ،
ن أعطى ،وأصدقُ من ك في القليل ،أجو ُد مَ ْ واهبُ العطاءِ الجزيل ،شافي العليل ،المُبا ِر ُ
أوفى.
ل عن إلهِ الكون يا لهي تعيش عمرك كالحيرانِ كالساهي يا غاف ً
ل ل تلقـى سـوى ال ل واقصدْ بابه كرماً والِ وا ِ ارج ْع إلى ا ِ
ن توّكل عليه كفاه ، مَنْ َقبِله فهو المقبول ،مَنْ حاربه فهو المخذول ،مَنْ التجَأ إليه عزّ ،مَ ْ
مَنْ أطاعه توله ،مَنْ نازعه َقصَمه ،مَنْ بارزه حَطَمه ،مَنْ أشرك به أحرقه ،مَنْ نادّه
مزّقه.
ب الحـبّ بالـد ِم يُكتـبُ صغْنا من الدمع قصةً وصـارَ كتا ُ ل لو ُ فو ا ِ
سرْنا على الجفانِ نمشي محب ًة على النارِ نُشوى أو على الجم ِر نُسحبُ وِ
لما بـلغـت ما تستحق جهـودنا فكـل ولو نـال المشقـة مـذنـب
وأشهد أن محمداً رسولُ ال ،النبيّ الخاتم ،والما ُم المعصوم ،والسوةُ الحسنة ،والقدوةُ
ش َرفُ الحواض ِر والبوادي ،وزينةُ النوادي ،أعظم هادي ،وأفضل حادي: المثلى َ ،
ل الشّفـاه
يا طريــداً مـل الدنيا اسـمُه وغـدا لحنـًا على ك ّ
ت سيـرتُه أســطورةً يتلقّــاهـا رواةُ عـن رواه وغــد ْ
ليت شعري هل درى مَنْ طاردوا عابـدوا اللتِ وأتبـاعُ منـاه
ل معبودُها شاهـتْ وشـاه هل درتْ مَـنْ طـاردتْه أُمــهٌ ُهبَـ ٌ
1
أما بعد:
فعنوان محاضرتي ( ..أما بعد) ..
ل ومن بعد ،ليس لنا من المر شيء ،وليس لنا مع وأما بعد ..وأما قبل ،فلله الم ُر من قب ُ
حوْل ،وما عندنا ،لمره ردّ ،وما لنا لقضائه حيلة ،وما لدينا مع قَ َدرِه تدبير ،هو قدرتهِ َ
ب مردّنا ،وما
الفعّالُ لما يريد ،ونحن العبيد ،إن تشرّفْنا فالطينُ أصلُنا ،وإن افتخرنا فالترا ُ
ب برأيه:
ن أن يشمخَ بأنْفِه ،أو يزه َو بعلمه ،أو يُعج َخلِق من ما ٍء مهي ٍ
لمن ُ
خلَدي ماذا أُع ّرفُ من َمتْنٍ ومن سَندِ يا أنتَ يا أحسنَ السماءِ في َ
س ِمعْنا ثنا َء الواحـدِ الحـدِ
تَقَاصرْت كلّها الوصافُ عندك ُم لمّا َ
ح السـي ِد الصّمدل لو أنّ أقل َم الورى بُريـت مِن العروقِ لمد ِ وا ِ
لم نبل ِغ العُشرَ ممـا يستحقّ ول عُش َر العشي ِر وهذا غاي ُة المـدِ
ي وأنا الفقير ،أنت يا ربّ ،يا حيّ ،يا قيومُ ،يا لطيفُ ،أنت الكاملُ وأنا الناقص ،أنت الغن ّ
ي وأنا الميت ..أصاب ُع الذنوبِ تشير إلى الغفار .ألسن ُة الفقرِ القويّ وأنا الضعيف ،أنت الح ّ
ي .أكفّ الضعفِ تُرفع للقوي. تدعو الغن ّ
ي القيوم.الميتُ يمدحُ الح ّ
ق يُنادي :يا ذا الجلل والكرام. الغري ُ
الكلماتُ والشاراتُ عاجزات.
ن التقصير. البيانُ والبلغةُ والتعبيرُ تُعل ِ
ل يعلم ما يستحقّ إلّ هو.
ط بعلمِه سواه. ل يحي ُ
ل يق ّدرُه قَ ْدرُه إلّ إياه.
ل يحسن الثناء عليه غيُره.
حمِ ْدتُه أو ك ّب ْرتُه أو وحّدتُه فهو الذي
حتُه أو مجّ ْدتُه فهو الذي علّمني .إن َ ستُ ُه أو سبّ ْإن قدّ ْ
ش َك ْرتُه أو َذ َك ْرتُه فهو الذي أكرمني. عبْدتُه أو َألهمني .إن َ
صفاتُ المدحِ في الكاملين ذ ّر ٌة من كماله ،نعوتُ الفضلِ في البرار نفح ٌة من أفضاله ،ألسنةُ
المادحين وأَقلمُ الواصفين حائرةٌ في جلله ،من أنا حتى أمدحَه؟ مَنْ أنا حتى أُمجّده؟ مَنْ أنا
ن أذكر صوّر من طي ٍ ف الملكَ الوهّاب! أَنا الذي ُ ص ُب أَ ِخلِقَ من ترا ٍ حتى أُثنيَ عليه؟ أنا الذي ُ
ب العالمين؟! لر ّ جل َ
ل يملُ فؤا َد مَنْ خلق من ما ٍء مهينٍ ،إذا قام يشدو بأوصافِ أحكم الحاكمين ،الله ّم إنّ خجَ َ إنّ ال َ
أشرفَ تاج أحمل ُه تمري ُغ أنفي على التراب لجللك ،اللهم إنّ أعظمَ وسامٍ أحملُه وضعُ جبهتي
على الرض لعبوديتِك.
أَنا الظالمُ لنفسِه المعترفُ بتقصيره ،المق ّر بذنبه ،أَنت الجوادُ الماج ُد الغنيّ الحميدُ ،عزّ
جاهُك ،وجلّ ثناؤك ،وتقدّست أَسماؤك .ول إله غيرك.
ل عزيـزٍ بعدكم هـانا
قد كنت أشفقُ من دمعي على بصري فاليـومَ كـ ّ
يا ال سجدَ وجهي لك ،يا ال خشع سمعي وبصري لك ،يا ال رَغِم أنفي لك ،يا ال ذّلتْ
ت نفسي إليك ،يا ال حَسُنَ ظني فيك ،يا الرقبتي لك ،يا ال َوجِل قلبي منك ،يا ال اتجه ْ
طابَ الحديثُ عنك ،يا ال كمل التوكل عليك.
إليك وإلّ ل تُشَ ّد الركائبُ ومنك وإل فالمؤمّل خائ ُ
ب
وفيك وإل فالغرا ُم مضيّعٌ وعنك وإل فالمح ّدثُ كاذبُ
2
أما بعد:
فقد وقفتُ عشرا ،واستفدتُ عشراً.
استفدت عشراً:
أولها :اللجو ُء إلى ال في ال ُمِلمّات ،وقصدُه في ال ُكرُبات ،وسؤالُه في الزمات.
ن مع العسر يسراً ،ومع الكربِ فرجًا ،ومع الضيقِ سع ًة ،وبعد الشدةِ رخاء. ثانِيها :أ ّ
ك عند الدواهي إل ال .وما معك في ثالثُها :أنه ليس لك في المصاعبِ إل ال ،وما ل َ
الخطوبِ إل ال (أمن يجيب المضطرَ إذا دعاه).
رابعُها :أن العلما َء يصيبون ويخطئون ،والدعاةَ يُحسِنون ويغلَطُون ،والمصلحون يُسدّدون
غلَط ،ويعثُرون إل محمداً صلى ال عليه وسلم ،فهو المصيبُ بل خطأ ،والمسدّد بل َ
ي يوحى). والمصلِحُ بل عثْرة (وما ينطق عن الهوى إن هو إل وح ٌ
ل و َترُد ،وتوافِقُ وتخالف ،إل الوحيَ كتاباً ب تع ِرفُ منها وتُنكر ،وتَقب ُ
خامسُها :أن الكت َ
ل أولُه وآخرُه. وسنة ،ففيه الصح ُة كلّها ،والصوابُ أجمعُه ،والحقّ أتمّه وأكملُه ،والعد ُ
سادسُها :أنه ليس لح ٍد أن يدعيَ أنه المخوّلُ وحدَه لنص ِر الدين ،ول التكلمِ باسمه ،فدينُ ال
منصورٌ ،شا َء مَنْ شا َء ،وأبى مَنْ أبى (فإن يكفر بها هؤلء فقد وكلنا بها قومًا ليسوا بها
صرَه محم ٌد العربي ،وسلمانُ الفارسي ،وصهيبٌ الرومي ،وبللٌ الحبشي ، بكافرين)َ .ن َ
ل الهندي.ح الدينِ الكردي ،ونورُ الدين التركماني ،وإقبا ُ وصل ُ
ل للدعوة ،وأنّ الكلم َة اللينةَ هي السحرُ الحلل ،وأن ق المث ُ ق هو الطري ُ سابعُها :أنّ الرف َ
ل هو مصيدة الرجال. السلوبَ السه َ
ق وعدل ،والقليلَ ن وصواب ،وح ّ ثامنُها :أن غالبَ محاضراتِ الدعا ِة وندواتِ العلماءِ حَسْ ٌ
النادرَ غلطٌ وخطأ ،لعنصرِ البشرية ،وضعفِ النسانية ،وانتفا ِء العصمة ،وانقطاعِ الوحي.
ت أن الم َة ل يشفي عليلَها ول يروي غليلَها مقطوعةٌ من فنان ،ول طرْحٌ من تاسعُها :وجد ُ
ث من علماني ،ول هُيامٌ من شاعر ،ول خيالٌ من فيلسوف ،إنما يحييها ،ويرفعُها ،ميرا ٌ
نبوة ،و َترِك ٌة من رسالة ،وَأثَارةٌ من وحي( :فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس
فيمكث في الرض).
ن المةَ قد تكون غيرَ منتجةٍ ،ول مخترعةٍ ،ول مكتشفةٍ ،ول مصنّعة ، عاشرُها :وجدتُ أ ّ
ف بل منهج( :أوَ من كان ميتا ولكنها ل تعيشُ بل إيمان ،ول تحيا بل رسالة ،ول تش ُر ُ
فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس).
ب النصح ،وعاشق الفضيلة وطلبِ الحقيقةِ ،وشُداةِ تلك عشرة كاملة ..أهديها لمح ّ
ن أُريدُ إل الصلحَ ما استطعت وما توفيقي إل بال عليه الصلح ،وروّادِ المعرفة( :إ ْ
توكلت وإليه أنيب).
3
انتهت هذه العشر عندنا ،لكن ما انتهت عند ال (عِ ْلمُها عند ربي في كتاب ل يضل ربي ول
ينسى).
4
أما بعد:
فإن الداعية ليس له حقل واحد ل يعمل إل فيه ،بل حقولٌ متعددة ،وميادينُ مختلفة ،ومنابرُ
ن الدعوةَ تجري في دم حصْر ،ول يقيدُها قيد .إ ّ شتى ،فالدعوةُ ل يحدّها حدّ ،ول يحصرُها َ
الداعية ،يقولُها كلمةً ،ويصوغُها عبارةً ،ويُنشدُها قصيدةً ،ويدبّجُها خطب ًة ،وينقلُها فكرةً ،
ويؤلفُها كتابًا ،ويلقيها محاضرة.
إنها قد تكون مع النفس في محاسب ٍة ومراقبة ،وتكون مع المّ براً وحنانًا ،ومع البِ شفقةً
ورحمة ،ومع البن تربيةً وأدباً ،ومع الجار إحسانًا وبراً ،ومع المسلمِ مصافا ًة ومودة ،
ومع الكافر دعو ًة وحواراً.
ل يتلطفُ بأبيه (يا أبتي) ،وهذا نوح ينوح على ابنه( :يا بني اركب معنا) ، فهذا إبراهي ُم الخلي ُ
وهذا مؤمن آل فرعونَ يعطف على قومِه( :يا قومي) .وهذا مؤمن آل ياسين ينادي وهو في
الجنة( :يا ليت قومي يعلمون).
ب دائم ،فهي معك في السيارةِ ،وفي الطائرةِ ،وفي السفينةِ ،وفي إن الدعوةَ همّ لزم ،وواج ٌ
النادي ،وفي الجامع ِة ،والمزرعةِ ،والمتجر ..
خلُقِك أحسن من طبِك وتدعو ب ُقد تدعو بسيرتك أكثر من كلمك ،وتدعو بصفاتك أعظم من خُ َ
محاضرتك.
ليس للداعية وقوف ،سُجن يوسفُ فدعا في السجن ،وطُرد نوح فدعا في السفينة ،وحوصر
طوّق فدعا في الغار ،وطُرد فأنشأ دولة. محمدً فدعا في الشّعبِ ،و ُ
قيل لشيخِ السلم ابن تيمية :قد أمر السلطانُ بنفيك إلى قبرص ،أو قتلِك أو سجنِك فقال :والِ
إنّ بي من الفرح والسرور ما لو قُسّ َم على أهلِ الشا ِم لوسعهم ،وال إني كالغنمةِ ما تنامُ إل
ت إلى قبرص دعوتُ أهلها إلى السلم ،وإن سجنت خلوتُ بعبادة ، على صوف ،إن نُفي ُ
ربي وإن قتلت فأنا شهيد:
روحي تحدثني بأنك متلفي نفسي فداك عرفت أم لم تعرف
ل بهيج ،أو مستمعون كُثر ، ليس من المهم عند الداعية أن يكون له جمهورٌ حاشد ،أو حف ٌ
المهم أن يقولَ الحق ،وأن يأم َر بالمعروف ،وأن ينهى عن المنكر ،وأن يحملَ الميثاقَ
بأمانة ،ويبلّغَ الشريع َة بصدق.
(وإذ أخذ ال ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ول تكتمونه)
جبْ له أحد ،والبعضُ استجاب له واح ٌد أو اثنان ،والبعضُ جماعة ، بعضُ النبياء لم يست ِ
ع ُمرَه كلّه ثم قُتل ولم يُطعْه بشر ،وأنبياءُ آخرون مكثوا السنينَ الطويلةَ يدعون وبعضُهم دعا ُ
ثم نُشروا بالمناشير!
ل الفـؤادَ العليـل واحيني قبل أن تراني قتيل سيّـدي علّـ ِ
ل قليـل!إن تكنْ عازماً على قتل روحي فترفـقْ بها قليـ ً
ب العواطف ،ويلعبُ بالمشاعر ،ويتَفقدُ مكامن التأثيرِ في الناس ، إن الداعي َة ليس فنانًا يداع ُ
وليس شاعراً يخُلبُ اللبابَ ،ويسافرُ مع الخيال ،ويهِيم في أوديةِ الضلل ،وليس فيلسوفاً
ص إلى النتائج ،وليس سلطاناً يقنّنُ القوانين ،ويضربُ القيسةَ ،ويحدّد المقدّمات ،ويخلُ ُ
ب رعيتَه ويحشدُ جنودَه ،ويرف ُع بنودَه ،وليس تاجراً يجم ُع الدراهمَ ، ض كلمتَه ،ويؤد ُ يفرِ ُ
ويك ِنزُ القناطي َر المقنطر َة ،ويرصُدُ الشيكات ،ويضاربُ بالسهم .الداعيةُ شي ٌء آخر! ..
إنه تابعُ لمحمدٍ -صلى ال عليه وسلم ، -ابنٌ بارّ لرعايته ،تلميذٌ نجيبٌ في مدرستِه ،طالبٌ
متفوقٌ في جامعته .يسري حبّ ال وحبّ محمدٍ -صلى ال عليه وسلم -في دمه ،يُشِعّ في
ب ضميرَه. قلبه ،يُضيءُ طريقَه ،يملُ وجدانَه ،يُل ِه ُ
5
الحبّ ليس روايةٌ شرقيةً بأريجها يتزوج البطال
لكنه البحارُ دون سفيـنة ومرادنا أن المحال محال
ل مولد الداعية ليس له إجاز ٌة ،ول انتدابٌ ،ول مخصّصاتٌ ،ول عادات .الداعيةُ ليس له حف ُ
ل وداعٍ ،ول مناسبةُ استقبال ،بل هو مع النبياء ،تلقاه ،ول مهرجاناتُ تخرج ،ول حف ُ
ن ،ومع أهلِ الحِرفَ ،مع النجارِ والخبازِ والنسّاج ،والبنّاء ،مع على الرصيفِ ،وفي الدّكا ِ
الناس باختلف أذواقِهم وطبقاتِهم وألوانِهم وأجناسِهم ،داعيًا للملِك والمملوك ،وللميرِ
والوزيـرِ ،وللكبي ِر والصغيرِ ،للذكر والنثى ،للبيض والسود.
الداعية باع نفسَه من ال ،فل يُطالب ،ول يُضارب ،ل يُعاتب ،ول يُحاسب ..فاتورةُ تعبِه
مدفوعةُ في الخرة (ولسوف يعطيك ربّك فترضى) ،شيكُ أُجْرتِه مصروفُ من بنك
(يريدون وجهه) ،وسندُ أموالهِ موقّ ُع عليه (إنك تعلم ما نريد).
بعنا النفوسَ فل خيار ببيعنا أعْظمْ بقومِ بايعوا المختارا
ف البراراح ُن تُت ِ
ل من المنى جناتِ عد ٍ ضنَا ثمَناً أج ّ
فأعا َ
ن يعلّقُها على صدره ،ول ك من البشر ،ول نياشي َ ن سيرةٍ وسلو ٍ الداعي ُة ل ينتظرُ شهادةَ حس ِ
نجو َم يضعُها على أكتافه ،ول صور َة ذكرى يرفعُها في مجلسِه .إنه يريد تاج (رضي ال
عنهم ورضوا عنه) ،ويطمعُ في نجومِ (يحبهم ويحبونه) ،ويرغبُ في نياشين (ال ولي
الذين آمنوا).
ب من الجمهور .الداعيةُ ل الداعيةُ ل يُعيّن بقرارٍ جمهوري ،ول بوثيقةٍ حكومية ،ول بانتخا ٍ
يأتي عن طريقِ صناديقِ القتراع ،ول المجلسِ النيابي ،ول الهيئ ِة البرلمانية ،فهو فوقَ
الكونجرس ،واللوردات ،والشيوخ .إنّ ال عيّنه ،والواحدَ الحد هيّأه ،والرحمنَ استأمنه
(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة .)..
الداعيةُ موله ال ،وإمامُه محم ٌد ،وبيته المسجد ،ومذكرتُه القرآن ،وزادُه التقوى ،وعصاه
التوكل ،ولباسُه الزهد ،ومركبُه اليقين ،وطريقُه الهدى ،ومرادُه الجنة (دعها فإن معها
حذاءها وسقاءها ،ترد الماء وترعى الشجر).
ن أبي ورسولُ ال دوماً قدوتي ل والدي ُأنا ربي ا ُ
وليَ القرآنُ نورٌ ساط ٌع ولي الكعبة كانت قبلتي
الداعيةُ ل تتوقف دعوتُه مع التخرج من المدرسة الليلية ،ول مكافحة المية ،ول من
الجامعة ،ول من المجالس الفقهية ،ول المجامع العلمية ..جامع ُة الداعية (ومن أحسن قولً
ممن دعا إلى ال) ،وشهادتُه (بلغوا عني ولو آية) ووثيقةُ تخرجه (فاصدع بما تؤمر )..
الداعيةُ ل ينتظر راتباً شهرياً ،ول مكافأةً سنوية ،ول إكراميةً مالية ،ول هتافاً جماهيرياً ،
ول شكراً من الوزير ،ول ترقي ًة من الفريق ،ول ثنا ًء من مدير المدرسة.
راتبُه( :ليوفيهم أجورهم).
مكافأتُه( :يبتغون فضلً من ال ورضوانا).
إكراميتُه( :ادخلوها بسلم آمنين).
هتافُه( :ل إله إل ال).
شكرُه( :سلم عليكم بما صبرتم).
ترقيتُه( :في مقعد صدق عند مليك مقتدر).
س النصر .ول تُعلّق صُورُه .ول ينتظرُ قصائدَ مدحٍ وملحماتِ ثناء ، الداعية ل تُرفع له أقوا ُ
ومقاماتِ تبجيل.
س نصره( :إنا فتحنا لك فتحًا مبينا). أقوا ُ
6
صورُه المعلقة( :كتابٌ أحكمت آياتُه) .وعبارات مديحه (قد أفلح المؤمنون)
مقاماتُ تبجيله( :وأنتم العلون إن كنتم مؤمنين).
7
أما بعد:
فإن الداعية يعلم أن الحياة ليست فرصة لتقلد منصب ،ول الظفر بأمارة ،ول العثور على
وزارة ،ول جمع تجارة ،ول التشرف بسفارة ،وليست الحياة عنده متعة ،يقضيها في اللهو
واللعب ،فليس عنده إجازة يقضيها على ضفاف اللوّار ،ول في قمم الهمليا ،ول عند
شللت نياجرا ،ول في أبراج كواللمبور ،ول في حضور عيد الم ،وليس عند الداعية
أرصدة في البنوك الربوية ،وليس له هم في مراقبة البورصة العالمية ،ول الهتمام بأسواق
الذهبأو بأسعار البترول ،فكنوزه وماله وغناه ومستقبله في جنات تجري من تحتها النهار ،
فل يُبهجه إل (متكئين على فرش بطائنها من إستبرق).
ول يفرحه إل (تعرف في وجوههم نضرة النعيم).
ول يسره إل (يُسقون من رحيم مختوم).
ول يُسعده إل ( كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم في اليام الخالية).
ول يُطربه إل (حور مقصورات في الخيام).
ول يُنعشه إل (وإذا رأيت ثم رأيت نعيماً وملكًا كبيراً)
الداعية ليس له سه ٌر مع (ألف ليلة وليلة) ،ول أنسٌ مع (أبي نواس) ،ول خلو ٌة مع (بدائع
ق من (الزير سالم) ،ول سن ٌد من (شمس المعارف). الزهور) ،ول توثي ٌ
سهرُه :مع صحيح البخاري.
أنسه :مع ابن تيمية.
خلوتُه :مع رياض الصالحين.
توثيقه :من يحيى بن معين.
سنده :من سفيان الثوري.
هيهات رحل ُة مسرانا جحافلنا كما عهدت وعزمـات الــورى ُأنُــفُ
في كفك الشهم مـن حبل الهدى طـرف على الصراط وفي أرواحنا طرفُ
الداعية ل يفتخر بصداقة المشاهير ،ونجوم الكرة ،ونجوم الفن ،وكواكب المسرح ،
والساسة العمالقة ،والفلسفة العباقرة ،ورموز الثقافة ،فله صداقات ومودات مع نـوح
وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد -صلـوات ال وسلمه عليهم ، -وله علقة بأبي بكر
وعمر وعثمان وعلي ،وله اتصال بأبي حنيفة ،ومالك ،والشافعي ،وأحمد بن حنبل.
الداعية ليس منهمكا في زوايا الغرام ،ول مع قصاصات الهيام ،ول مع آهات الهجر ،
وزفرات الجوى ،وأوجاع العيون السود …
زفراته :من (كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها).
وآهاته :من (كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها).
وأوجاعه :من (يا ليتها كانت القاضية .ما أغنى عني ماليه .هلك عني سلطانيه).
أما بعد:
فإن الداعية تتقلب به اليام ،وتتغاير عليه الليالي ،وتختلف عليه الساعات ،وتتعاقب عليه
السنون ،رضىً وغضب ،سرور وحزن ،شبع وجوع ،منبر وحبس ،شكر وسبّ ،إقبال
وإدبار ،منحه ومحنة ،عطية وبلية ،أمل وألم ،وهو مع ذلك عبد ل ،ينزل مع القرآن أينما
نزل ،ويهبط مع الوحي أينما هبط ،ويسافر مع الرسالة أينما سافرت ،ويرتحل مع الحق
أينما ارتحل .يصلي في القصر وفي الحبس ،في الجامعة والمزرعة ،وفي الحاضرة
والبادية ،يسبّح في النادي والملعب ،ويكبّر في المسجد والسوق ..
8
الداعية عنده شهادةُ أكبر من شهادات الرض ،ولديه وثيقة أعظم من وثائق المعمورة (إياك
نعبد وإياك نستعين) وعنده تزكية أجل من كل تزكية (وإن جندنا لهم الغالبون).
عبَدَ ال طريـق النجـاةِ فيـك قويـمُ
أيها الداعـي الذي َ
أدعيا ُء الضلل سحّار فرعون ..وأنت العصى وأنت الكليمُ
أما بعد :
فقد قرأت عشرات المجلدات والمصنفات والمؤلفات ،فما وجدت كالقرآن حسناً وجمالً ،
بهجة ونضرة ،قوة وفخامة ،صدقاً وعدل… .سعادة وإشراقاً .
وطالعت مئات المجلت والجرائد والدوريات والصحف فما رأيت كالسنة عطا ًء وبركة ،
وسلوةً وعزاء ،وتوعية وتربية ،ورشداً ونصحًا ،وتعليماً وتقويما … ،
وسمعت آلف الكلمات ،وآلف البيات ،وآلف اللطائف ،وآلف النُكات ،فما وجدت
كذكر ال إيماناَ ويقيناً ،وروحاً وطمأنينة ،وأنَساً ورحمة ،وثواباً وأجرا .
9
فيا حب زدني في هواه صبابـة ويا قلب زدني في هوى مهجتي حبا
لعلي إذا جئت المحصب من مني سخرتُ فؤادي كـي أفوز به قربـا
إن أهم صفة في الداعية أنه صاحب مبدأ ،وحامل رسالة ،وله منهج ،قد يغلظ أو يرفق ،
يقسو أو يلين ،يُقبل أو يدبر ،يواجه أو يهادن … لكنه صاحب مبدأ .
قد يحاور ويفاوض ،وير ّد ويَقْبل ،ويأخذ ويعطي ،ويغضب ويرضى ،ولكنه صاحب مبدأ
…
له ثوابت ل يتخلى عنها ،وربما تنازل عن الحواشي ليبقى الصل ،وربما ترك التعليق
ليبقى المتن ،وربما تخلى عن الطار لتبقى الصورة .
الداعية هو الناطق الرسمي للملة (وقل الحق من ربكم) ،والسفيرُ الول للشريعة (إنا
أرسلناك شاهداً ومبشرًا ونذيرا) والمندوب الدائم لمحمد (نضّر ال امرءاً سمع مني مقالةً
فوعاها ،فأداها كما سمعها).
والمين العام للقيم (إن خير من استأجرت القوي المين).
الداعيـة له في كل قلب سفارة ،وفي كل عقل محطة ،وفي كل مجلس قناة … الداعية تقرؤه
في الصحيفة ،وتطالعه في المجلة ،وتنظر إليه في الشاشة ،وتصلي وراءه في المحراب
وتسمعه على المنبر ،وتلقاه في السوق ،وتصافحه في الحديقة ،وتجلس بجانبه في الحافلة ،
وتعانقه في الطائرة .وتقاتل وراءه في المعركة ،وتراه في العرس ،وتشاهده في الجنازة .
يصافح الملك ،يمسح رأس اليتيم ،يرفق بالرئيس ،يعطف على الرملة ،يمازح الشاب ،
ويقود العجوز.
الداعية يرسل كلمته على ذبذبة طولها الحق ،وعرضها الصدق ،على هواء البداع ،وعبر
ت الرواح .أثير المحبة لتستقبل كلمته أطباق القلوب ،وتنقلَ عبارته موجا ُ
والدعاة درجات عند ال ،فمنهم من يحبو ،ومنهم من يمشي ،ومنهم من يهرول ،ومنهم من
يمرّ مرّ السحاب ،ومنهم من يسرع سرعة الريح ،ومنهم من يحلق في سماء البداع فيرتفع
عن سطح الدنيا سبعة وثلثين ألف قدم من الصدق والرفق والحق والعدل والعلم واليمان .
إن أنت كنت بكيت من حر الجوى وسكبت في ليـل الفـراق دمـوعا
فنفوسنا ذبحت على ساح الوغـى يا من يرى صرعى السيوف هجوعا
10
الداعية ينهمر باليات والبيات والسير والعبر والقصص والخبار والفوائد والقصائد
والشوارد والفرائد يدعو بها كلها إلى ال ليُعبد ال وحده ل إله إل ال .
فمرجع الداعية قلبه النابض ،ومصدره نفسه المشرقة ،وحبره دمه ،ومادته دموعه ،
ت النبل التي يحملها .
وورقه خصال الخي ُر وصفا ُ
حمّاه ،
ض مرضه والجائعُ جوعه ،والمحمومُ ُ الداعية ل ينسى دعوته ،وهل ينسى المري ُ
وكيف يترك الداعية دعوته ،وهل يترك الرسام ريشته والنجار فأسه والفلح مسحاته ،
والكاتب قلمه.
وقد عاهدتني يا قلبُ أنّي متى ما تبت من ليلى تتوب
ت تذوب؟! فها أنا تائب من حب ليلى فمالك كلمـا ذكر ُ
لكل شيْ إذا ما تمّ نقصان إل اليمان في قلب حامله .
11
طرُ ْد من نفوسِنا القلق. اللهم أذ ِهبْ عنا الحزنَ ،وأزِلْ عنا الهَمّ ،وا ْ
ل إل منك ، ن إل إليك ،والتوكلِ إل عليك ،والسؤا ِ ونعوذُ بك من الخوفِ إل منك ،والركو ِ
والستعانةِ إل بك ،أنت وليّنا ،نعم المولى ونعم النصير.
ل ،واصلحِ العمالَ ،وحسّنِ الحوالَ ،وسددِ القوال. اللهم حققِ الما َ
ل الم ِة ،واكشفِ ال ُغمّ َة ،وانص ْر الدينَ وأتمّه. اللهم اجمعْ شم َ
ن يتوب ،اللهم أجزلْ الهم أصلحْ القلوبْ ،واغف ْر الذنوبْ ،واستر العيوبْ ،واقبل توب َة مَ ْ
حيِنا حياةً رضيّة ،ونسألك المِيت َة السويّة ،اللهم أل ِهمْنا الحجةَ ، العَطيةَ ،واغفرْ الخطيةَ ،وأ ْ
سرْ حسابَنا. وثبتْنا على المحجّ ِة ،ويمّنْ كتابَنا ،وي ّ
ل ،وادرأْ عنا الكوارثَ ،واحمِنا من الحوادث. ف منّا ال ِعلَلْ ،واغف ِر الزّلَ ْ
اللهم اش ِ
صرً إسلمَنا ،وارفعْ أعلمَنا وث ّبتْ أقدامَنا ب الشكّ باليقين ،وألبِسْنا ثوبَ الدين ،وان ُ اللهم أذ ِه ْ
،وسدّدْ سهامَنا ،اللهم بلّ ْغ رسولَنا عنا الصل َة والسلمَ ما غيثٌ َهمَع ،وبرْقٌ َلمَ ْع ،وظبيٌ
ح ،اللهم آت ِه الوسيلةَ ،وامنحْه الفضيل َة ،وابعثْه مقاماً محموداً ،وأعطِهِ ح ،وبلبلٌ صَدَ ْ سنَ ْ
َ
حوضًا موروداً ،وأجبْ شفاعتَه ،وأكرمْ وفادتَه ،يا رب إن البشر اعتزّوا بأنسابِهم ،
وافتخروا بأحسابِهم ،وعزّنا وفخرُنا بك ،فل نكن أشقى منهم بك.
يا رب إنهم جمعوا الموالَ ،وادّخروا الكنوزَ ،واحتاطوا بالذهبِ والفضة ،وماَلنَا وكنزُنا
وميراثُنا دينُك وذكرُك ،اللهم فاعنِنا يوم الفقرِ الكبر حتى نكون بك أغنى منهم بأموالهم.
ح بعضُهم بعضاً وأطرى بعضُهم بعضًا ،ورَفَ َع بعضُهم بعضاً ،ومدحُنا يا رب إن البش َر مَدَ َ
وثناؤنا وتبجيلُنا لك وحدك ،اللهم إنهم أمّلوا من ممدوحيهم جوائزَ وأوسمةً ،وعطايا وهدايا ،
اللهم فاجعلْنا أكثرَ منهم حظًا بجوائزك ،وأوسمتِك ،وعطاياكَ ،وهداياكَ.
س بمرغوبِه ،و َفزِع إلى قريبِه ،واعتمدَ على ن َركَن إلى محبوبِه ،وَأ ِن َ اللهم إنا رأينا مَ ْ
صاحبِه ،اللهم إليك فَزعْنا ،وعليك ر َكنّا ،وبك وثقْنا ،وعليك اعتمدْنا ،ال فاجعلنا أَسع َد بك
ب بقريبه ،ومن الصاحبِ بصاحبِه ،ومن المولى بسيدِه. من القري ِ
س تخضعُ لسواك ،والجباهَ تسج ُد لغيرِك ،واللسنةَ تق ّدسُ البشر ، اللهم إنا رأينا الرؤو َ
جنَا ذلك ،فلك خضعتْ رؤوسنا ،وسجدتْ جباهُنا ،وذّلتْ رقابُنا ،اللهم فغضبْنا لذلك ،وأزع َ
إنا نسألك الغنى يوم الفقر ،والعزّ يوم الذّلِ ،والنجاةَ يوم التغابن.
ق الراعي الرعية ،نسألك رضى ل يكّدرُه سُخط ، اللهم أخلص الني ْة ،وأصلح الذريةْ ،ووفّ ِ
حزْن ،وفرحةً ل ين ّغصُها َترْحة ،وسعادةً ل يعكّرها شقاء. وسروراً ل يشوُبه ُ
ن ربك رب العزة عما يصفون ،وسلم على المرسلين ،والحمد ل رب العالمين . سبحا َ
سبحانك ال اللهم وبحمدك ،أشهد أن ل إله إل أنت استغفرك وأتوب إليك.
وصلى ال على محمد وآله وصحبه وسلم تسليما
12