You are on page 1of 17

‫‪1‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫والصلة والسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫الوجود السلمي‬
‫في المريكتين قبل‬
‫كريستوف كولومب‬
‫ماضرة من إلقاء مؤسس علم القليات السلمية‪ ،‬ورائد الدعوة السلمية ف أوروبا وأمريكا‪ ،‬الستاذ الدكتور الشهيد علي بن النتصر الكتان‪ ،‬رحه‬
‫ال تعال‪ ،‬ألقاها ف جعية الشرفاء الكتانيي للتعاون والثقافة‪ ،‬حدود أكتوبر من عام ‪2000‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم‬


‫والصلة والسلم على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‬

‫الموضوع حقيقة في غاية الهمية‪ ،‬وشيق جدا‪ ،‬وأنا ابتدأت في التعرف عليه منذ كنت مقيما في أميركا‪ .‬وبصفة‬
‫عامة؛ فالتاريخ – كما يقول الميركان أنفسهم – هو قصة المنتصرين‪History is a story of the" :‬‬
‫‪ ،"rankers‬معناها‪ :‬أنه عندما نسمع باكتشاف أميركا من طرف كريستوف كولومب‪ ،‬لول أن بعد اكتشاف‬
‫أميركا أصبح الوروبيون بصفة عامة هم المهيمنين على العالم؛ لكانت قصة اكتشاف أميركا من طرف‬
‫الوروبيين خرافة بديهة‪ .‬لنه لم يكتشفها كريستوف كولومب‪ ،‬بل كانت معروفة من لدن كثير من الشعوب‪،‬‬
‫خاصة الشعوب السلمية‪.‬‬
‫وعرضي هذا سوف أبنيه على ثلثة كتيبات‪:‬‬
‫الول‪:‬‬ ‫الكتاب‬
‫‪2‬‬
‫كتاب مهم جدا في طريق الصدور‪ ،‬والذي عندي هو نسخة عنه من النترنت‪ ،‬مكتوبة بالسبانية‪Africa" :‬‬
‫‪ ،"versus America‬وكتبته لويزا إيزابيل أل فيريس دو توليدو‪،"Luiza Isabel al ferris Do Tolido" ،‬‬
‫وهي دوقة مدينة سيدونسا "‪ ،"Cedonia‬وهي سليلة إحدى أكبر العائلت السبانية‪ ،‬ول زالت تعيش في قصرها‬
‫قريبا من مدينة سان لوقا دو باراميدا "‪ ،"San Luca De Paramida‬قرب نهر الوادي الكبير في الندلس‪،‬‬
‫وعندها مكتبة ووثائق فريدة من نوعها‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬عن تاريخ الندلس‪ ،‬وبصفة خاصة عن الوجود السلمي‬
‫في أمريكا قبل كريستوف كولومب‪ ،‬لن أجدادها كانوا حكام إسبانيا وكانوا جنرالت في الجيش السباني‪،‬‬
‫وكانوا حكام الندلس وأميرالت البحرية السبانية‪ .‬فالوثائق التي في ملكها تعتبر هامة جدا‪.‬‬
‫الثاني‪:‬‬ ‫والكتاب‬
‫هو مجموعة مقالت استكتبتها أنا والدكتور مختار امبو بتمويل من رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري‪،‬‬
‫ضمن موسوعة عن الوجود السلمي في العالم اليوم‪ ،‬مجلدان منها عن السلم في أمريكا‪ .‬أول مقال فيها كتبه‬
‫عبد ال الحكيم كويك‪ ،‬وهو أمريكي مسلم‪ ،‬أستاذ في جامعة تورنتو‪ ،‬وله تاريخ نضالي في أمريكا‪ .‬كان من‬
‫مجموعة بلك تايغرز "‪ ،"Black Tigers‬وكان من المشهورين‪ .‬ومقالته هاته عن السلم في أمريكا قبل‬
‫كريستوف كولومب‪ ،‬وهي مقالت موثقة ومهمة جدا‪.‬‬
‫الثالث‪:‬‬ ‫الكتاب‬
‫مهم جدا‪ ،‬بالنجليزي‪ ،‬واسمه الميلنجر "‪ ،"The Malingers‬اسم إذا رآه شخص ل يعيره اهتماما‪ ،‬يسمونهم‬
‫أحيانا "‪ ،"The white of the Appalachians‬جبال البالش‪ ،‬تقع في شرق الوليات المتحدة‪ ،‬وبها سكان‬
‫يسمونهم "ميلونجونز"‪ ،‬أحدهم اسمه‪" :‬براند كينيدي" "‪ ،"Brand Kennedy‬كتب كتابا عن أصول الميلونجونس‬
‫بتمويل من جامعة فرجينيا الغربية‪ ،‬وتبين أن أصولهم إسلمية من أندلسيي البرتغال‪ ،‬وبقيت فيهم عادات‬
‫إسلمية إلى الن‪ ،‬ومن أهم الشخصيات التي تنتمي إلى هذه الطبقة من الناس‪" :‬أبراهام لينكولن"‪Abraham" ،‬‬
‫‪ ،"Lincoln‬وتحرير أبراهام لينكولن للعبيد كان انتقاما للندلس من النصارى بطريقة غير مباشرة‪ ،‬إذ إن‬
‫التاريخ ل يمسح بهذه السهولة‪.‬‬
‫بهذه المقدمة الشيقة أريد أن ألخص لكم أهم نقاط محاضرتي‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أول‪ :‬ما هي البراهين التي تثبت الوجود السلمي في أمريكا قبل كريستوف كولومب؟‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬هل هذا الوجود قبل كريستوف كولومب مازالت له آثار إلى الن‪ ،‬أم مسحت؟‪ .‬وهذا السؤال ناتج عن‬
‫اهتمامي بمستقبل السلم حول العالم‪ ،‬وهو ما أسميه‪ ،"Residual Islam around the world" :‬توجد شعوب‬
‫بأكملها وهي من بقايا السلم في مختلف بقاع القارات الخمس‪ ،‬ومعنى ذلك‪ :‬أن رجوع السلم إليهم يعتبر من‬
‫أسهل ما يكون‪ ،‬ونأتي بأمثلة عن أمريكا‪.‬‬
‫بعد هذه المقدمة أريد أن أرجع إلى القول بأن اكتشاف أميركا من قبل كرستوف كولومب إنما هو كذبة صريحة‪،‬‬
‫لن الن هناك براهين مستفيضة بأن السكندنافيين وصلوا إلى أمريكا ألف عام قبل كريستوف كولومب‪ ،‬مثال‬
‫ذلك تول هايير داليدا "‪ ،"Toll Hoyer Da lida‬الذي كما تعرفون خرج من مدينة آسفي بالمغرب بباخرة صفها‬
‫بورق البردي "‪ ،"Papyrus‬وقطع المحيط إلى أميركا بسهولة‪ ،‬وبرهن بذلك أن قدماء المصريين ذهبوا كذلك‬
‫إلى أميريكا‪.‬‬
‫إذا؛ فالعلقات مع أميركا كانت متواصلة قبل السلم وبعده‪ ،‬وبصفة خاصة بعد السلم من طرف الشعوب‬
‫السلمية‪ .‬إذن فإن لفظة "اكتشاف"‪ ،‬كلمة تعتبر خرافة مرت علينا ونعلمها لطفالها‪ ،‬وهذا الذي سأذكره ل يعلّم‬
‫لحد في المدارس السلمية ول في غيرها‪ ،‬إذ إن معظم الوثائق الباقية هي الن في الغرب‪ ،‬ومع السف‬
‫الشديد فوثائقنا العربية ليس عندنا منها شيء‪ ،‬لن باحثينا لم يبحثوا‪ ،‬ولو بحثوا لوجدوا‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫الوثائق القديمة لن يقولوا "القارة المريكية"‪ ،‬إذ أنه لم يكن‬ ‫طبعا؛ سيجد الباحث صعوبة في البحث‪ ،‬لنه في‬
‫تقسيم القارات سابقا إلى قارات كما نقسمها الن‪ ،‬ففي الماضي كانوا يقسمون العالم إلى مناخ‪ ،‬مناخ كذا وكذا‪.‬‬
‫فعندما يتكلمون عن إفريقيا يتكلمون عن مناخها‪ ،‬ويعدون أمريكا من إفريقيا‪.‬‬
‫سأقسم حديثي عن الوجود السلمي في أمريكا قبل كريستوف كولومب إلى منطقتين اثنتين‪:‬‬
‫فالولى‪ :‬من المغرب والندلس‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬من إفريقيا العربية السلمية‪ ،‬وكلها إسلمية طبعا‪.‬‬

‫‪:‬‬
‫أول؛ القرائن والثار الموجودة الن في هذا الوقت‪ ،‬الكلمات‪ ،‬والثار اللغوية‪ :‬ففي لغة الهنود الحمر هناك كلمات‬
‫عربية وأمازيغية بكثرة‪ ،‬ول يمكن أن تكون موجودة إل بسبب وجود عربي أو أمازيغي قديم هناك‪ ،‬القرائن‬
‫التاريخية التي جاءت في الكتب القديمة – العربية وغير العربية – والثار الموجودة إلى الن رغم المجهود الكبير‬
‫الذي عمل عليه السبان‪ ،‬بعد كريستوف كولومب لمسح أي أثر للسلم أو الوجود السلمي في القارة الميريكية‪،‬‬
‫وذلك طبعا لتحريف التاريخ‪.‬‬
‫العرب قديما كانوا يسمون المحيط الطلسي بحر الظلمات‪ .‬إذا نظرنا إلى القرائن الركيويوجية (الثرية)‪ ،‬نجد أنه‬
‫اكتشفت كتابات كوفية في أميريكا الجنوبية بالعربية‪ ،‬فمن أوصلها إلى هناك؟‪ .‬واكتشفوا في عدة أماكن كنوزا تحوي‬
‫عملت ذهبية رومانية وأخرى إسلمية‪ .‬وفي العادة إذا اكتشف كنز في محل ما فإن تاريخ ضرب العملة الذي فيه‬
‫يعتبر تاريخ وصول الكنز إلى المحل المذكور‪ ،‬وذلك طبيعي في البحث العلمي‪ .‬وآخر عملة اكتشفوها كانت للقرن‬
‫الثامن الميلدي‪ ،‬أي أن ثمة باخرة إسلمية وصلت في القرن الثامن الميلدي إلى ذلك المحل وتركت ذهبها هناك‪.‬‬
‫دعنا نقارن ما ذكرناه ‪ -‬وما وهو إل غيض من فيض أمثلة أخرى كثيرة ‪ -‬بما جاء في بعض أمهات الكتب العربية‪.‬‬
‫مثل‪ :‬أبو الحسن علي بن الحسين المسعودي؛ ذكر في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر" المكتوب عام ‪956‬‬
‫ميلدية‪ ،‬أن أحد المغامرين من قرطبة اسمه الخشخاش بن سعيد بن السود‪ ،‬عبر بحر الظلمات مع جماعة من‬
‫أصحابه إلى أن وصل إلى الرض وراء بحر الظلمات‪ ،‬ورجع سنة ‪889‬م‪ ،‬ربما من قرأ هذا الكلم في زمنه اعتبر‬
‫المؤلف مخرفا‪ ،‬وهنا عندي قطعة من كلم المسعودي ربما أترجمها لكم لحقا‪ ،‬وهو كلم متعلق بمغامرة‬
‫الخشخاش‪.‬‬
‫وقال الخشخاش لما عاد من رحلته بأنه وجد أناسا في الرض التي وصلها‪ ،‬ووصفهم‪ ،‬بل لما رسم المسعودي‬
‫خريطة للعالم‪ ،‬رسم بعد بحر الظلمات أرضا سماها‪ :‬الرض المجهولة‪ .‬فيكون رسم أرضا هناك ولم يدّع أنه ليس‬
‫بعد بحر الظلمات أي أرض‪ ،‬كما كان يدعيه الوروبيون في خرائطهم وكتبهم‪.‬‬
‫أي إنه في القرن التاسع الميلدي كان المسلمون يعرفون أن ثمة أرضا وراء بحر الظلمات‪ ،‬وليست هي الهند كما‬
‫ادعاه كريستوف كولومب‪ ،‬والذي ذهب إلى تلك الرض وعاد وعاش ومات‪ ،‬وهو يظن أنه إنما ذهب إلى الهند‪،‬‬
‫لم يظن قط أنه اكتشف أرضا جديدة‪ .‬ولذلك فإلى يومنا هذا بكل جهل يسمي الوروبيون أمريكا بالهند الغربية "‬
‫‪."L’Inde Occidental. West India‬‬
‫وثمة وثيقة تاريخية أخرى عندنا في التاريخ العربي؛ وهي قصة ذكرها عمر بن القوطية‪ ،‬وهي حديثه عن رحلة‬
‫ابن فروخ الندلسي عام ‪999‬م‪ ،‬ومما يظهر من كلمه‪ :‬أن ابن فروخ لم يصل إلى أمريكا‪ ،‬غير أنه زار جزر‬
‫كناريا "‪ ،"Canaries‬في المحيط الطلسي‪ ،‬وقطع منها إلى جزر أخرى في المحيط الطلسي‪ ،‬ووصف أهالي‬
‫كناريا ثم عاد إلى الندلس‪.‬‬
‫وثمة قصة مفصلة أكثر من جميع ما ذكرت‪ ،‬وربما يعرفها جميعنا‪ ،‬وهي قصة الشريف الدريسي الذي عاش في‬
‫القرن الثاني عشر الميلدي بين ‪1180-1099‬م‪ ،‬والذي كان من سبتة‪ ،‬شريفا حمّوديا إدريسيا‪ ،‬وكان هو العالم‬
‫‪4‬‬
‫الجغرافي الذي اصطفاه "روجر"‪ ،‬الملك النورماندي لصقلية‪ ،‬الذي كان يعد من الملوك الصقليين المتفتحين‬
‫تجاه السلم‪ ،‬ولم يضطهد المسلمين عندما احتل النورمانديون صقلية وأخذوها من أيديهم‪.‬‬
‫ففي كتابه "الممالك والمسالك" جاء بقصة الشباب المغرورين؛ وهم‪ :‬جماعة خرجوا ببواخر من إشبونة "‬
‫‪ ،"Lisbon‬وكانت في يد المسلمين وقتها‪ ،‬وقطع هؤلء المغامرون بحر الظلمات‪ ،‬ورجع بعضهم‪ ،‬وذكروا قصتهم‬
‫وأنهم وصلوا إلى أرض وصفوها ووصفوا ملوكها‪ .‬والغريب في المر أنهم ذكروا أنهم وجدوا أناسا يتكلمون‬
‫بالعربية هناك‪.‬‬
‫وإذا كان أناس يتكلمون بالعربية هناك فهذا دليل على أن أناسا كثيرين وصلوا قبلهم إلى هناك‪ ،‬حتى تعلم أهلها‬
‫العربية ليكونوا ترجمانا بينهم وبين الملوك المحليين‪ ،‬وعلى أنه كان هناك وجود إسلمي في ذلك التاريخ على تلك‬
‫الرض‪ .‬الوصف الذي أعطاه هؤلء المغامرون يظهر أنه وصف للجزر الكارابية‪ ،‬كوبا أو إسبانيول‪ ،‬أو غيرهما‬
‫من جزر البحر‪.‬‬
‫وهناك أمثلة أخرى في اللغة وغيرها‪ .‬فأعطي في اللغة أمثلة كذلك‪ :‬فالوروبيون رسموا خريطة لمريكا‪ ،‬ومنها‬
‫خريطة لفلوريدا‪ ،‬وذلك عام ‪1564‬م‪ ،‬ذكروا فيها مدنا ذات أسماء توجد في الندلس والمغرب‪ .‬ولكي تكون أسماء‬
‫عربية هناك‪ ،‬فبالضروري كانت هجرة عربية قبل المائة أو المائتي عام على القل‪ .‬مثل‪ :‬في الخارطة هناك مدينة‬
‫ميارقة‪ ،‬وواضح أنها تحريف لميورقة‪ ،‬وهي جزيرة من الجزر الشرقية المسماة الن بالبليار‪ ،‬ومدينة اسمها‬
‫كاديكا‪ ،‬وهي تحريف لقادس الواقعة جنوب الندلس‪ .‬وأخرى اسمها "مارّاكو" تساوي‪ :‬مراكش‪...‬إلخ‪.‬‬
‫دوقة مدينة سيدونيا‪ ،‬بناء على وثائقها كتبت كتابا في غاية الهمية على إثر تشجيع مني‪ ،‬حيث إنني في دراساتي‬
‫عن الموريسكيين اكتشفت شيئا غريبا جدا‪ ،‬ما هو؟‪.‬‬
‫اكتشفت بأنه عام ‪1644‬م‪ ،‬قامت مؤامرة في الندلس لتحريرها من إسبانيا‪ ،‬وإعادة الدولة السلمية فيها‪ ،‬دخلت‬
‫في هذه المؤامرة فئات أربع‪:‬‬
‫أول‪ :‬ملك البرتغال‪ ،‬وذلك أول استقللها الذي كانت أضاعته من قبل بعد هزيمتها في معركة واد المخازن‪،‬‬
‫وانضمت إلى إسبانيا‪ ،‬وفي عام ‪1644‬م‪ ،‬أعادت استقللها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬شخصية من ولية المرية اسمه "طاهر الحر"‪ ،‬لم تعط الوثائق اسمه النصراني‪ ،‬وهو ينسب نفسه إلى بيت‬
‫بني الحمر‪ .‬ثار هو وجماعة معه‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬موريسكيو الرباط‪ ،‬في الوثائق المغربية يظنون بأنهم أرادوا التعاون مع النصارى‪ ،‬غير أنهم في الحقيقة‬
‫أرادوا تحرير الندلس‪ ،‬حيث كان المقرر أن يدخلوا مصب الوادي الكبير ببواخر ويحتلوا إشبيلية‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬وهذا هو الشاهد عندنا‪ :‬دوق مدينة سيدونيا‪ ،‬والذي كان الحاكم باسم ملك إسبانيا على منطقة الندلس‪.‬‬
‫فكيف دوق مدينة سيدونيا الذي يمثل السلطة النصرانية (المسيحية) على الندلس يقوم بمؤامرة من أجل تحرير‬
‫الندلس؟‪ .‬لم أفهم ذلك!!!‪.‬‬
‫فلما التقيت الدوقة الحالية لمدينة سيدونيا استدعتني في شاطوها‬
‫(قصرها) قرب مدينة سان لوقا دو باراميدا‪ ،‬قرب مصب الوادي الكبير‪،‬‬
‫فقلت لها‪" :‬ما سبب ذلك؟!"‪ .‬وإذا بجوابها كان أغرب مما كنت أتوقع‪،‬‬
‫حيث أجابتني‪" :‬بديهي؛ لن أصلنا – عائلة دوق مدينة سيدونيا – مسلمون‪،‬‬
‫بل أكثر من ذلك أننا كنا مسلمين سرا"‪ .‬وقالت لي‪" :‬تعال أريك في‬
‫قصرنا؛ كنت أدق حائطا وعندما أسقطته وجدت أسفله مسجدا داخل‬
‫القصر"‪ ،‬وفعل صليت – أنا المحاضر – في ذلك المسجد داخل القصر‪.‬‬
‫فإذن؛ هذا الدوق ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬قام بمجهود كبير لتحرير الندلس‪.‬‬
‫والهمية في دوقة مدينة سيدونيا؛ أن عندها مكتبة فاخرة مليئة بالوثائق منذ ثلثمائة وأربعمائة وخمسمائة عام‪ ،‬من‬
‫ضمنها وثائق مسلمي أميركا الجنوبية!‪ ،‬والبرهان على الوجود السلمي في أميريكا قبل أربعمائة عام من‬
‫‪5‬‬
‫كريستوف كولومب‪ .‬وأخبرتني أنها خائفة من أنها إذا ماتت – وهي تبلغ حوالي سبعين عاما – من أن تسرق‬
‫وثائقها وتعدم‪ ،‬لنها تقول بأنه‪" :‬ل ثقة في نصارى إسبانيا إلى يومنا هذا"‪ ،‬وهي تقول بأنه‪" :‬إلى يومنا هذا‬
‫يعدمون الوثائق التاريخية المضادة لخرافاتهم التاريخية التي يحبون إقناع الناس بها"‪.‬‬
‫قلت لها‪" :‬اكتبي كتابا وضعي هذه الوثائق فيه"‪ ،‬فكان ذلك السبب الساس لكتابتها هذا الكتاب‪ ،‬فهذا الكتاب الذي‬
‫سمته‪" :‬من إفريقيا إلى أميركا"‪ ،‬كتاب وثائقي رائع‪ ،‬موثق بالوثائق التي عندهم في مكتبة دوق مدينة سيدونيا‪ ،‬هذا‬
‫الكتاب صدر في هذا الشهر (نهاية سنة ‪ ،)2000‬ومن الضروري أن يترجم للعربية‪ ،‬وإلى لغات أخرى‪ ،‬حيث هو‬
‫مكتوب باللغة السبانية‪.‬‬
‫ومن المسائل المهمة التي ل نعرفها معاشر المغاربة‪ ،‬أن ياسين والد عبد ال بن ياسين – مؤسس دولة المرابطين‬
‫– قطع المحيط الطلسي وذهب إلى المناطق شمال البرازيل‪ ،‬وغينيا‪ ،‬ونشر فيها السلم‪ .‬ذهب إلى هناك مع‬
‫جماعات من أتباعه‪ ،‬وأسس منطقة كبيرة كانت تابعة للدولة المرابطية‪ .‬أي‪ :‬إن الدولة المرابطية لم تكن في شمال‬
‫إفريقيا والندلس والبرتغال فحسب‪ ،‬وإنما كانت أيضا فيما يسمى الن شمال البرازيل وغينيا‪ ،‬وهذا موثق بالوثائق‬
‫التي تملكها الدوقة المذكورة‪.‬‬
‫وفعل‪ ،‬وإلى يومنا هذا؛ هناك مدن وقرى في تلك المناطق اسمها‪ :‬فاس‪ ،‬مراكش‪ ،‬تلمسان‪ ،‬سل‪...‬وقد كنت أظن أن‬
‫تلك السماء جاءت مع الرحالة السبان‪ ،‬غير أنها قالت لي‪" :‬ل؛ بل كانت قبل مجيء السبان‪ ،‬إنما كانت مع‬
‫وجود المسلمين قبل أربعمائة عام من كريستوف كولومب"‪.‬‬
‫إذا؛ بصفة عامة وبتلخيص شديد‪ :‬العلقات بين المغرب والندلس‪ ،‬وما يسمى اليوم بأميريكا كانت متواصلة‪،‬‬
‫وحسب معظم العلماء؛ فالن – سواء من الطرف السباني أو من الطرف الميركي – فإنهم يعتقدون أن قبل‬
‫كريستوف كولومب كان السلم منتشرا في شمال أمريكا وفي جنوبها‪ ،‬وأن أول عمل قام به كونكيسادور "‬
‫‪ – "Conquistador‬السبان النصارى – هو متابعة هجومهم على السلم الذي كان في الندلس‪ ،‬بالقضاء على‬
‫السلم والقضاء على الوثائق التي تبرهن أي وجود إسلمي في تلك القارة‪.‬‬
‫ورغم هذا المجهود الكبير لم يستطيعوا القضاء على كل شيء‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫الن نرى علقة الدولة العثمانية مع أميركا قبل كريستوف كولومب‪ ،‬وسأكمل بذكر علقات الممالك السلمية‬
‫في إفريقيا الغربية مع أمريكا قبل كريستوف كولومب‪.‬‬
‫عام ‪1929‬م‪ ،‬اكتشفت خريطة للمحيط الطلسي رسمها بيري محيي الدين رايس‪ ،‬الذي كان رئيس البحرية‬
‫العثمانية في وقته‪ ،‬وذلك سنة ‪ 919‬هـ‪ /‬أي‪ :‬حوالي‪1515-1510 :‬م‪ ،‬الخريطة الموجودة الن‪ :‬الغريب فيها‬
‫أنها تعطي خريطة شواطيء أمريكا بتفصيل متناه غير معروف في ذلك الوقت بالتأكيد‪ ،‬بل ليس الشواطيء‬
‫فقط‪ ،‬بل أتى بأنهار وأماكن لم يكتشفها الوروبيون إل أعوام‪1560-1540 :‬م‪ ،‬فهذا يعني – وكما ذكر بيري‬
‫رايس – بأن هذه الخريطة مبنية على حوالي تسعين خريطة له وللبحارين الندلسيين والمغاربة الذين قدموا‬
‫قبله‪ ،‬فسواء هو أو المسلمون قبله سيكونون عرفوا قطعا تلك المناطق‪ ،‬وعرفوا اسمها قبل الوروبيين‪.‬‬
‫ومن ضمن المسائل في هذه الخريطة التي تدل على تقدمهم على الوروبيين بكثير في معرفتهم بالقارة المريكية‪:‬‬
‫أنهم أظهروا جزرا في المحيط الطلسي لم يكن يعرفها الوروبيون‪ ،‬بما فيها‪ :‬جزر الرأس الخضر "‪Cap‬‬
‫‪ ،"Verde‬وماديرا‪ ،‬وجزر الزور‪ ،‬وبما فيهم جزر كناريا بالتفصيل‪ ،‬التي كنا نسميها "جزر الخالدات"‪.‬‬
‫والغريب في المر أنه أظهر بالتفصيل جبال النتس التي هي جبال تشيلي غرب قارة جنوب أميركا‪ ،‬التي لم‬
‫يصلها الوروبيون إل عام ‪1527‬م‪ ،‬وأظهر أنهارا في كولومبيا‪ ،‬ونهر المازون بالتفصيل‪ ،‬ومصبه الذيْن لم‬
‫‪6‬‬
‫خرائطهم‪ .‬وأظهر نهر المازون بالتفصيل‪ ،‬بحيث رسم‬ ‫يكونا معروفين عند الوروبيين ول موجودين في‬
‫في مصب النهر المذكور بوضوح جزيرة يسمونها الن "ماراجو"‪ ،‬وهي الن موجودة في الخريطة الحالية التي‬
‫ما وصلها الوروبيون إل آخر القرن السادس عشر‪.‬‬
‫من بعد ذلك هناك خريطة للحاج أحمد العثماني عام ‪1559‬م‪ ،‬وهي تدل كذلك على معرفة واضحة بالقارة‬
‫الميركية متفوقة على معرفة الوروبيين‪.‬‬
‫والحقيقة أن الرعب الكبير الذي كان للوروبيين في القرن السادس عشر أن تحتل الدولة العثمانية أمريكا‬
‫وتطردهم منها كان هاجسهم‪ ،‬ونذكر أنه في القرن السادس عشر كان الوجود السلمي ما يزال في إسبانيا‪ ،‬كان‬
‫الموريسكيون مضطهدين محاربين‪ ،‬بيد أنهم كانوا ما يزالون مقاومين‪.‬‬
‫أما الفارقة؛ فكما قلت لكم‪ :‬أظهر تول هايير داليدا عام ‪1969‬م‪ ،‬بالرحلة التي قام بها من مدينة آسفي المغربية‬
‫إلى البحر الكاريبي أنه بالمكان أن يكون قدماء المصريين قد أبحروا إلى أمريكا‪ .‬لماذا؟‪ .‬لنهم وجدوا تشابها‬
‫كبيرا بين حضارة الزتك والحضارة المصرية‪.‬‬
‫وفعل؛ يظهر أن أول من قطع البحر من مسلمي إفريقيا الغربية كانوا من مملكة مالي‪ ،‬لن شهاب الدين العمري‬
‫قال في كتاب "مسالك البصار وممالك المصار" بأن سلطان مالي من سموسة (كلمة غير واضحة) لما ذهب‬
‫للحج عام ‪1327‬م‪ ،‬ذهب يوزع الذهب في طريقه لحد أن ثمن الذهب رخص في مصر بسبب ما وزعه من‬
‫الذهب‪ ،‬وأخبر بأن سلفه أنشأ مائتي سفينة وقطع المحيط الطلسي نحو الضفة الخرى وأنابه عليه في حكم‬
‫مالي ولم يعد قط‪ .‬وبذلك بقي هو في الملك‪.‬‬
‫وجدت كتابات في البيرو والبرازيل وجنوب الوليات المتحدة تدل على‬ ‫و ُ‬
‫الوجود الفريقي من كتابات إما بالحروف الفريقية بلغة الماندينك؛‬
‫وهي لغة لشعب كله مسلم الن‪ ،‬يسمونهم‪" :‬الفلن"‪ ،‬أو بحروف كوفية‬
‫عربية‪ .‬وكذلك تركت اللغة المانديكية آثارا لها في الهنود الحمر إلى يومنا‬
‫هذا‪.‬‬
‫والحقيقة؛ انتشر المانديك من البحر الكاريبي إلى شمال وجنوب‬
‫المريكتين‪ ،‬وهناك قبائل هندية إلى يومنا هذا مازالت تكتب بحروف لغة‬
‫الماندينك‪.‬‬
‫هل طمس السبان جميع الوجود السلمي والوجود المانديكي وآثارهم ولم يبق من ذلك شيء؟!‪ ،‬هذا كثير‪ ،‬ول‬
‫يمكن‪ .‬فإذا رجعنا إلى كتابات المكتشفين الوروبيين الوائل بمن فيهم كريستوف كولومب؛ نجد بأنهم ذكروا‬
‫الوجود السلمي في أميريكا‪.‬‬
‫فمثل؛ في كتاب كتبه ليون فيرنيل عام ‪1920‬م‪ ،‬وكان أستاذا في جامعة هارفرد‪ ،‬اسم الكتاب "إفريقيا واكتشاف‬
‫أمريكا"‪ ،"Africa and the discovery of America" ،‬يقول فيه‪" :‬إن كريستوف كولومب كان واعيا‬
‫الوعي الكامل بالوجود السلمي في أمريكا"‪ ،‬وركز في براهينه على براهين زراعية ولغوية وثقافية‪ ،‬وقال بأن‬
‫المانديك بصفة خاصة انتشروا في وسط وشمال أمريكا‪ ،‬وتزاوجوا مع قبيلتين من قبائل الهنود الحمر‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫"إيروكوا" و"الكونكير" في شمال أمريكا‪ ،‬وانتشروا ‪ -‬كما ذكر ‪ -‬في البحر الكاريبي جنوب أمريكا‪ ،‬وشمال حتى‬
‫وصلوا إلى جهات كندا‪.‬‬
‫بل وذكر كريستوف كولومب نفسه بأنه وجد أفارقة في أمريكا‪ .‬وكان يظن بأنهم من السكان الصليين‪ ،‬ولكن ل‬
‫يوجد سكان أصليون زنوج في أمريكا‪ .‬فمن أين أتوا؟!‪.‬‬
‫"جيم كوفين" كاتب فرنسي ذكر في كتابه "بربر أمريكا"‪ ،"Les Berberes d’Amerique" ،‬بأنه كانت تسكن‬
‫في أمريكا قبيلة اسمها "المامي"‪ ،"Almami" ،‬وهي كلمة معروفة في إفريقيا الغربية معناها‪" :‬المام"‪ ،‬وهي‬
‫تقال عن زعماء المسلمين‪ ،‬وذكر بأن أكثريتهم كانت في الهندوراس في أمريكا الوسطى‪ ،‬وذلك قبل كريستوف‬
‫كولومب‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫كذلك في كتاب "التاريخ القديم لحتلل المكسيك"‪Historia Antigua de la conquesta de " ،‬‬
‫‪ ،"Mexico‬لمانويل إيروسكو إيبيرا‪ ،‬قال‪" :‬كانت أمريكا الوسطى والبرازيل بصفة خاصة‪ ،‬مستعمرات لشعوب‬
‫سود جاؤوا من إفريقيا وانتشروا في أمريكا الوسطى والجنوبية والشمالية"‪.‬‬
‫كما اكتشف الراهب فرانسسكو كارسيس‪ ،‬عام ‪1775‬م قبيلة من السود مختلطة مع الهنود الحمر في نيوميكسيكو‬
‫في الوليات المتحدة المريكية "المكسيك الجديدة"‪ ،‬واكتشف تماثيل تظهر في الخريطة المرفقة تدل دللة كاملة‬
‫بأنها للسود‪ .‬وبما أنه ل يوجد في أمريكا سود‪ ،‬إذًا كانوا قادمين من إفريقيا‪.‬‬
‫وزيادة على كل ما ذكر‪ ،‬هناك آثار للوجود الفريقي السلمي في أمريكا‪ ،‬في شيئين هامين‪ :‬تجارة الذهب‬
‫الفريقي‪ ،‬وتجارة القطن‪ ،‬قبل كولومبوس‪ .‬ومعروف أن التجارة مع المغرب وإفريقيا كانت كلها على الذهب عبر‬
‫الصحراء‪ .‬وسيدي مولي أحمد الذهبي السعدي – والذي ل يعجبني كثيرا – قطع الصحراء إلى تومبوكتو‬
‫لضرب دولة إسلمية مسكينة كي ينهب ذهبها ويسكت طلبات المغاربة الذين كانوا يطالبونه بتحرير الموريسكيين‬
‫في الندلس‪.‬‬
‫من السهل معرفة الذهب الفريقي في أي مكان كان‪ ،‬لنه يرتكز على التحليل التالي‪ :‬لكل ‪32‬قسمة من الذهب‬
‫يوجد ‪ 18‬من الذهب‪ ،‬و ‪ 6‬من الفضة‪ ،‬و ‪ 8‬أقسام نحاس‪ ،‬وهذه التركيبة من الذهب تدل على أن أصله إفريقي‪،‬‬
‫وخاصة منذ القرن الثالث عشر‪ .‬وجد هذا الذهب عند الهنود الحمر بأمريكا‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫القرائن اللغوية‪:‬‬
‫أن الكلمات التي تطلق باللغة العربية‪ ،‬أو اللغات الفريقية على النقود‪ ،‬هي شبيهة بالكلمات التي تستعمل من‬
‫طرف قبائل الهنود الحمر‪ ،‬وهذه الكلمات ل يمكن أن تكون جاءت عن طريق الغزوين السباني أو الوروبي‪.‬‬
‫فمثل‪ :‬بالعربية‪ :‬غنى‪ ،‬وغنية‪ ،‬وغنيمة‪ .‬أصبحت بلغة الهنود الحمر‪" :‬غواني" "‪ ،"Guani‬معناها‪ :‬الذهب‪ .‬كلمة‬
‫كنقود‪ ،‬ونقية‪ ،‬ونحاس‪ ،‬أصبحت بلغتهم‪" :‬نيكاي"‪ ،‬بمعنى‪ :‬حلي من ذهب‪ .‬كلمة "التبر"‪ ،‬صارت‪" :‬توب"‪ ،‬أي‪:‬‬
‫الذهب‪ .‬وكذلك لقبا للملك من ملوكهم‪ .‬أي‪ :‬أن هذه الكلمات العربية ل يمكن أن تصل إليهم لول وجود عربي هناك‪.‬‬
‫تجارة القطن مهمة كذلك؛ لنه لم يكن قطن في أمريكا‪ ،‬بل جاء من إفريقيا الغربية‪ ،‬وتعجب كولومب نفسه في‬
‫كتاباته حيث قال‪" :‬إن الهنود الحمر يلبسون لباسا قطنيا شبيها باللباس الذي تلبسه النساء الغرناطيات المسلمات"‪.‬‬
‫وابنه أكد ذلك الكلم كذلك‪.‬‬
‫والغريب في المر – وهو ما سأفصله من بعد إن شاء ال – أن قبيلة موجودة الن في أمريكا الوسطى اسمها‪:‬‬
‫"كاليفونا" “‪ ”Galifona‬في غواتيمال‪ ،‬يسمونهم‪" :‬الهنود الحمر السود"‪ ،‬لنهم هنود حمر غير أنهم سود‬
‫اللوان‪ ،‬وهم من بقايا المسلمين الماندينكا الذين كانوا هناك‪ ،‬وكثير من عاداتهم ل زالت عادات إسلمية إلى الن‪.‬‬
‫سأتكلم عن هذا عند حديثي عن بقايا هذه الشعوب‪ ،‬ماذا فُعل بها‪ ،‬وكيف كان مصيرها؟‪.‬‬
‫وقال "مييرا موس" في مقال في جريدة اسمها‪" :‬ديلي كلريون"‪ ،"Daily Clarion" ،‬في "بيليز"‪ ،‬وهي إحدى‬
‫الجمهوريات الصغيرة الموجودة في أميريكا الوسطى‪ ،‬بتاريخ عام ‪1946‬م‪" :‬عندما اكتشف كريستوف كولومب‬
‫الهند الغربية‪ ،‬أي‪ :‬البحر الكاريبي‪ ،‬عام ‪1493‬م‪ ،‬وجد جنسا من البشر أبيض اللون‪ ،‬خشن الشعر‪ ،‬اسمهم‪:‬‬
‫‪8‬‬
‫وكانوا شعبا موحدا ومسالما‪ ،‬يكرهون التعدي والعنف‪،‬‬ ‫"الكاريب"‪ ،‬كانوا مزارعين‪ ،‬وصيادين في البحر‪،‬‬
‫وكان دينهم‪ :‬السلم‪ ،‬ولغتهم‪ :‬العربية!"‪ .‬هكذا قال‪.‬‬
‫نحن في المدرسة ل يعلموننا هذا الشيء‪ ،‬يقولون‪" :‬كان الكاريب وانقرضوا"‪ .‬لم ينقرضوا؛ بل أفنوهم!!‪ .‬أفنوهم!‪.‬‬
‫وإلى هذا اليوم تسمى تلك الجزر بالكاريبي‪ ،‬في البحر الكاريبي‪ ،‬سميت عليهم‪.‬‬
‫والذين بقوا – وذلك لمخالطتهم للهنود الحمر – هم‪" :‬الكاليفونا"‪ ،‬وقد بقوا إلى يومنا هذا في أمريكا الوسطى‪ ،‬ول‬
‫شك أن أصولهم إسلمية‪ ،‬لن الكثير من العادات السلمية ل زالت فيهم‪.‬‬
‫أين هي هذه الشعوب الن؟‪.‬‬
‫كثير من الشباب المسلم أنشأ علقات مع الكاليفونا‪ ،‬وكثير منهم رجع إلى السلم‪ ،‬وأصبحت مساجد كثيرة تظهر‬
‫في تلك الشواطيء بين هؤلء الكاليفونا‪.‬‬
‫أما هؤلء الميلونجونس‪ ،‬والذين هم مهاجرون من البرتغال في أوائل القرن السادس عشر؛ فقد هربوا من محاكم‬
‫التفتيش إلى البرازيل‪ ،‬فلما جاء البرتغاليون واحتلوا البرازيل؛ تابعتهم محاكم التفتيش‪ ،‬فركبوا البواخر وهربوا‬
‫إلى أمريكا الشمالية‪ ،‬قبل أن يصلها النجليز‪ ،‬واختلطوا مع قبائل الهنود الحمر‪ .‬غير أن النجليز لما عادوا‬
‫عاملوهم معاملة الهنود الحمر‪ ،‬قتل وإبادة‪ ،‬فهربوا إلى جبال البالش‪ .‬واحد منهم اسمه‪" :‬بروند كينيدي"‪" ،‬‬
‫‪ ،"Brand Kennedy‬أخذ تمويل من جامعة فرجينيا الغربية "‪ ،"West Virginia‬لدراسة أصول هؤلء‬
‫القبائل‪ ،‬ومن أين أتوا‪ ،‬لنه واحد منهم‪.‬‬
‫وبدءا من دراسة عاداتهم؛ اكتشف بأن أصولهم ‪ -‬كما ذكرت ‪ -‬من المسلمين الندلسيين‪ .‬والغريب في المر أن‬
‫التاريخ مخيف‪ ،‬فأي شعب يُضطهد إل وينتقم لنفسه بطريقة من الطرق‪:‬‬
‫أحد زعماء الوليات المتحدة‪ ،‬الذي هو سليل هذا الشعب‪ ،‬هو "أبراهام لينكولن"‪ ،‬انظر إلى صورته وصورة‬
‫أفراد الميلونجونز كيف يشبههم‪ ،‬وبذلك يظهر بأن الجذور في تحرير السود هي كأنه يحرر نفسه‪ ،‬فانتقم بتلك‬
‫الطريقة من النصارى البيض‪.‬‬
‫وهذا الذي أهداني هذا الكتاب نفسه‪ ،‬والذي هو أستاذ في جامعة تورنتو”‪ ،”Toronto‬أصله كذلك‪ :‬من جهة ينتمي‬
‫للميلونجونس‪ ،‬ومن الجهة الخرى للزنوج‪.‬‬
‫وخلصة المر التي أردت أن أقولها بعد هذا التقديم الذي إنما أردت منه أن أفتح شهيتكم الفكرية‪:‬‬
‫أن هذا المجال – ومع السف الشديد – نحن المغاربة نعاني من خصاص تجاهه‪ ،‬بالرغم من أننا نحن المعنيين‬
‫بالمر‪ ،‬وبهذه الحركة تجاه أميركا الجنوبية نعاني من نقص كبير في جامعاتنا‪ ،‬كيف نبحث في تراثنا عن هذا‬
‫الشيء؟‪ .‬ضروري أنه عندنا وثائق في هذا الشأن‪ ،‬وبالطبع لن يسموها بأمريكا‪ ،‬لنه لم يكن ذلك الوقت شيء‬
‫اسمه "أمريكا"‪ ،‬كان لها اسم آخر بل شك‪ ،‬ما هو بالضبط؟‪ .‬ل ندري‪ .‬لكن كان من الممكن أن نبحث في وثائقنا‬
‫لنعرف هذه العلقة التي كانت تربطنا بأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية قبل كريستوف كولومب‪.‬‬
‫والموضوع الثاني‪ :‬أنه بصفة عامة‪ ،‬وخاصة ما يخص التاريخ‪ ،‬يجب أن نعتمد على أنفسنا لمعرفة جذورنا‪ .‬أنا‬
‫أذكر أنه عندما كنت صغيرا كانوا يعلمونني في المدرسة الفرنسية بأن العرب ليس لهم تاريخ‪ ،‬وذلك ليحطمونا‪،‬‬
‫لن الشعب الذي ل تاريخ له ل هوية له‪ ،‬شعب فاقد لذكراه التاريخية‪ .‬ولول أن الوالد رحمه ال كان ينبهني بأن‬
‫تاريخنا كذا وكذا‪ ،‬وكان لمتنا من المفاخر كذا وكذا‪ ،‬لكبرت وعندي مركبات نقص فظيعة‪.‬‬
‫وإحدى السلحة القوية للشعوب المتغطرسة التي تريد أن تمحو وجود الشعوب المستضعفة الخرى‪ :‬هي تحريف‬
‫التاريخ‪ .‬ولذلك فإنه من العار علينا أن نعتمد في اكتشاف تاريخنا‪ ،‬أو تاريخ السلم‪ ،‬أو تاريخ المغاربة‪ ،‬أو‬
‫غيره‪...‬على الوثائق الغربية‪ ،‬وإن كنا نحمد ال على بقاء آثار إسلمية في الغرب مثل ما عند دوقة مدينة سيدونيا‪،‬‬
‫والتي أخرجت وثائقها وبرهنت على الوجود السلمي أربعمائة وخمسمائة عام في أمريكا الجنوبية قبل‬
‫كريستوف كولومب‪ .‬أو يأتي واحد مثل "براند كينيدي"‪ ،‬ليثبت بأن شعبا كامل من أمريكا الشمالية ذو أصول‬
‫إسلمية‪.‬‬
‫‪9‬‬
‫وبهذا أريد أن أوصي توصية واحدة؛ وهي‪ :‬أنه واجب علينا أن نربط علقات مع هؤلء الناس‪ ،‬ونحيي البحاث‬
‫في هذا المجال‪ .‬أقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر ال لي ولكم‪ .‬والسلم عليكم ورحمة ال وبركاته‪.‬‬

‫‪:‬‬

‫أشكر الدكتور سيدي علي على أن حظانا بالستمتاع بهذه الذخيرة الحية من‬
‫المعلومات الوافرة والغزيرة‪ ،‬حول موضوع يعد من أندر الموضوعات‪ ،‬ومعلوماته من‬
‫أندر المعلومات‪ ،‬ويتفضل المناقش الول عمي مولي إدريس للمناقشة‪:‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‪ ،‬وصلى الله وسلم على سيدنا محمد أشرف المخلوقين‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫مع السف أنني لم أحضر بداية العرض‪ ،‬ولكن كنت تحدثت مع مولي علي في هذا‬
‫الموضوع عدة مرات‪ ،‬وأعجبت حقيقة باهتمامه وتتبعه لكل المراجع والمصادر التي‬
‫تعين على هذا الكشف‪ ،‬لنه – وبالنسبة للشعب المغربي والعالم العربي كله‪،‬‬
‫شعب التاريخ والجغرافيا – هذا ميدان يكاد يكون مجهول‪ .‬وكما‬‫وبالنسبة للجامعات و ُ‬
‫تعلمون؛ فالوالد – رحمه الله – في "السلوة"‪ ،‬وفي تاريخ مولي إدريس‪ ،‬وفي غيرهما‬
‫من مؤلفاته‪ ،‬وغيره من المغاربة كلهم تأسفوا لكون المغاربة ومؤرخيهم بصفة خاصة‪،‬‬
‫ل يعتبرون بكتابة التاريخ‪ .‬هذا نقص قديم‪ .‬ومع السف أن هذا النقص ازداد تعمقا في‬
‫عهد الستقلل وإنشاء الجامعات وشعب التاريخ والجغرافيا‪.‬‬
‫وأنا منذ عشرين سنة كنت أتساءل وأستغرب من شعبة التاريخ والجغرافيا ومن‬
‫أساتذتها الذين هم مختصون؛ ما ذا كتبوا؟‪ ،‬وماذا أحيوا؟‪ ،‬وماذا نشروا فيما يتعلق‬
‫بتاريخ المغرب على القل؟‪ .‬في حين أننا نجد أساتذة شرقيين‪ ،‬سوريين ومصريين‬
‫وفلسطينيين‪ ،‬جاؤوا للمغرب كأساتذة فقط أو زوار‪ ،‬وأعجبوا‪ ،‬وكتبوا مؤلفات عن‬
‫المرابطين والموحدين‪ ،‬وتاريخ المغرب باختصار‪ ،‬ولكن أساتذة التاريخ الرسميين الذين‬
‫هم في الجامعات وكليات الداب أهملوا ‪ -‬حقيقة ‪ -‬ذلك‪ ،‬بحيث كم من مشارقة –‬
‫سواء سفارات أو إسلميين – يطلبون مني إعطاءهم تاريخا للمغرب مختصرا ومبوبا‬
‫ومحلل‪ ،‬فلما أبحث ل أكاد أجد سوى كتب مدرسية في التاريخ‪ ،‬هزيلة‪ ،‬ول أجد‬
‫للمؤرخين المغاربة إعادة كتابة التاريخ‪ ،‬فأحرى بالنسبة لهذا الموضوع‪.‬‬
‫وباختصار؛ أعتبر أنه لحسن الحظ أن أحد الشرفاء الكتانيين الباحثين العلماء اهتم بهذا‬
‫الموضوع‪ ،‬ولذلك أقترح أن يطبع هذا العرض في كراسة‪ ،‬وأن نقيم ندوة ثقافية‬
‫تاريخية علمية في إحدى القاعات الكبيرة‪ ،‬أو في "نادي الفكر السلمي" – ولكن‬
‫القاعة صغيرة! – وأن نستدعي الصحفيين والسفراء المعتدّين بمثل هذا الموضوع‪،‬‬
‫وأن نستدعي أساتذة شعب التاريخ في الرباط والدار البيضاء لقربهما على القل‪ ،‬وأن‬
‫‪10‬‬
‫الحركة السلمية لتقديم عرض لكل هذه‬ ‫نستدعي بعض المهتمين في لجان‬
‫الوثائق‪ ،‬مصحوب بكراسة مطبوعة فيها خلصة هذا العرض‪ ،‬لتسهيل التعريف بهذا‬
‫التاريخ للصحفيين حتى ينشروه‪ ،‬لثارة اهتمام أساتذة التاريخ المغاربة به‪ ،‬لستدعاء –‬
‫أيضا – أساتذة الجامعات بتطوان والشمال‪ ،‬والذين يهتمون بتاريخ الندلس‪.‬‬
‫فمن حسن الحظ ربما جمعية السرة الكتانية كانت لها السبقية في عرض هذا‬
‫الموضوع‪ ،‬وهو حري بمثل هذه السبقية‪ ،‬ليكون أعضاء السرة والمثقفون والعلماء‬
‫على علم به‪ ،‬وحتى يساهموا هم كذلك في هذه الندوة الثقافية التاريخية العلمية‪،‬‬
‫عندما يقيمونها في أقرب وقت عندما يكون ذلك الكتيب جاهزا‪.‬‬

‫أنا كذلك أشكر سيدي علي على هذا العرض القيم‪ ،‬وعلى تلك المعلومات التي – في‬
‫الحقيقة – استفردنا بها – أعتقد – على المستوى العالمي‪ ،‬لن هذا الموضوع جديد‬
‫على جميع المستويات‪.‬‬
‫أنا أقول‪ :‬بأنه يجب إنشاء خلية بحث‪ ،‬لن هذا الموضوع كبير ومهم جدا‪ ،‬ولماذا ل تنشأ‬
‫خلية بحث بمساعدة أساتذة جامعيين مهتمين من إسبانيا ومن أمريكا اللتينية‪ ،‬وأن‬
‫يتعاونوا كلهم على كشف المعطيات والمعلومات والوثائق؟‪(.‬قال الدكتور علي‪:‬‬
‫وأميركا الشمالية كذلك)‪ .‬ول شك أنها ستثير الهتمام والفضول من الباحثين‪ ،‬حتى إذا‬
‫لم يكونوا مسلمين‪.‬‬
‫إذا كانت معطيات أصلية موجودة فمعنى ذلك‪ :‬أنه توجد معطيات غير مكتشفة حتى‬
‫الن‪ ،‬ول شك أن باحثين نزهاء مؤرخين ‪ -‬حتى من أمريكا اللتينية ‪ -‬سيكون عندهم‬
‫اهتمام بهذا الجانب‪ ،‬لن الباحثين النزهاء ل شك من وجودهم في جامعات تلك الدول‪.‬‬
‫والجاليات السلمية في تلك الدول يمكن أن تكتشفهم وتربط علئق بهم‪ ،‬إما بواسطة‬
‫النترنيت أو غيره‪ ،‬وتنشيء خلية بحث تستمر في هذا الموضوع‪.‬‬
‫وحتى في الوليات المتحدة يمكن أن يقوم أناس بهذا الجانب‪ ،‬وخصوصا أن الجديد‬
‫في البحث العلمي هو‪ :‬علقة الهنود الحمر بالقبائل المسلمة‪ ،‬وعلقة الفارقة – كذلك‬
‫– بالمسلمين الفارقة في القارة المريكية‪.‬‬
‫فهذه الثلثية مهمة جدا‪ ،‬ول شك أنها ستثير عدة وحدات للبحث‪.‬‬
‫أما على مستوى المغرب‪ :‬فتساؤلي هو‪ :‬اكتشاف هذه القارة؛ هل الوثائق العربية‬
‫الموجودة لحد الن لم تذكر بشكل بارز هذه الرحلت التي اخترقت بحر الظلمات‬
‫وبقيت مسألة مجهولة أو شبه مجهولة؟‪ ،‬لماذا هذه الوثائق الموجودة في العالم‬
‫العربي لم تثر هذه المسألة التي تكلمنا فيها؟‪ .‬هل وقع تدمير لتلك الوثائق على‬
‫مستوى الندلس‪ ،‬ولم تنتشر في باقي الدول العربية؟‪ .‬وهذا احتمال كبير؛ لن أغلب‬
‫الوثائق الموجودة ضمن هذا الطار وقع القضاء عليها على مستوى الندلس‪ ،‬وما وصل‬
‫العالم العربي سوى الفتات‪.‬‬
‫ولكن مستوى هذا الكتشاف لم يكن له صدى في العالم العربي‪ .‬أنا أتساءل‪ :‬ما هي‬
‫السباب والحتمالت التي تجعل من هذا الكتشاف الكبير‪ ،‬وخصوصا مع وجود عدة‬
‫قرون من العلقات مع الفارقة والشمال إفريقيين كذلك‪ ،‬ولم يبق أثر ذلك بشكل‬
‫‪11‬‬
‫غير معروف في ذلك الوقت؟‪ .‬هذا هو‬ ‫كبير‪ ،‬حتى وإن كان اسم أميركا اللتينية‬
‫سؤالي‪.‬‬

‫في الحقيقة؛ بالضافة إلى ما قاله سيدي عمر‪ ،‬وما قاله خالي مولي إدريس‪ ،‬بضرورة‬
‫إقامة ندوة على المستوى الوطني‪ ،‬ضرورة خلق خلية للبحث في الميدان‪ ،‬أنا أقول‪:‬‬
‫بأن هناك عدة خليا في البحث في ميادين وتاريخ "المورو"‪ ،‬وهي موجودة في تونس‬
‫وموجودة في المغرب‪ ،‬وأنا أعرف المجموعة التي تقوم بها‪ ،‬ومن المفروض أن تنشر‬
‫بوابة على النترنيت ‪ -‬كما قال سيدي عمر ‪ -‬يكفي أن نبدأ وأن نعلن عن وجود‬
‫مجموعة تهتم بهذا الموضوع حتى يتصل بهذه البوابة جميع من يهتم بهذا المر على‬
‫مدى أربع وعشرين ساعة‪ ،‬أو ثمانية وأربعين ساعة فقط‪.‬‬
‫إذا‪ :‬خلية بحث وخلق بوابة‪ ،‬ثم ندوة ندولية – بالضافة إلى ذلك‪ .‬في انتظار تكوين‬
‫خلية بحث‪ ،‬نعمل على ندوة دولية تجمع على مستوى العالم كله‪ ،‬وبالخصوص معاهد‬
‫الدراسات السلمية‪ ،‬ونحن نعرف أن معاهد الدراسات السلمية ‪ -‬بالخصوص‬
‫الموجودة في ألمانيا ‪ -‬تضم أناسا لهم نوع من الموضوعية‪ .‬طبعا؛ ربما يكونون من‬
‫محبي السلم أو غيرهم‪ ،‬غير أنهم معروفون بالنسبة للجناس الخرى‪ ،‬كالفرنسيين‬
‫مثل‪ ،‬لهم نوع من الموضوعية‪.‬‬
‫إذا؛ أنا ل أشك في هذه المعاهد أنها إذا دخلت ستجعل هذا الموضوع فاعل‪ ،‬إذن‪ :‬ندوة‬
‫على مستوى المغرب‪ ،‬ندوة على المستوى الدولي‪ ،‬خلق بوابة على النترنيت‪ ،‬بحيث‬
‫تظهر وجود مهتمين في المغرب‪ ،‬ومن هم‪ .‬تعطى ملخصا لما قيل الن‪ ،‬ما قاله‬
‫الدكتور يمكن أن ينشأ له ملخص في صفحتين‪ ،‬ويعطى كخطوة أولى‪ ،‬وهو سيجلب‬
‫الناس الذين يهتمون بهذا الموضوع في العالم كله‪...‬وشكرا‪.‬‬

‫نشكر والدنا الدكتور المحاضر على ما أفادنا به من معلومات‪ ،‬كما نشكر الساتذة‬
‫المتدخلين‪ ،‬ولكن عندي بعض الضافات الطفيفة‪:‬‬
‫ذلك أني قرأت سنة ‪1994‬م‪ ،‬بحثا كتبه الدكتور علي مروة‪ ،‬وهو باحث لبناني يدرس‬
‫في بعض جامعات نيويورك‪ ،‬كتب هذا البحث بمناسبة مرور خمسمائة عام على‬
‫اكتشاف أمريكا على حسب دعوى الغرب‪ ،‬وهو في عشر صفحات بالنجليزية‪.‬‬
‫ومضمنه‪ :‬أن كريستوف كولومب لم يكن أول من اكتشف أمريكا‪ ،‬إنما كان المسلمون‬
‫قبله منذ القرن الثامن الميلدي‪ ،‬ومن ضمن هذه الضافات التي ذكرها‪ :‬نقول عن‬
‫كتاب "مروج الذهب" للمسعودي‪ ،‬والتي تنص على علقات بين المممالك السلمية‬
‫في وسط إفريقيا وبين المسلمين في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية‪.‬‬
‫وكذلك نقل من رحلة كريستوف كولومب التي كتبها بعد رحلته‪ ،‬بعض الثار السلمية‪،‬‬
‫وبعض المعالم السلمية التي شاهدها‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أنه عندما اقترب إلى كوبا وجد‬
‫مسجدا مبنيا على تل من تللها‪ ،‬ووصف ذلك المسجد‪ .‬وهذا يدل على أنه حتى في‬
‫كتبهم – الغربيين – أنفسهم كانت هذه المسألة عندهم معروفة‪.‬‬
‫‪12‬‬
‫ومن المفيد في هذا البحث‪ :‬أنه نقل عن حوالي ثلثين مرجعا‪ ،‬وتلك المراجع أغلبها‬
‫كتبت في أمريكا وفي أوروبا‪ ،‬أغلبها وهو حوالي تسعين في المائة منها‪ ،‬أحدها مقال‬
‫في بعض الجرائد الغربية يقول‪" :‬لست أنت أول من اكتشف أمريكا يا كولومبوس"‪.‬‬
‫كما نص المقال على وجود جامعات إسلمية في أمريكا الشمالية قبل كولومب‪ ،‬وهذه‬
‫المعلومة تجعلنا نتساءل‪ :‬ما هو التراث العلمي والفقهي والتاريخي والمذهبي الذي‬
‫أنتجته تلك الجامعات‪ ،‬وأين هو؟‪.‬‬
‫ومن ضمن المسائل المفيدة‪ :‬أن العبيد وما كان من محنتهم بعد القرن الخامس عشر‬
‫الميلدي‪ ،‬كان عندما قامت الحرب الصليبية ضد الممالك السلمية في إفريقيا‪ ،‬وكان‬
‫حلوا إلى أمريكا الشمالية والجنوبية من المسلمين‪ ،‬وهم حوالي‬ ‫أغلب العبيد الذين ر ّ‬
‫‪ 84‬في المائة‪ ،‬وكان فيهم علماء‪ ،‬وكان فيهم شعراء‪ .‬والن توجد عدة جمعيات تجمع‬
‫التراث الذي وجدوه مخبأ مما كتبه هؤلء العبيد‪ ،‬فيه من الشعر‪ ،‬ومن الكتابات الدينية‪،‬‬
‫وعندنا صور لبعض المخطوطات من البرازيل‪ ،‬وهي بالخط العربي الكوفي الفريقي‪.‬‬
‫وهذا المجال – وهو الحروب الصليبية المريكية ضد المسلمين في إفريقيا – يا حبذا‬
‫أن يبحث كذلك‪ ،‬إما ضمن الجمعية أو خارجها‪.‬‬

‫أنا أضيف رأيي إلى اقتراح مولي إدريس ومن بعده‪ ،‬وهذا سيزيدك – الدكتور علي –‬
‫شغل على شغلك‪ ،‬لن هذا الذي ذكرت لنا إنما هو من الفرضيات‪ ،‬لن قولك بأن‬
‫العرب اكتشفوا أمريكا قبل كريستوف كولومب بستمائة سنة (قال الدكتور علي‪:‬‬
‫عفوا؛ كلمة "اكتشفوا" الغها من كلمك‪ ،‬أنا إنما قلت‪ :‬تواجدوا)‪ .‬نعم‪ :‬أقصد‪ :‬تواجدوا‪.‬‬
‫ولكن العمال التي أطلبها منك حتى يكون لكلمك هوامش قوية‪:‬‬
‫‪ -‬فالسؤال الول‪ :‬من أول من ذهب من العرب لمريكا وكيف ذهب‪ ،‬ومتى ذهب؟‪.‬‬
‫وكيف انتشر السلم في أمريكا؟‪ ،‬بحيث إن كلمك اعتمد على أنه‪ :‬إذا وجدنا آثارا‬
‫فذلك حجة‪.‬‬
‫‪ -‬كيف عندما جاء كريستوف كولومب‪ ،‬وجاء مع قوم من أوروبا أواخر القرن الخامس‬
‫عشر‪ ،‬كيف تمكنوا من محو هذا التواجد السلمي؟‪ ،‬ثم الن وبعد ‪1492‬م‪ ،‬وهذا هو‬
‫السؤال الذي أعتقد أنه مهم‪ ،‬لنه ل يحيلنا فقط على هذا التاريخ‪ ،‬إنما يحيلنا كذلك‬
‫على المستقبل‪ ،‬وأنا أعتقد أن المستقبل – في بعض الحالت – أهم من الماضي‪ ،‬مع‬
‫أن معرفة التاريخ مهمة‪ ،‬لنها تعتبر الساس في مستقبلنا‪.‬‬
‫والتاريخ فعل مهم‪ ،‬فقد ذكروا بأن هذا الرجل جاء واكتشف أمريكا – زعما – عام‬
‫‪1492‬م‪ ،‬ثم جاءت الساكنة الوروبية شمال وجنوبا أواسط القرن الثامن عشر‪ ،‬وأنه‬
‫خلل قرنين من الزمان خلقت هذه القارة أقوى قوة سياسية واقتصادية استراتيجية‬
‫وعسكرية على المستوى العالمي‪.‬‬
‫كيف أننا نحن الدول السلمية والعربية‪ ،‬وكانت عندنا المكانيات‪ ،‬ونحن من بين‬
‫الوائل ممن ذهب إلى تلك القارة‪ ،‬بين القرنين ‪ ،8‬و ‪15‬م‪ ،‬كيف تخلينا أصل عن كل‬
‫تواجد لنا في تلك المنطقة‪ ،‬وسمحنا لوروبا أن تكون هي المسيطرة على العالم‬
‫انطلقا من ذلك؟‪ .‬وأعتقد أن هذا أكثر أهمية‪ ،‬حيث التاريخ يعطينا إشكالية أننا –‬
‫‪13‬‬
‫الذين اكتشفوا تلك القارة حتى أصبحنا‬ ‫كعرب ومسلمين – منذ كنا من الوائل‬
‫اليوم في موقع التبعية بشكل أو بآخر لهم‪.‬‬

‫في الحقيقة هذا عرض شيق وقيم‪ ،‬الذي أقامه الدكتور سيدي علي‪ ،‬وأنا أشاطر الرأي‬
‫الدكتور مولي إدريس‪ ،‬لن هذا الكلم – في الحقيقة – شيء ل نعرفه‪ ،‬وفوجئنا به‪،‬‬
‫وبما أننا فوجيئنا به‪ ،‬إذا؛ فالغالب أن المغاربة ككل‪ ،‬أو الناس على الصعيد العالمي‪،‬‬
‫هم أيضا ستكون لديهم مفاجأة‪ .‬إذا كانت هناك ندوة أو محاضرة في هذا الشأن‪.‬‬
‫ولكن الذي أريد أن أضيفه هو‪ :‬هل يمكن إذا قررنا – نحن الجمعية – أن نقوم بنشاط‬
‫علمي ونقيم محاضرة أو عدة محاضرات‪ ،‬أن نستدعي كاتبة هذا الكتاب (الدكتور‬
‫علي‪ :‬نعم‪ ،‬نعم)‪ ،‬ولو أنها كما قلتم مسنة؟‪( .‬الدكتور علي‪ :‬نعم‪ ،‬وكذلك صاحب المقال‬
‫من الممكن أن يأتي)‪ ،‬نعم وذلك لثراء هذا الموضوع‪ ،‬لنها مادام أنها ألفت هذا‬
‫الكتاب‪ ،‬إذن؛ لقد قامت ببحوثات عدة في هذا الميدان‪ ،‬فيمكنها أن تساعد – خاصة‬
‫وأنها أوروبية وأجنبية – (الدكتور علي‪ :‬نعم وهي تتكلم الفرنسية بطلقة)‪ ،‬نعم‪ ،‬إذا؛‬
‫أظن أن ما ذكروه من الممكن أن يحصل‪ ،‬وفكرة فتح بوابة في النترنيت كذلك مهمة‬
‫جدا‪ ،‬لنها تجعلنا نعمم هذا الموضوع‪ ،‬وأن ل يبقى مقتصرا على الصعيدين الوطني أو‬
‫المحلي‪ ،‬ولكن يصبح له صدى عالمي مشهور‪ ،‬وشكرا‪.‬‬

‫أشكر ابن العم الدكتور سيدي علي على هذه المسامرة الطريفة‪ ،‬التي أضافت إلى‬
‫معلوماتنا التاريخية معلومات مهمة في ميدان ربما كنا نجهله تمام الجهل‪ ،‬وإن كان‬
‫لوالدكم المرحوم سيدي المنتصر – رحمه الله – منذ سنوات عديدة شغف بهذا‬
‫الموضوع‪ ،‬وأذكر أنه كتب عنه في بعض المجلت المشرقية والمغربية‪ ،‬كما تحدث عن‬
‫الفتية المغرورين في مجالسه‪.‬‬
‫فهذه بداية كانت تراود كثيرا من الباحثين‪ ،‬ومن علماء المسلمين‪ ،‬تعويضا عما يفقده‬
‫المسلمون من مكانة في العالم اليوم‪ .‬وبغض النظر عن هذا الجانب العاطفي‪ ،‬هناك‬
‫جانب علمي ينبغي أن يتخذ المسار العلمي الذي تتخذه جميع البحوث ابتعادا عن‬
‫المسائل الصحفية ومسائل الندوات‪ ،‬لن الحقائق العلمية ل تنشر بالصحافة أو‬
‫النترنيت أو بالدعاية‪ ،‬هذه مسائل حديثة لترويج فكرة سياسية أو لبيع منتوج أو لغير‬
‫ذلك‪.‬‬
‫أما المسائل العلمية {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الرض}‪ ،‬الحقائق العلمية‪ ،‬ل‬
‫يمكن أن تمحى‪ ،‬ل يمكن أن يمحوها ل النترنيت ول أكثر من النترنيت‪ ،‬فالنترنيت‬
‫موجة مارة وستأتي بعد النترنيت موجة أهم‪ ،‬واكتشافات تدهش العالم كما يتوقعه‬
‫العلماء‪.‬‬
‫لنعد إلى موضوع التاريخ‪ :‬هناك تاريخ حقيقي وتاريخ مفترى‪ ،‬وكثير من حقائق التاريخ‬
‫لم يعرفها أي أحد‪ ،‬فالتاريخ الذي نعرفه هو الذي يدرسه العلماء‪ ،‬لن التاريخ بيد من؟‪،‬‬
‫بيد السلطة‪ ،‬التاريخ الذي نعرفه هو التاريخ الرسمي‪ ،‬كم من أشياء نعيشها اليوم‪،‬‬
‫وعاصرناها وعرفناها‪ ،‬في سنوات قليلة‪ ،‬كل واحد عمره خمسون سنة‪ ،‬ثلثون سنة‪،‬‬
‫‪14‬‬
‫أربعون سنة‪ ،‬فهناك حقائق تاريخية ل تجد لها صدى ل في الصحافة ول في الميديا ول‬
‫في النترنت ول في التاريخ‪ ،‬ولكن الذي بقى هو التاريخ الرسمي الذي يكتبه الممولون‬
‫الساهرون‪ ،‬الحريصون على تحويل ذلك التاريخ وإظهاره للعالم كحقائق ثابتة وحقائق‬
‫دائمة‪.‬‬
‫ولذلك؛ فقضية وجود المسلمين في أمريكا ووجود غير المسلمين قبل الفراعنة كذلك‪،‬‬
‫هي مسائل لم تكن وراءها مصلحة‪ ،‬ولم تكن وراءهم سلطة‪ ،‬لم يكن وراءهم تاريخ‬
‫رسمي يشجع‪ ،‬ولذلك يلفت النظر إلى أن قضية كريستوف كولومب ثبتت لنه كانت‬
‫وراءه سلطة‪ ،‬كان ممول‪ .‬وهو نفسه لم يكن يعرف أنه سيكتشف أمريكا‪ ،‬ذهب في‬
‫مهمة سياسية رسمية لكتابة تاريخ جديد‪ ،‬وكتب ذلك التاريخ‪.‬‬
‫ولذلك فإن بحث الدكتور لننظر كيف نريده؟‪ ،‬هل نريده تاريخا علميا‪ ،‬أو تاريخا‬
‫سياسيا؟‪ .‬إن كان تاريخا سياسيا فليس هذا من شأننا‪ ،‬لسنا بسياسيين ولسنا‬
‫بسلطويين‪ ،‬ل مغاربة ول أندلسيين ول إسبانيين ول غير ذلك‪ ،‬فمن مصلحة أصحاب‬
‫التاريخ وأصحاب السلطة أن عندهم وسائل ليكتبوا هذا التاريخ‪ ،‬نحن إذا أردنا أن نسير‬
‫كعلماء فلنتخذ هذه الطريقة التي قامت بها هذه الدوقة السبانية حيث كتبت هذا‬
‫الكتاب ومولته بطريقتها الهادئة‪ ،‬فنحن أيضا نبحث في هذا الطريق‪ ،‬ونضعه في‬
‫السوق العلمية‪ ،‬وللعلماء أن يقرروا‪.‬‬

‫في الحقيقة أنا شخصيا اهتمامي بتاريخ الوجود السلمي في القارة الميركية وغيرها‪،‬‬
‫هو سند لمستقبل الوجود السلمي في القارة الميركية‪ ،‬وأعطي بعض المعلومات‬
‫التي هي نتيجة للتقديم الذي قدمته‪:‬‬
‫ذلك أن صديقا عراقيا أتاني بمخطوطة بالعربية وجدها في مكتبة بألمانيا‪ ،‬وذلك طبقا‬
‫لما يعرفه عني من الهتمام بأمريكا والسلم بها‪ ،‬والمخطوطة تأتي في مائة وعشرين‬
‫صفحة‪ ،‬بخط عربي مشرقي جميل‪ ،‬وكتبها رجل اسمه "كذا البغدادي"‪ ،‬الذي كان إمام‬
‫البحرية العثمانية في إصطنبول‪ ،‬أصله من بغداد وكان يعيش في سوريا‪ ،‬وعين إماما‬
‫للبحرية العثمانية‪ .‬هذا الرجل خرج في مهمة بحرية من إصطنبول للبصرة‪ ،‬وبالطبع لم‬
‫تكن وقتئذ قناة السويس‪ ،‬فالطريق من إصطنبول إلى البصرة بحرا‪ ،‬كان عليه أن‬
‫يقطع من أجلها البحر البيض المتوسط مارا بجبل طارق والمحيط الطلسي‪ ،‬عائدا‬
‫من طريق رأس الرجاء الصالح إلى المحيط الهندي‪ ،‬ثم خليج فارس أو الخليج العربي‪،‬‬
‫إلى البصرة‪.‬‬
‫ولما وصلوا إلى المحيط الطلسي أرسلتهم التيارات البحرية إلى ريو ديجانيرو‪ ،‬في‬
‫البرازيل‪ ،‬قال وهو يتحدث في كتابه المشوق جدا أنه خرج من الشارع للسفينة‪ ،‬وإذا‬
‫بأناس ينادونه‪" :‬السلم عليكم" فظنهم يستهزئون به‪ .‬وفي قصة طويلة‪ ،‬اكتشف وجود‬
‫جماعة إسلمية سرية‪ ،‬وقرر البقاء ثمة‪ ،‬فبقي عاما بينهم‪ ،‬مارا من بلد لخرى‪ ،‬وقد‬
‫سماها‪ ،‬وأعطى تفصيل عن طريقة عيش هذه الجماعات السلمية السرية‪.‬‬
‫هذا الكتاب أعطيته لحدى طالباتي في جامعة ابن رشد السلمية في قرطبة للحصول‬
‫على الجازة (البكالوريوس) وترجمته من العربية للسبانية‪ ،‬وهي برتغالية‪ ،‬وقد‬
‫وعدتني أنها ستترجمه إلى لغتها البرتغالية‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫وهذا يعني أن هذا الوجود السلمي بقي متواصل ولم يمح‪ ،‬وأنا – والحمد لله –‬
‫وفقني الله‪ ،‬لنني بالنسبة للمنطقة شمال البرازيل وغينيا‪ ،‬والتي كانت تابعة للدولة‬
‫المرابطية‪ ،‬والتي فيها دولتان مستقلتان من غير البرازيل‪ ،‬وهما‪ :‬سورينام وغويانا‪،‬‬
‫غوينا كانت إنجليزية‪ ،‬وسورينام كانت هولندية‪ ،‬وغويانا الفرنسية ما زالت إلى الن‬
‫مستعمرة فرنسية‪ ،‬أدخلت إلى منظمة المؤتمر السلمي اثنين منهما‪ ،‬وترينيداد في‬
‫الطريق‪ ،‬حيث أقنعتهم بالنضمام إلى تلك المنظمة‪ ،‬فسورينام ليس فيها سوى خمسة‬
‫وثلثين في المائة من المسلمين‪ ،‬وغويانا أدخلتها كذلك عضوا في منظمة المؤتمر‬
‫السلمي‪ ،‬وهناك احتمال دخول ثلث أو أربع دول أخرى من تلك المنطقة إلى منظمة‬
‫المؤتمر السلمي‪.‬‬
‫أحبت هذه المنطقة السلم‪ ،‬وصدر كتاب في غويانا كنت اطلعت عليه‪ ،‬اسمه‪:‬‬
‫"الجذور العميقة" "‪ ،"Deep Roots‬وهو يتحدث عن وجود الفارقة في أميركا قبل‬
‫كريستوف كولومب‪ ،‬والذي أحب التنويه به‪ :‬أن هذا المر هناك أناس كثر متحمسون‬
‫له‪ ،‬والدوقة نفسها مستعدة لعطاء جناح في قصرها لنشاء مدرسة في العلقات بين‬
‫الندلس وأمريكا الجنوبية قبل كريستوف كولومب‪.‬‬
‫والذي أريد ذكره هو‪ :‬أن مشكلتنا هي مشكلة البحث العلمي‪ ،‬سواء في الهندسة‪ ،‬أو‬
‫في التاريخ‪ ،‬فإنه ضعيف في بلدنا مع السف الشديد‪ ،‬وربما السبب في ذلك هو عدم‬
‫ثقتنا في أنفسنا‪ ،‬فنظن صعوبة الدخول إلى مجالت صعبة خطيرة كهذه‪ ،‬فيضحك‬
‫علينا الناس‪ ،‬أو نخطيء في آرائنا‪ ،‬أو غير ذلك!‪.‬‬
‫ولكن المريكان والوروبيين – وخاصة المريكان – بحثوا في هذا المر‪ ،‬وباستطاعتي‬
‫كتابة لئحة تضم عشرين كتابا ألف في هذا الموضوع‪ ،‬والن هناك تراث في ذلك‬
‫باللغة النجليزية وغيرها‪ .‬فلماذا ل نكتب نحن العرب؟‪ .‬ل أدري‪ ،‬ل أدري!!‪..‬‬
‫عندنا في تراثنا إشارات عديدة‪ ،‬ذكرت بعضها في كلمتي هذه‪ ،‬في "مروج الذهب"‪،‬‬
‫عند الشريف الدريسي‪...‬إلخ‪ ،‬وإذا فّرغنا طلبة للبحث في هذا التراث سيجدونه‪ ،‬لن‬
‫الكثير من المحلت التي نقرأ أنها في إفريقيا ليست في إفريقيا بل هي في أمريكا‬
‫في الحقيقة‪ ،‬فلم يكن اسمها أمريكا‪ ،‬الجميع كان يدعى إفريقيا‪ ،‬لن المؤرخين‬
‫والجغرافيين قديما لم يكونوا يقسمون العالم إلى قارات بل إلى مناخات‪ ،‬ولذلك‬
‫يمكن أن نحسب أمريكا الجنوبية على إفريقيا‪.‬‬
‫فأنا يسعدني ‪ -‬كما ذكرتم ‪ -‬إقامة ندوة في هذا المر‪ ،‬وقد فكرت في ذلك‪ :‬أن نقيم‬
‫مؤتمرا دوليا ول نأتي بهذين الباحثين فقط‪ ،‬دوقة مدينة سيدونيا وعبد الحكيم كويك‪،‬‬
‫بل نأتي بالعشرات من المختصين في هذا المجال‪ ،‬ومعظمهم – مع السف الشديد –‬
‫ليسوا عربا ول مسلمين‪ ،‬ولكن عندهم الجرأة العلمية والكفاءة ليقولوا ما يعرفونه‬
‫حقيقة‪ ،‬ل يهم ما يكون دينهم‪ ،‬ولو وجدنا من يمول هذا المؤتمر فبكل فرح‪.‬‬
‫أنا كل ما يهمني في هذا المر شخصيا‪ ،‬وأقصد بشخصيا كل عربي ومسلم يهمه‬
‫إشعاع أمته‪:‬‬
‫النقطة الولى‪ :‬يجب أن نعرف تاريخنا حقيقة‪ ،‬كيف نحن المغاربة ل نعرف أن دولتنا‬
‫المرابطية نصفها كان في إفريقيا وأوروبا‪ ،‬والنصف الخر كان في أمريكا ول علم لنا‬
‫به؟!‪ .‬حتى أحتاج أن تأتيني دوقة السبان وتعطيني الوثائق مبرهنة على وجود الدولة‬
‫المرابطية هناك في غويانا‪ .‬وأنا متأكد تأكدا كامل أن ذلك موجود في وثائقنا غير أننا لم‬
‫نعرف قراءتها‪ ،‬لن وصولنا إلى ذلك التاريخ كأننا نحل اللغة الهيروكليفية‪ ،‬فيجب أن‬
‫تفهم‪ ،‬فربما تظن أنه يتحدث عن السودان وهو في ذلك الوقت يتحدث عن أمريكا!‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫فوق الجبال‪ :‬واحدة اسمها سل‪ ،‬والخرى‪:‬‬ ‫وبالمثال؛ في وثيقة‪" :‬جاء إلى مدينتين‬
‫الرباط‪ ،‬على بعد خمسمائة كلم"‪ ،‬فالبديهة أن هذه ليست الرباط وسل التي نعرفها‪،‬‬
‫إنما بديهة أنها محل آخر‪ .‬فالقاريء يجب أن يقرأ بوعي‪ ،‬فهو يتحدث عن سل والرباط‬
‫التين في البرازيل واللتين أسسهما أولئك‪ ،‬فربما تكون كثير من القصص المكتوبة‬
‫بهذه الطريقة‪ ،‬نظنها تتحدث عن مناطق معينة وليس المر كذلك‪ .‬وإذا وقعنا على‬
‫تناقض قلنا‪ :‬هذا إنما خبط‪ .‬ل؛ ل تقل‪ :‬إنه خبط‪ ،‬بل فتش عن سبب الختلف‪ .‬فيجب‬
‫أن يكون عندنا الوعي العلمي عند قراءة تاريخنا‪.‬‬
‫النقطة الثانية‪ :‬وهي فظيعة ومرعبة عند رؤيتها‪ ،‬ذلك أنه ل يمكن القضاء على شعب‬
‫من الشعوب‪ .‬أنا عندما أرى أبراهام لينكولن انتقم للندلس باسم تحرير السود في‬
‫أميركا لن أصله – فيما اكتُشف بعد – أندلسي‪ ،‬هذا شيء مرعب‪ ،‬إذن؛ ل يمكن أن‬
‫تُقتل أمة من المم‪ ،‬وكذلك هذا الوجود بالرغم من أنه لم يبق منه سوى بقايا‪ ،‬فإنه‬
‫كذلك الرماد الذي يحيى‪ .‬وبرهان ذلك‪ :‬أنني أنا شخصيا صليت وراء إمام من الهنود‬
‫الحمر في غويانا‪ ،‬ربما هذا من سللتهم‪ ،‬ربما هؤلء الشباب الذين يذهبون لمريكا‬
‫الوسطى إلى تلك القبيلة يدخلون أهلها للسلم‪ ،‬لنه من السهولة إدخالهم للسلم‪..‬‬
‫فأنا شخصيا كنت في منطقة أخرى‪ ،‬وذلك في زيلندا الجديدة "‪ ،"New Zeeland‬في‬
‫المحيط الهادي‪ ،‬وتعمدت أن ألتقي بزعماء "الماورين" الكبار وشيوخهم‪ ،‬وهم ‪-‬‬
‫"الماوري" ‪ -‬سكان نيوزيلندا الصليون‪ ،‬وقلت لهم‪" :‬عدوا المسلمين المتواجدين هنا‬
‫ضيوفكم‪ ،‬وليسوا ضيوف ضيوف الوروبيين البيض‪ ،‬هم ضيوفكم‪ ،‬فقط لونهم أبيض‪،‬‬
‫ولكنهم مسلمون"‪ ،‬وأنشأنا علقة بينهم‪ ,‬والشاهد عندنا‪ :‬أن زعيمهم قال لي‪" :‬الذي‬
‫نعتقده هو أن أصلنا من المشرق"‪ ،‬بل فهمت منه أنه يريد القول بأن أصلهم من بلد‬
‫عربية‪.‬‬
‫صحيح هذا أو ليس بصحيح‪ ،‬المهم أنه ممكن إنشاء علقات والبناء عليها بخصوص نشر‬
‫السلم بينهم‪ ،‬نحن مقصرون تقصيرا شديدا‪ ،‬وأقول‪" :‬نحن" أي‪ :‬المسلمين‪ ،‬عندنا‬
‫إمكانيات كبيرة لربط العلقات مع شعوب الرض‪ ،‬سواء أوروبا أو أمريكا أو غيرها‪،‬‬
‫خاصة الشعوب الصلية‪ ،‬بيد أننا معرضون عن ذلك‪.‬‬
‫فعل؛ نحن "مازوشيّون"‪ :‬نحب أن نؤذى ونضطهد‪ ،‬ثم نبكي‪ ،‬ونقول‪" :‬هؤلء آذونا"‪،‬‬
‫سواء اليهود أو النصارى أو غيرهم‪ ،‬ونحن في إمكاننا أن نقلب الدنيا إذا أردنا‪ ،‬فقط‬
‫بالتي هي أحسن‪.‬‬
‫فالن – مثل – المكانية التي عند هذه الدوقة ليست عند الحكومات المغربية كلها‪،‬‬
‫عندها إمكانية‪ ،‬وهي مستعدة لبذل مالها وبيتها وكل شيء‪ ،‬ولكن لماذا؟‪ .‬لنها تنتمي‬
‫إلينا‪ ،‬تنتمي إلينا‪ ،‬تشعر بأن أصلها مسلم‪ ،‬وعندها وثائق‪ ،‬وعندها إمكانية‪ ،‬وعندها‬
‫حرية‪ .‬ومثلها كثير في أمريكا الشمالية والجنوبية وأوروبا‪.‬‬
‫فلو أنشأنا جمعية للدراسات التاريخية المريكية الوروبية‪ ،‬أو أي شيء بهذا المعنى؛ يا‬
‫ما يمكن أن نفعله وننتجه‪ ،‬ولكن تبقى المشكلة دائما هي‪ :‬من أين التمويل؟‪.‬‬
‫نحن الدول النامية – مع السف الشديد – ونحن من المغطوسين فيها‪ ،‬ل نعطي قيمة‬
‫للبحث‪ ،‬ول نموله‪ ،‬دول أخرى تعطي قيمة للبحث واحدا في المائة من مدخولها للبحث‬
‫العلمي‪ ،‬أو ثلثة في المائة‪ ،‬أما نحن؛ فإذا أعطينا ‪ ، 10-6*1‬فنعم ما فعلنا‪ .‬ليس عندنا‬
‫بحث علمي ل في الفيزياء ول في الكيمياء‪ ،‬ول في التاريخ‪ ،‬ول في الجغرافيا‪ ،‬ول في‬
‫أي شيء‪...‬‬
‫‪17‬‬
‫أما بالنسبة للمغرب كمغرب؛ فنحن يجب أن نعرف جذورنا وتاريخنا‪ ،‬ل نعرف ذلك‬
‫جيدا‪ ،‬وتوجد مجالت كثيرة للبحث فيه‪ ،‬وأعيد وأكرر‪ :‬يجب أن نقرأ كتبنا القديمة بعيون‬
‫جديدة‪ ،‬لنجيد فهمها‪ ،‬لننا إذا لم نفهمها؛ لم نستفد شيئا‪ ،‬وبالتأكيد يمكن أن نجد‬
‫معلومات كثيرة جديدة أكثر من هذه المعلومات‪ .‬وأنا إنما أتطفل لنني مهندس‬
‫كهربائي‪ ،‬فأنا فضولي فقط‪ ،‬ها‪ .‬ها‪ .‬ها‪.‬‬

‫انتهت‬

You might also like