Professional Documents
Culture Documents
فهذا حاج مرم ،رأى هذه الميلة فضيع الركان والطواف والسعي ،وأخذ يتغزل !
قال ابن عمر :سبحان ال ! وال الذي ل إله إل هو ،ما دخلت الرم إل ونسيت الدنيا .
-3من الصائص :سلمتهم النفاق العملي والعتقادي ،فل تد صفات النافقي
فيهم ؛ مثل :إذا حدث كذب ،وإذا وعد أخلف ،وإذا أؤتن خان ،وإذا خاصم فجر ،
وإذا عاهد غدر .
بينما تد من يقوم الليل ف التأخرين ،أو من يصوم الثني والميس ،أو من يقرا
القرآن ويتمه كل أسبوع ،أو من يكثر من التسبيح ،توجد فيه بعض هذه السائل ،
فالصحابة خصهم ال بان برأهم من النفاق العتقادي والعملي .
قال ابن أب ملية :أدركت ثلثي من أصحاب النب صلى ال عليه وسلم ،كلهم ياف
النفاق على نفسه ،ما منهم أحد يقول :انه على إيان جبيل وميكائيل .
فخوف الصحابة من النفاق لعلهم مبئي منه .
أما التأخرون فتجدهم يبئون انفهم بأنفسهم ،حت تد الواحد منا إذا قلت :بأنك
منافق غضب وأرعد ،وقد يكون منافقا حقيقيا لكن مع ذلك ل يرضى بذا ،ويغضب عليك
،حت يقول السن :ما خافه إل مؤمن ول أمنه إل منافق .
والعن :ما خاف النفاق إل مؤمن ،فإذا رأيت الرجل ياف من الرياء ،وياف
النفاق ،وياف أن يكون مشركا ،فاعلم انه قريب من ال ،إما من يأمن من مكر ال فهو
مذول ل مالة .
وف الديث أن عمر ،رضي ال عنه و أرضاه ،قال لذيفة بن اليمان :يا حذيفة ،أسالك
بال أسان رسول ال صلى ال عليه وسلم من النافقي ؟
قال :ل ،ول أزكي أحدا بعدك .
-4ومن الصائص :جهدهم النقطع النظي ف الدنيا ،قد يأت أفراد ف الدنيا يكونون
ف الزهد على درجة عالية ،لكن الزهد الماعي الذي عاشه الصحابة ،والتخلي عن ملذات
الدنيا ،وطلب رضوان ال عز وجل ،وطلب ما عند ال عز وجل أمر عظيم ،وف حديث
أب هريرة الشهور ،قال :صليت الغرب مع رسول ال صلى ال عليه وسلم فلما انصرف
الناس تعرضت لعمر بن الطاب ما ب إل الوع ،الوع الشديد الذي كان يصيب أبا هريرة
،حت يقول :والذي نفي بيده لقد كنت اصرع بي النب وبي بيت الرسول صلى ال عليه
وسلم من شدة الوع ،فيظن الناس أن ب مسا من النون !
قال :فتصديت لعمر فسألته عن اليات من أواخر سورة آل عمران فتلها .
قال :فتصديت لب بكر وسألته عن اليات .
قال :اعرفها ،فتلها علي
فخرج صلى ال عليه وسلم فتصدى له أبو هريرة ،فسأله عن اليات من آخر سورة
آل عمران ،فضحك صلى ال عليه وسلم ،ث اخذه بيده ودخل على إحدى زوجاته .
فقال :أعندكم طعام .
قالت ل ،إل شيء من لب أرسله لنا بنو فلن من النصار .
قال :يا أبا هريرة ،أطلق إل أهل الصفة فتعال بم .
قال أبو هريرة لنفسه :ماذا يصنع هذا اللب مع أهل الصفة ؟ وهم فقراء بالعشرات ف
السجد ،وماذا يبقى ل ،قال :فاخذوا أماكنهم.
قال صلى ال عليه وسلم (( :يا أبا هريرة ،خذ الكوب وناول الناس )) ،فيأخذ
الناء يلؤه ويعطيهم واحدا واحدا ،حت رووا من اللب .
قال (( :يا أبا هريرة ،بقيت أنا وأنت )) .
قال :صدقت ،يا رسول ال .
قال (( :اشرب )) .
والرسول صلى ال عليه وسلم يبتسم .
فشرب ،قال (( :زد )) ،فشرب ،قال ( :زد)) ،فشرب قال (( :زد )) .
قال :والذي نفسي بيده ،يا رسول ال ،ل أجد له مسلكا .
رأى ابن عمر رفقة من أهل اليمن ،رحالم اللود المزقة القدية ،فقال :من أحب
أن ينظر إل شبه أصحاب الرسول صلى ال عليه وسلم فلينظر إل هؤلء .
وعن عائشة قالت :مات أبو بكر فما ترك دينارا ول درها ،وكان قد أخذ قبل ذلك
ماله فألقاه ف بيت الال .
وف سية أب بكر ،رضي ال عنه :انه ترك بغلة وثوبي ،فدفعهما إل عمر ،وكتب
له سطرين ،قال :يا عمر ،قد وليتك امر أمة ممد ،فاتق ال ،ل يصرعنك ال مصرعا
كمصرعي .
فلما وصلت عمر جلس يبكي ،ويقول :أتعبت اللفاء بعدك ،يا أبا بكر .
وف (( كتب السي )) أن سعد بن أب وقاص لا فتح الدائن وجد الائدة الكبى ؛
مائدة انو شروان ،مائدة مرصعة بالذهب والزمرد واللؤلؤ والدر .
فحملوها على الرؤوس ،ووضعوها على جل ،وأرسلوها لعمر .
فلما رآها عمر بكى ،وقال :والذي نفسي بيده ،إن رجال بلغوها اياي لمناء .
فهذا زهدهم ،رضي ال عنهم ،الذي ميزهم عن غيهم .
-5من الصائص :علم اليقي ،فهم ارفع من كل الطبقات والقرون بعلم اليقي أي
:انم يعبدون ال بعلم اليقي ،فالواحد منهم ف الصباح يذهب إل العركة ،ويقول لهله :
استودعكم ال الذي ل تضيع ودائعه .
قالوا :تعود إلينا ؟
قال :وال ،ل أعود ،أريد جنة عرضها السماوات والرض .
ابن رواحة يقول له الصحابة :يا ابن رواحة عد لنا بالسلمة .
قال ل ،ل أريد أن أعود .
قالوا :لاذا ؟
قال :
لكنن أسأل الرحن مغفرة *** وطعنة ذات فرغ تقذف الزبدا
حت يقال إذا مروا على جدثي *** يا ارشد ال من غاز وقد رشدا
ذكر عن علي ،رضي ال عنه وأرضاه ،انه قال :والذي نفسي بيده لو كشف ال ل
الغطاء ما زدت على ما عندي من إيان حبة خردل .
ونن عندنا الظن ،يعن :نصدق بأن هناك جنة ،لكن أعمالنا وتطبيقنا وصلحنا ل
يدل على هذا .
ومن الناس من وصل إل حال مناقض لال الصحابة ،فلم يعد يبصر إل الادة .
يقول أحدهم وهو التنب
خذ ما رأيت ودع شيئا ودع شيئا سعت به *** ف طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
أي :تعجل شهوات ،ويقول آخر :
وتت فيه بي شت الصور لبست ثوب العمر ل استشر
فما أطال النوم عمرا ول *** قصر ف العمار طول السهر
يقول :اشرب ،وكل ،واعص ال ،فانك ل تدري ما النتيجة ترج ،أو ل ترج
من هذه الدنيا !!
فالصحابة كانوا يعبدون ال على علم اليقي .
-6من الصائص اهتمامهم باجتماع الكلمة ،ونبذ الفرقة فإن ال سبحانه وتعال ذم
اللف ،ونى عن التفرق ،فقال )وَاعَْتصِمُوا ِبحَبْلِ اللّهِ َجمِيعا وَل تَفَ ّرقُوا )(آل عمران :من
الية ، )103وقال سبحانه وتعال { :وَل تَكُونُوا كَاّلذِينَ تَفَ ّرقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَ ْعدِ مَا
جَاءَ ُهمُ الْبَيّنَاتُ وَأُولَئِكَ َل ُهمْ َعذَابٌ َعظِيمٌ} (آل عمران ، )105:فالصحابة كانوا يرصون على
اجتماع الكلمة ،وكانوا نصحة .
فعن سليم بن قيس العامري ،قال :سأل ابن الكوا – أحد الوارج – عليا عن السنة
والبدعة ،وعن الماعة والفرقة .
فقال :يا ابن الكوا ،حفظت السالة ،فافهم الواب :السنة ،وال ،سنة ممد صلى
ال عليه وسلم ،والبدعة ما فارقها ،والماعة ،وال ،ما اجتمع عليه أهل الق ،وان قلوا ،
والفرقة ما فارق ذلك ،واجتمع عليه أهل الباطل .
وجاء رجل إل علي ،رضي ال عنه ،فقال :يا ابن أب طالب ،أتدري أن أولئك
على باطل وأنت على حق ؟
قال :ويل ،اعرف الق تعرف أهله ،ول تعرف الق بالرجال .
فكانوا يرصون على اجتماع الكلمة .
ومن ذلك :ما جاء عن قتادة قال :لا بلغ ابن مسعود أن عثمان صلى بن أربعا
استرجع ،ث قام فصلى أربعا .
فقيل له استرجعت ث صليت أربعا .
قال :اللف شر ،اللف شر .
فكانوا ،رضي ال عنهم ،احرص الناس على الئتلف ونبذ الفرقة .
-7من الصائص :أنم أهل السنة والماعة أهل التضحيات الكبى ،فبال ل تذكر
للناس سجلي ،ول سجلك فيما قدمنا للسلم ،فلي عندنا شيء .
ل تعرضن بذكرنا مع ذكرهم *** ليس الصحيح إذا مشى كالقعد
فليس لنا سجلت من العمل السلمي ،كالصحابة رضوان ال عليهم ،لكن الصحابة
يكفيك أن تنظر لترجة الواحد منهم لترى التضحيات .
قالوا :حضر إحدى وعشرين غزوة ،وقالوا عن الثان :وقطعت يده ف اليمامة ..
وقالوا عن الثالث :قتل أبناؤه الربعة ف القادسية ،فكل منهم كما قال النابغة :
ول عيب فيهم غي أن سيوفهم *** بن فلول من قراع الكتائب
-8من الصائص :إنم كانوا ل يتكلفون ف كل أمورهم ،فل كلفة ف اللبس ول
كلفة ف الكل والشرب والعيشة ،ويأت على رأس ذلك ترك التكلف ف مسائل العلم .
فلم يكونوا يتعنتون ف البحث ،والتنقي عن كل مسالة ،إل ما ينفعهم فيدنياهم وأخراهم .
أما غيهم فقد انشغل بالقول وترك العمل ،انشغل بالتنقيب عن قضايا تضحك أصحاب
العقول .قديا وحديثا .
فقديا ،بثوا عن لون كلب أهل الكهف ! وبثوا عن ألوان الطيور الت ذبها إبراهيم
عليه السلم !
هذه بعض خصائص الصحابة ،رضوان ال عليهم ،ولم أمور معطرة أخرى ذكرها
ال ف كتابه ،وذكرها الرسول صلى ال عليه وسلم واهل العلم ،لكن معي ومعك شيء
واحد أذكرك به .
يقول صلى ال عليه وسلم (( :الرء يشر مع من أحب )) ..)(6وإنا نن الرسول صلى
ال عليه وسلم وأبا بكر وعمر ،ول نعمل بعملهم ،اللهم فاشهد أنا نعلم إننا ل نعمل
كأعمال أصحاب رسولك صلى ال عليه وسلم ،ول نبذل كبذلم ،ول نصدق كصدقهم ،
ول نضح كتضحيتهم ،لكن يا رب نبهم ..يا رب نبهم ..يا رب نبهم .
أسالك أن تنفعنا يوم العرض الكب بذا الب ،وأن تشرنا معهم بذا الب ،وأن
تمعنا بم ف جنات ونر ،ف مقعد صدق عند مليك مقتدر بذا الب ،فالخلء يومئذ
بعضهم لبعض عدو إل التقي .
سيماهم ف وجوههم
وهؤلء ثانية ناذج من أصحاب ممد صلى ال عليه وسلم ؛ الذين أعلنوا إسلمهم ،
وهداهم ال من الضللة وبصرهم من العمى ،و أخرجهم من الظلمات إل النور { ُه َو الّذِي
((6
رواه البخاري ( ، (6167ومسلم ( (2639عن انس بن مالك ،رضي ال عنه .
ي رَسُولً مِْن ُهمْ يَْتلُو عَلَْي ِهمْ آيَاتِهِ وَيُ َزكّي ِهمْ وَيُعَّل ُم ُهمُ الْكِتَابَ وَالْحِ ْكمَةَ وَإِنْ كَانُوا
بَ َعثَ فِي الْأُمّيّ َ
صدْرَهُ لِلْإسلم َفهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبّ ِه َفوَيْلٌ مِ ْن قَبْلُ لَفِي ضَللٍ مُِبيٍ}(المعةَ{)2:أفَمَنْ شَ َرحَ اللّ ُه َ
لِلْقَاسِيَ ِة قُلُوُب ُهمْ ِمنْ ِذكْرِ اللّهِ} (الزمر :من الية َ{ )22فمَنْ يُرِدِ اللّهُ أَنْ َي ْهدِيَهُ َيشْ َرحْ صَ ْدرَهُ لِلسلم
سمَاءِ}(النعام :من الية )125 وَمَنْ يُرِدْ أَنْ ُيضِلّهُ َيجْعَ ْل صَ ْدرَ ُه ضَيّقا حَرَجا كَأَّنمَا َيصّ ّعدُ فِي ال ّ
{إِ ّن اّلذِي َن قَالُوا رَبّنَا اللّهُ ُثمّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزّلُ عَلَْي ِهمُ اْلمَلئِكَةُ َألّا َتخَافُوا وَل َتحْزَنُوا وَأَْبشِرُوا
حسْنَى أُولَئِكَ عَْنهَا
بِاْلجَنّةِ الّتِي كُنُْتمْ تُو َعدُونَ} (فصلت{ )30:إِنّ اّلذِينَ سَبَ َقتْ َلهُمْ مِنّا اْل ُ
مُبْعَدُونَ} (النبياء)101:
س ُهمْ خَالِدُونَ} (النبياء.)102: سهَا وَ ُه ْم فِي مَا اشَْتهَتْ أَنْ ُف ُ {ل َيسْمَعُونَ َحسِي َ
هؤلء الثمانية البطال :أناس عاشوا الشرك والكفر والوثنية ،ث هداهم ال ،
فأسلموا وآمنوا :
عمي بن وهب الفاجأة الكبى. -1
الطفيل بن عمرو الدوسي الداعية العملق . -2
عمرو بن العاص مكسب للسلم. -3
ثامة بن أثال بطل الغامرة. -4
ضمام بن ثعلبة صاحب السائل العقدية . -5
عبد ال بن سلم شاهد من بن إسرائيل . -6
عكرمة بن أب جهل الراكب الهاجر. -7
*********************************************
عمي بن وهب
أما عمي بن وهب ،فقد كان وثنيا مشركا ،ل يعرف ال ،بل كفر بل إله إل ال
ممد رسول ال .
أسلم كثي من كفار قريش ،أما هو فأب أن يسلم .
قتل أقاربه ف بدر ،فاجتمع هو وصفوان بن أمية عند البيت العتيق ،والرسول صلى
ال عليه وسلم ف الدينة ل يعلم عنهما شيئا ،لكن ال تعال يعلم .
اجتمعوا تت اليزاب ،وتشاوروا ف مناجاة ؛ ل يسمعهم ثلث إل ال {َأَلمْ تَرَ أَنّ اللّهَ
جوَى ثَلثَةٍ ِإلّا ُه َو رَابِ ُع ُهمْ وَل َخ ْمسَةٍ ِإلّا
يَعَْلمُ مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الَْأرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ َن ْ
ُهوَ سَادِ ُس ُهمْ وَل أَدْنَى مِنْ َذلِكَ وَل َأكْثَرَ ِإلّا ُهوَ مَ َعهُمْ أَْينَ مَا كَانُوا } (الجادلة :من الية . )7
قال عمي لصفوان :وددت أن أحدا يكفل أهلي ومال ،وأذهب إل ممد ف الدينة
فأقتله .
فقال صفوان :أنا اكفل اهلك ،وأقوم بأطفالك :الدم دمي والدم هدمي .
قال :فاكتم هذا المر .
قال :أكتمه.
قال :فإن ذاهب إل ممد ،وأقول للنا :إن أريد السارى ،يعن :أرى أهل بدر ،
وكانوا سبعي اسيا ف الدينة ،ول تب أحدا .
لكن علم الغيوب الذي ل يفى عليه خافية علم .
ذهب عمي بن وهب ،فأخذ سيفه فسمه بالسم الزرق ،حت اصبح السيف ازرق
من السم .
وخرج يضي ف الليل ،ووصل إل الدينة قبل الغروب ،فرآه عمر بن الطاب ،
وعمر قد أوت فراسة اليان ،يلتقط بعينه الشياطي من رؤوس اللحدة .
فقال للصحابة :إن أرى الشيطان متقمصا هذا الرجل ،يعن :عمي بن وهب ،فأقبل
عمر منه ،وقال :إل أين يا عمي ؟
قال عمي :أتيت الفادى السارى من ممد .
فمسكه بقميصه ،وثيابه ،وأخذ يقتاده إل ممد صلى ال عليه وسلم رهينة .
السيف مع ذاك ،لكن ال مع عمر ،والوت مع ذاك .ولكن الق مع عمر .
فأخذه إل الرسول صلى ال عليه وسلم ،والرسول صلى ال عليه وسلم ل يكن عنده
سلح ،وعمي معه سيف مسموم ،ولكن :
عناية ال أغنت عن مضاعفة *** من الدروع وعن عال من الطم
قال صلى ال عليه وسلم (( :يا عمي ،ماذا جاء بك ))؟
قال :أتيت من أجل قرابة ل أسرتم يوم بدر أفاديهم .
فقال صلى ال عليه وسلم (( :ل ،والذي نفسي بيده ،إنك جلست أنت وصفوان
بن أمية ليلة كذا ف يوم كذا تت ميزاب الكعب فقلت لصفوان :وددت إن اقتل ممدا لكن
أهلي وأطفال ،فقال لك صفوان :اذهب وأنا أكفيك الطفال ،فسممت سيفك شهرا ،ث
أتيت لتقتلن ،وما كان ال ليسلطك على ذلك )).
فقام عمي وقال :اشهد أن ل إله إل ال وأنك رسول الَ{ )(7أَفسِحْرٌ َهذَا أَمْ أَنُْتمْ ل
تُْبصِرُونَ} (الطور )15:؟.
أكهانة هذه ،أم هو الق الصراح ؛ الذي أتى به الوحي مع جبيل عليه السلم
هوَى}(لنجم)1: جمِ إِذَا َ
{وَالّن ْ
{مَا ضَ ّل صَاحِبُ ُكمْ وَمَا َغوَى}(لنجم{ )2:وَمَا يَنْ ِطقُ عَنِ اْل َهوَى} (لنجم{ )3:إِنْ ُهوَ ِإلّا
وَحْيٌ يُوحَى } (لنجم)4:
((7
أنظر القصة في (( الصابة (( (.( 6053
الثان :علم ال وسعته {وَعِْندَهُ مَفَاتِ ُح الْغَْيبِ ل يَعَْل ُمهَا ِإلّا ُهوَ وَيَعَْلمُ مَا فِي الْبَرّ وَالَْبحْرِ
ت الَْأرْضِ وَل رَ ْطبٍ وَل يَاِبسٍ ِإلّا فِي كِتَابٍ
وَمَا َتسْ ُقطُ مِنْ َو َرقَةٍ ِإلّا يَعَْل ُمهَا وَل حَبّ ٍة فِي ظُُلمَا ِ
مُبِيٍ} (النعام)59:
**************************************
الطفيل بن عمرو
أما العلم والبطل الثان فهو الطفيل بن عمرو الدوسي :وهو من دوس زهران ،من
السراة سع بالرسول صلى ال عليه وسلم ف مكة ،فركب جله ،وأخذ متاعه ،ولبس ثيابه.
وكان الطفيل شاعرا ميدا ،وخطيبا فصيحا ،يعرف جزل الكلم من ضعيفه .
وصل إل مكة ،ولكن الدعايات الغرضة ضد الرسول صلى ال عليه وسلم تتحرك من
الشركي لتشويه سعة الصطفى صلى ال عليه وسلم بالقول الريض ،والتعليقات الرة .
دخل مكة ،فلقيه كفار قريش .
فقالوا :إل أين يا طفيل ؟
قال :أريد هذا الذي يزعم انه نب
قالوا :ما أشبه ذلك تريد ؟
قال :أريد أن اسع كلمه ،إن كان حقا اتبعته ،وإن كان باطل تركته .
قالوا :إياك وإياه ،إنه ساحر ،انه شاعر ،انه كاهن ،انه منون ،أحذر ل تسمع
كلمه .
قال الطفيل :فوال ،ما زالوا ب يوفونن حت أخذت القطن فوضعته ف اذن .
لكن الق أقوى من القطن ،والقران ينفذ من خلل القطن إل القلب .
قال :ودخلت الرم يوما ،والقطن ف أذن ل اسع شيئا .
لكن أراد ال عز وجل أن يفتح أذنيه ؛ لن بعض الناس له أذنان وعينان وقلب ،لكن
كما قال سبحانه َ { :ولَ َقدْ َذرَأْنَا ِلجَهَّنمَ كَثِيا مِنَ اْلجِنّ وَالْأِْنسِ َلهُ ْم قُلُوبٌ ل يَفْ َقهُونَ ِبهَا
سمَعُونَ ِبهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ َبلْ ُهمْ َأضَلّ أُولَئِكَ ُهمُ
َولَ ُهمْ أَعُْينٌ ل يُْبصِرُونَ ِبهَا َوَلهُمْ آذَانٌ ل َي ْ
الْغَافِلُونَ} (لعراف)179:
أتى فرأى وجه الرسول صلى ال عليه وسلم ،فقال :فلما رأيت وجهه عرفت انه
ليس بوجه كذاب .
لو ل تكن فيه آيات مبينة *** لكن منظره ينبئك بالي
وجه الكذاب تعرفه ،ووجه المار تعرفه ،ووجه تارك الصلة تعرفه ،وهكذا وجه
الصلي والصادق تعرفه ،وأصدق الصادقي وخي الناس أجعي :ممد صلى ال عليه وسلم .
قال الطفيل :فسمعته صلى ال عليه وسلم يقرأ ،لكن ل اسع ؛ لن ف أذن القطن ،
فقلت لنفسي :عجبا ل ،أنا رجل شاعر فصيح ،اعرف حسن الكلم من قبيحه ،لاذا ل
أضع القطن ،فإن سعت الكلم طيبا وإل تركته ؟!
فوضع القطن ،وهذه هي الطوة الول .
وبدأ صلى ال عليه وسلم يقرأ آيات القرآن .
فلما سع الكلم وقع ف قلبه .
هل يستطيع ملحد ،إن كان عنده عقل أن يسمع {طه} (طـه{ )1:مَا أَنْ َزلْنَا عَلَْيكَ
خشَى} (طـه)3: الْقُرْآنَ لَِتشْقَى} (طـهِ{ )2:إلّا َت ْذكِرَةً ِلمَنْ َي ْ
ول يؤمن ؟
من يستطع أن يسمع {ق وَالْقُرْآنِ اْل َمجِيدِ} (قّ{)1:بَلْ َعجِبُوا أَنْ جَاءَ ُهمْ مُْن ِذرٌ مِْن ُهمْ
فَقَالَ الْكَافِرُونَ َهذَا شَ ْيءٌ َعجِيبٌ} (قّ )2:ول يسلم ؟
قال :فلما سعت الكلم ،تقدمت ،وقلت :عم صباحا ،يا أخا العرب.
هذه تية جاهلية ،وهي ملغاة عند ممد صلى ال عليه وسلم ،فل تقبل .
وقد كانت تقال ف الاهلية :عم صباحا ،ولذلك يقول امرؤ القيس :
أل عم صباحا أيها الطلل البال *** وهل يعمن من كان ف العصر الال
فقال صلى ال عليه وسلم (( :أبدلن ال بتحية خي من تيتك )) .
قال :وما هي ؟
قال (( :أبدلن ال بتحية خي من تيتك )) .
قال :وما هي ؟
قال (( :السلم عليكم ورحة ال )) .
ما أحسن الكلم !
فقال :السلم عليكم .
فرد عليه .
قال :من أنت ؟
قال (( :أنا رسول ال )) .
قال :من أرسلك ؟
قال (( :ال )) .
فقال الطفيل :إل ماذا تدعو ؟
فأخبه وقرا عليه شيئا من القرآن .
قال :أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أنك رسول ال .)(8
ث قال :يا رسول ال ،أنا من دوس ( هو سيد قبيلة دوس ) .
فأمره صلى ال عليه وسلم أن يعود داعية إليهم .
فعاد داعية إل دوس ؛ فلما وصل إليهم قال :هدمي من هدمكم حرام ،ودمي من
دمكم حرام ،حت تؤمنوا بال ،فكفروا ،وأعرضوا ،وغلبهم الزنا .
فأتى مرة ثانية إل الرسول صلى ال عليه وسلم وقال :يا رسول ال ،غلب على دوس
الزنا ،وكفروا بال ،فادع ال عليهم ،يا رسول ال .أي :أن يسحقهم ويطمهم ،
ويعلهم شذر مذر .
لكن ممدا صلى ال عليه وسلم كان كما قال ال َ { :وإِنّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:
)4
حوْلِكَ}(آل
َ ظ الْقَلْبِ لَانْ َفضّوا مِنْ
ت فَظّا غَلِي َ{فَِبمَا رَ ْحمَةٍ ِمنَ اللّهِ لِنْتَ َل ُهمْ َوَلوْ كُْن َ
عمران :من الية { )159لَ َقدْ جَا َء ُكمْ رَسُولٌ ِمنْ أَنْ ُفسِ ُكمْ عَزِيزٌ َعلَيْهِ مَا عَنِّتمْ حَرِيصٌ عَلَيْ ُكمْ
ي َرؤُوفٌ رَحِيمٌ} (التوبة)128: بِالْ ُمؤْمِنِ َ
فرفع يديه صلى ال عليه وسلم ،يريد أن يدعو لم ،فظن الطفيل انه يدعو عليهم .
فقال الطفيل :هلكت دوس .
((8
أنظر القصة في (( سيرة ابن هشام (( (.(1/382
فقال صلى ال عليه وسلم (( :اللهم اهد دوسا وائت بم ،اللهم اهد دوسا وائت بم
،اللهم اهد دوسا وائت بم )).)(9
ث قال :يا طفيل ،اذهب إل دوس ،فادعهم إل السلم ،ومن أل معك ،فقاتل به
من كفر ،فذهب ،وطلب من الرسول صلى ال عليه وسلم أن يعل له آية .
فسال له فوقع نور ف جبهته يضيء له ف الليل .
أضاءت لم أحابم ووجوههم *** من الليل حت نظم الذع ثاقبه
قال :يا رسول ال ،أخشى أن يقولوا :ف مثلة ( أي :مرض ) فادع ال أن يول
عن هذا النور ،فحوله إل العصاء ،فكان إذا رفع العصا أضاءت له جبال زهران .
فلما وصلهم ،كانوا قد تيؤوا بدعاء الرسول صلى ال عليه وسلم ،فقال (( :أدعوكم
إل ل إله إل ال ممد رسول ال )) ،ث أراهم الية .
فاسلموا جيعا ودخلوا ف دين ال أفواجا ،فسبحان من يهدي .
وأتى بم ،رضي ال عنه وأرضاه ،ف موكب عظيم ،ود
ودخل بم بعد الجرة إل الدينة ف جيش عرمرم ،حت ثار الغبار من رؤوسهم ،
وكلهم ف ييزان الطفيل .
وكان من حسناته :أبو هريرة ،صاحب الديث ،وأستاذ الحدثي ف السلم ،وابر
حافظ ف المة الحمدية ،والراوية العملق ،رضي ال عنه و أرضاه .
واستمر الطفيل يدعو ،وياهد ،وكان قد باع نفه من ال ،حت قتل ف اليمامة
طمَئِنّةُ}(الفجر)27: س الْمُ ْ
شهيدا {يَا أَيُّتهَا النّفْ ُ
ك رَاضِيَةً مَ ْرضِيّةً} (الفجر)28:
{ارْجِعِي ِإلَى رَبّ ِ
{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} (الفجر)29:
((9
متفق عليه
الثان :أن على الداعية أن يعرض القرآن ،ول يستبدل به ف دعوته كلما آخر .
الثالث :أن على الداعية أل يستعجل ،وان يكون حليما صبورا ،واسع الصدر ،لعل
ال أن يهدي به .
الرابع :أن ال أيد رسوله صلى ال عليه وسلم بعجزات .
الامس :إثبات أهل السنة للكرامات الت للولياء ،فإن من كرامات الولياء :ما
وقع للطفيل .
السادس :أن من دعا إل خي ،وال هدى ،كان له من الجر مثل أجور من تبعه ،
وبالعكس :من دعا إل ضللة كان عليه من الوزر مثل أوزار من تبعه إل يوم القيامة
السابع :أن ال تعال يكرم عباده بالشهادة ،وقد أكرم الطفيل بذلك .
**************************
عمرو بن العاص
أما الرجل الثالث ،فهو عمرو بن العاص داهية العرب :الذي كان إذا رآه عمر بن
الطاب ،قال :رمينا ارطبون الروم بارطبون العرب .
كان عمرو بن العاص دقيقا قصيا ،لكن كله عقل وذكاء يتوقد .
وجاء عن عمر انه كان إذا رآه يقول :ليس لب عبد ال أن يشي إل أميا .
روي عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال (( :بنو العاص مؤمنان عمرو وهشام ))
والديث هذا صحيح. )(10
تأخر ف السلم ،رضي ال عنه و أرضاه ،فرافقه إل الدينة عثمان بن أب شيبة ؛ من
بن عبد الدار وخالد بن الوليد ،فلما اقتربوا من الدينة ،قال عمرو لم :دعون حت أقدم
على الرسول صلى ال عليه وسلم ،فإن ل ذنوبا اعتذر منها .
فتركوه .
فاقبل عمرو ،فلما رآه صلى ال عليه وسلم هش وبش ف وجهه ،وقام له فأجلسه
بانبه .
قال :يا رسول ال ،أريد أن اسلم ابسط يدك لبايعك .
فبسط يده صلى ال عليه وسلم ،فقبض عمرو يده .
قال صلى ال عليه وسلم (( :ما لك يا عمرو )) ؟
قال :اشترط .
قال (( :ماذا تشترط )) ؟
قال :اشترط أن يغفر ال ل ذنب .
قال (( :أما علمت يا عمرو أن السلم يهدم ما قبله وان التوبة تب ما قبلها )) ؟
( (10صحيح ،رواه أحمد (، (327 ، 2/304والبخاري في (( التاريخ الكبير (( ( ، (6/303والنسائي في (( فضائل الصحابة (( (
، (195والحاكم ( ، (3/268والطبراني في (( الوسط (( ( ، (7/28وابن أبي عاصم في (( الحاد والمثاني ((( ، (2/99جميعا من
حديث محمد بن عمرو ،عن أبي سلمة ،عن أبي هريرة به .وصححه الحاكم عل شرط مسلم ،وأقره الذهبي ،وانظر (( مجمع
الزوائد (( (.(9/352
قال عمرو :فأسلمت ،فوال الذي ل إله إل هو ،ما كان أحد احب إل من رسول
ال صلى ال عليه وسلم ،وال ما ملت عين بعد السلم منه إجلل له ،وال لو سألتمون
الن أن أصفه ما استطعت أن أصفه.
فاسلم ،وأصبح من دهاة الناس ،عظيما من العظماء ،ينفع ال به هذا الدين ،ويقود
كتائب السلمي .
وله مواقف مع الرسول صلى ال عليه وسلم .
ف ترجته أن الرسول صلى ال عليه وسلم أراد أن يتألفه ف أول أيام السلم ،فخطب
صلى ال عليه وسلم فكان ينظر إل عمرو ول ينظر إل الناس يتألفه بالنظر .
قال عمرو :فتوهت إن أفضل الناس .
فلما انتهت الطبة قلت :يا رسول ال من أفضل – ظن أن الرسول صلى ال عليه
وسلم سيقول :عمرو بن العاص !..
قال (( :أبو بكر )) .
قال :ث من ؟
قال (( :عمر )).
قال :ث عدد رجال ،فوددت أن الرض خسفت ب.)(11
قال عمرو :أرسلن صلى ال عليه وسلم ف غزوة فأتيت لتيأ ،وهو يتوضأ صلى ال
عليه وسلم فقلت :يا رسول ال ،أنا ل أريد الال أريد الهاد ف سبيل ال ،فتبسم صلى ال
عليه وسلم وقال (( :يا عمرو نعم الال الصال ف يد الرجل الصال )).)(12
وصح انه خرج ف غزوة ،وكان قائدا على اب بكر وعمر ،وعلى أمثالما من
الصحابة ،فأصابته جنابة ف ليلة شاتبة .
فترك الاء ،لنه ما استطاع أن يغتسل به فتيمم وصلى بم .
فشكوه إل الرسول صلى ال عليه وسلم .
( (11متفق عليه .
( (12صحيح ،اخرجه الطيالي ( ، (1061وابن أبي شيبة (، (22182وأحمد ( ، (4/202والبخاري في (( الدب المفرد (( (، (299
وأبو يعلى ( ، (7336وابن حبان ( -3211إحسان ( ،والحاكم ( ، (2/2جميعا من حديث موسى بن علي ،عن أبيه ،عن عمرو بن
العاص به .وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي ،وهو كما قال ،فرجاله كلهم ثقات على رسم مسلم في (( صحيحه ((.
فقال صلى ال عليه وسلم (( :يا عمرو أصليت بأصحابك جنبا )) ؟
قال :يا رسول ال إن ال يقول {:وَل تَقْتُلُوا أَنْ ُفسَكُمْ إِنّ اللّهَ كَانَ بِ ُك ْم رَحِيما}
(النساء :من الية )29يفت بي يدي الرسول صلى ال عليه وسلم ! .
فتبسم صلى ال عليه وسلم وسكت .)(13
والتبسم عند أهل الديث :إقرار ،فإذا تبسم صلى ال عليه وسلم ،وسكت فسكوته
:إقرار : ،اقره على ما فعل ،رضي ال عنه وأرضاه .
وف إسلمه دروس :
أول :أن التوبة تدم ما قبلها من الذنوب والطايا ،ولو كانت كالبال إذا كانت
صادقة نصوحا ،وأن السلم يهدم ما قبله من الطايا فل يعاتب العبد إذا أحسن على ما فعل
ف الاهلية .
الثان :أن علي الداعية أن يتألف القلوب بنظرة أو كلمة حانية .
الثالث :البايعة باليدي ،وأنا سنة من سنن الرسول صلى ال عليه وسلم
الرابع :حبه صلى ال عليه وسلم وما كان له من منلة ف قلوب الصحابة .
الامس :أن الناس يوزنون بيزان قوله – سبحانه وتعال {:-أُولَئِ َ
ك الّذِينَ نَتَقَبّلُ عَْن ُهمْ
ق الّذِي كَانُوا يُو َعدُونَ}
صدْ ِ
ب الْجَنّةِ وَ ْعدَ ال ّ
صحَا ِ
َأ ْحسَنَ مَا َعمِلُوا وَنََتجَا َوزُ عَنْ سَيّئَاِت ِه ْم فِي َأ ْ
(الحقاف)16:
السادس :أن النسان يقدر ببلئه ف السلم .
السابع :أن الدهاء يستخدم لعلء كلمة ال ،ول باس به ،وإذا استخدم لضرار
السلمي فهو خبث ونكاية ونفاق ،والعياذ بال .
***************************************
((13
صحيح ،رواه أحمد ( ، (4/203وصححه اللباني في (( الرواء (( (.(154
ثامة بن أثال
أما الرجل الرابع ،فهو :ثامة بن أثال ؛ سيد بن حنفية ،وبنو حنيفة منهم :مسيلمة
الكذاب ،ومنهم :ثامة بن أثال .
ثامة بن أثا كان يسكن ف حصن له ف ارض بن حنيفة ف ند ،وف ليلة من الليال
سع الرسول صلى ال عليه وسلم أن ثامة هذا يريد أن يغزو الدينة .
فقال صلى ال عليه وسلم ،فيما يروى عنه ( :بل أنا اغزوه إن شاء ال )) .
أي :قبل أن يتحرك من هناك نرسل له من يغزوه .
فأرسل له صلى ال عليه وسلم خالد بن الوليد ف كوكبه وف سرية .
فأخذ خالد سيفه وخيله ،ومشى بالبطال إل وادي بن حنيفة ف ند .
وف إحدى الليال قال ثامة لزوجته :أنا ل اخرج هذه الليلة للصيد أبدا ؛ لنه شعر
بشيء .
لكن ال إذا أراد شيئا اته { وَمَا رَمَْيتَ إِ ْذ رَمَْيتَ َولَكِنّ اللّ َه رَمَى}(لنفال :من الية .)17
قال زوجته :ل ؟
قال :أتوجس ،أي :أتان خوفا ل ادري ما سببه .
فمكث ف حصنه وقصره ،والبواب مغلقة عليه ،لكن أراد ال أن يرجه لالد
ليأسره ويذهب به إل الدينة ،فأرسل ال له الغزلن والظباء تلك الليلة حت كانت تنطح باب
الصن .
فقالت زوجته وهو ف ضوء القمر :عجيب أمرك كل ليلة تطارد الغزلن ،ول
تدها ،واليوم أتت تناطح أبوابنا ،انه لن العجز أن تتركا .
فأخذ القوس والسهم ،وأتى وراء الغزلن ،ففتح الباب ففرت الغزلن قليل ،ففر
وراءها ،فدخلت حديقة ،فدخل وراءها ،فخرج ،فخرج من الديقة .
فلما أصبح ف الصحراء ،وإذا بالد يطوقه .
قال :من أنت ؟
قال :خالد بن الوليد ،إن كنت ل تعرفن تعرفن الليلة .
قال :ماذا جاء بك ؟
قال :سعنا انك تريد أن تغزو يثرب ،وقد أرسلن صلى ال عليه وسلم إليك .
قال :من اكلم ؟
قال كلم رسول ال ف الدينة ،فركب معه واتى به أسيا
مشدودا .والديث ف (( الصحيحي )) ،وقال البخاري ( باب ) ربط السي ف
السجد من حديث أب هريرة .
فدخل خالد بذا السي وربطه ف سارية السجد لثلث مسائل :
أولا :أن هذا إهانة للسي الشرك .
الثان :لعله أن يرى صولة الصحابة وجولتهم ،فياهم وقد تمعوا ف الجد ،وقد
اهتدوا فيهتدي .
الثالث :لعله أن يسمع الوحي والقرآن والصلة إذا صلى صلى ال عليه وسلم فيتأثر .
فربطه ف سارية السجد .
فأتى صلى ال عليه وسلم للصلة ،فقال (( :أسلم يا ثامة )).
قال ثامة :يا ممد ،إن تقتلن تقتل ذا دم ،وإن تنعم تنعم على شاكر .
يقول :إن قتلتن فإن دمي ل يضيع فأنا سيد قبيلة ،فورائي أبطال يأخذون بدمي ،
وإن عفوت عن وأطلقتن فسوف تد الميل عندي مفوظا .
فتركه صلى ال عليه وسلم .
فكان صلى ال عليه وسلم خلل ثلثة أيام كلما أتى إل الصلة قال((:يا ثامة أسلم))
فيعيد قوله .
فقال صلى ال عليه وسلم (( :أطلقوه )) .
فأطلقوه ،فذهب إل نلة من نل الدينة ،فأخذ ماء فاغتسل ث دخل السجد ،وقال
:اشهد أن ل إله إل ال وانك رسول ال .
فقال له صلى ال عليه وسلم (( :ولاذا ل تسلم وأنت ف القيد )) ؟
قال :أخشى أن تتحدث العرب إن أسلمت ذل ؛ لنه سيد من السادات .
قال :يا رسول ال ،إن شئت أن امنع حنطة اليمامة عن قريش فعلت .
قال :امنعها عنهم .
فذهب يعتمر ،فقال له كفار قريش :هيه ،يا ثامة صبأت مع ممد .
قال :وال ،ل يأتيكم من اليمامة حبة حنطة .
فقيدوه ،فخرج من القيد ،وفر إل اليمامة ،فضرب حظرا اقتصاديا عليهم فما
)(14
وصلتهم حبة
وف قصته دروس :
أول :جواز إدخال الكافر الجد للحاجة .
الثان :التمهل بالكافر ثلثة أيام لعله أن يهتدي .
الثالث :التضييق على الكافر لعله أن يهتدي أو ياف .
الرابع :استخدام أهل الوجاهات وإنزالم منازلم .
الامس :الغسل للكافر .
*****************************
((14
انظر :القصة في (( الصابة (( ( (957وأصلها في (( الصحيح (( بنحوها.
ضمام بن ثعلبة
وأما الرجل الامس ،فهو :ضمام بن ثعلبة :وحديثه ف (( الصحيحي )) .
سع بداع للرسول صلى ال عليه وسلم يعرض السلم ،فاطمأن قلبه ،فأخذ ناقته ،
وركبها ووفد إل الرسول صلى ال عليه وسلم .
فأتى ،والصحابة متمعون ف السجد مع الرسول صلى ال عليه وسلم ،والرسول
صلى ال عليه وسلم كان من هديه أن يتكئ أحيانا على اليسرة ،وأحيانا على اليمنة ،فيأت
العراب والغريب فل يعرف الرسول صلى ال عليه وسلم
فأتى هذا الرجل ،فعقل ناقته ف طرف السجد ،وجاء بعصاه يتخطى الصفوف ،
وقال :أين ابن عبد الطلب ؟ أي :ممد صلى ال عليه وسلم !!
فأتى هذا الرجل ،فعقل ناقته ف طرف السجد ،وجاء بعصاه يتخطى الصفوف ،
وقال :أين ابن عبد الطلب ؟ أي :ممد صلى ال عليه وسلم !!
وهو ابن عبد ال ،لكن كان جده عند العرب أشهر ؛ لنه كان سيدا مطاعا .
ولذلك كان الرسول صلى ال عليه وسلم يقول ف حني :
أنا النب ل كذب
أنا ابن عبد الطلب
قال للصحابة :أين ابن عبد الطلب ؟
قال الصحابة :هو ذاك الرجل البيض المهق الرتفق ( .المهق :الشوب بمرة ،
والرتفق :أي التكئ ) .
فتخطى الصفوف وقال :يا ابن عبد الطلب .
فقال صلى ال عليه وسلم (( :قد أجبتك )) .
قال :إن سائلك فمشدد عليك ف السالة .
يقول بعض العلماء :هذا أقوى ،أو أصعب سؤال ورد عن التوحيد ف السنة .
قال (( :سلما بدا لك )) .
قال :من رفع الاء ؟
قال (( :ال )).
قال :من بطن الرض ؟
قال (( :ال )) .
قال :من نصب البال ؟
قال (( :ال )).
قال :أسالك بن رفع السماء ،وبط الرض ،ونصب البال ،آل أرسلك إلينا
رسول ؟
فجل صلى ال عليه وسلم من عظم السؤال ،وقال (( :اللهم نعم )) .
قال :أسألك بن رفع السماء ،وبسط الرض ،ونصب البال ،آل أمرك بأن تأمرنا
بمس صلوات ف اليوم والليلة ؟
قال (( :اللهم نعم )) .
فسأله عن الصيام ،قم قال :اشهد أن ل إله إل ال وأنك رسول ال ،وال ل أزيد
على ذلك ول أنقص ،أنا ضمام بن ثعلبة أخو بن عد بن بكر ،ث ول .
تعريف موجز ،وسؤال موجز ، ،وموقف موجز ،فما أهل السلم!.
قال صلى ال عليه وسلم (( :من سره أن ينر إل رجل من أهل النة فلينظر إل هذا))
وف لفظ آخر (( :أفلح الرجل ودخل النة إن صدق )).
قال ابن عبا :ما رأينا وافدا أخي لقومه من ضمام بن ثعلبة .
قال أنس :ما رأينا أعقل من ضمام بن ثعلبة .
لنه اختصر ف السالة ،وسال عن مسائل عظيمة .
وف إسلمه دروس :
أولما :أل يؤخذ بفا النسان حت يبصر ويعرف بالصواب .
الثان :انه ل باس أن ينادي النسان بأمه أو أم أبيه ؛ لن بعض الناس قد يغضب
عليك إذا ل تقل له :يا شيخ ،أو يا صاحب الفضيلة ،أو يا صاحب السعادة ،أو يا
صاحب الفخامة .
الثالث :أما ف حقه صلى ال عليه وسلم فالواجب أن ينادى باسم الرسالة لقوله تعال
{ل َتجْعَلُوا دُعَاءَ الرّسُولِ بَيْنَ ُكمْ كَدُعَاءِ بَ ْعضِ ُكمْ بَعْضا} (النور :من الية )63فينادي بيا رسول ال
،أو يا نب ال
الرابع :جواز العرض على الشيخ والعلم ما يفعل أهل الديث .
الامس :أن على العال أن يكون واسع الصدر .
*****************************
عبدال بن سلم
وأما الرجل السادس ،فهو :عبد ال بن سلم الذي يقول ال فيه { :قُلْ َأرَأَيُْتمْ إِ ْن
كَانَ ِمنْ عِْندِ اللّهِ َوكَفَرْتُمْ بِهِ وَ َشهِدَ شَا ِهدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى مِثِْل ِه فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنّ اللّهَ
ل َي ْهدِي الْ َقوْمَ الظّاِلمِيَ} (الحقاف )10:كان يهوديا فأسلم ،وقصة إسلمه عجيبة .
هاجر الرسول صلى ال عليه وسلم إل الدينة ،فاستقبلته القلوب وحيته الرواح ،
وعانقته النفوس .
فنل ف سوق الدينة .
قال ابن سلم :انفل الناس ( أي :هرعوا ) إل الرسول صلى ال عليه وسلم فكنت
فيمن انفل فاجتمعت معهم ،فلما استبنت وجه الرسول صلى ال عليه وسلم عرفت أن
وجهه ل بوجه كذاب فاقتربت منه فإذا هو يقول (( :يا أيها الناس أفشوا السلم وأطعموا
الطعام وصلوا الرحام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا النة بسلم )) رواه الترمذي وهو
صحيح .
قال :فلما سعت هذه الكلمات ،أتيت إل الرسول صلى ال عليه وسلم فقلت يا
رسول ال ،اشهد أن ل إله إل ال وأشهد انك رسول ال ؛ لنه كان يقرأ التوراة ويعرف
وصف الرسول صلى ال عليه وسلم فيها .
قال :يا رسول ال ،أسألك عن ثلث مسائل ل يعرفها إل نب .
قال (( :ما هي ))؟
قال :ما هو أول طعام أهل النة ،وكيف يشبه الولد أمه أو أباه ،وما هي أول
علمات الساعة ؟
فقال لبن سلم (( :أما أول طعام أهل النة فزيادة كبد الوت )) .
قال :صدقت .)(15
((15
متفق عليه
قال (( :وأما لاذا يشبه الولد أباه أو أمه فإذا عل ماء الرجل ماء الرأة أشبه أباه ،وإذا
عل ماء الرأة ماء الرجل أشبه أمه )).
قال :صدقت .
قال (( :وأما أول علمات الساعة فنار تشر الناس من الشرق إل الغرب )).
قال :صدقت .
قم شهد أن ل إله إل ال وأن الرسول رسول ال ،ث قال :يا رسول ال ،إن اليهود
قوم بت إذا علموا إن أسلمت بتون ،فأدخلن ف هذه الشربة ( غرفة ) ،واسألم عن .
فأدخله صلى ال عليه وسلم ف الشربة وأغلق عليه ،واستدعى اليهود ،وقال :
(( كيف عبد ال بن سلم فيكم )) ؟
قالوا :خينا وابن خينا ،وعالنا وابن عالنا ،وفقيهنا وابن فقيهنا .
قال صلى ال عليه وسلم (( :أرأيتم إن اسلم ))؟
قالوا :أعاذه ال من ذلك
فخرج ابن لم وقال :أشهد أن ل إله إل ال وأنك رسول ال .
فقاموا ينفضون ثيابم ،ويتناخرون كالمي ،ويقولون :شرنا وابن شرنا ،وسيئنا
وابن سيئنا ،أو كما قالوا .
فقال ال ف ذلك { :قُلْ َأرَأَيُْتمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِْندِ اللّهِ َوكَفَرُْتمْ ِبهِ وَ َش ِهدَ شَا ِهدٌ ِمنْ بَنِي
إِسْرائيلَ عَلَى مِثِْل ِه فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرُْتمْ إِنّ اللّهَ ل َيهْدِي الْ َقوْمَ الظّاِلمِيَ} (الحقاف. )10:
وف قصته دروس :
أول :أن وصفه صلى ال عليه وسلم كان موجودا ف التوراة ،كما قال تعال
جدُونَهُ مَكْتُوبا عِْندَ ُه ْم فِي الّت ْورَاةِ } (لعراف :من الية . )157
{ َي ِ
ثانيا :أن من اسلم من اليهود أو النصارى فله أجران ؛ اجر إسلمه بكتابه وبنبيه ،و
إسلمه بنبينا وكتابنا ،ونن نؤمن بميع الكتب الت أنزلا ال والرسل الذين أرسلهم ال جيعا
ثالثا :أن الشاهد إذا شهد بق ،ث نقضه ف ملسه ،ل يقبل ؛ لنه ما نقضه إل لمر
رابعا :البلغة الت أوتيها صلى ال عليه وسلم .
خامسا :أن الرسول صلى ال عليه وسلم أطلعه ال على كثي من علم الغيب ،ومن
علمات الساعة ،فأخب الناس فأسلموا بتلك العجزات.
******************************************
ابن سعنة
*******************************
((16
انظر :قصة إسلمه في (( الصابة (( ( ، (2897وقد صححها الحافظ.
((17
رواه مسلم.
عكرمة بن أب جهل
أما آخر الصحاب ،فهو :عكرمة بن أب جهل
فسبحان الذي يرج الي من اليت ،واليت من الي ،لقد كان أبوه فرعون هذه
المة .
تأخر إسلمه حت يوم الفتح .
كان مشركا آنذاك ،وقاوم مقاومة عنيفة ،لكن انارت مقاومته أمام خالد .
فركب إل البحر يريد أن يرمي نفسه ف البحر ،ويرج إل إحدى الزر ،أو أن
يضيع ف العال ؛ لنه ظن أن الرسول صلى ال عليه وسلم سوف يذبه .
فأتت امرأته إل الرسول صلى ال عليه وسلم ،وقالت :زوجي فر منك .
قال (( :خذي له المان )).
قيل :أعطاها صلى ال عليه وسلم كساء ،وقيل :عمامة ،وقيل :أعطاها قلنسوة ،
فقال (( :خذيها وأخبيه )).
فأتت وإذا هو يتهيأ على البحر يريد أن يركب سفينة ،فأشارت إليه قائلة :المان ،
المان.
قال :ل أمان ،ل أمان .
قالت :هذه عمامة ممد صلى ال عليه وسلم وقلنسوته .
فلما عاد ،ورآه صلى ال عليه وسلم مقبل مع زوجته تبسم صلى ال عليه وسلم ؛
لنه ليس من الكمة أن يقول :أين أنت يا فار أو يا كافر .
ولكنه صلى ال عليه وسلم قال (( :مرحبا بالراكب الهاجر )) ،)(18أنت هاجرت إل
ال ورسوله .
فقال :اشهد أن ل إله إل ال واشهد انك رسول ال ،وال يا رسول ال ،ل اترك
موقفا حاربت السلم فيه إل حاربت مع السلم فيه ،ول نفقة أنفقتها ف حرب السلم ،
إل أنفقت ضعفها ف نصرة السلم .
((18
رواه الترمذي ( ، (3736والحاكم ( (3/242وصححه وتعقبه الذهبي بقوله :لكنه منقطع ،وفي ثبوت الحديث بحث .
حضر اليموك ،رضي ال عنه و أرضاه ،فانزم السلمون ف أول معركة .
فلما رأى الزية لبس أكفانه ،واغتسل وتطيب ،وسل سيفه وكسر غمده على
ركبته ،وقال :يا مسلمون ،من يبايعن على الوت؟ من يشتري الوت اليوم ؟
فبايعه أربعمائة مقاتل ،فشق بم صفوف الروم كالسيل ،حت وصل إل وسط الروم ،
فقاتل حت صلة الظهر ،ث تناوشته الرماح والسيوف من كل جانب فوقع صريعا على
الرض .
فحملوه على الكتاف حت وصل إل القائد خالد بن الوليد .
فرآه خالد فاحتضنه ؛ لنه كان صديقا له ف الاهلية وقال :ماذا تريد يا عكرمة ؟
فأشار بلسانه يريد الاء ،لنه ل يستطيع أن يتكلم ،فهو ف آخر رمق الياة .
فأتى خالد باء بارد من خيمته ،فاندفع نو عكرمة ليسقيه ،وما هي إل لظات حت
جيء بالارث بن هشام ،عم عكرمة ،أخو أب جهل ،وهو ف آخر رمق ،فوضع على
رجلي خالد ،فأتى بابن عكرمة ،وهو شهيد فوضع بانبه وجي برابع .
فأتى خالد بالاء ليعطي عكرمة فأشار إل عمه ،يقول :اسقه قبلي { وَُيؤْثِرُونَ َعلَى
سهِمْ َوَلوْ كَانَ ِب ِهمْ َخصَاصَةٌ} (الشر :من الية . )9
أَنْ ُف ِ
فأعطى عمه ،فرفض أن يشرب قبل ابن عكرمة .
فدفعوا الاء للشاب الصغي ،فرفض أن يشرب قبل الرجل الرابع .
فحولوه إل الرابع ،فقال :ل حت يشرب عكرمة .
فعاد إل عكرمة فوجده قد مات .
فدفعه إل الارث بن هشام ،فوجده قد مات .
فأعاده إل الثالث ،فوجده قد مات
فأعاده إل الرابع ،فوجده قد مات .
قال أهل العلم :فانتحب خالد من البكاء ،وقال :اللهم اسقهم من جنتك زعم فلن
( يعن :أحد الكفار ) أنا ل نوت إل حبطا ( يعن :ل نوت إل على الفرش ) ل وال ،بل
نوت تت قصف السيوف وضرب الرماح .
هذا عكرمة بن أب جهل وهو مثل للشباب السلم .
قيل للمام أحد :هل يقبل الصحف ؟
قال :كان عكرمة يقرأ القرآن ،ويبكي ،ويقبل الصحف ،ويقول :كلم رب ،
كلم رب .
هؤلء هم القوم الذين ل يشقى بم جليسهم ،وأملنا ف ال أن يمعنا بم ف النة ؛
لنرى فيها :عمي بن وهب ،والطفيل بن عمرو ،وعمرو بن العاص ،وثامة بن أثال ،
وضمام بن ثعلبة ،وعبد ال بن سلم ،وابن سعنة ،وعكرمة بن أب جهل .
ومن أراد أن يتمع بم فليفعل كفعلهم .
هم القوم إن قالوا أصابوا وإن دعوا *** أجابوا وإن أعطوا أطابوا وأجزلوا
ول يستطيع الفاعلون كفعلهـم *** وإن حاولوا ف النازلت وأجلـوا
أولئك آبائي
إنا أخبار عجيبة وجيلة ،يطرب لا القلب ،وتتشنف لا الذان ،وتثلج با الصدور .
أخبار علمائنا الذين جعلهم ال عز وجل كأنبياء بن إسرائيل ،ووف أقص عليكم قصصا
عجيبا من أخبارهم .
الول :تملهم الشاق ف طلب العلم.
الثان :زهدهم ف الدنيا وإعراضهم عنها .
الثالث :قولم كلمة الق فل يافون ف ال لومة لئم.
الرابع :بذلم العلم لطالبيه ونشرهم العرفة.
الامس :خشيتهم ل تعال .
السادس :تواضعهم لربم تبارك وتعال .
إن العلم اشرف مطلوب ،وهو يوصل صاحبه إل جنة عرضها السماوات والرض ،
أو يوصله إل نار تلظى.
فمن الناس من طلب العلم فكان حجة عليه ،وخيبة وندامة ،فكان المار يمل
حمِلُ َأسْفَارا} (المعة: حمَارِ َي ْأسفارا ،كما قال ال عز وجل ف علماء بن إسرائيل { َكمَثَلِ اْل ِ
حمِلْ عَلَْيهِ يَ ْل َهثْ َأوْ تَتْ ُركْهُمن الية )5وقال عالهم الضال الجرم َ { :فمَثَلُهُ َكمَثَ ِل الْكَ ْلبِ إِنْ َت ْ
يَ ْل َهثْ } (لعراف :من الية .)176
قال عبد العزيز الرجان ،وهو أديب عجيب ،وقصيدته من أحسن القصائد ،وقد
قال الناس :ما لك تعتزلنا ول تالطنا ول تذهب آل السلطي ؟ فرد عليهم بقصيدة ،قال ف
بعض أبياتا :
يقولون ل فيك انقباض وإنا *** رأوا رجل عن موقف الذل أحجما
أأشقى به غرسا وأجنيه ذلـة *** إذا فاتباع الهل قد كان أحزمـا
ول ابتذل ف مطلب العلم مهجت *** لخدم من لقيت لكن لخدمــا
((23
صحيح ،رواه الترمذي ،وصححه اللباني في السلسلة الصحيحة (.(943
فأخذ الكي ،وذهب به .
فأخذ سعيد بن السيب حذاءه ،وخرج من طرف السجد !!
وأما قولم كلمة الق :فانم كانوا ل يافون ف ال لومة لئم.
يقول صلى ال عليه وسلم (( :افضل الهاد كلمة حق عند سلطان جائر )) .)(24
لن هذه ل يستطيع لا إل قلئل من أمثال سعيد بن جبي ،رحه ال .
لقد كانت لم ،رحهم ال ،مواقف صلبة ف قول الق .
وكيف ل يكونون كذلك ،وسلفهم ف ذلك عمر بن الطاب الذي اقر هذا البدأ ؟
يقف ،رضي ال عنه ،على النب فيقول :يا أيها الناس ،ما رأيكم لو حدت عن
الطريق هكذا ؟
فقام أعراب عنده سيف عند سارية ف آخر السجد ،فقال :يا أمي الؤمني ،وال
الذي ل إله إل هو ،لو قلت عن الطريق هذا ،لقلنا بالسيف هكذا .
قال عمر :المد ل الذي جعل من رعيت من إذا قلت عن الطريق هكذا قال بسيفه
هكذا .
دخل الزهري العلمة الحدث ،رواية (( الصحيحي )) العظيم مع كثي من العلماء
على هشام بن عبد اللك وكان هشام ناصبيا يبغض عليا ،رضي ال عنه .
فقال هشام :يا سليمان بن يسار ( أحد العلماء ) من الذي تول كبه ؟ أي :ف قوله
تعال {:وَاّلذِي َت َولّى كِبْرَهُ مِْن ُهمْ لَهُ َعذَابٌ عَظِيمٌ} (النور :من الية )11ف حادثة الفك .
قال :عبد ال بن أب .
قال :كذبت .
فقال :يا فلن ،من الذي تول كبه ؟
قال :عبد ال بن أب .
قال :كذبت ،الذي تول كبه هو علي .
فقال :يا زهري من الذي تول كبه .
((24
صحيح ،رواه أبو داود ( ، (4344وابن ماجة (.(4011
قال :عبد ال بن أب .
قال :كذبت .
فقام الزهري ،وكان جالسا قال :كذبت أنت وأبوك وجدك ! الذي تول كبه :
عبد ال بن أب بن سلول ،حدثن بذلك عروة عن عائشة ،ووال لو نادى مناد من السماء
أن الكذب حلل ما كذبت.
فانتفض هشام ،وقال :لعلنا هيجنا الشيخ!
وكان عبد ال بن علي العباسي سفاكا ،والغا ف الدماء والموال ،فسال وزراءه :
أترون أحدا يعترض على ما فعلت ؟
قالوا :نظن الوزاعي يعترض
فاستدعوا الوزاعي .
قال الوزاعي :انتظروا قليل ،فلس أكفانه بعد أن اغتسل وتطيب ،ولبس ثيابه
والكفان من تتها .
فدخل على عبد ال بن علي .
قال الوزاعي :وال ،الذي نفي بيده ،لا دخلت عليه أصبح كأنه ذباب ف عين ،
وكأن أتصور عرش ال بارزا للناس .
قال :فانعقد ف جبينه عرق ،وف يده خيزران ،وكانت السيوف قد اشرعت على
رأس الوزاعي .
فقال :يا اوزاعي ،ما رأيك ف الدماء الت سفكناها ؟
قال :حدثنا فلن ،عن فلن ،عن ابن مسعود عن النب صلى ال عليه وسلم قال(( :ل
يل دم السلم إل بإحدى ثلث :الثيب الزان ،والنفس بالنفس ،والتارك للجماعة )).
فغضب وقال :والموال ؟
قال :حللا حساب ،وحرامها عقاب .
قال :اخرج
فخرجت .
قال :ارجع .
فرجعت ،وانتظرت السيف أن يعلون .
قال :خذ هذه الصرة ،فيها فضة وذهب .
فأخذها فوزعها على النود ،ث خرج !
وهكذا فعل المام أحد مع العتصم.
أما بذلم للعلم :فهي مسالة نشكو منها .
فنحن نعيش أزمة علماء ،وأزمة دعاة ؛ لن منهم من يقطر العلم بقطارة ،ومنهم من
ينفق العلم ،وكأنه ينفق من جيبه .
العلماء كثي وكثي ن ولكن الساحة تشتكي ،فهي تريد أن ينلوا ؛ لن الجيال
باجة لم .
كان عروة بن الزبي يتألف الناس على الديث ،ويقول لطلبه :من يضر منكم اليوم
فله دينار .
لاذا ؟
لنه يريد أن ينشر العلم الذي عنده ؛ لن العلم حياة ،والعلم إذا حبس ضاع ،وإذا
حب نقص فهو :
يقول تعال {:وَِإذْ َأ َخذَ اللّهُ مِيثَاقَ اّلذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيّنُنّهُ لِلنّاسِ وَل تَكُْتمُونَ ُه فَنََبذُوهُ
ل فَبِئْسَ مَا َيشْتَرُونَ} (آل عمران )187:وقال سبحانه وتعال َورَاءَ ُظهُورِ ِهمْ وَاشْتَ َروْا ِبهِ َثمَنا قَلِي ً
س فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ {إِ ّن اّلذِينَ يَكُْتمُونَ مَا أَنْ َزلْنَا مِ َن الْبَيّنَاتِ وَاْل ُهدَى مِنْ بَ ْعدِ مَا بَيّنّاهُ لِلنّا ِ
يَلْعَُن ُهمُ اللّهُ وََيلْعَُنهُمُ اللّاعِنُونَ} (البقرةِ{ )159:إلّا الّذِينَ تَابُوا وََأصَْلحُوا وَبَيّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ
عَلَ ْي ِهمْ وَأَنَا التّوّابُ الرّحِيمُ} (البقرة)160:
((25
صحيح ،رواه احمد ،وأصله في (( الصحيحين (( ،من حديثه ،رضي ال عنه .
خشَى اللّهَ مِنْ
فليس القصد البكاء ،وإنا القصد :خشية ال الواحد الحد { إِّنمَا َي ْ
عِبَادِهِ الْعَُلمَاءُ} (فاطر :من الية . )28
خرج ابن البارك الزاهد العباد الشهي ،فمر بقصر لطاهر بن حسي ف خراسان .
فنظر إل القصر ،وكان مهول ،فدمعت عيناه ،وقال :وال لقصيدة عدي بن زيد
أحب ،وأحسن عندي من هذا القصر .
عدي بن زيد شاعر جاهلي يقول :
أيها الشامت العي بالدهر *** أأنت البأ الوفور
هل رأيت النايا خلدن أمن *** ذا عليه من أين يضام مي
أين كسرى اللوك انو شروان *** أم أين قبله سابور
وأما توضعهم لربم تبارك وتعال :فإن اكب ميزة للعال التواضع ؛ لن العلم كالال قد
يطغى صاحبه {كَلّا إِنّ الْأِ ْنسَانَ لَيَطْغَى} (العلق)6:
ولذلك تد اكب الناس كبا وعتوا :الثقفون بل إيان من فروخ العلمانية ،وفروخ
النصرانية ،وفروخ الاسونية ،وأذناب الشيوعية .
فمن صفة العال :التواضع الذي يلب التبسم.
فهو يرحم الضعيف ،ويقف مع السكي ،ويقود العمى ،ويساعد الرملة ،ويدم
باهه ،ويقلمه ،وبكتبه ،وباله ،وبوقته .
خرج ابن معود من السجد ،فخرج تلميذه وراءه ،فقال :عودوا إل أماكنكم ،
وال ،لو علمتم ما عندي من الذنوب لثوت بالتراب على رأسي .
هذا ،وهو ابن مسعود صاحب قيام الليل ،والصحاب الشهي ،الذي يقول أحد
تلميذه :نت عنده ،فتركن ،ث قام يتلو القرآن كأنه نلة حت الفجر .
يقول العلمة الندلسي يناجي ال ف الليل ببيتي فيقول :
يا من سترت مثالب ومعايب *** وجعلت كل الناس كالخوان
وال لو علموا قبيح سريرت *** لب السال علي من يلقان
لاذا يتكب العبد ؟
لاذا ل يعود إل تاريه الظلم ؟
لاذا ل يتذكر سيئاته مع الواحد الحد؟
تيل ،لو كشف ال مازيك ،وعرضها على الناس ،وال ل يتجملون لك ،ول
يسلمون عليك ،ول يزورونك ،ول يرحبون بك ،ول يستقبلونك.
فكيف برب العباد الذي ير الطأ منك ليل صباح ،ويغفر ويعفو ويستر ؟
دخل أحدهم على ابن تيمية ،شيخ السلم ،فمدحه ،وقال يا ابن تيمية أنت العال
البحر .
فغضب ابن تيمية حت احر وجهه وقال :
أنا الكدي وابن الكدي *** وكذا كان أب وجدي
يقول أنا فقي ،وأب فقي ،وجدي فقي .
وله قصيدة اسها الفقرية يشكو فيها فقره على ال ،يقول :
أنا الفقي إل رب السماوات *** أنا السكي ف مموع حالت
وف الديث الصحيح (( :من تواضع ل رفعه ،ومن تكب على ال وضعه )).
فكلما يتكب العبد يقول ال له :اخأ فلن تعدو قدرك .
وكلما تواضع قال ال :انض فقد رفعك ال .
إذا علم ذلك ،فإن من ما ييز علماء السلم علماء السنة على غيهم ،هو :التواضع
ل عز وجل {وَعِبَادُ الرّ ْحمَ ِن الّذِينَ َيمْشُونَ عَلَى الَْأرْضِ َهوْنا وَإِذَا خَاطََب ُه ُم الْجاهلو َن قَالُوا
سَلما} (الفرقان. )63:
ولو ذهبت أعدد آثارهم ،وحكاياتم ف التواضع لطال الجال .
ولكن القوم فيما ظهر من أحوالم :قد ساروا خطى قدوتم وقدوتنا ممد صلى ال
عليه وسلم ،الذي كان يضرب به الثل ف التواضع ،كما علم هذا كثيا ،حيث كان
يركب المار ،وهو خات النبيي .
ويشي مع الارية .
ويقوم بأعماله النلية .
ويساعد أهله .
بل كان الداخل إل السجد ليسأله ،وهو ل يعرفه ل يستطيع أن ييزه من بي أصحابه
،حت يسال عنه ؛ لنه ل يتميز عليهم بثوب أو بلسة أو بغي ذلك .
*************************************
بطل الحنة
سي الصالي مدرسة ،أسسها القرآن ،ووعتها السنة ،ومعنا ف هذه الوراق :صال
من الصالي ،بل أمام الدنيا ،وحافظ العصر ،وأحفظ أمة ممد صلى ال عليه وسلم
للحديث .
وعت الدنيا اسه ،وحفظت القلوب رسه ،فما هنالك فيما أظن مسلم يصلي خس
صلوات ف اليوم والليلة ،إل ويعرف هذا المام حت من أعدائه من الكفار ،والنافقي فأنم
يعرفونه إل قيام الساعة .
هو المام ( أحد بن حنبل ) أمام أهل السنة ،الواقف يوم الحنة ،الزاهد فيما سوى
ال ،التقن للحديث .
فمن هو المام أحد ؟ علنا نقتدي بشيء من سيته ،فإن ل نستطع ،فلنحبه ف ال ،
فإن الؤمن يشر مع من أحب ،والؤمن والليل على دين خليله ،وال عز وجل يقرن
الصناف مع أصنافهم ،والنواع مع أنواعهم والشباه مع أشباههم.
أحب الصالي ولست منهم *** لعلي أن أنال بم شفاعة
واره من تارته العاصي *** ولو كنا سواء ف البضاعة
ولد المام أحد ف آخر القرآن الثان ،وعاش ف بيت فقي .
مات أبوه ،وهو طفل ،فكفلته أمه الزاهدة العابدة الصائمة القائمة .
قال أحد ،رحه ال :فحفظتن أمي القرآن ،وعمري عشر سنوات ،فحفظ كتاب
ال ،واستوعباه ف صدره ،ففرت الوساوس والشياطي من صدره ،فأصبح عابدا ل .
وقال أحد ،رحه ال :كانت أمي تلبسن اللباس ،وتوقظن وتمي ل الاء قبل صلة
الفجر ،وأنا ابن عشر سنوات ،ث كانت تتخمر وتتغطى بجابا ،وتذهب معه إل السجد ؛
لن السجد بعيد ،ولن الطريق مظلمة .
فانظر إل هذه الرأة الصالة !
عاش ف هذا الو ،وعاش ف هذا البيت ،وكل هه :أن يعبد ال بكلم ال ،وان
يكون عبدا خالصا ل .
قال :فأعطتن متاع السفر .
أتدرون ماذا أعطته من الزاد وكم أعطته من اللوف ؟ وكم أعطته من الدراهم
والدناني ؟
لقد صنعت له ما يقارب عشرة من الرغفة من الشعي ،ووضعتها ف حقيبة من قماش
معه ،ووضعت معها صرة ملح!!
وقالت :يا بن ،إن ال إذا استودع شيئا ل يضيعه أبدا ،فأستودعك ال الذي ل
تضيع ودائعه .
فذهب من عندها من بغداد ،من عاصمة الدنيا ،من دار السلم .
ل ماذا ذهب ؟ اذهب للسياحة كما يفعل اللهون اللغون اللعابون ؟
أم ذهب إل التسكع كما يذهب السادرون الخمورون السكورون ؟
أم ذهب إل ضياع الوقات والتدحرج على الثلج كما يذهب الذين رفعت عنهم أقلم
التكليف ؟
ل ،بل ذهب ليبحث عن حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم .
ذهب إل مكة والدينة .
من زار بابك ل تبح جوارحه *** تروي أحاديث ما أوليت من منن
فالعي عن قرة والكف عن صلة *** والقلب عن جابر والسمع عن حسن
فذهب ،رحه ال ،وقال مضيت من بغداد على رجلي إل مكة ،فضعت ف الطريق
ثلث مرات ،فكنت كلما ضعت استغفرت ال ،ودعوت ال .
قال :فوال ما انتهيت من كلمي ،إل وبدلن ال تعال على الطريق .
من هو ملجأ الائفي ؟ انه ال .
من هو منقذ العارفي ؟ انه ال .
فكان كلما ضاع ف الصحراء ،التجأ إل ال فليس عنده علمات ،ول بوصلت ول
خطوط صحراء ،بل هي ارض مقفرة يضيع فيها الذكي والبليد.
فضاع المام أحد ،ولكن رد اتاهه إل ال (( أحفظ ال يفظ )) فلما حفظ ال
حفظه ال ف سعه وجوارحه ودينه ومستقبله وسعته إل يوم القيامة .
وحفظ ال اسه للمليي ؛ عند مسلمي الصي واليابان والليو والعراق والزيرة
وسوريا والزائر ،ومسلمي أمريكا ،فلهم يسمعون بأحد بن حنبل ؛ لنه حفظ ال .
ث وصل إل مكة ،وأخذ حديث مكة ،وبعدها سافر إل اليمن إل صنعاء اليمن ،إل
عبد الرزاق بن هام الصنعان يطلب الديث ،وبينما هو ف طريقه ضاع مرة رابعة ،قال :
وانتهت نفقت من البز إما الدراهم فما كان عندي دراهم ،فماذا افعل ؟
قال :نلت إل قوم أهل مزارع ،يصدون ويصرمون ،فأجرت منهم نفسي ثلثة
أيام ،يا سبحان ال ! أمام الئمة الذي يفظ ألف ألف حديث ،كما يقول الذهب وابن
كثي ( أي :مليون حديث ) ويؤجر نفسه من الصادين فيحصد لم .
ووصل بفظ ال إل صنعاء ،واخذ الحاديث النبوية وكتبها .
كان يسهر الليل حت الفجر ،ويصوم النهار حت الغروب .
يقول ابنه عبد ال :كان أب يصلي من غي الفرائض ف اليوم والليلة ثلثائة ركعة.
وانظروا (( تذكرة الفاظ )) للذهب ،و(( سي أعلم النبلء )) له و((البداية والنهاية))
لبن كثي ،و(( تاريخ بغداد )) ،و (( تاريخ دمشق )) فكلها متواترة على انه كان يصلي
من غي الفرائض ف اليوم والليلة ثلثائة ركعة ،وكان يسرد الصوم إل ف بعض اليام .
ووصل إل صنعاء ،فقدم له جوائز من السلطان ،ومن الغنياء ،فرفض وأب وقال :
اعمل بيدي ،فاشتغل ف بعض الصناعات ،فرفض وأب وقال :اعمل بيدي ،فاشتغل ف
بعض الصناعات بيده حت أعطاه ال بعض النقود ،ث عاد إل بغداد .
أما علمه ،رحه ال ،فهو البحر ،وحدث عن البحر ول حرج (( ،واتقوا ال
ويعلمكم ال )) فالعلم ل بالؤسسات ،ول بالشهادات ،ول بالامعات ،العلم :تقوى ال ،
ب زِدْنِي
العلم :طلب العلم من الي القيوم الذي يقول لحمد صلى ال عليه وسلمَ {:وقُ ْل رَ ّ
عِلْما} (طـه :من الية )114ويقول لسليمان {فَفَ ّهمْنَاهَا سُلَْيمَانَ} (النبياء :من الية .)79
فالفهم من عند ال ،والعلم من عند ال ،والفقه من عند ال ،والذكاء من عند ال ،
فيا من اغتر بشهادته ،أو بستواه ،أو بنصبه ،وال ،لن تنفعك عند ال جناح بعوضة ،
العلم :أن تتعلم وتعمل ،وتعلم الناس ل إل ،سواء عندك شهادة ،أو ل يكن هناك
شهادة ،سواء تعلمت ف مدرسة أو ل تتعلم .
{وَاتّقُوا اللّهَ وَيُعَّلمُكُمُ اللّهُ } (البقرة :من الية ، )282فعلم ال المام أحد ،فحفظ ألف ألف
حديث ،يستحضرها كما يستحضر الفاتة حت كتب (( السند)) من حفظه ف أربعي ألف
حديث ،فهو اكب مسند ف الدنيا ،وف العمورة ،وعلى البسيطة ،وبي أيدينا ،ولكن من
يقرأ (( السند ))؟ ومن يطالع (( السند ))؟ ومن يتفقه ف (( السند))؟ أأهل الصحف اليومية
والزعبلت وأهل اللهي واللغي ؟ إل من رحم ال .
وأصبح مطبوعا لنا طبعة فاخرة ،وأصبح معروضا لنا عرضا جيدا ،وأصبح مققا ف
الدواليب عندنا ،فوضعناه ديكورا وزينة .
فيا أمة ممد ،من يقرأ (( مسند )) أحد ؟ إن من يقرأه سوف يد التقوى والزهد ،
والرفعة ،والوف من ال خشية ال عز وجل .
أفت المام أحد ف ستي ألف مسالة ،يقال ال ،وقال رسول ال صلى ال عليه
وسلم ،وذم النطق وذم الرأي ،وذم الفلسفة والدل .
أما تواضعه :فمنقطع النظي ،وطالب العلم ،والسلم ،والعال والسؤول ،إذا ل يكن
متواضعا ل ،فل تنظر إليه ؛ فإن ال قد مقته من فوق سبع ساوات ،وقد باء بزي من ال ،
إن ل يتب .
كان ،رحه ال ،متواضعا جد التواضع.
قال الفاظ :رأينا المام أحد نزل إل سوق بغداد ،فاشترى حزمة من الطب ،
وجعلها على كتفه ،فلما عرفه الناس ،ترك أهل التاجر متاجرهم ،وأهل الدكاكي
دكاكينهم ،وتوقف الارة ف طرقهم ،يسلمون عليه ،ويقولون :نمل عنك الطب ،فهز
يده ،واحر وجهه ،ودمعت عيناه وقال :نن قوم مساكي ،لول ستر ال لفتضحنا ،نن
قوم مساكي لول ستر ال لفتضحنا .
والعجيب ف السلم :أن العبد كلما ازداد تواضعا ل ،كلما زاده ال رفعة ،وكلما
ارتفع كلما زاده ال حقارة ومهانة ،ومذلة جزاء وفاقا .
أتى رجل ليمدح المام أحد ،فقال له المام أحد :أشهد ال إن أمقتك ف هذا
الكلم ،وال ،لو علمت ما عندي من الذنوب والطايا لثوت على رأسي بالتراب ،انظر
إل المام ! انظر إل العابد !
جاءه قوم فقالوا :يا أحد ،يا ابن حنبل ،إن ال قد نشر لك الثناء السن ،وال أنا
لنسمع الثناء عليك ف كل مكان ،حت ف الثغور مع اليش ،وهم يقاتلون العدو ،ويدعون
لك وقت ما يرمون بالنجنيق ،فدمعت عيناه ،وقال :أظن انه استدراج من ال عز وجل ،
فقيل له :بل هي عاجل بشرى الؤمن .
أما زهده ف الدنيا ،فقد رفعه عن كثي من عاش معه ،وأتته الدنيا راغمة إل باب
بيته فأباها .
طلب من أن يتول القضاء فامتنع وقال :إن تركتمون ،وإل فوال لهاجر إل مكان
ل تدون فيه أبدا .
كان دخله ف الشهر سبعة عشر درها فيقول :هذه تكفينا .
يقول أبناؤه :يا أبتاه ،هذه ل تكفينا .
فيقول :إنا هي أيام قلئل ،وطعام دون طعام ،ولبا دون لبا حت نلقى ال الواحد
الحد .
يقول ابنه عبد ال :بقيت حذاء أب ف رجله ثانية عشر سنة ،كلما خرمت خصفها
بيده ،وهو إمام الدنيا .
أرسل لا التوكل ثانية أحال من الذهب والفضة ،حلها الوزراء على أكتافهم مع
سرية من اليش بعد الحنة ،فردها ،وقال :وال ،ل يدخل بيت منها درها ول دينارا .
وأما خلقه ،فأحسن الناس خلقا ؛ لن من يتعلم صباح مساء من القرآن ،ومن يلس
مع القرآن ،فسوف يؤثر فيه ،ولو طالت السنوات والعوام.
والذي ل يأخذ أخلقه من القران والسنة ،فمن أين يأخذ الخلق ؟ ومن أين يتعلم
الداب ؟ أمن ديكارت ،وكانت ،وغيهم من الكفرة الذين نقلوا ثقافتهم إلينا لنتعلم منهم ؟
مت كانوا أساتذة ؟ ومت كانوا معلمي ؟ بل هم أحقر الناس وأخبث الناس مع الناس .
إنا يتعلم من وحي السماء ؛ الذي أتى به ممد صلى ال عليه وسلم .
يقول المام أحد :رحم ال أم صال ( يعن :زوجته وقد توفيت ) صاحبتن ثلثي
سنة،وال ما اختلفت أنا وهي ف كلمة واحدة .
زوجته ف بيته ،صاحبته ثلثي سنة ،ما اختلف معها ف كلمة واحدة .
أتاه رجل من اتباع السلطان العتصم ،فسب المام أحد أمام الناس ،وجدعه
وشتمه ،وأخزاه بالكلم ،ولكن ل بخز ،إن شاء ال .
فقال الناس :يا أبا عبد ال ،يا أحد ،رد على هذا السفيه .
قال :ل وال ،فأين القرآن إذن ؟ يقول ال عز من قائل { :وَإِذَا خَاطََب ُهمُ الْجاهلونَ
قَالُوا سَلما} (الفرقان :من الية )63هذا هو القرآن الذي يشي على الرض .
كان يلس للناس ،رحه ال ،فيتعلمون منه وينظر إليهم ويباسطهم .
قال ابنه عبد ال :دخلت على أب ،وهو جالس ف البيت متربعا مستقبل القبلة،
ودموعه تمل على خديه ،فقالت :يا أبتاه ،ما لك ؟
قال :تذكرت ف هذه الغرفة موقفي ف القب وحدي ل أنيس إل ال .
قال :فأراك متربعا لاذا ل تتكئ وتريح نفسك ؟ ( لنه شيخ كبي ) ؟.
قال :استحي أن أجالس ال ،وأنا متكئ ،أما يقول ال :أنا جليس من ذكرن ،أنا
جليس من ذكرن .
دخل عليه الديب الكبي ثعلب فقال له المام أحد :ماذا تفظ من الدب والشعر ؟
قال :أحفظ بيتي .
قال :ما ها ؟
قال :قول الول .
إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقل *** خلوت ولكن قل على رقيب
ول تسب ال يغفل طرفــه *** ول أن ما يفى عليه يغيب
فوضع الكتاب من يده ،وقام وأغلق على نفسه بابا ،وبقي ف الغرفة .
قال تلميذه :وال ،لقد سعنا بكاءه من وراء الباب ،وهو يردد البيت :
إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقل *** خلوت ولكن قل علي رقيب
كانت اكب المان ف حياته أن يمل السيف ماهدا ف سبيل ال .
نظر إل قدميه وقت الوفاة فبك ،وقال :يا ليتها جاهدت ف سبيل ال .
لكن وال ،لقد جاهد جهادا من أعظم الهاد ،وبذلك علمه ،وبذل خلقه ،وبذل
جاهه ،وبذل ماله ،وبذل كل ما يلك ف رفع ل إله إل ال فكان إمام الدنيا بق .
قال يي بن معي :وال ما رأيت أحدا كأحد من حنبل ،وال ما أستطيع أن أكون
مثله ثلثة أيام .
وقال المام الشافعي ،رحه ال :خرجت من بغداد وسكانا ألف ألف ( يعن:
مليون) فوال ،ما خلفت رجل أتقى ل ،وأعلم بال ،وازهد ل وأورع عن حرمات ال ،
ول أحب من المام أحد بن حنبل .
رحم ال المام أحد بن حنبل وأسكنه فسيح جناته وحشرنا ف زمرته .
فالحنة والفتنة الت ترعض لا المام أحد رواها أهل التاريخ جيعا ،وسعت با الدنيا
شرقا وغربا ،وشال وجنوبا ،إل قيام الساعة ،هي :منة خلق القرآن ،أو الفتنة الت أورثها
الأمون ف المة والقول بلق القرآن ،واختصارا لتعريف هذه الحنة ،فهي :
أن الأمون كان مشوبا برأي منطقي معتزل .
يقول ابن تيمية :رحه ال :إن ال ل يغفل عن الأمون لا أدخله من علم النطق عند
السلمي .
والأمون الليفة العباسي ابن هارون الرشيد ،قال :بان القرآن ملوق ،وكذب على
ال ،فالقران كلم ال عز وجل ،وال يتكلم با شاء مت يشاء ،ل يزل متكلما سبحانه
وتعال ،يقول عز من قائل {:أَل لَ ُه اْلخَلْقُ وَالْأَمْرُ } (لعراف :من الية )54فالمر هنا القرآن .
فقال هذا الليفة :بان القرآن ملوق ،واستخدم السيف ليثبت هذه القضية ف المة ،
وقتل ما يقارب ألفا من العلماء الكبار من علماء المة .من زملء المام أحد ،ومل
السجون بكافة العلماء ،فبعضهم أجاب خوفا من السيف ،وبعضهم رفض وقال :ل أجيب
فقتل ف الال ،ومنع التدريس ف الساجد ،ومنعت الطابة إل للمعتزلة ،وانتشر الشر
الكثي ،فنصر ال السلم بالمام أحد بن حنبل ،الذي وقف وحده ،وقال :ل وال ،
القرآن كلم ال .فطلبه الليفة .
قال المام أحد :أخت من بيت وسط الليل ،وأنا أصلي فوضع الديد ف يدي ،وف
رجلي ،حت أن الديد أثقل من جسمي ،ووضعت على فرس ،فكدت اسقط ثلث مرات
كل مرة أقول :اللهم أحفظن ،فكان يردن ال حت أتساوى على الفرص (( أحفظ ال
يفظك )) ،وكان الندي الذي معه يضرب الفرس لعل المام أحد يسقط على وجهه .
قال :فلما أدخلت السجن سحبت على وجهي ،فنلت فكنت استغفر ال ،قال :
فل أدري أين القبلة ،ول ادري أين أنا ف ظلم ،وف وحشة ل يعلمها إل ال ،فكنت أقول
:حسب ال ل إله إل هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم .
قال :فمددت يدي ،فإذا باء بارد ،فتوضأت منه ،وقمت أصلي إل الفجر ،انظر
إل حفظ ال حت ف الساعات الرجة ،ل ينسى ربه تبارك وتعال لنه العون .
فالزم يد ببل ال معتصمـــــا *** فإنه الركن إن خانت أركان
قال :فلما أصبح الصباح حلت على الفرس ثانية ،وما طعمت طعاما ،وكدت اسقط من
الوع ،فأدخلت على العتصم الليفة الثان ،الليفة العكسري ،صاحب عمورية ،فلما
دخلت عليه هز السيف ف وجهي ،وقال :يا أحد ،وال ،إن احبك كابن هارون فل
تعرض من دمك لنا .
فقال المام أحد :ائتون بكتاب ال ،أو بسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،فدعي
باللدين ،ودعي ببار من البابرة ،وقال له :اضرب هذا الرجل ،يعن :المام أحد ،
فجلده مائة وستي سوطا ،حت غشي عليه ث استفاق .
فكان يقول :ل إله إل ال ،حسب ال ونعم الوكيل لنا أطول كلمات ،ولنا قوة
هائلة ،ولنا قوة فتاكة { َحسْبُنَا اللّهُ وَنِ ْعمَ اْلوَكِيلُ} (آل عمران :من الية . )173
يقول ابن عباس ،رضي ال عنهما :قالا إبراهيم فنجاه ال من النار ،وقالا ممد
فنجاه ال من كيد الكفار صلى ال عليه وسلم .
ورفض أن ييب حت تزق ظهره من كثرة اللد ،فرفع على الفرس وأعيد .
وبقي ف السجن ثانية وعشرين شهرا سرد الصيام ف هذه الفترة ،كما قال ابنه عبد
ال فما افطر يوما واحدا .
ث ف الخي عرض على السيف ،ورفض فلما أعجزهم ،وأكلهم وأملهم أعادوه إل
بيته ،فأنزلوه ،وهو جريح .
يقول ابنه عبد ال :دخل أبونا علينا ف الليل بعد ما أطلق من السجن ،قال :فأنزلناه
من على الفرس فوقع من التعب ،ومن العياء ،ومن الضعف والزال ،والرض على وجهه
فبقي أياما ،ث تول اللفة التوكل ،فنصر السنة ،وأتى بالال والذهب إل المام أحد ،
فبكى المام أحد ،وقال :وال ،إن أخاف من فتنة النعمة أكثر من فتنة الصيبة
والحنة،فرفض ،وما أخذ شيئا وبقي على هذا الال .
وكان يقول :يا ليتن ما عرفت الشهرة ،يا ليتن ف شعب من شعاب مكة ما عرفن
الناس .
فلما أراد ال أن يرفع ذكره قبضه إليه ف يوم من اسعد اليام مرض تسعة أيام ،ومص
ال ما بقي عليه من خطايا ومن ذنوب ومن سيئات ،ل يلو عنها البشر ف هذه التسعة اليام
،وف اليوم الخي سع الليفة انه مريض ،فأمرر الناس بزيارته ،فانقلبت بغداد العاصمة؛
عاصمة الدنيا ،دار السلم ،ظهرا وبطن متجه طوابي ،وف كتائب إل بيت المام أحد ؛
لتزوره ف اليوم الخي .
فقال أبناؤه :وال ،لقد أغلقت التاجر حول بيوتنا ،ولقد وقف الباعة من كثرة الناس
،فرفض المام أحد أن يدخل عليه إل الصبيان ،والساكي ،فأدخلوا الطفال عليه ،فأخذ
يبكي ويقبلهم ،ويسح على رؤوسهم ،ويدعو لم ،ث ادخل عليه الفقراء ،فأخذ ينظر إليهم
،ويقول :اصبوا فإنا أيام قلئل ،لباس دون لباس ،وطعام دون طعام حت نلقى ال .
وف سكرات الوت التفت إل طرفه بيته ،وال طرف غرفته ،وقال :ل بعد ،ل
بعد ،ل بعد .
فقالوا :ما لك ؟
قال :تصور ل الشيطان ،ورأيته يعض على إصبعه .
ويقول :فتن يا أحد ،فتن يا أحد ،يعن :هربت من ،فقد فتنت الناس إل أنت ،
فيقول المام أحد :ل بعد ،يعن :انتظر فإن أخاف على نفسي ،فقبضه ال عز وجل .
وكانت آخر كلماته :اللهم اعف عن من ظلمن ،اللهم اعف عن من شتمن ،اللهم سامح
من ضربن ،اللهم سامح من سجنن ،إل صاحب بدعة يكيد با دينك ،فل تسامه ،
وقبضت روحه ،رضي ال عنه وأرضاه .
كذا فليجل الطب وليفدح المر *** فليس لعي ل يفض ماؤها عذر
فأمر التوكل أن يشعوا النازة ،ففتحت الثكنات العسكرية ليش الليفة ،وبقي
الناس يتوضؤون من الضحى إل صلة العصر ،وحلت النازة ،وارتفعت ف الصباح من بيته
،ووصلت إل مصلها قريبا من ضاحية بغداد ف العصر من كثرة الزحام .
شيعه كما يقول أهل العلم :مليون وثلثائة ألف كما أثبتت ذلك التواريخ ،وتوقف
اليهود والنصارى من بيعهم ذاك اليوم ،وهبت ريح على بغداد ،حت قال بعض الهلة :
قامت القيامة ،وخرج اليش ،وقوامه :تسعون ألفا ف مقدمة الناس ،يرتبون الصفوف ،
وترددت بغداد بالبكاء من أولا لخرها ،ووصلت جنازته حت قال بعض أهل التاريخ :
كانت تذهب النازة على رؤوس الناس تمل بالصابع ،وتعود إل الؤخرة ،وتذهب
وتأت ،فمل وضعت ارتفع البكاء ،وقام الناس يصلون عليها {يَا أَيُّتهَا النّفْسُ اْلمُ ْطمَئِنّةُ}
ك رَاضِيَةً مَ ْرضِيّةً ( )28فَادْخُلِي فِي عِبَادِي} (الفجر- 28: (الفجر{ )27:ارْجِعِي ِإلَى رَبّ ِ
{)29وَادْخُلِي جَنّتِي} (الفجر. )30:
دفن ،لكن ما دفن علمه ،ول تواضعه ،ول زهده ،ول ذكره السن ؛ فقد ابقى ال
له ذكرا إل قيام الساعة .
قال ابن كثي :رآه أحد الصالي ،فقال :ما فعل ال بك ؟ قال :نادان ،فقال :يا
عبد ال ،الق باب عبد ال وأب عبد ال وأب عبد ال .
قلت :من هم ؟
قال :الشافعي ،وسفيان الثوري ،والمام مال { .أُولَئِكَ اّلذِينَ نَتَقَبّلُ عَْن ُهمْ َأ ْحسَنَ مَا
عدُونَ} (الحقاف: ق الّذِي كَانُوا يُو َ صدْ ِ
صحَابِ اْلجَنّةِ وَ ْعدَ ال ّ
َعمِلُوا وَنََتجَا َوزُ َعنْ سَيّئَاِت ِه ْم فِي َأ ْ
)16
دروس من سية المام أحد :
الدرس الول :من سريته ،رحه ال ،أن الرفعة من الواحد الحد وان من يفظ ال
يفظه .
الدرس الثان :أن الدنيا ل تساوي جناح بعوضة وقد خلقها وما التفت إليها منذ
خلقها .
الدرس الثالث :أن العلم النافع :العلم الصحيح ،العلم القوي ،كتاب ال وسنة
رسوله صلى ال عليه وسلم .
الدرس الرابع :أن من أراد الرفعة ،ومن أراد النلة ،ومن أراد الكانة عند ال ،
فعليه أن يتواضع ،وعليه أن ينل نفسه ،وعليه أن يلغي اعتباراته ليفعه ال .
الدرس الامس :انك كلما سجدت ل سجدة ،رفعك با درجة ،وهذا المام
يصلي ل كل يوم ثلثائة ركعة ؛ لن كل سجدة بدرجة عند الواحد الحد .
الدرس السادس :أن ف سي هؤلء زكاة للقلب ،وتربية للروح وهداية إل الواحد
الحد ،فطالعوا أخبارهم ،وتلمحوا سيهم ،وكونوا متشبهي بم ،لعل ال أن يهدينا
وإياكم سواء السبيل .
*****************************
حياة شيخ السلم
ابن تيمية
ق اّلذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيّنُنّهُ لِلنّاسِ وَل ويقول سبحانه وتعال {وَإِذْ أَ َخذَ اللّهُ مِيثَا َ
تَكُْتمُونَهُ } (آل عمران :من الية .)187
العلم الذي ل ينشر بي الناس ،ول ينفق منه كن مشؤوم على صاحبه .
يقول الندلسي أبو إسحاق يوصي ابنه لطلب العلم ،ويدح العلم :
هو العضب الهند ليس ينبــــو *** تصيب به مضارب من ضربت
وكن ل تاف عليه لصــــا *** خفيف المل يوجد حيث كنـت
يزيد بكثرة النفاق منـــه *** وينقص إن به كفا شــددت
ولذلك يقول ابن رجب :أن من السباب الت حته ومنعته من كيد العداء :كثرة
الذكر والوراد ؛ الت ما كان يل با .
-5العامل الامس :من مؤهلت ابن تيمية ،رحه ال ،ف مال دعوته معرفته
الواسعة بال عصره وواقع أمته .
فبعض الناس يعيش ف هذا العصر ،وكأنه يعيش ف القرآن الثالث ،ولكن ابن تيمية
يعيش ف القرن السابع ،ويعرف مشاكله ،ومتطلباته ،وماذا يريد منه أنباء العصر ،ولذلك
عرف الكتاب ولسنة ،وعرف هذا الدين ث أتى يتكلم بما للناس با يتاجه العصر .
ولذلك كتبه تدل على هذا ،ويأت على رأسها كتاب (( اقتضاء الصراط الستقيم ))،
الذي ساه ممد حامد الفقي ( القنبلة الذرية) !! فهذا الكتاب ألفه ليواجه به الاهلية الت
كانت ف عصره .
فمعرفته لواقعه ،وحال عصره ،أفاده بان يضع الدواء على الداء فنفعه ال ف ذلك ،
وقد حل كثيا من مشكلت عصره ،وصحح كثيا من الخطاء الت عاشها ف عصره ،
وعال كثيا من المراض الت رآها ف عصره ،رحه ال رحة واسعة .
فما دام أن اللد ف سبيل ال ،فأهل به وسهل ،فخرج غاضبا من الجلس وكتب :
(الصارم السلول على شات الرسول) فأبدع ف هذا الكتاب .ورد فيه على اليهود والنصارى .
ومن الردود (( :الرد على الخنائي )) ،رد عليه ف (( مسالة الزيارة )) ورد على
السبكي ف (( مسالة الزيارة)).
ومن الردود (( :منهاج السنة )) ،رد فيه على الشيعة الرافضة .
أما الصنفات الكبار :فككتاب ( درء تعارض العقل والنقل ) ،وهذا الكتاب من
يقرؤه فهو من أذكياء العال !
يقول ابن القيم :ما طرق العال مثل هذا الكتاب .
الوسيلة الثانية :
اللقاء مع الناس ،فقد التقى مع العلماء ،والتقى مع السلطي ،والتقى مع عامة الناس .
فأما العلماء :فكان يلتقي معهم ،ويناظرهم ،ويباحثهم ،وهذا مستفيض من سيته .
والتقى مع سلطان الشام ،وسلطان التتار وغيهم .
وأما العوام :ففي دروسه ف الساجد ،وف الفتاوى ،الت ترده منهم .
********************
-1وقوف السلطي مع خصومه .
-2جرأته وحدته الت خسر با كثيا من كادوا أن يناصروه .
-3خطورة القضايا الت عالها ،فقد تكلم كثيا ف الصول .
-4كثرة الصوم وتعدد البهات الت واجهها( الشيعة ،الشاعرة ،اليهود
والنصارى ،الصوفية ،القلدة ،السلطي ...إل ).
-5البس والسجن ،ولكنه ما ازداد به إل قوة وصلبة .
-6اللد والتشهي ،فقد جلد ،وشهر به ،وتكلم ف عرضه ف كل ملس .
ولكن ف التام ،كان ناح منقطع النظي يققه ابن تيمية ف عال الدعوة ،وينتهي إل
أن يعقد الجاع من قلوب الوحدين من المة على انه هو رجل الساعة ف فترته .
وتيا كتبه قرونا طويلة تيي قلوب الجتهدين والعاملي للسلم ..ليتفعوا رفعته .
وال اعلم ،وصلى ال وسلم وبارك على سيدنا ممد وعلى آهل وأصحابه أجعي ،
والمد ل رب العالي .
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وكتب
د .عائض بن عبد ال القرن