Professional Documents
Culture Documents
1
مقدمة في مطالع مهمة
الطلع الول
قال الزركشي ف قواعده ((إن تصنيف العلم فرض كفاية على من منحة ال فهما واطلعا فلو ترك
التصنيف لضيع العلم على الناس وقد قال تعال(وإذا أخذ ال ميثاق النبيي) الية ولن تزال هذه المة ف
ازدياد وترق ف الواهب والعلم)) انتهى
وقال نابغة البلغاء ابن القفع ف مقدمة الدرة اليتيمة ((وجدنا الناس قبلنا ل يرضوا با فازوا به من الفضل
لنفسهم حت أشركونا معهم فيما أدركوا من علم الول والخرة فكتبوا به الكتب الباقية وكفونا مؤونة
التجارب والفطن وبلغ من اهتمامهم بذلك أن الرجل منهم كان يفتح له الباب من العلم والكلمة من
الصواب وهو بالبلد غيالأهول فيكتبه على الصخور مبادرة منه للجل وكراهية لن يسقط ذلك على من
بعده فكان صنيعهم ف ذلك صنيع الوالد الشفيق على ولده الرحيم بم الذي يمع لم الموال والعقد
إرادة أن ل تكون عليهم مؤونة ف الطلب وخشية عجزهم إن هم طلبوا فمنتهى علم عالنا ف هذا الزمان
أن يأخذ من علمهم وغاية إحسان مسننا أن يقتدى بسيتم وأحسن ما يصيب من الديث مدثنا أن
ينظر ف كتبهم فيكون كأنه إياهم ياور ومنهم يستمع غي أن الذي ند ف كتبهم هو النتخل ف آرائهم
والنتقى من أحاديثم ول تدهم غادروا شيئا يد واصف بليغ ف صفة له مقالً ل يسبقوه إليه ل ف تعظيم
ل عز وجلن وترغيب فيما عنده ول ف تصغي للدنيا وتزهيد فيها ول ف ترير صنوف العلم وتقسيم
أقسامه وتزئة أجزاءها وتوضيح سبلها
ص37:
وتبيي مآخذهم ول ف وجوه الدب وضروب الخلق فلم يبق ف جليل من المر لقائل بعدهم مقال
وقد بقيت أشياء من عمل المور فيها مواضع لصغار الفطن مشتقة من جسام حكم الولي وقولم ومن
ذلك بعض ما أنا كاتب ف كتاب من أبواب الدب الت يتاج إليها الناس)) انتهى كلمه
وف قوله (وقد بقيت) فتح لباب التصنيف على نو هذا العن وقد قالوا ينبغي أن ل يلو تصنيف من أحد
العان الثمانية الت تصنف لا العلماء وهي -1اختراع معدوم -2أو جع مفترق -3أو تكميل ناقص
-4أو تفصيل ممل -5أو تذيب مطول -6أو ترتيب ملط -7أو تعيي مبهم -8أو تبيي خطأ
كذا عدها أبو حيان ويكن الزيادة فيها
قال مل كاتب جلب رحه ال ((ومن الناس من ينكر التصنيف ف هذا الزمان مطلقا ول وجه لنكاره من
أهله وإنا يمله عليه التنافس والسد الاري بي أهل العصار وال در القائل
2
(قل لن ل يرى العاصر شيئا ويرى للوائل التقديا)
(إن ذاك القدي كان حديثا وسيبقى هذا الديث قديا)
وأعلم أن نتائج الفكار ل تقف عند حد وتصرفات النظار ل تنتهي إل غاية بل لكل عال ومتعلم منها
حظ يرزه ف وقته القدر له وليس لحد أن يزاحه فيه لن العال العنوي واسع كالبحر الزاخر والفيض
اللي ليس له انقطاع ول آخر والعلوم منح إلية ومواهب صمدانية فغي مستبعد أن يدخر لبعض
التأخرين ما ل يدخر لكثي من التقدمي فإنا يستجاد الشيء يسترذل لودته ورداءته ف ذاته ل تقدمه
وحدوثه فيقتصر الخر على ما قدم الول من الظاهر وهو خطر عظيم وقول سقيم كما قال عليه الصلة
والسلم
ص38:
((أمت أمة مباركة ل يدري أولا خي أو آخرها)) رأيت آخر كل طبقة وأضعى كل حكمة ومؤلفى كل
أدب أهذب لفظا وأسهل لغة وأحكم مذاهب وأوضح طريقة من الول لنه ناقض متعقب والول بادي
متقدم))
وف كتاب ((جامع بيان العلم وفضله)) للحافظ ابن عبد الب عن علي رضي ال عنه أنه قال ف خطبة
خطبها ((واعلموا أن الناس أبناء ما يسنون وقدر كل آمري ما يسن فتكلموا ف العلم تتبي أقداركم))
قال ابن عبد الب ((ويقال إن قول علي بن أب طالب قيمة كل امرئ ما يسن ل يسبقه إليه أحد وقالوا
((ليس كلمة أحض على طلب العلم منها)) وقالوا (( ول كلمة أضر بالعلم والعلماء والتعلمي من قول
القائل ((ما ترك الول للخر شيئا)) انتهى
الطلع الثان
أتأسى ف هذا التصنيف اليمون بقول السيد مرتضى اليمان رحه ال ف كتابه ((إيثار الق على اللق))
((وإنا جعت هذا الختصر البارك إن شاء ال تعال لن صنفت لم التصانيف وعنيت بدايتهم العلماء
وهم من جع خسة أوصاف معظهما الخلص والفهم والنصاف ورابعها -وهو أقلها وجودا ف هذه
العصار -الرص على معرفة الق من أقوال الختلفي وشدة الداعي إل ذلك الامل على الصب
والطلب كثيا وبذل الهد ف النظر على النصاف ومفارقة العوائد وطلب الوابد))
3
قال رحه ال وإذا عظم الطلوب قل الساعد وطالب الق اليوم شبيه بطلبه ف أيام الفترة وهم سلمان
الفارسي وزيد بن عمرو بن نفيل وأضرابما رحهما ال تعال فإنم قدوة الطالب للحق وفيهم له أعظم
أسوة فإنم لا حرصوا
ص39:
على الق وبذلوا الهد ف طلبه بلغهم ال إليه وأوقفهم عليه وفازوا من بي العوال المة فكم أدرك الق
طالبة ف زمن الفترة وكم عمي عنه الطلوب له ف زمن النبوة فاعتب بذلك واقتد بأولئك فإن الق ما زال
مصونا عزيزا نفيسا كريا ل ينال مع الضراب عن طلبه وعدم التشوف والتشوق إل سببه ول يهجم
على البطلي العرضي ول يفاجئ أشباه النعام الغافلي ولو كان كذلك ما كان على وجه الرض مبطل
ول جاهل ول بطال ول غافل)) انتهى كلمه رحه ال تعال
الطلع الثالث
لخفاء أن وقد أتفق أن رأيت ف ((الزهر)) للسيوطي هذا اللحظ حيث قال ف ترجة ((ذكر من سئل
عن شيء فلم يعرفه فسأل من هو أعلم منه)) ما نصه
قاله الافظ أبو طاهر السلفي سعت أبا السن الصيف يقول سعت أبا عبد ال الصوري يقول قال ل
عبد الغن بن سعيد ((لا وصل كتاب إل أب عبد ال الاكم أجابن بالشكر عليه وذكر أنه أمله على
الناس وضمن كتابه إل العتراف بالفائدة وأنه ل يذكرها إل عن)) وأن أبا العباس ممد بن يعقوب
الصم حدثهم قال حدثنا العباس بن ممد الدوري قال سعت أبا عبيد يقول ((من شكر العلم أن تستفيد
الشيء فإذا ذكر لك قلت خفي على كذا وكذا ول يكن ل به علم حت أفادن فلن فيه كذا وكذا فهذا
شكر العلم ))
ص40:
الطلع الرابع
قال الافظ أبو الفضل ابن حجر ((أول من صنف ف الصطلح القاضي أبو ممد الرامهرمزي فعمل
كتابه ((الحدث الفاصل)) لكنه ل يستوعب والاكم أبو عبد ال النيسابوري لكنه ل يهذب ول يرتب
وتله أبو نعيم الصبهان فعمل كتابه مستخرجا وأبقى أشياء للمتعقب ث جاء بعده الطيب البغدادي
فعمل على قواني الرواية كتابا ساه ((الكفاية)) وف آدابا كتابا ساه ((الامع لداب الشيخ والسامع))
وقل فن من فنون الديث إل وقد صنف فيه كتابا مفردا فكان كما قال الافظ أبو بكر بن نقطة ((كل
4
من أنصف علم أن الحدثي بعده عيال على كتبه)) ث جع من تأخر عنه القاضي عياض كتابه
((اللاع)) وأبو حفص الياني جزءا ساه ((ما ل يسع الحدث جهله)) والافظ أبو بكر بن أحد
القسطلن ف ((النهج البهج عند الستماع لن رغب ف علوم الديث على الطلع)) إل أن جاء
الافظ المام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلح الشهرزوري نزيل دمشق فجمع لا ول تدريس
الديث بالدرسة الشرفية العروفة بدار الديث كتابه الشهور فهذب فنونه وأمله شيئا فشيئا واعتن
بتصانيف الطيب الفرقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيها نب فوائدها فاجتمع ف كتابه ما
تفرق ف غيه فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيه فمنهم الختصر له كالنووي ف تقريبه والناظم له
كالعراقي والستدرك والعارض فجزاهم ال خيا)) انتهى
ما ستقف على العزو إليه بوله تعال وقوته وهو نعم العي
ص41:
الباب الول
ف التنويه بشأن الديث وفيه مطالب
-1شرف علم الديث
عن أب نيح العرباض بن سارية السلمي رضي ال عنه قال وعظنا رسول ال موعظة وجلت منها القلوب
وذرفت منها العيون قلنا ((يا رسول ال كأنا موعظة مودع فأوصنا)) قال أوصيكم بتقوى ال والسمع
والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيى اختلفا كثيا فعليكم بسنت وسنة اللفاء
الراشدين الهديي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومدثات المور فإن كل بدعة ضللة)) رواه المام أحد
وأبو داود والترمذي وقال ((حديث حسن)) وأبو نعيم وقال ((حديث جيد من صحيح حديث
الشاميي)) وف بعض الطرق ((فماذا تعهد إلينا)) قال ((تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها فل يزيغ
عنها إل هالك ومن يعش منكم فسيى اختلفا كثيا فعليكم با عرفتم من سنت وسنة اللفاء الراشدين
الهديي عضوا عليها بالنواجذ)) وف بعضها ((فإن كل مدثة بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف
النار))
قال الافظ النذري ((وقوله عضوا عليها بالنواجذ أي اجتهدوا على السنة وألزموها واحرصوا عليها كما
يلزم العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته والنواجذ النياب أو الضراس))
5
وعن عبد ال بن عمرو بن العاصي رضي ال عنه أن رسول ال قال ((العلم ثلثة آية مكمة أو سنة قائمة
أو فريضة عادلة وما سوى ذلك فهو فضل)) رواه أبو داود وابن ماجه
ص43:
وعن جابر رضي ال عنه قال ((كان رسول ال يقول ف خطبته ((أما بعد فإن أصدق الديث كتاب ال
وإن أفضل الدي هدي ممد وشر المور مدثاتا وكل مدثة بدعة نو ما تقدم)) رواه المام أحد
ومسلم وغيها
وف رواية ((أما بعد فإن خي الديث كتاب ال وخي الدى هدي ممد الديث))
قال المام النووي قدس ال سره ((إن من أهم العلوم تقيق معرفة الحاديث النبويات أعن معرفة متونا
صحيحها وحسنها وضعيفها وبقية أنواعها العروفات ودليل ذلك أن شرعنا مبن على الكتاب العزيز
والسنن الرويات وعلى السنن مدار أكثر الحكام الفقهيات فإن أكثر اليات الفروعيات مملت وبيانا
ف السنن الحكمات وقد اتفق العلماء على أن من شرط الجتهد من القاضي والفت أن يكون عالا
بالحاديث الكميات فثبت با ذكرناه أن الشتغال بالديث من أجل العلوم الراجحات وأفضل أنواع
الي وآكد القربات وكيف ل يكون كذلك وهو مشتمل على بيان حال أفضل الخلوقات عليه من ال
الكري أفضل الصلوات والسلم والبكات ولقد كان أكثر اشتغال العلماء بالديث ف العصار الاليات
حت لقد كان يتمع ف ملس الديث من الطالبي ألوف متكاثرات فتناقص ذلك وضعفت المم فلم يبق
إل آثار من آثارهم قليلت وال الستعان على هذه الصيبة وغيها من البليات وقد جاء ف فضل إحياء
السنن الماتات أحاديث كثية معروفات مشهورات فينبغي العتناء بعلم الديث والتحريض عليه لا
ذكرنا من الدللت ولكونه أيضا من النصيحة ل تعال وكتابه ورسوله وللئمة والسلمي والسلمات
وذلك هو الدين كما صح عن سيد البيات ولقد أحسن القائل ((من جع أدوات الديث استنار قلبه
واستخرج كنوزه الفيات وذلك لكثرة فوائده البارزات والكامنات وهو جدير بذلك فإنه كلم أفصح
اللق ومن أعطى جوامع الكلمات صلى ال عليه وآله وسلم صلوات متضاعفات))
وقال العلمة الشهاب أحد النين الدمشقي النفي ف القول السديد ((إن علم الديث
ص44:
علم رفيع القدر عظيم الفخر شريف الذكر ل يعتن به إل كل حب ول يرمه إل كل غمر ول تفن
ماسنه على مر الدهر ل يزل ف القدي والديث يسمو عزة وجللة وكم عز به من كشف ال له عن
6
مبآت أسراره وجلله إذ به يعرف الراد من كلم رب العالي ويظهر القصود من حبله التصل التي
ومنه يدري شائل من سا ذاتا ووصفا واسا ويوقف على أسرار بلغة من شرف اللئق عربا وعجما
وتتد من بركاته للمعتن به موائد الكرام من رب البية فيدرك ف الزمن القليل من الول الليل القامات
العلية والرتب السنية من كرع من حياضه أو رتع ف رياضه فليهنه النس ين جنانه السنة الحمدية
والتمتع بقصورات خيام القيقة الحدية وناهيك بعلم من الصطفى بدايته وإليه مستنده وغايته وحسب
الراوي للحديث شرفا وفضلً وجللة ونبلً أن يكون أول سلسلة آخرها الرسول وإل حضرته الشريفة
با النتهاء والوصول وطالا كان السلف الصال يقاسون ف تمله شدائد السفار ليأخذوه عن أهله
بالشافهة ول يقنعون بالنقل من السفار فربا ارتكبوا غارب الغتراب بالرتال إل البلدان الشاسعة
لخذ حديث عن إمام انصرت رواتيه فيه أو لبيان وضع حديث تتبعوا سنده حت انتهى إل من يتلق
الكذب ويفتريه وتأسي بم من بعدهم من نقلة الحاديث النبوية وحفظة السنة الصطفوية فضبطوا
السانيد وقيدوا منها كل شريد وسبوا الرواة بي تريح وتعديل وسلكوا ف ترير الت أقوم سبيل ول
غرض لم إل الوقوف على الصحيح من أقوال الصطفى وأفعاله ونفي الشبهة بتحقيق السند واتصاله فهذه
هي النقبة الت تتسابق إليها المم العوال والأثرة الت يصرف ف تصيلها اليام والليال))
وقال المام أبو الطيب السيد صديق خان السين الثري عليه الرحة والرضوان قي كتابة ((الطة))
((أعلم أن آنف العلوم الشرعية ومفتاحها ومشكاة الدلة السمعية ومصباحها وعمدة الناهج اليقينية
ورأسها ومبن شرائع السلم وأساسها ومستند الروايات الفقهية كلها ومآخذ الفنون الدينية دقها وجلها
وأسوة جلة الحكام وأسها
ص45:
وقاعدة جيع العقائد وأسطقسها وساء العبادات وقطب مدراها ومركز العاملت ومط حارها وقارها
هو علم الديث الشريف الذي تعرف به جوامع الكلم وتنفجر منه ينابيع الكم وتدورعليه رحى الشرع
بالسر وهو ملك كل نى وأمر ولوله لقال من شاء ما شاء وخبط الناس خبط عشواء وركبوا مت
عمياء فطوب لن جد فيه وحصل منه على تنويه يلك من العلوم النواصي ويقرب من أطرافها البعيد
القاصي ومن ل يرضع من دره ول يص ف بره ول يقتطف من زهره ث تعرض للكلم ف السائل
والحكام فقد جار فيما حكم وقال على ال تعال ما ل يعلم كيف وهو كلم رسول ال والرسول
أشرف اللق كلهم أجعي وقد أوتى جوامع الكلم وسواطع الكم من عند رب العالي فكلمه أشرف
7
الكلم وأفضلها وأجع الكم وأكملها كما قيل ((كلم اللوك ملوك الكلم)) وهو تلو كلم ال العلم
وثان أدلة الحكام فإن علوم القرآن وعقائد السلم بأسرها وأحكام الشريعة الطهرة بتمامها وقواعد
الطريقة القة بذافيها وكذا الكشفيات والعقليات بنقيها وقطميها تتوقف على بيانه فإنا ما ل توزن
بذا القسطاس الستقيم ول تضرب على ذلك العيار القوي ل يعتمد عليها ول يصار إليها فهذا العلم
النصوص والبناء الرصوص بنلة الصراف لواهر العلوم عقليها ونقليها وكالنقاد لنقود كل الفنون اصليها
وفرعيها من وجوه التفاسي والفقهيات ونصوص الحكام ومآخذ عقائد السلم وطرق السلوك إل ال
سبحانه وتعال ذي اللل والكرام فما كان منها كامل العيار ف نقد هذا الصراف فهو الري بالترويج
والشتهار وما كان زيفا غي جيد عند ذاك النقاد فهو القمي بالرد والطرد والنكار فكل قول يصدقه
خب الرسول فهو الصلح للقبول وكل ما ل يساعده الديث والقرآن فذلك ف القيقة سفسطة بل
برهان فهي مصابيح الدجى ومعال الدى وبنلة البدر الني من أنقاد لا فقد رشد واهتدى وأوتى الي
الكثي ومن أعرض عنها وتول فقد غوى وهوى وما زاد نفسه إل التخسي فإنه نى وأمر وأنذر وبشر
وضرب المثال وذكر وإنا لثل
ص46:
القرآن بل هي أكثر وقد أرتبط با اتباعه الذي هو ملك سعادة الدارين والياة البدية بل مي كيف وما
الق إل فيما قاله أوعمل به أو قرره أو أشار إليه أو تفكر فيه أو خطر بباله أو هجس ف خلده واستقام
عليه فالعلم ف القيقة هو علم السنة والكتاب والعمل العمل بما ف كل إياب وذهاب ومنلته بي العلوم
منلة الشمس بي كواكب السماء ومزية أهله على غيهم من العلماء مزية الرجال على النساء ((وذلك
فضل ال يؤتيه من يشاء)) فياله من علم سيط بدمه الق والدى ونيط بعنقه الفوز بالدرجات العلى وقد
كان المام ممد بن علي بن السي عليه السلم يقول ((إن من فقه الرجل بصيته أو فطنته بالديث))
ولقد صدق فإنه لو تأمل التأمل بالنظر العميق والفكر الدقيق لعلم أن لكل علم خاصية تتحصل بزاولته
للنفس النسانية كيفية من الكيفيات السنة أو السيئة وهذا علم تعطى مزاولته صاحب هذا العلم معن
الصحابية لنا ف القيقة هي الطلع على جزئيات أحواله ومشاهدة أوضاعه ف العبادات والعادات
كلها وعند بعد الزمان يتمكن هذا العن بزاولته ف مدركة الزاول ويرتسم ف خياله بيث يصي ف حكم
الشاهدة والعيان وإليه أشار القائل بقوله
(أهل الديث هوا أهل النب وإن ل يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا)
8
ويروي عن بعض الصلحاء أنه قال ((أشد البواعث وأقوى الدواعي ل على تصيل علم الديث لفظ
((قال رسول ال )) فالاصل أن أهل الديث كثر ال تعال سوادهم ورفع عمادهم لم نسبة خاصة
ومعرفة مصوصة بالنب ل يشاركهم فيها أحد من العالي فضل عن الناس أجعي لنم الذين ل يزال
يري ذكر صفاته العليا وأحواله الكرية وشائله الشريفة على لسانم ول يبح تثال جاله الكري وخيال
وجهه الوسيم ونور حديثه الستبي يتردد ف حاق وسط جنانم فعلقة باطنهم بباطنه العلي متصلة ونسبة
ظاهرهم بظاهرة النقي مسلسلة فأكرم بم من كرام يشاهدون عظمة السمي حي يذكر السم ويصلون
عليه كل لحة ولظة بأحسن الد والرسم))
ص47:
-2فضل راوي الديث
كفى خادم الديث فضلً دخوله ف دعوته حيث قال ((نضر ال امرأ سع مقالت فحفظها ووعاها
وأداها)) رواه الشافعي والبيهقي عن ابن مسعود وأخرجه أبو داود والترمذي بلفظ ((نضرال امرأ سع منا
شيئا فبلغه كما سعه فرب مبلغ أوعى من سامع)) قال الترمذي ((حسن صحيح)) وعن زيد بن ثابت
قال سعت رسول ال يقول ((نضر ال الرء سع منا حديثا فبلغه غيه فرب حامل فقه إل من هو أفقه منه
ورب حامل فقه ليس بفقيه)) رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماحه بزيادة وعن أنس بن
مالك قال خطبنا رسول ال بسجد اليف من من فقال ((نضر ال امرأ سع مقالت فحفظها ووعاها
وبلغها من ل يسمعها الديث)) رواه الطبان وروي نوه المام أحد وغيه عن جبي بن مطعم
قال سفيان بن عيينة ((ليس من أهل الديث أحد إل وف وجهه نضرة لذا الديث))
وقال ((اللهم أرحم خلفائي)) قيل ومن خلفاؤك قال ((الذين يأتون من بعدي يروون أحاديثي ويعلمونا
الناس)) رواه الطبان وغيه
وكأن تلقيب الحدث بأمي الؤمني مأخوذ من هذا الديث وقد لقب به جاعة منهم سفيان وابن راهويه
والبخاري وغيهم وقد قيل ف قوله تعال (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) ((ليس لهل الديث منقبة
أشرف من ذلك لنه ل إمام لم غيه )) كذا ف التدريب وعن أسامة بن زيد رضي ال عنه عن النب أنه
قال ((يمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تر يف الغالي وانتحال البطلي وتأويل
الاهلي)) ورواه من الصحابة غي واحد أخرجه ابن عدي والدار قطن وأبو نعيم
ص48:
9
وتعدد طرقه يقضي بسنه كما جزم به العلئى وفيه تصيص حلة السنة بذه النقبة العلية وتعظيم لذه
المة الحمدية وبيان لللة قدر الحدثي وعلو مرتبتهم ف العالي لنم يمون مشارع الشريعة ومتون
الراويات من تريف الغالي وتأويل الاهلي بنقل النصوص الحكمة لرد التشابه إليها
وقال النووي رحه ال تعال ف أول تذيبه ((هذا إخبار منه بصيانة هذا العلم وحفظه وعدالة ناقليه وإن
ال يوفق له ف كل عصر خلفا من العدول يمونه وينفون عنه التحريف فل يصنع)) وهذا تصريح بعدالة
حامليه ف كل عصر وهكذا وقع ول المد وهو من أعلم النبوة ول يضر كون بعض الفساق يعرف
شيئا من علم الديث إنا هو إخبار بأن العدول يملونه ل أن غيهم ل يعرف شيئا منه
ومن شرف علم الديث ما رويناه من حديث عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال قال رسول ال ((إن
أول الناس ب يوم القيامة أكثرهم على صلة)) قال الترمذي ((حسن غريب)) وقال ابن حبان ف
صحيحه ((ف هذا الديث بيان صحيح على أن أول الناس برسول ال ف القيامة أصحاب الديث إذ
ليس من هذه المة قوم أكثر صلة عليه منهم))
وقال أبو نعيم هذه منقبة شريفة يتص با رواة الثار ونقلتها لنه ل يعرف لعصابة من العلماء من الصلة
على رسول ال أكثر ما يعرف لذه العصابة))
وكان المام الشافعي رحه ال تعال يقول لول أهل الحابر لطبت الزنادقة على النابر))
وقال أيضا ((أهل الديث ف كل زمان كالصحابة ف زمانم))
وقال أيضا ((إذا رأيت صاحب حديث فكأن رأيت أحدا من أصحاب رسول ال ))
وكان أحد بن سريج يقول ((أهل الديث أعظم درجة من الفقهاء لعتنائهم بضبط الصول))
ص49:
وكان أبو بكر بن عياش يقول ((أهل الديث ف كل زمان كأهل السلم مع أهل الديان))
وكان عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول ((سيأت قوم يادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن
أصحاب السنن أعلم بكتاب ال عز وجل)) نقله الشعران ف مقدمة ميزانه
وقال الشيخ الكب مي الدين بن عرب قدس ال سره( مبتدع ضال) ف فتوحاته ف الباب الثالث عشر
وثلثمائة وللورثة حظ من الرسالة ولذا قيل ف معاذ وغيه ((رسول رسول ال )) وما فاز بذه الرتبة
ويشر يوم القيامة مع الرسل إل الحدثون الذين يروون الحاديث بالسانيد التصلة بالرسول عليه السلم
ف كل أمة فلهم حظ ف الرسالة وهم نقلة الوحي وهم ورثة النبياء ف التبليغ والفقهاء إذا ل يكن لم
10
نصيب ف رواية الديث فليست لم هذه الدرجة ول يشرون مع الرسل بل يشرون ف عامة الناس ول
ينطلق أسم العلماء إل على أهل الديث وهم الئمة على القيقة))
((وكذلك الزهاد والعباد وأهل الخرة ومن ل يكن من أهل الديث منهم كان حكمه حكم الفقهاء ل
يتميزون ف الورثة ول يشرون مع الرسل بل يشرون مع عموم الناس ويتميزون عنهم بأعمالم الصالة
ل غي كما أن الفقهاء أهل الجتهاد يتميزون بعلمهم عن العامة)) انتهى
-3المر النبوي برواية الديث وإساعه
روي المام أحد والبخاري والترمذي عن عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما قال قال رسول
ال ((بلغوا عن ولو آية وحدثوا عن بن إسرائيل ول حرج ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعدة من
النار))
وروى الطبان عن أب قرصافة رضي ال عنه عن رسول ال قال ((حدثوا
ص50:
عن با تسمعون ول تقولوا إل حقا ومن كذب على بن له بيت ف جهنم يرتع فيه))
وروي المام أحد والبخاري ف الدب عن ابن عباس عن رسول ال أنه قال ((علموا ويسروا ول
تعسروا وبشروا ول تنفروا وإذا غضب أحدكم فليسكت))
وروي الترمذي عن أب هريرة رضي ال عنه عن رسول ال ((تعلموا الفرائض القرآن وعلموا الناس فإن
مقبوض))
قال العارف الشعران قدس سره ف العهود الكبى ((وف كتابة الديث وإساعه للناس فوائد عظيمة منها
عدم أندراس أدلة الشريعة فإن الناس لو جهلوا الدلة جلة -والعياذ بال تعال -لربا عجزوا عن نصرة
شريعتهم عند خصمهم وقولم ((إنا وجدنا آباءنا على ذلك)) ل يكفي وماذا يضر الفقيه أن يكون مدثا
يعرف أدلة كل باب من أبواب الفقه ومنها تديد الصلة والتسليم على رسول ال ف كل حديث
وكذلك تديد الترضي والترحم على الصحابة والتابعي من الرواة إل وقتنا هذا ومنها -وهو أعظمها
فائدة -الفوز بدعائه لن بلغ كلمه إل أمته ف قوله ((نضر ال امرأ سع مقالت فوعاها فأداها كما
سعها)) ودعاؤه مقبول بلشك إل ما استثن كعدم إجابته ف أن ال تعال ل يعل بأس أمته فيما بينهم
كما ورد)) انتهى
-4حث السلف على الديث
11
قال الشعران قدس سره(مبتدع ضال) ف مقدمة ميزانه كان العمش رضي ال عنه يقول ((عليكم
بلزمة السنة وعلموها للطفال فإنم يفظون على الناس دينهم إذا جاء وقتهم)) وكان وكيع رحه ال
تعال يقول ((عليكم باتباع الئمة الجتهدين والحدثي فإنم يكتبون ما لم وما عليهم بلف أهل
الهواء والرأي فإنم ل يكتبون قط ما عليهم)) وكان الشعب وعبد الرحن بن مهدي يزجران كل من
رأياه يتدين بالرأي وينشدان
(دين النب ممد أخبار نعم الطية للفت الثار )
ص51:
ل ترغب عن الديث وأهله فالرأي ليل والديث نار
وكان ماهد يقول لصحابه ((ل تكتبوا عن كل ما أفتيت به وإنا يكتب الديث ولعل كل شيء
أفتيتكم به اليوم أرجع عنه غدا)) وكان أبو عاصم رحه ال تعال يقول ((إذا تبحر الرجل ف الديث
كان الناس عنده كالبقر)) وكان المام أبو حنيفة رضي ال عنه يقول (( إياكم والقول ف دين ال تعال
بالرأي وعليكم باتباع السنة فمن خرج عنها ضل)) ودخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة والديث يقرأ
عنده فقال الرجل ((دعونا من هذه الحاديث)) فزجره المام أشد الزجر وقال له ((لول السنة ما فهم
أحد منا القرآن)) وقيل له مرة ((قد ترك الناس العمل بالديث واقبلوا على ساعه)) فقال رضي ال عنه
((نفس ساعهم للحديث عمل به)) وكان رضي ال عنه يقول ((ل تزل الناس ف صلح ما دام فيهم من
يطلب الديث فإذا طلبوا العلم بل حديث فسدوا)) وكان يقول ((ل ينبغي لحد أن يقول قولً حت
يعلم أن شريعة رسول ال تقبله)) وكان المام مالك رضي ال عنه يقول ((إياكم ورأى الرجال إل إن
أجعوا عليه ((واتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم)) وما جاء عن نبيكم وإن ل تفهموا العن فسلموا
لعلمائكم ول تادلوهم فإن الدال ف الدين من بقايا النفاق)) وروى الاكم والبيهقي عن المام
الشافعي رضي ال عنه أنه كان يقول (( إذا صح الديث فهو مذهب)) قال ابن حزم ((أي صح عنده أو
عند غيه من الئمة)) وف رواية أخرى ((إذا رأيتم كلمي يالف كلم رسول ال فاعملوا بكلم رسول
ال واضربوا بكلمي الائط)) وقال مرة للربيع ((يا أبا أسحق ل تقلدن ف كل ما أقول وانظر ف ذلك
لقلنا به)) وكان يقول ((إذا ثبت عن النب -بأب هو وأمي -شيء ل يل تركه لشيء أبدا)) وروي
البيهقي عن المام أحد رضي ال عنه أنه كان إذا سئل عن مسألة يقول ((أو لحد كلم مع رسول
12
ال )) وكان يتبأ كثيا من رأي الرجال ويقول ((ل ترى أحدا ينظر ف كتب الرأي غالبا إل وف قلبه
دخل)) وكان ولده عبد ال يقول ((سألت المام أحد عن الرجل
ص52:
يكون ف بلد ل يد فيها إل صاحب حديث ل يعرف صحيحة من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل
منهما عن دينة فقال يسأل صاحب الديث ول يسأل صاحب الرأي)) وبلغنا أن شخصا استشاره ف
تقليد أحد من علماء عصره فقال ((ل تقلدن ول تقلد مالكا ول الوزاعي ول النخعي ول غيهم وخذ
الحكام من حيث أخذوا)) قال الشعران ((وهو ممول على من له قدرة على استنباط الحكام من
الكتاب والسنة))
وقال الشعران أيضا ف العهود ((وسعت سيدي عليا الواص رحه اله يقول ليس مراد الكابر من حثهم
على العمل على موافقة الكتاب والسنة إل مالسة ال ورسوله أما ما ابتدع فل يالسهم الق تعال ول
رسوله فيه وإنا يالسون فيه من ابتدعه من عال أو جاهل)) انتهى
والثار ف الث على الديث عن السلف وافرة وف هذا القدر كفاية
-5إجلل الديث وتعظيمه والرهبة من الزيغ عنه
عن عائشة رضي ال عنها قالت قال رسول ال ((من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) رواه
البخاري ومسلم وأبو داود ولفظة ((من صنع أمرا على غي أمرنا فهو رد)) وف رواية لسلم ((من عمل
عملً ليس عليه أمرنا فهو رد))
وعن أنس رضي اله عنه قال ((قال رسول ال ((من رغب عن سنت فليس من)) رواه مسلم
وعن العرباض بن سارية رضي ال عنه أنه سع رسول ال يقول ((لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها
كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك)) رواه ابن أب عاصم ف كتاب السنة بإسناد حسن
ص53:
وعن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال قال ((ستة لعنتهم ال وكل نب ماب الزائد ف كتاب ال
والكذب بقدر ال والتسلط على أمت بالبوت ليذل من أعز ال ويعز من أذل ال والستحل حرمة ال
والستحل من عترتى ما حرم ال والتارك السنة)) رواة الطبان وابن حبان ف صحيحة والاكم وقال
((صحيح السناد)) قال النذري ((ول أعرف له علة))
13
وعن عبد ال بن عمرو قال قال رسول ال ((ل يؤمن أحدكم حت يكون هواه تبعا لا جئت به)) رواه
البغوي ف شرح السنة وقال النووي ف أربعينه ((هذا حديث صحيح رويناه ف كتاب الجة بإسناد
صحيح))
قال الشافعي رضي ال عنه ف باب الصيد من الم ((كل شيء خالف أمر رسول ال سقط ول يكون
معه رأي ول قياس فإن ال تعال قطع العذر بقول رسول ال فليس لحد معه أمر ول نى غي ما أمر هو
به))
وكان رضي ال عنه يقول ((رسول ال أجل ف أعيننا من أن نب غي ما قضى به))
وقال المام ممد الكوف رضي ال عنه ((رأيت المام الشافعي بكة وهو يفي الناس رأيت المام أحد
وإسحق بن راهويه حاضرين فقال الشافعي قال رسول ال ((هل ترك لنا عقيل من دار)) فقال إسحق
((روينا عن السن وإبراهيم أنما ل يكونا يريانه وكذلك عطاء وماهد )) فقال الشافعي لسحق ((لو
كان غيك موضعك لفركت أذنه أقول قال رسول ال وتقول قال عطاء وماهد والسن وهل لحد مع
قول رسول ال حجة بأب هو وأمي)) كذا ف ميزان الشعران قدس سره (مبتدع ضال)
وقال المام الصغان رحه ال تعلى ف ((مشارق النوار)) ((أخذت مضجعي ليلة
ص54:
الحد الادية عشرة من شهر ربيع الول سنة اثنتي وعشرين وستمائة وقلت اللهم أرن الليلة نبيك
ممدا ف النام وإنك تعلم اشتياقي إليه فرأيت بعد هجعة من الليل كأن والنب ف مشربة ونفر من
أصحابنا أسفل منا عند درج الشربة فقلت يا رسول ال ما تقول ف ميت رماه البحر أحلل فقال وهو
مبتسم إل ((نعم)) فقلت وأنا أشي إل من بأسفل الدرج ((فقل لصحاب فإنم ل يصدقون)) فقال
((لقد شتمتن وعابون)) فقلت ((كيف يا رسول ال)) فقال كلما ليس يضرن لفظه وإنا معناه
((عرضت قول على من ل يقلبه)) ث أقبل عليهم يلومهم ويعظهم فقلت صبيحة تلك الليلة ((وأنا أعوذ
بال من أن أعرض حديثه بعد ليلت هذه إل على الذين يكمونه فيما شجر بينهم ث ل يدون ف أنفسهم
حرجا ما قضى ويسلوا تسليما)) انتهى
وسيأت إن شاء ال تعال ف الباب العاشر ف فقه الديث مزيد لذا بوله سبحانه وقوته
-6فضل الحامي عن الديث والحي للسنة
14
عن عمرو بن عوف رضي ال عنه أن رسول ال قال لبلل بن الرث يوما ((اعلم يا بلل)) قال ((ما
أعلم يا رسول ال )) قال ((إن من أحي سنة من سنت أميتت بعدي كان له من الجر مثل من عمل با
من غي أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضللة ل يرضاها ال ورسوله كان عليه مثل آثام
من عمل با ل ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا)) رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه قال الافظ النذري
((وللحديث شواهد))
وعن أنس قال قال رسول ال ((من أحب سنت فقد أحبن ومن أحبن كان معي ف النة)) رواه الترمذي
قال المام السيد ممد بن الرتضي اليمان رحه ال تعال ف مقدمة كتابه ((إيثار الق على
ص55:
اللق)) ما نصه ((الحامي عن السنة الذاب عن حاها كالجاهد ف سبيل ال تعال يعد للجهاد ما
استطاع من اللت والعدة والقوة كما قال ال سبحانه (وأعدوا لم ما استطعتم من قوة) وقد ثبت ف
الصحيح أن جبيل عليه السلم كان مع حسان بن ثابت يؤيده ما نافح عن رسول ال ف أشعاره
فكذلك مع ذب عن دينه وسنته من بعده إيانا به وحبا ونصحا له ورجاء أن يكون من اللف الصال
الذين قال فيهم رسول ال ((يمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تريف الغالي وانتحال
البطلي)) والهاد باللسان أحد أنواع الهاد سبله وف الديث ((أفضل الهاد كملة حق عند سلطان
جائر)) وقد أحسن من قال ف هذا العن شعرا
(جاهدت فيك بقول يوم يتصم ال أبطال إذ فات سيفي يوم يتصع
(عن اللسان لوصال إل طرق ف الق ل تتديها الذبل السرع
ث قال ((ول ينبغي أن سنتوحش الظافر بالق من كثرة الخالفي له كما ل يستوحش الزاهد من كثرة
الراغبي ول التقى من كثرة العاصي ول الذاكر من كثرة الغافلي ينبغي منه أن يستعظم النة باختصاصة
بذلك مع كثرة الاهلي له الغافلي عنه وليوطن نفسه على ذلك فقد صح عن رسول ال وآله وسلم أنه
قال ((عن هذا الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوب للغرباء)) رواه مسلم ف الصحيح من
حديث أب هريرة ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال ((هذا حديث حسن صحيح)) ورواه ابن
ماجه وعبد ال بن أحد من حديث أنس وروي البخاري نوه بغي لفظه من حديث ابن عمر وعن أمي
الؤمني علي بن أب طالب عليه أفضل السلم عن رسول ال أنه قال ((طلب الق غربة)) رواه الافظ
15
النصاري ف أول كتابه ((منازل السائرين إل ال)) من حديث جعفر بن ممد الصادق عن أبيه عن جده
وقال ((هذا حديث غريب
ص56:
ل اكتبه عاليا إل من رواية علن ولذلك شواهد قوية عن تسعة من الصحابة ذكرها البيهقي ف ((ممع
الزوائد)) فنسأل ال أن يرحم غربتنا ف الق ويهدي ضالنا ول يردنا عن أبواب رجائه ودعائه وطلبه
مرومي إنه ميب الداعي وهادي الهتدين وأرحم الراحي))
-7أجر التمسك بالسنة إذا اتبعت الهواء وأوثرت الدنيا
عن أب ثعلبة الشن رضي ال عنه قال قال رسول ال ((أيتمروا بالعروف وانوا عن النكر حت إذا رأيتم
شحا مطاعا وهوى متبعا ودينا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام
فإن من ورائكم أياما الصب فيهن كالقبض على المر للعامل فيهن مثل أجر خسي رجلً يعملون مثل
عمله)) رواه ابن ماجه والترمذي وقال ((حديث حسن غريب)) وأبو داود وزاد قيل ((يا رسول ال أجر
ل منا أو منهم)) قال ((بل أجر خسي منكم))
خسي رج ً
وعن أب هريرة رضي ال عنه عن النب قال ((التمسك بسنت عند فساد أمت له أجر شهيد)) رواه
الطبان ورواه البيهقي من رواية السن بن قتيبة عن ابن عباس رفعه ((من تسك بسنت عند فساد أمت
فله أجر مئة شهيد))
وعن معقل بن يسار رضي ال عنه أن رسول ال قال ((عبادة
ص57:
-8بيان أن الوقيعة ف أهل الثر من علمات أهل البدع
قال المام الافظ أبو حات الرازي ((علمة أهل البدع الوقيعة ف أهل الثر وعلمة الهمية أن يسموا
أهل السنة مشبهة ونابتة وعلمة القدرية أن يسمعوا أهل السنة مبة وعلمة الزنادقة أن يسموا أهل الثر
حشوية)) نقله عنه الذهب ف كتاب ((العلو))
وقال المام العارف الربان الشيخ عبد القادر اليلن قدس ال سره ف كتاب ((الغنية)) نو ما ذكر
وزاد ((وعلمة الرافضة تسميتهم أهل السنة عاصبيه وكل ذلك عصبية وغياظ لهل السنة ول اسم لم
إل اسم واحد وهو ((أصحاب الديث)) ول يلتصق بم ما لقيهم به أهل البدع كما ل يلتصق بالنب
تسمية كفار مكة ساحرا وشاعرا ومنونا ومفتونا وكاهنا ول يكن اسه عند ال وعند ملئكته وعند
16
أنسه وجنه وسائر خلقه إل رسو ًل نبيا بريا من العاهات كلها ((أنظر كيف ضربوا لك المثال فضلوا فل
يستطعون سبيلً))1هـ
وزاد شيخ السلم ابن تيميه ((أن الر جئة تسميهم شكاكا قالوا وهذا علمة الرث الصحيح والتابعة
التامة فإن السنة هي ما كان عليه رسول ال اعتقادا واقتصادا وقولً وعملً فكما كان النحرفون عنه
يسمونه بأساء مذمومة مكذوبة وإن اعتقدوا صدقها بناء على عقيدتم الفاسدة فكذلك التابعون له على
بصية الذين هم أول الناس با ف الحيا والمات باطنا)) انتهى
-9ما روى أن الديث من الوحي
عن القدام بن معد يكرب قال قال رسول ال ((أل أوتيت القرءان ومثله معه أل يوشك رجل شبعان
على أريكته يقول علكم بذا القرءان فما وجدت فيه من حلل فأحلوه وما وجدت فيه من حرام فرحوه
وإن ما حرم رسول ال كما حرم ال )) رواه أبو داود والدارمي وابن ماجه
ص58:
وعن حسان بن عطية قال ((كان جبيل عليه السلم ينل على رسول ال بالنسبة كما ينل عليه بالقرآن
ويعلمه إياها كما يعلمه القرآن))
وعن مكحول قال قال رسول ((آتان ال القرءان ومن الكمة مثليه)) أخرجهما أبو داود ف مراسيله
قال أبو البقاء ف كلياته ((والاصل أن القرآن والديث يتحدان ف كونما وحيا منلً من عند ال بدليل
((إن هو إل وحي يوحي)) إل أنما يتفارقان من حيث إن القرآن هو النل للعجاز والتحدي به بلف
الديث وإن ألفاظ القرآن مكتوبة ف اللوح الحفوظ وليس لبيل عليه السلم ول للرسول عليه الصلة
ل وأما الحاديث فيحتمل أن يكون النازل على جبيل معن صرفا فكساه والسلم أن يتصرفا فيها أص ً
حلة العبارة وبي الرسول بتلك العبارة أو ألمه كما نتفقه فأعرب الرسول بعبارة تفصح عنه)) انتهى
وف الراقاة أن (منهم) من قال بأنه عليه الصلة والسلم كان متهدا ينل اجتهاده منلة الوحى لنه ل
يطىء وإذا أخطأ ينبه عليه بلف غيه
وفيها عن الشافعي أنه قال ((كل ما حكم به رسول ال فهو ما فهمه من القرآن قال لقوله ((إن ل أحل
إل ما أحل ال ف كتابه ول أحرم إل ما حرم ال ف كتابه)) وقال ((جيع ما تقوله الئمة شرح للسنة
جيع السنة شرح للقرآن)) وقال ((ما نزل بأحد من الدين نازلة إل وهي ف كتبا ال تعال))
17
وأخرج ابن أب حات عن ابن مسعود ((إذا حدثتكم بديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب ال)) وعن ابن
جبي ((ما بلغن حديث على
ص59:
-10أبادي الحدثي البيضاء على المة وشكر مساعبهم
يقول جامعة الفقي
من أين للبليغ أن يصى أيادي الحدثي وهم الذين عشقوا الدى النبوي دون العالي فتتبعوه من بدا
وحضر وكابدوا لخذه أهوال السفر فكم جابوا صحاري تتلظى يلظى الرمضاء وقطعوا عن العمران فياف
تستدعى اليأس وتروع الحشاء فحفظوا ووعوا ولعهد النفر للتفقه ف الدين رعوا ودفعوا عن الدين صنع
الوضاعي وانتحال الفترين وذبوا الكذب عن كلم الرسول الصادق با مهدوه من ترى كل راو موافق
فدونوا ما سعوه بالسند فرارا عن الرمى باتباع الهواء وتكيم الراء فاستبأوا لدينهم بليل هذا
الحتياط ودربوا المة على التثبت ف توثيق عرى الرتباط رحاك الله ّم فالعتراف بآثرهم السنة أمر
واجب وشكر فضلهم ل يقص عنه إل من هو عن التباع ناكب أفليست دواوينهم بعد القرآن دائم
السلم الت قامت عليها صروحه وأعضاد الدين الت بأن منها صريه ل جرم لول أخذهم بناصية ما
دونوه من صحيح السنة ل نثالت على الناس جراثيم الباطيل الستكنة الت رزى با الدين ف عصر
الوضاعي النافقي الذين دخلوا ف دين ال للتشويش فرد ال كيدهم بتنقيب الحدثي من خرافاتم
ودأبم ف التفتيش حت أشرقت شوس صحاح الخبار وانبعثت أشعتها ف القطار وتزقت عن البصائر
حجب الهالة وأغشية الضللة فرحم ال تلك النفس الت نضت لتأييد الدين ورضى عمن أحي آثارهم
من اللحقي آمي
ص60:
الباب الثان
ف معن الديث وفيه مباحث
-1أعلم أن هذه الثلثة مترادفة عند الحدثي على معن ما أضيف إل النب قولً أو فعلً أو تقريرا أو
صفة وفقهاء خراسان يسمعون الوقوف أثرا والرفوع خبا وعلى هذه التفرقة جرى كثي من الصنفي
وقال أبو البقاء ((الديث هو اسم من التحديث وهو الخبار ث سى به قول أو فعل أو تقرير نسب إل
النب عليه الصلة والسلم ويمع على ((أحاديث)) على خلف القياس قال الفراء واحد الحاديث
18
أحدوثة ث جعلوه جعا للحديث وفيه أنم ل يقولوا أحدوثة النب)) وف الكشاف ((الحاديث اسم جع
ومنه حديث النب)) وف البحر ((ليس الحاديث باسم جع بل هو جع تكسي لديث على غي القياس
كأباطيل واسم المع يأت على هذا الوزن وإنا سيت هذه الكلمات والعبارات أحاديث كما قال ال
تعال (فليأتوا بديث مثله) لن الكلمات إنا تتركب من الروف التعاقبة التوالية وكل واحد من تلك
الروف يدث عقيب صاحبه أو لن ساعها يدث ف القلوب من العلوم والعان والديث نقيض القدي
كأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن والديث ما جاء عن النب والب ما جاء عن غيه وقيل بينهما عموم
وخصوص مطلق فكل حديث خب من غي عكس)) والثر ما روى عن الصحابة ويوز إطلقه على
كلم النب أيضا)) انتهى
ص61:
وف التدريب ((يقال أثرت الديث بعن رويته ويسمى الحدث أثريا نسبة للثر)) وف المام تقي الدين
بن تيميه ف بعض فتاويه ((الديث النبوي هو عند الطلق ينصرف إل ما حدث به عنه بعد النبوة من
قوله وفعله وإقراءه فإن سنته ثبتت من هذه الوجوه الثلثة فما قاله إن كان خبان وجب تصديقه به وإن
كان تشريعا دلت على أنم معصومون فيما يبون به عن ال عز وجل فل يكون خبهم إل حقا وهذا
معن النبوة وهو يتضمن أن ال ينبئه بالغيب وأنه ينب الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة اللق وتبليغهم
رسالت ربه)) وقد روى أن عبد ال بن عمرو كان يكتب ما يسمع من النب فقال له بعض الناس ((إن
رسول ال يتكلم ف الغضب فل تكتب كل ما تسمع)) فسأل النب عن ذلك فقال ((اكتب فوالذي
نفسي بيده ما خرج من بينهما إل حق)) يعن شفتيه الكريتي وقد ثبت عن أب هريرة أنه قال ((ل يكن
أحد من أصحاب رسول ال أحفظ من إل عبد ال بن عمرو فإنه كان يكتب بيده ويعى بقلبه وكنت
أعى بقلب ول أكتب بيدى)) وكان عند آل عبد ال بن عمر بن العاص نسخة كتبها عن النب وبذا طعن
بعض الناس ف حديث عمرو ابن ممد بن عبد ال بن عمرو بن العاص -وقالوا ((إن عن جده الدن
ممدا فهو مرسل فإنه ل يدرك النب وإن عن جده العلى فهو منقطع فإن شعيبا ل يدركه) وأما أئمة
السلم وجهور العلماء فيحتجون بديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا صح النقل إليه مثل
مالك بن أنسن وسفيان بن عيينة ونوها ومثل الشافعي وأحد بن حنبل وأسحق بن راهويه وغيهم قالوا
((الد هو عبد ال
ص62:
19
فإنه ييء مسمى وممد أدركه)) قالوا ((وذا كانت نسخة مكتوبة من عهد النب كان هذا أو كد لا
وأدل على صحتها)) ولذا كان ف نسخة عمرو ابن شعيب من الحاديث الفقيهة الت فيها مقدرات ما
احتاج إليه عامة علماء السلم والقصود أن حديث الرسول إذا أطلق دخل فيه ذكر ما قاله بعد النبوة
وذكر ما فعله فإن أفعاله الت أقر عليها حجة ل سيما إذا أمرنا أن نتبعها كقوله ((صلوا كما رأيتمون
أصلى)) وقوله ((لتأخذوا عن مناسككم)) وكذلك ما أحله ال له فهو حلل للمة ما ل يقم دليل
التخصيص ولذا قال ((فلما قضى زيد منها وطرا زوجنا كها لكيل يكون على الؤمني حرج ف أزواج
أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا)) ولا أحل ال له الوهوبة قال ((وامرأة مؤمنه إن وهبت نفسها للنب إن
أراد النب أن يستنكحها خالصة لك من دون الؤمني)) ولذا كان النب إذا سئل عن الفعل يذكر للسائل
أنه يفعله ليبي للسائل أنه مباح وكان إذا قيل له قد غفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخرن قال ((إن
أخشاكم ل وأعلمكم بدوده)) وما يدخل ف مسمى حديثه ما كان يقرهم عليه مثل إقراره على
الضاربة الت كانوا يعتادونا وإقراره لعائشة على اللعب بالبنات وإقراره ف العياد على مثل غناء
الاريتي ومثل لعب البشة بالراب ف السجد ونو ذلك وإقراره لم على أكل الضب على مائدته وإن
كان قد صح عنه أنه ليس
ص63:
برام إل أمثال ذلك فهذا كله يدخل ف مسمى الديث وهو القصود بعلم الديث فإنه إنا يطلب ما
يستدل به على الدين وذلك إنا يكون بقوله أو فعله أو إقراره وقد يدخل فيها بعض أخباره قبل النبوة
وبعض سيته قبل النبوة مثل تنثه بغار حراء ومثل حسن سيته لن الال يستفاد منه ما كان عليه قبل
النبوة من كرائم الخلق وماسن الفعال كقول خدية له ((كل وال ل يزيك ال إنك لتصل الرحم
وتمل الكل وتقرى الضيف وتكسب العدوم وتعي على نوائب الق)) ومثل العرفة فإنه كان أميا ل
يكتب ول يقرأ وإنه كان معروفا بالصدق والمانة وأمثال ذلك ما يستدل به على أحواله الت تنفع ف
العرفة بنبوته وصدقة فهذه المور ينتفع با ف دلئل النبوة كثيا ولذا يذكر مثل ذلك ف كتب سيته
كما يذكر فيها نسبه وأقاربه وغي ذلك من أحواله وهذا أيضا قد يدخل ف مسمى الديث والكتب الت
فيها أخباره منها كتب التفسي ومها كتب السية والغازي ومنها كتب الديث وكتب الديث هي ما
كان بعد النبوة أخص وإن كان فيها أمور جرت قبل النبوة فإن تلك ل تذكر لتوحد وشرع فعله قبل
20
النبوة بل قد أجع السلمون على أن الذي فرض على العباد اليان بن والعمل هو ما جاء به بعد النبوة))
انتهى
-بيان الديث القدسي
قال العلمة الشهاب ابن حجر اليتمي ف شرح الربعي النووية ف شرح الديث الرابع والعشرين
السلسل بالدمشقيي وهو حديث أب ذر الغفاري رضي ال عنه عن النب فيما يرويه عن ربه تعال أنه قال
((يا عبادي إن حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مرما فل تظالوا)) الديث ما نصه
((فائدة يعم نفعها ويعظم وقعها ف الفرق بي الوحي التلو وهو ((القرآن)) والوحي الروي عنه عن ربه
عز وجل وهو ما ورد من الحاديث اللية وتسمى ((القدسية)) وهي أكثر من مئة وقد جعها بعضهم ف
جزء كبي وحديث ((أب ذر)) هذا من أجلها
ص64:
أعلم أن الكلم الضاف إليه تعال أقسام ثلثة
أولا -وهو أشرفها ((القرآن)) لتميزه عن البقية بإعجازه من أوجه كثية وكونه معجزة باقية على مر
الدهر مفوظة من التغيي والتبديل وبرمة سه لحدث وتلوته لنحو النب وروايته بالعن وبتعينه ف
الصلة وبتسميته قرآنا وبأن كل حرف منه بعشر حسنات وبامتناع بيعه ف رواية عند أحد وكراهته
عندنا وبتسمية الملة منه آية وسورة وغيه من بقية الكتب والحاديث القدسية ل يثبت لا شيء من
ذكر فيجوز مسه وتلوته لن ذكر وروايته بالعن ول يري ف الصلة بل يبطلها ول يسمى قرآنا ول
يعطي قارئة بكل حرف عشرا ول ينع بيعه ول يكره اتفاقا ول يسمى بعضه آية ول سورة اتفاقا أيضا
ثانيها -كتب النبياء عليهم الصلة والسلم قبل تغييها وتبديلها
ثالثها -بقية الحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادا عنه مع إسناده لا عن ربه فهي من كلمه تعال
فتضاف إليه وهو الغلب ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لنه التكلم با أولً وقد تضاف إل النب لنه
الخب با عن ال تعال يلف القرآن فإنه ل تضاف إل إليه تعال فيقال فيه ((قال ال تعال) وفيها ((قال
رسول ال فيما يروي عن ربه تعال)) واختلف ف بقية السنة هل هو كله يوحي أول وآية ((وما ينطق
عن الوى)) تؤيد الول ومن ث قال ((إل إن أوتيت الكتاب ومثله معه)) ول تنحصر تلك الحاديث
القدسية ف كيفية من كيفيات الوحي بل يوز أن تنل بأي كيفية من كيفياته كرؤيا النوم واللقاء ف
21
الروع وعلى لسان اللك ولراويها صيغتان إحداها أن يقول ((قال رسول ال ((قال ال تعال فيما رواه
عنه رسول ال والعن واحد)) انتهى
ص65:
وف كليات أب البقاء ف الفرق بي القرآن والديث القدسي ((أن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند
ال يوحي جلي وأما الديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول ومعناه من عند ال باللام أو
النام وقال بعضهم ((القرآن لفظ معجز ومنل بواسطة جبيل والديث القدسي غي معجز وبدون
الواسطة ومثله يسمى بالديث القدسي واللي والربان)) وقال الطيب ((القرآن هو اللفظ النل به
جبيل على النب والقدسي إخبار ال معناه باللام أو بالنام فأخب النب أمته بعبارة نفسه
وسائر الحاديث ل يضفها إل ال تعال ول يروها عنه تعال)) انتهى
وقال العلمة السيد أحد بن البارك رحه اله تعال ف البريز ((وسألته -يعن أستاذه نم العرفان السيد
عبد العزيز الدباغ قدس سره -الفرق بي هذه الثلثة يعن القرآن والديث القسي وغي القدسي فقال
قدس سره
((الفرق بي هذه الثلثة وإن كانت كلها خرجت من بي شفتيه وكلها معها أنوار من أنوار أن النور
الذي ف القرآن قدي من ذات الق سبحانه لن كلمه تعال قدي والنور الذي ف الديث القدسي من
روحه وليس هو مثل نور القرآن فإن نور القرآن قدي ونور هذا ليس بقدي والنور الذي ف الديث الذي
ليس بقدسي من ذاته فهي أنوار ثلثة اختلفت بالضافة فنور القرآن من ذات الق سبحانه ونور الديث
القدسي من روحه )) نور ما ليس بقدسي من ذاته ))
فقلت ((ما الفرق بي نور الروح ونور الذات))
فقال رضي ال عنه ((الذات خلقت من تراب ومن التراب خلق سائر العباد والروح من الل العلى وهم
أعرف اللق بالق سبحانه وكل واحد ين إل أصله فكان نور الروح متعلقا بالق سبحانه ونور الذات
متعلقا باللق فلذات ترى الحاديث القدسية تتعلق بالق سبحانه وتعال بتبيي عظمته أو لظهار رحته
أو بالتنبيه على سعة ملكه وكثرة عطائه فمن الول حديث ((يا عبادي لو أن أو لكم وآخركم
ص66:
وإنسكم وجنكم إل آخره)) وهو حديث أب ذر ف مسلم ومن الثان حديث (أعددت لعبادي
الصالي)) الديث ومن الثالث حديث (( يد ال ملى ل يغيضها نفقه سحاء الليل والنهار)) ال وهذه
22
من علوم الروح ف الق سبحانه وترى الحاديث الت ليست بقدسية تتكلم على ما يصلح البلد والعباد
بذكر اللل والرام والث على المتثال بذكر الوعد والوعيد)) هذا بعض ما فهمت من كلمه رضي
ال عنه والق أن ل أوف به ول آت بميع العن الذي أشار إليه))
فقلتك ((الديث القدسي من كلم ال عز وجل أم ل))
فقال ((ليس هو من كلمه وإنا هو من كلم النب ))
فقلت ((فلم أضيف لرب سبحانه فقيل فيه ((حديث قدسي)) وقيل فيه ((فيما يرويه عن ربه)) وذا كان
من كلمه عليه السلم فأي رواية له فيه عن ربه وكيف نعمل مع هذه الضمائر ف قوله ((يا عبادي لو أن
أولكم وآخركم)) ال وقوله ((أعددت لعبادي الصالي)) وقوله ((أصبح من عبادي مؤمن ب وكافر))
فإن هذه الضمائر ل تليق إل بال فتكون الحاديث القدسية من كلم ال تعال وإن ل تكن ألفاظها
لعجاز ول تعبدنا بتلوتا))
فقال رضي ال عنه مرة ((إن النوار من الق سبحانه تب على ذات النب حت تصل له مشاهدة خاصة
-وإن كان دائما ف الشاهدة -فإن سع من النوار كلم الق سبحانه أو نزل عليه ملك فذلك هو
((القرآن)) وإن ل يسمع كلما ول نزل عليه ملك فذلك وقت الديث القدسي فيتكلم عليه الصلة
والسلم ول يتكلم حينئذ إل ف شأن الربوبية بتعظيمها وذكر حقوقها ووجه إضافة هذا الكلم إل الرب
سبحانه أنه كان مع هذه الشاهدة الت اختلطت فيها المور حت رجع الغيب شهادة والباطن ظاهرا
فأضيف إل الرب وقيل فيه ((حديث ربان)) وقيل فيه ((فيما يرويه عن
ص67:
ربه عز وجل)) ووجه الضمائر أن كلمه عليه السلم خرج على حكاية لسان الال الت شاهدها من ربه
عز وجل وأما الديث الذي ليس بقدسي فإنه يرج مع النور الساكن ف ذاته عليه السلم الذي ل يغيب
عنها أبدا وذلك أنه عز وجل أمد ذاته عليه السلم بأنوار الق كما أمد جرم الشمس بالنوار الحسوسة
فالنور لزم للذات الشريفة لزوم نور الشمس لا))
وقال مرة أخرى ((وإذا فرضنا مموما دامت عليه المى على قدر معلوم وفرضناها تارة تقوى حت يرج
با عن حسه ويتكلم با ل يدري وفرضناها مرة أخرى تقوى ول ترجه عن حسه ويبقي على عقله
ويتكلم با يدري فصار لذه المى ثلثة أحوال قدرها العلوم وقوتا الخرجة عن الس وقوتا الت ل
ترج عن الس فكذا النوار ف ذاته عليه السلم فإن كانت على القدر العلوم فما كان من الكلم حينئذ
23
فهر الديث الذي ليس بقدسي وإن سطعت النوار وشغلت ف الذات حت خرج با عليه السلم عن
حالته العلومة فما كان من الكلم حينئذ فهو كلم ال سبحانه وهذه كانت حالته عليه السلم عند نزول
القرآن عليه وإن سطعت النوار ول ترجه عن حالته عليه السلم فيما كان من الكلم حينئذ قيل فيه
حديث قدسي))
وقال مرة ((إذا تكلم النب وكان الكلم بغي اختيارهن فهو ((القرآن)) وإن كان باختياره فإن سطعت
حينئذ أنوار عارضة فهو الديث القدسي وإن كانت النوار الدائمة فهو الديث الذي ليس بقدسي
ولجل أن كلمه ل بد أن تكون معه أنوار الق سبحانه كان جيع ما يتكلم به وحيا يوحي وباختلف
أحوال النوار افترق إل القسام الثلثة وال أعلم)
قال السيد أحد بن البارك ((فقلت هذا كلم ف غاية السن ولكن ما الدليل على أن الديث القدسي
ليس من كلمه عز وجل))
فقال رضي ال عنه ((كلمه تعال ل يفي)) فقلت ((بكشف)) فقال رضي ال عنه ((بكشف وبغي
كشف ولك من له عقل وأنصت للقرآن ث أنصت لغيه أدرك
ص68:
الفرق ل مالة والصحابة رضي ال عنهم أعقل الناس وما تركوا دينهم الذي كانت عليه الباء إل با
وضح من كلمه تعال ولو ل يكن عند النب إل ما يشبه الحاديث القدسية ما آمن من الناس أحد ولكن
الذي ظلت له العناق خاضعة هو القرآن العزيز الذي هو كلم الرب سبحانه وتعال))
فقلت له ((ومن أين لم أنه كلم الرب تعال وإنا كانوا على عبادة الوثان ول تسبق لم معرفة بال عز
وجل حت يعلموا أنه كلمه وغاية ما أدركوه أنه كلم خارج عن طوق البشر فلفله من عند اللئكة
مثلً))
فقال رضي ال عنه ((كل من استمع القرآن وأجرى معانيه على قلبه علم علما ضروريا أنه كلم الرب
سبحانه فإن العظمة الت فيه والسطوة الت عليه ليست إل عظمه الربوبية وسطوة اللوهية والعاقل الكيس
إذا استمع لكلم السلطان الادث ث استمع لكلم رعيته وجد لكلم السلطان نفسا به يعرف حت إنا
فرضناه أعمى وجاء إل جاعة يتكلمون والسلطان معمور فيهم وهم يتناوبون الكلم ليز كلم السلطان
من غيه بيث ل تدخله ف ذلك ريبة هذا ف الادث مع الادث فكيف بكلم القدي وقد عرف
الصحابة رضي ال عنهم من القرآن ربم عز وجل وعرفوا صفاته وما يستحقه من ربوبيته وقام لم ساع
24
القرآن ف إفادة العلم القطعي به عز وجل مقام العانية والشاهدة وحت صار الق سبحانه عندهم بنلة
الليس ول يفي على أحد جليسه))
ث نقل ابن البارك كلم أستاذه النوه به ف ما يعرف به كلمه تعال فأنظره وما نقلنا بثه الذكور إل
لنفاسته لنه منع بديع بنشرح له القلب وال العليم
ص69:
ذكر أول من دون الديث
قال الافظ ابن حجر ف مقدمة فتح الباري ((أعلم -علمن ال وإياك -أن آثار النب ل تكن ف عصر
أصحابه وكبار تبعهم مدونة ف الوامع ول مرتبه لمرين
أحدها أنم كانوا ف ابتداء الال قد نوا عن ذلك كما ثبت ف صحيح مسلم خشية أن يتلط بعض
ذلك بالقرآن العظيم
وثانيهما لسعة حفظهم وسيلن أذهابم ولن أكثرهم كانوا ل يعرفون الكتابة ث حدث ف أواخر عصر
التابعي تدوين الثار وتبويب الخبار لا انتشر العلماء ف المصار وكثر البتداع من الوارج والروافض
ومنكري القدار
فأول من جع ذلك ((الربيع بن صبيح)) و ((سعيد بن أب عروبة)) وغيها وكانوا يصنفون كل باب
على حدة إل أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة فدونوا الحكام فصنف المام مالك ((الوطأ)) وتوخي فيه
القوى من حديث أهل الجاز ومزحة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعي ومن بعدهم وصنف أبو ممد عبد
اللك بن عبد العزيز ابن جريح بكة وأبو عمرو عبد الرحن بن عمرو الوزاعي بالشام وأبو عبد ال
سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة وأبو سلمة حاد بن سلمة بن دينار بالبصرة ث تلهم كثي من أهل
عصرهم ف النسج على منوالم إل أن رأى بعض الئمة منهم أن يفرد حديث النب خاصة وذلك على
راس الائتي فصنف عبيد ال ابن موسى العبسي الكوف مسندا وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا
وصنف أسد بن موسى الموي سندا وصنف نعيم بن حاد الزاعي نزيل مصر مسندا))
((ث افتفى الئمة بعد ذلك آثرهم فقل إمام من الفاظ إل وصنف حديثه على السانيد كالمام أحد بن
حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن شيبة وغيهم من النبلء))
ص70:
((ومهم من صنف على البواب وعلى السانيد معا كأب بكر بن أب شيبة))
25
((ولا رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وجدها جامعة للصحيح والسن والكثي منها يشمله
التضعيف فحرك هته لمع الديث الصحيح وقوى هته لذلك ما سعه من أستاذه المام إسحق بن
راهويه حيث قال لن عنده والبخاري فيهم ((لو جعتم كتابا متصرا لصحيح سنة رسول ال )) قال
البخاري ((فوقع ذلك ف قلب فأخذت ف جع الامع الصحيح)) انتهى
قال السيوطي ((وهؤلء الذكورون ف أول من جع كلهم من أثناء الئة الثانية وأما ابتداء تدوين الديث
فإنه وقع على رأس الئة ف خلفة عمر بن عبد العزيز)) وأفاد الافظ ف الفتح أيضا أن أول من دون
الديث ابن شهاب بأمر عمر بن عبد العزيز كما رواه أبو نعيم من طريق ممد بن السن عن مالك قال
((أول من دون العلم ابن شهاب -يعن الزهري ))-وأخرج الروي ف ذم الكلم من طريق يي بن
سعيد عن عبد ال ابن دينار قال ((ل يكن الصحابة ول التابعون يكتبون الحاديث إنا كانوا يؤدونا
لفظا ويأخذونا حفظا إل كتاب الصدقات والشيء اليسي الذي يقف عليه الباحث بعد الستقصاء حت
خيف عليه الدروس وأسرع ف العلماء الوت أمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر الزمى فيما كتب إليه أن
انظر ما كان من سنة أو حديث فاكتبه))
وقال مالك ف الوطأ رواية ممد بن السن ((أخبنا يي بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز كتب إل أب
بكر بن عمرو بن حزم أن ((انظر ما كان من حديث رسول ال أو سنة أو حديث أو نو هذا فاكتبه ل
فإن خفت دروس العلم وذهاب العلماء)) علقه البخاري ف صحيحه وأخرجه أبو نعيم ف تاريخ أصبهان
بلفظ كتب عمر بن عبد العزيز إل الفاق ((انظروا حديث رسول ال فاجعوه))
وروى عبد الرزاق عن ابن وهب سعت مالكا يقول ((كان عمر بن عبد العزيز يكتب إل المصار
يعلمهم السنن والفقه ويكتب إل الدينة يسألم عما مضى وأن
ص71:
يعملوا با عندهم ويكتب إل أب بكر بن حزن أن يمع السنن ويكتب با إليه)) فتوف عمر وقد كتب
ابن حزم كتبا قبل أن يبعث با إليه)) انتهى
-4بيان أكثر الصحابة حديثا وفتوى
ف التقريب وشرحه ((أكثرهم -يعن الصحابة -حديثا أبو هريرة روى خسة آلف وثلئمائة وأربعة
وسبعي حديث وروى عنه أكثر من ثانائة رجل وهو أحفظ الصحابة أسند الببهقي عن الشافعي أنه قال
((أبو هريرة أحد أحفظ من روى الديث ف دهره)) وروى ابن سعد أن ابن عمر كان يترحم عليه ف
26
جنازته ويقول ((كان يفظ على السلمي حديث النب )) ث عبد ال بن عمر روى ألفى حديث وستمائة
وثلثي حديثا ث أنس بن مالك روى ألفي ومائتي وستة وثاني حديثا ث ابن عباس روى ألفا وستمائه
وستي حديثا ث جابر بن عبد ال روى ألفا وخسائة وأربعي حديثا ث أبو سعيد الدري سعد بن مالك
روى ألفا ومائة وسبعي حديثا ث أبو سعيد الدري سعد بن مالك روى ألفا ومائة وسبعي حديثا ث
عائشة الصديقة أم الؤمني روت ألفي ومائتي وعشرة وليس ف الصحابة من يزيد حديثه على ألف غي
هؤلء وإياهم عن من أنشد
(سبع من الصحب فوق اللف قد نقلوا من الديث عن الختار خي مضر
(أبو هريرة سعد جابر انس
صديقة وابن عباس كذا ابن عمر
وأما أكثرهم فتوى فقال ابن حزم ((أكثرهم فتوى مطلقا عمر وعلى وابن مسعود وابن عمرن وابن عباس
وزيد بن ثابت وعائشة))
قال ((وليهم عشرون أبو بكر وعثمان وأبو موسى ومعاذ وسعد بن أب وقاص وأبو هريرة وأنس وعبد
ال بن عمرو بن العاص وسلمان وجابر وأسعد سعيد
ص72:
وطلحة والزبي وعبد الرحن بن عوف وعمران بن حصي وأبو بكر وعبادة بن الصامت ومعاوية وابن
الزبي وأم سلمة))
قال ((ويكن أن يمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغي))
قال ((وف الصحابة نو مائة وعشرين نفسا يقلون ف الفتيا جدا ل يروي عن الواحد منهم غل السألة أو
السألتان أو الثلث كأب بن كعب وأب الدرداء وأب طلحة والقداد)) وسرد الباقي
وقال المام ممد بن سعد ف الطبقات قال ممد بن عمر السلمى ((إنا قلت الرواية عن الكابر من
أصحاب رسول ال لنم ماتوا قبل أن يتاج إليهم وإنا كثرت عن عمر بن الطاب وعلى بن أب طالب
لنما وليا فسئل وقضيا بي الناس وكل أصحاب رسول ال كانوا أئمة يقتدي بم ويفظ عنهم ما كانوا
يفعلون ويستفتون فيفتون وسعوا أحاديث فأدوها فكان الكابر من أصحاب رسول ال أقل حديثا عنه
من غيهم مثل أب بكر وعثمان وطلحة والزبي وسعد بن أب وقاص وعبد الرحن بن عوف وأب عبيدة
بن الراح وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأب بن كعب وسعد بن عبادة وعبادة بن الصامت وأسيد
27
بن حضي ومعاذ بن جبل ونظرائهم فلم يأت عنهم من كثرة الديث مثل ما جاء عن الحداث من
أصحاب رسول ال مثل جابر بن عبد ال وأب سعيد الدري وأب هريرة وعبد ال بن عمر بن الطاب
وعبد ال بن عمرو بن العاص وعبد ال بن عباس ورافع بن خديج وانس بن مالك والباء بن عازب
ونظرائهم لنم بقوا وطالت أعمارهم ف الناس فاحتاج الناس إليهم ومضى كثي من أصحاب رسول ال
ومنهم من ل يدث عن رسول ال شيئا ولعله أكثر له صحبة ومالسة وساعا من الذي حدث عنه ولكنا
حلنا المر ف ذلك منهم على التوف ف الديث
ص73:
وعلى أنه ل يتج إليه لكثرة أصحاب رسول ال وعلى الستغال بالعبادة والسفار ف الهاد ف سبيل ال
حت مضوا ول يفظ عنهم عن النب شيء)) انتهى
-5ذكر صدور التابعي ف الديث وألفتيا
وهم العروفون بالفقهاء السبعة من أهل الدينة سعيد بن السيب والقاسم بن ممد بن أب بكر الصديق
وعروة بن الزبي وخارجه بن زيد بن ثابت وأبو سلمة بن عبد الرحن ابن عوف وعبيد ال بن عتبة بن
مسعود وسليمان بن يسار اللل هكذا عدهم أكثر علماء أهل الجاز وجعل ابن البارك سال بن عبد
ال بن عمر بدل أب سلمة وجعل أبو الزناد بدلما أبا بكر بن عبد الرحن وعدهم ابن الدين أثن عشر
وزاد إساعيل أخا خارجة وسالا وحزة وزيدا أو عبيد ال وبللً بدل عبد ال بن عمر وأبان ابن عثمان
وقبيصة بن ذؤيب
وعن المام أحد بن حنبل ((أفضل التابعي ابن السيب قيل له فعلقمة والسود قال هو وها))
وعنه أيضا ((ل أعلم فيهم مثل أب عثمان النهدي وقيس بن أب حازم ولقمة ومسروق))
وعنه أيضا ((ليس أحد أكثر فتوى ف التابعي من السن وعطاء كان عطاء مفت
ص74:
الباب الثالث
ف بيان علم الديث وفيه مسائل
-1ما هية علم الديث رواية ودراية -وموضوعه وغايته
قال عز الدين بن جاعة ((علم الديث علم بقواني يعرف با أحوال السند والت وموضوعه السند والت
وغايته معرفة الصحيح من غيه))
28
وقال ابن الكفان ((علم الديث الاص بالرواية علم يشتمل على نقل أقوال النب وأفعاله وروايتها
وضبطها وترير ألفاظها وعلم الديث الاص بالدراية علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها
وأحكامها وحال الرواة وشروطهم وأصناف الرويات وما يتعلق با))
قال السيوطي ((فحقيقة الرواية نقل السنة ونوها وإسناد ذلك إل من عزى إليه بتحديث وإخبار وغي
ذلك وشروطها تمل راويها لا يرويه بنوع من أنواع التحمل من ساع أو عرض أو إجازة ونوها
وأنواعها التصال والنقطاع ونوها وأحكامها القبول والرد وحال الرواة العدالة والرح وشروطهم ف
التحمل وف الداء سيأت نبذة منه وأصناف الرويات الصنفات من الساند والعاجم والجزاء وغيهم
ص75:
-2القصود من علم الديث
قال المام النووي قدس ال سره ف شرح خطبة مسلم ما نصه ((إن الراد من علم الديث تقيق معان
التون وتقيق علم السناد والعلل والعلة عبارة عن معن ف الديث خفي يقتضي ضعف الديث مع أن
ظاهرة السلمة منها وتكون العلة تارة ف الت وتارة ف السناد وليس الراد من هذا العلم مرد السماع
ول الساع ول الكتابة بل العتناء بتحقيقه والبحث عن خفي معان التون والسانيد والفكر ف ذلك
ودوام العتناء به ومراجعة أهل العرفة به ومطالعة كتب أهل التحقيق فيه وتقييد ما حصل من نفائسه
وغيها فيحفظها الطالب بقلبه ويفيدها بالكتابة ث يدي مطالعة ما كتبه ويتحرى التحقيق فيما يكتبه
ويتثبت فيه فإنه فيما بعد ذلك يصي معتمدا عليه ويذاكر بحفوظاته من ذلك من يشتغل بذا الفن سواء
كان مثله ف الرتبة أو فوقه أو تته فإن بالذاكرة يثبت الحفوظ ويتحرر ويتأكد ويتقرر ويزداد بسب
كثرة الذاكر ومذاكرة حاذق ف الفن ساعة أنفع من الطالعة والفظ ساعات بل أياما وليكن ف مذاكرته
متحريا النصاف قاصدا الستفادة والفادة غي مترفع على صاحبه بقلبه ول بكلمه ول بغي ذلك من
حاله ماطبا له بالعبارة الميلة اللينة فبهذا ينمو علمهن وتزكو مفوظاته وال أعلم))
-3حد السند والحدث والافظ
كثيا ما يوجد ف الكتب تلقيب من يعان الثار بأحدها فيظن من ل وقوف له على مصطلح القوم
ترادفها وجواز التلقيب با مطلقا وليس كذلك
بيانه أن السند ((بكسر النون)) هو من يروي الديث بإسناده سواء كان عنده علم به أو ليس له إل
مرد روايته وأما الحدث فهو أرفع منه بيث عرف السانيد
29
ص76:
والعلل وأساء الرجال وأكثر من حفظ التون وساع الكتب الستة والسانيد والعاجم والجزاء الديثية
وأما الافظ فهو مرادف للمحدث عند السلف
وقال الشيخ فتح الدين بن سيد الناس ((الحدث ف عصرنا من اشتغل بالديث رواية ودراية وجع بي
رواته وأطلع على كثي من الرواة والروايا ف عصره وتيز ف ذلك حت عرف فيه حظه واشتهر فيه ضبطة
فإن توسع ف 1لك حت عرف شيوخه وشيوخ طبقة بعد طبعة بيث يكون ما يعرفه من كل طبقة أكثر
ما يهله فهذا هو الافظ وأما ما يكي عن بعض التقدمي من قولم كنا ل نعد صاحب حديث من ل
يكتب عشرين ألف حديث ف الملء فذلك بسب أزمنهم))
وقال المام أبو شامة ((علوم الديث الن ثلثة أشرفها حفظ متونه ومعرفة غريبها وفقهها والثان حفظ
أسانيدها ومعرفة رجالا وتييز صحيحها من سقيمها والثالث جعه وكتابته وساعه وتطريقه وطلب العلو
فيه))
قال الافظ ابن حجر ((من جع هذه الثلث كان فقيها مدثا كاملً ومن انفرد باثني منها كان دونه))
كذا ف
ص77:
الباب الرابع
ف معرفة أنواع الديث وفيه مقاصد
-1بيان الجموع من أنواعه
-1أعلم ((أن أئمة الصطلح سردوا ف مؤلفاتم من أنواعه ما أمكن تقريبه وجلة ما ذكره النووي
والسيوطي ف التدريب خسة وستون نوعا وقال ((ليس ذلك بآخر المكن ف ذلكن فإنه قابل للتنويع إل
ما ل يصى إذ ل تصى أحوال رواه الديث وصفاتم ول أحوال متون الديث وصفاتا))
وقال الازمي ف كتاب العجالة ((علم الديث يشتمل على أنواع كثية تبلغ مئة كل نزع منها علم
مستقل)) 1هـ
ومع ذلك فأنواع الديث ل ترج عن ثلثة حسن صحيح وحسن وضعيف لنه إن اشتمل من أوصاف
القبول على أعلها فالصحيح أو على أدناها فالسن أو ل يشتمل على شيء منها فالضعيف وسترى
تفصيل ما ذكر مع مهمات أنواعه على نط بديع
30
-2بيان الصحيح
قال أئمة الفن ((الصحيح ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسلم عن شذوذ وعلة ونعن
بالتصل ما ل يكن مقطوعا بأي وجه كان فخرج النقطع والعضل والرسل على رأي من ل يقبله
وبالعدل من ل يكن مستور العدالة ول مروحا فخرج ما نقله مهول عينا أو حالً أو معروف بالضعيف
وبالضابط من يكون حافظا متيقظا فخرج ما نقله
ص79:
مغفل كثي الطأ وبالشذوذ ما يرويه الثقة مالفا لرواية الناس وبالعلة ما فيه أسباب خفية قادحة فخرج
الشاذ والعلل وسيأت بيان هذه الخرجات كلها إن شاء ال تعال
-3بيان الصحيح لذاته الصحيح لغيه
أعلم ((أن ما عرفناه أولً هو الصحيح لذاته لكونه اشتمل من صفات القبول على أعلها وأما الصحيح
لغيه فهو ما صحح لمر أجنب عنه إذ ل يشتمل عن صفات القبول على أعلها كالسن فإنه إذا روى
من غي وجه أرتقى با عضده من درجة السن إل منلة الصحة وكذا ما أعتضد بتلقى العلماء له بالقبول
فإنه يكم له بالصحة وإن ل يكن له إسناد صحيح) وكذا ما وافق آية من كتاب تعال أو بعض أصول
الشريعة
قال ابن الصار ((قد يعلم الفقيه صحة الديث إذا ل يكن ف سنده كذاب بوافقة آية من كتاب ال أو
بعض أصول الشريعة فيحمله ذلك على قبول والعمل))
-4تفاوت رتب الصحيح
تتفاوت رتب الصحيح بسبب تفاوت الوصاف القتضية للتصحيح ف القوة فإنا لا كانت مفيدة لغلبة
الظن الذي علية مدار الصحة اقتضت أن يكون لا درجات بعضها فوق بعض بسب المور القوية وإذا
كان كذلك فما يكون رواته ف الدرجة العليا من العدالة والضبط وسائر الصفات الت توجب الترجيح
كان أصح ما دونه فمن الرتبة العليا ف ذلك ما أطلق علية بعض الئمة أنه أصح السانيد كالزهري عن
سال بن عبد ال ابن عمر عن أبيه وكمحمد بن سيين عن عبيدة بن عمر والسلمان عن علي وكإبراهيم
النخعي عن علقمة عن ابن مسعود وكمالك عن نافع عن ابن عمر وهذا قول البخاري
قال المام أبو منصور التميمى ((فعلى هذا أجل السانيد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر
لجاع على أن أجل الرواة عن مالك الشافعي وعليه فأجلها رواية
31
ص80:
المام أحد بن حنبل عن الشافعي عن مالك للتفاق على أن أجل من أخذ عن الشافعي أهل الديث
المام أحد وتسمى هذه الترجة ((سلسلة الذهب)) والعتمد عدم إطلق أصح السانيد لترجة معينة
منها نعم يستفاد من مموعة ما أطلق الئمة عليه ذلك أرجحيته على ما ل يطلقوه ويلتحق بذا التفاضل
ما اتفق الشيخان على تريه بالنسبة إل ما انفرد به أحدها وما انفرد به البخاري بالنسبة إل ما انفرد به
مسلم لتفاق العلماء بعدها على تلقي كتابما بالقبول كذا ف شرح النخبة والتدريب
-5أثبت البلد ف الديث الصحيح ف عهد السلف
قال المام تقي الدين بن تيميه رحه ال تعال ((اتفق أهل العلم بالديث على أن أصح الحاديث ما رواه
أهل الدينة ث أهل البصرة ث أهل الشام))
وقال الطيب ((أصح طرق السنن ما يرويه أهل الرمي مكة والدينة فإن التدليس عنهم قليل والكذب
ووضع الديث عندهم عزيز ولهل اليمن روايات جيدة وطرق صحيحة إل أنا قلية ومرجعها إل أهل
الجاز أيضا ولهل البصرة من السنن الثابتة بالسانيد الواضحة ما ليس لغيهم من إكثارهم والكوفيون
مثلهم ف الكثرة غي أن رواياتم كثية الدغل قليلة السلمة من العلل وحديث الشاميي أكثره مراسيل
ومقاطيع وما اتصل منه ما أسنده الثقات فإنه صال والغالب عليه ما يتعلق بالواعظ))
وقال هشام بن عروة ((إذا حدثك العراقي بألف حديث فالق تسعمائة وتسعي وكن من الباقي ف شك))
قال الاكم ((أثبت أسانيد الشاميي الوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة))
ص81:
وقال الافظ ابن حجر ((رجح بعض أئمتهم رواية سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة ابن يزيد عن أب
إدريس الولن عن أب ذر)) كذا ف التدريب
أقول يتعرف حديث رواة هذه البلد من مثل مسند أحد فإنه يترجم فيه بسند البصريي ومسند الشاميي
وهكذا
-6أقسام الصحيح
قال النووي رحه ال تعال ((الصحيح أقسام أعلها ما اتفق عليه البخاري ومسلم ث ما انفرد به البخاري
ث ما انفرد به مسلم ث ما كان على شرطهما وإن ل يرجاه ث على شرط البخاري ث على شرط مسلم
ث ما صححه غيها من الئمة فهذه سبعة أقسام))
32
قال العلمة قاسم قطلوبوغا ف حواشيه على شرح النخبة لشيخه ابن حجر ((الذي يقتضيه النظر أن ما
كان على شرطهما وليس له علة يقدم على ما أخرجه مسلم وحده لن قوة الديث إنا هي بالنظر إل
رجاله ل بالنظر إل كونه ف كتاب كذا)) انتهى
-7معن قولم أصح شيء ف الباب كذا
قال النووي رحه ال تعال ((ل يلزم من هذه العبارة صحة الديث فإنم يقولون ((هذا أصح ما جاء ف
الباب)) وإن كان ضعيفا ومرادهم أرجحة أو أقله ضعفا))
-8أول من دون الصحيح
قال النووي ف التقريب ((أول مصنف ف الصحيح الجرد صحيح البخاري))
ص82:
واحترز ((بالجرد)) عن الوطأ للمام مالك فإنه وإن كان أول مصنف ف الصحيح لكن ل يرد فيه
الصحيح بل أدخل الرسل والنقطع والبلغات وذلك حجة عنده وأما البخاري فإنه وإن أدخل التعاليق
ونوها لكنه أوردها استئناسا واستشهادا فذكرها فيه ل يرجه عن كونه جرح الصحيح كذا فرق ابن
حجر وتعبقه السيوطي بأن ما ف الوطأ من الراسيل مع كونا حجة عندنا إذا أعتضد وما من مرسل ف
الوطأ من الراسيل مع كونا حجة عنده بل شرط وعند من وافقه من الئمة هي حجة عندنا لن الرسل
حجة عندنا إذا أعتضد وما ف مرسل ف الوطأ إل وله عاضد أو عواضد وقد صنف ابن عبد الب كتابا ف
وصل ما ف الوطأ من الرسل والنقطع والعضل)) انتهى
وعليه فأول من صنف ف الصحيح المام رضي ال عنه
-9بيان أن الصحيح ل يستوعب ف مصنف
قال العلمة المي ف شرح ((غرامي صحيح)) ((ل يستوعب الصحيح ف مصنف أصلً لقول البخاري
((أحفظ مئة ألف حديث من الصحيح ومئت ألف من غيه)) ول يوجد ف الصحيحي بل ول ف بقية
الكتب الستة هذا القدر من الصحيح))
وقال النووي رحه ال ((إن البخاري ومسلما رضي ال عنهما ل يلتزما استيعاب الصحيح بل صح
عنهما تصريهما بأنما ل يستوعياه وإنا قصدا جع جل من الصحيح كما يقصد الصنف ف الفقه جع
جلة من مسائلة ل أنه يضر جيع مسائلة لكنهما إذا كان الديث الذي تركاه أو تركه أحدها مع صحة
إسناده ف الظاهر أصلً ف بابه ول يرجا له نظيا ول ما يقوم مقامه فالظاهر من حالما أنما أطلعا فيه
33
على علة إن كانا رأياه ويتمل أنما نسيانا أو إيثارا لترك الطالة أو رأيا أن غيه ما ذكراه يسد مسده أو
لغي ذلك وال أعلم
وقال السخاوي ف الفتح ((إن الشيخي ل يستوعبا كل الصحيح ف كتابيهما
ص83:
بل لو قيل إنما ل يستوعبا مشروطهما لكان موجها وقد صرح كل منهما بعدم الستيعاب وحينئذ
فإلزام الدار قطن لما ف جزء أفرده بالتصنيف بأحاديث من رجال الصحابة رويت عنهم من وجوه
صحاح تركاها مع كونا على شرطهما))
وكذا قول ابن حبان ((ينبغي أن يناقش البخاري ومسلم ف تركهما إخراج أحاديث هي من شرطهما))
ليس بلزم ولذلك قال الاكم ((ول يكما ول واحد منهما أنه ل يصح من الديث غي ما خرجه
هذا)) وذكر السلفي ف معجم السفر ((أن بعضهم رأى ف النام أبا داود صاحب السنن ف آخرين
متمعي وأن أحدهم قال ((كل حديث ل يروه البخاري فأفلت عنه رأس دابتك))
-10بيان أن الصول السمة ل يفتها من الصحيح إل اليسي
قال النووي ((الصواب أنه ل يفت الصول المسة من الصحيح إل اليسي أعن الصحيحي وسنن أب
داود والترمذي والنسائي ول يقال إن أحاديثها دون القدار الذي عده البخاري التقدم بكثي لنا نقول
((أراد البخاري بلوغ الصحيح مئة ألف بالكرر والوقوف وآثار الصحابة والتابعي وفتاويهم ما كان
السلف يطلقون على كل منها اسم الديث وهو متعي))
-11ذكر من صنف ف أصح الحاديث
جع الافظ أبو الفضل عبد الرحيم العراقي فيما عد من أصح السانيد كتابا ف الحكام رتبه على أبواب
الفقه ساه ((تقريب السانيد وترتيب السانيد)) وهو كل كتاب لطيف جعه من تراجم ستة عشر قيل
فيها إنا أصح السانيد إما مطلقا أو مقيدا ومع ذلك فقد فاته جلة من الحاديث
ص84:
-12بيان الثمرات الجتناة من شجرة الديث الصحيح الباركة
الثمرة الول
صحة الديث توجب القطع به كما اختاره ابن الصلح ف الصحيحي وجزم بأنه هو القول الصحيح
34
قال السخاوي ف فتح الغيث ((وسبقه إل القول بذلك ف الب التلقى بالقبول المهور من الحدثي
والصوليي وعامة السلف بل وكذا غي واحد ف الصحيحي))
قال أبو أسحق السفرايين ((أهل الصنعة ممعون على أن الخبار الت اشتمل عليها الصحيحان مقطوع
بصحة أصولا ومتونا ول يصل اللف فيها بال وإن حصل فذاك اختلف ف طرقها ورواتا قال
((فمن خالف حكمه خبا منها وليس له تأويل سائغ للخب نقضنا حكمه لن هذه الخبار تلقتها المة
بالقبول))
ونقل السيوطي ف التدريب ف آخر الكلم على الفائدة الرابعة من مسائل الصحيح عن الافظ ابن نصر
السجزي أنه قال ((أجع الفقهاء وغيهم أن رجلً لو حلف بالطلق أن جيع ما ف البخاري صحيح قال
رسول ال ل شك فيه ل ينث)) انتهى
ونقل بد أيضا أن إمام الرمي قال ((لو حلف إنسان بطلق امرأته أن ما ف الصحيحي ما حكما
بصحته من قول النب ألزمته الطلق لجاع السلمي على صحته انتهى
واستثن ابن الصلح من القطوع بصحته فيهما ما تكلم فيه من أحاديثهما وقد أجاب عنها الافظ ابن
حجر ف مقدمة الفتح بتمامها قال النووي ((ما ضعف من أحاديثهما مبن على علل ليست بقادحة))
هذا وقيل إن صحة الديث ل توجب القطع به ف نفس المر لواز الطأ والنسيان على الثقة وعزاه
النووي ف التقريب للكثرين والحققي وأنم قالوا ((إنه يفيد الظن ما ل يتواتر)) قال ف شرح مسلم
((لن ذلك شأن الحاد ول فرف ف ذلك بي الشيخي
ص85:
وغيها وتلقى المة بالقبول إنا أفاد وجوب العمل با فيهما من غي توفق على النظر فيه بلف غيها
فل يعمل به حت ينظر فيه ويوجد فيه شروط الصحيحح ول يلزم من إجاع المة على العمل با فيهما
إجاعهم على القطع بأنه كلم النب ))
وناقش البلقين النووي فيما أعتمده وذكر أن ما قاله ابن الصلح مكي عن كثي من فضلء الذاهب
الربعة وأنه مذهب أهل الديث قاطبة ومذهب السلف عامة بل بالغ ابن طاهر القدسي فألق به ما
كان على شرطهما وإن ل يرجاه
وقال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((الب الحتف بالقرائن يفيد العلم خلفا لن أب ذلك قال وهو
أنواع منها ما أخرجه الشيخان ف صحيحيهما ما ل يبلغ التواتر فإنه احتف به قرائن منها جللما ف هذا
35
الشأن وتقدمهما ف تييز الصحيح على غيها وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وهذا التلقي وحده أقوى
إفادة العلم من مرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر إل أن هذا متص با ل ينقده أحد من الفاظ وبا ل
يقع التجاذب بي مدلوليه حيث ل ترجيح لستحالة أن يفيد التناقضان العلم بصدقهما من غي ترجيح
لحدها على الخر وما عدا ذلك فالجاع حاصل على تسليم صحته))
ث قال ومنها الشهور إذا كانت له طرق متباينة سالة من ضعف الرواة والعلل ومنها السلسل بالئمة
الفاظ حيث ل يكون غريبا كحديث يرويه أحد مثلُ ويشاركه فيه غيه عن الشافعي ويشاركه فيه
غيه عن مالك فإنه يفيد العلم عند سامعه بالستدلل من جهة جللة رواته))
قال ((وهذه النواع الت ذكرناها ل يصل العلم فيها إل للعال التبحر ف الديث العارف بأحوال الرواة
والعلل وكون غيه ل يصل له العلم لقصوره عن الوصاف الذكورة ل ينفي حصول العلم للمتبحر
الذكور)) انتهى قال ابن كثي ((وأنا مع ابن الصلح فيما عول عليه وأرشد)) قال السيوطي ((قلت وهو
الذي أختاره ول أعتقد سواه)) انتهى
ص86:
أقول
تلخص ف القول بأن صحة الديث توجب القطع به ثلثة مذاهب
الول إيابا ذلك مطلقا ولو ل يرجه الشيخان وهو ما قاله ابن طاهر القدسي
الثان إيابا ذلك ف روياه أو أحدها وهو ما اعتمده ابن الصلح وغيه
الثالث إيابا ذلك ف الصحيحي وف الشهور وف السلسل بالئمة وهو ما اعتمده ابن حجر كما بينا
الثمرة الثانية
قال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((اتفق العلماء على وجوب العمل بكل ما صح ولو ل يرجه
الشيخان))
وقال المام شس الدين بن القيم ف ((إعلم الوقعي ((ترى كثيا من الناس إذا جاء الديث يوافق قول
من قلدة وقد خالفه راويه يقول ((الجة فيما روى ل ف قوله)) فإذا جاء قول الراوي موافقا لقول من
قلده والديث يالفه قال ((ل يكن الراوي يالف ما رواه إل قد رأينا ذلك ف الباب الواحد وهذا من
أقبح التناقض
36
((والذي ندين ل به ول يسعنا غيه أن الديث إذا صح عن رسول ال ول يصح عنه حديث آخر
بنسخه أن القرض علينا وعلى المة الخذ بديثه وترك ما خلفه ول نتركه للف أحد من الناس كائنا
من كان ل راوية ول غيه إذ من المكن أن يضى الراوي الديث ول يضره وقت أنفتيا أو ل يتفطن
ل مرجوحا أو يكون ف ظنه ما يعارضه ول يكون معارضا ف لدللته على تلك السألة أو يتأول فيه تأوي ً
نفس المر أو يقلد غيه ف فتواه بلفه لعتقاده أنه أعلم منه وأنه إنا خالفه لا هو أقوى منه ولو قدر
انتفاء ذلك كله -ول سبيل إل العلم بانتفائه ول ظنه -ل يكن الراوي معصوما ول توجب مالفته لا
رواه سقوط عدالته حت تغلب سيئاته حسناته وبلف هذا الديث الواحد ل يصل له ذلك)) انتهى
ص87:
وف كتاب ((قاموس الشريعة)) للسعدي ((إذا رفع الصحاب خبا عن الرسول بإياب فعل وجب العمل
به على من بلغه من الكلفي إل أن يلقي خبا غيه ينسخ ذلك الب وحينئذ فعلى من عمل بالب الول
الرجوع إل الثان وترك العمل بالول))
وفيه أيضا ((كل مسألة ل يل الصواب فيها من أحد القولي ففسد أحدها لقيام الدليل على فساده صح
أن الق ف الخر قال ال تعال (فماذا بعد الق إل الضلل فأب تصرفون)
وقال المام ابن القيم ف إعلم الوقعي ((كان المام أحد إذا وجد النص أفت بوجبه ول يلتفت إل ما
خالفه ول من خالفه كائنا من كان ولذا ل يلتفت إل خلف عمر رضي ال عنه ف البتوتة لديث
فاطمة بنت قيس ول إل خلفه ف التيمم للجنب لديث عمرا بن ياسر ول خلفة ف استدامة الحرم
الطيب الذي يطيب به قبل إحرامه لصحة حديث عائشة ف ذلك ول خلفه ف منع النفرد والقارن من
الفسخ إل التمتع
ص88:
لصحة أحاديث الفسخ وكذا ل يلتفت إل قول على وعثمان وطلحة وأب بن كعب رضي ال عنهم ف
ترك الغسل من الكسال لصحة حديث عائشة أنا فعلته هي ورسول فاغتسل ول يلتفت إل قول ابن
عباس وإحدى الروايتي عن على أن عدة التوف عنها الامل أقصى الجلي لصحة حديث سبيعة
السلمية ول يلتفت إل قول معاذ ومعاوية ف توريث السلم من الكافر لصحة الديث الانع من التوارث
بينهما ول يلتفت إل قول ابن عباس ف الصرف لصحة الديث بلفه ول إل قوله بإباحة لوم المر
ل ول رأيا ول قياسا ول قول صاحب كذلك وهذا كثي جدا ول يكن يقدم على الديث الصحيح عم ً
37
ول عدم علمه بالخالف الذي يسميه كثي من الناس إجاعا ويقدمونه على الديث الصحيح وقد نص
الشافعي ف رسالته الديدة على أن ((ما ل يعلم فيه اللف ل يقال له إجاع)) ولفظه ((ما ل يعلم فيه
اللف فليس إجاعا)) ث قال ابن القيم ((ونصوص رسول ال عند المام أحد وسائر أئمة الديث أجل
من أن يقدم عليها توهم إجاع مضمونه عدم العلم الخالف ولو ساغ لتعطلت
ص89:
النصوص وساغ لكل من ل يعلم مالفا ف حكم مسالة أن يقدم جهله بالخالف على النصوص فهذا هو
الذي أنكره المام أحد والشافعي من دعوى الجاع ل ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده)) انتهى
وقال العارف الشعران قدس ال سره ف اليزان ((فإن قلت ((فما أصنع بالحاديث الت صحت بعد موت
إمامي ول يأخذ با)) فالواب ((ينبغي لك أن تعمل با فإن إمامك لو ظفر با وصحت عنده لربا كان
أمرك با فإن الئمة كلهم أسرى ف يد الشربعة ومن فعل ذلك فقد جاز الي بكلتا يديه ومن قال ((ل
أعمل بالديث إل إن أخذ به إمامي)) فاته خي كثي كما عليه كثي من القلدين لئمة الذاهب وكان
الول لم العمل بكل حديث صح بعد إمامهم تنفيذا لوصية الئمة فإن اعتقادنا فيهم أنم لو عاشوا
وظفروا بتلك الحاديث الت صحت بعدهم لخذوا با وعملوا با وتركوا كل قياس كانوا قاسوه وكل
قول كانوا قالوه وقد بلغنا من طرق صحيحة أن المام الشافعي أرسل بقول للمام أحد بن حنبل ((إذا
صح عندكم حديث فأعلموا به لنأخذ به ونترك كل قول قلناه قبل ذلك أو قاله غينا فإنكم أحفظ
للحديث ونن أعلم به))
وقال الشعران قدس سره أيضا ف الرد على من يزعم أن المام أبا حنيفة رضي ال عنه يقدم القياس على
الديث ما نصه ((ويتمل أن الذي أضاف إل المام أب حنيفة أنه يقدم القياس على النص ظفر بذلك ف
كلم مقلديه الذين يلزمون العمل با وجدوه عن إمامهم من القياس ويتركون الديث الذي صح بعد
موت المام فالمام معذور وأتباعه غي معذورين وقولم ((إن إمامنا ل يأخذ بذا الديث)) ل ينهض
حجة لحتمال أنه ل يظفر به أو ظفر به لكن ل يصح عنده وقد تقدم قول الئمة كلهم ((إذا صح
الديث فهو مذهبنا)) وليس لحد معه قياس ول حجة إل طاعة ال وطاعة رسوله بالتسليم له)) انتهى
ص90:
38
وقال العمدة الشهي السيد ممد عابدين الدمشقي ف شرح النظومة السماة بعقود رسم الفت ((إن المام
أبا حنيفة رحه ال تعال من شدة احتياطه وورعه وعلمه بأن الختلف من آثار الرحة قال لصحابه إن
توجه لكم دليل فقولوا به))
وقال بعد أسطر ((فقد صح عن أب حنيفة أنه قال ((إذا صح الديث فهو مذهب)) وقد حكى ذلك
المام ابن عبد الب عن أب حنيفة وغيه من الئمة ونقله أيضا المام الشعران عن الئمة الربعة ونقل
فيها عن البحر قال إنم نقلوا عن أصحابنا أنه ل يل لحد أن يفت بقولنا حت يعلم من أين قلنا حت نقل
ف السراجية أن هذا سبب مالفة عصام للمام وكان يفت بلف قوله كثيا لنه ل يعلم الدليل وكان
يظهر له دليل غيه فيفت به))
وفيها أيضا عن العلمة قاسم أنه قال ف رسالته السماة رفع الشتباه عن مسألة الياه ((لا منع علماؤنا
رضي ال تعال عنهم من كان له أهلية النظر من مض تقليدهم على ما رواه الشيخ المام العلمة أبو
أسحق إبراهيم بن يوسف قال حدثنا أبو يوسف عن أب حنيفة رحه ال تعال أنه قال ليس لحد أن يفت
بقولنا ما ل يعرف من أين قلنا تتبعت مآخذهم وحصلت منها بمد ال تعال على الكثي ول أقنع بتقليد
ما ف صحف كثي من الصنفي ال
وقال ف رسالة أخرى ((وإن ول المد لقول كما قال الطحاوي لبن حربويه ل يقلد إل عصب أو
غب)) انتهى
الثمرة الثالثة
ف حصول الأمول من علم الصول)) ما نصه ((أعلم أنه ل يضر الب الصحيح عمل أكثر المة بلفه
لن قول الكثر ليس بجة وكذا عمل أهل الدينة بلفه خلفا لالك وأتباعه لنم بعض المة ولواز
أنم ل يبلغهم الب ول يضره عمل
ص91:
الراوي له بلفه خلفا لمهور النفية وبعض الالكية لنا متعبدون با بلغ إلينا من الب ول نتعبد با
فهمه الراوي ول يأت من قدم عمل الراوي على روايته بجة تصال للستدال با ول يضره كونه ما تعم
به البلوي خلفا للحنفية وأب عبد ال البصري لعمل الصحابة والتابعي بأخبار الحاد ف ذلك ول يضره
كونه ف الدود والكفارات خلفا للكرخي من النفية ول وجه لذا اللف فهو خب عدل ف حكم
شرعي ول يثبت ف الدود والكفارات دليل بصها من عموم الحكام الشرعية ول يضره أيضا كونه
39
زيادة على النص القرآن أو السنة القطعية خلفا للحنفية فقالوا إذا ورد بالزيادة كان نسخا ل يقبل والق
القبول لنا زيادة غي منافية للمزيد فكانت مقبولة ودعوى أنا ناسخة منوعة وهكذا إذا ورد الب
مصصا للعام من كتاب أو سنة فإنه مقبول ويبن العام على الاص خلفا لبعض النفية وهكذا إذا ورد
مقيدا لطلق الكتاب أو السنة التواترة ول يضره أيضا كون رواية انفرد بزيادة فيه على ما رواه غيه إذا
كان عدلً فقد يفظ الفرد ما ل تفظه الماعة وبه قال المهور وهذا ف صورة عدم النافاة وإل فروية
الماعة أرجح ومثل انفراد العدل بالزيادة انفراده برفع الديث إل رسول ال الذي وقفه الماعة وكذا
انفراده بإسناد الديث الذي أرسلوه وكذا انفراده بوصل الديث الذي قطعوه فإن ذلك مقبول منه لنه
زيادة على ما ردوه وتصحيح لا أعلوه ول يضره أيضا كونه خارجا مرج ضرب المثال))
الثمرة الرابعة
قال المام شس الدين ابن القيم الدمشقي ف كتاب الروح وقد حصل بإهال ذلك والعدول عنه من
الضلل عن الصواب ما ل يعلمه إل ال بل سوء الفهم عن ال رسوله أصل كل بدعة وضللة نشأت ف
السلم بل هو أصل كل خطأ ف الصول والفروع ول سيما إن أضيف إليه
ص92:
سوء القصد فيتفق سوء الفهم ف بعض الشياء من التبوع مع حسن قصده وسوء القصد من التابع فيا
منة الدين وأهله وال الستعان وهل أوقع القدر به والرجئة والوارج والعتزلة والهمية والروافض وسائر
طوائف أهل البدع إل سوء الفهم عن ال ورسوله حت صار الدين بأيدي أكثر الناس هو موجب هذه
الفهام والذي فهمه الصحابة رضي ال تعال عنهم ومن تبعهم عن ال ورسوله فمهجور ل يلتفت إليه
ول يرفع هؤلء به رأسا ولكثرة أمثلة هذه القاعدة تركناها فإنا لو ذكرناها لزادت على عشرات ألوف
حت إنك لتمر على الكتاب من أوله إل آخره فل تد صاحبه فهم عن ال ورسوله مراده كما ينبغي ف
موضع واحد وهذا إنا يعرفه من عرف ما عند الناس وعرضه على ما جاء به الرسول وأما من عكس
المر فعرض ما جاء به الرسول على ما اعتقده وانتحله وقلد فيه من أحسن به الظن فليس يدي الكلم
معه شيئا فدعه وما اختاره لنفسه ووله ما تول وأحد الذي عافاك ما ابتله به)) انتهى
وقال المام علم الدين الشيخ صال الفلن الالكي الثري ف كتابه ((إيقاظ الم)) ((ترى بعض الناس إذا
وجد حديثا يوافق مذهبة فرح به وانقاد له وسلم وإن وجد حديثا صحيحا سالا من النسخ والعارض
مؤيدا لذهب غي إمامه فتح له باب الحتمالت البعيدة وضرب عنه الصفح والعارض ويلتمس لذهب
40
إمامه أوجها من الترجيح مع مالفته للصحابة والتابعي والنص الصريح وإن شرح كتابا من كتب الديث
حرف كل حديث خلف رأيه الديث وإن عجز من ذلك كله أدعى النسخ بل دليل أو الصوصية أو
عدم العمل به أو غي ذلك ما يضر ذهنه العليل وإن عجز عن ذلك كله أدعى أن إمامه اطلع على كل
مروي أو جله فما ترك هذ 1الديث الشريف إل وقد اطلع على طعن فيه برأيه النيف فيتخذ علماء
مذهبه أربابا ويفتح لناقبهم وكراماتم أبوابا ويعتقد أن كل من خالف ذلك ل يوافق صوابا وإن نصحه
أحد من علماء السنة اتذه عدوا ولو كانوا قبل ذلك أحبابا وإن وجد كتابا من كتب مذهب
ص93:
إمامه الشهورة قد تضمن نصحه وذم الرأي والتقليد وحرض على اتباع الحاديث الشهورة نبذه وراء
ظهره وأعرض عن نيه وأمره واعتقده حجرا مجورا)) انتهى
أقول إن الشيخ الفلن هو من كبار من أخذ عنه مسند الشام الشيخ عبد الرحن الكزبري ومن طريقة
ارتفع علو إسناده ف البخاري هو ومن شاركه ف الخذ عنه رحه ال تعال
الثمرة الامسة لزوم قبول الصحيح وإن ل يعمل به أحد -قال المام الشافعي رضي ال عنه ف رسالته
الشهية ((ليس لحد دون رسول ال أن يقول إل لستدلل ول يقول با استحسن فإن القول با
استحسن شيء يدثه ل على مثال سبق))
وقال أيضا ((إن عمر بن الطاب رضي ال عنه قضى ف البام بمس عشرة فلما وجد كتاب آل عمرو
بن حزم وفيه أن رسول ال قال ((وف كل إصبع ما هنالك عشر من البل)) صاروا إليه قال ول يقبلوا
كتاب آل عمرو بن حزم -وال أعلم -حت ثبت لم أنه كتاب رسول ال وف هذا الديث دللتان
إحداها قبول الب والخرى أن يقبل الب ف الوقت الذي يثبت فيه وإن ل يض عمل من أحد من
الئمة يثل الب الذي قبلوا ودللة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الئمة ث وجد عن النب خب
يالف عمله لترك عمله لب رسول ال ودللة على أن حديث رسول ال يثبت بنفسه ل بعمل غيه
بعده))
قال الشافعي ((ول يقل السلمون قد عمل فنيا عمر بلف هذا من الهاجرين والنصار ول تذكروا أنتم
أن عندكم خلفه ول غي كم بل صاروا إل ما وجب عليهم من قبول الب عن رسول ال وترك كل
عمل خلفه ولو بلغ عمر هذا صار إليه إن شاء ال
ص94:
41
كما صار إل ما بلغه عن رسول ال بتقواه ل وتأديته الواجب عليه ف اتباع أمر رسول ال وعلمه بأن
ليس لحد مع رسول ال أمر وأن طاعة ال ف اتباع أمر رسول ال ))
وقال علم الدين الفلن التقدم ذكره ف كتابه ((إيقاظ المم)) ((قال شيخ مشاينا ممد حياة السندي
قال ابن الشحنة ف ((ناية النهاية)) ((وإن كان -أي ترك المام الديث -لضعفه ف طريقة فينظر إن
كان له طريق غي الطريق الذي ضعفه به فينبغي أن تعتب فإن صح عمل بالديث ويكون ذلك مذهبه ول
يرج مقلدة عن كونه حنفيا بالعمل به فقد صح أنه قال ((إذا صح الديث فهو مذهب)) كذا قال بعض
من صنف ف هذا القصود))
وقال ف البحر ((وإن ل يستفت ولكن بلغه الب وهو قوله عليه وعلى آله الصلة والسلم ((أفطر الاجم
والحجوم)) وقوله ((الغيبة تفطر الصائم)) ول يعرف النسخ ول تأويله فل كفارة عليه عندها لن ظاهرة
الديث واجب العمل خلفا لب يوسف لنه قال ((ليس للعامي العمل بالديث لعدم علمه بالناسخ
والنسوخ))
ونقل ابن العز ف حاشية الداية ذلك أيضا عن أب يوسف وعلل بأن على العامي القتداء بالفقهاء لعدم
الهتداء ف حقه إل معرفة الحاديث قال ((ف تعليله نظر فإن السألة إذا كانت مسألة الناع بي العلماء
وقد بلغ العامي الديث الذي احتج به أحد الفريقي كيف يقال ف هذا إنه غي معذور فإن قيل ((هو
منسوخ)) فقد تقدم أن النسوخ ما يعارضه ومن سع الديث فعمل به وهو منسوخ فهو معذور إل أن
ص95:
يبلغه الناسخ ول يقال لن سع الديث الصحيح ل تعمل به حت تعرضه على رأي فلن أو فلن وإنا
يقال له انظر هل هو منسوخ أم ل أما إذا كان الديث قد اختلف ف نسخة كما ف هذه السألة فالعامل
به ف غاية العذر فإن تطرق الحتمال إل خطأ الفت أول من تطرق الحتمال إل نسخ ما سعه من
الديث)) إل أن قال ((فإذا كان العامي يسوغ له الخذ بقول الفت بل يب عليه مع احتمال الفت
كيف ل يسوغ الخذ بالديث فلو كانت سنة رسول ال ل يوز العمل با بعد صحتها حت يعمل با
فلن لكان قولم شرطا ف العمل با وهذا من أبطل الباطل ولذا أقام ال الجة برسوله دون آحاد المة
ول يفرض احتمال خطأ لن عمل بالديث وأفت به بعد فهمه إل وأضعاف أضعافه حاصل لن أفت
بتقليد من ل يعلم خطأه من صوابه ويوز عليه التناقض والختلف ويقول القول ويرجع عنه ويكي عنه
عدة أقوال وهذا كله فيمن له نوع أهلية وأما إذا ل يكن له أهلية ففرضه ما قال ال تعال ((فاسألوا أهل
42
الذكر إن كنتم ل تعلمون)) وإذا جاز اعتماد الستفت على ما يكتب له من كلمه أو كلم شيخه وإن
عل فلن يوز اعتماد الرجل على ما كتبه الثقات من كلم رسول ال أول بالواز وإذا قدر أنه ل يفهم
الديث فكما إذا ل يفهم فتوى الفت فيسأل من يعرف معناها فكذلك الديث)) انتهى بروفه
الثمرة السادسة
قال علم الدين الفلن ف ((إيقاظ المم)) نقلً عن المام السندي النفي قدس سره ما نصه ((تقرر أن
الصحابة ما كانوا كلهم متهدين على اصطلح العلماء فإن فيهم القروى والبدوي ومن سع منه حديثا
واحدا أو صحبه مرة ول شك أن من سع حديثا عن رسول ال أو عن واحد من الصحابة رضي ال
عنهم كان يعمل به حسب فهمه متهدا كان أول ول يعرف أن غي الجتهد منهم كلف بالرجوع إل
الجتهد
ص96:
فيما سعه من الديث ل ف زمانه ول بعده ف زمان الصحابة رضي ال عنهم وهذا تقرير منه بوار العمل
بالديث لغي الجتهد وإجاع من الصحابة عليه ولول ذلك لمر اللفاء غي الجتهد منهم سيما أهل
البوادي أن ل يعملوا با بلغهم عن النب مشافهة أو بواسطة حت يعرضوا على الجتهدين منهم ول يرد من
هذا عي ول أثر وهذا هو ظاهر قوله تعال ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا) ونوه من
اليات حيث ل يفيد بأن ذلك على فهم الفقهاء ومن هنا عرفت وقد بن الفقهاء على اعتبار الصل ف
شيء أحكاما كثية ف الاء ونوه ل تصى على التتبع لكتبهم ومعلوم أن من أهل البوادي والقرى
البعيدة من كان يىء إليه مرة أو مرتي ويسمع شيئا ث يرجع إل بلده ويعمل به والوقت كان وقت
نسخ وتبديل ول يعرف أنه أمر أحدا من هؤلء بالراجعة ليعرف الناسخ من النسوخ بل إنه قرر من قال
((ل أزيد على هذا ول أنقص)) -على ما قال -ول ينكر عليه بأنه يتمل النسخ بل دخل النة إن
صدق وكذلك ما أمر الصحابة أهل البوادي وغيهم بالعرض على متهد ليميز له الناسخ من النسوخ
فظهر أن العتب ف النسخ ونوه بلوغ الناسخ ل وجوده ويدل على أن العتب البلوغ ل الوجود أن الكلف
مأمور بالعمل على وفق النسوخ ما ل يظهر عنده الناسخ فإذا ظهر ل يعبد ما عمل على وفق النسوخ بل
صحح ذلك حديث نسخ القبلة
ص97:
43
إل الكعبة الشرفة فإن خبه وصل إل أطراف الدينة النورة كأهل قباء وغيهم بعد ما صلوا على وفق
القبلة النسوخة فمنهم من وصله الب ف أثناء الصلة ومنهم من وصله بعد أن صلى الصلة والنب قررهم
على ذلك ول يأمر أحدا منهم بالعادة فل عبة لا قيل ((ل يوز العمل قبل البحث عن العارض
والخصص وإن أدعى عليه الجاع)) فإنه لو سلم فإجاع الصحابة وتقرير النب مقدم على إجاع من
بعدهم على أن ما أدعى من الجاع قد علم خلفه كما ذكر ف بر الزركشي ف الصول)) انتهى
ملخصا
الثمرة السابعة
قال ابن السمعان ((مت ثبت الب صار أصلُ من الصول ول يتاج إل عرضه على أصل آخر لنه عن
وافقه فذاك وإن خالفه ل يز رد أحدها لنه رد للخب بالقياس وهو مردود بالتفاق فإن السنة مقدمة
على القياس)) انتهى
ومنه يعلم أن من رد حديث أب هريرة ف الصراة التفق عليه لنه ل يكن كابن مسعود وغيه من فقهاء
الصحابة فل يؤخذ با رواه مالفا للقياس فقد آذى قائله به نفسه وف حكايته غن عن تكلف الرد عليه
ول قول لحد مع قول رسول ال كائنا من كان وأيا كان ومن كان و ((إذا جاء نر ال بطل نر
معقل)) وأين القياس وإن كان جليا من السنة الطهرة إنا يصار إليه عند فقد الصل من الكتاب والب ل
مع وجود واحد منهما
وقال ابن السمعان ف الصطلح ((التعرض إل جانب الصحابة علمة على خذلن فاعله بل هو بدعة
وضللة وقد اختص أبو هريرة بزيد الفظ لدعاء رسول ال له
ص98:
يعن قوله ((إن إخوان من الهاجرين كان يشغلهم الصفق بالسواق وكنت ألزم رسول ال فأشهد إذا
غابوا وأحفظ إذا نسوا الديث)) وهو ف كتاب العلم وأول البيوع أيضا عند البخاري
الثمرة الثامنة
ل يضر صحة الديث تفرد صحاب به -قال المام ابن القيم ف ((إغاثة اللهفان)) ف مناقشة من طعن ف
حديث ابن عباس ف الطلقة ثلثا بأنا كانت واحدة على عهد رسول ال ِ وأب بكر وصدرا من خلفة
عمر ما نصه ((وقدرده آخرون بسلك أضعف من هذا كله فقالوا هذا حديث ل يروه عن رسول ال إل
ابن عباس وحده ول عن ابن عباس إل طاوس وحده قالوا فأين أكابر الصحابة وحفاظهم عن رواية مثل
44
هذا المر العظيم الذي الاجة إليه شديدة جدا فكيف خفي هذا على جيع الصحابة وعرفه ابن عباس
وحده وخفي على أصحاب ابن عباس كلهم وعلمه طاوي وحده وهذا أفسد من جيع ما تقدم ول ترد
أحاديث الصحابة وأحاديث الئمة الثقات بثل هذا فكم من حديث تفرد به واحد من الصحابة ل يروه
غيه وقبله المة كلهم فلم يرده أحد منهم وكم من حديث تفرد به من هو دون طاوس بكثي ول يرده
أحد من الئمة ول نعلم أحدا من أهل العلم قديا ول حديثا قال ((إن الديث إذا ل يروه إل صحاب
واحد ل يقبل)) وإنا يكي عن أهل البدع ومن تبعهم ف ذلك أقوال ل يعرف لا قائل من الفقهاء وقد
تفرد الزهري بنحو ستي سنة لن يروها غيه وعملت با المة ول يردوها بتفرده هذا مع أن عكرمة
روى عن ابن عباس رضي ال عنه حديث ركانه وهو موافق لديث طاوس عنه فإن قدح ف عكرمة
أبطل وتناقض فإن الناس احتجوا بعكرمة وصحح أئمة الفاظ حديثه ول يلتفتوا إل قدح من قدح فيه
ص99:
فإن قيل ((فهذا هو الديث الشاذ وأقل أحواله أن يتوقف فيه ول يزم بصحته عن رسول ال عليه
السلم)) قيل ((ليس هذا هو الشاذ وإنا الشذوذ أن يالف الثقات فيما رووه فيشذ عنهم بروايته فأما إذا
روى الثقة حديثا منفردا به ل يرو الثقات خلفه فإن ذلك ل يسمى شاذا وإن اصطلح على تسميته شاذا
بذا العن ل يكن هذا الصطلح موجبا لرده ول مسوغا له قال الشافعي رحه ال ((وليس الشاذ أن
ينفرد الثقة برواية الديث بل الشاذ أن يروي خلف ما رواه الثقات)) قاله ف مناظرته بعض من رد
الديث بتفرد الراوي فيه ث إن هذا القول ل يكن أحدا من أهل العلم ول من الئمة ول من أتباعهم
طرده ولو طردوه لبطل كثي من أقوالم وفتاويهم والعجب أنن الرادين لذا الديث بثل هذا الكلم قد
بنوا كثيا من مذاهبهم على أحاديث ضعيفة انفرد با رواتا ل تعرف عن سواهم وذلك أشهر وأكثر من
أن يعد))
الثمرة التاسعة
ما كل حديث صحيح تدث به العامة -والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن معاذ رضي ال عنه قال
كنت ردف النب على حار فقال ((يا معاذ هل تدري ما حق ال على عباده وما حق العباد على ال))
قلت ((ال ورسوله أعلم)) قال ((فإن حق ال على العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا وحق العباد على
ال أن ل يعذب من ل بشرك به شيئا)) قلت ((يا رسول ال أفل أبشر به الناس)) قال ((ل تبشرهم
فيتكلوا)) وف رواية لما عن أنس أن النب قال لعاذ وهو ردفه (( ما من أحد يشهد أن ل إله إل ال وأن
45
ممدا رسول ال صدقا من قلبه إل حرمه ال على النار)) قال ((يا رسول ال أفل أخب به الناس
فيستبشروا)) قال ((إذا يتكلوا)) فأخب با معاذ عند موته تأثا وروى البخاري تعليقا عن على رضي ال
عنه ((حدثوا الناس با يعرفون أتبون أن يكذب ال ورسوله)) ومثله
ص100:
قول ابن مسعود ((ما أنت مدث قوما حديثا ل تبلغه عقولم إل كان لبعضهم فتنة)) رواه مسلم
قال الافظ ابن حجر ((ومن كره التحديث ببغض دون بعض أحد ف الحاديث الت ظاهرها الروج
على المي ومالك ف أحاديث الصفات وأبو يوسف ف الغرائب ومن قبلهم أبو هريرة كما روى عنه ف
الرابي وأن الراد ما يقع من الفت ونوه عن حذيفة وعن السن أنه أنكر تديث أنس للحجاج بقصة
العرنيي لنه أتذها وسيلة إل ما كان يعتمده من البالغة ف سفك الدماء بتأويله الواهي وضابط ذلك أن
يكون ظاهر الديث بقوى البدعة وظاهرة ف الصل غي مراد فالمساك عنه عند من يشى عليه الخذ
بظاهره مطلوب)) انتهى
ولا كان النهى للمصلحة ل للتحري أخب به معاذ لعموم الية بالتبليغ
قال بعضهم ((النهى ف قوله ((ل تبشرهم)) مصوص ببعض الناس وبه احتج البخاري على أن للعال أن
يص بالعلم قوما دون قوم كراهة أن ل يفهموا وقد يتخذ أمثال هذه الحاديث البطلة والباحية ذريعة
إل ترك التكاليف ورفع الحكام وذلك يفضي إل خراب الدنيا بعد خراب العقب وأين هؤلء من إذا
بشروا
ص101:
زادوا جدا ف العبادة وقد قيل للنب ((أتقوم الليل وقد غفر ال لك)) فقال ((وأفل أكون عبدا شكورا))
-13بيان الديث السن ذكر ما هيته
قال العلمة الطيب ((السن مسند من قرب من درجة الثقة أو مرسل ثقة وروى كلها من غي وجه
وسلم من شذوذ وعلة)) وهذا الد أجع الدود الت نقلت ف السن وأضبطها وإنا سى حسنا لسن
الظن براوية
-14بيان السن لذاته ولغيه
أعلم أن ما عرفناه أولً هو السن لذاته قال ابن الصلح ((السن لذاته أن تشهر رواته بالصدق ول
يصلوا ف الفظ رتبة رجال الصحيح والسن لغيه أن يكون ف الستاذ مشتور ل تتحقق أهليته غي
46
مغفل ول كثي الطأ ف روايته ول متهم بتعمد الكذب فيهان ول ينسب إل مفسق آخر واعتضد بتابع
أو شاهد فأصله ضعيف وإنا طرأ عليه السن بالعاضد الذي عضده فاحتمل لوجود العاضد ولوله
لستمرت صفة الضعف فيه ول ستمر على عدم الحتجاج به)) كذا ف فتح الغيث
-15ترقى السن لذاته إل الصحيح بتعدد طرقه
أعلم أن السن إذا روى من وجه آخر ترقى من السن إل الصحيح لقوته من الهتي فيعتضد أحدها
بالخر وذلك لن الراوي ف السن متأخر عن درجة الافظ
ص102:
الضابط مع كونه مشهورا بالصدق والستر فإذا روى حديثه من غي وجه ولو وجها واحدا قوى بالتابعة
وزال ما كان يشى عليه من جهة سوء حفظ راويه فارتفع حديثه من درجة السن إل الصحيح قال
السيد الشريف ((ونعن بالترقى أنه ما حق ف القوة بالصحيح ل أنه عينه))
-16بيان أول من شهر السن
قال المام النووي ف التقريب وشارحه السيوطي ((كتاب الترمذي أصل ف معرفة السن وهو الذي
شهره وأكثر من ذكره وإن وجد ف متفرقات من كلم بعض مشايه والطبقة الت قبله))
وقال المام تقي الدين تيمية قدس سره ف بعض فتاويه ((أول من عرف أنه قسم الديث إل صحيح
وحسن وضعيف أبو عيسى الترمذي ول تعرف هذه القسمة عن أحد قبله وقد بي أبو عيسى مراده
بذلك فذكر أن السن ما تعددت طرقة ول يكن فيهم متهم بالكذب ول يكن شاذا وهو دون الصحيح
الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم)) وقال ((الضعيف الذي عرف أن ناقله متهم بالكذب ردئ الفظ
فإنه إذا رواه الجهول خيف أن يكون كاذبا أو سيء الفظ فإذا وافقه آخر ل يأخذ عنه عرف أنه ل
يتعمد كذبه واتفاق التني على لفظ واحد طويل قد يكون متنعا وقد يكون بعيدا ولا كان تويز
اتفاقهما ف ذلك مكنا نزل من درجة الصحيح)) ث قال تقي الدين قدس سره ((وأما من قلل الترمذي
من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلثي لكن كانوا يقسمونه إل صحيح وضعيف والضيف كان
عندهم نوعان ضعيف ضعفا ل يتنع العمل به وهو يشبه السن ف اصطلح الترمذي وضعيف ضعفا
يوجب تركه وهو الواهي))
ص103:
-17معن قول الترمذي ((حسن صحيح))
47
للعلماء ف ملحظ الترمذي بذه العبارة وجوه نقلها السيوطى ف التدريب قالوا ((العبارة الذكورة ما
استشكل لن السن قاصر عن الصحيح فكيف يتمع إثبات القصور ونفيه ف حديث واحد وأجاب ابن
دقيق العيد بأن السن ل يشترط فيه القصور عن الصحة إل حيث انفرد السن أما إذا ارتفع إل درجة
الصحة فالسن حاصل ل مالة تبعا للصحة لن وجود الدرجة العليا وهي الفظ والتقان ل يناف وجود
الدنيا كالصدق فيصح أن يقال حسن باعتبار الصفة الدنيا صحيح باعتبار العليا ويلزم على هذا أن كل
صحيح حسن وقد سبقه إل نو ذلك ابن الواق قال الافظ ابن حجر وشبه ذلك قولم ف الراوي
صدوق فقط وصدوق ضابط فإن الول قاصر عن درجة رجال الصحيح والثان منهم فكما أن المع
بينهما ل يضر ول يشكل فكذلك المع بي الصحة والسن)) انتهى
-18الواب عن جع الترمذي بي السن والغرابة على اصطلحه
قد أنكر بعض الناس على المام الترمذي تديده للحسن با حد به من كونه يروى من غي وجهن لقوله
ف بعض الحاديث حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه والغريب الذي انفرد به الواحد وأجاب
الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((بأن الترمذي ل يعرف السن مطلقا وإنا عرفه بنوع خاص منه وقع
ف كتابه وهو ما يقول فيه حسن من غي صفة أخرى وذلك أنه يقول ف بعض الحاديث حن وف
بعضها صحيح وف بعضها غريب وف بعضها حسن صحيح وف بعضها حسن غريب وف بعضها صحيح
غريب وف بعضها حسن صحيح غريب وتعريفه إنا وقع على الول فقط وعبارته ترشد إل ذلك حيث
قال ف آخر كتابه
ص104:
((وما قلنا ف كتابنا حديث حسنه فإنا أردنا به حسن إسناده عندنا إذ كل حديث يروى ل يكون راويه
متهما بكذب ويروى من غي وجه نو ذلك ول يكون شاذا فهو عندنا حديث حسن)) فعرف بذا أنه
إنا عرف الذي يقول فيه حسن فقط أما ما يقول فيه حسن صحيح أو حسن غريب أو حسن صحيح
غريب فلم يعرج على تعريف ما يقول فيه صحيح فقط أو غريب فقط وكأنه ترك ذلك استغناء لشهرته
عند أهل الفن واقتصر على تعريف ما قول فيه ف كتابه حسن فقط إما لغموضه وإما لنه اصطلح جديد
ولذلك قيده بقوله ((عندنا)) ول ينسبه إل أهل الديث كما فعل الطاب)) انتهى
وقال شيخ السلم تقي الدين بن تيمية ف فتوف له (( الذين طعنوا على الترمذي ل يفهموا مراده ف كثي
ما قاله فإن أهل الديث قد يقولون ((هذا الديث غريب)) أي من هذا الوجه وقد يصرحون بذلك
48
فيقولون غريب من هذا الوجه فيكون الديث عندهم صحيحا معروفا من طريق واحد فإذا روى من
طريق آخر كان غريبا من ذلك الوجه وإن كان الت صحيحا معروفا فالترمذي إذا قال حسن غريب قد
يعن به أنه غريب من ذلك الطريق لكن الت له شواهد صار با من جلة السن)) انتهى
-19مناقشة الترمذي ف بعض ما يصححه أو بسنه
قال شيخ السلم تقي الدين بن تيمية ((بعض ما يصححه الترمذي ينازعه غيه فيه كما قد ينازعونه ف
بعض ما يضعفه ويسنه فقد يضعف حديثا ويصححه البخاري كحديث ابن مسعود لا قال له النب
((أبغن أحجارا أستنفض بن قال فأتيته بجرين وروثة قال فأخذ الجرين وترك الروثة وقال وقال إنا
رجس))
ص105:
فإن هذا اختلف فيه على أب إسحق السبيعي فجعل الترمذي هذا الختلف علة ورجح روايته له عن أب
عبيدة عن أبيه وهو ل يسمع من أبيه وأما البخاري فصححه من طريق أخرى لن أبا إسحق كان
الديث يكون عنده عن جاعة يرويه عن هذا تارة وعن هذا تارة كما كان الزهري الديث تارة عن
سعيد بن السيب وتارة عن أب سلمة وتارة بمعها فمن ل يعرفهن فيحدث به تارة عن هذان وتارة عن
هذا يظن بعض الناس أن ذلك غلط وكلها صحيح وهذا باب يطول وصفه))
-20بيان أن السن على مراتب
نبه الئمة على أن الديث السن على مراتب كالصحيح قال الافظ الذهب ((فأعلى مراتبه بز بن
حكيم عن أبيه عن جده وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وابن إسحق عن التيمى وأمثال ذلك ما قيل
فيه إنه صحيح إنه أدن مراتب الصحيح ث بعد ذلك ما اختلف ف تسينه وضعفه كحديث الرث بن
عبد ال وعاصم بن ضمرة وحجاج ابن أرطاة ونوهم))
-21بيان كون السن حجة ف الحكام
قال الئمة ((السن كالصحيح ف الحتجاح به وإن كان دونه ف القوة ولذا أدرجه طائفة من نوع
الصحيح كالاكم وابن حبان وابن خزية مع قولم بأنه دون الصحيح البي أولً))
وقال السخاوى ف الفتح ((منهم من يدرج السن ف الصحيح لشتراكهما ف الحتجاج بل نقل ابن
تيمية إجاعهم إل الترمذي خاصة عليه))
49
قال الطاب ((على السن مدار أكثر الديث لن غالب ل تبلغ رتبة الصحيح وعمل به عامة الفقهاء
وقبله أكثر العلماء وشدد بعض أهل الديث
ص106:
فرد بكل علة قادحة كانت أم ل كما روى عن ابن أب حات أنه قال سألت أب عن حديث فقال
((إسناده حسن)) فقلت ((يتج به)) فقال ((ل)) انتهى
والصواب مع المهور لا بينه الطاب هذا ف السن لذاته وأما السن لغيه فيلحق بذلك ف الحتجاج
لكن فيما تكثر طرقه عند قوم كما سنبينه ف بث أنبار الضعيف قريبا
-22قبول زيادة راوي الصحيح والسن
قال الافظ ابن حجر ف النخبة وشرحها ((وزيادة راويهما -أي الصحيح والسن -مقبولة ما ل منافية
لرواية من هو أوثق من ل يذكر تلك الزيادة لن الزيادة إما أن تكون ل تناف بينها وبي رواية من ل
يذكرها فهذه تقبل مطلقا لنا ف حكم الديث الستقل الذي ينفرد به الثقة ول يرويه عن شيخه غيه
وإما أن تكون منافية بيث يلزم من قبولا رد الراوية الخرى فهذه الت يقع الترجيح بينها وبي معارضها
فيقبل الراجح ويرد الرجوح واشتهر عن جع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غي تفصيل ول
يتأتى ذلك على طريق الحدثي الذين يشترطون ف الصحيح أن ل يكون شاذا ث يفسرون الشذوذ
بخالفة الثقة من هو أوثق منه والعجب من أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتفاء الشذوذ ف حد
الديث الصحيح وكذا السن والقول عن أئمة الديث التقدمي كعبد الرحن بن مهدي ويي القطان
وأحد بن حنبل ويي بن معي وعلى بن الدين والبخاري وأب زرعة وأب حات والنسائي والدار قطن
وغيهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق
ص107:
-23بيان ألقاب للحديث نشمل الصحيح والسن وهي اليد والقوى والصال والعروف
والحفوظ والجود والثابت والقبول
((هذه اللفاظ مستعملة عند أهل الديث ف الب القبول والفرق بينها أن الودة قد يعب با عن الصحة
فيتساوى حينئذ اليد والصحيح إل أن الحقق منهم ل يعدل عن الصحيح إل جيد إل لنكتة كأن يرتقى
الديث عنده عن السن لذاته ويتردد ف بلوغه الصحيح فالوصف به حينئذ أنزل رتبة من الوصف
بصحيح وكذا القوى وأما الصال فيشمل الصحيح والسن لصلحيتهما للحتجاج ويستعمل أيضا ف
50
ضعيف يصلح للعتبار وسيأت إن شاء ال معن العتبار ف تنبيه على حدة قبل بث النواع الت تتص
بالضعيف وأما العروف فهو مقابل النكر والحفوظ مقابل الشاذ وسيأت بيان ذلك والجود الثابت
يشملن الصحيح والسن)) كذا ف التدريب وقد عرف الافظ ابن حجر القبول ف شرح النخبة بالذي
يب العمل به عند المهور والراد بالذي ل يرجح صدق الخب به
-24بيان الضعيف ماهية الضعيف وأقسامه
قال النووي ((الضعيف ما ل يوجد فيه شروط الصحة ول شروط السن وأنواعه كثية منها الوضوع
والقلوب والشاذ والنكر والعلل والضطرب وغي ذلك)) ما سيفصل
ص108:
-25تفاوت الضعيف
يتفاوت ضعفه بسب شدة ضعف رواته وخفته كصحة الصحيح فمنه أوهي كما أن من الصحيح أصح
قال السخاوي ف الفتح ((وأعلم أنم كما تكلموا ف أصح السانيد مشوا ف أو هي السانيد وفائدته
ترجيح بعض السانيد على بعض وتييز ما يصلح للعتبار ما ل يصلح)) انتهى
وللحاكم تفصيل لوهي أسانيد الرجال والبلد ساقه ف التدريب ولبن الوزي كتاب ف الحاديث
الواهية
-26بث الضعيف إذا تعددت طرقه
((أعلم أن الضعيف لكذب راويه أو لفسقه ل ينجب بتعدد طرقة الثاثلة له لقوة الضعف وتقاعد هذا
الابر نعم يرتقى بجموعه عن كونه منكرا أو ل أصل له وربا كثرت الطرق حت أوصلته إل درجة
الستور والسيء الفظ بيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب متمل ارتقى بجموع ذلك درجة
السن)) نقله ف التدريب عن الافظ ابن حجر
وقال السخاوي ف فتح الغيث إن السن لغيه يلحق فيما يتج به لكن فيما تكثر طرقه ولذلك قال
النووي ف بعض الحاديث ((وهذه وإن كانت أسانيد مفرداتا ضعيفة فمجموعها بقوى بعضه بعضا
ويصي الديث حسنا ويتج به)) وسبقه البهقي ف تقوية الديث بكثرة الطرق الضعيفة وظاهر كلم أب
السن بن القطان يرشد إليه فإنه قال ((هذا القسم ل يبج به كله بل يعمل به ف فضائل العمال
ويتوقف عن العمل به ف الحكام إل إذا كثرت طرفه أو عضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح أو
ظاهر القرآن واستحسنه شيخنا -يعن ابن حجر -وصرح ف موضع آخر بأن
51
ص109:
الضعف الذي ضعفه ناشي عن سوء حفظه إذا كثرت طرقه ارتقى إل مرتبة السن
وف عون الباري نقلً عن النووي أنه قال ((الديث الضعيف عند تعدد الطرق يرتقى عن الضعف إل
السن ويصي مقبولً معمولً به))
قال الافظ السخاوي ((ول يقتضى ذلك الحتجاج بالضعيف فإن الحتجاج إنا هو باليئة الجموعة
كالرسل حيث أعتضد برسل آخر ولو ضعيفا كما قاله الشافعي والمهور)) انتهى
وقد خالف ف ذلك الظاهرية قال ابن حزم ف اللل ف بث صفة وجوه النقل الستة عند السلمي ما
صورته ((الامس شيء نقل كما ذكرنا إما ينقل أهل الشرق والغرب أو كافة عن كافة أو ثقة عن ثقة
حت يبلغ إل النب إل أن ف الطريق رجلً مروحا بكذب أو غفلة أو مهول الال فهذا أيضا يقول به
بعض السلمي ول يل عندنا القول به ول تصديقه ول الخذ بشيء منه وهو التجه))
-27ذكر قول مسلم رحه ال إن الراوي عن الضعفاء غاسن آث جاهل
قال المام النووي ((أعلم أن جرح الرواة جائز بل واجب بالتفاق للضرورة الداعية إليه لصيانة الشريعة
الكرمة وليس هو من الغيبة الحرمة بل من النصيحة ل تعال ورسوله والسلمي ول يزل فضلء الئمة
وأخبارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك)) انتهى
وقد تكلم المام مسلم على جاعة منهم ف مقدمة صحيحة ث قال ((وأشباه ما ذكرنا من كلم أهل
العلم ف متهمي رواة الديث وإخبارهم عن معايبهم كثي يطول الكتاب
ص110:
بذكره على استقصائه وفيما ذكرنا كفاية لن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا وإنا
ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الديث وناقلى الخبار وأفتوا بذلك حي سئلوا لا فيه من عظيم
الطر غذ الخبار ف أمر الدين إنا تأت بتحليل أو تري أو أمر أو نى أو ترغيب أو ترهيب فإذا كان
الراوي لا ليس بعدن للصدق والمانة ث أقدم على الراوية عند من قد عرفه ول يبي ما فيه لغيه من
جهل معرفته كان آثا بفعله ذلك غاشا لعوام السلمي إذ ل يؤمن على بعض من سع تلك الخبار أن
يستعملها أو يستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب ل أصل لا مع أن الخبار الصحاح من رواة
الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إل نقل من ليس بثقة ول مقنع ول أحسب كثيا من يعرج من
الناس على ما وصفنا من هذه الحاديث الضعاف والسانيد الجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته با فيها
52
من التوهن والضعف إل أن الذي يمله على روايتها والعتداد با إرادة التكثر بذلك عند العوام ولن
يقال ما أكثر ما جع فلن من الديث وألف من العدد ومن ذهب ف العلم هذا الذهب وسلك هذا
الطريق ل نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهل أول من أن ينسب إل علم)) انتهى كلم المام مسلم
رحه ال تعال ورضى عنه ولقد شفى وكفى
-28تشيع المام مسلم على رواة الحاديث الضعيفة والنكرة
وقد فهم با إل العوام وإيابه رواية ما عرفت صحة مارجه قال المام مسلم رحه ال تعال ف خطبة
صحيحه ((فلول الذي رأينا من سوء صنيع كثي من نصب نفسه مدثا فيما يلزمهم من طرح الحاديث
الضعيفة والروايات النكرة وتركهم القتصار على الخبار الصحيحة ما نقله الثقات العروفون بالصدق
والمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيا ما يقذفون به إل الغبياء من الناس هو
ص111:
مستنكر عن قوم غي مرضيي من ذم الرواية عنهم أئمة الديث لا سهل علينا النتصاب لا سألت من
التمييز والتحصيل ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الخبار النكرة بالسانيد الضعاف الجهولة
وقذفهم با إل العوام الذين ل يعرفون عيوبا خف على قلوبنا إجابتك إل ما سألت)) ث قال ((أعلم -
وفقك ال تعال -أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بي صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلي
لا من التهمي أن ل يروي منها إل ما عرف صحة مارجه والستارة ف ناقليه وأن يتقى منها ما كان عن
أهل التهم والعاندين من أهل البدع والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللزم دون ما خالفه قول ال
تعال (يا أيها الذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا الية)) وقال عز وجل (من ترضون من الشهداء)
وقال سبحانه (واشهدوا ذوي عدل منكم) فدل با ذكرنا من هذا الي أن خب الفاسق ساقط غي مقبول
وأن شهادة غي العدل مردوة والب إن فارق معناه معن الشهادة ف بعض الوجوه فقد يتمعان ف معظم
معانيها إذخب الفاسق غي مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جعهم ودلت السنة على
نفي رواية النكر من الخبار كنحو دللة القرآن على نفي خب الفاسق وهو الثر الشهور عن رسول ال
((من حدث عن بديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبي)) ث ساق مسلم رحه ال ما ورد وعيد
الكذب عليه ما هو متواتر ث أسند عن أب هريرة عن رسول ال أنه قال ((سيكون ف آخر أمت أناس
يدثونكم با ل تسمعوا
ص112:
53
-28تذير المام مسلم من روايات القصاص والصالي
روى المام مسلم ف مقدمة صحيحه عن عاصم قال ((ل تالسوا القصاص)) وعن يي بن سعيد القطان
قال ((ل نر الصالي ف شيء أكذب منهم ف الديث)) وف رواية (( ل نر أهل الي ف شيء أكذب
منهم ف الديث)) قال مسلم ((يعن أنه يري الكذب على لسانم ول يتعمدون الكذب)) قال النووي
((لكونم ل يعانون صناعة أهل الديث فيقع الطأ ف رواياتم ول يعرفونه ويروون الكذب ول يعلمون
أنه كذب))
-29ذكر الذاهب ف الخذ بالضعيف واعتماد العمل به ف الفضائل
ليعلم أن الذاهب ف الضعيف ثلثة
الول ل يعمل به مطلقا ل ف الحكام ول ف الفضائل حكاه ابن سيد الناس ف عيون الثر عن يي بن
معي ونسبه ف فتح الغيث لب بكر بن العرب والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضا يدل عليه
شرط البخاري ف صحيحة وتشنيع المام مسلم على رواة الضعيف كما أسلفناه وعدم إخراجهما ف
صحيحهما شيئا منه وهذا مذهب ابن حرم رحه ال أيضا حيث قال ف اللل والنحل ((ما نقله أهل
الشرق والغرب أو كافة عن كافة أو ثقة حت يبلغ إل النب إل أن ف الطريق رجلً مروحا بكذب أو
غفلة أو مهول الال فهذا يقول به بعض السلمي ول يل عندنا القول به ول تصديقه ول الخذ
بشيء)) انتهى
الثان أنه يعمل به مطلقا قال السيوطي ((وعزى ذلك إل أب داود وأحد لنما يريان ذلك أقوى من
رأي الرجال))
الثالث يعمل به ف الفضائل بشروطه التية وهذا هو العتمد عنه الئمة قال ابن عبد الب
ص113:
((وأحاديث الفضائل ل يتاج فيها إل ما يتج به)) وقال الاكم ((سعت أبا زكريا العنبي يقول الب
إذا ورد ل يرم حللً ول يوجب حكما وكان ف ترغيب أو ترهيب أغمض عنه وتسوهل ف رواته))
ولفظ ابن مهدي فيما أخرجه البهقي ف الدخل ((إذا روينا عن النب ف اللل والرام والحكام شددنا
ف السانيد وانتقدنا ف الرجال وإذا روينا ف الفضائل والثواب والعقاب سهلنا ف السانيد وتسامنا ف
الرجال)) ولفظ أحد ف رواية اليمون عنه ((الحاديث الرقائق يتمل أن يتساهل فيها حت ييء شيء
54
فيها حكم)) وقال ف رواية عباس الدوري عنه ((ابن إسحاق رجل تكتب عنه هذه الحاديث)) -يعن
الغازي ونوها -وإذا جاء اللل والرام أردنا قوما هكذا -وقبض أصابع يده الربع-
-30الواب عن رواية بعض كبار الئمة عن الضعفاء
قال المام النووي ف شرح مسلم ((قد يقال ل حدث هؤلء الئمة عن هؤلء مع علمهم بأنم ل يتج
بم وياب عنه بأجوبة
أحدها أنم رووها ليعرفوها وليبنوا ضعفها لئل يلتبس ف وقت عليهم أو على غيهم أو يتشككوا ف
صحتها
الثان أن الضعيف يكتب حديثه ليعتب أو يستشهد ول يتج به على انفراده
الثالث رواية الراوي الضعيف يكون فيها الصحيح والباطل فيكتبونا ث ييز أهل الديث والتقان بعض
ذلك من بعض وذلك سهل عليهم معروف عندهم وبذا أحتج سفيان رحه ال حي نى عن الراوية عن
الكلب فقيل له أنت تروي عنه فقال ((أنا أعلم صدقة من كذبه))
الرابع أنم قديروون عنهم أحاديث الترغيب والترهيب وفضائل العمال والقصص
ص114:
وأحاديث الزهد ومكارم الخلق ونو ذلك ما ل يتعلق باللل والرام وسائر الكام وهذا الضرب من
الديث يوز عند أهل الديث وغيهم التساهل فيه ورواية ما سوى الوضوع منه والعمل به لن أصول
ذلك صحيحة مقررة ف الشرع معروفة عند أهله وعلى كل حال فإن الئمة ل يروون عن الضعفاء شيئا
يتجون به على انفراده ف الحكام فإن هذا شيء ل يفعله إمام من أئمة الحدثي ول مقق من غيهم
من العلماء وأما فعل كثيين من الفقهاء أو أكثرهم ذلك واعتمادهم عليه فليس بصواب بل قبيح جدا
وذلك لنه إن كان يعرف ضعفه ل يل له أن يتج به فإنم متفقون على أنه ل يتج بالضعيف ف
الحكام وإن كان ل يعرف ضعفه ل يل له أن يهجم على الحتجاج به من غي بث عليه بالتفتيش عنه
إن كان عارفا أو بسؤال أهل العلم به إن ل يكن عارفا)) انتهى
وقال شيخ السلم ابن تيميه رحه ال تعال ((قد يكون الرجل عندهم ضعيفا لكثرة الغلط ف حديثه
ويكون حديثه الغالب عليه الصحة فيوون عنه لجل العتبار به والعتضاد به فإن تعدد الطرق وكثرتا
بقوى بعضها بعضا حت قد يصل العلم با ولو كان الناقلون فجارا وفساقا فكيف إذا كانوا علماء
عدولً ولكن كثر ف حديثهم الغلط وهذا مثل عبد ال بن ليعة فإنه من أكابر علماء السلمي وكان
55
قاضيا بصر كثي الديث ولكن احترقت كتبه فصار يدث من حفظه فوقع ف حديثه غلط كثي مع أن
الغالب على حديثه الصحة قال أحد قد أكتب حديث الرجل للعتبار به مثل ابن ليعة وأما من عرف
منه أنه يتعمد الكذب فمنهم من ل يروى عن هذا شيئا وهذه طريقة أحد بن حنبل وغيه ل يرو ف
مسنده عمن يعرف أنه يتعمد الكذب لكن يروى عمن عرف منه الغلط للعتبار به والعتضاد ومن
العلماء من كان يسمع حديث من يكذب ويقول إنه ييز بي ما يكذبه وبي ما ل يكذبه ويذكر عن
الثوري أنه كان يأخذ عن الكلب وينهى عن الخذ عنه ويذكر أنه يعرف ومثل هذا قد يقع لن كان
خبيا بشخص إذا حدثه بأشياء ييز بي ما صدق فيه وما كذب فيه بقرائن ل يكن
ص115:
ضبطها وخب الواحد قد يقترن به قرائن تدل على أنه صدق وقرائن تدل على أنه كذب)) انتهى
وروى المام ابن عبد الب ف ((جامع بيان العلم وفضله)) ف باب الرخصة ف كتابة العلم عن سفيان
الثوري أنه قال ((إن أحب أن أكتب الديث على ثلثة أوجه حديث أكتبه أريد أن أتذه دينا وحديث
رجل أكتبه فأوفقه ل أطرحه ول أدين به وحديث رجل ضعيف أحب أن أعرفه ول أعبأ به وقال
الوزاعي تعلم مال يؤخذ به كما تتعلم ما يؤخذ به))
-32ما شرطه الحققون لقبول الضعيف
قال السيوطي ف التدريب ((ل يذكر ابن الصلح والنووي لقبوله سوى هذا الشرط كونه ف الفضائل
ونوها))
وذكر الافظ ابن حجر له ثلثة شروط أحدها أن يكون الضعف غي شديد فيخرج من انفرد من
الكذابي والتهمي بالكذب ومن فحش غلظه نقل العلئي التفاق عليه الثان أن يندرج تت أصل
معمول به الثالث أن ل يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الحتياط))
وقال الزركشي ((الضعيف مردود ما ل يقتض ترغيبا أو ترهيبا أو تتعدد طرقه ول يكن التابع منحطا
عنه)) انتهى
قال السيوطي
ص116:
-33تزبيف ورع الوسوسي ف التفق على ضعفه
56
ذكر شارحو صحيح البخاري عند قوله ف كتاب البيوع (باب من ل ير الوساوس ونوها من
الشبهات)) أن غرض البخاري بيان ورع الوسوسي كمن يتنع من أكل الصيد خشية أن يكون الصيد
كان لنسان ث انفلت منه وكمن يترك شراء ما يتاج إليه من مهول ل يري أماله حرام أم حلل
وليست هناك علمة تدل على الرمة وكمن يترك تناول الشيء لب ورد فيه متفق على ضعفه وعدم
الحتجاج به ويكون دليل الباحة قويا وتأويله متنع أو مستبعد
قال الغزال ((الورع أقسام ورع الصديقي وهو ترك ما ل يتناول بغي نية القوة على العبادة وورع التقي
وهو ترك ما ل شبهة فيه ولكن يشى أن ير إل الرام وورع الصالي وهو ترك ما يتطرق إليه احتمال
التحري بشرط أن يكون لذلك الحتمال موقع فإن ل يكن فهو ورع الوسوسي قال ووراء ذلك ورع
الشهود وهو ترك ما يسقط الشهادة أعم من أن يكون ذلك التروك حراما أم ل))
-34ترجيح الضعيف على رأي الرجال
نقل السخاوي ف فتح الغيث عن الافظ ابن منده ما سعه من ممد بن سعد الباوردي ((أن النسائي
صاحب السنن ل يقتصر ف التخريج عن التفق على قبولم بل يرج عن كل من يمع الئمة على
تركه)) قال العراقي ((وهو مذهب متسع)) قال ابن منده ((وكذلك أبو داود يأخذ مأخذ النسائي يعن
ف عدم التقيد بالثقة والتخريج لن ضعف ف الملة وإن اختلف صنيعهما)) وقال السخاوي ((أبو داود
يرج الضعيف إذا ل يد ف الباب غيه وهو أقوى عنده من رأي الرجال وهو تابع ف ذلك شيخه المام
أحد فقد روينا من طريق عبد ال بن أحد بالسناد الصحيح إليه قال سعت أب يقول ل تكاد ترى أحدا
ينظر ف الرأي إل وف قلبه غل والديث الضعيف أحب إل من الرأي))
ص117:
قال ((فسألته عن الرجل يكون ببلد ل يد فيها إل صاحب حديث ل يدري صحيحه من سقيمه
وصاحب رأي فمن يسأل قال يسأل صاحب الديث ول يسأل صاحب الرأي)) وذكر ابن الوزي ف
الوضوعات أنه كان قدم الضعيف على القياس بل حكى الطوف عن التقي ابن تيميه أنه قال اعتبت
مسند أحد فوجدته موافقا بشرط أب داود وزعم ابن حزم أن جيع النفية على أن مذهب إمامهم أيضا
أن ضعيف الديث أول عنده من الرأي والقياس)) انتهى
ث رأيت ف ((منهاج السنة)) للمام تقي الدين بن تيميه ما نصه ((وأما نن فقولنا إن الديث الضعيف
خي من الرأي ليس الراد به الضعيف التروك لكن الراد به الي كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن
57
جده وحديث إبراهيم الجري وأمثالما من يسن الترمذي حديثه أو يصححه وكأن الديث ف
اصطلح من قبل الترمذي إما صحيح وإما ضعيف والضعيف نوعان ضعيف متروك وضعيف ليس بتروك
فتكلم أئمة الديث بذلك الصطلح فجاء من ل يعرف إل اصطلح الترمذي فسمع قول بعض الئمة
((الديث الضعيف أحب إل من القياس)) فظن أنه يتج بالديث الذي يضعفه مثل الترمذي وأخذ
يرجح طريقة من يرى أنه اتبع للحديث الصحيح وهو ف ذلك من التناقضي الذي يرجحون الشيء على
ما هو أول بالرجحان منه إن ل يكن دونه)) 1هـ
-35بث الدوان ف الضعيف
قالت الحقق جلل الدين الدوان ف رسالته أنوذج العلوم ((اتفقوا على أن الديث الضعيف ل تثبت به
الحكام الشرعية ث ذكروا أنه يوز بل يستحب العمل بالحاديث الضعيفة ف فضائل العمال ومن
صرح به النووي ف كتبه ل سيما كتاب ((الذكار)) وفيه إشكال لن جواز العمل واستحبابه كلها من
الحكام الشرعية المسة فإذا استحب العمل بقتضى الديث الضعيف كان ثبوته بالديث الضعيف
ص118:
وذلك يناف ما تقرر من عدم ثبوت الحكام بالحاديث الضعيفة وقد حاول بعضهم التفصي عن ذلك
وقال إن مراد النووي أنه إذا ثبت حديث صحيح أو حسن ف فضيلة عمل من العمال توز رواية الديث
الضعيف ف هذا الباب ول يفي أن هذا ل يرتبط بكلم النووي فضلً عن أن يكون مراده فكم من فرق
بي جواز العمل واستحبابه وبي مرد نقل الديث على أنه لو ل يثبت الديث الصحيح أو السن ف
فضيلة عمل من العمال يوز نقل الديث الضعيف فيها ل سيما من التنبيه على ضعفه ومثل ذلك ف
كتب الديث وغيه كثي شائع يشهد به من تتبع أدن تتبع والذي يصلح للتعويل أنه إذا وجد حديث
ضعيف ف فضيلة عمل من العمال ول يكن هذا العمل ما يتمل الرمة أو الكراهة فإنه يوز العمل به
ويستحب لنه مأمون الطر ومرجو النفع إذ هو دائر بي الباحة والستحباب فالحتياط العمل به رجاء
الثواب وأما إذا دار بي الرمة والستحباب فل وجه لستحباب العمل به وأما إذا دار بي الكراهة
والستحباب فمجال النظر فيه واسع إذ ف العمل دغدغة الوقوع ف الكروه وف الترك مظنة ترك
الستحب فلينظر إن كان خطر الكراهة أشد بأن تكون الكراهة الحتلمة شديدة كان خطر الكراهة
أضعف بأن تكون الكراهة على تقدير وقوعها ضعيفة دون مرتبة ترك العمل على تقدير استحبابه
فالحتياط العمل به وف صورة الساواة يتاج إل نظر تام والظاهر أنه يستحب أيضا لن الباحات تصي
58
بالنية عبادة فكيف ما فيه شبهة الستحباب لجل الديث الضعيف فجواز العمل واستحبابه مشروطان
أما جواز العمل فبعدم احتمال الرمة وأما الستحباب فيما ذكر مفصلً
((تقي ههنا شيء وهو أنه عدم احتمال الرمة فجواز العمل ليس لجل الديث إذ ل يوجد يوز العمل
أيضا لن الفروض انتفاء الرمة ل يقال الديث الضعيف ينفي احتمال الرمة لنا نقول الديث
الضعيف ل يثبت به شيء من الحكام المسة
ص119:
وانتفاء الرمة يستلزم ثبوت الباحة والباحة حكم شرعي فل يثبت بالديث الضعيف ولعل مراد
النووي ما ذكرنا وإنا ذكر جواز العمل توطئة للستحباب
((وحاصل الواب أن الواز معلوم من خارج والستحباب أيضا معلوم من القواعد الشرعية الدالة على
استحباب الحتياط ف أمر الدين فلم يثبت شيء من الحكام بالديث الضعيف بل أوقع الديث شبهة
الستحباب فصار الحتياط أن يعمل به فاستحباب الحتياط معلوم من قواعد الشرع)) انتهى
وقد ناقش الدوان رحه ال الشهاب الفاجي ف ((شرح الشفا)) فقال بعد نقله ملخص كلمه الذكور
ما صورته ((ما قاله اللل مالف لكلمهم برمته وما نقله من التفاق غي صحيح مع ما سعته من
القوال -يعن ف العمل بالضعيف -والحتمالت الت أبداها ل تفيد سوى تسويد وجه القرطاس
والذي أوقعه ف الية توهه أن عدم ثبوت الحكام به متفق عليه وأنه يلزم من العمل به ف الفضائل
والترغيب أنه يثبت به حكم من الحكام وكلها غي صحيح أما الول فلن من الئمة من جوز العمل
به بشروطه وقدمه على القياس وأما الثان فلن ثبوت الفضائل والترغيب ل يلزمه الكم أل ترى أنه لو
روى حديث ضعيف ف ثواب بعض المور الثابت استحبابا والترغيب فيه أوف فضائل بعض الصحابة
رضوان ال عليهم أو الذكار الأثورة ل يلزم ما ذكر ثبوت حكم أصل ول حاجة لتخصيص الحكام
والعمال كما توهم للفرق الظاهر بي العمال وفضائل العمال وإذا ظهر عدم الصواب لن القوس ف
يد غي باريها ظهر أنه إشكال ول خلل ول اختلل)) 1هـ
وأقول إن للشهاب ولعا ف الناقشة غريبا وإن ل يظ الواقف عليها بطائل وتلك عادة استحكمت منه ف
مصنفاته كما يعلمه من طالعها ولعله هو الذي سود وجه القرطاس ههنا إذ ل غبار على كلم اللل
وأما انتقاده عليه بنقله التفاق على أن الديث الضعيف ل تثبت به الحكام مع وجود اللف فيه فلنه
عن اتفاق مدققي النقاد وأول اشتراط
59
ص120:
الصحة ف قبول السناد كالشيخي وأضرابما من أسلفنا النقل عنهما ف الذهب الول ف الضعيف إن ل
نقل إن اللل ل ير مقابله ما يدر سوقه مقابل حت يكى اللف فيه وكثيا ما يترفع الؤلفون عن
القوال الواهية ولو ف نظرهم فيحكون التفاق ومرادهم اتفاق ذوي التحقيق كما هو معلوم ف الؤلفات
التداولة وأما مناقشته بأن ثبوت الفضائل والترغيب ل يلزمه الكم فإلزام لا ل يلتزمه اللل لنه ل يدعه
وكلمه ف العمال خاصة فمؤاخذته بطلق الفضائل افتراء أو مشاغبة وأما قوله (ول حاجة لتخصيص
الحكام إل آخره) فشط من القلم إل جداول الدل الفاضح وهل كلمه إل ف الحكام والعمال
وتعليله بظهور الفرق بي العمال وفضائلها غي ظاهر هنا ل تادها ف هذا البحث لن الضافة العمال
بيانية أو من إضافة الصفة إل الوصوف أي العمال الفاضلة فتأمل لعلك ترى القوس ف يد اللل كما
رآه المال
-36مسائل تتعلق بالضعيف
الول من رأي حديثا بإسناد ضعيف فله أن يقول ((ضعيف بذا السناد)) ول يقول ((ضعيف الت))
بجرد ذلك السناد فقد يكون له إسناد آخر صحيح إل أن يقول إمام أنه ل يرد من وجه صحيح أو إنه
حديث ضعيف مبينا ضعفه
الثانية من أراد رواية ضعيف بغي إسناد فليقل ((قال رسول ال )) بل يقول روى عنه كذا أو بلغنا عنه
كذا أو بلغنا عنه كذا أو ورد عنهن أو جاء عنه أو نقل عنه)) وما أشبه ذلك من صيغ التمريض كروي
بعضهم وكذا يقول ف ما يشك ف صحته وضعفه أما الصحيح فيدكر بصيغة الزم وبقبح فيه صيغة
التمريض كما يقبح ف الضعيف صيغة الزم
الثالثة ل يتصدى للجواب عن الديث الشكل إل إذا كان صحيحا وأما إذا كان ضعيفا فل قال العلمة
السيد أحد بن البارك ف ((البريز)) ف خلل بث ف بعض الحاديث الضعيفة ((وإن كان الديث ف
نفسه مردودا هان المر ول در أب السن القابسي
ص121:
رحه ال حيث اعترض على الستاذ أب بكر بن فورك رحه ال حيث تصدى للجواب عن أحاديث
مشكلة وهي باطلة قال القابسي ((ل يتكلف الواب عن الديث حت يكون صحيحا والباطل يكفي ف
رده كونه باطلً)) انتهى
60
وأما اعتذار ابن حجر اليتمي ف ((فتاواه الديثية)) عن ابن فورك بأنه ((إنا تكلف الواب عنها مع
ضعفها لنه ربا تشبث با بعض من ل علم له بصحيح الحاديث من ضعيفها فطلب الواب عنها
بفرض صحتها إذ الصحة والضعف ليسا من المور القطعية بل الظنية والضعيف يكن أن يكون صحيحا
فبهذا الفرض يتاج إل الواب عنه)) فل يفي ما فيه إذ الكلم مع من يعلم ومن ل يعلم فأحقر من أن
يتمحل له والمكان الذكور ل عبة به لنا نقف مع ما صححوه أو ضعفوه وقوف الازم به ونطرح
ذاك الفرض الذي ل عبة له ف نظر الئمة إذ ل ثرة لم فافهم
وف الوعظة السنة ((ل يستحق ما ل أصل أن يشتغل برده بل يكفي أن يقال ((هذا كلم ليس من
الشريعة)) وكل ما هو ليس منها فهو رد أي مردود على قائله مضروب ف وجهه)) انتهى
نعم لو اختلف ف صحة حديث لعلة فيه رآها بعضهم غي قادحة فصححه وخالفه آخر فل بأس أن
يشتغل بتأويل هذا العلل الختلف ف صحته لحتمال صحته فيتأول على هذا التقدير
الرابعة إذا قال الافظ الناقد الطلع ف حديث ((ل أعرفه)) اعتمد ذلك ف نفيه لنه بعد التدوين والرجوع
إل الكتب الصنفة يبعد عدم اطلعه على ما يورده غيه فالظاهر عدمه كذا ف التدريب
الامسة قولم هذا الديث ليس له أصل أو ل أصل له قال ابن تيميه معناه ليس له إسناد
السادسة قال الافظ ابن حجر ((ل يلزم من كون الديث ل يصح أن يكون موضوعا))
ص122:
قال الزركشي ((بي قولنا موضوع وقولنا ل يصح بون كثي فإن ف الول إثبات الكذب والختلق وف
الثان إخبارا عن عدم الثبوت ول يلزم منه إثبات العدم وهذا يىء ف كل حديث قال فيه ابن الوزي ل
يصح ونوه
السابعة قال الافظ ابن حجر ف مقدمة الفتح ((الضعيف ل يعل به الصحيح))
-37ذكر أنواع نشترك ف الصحيح والسن والضعيف
الول السند هو على العتمد ما اتصل سنده من راوية إل منهاه مرفوعا إل النب
الثان التصل ويسمى الوصول وهو ما اتصل سنده سواء كان مرفوعا إليه أو موقوفا
الثالث الرفوع وهو ما أضيف إل النب خاصة من قول أو فعل أو تقرير سواء كان متصلً أو منقطعا
بسقوط الصحاب منه أو غيه فالتصل قد يكون مرفوعا وغي مرفوعا والرفوع قد يكون متصلً وغي
متصل والسند متصل مرفوع
61
الرابع العنعن وهو ما يقال ف سنده فلن عن فلن قيل إنه مرسل حت يتبي اتصاله والمهور على أنه
متصل إذا أمكن لقاء من أضيفت العنعنة إليهم بعضهم بعضا مع براءة العنعن من التدليس وإل فليس
بتصل وقد كثر العنعن ف الصحيحي وكثي من طرقة صرح فيها بالتحديث والسماع ف الستخرجات
عليهما وإن كان ل يرتاب ف صحته فيهما وبراءة معنعنه من التدليس لدقة شرطهما وكثر أيضا استعمال
((عن)) ف الجازة فإذا قال أحدهم ((قرأت على فلن عن فلن)) فمراده أنه رواه عنه فل ترج عن
التصال
الامس الؤنن وهو ما يقال ف مسنده ((حدثنا فلن أن فلنا)) وهو كالعنعن قيل إنه منقطع حت يتبي
السماع ف ذلك الب بعينه من جهة أخرى والمهور على أنه كالعنعن ف التصال بالشرط التقدم
ص123:
السادس العلق وهو ما حذف من مبدأ إسناده واحد فأكثر على التوال ويعزي الديث إل من فوق
الحذوف من رواته مأخوذ من تعليق الدار والطلق لشتراكهما ف قطع التصال وهو ف البخاري كثي
جدا قال النووي ((فما كان منه بصيغة الزم كقال وفعل وأمر وروى وذكر معروفا فهو حكم بصحته
عن الضاف إليه وما ليس فيه جزم كيوي ويذكرن ويكي ويقال وحكى عن فلن وروى وذكر مهولً
فليس فيه حكم بصحته عن الضاف إليه ومع ذلك فإيراده ف كتاب الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارا
يونس به ويركن إليه وعلى الدقق إذا رام الستدلل به أن ينظر ف رجاله وحال سنده ليى صلحيته
للحجة وعدمها
السابع الدرج وهو أقسام أخدها مدرج ف حديث النب بأن يذكر الراوي عقيبة كلما لنفسه أو لغيه
فيويه من بعده متصلً بالديث من غي فصل فيتوهم أنه من الديث الثان أن يكون عنده متنان
بإسنادين فيويهما بأحدها الثالث أن يسمع حديثا من جاعة متلفي ف إسناده أو متنه فيويه عنهم
باتفاق ول يبي ما اختلف فيه قالوا تعمد كل واحد من الثلثة حرام وصاحبه من يرف الكلم عن
مواضعه وهو ملحن بالكذابي نعم ما أدرج لتفسي غريب ل ينع ولذلك فعله الزهري وغي واحد من
الئمة
الثامن الشهور وهو ماله طرق مصورة بأكثر من اثني سى بذلك لوضوحه ويطلق على ما اشتهر على
اللسنة فيشمل ماله إسناد واحد فصاعدا بل مال يوجد له إسناد أصل (كذا ف النخبة) وما اشتهر على
اللسنة أعم عن اشتهاره عند الحدثي خاصة أو عندهم أو عند العامة ما ل أصل له
62
التاسع الستفيض هو الشهور على رأي جاعة من أئمة الفقهاء سى بذلك لننشاره من فاض الاء يفيض
فيضا ومنهم من غاير بي الستفيض والشهور بأن الستفيض
ص124:
يكون ف ابتدائه وانتهائه سواء والشهور أعم من ذلك ومنهم من غاير على كيفية أخرى وليس من
مباحث هذا الفن (كذا ف شرح النخبة)
العاشر الغريب هو ما رواه راو منفردا بروايته فلم يروه غيه أو انفرد بزيادة ف متنه أو إسناده سواء
انفرد به مطلقا أو بقيد كونه عن إمام شأنه أن يمع حديثه لللته وثقته وعدالته كالزهري وقتادة وإنا
سى غريبا لنفراد راويه عن غيه كالغريب الذي شأنه النفراد عن وطنه والغالب أنه غي صحيح ومن ث
كره جع من الئمة تتبعها قال مالك ((شرا العلم الغريب وخي العلم الظاهر الذي قد رواه الناس)) وقال
المام أحد ((ل تكتبوا هذه الغرائب فإنا مناكي وغالبها عن الضعفاء)) انتهى
وينقسم الغريب إل غريب متنا وإسنادا كما لو انفرد بتنه واحد وإل غريب إسنادا لمتنا كحديث
معروف روى متنه جاعة من الصحابة انفرد واحد بروايته عن صحاب آخر فيه يقول الترمذي غريب من
هذا الوجه)) ول يوجد ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا إل إذا اشتهر الديث الفرد عمن انفرد به
فرواه عنه عدد كثي فإنه يصي غريبا مشهورا وغريبا متنا ل إسنادا لكن بالنظر إل أحد طرف السناد
فإن إسناده غريب ف طرفه الول مشهور ف طرفه الخر كحديث ((إنا العمال بالنيات)) فإن الشهرة
إنا طرأت له من عند يي بن سعيد الخذ عن ممد بن إبراهيم التيمي عن علقمة ابن وقاص الليثي عن
عمر بن الطاب رفعه ول يدخل ف الغريب إفراد البلدان كقولم ((تفرد به أهل مكة أو الشام أو
البصرة)) إل أن يراد بتفرد أهل مكة انفراد واحد منهم توزان فيكون حينئذ غريبا
الادي عشر العزيز وهو ما انفرد عن راويه اثنان أو ثلثة ولو رواه بعد ذلك عن هذين الثني أو الثلثة
مئة فقد يكون الديث عزيزا مشهورا وينفرد عن الغريب
ص125:
بكونه ل يرويه أقل من اثني عن اثني بلف الغريب سى عزيزا لقلة وجوده أو لكونه قوى بجيئه من
طريق أخرى
الثان عشر الصحف وهو الذي وقع فيه تصحيف ويكون ف السناد والت فمن الول العوام بن مراجم
-بالراء واليم -صحفه بعض الثقات فقال مزاحم -الزاي والاء -ومن الثان حديث ((احتجر النب
63
ف السجد)) أي اتذ حجرة صحفه بعضهم ((احتجم)) وهذان القسمان من تصحيف اللفظ وقد يكون
ف العن كقول ممد بن الثن العني ((نن قوم لنا شرف نن من عنة صلى إلينا رسول ال )) فتوهم
أنه صلى إل قبلتهم وإنا العنة هنا ((الرية)) تنصب بي يديه
فائدة التصحيف لغة الطأ ف الصحيفة باشتباه الروف مولدة وقد تصحف عليه لفظ كذا والصحفي
مركة من يطىء ف قراءة الصحيفة وقول العامة ((الصحفي)) بضمتي لن
الثالث عشر النقلب وهو الذي ينقلب بعض لفظه على الراوي فيتغي معناه كحديث البخاري ف باب
((إن رحه ال قريب من الحسني)) عن صال بن كيسان عن العرج عن أب هريرة رفعه اختصمت
النة والنار إل ربما الديث)) وفيه أنه ((ينثي للنار خلقا)) صوابه كما رواه ف موضع آخر من طريق
عبد الرزاق عن هام عن أب هريرة بلفظ ((فأما النة فينشىء ال لا خلقا)) فسبق لفظ الراوي من النة
إل النار وصار منقلبا ولذا جزم ابن القيم بأنه غلط ومال إليه البلقين حيث أنكر هذه الرواية واحتج
بقوله تعال (ول يظلم ربك أحدا)
الرابع عشر السلسل وهو ما يتابع رجال إسناده على حالة واحدة إما ف الراوي قولً نو ((سعت فلنا
يقول سعت فلنا إل النتهى)) أو ((أخبنا فلن وال
ص126:
قال أخبنا فلن وال)) أو فعلً كحديث التشبيك باليد أو قو ًل وفعلً كحديث ((ل يد العبد حلوة
اليان حت يؤمن بالقدر خيه وشره حلوه ومره)) وقبض رسول ال على ليته وقال آمنت بالقدر خيه
وشره حلوه ومره)) وكذا كل راو من رواته قبض وقال وإما على صفة واحدة كاتفاق أساء الرواة
كالحمديي أو صفاتم كالفقهاء أو نسبتهم كالدمشقيي وقد جع الفاظ ف ذلك مؤلفات مشهورة
وأفضل السلسلت ما دل على التصال ف السماع وعدم التدليس ومن فوائده استماله على زيادة الضبط
من الرواة ولكن قلما يسلم عن خلل ف التسلسل وقد ينقطع تسلسله ف وسطه أو أوله أو آخره كحديث
الرحة السلسل بالولية فإنه انتهى فيه التسلسل إل عمرو بن دينار
الامس عشر العال وهو ما قربت رجال سنده من رسول ال بسبب قلة عددها بالنسبة إل سند آخر يرد
بذلك الديث بعينه بعدد كثي أو بالنسبة لطلق السانيد وأجله ما كان بإسناد صحيح ول التفات إل
العلو مع ضعفه وإن وقع ف بعض العاجم ومن العلو القرب من إمام من أئمة الديث كما لك وإن كثر
64
بعده العدد إل رسول ال ومنه القرب إل الصحيحي وأصحاب السنن والسانيد والول العلو القيقي
وما بعده العلو النسب
قال الافظ ف شرح النخبة ((وف العلو النسب الوافقة وهي الوصول إل شيخ أحد الصنفي من غي
طريقة كأن يروي البخاري عن قتيبة عن مالك حديثا فإذا روى من طريق البخاري كان العدد إل قتيبة
ثانية وإذا روى من غي طريقة كان العدد إليه سبعة فالراوي من الثان وافق البخاري ف شيخه مع علو
السناد على السناد إليه وف
ص127:
العلو النسب البدل وهو الوصول إل شيخ شيخه كذلك وفيه أيضا الساواة وهي استواء عدد السناد من
الراوي إل آخره مع إسناد أحد الصنفي وفيه الصافحة وهي الستواء مع تلميذ ذلك الصنف))
السادس عشر النازل وهو ما قابل العال بأقسامه السابقة والسناد النازل مفضول إل إن تيز بفائدة
كزيادة الثقة ف رجاله على العال أو كونم أحفظ أو أفقه ونو ذلك قال ابن البارك ((ليس جودة
الديث قرب السناد بل جودته صحة الرجال))
السابع عشر وهو نوعان فرد مطلق وفرد نسب ولكل أقسام فإما الفرد الطلق فهو ما تفرد به راو واحد
عن جيع الرواة ثقات وغيهم وله أربعة أحوال حال يكون مالفا لرواية من هو أحفظ منه فهذا ضعيف
ويسمى شاذا ومنكرا كما سيأت وحال ل يكون مالفا ويكون هذا الراوي حافظا ضابطا متقنا فيكون
صحيحا وحال يكون قاصرا عن هذا ولكنه قريب من درجته فيكون حديثه حسنا وحال يكون بعيدا
عن حاله فيكون شاذا منكرا مردودا فتحصل أن الفرد الذكور قسمان مقبول ومردود والقبول ضربان
فرد ل يالف وراويه كامل الهلية وفرد هو قريب منه والردود أيضا ضربان فرد مالف للحفظ وفرد
ليس ف راويه من الفظ والتقان ما يب تفرده القسم الثان الفرد النسب وهو ما كان بالنسبة إل صفة
خاصة وهو أنواع ما قيد بثقة كقولم ل يروه ثقة إل فلن انفرد به عن فلن أو قيد ببلد معي كمكة
والبصرة ومصر كقولم ل يرو هذا الديث غي أهل البصرة ونو تفرد به أهل مصر ل يشركهم أحد ول
يقتضى شيء من ذلك ضعفه إل أن يراد تفرد واحد من أهل هذه البلد فيكون من الفرد الطلق أو قيد
براو مصوص كقولم ل يروه عن بكر إل وائل ول يروه عن وائل غي فلن فيكون غريبا
الثامن عشر التابع (بكسر الباء) وهو ما وافق روايه راو آخر من يصلح أن يرج حديثه فرواه عن شيخه
أو من فوقه قال الافظ ف النخبة وشرحها ((والفرد
65
ص128:
النسب إن وافقه غيه فهو التابع والتابعة على مراتب إن حصلت للراوي نفسه فهي تامة أو لشيخه فمن
فوقه فهي القاصرة ويستفاد منها التقوية ولو جاءت بالعن كفي لكنها متصة من كونا من رواية ذلك
الصحاب))
التاسع عشر الشاهد وهو ما وافق راو راويه عن صحاب آخر قال الافظ ف النخبة وشرحها ((وإن
وجد مت يروي من حديث صحاب آخر يشبه ف اللفظ والعن أو ف العن فقط فهو الشاهد وخص قوم
التابعة با حصل باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحاب أم ل والشاهد با حصل بالعن كذلك وقد
تطلق التابعة على الشاهد وبالعكس)) انتهى
تنبيه -ف التقريب وشرحه ((أن العتبار والتابعات والشواهد أمور يتداولا أهل الديث يتعرفون با حال
الديث ينظرون هل تفرد راويه أول وهل هو معروف أول فالعتبار أن يأت إل حديث لبعض الرواة
فيعتبه بروايات غيه من الرواة بسب طرق الديث ليعرف هل شارحه ف ذلك الديث راو غيه فرواه
عن شيخه أول فإن ل يكن فينظر هل تابع أحد شيخ شيخه فرواه عمن روى عنه وهكذا إل آخر السناد
وذلك التابعة فإن ل يكن فينظر هل أت بعناه حديث آخر وهو الشاهد فإن ل يكن فالديث فرد فليس
العتبار قسيما للمتابع والشاهد بل هو هيأة التوصل إليهما)) انتهى
وقال الافظ ف النخبة وشرحها ((وأعلم أن تتبع الطرق من الوامع والسانيد والجزاء لذلك الديث
الذي
ص129:
-38ذكر أنواع تتص بالضعيف
النوع الول الوقوف وهو الروى عن الصحابة قولً لم أو فعلً أو تقريرا متصلً إسناده إليهم أو
منقطعا ويستعمل ف غيهم مقيدا فيقال وقفه فلن على الزهري ونوه وسبق أول الكتاب أن فقهاء
خراسان يسمون الوقوف أثرا والرفوع خبا
قال النووي ((وعند الحدثي كل هذا يسمي أثرا أي لنه مأخوذ من أثرت الديث أي روبية))
والوقوف ليس بجة على الصح
الثان القطوع وهو ما جاء عن التابعي أو من دونم من أقوالم وأفعالم موقوفا عليهم وليس بجة أيضا
فائرتان
66
الول قال الزركشي ف((النكت)) ((إدخال القطوع ف أنواع الديث فيه تسامح كبي فإن أقوال
التابعي ومذاهبهم ل دخل لا ف الديث فكيف تعد نوعا منة قال نعم يىء هنا ما ف الوقوف من أنه
إذا كان ذلك ل مال للجتهاد فيهن يكون ف حكم الرفوع وبه صرح ابن العرب وادعى أنه مذهب
مالك))
الثانية من مظان الوقوف والقطوع مصنف ابن أب شيبة وعبد الرزاق وتفاسي ابن جرير وابن أب حات
وابن النذر وغيهم
الثالث النقطع وهو ما ل يتصل إسناده سواء سقط منه صحاب أو غيه وبعبارة أخرى سواء ترك ذكر
الراوي من أول السناد أو وسطه أو آخره إل أن الغالب استعماله ف رواية من دون التابعي عن الصحابة
كما لك عن ابن عمر
الرابع العضل ((بفتح الضاد)) وهو ما سقط من إسناده أثنان فأكثر بشرط التوال كقول مالك قال
رسول ال وقول الشافعي قال ابن عمر
الامس الشاذ قال الشافعي ((الشاذ ما رواه القبول مالفا لرواية من هو أول
ص130:
منه ل أن يروي مال يروي غيه فمطلق التفرد ل يعل الروي شاذا كما قيل بل مع الخالفة الذكورة))
السادس النكر وهو الديث الفرد الذي ل يعرف متنه عن غي راويه وكان راويه بعيدا عن درجة
الضابط
تنبيه أعلم أن الشاذ والنكر يتمعان ف اشتراط الخالفة لا يرويه الناس ويفترقان ف أن الشاذ رواية ثقة أو
صدوق والنكر رواية ضعيف وقد غفل من سوى بينهما
السابع التروك وهو ما يرويه متهم بالكذب ول يعرف إل من جهته ويكون مالفا للقواعد العلومة أو
معروفا بالكذب ف غي الديث النبوي أو كثي الغلط أو الفسق أو الغفلة
الثامن العلل ويقال العلول وهو ما ظاهره السلمة اطلع فيه بعد التفتيش على قادح وتدرك العلة بعد جع
الطرق والفحص عنها بتفرد الراوي وبخالفه غيه له من هو أحفظ أو أضبط أو أكثر عددا مع قرائن
تضم إل ذلك يهتدى الناقد إليها إل اطلعه على تصويب إرسال ف الوصول أو تصويب وقف ف
الرفوع أو دخل حديث ف حديث أو وهم واهم بغي ذلك كإبدال راو ضعيف بثقة بيث غلب على
ظنه ما وقف عليه من ذلك فحكم به أو تردد ف ذلك فوقف عن الكم بصحة الديث مع أن ظاهره
67
السلمة من العلة وأكثر ما تكون العلة ف السند وقد تكون ف الت ث الت ف السند قد تقدح ف صحة
الت وقد ل تقدح وكما تكون خفية تكون ظاهرة فقد كثر إعلل الوصول بالرسال والرفوع بالوقف
إذا قوى الرسال أو الوقف بكون راويهما أضبط أو أكثر عددا على التصال أو الرفع وقد يعلون
الديث بأنواع الرح من الكذب والغفلة وفسق الراوي وسوء الفظ بل أطلق الليل اسم العلة على غي
القادح توسعا كالديث الذي وصله الثقة وأرسله غيه
ص131:
التاسع الضطرب ((بكسر الراء)) وهو الذي يروي على أوجه متلفة متقاربة والختلف إما من راو
واحد بأن رواه مرة على وجه ومرة على وجه آخر مالف له أو أزيد من واحد بأن رواه كل من جاعة
على وجه مالف للخر والضطراب يوجب ضعف الديث لشعار بعدم الضبط من رواته الذي هو
شرج ف الصحة والسن ويقع الضطراب ف السناد وف الت وف كليهما معا ث إن رجحت إحدي
الروايتي أو الروايات يفط راويها أو كثرة صحبته الروي عنه أو غي ذلك من وجوه الترجيحات التية
فالكم للراجحة ول يكون الديث مضطربا
تنبيه -قد يامع الضطراب الصحة وذلك بأن يقع الختلف ف اسم رجل واحد وأبيه ونسبته ونو
ذلك ويكون ثقة فيحكم للحديث بالصحة ول يضر الختلف فيما ذكر مع تسميته مضطربا وف
الصحيحي أحاديث كثية بذه الثابة قال الزركشي ((قد يدخل القلب والشذوذ والضطراب ف قسم
الصحيح والسن))
العاشر القلوب وهو ما بدل فيه راو بآخر ف طبقته أو أخذ إسناد متنه فركب على مت آخر ويقال له
الركب والقصد فيه إما العراب فيكون كالوضع أو اختبار حفظ الحدث كما قلب أهل بغداد على
البخاري لا جاؤهم مئة حديث امتحانا فردها على وجوهها فأذعنوا بفضله وقد يقع القلب غلطا ل
قصدا كما يقع الوضع كذلك
الادي عشر الدلس ((بفتح اللم)) وهو ما سقط من إسناده راو ل يسمه من حدث عنه موها ساعه
للحديث من ل يدثه بشرط معاصرته له فإن ل يكن عاصره فليست الرواية عنه تدليسا على الشهور
ومن التدليس أن يسقط الراوي شيخ شيخه أو أعلى منه لكونه ضعيفا وشيخه ثقة أو صغيا تسينا
للحديث ومنه أن يسمى شيخه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه با ل يعرف ث إن كان الامل للراوي على
التدليس تغطية الضعيف فجرح لن ذلك حرام وغش وإل فل وما كان ف الصحيحي وشبههما عن
68
الدلسي ((بعن)) فمحمول على ثيوت السماع من جهة أخرى وإيثار صاحب الصحيح طريق العنعنة
لكونا على شرطه دون تلك وال أعلم
ص132:
الثان عشر الرسل وهو ما سقط منه الصحاب كقول نافع قال رسول ال كذا أو فعل كذا أو فعل
بضرته كذا ونو ذلك هذا هو الشهور وقد يطلق الرسل على القطع والعضل السالف ذكرها كما يقع
ذلك ف كثي من السنن والصحيح أيضا (كما ف فتح الغيث) وهو رأي الفقهاء والصوليي وما يشهد
للتعميم قول ابن القطان ((إن الرسال رواية الرجل عمن ل يسمع منه))
تنبيه -عدنا للمرسل ف أنواع الضعيف موافقة للكثرين ول بأس بالشارة إل الذاهب فيه مع بسط ما
فإنه موقف مهم فنقول
للئمة مذاهب ف الرسل مرجعها إل ثلثة الول أنه ضعيف مطلقا الثان حجة مطلقا الثالث التفصيل
فيه
فأما الذهب الول فهو الشهور قال النووي رحه ال ف التقريب ((ث الرسل حديث ضعيف عند جاهي
الحدثي وكثي من الفقهاء وأصحاب الصول)) وقال رحه ال ف شرح الهذب بعد هذا ((وحكاه
الاكم أبو عبد ال عن سعيد بن السيب وجاعة أهل الديث)) وقال مسلم ف مقدمة صحيحه
((والرسل من الروايات ف أصل قولنا وقول أهل العلم بالخبار ليس بجة )) انتهى
قال النووي ((ودليلنا ف رد العمل به أنه إذا كانت رواية الجهول السمى ل تقبل لهالة حاله فرواية
الرسل أول لن الروي عنه مذوف مهول العي والال قال الافظ ف شرح النخبة وإنا ذكر -يعن
الرسل -ف قسم الردود للجهل بال الحذوف لنه يتمل أن يكون صحابيا ويتمل أن يكون تابعيا
وعلى الثان يتمل أن يكون ضعيفا ويتمل أن يكون ثقة وعلى الثان يتمل أن يكون حل عن صحاب
ويتمل أن يكون حل عن تابعي آخر وعلى الثان فيعود الحتمال السابق ويتعدد أما بالتجويز العقلي
فإل ما ل ناية له وأما بالستقراء فإل ستة أو سبعة وهو أكثر ما وجد من رواية بعض التابعي عن
بعض )) انتهى
ص133:
وأما الذهب الثان وهو من قال ((الرسل حجة مطلقا)) فقد نقل عن مالك وأب حنيفة وأحد ف رواية
حكاها النووي وابن القيم وابن كثي وغيهم وحكاه النووي أيضا ف شرح الهذب عن كثيين من
69
الفقهاء أو أكثرهم قال ((ونقله الغزال عن الماهي)) قال القراف ف شرح التنقيح ((حجة الواز أن
سكوته عنه مع عدالة الساكت وعلمه أن روايته يترتب عليها شرع عام فيقتضى ذلك أنه ما سكت عنه
إل وقد جزم بعدالته فسكوته كإخباره بعدالته وهو لو زكاه عندنا قبلنا تزكيته وقبلنا روايته فكذلك
سكوته عنه حت قال بعضهم إن الرسل أقوى من السند بذا الطريق لن الرسل قد تذمم الراوي وأخذه
ف ذمته عند ال تعال وذلك يقتضى وثوقه بعدالته وأما إذا أسند فقد فوض أخره للسامع ينظر فيه ول
يتذمه فهذه الالة أضعف من الرسال)) انتهى وف التدريب عن ابن جرير قال ((أجع التابعون بأسرهم
على قبول الرسل ول يات عنهم إنكاره ول عن أحد من الئمة بعدهم إل رأس الئتي قال ابن عبد الب
كأنه يعن أن الشافعي أول من رده)) انتهى وقال السخاوي ف فتح الغيث ((قال أبو داود ف رسالته وأما
الراسيل فقد كان أكثر العلماء يتجون با فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك والوزاعي حت جاء
الشافعي رحه ال فتكلم ف ذلك وتابعه عليه أحد وغيه)) انتهى ث اختلفوا هل هو أعلى منه السند أو
دونه أو مثله وتظهر فائدة اللف عند التعارض والذي ذهب إليه أحد وأكثر الالكية والحققون من
النفية كالطحاوي وأب بكر الرازي تقدي السند قال ابن عبد الب ((وشبهوا ذلك بالشهود يكون
بعضهم أفضل حالً من بعض وأقعد وأت معرفة وإن كان الكل عدولً جائزي الشهادة)) انتهى
والقائلون بأنه أعلى وأرجح من السند وجهوه بأن من أسند فقد أحالك على إسناده والنظر ف أحوال
رواته والبحث عنهم ومن أرسل مع علمه ودينه وإمامته وثقته
ص134:
فقد قطع لك بصحته وكفاك النظر فيه كما قدمنا عن القراف ومل اللف فيما قيل إذا ل ينضم إل
الرسال ضعف ف بعض رواته وإل فهو حينئذ أسوأ حالً من مسند ضعيف جزما ولذا قيل إنم اتفقوا
على اشتراط ثقة الرسل وكونه ل يرسل إل عن الثقات قاله ابن عبد الب وكذا أبو الوليد الباجي من
الالكية وأبو بكر الرازي من النفية (وأما الثان) فل خلف أنه ل يوز العمل بالرسل إذا كان مرسله
غي متحرز بل يرسل عن غي الثقات أيضا وعبارة الول ((فقال ل تزل الئمة يتجون بالرسل إذا
تقارب عصر الرسل والرسل عنه ول يعرف الرسل بالرواية عن الضعفاء ومن اعتب ذلك من مالفيهم
الشافعي فجعله شرطا ف الرسل العتضد ولكن توفق شيخنا ف صحة نقل التفاق من الطرفي قبولً وردا
قال لكن ذلك فيهما عن جهور مشهور)) انتهى وف كلم الطحاوي ما يومئ إل احتياج الرسل ونوه
إل الحتفاف بقرينة وذلك أنه قال -ف حديث أب عبيدة بن عبد ال بن مسعود أنه سئل ((كان عبد
70
ال مع النب ليلة الن قال ل)) -ما نصه فإن قيل هذا منقطع لن أبا عبيدة ل يسمع من أبيه شيئا يقال
نن ل نتج به من هذه الهة إنا احتججنا به لن مثل أب عبيدة على تقدمه ف العلم وموضعه من عبد
ال وخلطته باصته من بعده ل يفي عليه مثل هذا من أموره فجعلنا قوله حجة لذا ل من الطريق الت
وصفت ونوه قول الشافعي رحه ال ف حديث لطاوس عن معاذ ((طاوي ل يلق معاذا لكنه علم بأمر
معاذ وإن ل يلقه لكثرة من لقيه من أخذ عن معاذ وهذا ل أعلم من أحد فيه خلفا)) وتبعه البيهقي
وغيه ومن الجج لذا القول أن احتمال الضعف ف الواسطة حيث كان تابعيا ل سيما بالكذب بعيدا
جدا فإنه أثن على عصر التابعي وشهد له بعد الصحابة باليية ث للقرني كما تقدم بيث استدل بذلك
على تعديل أهل القرون الثلثة وإن تفاوتت منازلم ف الفضل فإرسال التابعي
ص135:
بل ومن اشتمل عليه باقي القرون الثلثة الديث بالزم من غي وثوق بن قاله مناف لا هذا مع كون
الرسل عنه من اشترك معهم ف هذا الفضل وأوسع من هذا قول عمر رضي ال عنه ((السلمون عدول
بعضهم على بعض إل ملودا ف حد أو مربا عليه شهادة زور أو ظنينا ف ولء أو قرابة)) قالوا فاكتفى
رضي ال عنه بظاهر السلم ف القبول إل أن يعلم منه خلف العدالة ولو ل يكن الواسطة من هذا القبيل
لا أرسل عنه التابعي والصل قبول خبه حت يثبت عنه ما يقتضى الرد وكذا ألزم بعضهم الانعي بأن
مقتضى الكم لتعاليق البخاري الجزومة بالصحة إل من علق عنه أن من يزم من أئمة التابعي عن النب
بديث يستلزم صحته من باب أول ل سيما وقد قيل إن الرسل لو ل يتج بالحذوف لا حذفه فكأنه
عدله ويكن إلزامهم لم أيضا بأن مقتضى تصحيحهم ف قول التابعي من السنة وقفه على الصحاب حل
قول التابعي ((قال رسول ال )) على أن الحدث له بذلك صحاب تسينا للظن به ف حجج يطول
إيرادها ل ستلزامه التعرض للرد مع كون جامع التحصيل ف هذه السألة للعلئي متكفلً بذلك كله وكذا
صنف فيها ابن عبد الادي جزءا
-39ذكر مناقشة الفريق الول لا ذكره أهل الذهب الثان
قال السخاوي ف فتح الغيث بعد حكايته عن الاكم أنه روى عن سعيد بن السيب عدم قبول الرسل ما
نصه ((وبسعيد يرد على ابن جرير الطبي من التقدمي وابن الاجب من التأخرين ادعاؤها إجاع
التابعي على قبوله إذ هو من كبارهم مع أنه ل يتفرد من بينهم بذلك بل قال به منهم ابن سيين
والزهري وغايته أنم غي متفقي على مذهب واحد كاختلف من بعدهم ث إن ما أشعر به كلم أب
71
داود ف كون الشافعي أول من ترك الحتجاج به ليس على ظاهره بل هو قول ابن مهدين ويي القطان
وغي واحد من قبل الشافعي ويكن أن يكون اختصاص الشافعي لزيد التحقيق فيه)) ث قال السخاوي
((وما أوردته من حجج الولي مردود أما الديث فمحمول على الغالب
ص136:
والكثرية وإل فقد وجد فيمن بعد الصحابة من القرني من وجدت فيه الصفات الذمومة لكن بقلة
بلف من بعد القرون الثلثة فإن ذلك كثر فيهم واشتهر وقد روى الشافعي عن عمهن حدثنا هشام بن
عروة عن أبيه قال إن لسع الديث استحسنه فما ينعن من ذكره إل كراهية أن يسمعه سامع فيقتدى
به وذلك أن أسعه من الرجل ل أثق به قد حدث به عمن أثق به أو اسعه من الرجل أثق به قد حدث عم
ل أثق به وهذا كما قال ابن عبد الب يدل على أن ذلك الزمان أي زمان الصحابة والتابعي كان يدث
فيه الثقة وغيه ونوه ما أخرجه العقيلي من حديث ابن عون قال ذكر أيوب السختيان لحمد بن سيين
حديثا عن أب قلبة فقال أبو قلبة رجل صال ولكن عمن ذكره أبو قلبة ومن حديث عمران بن حدير
أن رجل حدثه عن سليمان التيمي عن ممد بن سيين أن من زار قبا أو صلى إليه فقد برئ ال منه قال
عمران ((فقلت لحمد عن أب ملز إن رجل ذكر عنك كذا فقال أبو ملز كنت أحسبك يا أبا أبا برك
أشد اتقاء فإذا لقيت صاحبك فأقرئه السلم وأخبه أنه كذب قال ث رأيت سليمان عند أب ملز فذكرت
ذلك له فقال سبحان ال إنا حدثنيه مؤذن لنا ول أظنه يكذب فإن هذا والذي قبله فيهما رد أيضا على
من يزعم أن الراسيل ل تزل مقبولة معمول با ومثل هذه حديث عاصم عن ابن سيين قال كانوا ل
يسألون عن السناد حت وقعت الفتنة بعد وأعلى من ذلك ما رويناه ف اللية من طريق ابن مهدي عن
ابن ليعة أنه سع شيخا من الوارج يقول بعد ما تاب ((إن هذه الحاديث دين فانظروا عمن تأخذون
دينكم إنا كنا إذا هوينا أمرا صيناه حديثا)) انتهى ولذا قال شيخنا إن هذه وال قاصمة الظهر للمحتجي
بالرسل إذ بدعة الوارج كانت ف صدر السلم والصحابة متوافرون ث ف عصر التابعي فمن بعدهم
وهؤلء كانوا إذا استحسنوا أمرا جعلوه حديثا وأشاعوه فربا سع الرجل الشيء فحدث به ول يذكر من
حدثه به تسينا للظن فيحمله عنه غيه ويئ الذي يتج بالقاطيع فيحتج به مع كون أصله
ص137:
ما ذكرتن فل حول ول قوة إل بال وأما اللزام بتعاليق البخاري فهو قد علم شرطه ف الرجال وتقيده
بالصحة بلف التابعي وأما ما بعده فالتعديل الحقق ف البهم ل يكفي على العتمد فكيف بالسترسال
72
إل هذا الد نعم قد قال ابن كثي البهم الذي ل يسم أو سى ول تعرف عينهن ل يقبل روايته أحد
علمناه ولكن إذا كان ف عصر التابعي والقرون الشهود لا بالي فإنه يستأنس بروايته ويستضاء با ف
مواطن وقد وقع ف مسند أحد وغيه من هذا القبيل كثي وكذا يكن النفصال عن الخي بأن الوقوف
ل انصار له فيما اتصل بلف الحتج به وبذا وغيه ما ل نطيل بإيراده قوبت الجة ف الرسل وإدراجه
ف جلة الضعيف
-40ذكر الذهب الثالث ف الرسل من اعتدل ف شأنه وفصل فيه
ذهب كثب من الئمة إل الحتجاج بالرسل بلحظات دققوا فيها منهم المام الشافعي رحه ال تعال
قال النووي ف مقدمة شرح الهذب ((قال الشافعي رحه ال وأحتج برسل كبار
ص138:
التابعي إذا أسند من جهة أخرى أو أرسله من أخذ عن غي رجال الول أو وافق قول الصحاب أو أفت
أكثر العلماء بقتضاه)) هذا نظر الشافعي ف الرسالة وغيها وكذا نقل عنه الئمة الحققون من أصحابنا
الفقهاء والحدثي كالبيهقي والطيب البغدادي وآخرين ل فرق ف هذا عنده بي مرسل سعيدين السيب
وغيه هذا هو الصحيح الذي ذهب إليه الحققون وقد قال الشافعي ف متصر الزن ف آخر باب الربا
أخبنا مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن السيب أن رسول ال نى عن بيع اللحم باليوان وعن ابن
عباس أن جزورا نرت على عهد أب بكر الصديق رضي ال عنه فجاء رجل بعناق فقال أعطون بذه
العناق فقال أبو بكر رضي ال عنه ل يصلح هذا)) قال الشافعي رحه ال ((وكان القاسم بن ممد
وسعيد بن السيب وعروة بن الزبي وأبو بكر بن عبد الرحن يرمون بيع اللحم باليوان)) قال الشافعي
((وبذا نأخذ ول نعلم أحدا من أصحاب رسول ال حالف أبا بكر الصديق رضي ال عنه)) يروفه لا
يترتب عليه من الفوائد فإذا عرف هذا فقد اختلف أصحابنا التقدمون ف معن قول الشافعي ((إرسال ابن
السبب عندنا حسن)) على وجهي حكاها الشيخ أبو إسحاق ف كتابه اللمع وحكاها أيضا الطيب
البغدادي ف كتابه ((كتاب الفقيه والتفقه والكفاية)) وحكاها جاعات آخرون
أحدها معناه أنه حجة عنده بلف غيها من الراسيل قالوا لنا فتشت فوجدت مسندة
والوجه الثان أنا ليست بجة عنده بل هي كغيها على ما ذكرناه
قالوا وإنا رجح الشافعي رحه ال برسله والترجيح بالرسل جائز قال الطيب البغدادي ف كتاب الفقيه
والتفقه ((والصواب الوجه الثان قالوا لنا فتشت فوجدت مسندة
73
والوجه الثان أنا ليست بجة عنده بل هي كغيها على ما ذكرناه
قالوا وإنا رجح الشافعي رحه ال برسله والترجيح بالرسل جائز قال الطيب البغدادي ف كتاب الفقيه
والتفقه ((والصواب الوجه الثان وأما الول فليس
ص139:
بشيء)) وكذا قال ف الكفاية ((الوجه الثان هو الصحيح عندنا من الوجهي لن ف مراسيل سعيد ما ل
يوجد مسندا بال من وجه يصح)) قال ((وقد جعل الشافعي لراسيل كبار التابعي مزية على غيهم كما
استحسن مرسل سع)) هذا كلم الطيب
وذكر المام الافظ أبو بكر البيهقي رحه ال نص الشافعي كما قدمته قال ((قال الشافعي نقبل مراسيل
كبار التابعي إذا انضم إليها ما يؤكدها فإن ل ينضم ل نقبلها سواء كان مرسل ابن السيب أو غيه))
قال ((وقد ذكرنا مراسيل لبن السيب ل يقبلها الشافعي حي ل ينضم إليها ما يؤكدها ومراسيل لغيه
قال با حي انضم إليها ما يؤكدها)) قال ((وزيادة ابن السيب ف هذا على غيه أنه أصح التابعي إرسالا
فيما زعم الفاظ)) فهذا كلم البيهقي والطيب وها إمامان حافظان فقيهان شافعيان متضلعان من
الديث والفقه والصول والبة التامة بنصوص الشافعي ومعان كلمه وملهما من التحقيق والتقان
والنهاية ف العرفان بالغاية القصوى والدرجة العليا وأما تول المام أب بكر القفال الروزي رحه ال ف
أول كتابه ((شرح التلخيص)) ((قال الشافعي ف رهن الصغي مرسل ابن السيب عندنا حجة)) فهو
ممول على التفصيل الذي قدمناه عن البيهقي والحققي وال أعلم
((قلت ول يصح تعلق من قال إن مرسل سعيد حجة بقوله ((إرساله حسن)) لن الشافعي رحه ال ل
يعتمد عليه وحجه بل اعتمده لا انضم إليه من قول أب بكر الصديق ومن حضره وانتهى إليه قوله من
الصحابة رضي ال عنهم مع ما انضم إليه من قول أئمة التابعي الربعة والذين ذكرهم وهم أربعة من
فقهاء الدينة السبعة وهو مذهب مالك وغيه فهذا عاضد ثان للمرسل فل يلزم من هذا الحتجاج برسل
ابن السيب إذا ل يعضده فإن قيل ذكرت أن الرسل إذا أسند من جهة أخرى احتج به وهذا القول فيه
تساهل لنه إذا أسند عملنا بالسند فل فائدة حينئذ ف الرسل ول عمل به والواب أن بالسند يتبي
صحة الرسل وأنه ما يتج به فيكون ف السألة حديثان
ص140:
صحيحان حت لو عارضهما حديث صحيح من طريق واحد وتعذر المع قدمناها عليه وال أعلم))
74
انتهى كلم النووي
تتمة -أورد العلمة القراف رحه ال تعال ف التنقيح سؤالً فقال ((الرسال هو إسقاط صحاب من السند
والصحابة كلهم عدول فل فرق بي ذكره والسكوت عنه فكيف جرى اللف فيه)) وأجاب هو كما
ف نسخة من التنقيح ((بأنم عدول إل عند قيام العارض وقد يكون السكوت عنه منهم عرض ف حقه
ما يوجب القدح فيتوقف ف قبول الديث حت تعلم سلمته عن القادح)) انتهى
وبذا علل أيضا من رد الرسل كما ف شرح جع الوامع للمحلي واعترضه الشهاب ((بأن هذا يالف
ما مر من أنم عدول ل يبحث عن حالم)) وأجاب ابن قاسم ((بأن هذا التوجيه مفرع على القول بأنم
كغيهم يبحث عن عدالتهم)) انتهى
والتحقيق أن جريان اللف فيه وقوة ضعفه لا أسلفناه أو ًل عن شرح النخبة فتأمله
-41بيان أكثر من تروي عنهم الراسيل والوازنة بينهم
قال الاكم ف علوم الديث ((أكثر ما تروى الراسيل من أهل الدينة عن ابن السيب ومن أهل مكة عن
عطاء بن أب رباح ومن أهل البصرة عن السن البصري ومن أهل الكوفة عن إبراهيم بن يزيد النخعي
ومن أهل مصر عن سعيد بن أب هلل ومن أهل الشام عن مكحول)) قال ((وأصحها كما قال ابن معي
مراسيل ابن السيب لنه من أولد الصحابة وأدرك العشرة وفقيه أهل الجاز ومفتيهم وأول الفقهاء
ص141:
السبعة الذين يعتد مالك بإجاعهم كإجاع كافة الناس وقد تأمل الئمة التقدمون مراسيله فوجدوها
بأسانيد صحيحة وهذه الشرائط ل توجد ف مراسيل غيه)) قال ((والدليل على عدم الحتجاج بالرسل
غي السموع من الكتاب قوله تعال (ليتفقهوا ف الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم)) ومن السنة
((تسمعون ويسمع منكم ويسمع من يسمع منكم))
قال السيوطي ((تكلم الاكم على مراسيل سعيد فقط دون سائر من ذكر معه ونن نذكر ذلك فمراسيل
عطاء قال ابن الدين كان عطاء يأخذ عن كل ضرب مرسلت ماهد أحب إل من مرسلته بكثي وقال
أحد بن حنبل مرسلت سعيد بن السيب أصح الرسلت ومرسلت إبراهيم النخعي ل بأس با وليس ف
الرسلت أضعف من مرسلت السن وعطاء بن أب رباح فإنما كانا يأخذان عن كل أحد ومراسيل
السن تقدم القول فيها عن أحد وقال ابن الدين ((مرسلت السن البصري الت رواها عند عنه الثقات
صحاح ما أقل ما يسقط منها)) وقال أبو زرعة ((كل شيء قال السن قال رسول ال وجدت له أصلً
75
ثابتا ما خل أربعة أحاديث)) وقال يي ابن سعيد القطان ((ما قال السن ف حديثه قال رسول ال إل
وجدنا له أصلً إل حديثا أو حديثي)) قال شيخ السلم ابن حجر ((ولعله أراد ما جزم به السن))
وقال غيه ((قال رجل للحسن يا أبا سعيد إنك تدثنا فتقول قال رسول ال فلو كنت تسنده لنا إل من
حدثك)) فقال السن ((أيها الرجل ما كذبنا ول كذبنا ولقد غزونا غزوة إل خراسان ومعنا فيها ثلثائة
من أصحاب ممد )) وقال يونس بن عبيد ((سألت السن قلت يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول ال
وإنك ل تدركه)) فقال ((يا ابن أخي لقد سألتن عن شيء ما سألن عنه أحد قبلك ولو منلتك من
ص142:
ما أخبتك إن ف زمان كما ترى -وكان ف زمن الجاج -كل شيء شتن أقوله قال رسول ال فهو
على بن أب طالب غي أن ف زمان ل أستطيع أن أذكر عليا)) وقال ممد بن سعيد ((كل ما أسند من
حديثه أو روى عمن سع منه فهو حسن حجة وما أرسل من الديث فليس بجة)) مراسيل السن
عندهم شبه الريح وأما مراسيل النخعي فقال ابن معي مراسيل إبراهيم أحب إل من مراسيل الشعب))
وعنه أيضا أعجب إل مرسلت سال بن عبد ال والقاسم وسعيد بن السيب وقال أحد ل بأس با))
وقال العمش ((قلت لبراهيم النخعي أسند ل عن ابن مسعود فقال إذا حدثتكم عن رجل عن عبد ال
فهو الذي سعت وإذا قلت قال عبد ال فهو عن غي واحد عن عبد ال)) انتهى
-42ذكر مرسل الصحابة
قال النووي ((ما تقدم من اللف ف الرسل كله ف غي مرسل الصحاب أما مرسل الصحاب كإخباره
عن شيء فعله النب أو نوه ما يعلم أنه ل يضره لصغر سنه أو لتأخر إسلمه أو غي ذلك فالذهب
الصحيح الشهور الذي قطع به جهور أصحابنا وجاهي أهل العلم أنه حجة وأطبق الحدثون الشترطون
للصحيح القائلون بأن الرسل ليس بجة على الحتجاج به وإدخاله ف الصحيح وف صحيحي البخاري
ومسلم من هذا ما ل يصى وقال أبو إسحاق السفرايين ل يتج به بل حكمه حكم مرسل غيه إل أن
يتبي أنه ل يرسل إل ما سعه من النب أو صحاب قال لنم قد يروون عن غي صحاب)) قال النووي
((والصواب الول وأنه يتج به مطلقا لن روايتهم عن غي الصحاب نادرة وإذا رووها بينوها فإذا أطلقوا
ذلك فالظاهر أنه عن الصحابة والصحابة كلهم عدول)) انتهى
أي فل تقدح فيهم الهالة بأعيانم وأيضا فما يروونه عن التابعي غالبه بل عامته إنا هو من السرائيليات
وما أشبهها من الكايات والوقوفات
76
ص143:
-43مراتب الرسل
قال السخاوي ف فتح الغيث ((الرسل مراتب أعلها ما أرسله صحاب ثبت ساعه ث صحاب له رؤية
فقط ول يثبت ساعه ث الخضرم ث التقن كسعيد بن السيب ويليها من كل يتحرى ف شيوخه كالشعب
وماهد ودونا مراسيل من كان يأخذ عن كل أحد كالسن وأما مراسيل صفار التابعي كقتادة والزهري
وحيد الطويل فإن غالب رواية هؤلء عن التابعي
-44بث قول الصحاب من السنة كذا وقوله أمرنا بكذا ونينا هن كذا
أعلم أن قول الصحاب ((من السنة كذا أو أمرنا بكذا أو نينا عن كذا)) وما أشبهه كله مرفوع على
الصحيح الذي قاله المهور لن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إل من له المر والنهي ومن يب اتباع
سنته وهو رسول ال واحتمال أن يكون المر غيه وأن يريد سنة غيه بعيد وإن كنا ل ننكر أن إطلق
ذلك يصدق مع الواسطة ولكن العادة أن من له رئيس معظم فقال أمرنا بكذا فإنا يريد أمر رئيسه ول
يفهم عنه إل ذلك ورسول ال هو عظيم الصحابة ومرجعهم والشار إليه ف أقوالم وأفعالم فتصرف
إطلقاتم إليه وما قيل ((إن الفاعل إذا حذف احتمل النب وغيه فل نثبت شرعا بالشك فجوابه أن ظاهر
الال صارف للنب كما تقدم تقريره
وكذلك السنة أصلها ف اللغة الطريقة ومنه سنن الطريق الذي يشى فيه غي أنا ف عرف الستعمال
صارت موضوعة لطريقته عليه السلم ف الشريعة كذا قاله القراف ف التنقيح وما يؤيد أن ذلك ف حكم
الرفع ف السنة ما رواه البخاري ف صحيحة ف حديث ابن شهاب عن سال بن عبد ال بن عمر عن أبيه
ف قصته مع الجاج حي قال له ((إن كنت تريد السنة فهجر بالصلة)) قال ابن شهاب ((فقلت لسال
ص144:
أفعله رسول ال )) فقال وله يعنون بذلك إل سنته )) فنقل سال -وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل
الدينة وأحد الفاظ من التابعي عن الصحابة -أنم إذا أطلقوا السنة ل يريدون بذلك إل سنة النب وما
يؤيد الرفع ف ((كنانؤمر)) ما رواه الشيخان عن أب موسى ف قصة استئذانه على عمر ولفظ البخاري
((عن أب موسى قال استأذنت على عمر ثلثا فلم يؤذن ل وكأنه كان مشغول فرجعت ففرغ عمر فقال
أل أسع صوت عبد ال بن قيس إيذنوا له قيل قد رجع فدعان فقلت ((كنا نؤمر بذلك)) فقال ((تأتين
على ذلك بالبينة)) فانطلقت إل ملس النصار فسألتهم فقالوا ل يشهد لك على هذا إل أصغرنا أبو
77
سعيد الدري فذهبت بأب سعيد الدري فذهبت بأب سعيد الدري فقال عمر ((أخفي على هذا من
أمر رسول ال ألان الصفق بالسواق)) يعن الروج إل التجارية -زاد مالك ف الوطأ ((فقال عمر لب
موسى أما إن ل أتمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول ال )) قال الشراح ((وحينئذ فل
دللة ف طلبه البينة على أنه ل يتج بب الواحد بل أراد سد الباب خوفا من غي أب موسى أن يتلق
كذبا على رسول ال عند الرغبة والرهبة)) وقالوا ف بالديث ((إن قول الصحاب (كنا نؤمر بكذا) له
حكم الرفع))
قال الافظ ف شرح النخبة ((وأما قول بعضهم إن كان مرفوعا فلم ل يقولون فيه قال رسول ال فجوابه
أنم تركوا الزم بذلك تورعا واحتياطا ومن هذا قول أب قلبة عن أنس ((من السنة إذا تزوج البكر على
الثيب أقام عندها سبعا)) أخرجاه قال أبو قلبة ((لو شئت لقلت إن أنسا رفعه إل النب )) أي لو قلت ل
أكذب لن قوله ((من السنة)) هذا معناه لكن إيراده بالصيغة الت ذكرها الصحاب أول)) انتهى
أقول قوله ((تورعا واحتياطا)) هذا يظهر ف بعض الوجوه ومنه ما ذكره
ص145:
واحسن منه أن يقال إن قولم من السنة أو كنا نؤمر ونوها هو من التفنن ف تبليغ الدى النبوي ل
سيما وقد يكون الكم الذي قيل فيه أمرنا أو من السنة من سنن الفعال ل القوال وقد يقولون ذلك
إيازا أو لضيق القام وكثيا ما ييب العال عن السائل الت يعلم حديثها الرفوع ويفظه بروفه بقوله
((من السنة كذا)) لا ذكرنا من الوجوه ولغينا وهو ظاهر
تنبيه -ذكرنا أن السنة لغة الطريقة والراد با ف اصطلح الشارع وأهل عصره ما دل عليه دليل من قوله
أو فعله أو تقريره ولذا جعلت السنة مقابلة للقرآن وبذا العتبار تطلق على الواجب كما تطلق على
الندوب وأما ما اصطلح عليه الفقهاء وأهل الصول من أنا خلف الواجب فهو اصطلح حادث
وعرف متجدد
-45الكلم على الب التواتر وخب الحاد
أعلم أن التواتر ما نقله من يصل العلم بصدقهم ضرورة بأن يكونوا جعا ل يكن تواطؤهم على الكذب
على مثلهم من أوله إل آخره ولذا كان مقيدا للعلم الضروري وهو الذي يضطر إليه النسان بيث ل
يكنه دفعه ويب العمل به من غي بث عن رجاله ول يعتب فيه عدد معي ف الصح
78
ث التواتر قسمان لفظي وهو ما تواتر لفظه ومعنوي وهو ما تواتر القدر الشترك فيه وللول أمثله كثية
منها حديث ((من كذب على متعمدا)) رواه نو الئتي وحديث الوض رواه خسون ونيف وحديث
السح على الفي رواه سبعون وحديث رفع اليدين ف الصلة رواه نو المسي وسوى ذلك ما ساقه
ف التدريب
وللثان أمثلة أيضا فمنه أحاديث رفع اليدين ف الدعاء فقد روى عنه نو مئة حديث
ص146:
فيه رفع يديه ف الدعاء لكنها ف قضايا متلفة فكل قضية منها ل تتواتر والقدر الشترك فيها وهو الرفع
عند الدعاء تواتر باعتبار الجموع
تنبيه -وقع ف كلم النووي ف شرح مسلم ف التواتر أنه ل يشترط ف البين به السلم وكذا قال
الصوليون ول يفي أن هذا اصطلح للصوليي وإل فاصطلح الحدثي فيه أن يرويه عدد من السلمي
لنم اشترطوا فيمن يتج برواية أن يكون عدلً ضابطا بأن يكون مسلما بالغا فل تقبل رواية الكافر ف
باب الخبار وإن بلغ ف الكثرة ما بلغ وعبارة جع الوامع مع شرحه ((ول تقبل رواية كافر وإن عرف
بالصدق لعلو منصب الرواية عن الكفار)) نعم يقبل من الكافر ما تمله ف كفره إذا أسلم كما سيأت
التطرق لا ف الباب السادس ف السناد ف بث توسع الفاظ ف طبقات السماع وقد أفردت ف
مطولت الصطلح وأما خب الواحد فهو ما ل يوجد فيه شروط التواتر سواء كان الراوي له واحدا أو
أكثر
-46بيان أن خب الواحد الثقة حجة يلزم به العمل
قال النووي رحه ال تعال ف شرح مقدمة مسلم ((نبه مسلم رحه ال تعال على القاعدة العظيمة الت
ينبن عليها معظم أحكام الشرع وهو وجوب العمل بي الواحد فينبغي الهتمام با والعتناء بتحقيقها
وقد أطنب العلماء رحهم ال ف الحتجاج لان وإيضاحها وأفردها جاعة من السلف بالتصنيف واعتن
با أئمة الحدثي وأول من بلغنا تصنيفه فيها المام الشافعي رحه ال وقد تقررت أدلتها النقلية والعقلية
ف كتب أصول الفقه ونذكر هنا طرفا فنقول اختلف العلماء ف حكمه فالذي عليه جاهي السلمي من
الصحابة والتابعي فمن بعدهم من الحدثي والفقهاء وأصحاب الصول أن خب الواحد الثقة حدة من
حجج الشرع يلزم العمل با ويفيد الظن ول يفيد العلم وأن وجوب
ص147:
79
العمل به عرفناه بالشرع ل بالعقل وذهبت القدرية والرافضة وبعض أهل الظاهر إل أنه ل يب العمل به
ث منهم من يقول منع من العمل به دليل العقل ومنهم من يقول منع دليل الشرع وذهبت طائفة إل أنه
يب العمل به من جهة دليل العقل وقال البائي من العتزلة ((ل يب العمل إل با رواه اثنان عن اثني))
وقال غيه ((ل يب العمل إل با رواه أربعة عن أربعة)) وذهبت طائفة من أهل الديث إل أنه يوجب
العلم وقال بعضهم ((يوجب العلم الظاهر دون الباطن)) وذهب بعض الحدثي إل أن الحاد الت ف
صحيح البخاري وصحيح مسلم تفيد العلم دون غيها من الحاد وهذه القاويل كلها سوى قول
المهور باطلة وإبطال من قال ((ل حجة فيه)) ظاهر فلم تزل كتب النب وآحاد رسله يعمل با ويلزمهم
النب العمل بذلك واستمر على ذلك اللفاء الراشدون فمن بعدهم ول تزل اللفاء الراشدون وسائر
الصحابة فمن بعدهم من السلف واللف على امتثال خي الواحد إذا أخبهم بسنة وقضائهم به
ورجوعهم إليه ف القضاء والفتيا ونقضهم به ما حكموا على خلفة وطلبهم خب الواحد عند عدم الدة
من هو عندهن واحتجاجهم بذلك على من خالفهم وانقياد الخالف لذلك وهذا كله معروف ل شك ف
شيء منه والعقل ل ييل العمل بب الواحد وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب الصي إليه وأما
من اقل ((يوجب العلم)) فهو مكابر للحسن وكيف يصل العلم واحتمال الغلظ والوهم والكذب وغي
ذلك متطرف إليه)) انتهى
وف حصول الأمول ((قد دل على العمل بب الواحد الكتاب والسنة والجاع ول يأت من خالف ف
العمل به بشيء يصلح للتمسك به ومن تتبع عمل الصحابة من اللفاء وغيهم وعمل التابعي فتابعيهم
بأخبار الحاد وجد ذلك ف غاية الكثرة بيث ل يتسع له إل مصنف بسيط وإذا وقع من بعضهم التردد
ف العمل به ف بعض الحوال
ص148:
فذلك لسباب خارجة عن كونه خب واحد من ريبة ف الصحة أو تمة للراوي أو وجود معارض راجح
أو نو ذلك)) 1هـ
وقد جود الكلم على قبول خب الواحد المام الشافعي رحه ال تعال ف رسالته الشهية ف باب على
حدة ويدر بذب المة الوقوف على لطائفة وأوسع فيه أيضا الافظ ابن حجر ف الفتح عند قول
البخاري ((باب ما جاء ف إجازة خب الواحد الصدوق ف الذان والصلة والصوم والفرائض والحكام))
فليجع إليه وما نقله فيه أن بعض العلماء احتج لقبول خب الواحد أن كل صاحب أو تابع سئل عن نازلة
80
ف الدين فأخب السائل با عنده فيها من الكم أنه ل يشترط عليه أحد منهم أن ل يعمل با أخبه به من
ذلك حت يسأل غيه فضلً عن أن يسأل الكواف بل كان كل منهم يبه با عنده فيعلم بقتضاه ول
ينكر عليه ذلك فدل على اتفاقهم على وجوب العمل بب الواحد
وفيه أيضا قال ابن القيم ف الرد على من رد خب الواحد إذا كان زائدا على القرآن ما ملخصه ((السنة
مع القرآن على ثلثة أوجه أحدها أن توافقه من كل وجه فيكون من توارد الدلة ثانيها أن تكون بيانا لا
أريد بالقرآن ثالثها أن تكون دالة على حكم سكت عنه القرآن وهذا الثالث يكون حكما مبتدأ من النب
فتجب طاعته فيه ولو كان النب ل يطاع إل فيما وافق القرآن ل تكن له طاعة خاصة وقد قال تعال (من
يطع الرسول فقد أطاع ال) وقد تناقض من قال إنه ل يقبل الكم الزائد على القرآن إل إن كان متواترا
أو مشهورا فقد قالوا بتحري الرأة على عمتها وخالتها وتري ما يرم من النسب بالرضاعة وخيار الشرط
والشفعة والرهن ف الضر ومياث الدة وتيي المة إذا أعتقت ومنع الائض مع الصوم والصلة
ووجوب الكفارة على من جامع وهو صائم ف رمضان ووجوب إحداد العتدة عن الوفاة وتويز الوضوء
بنبيذ التمر وإياب الوتر وأن أقل الصداق عشرة دراهم وتوريث بنت البن
ص149:
السدس مع البنت واستباء السبية بيضة وأن أعيان بن الم يتوارثون ول يقاد الوالد بالولد وأخذ الزية
من الجوس وقطع رجل السارق ف الثانية وترك القتصاص من الرح قبل الندمال والنهى عن بيع
الكالئ وغيها ما يطول شرحه وهذه الحاديث كلها آحاد وبعضها ثابت وبعضها غي ثابت ولكنهم
قسموها إل ثلثة أقسام ولم ف ذلك تفاصيل يطول شرحها ومل بسطها أصول الفقه وبال التوفيق))
انتهى
-48الكلم على الديث الوضوع وفيه مباحث
-1ما هية الوضوع
((هو الكذب الختلق الصنوع)) أي كذب الراوي ف الديث النبوي بأن يروى عنه ما ل يقله متعمدا
لذلك
-2حكم رواية
81
اتفقوا على أنه ترم روايته مع العلم بوضعه سواء كان ف الحكام أو القصص والترغيب ونوها إل مبينا
وضعه لديث مسلم عن سرة بن جندب قال قال رسول ال ((من حدث عن بديث يرى أنه كذب
فهو أحد الكذابي)) ورواه المام أحد وابن ماجه روى الكذابي على صيغة التثنية والكاذبي بالمع
-3معرفة الوضع والامل عليه
ذكر الحدثون أمورا كليه يعرف با كون الديث موضوعا منها اشتماله على مازفات ف الوعد والوعيد
ومنها ساجة الديث وكونه ما يسخر منه مثل ما يروى ف وفاة ومنها مناقضته لا جاءت به السنة
الصرية
ص150:
ومنها أن يكون باطل ف نفسهن فيدل بطلنه على وضعه ومنها أن ل يشبه كلم النبياء بل ل يشبه
كلم الصحابة ومنها أن يشتمل على تواريخ اليام الستقبلة ومنها أن يكون بكلم الطباء أشبه ومنها أن
تقوم الشواهد الصحيحة على بطلنه ومنها مالفته لصريح القرآن ومنها أحاديث صلوات اليام والليال
ومنها أفترانه بقرائن يعلم با أنه باطل
وقد استقصى الصنفون ف الوضوعات إيراد المثلة التوافرة لكل ما ذكر فليجع إليها وسيأت نوع
تفصيل لا قريبا
قال الافظ ف شرح النخبة ((الكم بالوضع إنا هو بطريق الظن الغالب)) ل بالقطع إذ قد يصدق
الكذوب لكن لهل العلم بالديث ملكة قوية ييزون با ذلك وإنا يقوم بذلك منهم من يكون اطلعه
تاما وذهنه ثاقبا وفهمه قويا ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة وقد يعرف الوضع بإقرار واضعه))
ث قال ((ومن القرائن الت يدرك با الوضع ما يؤخذ من حال الراوي كما وقع للمأمون بن أحد أنه ذكر
بضرته اللف ف كون السن سع من أب هريرة أول فساق ف الال إسناده إل النب أنه قال سع
السن من أب هريرة وكما وقع لغياث ابن إبراهيم حيث دخل على الهدى فوجده يلعب بالمام فساق
ف الال إسنادا إل النب أنه قال سع السن من أب هريرة وكما وقع لغياث ابن إبراهيم حيث دخل على
الهدى فوجده يلعب بالمام فساق ف الال إسنادا إل النب أنه قال ((ل سبق إل ف نصل أو خف أو
حافر -أو جناح _)) فزاد ف الديث ((أو جناح)) فعرف الهدي أنه كذب لجله فأمر بذبح المام
ومنها ما يؤخذ من حال الروي كأن مناقضا لنص القرآن أو السنة التواترة أو الجاع القطعي أو صريح
العقل حيث ل يقبل شيء من ذلك التأويل ث الروي تارة يترعه الواضع وتارة يأخذ كلم غيه كبعض
82
السلف الصال أو قدماء الكماء أو السرائيليات أو يأخذ حديثا ضعيف السناد فيكب له إسنادا
صحيحا ليوج والامل للواضع على الوضع إما عدم
ص151:
الدين كالزنادقة أو غلبة الهل كبعض التعبدين أو فرط العصبية كبعض القلدين أو اتباع هوى بعض
الرؤساء أو العراب لقصد الشتهار وكل ذلك حرام بإجاع من يعتد به إل أن بعض الكرامية وبعض
التصوفة نقل عنهم إباحة الوضع ف الترغيب والترهيب وهو خطأ من فاعله نشأ عن جهل لن الترغيب
والترهيب من جلة الحكام الشرعية واتفقوا على أن تعمد الكذب على النب من الكبائر وبالغ أبو ممد
الوين فكفر من تعمد الكذب على النب )) انتهى
وقال حجة السلم الغزال ف الحياء ((وقد ظن ظانون أنه يوز وضع الحاديث ف فضائل العمال وف
التشديد ف العاصي وزعموا أن القصد منه صحيح وهو خطأ مض إذ قال ((من كذب على متعمدا
فليتبوأ معقدة من النار)) وهذا ل يترك إل لضرورة ول ضرورة إذ ف الصدق مندوحة عن الكذب ففيما
ورد من اليات والخبار كفاية عن غيها وقول القائل إن ذلك قد تكرر على الساع وسقط وقعه وما
هو جديد فوقعه أعظم فهذا هوس إذ ليس هذا من العراض الت تقاوم مذور الكذب على رسول ال
وعلى ال تعال ويؤدي فتح بابه إل أمور تشوش الشريعة فل يقاوم خي هذا شره أصل والكذب على
رسول ال ومن الكبائر الت ل يقاومها شيء نسأل ال العفو عنه وعن جيع السلمي)) انتهى
ورأيت لبعض فضلء العصر مقالة غراء ف هذا الوضوع ل بأس بإيرادها تعزيزا للمقام قال رعاه ال
((الديث الوضوع هو الختلق الصنوع النسوب إل رسول ال زورا وبتانا وهو أشد خطرا على الدين
وأنكى ضررا بالسلمي من تعصب أهل الشرقي والغربي لنه يطرف اللة النيفية عن صراطها الستقيم
ويقذف با ف غياهب الضللت حت ينكر الرجل أخاه والولد أباه وتطي المة شعاعا وتتفرق بدادا
بدادا للتباس الفضيلة وأفول شس الداية وانشعاب الهواء وتباين الراء
ص152:
وإن تفرق السلمي إل شيعة ورافضة وخوارج ونصيية ال لو أثر قبيح من آثار الوضع ف الدين ولقد
قام الفاظ الثقات وكادوا يزهقون الروح بضبطهم الديث حفظا وكتابة تلقينا ومازوا البيث من
الطيب وقشعوا سحب اللبس فتلل نور اليقي))
83
ث قال ((ورب سائل يقول أن ساغ للمسلمي أن يضعوا ف دينهم ما ليس منه فالواب أن أسباب
الوضع كثية منها غفلة الحدث أو اختلط عقله ف آخر حياته أو التكب عن الرجوع إل الصواب بعد
استبانه الطأ لسهو مثلً ومنهم قوم وضعوا الحاديث ل يقصدون إل الترغيب والترهيب ابتغاء وجه ال
فيما يزعمون وآخرون وضعوها انتصارا لذهبهم ومنهم طائفة أهتهم أنفسهم فاختلقوا ما شاءوا للتقرب
من السلطي والمراء أو لستمالة الغنياء إل العطاء ومن هذا الصنف القصاص الذين انتحلوا وظيفة
الوعظ والتذكي ف الساجد والجامع وأخذوا يهدمون من أركان هذا الدين لفلس يقتنونه أو حطام
خبيث يلتهمونه)) ول أدرى إن هذا صح عنه من الذي أخطأ أهو أم عمر بن الطاب الذي كان يطرد
القصاصي أمثال هؤلء من الساجد مع أنم ل يكونوا بذه الثابة من التغرير والتضليل
ص153:
((ولنوجع إل الوضاع فمنهم زنادقة قصدوا إفساد الشريعة والتلعب بالدين ((يريدون أن يطفئوا نور ال
بأفواههم ويأب ال إل أن يتم نوره)) فعملوا على لبس الق بالباطل وخلط اسم بالترياق وهيأت لم
الفرص ف الزمان الغابرة مالً فسيحا لذا البهتان حت شحنوا الذهان وسودوا الدفاتر وأفعموا الكتب
بفتريات ((ما أنزل ال با من سلطان)) وقد سرى هذا الداء ف كتب التفسي والسي والتاريخ وتلقتها
العامة عن سلمة صدر إما لشهرة العزو إليه أو لستبعاد كذبه على الرسول فخبطوا وحادوا عن الادة
((وهم يسبون أنم يسنون صنعا))
ث قال ((ولست أعجب من العامة وصنعهم هذا ولكن العجب العجاب من أهل العلم الذين يرون هذا
النكر رأى العي صباحا ومساء ويتأولون لن كأنا أعمال هؤلء السوقة وحي ساوي متشابه يدب
تأويله ف رأى العلماء التأخرين اللهم ألمنا السداد ووفقنا إل سبيل الرشاد
((والداهية الدهياء أن الناس الن أخذت تروي الحاديث من غي إجازة ول تلقي وحول العلماء
وجهتهم إل فروع الفقه وآلت التفسي والتوحيد وانصرفوا عن الديث إل ما كان منه قراءة على سيل
التبك فراجت سوق الراجيف العزوة للدين واختلط الباطل بالق فمهدوا بذا للطاغي على الدين سبل
كان عذراء وخططا كانت وعثاء فل تكاد ترى حارا أو حوذيا أو خادما أو طاهيا أو أكارا أو قصارا
أو كناسا أو رشاشا إل وهو يستشهد ف كل عمل من أعماله بالديث سواء صح معناه ولفظه أم ل
يصح فإذا جلست ف مرتاض أو ناد أو سوق أو حانوت أو مفل عرس أو مأت سعت من خلطهم
وخبطهم ف الدين ما ترج لجله النفوس من العيون وتشى له القلوب ف الصدور وربا كان ف ملسهم
84
عال فيسأل عند اختلفهم فل ييب إل ((بأظن ف الصدور وربا كان ملسهم عال فيسأل عند اختلفهم
فل ييب إل ((بأظن كذا)) ((ويكن أن يكون كذا)) والورع يقول ((ل أدري)) أو ((حت أراجع
ص154:
الصحاح)) وقد يكون الديث مشهورا بي كل الطبقات وهو موضوع فيظن أنه صحيح لشهرته
خصوصا على ألسنة بعض الشايخ فيفت بأنه صحيح وهناك الطامة الكبى))
ث قال ((الغرض إحياء السنة وإماتة البدعة ودرء الطاعن الجنبية بشيء ليس من ديننا وذلك بالوقوف
على طائفة من الحاديث الوضوعة الت يستدل با الناس على عقيدة أو حكم أو فضيلة أو النهى عن
رذيلة ليتميز البيث من الطيب ويبتعد حلة القرآن وخطباء النابر ووعاظ الساجد من رواة الكاذيب
الضادة للشرع والعقل باسم الدين وهم ل يشعرون وف مقدمة ذلك الحاديث الشهورة على ألسنة
العامة والاصة ف احتجاجهم وأمرهم ونيهم فإن ضررها عظيم وخطبها جسيم وذلك كحديث ((حب
الوطن من اليان)) الذي ل يفهم منه بعد التأويل والتحليل إل الث على تفرق الامعة السلمية الت
ننشد اليان)) الذي ل يفهم منة بعد التأويل والتحليل إل الث على تفرق الامعة السلمية الت ننشد
ضالتها الن فإنه يقضي بتفضيل مسلمي مصر مثل على من سواهم وإن من ف الشام يفضل إخوته هناك
على غيهم وهكذا وهو النلل بعينه والتفرق النهى عنه وال يقول ((إنا الؤمنون إخوة)) ول يقيد
الخوة بكان ويقول ((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بم خصاصة)) وأقل ما فيه تفويت فضيلة اليثار
ومن ذلك ((شاوروهن وخالفوهن)) إل غي ذلك
وما هو جدير بالعناية قصص الولد النبوي الذي اشتمل كثي من اليال الشعري والحاديث الت وضعها
الطرون الغلة كحديث ((لولك ما خلقت الفلك)) وقولم ((إن اليم من اسه الشريف تدل على كذا
والدال على كذا)) إل آخر تصرفات اليال ووصفهم الرسول بضروب من الغزل ل تليق إل بتخذات
أخدان ما يل مقام النبوة عنه وتنفر طبيعة اللل منه وكرواتيهم من العجزات ما ليس له أصل كحديث
الضب وأن الورد من عرقه إل آخر ما ينسبونه للمناوي ول أظنه إل مصطنعا باسم الشيخ رحه ال
ورضى عنه)) انتهى ملخصا
ص155:
-4مقالة ف الحاديث الوضوعة ف فضيلة رجب
85
نبه بعض الفضلء ذلك ف مقالة نشرها ف ملة نصحا لطباء النابر الغفلي وللوعاظ والقصاص البله
فقال ما نصه ((كم اختلق الكذابون على النب وكم وضعوا الباطيل والناكي وركبوا السانيد اللفقة
وأسهبوا وأطنبوا وبالغوا ف التحذير والترهيب وشددوا وسهلوا على حسب ما تسول لم أنفسهم ول
يشوا خالقا يعلم سرهم وعلنيتهم فيجازيهم بقاعد ف النار يتبوأونا جزاء افترائهم واختلقهم وترئهم
على وضع الحاديث الت ((ما أنزل ال با من سلطان)) وقد قال الافظ سهل بن السري ((قد وضع
أحد بن عبد ال الوربياري وممد بن عكاشة الكرمان وممد بن تيم الفرياب على رسول ال أكثر من
عشرة آلف حديث وقال حاد بن زيد ((وضعت الزنادقة على رسول ال أربعة آلف حديث)) وقال
بعضهم ((سعت ابن مهدي يقول ليسرة بن عبد ربه من أين جئت بذه الحاديث من قرأ كذا فله كذا
ومن صام كذا فله كذا قال وضعتها أرغب الناس فيها)) وقيل لب عصمة ابن أب مري الروزي ((من أين
لك عن عكرمة عن ابن عباس ف فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا فقال إن
رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أب حنيفة ومغازي ابن إسحق فوضعت هذا الديث
حسبة)) وما يوجب السف أن يرى النسان تلك الوضوعات والناكي والباطيل قد انتشرت ف الكتب
انتشارا زائدا ورواها اللف عن السلف وشحنت با كتب الوعظ والرشاد ودواوين الطباء حت إنك
ل تطالع ديوانا من الدواوين التداولة بي خطبائنا إل وترى فيه من فظائع الكاذيب على نبينا عليه
الصلة والسلم ما يستوجب العجب وما ذاك إل لذهاب علماء الديث ودخولم ف خب كان وعدم
اعتناء أهل عصرنا به
ومن افظع هذه الباطيل الحاديث الت تروي ف فضيلة رجب وصيامه فأغلب الدواوين نراها مشحونة
با ونن نأت بتلك الباطيل الت اختلقها الوضاعون ليحذرها
ص156:
العموم ويعرفها خطباء النابر والوعاظ والقصاص فيجتنبوها ول ينسبوها إليه عليه الصلة والسلم حذرا
من الوقوع ف الث وفرارا من الكذب على النب فنقول
حديث ((فضل رجب على الشهور كفضل القرآن على سائر الكلم وفضل شهر شعبان على الشهور
كفضلى على سائر النبياء وفضل شهر رمضان كفضل ال على سائر العباد)) موضوع قاله الافظ ابن
حجر ذكره السخاوي ف القاصد السنة
86
وقولم ((أكثروا من الستغفار ف رجب فإن ل ف كل ساعة منه عتقاء من النار وإن ال مدائن ل
يدخلها إل من صام رجب)) موضوع وف إسناده ((الصبغ بن نباتة)) ليس بشيء قاله السيوطي ف
الللئ الصنوعة
وقولم ((رجب شهر ال وشعبان شهري ال)) أورده الصاغان ف الوضوعات ومنها ((فضيلة ليلة أول
جعة من رجب والصلة الوضوعة فيها السماة بليلة الرغائب))
وقولم ((ف رجب يوم وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كان له من الجر كمن صام مئة سنة
وقام سنة وهي لثلث بقي من رجب ف ذلك اليوم بعث ال ممدا نبيا)) موضوع قاله السيوطي ف
النكت البديعات
وقولم ((من صام يوما من رجب وقام ليلة من لياليه بعثه ال آمنا يوم القيامة ومر على الصراط وهو
يهلل أو يكب)) موضوع وف إسناده ((إساعيل بن يي)) كذاب
وقولم ((من أحي ليلة من رجب وصام يوما منه أطعمه ال بن ثار النة وكساه من حلل النة وسقاه
من الرحيق الختوم)) موضوع وف إسناده ((حصي ابن مارق)) كان يضع الديث قاله السيوطي ف
اللل الصنوعة
وقولم رجب من الشهر الرم وأيامه مكتوبة على أبواب السماء السادسة فإذا صام الرجل منه يوما
وجرد صومه بتقوى ال نطق الباب ونطق اليوم وقال ((يا رب اغفر له)) وإذا ل يتم صومه بتقوى ال ل
يستغفرا له وقال ((خدعتك نفسك)) موضوع وف إسناده ((إساعيل بن يي)) كذاب قاله السيوطي
ص157:
وقولم ((رجب شهر ال الصم النبتر الذي أفراده تعال لنفسه فمن صام منه يوما إيانا واحتسابا
استوجب رضوان ال الكب إل)) موضوع وف إسناده (( 00عصام ابن طليق)) قال ابن معي ليس
بشيء وأبو هارون العبدي متروك
وقولم خطبنا رسول ال قبل رجب بمعه فقال ((أيها الناس إنه قد أظلكم شهر عظيم شهر رجب شهر
ال الصم تضاعف فيه السنات وتستجاب الدعوات وتفرج فيه الكريات ل ترد للمؤمن فيه دعوة فمن
اكتسب فيه خيا ضوعف له فيه أضعافا مضاعفة فعليكم بقيام ليله وصيام ناره إل)) موضوع ذكره
السيوطي
87
وقولم ((من صام من رجب يوما تطوعا أطفأ صومه ذلك اليوم غضب ال وأغلق عنه أبواب النار ال)
ذكره السيوطي وقال إسناده ظلمات بعضها فوق بعض)) انتهت القالة
ث اعترض بعض الناس على من نشرها ف ملته وقال ((إن كانت هذه الحاديث موضوعة كما قال
الكاتب فما الغرض منها إل الترغيب ف العبادة الت يثاب فاعلها على كل حال وحينئذ يكون بيان كيفية
وضعها وتكذيب واضعيها تثبيطا غي ممود عن عبادة ال))
فأجاب نأشرها بقوله ((إن نشر مثل هذه الرسالة كان واجبا ومن أفضل ضروب العبادة إعلم السلمي
بأن هذا الديث موضوع إن كان كذلك وصحيح إن كان سنده صحيحا سواء كان مغزي الديث ما
ندبت إليه الشريعة بوجه عام أو مانت عنه وكاتب الرسالة ل يكم بوضع حديث من عندياته وإنا ذكر
أقوال أئمة الديث والفاظ حت ذكر قول الافظ السيوطي ف سند حديث من تلك الحاديث أنه
ظلمات بعضها فوق بعض مبالغة ف إنكار سند الديث وعدم العتداد به وهناك غرض لئمة الديث ف
بيان صحته وضعفه أسي من غرض الترغيب ف العبادة والصيام والقيام أل وهو غرض ترير الشريفة
الغراء وصونا عن الدخيل فيها خيا كان أو شرا لنه إذا تطرق للحديث الكذب فيه بنية حسنة تطرقه
كذلك نبيه سيئة وانار بناء الشريعة الحمدية
ص158:
بكثرة ما يتخللها من الجنب عنها وأي شر أعظم ما يطرأ على الشريعة الغراء لو أرخي العنان لوضاع
الحاديث يضعون كيف شاءوا دون أن ييز الصدق من الكذب ف رواياتم ث من هو الذي يقبل من
العترضي أن يكتب باسه الكتاب ما شاءوا من أفكار وأقوال ولو كانت حسنة مقبولة ف حد ذاتا بل
من يصدق أن يقوم أحد من الناس ويفتري على وزير أو مدير قرارا أو منشورا يصدره بإمضائه ول يعد
عابثا بالنظام متوجبا التأديب أو على القل التكذيب أو من يتصور أنه يلفق صورة أمر عال مهما كان
موضعه وينشره كأنه صادر من السلطان ول يعاقب على فعله هذا فأي مسلم بعد هذا يسوغ أن يكذب
على رسول ال وهو يقول ((من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) لذلك نن نشرنا رسالة
الفاضل الذي أسند كل ما قال فيها للسلف الصال من أئمة الديث وحفاظه شاكرين هته مثني عليه با
هو أهله معتبين عمله هذا من خي أعمال العبادة الت يتقرب با إل ال ف مثل شهر رجب البارك
مؤملي أن يذو الفضلء الباحثون حذوه ول خوف من ذلك على الناس أن تثبط همهم عن عبادة ال
فإن ال عز وجل قد أت شريعته قبل أن يأخذ رسوله إل الرفيق العلى فهي ل ينقصها شيء يتاج
88
وضاعوا الديث الفترون على ال وعلى رسوله أن يتموه وعلى القراء أن يفقهوا مقاصد الكتاب ف هذا
الباب وال الوفق والعي))
ث أجاب ناشرها أيضا بقوله ف ماورة ثانية ((ل يقصد كاتب الرسالة ف بيان الحاديث الوضوعة الت
سردها تثبيط هم الناس عن العبادة وإنا أراد بيان عدم صحة تلك الحاديث الت اعتاد بعض الطباء
العناية بذكرها عند دخول مثل شهر رجب البارك ويسبونا من أصول الدين وليست منه ف شيء تلك
الحاديث الت أسندت للنب وقال أئمة الديث السالفون وحفاظه الحققون إنا موضوعة مفتراة عليه فقد
قال كاتب الرسالة ((ونن نأت بتلك الباطيل الت اختلقها الوضاعون ليحذرها العموم ويعرف خطباء
النابر والوعاظ والقصاص فيجتنبوها ول ينسبوها إليه عليه الصلة والسلم حذرا من الوقوع ف الث
وفرارا من الكذب على النب ال))
ص159:
وهذا صريح ف أنه إنا ينصح الطباء والوعاظ ليعدلوا عن ارتكاب الكذب ف إرشاد العامة إل ما هو
الصدق فيه والي كله مع الصادقي))
ث قال ((وقد بلغ حد التهافت على بيان أسرار الشريعة الغراء عند بعض خطباء المع على النابر أن
جعلوا للفظه (ر ج ب) حروفا مقطعة مدلولت أخرى فالراء لعن واليم لخر والباء لغيها مع أن هذه
الروف ذاتا موجودة ف كل كلمة ثلثية تركبت منها كجرب وبرج ورجب أساء مسميات أخرى
وهلم جرا بل ل ينكر عاقل أن الدخيل ف الحاديث قد كان منه ما أضر بالامعة السلمية وجوهر
الدين النيفي ضررا بليغا لو قيس با نتجته الحاديث الوضوعة لثل الترغيب ف العبادة من السنات
لرجح عليها رجحانا مبينا فكيف ل سكون سد هذا الباب مهما وكيف ل يكون ف المة وعاظ
ومرشدون يبيتون الصدق من الكذب والغث من السمي ف كل وقت وليس للمر بالعروف والنهى عن
النكر وقت مصوص وأشد ما يطلب ذلك ف الظروف الت يكون فيها المر والنهى أبلغ تأثيا ف النفوس
ولذا اختار صاحب رسالة الحاديث الوضوعة أن يبي ما يتص منها بشهر رجب ف الوقت الذي
يصدع الطباء فيه بواعظهم له وال يوفق الميع لا فيه الي والصواب وهو الادي إل سبيل الرشاد))
وأقول رأيت لشيخ السلم ابن تيميه قدس سره ف كتابه ((اقتضاء الصراط الستقيم)) تطرقا لذا البحث
الليل قال قدس سره ((شهر رجب أحد الشهر الرم)) وقد روى عن النب أنه كان إذا دخل شهر
رجب قال ((اللهم بارك لنا ف رجب وشعبان وبلغنا رمضان)) ول يثبت عن النب ف فضل رجب حديث
89
آخر بل عامة الحاديث الأثورة فيه عن النب كذب والديث إذا ل يعلم أنه كذب فروايته ف الفضائل
أمر قريب أما إذا علم كذبه فل يوز روايته إل مع بيان حاله لقوله ((من روى عن حديثا
ص160:
وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبي)) نعمن روى عن بعض السلف ف تفضيل العشر الول من رجب
بعض الثر وروى غي ذلك فاتاذه موسا بيث يفرد بالصوم مكروه عند المام أحد وغيه كما روى
عن عمر بن الطاب وأب بكرة وغيها من الصحابة رضي ال عنهم وروى ابن ماجه أن النب نى عن
صوم رجب وهل الفراد الكروه أن يصومه كله أو أن يقرن به شهر آخر فيه للصحاب وجهان وال
أعلم)) انتهى
-5فتوى الغمام ابن حجر اليتمي رحه ال ف خطيب ل يبي مرجي الحاديث
ف فتاواه الديثية ما نصه ((وسئل رضي ال عنه ف خطيب يرقى النب ف كل جعة ويروى أحاديث
كثية ول يبي مرجيها ول رواتا فيما الذي يب عليه فأجاب بقوله ما ذكره من الحاديث ف خطبه
من غي أن ببي رواتا أو من ذكرها فجائز بشرط أن يكون من أهل العرفة ف الديث أو بنقلها من
مؤلفه كذلك وأما العتماد ف رواية الحاديث على مرد رؤيتها ف كتاب ليس مؤلفه من أهل الديث
أو ف خطب ليس مؤلفها كذلك فل يل ذلك ومن فعله عزر عليه التعزير الشديد وهذا حال أكثر
الطباء فإنم بجرد رؤيتهم خطبة فيها أحاديث حفظوها وخطبوا با من غي أن يعرفوا أن لتلك
الحاديث أصلً أم ل فيجب على حكام كل بلد أن يزجروا خطباءها عن ذلك ويب على حكام بلد
هذا الطيب منعه من ذلك إن ارتكبيه)) ث قال ((فعلى هذا الطيب أن يبي مستنده ف روايته فإن كان
مستندا صحيحا فل اعتراض عليه والساغ العتراض عليه بل وجاز لول المر -أيد ال به الدين وقمع
بعدله العاندين -أن يعزله من وظيفة الطابة زجرا له عن أن يتجرأ على هذه الرتبة السنية بغي حق))
انتهى ملخصا
ص161:
-6ما جاء ف نج البلغة من وجوه اختلف الب وأحاديث البدع
سئل أمي الؤمني على بن أب طالب كرم ال وجهه عما ف أيدي الناس من أحاديث البدع واختلف
الب فقال ((إن ف أيدي الناس حقا وباطلً وصدقا وكذبا وناسخا ومسوخا وعاما وخاصا ومكما
90
ومتشابا وحفظا ووها ولقد كذب على رسول ال على عهده حت قام خطيبا فقال (( من كذب على
متعمدا فليتبوا مقعده من النار)) وإنا أتاك بالديث أربعة رجال ليس لم خامس-
رجل منافق مظهر ليان متصنع بالسلم ل يتأث ول يتحرج يكذب على رسول ال متعمدا فلو علم
الناس أنه منافق كاذب ل يقبلوا منه ول يصدقوا قوله ولكنهم قالوا صاحب رسول ال رأي وسع منه
ولقف عنه فيأخذون بقوله وقد أخبك ال عن النافقي با أخبك ووصفهم با وصفهم به لك ث بقوا
بعده عليه وعلى آله السلم فتقربوا إل الئمة فولوهم العمال وأكلوا بم الدنيا وإنا الناس مع اللوك
والدنيا وإل من عصم ال فهو أحد الربعة
ورجل سع من رسول ال شيئا ل يفظه على وجهه فوهم فيه ول يعرف كذبا فهو ف يديه ويرويه
ويعمل به ويقول ((أنا سعته من رسول ال )) فلو علم السلمون أنه وهم فيه ل يقبلوا منه ولو علم أنه
كذلك لرفضه
ورجل ثالث سع من رسول ال شيئا يأمر به ث نى عنه وهو ل يعلم أو سعه ينهى عن شيء ث أمر به
وهو ل يعلم فحفظ النسوخ ول يفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه ولو علم السلمون إذ سعوه
منه أنه منسوخ لرفضوه
وآخر رابع ل يكذب على ال ول على رسوله مبغض للكذب خوفا من ال وتعظيما لرسول ال ول يهم
بل حفظ ما سع على وجهه فجاء به على سعه ل يزد فيه ول ينقص منه فحفظ الناسخ فعمل به وحفظ
النسوخ فجنب عنه وعرف الاص والعام
ص162:
فوضع كل شيء موضعه وعرف التشابه ومكمه وقد كان يكون من رسول ال الكلم له وجهان فكلم
خاص وكلم عام فيسمعه من ل يعرف ما عن ال به ول عن به رسول ال فيحمله السامع ويوجهه على
غي معرفة بعناه وما قصد به وما خرج من أجله وليس كل أصحاب رسول ال من كان يسأله
ويستفهمه حت إن كانوا ليحبون أن ييء العراب الطارئ فيسأله عليه السلم حت يسمعوا وكان ل ير
ب من ذلك شيء إل سألت عنه وحفظته فهذه وجوه ما عليه الناس ف اختلفهم وعللهم ف رواياتم))
انتهى
-7بيان ضرر الوضوعات على غي الحدثي وان الدواء لعرفتها الرسوخ ف الديث
91
قال المام أبو عبد ال ممد بن الرتضى اليمان ف كتابه ((إيثار الق)) ف خلل البحث عن كون معظم
ابتداع البتدعي من أهل السلم راجعا إل هذين المرين الواضح بطلنما وها الزيادة ف الدين والنقص
منه ما نصه ((من أنواع الزيادة ف الدين الكذب فيه عمدا وهذا الفن يضر من ل يكن من أئمة الديث
والسي والتواريخ ول يتوقف على نقدهم فيه بيث ل يفرق بي ما يتواتر عند أهل التحقيق وبي ما
يزوره غيهم وليس له دواء إل إتقان هذا الفن والرسوخ فيه وعدم العارضة لهله بجرد الدعاوي
الفارغة وهو علم صعب يتاج إل طول الدة ومعرفة علوم الديث وعدم العجلة بالدعوى وإن كان
جليا ف معناه فإن الرسوخ فيه بعيد عن حصول العلم الضروري بأحوال رسول ال وأحوال السلف
بيث يعلم دينهم بالضروة مثل ما يعلم مذهب العتزلة والشعرية كذلك يطول البحث ف علم الكلم
ويعلم ما يتلفون فيه وما ل يتلفون فيه وما يكن القدح فيه من النقولت الشهورة وما ل يكن من غي
تقليد ول أقل من معرفة مثل علوم الديث للحاكم ف ذلك وهذا عندي هو الفائدة
ص163:
العظمي ف الرسوخ ف علم الديث وليس الفائدة العظمي فيه معرفة أحاديث الحكام ف فروع اللل
والرام كما يظن ذلك من يقتصر على قراءة بعض الختصرات ف ذلك ويكتفي به ف هذا العلم الليل
ولمر ما كان أئمة الديث الراسخون أركان اليان ف الثبوت عند الفت والمتحان)) انتهى
وقال العارف الشعران قدس سره ف العهود الكبى ((أخذ علينا العهد العام من رسول ال أن ل نتهور
ف رواية الديث بل نتثبت ف كل حديث نرويه عن رسول ال ول نرويه عنه إل إن كان لنا به رواية
صحيحة)) ث قال قدس سره ((وأعلم يا أخي أن أكثر من يقع ف خيانة هذا العهد التصوفة الذين ل قدم
لم ف الطريق فربا رووا عن رسول ال ما ليس من كلمه لعدم ذوقهم وعدم فرقانم بي كلم النبوة
وكلم غيها وسعت شيخنا شيخ السلم زكريا رحه ال يقول إنا قال بعض الحدثي أكذب الناس
الصالون لغلبة سلمة بواطنهم فيظنون بالناس الي وأنم ل يكذبون على رسول ال فمرادهم بالصالي
التعبدون الذي ل غوص لم ف علم البلغة فل يفرقون بي كلم النبوة وغيه بلف العارفي فإنم ل
يفي عليهم ذلك)) انتهى
-8هل يكن معرفة الوضوع بضابط من غي نظر ف سنده
سئل المام شس الدين ابن قيم الوزية هل يكن معرفة الديث الوضوع بضابط من غي أن ينظر ف
سنده فقال ((هذا سؤال عظيم القدر وإنا يعرف ذلك من تضلع ف معرفة السنن الصحيحة وخلطت
92
بلحمه ودمه وصار له فيها ملكة واختصاص شديد بعرفة السنن والثار ومعرفة سية رسول ال عليه
الصلة والسلم وهديه فيما يأمي به وينهى عنه ويب عنهن ويدعو إليه ويبه ويكرهه ويشرعه للمة
بيث كأنه مالط له عليه الصلة والسلم بي أصحابه الكرام فمثل هذا يعرف من أحواله وهديه وكلمه
وأقواله وأفعاله وما يوز أن يب به وما ل يوز ما ل يعرفه غيه وهذا شأن كل متبوع
ص164:
مع تابعه فإن للخص به الريص على تتبع أقواله وأفعاله من العلم با والتمييز بي ما يصح أن ينسب إليه
وما ل يصح ليس كمن ل يكون كذلك وهذا شأن القلدين مع أئتهم يعرفون من أقوالم ونصوصهم
ومذاهبهم وأساليبهم ومشاربم ما ل يعرفه غيهم)) ث أورد جلة ما روى ف ذلك (انظر الوضوعات لل
على القارى)
وقال ابن دقيق العيد ((كثيا ما يكمون بالوضع باعتبار أمور ترجع إل الروي وألفاظ الديث وحاصلة
يرجع إل أنه حصلت لم لكثرة ماولة ألفاظ النب هيأة نفسانية وملكة قوية عرفوا باما يوز أن يكون
من ألفاظ النبوة وما ل يوز))
وقد روى الطيب عن الربيع بن خيثم التابعي الليل قال ((إن للحديث ضوءا كضوء النهار يعرف
وظلمة كظلمة الليل تنكر))
ونوه قول ابن الوزي ((الديث النكر يقشعر منه جلد طالب العلم وينفر منه قلبه)) يعن المارس
للفاظ الشارع البي با وبرو نقها وبجتها
-9بيان أن للقلب السليم إشرافا على معرفة الوضوع
قال أبو السن علي بن عروة النبلي ف ((الكواكب))
فصل القلب إذا كان نقيا نظيفا زاكيا كان له تييز بي الق والباطل والصدق والكذب والدى والضلل
ول سيما إذا كان قد حصل له إضاءة وذوق من النور النبوي فإنه حينئذ تظهر له خبايا المور ودسائس
الشياء والصحيح من السقيم ولو ركب على مت ألفاظ موضوعة على الرسول إسناد صحيح أو على
مت صحيح إسناد ضعيف ليز ذلك وعرفه وذاق طعمه وميز بي غثه وسينه وصحيحة وسقيمه فإن ألفاظ
الرسول ل تفي على عاقل ذاقها ولذا قال النب ((اتقوا فراسه الؤمن فإنه ينظر بنور ال)) رواه الترمذي
من حديث أب سعيد وقال جاعة من السلف ف قوله تعال ( إن ف ذلك ليات للمتوسي)) أي
للمتفرسي وقال معاذ بن جبل
93
ص165:
((إن للحق منارا كمنار الطريق)) وإذا كان الكفار لا سعوا القرآن ف حال كفرهم قالوا ((إن له للوة
وإن عليه لطلوه وإن أسفله لغدق وإن أعله لورق وإن له لثمرة وإن له ف القلوب لصولة ليست بصوله
مبطل )) فما الظن بالؤمن التقي النقي الذي له عقل تام عند ورود الشبهات وبصر نافذ عند ورود
الشهوات قال بعض السلف ((إن العبد ليهم بالكذب فأعرف مراده قبل أن يتمم)) وقد قال تعال
(ولتعرفنهم ف لن القول) وقد كان عمر بن الطاب له حظ من ذلك كقصته مع سواد ين قارب وغيه
فإن القلب الصاف له شعور بالزيغ والنراف ف الفعال والعمال فإذا سع الديث عرف مرجه من أين
وإن ل يتكلم فيه الفاظ وأهل النقد فمن كانت أعمله خالصة ل موافقو للسنة ميز بي الشياء كذبا
وصدقها بشواهد تظهر له على صفحات الوجوه وفلتات اللسنة قال شاه الكرمان ((من عمر باطنة
بدوام الراقبة وظاهره باتباع السنة وغض بصره عن الحارم وعود نفسه أكل اللل ل تطئ له فراسة
فال سبحانه هو الذي يلق الرعب والظلمة ف قلوب الكافرين والنور والرهان ف قلوب التقي ولذا
ذكر ال آية النور عقيب غض النظر وكف النفس عن الحارم وكذلك إذا كان العبد صدوق اللسان
كان أقوى له وأت على معرفة الكاذيب والوضوعات فإن الزاء من جنس العمل فيثيب ال الصدوق
ويد للكذب مضاضة ومرارة ينبو عنها سعه ول يقبلها عقله)) ولا قدم وفد هوازن على النب مسلمي
وسألوه أن يرد عليهم سبيهم ومالم قال لم ((أحب الديث إل أصدقه)) ولذا كان كعب بن مالك
بعد أن عمى إذا سع حديثا مكذوبا عرف كذبه وذلك أنه أجع الصدق لرسول ال لا قدم من غزوة
تبوك وأنزل ال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اتقوا وكونوا مع الصادقي) فإن ال سبحانه يلهم الصادق
الذكي معرفة الصدق
ص166:
من الكذب كما ف الديث ((الصدق طمأنينة والكذب ريبة)) وقال لوابصة ((استفت قلبك)) وقد ترك
النب أمته على البيضاء ليلها كنهارها وهذا من أدل الشياء على ما قلنا وإنا يؤت النسان ويدخل الزيف
عليه والباطل من نقص متابعته للرسول بلف الؤمن الحسن التبع له ف أقواله وأفعاله فإن أقوال الرسول
عليها جللة ولا ناموس ولقد رأيت رجل إذا سع حديثا مرويا عن النب وكان ليس ما قاله يرده ويقول
((هذا موضوع أو ضعيف أو غريب)) من غي أن يسمع ف ذلك بشيء فيكشف عنه فإذا هو كما قال
وكان قل أن يطيء ف هذا الباب فإذا قيل له من أين لك هذا يقول كلم الرسول عليه جللة وفيه
94
فحولة ليست لغيه من الناس وكذلك كلم أصحابه وكنت أكشف عما يقول فأجده غالبا كما قال
وكان من أتبع الناس للسنة وأقلهم للبدع والهواء وكذلك كان يقع هذا كثيا فإن الدين هو فعل ما
أمر ال به وترك ما نى عنه فمن تلبس ف باطنه بالخلص والصدق وف ظاهره بالشرع لنت له الشياء
ووضحت على ما هي عليه عكس حال أهل الضلل والبدع الذين يتكلمون بالكذب والتحريف
فيدخلون ف دين ال ما ليس منه وانظر ألفاظ القرآن لا كانت مفوظة منقولة بالتواتر ل يطمع مبطل ول
غيه ف إبطال شيء منه ول ف زيادة شيء بلف الديث فإن الحرفي والوضاعي تصرفوا فيه بالزيادة
والنقصان والكذب والوضع ف متونه وأسانيده ولكن أقام ال به من ينفي عنه تريف الغالي وانتحال
البطلي وتأويل الاهلي ويميه من وضع الوضاعي فبينوا ما أدخل أهل الكذب والوضع فيه وأهل
التحريف ف معانيه كمن صنف ف الصحيح كالبخاري ومسلم وابن خزية وكذلك أهل الساند كمسند
أحد ونوه وكمالك وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أب شيبة وغيهم من تكلم على الديث
وكذلك الذين تكلموا على الرجال وأسانيدها
ص167:
كيحي بن سعيد النصاري ويي القطان وشعبة وسفيان وابن معي وابن الداين وابن مهدي وغيهم
فهؤلء وأمثالم أهل الذب عن أحاديث رسول ال عكس حال من صنف كتبا فيها من الوضوعات شيء
كثي وهو ل ييز ول يعرف الوضوع والكذوب من غيه فيجيء الغر الاهل فيى حديثا ف كتاب
مصنف فيغتر به وينقله وهؤلء كثي أيضا مثل مصنف كتاب ((وسيلة التعبدين)) الذي صنفه الشيخ عمر
الوصلي ومثل ((تنقلت النوار)) للبكري الذي وضع فيه من الكذب ما ل يفي على من له أدن مسكة
عقل بل قد أنكر العلماء على أهل التصوف كثيا ما ذكروه ف كتبهم من الحاديث الت يعلمون أنا من
الوضوعات ومن تفاسي آيات يعلمون أنا مالفة مع أنم قوم أحبوا العمال وكذلك أهل التفسي
يضعون ف تفاسيهم أحاديث مكذوبة وكذلك كثي من الفقهاء يستدلون ف كتبهم على السائل
بأحاديث ضعيفة أو مكذوبة ومن ل ييز يقع ف غلط عظيم فال الستعان وقد فرق ال بي الق والباطل
بأهل النور واليان والنقد العارفي بالنقل والذائقي كلم الرسول بالعقل وقد صنفوا ف ذلك كتبا ف
الرح والتعديل فهذا العلم مسلم لم ولم فيه معارف وطرق يتصون با وقد قال المام أحد ((ثلثة
علوم ليس لا أصل الغازي واللحم والتفسي)) ومعن ذلك أن الغالب عليها أنا مرسلة وكذلك
95
((قصص النبياء)) للثعلب فيها ما فيها والقصود أن الصادق تر به أحاديث يقطع قلبه بأنا موضوعة أو
ضعيفة
قال شيخ السلم أبو العباس بن تيمية ((القلب العمور بالتقوى إذا رجح بجرد رأيه فهو ترجيح
شرعي)) قال ((فمت ما وقع عنده وحصل ف قلبه ما يظن معه أن هذا المر أو هذا الكلم أرضى ال
ورسوله كان ترجيحا بدليل شرعي الدين أنكروا كون اللام ليس طريقا إل القائق مطلقا أخطأوا فإذا
اجتهد العبد ف طاعة ال وتقواه كان ترجيحه لا رجح أقوى من أدلة كثية ضعيفة فإلام هذا دليل ف
حقه وهو أقوى من كثي من القيسة الضعيفة والوهومة والظواهر والستصحابات الكثية الت يتج با
ص168:
كثي من الائضي ف الذاهب واللف وأصول الفقه وقد قال عمر بن الطاب ((اقربوا من أقواه
الطيعي واسعوا منهم ما يقولون فإنم تتجلى لم أمور صادقة)) وحديث مكحول الرفوع ((ما أخلص
عبد العبادة ل تعال أربعي يوما إل أجرى ال الكمة على قلبه وأنطق با لسانه)) وقال أبو سليمان
الداران ((إن القلوب إذا أجعت على التقوى جالت ف اللكوت ورجعت إل صاحبها بطرف الفوائد من
غي أن يؤدي إليها عال علماء)) وقد قال النب ((الصلة نور والصدقة برهان والصب ضياء)) ومن معه
نور وبرهان وضياء كيف ل يعرف حقائق الشياء من فحوى كلم أصحابا ول سيما الحاديث النبوية
فإنه يعرف ذلك معرفة تامة لنه قاصد العمل فتتساعد ف حقه هذه الشياء مع القتداء ومبة ال ورسوله
حت إن الحب يعرف من فحوى كلم مبوبه مراده تلويا ل تصريا
(والعي تعرف من عين مدثها إن كان من حزبا أو من أعاديها)
وقد قيل
(إنارة العقل مكسوف بطوع هوى وقل عاصي الوى يزداد تنويرا
وف الديث الصحيح ((ل يزال عبدي بتقرب إل بالنوافل حت أحبه فإذا أحببته كنت سعه الذي يسمع
به وبصره الذي يبصر به ويده الت يبطش با ورجله الت يشى با)) ومن كان توفيق ال له كذلك فكيف
ل يكون ذا بصية نافذة ونفس فعاة وإذا كان الث والب ف صدور اللق له تردد وجولن فكيف حال
من ال سعه وبصره وهو ف قلبه وقد قال ابن مسعود ((الث حزاز القلوب)) وقد قدمنا أن ((الكذب
ريبة والصدق طمأنينة)) فالديث الصدق تطمئن إليه النفس ويطمئن إليه القلب وأيضا فإن ال فطر عبادة
على الق فإذا ل تستحل
96
ص169:
الفطرة شاهدت الشياء على ما هي عليه فأنكرت منكرها وعرفت معروفها قال عمر ((الق أبلج ل
يفي على فطن)) فإذا كانت الفطرة مستقيمة على القيقة منورة بنور القرآن تلت لا الشياء على ما
هي عليه ف تلك الرايا وانقشعت عنها ظلمات الهالت فرأت المور عيانا مع غيبها عن غيها وف
السنن والسند وغيه عن النواس بن سعان عن النب قال ((ضرب ال مثلً صراطا مستقيما وعلى جنبت
الصراط سوران وف السورين أبواب مفتحة وعلى البواب ستور مرخاة وداع يدعو على رأس الصراط
وداع يدعو من فوق فالصراط الستقيم هو السلم والستور الرخاة حدود ال والبواب الفتحة مارم ال
فإذا أراد العبد أن يفتح بابا من تلك البواب ناداه النادى يا عبد ال ل تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه
والداعي على رأس الصراط كتاب ال والداعي فوق الصراط واعظ ال ف قلب كل مؤمن)) فقد بي هذا
الديث العظيم الذي من عرفه انتفع به انتفاعا بالغا إن ساعده التوفيق واستغن به عن علوم كثية أن ف
قلب كل مؤمن واعظا والوعظ هو المر والنهى والترغيب والترهيب وإذا كان القلب معمورا بالتقوى
انلت له المور وانكشفت بلف القلب الراب الظلم قال حذيفة بن اليمان ((إن ف قلب الؤمن
سراجا يزهر)) وف الديث الصحيح ((إن الدجال مكتوب بي عينيه ((كافر)) يقرؤه كل مؤمن قارئ
وغي قارئ)) فدل على أن الؤمن يتبي له ما ل يتبي ول سيما ف الفت وينكشف له حال الكذاب
الوضاع على ال ورسوله فإن الدجال أكذب خلق ال مع أن ال يري على يديه أمورا هائلة وماريق
مزلزلة حت إن من رآه افتت به فيكشفها ال للمؤمن حت يعتقد كذبا وبطلنا وكلما قوى اليان ف
القلب قوى انكشاف المور له وعرف حقائقها من بواطلها وكلما ضعف اليان ضعف الكشف وذلك
مثل السراج القوى والسراج الضعيف ف البيت الظلم ولذا قال بعض السلف ف
ص170:
قوله (نور على نور) قال ((هو الؤمن ينطق بالكمة الطابقة للحق وإن يسمع فيها بالثر فإذا سع فيها
بالثر كان نورا على نور)) فاليان الذي ف قلب الؤمن يطابق نور القرآن فاللام القلب تارة يكون من
جنس القول والعلم والظن أن هذا القول كذب وأن هذا العمل باطل وهذا أرجح من هذا وأصوب وف
الصحيح عن النب أنه قال ((قد كان ف المم قبلكم مدثون فإن يكن ف أمت فيهم أحد فعمر))
والحدث هو اللهم الخاطب ف سره وما قال عمر لشيء إن لظنه كذا وكذا إل كان كما ظنه وكانوا
يرون أن السكينة تنطق على قلبه ولسانه أيضا فإذا كانت المور الكونية تنكشف للعبد الؤمن لقوة إيانه
97
يقينا وظنا فالمور الدينية كشفها له أيسر بطريق الول فإنه إل كشفها أحوج فالؤمن تقع ف قلبه أدلة
على الشياء ل يكنه التعبي عنها ف الغالب فإن كل أحدل يكنه إبانه العان القائمة بقلبه فإذا تكلم
الكاذب بي يدي الصادق عرف كذبه من فحوى كلمه فتدخل عليه نوة الياء اليان فتمنعه البيان
ولكن هو ف نفسه قد أخذ حذره منه وربا لوح أو صرح به خوفا من ال وشفقة على خلق ال
فيحذرون من روايته أو العمل به وكثي من أهل اليان والكشف يلقي ال ف قلبه أن هذا الطعام حرام
وأن هذا الرجل كافر أو فاسق أو ديوث أو لوطي أو خار أو مغن أو كاذب من غي دليل ظاهر بل با
يلقي ال ف قلبه وكذلك بالعكس يلقي ف قلبه حجة لشخص وأنه من أولياء ال تعال وأن هذا الرجل
صال وهذا الطعام حلل وهذا القول صدق فهذا وأمثاله ل يوز أن يستبعد ف حق أولياء ال الؤمني
التقي وقصة الضر مع موسى هي من هذا الباب وأن الضر علم هذه الحوال الغيبة با أطلعه ال عليه
وهذا باب واسع يطول بسطه وقد نبهنا فيه على نكت شريفة تطلعك على ما وراءها والقصود أن
الديث الوضوع يعرف كونه موضوعا إما بإقرار واضعه أو بركاكة لفظه أو غي ذلك وقد أشرنا فيما
ص171:
كتبنا فيما تقدم أن أهل اليان والتقوى والصدق والخلص لم أطلعات وكشف وفراسات وإلامات
يلقيها ال ف قلوبم يعرفون با صدق الصادق وكذب الكاذب ووضع الوضاعي وصحيح الخبار
وكاذبا وقد كان أبو سليمان الداران يسمى أحد بن عاصم النطاكي ((جاسوس القلب)) لدة فراسته
فعليك يا أخي بالصدق وإياك والكذب فإنه يانب اليان وال سبحانه أعلم بالصواب وإليه النقلب
والآب والمد ل رب العالي)) انتهى كلم المام ابن عروة النبلي الدمشقي رحه ال تعال
-10الكلم على حديث من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
أعلم أن حديث ((من كذب على)) ف غاية الصحة وناية القوى حت أطلق عليه جاعة أنه متواتر ونوزع
بأن شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما ف الكثرة وليست موجودة ف كل طريق بفردها أجبيب بأن
الراد من إطلق كونه متواترا رواية الجموع من الجموع من ابتدائة إل انتهائه ف كل عصر وهذا كاف
ف إفادة العلم وقد رواه عن أنس العدد الكثي وتواترت عنهم الطرق ورواه عن علي رضي ال عنه ستة
من مشاهي التابعي وثقاتم والعدد العي ل يشترط ف التواتر بل ما أفاده العلم كاف والصفات العلية ف
الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه ول سيما قد روى هذا الديث عن جاعة كثيين من الصحابة
فحكى المام أبو بكر الصيف ف شرحه لرسالة الشافعي أنه قد روى عن أكثر من ستي صحابيا مرفوعا
98
وقال بعض الفاظ إنه قد روى عن اثني وستي صحابيا وفيهم العشرة البشرة وقال ((ول يعرف حديث
اجتمع على روايته العشرة البشرة إل هذا ول حديث يروي عن اكثر من ستي صحابيا إل هذا)) وقال
بعضهم إنه رواه مئتان من الصحابة وقد اعتن جاعة من الفاظ بمع طرقه فقال إبراهيم الرب إنه ورد
من حديث أربعي من الصحابة وكذا قال أبو بكر البزار وجع طرقه أبو ممد يي بن ممد بن صاعد
فزاد قليل وجعها الطبان فزاد قليلً وقال أبو القاسم
ص172:
ابن منده رواه أكثر من ثاني نفسا وجع طرقه ابن الوزي ف مقدمة كتاب الوضوعات فجاوز التسعي
وبذلك جزم ابن دحية ث جعها الافظان يوسف بن خليل الدمشقي وأبو على البكري وها متعاصران
فوقع لك منهما ما ليس عند الخر وتصل من مموع ذلك كله رواية مئة من الصحابة رضي ال عنهم
وقال ابن الصلح ((ث ل يزل عدده ف ازديار وهلم جرا على التوال والستمرار وليس ف الحاديث ما
ف مرتبته من التواتر)) وقيل ل يوجد ف الديث مثال للمتواتر إل هذا وقال ابن دحية قد أخرج من نو
أربعمائة طريق (كذا ف عمدة القارى للعين) وهو خلصة ما قرره الافظ ابن حجر ف الفتح قال الافظ
ف هذا الديث ((أخرجه البخاري من حديث الغية وعبد ال بن عمرو وواثلة واتفق مسلم معه على
تريه عن علي وأنس وأب هريرة والغية وأخرجه مسلم من حديث أب سعيد أيضا وصح ف غي
الصحيحي من حديث ثلثي من الصحابة وورد أيضا عن نو خسي من غيهم بأسانيد ضعيفة وعن
نو من عشرين بأسانيد ساقطة ث بي رحه ال من اعتن بمعه كما تقدم
وقوله ((فليتبوأ مقعده من النار)) أي فليتخذ لنفسه منل يقال تبوأ الدار إذا اتذها مسكنا وهو أمر معناه
الب يعن فإن ال يبوئه وتعبيه بصيغة المر للهانة ولذا قيل المر فيه للتهكم أو التهديد إذ هو أبلغ ف
التغليظ والتشديد من أن يقال كان مقعدة ف النار ومن ث كان ذلك كبية بل قال الشيخ أبو ممد
الوين إنه كفر يعن لنه يترتب عليه الستخفاف بالشريعة ويؤخذ من الديث أن من قرأ حديثه وهو
يعلم أنه يلحن فيه سواء كان ف أدائه أو إعرابه يدخل ف هذا الوعيد الشديد لنه بلحنه كاذب عليهن
وفيه إشارة إل أن من نقل حديثا وعلم كذبه يكون مستحقا للنار إل أن يتوب ل من نقل عن راو عنه
عليه الصلة والسلم أو رأي ف كتاب ول يعلم كذبه قال الطيب ((فيه إياب التحرز عن الكذب على
رسول ال بأنه ل يدث عنه إل با يصح بنقل السناد)) قال ابن حجر ((وما أوهه كلم شارح من
حرمة التحديث بالضعيف مطلقا مردود)) 1هـ والظاهر أن
99
ص173:
مراد الطيب بقوله ((إل با يصح)) الصحة اللغوية الت بعن الثبوت ل الصطلحية وإل لهم حرمة
التحديث بالسن أيضا ول يسن ذلك ول يظن به هذا إذ من العلوم أن أكثر الحاديث الدالة على
الفروع حسان ومن القرر أن الديث الضعيف يعمل به ف فضائل العمال فيتعي حل كلمه على ما
ذكرناه وكلمه أيضا مشعر بذلك إذ ل يقل ((بنقل السناد الصحيح)) ولكنه موهم أنه ل بد من ذكر
السناد وليس كذلك لن الراد أنه ل يدث عنه إل با ثبت عنه وذلك الثبوت إنا يكون بنقل السناد
وفائدته أنه لو روى عنه ما يكون معناه صحيحا لكن ليس له إسناد فل يوز أن يدث به عنه واللم ف
السناد للعهد أي السناد العتب عند الحدثي وإل فقد يكون للحديث الوضوع إسناد أيضا قال عبد ال
بن البارك ((السناد من الدين ولو السناد لقال من شاء ما شاء)) قال ابن حجر ((ولكون السناد يعلم
به بالوضوع من غيه كانت معرفته من فروض الكفاية قيل ((بلغوا عن)) يتمل وجهي أحدها اتصال
السند بنقل الثقة عن مثله إل منتهاه لن التبليغ من البلوغ وهو إناء الشيء إل عايته والثان أداء اللفظ
كما سع من غي تغيي والطلوب ف الديث كل الوجهي)) (كذا ف مرقاة الفاتيح)
تنبيه -قال الافظ ابن حجر رحه ال ف الفتح ف شرح حديث البخاري عن علي رضي ال عنه عن
النب قال ((ل تكذبوا علي فإنه من كذب على فليلج النار)) معناه ل تنسبوا الكذب إل ول مفهوم لقوله
((على)) لنه ل يتصور أن يكذب له لنهيه عن مطلق الكذب وقد اعتز قوم من الهلة فوضعوا أحاديث
ف الترغيب والترهيب وقالوا ((نن ل نكذب عليه بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته)) وما دروا أن تقويله ما
ل يقل يقتضى الكذب على ال تعال لنه إثبات حكم من الحكام الشرعية سواء كان ف الياب أو
الندب وكذا مقابلهما وهو الرام والكروه ول يعتد بن خالف ذلك من الكرامية حيث جوزوا وضع
الكذب ف الترغيب والترهيب ف تثبيت ما ورد ف القرآن والسنة واحتج بأنه كذب له ل عليه وهو جهل
باللغة العربية
ص174:
وتسك بعضهم با ورد ف بعض طرق الديث من زيادة ل تثبت وهي ما أخرجه البزار من حديث ابن
مسعود بلفظ ((من كذب على ليضل به الناس الديث)) وقد اختلف ف وصله وإرساله ورجح الدار
قطن والاكم إرساله وأخرجه الدارمي من حديث يعلي بن مرة بسند ضعيف وعلى تقرير ثبوته فليست
اللم فيه للعلة بل للصيورة كما فسر قوله تعال ((فمن أظلم من افترى على ال كذبا ليضل الناس))
100
والعن أن مآل إل الضلل أو هو من تصيص بعض أفراد العموم بالذكر فل مفهوم له كقوله تعال (ل
تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة -ول تقتلوا أولدكم من إملق) فإن قتل الولد ومضاعفة الربا والضلل
ف هذه اليات إنا هو لتأكيد المر فيها ل اختصاص الكم)) انتهى
-11بيان أنه ليس كل حديث ف باب الترغيب تدث به العامة
ترجم لذا القصد الهم المام البخاري ف صحيحه بقوله ((باب من خص بالعلم أقواما دون قوم كراهية
أن ل يفهموا)) ث قال قال علي رضي ال عنه حدثوا الناس با يعرفون أتبون أن يكذب ال ورسوله ث
أسند عن أنس بن مالك أن رسول ال ومعاذ رديفه على الرحل قال ((يا معاذ بن جبل)) قال لبيك يا
رسول ال وسعديك)) قال ((يا معاذ)) قال ((لبيك يا رسول ال وسعديك ثلثا ((ما من أحد يشهد أن
ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال إل حرمه ال على النار)) وقال ((يا رسول ال أفل أخب به الناس
فيستبشروا إذا يتكلوا)) وأخب با معاذ عند موته تأثا وروى مسلم أن النب أمر أبا هريرة أن يبشر بذلك
الناس فلقيه عمر فدفعه وقال ارجع يا أبا هريرة)) ودخل على أثره فقال ((يا رسول ال ل تفعل فإن
أخشى أن يتكل الناس فخلهم يعملون)) فقال فخلهم))
ص175:
وسبق ف الثمرة التاسعة ف بث الصحيح شذرة من هذا البحث الليل فتذكر
وقد توسع فيه وأجاد صديقنا مؤلف كتاب أشهر مشاهي السلم بقوله تت عنوان ما كل حديث
تدث به العامة وندم أب عبيدة على نقله الديث لعامة الناس)) ما صورته ((كل مسلم أكتنه كنه الدين
السلمي ووقف على حكمه وأسراره يرى من آياته العظمى ف الترغيب والترهيب ما لو أحسن
استعماله ووضع ف موضعه لكفى لزعاج النفوس الشريرة عن مواطن الرذيلة مهما التصقت با وأمعنت
فيهان ولعل النفوس البارة نورا على نور وألبسها من الفضيلة لباسا ل يصيبه بلى وقد جاء الكتاب
الكري بالترغيب ليكون باعثا للنفوس على العمل الصال رجاء الثواب الخروي الذي أعده ال لعباده
الصالي ل ليكون لستدراج النفوس ف مدارج الستباحة طمعا ف عفو ال لذا جاء بإزاء الترغيب
بالترهيب لترسم على صفحات النفوس صورة العقاب كما ارتسمت صورة الثواب فيكون لا منها داع
إل الي يذكرها بالثواب ويكن منها الرغبة فيه ل إل حد الطمع والغرور ث الستدراج ف الشرور
وزاجر عن الشر يذكرها بالعقاب ويكن منها الرهبة منه ل إل حد النقطاع إل تقوي أود النفس
وتعطيل وظائف الياة ول إل حد اليأس والقنوط ث السترسال ف الشهوات واقتراف النكرات على
101
ذلك الساس بن الترغيب والترهيب ف السلم وكل ما جاء منه ف الديث النبوي فالراد منه عي ما
أراده القرآن ولكن ما اليلة وقد أولع كثي من علماء السلمي بالفراط ف الوعظ ترغيبا وترهيبا وحلوا
عامة الناس على طريقتهم ف فهم الدين فأكثروا من حل الديث وروايته دون التفهم له والعلم بقاصده
ووضع كل شيء منه ف مله والتفريق بي صحيحه وموضوعه حت أغروا العامة بعقيدة الباحة لكثرة ما
يروون لم من أحاديث الترغيب ولو موضوعه حت أغروا العامة بعقيدة الباحة لكثرة ما يروونه لم من
أحاديث الترغيب ولو موضوعة كفضائل الصيام والصلة وفضائل الشهور واليام وفضائل التلوات
وجلها -إن ل نقل كلها -من
ص176:
الوضوع الذي تستدرج به العامة للستباحة لعتقادهم بأن من صام كذا غفر له من السيئات كذا وكذا
ومن ننفل بيوم كذا ميت سيئاته إل كذا ولقد بلغ ببعضهم سوء الفهم للدين أن جعلوا لبعض القصائد
النبوية من الفضائل ما ل يعلوه للقرآن فقالوا إن البيت الفلن منها لشفاء السقام والخر لحو الذنوب
والثام والثالث للنجاة من ظلم الكام فليت شعري إذا اعتقد العامي أن تلوة بيت من قصيد يكفى لحو
كل ما يقترفه ف يومه من الثام فإل أية درجة ينتهى فساد أخلقه وشرور نفسه وماذا ينفعه القرآن
بأوامره ونواهيه ووعده ووعيده وحكمه وأحكامه اللهم إن هذا لغاية الستهانة بالدين والهل بقاصد
السلم ومنشؤه اضطراب الفهام وتلبس القائق بالوهام منذ أخذ الوضاعون بالكذب على رسول ال
وأدخلوا ف الدين ما ليس منه يضاف إليه الكثار من حل الديث على غي تفقه فيه ووضع له ف
مواضعه الت أرادها الشارع وقصدها السلم ولو تتبع العلماء سية الصحابة الكرام سيما خاصهم الذين
ل زموا النب وفهموا هذا الدين حق الفهم لرأوا كيف أنم كانوا يقلون من رواية الديث إل للخاصة أو
ما تعلق منه بالحكام 1حت بلغ بعمر رضي ال عنه أنه كان ينهى عن رواية الديث ويقول ((عليكم
بالقرآن)) وما ذلك إل خوف الكذب على رسول ال إذا كثرت الرواية والنقل وخوف افتنان العامة با
ليس لم به علم وبا ل يتفقهوا فيه من الديث
((أبو عبيدة بن الراح)) كان من خية الصحابة وعلى جانب من التفقه ف الدين والورع والتقوى دعا
النب لن يسميه أمي هذه المة وقد سع من رسول ال حديثا ربا ل يسمعه منه أحد من الصحابة أو
سعه بعض الاصة فرأى هذا المي أن يطوى هذا الديث بي الوانح ويضن به على العامة كما ضن به
102
عليهم رسول ال لن عقول العامة يلمسها الغترار ونفوسهم يلمسها الضعف وحب الشهوات فهم
بالوعيد أول وبإلزامهم ظواهر الشرع أخرى ولكن لا ألأته الضرورة القصوى وهو
ص177:
مصور مع السلمي ف حص ورأى منهم فتورا عن الرب ل لوهن ف نفوسهم أوجب أصابم كل وإنا
هو لرهبة الالق الت تكنت من أفئدتم وقلوبم وإخافتهم من الوت ل لذاته بل لا بعده فقام فخطب
فيهم وتل عليهم ذلك الديث وهو ((من مات ل يشرك بال شيئا دخل النة)) استحثاثا لممهم وتفيفا
لروعهم ما بعد الوت رجاء رحه ال وعفوه عن ذنوب اقترفوها ما دون الشرك إذا تابوا وأنابوا قال لم
هذا وهو يظن أن هذا الديث ل يتعدى أساعهم لعتقاده أنم إذا خرجوا لكافحة الروم ل يبقى منهم
أحد يدث به أو يلبس نفسه أثر منه لكثرة من كان على حصارهم من جند الروم ولا ت الظفر
للمسلمي ونوا من براثن العدو ندم على أن حدثهم بذلك الديث وخسي من أن يعلق ف نفوسهم
شيء منه مع أنه علقه على التوبة فقام وخطب فيهم فقال ((ل تتكلوا ول تزهدوا ف الدرجات فلو
علمت أنه يبقى منا أحد ل أحدثكم بذا الديث)) وتال إن قوما بلغ بم اليان الصادق وليقي الثابت
ذلك القام مقام الرهبة من ال ومن الوقوف بي يدي قدرته بعد الوت لقوم عامتهم أعلم بالدين وأخلص
ف اليقي من خاصتنا ذلك العصر وماذا يشترط ف الحدثي وحلة علوم الدين إل يشترط الوقوف على
مقاصد السلم والتفقه ف الديث والعلم بالة الاطبي واجتناب الغلو معهم ف الترغيب والترهيب
ومراعاة ما يلبس عقولم من القوة والضعف وأن يتيسر هذا وقد نتج عن كثرة الرواية وحل الديث
بل تفقه فيه زيغ العقول عن مقاصد الشرع واجتراء الكذابي على وضع الديث وشحن الكتب
السلمية با ل يرضاه ال والرسول وهو ما كان يذره عمر بن الطاب رضي ال عنه ولذا نى ف
عصره الذي هو خي العصور عن الكثار من رواية الديث فما بالك با يلي عصره من العصور
((ذكر الافظ أبو عمر يوسف بن عبد الب القرطب الندلسي ف كتابه ((جامع بيان
ص178:
العلم وفضله)) ف باب ذكر من ذم الكثار من الديث دون التفهم له والتفقه فيه ما نصه ((عن ابن
وهب قال سعت سفيان بن عيينه يدث عن بيان عن عامر الشعب عن قرظة بن كعب قال خرجنا نريد
العراق فمشى معنا عمر إل حرار فتوضأ فغسل اثنتي ث قال أتدرون ل مشيت معكم قالوا نعمن نن
أصحاب رسول ال مشيت معنا فقال إنكم تأتون أهل قرية لم دوي بالقرآن كدوي النحل فل تصدوهم
103
بالحاديث فتشغلوهم جودوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول ال امضوا وأن شريككم فلما قدم قرظة
قالوا حدثنا قال نانا عمر بن الطاب))
ث قال ابن عبد الب بعد هذا بقليل ما نصه ((قول عمر إنا كان لقوم ل يكونوا أحصوا القرآن فخشى
عليهم الشتغال بغيه عنه إذ هو الصل لكل علم هذا معن قول أب عبيدة ف ذلك ث قال أيضا إن نيه
عن الكثار وأمره بالقلل من الرواية عن رسول ال إنا كان خوف الكذب على رسول ال وخوفا من
أن يكونوا مع الكثار يدثون با ل يتيقنوا حفظه ول يعوه لن ضبط من قلت روايته أكثر من ضبط
الستكثر وهو أبعد من السهو والغلط الذي ل يؤمن مع الكثار فلهذا أمرهم عمر من القلل من
الرواية)) انتهى
-12وجوب نعرف الديث الصحيح من الوضوع
لن يطالع الؤلفات الت ل تيز بي صحيح الحاديث وسقيمها
قال شيخ السلم تقي الدين بن تيمية رحه ال تعال ف مكتوبة لماعة العارف الليل الشيخ عدي بن
مسافر رحه ال تعال ف بعض فصوله وأنتم -أصلحكم ال -قد من ال عليكم بالنتساب إل السلم
الذي هو دين ال وعافاكم ما ابتلى به من خرج عن السلم من الشركي وأهل الكتاب وعافاكم
بانتسابكم إل السنة من أكثر البدع الضلة
ص179:
مثل كثي من بدع الروافض والهمية والوارج والقدرية بيث جعل عندكم من البغض لن يكذب
بأساء ال وصفاته وقضائه وقدره أو يسب أصحاب رسول ال ما هو من طريقة أهل السنة والماعة
وهذا من أكب نعم ال على من أنعم عليه بذلك فإن هذا تام اليان وكمال الدين ولذا أكثر فيكم من
أهل الصلح والدين ما ل يوجد مثله ف طرائف البتدعي وفيكم من أولياء ال التقي من له لسان صدق
ف العالي فإن قدماء الشايخ الذين كانوا فيكم مثل اللقب بشيخ السلم أب السن على بن أحد ابن
يوسف القرشي الكاري وبعده الشيخ العارف القدرة عدي بن مسافر الموي ومن سلك سيبلهما فيهم
من الفضل والدين والصلح والتباع للسنة ما عظم ال به أقدارهم ورفع به منارهم))
ث قال ((والشيخ عدي قدس ال روحه عقيدته الحفوظة عنه ل يرج فيها عن عقيدة من تقدم من
الشايخ الذين سلك سبيلهم كالشيخ عبد الواحد الشيازي وكشيخ السلم الكاري ونوها وهؤلء
الشايخ ل يرجوا ف الصول الكبار عن أصول أهل السنة والماعة بل كان لم من الترغيب ف أصول
104
أهل السنة والدعاء إليها والرص على نشرها ومنابذة من خالفها مع الدين والفضل والصلح ما رفع ال
به أقدارهم وأعلى منارهم وغالب ما يقولونه ف أصولا الكبار جيد مع أنه ل بد وأن يوجد ف كلمهم
وكلم نظرائهم من السائل الرجوحة والدلئل الضعيفة كأحاديث ل تثبت ومقاييس ل تطرد ما يعرفه
أهل البصية وذلك أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال ل سيما التأخرون من المة الذين ل
يكموا معرفة الكتاب والسنة والفقه فيهما وييزوا بي صحيح الحاديث وسقيمها وناتج القاييس
وعقيمها مع ما ينضم إل ذلك من غلبة الهواء وكثرة الراء وتغلظ الختلف والفتراق وحصول
العداوة والشقاق فإن هذه السباب ونوها ما يوجب قوة الهل والظلم اللذين نعت ال بما النسان ف
قوله ((وحلها النسان إنه كان ظلوما جهولً)) فإذا من ال على النسان بالعلم
ص180:
والعدل أنقذه من هذا الضلل وقد قال سبحانه (والعصر إن النسان لفي خسرإل الذين آمنوا وعملوا
الصالات وتواصوا بالق وتواصوا بالصب)) وقد قال تعال (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لا صبوا
وكانوا بآياتنا يوقنون)) وأنتم تعلمون -أصلحكم ال -أن السنة الت يب اتباعها ويمد أهلها ويذم
من خالفها هي سنة رسول ال ف أمور العتقادات وأمور العبادات وسائر أمور الديانات وذلك إنا
يعرف بعرفة أحاديث النب الثابتة عنه ف أقواله وأفعاله وما تركه من قول وعمل ث ما كان عليه السابقون
والتابعون لم بإحسان وذلك ف دواوين السلم العروفة مثل صحيحي البخاري ومسلم وكتب السنن
مثل سنن أب داود والنسائي وجامع الترمذي وموطأ المام مالك ومثل السانيد العروفة كمثل مسند
المام أحد وغيه ويوجد ف كتب التفاسي والغازي وسائر كتب الديث جلها وأجزائها من الثار ما
يستدل ببعضها على بعض وهذا أمر قد أقام ال له من أهل العرفة من اعتن به حت حفظ ال الدين على
أهله وقد جع طوائف من العلماء الحاديث والثار الروية ف أبواب عقائد أهل السنة مثل حاد بن سلمة
وعبد الرحن بن مهدي وعبد ال بن عبد الرحن الدارمي وعثمان بن سعيد الدارمي وغيهم ف طبقهم
ومنها ما بوب عليه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيهم ف كتبهم ومثل مصنفات أب بكر
الثرم وعبد ال بن أحد وأب بكر اللل وأب القاسم الطبان وأب الشيخ الصبهان وأب بكر الجري
وأب السن الدار قطن وأب عبد ال بن مندة وأب القاسم الللكائي وأب عبد ال بن بطة وأب عمر
الطلمنكي وأب نعيم الصبهان وأب بكر البيهقي وأب ذر الروي وإن كان يقع ف بعض هذه الصنفات
من الحاديث الضعيفة ما يعرفه أهل العرفة
105
((وقد يروي كثي من الناس ف الصفات وسائر أبواب العتقادات وعامة أبواب الدين أحاديث كثية
تكون مكذوبة موضوعة على رسول ال وهي قسمان
منها ما يكون كلما باطلً ل يوز أن يقال فضلً عن أن يضاف إل النب
والقسم الثان من الكلم ما يكون قد قاله بعض السلف أو بعض العلماء أو بعض الناس ويكون حقا أو
ما يسوغ فيه الجتهاد أو مذهبا لقائله فيغزى إل النب وهذا كثي عند من ل يعرف الديث مثل السائل
الت وصفها الشيخ أبو الفرج عبد الواحد ابن ممد بن علي النصاري وجعلها منة يفرق فيها بي السن
والبدعي وهي مسائل معروفة عملها بعض الكذابي وجعل لا إسنادا إل رسول ال وجعلها من كلمه
وهذا يعلمه من له أدن معرفة أنه مكذوب مفترى وهذه السائل وإن كان غالبها موافقا لصول السنة
ففيها ما إذا خالفه النسان ل يكم بأنه مبتدع مثل أول نعمة أنعم با على عبده فإن هذه السألة فيها
نزاع بي أهل السنة والناع فيها لفظي لن مبناها على أن اللذة يعتقبها أل هل تسمى نعمة أم ل وفيها
أيضا أشياء مرجوحة
والواجب أن يفرق بي الديث الصحيح والديث الكذب فإن السنة هي الق دون الباطل وهي
الحاديث الصحيحة دون الوضوعة فهذا أصل عظيم لهل السلم عموما ولن يدعي السنة خصوصا
انتهى
-13بيان أنه عبة بالحاديث النقولة ف كتب الفقه والتصوف
ما ل يظهر سندها وإن كان مصنفها جليل
قال العلمة مل على القارى ف رسالة الوضوعات ((حديث من قضى صلته من الفرائض ف آخر جعة
من رمضان كان ذلك جابرا لكل صلة فاتته ف عمره إل سبعي سنة)) باطل قطعا ول عبة بنقل
صاحب النهاية وغيه من بقية شراح الداية فإنم
ص181:
ليسوا من الحدثي ول أسندوا الديث إل أحد من الخرجي)) 1هـ
وقال السيوطي ف مرقاة الصعود إل سنن أب داود على حديث ((نى أن يتشط أحدنا كل يوم)) فإن
قلت ((إنه كان يسرح ليته كل يوم مرتي قلت ل أقف على هذا بإسناد ول أر من ذكره إل الغزال ف
الحياء ول يفي ما فيه من الحاديث الت ل أصل لا)) 1هـ
106
وظاهر أنم ل يوردوا ما أوردوا مع العلم يكونه موضوعا بل ظنوه مرويا ونقد الثار من وظيفة حلة
الخبار إذ لكل مقام مقال ولكل فن رجال
-14الرد على من يزعم تصحيح بعض الحاديث بالكشف بأن مدار الصحة على السند
ف فتاوى العلمة الشيخ عليش رحه ال ما مثاله ((وسئل عن حديث يس لا قرئت له)) هل هو صحيح
وما يترتب على من شنع على من أنكر صحته أفيدوا الواب فأجاب با نصه ((المد ل نص الافظ
السخاوي ف كتابه ((القاصد السنة ف الحاديث الشتهرة على اللسنة)) على أن هذا الديث ل أصل
له وكذلك سيدي ممد الزرقان ف متصره ويترتب على هذا الشنع الذكور الدب الشديد لتجرئه على
التكلم بغي علم والظاهر من حال هذا الرجل أنه جاهل جاف غليظ الطبع ل يالط أحدا من أهل العلم
ومثل هذا يشى عليه مقت ال تعال لوضه ف الحاديث بغي معرفة إذ من له معرفة ل ينكر النصوص
وشدة الهل وضعف العقل وعدم الديانة توجب أكثر من ذلك وال أعلم))
وكتب على هذا السؤال أيضا الشيخ إبراهيم السقاء خطيب الزهر ما نصه ((المد ل قرر الشعران ف
ل عن الافظ السخاوي أن الديث بذا اللفظ ل أصل له ث قال وهو عند جاعة كتابه البدر الني نق ً
الشيخ إسعيل اليمن قطعي)) انتهى
فهذا ما اختلف فيه الناس فل يليق أن يرد على من أنكر صحته فإن السخاوي أنكرها ول يليق أن يرد
على من قرره فإن بعض الناس قد قرره كما سعته عن
ص183:
الشعران وفضل ((يس)) وكونا لقضاء الغراض الدنيوية والخروية ل يتوقف على هذا الديث فإنه قد
وردت به أحاديث أخر هذا ما فتح ال به))
إبراهيم السقاء الشافعي عفى عنه
قال جامع فتاوى الشيخ عليش رحه ال ولا اطلع على هذا الواب شيخنا أبو يي (يعن الشيخ عليشا)
كتب عليه ما نصه ((المد ل من العلوم لكل أحد أن الحاديث ل تثبت إل بالسانيد ل بنحو الكشف
وأنوار القلوب فما نقله الشعران عن جاعة سيدي إسعيل اليمن إن كان الراد صحة اللفظ كما فهم
الفت توقف المر على السند وإل رد القول على قائله كائنا من كان ودين ال ل ماباة فيه والولية
والكرامات ل دخل لا هنا إنا الرجع للحفاظ العارفي بذا الشأن والديث عندهم متفق على أنه ل
أصل له فقد ذكره مل على قارئ وقال قال السخاوي ل أصل له وقال ف خطبة كتابه إنه ل يذكر
107
الديث الثابت ول الختلف ف وضعه وإن كان الراد صحة معناه كما هو اللئق بتحسي الظن بالسادة
فهذا أمر قريب لن من صح توكله وصدق إخلصه إذا دعا إل له أجابه خصوصا إذ توسل بالقرآن ويقع
مثل هذا ف كلم الفاظ فقد قال أبو بكر بن العرب لا تكلم على حديث ((سورة الائدة نعمت
الفائدة)) أنا أقول سورة الائدة نعمت الفائدة لكن اللفظ ل يرد)) انتهى
إل أن هذا غي ما نن فيه فتعقب هذا الفت على السخاوي بآخر عبارة الشعران ف غي مله لنه مبن
على ما فهم من إراده صحة اللفظ وقد علمت أنه ل يصح لتوقفه على السند ول يوجد إذ لو وجد لعرفه
الفاظ وذكروا الديث ف كتبهم وقوله ((فهذا ما اختلف فيه)) فيه ما فيه ويرده كلم مل على وقوله
((ول يليق الرد على من قرره)) كأن مراده الفت الول وهو ل يرد على من قرر إنا رد على من تكلم
بل علم وخاض بغي معرفة والرد على هذا متعي وكأنه ل يفهم ألفاظ من رد عليه كما أنه ل يفهم مراد
ص184:
من ردبه وكما أنه ل يفهم السؤال حيث قال وفضل ((يس)) ال فإن فضل جيع القرآن ل نزاع فيه بي
السلمي وقوله ((هذا ما فتح ال به ل أفهم معناه فإنه إذا ل يقق مراد من يتعقب بكلمه ول يتدبر
السؤال ول يفهم ألفاظ من رد عليه مع كون الرد فضو ًل لنه إنا سئل عما ف السؤال وأما ف جواب
الجيب فل فبأى شيء وقع الفتح وإن كان هذا غاية ملكة هذا الرجل فإنا ال قد كنت أظن أن تت
القبة شيخا وال أعلم )) 1هـ كلم الشيخ عليش
ص185:
الباب الامس
ف الرح والتعديل وفيه مسائل
-1بيان طبقات السلف ف ذلك
قال الافظ الذهب الدمشقي رحه ال تعال ف جزء جعه ف الثقات التكلم فيهم با ل يوجب ردهم ما
نصه ((وأما الصحابة رضي ال عنهم فبساطهم مطوي وإن جرى ما جرى وإن غلطوا كما غلط غيهم
من الثقات فما يكاد يسلم من الغلط أحد لكنه غلط نادر ل يضر أبدا إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوا
العمل وبه ندين ال تعال وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدا لكن لم غلط وأوهام فما ندر
غلطه ف جنب ما قد حل احتمل ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضا ونقل حديثه
وعمل به على تردد بي الئمة الثبات ف الحتجاج بن هذانعته كالادث العور وعاصم بن ضمره
108
وصال مول التوأمة وعطاء بن السائب ونوهم ومن فحش خطؤه وكثر تفرده ل يتج بديثه ول يكاد
يقع ذلك ف التابعي الولي ولو وجد ذلك ف صغار التابعي فمن بعدهم وأما أصحاب التابعي كمالك
والوزاعي وهذا الضرب فعلى الراتب الذكروة ووجد ف عصرهم من يتعمد الكذب أو من كثر غلطة
فترك حديثه هذا مالك هو النجم الادي بي المة وما سلم من الكلم فيه ولو قال قائل عند الحتجاج
بالك فقد تكلم فيهن لعزر وأهي وكذا الوزاعي ثقة حجة وربا انفرد ووهم وحديثه عن الزهري فيه
شيء ما وقد قال فيه أحد بن حنبل ((رأي ضعيف وحديث ضعيف وقد تكلف لعن هذه اللفظة وكذا
تكلم من ل يفهم ف الزهري لكونه خضب
ص187:
بالسواد ولبس زي الند وخدم هشام بن عبد اللك وهذا باب واسع والاء إذا بلغ قلتي ل يمل البث
والؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيئاته فهو من الفلحي هذا أن لو كان ما قيل ف الثقة الرضى مؤثرا
فكيف وهو ل تأثي له )) انتهى كلم الذهب
-2بيان أن جرح الضعفاء من النصيحة
قال المام النووي ((أعلم أن جرح الرواة جائز بل واجب بالتفاق للضرورة الداعية إليه لصيانة الشريعة
الكرمة وليس هو من الغيبة الحرمة بل من النصيحة ل تعال ورسوله والسلمي ول يزل فضلء الئمة
وأخيارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك)) وقد تكلم المام مسلم على جاعة منهم ف مقدمة صحيحه
وقدمنا ف مبحث الضعيف تت ترجة قول مسلم رحه ال أن الراوي عن الضعفاء غاش آث جاهل زيادة
على ذلك فارجع إليه
-3بث تعارض الرح والتعديل
((إذا اجتمع ف الراوي جرح مفسر وتعديل فالمهور على أن الرح مقدم ولو كان عدد الارح أقل من
العدل قالوا لن مع الارح زيادة علم وقيل إن زاد العدلون ف العدد على الجرحي قدم التعديل)) انتهى
ما ف التقريب وشرحه وهذا القول وإن ضعف فهو الذي يتجه وما أحسن مذهب النسائي ف هذا الباب
وهو أن ل يترك حديث الرجل حت يتمع الميع على تركه ولذا أرى من الواجب على الحقق أن ل
يكتفي ف حال الراوي على الختصرات ف أساء الرجال بل يرجع إل مطولته الت تكي أقوال الئمة
فعسى أن ل يرى إجاعا على تركه بل يرى كثرة فيمن عدله فليتق ال الارح وليستبي لدينه وال
الوفق
109
ص188:
ث رأيت التاج السبكي قال ف طبقاته ((الذر كل الذر أن تفهم أن قاعدتم الرح مقدم على التعديل
إطلقها بل الصواب أن من ثبتت إمامته وعدالته وكثر ما دحوه وندر جارحوه وكانت هناك قرينة دالة
على سبب جرحه من تعصب مذهب أو غيه ل يلتفت إل جرحه)) وقال أيضا ((قد عرفناك أن الارح
ل يقبل منه الرح وإن فسره ف حق من غلبت طاعته على معاصيه وما دحوه على ذاميه ومزكوه على
جارحيه إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثله من تعصب مذهب أو منافسة دنيوية كما يكون بي
النظراء وغي ذلك وحينئذ فل يلتفت لكلم الثوري وغيه ف أب حنيفة وابن أب ذئب وغيه ف مالك
وابن معي ف الشافعي والنسائي ف أحد بن صال ونوه ولو أطلقنا تقدي الرح لا سلم لنا أحد من
الئمة إذ ما من إمام إل وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون)) 1هـ
وقال الافظ الذهب ف ميزانه ف ترجة الافظ أب نعيم أحد بن عبد ال الصفهان ما نصه ((كلم
القران بعضهم ف بعض ل يعبـأ به ل سيما إذا لح لك انه لعدواه أو لذهب أو لسد وما ينجو منه
إل من عصمه ال وما علمت أن عصرا من العصار سلم أهله من ذلك سوى النبياء والصديقي ولو
شئت لسردت من ذلك كراريس)) انتهى
وقال العارف الشعران قدس سره ف مقدمة اليزان ((ما من راو من الرواة الحدثي والجتهدين كلهم إل
وهو يقبل الرح كما يقبل التعديل لو أضيف إليه ما عدا الصحابة وكذا التابعون عند بعضهم لعدم
العصمة أو الفظ ف بعضهم ولكن لا كان العلماء رضي ال عنهم أمناء على الشريعة وقدموا الرح أو
التعديل عمل به مع قبول كل الرواة لا وصف به الخر احتمالً وإنا قدم جهورهم التعديل على الرح
وقالوا الصل العدالة والرح طارئ لئل يذهب غالب أحاديث الشريعة كما قالوا أيضا إن إحسان الظن
بميع الرواة الستورين أول وكما قالوا إن مرد الكلم ف شخص ل يسقط مروية فل بد من الفحص
عن حاله وقد خرج الشيخان للق كثي من تكلم الناس فيهم إيثارا لثبات الدلة الشرعية على نفيها
ليحوز الناس فضل العمل با فكان ف ذلك فضل كثي للمة
ص189:
افضل من تريهم كما أن تضعيفهم للحاديث أيضا رحه للمة بتخفيف المر بالعمل با وإن ل يقصد
الفاظ ذلك فإنم لو ل يضعفوا شيئا من الحاديث وصححوها كلها لكان العمل با واجبان وعجز عن
ذلك غالب الناس فأعلم ذلك)) انتهى
110
-4بيان أن تريح بعض رجال الصحيحي ل يعبأ به
قال المام الافظ أبو بكر الطيب البغدادي ((ما احتج البخاري ومسلم به من جاعة علم الطعن فيهم
من غيهم ممول على أنه ل يثبت الطعن الؤثر مفسر السبب)) وقال النووي ف شرح البخاري ((ما
ضعف من أحاديثهما مبن على علل ليست بقادحة)) وقال الافظ الذهب ف جزء جعه ف الثقات الذين
تكلم فيهم با ل يوجب ردهم ما نصه وقد كتبت ف مصنفي اليزان عددا كثيا من الثقات الذين احتج
البخاري أو مسلم أو غيهم بم لكون الرجل منهم قد دون اسه ف مصنفات الرح وما أوردتم لضعف
فيهم عندي بل ليعرف ذلك وما زال ير ب الرجل الثبت وفيه مقال من ل يعبأ به ولو فتحنا هذا الباب
على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعي والئمة فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما وال
يرضي عن الكل ويغفر لم فما هم بعصومي وما اختلفهم وماربتهم بالت تلينهم عندنا أصلً وبتكفي
الوارج لم انطت رواياتم بل صار كلم الوارج والشيعة فيهم جرحا ف الطاعني فانظر إل حكمة
ربك نسأل ال السلمة وهكذا كثي من كلم الفران بعضهم ف بعض ينبغي أن يطوي ول يروي
ويطرح ول يعل طعنا ويعامل الرجل بالعدل والقسط)) انتهى
وقال الافظ ابن حجر ف مقدمة الفتح ف الفصل التاسع ف سياق أساء من طعن فيه من رجال الصحيح
والواب عنه ما نصه ((ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تريج صاحب الصحيح لي راو كان مقتض
لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته ول سيما
ص190:
ما انضاف إل ذلك من إطباق جهور الئمة على تسمية الكتابي الكتابي بالصحيحي وهذا معن ل
يصل لغي من خرج عنه ف الصحيح فهو بثابة إطباق المهور على تعديل من ذكر فيهما هذا إذا خرج
له ف الصول فأما إن خرج له ف التابعات والشواهد والتعاليق فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم
ف الضبط وغيه مع حصول اسم الصدق لم وحينئذ إذا وجدنا لغيه ف أحد منهم طعنا فذلك الطعن
مقابل لتعديل هذا المام فل يقبل إل مبي السبب مفسرا بقادح يقدح ف عدالة هذا الراوي وف ضبطه
مطلقا أو ف ضبطه لب بعينه لن السباب الاملة للئمة على الرح متفاوتة منها ما يقدح ومنها ما ل
يقدح وقد كان الشيخ أبو السن القدسي يقول ف الرجل الذي يرج عنه ف الصحيح ((هذا جاز
القنطرة)) يعن بذلك أنه ل يلتفت إل ما قيل فيه قال الشيخ أبو الفتح القشيي هو ابن دقيق العيد ف
متصره لكتاب ابن الصلح ف متصره ((وهكذا نعتقد وبه نقول ول نرج عنه إل بجة ظاهره وبيان
111
شاف يزيد ف غلبة الظن على العن الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخي على تسمية كتابيهما
بالصحيحي ومن لوازم ذلك تعديل رواتما
((قلت فل يقبل الطعن ف أحد منهم إل بقادح واضح لن أسباب الرح متلفة ومدارها على خسة
أشياء البدعة أو الخالفة أو الغلط أو جهالة الال أو دعوى النقطاع ف السند بأن يدعي ف الراوي أنه
كان يدلس أو يرسل فأما جهالة الال فمندفعة عن جيع من أخرج لم ف الصحيح لن شرط الصحيح
أن يكون راوية معروفا بالعدالة فمن زعم أن أحدا منهم مهول فكأنه نازع الصنف ف دعواه أنه
معروف ول شك أن الدعى لعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته لا مع الثبت من زيادة العلم ومع
ذلك فل تد ف رجال الصحيح أحدا من يسوغ إطلق اسم الهالة عليه أصلً كما سنبينه وأما الغلظ
فتارة يكثر من الراوي وتارة يقل فحيث يوصف بكونه كثي الغلط ينظر فيما أخرج له إن وحد مرويا
عنده أو عند غيه من رواية غي هذا الوصوف بالغلط علم أن العتمد أصل
ص191:
الديث ل خصوص هذه الطريق وإن ل يوجد إل من طريقه فهذا قادح يوجب التوقف عن الكم
بصحة ما هذا سبيله وليس ف الصحيح بمد ال من ذلك شيء وحيث يوصف بقلة الغلط كما يقال
سيء الفظ أوله أوهام أوله مناكي وغي ذلك من العبارات فالكم فيه كالكم ف الذي قبله إل أن
الرواية عن هؤلء ف التابعات أكثر منها عند الصنف من الرواية عن أولئك وأما الخالفة وينشأ عنها
الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو احفظ منه أو أكثر عددا بلف ما
روى بيث يتعذر المع على قواعد الحدثي فهذا شاذ وقد تشتد الخالفة أو يضعف الفظ فيحكم على
ما يالف فيه بكونه منكرا وهذا ليس ف الصحيح منه إل تزر يسي أما دعوى النقطاع فمدفوعة عمن
أخرج لم البخاري لا علم من شرطه ومع ذلك فحكم من ذكر من رجاله بتدليس أو إرسال أن تسب
أحاديثهم الوجودة عنده بالعنعنة فإن وجد التصريح بالسماع فيها اندفع العتراض وإل فل وأما البدعة
فالوصوف با غما أن يكون من يكفر با أو يفسق فالكفر با ل بد أن يكون ذلك التكفي متفقا عليه
من قواعد جيع الئمة كما ف غلة الروافض من دعوى بعضهم حلول اللية ف على أو غيه أو اليان
برجوعه إل الدنيا قبل يوم القيامة أو غي ذلك وليس ف الصحيح من حديث هؤلء شيء البتة والفسق با
كبدع الوارج والروافض الذين ل يغلون ذلك الغلو وغي هؤلء من الطوائف الخالفي لصول السنة
خلفا ظاهرا لكنه مستند إل تأويل ظاهره سائغ فقد اختلف أهل السنة ف قبول حديث من هذا سبيله
112
إذا كان معروفا بالتحرز من الكذب مشهورا بالسلمة من خوارم الروءة موصوفا بالديانة أو العبادة فقيل
يقبل مطلقا وقيل يرد مطلقا والثالث التفصيل بي أن يكون داعية لبدعته أو غي داعية فيقبل غي الداعية
ويرد حديث الداعية وهذا الذهب هو العدل وصارت إليه طوائف من الئمة وادعى ابن حبان إجاع
أهل النقل عليه لكن ف دعوى ذلك نظر ث اختلف القائلون بذا التفصيل فبعضهم أطلق ذلك وبعضهم
زاده تفصيلً فقال إن اشتملت رواية غي الداعية على
ص192:
ما يشيد بدعته ويزينها ويسنها ظاهرا فل يقبل وإن ل تشتمل فتقبل وطرد بعضهم هذا التفصيل بعينه ف
عكسه ف حق الداعية فقال إن استملت روايته على ما يرد بدعته قبل وإل فل وعلى هذا إذا اشتملت
رواية البتدع سواء كان داعية أم ل يكن على مال تعلق له ببدعته أصلً هل تقبل مطلقا أو ترد مطلقا
مال أبو الفتح القشيي إل تفصيل آخر فيه فقال إن وافقه غيه فل يلتفت إليه هو إخادا لبدعته وإطفاء
لناره وإن ل يوافقه أحد ول يوجد ذلك الديث إل عنده مع ما وصفنا من صدقة وترزه عن الكذب
واشتهاره بالدين وعدم تعلق ذلك الديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تصيل ذلك الديث ونشر
تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته وال أعلم
((وأعلم أنه قد وقع من جاعة الطعن ف جاعة بسبب اختلفهم ف العقائد فينبغي التنبيه لذلك وعدم
العتداد به إل بق وكذا عاب جاعة من الورعي جاعة دخلوا ف أمر الدنيا فضعفوهم لذلك ول أثر
لذلك التضعيف مع الصدق والضبط وال الوفق وأبعد ذلك كله من العتبار تضعيف من ضعف بعض
الرواة بأمر يكون المل فيه على غيه أو للتحامل بي القران وأشد من ذلك تضعيف من ضعف من هو
أوثق منه أو أعلى قدرا أو أعرف بالديث فكل هذا ل يعتب به))
ث سرد الافظ أساء من طعن فيه من رجال البخاري مع حكاية الطعن والتنقيب عن سببه والقيام بوابه
والتنبيه على وجه رده فرحه ال تعال ورضي عنه وجزاه خيا
ص193:
-5الناقلون البدعون
سلف ف القالة قبل أن من أسباب الراح البدعة ونقلنا عبارة الفتح ف ذلك با كفى بيد أن نزيد القام
بيانا لهيته فنقول
113
ذهب المهور إل أنه ل تقبل رواية الكفر ببدعته وهو من يعتقد ما يستلزم الكفر قال الافظ ابن حجر
ف شرح النخبة ((والتحقيق أنه ل يرد كل مكفر ببدعته لن كل طائفة تدعى أن مالفيها مبتدعة وقد
تبالغ فتكفر مالفيها فلو أخذ ذلك على الطلق ل ستلزم تكفي جيع الطوائف فالعتمد أن الذي ترد
روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة وكذا من اعتقد عكسه فأما من ل
يكن بذه الصفة وانضم إل ذلك ضبطه لا يرويه مع ورعه وتقواه فل مانع من قبوله))
قال السخاوي ((وسبقه ابن دقيق العيد فقال الذي تقرر عندنا أنه ل نعتب الذاهب ف الرواية إذ ل نكفر
أحدا من أهل القبلة إل بإنكار قطعي من الشريعة فإذا اعتبنا ذلك وانضم إليه الورع والتقوى فقد حصل
معتمد الرواية وهذا مذهب الشافعي حيث يقبل شهادة أهل الهواء)) ث قال السخاوي ((وقد قال عمر
بن الطاب رضي ال عنه فيما روينا عنه ل تظنن بكلمة خرجت من ف امرئ مسلم شرا وأنت تد لا
ف الي ملً))
وف جع الوامع ((يقبل مبتدع يرم الكذب)) 1هـ قال الحلي ((لمنه فيه مع تأويله ف البتداع سواء
دعا الناس إليه أم ل)) انتهى ولذا رد العراقي على من زعم أنه 8ل يتج بالدعاة بأن الشيخي احتجا بم
قال فاحتج البخاري بعمران بن حطان وهو من الدعاة -أي دعاة الوارج -واحتجا بعبد الميد بن
عبد الرحن المان وكان داعية إل الرجاء وأجاب بأن أبا داود قال ((ليس ف أهل الهواء أصح حديثا
ص194:
من الوارج)) ث ذلك عمران بن حطان وأبا حسبان العرج
أقول ههنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن رجال الرح والتعديل عدوا ف مصنفاتم كثيا من رمى ببدعة
وسندهم ف ذلك ما كان يقال عن أحد من أولئك أنه شيعي أو خارجي أو ناصب أو غي ذلك مع أن
القول عنهم با ذكر قد يكون تقول وافتراء وما يدل عليه أن كثيا من رمى بالتشيع من رواة الصحيحي
ل تعرفهم الشيعة أصل وقد راجعت من كتب رجال الشيعة كتاب ((الكشي)) و ((النجاشي)) فما
رأيت من رماهم السيوطي نقلً عمن سلفه بالتشيع ف كتابه التقريب من خرج لم الشيخان وعدهم
خسة وعشرين إل راويي وها أبان بن تغلب وعبد اللك بن أعي ول أر للبقية ف دينك الكتابي ذكرا
وقد استفدنا بذلك علما مهما وفائدة جديدة وهي أنه ينبغي الرجوع ف الرمى ببدعه إل مصنفات
رجالا فيها يظهر الصيل من الدخيل والعروف من النكور ونظي هذا ما كنت أدل عليه وهو الرجوع
ف أقوال الفرق إل مصنفاتا التداولة حت ينثلج با الصدر وإل فكم من قول افترى على مذهب أو نقل
114
مقلوبا أو فاقد شرط كما يعلمه من حقق ورجع إل الصول بل رأيت من الشراح من يضبط لفظه لغوية
ويعزوها وبراجعة العزو إليه يظهر اشتباه ف الادة فتنبيه لذه الفائدة واحرص عليها
-6الناقلون الجهولون
قال الطيب البغدادي ((الجهول عند أهل الديث هل كل من ل يشتهر بطلب العلم ف نفسه ول عرفه
العلماء ومن ل يعرف حديثه إل من جهة راو واحد وأقل ما يرتفع به الهالة أن يروي عنه اثنان فصاعدا
من الشهورين بالعلم إل أنه ل يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه)) وقال الدار قطن ((تثبت العدالة
برواية
ص195:
-7قول الراوي حدثن الثقة أو من ل يتهم هل هو تعديل له
ذهب الكثرون إل أنه ل يكتفي به ف التعديل حت يسميه لنه وإن كان ثقة عنده فلعله من جرح برح
قادح عند غيه بل إضرابه عن تسميته ريبة توقع ترددا ف القلب وقيل إن قائل ذلك مت كان ثقة مأمونا
فإنه يكتفي به كما لو عينه إذ لو علم فيه جرحا لذكره ولو ل يذكره لكان غاشا ف الدين ول يلزم من
إبامه له تضعيفه عنده لنه قد يهم لصغر سنة أو لطبيعة العاصرة أو الجاورة ما تقتضيه ظروف الزمان
والحققون على الول كما ف التقريب وشرحه
-8ما وقع ف الصحيحي وغيها من نو ابن فلن أو ولد فلن
قال النووي من عرفت عينه وعدالته وجهل اسه ونسبه احتج به)) أي لن الهل باسه ل يل بالعلم
بعدالته
-9قولم عن فلن أو فلن وها عدلن
قال النووي وإذا قال الراوي أخبان فلن أو فلن على الشك وها عدلن احتج به أي لنه قد عينهما
وتقق ساعه لذلك الديث من أحدها وكلها مقبول وذلك كحديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن
أب الزعراء أو من زيد بن وهب أن سويد بن غفلة الديث))
-10من ل يذكر ف الصحيحي أو أحدها ل يلزم منه جرحه
قال الذهب ف ميزانه ف ترجة أشعث بن عبد اللك ((ما ذكره أحد ف الضعفاء نعم ما أخرجا له ف
الصحيحي فكان ماذا)) انتهى
ص196:
115
-11اقتصار البخاري على رواية من روايات إشارة إل نقد ف غيها
قال المام تقي الدين بن تيميه ف تفسي سورة ((قل هو ال أحد)) قد أنكروا على مسلم إخراج أشياء
كثية يسية مثل ما روى ف بعض طرق حديث صلة كسوف الشمس أنه صلها بثلث ركوعات
وأربع والصواب أنه ل يصلها إل مرة واحدة بركوعي ولذا ل يرج البخاري إل هذا وكذلك الشافعي
وأحد بن حنبل ف إحدى الروايتي عنه وغيها والبخاري سلم من مثل هذا فإنه إذا وقع ف بعض
الروايات غلط ذكر الروايات الحفوظة الت تبي غلط الغالط فإنه كان أعرف بالديث وعلله وأفقه ف
معانية من مسلم ونوه)) 1هـ
-12ترك رواية البخاري لديث ل يوهنه
قال المام ابن القيم ف ((إغاثة اللهفان)) ف بث كون الطلق ثلثا كان على عهد رسول ال وأب بكر
وصدرا من خلفة عمر يسب له واحدة وتقرير حديث مسلم ف ذلك ما نصه ((رد الديث فيه ضرب
من التعنت ورواته كلهم أئمة حفاظ)) ث قال ((والديث من أصح الحاديث وترك رواية البخاري ل
يوهنه وله حكم أمثاله من الحاديث الصحيحة الت تركها البخاري لئل يطول كتابه فإنه ساه الامع
الختصر الصحيح)) انتهى
وتوقف فيه بعض الحققي بأن دعوى تسمية البخاري لامعة بالختصر مطلوبة البيان ودعوى التسيمة
غي دعوى عدم الحاطة
ص197:
-13بيان أن من روى له حديث ف الصحيح ل يلزم صحة جيع حديثه
قال الشعران قدس سره ف مقدمة ميزانه ((قال الافظ الزي والفظ الزيلعي رحهما ال تعال ومن
خرج لم الشيخان مع كلم الناس فيهم جعفر بن سليمان الضبعي والارث ابن عبيدة ويونس بن أب
إسحاق السبيعي وأبو أويس لكن للشيخي شروط ف الرواية عمن تكلم الناس فيه منها أنم ل يروون
ل فل يروون عنه ما انفرد به أو خالفه فيه الثقات
عنه إل ما توبع عليه وظهرت شواهده وعلموا أن له أص ً
وهذه العلة قد راجت على كثي من الفاظ ل سيما من استدرك على الصحيحي كاب عبد ال الاكم
فكثيا ما يقول ((وهذا حديث صحيح على شرط الشيخي أو أحدها مع أن فيه هذه العلة)) إذ ليس
كل حديثا أحتج براويه ف الصحيح يكون صحيحا إذ ل يلزم من كون راوية متجا به ف الصحيح أن
يكون كل حديث وجدناه له يكون صحيحا على شرط صاحب ذلك الصحيح لحتمال فقد شرط من
116
شروط ذلك الافظ كما قدمنا)) انتهى
-14ما كل من روى الناكي ضعيف
قال السخاوي ف فتح الغيث ((قال ابن دقيق العيد قولم ((فلن روى الناكي)) ل يقتضى بجردة ترك
روايته حت تكثر الناكي ف روايته وينتهي إل أن يقال فيه منكر الديث لن منكر الديث وصف ف
الرجل يستحق به الترك بديثه وقد قال أحد بن حنبل ف ممد بن إبراهيم التيمي يروي أحاديث منكرة
وهو من اتفق عليه الشيخان وإليه الرجع ف حديث ((إنا العمال بالنيات)) انتهى
وقال الافظ
ص198:
-15مت يترك حديث التكلم فيه
نقل الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((أن مذهب النسائي أن ل يترك حديث الرجل حت يتمع الميع
على تركه)) انتهى وهو مذهب جيد
-16جواز ذكر الراوي بلقبه الذي يكرهه للتعريف وأنه ليس بغيبة له
قال النووي ((قال العلماء من أصحاب الديث والفقه وغيهم يوز ذكر الراوي بلقبه وصفته ونسبه
الذي يكرهه إذا كان الراد تعريفه ل تنقيصه وجوز هذا للحاجة كما جوز جرحهم للحاجة ومثال ذلك
العمش والعرج والحول والعمى والصم والثرم وابن عليه وغي ذلك وقد صنفت فيهم كتب
معروفة))
-17العتماد ف جرح الرواة وتعديلهم على الكتب الصنفة ف ذلك
ل يفي أن الناس قد اعتمدوا ف جرح الرواة وتعديلهم على الكتب الت صنفها أئمة الديث ف ذلك ول
يقال قد اشترط الئمة أن الرح ل يثبت إل إذا كان مفسرا وف بعض تلك الصنفات الختصرات ل
يتعرض لبيان السبب بل يقتصر فيها على نو ضعيف أو مستور واشتراط ذلك يفضي إل تعطيل تلك
الصنفات لنا نقول إنا ل يتعرض لسبب الرح فيها اختصارا وظاهر أن كل تصنيف ل يتعرض فيه
لذلك فهو من الختصرات الت قصد با تقريب الكم للمراجع وإل فالطولت تكفلت بذلك وليس
الوقوف عليها لذي المة بعزيز
-18بيان عدالة الصحابة أجعي
وأن قول الراوي عن رجل من الصحابة من غي تسمية ل يضر ف ذلك الب
117
ص199:
قال النووي ف التقريب ((الصحابة كلهم عدول من لبس الفت وغيهم بإجاع من يعتد به))
وقيل يب البحث عن عدالتهم مطلقا وقال الازري ف شرح البهان لسنا تعن بقولنا ((الصحابة
عدول)) كل من رآه يوما ما أو زاره أو أجتمع به لغرض وانصرف وإنا يعن به الدين ل زموه وعزروه
ونصرره فإذا قال الراوي عن رجل من الصحابة ول يسمه كان ذلك حجة ول يضر الهالة لثبوت
عدالتهم على العموم
-19بيان معن لصحاب
((هو من لقي النب مؤمنا بن ولو ساعة سواء روى عنه أم ل وإن كانت اللغة تقتضى أن الصاحب هو
من كثرت ملزمته فقد ورد ما يدل على إثبات الفضيلة لن ل يص منه إل مرد اللقاء القليل والرؤية
ولو مرة ول يشترط البلوغ لوجود كثي من الصحابة الذين أدركوا عصر النبوة ورووا ول يبلغوا إل بعد
موته ول الرؤية لن من كان أعمى مثل ابن أم مكتوم وقد وقع التفاق على أنه من الصحابة ويعرف
كونه صحابيا بالتواتر والستفاضة وبكونه من الهاجرين أو من النصار))
-20تفاضل الصحابة
ف شرح النخبة ((ل خفاء يرجحان رتبة من لزمة وقاتل معه أو قتل معه تت رأيته على من ل يلزمه أو
ل يضر معه مشهدا وعلى من كلمه يسيا أو ما شاه قليلً أو رآه على بعد أو ف حاله الطفولية وإن
كان شرف الصحبة حاصلً للجميع ومن ليس له منهم ساع منه فحديثه مرسل من حيث الرواية وهم
مع ذلك معدودون ف الصحابة لا نالوه من شرف الرؤية)) انتهى
ص200:
الباب السادس
ف السناد وفيه مباحث
-1فضل السناد
أعلم أن السناد ف أصله خصيصة فاضلة لذه المة ليست لغيها من المم قال ابن حزم ((نقل الثقة عن
الثقة يبلغ به النب مع التصال خص ال به السلمي دون سائر اللل وأما مع الرسال والعضال فيوجد
ف كثي من اليهود ولكن ل يقربون فيه من موسى قربنا من ممد بل يقفون بيث يكون بينهم وبي
موسى أكثر من ثلثي عصرا وإنا يبلغون إل شعون ونوه)) قال ((وأما النصارى فليس عندهم من صفة
118
هذا النقل إل تري الطلق فقط وأما النقل بالطريق الشتملة على كذاب أو مهول العي فكثي ف نقل
اليهود والنصاري)) قال ((وأما أقوال الصحابة والتابعي فل يكن اليهود أن يبلغوا إل صاحب بن أصلً
ول إل تابع له ول يكن النصاري أن يصلوا إل أعلى من شعون وبولص))
وقال أبو علي اليان ((خص ال تعال هذه المة بثلثة أشياء ل يعطها من قبلها السناد والنساب
والعراب)) ومن أدلة ذلك ما رواه الاكم وغيه عن مطر الوراق ف قوله تعال (أو أثاره من علم) قال
((إسناد الديث)) وقال ابن البارك ((السناد من الدين لول السناد لقال من شاء ما يشاء)) أخرجه
مسلم وقال سفيان ابن عيينة حدث الزهري يوما بديث فقلت هاته بل إسناد فقال الزهري أترقي
ص201:
السطح بل سلم وقال الثوري السناد سلح الؤمن وقال أحد بن حنبل طلب السناد العال سنة عمن
سلف لن أصحاب عبد ال كانوا يرحلون من الكوفة إل الدينة فيتعلمون من عمر ويسمعون منه وقال
ممد بن أسلم الطوسي قرب السناد قر أو قربة إل ال تعال
-2معن السند والسناد والسند والت
أما السند -فقال البدر بن جاعة فلتطيب ((هو الخبار عن طريق الت)) قال ابن جاعة وأخذه إما من
السند وهو ما ارتفع وعل من سفح البل لن السند يرفعه إل قائله أو من قولم فلن سند أي معتمد
فسمى الخبار عن طريق الت سندا لعتماد الفاظ ف صحة الديث وضعفه عليه
وأما السناد -فهو رفع الديث إل قائله قال الطيب ((وها متقاربان ف معن اعتماد الفاظ ف صحة
الديث وضعفه عليهما)) وقال ابن جاعة (( الحدثون يستعلمون السند والسناد لشيء واحد))
وأما السند ( -بفتح النون) فله اعتبارات أحدها الديث السابق ف أنواع الديث الثان الكتاب الذي
جع فيه ما أسنده الصحابة أي رووه فهو أسم مفعول الثالث أن يطلق ويراد به السناد فيكون مصدرا
كمسند الشهاب ومسند الفردوس أي أسانيد أحاديثهما
وأما الت -فهو ألفاظ الديث الت تقوم با العان قاله الطيب وقال ابن جاعة ((هو ما ينتهي إليه غاية
السند من الكلم)) وأخذه إمام الماتنه وهي الباعدة ف الغاية لنه غاية السند أو من متنت الكبش إذا
سققت جلدة بيضته واستخرجتها فكأن السند استخرج الت بسنده أو من الت وهو ما صلب وارتفع
من الرض لن السند يقويه بالسند ويرفعه إل
ص202:
119
-3أقسام تمل الديث
الول السماع من لفظ الشيخ إملء من حفظه أو تديثا من كتابه
الثان قراءة الطالب على الشيخ وهو ساكت يسمع سواء كانت قراءة الطالب عليه من كتاب أو حفظ
وسواء حفظ الشيخ ما قرىء عليه أم ل إذا أمسك اصله هو أو ثقة غيه ويسمى هذا عرضا لن القارئ
يعرض على الشيخ ما يقرؤه أهل السماع من الشيخ أعلى من القراءة أعلى أو ها سيان أقوال أصحها
أولا حكاه ابن الصلح عن جهور أهل الشرق وأصله القتداء بالنب فإنه كان يقرأ على الناس القرآن
ويعلمهم السنن
الثالث ساع الطالب على الشيخ بقراءة غيه
الرابع الناولة مع الجازة كأن يدفع له الشيخ أصل ساعه أو فرعا مقابلً به ويقول له أجزت لك روايته
عن
الامس الجازة الجردة عن الناولة وهي أنواع أعلها أن ييز لاص ف خاص أي بكون الجاز له معينا
والجاز به معينا كأجزت لك أن تروي عن البخاري ويليه الجازة لاص ف عام كأجزت لك رواية
جيع مسموعات ث لعام ف خاص نو أجزت لن أدركن رواية البخاري ث لعام ف عام كأجزت لن
عاصرن رواية جيع مرويات ث لعدوم تبعا للموجود كأجزت لفلن ومن يوجد بعد ذلك من نسله وقد
فعل ذلك أبو بكر بن أب داود فقال أجزت لك ولولدك ولبل البلة يعن الذين ل يولد وأبعد وأما
إجازة العدوم استقللً كأجزت لن يولد لفلن ولن سيوجد فجوزها الطيب البغدادي وألف فيها جزءا
وحكى صحتها عن أب الفراء النبلي وابن عمروس الالكي ونسبه القاضي عياض لعظم الشيوخ ومنعها
غيهم وصححه النووي ف التقريب وأما الجازة للطفل الذي ل ييز فصحيحة قال الطيب (( وعلى
الواز كافة شيوخنا واحتج له بأنا إباحة الجيز للمجاز له أن يروي عنه والباحة تصح للعاقل ولغيه
قال ابن الصلح
ص203:
كأنم رأوا الطفل أهلً للتحمل ليؤدي بعد حصول الهلية لبقاء السناد وأما الميز فل خلف ف صحة
الجازة له هذا والصحيح الذي قاله المهور واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بالجازة وادعى
أبو الوليد الباجي والقاضي عياض الجاع عليها حت قصر أبو مروان الطبن الصحة عليها وحكى ف
120
التقريب والتدريب عن جاعات إبطالا وعن ابن حزم أنا بدعة بيد أن المهور على قبولا وصحتها وهو
الذي درج عليه الحدثون سلفا وخلفا
السادس الناولة من غي إجازة بأن يناوله الكتاب مقتصرا على قوله ((هذا ساعي)) ول يقول له اروه عن
ول أجزت لك روايته فقيل توز الرواية با والصحيح النع
السابع العلم كأن يقول هذا الكتاب من مسموعات على فلن من غي أن يأذن له ف روايته عنه وقد
جوز با الرواية كثيون وصحح آخرون النع
الثامن الوصية كأن يوصي بكتاب إل غيه عند سفره أو موته فجوز بعضهم للموصي له روايته عنه تلك
الوصية لن دفعها له نوعا من الذن وشبها من الناولة وصحح الكثرون النع
التاسع الوجادة كأن يد حديثا أو كتابا بط شيخ معروف ل يرويه الواحد عنه بسماع ول إجازة فله
أن يقول وجدت أو قرأت بط فلن وف مسند المام أحد كثي من ذلك من رواية ابنه عنه قال النووي
((وأما العمل بالوجادة فعن العظم أنه ل يوز وقطع البعض بوجوب العمل با عند حصول الثقة به) قال
((وهذا هو الصحيح الذي ل يتجه ف هذه الزمان غيه))
تنبيه -اللفاظ الت تؤدي با الرواية على ترتيب ما تقدم هكذا أملى على حدثن قرأت عليه قرئ عليه
وأنا أسع أخبن إجازة ومناولة أخبن إجازة أنبأن مناولة أخبن إعلما أوصي إل
ص204:
-4بث وخب ف الجازة ومعن قولم أجزت له كذا بشرطه
قال الشهاب القسطلن ف النهج ((الجازة مشتقة من التجوز وهو التعدي فكأنه عدي روايته حت
أوصلها للراوي عنه)) انتهى
وقال الغمام اللغوي ابن فارس رحه ال ف جزئه ف الصطلح ((يعن بالجازة ف كلم العرب مأخوذ من
جواز الاء الذي يسقاه الال من الاشية والرث يقال منه استجزت فلنا فأجازن إذا أسقاك ماء لرضك
أو ماشيتك قال القطامي
( وقالوا فقيم قيم الاء فاستجز عبادة إن الستجيز على قتر)
أي على ناحية كذلك طالب العلم يسأل العال أن ييزه علمه فيجيزه إياه فالطالب مستجيز والعال ميز))
انتهى
121
قال النووي إنا تستحسن الجازة إذا علم الجيز ما ييزه وكان الجاز له من أهل العلم واشترطه بعضهم
ف صحتها فبالغ وقال ابن سيد الناس أقل مراتب الجيز أن يكون عالا بعن الجازة العلم الجال
حاصل فيما رأيناه من عوام الرواة فإن انط راو ف الفهم عن هذه الدرجة -ول إخال أحدا ينحط عن
إدراك هذا إذا عرف به -فل أحسبه أهلً لن يتحمل عنه بإجازة ول ساع قال وهذا الذي أشرت إليه
من التوسع ف الجازة هو طريق المهور قال القسطلن وما عداه من التشديد فهو مناف لا جوزت
الجازة له من بقاء السلسلة نعمن ل يشترط التأهل حي التحمل ول يقل أحد بالداء بدون شرط الرواية
وعليه بمل قولم أجزت له رواية كذا بشرطه ومنه ثبوت الروي من حديث الجيز وقال أبو مروان
الطب إنا ل تتاج لغي مقابلة نسخة بأصول الشيخ وقال عياض تصح بعد تصحيح روايات الشيخ
ومسموعاته وتقيقها وصحة مطابقة كتب الراوي لا والعتماد على العتماد على الصول الصححة
وكتب بعضهم لن علم منه
ص205:
التأهل ((أجزت له الرواية عن وهو لا علم من إتقانه وضبطه عن عن تقييدي ذلك بشرطه)) 1هـ
وقد أوسعت الكلم على مادة الجازة ف شرحي على الربعي العجلونية السمى ((بالفضل البي على
عقد الوهر الثمي)) ف شرح خطبة الت فارجع إليه إن شئت
-5اقدم إجازة عثرت عليها
جاء ف شرح ألفيه العراقي نقل عن المام أب السن ممد بن أب السي بن الوزان قال ألفيت بط أب
بكر أحد بن أب خيثمة زهي بن حرب الافظ الشهي صاحب يي ابن معينوصاحب التاريخ ما مثاله
((قد أجزت لب زكريا يي بن مسلمة أن يروي عن ما أحب من كتاب التاريخ الذي سعه من أبو
ممد القاسم بن الصبغ وممد بن عبد العلى كما سعاه من وأذنت له ف ذلك ولن أحب من أصحابه
فإن أحب أن تكون الجازة لحد بعد هذا فأنا أجزت له ذلك بكتاب هذا وكتبه أحد بن أب خيثمة
بيده ف شوال من سنة ست وسبعي ومئتي))
وكذلك أجاز حفيد يعقوب بن شيبة وهذه نسختها فيما حكاه الطيب ((يقول ممد بن أحد ابن
يعقوب بن شيبة قد أجزت لعمر بن أحد اللل وابنه عبد الرحن بن عمرو لتنه على ابن السن جيع
ما فاته من حديثي ما ل يدرك ساعه من السند وغيه وقد أجزت ذلك عن أحب عمر فليووه عن إن
شاءوا وكتبت لم ذلك بطى ف صفر سنه اثنتي وثلثي وثلثائة)) 1هـ
122
ص206:
-6هل قول الحدث حدثنا وأخبنا وأنبأنا بعن واحد أم ل
قال الكيم الترمذي قدس ال سره ف نوادر الصول ((من أراد أن يؤدي إل أحد حديثا قد سعه جاز له
أن يقول أخبن وحدثن وكذلك إذا كتب إليه من بلدة أخرى جاز أن يقول أخبن وحدثن فإن الب
يكون شفاها أو بكتاب وذلك قوله تعال ف تنيله (من أنباك هذا قال نبأن العليم البي)) فإنا صار نبأ
خبا بوصول علم ذلك إليه وكذلك يوز أن يقول حدثن لنه قد حدث إليه الب فسواء حدث شفاها
أو بكتاب وكذلك إذا ناوله كتابه فقال هذا حديثي لك وهذا خبن إياك فحدث عن وأخب عن جاز له
أن يقول حدثن وأخبن وكان صادقا ف قوله لنه قد حدث إليه وأخبه فليس للمتمنع أن يتنع من هذا
تورعا ويتفقد اللفاظ مستقصيا ف تري الصدق بتوهم أن ترجة قوله أخبن وحدثن لفظه وبالشفتي
وليس هو كذلك فاللفظ لفظ والكلم كلم والقول قول والديث حديث والب خب فالقول ترجيع
الصوت والكلم كلم القلب بعان الروف والب إلقاء العن إليك فسواء ألقاه إليك لفظا أو كتابا وقد
سى ال القرآن ف تنيله ((حديثا)) حدث به العباد وخاطبهم به وسى الذي يدث ف النام حديثا فقال
((ولنعلمه من تأويل الحاديث)) انتهى
وروى البخاري ف صحيحه عن الميدي قال ((كان عند ابن عيينة حدثنا وأخبنا وأنبأنا وسعت
واحدا)) قال الافظ ف الفتح إيراده قول ابن عيينة دون غيه دال على أنه متاره واستدل البخاري على
التسوية بي هذه الصيغ بديث ابن عمر قال قال رسول ال ((إن من الشجر شجرة ل يسقط ورقها وإنا
مثل السلم فحدثون ما هي وف رواية ((أخبون)) وف رواية ((أنبئون)) فدل ذلك على أن التحديث
والخبار والنباء عندهم سواء وهذا ل خلف فيه عند أهل العلم بالنسبة إل اللغة ومن
ص207:
أصرح الدلة فيه قوله تعال ( يومئذ تدث أخبارها) وقوله تعال (ول ينبئك مثل خبي) وأما بالنسبة إل
الصطلح فقيه اللف فمنهم من استمر على أصل اللغة وهذا رأى الزهري ومالك وابن عيينة ويي
القطان وأكثر الجازيي والكوفيي وعليه استمر عمل الغاربة ورجحه ابن الاجب ف متصره ونقل عن
الاكم أنه مذهب الئمة الربعة ومهم من رأي إطلقه ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظه وتقييده حيث
يقرأ عليه وهو التفرقة بي الصيغ بسب افتراق التحمل فيخصون التحديث با يلفظ به الشيخ والخبار
با يقرأ عليه وهذا مذهب ابن جريج والوزاعي والشافعي وابن وهب وجهور أهل الشرق ث أحدث
123
أتباعهم تفصيلً آخر فمن سع وحده من لفظ الشيخ افرد فقال حدثن ومن سع مع غيه جع ومن قرأ
بنفسه على الشيخ أفرد فقال أخبن ومن سع بقراءة غيه جع وكذا خصصوا النباء بالجازة الت يشافه
با الشيخ من ييزه ولك هذا مستحسن وليس بواجب عندهم وإنا أرادوا التمييز بي أحوال التحمل
وظن بعضهم أن ذلك على وجوب فتكلفوا ف الحتجاج له وعليه با ل طائل تته نعم يتاج التأخرون
إل مراعاة الصطلح الذكور لئل يتلط لنه صار حقيقة عرفية عندهم فمن بوز عنها احتاج إل التيان
بقرينة تدل على مراده)) وإل فل يؤمن اختلط السموع بالجاز بعد تقرير الصطلح فيحمل ما يرد من
ألفاظ التقدمي على ممل واحد بلف التأخرين
-7قول الحدث وبه قال حدثنا
قال القسطلن ((إذا قرأ الحدث إسناده شيخه الحدث أول الشروع وانتهى عطف عليه بقوله ف أول
الذي يليه ((وبه قال حدثنا)) ليكون كأنه أسنده إل صاحبه ف كل حديث أي لعود ضمي ((وبه)) على
السند الذكور كأنه يقول ((وبالسند الذكور قال أي صاحب السند لنا فهذا معن قولم وبه قال))
ص208:
-8الرمز ب ((ثنا)) و ((نا)) و ((أنا)) و ((ح))
اقل النووي ((جرت العادة بالقتصار على الرمز ف ((حدثنا)) و ((أخبنا)) واستمر الصطلح عليه من
قدي العصار إل زماننا واشتهر ذلك بيث ل يفي فيكتبون من حدثنا (ثنا)) وربا حذفوا الثاء ويكتبون
من أخبنا (أنا) وإذا كان للحديث إسنادا أو أكثر وجعوا بينهما ف مت واحد كتبوا عند النتقال من
إسناده إل إسناد (ح) وهي حاء مهملة مفردة والختار أنا مأخوذة من التحول لتحوله من إسناده إل
إسناده وأنه يقول القارئ إذا انتهى إليها (حا) ويستمر ف قراءة ما بعدها وقيل إنا من حال ب الشيئي إذا
حجز لكونا حالت ب السنادين وأنه ل يلفظ عند النتهاء إليها بشيء وليست من الرواية وقيل إنا رمز
إل قوله ((الديث)) وإن أهل الغرب كلهم يقولون إذا وصوا إليها ((الديث)) وقد كتب جاعة من
الفاظ موضعها ((صح)) فيشعر بأنا رمز (صح) وحسنت ههنا كتابة (صح) لئل يتوهم أنه سقط من
السناد الول ث هذه الاء توجد ف كتب التأخرين كثيا)) 1هـ
قلت وقد كان بعض مشاينا السندين إذا وصل إليها يقول ((تويل)) وكنت أستحسنه منه
-9عادة الحدثي ف قراءة السناد
124
قال النووي ((جرت عادة أهل الديث بذف (قال) ونوه فيما بي رجال السناد ف الط وينبغي
للقارئ أن يلفظ با وإذا كان ف الكتاب قرئ على فلن أخبك فلن فيقولون قرئ على فلن قيل أخبك
فلن وإذا تكررت كلمة ((قال)) كقوله ((حدثنا صال قال قال الشعب)) فإنم يذفون إحداها ف الط
فيلفظ بما القارئ))
ص209:
-10التيان بصيغة الزم ف الديث الصحيح والسن دون الضعيف
قال النووي ف شرح مسلم ((قال العلماء ينبغي لن أراد رواية حديث أو ذكره أن ينظر فإن كان
صحيحا أو حسنا قال ((قال رسول ال كذا أو فعله أو تو ذلك من صيغ الزم)) وإن كان ضعيفا فل
يقل قال أو فعل أو أمر أو نى وشبه ذلك من صيغ الزم بل يقول روى عنه كذا أو جاء عنه كذا أو
يروي أو يذكر أو يكي أو بلغنا وما أشبهه))
وقال ف شرح الهذب ((قالوا صيغ الزم موضوعة للصحيح أو السن وصيغ التمريض لسواها وذلك أن
صيغة الزم تقتضى صحته من الضاف إليه فل ينبغي أن تطلق إل فيما صح وإل فيكون النسان ف معن
الكاذب عليه وهذا الدب أخل به جاهي الفقهاء من أصحابنا وغيهم بل جاهي أصحاب مطلقا ما عدا
حذاق الحدثي وذلك تساهل قبيح فإنم يقولون كثيا ف الصحيح ((روى عنه)) وف الضعيف ((قال
وروي فلن وهذا حيد عن الصواب)) انتهى
-11مت يقول الراوي ((أو كما قال))
قال النووي ((ينبغي للراوي وقارئ الديث إذا اشتبه عليه لفظة فقرأها على الشك أن يقول عقيبه أو
كما قال وكذا يستحب لن روى بالعن أن يقول بعده أو كما قال أو نو هذا كما فعلته الصحابة فمن
بعدهم وال أعلم وقد روى الدارمي ف مسنده ف باب ((من هاب ألفتيا مافة السقط)) آثارا كثية ف
ذلك فمن فليجع إليه))
-12السر ف تفرقة البخاري بي قوله حدثنا فلن وقال ل فلن
ل يفي أن البخاري رحه ال احتاط لصحيحة ما ل يتط لغيه من مصنفاته فإنه التزم فيه غاية الصحة
فربا عب ف صحيحه يقول ((وقال ل علي بن عبد ال يعن
ص210:
125
ابن الدين)) وف غيه كتاريه بقوله ((حدثا علي بن عبد ال)) ف القضية الواحدة والسر ف ذلك أنه ل
يعب ف صحيحة بقوله وقال ل فلن إل ف الحاديث الت يكون ف إسنادها عنده نظر أو الت تكون
موقوفة وزعم بعضهم أنه يعب ف ذلك فيما أخذه ف الذاكرة أو الناولة قال الافظ ابن حجر ((وليس
عليه دليل))
-13سر قولم ف خلل ذكر الرجال يعن ابن فلن أو هو ابن فلن
قال النووي ((ليس للراوي أن يزيد ف نسب غي شيخه ول صفته على ما سعه من شيخه لئل يكون
كاذبا على شيخه فإذا أراد تعريفه وإيضاحه وزوال اللبس التطرق وإليه لشابة غيه فطريقة أن يقول قال
حدثن فلن يعن ابن فلن أو الفلن أو هو ابن فلن أو الفلن أو نو ذلك وقد استعمله الئمة وقد
أكثر البخاري ومسلم منه غاية الكثار وهذا ملحظ دقيق ومن ل يعان هذا الفن قد يتوهم أن قوله
((يعن)) وقوله ((هو)) زيادة ل حاجة إليها وأن الول حذفها وهذا جهل وسرها ما عرفت))
-14قولم دخل حديث بعضهم ف بعض
إذا روى الفاظ حديثا ف صحاحهم أو سننهم أو مسانيدهم واتفقوا ف لفظه أو معناه ووجد عند كل
منهم ما انفرد به عن الباقي وأراد راو أن يرجه عنهم بسياق واحد فيقول حالتئذ أخرج فلن وفلن
وفلن دخل حديث بعضهم ف بعض إشارة إل أن اللفظ لجموعهم وأن عند كل ما انفرد به عن غيه
ص211:
-15قولم ((أصح شيء ف الباب كذا))
قال النووي ف الذكار ((ل يلزم من هذه العبارة صحة الديث فإنم يقولون هذا أصح ما جاء ف الباب
وإن كان ضعيفا ومرادهم أرجحه أو أفله ضعفا))
-16قولم ((وف الباب عن فلن))
كثيا ما يأت بذلك المام الترمذي رحه ال تعال ف جامعة حيث يقول ((وف الباب عن فلن وفلن))
ويعدد صحابة ول يريد ذلك الديث العي بل يريد أحاديث أخر يصح أن تكتب ف الباب قال العراقي
((وهو عمل صحيح إل أن كثيا من الناس يفهمون من ذلك أن من سى من الصحابة يروون ذلك
الديث بعينه وليس كذلك بل قد يكون كذلك)) وقد يكون حديثا آخر يصح إيراده ف ذلك الباب
-17أكثر ما وجد من رواية التابعي بعضهم عن بعض بالستقرار ستة أو سبعة))
-18هل يشترط ف رواية الحاديث السند أم ل
126
اختلف العلماء فيمن نقل حديثا من كتاب من الكتب الشهورة وليس له به سند من أحد بطريق من
الطرق هل يسوغ له أن يقول قال قال رسول ال كذا فالمهور على جوازه وضعفه قوم كما هو ظاهر
كلم العراقي وصريح كلم الافظ أب بك الشبيلي
ص212:
ونقل العلمة الشهاب ابن حجر الكي ف فتاواه الديثية عن الزين العراقي أنه قال نقل النسان ما ليس له
به رواية غي سائغ بإجاع أهل الدراية وعن الافظ ابن جب الشبيلي خال الافظ السهيلي أنه قال
((اتفق العلماء أنه ل يصح لسلم أن يقول قال النب كذا حت يكون عنده ذلك القول مرويا ولو على أقل
وجوه الروايات)) وأطال ف ذلك من النقول ث قال ((كلم النووي وابن الصلح متفق على عدم اشتراط
تعدد الصل القابل عليه إذا كان النقل منه للرواية بلفه للعمل والحتجاج فقد اشترط ابن الصلح
تعدد الصول القابل عليها دون النووي فإنه اكتفى بأصل واحد معتمد وقال ابن برهان ذهب الفقهاء
كافة إل أنه ل يتوقف العمل بالديث على ساعه بل إذا صحت عنده النسخة من الصحيحي مثلً جاز
له العمل با وإن ل يسمعها)) انتهى
وإل هذا أشار الزين العراقي ف ألفيته حيث قال
(وأخذ مت من كتاب لعمل أو احتجاج حيث ساغ قد جعل
(عرضا له على أصول يشترط وقال يي النووي أصل فقط
ث قال ابن حجر ف الفتاوى الذكورة ((ومن هذا وما قبله تعي حل اشتراط ابن الصلح للتعدد على
الستجباب كما قاله جاعة ول منافاة بي ما قاله ابن برهان من الجاع على الواز بشرطه على ما إذا
كان لجرد الستنباط وبمل عدمه بشرطه على ما إذا كان للرواية عن ذلك الصنف من غي أن تصح
أصول بسماعه له ول تيقن أنه سعه من شيخه)) انتهى ملخصا
وقال الافظ السيوطي ف كتابه ((تدريب الرواي شرح تقريب النواوي))
خاتة -زاد العراقي ف ألفيته هنا لجل قول ابن الصلح حيث ساغ له وذلك أن الافظ أبا بكر ممد بن
جب بن عمر الموي (بفتح المزة) الشبيلي خال أب القاسم السهيلي قال ف برنامه اتفق العلماء على
أنه ل يصح لسلم أن يقول قال رسول ال كذا
ص213:
127
حت يكون عنده ذلك القول مرويا ولو على أقل وجوه الروايات لديث ((من كذب على)) انتهى ول
يتعقبه العراقي وقد تعقبه الزركشي ف جزء له فقال فيما قرأته بطه نقل الجاع عجيب وإنا حكى ذلك
عن بعض الحدثي ث هو معارض بنقل ابن برهان إجاع الفقهاء على الواز فقال ف الوسط ذهب
الفقهاء كافة إل أنه ل يتوقف العمل بالديث على ساعه بل إذا صح عنده النسخة جاز له العمل با وإن
ل يسمع وحكى الستاذ أبو إسحاق السفرايين الجاع على جواز النقل من الكتب العتمدة ول
يشترط اتصال السند إل مصنفيها وذلك شامل لكتب الديث والفقه وقال إلكيا الطبي ف تعليقه من
وجد حديثا ف كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويتج به وقال قوم من أصحاب الديث ل يوز له أن
يرويه لنه ل يسمعه وهذا غلظ وكذا حكاه إمام الرمي ف البهان عن بعض الحدثي وقال هم عصبة
ل مبالة بم ف حقائق الصول -يعن القتصرين على السماع ل أئمة الديث -وقال الشيخ عز الدين
بن عبد السلم ف جواب سؤال كتبه إليه ممد بن عبد الميد ((وأما العتماد على كتب الفقه
الصحيحة الوثوق با فقد اتفق العلماء ف هذا العصر على جواز العتماد عليها والستناد إليها لن الثقة
قد حصلت با كما تصل بالرواية ولذلك اعتمد الناس على الكتب الشهورة ف النحو واللغة والطب
وسائر العلوم لصول الثقة با وبعد التدليس ومن اعتقد أن الناس قد اتفقوا على الطأ ف ذلك فهو أول
بالطأ منهم ولول جواز العتماد على ذلك لتعطيل كثي من الصال التعلقة با وقد رجع الشارع إل
قول الطباء ف صور وليست كتبهم مأخوذة ف الصل إل عن قوم كفار ولكن لا بعد التدليس فيها
اعتمد عليها كما اعتمد ف اللغة على أشعار العرب لبعد التدليس)) انتهى
قال -أي الزركشي التقدم (( -وكتب الديث أول بذلك من كتب الفقه وغيها لعتنائهم بضبط
النسخ وتريرها فمن قال إن شرط التخريج من كتاب يتوقف على اتصال السند إليه فقد خرف الجاع
وغاية الخرج أن ينقل الديث من أصل موثوق بصحته وينسبه إل من رواه ويتكلم على علته وغريبه
وفقهه قال وليس الناقل لجاع مشهورا بالعلم مثل اشتهار هؤلء الئمة قال بل نص الشافعي ف الرسالة
على أنه يوز أن يدث بالب
ص214:
وإن ل يعلم أنه سعه فليت شعري أي إجاع بعد ذلك قال واستدلله على النع بالديث الذكور أعجب
إذ ليس ف الديث اشتراط ذلك وإنا فيه تري القول بنسبه الديث إليه حت يتحقق أنه قاله وهذا ل
128
يتوقف على روايته بل يكفي ف ذلك وجوده ف كتب من خرج الصحيح أو كونه نص على صحته إمام
وعلى ذلك عمل الناس)) انتهى
((فتحرر من مموعة ذلك أن الصحيح جواز نقل الديث من الكتب العتمدة وإضافته إل الرسول وإن
ل يكن للناقل به رواية لكن بشرط أن يكون النقول عنه كتابا معتمدا به ف الديث مقابلً ولو بأصل
واحد فل يوز إضافة حديث إل رسول ال بجرد وجوده ف كتاب ل يعلم مؤلفه أو علم ول يكن من
أهل الديث كما يؤخذ من كلم العز بن جاعة)) انتهى من القول السديد ف اتصال السانيد للشهاب
النين
-19فوائد السانيد الجموعة ف الثبات
اعلم أن ف تطلب أسانيد الكتب غاية للحكماء سامية أل وهي التشوف إل الرجوع إليها ومطالعتها فإن
العاقل إذا رأى حرص القدمي على روايتها بالسند إل مصنفيها علم أن لا مقاما مكينا ف ساء العرفان
فيأخذ ف قراءتا واقتباس الفوائد والعارف منها فيزداد تنورا وترقيا ف سلم العلوم فإن العلم قوام العال
وعماد العمران وهو الكن الثمي والذخر الذي ل يفن
ومن فوائد أسانيد الكتب حفظها من النسيان والضياع ومن فوائدها نشر العلوم والعارف وترويها
وإذاعتها بي الاصة والعامة لتقف عليها الطلب ومنها الترغيب والتشويق لطالعة الكتب فإن الرغبة ف
الطالعة من أكب النعم الت خص با نوع النسان ومن فوائدها الدللة على اعتبار الولي لكتب العلم
والتنويه بشأنا وتعظيم قدرها وإعلئها فإن كتبهم تمل علومهم ومعارفهم وتذيعها ف الافقي وتربا
من طلبا ذانية القطوف قريبة النا والرء يفخر وينافس أقرانه إذا لقي
ص215:
رجلً من كبار العلماء وحادثه ساعة من الزمان فكيف إذا استطاع أن يقيم معه وبادثه مدة حياته
وهكذا من نظر ف كتب الديث فهو مادث للنب ومطلع على هديه وأخباره كما لو ساكنه وعاشره
وشافهه وما أقربه وأيسره لن روى تلك الكتب ودراها ولذلك قال الترمذي عن سننه ((من كان ف بيته
فكأنا ف بيته نب بتكلم)) وهكذا يقال ف بقية الوامع الديثية فأعلم ذلك
وما أرق ما قاله الوزير لسان الدين بن الطيب ف مقدمة كتابه ((الحاطة ف أخبار غرناطة)) ولول ذلك
لو يشعرآت ف اللق بذاهب ول أتصل بغائب فماتت الفضائل بوت أهليها وأقلت نومها عن أعي
متليها فلم يرجع إل خب ينقل ول دليل يعقل ول سياسة تكتسب ول أصالة إليها ينتسب فهدى سبحانه
129
وألم وعلم النسان بالقلم ما ل يكن يعلم حت ألفينا الراسم قائدة والراشد هادية والخبار منقولة
والسانيد موصولة والصول مررة والتواريخ مقررة والسي مذكورة والثار مأثورة والفضائل من بعد
أهلها باقية والآثر قاطعة شاهدة كأن نار القرطاس وليل الداد ينافسان الليل والنهار ف عال الكون
والفساد فمهما طويا شيئا ولعا بنشره أو دفنا ذكرا دعوا إل نشره
-20ثرة رواية الكتب بالسانيد ف العصار التأخرة
قال الشيخ ابن الصلح ((أعلم أن الرواية بالسانيد التصلة ليس القصود منها ف عصرنا وكثي من
العصار قبله إثبات ما يروى إذ ل يلو إسناد منها عن شيخ ل يدري ما يرويه ول يضبط ما ف كتابه
ضبطا يصلح لن يعتمد عليه ف ثبوته وإنا القصود با بقاء سلسلة السناد الت خصت
ص216:
-21بيان أن تمل الخبار على الكيفيات العروفة من ملح العلم ل من صلبه وكذا استخراج
الديث من طرق كثية
قد بي ذلك المام أبو إسحاق الشاطيء رحه ال تعال ف موافقاته بقوله ف أقسام ما كان من ملح العلم
((الثان -تمل الخبار والثار على التزام كيفيات ل يلزم مثلها ول يطلب التزامها كالحاديث
السلسلة الت أتى با على وجوه ملتزمة ف الزمان التقدم على غي قصد فالزمها التأخرون بالقصد فصار
تملها على ذلك القصد تريا له بيث يتعن ف استخراجها ويبحث عنها بصوصها مع أن ذلك القصد
ل ينبن عليه عمل وإن صحبها العمل لن تلفه ف أثناء تلك السانيد ل يقدح ف العمل بقتضى تلك
الحاديث كما ف حديث ((الراحون يرحهم الرحن)) فإنم التزموا فيه أن يكون أول حديث يسمعه
التلميذ من شيخه فإن سعه منه بعد ما أخذ عنه ل ينع ذلك الستفادة بقتضاه وكذا سائرها غي أنم
التزموا ذلك على جهة التبك وتسي الظن خاصة وليس بطرد ف جيع الحاديث النبوية أو أكثرها حت
يقال إنه مقصود فطلب مثل ذلك من ملح العلم ل من صلبه
((والثالث -التأنق ف استخراج الديث من طرق كثية ل على قصد طلب تواتره بل على أن يعد آخذ
له عن شيوخ كثية من جهات شت وإن كان راجعا إل الحاد ف الصحابة والتابعي أو غيهم
فالشتغال بذا من اللح ل من صلب العلم خرج أبو عمر بن عبد الب عن حزة بن ممد الكنان قال
خرجت حديثا واحدا عن النب من مئت طريق أو من نو مئت طريق شك الراوي فداخلن من ذلك من
الفرح غي قليل وأعجبت بذلك فرأيت يي بن معي ف النام فقلت له يا أبا زكرياء قد خرجت حديثا
130
ص217:
عن النب من مئت طريق قال فسكت عن ساعة ث قال أخشى أن يدخل هذا تت ((ألاكم التكاثر)) هذا
ما قال وهو صحيح ف العتبار لن تريه من طرق يسية كاف ف القصود منه فصار الزائد على ذلك
فضلً)) انتهى
-22توسع الفاظ رحهم ال تعال ف طبقات السماع
قال السخاوي ف فتح الغيث ((لا صار اللحوظ بقاء سلسلة السناد توسعوا فيه بيث كان يكتب
السماع عند الزي وبضرته لن يكون بعيدا عن القارئ وكذا للناعس والتحدث والصبيان الذين ل
ينضبط أحدهم بل يلعبون غالبا ول يشتغلون بجرد السماع حكاه ابن كثي قال وبلغن عن القاضي
التقي سلميان بن حرة أنه زجر ف ملسه الصبيان عن اللعب فقال ل تزجروهم فإنا إنا سعنا نسمع فربا
ارتفعت أصواتنا ف بعض الحيان والقارئ يقرأ فل ينكر علينا من حضر الجلس من كبار الفاظ
كالزي والبزال والذهب وغيهم من العلماء وذكر السخاوي قبل ذلك أن شيخنا -يعن الافظ ابن
حجر -سئل عمن ل يعرف من العربية كلمة فأمر بإثبات ساعه وكذا حكاه ابن الزري عن كل من
ابن رافع وابن كثي وابن الحب بل حكى ابن كثي أن الزي كان يضر عنده من يفهم ومن ل يفهم -
يعن من الرجال -ويكتب للكل السماع وذكر أيضا عند قول العراقي ((وقبلوا من مسلم تملً ف
كفره)) ما نصه ((ومن هنا أثبت أهل الديث ف الطباق اسم من يتفق حضوره مالس الديث من
الكفار رجاء أن يسلم ويؤدي ما سعه كما وقع ف زمن التقي ابن تيميه أن الرئيس الطبب يوسف بن
عبد السيد اليهودي السرائيلي سع ف حال يهوديته مع أبيه من الشمس ممد بن عبد الؤمن الصوري
أشياء من الديث وكتب بعض الطلبة اسه ف الطبقة ف جلة أساء السامعي فأنكر عليه وسئل ابن تيميه
عن ذلك فأجازه ول يالفه أحد من أهل عصره بل من أثبت اسه ف الطبقة الافظ
ص218:
الزي ويسر ال أنه أسلم بعد وسى ممدا وأدى فسمعوا منه ومن سع منه الافظ الشمس السي وغيه
من أصحاب الؤلف -يعن العراقي -ول يتيسر له هو السماع منه مع أنه رآه بدمشق ومات ف رجب
سنة سبع وخسي وسبعمائة)) 1هـ
-23بيان الفرق بي الخرج (اسم فاعل) والخرج (اسم مكان)
131
كثيا ما يقولون بعد سوق الديث ((خرجه فلن أو أخرجه)) بعن ذكره فالخرج (بالتشديد أو
التخفيف) اسم فاعل هو ذاكر الرواية كالبخاري وأما قولم ف بعض الحاديث ((عرف مرجه)) أو ((ل
يعرف مرجه)) فهو (بفتح اليم والراء) بعن مل خروجه وهو رجاله الراوون له لنه خرج منهم
-24سر ذكر الصحاب ف الثر ومرجه من الحدثي
أعلم أنه يكفي ف الثر الروي ذكر الصحاب الذي رواه ومرجه من الحدثي الشهورين وف ذلك فوائد
جة أما ذكر الصحاب ففائدته أن الديث تتعدد رواته وطرقه وبعضها صحيح وبعضها ضعيف فيذكر
الصحاب ليعلم ضعيف الروي من صحيحة ومنها رجحان الب بال الراوي من زيادة فقهه وورعه
ومعرفة ناسخه من منسوخه بتقدم إسلم الراوي وتأخره وأما ذكر الخرج ففائدته تعيي لفظ الديث
وتبيي رجال إسناده ف الملة ومعرفة كثرة الخرجي وقلتهم ف ذلك الديث للفادة الترجيح وزيادة
التصحيح ومنها الرجوع إل الصول عند الختلف ف الفصول إل غي ذلك من النافع الليلة (كذا ف
شرح الشكاة)
ص219:
الباب السابع
ف أحوال الرواية
وفيه مباحث
-1رواية الديث بالعن
أعلم أنه قد رخص ف سوق الديث بالعن دون سياقه على اللفظ جاعة منهم على وابن عباس وأنس بن
مالك وأبو الدرداء وواثلة بن السقع وأبو هريرة رضي ال عنهم ث جاعة من التابعي يكثر عددهم منهم
إمام الئمة السن البصري ث الشعب وعمرو بن دينار وإبراهيم النخعي وماهد وعكرمة نقل ذلك عنهم
ف كتب سيهم بأخبار متلفة اللفاظ وقال ابن سيين ((كنت أسع الديث من عشرة العن واحد
واللفاظ متلفة)) وكذلك اختلفت ألفاظ الصحابة ف رواية الديث عن رسول ال فمنهم من يرويه تاما
ومنهم من يأت بالعن ومنهم من يورده متصرا وبعضهم يغاير بي اللفظي ويراه واسعا إذا ل يالف
العن وكلهم ل يتعمد الكذب على من تعمده)) وقد روى عن عمران بن مسلم قال رجال للحسن يا أبا
سعيد إنا تدث بالديث أنت أحسن له سياقا وأجود تبيا وافصح به لسانا منه إذا حدثنا به فقال ((إذا
أصيب العن فل بأس بذلك)) وقد قال النضر بن شيل (( كان هشيم لانا فكسوت لكم حديثه كسوة
132
حسنة -يعن بالعراب -وكان النضر بن شيل نويا وكان سفيان يقول ((إذا رأيتم يشدد ف ألفاظ
الديث ف الجلس فأعلم أنه يقول اعرفون)) قال وجعل رجل يسأل يي بن سعيد القطان عن حرف ف
الديث على لفظه
ص221:
فقال له يي يا هذا ليس ف الدنيا أجل من كتاب ال تعال قد رخص للقراءة فيه بالكلمة على سبعة
أحرف فل تشدد))
وف شرح التقريب للحافظ السيوطي ف النوع السادس والعشرين ف الفرع الرابع منه ما نصه مع بعض
اختصار ((إن ل يكن الراوي عاما باللفاظ خبيا با ييل معانيها ل تز له الرواية لا سعه بالعن بل
خلف بل يتعي اللفظ الذي سعه فإن كان عالا بذلك فقالت طائفة من أهل الديث والفقه والصول
ل يوز إل بلفظه وإليه ذهب ابن سيين وثعلب وأبو بكر الرازي من النفية وروى عن ابن عمر وقال
جهور السلف واللف من الطوائف منهم الئمة الربعة يوز بالعن ف جيع ذلك إذا قطع بأداء العن
لن ذلك هو الذي يشهد به أحوال الصحابة والسلف ويدل عليه رواياتم اللفظة الواحدة بألفاظ متلفة
وقد ورد ف السألة حديث مرفوع رواه ابن منده ف ((معرفة الصحابة)) والطبان ف ((الكبية)) من
حديث عبد ال بن سليمان بن أكثم الليثي قال قلت يا رسول ال إن إذا سعت منك الديث ل أستطيع
أن أرويه كما أسع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال ((إذا ل تلوا حراما ول يرموا حل ًل وأصبتم
العن فل بأس)) فذكرت ذلك للحسن فقال ((لول هذا ما حدثنا)) وقد استدل الشافعي لذلك بديث
((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) وروى البيهقي عن مكحول قال دخلت أنا وأبو الزهر على وأثلة بن
السقع فقلنا له ((حدثنا بديث سعته من رسول ال ليس فيه وهم ول تزيد ول نسيان)) فقال ((هل قرأ
أحد منكم من القرآن شيئا فقلنا ((نعم وما نن بافظي له جدا إنا نريد الواو واللف ونتقص فقال فهذا
القرآن مكتوب بي أظهركم ل تألونه حفظا وإنكم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون فكيف بأحاديث
سعناها من رسول ال عسى أن ل يكون سعنا لا منه إل مرة واحدة حسبكم إذا حدثنا كم بالديث
على العن))
ص222:
133
وأسند أيضا ف ((الدخل)) عن جابر بن عبد ال قال حذيفة ((إنا قوم عر نورد الديث فتقدم ونؤخر))
وأسند أيضا عن شعيب بن الجاب قال ((دخلت أنا وعبدان على السن فقلنا يا أبا سعيد الرجل يدث
بالديث فيزيد فيه أو ينقص منه)) قال ((إنا الكذب من تعمد ذلك))
وأسند أيضا عن جرير بن حازم قال ((سعت السن يدث بأحاديث الصل واحد والكلم متلف))
وأسند عن ابن عمون قال ((كان السن وإبراهيم والشعب يأتون بالديث على العان)) وأسند عن
أويس قال ((سألنا الزهري عن التقدي والتأخي ف الديث فقال هذا يوز ف القرآن فكيف به ف الديث
وإذا أصيب معن الديث فلم يل به حراما ول يرم حلل فل بأس)) ونقل ذلك سفيان عن عمرو بن
دينار وأسند عن وكيع قال ((إن ل يكن العن واسعا فقد هلك الناس)) 1هـ (ذكره السيد مرتضى ف
شرح الحياء)
وقال الكيم الترمذي قدس ال سره ف كتابه ((نوادر الصول))
الصل الثامن والستون والئتان ف سرد رواية الديث بالعن عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال
قال رسول ال ((نضر ال امرأ سع منا حديثا فبلغه كما سع منا فإنه رب مبلغ هو أوعى له من سامع))
ث رواه عن زيد بن ثابت وجبي ابن مطعم قال الترمذي قدس سره اقتضى العلماء الداء وتبليغ العلم فلو
كان اللزم لم أن يؤدوا تلك اللفاظ الت بلغت أساعهم بأعيانا بل زيادة ول نقصان ول تقدي ول
تأخي كانوا يستودعونا الصحف كما فعل رسول ال بالقران فكان إذا نزل الوحي دعا الكاتب فكتبه
مع ما توكل ال له يمعه وقرآنه فقال ((إن علينا جعه وقرآنه)) وقال ((وإنا له الافظون)) فكان الوحي
مروسا بكتبه ولو كانت هذه الحاديث سبيلها
ص223:
هكذا لكتبها أصحاب رسول ال فهل جاءنا عن أحد منهم أنه فعل ذلك وجاء عن عبد ال بن عمر
رضي ال عنهما أنه استأذن رسول ال ف صحيفة فأذن له وأما سائر الخبار فإنم تلقوها منه حفظا
وأدوها حفظا فكانوا يقدمون ويؤخرون وتتلف ألفاظ الرواية فيما ل يتغي معناه فل ينكر ذلك منهم
ول يرون بذلك بأسا))
ث أسند الترمذي قدس سره عن أب هريرة وعبد ال بن أكيمة مرفوعا جواز ذلك إذا ل يرم حلل ول
يل حرام وأصيب العن كما نقدم قيل ث قال الترمذي (فمن أراد أن يؤدي إل من بعده حديثا قد سعه
جاز له أن يغي لفظه ما ل يتغي العن) انتهى
134
وقال المام ابن فارس ف جزئه ف الصطلح ف الكلم على من كان من الرواة يتورع ف أداء اللفظ
اللحون ويكتب عليه (كذا) ما مثاله (هذا التثبت حسن لكن أهل العلم قد يتساهلون إذا أدوا العن
ويقولونك لو كان أداء اللفظ واجبا حت ل يغفل منه حرف لمرهم رسول ال بإثبات ما يسمعون منه
كما أمرهم بإثبات الوحي الذي ل يوز تغيي معناه ول لفظه فلما ل يأمرهم بإثبات ذلك دل على أن
المر ف التحديث أسهل وإن كان أداء ذلك اللفظ الذي سعه أحسن) انتهى
وقال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((وأما الرواية بالعن فاللف فيها شهي والكثر على الواز
أيضا ومن أقوى حججهم الجاع على شرح الشريعة للعجم بلسانم للعارف به فإذا جاز البدال بلغة
أخرى فجوازه باللغة العربية أول وقيل إنا يوز ف الفردات دون الركبات وقيل إنا يوز لن يستحضر
اللفظ ليتمكن من التصرف فيه وقيل إنا يوز لن كان يفظ الديث فنسى لفظه وبقى معناه مرتسما ف
ذهنه فله أن يرويه بالعن لصلحة تصيل الكم منه بلف من كان مستحضرا للفظه وجيع ما تقدم
يتعلق بالواز وعدمه ول شك أن الول إيراد الديث بألفاظه دون التصرف فيه قال القاضي عياض
(ينبغي سد باب الرواية بالعن لئل يتسلط من ل يسن من يظن أنه يسن كما وقع لكثي من الرواة قديا
وحديثا وال الوفق)
ص224:
تنبيه احتج بعضهم لنع الرواية بالعن بديث (نضر ال امرأ سع مقالت فوعاها فأداها كما سعها) وبأنه
مصوص بوامع الكلم ففي النقل بعبارة أخرى ل يؤمن الزيادة والنقصان
والواب عن الول بأن الداء كما سع ليس مقصودا على نقل اللفظ بل النقل بالعن من غي تغيي أداء
كما سعن فإنه أدى العن كما سع لفظه وفهمه منه نظيه أن الشاهد والترجم إذا أدى العن من غي
زيادة ول نقصان يقال إنه أدى كما سع وإن كان الداء بلفظ آخر ولو سلم أن الداء كما سع مقصور
على نقل اللفظ فل دللة ف الديث على عدم الواز غايته أنه داء للناقل باللفظ لكونه أفضل ول نزاع
ف الفضلية وعن الثان بأن الكلم ف غي جوامع الكلم ونظائرها (كذاف الرآة وحواشيها)
-2جواز رواية بعض الديث بشروطه
قال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة (أما اختصار الديث فالكثرون على جوازه بشرط أن يكون الذي
يتصره عالا لن العال ل ينقص من الديث إل ما ل تعلق له با يبقيه منه بيث ل تتلف الدللة ول
يتل البيان حت يكون الذكور والحذوف بنلة خبين أو يدل ما ذكره على ما حذفه بلف الاهل
135
فإنه قد ينقص ما له تعلق كترك الستثناء)
وقال النووي رحه ال ف شرح مسلم ((الصحيح الذي ذهب إليه الماهي والحققون من أصحاب
الديث جواز رواية بعض الديث من العارف إذا كان ما تركه غي متعلق با رواه بيث ل يتل البيان
ول تتلف الدللة ف تركه سواء جوزنا الرواية بالعن أم ل وسواء رواه قبل تاما أم ل)
ث قال وأما تقطيع الصنفي الديث ف البواب فهو بالواز أول بل يبعد طرد
ص225:
اللف فيه وقد استمر عليه عمل الئمة الفاظ اللة من الحدثي وغيهم من أصناف العلماء) انتهى
-3سر تكرار الديث ف الوامع والسنن والسانيد
قال الافظ ابن حجر ف مقدمة الفتح ف الفصل الثالث ف بيان تقطيع البخاري للحديث واختصاره
وفائدة إعادته له ف البواب وتكراره ما نصه (قال الافظ أبو الفضل ممد بن طاهر القدسي فيما رويناه
عنه ف جزء ساه جواب التعنت أعلم أن البخاري رحه ال كان يذكر الديث ف كتابه مواضع ويستدل
به ف كل باب بإسناد آخر ويستخرج منه بسن استنباطه وغزارة فقهه معن يقتضيه الباب الذي أخرجه
فيه وقلما يورد حديثا ف موضعي بإسناد واحد ولفظ واحد وإنا يورده من طريق أخرى لعان نذكرها
وال أعلم براده منها
((فمنها أنه يرج الديث عن صحاب ث يورده عن صحاب آخر والقصود منه أن يرج الديث عن حد
الغرابة وكذلك يفعل ف أهل الطبقة الثانية والثالثة وهلم جرا إل مشايه فيعتقد من يرى ذلك من غي
أهل الصنعة أنه تكرار وليس كذلك لشتماله على فائدة زائدة
((ومنها أنه صحح أحاديث على هذه القاعدة يشتمل كل حديث منها على معان متغايرة فيورده ف كل
باب من طريق غي الطريق الول
((ومنها أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم متصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن
ناقليها
((ومنها أن الرواة ربا اختلفت عباراتم فحدث راو بديث فيه كلمة تتمل معن وحدث به آخر فعب
عن تلك الكلمة بغينها بعبارة أخرى تتمل معن آخر فيورده بطرقه إذا صحت على شرطه ويفرد لكل
لفظه بابا مفردا
ص226:
136
((ومنها أحاديث تعارض فيها الوصل والرسال ورجح عنده الوصل فاعتمده وأورد الرسال منبها على
أنه ل تأثي له عنده ف الوصل
((ومنها أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والكم فيها كذلك
((ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلً ف السناد ونقصه بعضهم فيوردها على الوجهي حيث
يصح عنده أن الراوي سعه من شيخ حدثه به عن آخر ث لقى الخر فحدثه به فكان يرويه على الوجهي
((ومنها أنه ربا أورد حديثا عنعنه راويه فيويه من طريق أخرى مصرحا فيها بالسماع على ما عرف من
طريقته ف اشتراط ثبوت اللقاء ف العنعن فهذا جيعه فيما يتعلق بإعادة الت الواحد ف موضع آخر أو
أكثر
((وأما تقطيعه للحديث ف البواب تارة واقتصاره منه على بعضه أخرى فذلك لنه إن كان الت قصيا
أو مرتبطا بعضه ببعض وقد اشتمل على حكمي فصاعدا فإنه يعيده بسب ذلك مراعيا مع ذلك عدم
إخلئه من فائدة حديثية وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك كما تقدم
تفصيله فيستفيد بذلك تكثي الطرق لذلك الديث وربا ضاق عليه مرج الديث حيث ل يكون له إل
طريق واحدة فيتصرف حينئذ فيه فيورده ف موضع موصولً وف موضع معلقا ويورده تارة تاما وتارة
مقتصرا على طرفه الذي يتاج إليه ف ذلك الباب فإن كان الت مشتملً على جل متعددة ل تعلق
لحداها بالخرى فإنه يرج كل جلة منها ف باب مستقل فرارا من التطويل وربا نشط فساقه بتمامه
فهذا كله ف التقطيع
((وقد حكى بعض شراح البخاري أنه وقع ف أثناء الج ف بعض النسخ بعد باب قص الطبة بعرفة باب
تعجيل الوقوف قال أبو عبد ال يزاد ف هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكن ل أريد أن أدخل
فيه معادا)) انتهى
((وهو يقتضى أن ل يتعمد أن يرج ف كتابه حديثا معادا بميع إسناده ومتنه وإن كان قد وقع له من
ذلك شيء فعن غي قصد وهو قليل جدا
ص227:
((وأما اقتصاره على بعض الت ث ل يذكر الباقي ف موضع آخر فإنه ل يقع له ذلك الغالب إل حيث
يكون الحذوف موقوفا على الصحاب وفيه شيء قد يكم يرفعه فيقتصر على الملة الت يكم لا بالرفع
ويذف الباقي لنه ل تعلق له بوضوع كتابه كما وقع ف حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد ال بن
137
مسعود رضي ال تعال عنه قال إن أهل السلم ل يسيبون وإن أهل الاهلية كانوا يسيبون هكذا أورده
وهو متصر من حديث موقوف أوله جاء رجل إل عبد ال بن مسعود فقال إن أعتقت عبدا ل سائبة
فمات وترك ما ًل ول يدع وارثا)) فقال عبد ال ((إن أهل السلم ل يسيبون وإن أهل الاهلية كانوا
يسيبون فأنت ول نعمته فلك مياثه فإن تأثت وترجت ف شيء فنحن نقبله منك ونعله ف بيت الال))
فاقتصر البخاري على ما يعطى حكم الرفع من هذا الديث الوقوف وهو قوله (إن أهل السلم ل
يسيبون) لنه يستدعى بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الكم واختصر الباقي لنه ليس من
موضوع كتابه وهذا من أخفى الواضع الت وقعت له من هذا النس وإذا تقرر ذلك اتضح أنه ل يعيد إل
لفائدة حت لو ل تظهر لعادته فائدة من جهة السناد ول من جهة الت لكان ذلك لعادته لجل مغايرة
الكم الت تشتمل عليه ترجة الثانية موجبا لئل يعد مكررا فل فائدة كيف وهو ل يليه مع ذلك من
فائدة إسنادية وهي إخراجه للسناد عن شيخ غي الشيخ الاضي أو غي ذلك وال الوفق)) انتهى كلم
الافظ ابن حجر وبه يعلم سر صنيع من حذا حذو المام البخاري ف مشربه جيعه أو بعضهن فتدبر فإنه
من البدائع
ص228:
-5ذكر اللف ف الستشهاد بالديث على اللغة والنحو وكذلك بكلم الصحابة وآل البيت
رضي ال عنهم
قال الشيخ عبد القادر البغدادي ف خزانة الدب على شواهد شرح الكافية ((قال الندلسي ف شرح
بديعية رفيقه ابن جابر علوم الدب ستة وهي الصرف والنحو واللغة والعان والبيان والبديع والثلثة
الول ل يستشهد عليها إل بكلم العرب دون الثلثة الخية فإنه يستشهد فيها بكلم غيهم من
الولدين لنا راجعة إل العان ول فرق ف ذلك بي العرب وغيهم ولذلك قبل من أهل هذا الفن
الستشهاد بكلم البحتري وأب تام وأب الطيب وهلم جرا قال وأقوللكلم الذي يستشهد به نوعان
شعر وغيه فقائل الول العلماء على طبقات أربع
الطبقة الولىالشعراء الاهليون وهم قبل السلم كامرئ القيس والعشى والثانية الخضرمون وهم
الذين أدركوا الاهلية والسلم كلبيد وحسان والثالثة التقدمون ويقال لم السلميون وهم الذين كانوا
ف صدر السلم كجرير والفرزدق والرابعة الولدون ويقال لم الحدثون وهم من بعدهم إل زماننا
كبشار بن بردن وأب نواس
138
فالطبقتان الوليان يستشهد بشعرها إجاعا وأما الثالثة فالصحيح صحة الستشهاد -لعل الصواب عدم
صحة الستشهاد -بكلمها وقد كان أبو عمرو بن العلء وعبد ال بن أب إسحق والسن البصري
وعبد ال بن شبمة يلحنون الفرزدق والكميت وذا الرمة وأضرابم وكانوا يعدونم من الولدين لنم
كانوا ف عصرهم وأما الرابعة فالصحيح أنه ل يتج بكلمها مطلقا وقيل يتج بكلم من يوثق به منهم
واختاره الزمشري وتبعه الشارح الحقق (أي الرضى) فإنه استشهد بشعر أب تام ف عدة مواضع من هذا
الشرح واستشهد الزمشري أيضا ف تفسي أوائل البقرة من الكشاف ببيت من شعره وقال وهو وإن
كان مدثا ل يستشهد بشعره ف اللغة فهو عن علماء العربية فاجعل ما يقوله بنلة ما يرويه
ص229:
وأما قائل الثان (أي غي الشعر) فهو إما ربنا تبارك وتعال فكلمه عز أسه أفصح كلم وأبلغه وإما أحد
الطبقات الثلث الول من طبقات الشعراء الت قدمناها
وأما الستدلل بديث النب فقد جوزه ابن مالكن ومنعه ابن الضائع وأبو حيان وسندها أمران أحدها
أن الحاديث ل تنقل كما سعت من النب وإنا رويت بالعن وثانيهما أن أئمة النحو القدمي من الصرين
ل يتجوا بشيء منه ورد الول على تقدير تسليمه بأن النقل بالعن إنا كان ف الصدر الول قبل تدوينه
ف الكتب وقبل فساد اللغة وغايته تبديل لفظ بلفظ يصح الحتجاج به ورد الثان بأنه ل يلزم من عدم
استدللم بالديث عدم صحة الستدلل به
((والصواب جواز الحتجاج بالديث للنحوي ف ضبط ألفاظه ويلحق به ما روى عن الصحابة وأهل
البيت))
وقال السيوطي ف (القتراح) (وأما كلمه فيستدل منه با ثبت أنه قاله على اللفظ الروي وذلك نادر
جدا إنا يوجد ف الحاديث القصار على قلة أيضا فإن غالب الحاديث مروي بالعن وقد تداولتها
العاجم والولدون قبل تدوينها فرووها با أدت إليه عباراتم فزادوا ونقصوا وقدموا وأخروا وبدلوا ألفاظ
بألفاظ ولذا ترى الديث الواحد ف القصة الواحدة مرويا على أوجه شت بعبارات متلفة)
وقال أبو حيان ف شرح التسهيل (قد أكثر الصنف من الستدلل با وقع ف الحاديث على إثبات
القواعد الكلية ف لسان العرب وما رأيت أحدا من التقدمي والتأخرين سلك هذه الطريقة وقد جرى
الكلم ف ذلك مع بعض التأخرين الذكياء فقال إنا ذكر العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ
الرسول وإنا كان كذلك لمرين أحدها أن الرواة جوزوا النقل بالعن وقد قال سفيان الثوري إن قلت
139
لكم إن أحدثكم كأسعت فل تصدقون إنا هو العن والمر الثان أنه وقع اللحن كثيا فيما روى من
الديث لن كثيا من الرواة كانوا غي عرب بالطبع ويتعلمون لسان العرب
ص230:
بصناعة النحو فوقع اللحن ف كلمهم وروايتهم وهم ل يعلمون ودخل ف كلمهم وروايتهم غي الفصيح
من لسان العرب) انتهى باختصار
قال بعضهم ويلحق بذلك ما روى من خطب المام على الت جعها السيد الرضى ف كتاب ((نج
البلغة)) وهذه أيضا ل يثبت أنا لفظ المام فقد جاء ف خطبة جامع الكتاب ما نصه ((وربا جاء ف
أثناء هذا الختيار اللفظ الردد والعن الكرر والعذر ف ذلك أن روايات كلمه تتلف اختلفا شديدا
فربا اتفق الكلم الختار ف رواية فنقل على وجهه ث وجد بعد ذلك ف رواية أخرى موضوعا غي وضعه
الول إما بزيادة متارة أو بلفظ عبارة لتقتضى الال أن يعاد واستظهارا للختيار وغيه على عقائل
الكلم)) انتهى بروفه
بل جاء ف ترجة ابن خلكان للشريف الرتضى أخي الشريف الرضى ما نصه ((وقد اختلف الناس ف
كتاب نج البلغة الجموع من كلم المام على بن أب طالب رضي ال عنه هل هو جعه أم جع أخيه
الرضى وقد قيل إنه ليس من كلم على وإنا الذي جعه ونسبه إليه هو الذي وضعه وال أعلم))
ص231:
الباب الثامن
ف آداب الحدث وطالب الديث وغي ذلك
وفيه مسائل
-1آداب الحدث
قال حجة السلم الغزال ف كتاب ((الدب ف الدين)) ما مثاله آداب الحدث يقصد الصدق ويتنب
الكذب ويدث بالشهور ويروى عن الثقات ويترك الناكي ول يذكر ما جرى بي السلف ويعرف
الزمان ويتحفظ من الزلل والتصحيف واللحن والتحريف ويدع الداعبة ويقل الشاغبة ويشكر النعمة إذ
جعل ف درجة الرسول ويلزم التواضع ويكون معظم ما يدث به ما ينتفع السلمون به من فرائضهم
وسننهم وآدابم ف معان كتاب ربم عز وجل ول يمل علمه إل الوزراء ول يغشى أبواب المراء فإن
140
ذلك يزري بالعلماء ويذهب باء علمهم إذا حلوه إل ملوكهم ومياسيهم ول يدث با ل يعلمه ف
أصله ول يقرأ عليه ما ل يراه ف كتابه ول يتحدث إذا قرئ عليه ويذر أن يدخل حديثا ف حديث
-2آداب طالب الديث
يكتب الشهور ول يكتب الغريب ول يكتب الناكي ويكتب عن الثقات ول يغلبه شهرة الديث على
قرينه ول يشغله طلبه عن مروءته وصلته يتنب الغيبة وينصت للسماع ويلزم الصمت بي يدي مدثهن
ويكثر التلفت عند إصلح نسخته ول
ص233:
يقول سعت وهو ما سع ول ينشره لطلب العلو فيكتب من غي ثقة ويلزم أهل العرفة بالديث من أهل
الدين ول يكتب عمن ل يعرف الديث من الصالي انتهى
-3ما يفتقر إليه الحدث
قال النووي ((ما يفتقر إليه من أنواع العلوم صاحب هذه الصناعة معرفة الفقه والصولي والعربية وأساء
الرجال ودقائق علم السانيد والتاريخ ومعاشرة أهل هذه الصنعة ومباحثتهم مع حسن الفكر ونباهة
الذهن ومداومة الشتغال ونو ذلك من الدوات الت يفتقر إليها))
-4ما يستحب للمحدث عنه التحديث
يستحب له إذا أراد حضور ملس التحديث أن يتطهر بغسل أو وضوء ويتطيب ويتبخر ويستاك كما
ذكره ابن السمعان ويسرح ليته ويلس ف صدر ملسه متمكنا ف جلوسه بوقار وهيبة وقد كان مالك
يفعل ذلك فقيل له فقال ((أحب أن أعظم حديث رسول ال ول أحدث إل على طهارة متمكنا)) وكان
يكره أن يدث ف الطريق أو وهو قائم (أسنده البيهقى) وأسند عن قتادة قال ((لقد كان يستجب أن ل
تقرا الحاديث إل على طهارة)) وعن ضرار بن مرة قال ((كانوا يكرهون أن يدثوا على غي طهر))
وعن ابن السيب أنه سئل عن حديث وهو مضطجع ف مرضه فجلس وحدث به فقيل له وددت أنك ل
تتعن فقال ((كرهت أن أحدث عن رسول ال وأنا مضطجع)) وعن بشر بن الارث أن ابن البارك سئل
عن حديث وهو يشى فقال ((ليس هذا من توقي العلم)) وعن مالك قال ((مالس العلم تتضر
ص234:
بالشوع والسكينة والوقار ويكره أن يقوم لحد)) فقد قال إذا قام القارئ لديث رسول ال لحد فإنه
يكتب عليه خطيئة فإن رفع أحد صوته ف الجلس زبره -أي أنره -وزجره فقد كان مالك يفعل ذلك
141
أيضا ويقول قال ال تعال (يا أيها الذين آمنوا ل يرفعوا أصواتكم فوق صوت النب)) فمن رفع صوته
عند حديثه فكأنا رفع صوته فوق صوته ويقبل على الاضرين كلهم فقد قال حبيب بن أب ثابت ((إن
من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جيعا ويفتتح ملسه ويتمه بتحميد ال تعال والصلة
على النب ودعاء يليق بالال بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم فقد روى الاكم ف
((الستدرك)) عن أب سعيد قال كان أصحاب رسول ال إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرأوا سورة ول
يسرد الديث سردا عجلً ينع فهم بعضه كما روى عن مالك أنه كان ل يستعجل ويقول ((أحب أن
أفهم حديث رسول ال )) وأورد البيهقي ف ذلك حديث البخاري عن عروة قال جلس أبو هريرة إل
جنب حجرة عائشة وهي تصلى فجعل يدث فلما قضت صلتا قال أل تعجب إل هذا وحديثه إن النب
ل تفهمه القلوب))ل يكن يسرد الديث كسردكم)) ف لفظ عند البيهقي عقيبه ((إنا كان حديثه فص ً
(كذا ف التقريب شرحه التدريب)
-5بيان طرق درس الديث
أعلم أن لدرس الديث ثلثة طرق عند العلماء
أولا -السرد وهو أن يتلو السيخ السمع أو القارئ كتابا من كتب هذا الفن من دون تعرض لباحثه
اللغوية والفقهية وأساء الرجال ونوها
ص235:
وثانيها -طريق الل والبحث وهو أن يتوقف بعد تلوة الديث الواحد مثلً على لفظه الغريب وتراكيبه
العويصة واسم قليل الوقوع من أساء السناد وسؤال ظاهر الورود والسألة النصوص عليها ويله بكلم
متوسط ث يستمر ف قراءة ما بعدها
وثالثها -طريق المعان وهو أن يذكر على كلمة ما لا وما عليها كما يذكر مثلً على كل كلمة غريبة
وتراكيب عويصة شواهدها من كلم الشعراء وأخوات تلك الكلمة وتراكيبها ف الشتقاق ومواضع
استعمالتا وف أساء الرجال حالت قبائلهم وسيهم ويرج السائل الفقيهة على السائل النصوص عليها
ويقص القصص العجيبة والكايات الغريبة بأذن مناسبة وما أشبهها فهذه الطرق هي النقولة عن علماء
الرمي قديا وحديثا
قال الول ول ال الدهلوي ومتار الشيخ حسن العجيمي والشيخ أحد القطان والشيخ أب طاهر الكردي
هو الطريق الول -يعن السرد -بالنسبة إل الواص التبحرين ليحصل لم ساع الديث وسلسلة
142
روايته على عجالة ث إحالة بقية الباحث على شروحه لن ضبط الديث مداره اليوم على تتبع الشروح
والواشي وبالنسبة إل البتدئي والتوسطي الطريق الثان -يعن البحث والل -ليحيطوا بالضروري ف
علم الديث علما ويستفيدوا منه على وجه التحقيق دركا وفهما وعلى هذا يسرحون أنظارهم ف شرح
من شروح كتب الديث غالبا ويرجعون إليه أثناء لل العضال ورفع الشكال وأما الطريق الثالث فهو
طريقة القصاص القاصدين منه إظهار الفضل والعلم لنفسهم
ص236:
-6أمثلة من ل تقبل روايته ومهم من يدث ل من أصل مصحح
ف التقريب وشرحه ف السألة الادية عشرة من النوع الثالث والعشرين ما نصه
(( ل تقبل رواية من عرف بالتساهل ف ساعه أو ف إساعه كمن ل يبال بالنوم ف السماع منه أو عليه
أو يدث ل من أصل مصحح مقابل على أصله أو أصل شيخه))
-7الدب عند ذكره تعال وذكر رسوله والصحابة والتابعي
قال النووي ((يسحب لكاتب الديث إذا مر ذكر ال عز وجل أن يكتب ((عز وجل)) أو ((تعال)) أو
((سبحانه وتعال)) أو ((تبارك وتعال)) أو ((جل ذكره)) أو ((تبارك اسه)) أو ((جلت عظمته)) أو ما
أشبه ذلك وكذلك يذكر عند ذكر النب (()) بكمالما ل رمزا إليهما ول مقتصرا على أحدها وكذلك
يقول ف الصحاب ((رضي ال عنه)) فإن كان صحابيا ابن صحاب قال ((رضي ال عنهما وكذلك
يترضى ويترحم على سائر العلماء والخيار ويكتب كل هذا وإن ل يكن مكتوبا ف الصل الذي ينقل
منهن فإن هذا ليس رواية وإنا هو دعاء وينبغي للقارئ أن يقرأ كل ما ذكرناه وإن ل يكن مذكورا ف
الصل الذي يقرأ منه ول يسأم من تكرر ذلك ومن أغفل هذا حرم خيا عظيمان وفوت فضلً
جسيما))
-8الهتمام بتجويد الديث
قال المام البديري ف آخر شرحه لنظومة البيقونية ((أما قراءة الديث مودة 238كتجويد القرآن فهي
مندوبة وذلك لن التجويد من ماسن الكلم ومن لغة العرب ومن فصاحة التكلم وهذه العان مموعة
فيه فمن تكلم بديثه فعليه براعاة ما نطق به )) انتهى
143
ول يفي أن التجويد من مقتضيات اللغة العربية لنه من صفاتا الذاتية لن العرب ل تنطق بكلمها إل
مودة فمن نطق با غي مودة فكأنه ل ينطق با فما هو ف القيقة من ماسن الكلم بل من الذاتيات له
فهو إذن من طبيعة اللغة لذلك من تركه لقد وقع ف اللحن اللي لن العرب ل تعرف الكلم إل مودا
ص237:
الباب التاسع
ف كتب الديث
وفيه فوائد
-1بيان طبقات كتب الديث
قال المام العارف الكبي الشيخ أحد العروف بشاه ول ال الدهلوي قدس ال سره ف كتابه ((حجة ال
البالغة)) تت الترجة الذكورة ما نصه ((أعلم أنه ل سبيل لنا إل معرفة الشرائع والحكام إل خب النب
بلف الصال فإنا قد تدرك بالتجربة والنظر الصادق والدس ونو ذلك ول سبيل لنا إل معرفة أخباره
إل تلقي الروايات النتهية إلية بالتصال والعنعنة سواء كانت من لفظه أو كانت أحاديث موقوفة قد
صحت الرواية با عن جاعة الصحابة والتابعي بيث يبعد إقدامهم على الزم بثله لو النص أو الشارة
من الشارع فمثل ذلك رواية عنه دللة وتلقي تلك الروايات ل سبيل إليه ف يومنا هذا إل تتبع الكتب
الدونة ف علم الديث فإنه ل يوجد اليوم رواية يعتمد عليها غي مدونة
((وكتب الديث على طبقات متلفة ومنازل متباينة فوجب العتناء بعرفة طبقات كتب الديث فنقول
هي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات وذلك لن أعلى أقسام الديث ما ثبت بالتواتر وأجعت
المة على قبوله والعمل به ث ما استفاض من طرق متعددة ل يبقي معها شبهة يعتد با واتفق على العمل
به جهور فقهاء المصار أو ل يتلف فيه علماء الرمي خاصة فإن الرمي مل اللفاء الراشدين
ص239:
ف القرون الول ومط رجال العلماء طبقة بعد طبقة يبعد أن يسلموا منهم الطأ الظاهر أو كان قولً
مشهورا معمولً به ف قطر عظيم مرويا عن جاعة عظيمة من الصحابة والتابعي ث صح أو حسن سنده
وشهد به علماء الديث ول يكن قولً متروكا ل يذهب إليه أحد من المة
((أما ما كان ضعيفا موضوعا أو منقطعا أو مقلوبا ف سنده أو متنه أو من رواية الجاهيل أو مالفا لا
أجع عليه السلف طبقة بعد طبقة فل سبيل إل القول به))
144
((فالصحة أن يشترط مؤلف الكتاب على نفسه إيراد ما صح أو حسن غي مقلوب ول شاذ ول ضعيف
إل من بيان حاله فإن إيراد الضعيف مع بيان حاله ل يقدح ف الكتاب))
((والشهرة أن تكون الحاديث الذكورة فيها دائرة على ألسنة الحدثي قبل تدوينها وبعد تدوينها فيكون
أئمة الديث قبل الؤلف رووها بطرق شت وأوردوها ف مسانيدهم وماميعهم وبعد الؤلف اشتغلوا
برواية الكتاب وحفظه وكشف مشكله وشرح غريبة وبيان إعرابه وتريج طرق أحاديثه واستنباط
فقههان والفحص عن أحوال رواتا طبقة بعد طبقة إل يوما هذا حت ل يبقى شيء ما يتعلق به غي
مبحوث عنه إل ما شاء ال ويكون نقاد الديث قبل الصنف وبعده وافقوه ف القول با وحكموا
بصحتها وارتضوا رأي الصنف فيها وتلقوا كتابه بالدح والثناء ويكون أئمة الفقه ل يزالون يستنبطون
ويعتمدون عليها ويعتنون با ويكون العامة ل يلون عن اعتقادها وتعظيمها وبالملة فإذا اجتمعت هاتان
الصلتان ف كتاب كان من الطبقة الول ث وث وإن فقدتا رأسا ل يكن له اعتبار وما كان أعلى حد ف
الطبقة الول فإنه يصل إل حد التواتر وما دون ذلك يصل إل الستفاضة ث إل الصحة القطعية أعن
القطع الأخوذ ف علم الديث الفسد للعمل والطبقة الثانية إل الستفاضة أو الصحة القطعية أو الظنية
وهكذا ينل المر
ص240:
فالطبقة الول مصرة بالستقراء ف ثلثة كتب الوطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم قال الشافعي
أصح الكتب بعد كتاب ال موطأ مالك واتفق أهل الديث على أن جيع ما فيه صحيح على رأي مالك
ومن وافقه وأما على رأي غيه فليس فيه مرسل ول منقطع إل قد اتصل السند به من طرق أخرى فل
جرم أنا صحيحة من هذا الوجه
((ول يزل العلماء يرجون أحاديثه ويذكرون متابعاته وشواهدة ويشرحون غريبة ويضبطون مشكله
ويبحثون عن فقهه ويفتشون عن رجاله إل غاية ليس بعدها غاية وإن شئت الق الصراح فقس كتاب
((الوطأ)) بكتاب ((الثار)) لحمد و ((المال)) لب يوسف تد بينه وبينهما بعد الشرفي فهل سعت
أحدا من الحدثي والفقهاء تعرض لما وأعتن بما
((أما الصحيحان فقد اتفق الحدثون على أن جيع ما فيهما من التصل الرفوع صحيح بالقطع وأنما
متواتران إل مصنفيهما وأن كل من يهون أمرها فهو مبتدع غي سبيل الؤمني وإن شئت الق الصراح
145
فقسهما بكتاب ابن أب شيبة وكتاب الطحاوي ومسند الوارزمي وغيها تد بينها وبينهما بعد
الشرقي
((وهذه الكتب الثلثة الت اعتن القاضي عياض ف الشارق بضبط مشكلها ورد تصحيفها
((الطبقة الثانية كتب ل تبلغ مبلغ الوطأ والصحيحي ولكنها تتلوها كان مصنفوها معروفي بالوثوق
والعدالة والفظ والتبحر ف فنون الديث ول يرضوا ف كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم
وتلقاها من بعدهم بالقبول وأعن با الحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة واشتهرت فيما بي الناس وتعلق
با القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالا واستنباطا لفقهها وعلى تلك الحاديث بناء عامة العلوم
كسنن أب داود وجامع الترمذي ومتب النسائي وهذه الطبقة الول اعتن بأحاديثها
ص241:
((رزين)) ف ((تريد الصحاح)) وابن الثي ف ((جامع الصول)) وكاد مسند أحد يكون من جلة هذه
الطبقة فإن المام أحد جعله أصل يعرف به الصحيح والسقيم قال ((ما ليس فيه فل تقبلوه))
والطبقة الثالثة -مسانيد وجوامع ومصنفات صنفت قبل البخاري ومسلم (وف زمانم وبعدها جعت
بي الصحيح والسن والضعيف والعروف والغريب والشاذ والنكر والطأ والصواب والثابت والقلوب
ول تشتهر ف العلماء ذلك الشتهار وإن زال عنها اسم النكارة الطلقة ول يتداول ما تفردت به الفقهاء
كثي تداول ول يفحص عن صحتها وسقمها الحدثون كثي فحص ومنه ما ل يدمه لغوي لشرح غريب
ول فقيه لتطبيقه بذاهب السلف ول مدث ببيان مشكله ول مؤرخ بذكر أساء رجاله ول أريد التأخرين
التعمقي وإنا كلمي ف الئمة التقدمي من أهل الديث فهي باقية على استتارها واختفائها وخولا
كمسند أب يعلي ومصنف عبد الرزاق ومصنف أب بكر بن أب شيبة ومسند عبد بن حيد والطيالسي
وكتب البيهقي والطحاوي والطبان وكان قصدهم جع ما وجووه ل تلخيصه وتذيبه وتقريبه من العمل
والطبقة الرابعة -كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جع ما ل يوجد ف الطبقتي الوليي وكانت
ف الجاميع والسانيد الختفية فنوهوا بأمرها وكانت على السنة من ل ل يكتب حديثه الحدثون ككثي
من الوعاظ التشدقي وأهل الهواء والضعفاء أو كانت من آثار الصحابة والتابعي أو من أخبار بن
إسرائيل أو من كلم الكماء والوعاظ خلطها الرواة بديث النب سهوا أو عمدا أو كانت من متملت
القرآن والديث الصحيح فرواها بالعن قوم صالون ل يعرفون غوامض الرواية فجعلوا العان أحاديث
مرفوعة أو كانت معان مفهومة من إشارات الكتاب والسنة جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمدا
146
وكانت جلً شت ف أحاديث متلفة جعلوها حديثا واحدا بنسق واحد ومظنة هذه الحاديث كتاب
((الضعفاء)) لبن حبان وكامل بن عدي
ص242:
وكتب الطيب وأب نعيم والوزقان وابن عساكر وابن النجار والديلمي وكاد مسند الوارزمي يكون
من هذه الطبقة وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفا متملً وأسوؤها ما كان موضوعا أو مقلوبا شديد
النكارة وهذه الطبقة مادة كتاب ((الوضوعات)) لبن الوزي
(وههنا طبقة خامسة -منها ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والصوفية والؤرخي ونوهم وليس له أصل ف
هذه الطبقات الربع ومنها ما دسه الاجن ف دينه العال بلسانه فأتى بإسناد قوى ل يكن الرح فيه
وكلم بليغ ل يبعد صدوره عنه فأثار ف السلم مصيبة عظيمة لكن الهابذة من أهل الديث يوردون
مثل ذلك على التابعات والشواهد فتهتك الستار ويظهر العوار
((أما الطبقة الول والثانية فعليهما اعتماد الحدثي وحوم حاها مرتعهم ومسرحهم وأما الثالثة فل
يباشرها للعمل عليها والقول با إل النحارير الهابذة الذين يفظون أساء الرجال وعلل الحاديث نعم
ربا يؤخذ منها التابعات والشواهد وقد جعل ال لكل شيء قدرا وأما الرابعة فالشتغال بمعها
والستنباط منها نوع تعمق من التأخرين وإن شئت الق فطوائف البتدعي من الرافضة والتزلة وغيهم
يتمكنون بأن يلخصوا منها شواهد مذاهبهم فالنصار با غي صحيح ف معارك العلماء بالديث وال
أعلم))
-2بيان الرموز لكتب الديث على طريقة الافظ ابن حجر ف التدريب
قال رحه ال ف مقدمة التقريب ((وقد اكتفيت بالرقم على اسم كل راو إشارة إل من أخرج حديثه من
الئمة فللبخاري ف ((صحيحة)) (خ) فإن كان حديثه عنده معلقا (خت) وللبخاري ف ((الدب
الفرد)) (بخ) ف ((خلق أفعال العباد)) (عخ) وف ((جزء القراءة)) (ز) رفع اليدين)) (ي) ولسلم (م)
وف مقدمة صحيحة
ص243:
(مق) ولب داود (د) وف ((الراسيل)) له (مد) وف ((فضائل النصار)) (صد) وف ((الناسخ)) (خد)
وف ((القدر)) (قد) وف ((التفرد)) (ف) وف ((السائل)) (ل) وف ((مسند مالك)) (كد) وللترمذي
(ت) وف ((الشمائل)) له (ت) وللنسائي (س) وف ((مسند على)) له (عس) وف كتاب ((عمل يوم
147
وليلة)) (سي) وف ((خصائص على)) (ص) وف ((مسند مالك)) (كس) ولبن ماجه (ق) فإن كان
حديث الرجل ف أحد الصول الستة اكتفى برقمه ولو أخرج له ف غيها وإذا اجتمعت فالرقم (ع) وأما
علمة ( )4فهي لم سوى الشيخي ومن ليست له عندهم رواية مرقوم عليه تييز إشارة إل أنه ذكر
ليتميز عن غيه))
-3بيان الرموز لكتب الديث على طريقة السيوطي ف الامع الكبي والامع الصغي
(خ) للبخاري (م) لسلم (ق) لما (د) لب داود (ت) للترمذي (ن) للنسائي ( )5لبن ماحه ( )4لؤلء
الربعة ( )3لم إل ابن ماجه (حم) للمام أحد ف مسنده (عم) لبنه ف زوائدة (ك) للحاكم فإن كان
ف الستدرك أطلقت وإل بينته (خذ) للبخاري ف الدب (تخ) له ف التاريخ (حب) لبن حبان ف
صحيحه (طب) لسعيد بن منصور ف سنه (طس) له ف الوسط (طص) له ف الصغي (ص) لسعيد بن
منصور ف سننه (ش) ل بن أب شيبة (عب) لعبد الرزاق ف الامع (ع) لب يعلي ف مسنده (قط) للدار
قطن فإن كان ف السنن أطلقت وإل بينتهن (فر) للديلمي ف الفردوس (حل) لب نعيم ف اللية (هب)
للبيهقي ف شعب اليان (هق) له ف السنن (عد) لب عدي ف الكامل (عق) للعقيلي ف الضعفاء (خط)
للخطيب فإن كان ف التاريخ أطلقت وإل بينته (ض) للضياء القدسي ف الختارة (ط) لب داود
الطيالسي (كر) لبن عساكر ف تاريه (كذا ف مقدمة الامع الكبي)
ص244:
-4بيان ما اشتمل على الصحيح فقط أو مع غيه من هذه الكتب الرموز با
قال الافظ السيوطي ف مقدمة جع الوامع ما نصه ((جيع ما ف الكتب المسة خ م حب ك ض
صحيح فالعزو إليها معلم بالصحة سوى ما ف ((الستدرك)) من التعقب فأنبه عليه وكذا ما ف ((موطأ
مالك)) وصحيح ابن هزية وأب عوانة وابن السكن والنتقى لبن الاورد والستخرجات فالعزو إليها
معلم بالصحة أيضا وف د ما سكت عليه فهو صال وما بي ضعفه نقلت عنه وف ت ن ه ط حم عم
عب ص ش ع طب طس قط حل هب هق صحيح وحسن وضعيف فأبينه غالبا وكل ما كان ف مسند
أحد فهو مقبول فإن الضعيف الذي فيه يقرب من السن وكل ما عزى إل عق عد خط كر أو للحكيم
الترمذي ف ((نوادر الصول)) أو للحاكم ف تاريه أو ل بن الارود ف تاريه أو للديلمي ف مسند
الفردوس فهو ضعيف فيستغن بالعزو إليها أو إل بعضها عن بيان ضعفه وإذا أطلقت العزو إل ابن جرير
فهو ف تذيب الثار فإن كان ف تفسيه أو ف تاريه بينته)) انتهى
148
وقد بسط الكلم ف ذلك صاحب (الجوبة الفاضلة) ف السؤال الثان ونصه
هل كل ما ف هذه الكتب الضخام كالسنن الربعة وتصانيف البيهقي وتصانيف الدار قطن والاكم
وابن أب شيبة وغيها من الكتب الشتهرة من الحاديث الجوعة صحيح لذاته أو لغيه أو حسن لذاته أو
لغيه أم ل
الواب
ليس كل ما ف هذه الكتب وأمثالا صحيحا أو حسنا بل هي مشتملة على الخبار الصحيحة والسنة
والضعيفة والوضوعة أما كتب السنن فذكر ابن الصلح والعراقي وغيها أن فيها غي السن من
الصحيح والضعيف وذكر النووي أن ف السنن الصحيح والسن والضعيف والنكر ومن ههنا اعترضوا
على تسمية صاحب الصابيح أحاديث
ص245:
السنن بالسان بأنه اصطلح ل يعرف عند أهل الفن وذكر العراقي أنه قد تساهل من أطلق الصحيح
على كتب السنن كأب طاهر السلفي حيث قال ف الكتب المسة اتفق على صحتها علماء الشرق
والغرب وكالاكم حيث أطلق على جامع الترمذي (الامع الصحيح) وكذلك الطيب أطلق عليه أسم
الصحيح وذكر الذهب ف (أعلم سي النبلء) أن أعلى ما ف كتاب أب داود من الثابت ما أخرجه
الشيخان وذلك نو شطر الكتاب ث يليه ما أخرجه أحد الشيخي ورغب عنه الخر ث يليه ما رغبا عنه
وكان إسناده جيدا سالا من علة وشذوذ ث يليه ما كان إسناده صالا وقبله العلماء لجيئه من وجهي
ليني فصاعدا ث يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يسكت عنه أبو داود غالبا ث يليه ما
كان بي الضعف من جهة رواته فهذا ل يسكت عنه بل يوهنه غالبا وقد يسكت عنه بسب شهرته
ونكارته وذكر أيضا قال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الالق الامع -أي جامع الترمذي -على أربعة
أقسام قسم مقطوع بصحته وقسم على شرط أب داود والنسائي وقسم أبان عن علته وقسم رابع أبان عنه
فقال ما أخرجت ف كتاب هذا إل حديثا عمل به بعض الفقهاء سوى حديث ((فإن شرب ف الرابعة
فاقتلوه)) وحديث ((جع بي الظهر والعصر بالدينة من غي خوف ول سفر)) وذكر أيضا قد كان ابن
ماجه حافظا صدوقا واسع العلم وإنا غض من رتبة سننه ما ف الكتاب من الناكي وقليل من الوضوعات
وقال ابن الصلح ف مقدمته ((كتاب أب عيسى الترمذي أصل ف معرفة الديث السن)) وقال أيضا
((ومن مظانه سنن أب داود روينا عنه أنه قال ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه وروينا عنه أيضا ما
149
معناه إنه يذكر ف كل باب أصح ما يعرفه ف ذلك الباب وقال ما كان ف كتاب من حديث فيه وهن
شديد بينته وما ل أذكر فيه شيئا فهو صال وبعضها أصح من بعض قلت فعلى هذا ما وجدناه ف كتابه
مذكورا
ص246:
مطلقا وليس ف واحد من الصحيحي ول نص على صحته أحد من ميز بي الصحيح والسن جزمنا بأنه
من السن عند أب داود وقد يكون ف ذلك ما ليس بسن عند غيه وقال أيضا حكى أبو عبد ال بن
منده الافظ أنه سع ممد بن سعد البارودي بصر يقول كان من مذهب النسائي أن يرج عن كل من
ل يمع على تركه قال ابن منده وكذلك أبو داود يأخذ مأخذه ويرج السناد الضعيف إذا ل يد ف
الباب غيه لنه أقوى عنده من رأي الرجال وذكر السيوطي ف ((ديباجة زهر الرب على الجتب)) قال
الافظ أبو الفضل بن طاهر ف شروج الئمة كتاب أب داود والنسائي ينقسم على ثلثة أقسام الول
الصحيح الخرج ف الصحيحي الثان صحيح على شرطهما وقد حكى عبد ال ابن منذه أن شرطهما
إخراج أحاديث أقوام ل يمع على تركهم إذا صح الديث باتصال السناد من غي قطع ول إرسال
فيكون هذا القسم من الصحيح إل أنه طريق ل يكون طريق ما أخرجه البخاري ومسلم ف صحيحهما
بل طريقه ما ترك البخاري ومسلم من الصحيح القسم الثالث أحاديث أخرجاها من غي قطع عنهما
بصحتها وقد أبانا عليها با يفهمه أهل الطريق وذكر أيضا قال المام أبو عبد ال بن رشيد كتاب
النسائي أبدع الكتب النصفة ف السنن وأحسنها ترصيفا وكأن كتابه بي جامع البخاري ومسلم مع حظ
كثي من بيان العلل وبالملة فهو أقل الكتب بعد الصحيحي حديثا ضعيفا ورجلً مروحا ويقاربه
كتاب أب جاود وكتاب الترمذي ومقابله من الطرف الخر كتاب ابن ماجه فإنه تفرد فيه بإخراج
أحاديث عن رجال متهمي بالكذب وسرقة الحاديث وبعض تلك الحاديث ل تعرف إل من جهتهم
وأما ما حكاه ابن طاهر عن أب زرعن الرازي أنه نظر فيه فقال لعله ل يكون فيه تام ثلثي حديثا ما فيه
ضعف فهي حكاية ل تصح لنقطاع سندها وإن كانت صحيحة فلعله أراد ما فيه من الحاديث الساقطة
إل الغاية وذكر أيضا ذكر بعضهم أن النسائي لا صنف السنن الكبى أهداه إل أمي الرملة فقال له
المي أكل ما ف هذا صحيح قال ل قال فجرد الصحيح
ص247:
150
فصنف ((الجتب)) وهو بالباء الوحدة وقال الزركشي ف تريج أحاديث الرافعي ويقال بالنون أيضا
وقال السيوطي ف التدريب قال شيخ السلم -يعن الافظ ابن حجر مسند الدارمي ليس دون السنن ف
الرتبة بل لو ضم إل المسة لكان أول من ابن ماجه فإنه أمثل منه بكثي وقال العراف اشتهر تسميته
بالسند كما سى البخاري كتابه بالسند لكون أحاديثه مسندة إل أن فيه الرسل والقطع والقطوع كثيا
على أنم ذكروا ف ترجة الدارمي أن له الامع والسند والتفسي وغي ذلك فلعل الوجود الن هو الامع
والسند قد فقد
وأما تصانيف الدار قطن فقال العين ف ((البناية شرح الداية)) ف بث قراءة الفاتة ف حقه ((من أين له
تضعيف أب حنيفة هو مستحق التضعيف وقد روى ف مسنده أحاديث سقيمة ومعلومة ومنكرة وغريبة
وموضوعة)) انتهى وقال أيضا ف بث جهر البسملة ((الدار قطن كتابه ملوء من الحاديث الضعيفة
والشاذة والعللة وكم فيه من حديث ل يوجد ف غيه وحكى أنه لا دخل مصر سأله بعض أهلها
تصنيف شيء ف الهر بالبسملة فصنف فيه جزءا فأتاه بعض الالكية فأقسم عليه أن يبه بالصحيح من
ذلك فقال كل ما روى عن النب ف الهر فليس بصحيح وأما عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف))
انتهى
وأما تصانيف البيهقي -فهي أيضا مشتملة على الحاديث الضعيفة وكذا تصانيف الطيب فإنه قد تاوز
عن حد التحامل واحتج بالحاديث الوضوعة صرح به العين ف البناية ف بث البسملة
وأما تصانيف الاكم -فقال الزيلعي ف تريج أحاديث الداية ((قال ابن دحية ف كتابه ((العلم))
الشهور يب على أهل الديث أن يتحفظوا من قول الاكم فإنه كثي الغلط ظاهر السقط وقد غفل عن
ذلك كثي من جاء بعده وقلده ف ذلك)) انتهى
وقال العين ف ((البناية)) ((قد عرف تساهله وتصحيحه للحاديث الضعيفة بل الوضوعة)) انتهى
ص248:
وقال السيوطي ف رسالة التعقبات على ابن الوزي قال شيخ السلم ابن حجر تساهله وتساهل الاكم
ف الستدرك أعدم النفع بكتابما إذ ما حدث فيهما إل ويكن أنه ما وقع فيه التساهل فلذلك وجب على
الناقد العتناء با ينقله منهما من غي تقليد لما)) انتهى
151
وف طبقات الشافعية لتقي الدين شهبة قال الذهب ف الستدرك جلة وافرة على شرطهما وجلة وافرة
على شرط أحدها ومموع ذلك نو نصف الكتاب وفيه نو الربع ما صح سنده وفيه بعض الشيء معلل
وما بقى مناكي وواهيات ل تصح وف ذلك بعض الوضوعات قد أعلمت عليها لا أختصرته)) انتهى
وف مقدمة ابن الصلح ((هو -أي الاكم -واسع الطو ف شرط الصحيح متساهل ف القضاء به فما
حكم بصحته ول ند ذلك لغيه من الئمة إن ل يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل السن يتج به
ويعمل إل أن بظهر فيه علة توجب ضعفه)) انتهى
وتبعه النووي حيث قال ف التقريب ((فما صححه ول ند فيه لغيه تصحيحا ول تضعيفا حكمنا بأنه
حسن إل أن يظهر فيه علة توجب ضعفه)) قال السيوطي ف التدريب ((قوله فما صححه احتراز ما وجد
ف الكتاب ول يصرح بتصحيحه فل يعتمد عليه)) انتهى لكن تعقب ابن الصلح البدر بن جاعة فقال ف
متصره الصواب أن يتتبع ويكم عليه با يليق من السن أو الصحة أو الضعف)) وتبعه ف هذا التعقب
شراح اللفية العراف والنصاري والسخاوي وقالوا إنا قال ابن الصلح ما قال بناء على رأيه أنه ليس
لحد أن يصحح ف هذه العصار حديثا وذكر ابن الصلح أن صحيح ابن حبان يقاربه -أي مستدرك
الاكم -ف التساهل لكن نقل العراقي عن الازمي أنه قال ابن حبان أمكن ف الديث من الاكم))
انتهى
وقال السيوطي ف التدريب ((قيل ما ذكر من تساهل ابن حبان ليس بصحيح غايته
ص249:
أن يسمى السن صحيحا فإن كان نسبته إل التساهل باعتبار وجدان السن ف كتابه فهي مشاحة ف
الصطلح وإن كان باعتبار خفة شروطه فإنه يرج ف الصحيح ما كان راويه ثقة غي مدلس سع من
شيخه وسع منه الخذ عنه ول يكون هناك إرسال ول انقطاع وإذا ل يكن ف الراوي جرح ول تعديل
كان كل من شيخه والراوي عنه ثقة ول يأت بديث منكر فهو عنده ثقة وف كتاب الثقات له كثي من
هذا حاله ولجل هذا ربا اعترض عليه ف جعله ثقة من ل يعرف حاله فل اعتراض عليه فإنه ل مشاحة
ف ذلك وهذا دون شرط الاكم فالاصل أن ابن حبان وف بالتزام شروطه ول يوف الاكم)) انتهى
وما يدل على كون ابن حبان أشد تريا من الاكم ما نقله السيوطي ف ((الللئ الصنوعة)) عن تريج
أحاديث الرافعي للزركشي أن تصحيح الضياء القدسي صاحب الختارة أعلى مرتبة من تصحيح الاكم
وأنه قريب من تصحيح الترمذي وابن حبان)) انتهى وذكر النووي ف شرح الهذب اتفق الفاظ على أن
152
البيهقي أيضا أشد تريا من الاكم)) انتهى وذكر ابن الصلح كتب السانيد غي ملتحقة بالكتب
المسة الت هي الصحيحان وسنن أب داود وسنن النسائي وجامع الترمذي وما جرى مراها ف
الحتجاج با والركون إل ما هو فيها كمسند أب داود الطيالسي ومسند عبيد ال ابن موسى ومسند
أحد ومسند إسحاق بن رهوبه ومسند عبد بن حيد ومسند الدارمي ومسند أب يعلى الوصلي ومسند
السن بن سفيان ومسند الباز وأشباهها فهذا عادتم فيها أن يرجوا ف مسند كل صحاب ما رووه من
حديثه غي متقيدين بأن يكون حديثا متجا به)) انتهى وف التدريب ((صرح الطيب وغيه بأن الوطأ
مقدم على كل كتاب من الوامع والسانيد فعلى هذا هو بعد صحيح الاكم وأما ابن حزم فقال أول
الكتب الصحيحان ث صحيح سعيد بن السكن والتقى لبن الارود وقاسم ابن أصبغ ث بعد هذه الكتب
كتاب أب داود وكتاب النسائي ومصنف قاسم ابن أصبغ ومصنف الطحاوي ومسانيد أحد والبزار وابن
أب شيبة أب بكر وعثمان
ص250:
وابن راهوية والطيالسي والسن بن سفيان وابن سنجر وعلي بن الدين وما جرى مراها الت أفردت
بكلم رسول ال ث ما كان فيه الصحيح فهو أجل مثل مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أب شيبة وبقي
بن ملد وكتاب ممد بن نصر الروزي وابن النذر ث مصنف حاد بن مسلمة وسعيد بن منصور ووكيع
وموطأ مالك وموطأ ابن أب ذئب وموطأ ابن وهب ومسائل ابن حنبل وفقه أب ثور)) انتهى ملخصا ث
نقل السيوطي عنه أنه قال ف الوطأ نيف وسبعون حديثا قد ترك مالك نفسه العمل با وفيه أحاديث
ضعيفة ونقل الذهب ف سي النبلء عن ابن حزم نو ما مر وقال ما أنصف ابن حزم بل رتبة الوطأ إن
يذكر تلو الصحيحي مع سنن أب داود لكنه تأدب وقدم السندات النبوية الصرفة وما ذكر سنن ابن
ماجه ول جامع أب عيسى فإنه ما رآها ول دخل إل الندلس إل بعد موته)) انتهى
وذكر الزرقان ف شرح الوطأ عن السيوطي أن الوطأ صحيح كله على شرط مالك وقال الذهب ف سي
النبلء فيه -أي مسند أحد -جلة من الحاديث الضعيفة من يسوغ نقلها ول يب الحتجاج با وفيه
أحاديث معدودة شبيهة الوضوعة لكنها قطرة ف بر)) انتهى
وقال ابن تيميه ف منهاج السنة ((صنف أحد كتابا ف فضائل الصحابة أب بكر وعمر وعثمان وعلى
وغيهم وقد روى ف هذا الكتاب ما ليس ف مسنده وليس كل ما رواه أحد ف السند وغيه يكون
حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلم وشرطه ف السند أن ل يروي عن العروف بالكذب عنده وإن
153
كان ف ذلك ما هو ضعيف وشرطه ف السند أمثل من شرط أب داود ف سننه وأما ف كتب الفضائل
فروي ما سعه من شيوخه سواء كان صحيحا أو ضعيفا فإنه ل يقصد أن ل يروي ف ذلك إل ما ثبت
عنده ث زاد ابنه عبد ال على مسند أحد زيادات وزاد أبو بكر فقطيعي زيادات وف زيادات القطيعي
أحاديث كثية موضوعة فظن ذلك الهال أنه من رواية أحد رواها ف السند وهذا خطأ قبيح)) انتهى
ص251:
وف منهاج السنة لبن تيميه ((ما ينقله الثعلب ف تفسيه لقد أجع أهل العلم بالديث أنه يروي طائفة
من الحاديث الوضوعة كالديث الذي يرويه ف أول كل سورة وأمثال ذلك ولذا يقولون هو كحاطب
ليل وهكذا الواحدي تلميذه وأمثالما من الفسرين ينقلون الصحيح والضعيف ولذا لا كان البغوي عالا
بالديث أعلم به من الثعلب والواحدي وكان تفسيه متصر تفسي الثعلب ل يذكر ف تفسيه شيئا من
الحاديث الوضوعة الت يرويها الثعلب ول ذكر تفاسي أهل البدع الت يذكرها الثعلب مع أن الثعلب فيه
خي ودين لكنه ل خب له ف الصحيح والسقيم من الحاديث وأما أهل العلم الكبار أصحاب التفسي مثل
تفسي ممد بن جرير الطبي وبقي بن ملد وابن أب حات وأب بكر بن النذر وأمثالم فلم يذكروا فيها
مثل هذه الوضوعات دع من هو أعلم منهم مثل تفسي أحد بن حنبل وإسحاق بن راهويه بل ول يذكر
مثل هذا عبد بن حيد ول عبد الرزاق مع أن عبد الرزاق كان ييل إل التشيع ويروى كثيا من فضائل
على رضي ال عنه وإن كانت ضعيفة وقد أجع أهل العلم بالديث على أنه ل يوز الستدلل بجرد
خب يرويه الواحد من جنس الثعلب والنقاش والواحدي وأمثال هؤلء الفسرين لكثره ما يروونه من
الديث ويكون ضعيفا بل موضوعا)) انتهى وف موضع آخر منه قد روى أبو نعيم ف اللية ف أول
فضائل الصحابة وف كتاب مناقب أب بكر وعمر وعثمان وعلى أحاديث بعضها صحيحة وبعضها
ضعيفه بل منكرة وكان رجل عالا بالديث لكن هو وأمثاله يروون ما ف الباب لن يعرف أنه قد روى
كالفسر الذي ينقل أقوال الناس ف التفسي والفقيه الذي يذكر القوال ف الفقه وإن كان كثي من ذلك
ل يعتقد صحته بل يعتقد ضعفه لنه يقول إنا نقلت ما ذكر غيي فالعهدة على القائل ل على الناقل))
انتهى وف موضع آخر منه ((إن أبا نعيم روى كثيا من الحاديث الت هي ضعيفه بل موضوعة باتفاق
علماء الديث وأهل السنة والشيعة وهو وإن كان حافظا ثقة كثي الديث واسع الرواية لكن روى كما
هو عادة الحدثي يروون ما ف الباب لجل العرفة بذلك وإن كان ل يتج من ذلك إل ببعضه)) انتهى
ص253:
154
وف موضع آخر منه ((الثعلب يروي ما وجد صحيحا كان أو سقيما وإن كان غالب الحاديث الت ف
تفسيه صحيحة ففيه ما هو كذب موضوع)) وف موضع آخر منه ((كتاب الفردوس للديلمي فيه
موضوعات كثية أجع أهل العلم على أن مرد كونه رواه ل يدل على صحة الديث)) انتهى وف
موضع آخر ((النسائي صنف خصائص على وذكر فيه عدة أحاديث كثية ف فضائل على كثي منها
ضعيف)) وف موضع آخر منه ((من الناس من قصد رواية كل ما روى ف الباب من غي تييز بي صحيح
وضعيف كما فعله أبو نعيم وكذلك غيه من صنف ف الفضائل مثل ما جعه أبو الفتح بن أب الفوارس
وأبو على الهوازي وغيها ف فضائل معاوية وكذلك ما جعه أبو القاسم بن عساكر ف تاريه ف
فضائل على وغيه وهذه عبارات العلماء قد أفادت وجود النكرات والضعفات ف الكتب الدونة وأمثالا
كثية ل تفي على الناظر ف الكتب الشتهرة ولعل التدبر يعلم ما نقلنا أن ما ارتكز ف أذهان بعض
العوام أن كل حديث ف السنن متج به غي معتد به وكذا ما ارتكز ف أذهان البعض أن كل حديث ف
السنن متج به غي معتد به وكذا ما ارتكز ف أذهان البعض أن كل حديث ف غي الكتب الستة أو
السبعة ضعيف غي متج به)) انتهى
-5الرجوع إل الصول الصحيحة القابلة على أصل صحيح لن أراد العمل بالديث
قال النووي ف التقريب ((ومن أراد العمل بديث من كتاب فطريقة أن يأخذه من نسخة معتمدة قابلها
هو أو ثقة بأصول صحيحة فإن قابلها بأصل مقق معتمد أجزأه)) انتهى
وقال العلمة مل على القاري ف مرقاة الفاتيح عند قول صاحب ((الشكاة)) -وإذا نسبت الديث
إليهم كأن أسندت إل النب (( -علم من كلم الصنف أنه يوز نقل
ص254:
الديث من الكتب العتمدة الت اشتهرت وصحت نسبتها لؤلفيها كالكتب الستة وغيها من الكتب
الؤلفة سواء ف جواز نقله ما ذكر أكان نقله للعمل بضمونه ولو ف الحكام أو للحتجاج ول يشترط
تعدد الصل النقول عنه وما اقتضاه كلم ابن الصلح من اشتراطه حلوه على الستحباب ولكن يشترط
ف ذلك الصل أن يكون قد قوبل على أصل له معتمد مقابلة صحيحة لنه حينئذ يصل به الثقة الت
مدار العتماد عليها صحة واحتجاجا
155
((وعلم من كلم الصنف أيضا أنه ل يشترط ف النقل من الكتب العتمدة للعمل أو الحتجاج أن يكون
له به رواية إل مؤلفيها ومن ث قال ابن برهان ذهب الفقهاء كافة إل أنه ل يتوقف العمل بالديث على
ساعه بل إذا صحت عنه النسخة من السنن جاز العمل با وإن ل يسمع)) انتهى
وف تدريب الراوي شرح تقريب النواوي ((حكى الستاذ أبو إسحاق السفرايين الجاع على جواز
النقل من الكتب العتمدة ول يشترط اتصال السند إل مصنفيها وذلك شامل لكتب الديث والفقه وقال
الطبي ف تعليقه من وجد حديثا ف كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويتج به وقال قوم من أصحاب
الديث ل يوز له أن يروي لنه ل يسمعه وهذا غلط وكذا حكاه إمام الرمي ف البهان عن بعض
الحدثي وقال هم عصبة ل مبالة بم ف حقائق الصول -يعن القتصرين على السماع ل أئمة الديث
-وقال عز الدين بن عبد السلم ف جواب سؤال كتبه إليه أبو ممد بن عبد الميد وأما العتماد على
كتب الفقه الصحيحة الوثوقة فقد اتفق العلماء ف هذا العصر على جواز العتماد عليها والستناد إليها
لن الثقة قد حصلت با كما تصل بالرواية ولذلك اعتمد الناس على الكتب الشهورة ف النحو واللغة
والطب وسائر العلوم لصول الثقة با وبعد التدليس ومن زعم أن النسا اتفقوا على الطأ ف ذلك فهو
أول بالطأ منهم ولول جواز العتماد على ذلك لتعطل كثي من الصال التعلقة با قال وكتب الديث
أول بذلك من كتب الفقه وغيها لعتنائهم بضبط النسخ وتريرها فمن قال إن شرط
ص255:
التخريج من كتاب يتوقف على اتصال السند فقد خرق الجاع)) انتهى
-6إذا كان عند العال الصحيحان
أو أحدها أو كتاب من السنن موثوق به هل له أن يفت با فيه
قال السند الليل علم الدين الفلن ف ((إيقاظ المم)) ((قال المام ابن القيم إذا كان عند الرجل
الصحيحان أو أحدها أو كتاب من سنن رسول ال موثوق با فيه فهل له أن يفت با يده فيه فقالت
طائفة من التأخرين ليس (له) ذلك لنه قد يكون منسوخا أو له معارض أو يفهم من دللته خلف ما
دل عليه أو يكون أمر ندب فيفهم منه الياب أو يكون عاما له مصص أو مطلقا له مقيد فل يوز له
العمل به ول الفتيا حت يسأل أهل الفقه والفتيا وقالت طائفة بل له أن يعمل به ويفت بل متعي عليه كما
كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الديث عن رسول ال وحدث به بعضهم بعضا بادروا إل العمل به من
غي توقف ول بث عن معارض ول يقول أحد منهم قط هل عمل بذا فلن وفلن ولو رأوا ذلك
156
لنكروا عليه أشد البكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لن له أدن خبة بال القوم وسيتم
وطول العهد بالسنة وبعد الزمان ولو كانت سنن رسول ال ل يسوغ العمل با بعد صحتها حت يعمل
با فلن وفلن لكان قول فلن وفلن عيارً على السنن ومزكيا لا وشرطا ف العمل با وهذا من أبطل
الباطل وقد أقام ال الجة برسول ال دون آحاد المة وقد أمر النب بتبليغ سننه ودعا لن بلغها فلو كان
من بلغته ل يعمل با حت يعمل با المام فلن والمام فلن ل يكن ف تبليغها فائدة وحصل الكتفاء
بقول فلن وفلن
قالوا والنسخ الواقع الذي أجعت عليه المة ل يبلغ عشرة أحاديث البتة بل ول شطرها فتقدير وقوع
الطأ ف الذهاب إل النسوخ أقل بكثي ف وقوع الطأ من تقليد من يصيب ويطئ ويوز عليه التناقض
والختلف ويقول القول ويرجع عنه ويكي
ص256:
عنه ف السألة الواحدة عدة أقوال ووقوع الطأ ف فهم كلم العصوم أقل بكثي من وقوع الطأ ف فهم
كلم الفقيه العي فل يعرض احتمال خطأ لن عمل بالديث وأفت به إل وأضعاف أضعافه حاصل لن
قلد من ل يعلم خطأه من صوابه والصواب ف هذه السألة التفصيل فإن كانت دللة الديث ظاهرة بينة
لكل من سعه ل يتمل غي الراد فله أن يعمل به ويفت به ول يطلب له التزكية من قول فقيه وإمام بل
الجة قول رسول ال وإن خالفه من خالفه وإن كانت دللة خفية ل يتبي له الراد فيها ل يز له أن
يعمل ول يفت با يتوهه مرادا حت يسأل ويطلب بيان الديث ووجهه وإن كانت دللة ظاهرة كالعام
على أفراده والمر على الوجوب والنهي على التحري فهل له العمل والفتوى يرج على أصل وهو العمل
بالظواهر قبل البحث على العارض وفيه ثلثة أقوال ف مذهب أحد وغيه الواز والنع والفرق بي العام
فل يعمل به قبل البحث عن الخصص والمر والنهي فيعمل به قبل البحث من العارض وهذا كله إذا
كان ث أهلية ولكنه قاصر ف معرفة الفروع وقواعد الصوليي والعربية وأما إذا ل يكن ث أهلية ففرضه ما
قال ال ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون)) وقول النب ((أل اسألوا إذا ل تعلموا إنا سفاء العي
السؤال)) وإذا جاز اعتماد الستفت على ما يكتبه الفت من كلمه وكلم شيخه وإن عل فاعتماد الرجل
على ما كتبه الثقات من كلم رسول ال أول بالواز وإذا قد أنه ل يفهم الديث كما لو ل يفهم فتوى
الفت فيسأل من يعرفه معناه كما يسأل من يعرفه معن جواب
ص257:
157
-7هل يوز الحتجاج ف الحكام بميع ما ف هذه الكتب
من غي توقف أم ل وهل تعذر التصحيح ف الزمان التأخرة أم ل ف الخوية الفاضلة ما نصه
((هل يوز الحتجاج ف الحكام بميع ما ف هذه الكتب من غي وقفه ونظر أم ل وعلى الثان فما
وجه تييز ما يوز الحتجاج به عما ل يوز الحتجاج))
الواب
((ل يوز الحتجاج ف الحكام بكل ما ف الكتب الذكورة وأمثالا من غي تعمق يرشد إل التمييز لا
مر أنا مشتملة على الصحاح والسان والضفاف فل بد من التمييز بي الصحيح لذاته أو لغيه والسن
لذاته أو لغيه فيحتج به وبي الضعيف بأقسامه فل يتج به فيأخذ السن من مظانه والصحيح من مظانه
ويرجع إل تصريات النقاد الذين عليهم العتماد وينتقد بنفسه إن كان أهل لذلك فإن ل يوجد شيء
من ذلك توقف فيما هنالك قال شيخ السلم زكريا النصاري ف ((فتح الباقي شرح ألفية العراقي)) من
أراد الحتجاج بديث من السنن أو السانيد إن كان متأهلً لعرفة ما يتج به من غيه فل يتج به حت
ينظر ف اتصال إسناده وأحوال رواته وإل فإن وجد أحد من الئمة صححه أو حسنة فله تقليده وإل فل
يتج به)) انتهى
وقال المام ابن تيميه ف ((منهاج السنة)) ((النقولت فيها كثي من الصدق وكثي من الكذب والرجع
ف التمييز بي هذا وبي هذا إل أهل الديث كما يرجع إل النحاة ف النحو ويرجع إل علماء اللغة ف ما
هو من اللغة وكذلك علماء الشعر والطب وغي ذلك فلكل علم رجال يعرفون به والعلماء بالديث أجل
هؤلء وأعظم قدرا وأعظمهم صدقا وأعلهم منلة وأكثرهم دينا)) انتهى
وقال أيضا ف موضع آخر ((لو تناظر فقيهان ف مسألة من مسائل الفروع ول تقم
ص258:
الجة على الناظر إل بديث يعلم أنه مسند إسنادا تقوم به الجة أو يصححه من يرجع إليه من ذلك
فإذا ل يعلم إسناده ول أثبته أئمة النقل فمن أين يعلم)) انتهى
وف خلصة الطيب ((أعلم أن الب ينقسم إل ثلثة أقسام قسم يب تصديقه وهو ما نص الئمة على
صحته وقسم يب تكذيبه وهو ما نصوا على وضعه وقسم يب التوقف فيه لحتماله الصدق والكذب
كسائر الخبار الكثية فإنه ل يوز أن يكون كله كذبا لن العادة تنع ف الخبار الكثية أن تكون كلها
كذبا مع كثرة رواتا واختلفهم ول أن تكون كلها صدقا لن النب قال ((سيكذب على بعدي)) انتهى
158
وف مقدمة ابن الصلح ((ث إن الزيادة ف الصحيح على ما ف الكتابي يتلقاها طالبها عما اشتمل عليه
أحد الصنفات العتمدة الشتهرة لئمة الديث كأب داود السجستان وأب عيسى الترمذي وأب عبد
الرحن النسائي وأب بكر بن خزية وأب السن الدار قطن وغيهم منصوصا على صحته فيها ول يكفي
ف ذلك مرد كونه موجودا ف كتاب أب داود وكتاب الترمذي وكتاب أب بكر الساعيلي وكتاب
النسائي وسائر من جع ف كتابه بي الصحيح وغيه ويكفي مرد كونه موجودا ف كتب من اشترط
منهم الصحيح فيما جعه ككتاب وغيه ويكفي مرد كونه موجودا ف كتب من اشترط منهم الصحيح
فيما جعه ككتاب ابن خزية وكذلك ما يوجد ف الكتب الخرجة على كتاب البخاري ومسلم ككتاب
أب عوانة السفرايبن وكتاب أب بكر وغيهم)) انتهى
وفيه أيضا ((إذا وجدنا فيما يروي من أجزاء الديث وغيها حديثا صحيح السناد ول نده ف أحد
الصحيحي ول منصوصا على صحته ف شيء من مصنفات أئمة الديث العتمدة الشهورة فإننا ل
نتجاسر على جزم الكم بصحته فقد تعذر ف هذه العصار الستقلل بإدراك الصحيح بجرد اعتبار
السانيد لنه ما من إسناد إل وتد ف رجاله من اعتمد ف روايته على ما ف كتابه عريا عما يشترط ف
الصحيح من الفظ والضبط والتقان فآل المر إذن ف معرفة الصحيح والسن إل العتماد على ما نص
على عليه أئمة الديث ف تصانيفهم العتمدة الشهورة الت يؤمن فيها لشهرتا من التغيي والتحريف))
انتهى
ص259:
وقد اقتفى أثر ابن الصلح ف كل ما ذكره من جاء بعده إل ف تعذر التصحيح ف العصار التأخرة
فخالفه فيه جع من لقه فقال العراقي ف شرح ألفيته ((لا تقدم أن البخاري ومسلما ل يستوعبا إخراج
الصحيح فكأنه قيل فمن أين يعرف الصحيح الزائد على ما فيهما فقال خذه إذ ينص صحته -أي حيث
ينص على صحته -إمام معتمد كأب داود والترمذي والنسائي والدار قطن والبيهقي والطاب ف
مصنفاتم العتمدة كذا قيده ابن الصلح ول أقيده بل إذا صح الطريق إليهم أنم صححوه ولو ف غي
مصنفاتم أو صححه من ل يشتهر له تصنيف من الئمة كيحي بن سعيد القطان وابن معي ونوها
فالكم كذلك على الصواب وإنا قيده ابن الصلح بالصنفات لنه ذهب إل أنه ليس لحد ف هذه
العصار أن يصحح الحاديث فلذا ل يعتمد على صحة السند ف غي تصنيف مشهور ويؤخذ الصحيح
أيضا من الصنفات الختصة بمع الصحيح فقط كصحيح أب بكر ممد بن إسحاق بن خزية وصحيح
159
أب حات ممد بن حبان البست السمى بالتقاسيم والنواع وكتاب الستدرك على الصحيحي لب عبد
ال الاكم وكذلك ل يوجد ف الستخرجات على الصحيحي من زيادة أو تتمة لحذوف فهو مكوم
بصحته)) انتهى ث نقل بعد ذلك تعذر الكم بالصحيح ف هذه العصار عن ابن الصلح انتهى
وقال ابن جاعة ف متصره بعد ما نقل عن ابن الصلح التعذر ((قلت مع غلبة الظن إنه لو صح لا أهله
أئمة العصار التقدمة لشدة فحصهم واجتهادهم فإن بلغ واحد ف هذه العصار أهلية ذلك والتمكن من
معرفته احتمل استقلله)) انتهى
وقال النووي ف التقريب ((الظهر عندي جوازه لن تكن وقويت معرفته)) انتهى وقال السيوطي ((قال
العراف وهو الذي عليه عمل أهل الديث فقد صحح جاعة من التأخرين أحاديث ل ند لن تقدمهم
فيها تصحيحا فمن العاصرين لبن الصلح أبو السن على بن ممد ابن عبد اللك بن القطان صاحب
كتاب الوهم واليهام صحح فيه حديث ابن عمر أنه كان يتوضأ ونعله ف رجليه ويسح عليهما ويقول
كان رسول ال يفعل ذلك
ص260:
أخرجه البزار وحديث أنس ((كان أصحاب رسول ال ينتظرون الصلة فيضعون جنوبم فمنهم من ينام
ث يقوم إل الصلة)) أخرجه قاسم بن أصبغ ومنهم الافظ ضياء الدين ممد ابن عبد الواحد القدسي
جع كتابا ساه ((الختارة)) التزم فيه الصحة وذكر فيه أحاديث ل يسبق إل تصحيحها ((وصحح الافظ
زكي الدين النذري حديث يونس عن الزهري عن سعيد وأب سلمة عن أب هريرة ف غفران ما تقدم من
ذنبه وما تأخر ول يزل ذلك دأب من بلغ أهليه ذلك)) انتهى
ث قال ((الاصل أن ابن الصلح سد باب التصحيح والتحسي والتضعيف على أهل هذه الزمان لشفع
أهليتهم وإن ل يوافق على الول ول شك أن الكم بالوضع أول بالنع مطلقا إل حيث ل تفي
كالحاديث الطوال الركيكة وإل ما فيه مالفة للعقل أو الجاع وأما الكم للحديث بالتواتر والشهرة ف
يتنع إذا وجدت الطرق العتبة)) انتهى
-8الهتمام بطالعة كتب الديث
قال العارف الشعران قدس سره ف عهوده الكبى ((أخذ عليها العهد العام من رسول ال أن ل نل من
كثرة تعلمنا العلم والعمل به لكون شربنا من حوض نبينا يكون بقدر تضلعنا من الشريعة كما أن مشينا
على الصراط يكون بسب استقامتنا بالعمل با فالوض علوم الشريعة والصراط أعمالا)) ث قال
160
((فاجتهد يا أخي ف حفظ الشريعة ول تغفل وعليك بكتب الديث فطالعها لتعرف منازع الئمة وماذا
استندوا إليه من اليات والحاديث والثار ول تقنع بكتب الفقه دون معرفة أدلتها)) انتهى
ص261:
-9ذكر أرباب المة الليلة ف قراءتم كتب الديث ف أيام قليلة
ذكر ف ترجة الجد الفيوز أبادي صاحب القاموس أنه قرأ صحيح مسلم ف ثلثة أيام بدمشق وأنشد
بوف دمشق السام جوف لسلم قرأت بمد ال جامع مسلم
بضرة حفاظ مشاهي أعلم على ناصر الدين المام بن جهبل
قراءة ضبط ف ثلثة أيام) وت بتوفيق الله وفضله
وقرأ الافظ أبو الفضل العراقي صحيح مسلم على ممد بن إساعيل الباز بدمشق ف ستة مالس متوالية
قرأ ف آخر ملس منها أكثر من ثلث الكتاب وذلك بضور الافظ زين الدين بن رجب وهو يعارض
بنسخته وف تاريخ الذهب ف ترجة إساعيل ابن احد اليي النيسابوري الضرير ما نصه ((وقد سع عليه
الطيب البغدادي بكة صحيح البخاري بسماعه من الكشميهي ف ثلثة مالس اثنان منها ف ليلتي كان
يبتدئ بالقراءة وقت الغرب ويتم عند صلة الفجر والثالث من ضحوة النهار إل طلوع الفجر)) قال
الذهب ((وهذا شيء ل أعلم أحدا ف زماننا يستطيعه)) انتهى
وقال الافظ السخاوي ((وقع لشيخنا الافظ ابن حجر أجل ما وقع لشيخه الجد اللغوي فإنه قرأ
صحيح البخاري ف أريعي ساعة رملية وقرأ صحيح مسلم ف أربعة مالس سوى ملس التم ف يومي
وشيء وقرأ سنن ابن ماجه ف أربعة مالس وقرأ كتاب النسائي الكبي ف عشرة مالس كل ملس منها
نو أربع ساعات وقرأ صحيح البخاري ف عشرة مالس كل ملس منها أربع ساعات)) ث قال السخاوي
((وأسرع شيء وقع له -أي لبن حجر -أنه قرا ف رحلته الشامية معجم الطبان الصغي ف ملس
واحد بي صلت الظهر والعصر قال وهذا الكتاب ف ملد يشتمل على نو ألف حديث وخسمائة
حديث)) انتهى
ص262:
والعبد الضعيف جامع هذا الكتاب قدمن ال عليه بفضله فأسع صحيح مسلم رواية ودراية ف مالس من
أربعي يوما آخرها ف 28من شهر صفر الي سنة ( )1316وأسع أيضا سنن ابن ماجه كذلك ف
مالس من إحدى وعشرين يوما آخرها ف 22من شهر ربيع الول سنة ( )1316وأسع أيضا الوطأ
161
كذلك مالس من تسعة عشر يوما آخرها ف 15من شهر ربيع الخر سنة ( )1316وطالعت بنفسي
لنفسي ((تقريب التهذيب)) للحافظ ابن حجر مع تصحيح سهو القلم فيه وضبطه وتشيته من نسخة
مصححة جدا ف مالس من عشرة أيام آخرها ف 18من شهر ذي الجة سنة ( )1315أقول وهذه
الكتب قرأتا بإثر بعضها فأجهدت نفسي وبصرى حت رمدت بأثر ذلك شفان ال بفضله وأشفقت من
العود إل مثل ذلك وتبي أن الية ف العتدال نعم ل ينكر أن بعض النفوس ل تتأثر بثل ذلك لقوة
حواسها وللنسان بصية على نفسه وهو أدري با
-10قراءة النحاري لنازلة الوباء
نقل القسطلن رحه ال تعال شارح البخاري ف مقدمة شرحه عن الشيخ أب ممد عبد ال بن أب جرة
قال ((قال ل من العارفي عمن لقيه من السادة القر لم إن صحيح البخاري ما قرئ ف شدة إل فرجت
ول ركب به مركب فغرقت)) انتهى
وقد جرى على العمل بذلك كثي من رؤساء العلم ومقدمي العيان إذا أل بالبلد نازلة مهمة فيوزعون
أجزاء الصحيح على العلماء والطلبة ويعينون للختام يوما يفدون فيه لثل الامع الموي أمام القام
اليحيوي ف دمشق وف غيها كما يراه مقدموها وهذا العمل ورثه جيل عن جيل مذ انتشار ذاك القول
وتسي الظن بقائله بل كان ينتدب بعض القدمي إل قراءته موزعا ث ختمه اجتماعا لرض وال بلدة أو
عظيم من عظمائها مانا أو بائزة بل قد يستأجر من يقرؤه للص وجيه من سجن أو شفائه من مرض
على النحو التقدم اعتقادا ببكة هذا الصحيح وتقليدا لن مضى ووقوفا مع ما مر عليه
ص263:
قرون وصقله العرف وف ذلك من تكي العتقاد بصحيح البخاري والركون إليه والرص عليه ما ل
يفي ول يكن يطر ل أن يناقش أحد ف هذا العمل ويزيفة بقالة رنانة تطبع وتنشر نعم ربا يوجد من
ينكر ذلك بقلبه أو يشافه به خاصته وال أعلم بالضمائر ولغرابة تلك القالة آثرت نقلها بروفها ليحيط
الواقف علما با وصلت إليه حرية الفكار وتلك القالة قدمها أحد الفضلء الزهربي ف جادي الخر
سنة ( )1320لحدي الجلت العلمية ف مصر فنشرتا عنه وهاكها بروفها تت عنوان
باذا دفع العلماء نازلة الوباء
دفعوها يوم الحد الاضي ف الامع الزهر بقراءة مت البخاري موزعا كراريس على العلماء وكبار
الرشحي للتدريس ف نو ساعة جريا على عادتم من إعداد هذا الت أو السلح البي لكشف
162
الطوب وتفريج الكروب فهو يقوم عندهم ف الرب مقام الدفع والصرام والسل وف الريق مقام
الضخة والاء وف اليضة مقام اليطة الصحيحة وعقاقي الطباء وف البيوت مقام الفراء والشرطة وعلى
كل حال هو مستنل الرحات ومستقر البكات ولا كان العلماء أهل الذكر وال يقول (فاسألوا أهل
الذكر إن كنتم ل تعلمون) فقد جئت أسألم بلسان كثي من السترشدين من مأخذ هذا الدواء من
كتاب ال أو صحيح سنة رسول ال أو رأى مستدل عليه لحد الجتهدين الذين يقلدونم إن كانوا قد
أتوا هذا العمل على أنه دين داخل ف دائرة الأمور به وإل فعن أي حذاق الطباء تلقوه ليتبي للناس منه
أو من مؤلفاته عمل تلوه مت البخاري ف درء اليضة عن المة وأن هذا داخل ف نواميس الفطرة أو
خارج عنها خارق لا وإذا كان هذا السر العجيب جاء من جهة أن القروء حديث نبوي فلم خص بذه
الزية مؤلف البخاري ول ل يز ف هذا موطأ مالك وهو أعلى كعبا وأعرق نسبا وأغزر علما ول يزال
مذهبه حيا مشهورا وإذا جروا على أن المر من وراء السباب فلم ل يقرؤه العلماء لدفع أل الوع كما
يقرأونه لزالة الغص أو
ص264:
القيء أو السهال حت تذهب شحناء الراية من صدور كثي من أهل العلم (أي من أهل جامع الزهر)
وعلى هذا القياس يقرأ لكل شيء ما دامت العلقة بي الشيء وشببه مفصومة فإن ل يستطيعوا عزو هذا
الداء إل نطاس الطباء سألت اللم منهم بالتاريخ أن يرشدنا إل من سن هذه السنة ف السلم وهل قرئ
البخاري لدفع الوباء قبل هذه الرة فإنا نعلم أنه قرئ للعرابيي ف واقعة التل الكبي (أي ف مصر) فلم
يلبثوا أن فشلوا ومزقوا شر مزق ونعلم أنه يقرأ ف البيوت لتأمن الريق والسرقة ولكن بأجر ليس شيئا
مذكورا ف جانب أجر شركة التأمي العروفة مع أن الناس يتسابقون إليها تسابقهم إل شراء الدواء إذا
نزل الداء ويعدلون عن الوقاية الت نن بصددها وهي تكاد تتكون بالجان ويدون ف نفوسهم أطمئنانا
لذلك دون هذه فإن ل يد العلماء عن هذه السألة إجابة شافية خشيت -كما يشى العقلء حلة
القلم -عليهم حلة تسقط الثقة بم حت من نفس العامة وحينئذ تعف الفوضى الدينية التوقعة -من
ضعف الثقة واتام العلماء بالتقصي وكون أعمالم حجة على الدين هذا وقد لج الناس بآراء على أثر
الجتماع اليضي الزهري فمن قائل إن العلماء التأخرين من عادتم أن يهربوا ف مثل هذه النوازل من
الخذ بالسباب والصطبار على تملها لشقتها الشديدة ويلجأون إل ما وراء السباب من خوارق
العادات لسهولته وليهام العامة أنم مرتبطون بعال أرقي من هذا العال العروف النظام فيكسبون الراحة
163
والحترام معا فيظهرون على المة ظهور إجلل ويتكلون قلوبم ويسيطرون على أروحهم ولذا تكثوا
حت فترت شرة الوباء فقرأوا تيمتهم ليوهوا أن الطر إنا زال ببكة تيمتهم وطالع ينهم ومن قائل إنم
يدعون أنفسهم بثل هذه العمال بدليل أن من يصاب منهم ل يعال مرضه بقراءة كراسة من ذلك
الكتاب بل يعمد إل الجربات من النعنع والل وماء البصل وما شابه أو يلجأ إل الطبيب ل تلتفت نفسه
إل الكراسة الت يعال با المة فهذا يدل على أن القوم يعملون على خلف ما ف وجدانم لذه المة
خادعي أنفسهم بتسليم أعمل سلفهم ومن قائل إن عدوا من أعداء الدين السلمي أراد أن يشكك
السلمي فيه فدخل عليهم من جهة تعظيمه
ص265:
فأوحى إل قوم من متعالية السابقي أن يعظموا من شأنه ويرفعوا من قدرة حت يعلوه فوق ما جاءت له
الديان فيدعون كشف نوائب اليام بتلوة أحاديث خي اليام ويروجون ما يقولون بأنه جرب وأن من
شك فيه فقد طعن ف مقام النبوة حت إذا رسخت هذه العقيدة ف الناس وصارت ملكة دينية راسخة عند
العوام وجربوها فلم تفلح وقعوا -والعياذ بال ف الشك وأصابم دوار الية كما حصل ذلك على أثر
واقعة التل الكبي من كثي من الذين ل يتذوقوا الدين من السلمي حت كانوا يسألون عن قوة
((البخاري)) الربية ونسبته إل البوارج ساخرين منه ومن قارئة ولول وقوف أهل الفكر منهم على أن
هذا العمل ليس من الدين وأن القرآن يقول (وأعدوا لم ما استطعتم من قوة ومن رباط اليل) لضلوا
وأضلوا وقد جرأ هذا المر غي السلمي على الوض ف الدين السلمي وإقامة الجة على السلمي من
عمل علمائهم ول حول ول قوة إل بال ويقول قوم إن التقليد بلغ بالعلماء مبلغا حرم على العقول النظر
ف علم السلف وإن كذبته العينان وخالف السن والوجدان ويقول آخرون -من ل خبة لم بمة
العلماء ف مثل هذه الكوارث -أما كان ينبغي لم أن ينبثوا ف الساجد والبدية والولئم حاثي الناس
على الوقاية من العدوى معاضدين الكومة ف تسكي سورة الهلي مفاوضي الصحة ف فتح الساجد
وتعهدها بالنظافة فإن هذا يرتبط بم أكثر ما يرتبط بوفد أعيان القاهرة جزاه ال خي الزاء فإن أعوزهم
البيان وخلت القلوب بذلقة اللسان فل أقل من أن يؤلفوا رسالة ف فهم ما ورد متشابا ف موضوع
ل وسياسة فيكون كل فرد عارف العدوى حت يعلم الناس أن الوقاية من الداء مأمور با شرعا وعق ً
عضدا للحكومة ولو طلبوا من الصحة طبع ما ألفوا وتوزيعه على الصال والنواحي للبت ذلك شاكره
وكان لم الثر النافع
164
((وهذا ما يقوله القوم ف شأن علمائهم نرفعه إليهم ليكونوا على بينه منه لنم ل يتلطون بالناس غالبا
إل ف الولث والآث وإن اختلطوا فقلما يناقشونم ف شيء ترزا
ص266:
من حدتم ف الناقشة ورميهم مناظرهم لول وهلة بالزيغ والزندقة فلذلك ياملونم ويوافقونم خشية
الجر والعاندة أما أنا فإن ل أزال أل ف طلب الواب الشاف عن أصل دفع الوباء بقراءة الديث وعن
منح مت البخاري مزية ل ينحها كتاب ال الذي نعتقد أنه متعبد بتلوته دون الديث ولو كان هذا
العمل من غي العلماء الرسيي لضربت عنهم وعن عملهم صفحا ولا خططت كلمة ولكنه من علماء لم
مراكز رسية يزاحون با مراكز المراء فيجب أن يؤبه لم وأن ينظر لعملهم بإزاء مركزهم من المة الت
يسألون عنها وال ول التوفيق))
هذا ما رأيته أثبته بروفه وقد وقع منشئها بإمضار (متنصح) ولو عرفنا اسه لنسبناه إليه أداء للمانة إل
أهلها
ث رأيت العلمة عصام الدين الطاشكبي النفي ذكر ف رسالة ((الشفاء لدواء الوباء)) ف الطلب
السادس نقل عن السيوطي أن الدعاء يرفع الطاعون والجتماع له بدعة قال ((لنه وقع ف أيام عمر بن
الطاب رضي ال عنه والصحابة يومئذ متوافرون وأكابرهم موجودن فلم ينقل عن أحد منهم أنه فعل
شيئا من ذلك ول أمر به وكذا ف القرن الثان وفيه خيار التابعي وأتباعهم وكذا ف القرن الثالث والرابع
وإنا حدث الدعاء برفعه ف الزمن الخي وذلك ف سنة ))749
ص267:
الباب العاشرة
ف فقه الديث
-1بيان أقسام ما دون ف علم الديث
قال المام ول ال الدهلوي قدس سره ف الجة البالغة ما نصه ((أعلم أن ما روى عن النب ودون ف
كتب الديث على قسمي
((أحدها ما سبيله سيبل تبليغ الرسالة وفيه قوله تعال (وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه
فانتهوا)) منه علوم العاد وعجائب الكوت وهذا كله مستند إل الوحي ومنه شرائع وضبط للعبادات
والرتفاقات وهذه بعضها مستند إل الوحي وبعضها مستند إل الجتهاد واجتهاده بنلة الوحي لن ال
165
تعال عصمه من أن يتقرر رأيه على الطأ وليس يب أن يكون اجتهاده استنباطا من النصوص كما يظن
بل أكثره أن يكون علمه ال تعال مقاصد الشرع وقانون التشريع والتيسي والحكام فببي القاصد التلقاة
بالوحي بذلك القانون ومنه حكم مرسلة ومصال مطلقة ل يوقتها ول يبي حدودها كبيان الخلق
الصالة وأضدادها ومتندها غالبا الجتهاد بعن أن ال تعال علمه قواني الرتفاقات فاستنبط منها
حكمه وجعل فيها كلية ومنه فضائل العمال ومناقب العمال وأرى أن بعضها مستند إل الوحي وبعضها
إل الجتهاد وهذا القسم هو الذي نقصد شرحه وبيان معانيه
ص269:
وثانيهما ما ليس من باب تبليغ الرسالة وفيه قوله ((إنا أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به
وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنا أنا بشر)) وقوله ف قصة تأبي النخل ((فإن إنا ظننت ظنا ول تؤاخذون
بالظن ولكن إذا حدثتكم عن ال شيئا فخذوا به فإن أكذب على ال)) فمنه الطب ومنه باب قوله
((عليكم بالدهم القرح)) ومستنده التجربة ومنه ما فعله النب على سبيل العادة دون العبادة وبسب
التقان دون القصد ومنه ما ذكره كما كان يذكر قومه كحديث أو زرع وحديث خرافة وهو قول زيد
بن ثابت حيث دخل عليه نفر فقالوا حدثنا أحاديث رسول ال قال كنت جاره فكان إذا نزل عليه
الوحي بعث إل فكتبته له فكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا وإذا ذكرنا الخرة ذكرها معنا وإذا ذكرنا
الطعام ذكره معنا وكل هذا أحدثكم عن رسول ال ومنه ما قصد به مصلحة جزئية يومئذ وليس من
المور اللزمة لميع المة وذلك مثل ما يأمر به الليفة من تعبئة اليوش وتعيي الشعار وهو قول عمر
رضي ال عنه ((ما لنا واللرمل كنا نتراءى به قوما قد أهلكهم ال)) ث خشى أن يكون له سبب آخر
وقد حل كثي من الحكام عليه كقوله ((من قتل قتيلً فله سلبه)) ومنه حكم وقضاء خاص وإنا كان
يتبع فيه البينات واليان وهو قوله
ص270:
-2بيان كيفية تلقي المة الشرع من النب
قال ول ال قدس سره أيضا ف الجة البالغة ((وأعلم أن تلقي المة منه الشرع على وجهي
أحدها تلقي الظاهر ول بد أن يكون ما ينقل إما متواترا أو غي متواتر والتواتر منه التواتر لفظا كالقرآن
العظيم وكنبذ يسيه من الحاديث منها قوله ((إنكم سترون ربكم)) ومنه التواتر معن ككثي من أحكام
الطهارة والصلة والزكاة والصوم والج والبيوع والنكاح والغزوات ما ل يتلف فيه فرقة من فرق
166
السلم وغي التواتر أعلى درجاته الستفيض وهو ما رواه ثلثة من الصحابة فصاعدا ث ل يزل يزيد
الرواة إل الطبقة الامسة وهذا قسم كثي الوجود وعليه بناء رءوس الفقه ث الب القضى له بالصحة أو
السن على ألسنه حفاظ الحدثي وكبائهم ث أخبار فيها كلم قبلها بعض ول يقبلها آخرون فما اعتضد
منها بالشواهد أو قول أكثر أهل العلم أو العقل الصريح وجب اتباعه
وثانيهما التلقي دللة وهي أن يرى الصحابة رسول ال يقول أو يفعل فاستنبطوا من ذلك حكما من
الوجوب وغيه فأخبوا بذلك الكم فقالوا الشيء الفلن واجب وذلك الخر جائز ث تلقي التابعون من
الصحابة كذلك فدون الطبقة الثالثة فتاواهم وقضاياهم وأحكموا المر وأكابر هذا الوجه عمر وعلي
وابن مسعود وابن عباس رضي ال عنهم لكن كان من سية عمر (رض) أنه كان يشاور الصحابة
ويناظرهم حت تنكشف الغمة ويأتيه الثلج فصار غالب قضاياه وفتاواه متبعة ف مشارق الرض ومغاربا
وهو قول إبراهيم لا مات عمر رضي ال عنه ((ذهب تسعة أعشار العلم)) وقول ابن مسعود رضي ال
عنه كان عمر إذا سلك طريقا وجدناه سهلً وكان علي رضي ال عنه ل يشاور
ص271:
غالبا وكان أغلب قضاياه بالكوفة ول يملها عنه الناس)) وكان ابن مسعود رضي ال عنه بالكوفة فلم
يمل عنه غالبا إل أهل تلك الناحية وكان ابن عباس رضي ال عنهما اجتهد بعد عصر الولي فناقضهم
ف كثي من الحكام واتبعه ف ذلك أصحابة من أهل مكة ول يأخذ با تفرد به جهور أهل السلم وأما
غي هؤلء الربعة فلم يكن لم قول عند تعارض الخبار وتقابل الدلئل إل قليل وكابن عمر وعائشة
وزيد بن ثابت رضي ال عنه وأكابر هذا الوجه من التابعي بالدينة الفقهاء السبعة ل سيما ابن السيب
بالدينة وبكة عطاء بن أب رباح وبالكوفة إبراهيم وشريح والشعب وبالبصرة السن وف كل من
الطريقتي خلل إنا ينجب بالخرى ول غن لحداها عن صاحبتها أما الول فمن خللها ما يدخل الرواية
بالعن من التبديل ول يؤمن من تغيي العن ومنه ما كان المر ف واقعة خاصة فطنه الراوي حكما كليا
ومنه ما أخرج فيه الكلم مرج التأكيد ليعضوا عليه بالنواخذ فظن الراوي وجوبا أو حرمه وليس المر
على ذلك فمن كان فقيها وحضر الواقعة استنبط من القرائن حقيقة الال كقول زيد رضي ال عنه ف
النهي عن الزارعة وعن بيع الثمار قبل أن يبدو صلحها إن ذلك كان كالشورة وأما الثانية فيدخل فيها
قياسات الصحابة والتابعي واستنباطهم من الكتاب والسنة وليس الجتهاد مصيبا ف جيع الحوال وربا
كان ل يبلغ أحدهم الديث أو بلغة بوجه ل ينتهض بثله الجة فلم يعمل به ث ظهر جلية الال على
167
لسان صحاب آخر بعد ذلك كقول عمر وابن مسعود رضي ال عنهما ف التيمم عن النابة وكثيا ما
كان اتفاق رءوس الصحابة رضي ال عنهم على شيء من قبل دللة العقل على أرتفاق وهو قوله
((عليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين من بعدي)) وليس من أصول الشرع فمن كان متبحرا ف الخبار
وألفاظ الديث يتيسر له التقصي عن مزال القدام ولا كان المر كذلك وجب على الائض ف الفقه أن
يكون متضلعا من كل الشربي ومتبحرا ف كل
ص272:
الذهبي وكان أحسن شعائر اللة ما أجع عليه جهور الرواة وحلة العلم وتطابق فيه الطريقتان جيعا))
انتهى
-3بيان أن السنة حجة على جيع المة وليس عمل أحد حجة عليها
قال ال تعال (وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا)) وقال تعال ( وما ينطق عن الوى إن
هو إل وحي يوحي)) وقال تعال (قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم)) وقال
تعال (لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر) وقال تعال (فل وربك
ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا وف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما)
وقال تعال (فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر) قال العلماء
معناه إل الكتاب والسنة وقال تعال (من يطع الرسول فقد أطاع ال) وقال تعال (وإنك لتهدي إل
صراط مستقيم صراط ال) وقال تعال (فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب
اليم) وقال تعال (واذكرن ما يتلى ف بيوتكن من آيات ال والكمة)
ص273:
واليات ف ذلك كثية وقد ساقها مع عدة أحاديث ف معناها المام النووي قدس ال سره ف باب الر
بالحافظة على السنة وآدابا من ((رياض الصالي)) فارجع إليه
وقد روى البيهقي عن الربيع بن سليمان يقول سعت الشافعي يقول إذا وجدت ف كتاب خلف سنة
رسول ال فقولوا بسنة رسول ال ودعوا ما قلت فهذا مذهبة ف اتباع السنة وأخرج البيهقي أيضا عن
الشافعي قال إذا حدث الثقة عن الثقة حت ينتهي إل رسول ال فهو ثابت عن رسول ال ول يترك
لرسول ال حديث أبدا إل حديث وجد عن رسول ال حديث يلفه وقال الشافعي إذا كان الديث عن
رسول ال ل مالف له عنه وكان يروي عمن دون رسول ال حديث يوافقه ل يزده قوة وحديث النب
168
مستغن بنفسه وإن كان يروي عمن دون رسول ال حديث يلفه ل يلتفت إل ما خالفه وحديث رسول
ال أول أن يؤخذ بن ولو علم من روي عنه خلف سنة رسول ال أتبعها إن شاء ال تعال
وأخرج البيهقي أيضا عن الربيع قال قال الشافعي ف أقاويل أصحاب رسول ال إذا تفرقوا فيها نصي إل
ما وافق الكتاب والسنة والجاع أو كان أصح ف القياس وإذا قال الواحد منهم القول ل يفظ عن غيه
منهم فيه له موافقة ول خلف صرت إل اتباع قول واحدهم إذا ل أجد كتابا ول سنة ول إجاعا ول
شيئا ف معناه يكم له بكمه أو وجد معه قياس
وأخرج أيضا عن الربيع قال قال الشافعي ما كان الكتاب والسنة موجودين فالعذر على من سعها
مقطوع إل باتباعهما فإذا ل يكن ذلك صرنا إل أقاويل أصحاب النب أو واحدهم ث كان قول الئمة أب
بكر وعمر وعثمان رضي ال عنهم إذا صرنا إل التقليد أحب إلينا وذلك إذا ل ند دللة ف الختلف
تدل على أقرب الختلف
ص274:
من الكتاب والسنة فنتبع القول الذي منه الدللة لن قول المام مشهور بأنه يلزم الناس ومن لزم قول
الناس كان أشهر من يفت الرجل والنفر وقد يأخذ بفتياه أو يدها وأكثر الفتي يفتون الاصة ف بيوتم
ومالسهم ول تعن العامة با قالوا اعتناءهم با قال المام وقد وجدنا الئمة يبتدئون فيسألون عن العلم
من الكتاب والسنة فيما أرادوا أن يقولوا فيه ويقولون فيخبون بلف قولم فيقبلون من الخب ول
يستنكفون أن يرجعوا لتقواهم ال وفضلهم ف حالتم فإذا ل يوجد عن الئمة فأصحاب رسول ال ف
الدين ف وضع المانة أخذنا بقولم وكان اتباعهم أول بنا من اتباع من بعدهم قال والعلم طبقات الول
الكتاب والسنة إذا ثبتت السنة ث الثانية الجاع فيما ليس فيه كتاب ول سنة والثالثة أن يقول بعض
أصحاب النب ول يعلم له مالف منهم والرابعة اختلف أصحاب النب والامسة القياس على هذه
الطبقات ول يصار إل شيء غي الكتاب والسنة وها موجودان وإنا يؤخذ العلم من أعلى وذكر الشافعي
ف كتاب الرسالة القدية بعد ذكر الصحابة والثناء عليهم با هم أهله قال وهم فوقنا ف كل علم واجتهاد
وورع وعقل وأمر استدرك به علم أو استنبط به وآراؤهم لنا أحد وأول بنا من آرائنا عندنا لنفسنا وال
تعال أعلم ومن أدركنا من أراضي أو حكى لنا عنه ببلدنا صاروا فيما ل يعلموا لرسول ال فيه سنة إل
قولم إن اجتمعوا وقول بعضهم إن تفرقوا هكذا نقول إذا اجتمعوا أخذنا بإجاعهم وإن قال واحد منهم
ول يالفه غيه أخذنا بقوله وإن اختلفوا أخذنا بقول بعضهم ول نرج من أقاويلهم كلهم قال الشافعي
169
إذا قال الرجلن منهم ف شيء قولي متلفي نظرت فإن كان قول أحدها أشبه بكتاب ال تعال أو أشبه
بسنه من سنن رسول ال أخذت به لن معه شيئا يقوى بثله ليس مع الذي يالف مثله فإن ل يكن على
واحد من القولي دللة با وصفت كان قول الئمة أب بكر أو عمر أو عثمان رضي ال عنهم أرجح
عندنا من أحد لو خالفهم غي إمام وذكر ف موضع آخر من هذا الكتاب وقال وإن ل يكن على القول
دللة من كتاب أو سنة كان قول أب بكر أو عمر أو عثمان أو علي رضي ال عنهم أرجج عندنا من
أحد لو خالفهم غي إمام وذكر ف موضع آخر من هذا الكتاب وقال وإن ل يكن على القول دللة من
كتاب أو سنة كان قول أب بكر أو عمر عثمان أو علي رضي ال عنهم أحب
ص275:
إل أن أقول بن من قول غيهم إن خالفهم من قبل أنم أهل علم وحكام ث ساق الكلم إل أن قال فإن
اختلف الكام استدللنا بالكتاب والسنة ف اختلفهم فصرنا إل قول الذي عليه الدللة من الكتاب
والسنة وقلما يلوا اختلفهم من دلئل كتاب أو سنة وإن اختلف الفتون -يعن من الصحابة بعد الئمة
-بل دللة فيما اختلفوا فيه نظرنا إل الكثر فإن تكافأ نظرنا إل أحسن أقاويلهم مرجا عندنا وإن
وجدنا للمفتي ف زماننا وقبله إجاعا ف شيء ل يتلفون فيه تبعناه وكان أحد طرق الخبار الربعة
وهي كتاب ال تعال ث سنة نبيه ث قول بعض الصحابة ث إجاع الفقهاء فإذا نزلت نازلة ل يد فيها
واحدة من هذه الربعة الخبار فليس السبيل ف الكلم ف النازلة إل اجتهاد الرأي
وقال شس الدين ابن القيم ف أعلم الوقعي(( قال الصم أخبنا الربيع بن سليمان قال الشافعي أنا
أعطيك جلة تغنيك إن شاء ال تعال ل تدع لرسول ال حديثا أبدا غل أن يأت عن رسول ال حديث
خلفه فتعمل با قررت لك ف الحاديث إذا اختلف وقال أبو ممد الارودي سعت الربيع يقول سعت
الشافعي يقول إذا وجدت سنة ممد رسول ال خلف قول فإن أقول به قال أحد بن عيسى بن ماهان
الرازي سعت الربيع يقول سعت الشافعي يقول كل مسألة فيها صح الب عن رسول ال عند أهل النقل
بلف ما قلت فأنا راجع عنها ف حيات وبعد موت وقال حرملة بن يي قال الشافعي ما قلت وكان
النب قد قال بلف قول فما صح من حديث النب أول ول تقلدون وقال الميدي سأل رجل الشافعي
عن مسألة فأفتاه وقال قال النب كذا وكذا فقال الرجل أتقول بذا يا أبا عبد ال فقال الشافعي أرأيت ف
وسطي زنارا أتران خرجت من الكنيسة أقول قال النب وتقول ل أتقول بذا أروي عن النب ول أقول به
ص276:
170
وقال الربيع قال الشافعي ل أسع أحدا نسبته إل العلم أو نسبته العامة إل علم أو نسب نفسه إل علم
يكي خلفا ف ان فرض ال تعال اتباع أمر رسول ال والتسليم لكمه فإن ال تعال ل يعل لحد بعده
إل اتباعه وإنه ل يلزم قول رجل قال إل بكتاب ال تعال أو سنة رسول ال وإن ما سواها تبع لما وإن
فرض ال تعال علينا وعلى من بعدنا وقبلنا قبول الب عن رسول ال إل فرقة سأصف قولا إن شاء ال
تعال قال الشافعي ث تفرق أهل الكلم ف تثبيت خب الواحد عن رسول ال تفرقا متباينا وتفرق منهم من
نسبه العامة إل الفقه فامتنع بعضهم عن التحقيق من النظر وآثروا التقليد والغفلة والستعجال بالرئاسة
وقال المام أحد قال لنا الشافعي إذا صح عندكم الديث فقولوا ل كي أذهب إليه وقال المام أحد
كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سع الب ل يكن عنده قال به وترك قوله قال الربيع قال
الشافعي ل تترك الديث عن رسول ال فإنه ل يدخله القياس ول موضع له من السنة قال الربيع وقد
روى عن رسول ال -باب هو وأمي -أنه قضى ف بروع بنت واشق ونكحت بغي مهر فمات زوجها
فقضى لا بهر مثلها وقضى لا بالياث فإن كان ل يثبت عن النب فهو أول المور بنا ول حجة ف قول
أحد دون النب ول ف القياس ول شيء إل طاعة ال تعال بالتسليم له وإن كان ل يثبت عن النب ل يكن
لحد أن يثبت عنه ما ل يثبت ول أحفظه من وجه يثبت مثله هو مرة عن معقل بن يسار ومرة عن معقل
بن سنان ومرة عن بعض أشجعي ل يسمى قال الربيع سألت الشافعي عن رفع اليدي ف الصلة فقال
يرفع الصلي يديه إذا افتتح الصلة حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما
كذلك ول يفعل ذلك ف السجود قلت له فما الجة ف ذلك قال أنبأنا ابن عيينة عن الزهري عن سالن
عن أبيه عن النب مثل قولنا قال الربيع فقلت فإنا نقول يرفع ف البتداء ث ل يعود قال
ص277:
الشافعي أخبنا مالك عن نافع عن ابن عمر كان إذا افتتح الصلة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه
من الركوع رفعهما قال الشافعي -وهو يعن مالكا -يروي عن النب أنه كان إذا افتتح الصلة رفع يديه
حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ث خالفتم رسول ال وابن عمر فقلتم ل يرفع
يديه إل ف ابتداء الصلة وقد رويتم أنما رفعا ف البتداء وعند الرفع من الركوع أفيجوز لعال أن يترك
فعل النب وابن عمر لرأي نفسه أو فعل النب لرأي ابن عمر ث القياس على قول ابن عمر ث يأت موضع
آخر يصيب فيه فيترك على ابن عمرما روى عن النب فكيف ل ينته بعض هذا عن بعض أرأيت إذا جاز
له أن يروي عن النب أن يرفع يديه ف مرتي أو ثلث أو عن ابن عمر فيه اثنتي ويأخذ بواحدة أيوز
171
لغيه ترك الذي أخذ به وأخذ الذي ترك أو يوز لغيه ما روى عن النب فقلت له إن صاحبنا قال فما
معن الرفع قال معناه تعظيم ال واتباع لسنة النب ومعن الرفع ف الدلة معن الرفع الذي خالقتم فيه النب
عند الركوع وعد رفع الرأس ث خالفتم فيه روايتكم عن النب وابن عمر معا ويروي ذلك عن النب ثلثة
عشر رجلً ويروي عن أصحاب النب من غي وجه ومن تركه فقد ترك السنة
قال ابن القيم رحه ال تعال ((قلت وهذا تصريح من الشافعي بأن تارك رفع اليدين عند الركوع والرفع
منه تارك للسنة ونص أحد على ذلك أيضا ف إحدى الروايتي عنه وقال الربيع سألت الشافعي عن
الطيب قبل الجرام با يبقي ريه بعد الجرام أو بعد رمي المرة واللق وقبل الفاضة فقال جائز أخبه
ول أكرهه لثبوت السنة فيه عن النب ولخبار غي واحد من الصحابة فقلت وما حجتك فيه فذكر
الخبار والثار ث قال حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سال قال قال عمر من رمي المرة فقد
حل له ما حرم عليه إل النساء والطيب قال سال وقالت عائشة طيبت
ص278:
رسول ال لله قبل أن يطوف بالبيت وسنة رسول ال أحق أن تتبع قال الشافعي وهكذا ينبغي أن يكون
الصالون وأهل العلم فأما ما تذهبون إليه من ترك السنة وغيها وترك ذلك الغي لرأي أنفسهم فالعلم
إذن إليكم تأتون منه ما شئتم وتدعون ما شئتم
وقال ف كتاب القدي رواية الزعفران ف مسألة بيع الدين ف جواب من قال له إن بعض أصحابك قال
خلف هذا قال الشافعي فقلت له من تبع سنة رسول ال وافقته ومن غلط فتركها خالفته صاحب الذي
ل أفارقه اللزم الثابت مع رسول ال وإن بعد والذي أفارقه من ل يقل بديث رسول ال وإن قرب))
انتهى
وقال العارف الشعران قدس سره ف مقدمة اليزان ((روي الاكم والبيهقي عن المام الشافعي أنه كان
يقول إذا صح الديث فهو مذهب قال ابن حزم أي صح عنده أو عند غيه من الئمة وف رواية أخرى
إذا رأيتم كلمي يالف كلم رسول ال ال فاعملوا بكلم رسول ال واضربوا بكلمي عرض الائط
وقال مرة للربيع يا أبا إسحاق ل تقلدن ف كل ما أقول وانظر ف ذلك لنفسك فإنه دين وكان رضي ال
عنه إذا توقف ف حديث يقول لوضح ذلك لقلنا به وروي البيهقي عنه ذلك ف باب حديث الستحاضة
تغسل عنها أثر الدم وتصلي ث تتوضأ لكل صلة وقال لوضح هذا الديث لقلنا به وكان أحب إلينا من
172
القياس على سنة ممد ف الوضوء ما خرج من قبل أو دبر)) انتهى وكان يقول إذا ثبت عن النب -بأب
هو وأمي -شيء ل يل لنا تركه
وقال ف باب ((سهم الباذين)) ((لو كنا ثبت مثل هذا الديث ما خالفناه وف رواية أخرى لو كنا ثبت
مثل هذا عن النب لخذنا به فإنه أول المور بنا
ول حجة ف قول أحد دون رسول ال وإن كثروا ول ف قياس ول شيء إل طاعة ال ورسوله بالتسليم
له ذكره البيهقي ف سننه ف باب ((أحد الزوجي يوت ول يفرض صداقا)) وروى عنه أيضا ف باب
السي أنه كان يقول إن كان هذا الديث
ص279:
يثبت فل حجة لحد معه وكان رضي ال عنه يقول رسول ال أجل ف أعيننا من أن نب غي ما قضى
به وقال الشافعي ف باب الصيد من الم ((كل شيء خالف أمر رسول ال سقط ول يقوم معه رأي ول
قياس فإن ال تعال قطع العذر بقول رسول ال فليس لحد معه أمر ول نى غي ما أمر هو به وقال ف
باب ((العلم يأكل من الصيد)) وإذا ثبت الب عن رسول ال ل يل تركه أبدا وقال ف باب العتق من
الم ((وليس ف قول أحد وإن كانوا عددا مع النب حجة))
قال الشعران ((هذا ما اطلعت عليه من الواضع الت نقلت عن المام الشافعي ف تبئة من الرأي وأدبه مع
ل عن كلم سيد الرسلي فنقفل رسول ال بل روينا عنه أنه كان يتأدب مع أقوال الصحابة والتابعي فض ً
ابن الصلح ف علوم الديث أن الشافعي قال ف رسالته القدية بعد أن أثن على الصحابة با هم أهله
والصحابة رضي ال عنهم فوقنا ف كل علم واجتهاد وورع وعقل وف كل أمر استدرك به علم وآراؤهم
لنا أحد وأول من رأينا عندنا لنفسنا)) انتهى
قال الشيخ الكب قدس ال سره ف فتوحاته الكية ف فصل صلة الكسوف ((فإن أخطأ الجتهد فهو
بنلة الكسوف الذي ف غيبة الكسوف فل وزر عليه وهو مأجور وإن ظهر له النص وتركه لرأية أو
لقياسه فل عذر له عند ال وهو مأثور وهو الكسوف الظاهر الذي يكون له الثر القرر عند علماء هذا
الشأن وأكثر ما يكون هذا ف الفقهاء القلدين لن قالوا لم ل تقلدونا واتبعوا الديث إذا وصل إليكم
العارض لكلمنا فإن الديث مذهبنا وإن كنا ل نكم بشيء إل بدليل يظهر لنا ف نظرنا أنه دليل وما
يلزمنا غي ذلك ولكن ما يلزمكم اتباعنا ولكن يلزمكم سؤالنا وف كل وقت ف النازلة الواحدة قد يتغي
الكم عند الجتهدين ولذا كان يقول مالك إذا سئل ف نازلة هل وقعت فإن قيل ل يقول ل أفت وإن
173
قيل نعم أفت بذلك الوقت با أعطاه دليله فأبت القلدة من الفقهاء أن توف حقيقة تقليدها لمامها
باتباعها
ص280:
الديث عن أمر إمامها وقلدته ف الكم مع وجود العارض فعصت ال ف قوله (وما آتاكم الرسول
فخذوه) وعصت الرسول ف قوله ((فاتبعون)) وعصت إمامها ف قوله ((خذوا بالديث إذ 1بلغكم
واضربوا بكلمي الائط)) فهؤلء الفقهاء ف كسوف دائم سرمد عليهم إل يوم القيامة فيتبأ منهم ال
ورسوله والئمة فانظر مع من يشر مثل هؤلء)) انتهى كلم الشيخ الكب قدس سره بروفه
-4العمل بالديث بسب ما بدا لصاحب الفهم الستقيم
قال علم الدين الفلن ف ((إيقاط المم)) ((قال بعض أهل التحقيق الواجب على من له أدن دراية
بالكتاب وتفسيه والديث وفنونه أن يتتبع كل التتبع وييز الصحيح عن الضعيف والقوى عن غيه فيتبع
ويعمل با ثبتت صحته وكثرت رواته وإن كان الذي قلده على خلفه ول يفي أن النتقال من مذهب
إل مذهب ما كان معلوما ف الصدر الول وقد انتقل كبار العلماء من مذهب إل مذهب وهكذا كان
ما كان من الصحابة والتابعي والئمة الربعة ينتقلون من قول إل قول والاصل أن العمل بالديث
يسب ما بدا لصاحب الفهم الستقيم من الصلحة الدينية هو الذهب عند الكل وهذا الغمام المام أبو
حنيفة رحه ال تعال كان يفت ويقول هذا ما قدرنا عليه ف العلم فمن وجد أوضح منه فهو أول
بالصواب (كذا ف تنبيه الغترين) وعنه أنه قال ((ل يل لحد أن يأخذ بقولنا ما ل يعرف مأخذه من
الكتاب والسنة أو إجاع المة أو القياس اللي ف السألة)) انتهى
-5لزوم الفتاء بلفظ النص مهما أمكن
قال الفلن رحه ال ف ((إيقاظ المم)) قال ابن القيم رحه ال ((ينبغي للمفت أن يفت بلفظ النص مهما
أمكنه فإنه يتضمن الكم والدليل مع البيان التام فهو حكم
ص281:
مضمون له الصواب متضمن للدليل عليه ف أحسن بيان وقد كان الصحابة والتابعون والئمة الذين
سلكوا على مناهجهم يتحرون ذلك غاية التحري)) ث قال
((فألفاظ النصوص عصمة وحجة بريئة من الطأ والتناقض والتعقيد والضطراب ولا كانت هي عصمة
الصحابة وأصولم الت إليها يرجعون كانت علومهم أصح من علوم من بعدهم وخطؤهم فيما اختلفوا فيه
174
أقل من خطأ من بعدهم ث التابعون بالنسبة إل من بعدهم كذلك وهلم جرا)) ث قال ((قد كان أصحاب
رسول ال إذا سئلوا عن مسألة يقولون قال ال تعال كذا قال رسول ال كذا وفعل كذا ول يعدلون عن
ذلك ما وجدوا إليه سبيل قط فمن تأمل أجوبتهم وجدها شفاء لا ف الصدور))
-6حرمة الفناء بضد لفظ النص
قال العلمة الفلن قدس ال سره ف ((إيقاظ المم)) ف أواخره ((يرم على الفت أن يفت بضد لفظ
النص وإن وافق مذهبه ومثاله أن يسأل عن رجل صلي من الصبح ركعة ث طلعت الشمس فهل يتم
صلته أم ل فيقول ل يتمها ورسول ال يقول ((فليتم صلته)) ومثل أن يسأل عن رجل مات وعليه
صيام هل يصوم عنه وليه فيقول ل يصوم عنه وليه وصاحب الشرع يقل ((من مات وعليه صوم صام عنه
وليه)) ومثل أن يسأل عن رجل باع متاعه ث أفلس الشتري فوجده بعينه هل هو أحق به فيقول ليس هو
أحق به وصاحب الشرع يقول ((هو أحق به)) أن يسأل ومثل أن يسأل عن أكل كل ذي ناب هل هو
حرام فيقول ليس برام ورسول ال يقول ((أكل كل ذي ناب من السباع حرام)) ومثل أن يسأل عن
رجل له شريك ف أرض أو دار أو بستان هل له أن يبيع حصته قبل إعلم الشريك بالبيع
ص282:
وعرضها عليه فيقول نعم يل له أن يبيع حصته قبل إعلم شريكه بالبيع وصاحب الشرع يقول ((من
كان له شريك ف أرض أو ربعة أو حائط فل يل له أن يبيع حت يؤذن شريكه)) ومثل أن يسأل عن قتل
السلم بالكافر فيقول نعم ((يقتل السلم بالكافر وصاحب الشرع يقول ((ل يقتل السلم بالكافر)) ومثل
أن يسأل عن الصلة الوسطى فيقول ليست العصر وصاحب الشرع يقول ((هي صلة العصر)) ومثل أن
يسأل عن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه هل مشروع ف الصلة أو ليس بشروع فيقول ليس
بشروع أو مكروه وربا غل بعضهم فقال إن صلته باطلة وقد روى بضعه وعشرون نفسا عن النب أنه
كان يرفع يديه عند الفتتاح والركوع والرفع منه بأسانيد صحيحة ل مطعن فيها ومثل أن يسأل عن
إكمال عدة شعبان ثلثي يوما ليلة الغمام فيقول ل يوز إكماله ثلثي يوما وقد قال رسول ال ((فإن
غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلثي يوما)) وأمثلته كثية وفيما ذكرنا كفاية وقد أناها ابن القيم إل
مئة وخسمي مثالً)) انتهى
-7رد ما خالف النص أو الجاع
قال المام القراف رحه ال تعال ف فروقه ف الفرق الثامن والسبعي
175
تنبيه كل شيء أفت فيه الجتهد فوقعت فتياه فيه على خلف الجاع أو القواعد أو النص أو القياس
اللي السال عن العارض الراجح ل يوز لقلدة أن ينقله للناس ول يفت به ف دين ال تعال فإن هذا
الكم لو حكم به حاكم لنقضناه وما ل نقره شرعا بعد نقرره بكم الاكم أول أن ل نقره شرعا إذا ل
يتأكد وهذا ل يتأكد فل نقره شرعا والفتيا
ص283:
يغي شرع حرام فالفتيا بذا الكم حرام وإن كان المام الجتهد غي عاص به بل مثابا عليه لنه بذل
جهده على حسب ما أمر به وقد قال عليه الصلة والسلم ((إذا اجتهد الاكم فأخطأ فله أجر وإن
أصاب فله أجران)) فعلى هذا يب على أهل العصر تفقد مذاهبهم لكل ما وجدوه من هذا النوع يرم
عليهم الفتيا به ول يعري مذهب من الذاهب عنه لكنه قد يقل وقد يكثر غي أنه ل يقدر أن يعلم هذا من
مذهبه إل من عرف القواعد والقياس اللي والنص الصريح عدم العارض لذلك وباعتبار هذا الشرط يرم
على أكثر الناس الفتوى فتأمل ذلك فهذا أمر لزم وكذلك كان السلف رضوان ال عليه يتوقفون ف
الفتوى توقفا شديدا وقال مالك ((ل ينبغي للعامل أن يفت حت يراه الناس أهل لذلك ويري هو نفسه
أهل لذلك)) انتهى
-8تشنيع التقدمي على من يقول العمل على الفقه ل على الديث
قال العلمة الفلن ف (إيقاظ المم)) ((قال عبد الق الدهلوي ف شرح الصراط الستقيم إن التحقيق ف
قولم إن الصوف ل مذهب له أنه يتار من روايات مذهبة الذي التزمه للعمل عليه ما يكون أحوط أو
يوافق حديثا صحيحا وإن ل يكن ظاهر روايات ذلك الذهب ومشهورها نقل عنه أنه قال ف الشرح
الذكور ((إذا وجد تابع الجتهد حديثا صحيحا مالفا لذهبه هل له أن يعمل به ويترك مذهبه فيه
اختلف فعند التقدمي له ذلك قالوا لن التبوع والقتدي به هو النب ومن سواه فهو تابع له فبعد أن علم
وصح قوله فالتابعة لغيه غي معقولة وهذه طريقة التقدمي)) انتهى
وف الظهيية ((ومن فعل متهدا أو تقلد بجتهد فل عار عليه ول شناعة ول إنكار)) انتهى
وأما الذي ل يكن من أهل الجتهاد فانتقل من قول إل قول من غي دليل لكن
ص284:
لا يرغب من عرض الدنيا وشهواتا فهو الذموم الث (كذا ف المادي) وأما (ما) يورد على اللسنة من
أن العمل على الفقه ل على الديث فتفوه ل معن له إذ من البي أن مبن الفقه ليس إل الكتاب والسنة
176
وأما الجاع والقياس فكل واحد منهما يرجع إل كل من الكتاب والسنة فما معن إثبات العمل على
الفقه ونفي العمل عن الديث فإن العمل بالفقه عي العمل بالديث كما عرفت وغاية ما يكن ف
توجيهه أن يقال إن ذلك حكم مصوص بشخص مصوص وهو من ليس من أهل الصوص بل من
العوام الذين هم كالوام ل يفهمون معن الديث ومراده ول ييزون بي صحيحه وضعيفه ومقدمه
ومؤخره ومملة ومفسره وموضوعه وغي ذلك من أقسامه بل كل ما يورد عليهم بعنوان قال رسول ال
فهم يعتمدون عليه وستندون إليه من غي تييز ومعرفة بأن قائل ذلك من نو الحدثي أم من غيهم
وعلى تقدير كونه من الحدثي أعدل وثقة أم ل وإن كان جيد الفظ أو سيئه أو غي ذلك من فنونه فإن
ورد على العامي حديث ويقال له إنه يعمل على الديث فربا يكون ذلك الديث موضوعا ويعمل عليه
لعدم التمييز وربا يكون ذلك الديث ضعيفا والديث الصحيح على خلفه فيعمل على ذلك الديث
الضعيف ويترك الديث الصحيح وعلى هذا القياس ف كل أحواله يغلط أو يلط فيقال لمثاله إنه يعمل
با جاء عن الفقيه ل يعمل بجرد ساع الديث لعدم ضبطه إنه يعمل با جاء من فقيه وإن كانت
الحاديث الواردة فيه على خلف ذلك لن العمل على الفقه ل على الديث هذا ث مع هذا ل يفي ما
ف هذا اللفظ من سوء الدب والشناعة والبشاعة فإن التفوه بنفي العمل على الديث على الطلق ما ل
يصدر من عاقل فضلً عن فاضل ولو قيل بالتوجيه الذي ذكرناه أن العمل بالفقه ل على الديث لقال
قائل بعي ذلك التوجيه إن العمل على الفقه ل على الكتاب فإن العامي ل يفهم شيئا من الكتاب ول ييز
بي مكمة ومتشابة وناسخه ومنسوخه ومفسره ومملة وعامه وخاصة وغي ذلك من أقسامه فصح أن
يقال إن العمل على الفقه ل على الكتاب والديث وفساده أظهر من أن يظهر وشناعته
ص285:
أجلي من أن تستر بل ل يليق بال السلم الميز أن يصدر عنه أمثال هذه الكلمات على ما ل يفي على
ذوي الفطانة والدراية وإذا تققت ما تلونا عليك عرفت أنه لو ل يكن نص من المام على الرام لكان
من التعي على أتباعه من العلماء الكرام فضلً عن العوام أن يعملوا با صح عن سيد النام عليه وعلى آله
أفضل الصلة والسلم ومن أنصف ول يتعسف عرف أن سبيل أهل التدين من السلف واللف ومن
عدل عن ذلك فهو هالك يوصف بالاهل العاند الكابر ولو كان الناس من الكابر وأنشدوا ف هذا
العن شعرا
أهل الديث هو أهل النب وإن ل يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا
177
أماتنا ال سبحانه على مبة الحدثي وأتباعهم من الئمة الجتهدين وحشرنا مع العلماء العاملي تت لواء
سيد الرسلي والمد ل رب العالي)) انتهى
وقال العارف الشعران قدس سره ف مقدمة ميزانه ((أقول الواجب على كل مقلد من طريق النصاف أن
ل يعمل برخصه قال با إمام مذهبه إل إن كان من أهلها وأنه يب عليه العمل بالعزية الت قال با غي
إمامه حيث قدر عليها لن الكم راجع إل كلم الشارع بالصالة ل إل كلم غيه ل سيما إن كان
دليل الغي أقوى خلف ما عليه بعض القلدين حت إنه قال ل لو وجدت حديثا ف البخاري ومسلم ل
يأخذ به إمامي ل أعمل به وذلك جهل منه بالشريعة وأول يتبأ منه إمامه وكان الواجب عليه حل إمامه
على أنه ل يظفر بذلك الديث أو ل يصح عنده)) انتهى
-9رد المام السندي النفي رحه ال على من يقول ليس لثلنا أن يفهم الديث
قال علم الدين الفلن رحه ال تعال ف ((إيقاظ المم)) ناقلً عن شيخه مسند الرمي ف عصره أب
السن السندي النفي ف حواشيه على ((فتح القدير)) ما نصه ((والعجب
ص286:
من الذي يقول أمر الديث عظيم وليس لثلنا أن يفهمه فكيف يعمل به وجوابه بعد أن فرضنا موافقة
فهمه لفهم ذلك العال الذي يعتد بعلمه وفهمه بالجاع أنه إن كان القصود بذا تعظيم الديث وتوقيه
فالديث أعظم وأجل لكن من جلة تعظيمه وتوقيه أن يعمل به ويستعمل ف مواده فإن ترك البالة به
إهانة له نعوذ بال منه وقد حصل فهمه على الوجه الذي هو مناط التكليف حيث وافق فهم ذلك العال
فترك العمل بذلك الفهم ل يناسب التعظيم والجلل فمقتضي التعظيم والجلل الخذ به ل بتركه وإن
كان القصود مرد الرد عن نفسه بعد ظهور الق فهذا ل يليق بشأن مسلم فإن الق أحق بالتباع إذ ل
يعلم ذلك الرجل أن ال عز وجل قد أقام برسوله الجة على من هو أغب منه من الشركي الذين كانوا
يعبدون الحجار وقد قال تعال فيهم ((أولئك كالنعام بل هم أضل)) فهل أقام عليهم الجة من غي
فهم أو فهموا كلم رسول ال فإن فهم هؤلء الغبياء فكيف ل يفهم الؤمن مع تأييد ال تعال له بنور
اليان وبعد هذا فالقول بأنه ل يفهم قريب من إنكار البديهيات وكثي من يعتذر بذا العتذار يض
دروس الديث أو يدرس الديث فلول فهم أو أفهم كيف قرأ أو أقرأ فهل هذا إل من باب مالفة القول
الفعل والعتذار بأن ذلك الفهم ليس مناطا للتكليف باطل إذ ليس الكتاب والسنة إل لذلك الفهم فل
يوز البحث عنهما بالنظر إل العان الت ل يعمل با كيف وقد أنزل ال تعال كتابه الشريف للعمل به
178
وتعقل معانيه ث أمر رسوله بالبيان للناس عموما فقال تعال (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) وقال
(لتبي للناس ما نزل إليهم) فكيف يقال إن كلمه الذي هو بيان للناس غي مفهوم لم إل لواحد منهم بل
ف هذا الوقت ليس مفهوما لحد بناء على زعمهم أنه ل متهد ف الدنيا منذ كم سني ولعل أمثال هذه
الكلمات صدرت من بعض من أراد أن ل تنكشف حقيقة رأيه للعوام بأنه مالف للكتاب والسنة فتوصل
إل ذلك بأن جعل فهم الكتاب والسنة على الوجه الذي هو مناط الحكام مقصورا على أهل
ص287:
الجتهاد ث نفي عن الدنيا أهل أحكام ث شاعت هذه الكلمات بينهم)) انتهى كلم السندي بروفه وله
تتمة سابغة لتنظر ف إيقاظ المم للفلن
ويقرب من كلم السندي رحه ال ما جاء ف حواشي تنبيه الفهام ولفظه ((ل ندري ما هو الباعث
لبعض التفقهة على إنكار الجتهاد وتريه على غي أئمة الذاهب والبالغة ف التقليد إل درجة حلت
بعض الستشرقي الوربيي على الظن بأن الفقهاء إنا هم يعتقدون ف الئمة منلة التشريع ل منلة
الضبط والتحرير وهذا وإن يكن سوء ظن أوجبه الفقهاء أنفسهم إل أن القيقة ليست كما ظنه ذلك
الستشرق معاذ ال 1لن الشارع واحد والشرع كذلك والئمة ل ينهوا أحدا عن العمل بالدليل
والرجوع إل الكتاب والسنة إذا تعارض القول والنص ومن كلم المام الشافعي بذا الصدر إذا صح
الديث فهو مذهب وقال إذا رأيتم كلمي يالف الديث فاعملوا بالديث واضربوا بكلمي عرض
الائط ومن كلم المام العظم ل ينبغي لن ل يعرف دليلي أن يأخذ بكلمي لذا كان من جاء بعدهم
من أصحابم أو من يوازيهم ف العلم من الرجحي يالفون أئتهم ف كثي من الحكام الت ل يتقيدوا
بقول إمامهم فيها لا قام لم الدليل على مالفتها لظاهر النص وإنا بعض الفقهاء الذين يسترون جهلهم
بالتقليد ينتحلون -لدعواهم التقيد بقول المام دون نص الكتاب أو السنة -أعذارا ل يسلم لم با أحد
من ذوي العقل الراجح من أفاضل السلمي وعلمائهم العاملي الذين هم على بصية من الدين))
وجاء ف الواشي الذكورة أيضا ما نصه ((يعتذر بعضهم عن سد باب الجتهاد بسد باب اللف وجع
شتات الفكار التأت عن تعدد الذاهب والال أن الجتهاد على طريقة السلف ل يؤدي إل هذا الحذور
كما هو مشاهد الن عند الزيدية من أهال جزيرة العرب -وهم الذين ينتسبون إل زيد بن زين العابدين
ل زيد بن السن الذكور ف حواشي الدر -فإن دعوى الجتهاد بي علمائهم شائعة مستفيضة
وطريقهم فيه طريقة السلف أي أنم يأتون بالكم معززا بالدليل من الكتاب أو السنة أو الجاع وليس
179
بعد إيراد الدليل مع الكم أدن طريق للخلف أو الختلف اللهم إل فيما ل يوجد بإزائه نص صريح أو
إجاع من الصحابة أو التابعي واحتيج فيه إل الستنباط من أصول الدين وليس ف
ص288:
هذا من الطر أو تشتت الفكار ولو جزءا يسيا ما ف طريقة الترجيح والتخريج عند الفقهاء الن على
أصول أي مذهب من الذاهب الربعة ويكفي ما ف هذه الطريقة من تشتت الفكار خلف الرجي
والرجحي ف السألة الواحدة خلفا ل ينتهي إل غاية يرتاح إليها ضمي مستفيد لقذفهم بفكره ف تيار
تتلطم أمواجه بي قولم التعمد والعول عليه كذا والصحيح كذا والصح كذا والفت به كذا إل غي
ذلك من اللف العظيم ف كل مسألة ل ينص عليها المام نصا صريا ول يفي ما ف هذا من الفتئات
على الدين ما ل يعد شيئا ف جانبه خلف الئمة الجتهدين ومشؤه التقيد بالتقليد البحت وعدم الرجوع
إل الكتاب والسنة ولو عند تعذر وجود النص ومع هذا فإنم يرون هذا الفتئات على الدين من الدين
ويوجبون على الؤمن العمل بأقوالم بل حجة تقوم لم ول له يوم الدين مع أن ال تعال يقول ف كتابه
العزيز ((هؤلء قومنا اتذوا من دون ال آلة لول يأتون عليهم بسلطان بي)) الية وف هذا دليل على
فساد التقليد وأن ل بد ف الدين من حجة ثابتة لذا كان التقليد البحت ل يرضاه لنفسه إل عامي أعمى
أو عال ل يصل إل مرتبة كبار الفضلء التقدمي والتأخرين الذين ل يرضوا لنفسهم التقليد البحت
كالمام الغزال وابن حزم وشخ السلم ابن تيميه والمام السيوطي والشوكان وغيهم من اشتهر
بالجتهاد من أئمة الذاهب)) انتهى بروفه
-10رد المام السندي رحه ال أيضا على من يقرأ كتب الديث ل للعمل
قال العلمة الفلن ف ((إيقاظ المم)) ((لو تتبع النسان من النقول لوجد أكثر ما ذكر ودلئل العمل
على الب أكثر من أن تذكر وأشهر من أن تشهر لكن لبس إبليس على كثي من البشر فحسن لم الخذ
بالرأي ل الثر وأوههم أن هذا
ص289:
هو الول والخي فجعلهم بسبب ذلك مرومي عن العمل بديث خي البشر وهذه البلية من البليا
الكب إنا ال إليه راجعون ومن أعجب العجائب أنم إذا بلغهم من بعض الصحابة رضي ال عنهم ما
يالف الصحيح من الب ول يدوا له مملً جوزوا عدم بلوغ الديث إليه لوم يتقل ذلك عليهم وهذا
هو الصواب وإذا بلغهم حديث يالف قول من يقلدونه اجتهدوا ف تأويله القريب والبعيد وسعوا ف
180
مامله الثائية والدانية وربا حرفوا الكلم عن مواضعها وإذا قيل لم عند عدم وجود الحامل العتبة لعل
من تقلدونه ل يبلغه الب أقاموا على القائل القيامة وشنعوا عليه أشد الشناعة وربا جعلوه من أهل
البشاعة وثقل ذلك عليهم فانظر أيها العاقل إل هؤلء الساكي يوزون عدم بلوغ الديث ف حق أب
بكر الصديق الكب وأحزابه ول يوزون ذلك ف أرباب الذاهب مع أن البون بي الفريقي كما بي
السماء والرض وتراهم يقرؤن كتب الديث ويطالعونا ويدرسونا ل ليعملوا با بل ليعلموا دلئل من
قلدوه وتأويل ما خالف قوله ويبالغون ف الحامل البعيدة وإذا عجزوا عن الحمل قالوا من قلدنا أعلم منا
بالديث أل يعلمون أنم يقيمون حجة ال تعال عليهم بذلك ول يستوي العال والاهل ف ترك العمل
بالجة وإذا مر عليهم حديث يوافق قول من قلدوه انبسطوا وإذا مر عليهم حديث يالف قوله أو يوافق
مذهب غيه ربا انقبضوا ول يسعوا قول ال (فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل
يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما) انتهى كلم السندي رحه ال تعال
-12التحذير من التعسف ف رد الحاديث إل الذاهب
قال العلمة الحقق القري ف قواعده ((ل يوز اتباع ظاهر نص المام مع مالفته لصول الشريعة عند
حذاق الشيوخ قال الباجي ل أعلم قولً أشد خلفا على مالك من أهل الندلس لن مالكا ل يوز تقليد
الرواة عنه عند مالفتهم الصول وهم ل يعتمدون على ذلك)) انتهى وقال أيضا
ص290:
قاعدة_ ل يوز رد الحاديث إل الذاهب على وجه ينقص من بجتها ويذهب بالثقة بظاهرها فإن ذلك
فساد لا وحط من منلتها ل أصلح ال الذاهب لفسادها ول رفها يفض درجاتا فكل كلم يؤخذ منه
ويرد إل ما صح لنا عن ممد بل ل يوز الرد مطلقا لن الواجب أن ترد الذاهب إليها كما قال الشافعي
وغيه ل أن ترد هي إل الذاهب كما تسامح فيه بعض النفية خصوصا والناس عموما إذ ظاهرها حجة
على من خالفها حت يأت با يقاومها فنطلب المع مطلقا ومن وجه على وجه ل يصي الجة أجحية
ول يرجها عن طرق الاطبات العامة الت انبن عليها الشرع ول يل بطرق البلغة والفصاحة الت جرت
من صاحبه مرى الطبع فإن ل يوجد طلب التاريخ للنسخ فإن ل يكن طلب الترجيح ولو بالصل وإل
تساقطا ف حكم الناظرة وسلم لكل ما عنده ووجب الوقف والتخيي ف حكم النتقال وجاز النتقال
على الصح)) ث قال
181
قاعدة -ل يوز التعصب إل الذاهب بالنتصاب للنتصار بوضع الجاج وتقريبها على الطرق الدلية
مع اعتقاد الطأ والرجوحية عند الجيب كما يفعله أهل اللف إل على وجه التدريب على نصب
الدلة والتعليم لسلوك الطريق بعد بيان ما هو الق فالق أعلى من أن يعلي وأغلب من أن يغلب وذلك
أن كل من يهتدي لنصب الدلة وتقرير الجاج ل يري الق أبدا ف جهة رجل قطعا ث إنا ل نرى
منصفا ف اللف ينتصر لغي مذهب صاحبه مع علمنا برؤية الق ف بعض آراء مالفيه وهذا تعظيم
للمقلدين بتحقي الدين وإيثار للهوى على الدي ول يتبع الق أهواءهم ول در على رضي ال عنه أي
بر علم ضم جنباه إذ قال لكميل بن زياد لا قال له أترانا نعتقد أنك على الق وأن طلحة والزبي على
الباطل ((اعرف الرجال بالق ول تعرف الق بالرجال اعرف الق تعرف أهله)) وما أحسن قول
أرسطولا خالف أستاذه أفلطون ((تاصم الق وأفلطون وكلها صديق ل والق أصدق منه)) وقال
الشيخ أحد زروق ف
ص291:
عمدة الريد الصادق ما نصه ((قال أبو إسحاق الشاطب كل ما عمل به التصوفة العبون ف هذا الشأن
-يعن كالنيد وأمثاله -ل يلو إما أن يكون ما ثبت له أصل ف الشريعة فهم خلفاؤه كما أن السلف
من الصحابة والتابعي خلفاء بذلك وإن ل يكن له أصل ف الشريعة فل أعمل عليه لن السنة حجة على
جيع المة وليس عمل أحد من المة حجة على السنة ولن السنة معصومة عن الطأ وصاحبها معصوم
ل شرعياوسائر المة ل تثبت لم العصمة إل مع إجاعهم خاصة وإذا أجعوا تضمن إجاعهم دلي ً
والصوفية والجتهدون كغيهم من ل يثبت لم العصمة ويوز عليهم الطأ والنسيان والعصية كبيها
وصغيها والبدعة مرمها ومكروهها ولذا قال العلماء كل كلم منه مأخوذ ومنه متروك إل ما كان من
كلمه عليه الصلة والسلم قال وفد قرر ذلك القشيي رحه ال تعال أحسن تقرير فقال فإن قيل فهل
يكون الول معصوما قيل أما وجوبا كما يكون للنبياء فل وأما أن يكون مفوظا حت ل يصر على
الذنوب وإن حصلت منهيات أو زلت ف أوقات فل ينع ف وصفهم قال ولقد قيل للجنيد رحه ال
((العارف يزن)) فأطرق مليا ث رفع رأسه وقال ((وكان أمر ال قدرا مقدورا)) وقال فهذا كلم منصف
فكما يوز على غيهم العاصي بالبتداع وغي ذلك يوز عليهم البدع فالواجب علينا أن نقف مع
القتداء به إشكال بل يعرض ما جاء عن الئمة على الكتاب والسنة فما قبله قبلناه وما ل يقبله تركناه
وما عملنا به إذا قام الدليل على اتباع الشارع ول يقم لنا الدليل على اتبارع أقوال الفقهاء والصوفية
182
وأعمالم إل بعد عرضها وبذلك رضي شيوخهم علينا وإن جاء به صاحب الوجد والذوق من العلوم
والحوال والفهوم يعرض على الكتاب والسنة فإن قبله صح وإل ل يصح قال ث نقول ثانيا إن نظرنا ف
رسومهم الت حددوها وأعمالم الت امتازوا با عن غيهم بسب تسي الظن والتماس أحسن الخارج
ول نعرف له مرجا فالواجب التوقف عن القتداء وإن كانوا ف جنس من يقتدي بم ل ردا له ول
اعتراضا عليه بل لن ل نفهم وجه
ص292:
رجوعه إل القواعد الشرعية كما فهمنا غيه ث قال بعد كلم فوجب بسب الريان على آرائهم ف
سلوك أن ل يعمل با رسوه با فيه معارضة بأدلة الشرع ونكون ف ذلك متبعي لثارهم مهتدين
بأنوارهم خلفا لن يعرض عن الدلة ويمد على تقليدهم فيه فيما ل يصح تقليدهم على مذهبهم فالدلة
الشرعية والنظار الفقهية والرسوم الصوفية تذمه وترده وتمد من تري واحتاط وتوقف عند الشتباه
واستبأ لدينه وعرضه وهو من مكنون العلم وبال التوفيق)) انتهى
وقال شس الدين ابن القيم ف كتاب ((الروح)) ((أعلم أنه ل يعترض على الدلة من الكتاب والسنة
بلف الخالف فإن هذا عكس طريقة أهل العلم فإن الدلة هي الت تبطل ما خللفها من القوال
ويعترض با على خالف موجبها فتقدم على كل قول اقتضى خلفها ل أن أقوال الجتهدين تعارض با
الدلة وتبطل بقتضاها وتعدم عليها)) انتهى
وقال رحه ال أيضا ف الكتاب الذكور ((الفرق بي الكم النل الواجب التباع والكم الؤول الذي
غايته ِأن يكون جائز التباع أن الكم النل هو الذي أنزله ال عز وجل على رسوله وحكم به بي عبادة
وهو الكم الذي ل حكم له سواه وأما الكم الؤول فهو أقوال الجتهدين الختلفة الت ل يب اتباعها
ول يكفر ول يفسق من خللفها فإن أصحابا ل يقولوا هذا حكم ال ورسوله بل قالوا اجتهدنا رأنا فمن
شاء قبله ومن شاء ل يقبله قال أبو حنيفة رحه ال تعال هذا رأي فمن جاءنا بي منه قبلناه ولو كان هو
حكم ال لا ساغ لب يوسف وممد مالفتهما فيه وكذلك مالك استشاره الرشيد أن يمل الناس على
ما ف ((الوطأ)) فمنعه مالك وقال قد تفرق أصحاب رسول ال ف البلد وصار عند كل قوم علم غي ما
عند الخرين وهكذا الشافعي ينهي أصحابه عن تقليده بترك قوله إذا جاء الديث بلفه وهذا المام
أحد ينكر على من كتب فتاوية ودونا ويقول ل تقلدون ول تقلد فلنا ول فلنا وخذ من حيث أخذوا
ولو علموا رضي ال تعال
183
ص293:
عنهم أن أقوالم وحي يب اتباعه لرموا على أصحابم مالفتهم ولا ساغ لصحابم أن يفتوا بلفهم
ف شيء ولا كان أحدهم يقول القول ث يفت بلفه فيوي عنه ف السألة القولن والثلثة وأكثر من
ذلك فالرأي والجتهاد أحسن أحواله أن يسوغ اتباعه والكم النل ل يل لسلم أن يالفه ول يرج
عنه وأما الكم البدل وهو الكم بغي ما أنزل ال عز وجل فل يل تنفيذه ول العمل به ول يسوغ
اتباعه وصاحبه بي الكفر والفسوق والظلم)) انتهى
وقال المام البخاري رحه ال تعال ف جز رفع اليدين قال وكيع من طلب الديث كما هو فهو
صاحب سنة ومن طلب الديث ليقوى هواه فهو صاحب بدعة قال يعن أن النسان ينبغي أن يلغي رأيه
لديث النب حيث يثبت الديث ول يعلل بعلل ل تصح ليقوى هواه وقد ذكر عن النب ((ل يؤمن
أحدكم حت يكون هواه تبعا لا جئت به)) وقد قال معمر ((أهل العلم كان الول فالول أعلم وهؤلء
الخر فالخر عندهم أعلم)) وروي البخاري رحه ال تعال أيضا ف جزء القراءة خلف المام عن ابن
عباس وماهد أنما قال ليس أحد بعد النب إل يؤخذ من قوله ويترك إل النب )) انتهى
-12الترهيب من عدم توفي الديث وهجر من يعرض عنه والغضب ل ف ذلك
قال المام الافظ أبو ممد عبد ال بن عبد الرحن الدارمي رحه ال تعال ف سننه باب تعجيل عقوبة
من بلغه عن النب حديث فلم يعظمه ول يوقره أخبنا عبد ال ابن صال حدثن الليث حدثن ابن عجلن
عن العجلن عن أب هريرة عن رسول ال قال ((بينما رجل يتبختر ف بردين خسف ال به الرض فهو
يتجلل فيها إل يوم القيامة )) فقال له فت قد ساه وهو ف حلة له يا أبا هريرة أهكذا كان يشي ذلك
الفت الذي خسف به ث ضرب بيده فعثر عثر كاد يتكسر فيها -فقال أبو هريرة للمنخرين وللفم ((إنا
كفيناك الستهزئي))
ص294:
أخبنا ممد بن حيد حدثنا هارون -هو ابن الغية -عن عمر بن أب قيس عن الزبي ابن عدي عن
خراش بن جبي قال رأيت ف السجد فت يذف فقال له شيخ ل تذف فإن سعت ال نى عن الذف
فغفل الفت فظن أن الشيخ ل يفطن له فخذف فقال له الشيخ أحدثك أن سعت رسول ال ينهي عن
الذف ث تذف وال ل أشهد لك جنازة ول أعودك ف مرض ول أكملك أبدا فقلت لصاحب ل يقال
له مهاجر انطلق إل خراش فاسأله فأتاه فسأله عنه فحدثه
184
أخبنا سفيان بن حرب حدثنا حاد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبي عن عبد ال بن مغفل قال نى
رسول ال عن الذف وقال ((إنا ل تصطاد صيدا ول تنكي عدوا ولكنها تكسر السن وتفقا العي))
فرفع رجل بينه وبي سعيد قرابة شيئا من الرض فقال هذه وما تكون هذه فقال سعيد أل أران أحدثك
عن رسول ال ث تاون با ل أكلمك أبدا
أخبنا عبد ال بن يزيد حدثنا كهمس بن السن عن عبد ال بن بريده قال رأي عبد ال بن مغفل رجل
من أصحابه يذف فقال ل تذف فإن رسول ال كان ينهي عن الذف وكان يكرهه وإنه ل ينكأ به
عدو ول يصاد به صيد ولكنه قد يفقأ العي ويكسر السن ث رآه بعد ذلك يذف فقال له أل أخبك أن
رسول ال كان ينهي عنه ث أراك تذف وال ل أكلمك أبدا
أخبنا مروان بن ممد حدثنا إساعيل بن بشر عن قتادة قال حدث ابن سيين رجلً يدث عن النب فقال
رجل قال فلن وفلن كذا وكذا فقال ابن سين أحدثك عن النب وتقول قال فلن وفلن كذا وكذا ل
أكلمك أبدا
أخبنا ممد بن كثي عن الوزاعي عن الزهري عن سال عن ابن عمر أن رسول ال قال إذا أستأذنت
أحدكم امرأته إل السجد فل ينعها)) قال فلن بن عبد ال
ص295:
إذن وال وأمنعها فأقبل عليه ابن عمر فشتمه شتمة ل أره شتمها أحدا قبله ث قال أحدثك عن رسول ال
وتقول إذن وال أمنعها
أخبنا ممد بن حيد حدثنا هارون بن الغية عن معروف عن أب الخارق قال ذكر عبادة بن الصامت
أن النب نى عن درهي بدرهم قال فلن ما أرى بذا بأسا يدا بيد فقال عبادة أقول قال النب وتقول ل
أرى به بأسا وال ل يظلن وإياك سقف أبدا
أخبنا ممد بن يزيد الرفاعي حدثنا أبو عامر العقدي عن زمعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن
عباس عن النب قال ((ل تطرقوا النساء ليلً)) قال وأقبل رسول ال قافلً فانساق رجلن إل أهليهما
وكلها وجد مع امرأته رجلً
أخبنا أبو الغية حدثنا الوزاعي عن عبد الرحن بن حرملة السلمي عن سعيد ابن السيب قال كان
رسول ال إذا قدم من سفر نزل العرش ث قال ((ل تطرقوا النساء ليلً)) فخرج رجلن من سع مقالته
فطرقا أهلهما فوجد كل واحد منهما مع إمراته رجل
185
أخبنا أبو الغية حدثنا الوزاعي عن عبد الرحن بن حرملة قال جاء رجل إل سعيد بن السيب يودعه
بج أو عمرة فقال له ل تبح حت تصلي فإن رسول ال قال ((ل يرج بعد النداء من السجد إل منافق
إل رجل أخرجته حاجة وهو يريد الرجعة إل السجد)) فقال إن أصحاب بالرة قال فخرج قال فلم يزل
سعيد يولع بذكره حت أخب أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه)) انتهى
وروى مسلم حديث سال عن ابن عمر التقدم ورواه المام أحد وزاد ((فما كلمه عبد ال حت مات))
قال الطيب رحه ال -شارح الشكاة(( -عجبت من يتسمى بالسن إذا سع من سنة رسول ال وله رأي
رجح رأيه عليها وأي فرق بينه وبي
ص296:
البتدع أما سع ((ل يؤمن أحدكم حت يكون هواه تبعا لا جئت به)) وها هو ابن عمر وهو من أكابر
الصحابة وفقهائها كيف غضب ل ورسوله وهجر فلذة كبده لتلك التة عبة لول اللباب)) 1هـ
وقال النووي ف شرح مسلم عند الكلم على حديث عبد ال بن مغفل الذي تقدم ((فيه جواز هجران
أهل البدع والفسوق وأنه يوز هجرانم دائما فالنهي عنه فوق ثلثة أيام إنا هي ف هجر لظ نفسه
ومعايش الدنيا وأما هجر أهل البدع فيجوز على الدوام كما يدل عليه هذا مع نظائر له كحديث كعب
بن مالك قال السيوطي ((وقد الفت مؤلفا سيته ((الزجر بالجر)) لن كثي اللزمة لذه السنة)) انتهى
وقال الشعران قدس سره ((سع المام أحد بن أب إسحاق السبيعي يقول إل مت حديث ((اشتغلوا
بالعلم)) فقال له المام أحد ((قم يا كافر ل تدخل علينا أنت بعد اليوم ث إنه التفت إل أصحابه وقال ما
قلت أبدا لحد من الناس ل تدخل داري غي هذا الفاسق)) 1هـ فانظر يا أخي كيف وقع من المام
هذا الزجر العظيم لن قال إل مت حديث ((اشتغلوا بالعلم)) فكانوا رضي ال عنهم ل يتجرأ أحد منهم
أن يرج عن السنة قيد شب بل بلغنا أن مغنيا كان يغن للخليفة فقيل له إن مالك بن أنس يقول بتحري
الغناء فقال الغن وهل لالك وأمثاله أن يرم ف دين ابن عبد الطلب وال يا أمي الؤمني ما كان التحري
لرسول ال إل يوحي من ربه عز وجل وقد قال تعال ((لتحكم بي الناس با أراك ال )) ل يقل ((با
رأيت يا ممد)) فلو كان الدين بالرأي لكان رأي رسول ال ل يتاج إل وحي وكان الق تعال أمره أن
يعمل به بل عاتبه ال تعال حي حرم على نفسه ما حرم ف قصة مارية وقال (يا أيها النب ل ترم ما أحل
ال لك) الية انتهى
ص297:
186
وقال قدس ال سره أيضا ((كان المام أبو حنيفة رضي ال عنه يقول إياكم وآراء الرجال ودخل عليه
مرة رجل من أهل الكوفة والديث يقرأ عنده فقال الرجل دعونا من هذه الحاديث 1فزجره المام
أشد الزجر وقال له لول السنة ما فهم أحد منا القرآن ث قال للرجل ما تقول ف لم القرد وأبن دليله من
القرآن فأفحم الرجل فقال للمام فما تقول أنت فيه فقال ليس هو من بيمة النغام فانظر يا أخي إل
مناضلة المام عن السنة وزجره من عرض له بترك النظر ف أحاديثها فكيف ينبغي لحد أن ينسب المام
إل القول ف دين ال بالرأي الذي ل يشهد له ظاهر كتاب ول سنة وكان رضي ال عنه يقول عليكم
بآثار من سلف وإياكم ورأي الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن المر ينجلي حي ينجلي وأنتم على
صراط مستقيم وكان يقول إياكم والبدع والتبدع والتنطع وعليكم بالمر الول العتيق ودخل شخص
الكوفة بكتاب ((دانيا)) فكاد أبو حنيفة أن يقبله وقال له أكتاب ث غي القرآن والديث وقيل له مرة ما
تقول فيما أحدثه الناس من الكلم ف العرض والوهر والسم فقال هذه مقالت الفلسفة فعليكم
بالثار وطريقة السلف وإياكم وكل مدث فإنه بدعة وقيل له مرة قد ترك الناس العمل بالديث وأقبلوا
على ساعه فقال رضي ال عنه نفس ساعهم للحديث عمل به وكان يقول ل تزل الناس ف صلح ما دام
فيهم من يطلب الديث فإذا طلبوا العلم بل حديث فسدوا وكان رضي ال عنه يقول قاتل ال عمرو بن
عبيد فإنه فتح للناس باب الوض ف الكلم فيما ل يعنيهم وكان يقول ل ينبغي لحد أن يقول قولً حت
يعلم أن شريعة رسول ال تقبله)) انتهى ملخصا
ص298:
-13ما ينقي من تفسي حديث النب وقول غيه عند قوله )) أخبنا موسى بن خالد حدثنا معتمر عن
أبيه قال ليتق من تفسي حديث كما تقي من تفسي القرآن أخبنا صدقة بن الفضل حدثنا معتمر عن أبيه
قال قال ابن عباس أما تافون أن تعذبوا ويسف بكم أن تقولوا قال رسول ال وقال فلن أخبنا السن
بن بشر حدثنا العاف عن الوزاعي قال كتب عمر بن عبد العزيز أنه ل رأي لحد ف كتاب ال وإنا
رأي الئمة فيما ل ينل فيه كتاب ول تض به سنة من رسول ال ول رأي لحد ف سنة سنها رسول
ال حدثنا موسى بن خالد حدثنا معتمر بن سليمان عن عبيد ال بن عمر أن عمر أن عمر بن عبد العزيز
خطب فقال ((يا أيها الناس إن ال ل يبعث نبيا بعدنبيكم ول ينل بعد هذا الكتاب الذي أنزله عليه
كتابا فما أحل ال على لسان نبيه فهو حلل إل يوم القيامة وما حرم على لسان نبيه فهو حرام إل يوم
187
القيامة أل وأن لست بقاض ولكن منفض ولست ببتدع ولكن متبع ولست بي منكم غي أن أثقلكم
ل وأنه ليس لحد من خلق ال أن يطاع ف معصية ال أل هل أسعت)) حً
أخبنا عبيد ال بن سعيد حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجي قال كان طاوس يصلي ركعتي بعد
العصر فقال له ابن عباس اتركهما قال إنا نى عنهم أن تتخذا سلما قال ابن عباس فإنه قد نى عن صلة
بعد العصر فل أدري أتعذب عليها أم تؤخر لن ال يقول ((وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال
ورسوله أمرا أن يكون لم الية من أمرهم)) قال سفيان تتخذ سلما يقول يصلي بعد العصر إل الليل
حدثنا قبيصة أخبنا سفيان عن أب رباح شيخ من آل
ص299:
ل يصلي بعد العصر الركعتي يكثر فقال له يا أبا ممد أيعذبن ال عمر قال رأي سعيد بن السيب رج ً
على الصلة ل ولكن يعذبك ال بلف السنة)) انتهى
وقال المام الشافعي رضي ال عنه ف رسالته ((أخبن أبو حنيفة بن ساك بن الفضل الشهاب قال أخبن
ابن أب ذئب عن القبي عن أب شريح الكعب أن النب قال عام الفتح ((من قتل له قتيل فهو بي النظرين
عن أحب أخذ العقل وإن أحب لفه القود)) قال أبو حنيفة فقلت لبن أب ذئب أتأخذ بذا يا أبا الارث
فضرب صدري وصاح على صياحا كثيا ونال من وقال أحدثك عن رسول ال وتقول أتأخذ به نعم
أخذ به وذلك الفرض على وعلى من سعه إن ال تبارك وتعال اختار ممدا من الناس فهداهم به وعلى
يديه واختار لم ما اختار له وعلى لسانه فعلي اللق أن يتبعوه طائعي أو داخرين ل مرج لسلم من ذلك
قال وما سكت حت ينيت أن يسكت)) انتهى
وقال العارف الشعران ف مقدمة ميزانه ((قال المام ممد الكوف رأيت المام الشافعي رضي ال عنه
بكة وهو يفت الناس ورأيت المام أحد إسحاق بن راهويه حاضرين فقال الشافعي قال رسول ال
((وهل ترك لنا عقيل من دار)) فقال إسحاق روينا عن السن وإبراهيم أنما ل يكونا يريانه وكذلك
عطاء وماهد فقال الشافعي لسحاق لو كان غيك موضعك لفركت أذنه أقول قال رسول ال ونقول
قال عطاء وماهد والسن وهل لحد مع قول رسول ال حجة -بأب هو وأمي ))-انتهى
وأخر الافظ ابن عبد الب عن بكي بن الشج أن رجلً قال للقاسم بن ممد عجبا من عائشة كيف
كانت تصلي ف السفر أربعا ورسول ال كان يصلي ركعتي ركعتي فقال يا ابن أخي عليك بسنة
رسول ال حيث وجدتا
188
ص300:
فإن من الناس من ل يعاب وعن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال تتع رسول ال فقال عروة نى أبو بكر
وعمر عن التعة فقال ابن عباس ما تقول ما عروة قال يقولون ني أبو بكر وعمر عن التعة فقال ابن
عباس أراهم سيهلكون أقول قال رسول ال ويقولون قال أبو بكر وعمر قال ابن عبد الب يعن متعة الج
وهو فسخ الج ف عمرة وقال أبو الدرداء من يعذرن من معاوية أحدثه عن رسول ال ويبن برأيه ل
أساكنك بأرض أنت فيها وعن عبادة بن الصامت مثل ذلك وعن عمر بن دينار عن سال بن عبد ال عن
أبيه قال عمر إذا رميتم المرة سبع حصيات وذبتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إل الطيب والنساء
قال سال وقالت عائشة أنا طيبت رسول ال لله قبل أن يطوف بالبيت قال سال فسنة رسول ال أحق
أن تتبع)) نقله العلمة الفلن ف إيقاظ المم
-14ما يقوله من بلغه حديث كان يعتقد خلفه
قال المام النووي ف ((رياض الصالي)) ف باب ((وجوب النقياد لكم ال وما يقوله عن دعي إل
ذلك)) ((قال ال تعال (فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم
حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما)) وقال ال تعال (إنا كان قول الؤمني إذا دعوا إل ال ورسوله
ليحكم بينهم أن يقولوا سعنا وأطعنا وأولئك هم الفلحون)) ث ساق شذرة من الحاديث ف ذلك
وقال رضي ال عنه ف أذكاره ف باب ((ما يقوله من دعي إل حكم ال تعال))
ص301:
ما صورته ((وكذلك ينبغي إذا قال له صاحبه هذا الذي فعلته خلف حديث رسول ال أو نو ذلك أن
ل يقول ل ألتزم الديث أو ل أعمل بالديث أو نو ذلك من العبارات الستبشعة وأن كان الديث
متروك الظاهر لتخصيص أو تأويل أو نو ذلك يقول عند ذلك هذا الديث مصوص أو متاول أو متروك
الظاهر بالجاع وشبه ذلك)) انتهى
-15ما روى عن السلف ف الرجوع إل البيت
قال المام الشافعي ف الرسالة أخبنا سفيان بن عيينة وعبد الوهاب الثقفي عن يي بن سعيد عن سعيد
بن السيب أن عمر بن الطاب رضي ال عنه قضى ف البام بمس عشرة وف الت تليها بعشر وف
الوسطى بعشر وف الت تلي النصر بتسع وف النضر بست قال الشافعي لا كان معروفا -وال أعلم -
عند عمر أن رسول ال قضى ف اليد بمسي وكانت اليد خسة أطراف متلفة المال والنافع نزلا
189
منازلا فحكم لكل واحد من الطراف بقدره من دية الكف فهذا قياس على الب قال الشافعي فلما وجد
كتاب آل عمرو بن حزم فيه أن رسول ال قال ((وف كل إصبع ما هنالك عشر من البل)) صاروا إليه
قال ول يقبلوا كتاب آل عمر بن حزم -وال أعلم -حت ثبت لم أنه كتاب رسول ال وف هذا
الديث دللتان إحداها قبول الب والخرى أن يقبل الب ف الوقت الذي يثبت فيه وإن ل يض عمل
من أحد من الئمة بثل الب الذي قبلوا ودللة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الئمة ث وجد
عن النب خب يالف عمله لترك عمله لب رسول ال ودللة على أن حديث رسول ال يثبت بنفسه ل
بعمل غيه بعده قال الشافعي ول يقل السلمون قد عمل فينا عمر بلف هذا من الهاجرين والنصار
ول تذكروا أنتم أن عندكم خلفه
ص302:
ول غيكم بل صاروا إل ما وجب عليهم من قبول الب عن رسول ال وترك كل عمل خالفه ولو بلغ
عمر هذا صار إليه إن شاء ال كما صار إل غيه ما بلغه عن رسول ال بتقواه ل وتأديته الواجب عليه
ف اتباع أمر رسول ال وعلمه بأن ليس لحد مع رسول ال أمر وأن طاعة ال ف اتباع أمر رسول ال
قال الشافعي ((فإن قال ل قائل فاد للن على أن عمر عمل شيئا ث صار إل غيه لب عن رسول ال
قلت فإن أوجدتكه قال ففي إيادك إياي ذلك دليل على أمرين أحدها أنه قد يعمل من جهة الرأي إذا ل
يد سنة والخر أن السنة إذا وجدت عليه ترك عمل نفسه ووجب على الناس ترك كل عمل وجدت
السنة بلفة وإبطال أن السنة ل تثبت إل بب تقدمها وعلم أنه ل يوهيها شيء إن خالفها قال الشافعي
((أخبنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن السيب أن عمر بن الطاب رضي ال عنه كان يقول والدية
على العاقلة ول ترث الرأة من دية زوجها شيئا حت أخبه الضحاك بن سفيان أن رسول ال كتب إليه
أن يورث امرأة أشيم الضبان من ديته فرجع إليه عمر قال الشافعي أخبنا سفيان عن عمرو بن دينار وابن
طاوس عن طاوس أن عمر قال أذكر ال امرءا سع من النب ف الني شيئا فقام حل بن مالك بن النابغة
فقال كنت بي جاريتي ل -يعن ضرتي -فضربت إحداها الخرى بسطح فألقت جنينا ميتا فقضى
فيه رسول ال بغرة فقال عمر رضي ال عنه لو ل نسمع هذا لقضينا فيه بغي هذا وقال غيه إن كدنا أن
نقضي ف مثل هذا برأينا قال الشافعي فقد رجع عمر عما كان يقضي به لديث الضحاك إل أن خالف
فيه حكم نفسه وأخب ف الني أنه لو ل يسمع بذا لقضي فيه بغيه وقال إن كذنا أن نقضي ف مثل هذا
بآراتنا قال الشافعي يب -وال أعلم -أن السنة إذا كانت موجودة بأن ف النفس مائة من البل فل
190
يعدو الني أن يكون حيا فتكون فيه مائة من البل أو ميتا فل شيء فيه فلما أخب بقضاء رسول ال فيه
سلم له ول يعل لنفسه إل اتباعه فيما مضى حكمه بلفه وفيما كان رأيا منه ل
ص303:
يبلغه عن رسول ال فيه شيء فلما بلغه خلف فعله صار إل حكم رسول ال وترك حكم نفسه وكذلك
كان ف كل أمره وكذلك يلزم الناس أن يكونوا)) انتهى
-16حق الدب فيما ل تدرك حقيقة من الخبار النبوية
نقل القسطلن ف شرح البخاري عند باب ((صفة إبليس)) آخر الباب عن ((التوربشت)) ف حديث
((إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) ما نصه ((حق
الدب دون الكلمات النبوية الت هي مازن لسرار الربوبية ومعادن الكم اللية أن ل يتكلم ف الديث
وأخوانه بشيء فإن ال تعال خص رسول بغرائب العان وكاشفة عن حقائق الشياء ما يقصر عن بيانه
باع الفهم ويكل عن إدراكه بصر العقل)) انتهى
وقال العارف الشعران قدس سره ف ميزانه ((روينا عن المام الشافعي رضي ال عنه أنه كان يقول
التسليم نصف اليان قال له الربيع اليزي بل هو اليان كله يا أبا عبد ال فقال وهو كذلك وكان
المام الشافعي يقول من كمال إيان العبد أن ل يبحث ف الصول ول يقول فيها ((ل ول كيف)) فقيل
له وما هي الصول فقال هي الكتاب والسنة وإجاع المة انتهى قال الشعران أي فنقول ف كل ما جاءنا
عن ربنا أو نبينا آمنا بذلك على علم ربنا فيه)) انتهى
أقول رأيت بط شيخنا العلمة الحقق الشيخ ممد الطندتائي الزهري ث الدمشقي على سؤال ف فتاوي
ابن حجر ف اليت إذا ألد ف قبه هل يقعد ويسأل أم يسأل هو راقد وهل تلبس الثة الروح ال ما نصه
((أعلم أن السؤال عن هذه الشياء من باب الشتغال با ل يعن وقد ورد ((من حسن إسلم الرء تركه
ما ل يعنيه)) وإنا كان من الشتغال با ل يعن لن ال تعال ل يكلفنا بعرفة حقائق الشياء وإنا كلفنا
بتصديق نبيه ف كل ما جاء به وبامتثال أمره واجتناب نيه وإنا اشتغل
ص304:
بالبحث عن حقائق الشياء هؤلء الفلسفة الذين سعوا أنفسهم بالكماء لنم أنكروا العاد السمان
وقالوا بالشر الروحان وزعموا أن النعيم إنا هو بالعلم والعذاب إنا هو بالهل وقد عم هذا البلد كثيا
من العلماء حت اعتقدوا أن هذه الفلسفة هي الكمة ورأوها أفضل ما يكتسبه النسان وإن ما سواها من
191
علوم الدين وآلتا ليس فضيلة فل حول ول قوة إل بال 1فالواجب تصديق الشارع ف كل ما ثبت عنه
وإن ل يفهم معناه فل تضيع وقتك ف الشتغال با ل يعنيك)) انتهى كلمه رحه ال تعال
-17بيان إمراء السلف الحاديث على ظاهرها
قال العارف الشعران ف ميزانه ((كان المام الشافعي يقول الديث على ظاهره لكنه إذا احتمل عدة
معان فأولها ما وافق الظاهر)) انتهى
وقال قدس سره أيضا ((وقد كان السلف الصال من الصحابة والتابعي يقدرون على القياس ولكنهم
تركوا ذلك أدبا مع رسول ال ومن هنا قال سفيان الثوري من الدب إجراء الحاديث الت خرجت
مرج الزجر والتنفي على ظاهرها من غي تأويل فإنا إذا أولت خرجت عن مراد الشارع كحديث ((من
غشنا فليس منا)) وحديث ((ليس منا من تطي أو تطي له)) وحديث ((ليس منا من لطم الدود وشق
اليوب ودعا بدعوى الاهلية)) فإن العال إذا أولا بأن الراد ((ليس منا)) ف تلك الصلة فقط أي وهو
منا ف غيها هان على الفاسق الوقوع فيها وقال مثل الخالفة ف خصلة واحدة أمر سهل فكان أدب
السلف الصال بعدم التأويل أول بالتباع للشارع وإن كان قواعد الشريعة قد تشهد أيضا لذلك
التأويل)) انتهى
وهكذا مذهب السلف ف الصفات قال الافظ شس الدين الذهب الشافعي الدمشقي
ص305:
رحه ال تعال ف كتاب ((العلو)) ((قال المام العلمة حافظ الغرب أبو عمر يوسف ابن عبد الب
الندلسي ف شرح الوطأ أهل السنة يمعون على القرار بالصفات الواردة ف الكتاب والسنة وحلها
على القيقة ل على الجاز إل أنم ل يكيفوا شيئا من ذلك وأما الهمية والعتزلة والوارج فكلهم
ينكرها ول يمل منها شيئا على القيقة ويزعمون أن من أقر با مشبه وهم عند من أقر با نافون
للمعبود)) قال الافظ الذهب صدق وال فإن من تأول سائر الصفات وحل ما ورد منها على ماز الكلم
أداه ذلك السلب إل تعطيل الرب وأن يشابه العدوم كما نقل عن حاد بن زيد أنه قال ((مثل الهمية
كقوم قالوا ف دارنا نلة قيل ألا سعف قالوا ل قيل فما ف داركم نلة قلت كذلك هؤلء النفاة قالوا
إلنا ال تعال وهو ل ف زمان ول مكان ول يري ول يسمع ول يبصر ول يتكلم ول يرضي ول يريد
ول ول وقالوا سبحان النه عن الصفات بل نقول سبحان ال تعال العظيم السميع البصي الريد الذي
192
كلم موسى تكليما وأتذ إبراهيم خليلً ويرى ف الخرة التصف با وصف نفسه ووصفه به رسله النه
عن سات الخلوقي وعن حجد الاحدين ليس كمثله شيء وهو السميع البصي))
ث قال الذهب ((وقال عال العراق أبو يعلي ممد بن السي بن الفراء البغدادي النبلي ف كتاب ((إبطال
التأويل)) له ل يوز رج هذه الخبار ول التشاغل بتأويلها والواجب حلها على ظاهرها وأنا صفات ال
عز وجل ل تشبه بسائر صفات الوصوفي با من اللق قال ويدل على إبطال التأويل أن الصحابة ومن
بعدهم حلوها على ظاهرها ول يتعرضوا لتأويلها ول صرفها عن ظاهرها فلو كان التأويل سائغا لكانوا
إليه أسبق لا فيه من إزالة التشبيه يعن على زعمهم من قال إن ظاهرها تشبيه)) قال الذهب قلت
التأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولده ما علمت أحدا سبقهم با قالوا هذه
ص306:
الصفات تر كل جاءت ول تؤول مع اعتقاد أن ظاهرها غي مراد فتفرع من هذا أن الظاهر يعي به أمران
((أحدها أنه ل تأويل لا غي دللة الطاب كما قال السلف الستواء معلوم وكما قال سفيان وغيه
قراءتا تفسيها يعن أنا بينة واضحة ف اللغة ل يبتغي با مضايق التأويل والتحريف وهذا هو مذهب
السلف مع اتفاقهم أيضا أنا ل تشبه صفات البشر بوجه إذا الباري ل مثل له ل ف ذاته ول ف صفاته
((الثان أن ظاهرها هو الذي يتشكل ف اليال من الصفة كما يتشكل ف الذهن من وصف البشر فهذا
غي مراد فإن ال تعال فرد صمد ليس له نظي وإن تعددت صفاته فإنا حق ولكن ما لا مثل ول نظي
فمن ذا الذي عانيه ونعته لنا ومن ذا الذي يستطيع أن ينعت لنا كيف سع كلمه وال إنا لعاجزون
كالون حائرون باهتون ف حد الروح الت فينا وكيف تعرج كل ليلة إذا توفاها بارئها وكيف يرسلها
وكيف تستقل بعد الوت وكيف حياة الشهيد الرزوق عند ربه بعد قتله وكيف حياة النبيي الن وكيف
شاهد النب أخاه موسى يصلي ف قبه قائما ث رآه ف السماء السادسة وحاوره وأشار عليه براجعة رب
العالي وطلب التخفيف منه على أمته وكيف ناظر موسى أباه آدم وحجه آدم بالقدر السابق وكذلك
نعجز عن وصف هيئتنا ف النة ووصف الور العي فكيف بنا إذا انتقلنا إل اللئكة وذواتم وكيفيتها
وأن بعضهم يكنه أن يلتقم الدنيا ف لقمة مع رونقهم وحسنهم وصفاء جوهرهم النوران فال أعلى
ل آمنا بال واشهد بأننا مسلمون)) انتهىوأعظم له الثل العلى والكمال الطلق ول مثل له أص ً
ث قال الذهب ((قال المام الافظ أبو بكر الطيب البغدادي أما الكلم ف كل لصفات فأما ما روى
منها ف السنن الصحاح فمذهب السلف إثباتا وإجراؤها على ظواهرها نقي الكيفية والتشبيه عنها ث قال
193
والراد بظاهرها أنه ل باطن للفاظ الكتاب السنة غي ما وضعت له كما قال مالك وغيه ((الستواء
معلوم)) وكذلك القول ف السمع
ص307:
والبصر والعلم والكلم والرادة والوجه ونو ذلك هذه الشياء معلومة فل تتاج إل بيان وتفسي لكن
الكيف ف جيعها مهول عندنا وقد نقل الذهب ف كتابه الذكور هذا الذهب عن مئة وخسي إماما بدأ
منهم بأب حنيفة رضي ال عنهم وختم بالقرطب فانظره
-18قاعدة المام الشافعي رحه ال ف متلف الديث
ساقها ضمن ماورة مع باحث فيما ورد ف التغليس بالفجر والسفار
قال رضي ال عنه ف رسالته ف باب ((ما يعد متلفا وليس عندنا بختلف)) أخبنا ابن عيينة عن ممد
بن عجلن عن عاصم بن عمر بن قتادة عن ممود بن لبيد عن رافع بن خديج أن رسول ال قال
((أسفروا بصلة الفجر فإن ذلك أعظم للجر أو أعظم لجوركم)) قال الشافعي أخبنا ابن عيينة عن
الزهري عن عروة عن عائشة قالت كن من نساء الؤمنات يصلي مع النب الصبح ث ينصرفن وهن
متلفعات بروجهن ما يعرفهن أحد من الغلس قال الشافعي وذكر تغليس النب النب بالفجر سهل بن سعد
وزيد بن ثابت وغيها من أصحاب رسول ال شبيها بعن حديث عائشة قال الشافعي ((قال ل قائل
نن نرى أن يسفر بالفجر اعتمادا على حديث رافع ونزعم أن الفضل ف ذلك وأنت ترى جائزا لنا إذا
اختلف الديثان أن نأخذ بأحدها ونن نعد هذا مالفا لديث عائشة قال الشافعي فقلت له إن كان
مالفا لديث عائشة فكأن الذي يلزمنا وإياك أن نصي إل حديث عائشة دونه لن أصل ما نبن نن
وأنتم عليه أن الحاديث إذا اختلفت ل نذهب إل واحد منها دون غيه إل بسبب يدل على أن الذي
ذهبنا إليه أقوى من الذي تركنا قال وما ذلك السبب قلت أن يكون أحد الديثي أشبه بكتاب ال فإذا
أشبه كتاب ال كانت فيه الجة قال هكذا نقول قلت فإن
ص308:
ل يكن فيه نص ف كتاب ال كان أولها بنا الثبت منهما وذلك أن يكون من رواه أعرف إسنادا
وأشهر بالعلم والفظ له من الملء أو يكون روي الديث الذي ذهبنا إليه من وجهي أو أكثر والذي
تركنا من وجه فيكون الكثر أول بالفظ من القل أو يكون الذي ذهبنا إليه أشبه بعن كتاب ال أو
أشبه با سواها من سنن رسول ال وأول با يعرف أهل العلم وأوضح ف القياس والذي عليه الكثر من
194
أصحاب رسول ال قال وهكذا نقول ويقول أهل العلم قلت فحديث عائشة أشبه بكتاب ال لن ال عز
وجل يقول ((حافظوا على الصلوات والصلة الوسطى)) فإذا حل الوقت فأول الصلي بالحافظة القدم
للصلة وهو أيضا أشهر رجل بالفقه وأحفظ ومع حديث عائشة ثلثة كلهم يروي عن النب مثل معن
حديث عائشة زيد بن ثابت وسهل بن سعد والعدد الكثر أول بالفظ والنقل وهذا أشبه بسنن النب من
حديث رافع بن خديج قال وأي سنن قلت قال رسول ال ((أول الوقت رضوان ال وآخره عفوه)) وهو
ل يؤثر على رضوان ال شيئا والعفو ل يتمل إل معنيي عفوا عن تقصي أو توسعة والتوسعة تشبه أن
يكون الفضل ف غيها إذ ل يؤمر بترك ذلك لغي الت وسع ف خلفها قال وما تريد بذا قلت إذا ل يؤمر
بترك الوقت الول وكان جائزا أن يصلي فيه وف غيه قبله فالفضل ف التقدي والتأخي تقصي موسع وقد
أبان رسول ال مثل ما قلنا وسئل أي العمال أفضل قال ((الصلة ف أول وقتها)) وهو ل يدع موضع
الفضل ول يأمر الناس إل به وهو الذي ل يهله عال أن تقدي الصلة ف أول وقتها أول بالفضل لا
يعرض للدميي من الشغال والنسيان والعلل الت ل تهلها العقول وهو أشبه بعن كتاب ال قال أين هو
من الكتاب قلت قال ال جل ثناؤه ((حافظوا على الصلوات والصلة لوسطى)) ومن قدم الصلة ف أول
وقتها كان أول بالحافظة عليها من أخرها عن
ص309:
أول الوقت وقد رأينا الناس فيما وجب عليهم وفيما تطوعوا به يؤمرون بتعجيله إذا أمكن لا يعرض
للدميي من الشغال والنسيان والعلل الت ل تهلها العقول وأن تقدي صلة الفجر ف أول وقتها عن أب
بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأب موسى الشعري وأنس بن مالك وغيهم رضي ال عنهم
مثبت قال الشافعي فقال إن أبا بكر وعمر وعثمان رضي ال عنهم دخلوا الصلة مغلسي وخرجوا منها
مسفرين بإطاله القراءة فقلت له قد أطالوا القراءة وأوجزوها والوقت ف الدخول ل ف الروج من الصلة
وكلهم دخل مغلسا وخرج رسول ال منها مغلسا فخالفت الذي هو أول بك أن تصي إليه ما ثبت عن
رسول وخالفتهم فقلت يدخل الداخل منها مسفرا ويرج مسفرا ويوجز القراءة فخالفتهم ف الدخول
وما احتججت به من طول القراءة وف الحاديث عن بعضهم أنه خرج منها مغلسا قال الشافعي فقلت
إن رسول ال لا حض الناس على تقدي الصلة وأخب بالفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبي من
يقدمها قبل الفجر الخر فقال ((أسفروا بالفجر)) يعن حت يتبي الفجر الخر معترضا قال أفيحتمل معن
غي ذلك قال نعم يتمل ما قلت وما بي ما قلنا وقلت وكل معن يقع عليه اسم السفار قال فما جعل
195
معناكم أول من معنانا قلت با وصفت لك من الدليل وبأن النب ِ قال ها فجران ((فأما الذي كأنه ذنب
السرحان فل يل شيئا ول يرمه وأما الفجر العترض فيحل الصلة ويرم الطعام)) يعن على من أراد
الصيام)) انتهى
وقال رضي ال عنه قبل ذلك ف باب وجه آخر من الختلف ((قال الشافعي فقال ل قائل قد اختلف ف
التشهد فروى ابن مسعود عن النب أنه كان يعلمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن فقال ف
مبتدئة ثلث كلمات التحيات ل فبأي التشهد أخذت قلت أخبنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن
الزبي عن
ص310:
عبد الرحن بن عبد القارئ أنه سع عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول على النب هو يعلم الناس التشهد
-يقول قولوا ((التحيات ل الزاكيات ل الطيبات ل الصلوات ل السلم عليك أيها النب ورحه ال
وبركاته السلم علينا وعلي عباد ال الصالي أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن ممدا عبده وروسوله))
قال الشافعي هذا الذي علمنا من سبقنا بالعلم من فقهائنا صغارا ث سعناه بإسناده وسعنا ما يالفه فلم
نسمع إسنادا ف التشهد يالفه ول يوافقه أثبت عندنا منه وإن كان غيه ثابتا وكان الذي نذهب إليه أن
عمر ل يعلم الناس على النب بي ظهران أصحاب رسول ال إل ما علمهم النب فلما انتهى إلينا من
حديث أصحابنا حديث نثبته عن النب صرنا إليه وكان أول بنا قال وما هو قلت أخبنا الثقة وهو يي
ابن حسان عن الليث بن سعد عن أب الزبي الكي عن سعيد بن جبي وطاوس عن ابن عباس أنه قال كان
رسول ال يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول التحيات الباركات الصلوات
الطيبات ل السلم عليك أيها النب ورحه ال وبركاته السلم علينا وعلي عباد ال الصالي أشهد أن ل
إله إل ال وأشهد أن ممدا رسول ال قال الشافعي فإن قال قائل فإنا نرى الرواية اختلفت فيه عن النب
فروي ابن مسعود خلف هذا وأبو موسى خلف هذا وجابر خلف هذا وكلها قد يالف بعضها بعضا
ف شيء من لفظه ث علم عمر خلف هذا كله ف بعض لفظه وكذلك تشهد عائشة رضي ال عنها وعن
أبيها وكذلك تشهد ابن عمر ليس فيها شيء إل ف لفظه شيء غي ما ف لفظ صاحبه وقد يزيد بعضهم
الشيء على البعض قال الشافعي فقلت له المر ف هذا بي قال فأبنه ل قلت كل كلم
ص311:
196
أريد به تعظيم ال جل ثناؤه فعلمهموه رسول ال فلعله جعل يعلمه الرجل فينسى والخر فيحفظه وما
أخذ خفظا فأكثر ما يترس فيه منه إحالة العن فلم يكن فيه زيادة ول نقص ول اختلف شيء من
كلمه ييل العن فل يسع إحالته فلعل النب أجاز لكل امرئ منهم ما حفظ كما حفظ إذ كان ل معن
فيه ييل شيئا عن حكمه ولعل من اختلفت روايته واختلف تشهده إنا توسعوا فيه فقالوا على ما حفظوا
على ما حضرهم فأجيز لم قال أتد شيئا يدل على إجازة ما وصفت فقلت نعم قال وما هو قلت أخبنا
مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبي عن عبد الرحن بن عبد القارئ قل سعت عمر بن
الطاب رضي ال عنه يقول سعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غي ما أقرؤها
وكان النب أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ث أمهلته حت انصرف ث لببته بردائه فجئت به النب فقلت يا
رسول ال إن سعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غي ما أقرأتنيها فقال له رسول ال اقرأ فقرا القراءة الت
سعته يقرا فقال رسول ال هكذا أنزلت ث قال اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على
سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)) قال الشافعي فإذا كان ال جل ثناؤه لرأفته بلقه انزل كتابه على
سبعة أحرف معرفة منه بأن الفظ منه قد يزل ليحل لم يعن قراءته وإن اختلف اللفظ فيه ما ل يكن ف
اختلفهم إحالة معن كان ما سوى كتاب ال أول أن يوز فيه اختلف اللفظ ما ل يل معناه وكل ما
ل يكن فيه حكم فاختلف اللفظ فيه ل ييل معناه وقد قال بعض التابعي رأيت أناسا من أصحاب
رسول ال فأجعوا ل ف العن واختلفوا ف اللفظ فقلت لبعضهم ذلك فقال ل بأس ما ل يل العن قال
الشافعي فقال ما ف التشهد إل تعظيم ال وإن لرجو أن يكون كل هذا فيه واسعا وأن ل يكون
الختلف فيه إل من حيث ما ذكرت ومثل هذا كما قلت يكن ف صلة الوف فيكون إذا جاء بكمال
الصلة على أي الوجوه روي عن النب اجزأه إذ خالف ال عز وجل بينها وبي ما سواها من الصلوات
قال ولكن كيف صرت إل اختيار حديث ابن
ص312:
ابن عباس عن النب ف التشهد دون غيه قلت لا رأيته واسعا وسعته عن ابن عباس صحيحا كان عندي
أجع وأكثر لفظا من غيه فأخذت به غي معنف لن أخذ بغيه ما ثبت عن رسول ال )) انتهى
-19فذلكة وجوه الترجيح بي ما ظاهره التعارض
أعلم أن من نظر ف أحوال الصحابة والتابعي وتابعيهم ومن بعدهم وجدهم متفقي على العمل بالراجح
وترك الرجوح وطرق الترجيح كثية جدا ومدار الترجيح على ما يزيد الناظر قوة ف نظره على وجه
197
صحيح مطابق للمسالك الشرعية فما كان مصل لذلك فهو مرجح معتب والترجيح قد يكون باعتبار
السناد وباعتبار الت وباعتبار الدلول وباعتبار أمر خارج فهذه أربعة أنواع
-1وجوه الترجيح باعتبار السناد
-01الترجيح بكثرة الرواة فيجح ما رواته أكثر على ما رواته أقل لقوة الظن به وإليه ذهب المهور
قال ابن دقيق العيد هذا الرجح من أقوى الرجحات وقال الكرخي إنما سواء ولو تعارضت الكثرة من
جانب والعدالة من الانب الخر ففيه قولن ترجيح الكثرة وترجيح العدالة فإنه رب عدل يعدل ألف
رجل ف الثقة كما قيل إن شعبة بن الجاج كان يعدل مئتي وقد كان الصحابة يقدمون رواية الصديق
على رواية غيه
-02ترجح رواية الكبي على رواية الصغي لنه أقرب إل الضبط إل أن يعلم أن الصغي مثله ف الضبط
أو أكثر ضبطا منه
-03ترجح رواية من كان فقيها على من ل يكن كذلك لنه أعرف بدلولت اللفاظ
-04ترجح رواية الوثق
-05ترجح رواية الحفظ
ص313:
-06أن يكون أحدها من اللفاء الربعة دون الخر
-07أن يكون أحدها صاحب الواقعة لنه أعرف بالقصة
-08أن يكون أحدها مباشرا لا رواه دون الخر
-09أن يكون أحدها كثي الخالطة للنب دون الخر لن كثرة الختلط تقتضي زيادة ف الطلع
-010أن يكون أحدها قد ثبتت عدالته بالتزكية والخر بجرد الظاهر
-011أن يكون الزكون لحدها أكثر من الزكي للخر
-012ترجح رواية من يوافق الفاظ على رواية من ينفرد عنهم ف كثي من رواياته
-013ترجح رواية من دام حفظه وعقله ول يتلط على من اختلط ف آخر عمره ول يعرف هل روي
الب حال سلمته أو حال اختلطه
-014تقدم رواية من كان أشهر بالعدالة والثقة من الخر لن ذلك ينع عن الكذب
198
-015تقدم رواية من تأخر إسلمه على من تقدم إسلمه لحتمال أن يكون ما رواه من تقدم إسلمه
منسوخا
-016تقدم رواية من ذكر سبب الديث على من ل يذكر سببه
-017تقدم الحاديث الت ف الصحيحي على الحاديث الارجة عنهما
-018تقدم رواية من ل ينكر عليه على رواية من أنكر عليه فإن وقع التعارض ف بعض هذه الرجحات
فعلى الجتهد أن يرجح بي ما تعارض منها
-2وجوه الترجيح باعتبار الت
الول -0يقدم الاص على العام
الثان -0تقدم القيقة على الجاز إذا ل يغلب الجاز
الثالث -0يقدم ما كان حقيقة شرعية أو عرفية على ما كان حقيقة لغوية
ص314:
الرابع -0يقدم ما كان مستغنيا عن الضمار ف دللته على ما هو مفتقر إليه
الامس -0يقدم الدال على الراد من وجهي على ما كان دالً عليه من وجه واحد
السادس -0يقدم ما كان فيه الياء إل علة الكم على ما ل يكن كذلك لن دللة العلل أوضح من
دللة غي العلل
السابع -0يقدم القيد على الطلق
-3وجوه الترجيح باعتبار الدلول
الول -0يقدم ما كان مقررا لكم الصل والباءة على ما كان ناقلً
الثان -0أن يكون أحدها أقرب إل الحتياط فإنه أرجح
الثالث -0يقدم الثبت على النفي لن مع الثبت زيادة علم
الرابع -0يقدم ما كان حكمه أخف على ما كان حكمه أغلط
-4وجوه الترجيح باعتبار أمور خارجة
الول -0يقدم ما عضده دليل آخر على ما ل يعضده دليل آخر
الثان -0أن يكون أحدها قولً والخر فعلً فيقدم القول لن له صيغة والفعل ل صيغة له
199
الثالث -0يقدم ما كان فيه التصريح على ما ل يكن كذلك كضرب المثال ونوها فإنا ترجح العبارة
على الشارة
الرابع -0يقدم ما عمل عليه أكثر السلف على ما ليس كذلك لن الكثر أول بإصابة الق
الامس -0أن يكون أحدها موافقا لعمل اللفاء الربعة دون الخر فإنه يقدم الوافق
السادس -0أن يكون أحدها موافقا لعمل أهل الدينة
السابع -0أن يكون أحدها أشبه بظاهر القرآن دون الخر فإنه يقدم
وللصوليي مرجحات آخر ف القسام الربعة منظور فيها ول اعتداد عندي بن
ص315:
نظر فيما سقناه لن القلب السليم ل يري فيه مغمزا وبالملة فالرجح ف مثل هذه الترجيحات هو نظر
الجتهد الطلق فيقدم ما كان عنده أرجح على غيه إذا تعارضت
-20بث الناسخ والنسوخ
قال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((النسخ رفع تعلق حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه والناسخ
ما دل على الرفع الذكور وتسميته ناسخا ماز لن الناسخ ف القيقة هو ال تعال ويعرف النسخ بأمور
أصرحها ما ورد ف النص كحديث بريده ف صحيح مسلم ((كنت نيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنا
تذكر الخرة )) ومنها ما يزم الصحاب بأنه متأخر كقول جابر كان آخر المرين من رسول ال ترك
الوضوء ما مست النار -أخرجه أصحاب السنن -ومنها ما يعرف بالتاريخ وهو كثي وليس منها ما
يرويه الصحاب التأخر السلم معارضا لتقدم عنهن لحتمال أن يكون سعه من صحاب آخر أقدم من
التقدم الذكور أو مثله فأرسله لكن إن وقع التصريح بسماعه له من النب فيتجه أن يكون ناسخا بشرط
أن يكون ل يتحمل عن النب شيئا قبل إسلمه)) انتهى
-21بث التحيل على إسقاط أو قلبه
روى أبو داود والاكم وصححه من حديث ابن عباس مرفوعا ((لعن ال اليهود حرمت علهم الشحوم
فباعوها وأكلوا أثانا)) وف رواية ((لعن ال اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها)) أي
أذابوها قال الطاب ((ف هذا الديث بطلن كل حيلة يتال با التوصل إل الحرم وأنه ل يتغي حكمه
بتغي هيأته وتبديل اسه))
قال شيخ السلم ابن تيميه ((وجه الدللة ما أشار إليه المام أحد أن اليهود لا
200
ص316:
حرم ال عليهم الشحوم أرادوا الحتيال على النتفاع با على وجه ل يقال ف الظاهر إنم انتفعوا
بالشحم فجملوه وقصدوا بذلك أن يزول عنه اسم الشحم ث انقفعوا بثمنه بعد ذلك لئل يكون النتفاع
ف الظاهر بعي الحرم ث مع كونم احتالوا بيلة خرجوا با ف زعمهم من ظاهر التحري من هذين
الوجهي لعنهم ال تعال على لسان رسوله على هذا الستحلل نظرا إل القصود وأن حكمه التحري ل
تتلف سواء كان جامدا أو مائعا وبدل الشيء يقوم مقامه ويسد مسده فإذا حرم ال النتفاع بشيء
حرم العتياض عن تلك النفعة فعلم أنه لو كان التحري معلقا بجرد اللفظ وبظاهر من القول دون مراعاة
القصود إل الشيء الحرم وحقيقته ل يستحقوا اللعنة لوجهي
أحدها أن الشحم خرج بمله عن أن يكون شحما وصار ودكا كما يرج الربا بالحتيال فيه عن لفظ
الربا إل أن يصي بيعا عند من يستحل ذلك فإن من أراد أن يبيع مئة بئة وعشرين إل أجل فأعطى سلعة
بالثمن الؤجل ث اشتراها بالثمن الال ول غرض لواحد منهما ف السلعة بوجه ما وإنا هي كما قال فقيه
المة ((دراهم بدراهم دخلت بينها حريرة)) فل فرق بي ذلك وبي مئة بئة وعشرين بل حيلة البتة ل ف
شرع ول عقل ول عرف بل الفسدة ويلعن فاعله ويؤذنه برب منه ومن رسوله ويتوعده أشد توعد ث
يبيح التحيل على حصول ذلك بعينه مع قيام تلك الفسدة وزيادتا تبعث الحتيال ف مقته ومادعة ال
ورسوله هذا ل يأت به شرع فإن الربا على الرض أسهل وأقل مفسدة من الربا بسلم طويل صعب
الراقي يتراب الترابيان على رأسه فيال العجب -أي مفسدة من مفاسد الربا زالت بذا الحتياط
والداع فهل صار هذا الذئب العظيم -الذي هو من أكب الكبائر عند ال -حسنة وطاعة بالداع
والحتيال تال كيف قلب الداع والحتيال حقيقته من البث إل الطيب ومن الفسدة إل الصلحة
ص317:
وجعله مبوبا للرب تعال بعد أن كان مسخوطا له وإن كان الحتيال يبلغ هذا البلغ فإنه عند ال عز
وجل ورسوله بكان ومنلة عظيمة وإنه من أقوى دعائم الدين وأوثق عراه وأجل أصوله ويال العجب
كيف تزول مفسدة التحليل الت أشار رسول ال بلغن فاعله مرة بعد أخرى بتسليف شرطه وتقديه على
صلب العقد وإخلء صلب العقد من لفظه وقد وقع التواطؤ والتوافق عليه وأي غرض للشارع وأي
ل وهل كان عقد حكمة ف تقدي الشرط وتسليفه حت تزول به اللعنة وتنقلب به خرة هذا العقد خ ً
التحليل مسخوطا ل ورسوله بقيقته ومعناه أم لعدم حقيقة مقارنة الشرط له وحصول نكاح الرغبة مع
201
القطع بانتفاء حقيقته وحصول نكاح التحليل وهكذا اليل الربوبة فإن الربا ل يكن حراما لصورته ولفظه
وإنا كان حراما لقيقته الت امتاز با عن حقيقة البيع فتلك القيقة حيث وجدت وجد التحري ف أي
صورة ركبت وبأي لفظ عب عنها فليس الشأن ف الساء وصور العقود وإنا الشأن ف حقائقها
ومقاصدها وما عقدت له
الوجه الثان أن اليهود ل ينتفعوا بعي الشحم وإنا انتفعوا بثمنه ويلزم من راعي الصور والظواهر واللفاظ
دون القائق والقاصد أن ل يرم ذلك فلما لعنوا على استحلل الثمن وإن ل ينص على تريه علم أن
الواجب النظر إل القيقة والقصود ل إل مرد الصورة ونظي هذا أن يقال لرجل ل تقرب مال اليتيم
فيبيعه ويأخذ ثنه ويقول ل أقرب ماله وكمن يقول لرجل ل تشرب من هذا النهر فيأخذ بيديه ويشرب
من كفيه ويقول ل أشرب منه وبنلة من يقول ل تضرب زيدا فيضربه فوق ثيابه ويقول إنا ضربت ثيابه
وأمثال هذه المور الت لو استعملها الطبيب ف معالة الرضي لزاد مرضهم ولو استعملها الريض لكان
مرتكب َا لنفس ما ناه عنه الطبيب كمن يقول له الطبيب ل تأكل اللحم فإنه يزيد ف مواد الرض فيدقه
ويعمل منه هريسة ويقول ل آكل اللحم وهذا الثال مطابق العامة اليل الباطلة ف الدين ويال العجب أي
فرق بي بيع مئة بئة وعشرين صريا وبي إدخال سلعة ل تقصد أصلً بل دخولا كخروجها ولذا
ص318:
ل يسأل العاقد عن جنسها ول صفتها ول قيمتها ول عيب فيها ول يبال بذلك البتة حت لو كانت خرقة
مقطعة أو أذن جدي أو عودا من حطب أدخلوه مللً للربا ولا تفطن الحتالون إل أن هذه السألة ل
اعتبار با ف نفس المر وأنا ليست مقصودة يوجه وأن دخولا كخروجها تا ونوابا ول يبالوا بكونا ما
يتحول عادة أول يتحول ول يبال بعضهم بكونا ملوكة للبائع أو غي ملوكة بل ل يبال بعضهم بكونا
ما يباع أو ما ل يباع كالسجد والنارة والقلعة وكل هذا واقع من أرباب اليل وهذا لا علموا أن
الشتري ل غرض له ف السلعة وقالوا أي سلعة اتفق حضورها حصل با التحليل كأي يتس اتفق ف باب
ملل النكاح وما مثل من وقف مع الظواهر واللفاظ ول يراع القاصد والعان إل كمثل رجل قيل له ل
تسلم على صاحب بدعة فقبل يده ورجله ول يسلم عليه أو قيل له أذهب فامل هذه الرة فذهب وملها
ث تركها على الوض وقال ل يقل ائتن با وكم قال لوكيله بع هذه السلعة فباعها بدرهم وهي تساوي
مئة ويلزم من وقف مع الظواهر أن يصحح هذا البيع ويلزم به الوكل وإن نظر إل القاصد تناقض حيث
ل ثوبا فقال وال ل ألبسه لا فيه من النة فباعه وأعطاه ثنه فقبله
ألقاها ف غي موضع وكمن أعطاء رج ً
202
وكمن قال وال ل أشرب هذا الشراب فجعله عقيدا أو ثرد فيه خبزا وأكله ويلزم من وقف مع الظواهر
واللفاظ أن ل يد من فعل ذلك بالمر وقد أشار النب إل أن من المة من يتناول الحرم ويسميه بغي
اسه فقال ((لتشر بن ناس من أمت المر يسمونا بغي اسها يعزف على رءوسهم بالعازف والقينات
يسف ال بم ويعل منهم القردة والنازير)) رواه أحد وأبو داود
قال شيخ السلم ابن تيميه وقد جاء حديث آخر يوافق هذا مرفوعا وموقوفا من حديث ابن عباس
((يأت على الناس زمان يستحل فيه خسة أشياء بمسة أشياء يستحلون المر باسم يسمونا إياه
والسحت بالدية والقتل بالرهبة والزنا بالنكاح والربا بالبيع)) وهذا حق فإن استحلل الربا
ص319:
باسم البيع ظاهر كاليل الربوية الت صورتا صورة البيع وحقيقتها حقيقة الربا ومعلوم أن الربا إنا حرم
لقيقته ومفسدته ل لصورته واسه فهب أن الراب ل يسمه ربا وساه بيعا فذلك ل يرج حقيقته وما
هيته عن نفسها وأما استحلل المر باسم آخر فكما استحل من استحل السكر من غي عصي العنب
وقال ل أسيه خرا وإنا هو نبيذ كما يستحلها طائفة إذا مزجت ويقولون خرجت بالزج عن اسم المر
كما يرج الاء بخالطة غيه له عن اسم الاء الطلق وكما يستحلها من يستحلها إذا اتذت عقيدا
ويقول هذه عقيد ل خر ومعلوم أن التحري تابع للحقيقة والفسدة ل السم ول الصورة وأما استحلل
السحت باسم الدية فهو أظهر من أن يذكر كرشوة الاكم والوال وغيها فإن الرتشي ملعون هو
والراشي لا ف ذلك من الفسدة ومعلوم قطعا أنما ل يرجان عن اللعنة وحقيقة الرشوة بجرد اسم
الدية وقد علمنا وعلم ال وملئكته ومن له اطلع على اليل أنا رشوة وأما استحلل القتل باسم
الرهاب الذي تسميه ولة الور سياسة وهيبة وناموسا وحرمة للملك فهو أظهر من أن يذكر وأما
استحلل الزنا بالنكاح فهو الزنا بالرأة الت ل غرض له أن تقيم معه ول أن تكون زوجته وإنا غرضه أن
يقضي منها وطره ويأخذ جعل على الفساد با ويتوصل إل ذلك باسم النكاح وإظهار صورته وقد علم
ال ورسوله واللئكة والروح والرأة أنه ملل ل ناكح وأنه ليس بزوج وإنا هو نيس مستعار للضراب
فيال العجب أي فرق ف نفس المر بي الزنا وبي هذا نعم هذا زنا بشهود من البشر وذلك زنا بشهود
من الكرام الكاتبي كما صرح به أصحاب رسول ال وقال ل يزالن زانيي وإن مكثا عشرين سنة إذا
علم أنه إنا يريد أن يلها والقصود أن هذا الحلل إذا قيل له هذا زنا قال ليس يزنا بل نكاح كما أن
الراب إذا قيل له هذا ربا قال بل هو بيع ولو أوجب تبدل الساء والصور
203
ص320:
تبدل الحكام والقائق لفسدت الديانات وبدلت الشرائع واضمحل السلم)) هذا ملخص ما أفاده ف
هذه السألة المام ابن القيم ف ((أعلم الوقعي)) وذكر رحه ال أيضا فيه حكم اليلة ف إسقاط الزكاة
إذا كان ف يده نصاب بأن يبيعه أو يهبه قبل الول ث يشتريه فقال ((هذه حيلة مرمة باطلة ول يسقط
ذلك عنه فرض ال الذي فرضه وأوعد بالعقوبة الشديدة من ضيعة وأهله فلو جاز إبطاله باليلة الت هي
مكر وخداع ل يكن ف إيابه والوعيد على تركه فائدة وقد استقرت سنة ال سبحانه ف خلقه شرعا
وقدرا على معاقبة العبد بنقيض قصده كما حرم القاتل الياث وورث الطلقة ف مرض الوت وكذلك
الفار العبد من الزكاة ل يسقطها عنه فراره ول يعان على قصد الباطل فيتم مقصودة ويسقط مقصود
الرب سبحانه وتعال وكذلك عامة اليل أن يساعد فيها التحيل على بلوغ غرضه ويبطل غرض الشارع
وكذلك الجامع ف نار رمضان إذا تغدي أو شرب المر أولً ث جامع قالوا ل تب عليه الكفارة وهذا
ليس بصحيح فإن ضمه إل إث الماع إث الكل والشرب ل يناسب التخفيف عنه بل يناسب تغليظ
الكفارة عليه فسبحان ال هل أوجب الشارع الكفارة لكون الوطء ل يتقدمه مفطر قبله أو للجناية على
زمن الصوم الذي ل يعله ال مل للوطء وانقلبت كراهة الشرع له مبة ومنعه إذنا هذا من الحال فتأمل
كيف تتضمن اليل الحرمة مناقضة الدين وإبطال الشرائع ويال العجب 1أيروج هذا الداع والكر
والتلبيس على أحكم الاكمي الذي يعلم خائية العي وما تفي الصدور فتعال شارع هذه الشريعة
الفائقة على كل شريعة أن يشرع فيها اليل الت تسقط فرائضه وتل مارمه وتبطل حقوق عباده وتفتح
للناس أبواب الحتيال وأنواع الكر والداع وأن يبيح التوصل بالسباب الشروعة إل المور الحرمة
النوعة وقد أخب ال سبحانه عن عقوبة الحتالي على حل ما حرمه عليهم وإسقاط ما فرضه عليهم ف
غي موضع من كتابه قال أبو بكر
ص321:
الجرى -وقد ذكر بعض اليل الربوية الت يفعلها الناس -لقد مسخت اليهود قردة بدون هذا ولقد
صدق إذا أكل حوت صيد يوم السبت أهون عند ال وأقل جرما من أكل الربا الذي حرمه ال باليل
والخادعة ولكن قال السن عجل لولئك عقوبة تلك الكلة الوخيمة وأرجئت عقوبة هؤلء فهذه
العظائم والصائب الفاضحات لو اعتمدها ملوق مع ملوق لكان ف ناية القبح فكيف ب يعلم السر
وأخفي وإذا وازن اللبيب بي حيلة أصحاب السبت واليل الت يتعاطاها أرباب اليل ف كثي من
204
البواب ظهر له التفاوت ومراتب الفسدة الت بينها وبي هذه اليل فإذا عرف قدر الشرع وعظمة
الشارع وحكمته وما اشتمل عليه شرعه من رعاية مصال عبادة تبي له حقيقة الال وقطع بأن ال
سبحانه تنه وتعال أن يسوغ لعبادة نقض شرعه وحكمته بأنواع الداع والحتيال)) 1هـ
وكما بسط رحه ال الكلم ف ذلك ف ((أعلم الوقعي)) أطنب فيه أيضا ف كتابه ((إغائة اللهفان))
أهتماما بذا الوضوع وما جاء فيه قوله ومن مكايده -يعن الشيطان -الت كاد با السلم وأهله اليل
والكر والداع الذي يتضمن تليل ما حرم ال وإسقاط ما فرضه ومضادته ف أمره ونيه وهي من الرأي
الباطل الذي اتفق السلف على ذمه فإن الرأي رأيان رأي يوافق النصوص وتشهد له بالصحة والعتبار
وهو الذي اعتبه السلف وعملوا به ورأي يالف النصوص وتشهد له بالبطال والهدار فهو الذي ذموه
وأنكروه وكذلك اليل نوعان نوع يتوصل به إل فعل ما أمر ال تعال به وترك ما نى عنه والتخلص من
الرام وتليص الحق من الظال الانع له وتليص الظلوم من يد الظال الباغي فهذا النوع ممود ظالا
والظال مظلوما والق باطلً والباطل حقا فهذا النوع الذي اتفق السلف على ذمه وصاحوا بأهله من
أقطار الرض قال المام أحد رحه ال ل يوز شيء من اليل ف إبطال حق مسلم
ص322:
وقال اليمون ((قلت لب عبد ال من خلف على يي ث احتال لبطالا فهل توز تلك اليل قال نن ل
نرى اليلة إل با يوز قلت أليس حيلتنا فيها أن تتبع ما قالوا وإذا وجدنا لم قولً ف شيء اتبعناه قال
بلى هكذا هو قلت أو ليس هذا منا نن حيلة قال نعم -فبي المام أحد أن من اتبع ما شرع له وجاء
عن السلف ف معان الساء الت علقت با الحكام ليس بحتال اليل الذمومة وإن سيت حيلة فليس
الكلم فيها وغرض المام أحد بذا الفرق بي سلوك الطريق الشروعة الت شرعت بصول مقصود
الشارع وبي الطرق الت تسلك لبطال مقصودة فهذا هو سر الفرق بي النوعي وكلمنا الن ف النوع
الثان)) ث جود الكلم ف ذلك فأطال وأطاب رحه الول الوهاب
وكذلك المام أبو إسحاق الشاطب رحه ال تعال ف موافقاته ف كتاب ((القاصد ف السألة العاشرة))
أسبغ البحث ف ذلك ولسهولة الوقوف من هذه الكتب الليلة اكتفينا بالحالة عليها وال الوفق
-22بيان أسباب اختلف الصحابة والتابعي ف الفروع
قال المام العلمة ول ال الدهلوي ف ((الجة البالغة)) تت هذه الترجة ((أعلم أن رسول ال ل يكن
الفقه ف زمانه مدونا ول يكن البحث ف الحكام يومئذ مثل البحث من هؤلء الفقهاء حيث يبنون
205
بأقصى جهدهم الركان والشروط وآداب كل شيء متازا عن الخر بدليله ويفرضون الصور يتكلمون
على تلك الصور الفروضة ويدون ما يقبل الد ويصرون ما يقبل الصر إل غي ذلك من صنائعهم أما
رسول ال فكان يتوضأ فيى الصحابة وضوءه فيأخذون به من غي أن يبي أن هذا ركن وذلك أدب
وكان يصلي فيون صلته فيصلون كما رأوه يصلي وحج فرمق الناس حجة ففعلوا
ص323:
كما فعل فهذا كان غالب حاله ول يبي أن فروض الوضوء ستة أو أربعة ول يفرض أنه يتمل أن يتوضأ
إنسان بغي موالة حت يكم عليه بالصحة أو الفساد إل ما شاء ال وقلما كانوا يسألونه عن هذه الشياء
عن ابن عباس رضي ال عنهما قال ما رأيت قوما خيا من أصحاب رسول ال ما سألوه عن ثلث
عشرة مسألة حت قبض كلهن ف القرآن منهن ((يسألونك عن الشهر الرام قتال فيه قل قتال فيه كبي))
((ويسألونك عن الحيض)) قال ما كانوا يسألون إل عما ينفعهم قال ابن عمر ل تسأل عما ل يكن فإن
سعت عمر بن الطاب يلعن من سأل عما ل يكن قال القاسم إنكم تسألون عن أشياء ما كنا نسأل عنها
وتنقرون عن أشياء ما كنا ننقر عنها تسألون عن أشياء ما أدري ما هي ولو علمناها ما حل لنا أن نكتمها
عن عمر بن إسحاق قال لن أدركت من أصحاب رسول ال أكثر من سبقن منهم فما رأيت قوما أيسر
سية ول أقل تشديدا منهم وعن عبادة بن بسر الكندي وسئل عن امرأة ماتت مع قوم ليس لا ول فقال
أدركت أقواما ما كانوا يشددون تشديدكم ول يسألون مسائلكم (أخرج هذه الثار الدارمي) وكان
يستفتيه الناس ف الوقائع فيفتيهم وترفع إليه القضايا فيقضى فيها ويرى الناس يفعلون معروفا فيمدحه أو
منكرا فينكر عليه وكل ما أفت به مستفتيا أو قضى به ف قضية أو أنكره على فاعله كان ف الجتماعات
وكذلك كان الشيخان أبو بكر وعمر إذا ل يكن لما علم ف السألة يسألون الناس عن حديث رسول
ال وقال أبو بكر رضي ال عنه ما سعت رسول ال قال فيها شيئا -يعن الدة -وسأل الناس فلما صلى
الظهر قال أيكم سع رسول ال قال ف الدة شيئا فقال الغية بن شعبة أنا فقال ماذا قال قال أعطاها
رسول ال سدسا قال أيعلم ذاك أحد غيك فقال ممد بن سلمة صدق -فأعطاها أبو بكر السدس وقصة
سؤال عمر الناس ف الغرة
ص324:
ث رجوعه إل خب مغية وسؤاله إياهم ف الوباء ث رجوعه إل خب عبد الرحن بن عوف وكذا رجوعه
ف قصة الجوس إل خبه وسرور عبد ال بن مسعود بي معقل بن يسار لا وافق رأيه وقصة رجوع أب
206
موسى عن باب عمر وسؤاله عن الديث وشهادة أب سعيد له وأمثال ذلك كثية معلومة مروية ف
الصحيحي والسنن وبالملة فهذه كانت عادته الكرية فرأى كل صحاب ما يسره ال له من عبادته
وفتاواه وأقضيته فخفظها وعقلها وعرف لكل شيء وجها من قبل حفوف القرائن به فحمل بعضها على
الباحة وبعضها على النسخ لمارات وقرائن كانت كافية عنده ول يكن العمدة عندهم إل وجدان
الطمئنان والثلج من غي التفات إل طرق الستدلل كما ترى العراب يفهمون مقصود الكلم فيما
بينهم وتثلج صدورهم بالتصريح والتلويح والياء من حيث ل يشعرون فانقضي عصره الكري وهم على
ذلك ث إنم تفرقوا ف البلد وصار كل واحد مقتدي ناحية من النواحي فكثرت الوقائع ودارت السائل
فاستفتوا فيها فأجاب كل واحد حسب ما حفظه أو استنبط وإن ل يد فيما حفظه أو أشتنبط ما يصلح
للجواب اجتهد برأيه وعرف العلة الت أدار رسول ال عليها الكم ف منصوصاته فطر الكم حيثما
وجدها ل يألو جهدا ف موافقه عرضه عليه الصلة والسلم فعند ذلك وقع الختلف بينهم على ضروب
منها أن صحابيا سع حكما ف قضية أو فتوى ول يسمعه الخر فاجتهد برأيه ف ذلك وهذا على وجوه
أحدها أن يقع اجتهاده موافق الديث مثاله ما رواه النسائي وغيه أن ابن مسعود رضي ال عنه سئل عن
امرأة مات عنها زوجها ول يفرض لا -أي ل يعي لا لهر -فقال ل أر رسول ال يقضي ف ذلك
فاختلفوا عليه شهرا وألوا فاجتهد برأيه وقضى بأن لا مهر نسائها ل وكس ول شطط وعليها العدة ولا
الياث فقام معقل بن يسار فشهد بأنه قضى بثل ذلك ف امرأة منهم ففرح بذلك ابن مسعود فرحة ل
يفرح مثلها قط بعد السلم
ص325:
ثانيها أن يقع بينهما الناظرة ويظهر الديث بالوجه الذي يقع به غالب الظن فيجع عن اجتهاده إل
السموع مثاله ما رواه الئمة من أن أبا هريرة رضي ال عنه كان من مذهبه أنه من أصبح جنبا فل صوم
له حت أخبته بعض أزواج النب بلف مذهبه فرجع
وثالثها أن يبلغة الديث ولكن ل على الوجه الذي يقع به غالب الظن فلم يترك اجتهاده بل طعن ف
الديث مثاله ما رواه أصحاب الصول من أن فاطمة بنت قيس شهدت عند عمر بن الطاب بأنا
كانت مطلقة الثلث فلم يعل لا رسول ال نفقة ول سكن فرد شهادتا وقال ل أترك كتاب ال بقول
امرأة ل ندري أصدقت أم كذبت لا النفقة والسكن وقالت عائشة رضي ال عنها لفاطمة أل تتقي ال
يعن ف قولا ل سكن ول نفقة ومثال آخر روي الشيخان أنه كان من مذهب عمر بن الطاب أن
207
التيمم ل يزي للجنب الذي ل يد ماء فتمعك ف التراب فذكر ذلك لرسول ال فقال رسول ال ((إنا
كان يكفيك أن تفعل هكذا)) وضرب بيديه الرض فمسح بما وجهه ويديه فلم يقبل عمر ول ينهض
عنده حجة لقادح خفي رآه فيه حت استفاض الديث ف الطبقة الثانية من طرق كثية واضمحل وهم
القادح فأخذوا به
ل مثاله ما أخرج مسلم أن ابن عمر كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن
ورابعها أن ل يصل إليه الديث أص ً
ينقضن رؤوسهن فسمعت عائشة بذلك فقالت يا عجبا لبن عمر هذا يأمر النساء أن ينقضن رؤؤسهن
أفل يأمرهن أن يلقن رؤؤسهن لقد كنت أغتسل أنا ورسول ال من إناء واحد وما أزيد على أن أفرع
على رأسي ثلث إفراغات مثال آخر ما ذكره الزهري من أن هندا ل تبلغها رخصة رسول ال ف
الستحاضة فكان تبكي لنا كانت ل تصلي ومن تلك
ص326:
الضروب أن يروا رسول ال فعل فعلً فحمله بعضهم على القربة وبعضهم على الباحة مثاله ما رواه
أصحاب الصول ف قضية التخصيب -أي النول بالبطح عند النفر -نزل رسول ال به فذهب أبو
هريرة وابن عمر إل أنه على وجه القربة فجعلوه من سنن الج وذهبت عائشة وابن عباس إل أنه كان
على وجه التفاق وليس من السنن ومثال آخر ذهب المهور إل أن الرمل ف الطواف سنة وذهب ابن
عباس إل أنه إنا فعله النب على سبيل التفاق لعارض عرض وهو قول الشركي حطمتهم حى يثرب
وليس بسنة ومنها اختلف الوهم مثاله أن رسول ال حج فرآه الناس فذهب بعضهم إل أنه كان متمتعا
وبعضهم إل أنه كان قارنا وبعضهم إل أنه كان مفردا مثال آخر أخرج أبو داود عن سعيد بن جبي أنه
قال قلت لعبد ال بن عباس يا أبا العباس عجبت لختلف أصحاب رسول ال حي أوجب فقال إن
لعلم الناس بذلك إنا كانت من رسول ال حجة واحدة فمن هناك اختلفوا خرج رسول ال حاجا فلما
صلى ف مسجد ذي الليفة ركعة أوجب ف ملسه وأهل بالج حي فرغ من ركعتيه فسمع ذلك منه
أقوام فحفظته عنه ث ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك منه أقوام وذلك أن الناس إنا كانوا يأتون
أرسالً فسمعوه حي استقلت به ناقته يهل فقالوا إنا أهل رسول ال حي استقلت به ناقته ث مضى
رسول ال البيداء وأي ال لقد أوجب ف مصله وأهل حي استقلت به ناقته وأهل حي عل على شرف
البيداء
208
ومنها اختلف السهو والنسيان مثاله ما روي أن ابن عمر كان يقول اعتمر رسول ال عمرة ف رجب
فسمعت بذلك عائشة فقضت عليه بالسهو
ص327:
ومنها اختلف الضبط مثاله ما روي ابن عمر أو عمر عنه من أن اليت يعذب ببكاء أهله عليه فقضت
عائشة عليه بأنه ل يأخذ الديث على وجهه مر رسول ال على يهودية يبكي عليها أهلها فقال إنم
يبكون عليها وإنا تعذب ف قبها فظن العذاب معلولً للبكاء فظن الكم عاما على كل ميت
ومنها اختلفهم ف علة الكم مثاله القيام للجنازة فقال قائل لتعظيم اللئكة فيعم الؤمن والكافر وقال
قائل لول الوت فيعمهما وقال السن بن علي رضي ال عنهما مر على رسول ال بنازة يهودي فقام لا
كراهية أن تعلو فوق رأسه فيخص الكافر
ومنها اختلفهم ف المع بي الختلفي مثاله رخص رسول ال ف التعة عام خيب ث رخص فيها عام
أوطاس ث نى عنها فقال ابن عباس كانت الرخصة للضرورة والنهي لنقضاء الضرورة والكم باق على
ذلك وقال المهور كانت الرخصة إباحة والنهي نسخا لا مثال آخر نى رسول ال عن استقبال القبلة
ف الستنجاء فذهب قوم إل عموم هذا الكم وكونه غي منسوخ ورآه جابر يبول قبل أن يتوف بعام
مستقبل القبلة فذهب إل أنه نسخ للنهي التقدم ورآه ابن عمر قضى حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام
فرد به قولم وجع قوم بي
ص328:
الروايتي فذهب الشعب وغيه إل أن النهي متص بالصحراء فإذا كان ف الراحيض فل بأس بالستقبال
والستدبار وذهب قوم إل أن القول عام مكم والفعل يتمل كونه خاصا بالنب فل ينتهض ناسخا ول
مصصا وبالملة فاختلفت مذاهب أصحاب النب وأخذ عنهم التابعون كذلك كل واحد ما تيسر له
فحفظ ما سع من حديث رسول ال ومذاهب الصحابة وعقلها وجع الختلف على ما تيسر له ورجح
بعض القوال على بعض واضمحل ف نظرهم بعض القوال وإن كان مأثورا عن كبار الصحابة
كالذهب الأثور عن وابن مسعود ف تيمم النب اضحمحل عندهم لا استفاض من الحاديث عن عمار
وعمران بن الصي وغيها فعند ذلك صار لكل عال من علماء التابعي مذهب على حياله فانتصب ف
بلد إمام مثل سعيد بن السيب وسال بن عبد ال بن عمر ف الدينة وبعدها الزهري والقاضي يي بن
سعيد وربيعة بن عبد الرحن فيهان وعطاء بن أب رباح بكة وإبراهيم النخعي والشعب بالكوفة والسن
209
البصري بالبصرة وطاوس بن كيسان باليمن ومكحول بالشام فأظمأ ال أكبادا إل علومهم فرغبوا فيها
وأخذوا عنهم الديث وفتاوي الصحابة وأقاويلهم ومذاهب هؤلء العلماء وتقيقاتم من عند أنفسهم
واستفت منهم التفتون ودارت السائل بينهم ورفعت إليهم القضية وكان سعيد بن السيب وإبراهيم
وأمثالما جعوا أبواب الفقه أجعها وكان لم ف باب أصول تلقوها من السلف وكان سعيد وأصحابه
يذهبون إل أن أهل الرمي أثبت الناس ف الفقه وأصل مذهبهم فتاوي عبد ال بن عمر وعائشة وابن
عباس وقضايا قشاة الدينة فجمعوا من ذلك ما يسره ال لم ث نظروا فيها نظر اعتبار وتفتيش فما كان
منها ممعا عليه بي علماء الدينة فإنم يأخذون عليه بنواجذهم وما كان فيه اختلف عندهم فإنم
يأخذون بأقواها وأرجحها إما بكثرة من ذهب إليه منهم أو لوافقته بقياس قوى أو تريج صريح من
الكتاب والسنة أو نو ذلك وإذا ل يدوا فيما حفظوا منه جواب السألة خرجوا من كلمه وتتبعوا الياء
فحصل لم مسائل كثية ف كل باب وكان إبراهيم
ص329:
وأصحابه يرون أن عبد ال بن مسعود وأصحابه أثبت الناس ف الفقة كما قال علقمة لسروق هل أحد
منهم أثبت من عبد ال وقول أب حنيفة رضي ال عنه للوزاعي إبراهيم أققه من سال ولول فضل
الصحبة لقلت إن علقمة أفقه من عبد ال بن عمر وعبد ال هو عبد ال وأصل مذهبه فتاوي عبد ال بن
مسعود وقضايا على رضي ال عنهما وفتاواه وقضايا شريح وغيه من قضاة الكوفة فجمع من ذلك ما
يسره ال ث صنع ف آثارهم كما صنع أهل الدينة ف آثار أهل الدينة وخرج كما خرجوا فلخص له
مسائل الفقه ف كل باب باب وكان سعيد بن السيب لسان فقهاء الدينة وكان أحفظهم لقضايا عمر
ولديث أب هريرة وإبراهيم لسان فقهاء الكوفة فإذا تكلما بشيء ول ينسباه إل أحد فإنه ف الكثر
منسوب إل أحد من السلف صريا وإياء ونو ذلك فاجتمع عليهما فقهاء بلدها وأخذوا عنهما وعقلوه
وخرجوا عليه وال أعلم
-23بيان أسباب اختلف مذاهب الفقهاء
قال المام ول ال الدهلوي قدس سره ف الجة البالغة أيضا تت هذه الترجة ما صورته ((أعلم أن ال
تعال أنشأ بعد عصر التابعي نشئا من حلة العلم إنازا لا وعده رسول ال حيث قال ((يمل هذا العلم
من كل خلف عدوله)) فأخذوا عمن اجتمعوا معه صفة الوضوء والغسل والصلة والج والنكاح والبيوع
وسائر ما يكثر وقوعه ورووا حديث النب وسعوا قضايا قضاة البلدان وفتاوي مفتيها وسألوا عن السائل
210
واجتهدوا ف ذلك كله ث صاروا كباء قوم ووسدوا إليهم المر فنسجوا على منوال شيوخهم ول يألوا
ف تتبع الياءات والقتصاءات فقضوا وأفتوا ورووا وعلموا وكان صنيع العلماء ف هذه الطبقة متشابا
وحاصل صنيعهم أن يتمسك بالسند من حديث رسول ال والرسل جيعا ويستدل بأقوال
ص330:
الصحابة والتابعي علما منهم أنا إما أحاديث منقولة عن رسول ال اختصروها فجعلوها موقوفة كما
قال إبراهيم وقد روى حديث نى رسول ال عن الحاقلة والزابنة فقيل له أما تفظ عن رسول ال حديثا
غي هذا قال بلي ولكن أقول قال عبد ال قال علقمة أحب إل وكما قال الشعب وقد سئل عن حديث
وقيل إنه يرفع إل النب قال ل على من دون النب أحب إلينا فإن كان فيه زيادة ونقصان كان على من
دون النب أو يكون استنباطا منهم من النصوص أو اجتهادا منهم بآرائهم وهم أحسن صنيعا ف كل ذلك
من ييء بعدهم وأكثر إصابة وأقدم زمانا وأوعي علما فتعي العمل با إل إذا اختلفوا وكان حديث
رسول ال يالف قولم مالفة ظاهرة وإنه إذا اختلف أحاديث رسول ال ف مسألة رجعوا إل أقوال
الصحابة فإن قالوا بنسخ بعضها أو بصرفه عن ظاهره أو ل يصرحوا بذلك ولكن اتفقوا على تركه وعدم
القول بوجبه فإنه كإيداء علة فيه أو الكم بنسخه أو تأويله اتبعوهم ف كل ذلك وهو قول مالك ف
حديث ((إذا ولغ الكلب)) ((جاء هذا الديث ولكن ل أدري ما حقيقته)) يعن حكاه ابن الاجب ف
متصر الصول ل أر الفقهاء يعلمون به وإنه إذا اختلفت مذاهب الصحابة ف مسألة فالختار عند كل
عال مذهب أهل بلده وشيوخه لنه أعرف بصحيح أقاويلهم من السقيم وأوعي للصول الناسبة لا وقلبه
أميل إل فضلهم وتبحرهم فمذهب عمر وعثمان وابن عمر وعائشة وابن عباس وزيد بن ثابت وأصحابم
مثل سعيد بن السيب فإنه كان أحفظهم لقضايا عمر وحديث أب هريرة ومثل عروة وسال وعطاء بن
يسار وقاسم وعبيد ال بن عبيد ال والزهري ويي بن سعيد وزيد بن أسلم وربيعة -أحق بالخذ من
غيه عند أهل الدينة لا بينه النب ف فضائل الدينة ولنا مأوي الفقهاء وممع العلماء ف كل عصر
ولذلك تري مالكا يلزم مجتهم ومذهب عبد ال بن مسعود وأصحابه وقضايا على وشريح والشعب
ص331:
وفتاوي إبراهيم أحق بالخذ عند أهل الكوفة من غيه وهو قول علقمة حي مال مسروق إل قول زيد
بن ثابت ف التشريك قال هل أحد منكم أثبت من عبد ال فقال ل ولكن رأيت زيد بن ثابت وأهل
الدينة يشركون فإن اتفق أهل البلد على شيء أخذوا بنواجذه وهو الذي يقول ف مثله مالك السنة الن
211
ل اختلف فيها عندنا كذا وكذا وإن اختلفوا أخذوا بأقواها وأرجحها إما بكثرة القائلي به أو لوافقته
لقياس قوى أو تريج من الكتاب والسنة وهو الذي يقول ف مثله مالك هذا أحسن ما سعت فإذا ل
يدوا فيما حفظوا منهم جواب السألة خرجوا من كلمهم وتتبعوا الياء والقتضاء وألموا ف هذه
الطبقة التدوين فدون مالك وممد بن عبد الرحن بن أب ذئب بالدينة وابن جريج وابن عيينة بكة
والثوري بالكوفة وربيع بن الصبيح بالبصرة وكلهم مشوا على هذا النهج الذي ذكرته ولا حد النصور
قال لالك قد عزمت أن آمر بكتبك هذه الت صنفتها فتنسخ ث أبعث ف كل مصر من أمصار السلمي
منها نسخة وآمرهم بأن يعملوا با فيها ول يتعدوه إل غيه فقال يا أمي الؤمني ل تفعل هذا فإن الناس
قد سبقت إليهم أقاويل وسعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم با سبق إليهم وأتوا به من اختلف
الناس فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لنفسهم ويكي نسبة هذه القصة إل هرون الرشيد وأنه
شاور مالكا ف أن يعلق الوطأ ف الكعبة ويمل الناس على ما فيه فقال ل تفعل فإن أصحاب رسول ال
اختلفوا ف الفروع وتفرقوا ف البلدان وكل سنة مضت قال وفقك ال يا أبا عبد ال (حكاه السيوطي)
وكان مالك من أثبتهم ف حديث الدنيي عن رسول ال وأوثقهم إسنادا وأعلمهم بقضايا عمر وأقاويل
عبد ال بن عمر وعائشة وأصحابم من الفقهاء السبعة وبه وبأمثاله قام علم الرواية والفتوى فلما وسد
إليه المر حدث وأفت وأجاد وعله انطبق قول النب ((يوشك أن يضرب الناس أكباد البل يطلبون العلم
يطلبون العلم فل يدون أحدا أعلم
ص332:
من علم الدينة)) على ما قاله ابن عيينة وعبد الرزاق وناهيك بما فجمع أصحابه رواياته ومتاراته
ولصوها وحرروها وشرحوها وخرجوا عليها وتكلموا ف أصولا ودلئها وتفرقوا إل الغرب ونواحي
الرض فنفع ال بم كثيا منن خلقه وإن شئت أن تعرف حقيقة ما قلناه من أصل مذهبه فانظر ف كتاب
الوطأ تده كما ذكرنا وكان أبو حنيفة رضي ال عنه ألزمها بذهب إبراهيم وأقرانه ل ياوزه إل ما شاء
ال وكان عظيم الشأن ف التخريج على مذهبه دقيق النظر ف وجوه التخريات مقبلً على الفروع أت
إقبال وإن شئت أن تعلم حقيقة ما قلنا فلخص أقوال إبراهيم وأقرانه من كتاب الثار لحمد رحه ال
وجامع عبد الرزاق ومصنف أب بكر بن أب شيبة ث قايسه بذهبه تده ل يفارق تلك الحجة إل ف
مواضع يسية وهو ف تلك اليسية أيضا ل يرج عما ذهب إليه فقهاء الكوفة وكان أشهر أصحابه ذكرا
أبو يوسف رحه ال فول قضاء القضاة أيام هرون الرشيد فكان سببا لظهور مذهبخ والقضاء به ف أقطار
212
العراق وخراسان وما وراء النهر وكان أحسنهم تصنيفا وألرزمهم درسا ممد بن السن وكان من خبه
أنه نفقه على أب حنيفة وأب يوسف ث خرج إل الدينة فقرأ الوطأ على مالك ث رجع إل نفسه فطبق
مذهب أصحابه على الوطأ مسألة مسألة فإن وافق فيها وإل فإن رأى طائفة من الصحابة والتابعي ذاهبي
إل مذهب أصحابه فكذلك وإن وجد قياسا ضعيفا أو تزيا لينا يالفه حديث صحيح فيما عمل به
الفقهاء أو يالفه عمل أكثر العلماء تركه إل مذهب من مذاهب السلف ما يراه أرجح ما هناك وهذان ل
يزالن على مجة إبراهيم وأقرانه ما أمكن لما كما كان أبو حنيفة رضي ال عنه يفعل ذلك وإنا كان
اختلفهم ف أحد شيئي إما أن يكون لشيخهما تريج على مذهب إبراهيم يزاحانه فيه أو يكون هناك
لبراهيم ونظرائه أقوال متلفة يالفان شيخهما ف ترجيح بعضها على بعض فصنف ممد رحه ال وجع
رأى هؤلء الثلثة وتقريبا أو شرحا أو تريا أو تأسيسا أو استدللً ث تفرقوا إل خراسان وما وراء
النهر فيسمى ذلك مذهب أب حنيفة
ص333:
((ونشأ الشافعي ف أوائل ظهور الذهبي وترتيب أصولما وفروعهما فنظر ف صنيع الوائل فوجد فيه
أمورا كبحث عنانه عن الريان ف طريقهم وقد ذكرها ف أوائل كتاب الم منها أنه وجدهم يأخذون
بالرسل والنقطع فيدخل فيهما اللل فإنه إذا جع طرق الديث يظهر أنه كم من مرسل ل أصل له وكم
من مرسل يالف مسندا فقرر أن ل يأخذ بالراسيل إل عند وجود شروط وهي مذكورة ف كتب
الصول ومنها أنه ل تكن قواعد المع بي الختلفات مضبوطة عندهم فكان يتطرق بذلك خلل ف
متهداتم فوضع لا أصولً ودونا ف كتاب وهذا أول تدوين كان ف أصول الفقه مثاله ما بلغنا أنه دخل
على ممد بن السن وهو يطعن على أهل الدينة ف قضائهم بالشاهد الواحد مع اليمي ويقول هذا زيادة
على كتاب ال فقال الشافعي أثبت عندك أنه ل توز الزيادة على كتاب ال بب الواحد قال نعم قال فلم
قلت إن الوصية للوارث ل توز لقوله ((أل ل وصية لوارث)) وقد قال ال تعال (كتب عليكم إذا حضر
أحدكم الوت) الية وأورد عليه أشياء من هذا القبيل فانقطع كلم ممد بن السن ومنها أن بعض
الحاديث الصحيحة ل يبلغ علماء التابعي من وسد إليهم الفتوى فاجتهدوا بآرائهم واتبعوا العمومات
واقتدوا بن مضى من الصحابة فأفتوا حسب ذلك ث ظهرت بعد ذلك ف الطبقة الثالثة فلم يعملوا با ظنا
منهم أنا تالف عمل أهل مدينتهم وسنتهم الت ل اختلف لم فيها وذلك قادح ف الديث وعلة
مسقطة له أو ل تظهر ف الثالثة وإنا ظهرت بعد ذلك عندما أمعن أهل الديث ف جع طرق الديث
213
ورحلوا إل أقطار الرض وبثوا عن حلة العلم فكثر من الحاديث ما ل يرويه من الصحابة إل رجل أو
رجلن ول يرويه عنه أو عنهما إل رجل أو رجلن وهلم جرا فخفي على أهل الفقه وظهر ف عصر
الفاظ الامعي لطرق الديث كثي من الحاديث رواه أهل البصرة مثلً وسائر القطار ف غفلة منهن
فبي الشافعي أن العلماء من الصحابة والتابعي ل يزل شأنم أنم يطلبون الديث ف السألة فإذا ل يدوا
تسكوا بنوع آخر من الستدلل
ص334:
ث إذا ظهر عليهم الديث بعد رجعوا من احتهادهم إل الديث فإذا كان المر على ذلك ل يكون عدم
تسكهم بالديث قدحا فيه اللهم إل إذا بينوا العلة القادحة مثاله حديث القلتي فإنه حديث صحيح روى
بطرق كثية معظمها يرجع إل أب الوليد بن كثي عن ممد بن جعفر بن الزبي عن عبد ال أو ممد بن
عباد بن جعفر عن عبيد ال ابن عبد ال كلها عن ابن عمر ث تشعبت الطرق بعد ذلك وهذان وإن كانا
من الثقات لكنهما ليسا من وسد إليهم الفتوى وعول الناس عليهم فلم يظهر الديث ف عصر سعيد بن
السيب ول ف عصر الزهري ول يش عليه الالكية ول النيفة فلم يعملوا به وعمل به الشافعي وكحديث
((خيار الجلس)) فإنه حديث صحيح روى بطرق كثية وعمل به ابن عمر وأبو هريرة من الصحابة ول
يظهر على الفقهاء السبعة ومعاصريهم فلم يكونوا يقولون به فرأى مالك وأبو حنيفة هذه علة قادحلة ف
الديث وعمل به الشافعي
ومنها أن أقوال الصحابة جعت ف عصر الشافعي فتكثرت واختلفت وتشعبت ورأى كثيا منها يالف
الديث الصحيح حيث ل يبلغهم ورأى السلف ل يزالوا يرجعون ف مثل ذلك إل الديث فترك التمسك
بأقوالم ما ل يتفقوا وقال هم رجال ونن رجال
ومنها أنه رأى قوما من الفقهاء يلطون الرأي الذي ل يسوغه الشرع بالقياس الذي أثبته فل ييزون
واحدا منها من الخر ويسمونه تارة بالستحسان وأعن بالرأي أن ينصب مظنة حرج أو مصلحة علة
الكم وإنا القياس أن ترج العلة من الكم النصوص ويدار عليها الكم فأبطل هذا النوع أت إبطال
وقال من استحسن فإنه أراد أن يكون شارعا -حكاه ابن الاجب ف متصر الصول -مثاله رشد
اليتيم أمر خفي فأقاموا مظنة الرشد وهو بلوغ خس وعشرين سنة مقامه وقالوا إذا بلغ اليتيم هذا العمر
سلم إليه ماله قالوا هذا استحسان والقياس أن ل يسلم إليه وبالملة لا رأى ف صنيع الوائل مثل هذه
214
المور أخذ الفقه من الرأس فأسس الصول وفرع الفروع وصنف الكتب فأجاد وأفاد واجتمع عليه
الفقهاء وتصرفوا اختصارا وشرحا
ص335:
واستدللً وتريا ث تفرقوا ف البلدان فكان هذا مذهبا للشافعي وال أعلم))
-24بيان الفرق بي أهل الديث وأصحاب الرأي
قال المام ول ال الدهلوي قدس سره تت هذا العنوان ف الجة البالغة ما نصه ((أعلم أنه كان من
العلماء ف عصر سعيد بن السيب وإبراهيم والزهري وف عصر مالك وسفيان وبعد ذلك يكرهون
الوص بالرأي ويهابون الفتيا والستبناط إل لضرورة ل يدون منها بدا وكان أكبههم رواية حديث
رسول سئل عبد ال بن مسعود عن شيء فقال إن لكره أن أحل لك شيئا حرمه ال عليك أو أحرم ما
أحله ال لك وقال معاذ بن جبل يا أيها الناس ل تعجلوا بالبلء قبل نزوله فإنه ل ينفك السلمون أن
يكون فيهم من إذا سئل سرد وروي نو ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود ف كراهة التكلم
فيما ل ينل وقال ابن عمر لابر بن زيد إنك من فقهاء البصرة فل تفت إل بقرآن ناطق أو سنة ماضية
فإنك إن فعلت غي ذلك هلكت وأهلكت وقال أبو النصر لا قدم أبو سلمة البصرة أتيته أنا والسن فقال
للحسن أنت السن ما كان أحد بالبصرة أحب إل لقاء منك وذلك أنه بلغن أنك تفت برأيك فل تفت
برايك إل أن يكون سنة عن رسول أو كتابا منل وقال ابن النكدر إن العال يدخل فيما بي ال وبي
عبادة فليطلب لنفسه الخرج وسئل الشعب كيف كنتم تصنعون إذا سئلتم قال على البي وقعت كان إذا
سئل الرجل قال لصاحبه أفتهم فل يزال حت يرجع إل الول وقال الشعب ما حدثوك هؤلء عن رسول
ال فخذ به وما قالوه برأيهم فألقه ف الش (أخرج هذه الثار عن آخرها الدارمي)
((فوقع شيوع تدوين الديث والثر ف بلدان السلم وكتابه الصحف والنسخ
ص336:
حت قل من يكون أهل الرواية إل كان له تدوين أو صحيفة أو نسخة من حاجتهم لوقع عظيم فطاف
من أدرك من عظائهم ذلك الزمان بلد الجاز والشام والعراق ومصر واليمن وخراسان وجعوا الكتب
وتتبعوا النسخ وأمعنوا ف التفحص غريب الديث ونوادر الثر فاجتمع باهتمام أولئك من الديث
والثار ما ل يتمع لحد قبلهم ويتسر لم ما ل يتيسر لحد قبلهم وخلص إليهم من طرق الحاديث
شيء كثي حت كان يكثر من الحاديث عندهم مئة طريق فما فوقها فكشف بعض الطرق ما استتر ف
215
بعضها الخر وعرفوا مل كل حديث من الغرابة والستفاضة وأمكن لم النظر ف التابعات والشواهد
وظهر عليهم أحاديث صحيحة كثية ل تظهر على أهل الفتوى من قبل قال الشافعي لحد أنتم أعلم
بالخبار الصحيحة منا فإذا كان خب صحيح فأعلمون حت أذهب إليه كوفيا كان أو بصربا أو شاميا
(حكاه ابن المام) وذلك لنه كم من حديث صحيح ل يرويه إل أهل بلد خاصة كأفراد الشاميي
والعراقيي أو أهل بيت خاصة كنسخة يريد عن أب بردة عن أب موسى ونسخة عمرو بن شعيب عن أبيه
عن جده أو كان الصحاب مقل خامل ل يمل عنه إل شرذمة قليلون فمثل هذه الحاديث يغفل عنها
عامة أهل الفتوى واجتمعت عندهم آثار فقهاء كل بلد من الصحابة والتابعي وكان الرجل فيما قبلهم ل
يتمكن إل من جع حديث بلده وأصحابه وكان من قبلهم يعتمدون ف معرفة أساء الرجال ومراتب
عدالتهم على ما يلص إليهم من مشاهدة الال وتتبع القرائن وأمعنت هذه الطبقة ف هذا الفن وجعلوه
ل بالتدوين والبحث وناظروا ف الكم بالصحة وغيها فانكشف عليهم بذا التدوين والناظرة شيئا مستق ً
ما كان خافيا من حال التصال والنقطاع وكان سفيان ووكيع وأمثالما يتهدون غاية الجتهاد فل
يتمكنون من الديث الرفوع التصل إل من دون ألف حديث كما ذكره أبو داود السجستان ف رسالته
إل أهل مكة وكان أهل هذه الطبقة يروون أربعي ألف حديث فما يقرب منها بل صح عن البخاري أنه
اختصر صحيحة من
ص337:
ستة آلف حديث وعن أب داود أنه اختصر سننه من خسة آلف حديث وجعل أحد مسنده ميزانا
يعرف به حديث رسول ال فما وجد فيه ولو بطريق واحد منه فله وإل فل أصل له فكان رؤوس هؤلء
عبد الرحن بن مهدي وييي ابن سعيد القطان ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وأبو بكر بن أب شيبة
ومسدد وهناد وأحد بن حنبل وإسحاق بن واهويه والفضل بن دكي وعلى الدين وأقرانم وهذه الطبقة
هي الطراز الول من طبقات الحدثي فرجع الحققون منهم بعد إحكام فن الرواية ومعرفة مراتب
الحاديث إل الفقه فلم يكن عندهم من الرأي أن يمع على تقليد رجل من مضى مع ما يرون من
الحاديث والثار الناقضة ف كل مذهب من تلك الذاهب فأخذوا يتبعون أحاديث النب وآثار الصحابة
والتابعي والجتهدين على قواعد أحكموها ف نفوسهم وأنا أبينها ف كلمات يسية
((كان عندهم أنه إذا وجد ف السألة قرآن ناطق فل يوز التحول إل غيه وإذا كان القرآن متملً
لوجوه فالسنة قاضية عليه فإذا ل يدوا ف كتاب ال أخذوا بسنة رسول ال سواء كان مستفيضا دائرا
216
بي الفقهاء أو يكون متصا بأهل بلد أو أهل بيت أو بطريق خاصة وسواء عمل به الصحابة والفقهاء أو
ل يعملوا به ومت كان ف السألة حديث فل يتبع فيها خلف أثر من الثار ول اجتهاد أحد من
الجتهدين وإذا فرغوا جهدهم ف تتبع الحاديث ول يدوا ف السألة حديثا أخذوا بأقوال جاعة من
الصحابة والتابعي ول يتقيدون بقوم دون قوم ول بلد دون بلد كما كان يفعل من قبلهم فإن اتفق
جهور اللفاء والفقهاء على شيء فهو القنع وإن اختلفوا أخذوا بديث أعلمهم علما وأورعهم ورعا أو
أكثرهم ضبطا أو ما اشتهر عنهم فإن وجدوا شئيا يستوي فيه قولن فهي مسألة ذات قولي فإن عجزوا
عن ذلك أيضا تأملوا ف عمومات الكتاب والسنة وإياءاتما واقتضاءاتما وحلوا نظي السألة عليها ف
الواب إذا كانتا متقاربتي بادي الرأي ل يعتمدون ف ذلك على قواعد من الصول ولكن ما يلص إل
الفهم ويثلج به الصدر كما أنه ليس ميزان
ص338:
التواتر عدد الرواة ول حالم ولكن اليقي الذي يعقبه ف قلوب الناس وكانت هذه الصول مستخرجه
عن صنيع الوائل وتصرياتم وعن ميمون بن مهران قال كان أبو بكر إذا ورد عليه الصم نظر ف
كتاب ال فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به وإن ل يكن ف الكتاب وعلم من رسول ال ف ذلك
المر سنة قضى با فإن أعياه خرج فسال السلمي وقال أتان كذا وكذا فهل علمتم أن رسول ال قضى
ف ذلك بقضاء فربا اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول ال فيه قضاء فيقول أبو بكر المد ل الذي
جعل فينا من يفظ على نبينا فإن أعياه أن يد فيه سنة من رسول ال جع رؤوس الناس وخيارهم
فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به وعن شريح أن عمر بن الطاب كتب إليه ((إن جاءك
شيء ف كتاب ال فاقض به ول يلفتك عنه الرجال فإن جاءك ما ليس ف كتاب ال ول سكن فيه سنة
رسول ال ول يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي المرين شئت إن شئت أن تتهد برأيك ث تتقدم فتقدم
وإن شئت أن تتأخر فتأخر ول أرى التأخر إل خيا لك وعن عبد ال بن مسعود قال أت علينا زمان لسنا
نقضي ولسنا هنالك وإن ال قد قدر من المر أن قد بلغنا ما ترون فمن عرض له قضاء بعد اليوم فليقض
فيه با ف كتاب ال عز وجل فإن جاءه ما ليس ف كتاب ال فليقض با قضى به رسول ال فإن جاءه ما
ليس ف كتاب ال ول يقض به رسول ال فليقض با قضى به الصالون ول يقل إن أخاف وإن أرى
فإن الرام بي واللل بي وبي ذلك أمور مشتبهة فدع ما يريبك إل ما ل يريبك)) وكان ابن عباس إذا
سئل عن المر فإن كان ف القرآن أخب به
217
ص339:
وإن ل يكن ف القرآن وكان عن رسول ال اخب به وإن ل يكن فعن أب بكر وعمر فإن ل يكن قال فيه
برأيه
عن ابن عباس أما تافون أن تعذبوا أو يسف بكم أن تقولوا قال رسول ال وقال فلن عن قتاده قال
حدث ابن سيين رجلً بديث عن النب فقال الرجل قال فلن كذا وكذا فقال ابن سيين أحدثك عن
النب ويقول قال فلن كذا وكذا عن الوزاعي قال كتب عمر بن عبد العزيز أنه ل رأى لحد ف كتاب
ال وإنا رأى الئمة فيما ل ينل فيه كتاب ول تض فيه سنة من رسول ال ول رأى لحد ف سنة سنها
رسول ال عن العمش قال كان إبراهيم يقول يقوم عن يساره فحدثته عن سيع الزيات عن ابن عباس
أن النب أقامه عن يينه فأخذ به عن الشعب جاءه رجل يسأله عن شيء فقال كان ابن مسعود يقول فيه
كذا وكذا قال أخبن أنت برأيك فقال أل تعجبون من هذا أخبته عن ابن مسعود ويسألن عن رأي
ودين عندي آثر من ذلك وال لن أتغن بأغنية أحب إل من أن أخبك برأيي (أخرج هذه الثار كلها
الدارمي)
وأخرج الترمذي عن أب السائب قال كنا عند وكيع فقال لرجل من ينظر ف الرأي أشعر رسول ال
ويقول أبو حنيفة ((هو مثله)) قال الرجل فإنه قد روى عن إبراهيم النخعي أنه قال الشعار مثله قال
رأيت وكيعا غضب غضبا شديدا وقال أقول لك قال رسول ال وتقول قال إبراهيم ما أحقك بأن تبس
ث ل ترج حت تنع عن قولك هذا عن عبد ال بن عباس وعطاء وماهد ومالك بن أنس رضي ال
عنهم أنم كانوا يقولون ما من أحد إل وهو مأخوذ من كلمه ومردود عليه إل رسول ال
ص340:
((وبالملة فلما مهدوا الفقه على هذه القواعد فلم تكن مسألة من السائل الت تكلم فيها من قبلهم والت
وقعت ف مازنم إل وجدوا فيها حديثا مرفوعا متصلً أو مرسل أو موقوفا صحيحا أو حسنا أو صالا
للعتبار أو وجدوا أثرا من آثار الشيخينك أو سائر اللفاء وقضاة المصار وفقهاء البلدان أو استنباطا
من عموم أو إياء واقتضاء فيسر ال لم العمل بالسنة على هذا الوجه وكان أعظمهم شأنا وأوسعهم
رواية وأعرفهم للحديث مرتبة وأعمقهم فقها أحد بن ممد بن حنبل ث إسحاق بن راهويه وكان ترتيب
الفقه على هذا الوجه يتوقف على جع شيء كثي من الحاديث والثار
218
((ث أنشأ ال تعال قرنا آخر فرأوا أصحابم قد كفوا مؤونة جع الحاديث وتهيد الفقه على أصلهم
فتفرغوا لفنون أخرى كتمييز الديث الصحيح الجمع عليه بي كباء أهل الديث كزيد بن هرون ويي
بن سعيد القطان وأحد وإسحاق وأضرابم وكجمع أحاديث الفقه الت بن عليها فقهاء المصار وعلماء
البلدان مذاهبهم وكالكم على كل حديث با يستحقه وكالشاذة والفاذة من الحاديث الت ل يرووها
أو طرقها الت ل يرجوا من جهتها الوائل ما فيه اتصال أو علو سند أو رواية فقيه عن فقيه أو حافظ
عن حافظ ونو ذلك من الطالب العلمية وهؤلء هم البخاري ومسلم وأبو داود وعبد ابن حيد
والدارمي وابن ماجة وأبو يعلي والترمذي والنسائي والدار قطن والاكم والبيهقي والطيب والديلمي
وابن عبد الب وأمثالم وكان أوسعهم علما عندي وأنفعهم تصنيفا وأشهرهم ذكرا رجال أربعة متقاربون
ف العصر
أولم أبو عبد ال البخاري وكان غرضه تويد الحاديث الصحاح الستفيضة التصلة من غيها واستنباط
الفقه والسية والتفسي منها فصنف جامعه الصحيح ووف با شرط وبلغنا أن رجل من الصالي رأي
رسول ال ف منامه وهو يقول مالك اشتغلت بفقه ممد بن إدريس وتركت كتاب قال يا رسول ال وما
كتابك قال صحيح البخاري ولعمري إنه نال من الشهرة والقبول درجة ل يرام فوقها
ص341:
وثانيهم مسلم النيسابوري توخي تريد الصحاح الجمع عليها بي الحدثي التصلة الرفوعة ما يستنبط
منه السنة وأراد تقريبها إل الذهان وتسهيل الستنباط منها فرتب ترتيبا جيدا وجع طرق كل حديث ف
موضع واحد ليتضح اختلف التون وتشعب السانيد أصرح ما يكون وجع بي الختلفات فلم يدع لن
له معرفة لسان الرعب عذرا ف العراض عن السنة إل غيها
وثالثهم أبو داود السجستان وكان هته جع الحاديث الت استدل با الفقهاء ودارت فيهم وبن عليها
الحكام علماء المصار فصنف سننه وجع فيها الصحيح والسن واللي والصال للعمل قال أبو داود
((ما ذكرت ف كتاب حديثا أجع الناس على تركه)) وما كان منها ضعيفا صرح بضعفه وما كان فيه
علة بينها بوجه يعرفه الائض ف هذا الشأن وترجم على كل حديث با قد استنبط منه عال وذهب إليه
ذاهب ولذلك صرح الغزال وغيه بأن كتابه كاف للمجتهد
ورابعهم أبو عيسى الترمذي وكأنه استحسن طريقة الشيخي حيث بينا وما أبما وطريقة أب داود حيث
جع كل ما ذهب إليه ذاهب فجمع كلتا الطريقتي وزاد عليهما بيان مذاهب الصحابة والتابعي وفقهاء
219
المصار فجمع كتابا جامعا واختصر طرق الديث اختصارا لطيفا فذكر واحدُا وأومـأ إل ما عداه
وبي أمر كل حديث من أنه صحيح أو حسن أو ضعيف أو منكر وبي وجه الضعف ليكون الطالب على
بصية من أمره فيعرف ما يصلح للعتبار عما دونه وذكر أنه مستفيض أو غريب وذكر مذاهب الصحابة
وفقهاء المصار وسى من يتاج إل التسمية وكن من يتاج إل الكنية ول يدع خفاء لن هو من رجال
العلم ولذلك يقال إنه كاف للمجتهد مغن للمقلد
((وكان بإزاء هؤلء ف عصر مالك وسفيان وبعدهم قوم ل يكرهون السائل ول يهابون الفتيا ويقولون
على الفقه بناء الدين فل بد من إشاعته ويهابون رواية حديث رسول ال والرفع إليه حت قال الشعب على
من دون النب أحب إلينا فإن كان
ص342:
فيه زيادة أو نقصان كان على من دون النب وقال إبراهيم أقول قال عبد ال وقال علقمة أحب إلينا وكان
ابن مسعود إذا حدث عن رسول ال تربد وجهه وقال هكذا أو نوه وقال عمر حي بعث رهطا من
النصار إل الكوفة إنكم تأتون الكوفة فتأتون قوما لم أزيز بالقرآن فيأتونكم فيقولون قدم أصحاب ممد
فيأتونكم فيسألونكم عن الديث فأقلوا الرواية عن رسول ال قال ابن عون كان الشعب إذا جاءه شيء
اتقي وكان إبراهيم يقول ويقول (أخرج هذه الثار الدارمي)
((فوقع تدوين الديث والفقه والسائل من حاجتهم بوقع من وجه آخر وذلك أنه ل يكن عندهم من
الحاديث والثار ما يقدرون به على استنباط الفقه على الصول الت اختارها أهل الديث ول تنشرح
صدورهم للنظر ف أقوال علماء البلدان وجعها والبحث عنها واتموا أنفسهم ف ذلك وكانوا اعتقدوا ف
أئمتهم أنم ف الدرجة العليا من التحقيق وكان قلوبم أميل شيء إل أصحابم كما قال علقمة هل أحد
منهم أثبت من عبد ال وقال أبو حنيفة إبراهيم أفقه من سال ولول فضل الصحبة لقلت علقمة أفقه من
ابن عمر وكان عندهم من الفطانة والدس وسرعة انتقال الذهن من شيء إل شيء ما يقدرون به على
تريج جواب السائل على أقوال أصحابم و ((كل ميسر لا خلق له)) و ((كل حزب با لديهم
فرحون)) فمهدوا الفقه على قاعدة التخريج وذلك أن يفظ كل أحد كتاب من هو لسان أصحابه
وأعرفهم بأقوال القوم وأصحهم نظرا ف الترجيح فيتأمل ف كل مسألة وجه الكم فكلما سئل عن شيء
أو احتاج إل شيء رأي فيما يفظه من تصريات أصحابه فإن وجد الواب فيها وإل إل عموم كلمهم
فأجراه على هذه الصورة أو إشارة ضمنية لكلم فاستنبط منها وربا كان لبعض الكلم إياء أو اقتضاء
220
يفهم القصود وربا كان للمسألة الصرح با نظي يمل عليها وربا نظروا ف علة الكم الصرح به
بالتخريج أو باليسر والذف فأداروا حكمه علي غي الصرح به وربا كان له
ص343:
كلمان لو اجتمعا على هيأة القياس القتران أو الشرطي أنتجا جواب السألة وربا كان ف كلمهم ما
هو معلوم بالثال والقسمة غي معلوم بالد الامع الانع فيجعون إل أهل اللسان ويتكلفون ف تصيل
ذاتيانه وترتيب حد جامع مانع له وضبط مبهمه وتييز مشكله وربا كان كلمهم متملً بوجهي فيظرون
ف ترجيح أحد الحتملي وربا يكون تقريب الدلئل خفيا فيبينون ذلك وربا استدل بعض الخرجي من
فعل أئتهم وسكوتم ونو ذلك فهذا هو التخريخ ويقال له القول الخرج لفلن كذا على مذهب فلن
أو على اصل فلن أو على قول فلن وجواب السألة كذا وكذا ويقال لؤلء الجتهدون ف الذهب وعن
هذا الجتهاد على هذا الصل من قال من حفظ البسوط كان متهدا أي وإن ل يكن له علم برواية
أصلً ول بديث واحد فوقع التخريج ف كل مذهب وكثر فأي مذهب كان أصحابه مشهورين وسد
إليهم القضاء والفتاء واشتهر تصانيفهم ف الناس ودرسوا درسا ظاهرا انتشر ف أقطار الرض ول يزل
ينشر كل حي وأي مذهب كان أصحابه خاملي ول يولوا القضاء والفناء ول يرغب فيهم الناس اندرس
بعد حي)) انتهى
-25بيان حال الناس ف الصدر الول وبعده
قال المام أبو زيد الدبوسي رحه ال تعال ف تقوي الدلة ((كان الناس ف الصدر الول -أعن الصحابة
والتابعي والصالي يبنون أمورهم على الجة فكانوا يأخذون بالكتاب ث بالسنة ث بأقوال من بعد
رسول ال ما يصح بالجة فكان الرجل يأخذ بقول عمر ف مسألة ث يالفه بقول على ف مسألة أخرى
وقد ظهر من أصحاب أب خنيفة أنم وافقوه مرة وخالفوه أخرى بسب ما تتضح لم الجة ول يكن
الذهب ف الشريعة عمريُا ول علويا بل النسبة كانت إل رسول ال فكانوا قرونا أثن عليهم رسول ال
بالي فكانوا يرون الجة ل علماءهم ول نفوسهم فلما ذهبت
ص344:
التقوى عن عالة القرن الرابع وكسلوا عن طلب الجج جعلوا علماءهم حجة واتبعوهم فصار بعضهم
حنفيا وبعضهم مالكيا وبعضهم شافعيا ينصرون الجة بالرجال ويعتقدون الصحة باليلد على ذلك
221
الذهب ث كل قرن بعدهم اتبع عالة كيف ما أصابه بل تييز حت تبدلت السنن بالبدع فضل الق بي
الوى)) انتهى
وقال العلمة الدهلوي ف الجة البالغة ف باب حكاية حال الناس قبل الئة الرابعة وبعدها ((أعلم أن
الناس كانوا قبل الئة الرابعة غي متمعي على التقليد الالص لذهب واحد بغينه قال أبو طالب الكي ف
قوت القلوب إن الكتب والجوعات مدثة والقول بقالت الناس ولفتيا بذهب الواحد من الناس واتاذ
قوله والكاية له من كل شيء والتفقه على مذهبه ل يكن الناس قديا على ذلك ف القرني الول
والثان)) انتهى
قال الدهلوي قدس سره ((وبعد القرني حدث فيهم شيء من التخريج غي أن أهل الئة الرابعة ل يكونوا
متمعي على التقليد الالص على مذهب واحد والتفقه له والاكية لقوله كما يظهر من التتبع بل كان
فيهم العلماء والعامة وكان من خب العالة أنم كانوا ف السائل الجاعية الت ل اختلف فيها بي
السلمي أو جهور الجتهدين ل يقلدون إل صاحب الشرع وكان يتعلمون من الوضوء والغسل والصلة
والزكاة ونو ذلك من آبائهم أو معلمي بلدانم فيمشون حسب ذلك وإذا وقعت لم واقعة استفتوا فيها
أي مفت وجدوا من غي تعيي مذهب وكان من خب الاصة أنه كان أهل الديث منهم يشتغلون
بالديث فيخلص إليهم من أحاديث النب وآثار الصحابة ما ل يتالون معه إل شيء آخر ف السألة من
حديث مستفيض أو صحيح قد عمل به بعض الفقهاء ول عذر لتارك العمل به أو أقوال متظاهرة لمهور
الصحابة والتابعي ما ل يسن مالفتها فإن ل يد -أي أحدهم -ف السألة ما يطمئن به قلبه لتعارض
النقل وعدم وضوح الترجيح ونو ذلك رجع إل كلم بعض من مضى من الفقهاء فإن وجدقولي اختار
ص345:
أوثقهما سواء كان من أهل الدينة أو من أهل الكوفة وكان أهل التخريج منهم يرجون فيما ل يدونه
مصرحا ويتهدون ف الذهب وكان هؤلء ينسبون إل مذهب أصحابم فيقال فلن شافعي وفلن حنفي
وكان صاحب الديث أيضا قد ينسب إل أحد الذاهب لكثرة موافقته لن كالنسائي والبيهقي ينسبان
إل الشافعي فكان ل يتول القضاء ول الفتاء إل متهد ول يسمى الفقيه إل متهد ث بعد هذه القرون
كان ناس آخرون ذهبوا يينا وشالً -وحدث فيهم أمور منها الدل واللف ف علم الفقه وتفصيله -
على ما ذكره الغزال أنه لا انقرض عهد اللفاء الراشدين الهدبي أفضت اللفة إل قوم تولوها بغي
استحقاق ول استقلل بعلم الفتاوى والحكام فاضطروا إل الستعانة بالفقهاء وإل استصحابم ف جيع
222
أحوالم وقد كان بقي من العلماء من هو مستمر على الطراز الول وملزم صفو الدين فكانوا إذا طلبوا
هربوا وأعرضوا فرأى أهل تلك العصار عز العلماء وإقبال الئمة عليهم مع إعراضهم فاشر أبوا بطلب
العلم توصلً إل نيل العز ودرك الاه فأصبح الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبي طالبي وبعد أن كانوا أعزة
بالعراض عن السلطي أدلة بالقبال عليهم إل من وفقه ال وقد كان من قبلهم قد صنف ناس ف علم
الكلم وأكثروا القال والقيل واليراد والواب وتهيد طرق الدل فوقع ذلك منهم بوقع من قبل أن كان
من الصدور واللوك من مالت نفسه إل الناظرة ف الققه وبيان الول من مذهب الشافعي وأب حنيفة
رحه ال فترك الناس الكلم وفنون العلم وأقبلوا على السائل اللفية بي الشافعي وأب حنيفة رحه ال
على الصوص وتساهلوا ف اللف مع مالك وسفيان وأحد بن حنبل وغيهم وزعموا أن غرضهم
استنباط دقائق الشرع وتقرير علل الذهب وتهيد أصول الفتاوى وأكثروا فيها التصانيف والستنباطات
ورتبوا فيها أنواع الجادلت والتصنيفات وهم مستمرون عليه إل الن لسنا ندري ما الذي قدر ال تعال
فيما بعدها من العصار انتهى حاصله ومنها أنم اطمأنوا بالتقليد ودب التقليد ف صدروهم دبيب النمل
وهم ل يشعرون وكان سبب ذلك تزاحم الفقهاء وتادلم فيما بينهم فإنم لا وقعت فيهم الزاحة ف
الفتوى كان كل من أفت
ص346:
بشيء نوقض ف فتواه ورد عليهم فلم ينقطع الكلم إل بصي إل تصريح رجل من التقدمي ف السألة
وأيضا جور القضاة فإن القضاة لا جار أكثرهم ول يكونا أمناء ل يقبل منهم إل ما ل يريب العامة فيه
ويكون شيئا قد قيل من قبل وأيضا جهل رؤوس الناسواستفتاء الناس من ل علم له بالديث ول بطريق
التخريج كما ترى ذلك ظاهرا ف أكثر التأخرين وقد نيه عليه ابن المام وغيه وف ذلك الوقت يسمى
غي الجتهد فقيها ومنها أن أقبل أكثرهم على التعميات ف كل فن فمهم من زعم أنه يؤسس علم أساء
الرجال ومعرفة مراتب الرح والتعديل ث خرج من ذلك إل التاريخ قدية وحديثه ومنهم من تفحص عن
نوادر الخبار وغرائبها وإن دخلت ف حد الوضوع ومنهم من أكثر القال والقيل ف أصول الفقه
واستنبط كل لصحابه قواعد جدلية فأورد فاستقصى وأجاب وتفصي وعرف وقسم فحرر طول الكلم
تارة وتارة اختصر ومنهم من ذهب إل هذا بفرض الصور الستبعدة الت من حقها أن ل يتعرض لا عاقل
وبفحص العمومات والياءات من كلم الخرجي فمن دونم ما ل يرتضي استماعه عال ول جاهل
وفتنة هذا الدل واللف والتعمق قريبة من الفتنة الول حي تشاجروا ف اللك وانتصر كل رجل
223
ل واختلطالصاحبه فكما أعقبت تلك ملكا عضوضا ووقائه صماء عمياء فكذلك أعقبت هذه جه ً
وشكوكا ووها ما لا من إرجاء فنشأت بعدهم قرون على التقليد الصرف ل ييزون الق من الباطل ول
الدل عن الستنباط فالفقيه يومئذ هو الثرثار التشدق الذي حفظ أقوال الفقهاء قويها وضعيفها من غي
تييز وسردها بشقشقة شدقيه والحدث من عد الحاديث صحيحها وسقيمها وهذها كهذا الساء بقوة
لييه ول أقول ذلك كليا مطردا فإن ل طائفة من عباده ل يضرها من خذلم وهم حجة ال ف أرضه
وإن قلوا
((ول يأت قرن بعد ذلك إل وهو أكثر فتنة وأوفر تقليدا وأشد انتزاعا للمانة
ص347:
من صدور الرجال حت اطمأنوا بترك الوص ف أمر الدين وبأن يقولوا ((إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا
على آثارهم مقتدون)) وإل ال الشتكى وهو الستعان وبه الثقة وعليه التكلن)) انتهى كلم ول ال
الدهلوي وقد سبقه إل كشف هذه السرار الشيخ الكب قدس سره ف الفتوحات الكية حيث قال ف
الباب الثامن عشر وثلئمائة ف معرفة منل نسخ الشريعة الحمدية وغي الحمدية بالعراض النفسية -
عافانا ال وإياكم من ذلك ما نصه -بعد أبيات صدر با هذا الباب
((أعلم -وفقنا ال وإياك -أيها الول الميم والصفى الكري أنا روينا ف هذا الباب عن عبد ال بن
عباس رضي ال عنهما أن رجلً أصاب من عرضه فجاء إليه يستحله من ذلك فقاله له يا ابن عباس إنن
قد نلت منك فاجعلن ف حل من ذلك فقال أعوذ بال أن أحل ما حرم ال إن ال قد حرم أعراض
السلمي فل أحله ولكن غفر ال لك فانظر ما أعجب هذا التصريف وما أحسن العلم ومن هذا الباب
حلف النسان على ما أبيح له فعله أن ل يفعله أو يفعله ففرض ال تلة اليان وهو من باب الستدراج
والكر اللي إل لن عصمه ال بالتنبيه عليه فما ث شارع إل ال تعال قال لنبيه ((لتحكم بي الناس با
أراك ال )) ول يقل له ((با رأيت)) بل عاتبه سبحانه وتعال لا حرم على نفسه باليمي ف قضية عائشة
وحفصه فقال تعال (يا أيها النب ل يرم ما أحل ال لك تبتغي مرضاة أزواجك) فكان هذا ما أرته نفسه
فهذا بدلك أن قوله تعال (با أراك ال) أنه ما يوحي به إليه ل ما يراه ف رأيه فلو كان الدين بالرأي لكان
رأي النب أول من رأي كل ذي رأي فإذا كان هذا حال النب فيما رأته نفسه فكيف رأي من ليس
بعصوم ومن الطأ أقرب إليه من الصابة فدل أن الجتهاد الذي ذكره رسول ال أنا هو ف طلب
ص348:
224
الدليل على تعيي الكم ف السألة الواقعة ل ف تشريع حكم ف النازلة فإن ذلك شرع ل يأذن به ال
ولقد أخبن ف القاضي عبد الوهاب السدي السكندري بكة الشرفة سنة تسع وتسعي وخسمائة قال
رأيت رجلً من الصالي بعد موته ف النام فسألته ما رأيت فذكر أشياء منها قال ولقد رأيت كتبا
موضوعة وكتبا مرفوعة فسألت ما هذه الكتب الرفوعة فقيل ل هذه كتب الديث فقلت وما هذه
الكتب الوضوعة فقيل ل هذه كتب الرأي حت يسأل عنها أصحابا فرأيت المر فيه شدة
أعلم -وفقنا ال وإياك -أن الشريعة هي الحجة الواضحة البيضاء مجة السعداء وطريق السعادة من
مشى عليها نا ومن تركها هلك قال رسول ال لا أنزل عليه قول تعال (وأن هذا صراطي مستقيما
فاتبعوه) خط رسول ال ف الرض خطا وخط خطوطا على جانب الط يينا وشالً ث وضع إصبعه على
الط وقال تاليا ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل)) وأشار إل تلك الطوط الت
خطها عن يي الط ويساره ((فتفرق بكم عن سبيله)) وأشار إل الط الستقيم ولقد أخبن بدينة
((سل)) -مدينة بالغرب على شاطي البحر الحيط يقال لا منقطع التراب ليس وراءها أرض -رجل
من الصالي الكابر من عامة الناس قال رأيت ف النوم مجة بيضاء مستوية عليها نور سهلة ورأيت عن
يي تلك الحجة وشالا خنادق وشعابا واودية كلها شوك ل تسلك لضيقها وتوعر مسالكها وكثرة
شوكها والظلمة الت فيها ورأيت جيع الناس يبطون فيها خبط عشواء ويتركون الحجة البيضاء السهلة
وعلى الحجة رسول ال ونفر قليل معه يسي وهو ينظر إل من خلفه وإذا ف الماعة متأخر عنها لكنه
عليها الشيخ أبو إسحاق إبراهيم ابن قرقور الحدث كان سيدا فاضل ف الديث اجتمعت بابنه فكان
يفهم عن رسول ال أنه يقول له ناد ف الناس بالرجوع إل الطريق فكان ابن قرقور يرفع صوته ويقول
ص349:
ف ندائه ول من داع ول من متداع ((هلموا إل الطريق هلموا)) قال فل ييبه أحد ول يرجع إل الطريق
أحد
((وأعلم أنه لا غلبت الهواء على النفوس وطلبت العلماء الراتب عند اللوك تركوا الحجة البيضاء
وجنحوا إل التأويلت البعيدة لينفذوا أغراض اللوك فيما لم فيه هوى نفس ليستندوا ف ذلك إل أمر
شرعي مع كون الفقيه ربا ل يعتقد ذلك ويفت به وقد رأينا منهم جاعة على هذا من قضاتم وفقهائهم
ولقد أخبن اللك الظاهرة غازي ابن اللك الناصر صلح الدين يوسف بن أيوب -وقد وقع بين وبينه
ف مثل هذا كلم -فنادي بلوك وقال حئن بالرمدان فقلت ما شأن الرمدان قال أنت تنكر على ما
225
يري ف بلدي وملكت من النكرات والظلم وأنا وال أعتقد مثل ما تعتقد أنت فيه من أن ذلك كله
منكر ولكن وال يا سيدي ما منه منكر إل بفتيا فقيه وخط يده عندي بواز ذلك فعليهم لغنة ال ولقد
أفتان فقيه هو فلن -وعي ل أفضل فقيه عنده ف بلده ف الدين والتقشف -بأنه ل يب على صوم
شهر رمضان هذا بعينه بل الواجب على شهر ف السنة والختيار ل فيه أي شهر السنة قال السلطان
فلعنته ف باطن ول أظهر له ذلك -وهو فلن فسماه ل -رحم ال جعيهم
((فليعلم أن الشيطان قد مكنه ال من حضرة اليال وجعل له سلطانا فيها فإذا رأى أن الفقيه ييل إل
هوى يعرف أنه ل يرضي عند ال زين له سوء عمله بتأويل غريب يهد له فيه وجها يسنه ف نظره
ويقول له إن الصدر الول قد دانوا ال بالرأي وقاس العلماء ف الحكام واستنبطوا العلل للشياء
فطردوها وحكموا ف السكوت عنه با حكموا به ف النصوص عليه للعلة الامعة بينهما والعلة من
استنباطه فإذا مهد له هذا السبيل جنح إل نيل هواه وشهوته بوجه شرعي ف زعمه فل يزال هكذا فعله
ف كل ماله أو لسلطانه فيه هو نفس ويرد الحاديث النبوية ويقول لو أن هذا الديث يكون صحيحا
وإن كان صحيحا يقول لو ل يكن له خب آخر يعارضه وهو ناسخ له لقال به الشافعي إن كان هذا
الفقيه شافعيا -أو قال به أبو حنيفة -إن كان الرجل حنفيا -وهكذا قول أتباع هؤلء
ص350:
الئمة كلهم ويرون أن الديث والخذ به مضلة وأن الواجب تقليد هؤلء الئمة وأمثالم فيما حكموا
به وإن عارضت أقوالم الخبار النبوية فالول الرجوع إل أقاويلهم وترك الخذ بالخبار والكتاب
والسنة فإن قلت لم قد روينا عن الشافعي رحه ال أنه قال إذا أتاكم الديث يعارض قول فاضربوا
بقول الائط وخذوا بالديث فإن مذهب الديث وقد روينا عن أب حنيفة أنه قال لصحابه حرام على
كل من أفت بكلمي ما ل يعرف دلبلي وما روينا شيئا من هذا عن أب حنيفة إل من طريق النفينن ول
عن الشافعي إل من طريق الشافعية وكذلك الالكية والنابلة فإذا ضايقهم ف مال الكلم هربوا وسكنوا
وقد جرى لنا هذا معهم مرارا بالغرب وبالشرق فما منهم أحد على مذهب من يزعم أنه على مذهبه
فقد انتسخت الشريعة بالهواء وإن كانت الخبار الصحاح موجودة مسطرة ف الكتب الصحاح وكتب
التواريخ بالتجريح والتعديل موجودة والسانيد مفوظة مصونة من التغيي والتبديل ولكن إذا ترك العمل
با واشتغل الناس بالرأي ودانوا أنفسهم بفتاوى التقدمي مع معارضة الخبار الصحاح لا فل فرق بي
عدمها ووجودها إذا ل يبق لا حكم عندهم وأي نسخ أعظم من هذا وإذا قلت لحدهم ف ذلك شيئا
226
يقول لك هذا هو الذهب وهو وال كاذب فإن صاحب الذهب قال له إن عارض الب كلمي فخذ
بالديث واترك كلمي ف الش فإن مذهب الديث فلو أنصف لكان على مذهب الشافعي من ترك
كلم الشافعي للحديث العارض فال يأخذ بيد الميع)) انتهى كلم الشيخ الكب قدس سره
-26فتوى المام تقي الدين أب العباس فيمن نقفه على مذهب ث اشتغل بالديث فرأى ف مذهبه ما
يالفه الديث كيف يعمل
سئل شيخ السلم تقي الدين أحد بن تيميه عليه الرحة والرضوان عن رجل تفقه على مذهب من
الذاهب الربعة وتبصر فيه واشتغل بعده بالديث فوجد أحاديث
ص351:
صحيحة ل يعلم لا ناسخا ول مصصا ول معارضا وذلك الذهب فيه ما يالف تلك الحاديث فهل له
العمل بالذهب أو يب عليه الرجوع إل العمل بالديث ومالفة مذهبه فأجاب رحه ال تعال (قد ثبت
بالكتاب والسنة والجاع أن ال تعال افترض على العباد طاعته وطاعة رسوله ول يوجب هذه المة
طاعة أحد بعينه ف كل ما أمر به ونى عنه إل رسول حت كان صديق المة وأفضلها بعد نبيها ورضي
عنه يقول ((أطيعون ما أطعت ال فإذا عصيت ال فل طاعة ل عليكم)) واتفقوا كلهم على أنه ليس أحد
مصصوما ف كل ما أمر به ونى عنه إل رسول ال ولذا قال غي واحد من الئمة كل أحد يؤخذ من
كلمه ويترك إل رسول ال وهؤلء الئمة الربعة قد نوا الناس من تقليدهم ف كل ما يقولونه وذلك هو
الواجب وقال أبو حنيفة ((هذا رأي وهذا أحسن ما رأيت فمن جاء برأي خي منه قبلناه)) ولذا لا
اجتمع أفضل أصحابه أبو يوسف بإمام دار الجرة مالك بن أنس وسأله عن مسألة الصاع وصدقة
الضروات ومسألة الحباس فأخبه مالك با دلت عليه السنة ف ذلك فقال رجعت لقولك يا أبا عبد ال
ولو رأي صاحب ما رأيت لرجع كما رجعت ومالك رحه ال كان يقول ((إنا أنا بشر أصيب وأخطيء
فاعرضوا قول على الكتاب والسنة)) أو كلم هذا معناه والشافعي رحه ال كان يقول ((إذا صح
الديث بلف قول فاضربوا بقول الائط وإذا رأيت الجة موضوعة على طريق فهي قول)) وف
متصر الزن لا اختصره ذكر أنه أختصره من مذهب الشافعي لن أراد معرفة مذهبه قال مع إعلمه نية
عن تقليده وتقليد غيه العلماء والمام أحد رحه ال كان يقول ((من ضيق علم الرجل أن يقلد دينه
الرجال قال ((ل تقلد دينك الرجال فإنم ل يسلموا أن يغلطوا)) وقد ثبت ف الصحيح عن النب أنه قال
227
((من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين)) ول زم ذلك أن من ل يفقهه ف الدين ل يرد ال به خيا فيكون
التفقه ف الدين فرضا والتفقه ف الدين معرفة الحكام الشرعية بأدلتها السمعية
ص352:
فمن ل يعرف ذلك ل يكن متفقها ف الدين لكن من الناس من قد يعجز عنها فيلزمه ما يقدر عليه وأما
القادر على الستدلل فقيل يرم عليه التقليد مطلقا وقيل يوز مطلقا وقيل يوز عند الاجة كما إذا
ضاق الوقت عند الستدلل وهذا القول أعدل القوال إن شاء ال تعال والحتهاج ليس هو امرًأ ل يقبل
التجزء والنقسام بل يكون الرجل متهدا ف فن أو باب أو مسألة دون فن وباب ومسألة وكل فاجتهاده
بسب وسعه فمن نظر ف مسألة قد تنازع العلماء فيها فرأى مع أحد القولي نصوصا ل يعلم لا معارضا
بعد نظر مثله فهو بي المرين إما أن يتبع قول القائل الخر لجرد كونه المام الذي اشتغل على مذهبه
ومثل هذا ليس بجة شرعية بل مرد عادة تعارضها عادة غيه واشتغاله بذهب إمام آخر وإما يتبع القول
الذي ترجح بنظره بالنصوص الدالة عليه فحينئذ موافقته لمام يقاوم به ذلك المام وتبقي النصوص النبوية
سالة ف حقه عن العارض بالعمل فهذا هو الذي يصلح وإنا تنلنا هذا التنل لنه قد يقال إن نظر هذا
قاصر وليس اجتهاده تاما ف هذه السألة لضعف آلة الجتهاد ف حقه أما إذا قدر على الجتهاد التام
الذي يعتقد معه أن القول الخر ليس معه ما يدفع النص فهذا يب عليه اتباع النصوص وإن ل يفعل
كان متبعا للظن وما توى النفس وكان من أكب العصاة ل ولرسوله يلف من يكون للقول الخر
حجة راجحة على هذا النص ويقول ((أنا ل أعلمها)) فهذا يقال له قال ال تعال (فاتقوا ال ما استطعتم)
وقال النب ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) والذي تستطيعه من العلم والفقه ف هذه السألة قد
دل على أن حكمك ف ذلك حكم الجتهد الستقل إذا تغي اجتهاده وانتقال النسان من قول إل قول
لجل ما تبي له من الق هو ممود فيه بلف إقراره على قول ل حجة معه عليه وترك القول الذي
وضحت حجته أو النتقال عن قول إل قول بجرد عادة واتباع هوى فهذا مذموم وإذا كان القلد قد
سع الديث وتركه ل سيما إذا كان قد رواه أيضا عدل فمثل هذا وحده ل يكون عذرا ف ترك النص
فمن ترك الديث لعتقاده أنه ل يصح
ص353:
أو راويه مهول ونو ذلك ويكون غيه قد علم صحته وثقة راويه فقد زال عذر ذلك ف حق هذا ومن
ترك الديث لعتقاده أن ظاهر القرآن يالفه أو القياس أو عمل لبعض المصار وقد تبي لخر أن ظاهر
228
القرآن ل يالفه وأن نص الديث الصحيح مقدم على الظواهر ومقدم على القياس والعمل ل يكن عذر
ذلك الرجل عذرا ف حقه فإن ظهور الدارك الشرعية للذهان وخفاءها عنها أمر ل يضبط طرفاه ل
سيما إذا كان التارك للحديث معتقدا أنه يترك العمل به الهاجرون والنصار أهل الدينة النبوية وغيها
الذين يقال إنم ل يتركون الديث إل لعتقادهم أنه منسوخ أو معارض براجح وقد بلغ من بعدهم أن
الهاجرين والنصار ل يتركوه بل قد عمل به بعضهم أو من سعه منهم ونو ذلك ما يقدح ف هذا
العارض للنص وإذا قيل لذا التفت السترشد أنت أعلم أم المام الفلن كانت هذه معارضه فاسدة لن
المام الفلن قد خالفه ف هذه السألة من هو نظي من الئمة ولست من هذا ول من هذا ولكن نسبة
هؤلء الئمة إل نسبة أب بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود وأب ومعاذ ونوهم إل الئمة وغيهم
فكما أن هؤلء الصحابة بعضهم لبعض أكفاء ف موارد الناع فإذا تنازعوا ف شيء ردوه إل ال ورسوله
وإن كان بعضهم قد يكون أعلم ف مواضع أخر وكذلك موارد الناع بي الئمة وقد ترك الناس قول
عمر وابن مسعود رضي ال عنهما ف مسألة تيمم النب وأخذوا بقول أب موسى الشعري رضي ال
عنه وغيه لا احتج بالكتاب والسنة وتركوا قول عمر ف دية الصابع وأخذوا بقول معاوية بن أب سفيان
لا كان من السنة أن النب قال ((هذه وهذه سواء)) وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس رضي ال
عنهما ف التعة فقال له قال أبو بكر وعمر فقال ابن عباس يوشك أن ينل عليكم حجارة من السماء
أقول قال رسول ال وتقولون قال أبو بكر وعمر وكذلك ابن عمر رضي ال عنهما لا سألوه عنها فأمر
با فعارضوه بقول عمر فبي لم أن عمر ل يرد ما يقولونه فألوا عليه فقال لم أرسول ال أحق أن يتبع
أم عمر مع علم الناس بأن أبا بكر وعمر أعلم من أبن عمر وابن عباس رضي ال عنهم ولو فتح هذا
الباب لوجب أن يعرض عن أمر ال ورسوله وبقي كل إمام ف
ص354:
أتباعه بنلة النب ف أمته وهذا تبديل للدين وشبيه با عاب ال به النصارى ف قوله (اتذوا أحبارهم
ورهبانم أربابا من دون ال والسيح ابن مري وما أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا سبحانه عما يشركون))
وال سبحانه أعلم)) 1هـ كلم المام تقي الدين قدس سره
-27بيان معرفة الق بالدليل
قال المام الربان أبو العباس أحد الشهي بزروق الغرب قدس ال سره ف كتابه ((قواعد التصوف))
229
((قاعدة -العلماء مصدقون فيما ينقلون لنه موكول لمانتهم مبحوث معهم فيما يقولون لنه تيتجة
عقولم والعصمة غي ثابتة لم فلزم التبصر طلبا للحق والتحقيق ل اعتراضا على القائل والناقل ث إن أتى
التأخر با ل يسبق إليه فهو على رتبيه ول يلزمه القدح ف التقدم ول إساءة الدب معه لن ما ثبت من
عدالة التقدم قاض برجوعه للحق عند بيانه لو سعه)) انتهى
وقال الصفهان ف ((أطباق الذهب)) ف القالة الثالثة والثلثي ((مثل القلد بي يدي الحقق كالضرير
عند البصي الحدق ومثل الكيم والشوي كاليتة والشوي ما القلد إل جل مشوش له عمل مغشوش
فصاراه لوح منقوش يقنع بظواهر الكلمات ول يعرف النور من الظلمات يركض خيول اليال ف ظلل
الضلل شغله نقل النقل عن نبة العقل وأقنعه رواية الرواية عن در الدراية يروي ف الدين عن شيخ هم
كمن يقود العمى ف ليل مدلم ومن عرف الق بالعنعت تورط ف هوة العنت والق وراء السماع
والعلم بعزل عن الرقاع فما أسعد من هدى إل العلم ونزل رباعه وأرى الق حقا ورزق اتباعه))
ص355:
وقال أيضا ف القالة السابعة والثلثي ((الق يتضح بالدلة والشهور تشتهر بالهلة وشفاء الصدور يصل
بالبلة طالب الق ضيف ال والدليل القاطع سيف ال به يفك العلم وينشر وبه يبقر الق ويقشر ومثل
العلوم والبهان كمثل الصباح والدهان الجة للحكام كالعماد للخيام إعصار الظن كدر كعصارة
الدن الزم اليقي تكن من التقي فشواظ الوهم يشوي حامة القلب شيا وإن الظن ل يغن من الق شيئا))
انتهى
وف كتاب قاموس الشريعة ((ل يصح لمرئ إل موافقة الق ول يلزم الناس طاعة أحد لجل أنه عال أو
إمام مذهب وإنا يلزم الناس قبول الق من جاء به على الطلق ونبذ الباطل من جاء به بالتفاق)
وفيه أيضا ((كل مسألة ل يل الصواب فيها من أحد القولي ففسد أحدها لقيام الدليل على فساده صح
أن الق ف الخر قال ال تعال (فماذا بعد الق إل الضلل فأن تصرفون))
وفيه أيضا ((والذي يرم على العال تصنييع الجتهاد والسكوت بعد التبصرة والفراد بعد القطع حديث
عبادة بن الصامت بايعنا رسول ال على أن نقول الق ونعمل به وأن ل تأخذنا ف ال لومة لئم ف
العسر واليسر والنشط والكره)) انتهى
وقال المام مفت مكة الشيخ ممد عبد العظيم بن مل فروخ ف رسالته ((القول السديد ف بعض مسائل
الجتهاد والتقليد)) ف الفصل الول ((أعلم أنه ل يكلف ال تعال أحدا من عبادة أن يكون حنفيا أو
230
مالكيا أو شافعيا أو حنبليا بل أوجب عليهم اليان با بعث به ممد والعمل بشريعته غي أن العمل با
متوقف على الوقوف عليها والوقوف عليها له طرق فما كان منها ما يشترك فيه العامة وأهل النظر
كالعلم بفريضة
ص356:
الصلة والزكاة والج والصوم والوضوء إجالً وكالعلم برمة الزنا والمر واللواطة وقتل النفس ونو
ذلك ما علم من الدين بالضرورة فذلك ل يتوقف فيه على اتباع متهد ومذهب معي بل كل مسلم عليه
اعتقاد ذلك يب عليه فمن كان ف العصر الول فل يفي وضوح ذلك ف حقه ومن كان ف العصار
التأخرة فلوصول ذلك إل عمله ضرورة من الجاع والتواتر واليات والسنن التفيضة الصرحة بذلك ف
حق من وصلت إليه وأما ما ل يتوصل إليه إل بضرب من النظر والستدلل فمن كان قادرا عليه بتوفر
آلته وجب عليه فعله كالئمة الجتهدين ومن ل يكن له قدرة عليه وجب عليه اتباع من أرشده إل ما
كلف به من هو من أهل النظر والحتهاد والعدالة وسقط عن العاجز تكليفه ف البحث والنظر لعجزه
لقوله تعال (ل يكلف ال نفسا إل وسعها) وقوله تعال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون) وهي
الصل ف اعتماد التقليد كما أشار إليه الحقق الكمال بن المام ف التحرير)) انتهى
وقال المام ابن الوزي ف تلبيس إبليس ((أعلم أن القلد على غي ثقة فيما قلد وف التقليد إبطال منفعة
العقل لنه خلق للتأمل والتدبر وقبيح بن أعطى شعة يستضىء با أن يطفئها ويشى ف الظلمة وأعلم أن
عموم أصحاب الذاهب يعظم ف قلوبم التفحص عن أدلة إمامهم فيتبعون قوله وينبغي النظر إل القول ل
إل القائل كما قال على رضي ال عنه للحارث بن عبد ال العور بن الوطي وقد قال له أتظن أن
طلحة والزبي كانا على الباطل فقال له يا حارث إنه ملبوس عليك إن الق ل يعرف بالرجال اعرف الق
تعرف أهله)) انتهى
وقال ابن القيم ((فإذا جاءت هذه -أي النفس الطمئنة -بتجريد التابعة للرسول لاءت تلك -أي
المارة -بتحكيم آراء الرجال وأقوالم فأتت بالشبهة الضلة با ينع من كمال التابعة وتقسم بال ما
مرادها إل الحسان والتوفيق وال يعلم أنا كاذبة وما مرادها إل التفلت من سجي التابعة إل قضاء
إرادتا وحظوظها وتريه -أي وترى
ص357:
231
النفس المارة صاحبها -تريد التابعة للنب وتقدي قوله على الراء ف صورة تنقص العلماء وإساءة
الدب عليهم الفضى إل إساءة الظن به وأنم قد فاتم الصواب فكيف لنا قوى برد عليهم أو نظى
بالصواب دونم وتقاسهم بال إن أرادت إل إحسانا وتوفيقا (أولئك الذين يعلم ال ما ف قلوبم فأعرض
عنهم وعظهم وقل لم ف أنفسهم قولً بليغا))
والفرق بي تريد متابعة العصوم وإهدار أقواله وإلغائها أن تريد التابعة أن ل تقدم على ما جاء به
الرسول ال قول أحد ول رأيه كائنا من كان بل تنظر ف صحة الديث أولً فإذا صح نظر ف معناه ثانيا
فإذا تبي له ل يعدل عنه ولو خالفه من بي الشرق والغرب ومعاذ ال أن تتفق المة على ترك ما جاء به
نبينا بل ل بد أن يكون ف المة من قال به ولو خفي عليك فل تعل جهلك بالقائل حجة على ال تعال
ورسوله ف تركه بل اذهب إل النص ول تضعف وأعلم أنه قد قال به قائل قطعا ولكن ل يصل إليك
علمه هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالتم واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم ف حفظ الدين
وضبطه فهم رضي ال عنهم دائرون بي الجر والجرين والغفرة ولكن ل يوجب هذا إهدار النصوص
وتقدي قول الواحد منهم عليها بشبهة أنه أعلم منك فإن كان كذلك فمن ذهب إل النصوص أعلم فهل
وافقته إن كنت صادقا فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنا با وخالف با ما منها خالف
النص ل يهدر أقوالم ول يهضم جانبهم بل اقتدى بم فإنم كلهم أمروا بذلك بل مالفتهم ف ذلك
أسهل من مالفتهم ف القاعدة الكلية الت أمروا با ودعوا إليها من تقدي النص على أقوالم ومن هذا يتبي
الفرق بي تقليد العال ف جيع ما قال وبي الستعانة بفهمه والستضاءة بنور علمه فالول يأخذ قوله من
غي نظر فيه ول طلب دليله من الكتاب والسنة والستعي بأفهامهم يعلهم بنلة الدليل الول فإذا وصل
استغن بدللته عن الستدلل بغيه فمن استدل بالنجم على القبلة ل يبق لستدلله معن
ص358:
إذا شاهدها قال الشافعي أجع النسا على أن من استبانت له سنة رسول ال ل يكن له أن يدعها لقول
أحد ومن هذا يتبي الفرق بي الكم النل الواجب التباع والكم الؤول الذي غايته أن يكون جائز
التباع بأن الول هو الذي أنزل ال تعال على رسوله متلوا أو غي متلو إذا صح وسلم من العارضة وهو
حكمه الذي ارتضاه لعباده ول حكم له سواه وأن الثان أقوال الجتهدين الختلفة الت ل يب اتباعها ول
يكفر ول يفسق من خالفها فإن أصحابا ل يقولوا هكذا حكم ال ورسوله قطعا وحاشاهم عن قول
ذلك وقد صح عن رسول ال النهي عنه ف قوله ((وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تعل لم ذمة
232
ال وذمة رسوله فل تعل لم ذمة ال ول ذمة نبيه ولكن أجعل لم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن
تفروا ذمكم وذمة أصحابكم أهون من أن تفروا ذمة ال ورسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن
تنلم على حكم ال فل تنلم على حكم ال ولكن أنزلم على حكمك فإنك ل تدري أتصيب حكم
ال أم ل )) أخرجه المام أحد ف مسنده ومسلم ف صحيحه من حديث بريدة -بل قالوا اجتهدنا رأينا
فمن شاء قبله ومن شاء ل يقبله ول يلزم أحد منهم بقول الئمة قال المام أبو حنيفة ((هذا رأي فمن
جاء بي منه قبلته)) ولو كان هو عن حكم ال لا ساغ لب يوسف وممد وغيها مالفته فيه وكذلك
قال مالك لا استشاره هارون الرشيد ف أن يمل الناس على ما ف الوطا فمنعه من ذلك وقال ((قد نفر
أصحاب رسول ال ف البلد وصار عند كل قوم من الحاديث ما ليس عند الخرين)) وهذا الشافعي
ينهي أصحابه عن تقليده ويوصيهم بترك قوله إذا جاء الديث يلفه وهذا المام أحد منكر على من
كتب فتاويه ودونا ويقول ل تقلدون ول تقلد فلنا وفلنا وخذ من حيث أخذوا)) انتهى كلم ابن
القمي نقله الفلن ف ((إيقاظ المم))
وقال السيد الشريف الشتهر فضله ف سائر القطار المي عبد القادر السن الزائري ث الدمشقي ف
مقدمة كتابه ((ذكرى العاقل وتنبيه الغافل)) ما نصه ((اعلموا أنه يلزم العاقل أن ينظر ف القول ول ينظر
إل قائله فإن كان القول حقا قبله سواء كان
ص359:
قائله معروفا بالق أو الباطل فإن الذهب يستخرج من التراب والنرجس من البصل والترياق من اليات
ويتن الورد من الشوك فالعاقل يعرف الرجال بالق ول يعرف الق بالرجال والكلمة من الكمة ضالة
العاقل يأخذها من عند كل من وجدها عنده سواء كان حقيا أو جليلً وأقل درجات العال أن يتميز عن
العامي بأمور منها أنه ل يعاف العسل إذا وجده ف مجمة الجام ويعرف أن الدم قذر ل لكونه ف
الحجمة ولكنه قذر ف ذاته فإذا عدمت هذه الصفة ف العسل فكونه ف ظرف الدم الستقذر ل يكسبه
تلك الصفة ول يوجب نفرة عنه وهذا وهم باطل غلب على أكثر الناس فمهما نسب كلم إل قائل
حسن اعتقادهم فيه قبلوه وإن كان القول باطل وإن نسب القول إل من ساء فيه اعتقادهم ردوه وإن
كان حقا ودائما يعرفون الق بالرجال ول يعرفون الرجال بالق وهذا غاية الهل والسران فالحتاج
إل الترياق إذا هربت نفسه منه حيث علم أنه مستخرج من حية جاهل فيلزم تنبيهه على أن نفرته جهل
مض وهو سبب حرمانه من الفائدة الت هي مطلوبة فإن العال هو الذي يسهل عليه إدراك الفرق بي
233
الصدق والكذب ف القوال وبي الق والباطل ف العتقادات وبي الميل والقبيح ف الفعال ل بأن
يكون ملتبسا عليه الق بالباطل والكذب بالصدق والميل بالقبيح ويصي يتبع غيه ويقلده فيما يعتقد
وفيما يقول فإن هذه ما هي إل صفات الهال والتبعون من الناس على قسمي قسم عال مسعد لنفسه
ومسعد لغيه وهو الذي عرف الق بالدليل ل بالتقليد ودعا الناس إل معرفة الق بالدليل ل بأن يقلدوه
وقسم لنفسه ومهلك لغيه وهو الذي قلد آباءه وأجداده فيما يعتقدون ويستحسنون وترك النظر بعقله
ودعا الناس لتقليده والعمى ل يصح أن يقود العميان وإذا كان تقليد الرجال مذموما غي مرضى ف
العتقادات فتقليد الكتب أول وأخرى بالذم وإن بيمة تقاد أفضل من مقلد ينقاد وإن أقوال العلماء
والتديني متضادة متخالفة ف الكثر واختيار واحد منها واتباعه بل دليل باطل لنه ترجيح بل مرجح
فيكون معارضا بثله وكل إنسان من حيث هو إنسان فهو مستعد لدراك القائق
ص360:
على ما هي عليه لن القلب الذي هو مل العلم بالضافة إل حقائق الشياء كالرآة بالضافة إل صور
التلونات تظهر فيها كلها على التعاقب لكن الرآة قد ل تنكشف فيها الصور لسباب أحدها نقصان
صورتا كجوهر الديد قبل أن يدور ويشكل ويصقل والثان لبثه وصدئه وإن كان تام الشكل والثالث
لكونه غي مقابل للجهة الت فيها الصورة كما إذا كان الصورة وراء الرآة والرابع لجاب مرسل بي
الرآة والصورة وجهتها فكذلك القلب مرآة مستعدة لن ينجلي فيها صور العلومات كلها وإن خلت
القلوب عن العلوم الت خلت عنها لذه السباب المسة أولا نقصان ف ذات القلب كقلب الصب فإنه
ل تنجلى له العلومات لنقصائه والثان لكدورات الشغال الدينوية والبث الذي يتراكم على وجه القلب
منها فالقبال على طلب كشف حقائق الشياء والعراض عن الشياء الشاغلة القاطعة هو الذي يلو
القلب ويصفيه والثالث أن يكون معدو ًل به عن جهة القيقة الطلوبة والرابع الجاب فإن العقل التجرد
للفكر ف حقيقة من القائق ربا ل تنكشف له لكونه مجوبا باعتقاد سبق إل القلب وقت الصبا على
طريق التقليد والقبول بسن الظن فإن ذلك يول بي القلب والوصول إل الق وينع أن ينكشف ف
القلب غي ما تلقاه بالتقليد وهذا حجاب عظيم حجب أكثر اللق عن الوصول إل الق لنم مجوبون
باعتقادات تقليدية رسخت ف نفوسهم وجدت عليها قلوبم والامس الهل بالهة الت يقع فيها العثور
على الطلوب فإن الطالب لشيء ليس يكنه أن يصله إل بالتذكر للعلوم الت تناسب مطلوبة حت إذا
تذكرها ورتبها ف نفسه ترتيبا مصوصا يعرفه العلماء فعند ذلك يكون قد صادف جهة الطلوب فتظهر
234
حقيقة الطلوب لقلبه فإن العلوم الطلوبة الت ليست فطرية ل تصاد إل بشبكة العلوم الاصلة بل كل علم
ل يصل إل عن علمي سابقي يأتلفان ويزدوجان على وجه مصوص فيحصل من أزدواجهما علم ثالث
على مثال حصول النتاج من ازدواج الفحل والنثى ث كما أن من أراد أن يستنتج فرسا ل يكنه ذلك
من حار وبعي بل من
ص361:
اصل مصوص من اليل الذكر والنثى وذلك إذا وقع بينهما أزدواج مصوص فكذلك كل علم فله
أصلن مصوصان وبينهما طريق مصوص ف الزدواج يصل من ازدواجهما العلم الطلوب فالهل بتلك
الصول وبكيفية الزدواج هو الانع من العلم ومثاله ما ذكرناه من الهل بالهة الت الصورة فيها))
انتهى ملخصا
-28بيان أن معرفة الشيء ببهانه طريقة القرآن الكري
قال الستاذ العلمة مفت الديار الصرية الشيخ ممد عبده ف القالة أثرت عنه ما صورته ((سعادة الناس
ف دنياهم وأخراهم بالكسب والعمل فإن ال خلق النسان وأناط جيع مصاله ومنافعه بعمله وكسبه
والذين حصلوا سعادتم بدون عمل ول سعى هم النبياء عليهم الصلة والسلم وحدهم ل يشاركهم ف
هذا أحد من البشر مطلقا والكسب مهما تعددت وجوهه فإنا ترجع إل كسب العلم لن أعمال
النسان إنا تصدر عن إرادته وإرادته تنبعث عن آرائه وآراؤه هي نتائج علمه فالعلم مصدر العمال كلها
دنيوية وأخروية فكمال يسعد الناس ف الدنيا إل بأعمالم كذلك ل يسعدون ف الخرة إل بأعمالم
وحيث كان للعلم هذا الشأن فل شك أن الطأ فيه خطأ ف طريق السي إل السعادة عائق أو مانع من
الوصول إليها فل جرم أن الناس ف أشد الاجة إل ما يفظ من هذا الطأ ويسي بالعلم ف طريقة القوي
حت يصل السائر إل الغاية))
ث قال ((اعتن العلماء ف كل أمة بضبط اللسان وحفظه من الطأ ف الكلم ووضعوا لذلك علوما كثية
وما كان للسان هذا الشأن إل لنه ملي للفكر وترجان له وآله ليصال معارفه من ذهن إل آخر فأجدر
بم أن تكون عنايتهم بضبط الفكرأعظم كما أن اللفظ ملي الفكر هو غطاؤه أيضا فإن النسان ل يقدر
على إخفاء أفكاره إل بجاب الكلم الكاذب حت قال بعضهم إن اللفظ ل يوجد إل ليخفى الفكر))
ث كشف الستاذ النقاب عن حقيقة الفكر الصحيح الذي ينتفع باليزان ويكون
ص362:
235
مطلقا يري ف مراه الذي وضعه ال تعال عليه إل أن يصل إل غايته أما القيد بالعادات فهو الذي ل
شأن له وكأنه ل وجوده له وقد جاء السلم ليعتق الفكار من رقها ويلها من عقلها فترى القرآن ناعيا
على القلدين ذاكرا لم بأسوأ ما يذكر به الجرم ولذلك بن على اليقي ث قال
((على طالب العلم أن يسترشد ب تقدمه سواء كانوا أحياء أم أمواتا ولكن عليه أن يستعمل فكره فيما
يؤثر عنهم فإن وجده صحيحا أخذ به وإن وجده فاسدا تركه وحينئذ يكون من قال ال تعال فيهم
(فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) الية وإل فهو كاليوان والكلم كاللحام له أو الزمام
ينع به عن كل ما يريد صاحب الكلم منعه عنه وينقاد إل حيث يشاء التكلم أن ينقاد إليه من غي عقل
ول فهم))ز
ث ألع إل الشياء الت تعل الفكر صحيحا مطلقا فقال ((إن الكلم عنه يتاج إل شرح طويل ويكن أن
نقول فيه كلمة جامعة يرجع إليها كل ما يقال وهي الشجاعة -الشجاع هو الذي ل يالف ف الق
لومة لئم -فمت لح له يصرح به وياهر بنصرته وإن خالف ف ذلك الولي والخرين ومن الناس من
يلوح له نور الق فيبقى متمسكا با عليه الناس ويتهد ف إطفاء نور الفطرة ولكن ضميه ل يستريح
فهو يوبه إذا خل بنفسه ولو ف فراشه ل يرجع عن الق أو يكتم الق لجل الناس إل الذي ل يأخذ إل
با قال الناس ول يكن أن يأت هذا من موقن يعرف الق معرفة صحيحة))
وبعد أن أفاض ف الكلم على الشجاعة وبي احتياج الفكر والبصية ف الدين إليها قال ((وهنا شيء
يسبه بعضهم شجاعة وما هو بشجاعة وإنا هو وقاحة وذلك كالستهزاء بالق وعدم البالة بالق
فترى صاحب هذه اللة يوض ف الئمة ويعرض بتنقيص أكابر العلماء غرورا وحاقة والسبب ف ذلك
أنه ليس عنده من الصب والحتمال
ص363:
وقوة الفكر ما سيب به أغوار كلمهم ويحص به حججهم وبراهينهم ليقبل ما يقبل عن بية ويترك ما
يترك عن بينه وهذا ول شك أجب من تمل ثقل التقليد على ما فيه وربا تنبع ف عقله خواطر ترشده إل
البصية أو تلمع ف ذهنه بوارق من الستدلل لو مشى ف نورها لهتدى وخرج من الية وأما
الستهزئ فهو أقل احتما ًل من القلد فإن الوى الذي يعرض لفكرة إنا يأتيه من عدم صبه وثباته على
المور وعدم التأمل فيها والاصل أن الفكر الصحيح يوجد بالشجاعة وهي ها هنا الت يسميها بعض
الكتاب العصريي ((الشجاعة الدبية)) وهي قسمان شجاعة ف رفع القيد الذي هو التقليد العمى
236
وشجاعة ف وضع القيد الذي هو اليزان الذي ل ينبغي أن يقر رأى ول فكر إل بعد ما يوزن به ويظهر
رحجانه وبذا يكون النسان عبدا للحق وحده وهذه الطريقة طريقة معرفة الشيء بدليله وبرهانه ما
جاءتنا من علم النطبق وإنا هي طريقة القرآن الكري الذي ما قرر شيئا إل واستدل عليه وأرشد متبعيه إل
الستدلل وإنا النطق آله لضبط الستدلل كما أن النحو آله لضبط اللفاظ ف العراب والبناء)) انتهى
-29بيان أنن من الصال هذه الذاهب الدونة وفوائد مهمة من أصل التخريج على كلم الفقهاء وغي
ذلك
قال المام ول ال الدهلوي قدس سره ف الجة البالغة ((وما يناسب هذا القام التنبيه على مسائل ضلت
ف بواديها الفهام وزلت القدام وطغت القلم منها أن هذه الذاهب الربعة الدونة الحررة قد اجتمعت
المة أو من يعتد به منها على جواز تقليدها إل يومنا هذا وف ذلك من الصال ما ل يفي ل سيما ف
هذه اليام الت قصرت فيها المم جدا وأشربت النفوس الوى وأعجب كل ذي رأى برأيه فما ذهب
إليه ابن حزم
ص364:
حيث قال ((التقليد حرام ول يل لحد أن يأخذ قول أحد غي رسول ال بل برهان لقوله تعال (اتبعوا
ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونه أولياء)) وقوله تعال (وإذا قيل لم اتبعوا ما أنزل ال قالوا بل
نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) وقال مادحا لن ل يقلد (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
أولئك الذين هداهم ال وأولئك هم أولو اللباب) وقال تعال (فإن تنازعتم ف شي فردوه إل ال
والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر) فلم يبح ال تعال الرد عند التنازع إل أحد دون القرآن
والسنة وحرم بذلك الرد عند التنازع إل قوله قائل لنه غي القرآن والسنة وقد صح إجاع الصحابة
كلهم أولم عن آخرهم وإجاع التابعي أولم عن آخرهم وإجاع تابعي التابعي أولم عن آخرهم على
المتناع والنع من أن يقصد منهم أحد إل قول إنسان منهم أو من قبلهم فيأخذه كله فليعلم من أخذ
بميع أقوال أب حنيفة أو جيع أقوال مالك أو جيع أقوال الشافعي أو جيع أقوال أحد رضي ال عنهم
ول يترك قول من اتبع منهم أو من غيهم إل قول غيه ول يعتمد على ما جاء ف القرآن والسنة غي
صارف ذلك إل قول إنسان بعينه أنه قد خالف إجاع المة كلها أولا عن آخرها بيقي ل إشكال فيه
وأنه ل يد لنفسه سلفا ول إنسانا ف جيع العصار الحمودة الثلثة فقد اتبع غي سبيل الؤمني نعوذ
بال من هذه النلة وأيضا فإن هؤلء الفقهاء كلهم قد نوا عن تقليد غيهم فقد خالفهم من قلدهم
237
ل من هؤلء أو من غيهم أول أن يقلد من عمر بن الطاب أو علي بن أب وأيضا فما الذي جعل رج ً
طالب أو ابن مسعود أو ابن عمر أو ابن عباس أو عائشة أم الؤمني رضي ال تعال عنهم فلو ساغ
التقليد لكان كل واحد من هؤلء أحق بأن يتبع من غيه)) 1هـ إنا يتم فيمن له ضرب من الجتهاد
ولو ف مسألة واحدة وفيمن
ص365:
ظهر عليه ظهورا بينا أن النب أمر بكذا ونى عن كذا وأنه ليس بنسوخ إما بأن يتتبع الحاديث وأقوال
الخالف والوافق ف السألة فل يد لا نسخا أو بأن يرى جا غفيا من التبحرين ف العلم يذهبون إليه
ويرى الخالف له ل يتج إل بقياس أو استنباط أو نو ذلك فحينئذ ل سبب لخالفة حديث النب إل
نفاق خفي أو حق جلي وهذا هو الذي أشار إليه الشيخ عز الدين بن عبد السلم حيث قال ((ومن
العجب العجيب أن الفقهاء القلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بيث ل يد لضعفه مدفعا
وهو مع ذلك يقلده فيه ويترك من شهد الكتاب والسنة والقيسة الصحيحة لذهبهم جودا على تقليد
إمامه بل بتحيل لدفع ظاهر الكتاب والسنة ويتأولا بالتأويلت البعيدة الباطلة نضالً عن مقلدة)) وقال
((ل يزل الناس يسألون من اتفق من العلماء من غي تقييد بذهب ول إنكار على أحد من السائلي إل أن
ظهرت هذه الذاهب ومتعصبوها من القلدين فإن أحدهم يتبع إمامه مع بعد مذهبه عن الدلة مقلدا لم
فيما قال كأنه نب أرسل وهذا نأي عن الق وبعد عن الصواب ل يرضي به أحد من أول اللباب))
وقال المام أبو شامة ((ينبغي لن اشتغل بالفقه أن ل يقتصر على مذهب إمام ويعتقد ف كل مسألة صحة
ما كان أقرب إل دللة الكتاب والسنة الحكمة وذلك سهل عليه إذا كان أتقن معظم العلوم التقدمة
وليجتنب التعصب والنظر ف طرائق اللف التأخرة فإنا مضيعة للزمان ولصفوه مكدرة فقد صح عن
الشافعي أنه نى عن تقليده وتقليد غيه قال صاحبه الزن ف أول متصره ((اختصرت هذا من علم
الشافعي ومن معن قوله لقر به على من أراد مع إعلمية نيه عن تقليده وتقليد غيه لينظر فيه لدينه
ويتاط لنفسه أي مع إعلمي من أراد علم الشافعي نى الشافعي عن تقليده وتقليد غيه)) انتهى وفيمن
يكون عاميا ويقلد رجلً من الفقهاء بعينه يرى أنه يتنع من مثله الطأ وأن ما قاله هو الصواب البتة
وأضمر ف قلبه أن ل يترك تقليده وإن ظهر الدليل على خلفه وذلك ما رواه الترمذي عن عدي بن حات
أنه قال ((سعت رسول ال يقرأ ((أتذوا أحبارهم ورهبانم
ص366:
238
أربابا من دون ال)) قال إنم ل يكونوا يعبدونم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لم شيئا استحلوه وإذا حرموا
عليهم شيئا حرموه وفيمن ل يوز أن يستفت النفي مثلً فقيها شافعيا وبالعكس ول يوز أن يقتدي
ل فإن هذا قد خالف إجاع القرون الول وناقض الصحابة والتابعي وليس مله النفي بإمام شافعي مث ً
فيمن ل يدين إل بقول النب ول يعتقد حللً إل ما أحله ال ورسوله ول حراما إل ما حرمه ال ورسوله
لكنه لا ل يكن له علم با قاله النب ول بطريق المع بي الختلفات من كلمه ول بطريق الستنباط من
كلمه اتبع عالا راشدا على أنه مصيب فيما يقول ويفت ظاهرا متبع سنة رسول ال فإن خالف ما يظنه
أفلع من ساعته من غي جدال ول إصرار فهذا كيف ينكره أحد مع أن الستفتاء والفتاء ل يزل بي
السلمي من عهد النب ول فرق بي أن يستفت هذا دائما أو يستفت هذا حينا وذلك حينا بعد أن يكون
ممعا على ما ذكرناه كيف ل ول نؤمن بفقيه أيـا كان أنه أوحي ال إليه الفقه وفرض علينا طاعته وأنه
معصوم فإن اقتدينا بواحد منهم فذلك لعلمنا بأنه عال بكتاب ال وسنة رسوله فل يلو قوله إما أن يكون
من صريح الكتاب والسنة أو مستنبطا منهما بنحو من الستنباط أو عرف بالقرائن أن الكم ف صورة ما
منوط بعلة كذا وأطمان قلبه بتلك العرفة فقاس غي النصوص على النصوص فكأنه يقول ظننت أن
رسول ال قال كلما وجدت هذه العلة فالكم ف طريقة ظنون ولول ذلك لا قلد مؤمن متهدا فإن بلغنا
حديث من الرسول العصوم الذي فرض ال علينا طاعته بسند صال يدل على خلف مذهبه وتركنا
حديثه واتبعنا ذلك التخمي فمن أظلم منها وما عذرنا يوم يقوم الناس لرب العالي
((ومنها أن التخريج على كلم الفقهاء وتتبع لفظ الديث لكل منهما أصل أصيل ف الدين ول يزل
الحققون من العلماء ف كل عصر يأخذون بما فمنهم من يقل من ذا
ص367:
ويكثر من ذاك ومنهم من يكثر من ذا ويقل من ذاك فل ينبغي أن يهمل أمر واحد منهما بالرة كما يفعله
عامة الفريقي وإنا الق البحث أن يطابق أحدها بالخر وأن يب خلل كل بالخر وذلك قول السن
البصري ((سنتكم وال الذي ل إله هو بينهما)) بي الغال والاف فمن كان من أهل الديث ينبغي أن
يعرض ما اختاره وذهب إليه على رأي الجتهدين من التابعي ومن كان من أهل التخريج له أن يعل من
السنن ما يترز به من مالفة الصريح الصحيح ومن القول برأيه فيما فيه حديث أو يقدر الطاقة ول ينبغي
لحدث أن يتعمق بالقواعد الت أحكمها أصحابه وليست منا نص عليه الشارع فيد به حديثا أو قياسا
صحيحا كرد ما فيه أدن شائبة الرسال والنقطاع كما فعله ابن حزم رد حديث تري العازف لشائبة
239
النقطاع ف رواية البخاري على أنه ف نفسه متصل صحيح فإن مثله إنا يصار إليه عند التعارض
وكقولم فلن أحفظ لديث فلن من غيه فيجحون حديثه على حديث غيه لذلك وإن كان ف الخر
ألف رجه من الرجحان وكان اهتمام جهور الرواة عند الرواية بالعن برؤوس العان دون العتبارات الت
يعرفها التعمقون من أهل العربية فاستدللم بنحو الفاء والواو وتقدي كلمة وتأخيها ونو ذلك من
التعمق وكثيا ما يعب الراوي الخر عن تلك القصة فيأت مكان ذلك الرف برف آخر والق أن كل
ما يأت به الراوي فظاهره أنه كلم النب فإن ظهر حديث آخر أو دليل آخر وجب الصي إليه ول ينبغي
لخرج أن يرج قو ًل ل يفيده نفس كلم أصحابه ول يفهمه منه أهل العرف والعلماء باللغة ويكون بناء
على تريج مناط أو حل نظي السألة عليها ما يتلف فيه أهل الوجوه وتتعارض فيه الراء ولو أن
أصحابه مثلوا عن تلك السألة ربا يملون النظي على النظي لانع وربا ذكروا علة غي ما خرجه هو وإنا
جاز التخريج لنه ف القيقة من تقليد الجتهد ول يتم إل فيما يفهم من كلمه ول ينبغي أن يرد حديثا
أو أثر تطابق عليه القوم لقاعدة استخرجها هو أو أصحابه كرد حديث الصراة وكإسقاط سنهم ذوي
القرب فإن رعاية الديث أوجب من رعاية تلك
ص368:
القاعدة الخرجة وإل هذا العن أشار الشافعي حيث قال ((مهما قلت من قول أو أصلت من أصل فباخ
عن رسول ال خلف ما قلت فالقول ما قاله ))
((ومنها أن تتبع الكتاب والثار لعرفة الحكام الشرعية على مراتب أعلها أن يصل له من معرفة
الحكام بالفعل أو بالقوة القريبة من الفعل ما يتمكن به من جواب الستفتي ف الوقائع غالبا بيث يكون
جوابه أكثر ما يتوقف فيه وتص (أي هذه العرفة) باسم الجتهاد وهذا الستعداد يصل تارة بالمعان
ف جع الروايات وتتبع الشاذة والفاذة منها كما أشار إليه أحد بن حنبل مع ما ل ينفك منه العاقل
العارف باللغة من معرفة مواقع الكلم وصاحب العلم بآثار السلف من طريق المع بي الختلفات
وترتيب الستدللت ونو ذلك وتارة بإحكام طرق التخريج على مذهب شيخ من مشاسخ الفقه من
معرفة جلة صالة من السنن والثار بيث يعلم أن قوله ل يالف الجاع القرآن والسنن ما يتمكن به
من معرفة اليد والزيف وإن ل يتكامل له الدوات كما بتكامل للمجتهد الطلق فيجوز لثله أن يلفق من
الذهبي إذا عرف دليلهما وعلم أن قوله ليس ما ل ينفذ فيه اجتهاد الجتهد ول يقبل فيه قضاء القاضي
ول يري فيه فتوى الفتي وأن يترك بعض التخريات الت سبق الناس إليها إذا عرف عدم صحتها ولذا
240
ل يزل العلماء من ل يدعي الجتهاد الطلق يصنفون ويرتبون ويرجون ويرجحون وإذا كان الجتهاد
يتجزأ عند المهور والتخريج يتجزأ وإنا القصود تصيل الظن وعليه مدار التكليف
ص369:
فما الذي يستبعد من ذلك وأما ما دون ذلك من الناس فمذهبه فيما يرد عليه كثيا ما أخذه عن أصحابه
وآبائه وأهل بلده من الذاهب التبعة وف الوقائع النادرة فتاوي مفتيه وف القضايا ما يكم القاضي وعلى
هذا وجدنا مققي العلماء من كل مذهب قديا وحديثا وهو الذي أوصي به أئمة الذاهب أصحابم))
ث قال الدهلوي رحه ال ((قال ابن الصلح من وجد من الشافعية حديثا يالف مذهبه نظر إن كملت
له آله الجتهاد مطلقا أو ف ذلك الباب أو السألة كان له الستقلل بالعمل به وإن ل يكمل له آلة
الجتهاد وشق مالفة الديث بعد أن يبحث فلم يد للمخالف جوابا شافيا عنه فله العمل به إن كان
عمل به إمام مستقل غي الشافعي ويكون هذا عذرا له ف ترك مذهب إمامه ها هنا وحسنة النووي
((ومنها أن أكثر صور الختلف بي الفقهاء ل سيما ف السائل الت ظهر فيها أقوال الصحابة ف الانبي
كتكبيات التشريق وتكبيات العيدين ونكاح الحرم وتشهد ابن عباس وابن مسعود والخفاء بالبسملة
وبأمي والسفاع واليثار ف القامة ونو ذلك إنا هو ف ترجيح أحد القولي وكان السلف ل يتلفون
ف أصل الشروعية وإنا كان خلفهم ف أول المرين ونظيه اختلف القراء ف وجوه القراءة وقد عللوا
كثيا من هذا الباب بأن الصحابة متلفون وأنم جيعا على الدى ولذلك ل يزل العلماء يوزون فتاوى
الفتي ف السائل الجتهادية ويسلمون قضاء القضاة ويعملون ف بعض الحيان بلف مذهبهم ول ترى
أئمة الذاهب ف هذه الواضع إل وهم يضجعون القول ويبينون اللف يقول أحدهم هذا أحوط وهذا
هو الختار وهذا أحب إل ويقول ما بلغنا إل ذلك وهذا كثي ف البسوط وآثار ممد رحه ال وكلم
الشافعي رحه ال ث خلف من بعدهم خلف اختصروا كلم القوم فقووا اللف وثبتوا على متار أئمتهم
والذي يروي من السلف من تأكيد الخذ بذهب أصحابم وأن ل يرج منها بال فإن ذلك إما لمر
جبلي فإن إنسان يب ما هو متار أصحابه وقومه حت ف الزي والطاعم أو لصوله ناشئة من ملحظة
الدليل أو لنحو ذلك من السباب
ص370:
فظن البعض تعصبا دينيا حاشاهم من ذلك وقد كان ف الصحابة والتابعي ومن بعدهم من يقرا البسملة
ومنهم من ل يقرؤها ومنهم من يهر با ومنهم ل يهر با وكان منهم من يقنت ف الفجر ومنهم من ل
241
يقنت ف الفجر ومنهم من يتوضأ من الجامة والرعاف والقيء ومنهم من ل يتوضأ من ذلك ومنهم من
يتوضأ ما مسته النار ومنهم من ل يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من أكل لم البل ومنهم من ل
يتوضأ من ذلك ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض مثل ما كان أبو حنيفة أو أصحابه والشافعي
وغيهم رضي ال عنهم يصلون خلف أئمة الدينة من الالكية وغيهم وإن كانوا ل يقرءون البسملة ل
سرا ول جهرا وصلى الرشيد إماما وقد احتجم فصلى المام أبو يوسف خلفهن ول يعد وكان أفتاه
المام مالك بأنه ل وضوء عليه وكان المام أحد بن حنبل يري الوضوء من الرعاف والجامة فقيل له
فإن كان المام قد خرج منه الدم ول يتوضأ هل تصلي خلفه فقال كيف ل أصلي خلف المام مالك
وسعيد بن السيب وروي أن أبا يوسف وممدا كانا يكبان ف العيدين تكبي ابن عباس لن هرون
الرشيد كان يب تكبي جده وصلى الشافعي رحه ال الصبح قريبا من مقبة أب حنيفة رحه ال فلم
يقنت تأدبا معه وقال أيضا ربا اندرنا إل مذهب أهل العراق وقال مالك رحه ال للمنصور وهارون
الرشيد ما ذكرنا عنه سابقا وف البازية عن المام الثان وهو أبو يوسف رحه ال أنه صلى يوم المعة
مغتسلً من المام وصلى بالناس وتفرقوا ث أخب بوجود فأرة ميتة ف بئر المام فقال إذن نأخذ بقول
إخواننا من أهل الدينة ((إذا بلغ الاء فلتي ل يمل خبثا)) انتهى
ث قال الدهلوي قدس سره ((ومنها أن وجدت بعضهم يزعم أن هنالك فرقتي ل ثالث لما أهل الظاهر
وأهل الرأي وأن كل من قاس واستنبط فهو من أهل الرأي كل وال بل ليس الراد بالرأي نفس الفهم
ل فإنه ل ينتحله
والعقل فإن ذلك ل ينفك من أحد من العلماء ول الرأي الذي ل يعتمد على سنة أص ً
مسلم البتة ول القدرة على الستنباط والقياس فإن أحد وإسحاق بل الشافعي أيضا ليسوا من أهل الرأي
بالتفاق وهم يستنبطون ويقيسون بل الراد من أهل الرأي قوم توجهوا بعد السائل الجمع عليها بي
ص371:
السلمي أو بي جهورهم إل التخريج على أصل رجل من التقدمي فكان أكثر أمرهم حل النظي على
النظي والرد إل أصل من الصول دون تتبع الحاديث والثار والظاهري من ل يقول بالقياس ول بآثار
الصحابة والتابعي كداود وابن حزم وبينهما الحقون من أهل السنة كأحد وإسحق)) انتهى
-30بيان وجو موالة الئمة الجتهدين وأنه إذا وجد لواحد منهم قول صح الديث بلفة فل بد له
من عذر ف تركة وبيان العذر
242
قال المام شيخ السلم تقي الدين أحد بن تيميه رضي ال عنه وأرضاه وجعل النة متقلبه ومثواه آمي
ف كتابه ((رفع اللم عن الئمة العلم)) ف مقدمته بعد الطبة ما صورته ((يب على السلمي بعد
موالة ال ورسوله موالة الؤمني كما نطق به القرآن خصوصا العلماء الذين هم ورثة النبياء الذين
جعلهم ال بنلة النجوم يهتدي بم ف ظلمات الب والبحر وقد أجع السلمون على هدايتهم ودرايتهم
ث قال ((فإنم خلفاء الرسول ف أمته والحيون لا مات من سنته بم قام الكتاب وبه قاموا وبم نطق
الكتاب وبه نطقوا وليعلم أنه ليس أحد من الئمة القبولي عند المة قبولً عاما يتعمد مالفة رسول ال
ف شيء من سنته دقيق ول جليل فإنم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول وعلى أن كل
أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث
صحيح بلفه فل بد له من عذر ف تركه وجاع العذار ثلثة أصناف أحدهم عدم اعتقاد أن النب قاله
والثان عدم اعتقاده إراده تلك السألة بذلك القول والثالث اعتقاده أن ذلك الكم منسوخ وهذه
الصناف الثلثة تتفرع إل أسباب متعددة
السبب الول أن ل يكون الديث قد بلغه ومن ل يبلغه الديث ل يكلف أن
ص372:
يكون عالا بوجبه وإذا ل يكن قد بلغه وقد قال ف تلك القضية بوجب ظاهر آية أو حديث آخر أو
بوجب قياس أو موجب استصحاب فقد يوافق ذلك الديث تارة ويالفه أخرى وهذا السبب الغالب
على أكثر ما يوجد من أقوال السلف مالفا لبعض الحاديث فإن الحاطة بديث رسول ال ل تكن
لحد من المة وقد كان النب يدث أو يفت أو يقضي أو يفعل الشيء فيسمعه أو يراه من يكون حاضرا
ويبلغه أولئك أو بعضهم لن يبلغونه فينتهي علم ذلك إل من شاء ال من العلماء من الصحابة والتابعي
ومن بعدهم ث ف ملس آخر قد يدث أو يفت أو يقول شيئا ويشهده بعض من كان غائبا من ذلك
الجلس ويبلغونه لن أمكنهم فيكون عند هؤلء من العلم ما ليس عند هؤلء وعند هؤلء ما ليس عند
هؤلء وإنا يتفاضل العلماء من الصحابة ومن بعدهم بكثرة العلم أو جودته وأما إحاطة واحد بميع
حديث رسول ال فهذا ل يكن ادعاؤه قط 1واعتب ذلك باللفاء الراشدين الذين هم أعلم المة بأمور
رسول ال وسنته وأحواله خصوصا الصديق رضي ال عنه الذي ل يكن يفارقه حضرا ول سفرا بل كان
يكون معه ف غالب الوقات حت إنه يسمر عنده بالليل ف أمور السلمي وكذلك عمر بن الطاب
رضي ال عنه فإنه كثيا ما يقول ((دخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر)) ث مع
243
ذلك لا سئل أبو بكر رضي ال عنه عن مياث الدة قال ((مالك ف كتاب ال ف شيء ولكن اسأل
الناس)) فسألم فقام الغية بن شعبة وممد بن مسلمة فشهد أن النب أعطاها السدس وقد بلغ هذه السنة
عمران بن حصي وليس هؤلء الثلثة مثل أب بكر وغيه من اللفاء ث قد اختصوا بعلم هذه السنة الت
قد اتفقت المة على العمل با وكذلك عمر بن الطاب رضي ال عنه ل يكن يعلم سنة الستئذان حت
أخبه با أبو موسى استشهد بالنصار وعمر أعلم من حدثه بذه
ص373:
السنة ول يكن عمر أيضا يعلم أن الرأة ترث من دية زوجها بل يرى أن الدية للعاقلة حت كتب إليه
الضحاك بن سفيان وهو أمي الرسول على بعض البوادي يبه أن رسول ال ورث امرأة أشيم الضباب
من دية زوجها فترك رأيه لذلك وقال ((لو ل نسمع بذا لقضينا بلفه)) ول يكن يعلم حكم الجوس ف
الزية حت أخبه عبد الرحن بن عوف رضي ال عنهما أن رسول ال قال ((سنوا بم سنة أهل
الكتاب)) ولا قدم ((سرغ)) وبلغه أن الطاعون بالشام استشار الهاجرين الولي الذين معه ث النصار ث
مسلمة الفتح فأشار كل عليه با رأى ول يبه أحد بسنة حت قدم عبد الرحن بن عوف فأخبه بسنة
رسول ال ف الطاعون وأنه قال ((إذا وقع بأرض وأنتم با فل ترجوا فرارا منه وإذا سعتم به بأرض فل
تقدموا عليه)) وتذاكر هو وابن عباس أمر الذي يشك ف صلته فلم يكن قد بلغته السنة ف ذلك حت
حدثه عبد الرحن بن عوف عن النب أنه يطرح الشك ويبن على ما استيقن وكان مرة ف السفر فهاجت
ريح فجعل يقول من يدثنا عن الريح قال أبو هريرة ((فبلغن وأنا ف أخريات الناس فحثثت راحلن حت
أدركته فحدثنه با أمر به النب عند هبوب الريح)) فهذه مواضع ل يكن يعلمها حت بلغه إياها من ليس
مثله ومواضع أخر ل يبلغه ما فيها من السنة فقضي فيها أو أفت فيها بغي ذلك مثل ما قضى ف دية
الصابع أنا متلفة بسب منافعها وقد كان عند أب موسى وابن عباس -وها دونه بكثي ف العلم -
علم بأن النب قال ((هذه وهذه سواء)) يعن البام والنصر فبلغت هذه السنة لعاوية ف إمارته فقضى با
ص374:
ول يد السلون بدا من اتباع ذلك ول يكن عيبا ف عمر رضي ال عنه حيث ل يبلغه الديث وكذلك
كان ينهي الحرم عن التطيب قبل الحرام وقبل الفاضة إل مكة بعد رمي جرة العقبة هو وابنه عبد ال
رضي ال عنهما وغيها من أهل الفضل ول يبلغهم حديث عائشة رضي ال عنها ((طيبت رسول ال
لرمه قبل أن يرم ولله قبل أن يطوف)) وكان يأمر ل بس الف أن يسح عليه إل أن يلعه من غي
244
توقيت واتبعه على ذلك طائفة من السلف ول تبلغهم أحاديث التوقيت الت صحت عند بعض من ليس
مثلهم ف العلم وقد روى ذلك عن النب من وجوه متعددة صحيحة
وكذلك عثمان رضي ال عنه ل يكن عنده علم بأن التوف عنها زوجها تعتد ف بيت الوت حت حدثته
الفريعة بنت مالك أخت أب سعيد الدري بقضيتها لا توف زوجها وأن النب قال لا ((امكثي ف بيتك
حت يبلغ الكتاب أجله)) فأخذ به عثمان وأهدى له مرة صيد كان قد صيد لجله فهم بأكله حت أخبه
على رضي ال عنه أن النب رد لما أهدى له
وكذلك على رضي ال عنه قال ((كنت إذا سعت من رسول ال حديثا تفعن ال با شاء أن ينفعن منه
وإذا حدثن غيه استحلفته فإذا حلف ل صدقته)) وحدثن أبو بكر وصدق أبو بكر)) وذكر حديث
صلة التوبة الشهور وأفت هو وابن عباس وغيها بأن التوف عنها إذا كانت حامل تعتد أبعد الجلي
ول يكن قد بلغتهم سنة ال ف سبيعة السلمية حيث أفتاها النب بأن عدتا وضع حلها وأفت هو وزيد
وابن عمر وغيهم بأن الفوضه إذا مات عنها زوجها فل مهر بأن عدتا وضع حلها وأفت هو وزيد وابن
عمر وغيهم بأن الفوضه إذا مات عنها زوجها فل مهر بأن عدتا وضع حلها وأفت هو وزيد وابن عمر
وغيهم بأن الفوضه إذا مات عنها زوجها فل مهر
ص375:
لا ول تكن بلغتهم سنة رسول ال ((ف بروع بنت واشق)) وهذا باب واسع يبلغ النقول منه عن
أصحاب رسول ال عددأ كثيا جدا وأما النقول منه عن غيهم فل يكن الحاطة به فإنه ألوف فإن
هؤلء كانوا أعلم المة وأفقهها وأتقاها وأفضلها فمن بعدهم أنقص فخفاء بعض السنة عليه أول فل
يتاج إل بيان فمن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الئمة وإماما معينا فهو مطىء
خطأ فاحشا قبيحا
ول يقولن قائل ((إن الحاديث قد دونت وجعت فخفاؤها والال هذه بعيد ))1لن هذه الدواوين
الشهورة ف السنن إنا جعت بعد انقراض الئمة التبوعي ومع هذا فل يوز أن يدعي انصار حديث
رسول ال ف دواوين معينة ث لو فرض انصار حديث رسول ال فليس كل ما ف الكتب يعلمه العال ول
يكاد ذلك يصل لحد بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثية وهو ل ييط با فيها بل الذين كانوا
قبل جع هذه الدواوين أعلم بالسنة من التأخرين بكثي لن كثيا ما بلغهم وصح عندهم قدل يبلغنا إل
عن مهول أو بإسناد منقطع أو ل يبلغنا بالكلية فكانت دواوينهم صدورهم الت توي أضعاف ما ف
245
الدواوين وهذا أمر ل يشك فيه من علم القضية ول يقولن قائل النب وفعله فيما يتعلق بالحكام فليس ف
المة متهد وإنا غاية العلم أن يعلم جهور ذلك وعظمه بيث ل يفي عليه إل القليل من التفصيل ث إنه
قد يالف ذلك القليل من التفصيل الذي يبلغه
السبب الثان -أن يكون الديث قد بلغه لكنه ل يثبت عنده إما لن مدثه أو مدث مدثه أو غيه من
رجال السناد مهول عنده أو متهم أو سيء الفظ وإما أنه ل يبلغه مسندا بل منقطعا أو ل يضبط لفظ
الديث مع أن ذلك الديث قد رواه الثقات لغيه بإسناد متصل بأن يكون غيه يعلم من الجهول عنده
الثقة أو يكون قد رواه غي
ص376:
أولئك الجروحي عنده أو قد اتصل من غي الهة النقطعة وقد ضبط ألفاظ الديث بعض الحدثي
الفاظ أو لتلك الرواية من الشواهد والتابعات ما يبي صحتها وهذا أيضا كثي جدا وهو ف التابعي
وتابعيهم إل الئمة الشهورين من بعدهم أكثر من العصر الول أو كثي من القسم الول فإن الحاديث
كانت قد انتشرت واشتهرت لكن كانت تبلغ كثيا من العلماء من طرق ضعيفة وقد بلغت غيهم من
طرق صحيحة غي تلك الطرق فتكون حجة من هذا الوجه مع أنا ل تبلغ من خالفها من هذا الوجه
ولذا وجد ف كلم غي واحد من الئمة تعليق القول بوجب الديث على صحته فيقول قول ف هذه
السألة كذا وقد روى فيها حديث بكذا فإن كان صحيحا فهو قول
السبب الثالث -0اعتقاد ضعف الديث باجتهاد قد خالفه فيه غيه مع قطع النظر عن طريق آخر سواء
كان الصواب معه أو مع غيه أو معهما عند من يقول كل متهد مصيب ولذلك أسباب
منها أن يكون الديث يعتقده أحدها ضعيفا ويعتقده الخر ثقة -ومعرفة الرجال علم واسع -ث قد
يكون الصيب من يعتقد ضعفه لطلعه على سبب جارح وقد يكون الصواب مع الخر لعرفته أن ذلك
السبب غي جارح إما لن جنسه غي جارح أو لنه كان له فيه عذر ينع الرح وهذا باب واسع
وللعلماء بالرجال وأحوالم ف ذلك من الجاع والختلف مثل ما لغيهم من سائر أهل العلم ف
علومهم
ومنها أن ل يعتقد أن الحدث سع الديث من حدث عنه وغيه يعتقد أنه سعه لسباب توجب ذلك
معروفة
246
ومنها أن يكون للمحدث حالن حال استقامة وحال اضطراب مثل أن يتلط أو ترق كتبه فما حدث
به ف حال الستقامة صحيح وما حدث به حال الضطراب ضعيف فل يدري ذلك الديث من أي
النوعي وقد علم غيه أنه ما حدث به ف حال الستقامة
ص377:
ومنها أن يكون الحدث قد نسى ذلك الديث فلم يذكره فيما بعد أو أنكر أن يكون حدثه معتقدا أن
هذا علة توجب ترك الديث ويرى غيه أن هذا ما يصح الستدلل بن والسألة معروفة
ومنها أن كثيا من الجازيي يرون أن ل يتج بديث عراقي أو شامي إن ل يكن له أصل بالجاز حت
قال قائلهم ((نزلوا أحاديث أهل العراق بنلة أحاديث أهل الكتاب ل تصدقوهم ول تكذبوهم)) وقيل
لخر ((سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال حجة)) قال إن ل يكن له أصل بالجاز
فل وهذا لعتقادهم أن أهل الجاز ضبطوا السنة فلم يشذ عنهم منها شيء وأن أحاديث العراقيي وقع
فيها اضطراب أوجب التوقف فيها وبعض العراقيي يرى أن ل يتج بديث الشاميي وإن كان أكثر
الناس على ترك التضعيف بذا فمت كان السناد جيدا كان الديث حجة سواء كان الديث حجازيا أو
عراقيا أو شاميا أو غي ذلك
وقد صنف أبو داود السجستان كتابا ف مفاريد أهل المصار من السنن يبي ما اختص به أهل كل مصر
من المصار من السنن الت ل توجد مسنده عند غيهم مثل الدينة ومكة والطائف ودمشق وحص
والكوفة والبصرة وغيها إل أسباب أخر غي هذه
السبب الرابع -اشتراطه ف خب الواحد العدل الافظ شروطا يالفه فيها غيه مثل اشتراط بعضهم
عرض الديث على الكتاب والسنة واشتراط بعضهم أن يكون الحدث فقيها إذا خالف قياس الصول
واشتراط بعضهم انتشار الديث وظهوره إذا كان فيما تعم به البلوي إل غي ذلك ما هو معروف ف
مواضعه
السبب الامس -أن يكون الديث قد بلغه وثبت عنده لكن نسيه وهذا يرد ف الكتاب والسنة مثل
الديث الشهور عن عمر رضي ال عنه أنه سئل عن الرجل ينب ف السفر فل يد الاء فقال ((ل يصلي
حت يد الاء)) فقال له عمار ((يا
ص378:
247
أمي الؤمني أما تذكر إذ كنت أنا وأنت ف البل فأجنبنا فأما أنا فتمرغت كما ترغ الدابة وأما أنت فلم
تصل فذكرت ذلك النب فقال ((إنا يكفيك هكذا)) وضر بيديه الرض فمسح بما وجهه وكفيه)) فقال
له عمر ((اتق ال يا عمار)) فقال ((إن شئت ل أحدث به)) فقال ((بل نوليك من ذلك ما توليت)) فهذه
سنة شهدها عمر ث نسيها حت أفت بلفها وذكره عمار فلم يذكر وهو ل يكذب عمارا بل أمره أن
يدث به وأبلغ من هذا أنه خطب الناس فقال ((ل يزيد رجل على صداق أزواج النب وبناته إل رددته))
فقالت امرأة ((يا أمي الؤمني 1ل ترمنا شيئا أعطانا ال إياه ث قرأت ((أو آتيتم إحداهن قنطارا))
فرجع عمر إل قولا وقد كان حافظا للية ولكن نسيها وكذلك ما روى أن عليا ذكر الزبي يوم المل
شيئا عهده إليهما رسول ال فذكره حت انصرف عن القتال وهذا كثي ف السلف واللف
السبب السادس عدم معرفته بدللة الديث تارة لكون اللفظ الذي ف الديث غريبا عنده مثل لفظ
الزابنة والحاقلة والخابرة واللمسة والنابذة والغرر إل غي ذلك من الكلمات الغريبة الت قد يتلف
العلماء ف تفسيها وكالديث الرفوع ((ل طلق ول عتاق ف إغلق)) فإنم قد فسروا الغلق
بالكراه ومن يالفه ل يعرف هذا التفسي وتارة لكون معناه ف لغته وعرفه غي معناه ف لغة النب وهو
يمله على ما يفهمه ف لغته بناء على أن الصل بقاء اللغة كما سع بعضهم آثارا ف الرخصة ف النبيذ
فظنوه بعض أنواع السكر لنه لغتهم وإنا هو ما ينبذ لتحلية الاء قبل أن يشتد فإنه جاء مفسرا ف
أحاديث كثية صحيحة وسعوا لفظ المر ف الكتاب والسنة فاعتقدوه عصي العنب الشتد خاصة بناء
على أنه كذلك ف اللغة وإن كان قد جاء من الحاديث أحاديث صحيحة تبي أن المر اسم لكل
شراب مسكر وتارة لكون اللفظ
ص379:
مشتركا أو ممل أو مترددا بي حقيقة وماز فيحمله على القرب عنده وإن كان الراد هو الخر كما
حل جاعة من الصحابة ف أول المر اليط البيض واليط السود على البل وكما حل آخرون قوله
(فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) على اليد إل البط وتارة لكون الدللة من النص خفية فإن جهات
دللت القوال متسعة جدا يتفاوت الناس ف إدراكها وفهم وجوه الكلم بسب منح الق سبحانه
ومواهبه ث قد يعرفها الرجل من حيث العموم ول يتفطن لكون هذا العن داخل ف ذلك العام ث قد
يتفطن له تارة ث ينساه بعد ذلك وهذا باب واسع جدا ل ييط به إل ال وقد يغلط الرجل فيفهم من
الكلم ما ل تتمله اللغة العربية الت بعث الرسول با
248
السبب السابع -اعتقاده أن ل دللة ف الديث والفرق بي هذا وبي الذي قبله أن الول ل يعرف جهة
الدللة والثان عرف جهة الدللة لكن اعتقد أنا ليست دللة صحيحة بأن يكون له من الصول ما يرد
تلك الدللة سواء كانت ف نفس المر صوابا أو خطأ مثل أن يعتقد أن العام الخصوص ليس بجة وأن
الفهوم ليس بجة وأن العموم الوارد على سبب مقصور على سببه أو أن المر الجرد ل يقتضى
الوجوب أو ل يقتضى الفور أو أن العرف باللم ل عموم له أو أن الفعال النفية ل تنفي ذواتا ول جيع
أحكامها أو أن التقضى ل عموم له فل يدعي العموم ف الضمرات والعان إل غي ذلك ما يتسع القول
فيه فإن شطر أصول الفقه تدخل مسائل اللف منه ف هذا القسم وإن كانت الصول الجردة ل تط
بميع الدللت الختلف فيها وتدخل فيه أفراد أجناس الدللت هل هي من ذلك النس أم ل مثل أن
يعتقد أن هذا اللفظ العي ممل بأن يكون مشتركا دللة تعي أحد معنييه أو غي ذلك
السبب الثامن -اعتقاده أن تلك الدللة قد عارضها ما دل على أنا ليست مرادة مثل معارضة العام
باص أو الطلق بقيد أو المر الطلق با ينفي الوجوب أو القيقة با
ص380:
يدل على الجاز إل أنواع العارضات وهو باب واسع أيضا فإن تعارض دللت القوال وترجيح بعضها
على بعض بر خضم
السبب التاسع -اعتقاده أن الديث معارض با يدل على ضعفه أو نسخة أو تأويله إن كان قابل للتأويل
با يصلح أن يكون معارضا بالتفاق مثل آية أو حديث آخر أو مثل إجاع وهذا نوعان (أحدها) أن
يعتقد أن هذا العارض راجح ف الملة فيتعي أحد الثلثة من غي تعيي واحد منها وتارة يعي أحدها
بأن يعتقد أنه منسوخ أو أنه مؤول ث قد يغلط ف النسخ فيعتقد التأخر متقدما وقد يغلط ف التأويل بأن
يمل الديث على ما يتمله لفظه أو هناك ما يدفعه وإذا عارضه من حيث الملة فقد ل يكون ذلك
العارض دا ًل وقد ل يكون الديث العارض ف قوة الول إسنادا أو متنا وتىء هنا السباب التقدمة
وغيها ف الديث الول والجاع الدعي ف الغالب إنا هو عدم العلم بالخالف وقد وجدنا من أعيان
العلماء من صاروا إل القول بأشياء متمسكهم فيها عدم العلم بالخالف مع أن ظاهر الدلة عندهم
يقتضي خلف ذلك لكن ل يكن العال أن يبتدئ قولً ل يعلم به قائل -مع علمه -بأن الناس قد قالوا
خلفه حت إن منهم من يعلق القول فيقول إن كان ف السألة إجاع فهو أحق ما يتبع وإل فالقول عندي
كذا وكذا وذلك مثل من يقول ل أعلم أحدا أجاز شهادة العبد وقبولا مفوظ عن على وأنس وشريح
249
وغيهم ويقول أجعوا على أن العتق بعضه ل يرث وتوريثه مفوظ عن علي وابن مسعود وفيه حديث
حسن عن النب ويقول آخر ل أعلم أحدا أوجب الصلة على النب وإيابا مفوظ عن أب جعفر الباقر
وذلك أن غاية كثي من العلماء أن يعلم أهل العلم الذين أدركهم ف بلده وأقوال جاعات غيهم كما
تد كثيا من التقدمي ل يعلم إل قول الدنيي والكوفيي وكثيا من التأخرين ل
ص381:
يعلم إل قول اثني أو ثلثة من الئمة التبوعي وما خرج عن ذلك فإنه عنده مالف الجاع لنه ل يعلم
به قائل وما زال يقرع سعه خلفه فهذا ل يكنه أن يصي إل حديث يالف هذا لوفه أن يكون هذا
خلفا للجاع أو لعتقاده أنه مالف للجاع -والجاع أعظم الجج -وهذا عذر كثي من الناس ف
كثي ما يتركونه وبعضهم معذور فيه حقيقة وبعضهم معذور فيه وليس ف القيقة بعذور وكذلك كثي
من السباب قبله وبعده
السبب العاشر -معارضته با يدل على ضعفه أو نسخة أو تأويله ما ل يعتقد غيه أو جنسه معارض أو
ل يكون ف القيقة معارضا راجحا كمعارضة كثي من الكوفيي الديث الصحيح بظاهر القرآن
واعتقادهم أن ظاهر القرآن من العموم ونوه مقدم على نص الديث ث قد يعتقد ما ليس بظاهر ظاهرا
لا ف دللت القول من الوجوه الكثية ولذا ردوا حديث الشاهد واليمي وإن كان غيهم يعلم أن ليس
ف ظاهرة القرآن ما ينع الكم بشاهد ويي ولو كان فيه ذلك فالسنة هي الفسرة للقرآن عندهم
وللشافعي ف هذه القاعدة كلم معروف ولحد فيها رسالته الشهورة ف الرد على من يزعم الستغناء
بظاهر القرآن عن تفسي سنة رسول ال وقد أورد فيها من الدلئل ما يضيق هذا الوضع عن ذكره ومن
ذلك دفع الب الذي هو تصيص لعموم الكتاب أو تقييد لطلقة أو فيه زيادة عليه واعتقاد من يقول ذلك
أن الزيادة على النص كتقييد الطلق نسخ وأن تصيص العام نسخ وكمعارضه طائفة من الدنيي الديث
الصحيح بعمل أهل الدينة بناء على أنم ممعون على مالفة الب وأن إجاعهم حجة مقدمة على الب
كمخالفة أحاديث خيار الجلس بناء على هذا الصل وإن كان أكثر الناس قد يثبتون أن الدنيي قد
اختلفوا ف تلك السألة وأنم لو أجعوا وخالفهم غيهم لكانت الجة ف الب وكمعارضة قوم من
البلدين بعض الحاديث بالقياس اللي بناء على أن القواعد الكلية ل تنقض بثل هذ 1الب إل غي ذلك
من أنواع العارضات سواء كان العارض مصيبا أو مطئا
ص382:
250
((فهذه السباب العشرة ظاهرة وف كثي من الحاديث يوز أن يكون للعال حجة ف ترك العمل
بالديث ل نطلع نن عليها فإن مدارك العلم واسعة ول نطلع نن على جيع ما ف بواطن العلماء والعال
قد يبدي حجته وقد ل يبديها وإذا أبداها قد تبلغنا وقد ل تبلغ وإذا بلغتنا فقد ندرك موضع احتجاجه
وقد ل ندركه سواء كانت الجة صوابا ف نفس المر أم ل لكن نن وإن جوزنا هذا فل يوز لنا أن
نعدل عن قول ظهرت حجته بديث صحيح وافقه طائفة من أهل العلم إل قول آخر قاله عال يوز أن
يكون معه ما يدفع به هذه الجة وإن كان أعلم إذ تطرق الطأ إل آراء العلماء أكثر من تطرقه إل
الدلة الشرعي فإن الدلة الشرعية حجة ال على جيع عباده بلف رأي العال والدليل الشرعي الشرعي
يتنع أن يكون خطأ إذا ل يعارضه دليل آخر ورأي العال ليس كذلك ولو كان العمل بذا التجويز جائزا
لا بقى ف أيدينا شيء من الدلة الت يوز فيها مثل هذا لكن الغرض أنه ف نفسه قد يكون معذورا ف
تركه له ونن معذورون ف تركنا لذا الترك وقد قال سبحانه (تلك أمة قد خلت لا ما كسبت)
وقال سبحانه (فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول) وليس لحد أن يعارض الديث عن النب
بقول أحج من الناس كما قال ابن عباس رضي ال عنهما لرجل سأله من مسألة فأجابه فيها بديث فقال
له قال أبو بكر وعمر فقال ابن عباس أبو بكر وعمر وإذا كان الترك يكونه لبعض هذه السباب فإذا جاء
حديث صحيح فيه تليل أو تري أو حكم فل يوز أن يعتقد أن التارك له -من العلماء الذين وصفنا
أسباب تركهم -يعاقب لكونه حلل الرام أو حرم اللل أو حكم بغي ما أنزل ال وكذلك إن كان ف
الديث وعيد على فعل من لعنه أو غضب أو عذاب ونو ذلك فل يوز أن يقول إن ذلك العال الذي
أباح هذا أو فعله داخل ف هذا الوعيد وهذا ما ل نعلم بي المة فيه خلفا إل شيئا عن بعض معتزلة
بغداد مثل الريسي وإضرابه أنم زعموا أن الخطىء من
ص383:
الجتهدين يعاقب على خطئه وهذا لن لوق الوعيد لن فعل الحرم مشروط بعلمه بالتحري أو بتمكنه
من العلم بالتحري فإن من نشأ ببادية أو كان حديث عهد بالسلم أو فعل شيئا من الحرمات غي عال
بتحريها ل يأث ول يد وإن ل يستند ف استحلله إل دليل شرعي فمن ل يبلغه الديث الحرم واستند
ف الباحة إل دليل شرعي أول أن يكون معذورا ولذا كان هذا مأجورا ممودا لجل اجتهاده قال ال
سبحانه (وداود وسليمان) إل قوله (وعلما) فاختص سليمان بالفهم وأثن عليهما بالكم والعلم وف
الصحيحي عن عمرو بن العاص رضي ال عنه أن النب قال ((إذا اجتهد الاكم فأصاب فله أجران وإذا
251
أجتهد فأخطأ فله أجر)) فتبي أن الجتهد مع خطئه له أجر وذلك لجل اجتهاده وخطؤه مغفور له لن
درك الصواب ف جيع أعيان الحكام إما متعذر أو متعسر وقد قال تعال (وما جعل عليكم ف الدين من
حرج) وقال تعال (يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر) وف الصحيحي عن النب أنه قال لصحابه
عام الندق ((ل يصلي أحد العصر إل ف بن قريظة)) فأدركهم صلة العصر ف الطريق فقال بعضهم ل
نصلي إل ف بن قريظة وقال بعضهم ل يرد منا هذا فصلوا ف الطريق فلم يعب واحدة من الطائفتي
فالولون تسكوا بعموم الطاب فجعلوا صورة الفوات داخلة ف العموم والخرون كان معهم من الدليل
ما يوجب خروج هذه الصورة عن العموم فإن القصود البادرة إل القوم وهي مسألة اختلف فيها الفقهاء
اختلفا مشهورا هل يص العموم بالقياس ومع هذا فالدين صول ف الطريق كانوا أصوب وكذلك بلل
رضي ال عنه لا باع الصاعي بالصاع أمره النب برده ول يرتب على ذلك حكم آكل الربا من التفسيق
واللعن والتغليظ لعدم علمه كان بالتحري وكذلك عدي بن حات وجاعة من الصحابة لا اعتقدوا أن قوله
تعال (حت يتبي لكم اليط البيض من اليط السود)) معناه البال البيض والسود فكان أحدهم يعل
عقالي أبيض وأسود ويأكل حت يتبي أحدها من
ص384:
الخر فقال النب لعدي ((إن وسادك إذن لعريض إنا هو بياض النهار وسواد الليل)) فأشار إل عدم فقهه
لعن الكلم ول يرتب على هذا الفعل ذم من أفطر ف رمضان وإن كان من أعظم الكبائر بلف الذين
أفتوا الشجوج ف البد بوجوب الغسل فاغتسل فمات فإنه قال (قتلوه قتلهم ال هل سألوا إذ ل يعلموا
إنا شفاء العي السؤال) فإن هؤلء أخطأوا بغي اجتهاد إذ ل يكونوا من أهل العلم وكذلك ل يوجب
على أسامة بن زيد قودا ول دية ول كفارة لا قتل الذي قال ((ل إله إل ال)) ف غزوة الرقات فإنه
كان معتقدا جواز قتله بناء على أن هذا السلم ليس بصحيح مع أن قتله حرام وعمل بذلك السلف
وجهور الفقهاء ف أن ما استباحه أهل البغي من دماء أهل العدل بتأويل سائغ ل يضمن بقود ول دية ول
كفارة وإن كان قتلهم وقتالم مرما وهذا الشرط الذي ذكرناه ف لوق الوعيد ل يتاج أن يذكر ف
كل خطاب لستقرار العلم به ف القلوب كما أن الوعد على العمل مشروط بإخلص العمل ل وبعدم
حبوط العمل بالردة ث إن هذا الشرط ل يذكر ف كل حديث فيه وعد ث حيث قدر قيام الوجب للوعيد
فإن الكم يتخلف عنه الوعيد لانع وموانع لوق الوعيد متعددة منها التوبة ومنها الستغفار ومنها
السنات الاحية للسيئات ومنها بلء الدنيا ومصائبها ومنها شفاعة شفيع مطاع ومنها رحة أرحم
252
الراحي فإذا عدمت هذه السباب كلها -ولن تعدم إل ف حق من عتا وترد وشرد على ال شراد البعي
على أهله -فهنالك يلحق الوعيد به وذلك أن حقيقة الوعيد بيان أن هذا العمل سبب ف هذا العذاب
فيستفاد من ذلك تري الفعل وقبحه أما أن كل شخص قام به ذلك السبب يب وقوع ذلك السبب به
فهذا باطل قطعا لتوقف ذلك السبب على وجود الشرط وزوال جيع الوانع وإيضاح هذا أن من ترك
العمل بديث فل يلو من ثلثة أقسام
((إما أن يكون تركا جائزا باتفاق السلمي كالترك ف حق من ل يبلغه ول قصر ف الطلب مع حاجته
إل الفتيا أو الكم كما ذكرناه عن اللفاء الراشدين وغيهم
ص385:
فهذا ل يشك مسلم أن صاحبه ل يلحقه من معرة الترك شيء
((وإما أن يكون تركا غي جائز فهذا ل يكاد يصدر من الئمة إن شاء ال تعال لكن الذي قد ياف
على بعض العلماء أن يكون الرجل قاصرا ف درك تلك السألة فيقول مع عدم أسباب القول وإن كان له
فيها نظر واجتهاد أو يقصر ف الستدلل فيقول قبل أن يبلغ النظر نايته مع كونه متمسكا بجة أو
يغلب عليه عادة أو غرض بنعه من استيفاء النظر لينظر فيما بعارض ما عنده وإن كان ل يقل إل
بالجتهاد والستدلل فإن الد الذي يب أن ينتهي إليه الجتهاد قد ينضبط للمجتهد ولذا كان العلماء
يافون مثل هذا خشية أن ل يكون الجتهاد العتب قد وجد ف تلك السألة الخصوصة فهذه ذنوب لكن
لوق عقوبة الذنب بصاحبه إنا تنال ل يتب وقد يحوها الستغفار والحسان والبلء والشفاعة والرحة
ول يدخل ف هذا من يغلبه الوى ويصرعه حت ينصر ما يعلم أنه باطل أو من يزم بصواب قول أو
خطئة من غي معرفة منه بدلئل ذلك القول نفيا وإثباتا فإن هذين ف النار كما قال النب ((القضاة ثلثة
قاضيان ف النار وقاض ف النة فأما الذي ف النة فرجل علم الق فقضى به وأما اللذان ف النار فرجل
قضى للناس على جهل ورجل علم الق وقضى بلفه)) والفتون كذلك لكن لوق الوعيد للشخص
العي أيضا له موانع كما بيناه فلو فرض وقوع بعض هذا من بعض العيان من العلماء الحمودين عند
المة مع أن هذا بعيد أو غي واقع ل يعدم أحدهم هذه السباب ولو وقع ل يقدح ف إمامتهم على
الطلق فإنا ل نعتقد ف القوم العصمة بل نوز عليهم الذنوب ونرجو لم مع ذلك أعلى الدرجات لا
اختصهم ال به من العمال الصالة والحوال السنية وأنم ل يكونوا مصرين على ذنب وليسوا بأعلى
درجة من الصحابة رضي ال عنهم والقول فيهم كذلك فيما اجتهدوا فيه من الفتاوى والقضايا والدماء
253
الت كانت بينهم وغي ذلك ث إنم مع العلم بأن التارك الوصوف معذور بل مأجور ل ينعنا أن تتبع
الحاديث الصحيحة الت ل نعلم لا معارضا يدفعها وأن نعتقد وجوب العمل با على المة ووجوب
تبليغها وهذا ما ل يتلف العلماء فيه)) انتهى القصود من هذا البحث من فتوى شيخ السلم ولا تتمة
بديعة فلتنظر
ص386:
الاتة
ف فوائد متنوعة يضطر إليها الثري
-1سبيل الترقي ف علوم الدين
قال المام تقي الدين رحه ال ف إحدى وصاياه ((جاع الي أن يستعي بال سبحانه وتعال ف تلقي
العلم الأثور عن النب فإنه الذي يستحق أن يسمى علما وما سواه إما أن يكون علما ول يكون نافعا
وإما أن ل يكون علما وإن سى به ولئن كان علما نافعا فلن يكون ف مياث ممد ما يغن عنه ما هو
مثله وخي منه وليكن هته فهم مقاصد الرسول ف أمره ونيه وسائر كلمه فإذا اطمأن قلبه أن هذا هو
مراد الرسول فل يعدل عنه فيما بينه وبي ال تعال ول مع الناس إذا أمكنه ذلك وليجهد أن يعتصم ف
كل باب من أبواب العلم بأصل مأثور من النب وإذا أشبته عليه ما قد اختلف ف الناس فليدع با رواه
مسلم ف صحيحه عن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال كان يقول إذا قام يصلي من الليل ((ال رب
جبائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والرض عال الغيث والشهادة أنت تكم بي عبادك فيما
كانوا فيه يتلفون اهدن لا اختلف فيه من الق بإذانك إنك تدي من تشاء إل صراط مستقيم)) فإن ال
تعال قال فيما رواه عنه رسول ال يا عبادي كلكم ضال إل من هديته فاستهدون أهدكم)) انتهى
ص387:
-2قاعدة الحققي ف مسائل الدين وعلماء الفرق
قال الحقق ابن القيم رحه ال ف كتابه طريق الجرتي ((إن عادتنا ف مسائل الدين كلها دقها وجلها أن
نقول بوجبها ول نضرب بعضها ببعض ول نتعصب لطائفة على طائفة بل نوافق كل طائفة على ما معها
من الق ونالفها فيما معها من خلف الق ل نستثن من ذلك طائفة ول مقالة ونرجو من ال أن نيا
على ذلك ونوت عليه ونلقي ال به ول قوة إل بال)) انتهى
254
وقال حكيم مصره بل عصره الشيخ ممد عبده مفت مصر ف كتاب السلم والنصرانية مع العلم والدنية
ف مبحث ((ساحة السلم)) ما لفظه ((أخذ بيد القارئ الن وأرجع به إل ما مضى من الزمان وأقف به
وقفه بي يدي خلفاء بن أمية والئمة من بن العباس ووزرائهم والفقهاء والتكلون والحدثون والئمة
الجتهدون من حولم والدباء والؤرخون والطباء والفلكيون والرياضيون والغرافيون والطبيعيون وسائر
أهل النظر من كل قبيل مطيفون بم وكل مقبل على عمله فإذا فرغ عامل من العمل أقبل على أخيه
ووضع يده ف يده يصافح الفقية التكلم والحدث الطبيب والجتهد الرياضي والكم وكل يرى ف
صاحبه عونا على ما يشتغل هو به وهكذا أدخل به بيتا من بيوت العلم فأجد جيع هؤلء سواء ف ذلك
البيت يتحادثون ويتباحثون والمام البخاري حافظ السنة بي يدي السن البصري شيخ السنة من التابعي
يتلقي عنه وقد سئل السن عنه فقال للسائل ((لقد سألت عن رجل كأن اللئكة أدبية وكأن النبياء ربته
إن قام بأمر قعد به وإن قعد بأمر قام به وإن أمر بشيء كان ألزم الناس له وإن نى عن شيء كان أترك
الناس له ما رأيت ظاهرا أشبه بباطن منه ول باطنا أشبه بظاهر منه)) بل أرفع بصرى فأجد المام أبا
حنيفة أمام المام زيد بن علي صاحب مذهب الزيدية من الشيعة يتعلم منه أصول العقائد والفقه ول يد
أحدهم من الخر إل ما يد
ص388:
صاحب الرأي ف حادثة من ينازعه فيه اجتهادا ف بيان الصلحة وها من أهل بيت واحد أمر به بي تلك
الصفوف الت كانت تتلف وجهتها ف الطلب وغايتها واحدة وهي العلم وعقيدة كل واحد منهم أن
((فكر ساعة خي من عبادة ستي سنة)) كما ورد ف بعض الحاديث
ث قال اللفاء أئمة ف الدين متهدون وبأيديهم القوة وتت أمرهم اليش والفقهاء والحدثون
والتكلمون والئمة الجتهدون الخرون هم قادة أهل الدين ومن جند اللفاء الدين ف قوته والعقيدة ف
أوج سلطانا وسائر العلماء من ذكرنا بعدهم يتمتعون ف أكنافهم بالي والسعادة ورفه العيش وحرية
الفكر ل فرق ف ذلك بي من كان من دينهم ومن كان من دين آخر فهناك يشي القارئ النصف إل
أولئك السلمي وأنصار ذلك الدين ويقول ها هنا يطلق اسم التسامح مع العلم ف حقيقته ها هنا يوصف
الدين بالكرم واللم ها هنا يعرف كيف يتفق الدين مع الدينة عن هؤلء العلماء الكماء تؤخذ فنون
الرية ف النظر ومنهم تبط روح السألة بي العقل الوجدان أو بي العقل والقلب كما يقولون يرى
القارئ أنه ل يكن جلد بي العلم والدين وإنا كان بي ال أهل العلم بي أهل الدين شيء من التخالف
255
ف الراء شأن الحرار ف الفكار ل الذين أطلقوا من غل التقليد وعوفوا من علة التقليد ول يكن يري
فيما بينهم اللمز والتنابر باللقاب فل يقول أحد منهم لخر إنه زنديق أو كافر أو مبتدع أو م يشبه ذلك
ول تناول أحدا منهم يد بأذى إل إذا خرج عن نظام الماعة وطلب الجلل بأمن العامة فكان كالعضو
الجذم فيقطع ليذهب ضرره عن البدن كله))
ث قال بعد ذلك تت عنوان ((ملزمة العلم للدين وعدوي التعصب ف السلمي)) ما صورته ((مت ولع
السلمون بالتكفي والتفسيق ورمي زيد بأنه زنديق أشرنا فيما سبق إل مبدأ هذا الرض ونقول الن إن
ذلك بدأ فيهم عندما بدأ الضعف ف الدين يظهر بينهم وأكلت الفت أهل البصية من أهله -تلك الفت
الت كان يثيها أعداء الدين ف الشرق وف الغرب لفض سلطانه وتوهي أركانه -وتصدر للقول ف
الدين برأيه من ل تتزج روحه
ص389:
بروح الدين وأخذ السلمون يظنون أن من البدع ف الدين ما يسن إحداثه لتعظيم شأنه تقليدا لن كان
بي أيديهم من المم السيحية وغيها وأنشأوا ينسون ماضي الدين ومقالت سلفهم فيه ويكتفون برأي
من يرونه من التصدرين التعالي وتول شؤون السلمي جهالم وقام بإرشادهم ف الغلب ضللم ف
أثناء ذلك حدث الغلو ف الدين واستعرت نيان العداوات بي النظار فيه وسهل كل منهم لهله بدينه أن
يرمي الخر بالروق منه لدن سبب وكلما أزدادوا جهلً بدينهم ازدادوا غلوا فيه بالباطل ودخل العلم
والفكر والنظر -وهي لوازم الدين السلمي -ف جلة ما كرهوه وانقلب عندهم ما كان واجبا من
الدين مظورا فيه))
-3وصية الغزال ف معاملة التعصب
قال المام الغزال رحه ال تعال ف كتابه فيصل التفرقة ف تتمة الفصل الول بعد حكم على من يتخبط
ف الواب ويعجز عن كشف الغطاء بأنه ليس من أهل النظر وإنا هو مقلد ما نصه ((وشرط القلد أن
يسكت ويسكت عنه لنه قاصر عن سلوك طريق الجاج ولو كان أهلً له كان مستتبعا ل تابعا وإماما
ل مأموما فإن خاض القلد ف الحاجة فذلك منه فضول والشتغل به صار كضارب ف حديث بارد
وطالب لصلح الفاسد وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر))
256
وقال رحه ال ف موضع آخر منه ((فإذا رأيت الفقيه الذي بضاعته مرد الفقه يوض ف التكفي والتضليل
فأعرض عنه ول تشغل به قلبك ولسانك فإن التحدي بالعلوم غريزة ف الطبع ل يصب عنه الهال ولجله
كثر اللف بي الناس ولو ينكث من اليدي من ل يدري لقل اللف بي اللق))
أقول هذا بعن قول سقراط لو سكت من ل يعلم لسقط الختلف
وقال الغزال قدس سره ف كتابه ((النقذ من الضلل)) ((ل مطمع ف الرجوع
ص390:
إل التقليد بعد مفارقته إذ من شرط القلد أن ل يعلم أنه مقلد فإذا علم ذلك انكسرت زجاجة تقليده
وهو شعب ل يرأب وشعث ل يلم بالتلفيق والتأليف إل أن يذاب بالنار ويستأنف لا صيغة أخرى
مستجدة)) انتهى
-4بيان من يسلم من الغلط
قال المام السيد مرتضي اليمان ف كتابه إيثار الق ((وأعلم أنه ل يكاد يسلم من هذه الغلط إل أحد
رجلي إما رجل ترك البدعة كلها والتمذهب والتقاليد والعتزاء إل الذاهب والخذ من التعصب
بنصيب وبقي مع الكتاب والسنة كرجل نشأ قبل حدوث الذاهب ول يعب عن الكتاب والسنة بعبارة منه
مبتدعة واستعان بال وأنصف ووقف ف مواقف التعارض والشتباه ول يدع علم ما ل يعلم ول تكلف
ما ل يسن وهذا هو مسلك البخاري وأئمة السنة غالبا ف ترجة تصدير البواب وف العقائد باليات
القرآنية والخبار النبوية كما صنع ف أبواب القدر وكتاب التوحيد والرد على الهمية وأبواب الشيئة
ورجل أتقن العلمي العقلي والسمعي وكان من أئمتهما معا بيث يرجع إليه أئمتهما ف وقائعهما
ومشكلتما مع حسن قصد وورع وإنصاف وتر للحق فهذا ل تلف عنه هداية ال وإعانته وأما من
عادي أحد هذين العلمي وعادي أهله ول يكن على الصفة الول من لزوم ما يعرف وترك ما ل يعرف
فإنه ل بد أن تدخل عليه البدع والغلط والشناعات))
ص391:
تتمة ف مقصدين
-1القصد الول ف أن طلب الديث أن يتقي به ال عز وجل وأن طلب الشارع للعمل لكونه وسيلة
إل التعبد به
257
قال العلمة أبو إسحاق الشاطب ف الوافقات ف مقدمتها السابعة ((كل علم شرعي فطلب الشارع له إنا
يكون من حيث هو وسيلة إل التعبد به ل تعال ل من جهة أخرى فإن ظهر فيه اعتبار جهة أخرى
فبالتبع)) ث ساق الدلة على ذلك ومنها أن الشرع إنا جاء بالتعبد وهو القصود من بعثة النبياء عليهم
الصلة والسلم وجود الكلم ف ذلك على عادته رحه ال ث قال ف القدمة الثامنة ((العلم الذي هو
العلم العتب شرعا أعن الذي مدح ال ورسوله أهله على الطلق هو العلم الباعث على العمل الذي ل
يلي صاحبه جاريا مع هواه كيفما كان بل هو القيد لصاحبه بقتضاه الامل له على قوانينه طوعا أو
كرها ومعن هذه الملة أن أصل العلم ف طلبه وتصيله على ثلثة مراتب
الرتبة الول الطالبون له ولا يصلوا على كماله بعد وإنا هم ف طلبه ف رتبه التقليد فهؤلء إذا دخلوا ف
العمل به فبمقتضى المل التكليفي والث الترغيب والترهيب وعلى مقدار شدة التصديق يف ثقل
التكليف فل يكتفي العلم ها هنا بالمل دون أمر آخر خارج مقوله من زجر أو قصاص أو حد أو تعزير
أو ما جرى هذا الجرى ول احتياج ها هنا إل إقامة برهان على ذلك إذ التجربة الارية ف اللق قد
أعطت هذه الرتبة برهانا ل يتمل النقيض بوجه
والرتبة الثانية الواقفون منه على براهينه ارتفاعا عن حضيض التقليد الجرد واستبصارا فيه حسبما أعطاه
شاهد النقل الذي يصدقه العقل تصديقا يطمئن إليه ويعتمد عليه إل أنه بعد منسوب إل العقل ل إل
النفس بعن أنه ل يصر كالوصف الثابت للنسان
ص393:
وإنا هو كالشياء الكتسبة والعلوم الحفوظة الت يتحكم عليها العقل ويعتمد ف استجلبا حت تصي من
جلة مودعاته فهؤلء إذا دخلوا ف العمل خف عليهم خفة أخرى زائدة على مرد التصديق ف الرتبة
الول بل ل نسبة بينهما إذ هؤلء يأب لم البهان الصدق أن يكذبوا ومن جلة التكذيب الفي العمل
على مالفة العلم الاصل لم ولكنهم حي ل يصر لم كالوصف ربا كانت أوصافهم الثابته من الوى
والشهوة الباعثة الغالبة أقوى الباعثي فل بد من الفتقار إل أمر زائد من خارج غي أنه يتسع ف حقهم
فل يقتصر فيه على مرد الدود والتعزيرات بل ث أمور أخرى كمحاسن العادات ومطالبة الراتب الت
بلغوها با يليق با وأشباه ذلك وهذه الرتبة أيضا يقوم البهان عليها من التجربة إل أنا أخفي ما قبلها
فيحتاج إل فضل نظر موكول إل ذوي النباهة ف العلوم الشرعية والخذ ف النصافات السلوكية
258
والرتبة الثالثة الذين صار لم العلم وصفا من الوصاف الثابتة بثابة المور البديهية ف العقولت الول
أو تقاربا ول ينظر إل طريق حصولا فإن ذلك ل يتاج إليه فهؤلء ل يليهم العلم وأهواءهم إذا تبي
لم الق بل يرجعون إليه رجوعهم إل دواعيهم البشرية وأوصافهم اللقية وهذه الرتبة هي الترجم لا
والدليل على صحتها من الشريعة كثي كقوله تعال(أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يذر الخرة
ويرجو رحة ربه)) ث قال (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون)) الية فنسب هذه الحاسن
إل أول العلم من أجل العلم ل من أجل غيه وقال تعال (ال نزل أحسن الديث كتابا متشابا مثان
تقشعر منه جلود الذين يشون ربم)) والذين يشون ربم هم العلماء لقوله (إنا يشى ال من عبادة
العلماء)) وقال تعال (وإذا سعوا ما أنزل إل الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ما عرفوا من الق))
الية ولا كان السحرة قد بلغوا ف علم السحر مبلغ
ص394:
الرسوخ فيه وهو معن هذه الرتبة بادروا إل النقياد واليان حي عرفوا من علمهم أن ما جاء به موسى
عليه السلم حق ليس بالسحر ول الشعوذة ول ينعهم من ذلك التخويف ول التعذيب الذي توعدهم به
فرعون وقال تعال (وتلك المثال نضربا للناس وما يعقلها إل العالون)) فحصر تعقلها ف العالي وهو
قصد الشارع من ضرب المثال وقال (أفمن يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الق كمن هو أعمى)) ث
وصف أهل العلم بقوله (الذين يوفون بعهد ال) إل آخر الوصاف وحاصلها يرجع إل أن العلماء هن
العاملون وقال ف أهل اليان -واليان من فوائد العلم( -إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت
قلوبم)) إل أن قال ((أولئك هم الؤمنون حقا)) ومن هذا قرن العلماء ف العمل بقتضى العلم باللئكة
الذين (ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) فقال تعال (شهد ال أنه ل إله إل هو واللئكة
وأولو العلم قائما بالقسط ل إله إل هو)) فشهادة ال تعال وفق علمه ظاهرة التوافق إذ التخالف مال
وشهادة اللئكة على وفق ما علموا صحيحة لنم مفوظون من العاصي وأولو العلم أيضا كذلك من
حيث حفظوا بالعلم وقد كان الصحابة رضي ال عنهم إذا نزلت عليهم آية فيها تويف أحزنم ذلك
وأقلقهم حت يسألوا النب كنول آية البقرة (وإن تبدوا ما ف أنفسكم أو تفوه) الية وقوله (الذين آمنوا
ول يلبسوا إيانم بظلم) الية وإنا القلق والوف من آثار العلم بالنل والدلة أكثر من إحصائها هنا
وجيعها يدل على أن العلم العتب هو اللجئ إل العمل به فإن قيل هذا غي ظاهر من وجهي
259
أحدها أن الرسوخ ف العلم إما أن يكون صاحبه مفوظا به من الخالفة أو ل فإن ل يكن كذلك فقد
استوى أهل هذه الرتبة مع من قبلهم ومعناه أن العلم بجرده
ص395:
غي كاف ف العمل بن ول ملجئ إليه وإن كان مفوظا به من الخالفة لزم أن ل يعصي العال إذا كان
من الراسخي فيه لكن العلماء تقع منهم العاصي ما عدا النبياء عليه السلم ويشهد لذا ف أعلى المور
قوله تعال ف الكفار (وجحدوا با وأستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)) وقال (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه
كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الق وهم يعلمون)) وقال (وكيف يكمونك وعندهم
التوراة فيها حكم ال ث يتولون من بعد ذلك) وقال (ولقد علموا لن اشتراه ما له ف الخرة من خلق
)1ث قال (ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) وسائر ما ف هذا العن فأثبت لم العاصي
والخالفات مع العلم فلو كان العلم صادا عن ذلك ل يقع
والثان ما جاء ف ذم العلماء السوء وهو كثي ومن أشد ما فيه قوله عليه السلم (إن أشد الناس عذابا يوم
القيامة عال ل ينفعه ال بعلمه)) وف القرآن (أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب
)1وقال (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والدى) الية وقال (إن الذين يكتمون ما أنزل ال من
الكتاب ويشترون به ثنا قليلً) الية وحديث الثلثة الذين هم أول من تسعر بم النار يوم القيامة والدلة
فيه كثية وهو ظاهر ف أن أهل العلم غي معصومي بعلهم ول هو ما ينعهم عن إتيان الذنوب فكيف
يقال إن العلم مانع من العصيان فالواب عن الول أن الرسوخ ف العلم يأب للعال أن يالفه بالدلة
التقدمة وبدليل التجربة العادية لن ما صار كالوصف الثابت ل يصرف صاحبه إل على وفقه اعتيادا فإن
تلف فعلى أحد ثلثة أوجه
ص396:
الول -مرد العناد فقد يالف فيه مقتضى الطبع البلي فغيه أول وعلى ذلك دل قوله تعال (وجحدوا
با) الية وقوله تعال ( ود كثي من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيانكم كفارا حسدا من عند
أنفسهم من بعد ما تبي لم الق) وأسباه ذلك والغالب على هذا الوجه أن ل يقع إل لغلبة هوى من
حب دنيا أوجاه أو غيه ذلك بيث يكون وصف الوى قد غمر القلب حت ل يعرف معروفا ول ينكر
منكرا
260
الثان_ الفلتات الناشئة عن الغفلت الت ل ينجو منها البشر فقد يصي العال بدخوله الغفلة غي عال
وعليه يدل عند جاعة قوله تعال (إنا التوبة على ال للذين يعملون السوء بهالة فيم يتوبون من قريب)
الية وقال تعال (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكرون فإذا هم مبصرون) ومثل هذا
الوجه ل يعترض على أصل السألة كما ل يعترض نوه على سائر الوصاف البلية فقد ل تبصر العي
ول تسمع الذن لغلبة فكر أو غفلة أو غيها فترتفع ف الال منفعة العي والذن حت يصلب ومع ذلك
ل يقال إنه غي مبول على السمع والبصار فما نن فيه كذلك
الثالث -كونه ليس من أهل هذه الرتبة فلم يصر العلم له وصفا أو كالوصف مع عده من أهلها وهذا
يرجع إل غلط ف اعتقاد العال ف نفسه أو اعتقاد غيه فيه ويدل عليه قوله تعال (ومن أضل من اتبع
هواه بغي هدي من ال) وف الديث ((إن ال ل يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس)) إل أن قال
((اتذ الناس رؤساء جها ًل فسئلوا فأفتوا بغي علم فضلوا وأضلوا)) وقوله ((ستفترق أمت على ثلث
وسبعي فرفة أشدها فتنة على أمت الذين يقيسون المور بآرائهم)) الديث
ص397:
فهؤلء وقعوا ف الخالفة بسبب ظن الهل علما فليسوا من الراسخي ف العلم ول من صار لم
كالوصف وعند ذلك ل حفظ لم ف العلم فل اعتراض بم فأما من خل عن هذه الوجه الثلثة فهو
الداخل تت حفظ العلم حسبما نصته الدلة وف هذا العن من كلم السلف كثي وقد روى عن النب أنه
قال ((إن لكل شيء إقبالً وإدبارا وإن لذا الدين إقبالً وإدبارا وإن من إقبال هذا الدين ما بعثن ال به
حت إن القبيلة للتفقه من عند أسرها أو قال آخرها حت ل يكون فيها إل الفاسق أو الفاسقان فهما
مقموعان ذليلن إن تكلما أو نطقا قمعا وقهرا واضطهدا)) الديث وف الديث ((سيأت على أمت زمان
يكثر القراء ويق الفقهاء ويقبض العلم ويكثر الرج)) إل أن قال ((ث يأت من بعد ذلك زمان يقرأ القرآن
رجال من أمت ل ياوز تراقيهم ث يأت من بعد ذلك زمان يادل النافق الشرك يثل ما يقوله)) وعن على
((يا حلة العلم اعملوا به فإن العال من علم ث عمل ووافق عليه عمله وسيكون أقوام يملون العلم ل
ياوز تراقيهم تالف سريرتم علنيتهم ويالف علمهم عملهم يقعدون حلقا يباهي بعضهم بعضا حت
إن الرجل ليغضب على جليسه أن يلس إل غيه ويدعه أولئك ل تصعد أعمالم تلك إل ال عز وجل))
وعن ابن مسعود ((كونوا للعلم وعاة ول تكونا له رواة فإنه قد يوعي ول يروي وقد يروي ول يوعي))
وعن أب الدرداء ((ل تكون تقيا حت تكون عالا ول تكون بالعلم جيلً حت تكون به عاملً)) وعن
261
السن (( العال الذي وافق علمه عمله ومن خالف علمه عمله فذلك راوية حديث سع شيئا فقاله))
وقال الثوري ((العلماء إذا علموا عملوا فإذا عملوا شغلوا فإذا شغلوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا
هربوا)) وعن السن قال ((الذي يفوق الناس ف العلم جدير أن يفوقهم ف العمل)) وعنه ف قول ال
تعال (وعلمتم ما ل تعلموا أنتم ول آباؤكم) قال علمتم فعلتم ول تعملوا فوال ما ذلكم بعلم وقال
الثوري ((العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإل ارتل)) وهذا تفسي معن كون العلم هو الذي يلجئ إل
العمل وقال الشعب
ص398:
((كنا نستعي على حفظ الديث بالعمل به)) ومثله عن وكيع بن الراح وعن ابن مسعود ((ليس العلم
عن كثرة الديث إنا العلم خشية ال)) والثار ف هذا النحو كثية وبا ذكر يتبي الواب عن الشكال
الثان فإن علماء السوء هم الذين ل يعملون با يعلمون وإذا ل يكونوا كذلك فليسوا ف القيقة من
الراسخي ف العلم وإنا هم رواة والفقه فيما رووا أمر آخر أو من غلب عليهم هوي غطى على القلوب
والعياذ بال على أن الثابرة على طلب والتفقه فيه وعدم اجتزاء باليسي منه ير إل العمل به ويلجئ إليه
كما تقدم بيانه هو معن قول السن ((كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إل الخره)) وعن معمر أنه قال
((كان يقال من طلب العلم لغي ال يأب عليه العلم حت يصيه إل ال)) وعن حبيب بن أب ثابت
((طلبنا هذا المر وليس لنا فيه نية ث جاءت النية بعد)) وعن الثوري قال ((كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا
إل إل الخره)) وهو معن قوله ف كلم آخر ((كنت أغبط الرجل يتمع حوله ويكتب عنه فلما ابتليت
به وددت أن نوت منه كفافا ل على ول ل)) وعن أب الوليد الطيالسي قال ((سعت ابن عيننة منذ
أكثر من ستي سنة يقول طلبنا هذا الديث لغي ال فأعقبنا ال ما ترون)) وقال السن ((لقد طلب أقوام
العلم ما أرادوا به ال وما عنده فما زال بم حت أرادوا به ال وما عنده)) فهذا أيضا ما يدل على صحة
ما تقدم))
ث قال الشاطب بعد ذلك ((ويتصدى النظر هنا ف تقيق هذه الرتبة وما هي والقول ف ذلك على
الختصار أنا أمر باطن وهو الذي عب عنه بالشية ف حديث ابن مسعود وهو راجع إل معن الية وعنه
عب ف الديث ف أول ما يرفع من العلم الشوع وقال مالك ((ليس العلم بكثرة الرواية ولكنه نور يعله
ال ف القلوب)) وقال أيضا ((الكمة والعلم نور يهدي به ال من يشاء وليس بكثرة السائل ولكن عليه
262
علمة ظاهرة وهو التجاف عن دار الغرور والنابة إل دار اللود وذلك عبارة عن العمل بالعلم من غي
مالفة وبال التوفيق)) انتهى
ص399:
وقال الافظ السخاوي ف فتح الغيث تت قول العراف ((واعمل با تسمع ف الفضائل)) ما صورته
((لديث مرسل قال رجل يا رسول ال ما ينفي عن حجة العلم قال العمل ولقول مالك بن مغول ف
قوله تعال (فنبذوه وراء ظهورهم) قال تركوا العمل به ولقول إبراهيم الرب إنه ينبغي للرجل إذا سع
شيئا ف آداب النب أن يتمسك به ولن ذلك سبب ثبوته وحفظه ونوه والحتياج فيه إليه ويروي أنه قال
((من عمل با علم أورثه ال علم ما ل يعلم)) وعن أب الدرداء قال من عمل بعشر ما يعلم علمه ال ما
يهل وعن ابن مسعود أنه قال ما عمل أحد با علمه ال إل احتاج الناس إل ما عنده))
وقال النووي ف الذكار ينبغي لا بلغه شيء من فضائل العمال أن يعمل به ولو مرة ليكون من أهله ول
ينبغي أن يتركه مطلقا بل يأت با تيسر منه لقوله ((إذا أمرتكم بشيء فافعلوا منه ما استطعتم))
قالت ويروي ف الترغيب ف ذلك عن جابر مرفوع لفظه ((من بلغه عن ال عز وجل شيء فيه فضيلة
فأخذ به إيانا به ورجاء ثوابه أعطاه ال ذلك وإن ل يكن كذلك)) وله شاهد قال أبو عبد ال ممد بن
خفيف ما سعت شيئا من سنن رسول ال إل واستعملته حت الصلة على أطراف الصابع وهي صعبة))
وقال المام أحد ((ما كتبت حديثا إل وقد عملت به حت ب ف الديث أن النب احتجم وأعطي أبا
طيبة دينارا فأعطيت الجام دينارا حي أحتجمت ويقال ((اسم أب طيبة دينار)) وحكاه ابن عبد الب
ول يصح وعن أب عصمة عاصم بن عصام البيهقي قال بت ليلة عند أحد فجاء بالاء فوضعه فلما أصبح
نظر إل الاء فإذا هو كما كان فقال سبحان ال رجل يطلب العلم ل يكون له ورد بالليل وقال أحد ف
قصة صاحب الديث عندنا من يستعمل الديث وعن الثوري قال ((إن استطعت أن ل تك رأسك إل
بأثر فافعل))
ص400:
وصلي رجل من يكتب الديث بنب ابن مهدي فلم يرفع يديه فلما سلم قال له أل تكتب عن ابن عيينة
حديد الزهري عن سال عن أبيه أن النب كان يرفع يديه ف كل تكبية قال نعم قال فماذا تقول لربك إذا
لقيك ف تركك لذا وعدم استعماله وعن أب جعفر أحد بن حدان بن علي النيسابوري قال كنت ف
ملس أب عبد ال الروزي فلما حضرت الظهر وأذن أبو عبد ال خرجت من السجد فقال إل أين يا أبا
263
جعفر قلت أتظهر للصلة قال كان ظب بك غي هذا يدخل عليك وقت الصلة وأنت إل غي طهارة
وعن أب عمرو ممد بن حدان قال صلى بنا أبو عثمان سعيد بن إساعيل بسجده وعليه إزار ورداء
فقلت لب يا أبتا هو مرم فقال ل ولكنه يسمع من الستخرج الذي خرجته على مسلم فإذا مرت به سنة
ل يكن استعملها فيما مضى أحب أن يستعملها ف يومه وليلته وأنه سع من جلة ما قرئ على أن النب
صلى ف إزار ورداء فأحب أن يستعمل هذه السنة قبل أن يصبح وعن بشر بن الارث أنه قال يا
أصحاب الديث أتؤدون زكاة الديث 4فقيل له يا أبا نصر وللحديث زكاة قال نعم إذا سعتم الديث
فما كان فيه من عمل أو صلة أو تسبيح استعملتموه وف لفظ عنه رويناه بعلو ف جزء للحسن بن عبد
اللك أنه لا قيل له كيف تؤدي زكاته قال أعملوا من كل مئت حديث بمسة أحاديث وروينا عن أب
قلبة قال إذا أحدث اله لك علما فأحدث له عبادة ولكن إنا هك أن تدث به الناس وعن السن
البصري قال كان الرجل يطلب العلم فل يلبث أن يرى ذلك ف تشعه وهديه ولسانه وبصره ويده
ص401:
-2القصد الثان
فيما روى ف مدح رواية الديث ورواته من بدائع النظومات
قال الافظ أبو القاسم علي بن السن بن هبة ال بن عساكر الدمشقي الؤرخ الشهي
واظب على جع الديث وكتبه واجهد على تصحيحه ف كتبه
واسعه من أربابه نقلً كما سعوه من سعوه من أشياخهم تسعد به
واعرف ثقات رواته من غيهم كيما تيز صدقه من كذبه
فهو الفسر لكتاب وإنا نطق النب لنا به عن ربه
وتفهم الخبار تعرف حله من حرمه مع فرضه من ندبه
وهو البي للعباد بشرحه سي النب الصطفى مع صحبة
وتتبع العال الصحيح فإنه قرب إل الرحن تظ بقربه
وتنب التصحيف فيه فربا أدى إل تريفه بل قلبه
واترك مقالة من لاك بهله عن كتبه أو بدعة ف قلبه
فكفي الحدث رفعة أن يرتضي ويعد من أهل الديث وحزبه
وقال رحه ال تعال
264
لقول الشيخ ((أنبأن فلن وكان من الئمة عن فلن
إل أن ينتهي السناد أحلي لقلب من مادثة السان
ومشتمل على صوت فصيح ألذ إل من صوت القيان
وتزيين الطروس بنقش نقس أحب إل من نقش الغوال
وتريج الفوائد والمال وتسطي الغرائب والسان
وتصحيحح العوال من العوال بنيسابور أو ف أصفهان
أحب إل من أخبار ليلي وقيس بن اللوح والغان
فإن كتابة الخبار ترقي بصاحبها إل غرف النان
ص402:
وحفظ حديث خي اللق ما ينال به الرضا بعد المان
فأجر العلم ينمو كل حي وذكر الرء يبقي وهو فان
وقال الافظ البقان رحه ال تعال
أعلل نفسي بكتب الديث وأجل فيه لا موعدا
وأشتمل نفسي بتصنيفه وتريه أبدا سرمدا
فطورا أصنفة ف الشيوخ وطورا أصنفه مسندا
وأقفو البخاري فيما نا وصنفه جاهدا مهدا
ومسلما إذ كان زين النام بتصنيفه مسلما مرشدا
ومال فيه سوى أنن أراه هوى وافق القصدا
وأرجو الثواب بكتب الصلة على السيد الصطفي أحدا
وأسأل رب إله العباد جربا على ماله عودا
وقال الميدي صاحب ((المع بي الصحيحي)) من قصيدة وافرة
(ولو رواه الدين ضاعت وأصبحت معاله ف الخرين تبيد)
(هو حفظو الثار من كل شبهة وغيهو عما افتنوه رقود)
(وهم هاجروا ف جعها وتبادروا إل كل أفق والرام كؤود)
(وقاموا بتعديل الرواة وجرحهم قيام صحيح النقل وهو حديد)
265
(بتبليغهم صحت شرائع ديننا حدود تروا حفظها وعهود)
(وصح لهل النقل منها احتجاحهم فلم يبق إل عاند وحقود)
وما ينسب للمام الشافعي رضي ال عنه
(كل العلوم سوى القرآن مشغلة إل الديث وإل الفقه ف الدين)
(العلم ما كان فيه ((قال حدثنا وما سواه فوسواس الشياطي)
ص403:
وأنشد أبو الظهي رحه ال تعال
إذا رمت أن تتوخى الدى وأن تأت الق من بابه
فدع كل قول ومن قاله لقول النب وأصحابه
فلم تتج من مدثات المور بغي الديث وأربابه
وقال المام شس الدين ابن القيم الدمشقي ف الكافية الشافية
يا من يريد ناته يوم الساب من الحيم وموقد النيان
ابتع رسول ال ف القوال والعمال ل ترج عن القرآن
وخذ الصحيحي اللذين هالعة الدين واليان واسطتان
واقرأها بعد التجرد من هوى وتعصب وحية الشيطان
واجعلهما حكما ول تكم على ما فيهما أصل بقول فلن
واجعل مقالته كبعض مقالة ال أشباح تنصرها بكل أوان
وانصر مقالته كنصرك للذي قلدته من غي ما برهان
قد رسول ال عندك وحده والقول منه إليك ذو تبيان
ماذا ترى فرضا عليك معنيا إن كنتا ذا عق ذو إيان
عرض الذي قالوا على أقواله أو عكس ذاك فذانك المران
(هي مفرق الطرقات بي طريقنا وطريق أهل الزيغ والعدوان
قدر مقالت العباد جيعهم عدما وراجع مطلع اليان
واجعل جلوسك بي صحب ممد وتلق معهم عنه بالحسان
وتلق عنهم ما تلقوه هو عنه من اليان والعرفان
266
أفليس ف هذا بلغ مسافر يبغي الله وجنة اليوان
لول التنافس بي هذا اللق ما كان التفرق قط ف السبان
فالرب رب واحد وكتابه حق وفهم الق منه دان
ص404:
ورسوله قد أوضح الق البي بغاية اليضاح والتبيان
ما ث أوضح من عبارته فل يتاج سامعها إل تبيان
والنصح منه فوق كل نصيحة والعلم مأخوذ عن الرحن
فلي شي يعدل الباغي الدى عن قوله لول عمي الذلن
فالنقل عنه مصدق والقول من ذي عصمة ما عندنا قولن
والعكس عند سواه ف المرين يا من يهتدي هل يستوى النقلن
تال قد رح الصياح لن له عينان نو الفجر ناظرتان
وأخو العماية ف عمايته يقول الليل بعد أيستوى الرجلن
تال قد رفعت له العلم إن كنت الشمر نلت دار أمان
وقال الافظ ابن عبد الب مقالة ذي نصح وذات فوائد
إذا من ذوي اللباب عليكم بآثار النب فإنا من أفضل أعمال الرجال اتباعها
وقال الافظ ابن حجر رحه ال تعال
هينئا لصحاب خي الوري وطوب لصحاب أخباره
أولئك فازوا بتذكره ونن سعدنا بتذكاره
وهم سبقونا إل نصره وها نن أتباع أنصاره
ولا حرمنا لقا عينه عكفنا على حفظ آثاره
عسى ال يمعنا كلنا برحة معه ف داره
وقوله ((ولا حرمنا ال)) أخذه من قول ابن خطيب داريا
(ل اسع ف طلب الديث لسمعه أو لجتماع قدية وحديثه)
(لكن إذا فات الحب لقاء من يهوي تعلل باستماع حديثه)
ص405:
267
وقال العلمة السيد ممد بن إساعيل المي اليمان قدس ال سره
سلم على أهل الديث فإنن نشأت على حب الحاديث من مهدي
هو بذلوا ف حفظ سنة أحد وتنقيحها من جهدهم غاية الهد
وأعن بم أسلف سنة أحد أولئك ف بيت القصيد هو قصدي
أولئك أمثال البخاري ومسلم وأحد أهل الد ف العلم والد
رووا وارتووا من بر علم ممد وليس لم تلك الذاهب من ورد
كفاهم كتاب ال والسنة الت كفت قبلهم صحب الرسول ذوي الجد
ولا تتمة سابغة الذيل صاح فيها على التعصب بالويل وقال بعض الفضلء وأجاد
فاقطع به العيش تعرف لذة العمر علم الديث أجل السؤل والوطر
لكي تفوز بنقل العلم والثر وانقل رحالك عن مغناك مرتلً
ف الترك للعلم عن عذر لعتذر ول تق عاقن شغل فليس يري
ونقل ما قد رووا عن سيد البشر وأي شغل كمثل العلم تطلبه
لذات دنيا غدوا منها على غرر (ألي عن العلم أقواما تطلبهم
إل الت هي دأب الون والطر وخلفوا ما له حظ ومكرمة
معايب الهل منه كل مفتخر وأي فخر بدنياه لن هدمت
وبالعفاف وكسب العلم فافتخر ل تفخرن بدنيا ل بقاء لا 1
ذكرا يدد ف الصال والبكر يفن الرجال ويبقي علمهم لم
وليس يبقي له ف الناس من أثر ويذهب الوت بالدنيا وصاحبها
وأنت بالهل قد أصبحت ذا صغر تظن أنك بالدنيا أخو كب
ليس الكبي عظيم القدر غي فت ما زال بالعلم مشغول مدى العمر
قد زاحت ركبتاه كل ذي شرف ف العلم واللم لف الفخر والبطر
ص406:
فجالس العلماء القتدي بم تستجلب النفع أو تأمن من الضرر
هم سادة الناس حقا واللوس لم زيادة هكذا قد جاء ف الب
والرء يسب من قوم يصاحبهم فاركن إل كل صاف العرض عن كدر
268
فمن يالس كريا نال مكرمة ول يشن عرضه شيء من الغي
كصاحب العطر إن ل تستفد هبة من عطره ل تب من ريه العطر
ومن يالس ردئ الطبع يرد به وناله دنس من عرضه الكدر
كصاحب الكي إن يسلم مالسه من نتنه ل يوق الرق بالشرر
وكل من ليس ينهاه الياء ول تقوي فخف كل قبح منه وانتظر
والناس أخلقهم شت وأنفسهم منهم بصي ومنهم مطئ النظر
وأصوب الناس رأيا من تصرفه فيما به شرف اللباب والفكر
واركن إل كل من ف وده شرف من نابه القدر بي الناس مشتهر
فالرء يشرف بالخبار يصحبهم وإن يكن قبل شيئا غي معتب
إن العقيق ليسمو عند ناظره إذا بدا وهو منظوم مع الدرر
والرء يبث بالشرار يألفهم ولو غدا حسن الخلق والسي
فالاء صفو طهور ف أصالته حت ياوره شيء من الكدر
فكن بصحب رسول ال مقتديا فإنم للهدى كالنم الزهر
وإن عجزت عن الد الذي سلكوا فكن عن الب فيهم غي مقتصر
والق بقوم إذا لحت وجوهم رأيتها من سنا التوفيق كالقمر
أضحوا من السنة العليا ف سنن سهل وقاموا بفظ الدين والثر
أجل شيء لديهم ((قال أخبنا عن الرسول ) با قدر صح من خب)
هذي الكارم ل قعبان من لب ول التمتع باللذات والشر
(ل شيء أحسن من ((قال الرسول)) وما أجل من سند عن كل مشهر)
ص407:
وملس بي أهل العلم جادبا حل من الدر أو حلي من الدرر
يوم ير ول أرو الديث به فلست أحسب ذاك اليوم من عمر
فإن ف درس أخبار الرسول لنا تتعا ف رياض النة الضر
تعللً إذا عدمنا طيب رؤيته من فاته العي هد الشوق بالثر
كأنه بي ظهرينا نشاهده ف ملس الدرس بالصال والبكر
269
زين النبوة عي الرسل خاتهم بعثا وأولم ف سابق القدر
صلى عليه إله العرش ث على أشباعه ما جرى طل على زهر
مع السلم دواما والرضا أبدا عن صحبه الكرمي النم الزهر
وعن عبيدك نن الذنبي فجد بالمن من كل ما نساه من ضرر
وتب على الكل منا واعطنا كرما دنيا وأخرى جيع السؤل والوطر
سبحانه ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي والمد ل رب العالي
جاء ف آخر نسخة الؤلف قدس سره
يقول جامعه
كانت البداءة ف تصنيفه ف إحدى الماديي عام ( )1320ولا ت ترتيبه شرعت ف تبييضه ليلة العشر
الخي من رمضان من العام الذكور ف السدة اليمن العلياء من حرم جامع السنانية ف دمشق الفيحاء ث
صحبته ف رحلت القدسية ف أواخر الحرم وبيضت جانبا كبيا من آخره ف عمان البلقاء أيام مسيي
إل القدس منها وإقامت با عشرة أيام من أوائل صفر إل أن كملت نسخا وتبييضا بعونه تعال صباح
الميس لمس بقي من صفر الذكور عام ( )1321ف السجد القصى داخل حرمه الشريف أيام
إقامت ف حجرته
ص408:
القبلية والمد ل أول وآخرا وظاهرا وباطنا قاله بفمه ورقمه بقلمه العبد الذليل الضعيف أفقر الوري
لرحه موله ممد جال الدين بن ممد سعيد بن قاسم بن صال بن إساعيل ابن بكر القاسي الدمشقي
غفر ال له ولوالديه ولسلفه وأشياخه وأولده وميه ولميع الؤمني والمد ل رب العالي
ث جاء تت هذه العبارة بالب الحر بمد تعال ت مقابلة على أصلي وكتبه مؤلفه جال الدين ف 19
ذي الجة 1324أن
ص409:
270