You are on page 1of 34

‫‪77‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫عبدالمجيد بو عزة *‬

‫المقدمة و خلفيتها‪:‬‬

‫يمثـــــ‬

‫‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪78‬‬

‫‪:‬‬
‫القوي الموجود بين المعلومات‬ ‫‪ -‬الفصل بشكل أساس بين‬
‫الرقمية وبنية التصالت‪.‬‬ ‫المحتوى (المعلومات) والوعاء‬
‫وتعد النترنت خير وسيلة للدللة‬ ‫الحاوي له بعد أن كانا لمدة‬
‫على تلك التحولت الكبرى‪ ،‬فهي قد‬ ‫طويلة متلزمين و مترابطين‬
‫جعلت المستفيد العادي قادًرا على‬ ‫ارتباطًا عضويًا فيما بينهما‪.‬‬
‫التحكم في برمجيات قد تكون‬ ‫‪ -‬إحداث تغيرات في نظام‬
‫معقدة مثل تلك التي تستخدم‬ ‫العلقات التي كانت سائدة بين‬
‫للملحة في شبكة الويب وتبسيط‬ ‫المركز (المكان الذي توجد فيه‬
‫عملية الشتراك التي تسمح‬ ‫المعلومات ) والطرف‬
‫للمستفيد بالرتباط بالشبكة‪ .‬وتعتبر‬ ‫(المستفيد)‪ ،‬وهو ما جعل‬
‫كل هذه التطورات‬ ‫مفاهيم الوقت والمكان تبدو‬
‫نسبية وذلك بسبب الرتباط‬

‫* ماجستير في علم المكتبات والمعلومات من جامعة مونتريال بكندا‪.‬‬


‫‪ -‬دكتوراه في علم المكتبات والمعلومات من جامعة بتسبرج بأمريكا‪.‬‬
‫‪ -‬يعمل الن أستاذ ًا مشاركًا بجامعة السلطان قابوس في سلطنة عمان‪.‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪79‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫التي تدير المعلومات الرقمية بغض‬ ‫‪ Processing & Management‬لهذا‬


‫النظر عن الوعاء سواء كان نصيًا أو‬ ‫الموضوع خلل عام ‪1999‬م‪ .‬و قدمت‬
‫صوتيًا أو في شكل صور بنوعيها الثابت‬ ‫بروجمان التعريف التالي لهذا‬
‫و غير الثابت‪ ،‬و تكون متاحة على‬ ‫المفهوم موضحة فيه أن "المكتبات‬
‫شبكة موزعة"‪.)Borgman, 1999( .‬‬ ‫الرقمية هي مجموعة من المصادر‬
‫و تتميز المكتبات الرقمية ببعض‬ ‫اللكترونية و المكانات الفنية ذات‬
‫المزايا المهمة‪ ،‬و تتضمن في نفس‬ ‫العلقة بإنتاج المعلومات‪ ،‬و البحث‬
‫الوقت بعض العيوب‪ ،‬وهو ما يتضح‬ ‫عنها و استخدامها‪...‬و بذلك فإن‬
‫من خلل الجدول التالي‪:‬‬ ‫المكتبات الرقمية هي امتداد و دعم‬
‫لنظم خزن المعلومات و استرجاعها‬
‫الجدول رقم (‪ :)1‬الفوارق الموجودة بين المكتبات التقليدية و‬
‫المكتبات الرقمية‪.‬‬
‫(‪)Fox and Urs, 2002‬‬

‫المكتبات الرقمية‬ ‫المكتبات التقليدية‬


‫تتميز بالحيوية الفائقة و لكن يمكن‬ ‫ثابتة و تتطور ببطء‬
‫أن تزول بسرعة‪ ،‬تنم عن سعة‬
‫الخيال‪.‬‬
‫تتكون الوعيـة الرقميـة مـن الوسـائط‬ ‫سا من أوعية‬
‫يتكون المحتوى أسا ً‬
‫المتعددة و ذات الحجام المتنوعــــة و‬ ‫المعلومات النصية والمطبوعة‬
‫غيــر المعرفــة بشكــل جيــد و تبقــى‬ ‫المفردة‪ ،‬تم تعريف محتويات‬
‫مجزأة‪.‬‬ ‫مجموعاتها بشكل جيد بيد أنها تبقى‬
‫غير مرتبطة مباشرة و بطريقة تنم‬
‫عن ديناميكية‪.‬‬
‫تشبه بنية البيانات السقالة‬ ‫يبدو تنظيم المحتوى ممتدًا و كذلك‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪80‬‬

‫‪ ))scaffolding‬على المستوى الداخلي‬ ‫الشأن بالنسبة لبنيته‪ ،‬و تبقى البيانات‬


‫و بيانات معيارية أثرى وفقًا للسياق‪.‬‬ ‫المعيارية ( ‪ )metadata‬محدودة جدًا‪.‬‬
‫ل يقتصر المحتوى على الوعية ذات‬ ‫يبدو المحتوى أكثر أكاديمية (‬
‫الطابع الكاديمي‪ ،‬يكتسب مصداقية‬ ‫‪ ) scholarly‬لنه جاء نتيجة لتقييم و‬
‫من خلل الستخدام‪.‬‬ ‫غربلة قبل نشره‪.‬‬
‫نقاط الوصول إلى المعلومات غير‬ ‫نقاط الوصول إلى المعلومات‬
‫محدودة افتراضيا تضاف إلى إدارة‬ ‫محدودة تضاف إلى إدارة مركزية‬
‫مجموعات موزعة يتم التحكم فيها‬ ‫للمحتوى و المجموعات‪.‬‬
‫بنفس الطريقة‪.‬‬
‫يمكن الفصل بين الجانب المادي‬ ‫يمكن التحكم مباشرة في التنظيم‬
‫للمحتوى و بين تنظيمه‪ ،‬و هو ما‬ ‫المادي و المنطقي للمجموعات و‬
‫يسمح ببناء مجموعات رقمية‪.‬‬ ‫ربط علقة فيما بينها‪.‬‬
‫اتصال ثنائي مشفوع بالتفاعل الني و‬ ‫عادة ما يكون التفاعل بطيئًا و أحاديًا‪.‬‬
‫الثري‪.‬‬
‫بإمكان المكتبات الرقمية أن تدعم‬ ‫تدعم التقاليد الوصول المجاني و‬
‫فلسفة بديلة‪ :‬المجاني و المرسم في‬ ‫الكوني‪.‬‬
‫نفس الوقت‪.‬‬
‫الويب تمتد إلى الربعينيات و‬ ‫تطور المكتبات الرقمية‪:‬‬
‫الخمسينيات من القرن العشرين‪ .‬و‬ ‫غالبًا ما يعتقد عامة الناس أن‬
‫من مشروعات المكتبات الرقمية التي‬ ‫المكتبات الرقمية هي من إفرازات‬
‫سبقت ظهور الويب تجدر الشارة إلى‬ ‫شبكة الويب‪ ،‬و واقع الحال أن جذور‬
‫مشروع ‪Carnegie Mellon University’s‬‬ ‫كل من المكتبات الرقمية و شبكة‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪81‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫بمواد مختلفة للمكتبات‬ ‫‪ )Project Mercury (1989-1992‬ومشروع (‬


‫الرقمية‪.‬‬ ‫‪ TULIP‬و مشروع ‪The‬‬ ‫‪)1995-1993‬‬
‫‪ -‬جمــع جماعات مهنيــة مختلفــة‬
‫‪Chemistry Online Retrieval Experiment‬‬
‫تنتمــي إلى تخصــصات مختلفــة‬
‫‪ )(CORE‬و غيرها‪.‬‬
‫تتراوح بيـن النسـانيات و العلوم‬
‫و يمكن تحديد مرحلتين‬
‫الجتماعية و الهندسة‪.‬‬
‫أساسيتين في تاريخ المكتبات‬
‫‪ -‬تحفيـــــز البحـــــث المتعلق‬
‫بالمكتبات الرقمية‪.‬‬ ‫الرقمية هما‪:‬‬
‫و قد أدت هذه المرحلة إلى‬ ‫المرحلة الولى‪ :‬أسهمت‬
‫تحقيق تقدم في مجال الحركة‬ ‫بعض المؤسسات مثل مؤسسة‬
‫المكتبية الرقمية (‪)Digital Librarianship‬‬ ‫العلوم القومية (‪ ،)NSF‬و وكالة ناسا‬
‫و أثارت اهتمام الوساط الكاديمية و‬ ‫(‪ )NASA‬بشكل فاعل في تمويل‬
‫صانعي السياسة و الجمهور عامة‬
‫مشروعات بحث رائدة في بداية‬
‫بالموضوع‪.‬‬
‫التسعينيات و أواسطها كان لها‬
‫كما أن هذه المرحلة أفضت إلى‬
‫الفضل في‪:‬‬
‫ظهور مبادرات ذات العلقة‬
‫بالمكتبات الرقمية مثل برنامج‬ ‫‪ -‬توضيــح المفاهيــم ذات الصــلة‬

‫المكتبة اللكترونية (‪ELINOR‬‬ ‫بالمكتبات الرقميــــة و تقديــــم‬


‫‪ )Electronic Library Programme‬و برنامج‬ ‫تعريفات لها‪.‬‬
‫المكتبة اللكترونية (‪)elib.Programme‬‬ ‫‪ -‬إثارة الهتمام العام بخصــوص‬
‫في المملكة المتحدة و المبادرات‬ ‫وعود تقنيات المكتبات الرقميــة‬
‫السترالية المتعلقة بالمكتبات‬ ‫و إمكاناتها‪.‬‬
‫الرقمية (‪The Australian Digital Library‬‬
‫‪ -‬إحراز تقدم في مجال تصميم‬
‫‪ )Initiatives‬و المبادرة الكندية حول‬
‫التفاعل أثناء البحث فيما يتعلق‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪82‬‬

‫أهداف الدراسة‪:‬‬ ‫المكتبة الرقمية (‪The Canadian‬‬


‫تركـــــــز هذه الدراســـــــة على‬ ‫‪.)Initiative on Digital Libraries‬‬
‫النعكاســات الثقافيــة التــي أفرزتهــا‬ ‫المرحلة الثانية‪ :‬أدى النجاح‬
‫المكتبات الرقميـــة و التـــي ســـيتم‬ ‫الذي تحقق في المرحلة الولى إلى‬
‫تناولهـا فـي شكـل مباحـث‪ .‬و تسـعى‬ ‫ظهور المرحلة الثانية التي جاءت‬
‫الدراسـة بالتحديـد إلى توفيـر عناصـر‬ ‫داعمة للمرحلة التي سبقتها‪ .‬و تمثل‬
‫أجوبة لسئلة البحث التالية‪:‬‬ ‫هذا الدعم فيما يلي‪:‬‬
‫‪ -‬هل أن ظهور المكتبات الرقمية‬ ‫‪ -‬تغطيــة أوعيــة مختلفــة تشمــل‬
‫يعتبر مجرد نقلة تكنولوجية أم‬ ‫الشرطـة الصوتية و الموسـيقى‬
‫أنه جاء استجابة لحاجة‬ ‫والبيانات القتصــــــــــــــــادية‬
‫اجتماعية؟‬ ‫والبرمجيات والفيديـــــو والمواد‬
‫‪ -‬ما القيمة العلمية للوعية‬ ‫النصية‪.‬‬
‫الرقمية؟‬ ‫‪ -‬تنويع المحتوى ليشمل مواد‬
‫‪ -‬و هل أن بعض القيم ذات‬ ‫النماذج النتربولوجية (‬
‫العلقة الوثيقة بالمطبوع‬ ‫‪ )anthropological models‬و الصور‬
‫ستختفي أم أنها ستشهد‬ ‫و المخطوطات الدبية و‬
‫تعديلت ؟‬ ‫سجلت المرضى‪.‬‬
‫‪ -‬ثم هل أن هذه التغيرات قد‬ ‫‪ -‬اســتكشاف قضايــا تكنولوجيــة‬
‫أفرزت قيما جديدة ؟‬ ‫جديدة مثــل أمــن المعلومات و‬
‫‪ -‬هل يمكن إخضاع المعلومات‬ ‫التصــــــنيف اللي و مصــــــدر‬
‫الرقمية للرقابة؟‬ ‫المعلومات‪.‬‬
‫‪ -‬ما تأثير المنشورات الرقمية‬ ‫‪ -‬تظافر الجهود نتيجة لرتفاع‬
‫على تغيير نظام التصال‬ ‫عدد الوكالت الممولة لمشاريع‬
‫العلمي؟‬ ‫المكتبات الرقمية و تنوعها(‪Fox‬‬
‫‪. )and Urs, 2002‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪83‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫هذه المتغيرات فضل ً عن الصعوبات‬ ‫‪ -‬هل أن خدمات شبكة النترنت‬


‫القتصادية إلى شعور كثير من الدول‬ ‫مثل البريد اللكتروني‬
‫بضرورة إعادة النظر في نظم‬ ‫ومجموعات الخبار والنقاش‬
‫التعليم التي كانت تتبعها‪ .‬فقد تبين‬ ‫ستساعد على حل مشكلة إتاحة‬
‫أنه ل يمكن مضاعفة عدد المدرسين‬ ‫النتاج الفكري الرمادي؟‬
‫إلى ما ل نهاية له‪.‬‬ ‫‪ -‬ما القضايا التي تثيرها مسألة‬
‫وبدأ يتضح أن التحولت التي‬ ‫حقوق التأليف في عالم الرقمنة‬
‫نشهدها والتي ستتبلور أكثر في‬ ‫وما الطراف المعنية بهذه‬
‫المستقبل ستكون ذات طابع‬ ‫القضايا؟‬
‫بيداغوجي وتكنولوجي واقتصادي‪.‬‬ ‫‪ -‬وهل يمكن اعتبار المكتبات‬
‫وعليه‪ ،‬سيتعرض اقتصاد المعرفة‬ ‫الرقمية عصا سحرية؟‬
‫الذي يضمن العداد الساس‬ ‫أم أنها محاطة بجملة من الوهام‪.‬‬
‫والعداد المتقدم والتعليم المستمر‬ ‫المبحث الول‪ :‬المكتبات الرقمية‬
‫والبحث إلى تغيرات عميقة‪ .‬ونتيجة‬ ‫استجابة للحتياجات‬
‫لذلك سيتم تبني طرق وأساليب‬ ‫التعليمية المتزايدة‪:‬‬
‫جديدة للتعليم تعتمد على تقنيات‬ ‫شهد قطاع التعليم تطورات‬
‫المعلومات والتصالت الجديدة‪.‬‬ ‫وتحولت كثيرة في البلدان المتقدمة‬
‫تتوافر في الوقت الحاضر في‬ ‫والنامية على حد سواء وإن كانت‬
‫السوق العديد من البرمجيات‬ ‫بنسب متفاوتة‪ .‬و من هذه التطورات‬
‫التعليمية ذات العلقة بتخصصات‬ ‫انتشار التعليم ليشمل كل الشرائح‬
‫ومجالت معرفية متنوعة تستهدف‬ ‫الجتماعية‪ ،‬ودعم البرامج التعليمية‪،‬‬
‫مستويات تعليمية مختلفة تبدأ برياض‬ ‫وظهور تخصصات جديدة تدرس لول‬
‫الطفال وصول ً إلى التعليم العالي‪ .‬و‬ ‫مرة‪ ،‬والتمديد في المدد الدراسية‪،‬‬
‫تقدم هذه البرمجيات التفاعلية‬ ‫وشعور الطلبة بالحاجة للحصول‬
‫معرفة جديدة مع إمكانية التأكد من‬ ‫على أكثر من شهادة‪ .‬وقد أدت كل‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪84‬‬

‫تكنولوجيا المعلومات والتصالت‬ ‫مدى اكتسابها من قبل المتعلم‪ .‬وهي‬


‫اللزمة لذلك مثل القمار‬ ‫تعتمد أسلوبًا يمكن الطالب من‬
‫الصطناعية والكاميرات الرقمية‬ ‫التدرج في اكتساب المعارف وفقًا‬
‫‪ ،Digital camera‬والنظم مثل ‪Webct‬‬ ‫لنسقه الفردي‪ .‬وبالرغم من أن‬

‫التي تسمح بتوفير مادة المقرر و‬ ‫الجزء الكبر من هذه البرمجيات‬

‫إمكانية التفاعل بين الستاذ‬ ‫يتوجه إلى صغار المتعلمين أي إلى‬


‫الطفال‪ ،‬فإن هناك عددا ً كبيرا ً من‬
‫والطالب‪ ،‬وبتنظيم الختبارات‬
‫الجامعات قامت بتسجيل محاضرات‬
‫وتصحيحها‪ ،‬وبتمكين الطالب من‬
‫أساتذتها المرموقين على أشرطة‬
‫طرح أسئلته والحصول على إجابات‬
‫الفيديو أو على القراص المدمجة‪.‬‬
‫عنها من أستاذ المقرر عن طريق‬
‫ويبقى استخدام هذه المحاضرات‬
‫الخط المباشر‪ .‬و يشهد هذا النوع‬
‫محدودًا‪.‬‬
‫جا لما‬
‫من التعليم توسعًا ويلقي روا ً‬
‫ويمكن في هذا المجال أن تقوم‬
‫توفره شبكة النترنت من مزايا في‬
‫المكتبات الرقمية بدور مهم في‬
‫مجال التصال مثل السرعة‬
‫التعريف بها ورقمنتها وإتاحتها‬
‫وانخفاض التكلفة‪ .‬وبناء على ذلك‬
‫للستخدام عن طريق مواقعها على‬
‫أصبح بإمكان طالب تونسي أن‬
‫النترنت‪ .‬كما بإمكان هذه المكتبات أن‬
‫يحصل على شهادة الماجستير في‬
‫تقوم بدور مماثل بالنسبة للبرمجيات‬
‫علم اللغة ‪ linguistics‬من إحدى‬
‫التعليمية الخرى وبخاصة التفاعلية‬
‫الجامعات البريطانية دون الحاجة‬
‫منها‪.‬‬
‫إلى السفر إلى لندن ولو مرة‬
‫ومن ناحية أخرى فقد بدأت بعض‬
‫واحدة‪.‬‬
‫صا للتعليم عن بعد‬
‫الجامعات توفر فر ً‬
‫و بإمكان المكتبات الرقمية أن‬
‫( ‪ ) Distance learning‬في عدد كبير من‬
‫تؤدي دورا ً مه ًّ‬
‫ما في هذا المجال‬
‫التخصصات وذلك بعد تطوير‬
‫بإعداد الدلة المتعلقة بالجامعات‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪85‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫المبحـــث الثانـــي‪ :‬القيمـــة العلميـــة‬ ‫ومؤسسات التعليم العالي التي تتيح‬


‫للوعية اللكترونية ‪:‬‬ ‫إمكانية التعلم عن بعد‪ ،‬والتخصصات‬
‫ترتبط بالمنشورات العلمية‬ ‫التي يشملها التعليم عن بعد‬
‫الورقية مجموعة من القيم أهمها‪:‬‬ ‫والشهادات التي تمنحها‪ ،‬وغيرها من‬
‫‪ -‬إضفاء الشرعية والسبق في‬ ‫المعلومات المهمة بالنسبة للمهتمين‬
‫مجال الكتشافات‬ ‫بهذا النوع من التعليم‪.‬‬
‫والختراعات‪.‬‬ ‫يوجد إلى جانب التعليم عن بعد‬
‫‪ -‬الحصول على منح بحث خاصة‬ ‫نوع آخر من التعليم يعرف بالجامعات‬
‫عندما يكون الباحث ينتمي إلى‬ ‫المفتوحة (‪ .)Open University‬وقد رأت‬
‫مؤسسة أكاديمية أو علمية‬ ‫بعض دور النشر في الجامعات‬
‫مرموقة ( جامعات ومراكز‬ ‫المفتــوحة فــرصــــــة لتحقيق‬
‫أبحاث )‪.‬‬ ‫الربـــاح‪ ،‬من ذلك أن دار إلزفير‬
‫‪ -‬حصول الباحث على العتراف‬ ‫للنشر ‪ Elseiver‬تعرض وثائق رقمية‬
‫الجتماعي‪.‬‬ ‫للعــداد الجــــامعـــي مثــــــل ‪OPAL‬‬
‫‪ -‬حصول المؤسسة على‬ ‫‪.)(OpenPrograms for Associative Learning‬‬
‫العتراف الجتماعي والعلمي‪.‬‬ ‫ويهدف برنامج ‪ OPAL‬إلى إعداد أطباء‬
‫و يتضح مما سبق أن المنشورات‬ ‫ومختصين في علم الحياء‪ .‬وبديهي أنه‬
‫العملية (كتابًا أو مقالً) تنطوي على‬ ‫توجد سوق تجارية مهمة للتعليم‬
‫قيم تتجاوز مجرد نشر المعرفة‪،‬‬
‫بواسطة الحاسوب‪ .‬ويفترض أن تصبح‬
‫فالمبدأ السائد في بلد رائد في‬
‫مثل هذه الوحدات التدريسية متاحة‬
‫مجال البحث العلمي مثل الوليات‬
‫بأعداد كبيرة بالمكتبات الفتراضيـة‪.‬‬
‫المتحدة هو "انشر أو اندثر" ( ‪Publish‬‬
‫‪.) or perish‬وعليه‪ ،‬فإن حصول الباحث‬
‫على ترقية أو تعيين في وظيفة‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪86‬‬

‫المنشورات العلميـــــة اللكترونيـــــة‬ ‫معينة أو منحة بحث أصبح يتوقف على‬


‫ســتؤخذ بعيــن العتبار عندمــا يتقدم‬ ‫عدد مشروعات البحث المنجزة‪ .‬و لم‬
‫الباحث إلى ترقية أكاديمية؟‬ ‫يعد بذلك نشر البحاث العلمية عملية‬
‫إن الجابة على مثل هذه السئلة‬ ‫محايدة على المستويين الجتماعي‬
‫تمثل مهمة صعبة‪ ،‬ولكن يمكن القول‬ ‫والقتصادي‪.‬‬
‫إن المنشورات اللكترونيــة ســتحظى‬ ‫ويرجع الفضل في سيادة هذه‬
‫بالعتراف والتقديـــر وســـتصبح على‬ ‫القيم إلى وضع معايير تسمح‬
‫قدم المســـــاواة مـــــع المنشورات‬ ‫باعتراف الجميع بالدوريات‬
‫الورقيـــة إذا مـــا اســـتوفت الشروط‬ ‫والناشرين‪ .‬وبناء على ذلك أصبحت‬
‫التالية‪:‬‬ ‫الدوريات ترتب من حيث العتراف‬
‫الشرط الول‪ :‬وضـــــع تاريـــــخ‬ ‫بقيمتها وفقًا للسمعة التي تحظى بها‬
‫للمطبوع اللكترونـــي وتحديـــد‬ ‫في الوساط العلمية والكاديمية‪،‬‬
‫مسؤولية التأليف‪:‬‬ ‫ولكونها محكمة أو غير محكمة ‪،‬‬
‫ل يتضمــن كثيــر مــن المنشورات‬ ‫ولتغطيتها أو عدم تغطيتهــــا مـــن‬
‫خا‪ ،‬ففـــي معظـــم‬
‫اللكترونيـــة تاري ً ــ‬ ‫قبـــل كشاف الستشهادات العلمية‬
‫الحيان ل تحتوي الوثيقــة اللكترونيــة‬ ‫( ‪.) Science Citation Index‬‬
‫المتاحــة على الخــط المباشــر ســوى‬ ‫وفـي هذا السـياق يطرح السـؤال‬
‫على التاريخ الذي رجع فيه المستفيد‬ ‫التالي نفسه‪ :‬هل أن القيم والمعايير‬
‫إليهــا‪ .‬كمــا أن اســم المؤلف قــد ل‬ ‫التـــي وضعـــت للمنشورات العلميـــة‬
‫يظهر في الوثيقة نفسها‪ ،‬باعتبار أنها‬ ‫المطبوعـة تبقـى صـالحة للمنشورات‬
‫ملحقــة بالصــفحة الدليليــة للمؤلف (‬ ‫اللكترونيـة ؟ وعليـه‪ ،‬هـل أن اختراع ًـا‬
‫‪.) The author’s home page‬ونتيجـة لذلك‬ ‫مه ّــــــً‬
‫ما ورد فــــــي إحدى الدوريات‬
‫يمكــن أن يختفــي اســم المؤلف بعــد‬ ‫اللكترونيــة ول نظيــر له فــي إحدى‬
‫مدة زمنية من استخدام الوثيقة‪.‬‬ ‫المجلت الورقية سيحظى بالعتراف‬
‫وســـــيمنح براءة اختراع ؟ هـــــل أن‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪87‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫العلمــــية والضافــــة العلميــــة التـــي‬ ‫الشرط الثانــــــــي‪ :‬تبنــــــــي‬


‫تقدمـــها‪ ،‬وصـــدق ( ‪ )Validity‬أســاليب‬ ‫المنشورات اللكترونيــــة مــــن‬
‫الضبـط فـي حالة البحوث التجريبيـة‪،‬‬ ‫قبل ناشرين ‪:‬‬
‫ونوعيـــــة الفرضيات‪ ،‬و غيـــــر ذلك‬ ‫يمثل تبني الوثيقة اللكترونية من‬
‫يكتســـي أهميـــة فـــي هذا المجال‪.‬‬ ‫قبل ناشرين خطوة مهمة في طريق‬
‫ويعتـبر التحكيـم أداة ضروريـة لغربلة‬ ‫العتراف بهــا فــي الوســط العلمــي‬
‫المقالت ولتمييـز مـا له قيمـة علميـة‬ ‫والكاديمــي‪ .‬ويعتــبر الناشــر بحكــم‬
‫مما له قيمة علمية محدودة‪ ،‬وإن يبدو‬ ‫خــــبرته مصــــفاة ضروريــــة لغربلة‬
‫في بعض الحيان تعسفيًا؛ لنه قد يؤدي‬ ‫المطبوعات والحكــــم على قيمتهــــا‬
‫فــــي بعــــض الحالت إلى اســــتبعــاد‬ ‫العلميـة‪ .‬كمـا أن الناشـر يتبـع سـياسة‬
‫مقــالت قيمة لسبب أو لخر‪ .‬وبالرغم‬ ‫معينة فيما يتعلق بالسلوب والخراج‬
‫مـن النقائص التـي يعانـي منهـا تحكيـم‬ ‫لجعــــل قراءة النــــص فــــي متناول‬
‫العمال العلميــة إل أنــه يبقــى شرط ً ـا‬ ‫الجمهور المســـتهدف‪ .‬و تمثـــل كـــل‬
‫سا للعتراف بالمنشورات‬
‫أســـــــــــــا ً‬ ‫هذه العوامـــــــل ضمان ًـــــــا للنهوض‬
‫اللكترونيــــــة ومســــــاواتها بالعمال‬ ‫بالمنشورات اللكترونيـــة‪ ،‬وهـــو مـــا‬
‫المطبوعة‪.‬‬ ‫يسـهم بشكـل فاعـل فـي تقدم العلم‬
‫الشرط الرابـــع‪ :‬أرشفـــة العمال‬ ‫وتمكين الباحث نفسه من الستفادة‬
‫اللكترونية في مكان محايد‪:‬‬ ‫مـــن منشوراتـــه اللكترونيـــة فـــي‬
‫إن حفـظ المنشورات اللكترونيـة‬ ‫مجالت الترقية الكاديمية والعتراف‬
‫فـــي مكان محايــــد مســـتقل عــــن‬ ‫بإسهاماته العلمية‪.‬‬
‫المؤلفـــــين والمؤســــسات التــــي‬ ‫الشرط الثالث‪ :‬خضوع مقالت‬
‫يتبعـــــونها (جامعات‪ ،‬مراكــــز أبحاث‬ ‫الدوريات اللكترونية للتحكيم ‪:‬‬
‫خاصــــــــة أو حكوميــــــــة و غيره )‬ ‫إن خضوع مقالت الدوريات‬
‫والناشرين يعتبر أمرا ً ضروري ًا لتفادي‬ ‫اللكترونيـة للتحكيـم‪ ،‬أي للتقييـم مـن‬
‫المخالفات العلميــــة أو التجاريــــة أو‬ ‫قبـل خـبراء مختصـــين فـي المجال (‬
‫القضائية‪.‬‬ ‫‪ ) Reviewers‬للتحقـــق مـــن قيمــــتها‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪88‬‬

‫هذه المسألة بعين العتبار وبكل جدية‬ ‫ويلحــظ المتتبــع للتطورات التــي‬
‫حتــى ترقــى العمال اللكترونيــة إلى‬ ‫تشهدهـا النترنـت كثيًرا مـن المواقـع‬
‫مستوى العمال المطبوعة‪.‬‬ ‫وصــفحات الويــب التــي تتغيــر يومي ً ـا‬
‫الشرط السادس‪:‬الوحدة العلمية‬ ‫دون الشارة إلى تاريـــــــــخ ول إلى‬
‫للعمال اللكترونية‪:‬‬ ‫النســخ الســابقة‪ .‬وتبعًــا لذلك فمــن‬
‫تتمتـع العمال المطبوعـة بتقاليـد‬ ‫الممكــن أن تتغيــر المعلومات التــي‬
‫يتضمنهــا نــص الوثيقــة فــي مســتوى‬
‫راسخة أضفت عليها بعض الخصائص‬
‫الخطــأ والصــواب مــن يوم إلى آخــر‪.‬‬
‫الكفيلة بضمان وحدتهـا فـي مسـتوى‬
‫ويكمـــن الحـــل لهذه المشكلة فـــي‬
‫المضمون فـــــي الزمان (باســـــتثناء‬
‫إيداع الوثائق اللكترونيــــة بالمكتبات‬
‫شيـــء واحـــد له علقـــة بعمـــر تلك‬
‫الوطنيـــة لحمايتهـــا مـــن التحريـــف‬
‫الوثائق) والمكان (ل يؤثــر على نقــل‬
‫وجعلهــــا تحظــــى بحقوق الملكيــــة‬
‫وعاء مكتوب مـن مكان إلى آخـر فـي‬ ‫الفكرية‪.‬‬
‫شيــء مــن نصــه ومحتواه)‪ .‬كمــا أن‬ ‫الشرط الخامــس‪ :‬إتاحــة الوثائق‬
‫بإمكان المســتفيد أن يرجــع إلى تلك‬ ‫اللكترونية للستخدام‪:‬‬
‫الوثائق فـــي أي وقـــت يشاء؛ لنهـــا‬ ‫وحتــى تتمتــع العمال اللكترونيــة‬
‫مودعة بالمكتبات ومراكز المعلومات‬ ‫بنفـس القيمـة التـي تحظـى بهـا الوثائق‬
‫بمختلف أنواعهـــا وفئاتهـــا‪ .‬وإذا مـــا‬ ‫المطبوعـــة‪ ،‬يجـــب أن تكون متاحـــة‬

‫أخذنا كل هذه الجوانب بعين العتبار‬ ‫للســـتخدام‪ ،‬أي أن يكون المســـتفيد‬


‫قادًرا على الوصـــول إليهـــا بســـهولة‬
‫نجـــد أن الوثائق اللكترونيـــة ل تقدم‬
‫ودون حواجــز مســتعصية‪ .‬وبديهــي أن‬
‫ول تتمتـع بضمانات كافيـة فيمـا يتعلق‬
‫تيســير ســبل وصــول المســتفيد إلى‬
‫بوحدتها‪.‬‬
‫الوثائق اللكترونيــة قــد يتصــادم مــع‬
‫و فيمـــــــــا يتعلق بالضبـــــــــط‬
‫حقوق التأليـف والنشـر التـي يتمتـع بهـا‬
‫الببليوغرافــــــــــي‪ ،‬نلحــــــــــظ أن‬ ‫كـــل مـــن المؤلف والناشـــر‪ .‬ويجدر‬
‫الببليوجرافيات الوطنيـــة والقليميـــة‬ ‫التنويـه فـي هذا السـياق بضرورة أخـذ‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪89‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫مكان إلى آخـر‪ .‬وتتلءم هذه الطريقـة‬ ‫والموضوعيــــــــــة والكشافات تقوم‬


‫مـع الوثائق اللكترونيـة التـي تكـــون‬ ‫بحصر الوثائق المطبوعة‪ .‬وفي نفس‬
‫على شكــل أقــــراص مدمجــة (‪OCD-‬‬ ‫السياق نجد أن المستفيدين قد ألفوا‬
‫‪ )ROM‬أو أقراص فيديو رقمية (‪)DVD‬‬ ‫تلك الدوات نتيجــة اســتخدامهم لهــا‬
‫أو أقراص مرنـة (‪ .)Floppy disk‬ولكـن‬ ‫لســترجاع المعلومات مــن الوعيــة‬
‫تبدو مثـــل هذه القنوات بدون معنـــى‬ ‫المطبوعــة‪ .‬وفــي المقابــل نجــد أن‬
‫عندمـــا يتعلق المـــر بتوزيـــع الوثائق‬ ‫بعــض أدوات الضبــط الببليوجرافــي‬
‫المتاحـة على الخـط المباشـر (‪Online‬‬ ‫المعروفـــة مثـــل الكشاف الطـــبي (‬
‫‪ .) documents‬ففــي مثــل هذه الحالة‬ ‫‪ ) Index Medicus‬ونشرة المستخلصات‬
‫يجـب مراجعـــة عـــدد مـــن الوظائف‬ ‫‪ ) Chemical‬ل‬ ‫الكيماويــــة ( ‪Abstracts‬‬

‫التقليديـــة مثـــل الترويـــج (‪)Publicity‬‬ ‫ما يذكــر بتغطيــة الوعيــة‬


‫تولي اهتما ً ـ‬
‫والطلب (‪ ) Order‬والعقــــــد ( ‪)contract‬‬ ‫اللكترونيـة إل فـي حالة توافرهـا فـي‬
‫والنقل ( ‪ ،) transfer‬و غيره‪.‬‬ ‫شكـل مطبوع وإلكترونـي فـي الوقـت‬
‫و امتدادًا لذلك ؛ فإن العارة‬ ‫نفســـه‪ .‬وعليـــه‪ ،‬فإن أدوات الضبـــط‬
‫المتبادلة بيــــن المكتبات تفقــــد أي‬ ‫الببليوجرافي المعروفة ل تغطي سوى‬
‫معنــى لهــا فــي هذا الســياق‪ .‬و بناء‬ ‫عدد محدود جدا ً من الوعية اللكترونية‬
‫على ذلك يجـــب اســـتنباط أســـاليب‬ ‫التـي ل يوجـد لهـا نظيـر مطبوع‪ .‬ويتوقـع‬
‫جديدة لتمكين المستفيد من الوصول‬ ‫أن يتغيــر هذا الوضــع فــي المســتقبل‬
‫إلى وثائق متوافرة فـي أماكـن أخرى‬ ‫بســـبب التطورات المتســـارعة التـــي‬
‫غيـــر المكتبات تأخـــذ بعيـــن العتبار‬ ‫تشهدها المعلومات الرقمية‪.‬‬
‫آليات النقــل (‪)transfer mechanism‬‬ ‫وفـي السـياق نفسـه يجـب إعادة‬
‫والجوانـــب القانونيـــة والماليـــة ذات‬ ‫النظـــر فـــي قنوات التوزيـــع‪ ،‬فهذه‬
‫العلقـــة‪ .‬و يتوقـــع أن تقوم بعـــض‬ ‫القنوات – بالنسبة للوثائق المطبوعة‬
‫المنظمات الدوليـــة مثـــل المنظمـــة‬ ‫– تعتمـد على نقـل الوعاء المادي مـن‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪90‬‬

‫وتجدر الشارة فـــــي هذا المقام‬ ‫العالميــة للملكيــة الفكريــــة ( ‪World‬‬

‫إلى أنــــه يمكــــن تركيــــب بعــــض‬ ‫‪ ) Intellectual property organization‬بوضع‬


‫البرمجيات لمنـــــــع مســـــــتخدمي‬ ‫المبادئ التشريعيـــــة ذات الصـــــلة‬
‫الحاســوب أو الشبكــة مــن الوصــول‬ ‫بالوعية الرقمية‪.‬‬
‫إلى مواقـــع معينـــة على النترنـــت‪.‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬الرقابة والمنشورات‬
‫وتعتـــبر هذه الطريقـــة مفيدة فـــي‬ ‫اللكترونية ‪:‬‬
‫حماية الطفال من التأثيرات السلبية‬ ‫تســتخدم عدة أطراف النترنــت‬
‫التــي يمكــن أن يتعرضوا لهــا بســبب‬ ‫لترويـج معلومات إباحيـة أو معلومات‬
‫المعلومات الباحية والمنافية للخلق‬ ‫عنصــرية تنــم عــن تعصــب عرقــي أو‬
‫الســائدة فــي المجتمــع والتــي تقوم‬ ‫مذهـبي أو دينـي‪ .‬و فـي واقـع المـر‪،‬‬
‫بترويجهـا بعـض المواقـع التـي تزعـم‬ ‫فإن هذه الظاهرة ليســــت قاصــــرة‬
‫تشبثهـــا بحريات التعـــبير‪ .‬وتحمــــل‬ ‫على النترنــــــــــــت أو المنشورات‬
‫برمجيات الحمايـة هذه أكثـر من اسم‬ ‫اللكترونيـــــــــة‪ ،‬إذ تقوم حتـــــــــى‬
‫مثــل ‪ Cyber Patrol‬و ‪ Surf Watch‬و ‪Net‬‬ ‫المنشورات المطبوعــة بترويــج مثــل‬
‫‪.Nanny‬‬ ‫هذه المعلومات‪ .‬ويكمــن الفرق بيــن‬
‫و يمكــن التنويــه عامــة بأنــه مــن‬ ‫عالم المعلومات الرقميـــــــــــــــــة‬
‫الصـعوبة بمكان تطـبيق الرقابـة على‬ ‫والفتراضيــــــــــة وعالم المعلومات‬
‫النترنــت وذلك‪ ،‬لنهــا تمثــل شبكــة‬ ‫المطبوعـــة فـــي التعامـــل مـــع هذه‬
‫دوليــة وليســت شبكــة محليــة يمكــن‬ ‫المســألة فــي أنــه توجــد تشريعات‬
‫التحكم فيها بشيء من اليسر‪ .‬و من‬ ‫وقوانيـن تنظـم الرقابـة على الوعيـة‬
‫المثلة التــي تدعــم هذا الرأي يمكــن‬ ‫المطبوعـة‪ .‬وفـي المقابـل ‪ ،‬فإن مثـل‬
‫التذكيـــــر بمؤلف الطـــــبيب الخاص‬ ‫هذه التشريعات غيــر موجودة عندمــا‬
‫للرئيــس الفرنســي الســابق ‪Francois‬‬ ‫يتعلق المـر بالرقابـة على المعلومات‬
‫‪ ،Mitterrand‬وهـــو كتاب يتناول إصـــابة‬ ‫الرقمية المتاحة عن طريق النترنت‪.‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪91‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫ويتدفـق فـي الوقـت الحاضـر عـبر‬ ‫الرئيـــس بســـرطان المثانـــة حيـــث‬


‫الحدود عدد مـــن الوثائق العنصـــرية‬ ‫أصــدرت إحدى المحاكــم الفرنســية‬
‫والنازيـة والفاشيـة والباحيـة ‪ ..‬الشيـء‬ ‫ما يمنــــــع تداول هذا الكتاب‪.‬‬
‫حك ًــــــ‬
‫الذي يجعــــــل أي إجراء تقوم بــــــه‬ ‫ولللتفاف حول هذا الحكـــــــــم قام‬
‫الشرطــة لتســليط الرقابــة أمرا ً غيــر‬ ‫المؤلف بوضـــــع الكتاب على نادل (‬
‫قابل للتطبيق‪.‬‬ ‫‪ ) Server‬بـــــــمدينــة بيزنســـــــون (‬
‫المبحـث الرابـع‪ :‬المنشورات الرقميـة‬ ‫حا على‬
‫‪ )Besancon‬لكـــي يصـــبح متا ًـــ‬
‫وتأثيراتهــا على تغييــر نظام التصــال‬ ‫النترنــت‪ .‬وعندمــا تفطنــت الجهزة‬
‫العلمي ‪:‬‬ ‫المنيـة لذلك قامـت بمصـادرة النادل‪.‬‬
‫يبدو أن نموذج التصـــال العلمـــي‬ ‫وفــــــي الوليات المتحدة صــــــوت‬
‫التقليدي الذي وضـع معالمـه كـل مـن‬ ‫الكونجرس سنة ‪1996‬م لصالح إدخال‬
‫جارفـي ( ‪ )Garvey‬وجريفـي ‪ Griffith‬بدأ‬ ‫تعديل قانوني يعرف بـ ‪Communication‬‬

‫يندثـر بعـد الزدياد الكبير المسـجل في‬ ‫‪ Decency Amendment‬يســمح بتســليط‬


‫عدد المطبوعات اللكترونيـة‪ ،‬وقـد نتـج‬ ‫الرقابـة الصارمة على وسائل التصال‬
‫عــــــن ذلك تحول مــــــن الورق إلى‬ ‫بعامــة وعلى النترنــت بخاصــة وذلك‬
‫اللكترونـــي ( ‪Shift from paper to‬‬ ‫لوضـع حـد لوجود المواقـع الباحيـة على‬
‫‪ )electronic‬وإن لم نزل بعيديـــن عـــن‬ ‫النترنـت ‪ .‬وأمام المعارضـة التـي لقيهـا‬
‫المجتمع اللورقي ( ‪)Paperless Society‬‬ ‫هذا القانون‪ ،‬اضطرت المحكمــة العليــا‬
‫الذي بشــر بــه لنكســتر ( ‪) Lancaster‬‬ ‫فـي الوليات المتحدة إلى إصـدار حكـم‬
‫في أواخـــــر السبعينيــات (‪1978‬م)‪،‬‬ ‫ينـــــص على عدم دســـــتورية القانون‬
‫فإن بعــض المجتمعات العلميــة مثــل‬ ‫المذكور ؛ لنــه يتنافــى مــع البنــد الول‬
‫مجتمــــع علماء الفيزياء بدأت تقترب‬ ‫مــــن الدســــتور المريكــــي المتعلق‬
‫كثيرا ً من ذلك‪.‬‬ ‫بحريات التعبير‪.‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪92‬‬

‫تنشــر مقالتهــم وترى النور‪ .‬كمــا أن‬ ‫ويرى بعـض الكاديمييـن مثـل ‪Paul‬‬
‫محكمــي تلك المقالت ( ‪Referees or‬‬ ‫‪ Ginsparg‬البرازيلي و ‪Jean-Claude‬‬
‫‪ ) reviewers‬يتشكلون مـــن الباحثيـــن‬ ‫‪ Guedon‬الكندي أن النموذج التقليدي‬
‫الذيــن ينتمون إلى جامعات‪ .‬وتقتصــر‬ ‫لنتاج الوعيـة المطبوعـة ل يمكـن أن‬
‫مهمة الناشر التجاري في هذه الحالة‬ ‫يســـتمر بســـبب التكلفـــة الماليـــة‬
‫على تصـحيح أخطاء الطباعـة وإخراج‬ ‫المرتفعـة التـي يتطلبهـا‪ .‬و يكفـي أن‬
‫عدد الدوريــة والتوزيــع‪ .‬ويتألف زبائن‬ ‫نشيـر فـي هذا السـياق إلى أن أسـعار‬
‫هؤلء الناشريــن مــن المكتبات التــي‬ ‫الشتراك فـي بعـض الدوريات ترتفـع‬
‫تخصــص جزءاً مــن مواردهــا الماليــة‬ ‫ســـنويًا وبطريقـــة منتظمـــة بنســـبة‬
‫للقتناء‪ .‬و تتأتــــى تلك الموارد مــــن‬ ‫تتراوح مــا بيــن ‪ 10‬و ‪ .% 20‬وبديهــي‬
‫السـلطات العامـة التـي تمول بدورهـا‬ ‫أن مثــل هذه الزيادة مــن شأنهــا أن‬
‫منــــح البحــــث ورواتــــب الباحثيــــن‬ ‫ترهـق ميزانيـة حلفائهـا السـاسيين أي‬
‫المنتجيــــن لتلك المقالت العلميــــة‪.‬‬ ‫المكتبات‪.‬‬
‫وهكذا تتبلور معالم المفارقـــة حيـــث‬ ‫وتمثـل المسـائل الماليـة المتعلقـة‬
‫تصبح السلطات العامة داعمة للبحث‬ ‫بالدوريات عامــة والدوريات العلميــة‬
‫العلمــي ومقتنيــة فــي الوقــت نفســه‬ ‫خاصــة مفارقــة عجيبــة‪ :‬فبينمــا نجــد‬
‫نتائجه بأسعار مرتفعة جداً‪.‬‬ ‫أصـــــــــــحاب المقالت ينتمون إلى‬
‫ويلحــظ المتمعــن فــي النموذج‬ ‫مجتمعات علميـــة ممولة فـــي أغلب‬
‫الجديـد الذي يقترحـه بعـض الناشريـن‬ ‫الحيان مـــن الســـلطات العامـــة أي‬
‫التجارييـــن مثـــل ‪ Elsevier‬و ‪ Springer‬و‬ ‫الجامعات ومراكــز البحــث ‪ ..‬نجــد أن‬
‫‪ ،Academic press‬فيمـا يتعلق بالدوريات‬ ‫هؤلء الباحثيــــــــن ل يتلقون مكافآت‬
‫اللكترونيــة أنــه ل يختلف فــي شيــء‬ ‫ماليـة مقابـل إنتاجهـم‪ .‬وعلى العكـس‬
‫عـــــن النموذج المتبـــــع فـــــي عالم‬ ‫مــن ذلك فقــد يضطرون فــي بعــض‬
‫المطبوع‪ .‬فالتغييـــر ل يمـــس ســـوى‬ ‫الحالت إلى دفــع مبالغ ماليــة لكــي‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪93‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫المنشورات اللكترونيــــة التــــي بدأت‬ ‫شكــــل الوعاء ( تحول مــــن الوعاء‬


‫تفرز اتجاهات وخيارات جديدة فـــــــي‬ ‫المطبوع إلى الوعاء اللكترونـــــي )‪،‬‬
‫مجال التصال العلمي‪.‬‬ ‫فوضـع المؤلف يبقـى كمـا كان عليـه‬
‫يشهـــد علم الفيزياء على ســـبيل‬ ‫فـــي الســـابق فيمـــا يتعلق بحقوق‬
‫المثال ثورة حقيقيـــــة فـــــي مجال‬ ‫التأليــف‪ .‬ويبدو أن الثقــل الذي يمثله‬
‫التصــال العلمــي‪ .‬فقــد أصــبح تداول‬ ‫الناشــر التجاري ســيزداد وفقًــا لهذا‬
‫نســـخ مـــا قبـــل النشـــر للبحوث (‬ ‫النموذج‪ .‬مــــن ذلك أن نظام ترســــيم‬
‫‪ ) Preprints‬أمرا ً شائعًـــا ومحبذا ً فـــي‬ ‫الخدمات الذي يقترحه هؤلء الناشرون‬
‫مجتمــــع علماء الفيزياء‪ .‬فقــــد كان‬ ‫والذي يتمثـل فـي دفـع مبلغ مالي كـل‬
‫تداول البحوث العلميــة فــي الفيزياء‬ ‫مرة يتـم فيهـا اسـتخدام المادة ( ‪Payper‬‬

‫يتـم منـذ بدايـة السـبعينيات فـي شكـل‬ ‫‪ )View‬ســـيزيد مـــن وطأة التكلفـــة‬
‫مطبوع ثـم فـي شكـل إلكترونـي منـذ‬ ‫الماليــــة التــــي تتحملهــــا المكتبات‪.‬‬
‫عقد ونصف ( ‪ 15‬سنة )‪ .‬فحالما تنجز‬ ‫وعليـــــه‪ ،‬فـــــإن كبـــــار الناشريـــن‬
‫هذه البحاث يبدأ تداولهــا فوري ً ـا على‬ ‫التجارييـــن ليرون فائدة فـــي تغييـــر‬
‫نطاق واســـع بدون خضوعهـــا ليـــة‬ ‫نموذج التصــال العلمــي الســائد فــي‬
‫رقابة‪ .‬ونتيجة لذلك يختفي الوسيط (‬ ‫الوقت الحالي‪.‬‬
‫الناشــر التجاري ) مــا بيــن المؤلف و‬ ‫و يســتخلص كــل مــن ‪ Ginsparg‬و‬
‫الباحـــث والقارئ ( أو المســـتفيد )‪.‬‬ ‫‪ Guedon‬أن نموذج التصــال العلمــي –‬
‫ومــن مزايــا نظام التوزيــع هذا أنــه‬ ‫الذي ظهر منذ القرن السابع عشر إثر‬
‫منخفــض التكلفــة مقارنــة بالتكلفــة‬ ‫صـدور دوريتيـن ‪ Journal des scavants‬فـي‬
‫التـي يتطلبهـا توزيـع دوريـة مطبوعـة‬ ‫فرنســا و ‪ Philosophical Transactions‬فــي‬
‫تقليديـة‪ .‬وتهافـت علماء الفيزياء على‬ ‫بريطانيـــــــــــا ‪ -‬والذي تبناه الناشرون‬
‫نظام التصـــال هذا لمـــا يوفره مـــن‬ ‫التجاريون‪ -‬قــــد وصــــل إلى طريــــق‬
‫مزايــا بوصــفهم منتجيــن للمعلومات‬ ‫مسـدودة‪ .‬ويرجـع ذلك إلى تنامـي عدد‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪94‬‬

‫في الرياضيات بدأوا يتبنونه‪.‬‬ ‫ومســتهلكين لهــا‪ .‬و يتوافــر لدى كــل‬
‫ومن ناحية أخرى فإن التطورات‬ ‫باحـث قائمـة للتوزيـع – غالب ًـا مـا تدار‬
‫التي تشهدها تكنولوجيا المعلومات‬ ‫مـن قبـل المختـبر الذي ينتمـي إليـه –‬
‫من الممكن أن تسهم في سقوط‬ ‫ضا عددًا كبيًرا من المكتبات‬
‫تشمل أي ً‬
‫نموذج التصال العلمي التقليدي‪.‬‬ ‫اللكترونية‪ .‬ويقوم الباحث إثر النتهاء‬
‫فقد بدأت تظهر نماذج في‬ ‫من كتابة مقالته بإرسالها إلى زملئه‬
‫البرمجيات للدارة اللية للدوريات‬ ‫ما‬
‫فــي مختلف بلدان العالم مســتخد ً‬
‫الرقمية‪ .‬فهذه البرمجيات تسمح‬ ‫البريـــد اللكترونـــي‪ .‬و تمتلك بعـــض‬
‫بصدور المقالت في شكل كراسات‬ ‫مراكـز البحـث مثـل المركـز الوربـي‬
‫وبإمكانها أن تبقى على مفهوم‬ ‫للبحاث النوويـــة ( ‪ ،) CERN‬ومركـــز‬
‫المجلد أو تلغيه‪ .‬وهي تضبط قائمة‬ ‫‪ Los Alamos‬فـــي البرازيـــل مكتبات‬
‫بالمشتركين الذين أبدوا رغبتهم في‬ ‫ضخمـة تتكون مجموعاتهـا مـن نسـخ‬
‫استلم الدوريات‪ ،‬وتتأكد وفقًا لمدد‬ ‫البحاث مـا قبـل النشـر‪ .‬ويعتقـد بعـض‬
‫زمنية منتظمة من رغبتهم في‬ ‫المختصـين فـي المجال مثـل ‪Ginsparg‬‬

‫مواصلة تسلم أعداد الدورية‪ .‬وتقوم‬ ‫أن هذا الرشيـف الخام يلبـي بصـورة‬
‫البرمجيات المذكورة بإرسال أعداد‬ ‫فعالة الحتياجات الفعليـــة للباحثيـــن‬
‫الدوريات عن طريق البريد‬ ‫فــي الفيزياء‪ .‬واســتنادا ً إلى ‪Ginsparg‬‬

‫اللكتروني باعتماد تقنيات تعـرف‬ ‫فإن هذا النموذج يوفر للباحث فرصة‬
‫بتكنولوجيا الدفــع ( ‪.) Push technology‬‬ ‫الوصـول النـي والحـر والمجانـي إلى‬
‫وتتمتع هذه التقنيات بالحذق‬ ‫المعلومات العلميــة‪ .‬والســؤال الذي‬
‫والمهارة ( ‪ ،)Sophisticated‬ويتوقع أن‬ ‫يطرح نفسه فـي هذا المقام هو‪ :‬هـل‬
‫يكون لها مستقبل واعد وأن ينتشر‬ ‫يمكـن تعميـم هذا النموذج على بقيـة‬
‫استخدامها‪ .‬وتبدو أسعار بعض‬ ‫الوســاط العلميــة ؟ والجابــة جزئيــة‬
‫على هذا الســؤال هــي أن الباحثيــن‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪95‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫إلى الدورية اللكترونية‪ .‬فالكساد‬ ‫البرمجيات معقولة إذ ل تتجاوز ‪1000‬‬


‫القتصادي الذي تشهده البلدان‬ ‫دولر‪.‬‬
‫المصنعة تسبب في تقلص الدعم‬ ‫ويتوقع أن يؤدي تطوير هذه‬
‫المالي الحكومي للمنشورات العلمية‬ ‫التكنولوجيا إلى اندثار نموذج التصال‬
‫والميزانيات المخصصة للمكتبات‪.‬‬ ‫العلمي السائد حاليا‪ .‬وبإمكان‬
‫ونتيجة لذلك تجد بعض الدوريات‬ ‫المجتمعات الكاديمية والعلمية‬
‫نفسها أمام خيارين‪ :‬إما الختفاء أو‬ ‫المتخصصة والتي ل تنتمي ل إلى‬
‫التحول إلى أوعية رقمية‪ .‬ويسود في‬ ‫العلوم الكبرى" ‪ " Super science‬ول إلى‬
‫أيامنا هذه توتر في العلقات القائمة‬ ‫الطب‪ ،‬أي أنها ل تتمتع بإمكانات‬
‫بين الناشرين (المنتجون) والباحثين‬ ‫مالية كبيرة‪ ،‬أن تصدر دوريات‬
‫ومختصي المعلومات (المستهلكون)‪.‬‬ ‫إلكترونية متطورة بإمكانات متواضعة‬
‫فالناشرون يحاولون الحفاظ على‬ ‫تتمثل في نادل ( ‪ ) Server‬صغير وبعض‬
‫المكاسب التي حققوها حتى وإن‬ ‫البرمجيات المعيارية ( ‪Standard Software‬‬

‫أدى المر إلى دعم التشريعات‬ ‫)‪ .‬ويوفر ذلك فرصة خاصة بالنسبة‬
‫المتعلقة بحقوق النشر‪ ،‬أما الباحثون‬ ‫للعلوم النسانية وللبلدان النامية كي‬
‫ومختصو المعلومات فيطمحون إلى‬ ‫تعرف بإنجازاتها العلمية‪ .‬ويكتسي‬
‫رؤية نماذج جديدة للتصال العلمي‬ ‫هذا المر أهمية خاصة بالنسبة لهذه‬
‫تكون مستقلة أكثر ما يمكن عن‬ ‫البلدان التي تواجه صعوبات للتعريف‬
‫عالم النشر التجاري الذي يضيق‬ ‫برصيدها العلمي لفتقارها للمكانات‬
‫عليهم الخناق‪ .‬ويبذل الناشرون‬ ‫اللزمة للغرض‪.‬‬
‫التجاريون كل جهدهم حتى يبقى‬ ‫ويرى بعض المهتمين بالموضوع‬
‫نموذج التصال العلمي على حاله بما‬ ‫أن الزمة المالية التي تشهدها‬
‫يكفل بقاء الــوعــاء اللكتروني مجرد‬ ‫البلدان الصناعية تمثل عامل ً آخر جاء‬
‫نسخة من الوعاء الورقي‪.‬‬ ‫ليسرع من تحول الدورية المطبوعة‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪96‬‬

‫يبرز‪ ،‬وهو ذلك الذي تفرزه‬ ‫المبحــــث الــــخــــامـــس‪:‬‬


‫مجموعات النقاش ( ‪ .) Newsgroups‬و‬ ‫الـجـــــامعــات العتبــــاريــــــة (‬
‫معروف أن الكثير من الغث يرافق‬ ‫‪ )Invisible college‬والنتـــاج الفكـــري‬
‫ما هو سمين ضمن المعلومات التي‬ ‫الـــرمادي (‪: )GreyLiterature‬‬
‫تبثها منابر مجموعات النقاش‪ .‬ومن‬ ‫يــــرى بعض المختصين في‬
‫المؤسف أن المعلومات المهمة التي‬ ‫التصــــال العلمــــي ( ‪Scientific‬‬

‫تروجها هذه المنابر ل يتم أرشفتها‪.‬‬ ‫‪ ) Communication‬أن وتيرة تبادل‬


‫وتجدر الشارة إلى أن عددًا كبيراً‬ ‫النتاج الفكري الرمادي ستزداد‬
‫من هذه المنابر متاح لعامة‬ ‫بفضل النتشار الواسع الذي يشهده‬
‫المستفيدين‪ .‬وفي المقابل نجد أن‬ ‫استخدام البريد اللكتروني من قبل‬
‫البعض الخر متاح عن طريق‬ ‫المجتمع العلمي على المستوى‬
‫الشتراك‪ .‬كما يأخذ عدد آخر من‬ ‫العالمي‪ .‬ونتيجة لذلك ستتقلص‬
‫هذه المنابر طابعًا سريًا ليمثل شكلً‬ ‫الحدود التي تفصل بين المطبوعات‬
‫جديدًا للتصال بين الفراد الذين‬ ‫الرسمية وبين النتاج الفكري‬
‫ينتمون إلى الجامعة العتبارية‪.‬‬ ‫الرمادي المتمثل أســـاسا في‬
‫في الماضي كان جزء من النتاج‬ ‫البحاث التي لــــم تنشــــر بعــــد (‬
‫الفكري الـــرمــــادي يتـــــم تبادله‬ ‫‪ .) Preprints‬فبعد أن كان توزيع‬
‫بطرق شفاهية أثناء انعقاد الندوات‬ ‫البحاث الورقية التي لم تنشر بعد‬
‫والمؤتمرات و ذلك من خلل‬ ‫مقتصًرا على مجموعة محدودة من‬
‫المعلومات التي في حوزة الباحثين‬ ‫الباحثين تغير المر في الوقت‬
‫والمتعلقة بأعمالهم البحثية‪ .‬و في‬ ‫الحالي ؛ إذ شهد توزيعها توس ًعا كبيًرا‬
‫الوقت الحاضر يتم تبادل نسبة مهمة‬ ‫بفضل خدمة البريد اللكتروني‪.‬‬
‫من هذه المعلومات بواسطة البريد‬ ‫وفي السياق نفسه بدأ شكل‬
‫اللكتروني‪ .‬ففي العالم الرقمي‪،‬‬ ‫جديد من النتاج الفكري الرمادي‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪97‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫يتطلب إنشاء المكتبات الرقمية‬ ‫يواصل الباحثون – بعد رجوعهم إلى‬


‫وإدارتها معرفة بالمسائل القانونية‪،‬‬ ‫المؤسسات التي يعملون بها – تبادل‬
‫بالضافة إلى الجوانب الفنية‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫المعلومات بواسطة البريد‬
‫تبرز مسألة حقوق التأليف قضية‬ ‫اللكتروني‪.‬‬

‫أساسية لدى الحديث عن الرقمنة أو‬ ‫سا على ما سبق‪ ،‬يبدو أن‬
‫و تأسي ً‬
‫اقتناء أوعية المعلومات الرقمية‪.‬‬ ‫التصال الرقمي له تأثير مزدوج على‬

‫وغالبًا ما تصاحب النسخة الرقمية‬ ‫أبعاد النتاج الفكـري الرمادي‪ .‬فمن‬

‫للوثيقة صورة سلبية توحي بإمكانية‬ ‫ناحية‪ ،‬أصبح جزء كبير من هذا النتاج‬

‫السرقة والقرصنة غير المحدودتين‬ ‫حا لعامة المستفيدين‪.‬‬


‫الفكري متا ً‬
‫تفوق في أبعادها ما تتعرض له أوعية‬ ‫ومن ناحية أخرى‪ ،‬يلحظ ظهور‬

‫المعلومات الورقية من ابتـــــــزاز‬ ‫شكل جديد من هذا النتاج الفكري‬

‫عـــــن طريـــــق آلت‬ ‫يتسم بالسرية ويبث من خلل‬

‫التصـــــويــــــر والنســـخ (‬ ‫مجموعات النقاش‪ .‬وتبعًا لذلك يبدو‬

‫‪ .) Photocopy machines‬كما أن عدم‬ ‫أن الجامعة العتبارية لم تتغير في‬

‫استقرار الوثائق الرقمية يجعل‬ ‫جوهرها ‪ ،‬إذ هي ل تزال تستند إلى‬

‫الطراف المعنية بالمر تشعر‬ ‫التصال الشخصي الشفاهي الذي‬

‫بالخشية من عدم السيطرة على‬ ‫أصبح يدعمه البريد اللكتروني‪.‬‬

‫توزيعها‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن التقنيات الحديثة جاءت‬

‫وتثير قضية حقوق التأليف ذات‬ ‫لتعطي الجامعة العتبارية بعدًا جديدًا‬

‫العلقة بالوثائق الرقمية مشاعر قلق‬ ‫غير مسبوق في مجال التصال‬

‫لدى كل من منتجي هذه الفئة من‬ ‫العلمي‪.‬‬

‫أوعية المعلومات والموزعين لها‬ ‫المبحــث الســادس‪ :‬حقوق التأليــف‬

‫والمستفيدين منها‪ ،‬والذين يرغبون‬ ‫والوصول إلى المعلومات ‪:‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪98‬‬

‫سا‬
‫و تضمن حقوق التأليف أسا ً‬ ‫في استغلل الوثائق المحمية من‬
‫تمتع صاحب العمل الفكري بحقوقه‬ ‫قبل هذه القوانين في إشباع‬
‫الدبية في المقام الول ‪ :‬أي العلقة‬ ‫حاجاتهم المعلوماتية‪ .‬ويلحظ في‬
‫الحميمة بينه وبين عمله‪ ،‬فالمؤلف‬ ‫هذا المجال أن العكس هو ما يمكن‬
‫هو الذي يختار بكل حرية السلوب‬ ‫أن يتحقق ‪ ،‬حيث بات بإمكان‬
‫الذي يراه مناسبًا لتقديم عمله إلى‬ ‫الدوات المعلوماتية أن تسمح‬
‫الجمهور‪ .‬وامتدادًا لذلك فهو الطرف‬ ‫بمراقبة الستخدام الفعلي للوثائق‬
‫الذي يحق له نسب العمل إليه ‪ :‬أي‬ ‫اللكترونية وقياسه بدقة وبفعالية‬
‫وضع اسمه عليه‪ .‬كما يحق للمؤلف‬
‫يفوق ما هو ممكن في عالم‬
‫العتراض على أي تحوير قد يتعرض‬
‫المطبوع‪.‬‬
‫له العمل ومن شأنه أن يسيء إليه (‬
‫‪ -1.6‬المبادئ العامة لحقوق التأليف ‪:‬‬
‫حقوق المحافظة على وحدة‬
‫تهدف حقوق التأليف إلى حماية‬
‫العمل )‪ .‬و إذا ما تبين له أن عمله قد‬
‫صاحب العمل الفكري الذي يمكن‬
‫تعرض لتغيير كبير ‪ ،‬فإنه يحق له إدخال‬
‫أن يأخذ أشكال ً مختلفة منها‪:‬‬
‫التعديلت المناسبة عليــه أو سحبــه‬
‫العمال المكتوبة والعمال‬
‫مــن السوق (حقوق السحب )‪.‬‬
‫الموسيقية وتلك التي تندرج ضمن‬
‫ويضاف إلى الحقوق الدبية الحقوق‬
‫الفنون الجميلة والعمال الفنية‬
‫المادية التي تضمن للمؤلف استغلل‬
‫التطبيقية وأعمال الفن التشكيلي‪.‬‬
‫عمله والتمتع بمنافع مالية‪ .‬وعلى‬
‫وتندرج حقوق التأليف في إطار‬
‫خلف الحقوق الدبية‪ ،‬فإنه بالمكان‬
‫تشريعي أوسع يعرف بحقوق الملكية‬
‫نقل الحقوق المادية إلى طرف آخر‬
‫( مثل الناشر أو الموزع على سبيل‬ ‫الفكرية التي تشمل بالخصوص حقوق‬

‫المثال ) أو إلى الورثة‪.‬‬ ‫العلمات المسجلة ( ‪) Trade Marks‬‬


‫وبراءات الختـراع‪.‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪99‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫المجال تباين كبير بين مدرستين‬ ‫وتجدر الشارة في هذا السياق‬


‫مختلفتين وهما ‪ :‬المدرسة الوربية‬ ‫إلى أن هنالك استثناءات منتشرة‬
‫والمدرسة النجلو سكسونية‪ .‬وتولي‬ ‫لتطبيق حقوق التأليف من أهما ‪:‬‬
‫المدرسة الولى مكانة بارزة للمؤلف‬ ‫التراخيص القانونية ( ‪) Legal Licensing‬‬
‫في حين تؤكد المدرسة الثانية على‬ ‫التي تشمل السماح باستخدام‬
‫حقوق المستفيد‪ .‬وعليه‪ ،‬ينصب‬ ‫المعلومات على المستوى الشخصي‬
‫الهتمام الساس للبلدان النجلو‬ ‫أو العائلي أو على النطاق الداخلي أو‬
‫سكسونية على ضمان الوصول الحر‬ ‫في أغراض تعليمية أو بحثية‪،‬‬
‫إلى المعرفة وعلى تمكين المكتبات‬ ‫والستشهاد بالعمل لغراض‬
‫من إعداد الدوات المناسبة لتحقيق‬ ‫مرجعية ؛ شريطة أن تكون مختصرة‬
‫ذلك الهدف‪ .‬ويمثل مبدأ مفهوم "‬ ‫وأن تشير بوضوح إلى المصدر‪.‬‬
‫الستخدام العادل "( ‪) Fair use‬‬ ‫وتتجاذب حقوق التأليف المتعلقة‬
‫المعيار الساس المعتمد في تقدير‬ ‫بالوثائق الرقمية مصالح متناقضة‬
‫النشطة التي تمارسها المكتبات في‬ ‫ولكنها متشابكة لطراف مختلفة‬
‫إتاحة المعلومات للستخدام من قبل‬ ‫منها ‪ :‬المؤلفون والمزودون‬
‫المستفيدين‪.‬‬ ‫بالمعلومات و المستفيدون‪ .‬فمن‬
‫وسواء تعلق المر بالمدرسة‬ ‫ناحية‪ ،‬يجب تشجيع البداع الفكري‬
‫الوربية أو بالمدرسة النجلو‬ ‫وتحفيزه ومكافأته ماديًّا حسب‬
‫سكسونية‪ ،‬فإن الهدف الساس هو‬ ‫القيمة التي يكتسيها العمل‪ .‬ومن‬
‫التوصل إلى توازن بين مصالح كل‬ ‫ناحية أخرى‪ ،‬يجب ضمان حق‬

‫الطراف المعنية بحقوق التأليف‬ ‫الوصول إلى المعلومات للجميع‬

‫ذات العلقة بالوثائق الرقمية‪ .‬و يبدو‬ ‫سا من العلن‬


‫باعتباره ركنًا أسا ً‬

‫هذا الهدف صعب المنال في الوقت‬ ‫العالمي لحقوق النسان الذي صدر‬
‫سنة ‪1948‬م‪ .‬و يلحظ في هذا‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪100‬‬

‫بدرجة كبيرة من دور المكتبات في‬ ‫الحاضر للتباين الكبير بين مصالح‬
‫الخارطة الجديدة لعالم المعلومات‪.‬‬ ‫المؤلفين والناشرين والموزعين‬
‫عبر الناشرون عن وجهة نظرهم‬ ‫والمستفيدين‪ .‬يجدر في هذا السياق‬
‫هذه إبان اجتماع المجلس الدولي‬ ‫إبراز وجهة نظر طرفين أساسين‬
‫لحقوق النشر ( ‪IPCC ) International‬‬ ‫معنيين بحقوق النشر وهما ‪:‬‬
‫‪ Publishers copyright Council‬في أبريل‬ ‫المزودون بالمعلومات الرقمية‬
‫سنة ‪1996‬م ‪ .‬وقد أكد البيان الختامي‬ ‫والمكتبات‪.‬‬
‫لجتماع المجلس المذكور الذي‬ ‫‪ - 2.6‬وجهــــــة نظــــــر المزوديــــــن‬
‫صدر في شكل وثيقة بعنوان "‬ ‫بالمعلومات الرقمية ‪:‬‬
‫المكتبات وحقوق النشر والبيئة‬ ‫يسعى الناشرون والمزودون‬
‫اللكترونية " ( ‪Libraries, copyright and‬‬ ‫بالمعلومات إلى وضع قوانين تحد‬
‫‪ ) the Electronic Environment‬أكد على‬ ‫بدرجة كبيرة من استخدام الوثائق‬
‫ضرورة مراجعة دولية شاملة لبعض‬ ‫الرقمية‪ .‬ويعتقد الناشرون المزودون‬
‫الجوانب ذات العلقة بالعارة وذلك‬ ‫بالمعلومات ‪ :‬أنه بإمكانهم تحقيق‬
‫بسبب الطبيعة الخاصة التي تميز‬ ‫ذلك بفضل تقنيات المعلومات‬
‫الوثائق الرقمية عن نظيراتها‬ ‫الحديثة التي تتيح إمكانية المراقبة‬
‫الورقية‪ .‬و يعتقد هذا المجلس أن‬ ‫الفعلية " للستخدام الجيد " للوثائق‬
‫الطرف المزود بالوثائق الرقمية‬ ‫التي تتدفق عبر النترنت أو حتى‬
‫الولية يجب أن يقتصر على‬ ‫على مستوى الشبكات المحلية‪.‬‬
‫الناشرين وذلك من دون وساطة‬ ‫ويحاول الناشرون في أماكن متفرقة‬
‫المكتبـات‪ .‬و عليه‪ ،‬يجب على‬ ‫من العالم تكوين جماعات ضغط‬
‫المكتبات أن تتأقلم مع الوضع الجديد‬ ‫لجعل أية عملية للوصول إلى الوثائق‬
‫وأن يقتصر دورها علـى ما يأتي‪:‬‬ ‫اللكترونية تخضع للرسوم وللحد‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪101‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫عليهم أن يكونوا مستعدين لدفع‬ ‫‪ -‬لن تكون المكتبات المؤسسات‬


‫رسوم! و وفقًا لهذه الرؤية ‪ ،‬فإن‬ ‫الوحيدة حيث يمكن الحصول‬
‫القيمة المضافة التي تضيفها‬ ‫على وثائق الرشيف‪.‬‬
‫المكتبات على أوعية المعلومات‪،‬‬ ‫‪ -‬إن تبادل العمال المحمية من‬
‫تصبح مطوية في عالم النسيان‪ ،‬أو‬ ‫قبل قانون حقوق التأليف عن‬
‫مكرسة لخدمة مصالح الناشرين‪.‬‬ ‫بعد يعتبر انتهاكًا للحقوق ذات‬
‫و إذا ما تحول الناشرون إلى‬ ‫العلقة بالنسخة الواحدة من‬
‫الجهة الراعية لحفظ الوثائق‬ ‫الوثيقة‪.‬‬
‫الرقمية‪ ،‬فإن ذلك يتضمن جملة من‬ ‫‪ -‬تكون المكتبات قد أدت مهمتها‬
‫المخاطر بالنسبة للحفاظ على‬ ‫كاملة إذا ما اقتصرت على‬
‫التراث الفكري النساني‪ .‬فالمبدأ‬ ‫الشارة إلى المستودعات‬
‫الذي يعمل وفقه الناشرون هو‬ ‫الخرى للوثائق اللكترونية‪.‬‬
‫تحقيق هامش من الربح‪ .‬وعليه‪،‬‬ ‫وتمثل النقطة الخيرة استفزاًزا‬
‫فعندما تصبح أوعية المعلومات‬ ‫للمكتبات‪ ،‬فهي تلمح إلى أنه يجب‬
‫الرقمية غير مدرة للربح‪ ،‬فإنها تفقد‬ ‫على المكتبات أن تواصل أنشطتها‬
‫أية قيمة في نظرهم‪ ،‬وهو ما سيؤدي‬ ‫التقليدية ‪ :‬من فهرسة وتصنيف‬
‫إلى إتلفها‪ .‬و هنا يتضح بصورة جلية‬ ‫وتكشيف وإعداد لبعض الدوات‬
‫أن الناشر ل يمكن أن يقوم مقام‬ ‫( مكانز‪ ،‬قوائم رؤوس موضوعـات‪،‬‬
‫المكتبات في الحفاظ على التراث‬ ‫خطط تصنيف‪ ،‬و غيرها )‪ ،‬وأن‬
‫الفكري النساني‪.‬‬ ‫تساعد على ربط المستفيدين‬
‫وعلى صعيد آخر يتضح أن‬ ‫بقواعد الناشرين للوثائق الولية‪ .‬وإذا‬
‫الناشرين عاجزون عن إدارة‬ ‫ما رغب هؤلء المستفيدون في‬
‫المعلومات الرقمية بفاعلية‪ .‬وخير‬ ‫الحصول على تلك الوثائق‪ ،‬فيجب‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪102‬‬

‫جا‬
‫جوانب المشكلة‪ .‬ويقترح نموذ ً‬ ‫دليل على ذلك أن مجلس ‪ IPCC‬يدعو‬
‫يضمن الوصول العادل إلى‬ ‫المكتبات إلى إعداد الفهارس التي‬
‫المعلومات مع احترام مصالح‬ ‫تحيل إلى مصادر المعلومات‬
‫الطراف التي تتمتع بحقوق التأليف‪.‬‬ ‫اللكترونية المشتتة‪ ،‬وهو ما تقوم به‬
‫ويوضح الجدول التالي الطراف‬ ‫المكتبات الفتراضية التي ما ينفك‬
‫والجوانب التي يأخذها برنامج‬ ‫عددها في ازدياد‪.‬‬
‫‪ EBLIDA‬بعين العتبار‪:‬‬ ‫‪ – 3.6‬وجهة نظر المكتبات ‪:‬‬
‫الجدول رقم (‪ :)2‬الطراف و‬ ‫تحاول المكتبات إزاء التحديات‬
‫الجوانب التي يأخذها برنامج‬ ‫المتأتية من الناشرين تنظيم نفسها‬
‫‪ EBLIDA‬بعين العتبار‬ ‫والتجمع في إطار جماعات ضغط‪.‬‬

‫مصدر‬ ‫نوع‬ ‫نوع‬ ‫وللمكتبات المريكية تجربة طويلة‬

‫الوثائق‬ ‫المكتبا‬ ‫المستفيد‬ ‫في مجال التفاوض ضمن التجمعات‪.‬‬

‫ت‬ ‫وفي أوربا اقترح المكتب الوربي‬

‫‪ -‬منتجة من‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬الدوائر‬ ‫لجمعيات المكتبات و المعلومات‬


‫قبل ناشرين‬ ‫الداخليـــــــة مكتبات‬ ‫والتوثيق ( ‪European Bureau of Library‬‬

‫‪ -‬مرقمنة‬ ‫وطنية‬ ‫بالمكتبة‬ ‫‪Information and Documentation‬‬


‫من قبل‬ ‫‪-‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ )Associations‬الذي يعرف اختصاًرا بـ‬
‫المكتبات‬ ‫مكتبات‬ ‫المستفيدون‬ ‫‪ – EBLIDA‬اقترح مجموعة من‬
‫جامعية‬ ‫المشتركون‬
‫المبادرات التي تهدف إلى حماية‬
‫ومدرسي‬ ‫في خدمات‬
‫المستفيدين‪ .‬ويحاول برنامج ‪EBLIDA‬‬
‫ة‬ ‫المكتبة‬
‫– المعروف بـ ‪European copyright user‬‬
‫‪-‬‬ ‫‪ -‬الخدمات‬
‫مكتبات‬ ‫المتاحة‬ ‫‪( platform‬ومختصره ‪ ECUP‬والذي‬

‫عامة‬ ‫بالمكتبة‪.‬‬ ‫وضع سنة ‪1993‬م) توضيح مختلف‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪103‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪104‬‬

‫مرة تستشار فيها الوثيقة تتمثل في‬ ‫ومن الجوانب اليجابية التي‬
‫إيقاف المكتبات الجامعية الكبرى‬ ‫يتضمنها برنامج ‪ ECUP‬عدم تعامله‬
‫لشتراكها في بعض الدوريات التي‬ ‫مع كل فئات المكتبات بالطريقة‬
‫تصدر عن هذه الفئة من الناشـرين‪.‬‬ ‫نفسها‪ ،‬فالهدف من وراء استخدام‬
‫وتأسس سنة ‪1997‬م الئتلف‬ ‫وثيقة بمكتبة جامعية يبقى في‬
‫الدولي لتجمع المكتبات ( ) ‪ICOLC‬‬ ‫المقام الول بحثيًّا وعلميًّا ودراسيًّا‪.‬‬
‫‪International Coalition of Library‬‬ ‫وفي المقابل فإن استخدام الوثيقة‬
‫‪ Consortia‬بدعوة من مكتبة جامعة ييل‬ ‫نفسها بمكتبة إحدى المؤسسات‬
‫( ‪ ) Yale University Library‬في الوليات‬ ‫القتصادية يمكن أن تكون له أهداف‬
‫المتحدة‪ .‬ويهدف هذا الئتلف – الذي‬ ‫اقتصادية تنافسية‪.‬‬
‫يضم أكثر من خمسين من شبكات‬ ‫ويشكل تكتل كل من‬
‫المكتبات الموجودة في كل من‬ ‫المستفيدين والمكتبات عامل ضغط‬
‫الوليات المتحدة وكندا وأستراليا‬ ‫ل يستهان به على الحتكار الذي‬
‫وألمانيا وهولندا‪ -‬إلى تمثيل قوة قوامها‬ ‫يمارسه الناشرون والذي أدى إلى‬
‫اللف من المكتبات القادرة على‬ ‫دفع رسوم مبالغ فيها حسب كل مرة‬
‫التفاوض على قدم المساواة مع‬ ‫تستخدم فيها الوثيقة‪ .‬وفي بعض‬
‫شركات النشر العابرة للقارات‪.‬‬ ‫البلدان الوربية مثل إيطاليا وألمانيا‬
‫ويهدف ائتلف ‪ ICOLC‬بالتحديد إلى‬ ‫واليونان فرضت حقوق المستفيد‬
‫التدخل في نقاط حساسة مثل‬ ‫نفسها‪ ،‬فأصبح معترفا بها‪ .‬وظهرت‬
‫استقرار أسعار الشتراك‪ ،‬والحتفاظ‬ ‫في الوليات المتحدة وسيلة ضغط‬
‫بنسخ خاصة‪ ،‬و أرشفة الدوريات‪،‬‬ ‫أكثر فعالية على استغلل النفوذ (‬
‫والعارة المتبادلة بين المكتبات‪.‬‬ ‫‪ )abuse of Power‬الذي يمارسه‬
‫يلحظ أن العمال التشريعية‬ ‫ما على كل‬
‫الناشرون بفرضهم رسو ً‬
‫المتعلقة بحقوق النشر ذات الصلة‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪105‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫أساطير وأوهامًا حول مزايا هذه‬ ‫بأوعية المعلومات الرقمية لم تنضج‬


‫المؤسسات السحرية‪ .‬و يبدو أن هذه‬ ‫بعـد‪ ،‬ولكن يبدو أن أغلب هذه‬
‫الساطير جاءت نتيجة لنظرة شديدة‬ ‫العمال يصب في مصلحة المكتبات‪.‬‬
‫المغالة بالنسبة للمستقبل ‪ ،‬ولعدم‬ ‫ونظمت المنظمة العالمية للملكية‬
‫اللمام بكل معطيات الواقع‪ .‬و مهما‬ ‫الفكرية ( ‪World Intellectual Property‬‬

‫يكن من أمر فإن هذه الساطير‬ ‫‪ ) Organization‬سنة ‪1996‬م اجتماعًا‬


‫تتضمن بعض الحقائق‪.‬‬ ‫لعضائها من الدول الموقعة على‬
‫تمثل النترنت انتصاًرا لحضارة‬ ‫اتفاقية بيرن لحقوق التأليف ( ‪Bern‬‬
‫الكتابة على طرق التصال الخرى‪،‬‬ ‫‪ .) Convention on Copyright‬ووقعت‬
‫وذلك بالرغم من أن شبكة الويب‬ ‫الدول المذكورة على اتفاقية تؤيد‬
‫بــــاتت تتيـــح المعلـــومات في‬ ‫في مجملها النشطة التي تمارسها‬
‫شكــــل وسائط متعددة (‬ ‫المكتبات‪ .‬وتنص هذه التفاقية على‬
‫‪ ،)Multimedia‬منها النص والصورة‬ ‫حماية العمال الرقمية مثلها مثل‬
‫والصوت‪ .‬فالنترنت تبقى ملئمة‬
‫بقية الفئات الخرى من العمال‪.‬‬
‫لتبادل النصوص أكثر منها لتبادل‬
‫وتسمح التفاقية للدول العضاء‬
‫ملفات الصور والتسجيلت الصوتية‬
‫بالقيام ببعض الستثناءات شريطة‬
‫التي تتطلب طاقة كبيرة لنقل كم‬
‫أن ل تخل بالستخدام المعتاد عليه‬
‫كبير من البيانات‪ .‬وهكذا تأتي‬
‫لهذه الوثائق‪.‬‬
‫النترنت لتعيد إحياء تقاليد التصال‬
‫المبحث السابع‪ :‬أوهام متعلقة‬
‫المكتوب الذي كاد يندثر بسبب‬
‫بالمكتبات الرقمية ‪:‬‬
‫سيادة التصال الشفهي (عن طريق‬
‫أدى ظهور المكتبات الرقمية إلى‬
‫الهاتف والذاعة‪ )...‬والمرئي (عن‬
‫انبهار العديد من الشرائح الجتماعية‬
‫طريق التلفزيون ‪ ،‬والفيديو‪.)...‬‬
‫فالتصال الذي بات سائدًا يتم‬ ‫بها بما في ذلك مختصو المعلومات‬
‫أنفسهم‪ .‬وعليه‪ ،‬بات الناس ينسجون‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪106‬‬

‫عرض معلومات متأنية من جميع‬ ‫بواسطة البريد اللكتــرونــي ‪ .‬و‬


‫الحواسيب المرتبطة ببعضها البعض‬ ‫عليـــه‪ ،‬أصبحـــت لـــوحة‬
‫بطريقة متجانسة‪ .‬غير أن معطيات‬ ‫المفــاتيــح (‪ )Keyboard‬والفأرة (‬
‫الواقع ل تميل إلى تأييد هذا الرأي‬ ‫‪ )Mouse‬تمثلن أدوات الكتابة‬
‫وذلك لسباب ذات صلة بمحتوى‬ ‫الجديدة‪ ،‬فمعرفة استخدام كل منهما‬
‫النترنت وافتقار ذلك المحتوى إلى‬ ‫يعتبر شرطًا أساسيًا لرفع المية‬
‫التنظيم‪ ،‬وهي مسائل ل علقة لها‬ ‫المعلوماتية‪.‬‬
‫بالجوانب الفنية‪ .‬و لئن كانت النترنت‬ ‫وعلى صعيد آخر ‪ ،‬فإن النترنت‬
‫تحتوي على قدر كبير من المعلومات‬ ‫التي تعتبر شبكة الشبكات يمكن أن‬
‫الجيدة فإن هذه المعلومات تبقى في‬ ‫تساعد المكتبات على تحقيق أحد‬
‫أمس الحاجة إلى التنظيم‪ .‬وتجعل هذه‬ ‫برامجها الدولية‪ ،‬أو بالحرى أحد‬
‫الخاصية استغلل المعلومات التي‬ ‫طموحاتها المهمة أل وهو ضمان‬
‫تحويها النترنت عملية صعبة‪ .‬وفي‬ ‫التاحـة العالميـة للمطبـوعات ‪Universal‬‬
‫المقابل نجد أن المكتبات تؤكد في‬ ‫‪.Availability of Publications‬‬
‫القيام بوظائفها على تنظيم المعلومات‬ ‫كما أن حلم مختصي المعلومات‬
‫بغرض تسهيل الوصول إليها‪.‬‬ ‫في التوصل إلى تأليف المعرفة (‬
‫ويرى بعض المختصين المواكبين‬ ‫‪ ) Knowledge synthesis‬يكاد يتحقق‬
‫للتطورات التي تحصل في النترنت‬ ‫بفضل الروابط التي يتضمنها النص‬
‫ما من المعلومات‬
‫أنها تضم حج ً‬ ‫المترابط (‪ .)hypertext‬ويمكن لنفس‬
‫يضاهي ذلك المتوافر بمكتبة‬ ‫الدوات أن تساعـــد علــــى‬
‫الكونجرس‪ .‬وقد تدفع هذه الظاهرة‬ ‫تحقيــــق حلــــم المكتبة‬
‫البعض إلى العتقاد بأن الرتباط‬ ‫الموسوعـــيـــــة (‪Encyclopedia‬‬
‫بالنترنت يجعل المعرفة بكاملها بين‬ ‫‪ .)Library‬وبناء عليه يمكن اعتبار‬
‫أنامل أصابعنا‪.‬وفي الواقع‪ ،‬فإن هذا‬ ‫النترنت بمثابة مكتبة افتراضية‬
‫العتقاد خاطئ؛ لن النترنت نادًرا ما‬ ‫بسبب أبعادها العالمية وقدرتها على‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪107‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫الوصول العادل إلى المعلومات‪ ،‬وذلك‬ ‫تتضمن أوعية معلومات تكون‬


‫مهما كان المكان الذي يوجد فيه‬ ‫متوافرة في شكل رقمي ومطبوع‬
‫المستفيد ومهما كان الوقت الذي‬ ‫في الوقت نفسه‪ ،‬فالنترنت تغطي‬
‫يرغب فيه الوصول إلى المعلومات‪ .‬و‬ ‫سا تلك الوعية التي تكون‬
‫أسا ً‬
‫سرعان ما يتبدد هذا الوهم عندما نرى‬ ‫متوافرة في شكل إلكتروني‪ .‬و لما‬
‫أن الوصول إلى المكتبات بدون جدران‬ ‫كان السواد العظم من الوعية غير‬
‫يتطلب الشتراك في خدمة النترنت‬ ‫متوافر في شكل إلكتروني وإنما في‬
‫وتوافر الجهزة اللزمة‪ ،‬وهو ما يقصي‬ ‫نسخ ورقية مطبوعة‪ ،‬فإن حدود‬
‫تلك الفئات الجتماعية التي تفتقر إلى‬ ‫تغطية شبكة الشبكات للنتاج‬
‫مثل هذه المكانات‪ .‬و لما كان المر‬ ‫الفكري النساني يبقى محدودًا جدًا‪.‬‬
‫كذلك فإن الهوة التي تفصل بين أغنياء‬ ‫ويزداد المر سوءا ً خاصة عندما‬
‫المعلومات وفقرائها ستتسع في‬ ‫يتعلق المر بالوثائق القديمة التي‬
‫المستقبل وسيتفاقم الوضع عندما‬ ‫يبقى تمثيلها ضعيفًا على النترنت‪.‬‬
‫ينجح الناشرون في تطبيق رسومهم‬ ‫ولما كانت تقنيات مسح الوثائق‬
‫المغالى فيها على استخدام المعلومات‬ ‫بغرض جعلها قابلة للقراءة‬
‫الرقمية‪.‬‬ ‫اللكترونية ل تزال تمثل عملية‬
‫ضا يخيم على‬ ‫َو َه ٌ‬
‫م آخر بات أي ً‬ ‫مكلفة على مستوى الجهد والوقت‬
‫أذهان كثير من الناس بما فيهم مختصو‬ ‫والمال‪ ،‬فإن العديد من المختصين‬
‫المعلومات أنفسهم مفاده أن إنشاء‬ ‫يعتقدون أنه ل يزال يتحتم على‬
‫المكتبات الرقمية أقل تكلفة من إنشاء‬ ‫المستفيد أن يتعامل مع المعلومات‬
‫المكتبات التقليدية‪.‬ولتبديد هذا الوهم‬ ‫في شكلها الورقي المطبوع‬
‫يكفي أن نشير إلى أن جزءا ً كبيًرا من‬ ‫واللكتروني خلل مدة طويلة‪.‬‬
‫ميزانية المكتبات الحالية مخصص‬ ‫و من الوهام الخرى السائدة في‬
‫للمعلوماتيـة ‪.‬ويتوقع أن ترتفع تكلفة‬ ‫هذا المجال أن المكتبات الرقمية‬
‫النشطة المكتبية ذات العلقة باقتناء‬ ‫ستمكن جميع الشرائح الجتماعية من‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ ‫‪108‬‬

‫في تقديرنا للمكتبات الرقمية‬ ‫الحواسيب وصيانتها والبرمجيات في‬


‫كمؤسسات معلومات سحرية وأن‬ ‫المستقبل‪ .‬كما أن تكلفة حفظ‬
‫ننفض غبار الوهام الذي ل يزال عالقًا‬ ‫الوثائق اللكتـرونية ســواء تعلق‬
‫بأذهاننـــا بخصــــوص خوارق هذه الفئة‬ ‫المــر بمقاربة إعادة التحــديث (‬
‫من المكتبات‪.‬‬ ‫‪ ،) Refreshing approach‬أو بالتــرحيل (‬
‫وبناءً على كل ما سبق‪ ،‬فإننا‬ ‫‪ ،)Migration approach‬أو المحاكـاة (‬
‫نميل إلى العتقاد بأن مؤسسات‬ ‫‪ )Emulation approach‬ستزيد من التكلفة‬
‫معلومات المستقبل الناجحة ستكون‬ ‫العامة لستغلل المعلوماتية من قبل‬
‫في شكل مكتبات هجينة (‪Hybrid‬‬ ‫مؤسسات المعلومات‪.‬‬

‫‪ )Libraries‬مثل مكتبة الكونجرس‬ ‫الخلصة و الستنتاجات ‪:‬‬

‫وليس مثل مكتبة النترنت العامة‬ ‫إن كل القضايا الفكرية ذات الصلة‬
‫بالمكتبات الرقمية‪-‬التي تناولتها هذه‬
‫‪ ،The Internet Public Library‬أي في‬
‫الدراسة‪ -‬ل تزال تطرح نفسهــا‬
‫شكل مكتبات تجمع بين الوثائق‬
‫بحـدة ‪ ،‬سيمــا وأن البت فيهــا لم‬
‫المطبوعة وبين أوعية المعلومات‬
‫يحسم بعد ‪ .‬وعليه‪ ،‬يجب أن تتظافر‬
‫الرقمية‪ .‬وهكذا فإنها ستجمع بين‬
‫جهود كل الطراف المعنية بهذه‬
‫الحسنيين أي أنها ستوفر للمستفيد‬
‫المسألة في البحث عن حلول‬
‫أكبر قدر ممكن من المزايا في‬
‫للمشكلت التي أفرزتها‪ .‬وما دام المر‬
‫مستوى شمولية المعلومات وفرص‬
‫كذلك يجب علينا أن نبتعد عن المغالة‬
‫الوصول إليها‪.‬‬
‫مراجع الدراسة‪:‬‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫‪109‬‬ ‫المكتبات الرقمية وبعض القضايا الفكرية‬

‫‪(6‬ديســمبر ‪2002‬م)‪-.‬ص‪125-107.‬‬ ‫‪ -2‬الحديثي‪ ،‬خبير‪" _.‬الوساط الرقمية‬


‫‪.‬‬ ‫والقانون"‪_.‬‬
‫‪ -6‬مجيـــــد‪ ،‬دحمان‪" _.‬تكنولوجيـــــا‬ ‫فــــــي‪ :‬تكنولوجيــــــا المعلومات‬
‫المعلومات الحديثــــــــــة وتطور‬ ‫والتشريعات القانونيــــــــة‪ ،‬أعمال‬
‫الحقوق"‪ _.‬فــــــي تكنولوجيــــــا‬ ‫الندوة العربيـــــــــــة الولى‬
‫المعلومات والتشريعات‬ ‫للمعلومات‪ 27-25 ،‬سبتمبر ‪1999‬‬
‫القانونيـــــــــــــة‪ ،‬أعمال الندوة‬ ‫م‪ ،‬جامعـــــة منتوري قســـــنطينة‬
‫العربيـــة الولى للمعلومات‪،‬‬ ‫الجزائر‪ _.2000 ،‬ص ‪.35-29‬‬
‫‪ 27-25‬ســـبتمبر ‪1999‬م‪ ،‬جامعـــة‬ ‫‪ -3‬الزهري‪ ،‬طلل ناظــم‪" _.‬التوزيــع‬
‫منتوري قســـــــــنطينة‪ ،‬الجزائر‪،‬‬ ‫اللكترونــــي للمعلومات بتقنيــــة‬
‫‪2000‬م – ص ‪.28-23‬‬ ‫النـــــص المترابـــــط"‪ _.‬المجلة‬
‫‪ -7‬يونس‪ ،‬عبدالرازق‪" _.‬أمن‬ ‫العربية للمعلومات‪ ،‬مج ‪ ، 22‬ع‬
‫المعلومات وحقوق الملكية‬ ‫‪2001( 1‬م) ‪ _.‬ص ‪.24 – 5‬‬
‫الفكرية"‪ .‬في‪ :‬تكنولوجيا المعلومات‬ ‫‪ -4‬صـوفي‪ ،‬عبـد اللطيـف‪"_.‬المكتبات‬
‫والتشريعات القانونية‪ ،‬أعمال‬ ‫وحقوق التأليـف الرقميـة والنشـر‬
‫الندوة العربية الولى للمعلومات‪،‬‬ ‫اللكترونـــي"‪ _.‬فـــي‪ :‬تكنولوجيـــا‬
‫‪ 27-25‬سبتمبر ‪1999‬م‪ ،‬جامعة منتوري‬ ‫المعلومات والتشريعات‬
‫قسنطينة الجزائر‪2000 ،‬م ‪ _.‬ص ‪-66‬‬ ‫القانونيـة‪ ،‬أعمال الندوة العربيـة‬
‫‪.81‬‬ ‫الولى للمعلومات‪27-25 ،‬‬
‫‪8- Banned Books Online‬‬ ‫ســبتمبر ‪1999‬م‪ ،‬جامعــة منتوري‬
‫‪http://www.Cs.cmu.edu/people/spok/bann‬‬ ‫قســـــنطينة الجزائر‪2000 ،‬م‪ ،‬ص‬
‫] ‪edbooks.html [visited on 25/5/2003‬‬ ‫‪.126-105‬‬
‫‪9- Borgman, C.L. “What are Digital‬‬ ‫‪ -5‬قدورة‪ ،‬وحيـــد‪"-.‬المكتبـــة الرقميـــة‬
‫‪Libraries? Competing Visions”.‬‬ ‫والنـص اللكترونـي‪ :‬أي تغييـر و أي‬
‫‪Information Processing Management,‬‬ ‫تأثيـــــر؟"‪ -.‬المجلة العربيـــــة‬
‫‪v.35 (1999).P.227-245.‬‬ ‫للرشيـــــــــف و التوثيـــــــــق و‬
‫المعلومات‪ ،‬ع ‪ ،12-11‬س‬

‫مج‪ ، 11‬ع‪ ،1‬المحرم ‪-‬‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫جمادى الخرة ‪1426‬هـ ‪ /‬فبراير ‪ -‬يوليو ‪2005‬م‬
‫عبدالمجيد بوعزة‬ 110

15- Kuny, terry and Gary Cleveland. “The 10- Fox, Edward A. and Urs, Shalini, R.
digital library: myths and challenges. “Digital Libraries”. ARIST, v.36
IFLA Journal, V. 24, no 2 (1998)._ P. (2002).P.518.
107 – 113. 11- Gravy, William D, and Blever
16- Lederberg, Joshua. _"Communication C.Griffith. Scientific (Communication
as the root of scientific Progress”. The its Role in the Conduct of Research
Scientist, v.3 (February 1993). – P 10-14. and Creation of Knowledge, key
17- Mater, Andri et Jean-Michel Salaun._ Papers in the Information Science.
"Propriété intellectuelle et E.D. by B.C.Griffith, New York,
bibliothèques francaises : leçons Knowledge Publication, 1980. P 38 -51.
Americaines et opportunités 12- Guedon, Jean – Claude." Les
européennes”.- Bulletin des bibliothèques a l’heure des réseaux
bibliothèques de France, no 43 (1998). télématiques Planétaires “. – Argus,
P.12-16. v.23, no 3 (1994).- P. 10 – 14
18- Peek, Robin Ed and Gregory B. 13- Hurd, Julie M, Ann. C.Weller and
Newby ed-. Scholarly, publishing: the Susan Y, Crawford.- “ The Changing
electronic Frontier. - Cambridge, MA: Scientific and technical
the MIT Press, 1996. communication system In Susan Y
19- Risher , Carol – PCC Statement : .Crawford . From Print to Electronic.
Library Copyright and the electronic The Transformation of Scientific
environment, International Communication, Melford, New Jersey,
PUBLISHER Copyright Council, Information Today, ASIS, 1996.
April 1996 LU http://www.Kaapeli.fi/- 14- Jacquesson, Alain and Alexis Rivier._
eblida/ecup/other- Bibiotheques et Documents
reports/IPCCapril96.html [visited on Numeriques: concepts, composantes,
16/5/2003 ] techniques of enjeux._ Paris: Cercle de
la Librairie, 1999.

- ‫ المحرم‬،1‫ ع‬، 11‫مج‬ ‫مجلة مكتبة الملك فهد الوطنية‬


‫م‬2005 ‫ يوليو‬- ‫ فبراير‬/ ‫هـ‬1426 ‫جمادى الخرة‬

You might also like