You are on page 1of 270

‫قواعد التحديث‬

‫من فنون مصطلح الحديث‬

‫العلمة جمال الدين القاسمي الدمشقي‬

‫‪1‬‬
‫مقدمة في مطالع مهمة‬
‫الطلع الول‬
‫قال الزركشي ف قواعده ((إن تصنيف العلم فرض كفاية على من منحة ال فهما واطلعا فلو ترك‬
‫التصنيف لضيع العلم على الناس وقد قال تعال(وإذا أخذ ال ميثاق النبيي) الية ولن تزال هذه المة ف‬
‫ازدياد وترق ف الواهب والعلم)) انتهى‬
‫وقال نابغة البلغاء ابن القفع ف مقدمة الدرة اليتيمة ((وجدنا الناس قبلنا ل يرضوا با فازوا به من الفضل‬
‫لنفسهم حت أشركونا معهم فيما أدركوا من علم الول والخرة فكتبوا به الكتب الباقية وكفونا مؤونة‬
‫التجارب والفطن وبلغ من اهتمامهم بذلك أن الرجل منهم كان يفتح له الباب من العلم والكلمة من‬
‫الصواب وهو بالبلد غيالأهول فيكتبه على الصخور مبادرة منه للجل وكراهية لن يسقط ذلك على من‬
‫بعده فكان صنيعهم ف ذلك صنيع الوالد الشفيق على ولده الرحيم بم الذي يمع لم الموال والعقد‬
‫إرادة أن ل تكون عليهم مؤونة ف الطلب وخشية عجزهم إن هم طلبوا فمنتهى علم عالنا ف هذا الزمان‬
‫أن يأخذ من علمهم وغاية إحسان مسننا أن يقتدى بسيتم وأحسن ما يصيب من الديث مدثنا أن‬
‫ينظر ف كتبهم فيكون كأنه إياهم ياور ومنهم يستمع غي أن الذي ند ف كتبهم هو النتخل ف آرائهم‬
‫والنتقى من أحاديثم ول تدهم غادروا شيئا يد واصف بليغ ف صفة له مقالً ل يسبقوه إليه ل ف تعظيم‬
‫ل عز وجلن وترغيب فيما عنده ول ف تصغي للدنيا وتزهيد فيها ول ف ترير صنوف العلم وتقسيم‬
‫أقسامه وتزئة أجزاءها وتوضيح سبلها‬
‫ص‪37:‬‬
‫وتبيي مآخذهم ول ف وجوه الدب وضروب الخلق فلم يبق ف جليل من المر لقائل بعدهم مقال‬
‫وقد بقيت أشياء من عمل المور فيها مواضع لصغار الفطن مشتقة من جسام حكم الولي وقولم ومن‬
‫ذلك بعض ما أنا كاتب ف كتاب من أبواب الدب الت يتاج إليها الناس)) انتهى كلمه‬
‫وف قوله (وقد بقيت) فتح لباب التصنيف على نو هذا العن وقد قالوا ينبغي أن ل يلو تصنيف من أحد‬
‫العان الثمانية الت تصنف لا العلماء وهي ‪ -1‬اختراع معدوم ‪ -2‬أو جع مفترق ‪ -3‬أو تكميل ناقص‬
‫‪ -4‬أو تفصيل ممل ‪ -5‬أو تذيب مطول ‪ -6‬أو ترتيب ملط ‪ -7‬أو تعيي مبهم ‪ -8‬أو تبيي خطأ‬
‫كذا عدها أبو حيان ويكن الزيادة فيها‬
‫قال مل كاتب جلب رحه ال ((ومن الناس من ينكر التصنيف ف هذا الزمان مطلقا ول وجه لنكاره من‬
‫أهله وإنا يمله عليه التنافس والسد الاري بي أهل العصار وال در القائل‬

‫‪2‬‬
‫(قل لن ل يرى العاصر شيئا ويرى للوائل التقديا)‬
‫(إن ذاك القدي كان حديثا وسيبقى هذا الديث قديا)‬
‫وأعلم أن نتائج الفكار ل تقف عند حد وتصرفات النظار ل تنتهي إل غاية بل لكل عال ومتعلم منها‬
‫حظ يرزه ف وقته القدر له وليس لحد أن يزاحه فيه لن العال العنوي واسع كالبحر الزاخر والفيض‬
‫اللي ليس له انقطاع ول آخر والعلوم منح إلية ومواهب صمدانية فغي مستبعد أن يدخر لبعض‬
‫التأخرين ما ل يدخر لكثي من التقدمي فإنا يستجاد الشيء يسترذل لودته ورداءته ف ذاته ل تقدمه‬
‫وحدوثه فيقتصر الخر على ما قدم الول من الظاهر وهو خطر عظيم وقول سقيم كما قال عليه الصلة‬
‫والسلم‬
‫ص‪38:‬‬
‫((أمت أمة مباركة ل يدري أولا خي أو آخرها)) رأيت آخر كل طبقة وأضعى كل حكمة ومؤلفى كل‬
‫أدب أهذب لفظا وأسهل لغة وأحكم مذاهب وأوضح طريقة من الول لنه ناقض متعقب والول بادي‬
‫متقدم))‬
‫وف كتاب ((جامع بيان العلم وفضله)) للحافظ ابن عبد الب عن علي رضي ال عنه أنه قال ف خطبة‬
‫خطبها ((واعلموا أن الناس أبناء ما يسنون وقدر كل آمري ما يسن فتكلموا ف العلم تتبي أقداركم))‬
‫قال ابن عبد الب ((ويقال إن قول علي بن أب طالب قيمة كل امرئ ما يسن ل يسبقه إليه أحد وقالوا‬
‫((ليس كلمة أحض على طلب العلم منها)) وقالوا (( ول كلمة أضر بالعلم والعلماء والتعلمي من قول‬
‫القائل ((ما ترك الول للخر شيئا)) انتهى‬
‫الطلع الثان‬
‫أتأسى ف هذا التصنيف اليمون بقول السيد مرتضى اليمان رحه ال ف كتابه ((إيثار الق على اللق))‬
‫((وإنا جعت هذا الختصر البارك إن شاء ال تعال لن صنفت لم التصانيف وعنيت بدايتهم العلماء‬
‫وهم من جع خسة أوصاف معظهما الخلص والفهم والنصاف ورابعها ‪ -‬وهو أقلها وجودا ف هذه‬
‫العصار ‪ -‬الرص على معرفة الق من أقوال الختلفي وشدة الداعي إل ذلك الامل على الصب‬
‫والطلب كثيا وبذل الهد ف النظر على النصاف ومفارقة العوائد وطلب الوابد))‬

‫‪3‬‬
‫قال رحه ال وإذا عظم الطلوب قل الساعد وطالب الق اليوم شبيه بطلبه ف أيام الفترة وهم سلمان‬
‫الفارسي وزيد بن عمرو بن نفيل وأضرابما رحهما ال تعال فإنم قدوة الطالب للحق وفيهم له أعظم‬
‫أسوة فإنم لا حرصوا‬
‫ص‪39:‬‬
‫على الق وبذلوا الهد ف طلبه بلغهم ال إليه وأوقفهم عليه وفازوا من بي العوال المة فكم أدرك الق‬
‫طالبة ف زمن الفترة وكم عمي عنه الطلوب له ف زمن النبوة فاعتب بذلك واقتد بأولئك فإن الق ما زال‬
‫مصونا عزيزا نفيسا كريا ل ينال مع الضراب عن طلبه وعدم التشوف والتشوق إل سببه ول يهجم‬
‫على البطلي العرضي ول يفاجئ أشباه النعام الغافلي ولو كان كذلك ما كان على وجه الرض مبطل‬
‫ول جاهل ول بطال ول غافل)) انتهى كلمه رحه ال تعال‬
‫الطلع الثالث‬
‫لخفاء أن وقد أتفق أن رأيت ف ((الزهر)) للسيوطي هذا اللحظ حيث قال ف ترجة ((ذكر من سئل‬
‫عن شيء فلم يعرفه فسأل من هو أعلم منه)) ما نصه‬
‫قاله الافظ أبو طاهر السلفي سعت أبا السن الصيف يقول سعت أبا عبد ال الصوري يقول قال ل‬
‫عبد الغن بن سعيد ((لا وصل كتاب إل أب عبد ال الاكم أجابن بالشكر عليه وذكر أنه أمله على‬
‫الناس وضمن كتابه إل العتراف بالفائدة وأنه ل يذكرها إل عن)) وأن أبا العباس ممد بن يعقوب‬
‫الصم حدثهم قال حدثنا العباس بن ممد الدوري قال سعت أبا عبيد يقول ((من شكر العلم أن تستفيد‬
‫الشيء فإذا ذكر لك قلت خفي على كذا وكذا ول يكن ل به علم حت أفادن فلن فيه كذا وكذا فهذا‬
‫شكر العلم ))‬
‫ص‪40:‬‬
‫الطلع الرابع‬
‫قال الافظ أبو الفضل ابن حجر ((أول من صنف ف الصطلح القاضي أبو ممد الرامهرمزي فعمل‬
‫كتابه ((الحدث الفاصل)) لكنه ل يستوعب والاكم أبو عبد ال النيسابوري لكنه ل يهذب ول يرتب‬
‫وتله أبو نعيم الصبهان فعمل كتابه مستخرجا وأبقى أشياء للمتعقب ث جاء بعده الطيب البغدادي‬
‫فعمل على قواني الرواية كتابا ساه ((الكفاية)) وف آدابا كتابا ساه ((الامع لداب الشيخ والسامع))‬
‫وقل فن من فنون الديث إل وقد صنف فيه كتابا مفردا فكان كما قال الافظ أبو بكر بن نقطة ((كل‬

‫‪4‬‬
‫من أنصف علم أن الحدثي بعده عيال على كتبه)) ث جع من تأخر عنه القاضي عياض كتابه‬
‫((اللاع)) وأبو حفص الياني جزءا ساه ((ما ل يسع الحدث جهله)) والافظ أبو بكر بن أحد‬
‫القسطلن ف ((النهج البهج عند الستماع لن رغب ف علوم الديث على الطلع)) إل أن جاء‬
‫الافظ المام تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلح الشهرزوري نزيل دمشق فجمع لا ول تدريس‬
‫الديث بالدرسة الشرفية العروفة بدار الديث كتابه الشهور فهذب فنونه وأمله شيئا فشيئا واعتن‬
‫بتصانيف الطيب الفرقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيها نب فوائدها فاجتمع ف كتابه ما‬
‫تفرق ف غيه فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيه فمنهم الختصر له كالنووي ف تقريبه والناظم له‬
‫كالعراقي والستدرك والعارض فجزاهم ال خيا)) انتهى‬
‫ما ستقف على العزو إليه بوله تعال وقوته وهو نعم العي‬
‫ص‪41:‬‬
‫الباب الول‬
‫ف التنويه بشأن الديث وفيه مطالب‬
‫‪ -1‬شرف علم الديث‬
‫عن أب نيح العرباض بن سارية السلمي رضي ال عنه قال وعظنا رسول ال موعظة وجلت منها القلوب‬
‫وذرفت منها العيون قلنا ((يا رسول ال كأنا موعظة مودع فأوصنا)) قال أوصيكم بتقوى ال والسمع‬
‫والطاعة وإن تأمر عليكم عبد وإنه من يعش منكم فسيى اختلفا كثيا فعليكم بسنت وسنة اللفاء‬
‫الراشدين الهديي عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومدثات المور فإن كل بدعة ضللة)) رواه المام أحد‬
‫وأبو داود والترمذي وقال ((حديث حسن)) وأبو نعيم وقال ((حديث جيد من صحيح حديث‬
‫الشاميي)) وف بعض الطرق ((فماذا تعهد إلينا)) قال ((تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها فل يزيغ‬
‫عنها إل هالك ومن يعش منكم فسيى اختلفا كثيا فعليكم با عرفتم من سنت وسنة اللفاء الراشدين‬
‫الهديي عضوا عليها بالنواجذ)) وف بعضها ((فإن كل مدثة بدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة ف‬
‫النار))‬
‫قال الافظ النذري ((وقوله عضوا عليها بالنواجذ أي اجتهدوا على السنة وألزموها واحرصوا عليها كما‬
‫يلزم العاض على الشيء بنواجذه خوفا من ذهابه وتفلته والنواجذ النياب أو الضراس))‬

‫‪5‬‬
‫وعن عبد ال بن عمرو بن العاصي رضي ال عنه أن رسول ال قال ((العلم ثلثة آية مكمة أو سنة قائمة‬
‫أو فريضة عادلة وما سوى ذلك فهو فضل)) رواه أبو داود وابن ماجه‬
‫ص‪43:‬‬
‫وعن جابر رضي ال عنه قال ((كان رسول ال يقول ف خطبته ((أما بعد فإن أصدق الديث كتاب ال‬
‫وإن أفضل الدي هدي ممد وشر المور مدثاتا وكل مدثة بدعة نو ما تقدم)) رواه المام أحد‬
‫ومسلم وغيها‬
‫وف رواية ((أما بعد فإن خي الديث كتاب ال وخي الدى هدي ممد الديث))‬
‫قال المام النووي قدس ال سره ((إن من أهم العلوم تقيق معرفة الحاديث النبويات أعن معرفة متونا‬
‫صحيحها وحسنها وضعيفها وبقية أنواعها العروفات ودليل ذلك أن شرعنا مبن على الكتاب العزيز‬
‫والسنن الرويات وعلى السنن مدار أكثر الحكام الفقهيات فإن أكثر اليات الفروعيات مملت وبيانا‬
‫ف السنن الحكمات وقد اتفق العلماء على أن من شرط الجتهد من القاضي والفت أن يكون عالا‬
‫بالحاديث الكميات فثبت با ذكرناه أن الشتغال بالديث من أجل العلوم الراجحات وأفضل أنواع‬
‫الي وآكد القربات وكيف ل يكون كذلك وهو مشتمل على بيان حال أفضل الخلوقات عليه من ال‬
‫الكري أفضل الصلوات والسلم والبكات ولقد كان أكثر اشتغال العلماء بالديث ف العصار الاليات‬
‫حت لقد كان يتمع ف ملس الديث من الطالبي ألوف متكاثرات فتناقص ذلك وضعفت المم فلم يبق‬
‫إل آثار من آثارهم قليلت وال الستعان على هذه الصيبة وغيها من البليات وقد جاء ف فضل إحياء‬
‫السنن الماتات أحاديث كثية معروفات مشهورات فينبغي العتناء بعلم الديث والتحريض عليه لا‬
‫ذكرنا من الدللت ولكونه أيضا من النصيحة ل تعال وكتابه ورسوله وللئمة والسلمي والسلمات‬
‫وذلك هو الدين كما صح عن سيد البيات ولقد أحسن القائل ((من جع أدوات الديث استنار قلبه‬
‫واستخرج كنوزه الفيات وذلك لكثرة فوائده البارزات والكامنات وهو جدير بذلك فإنه كلم أفصح‬
‫اللق ومن أعطى جوامع الكلمات صلى ال عليه وآله وسلم صلوات متضاعفات))‬
‫وقال العلمة الشهاب أحد النين الدمشقي النفي ف القول السديد ((إن علم الديث‬
‫ص‪44:‬‬
‫علم رفيع القدر عظيم الفخر شريف الذكر ل يعتن به إل كل حب ول يرمه إل كل غمر ول تفن‬
‫ماسنه على مر الدهر ل يزل ف القدي والديث يسمو عزة وجللة وكم عز به من كشف ال له عن‬

‫‪6‬‬
‫مبآت أسراره وجلله إذ به يعرف الراد من كلم رب العالي ويظهر القصود من حبله التصل التي‬
‫ومنه يدري شائل من سا ذاتا ووصفا واسا ويوقف على أسرار بلغة من شرف اللئق عربا وعجما‬
‫وتتد من بركاته للمعتن به موائد الكرام من رب البية فيدرك ف الزمن القليل من الول الليل القامات‬
‫العلية والرتب السنية من كرع من حياضه أو رتع ف رياضه فليهنه النس ين جنانه السنة الحمدية‬
‫والتمتع بقصورات خيام القيقة الحدية وناهيك بعلم من الصطفى بدايته وإليه مستنده وغايته وحسب‬
‫الراوي للحديث شرفا وفضلً وجللة ونبلً أن يكون أول سلسلة آخرها الرسول وإل حضرته الشريفة‬
‫با النتهاء والوصول وطالا كان السلف الصال يقاسون ف تمله شدائد السفار ليأخذوه عن أهله‬
‫بالشافهة ول يقنعون بالنقل من السفار فربا ارتكبوا غارب الغتراب بالرتال إل البلدان الشاسعة‬
‫لخذ حديث عن إمام انصرت رواتيه فيه أو لبيان وضع حديث تتبعوا سنده حت انتهى إل من يتلق‬
‫الكذب ويفتريه وتأسي بم من بعدهم من نقلة الحاديث النبوية وحفظة السنة الصطفوية فضبطوا‬
‫السانيد وقيدوا منها كل شريد وسبوا الرواة بي تريح وتعديل وسلكوا ف ترير الت أقوم سبيل ول‬
‫غرض لم إل الوقوف على الصحيح من أقوال الصطفى وأفعاله ونفي الشبهة بتحقيق السند واتصاله فهذه‬
‫هي النقبة الت تتسابق إليها المم العوال والأثرة الت يصرف ف تصيلها اليام والليال))‬
‫وقال المام أبو الطيب السيد صديق خان السين الثري عليه الرحة والرضوان قي كتابة ((الطة))‬
‫((أعلم أن آنف العلوم الشرعية ومفتاحها ومشكاة الدلة السمعية ومصباحها وعمدة الناهج اليقينية‬
‫ورأسها ومبن شرائع السلم وأساسها ومستند الروايات الفقهية كلها ومآخذ الفنون الدينية دقها وجلها‬
‫وأسوة جلة الحكام وأسها‬
‫ص‪45:‬‬
‫وقاعدة جيع العقائد وأسطقسها وساء العبادات وقطب مدراها ومركز العاملت ومط حارها وقارها‬
‫هو علم الديث الشريف الذي تعرف به جوامع الكلم وتنفجر منه ينابيع الكم وتدورعليه رحى الشرع‬
‫بالسر وهو ملك كل نى وأمر ولوله لقال من شاء ما شاء وخبط الناس خبط عشواء وركبوا مت‬
‫عمياء فطوب لن جد فيه وحصل منه على تنويه يلك من العلوم النواصي ويقرب من أطرافها البعيد‬
‫القاصي ومن ل يرضع من دره ول يص ف بره ول يقتطف من زهره ث تعرض للكلم ف السائل‬
‫والحكام فقد جار فيما حكم وقال على ال تعال ما ل يعلم كيف وهو كلم رسول ال والرسول‬
‫أشرف اللق كلهم أجعي وقد أوتى جوامع الكلم وسواطع الكم من عند رب العالي فكلمه أشرف‬

‫‪7‬‬
‫الكلم وأفضلها وأجع الكم وأكملها كما قيل ((كلم اللوك ملوك الكلم)) وهو تلو كلم ال العلم‬
‫وثان أدلة الحكام فإن علوم القرآن وعقائد السلم بأسرها وأحكام الشريعة الطهرة بتمامها وقواعد‬
‫الطريقة القة بذافيها وكذا الكشفيات والعقليات بنقيها وقطميها تتوقف على بيانه فإنا ما ل توزن‬
‫بذا القسطاس الستقيم ول تضرب على ذلك العيار القوي ل يعتمد عليها ول يصار إليها فهذا العلم‬
‫النصوص والبناء الرصوص بنلة الصراف لواهر العلوم عقليها ونقليها وكالنقاد لنقود كل الفنون اصليها‬
‫وفرعيها من وجوه التفاسي والفقهيات ونصوص الحكام ومآخذ عقائد السلم وطرق السلوك إل ال‬
‫سبحانه وتعال ذي اللل والكرام فما كان منها كامل العيار ف نقد هذا الصراف فهو الري بالترويج‬
‫والشتهار وما كان زيفا غي جيد عند ذاك النقاد فهو القمي بالرد والطرد والنكار فكل قول يصدقه‬
‫خب الرسول فهو الصلح للقبول وكل ما ل يساعده الديث والقرآن فذلك ف القيقة سفسطة بل‬
‫برهان فهي مصابيح الدجى ومعال الدى وبنلة البدر الني من أنقاد لا فقد رشد واهتدى وأوتى الي‬
‫الكثي ومن أعرض عنها وتول فقد غوى وهوى وما زاد نفسه إل التخسي فإنه نى وأمر وأنذر وبشر‬
‫وضرب المثال وذكر وإنا لثل‬
‫ص‪46:‬‬
‫القرآن بل هي أكثر وقد أرتبط با اتباعه الذي هو ملك سعادة الدارين والياة البدية بل مي كيف وما‬
‫الق إل فيما قاله أوعمل به أو قرره أو أشار إليه أو تفكر فيه أو خطر بباله أو هجس ف خلده واستقام‬
‫عليه فالعلم ف القيقة هو علم السنة والكتاب والعمل العمل بما ف كل إياب وذهاب ومنلته بي العلوم‬
‫منلة الشمس بي كواكب السماء ومزية أهله على غيهم من العلماء مزية الرجال على النساء ((وذلك‬
‫فضل ال يؤتيه من يشاء)) فياله من علم سيط بدمه الق والدى ونيط بعنقه الفوز بالدرجات العلى وقد‬
‫كان المام ممد بن علي بن السي عليه السلم يقول ((إن من فقه الرجل بصيته أو فطنته بالديث))‬
‫ولقد صدق فإنه لو تأمل التأمل بالنظر العميق والفكر الدقيق لعلم أن لكل علم خاصية تتحصل بزاولته‬
‫للنفس النسانية كيفية من الكيفيات السنة أو السيئة وهذا علم تعطى مزاولته صاحب هذا العلم معن‬
‫الصحابية لنا ف القيقة هي الطلع على جزئيات أحواله ومشاهدة أوضاعه ف العبادات والعادات‬
‫كلها وعند بعد الزمان يتمكن هذا العن بزاولته ف مدركة الزاول ويرتسم ف خياله بيث يصي ف حكم‬
‫الشاهدة والعيان وإليه أشار القائل بقوله‬
‫(أهل الديث هوا أهل النب وإن ل يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا)‬

‫‪8‬‬
‫ويروي عن بعض الصلحاء أنه قال ((أشد البواعث وأقوى الدواعي ل على تصيل علم الديث لفظ‬
‫((قال رسول ال )) فالاصل أن أهل الديث كثر ال تعال سوادهم ورفع عمادهم لم نسبة خاصة‬
‫ومعرفة مصوصة بالنب ل يشاركهم فيها أحد من العالي فضل عن الناس أجعي لنم الذين ل يزال‬
‫يري ذكر صفاته العليا وأحواله الكرية وشائله الشريفة على لسانم ول يبح تثال جاله الكري وخيال‬
‫وجهه الوسيم ونور حديثه الستبي يتردد ف حاق وسط جنانم فعلقة باطنهم بباطنه العلي متصلة ونسبة‬
‫ظاهرهم بظاهرة النقي مسلسلة فأكرم بم من كرام يشاهدون عظمة السمي حي يذكر السم ويصلون‬
‫عليه كل لحة ولظة بأحسن الد والرسم))‬
‫ص‪47:‬‬
‫‪ -2‬فضل راوي الديث‬
‫كفى خادم الديث فضلً دخوله ف دعوته حيث قال ((نضر ال امرأ سع مقالت فحفظها ووعاها‬
‫وأداها)) رواه الشافعي والبيهقي عن ابن مسعود وأخرجه أبو داود والترمذي بلفظ ((نضرال امرأ سع منا‬
‫شيئا فبلغه كما سعه فرب مبلغ أوعى من سامع)) قال الترمذي ((حسن صحيح)) وعن زيد بن ثابت‬
‫قال سعت رسول ال يقول ((نضر ال الرء سع منا حديثا فبلغه غيه فرب حامل فقه إل من هو أفقه منه‬
‫ورب حامل فقه ليس بفقيه)) رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماحه بزيادة وعن أنس بن‬
‫مالك قال خطبنا رسول ال بسجد اليف من من فقال ((نضر ال امرأ سع مقالت فحفظها ووعاها‬
‫وبلغها من ل يسمعها الديث)) رواه الطبان وروي نوه المام أحد وغيه عن جبي بن مطعم‬
‫قال سفيان بن عيينة ((ليس من أهل الديث أحد إل وف وجهه نضرة لذا الديث))‬
‫وقال ((اللهم أرحم خلفائي)) قيل ومن خلفاؤك قال ((الذين يأتون من بعدي يروون أحاديثي ويعلمونا‬
‫الناس)) رواه الطبان وغيه‬
‫وكأن تلقيب الحدث بأمي الؤمني مأخوذ من هذا الديث وقد لقب به جاعة منهم سفيان وابن راهويه‬
‫والبخاري وغيهم وقد قيل ف قوله تعال (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) ((ليس لهل الديث منقبة‬
‫أشرف من ذلك لنه ل إمام لم غيه )) كذا ف التدريب وعن أسامة بن زيد رضي ال عنه عن النب أنه‬
‫قال ((يمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تر يف الغالي وانتحال البطلي وتأويل‬
‫الاهلي)) ورواه من الصحابة غي واحد أخرجه ابن عدي والدار قطن وأبو نعيم‬
‫ص‪48:‬‬

‫‪9‬‬
‫وتعدد طرقه يقضي بسنه كما جزم به العلئى وفيه تصيص حلة السنة بذه النقبة العلية وتعظيم لذه‬
‫المة الحمدية وبيان لللة قدر الحدثي وعلو مرتبتهم ف العالي لنم يمون مشارع الشريعة ومتون‬
‫الراويات من تريف الغالي وتأويل الاهلي بنقل النصوص الحكمة لرد التشابه إليها‬
‫وقال النووي رحه ال تعال ف أول تذيبه ((هذا إخبار منه بصيانة هذا العلم وحفظه وعدالة ناقليه وإن‬
‫ال يوفق له ف كل عصر خلفا من العدول يمونه وينفون عنه التحريف فل يصنع)) وهذا تصريح بعدالة‬
‫حامليه ف كل عصر وهكذا وقع ول المد وهو من أعلم النبوة ول يضر كون بعض الفساق يعرف‬
‫شيئا من علم الديث إنا هو إخبار بأن العدول يملونه ل أن غيهم ل يعرف شيئا منه‬
‫ومن شرف علم الديث ما رويناه من حديث عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال قال رسول ال ((إن‬
‫أول الناس ب يوم القيامة أكثرهم على صلة)) قال الترمذي ((حسن غريب)) وقال ابن حبان ف‬
‫صحيحه ((ف هذا الديث بيان صحيح على أن أول الناس برسول ال ف القيامة أصحاب الديث إذ‬
‫ليس من هذه المة قوم أكثر صلة عليه منهم))‬
‫وقال أبو نعيم هذه منقبة شريفة يتص با رواة الثار ونقلتها لنه ل يعرف لعصابة من العلماء من الصلة‬
‫على رسول ال أكثر ما يعرف لذه العصابة))‬
‫وكان المام الشافعي رحه ال تعال يقول لول أهل الحابر لطبت الزنادقة على النابر))‬
‫وقال أيضا ((أهل الديث ف كل زمان كالصحابة ف زمانم))‬
‫وقال أيضا ((إذا رأيت صاحب حديث فكأن رأيت أحدا من أصحاب رسول ال ))‬
‫وكان أحد بن سريج يقول ((أهل الديث أعظم درجة من الفقهاء لعتنائهم بضبط الصول))‬
‫ص‪49:‬‬
‫وكان أبو بكر بن عياش يقول ((أهل الديث ف كل زمان كأهل السلم مع أهل الديان))‬
‫وكان عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول ((سيأت قوم يادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن فإن‬
‫أصحاب السنن أعلم بكتاب ال عز وجل)) نقله الشعران ف مقدمة ميزانه‬
‫وقال الشيخ الكب مي الدين بن عرب قدس ال سره( مبتدع ضال) ف فتوحاته ف الباب الثالث عشر‬
‫وثلثمائة وللورثة حظ من الرسالة ولذا قيل ف معاذ وغيه ((رسول رسول ال )) وما فاز بذه الرتبة‬
‫ويشر يوم القيامة مع الرسل إل الحدثون الذين يروون الحاديث بالسانيد التصلة بالرسول عليه السلم‬
‫ف كل أمة فلهم حظ ف الرسالة وهم نقلة الوحي وهم ورثة النبياء ف التبليغ والفقهاء إذا ل يكن لم‬

‫‪10‬‬
‫نصيب ف رواية الديث فليست لم هذه الدرجة ول يشرون مع الرسل بل يشرون ف عامة الناس ول‬
‫ينطلق أسم العلماء إل على أهل الديث وهم الئمة على القيقة))‬
‫((وكذلك الزهاد والعباد وأهل الخرة ومن ل يكن من أهل الديث منهم كان حكمه حكم الفقهاء ل‬
‫يتميزون ف الورثة ول يشرون مع الرسل بل يشرون مع عموم الناس ويتميزون عنهم بأعمالم الصالة‬
‫ل غي كما أن الفقهاء أهل الجتهاد يتميزون بعلمهم عن العامة)) انتهى‬
‫‪ -3‬المر النبوي برواية الديث وإساعه‬
‫روي المام أحد والبخاري والترمذي عن عبد ال بن عمرو بن العاص رضي ال عنهما قال قال رسول‬
‫ال ((بلغوا عن ولو آية وحدثوا عن بن إسرائيل ول حرج ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعدة من‬
‫النار))‬
‫وروى الطبان عن أب قرصافة رضي ال عنه عن رسول ال قال ((حدثوا‬
‫ص‪50:‬‬
‫عن با تسمعون ول تقولوا إل حقا ومن كذب على بن له بيت ف جهنم يرتع فيه))‬
‫وروي المام أحد والبخاري ف الدب عن ابن عباس عن رسول ال أنه قال ((علموا ويسروا ول‬
‫تعسروا وبشروا ول تنفروا وإذا غضب أحدكم فليسكت))‬
‫وروي الترمذي عن أب هريرة رضي ال عنه عن رسول ال ((تعلموا الفرائض القرآن وعلموا الناس فإن‬
‫مقبوض))‬
‫قال العارف الشعران قدس سره ف العهود الكبى ((وف كتابة الديث وإساعه للناس فوائد عظيمة منها‬
‫عدم أندراس أدلة الشريعة فإن الناس لو جهلوا الدلة جلة ‪ -‬والعياذ بال تعال ‪ -‬لربا عجزوا عن نصرة‬
‫شريعتهم عند خصمهم وقولم ((إنا وجدنا آباءنا على ذلك)) ل يكفي وماذا يضر الفقيه أن يكون مدثا‬
‫يعرف أدلة كل باب من أبواب الفقه ومنها تديد الصلة والتسليم على رسول ال ف كل حديث‬
‫وكذلك تديد الترضي والترحم على الصحابة والتابعي من الرواة إل وقتنا هذا ومنها‪ -‬وهو أعظمها‬
‫فائدة ‪ -‬الفوز بدعائه لن بلغ كلمه إل أمته ف قوله ((نضر ال امرأ سع مقالت فوعاها فأداها كما‬
‫سعها)) ودعاؤه مقبول بلشك إل ما استثن كعدم إجابته ف أن ال تعال ل يعل بأس أمته فيما بينهم‬
‫كما ورد)) انتهى‬
‫‪ -4‬حث السلف على الديث‬

‫‪11‬‬
‫قال الشعران قدس سره(مبتدع ضال) ف مقدمة ميزانه كان العمش رضي ال عنه يقول ((عليكم‬
‫بلزمة السنة وعلموها للطفال فإنم يفظون على الناس دينهم إذا جاء وقتهم)) وكان وكيع رحه ال‬
‫تعال يقول ((عليكم باتباع الئمة الجتهدين والحدثي فإنم يكتبون ما لم وما عليهم بلف أهل‬
‫الهواء والرأي فإنم ل يكتبون قط ما عليهم)) وكان الشعب وعبد الرحن بن مهدي يزجران كل من‬
‫رأياه يتدين بالرأي وينشدان‬
‫(دين النب ممد أخبار نعم الطية للفت الثار )‬
‫ص‪51:‬‬
‫ل ترغب عن الديث وأهله فالرأي ليل والديث نار‬
‫وكان ماهد يقول لصحابه ((ل تكتبوا عن كل ما أفتيت به وإنا يكتب الديث ولعل كل شيء‬
‫أفتيتكم به اليوم أرجع عنه غدا)) وكان أبو عاصم رحه ال تعال يقول ((إذا تبحر الرجل ف الديث‬
‫كان الناس عنده كالبقر)) وكان المام أبو حنيفة رضي ال عنه يقول (( إياكم والقول ف دين ال تعال‬
‫بالرأي وعليكم باتباع السنة فمن خرج عنها ضل)) ودخل عليه مرة رجل من أهل الكوفة والديث يقرأ‬
‫عنده فقال الرجل ((دعونا من هذه الحاديث)) فزجره المام أشد الزجر وقال له ((لول السنة ما فهم‬
‫أحد منا القرآن)) وقيل له مرة ((قد ترك الناس العمل بالديث واقبلوا على ساعه)) فقال رضي ال عنه‬
‫((نفس ساعهم للحديث عمل به)) وكان رضي ال عنه يقول ((ل تزل الناس ف صلح ما دام فيهم من‬
‫يطلب الديث فإذا طلبوا العلم بل حديث فسدوا)) وكان يقول ((ل ينبغي لحد أن يقول قولً حت‬
‫يعلم أن شريعة رسول ال تقبله)) وكان المام مالك رضي ال عنه يقول ((إياكم ورأى الرجال إل إن‬
‫أجعوا عليه ((واتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم)) وما جاء عن نبيكم وإن ل تفهموا العن فسلموا‬
‫لعلمائكم ول تادلوهم فإن الدال ف الدين من بقايا النفاق)) وروى الاكم والبيهقي عن المام‬
‫الشافعي رضي ال عنه أنه كان يقول (( إذا صح الديث فهو مذهب)) قال ابن حزم ((أي صح عنده أو‬
‫عند غيه من الئمة)) وف رواية أخرى ((إذا رأيتم كلمي يالف كلم رسول ال فاعملوا بكلم رسول‬
‫ال واضربوا بكلمي الائط)) وقال مرة للربيع ((يا أبا أسحق ل تقلدن ف كل ما أقول وانظر ف ذلك‬
‫لقلنا به)) وكان يقول ((إذا ثبت عن النب ‪ -‬بأب هو وأمي ‪ -‬شيء ل يل تركه لشيء أبدا)) وروي‬
‫البيهقي عن المام أحد رضي ال عنه أنه كان إذا سئل عن مسألة يقول ((أو لحد كلم مع رسول‬

‫‪12‬‬
‫ال )) وكان يتبأ كثيا من رأي الرجال ويقول ((ل ترى أحدا ينظر ف كتب الرأي غالبا إل وف قلبه‬
‫دخل)) وكان ولده عبد ال يقول ((سألت المام أحد عن الرجل‬
‫ص‪52:‬‬
‫يكون ف بلد ل يد فيها إل صاحب حديث ل يعرف صحيحة من سقيمه وصاحب رأي فمن يسأل‬
‫منهما عن دينة فقال يسأل صاحب الديث ول يسأل صاحب الرأي)) وبلغنا أن شخصا استشاره ف‬
‫تقليد أحد من علماء عصره فقال ((ل تقلدن ول تقلد مالكا ول الوزاعي ول النخعي ول غيهم وخذ‬
‫الحكام من حيث أخذوا)) قال الشعران ((وهو ممول على من له قدرة على استنباط الحكام من‬
‫الكتاب والسنة))‬
‫وقال الشعران أيضا ف العهود ((وسعت سيدي عليا الواص رحه اله يقول ليس مراد الكابر من حثهم‬
‫على العمل على موافقة الكتاب والسنة إل مالسة ال ورسوله أما ما ابتدع فل يالسهم الق تعال ول‬
‫رسوله فيه وإنا يالسون فيه من ابتدعه من عال أو جاهل)) انتهى‬
‫والثار ف الث على الديث عن السلف وافرة وف هذا القدر كفاية‬
‫‪ -5‬إجلل الديث وتعظيمه والرهبة من الزيغ عنه‬
‫عن عائشة رضي ال عنها قالت قال رسول ال ((من أحدث ف أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) رواه‬
‫البخاري ومسلم وأبو داود ولفظة ((من صنع أمرا على غي أمرنا فهو رد)) وف رواية لسلم ((من عمل‬
‫عملً ليس عليه أمرنا فهو رد))‬
‫وعن أنس رضي اله عنه قال ((قال رسول ال ((من رغب عن سنت فليس من)) رواه مسلم‬
‫وعن العرباض بن سارية رضي ال عنه أنه سع رسول ال يقول ((لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها‬
‫كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك)) رواه ابن أب عاصم ف كتاب السنة بإسناد حسن‬
‫ص‪53:‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال قال ((ستة لعنتهم ال وكل نب ماب الزائد ف كتاب ال‬
‫والكذب بقدر ال والتسلط على أمت بالبوت ليذل من أعز ال ويعز من أذل ال والستحل حرمة ال‬
‫والستحل من عترتى ما حرم ال والتارك السنة)) رواة الطبان وابن حبان ف صحيحة والاكم وقال‬
‫((صحيح السناد)) قال النذري ((ول أعرف له علة))‬

‫‪13‬‬
‫وعن عبد ال بن عمرو قال قال رسول ال ((ل يؤمن أحدكم حت يكون هواه تبعا لا جئت به)) رواه‬
‫البغوي ف شرح السنة وقال النووي ف أربعينه ((هذا حديث صحيح رويناه ف كتاب الجة بإسناد‬
‫صحيح))‬
‫قال الشافعي رضي ال عنه ف باب الصيد من الم ((كل شيء خالف أمر رسول ال سقط ول يكون‬
‫معه رأي ول قياس فإن ال تعال قطع العذر بقول رسول ال فليس لحد معه أمر ول نى غي ما أمر هو‬
‫به))‬
‫وكان رضي ال عنه يقول ((رسول ال أجل ف أعيننا من أن نب غي ما قضى به))‬
‫وقال المام ممد الكوف رضي ال عنه ((رأيت المام الشافعي بكة وهو يفي الناس رأيت المام أحد‬
‫وإسحق بن راهويه حاضرين فقال الشافعي قال رسول ال ((هل ترك لنا عقيل من دار)) فقال إسحق‬
‫((روينا عن السن وإبراهيم أنما ل يكونا يريانه وكذلك عطاء وماهد )) فقال الشافعي لسحق ((لو‬
‫كان غيك موضعك لفركت أذنه أقول قال رسول ال وتقول قال عطاء وماهد والسن وهل لحد مع‬
‫قول رسول ال حجة بأب هو وأمي)) كذا ف ميزان الشعران قدس سره (مبتدع ضال)‬
‫وقال المام الصغان رحه ال تعلى ف ((مشارق النوار)) ((أخذت مضجعي ليلة‬
‫ص‪54:‬‬
‫الحد الادية عشرة من شهر ربيع الول سنة اثنتي وعشرين وستمائة وقلت اللهم أرن الليلة نبيك‬
‫ممدا ف النام وإنك تعلم اشتياقي إليه فرأيت بعد هجعة من الليل كأن والنب ف مشربة ونفر من‬
‫أصحابنا أسفل منا عند درج الشربة فقلت يا رسول ال ما تقول ف ميت رماه البحر أحلل فقال وهو‬
‫مبتسم إل ((نعم)) فقلت وأنا أشي إل من بأسفل الدرج ((فقل لصحاب فإنم ل يصدقون)) فقال‬
‫((لقد شتمتن وعابون)) فقلت ((كيف يا رسول ال)) فقال كلما ليس يضرن لفظه وإنا معناه‬
‫((عرضت قول على من ل يقلبه)) ث أقبل عليهم يلومهم ويعظهم فقلت صبيحة تلك الليلة ((وأنا أعوذ‬
‫بال من أن أعرض حديثه بعد ليلت هذه إل على الذين يكمونه فيما شجر بينهم ث ل يدون ف أنفسهم‬
‫حرجا ما قضى ويسلوا تسليما)) انتهى‬
‫وسيأت إن شاء ال تعال ف الباب العاشر ف فقه الديث مزيد لذا بوله سبحانه وقوته‬
‫‪ -6‬فضل الحامي عن الديث والحي للسنة‬

‫‪14‬‬
‫عن عمرو بن عوف رضي ال عنه أن رسول ال قال لبلل بن الرث يوما ((اعلم يا بلل)) قال ((ما‬
‫أعلم يا رسول ال )) قال ((إن من أحي سنة من سنت أميتت بعدي كان له من الجر مثل من عمل با‬
‫من غي أن ينقص من أجورهم شيئا ومن ابتدع بدعة ضللة ل يرضاها ال ورسوله كان عليه مثل آثام‬
‫من عمل با ل ينقص ذلك من أوزار الناس شيئا)) رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه قال الافظ النذري‬
‫((وللحديث شواهد))‬
‫وعن أنس قال قال رسول ال ((من أحب سنت فقد أحبن ومن أحبن كان معي ف النة)) رواه الترمذي‬
‫قال المام السيد ممد بن الرتضي اليمان رحه ال تعال ف مقدمة كتابه ((إيثار الق على‬
‫ص‪55:‬‬
‫اللق)) ما نصه ((الحامي عن السنة الذاب عن حاها كالجاهد ف سبيل ال تعال يعد للجهاد ما‬
‫استطاع من اللت والعدة والقوة كما قال ال سبحانه (وأعدوا لم ما استطعتم من قوة) وقد ثبت ف‬
‫الصحيح أن جبيل عليه السلم كان مع حسان بن ثابت يؤيده ما نافح عن رسول ال ف أشعاره‬
‫فكذلك مع ذب عن دينه وسنته من بعده إيانا به وحبا ونصحا له ورجاء أن يكون من اللف الصال‬
‫الذين قال فيهم رسول ال ((يمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تريف الغالي وانتحال‬
‫البطلي)) والهاد باللسان أحد أنواع الهاد سبله وف الديث ((أفضل الهاد كملة حق عند سلطان‬
‫جائر)) وقد أحسن من قال ف هذا العن شعرا‬
‫(جاهدت فيك بقول يوم يتصم ال أبطال إذ فات سيفي يوم يتصع‬
‫(عن اللسان لوصال إل طرق ف الق ل تتديها الذبل السرع‬
‫ث قال ((ول ينبغي أن سنتوحش الظافر بالق من كثرة الخالفي له كما ل يستوحش الزاهد من كثرة‬
‫الراغبي ول التقى من كثرة العاصي ول الذاكر من كثرة الغافلي ينبغي منه أن يستعظم النة باختصاصة‬
‫بذلك مع كثرة الاهلي له الغافلي عنه وليوطن نفسه على ذلك فقد صح عن رسول ال وآله وسلم أنه‬
‫قال ((عن هذا الدين بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوب للغرباء)) رواه مسلم ف الصحيح من‬
‫حديث أب هريرة ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال ((هذا حديث حسن صحيح)) ورواه ابن‬
‫ماجه وعبد ال بن أحد من حديث أنس وروي البخاري نوه بغي لفظه من حديث ابن عمر وعن أمي‬
‫الؤمني علي بن أب طالب عليه أفضل السلم عن رسول ال أنه قال ((طلب الق غربة)) رواه الافظ‬

‫‪15‬‬
‫النصاري ف أول كتابه ((منازل السائرين إل ال)) من حديث جعفر بن ممد الصادق عن أبيه عن جده‬
‫وقال ((هذا حديث غريب‬
‫ص‪56:‬‬
‫ل اكتبه عاليا إل من رواية علن ولذلك شواهد قوية عن تسعة من الصحابة ذكرها البيهقي ف ((ممع‬
‫الزوائد)) فنسأل ال أن يرحم غربتنا ف الق ويهدي ضالنا ول يردنا عن أبواب رجائه ودعائه وطلبه‬
‫مرومي إنه ميب الداعي وهادي الهتدين وأرحم الراحي))‬
‫‪ -7‬أجر التمسك بالسنة إذا اتبعت الهواء وأوثرت الدنيا‬
‫عن أب ثعلبة الشن رضي ال عنه قال قال رسول ال ((أيتمروا بالعروف وانوا عن النكر حت إذا رأيتم‬
‫شحا مطاعا وهوى متبعا ودينا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بنفسك ودع عنك أمر العوام‬
‫فإن من ورائكم أياما الصب فيهن كالقبض على المر للعامل فيهن مثل أجر خسي رجلً يعملون مثل‬
‫عمله)) رواه ابن ماجه والترمذي وقال ((حديث حسن غريب)) وأبو داود وزاد قيل ((يا رسول ال أجر‬
‫ل منا أو منهم)) قال ((بل أجر خسي منكم))‬
‫خسي رج ً‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه عن النب قال ((التمسك بسنت عند فساد أمت له أجر شهيد)) رواه‬
‫الطبان ورواه البيهقي من رواية السن بن قتيبة عن ابن عباس رفعه ((من تسك بسنت عند فساد أمت‬
‫فله أجر مئة شهيد))‬
‫وعن معقل بن يسار رضي ال عنه أن رسول ال قال ((عبادة‬
‫ص‪57:‬‬
‫‪ -8‬بيان أن الوقيعة ف أهل الثر من علمات أهل البدع‬
‫قال المام الافظ أبو حات الرازي ((علمة أهل البدع الوقيعة ف أهل الثر وعلمة الهمية أن يسموا‬
‫أهل السنة مشبهة ونابتة وعلمة القدرية أن يسمعوا أهل السنة مبة وعلمة الزنادقة أن يسموا أهل الثر‬
‫حشوية)) نقله عنه الذهب ف كتاب ((العلو))‬
‫وقال المام العارف الربان الشيخ عبد القادر اليلن قدس ال سره ف كتاب ((الغنية)) نو ما ذكر‬
‫وزاد ((وعلمة الرافضة تسميتهم أهل السنة عاصبيه وكل ذلك عصبية وغياظ لهل السنة ول اسم لم‬
‫إل اسم واحد وهو ((أصحاب الديث)) ول يلتصق بم ما لقيهم به أهل البدع كما ل يلتصق بالنب‬
‫تسمية كفار مكة ساحرا وشاعرا ومنونا ومفتونا وكاهنا ول يكن اسه عند ال وعند ملئكته وعند‬

‫‪16‬‬
‫أنسه وجنه وسائر خلقه إل رسو ًل نبيا بريا من العاهات كلها ((أنظر كيف ضربوا لك المثال فضلوا فل‬
‫يستطعون سبيلً))‪1‬هـ‬
‫وزاد شيخ السلم ابن تيميه ((أن الر جئة تسميهم شكاكا قالوا وهذا علمة الرث الصحيح والتابعة‬
‫التامة فإن السنة هي ما كان عليه رسول ال اعتقادا واقتصادا وقولً وعملً فكما كان النحرفون عنه‬
‫يسمونه بأساء مذمومة مكذوبة وإن اعتقدوا صدقها بناء على عقيدتم الفاسدة فكذلك التابعون له على‬
‫بصية الذين هم أول الناس با ف الحيا والمات باطنا)) انتهى‬
‫‪ -9‬ما روى أن الديث من الوحي‬
‫عن القدام بن معد يكرب قال قال رسول ال ((أل أوتيت القرءان ومثله معه أل يوشك رجل شبعان‬
‫على أريكته يقول علكم بذا القرءان فما وجدت فيه من حلل فأحلوه وما وجدت فيه من حرام فرحوه‬
‫وإن ما حرم رسول ال كما حرم ال )) رواه أبو داود والدارمي وابن ماجه‬
‫ص‪58:‬‬
‫وعن حسان بن عطية قال ((كان جبيل عليه السلم ينل على رسول ال بالنسبة كما ينل عليه بالقرآن‬
‫ويعلمه إياها كما يعلمه القرآن))‬
‫وعن مكحول قال قال رسول ((آتان ال القرءان ومن الكمة مثليه)) أخرجهما أبو داود ف مراسيله‬
‫قال أبو البقاء ف كلياته ((والاصل أن القرآن والديث يتحدان ف كونما وحيا منلً من عند ال بدليل‬
‫((إن هو إل وحي يوحي)) إل أنما يتفارقان من حيث إن القرآن هو النل للعجاز والتحدي به بلف‬
‫الديث وإن ألفاظ القرآن مكتوبة ف اللوح الحفوظ وليس لبيل عليه السلم ول للرسول عليه الصلة‬
‫ل وأما الحاديث فيحتمل أن يكون النازل على جبيل معن صرفا فكساه‬ ‫والسلم أن يتصرفا فيها أص ً‬
‫حلة العبارة وبي الرسول بتلك العبارة أو ألمه كما نتفقه فأعرب الرسول بعبارة تفصح عنه)) انتهى‬
‫وف الراقاة أن (منهم) من قال بأنه عليه الصلة والسلم كان متهدا ينل اجتهاده منلة الوحى لنه ل‬
‫يطىء وإذا أخطأ ينبه عليه بلف غيه‬
‫وفيها عن الشافعي أنه قال ((كل ما حكم به رسول ال فهو ما فهمه من القرآن قال لقوله ((إن ل أحل‬
‫إل ما أحل ال ف كتابه ول أحرم إل ما حرم ال ف كتابه)) وقال ((جيع ما تقوله الئمة شرح للسنة‬
‫جيع السنة شرح للقرآن)) وقال ((ما نزل بأحد من الدين نازلة إل وهي ف كتبا ال تعال))‬

‫‪17‬‬
‫وأخرج ابن أب حات عن ابن مسعود ((إذا حدثتكم بديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب ال)) وعن ابن‬
‫جبي ((ما بلغن حديث على‬
‫ص‪59:‬‬
‫‪-10‬أبادي الحدثي البيضاء على المة وشكر مساعبهم‬
‫يقول جامعة الفقي‬
‫من أين للبليغ أن يصى أيادي الحدثي وهم الذين عشقوا الدى النبوي دون العالي فتتبعوه من بدا‬
‫وحضر وكابدوا لخذه أهوال السفر فكم جابوا صحاري تتلظى يلظى الرمضاء وقطعوا عن العمران فياف‬
‫تستدعى اليأس وتروع الحشاء فحفظوا ووعوا ولعهد النفر للتفقه ف الدين رعوا ودفعوا عن الدين صنع‬
‫الوضاعي وانتحال الفترين وذبوا الكذب عن كلم الرسول الصادق با مهدوه من ترى كل راو موافق‬
‫فدونوا ما سعوه بالسند فرارا عن الرمى باتباع الهواء وتكيم الراء فاستبأوا لدينهم بليل هذا‬
‫الحتياط ودربوا المة على التثبت ف توثيق عرى الرتباط رحاك الله ّم فالعتراف بآثرهم السنة أمر‬
‫واجب وشكر فضلهم ل يقص عنه إل من هو عن التباع ناكب أفليست دواوينهم بعد القرآن دائم‬
‫السلم الت قامت عليها صروحه وأعضاد الدين الت بأن منها صريه ل جرم لول أخذهم بناصية ما‬
‫دونوه من صحيح السنة ل نثالت على الناس جراثيم الباطيل الستكنة الت رزى با الدين ف عصر‬
‫الوضاعي النافقي الذين دخلوا ف دين ال للتشويش فرد ال كيدهم بتنقيب الحدثي من خرافاتم‬
‫ودأبم ف التفتيش حت أشرقت شوس صحاح الخبار وانبعثت أشعتها ف القطار وتزقت عن البصائر‬
‫حجب الهالة وأغشية الضللة فرحم ال تلك النفس الت نضت لتأييد الدين ورضى عمن أحي آثارهم‬
‫من اللحقي آمي‬
‫ص‪60:‬‬
‫الباب الثان‬
‫ف معن الديث وفيه مباحث‬
‫‪ -1‬أعلم أن هذه الثلثة مترادفة عند الحدثي على معن ما أضيف إل النب قولً أو فعلً أو تقريرا أو‬
‫صفة وفقهاء خراسان يسمعون الوقوف أثرا والرفوع خبا وعلى هذه التفرقة جرى كثي من الصنفي‬
‫وقال أبو البقاء ((الديث هو اسم من التحديث وهو الخبار ث سى به قول أو فعل أو تقرير نسب إل‬
‫النب عليه الصلة والسلم ويمع على ((أحاديث)) على خلف القياس قال الفراء واحد الحاديث‬

‫‪18‬‬
‫أحدوثة ث جعلوه جعا للحديث وفيه أنم ل يقولوا أحدوثة النب)) وف الكشاف ((الحاديث اسم جع‬
‫ومنه حديث النب)) وف البحر ((ليس الحاديث باسم جع بل هو جع تكسي لديث على غي القياس‬
‫كأباطيل واسم المع يأت على هذا الوزن وإنا سيت هذه الكلمات والعبارات أحاديث كما قال ال‬
‫تعال (فليأتوا بديث مثله) لن الكلمات إنا تتركب من الروف التعاقبة التوالية وكل واحد من تلك‬
‫الروف يدث عقيب صاحبه أو لن ساعها يدث ف القلوب من العلوم والعان والديث نقيض القدي‬
‫كأنه لوحظ فيه مقابلة القرآن والديث ما جاء عن النب والب ما جاء عن غيه وقيل بينهما عموم‬
‫وخصوص مطلق فكل حديث خب من غي عكس)) والثر ما روى عن الصحابة ويوز إطلقه على‬
‫كلم النب أيضا)) انتهى‬
‫ص‪61:‬‬
‫وف التدريب ((يقال أثرت الديث بعن رويته ويسمى الحدث أثريا نسبة للثر)) وف المام تقي الدين‬
‫بن تيميه ف بعض فتاويه ((الديث النبوي هو عند الطلق ينصرف إل ما حدث به عنه بعد النبوة من‬
‫قوله وفعله وإقراءه فإن سنته ثبتت من هذه الوجوه الثلثة فما قاله إن كان خبان وجب تصديقه به وإن‬
‫كان تشريعا دلت على أنم معصومون فيما يبون به عن ال عز وجل فل يكون خبهم إل حقا وهذا‬
‫معن النبوة وهو يتضمن أن ال ينبئه بالغيب وأنه ينب الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة اللق وتبليغهم‬
‫رسالت ربه)) وقد روى أن عبد ال بن عمرو كان يكتب ما يسمع من النب فقال له بعض الناس ((إن‬
‫رسول ال يتكلم ف الغضب فل تكتب كل ما تسمع)) فسأل النب عن ذلك فقال ((اكتب فوالذي‬
‫نفسي بيده ما خرج من بينهما إل حق)) يعن شفتيه الكريتي وقد ثبت عن أب هريرة أنه قال ((ل يكن‬
‫أحد من أصحاب رسول ال أحفظ من إل عبد ال بن عمرو فإنه كان يكتب بيده ويعى بقلبه وكنت‬
‫أعى بقلب ول أكتب بيدى)) وكان عند آل عبد ال بن عمر بن العاص نسخة كتبها عن النب وبذا طعن‬
‫بعض الناس ف حديث عمرو ابن ممد بن عبد ال بن عمرو بن العاص ‪ -‬وقالوا ((إن عن جده الدن‬
‫ممدا فهو مرسل فإنه ل يدرك النب وإن عن جده العلى فهو منقطع فإن شعيبا ل يدركه) وأما أئمة‬
‫السلم وجهور العلماء فيحتجون بديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا صح النقل إليه مثل‬
‫مالك بن أنسن وسفيان بن عيينة ونوها ومثل الشافعي وأحد بن حنبل وأسحق بن راهويه وغيهم قالوا‬
‫((الد هو عبد ال‬
‫ص‪62:‬‬

‫‪19‬‬
‫فإنه ييء مسمى وممد أدركه)) قالوا ((وذا كانت نسخة مكتوبة من عهد النب كان هذا أو كد لا‬
‫وأدل على صحتها)) ولذا كان ف نسخة عمرو ابن شعيب من الحاديث الفقيهة الت فيها مقدرات ما‬
‫احتاج إليه عامة علماء السلم والقصود أن حديث الرسول إذا أطلق دخل فيه ذكر ما قاله بعد النبوة‬
‫وذكر ما فعله فإن أفعاله الت أقر عليها حجة ل سيما إذا أمرنا أن نتبعها كقوله ((صلوا كما رأيتمون‬
‫أصلى)) وقوله ((لتأخذوا عن مناسككم)) وكذلك ما أحله ال له فهو حلل للمة ما ل يقم دليل‬
‫التخصيص ولذا قال ((فلما قضى زيد منها وطرا زوجنا كها لكيل يكون على الؤمني حرج ف أزواج‬
‫أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا)) ولا أحل ال له الوهوبة قال ((وامرأة مؤمنه إن وهبت نفسها للنب إن‬
‫أراد النب أن يستنكحها خالصة لك من دون الؤمني)) ولذا كان النب إذا سئل عن الفعل يذكر للسائل‬
‫أنه يفعله ليبي للسائل أنه مباح وكان إذا قيل له قد غفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخرن قال ((إن‬
‫أخشاكم ل وأعلمكم بدوده)) وما يدخل ف مسمى حديثه ما كان يقرهم عليه مثل إقراره على‬
‫الضاربة الت كانوا يعتادونا وإقراره لعائشة على اللعب بالبنات وإقراره ف العياد على مثل غناء‬
‫الاريتي ومثل لعب البشة بالراب ف السجد ونو ذلك وإقراره لم على أكل الضب على مائدته وإن‬
‫كان قد صح عنه أنه ليس‬
‫ص‪63:‬‬
‫برام إل أمثال ذلك فهذا كله يدخل ف مسمى الديث وهو القصود بعلم الديث فإنه إنا يطلب ما‬
‫يستدل به على الدين وذلك إنا يكون بقوله أو فعله أو إقراره وقد يدخل فيها بعض أخباره قبل النبوة‬
‫وبعض سيته قبل النبوة مثل تنثه بغار حراء ومثل حسن سيته لن الال يستفاد منه ما كان عليه قبل‬
‫النبوة من كرائم الخلق وماسن الفعال كقول خدية له ((كل وال ل يزيك ال إنك لتصل الرحم‬
‫وتمل الكل وتقرى الضيف وتكسب العدوم وتعي على نوائب الق)) ومثل العرفة فإنه كان أميا ل‬
‫يكتب ول يقرأ وإنه كان معروفا بالصدق والمانة وأمثال ذلك ما يستدل به على أحواله الت تنفع ف‬
‫العرفة بنبوته وصدقة فهذه المور ينتفع با ف دلئل النبوة كثيا ولذا يذكر مثل ذلك ف كتب سيته‬
‫كما يذكر فيها نسبه وأقاربه وغي ذلك من أحواله وهذا أيضا قد يدخل ف مسمى الديث والكتب الت‬
‫فيها أخباره منها كتب التفسي ومها كتب السية والغازي ومنها كتب الديث وكتب الديث هي ما‬
‫كان بعد النبوة أخص وإن كان فيها أمور جرت قبل النبوة فإن تلك ل تذكر لتوحد وشرع فعله قبل‬

‫‪20‬‬
‫النبوة بل قد أجع السلمون على أن الذي فرض على العباد اليان بن والعمل هو ما جاء به بعد النبوة))‬
‫انتهى‬
‫‪ -‬بيان الديث القدسي‬
‫قال العلمة الشهاب ابن حجر اليتمي ف شرح الربعي النووية ف شرح الديث الرابع والعشرين‬
‫السلسل بالدمشقيي وهو حديث أب ذر الغفاري رضي ال عنه عن النب فيما يرويه عن ربه تعال أنه قال‬
‫((يا عبادي إن حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم مرما فل تظالوا)) الديث ما نصه‬
‫((فائدة يعم نفعها ويعظم وقعها ف الفرق بي الوحي التلو وهو ((القرآن)) والوحي الروي عنه عن ربه‬
‫عز وجل وهو ما ورد من الحاديث اللية وتسمى ((القدسية)) وهي أكثر من مئة وقد جعها بعضهم ف‬
‫جزء كبي وحديث ((أب ذر)) هذا من أجلها‬
‫ص‪64:‬‬
‫أعلم أن الكلم الضاف إليه تعال أقسام ثلثة‬
‫أولا ‪ -‬وهو أشرفها ((القرآن)) لتميزه عن البقية بإعجازه من أوجه كثية وكونه معجزة باقية على مر‬
‫الدهر مفوظة من التغيي والتبديل وبرمة سه لحدث وتلوته لنحو النب وروايته بالعن وبتعينه ف‬
‫الصلة وبتسميته قرآنا وبأن كل حرف منه بعشر حسنات وبامتناع بيعه ف رواية عند أحد وكراهته‬
‫عندنا وبتسمية الملة منه آية وسورة وغيه من بقية الكتب والحاديث القدسية ل يثبت لا شيء من‬
‫ذكر فيجوز مسه وتلوته لن ذكر وروايته بالعن ول يري ف الصلة بل يبطلها ول يسمى قرآنا ول‬
‫يعطي قارئة بكل حرف عشرا ول ينع بيعه ول يكره اتفاقا ول يسمى بعضه آية ول سورة اتفاقا أيضا‬
‫ثانيها ‪ -‬كتب النبياء عليهم الصلة والسلم قبل تغييها وتبديلها‬
‫ثالثها ‪ -‬بقية الحاديث القدسية وهي ما نقل إلينا آحادا عنه مع إسناده لا عن ربه فهي من كلمه تعال‬
‫فتضاف إليه وهو الغلب ونسبتها إليه حينئذ نسبة إنشاء لنه التكلم با أولً وقد تضاف إل النب لنه‬
‫الخب با عن ال تعال يلف القرآن فإنه ل تضاف إل إليه تعال فيقال فيه ((قال ال تعال) وفيها ((قال‬
‫رسول ال فيما يروي عن ربه تعال)) واختلف ف بقية السنة هل هو كله يوحي أول وآية ((وما ينطق‬
‫عن الوى)) تؤيد الول ومن ث قال ((إل إن أوتيت الكتاب ومثله معه)) ول تنحصر تلك الحاديث‬
‫القدسية ف كيفية من كيفيات الوحي بل يوز أن تنل بأي كيفية من كيفياته كرؤيا النوم واللقاء ف‬

‫‪21‬‬
‫الروع وعلى لسان اللك ولراويها صيغتان إحداها أن يقول ((قال رسول ال ((قال ال تعال فيما رواه‬
‫عنه رسول ال والعن واحد)) انتهى‬
‫ص‪65:‬‬
‫وف كليات أب البقاء ف الفرق بي القرآن والديث القدسي ((أن القرآن ما كان لفظه ومعناه من عند‬
‫ال يوحي جلي وأما الديث القدسي فهو ما كان لفظه من عند الرسول ومعناه من عند ال باللام أو‬
‫النام وقال بعضهم ((القرآن لفظ معجز ومنل بواسطة جبيل والديث القدسي غي معجز وبدون‬
‫الواسطة ومثله يسمى بالديث القدسي واللي والربان)) وقال الطيب ((القرآن هو اللفظ النل به‬
‫جبيل على النب والقدسي إخبار ال معناه باللام أو بالنام فأخب النب أمته بعبارة نفسه‬
‫وسائر الحاديث ل يضفها إل ال تعال ول يروها عنه تعال)) انتهى‬
‫وقال العلمة السيد أحد بن البارك رحه اله تعال ف البريز ((وسألته ‪ -‬يعن أستاذه نم العرفان السيد‬
‫عبد العزيز الدباغ قدس سره ‪ -‬الفرق بي هذه الثلثة يعن القرآن والديث القسي وغي القدسي فقال‬
‫قدس سره‬
‫((الفرق بي هذه الثلثة وإن كانت كلها خرجت من بي شفتيه وكلها معها أنوار من أنوار أن النور‬
‫الذي ف القرآن قدي من ذات الق سبحانه لن كلمه تعال قدي والنور الذي ف الديث القدسي من‬
‫روحه وليس هو مثل نور القرآن فإن نور القرآن قدي ونور هذا ليس بقدي والنور الذي ف الديث الذي‬
‫ليس بقدسي من ذاته فهي أنوار ثلثة اختلفت بالضافة فنور القرآن من ذات الق سبحانه ونور الديث‬
‫القدسي من روحه )) نور ما ليس بقدسي من ذاته ))‬
‫فقلت ((ما الفرق بي نور الروح ونور الذات))‬
‫فقال رضي ال عنه ((الذات خلقت من تراب ومن التراب خلق سائر العباد والروح من الل العلى وهم‬
‫أعرف اللق بالق سبحانه وكل واحد ين إل أصله فكان نور الروح متعلقا بالق سبحانه ونور الذات‬
‫متعلقا باللق فلذات ترى الحاديث القدسية تتعلق بالق سبحانه وتعال بتبيي عظمته أو لظهار رحته‬
‫أو بالتنبيه على سعة ملكه وكثرة عطائه فمن الول حديث ((يا عبادي لو أن أو لكم وآخركم‬
‫ص‪66:‬‬
‫وإنسكم وجنكم إل آخره)) وهو حديث أب ذر ف مسلم ومن الثان حديث (أعددت لعبادي‬
‫الصالي)) الديث ومن الثالث حديث (( يد ال ملى ل يغيضها نفقه سحاء الليل والنهار)) ال وهذه‬

‫‪22‬‬
‫من علوم الروح ف الق سبحانه وترى الحاديث الت ليست بقدسية تتكلم على ما يصلح البلد والعباد‬
‫بذكر اللل والرام والث على المتثال بذكر الوعد والوعيد)) هذا بعض ما فهمت من كلمه رضي‬
‫ال عنه والق أن ل أوف به ول آت بميع العن الذي أشار إليه))‬
‫فقلتك ((الديث القدسي من كلم ال عز وجل أم ل))‬
‫فقال ((ليس هو من كلمه وإنا هو من كلم النب ))‬
‫فقلت ((فلم أضيف لرب سبحانه فقيل فيه ((حديث قدسي)) وقيل فيه ((فيما يرويه عن ربه)) وذا كان‬
‫من كلمه عليه السلم فأي رواية له فيه عن ربه وكيف نعمل مع هذه الضمائر ف قوله ((يا عبادي لو أن‬
‫أولكم وآخركم)) ال وقوله ((أعددت لعبادي الصالي)) وقوله ((أصبح من عبادي مؤمن ب وكافر))‬
‫فإن هذه الضمائر ل تليق إل بال فتكون الحاديث القدسية من كلم ال تعال وإن ل تكن ألفاظها‬
‫لعجاز ول تعبدنا بتلوتا))‬
‫فقال رضي ال عنه مرة ((إن النوار من الق سبحانه تب على ذات النب حت تصل له مشاهدة خاصة‬
‫‪ -‬وإن كان دائما ف الشاهدة ‪ -‬فإن سع من النوار كلم الق سبحانه أو نزل عليه ملك فذلك هو‬
‫((القرآن)) وإن ل يسمع كلما ول نزل عليه ملك فذلك وقت الديث القدسي فيتكلم عليه الصلة‬
‫والسلم ول يتكلم حينئذ إل ف شأن الربوبية بتعظيمها وذكر حقوقها ووجه إضافة هذا الكلم إل الرب‬
‫سبحانه أنه كان مع هذه الشاهدة الت اختلطت فيها المور حت رجع الغيب شهادة والباطن ظاهرا‬
‫فأضيف إل الرب وقيل فيه ((حديث ربان)) وقيل فيه ((فيما يرويه عن‬
‫ص‪67:‬‬
‫ربه عز وجل)) ووجه الضمائر أن كلمه عليه السلم خرج على حكاية لسان الال الت شاهدها من ربه‬
‫عز وجل وأما الديث الذي ليس بقدسي فإنه يرج مع النور الساكن ف ذاته عليه السلم الذي ل يغيب‬
‫عنها أبدا وذلك أنه عز وجل أمد ذاته عليه السلم بأنوار الق كما أمد جرم الشمس بالنوار الحسوسة‬
‫فالنور لزم للذات الشريفة لزوم نور الشمس لا))‬
‫وقال مرة أخرى ((وإذا فرضنا مموما دامت عليه المى على قدر معلوم وفرضناها تارة تقوى حت يرج‬
‫با عن حسه ويتكلم با ل يدري وفرضناها مرة أخرى تقوى ول ترجه عن حسه ويبقي على عقله‬
‫ويتكلم با يدري فصار لذه المى ثلثة أحوال قدرها العلوم وقوتا الخرجة عن الس وقوتا الت ل‬
‫ترج عن الس فكذا النوار ف ذاته عليه السلم فإن كانت على القدر العلوم فما كان من الكلم حينئذ‬

‫‪23‬‬
‫فهر الديث الذي ليس بقدسي وإن سطعت النوار وشغلت ف الذات حت خرج با عليه السلم عن‬
‫حالته العلومة فما كان من الكلم حينئذ فهو كلم ال سبحانه وهذه كانت حالته عليه السلم عند نزول‬
‫القرآن عليه وإن سطعت النوار ول ترجه عن حالته عليه السلم فيما كان من الكلم حينئذ قيل فيه‬
‫حديث قدسي))‬
‫وقال مرة ((إذا تكلم النب وكان الكلم بغي اختيارهن فهو ((القرآن)) وإن كان باختياره فإن سطعت‬
‫حينئذ أنوار عارضة فهو الديث القدسي وإن كانت النوار الدائمة فهو الديث الذي ليس بقدسي‬
‫ولجل أن كلمه ل بد أن تكون معه أنوار الق سبحانه كان جيع ما يتكلم به وحيا يوحي وباختلف‬
‫أحوال النوار افترق إل القسام الثلثة وال أعلم)‬
‫قال السيد أحد بن البارك ((فقلت هذا كلم ف غاية السن ولكن ما الدليل على أن الديث القدسي‬
‫ليس من كلمه عز وجل))‬
‫فقال رضي ال عنه ((كلمه تعال ل يفي)) فقلت ((بكشف)) فقال رضي ال عنه ((بكشف وبغي‬
‫كشف ولك من له عقل وأنصت للقرآن ث أنصت لغيه أدرك‬
‫ص‪68:‬‬
‫الفرق ل مالة والصحابة رضي ال عنهم أعقل الناس وما تركوا دينهم الذي كانت عليه الباء إل با‬
‫وضح من كلمه تعال ولو ل يكن عند النب إل ما يشبه الحاديث القدسية ما آمن من الناس أحد ولكن‬
‫الذي ظلت له العناق خاضعة هو القرآن العزيز الذي هو كلم الرب سبحانه وتعال))‬
‫فقلت له ((ومن أين لم أنه كلم الرب تعال وإنا كانوا على عبادة الوثان ول تسبق لم معرفة بال عز‬
‫وجل حت يعلموا أنه كلمه وغاية ما أدركوه أنه كلم خارج عن طوق البشر فلفله من عند اللئكة‬
‫مثلً))‬
‫فقال رضي ال عنه ((كل من استمع القرآن وأجرى معانيه على قلبه علم علما ضروريا أنه كلم الرب‬
‫سبحانه فإن العظمة الت فيه والسطوة الت عليه ليست إل عظمه الربوبية وسطوة اللوهية والعاقل الكيس‬
‫إذا استمع لكلم السلطان الادث ث استمع لكلم رعيته وجد لكلم السلطان نفسا به يعرف حت إنا‬
‫فرضناه أعمى وجاء إل جاعة يتكلمون والسلطان معمور فيهم وهم يتناوبون الكلم ليز كلم السلطان‬
‫من غيه بيث ل تدخله ف ذلك ريبة هذا ف الادث مع الادث فكيف بكلم القدي وقد عرف‬
‫الصحابة رضي ال عنهم من القرآن ربم عز وجل وعرفوا صفاته وما يستحقه من ربوبيته وقام لم ساع‬

‫‪24‬‬
‫القرآن ف إفادة العلم القطعي به عز وجل مقام العانية والشاهدة وحت صار الق سبحانه عندهم بنلة‬
‫الليس ول يفي على أحد جليسه))‬
‫ث نقل ابن البارك كلم أستاذه النوه به ف ما يعرف به كلمه تعال فأنظره وما نقلنا بثه الذكور إل‬
‫لنفاسته لنه منع بديع بنشرح له القلب وال العليم‬
‫ص‪69:‬‬
‫ذكر أول من دون الديث‬
‫قال الافظ ابن حجر ف مقدمة فتح الباري ((أعلم ‪ -‬علمن ال وإياك ‪ -‬أن آثار النب ل تكن ف عصر‬
‫أصحابه وكبار تبعهم مدونة ف الوامع ول مرتبه لمرين‬
‫أحدها أنم كانوا ف ابتداء الال قد نوا عن ذلك كما ثبت ف صحيح مسلم خشية أن يتلط بعض‬
‫ذلك بالقرآن العظيم‬
‫وثانيهما لسعة حفظهم وسيلن أذهابم ولن أكثرهم كانوا ل يعرفون الكتابة ث حدث ف أواخر عصر‬
‫التابعي تدوين الثار وتبويب الخبار لا انتشر العلماء ف المصار وكثر البتداع من الوارج والروافض‬
‫ومنكري القدار‬
‫فأول من جع ذلك ((الربيع بن صبيح)) و ((سعيد بن أب عروبة)) وغيها وكانوا يصنفون كل باب‬
‫على حدة إل أن قام كبار أهل الطبقة الثالثة فدونوا الحكام فصنف المام مالك ((الوطأ)) وتوخي فيه‬
‫القوى من حديث أهل الجاز ومزحة بأقوال الصحابة وفتاوى التابعي ومن بعدهم وصنف أبو ممد عبد‬
‫اللك بن عبد العزيز ابن جريح بكة وأبو عمرو عبد الرحن بن عمرو الوزاعي بالشام وأبو عبد ال‬
‫سفيان بن سعيد الثوري بالكوفة وأبو سلمة حاد بن سلمة بن دينار بالبصرة ث تلهم كثي من أهل‬
‫عصرهم ف النسج على منوالم إل أن رأى بعض الئمة منهم أن يفرد حديث النب خاصة وذلك على‬
‫راس الائتي فصنف عبيد ال ابن موسى العبسي الكوف مسندا وصنف مسدد بن مسرهد البصري مسندا‬
‫وصنف أسد بن موسى الموي سندا وصنف نعيم بن حاد الزاعي نزيل مصر مسندا))‬
‫((ث افتفى الئمة بعد ذلك آثرهم فقل إمام من الفاظ إل وصنف حديثه على السانيد كالمام أحد بن‬
‫حنبل وإسحاق بن راهويه وعثمان بن شيبة وغيهم من النبلء))‬
‫ص‪70:‬‬
‫((ومهم من صنف على البواب وعلى السانيد معا كأب بكر بن أب شيبة))‬

‫‪25‬‬
‫((ولا رأى البخاري هذه التصانيف ورواها وجدها جامعة للصحيح والسن والكثي منها يشمله‬
‫التضعيف فحرك هته لمع الديث الصحيح وقوى هته لذلك ما سعه من أستاذه المام إسحق بن‬
‫راهويه حيث قال لن عنده والبخاري فيهم ((لو جعتم كتابا متصرا لصحيح سنة رسول ال )) قال‬
‫البخاري ((فوقع ذلك ف قلب فأخذت ف جع الامع الصحيح)) انتهى‬
‫قال السيوطي ((وهؤلء الذكورون ف أول من جع كلهم من أثناء الئة الثانية وأما ابتداء تدوين الديث‬
‫فإنه وقع على رأس الئة ف خلفة عمر بن عبد العزيز)) وأفاد الافظ ف الفتح أيضا أن أول من دون‬
‫الديث ابن شهاب بأمر عمر بن عبد العزيز كما رواه أبو نعيم من طريق ممد بن السن عن مالك قال‬
‫((أول من دون العلم ابن شهاب ‪ -‬يعن الزهري ‪ ))-‬وأخرج الروي ف ذم الكلم من طريق يي بن‬
‫سعيد عن عبد ال ابن دينار قال ((ل يكن الصحابة ول التابعون يكتبون الحاديث إنا كانوا يؤدونا‬
‫لفظا ويأخذونا حفظا إل كتاب الصدقات والشيء اليسي الذي يقف عليه الباحث بعد الستقصاء حت‬
‫خيف عليه الدروس وأسرع ف العلماء الوت أمر عمر بن عبد العزيز أبا بكر الزمى فيما كتب إليه أن‬
‫انظر ما كان من سنة أو حديث فاكتبه))‬
‫وقال مالك ف الوطأ رواية ممد بن السن ((أخبنا يي بن سعيد أن عمر بن عبد العزيز كتب إل أب‬
‫بكر بن عمرو بن حزم أن ((انظر ما كان من حديث رسول ال أو سنة أو حديث أو نو هذا فاكتبه ل‬
‫فإن خفت دروس العلم وذهاب العلماء)) علقه البخاري ف صحيحه وأخرجه أبو نعيم ف تاريخ أصبهان‬
‫بلفظ كتب عمر بن عبد العزيز إل الفاق ((انظروا حديث رسول ال فاجعوه))‬
‫وروى عبد الرزاق عن ابن وهب سعت مالكا يقول ((كان عمر بن عبد العزيز يكتب إل المصار‬
‫يعلمهم السنن والفقه ويكتب إل الدينة يسألم عما مضى وأن‬
‫ص‪71:‬‬
‫يعملوا با عندهم ويكتب إل أب بكر بن حزن أن يمع السنن ويكتب با إليه)) فتوف عمر وقد كتب‬
‫ابن حزم كتبا قبل أن يبعث با إليه)) انتهى‬
‫‪ -4‬بيان أكثر الصحابة حديثا وفتوى‬
‫ف التقريب وشرحه ((أكثرهم ‪ -‬يعن الصحابة ‪ -‬حديثا أبو هريرة روى خسة آلف وثلئمائة وأربعة‬
‫وسبعي حديث وروى عنه أكثر من ثانائة رجل وهو أحفظ الصحابة أسند الببهقي عن الشافعي أنه قال‬
‫((أبو هريرة أحد أحفظ من روى الديث ف دهره)) وروى ابن سعد أن ابن عمر كان يترحم عليه ف‬

‫‪26‬‬
‫جنازته ويقول ((كان يفظ على السلمي حديث النب )) ث عبد ال بن عمر روى ألفى حديث وستمائة‬
‫وثلثي حديثا ث أنس بن مالك روى ألفي ومائتي وستة وثاني حديثا ث ابن عباس روى ألفا وستمائه‬
‫وستي حديثا ث جابر بن عبد ال روى ألفا وخسائة وأربعي حديثا ث أبو سعيد الدري سعد بن مالك‬
‫روى ألفا ومائة وسبعي حديثا ث أبو سعيد الدري سعد بن مالك روى ألفا ومائة وسبعي حديثا ث‬
‫عائشة الصديقة أم الؤمني روت ألفي ومائتي وعشرة وليس ف الصحابة من يزيد حديثه على ألف غي‬
‫هؤلء وإياهم عن من أنشد‬
‫(سبع من الصحب فوق اللف قد نقلوا من الديث عن الختار خي مضر‬
‫(أبو هريرة سعد جابر انس‬
‫صديقة وابن عباس كذا ابن عمر‬
‫وأما أكثرهم فتوى فقال ابن حزم ((أكثرهم فتوى مطلقا عمر وعلى وابن مسعود وابن عمرن وابن عباس‬
‫وزيد بن ثابت وعائشة))‬
‫قال ((وليهم عشرون أبو بكر وعثمان وأبو موسى ومعاذ وسعد بن أب وقاص وأبو هريرة وأنس وعبد‬
‫ال بن عمرو بن العاص وسلمان وجابر وأسعد سعيد‬
‫ص‪72:‬‬
‫وطلحة والزبي وعبد الرحن بن عوف وعمران بن حصي وأبو بكر وعبادة بن الصامت ومعاوية وابن‬
‫الزبي وأم سلمة))‬
‫قال ((ويكن أن يمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغي))‬
‫قال ((وف الصحابة نو مائة وعشرين نفسا يقلون ف الفتيا جدا ل يروي عن الواحد منهم غل السألة أو‬
‫السألتان أو الثلث كأب بن كعب وأب الدرداء وأب طلحة والقداد)) وسرد الباقي‬
‫وقال المام ممد بن سعد ف الطبقات قال ممد بن عمر السلمى ((إنا قلت الرواية عن الكابر من‬
‫أصحاب رسول ال لنم ماتوا قبل أن يتاج إليهم وإنا كثرت عن عمر بن الطاب وعلى بن أب طالب‬
‫لنما وليا فسئل وقضيا بي الناس وكل أصحاب رسول ال كانوا أئمة يقتدي بم ويفظ عنهم ما كانوا‬
‫يفعلون ويستفتون فيفتون وسعوا أحاديث فأدوها فكان الكابر من أصحاب رسول ال أقل حديثا عنه‬
‫من غيهم مثل أب بكر وعثمان وطلحة والزبي وسعد بن أب وقاص وعبد الرحن بن عوف وأب عبيدة‬
‫بن الراح وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل وأب بن كعب وسعد بن عبادة وعبادة بن الصامت وأسيد‬

‫‪27‬‬
‫بن حضي ومعاذ بن جبل ونظرائهم فلم يأت عنهم من كثرة الديث مثل ما جاء عن الحداث من‬
‫أصحاب رسول ال مثل جابر بن عبد ال وأب سعيد الدري وأب هريرة وعبد ال بن عمر بن الطاب‬
‫وعبد ال بن عمرو بن العاص وعبد ال بن عباس ورافع بن خديج وانس بن مالك والباء بن عازب‬
‫ونظرائهم لنم بقوا وطالت أعمارهم ف الناس فاحتاج الناس إليهم ومضى كثي من أصحاب رسول ال‬
‫ومنهم من ل يدث عن رسول ال شيئا ولعله أكثر له صحبة ومالسة وساعا من الذي حدث عنه ولكنا‬
‫حلنا المر ف ذلك منهم على التوف ف الديث‬
‫ص‪73:‬‬
‫وعلى أنه ل يتج إليه لكثرة أصحاب رسول ال وعلى الستغال بالعبادة والسفار ف الهاد ف سبيل ال‬
‫حت مضوا ول يفظ عنهم عن النب شيء)) انتهى‬
‫‪ -5‬ذكر صدور التابعي ف الديث وألفتيا‬
‫وهم العروفون بالفقهاء السبعة من أهل الدينة سعيد بن السيب والقاسم بن ممد بن أب بكر الصديق‬
‫وعروة بن الزبي وخارجه بن زيد بن ثابت وأبو سلمة بن عبد الرحن ابن عوف وعبيد ال بن عتبة بن‬
‫مسعود وسليمان بن يسار اللل هكذا عدهم أكثر علماء أهل الجاز وجعل ابن البارك سال بن عبد‬
‫ال بن عمر بدل أب سلمة وجعل أبو الزناد بدلما أبا بكر بن عبد الرحن وعدهم ابن الدين أثن عشر‬
‫وزاد إساعيل أخا خارجة وسالا وحزة وزيدا أو عبيد ال وبللً بدل عبد ال بن عمر وأبان ابن عثمان‬
‫وقبيصة بن ذؤيب‬
‫وعن المام أحد بن حنبل ((أفضل التابعي ابن السيب قيل له فعلقمة والسود قال هو وها))‬
‫وعنه أيضا ((ل أعلم فيهم مثل أب عثمان النهدي وقيس بن أب حازم ولقمة ومسروق))‬
‫وعنه أيضا ((ليس أحد أكثر فتوى ف التابعي من السن وعطاء كان عطاء مفت‬
‫ص‪74:‬‬
‫الباب الثالث‬
‫ف بيان علم الديث وفيه مسائل‬
‫‪ -1‬ما هية علم الديث رواية ودراية ‪ -‬وموضوعه وغايته‬
‫قال عز الدين بن جاعة ((علم الديث علم بقواني يعرف با أحوال السند والت وموضوعه السند والت‬
‫وغايته معرفة الصحيح من غيه))‬

‫‪28‬‬
‫وقال ابن الكفان ((علم الديث الاص بالرواية علم يشتمل على نقل أقوال النب وأفعاله وروايتها‬
‫وضبطها وترير ألفاظها وعلم الديث الاص بالدراية علم يعرف منه حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها‬
‫وأحكامها وحال الرواة وشروطهم وأصناف الرويات وما يتعلق با))‬
‫قال السيوطي ((فحقيقة الرواية نقل السنة ونوها وإسناد ذلك إل من عزى إليه بتحديث وإخبار وغي‬
‫ذلك وشروطها تمل راويها لا يرويه بنوع من أنواع التحمل من ساع أو عرض أو إجازة ونوها‬
‫وأنواعها التصال والنقطاع ونوها وأحكامها القبول والرد وحال الرواة العدالة والرح وشروطهم ف‬
‫التحمل وف الداء سيأت نبذة منه وأصناف الرويات الصنفات من الساند والعاجم والجزاء وغيهم‬
‫ص‪75:‬‬
‫‪ -2‬القصود من علم الديث‬
‫قال المام النووي قدس ال سره ف شرح خطبة مسلم ما نصه ((إن الراد من علم الديث تقيق معان‬
‫التون وتقيق علم السناد والعلل والعلة عبارة عن معن ف الديث خفي يقتضي ضعف الديث مع أن‬
‫ظاهرة السلمة منها وتكون العلة تارة ف الت وتارة ف السناد وليس الراد من هذا العلم مرد السماع‬
‫ول الساع ول الكتابة بل العتناء بتحقيقه والبحث عن خفي معان التون والسانيد والفكر ف ذلك‬
‫ودوام العتناء به ومراجعة أهل العرفة به ومطالعة كتب أهل التحقيق فيه وتقييد ما حصل من نفائسه‬
‫وغيها فيحفظها الطالب بقلبه ويفيدها بالكتابة ث يدي مطالعة ما كتبه ويتحرى التحقيق فيما يكتبه‬
‫ويتثبت فيه فإنه فيما بعد ذلك يصي معتمدا عليه ويذاكر بحفوظاته من ذلك من يشتغل بذا الفن سواء‬
‫كان مثله ف الرتبة أو فوقه أو تته فإن بالذاكرة يثبت الحفوظ ويتحرر ويتأكد ويتقرر ويزداد بسب‬
‫كثرة الذاكر ومذاكرة حاذق ف الفن ساعة أنفع من الطالعة والفظ ساعات بل أياما وليكن ف مذاكرته‬
‫متحريا النصاف قاصدا الستفادة والفادة غي مترفع على صاحبه بقلبه ول بكلمه ول بغي ذلك من‬
‫حاله ماطبا له بالعبارة الميلة اللينة فبهذا ينمو علمهن وتزكو مفوظاته وال أعلم))‬
‫‪ -3‬حد السند والحدث والافظ‬
‫كثيا ما يوجد ف الكتب تلقيب من يعان الثار بأحدها فيظن من ل وقوف له على مصطلح القوم‬
‫ترادفها وجواز التلقيب با مطلقا وليس كذلك‬
‫بيانه أن السند ((بكسر النون)) هو من يروي الديث بإسناده سواء كان عنده علم به أو ليس له إل‬
‫مرد روايته وأما الحدث فهو أرفع منه بيث عرف السانيد‬

‫‪29‬‬
‫ص‪76:‬‬
‫والعلل وأساء الرجال وأكثر من حفظ التون وساع الكتب الستة والسانيد والعاجم والجزاء الديثية‬
‫وأما الافظ فهو مرادف للمحدث عند السلف‬
‫وقال الشيخ فتح الدين بن سيد الناس ((الحدث ف عصرنا من اشتغل بالديث رواية ودراية وجع بي‬
‫رواته وأطلع على كثي من الرواة والروايا ف عصره وتيز ف ذلك حت عرف فيه حظه واشتهر فيه ضبطة‬
‫فإن توسع ف ‪1‬لك حت عرف شيوخه وشيوخ طبقة بعد طبعة بيث يكون ما يعرفه من كل طبقة أكثر‬
‫ما يهله فهذا هو الافظ وأما ما يكي عن بعض التقدمي من قولم كنا ل نعد صاحب حديث من ل‬
‫يكتب عشرين ألف حديث ف الملء فذلك بسب أزمنهم))‬
‫وقال المام أبو شامة ((علوم الديث الن ثلثة أشرفها حفظ متونه ومعرفة غريبها وفقهها والثان حفظ‬
‫أسانيدها ومعرفة رجالا وتييز صحيحها من سقيمها والثالث جعه وكتابته وساعه وتطريقه وطلب العلو‬
‫فيه))‬
‫قال الافظ ابن حجر ((من جع هذه الثلث كان فقيها مدثا كاملً ومن انفرد باثني منها كان دونه))‬
‫كذا ف‬
‫ص‪77:‬‬
‫الباب الرابع‬
‫ف معرفة أنواع الديث وفيه مقاصد‬
‫‪ -1‬بيان الجموع من أنواعه‬
‫‪ -1‬أعلم ((أن أئمة الصطلح سردوا ف مؤلفاتم من أنواعه ما أمكن تقريبه وجلة ما ذكره النووي‬
‫والسيوطي ف التدريب خسة وستون نوعا وقال ((ليس ذلك بآخر المكن ف ذلكن فإنه قابل للتنويع إل‬
‫ما ل يصى إذ ل تصى أحوال رواه الديث وصفاتم ول أحوال متون الديث وصفاتا))‬
‫وقال الازمي ف كتاب العجالة ((علم الديث يشتمل على أنواع كثية تبلغ مئة كل نزع منها علم‬
‫مستقل)) ‪ 1‬هـ‬
‫ومع ذلك فأنواع الديث ل ترج عن ثلثة حسن صحيح وحسن وضعيف لنه إن اشتمل من أوصاف‬
‫القبول على أعلها فالصحيح أو على أدناها فالسن أو ل يشتمل على شيء منها فالضعيف وسترى‬
‫تفصيل ما ذكر مع مهمات أنواعه على نط بديع‬

‫‪30‬‬
‫‪ -2‬بيان الصحيح‬
‫قال أئمة الفن ((الصحيح ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله وسلم عن شذوذ وعلة ونعن‬
‫بالتصل ما ل يكن مقطوعا بأي وجه كان فخرج النقطع والعضل والرسل على رأي من ل يقبله‬
‫وبالعدل من ل يكن مستور العدالة ول مروحا فخرج ما نقله مهول عينا أو حالً أو معروف بالضعيف‬
‫وبالضابط من يكون حافظا متيقظا فخرج ما نقله‬
‫ص‪79:‬‬
‫مغفل كثي الطأ وبالشذوذ ما يرويه الثقة مالفا لرواية الناس وبالعلة ما فيه أسباب خفية قادحة فخرج‬
‫الشاذ والعلل وسيأت بيان هذه الخرجات كلها إن شاء ال تعال‬
‫‪ -3‬بيان الصحيح لذاته الصحيح لغيه‬
‫أعلم ((أن ما عرفناه أولً هو الصحيح لذاته لكونه اشتمل من صفات القبول على أعلها وأما الصحيح‬
‫لغيه فهو ما صحح لمر أجنب عنه إذ ل يشتمل عن صفات القبول على أعلها كالسن فإنه إذا روى‬
‫من غي وجه أرتقى با عضده من درجة السن إل منلة الصحة وكذا ما أعتضد بتلقى العلماء له بالقبول‬
‫فإنه يكم له بالصحة وإن ل يكن له إسناد صحيح) وكذا ما وافق آية من كتاب تعال أو بعض أصول‬
‫الشريعة‬
‫قال ابن الصار ((قد يعلم الفقيه صحة الديث إذا ل يكن ف سنده كذاب بوافقة آية من كتاب ال أو‬
‫بعض أصول الشريعة فيحمله ذلك على قبول والعمل))‬
‫‪ -4‬تفاوت رتب الصحيح‬
‫تتفاوت رتب الصحيح بسبب تفاوت الوصاف القتضية للتصحيح ف القوة فإنا لا كانت مفيدة لغلبة‬
‫الظن الذي علية مدار الصحة اقتضت أن يكون لا درجات بعضها فوق بعض بسب المور القوية وإذا‬
‫كان كذلك فما يكون رواته ف الدرجة العليا من العدالة والضبط وسائر الصفات الت توجب الترجيح‬
‫كان أصح ما دونه فمن الرتبة العليا ف ذلك ما أطلق علية بعض الئمة أنه أصح السانيد كالزهري عن‬
‫سال بن عبد ال ابن عمر عن أبيه وكمحمد بن سيين عن عبيدة بن عمر والسلمان عن علي وكإبراهيم‬
‫النخعي عن علقمة عن ابن مسعود وكمالك عن نافع عن ابن عمر وهذا قول البخاري‬
‫قال المام أبو منصور التميمى ((فعلى هذا أجل السانيد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر‬
‫لجاع على أن أجل الرواة عن مالك الشافعي وعليه فأجلها رواية‬

‫‪31‬‬
‫ص‪80:‬‬
‫المام أحد بن حنبل عن الشافعي عن مالك للتفاق على أن أجل من أخذ عن الشافعي أهل الديث‬
‫المام أحد وتسمى هذه الترجة ((سلسلة الذهب)) والعتمد عدم إطلق أصح السانيد لترجة معينة‬
‫منها نعم يستفاد من مموعة ما أطلق الئمة عليه ذلك أرجحيته على ما ل يطلقوه ويلتحق بذا التفاضل‬
‫ما اتفق الشيخان على تريه بالنسبة إل ما انفرد به أحدها وما انفرد به البخاري بالنسبة إل ما انفرد به‬
‫مسلم لتفاق العلماء بعدها على تلقي كتابما بالقبول كذا ف شرح النخبة والتدريب‬
‫‪ -5‬أثبت البلد ف الديث الصحيح ف عهد السلف‬
‫قال المام تقي الدين بن تيميه رحه ال تعال ((اتفق أهل العلم بالديث على أن أصح الحاديث ما رواه‬
‫أهل الدينة ث أهل البصرة ث أهل الشام))‬
‫وقال الطيب ((أصح طرق السنن ما يرويه أهل الرمي مكة والدينة فإن التدليس عنهم قليل والكذب‬
‫ووضع الديث عندهم عزيز ولهل اليمن روايات جيدة وطرق صحيحة إل أنا قلية ومرجعها إل أهل‬
‫الجاز أيضا ولهل البصرة من السنن الثابتة بالسانيد الواضحة ما ليس لغيهم من إكثارهم والكوفيون‬
‫مثلهم ف الكثرة غي أن رواياتم كثية الدغل قليلة السلمة من العلل وحديث الشاميي أكثره مراسيل‬
‫ومقاطيع وما اتصل منه ما أسنده الثقات فإنه صال والغالب عليه ما يتعلق بالواعظ))‬
‫وقال هشام بن عروة ((إذا حدثك العراقي بألف حديث فالق تسعمائة وتسعي وكن من الباقي ف شك))‬
‫قال الاكم ((أثبت أسانيد الشاميي الوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة))‬
‫ص‪81:‬‬
‫وقال الافظ ابن حجر ((رجح بعض أئمتهم رواية سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة ابن يزيد عن أب‬
‫إدريس الولن عن أب ذر)) كذا ف التدريب‬
‫أقول يتعرف حديث رواة هذه البلد من مثل مسند أحد فإنه يترجم فيه بسند البصريي ومسند الشاميي‬
‫وهكذا‬
‫‪ -6‬أقسام الصحيح‬
‫قال النووي رحه ال تعال ((الصحيح أقسام أعلها ما اتفق عليه البخاري ومسلم ث ما انفرد به البخاري‬
‫ث ما انفرد به مسلم ث ما كان على شرطهما وإن ل يرجاه ث على شرط البخاري ث على شرط مسلم‬
‫ث ما صححه غيها من الئمة فهذه سبعة أقسام))‬

‫‪32‬‬
‫قال العلمة قاسم قطلوبوغا ف حواشيه على شرح النخبة لشيخه ابن حجر ((الذي يقتضيه النظر أن ما‬
‫كان على شرطهما وليس له علة يقدم على ما أخرجه مسلم وحده لن قوة الديث إنا هي بالنظر إل‬
‫رجاله ل بالنظر إل كونه ف كتاب كذا)) انتهى‬
‫‪ -7‬معن قولم أصح شيء ف الباب كذا‬
‫قال النووي رحه ال تعال ((ل يلزم من هذه العبارة صحة الديث فإنم يقولون ((هذا أصح ما جاء ف‬
‫الباب)) وإن كان ضعيفا ومرادهم أرجحة أو أقله ضعفا))‬
‫‪ -8‬أول من دون الصحيح‬
‫قال النووي ف التقريب ((أول مصنف ف الصحيح الجرد صحيح البخاري))‬
‫ص‪82:‬‬
‫واحترز ((بالجرد)) عن الوطأ للمام مالك فإنه وإن كان أول مصنف ف الصحيح لكن ل يرد فيه‬
‫الصحيح بل أدخل الرسل والنقطع والبلغات وذلك حجة عنده وأما البخاري فإنه وإن أدخل التعاليق‬
‫ونوها لكنه أوردها استئناسا واستشهادا فذكرها فيه ل يرجه عن كونه جرح الصحيح كذا فرق ابن‬
‫حجر وتعبقه السيوطي بأن ما ف الوطأ من الراسيل مع كونا حجة عندنا إذا أعتضد وما من مرسل ف‬
‫الوطأ من الراسيل مع كونا حجة عنده بل شرط وعند من وافقه من الئمة هي حجة عندنا لن الرسل‬
‫حجة عندنا إذا أعتضد وما ف مرسل ف الوطأ إل وله عاضد أو عواضد وقد صنف ابن عبد الب كتابا ف‬
‫وصل ما ف الوطأ من الرسل والنقطع والعضل)) انتهى‬
‫وعليه فأول من صنف ف الصحيح المام رضي ال عنه‬
‫‪ -9‬بيان أن الصحيح ل يستوعب ف مصنف‬
‫قال العلمة المي ف شرح ((غرامي صحيح)) ((ل يستوعب الصحيح ف مصنف أصلً لقول البخاري‬
‫((أحفظ مئة ألف حديث من الصحيح ومئت ألف من غيه)) ول يوجد ف الصحيحي بل ول ف بقية‬
‫الكتب الستة هذا القدر من الصحيح))‬
‫وقال النووي رحه ال ((إن البخاري ومسلما رضي ال عنهما ل يلتزما استيعاب الصحيح بل صح‬
‫عنهما تصريهما بأنما ل يستوعياه وإنا قصدا جع جل من الصحيح كما يقصد الصنف ف الفقه جع‬
‫جلة من مسائلة ل أنه يضر جيع مسائلة لكنهما إذا كان الديث الذي تركاه أو تركه أحدها مع صحة‬
‫إسناده ف الظاهر أصلً ف بابه ول يرجا له نظيا ول ما يقوم مقامه فالظاهر من حالما أنما أطلعا فيه‬

‫‪33‬‬
‫على علة إن كانا رأياه ويتمل أنما نسيانا أو إيثارا لترك الطالة أو رأيا أن غيه ما ذكراه يسد مسده أو‬
‫لغي ذلك وال أعلم‬
‫وقال السخاوي ف الفتح ((إن الشيخي ل يستوعبا كل الصحيح ف كتابيهما‬
‫ص‪83:‬‬
‫بل لو قيل إنما ل يستوعبا مشروطهما لكان موجها وقد صرح كل منهما بعدم الستيعاب وحينئذ‬
‫فإلزام الدار قطن لما ف جزء أفرده بالتصنيف بأحاديث من رجال الصحابة رويت عنهم من وجوه‬
‫صحاح تركاها مع كونا على شرطهما))‬
‫وكذا قول ابن حبان ((ينبغي أن يناقش البخاري ومسلم ف تركهما إخراج أحاديث هي من شرطهما))‬
‫ليس بلزم ولذلك قال الاكم ((ول يكما ول واحد منهما أنه ل يصح من الديث غي ما خرجه‬
‫هذا)) وذكر السلفي ف معجم السفر ((أن بعضهم رأى ف النام أبا داود صاحب السنن ف آخرين‬
‫متمعي وأن أحدهم قال ((كل حديث ل يروه البخاري فأفلت عنه رأس دابتك))‬
‫‪ -10‬بيان أن الصول السمة ل يفتها من الصحيح إل اليسي‬
‫قال النووي ((الصواب أنه ل يفت الصول المسة من الصحيح إل اليسي أعن الصحيحي وسنن أب‬
‫داود والترمذي والنسائي ول يقال إن أحاديثها دون القدار الذي عده البخاري التقدم بكثي لنا نقول‬
‫((أراد البخاري بلوغ الصحيح مئة ألف بالكرر والوقوف وآثار الصحابة والتابعي وفتاويهم ما كان‬
‫السلف يطلقون على كل منها اسم الديث وهو متعي))‬
‫‪ -11‬ذكر من صنف ف أصح الحاديث‬
‫جع الافظ أبو الفضل عبد الرحيم العراقي فيما عد من أصح السانيد كتابا ف الحكام رتبه على أبواب‬
‫الفقه ساه ((تقريب السانيد وترتيب السانيد)) وهو كل كتاب لطيف جعه من تراجم ستة عشر قيل‬
‫فيها إنا أصح السانيد إما مطلقا أو مقيدا ومع ذلك فقد فاته جلة من الحاديث‬
‫ص‪84:‬‬
‫‪ -12‬بيان الثمرات الجتناة من شجرة الديث الصحيح الباركة‬
‫الثمرة الول‬
‫صحة الديث توجب القطع به كما اختاره ابن الصلح ف الصحيحي وجزم بأنه هو القول الصحيح‬

‫‪34‬‬
‫قال السخاوي ف فتح الغيث ((وسبقه إل القول بذلك ف الب التلقى بالقبول المهور من الحدثي‬
‫والصوليي وعامة السلف بل وكذا غي واحد ف الصحيحي))‬
‫قال أبو أسحق السفرايين ((أهل الصنعة ممعون على أن الخبار الت اشتمل عليها الصحيحان مقطوع‬
‫بصحة أصولا ومتونا ول يصل اللف فيها بال وإن حصل فذاك اختلف ف طرقها ورواتا قال‬
‫((فمن خالف حكمه خبا منها وليس له تأويل سائغ للخب نقضنا حكمه لن هذه الخبار تلقتها المة‬
‫بالقبول))‬
‫ونقل السيوطي ف التدريب ف آخر الكلم على الفائدة الرابعة من مسائل الصحيح عن الافظ ابن نصر‬
‫السجزي أنه قال ((أجع الفقهاء وغيهم أن رجلً لو حلف بالطلق أن جيع ما ف البخاري صحيح قال‬
‫رسول ال ل شك فيه ل ينث)) انتهى‬
‫ونقل بد أيضا أن إمام الرمي قال ((لو حلف إنسان بطلق امرأته أن ما ف الصحيحي ما حكما‬
‫بصحته من قول النب ألزمته الطلق لجاع السلمي على صحته انتهى‬
‫واستثن ابن الصلح من القطوع بصحته فيهما ما تكلم فيه من أحاديثهما وقد أجاب عنها الافظ ابن‬
‫حجر ف مقدمة الفتح بتمامها قال النووي ((ما ضعف من أحاديثهما مبن على علل ليست بقادحة))‬
‫هذا وقيل إن صحة الديث ل توجب القطع به ف نفس المر لواز الطأ والنسيان على الثقة وعزاه‬
‫النووي ف التقريب للكثرين والحققي وأنم قالوا ((إنه يفيد الظن ما ل يتواتر)) قال ف شرح مسلم‬
‫((لن ذلك شأن الحاد ول فرف ف ذلك بي الشيخي‬
‫ص‪85:‬‬
‫وغيها وتلقى المة بالقبول إنا أفاد وجوب العمل با فيهما من غي توفق على النظر فيه بلف غيها‬
‫فل يعمل به حت ينظر فيه ويوجد فيه شروط الصحيحح ول يلزم من إجاع المة على العمل با فيهما‬
‫إجاعهم على القطع بأنه كلم النب ))‬
‫وناقش البلقين النووي فيما أعتمده وذكر أن ما قاله ابن الصلح مكي عن كثي من فضلء الذاهب‬
‫الربعة وأنه مذهب أهل الديث قاطبة ومذهب السلف عامة بل بالغ ابن طاهر القدسي فألق به ما‬
‫كان على شرطهما وإن ل يرجاه‬
‫وقال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((الب الحتف بالقرائن يفيد العلم خلفا لن أب ذلك قال وهو‬
‫أنواع منها ما أخرجه الشيخان ف صحيحيهما ما ل يبلغ التواتر فإنه احتف به قرائن منها جللما ف هذا‬

‫‪35‬‬
‫الشأن وتقدمهما ف تييز الصحيح على غيها وتلقي العلماء لكتابيهما بالقبول وهذا التلقي وحده أقوى‬
‫إفادة العلم من مرد كثرة الطرق القاصرة عن التواتر إل أن هذا متص با ل ينقده أحد من الفاظ وبا ل‬
‫يقع التجاذب بي مدلوليه حيث ل ترجيح لستحالة أن يفيد التناقضان العلم بصدقهما من غي ترجيح‬
‫لحدها على الخر وما عدا ذلك فالجاع حاصل على تسليم صحته))‬
‫ث قال ومنها الشهور إذا كانت له طرق متباينة سالة من ضعف الرواة والعلل ومنها السلسل بالئمة‬
‫الفاظ حيث ل يكون غريبا كحديث يرويه أحد مثلُ ويشاركه فيه غيه عن الشافعي ويشاركه فيه‬
‫غيه عن مالك فإنه يفيد العلم عند سامعه بالستدلل من جهة جللة رواته))‬
‫قال ((وهذه النواع الت ذكرناها ل يصل العلم فيها إل للعال التبحر ف الديث العارف بأحوال الرواة‬
‫والعلل وكون غيه ل يصل له العلم لقصوره عن الوصاف الذكورة ل ينفي حصول العلم للمتبحر‬
‫الذكور)) انتهى قال ابن كثي ((وأنا مع ابن الصلح فيما عول عليه وأرشد)) قال السيوطي ((قلت وهو‬
‫الذي أختاره ول أعتقد سواه)) انتهى‬
‫ص‪86:‬‬
‫أقول‬
‫تلخص ف القول بأن صحة الديث توجب القطع به ثلثة مذاهب‬
‫الول إيابا ذلك مطلقا ولو ل يرجه الشيخان وهو ما قاله ابن طاهر القدسي‬
‫الثان إيابا ذلك ف روياه أو أحدها وهو ما اعتمده ابن الصلح وغيه‬
‫الثالث إيابا ذلك ف الصحيحي وف الشهور وف السلسل بالئمة وهو ما اعتمده ابن حجر كما بينا‬
‫الثمرة الثانية‬
‫قال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((اتفق العلماء على وجوب العمل بكل ما صح ولو ل يرجه‬
‫الشيخان))‬
‫وقال المام شس الدين بن القيم ف ((إعلم الوقعي ((ترى كثيا من الناس إذا جاء الديث يوافق قول‬
‫من قلدة وقد خالفه راويه يقول ((الجة فيما روى ل ف قوله)) فإذا جاء قول الراوي موافقا لقول من‬
‫قلده والديث يالفه قال ((ل يكن الراوي يالف ما رواه إل قد رأينا ذلك ف الباب الواحد وهذا من‬
‫أقبح التناقض‬

‫‪36‬‬
‫((والذي ندين ل به ول يسعنا غيه أن الديث إذا صح عن رسول ال ول يصح عنه حديث آخر‬
‫بنسخه أن القرض علينا وعلى المة الخذ بديثه وترك ما خلفه ول نتركه للف أحد من الناس كائنا‬
‫من كان ل راوية ول غيه إذ من المكن أن يضى الراوي الديث ول يضره وقت أنفتيا أو ل يتفطن‬
‫ل مرجوحا أو يكون ف ظنه ما يعارضه ول يكون معارضا ف‬ ‫لدللته على تلك السألة أو يتأول فيه تأوي ً‬
‫نفس المر أو يقلد غيه ف فتواه بلفه لعتقاده أنه أعلم منه وأنه إنا خالفه لا هو أقوى منه ولو قدر‬
‫انتفاء ذلك كله ‪ -‬ول سبيل إل العلم بانتفائه ول ظنه ‪ -‬ل يكن الراوي معصوما ول توجب مالفته لا‬
‫رواه سقوط عدالته حت تغلب سيئاته حسناته وبلف هذا الديث الواحد ل يصل له ذلك)) انتهى‬
‫ص‪87:‬‬
‫وف كتاب ((قاموس الشريعة)) للسعدي ((إذا رفع الصحاب خبا عن الرسول بإياب فعل وجب العمل‬
‫به على من بلغه من الكلفي إل أن يلقي خبا غيه ينسخ ذلك الب وحينئذ فعلى من عمل بالب الول‬
‫الرجوع إل الثان وترك العمل بالول))‬
‫وفيه أيضا ((كل مسألة ل يل الصواب فيها من أحد القولي ففسد أحدها لقيام الدليل على فساده صح‬
‫أن الق ف الخر قال ال تعال (فماذا بعد الق إل الضلل فأب تصرفون)‬
‫وقال المام ابن القيم ف إعلم الوقعي ((كان المام أحد إذا وجد النص أفت بوجبه ول يلتفت إل ما‬
‫خالفه ول من خالفه كائنا من كان ولذا ل يلتفت إل خلف عمر رضي ال عنه ف البتوتة لديث‬
‫فاطمة بنت قيس ول إل خلفه ف التيمم للجنب لديث عمرا بن ياسر ول خلفة ف استدامة الحرم‬
‫الطيب الذي يطيب به قبل إحرامه لصحة حديث عائشة ف ذلك ول خلفه ف منع النفرد والقارن من‬
‫الفسخ إل التمتع‬
‫ص‪88:‬‬
‫لصحة أحاديث الفسخ وكذا ل يلتفت إل قول على وعثمان وطلحة وأب بن كعب رضي ال عنهم ف‬
‫ترك الغسل من الكسال لصحة حديث عائشة أنا فعلته هي ورسول فاغتسل ول يلتفت إل قول ابن‬
‫عباس وإحدى الروايتي عن على أن عدة التوف عنها الامل أقصى الجلي لصحة حديث سبيعة‬
‫السلمية ول يلتفت إل قول معاذ ومعاوية ف توريث السلم من الكافر لصحة الديث الانع من التوارث‬
‫بينهما ول يلتفت إل قول ابن عباس ف الصرف لصحة الديث بلفه ول إل قوله بإباحة لوم المر‬
‫ل ول رأيا ول قياسا ول قول صاحب‬ ‫كذلك وهذا كثي جدا ول يكن يقدم على الديث الصحيح عم ً‬

‫‪37‬‬
‫ول عدم علمه بالخالف الذي يسميه كثي من الناس إجاعا ويقدمونه على الديث الصحيح وقد نص‬
‫الشافعي ف رسالته الديدة على أن ((ما ل يعلم فيه اللف ل يقال له إجاع)) ولفظه ((ما ل يعلم فيه‬
‫اللف فليس إجاعا)) ث قال ابن القيم ((ونصوص رسول ال عند المام أحد وسائر أئمة الديث أجل‬
‫من أن يقدم عليها توهم إجاع مضمونه عدم العلم الخالف ولو ساغ لتعطلت‬
‫ص‪89:‬‬
‫النصوص وساغ لكل من ل يعلم مالفا ف حكم مسالة أن يقدم جهله بالخالف على النصوص فهذا هو‬
‫الذي أنكره المام أحد والشافعي من دعوى الجاع ل ما يظنه بعض الناس أنه استبعاد لوجوده)) انتهى‬
‫وقال العارف الشعران قدس ال سره ف اليزان ((فإن قلت ((فما أصنع بالحاديث الت صحت بعد موت‬
‫إمامي ول يأخذ با)) فالواب ((ينبغي لك أن تعمل با فإن إمامك لو ظفر با وصحت عنده لربا كان‬
‫أمرك با فإن الئمة كلهم أسرى ف يد الشربعة ومن فعل ذلك فقد جاز الي بكلتا يديه ومن قال ((ل‬
‫أعمل بالديث إل إن أخذ به إمامي)) فاته خي كثي كما عليه كثي من القلدين لئمة الذاهب وكان‬
‫الول لم العمل بكل حديث صح بعد إمامهم تنفيذا لوصية الئمة فإن اعتقادنا فيهم أنم لو عاشوا‬
‫وظفروا بتلك الحاديث الت صحت بعدهم لخذوا با وعملوا با وتركوا كل قياس كانوا قاسوه وكل‬
‫قول كانوا قالوه وقد بلغنا من طرق صحيحة أن المام الشافعي أرسل بقول للمام أحد بن حنبل ((إذا‬
‫صح عندكم حديث فأعلموا به لنأخذ به ونترك كل قول قلناه قبل ذلك أو قاله غينا فإنكم أحفظ‬
‫للحديث ونن أعلم به))‬
‫وقال الشعران قدس سره أيضا ف الرد على من يزعم أن المام أبا حنيفة رضي ال عنه يقدم القياس على‬
‫الديث ما نصه ((ويتمل أن الذي أضاف إل المام أب حنيفة أنه يقدم القياس على النص ظفر بذلك ف‬
‫كلم مقلديه الذين يلزمون العمل با وجدوه عن إمامهم من القياس ويتركون الديث الذي صح بعد‬
‫موت المام فالمام معذور وأتباعه غي معذورين وقولم ((إن إمامنا ل يأخذ بذا الديث)) ل ينهض‬
‫حجة لحتمال أنه ل يظفر به أو ظفر به لكن ل يصح عنده وقد تقدم قول الئمة كلهم ((إذا صح‬
‫الديث فهو مذهبنا)) وليس لحد معه قياس ول حجة إل طاعة ال وطاعة رسوله بالتسليم له)) انتهى‬
‫ص‪90:‬‬

‫‪38‬‬
‫وقال العمدة الشهي السيد ممد عابدين الدمشقي ف شرح النظومة السماة بعقود رسم الفت ((إن المام‬
‫أبا حنيفة رحه ال تعال من شدة احتياطه وورعه وعلمه بأن الختلف من آثار الرحة قال لصحابه إن‬
‫توجه لكم دليل فقولوا به))‬
‫وقال بعد أسطر ((فقد صح عن أب حنيفة أنه قال ((إذا صح الديث فهو مذهب)) وقد حكى ذلك‬
‫المام ابن عبد الب عن أب حنيفة وغيه من الئمة ونقله أيضا المام الشعران عن الئمة الربعة ونقل‬
‫فيها عن البحر قال إنم نقلوا عن أصحابنا أنه ل يل لحد أن يفت بقولنا حت يعلم من أين قلنا حت نقل‬
‫ف السراجية أن هذا سبب مالفة عصام للمام وكان يفت بلف قوله كثيا لنه ل يعلم الدليل وكان‬
‫يظهر له دليل غيه فيفت به))‬
‫وفيها أيضا عن العلمة قاسم أنه قال ف رسالته السماة رفع الشتباه عن مسألة الياه ((لا منع علماؤنا‬
‫رضي ال تعال عنهم من كان له أهلية النظر من مض تقليدهم على ما رواه الشيخ المام العلمة أبو‬
‫أسحق إبراهيم بن يوسف قال حدثنا أبو يوسف عن أب حنيفة رحه ال تعال أنه قال ليس لحد أن يفت‬
‫بقولنا ما ل يعرف من أين قلنا تتبعت مآخذهم وحصلت منها بمد ال تعال على الكثي ول أقنع بتقليد‬
‫ما ف صحف كثي من الصنفي ال‬
‫وقال ف رسالة أخرى ((وإن ول المد لقول كما قال الطحاوي لبن حربويه ل يقلد إل عصب أو‬
‫غب)) انتهى‬
‫الثمرة الثالثة‬
‫ف حصول الأمول من علم الصول)) ما نصه ((أعلم أنه ل يضر الب الصحيح عمل أكثر المة بلفه‬
‫لن قول الكثر ليس بجة وكذا عمل أهل الدينة بلفه خلفا لالك وأتباعه لنم بعض المة ولواز‬
‫أنم ل يبلغهم الب ول يضره عمل‬
‫ص‪91:‬‬
‫الراوي له بلفه خلفا لمهور النفية وبعض الالكية لنا متعبدون با بلغ إلينا من الب ول نتعبد با‬
‫فهمه الراوي ول يأت من قدم عمل الراوي على روايته بجة تصال للستدال با ول يضره كونه ما تعم‬
‫به البلوي خلفا للحنفية وأب عبد ال البصري لعمل الصحابة والتابعي بأخبار الحاد ف ذلك ول يضره‬
‫كونه ف الدود والكفارات خلفا للكرخي من النفية ول وجه لذا اللف فهو خب عدل ف حكم‬
‫شرعي ول يثبت ف الدود والكفارات دليل بصها من عموم الحكام الشرعية ول يضره أيضا كونه‬

‫‪39‬‬
‫زيادة على النص القرآن أو السنة القطعية خلفا للحنفية فقالوا إذا ورد بالزيادة كان نسخا ل يقبل والق‬
‫القبول لنا زيادة غي منافية للمزيد فكانت مقبولة ودعوى أنا ناسخة منوعة وهكذا إذا ورد الب‬
‫مصصا للعام من كتاب أو سنة فإنه مقبول ويبن العام على الاص خلفا لبعض النفية وهكذا إذا ورد‬
‫مقيدا لطلق الكتاب أو السنة التواترة ول يضره أيضا كون رواية انفرد بزيادة فيه على ما رواه غيه إذا‬
‫كان عدلً فقد يفظ الفرد ما ل تفظه الماعة وبه قال المهور وهذا ف صورة عدم النافاة وإل فروية‬
‫الماعة أرجح ومثل انفراد العدل بالزيادة انفراده برفع الديث إل رسول ال الذي وقفه الماعة وكذا‬
‫انفراده بإسناد الديث الذي أرسلوه وكذا انفراده بوصل الديث الذي قطعوه فإن ذلك مقبول منه لنه‬
‫زيادة على ما ردوه وتصحيح لا أعلوه ول يضره أيضا كونه خارجا مرج ضرب المثال))‬
‫الثمرة الرابعة‬
‫قال المام شس الدين ابن القيم الدمشقي ف كتاب الروح وقد حصل بإهال ذلك والعدول عنه من‬
‫الضلل عن الصواب ما ل يعلمه إل ال بل سوء الفهم عن ال رسوله أصل كل بدعة وضللة نشأت ف‬
‫السلم بل هو أصل كل خطأ ف الصول والفروع ول سيما إن أضيف إليه‬
‫ص‪92:‬‬
‫سوء القصد فيتفق سوء الفهم ف بعض الشياء من التبوع مع حسن قصده وسوء القصد من التابع فيا‬
‫منة الدين وأهله وال الستعان وهل أوقع القدر به والرجئة والوارج والعتزلة والهمية والروافض وسائر‬
‫طوائف أهل البدع إل سوء الفهم عن ال ورسوله حت صار الدين بأيدي أكثر الناس هو موجب هذه‬
‫الفهام والذي فهمه الصحابة رضي ال تعال عنهم ومن تبعهم عن ال ورسوله فمهجور ل يلتفت إليه‬
‫ول يرفع هؤلء به رأسا ولكثرة أمثلة هذه القاعدة تركناها فإنا لو ذكرناها لزادت على عشرات ألوف‬
‫حت إنك لتمر على الكتاب من أوله إل آخره فل تد صاحبه فهم عن ال ورسوله مراده كما ينبغي ف‬
‫موضع واحد وهذا إنا يعرفه من عرف ما عند الناس وعرضه على ما جاء به الرسول وأما من عكس‬
‫المر فعرض ما جاء به الرسول على ما اعتقده وانتحله وقلد فيه من أحسن به الظن فليس يدي الكلم‬
‫معه شيئا فدعه وما اختاره لنفسه ووله ما تول وأحد الذي عافاك ما ابتله به)) انتهى‬
‫وقال المام علم الدين الشيخ صال الفلن الالكي الثري ف كتابه ((إيقاظ الم)) ((ترى بعض الناس إذا‬
‫وجد حديثا يوافق مذهبة فرح به وانقاد له وسلم وإن وجد حديثا صحيحا سالا من النسخ والعارض‬
‫مؤيدا لذهب غي إمامه فتح له باب الحتمالت البعيدة وضرب عنه الصفح والعارض ويلتمس لذهب‬

‫‪40‬‬
‫إمامه أوجها من الترجيح مع مالفته للصحابة والتابعي والنص الصريح وإن شرح كتابا من كتب الديث‬
‫حرف كل حديث خلف رأيه الديث وإن عجز من ذلك كله أدعى النسخ بل دليل أو الصوصية أو‬
‫عدم العمل به أو غي ذلك ما يضر ذهنه العليل وإن عجز عن ذلك كله أدعى أن إمامه اطلع على كل‬
‫مروي أو جله فما ترك هذ ‪ 1‬الديث الشريف إل وقد اطلع على طعن فيه برأيه النيف فيتخذ علماء‬
‫مذهبه أربابا ويفتح لناقبهم وكراماتم أبوابا ويعتقد أن كل من خالف ذلك ل يوافق صوابا وإن نصحه‬
‫أحد من علماء السنة اتذه عدوا ولو كانوا قبل ذلك أحبابا وإن وجد كتابا من كتب مذهب‬
‫ص‪93:‬‬
‫إمامه الشهورة قد تضمن نصحه وذم الرأي والتقليد وحرض على اتباع الحاديث الشهورة نبذه وراء‬
‫ظهره وأعرض عن نيه وأمره واعتقده حجرا مجورا)) انتهى‬
‫أقول إن الشيخ الفلن هو من كبار من أخذ عنه مسند الشام الشيخ عبد الرحن الكزبري ومن طريقة‬
‫ارتفع علو إسناده ف البخاري هو ومن شاركه ف الخذ عنه رحه ال تعال‬
‫الثمرة الامسة لزوم قبول الصحيح وإن ل يعمل به أحد ‪ -‬قال المام الشافعي رضي ال عنه ف رسالته‬
‫الشهية ((ليس لحد دون رسول ال أن يقول إل لستدلل ول يقول با استحسن فإن القول با‬
‫استحسن شيء يدثه ل على مثال سبق))‬
‫وقال أيضا ((إن عمر بن الطاب رضي ال عنه قضى ف البام بمس عشرة فلما وجد كتاب آل عمرو‬
‫بن حزم وفيه أن رسول ال قال ((وف كل إصبع ما هنالك عشر من البل)) صاروا إليه قال ول يقبلوا‬
‫كتاب آل عمرو بن حزم ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬حت ثبت لم أنه كتاب رسول ال وف هذا الديث دللتان‬
‫إحداها قبول الب والخرى أن يقبل الب ف الوقت الذي يثبت فيه وإن ل يض عمل من أحد من‬
‫الئمة يثل الب الذي قبلوا ودللة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الئمة ث وجد عن النب خب‬
‫يالف عمله لترك عمله لب رسول ال ودللة على أن حديث رسول ال يثبت بنفسه ل بعمل غيه‬
‫بعده))‬
‫قال الشافعي ((ول يقل السلمون قد عمل فنيا عمر بلف هذا من الهاجرين والنصار ول تذكروا أنتم‬
‫أن عندكم خلفه ول غي كم بل صاروا إل ما وجب عليهم من قبول الب عن رسول ال وترك كل‬
‫عمل خلفه ولو بلغ عمر هذا صار إليه إن شاء ال‬
‫ص‪94:‬‬

‫‪41‬‬
‫كما صار إل ما بلغه عن رسول ال بتقواه ل وتأديته الواجب عليه ف اتباع أمر رسول ال وعلمه بأن‬
‫ليس لحد مع رسول ال أمر وأن طاعة ال ف اتباع أمر رسول ال ))‬
‫وقال علم الدين الفلن التقدم ذكره ف كتابه ((إيقاظ المم)) ((قال شيخ مشاينا ممد حياة السندي‬
‫قال ابن الشحنة ف ((ناية النهاية)) ((وإن كان ‪ -‬أي ترك المام الديث ‪ -‬لضعفه ف طريقة فينظر إن‬
‫كان له طريق غي الطريق الذي ضعفه به فينبغي أن تعتب فإن صح عمل بالديث ويكون ذلك مذهبه ول‬
‫يرج مقلدة عن كونه حنفيا بالعمل به فقد صح أنه قال ((إذا صح الديث فهو مذهب)) كذا قال بعض‬
‫من صنف ف هذا القصود))‬
‫وقال ف البحر ((وإن ل يستفت ولكن بلغه الب وهو قوله عليه وعلى آله الصلة والسلم ((أفطر الاجم‬
‫والحجوم)) وقوله ((الغيبة تفطر الصائم)) ول يعرف النسخ ول تأويله فل كفارة عليه عندها لن ظاهرة‬
‫الديث واجب العمل خلفا لب يوسف لنه قال ((ليس للعامي العمل بالديث لعدم علمه بالناسخ‬
‫والنسوخ))‬
‫ونقل ابن العز ف حاشية الداية ذلك أيضا عن أب يوسف وعلل بأن على العامي القتداء بالفقهاء لعدم‬
‫الهتداء ف حقه إل معرفة الحاديث قال ((ف تعليله نظر فإن السألة إذا كانت مسألة الناع بي العلماء‬
‫وقد بلغ العامي الديث الذي احتج به أحد الفريقي كيف يقال ف هذا إنه غي معذور فإن قيل ((هو‬
‫منسوخ)) فقد تقدم أن النسوخ ما يعارضه ومن سع الديث فعمل به وهو منسوخ فهو معذور إل أن‬
‫ص‪95:‬‬
‫يبلغه الناسخ ول يقال لن سع الديث الصحيح ل تعمل به حت تعرضه على رأي فلن أو فلن وإنا‬
‫يقال له انظر هل هو منسوخ أم ل أما إذا كان الديث قد اختلف ف نسخة كما ف هذه السألة فالعامل‬
‫به ف غاية العذر فإن تطرق الحتمال إل خطأ الفت أول من تطرق الحتمال إل نسخ ما سعه من‬
‫الديث)) إل أن قال ((فإذا كان العامي يسوغ له الخذ بقول الفت بل يب عليه مع احتمال الفت‬
‫كيف ل يسوغ الخذ بالديث فلو كانت سنة رسول ال ل يوز العمل با بعد صحتها حت يعمل با‬
‫فلن لكان قولم شرطا ف العمل با وهذا من أبطل الباطل ولذا أقام ال الجة برسوله دون آحاد المة‬
‫ول يفرض احتمال خطأ لن عمل بالديث وأفت به بعد فهمه إل وأضعاف أضعافه حاصل لن أفت‬
‫بتقليد من ل يعلم خطأه من صوابه ويوز عليه التناقض والختلف ويقول القول ويرجع عنه ويكي عنه‬
‫عدة أقوال وهذا كله فيمن له نوع أهلية وأما إذا ل يكن له أهلية ففرضه ما قال ال تعال ((فاسألوا أهل‬

‫‪42‬‬
‫الذكر إن كنتم ل تعلمون)) وإذا جاز اعتماد الستفت على ما يكتب له من كلمه أو كلم شيخه وإن‬
‫عل فلن يوز اعتماد الرجل على ما كتبه الثقات من كلم رسول ال أول بالواز وإذا قدر أنه ل يفهم‬
‫الديث فكما إذا ل يفهم فتوى الفت فيسأل من يعرف معناها فكذلك الديث)) انتهى بروفه‬
‫الثمرة السادسة‬
‫قال علم الدين الفلن ف ((إيقاظ المم)) نقلً عن المام السندي النفي قدس سره ما نصه ((تقرر أن‬
‫الصحابة ما كانوا كلهم متهدين على اصطلح العلماء فإن فيهم القروى والبدوي ومن سع منه حديثا‬
‫واحدا أو صحبه مرة ول شك أن من سع حديثا عن رسول ال أو عن واحد من الصحابة رضي ال‬
‫عنهم كان يعمل به حسب فهمه متهدا كان أول ول يعرف أن غي الجتهد منهم كلف بالرجوع إل‬
‫الجتهد‬
‫ص‪96:‬‬
‫فيما سعه من الديث ل ف زمانه ول بعده ف زمان الصحابة رضي ال عنهم وهذا تقرير منه بوار العمل‬
‫بالديث لغي الجتهد وإجاع من الصحابة عليه ولول ذلك لمر اللفاء غي الجتهد منهم سيما أهل‬
‫البوادي أن ل يعملوا با بلغهم عن النب مشافهة أو بواسطة حت يعرضوا على الجتهدين منهم ول يرد من‬
‫هذا عي ول أثر وهذا هو ظاهر قوله تعال ( وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا) ونوه من‬
‫اليات حيث ل يفيد بأن ذلك على فهم الفقهاء ومن هنا عرفت وقد بن الفقهاء على اعتبار الصل ف‬
‫شيء أحكاما كثية ف الاء ونوه ل تصى على التتبع لكتبهم ومعلوم أن من أهل البوادي والقرى‬
‫البعيدة من كان يىء إليه مرة أو مرتي ويسمع شيئا ث يرجع إل بلده ويعمل به والوقت كان وقت‬
‫نسخ وتبديل ول يعرف أنه أمر أحدا من هؤلء بالراجعة ليعرف الناسخ من النسوخ بل إنه قرر من قال‬
‫((ل أزيد على هذا ول أنقص)) ‪ -‬على ما قال ‪ -‬ول ينكر عليه بأنه يتمل النسخ بل دخل النة إن‬
‫صدق وكذلك ما أمر الصحابة أهل البوادي وغيهم بالعرض على متهد ليميز له الناسخ من النسوخ‬
‫فظهر أن العتب ف النسخ ونوه بلوغ الناسخ ل وجوده ويدل على أن العتب البلوغ ل الوجود أن الكلف‬
‫مأمور بالعمل على وفق النسوخ ما ل يظهر عنده الناسخ فإذا ظهر ل يعبد ما عمل على وفق النسوخ بل‬
‫صحح ذلك حديث نسخ القبلة‬
‫ص‪97:‬‬

‫‪43‬‬
‫إل الكعبة الشرفة فإن خبه وصل إل أطراف الدينة النورة كأهل قباء وغيهم بعد ما صلوا على وفق‬
‫القبلة النسوخة فمنهم من وصله الب ف أثناء الصلة ومنهم من وصله بعد أن صلى الصلة والنب قررهم‬
‫على ذلك ول يأمر أحدا منهم بالعادة فل عبة لا قيل ((ل يوز العمل قبل البحث عن العارض‬
‫والخصص وإن أدعى عليه الجاع)) فإنه لو سلم فإجاع الصحابة وتقرير النب مقدم على إجاع من‬
‫بعدهم على أن ما أدعى من الجاع قد علم خلفه كما ذكر ف بر الزركشي ف الصول)) انتهى‬
‫ملخصا‬
‫الثمرة السابعة‬
‫قال ابن السمعان ((مت ثبت الب صار أصلُ من الصول ول يتاج إل عرضه على أصل آخر لنه عن‬
‫وافقه فذاك وإن خالفه ل يز رد أحدها لنه رد للخب بالقياس وهو مردود بالتفاق فإن السنة مقدمة‬
‫على القياس)) انتهى‬
‫ومنه يعلم أن من رد حديث أب هريرة ف الصراة التفق عليه لنه ل يكن كابن مسعود وغيه من فقهاء‬
‫الصحابة فل يؤخذ با رواه مالفا للقياس فقد آذى قائله به نفسه وف حكايته غن عن تكلف الرد عليه‬
‫ول قول لحد مع قول رسول ال كائنا من كان وأيا كان ومن كان و ((إذا جاء نر ال بطل نر‬
‫معقل)) وأين القياس وإن كان جليا من السنة الطهرة إنا يصار إليه عند فقد الصل من الكتاب والب ل‬
‫مع وجود واحد منهما‬
‫وقال ابن السمعان ف الصطلح ((التعرض إل جانب الصحابة علمة على خذلن فاعله بل هو بدعة‬
‫وضللة وقد اختص أبو هريرة بزيد الفظ لدعاء رسول ال له‬
‫ص‪98:‬‬
‫يعن قوله ((إن إخوان من الهاجرين كان يشغلهم الصفق بالسواق وكنت ألزم رسول ال فأشهد إذا‬
‫غابوا وأحفظ إذا نسوا الديث)) وهو ف كتاب العلم وأول البيوع أيضا عند البخاري‬
‫الثمرة الثامنة‬
‫ل يضر صحة الديث تفرد صحاب به ‪ -‬قال المام ابن القيم ف ((إغاثة اللهفان)) ف مناقشة من طعن ف‬
‫حديث ابن عباس ف الطلقة ثلثا بأنا كانت واحدة على عهد رسول ال ِ وأب بكر وصدرا من خلفة‬
‫عمر ما نصه ((وقدرده آخرون بسلك أضعف من هذا كله فقالوا هذا حديث ل يروه عن رسول ال إل‬
‫ابن عباس وحده ول عن ابن عباس إل طاوس وحده قالوا فأين أكابر الصحابة وحفاظهم عن رواية مثل‬

‫‪44‬‬
‫هذا المر العظيم الذي الاجة إليه شديدة جدا فكيف خفي هذا على جيع الصحابة وعرفه ابن عباس‬
‫وحده وخفي على أصحاب ابن عباس كلهم وعلمه طاوي وحده وهذا أفسد من جيع ما تقدم ول ترد‬
‫أحاديث الصحابة وأحاديث الئمة الثقات بثل هذا فكم من حديث تفرد به واحد من الصحابة ل يروه‬
‫غيه وقبله المة كلهم فلم يرده أحد منهم وكم من حديث تفرد به من هو دون طاوس بكثي ول يرده‬
‫أحد من الئمة ول نعلم أحدا من أهل العلم قديا ول حديثا قال ((إن الديث إذا ل يروه إل صحاب‬
‫واحد ل يقبل)) وإنا يكي عن أهل البدع ومن تبعهم ف ذلك أقوال ل يعرف لا قائل من الفقهاء وقد‬
‫تفرد الزهري بنحو ستي سنة لن يروها غيه وعملت با المة ول يردوها بتفرده هذا مع أن عكرمة‬
‫روى عن ابن عباس رضي ال عنه حديث ركانه وهو موافق لديث طاوس عنه فإن قدح ف عكرمة‬
‫أبطل وتناقض فإن الناس احتجوا بعكرمة وصحح أئمة الفاظ حديثه ول يلتفتوا إل قدح من قدح فيه‬
‫ص‪99:‬‬
‫فإن قيل ((فهذا هو الديث الشاذ وأقل أحواله أن يتوقف فيه ول يزم بصحته عن رسول ال عليه‬
‫السلم)) قيل ((ليس هذا هو الشاذ وإنا الشذوذ أن يالف الثقات فيما رووه فيشذ عنهم بروايته فأما إذا‬
‫روى الثقة حديثا منفردا به ل يرو الثقات خلفه فإن ذلك ل يسمى شاذا وإن اصطلح على تسميته شاذا‬
‫بذا العن ل يكن هذا الصطلح موجبا لرده ول مسوغا له قال الشافعي رحه ال ((وليس الشاذ أن‬
‫ينفرد الثقة برواية الديث بل الشاذ أن يروي خلف ما رواه الثقات)) قاله ف مناظرته بعض من رد‬
‫الديث بتفرد الراوي فيه ث إن هذا القول ل يكن أحدا من أهل العلم ول من الئمة ول من أتباعهم‬
‫طرده ولو طردوه لبطل كثي من أقوالم وفتاويهم والعجب أنن الرادين لذا الديث بثل هذا الكلم قد‬
‫بنوا كثيا من مذاهبهم على أحاديث ضعيفة انفرد با رواتا ل تعرف عن سواهم وذلك أشهر وأكثر من‬
‫أن يعد))‬
‫الثمرة التاسعة‬
‫ما كل حديث صحيح تدث به العامة ‪ -‬والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن معاذ رضي ال عنه قال‬
‫كنت ردف النب على حار فقال ((يا معاذ هل تدري ما حق ال على عباده وما حق العباد على ال))‬
‫قلت ((ال ورسوله أعلم)) قال ((فإن حق ال على العباد أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا وحق العباد على‬
‫ال أن ل يعذب من ل بشرك به شيئا)) قلت ((يا رسول ال أفل أبشر به الناس)) قال ((ل تبشرهم‬
‫فيتكلوا)) وف رواية لما عن أنس أن النب قال لعاذ وهو ردفه (( ما من أحد يشهد أن ل إله إل ال وأن‬

‫‪45‬‬
‫ممدا رسول ال صدقا من قلبه إل حرمه ال على النار)) قال ((يا رسول ال أفل أخب به الناس‬
‫فيستبشروا)) قال ((إذا يتكلوا)) فأخب با معاذ عند موته تأثا وروى البخاري تعليقا عن على رضي ال‬
‫عنه ((حدثوا الناس با يعرفون أتبون أن يكذب ال ورسوله)) ومثله‬
‫ص‪100:‬‬
‫قول ابن مسعود ((ما أنت مدث قوما حديثا ل تبلغه عقولم إل كان لبعضهم فتنة)) رواه مسلم‬
‫قال الافظ ابن حجر ((ومن كره التحديث ببغض دون بعض أحد ف الحاديث الت ظاهرها الروج‬
‫على المي ومالك ف أحاديث الصفات وأبو يوسف ف الغرائب ومن قبلهم أبو هريرة كما روى عنه ف‬
‫الرابي وأن الراد ما يقع من الفت ونوه عن حذيفة وعن السن أنه أنكر تديث أنس للحجاج بقصة‬
‫العرنيي لنه أتذها وسيلة إل ما كان يعتمده من البالغة ف سفك الدماء بتأويله الواهي وضابط ذلك أن‬
‫يكون ظاهر الديث بقوى البدعة وظاهرة ف الصل غي مراد فالمساك عنه عند من يشى عليه الخذ‬
‫بظاهره مطلوب)) انتهى‬
‫ولا كان النهى للمصلحة ل للتحري أخب به معاذ لعموم الية بالتبليغ‬
‫قال بعضهم ((النهى ف قوله ((ل تبشرهم)) مصوص ببعض الناس وبه احتج البخاري على أن للعال أن‬
‫يص بالعلم قوما دون قوم كراهة أن ل يفهموا وقد يتخذ أمثال هذه الحاديث البطلة والباحية ذريعة‬
‫إل ترك التكاليف ورفع الحكام وذلك يفضي إل خراب الدنيا بعد خراب العقب وأين هؤلء من إذا‬
‫بشروا‬
‫ص‪101:‬‬
‫زادوا جدا ف العبادة وقد قيل للنب ((أتقوم الليل وقد غفر ال لك)) فقال ((وأفل أكون عبدا شكورا))‬
‫‪ -13‬بيان الديث السن ذكر ما هيته‬
‫قال العلمة الطيب ((السن مسند من قرب من درجة الثقة أو مرسل ثقة وروى كلها من غي وجه‬
‫وسلم من شذوذ وعلة)) وهذا الد أجع الدود الت نقلت ف السن وأضبطها وإنا سى حسنا لسن‬
‫الظن براوية‬
‫‪ -14‬بيان السن لذاته ولغيه‬
‫أعلم أن ما عرفناه أولً هو السن لذاته قال ابن الصلح ((السن لذاته أن تشهر رواته بالصدق ول‬
‫يصلوا ف الفظ رتبة رجال الصحيح والسن لغيه أن يكون ف الستاذ مشتور ل تتحقق أهليته غي‬

‫‪46‬‬
‫مغفل ول كثي الطأ ف روايته ول متهم بتعمد الكذب فيهان ول ينسب إل مفسق آخر واعتضد بتابع‬
‫أو شاهد فأصله ضعيف وإنا طرأ عليه السن بالعاضد الذي عضده فاحتمل لوجود العاضد ولوله‬
‫لستمرت صفة الضعف فيه ول ستمر على عدم الحتجاج به)) كذا ف فتح الغيث‬
‫‪ -15‬ترقى السن لذاته إل الصحيح بتعدد طرقه‬
‫أعلم أن السن إذا روى من وجه آخر ترقى من السن إل الصحيح لقوته من الهتي فيعتضد أحدها‬
‫بالخر وذلك لن الراوي ف السن متأخر عن درجة الافظ‬
‫ص‪102:‬‬
‫الضابط مع كونه مشهورا بالصدق والستر فإذا روى حديثه من غي وجه ولو وجها واحدا قوى بالتابعة‬
‫وزال ما كان يشى عليه من جهة سوء حفظ راويه فارتفع حديثه من درجة السن إل الصحيح قال‬
‫السيد الشريف ((ونعن بالترقى أنه ما حق ف القوة بالصحيح ل أنه عينه))‬
‫‪ -16‬بيان أول من شهر السن‬
‫قال المام النووي ف التقريب وشارحه السيوطي ((كتاب الترمذي أصل ف معرفة السن وهو الذي‬
‫شهره وأكثر من ذكره وإن وجد ف متفرقات من كلم بعض مشايه والطبقة الت قبله))‬
‫وقال المام تقي الدين تيمية قدس سره ف بعض فتاويه ((أول من عرف أنه قسم الديث إل صحيح‬
‫وحسن وضعيف أبو عيسى الترمذي ول تعرف هذه القسمة عن أحد قبله وقد بي أبو عيسى مراده‬
‫بذلك فذكر أن السن ما تعددت طرقة ول يكن فيهم متهم بالكذب ول يكن شاذا وهو دون الصحيح‬
‫الذي عرف عدالة ناقليه وضبطهم)) وقال ((الضعيف الذي عرف أن ناقله متهم بالكذب ردئ الفظ‬
‫فإنه إذا رواه الجهول خيف أن يكون كاذبا أو سيء الفظ فإذا وافقه آخر ل يأخذ عنه عرف أنه ل‬
‫يتعمد كذبه واتفاق التني على لفظ واحد طويل قد يكون متنعا وقد يكون بعيدا ولا كان تويز‬
‫اتفاقهما ف ذلك مكنا نزل من درجة الصحيح)) ث قال تقي الدين قدس سره ((وأما من قلل الترمذي‬
‫من العلماء فما عرف عنهم هذا التقسيم الثلثي لكن كانوا يقسمونه إل صحيح وضعيف والضيف كان‬
‫عندهم نوعان ضعيف ضعفا ل يتنع العمل به وهو يشبه السن ف اصطلح الترمذي وضعيف ضعفا‬
‫يوجب تركه وهو الواهي))‬
‫ص‪103:‬‬
‫‪ -17‬معن قول الترمذي ((حسن صحيح))‬

‫‪47‬‬
‫للعلماء ف ملحظ الترمذي بذه العبارة وجوه نقلها السيوطى ف التدريب قالوا ((العبارة الذكورة ما‬
‫استشكل لن السن قاصر عن الصحيح فكيف يتمع إثبات القصور ونفيه ف حديث واحد وأجاب ابن‬
‫دقيق العيد بأن السن ل يشترط فيه القصور عن الصحة إل حيث انفرد السن أما إذا ارتفع إل درجة‬
‫الصحة فالسن حاصل ل مالة تبعا للصحة لن وجود الدرجة العليا وهي الفظ والتقان ل يناف وجود‬
‫الدنيا كالصدق فيصح أن يقال حسن باعتبار الصفة الدنيا صحيح باعتبار العليا ويلزم على هذا أن كل‬
‫صحيح حسن وقد سبقه إل نو ذلك ابن الواق قال الافظ ابن حجر وشبه ذلك قولم ف الراوي‬
‫صدوق فقط وصدوق ضابط فإن الول قاصر عن درجة رجال الصحيح والثان منهم فكما أن المع‬
‫بينهما ل يضر ول يشكل فكذلك المع بي الصحة والسن)) انتهى‬
‫‪ -18‬الواب عن جع الترمذي بي السن والغرابة على اصطلحه‬
‫قد أنكر بعض الناس على المام الترمذي تديده للحسن با حد به من كونه يروى من غي وجهن لقوله‬
‫ف بعض الحاديث حسن غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه والغريب الذي انفرد به الواحد وأجاب‬
‫الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((بأن الترمذي ل يعرف السن مطلقا وإنا عرفه بنوع خاص منه وقع‬
‫ف كتابه وهو ما يقول فيه حسن من غي صفة أخرى وذلك أنه يقول ف بعض الحاديث حن وف‬
‫بعضها صحيح وف بعضها غريب وف بعضها حسن صحيح وف بعضها حسن غريب وف بعضها صحيح‬
‫غريب وف بعضها حسن صحيح غريب وتعريفه إنا وقع على الول فقط وعبارته ترشد إل ذلك حيث‬
‫قال ف آخر كتابه‬
‫ص‪104:‬‬
‫((وما قلنا ف كتابنا حديث حسنه فإنا أردنا به حسن إسناده عندنا إذ كل حديث يروى ل يكون راويه‬
‫متهما بكذب ويروى من غي وجه نو ذلك ول يكون شاذا فهو عندنا حديث حسن)) فعرف بذا أنه‬
‫إنا عرف الذي يقول فيه حسن فقط أما ما يقول فيه حسن صحيح أو حسن غريب أو حسن صحيح‬
‫غريب فلم يعرج على تعريف ما يقول فيه صحيح فقط أو غريب فقط وكأنه ترك ذلك استغناء لشهرته‬
‫عند أهل الفن واقتصر على تعريف ما قول فيه ف كتابه حسن فقط إما لغموضه وإما لنه اصطلح جديد‬
‫ولذلك قيده بقوله ((عندنا)) ول ينسبه إل أهل الديث كما فعل الطاب)) انتهى‬
‫وقال شيخ السلم تقي الدين بن تيمية ف فتوف له (( الذين طعنوا على الترمذي ل يفهموا مراده ف كثي‬
‫ما قاله فإن أهل الديث قد يقولون ((هذا الديث غريب)) أي من هذا الوجه وقد يصرحون بذلك‬

‫‪48‬‬
‫فيقولون غريب من هذا الوجه فيكون الديث عندهم صحيحا معروفا من طريق واحد فإذا روى من‬
‫طريق آخر كان غريبا من ذلك الوجه وإن كان الت صحيحا معروفا فالترمذي إذا قال حسن غريب قد‬
‫يعن به أنه غريب من ذلك الطريق لكن الت له شواهد صار با من جلة السن)) انتهى‬
‫‪ -19‬مناقشة الترمذي ف بعض ما يصححه أو بسنه‬
‫قال شيخ السلم تقي الدين بن تيمية ((بعض ما يصححه الترمذي ينازعه غيه فيه كما قد ينازعونه ف‬
‫بعض ما يضعفه ويسنه فقد يضعف حديثا ويصححه البخاري كحديث ابن مسعود لا قال له النب‬
‫((أبغن أحجارا أستنفض بن قال فأتيته بجرين وروثة قال فأخذ الجرين وترك الروثة وقال وقال إنا‬
‫رجس))‬
‫ص‪105:‬‬
‫فإن هذا اختلف فيه على أب إسحق السبيعي فجعل الترمذي هذا الختلف علة ورجح روايته له عن أب‬
‫عبيدة عن أبيه وهو ل يسمع من أبيه وأما البخاري فصححه من طريق أخرى لن أبا إسحق كان‬
‫الديث يكون عنده عن جاعة يرويه عن هذا تارة وعن هذا تارة كما كان الزهري الديث تارة عن‬
‫سعيد بن السيب وتارة عن أب سلمة وتارة بمعها فمن ل يعرفهن فيحدث به تارة عن هذان وتارة عن‬
‫هذا يظن بعض الناس أن ذلك غلط وكلها صحيح وهذا باب يطول وصفه))‬
‫‪ -20‬بيان أن السن على مراتب‬
‫نبه الئمة على أن الديث السن على مراتب كالصحيح قال الافظ الذهب ((فأعلى مراتبه بز بن‬
‫حكيم عن أبيه عن جده وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وابن إسحق عن التيمى وأمثال ذلك ما قيل‬
‫فيه إنه صحيح إنه أدن مراتب الصحيح ث بعد ذلك ما اختلف ف تسينه وضعفه كحديث الرث بن‬
‫عبد ال وعاصم بن ضمرة وحجاج ابن أرطاة ونوهم))‬
‫‪ -21‬بيان كون السن حجة ف الحكام‬
‫قال الئمة ((السن كالصحيح ف الحتجاح به وإن كان دونه ف القوة ولذا أدرجه طائفة من نوع‬
‫الصحيح كالاكم وابن حبان وابن خزية مع قولم بأنه دون الصحيح البي أولً))‬
‫وقال السخاوى ف الفتح ((منهم من يدرج السن ف الصحيح لشتراكهما ف الحتجاج بل نقل ابن‬
‫تيمية إجاعهم إل الترمذي خاصة عليه))‬

‫‪49‬‬
‫قال الطاب ((على السن مدار أكثر الديث لن غالب ل تبلغ رتبة الصحيح وعمل به عامة الفقهاء‬
‫وقبله أكثر العلماء وشدد بعض أهل الديث‬
‫ص‪106:‬‬
‫فرد بكل علة قادحة كانت أم ل كما روى عن ابن أب حات أنه قال سألت أب عن حديث فقال‬
‫((إسناده حسن)) فقلت ((يتج به)) فقال ((ل)) انتهى‬
‫والصواب مع المهور لا بينه الطاب هذا ف السن لذاته وأما السن لغيه فيلحق بذلك ف الحتجاج‬
‫لكن فيما تكثر طرقه عند قوم كما سنبينه ف بث أنبار الضعيف قريبا‬
‫‪ -22‬قبول زيادة راوي الصحيح والسن‬
‫قال الافظ ابن حجر ف النخبة وشرحها ((وزيادة راويهما ‪ -‬أي الصحيح والسن ‪ -‬مقبولة ما ل منافية‬
‫لرواية من هو أوثق من ل يذكر تلك الزيادة لن الزيادة إما أن تكون ل تناف بينها وبي رواية من ل‬
‫يذكرها فهذه تقبل مطلقا لنا ف حكم الديث الستقل الذي ينفرد به الثقة ول يرويه عن شيخه غيه‬
‫وإما أن تكون منافية بيث يلزم من قبولا رد الراوية الخرى فهذه الت يقع الترجيح بينها وبي معارضها‬
‫فيقبل الراجح ويرد الرجوح واشتهر عن جع من العلماء القول بقبول الزيادة مطلقا من غي تفصيل ول‬
‫يتأتى ذلك على طريق الحدثي الذين يشترطون ف الصحيح أن ل يكون شاذا ث يفسرون الشذوذ‬
‫بخالفة الثقة من هو أوثق منه والعجب من أغفل ذلك منهم مع اعترافه باشتراط انتفاء الشذوذ ف حد‬
‫الديث الصحيح وكذا السن والقول عن أئمة الديث التقدمي كعبد الرحن بن مهدي ويي القطان‬
‫وأحد بن حنبل ويي بن معي وعلى بن الدين والبخاري وأب زرعة وأب حات والنسائي والدار قطن‬
‫وغيهم اعتبار الترجيح فيما يتعلق‬
‫ص‪107:‬‬
‫‪ -23‬بيان ألقاب للحديث نشمل الصحيح والسن وهي اليد والقوى والصال والعروف‬
‫والحفوظ والجود والثابت والقبول‬
‫((هذه اللفاظ مستعملة عند أهل الديث ف الب القبول والفرق بينها أن الودة قد يعب با عن الصحة‬
‫فيتساوى حينئذ اليد والصحيح إل أن الحقق منهم ل يعدل عن الصحيح إل جيد إل لنكتة كأن يرتقى‬
‫الديث عنده عن السن لذاته ويتردد ف بلوغه الصحيح فالوصف به حينئذ أنزل رتبة من الوصف‬
‫بصحيح وكذا القوى وأما الصال فيشمل الصحيح والسن لصلحيتهما للحتجاج ويستعمل أيضا ف‬

‫‪50‬‬
‫ضعيف يصلح للعتبار وسيأت إن شاء ال معن العتبار ف تنبيه على حدة قبل بث النواع الت تتص‬
‫بالضعيف وأما العروف فهو مقابل النكر والحفوظ مقابل الشاذ وسيأت بيان ذلك والجود الثابت‬
‫يشملن الصحيح والسن)) كذا ف التدريب وقد عرف الافظ ابن حجر القبول ف شرح النخبة بالذي‬
‫يب العمل به عند المهور والراد بالذي ل يرجح صدق الخب به‬
‫‪ -24‬بيان الضعيف ماهية الضعيف وأقسامه‬
‫قال النووي ((الضعيف ما ل يوجد فيه شروط الصحة ول شروط السن وأنواعه كثية منها الوضوع‬
‫والقلوب والشاذ والنكر والعلل والضطرب وغي ذلك)) ما سيفصل‬
‫ص‪108:‬‬
‫‪ -25‬تفاوت الضعيف‬
‫يتفاوت ضعفه بسب شدة ضعف رواته وخفته كصحة الصحيح فمنه أوهي كما أن من الصحيح أصح‬
‫قال السخاوي ف الفتح ((وأعلم أنم كما تكلموا ف أصح السانيد مشوا ف أو هي السانيد وفائدته‬
‫ترجيح بعض السانيد على بعض وتييز ما يصلح للعتبار ما ل يصلح)) انتهى‬
‫وللحاكم تفصيل لوهي أسانيد الرجال والبلد ساقه ف التدريب ولبن الوزي كتاب ف الحاديث‬
‫الواهية‬
‫‪-26‬بث الضعيف إذا تعددت طرقه‬
‫((أعلم أن الضعيف لكذب راويه أو لفسقه ل ينجب بتعدد طرقة الثاثلة له لقوة الضعف وتقاعد هذا‬
‫الابر نعم يرتقى بجموعه عن كونه منكرا أو ل أصل له وربا كثرت الطرق حت أوصلته إل درجة‬
‫الستور والسيء الفظ بيث إذا وجد له طريق آخر فيه ضعف قريب متمل ارتقى بجموع ذلك درجة‬
‫السن)) نقله ف التدريب عن الافظ ابن حجر‬
‫وقال السخاوي ف فتح الغيث إن السن لغيه يلحق فيما يتج به لكن فيما تكثر طرقه ولذلك قال‬
‫النووي ف بعض الحاديث ((وهذه وإن كانت أسانيد مفرداتا ضعيفة فمجموعها بقوى بعضه بعضا‬
‫ويصي الديث حسنا ويتج به)) وسبقه البهقي ف تقوية الديث بكثرة الطرق الضعيفة وظاهر كلم أب‬
‫السن بن القطان يرشد إليه فإنه قال ((هذا القسم ل يبج به كله بل يعمل به ف فضائل العمال‬
‫ويتوقف عن العمل به ف الحكام إل إذا كثرت طرفه أو عضده اتصال عمل أو موافقة شاهد صحيح أو‬
‫ظاهر القرآن واستحسنه شيخنا ‪ -‬يعن ابن حجر ‪ -‬وصرح ف موضع آخر بأن‬

‫‪51‬‬
‫ص‪109:‬‬
‫الضعف الذي ضعفه ناشي عن سوء حفظه إذا كثرت طرقه ارتقى إل مرتبة السن‬
‫وف عون الباري نقلً عن النووي أنه قال ((الديث الضعيف عند تعدد الطرق يرتقى عن الضعف إل‬
‫السن ويصي مقبولً معمولً به))‬
‫قال الافظ السخاوي ((ول يقتضى ذلك الحتجاج بالضعيف فإن الحتجاج إنا هو باليئة الجموعة‬
‫كالرسل حيث أعتضد برسل آخر ولو ضعيفا كما قاله الشافعي والمهور)) انتهى‬
‫وقد خالف ف ذلك الظاهرية قال ابن حزم ف اللل ف بث صفة وجوه النقل الستة عند السلمي ما‬
‫صورته ((الامس شيء نقل كما ذكرنا إما ينقل أهل الشرق والغرب أو كافة عن كافة أو ثقة عن ثقة‬
‫حت يبلغ إل النب إل أن ف الطريق رجلً مروحا بكذب أو غفلة أو مهول الال فهذا أيضا يقول به‬
‫بعض السلمي ول يل عندنا القول به ول تصديقه ول الخذ بشيء منه وهو التجه))‬
‫‪-27‬ذكر قول مسلم رحه ال إن الراوي عن الضعفاء غاسن آث جاهل‬
‫قال المام النووي ((أعلم أن جرح الرواة جائز بل واجب بالتفاق للضرورة الداعية إليه لصيانة الشريعة‬
‫الكرمة وليس هو من الغيبة الحرمة بل من النصيحة ل تعال ورسوله والسلمي ول يزل فضلء الئمة‬
‫وأخبارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك)) انتهى‬
‫وقد تكلم المام مسلم على جاعة منهم ف مقدمة صحيحة ث قال ((وأشباه ما ذكرنا من كلم أهل‬
‫العلم ف متهمي رواة الديث وإخبارهم عن معايبهم كثي يطول الكتاب‬
‫ص‪110:‬‬
‫بذكره على استقصائه وفيما ذكرنا كفاية لن تفهم وعقل مذهب القوم فيما قالوا من ذلك وبينوا وإنا‬
‫ألزموا أنفسهم الكشف عن معايب رواة الديث وناقلى الخبار وأفتوا بذلك حي سئلوا لا فيه من عظيم‬
‫الطر غذ الخبار ف أمر الدين إنا تأت بتحليل أو تري أو أمر أو نى أو ترغيب أو ترهيب فإذا كان‬
‫الراوي لا ليس بعدن للصدق والمانة ث أقدم على الراوية عند من قد عرفه ول يبي ما فيه لغيه من‬
‫جهل معرفته كان آثا بفعله ذلك غاشا لعوام السلمي إذ ل يؤمن على بعض من سع تلك الخبار أن‬
‫يستعملها أو يستعمل بعضها ولعلها أو أكثرها أكاذيب ل أصل لا مع أن الخبار الصحاح من رواة‬
‫الثقات وأهل القناعة أكثر من أن يضطر إل نقل من ليس بثقة ول مقنع ول أحسب كثيا من يعرج من‬
‫الناس على ما وصفنا من هذه الحاديث الضعاف والسانيد الجهولة ويعتد بروايتها بعد معرفته با فيها‬

‫‪52‬‬
‫من التوهن والضعف إل أن الذي يمله على روايتها والعتداد با إرادة التكثر بذلك عند العوام ولن‬
‫يقال ما أكثر ما جع فلن من الديث وألف من العدد ومن ذهب ف العلم هذا الذهب وسلك هذا‬
‫الطريق ل نصيب له فيه وكان بأن يسمى جاهل أول من أن ينسب إل علم)) انتهى كلم المام مسلم‬
‫رحه ال تعال ورضى عنه ولقد شفى وكفى‬
‫‪ -28‬تشيع المام مسلم على رواة الحاديث الضعيفة والنكرة‬
‫وقد فهم با إل العوام وإيابه رواية ما عرفت صحة مارجه قال المام مسلم رحه ال تعال ف خطبة‬
‫صحيحه ((فلول الذي رأينا من سوء صنيع كثي من نصب نفسه مدثا فيما يلزمهم من طرح الحاديث‬
‫الضعيفة والروايات النكرة وتركهم القتصار على الخبار الصحيحة ما نقله الثقات العروفون بالصدق‬
‫والمانة بعد معرفتهم وإقرارهم بألسنتهم أن كثيا ما يقذفون به إل الغبياء من الناس هو‬
‫ص‪111:‬‬
‫مستنكر عن قوم غي مرضيي من ذم الرواية عنهم أئمة الديث لا سهل علينا النتصاب لا سألت من‬
‫التمييز والتحصيل ولكن من أجل ما أعلمناك من نشر القوم الخبار النكرة بالسانيد الضعاف الجهولة‬
‫وقذفهم با إل العوام الذين ل يعرفون عيوبا خف على قلوبنا إجابتك إل ما سألت)) ث قال ((أعلم ‪-‬‬
‫وفقك ال تعال ‪ -‬أن الواجب على كل أحد عرف التمييز بي صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلي‬
‫لا من التهمي أن ل يروي منها إل ما عرف صحة مارجه والستارة ف ناقليه وأن يتقى منها ما كان عن‬
‫أهل التهم والعاندين من أهل البدع والدليل على أن الذي قلنا من هذا هو اللزم دون ما خالفه قول ال‬
‫تعال (يا أيها الذين آمنوا إن جاء كم فاسق بنبأ فتبينوا الية)) وقال عز وجل (من ترضون من الشهداء)‬
‫وقال سبحانه (واشهدوا ذوي عدل منكم) فدل با ذكرنا من هذا الي أن خب الفاسق ساقط غي مقبول‬
‫وأن شهادة غي العدل مردوة والب إن فارق معناه معن الشهادة ف بعض الوجوه فقد يتمعان ف معظم‬
‫معانيها إذخب الفاسق غي مقبول عند أهل العلم كما أن شهادته مردودة عند جعهم ودلت السنة على‬
‫نفي رواية النكر من الخبار كنحو دللة القرآن على نفي خب الفاسق وهو الثر الشهور عن رسول ال‬
‫((من حدث عن بديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبي)) ث ساق مسلم رحه ال ما ورد وعيد‬
‫الكذب عليه ما هو متواتر ث أسند عن أب هريرة عن رسول ال أنه قال ((سيكون ف آخر أمت أناس‬
‫يدثونكم با ل تسمعوا‬
‫ص‪112:‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -28‬تذير المام مسلم من روايات القصاص والصالي‬
‫روى المام مسلم ف مقدمة صحيحه عن عاصم قال ((ل تالسوا القصاص)) وعن يي بن سعيد القطان‬
‫قال ((ل نر الصالي ف شيء أكذب منهم ف الديث)) وف رواية (( ل نر أهل الي ف شيء أكذب‬
‫منهم ف الديث)) قال مسلم ((يعن أنه يري الكذب على لسانم ول يتعمدون الكذب)) قال النووي‬
‫((لكونم ل يعانون صناعة أهل الديث فيقع الطأ ف رواياتم ول يعرفونه ويروون الكذب ول يعلمون‬
‫أنه كذب))‬
‫‪ -29‬ذكر الذاهب ف الخذ بالضعيف واعتماد العمل به ف الفضائل‬
‫ليعلم أن الذاهب ف الضعيف ثلثة‬
‫الول ل يعمل به مطلقا ل ف الحكام ول ف الفضائل حكاه ابن سيد الناس ف عيون الثر عن يي بن‬
‫معي ونسبه ف فتح الغيث لب بكر بن العرب والظاهر أن مذهب البخاري ومسلم ذلك أيضا يدل عليه‬
‫شرط البخاري ف صحيحة وتشنيع المام مسلم على رواة الضعيف كما أسلفناه وعدم إخراجهما ف‬
‫صحيحهما شيئا منه وهذا مذهب ابن حرم رحه ال أيضا حيث قال ف اللل والنحل ((ما نقله أهل‬
‫الشرق والغرب أو كافة عن كافة أو ثقة حت يبلغ إل النب إل أن ف الطريق رجلً مروحا بكذب أو‬
‫غفلة أو مهول الال فهذا يقول به بعض السلمي ول يل عندنا القول به ول تصديقه ول الخذ‬
‫بشيء)) انتهى‬
‫الثان أنه يعمل به مطلقا قال السيوطي ((وعزى ذلك إل أب داود وأحد لنما يريان ذلك أقوى من‬
‫رأي الرجال))‬
‫الثالث يعمل به ف الفضائل بشروطه التية وهذا هو العتمد عنه الئمة قال ابن عبد الب‬
‫ص‪113:‬‬
‫((وأحاديث الفضائل ل يتاج فيها إل ما يتج به)) وقال الاكم ((سعت أبا زكريا العنبي يقول الب‬
‫إذا ورد ل يرم حللً ول يوجب حكما وكان ف ترغيب أو ترهيب أغمض عنه وتسوهل ف رواته))‬
‫ولفظ ابن مهدي فيما أخرجه البهقي ف الدخل ((إذا روينا عن النب ف اللل والرام والحكام شددنا‬
‫ف السانيد وانتقدنا ف الرجال وإذا روينا ف الفضائل والثواب والعقاب سهلنا ف السانيد وتسامنا ف‬
‫الرجال)) ولفظ أحد ف رواية اليمون عنه ((الحاديث الرقائق يتمل أن يتساهل فيها حت ييء شيء‬

‫‪54‬‬
‫فيها حكم)) وقال ف رواية عباس الدوري عنه ((ابن إسحاق رجل تكتب عنه هذه الحاديث)) ‪ -‬يعن‬
‫الغازي ونوها ‪ -‬وإذا جاء اللل والرام أردنا قوما هكذا ‪ -‬وقبض أصابع يده الربع‪-‬‬
‫‪ -30‬الواب عن رواية بعض كبار الئمة عن الضعفاء‬
‫قال المام النووي ف شرح مسلم ((قد يقال ل حدث هؤلء الئمة عن هؤلء مع علمهم بأنم ل يتج‬
‫بم وياب عنه بأجوبة‬
‫أحدها أنم رووها ليعرفوها وليبنوا ضعفها لئل يلتبس ف وقت عليهم أو على غيهم أو يتشككوا ف‬
‫صحتها‬
‫الثان أن الضعيف يكتب حديثه ليعتب أو يستشهد ول يتج به على انفراده‬
‫الثالث رواية الراوي الضعيف يكون فيها الصحيح والباطل فيكتبونا ث ييز أهل الديث والتقان بعض‬
‫ذلك من بعض وذلك سهل عليهم معروف عندهم وبذا أحتج سفيان رحه ال حي نى عن الراوية عن‬
‫الكلب فقيل له أنت تروي عنه فقال ((أنا أعلم صدقة من كذبه))‬
‫الرابع أنم قديروون عنهم أحاديث الترغيب والترهيب وفضائل العمال والقصص‬
‫ص‪114:‬‬
‫وأحاديث الزهد ومكارم الخلق ونو ذلك ما ل يتعلق باللل والرام وسائر الكام وهذا الضرب من‬
‫الديث يوز عند أهل الديث وغيهم التساهل فيه ورواية ما سوى الوضوع منه والعمل به لن أصول‬
‫ذلك صحيحة مقررة ف الشرع معروفة عند أهله وعلى كل حال فإن الئمة ل يروون عن الضعفاء شيئا‬
‫يتجون به على انفراده ف الحكام فإن هذا شيء ل يفعله إمام من أئمة الحدثي ول مقق من غيهم‬
‫من العلماء وأما فعل كثيين من الفقهاء أو أكثرهم ذلك واعتمادهم عليه فليس بصواب بل قبيح جدا‬
‫وذلك لنه إن كان يعرف ضعفه ل يل له أن يتج به فإنم متفقون على أنه ل يتج بالضعيف ف‬
‫الحكام وإن كان ل يعرف ضعفه ل يل له أن يهجم على الحتجاج به من غي بث عليه بالتفتيش عنه‬
‫إن كان عارفا أو بسؤال أهل العلم به إن ل يكن عارفا)) انتهى‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيميه رحه ال تعال ((قد يكون الرجل عندهم ضعيفا لكثرة الغلط ف حديثه‬
‫ويكون حديثه الغالب عليه الصحة فيوون عنه لجل العتبار به والعتضاد به فإن تعدد الطرق وكثرتا‬
‫بقوى بعضها بعضا حت قد يصل العلم با ولو كان الناقلون فجارا وفساقا فكيف إذا كانوا علماء‬
‫عدولً ولكن كثر ف حديثهم الغلط وهذا مثل عبد ال بن ليعة فإنه من أكابر علماء السلمي وكان‬

‫‪55‬‬
‫قاضيا بصر كثي الديث ولكن احترقت كتبه فصار يدث من حفظه فوقع ف حديثه غلط كثي مع أن‬
‫الغالب على حديثه الصحة قال أحد قد أكتب حديث الرجل للعتبار به مثل ابن ليعة وأما من عرف‬
‫منه أنه يتعمد الكذب فمنهم من ل يروى عن هذا شيئا وهذه طريقة أحد بن حنبل وغيه ل يرو ف‬
‫مسنده عمن يعرف أنه يتعمد الكذب لكن يروى عمن عرف منه الغلط للعتبار به والعتضاد ومن‬
‫العلماء من كان يسمع حديث من يكذب ويقول إنه ييز بي ما يكذبه وبي ما ل يكذبه ويذكر عن‬
‫الثوري أنه كان يأخذ عن الكلب وينهى عن الخذ عنه ويذكر أنه يعرف ومثل هذا قد يقع لن كان‬
‫خبيا بشخص إذا حدثه بأشياء ييز بي ما صدق فيه وما كذب فيه بقرائن ل يكن‬
‫ص‪115:‬‬
‫ضبطها وخب الواحد قد يقترن به قرائن تدل على أنه صدق وقرائن تدل على أنه كذب)) انتهى‬
‫وروى المام ابن عبد الب ف ((جامع بيان العلم وفضله)) ف باب الرخصة ف كتابة العلم عن سفيان‬
‫الثوري أنه قال ((إن أحب أن أكتب الديث على ثلثة أوجه حديث أكتبه أريد أن أتذه دينا وحديث‬
‫رجل أكتبه فأوفقه ل أطرحه ول أدين به وحديث رجل ضعيف أحب أن أعرفه ول أعبأ به وقال‬
‫الوزاعي تعلم مال يؤخذ به كما تتعلم ما يؤخذ به))‬
‫‪ -32‬ما شرطه الحققون لقبول الضعيف‬
‫قال السيوطي ف التدريب ((ل يذكر ابن الصلح والنووي لقبوله سوى هذا الشرط كونه ف الفضائل‬
‫ونوها))‬
‫وذكر الافظ ابن حجر له ثلثة شروط أحدها أن يكون الضعف غي شديد فيخرج من انفرد من‬
‫الكذابي والتهمي بالكذب ومن فحش غلظه نقل العلئي التفاق عليه الثان أن يندرج تت أصل‬
‫معمول به الثالث أن ل يعتقد عند العمل به ثبوته بل يعتقد الحتياط))‬
‫وقال الزركشي ((الضعيف مردود ما ل يقتض ترغيبا أو ترهيبا أو تتعدد طرقه ول يكن التابع منحطا‬
‫عنه)) انتهى‬
‫قال السيوطي‬
‫ص‪116:‬‬
‫‪ -33‬تزبيف ورع الوسوسي ف التفق على ضعفه‬

‫‪56‬‬
‫ذكر شارحو صحيح البخاري عند قوله ف كتاب البيوع (باب من ل ير الوساوس ونوها من‬
‫الشبهات)) أن غرض البخاري بيان ورع الوسوسي كمن يتنع من أكل الصيد خشية أن يكون الصيد‬
‫كان لنسان ث انفلت منه وكمن يترك شراء ما يتاج إليه من مهول ل يري أماله حرام أم حلل‬
‫وليست هناك علمة تدل على الرمة وكمن يترك تناول الشيء لب ورد فيه متفق على ضعفه وعدم‬
‫الحتجاج به ويكون دليل الباحة قويا وتأويله متنع أو مستبعد‬
‫قال الغزال ((الورع أقسام ورع الصديقي وهو ترك ما ل يتناول بغي نية القوة على العبادة وورع التقي‬
‫وهو ترك ما ل شبهة فيه ولكن يشى أن ير إل الرام وورع الصالي وهو ترك ما يتطرق إليه احتمال‬
‫التحري بشرط أن يكون لذلك الحتمال موقع فإن ل يكن فهو ورع الوسوسي قال ووراء ذلك ورع‬
‫الشهود وهو ترك ما يسقط الشهادة أعم من أن يكون ذلك التروك حراما أم ل))‬
‫‪ -34‬ترجيح الضعيف على رأي الرجال‬
‫نقل السخاوي ف فتح الغيث عن الافظ ابن منده ما سعه من ممد بن سعد الباوردي ((أن النسائي‬
‫صاحب السنن ل يقتصر ف التخريج عن التفق على قبولم بل يرج عن كل من يمع الئمة على‬
‫تركه)) قال العراقي ((وهو مذهب متسع)) قال ابن منده ((وكذلك أبو داود يأخذ مأخذ النسائي يعن‬
‫ف عدم التقيد بالثقة والتخريج لن ضعف ف الملة وإن اختلف صنيعهما)) وقال السخاوي ((أبو داود‬
‫يرج الضعيف إذا ل يد ف الباب غيه وهو أقوى عنده من رأي الرجال وهو تابع ف ذلك شيخه المام‬
‫أحد فقد روينا من طريق عبد ال بن أحد بالسناد الصحيح إليه قال سعت أب يقول ل تكاد ترى أحدا‬
‫ينظر ف الرأي إل وف قلبه غل والديث الضعيف أحب إل من الرأي))‬
‫ص‪117:‬‬
‫قال ((فسألته عن الرجل يكون ببلد ل يد فيها إل صاحب حديث ل يدري صحيحه من سقيمه‬
‫وصاحب رأي فمن يسأل قال يسأل صاحب الديث ول يسأل صاحب الرأي)) وذكر ابن الوزي ف‬
‫الوضوعات أنه كان قدم الضعيف على القياس بل حكى الطوف عن التقي ابن تيميه أنه قال اعتبت‬
‫مسند أحد فوجدته موافقا بشرط أب داود وزعم ابن حزم أن جيع النفية على أن مذهب إمامهم أيضا‬
‫أن ضعيف الديث أول عنده من الرأي والقياس)) انتهى‬
‫ث رأيت ف ((منهاج السنة)) للمام تقي الدين بن تيميه ما نصه ((وأما نن فقولنا إن الديث الضعيف‬
‫خي من الرأي ليس الراد به الضعيف التروك لكن الراد به الي كحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن‬

‫‪57‬‬
‫جده وحديث إبراهيم الجري وأمثالما من يسن الترمذي حديثه أو يصححه وكأن الديث ف‬
‫اصطلح من قبل الترمذي إما صحيح وإما ضعيف والضعيف نوعان ضعيف متروك وضعيف ليس بتروك‬
‫فتكلم أئمة الديث بذلك الصطلح فجاء من ل يعرف إل اصطلح الترمذي فسمع قول بعض الئمة‬
‫((الديث الضعيف أحب إل من القياس)) فظن أنه يتج بالديث الذي يضعفه مثل الترمذي وأخذ‬
‫يرجح طريقة من يرى أنه اتبع للحديث الصحيح وهو ف ذلك من التناقضي الذي يرجحون الشيء على‬
‫ما هو أول بالرجحان منه إن ل يكن دونه)) ‪1‬هـ‬
‫‪-35‬بث الدوان ف الضعيف‬
‫قالت الحقق جلل الدين الدوان ف رسالته أنوذج العلوم ((اتفقوا على أن الديث الضعيف ل تثبت به‬
‫الحكام الشرعية ث ذكروا أنه يوز بل يستحب العمل بالحاديث الضعيفة ف فضائل العمال ومن‬
‫صرح به النووي ف كتبه ل سيما كتاب ((الذكار)) وفيه إشكال لن جواز العمل واستحبابه كلها من‬
‫الحكام الشرعية المسة فإذا استحب العمل بقتضى الديث الضعيف كان ثبوته بالديث الضعيف‬
‫ص‪118:‬‬
‫وذلك يناف ما تقرر من عدم ثبوت الحكام بالحاديث الضعيفة وقد حاول بعضهم التفصي عن ذلك‬
‫وقال إن مراد النووي أنه إذا ثبت حديث صحيح أو حسن ف فضيلة عمل من العمال توز رواية الديث‬
‫الضعيف ف هذا الباب ول يفي أن هذا ل يرتبط بكلم النووي فضلً عن أن يكون مراده فكم من فرق‬
‫بي جواز العمل واستحبابه وبي مرد نقل الديث على أنه لو ل يثبت الديث الصحيح أو السن ف‬
‫فضيلة عمل من العمال يوز نقل الديث الضعيف فيها ل سيما من التنبيه على ضعفه ومثل ذلك ف‬
‫كتب الديث وغيه كثي شائع يشهد به من تتبع أدن تتبع والذي يصلح للتعويل أنه إذا وجد حديث‬
‫ضعيف ف فضيلة عمل من العمال ول يكن هذا العمل ما يتمل الرمة أو الكراهة فإنه يوز العمل به‬
‫ويستحب لنه مأمون الطر ومرجو النفع إذ هو دائر بي الباحة والستحباب فالحتياط العمل به رجاء‬
‫الثواب وأما إذا دار بي الرمة والستحباب فل وجه لستحباب العمل به وأما إذا دار بي الكراهة‬
‫والستحباب فمجال النظر فيه واسع إذ ف العمل دغدغة الوقوع ف الكروه وف الترك مظنة ترك‬
‫الستحب فلينظر إن كان خطر الكراهة أشد بأن تكون الكراهة الحتلمة شديدة كان خطر الكراهة‬
‫أضعف بأن تكون الكراهة على تقدير وقوعها ضعيفة دون مرتبة ترك العمل على تقدير استحبابه‬
‫فالحتياط العمل به وف صورة الساواة يتاج إل نظر تام والظاهر أنه يستحب أيضا لن الباحات تصي‬

‫‪58‬‬
‫بالنية عبادة فكيف ما فيه شبهة الستحباب لجل الديث الضعيف فجواز العمل واستحبابه مشروطان‬
‫أما جواز العمل فبعدم احتمال الرمة وأما الستحباب فيما ذكر مفصلً‬
‫((تقي ههنا شيء وهو أنه عدم احتمال الرمة فجواز العمل ليس لجل الديث إذ ل يوجد يوز العمل‬
‫أيضا لن الفروض انتفاء الرمة ل يقال الديث الضعيف ينفي احتمال الرمة لنا نقول الديث‬
‫الضعيف ل يثبت به شيء من الحكام المسة‬
‫ص‪119:‬‬
‫وانتفاء الرمة يستلزم ثبوت الباحة والباحة حكم شرعي فل يثبت بالديث الضعيف ولعل مراد‬
‫النووي ما ذكرنا وإنا ذكر جواز العمل توطئة للستحباب‬
‫((وحاصل الواب أن الواز معلوم من خارج والستحباب أيضا معلوم من القواعد الشرعية الدالة على‬
‫استحباب الحتياط ف أمر الدين فلم يثبت شيء من الحكام بالديث الضعيف بل أوقع الديث شبهة‬
‫الستحباب فصار الحتياط أن يعمل به فاستحباب الحتياط معلوم من قواعد الشرع)) انتهى‬
‫وقد ناقش الدوان رحه ال الشهاب الفاجي ف ((شرح الشفا)) فقال بعد نقله ملخص كلمه الذكور‬
‫ما صورته ((ما قاله اللل مالف لكلمهم برمته وما نقله من التفاق غي صحيح مع ما سعته من‬
‫القوال ‪ -‬يعن ف العمل بالضعيف ‪ -‬والحتمالت الت أبداها ل تفيد سوى تسويد وجه القرطاس‬
‫والذي أوقعه ف الية توهه أن عدم ثبوت الحكام به متفق عليه وأنه يلزم من العمل به ف الفضائل‬
‫والترغيب أنه يثبت به حكم من الحكام وكلها غي صحيح أما الول فلن من الئمة من جوز العمل‬
‫به بشروطه وقدمه على القياس وأما الثان فلن ثبوت الفضائل والترغيب ل يلزمه الكم أل ترى أنه لو‬
‫روى حديث ضعيف ف ثواب بعض المور الثابت استحبابا والترغيب فيه أوف فضائل بعض الصحابة‬
‫رضوان ال عليهم أو الذكار الأثورة ل يلزم ما ذكر ثبوت حكم أصل ول حاجة لتخصيص الحكام‬
‫والعمال كما توهم للفرق الظاهر بي العمال وفضائل العمال وإذا ظهر عدم الصواب لن القوس ف‬
‫يد غي باريها ظهر أنه إشكال ول خلل ول اختلل)) ‪1‬هـ‬
‫وأقول إن للشهاب ولعا ف الناقشة غريبا وإن ل يظ الواقف عليها بطائل وتلك عادة استحكمت منه ف‬
‫مصنفاته كما يعلمه من طالعها ولعله هو الذي سود وجه القرطاس ههنا إذ ل غبار على كلم اللل‬
‫وأما انتقاده عليه بنقله التفاق على أن الديث الضعيف ل تثبت به الحكام مع وجود اللف فيه فلنه‬
‫عن اتفاق مدققي النقاد وأول اشتراط‬

‫‪59‬‬
‫ص‪120:‬‬
‫الصحة ف قبول السناد كالشيخي وأضرابما من أسلفنا النقل عنهما ف الذهب الول ف الضعيف إن ل‬
‫نقل إن اللل ل ير مقابله ما يدر سوقه مقابل حت يكى اللف فيه وكثيا ما يترفع الؤلفون عن‬
‫القوال الواهية ولو ف نظرهم فيحكون التفاق ومرادهم اتفاق ذوي التحقيق كما هو معلوم ف الؤلفات‬
‫التداولة وأما مناقشته بأن ثبوت الفضائل والترغيب ل يلزمه الكم فإلزام لا ل يلتزمه اللل لنه ل يدعه‬
‫وكلمه ف العمال خاصة فمؤاخذته بطلق الفضائل افتراء أو مشاغبة وأما قوله (ول حاجة لتخصيص‬
‫الحكام إل آخره) فشط من القلم إل جداول الدل الفاضح وهل كلمه إل ف الحكام والعمال‬
‫وتعليله بظهور الفرق بي العمال وفضائلها غي ظاهر هنا ل تادها ف هذا البحث لن الضافة العمال‬
‫بيانية أو من إضافة الصفة إل الوصوف أي العمال الفاضلة فتأمل لعلك ترى القوس ف يد اللل كما‬
‫رآه المال‬
‫‪ -36‬مسائل تتعلق بالضعيف‬
‫الول من رأي حديثا بإسناد ضعيف فله أن يقول ((ضعيف بذا السناد)) ول يقول ((ضعيف الت))‬
‫بجرد ذلك السناد فقد يكون له إسناد آخر صحيح إل أن يقول إمام أنه ل يرد من وجه صحيح أو إنه‬
‫حديث ضعيف مبينا ضعفه‬
‫الثانية من أراد رواية ضعيف بغي إسناد فليقل ((قال رسول ال )) بل يقول روى عنه كذا أو بلغنا عنه‬
‫كذا أو بلغنا عنه كذا أو ورد عنهن أو جاء عنه أو نقل عنه)) وما أشبه ذلك من صيغ التمريض كروي‬
‫بعضهم وكذا يقول ف ما يشك ف صحته وضعفه أما الصحيح فيدكر بصيغة الزم وبقبح فيه صيغة‬
‫التمريض كما يقبح ف الضعيف صيغة الزم‬
‫الثالثة ل يتصدى للجواب عن الديث الشكل إل إذا كان صحيحا وأما إذا كان ضعيفا فل قال العلمة‬
‫السيد أحد بن البارك ف ((البريز)) ف خلل بث ف بعض الحاديث الضعيفة ((وإن كان الديث ف‬
‫نفسه مردودا هان المر ول در أب السن القابسي‬
‫ص‪121:‬‬
‫رحه ال حيث اعترض على الستاذ أب بكر بن فورك رحه ال حيث تصدى للجواب عن أحاديث‬
‫مشكلة وهي باطلة قال القابسي ((ل يتكلف الواب عن الديث حت يكون صحيحا والباطل يكفي ف‬
‫رده كونه باطلً)) انتهى‬

‫‪60‬‬
‫وأما اعتذار ابن حجر اليتمي ف ((فتاواه الديثية)) عن ابن فورك بأنه ((إنا تكلف الواب عنها مع‬
‫ضعفها لنه ربا تشبث با بعض من ل علم له بصحيح الحاديث من ضعيفها فطلب الواب عنها‬
‫بفرض صحتها إذ الصحة والضعف ليسا من المور القطعية بل الظنية والضعيف يكن أن يكون صحيحا‬
‫فبهذا الفرض يتاج إل الواب عنه)) فل يفي ما فيه إذ الكلم مع من يعلم ومن ل يعلم فأحقر من أن‬
‫يتمحل له والمكان الذكور ل عبة به لنا نقف مع ما صححوه أو ضعفوه وقوف الازم به ونطرح‬
‫ذاك الفرض الذي ل عبة له ف نظر الئمة إذ ل ثرة لم فافهم‬
‫وف الوعظة السنة ((ل يستحق ما ل أصل أن يشتغل برده بل يكفي أن يقال ((هذا كلم ليس من‬
‫الشريعة)) وكل ما هو ليس منها فهو رد أي مردود على قائله مضروب ف وجهه)) انتهى‬
‫نعم لو اختلف ف صحة حديث لعلة فيه رآها بعضهم غي قادحة فصححه وخالفه آخر فل بأس أن‬
‫يشتغل بتأويل هذا العلل الختلف ف صحته لحتمال صحته فيتأول على هذا التقدير‬
‫الرابعة إذا قال الافظ الناقد الطلع ف حديث ((ل أعرفه)) اعتمد ذلك ف نفيه لنه بعد التدوين والرجوع‬
‫إل الكتب الصنفة يبعد عدم اطلعه على ما يورده غيه فالظاهر عدمه كذا ف التدريب‬
‫الامسة قولم هذا الديث ليس له أصل أو ل أصل له قال ابن تيميه معناه ليس له إسناد‬
‫السادسة قال الافظ ابن حجر ((ل يلزم من كون الديث ل يصح أن يكون موضوعا))‬
‫ص‪122:‬‬
‫قال الزركشي ((بي قولنا موضوع وقولنا ل يصح بون كثي فإن ف الول إثبات الكذب والختلق وف‬
‫الثان إخبارا عن عدم الثبوت ول يلزم منه إثبات العدم وهذا يىء ف كل حديث قال فيه ابن الوزي ل‬
‫يصح ونوه‬
‫السابعة قال الافظ ابن حجر ف مقدمة الفتح ((الضعيف ل يعل به الصحيح))‬
‫‪ -37‬ذكر أنواع نشترك ف الصحيح والسن والضعيف‬
‫الول السند هو على العتمد ما اتصل سنده من راوية إل منهاه مرفوعا إل النب‬
‫الثان التصل ويسمى الوصول وهو ما اتصل سنده سواء كان مرفوعا إليه أو موقوفا‬
‫الثالث الرفوع وهو ما أضيف إل النب خاصة من قول أو فعل أو تقرير سواء كان متصلً أو منقطعا‬
‫بسقوط الصحاب منه أو غيه فالتصل قد يكون مرفوعا وغي مرفوعا والرفوع قد يكون متصلً وغي‬
‫متصل والسند متصل مرفوع‬

‫‪61‬‬
‫الرابع العنعن وهو ما يقال ف سنده فلن عن فلن قيل إنه مرسل حت يتبي اتصاله والمهور على أنه‬
‫متصل إذا أمكن لقاء من أضيفت العنعنة إليهم بعضهم بعضا مع براءة العنعن من التدليس وإل فليس‬
‫بتصل وقد كثر العنعن ف الصحيحي وكثي من طرقة صرح فيها بالتحديث والسماع ف الستخرجات‬
‫عليهما وإن كان ل يرتاب ف صحته فيهما وبراءة معنعنه من التدليس لدقة شرطهما وكثر أيضا استعمال‬
‫((عن)) ف الجازة فإذا قال أحدهم ((قرأت على فلن عن فلن)) فمراده أنه رواه عنه فل ترج عن‬
‫التصال‬
‫الامس الؤنن وهو ما يقال ف مسنده ((حدثنا فلن أن فلنا)) وهو كالعنعن قيل إنه منقطع حت يتبي‬
‫السماع ف ذلك الب بعينه من جهة أخرى والمهور على أنه كالعنعن ف التصال بالشرط التقدم‬
‫ص‪123:‬‬
‫السادس العلق وهو ما حذف من مبدأ إسناده واحد فأكثر على التوال ويعزي الديث إل من فوق‬
‫الحذوف من رواته مأخوذ من تعليق الدار والطلق لشتراكهما ف قطع التصال وهو ف البخاري كثي‬
‫جدا قال النووي ((فما كان منه بصيغة الزم كقال وفعل وأمر وروى وذكر معروفا فهو حكم بصحته‬
‫عن الضاف إليه وما ليس فيه جزم كيوي ويذكرن ويكي ويقال وحكى عن فلن وروى وذكر مهولً‬
‫فليس فيه حكم بصحته عن الضاف إليه ومع ذلك فإيراده ف كتاب الصحيح مشعر بصحة أصله إشعارا‬
‫يونس به ويركن إليه وعلى الدقق إذا رام الستدلل به أن ينظر ف رجاله وحال سنده ليى صلحيته‬
‫للحجة وعدمها‬
‫السابع الدرج وهو أقسام أخدها مدرج ف حديث النب بأن يذكر الراوي عقيبة كلما لنفسه أو لغيه‬
‫فيويه من بعده متصلً بالديث من غي فصل فيتوهم أنه من الديث الثان أن يكون عنده متنان‬
‫بإسنادين فيويهما بأحدها الثالث أن يسمع حديثا من جاعة متلفي ف إسناده أو متنه فيويه عنهم‬
‫باتفاق ول يبي ما اختلف فيه قالوا تعمد كل واحد من الثلثة حرام وصاحبه من يرف الكلم عن‬
‫مواضعه وهو ملحن بالكذابي نعم ما أدرج لتفسي غريب ل ينع ولذلك فعله الزهري وغي واحد من‬
‫الئمة‬
‫الثامن الشهور وهو ماله طرق مصورة بأكثر من اثني سى بذلك لوضوحه ويطلق على ما اشتهر على‬
‫اللسنة فيشمل ماله إسناد واحد فصاعدا بل مال يوجد له إسناد أصل (كذا ف النخبة) وما اشتهر على‬
‫اللسنة أعم عن اشتهاره عند الحدثي خاصة أو عندهم أو عند العامة ما ل أصل له‬

‫‪62‬‬
‫التاسع الستفيض هو الشهور على رأي جاعة من أئمة الفقهاء سى بذلك لننشاره من فاض الاء يفيض‬
‫فيضا ومنهم من غاير بي الستفيض والشهور بأن الستفيض‬
‫ص‪124:‬‬
‫يكون ف ابتدائه وانتهائه سواء والشهور أعم من ذلك ومنهم من غاير على كيفية أخرى وليس من‬
‫مباحث هذا الفن (كذا ف شرح النخبة)‬
‫العاشر الغريب هو ما رواه راو منفردا بروايته فلم يروه غيه أو انفرد بزيادة ف متنه أو إسناده سواء‬
‫انفرد به مطلقا أو بقيد كونه عن إمام شأنه أن يمع حديثه لللته وثقته وعدالته كالزهري وقتادة وإنا‬
‫سى غريبا لنفراد راويه عن غيه كالغريب الذي شأنه النفراد عن وطنه والغالب أنه غي صحيح ومن ث‬
‫كره جع من الئمة تتبعها قال مالك ((شرا العلم الغريب وخي العلم الظاهر الذي قد رواه الناس)) وقال‬
‫المام أحد ((ل تكتبوا هذه الغرائب فإنا مناكي وغالبها عن الضعفاء)) انتهى‬
‫وينقسم الغريب إل غريب متنا وإسنادا كما لو انفرد بتنه واحد وإل غريب إسنادا لمتنا كحديث‬
‫معروف روى متنه جاعة من الصحابة انفرد واحد بروايته عن صحاب آخر فيه يقول الترمذي غريب من‬
‫هذا الوجه)) ول يوجد ما هو غريب متنا وليس غريبا إسنادا إل إذا اشتهر الديث الفرد عمن انفرد به‬
‫فرواه عنه عدد كثي فإنه يصي غريبا مشهورا وغريبا متنا ل إسنادا لكن بالنظر إل أحد طرف السناد‬
‫فإن إسناده غريب ف طرفه الول مشهور ف طرفه الخر كحديث ((إنا العمال بالنيات)) فإن الشهرة‬
‫إنا طرأت له من عند يي بن سعيد الخذ عن ممد بن إبراهيم التيمي عن علقمة ابن وقاص الليثي عن‬
‫عمر بن الطاب رفعه ول يدخل ف الغريب إفراد البلدان كقولم ((تفرد به أهل مكة أو الشام أو‬
‫البصرة)) إل أن يراد بتفرد أهل مكة انفراد واحد منهم توزان فيكون حينئذ غريبا‬
‫الادي عشر العزيز وهو ما انفرد عن راويه اثنان أو ثلثة ولو رواه بعد ذلك عن هذين الثني أو الثلثة‬
‫مئة فقد يكون الديث عزيزا مشهورا وينفرد عن الغريب‬
‫ص‪125:‬‬
‫بكونه ل يرويه أقل من اثني عن اثني بلف الغريب سى عزيزا لقلة وجوده أو لكونه قوى بجيئه من‬
‫طريق أخرى‬
‫الثان عشر الصحف وهو الذي وقع فيه تصحيف ويكون ف السناد والت فمن الول العوام بن مراجم‬
‫‪ -‬بالراء واليم ‪ -‬صحفه بعض الثقات فقال مزاحم ‪ -‬الزاي والاء ‪ -‬ومن الثان حديث ((احتجر النب‬

‫‪63‬‬
‫ف السجد)) أي اتذ حجرة صحفه بعضهم ((احتجم)) وهذان القسمان من تصحيف اللفظ وقد يكون‬
‫ف العن كقول ممد بن الثن العني ((نن قوم لنا شرف نن من عنة صلى إلينا رسول ال )) فتوهم‬
‫أنه صلى إل قبلتهم وإنا العنة هنا ((الرية)) تنصب بي يديه‬
‫فائدة التصحيف لغة الطأ ف الصحيفة باشتباه الروف مولدة وقد تصحف عليه لفظ كذا والصحفي‬
‫مركة من يطىء ف قراءة الصحيفة وقول العامة ((الصحفي)) بضمتي لن‬
‫الثالث عشر النقلب وهو الذي ينقلب بعض لفظه على الراوي فيتغي معناه كحديث البخاري ف باب‬
‫((إن رحه ال قريب من الحسني)) عن صال بن كيسان عن العرج عن أب هريرة رفعه اختصمت‬
‫النة والنار إل ربما الديث)) وفيه أنه ((ينثي للنار خلقا)) صوابه كما رواه ف موضع آخر من طريق‬
‫عبد الرزاق عن هام عن أب هريرة بلفظ ((فأما النة فينشىء ال لا خلقا)) فسبق لفظ الراوي من النة‬
‫إل النار وصار منقلبا ولذا جزم ابن القيم بأنه غلط ومال إليه البلقين حيث أنكر هذه الرواية واحتج‬
‫بقوله تعال (ول يظلم ربك أحدا)‬
‫الرابع عشر السلسل وهو ما يتابع رجال إسناده على حالة واحدة إما ف الراوي قولً نو ((سعت فلنا‬
‫يقول سعت فلنا إل النتهى)) أو ((أخبنا فلن وال‬
‫ص‪126:‬‬
‫قال أخبنا فلن وال)) أو فعلً كحديث التشبيك باليد أو قو ًل وفعلً كحديث ((ل يد العبد حلوة‬
‫اليان حت يؤمن بالقدر خيه وشره حلوه ومره)) وقبض رسول ال على ليته وقال آمنت بالقدر خيه‬
‫وشره حلوه ومره)) وكذا كل راو من رواته قبض وقال وإما على صفة واحدة كاتفاق أساء الرواة‬
‫كالحمديي أو صفاتم كالفقهاء أو نسبتهم كالدمشقيي وقد جع الفاظ ف ذلك مؤلفات مشهورة‬
‫وأفضل السلسلت ما دل على التصال ف السماع وعدم التدليس ومن فوائده استماله على زيادة الضبط‬
‫من الرواة ولكن قلما يسلم عن خلل ف التسلسل وقد ينقطع تسلسله ف وسطه أو أوله أو آخره كحديث‬
‫الرحة السلسل بالولية فإنه انتهى فيه التسلسل إل عمرو بن دينار‬
‫الامس عشر العال وهو ما قربت رجال سنده من رسول ال بسبب قلة عددها بالنسبة إل سند آخر يرد‬
‫بذلك الديث بعينه بعدد كثي أو بالنسبة لطلق السانيد وأجله ما كان بإسناد صحيح ول التفات إل‬
‫العلو مع ضعفه وإن وقع ف بعض العاجم ومن العلو القرب من إمام من أئمة الديث كما لك وإن كثر‬

‫‪64‬‬
‫بعده العدد إل رسول ال ومنه القرب إل الصحيحي وأصحاب السنن والسانيد والول العلو القيقي‬
‫وما بعده العلو النسب‬
‫قال الافظ ف شرح النخبة ((وف العلو النسب الوافقة وهي الوصول إل شيخ أحد الصنفي من غي‬
‫طريقة كأن يروي البخاري عن قتيبة عن مالك حديثا فإذا روى من طريق البخاري كان العدد إل قتيبة‬
‫ثانية وإذا روى من غي طريقة كان العدد إليه سبعة فالراوي من الثان وافق البخاري ف شيخه مع علو‬
‫السناد على السناد إليه وف‬
‫ص‪127:‬‬
‫العلو النسب البدل وهو الوصول إل شيخ شيخه كذلك وفيه أيضا الساواة وهي استواء عدد السناد من‬
‫الراوي إل آخره مع إسناد أحد الصنفي وفيه الصافحة وهي الستواء مع تلميذ ذلك الصنف))‬
‫السادس عشر النازل وهو ما قابل العال بأقسامه السابقة والسناد النازل مفضول إل إن تيز بفائدة‬
‫كزيادة الثقة ف رجاله على العال أو كونم أحفظ أو أفقه ونو ذلك قال ابن البارك ((ليس جودة‬
‫الديث قرب السناد بل جودته صحة الرجال))‬
‫السابع عشر وهو نوعان فرد مطلق وفرد نسب ولكل أقسام فإما الفرد الطلق فهو ما تفرد به راو واحد‬
‫عن جيع الرواة ثقات وغيهم وله أربعة أحوال حال يكون مالفا لرواية من هو أحفظ منه فهذا ضعيف‬
‫ويسمى شاذا ومنكرا كما سيأت وحال ل يكون مالفا ويكون هذا الراوي حافظا ضابطا متقنا فيكون‬
‫صحيحا وحال يكون قاصرا عن هذا ولكنه قريب من درجته فيكون حديثه حسنا وحال يكون بعيدا‬
‫عن حاله فيكون شاذا منكرا مردودا فتحصل أن الفرد الذكور قسمان مقبول ومردود والقبول ضربان‬
‫فرد ل يالف وراويه كامل الهلية وفرد هو قريب منه والردود أيضا ضربان فرد مالف للحفظ وفرد‬
‫ليس ف راويه من الفظ والتقان ما يب تفرده القسم الثان الفرد النسب وهو ما كان بالنسبة إل صفة‬
‫خاصة وهو أنواع ما قيد بثقة كقولم ل يروه ثقة إل فلن انفرد به عن فلن أو قيد ببلد معي كمكة‬
‫والبصرة ومصر كقولم ل يرو هذا الديث غي أهل البصرة ونو تفرد به أهل مصر ل يشركهم أحد ول‬
‫يقتضى شيء من ذلك ضعفه إل أن يراد تفرد واحد من أهل هذه البلد فيكون من الفرد الطلق أو قيد‬
‫براو مصوص كقولم ل يروه عن بكر إل وائل ول يروه عن وائل غي فلن فيكون غريبا‬
‫الثامن عشر التابع (بكسر الباء) وهو ما وافق روايه راو آخر من يصلح أن يرج حديثه فرواه عن شيخه‬
‫أو من فوقه قال الافظ ف النخبة وشرحها ((والفرد‬

‫‪65‬‬
‫ص‪128:‬‬
‫النسب إن وافقه غيه فهو التابع والتابعة على مراتب إن حصلت للراوي نفسه فهي تامة أو لشيخه فمن‬
‫فوقه فهي القاصرة ويستفاد منها التقوية ولو جاءت بالعن كفي لكنها متصة من كونا من رواية ذلك‬
‫الصحاب))‬
‫التاسع عشر الشاهد وهو ما وافق راو راويه عن صحاب آخر قال الافظ ف النخبة وشرحها ((وإن‬
‫وجد مت يروي من حديث صحاب آخر يشبه ف اللفظ والعن أو ف العن فقط فهو الشاهد وخص قوم‬
‫التابعة با حصل باللفظ سواء كان من رواية ذلك الصحاب أم ل والشاهد با حصل بالعن كذلك وقد‬
‫تطلق التابعة على الشاهد وبالعكس)) انتهى‬
‫تنبيه‪ -‬ف التقريب وشرحه ((أن العتبار والتابعات والشواهد أمور يتداولا أهل الديث يتعرفون با حال‬
‫الديث ينظرون هل تفرد راويه أول وهل هو معروف أول فالعتبار أن يأت إل حديث لبعض الرواة‬
‫فيعتبه بروايات غيه من الرواة بسب طرق الديث ليعرف هل شارحه ف ذلك الديث راو غيه فرواه‬
‫عن شيخه أول فإن ل يكن فينظر هل تابع أحد شيخ شيخه فرواه عمن روى عنه وهكذا إل آخر السناد‬
‫وذلك التابعة فإن ل يكن فينظر هل أت بعناه حديث آخر وهو الشاهد فإن ل يكن فالديث فرد فليس‬
‫العتبار قسيما للمتابع والشاهد بل هو هيأة التوصل إليهما)) انتهى‬
‫وقال الافظ ف النخبة وشرحها ((وأعلم أن تتبع الطرق من الوامع والسانيد والجزاء لذلك الديث‬
‫الذي‬
‫ص‪129:‬‬
‫‪ -38‬ذكر أنواع تتص بالضعيف‬
‫النوع الول الوقوف وهو الروى عن الصحابة قولً لم أو فعلً أو تقريرا متصلً إسناده إليهم أو‬
‫منقطعا ويستعمل ف غيهم مقيدا فيقال وقفه فلن على الزهري ونوه وسبق أول الكتاب أن فقهاء‬
‫خراسان يسمون الوقوف أثرا والرفوع خبا‬
‫قال النووي ((وعند الحدثي كل هذا يسمي أثرا أي لنه مأخوذ من أثرت الديث أي روبية))‬
‫والوقوف ليس بجة على الصح‬
‫الثان القطوع وهو ما جاء عن التابعي أو من دونم من أقوالم وأفعالم موقوفا عليهم وليس بجة أيضا‬
‫فائرتان‬

‫‪66‬‬
‫الول قال الزركشي ف((النكت)) ((إدخال القطوع ف أنواع الديث فيه تسامح كبي فإن أقوال‬
‫التابعي ومذاهبهم ل دخل لا ف الديث فكيف تعد نوعا منة قال نعم يىء هنا ما ف الوقوف من أنه‬
‫إذا كان ذلك ل مال للجتهاد فيهن يكون ف حكم الرفوع وبه صرح ابن العرب وادعى أنه مذهب‬
‫مالك))‬
‫الثانية من مظان الوقوف والقطوع مصنف ابن أب شيبة وعبد الرزاق وتفاسي ابن جرير وابن أب حات‬
‫وابن النذر وغيهم‬
‫الثالث النقطع وهو ما ل يتصل إسناده سواء سقط منه صحاب أو غيه وبعبارة أخرى سواء ترك ذكر‬
‫الراوي من أول السناد أو وسطه أو آخره إل أن الغالب استعماله ف رواية من دون التابعي عن الصحابة‬
‫كما لك عن ابن عمر‬
‫الرابع العضل ((بفتح الضاد)) وهو ما سقط من إسناده أثنان فأكثر بشرط التوال كقول مالك قال‬
‫رسول ال وقول الشافعي قال ابن عمر‬
‫الامس الشاذ قال الشافعي ((الشاذ ما رواه القبول مالفا لرواية من هو أول‬
‫ص‪130:‬‬
‫منه ل أن يروي مال يروي غيه فمطلق التفرد ل يعل الروي شاذا كما قيل بل مع الخالفة الذكورة))‬
‫السادس النكر وهو الديث الفرد الذي ل يعرف متنه عن غي راويه وكان راويه بعيدا عن درجة‬
‫الضابط‬
‫تنبيه أعلم أن الشاذ والنكر يتمعان ف اشتراط الخالفة لا يرويه الناس ويفترقان ف أن الشاذ رواية ثقة أو‬
‫صدوق والنكر رواية ضعيف وقد غفل من سوى بينهما‬
‫السابع التروك وهو ما يرويه متهم بالكذب ول يعرف إل من جهته ويكون مالفا للقواعد العلومة أو‬
‫معروفا بالكذب ف غي الديث النبوي أو كثي الغلط أو الفسق أو الغفلة‬
‫الثامن العلل ويقال العلول وهو ما ظاهره السلمة اطلع فيه بعد التفتيش على قادح وتدرك العلة بعد جع‬
‫الطرق والفحص عنها بتفرد الراوي وبخالفه غيه له من هو أحفظ أو أضبط أو أكثر عددا مع قرائن‬
‫تضم إل ذلك يهتدى الناقد إليها إل اطلعه على تصويب إرسال ف الوصول أو تصويب وقف ف‬
‫الرفوع أو دخل حديث ف حديث أو وهم واهم بغي ذلك كإبدال راو ضعيف بثقة بيث غلب على‬
‫ظنه ما وقف عليه من ذلك فحكم به أو تردد ف ذلك فوقف عن الكم بصحة الديث مع أن ظاهره‬

‫‪67‬‬
‫السلمة من العلة وأكثر ما تكون العلة ف السند وقد تكون ف الت ث الت ف السند قد تقدح ف صحة‬
‫الت وقد ل تقدح وكما تكون خفية تكون ظاهرة فقد كثر إعلل الوصول بالرسال والرفوع بالوقف‬
‫إذا قوى الرسال أو الوقف بكون راويهما أضبط أو أكثر عددا على التصال أو الرفع وقد يعلون‬
‫الديث بأنواع الرح من الكذب والغفلة وفسق الراوي وسوء الفظ بل أطلق الليل اسم العلة على غي‬
‫القادح توسعا كالديث الذي وصله الثقة وأرسله غيه‬
‫ص‪131:‬‬
‫التاسع الضطرب ((بكسر الراء)) وهو الذي يروي على أوجه متلفة متقاربة والختلف إما من راو‬
‫واحد بأن رواه مرة على وجه ومرة على وجه آخر مالف له أو أزيد من واحد بأن رواه كل من جاعة‬
‫على وجه مالف للخر والضطراب يوجب ضعف الديث لشعار بعدم الضبط من رواته الذي هو‬
‫شرج ف الصحة والسن ويقع الضطراب ف السناد وف الت وف كليهما معا ث إن رجحت إحدي‬
‫الروايتي أو الروايات يفط راويها أو كثرة صحبته الروي عنه أو غي ذلك من وجوه الترجيحات التية‬
‫فالكم للراجحة ول يكون الديث مضطربا‬
‫تنبيه‪ -‬قد يامع الضطراب الصحة وذلك بأن يقع الختلف ف اسم رجل واحد وأبيه ونسبته ونو‬
‫ذلك ويكون ثقة فيحكم للحديث بالصحة ول يضر الختلف فيما ذكر مع تسميته مضطربا وف‬
‫الصحيحي أحاديث كثية بذه الثابة قال الزركشي ((قد يدخل القلب والشذوذ والضطراب ف قسم‬
‫الصحيح والسن))‬
‫العاشر القلوب وهو ما بدل فيه راو بآخر ف طبقته أو أخذ إسناد متنه فركب على مت آخر ويقال له‬
‫الركب والقصد فيه إما العراب فيكون كالوضع أو اختبار حفظ الحدث كما قلب أهل بغداد على‬
‫البخاري لا جاؤهم مئة حديث امتحانا فردها على وجوهها فأذعنوا بفضله وقد يقع القلب غلطا ل‬
‫قصدا كما يقع الوضع كذلك‬
‫الادي عشر الدلس ((بفتح اللم)) وهو ما سقط من إسناده راو ل يسمه من حدث عنه موها ساعه‬
‫للحديث من ل يدثه بشرط معاصرته له فإن ل يكن عاصره فليست الرواية عنه تدليسا على الشهور‬
‫ومن التدليس أن يسقط الراوي شيخ شيخه أو أعلى منه لكونه ضعيفا وشيخه ثقة أو صغيا تسينا‬
‫للحديث ومنه أن يسمى شيخه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه با ل يعرف ث إن كان الامل للراوي على‬
‫التدليس تغطية الضعيف فجرح لن ذلك حرام وغش وإل فل وما كان ف الصحيحي وشبههما عن‬

‫‪68‬‬
‫الدلسي ((بعن)) فمحمول على ثيوت السماع من جهة أخرى وإيثار صاحب الصحيح طريق العنعنة‬
‫لكونا على شرطه دون تلك وال أعلم‬
‫ص‪132:‬‬
‫الثان عشر الرسل وهو ما سقط منه الصحاب كقول نافع قال رسول ال كذا أو فعل كذا أو فعل‬
‫بضرته كذا ونو ذلك هذا هو الشهور وقد يطلق الرسل على القطع والعضل السالف ذكرها كما يقع‬
‫ذلك ف كثي من السنن والصحيح أيضا (كما ف فتح الغيث) وهو رأي الفقهاء والصوليي وما يشهد‬
‫للتعميم قول ابن القطان ((إن الرسال رواية الرجل عمن ل يسمع منه))‬
‫تنبيه‪ -‬عدنا للمرسل ف أنواع الضعيف موافقة للكثرين ول بأس بالشارة إل الذاهب فيه مع بسط ما‬
‫فإنه موقف مهم فنقول‬
‫للئمة مذاهب ف الرسل مرجعها إل ثلثة الول أنه ضعيف مطلقا الثان حجة مطلقا الثالث التفصيل‬
‫فيه‬
‫فأما الذهب الول فهو الشهور قال النووي رحه ال ف التقريب ((ث الرسل حديث ضعيف عند جاهي‬
‫الحدثي وكثي من الفقهاء وأصحاب الصول)) وقال رحه ال ف شرح الهذب بعد هذا ((وحكاه‬
‫الاكم أبو عبد ال عن سعيد بن السيب وجاعة أهل الديث)) وقال مسلم ف مقدمة صحيحه‬
‫((والرسل من الروايات ف أصل قولنا وقول أهل العلم بالخبار ليس بجة )) انتهى‬
‫قال النووي ((ودليلنا ف رد العمل به أنه إذا كانت رواية الجهول السمى ل تقبل لهالة حاله فرواية‬
‫الرسل أول لن الروي عنه مذوف مهول العي والال قال الافظ ف شرح النخبة وإنا ذكر ‪ -‬يعن‬
‫الرسل ‪ -‬ف قسم الردود للجهل بال الحذوف لنه يتمل أن يكون صحابيا ويتمل أن يكون تابعيا‬
‫وعلى الثان يتمل أن يكون ضعيفا ويتمل أن يكون ثقة وعلى الثان يتمل أن يكون حل عن صحاب‬
‫ويتمل أن يكون حل عن تابعي آخر وعلى الثان فيعود الحتمال السابق ويتعدد أما بالتجويز العقلي‬
‫فإل ما ل ناية له وأما بالستقراء فإل ستة أو سبعة وهو أكثر ما وجد من رواية بعض التابعي عن‬
‫بعض )) انتهى‬
‫ص‪133:‬‬
‫وأما الذهب الثان وهو من قال ((الرسل حجة مطلقا)) فقد نقل عن مالك وأب حنيفة وأحد ف رواية‬
‫حكاها النووي وابن القيم وابن كثي وغيهم وحكاه النووي أيضا ف شرح الهذب عن كثيين من‬

‫‪69‬‬
‫الفقهاء أو أكثرهم قال ((ونقله الغزال عن الماهي)) قال القراف ف شرح التنقيح ((حجة الواز أن‬
‫سكوته عنه مع عدالة الساكت وعلمه أن روايته يترتب عليها شرع عام فيقتضى ذلك أنه ما سكت عنه‬
‫إل وقد جزم بعدالته فسكوته كإخباره بعدالته وهو لو زكاه عندنا قبلنا تزكيته وقبلنا روايته فكذلك‬
‫سكوته عنه حت قال بعضهم إن الرسل أقوى من السند بذا الطريق لن الرسل قد تذمم الراوي وأخذه‬
‫ف ذمته عند ال تعال وذلك يقتضى وثوقه بعدالته وأما إذا أسند فقد فوض أخره للسامع ينظر فيه ول‬
‫يتذمه فهذه الالة أضعف من الرسال)) انتهى وف التدريب عن ابن جرير قال ((أجع التابعون بأسرهم‬
‫على قبول الرسل ول يات عنهم إنكاره ول عن أحد من الئمة بعدهم إل رأس الئتي قال ابن عبد الب‬
‫كأنه يعن أن الشافعي أول من رده)) انتهى وقال السخاوي ف فتح الغيث ((قال أبو داود ف رسالته وأما‬
‫الراسيل فقد كان أكثر العلماء يتجون با فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك والوزاعي حت جاء‬
‫الشافعي رحه ال فتكلم ف ذلك وتابعه عليه أحد وغيه)) انتهى ث اختلفوا هل هو أعلى منه السند أو‬
‫دونه أو مثله وتظهر فائدة اللف عند التعارض والذي ذهب إليه أحد وأكثر الالكية والحققون من‬
‫النفية كالطحاوي وأب بكر الرازي تقدي السند قال ابن عبد الب ((وشبهوا ذلك بالشهود يكون‬
‫بعضهم أفضل حالً من بعض وأقعد وأت معرفة وإن كان الكل عدولً جائزي الشهادة)) انتهى‬
‫والقائلون بأنه أعلى وأرجح من السند وجهوه بأن من أسند فقد أحالك على إسناده والنظر ف أحوال‬
‫رواته والبحث عنهم ومن أرسل مع علمه ودينه وإمامته وثقته‬
‫ص‪134:‬‬
‫فقد قطع لك بصحته وكفاك النظر فيه كما قدمنا عن القراف ومل اللف فيما قيل إذا ل ينضم إل‬
‫الرسال ضعف ف بعض رواته وإل فهو حينئذ أسوأ حالً من مسند ضعيف جزما ولذا قيل إنم اتفقوا‬
‫على اشتراط ثقة الرسل وكونه ل يرسل إل عن الثقات قاله ابن عبد الب وكذا أبو الوليد الباجي من‬
‫الالكية وأبو بكر الرازي من النفية (وأما الثان) فل خلف أنه ل يوز العمل بالرسل إذا كان مرسله‬
‫غي متحرز بل يرسل عن غي الثقات أيضا وعبارة الول ((فقال ل تزل الئمة يتجون بالرسل إذا‬
‫تقارب عصر الرسل والرسل عنه ول يعرف الرسل بالرواية عن الضعفاء ومن اعتب ذلك من مالفيهم‬
‫الشافعي فجعله شرطا ف الرسل العتضد ولكن توفق شيخنا ف صحة نقل التفاق من الطرفي قبولً وردا‬
‫قال لكن ذلك فيهما عن جهور مشهور)) انتهى وف كلم الطحاوي ما يومئ إل احتياج الرسل ونوه‬
‫إل الحتفاف بقرينة وذلك أنه قال ‪ -‬ف حديث أب عبيدة بن عبد ال بن مسعود أنه سئل ((كان عبد‬

‫‪70‬‬
‫ال مع النب ليلة الن قال ل)) ‪ -‬ما نصه فإن قيل هذا منقطع لن أبا عبيدة ل يسمع من أبيه شيئا يقال‬
‫نن ل نتج به من هذه الهة إنا احتججنا به لن مثل أب عبيدة على تقدمه ف العلم وموضعه من عبد‬
‫ال وخلطته باصته من بعده ل يفي عليه مثل هذا من أموره فجعلنا قوله حجة لذا ل من الطريق الت‬
‫وصفت ونوه قول الشافعي رحه ال ف حديث لطاوس عن معاذ ((طاوي ل يلق معاذا لكنه علم بأمر‬
‫معاذ وإن ل يلقه لكثرة من لقيه من أخذ عن معاذ وهذا ل أعلم من أحد فيه خلفا)) وتبعه البيهقي‬
‫وغيه ومن الجج لذا القول أن احتمال الضعف ف الواسطة حيث كان تابعيا ل سيما بالكذب بعيدا‬
‫جدا فإنه أثن على عصر التابعي وشهد له بعد الصحابة باليية ث للقرني كما تقدم بيث استدل بذلك‬
‫على تعديل أهل القرون الثلثة وإن تفاوتت منازلم ف الفضل فإرسال التابعي‬
‫ص‪135:‬‬
‫بل ومن اشتمل عليه باقي القرون الثلثة الديث بالزم من غي وثوق بن قاله مناف لا هذا مع كون‬
‫الرسل عنه من اشترك معهم ف هذا الفضل وأوسع من هذا قول عمر رضي ال عنه ((السلمون عدول‬
‫بعضهم على بعض إل ملودا ف حد أو مربا عليه شهادة زور أو ظنينا ف ولء أو قرابة)) قالوا فاكتفى‬
‫رضي ال عنه بظاهر السلم ف القبول إل أن يعلم منه خلف العدالة ولو ل يكن الواسطة من هذا القبيل‬
‫لا أرسل عنه التابعي والصل قبول خبه حت يثبت عنه ما يقتضى الرد وكذا ألزم بعضهم الانعي بأن‬
‫مقتضى الكم لتعاليق البخاري الجزومة بالصحة إل من علق عنه أن من يزم من أئمة التابعي عن النب‬
‫بديث يستلزم صحته من باب أول ل سيما وقد قيل إن الرسل لو ل يتج بالحذوف لا حذفه فكأنه‬
‫عدله ويكن إلزامهم لم أيضا بأن مقتضى تصحيحهم ف قول التابعي من السنة وقفه على الصحاب حل‬
‫قول التابعي ((قال رسول ال )) على أن الحدث له بذلك صحاب تسينا للظن به ف حجج يطول‬
‫إيرادها ل ستلزامه التعرض للرد مع كون جامع التحصيل ف هذه السألة للعلئي متكفلً بذلك كله وكذا‬
‫صنف فيها ابن عبد الادي جزءا‬
‫‪ -39‬ذكر مناقشة الفريق الول لا ذكره أهل الذهب الثان‬
‫قال السخاوي ف فتح الغيث بعد حكايته عن الاكم أنه روى عن سعيد بن السيب عدم قبول الرسل ما‬
‫نصه ((وبسعيد يرد على ابن جرير الطبي من التقدمي وابن الاجب من التأخرين ادعاؤها إجاع‬
‫التابعي على قبوله إذ هو من كبارهم مع أنه ل يتفرد من بينهم بذلك بل قال به منهم ابن سيين‬
‫والزهري وغايته أنم غي متفقي على مذهب واحد كاختلف من بعدهم ث إن ما أشعر به كلم أب‬

‫‪71‬‬
‫داود ف كون الشافعي أول من ترك الحتجاج به ليس على ظاهره بل هو قول ابن مهدين ويي القطان‬
‫وغي واحد من قبل الشافعي ويكن أن يكون اختصاص الشافعي لزيد التحقيق فيه)) ث قال السخاوي‬
‫((وما أوردته من حجج الولي مردود أما الديث فمحمول على الغالب‬
‫ص‪136:‬‬
‫والكثرية وإل فقد وجد فيمن بعد الصحابة من القرني من وجدت فيه الصفات الذمومة لكن بقلة‬
‫بلف من بعد القرون الثلثة فإن ذلك كثر فيهم واشتهر وقد روى الشافعي عن عمهن حدثنا هشام بن‬
‫عروة عن أبيه قال إن لسع الديث استحسنه فما ينعن من ذكره إل كراهية أن يسمعه سامع فيقتدى‬
‫به وذلك أن أسعه من الرجل ل أثق به قد حدث به عمن أثق به أو اسعه من الرجل أثق به قد حدث عم‬
‫ل أثق به وهذا كما قال ابن عبد الب يدل على أن ذلك الزمان أي زمان الصحابة والتابعي كان يدث‬
‫فيه الثقة وغيه ونوه ما أخرجه العقيلي من حديث ابن عون قال ذكر أيوب السختيان لحمد بن سيين‬
‫حديثا عن أب قلبة فقال أبو قلبة رجل صال ولكن عمن ذكره أبو قلبة ومن حديث عمران بن حدير‬
‫أن رجل حدثه عن سليمان التيمي عن ممد بن سيين أن من زار قبا أو صلى إليه فقد برئ ال منه قال‬
‫عمران ((فقلت لحمد عن أب ملز إن رجل ذكر عنك كذا فقال أبو ملز كنت أحسبك يا أبا أبا برك‬
‫أشد اتقاء فإذا لقيت صاحبك فأقرئه السلم وأخبه أنه كذب قال ث رأيت سليمان عند أب ملز فذكرت‬
‫ذلك له فقال سبحان ال إنا حدثنيه مؤذن لنا ول أظنه يكذب فإن هذا والذي قبله فيهما رد أيضا على‬
‫من يزعم أن الراسيل ل تزل مقبولة معمول با ومثل هذه حديث عاصم عن ابن سيين قال كانوا ل‬
‫يسألون عن السناد حت وقعت الفتنة بعد وأعلى من ذلك ما رويناه ف اللية من طريق ابن مهدي عن‬
‫ابن ليعة أنه سع شيخا من الوارج يقول بعد ما تاب ((إن هذه الحاديث دين فانظروا عمن تأخذون‬
‫دينكم إنا كنا إذا هوينا أمرا صيناه حديثا)) انتهى ولذا قال شيخنا إن هذه وال قاصمة الظهر للمحتجي‬
‫بالرسل إذ بدعة الوارج كانت ف صدر السلم والصحابة متوافرون ث ف عصر التابعي فمن بعدهم‬
‫وهؤلء كانوا إذا استحسنوا أمرا جعلوه حديثا وأشاعوه فربا سع الرجل الشيء فحدث به ول يذكر من‬
‫حدثه به تسينا للظن فيحمله عنه غيه ويئ الذي يتج بالقاطيع فيحتج به مع كون أصله‬
‫ص‪137:‬‬
‫ما ذكرتن فل حول ول قوة إل بال وأما اللزام بتعاليق البخاري فهو قد علم شرطه ف الرجال وتقيده‬
‫بالصحة بلف التابعي وأما ما بعده فالتعديل الحقق ف البهم ل يكفي على العتمد فكيف بالسترسال‬

‫‪72‬‬
‫إل هذا الد نعم قد قال ابن كثي البهم الذي ل يسم أو سى ول تعرف عينهن ل يقبل روايته أحد‬
‫علمناه ولكن إذا كان ف عصر التابعي والقرون الشهود لا بالي فإنه يستأنس بروايته ويستضاء با ف‬
‫مواطن وقد وقع ف مسند أحد وغيه من هذا القبيل كثي وكذا يكن النفصال عن الخي بأن الوقوف‬
‫ل انصار له فيما اتصل بلف الحتج به وبذا وغيه ما ل نطيل بإيراده قوبت الجة ف الرسل وإدراجه‬
‫ف جلة الضعيف‬
‫‪ -40‬ذكر الذهب الثالث ف الرسل من اعتدل ف شأنه وفصل فيه‬
‫ذهب كثب من الئمة إل الحتجاج بالرسل بلحظات دققوا فيها منهم المام الشافعي رحه ال تعال‬
‫قال النووي ف مقدمة شرح الهذب ((قال الشافعي رحه ال وأحتج برسل كبار‬
‫ص‪138:‬‬
‫التابعي إذا أسند من جهة أخرى أو أرسله من أخذ عن غي رجال الول أو وافق قول الصحاب أو أفت‬
‫أكثر العلماء بقتضاه)) هذا نظر الشافعي ف الرسالة وغيها وكذا نقل عنه الئمة الحققون من أصحابنا‬
‫الفقهاء والحدثي كالبيهقي والطيب البغدادي وآخرين ل فرق ف هذا عنده بي مرسل سعيدين السيب‬
‫وغيه هذا هو الصحيح الذي ذهب إليه الحققون وقد قال الشافعي ف متصر الزن ف آخر باب الربا‬
‫أخبنا مالك عن زيد بن أسلم عن سعيد بن السيب أن رسول ال نى عن بيع اللحم باليوان وعن ابن‬
‫عباس أن جزورا نرت على عهد أب بكر الصديق رضي ال عنه فجاء رجل بعناق فقال أعطون بذه‬
‫العناق فقال أبو بكر رضي ال عنه ل يصلح هذا)) قال الشافعي رحه ال ((وكان القاسم بن ممد‬
‫وسعيد بن السيب وعروة بن الزبي وأبو بكر بن عبد الرحن يرمون بيع اللحم باليوان)) قال الشافعي‬
‫((وبذا نأخذ ول نعلم أحدا من أصحاب رسول ال حالف أبا بكر الصديق رضي ال عنه)) يروفه لا‬
‫يترتب عليه من الفوائد فإذا عرف هذا فقد اختلف أصحابنا التقدمون ف معن قول الشافعي ((إرسال ابن‬
‫السبب عندنا حسن)) على وجهي حكاها الشيخ أبو إسحاق ف كتابه اللمع وحكاها أيضا الطيب‬
‫البغدادي ف كتابه ((كتاب الفقيه والتفقه والكفاية)) وحكاها جاعات آخرون‬
‫أحدها معناه أنه حجة عنده بلف غيها من الراسيل قالوا لنا فتشت فوجدت مسندة‬
‫والوجه الثان أنا ليست بجة عنده بل هي كغيها على ما ذكرناه‬
‫قالوا وإنا رجح الشافعي رحه ال برسله والترجيح بالرسل جائز قال الطيب البغدادي ف كتاب الفقيه‬
‫والتفقه ((والصواب الوجه الثان قالوا لنا فتشت فوجدت مسندة‬

‫‪73‬‬
‫والوجه الثان أنا ليست بجة عنده بل هي كغيها على ما ذكرناه‬
‫قالوا وإنا رجح الشافعي رحه ال برسله والترجيح بالرسل جائز قال الطيب البغدادي ف كتاب الفقيه‬
‫والتفقه ((والصواب الوجه الثان وأما الول فليس‬
‫ص‪139:‬‬
‫بشيء)) وكذا قال ف الكفاية ((الوجه الثان هو الصحيح عندنا من الوجهي لن ف مراسيل سعيد ما ل‬
‫يوجد مسندا بال من وجه يصح)) قال ((وقد جعل الشافعي لراسيل كبار التابعي مزية على غيهم كما‬
‫استحسن مرسل سع)) هذا كلم الطيب‬
‫وذكر المام الافظ أبو بكر البيهقي رحه ال نص الشافعي كما قدمته قال ((قال الشافعي نقبل مراسيل‬
‫كبار التابعي إذا انضم إليها ما يؤكدها فإن ل ينضم ل نقبلها سواء كان مرسل ابن السيب أو غيه))‬
‫قال ((وقد ذكرنا مراسيل لبن السيب ل يقبلها الشافعي حي ل ينضم إليها ما يؤكدها ومراسيل لغيه‬
‫قال با حي انضم إليها ما يؤكدها)) قال ((وزيادة ابن السيب ف هذا على غيه أنه أصح التابعي إرسالا‬
‫فيما زعم الفاظ)) فهذا كلم البيهقي والطيب وها إمامان حافظان فقيهان شافعيان متضلعان من‬
‫الديث والفقه والصول والبة التامة بنصوص الشافعي ومعان كلمه وملهما من التحقيق والتقان‬
‫والنهاية ف العرفان بالغاية القصوى والدرجة العليا وأما تول المام أب بكر القفال الروزي رحه ال ف‬
‫أول كتابه ((شرح التلخيص)) ((قال الشافعي ف رهن الصغي مرسل ابن السيب عندنا حجة)) فهو‬
‫ممول على التفصيل الذي قدمناه عن البيهقي والحققي وال أعلم‬
‫((قلت ول يصح تعلق من قال إن مرسل سعيد حجة بقوله ((إرساله حسن)) لن الشافعي رحه ال ل‬
‫يعتمد عليه وحجه بل اعتمده لا انضم إليه من قول أب بكر الصديق ومن حضره وانتهى إليه قوله من‬
‫الصحابة رضي ال عنهم مع ما انضم إليه من قول أئمة التابعي الربعة والذين ذكرهم وهم أربعة من‬
‫فقهاء الدينة السبعة وهو مذهب مالك وغيه فهذا عاضد ثان للمرسل فل يلزم من هذا الحتجاج برسل‬
‫ابن السيب إذا ل يعضده فإن قيل ذكرت أن الرسل إذا أسند من جهة أخرى احتج به وهذا القول فيه‬
‫تساهل لنه إذا أسند عملنا بالسند فل فائدة حينئذ ف الرسل ول عمل به والواب أن بالسند يتبي‬
‫صحة الرسل وأنه ما يتج به فيكون ف السألة حديثان‬
‫ص‪140:‬‬
‫صحيحان حت لو عارضهما حديث صحيح من طريق واحد وتعذر المع قدمناها عليه وال أعلم))‬

‫‪74‬‬
‫انتهى كلم النووي‬
‫تتمة‪ -‬أورد العلمة القراف رحه ال تعال ف التنقيح سؤالً فقال ((الرسال هو إسقاط صحاب من السند‬
‫والصحابة كلهم عدول فل فرق بي ذكره والسكوت عنه فكيف جرى اللف فيه)) وأجاب هو كما‬
‫ف نسخة من التنقيح ((بأنم عدول إل عند قيام العارض وقد يكون السكوت عنه منهم عرض ف حقه‬
‫ما يوجب القدح فيتوقف ف قبول الديث حت تعلم سلمته عن القادح)) انتهى‬
‫وبذا علل أيضا من رد الرسل كما ف شرح جع الوامع للمحلي واعترضه الشهاب ((بأن هذا يالف‬
‫ما مر من أنم عدول ل يبحث عن حالم)) وأجاب ابن قاسم ((بأن هذا التوجيه مفرع على القول بأنم‬
‫كغيهم يبحث عن عدالتهم)) انتهى‬
‫والتحقيق أن جريان اللف فيه وقوة ضعفه لا أسلفناه أو ًل عن شرح النخبة فتأمله‬
‫‪ -41‬بيان أكثر من تروي عنهم الراسيل والوازنة بينهم‬
‫قال الاكم ف علوم الديث ((أكثر ما تروى الراسيل من أهل الدينة عن ابن السيب ومن أهل مكة عن‬
‫عطاء بن أب رباح ومن أهل البصرة عن السن البصري ومن أهل الكوفة عن إبراهيم بن يزيد النخعي‬
‫ومن أهل مصر عن سعيد بن أب هلل ومن أهل الشام عن مكحول)) قال ((وأصحها كما قال ابن معي‬
‫مراسيل ابن السيب لنه من أولد الصحابة وأدرك العشرة وفقيه أهل الجاز ومفتيهم وأول الفقهاء‬
‫ص‪141:‬‬
‫السبعة الذين يعتد مالك بإجاعهم كإجاع كافة الناس وقد تأمل الئمة التقدمون مراسيله فوجدوها‬
‫بأسانيد صحيحة وهذه الشرائط ل توجد ف مراسيل غيه)) قال ((والدليل على عدم الحتجاج بالرسل‬
‫غي السموع من الكتاب قوله تعال (ليتفقهوا ف الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم)) ومن السنة‬
‫((تسمعون ويسمع منكم ويسمع من يسمع منكم))‬
‫قال السيوطي ((تكلم الاكم على مراسيل سعيد فقط دون سائر من ذكر معه ونن نذكر ذلك فمراسيل‬
‫عطاء قال ابن الدين كان عطاء يأخذ عن كل ضرب مرسلت ماهد أحب إل من مرسلته بكثي وقال‬
‫أحد بن حنبل مرسلت سعيد بن السيب أصح الرسلت ومرسلت إبراهيم النخعي ل بأس با وليس ف‬
‫الرسلت أضعف من مرسلت السن وعطاء بن أب رباح فإنما كانا يأخذان عن كل أحد ومراسيل‬
‫السن تقدم القول فيها عن أحد وقال ابن الدين ((مرسلت السن البصري الت رواها عند عنه الثقات‬
‫صحاح ما أقل ما يسقط منها)) وقال أبو زرعة ((كل شيء قال السن قال رسول ال وجدت له أصلً‬

‫‪75‬‬
‫ثابتا ما خل أربعة أحاديث)) وقال يي ابن سعيد القطان ((ما قال السن ف حديثه قال رسول ال إل‬
‫وجدنا له أصلً إل حديثا أو حديثي)) قال شيخ السلم ابن حجر ((ولعله أراد ما جزم به السن))‬
‫وقال غيه ((قال رجل للحسن يا أبا سعيد إنك تدثنا فتقول قال رسول ال فلو كنت تسنده لنا إل من‬
‫حدثك)) فقال السن ((أيها الرجل ما كذبنا ول كذبنا ولقد غزونا غزوة إل خراسان ومعنا فيها ثلثائة‬
‫من أصحاب ممد )) وقال يونس بن عبيد ((سألت السن قلت يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول ال‬
‫وإنك ل تدركه)) فقال ((يا ابن أخي لقد سألتن عن شيء ما سألن عنه أحد قبلك ولو منلتك من‬
‫ص‪142:‬‬
‫ما أخبتك إن ف زمان كما ترى ‪ -‬وكان ف زمن الجاج ‪ -‬كل شيء شتن أقوله قال رسول ال فهو‬
‫على بن أب طالب غي أن ف زمان ل أستطيع أن أذكر عليا)) وقال ممد بن سعيد ((كل ما أسند من‬
‫حديثه أو روى عمن سع منه فهو حسن حجة وما أرسل من الديث فليس بجة)) مراسيل السن‬
‫عندهم شبه الريح وأما مراسيل النخعي فقال ابن معي مراسيل إبراهيم أحب إل من مراسيل الشعب))‬
‫وعنه أيضا أعجب إل مرسلت سال بن عبد ال والقاسم وسعيد بن السيب وقال أحد ل بأس با))‬
‫وقال العمش ((قلت لبراهيم النخعي أسند ل عن ابن مسعود فقال إذا حدثتكم عن رجل عن عبد ال‬
‫فهو الذي سعت وإذا قلت قال عبد ال فهو عن غي واحد عن عبد ال)) انتهى‬
‫‪ -42‬ذكر مرسل الصحابة‬
‫قال النووي ((ما تقدم من اللف ف الرسل كله ف غي مرسل الصحاب أما مرسل الصحاب كإخباره‬
‫عن شيء فعله النب أو نوه ما يعلم أنه ل يضره لصغر سنه أو لتأخر إسلمه أو غي ذلك فالذهب‬
‫الصحيح الشهور الذي قطع به جهور أصحابنا وجاهي أهل العلم أنه حجة وأطبق الحدثون الشترطون‬
‫للصحيح القائلون بأن الرسل ليس بجة على الحتجاج به وإدخاله ف الصحيح وف صحيحي البخاري‬
‫ومسلم من هذا ما ل يصى وقال أبو إسحاق السفرايين ل يتج به بل حكمه حكم مرسل غيه إل أن‬
‫يتبي أنه ل يرسل إل ما سعه من النب أو صحاب قال لنم قد يروون عن غي صحاب)) قال النووي‬
‫((والصواب الول وأنه يتج به مطلقا لن روايتهم عن غي الصحاب نادرة وإذا رووها بينوها فإذا أطلقوا‬
‫ذلك فالظاهر أنه عن الصحابة والصحابة كلهم عدول)) انتهى‬
‫أي فل تقدح فيهم الهالة بأعيانم وأيضا فما يروونه عن التابعي غالبه بل عامته إنا هو من السرائيليات‬
‫وما أشبهها من الكايات والوقوفات‬

‫‪76‬‬
‫ص‪143:‬‬
‫‪ -43‬مراتب الرسل‬
‫قال السخاوي ف فتح الغيث ((الرسل مراتب أعلها ما أرسله صحاب ثبت ساعه ث صحاب له رؤية‬
‫فقط ول يثبت ساعه ث الخضرم ث التقن كسعيد بن السيب ويليها من كل يتحرى ف شيوخه كالشعب‬
‫وماهد ودونا مراسيل من كان يأخذ عن كل أحد كالسن وأما مراسيل صفار التابعي كقتادة والزهري‬
‫وحيد الطويل فإن غالب رواية هؤلء عن التابعي‬
‫‪ -44‬بث قول الصحاب من السنة كذا وقوله أمرنا بكذا ونينا هن كذا‬
‫أعلم أن قول الصحاب ((من السنة كذا أو أمرنا بكذا أو نينا عن كذا)) وما أشبهه كله مرفوع على‬
‫الصحيح الذي قاله المهور لن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إل من له المر والنهي ومن يب اتباع‬
‫سنته وهو رسول ال واحتمال أن يكون المر غيه وأن يريد سنة غيه بعيد وإن كنا ل ننكر أن إطلق‬
‫ذلك يصدق مع الواسطة ولكن العادة أن من له رئيس معظم فقال أمرنا بكذا فإنا يريد أمر رئيسه ول‬
‫يفهم عنه إل ذلك ورسول ال هو عظيم الصحابة ومرجعهم والشار إليه ف أقوالم وأفعالم فتصرف‬
‫إطلقاتم إليه وما قيل ((إن الفاعل إذا حذف احتمل النب وغيه فل نثبت شرعا بالشك فجوابه أن ظاهر‬
‫الال صارف للنب كما تقدم تقريره‬
‫وكذلك السنة أصلها ف اللغة الطريقة ومنه سنن الطريق الذي يشى فيه غي أنا ف عرف الستعمال‬
‫صارت موضوعة لطريقته عليه السلم ف الشريعة كذا قاله القراف ف التنقيح وما يؤيد أن ذلك ف حكم‬
‫الرفع ف السنة ما رواه البخاري ف صحيحة ف حديث ابن شهاب عن سال بن عبد ال بن عمر عن أبيه‬
‫ف قصته مع الجاج حي قال له ((إن كنت تريد السنة فهجر بالصلة)) قال ابن شهاب ((فقلت لسال‬
‫ص‪144:‬‬
‫أفعله رسول ال )) فقال وله يعنون بذلك إل سنته )) فنقل سال ‪ -‬وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل‬
‫الدينة وأحد الفاظ من التابعي عن الصحابة ‪ -‬أنم إذا أطلقوا السنة ل يريدون بذلك إل سنة النب وما‬
‫يؤيد الرفع ف ((كنانؤمر)) ما رواه الشيخان عن أب موسى ف قصة استئذانه على عمر ولفظ البخاري‬
‫((عن أب موسى قال استأذنت على عمر ثلثا فلم يؤذن ل وكأنه كان مشغول فرجعت ففرغ عمر فقال‬
‫أل أسع صوت عبد ال بن قيس إيذنوا له قيل قد رجع فدعان فقلت ((كنا نؤمر بذلك)) فقال ((تأتين‬
‫على ذلك بالبينة)) فانطلقت إل ملس النصار فسألتهم فقالوا ل يشهد لك على هذا إل أصغرنا أبو‬

‫‪77‬‬
‫سعيد الدري فذهبت بأب سعيد الدري فذهبت بأب سعيد الدري فقال عمر ((أخفي على هذا من‬
‫أمر رسول ال ألان الصفق بالسواق)) يعن الروج إل التجارية ‪ -‬زاد مالك ف الوطأ ((فقال عمر لب‬
‫موسى أما إن ل أتمك ولكن خشيت أن يتقول الناس على رسول ال )) قال الشراح ((وحينئذ فل‬
‫دللة ف طلبه البينة على أنه ل يتج بب الواحد بل أراد سد الباب خوفا من غي أب موسى أن يتلق‬
‫كذبا على رسول ال عند الرغبة والرهبة)) وقالوا ف بالديث ((إن قول الصحاب (كنا نؤمر بكذا) له‬
‫حكم الرفع))‬
‫قال الافظ ف شرح النخبة ((وأما قول بعضهم إن كان مرفوعا فلم ل يقولون فيه قال رسول ال فجوابه‬
‫أنم تركوا الزم بذلك تورعا واحتياطا ومن هذا قول أب قلبة عن أنس ((من السنة إذا تزوج البكر على‬
‫الثيب أقام عندها سبعا)) أخرجاه قال أبو قلبة ((لو شئت لقلت إن أنسا رفعه إل النب )) أي لو قلت ل‬
‫أكذب لن قوله ((من السنة)) هذا معناه لكن إيراده بالصيغة الت ذكرها الصحاب أول)) انتهى‬
‫أقول قوله ((تورعا واحتياطا)) هذا يظهر ف بعض الوجوه ومنه ما ذكره‬
‫ص‪145:‬‬
‫واحسن منه أن يقال إن قولم من السنة أو كنا نؤمر ونوها هو من التفنن ف تبليغ الدى النبوي ل‬
‫سيما وقد يكون الكم الذي قيل فيه أمرنا أو من السنة من سنن الفعال ل القوال وقد يقولون ذلك‬
‫إيازا أو لضيق القام وكثيا ما ييب العال عن السائل الت يعلم حديثها الرفوع ويفظه بروفه بقوله‬
‫((من السنة كذا)) لا ذكرنا من الوجوه ولغينا وهو ظاهر‬
‫تنبيه‪ -‬ذكرنا أن السنة لغة الطريقة والراد با ف اصطلح الشارع وأهل عصره ما دل عليه دليل من قوله‬
‫أو فعله أو تقريره ولذا جعلت السنة مقابلة للقرآن وبذا العتبار تطلق على الواجب كما تطلق على‬
‫الندوب وأما ما اصطلح عليه الفقهاء وأهل الصول من أنا خلف الواجب فهو اصطلح حادث‬
‫وعرف متجدد‬
‫‪ -45‬الكلم على الب التواتر وخب الحاد‬
‫أعلم أن التواتر ما نقله من يصل العلم بصدقهم ضرورة بأن يكونوا جعا ل يكن تواطؤهم على الكذب‬
‫على مثلهم من أوله إل آخره ولذا كان مقيدا للعلم الضروري وهو الذي يضطر إليه النسان بيث ل‬
‫يكنه دفعه ويب العمل به من غي بث عن رجاله ول يعتب فيه عدد معي ف الصح‬

‫‪78‬‬
‫ث التواتر قسمان لفظي وهو ما تواتر لفظه ومعنوي وهو ما تواتر القدر الشترك فيه وللول أمثله كثية‬
‫منها حديث ((من كذب على متعمدا)) رواه نو الئتي وحديث الوض رواه خسون ونيف وحديث‬
‫السح على الفي رواه سبعون وحديث رفع اليدين ف الصلة رواه نو المسي وسوى ذلك ما ساقه‬
‫ف التدريب‬
‫وللثان أمثلة أيضا فمنه أحاديث رفع اليدين ف الدعاء فقد روى عنه نو مئة حديث‬
‫ص‪146:‬‬
‫فيه رفع يديه ف الدعاء لكنها ف قضايا متلفة فكل قضية منها ل تتواتر والقدر الشترك فيها وهو الرفع‬
‫عند الدعاء تواتر باعتبار الجموع‬
‫تنبيه‪ -‬وقع ف كلم النووي ف شرح مسلم ف التواتر أنه ل يشترط ف البين به السلم وكذا قال‬
‫الصوليون ول يفي أن هذا اصطلح للصوليي وإل فاصطلح الحدثي فيه أن يرويه عدد من السلمي‬
‫لنم اشترطوا فيمن يتج برواية أن يكون عدلً ضابطا بأن يكون مسلما بالغا فل تقبل رواية الكافر ف‬
‫باب الخبار وإن بلغ ف الكثرة ما بلغ وعبارة جع الوامع مع شرحه ((ول تقبل رواية كافر وإن عرف‬
‫بالصدق لعلو منصب الرواية عن الكفار)) نعم يقبل من الكافر ما تمله ف كفره إذا أسلم كما سيأت‬
‫التطرق لا ف الباب السادس ف السناد ف بث توسع الفاظ ف طبقات السماع وقد أفردت ف‬
‫مطولت الصطلح وأما خب الواحد فهو ما ل يوجد فيه شروط التواتر سواء كان الراوي له واحدا أو‬
‫أكثر‬
‫‪ -46‬بيان أن خب الواحد الثقة حجة يلزم به العمل‬
‫قال النووي رحه ال تعال ف شرح مقدمة مسلم ((نبه مسلم رحه ال تعال على القاعدة العظيمة الت‬
‫ينبن عليها معظم أحكام الشرع وهو وجوب العمل بي الواحد فينبغي الهتمام با والعتناء بتحقيقها‬
‫وقد أطنب العلماء رحهم ال ف الحتجاج لان وإيضاحها وأفردها جاعة من السلف بالتصنيف واعتن‬
‫با أئمة الحدثي وأول من بلغنا تصنيفه فيها المام الشافعي رحه ال وقد تقررت أدلتها النقلية والعقلية‬
‫ف كتب أصول الفقه ونذكر هنا طرفا فنقول اختلف العلماء ف حكمه فالذي عليه جاهي السلمي من‬
‫الصحابة والتابعي فمن بعدهم من الحدثي والفقهاء وأصحاب الصول أن خب الواحد الثقة حدة من‬
‫حجج الشرع يلزم العمل با ويفيد الظن ول يفيد العلم وأن وجوب‬
‫ص‪147:‬‬

‫‪79‬‬
‫العمل به عرفناه بالشرع ل بالعقل وذهبت القدرية والرافضة وبعض أهل الظاهر إل أنه ل يب العمل به‬
‫ث منهم من يقول منع من العمل به دليل العقل ومنهم من يقول منع دليل الشرع وذهبت طائفة إل أنه‬
‫يب العمل به من جهة دليل العقل وقال البائي من العتزلة ((ل يب العمل إل با رواه اثنان عن اثني))‬
‫وقال غيه ((ل يب العمل إل با رواه أربعة عن أربعة)) وذهبت طائفة من أهل الديث إل أنه يوجب‬
‫العلم وقال بعضهم ((يوجب العلم الظاهر دون الباطن)) وذهب بعض الحدثي إل أن الحاد الت ف‬
‫صحيح البخاري وصحيح مسلم تفيد العلم دون غيها من الحاد وهذه القاويل كلها سوى قول‬
‫المهور باطلة وإبطال من قال ((ل حجة فيه)) ظاهر فلم تزل كتب النب وآحاد رسله يعمل با ويلزمهم‬
‫النب العمل بذلك واستمر على ذلك اللفاء الراشدون فمن بعدهم ول تزل اللفاء الراشدون وسائر‬
‫الصحابة فمن بعدهم من السلف واللف على امتثال خي الواحد إذا أخبهم بسنة وقضائهم به‬
‫ورجوعهم إليه ف القضاء والفتيا ونقضهم به ما حكموا على خلفة وطلبهم خب الواحد عند عدم الدة‬
‫من هو عندهن واحتجاجهم بذلك على من خالفهم وانقياد الخالف لذلك وهذا كله معروف ل شك ف‬
‫شيء منه والعقل ل ييل العمل بب الواحد وقد جاء الشرع بوجوب العمل به فوجب الصي إليه وأما‬
‫من اقل ((يوجب العلم)) فهو مكابر للحسن وكيف يصل العلم واحتمال الغلظ والوهم والكذب وغي‬
‫ذلك متطرف إليه)) انتهى‬
‫وف حصول الأمول ((قد دل على العمل بب الواحد الكتاب والسنة والجاع ول يأت من خالف ف‬
‫العمل به بشيء يصلح للتمسك به ومن تتبع عمل الصحابة من اللفاء وغيهم وعمل التابعي فتابعيهم‬
‫بأخبار الحاد وجد ذلك ف غاية الكثرة بيث ل يتسع له إل مصنف بسيط وإذا وقع من بعضهم التردد‬
‫ف العمل به ف بعض الحوال‬
‫ص‪148:‬‬
‫فذلك لسباب خارجة عن كونه خب واحد من ريبة ف الصحة أو تمة للراوي أو وجود معارض راجح‬
‫أو نو ذلك)) ‪1‬هـ‬
‫وقد جود الكلم على قبول خب الواحد المام الشافعي رحه ال تعال ف رسالته الشهية ف باب على‬
‫حدة ويدر بذب المة الوقوف على لطائفة وأوسع فيه أيضا الافظ ابن حجر ف الفتح عند قول‬
‫البخاري ((باب ما جاء ف إجازة خب الواحد الصدوق ف الذان والصلة والصوم والفرائض والحكام))‬
‫فليجع إليه وما نقله فيه أن بعض العلماء احتج لقبول خب الواحد أن كل صاحب أو تابع سئل عن نازلة‬

‫‪80‬‬
‫ف الدين فأخب السائل با عنده فيها من الكم أنه ل يشترط عليه أحد منهم أن ل يعمل با أخبه به من‬
‫ذلك حت يسأل غيه فضلً عن أن يسأل الكواف بل كان كل منهم يبه با عنده فيعلم بقتضاه ول‬
‫ينكر عليه ذلك فدل على اتفاقهم على وجوب العمل بب الواحد‬
‫وفيه أيضا قال ابن القيم ف الرد على من رد خب الواحد إذا كان زائدا على القرآن ما ملخصه ((السنة‬
‫مع القرآن على ثلثة أوجه أحدها أن توافقه من كل وجه فيكون من توارد الدلة ثانيها أن تكون بيانا لا‬
‫أريد بالقرآن ثالثها أن تكون دالة على حكم سكت عنه القرآن وهذا الثالث يكون حكما مبتدأ من النب‬
‫فتجب طاعته فيه ولو كان النب ل يطاع إل فيما وافق القرآن ل تكن له طاعة خاصة وقد قال تعال (من‬
‫يطع الرسول فقد أطاع ال) وقد تناقض من قال إنه ل يقبل الكم الزائد على القرآن إل إن كان متواترا‬
‫أو مشهورا فقد قالوا بتحري الرأة على عمتها وخالتها وتري ما يرم من النسب بالرضاعة وخيار الشرط‬
‫والشفعة والرهن ف الضر ومياث الدة وتيي المة إذا أعتقت ومنع الائض مع الصوم والصلة‬
‫ووجوب الكفارة على من جامع وهو صائم ف رمضان ووجوب إحداد العتدة عن الوفاة وتويز الوضوء‬
‫بنبيذ التمر وإياب الوتر وأن أقل الصداق عشرة دراهم وتوريث بنت البن‬
‫ص‪149:‬‬
‫السدس مع البنت واستباء السبية بيضة وأن أعيان بن الم يتوارثون ول يقاد الوالد بالولد وأخذ الزية‬
‫من الجوس وقطع رجل السارق ف الثانية وترك القتصاص من الرح قبل الندمال والنهى عن بيع‬
‫الكالئ وغيها ما يطول شرحه وهذه الحاديث كلها آحاد وبعضها ثابت وبعضها غي ثابت ولكنهم‬
‫قسموها إل ثلثة أقسام ولم ف ذلك تفاصيل يطول شرحها ومل بسطها أصول الفقه وبال التوفيق))‬
‫انتهى‬
‫‪ -48‬الكلم على الديث الوضوع وفيه مباحث‬
‫‪ -1‬ما هية الوضوع‬
‫((هو الكذب الختلق الصنوع)) أي كذب الراوي ف الديث النبوي بأن يروى عنه ما ل يقله متعمدا‬
‫لذلك‬
‫‪ -2‬حكم رواية‬

‫‪81‬‬
‫اتفقوا على أنه ترم روايته مع العلم بوضعه سواء كان ف الحكام أو القصص والترغيب ونوها إل مبينا‬
‫وضعه لديث مسلم عن سرة بن جندب قال قال رسول ال ((من حدث عن بديث يرى أنه كذب‬
‫فهو أحد الكذابي)) ورواه المام أحد وابن ماجه روى الكذابي على صيغة التثنية والكاذبي بالمع‬
‫‪ -3‬معرفة الوضع والامل عليه‬
‫ذكر الحدثون أمورا كليه يعرف با كون الديث موضوعا منها اشتماله على مازفات ف الوعد والوعيد‬
‫ومنها ساجة الديث وكونه ما يسخر منه مثل ما يروى ف وفاة ومنها مناقضته لا جاءت به السنة‬
‫الصرية‬
‫ص‪150:‬‬
‫ومنها أن يكون باطل ف نفسهن فيدل بطلنه على وضعه ومنها أن ل يشبه كلم النبياء بل ل يشبه‬
‫كلم الصحابة ومنها أن يشتمل على تواريخ اليام الستقبلة ومنها أن يكون بكلم الطباء أشبه ومنها أن‬
‫تقوم الشواهد الصحيحة على بطلنه ومنها مالفته لصريح القرآن ومنها أحاديث صلوات اليام والليال‬
‫ومنها أفترانه بقرائن يعلم با أنه باطل‬
‫وقد استقصى الصنفون ف الوضوعات إيراد المثلة التوافرة لكل ما ذكر فليجع إليها وسيأت نوع‬
‫تفصيل لا قريبا‬
‫قال الافظ ف شرح النخبة ((الكم بالوضع إنا هو بطريق الظن الغالب)) ل بالقطع إذ قد يصدق‬
‫الكذوب لكن لهل العلم بالديث ملكة قوية ييزون با ذلك وإنا يقوم بذلك منهم من يكون اطلعه‬
‫تاما وذهنه ثاقبا وفهمه قويا ومعرفته بالقرائن الدالة على ذلك متمكنة وقد يعرف الوضع بإقرار واضعه))‬
‫ث قال ((ومن القرائن الت يدرك با الوضع ما يؤخذ من حال الراوي كما وقع للمأمون بن أحد أنه ذكر‬
‫بضرته اللف ف كون السن سع من أب هريرة أول فساق ف الال إسناده إل النب أنه قال سع‬
‫السن من أب هريرة وكما وقع لغياث ابن إبراهيم حيث دخل على الهدى فوجده يلعب بالمام فساق‬
‫ف الال إسنادا إل النب أنه قال سع السن من أب هريرة وكما وقع لغياث ابن إبراهيم حيث دخل على‬
‫الهدى فوجده يلعب بالمام فساق ف الال إسنادا إل النب أنه قال ((ل سبق إل ف نصل أو خف أو‬
‫حافر ‪ -‬أو جناح _)) فزاد ف الديث ((أو جناح)) فعرف الهدي أنه كذب لجله فأمر بذبح المام‬
‫ومنها ما يؤخذ من حال الروي كأن مناقضا لنص القرآن أو السنة التواترة أو الجاع القطعي أو صريح‬
‫العقل حيث ل يقبل شيء من ذلك التأويل ث الروي تارة يترعه الواضع وتارة يأخذ كلم غيه كبعض‬

‫‪82‬‬
‫السلف الصال أو قدماء الكماء أو السرائيليات أو يأخذ حديثا ضعيف السناد فيكب له إسنادا‬
‫صحيحا ليوج والامل للواضع على الوضع إما عدم‬
‫ص‪151:‬‬
‫الدين كالزنادقة أو غلبة الهل كبعض التعبدين أو فرط العصبية كبعض القلدين أو اتباع هوى بعض‬
‫الرؤساء أو العراب لقصد الشتهار وكل ذلك حرام بإجاع من يعتد به إل أن بعض الكرامية وبعض‬
‫التصوفة نقل عنهم إباحة الوضع ف الترغيب والترهيب وهو خطأ من فاعله نشأ عن جهل لن الترغيب‬
‫والترهيب من جلة الحكام الشرعية واتفقوا على أن تعمد الكذب على النب من الكبائر وبالغ أبو ممد‬
‫الوين فكفر من تعمد الكذب على النب )) انتهى‬
‫وقال حجة السلم الغزال ف الحياء ((وقد ظن ظانون أنه يوز وضع الحاديث ف فضائل العمال وف‬
‫التشديد ف العاصي وزعموا أن القصد منه صحيح وهو خطأ مض إذ قال ((من كذب على متعمدا‬
‫فليتبوأ معقدة من النار)) وهذا ل يترك إل لضرورة ول ضرورة إذ ف الصدق مندوحة عن الكذب ففيما‬
‫ورد من اليات والخبار كفاية عن غيها وقول القائل إن ذلك قد تكرر على الساع وسقط وقعه وما‬
‫هو جديد فوقعه أعظم فهذا هوس إذ ليس هذا من العراض الت تقاوم مذور الكذب على رسول ال‬
‫وعلى ال تعال ويؤدي فتح بابه إل أمور تشوش الشريعة فل يقاوم خي هذا شره أصل والكذب على‬
‫رسول ال ومن الكبائر الت ل يقاومها شيء نسأل ال العفو عنه وعن جيع السلمي)) انتهى‬
‫ورأيت لبعض فضلء العصر مقالة غراء ف هذا الوضوع ل بأس بإيرادها تعزيزا للمقام قال رعاه ال‬
‫((الديث الوضوع هو الختلق الصنوع النسوب إل رسول ال زورا وبتانا وهو أشد خطرا على الدين‬
‫وأنكى ضررا بالسلمي من تعصب أهل الشرقي والغربي لنه يطرف اللة النيفية عن صراطها الستقيم‬
‫ويقذف با ف غياهب الضللت حت ينكر الرجل أخاه والولد أباه وتطي المة شعاعا وتتفرق بدادا‬
‫بدادا للتباس الفضيلة وأفول شس الداية وانشعاب الهواء وتباين الراء‬
‫ص‪152:‬‬
‫وإن تفرق السلمي إل شيعة ورافضة وخوارج ونصيية ال لو أثر قبيح من آثار الوضع ف الدين ولقد‬
‫قام الفاظ الثقات وكادوا يزهقون الروح بضبطهم الديث حفظا وكتابة تلقينا ومازوا البيث من‬
‫الطيب وقشعوا سحب اللبس فتلل نور اليقي))‬

‫‪83‬‬
‫ث قال ((ورب سائل يقول أن ساغ للمسلمي أن يضعوا ف دينهم ما ليس منه فالواب أن أسباب‬
‫الوضع كثية منها غفلة الحدث أو اختلط عقله ف آخر حياته أو التكب عن الرجوع إل الصواب بعد‬
‫استبانه الطأ لسهو مثلً ومنهم قوم وضعوا الحاديث ل يقصدون إل الترغيب والترهيب ابتغاء وجه ال‬
‫فيما يزعمون وآخرون وضعوها انتصارا لذهبهم ومنهم طائفة أهتهم أنفسهم فاختلقوا ما شاءوا للتقرب‬
‫من السلطي والمراء أو لستمالة الغنياء إل العطاء ومن هذا الصنف القصاص الذين انتحلوا وظيفة‬
‫الوعظ والتذكي ف الساجد والجامع وأخذوا يهدمون من أركان هذا الدين لفلس يقتنونه أو حطام‬
‫خبيث يلتهمونه)) ول أدرى إن هذا صح عنه من الذي أخطأ أهو أم عمر بن الطاب الذي كان يطرد‬
‫القصاصي أمثال هؤلء من الساجد مع أنم ل يكونوا بذه الثابة من التغرير والتضليل‬
‫ص‪153:‬‬
‫((ولنوجع إل الوضاع فمنهم زنادقة قصدوا إفساد الشريعة والتلعب بالدين ((يريدون أن يطفئوا نور ال‬
‫بأفواههم ويأب ال إل أن يتم نوره)) فعملوا على لبس الق بالباطل وخلط اسم بالترياق وهيأت لم‬
‫الفرص ف الزمان الغابرة مالً فسيحا لذا البهتان حت شحنوا الذهان وسودوا الدفاتر وأفعموا الكتب‬
‫بفتريات ((ما أنزل ال با من سلطان)) وقد سرى هذا الداء ف كتب التفسي والسي والتاريخ وتلقتها‬
‫العامة عن سلمة صدر إما لشهرة العزو إليه أو لستبعاد كذبه على الرسول فخبطوا وحادوا عن الادة‬
‫((وهم يسبون أنم يسنون صنعا))‬
‫ث قال ((ولست أعجب من العامة وصنعهم هذا ولكن العجب العجاب من أهل العلم الذين يرون هذا‬
‫النكر رأى العي صباحا ومساء ويتأولون لن كأنا أعمال هؤلء السوقة وحي ساوي متشابه يدب‬
‫تأويله ف رأى العلماء التأخرين اللهم ألمنا السداد ووفقنا إل سبيل الرشاد‬
‫((والداهية الدهياء أن الناس الن أخذت تروي الحاديث من غي إجازة ول تلقي وحول العلماء‬
‫وجهتهم إل فروع الفقه وآلت التفسي والتوحيد وانصرفوا عن الديث إل ما كان منه قراءة على سيل‬
‫التبك فراجت سوق الراجيف العزوة للدين واختلط الباطل بالق فمهدوا بذا للطاغي على الدين سبل‬
‫كان عذراء وخططا كانت وعثاء فل تكاد ترى حارا أو حوذيا أو خادما أو طاهيا أو أكارا أو قصارا‬
‫أو كناسا أو رشاشا إل وهو يستشهد ف كل عمل من أعماله بالديث سواء صح معناه ولفظه أم ل‬
‫يصح فإذا جلست ف مرتاض أو ناد أو سوق أو حانوت أو مفل عرس أو مأت سعت من خلطهم‬
‫وخبطهم ف الدين ما ترج لجله النفوس من العيون وتشى له القلوب ف الصدور وربا كان ف ملسهم‬

‫‪84‬‬
‫عال فيسأل عند اختلفهم فل ييب إل ((بأظن ف الصدور وربا كان ملسهم عال فيسأل عند اختلفهم‬
‫فل ييب إل ((بأظن كذا)) ((ويكن أن يكون كذا)) والورع يقول ((ل أدري)) أو ((حت أراجع‬
‫ص‪154:‬‬
‫الصحاح)) وقد يكون الديث مشهورا بي كل الطبقات وهو موضوع فيظن أنه صحيح لشهرته‬
‫خصوصا على ألسنة بعض الشايخ فيفت بأنه صحيح وهناك الطامة الكبى))‬
‫ث قال ((الغرض إحياء السنة وإماتة البدعة ودرء الطاعن الجنبية بشيء ليس من ديننا وذلك بالوقوف‬
‫على طائفة من الحاديث الوضوعة الت يستدل با الناس على عقيدة أو حكم أو فضيلة أو النهى عن‬
‫رذيلة ليتميز البيث من الطيب ويبتعد حلة القرآن وخطباء النابر ووعاظ الساجد من رواة الكاذيب‬
‫الضادة للشرع والعقل باسم الدين وهم ل يشعرون وف مقدمة ذلك الحاديث الشهورة على ألسنة‬
‫العامة والاصة ف احتجاجهم وأمرهم ونيهم فإن ضررها عظيم وخطبها جسيم وذلك كحديث ((حب‬
‫الوطن من اليان)) الذي ل يفهم منه بعد التأويل والتحليل إل الث على تفرق الامعة السلمية الت‬
‫ننشد اليان)) الذي ل يفهم منة بعد التأويل والتحليل إل الث على تفرق الامعة السلمية الت ننشد‬
‫ضالتها الن فإنه يقضي بتفضيل مسلمي مصر مثل على من سواهم وإن من ف الشام يفضل إخوته هناك‬
‫على غيهم وهكذا وهو النلل بعينه والتفرق النهى عنه وال يقول ((إنا الؤمنون إخوة)) ول يقيد‬
‫الخوة بكان ويقول ((ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بم خصاصة)) وأقل ما فيه تفويت فضيلة اليثار‬
‫ومن ذلك ((شاوروهن وخالفوهن)) إل غي ذلك‬
‫وما هو جدير بالعناية قصص الولد النبوي الذي اشتمل كثي من اليال الشعري والحاديث الت وضعها‬
‫الطرون الغلة كحديث ((لولك ما خلقت الفلك)) وقولم ((إن اليم من اسه الشريف تدل على كذا‬
‫والدال على كذا)) إل آخر تصرفات اليال ووصفهم الرسول بضروب من الغزل ل تليق إل بتخذات‬
‫أخدان ما يل مقام النبوة عنه وتنفر طبيعة اللل منه وكرواتيهم من العجزات ما ليس له أصل كحديث‬
‫الضب وأن الورد من عرقه إل آخر ما ينسبونه للمناوي ول أظنه إل مصطنعا باسم الشيخ رحه ال‬
‫ورضى عنه)) انتهى ملخصا‬
‫ص‪155:‬‬
‫‪ -4‬مقالة ف الحاديث الوضوعة ف فضيلة رجب‬

‫‪85‬‬
‫نبه بعض الفضلء ذلك ف مقالة نشرها ف ملة نصحا لطباء النابر الغفلي وللوعاظ والقصاص البله‬
‫فقال ما نصه ((كم اختلق الكذابون على النب وكم وضعوا الباطيل والناكي وركبوا السانيد اللفقة‬
‫وأسهبوا وأطنبوا وبالغوا ف التحذير والترهيب وشددوا وسهلوا على حسب ما تسول لم أنفسهم ول‬
‫يشوا خالقا يعلم سرهم وعلنيتهم فيجازيهم بقاعد ف النار يتبوأونا جزاء افترائهم واختلقهم وترئهم‬
‫على وضع الحاديث الت ((ما أنزل ال با من سلطان)) وقد قال الافظ سهل بن السري ((قد وضع‬
‫أحد بن عبد ال الوربياري وممد بن عكاشة الكرمان وممد بن تيم الفرياب على رسول ال أكثر من‬
‫عشرة آلف حديث وقال حاد بن زيد ((وضعت الزنادقة على رسول ال أربعة آلف حديث)) وقال‬
‫بعضهم ((سعت ابن مهدي يقول ليسرة بن عبد ربه من أين جئت بذه الحاديث من قرأ كذا فله كذا‬
‫ومن صام كذا فله كذا قال وضعتها أرغب الناس فيها)) وقيل لب عصمة ابن أب مري الروزي ((من أين‬
‫لك عن عكرمة عن ابن عباس ف فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا فقال إن‬
‫رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أب حنيفة ومغازي ابن إسحق فوضعت هذا الديث‬
‫حسبة)) وما يوجب السف أن يرى النسان تلك الوضوعات والناكي والباطيل قد انتشرت ف الكتب‬
‫انتشارا زائدا ورواها اللف عن السلف وشحنت با كتب الوعظ والرشاد ودواوين الطباء حت إنك‬
‫ل تطالع ديوانا من الدواوين التداولة بي خطبائنا إل وترى فيه من فظائع الكاذيب على نبينا عليه‬
‫الصلة والسلم ما يستوجب العجب وما ذاك إل لذهاب علماء الديث ودخولم ف خب كان وعدم‬
‫اعتناء أهل عصرنا به‬
‫ومن افظع هذه الباطيل الحاديث الت تروي ف فضيلة رجب وصيامه فأغلب الدواوين نراها مشحونة‬
‫با ونن نأت بتلك الباطيل الت اختلقها الوضاعون ليحذرها‬
‫ص‪156:‬‬
‫العموم ويعرفها خطباء النابر والوعاظ والقصاص فيجتنبوها ول ينسبوها إليه عليه الصلة والسلم حذرا‬
‫من الوقوع ف الث وفرارا من الكذب على النب فنقول‬
‫حديث ((فضل رجب على الشهور كفضل القرآن على سائر الكلم وفضل شهر شعبان على الشهور‬
‫كفضلى على سائر النبياء وفضل شهر رمضان كفضل ال على سائر العباد)) موضوع قاله الافظ ابن‬
‫حجر ذكره السخاوي ف القاصد السنة‬

‫‪86‬‬
‫وقولم ((أكثروا من الستغفار ف رجب فإن ل ف كل ساعة منه عتقاء من النار وإن ال مدائن ل‬
‫يدخلها إل من صام رجب)) موضوع وف إسناده ((الصبغ بن نباتة)) ليس بشيء قاله السيوطي ف‬
‫الللئ الصنوعة‬
‫وقولم ((رجب شهر ال وشعبان شهري ال)) أورده الصاغان ف الوضوعات ومنها ((فضيلة ليلة أول‬
‫جعة من رجب والصلة الوضوعة فيها السماة بليلة الرغائب))‬
‫وقولم ((ف رجب يوم وليلة من صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة كان له من الجر كمن صام مئة سنة‬
‫وقام سنة وهي لثلث بقي من رجب ف ذلك اليوم بعث ال ممدا نبيا)) موضوع قاله السيوطي ف‬
‫النكت البديعات‬
‫وقولم ((من صام يوما من رجب وقام ليلة من لياليه بعثه ال آمنا يوم القيامة ومر على الصراط وهو‬
‫يهلل أو يكب)) موضوع وف إسناده ((إساعيل بن يي)) كذاب‬
‫وقولم ((من أحي ليلة من رجب وصام يوما منه أطعمه ال بن ثار النة وكساه من حلل النة وسقاه‬
‫من الرحيق الختوم)) موضوع وف إسناده ((حصي ابن مارق)) كان يضع الديث قاله السيوطي ف‬
‫اللل الصنوعة‬
‫وقولم رجب من الشهر الرم وأيامه مكتوبة على أبواب السماء السادسة فإذا صام الرجل منه يوما‬
‫وجرد صومه بتقوى ال نطق الباب ونطق اليوم وقال ((يا رب اغفر له)) وإذا ل يتم صومه بتقوى ال ل‬
‫يستغفرا له وقال ((خدعتك نفسك)) موضوع وف إسناده ((إساعيل بن يي)) كذاب قاله السيوطي‬
‫ص‪157:‬‬
‫وقولم ((رجب شهر ال الصم النبتر الذي أفراده تعال لنفسه فمن صام منه يوما إيانا واحتسابا‬
‫استوجب رضوان ال الكب إل)) موضوع وف إسناده ‪(( 00‬عصام ابن طليق)) قال ابن معي ليس‬
‫بشيء وأبو هارون العبدي متروك‬
‫وقولم خطبنا رسول ال قبل رجب بمعه فقال ((أيها الناس إنه قد أظلكم شهر عظيم شهر رجب شهر‬
‫ال الصم تضاعف فيه السنات وتستجاب الدعوات وتفرج فيه الكريات ل ترد للمؤمن فيه دعوة فمن‬
‫اكتسب فيه خيا ضوعف له فيه أضعافا مضاعفة فعليكم بقيام ليله وصيام ناره إل)) موضوع ذكره‬
‫السيوطي‬

‫‪87‬‬
‫وقولم ((من صام من رجب يوما تطوعا أطفأ صومه ذلك اليوم غضب ال وأغلق عنه أبواب النار ال)‬
‫ذكره السيوطي وقال إسناده ظلمات بعضها فوق بعض)) انتهت القالة‬
‫ث اعترض بعض الناس على من نشرها ف ملته وقال ((إن كانت هذه الحاديث موضوعة كما قال‬
‫الكاتب فما الغرض منها إل الترغيب ف العبادة الت يثاب فاعلها على كل حال وحينئذ يكون بيان كيفية‬
‫وضعها وتكذيب واضعيها تثبيطا غي ممود عن عبادة ال))‬
‫فأجاب نأشرها بقوله ((إن نشر مثل هذه الرسالة كان واجبا ومن أفضل ضروب العبادة إعلم السلمي‬
‫بأن هذا الديث موضوع إن كان كذلك وصحيح إن كان سنده صحيحا سواء كان مغزي الديث ما‬
‫ندبت إليه الشريعة بوجه عام أو مانت عنه وكاتب الرسالة ل يكم بوضع حديث من عندياته وإنا ذكر‬
‫أقوال أئمة الديث والفاظ حت ذكر قول الافظ السيوطي ف سند حديث من تلك الحاديث أنه‬
‫ظلمات بعضها فوق بعض مبالغة ف إنكار سند الديث وعدم العتداد به وهناك غرض لئمة الديث ف‬
‫بيان صحته وضعفه أسي من غرض الترغيب ف العبادة والصيام والقيام أل وهو غرض ترير الشريفة‬
‫الغراء وصونا عن الدخيل فيها خيا كان أو شرا لنه إذا تطرق للحديث الكذب فيه بنية حسنة تطرقه‬
‫كذلك نبيه سيئة وانار بناء الشريعة الحمدية‬
‫ص‪158:‬‬
‫بكثرة ما يتخللها من الجنب عنها وأي شر أعظم ما يطرأ على الشريعة الغراء لو أرخي العنان لوضاع‬
‫الحاديث يضعون كيف شاءوا دون أن ييز الصدق من الكذب ف رواياتم ث من هو الذي يقبل من‬
‫العترضي أن يكتب باسه الكتاب ما شاءوا من أفكار وأقوال ولو كانت حسنة مقبولة ف حد ذاتا بل‬
‫من يصدق أن يقوم أحد من الناس ويفتري على وزير أو مدير قرارا أو منشورا يصدره بإمضائه ول يعد‬
‫عابثا بالنظام متوجبا التأديب أو على القل التكذيب أو من يتصور أنه يلفق صورة أمر عال مهما كان‬
‫موضعه وينشره كأنه صادر من السلطان ول يعاقب على فعله هذا فأي مسلم بعد هذا يسوغ أن يكذب‬
‫على رسول ال وهو يقول ((من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) لذلك نن نشرنا رسالة‬
‫الفاضل الذي أسند كل ما قال فيها للسلف الصال من أئمة الديث وحفاظه شاكرين هته مثني عليه با‬
‫هو أهله معتبين عمله هذا من خي أعمال العبادة الت يتقرب با إل ال ف مثل شهر رجب البارك‬
‫مؤملي أن يذو الفضلء الباحثون حذوه ول خوف من ذلك على الناس أن تثبط همهم عن عبادة ال‬
‫فإن ال عز وجل قد أت شريعته قبل أن يأخذ رسوله إل الرفيق العلى فهي ل ينقصها شيء يتاج‬

‫‪88‬‬
‫وضاعوا الديث الفترون على ال وعلى رسوله أن يتموه وعلى القراء أن يفقهوا مقاصد الكتاب ف هذا‬
‫الباب وال الوفق والعي))‬
‫ث أجاب ناشرها أيضا بقوله ف ماورة ثانية ((ل يقصد كاتب الرسالة ف بيان الحاديث الوضوعة الت‬
‫سردها تثبيط هم الناس عن العبادة وإنا أراد بيان عدم صحة تلك الحاديث الت اعتاد بعض الطباء‬
‫العناية بذكرها عند دخول مثل شهر رجب البارك ويسبونا من أصول الدين وليست منه ف شيء تلك‬
‫الحاديث الت أسندت للنب وقال أئمة الديث السالفون وحفاظه الحققون إنا موضوعة مفتراة عليه فقد‬
‫قال كاتب الرسالة ((ونن نأت بتلك الباطيل الت اختلقها الوضاعون ليحذرها العموم ويعرف خطباء‬
‫النابر والوعاظ والقصاص فيجتنبوها ول ينسبوها إليه عليه الصلة والسلم حذرا من الوقوع ف الث‬
‫وفرارا من الكذب على النب ال))‬
‫ص‪159:‬‬
‫وهذا صريح ف أنه إنا ينصح الطباء والوعاظ ليعدلوا عن ارتكاب الكذب ف إرشاد العامة إل ما هو‬
‫الصدق فيه والي كله مع الصادقي))‬
‫ث قال ((وقد بلغ حد التهافت على بيان أسرار الشريعة الغراء عند بعض خطباء المع على النابر أن‬
‫جعلوا للفظه (ر ج ب) حروفا مقطعة مدلولت أخرى فالراء لعن واليم لخر والباء لغيها مع أن هذه‬
‫الروف ذاتا موجودة ف كل كلمة ثلثية تركبت منها كجرب وبرج ورجب أساء مسميات أخرى‬
‫وهلم جرا بل ل ينكر عاقل أن الدخيل ف الحاديث قد كان منه ما أضر بالامعة السلمية وجوهر‬
‫الدين النيفي ضررا بليغا لو قيس با نتجته الحاديث الوضوعة لثل الترغيب ف العبادة من السنات‬
‫لرجح عليها رجحانا مبينا فكيف ل سكون سد هذا الباب مهما وكيف ل يكون ف المة وعاظ‬
‫ومرشدون يبيتون الصدق من الكذب والغث من السمي ف كل وقت وليس للمر بالعروف والنهى عن‬
‫النكر وقت مصوص وأشد ما يطلب ذلك ف الظروف الت يكون فيها المر والنهى أبلغ تأثيا ف النفوس‬
‫ولذا اختار صاحب رسالة الحاديث الوضوعة أن يبي ما يتص منها بشهر رجب ف الوقت الذي‬
‫يصدع الطباء فيه بواعظهم له وال يوفق الميع لا فيه الي والصواب وهو الادي إل سبيل الرشاد))‬
‫وأقول رأيت لشيخ السلم ابن تيميه قدس سره ف كتابه ((اقتضاء الصراط الستقيم)) تطرقا لذا البحث‬
‫الليل قال قدس سره ((شهر رجب أحد الشهر الرم)) وقد روى عن النب أنه كان إذا دخل شهر‬
‫رجب قال ((اللهم بارك لنا ف رجب وشعبان وبلغنا رمضان)) ول يثبت عن النب ف فضل رجب حديث‬

‫‪89‬‬
‫آخر بل عامة الحاديث الأثورة فيه عن النب كذب والديث إذا ل يعلم أنه كذب فروايته ف الفضائل‬
‫أمر قريب أما إذا علم كذبه فل يوز روايته إل مع بيان حاله لقوله ((من روى عن حديثا‬
‫ص‪160:‬‬
‫وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبي)) نعمن روى عن بعض السلف ف تفضيل العشر الول من رجب‬
‫بعض الثر وروى غي ذلك فاتاذه موسا بيث يفرد بالصوم مكروه عند المام أحد وغيه كما روى‬
‫عن عمر بن الطاب وأب بكرة وغيها من الصحابة رضي ال عنهم وروى ابن ماجه أن النب نى عن‬
‫صوم رجب وهل الفراد الكروه أن يصومه كله أو أن يقرن به شهر آخر فيه للصحاب وجهان وال‬
‫أعلم)) انتهى‬
‫‪ -5‬فتوى الغمام ابن حجر اليتمي رحه ال ف خطيب ل يبي مرجي الحاديث‬
‫ف فتاواه الديثية ما نصه ((وسئل رضي ال عنه ف خطيب يرقى النب ف كل جعة ويروى أحاديث‬
‫كثية ول يبي مرجيها ول رواتا فيما الذي يب عليه فأجاب بقوله ما ذكره من الحاديث ف خطبه‬
‫من غي أن ببي رواتا أو من ذكرها فجائز بشرط أن يكون من أهل العرفة ف الديث أو بنقلها من‬
‫مؤلفه كذلك وأما العتماد ف رواية الحاديث على مرد رؤيتها ف كتاب ليس مؤلفه من أهل الديث‬
‫أو ف خطب ليس مؤلفها كذلك فل يل ذلك ومن فعله عزر عليه التعزير الشديد وهذا حال أكثر‬
‫الطباء فإنم بجرد رؤيتهم خطبة فيها أحاديث حفظوها وخطبوا با من غي أن يعرفوا أن لتلك‬
‫الحاديث أصلً أم ل فيجب على حكام كل بلد أن يزجروا خطباءها عن ذلك ويب على حكام بلد‬
‫هذا الطيب منعه من ذلك إن ارتكبيه)) ث قال ((فعلى هذا الطيب أن يبي مستنده ف روايته فإن كان‬
‫مستندا صحيحا فل اعتراض عليه والساغ العتراض عليه بل وجاز لول المر ‪ -‬أيد ال به الدين وقمع‬
‫بعدله العاندين ‪ -‬أن يعزله من وظيفة الطابة زجرا له عن أن يتجرأ على هذه الرتبة السنية بغي حق))‬
‫انتهى ملخصا‬
‫ص‪161:‬‬
‫‪ -6‬ما جاء ف نج البلغة من وجوه اختلف الب وأحاديث البدع‬
‫سئل أمي الؤمني على بن أب طالب كرم ال وجهه عما ف أيدي الناس من أحاديث البدع واختلف‬
‫الب فقال ((إن ف أيدي الناس حقا وباطلً وصدقا وكذبا وناسخا ومسوخا وعاما وخاصا ومكما‬

‫‪90‬‬
‫ومتشابا وحفظا ووها ولقد كذب على رسول ال على عهده حت قام خطيبا فقال (( من كذب على‬
‫متعمدا فليتبوا مقعده من النار)) وإنا أتاك بالديث أربعة رجال ليس لم خامس‪-‬‬
‫رجل منافق مظهر ليان متصنع بالسلم ل يتأث ول يتحرج يكذب على رسول ال متعمدا فلو علم‬
‫الناس أنه منافق كاذب ل يقبلوا منه ول يصدقوا قوله ولكنهم قالوا صاحب رسول ال رأي وسع منه‬
‫ولقف عنه فيأخذون بقوله وقد أخبك ال عن النافقي با أخبك ووصفهم با وصفهم به لك ث بقوا‬
‫بعده عليه وعلى آله السلم فتقربوا إل الئمة فولوهم العمال وأكلوا بم الدنيا وإنا الناس مع اللوك‬
‫والدنيا وإل من عصم ال فهو أحد الربعة‬
‫ورجل سع من رسول ال شيئا ل يفظه على وجهه فوهم فيه ول يعرف كذبا فهو ف يديه ويرويه‬
‫ويعمل به ويقول ((أنا سعته من رسول ال )) فلو علم السلمون أنه وهم فيه ل يقبلوا منه ولو علم أنه‬
‫كذلك لرفضه‬
‫ورجل ثالث سع من رسول ال شيئا يأمر به ث نى عنه وهو ل يعلم أو سعه ينهى عن شيء ث أمر به‬
‫وهو ل يعلم فحفظ النسوخ ول يفظ الناسخ فلو علم أنه منسوخ لرفضه ولو علم السلمون إذ سعوه‬
‫منه أنه منسوخ لرفضوه‬
‫وآخر رابع ل يكذب على ال ول على رسوله مبغض للكذب خوفا من ال وتعظيما لرسول ال ول يهم‬
‫بل حفظ ما سع على وجهه فجاء به على سعه ل يزد فيه ول ينقص منه فحفظ الناسخ فعمل به وحفظ‬
‫النسوخ فجنب عنه وعرف الاص والعام‬
‫ص‪162:‬‬
‫فوضع كل شيء موضعه وعرف التشابه ومكمه وقد كان يكون من رسول ال الكلم له وجهان فكلم‬
‫خاص وكلم عام فيسمعه من ل يعرف ما عن ال به ول عن به رسول ال فيحمله السامع ويوجهه على‬
‫غي معرفة بعناه وما قصد به وما خرج من أجله وليس كل أصحاب رسول ال من كان يسأله‬
‫ويستفهمه حت إن كانوا ليحبون أن ييء العراب الطارئ فيسأله عليه السلم حت يسمعوا وكان ل ير‬
‫ب من ذلك شيء إل سألت عنه وحفظته فهذه وجوه ما عليه الناس ف اختلفهم وعللهم ف رواياتم))‬
‫انتهى‬
‫‪ -7‬بيان ضرر الوضوعات على غي الحدثي وان الدواء لعرفتها الرسوخ ف الديث‬

‫‪91‬‬
‫قال المام أبو عبد ال ممد بن الرتضى اليمان ف كتابه ((إيثار الق)) ف خلل البحث عن كون معظم‬
‫ابتداع البتدعي من أهل السلم راجعا إل هذين المرين الواضح بطلنما وها الزيادة ف الدين والنقص‬
‫منه ما نصه ((من أنواع الزيادة ف الدين الكذب فيه عمدا وهذا الفن يضر من ل يكن من أئمة الديث‬
‫والسي والتواريخ ول يتوقف على نقدهم فيه بيث ل يفرق بي ما يتواتر عند أهل التحقيق وبي ما‬
‫يزوره غيهم وليس له دواء إل إتقان هذا الفن والرسوخ فيه وعدم العارضة لهله بجرد الدعاوي‬
‫الفارغة وهو علم صعب يتاج إل طول الدة ومعرفة علوم الديث وعدم العجلة بالدعوى وإن كان‬
‫جليا ف معناه فإن الرسوخ فيه بعيد عن حصول العلم الضروري بأحوال رسول ال وأحوال السلف‬
‫بيث يعلم دينهم بالضروة مثل ما يعلم مذهب العتزلة والشعرية كذلك يطول البحث ف علم الكلم‬
‫ويعلم ما يتلفون فيه وما ل يتلفون فيه وما يكن القدح فيه من النقولت الشهورة وما ل يكن من غي‬
‫تقليد ول أقل من معرفة مثل علوم الديث للحاكم ف ذلك وهذا عندي هو الفائدة‬
‫ص‪163:‬‬
‫العظمي ف الرسوخ ف علم الديث وليس الفائدة العظمي فيه معرفة أحاديث الحكام ف فروع اللل‬
‫والرام كما يظن ذلك من يقتصر على قراءة بعض الختصرات ف ذلك ويكتفي به ف هذا العلم الليل‬
‫ولمر ما كان أئمة الديث الراسخون أركان اليان ف الثبوت عند الفت والمتحان)) انتهى‬
‫وقال العارف الشعران قدس سره ف العهود الكبى ((أخذ علينا العهد العام من رسول ال أن ل نتهور‬
‫ف رواية الديث بل نتثبت ف كل حديث نرويه عن رسول ال ول نرويه عنه إل إن كان لنا به رواية‬
‫صحيحة)) ث قال قدس سره ((وأعلم يا أخي أن أكثر من يقع ف خيانة هذا العهد التصوفة الذين ل قدم‬
‫لم ف الطريق فربا رووا عن رسول ال ما ليس من كلمه لعدم ذوقهم وعدم فرقانم بي كلم النبوة‬
‫وكلم غيها وسعت شيخنا شيخ السلم زكريا رحه ال يقول إنا قال بعض الحدثي أكذب الناس‬
‫الصالون لغلبة سلمة بواطنهم فيظنون بالناس الي وأنم ل يكذبون على رسول ال فمرادهم بالصالي‬
‫التعبدون الذي ل غوص لم ف علم البلغة فل يفرقون بي كلم النبوة وغيه بلف العارفي فإنم ل‬
‫يفي عليهم ذلك)) انتهى‬
‫‪ -8‬هل يكن معرفة الوضوع بضابط من غي نظر ف سنده‬
‫سئل المام شس الدين ابن قيم الوزية هل يكن معرفة الديث الوضوع بضابط من غي أن ينظر ف‬
‫سنده فقال ((هذا سؤال عظيم القدر وإنا يعرف ذلك من تضلع ف معرفة السنن الصحيحة وخلطت‬

‫‪92‬‬
‫بلحمه ودمه وصار له فيها ملكة واختصاص شديد بعرفة السنن والثار ومعرفة سية رسول ال عليه‬
‫الصلة والسلم وهديه فيما يأمي به وينهى عنه ويب عنهن ويدعو إليه ويبه ويكرهه ويشرعه للمة‬
‫بيث كأنه مالط له عليه الصلة والسلم بي أصحابه الكرام فمثل هذا يعرف من أحواله وهديه وكلمه‬
‫وأقواله وأفعاله وما يوز أن يب به وما ل يوز ما ل يعرفه غيه وهذا شأن كل متبوع‬
‫ص‪164:‬‬
‫مع تابعه فإن للخص به الريص على تتبع أقواله وأفعاله من العلم با والتمييز بي ما يصح أن ينسب إليه‬
‫وما ل يصح ليس كمن ل يكون كذلك وهذا شأن القلدين مع أئتهم يعرفون من أقوالم ونصوصهم‬
‫ومذاهبهم وأساليبهم ومشاربم ما ل يعرفه غيهم)) ث أورد جلة ما روى ف ذلك (انظر الوضوعات لل‬
‫على القارى)‬
‫وقال ابن دقيق العيد ((كثيا ما يكمون بالوضع باعتبار أمور ترجع إل الروي وألفاظ الديث وحاصلة‬
‫يرجع إل أنه حصلت لم لكثرة ماولة ألفاظ النب هيأة نفسانية وملكة قوية عرفوا باما يوز أن يكون‬
‫من ألفاظ النبوة وما ل يوز))‬
‫وقد روى الطيب عن الربيع بن خيثم التابعي الليل قال ((إن للحديث ضوءا كضوء النهار يعرف‬
‫وظلمة كظلمة الليل تنكر))‬
‫ونوه قول ابن الوزي ((الديث النكر يقشعر منه جلد طالب العلم وينفر منه قلبه)) يعن المارس‬
‫للفاظ الشارع البي با وبرو نقها وبجتها‬
‫‪ -9‬بيان أن للقلب السليم إشرافا على معرفة الوضوع‬
‫قال أبو السن علي بن عروة النبلي ف ((الكواكب))‬
‫فصل القلب إذا كان نقيا نظيفا زاكيا كان له تييز بي الق والباطل والصدق والكذب والدى والضلل‬
‫ول سيما إذا كان قد حصل له إضاءة وذوق من النور النبوي فإنه حينئذ تظهر له خبايا المور ودسائس‬
‫الشياء والصحيح من السقيم ولو ركب على مت ألفاظ موضوعة على الرسول إسناد صحيح أو على‬
‫مت صحيح إسناد ضعيف ليز ذلك وعرفه وذاق طعمه وميز بي غثه وسينه وصحيحة وسقيمه فإن ألفاظ‬
‫الرسول ل تفي على عاقل ذاقها ولذا قال النب ((اتقوا فراسه الؤمن فإنه ينظر بنور ال)) رواه الترمذي‬
‫من حديث أب سعيد وقال جاعة من السلف ف قوله تعال ( إن ف ذلك ليات للمتوسي)) أي‬
‫للمتفرسي وقال معاذ بن جبل‬

‫‪93‬‬
‫ص‪165:‬‬
‫((إن للحق منارا كمنار الطريق)) وإذا كان الكفار لا سعوا القرآن ف حال كفرهم قالوا ((إن له للوة‬
‫وإن عليه لطلوه وإن أسفله لغدق وإن أعله لورق وإن له لثمرة وإن له ف القلوب لصولة ليست بصوله‬
‫مبطل )) فما الظن بالؤمن التقي النقي الذي له عقل تام عند ورود الشبهات وبصر نافذ عند ورود‬
‫الشهوات قال بعض السلف ((إن العبد ليهم بالكذب فأعرف مراده قبل أن يتمم)) وقد قال تعال‬
‫(ولتعرفنهم ف لن القول) وقد كان عمر بن الطاب له حظ من ذلك كقصته مع سواد ين قارب وغيه‬
‫فإن القلب الصاف له شعور بالزيغ والنراف ف الفعال والعمال فإذا سع الديث عرف مرجه من أين‬
‫وإن ل يتكلم فيه الفاظ وأهل النقد فمن كانت أعمله خالصة ل موافقو للسنة ميز بي الشياء كذبا‬
‫وصدقها بشواهد تظهر له على صفحات الوجوه وفلتات اللسنة قال شاه الكرمان ((من عمر باطنة‬
‫بدوام الراقبة وظاهره باتباع السنة وغض بصره عن الحارم وعود نفسه أكل اللل ل تطئ له فراسة‬
‫فال سبحانه هو الذي يلق الرعب والظلمة ف قلوب الكافرين والنور والرهان ف قلوب التقي ولذا‬
‫ذكر ال آية النور عقيب غض النظر وكف النفس عن الحارم وكذلك إذا كان العبد صدوق اللسان‬
‫كان أقوى له وأت على معرفة الكاذيب والوضوعات فإن الزاء من جنس العمل فيثيب ال الصدوق‬
‫ويد للكذب مضاضة ومرارة ينبو عنها سعه ول يقبلها عقله)) ولا قدم وفد هوازن على النب مسلمي‬
‫وسألوه أن يرد عليهم سبيهم ومالم قال لم ((أحب الديث إل أصدقه)) ولذا كان كعب بن مالك‬
‫بعد أن عمى إذا سع حديثا مكذوبا عرف كذبه وذلك أنه أجع الصدق لرسول ال لا قدم من غزوة‬
‫تبوك وأنزل ال عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اتقوا وكونوا مع الصادقي) فإن ال سبحانه يلهم الصادق‬
‫الذكي معرفة الصدق‬
‫ص‪166:‬‬
‫من الكذب كما ف الديث ((الصدق طمأنينة والكذب ريبة)) وقال لوابصة ((استفت قلبك)) وقد ترك‬
‫النب أمته على البيضاء ليلها كنهارها وهذا من أدل الشياء على ما قلنا وإنا يؤت النسان ويدخل الزيف‬
‫عليه والباطل من نقص متابعته للرسول بلف الؤمن الحسن التبع له ف أقواله وأفعاله فإن أقوال الرسول‬
‫عليها جللة ولا ناموس ولقد رأيت رجل إذا سع حديثا مرويا عن النب وكان ليس ما قاله يرده ويقول‬
‫((هذا موضوع أو ضعيف أو غريب)) من غي أن يسمع ف ذلك بشيء فيكشف عنه فإذا هو كما قال‬
‫وكان قل أن يطيء ف هذا الباب فإذا قيل له من أين لك هذا يقول كلم الرسول عليه جللة وفيه‬

‫‪94‬‬
‫فحولة ليست لغيه من الناس وكذلك كلم أصحابه وكنت أكشف عما يقول فأجده غالبا كما قال‬
‫وكان من أتبع الناس للسنة وأقلهم للبدع والهواء وكذلك كان يقع هذا كثيا فإن الدين هو فعل ما‬
‫أمر ال به وترك ما نى عنه فمن تلبس ف باطنه بالخلص والصدق وف ظاهره بالشرع لنت له الشياء‬
‫ووضحت على ما هي عليه عكس حال أهل الضلل والبدع الذين يتكلمون بالكذب والتحريف‬
‫فيدخلون ف دين ال ما ليس منه وانظر ألفاظ القرآن لا كانت مفوظة منقولة بالتواتر ل يطمع مبطل ول‬
‫غيه ف إبطال شيء منه ول ف زيادة شيء بلف الديث فإن الحرفي والوضاعي تصرفوا فيه بالزيادة‬
‫والنقصان والكذب والوضع ف متونه وأسانيده ولكن أقام ال به من ينفي عنه تريف الغالي وانتحال‬
‫البطلي وتأويل الاهلي ويميه من وضع الوضاعي فبينوا ما أدخل أهل الكذب والوضع فيه وأهل‬
‫التحريف ف معانيه كمن صنف ف الصحيح كالبخاري ومسلم وابن خزية وكذلك أهل الساند كمسند‬
‫أحد ونوه وكمالك وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أب شيبة وغيهم من تكلم على الديث‬
‫وكذلك الذين تكلموا على الرجال وأسانيدها‬
‫ص‪167:‬‬
‫كيحي بن سعيد النصاري ويي القطان وشعبة وسفيان وابن معي وابن الداين وابن مهدي وغيهم‬
‫فهؤلء وأمثالم أهل الذب عن أحاديث رسول ال عكس حال من صنف كتبا فيها من الوضوعات شيء‬
‫كثي وهو ل ييز ول يعرف الوضوع والكذوب من غيه فيجيء الغر الاهل فيى حديثا ف كتاب‬
‫مصنف فيغتر به وينقله وهؤلء كثي أيضا مثل مصنف كتاب ((وسيلة التعبدين)) الذي صنفه الشيخ عمر‬
‫الوصلي ومثل ((تنقلت النوار)) للبكري الذي وضع فيه من الكذب ما ل يفي على من له أدن مسكة‬
‫عقل بل قد أنكر العلماء على أهل التصوف كثيا ما ذكروه ف كتبهم من الحاديث الت يعلمون أنا من‬
‫الوضوعات ومن تفاسي آيات يعلمون أنا مالفة مع أنم قوم أحبوا العمال وكذلك أهل التفسي‬
‫يضعون ف تفاسيهم أحاديث مكذوبة وكذلك كثي من الفقهاء يستدلون ف كتبهم على السائل‬
‫بأحاديث ضعيفة أو مكذوبة ومن ل ييز يقع ف غلط عظيم فال الستعان وقد فرق ال بي الق والباطل‬
‫بأهل النور واليان والنقد العارفي بالنقل والذائقي كلم الرسول بالعقل وقد صنفوا ف ذلك كتبا ف‬
‫الرح والتعديل فهذا العلم مسلم لم ولم فيه معارف وطرق يتصون با وقد قال المام أحد ((ثلثة‬
‫علوم ليس لا أصل الغازي واللحم والتفسي)) ومعن ذلك أن الغالب عليها أنا مرسلة وكذلك‬

‫‪95‬‬
‫((قصص النبياء)) للثعلب فيها ما فيها والقصود أن الصادق تر به أحاديث يقطع قلبه بأنا موضوعة أو‬
‫ضعيفة‬
‫قال شيخ السلم أبو العباس بن تيمية ((القلب العمور بالتقوى إذا رجح بجرد رأيه فهو ترجيح‬
‫شرعي)) قال ((فمت ما وقع عنده وحصل ف قلبه ما يظن معه أن هذا المر أو هذا الكلم أرضى ال‬
‫ورسوله كان ترجيحا بدليل شرعي الدين أنكروا كون اللام ليس طريقا إل القائق مطلقا أخطأوا فإذا‬
‫اجتهد العبد ف طاعة ال وتقواه كان ترجيحه لا رجح أقوى من أدلة كثية ضعيفة فإلام هذا دليل ف‬
‫حقه وهو أقوى من كثي من القيسة الضعيفة والوهومة والظواهر والستصحابات الكثية الت يتج با‬
‫ص‪168:‬‬
‫كثي من الائضي ف الذاهب واللف وأصول الفقه وقد قال عمر بن الطاب ((اقربوا من أقواه‬
‫الطيعي واسعوا منهم ما يقولون فإنم تتجلى لم أمور صادقة)) وحديث مكحول الرفوع ((ما أخلص‬
‫عبد العبادة ل تعال أربعي يوما إل أجرى ال الكمة على قلبه وأنطق با لسانه)) وقال أبو سليمان‬
‫الداران ((إن القلوب إذا أجعت على التقوى جالت ف اللكوت ورجعت إل صاحبها بطرف الفوائد من‬
‫غي أن يؤدي إليها عال علماء)) وقد قال النب ((الصلة نور والصدقة برهان والصب ضياء)) ومن معه‬
‫نور وبرهان وضياء كيف ل يعرف حقائق الشياء من فحوى كلم أصحابا ول سيما الحاديث النبوية‬
‫فإنه يعرف ذلك معرفة تامة لنه قاصد العمل فتتساعد ف حقه هذه الشياء مع القتداء ومبة ال ورسوله‬
‫حت إن الحب يعرف من فحوى كلم مبوبه مراده تلويا ل تصريا‬
‫(والعي تعرف من عين مدثها إن كان من حزبا أو من أعاديها)‬
‫وقد قيل‬
‫(إنارة العقل مكسوف بطوع هوى وقل عاصي الوى يزداد تنويرا‬
‫وف الديث الصحيح ((ل يزال عبدي بتقرب إل بالنوافل حت أحبه فإذا أحببته كنت سعه الذي يسمع‬
‫به وبصره الذي يبصر به ويده الت يبطش با ورجله الت يشى با)) ومن كان توفيق ال له كذلك فكيف‬
‫ل يكون ذا بصية نافذة ونفس فعاة وإذا كان الث والب ف صدور اللق له تردد وجولن فكيف حال‬
‫من ال سعه وبصره وهو ف قلبه وقد قال ابن مسعود ((الث حزاز القلوب)) وقد قدمنا أن ((الكذب‬
‫ريبة والصدق طمأنينة)) فالديث الصدق تطمئن إليه النفس ويطمئن إليه القلب وأيضا فإن ال فطر عبادة‬
‫على الق فإذا ل تستحل‬

‫‪96‬‬
‫ص‪169:‬‬
‫الفطرة شاهدت الشياء على ما هي عليه فأنكرت منكرها وعرفت معروفها قال عمر ((الق أبلج ل‬
‫يفي على فطن)) فإذا كانت الفطرة مستقيمة على القيقة منورة بنور القرآن تلت لا الشياء على ما‬
‫هي عليه ف تلك الرايا وانقشعت عنها ظلمات الهالت فرأت المور عيانا مع غيبها عن غيها وف‬
‫السنن والسند وغيه عن النواس بن سعان عن النب قال ((ضرب ال مثلً صراطا مستقيما وعلى جنبت‬
‫الصراط سوران وف السورين أبواب مفتحة وعلى البواب ستور مرخاة وداع يدعو على رأس الصراط‬
‫وداع يدعو من فوق فالصراط الستقيم هو السلم والستور الرخاة حدود ال والبواب الفتحة مارم ال‬
‫فإذا أراد العبد أن يفتح بابا من تلك البواب ناداه النادى يا عبد ال ل تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه‬
‫والداعي على رأس الصراط كتاب ال والداعي فوق الصراط واعظ ال ف قلب كل مؤمن)) فقد بي هذا‬
‫الديث العظيم الذي من عرفه انتفع به انتفاعا بالغا إن ساعده التوفيق واستغن به عن علوم كثية أن ف‬
‫قلب كل مؤمن واعظا والوعظ هو المر والنهى والترغيب والترهيب وإذا كان القلب معمورا بالتقوى‬
‫انلت له المور وانكشفت بلف القلب الراب الظلم قال حذيفة بن اليمان ((إن ف قلب الؤمن‬
‫سراجا يزهر)) وف الديث الصحيح ((إن الدجال مكتوب بي عينيه ((كافر)) يقرؤه كل مؤمن قارئ‬
‫وغي قارئ)) فدل على أن الؤمن يتبي له ما ل يتبي ول سيما ف الفت وينكشف له حال الكذاب‬
‫الوضاع على ال ورسوله فإن الدجال أكذب خلق ال مع أن ال يري على يديه أمورا هائلة وماريق‬
‫مزلزلة حت إن من رآه افتت به فيكشفها ال للمؤمن حت يعتقد كذبا وبطلنا وكلما قوى اليان ف‬
‫القلب قوى انكشاف المور له وعرف حقائقها من بواطلها وكلما ضعف اليان ضعف الكشف وذلك‬
‫مثل السراج القوى والسراج الضعيف ف البيت الظلم ولذا قال بعض السلف ف‬
‫ص‪170:‬‬
‫قوله (نور على نور) قال ((هو الؤمن ينطق بالكمة الطابقة للحق وإن يسمع فيها بالثر فإذا سع فيها‬
‫بالثر كان نورا على نور)) فاليان الذي ف قلب الؤمن يطابق نور القرآن فاللام القلب تارة يكون من‬
‫جنس القول والعلم والظن أن هذا القول كذب وأن هذا العمل باطل وهذا أرجح من هذا وأصوب وف‬
‫الصحيح عن النب أنه قال ((قد كان ف المم قبلكم مدثون فإن يكن ف أمت فيهم أحد فعمر))‬
‫والحدث هو اللهم الخاطب ف سره وما قال عمر لشيء إن لظنه كذا وكذا إل كان كما ظنه وكانوا‬
‫يرون أن السكينة تنطق على قلبه ولسانه أيضا فإذا كانت المور الكونية تنكشف للعبد الؤمن لقوة إيانه‬

‫‪97‬‬
‫يقينا وظنا فالمور الدينية كشفها له أيسر بطريق الول فإنه إل كشفها أحوج فالؤمن تقع ف قلبه أدلة‬
‫على الشياء ل يكنه التعبي عنها ف الغالب فإن كل أحدل يكنه إبانه العان القائمة بقلبه فإذا تكلم‬
‫الكاذب بي يدي الصادق عرف كذبه من فحوى كلمه فتدخل عليه نوة الياء اليان فتمنعه البيان‬
‫ولكن هو ف نفسه قد أخذ حذره منه وربا لوح أو صرح به خوفا من ال وشفقة على خلق ال‬
‫فيحذرون من روايته أو العمل به وكثي من أهل اليان والكشف يلقي ال ف قلبه أن هذا الطعام حرام‬
‫وأن هذا الرجل كافر أو فاسق أو ديوث أو لوطي أو خار أو مغن أو كاذب من غي دليل ظاهر بل با‬
‫يلقي ال ف قلبه وكذلك بالعكس يلقي ف قلبه حجة لشخص وأنه من أولياء ال تعال وأن هذا الرجل‬
‫صال وهذا الطعام حلل وهذا القول صدق فهذا وأمثاله ل يوز أن يستبعد ف حق أولياء ال الؤمني‬
‫التقي وقصة الضر مع موسى هي من هذا الباب وأن الضر علم هذه الحوال الغيبة با أطلعه ال عليه‬
‫وهذا باب واسع يطول بسطه وقد نبهنا فيه على نكت شريفة تطلعك على ما وراءها والقصود أن‬
‫الديث الوضوع يعرف كونه موضوعا إما بإقرار واضعه أو بركاكة لفظه أو غي ذلك وقد أشرنا فيما‬
‫ص‪171:‬‬
‫كتبنا فيما تقدم أن أهل اليان والتقوى والصدق والخلص لم أطلعات وكشف وفراسات وإلامات‬
‫يلقيها ال ف قلوبم يعرفون با صدق الصادق وكذب الكاذب ووضع الوضاعي وصحيح الخبار‬
‫وكاذبا وقد كان أبو سليمان الداران يسمى أحد بن عاصم النطاكي ((جاسوس القلب)) لدة فراسته‬
‫فعليك يا أخي بالصدق وإياك والكذب فإنه يانب اليان وال سبحانه أعلم بالصواب وإليه النقلب‬
‫والآب والمد ل رب العالي)) انتهى كلم المام ابن عروة النبلي الدمشقي رحه ال تعال‬
‫‪ -10‬الكلم على حديث من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار‬
‫أعلم أن حديث ((من كذب على)) ف غاية الصحة وناية القوى حت أطلق عليه جاعة أنه متواتر ونوزع‬
‫بأن شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما ف الكثرة وليست موجودة ف كل طريق بفردها أجبيب بأن‬
‫الراد من إطلق كونه متواترا رواية الجموع من الجموع من ابتدائة إل انتهائه ف كل عصر وهذا كاف‬
‫ف إفادة العلم وقد رواه عن أنس العدد الكثي وتواترت عنهم الطرق ورواه عن علي رضي ال عنه ستة‬
‫من مشاهي التابعي وثقاتم والعدد العي ل يشترط ف التواتر بل ما أفاده العلم كاف والصفات العلية ف‬
‫الرواة تقوم مقام العدد أو تزيد عليه ول سيما قد روى هذا الديث عن جاعة كثيين من الصحابة‬
‫فحكى المام أبو بكر الصيف ف شرحه لرسالة الشافعي أنه قد روى عن أكثر من ستي صحابيا مرفوعا‬

‫‪98‬‬
‫وقال بعض الفاظ إنه قد روى عن اثني وستي صحابيا وفيهم العشرة البشرة وقال ((ول يعرف حديث‬
‫اجتمع على روايته العشرة البشرة إل هذا ول حديث يروي عن اكثر من ستي صحابيا إل هذا)) وقال‬
‫بعضهم إنه رواه مئتان من الصحابة وقد اعتن جاعة من الفاظ بمع طرقه فقال إبراهيم الرب إنه ورد‬
‫من حديث أربعي من الصحابة وكذا قال أبو بكر البزار وجع طرقه أبو ممد يي بن ممد بن صاعد‬
‫فزاد قليل وجعها الطبان فزاد قليلً وقال أبو القاسم‬
‫ص‪172:‬‬
‫ابن منده رواه أكثر من ثاني نفسا وجع طرقه ابن الوزي ف مقدمة كتاب الوضوعات فجاوز التسعي‬
‫وبذلك جزم ابن دحية ث جعها الافظان يوسف بن خليل الدمشقي وأبو على البكري وها متعاصران‬
‫فوقع لك منهما ما ليس عند الخر وتصل من مموع ذلك كله رواية مئة من الصحابة رضي ال عنهم‬
‫وقال ابن الصلح ((ث ل يزل عدده ف ازديار وهلم جرا على التوال والستمرار وليس ف الحاديث ما‬
‫ف مرتبته من التواتر)) وقيل ل يوجد ف الديث مثال للمتواتر إل هذا وقال ابن دحية قد أخرج من نو‬
‫أربعمائة طريق (كذا ف عمدة القارى للعين) وهو خلصة ما قرره الافظ ابن حجر ف الفتح قال الافظ‬
‫ف هذا الديث ((أخرجه البخاري من حديث الغية وعبد ال بن عمرو وواثلة واتفق مسلم معه على‬
‫تريه عن علي وأنس وأب هريرة والغية وأخرجه مسلم من حديث أب سعيد أيضا وصح ف غي‬
‫الصحيحي من حديث ثلثي من الصحابة وورد أيضا عن نو خسي من غيهم بأسانيد ضعيفة وعن‬
‫نو من عشرين بأسانيد ساقطة ث بي رحه ال من اعتن بمعه كما تقدم‬
‫وقوله ((فليتبوأ مقعده من النار)) أي فليتخذ لنفسه منل يقال تبوأ الدار إذا اتذها مسكنا وهو أمر معناه‬
‫الب يعن فإن ال يبوئه وتعبيه بصيغة المر للهانة ولذا قيل المر فيه للتهكم أو التهديد إذ هو أبلغ ف‬
‫التغليظ والتشديد من أن يقال كان مقعدة ف النار ومن ث كان ذلك كبية بل قال الشيخ أبو ممد‬
‫الوين إنه كفر يعن لنه يترتب عليه الستخفاف بالشريعة ويؤخذ من الديث أن من قرأ حديثه وهو‬
‫يعلم أنه يلحن فيه سواء كان ف أدائه أو إعرابه يدخل ف هذا الوعيد الشديد لنه بلحنه كاذب عليهن‬
‫وفيه إشارة إل أن من نقل حديثا وعلم كذبه يكون مستحقا للنار إل أن يتوب ل من نقل عن راو عنه‬
‫عليه الصلة والسلم أو رأي ف كتاب ول يعلم كذبه قال الطيب ((فيه إياب التحرز عن الكذب على‬
‫رسول ال بأنه ل يدث عنه إل با يصح بنقل السناد)) قال ابن حجر ((وما أوهه كلم شارح من‬
‫حرمة التحديث بالضعيف مطلقا مردود)) ‪1‬هـ والظاهر أن‬

‫‪99‬‬
‫ص‪173:‬‬
‫مراد الطيب بقوله ((إل با يصح)) الصحة اللغوية الت بعن الثبوت ل الصطلحية وإل لهم حرمة‬
‫التحديث بالسن أيضا ول يسن ذلك ول يظن به هذا إذ من العلوم أن أكثر الحاديث الدالة على‬
‫الفروع حسان ومن القرر أن الديث الضعيف يعمل به ف فضائل العمال فيتعي حل كلمه على ما‬
‫ذكرناه وكلمه أيضا مشعر بذلك إذ ل يقل ((بنقل السناد الصحيح)) ولكنه موهم أنه ل بد من ذكر‬
‫السناد وليس كذلك لن الراد أنه ل يدث عنه إل با ثبت عنه وذلك الثبوت إنا يكون بنقل السناد‬
‫وفائدته أنه لو روى عنه ما يكون معناه صحيحا لكن ليس له إسناد فل يوز أن يدث به عنه واللم ف‬
‫السناد للعهد أي السناد العتب عند الحدثي وإل فقد يكون للحديث الوضوع إسناد أيضا قال عبد ال‬
‫بن البارك ((السناد من الدين ولو السناد لقال من شاء ما شاء)) قال ابن حجر ((ولكون السناد يعلم‬
‫به بالوضوع من غيه كانت معرفته من فروض الكفاية قيل ((بلغوا عن)) يتمل وجهي أحدها اتصال‬
‫السند بنقل الثقة عن مثله إل منتهاه لن التبليغ من البلوغ وهو إناء الشيء إل عايته والثان أداء اللفظ‬
‫كما سع من غي تغيي والطلوب ف الديث كل الوجهي)) (كذا ف مرقاة الفاتيح)‬
‫تنبيه ‪ -‬قال الافظ ابن حجر رحه ال ف الفتح ف شرح حديث البخاري عن علي رضي ال عنه عن‬
‫النب قال ((ل تكذبوا علي فإنه من كذب على فليلج النار)) معناه ل تنسبوا الكذب إل ول مفهوم لقوله‬
‫((على)) لنه ل يتصور أن يكذب له لنهيه عن مطلق الكذب وقد اعتز قوم من الهلة فوضعوا أحاديث‬
‫ف الترغيب والترهيب وقالوا ((نن ل نكذب عليه بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته)) وما دروا أن تقويله ما‬
‫ل يقل يقتضى الكذب على ال تعال لنه إثبات حكم من الحكام الشرعية سواء كان ف الياب أو‬
‫الندب وكذا مقابلهما وهو الرام والكروه ول يعتد بن خالف ذلك من الكرامية حيث جوزوا وضع‬
‫الكذب ف الترغيب والترهيب ف تثبيت ما ورد ف القرآن والسنة واحتج بأنه كذب له ل عليه وهو جهل‬
‫باللغة العربية‬
‫ص‪174:‬‬
‫وتسك بعضهم با ورد ف بعض طرق الديث من زيادة ل تثبت وهي ما أخرجه البزار من حديث ابن‬
‫مسعود بلفظ ((من كذب على ليضل به الناس الديث)) وقد اختلف ف وصله وإرساله ورجح الدار‬
‫قطن والاكم إرساله وأخرجه الدارمي من حديث يعلي بن مرة بسند ضعيف وعلى تقرير ثبوته فليست‬
‫اللم فيه للعلة بل للصيورة كما فسر قوله تعال ((فمن أظلم من افترى على ال كذبا ليضل الناس))‬

‫‪100‬‬
‫والعن أن مآل إل الضلل أو هو من تصيص بعض أفراد العموم بالذكر فل مفهوم له كقوله تعال (ل‬
‫تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة ‪ -‬ول تقتلوا أولدكم من إملق) فإن قتل الولد ومضاعفة الربا والضلل‬
‫ف هذه اليات إنا هو لتأكيد المر فيها ل اختصاص الكم)) انتهى‬
‫‪ -11‬بيان أنه ليس كل حديث ف باب الترغيب تدث به العامة‬
‫ترجم لذا القصد الهم المام البخاري ف صحيحه بقوله ((باب من خص بالعلم أقواما دون قوم كراهية‬
‫أن ل يفهموا)) ث قال قال علي رضي ال عنه حدثوا الناس با يعرفون أتبون أن يكذب ال ورسوله ث‬
‫أسند عن أنس بن مالك أن رسول ال ومعاذ رديفه على الرحل قال ((يا معاذ بن جبل)) قال لبيك يا‬
‫رسول ال وسعديك)) قال ((يا معاذ)) قال ((لبيك يا رسول ال وسعديك ثلثا ((ما من أحد يشهد أن‬
‫ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال إل حرمه ال على النار)) وقال ((يا رسول ال أفل أخب به الناس‬
‫فيستبشروا إذا يتكلوا)) وأخب با معاذ عند موته تأثا وروى مسلم أن النب أمر أبا هريرة أن يبشر بذلك‬
‫الناس فلقيه عمر فدفعه وقال ارجع يا أبا هريرة)) ودخل على أثره فقال ((يا رسول ال ل تفعل فإن‬
‫أخشى أن يتكل الناس فخلهم يعملون)) فقال فخلهم))‬
‫ص‪175:‬‬
‫وسبق ف الثمرة التاسعة ف بث الصحيح شذرة من هذا البحث الليل فتذكر‬
‫وقد توسع فيه وأجاد صديقنا مؤلف كتاب أشهر مشاهي السلم بقوله تت عنوان ما كل حديث‬
‫تدث به العامة وندم أب عبيدة على نقله الديث لعامة الناس)) ما صورته ((كل مسلم أكتنه كنه الدين‬
‫السلمي ووقف على حكمه وأسراره يرى من آياته العظمى ف الترغيب والترهيب ما لو أحسن‬
‫استعماله ووضع ف موضعه لكفى لزعاج النفوس الشريرة عن مواطن الرذيلة مهما التصقت با وأمعنت‬
‫فيهان ولعل النفوس البارة نورا على نور وألبسها من الفضيلة لباسا ل يصيبه بلى وقد جاء الكتاب‬
‫الكري بالترغيب ليكون باعثا للنفوس على العمل الصال رجاء الثواب الخروي الذي أعده ال لعباده‬
‫الصالي ل ليكون لستدراج النفوس ف مدارج الستباحة طمعا ف عفو ال لذا جاء بإزاء الترغيب‬
‫بالترهيب لترسم على صفحات النفوس صورة العقاب كما ارتسمت صورة الثواب فيكون لا منها داع‬
‫إل الي يذكرها بالثواب ويكن منها الرغبة فيه ل إل حد الطمع والغرور ث الستدراج ف الشرور‬
‫وزاجر عن الشر يذكرها بالعقاب ويكن منها الرهبة منه ل إل حد النقطاع إل تقوي أود النفس‬
‫وتعطيل وظائف الياة ول إل حد اليأس والقنوط ث السترسال ف الشهوات واقتراف النكرات على‬

‫‪101‬‬
‫ذلك الساس بن الترغيب والترهيب ف السلم وكل ما جاء منه ف الديث النبوي فالراد منه عي ما‬
‫أراده القرآن ولكن ما اليلة وقد أولع كثي من علماء السلمي بالفراط ف الوعظ ترغيبا وترهيبا وحلوا‬
‫عامة الناس على طريقتهم ف فهم الدين فأكثروا من حل الديث وروايته دون التفهم له والعلم بقاصده‬
‫ووضع كل شيء منه ف مله والتفريق بي صحيحه وموضوعه حت أغروا العامة بعقيدة الباحة لكثرة ما‬
‫يروون لم من أحاديث الترغيب ولو موضوعه حت أغروا العامة بعقيدة الباحة لكثرة ما يروونه لم من‬
‫أحاديث الترغيب ولو موضوعة كفضائل الصيام والصلة وفضائل الشهور واليام وفضائل التلوات‬
‫وجلها ‪ -‬إن ل نقل كلها ‪ -‬من‬
‫ص‪176:‬‬
‫الوضوع الذي تستدرج به العامة للستباحة لعتقادهم بأن من صام كذا غفر له من السيئات كذا وكذا‬
‫ومن ننفل بيوم كذا ميت سيئاته إل كذا ولقد بلغ ببعضهم سوء الفهم للدين أن جعلوا لبعض القصائد‬
‫النبوية من الفضائل ما ل يعلوه للقرآن فقالوا إن البيت الفلن منها لشفاء السقام والخر لحو الذنوب‬
‫والثام والثالث للنجاة من ظلم الكام فليت شعري إذا اعتقد العامي أن تلوة بيت من قصيد يكفى لحو‬
‫كل ما يقترفه ف يومه من الثام فإل أية درجة ينتهى فساد أخلقه وشرور نفسه وماذا ينفعه القرآن‬
‫بأوامره ونواهيه ووعده ووعيده وحكمه وأحكامه اللهم إن هذا لغاية الستهانة بالدين والهل بقاصد‬
‫السلم ومنشؤه اضطراب الفهام وتلبس القائق بالوهام منذ أخذ الوضاعون بالكذب على رسول ال‬
‫وأدخلوا ف الدين ما ليس منه يضاف إليه الكثار من حل الديث على غي تفقه فيه ووضع له ف‬
‫مواضعه الت أرادها الشارع وقصدها السلم ولو تتبع العلماء سية الصحابة الكرام سيما خاصهم الذين‬
‫ل زموا النب وفهموا هذا الدين حق الفهم لرأوا كيف أنم كانوا يقلون من رواية الديث إل للخاصة أو‬
‫ما تعلق منه بالحكام ‪ 1‬حت بلغ بعمر رضي ال عنه أنه كان ينهى عن رواية الديث ويقول ((عليكم‬
‫بالقرآن)) وما ذلك إل خوف الكذب على رسول ال إذا كثرت الرواية والنقل وخوف افتنان العامة با‬
‫ليس لم به علم وبا ل يتفقهوا فيه من الديث‬
‫((أبو عبيدة بن الراح)) كان من خية الصحابة وعلى جانب من التفقه ف الدين والورع والتقوى دعا‬
‫النب لن يسميه أمي هذه المة وقد سع من رسول ال حديثا ربا ل يسمعه منه أحد من الصحابة أو‬
‫سعه بعض الاصة فرأى هذا المي أن يطوى هذا الديث بي الوانح ويضن به على العامة كما ضن به‬

‫‪102‬‬
‫عليهم رسول ال لن عقول العامة يلمسها الغترار ونفوسهم يلمسها الضعف وحب الشهوات فهم‬
‫بالوعيد أول وبإلزامهم ظواهر الشرع أخرى ولكن لا ألأته الضرورة القصوى وهو‬
‫ص‪177:‬‬
‫مصور مع السلمي ف حص ورأى منهم فتورا عن الرب ل لوهن ف نفوسهم أوجب أصابم كل وإنا‬
‫هو لرهبة الالق الت تكنت من أفئدتم وقلوبم وإخافتهم من الوت ل لذاته بل لا بعده فقام فخطب‬
‫فيهم وتل عليهم ذلك الديث وهو ((من مات ل يشرك بال شيئا دخل النة)) استحثاثا لممهم وتفيفا‬
‫لروعهم ما بعد الوت رجاء رحه ال وعفوه عن ذنوب اقترفوها ما دون الشرك إذا تابوا وأنابوا قال لم‬
‫هذا وهو يظن أن هذا الديث ل يتعدى أساعهم لعتقاده أنم إذا خرجوا لكافحة الروم ل يبقى منهم‬
‫أحد يدث به أو يلبس نفسه أثر منه لكثرة من كان على حصارهم من جند الروم ولا ت الظفر‬
‫للمسلمي ونوا من براثن العدو ندم على أن حدثهم بذلك الديث وخسي من أن يعلق ف نفوسهم‬
‫شيء منه مع أنه علقه على التوبة فقام وخطب فيهم فقال ((ل تتكلوا ول تزهدوا ف الدرجات فلو‬
‫علمت أنه يبقى منا أحد ل أحدثكم بذا الديث)) وتال إن قوما بلغ بم اليان الصادق وليقي الثابت‬
‫ذلك القام مقام الرهبة من ال ومن الوقوف بي يدي قدرته بعد الوت لقوم عامتهم أعلم بالدين وأخلص‬
‫ف اليقي من خاصتنا ذلك العصر وماذا يشترط ف الحدثي وحلة علوم الدين إل يشترط الوقوف على‬
‫مقاصد السلم والتفقه ف الديث والعلم بالة الاطبي واجتناب الغلو معهم ف الترغيب والترهيب‬
‫ومراعاة ما يلبس عقولم من القوة والضعف وأن يتيسر هذا وقد نتج عن كثرة الرواية وحل الديث‬
‫بل تفقه فيه زيغ العقول عن مقاصد الشرع واجتراء الكذابي على وضع الديث وشحن الكتب‬
‫السلمية با ل يرضاه ال والرسول وهو ما كان يذره عمر بن الطاب رضي ال عنه ولذا نى ف‬
‫عصره الذي هو خي العصور عن الكثار من رواية الديث فما بالك با يلي عصره من العصور‬
‫((ذكر الافظ أبو عمر يوسف بن عبد الب القرطب الندلسي ف كتابه ((جامع بيان‬
‫ص‪178:‬‬
‫العلم وفضله)) ف باب ذكر من ذم الكثار من الديث دون التفهم له والتفقه فيه ما نصه ((عن ابن‬
‫وهب قال سعت سفيان بن عيينه يدث عن بيان عن عامر الشعب عن قرظة بن كعب قال خرجنا نريد‬
‫العراق فمشى معنا عمر إل حرار فتوضأ فغسل اثنتي ث قال أتدرون ل مشيت معكم قالوا نعمن نن‬
‫أصحاب رسول ال مشيت معنا فقال إنكم تأتون أهل قرية لم دوي بالقرآن كدوي النحل فل تصدوهم‬

‫‪103‬‬
‫بالحاديث فتشغلوهم جودوا القرآن وأقلوا الرواية عن رسول ال امضوا وأن شريككم فلما قدم قرظة‬
‫قالوا حدثنا قال نانا عمر بن الطاب))‬
‫ث قال ابن عبد الب بعد هذا بقليل ما نصه ((قول عمر إنا كان لقوم ل يكونوا أحصوا القرآن فخشى‬
‫عليهم الشتغال بغيه عنه إذ هو الصل لكل علم هذا معن قول أب عبيدة ف ذلك ث قال أيضا إن نيه‬
‫عن الكثار وأمره بالقلل من الرواية عن رسول ال إنا كان خوف الكذب على رسول ال وخوفا من‬
‫أن يكونوا مع الكثار يدثون با ل يتيقنوا حفظه ول يعوه لن ضبط من قلت روايته أكثر من ضبط‬
‫الستكثر وهو أبعد من السهو والغلط الذي ل يؤمن مع الكثار فلهذا أمرهم عمر من القلل من‬
‫الرواية)) انتهى‬
‫‪ -12‬وجوب نعرف الديث الصحيح من الوضوع‬
‫لن يطالع الؤلفات الت ل تيز بي صحيح الحاديث وسقيمها‬
‫قال شيخ السلم تقي الدين بن تيمية رحه ال تعال ف مكتوبة لماعة العارف الليل الشيخ عدي بن‬
‫مسافر رحه ال تعال ف بعض فصوله وأنتم ‪ -‬أصلحكم ال ‪ -‬قد من ال عليكم بالنتساب إل السلم‬
‫الذي هو دين ال وعافاكم ما ابتلى به من خرج عن السلم من الشركي وأهل الكتاب وعافاكم‬
‫بانتسابكم إل السنة من أكثر البدع الضلة‬
‫ص‪179:‬‬
‫مثل كثي من بدع الروافض والهمية والوارج والقدرية بيث جعل عندكم من البغض لن يكذب‬
‫بأساء ال وصفاته وقضائه وقدره أو يسب أصحاب رسول ال ما هو من طريقة أهل السنة والماعة‬
‫وهذا من أكب نعم ال على من أنعم عليه بذلك فإن هذا تام اليان وكمال الدين ولذا أكثر فيكم من‬
‫أهل الصلح والدين ما ل يوجد مثله ف طرائف البتدعي وفيكم من أولياء ال التقي من له لسان صدق‬
‫ف العالي فإن قدماء الشايخ الذين كانوا فيكم مثل اللقب بشيخ السلم أب السن على بن أحد ابن‬
‫يوسف القرشي الكاري وبعده الشيخ العارف القدرة عدي بن مسافر الموي ومن سلك سيبلهما فيهم‬
‫من الفضل والدين والصلح والتباع للسنة ما عظم ال به أقدارهم ورفع به منارهم))‬
‫ث قال ((والشيخ عدي قدس ال روحه عقيدته الحفوظة عنه ل يرج فيها عن عقيدة من تقدم من‬
‫الشايخ الذين سلك سبيلهم كالشيخ عبد الواحد الشيازي وكشيخ السلم الكاري ونوها وهؤلء‬
‫الشايخ ل يرجوا ف الصول الكبار عن أصول أهل السنة والماعة بل كان لم من الترغيب ف أصول‬

‫‪104‬‬
‫أهل السنة والدعاء إليها والرص على نشرها ومنابذة من خالفها مع الدين والفضل والصلح ما رفع ال‬
‫به أقدارهم وأعلى منارهم وغالب ما يقولونه ف أصولا الكبار جيد مع أنه ل بد وأن يوجد ف كلمهم‬
‫وكلم نظرائهم من السائل الرجوحة والدلئل الضعيفة كأحاديث ل تثبت ومقاييس ل تطرد ما يعرفه‬
‫أهل البصية وذلك أن كل أحد يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال ل سيما التأخرون من المة الذين ل‬
‫يكموا معرفة الكتاب والسنة والفقه فيهما وييزوا بي صحيح الحاديث وسقيمها وناتج القاييس‬
‫وعقيمها مع ما ينضم إل ذلك من غلبة الهواء وكثرة الراء وتغلظ الختلف والفتراق وحصول‬
‫العداوة والشقاق فإن هذه السباب ونوها ما يوجب قوة الهل والظلم اللذين نعت ال بما النسان ف‬
‫قوله ((وحلها النسان إنه كان ظلوما جهولً)) فإذا من ال على النسان بالعلم‬
‫ص‪180:‬‬
‫والعدل أنقذه من هذا الضلل وقد قال سبحانه (والعصر إن النسان لفي خسرإل الذين آمنوا وعملوا‬
‫الصالات وتواصوا بالق وتواصوا بالصب)) وقد قال تعال (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا لا صبوا‬
‫وكانوا بآياتنا يوقنون)) وأنتم تعلمون ‪ -‬أصلحكم ال ‪ -‬أن السنة الت يب اتباعها ويمد أهلها ويذم‬
‫من خالفها هي سنة رسول ال ف أمور العتقادات وأمور العبادات وسائر أمور الديانات وذلك إنا‬
‫يعرف بعرفة أحاديث النب الثابتة عنه ف أقواله وأفعاله وما تركه من قول وعمل ث ما كان عليه السابقون‬
‫والتابعون لم بإحسان وذلك ف دواوين السلم العروفة مثل صحيحي البخاري ومسلم وكتب السنن‬
‫مثل سنن أب داود والنسائي وجامع الترمذي وموطأ المام مالك ومثل السانيد العروفة كمثل مسند‬
‫المام أحد وغيه ويوجد ف كتب التفاسي والغازي وسائر كتب الديث جلها وأجزائها من الثار ما‬
‫يستدل ببعضها على بعض وهذا أمر قد أقام ال له من أهل العرفة من اعتن به حت حفظ ال الدين على‬
‫أهله وقد جع طوائف من العلماء الحاديث والثار الروية ف أبواب عقائد أهل السنة مثل حاد بن سلمة‬
‫وعبد الرحن بن مهدي وعبد ال بن عبد الرحن الدارمي وعثمان بن سعيد الدارمي وغيهم ف طبقهم‬
‫ومنها ما بوب عليه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه وغيهم ف كتبهم ومثل مصنفات أب بكر‬
‫الثرم وعبد ال بن أحد وأب بكر اللل وأب القاسم الطبان وأب الشيخ الصبهان وأب بكر الجري‬
‫وأب السن الدار قطن وأب عبد ال بن مندة وأب القاسم الللكائي وأب عبد ال بن بطة وأب عمر‬
‫الطلمنكي وأب نعيم الصبهان وأب بكر البيهقي وأب ذر الروي وإن كان يقع ف بعض هذه الصنفات‬
‫من الحاديث الضعيفة ما يعرفه أهل العرفة‬

‫‪105‬‬
‫((وقد يروي كثي من الناس ف الصفات وسائر أبواب العتقادات وعامة أبواب الدين أحاديث كثية‬
‫تكون مكذوبة موضوعة على رسول ال وهي قسمان‬
‫منها ما يكون كلما باطلً ل يوز أن يقال فضلً عن أن يضاف إل النب‬
‫والقسم الثان من الكلم ما يكون قد قاله بعض السلف أو بعض العلماء أو بعض الناس ويكون حقا أو‬
‫ما يسوغ فيه الجتهاد أو مذهبا لقائله فيغزى إل النب وهذا كثي عند من ل يعرف الديث مثل السائل‬
‫الت وصفها الشيخ أبو الفرج عبد الواحد ابن ممد بن علي النصاري وجعلها منة يفرق فيها بي السن‬
‫والبدعي وهي مسائل معروفة عملها بعض الكذابي وجعل لا إسنادا إل رسول ال وجعلها من كلمه‬
‫وهذا يعلمه من له أدن معرفة أنه مكذوب مفترى وهذه السائل وإن كان غالبها موافقا لصول السنة‬
‫ففيها ما إذا خالفه النسان ل يكم بأنه مبتدع مثل أول نعمة أنعم با على عبده فإن هذه السألة فيها‬
‫نزاع بي أهل السنة والناع فيها لفظي لن مبناها على أن اللذة يعتقبها أل هل تسمى نعمة أم ل وفيها‬
‫أيضا أشياء مرجوحة‬
‫والواجب أن يفرق بي الديث الصحيح والديث الكذب فإن السنة هي الق دون الباطل وهي‬
‫الحاديث الصحيحة دون الوضوعة فهذا أصل عظيم لهل السلم عموما ولن يدعي السنة خصوصا‬
‫انتهى‬
‫‪ -13‬بيان أنه عبة بالحاديث النقولة ف كتب الفقه والتصوف‬
‫ما ل يظهر سندها وإن كان مصنفها جليل‬
‫قال العلمة مل على القارى ف رسالة الوضوعات ((حديث من قضى صلته من الفرائض ف آخر جعة‬
‫من رمضان كان ذلك جابرا لكل صلة فاتته ف عمره إل سبعي سنة)) باطل قطعا ول عبة بنقل‬
‫صاحب النهاية وغيه من بقية شراح الداية فإنم‬
‫ص‪181:‬‬
‫ليسوا من الحدثي ول أسندوا الديث إل أحد من الخرجي)) ‪1‬هـ‬
‫وقال السيوطي ف مرقاة الصعود إل سنن أب داود على حديث ((نى أن يتشط أحدنا كل يوم)) فإن‬
‫قلت ((إنه كان يسرح ليته كل يوم مرتي قلت ل أقف على هذا بإسناد ول أر من ذكره إل الغزال ف‬
‫الحياء ول يفي ما فيه من الحاديث الت ل أصل لا)) ‪1‬هـ‬

‫‪106‬‬
‫وظاهر أنم ل يوردوا ما أوردوا مع العلم يكونه موضوعا بل ظنوه مرويا ونقد الثار من وظيفة حلة‬
‫الخبار إذ لكل مقام مقال ولكل فن رجال‬
‫‪ -14‬الرد على من يزعم تصحيح بعض الحاديث بالكشف بأن مدار الصحة على السند‬
‫ف فتاوى العلمة الشيخ عليش رحه ال ما مثاله ((وسئل عن حديث يس لا قرئت له)) هل هو صحيح‬
‫وما يترتب على من شنع على من أنكر صحته أفيدوا الواب فأجاب با نصه ((المد ل نص الافظ‬
‫السخاوي ف كتابه ((القاصد السنة ف الحاديث الشتهرة على اللسنة)) على أن هذا الديث ل أصل‬
‫له وكذلك سيدي ممد الزرقان ف متصره ويترتب على هذا الشنع الذكور الدب الشديد لتجرئه على‬
‫التكلم بغي علم والظاهر من حال هذا الرجل أنه جاهل جاف غليظ الطبع ل يالط أحدا من أهل العلم‬
‫ومثل هذا يشى عليه مقت ال تعال لوضه ف الحاديث بغي معرفة إذ من له معرفة ل ينكر النصوص‬
‫وشدة الهل وضعف العقل وعدم الديانة توجب أكثر من ذلك وال أعلم))‬
‫وكتب على هذا السؤال أيضا الشيخ إبراهيم السقاء خطيب الزهر ما نصه ((المد ل قرر الشعران ف‬
‫ل عن الافظ السخاوي أن الديث بذا اللفظ ل أصل له ث قال وهو عند جاعة‬ ‫كتابه البدر الني نق ً‬
‫الشيخ إسعيل اليمن قطعي)) انتهى‬
‫فهذا ما اختلف فيه الناس فل يليق أن يرد على من أنكر صحته فإن السخاوي أنكرها ول يليق أن يرد‬
‫على من قرره فإن بعض الناس قد قرره كما سعته عن‬
‫ص‪183:‬‬
‫الشعران وفضل ((يس)) وكونا لقضاء الغراض الدنيوية والخروية ل يتوقف على هذا الديث فإنه قد‬
‫وردت به أحاديث أخر هذا ما فتح ال به))‬
‫إبراهيم السقاء الشافعي عفى عنه‬
‫قال جامع فتاوى الشيخ عليش رحه ال ولا اطلع على هذا الواب شيخنا أبو يي (يعن الشيخ عليشا)‬
‫كتب عليه ما نصه ((المد ل من العلوم لكل أحد أن الحاديث ل تثبت إل بالسانيد ل بنحو الكشف‬
‫وأنوار القلوب فما نقله الشعران عن جاعة سيدي إسعيل اليمن إن كان الراد صحة اللفظ كما فهم‬
‫الفت توقف المر على السند وإل رد القول على قائله كائنا من كان ودين ال ل ماباة فيه والولية‬
‫والكرامات ل دخل لا هنا إنا الرجع للحفاظ العارفي بذا الشأن والديث عندهم متفق على أنه ل‬
‫أصل له فقد ذكره مل على قارئ وقال قال السخاوي ل أصل له وقال ف خطبة كتابه إنه ل يذكر‬

‫‪107‬‬
‫الديث الثابت ول الختلف ف وضعه وإن كان الراد صحة معناه كما هو اللئق بتحسي الظن بالسادة‬
‫فهذا أمر قريب لن من صح توكله وصدق إخلصه إذا دعا إل له أجابه خصوصا إذ توسل بالقرآن ويقع‬
‫مثل هذا ف كلم الفاظ فقد قال أبو بكر بن العرب لا تكلم على حديث ((سورة الائدة نعمت‬
‫الفائدة)) أنا أقول سورة الائدة نعمت الفائدة لكن اللفظ ل يرد)) انتهى‬
‫إل أن هذا غي ما نن فيه فتعقب هذا الفت على السخاوي بآخر عبارة الشعران ف غي مله لنه مبن‬
‫على ما فهم من إراده صحة اللفظ وقد علمت أنه ل يصح لتوقفه على السند ول يوجد إذ لو وجد لعرفه‬
‫الفاظ وذكروا الديث ف كتبهم وقوله ((فهذا ما اختلف فيه)) فيه ما فيه ويرده كلم مل على وقوله‬
‫((ول يليق الرد على من قرره)) كأن مراده الفت الول وهو ل يرد على من قرر إنا رد على من تكلم‬
‫بل علم وخاض بغي معرفة والرد على هذا متعي وكأنه ل يفهم ألفاظ من رد عليه كما أنه ل يفهم مراد‬
‫ص‪184:‬‬
‫من ردبه وكما أنه ل يفهم السؤال حيث قال وفضل ((يس)) ال فإن فضل جيع القرآن ل نزاع فيه بي‬
‫السلمي وقوله ((هذا ما فتح ال به ل أفهم معناه فإنه إذا ل يقق مراد من يتعقب بكلمه ول يتدبر‬
‫السؤال ول يفهم ألفاظ من رد عليه مع كون الرد فضو ًل لنه إنا سئل عما ف السؤال وأما ف جواب‬
‫الجيب فل فبأى شيء وقع الفتح وإن كان هذا غاية ملكة هذا الرجل فإنا ال قد كنت أظن أن تت‬
‫القبة شيخا وال أعلم )) ‪1‬هـ كلم الشيخ عليش‬
‫ص‪185:‬‬
‫الباب الامس‬
‫ف الرح والتعديل وفيه مسائل‬
‫‪ -1‬بيان طبقات السلف ف ذلك‬
‫قال الافظ الذهب الدمشقي رحه ال تعال ف جزء جعه ف الثقات التكلم فيهم با ل يوجب ردهم ما‬
‫نصه ((وأما الصحابة رضي ال عنهم فبساطهم مطوي وإن جرى ما جرى وإن غلطوا كما غلط غيهم‬
‫من الثقات فما يكاد يسلم من الغلط أحد لكنه غلط نادر ل يضر أبدا إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوا‬
‫العمل وبه ندين ال تعال وأما التابعون فيكاد يعدم فيهم من يكذب عمدا لكن لم غلط وأوهام فما ندر‬
‫غلطه ف جنب ما قد حل احتمل ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضا ونقل حديثه‬
‫وعمل به على تردد بي الئمة الثبات ف الحتجاج بن هذانعته كالادث العور وعاصم بن ضمره‬

‫‪108‬‬
‫وصال مول التوأمة وعطاء بن السائب ونوهم ومن فحش خطؤه وكثر تفرده ل يتج بديثه ول يكاد‬
‫يقع ذلك ف التابعي الولي ولو وجد ذلك ف صغار التابعي فمن بعدهم وأما أصحاب التابعي كمالك‬
‫والوزاعي وهذا الضرب فعلى الراتب الذكروة ووجد ف عصرهم من يتعمد الكذب أو من كثر غلطة‬
‫فترك حديثه هذا مالك هو النجم الادي بي المة وما سلم من الكلم فيه ولو قال قائل عند الحتجاج‬
‫بالك فقد تكلم فيهن لعزر وأهي وكذا الوزاعي ثقة حجة وربا انفرد ووهم وحديثه عن الزهري فيه‬
‫شيء ما وقد قال فيه أحد بن حنبل ((رأي ضعيف وحديث ضعيف وقد تكلف لعن هذه اللفظة وكذا‬
‫تكلم من ل يفهم ف الزهري لكونه خضب‬
‫ص‪187:‬‬
‫بالسواد ولبس زي الند وخدم هشام بن عبد اللك وهذا باب واسع والاء إذا بلغ قلتي ل يمل البث‬
‫والؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيئاته فهو من الفلحي هذا أن لو كان ما قيل ف الثقة الرضى مؤثرا‬
‫فكيف وهو ل تأثي له )) انتهى كلم الذهب‬
‫‪ -2‬بيان أن جرح الضعفاء من النصيحة‬
‫قال المام النووي ((أعلم أن جرح الرواة جائز بل واجب بالتفاق للضرورة الداعية إليه لصيانة الشريعة‬
‫الكرمة وليس هو من الغيبة الحرمة بل من النصيحة ل تعال ورسوله والسلمي ول يزل فضلء الئمة‬
‫وأخيارهم وأهل الورع منهم يفعلون ذلك)) وقد تكلم المام مسلم على جاعة منهم ف مقدمة صحيحه‬
‫وقدمنا ف مبحث الضعيف تت ترجة قول مسلم رحه ال أن الراوي عن الضعفاء غاش آث جاهل زيادة‬
‫على ذلك فارجع إليه‬
‫‪ -3‬بث تعارض الرح والتعديل‬
‫((إذا اجتمع ف الراوي جرح مفسر وتعديل فالمهور على أن الرح مقدم ولو كان عدد الارح أقل من‬
‫العدل قالوا لن مع الارح زيادة علم وقيل إن زاد العدلون ف العدد على الجرحي قدم التعديل)) انتهى‬
‫ما ف التقريب وشرحه وهذا القول وإن ضعف فهو الذي يتجه وما أحسن مذهب النسائي ف هذا الباب‬
‫وهو أن ل يترك حديث الرجل حت يتمع الميع على تركه ولذا أرى من الواجب على الحقق أن ل‬
‫يكتفي ف حال الراوي على الختصرات ف أساء الرجال بل يرجع إل مطولته الت تكي أقوال الئمة‬
‫فعسى أن ل يرى إجاعا على تركه بل يرى كثرة فيمن عدله فليتق ال الارح وليستبي لدينه وال‬
‫الوفق‬

‫‪109‬‬
‫ص‪188:‬‬
‫ث رأيت التاج السبكي قال ف طبقاته ((الذر كل الذر أن تفهم أن قاعدتم الرح مقدم على التعديل‬
‫إطلقها بل الصواب أن من ثبتت إمامته وعدالته وكثر ما دحوه وندر جارحوه وكانت هناك قرينة دالة‬
‫على سبب جرحه من تعصب مذهب أو غيه ل يلتفت إل جرحه)) وقال أيضا ((قد عرفناك أن الارح‬
‫ل يقبل منه الرح وإن فسره ف حق من غلبت طاعته على معاصيه وما دحوه على ذاميه ومزكوه على‬
‫جارحيه إذا كانت هناك قرينة يشهد العقل بأن مثله من تعصب مذهب أو منافسة دنيوية كما يكون بي‬
‫النظراء وغي ذلك وحينئذ فل يلتفت لكلم الثوري وغيه ف أب حنيفة وابن أب ذئب وغيه ف مالك‬
‫وابن معي ف الشافعي والنسائي ف أحد بن صال ونوه ولو أطلقنا تقدي الرح لا سلم لنا أحد من‬
‫الئمة إذ ما من إمام إل وقد طعن فيه طاعنون وهلك فيه هالكون)) ‪1‬هـ‬
‫وقال الافظ الذهب ف ميزانه ف ترجة الافظ أب نعيم أحد بن عبد ال الصفهان ما نصه ((كلم‬
‫القران بعضهم ف بعض ل يعبـأ به ل سيما إذا لح لك انه لعدواه أو لذهب أو لسد وما ينجو منه‬
‫إل من عصمه ال وما علمت أن عصرا من العصار سلم أهله من ذلك سوى النبياء والصديقي ولو‬
‫شئت لسردت من ذلك كراريس)) انتهى‬
‫وقال العارف الشعران قدس سره ف مقدمة اليزان ((ما من راو من الرواة الحدثي والجتهدين كلهم إل‬
‫وهو يقبل الرح كما يقبل التعديل لو أضيف إليه ما عدا الصحابة وكذا التابعون عند بعضهم لعدم‬
‫العصمة أو الفظ ف بعضهم ولكن لا كان العلماء رضي ال عنهم أمناء على الشريعة وقدموا الرح أو‬
‫التعديل عمل به مع قبول كل الرواة لا وصف به الخر احتمالً وإنا قدم جهورهم التعديل على الرح‬
‫وقالوا الصل العدالة والرح طارئ لئل يذهب غالب أحاديث الشريعة كما قالوا أيضا إن إحسان الظن‬
‫بميع الرواة الستورين أول وكما قالوا إن مرد الكلم ف شخص ل يسقط مروية فل بد من الفحص‬
‫عن حاله وقد خرج الشيخان للق كثي من تكلم الناس فيهم إيثارا لثبات الدلة الشرعية على نفيها‬
‫ليحوز الناس فضل العمل با فكان ف ذلك فضل كثي للمة‬
‫ص‪189:‬‬
‫افضل من تريهم كما أن تضعيفهم للحاديث أيضا رحه للمة بتخفيف المر بالعمل با وإن ل يقصد‬
‫الفاظ ذلك فإنم لو ل يضعفوا شيئا من الحاديث وصححوها كلها لكان العمل با واجبان وعجز عن‬
‫ذلك غالب الناس فأعلم ذلك)) انتهى‬

‫‪110‬‬
‫‪ -4‬بيان أن تريح بعض رجال الصحيحي ل يعبأ به‬
‫قال المام الافظ أبو بكر الطيب البغدادي ((ما احتج البخاري ومسلم به من جاعة علم الطعن فيهم‬
‫من غيهم ممول على أنه ل يثبت الطعن الؤثر مفسر السبب)) وقال النووي ف شرح البخاري ((ما‬
‫ضعف من أحاديثهما مبن على علل ليست بقادحة)) وقال الافظ الذهب ف جزء جعه ف الثقات الذين‬
‫تكلم فيهم با ل يوجب ردهم ما نصه وقد كتبت ف مصنفي اليزان عددا كثيا من الثقات الذين احتج‬
‫البخاري أو مسلم أو غيهم بم لكون الرجل منهم قد دون اسه ف مصنفات الرح وما أوردتم لضعف‬
‫فيهم عندي بل ليعرف ذلك وما زال ير ب الرجل الثبت وفيه مقال من ل يعبأ به ولو فتحنا هذا الباب‬
‫على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعي والئمة فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما وال‬
‫يرضي عن الكل ويغفر لم فما هم بعصومي وما اختلفهم وماربتهم بالت تلينهم عندنا أصلً وبتكفي‬
‫الوارج لم انطت رواياتم بل صار كلم الوارج والشيعة فيهم جرحا ف الطاعني فانظر إل حكمة‬
‫ربك نسأل ال السلمة وهكذا كثي من كلم الفران بعضهم ف بعض ينبغي أن يطوي ول يروي‬
‫ويطرح ول يعل طعنا ويعامل الرجل بالعدل والقسط)) انتهى‬
‫وقال الافظ ابن حجر ف مقدمة الفتح ف الفصل التاسع ف سياق أساء من طعن فيه من رجال الصحيح‬
‫والواب عنه ما نصه ((ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تريج صاحب الصحيح لي راو كان مقتض‬
‫لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته ول سيما‬
‫ص‪190:‬‬
‫ما انضاف إل ذلك من إطباق جهور الئمة على تسمية الكتابي الكتابي بالصحيحي وهذا معن ل‬
‫يصل لغي من خرج عنه ف الصحيح فهو بثابة إطباق المهور على تعديل من ذكر فيهما هذا إذا خرج‬
‫له ف الصول فأما إن خرج له ف التابعات والشواهد والتعاليق فهذا يتفاوت درجات من أخرج له منهم‬
‫ف الضبط وغيه مع حصول اسم الصدق لم وحينئذ إذا وجدنا لغيه ف أحد منهم طعنا فذلك الطعن‬
‫مقابل لتعديل هذا المام فل يقبل إل مبي السبب مفسرا بقادح يقدح ف عدالة هذا الراوي وف ضبطه‬
‫مطلقا أو ف ضبطه لب بعينه لن السباب الاملة للئمة على الرح متفاوتة منها ما يقدح ومنها ما ل‬
‫يقدح وقد كان الشيخ أبو السن القدسي يقول ف الرجل الذي يرج عنه ف الصحيح ((هذا جاز‬
‫القنطرة)) يعن بذلك أنه ل يلتفت إل ما قيل فيه قال الشيخ أبو الفتح القشيي هو ابن دقيق العيد ف‬
‫متصره لكتاب ابن الصلح ف متصره ((وهكذا نعتقد وبه نقول ول نرج عنه إل بجة ظاهره وبيان‬

‫‪111‬‬
‫شاف يزيد ف غلبة الظن على العن الذي قدمناه من اتفاق الناس بعد الشيخي على تسمية كتابيهما‬
‫بالصحيحي ومن لوازم ذلك تعديل رواتما‬
‫((قلت فل يقبل الطعن ف أحد منهم إل بقادح واضح لن أسباب الرح متلفة ومدارها على خسة‬
‫أشياء البدعة أو الخالفة أو الغلط أو جهالة الال أو دعوى النقطاع ف السند بأن يدعي ف الراوي أنه‬
‫كان يدلس أو يرسل فأما جهالة الال فمندفعة عن جيع من أخرج لم ف الصحيح لن شرط الصحيح‬
‫أن يكون راوية معروفا بالعدالة فمن زعم أن أحدا منهم مهول فكأنه نازع الصنف ف دعواه أنه‬
‫معروف ول شك أن الدعى لعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته لا مع الثبت من زيادة العلم ومع‬
‫ذلك فل تد ف رجال الصحيح أحدا من يسوغ إطلق اسم الهالة عليه أصلً كما سنبينه وأما الغلظ‬
‫فتارة يكثر من الراوي وتارة يقل فحيث يوصف بكونه كثي الغلط ينظر فيما أخرج له إن وحد مرويا‬
‫عنده أو عند غيه من رواية غي هذا الوصوف بالغلط علم أن العتمد أصل‬
‫ص‪191:‬‬
‫الديث ل خصوص هذه الطريق وإن ل يوجد إل من طريقه فهذا قادح يوجب التوقف عن الكم‬
‫بصحة ما هذا سبيله وليس ف الصحيح بمد ال من ذلك شيء وحيث يوصف بقلة الغلط كما يقال‬
‫سيء الفظ أوله أوهام أوله مناكي وغي ذلك من العبارات فالكم فيه كالكم ف الذي قبله إل أن‬
‫الرواية عن هؤلء ف التابعات أكثر منها عند الصنف من الرواية عن أولئك وأما الخالفة وينشأ عنها‬
‫الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط والصدوق شيئا فرواه من هو احفظ منه أو أكثر عددا بلف ما‬
‫روى بيث يتعذر المع على قواعد الحدثي فهذا شاذ وقد تشتد الخالفة أو يضعف الفظ فيحكم على‬
‫ما يالف فيه بكونه منكرا وهذا ليس ف الصحيح منه إل تزر يسي أما دعوى النقطاع فمدفوعة عمن‬
‫أخرج لم البخاري لا علم من شرطه ومع ذلك فحكم من ذكر من رجاله بتدليس أو إرسال أن تسب‬
‫أحاديثهم الوجودة عنده بالعنعنة فإن وجد التصريح بالسماع فيها اندفع العتراض وإل فل وأما البدعة‬
‫فالوصوف با غما أن يكون من يكفر با أو يفسق فالكفر با ل بد أن يكون ذلك التكفي متفقا عليه‬
‫من قواعد جيع الئمة كما ف غلة الروافض من دعوى بعضهم حلول اللية ف على أو غيه أو اليان‬
‫برجوعه إل الدنيا قبل يوم القيامة أو غي ذلك وليس ف الصحيح من حديث هؤلء شيء البتة والفسق با‬
‫كبدع الوارج والروافض الذين ل يغلون ذلك الغلو وغي هؤلء من الطوائف الخالفي لصول السنة‬
‫خلفا ظاهرا لكنه مستند إل تأويل ظاهره سائغ فقد اختلف أهل السنة ف قبول حديث من هذا سبيله‬

‫‪112‬‬
‫إذا كان معروفا بالتحرز من الكذب مشهورا بالسلمة من خوارم الروءة موصوفا بالديانة أو العبادة فقيل‬
‫يقبل مطلقا وقيل يرد مطلقا والثالث التفصيل بي أن يكون داعية لبدعته أو غي داعية فيقبل غي الداعية‬
‫ويرد حديث الداعية وهذا الذهب هو العدل وصارت إليه طوائف من الئمة وادعى ابن حبان إجاع‬
‫أهل النقل عليه لكن ف دعوى ذلك نظر ث اختلف القائلون بذا التفصيل فبعضهم أطلق ذلك وبعضهم‬
‫زاده تفصيلً فقال إن اشتملت رواية غي الداعية على‬
‫ص‪192:‬‬
‫ما يشيد بدعته ويزينها ويسنها ظاهرا فل يقبل وإن ل تشتمل فتقبل وطرد بعضهم هذا التفصيل بعينه ف‬
‫عكسه ف حق الداعية فقال إن استملت روايته على ما يرد بدعته قبل وإل فل وعلى هذا إذا اشتملت‬
‫رواية البتدع سواء كان داعية أم ل يكن على مال تعلق له ببدعته أصلً هل تقبل مطلقا أو ترد مطلقا‬
‫مال أبو الفتح القشيي إل تفصيل آخر فيه فقال إن وافقه غيه فل يلتفت إليه هو إخادا لبدعته وإطفاء‬
‫لناره وإن ل يوافقه أحد ول يوجد ذلك الديث إل عنده مع ما وصفنا من صدقة وترزه عن الكذب‬
‫واشتهاره بالدين وعدم تعلق ذلك الديث ببدعته فينبغي أن تقدم مصلحة تصيل ذلك الديث ونشر‬
‫تلك السنة على مصلحة إهانته وإطفاء بدعته وال أعلم‬
‫((وأعلم أنه قد وقع من جاعة الطعن ف جاعة بسبب اختلفهم ف العقائد فينبغي التنبيه لذلك وعدم‬
‫العتداد به إل بق وكذا عاب جاعة من الورعي جاعة دخلوا ف أمر الدنيا فضعفوهم لذلك ول أثر‬
‫لذلك التضعيف مع الصدق والضبط وال الوفق وأبعد ذلك كله من العتبار تضعيف من ضعف بعض‬
‫الرواة بأمر يكون المل فيه على غيه أو للتحامل بي القران وأشد من ذلك تضعيف من ضعف من هو‬
‫أوثق منه أو أعلى قدرا أو أعرف بالديث فكل هذا ل يعتب به))‬
‫ث سرد الافظ أساء من طعن فيه من رجال البخاري مع حكاية الطعن والتنقيب عن سببه والقيام بوابه‬
‫والتنبيه على وجه رده فرحه ال تعال ورضي عنه وجزاه خيا‬
‫ص‪193:‬‬
‫‪ -5‬الناقلون البدعون‬
‫سلف ف القالة قبل أن من أسباب الراح البدعة ونقلنا عبارة الفتح ف ذلك با كفى بيد أن نزيد القام‬
‫بيانا لهيته فنقول‬

‫‪113‬‬
‫ذهب المهور إل أنه ل تقبل رواية الكفر ببدعته وهو من يعتقد ما يستلزم الكفر قال الافظ ابن حجر‬
‫ف شرح النخبة ((والتحقيق أنه ل يرد كل مكفر ببدعته لن كل طائفة تدعى أن مالفيها مبتدعة وقد‬
‫تبالغ فتكفر مالفيها فلو أخذ ذلك على الطلق ل ستلزم تكفي جيع الطوائف فالعتمد أن الذي ترد‬
‫روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع معلوما من الدين بالضرورة وكذا من اعتقد عكسه فأما من ل‬
‫يكن بذه الصفة وانضم إل ذلك ضبطه لا يرويه مع ورعه وتقواه فل مانع من قبوله))‬
‫قال السخاوي ((وسبقه ابن دقيق العيد فقال الذي تقرر عندنا أنه ل نعتب الذاهب ف الرواية إذ ل نكفر‬
‫أحدا من أهل القبلة إل بإنكار قطعي من الشريعة فإذا اعتبنا ذلك وانضم إليه الورع والتقوى فقد حصل‬
‫معتمد الرواية وهذا مذهب الشافعي حيث يقبل شهادة أهل الهواء)) ث قال السخاوي ((وقد قال عمر‬
‫بن الطاب رضي ال عنه فيما روينا عنه ل تظنن بكلمة خرجت من ف امرئ مسلم شرا وأنت تد لا‬
‫ف الي ملً))‬
‫وف جع الوامع ((يقبل مبتدع يرم الكذب)) ‪1‬هـ قال الحلي ((لمنه فيه مع تأويله ف البتداع سواء‬
‫دعا الناس إليه أم ل)) انتهى ولذا رد العراقي على من زعم أنه ‪ 8‬ل يتج بالدعاة بأن الشيخي احتجا بم‬
‫قال فاحتج البخاري بعمران بن حطان وهو من الدعاة ‪ -‬أي دعاة الوارج ‪ -‬واحتجا بعبد الميد بن‬
‫عبد الرحن المان وكان داعية إل الرجاء وأجاب بأن أبا داود قال ((ليس ف أهل الهواء أصح حديثا‬
‫ص‪194:‬‬
‫من الوارج)) ث ذلك عمران بن حطان وأبا حسبان العرج‬
‫أقول ههنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن رجال الرح والتعديل عدوا ف مصنفاتم كثيا من رمى ببدعة‬
‫وسندهم ف ذلك ما كان يقال عن أحد من أولئك أنه شيعي أو خارجي أو ناصب أو غي ذلك مع أن‬
‫القول عنهم با ذكر قد يكون تقول وافتراء وما يدل عليه أن كثيا من رمى بالتشيع من رواة الصحيحي‬
‫ل تعرفهم الشيعة أصل وقد راجعت من كتب رجال الشيعة كتاب ((الكشي)) و ((النجاشي)) فما‬
‫رأيت من رماهم السيوطي نقلً عمن سلفه بالتشيع ف كتابه التقريب من خرج لم الشيخان وعدهم‬
‫خسة وعشرين إل راويي وها أبان بن تغلب وعبد اللك بن أعي ول أر للبقية ف دينك الكتابي ذكرا‬
‫وقد استفدنا بذلك علما مهما وفائدة جديدة وهي أنه ينبغي الرجوع ف الرمى ببدعه إل مصنفات‬
‫رجالا فيها يظهر الصيل من الدخيل والعروف من النكور ونظي هذا ما كنت أدل عليه وهو الرجوع‬
‫ف أقوال الفرق إل مصنفاتا التداولة حت ينثلج با الصدر وإل فكم من قول افترى على مذهب أو نقل‬

‫‪114‬‬
‫مقلوبا أو فاقد شرط كما يعلمه من حقق ورجع إل الصول بل رأيت من الشراح من يضبط لفظه لغوية‬
‫ويعزوها وبراجعة العزو إليه يظهر اشتباه ف الادة فتنبيه لذه الفائدة واحرص عليها‬
‫‪ -6‬الناقلون الجهولون‬
‫قال الطيب البغدادي ((الجهول عند أهل الديث هل كل من ل يشتهر بطلب العلم ف نفسه ول عرفه‬
‫العلماء ومن ل يعرف حديثه إل من جهة راو واحد وأقل ما يرتفع به الهالة أن يروي عنه اثنان فصاعدا‬
‫من الشهورين بالعلم إل أنه ل يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه)) وقال الدار قطن ((تثبت العدالة‬
‫برواية‬
‫ص‪195:‬‬
‫‪ -7‬قول الراوي حدثن الثقة أو من ل يتهم هل هو تعديل له‬
‫ذهب الكثرون إل أنه ل يكتفي به ف التعديل حت يسميه لنه وإن كان ثقة عنده فلعله من جرح برح‬
‫قادح عند غيه بل إضرابه عن تسميته ريبة توقع ترددا ف القلب وقيل إن قائل ذلك مت كان ثقة مأمونا‬
‫فإنه يكتفي به كما لو عينه إذ لو علم فيه جرحا لذكره ولو ل يذكره لكان غاشا ف الدين ول يلزم من‬
‫إبامه له تضعيفه عنده لنه قد يهم لصغر سنة أو لطبيعة العاصرة أو الجاورة ما تقتضيه ظروف الزمان‬
‫والحققون على الول كما ف التقريب وشرحه‬
‫‪ -8‬ما وقع ف الصحيحي وغيها من نو ابن فلن أو ولد فلن‬
‫قال النووي من عرفت عينه وعدالته وجهل اسه ونسبه احتج به)) أي لن الهل باسه ل يل بالعلم‬
‫بعدالته‬
‫‪ -9‬قولم عن فلن أو فلن وها عدلن‬
‫قال النووي وإذا قال الراوي أخبان فلن أو فلن على الشك وها عدلن احتج به أي لنه قد عينهما‬
‫وتقق ساعه لذلك الديث من أحدها وكلها مقبول وذلك كحديث شعبة عن سلمة بن كهيل عن‬
‫أب الزعراء أو من زيد بن وهب أن سويد بن غفلة الديث))‬
‫‪ -10‬من ل يذكر ف الصحيحي أو أحدها ل يلزم منه جرحه‬
‫قال الذهب ف ميزانه ف ترجة أشعث بن عبد اللك ((ما ذكره أحد ف الضعفاء نعم ما أخرجا له ف‬
‫الصحيحي فكان ماذا)) انتهى‬
‫ص‪196:‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -11‬اقتصار البخاري على رواية من روايات إشارة إل نقد ف غيها‬
‫قال المام تقي الدين بن تيميه ف تفسي سورة ((قل هو ال أحد)) قد أنكروا على مسلم إخراج أشياء‬
‫كثية يسية مثل ما روى ف بعض طرق حديث صلة كسوف الشمس أنه صلها بثلث ركوعات‬
‫وأربع والصواب أنه ل يصلها إل مرة واحدة بركوعي ولذا ل يرج البخاري إل هذا وكذلك الشافعي‬
‫وأحد بن حنبل ف إحدى الروايتي عنه وغيها والبخاري سلم من مثل هذا فإنه إذا وقع ف بعض‬
‫الروايات غلط ذكر الروايات الحفوظة الت تبي غلط الغالط فإنه كان أعرف بالديث وعلله وأفقه ف‬
‫معانية من مسلم ونوه)) ‪1‬هـ‬
‫‪ -12‬ترك رواية البخاري لديث ل يوهنه‬
‫قال المام ابن القيم ف ((إغاثة اللهفان)) ف بث كون الطلق ثلثا كان على عهد رسول ال وأب بكر‬
‫وصدرا من خلفة عمر يسب له واحدة وتقرير حديث مسلم ف ذلك ما نصه ((رد الديث فيه ضرب‬
‫من التعنت ورواته كلهم أئمة حفاظ)) ث قال ((والديث من أصح الحاديث وترك رواية البخاري ل‬
‫يوهنه وله حكم أمثاله من الحاديث الصحيحة الت تركها البخاري لئل يطول كتابه فإنه ساه الامع‬
‫الختصر الصحيح)) انتهى‬
‫وتوقف فيه بعض الحققي بأن دعوى تسمية البخاري لامعة بالختصر مطلوبة البيان ودعوى التسيمة‬
‫غي دعوى عدم الحاطة‬
‫ص‪197:‬‬
‫‪ -13‬بيان أن من روى له حديث ف الصحيح ل يلزم صحة جيع حديثه‬
‫قال الشعران قدس سره ف مقدمة ميزانه ((قال الافظ الزي والفظ الزيلعي رحهما ال تعال ومن‬
‫خرج لم الشيخان مع كلم الناس فيهم جعفر بن سليمان الضبعي والارث ابن عبيدة ويونس بن أب‬
‫إسحاق السبيعي وأبو أويس لكن للشيخي شروط ف الرواية عمن تكلم الناس فيه منها أنم ل يروون‬
‫ل فل يروون عنه ما انفرد به أو خالفه فيه الثقات‬
‫عنه إل ما توبع عليه وظهرت شواهده وعلموا أن له أص ً‬
‫وهذه العلة قد راجت على كثي من الفاظ ل سيما من استدرك على الصحيحي كاب عبد ال الاكم‬
‫فكثيا ما يقول ((وهذا حديث صحيح على شرط الشيخي أو أحدها مع أن فيه هذه العلة)) إذ ليس‬
‫كل حديثا أحتج براويه ف الصحيح يكون صحيحا إذ ل يلزم من كون راوية متجا به ف الصحيح أن‬
‫يكون كل حديث وجدناه له يكون صحيحا على شرط صاحب ذلك الصحيح لحتمال فقد شرط من‬

‫‪116‬‬
‫شروط ذلك الافظ كما قدمنا)) انتهى‬
‫‪ -14‬ما كل من روى الناكي ضعيف‬
‫قال السخاوي ف فتح الغيث ((قال ابن دقيق العيد قولم ((فلن روى الناكي)) ل يقتضى بجردة ترك‬
‫روايته حت تكثر الناكي ف روايته وينتهي إل أن يقال فيه منكر الديث لن منكر الديث وصف ف‬
‫الرجل يستحق به الترك بديثه وقد قال أحد بن حنبل ف ممد بن إبراهيم التيمي يروي أحاديث منكرة‬
‫وهو من اتفق عليه الشيخان وإليه الرجع ف حديث ((إنا العمال بالنيات)) انتهى‬
‫وقال الافظ‬
‫ص‪198:‬‬
‫‪ -15‬مت يترك حديث التكلم فيه‬
‫نقل الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((أن مذهب النسائي أن ل يترك حديث الرجل حت يتمع الميع‬
‫على تركه)) انتهى وهو مذهب جيد‬
‫‪ -16‬جواز ذكر الراوي بلقبه الذي يكرهه للتعريف وأنه ليس بغيبة له‬
‫قال النووي ((قال العلماء من أصحاب الديث والفقه وغيهم يوز ذكر الراوي بلقبه وصفته ونسبه‬
‫الذي يكرهه إذا كان الراد تعريفه ل تنقيصه وجوز هذا للحاجة كما جوز جرحهم للحاجة ومثال ذلك‬
‫العمش والعرج والحول والعمى والصم والثرم وابن عليه وغي ذلك وقد صنفت فيهم كتب‬
‫معروفة))‬
‫‪ -17‬العتماد ف جرح الرواة وتعديلهم على الكتب الصنفة ف ذلك‬
‫ل يفي أن الناس قد اعتمدوا ف جرح الرواة وتعديلهم على الكتب الت صنفها أئمة الديث ف ذلك ول‬
‫يقال قد اشترط الئمة أن الرح ل يثبت إل إذا كان مفسرا وف بعض تلك الصنفات الختصرات ل‬
‫يتعرض لبيان السبب بل يقتصر فيها على نو ضعيف أو مستور واشتراط ذلك يفضي إل تعطيل تلك‬
‫الصنفات لنا نقول إنا ل يتعرض لسبب الرح فيها اختصارا وظاهر أن كل تصنيف ل يتعرض فيه‬
‫لذلك فهو من الختصرات الت قصد با تقريب الكم للمراجع وإل فالطولت تكفلت بذلك وليس‬
‫الوقوف عليها لذي المة بعزيز‬
‫‪ -18‬بيان عدالة الصحابة أجعي‬
‫وأن قول الراوي عن رجل من الصحابة من غي تسمية ل يضر ف ذلك الب‬

‫‪117‬‬
‫ص‪199:‬‬
‫قال النووي ف التقريب ((الصحابة كلهم عدول من لبس الفت وغيهم بإجاع من يعتد به))‬
‫وقيل يب البحث عن عدالتهم مطلقا وقال الازري ف شرح البهان لسنا تعن بقولنا ((الصحابة‬
‫عدول)) كل من رآه يوما ما أو زاره أو أجتمع به لغرض وانصرف وإنا يعن به الدين ل زموه وعزروه‬
‫ونصرره فإذا قال الراوي عن رجل من الصحابة ول يسمه كان ذلك حجة ول يضر الهالة لثبوت‬
‫عدالتهم على العموم‬
‫‪ -19‬بيان معن لصحاب‬
‫((هو من لقي النب مؤمنا بن ولو ساعة سواء روى عنه أم ل وإن كانت اللغة تقتضى أن الصاحب هو‬
‫من كثرت ملزمته فقد ورد ما يدل على إثبات الفضيلة لن ل يص منه إل مرد اللقاء القليل والرؤية‬
‫ولو مرة ول يشترط البلوغ لوجود كثي من الصحابة الذين أدركوا عصر النبوة ورووا ول يبلغوا إل بعد‬
‫موته ول الرؤية لن من كان أعمى مثل ابن أم مكتوم وقد وقع التفاق على أنه من الصحابة ويعرف‬
‫كونه صحابيا بالتواتر والستفاضة وبكونه من الهاجرين أو من النصار))‬
‫‪ -20‬تفاضل الصحابة‬
‫ف شرح النخبة ((ل خفاء يرجحان رتبة من لزمة وقاتل معه أو قتل معه تت رأيته على من ل يلزمه أو‬
‫ل يضر معه مشهدا وعلى من كلمه يسيا أو ما شاه قليلً أو رآه على بعد أو ف حاله الطفولية وإن‬
‫كان شرف الصحبة حاصلً للجميع ومن ليس له منهم ساع منه فحديثه مرسل من حيث الرواية وهم‬
‫مع ذلك معدودون ف الصحابة لا نالوه من شرف الرؤية)) انتهى‬
‫ص‪200:‬‬
‫الباب السادس‬
‫ف السناد وفيه مباحث‬
‫‪ -1‬فضل السناد‬
‫أعلم أن السناد ف أصله خصيصة فاضلة لذه المة ليست لغيها من المم قال ابن حزم ((نقل الثقة عن‬
‫الثقة يبلغ به النب مع التصال خص ال به السلمي دون سائر اللل وأما مع الرسال والعضال فيوجد‬
‫ف كثي من اليهود ولكن ل يقربون فيه من موسى قربنا من ممد بل يقفون بيث يكون بينهم وبي‬
‫موسى أكثر من ثلثي عصرا وإنا يبلغون إل شعون ونوه)) قال ((وأما النصارى فليس عندهم من صفة‬

‫‪118‬‬
‫هذا النقل إل تري الطلق فقط وأما النقل بالطريق الشتملة على كذاب أو مهول العي فكثي ف نقل‬
‫اليهود والنصاري)) قال ((وأما أقوال الصحابة والتابعي فل يكن اليهود أن يبلغوا إل صاحب بن أصلً‬
‫ول إل تابع له ول يكن النصاري أن يصلوا إل أعلى من شعون وبولص))‬
‫وقال أبو علي اليان ((خص ال تعال هذه المة بثلثة أشياء ل يعطها من قبلها السناد والنساب‬
‫والعراب)) ومن أدلة ذلك ما رواه الاكم وغيه عن مطر الوراق ف قوله تعال (أو أثاره من علم) قال‬
‫((إسناد الديث)) وقال ابن البارك ((السناد من الدين لول السناد لقال من شاء ما يشاء)) أخرجه‬
‫مسلم وقال سفيان ابن عيينة حدث الزهري يوما بديث فقلت هاته بل إسناد فقال الزهري أترقي‬
‫ص‪201:‬‬
‫السطح بل سلم وقال الثوري السناد سلح الؤمن وقال أحد بن حنبل طلب السناد العال سنة عمن‬
‫سلف لن أصحاب عبد ال كانوا يرحلون من الكوفة إل الدينة فيتعلمون من عمر ويسمعون منه وقال‬
‫ممد بن أسلم الطوسي قرب السناد قر أو قربة إل ال تعال‬
‫‪ -2‬معن السند والسناد والسند والت‬
‫أما السند ‪-‬فقال البدر بن جاعة فلتطيب ((هو الخبار عن طريق الت)) قال ابن جاعة وأخذه إما من‬
‫السند وهو ما ارتفع وعل من سفح البل لن السند يرفعه إل قائله أو من قولم فلن سند أي معتمد‬
‫فسمى الخبار عن طريق الت سندا لعتماد الفاظ ف صحة الديث وضعفه عليه‬
‫وأما السناد ‪ -‬فهو رفع الديث إل قائله قال الطيب ((وها متقاربان ف معن اعتماد الفاظ ف صحة‬
‫الديث وضعفه عليهما)) وقال ابن جاعة (( الحدثون يستعلمون السند والسناد لشيء واحد))‬
‫وأما السند ‪( -‬بفتح النون) فله اعتبارات أحدها الديث السابق ف أنواع الديث الثان الكتاب الذي‬
‫جع فيه ما أسنده الصحابة أي رووه فهو أسم مفعول الثالث أن يطلق ويراد به السناد فيكون مصدرا‬
‫كمسند الشهاب ومسند الفردوس أي أسانيد أحاديثهما‬
‫وأما الت ‪ -‬فهو ألفاظ الديث الت تقوم با العان قاله الطيب وقال ابن جاعة ((هو ما ينتهي إليه غاية‬
‫السند من الكلم)) وأخذه إمام الماتنه وهي الباعدة ف الغاية لنه غاية السند أو من متنت الكبش إذا‬
‫سققت جلدة بيضته واستخرجتها فكأن السند استخرج الت بسنده أو من الت وهو ما صلب وارتفع‬
‫من الرض لن السند يقويه بالسند ويرفعه إل‬
‫ص‪202:‬‬

‫‪119‬‬
‫‪ -3‬أقسام تمل الديث‬
‫الول السماع من لفظ الشيخ إملء من حفظه أو تديثا من كتابه‬
‫الثان قراءة الطالب على الشيخ وهو ساكت يسمع سواء كانت قراءة الطالب عليه من كتاب أو حفظ‬
‫وسواء حفظ الشيخ ما قرىء عليه أم ل إذا أمسك اصله هو أو ثقة غيه ويسمى هذا عرضا لن القارئ‬
‫يعرض على الشيخ ما يقرؤه أهل السماع من الشيخ أعلى من القراءة أعلى أو ها سيان أقوال أصحها‬
‫أولا حكاه ابن الصلح عن جهور أهل الشرق وأصله القتداء بالنب فإنه كان يقرأ على الناس القرآن‬
‫ويعلمهم السنن‬
‫الثالث ساع الطالب على الشيخ بقراءة غيه‬
‫الرابع الناولة مع الجازة كأن يدفع له الشيخ أصل ساعه أو فرعا مقابلً به ويقول له أجزت لك روايته‬
‫عن‬
‫الامس الجازة الجردة عن الناولة وهي أنواع أعلها أن ييز لاص ف خاص أي بكون الجاز له معينا‬
‫والجاز به معينا كأجزت لك أن تروي عن البخاري ويليه الجازة لاص ف عام كأجزت لك رواية‬
‫جيع مسموعات ث لعام ف خاص نو أجزت لن أدركن رواية البخاري ث لعام ف عام كأجزت لن‬
‫عاصرن رواية جيع مرويات ث لعدوم تبعا للموجود كأجزت لفلن ومن يوجد بعد ذلك من نسله وقد‬
‫فعل ذلك أبو بكر بن أب داود فقال أجزت لك ولولدك ولبل البلة يعن الذين ل يولد وأبعد وأما‬
‫إجازة العدوم استقللً كأجزت لن يولد لفلن ولن سيوجد فجوزها الطيب البغدادي وألف فيها جزءا‬
‫وحكى صحتها عن أب الفراء النبلي وابن عمروس الالكي ونسبه القاضي عياض لعظم الشيوخ ومنعها‬
‫غيهم وصححه النووي ف التقريب وأما الجازة للطفل الذي ل ييز فصحيحة قال الطيب (( وعلى‬
‫الواز كافة شيوخنا واحتج له بأنا إباحة الجيز للمجاز له أن يروي عنه والباحة تصح للعاقل ولغيه‬
‫قال ابن الصلح‬
‫ص‪203:‬‬
‫كأنم رأوا الطفل أهلً للتحمل ليؤدي بعد حصول الهلية لبقاء السناد وأما الميز فل خلف ف صحة‬
‫الجازة له هذا والصحيح الذي قاله المهور واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بالجازة وادعى‬
‫أبو الوليد الباجي والقاضي عياض الجاع عليها حت قصر أبو مروان الطبن الصحة عليها وحكى ف‬

‫‪120‬‬
‫التقريب والتدريب عن جاعات إبطالا وعن ابن حزم أنا بدعة بيد أن المهور على قبولا وصحتها وهو‬
‫الذي درج عليه الحدثون سلفا وخلفا‬
‫السادس الناولة من غي إجازة بأن يناوله الكتاب مقتصرا على قوله ((هذا ساعي)) ول يقول له اروه عن‬
‫ول أجزت لك روايته فقيل توز الرواية با والصحيح النع‬
‫السابع العلم كأن يقول هذا الكتاب من مسموعات على فلن من غي أن يأذن له ف روايته عنه وقد‬
‫جوز با الرواية كثيون وصحح آخرون النع‬
‫الثامن الوصية كأن يوصي بكتاب إل غيه عند سفره أو موته فجوز بعضهم للموصي له روايته عنه تلك‬
‫الوصية لن دفعها له نوعا من الذن وشبها من الناولة وصحح الكثرون النع‬
‫التاسع الوجادة كأن يد حديثا أو كتابا بط شيخ معروف ل يرويه الواحد عنه بسماع ول إجازة فله‬
‫أن يقول وجدت أو قرأت بط فلن وف مسند المام أحد كثي من ذلك من رواية ابنه عنه قال النووي‬
‫((وأما العمل بالوجادة فعن العظم أنه ل يوز وقطع البعض بوجوب العمل با عند حصول الثقة به) قال‬
‫((وهذا هو الصحيح الذي ل يتجه ف هذه الزمان غيه))‬
‫تنبيه‪ -‬اللفاظ الت تؤدي با الرواية على ترتيب ما تقدم هكذا أملى على حدثن قرأت عليه قرئ عليه‬
‫وأنا أسع أخبن إجازة ومناولة أخبن إجازة أنبأن مناولة أخبن إعلما أوصي إل‬
‫ص‪204:‬‬
‫‪ -4‬بث وخب ف الجازة ومعن قولم أجزت له كذا بشرطه‬
‫قال الشهاب القسطلن ف النهج ((الجازة مشتقة من التجوز وهو التعدي فكأنه عدي روايته حت‬
‫أوصلها للراوي عنه)) انتهى‬
‫وقال الغمام اللغوي ابن فارس رحه ال ف جزئه ف الصطلح ((يعن بالجازة ف كلم العرب مأخوذ من‬
‫جواز الاء الذي يسقاه الال من الاشية والرث يقال منه استجزت فلنا فأجازن إذا أسقاك ماء لرضك‬
‫أو ماشيتك قال القطامي‬
‫( وقالوا فقيم قيم الاء فاستجز عبادة إن الستجيز على قتر)‬
‫أي على ناحية كذلك طالب العلم يسأل العال أن ييزه علمه فيجيزه إياه فالطالب مستجيز والعال ميز))‬
‫انتهى‬

‫‪121‬‬
‫قال النووي إنا تستحسن الجازة إذا علم الجيز ما ييزه وكان الجاز له من أهل العلم واشترطه بعضهم‬
‫ف صحتها فبالغ وقال ابن سيد الناس أقل مراتب الجيز أن يكون عالا بعن الجازة العلم الجال‬
‫حاصل فيما رأيناه من عوام الرواة فإن انط راو ف الفهم عن هذه الدرجة ‪ -‬ول إخال أحدا ينحط عن‬
‫إدراك هذا إذا عرف به ‪ -‬فل أحسبه أهلً لن يتحمل عنه بإجازة ول ساع قال وهذا الذي أشرت إليه‬
‫من التوسع ف الجازة هو طريق المهور قال القسطلن وما عداه من التشديد فهو مناف لا جوزت‬
‫الجازة له من بقاء السلسلة نعمن ل يشترط التأهل حي التحمل ول يقل أحد بالداء بدون شرط الرواية‬
‫وعليه بمل قولم أجزت له رواية كذا بشرطه ومنه ثبوت الروي من حديث الجيز وقال أبو مروان‬
‫الطب إنا ل تتاج لغي مقابلة نسخة بأصول الشيخ وقال عياض تصح بعد تصحيح روايات الشيخ‬
‫ومسموعاته وتقيقها وصحة مطابقة كتب الراوي لا والعتماد على العتماد على الصول الصححة‬
‫وكتب بعضهم لن علم منه‬
‫ص‪205:‬‬
‫التأهل ((أجزت له الرواية عن وهو لا علم من إتقانه وضبطه عن عن تقييدي ذلك بشرطه)) ‪1‬هـ‬
‫وقد أوسعت الكلم على مادة الجازة ف شرحي على الربعي العجلونية السمى ((بالفضل البي على‬
‫عقد الوهر الثمي)) ف شرح خطبة الت فارجع إليه إن شئت‬
‫‪ -5‬اقدم إجازة عثرت عليها‬
‫جاء ف شرح ألفيه العراقي نقل عن المام أب السن ممد بن أب السي بن الوزان قال ألفيت بط أب‬
‫بكر أحد بن أب خيثمة زهي بن حرب الافظ الشهي صاحب يي ابن معينوصاحب التاريخ ما مثاله‬
‫((قد أجزت لب زكريا يي بن مسلمة أن يروي عن ما أحب من كتاب التاريخ الذي سعه من أبو‬
‫ممد القاسم بن الصبغ وممد بن عبد العلى كما سعاه من وأذنت له ف ذلك ولن أحب من أصحابه‬
‫فإن أحب أن تكون الجازة لحد بعد هذا فأنا أجزت له ذلك بكتاب هذا وكتبه أحد بن أب خيثمة‬
‫بيده ف شوال من سنة ست وسبعي ومئتي))‬
‫وكذلك أجاز حفيد يعقوب بن شيبة وهذه نسختها فيما حكاه الطيب ((يقول ممد بن أحد ابن‬
‫يعقوب بن شيبة قد أجزت لعمر بن أحد اللل وابنه عبد الرحن بن عمرو لتنه على ابن السن جيع‬
‫ما فاته من حديثي ما ل يدرك ساعه من السند وغيه وقد أجزت ذلك عن أحب عمر فليووه عن إن‬
‫شاءوا وكتبت لم ذلك بطى ف صفر سنه اثنتي وثلثي وثلثائة)) ‪1‬هـ‬

‫‪122‬‬
‫ص‪206:‬‬
‫‪ -6‬هل قول الحدث حدثنا وأخبنا وأنبأنا بعن واحد أم ل‬
‫قال الكيم الترمذي قدس ال سره ف نوادر الصول ((من أراد أن يؤدي إل أحد حديثا قد سعه جاز له‬
‫أن يقول أخبن وحدثن وكذلك إذا كتب إليه من بلدة أخرى جاز أن يقول أخبن وحدثن فإن الب‬
‫يكون شفاها أو بكتاب وذلك قوله تعال ف تنيله (من أنباك هذا قال نبأن العليم البي)) فإنا صار نبأ‬
‫خبا بوصول علم ذلك إليه وكذلك يوز أن يقول حدثن لنه قد حدث إليه الب فسواء حدث شفاها‬
‫أو بكتاب وكذلك إذا ناوله كتابه فقال هذا حديثي لك وهذا خبن إياك فحدث عن وأخب عن جاز له‬
‫أن يقول حدثن وأخبن وكان صادقا ف قوله لنه قد حدث إليه وأخبه فليس للمتمنع أن يتنع من هذا‬
‫تورعا ويتفقد اللفاظ مستقصيا ف تري الصدق بتوهم أن ترجة قوله أخبن وحدثن لفظه وبالشفتي‬
‫وليس هو كذلك فاللفظ لفظ والكلم كلم والقول قول والديث حديث والب خب فالقول ترجيع‬
‫الصوت والكلم كلم القلب بعان الروف والب إلقاء العن إليك فسواء ألقاه إليك لفظا أو كتابا وقد‬
‫سى ال القرآن ف تنيله ((حديثا)) حدث به العباد وخاطبهم به وسى الذي يدث ف النام حديثا فقال‬
‫((ولنعلمه من تأويل الحاديث)) انتهى‬
‫وروى البخاري ف صحيحه عن الميدي قال ((كان عند ابن عيينة حدثنا وأخبنا وأنبأنا وسعت‬
‫واحدا)) قال الافظ ف الفتح إيراده قول ابن عيينة دون غيه دال على أنه متاره واستدل البخاري على‬
‫التسوية بي هذه الصيغ بديث ابن عمر قال قال رسول ال ((إن من الشجر شجرة ل يسقط ورقها وإنا‬
‫مثل السلم فحدثون ما هي وف رواية ((أخبون)) وف رواية ((أنبئون)) فدل ذلك على أن التحديث‬
‫والخبار والنباء عندهم سواء وهذا ل خلف فيه عند أهل العلم بالنسبة إل اللغة ومن‬
‫ص‪207:‬‬
‫أصرح الدلة فيه قوله تعال ( يومئذ تدث أخبارها) وقوله تعال (ول ينبئك مثل خبي) وأما بالنسبة إل‬
‫الصطلح فقيه اللف فمنهم من استمر على أصل اللغة وهذا رأى الزهري ومالك وابن عيينة ويي‬
‫القطان وأكثر الجازيي والكوفيي وعليه استمر عمل الغاربة ورجحه ابن الاجب ف متصره ونقل عن‬
‫الاكم أنه مذهب الئمة الربعة ومهم من رأي إطلقه ذلك حيث يقرأ الشيخ من لفظه وتقييده حيث‬
‫يقرأ عليه وهو التفرقة بي الصيغ بسب افتراق التحمل فيخصون التحديث با يلفظ به الشيخ والخبار‬
‫با يقرأ عليه وهذا مذهب ابن جريج والوزاعي والشافعي وابن وهب وجهور أهل الشرق ث أحدث‬

‫‪123‬‬
‫أتباعهم تفصيلً آخر فمن سع وحده من لفظ الشيخ افرد فقال حدثن ومن سع مع غيه جع ومن قرأ‬
‫بنفسه على الشيخ أفرد فقال أخبن ومن سع بقراءة غيه جع وكذا خصصوا النباء بالجازة الت يشافه‬
‫با الشيخ من ييزه ولك هذا مستحسن وليس بواجب عندهم وإنا أرادوا التمييز بي أحوال التحمل‬
‫وظن بعضهم أن ذلك على وجوب فتكلفوا ف الحتجاج له وعليه با ل طائل تته نعم يتاج التأخرون‬
‫إل مراعاة الصطلح الذكور لئل يتلط لنه صار حقيقة عرفية عندهم فمن بوز عنها احتاج إل التيان‬
‫بقرينة تدل على مراده)) وإل فل يؤمن اختلط السموع بالجاز بعد تقرير الصطلح فيحمل ما يرد من‬
‫ألفاظ التقدمي على ممل واحد بلف التأخرين‬
‫‪ -7‬قول الحدث وبه قال حدثنا‬
‫قال القسطلن ((إذا قرأ الحدث إسناده شيخه الحدث أول الشروع وانتهى عطف عليه بقوله ف أول‬
‫الذي يليه ((وبه قال حدثنا)) ليكون كأنه أسنده إل صاحبه ف كل حديث أي لعود ضمي ((وبه)) على‬
‫السند الذكور كأنه يقول ((وبالسند الذكور قال أي صاحب السند لنا فهذا معن قولم وبه قال))‬
‫ص‪208:‬‬
‫‪ -8‬الرمز ب ((ثنا)) و ((نا)) و ((أنا)) و ((ح))‬
‫اقل النووي ((جرت العادة بالقتصار على الرمز ف ((حدثنا)) و ((أخبنا)) واستمر الصطلح عليه من‬
‫قدي العصار إل زماننا واشتهر ذلك بيث ل يفي فيكتبون من حدثنا (ثنا)) وربا حذفوا الثاء ويكتبون‬
‫من أخبنا (أنا) وإذا كان للحديث إسنادا أو أكثر وجعوا بينهما ف مت واحد كتبوا عند النتقال من‬
‫إسناده إل إسناد (ح) وهي حاء مهملة مفردة والختار أنا مأخوذة من التحول لتحوله من إسناده إل‬
‫إسناده وأنه يقول القارئ إذا انتهى إليها (حا) ويستمر ف قراءة ما بعدها وقيل إنا من حال ب الشيئي إذا‬
‫حجز لكونا حالت ب السنادين وأنه ل يلفظ عند النتهاء إليها بشيء وليست من الرواية وقيل إنا رمز‬
‫إل قوله ((الديث)) وإن أهل الغرب كلهم يقولون إذا وصوا إليها ((الديث)) وقد كتب جاعة من‬
‫الفاظ موضعها ((صح)) فيشعر بأنا رمز (صح) وحسنت ههنا كتابة (صح) لئل يتوهم أنه سقط من‬
‫السناد الول ث هذه الاء توجد ف كتب التأخرين كثيا)) ‪1‬هـ‬
‫قلت وقد كان بعض مشاينا السندين إذا وصل إليها يقول ((تويل)) وكنت أستحسنه منه‬
‫‪ -9‬عادة الحدثي ف قراءة السناد‬

‫‪124‬‬
‫قال النووي ((جرت عادة أهل الديث بذف (قال) ونوه فيما بي رجال السناد ف الط وينبغي‬
‫للقارئ أن يلفظ با وإذا كان ف الكتاب قرئ على فلن أخبك فلن فيقولون قرئ على فلن قيل أخبك‬
‫فلن وإذا تكررت كلمة ((قال)) كقوله ((حدثنا صال قال قال الشعب)) فإنم يذفون إحداها ف الط‬
‫فيلفظ بما القارئ))‬
‫ص‪209:‬‬
‫‪ -10‬التيان بصيغة الزم ف الديث الصحيح والسن دون الضعيف‬
‫قال النووي ف شرح مسلم ((قال العلماء ينبغي لن أراد رواية حديث أو ذكره أن ينظر فإن كان‬
‫صحيحا أو حسنا قال ((قال رسول ال كذا أو فعله أو تو ذلك من صيغ الزم)) وإن كان ضعيفا فل‬
‫يقل قال أو فعل أو أمر أو نى وشبه ذلك من صيغ الزم بل يقول روى عنه كذا أو جاء عنه كذا أو‬
‫يروي أو يذكر أو يكي أو بلغنا وما أشبهه))‬
‫وقال ف شرح الهذب ((قالوا صيغ الزم موضوعة للصحيح أو السن وصيغ التمريض لسواها وذلك أن‬
‫صيغة الزم تقتضى صحته من الضاف إليه فل ينبغي أن تطلق إل فيما صح وإل فيكون النسان ف معن‬
‫الكاذب عليه وهذا الدب أخل به جاهي الفقهاء من أصحابنا وغيهم بل جاهي أصحاب مطلقا ما عدا‬
‫حذاق الحدثي وذلك تساهل قبيح فإنم يقولون كثيا ف الصحيح ((روى عنه)) وف الضعيف ((قال‬
‫وروي فلن وهذا حيد عن الصواب)) انتهى‬
‫‪ -11‬مت يقول الراوي ((أو كما قال))‬
‫قال النووي ((ينبغي للراوي وقارئ الديث إذا اشتبه عليه لفظة فقرأها على الشك أن يقول عقيبه أو‬
‫كما قال وكذا يستحب لن روى بالعن أن يقول بعده أو كما قال أو نو هذا كما فعلته الصحابة فمن‬
‫بعدهم وال أعلم وقد روى الدارمي ف مسنده ف باب ((من هاب ألفتيا مافة السقط)) آثارا كثية ف‬
‫ذلك فمن فليجع إليه))‬
‫‪ -12‬السر ف تفرقة البخاري بي قوله حدثنا فلن وقال ل فلن‬
‫ل يفي أن البخاري رحه ال احتاط لصحيحة ما ل يتط لغيه من مصنفاته فإنه التزم فيه غاية الصحة‬
‫فربا عب ف صحيحه يقول ((وقال ل علي بن عبد ال يعن‬
‫ص‪210:‬‬

‫‪125‬‬
‫ابن الدين)) وف غيه كتاريه بقوله ((حدثا علي بن عبد ال)) ف القضية الواحدة والسر ف ذلك أنه ل‬
‫يعب ف صحيحة بقوله وقال ل فلن إل ف الحاديث الت يكون ف إسنادها عنده نظر أو الت تكون‬
‫موقوفة وزعم بعضهم أنه يعب ف ذلك فيما أخذه ف الذاكرة أو الناولة قال الافظ ابن حجر ((وليس‬
‫عليه دليل))‬
‫‪ -13‬سر قولم ف خلل ذكر الرجال يعن ابن فلن أو هو ابن فلن‬
‫قال النووي ((ليس للراوي أن يزيد ف نسب غي شيخه ول صفته على ما سعه من شيخه لئل يكون‬
‫كاذبا على شيخه فإذا أراد تعريفه وإيضاحه وزوال اللبس التطرق وإليه لشابة غيه فطريقة أن يقول قال‬
‫حدثن فلن يعن ابن فلن أو الفلن أو هو ابن فلن أو الفلن أو نو ذلك وقد استعمله الئمة وقد‬
‫أكثر البخاري ومسلم منه غاية الكثار وهذا ملحظ دقيق ومن ل يعان هذا الفن قد يتوهم أن قوله‬
‫((يعن)) وقوله ((هو)) زيادة ل حاجة إليها وأن الول حذفها وهذا جهل وسرها ما عرفت))‬
‫‪ -14‬قولم دخل حديث بعضهم ف بعض‬
‫إذا روى الفاظ حديثا ف صحاحهم أو سننهم أو مسانيدهم واتفقوا ف لفظه أو معناه ووجد عند كل‬
‫منهم ما انفرد به عن الباقي وأراد راو أن يرجه عنهم بسياق واحد فيقول حالتئذ أخرج فلن وفلن‬
‫وفلن دخل حديث بعضهم ف بعض إشارة إل أن اللفظ لجموعهم وأن عند كل ما انفرد به عن غيه‬
‫ص‪211:‬‬
‫‪ -15‬قولم ((أصح شيء ف الباب كذا))‬
‫قال النووي ف الذكار ((ل يلزم من هذه العبارة صحة الديث فإنم يقولون هذا أصح ما جاء ف الباب‬
‫وإن كان ضعيفا ومرادهم أرجحه أو أفله ضعفا))‬
‫‪ -16‬قولم ((وف الباب عن فلن))‬
‫كثيا ما يأت بذلك المام الترمذي رحه ال تعال ف جامعة حيث يقول ((وف الباب عن فلن وفلن))‬
‫ويعدد صحابة ول يريد ذلك الديث العي بل يريد أحاديث أخر يصح أن تكتب ف الباب قال العراقي‬
‫((وهو عمل صحيح إل أن كثيا من الناس يفهمون من ذلك أن من سى من الصحابة يروون ذلك‬
‫الديث بعينه وليس كذلك بل قد يكون كذلك)) وقد يكون حديثا آخر يصح إيراده ف ذلك الباب‬
‫‪ -17‬أكثر ما وجد من رواية التابعي بعضهم عن بعض بالستقرار ستة أو سبعة))‬
‫‪ -18‬هل يشترط ف رواية الحاديث السند أم ل‬

‫‪126‬‬
‫اختلف العلماء فيمن نقل حديثا من كتاب من الكتب الشهورة وليس له به سند من أحد بطريق من‬
‫الطرق هل يسوغ له أن يقول قال قال رسول ال كذا فالمهور على جوازه وضعفه قوم كما هو ظاهر‬
‫كلم العراقي وصريح كلم الافظ أب بك الشبيلي‬
‫ص‪212:‬‬
‫ونقل العلمة الشهاب ابن حجر الكي ف فتاواه الديثية عن الزين العراقي أنه قال نقل النسان ما ليس له‬
‫به رواية غي سائغ بإجاع أهل الدراية وعن الافظ ابن جب الشبيلي خال الافظ السهيلي أنه قال‬
‫((اتفق العلماء أنه ل يصح لسلم أن يقول قال النب كذا حت يكون عنده ذلك القول مرويا ولو على أقل‬
‫وجوه الروايات)) وأطال ف ذلك من النقول ث قال ((كلم النووي وابن الصلح متفق على عدم اشتراط‬
‫تعدد الصل القابل عليه إذا كان النقل منه للرواية بلفه للعمل والحتجاج فقد اشترط ابن الصلح‬
‫تعدد الصول القابل عليها دون النووي فإنه اكتفى بأصل واحد معتمد وقال ابن برهان ذهب الفقهاء‬
‫كافة إل أنه ل يتوقف العمل بالديث على ساعه بل إذا صحت عنده النسخة من الصحيحي مثلً جاز‬
‫له العمل با وإن ل يسمعها)) انتهى‬
‫وإل هذا أشار الزين العراقي ف ألفيته حيث قال‬
‫(وأخذ مت من كتاب لعمل أو احتجاج حيث ساغ قد جعل‬
‫(عرضا له على أصول يشترط وقال يي النووي أصل فقط‬
‫ث قال ابن حجر ف الفتاوى الذكورة ((ومن هذا وما قبله تعي حل اشتراط ابن الصلح للتعدد على‬
‫الستجباب كما قاله جاعة ول منافاة بي ما قاله ابن برهان من الجاع على الواز بشرطه على ما إذا‬
‫كان لجرد الستنباط وبمل عدمه بشرطه على ما إذا كان للرواية عن ذلك الصنف من غي أن تصح‬
‫أصول بسماعه له ول تيقن أنه سعه من شيخه)) انتهى ملخصا‬
‫وقال الافظ السيوطي ف كتابه ((تدريب الرواي شرح تقريب النواوي))‬
‫خاتة‪ -‬زاد العراقي ف ألفيته هنا لجل قول ابن الصلح حيث ساغ له وذلك أن الافظ أبا بكر ممد بن‬
‫جب بن عمر الموي (بفتح المزة) الشبيلي خال أب القاسم السهيلي قال ف برنامه اتفق العلماء على‬
‫أنه ل يصح لسلم أن يقول قال رسول ال كذا‬
‫ص‪213:‬‬

‫‪127‬‬
‫حت يكون عنده ذلك القول مرويا ولو على أقل وجوه الروايات لديث ((من كذب على)) انتهى ول‬
‫يتعقبه العراقي وقد تعقبه الزركشي ف جزء له فقال فيما قرأته بطه نقل الجاع عجيب وإنا حكى ذلك‬
‫عن بعض الحدثي ث هو معارض بنقل ابن برهان إجاع الفقهاء على الواز فقال ف الوسط ذهب‬
‫الفقهاء كافة إل أنه ل يتوقف العمل بالديث على ساعه بل إذا صح عنده النسخة جاز له العمل با وإن‬
‫ل يسمع وحكى الستاذ أبو إسحاق السفرايين الجاع على جواز النقل من الكتب العتمدة ول‬
‫يشترط اتصال السند إل مصنفيها وذلك شامل لكتب الديث والفقه وقال إلكيا الطبي ف تعليقه من‬
‫وجد حديثا ف كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويتج به وقال قوم من أصحاب الديث ل يوز له أن‬
‫يرويه لنه ل يسمعه وهذا غلظ وكذا حكاه إمام الرمي ف البهان عن بعض الحدثي وقال هم عصبة‬
‫ل مبالة بم ف حقائق الصول ‪ -‬يعن القتصرين على السماع ل أئمة الديث ‪ -‬وقال الشيخ عز الدين‬
‫بن عبد السلم ف جواب سؤال كتبه إليه ممد بن عبد الميد ((وأما العتماد على كتب الفقه‬
‫الصحيحة الوثوق با فقد اتفق العلماء ف هذا العصر على جواز العتماد عليها والستناد إليها لن الثقة‬
‫قد حصلت با كما تصل بالرواية ولذلك اعتمد الناس على الكتب الشهورة ف النحو واللغة والطب‬
‫وسائر العلوم لصول الثقة با وبعد التدليس ومن اعتقد أن الناس قد اتفقوا على الطأ ف ذلك فهو أول‬
‫بالطأ منهم ولول جواز العتماد على ذلك لتعطيل كثي من الصال التعلقة با وقد رجع الشارع إل‬
‫قول الطباء ف صور وليست كتبهم مأخوذة ف الصل إل عن قوم كفار ولكن لا بعد التدليس فيها‬
‫اعتمد عليها كما اعتمد ف اللغة على أشعار العرب لبعد التدليس)) انتهى‬
‫قال‪ -‬أي الزركشي التقدم ‪(( -‬وكتب الديث أول بذلك من كتب الفقه وغيها لعتنائهم بضبط‬
‫النسخ وتريرها فمن قال إن شرط التخريج من كتاب يتوقف على اتصال السند إليه فقد خرف الجاع‬
‫وغاية الخرج أن ينقل الديث من أصل موثوق بصحته وينسبه إل من رواه ويتكلم على علته وغريبه‬
‫وفقهه قال وليس الناقل لجاع مشهورا بالعلم مثل اشتهار هؤلء الئمة قال بل نص الشافعي ف الرسالة‬
‫على أنه يوز أن يدث بالب‬
‫ص‪214:‬‬
‫وإن ل يعلم أنه سعه فليت شعري أي إجاع بعد ذلك قال واستدلله على النع بالديث الذكور أعجب‬
‫إذ ليس ف الديث اشتراط ذلك وإنا فيه تري القول بنسبه الديث إليه حت يتحقق أنه قاله وهذا ل‬

‫‪128‬‬
‫يتوقف على روايته بل يكفي ف ذلك وجوده ف كتب من خرج الصحيح أو كونه نص على صحته إمام‬
‫وعلى ذلك عمل الناس)) انتهى‬
‫((فتحرر من مموعة ذلك أن الصحيح جواز نقل الديث من الكتب العتمدة وإضافته إل الرسول وإن‬
‫ل يكن للناقل به رواية لكن بشرط أن يكون النقول عنه كتابا معتمدا به ف الديث مقابلً ولو بأصل‬
‫واحد فل يوز إضافة حديث إل رسول ال بجرد وجوده ف كتاب ل يعلم مؤلفه أو علم ول يكن من‬
‫أهل الديث كما يؤخذ من كلم العز بن جاعة)) انتهى من القول السديد ف اتصال السانيد للشهاب‬
‫النين‬
‫‪ -19‬فوائد السانيد الجموعة ف الثبات‬
‫اعلم أن ف تطلب أسانيد الكتب غاية للحكماء سامية أل وهي التشوف إل الرجوع إليها ومطالعتها فإن‬
‫العاقل إذا رأى حرص القدمي على روايتها بالسند إل مصنفيها علم أن لا مقاما مكينا ف ساء العرفان‬
‫فيأخذ ف قراءتا واقتباس الفوائد والعارف منها فيزداد تنورا وترقيا ف سلم العلوم فإن العلم قوام العال‬
‫وعماد العمران وهو الكن الثمي والذخر الذي ل يفن‬
‫ومن فوائد أسانيد الكتب حفظها من النسيان والضياع ومن فوائدها نشر العلوم والعارف وترويها‬
‫وإذاعتها بي الاصة والعامة لتقف عليها الطلب ومنها الترغيب والتشويق لطالعة الكتب فإن الرغبة ف‬
‫الطالعة من أكب النعم الت خص با نوع النسان ومن فوائدها الدللة على اعتبار الولي لكتب العلم‬
‫والتنويه بشأنا وتعظيم قدرها وإعلئها فإن كتبهم تمل علومهم ومعارفهم وتذيعها ف الافقي وتربا‬
‫من طلبا ذانية القطوف قريبة النا والرء يفخر وينافس أقرانه إذا لقي‬
‫ص‪215:‬‬
‫رجلً من كبار العلماء وحادثه ساعة من الزمان فكيف إذا استطاع أن يقيم معه وبادثه مدة حياته‬
‫وهكذا من نظر ف كتب الديث فهو مادث للنب ومطلع على هديه وأخباره كما لو ساكنه وعاشره‬
‫وشافهه وما أقربه وأيسره لن روى تلك الكتب ودراها ولذلك قال الترمذي عن سننه ((من كان ف بيته‬
‫فكأنا ف بيته نب بتكلم)) وهكذا يقال ف بقية الوامع الديثية فأعلم ذلك‬
‫وما أرق ما قاله الوزير لسان الدين بن الطيب ف مقدمة كتابه ((الحاطة ف أخبار غرناطة)) ولول ذلك‬
‫لو يشعرآت ف اللق بذاهب ول أتصل بغائب فماتت الفضائل بوت أهليها وأقلت نومها عن أعي‬
‫متليها فلم يرجع إل خب ينقل ول دليل يعقل ول سياسة تكتسب ول أصالة إليها ينتسب فهدى سبحانه‬

‫‪129‬‬
‫وألم وعلم النسان بالقلم ما ل يكن يعلم حت ألفينا الراسم قائدة والراشد هادية والخبار منقولة‬
‫والسانيد موصولة والصول مررة والتواريخ مقررة والسي مذكورة والثار مأثورة والفضائل من بعد‬
‫أهلها باقية والآثر قاطعة شاهدة كأن نار القرطاس وليل الداد ينافسان الليل والنهار ف عال الكون‬
‫والفساد فمهما طويا شيئا ولعا بنشره أو دفنا ذكرا دعوا إل نشره‬
‫‪ -20‬ثرة رواية الكتب بالسانيد ف العصار التأخرة‬
‫قال الشيخ ابن الصلح ((أعلم أن الرواية بالسانيد التصلة ليس القصود منها ف عصرنا وكثي من‬
‫العصار قبله إثبات ما يروى إذ ل يلو إسناد منها عن شيخ ل يدري ما يرويه ول يضبط ما ف كتابه‬
‫ضبطا يصلح لن يعتمد عليه ف ثبوته وإنا القصود با بقاء سلسلة السناد الت خصت‬
‫ص‪216:‬‬
‫‪ -21‬بيان أن تمل الخبار على الكيفيات العروفة من ملح العلم ل من صلبه وكذا استخراج‬
‫الديث من طرق كثية‬
‫قد بي ذلك المام أبو إسحاق الشاطيء رحه ال تعال ف موافقاته بقوله ف أقسام ما كان من ملح العلم‬
‫((الثان ‪ -‬تمل الخبار والثار على التزام كيفيات ل يلزم مثلها ول يطلب التزامها كالحاديث‬
‫السلسلة الت أتى با على وجوه ملتزمة ف الزمان التقدم على غي قصد فالزمها التأخرون بالقصد فصار‬
‫تملها على ذلك القصد تريا له بيث يتعن ف استخراجها ويبحث عنها بصوصها مع أن ذلك القصد‬
‫ل ينبن عليه عمل وإن صحبها العمل لن تلفه ف أثناء تلك السانيد ل يقدح ف العمل بقتضى تلك‬
‫الحاديث كما ف حديث ((الراحون يرحهم الرحن)) فإنم التزموا فيه أن يكون أول حديث يسمعه‬
‫التلميذ من شيخه فإن سعه منه بعد ما أخذ عنه ل ينع ذلك الستفادة بقتضاه وكذا سائرها غي أنم‬
‫التزموا ذلك على جهة التبك وتسي الظن خاصة وليس بطرد ف جيع الحاديث النبوية أو أكثرها حت‬
‫يقال إنه مقصود فطلب مثل ذلك من ملح العلم ل من صلبه‬
‫((والثالث ‪ -‬التأنق ف استخراج الديث من طرق كثية ل على قصد طلب تواتره بل على أن يعد آخذ‬
‫له عن شيوخ كثية من جهات شت وإن كان راجعا إل الحاد ف الصحابة والتابعي أو غيهم‬
‫فالشتغال بذا من اللح ل من صلب العلم خرج أبو عمر بن عبد الب عن حزة بن ممد الكنان قال‬
‫خرجت حديثا واحدا عن النب من مئت طريق أو من نو مئت طريق شك الراوي فداخلن من ذلك من‬
‫الفرح غي قليل وأعجبت بذلك فرأيت يي بن معي ف النام فقلت له يا أبا زكرياء قد خرجت حديثا‬

‫‪130‬‬
‫ص‪217:‬‬
‫عن النب من مئت طريق قال فسكت عن ساعة ث قال أخشى أن يدخل هذا تت ((ألاكم التكاثر)) هذا‬
‫ما قال وهو صحيح ف العتبار لن تريه من طرق يسية كاف ف القصود منه فصار الزائد على ذلك‬
‫فضلً)) انتهى‬
‫‪ -22‬توسع الفاظ رحهم ال تعال ف طبقات السماع‬
‫قال السخاوي ف فتح الغيث ((لا صار اللحوظ بقاء سلسلة السناد توسعوا فيه بيث كان يكتب‬
‫السماع عند الزي وبضرته لن يكون بعيدا عن القارئ وكذا للناعس والتحدث والصبيان الذين ل‬
‫ينضبط أحدهم بل يلعبون غالبا ول يشتغلون بجرد السماع حكاه ابن كثي قال وبلغن عن القاضي‬
‫التقي سلميان بن حرة أنه زجر ف ملسه الصبيان عن اللعب فقال ل تزجروهم فإنا إنا سعنا نسمع فربا‬
‫ارتفعت أصواتنا ف بعض الحيان والقارئ يقرأ فل ينكر علينا من حضر الجلس من كبار الفاظ‬
‫كالزي والبزال والذهب وغيهم من العلماء وذكر السخاوي قبل ذلك أن شيخنا ‪ -‬يعن الافظ ابن‬
‫حجر ‪ -‬سئل عمن ل يعرف من العربية كلمة فأمر بإثبات ساعه وكذا حكاه ابن الزري عن كل من‬
‫ابن رافع وابن كثي وابن الحب بل حكى ابن كثي أن الزي كان يضر عنده من يفهم ومن ل يفهم ‪-‬‬
‫يعن من الرجال ‪ -‬ويكتب للكل السماع وذكر أيضا عند قول العراقي ((وقبلوا من مسلم تملً ف‬
‫كفره)) ما نصه ((ومن هنا أثبت أهل الديث ف الطباق اسم من يتفق حضوره مالس الديث من‬
‫الكفار رجاء أن يسلم ويؤدي ما سعه كما وقع ف زمن التقي ابن تيميه أن الرئيس الطبب يوسف بن‬
‫عبد السيد اليهودي السرائيلي سع ف حال يهوديته مع أبيه من الشمس ممد بن عبد الؤمن الصوري‬
‫أشياء من الديث وكتب بعض الطلبة اسه ف الطبقة ف جلة أساء السامعي فأنكر عليه وسئل ابن تيميه‬
‫عن ذلك فأجازه ول يالفه أحد من أهل عصره بل من أثبت اسه ف الطبقة الافظ‬
‫ص‪218:‬‬
‫الزي ويسر ال أنه أسلم بعد وسى ممدا وأدى فسمعوا منه ومن سع منه الافظ الشمس السي وغيه‬
‫من أصحاب الؤلف ‪ -‬يعن العراقي ‪ -‬ول يتيسر له هو السماع منه مع أنه رآه بدمشق ومات ف رجب‬
‫سنة سبع وخسي وسبعمائة)) ‪1‬هـ‬
‫‪ -23‬بيان الفرق بي الخرج (اسم فاعل) والخرج (اسم مكان)‬

‫‪131‬‬
‫كثيا ما يقولون بعد سوق الديث ((خرجه فلن أو أخرجه)) بعن ذكره فالخرج (بالتشديد أو‬
‫التخفيف) اسم فاعل هو ذاكر الرواية كالبخاري وأما قولم ف بعض الحاديث ((عرف مرجه)) أو ((ل‬
‫يعرف مرجه)) فهو (بفتح اليم والراء) بعن مل خروجه وهو رجاله الراوون له لنه خرج منهم‬
‫‪ -24‬سر ذكر الصحاب ف الثر ومرجه من الحدثي‬
‫أعلم أنه يكفي ف الثر الروي ذكر الصحاب الذي رواه ومرجه من الحدثي الشهورين وف ذلك فوائد‬
‫جة أما ذكر الصحاب ففائدته أن الديث تتعدد رواته وطرقه وبعضها صحيح وبعضها ضعيف فيذكر‬
‫الصحاب ليعلم ضعيف الروي من صحيحة ومنها رجحان الب بال الراوي من زيادة فقهه وورعه‬
‫ومعرفة ناسخه من منسوخه بتقدم إسلم الراوي وتأخره وأما ذكر الخرج ففائدته تعيي لفظ الديث‬
‫وتبيي رجال إسناده ف الملة ومعرفة كثرة الخرجي وقلتهم ف ذلك الديث للفادة الترجيح وزيادة‬
‫التصحيح ومنها الرجوع إل الصول عند الختلف ف الفصول إل غي ذلك من النافع الليلة (كذا ف‬
‫شرح الشكاة)‬
‫ص‪219:‬‬
‫الباب السابع‬
‫ف أحوال الرواية‬
‫وفيه مباحث‬
‫‪ -1‬رواية الديث بالعن‬
‫أعلم أنه قد رخص ف سوق الديث بالعن دون سياقه على اللفظ جاعة منهم على وابن عباس وأنس بن‬
‫مالك وأبو الدرداء وواثلة بن السقع وأبو هريرة رضي ال عنهم ث جاعة من التابعي يكثر عددهم منهم‬
‫إمام الئمة السن البصري ث الشعب وعمرو بن دينار وإبراهيم النخعي وماهد وعكرمة نقل ذلك عنهم‬
‫ف كتب سيهم بأخبار متلفة اللفاظ وقال ابن سيين ((كنت أسع الديث من عشرة العن واحد‬
‫واللفاظ متلفة)) وكذلك اختلفت ألفاظ الصحابة ف رواية الديث عن رسول ال فمنهم من يرويه تاما‬
‫ومنهم من يأت بالعن ومنهم من يورده متصرا وبعضهم يغاير بي اللفظي ويراه واسعا إذا ل يالف‬
‫العن وكلهم ل يتعمد الكذب على من تعمده)) وقد روى عن عمران بن مسلم قال رجال للحسن يا أبا‬
‫سعيد إنا تدث بالديث أنت أحسن له سياقا وأجود تبيا وافصح به لسانا منه إذا حدثنا به فقال ((إذا‬
‫أصيب العن فل بأس بذلك)) وقد قال النضر بن شيل (( كان هشيم لانا فكسوت لكم حديثه كسوة‬

‫‪132‬‬
‫حسنة ‪ -‬يعن بالعراب ‪ -‬وكان النضر بن شيل نويا وكان سفيان يقول ((إذا رأيتم يشدد ف ألفاظ‬
‫الديث ف الجلس فأعلم أنه يقول اعرفون)) قال وجعل رجل يسأل يي بن سعيد القطان عن حرف ف‬
‫الديث على لفظه‬
‫ص‪221:‬‬
‫فقال له يي يا هذا ليس ف الدنيا أجل من كتاب ال تعال قد رخص للقراءة فيه بالكلمة على سبعة‬
‫أحرف فل تشدد))‬
‫وف شرح التقريب للحافظ السيوطي ف النوع السادس والعشرين ف الفرع الرابع منه ما نصه مع بعض‬
‫اختصار ((إن ل يكن الراوي عاما باللفاظ خبيا با ييل معانيها ل تز له الرواية لا سعه بالعن بل‬
‫خلف بل يتعي اللفظ الذي سعه فإن كان عالا بذلك فقالت طائفة من أهل الديث والفقه والصول‬
‫ل يوز إل بلفظه وإليه ذهب ابن سيين وثعلب وأبو بكر الرازي من النفية وروى عن ابن عمر وقال‬
‫جهور السلف واللف من الطوائف منهم الئمة الربعة يوز بالعن ف جيع ذلك إذا قطع بأداء العن‬
‫لن ذلك هو الذي يشهد به أحوال الصحابة والسلف ويدل عليه رواياتم اللفظة الواحدة بألفاظ متلفة‬
‫وقد ورد ف السألة حديث مرفوع رواه ابن منده ف ((معرفة الصحابة)) والطبان ف ((الكبية)) من‬
‫حديث عبد ال بن سليمان بن أكثم الليثي قال قلت يا رسول ال إن إذا سعت منك الديث ل أستطيع‬
‫أن أرويه كما أسع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفا فقال ((إذا ل تلوا حراما ول يرموا حل ًل وأصبتم‬
‫العن فل بأس)) فذكرت ذلك للحسن فقال ((لول هذا ما حدثنا)) وقد استدل الشافعي لذلك بديث‬
‫((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) وروى البيهقي عن مكحول قال دخلت أنا وأبو الزهر على وأثلة بن‬
‫السقع فقلنا له ((حدثنا بديث سعته من رسول ال ليس فيه وهم ول تزيد ول نسيان)) فقال ((هل قرأ‬
‫أحد منكم من القرآن شيئا فقلنا ((نعم وما نن بافظي له جدا إنا نريد الواو واللف ونتقص فقال فهذا‬
‫القرآن مكتوب بي أظهركم ل تألونه حفظا وإنكم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون فكيف بأحاديث‬
‫سعناها من رسول ال عسى أن ل يكون سعنا لا منه إل مرة واحدة حسبكم إذا حدثنا كم بالديث‬
‫على العن))‬
‫ص‪222:‬‬

‫‪133‬‬
‫وأسند أيضا ف ((الدخل)) عن جابر بن عبد ال قال حذيفة ((إنا قوم عر نورد الديث فتقدم ونؤخر))‬
‫وأسند أيضا عن شعيب بن الجاب قال ((دخلت أنا وعبدان على السن فقلنا يا أبا سعيد الرجل يدث‬
‫بالديث فيزيد فيه أو ينقص منه)) قال ((إنا الكذب من تعمد ذلك))‬
‫وأسند أيضا عن جرير بن حازم قال ((سعت السن يدث بأحاديث الصل واحد والكلم متلف))‬
‫وأسند عن ابن عمون قال ((كان السن وإبراهيم والشعب يأتون بالديث على العان)) وأسند عن‬
‫أويس قال ((سألنا الزهري عن التقدي والتأخي ف الديث فقال هذا يوز ف القرآن فكيف به ف الديث‬
‫وإذا أصيب معن الديث فلم يل به حراما ول يرم حلل فل بأس)) ونقل ذلك سفيان عن عمرو بن‬
‫دينار وأسند عن وكيع قال ((إن ل يكن العن واسعا فقد هلك الناس)) ‪1‬هـ (ذكره السيد مرتضى ف‬
‫شرح الحياء)‬
‫وقال الكيم الترمذي قدس ال سره ف كتابه ((نوادر الصول))‬
‫الصل الثامن والستون والئتان ف سرد رواية الديث بالعن عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‬
‫قال رسول ال ((نضر ال امرأ سع منا حديثا فبلغه كما سع منا فإنه رب مبلغ هو أوعى له من سامع))‬
‫ث رواه عن زيد بن ثابت وجبي ابن مطعم قال الترمذي قدس سره اقتضى العلماء الداء وتبليغ العلم فلو‬
‫كان اللزم لم أن يؤدوا تلك اللفاظ الت بلغت أساعهم بأعيانا بل زيادة ول نقصان ول تقدي ول‬
‫تأخي كانوا يستودعونا الصحف كما فعل رسول ال بالقران فكان إذا نزل الوحي دعا الكاتب فكتبه‬
‫مع ما توكل ال له يمعه وقرآنه فقال ((إن علينا جعه وقرآنه)) وقال ((وإنا له الافظون)) فكان الوحي‬
‫مروسا بكتبه ولو كانت هذه الحاديث سبيلها‬
‫ص‪223:‬‬
‫هكذا لكتبها أصحاب رسول ال فهل جاءنا عن أحد منهم أنه فعل ذلك وجاء عن عبد ال بن عمر‬
‫رضي ال عنهما أنه استأذن رسول ال ف صحيفة فأذن له وأما سائر الخبار فإنم تلقوها منه حفظا‬
‫وأدوها حفظا فكانوا يقدمون ويؤخرون وتتلف ألفاظ الرواية فيما ل يتغي معناه فل ينكر ذلك منهم‬
‫ول يرون بذلك بأسا))‬
‫ث أسند الترمذي قدس سره عن أب هريرة وعبد ال بن أكيمة مرفوعا جواز ذلك إذا ل يرم حلل ول‬
‫يل حرام وأصيب العن كما نقدم قيل ث قال الترمذي (فمن أراد أن يؤدي إل من بعده حديثا قد سعه‬
‫جاز له أن يغي لفظه ما ل يتغي العن) انتهى‬

‫‪134‬‬
‫وقال المام ابن فارس ف جزئه ف الصطلح ف الكلم على من كان من الرواة يتورع ف أداء اللفظ‬
‫اللحون ويكتب عليه (كذا) ما مثاله (هذا التثبت حسن لكن أهل العلم قد يتساهلون إذا أدوا العن‬
‫ويقولونك لو كان أداء اللفظ واجبا حت ل يغفل منه حرف لمرهم رسول ال بإثبات ما يسمعون منه‬
‫كما أمرهم بإثبات الوحي الذي ل يوز تغيي معناه ول لفظه فلما ل يأمرهم بإثبات ذلك دل على أن‬
‫المر ف التحديث أسهل وإن كان أداء ذلك اللفظ الذي سعه أحسن) انتهى‬
‫وقال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((وأما الرواية بالعن فاللف فيها شهي والكثر على الواز‬
‫أيضا ومن أقوى حججهم الجاع على شرح الشريعة للعجم بلسانم للعارف به فإذا جاز البدال بلغة‬
‫أخرى فجوازه باللغة العربية أول وقيل إنا يوز ف الفردات دون الركبات وقيل إنا يوز لن يستحضر‬
‫اللفظ ليتمكن من التصرف فيه وقيل إنا يوز لن كان يفظ الديث فنسى لفظه وبقى معناه مرتسما ف‬
‫ذهنه فله أن يرويه بالعن لصلحة تصيل الكم منه بلف من كان مستحضرا للفظه وجيع ما تقدم‬
‫يتعلق بالواز وعدمه ول شك أن الول إيراد الديث بألفاظه دون التصرف فيه قال القاضي عياض‬
‫(ينبغي سد باب الرواية بالعن لئل يتسلط من ل يسن من يظن أنه يسن كما وقع لكثي من الرواة قديا‬
‫وحديثا وال الوفق)‬
‫ص‪224:‬‬
‫تنبيه احتج بعضهم لنع الرواية بالعن بديث (نضر ال امرأ سع مقالت فوعاها فأداها كما سعها) وبأنه‬
‫مصوص بوامع الكلم ففي النقل بعبارة أخرى ل يؤمن الزيادة والنقصان‬
‫والواب عن الول بأن الداء كما سع ليس مقصودا على نقل اللفظ بل النقل بالعن من غي تغيي أداء‬
‫كما سعن فإنه أدى العن كما سع لفظه وفهمه منه نظيه أن الشاهد والترجم إذا أدى العن من غي‬
‫زيادة ول نقصان يقال إنه أدى كما سع وإن كان الداء بلفظ آخر ولو سلم أن الداء كما سع مقصور‬
‫على نقل اللفظ فل دللة ف الديث على عدم الواز غايته أنه داء للناقل باللفظ لكونه أفضل ول نزاع‬
‫ف الفضلية وعن الثان بأن الكلم ف غي جوامع الكلم ونظائرها (كذاف الرآة وحواشيها)‬
‫‪ -2‬جواز رواية بعض الديث بشروطه‬
‫قال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة (أما اختصار الديث فالكثرون على جوازه بشرط أن يكون الذي‬
‫يتصره عالا لن العال ل ينقص من الديث إل ما ل تعلق له با يبقيه منه بيث ل تتلف الدللة ول‬
‫يتل البيان حت يكون الذكور والحذوف بنلة خبين أو يدل ما ذكره على ما حذفه بلف الاهل‬

‫‪135‬‬
‫فإنه قد ينقص ما له تعلق كترك الستثناء)‬
‫وقال النووي رحه ال ف شرح مسلم ((الصحيح الذي ذهب إليه الماهي والحققون من أصحاب‬
‫الديث جواز رواية بعض الديث من العارف إذا كان ما تركه غي متعلق با رواه بيث ل يتل البيان‬
‫ول تتلف الدللة ف تركه سواء جوزنا الرواية بالعن أم ل وسواء رواه قبل تاما أم ل)‬
‫ث قال وأما تقطيع الصنفي الديث ف البواب فهو بالواز أول بل يبعد طرد‬
‫ص‪225:‬‬
‫اللف فيه وقد استمر عليه عمل الئمة الفاظ اللة من الحدثي وغيهم من أصناف العلماء) انتهى‬
‫‪ -3‬سر تكرار الديث ف الوامع والسنن والسانيد‬
‫قال الافظ ابن حجر ف مقدمة الفتح ف الفصل الثالث ف بيان تقطيع البخاري للحديث واختصاره‬
‫وفائدة إعادته له ف البواب وتكراره ما نصه (قال الافظ أبو الفضل ممد بن طاهر القدسي فيما رويناه‬
‫عنه ف جزء ساه جواب التعنت أعلم أن البخاري رحه ال كان يذكر الديث ف كتابه مواضع ويستدل‬
‫به ف كل باب بإسناد آخر ويستخرج منه بسن استنباطه وغزارة فقهه معن يقتضيه الباب الذي أخرجه‬
‫فيه وقلما يورد حديثا ف موضعي بإسناد واحد ولفظ واحد وإنا يورده من طريق أخرى لعان نذكرها‬
‫وال أعلم براده منها‬
‫((فمنها أنه يرج الديث عن صحاب ث يورده عن صحاب آخر والقصود منه أن يرج الديث عن حد‬
‫الغرابة وكذلك يفعل ف أهل الطبقة الثانية والثالثة وهلم جرا إل مشايه فيعتقد من يرى ذلك من غي‬
‫أهل الصنعة أنه تكرار وليس كذلك لشتماله على فائدة زائدة‬
‫((ومنها أنه صحح أحاديث على هذه القاعدة يشتمل كل حديث منها على معان متغايرة فيورده ف كل‬
‫باب من طريق غي الطريق الول‬
‫((ومنها أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم متصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن‬
‫ناقليها‬
‫((ومنها أن الرواة ربا اختلفت عباراتم فحدث راو بديث فيه كلمة تتمل معن وحدث به آخر فعب‬
‫عن تلك الكلمة بغينها بعبارة أخرى تتمل معن آخر فيورده بطرقه إذا صحت على شرطه ويفرد لكل‬
‫لفظه بابا مفردا‬
‫ص‪226:‬‬

‫‪136‬‬
‫((ومنها أحاديث تعارض فيها الوصل والرسال ورجح عنده الوصل فاعتمده وأورد الرسال منبها على‬
‫أنه ل تأثي له عنده ف الوصل‬
‫((ومنها أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والكم فيها كذلك‬
‫((ومنها أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلً ف السناد ونقصه بعضهم فيوردها على الوجهي حيث‬
‫يصح عنده أن الراوي سعه من شيخ حدثه به عن آخر ث لقى الخر فحدثه به فكان يرويه على الوجهي‬
‫((ومنها أنه ربا أورد حديثا عنعنه راويه فيويه من طريق أخرى مصرحا فيها بالسماع على ما عرف من‬
‫طريقته ف اشتراط ثبوت اللقاء ف العنعن فهذا جيعه فيما يتعلق بإعادة الت الواحد ف موضع آخر أو‬
‫أكثر‬
‫((وأما تقطيعه للحديث ف البواب تارة واقتصاره منه على بعضه أخرى فذلك لنه إن كان الت قصيا‬
‫أو مرتبطا بعضه ببعض وقد اشتمل على حكمي فصاعدا فإنه يعيده بسب ذلك مراعيا مع ذلك عدم‬
‫إخلئه من فائدة حديثية وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك كما تقدم‬
‫تفصيله فيستفيد بذلك تكثي الطرق لذلك الديث وربا ضاق عليه مرج الديث حيث ل يكون له إل‬
‫طريق واحدة فيتصرف حينئذ فيه فيورده ف موضع موصولً وف موضع معلقا ويورده تارة تاما وتارة‬
‫مقتصرا على طرفه الذي يتاج إليه ف ذلك الباب فإن كان الت مشتملً على جل متعددة ل تعلق‬
‫لحداها بالخرى فإنه يرج كل جلة منها ف باب مستقل فرارا من التطويل وربا نشط فساقه بتمامه‬
‫فهذا كله ف التقطيع‬
‫((وقد حكى بعض شراح البخاري أنه وقع ف أثناء الج ف بعض النسخ بعد باب قص الطبة بعرفة باب‬
‫تعجيل الوقوف قال أبو عبد ال يزاد ف هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكن ل أريد أن أدخل‬
‫فيه معادا)) انتهى‬
‫((وهو يقتضى أن ل يتعمد أن يرج ف كتابه حديثا معادا بميع إسناده ومتنه وإن كان قد وقع له من‬
‫ذلك شيء فعن غي قصد وهو قليل جدا‬
‫ص‪227:‬‬
‫((وأما اقتصاره على بعض الت ث ل يذكر الباقي ف موضع آخر فإنه ل يقع له ذلك الغالب إل حيث‬
‫يكون الحذوف موقوفا على الصحاب وفيه شيء قد يكم يرفعه فيقتصر على الملة الت يكم لا بالرفع‬
‫ويذف الباقي لنه ل تعلق له بوضوع كتابه كما وقع ف حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد ال بن‬

‫‪137‬‬
‫مسعود رضي ال تعال عنه قال إن أهل السلم ل يسيبون وإن أهل الاهلية كانوا يسيبون هكذا أورده‬
‫وهو متصر من حديث موقوف أوله جاء رجل إل عبد ال بن مسعود فقال إن أعتقت عبدا ل سائبة‬
‫فمات وترك ما ًل ول يدع وارثا)) فقال عبد ال ((إن أهل السلم ل يسيبون وإن أهل الاهلية كانوا‬
‫يسيبون فأنت ول نعمته فلك مياثه فإن تأثت وترجت ف شيء فنحن نقبله منك ونعله ف بيت الال))‬
‫فاقتصر البخاري على ما يعطى حكم الرفع من هذا الديث الوقوف وهو قوله (إن أهل السلم ل‬
‫يسيبون) لنه يستدعى بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الكم واختصر الباقي لنه ليس من‬
‫موضوع كتابه وهذا من أخفى الواضع الت وقعت له من هذا النس وإذا تقرر ذلك اتضح أنه ل يعيد إل‬
‫لفائدة حت لو ل تظهر لعادته فائدة من جهة السناد ول من جهة الت لكان ذلك لعادته لجل مغايرة‬
‫الكم الت تشتمل عليه ترجة الثانية موجبا لئل يعد مكررا فل فائدة كيف وهو ل يليه مع ذلك من‬
‫فائدة إسنادية وهي إخراجه للسناد عن شيخ غي الشيخ الاضي أو غي ذلك وال الوفق)) انتهى كلم‬
‫الافظ ابن حجر وبه يعلم سر صنيع من حذا حذو المام البخاري ف مشربه جيعه أو بعضهن فتدبر فإنه‬
‫من البدائع‬
‫ص‪228:‬‬
‫‪ -5‬ذكر اللف ف الستشهاد بالديث على اللغة والنحو وكذلك بكلم الصحابة وآل البيت‬
‫رضي ال عنهم‬
‫قال الشيخ عبد القادر البغدادي ف خزانة الدب على شواهد شرح الكافية ((قال الندلسي ف شرح‬
‫بديعية رفيقه ابن جابر علوم الدب ستة وهي الصرف والنحو واللغة والعان والبيان والبديع والثلثة‬
‫الول ل يستشهد عليها إل بكلم العرب دون الثلثة الخية فإنه يستشهد فيها بكلم غيهم من‬
‫الولدين لنا راجعة إل العان ول فرق ف ذلك بي العرب وغيهم ولذلك قبل من أهل هذا الفن‬
‫الستشهاد بكلم البحتري وأب تام وأب الطيب وهلم جرا قال وأقوللكلم الذي يستشهد به نوعان‬
‫شعر وغيه فقائل الول العلماء على طبقات أربع‬
‫الطبقة الولىالشعراء الاهليون وهم قبل السلم كامرئ القيس والعشى والثانية الخضرمون وهم‬
‫الذين أدركوا الاهلية والسلم كلبيد وحسان والثالثة التقدمون ويقال لم السلميون وهم الذين كانوا‬
‫ف صدر السلم كجرير والفرزدق والرابعة الولدون ويقال لم الحدثون وهم من بعدهم إل زماننا‬
‫كبشار بن بردن وأب نواس‬

‫‪138‬‬
‫فالطبقتان الوليان يستشهد بشعرها إجاعا وأما الثالثة فالصحيح صحة الستشهاد ‪ -‬لعل الصواب عدم‬
‫صحة الستشهاد ‪ -‬بكلمها وقد كان أبو عمرو بن العلء وعبد ال بن أب إسحق والسن البصري‬
‫وعبد ال بن شبمة يلحنون الفرزدق والكميت وذا الرمة وأضرابم وكانوا يعدونم من الولدين لنم‬
‫كانوا ف عصرهم وأما الرابعة فالصحيح أنه ل يتج بكلمها مطلقا وقيل يتج بكلم من يوثق به منهم‬
‫واختاره الزمشري وتبعه الشارح الحقق (أي الرضى) فإنه استشهد بشعر أب تام ف عدة مواضع من هذا‬
‫الشرح واستشهد الزمشري أيضا ف تفسي أوائل البقرة من الكشاف ببيت من شعره وقال وهو وإن‬
‫كان مدثا ل يستشهد بشعره ف اللغة فهو عن علماء العربية فاجعل ما يقوله بنلة ما يرويه‬
‫ص‪229:‬‬
‫وأما قائل الثان (أي غي الشعر) فهو إما ربنا تبارك وتعال فكلمه عز أسه أفصح كلم وأبلغه وإما أحد‬
‫الطبقات الثلث الول من طبقات الشعراء الت قدمناها‬
‫وأما الستدلل بديث النب فقد جوزه ابن مالكن ومنعه ابن الضائع وأبو حيان وسندها أمران أحدها‬
‫أن الحاديث ل تنقل كما سعت من النب وإنا رويت بالعن وثانيهما أن أئمة النحو القدمي من الصرين‬
‫ل يتجوا بشيء منه ورد الول على تقدير تسليمه بأن النقل بالعن إنا كان ف الصدر الول قبل تدوينه‬
‫ف الكتب وقبل فساد اللغة وغايته تبديل لفظ بلفظ يصح الحتجاج به ورد الثان بأنه ل يلزم من عدم‬
‫استدللم بالديث عدم صحة الستدلل به‬
‫((والصواب جواز الحتجاج بالديث للنحوي ف ضبط ألفاظه ويلحق به ما روى عن الصحابة وأهل‬
‫البيت))‬
‫وقال السيوطي ف (القتراح) (وأما كلمه فيستدل منه با ثبت أنه قاله على اللفظ الروي وذلك نادر‬
‫جدا إنا يوجد ف الحاديث القصار على قلة أيضا فإن غالب الحاديث مروي بالعن وقد تداولتها‬
‫العاجم والولدون قبل تدوينها فرووها با أدت إليه عباراتم فزادوا ونقصوا وقدموا وأخروا وبدلوا ألفاظ‬
‫بألفاظ ولذا ترى الديث الواحد ف القصة الواحدة مرويا على أوجه شت بعبارات متلفة)‬
‫وقال أبو حيان ف شرح التسهيل (قد أكثر الصنف من الستدلل با وقع ف الحاديث على إثبات‬
‫القواعد الكلية ف لسان العرب وما رأيت أحدا من التقدمي والتأخرين سلك هذه الطريقة وقد جرى‬
‫الكلم ف ذلك مع بعض التأخرين الذكياء فقال إنا ذكر العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ‬
‫الرسول وإنا كان كذلك لمرين أحدها أن الرواة جوزوا النقل بالعن وقد قال سفيان الثوري إن قلت‬

‫‪139‬‬
‫لكم إن أحدثكم كأسعت فل تصدقون إنا هو العن والمر الثان أنه وقع اللحن كثيا فيما روى من‬
‫الديث لن كثيا من الرواة كانوا غي عرب بالطبع ويتعلمون لسان العرب‬
‫ص‪230:‬‬
‫بصناعة النحو فوقع اللحن ف كلمهم وروايتهم وهم ل يعلمون ودخل ف كلمهم وروايتهم غي الفصيح‬
‫من لسان العرب) انتهى باختصار‬
‫قال بعضهم ويلحق بذلك ما روى من خطب المام على الت جعها السيد الرضى ف كتاب ((نج‬
‫البلغة)) وهذه أيضا ل يثبت أنا لفظ المام فقد جاء ف خطبة جامع الكتاب ما نصه ((وربا جاء ف‬
‫أثناء هذا الختيار اللفظ الردد والعن الكرر والعذر ف ذلك أن روايات كلمه تتلف اختلفا شديدا‬
‫فربا اتفق الكلم الختار ف رواية فنقل على وجهه ث وجد بعد ذلك ف رواية أخرى موضوعا غي وضعه‬
‫الول إما بزيادة متارة أو بلفظ عبارة لتقتضى الال أن يعاد واستظهارا للختيار وغيه على عقائل‬
‫الكلم)) انتهى بروفه‬
‫بل جاء ف ترجة ابن خلكان للشريف الرتضى أخي الشريف الرضى ما نصه ((وقد اختلف الناس ف‬
‫كتاب نج البلغة الجموع من كلم المام على بن أب طالب رضي ال عنه هل هو جعه أم جع أخيه‬
‫الرضى وقد قيل إنه ليس من كلم على وإنا الذي جعه ونسبه إليه هو الذي وضعه وال أعلم))‬
‫ص‪231:‬‬
‫الباب الثامن‬
‫ف آداب الحدث وطالب الديث وغي ذلك‬
‫وفيه مسائل‬
‫‪ -1‬آداب الحدث‬
‫قال حجة السلم الغزال ف كتاب ((الدب ف الدين)) ما مثاله آداب الحدث يقصد الصدق ويتنب‬
‫الكذب ويدث بالشهور ويروى عن الثقات ويترك الناكي ول يذكر ما جرى بي السلف ويعرف‬
‫الزمان ويتحفظ من الزلل والتصحيف واللحن والتحريف ويدع الداعبة ويقل الشاغبة ويشكر النعمة إذ‬
‫جعل ف درجة الرسول ويلزم التواضع ويكون معظم ما يدث به ما ينتفع السلمون به من فرائضهم‬
‫وسننهم وآدابم ف معان كتاب ربم عز وجل ول يمل علمه إل الوزراء ول يغشى أبواب المراء فإن‬

‫‪140‬‬
‫ذلك يزري بالعلماء ويذهب باء علمهم إذا حلوه إل ملوكهم ومياسيهم ول يدث با ل يعلمه ف‬
‫أصله ول يقرأ عليه ما ل يراه ف كتابه ول يتحدث إذا قرئ عليه ويذر أن يدخل حديثا ف حديث‬
‫‪ -2‬آداب طالب الديث‬
‫يكتب الشهور ول يكتب الغريب ول يكتب الناكي ويكتب عن الثقات ول يغلبه شهرة الديث على‬
‫قرينه ول يشغله طلبه عن مروءته وصلته يتنب الغيبة وينصت للسماع ويلزم الصمت بي يدي مدثهن‬
‫ويكثر التلفت عند إصلح نسخته ول‬
‫ص‪233:‬‬
‫يقول سعت وهو ما سع ول ينشره لطلب العلو فيكتب من غي ثقة ويلزم أهل العرفة بالديث من أهل‬
‫الدين ول يكتب عمن ل يعرف الديث من الصالي انتهى‬
‫‪ -3‬ما يفتقر إليه الحدث‬
‫قال النووي ((ما يفتقر إليه من أنواع العلوم صاحب هذه الصناعة معرفة الفقه والصولي والعربية وأساء‬
‫الرجال ودقائق علم السانيد والتاريخ ومعاشرة أهل هذه الصنعة ومباحثتهم مع حسن الفكر ونباهة‬
‫الذهن ومداومة الشتغال ونو ذلك من الدوات الت يفتقر إليها))‬
‫‪ -4‬ما يستحب للمحدث عنه التحديث‬
‫يستحب له إذا أراد حضور ملس التحديث أن يتطهر بغسل أو وضوء ويتطيب ويتبخر ويستاك كما‬
‫ذكره ابن السمعان ويسرح ليته ويلس ف صدر ملسه متمكنا ف جلوسه بوقار وهيبة وقد كان مالك‬
‫يفعل ذلك فقيل له فقال ((أحب أن أعظم حديث رسول ال ول أحدث إل على طهارة متمكنا)) وكان‬
‫يكره أن يدث ف الطريق أو وهو قائم (أسنده البيهقى) وأسند عن قتادة قال ((لقد كان يستجب أن ل‬
‫تقرا الحاديث إل على طهارة)) وعن ضرار بن مرة قال ((كانوا يكرهون أن يدثوا على غي طهر))‬
‫وعن ابن السيب أنه سئل عن حديث وهو مضطجع ف مرضه فجلس وحدث به فقيل له وددت أنك ل‬
‫تتعن فقال ((كرهت أن أحدث عن رسول ال وأنا مضطجع)) وعن بشر بن الارث أن ابن البارك سئل‬
‫عن حديث وهو يشى فقال ((ليس هذا من توقي العلم)) وعن مالك قال ((مالس العلم تتضر‬
‫ص‪234:‬‬
‫بالشوع والسكينة والوقار ويكره أن يقوم لحد)) فقد قال إذا قام القارئ لديث رسول ال لحد فإنه‬
‫يكتب عليه خطيئة فإن رفع أحد صوته ف الجلس زبره ‪ -‬أي أنره ‪ -‬وزجره فقد كان مالك يفعل ذلك‬

‫‪141‬‬
‫أيضا ويقول قال ال تعال (يا أيها الذين آمنوا ل يرفعوا أصواتكم فوق صوت النب)) فمن رفع صوته‬
‫عند حديثه فكأنا رفع صوته فوق صوته ويقبل على الاضرين كلهم فقد قال حبيب بن أب ثابت ((إن‬
‫من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جيعا ويفتتح ملسه ويتمه بتحميد ال تعال والصلة‬
‫على النب ودعاء يليق بالال بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم فقد روى الاكم ف‬
‫((الستدرك)) عن أب سعيد قال كان أصحاب رسول ال إذا اجتمعوا تذاكروا العلم وقرأوا سورة ول‬
‫يسرد الديث سردا عجلً ينع فهم بعضه كما روى عن مالك أنه كان ل يستعجل ويقول ((أحب أن‬
‫أفهم حديث رسول ال )) وأورد البيهقي ف ذلك حديث البخاري عن عروة قال جلس أبو هريرة إل‬
‫جنب حجرة عائشة وهي تصلى فجعل يدث فلما قضت صلتا قال أل تعجب إل هذا وحديثه إن النب‬
‫ل تفهمه القلوب))‬‫ل يكن يسرد الديث كسردكم)) ف لفظ عند البيهقي عقيبه ((إنا كان حديثه فص ً‬
‫(كذا ف التقريب شرحه التدريب)‬
‫‪ -5‬بيان طرق درس الديث‬
‫أعلم أن لدرس الديث ثلثة طرق عند العلماء‬
‫أولا ‪ -‬السرد وهو أن يتلو السيخ السمع أو القارئ كتابا من كتب هذا الفن من دون تعرض لباحثه‬
‫اللغوية والفقهية وأساء الرجال ونوها‬
‫ص‪235:‬‬
‫وثانيها ‪ -‬طريق الل والبحث وهو أن يتوقف بعد تلوة الديث الواحد مثلً على لفظه الغريب وتراكيبه‬
‫العويصة واسم قليل الوقوع من أساء السناد وسؤال ظاهر الورود والسألة النصوص عليها ويله بكلم‬
‫متوسط ث يستمر ف قراءة ما بعدها‬
‫وثالثها‪ -‬طريق المعان وهو أن يذكر على كلمة ما لا وما عليها كما يذكر مثلً على كل كلمة غريبة‬
‫وتراكيب عويصة شواهدها من كلم الشعراء وأخوات تلك الكلمة وتراكيبها ف الشتقاق ومواضع‬
‫استعمالتا وف أساء الرجال حالت قبائلهم وسيهم ويرج السائل الفقيهة على السائل النصوص عليها‬
‫ويقص القصص العجيبة والكايات الغريبة بأذن مناسبة وما أشبهها فهذه الطرق هي النقولة عن علماء‬
‫الرمي قديا وحديثا‬
‫قال الول ول ال الدهلوي ومتار الشيخ حسن العجيمي والشيخ أحد القطان والشيخ أب طاهر الكردي‬
‫هو الطريق الول ‪ -‬يعن السرد ‪ -‬بالنسبة إل الواص التبحرين ليحصل لم ساع الديث وسلسلة‬

‫‪142‬‬
‫روايته على عجالة ث إحالة بقية الباحث على شروحه لن ضبط الديث مداره اليوم على تتبع الشروح‬
‫والواشي وبالنسبة إل البتدئي والتوسطي الطريق الثان ‪ -‬يعن البحث والل ‪-‬ليحيطوا بالضروري ف‬
‫علم الديث علما ويستفيدوا منه على وجه التحقيق دركا وفهما وعلى هذا يسرحون أنظارهم ف شرح‬
‫من شروح كتب الديث غالبا ويرجعون إليه أثناء لل العضال ورفع الشكال وأما الطريق الثالث فهو‬
‫طريقة القصاص القاصدين منه إظهار الفضل والعلم لنفسهم‬
‫ص‪236:‬‬
‫‪ -6‬أمثلة من ل تقبل روايته ومهم من يدث ل من أصل مصحح‬
‫ف التقريب وشرحه ف السألة الادية عشرة من النوع الثالث والعشرين ما نصه‬
‫(( ل تقبل رواية من عرف بالتساهل ف ساعه أو ف إساعه كمن ل يبال بالنوم ف السماع منه أو عليه‬
‫أو يدث ل من أصل مصحح مقابل على أصله أو أصل شيخه))‬
‫‪ -7‬الدب عند ذكره تعال وذكر رسوله والصحابة والتابعي‬
‫قال النووي ((يسحب لكاتب الديث إذا مر ذكر ال عز وجل أن يكتب ((عز وجل)) أو ((تعال)) أو‬
‫((سبحانه وتعال)) أو ((تبارك وتعال)) أو ((جل ذكره)) أو ((تبارك اسه)) أو ((جلت عظمته)) أو ما‬
‫أشبه ذلك وكذلك يذكر عند ذكر النب (()) بكمالما ل رمزا إليهما ول مقتصرا على أحدها وكذلك‬
‫يقول ف الصحاب ((رضي ال عنه)) فإن كان صحابيا ابن صحاب قال ((رضي ال عنهما وكذلك‬
‫يترضى ويترحم على سائر العلماء والخيار ويكتب كل هذا وإن ل يكن مكتوبا ف الصل الذي ينقل‬
‫منهن فإن هذا ليس رواية وإنا هو دعاء وينبغي للقارئ أن يقرأ كل ما ذكرناه وإن ل يكن مذكورا ف‬
‫الصل الذي يقرأ منه ول يسأم من تكرر ذلك ومن أغفل هذا حرم خيا عظيمان وفوت فضلً‬
‫جسيما))‬
‫‪ -8‬الهتمام بتجويد الديث‬
‫قال المام البديري ف آخر شرحه لنظومة البيقونية ((أما قراءة الديث مودة ‪ 238‬كتجويد القرآن فهي‬
‫مندوبة وذلك لن التجويد من ماسن الكلم ومن لغة العرب ومن فصاحة التكلم وهذه العان مموعة‬
‫فيه فمن تكلم بديثه فعليه براعاة ما نطق به )) انتهى‬

‫‪143‬‬
‫ول يفي أن التجويد من مقتضيات اللغة العربية لنه من صفاتا الذاتية لن العرب ل تنطق بكلمها إل‬
‫مودة فمن نطق با غي مودة فكأنه ل ينطق با فما هو ف القيقة من ماسن الكلم بل من الذاتيات له‬
‫فهو إذن من طبيعة اللغة لذلك من تركه لقد وقع ف اللحن اللي لن العرب ل تعرف الكلم إل مودا‬
‫ص‪237:‬‬
‫الباب التاسع‬
‫ف كتب الديث‬
‫وفيه فوائد‬
‫‪ -1‬بيان طبقات كتب الديث‬
‫قال المام العارف الكبي الشيخ أحد العروف بشاه ول ال الدهلوي قدس ال سره ف كتابه ((حجة ال‬
‫البالغة)) تت الترجة الذكورة ما نصه ((أعلم أنه ل سبيل لنا إل معرفة الشرائع والحكام إل خب النب‬
‫بلف الصال فإنا قد تدرك بالتجربة والنظر الصادق والدس ونو ذلك ول سبيل لنا إل معرفة أخباره‬
‫إل تلقي الروايات النتهية إلية بالتصال والعنعنة سواء كانت من لفظه أو كانت أحاديث موقوفة قد‬
‫صحت الرواية با عن جاعة الصحابة والتابعي بيث يبعد إقدامهم على الزم بثله لو النص أو الشارة‬
‫من الشارع فمثل ذلك رواية عنه دللة وتلقي تلك الروايات ل سبيل إليه ف يومنا هذا إل تتبع الكتب‬
‫الدونة ف علم الديث فإنه ل يوجد اليوم رواية يعتمد عليها غي مدونة‬
‫((وكتب الديث على طبقات متلفة ومنازل متباينة فوجب العتناء بعرفة طبقات كتب الديث فنقول‬
‫هي باعتبار الصحة والشهرة على أربع طبقات وذلك لن أعلى أقسام الديث ما ثبت بالتواتر وأجعت‬
‫المة على قبوله والعمل به ث ما استفاض من طرق متعددة ل يبقي معها شبهة يعتد با واتفق على العمل‬
‫به جهور فقهاء المصار أو ل يتلف فيه علماء الرمي خاصة فإن الرمي مل اللفاء الراشدين‬
‫ص‪239:‬‬
‫ف القرون الول ومط رجال العلماء طبقة بعد طبقة يبعد أن يسلموا منهم الطأ الظاهر أو كان قولً‬
‫مشهورا معمولً به ف قطر عظيم مرويا عن جاعة عظيمة من الصحابة والتابعي ث صح أو حسن سنده‬
‫وشهد به علماء الديث ول يكن قولً متروكا ل يذهب إليه أحد من المة‬
‫((أما ما كان ضعيفا موضوعا أو منقطعا أو مقلوبا ف سنده أو متنه أو من رواية الجاهيل أو مالفا لا‬
‫أجع عليه السلف طبقة بعد طبقة فل سبيل إل القول به))‬

‫‪144‬‬
‫((فالصحة أن يشترط مؤلف الكتاب على نفسه إيراد ما صح أو حسن غي مقلوب ول شاذ ول ضعيف‬
‫إل من بيان حاله فإن إيراد الضعيف مع بيان حاله ل يقدح ف الكتاب))‬
‫((والشهرة أن تكون الحاديث الذكورة فيها دائرة على ألسنة الحدثي قبل تدوينها وبعد تدوينها فيكون‬
‫أئمة الديث قبل الؤلف رووها بطرق شت وأوردوها ف مسانيدهم وماميعهم وبعد الؤلف اشتغلوا‬
‫برواية الكتاب وحفظه وكشف مشكله وشرح غريبة وبيان إعرابه وتريج طرق أحاديثه واستنباط‬
‫فقههان والفحص عن أحوال رواتا طبقة بعد طبقة إل يوما هذا حت ل يبقى شيء ما يتعلق به غي‬
‫مبحوث عنه إل ما شاء ال ويكون نقاد الديث قبل الصنف وبعده وافقوه ف القول با وحكموا‬
‫بصحتها وارتضوا رأي الصنف فيها وتلقوا كتابه بالدح والثناء ويكون أئمة الفقه ل يزالون يستنبطون‬
‫ويعتمدون عليها ويعتنون با ويكون العامة ل يلون عن اعتقادها وتعظيمها وبالملة فإذا اجتمعت هاتان‬
‫الصلتان ف كتاب كان من الطبقة الول ث وث وإن فقدتا رأسا ل يكن له اعتبار وما كان أعلى حد ف‬
‫الطبقة الول فإنه يصل إل حد التواتر وما دون ذلك يصل إل الستفاضة ث إل الصحة القطعية أعن‬
‫القطع الأخوذ ف علم الديث الفسد للعمل والطبقة الثانية إل الستفاضة أو الصحة القطعية أو الظنية‬
‫وهكذا ينل المر‬
‫ص‪240:‬‬
‫فالطبقة الول مصرة بالستقراء ف ثلثة كتب الوطأ وصحيح البخاري وصحيح مسلم قال الشافعي‬
‫أصح الكتب بعد كتاب ال موطأ مالك واتفق أهل الديث على أن جيع ما فيه صحيح على رأي مالك‬
‫ومن وافقه وأما على رأي غيه فليس فيه مرسل ول منقطع إل قد اتصل السند به من طرق أخرى فل‬
‫جرم أنا صحيحة من هذا الوجه‬
‫((ول يزل العلماء يرجون أحاديثه ويذكرون متابعاته وشواهدة ويشرحون غريبة ويضبطون مشكله‬
‫ويبحثون عن فقهه ويفتشون عن رجاله إل غاية ليس بعدها غاية وإن شئت الق الصراح فقس كتاب‬
‫((الوطأ)) بكتاب ((الثار)) لحمد و ((المال)) لب يوسف تد بينه وبينهما بعد الشرفي فهل سعت‬
‫أحدا من الحدثي والفقهاء تعرض لما وأعتن بما‬
‫((أما الصحيحان فقد اتفق الحدثون على أن جيع ما فيهما من التصل الرفوع صحيح بالقطع وأنما‬
‫متواتران إل مصنفيهما وأن كل من يهون أمرها فهو مبتدع غي سبيل الؤمني وإن شئت الق الصراح‬

‫‪145‬‬
‫فقسهما بكتاب ابن أب شيبة وكتاب الطحاوي ومسند الوارزمي وغيها تد بينها وبينهما بعد‬
‫الشرقي‬
‫((وهذه الكتب الثلثة الت اعتن القاضي عياض ف الشارق بضبط مشكلها ورد تصحيفها‬
‫((الطبقة الثانية كتب ل تبلغ مبلغ الوطأ والصحيحي ولكنها تتلوها كان مصنفوها معروفي بالوثوق‬
‫والعدالة والفظ والتبحر ف فنون الديث ول يرضوا ف كتبهم هذه بالتساهل فيما اشترطوا على أنفسهم‬
‫وتلقاها من بعدهم بالقبول وأعن با الحدثون والفقهاء طبقة بعد طبقة واشتهرت فيما بي الناس وتعلق‬
‫با القوم شرحا لغريبها وفحصا عن رجالا واستنباطا لفقهها وعلى تلك الحاديث بناء عامة العلوم‬
‫كسنن أب داود وجامع الترمذي ومتب النسائي وهذه الطبقة الول اعتن بأحاديثها‬
‫ص‪241:‬‬
‫((رزين)) ف ((تريد الصحاح)) وابن الثي ف ((جامع الصول)) وكاد مسند أحد يكون من جلة هذه‬
‫الطبقة فإن المام أحد جعله أصل يعرف به الصحيح والسقيم قال ((ما ليس فيه فل تقبلوه))‬
‫والطبقة الثالثة ‪ -‬مسانيد وجوامع ومصنفات صنفت قبل البخاري ومسلم (وف زمانم وبعدها جعت‬
‫بي الصحيح والسن والضعيف والعروف والغريب والشاذ والنكر والطأ والصواب والثابت والقلوب‬
‫ول تشتهر ف العلماء ذلك الشتهار وإن زال عنها اسم النكارة الطلقة ول يتداول ما تفردت به الفقهاء‬
‫كثي تداول ول يفحص عن صحتها وسقمها الحدثون كثي فحص ومنه ما ل يدمه لغوي لشرح غريب‬
‫ول فقيه لتطبيقه بذاهب السلف ول مدث ببيان مشكله ول مؤرخ بذكر أساء رجاله ول أريد التأخرين‬
‫التعمقي وإنا كلمي ف الئمة التقدمي من أهل الديث فهي باقية على استتارها واختفائها وخولا‬
‫كمسند أب يعلي ومصنف عبد الرزاق ومصنف أب بكر بن أب شيبة ومسند عبد بن حيد والطيالسي‬
‫وكتب البيهقي والطحاوي والطبان وكان قصدهم جع ما وجووه ل تلخيصه وتذيبه وتقريبه من العمل‬
‫والطبقة الرابعة ‪ -‬كتب قصد مصنفوها بعد قرون متطاولة جع ما ل يوجد ف الطبقتي الوليي وكانت‬
‫ف الجاميع والسانيد الختفية فنوهوا بأمرها وكانت على السنة من ل ل يكتب حديثه الحدثون ككثي‬
‫من الوعاظ التشدقي وأهل الهواء والضعفاء أو كانت من آثار الصحابة والتابعي أو من أخبار بن‬
‫إسرائيل أو من كلم الكماء والوعاظ خلطها الرواة بديث النب سهوا أو عمدا أو كانت من متملت‬
‫القرآن والديث الصحيح فرواها بالعن قوم صالون ل يعرفون غوامض الرواية فجعلوا العان أحاديث‬
‫مرفوعة أو كانت معان مفهومة من إشارات الكتاب والسنة جعلوها أحاديث مستبدة برأسها عمدا‬

‫‪146‬‬
‫وكانت جلً شت ف أحاديث متلفة جعلوها حديثا واحدا بنسق واحد ومظنة هذه الحاديث كتاب‬
‫((الضعفاء)) لبن حبان وكامل بن عدي‬
‫ص‪242:‬‬
‫وكتب الطيب وأب نعيم والوزقان وابن عساكر وابن النجار والديلمي وكاد مسند الوارزمي يكون‬
‫من هذه الطبقة وأصلح هذه الطبقة ما كان ضعيفا متملً وأسوؤها ما كان موضوعا أو مقلوبا شديد‬
‫النكارة وهذه الطبقة مادة كتاب ((الوضوعات)) لبن الوزي‬
‫(وههنا طبقة خامسة ‪ -‬منها ما اشتهر على ألسنة الفقهاء والصوفية والؤرخي ونوهم وليس له أصل ف‬
‫هذه الطبقات الربع ومنها ما دسه الاجن ف دينه العال بلسانه فأتى بإسناد قوى ل يكن الرح فيه‬
‫وكلم بليغ ل يبعد صدوره عنه فأثار ف السلم مصيبة عظيمة لكن الهابذة من أهل الديث يوردون‬
‫مثل ذلك على التابعات والشواهد فتهتك الستار ويظهر العوار‬
‫((أما الطبقة الول والثانية فعليهما اعتماد الحدثي وحوم حاها مرتعهم ومسرحهم وأما الثالثة فل‬
‫يباشرها للعمل عليها والقول با إل النحارير الهابذة الذين يفظون أساء الرجال وعلل الحاديث نعم‬
‫ربا يؤخذ منها التابعات والشواهد وقد جعل ال لكل شيء قدرا وأما الرابعة فالشتغال بمعها‬
‫والستنباط منها نوع تعمق من التأخرين وإن شئت الق فطوائف البتدعي من الرافضة والتزلة وغيهم‬
‫يتمكنون بأن يلخصوا منها شواهد مذاهبهم فالنصار با غي صحيح ف معارك العلماء بالديث وال‬
‫أعلم))‬
‫‪ -2‬بيان الرموز لكتب الديث على طريقة الافظ ابن حجر ف التدريب‬
‫قال رحه ال ف مقدمة التقريب ((وقد اكتفيت بالرقم على اسم كل راو إشارة إل من أخرج حديثه من‬
‫الئمة فللبخاري ف ((صحيحة)) (خ) فإن كان حديثه عنده معلقا (خت) وللبخاري ف ((الدب‬
‫الفرد)) (بخ) ف ((خلق أفعال العباد)) (عخ) وف ((جزء القراءة)) (ز) رفع اليدين)) (ي) ولسلم (م)‬
‫وف مقدمة صحيحة‬
‫ص‪243:‬‬
‫(مق) ولب داود (د) وف ((الراسيل)) له (مد) وف ((فضائل النصار)) (صد) وف ((الناسخ)) (خد)‬
‫وف ((القدر)) (قد) وف ((التفرد)) (ف) وف ((السائل)) (ل) وف ((مسند مالك)) (كد) وللترمذي‬
‫(ت) وف ((الشمائل)) له (ت) وللنسائي (س) وف ((مسند على)) له (عس) وف كتاب ((عمل يوم‬

‫‪147‬‬
‫وليلة)) (سي) وف ((خصائص على)) (ص) وف ((مسند مالك)) (كس) ولبن ماجه (ق) فإن كان‬
‫حديث الرجل ف أحد الصول الستة اكتفى برقمه ولو أخرج له ف غيها وإذا اجتمعت فالرقم (ع) وأما‬
‫علمة (‪ )4‬فهي لم سوى الشيخي ومن ليست له عندهم رواية مرقوم عليه تييز إشارة إل أنه ذكر‬
‫ليتميز عن غيه))‬
‫‪ -3‬بيان الرموز لكتب الديث على طريقة السيوطي ف الامع الكبي والامع الصغي‬
‫(خ) للبخاري (م) لسلم (ق) لما (د) لب داود (ت) للترمذي (ن) للنسائي (‪ )5‬لبن ماحه (‪ )4‬لؤلء‬
‫الربعة (‪ )3‬لم إل ابن ماجه (حم) للمام أحد ف مسنده (عم) لبنه ف زوائدة (ك) للحاكم فإن كان‬
‫ف الستدرك أطلقت وإل بينته (خذ) للبخاري ف الدب (تخ) له ف التاريخ (حب) لبن حبان ف‬
‫صحيحه (طب) لسعيد بن منصور ف سنه (طس) له ف الوسط (طص) له ف الصغي (ص) لسعيد بن‬
‫منصور ف سننه (ش) ل بن أب شيبة (عب) لعبد الرزاق ف الامع (ع) لب يعلي ف مسنده (قط) للدار‬
‫قطن فإن كان ف السنن أطلقت وإل بينتهن (فر) للديلمي ف الفردوس (حل) لب نعيم ف اللية (هب)‬
‫للبيهقي ف شعب اليان (هق) له ف السنن (عد) لب عدي ف الكامل (عق) للعقيلي ف الضعفاء (خط)‬
‫للخطيب فإن كان ف التاريخ أطلقت وإل بينته (ض) للضياء القدسي ف الختارة (ط) لب داود‬
‫الطيالسي (كر) لبن عساكر ف تاريه (كذا ف مقدمة الامع الكبي)‬
‫ص‪244:‬‬
‫‪ -4‬بيان ما اشتمل على الصحيح فقط أو مع غيه من هذه الكتب الرموز با‬
‫قال الافظ السيوطي ف مقدمة جع الوامع ما نصه ((جيع ما ف الكتب المسة خ م حب ك ض‬
‫صحيح فالعزو إليها معلم بالصحة سوى ما ف ((الستدرك)) من التعقب فأنبه عليه وكذا ما ف ((موطأ‬
‫مالك)) وصحيح ابن هزية وأب عوانة وابن السكن والنتقى لبن الاورد والستخرجات فالعزو إليها‬
‫معلم بالصحة أيضا وف د ما سكت عليه فهو صال وما بي ضعفه نقلت عنه وف ت ن ه ط حم عم‬
‫عب ص ش ع طب طس قط حل هب هق صحيح وحسن وضعيف فأبينه غالبا وكل ما كان ف مسند‬
‫أحد فهو مقبول فإن الضعيف الذي فيه يقرب من السن وكل ما عزى إل عق عد خط كر أو للحكيم‬
‫الترمذي ف ((نوادر الصول)) أو للحاكم ف تاريه أو ل بن الارود ف تاريه أو للديلمي ف مسند‬
‫الفردوس فهو ضعيف فيستغن بالعزو إليها أو إل بعضها عن بيان ضعفه وإذا أطلقت العزو إل ابن جرير‬
‫فهو ف تذيب الثار فإن كان ف تفسيه أو ف تاريه بينته)) انتهى‬

‫‪148‬‬
‫وقد بسط الكلم ف ذلك صاحب (الجوبة الفاضلة) ف السؤال الثان ونصه‬
‫هل كل ما ف هذه الكتب الضخام كالسنن الربعة وتصانيف البيهقي وتصانيف الدار قطن والاكم‬
‫وابن أب شيبة وغيها من الكتب الشتهرة من الحاديث الجوعة صحيح لذاته أو لغيه أو حسن لذاته أو‬
‫لغيه أم ل‬
‫الواب‬
‫ليس كل ما ف هذه الكتب وأمثالا صحيحا أو حسنا بل هي مشتملة على الخبار الصحيحة والسنة‬
‫والضعيفة والوضوعة أما كتب السنن فذكر ابن الصلح والعراقي وغيها أن فيها غي السن من‬
‫الصحيح والضعيف وذكر النووي أن ف السنن الصحيح والسن والضعيف والنكر ومن ههنا اعترضوا‬
‫على تسمية صاحب الصابيح أحاديث‬
‫ص‪245:‬‬
‫السنن بالسان بأنه اصطلح ل يعرف عند أهل الفن وذكر العراقي أنه قد تساهل من أطلق الصحيح‬
‫على كتب السنن كأب طاهر السلفي حيث قال ف الكتب المسة اتفق على صحتها علماء الشرق‬
‫والغرب وكالاكم حيث أطلق على جامع الترمذي (الامع الصحيح) وكذلك الطيب أطلق عليه أسم‬
‫الصحيح وذكر الذهب ف (أعلم سي النبلء) أن أعلى ما ف كتاب أب داود من الثابت ما أخرجه‬
‫الشيخان وذلك نو شطر الكتاب ث يليه ما أخرجه أحد الشيخي ورغب عنه الخر ث يليه ما رغبا عنه‬
‫وكان إسناده جيدا سالا من علة وشذوذ ث يليه ما كان إسناده صالا وقبله العلماء لجيئه من وجهي‬
‫ليني فصاعدا ث يليه ما ضعف إسناده لنقص حفظ راويه فمثل هذا يسكت عنه أبو داود غالبا ث يليه ما‬
‫كان بي الضعف من جهة رواته فهذا ل يسكت عنه بل يوهنه غالبا وقد يسكت عنه بسب شهرته‬
‫ونكارته وذكر أيضا قال أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الالق الامع ‪ -‬أي جامع الترمذي ‪ -‬على أربعة‬
‫أقسام قسم مقطوع بصحته وقسم على شرط أب داود والنسائي وقسم أبان عن علته وقسم رابع أبان عنه‬
‫فقال ما أخرجت ف كتاب هذا إل حديثا عمل به بعض الفقهاء سوى حديث ((فإن شرب ف الرابعة‬
‫فاقتلوه)) وحديث ((جع بي الظهر والعصر بالدينة من غي خوف ول سفر)) وذكر أيضا قد كان ابن‬
‫ماجه حافظا صدوقا واسع العلم وإنا غض من رتبة سننه ما ف الكتاب من الناكي وقليل من الوضوعات‬
‫وقال ابن الصلح ف مقدمته ((كتاب أب عيسى الترمذي أصل ف معرفة الديث السن)) وقال أيضا‬
‫((ومن مظانه سنن أب داود روينا عنه أنه قال ذكرت فيه الصحيح وما يشبهه ويقاربه وروينا عنه أيضا ما‬

‫‪149‬‬
‫معناه إنه يذكر ف كل باب أصح ما يعرفه ف ذلك الباب وقال ما كان ف كتاب من حديث فيه وهن‬
‫شديد بينته وما ل أذكر فيه شيئا فهو صال وبعضها أصح من بعض قلت فعلى هذا ما وجدناه ف كتابه‬
‫مذكورا‬
‫ص‪246:‬‬
‫مطلقا وليس ف واحد من الصحيحي ول نص على صحته أحد من ميز بي الصحيح والسن جزمنا بأنه‬
‫من السن عند أب داود وقد يكون ف ذلك ما ليس بسن عند غيه وقال أيضا حكى أبو عبد ال بن‬
‫منده الافظ أنه سع ممد بن سعد البارودي بصر يقول كان من مذهب النسائي أن يرج عن كل من‬
‫ل يمع على تركه قال ابن منده وكذلك أبو داود يأخذ مأخذه ويرج السناد الضعيف إذا ل يد ف‬
‫الباب غيه لنه أقوى عنده من رأي الرجال وذكر السيوطي ف ((ديباجة زهر الرب على الجتب)) قال‬
‫الافظ أبو الفضل بن طاهر ف شروج الئمة كتاب أب داود والنسائي ينقسم على ثلثة أقسام الول‬
‫الصحيح الخرج ف الصحيحي الثان صحيح على شرطهما وقد حكى عبد ال ابن منذه أن شرطهما‬
‫إخراج أحاديث أقوام ل يمع على تركهم إذا صح الديث باتصال السناد من غي قطع ول إرسال‬
‫فيكون هذا القسم من الصحيح إل أنه طريق ل يكون طريق ما أخرجه البخاري ومسلم ف صحيحهما‬
‫بل طريقه ما ترك البخاري ومسلم من الصحيح القسم الثالث أحاديث أخرجاها من غي قطع عنهما‬
‫بصحتها وقد أبانا عليها با يفهمه أهل الطريق وذكر أيضا قال المام أبو عبد ال بن رشيد كتاب‬
‫النسائي أبدع الكتب النصفة ف السنن وأحسنها ترصيفا وكأن كتابه بي جامع البخاري ومسلم مع حظ‬
‫كثي من بيان العلل وبالملة فهو أقل الكتب بعد الصحيحي حديثا ضعيفا ورجلً مروحا ويقاربه‬
‫كتاب أب جاود وكتاب الترمذي ومقابله من الطرف الخر كتاب ابن ماجه فإنه تفرد فيه بإخراج‬
‫أحاديث عن رجال متهمي بالكذب وسرقة الحاديث وبعض تلك الحاديث ل تعرف إل من جهتهم‬
‫وأما ما حكاه ابن طاهر عن أب زرعن الرازي أنه نظر فيه فقال لعله ل يكون فيه تام ثلثي حديثا ما فيه‬
‫ضعف فهي حكاية ل تصح لنقطاع سندها وإن كانت صحيحة فلعله أراد ما فيه من الحاديث الساقطة‬
‫إل الغاية وذكر أيضا ذكر بعضهم أن النسائي لا صنف السنن الكبى أهداه إل أمي الرملة فقال له‬
‫المي أكل ما ف هذا صحيح قال ل قال فجرد الصحيح‬
‫ص‪247:‬‬

‫‪150‬‬
‫فصنف ((الجتب)) وهو بالباء الوحدة وقال الزركشي ف تريج أحاديث الرافعي ويقال بالنون أيضا‬
‫وقال السيوطي ف التدريب قال شيخ السلم ‪ -‬يعن الافظ ابن حجر مسند الدارمي ليس دون السنن ف‬
‫الرتبة بل لو ضم إل المسة لكان أول من ابن ماجه فإنه أمثل منه بكثي وقال العراف اشتهر تسميته‬
‫بالسند كما سى البخاري كتابه بالسند لكون أحاديثه مسندة إل أن فيه الرسل والقطع والقطوع كثيا‬
‫على أنم ذكروا ف ترجة الدارمي أن له الامع والسند والتفسي وغي ذلك فلعل الوجود الن هو الامع‬
‫والسند قد فقد‬
‫وأما تصانيف الدار قطن فقال العين ف ((البناية شرح الداية)) ف بث قراءة الفاتة ف حقه ((من أين له‬
‫تضعيف أب حنيفة هو مستحق التضعيف وقد روى ف مسنده أحاديث سقيمة ومعلومة ومنكرة وغريبة‬
‫وموضوعة)) انتهى وقال أيضا ف بث جهر البسملة ((الدار قطن كتابه ملوء من الحاديث الضعيفة‬
‫والشاذة والعللة وكم فيه من حديث ل يوجد ف غيه وحكى أنه لا دخل مصر سأله بعض أهلها‬
‫تصنيف شيء ف الهر بالبسملة فصنف فيه جزءا فأتاه بعض الالكية فأقسم عليه أن يبه بالصحيح من‬
‫ذلك فقال كل ما روى عن النب ف الهر فليس بصحيح وأما عن الصحابة فمنه صحيح ومنه ضعيف))‬
‫انتهى‬
‫وأما تصانيف البيهقي ‪ -‬فهي أيضا مشتملة على الحاديث الضعيفة وكذا تصانيف الطيب فإنه قد تاوز‬
‫عن حد التحامل واحتج بالحاديث الوضوعة صرح به العين ف البناية ف بث البسملة‬
‫وأما تصانيف الاكم ‪ -‬فقال الزيلعي ف تريج أحاديث الداية ((قال ابن دحية ف كتابه ((العلم))‬
‫الشهور يب على أهل الديث أن يتحفظوا من قول الاكم فإنه كثي الغلط ظاهر السقط وقد غفل عن‬
‫ذلك كثي من جاء بعده وقلده ف ذلك)) انتهى‬
‫وقال العين ف ((البناية)) ((قد عرف تساهله وتصحيحه للحاديث الضعيفة بل الوضوعة)) انتهى‬
‫ص‪248:‬‬
‫وقال السيوطي ف رسالة التعقبات على ابن الوزي قال شيخ السلم ابن حجر تساهله وتساهل الاكم‬
‫ف الستدرك أعدم النفع بكتابما إذ ما حدث فيهما إل ويكن أنه ما وقع فيه التساهل فلذلك وجب على‬
‫الناقد العتناء با ينقله منهما من غي تقليد لما)) انتهى‬

‫‪151‬‬
‫وف طبقات الشافعية لتقي الدين شهبة قال الذهب ف الستدرك جلة وافرة على شرطهما وجلة وافرة‬
‫على شرط أحدها ومموع ذلك نو نصف الكتاب وفيه نو الربع ما صح سنده وفيه بعض الشيء معلل‬
‫وما بقى مناكي وواهيات ل تصح وف ذلك بعض الوضوعات قد أعلمت عليها لا أختصرته)) انتهى‬
‫وف مقدمة ابن الصلح ((هو ‪ -‬أي الاكم ‪ -‬واسع الطو ف شرط الصحيح متساهل ف القضاء به فما‬
‫حكم بصحته ول ند ذلك لغيه من الئمة إن ل يكن من قبيل الصحيح فهو من قبيل السن يتج به‬
‫ويعمل إل أن بظهر فيه علة توجب ضعفه)) انتهى‬
‫وتبعه النووي حيث قال ف التقريب ((فما صححه ول ند فيه لغيه تصحيحا ول تضعيفا حكمنا بأنه‬
‫حسن إل أن يظهر فيه علة توجب ضعفه)) قال السيوطي ف التدريب ((قوله فما صححه احتراز ما وجد‬
‫ف الكتاب ول يصرح بتصحيحه فل يعتمد عليه)) انتهى لكن تعقب ابن الصلح البدر بن جاعة فقال ف‬
‫متصره الصواب أن يتتبع ويكم عليه با يليق من السن أو الصحة أو الضعف)) وتبعه ف هذا التعقب‬
‫شراح اللفية العراف والنصاري والسخاوي وقالوا إنا قال ابن الصلح ما قال بناء على رأيه أنه ليس‬
‫لحد أن يصحح ف هذه العصار حديثا وذكر ابن الصلح أن صحيح ابن حبان يقاربه ‪ -‬أي مستدرك‬
‫الاكم ‪ -‬ف التساهل لكن نقل العراقي عن الازمي أنه قال ابن حبان أمكن ف الديث من الاكم))‬
‫انتهى‬
‫وقال السيوطي ف التدريب ((قيل ما ذكر من تساهل ابن حبان ليس بصحيح غايته‬
‫ص‪249:‬‬
‫أن يسمى السن صحيحا فإن كان نسبته إل التساهل باعتبار وجدان السن ف كتابه فهي مشاحة ف‬
‫الصطلح وإن كان باعتبار خفة شروطه فإنه يرج ف الصحيح ما كان راويه ثقة غي مدلس سع من‬
‫شيخه وسع منه الخذ عنه ول يكون هناك إرسال ول انقطاع وإذا ل يكن ف الراوي جرح ول تعديل‬
‫كان كل من شيخه والراوي عنه ثقة ول يأت بديث منكر فهو عنده ثقة وف كتاب الثقات له كثي من‬
‫هذا حاله ولجل هذا ربا اعترض عليه ف جعله ثقة من ل يعرف حاله فل اعتراض عليه فإنه ل مشاحة‬
‫ف ذلك وهذا دون شرط الاكم فالاصل أن ابن حبان وف بالتزام شروطه ول يوف الاكم)) انتهى‬
‫وما يدل على كون ابن حبان أشد تريا من الاكم ما نقله السيوطي ف ((الللئ الصنوعة)) عن تريج‬
‫أحاديث الرافعي للزركشي أن تصحيح الضياء القدسي صاحب الختارة أعلى مرتبة من تصحيح الاكم‬
‫وأنه قريب من تصحيح الترمذي وابن حبان)) انتهى وذكر النووي ف شرح الهذب اتفق الفاظ على أن‬

‫‪152‬‬
‫البيهقي أيضا أشد تريا من الاكم)) انتهى وذكر ابن الصلح كتب السانيد غي ملتحقة بالكتب‬
‫المسة الت هي الصحيحان وسنن أب داود وسنن النسائي وجامع الترمذي وما جرى مراها ف‬
‫الحتجاج با والركون إل ما هو فيها كمسند أب داود الطيالسي ومسند عبيد ال ابن موسى ومسند‬
‫أحد ومسند إسحاق بن رهوبه ومسند عبد بن حيد ومسند الدارمي ومسند أب يعلى الوصلي ومسند‬
‫السن بن سفيان ومسند الباز وأشباهها فهذا عادتم فيها أن يرجوا ف مسند كل صحاب ما رووه من‬
‫حديثه غي متقيدين بأن يكون حديثا متجا به)) انتهى وف التدريب ((صرح الطيب وغيه بأن الوطأ‬
‫مقدم على كل كتاب من الوامع والسانيد فعلى هذا هو بعد صحيح الاكم وأما ابن حزم فقال أول‬
‫الكتب الصحيحان ث صحيح سعيد بن السكن والتقى لبن الارود وقاسم ابن أصبغ ث بعد هذه الكتب‬
‫كتاب أب داود وكتاب النسائي ومصنف قاسم ابن أصبغ ومصنف الطحاوي ومسانيد أحد والبزار وابن‬
‫أب شيبة أب بكر وعثمان‬
‫ص‪250:‬‬
‫وابن راهوية والطيالسي والسن بن سفيان وابن سنجر وعلي بن الدين وما جرى مراها الت أفردت‬
‫بكلم رسول ال ث ما كان فيه الصحيح فهو أجل مثل مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أب شيبة وبقي‬
‫بن ملد وكتاب ممد بن نصر الروزي وابن النذر ث مصنف حاد بن مسلمة وسعيد بن منصور ووكيع‬
‫وموطأ مالك وموطأ ابن أب ذئب وموطأ ابن وهب ومسائل ابن حنبل وفقه أب ثور)) انتهى ملخصا ث‬
‫نقل السيوطي عنه أنه قال ف الوطأ نيف وسبعون حديثا قد ترك مالك نفسه العمل با وفيه أحاديث‬
‫ضعيفة ونقل الذهب ف سي النبلء عن ابن حزم نو ما مر وقال ما أنصف ابن حزم بل رتبة الوطأ إن‬
‫يذكر تلو الصحيحي مع سنن أب داود لكنه تأدب وقدم السندات النبوية الصرفة وما ذكر سنن ابن‬
‫ماجه ول جامع أب عيسى فإنه ما رآها ول دخل إل الندلس إل بعد موته)) انتهى‬
‫وذكر الزرقان ف شرح الوطأ عن السيوطي أن الوطأ صحيح كله على شرط مالك وقال الذهب ف سي‬
‫النبلء فيه ‪ -‬أي مسند أحد ‪ -‬جلة من الحاديث الضعيفة من يسوغ نقلها ول يب الحتجاج با وفيه‬
‫أحاديث معدودة شبيهة الوضوعة لكنها قطرة ف بر)) انتهى‬
‫وقال ابن تيميه ف منهاج السنة ((صنف أحد كتابا ف فضائل الصحابة أب بكر وعمر وعثمان وعلى‬
‫وغيهم وقد روى ف هذا الكتاب ما ليس ف مسنده وليس كل ما رواه أحد ف السند وغيه يكون‬
‫حجة عنده بل يروي ما رواه أهل العلم وشرطه ف السند أن ل يروي عن العروف بالكذب عنده وإن‬

‫‪153‬‬
‫كان ف ذلك ما هو ضعيف وشرطه ف السند أمثل من شرط أب داود ف سننه وأما ف كتب الفضائل‬
‫فروي ما سعه من شيوخه سواء كان صحيحا أو ضعيفا فإنه ل يقصد أن ل يروي ف ذلك إل ما ثبت‬
‫عنده ث زاد ابنه عبد ال على مسند أحد زيادات وزاد أبو بكر فقطيعي زيادات وف زيادات القطيعي‬
‫أحاديث كثية موضوعة فظن ذلك الهال أنه من رواية أحد رواها ف السند وهذا خطأ قبيح)) انتهى‬
‫ص‪251:‬‬
‫وف منهاج السنة لبن تيميه ((ما ينقله الثعلب ف تفسيه لقد أجع أهل العلم بالديث أنه يروي طائفة‬
‫من الحاديث الوضوعة كالديث الذي يرويه ف أول كل سورة وأمثال ذلك ولذا يقولون هو كحاطب‬
‫ليل وهكذا الواحدي تلميذه وأمثالما من الفسرين ينقلون الصحيح والضعيف ولذا لا كان البغوي عالا‬
‫بالديث أعلم به من الثعلب والواحدي وكان تفسيه متصر تفسي الثعلب ل يذكر ف تفسيه شيئا من‬
‫الحاديث الوضوعة الت يرويها الثعلب ول ذكر تفاسي أهل البدع الت يذكرها الثعلب مع أن الثعلب فيه‬
‫خي ودين لكنه ل خب له ف الصحيح والسقيم من الحاديث وأما أهل العلم الكبار أصحاب التفسي مثل‬
‫تفسي ممد بن جرير الطبي وبقي بن ملد وابن أب حات وأب بكر بن النذر وأمثالم فلم يذكروا فيها‬
‫مثل هذه الوضوعات دع من هو أعلم منهم مثل تفسي أحد بن حنبل وإسحاق بن راهويه بل ول يذكر‬
‫مثل هذا عبد بن حيد ول عبد الرزاق مع أن عبد الرزاق كان ييل إل التشيع ويروى كثيا من فضائل‬
‫على رضي ال عنه وإن كانت ضعيفة وقد أجع أهل العلم بالديث على أنه ل يوز الستدلل بجرد‬
‫خب يرويه الواحد من جنس الثعلب والنقاش والواحدي وأمثال هؤلء الفسرين لكثره ما يروونه من‬
‫الديث ويكون ضعيفا بل موضوعا)) انتهى وف موضع آخر منه قد روى أبو نعيم ف اللية ف أول‬
‫فضائل الصحابة وف كتاب مناقب أب بكر وعمر وعثمان وعلى أحاديث بعضها صحيحة وبعضها‬
‫ضعيفه بل منكرة وكان رجل عالا بالديث لكن هو وأمثاله يروون ما ف الباب لن يعرف أنه قد روى‬
‫كالفسر الذي ينقل أقوال الناس ف التفسي والفقيه الذي يذكر القوال ف الفقه وإن كان كثي من ذلك‬
‫ل يعتقد صحته بل يعتقد ضعفه لنه يقول إنا نقلت ما ذكر غيي فالعهدة على القائل ل على الناقل))‬
‫انتهى وف موضع آخر منه ((إن أبا نعيم روى كثيا من الحاديث الت هي ضعيفه بل موضوعة باتفاق‬
‫علماء الديث وأهل السنة والشيعة وهو وإن كان حافظا ثقة كثي الديث واسع الرواية لكن روى كما‬
‫هو عادة الحدثي يروون ما ف الباب لجل العرفة بذلك وإن كان ل يتج من ذلك إل ببعضه)) انتهى‬
‫ص‪253:‬‬

‫‪154‬‬
‫وف موضع آخر منه ((الثعلب يروي ما وجد صحيحا كان أو سقيما وإن كان غالب الحاديث الت ف‬
‫تفسيه صحيحة ففيه ما هو كذب موضوع)) وف موضع آخر منه ((كتاب الفردوس للديلمي فيه‬
‫موضوعات كثية أجع أهل العلم على أن مرد كونه رواه ل يدل على صحة الديث)) انتهى وف‬
‫موضع آخر ((النسائي صنف خصائص على وذكر فيه عدة أحاديث كثية ف فضائل على كثي منها‬
‫ضعيف)) وف موضع آخر منه ((من الناس من قصد رواية كل ما روى ف الباب من غي تييز بي صحيح‬
‫وضعيف كما فعله أبو نعيم وكذلك غيه من صنف ف الفضائل مثل ما جعه أبو الفتح بن أب الفوارس‬
‫وأبو على الهوازي وغيها ف فضائل معاوية وكذلك ما جعه أبو القاسم بن عساكر ف تاريه ف‬
‫فضائل على وغيه وهذه عبارات العلماء قد أفادت وجود النكرات والضعفات ف الكتب الدونة وأمثالا‬
‫كثية ل تفي على الناظر ف الكتب الشتهرة ولعل التدبر يعلم ما نقلنا أن ما ارتكز ف أذهان بعض‬
‫العوام أن كل حديث ف السنن متج به غي معتد به وكذا ما ارتكز ف أذهان البعض أن كل حديث ف‬
‫السنن متج به غي معتد به وكذا ما ارتكز ف أذهان البعض أن كل حديث ف غي الكتب الستة أو‬
‫السبعة ضعيف غي متج به)) انتهى‬
‫‪ -5‬الرجوع إل الصول الصحيحة القابلة على أصل صحيح لن أراد العمل بالديث‬
‫قال النووي ف التقريب ((ومن أراد العمل بديث من كتاب فطريقة أن يأخذه من نسخة معتمدة قابلها‬
‫هو أو ثقة بأصول صحيحة فإن قابلها بأصل مقق معتمد أجزأه)) انتهى‬
‫وقال العلمة مل على القاري ف مرقاة الفاتيح عند قول صاحب ((الشكاة)) ‪ -‬وإذا نسبت الديث‬
‫إليهم كأن أسندت إل النب ‪(( -‬علم من كلم الصنف أنه يوز نقل‬
‫ص‪254:‬‬
‫الديث من الكتب العتمدة الت اشتهرت وصحت نسبتها لؤلفيها كالكتب الستة وغيها من الكتب‬
‫الؤلفة سواء ف جواز نقله ما ذكر أكان نقله للعمل بضمونه ولو ف الحكام أو للحتجاج ول يشترط‬
‫تعدد الصل النقول عنه وما اقتضاه كلم ابن الصلح من اشتراطه حلوه على الستحباب ولكن يشترط‬
‫ف ذلك الصل أن يكون قد قوبل على أصل له معتمد مقابلة صحيحة لنه حينئذ يصل به الثقة الت‬
‫مدار العتماد عليها صحة واحتجاجا‬

‫‪155‬‬
‫((وعلم من كلم الصنف أيضا أنه ل يشترط ف النقل من الكتب العتمدة للعمل أو الحتجاج أن يكون‬
‫له به رواية إل مؤلفيها ومن ث قال ابن برهان ذهب الفقهاء كافة إل أنه ل يتوقف العمل بالديث على‬
‫ساعه بل إذا صحت عنه النسخة من السنن جاز العمل با وإن ل يسمع)) انتهى‬
‫وف تدريب الراوي شرح تقريب النواوي ((حكى الستاذ أبو إسحاق السفرايين الجاع على جواز‬
‫النقل من الكتب العتمدة ول يشترط اتصال السند إل مصنفيها وذلك شامل لكتب الديث والفقه وقال‬
‫الطبي ف تعليقه من وجد حديثا ف كتاب صحيح جاز له أن يرويه ويتج به وقال قوم من أصحاب‬
‫الديث ل يوز له أن يروي لنه ل يسمعه وهذا غلط وكذا حكاه إمام الرمي ف البهان عن بعض‬
‫الحدثي وقال هم عصبة ل مبالة بم ف حقائق الصول ‪ -‬يعن القتصرين على السماع ل أئمة الديث‬
‫‪ -‬وقال عز الدين بن عبد السلم ف جواب سؤال كتبه إليه أبو ممد بن عبد الميد وأما العتماد على‬
‫كتب الفقه الصحيحة الوثوقة فقد اتفق العلماء ف هذا العصر على جواز العتماد عليها والستناد إليها‬
‫لن الثقة قد حصلت با كما تصل بالرواية ولذلك اعتمد الناس على الكتب الشهورة ف النحو واللغة‬
‫والطب وسائر العلوم لصول الثقة با وبعد التدليس ومن زعم أن النسا اتفقوا على الطأ ف ذلك فهو‬
‫أول بالطأ منهم ولول جواز العتماد على ذلك لتعطل كثي من الصال التعلقة با قال وكتب الديث‬
‫أول بذلك من كتب الفقه وغيها لعتنائهم بضبط النسخ وتريرها فمن قال إن شرط‬
‫ص‪255:‬‬
‫التخريج من كتاب يتوقف على اتصال السند فقد خرق الجاع)) انتهى‬
‫‪ -6‬إذا كان عند العال الصحيحان‬
‫أو أحدها أو كتاب من السنن موثوق به هل له أن يفت با فيه‬
‫قال السند الليل علم الدين الفلن ف ((إيقاظ المم)) ((قال المام ابن القيم إذا كان عند الرجل‬
‫الصحيحان أو أحدها أو كتاب من سنن رسول ال موثوق با فيه فهل له أن يفت با يده فيه فقالت‬
‫طائفة من التأخرين ليس (له) ذلك لنه قد يكون منسوخا أو له معارض أو يفهم من دللته خلف ما‬
‫دل عليه أو يكون أمر ندب فيفهم منه الياب أو يكون عاما له مصص أو مطلقا له مقيد فل يوز له‬
‫العمل به ول الفتيا حت يسأل أهل الفقه والفتيا وقالت طائفة بل له أن يعمل به ويفت بل متعي عليه كما‬
‫كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الديث عن رسول ال وحدث به بعضهم بعضا بادروا إل العمل به من‬
‫غي توقف ول بث عن معارض ول يقول أحد منهم قط هل عمل بذا فلن وفلن ولو رأوا ذلك‬

‫‪156‬‬
‫لنكروا عليه أشد البكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لن له أدن خبة بال القوم وسيتم‬
‫وطول العهد بالسنة وبعد الزمان ولو كانت سنن رسول ال ل يسوغ العمل با بعد صحتها حت يعمل‬
‫با فلن وفلن لكان قول فلن وفلن عيارً على السنن ومزكيا لا وشرطا ف العمل با وهذا من أبطل‬
‫الباطل وقد أقام ال الجة برسول ال دون آحاد المة وقد أمر النب بتبليغ سننه ودعا لن بلغها فلو كان‬
‫من بلغته ل يعمل با حت يعمل با المام فلن والمام فلن ل يكن ف تبليغها فائدة وحصل الكتفاء‬
‫بقول فلن وفلن‬
‫قالوا والنسخ الواقع الذي أجعت عليه المة ل يبلغ عشرة أحاديث البتة بل ول شطرها فتقدير وقوع‬
‫الطأ ف الذهاب إل النسوخ أقل بكثي ف وقوع الطأ من تقليد من يصيب ويطئ ويوز عليه التناقض‬
‫والختلف ويقول القول ويرجع عنه ويكي‬
‫ص‪256:‬‬
‫عنه ف السألة الواحدة عدة أقوال ووقوع الطأ ف فهم كلم العصوم أقل بكثي من وقوع الطأ ف فهم‬
‫كلم الفقيه العي فل يعرض احتمال خطأ لن عمل بالديث وأفت به إل وأضعاف أضعافه حاصل لن‬
‫قلد من ل يعلم خطأه من صوابه والصواب ف هذه السألة التفصيل فإن كانت دللة الديث ظاهرة بينة‬
‫لكل من سعه ل يتمل غي الراد فله أن يعمل به ويفت به ول يطلب له التزكية من قول فقيه وإمام بل‬
‫الجة قول رسول ال وإن خالفه من خالفه وإن كانت دللة خفية ل يتبي له الراد فيها ل يز له أن‬
‫يعمل ول يفت با يتوهه مرادا حت يسأل ويطلب بيان الديث ووجهه وإن كانت دللة ظاهرة كالعام‬
‫على أفراده والمر على الوجوب والنهي على التحري فهل له العمل والفتوى يرج على أصل وهو العمل‬
‫بالظواهر قبل البحث على العارض وفيه ثلثة أقوال ف مذهب أحد وغيه الواز والنع والفرق بي العام‬
‫فل يعمل به قبل البحث عن الخصص والمر والنهي فيعمل به قبل البحث من العارض وهذا كله إذا‬
‫كان ث أهلية ولكنه قاصر ف معرفة الفروع وقواعد الصوليي والعربية وأما إذا ل يكن ث أهلية ففرضه ما‬
‫قال ال ((فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون)) وقول النب ((أل اسألوا إذا ل تعلموا إنا سفاء العي‬
‫السؤال)) وإذا جاز اعتماد الستفت على ما يكتبه الفت من كلمه وكلم شيخه وإن عل فاعتماد الرجل‬
‫على ما كتبه الثقات من كلم رسول ال أول بالواز وإذا قد أنه ل يفهم الديث كما لو ل يفهم فتوى‬
‫الفت فيسأل من يعرفه معناه كما يسأل من يعرفه معن جواب‬
‫ص‪257:‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ -7‬هل يوز الحتجاج ف الحكام بميع ما ف هذه الكتب‬
‫من غي توقف أم ل وهل تعذر التصحيح ف الزمان التأخرة أم ل ف الخوية الفاضلة ما نصه‬
‫((هل يوز الحتجاج ف الحكام بميع ما ف هذه الكتب من غي وقفه ونظر أم ل وعلى الثان فما‬
‫وجه تييز ما يوز الحتجاج به عما ل يوز الحتجاج))‬
‫الواب‬
‫((ل يوز الحتجاج ف الحكام بكل ما ف الكتب الذكورة وأمثالا من غي تعمق يرشد إل التمييز لا‬
‫مر أنا مشتملة على الصحاح والسان والضفاف فل بد من التمييز بي الصحيح لذاته أو لغيه والسن‬
‫لذاته أو لغيه فيحتج به وبي الضعيف بأقسامه فل يتج به فيأخذ السن من مظانه والصحيح من مظانه‬
‫ويرجع إل تصريات النقاد الذين عليهم العتماد وينتقد بنفسه إن كان أهل لذلك فإن ل يوجد شيء‬
‫من ذلك توقف فيما هنالك قال شيخ السلم زكريا النصاري ف ((فتح الباقي شرح ألفية العراقي)) من‬
‫أراد الحتجاج بديث من السنن أو السانيد إن كان متأهلً لعرفة ما يتج به من غيه فل يتج به حت‬
‫ينظر ف اتصال إسناده وأحوال رواته وإل فإن وجد أحد من الئمة صححه أو حسنة فله تقليده وإل فل‬
‫يتج به)) انتهى‬
‫وقال المام ابن تيميه ف ((منهاج السنة)) ((النقولت فيها كثي من الصدق وكثي من الكذب والرجع‬
‫ف التمييز بي هذا وبي هذا إل أهل الديث كما يرجع إل النحاة ف النحو ويرجع إل علماء اللغة ف ما‬
‫هو من اللغة وكذلك علماء الشعر والطب وغي ذلك فلكل علم رجال يعرفون به والعلماء بالديث أجل‬
‫هؤلء وأعظم قدرا وأعظمهم صدقا وأعلهم منلة وأكثرهم دينا)) انتهى‬
‫وقال أيضا ف موضع آخر ((لو تناظر فقيهان ف مسألة من مسائل الفروع ول تقم‬
‫ص‪258:‬‬
‫الجة على الناظر إل بديث يعلم أنه مسند إسنادا تقوم به الجة أو يصححه من يرجع إليه من ذلك‬
‫فإذا ل يعلم إسناده ول أثبته أئمة النقل فمن أين يعلم)) انتهى‬
‫وف خلصة الطيب ((أعلم أن الب ينقسم إل ثلثة أقسام قسم يب تصديقه وهو ما نص الئمة على‬
‫صحته وقسم يب تكذيبه وهو ما نصوا على وضعه وقسم يب التوقف فيه لحتماله الصدق والكذب‬
‫كسائر الخبار الكثية فإنه ل يوز أن يكون كله كذبا لن العادة تنع ف الخبار الكثية أن تكون كلها‬
‫كذبا مع كثرة رواتا واختلفهم ول أن تكون كلها صدقا لن النب قال ((سيكذب على بعدي)) انتهى‬

‫‪158‬‬
‫وف مقدمة ابن الصلح ((ث إن الزيادة ف الصحيح على ما ف الكتابي يتلقاها طالبها عما اشتمل عليه‬
‫أحد الصنفات العتمدة الشتهرة لئمة الديث كأب داود السجستان وأب عيسى الترمذي وأب عبد‬
‫الرحن النسائي وأب بكر بن خزية وأب السن الدار قطن وغيهم منصوصا على صحته فيها ول يكفي‬
‫ف ذلك مرد كونه موجودا ف كتاب أب داود وكتاب الترمذي وكتاب أب بكر الساعيلي وكتاب‬
‫النسائي وسائر من جع ف كتابه بي الصحيح وغيه ويكفي مرد كونه موجودا ف كتب من اشترط‬
‫منهم الصحيح فيما جعه ككتاب وغيه ويكفي مرد كونه موجودا ف كتب من اشترط منهم الصحيح‬
‫فيما جعه ككتاب ابن خزية وكذلك ما يوجد ف الكتب الخرجة على كتاب البخاري ومسلم ككتاب‬
‫أب عوانة السفرايبن وكتاب أب بكر وغيهم)) انتهى‬
‫وفيه أيضا ((إذا وجدنا فيما يروي من أجزاء الديث وغيها حديثا صحيح السناد ول نده ف أحد‬
‫الصحيحي ول منصوصا على صحته ف شيء من مصنفات أئمة الديث العتمدة الشهورة فإننا ل‬
‫نتجاسر على جزم الكم بصحته فقد تعذر ف هذه العصار الستقلل بإدراك الصحيح بجرد اعتبار‬
‫السانيد لنه ما من إسناد إل وتد ف رجاله من اعتمد ف روايته على ما ف كتابه عريا عما يشترط ف‬
‫الصحيح من الفظ والضبط والتقان فآل المر إذن ف معرفة الصحيح والسن إل العتماد على ما نص‬
‫على عليه أئمة الديث ف تصانيفهم العتمدة الشهورة الت يؤمن فيها لشهرتا من التغيي والتحريف))‬
‫انتهى‬
‫ص‪259:‬‬
‫وقد اقتفى أثر ابن الصلح ف كل ما ذكره من جاء بعده إل ف تعذر التصحيح ف العصار التأخرة‬
‫فخالفه فيه جع من لقه فقال العراقي ف شرح ألفيته ((لا تقدم أن البخاري ومسلما ل يستوعبا إخراج‬
‫الصحيح فكأنه قيل فمن أين يعرف الصحيح الزائد على ما فيهما فقال خذه إذ ينص صحته ‪ -‬أي حيث‬
‫ينص على صحته ‪ -‬إمام معتمد كأب داود والترمذي والنسائي والدار قطن والبيهقي والطاب ف‬
‫مصنفاتم العتمدة كذا قيده ابن الصلح ول أقيده بل إذا صح الطريق إليهم أنم صححوه ولو ف غي‬
‫مصنفاتم أو صححه من ل يشتهر له تصنيف من الئمة كيحي بن سعيد القطان وابن معي ونوها‬
‫فالكم كذلك على الصواب وإنا قيده ابن الصلح بالصنفات لنه ذهب إل أنه ليس لحد ف هذه‬
‫العصار أن يصحح الحاديث فلذا ل يعتمد على صحة السند ف غي تصنيف مشهور ويؤخذ الصحيح‬
‫أيضا من الصنفات الختصة بمع الصحيح فقط كصحيح أب بكر ممد بن إسحاق بن خزية وصحيح‬

‫‪159‬‬
‫أب حات ممد بن حبان البست السمى بالتقاسيم والنواع وكتاب الستدرك على الصحيحي لب عبد‬
‫ال الاكم وكذلك ل يوجد ف الستخرجات على الصحيحي من زيادة أو تتمة لحذوف فهو مكوم‬
‫بصحته)) انتهى ث نقل بعد ذلك تعذر الكم بالصحيح ف هذه العصار عن ابن الصلح انتهى‬
‫وقال ابن جاعة ف متصره بعد ما نقل عن ابن الصلح التعذر ((قلت مع غلبة الظن إنه لو صح لا أهله‬
‫أئمة العصار التقدمة لشدة فحصهم واجتهادهم فإن بلغ واحد ف هذه العصار أهلية ذلك والتمكن من‬
‫معرفته احتمل استقلله)) انتهى‬
‫وقال النووي ف التقريب ((الظهر عندي جوازه لن تكن وقويت معرفته)) انتهى وقال السيوطي ((قال‬
‫العراف وهو الذي عليه عمل أهل الديث فقد صحح جاعة من التأخرين أحاديث ل ند لن تقدمهم‬
‫فيها تصحيحا فمن العاصرين لبن الصلح أبو السن على بن ممد ابن عبد اللك بن القطان صاحب‬
‫كتاب الوهم واليهام صحح فيه حديث ابن عمر أنه كان يتوضأ ونعله ف رجليه ويسح عليهما ويقول‬
‫كان رسول ال يفعل ذلك‬
‫ص‪260:‬‬
‫أخرجه البزار وحديث أنس ((كان أصحاب رسول ال ينتظرون الصلة فيضعون جنوبم فمنهم من ينام‬
‫ث يقوم إل الصلة)) أخرجه قاسم بن أصبغ ومنهم الافظ ضياء الدين ممد ابن عبد الواحد القدسي‬
‫جع كتابا ساه ((الختارة)) التزم فيه الصحة وذكر فيه أحاديث ل يسبق إل تصحيحها ((وصحح الافظ‬
‫زكي الدين النذري حديث يونس عن الزهري عن سعيد وأب سلمة عن أب هريرة ف غفران ما تقدم من‬
‫ذنبه وما تأخر ول يزل ذلك دأب من بلغ أهليه ذلك)) انتهى‬
‫ث قال ((الاصل أن ابن الصلح سد باب التصحيح والتحسي والتضعيف على أهل هذه الزمان لشفع‬
‫أهليتهم وإن ل يوافق على الول ول شك أن الكم بالوضع أول بالنع مطلقا إل حيث ل تفي‬
‫كالحاديث الطوال الركيكة وإل ما فيه مالفة للعقل أو الجاع وأما الكم للحديث بالتواتر والشهرة ف‬
‫يتنع إذا وجدت الطرق العتبة)) انتهى‬
‫‪-8‬الهتمام بطالعة كتب الديث‬
‫قال العارف الشعران قدس سره ف عهوده الكبى ((أخذ عليها العهد العام من رسول ال أن ل نل من‬
‫كثرة تعلمنا العلم والعمل به لكون شربنا من حوض نبينا يكون بقدر تضلعنا من الشريعة كما أن مشينا‬
‫على الصراط يكون بسب استقامتنا بالعمل با فالوض علوم الشريعة والصراط أعمالا)) ث قال‬

‫‪160‬‬
‫((فاجتهد يا أخي ف حفظ الشريعة ول تغفل وعليك بكتب الديث فطالعها لتعرف منازع الئمة وماذا‬
‫استندوا إليه من اليات والحاديث والثار ول تقنع بكتب الفقه دون معرفة أدلتها)) انتهى‬
‫ص‪261:‬‬
‫‪ -9‬ذكر أرباب المة الليلة ف قراءتم كتب الديث ف أيام قليلة‬
‫ذكر ف ترجة الجد الفيوز أبادي صاحب القاموس أنه قرأ صحيح مسلم ف ثلثة أيام بدمشق وأنشد‬
‫بوف دمشق السام جوف لسلم‬ ‫قرأت بمد ال جامع مسلم‬
‫بضرة حفاظ مشاهي أعلم‬ ‫على ناصر الدين المام بن جهبل‬
‫قراءة ضبط ف ثلثة أيام)‬ ‫وت بتوفيق الله وفضله‬
‫وقرأ الافظ أبو الفضل العراقي صحيح مسلم على ممد بن إساعيل الباز بدمشق ف ستة مالس متوالية‬
‫قرأ ف آخر ملس منها أكثر من ثلث الكتاب وذلك بضور الافظ زين الدين بن رجب وهو يعارض‬
‫بنسخته وف تاريخ الذهب ف ترجة إساعيل ابن احد اليي النيسابوري الضرير ما نصه ((وقد سع عليه‬
‫الطيب البغدادي بكة صحيح البخاري بسماعه من الكشميهي ف ثلثة مالس اثنان منها ف ليلتي كان‬
‫يبتدئ بالقراءة وقت الغرب ويتم عند صلة الفجر والثالث من ضحوة النهار إل طلوع الفجر)) قال‬
‫الذهب ((وهذا شيء ل أعلم أحدا ف زماننا يستطيعه)) انتهى‬
‫وقال الافظ السخاوي ((وقع لشيخنا الافظ ابن حجر أجل ما وقع لشيخه الجد اللغوي فإنه قرأ‬
‫صحيح البخاري ف أريعي ساعة رملية وقرأ صحيح مسلم ف أربعة مالس سوى ملس التم ف يومي‬
‫وشيء وقرأ سنن ابن ماجه ف أربعة مالس وقرأ كتاب النسائي الكبي ف عشرة مالس كل ملس منها‬
‫نو أربع ساعات وقرأ صحيح البخاري ف عشرة مالس كل ملس منها أربع ساعات)) ث قال السخاوي‬
‫((وأسرع شيء وقع له ‪ -‬أي لبن حجر ‪ -‬أنه قرا ف رحلته الشامية معجم الطبان الصغي ف ملس‬
‫واحد بي صلت الظهر والعصر قال وهذا الكتاب ف ملد يشتمل على نو ألف حديث وخسمائة‬
‫حديث)) انتهى‬
‫ص‪262:‬‬
‫والعبد الضعيف جامع هذا الكتاب قدمن ال عليه بفضله فأسع صحيح مسلم رواية ودراية ف مالس من‬
‫أربعي يوما آخرها ف ‪ 28‬من شهر صفر الي سنة (‪ )1316‬وأسع أيضا سنن ابن ماجه كذلك ف‬
‫مالس من إحدى وعشرين يوما آخرها ف ‪ 22‬من شهر ربيع الول سنة (‪ )1316‬وأسع أيضا الوطأ‬

‫‪161‬‬
‫كذلك مالس من تسعة عشر يوما آخرها ف ‪ 15‬من شهر ربيع الخر سنة (‪ )1316‬وطالعت بنفسي‬
‫لنفسي ((تقريب التهذيب)) للحافظ ابن حجر مع تصحيح سهو القلم فيه وضبطه وتشيته من نسخة‬
‫مصححة جدا ف مالس من عشرة أيام آخرها ف ‪ 18‬من شهر ذي الجة سنة (‪ )1315‬أقول وهذه‬
‫الكتب قرأتا بإثر بعضها فأجهدت نفسي وبصرى حت رمدت بأثر ذلك شفان ال بفضله وأشفقت من‬
‫العود إل مثل ذلك وتبي أن الية ف العتدال نعم ل ينكر أن بعض النفوس ل تتأثر بثل ذلك لقوة‬
‫حواسها وللنسان بصية على نفسه وهو أدري با‬
‫‪ -10‬قراءة النحاري لنازلة الوباء‬
‫نقل القسطلن رحه ال تعال شارح البخاري ف مقدمة شرحه عن الشيخ أب ممد عبد ال بن أب جرة‬
‫قال ((قال ل من العارفي عمن لقيه من السادة القر لم إن صحيح البخاري ما قرئ ف شدة إل فرجت‬
‫ول ركب به مركب فغرقت)) انتهى‬
‫وقد جرى على العمل بذلك كثي من رؤساء العلم ومقدمي العيان إذا أل بالبلد نازلة مهمة فيوزعون‬
‫أجزاء الصحيح على العلماء والطلبة ويعينون للختام يوما يفدون فيه لثل الامع الموي أمام القام‬
‫اليحيوي ف دمشق وف غيها كما يراه مقدموها وهذا العمل ورثه جيل عن جيل مذ انتشار ذاك القول‬
‫وتسي الظن بقائله بل كان ينتدب بعض القدمي إل قراءته موزعا ث ختمه اجتماعا لرض وال بلدة أو‬
‫عظيم من عظمائها مانا أو بائزة بل قد يستأجر من يقرؤه للص وجيه من سجن أو شفائه من مرض‬
‫على النحو التقدم اعتقادا ببكة هذا الصحيح وتقليدا لن مضى ووقوفا مع ما مر عليه‬
‫ص‪263:‬‬
‫قرون وصقله العرف وف ذلك من تكي العتقاد بصحيح البخاري والركون إليه والرص عليه ما ل‬
‫يفي ول يكن يطر ل أن يناقش أحد ف هذا العمل ويزيفة بقالة رنانة تطبع وتنشر نعم ربا يوجد من‬
‫ينكر ذلك بقلبه أو يشافه به خاصته وال أعلم بالضمائر ولغرابة تلك القالة آثرت نقلها بروفها ليحيط‬
‫الواقف علما با وصلت إليه حرية الفكار وتلك القالة قدمها أحد الفضلء الزهربي ف جادي الخر‬
‫سنة (‪ )1320‬لحدي الجلت العلمية ف مصر فنشرتا عنه وهاكها بروفها تت عنوان‬
‫باذا دفع العلماء نازلة الوباء‬
‫دفعوها يوم الحد الاضي ف الامع الزهر بقراءة مت البخاري موزعا كراريس على العلماء وكبار‬
‫الرشحي للتدريس ف نو ساعة جريا على عادتم من إعداد هذا الت أو السلح البي لكشف‬

‫‪162‬‬
‫الطوب وتفريج الكروب فهو يقوم عندهم ف الرب مقام الدفع والصرام والسل وف الريق مقام‬
‫الضخة والاء وف اليضة مقام اليطة الصحيحة وعقاقي الطباء وف البيوت مقام الفراء والشرطة وعلى‬
‫كل حال هو مستنل الرحات ومستقر البكات ولا كان العلماء أهل الذكر وال يقول (فاسألوا أهل‬
‫الذكر إن كنتم ل تعلمون) فقد جئت أسألم بلسان كثي من السترشدين من مأخذ هذا الدواء من‬
‫كتاب ال أو صحيح سنة رسول ال أو رأى مستدل عليه لحد الجتهدين الذين يقلدونم إن كانوا قد‬
‫أتوا هذا العمل على أنه دين داخل ف دائرة الأمور به وإل فعن أي حذاق الطباء تلقوه ليتبي للناس منه‬
‫أو من مؤلفاته عمل تلوه مت البخاري ف درء اليضة عن المة وأن هذا داخل ف نواميس الفطرة أو‬
‫خارج عنها خارق لا وإذا كان هذا السر العجيب جاء من جهة أن القروء حديث نبوي فلم خص بذه‬
‫الزية مؤلف البخاري ول ل يز ف هذا موطأ مالك وهو أعلى كعبا وأعرق نسبا وأغزر علما ول يزال‬
‫مذهبه حيا مشهورا وإذا جروا على أن المر من وراء السباب فلم ل يقرؤه العلماء لدفع أل الوع كما‬
‫يقرأونه لزالة الغص أو‬
‫ص‪264:‬‬
‫القيء أو السهال حت تذهب شحناء الراية من صدور كثي من أهل العلم (أي من أهل جامع الزهر)‬
‫وعلى هذا القياس يقرأ لكل شيء ما دامت العلقة بي الشيء وشببه مفصومة فإن ل يستطيعوا عزو هذا‬
‫الداء إل نطاس الطباء سألت اللم منهم بالتاريخ أن يرشدنا إل من سن هذه السنة ف السلم وهل قرئ‬
‫البخاري لدفع الوباء قبل هذه الرة فإنا نعلم أنه قرئ للعرابيي ف واقعة التل الكبي (أي ف مصر) فلم‬
‫يلبثوا أن فشلوا ومزقوا شر مزق ونعلم أنه يقرأ ف البيوت لتأمن الريق والسرقة ولكن بأجر ليس شيئا‬
‫مذكورا ف جانب أجر شركة التأمي العروفة مع أن الناس يتسابقون إليها تسابقهم إل شراء الدواء إذا‬
‫نزل الداء ويعدلون عن الوقاية الت نن بصددها وهي تكاد تتكون بالجان ويدون ف نفوسهم أطمئنانا‬
‫لذلك دون هذه فإن ل يد العلماء عن هذه السألة إجابة شافية خشيت ‪ -‬كما يشى العقلء حلة‬
‫القلم ‪ -‬عليهم حلة تسقط الثقة بم حت من نفس العامة وحينئذ تعف الفوضى الدينية التوقعة ‪ -‬من‬
‫ضعف الثقة واتام العلماء بالتقصي وكون أعمالم حجة على الدين هذا وقد لج الناس بآراء على أثر‬
‫الجتماع اليضي الزهري فمن قائل إن العلماء التأخرين من عادتم أن يهربوا ف مثل هذه النوازل من‬
‫الخذ بالسباب والصطبار على تملها لشقتها الشديدة ويلجأون إل ما وراء السباب من خوارق‬
‫العادات لسهولته وليهام العامة أنم مرتبطون بعال أرقي من هذا العال العروف النظام فيكسبون الراحة‬

‫‪163‬‬
‫والحترام معا فيظهرون على المة ظهور إجلل ويتكلون قلوبم ويسيطرون على أروحهم ولذا تكثوا‬
‫حت فترت شرة الوباء فقرأوا تيمتهم ليوهوا أن الطر إنا زال ببكة تيمتهم وطالع ينهم ومن قائل إنم‬
‫يدعون أنفسهم بثل هذه العمال بدليل أن من يصاب منهم ل يعال مرضه بقراءة كراسة من ذلك‬
‫الكتاب بل يعمد إل الجربات من النعنع والل وماء البصل وما شابه أو يلجأ إل الطبيب ل تلتفت نفسه‬
‫إل الكراسة الت يعال با المة فهذا يدل على أن القوم يعملون على خلف ما ف وجدانم لذه المة‬
‫خادعي أنفسهم بتسليم أعمل سلفهم ومن قائل إن عدوا من أعداء الدين السلمي أراد أن يشكك‬
‫السلمي فيه فدخل عليهم من جهة تعظيمه‬
‫ص‪265:‬‬
‫فأوحى إل قوم من متعالية السابقي أن يعظموا من شأنه ويرفعوا من قدرة حت يعلوه فوق ما جاءت له‬
‫الديان فيدعون كشف نوائب اليام بتلوة أحاديث خي اليام ويروجون ما يقولون بأنه جرب وأن من‬
‫شك فيه فقد طعن ف مقام النبوة حت إذا رسخت هذه العقيدة ف الناس وصارت ملكة دينية راسخة عند‬
‫العوام وجربوها فلم تفلح وقعوا ‪ -‬والعياذ بال ف الشك وأصابم دوار الية كما حصل ذلك على أثر‬
‫واقعة التل الكبي من كثي من الذين ل يتذوقوا الدين من السلمي حت كانوا يسألون عن قوة‬
‫((البخاري)) الربية ونسبته إل البوارج ساخرين منه ومن قارئة ولول وقوف أهل الفكر منهم على أن‬
‫هذا العمل ليس من الدين وأن القرآن يقول (وأعدوا لم ما استطعتم من قوة ومن رباط اليل) لضلوا‬
‫وأضلوا وقد جرأ هذا المر غي السلمي على الوض ف الدين السلمي وإقامة الجة على السلمي من‬
‫عمل علمائهم ول حول ول قوة إل بال ويقول قوم إن التقليد بلغ بالعلماء مبلغا حرم على العقول النظر‬
‫ف علم السلف وإن كذبته العينان وخالف السن والوجدان ويقول آخرون‪ -‬من ل خبة لم بمة‬
‫العلماء ف مثل هذه الكوارث ‪ -‬أما كان ينبغي لم أن ينبثوا ف الساجد والبدية والولئم حاثي الناس‬
‫على الوقاية من العدوى معاضدين الكومة ف تسكي سورة الهلي مفاوضي الصحة ف فتح الساجد‬
‫وتعهدها بالنظافة فإن هذا يرتبط بم أكثر ما يرتبط بوفد أعيان القاهرة جزاه ال خي الزاء فإن أعوزهم‬
‫البيان وخلت القلوب بذلقة اللسان فل أقل من أن يؤلفوا رسالة ف فهم ما ورد متشابا ف موضوع‬
‫ل وسياسة فيكون كل فرد عارف‬ ‫العدوى حت يعلم الناس أن الوقاية من الداء مأمور با شرعا وعق ً‬
‫عضدا للحكومة ولو طلبوا من الصحة طبع ما ألفوا وتوزيعه على الصال والنواحي للبت ذلك شاكره‬
‫وكان لم الثر النافع‬

‫‪164‬‬
‫((وهذا ما يقوله القوم ف شأن علمائهم نرفعه إليهم ليكونوا على بينه منه لنم ل يتلطون بالناس غالبا‬
‫إل ف الولث والآث وإن اختلطوا فقلما يناقشونم ف شيء ترزا‬
‫ص‪266:‬‬
‫من حدتم ف الناقشة ورميهم مناظرهم لول وهلة بالزيغ والزندقة فلذلك ياملونم ويوافقونم خشية‬
‫الجر والعاندة أما أنا فإن ل أزال أل ف طلب الواب الشاف عن أصل دفع الوباء بقراءة الديث وعن‬
‫منح مت البخاري مزية ل ينحها كتاب ال الذي نعتقد أنه متعبد بتلوته دون الديث ولو كان هذا‬
‫العمل من غي العلماء الرسيي لضربت عنهم وعن عملهم صفحا ولا خططت كلمة ولكنه من علماء لم‬
‫مراكز رسية يزاحون با مراكز المراء فيجب أن يؤبه لم وأن ينظر لعملهم بإزاء مركزهم من المة الت‬
‫يسألون عنها وال ول التوفيق))‬
‫هذا ما رأيته أثبته بروفه وقد وقع منشئها بإمضار (متنصح) ولو عرفنا اسه لنسبناه إليه أداء للمانة إل‬
‫أهلها‬
‫ث رأيت العلمة عصام الدين الطاشكبي النفي ذكر ف رسالة ((الشفاء لدواء الوباء)) ف الطلب‬
‫السادس نقل عن السيوطي أن الدعاء يرفع الطاعون والجتماع له بدعة قال ((لنه وقع ف أيام عمر بن‬
‫الطاب رضي ال عنه والصحابة يومئذ متوافرون وأكابرهم موجودن فلم ينقل عن أحد منهم أنه فعل‬
‫شيئا من ذلك ول أمر به وكذا ف القرن الثان وفيه خيار التابعي وأتباعهم وكذا ف القرن الثالث والرابع‬
‫وإنا حدث الدعاء برفعه ف الزمن الخي وذلك ف سنة ‪))749‬‬
‫ص‪267:‬‬
‫الباب العاشرة‬
‫ف فقه الديث‬
‫‪-1‬بيان أقسام ما دون ف علم الديث‬
‫قال المام ول ال الدهلوي قدس سره ف الجة البالغة ما نصه ((أعلم أن ما روى عن النب ودون ف‬
‫كتب الديث على قسمي‬
‫((أحدها ما سبيله سيبل تبليغ الرسالة وفيه قوله تعال (وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه‬
‫فانتهوا)) منه علوم العاد وعجائب الكوت وهذا كله مستند إل الوحي ومنه شرائع وضبط للعبادات‬
‫والرتفاقات وهذه بعضها مستند إل الوحي وبعضها مستند إل الجتهاد واجتهاده بنلة الوحي لن ال‬

‫‪165‬‬
‫تعال عصمه من أن يتقرر رأيه على الطأ وليس يب أن يكون اجتهاده استنباطا من النصوص كما يظن‬
‫بل أكثره أن يكون علمه ال تعال مقاصد الشرع وقانون التشريع والتيسي والحكام فببي القاصد التلقاة‬
‫بالوحي بذلك القانون ومنه حكم مرسلة ومصال مطلقة ل يوقتها ول يبي حدودها كبيان الخلق‬
‫الصالة وأضدادها ومتندها غالبا الجتهاد بعن أن ال تعال علمه قواني الرتفاقات فاستنبط منها‬
‫حكمه وجعل فيها كلية ومنه فضائل العمال ومناقب العمال وأرى أن بعضها مستند إل الوحي وبعضها‬
‫إل الجتهاد وهذا القسم هو الذي نقصد شرحه وبيان معانيه‬
‫ص‪269:‬‬
‫وثانيهما ما ليس من باب تبليغ الرسالة وفيه قوله ((إنا أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به‬
‫وإذا أمرتكم بشيء من رأي فإنا أنا بشر)) وقوله ف قصة تأبي النخل ((فإن إنا ظننت ظنا ول تؤاخذون‬
‫بالظن ولكن إذا حدثتكم عن ال شيئا فخذوا به فإن أكذب على ال)) فمنه الطب ومنه باب قوله‬
‫((عليكم بالدهم القرح)) ومستنده التجربة ومنه ما فعله النب على سبيل العادة دون العبادة وبسب‬
‫التقان دون القصد ومنه ما ذكره كما كان يذكر قومه كحديث أو زرع وحديث خرافة وهو قول زيد‬
‫بن ثابت حيث دخل عليه نفر فقالوا حدثنا أحاديث رسول ال قال كنت جاره فكان إذا نزل عليه‬
‫الوحي بعث إل فكتبته له فكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا وإذا ذكرنا الخرة ذكرها معنا وإذا ذكرنا‬
‫الطعام ذكره معنا وكل هذا أحدثكم عن رسول ال ومنه ما قصد به مصلحة جزئية يومئذ وليس من‬
‫المور اللزمة لميع المة وذلك مثل ما يأمر به الليفة من تعبئة اليوش وتعيي الشعار وهو قول عمر‬
‫رضي ال عنه ((ما لنا واللرمل كنا نتراءى به قوما قد أهلكهم ال)) ث خشى أن يكون له سبب آخر‬
‫وقد حل كثي من الحكام عليه كقوله ((من قتل قتيلً فله سلبه)) ومنه حكم وقضاء خاص وإنا كان‬
‫يتبع فيه البينات واليان وهو قوله‬
‫ص‪270:‬‬
‫‪ -2‬بيان كيفية تلقي المة الشرع من النب‬
‫قال ول ال قدس سره أيضا ف الجة البالغة ((وأعلم أن تلقي المة منه الشرع على وجهي‬
‫أحدها تلقي الظاهر ول بد أن يكون ما ينقل إما متواترا أو غي متواتر والتواتر منه التواتر لفظا كالقرآن‬
‫العظيم وكنبذ يسيه من الحاديث منها قوله ((إنكم سترون ربكم)) ومنه التواتر معن ككثي من أحكام‬
‫الطهارة والصلة والزكاة والصوم والج والبيوع والنكاح والغزوات ما ل يتلف فيه فرقة من فرق‬

‫‪166‬‬
‫السلم وغي التواتر أعلى درجاته الستفيض وهو ما رواه ثلثة من الصحابة فصاعدا ث ل يزل يزيد‬
‫الرواة إل الطبقة الامسة وهذا قسم كثي الوجود وعليه بناء رءوس الفقه ث الب القضى له بالصحة أو‬
‫السن على ألسنه حفاظ الحدثي وكبائهم ث أخبار فيها كلم قبلها بعض ول يقبلها آخرون فما اعتضد‬
‫منها بالشواهد أو قول أكثر أهل العلم أو العقل الصريح وجب اتباعه‬
‫وثانيهما التلقي دللة وهي أن يرى الصحابة رسول ال يقول أو يفعل فاستنبطوا من ذلك حكما من‬
‫الوجوب وغيه فأخبوا بذلك الكم فقالوا الشيء الفلن واجب وذلك الخر جائز ث تلقي التابعون من‬
‫الصحابة كذلك فدون الطبقة الثالثة فتاواهم وقضاياهم وأحكموا المر وأكابر هذا الوجه عمر وعلي‬
‫وابن مسعود وابن عباس رضي ال عنهم لكن كان من سية عمر (رض) أنه كان يشاور الصحابة‬
‫ويناظرهم حت تنكشف الغمة ويأتيه الثلج فصار غالب قضاياه وفتاواه متبعة ف مشارق الرض ومغاربا‬
‫وهو قول إبراهيم لا مات عمر رضي ال عنه ((ذهب تسعة أعشار العلم)) وقول ابن مسعود رضي ال‬
‫عنه كان عمر إذا سلك طريقا وجدناه سهلً وكان علي رضي ال عنه ل يشاور‬
‫ص‪271:‬‬
‫غالبا وكان أغلب قضاياه بالكوفة ول يملها عنه الناس)) وكان ابن مسعود رضي ال عنه بالكوفة فلم‬
‫يمل عنه غالبا إل أهل تلك الناحية وكان ابن عباس رضي ال عنهما اجتهد بعد عصر الولي فناقضهم‬
‫ف كثي من الحكام واتبعه ف ذلك أصحابة من أهل مكة ول يأخذ با تفرد به جهور أهل السلم وأما‬
‫غي هؤلء الربعة فلم يكن لم قول عند تعارض الخبار وتقابل الدلئل إل قليل وكابن عمر وعائشة‬
‫وزيد بن ثابت رضي ال عنه وأكابر هذا الوجه من التابعي بالدينة الفقهاء السبعة ل سيما ابن السيب‬
‫بالدينة وبكة عطاء بن أب رباح وبالكوفة إبراهيم وشريح والشعب وبالبصرة السن وف كل من‬
‫الطريقتي خلل إنا ينجب بالخرى ول غن لحداها عن صاحبتها أما الول فمن خللها ما يدخل الرواية‬
‫بالعن من التبديل ول يؤمن من تغيي العن ومنه ما كان المر ف واقعة خاصة فطنه الراوي حكما كليا‬
‫ومنه ما أخرج فيه الكلم مرج التأكيد ليعضوا عليه بالنواخذ فظن الراوي وجوبا أو حرمه وليس المر‬
‫على ذلك فمن كان فقيها وحضر الواقعة استنبط من القرائن حقيقة الال كقول زيد رضي ال عنه ف‬
‫النهي عن الزارعة وعن بيع الثمار قبل أن يبدو صلحها إن ذلك كان كالشورة وأما الثانية فيدخل فيها‬
‫قياسات الصحابة والتابعي واستنباطهم من الكتاب والسنة وليس الجتهاد مصيبا ف جيع الحوال وربا‬
‫كان ل يبلغ أحدهم الديث أو بلغة بوجه ل ينتهض بثله الجة فلم يعمل به ث ظهر جلية الال على‬

‫‪167‬‬
‫لسان صحاب آخر بعد ذلك كقول عمر وابن مسعود رضي ال عنهما ف التيمم عن النابة وكثيا ما‬
‫كان اتفاق رءوس الصحابة رضي ال عنهم على شيء من قبل دللة العقل على أرتفاق وهو قوله‬
‫((عليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين من بعدي)) وليس من أصول الشرع فمن كان متبحرا ف الخبار‬
‫وألفاظ الديث يتيسر له التقصي عن مزال القدام ولا كان المر كذلك وجب على الائض ف الفقه أن‬
‫يكون متضلعا من كل الشربي ومتبحرا ف كل‬
‫ص‪272:‬‬
‫الذهبي وكان أحسن شعائر اللة ما أجع عليه جهور الرواة وحلة العلم وتطابق فيه الطريقتان جيعا))‬
‫انتهى‬
‫‪ -3‬بيان أن السنة حجة على جيع المة وليس عمل أحد حجة عليها‬
‫قال ال تعال (وما آتاكم الرسول فخذوه وما ناكم عنه فانتهوا)) وقال تعال ( وما ينطق عن الوى إن‬
‫هو إل وحي يوحي)) وقال تعال (قل إن كنتم تبون ال فاتبعون يببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم)) وقال‬
‫تعال (لقد كان لكم ف رسول ال أسوة حسنة لن كان يرجو ال واليوم الخر) وقال تعال (فل وربك‬
‫ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا وف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما)‬
‫وقال تعال (فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر) قال العلماء‬
‫معناه إل الكتاب والسنة وقال تعال (من يطع الرسول فقد أطاع ال) وقال تعال (وإنك لتهدي إل‬
‫صراط مستقيم صراط ال) وقال تعال (فليحذر الذين يالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب‬
‫اليم) وقال تعال (واذكرن ما يتلى ف بيوتكن من آيات ال والكمة)‬
‫ص‪273:‬‬
‫واليات ف ذلك كثية وقد ساقها مع عدة أحاديث ف معناها المام النووي قدس ال سره ف باب الر‬
‫بالحافظة على السنة وآدابا من ((رياض الصالي)) فارجع إليه‬
‫وقد روى البيهقي عن الربيع بن سليمان يقول سعت الشافعي يقول إذا وجدت ف كتاب خلف سنة‬
‫رسول ال فقولوا بسنة رسول ال ودعوا ما قلت فهذا مذهبة ف اتباع السنة وأخرج البيهقي أيضا عن‬
‫الشافعي قال إذا حدث الثقة عن الثقة حت ينتهي إل رسول ال فهو ثابت عن رسول ال ول يترك‬
‫لرسول ال حديث أبدا إل حديث وجد عن رسول ال حديث يلفه وقال الشافعي إذا كان الديث عن‬
‫رسول ال ل مالف له عنه وكان يروي عمن دون رسول ال حديث يوافقه ل يزده قوة وحديث النب‬

‫‪168‬‬
‫مستغن بنفسه وإن كان يروي عمن دون رسول ال حديث يلفه ل يلتفت إل ما خالفه وحديث رسول‬
‫ال أول أن يؤخذ بن ولو علم من روي عنه خلف سنة رسول ال أتبعها إن شاء ال تعال‬
‫وأخرج البيهقي أيضا عن الربيع قال قال الشافعي ف أقاويل أصحاب رسول ال إذا تفرقوا فيها نصي إل‬
‫ما وافق الكتاب والسنة والجاع أو كان أصح ف القياس وإذا قال الواحد منهم القول ل يفظ عن غيه‬
‫منهم فيه له موافقة ول خلف صرت إل اتباع قول واحدهم إذا ل أجد كتابا ول سنة ول إجاعا ول‬
‫شيئا ف معناه يكم له بكمه أو وجد معه قياس‬
‫وأخرج أيضا عن الربيع قال قال الشافعي ما كان الكتاب والسنة موجودين فالعذر على من سعها‬
‫مقطوع إل باتباعهما فإذا ل يكن ذلك صرنا إل أقاويل أصحاب النب أو واحدهم ث كان قول الئمة أب‬
‫بكر وعمر وعثمان رضي ال عنهم إذا صرنا إل التقليد أحب إلينا وذلك إذا ل ند دللة ف الختلف‬
‫تدل على أقرب الختلف‬
‫ص‪274:‬‬
‫من الكتاب والسنة فنتبع القول الذي منه الدللة لن قول المام مشهور بأنه يلزم الناس ومن لزم قول‬
‫الناس كان أشهر من يفت الرجل والنفر وقد يأخذ بفتياه أو يدها وأكثر الفتي يفتون الاصة ف بيوتم‬
‫ومالسهم ول تعن العامة با قالوا اعتناءهم با قال المام وقد وجدنا الئمة يبتدئون فيسألون عن العلم‬
‫من الكتاب والسنة فيما أرادوا أن يقولوا فيه ويقولون فيخبون بلف قولم فيقبلون من الخب ول‬
‫يستنكفون أن يرجعوا لتقواهم ال وفضلهم ف حالتم فإذا ل يوجد عن الئمة فأصحاب رسول ال ف‬
‫الدين ف وضع المانة أخذنا بقولم وكان اتباعهم أول بنا من اتباع من بعدهم قال والعلم طبقات الول‬
‫الكتاب والسنة إذا ثبتت السنة ث الثانية الجاع فيما ليس فيه كتاب ول سنة والثالثة أن يقول بعض‬
‫أصحاب النب ول يعلم له مالف منهم والرابعة اختلف أصحاب النب والامسة القياس على هذه‬
‫الطبقات ول يصار إل شيء غي الكتاب والسنة وها موجودان وإنا يؤخذ العلم من أعلى وذكر الشافعي‬
‫ف كتاب الرسالة القدية بعد ذكر الصحابة والثناء عليهم با هم أهله قال وهم فوقنا ف كل علم واجتهاد‬
‫وورع وعقل وأمر استدرك به علم أو استنبط به وآراؤهم لنا أحد وأول بنا من آرائنا عندنا لنفسنا وال‬
‫تعال أعلم ومن أدركنا من أراضي أو حكى لنا عنه ببلدنا صاروا فيما ل يعلموا لرسول ال فيه سنة إل‬
‫قولم إن اجتمعوا وقول بعضهم إن تفرقوا هكذا نقول إذا اجتمعوا أخذنا بإجاعهم وإن قال واحد منهم‬
‫ول يالفه غيه أخذنا بقوله وإن اختلفوا أخذنا بقول بعضهم ول نرج من أقاويلهم كلهم قال الشافعي‬

‫‪169‬‬
‫إذا قال الرجلن منهم ف شيء قولي متلفي نظرت فإن كان قول أحدها أشبه بكتاب ال تعال أو أشبه‬
‫بسنه من سنن رسول ال أخذت به لن معه شيئا يقوى بثله ليس مع الذي يالف مثله فإن ل يكن على‬
‫واحد من القولي دللة با وصفت كان قول الئمة أب بكر أو عمر أو عثمان رضي ال عنهم أرجح‬
‫عندنا من أحد لو خالفهم غي إمام وذكر ف موضع آخر من هذا الكتاب وقال وإن ل يكن على القول‬
‫دللة من كتاب أو سنة كان قول أب بكر أو عمر أو عثمان أو علي رضي ال عنهم أرجج عندنا من‬
‫أحد لو خالفهم غي إمام وذكر ف موضع آخر من هذا الكتاب وقال وإن ل يكن على القول دللة من‬
‫كتاب أو سنة كان قول أب بكر أو عمر عثمان أو علي رضي ال عنهم أحب‬
‫ص‪275:‬‬
‫إل أن أقول بن من قول غيهم إن خالفهم من قبل أنم أهل علم وحكام ث ساق الكلم إل أن قال فإن‬
‫اختلف الكام استدللنا بالكتاب والسنة ف اختلفهم فصرنا إل قول الذي عليه الدللة من الكتاب‬
‫والسنة وقلما يلوا اختلفهم من دلئل كتاب أو سنة وإن اختلف الفتون ‪ -‬يعن من الصحابة بعد الئمة‬
‫‪ -‬بل دللة فيما اختلفوا فيه نظرنا إل الكثر فإن تكافأ نظرنا إل أحسن أقاويلهم مرجا عندنا وإن‬
‫وجدنا للمفتي ف زماننا وقبله إجاعا ف شيء ل يتلفون فيه تبعناه وكان أحد طرق الخبار الربعة‬
‫وهي كتاب ال تعال ث سنة نبيه ث قول بعض الصحابة ث إجاع الفقهاء فإذا نزلت نازلة ل يد فيها‬
‫واحدة من هذه الربعة الخبار فليس السبيل ف الكلم ف النازلة إل اجتهاد الرأي‬
‫وقال شس الدين ابن القيم ف أعلم الوقعي(( قال الصم أخبنا الربيع بن سليمان قال الشافعي أنا‬
‫أعطيك جلة تغنيك إن شاء ال تعال ل تدع لرسول ال حديثا أبدا غل أن يأت عن رسول ال حديث‬
‫خلفه فتعمل با قررت لك ف الحاديث إذا اختلف وقال أبو ممد الارودي سعت الربيع يقول سعت‬
‫الشافعي يقول إذا وجدت سنة ممد رسول ال خلف قول فإن أقول به قال أحد بن عيسى بن ماهان‬
‫الرازي سعت الربيع يقول سعت الشافعي يقول كل مسألة فيها صح الب عن رسول ال عند أهل النقل‬
‫بلف ما قلت فأنا راجع عنها ف حيات وبعد موت وقال حرملة بن يي قال الشافعي ما قلت وكان‬
‫النب قد قال بلف قول فما صح من حديث النب أول ول تقلدون وقال الميدي سأل رجل الشافعي‬
‫عن مسألة فأفتاه وقال قال النب كذا وكذا فقال الرجل أتقول بذا يا أبا عبد ال فقال الشافعي أرأيت ف‬
‫وسطي زنارا أتران خرجت من الكنيسة أقول قال النب وتقول ل أتقول بذا أروي عن النب ول أقول به‬
‫ص‪276:‬‬

‫‪170‬‬
‫وقال الربيع قال الشافعي ل أسع أحدا نسبته إل العلم أو نسبته العامة إل علم أو نسب نفسه إل علم‬
‫يكي خلفا ف ان فرض ال تعال اتباع أمر رسول ال والتسليم لكمه فإن ال تعال ل يعل لحد بعده‬
‫إل اتباعه وإنه ل يلزم قول رجل قال إل بكتاب ال تعال أو سنة رسول ال وإن ما سواها تبع لما وإن‬
‫فرض ال تعال علينا وعلى من بعدنا وقبلنا قبول الب عن رسول ال إل فرقة سأصف قولا إن شاء ال‬
‫تعال قال الشافعي ث تفرق أهل الكلم ف تثبيت خب الواحد عن رسول ال تفرقا متباينا وتفرق منهم من‬
‫نسبه العامة إل الفقه فامتنع بعضهم عن التحقيق من النظر وآثروا التقليد والغفلة والستعجال بالرئاسة‬
‫وقال المام أحد قال لنا الشافعي إذا صح عندكم الديث فقولوا ل كي أذهب إليه وقال المام أحد‬
‫كان أحسن أمر الشافعي عندي أنه كان إذا سع الب ل يكن عنده قال به وترك قوله قال الربيع قال‬
‫الشافعي ل تترك الديث عن رسول ال فإنه ل يدخله القياس ول موضع له من السنة قال الربيع وقد‬
‫روى عن رسول ال ‪ -‬باب هو وأمي ‪ -‬أنه قضى ف بروع بنت واشق ونكحت بغي مهر فمات زوجها‬
‫فقضى لا بهر مثلها وقضى لا بالياث فإن كان ل يثبت عن النب فهو أول المور بنا ول حجة ف قول‬
‫أحد دون النب ول ف القياس ول شيء إل طاعة ال تعال بالتسليم له وإن كان ل يثبت عن النب ل يكن‬
‫لحد أن يثبت عنه ما ل يثبت ول أحفظه من وجه يثبت مثله هو مرة عن معقل بن يسار ومرة عن معقل‬
‫بن سنان ومرة عن بعض أشجعي ل يسمى قال الربيع سألت الشافعي عن رفع اليدي ف الصلة فقال‬
‫يرفع الصلي يديه إذا افتتح الصلة حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما‬
‫كذلك ول يفعل ذلك ف السجود قلت له فما الجة ف ذلك قال أنبأنا ابن عيينة عن الزهري عن سالن‬
‫عن أبيه عن النب مثل قولنا قال الربيع فقلت فإنا نقول يرفع ف البتداء ث ل يعود قال‬
‫ص‪277:‬‬
‫الشافعي أخبنا مالك عن نافع عن ابن عمر كان إذا افتتح الصلة رفع يديه حذو منكبيه وإذا رفع رأسه‬
‫من الركوع رفعهما قال الشافعي ‪ -‬وهو يعن مالكا ‪ -‬يروي عن النب أنه كان إذا افتتح الصلة رفع يديه‬
‫حذو منكبيه وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما كذلك ث خالفتم رسول ال وابن عمر فقلتم ل يرفع‬
‫يديه إل ف ابتداء الصلة وقد رويتم أنما رفعا ف البتداء وعند الرفع من الركوع أفيجوز لعال أن يترك‬
‫فعل النب وابن عمر لرأي نفسه أو فعل النب لرأي ابن عمر ث القياس على قول ابن عمر ث يأت موضع‬
‫آخر يصيب فيه فيترك على ابن عمرما روى عن النب فكيف ل ينته بعض هذا عن بعض أرأيت إذا جاز‬
‫له أن يروي عن النب أن يرفع يديه ف مرتي أو ثلث أو عن ابن عمر فيه اثنتي ويأخذ بواحدة أيوز‬

‫‪171‬‬
‫لغيه ترك الذي أخذ به وأخذ الذي ترك أو يوز لغيه ما روى عن النب فقلت له إن صاحبنا قال فما‬
‫معن الرفع قال معناه تعظيم ال واتباع لسنة النب ومعن الرفع ف الدلة معن الرفع الذي خالقتم فيه النب‬
‫عند الركوع وعد رفع الرأس ث خالفتم فيه روايتكم عن النب وابن عمر معا ويروي ذلك عن النب ثلثة‬
‫عشر رجلً ويروي عن أصحاب النب من غي وجه ومن تركه فقد ترك السنة‬
‫قال ابن القيم رحه ال تعال ((قلت وهذا تصريح من الشافعي بأن تارك رفع اليدين عند الركوع والرفع‬
‫منه تارك للسنة ونص أحد على ذلك أيضا ف إحدى الروايتي عنه وقال الربيع سألت الشافعي عن‬
‫الطيب قبل الجرام با يبقي ريه بعد الجرام أو بعد رمي المرة واللق وقبل الفاضة فقال جائز أخبه‬
‫ول أكرهه لثبوت السنة فيه عن النب ولخبار غي واحد من الصحابة فقلت وما حجتك فيه فذكر‬
‫الخبار والثار ث قال حدثنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سال قال قال عمر من رمي المرة فقد‬
‫حل له ما حرم عليه إل النساء والطيب قال سال وقالت عائشة طيبت‬
‫ص‪278:‬‬
‫رسول ال لله قبل أن يطوف بالبيت وسنة رسول ال أحق أن تتبع قال الشافعي وهكذا ينبغي أن يكون‬
‫الصالون وأهل العلم فأما ما تذهبون إليه من ترك السنة وغيها وترك ذلك الغي لرأي أنفسهم فالعلم‬
‫إذن إليكم تأتون منه ما شئتم وتدعون ما شئتم‬
‫وقال ف كتاب القدي رواية الزعفران ف مسألة بيع الدين ف جواب من قال له إن بعض أصحابك قال‬
‫خلف هذا قال الشافعي فقلت له من تبع سنة رسول ال وافقته ومن غلط فتركها خالفته صاحب الذي‬
‫ل أفارقه اللزم الثابت مع رسول ال وإن بعد والذي أفارقه من ل يقل بديث رسول ال وإن قرب))‬
‫انتهى‬
‫وقال العارف الشعران قدس سره ف مقدمة اليزان ((روي الاكم والبيهقي عن المام الشافعي أنه كان‬
‫يقول إذا صح الديث فهو مذهب قال ابن حزم أي صح عنده أو عند غيه من الئمة وف رواية أخرى‬
‫إذا رأيتم كلمي يالف كلم رسول ال ال فاعملوا بكلم رسول ال واضربوا بكلمي عرض الائط‬
‫وقال مرة للربيع يا أبا إسحاق ل تقلدن ف كل ما أقول وانظر ف ذلك لنفسك فإنه دين وكان رضي ال‬
‫عنه إذا توقف ف حديث يقول لوضح ذلك لقلنا به وروي البيهقي عنه ذلك ف باب حديث الستحاضة‬
‫تغسل عنها أثر الدم وتصلي ث تتوضأ لكل صلة وقال لوضح هذا الديث لقلنا به وكان أحب إلينا من‬

‫‪172‬‬
‫القياس على سنة ممد ف الوضوء ما خرج من قبل أو دبر)) انتهى وكان يقول إذا ثبت عن النب ‪ -‬بأب‬
‫هو وأمي ‪ -‬شيء ل يل لنا تركه‬
‫وقال ف باب ((سهم الباذين)) ((لو كنا ثبت مثل هذا الديث ما خالفناه وف رواية أخرى لو كنا ثبت‬
‫مثل هذا عن النب لخذنا به فإنه أول المور بنا‬
‫ول حجة ف قول أحد دون رسول ال وإن كثروا ول ف قياس ول شيء إل طاعة ال ورسوله بالتسليم‬
‫له ذكره البيهقي ف سننه ف باب ((أحد الزوجي يوت ول يفرض صداقا)) وروى عنه أيضا ف باب‬
‫السي أنه كان يقول إن كان هذا الديث‬
‫ص‪279:‬‬
‫يثبت فل حجة لحد معه وكان رضي ال عنه يقول رسول ال أجل ف أعيننا من أن نب غي ما قضى‬
‫به وقال الشافعي ف باب الصيد من الم ((كل شيء خالف أمر رسول ال سقط ول يقوم معه رأي ول‬
‫قياس فإن ال تعال قطع العذر بقول رسول ال فليس لحد معه أمر ول نى غي ما أمر هو به وقال ف‬
‫باب ((العلم يأكل من الصيد)) وإذا ثبت الب عن رسول ال ل يل تركه أبدا وقال ف باب العتق من‬
‫الم ((وليس ف قول أحد وإن كانوا عددا مع النب حجة))‬
‫قال الشعران ((هذا ما اطلعت عليه من الواضع الت نقلت عن المام الشافعي ف تبئة من الرأي وأدبه مع‬
‫ل عن كلم سيد الرسلي فنقفل‬ ‫رسول ال بل روينا عنه أنه كان يتأدب مع أقوال الصحابة والتابعي فض ً‬
‫ابن الصلح ف علوم الديث أن الشافعي قال ف رسالته القدية بعد أن أثن على الصحابة با هم أهله‬
‫والصحابة رضي ال عنهم فوقنا ف كل علم واجتهاد وورع وعقل وف كل أمر استدرك به علم وآراؤهم‬
‫لنا أحد وأول من رأينا عندنا لنفسنا)) انتهى‬
‫قال الشيخ الكب قدس ال سره ف فتوحاته الكية ف فصل صلة الكسوف ((فإن أخطأ الجتهد فهو‬
‫بنلة الكسوف الذي ف غيبة الكسوف فل وزر عليه وهو مأجور وإن ظهر له النص وتركه لرأية أو‬
‫لقياسه فل عذر له عند ال وهو مأثور وهو الكسوف الظاهر الذي يكون له الثر القرر عند علماء هذا‬
‫الشأن وأكثر ما يكون هذا ف الفقهاء القلدين لن قالوا لم ل تقلدونا واتبعوا الديث إذا وصل إليكم‬
‫العارض لكلمنا فإن الديث مذهبنا وإن كنا ل نكم بشيء إل بدليل يظهر لنا ف نظرنا أنه دليل وما‬
‫يلزمنا غي ذلك ولكن ما يلزمكم اتباعنا ولكن يلزمكم سؤالنا وف كل وقت ف النازلة الواحدة قد يتغي‬
‫الكم عند الجتهدين ولذا كان يقول مالك إذا سئل ف نازلة هل وقعت فإن قيل ل يقول ل أفت وإن‬

‫‪173‬‬
‫قيل نعم أفت بذلك الوقت با أعطاه دليله فأبت القلدة من الفقهاء أن توف حقيقة تقليدها لمامها‬
‫باتباعها‬
‫ص‪280:‬‬
‫الديث عن أمر إمامها وقلدته ف الكم مع وجود العارض فعصت ال ف قوله (وما آتاكم الرسول‬
‫فخذوه) وعصت الرسول ف قوله ((فاتبعون)) وعصت إمامها ف قوله ((خذوا بالديث إذ ‪ 1‬بلغكم‬
‫واضربوا بكلمي الائط)) فهؤلء الفقهاء ف كسوف دائم سرمد عليهم إل يوم القيامة فيتبأ منهم ال‬
‫ورسوله والئمة فانظر مع من يشر مثل هؤلء)) انتهى كلم الشيخ الكب قدس سره بروفه‬
‫‪ -4‬العمل بالديث بسب ما بدا لصاحب الفهم الستقيم‬
‫قال علم الدين الفلن ف ((إيقاط المم)) ((قال بعض أهل التحقيق الواجب على من له أدن دراية‬
‫بالكتاب وتفسيه والديث وفنونه أن يتتبع كل التتبع وييز الصحيح عن الضعيف والقوى عن غيه فيتبع‬
‫ويعمل با ثبتت صحته وكثرت رواته وإن كان الذي قلده على خلفه ول يفي أن النتقال من مذهب‬
‫إل مذهب ما كان معلوما ف الصدر الول وقد انتقل كبار العلماء من مذهب إل مذهب وهكذا كان‬
‫ما كان من الصحابة والتابعي والئمة الربعة ينتقلون من قول إل قول والاصل أن العمل بالديث‬
‫يسب ما بدا لصاحب الفهم الستقيم من الصلحة الدينية هو الذهب عند الكل وهذا الغمام المام أبو‬
‫حنيفة رحه ال تعال كان يفت ويقول هذا ما قدرنا عليه ف العلم فمن وجد أوضح منه فهو أول‬
‫بالصواب (كذا ف تنبيه الغترين) وعنه أنه قال ((ل يل لحد أن يأخذ بقولنا ما ل يعرف مأخذه من‬
‫الكتاب والسنة أو إجاع المة أو القياس اللي ف السألة)) انتهى‬
‫‪ -5‬لزوم الفتاء بلفظ النص مهما أمكن‬
‫قال الفلن رحه ال ف ((إيقاظ المم)) قال ابن القيم رحه ال ((ينبغي للمفت أن يفت بلفظ النص مهما‬
‫أمكنه فإنه يتضمن الكم والدليل مع البيان التام فهو حكم‬
‫ص‪281:‬‬
‫مضمون له الصواب متضمن للدليل عليه ف أحسن بيان وقد كان الصحابة والتابعون والئمة الذين‬
‫سلكوا على مناهجهم يتحرون ذلك غاية التحري)) ث قال‬
‫((فألفاظ النصوص عصمة وحجة بريئة من الطأ والتناقض والتعقيد والضطراب ولا كانت هي عصمة‬
‫الصحابة وأصولم الت إليها يرجعون كانت علومهم أصح من علوم من بعدهم وخطؤهم فيما اختلفوا فيه‬

‫‪174‬‬
‫أقل من خطأ من بعدهم ث التابعون بالنسبة إل من بعدهم كذلك وهلم جرا)) ث قال ((قد كان أصحاب‬
‫رسول ال إذا سئلوا عن مسألة يقولون قال ال تعال كذا قال رسول ال كذا وفعل كذا ول يعدلون عن‬
‫ذلك ما وجدوا إليه سبيل قط فمن تأمل أجوبتهم وجدها شفاء لا ف الصدور))‬
‫‪ -6‬حرمة الفناء بضد لفظ النص‬
‫قال العلمة الفلن قدس ال سره ف ((إيقاظ المم)) ف أواخره ((يرم على الفت أن يفت بضد لفظ‬
‫النص وإن وافق مذهبه ومثاله أن يسأل عن رجل صلي من الصبح ركعة ث طلعت الشمس فهل يتم‬
‫صلته أم ل فيقول ل يتمها ورسول ال يقول ((فليتم صلته)) ومثل أن يسأل عن رجل مات وعليه‬
‫صيام هل يصوم عنه وليه فيقول ل يصوم عنه وليه وصاحب الشرع يقل ((من مات وعليه صوم صام عنه‬
‫وليه)) ومثل أن يسأل عن رجل باع متاعه ث أفلس الشتري فوجده بعينه هل هو أحق به فيقول ليس هو‬
‫أحق به وصاحب الشرع يقول ((هو أحق به)) أن يسأل ومثل أن يسأل عن أكل كل ذي ناب هل هو‬
‫حرام فيقول ليس برام ورسول ال يقول ((أكل كل ذي ناب من السباع حرام)) ومثل أن يسأل عن‬
‫رجل له شريك ف أرض أو دار أو بستان هل له أن يبيع حصته قبل إعلم الشريك بالبيع‬
‫ص‪282:‬‬
‫وعرضها عليه فيقول نعم يل له أن يبيع حصته قبل إعلم شريكه بالبيع وصاحب الشرع يقول ((من‬
‫كان له شريك ف أرض أو ربعة أو حائط فل يل له أن يبيع حت يؤذن شريكه)) ومثل أن يسأل عن قتل‬
‫السلم بالكافر فيقول نعم ((يقتل السلم بالكافر وصاحب الشرع يقول ((ل يقتل السلم بالكافر)) ومثل‬
‫أن يسأل عن الصلة الوسطى فيقول ليست العصر وصاحب الشرع يقول ((هي صلة العصر)) ومثل أن‬
‫يسأل عن رفع اليدين عند الركوع والرفع منه هل مشروع ف الصلة أو ليس بشروع فيقول ليس‬
‫بشروع أو مكروه وربا غل بعضهم فقال إن صلته باطلة وقد روى بضعه وعشرون نفسا عن النب أنه‬
‫كان يرفع يديه عند الفتتاح والركوع والرفع منه بأسانيد صحيحة ل مطعن فيها ومثل أن يسأل عن‬
‫إكمال عدة شعبان ثلثي يوما ليلة الغمام فيقول ل يوز إكماله ثلثي يوما وقد قال رسول ال ((فإن‬
‫غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلثي يوما)) وأمثلته كثية وفيما ذكرنا كفاية وقد أناها ابن القيم إل‬
‫مئة وخسمي مثالً)) انتهى‬
‫‪ -7‬رد ما خالف النص أو الجاع‬
‫قال المام القراف رحه ال تعال ف فروقه ف الفرق الثامن والسبعي‬

‫‪175‬‬
‫تنبيه كل شيء أفت فيه الجتهد فوقعت فتياه فيه على خلف الجاع أو القواعد أو النص أو القياس‬
‫اللي السال عن العارض الراجح ل يوز لقلدة أن ينقله للناس ول يفت به ف دين ال تعال فإن هذا‬
‫الكم لو حكم به حاكم لنقضناه وما ل نقره شرعا بعد نقرره بكم الاكم أول أن ل نقره شرعا إذا ل‬
‫يتأكد وهذا ل يتأكد فل نقره شرعا والفتيا‬
‫ص‪283:‬‬
‫يغي شرع حرام فالفتيا بذا الكم حرام وإن كان المام الجتهد غي عاص به بل مثابا عليه لنه بذل‬
‫جهده على حسب ما أمر به وقد قال عليه الصلة والسلم ((إذا اجتهد الاكم فأخطأ فله أجر وإن‬
‫أصاب فله أجران)) فعلى هذا يب على أهل العصر تفقد مذاهبهم لكل ما وجدوه من هذا النوع يرم‬
‫عليهم الفتيا به ول يعري مذهب من الذاهب عنه لكنه قد يقل وقد يكثر غي أنه ل يقدر أن يعلم هذا من‬
‫مذهبه إل من عرف القواعد والقياس اللي والنص الصريح عدم العارض لذلك وباعتبار هذا الشرط يرم‬
‫على أكثر الناس الفتوى فتأمل ذلك فهذا أمر لزم وكذلك كان السلف رضوان ال عليه يتوقفون ف‬
‫الفتوى توقفا شديدا وقال مالك ((ل ينبغي للعامل أن يفت حت يراه الناس أهل لذلك ويري هو نفسه‬
‫أهل لذلك)) انتهى‬
‫‪ -8‬تشنيع التقدمي على من يقول العمل على الفقه ل على الديث‬
‫قال العلمة الفلن ف (إيقاظ المم)) ((قال عبد الق الدهلوي ف شرح الصراط الستقيم إن التحقيق ف‬
‫قولم إن الصوف ل مذهب له أنه يتار من روايات مذهبة الذي التزمه للعمل عليه ما يكون أحوط أو‬
‫يوافق حديثا صحيحا وإن ل يكن ظاهر روايات ذلك الذهب ومشهورها نقل عنه أنه قال ف الشرح‬
‫الذكور ((إذا وجد تابع الجتهد حديثا صحيحا مالفا لذهبه هل له أن يعمل به ويترك مذهبه فيه‬
‫اختلف فعند التقدمي له ذلك قالوا لن التبوع والقتدي به هو النب ومن سواه فهو تابع له فبعد أن علم‬
‫وصح قوله فالتابعة لغيه غي معقولة وهذه طريقة التقدمي)) انتهى‬
‫وف الظهيية ((ومن فعل متهدا أو تقلد بجتهد فل عار عليه ول شناعة ول إنكار)) انتهى‬
‫وأما الذي ل يكن من أهل الجتهاد فانتقل من قول إل قول من غي دليل لكن‬
‫ص‪284:‬‬
‫لا يرغب من عرض الدنيا وشهواتا فهو الذموم الث (كذا ف المادي) وأما (ما) يورد على اللسنة من‬
‫أن العمل على الفقه ل على الديث فتفوه ل معن له إذ من البي أن مبن الفقه ليس إل الكتاب والسنة‬

‫‪176‬‬
‫وأما الجاع والقياس فكل واحد منهما يرجع إل كل من الكتاب والسنة فما معن إثبات العمل على‬
‫الفقه ونفي العمل عن الديث فإن العمل بالفقه عي العمل بالديث كما عرفت وغاية ما يكن ف‬
‫توجيهه أن يقال إن ذلك حكم مصوص بشخص مصوص وهو من ليس من أهل الصوص بل من‬
‫العوام الذين هم كالوام ل يفهمون معن الديث ومراده ول ييزون بي صحيحه وضعيفه ومقدمه‬
‫ومؤخره ومملة ومفسره وموضوعه وغي ذلك من أقسامه بل كل ما يورد عليهم بعنوان قال رسول ال‬
‫فهم يعتمدون عليه وستندون إليه من غي تييز ومعرفة بأن قائل ذلك من نو الحدثي أم من غيهم‬
‫وعلى تقدير كونه من الحدثي أعدل وثقة أم ل وإن كان جيد الفظ أو سيئه أو غي ذلك من فنونه فإن‬
‫ورد على العامي حديث ويقال له إنه يعمل على الديث فربا يكون ذلك الديث موضوعا ويعمل عليه‬
‫لعدم التمييز وربا يكون ذلك الديث ضعيفا والديث الصحيح على خلفه فيعمل على ذلك الديث‬
‫الضعيف ويترك الديث الصحيح وعلى هذا القياس ف كل أحواله يغلط أو يلط فيقال لمثاله إنه يعمل‬
‫با جاء عن الفقيه ل يعمل بجرد ساع الديث لعدم ضبطه إنه يعمل با جاء من فقيه وإن كانت‬
‫الحاديث الواردة فيه على خلف ذلك لن العمل على الفقه ل على الديث هذا ث مع هذا ل يفي ما‬
‫ف هذا اللفظ من سوء الدب والشناعة والبشاعة فإن التفوه بنفي العمل على الديث على الطلق ما ل‬
‫يصدر من عاقل فضلً عن فاضل ولو قيل بالتوجيه الذي ذكرناه أن العمل بالفقه ل على الديث لقال‬
‫قائل بعي ذلك التوجيه إن العمل على الفقه ل على الكتاب فإن العامي ل يفهم شيئا من الكتاب ول ييز‬
‫بي مكمة ومتشابة وناسخه ومنسوخه ومفسره ومملة وعامه وخاصة وغي ذلك من أقسامه فصح أن‬
‫يقال إن العمل على الفقه ل على الكتاب والديث وفساده أظهر من أن يظهر وشناعته‬
‫ص‪285:‬‬
‫أجلي من أن تستر بل ل يليق بال السلم الميز أن يصدر عنه أمثال هذه الكلمات على ما ل يفي على‬
‫ذوي الفطانة والدراية وإذا تققت ما تلونا عليك عرفت أنه لو ل يكن نص من المام على الرام لكان‬
‫من التعي على أتباعه من العلماء الكرام فضلً عن العوام أن يعملوا با صح عن سيد النام عليه وعلى آله‬
‫أفضل الصلة والسلم ومن أنصف ول يتعسف عرف أن سبيل أهل التدين من السلف واللف ومن‬
‫عدل عن ذلك فهو هالك يوصف بالاهل العاند الكابر ولو كان الناس من الكابر وأنشدوا ف هذا‬
‫العن شعرا‬
‫أهل الديث هو أهل النب وإن ل يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا‬

‫‪177‬‬
‫أماتنا ال سبحانه على مبة الحدثي وأتباعهم من الئمة الجتهدين وحشرنا مع العلماء العاملي تت لواء‬
‫سيد الرسلي والمد ل رب العالي)) انتهى‬
‫وقال العارف الشعران قدس سره ف مقدمة ميزانه ((أقول الواجب على كل مقلد من طريق النصاف أن‬
‫ل يعمل برخصه قال با إمام مذهبه إل إن كان من أهلها وأنه يب عليه العمل بالعزية الت قال با غي‬
‫إمامه حيث قدر عليها لن الكم راجع إل كلم الشارع بالصالة ل إل كلم غيه ل سيما إن كان‬
‫دليل الغي أقوى خلف ما عليه بعض القلدين حت إنه قال ل لو وجدت حديثا ف البخاري ومسلم ل‬
‫يأخذ به إمامي ل أعمل به وذلك جهل منه بالشريعة وأول يتبأ منه إمامه وكان الواجب عليه حل إمامه‬
‫على أنه ل يظفر بذلك الديث أو ل يصح عنده)) انتهى‬
‫‪ -9‬رد المام السندي النفي رحه ال على من يقول ليس لثلنا أن يفهم الديث‬
‫قال علم الدين الفلن رحه ال تعال ف ((إيقاظ المم)) ناقلً عن شيخه مسند الرمي ف عصره أب‬
‫السن السندي النفي ف حواشيه على ((فتح القدير)) ما نصه ((والعجب‬
‫ص‪286:‬‬
‫من الذي يقول أمر الديث عظيم وليس لثلنا أن يفهمه فكيف يعمل به وجوابه بعد أن فرضنا موافقة‬
‫فهمه لفهم ذلك العال الذي يعتد بعلمه وفهمه بالجاع أنه إن كان القصود بذا تعظيم الديث وتوقيه‬
‫فالديث أعظم وأجل لكن من جلة تعظيمه وتوقيه أن يعمل به ويستعمل ف مواده فإن ترك البالة به‬
‫إهانة له نعوذ بال منه وقد حصل فهمه على الوجه الذي هو مناط التكليف حيث وافق فهم ذلك العال‬
‫فترك العمل بذلك الفهم ل يناسب التعظيم والجلل فمقتضي التعظيم والجلل الخذ به ل بتركه وإن‬
‫كان القصود مرد الرد عن نفسه بعد ظهور الق فهذا ل يليق بشأن مسلم فإن الق أحق بالتباع إذ ل‬
‫يعلم ذلك الرجل أن ال عز وجل قد أقام برسوله الجة على من هو أغب منه من الشركي الذين كانوا‬
‫يعبدون الحجار وقد قال تعال فيهم ((أولئك كالنعام بل هم أضل)) فهل أقام عليهم الجة من غي‬
‫فهم أو فهموا كلم رسول ال فإن فهم هؤلء الغبياء فكيف ل يفهم الؤمن مع تأييد ال تعال له بنور‬
‫اليان وبعد هذا فالقول بأنه ل يفهم قريب من إنكار البديهيات وكثي من يعتذر بذا العتذار يض‬
‫دروس الديث أو يدرس الديث فلول فهم أو أفهم كيف قرأ أو أقرأ فهل هذا إل من باب مالفة القول‬
‫الفعل والعتذار بأن ذلك الفهم ليس مناطا للتكليف باطل إذ ليس الكتاب والسنة إل لذلك الفهم فل‬
‫يوز البحث عنهما بالنظر إل العان الت ل يعمل با كيف وقد أنزل ال تعال كتابه الشريف للعمل به‬

‫‪178‬‬
‫وتعقل معانيه ث أمر رسوله بالبيان للناس عموما فقال تعال (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون) وقال‬
‫(لتبي للناس ما نزل إليهم) فكيف يقال إن كلمه الذي هو بيان للناس غي مفهوم لم إل لواحد منهم بل‬
‫ف هذا الوقت ليس مفهوما لحد بناء على زعمهم أنه ل متهد ف الدنيا منذ كم سني ولعل أمثال هذه‬
‫الكلمات صدرت من بعض من أراد أن ل تنكشف حقيقة رأيه للعوام بأنه مالف للكتاب والسنة فتوصل‬
‫إل ذلك بأن جعل فهم الكتاب والسنة على الوجه الذي هو مناط الحكام مقصورا على أهل‬
‫ص‪287:‬‬
‫الجتهاد ث نفي عن الدنيا أهل أحكام ث شاعت هذه الكلمات بينهم)) انتهى كلم السندي بروفه وله‬
‫تتمة سابغة لتنظر ف إيقاظ المم للفلن‬
‫ويقرب من كلم السندي رحه ال ما جاء ف حواشي تنبيه الفهام ولفظه ((ل ندري ما هو الباعث‬
‫لبعض التفقهة على إنكار الجتهاد وتريه على غي أئمة الذاهب والبالغة ف التقليد إل درجة حلت‬
‫بعض الستشرقي الوربيي على الظن بأن الفقهاء إنا هم يعتقدون ف الئمة منلة التشريع ل منلة‬
‫الضبط والتحرير وهذا وإن يكن سوء ظن أوجبه الفقهاء أنفسهم إل أن القيقة ليست كما ظنه ذلك‬
‫الستشرق معاذ ال ‪ 1‬لن الشارع واحد والشرع كذلك والئمة ل ينهوا أحدا عن العمل بالدليل‬
‫والرجوع إل الكتاب والسنة إذا تعارض القول والنص ومن كلم المام الشافعي بذا الصدر إذا صح‬
‫الديث فهو مذهب وقال إذا رأيتم كلمي يالف الديث فاعملوا بالديث واضربوا بكلمي عرض‬
‫الائط ومن كلم المام العظم ل ينبغي لن ل يعرف دليلي أن يأخذ بكلمي لذا كان من جاء بعدهم‬
‫من أصحابم أو من يوازيهم ف العلم من الرجحي يالفون أئتهم ف كثي من الحكام الت ل يتقيدوا‬
‫بقول إمامهم فيها لا قام لم الدليل على مالفتها لظاهر النص وإنا بعض الفقهاء الذين يسترون جهلهم‬
‫بالتقليد ينتحلون ‪ -‬لدعواهم التقيد بقول المام دون نص الكتاب أو السنة ‪ -‬أعذارا ل يسلم لم با أحد‬
‫من ذوي العقل الراجح من أفاضل السلمي وعلمائهم العاملي الذين هم على بصية من الدين))‬
‫وجاء ف الواشي الذكورة أيضا ما نصه ((يعتذر بعضهم عن سد باب الجتهاد بسد باب اللف وجع‬
‫شتات الفكار التأت عن تعدد الذاهب والال أن الجتهاد على طريقة السلف ل يؤدي إل هذا الحذور‬
‫كما هو مشاهد الن عند الزيدية من أهال جزيرة العرب ‪ -‬وهم الذين ينتسبون إل زيد بن زين العابدين‬
‫ل زيد بن السن الذكور ف حواشي الدر ‪ -‬فإن دعوى الجتهاد بي علمائهم شائعة مستفيضة‬
‫وطريقهم فيه طريقة السلف أي أنم يأتون بالكم معززا بالدليل من الكتاب أو السنة أو الجاع وليس‬

‫‪179‬‬
‫بعد إيراد الدليل مع الكم أدن طريق للخلف أو الختلف اللهم إل فيما ل يوجد بإزائه نص صريح أو‬
‫إجاع من الصحابة أو التابعي واحتيج فيه إل الستنباط من أصول الدين وليس ف‬
‫ص‪288:‬‬
‫هذا من الطر أو تشتت الفكار ولو جزءا يسيا ما ف طريقة الترجيح والتخريج عند الفقهاء الن على‬
‫أصول أي مذهب من الذاهب الربعة ويكفي ما ف هذه الطريقة من تشتت الفكار خلف الرجي‬
‫والرجحي ف السألة الواحدة خلفا ل ينتهي إل غاية يرتاح إليها ضمي مستفيد لقذفهم بفكره ف تيار‬
‫تتلطم أمواجه بي قولم التعمد والعول عليه كذا والصحيح كذا والصح كذا والفت به كذا إل غي‬
‫ذلك من اللف العظيم ف كل مسألة ل ينص عليها المام نصا صريا ول يفي ما ف هذا من الفتئات‬
‫على الدين ما ل يعد شيئا ف جانبه خلف الئمة الجتهدين ومشؤه التقيد بالتقليد البحت وعدم الرجوع‬
‫إل الكتاب والسنة ولو عند تعذر وجود النص ومع هذا فإنم يرون هذا الفتئات على الدين من الدين‬
‫ويوجبون على الؤمن العمل بأقوالم بل حجة تقوم لم ول له يوم الدين مع أن ال تعال يقول ف كتابه‬
‫العزيز ((هؤلء قومنا اتذوا من دون ال آلة لول يأتون عليهم بسلطان بي)) الية وف هذا دليل على‬
‫فساد التقليد وأن ل بد ف الدين من حجة ثابتة لذا كان التقليد البحت ل يرضاه لنفسه إل عامي أعمى‬
‫أو عال ل يصل إل مرتبة كبار الفضلء التقدمي والتأخرين الذين ل يرضوا لنفسهم التقليد البحت‬
‫كالمام الغزال وابن حزم وشخ السلم ابن تيميه والمام السيوطي والشوكان وغيهم من اشتهر‬
‫بالجتهاد من أئمة الذاهب)) انتهى بروفه‬
‫‪ -10‬رد المام السندي رحه ال أيضا على من يقرأ كتب الديث ل للعمل‬
‫قال العلمة الفلن ف ((إيقاظ المم)) ((لو تتبع النسان من النقول لوجد أكثر ما ذكر ودلئل العمل‬
‫على الب أكثر من أن تذكر وأشهر من أن تشهر لكن لبس إبليس على كثي من البشر فحسن لم الخذ‬
‫بالرأي ل الثر وأوههم أن هذا‬
‫ص‪289:‬‬
‫هو الول والخي فجعلهم بسبب ذلك مرومي عن العمل بديث خي البشر وهذه البلية من البليا‬
‫الكب إنا ال إليه راجعون ومن أعجب العجائب أنم إذا بلغهم من بعض الصحابة رضي ال عنهم ما‬
‫يالف الصحيح من الب ول يدوا له مملً جوزوا عدم بلوغ الديث إليه لوم يتقل ذلك عليهم وهذا‬
‫هو الصواب وإذا بلغهم حديث يالف قول من يقلدونه اجتهدوا ف تأويله القريب والبعيد وسعوا ف‬

‫‪180‬‬
‫مامله الثائية والدانية وربا حرفوا الكلم عن مواضعها وإذا قيل لم عند عدم وجود الحامل العتبة لعل‬
‫من تقلدونه ل يبلغه الب أقاموا على القائل القيامة وشنعوا عليه أشد الشناعة وربا جعلوه من أهل‬
‫البشاعة وثقل ذلك عليهم فانظر أيها العاقل إل هؤلء الساكي يوزون عدم بلوغ الديث ف حق أب‬
‫بكر الصديق الكب وأحزابه ول يوزون ذلك ف أرباب الذاهب مع أن البون بي الفريقي كما بي‬
‫السماء والرض وتراهم يقرؤن كتب الديث ويطالعونا ويدرسونا ل ليعملوا با بل ليعلموا دلئل من‬
‫قلدوه وتأويل ما خالف قوله ويبالغون ف الحامل البعيدة وإذا عجزوا عن الحمل قالوا من قلدنا أعلم منا‬
‫بالديث أل يعلمون أنم يقيمون حجة ال تعال عليهم بذلك ول يستوي العال والاهل ف ترك العمل‬
‫بالجة وإذا مر عليهم حديث يوافق قول من قلدوه انبسطوا وإذا مر عليهم حديث يالف قوله أو يوافق‬
‫مذهب غيه ربا انقبضوا ول يسعوا قول ال (فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل‬
‫يدوا ف أنفسهم حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما) انتهى كلم السندي رحه ال تعال‬
‫‪ -12‬التحذير من التعسف ف رد الحاديث إل الذاهب‬
‫قال العلمة الحقق القري ف قواعده ((ل يوز اتباع ظاهر نص المام مع مالفته لصول الشريعة عند‬
‫حذاق الشيوخ قال الباجي ل أعلم قولً أشد خلفا على مالك من أهل الندلس لن مالكا ل يوز تقليد‬
‫الرواة عنه عند مالفتهم الصول وهم ل يعتمدون على ذلك)) انتهى وقال أيضا‬
‫ص‪290:‬‬
‫قاعدة_ ل يوز رد الحاديث إل الذاهب على وجه ينقص من بجتها ويذهب بالثقة بظاهرها فإن ذلك‬
‫فساد لا وحط من منلتها ل أصلح ال الذاهب لفسادها ول رفها يفض درجاتا فكل كلم يؤخذ منه‬
‫ويرد إل ما صح لنا عن ممد بل ل يوز الرد مطلقا لن الواجب أن ترد الذاهب إليها كما قال الشافعي‬
‫وغيه ل أن ترد هي إل الذاهب كما تسامح فيه بعض النفية خصوصا والناس عموما إذ ظاهرها حجة‬
‫على من خالفها حت يأت با يقاومها فنطلب المع مطلقا ومن وجه على وجه ل يصي الجة أجحية‬
‫ول يرجها عن طرق الاطبات العامة الت انبن عليها الشرع ول يل بطرق البلغة والفصاحة الت جرت‬
‫من صاحبه مرى الطبع فإن ل يوجد طلب التاريخ للنسخ فإن ل يكن طلب الترجيح ولو بالصل وإل‬
‫تساقطا ف حكم الناظرة وسلم لكل ما عنده ووجب الوقف والتخيي ف حكم النتقال وجاز النتقال‬
‫على الصح)) ث قال‬

‫‪181‬‬
‫قاعدة‪ -‬ل يوز التعصب إل الذاهب بالنتصاب للنتصار بوضع الجاج وتقريبها على الطرق الدلية‬
‫مع اعتقاد الطأ والرجوحية عند الجيب كما يفعله أهل اللف إل على وجه التدريب على نصب‬
‫الدلة والتعليم لسلوك الطريق بعد بيان ما هو الق فالق أعلى من أن يعلي وأغلب من أن يغلب وذلك‬
‫أن كل من يهتدي لنصب الدلة وتقرير الجاج ل يري الق أبدا ف جهة رجل قطعا ث إنا ل نرى‬
‫منصفا ف اللف ينتصر لغي مذهب صاحبه مع علمنا برؤية الق ف بعض آراء مالفيه وهذا تعظيم‬
‫للمقلدين بتحقي الدين وإيثار للهوى على الدي ول يتبع الق أهواءهم ول در على رضي ال عنه أي‬
‫بر علم ضم جنباه إذ قال لكميل بن زياد لا قال له أترانا نعتقد أنك على الق وأن طلحة والزبي على‬
‫الباطل ((اعرف الرجال بالق ول تعرف الق بالرجال اعرف الق تعرف أهله)) وما أحسن قول‬
‫أرسطولا خالف أستاذه أفلطون ((تاصم الق وأفلطون وكلها صديق ل والق أصدق منه)) وقال‬
‫الشيخ أحد زروق ف‬
‫ص‪291:‬‬
‫عمدة الريد الصادق ما نصه ((قال أبو إسحاق الشاطب كل ما عمل به التصوفة العبون ف هذا الشأن‬
‫‪ -‬يعن كالنيد وأمثاله ‪ -‬ل يلو إما أن يكون ما ثبت له أصل ف الشريعة فهم خلفاؤه كما أن السلف‬
‫من الصحابة والتابعي خلفاء بذلك وإن ل يكن له أصل ف الشريعة فل أعمل عليه لن السنة حجة على‬
‫جيع المة وليس عمل أحد من المة حجة على السنة ولن السنة معصومة عن الطأ وصاحبها معصوم‬
‫ل شرعيا‬‫وسائر المة ل تثبت لم العصمة إل مع إجاعهم خاصة وإذا أجعوا تضمن إجاعهم دلي ً‬
‫والصوفية والجتهدون كغيهم من ل يثبت لم العصمة ويوز عليهم الطأ والنسيان والعصية كبيها‬
‫وصغيها والبدعة مرمها ومكروهها ولذا قال العلماء كل كلم منه مأخوذ ومنه متروك إل ما كان من‬
‫كلمه عليه الصلة والسلم قال وفد قرر ذلك القشيي رحه ال تعال أحسن تقرير فقال فإن قيل فهل‬
‫يكون الول معصوما قيل أما وجوبا كما يكون للنبياء فل وأما أن يكون مفوظا حت ل يصر على‬
‫الذنوب وإن حصلت منهيات أو زلت ف أوقات فل ينع ف وصفهم قال ولقد قيل للجنيد رحه ال‬
‫((العارف يزن)) فأطرق مليا ث رفع رأسه وقال ((وكان أمر ال قدرا مقدورا)) وقال فهذا كلم منصف‬
‫فكما يوز على غيهم العاصي بالبتداع وغي ذلك يوز عليهم البدع فالواجب علينا أن نقف مع‬
‫القتداء به إشكال بل يعرض ما جاء عن الئمة على الكتاب والسنة فما قبله قبلناه وما ل يقبله تركناه‬
‫وما عملنا به إذا قام الدليل على اتباع الشارع ول يقم لنا الدليل على اتبارع أقوال الفقهاء والصوفية‬

‫‪182‬‬
‫وأعمالم إل بعد عرضها وبذلك رضي شيوخهم علينا وإن جاء به صاحب الوجد والذوق من العلوم‬
‫والحوال والفهوم يعرض على الكتاب والسنة فإن قبله صح وإل ل يصح قال ث نقول ثانيا إن نظرنا ف‬
‫رسومهم الت حددوها وأعمالم الت امتازوا با عن غيهم بسب تسي الظن والتماس أحسن الخارج‬
‫ول نعرف له مرجا فالواجب التوقف عن القتداء وإن كانوا ف جنس من يقتدي بم ل ردا له ول‬
‫اعتراضا عليه بل لن ل نفهم وجه‬
‫ص‪292:‬‬
‫رجوعه إل القواعد الشرعية كما فهمنا غيه ث قال بعد كلم فوجب بسب الريان على آرائهم ف‬
‫سلوك أن ل يعمل با رسوه با فيه معارضة بأدلة الشرع ونكون ف ذلك متبعي لثارهم مهتدين‬
‫بأنوارهم خلفا لن يعرض عن الدلة ويمد على تقليدهم فيه فيما ل يصح تقليدهم على مذهبهم فالدلة‬
‫الشرعية والنظار الفقهية والرسوم الصوفية تذمه وترده وتمد من تري واحتاط وتوقف عند الشتباه‬
‫واستبأ لدينه وعرضه وهو من مكنون العلم وبال التوفيق)) انتهى‬
‫وقال شس الدين ابن القيم ف كتاب ((الروح)) ((أعلم أنه ل يعترض على الدلة من الكتاب والسنة‬
‫بلف الخالف فإن هذا عكس طريقة أهل العلم فإن الدلة هي الت تبطل ما خللفها من القوال‬
‫ويعترض با على خالف موجبها فتقدم على كل قول اقتضى خلفها ل أن أقوال الجتهدين تعارض با‬
‫الدلة وتبطل بقتضاها وتعدم عليها)) انتهى‬
‫وقال رحه ال أيضا ف الكتاب الذكور ((الفرق بي الكم النل الواجب التباع والكم الؤول الذي‬
‫غايته ِأن يكون جائز التباع أن الكم النل هو الذي أنزله ال عز وجل على رسوله وحكم به بي عبادة‬
‫وهو الكم الذي ل حكم له سواه وأما الكم الؤول فهو أقوال الجتهدين الختلفة الت ل يب اتباعها‬
‫ول يكفر ول يفسق من خللفها فإن أصحابا ل يقولوا هذا حكم ال ورسوله بل قالوا اجتهدنا رأنا فمن‬
‫شاء قبله ومن شاء ل يقبله قال أبو حنيفة رحه ال تعال هذا رأي فمن جاءنا بي منه قبلناه ولو كان هو‬
‫حكم ال لا ساغ لب يوسف وممد مالفتهما فيه وكذلك مالك استشاره الرشيد أن يمل الناس على‬
‫ما ف ((الوطأ)) فمنعه مالك وقال قد تفرق أصحاب رسول ال ف البلد وصار عند كل قوم علم غي ما‬
‫عند الخرين وهكذا الشافعي ينهي أصحابه عن تقليده بترك قوله إذا جاء الديث بلفه وهذا المام‬
‫أحد ينكر على من كتب فتاوية ودونا ويقول ل تقلدون ول تقلد فلنا ول فلنا وخذ من حيث أخذوا‬
‫ولو علموا رضي ال تعال‬

‫‪183‬‬
‫ص‪293:‬‬
‫عنهم أن أقوالم وحي يب اتباعه لرموا على أصحابم مالفتهم ولا ساغ لصحابم أن يفتوا بلفهم‬
‫ف شيء ولا كان أحدهم يقول القول ث يفت بلفه فيوي عنه ف السألة القولن والثلثة وأكثر من‬
‫ذلك فالرأي والجتهاد أحسن أحواله أن يسوغ اتباعه والكم النل ل يل لسلم أن يالفه ول يرج‬
‫عنه وأما الكم البدل وهو الكم بغي ما أنزل ال عز وجل فل يل تنفيذه ول العمل به ول يسوغ‬
‫اتباعه وصاحبه بي الكفر والفسوق والظلم)) انتهى‬
‫وقال المام البخاري رحه ال تعال ف جز رفع اليدين قال وكيع من طلب الديث كما هو فهو‬
‫صاحب سنة ومن طلب الديث ليقوى هواه فهو صاحب بدعة قال يعن أن النسان ينبغي أن يلغي رأيه‬
‫لديث النب حيث يثبت الديث ول يعلل بعلل ل تصح ليقوى هواه وقد ذكر عن النب ((ل يؤمن‬
‫أحدكم حت يكون هواه تبعا لا جئت به)) وقد قال معمر ((أهل العلم كان الول فالول أعلم وهؤلء‬
‫الخر فالخر عندهم أعلم)) وروي البخاري رحه ال تعال أيضا ف جزء القراءة خلف المام عن ابن‬
‫عباس وماهد أنما قال ليس أحد بعد النب إل يؤخذ من قوله ويترك إل النب )) انتهى‬
‫‪ -12‬الترهيب من عدم توفي الديث وهجر من يعرض عنه والغضب ل ف ذلك‬
‫قال المام الافظ أبو ممد عبد ال بن عبد الرحن الدارمي رحه ال تعال ف سننه باب تعجيل عقوبة‬
‫من بلغه عن النب حديث فلم يعظمه ول يوقره أخبنا عبد ال ابن صال حدثن الليث حدثن ابن عجلن‬
‫عن العجلن عن أب هريرة عن رسول ال قال ((بينما رجل يتبختر ف بردين خسف ال به الرض فهو‬
‫يتجلل فيها إل يوم القيامة )) فقال له فت قد ساه وهو ف حلة له يا أبا هريرة أهكذا كان يشي ذلك‬
‫الفت الذي خسف به ث ضرب بيده فعثر عثر كاد يتكسر فيها ‪ -‬فقال أبو هريرة للمنخرين وللفم ((إنا‬
‫كفيناك الستهزئي))‬
‫ص‪294:‬‬
‫أخبنا ممد بن حيد حدثنا هارون ‪ -‬هو ابن الغية ‪ -‬عن عمر بن أب قيس عن الزبي ابن عدي عن‬
‫خراش بن جبي قال رأيت ف السجد فت يذف فقال له شيخ ل تذف فإن سعت ال نى عن الذف‬
‫فغفل الفت فظن أن الشيخ ل يفطن له فخذف فقال له الشيخ أحدثك أن سعت رسول ال ينهي عن‬
‫الذف ث تذف وال ل أشهد لك جنازة ول أعودك ف مرض ول أكملك أبدا فقلت لصاحب ل يقال‬
‫له مهاجر انطلق إل خراش فاسأله فأتاه فسأله عنه فحدثه‬

‫‪184‬‬
‫أخبنا سفيان بن حرب حدثنا حاد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبي عن عبد ال بن مغفل قال نى‬
‫رسول ال عن الذف وقال ((إنا ل تصطاد صيدا ول تنكي عدوا ولكنها تكسر السن وتفقا العي))‬
‫فرفع رجل بينه وبي سعيد قرابة شيئا من الرض فقال هذه وما تكون هذه فقال سعيد أل أران أحدثك‬
‫عن رسول ال ث تاون با ل أكلمك أبدا‬
‫أخبنا عبد ال بن يزيد حدثنا كهمس بن السن عن عبد ال بن بريده قال رأي عبد ال بن مغفل رجل‬
‫من أصحابه يذف فقال ل تذف فإن رسول ال كان ينهي عن الذف وكان يكرهه وإنه ل ينكأ به‬
‫عدو ول يصاد به صيد ولكنه قد يفقأ العي ويكسر السن ث رآه بعد ذلك يذف فقال له أل أخبك أن‬
‫رسول ال كان ينهي عنه ث أراك تذف وال ل أكلمك أبدا‬
‫أخبنا مروان بن ممد حدثنا إساعيل بن بشر عن قتادة قال حدث ابن سيين رجلً يدث عن النب فقال‬
‫رجل قال فلن وفلن كذا وكذا فقال ابن سين أحدثك عن النب وتقول قال فلن وفلن كذا وكذا ل‬
‫أكلمك أبدا‬
‫أخبنا ممد بن كثي عن الوزاعي عن الزهري عن سال عن ابن عمر أن رسول ال قال إذا أستأذنت‬
‫أحدكم امرأته إل السجد فل ينعها)) قال فلن بن عبد ال‬
‫ص‪295:‬‬
‫إذن وال وأمنعها فأقبل عليه ابن عمر فشتمه شتمة ل أره شتمها أحدا قبله ث قال أحدثك عن رسول ال‬
‫وتقول إذن وال أمنعها‬
‫أخبنا ممد بن حيد حدثنا هارون بن الغية عن معروف عن أب الخارق قال ذكر عبادة بن الصامت‬
‫أن النب نى عن درهي بدرهم قال فلن ما أرى بذا بأسا يدا بيد فقال عبادة أقول قال النب وتقول ل‬
‫أرى به بأسا وال ل يظلن وإياك سقف أبدا‬
‫أخبنا ممد بن يزيد الرفاعي حدثنا أبو عامر العقدي عن زمعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن ابن‬
‫عباس عن النب قال ((ل تطرقوا النساء ليلً)) قال وأقبل رسول ال قافلً فانساق رجلن إل أهليهما‬
‫وكلها وجد مع امرأته رجلً‬
‫أخبنا أبو الغية حدثنا الوزاعي عن عبد الرحن بن حرملة السلمي عن سعيد ابن السيب قال كان‬
‫رسول ال إذا قدم من سفر نزل العرش ث قال ((ل تطرقوا النساء ليلً)) فخرج رجلن من سع مقالته‬
‫فطرقا أهلهما فوجد كل واحد منهما مع إمراته رجل‬

‫‪185‬‬
‫أخبنا أبو الغية حدثنا الوزاعي عن عبد الرحن بن حرملة قال جاء رجل إل سعيد بن السيب يودعه‬
‫بج أو عمرة فقال له ل تبح حت تصلي فإن رسول ال قال ((ل يرج بعد النداء من السجد إل منافق‬
‫إل رجل أخرجته حاجة وهو يريد الرجعة إل السجد)) فقال إن أصحاب بالرة قال فخرج قال فلم يزل‬
‫سعيد يولع بذكره حت أخب أنه وقع من راحلته فانكسرت فخذه)) انتهى‬
‫وروى مسلم حديث سال عن ابن عمر التقدم ورواه المام أحد وزاد ((فما كلمه عبد ال حت مات))‬
‫قال الطيب رحه ال ‪ -‬شارح الشكاة‪(( -‬عجبت من يتسمى بالسن إذا سع من سنة رسول ال وله رأي‬
‫رجح رأيه عليها وأي فرق بينه وبي‬
‫ص‪296:‬‬
‫البتدع أما سع ((ل يؤمن أحدكم حت يكون هواه تبعا لا جئت به)) وها هو ابن عمر وهو من أكابر‬
‫الصحابة وفقهائها كيف غضب ل ورسوله وهجر فلذة كبده لتلك التة عبة لول اللباب)) ‪1‬هـ‬
‫وقال النووي ف شرح مسلم عند الكلم على حديث عبد ال بن مغفل الذي تقدم ((فيه جواز هجران‬
‫أهل البدع والفسوق وأنه يوز هجرانم دائما فالنهي عنه فوق ثلثة أيام إنا هي ف هجر لظ نفسه‬
‫ومعايش الدنيا وأما هجر أهل البدع فيجوز على الدوام كما يدل عليه هذا مع نظائر له كحديث كعب‬
‫بن مالك قال السيوطي ((وقد الفت مؤلفا سيته ((الزجر بالجر)) لن كثي اللزمة لذه السنة)) انتهى‬
‫وقال الشعران قدس سره ((سع المام أحد بن أب إسحاق السبيعي يقول إل مت حديث ((اشتغلوا‬
‫بالعلم)) فقال له المام أحد ((قم يا كافر ل تدخل علينا أنت بعد اليوم ث إنه التفت إل أصحابه وقال ما‬
‫قلت أبدا لحد من الناس ل تدخل داري غي هذا الفاسق)) ‪1‬هـ فانظر يا أخي كيف وقع من المام‬
‫هذا الزجر العظيم لن قال إل مت حديث ((اشتغلوا بالعلم)) فكانوا رضي ال عنهم ل يتجرأ أحد منهم‬
‫أن يرج عن السنة قيد شب بل بلغنا أن مغنيا كان يغن للخليفة فقيل له إن مالك بن أنس يقول بتحري‬
‫الغناء فقال الغن وهل لالك وأمثاله أن يرم ف دين ابن عبد الطلب وال يا أمي الؤمني ما كان التحري‬
‫لرسول ال إل يوحي من ربه عز وجل وقد قال تعال ((لتحكم بي الناس با أراك ال )) ل يقل ((با‬
‫رأيت يا ممد)) فلو كان الدين بالرأي لكان رأي رسول ال ل يتاج إل وحي وكان الق تعال أمره أن‬
‫يعمل به بل عاتبه ال تعال حي حرم على نفسه ما حرم ف قصة مارية وقال (يا أيها النب ل ترم ما أحل‬
‫ال لك) الية انتهى‬
‫ص‪297:‬‬

‫‪186‬‬
‫وقال قدس ال سره أيضا ((كان المام أبو حنيفة رضي ال عنه يقول إياكم وآراء الرجال ودخل عليه‬
‫مرة رجل من أهل الكوفة والديث يقرأ عنده فقال الرجل دعونا من هذه الحاديث ‪ 1‬فزجره المام‬
‫أشد الزجر وقال له لول السنة ما فهم أحد منا القرآن ث قال للرجل ما تقول ف لم القرد وأبن دليله من‬
‫القرآن فأفحم الرجل فقال للمام فما تقول أنت فيه فقال ليس هو من بيمة النغام فانظر يا أخي إل‬
‫مناضلة المام عن السنة وزجره من عرض له بترك النظر ف أحاديثها فكيف ينبغي لحد أن ينسب المام‬
‫إل القول ف دين ال بالرأي الذي ل يشهد له ظاهر كتاب ول سنة وكان رضي ال عنه يقول عليكم‬
‫بآثار من سلف وإياكم ورأي الرجال وإن زخرفوه بالقول فإن المر ينجلي حي ينجلي وأنتم على‬
‫صراط مستقيم وكان يقول إياكم والبدع والتبدع والتنطع وعليكم بالمر الول العتيق ودخل شخص‬
‫الكوفة بكتاب ((دانيا)) فكاد أبو حنيفة أن يقبله وقال له أكتاب ث غي القرآن والديث وقيل له مرة ما‬
‫تقول فيما أحدثه الناس من الكلم ف العرض والوهر والسم فقال هذه مقالت الفلسفة فعليكم‬
‫بالثار وطريقة السلف وإياكم وكل مدث فإنه بدعة وقيل له مرة قد ترك الناس العمل بالديث وأقبلوا‬
‫على ساعه فقال رضي ال عنه نفس ساعهم للحديث عمل به وكان يقول ل تزل الناس ف صلح ما دام‬
‫فيهم من يطلب الديث فإذا طلبوا العلم بل حديث فسدوا وكان رضي ال عنه يقول قاتل ال عمرو بن‬
‫عبيد فإنه فتح للناس باب الوض ف الكلم فيما ل يعنيهم وكان يقول ل ينبغي لحد أن يقول قولً حت‬
‫يعلم أن شريعة رسول ال تقبله)) انتهى ملخصا‬
‫ص‪298:‬‬
‫‪ -13‬ما ينقي من تفسي حديث النب وقول غيه عند قوله )) أخبنا موسى بن خالد حدثنا معتمر عن‬
‫أبيه قال ليتق من تفسي حديث كما تقي من تفسي القرآن أخبنا صدقة بن الفضل حدثنا معتمر عن أبيه‬
‫قال قال ابن عباس أما تافون أن تعذبوا ويسف بكم أن تقولوا قال رسول ال وقال فلن أخبنا السن‬
‫بن بشر حدثنا العاف عن الوزاعي قال كتب عمر بن عبد العزيز أنه ل رأي لحد ف كتاب ال وإنا‬
‫رأي الئمة فيما ل ينل فيه كتاب ول تض به سنة من رسول ال ول رأي لحد ف سنة سنها رسول‬
‫ال حدثنا موسى بن خالد حدثنا معتمر بن سليمان عن عبيد ال بن عمر أن عمر أن عمر بن عبد العزيز‬
‫خطب فقال ((يا أيها الناس إن ال ل يبعث نبيا بعدنبيكم ول ينل بعد هذا الكتاب الذي أنزله عليه‬
‫كتابا فما أحل ال على لسان نبيه فهو حلل إل يوم القيامة وما حرم على لسان نبيه فهو حرام إل يوم‬

‫‪187‬‬
‫القيامة أل وأن لست بقاض ولكن منفض ولست ببتدع ولكن متبع ولست بي منكم غي أن أثقلكم‬
‫ل وأنه ليس لحد من خلق ال أن يطاع ف معصية ال أل هل أسعت))‬ ‫حً‬
‫أخبنا عبيد ال بن سعيد حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجي قال كان طاوس يصلي ركعتي بعد‬
‫العصر فقال له ابن عباس اتركهما قال إنا نى عنهم أن تتخذا سلما قال ابن عباس فإنه قد نى عن صلة‬
‫بعد العصر فل أدري أتعذب عليها أم تؤخر لن ال يقول ((وما كان لؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال‬
‫ورسوله أمرا أن يكون لم الية من أمرهم)) قال سفيان تتخذ سلما يقول يصلي بعد العصر إل الليل‬
‫حدثنا قبيصة أخبنا سفيان عن أب رباح شيخ من آل‬
‫ص‪299:‬‬
‫ل يصلي بعد العصر الركعتي يكثر فقال له يا أبا ممد أيعذبن ال‬ ‫عمر قال رأي سعيد بن السيب رج ً‬
‫على الصلة ل ولكن يعذبك ال بلف السنة)) انتهى‬
‫وقال المام الشافعي رضي ال عنه ف رسالته ((أخبن أبو حنيفة بن ساك بن الفضل الشهاب قال أخبن‬
‫ابن أب ذئب عن القبي عن أب شريح الكعب أن النب قال عام الفتح ((من قتل له قتيل فهو بي النظرين‬
‫عن أحب أخذ العقل وإن أحب لفه القود)) قال أبو حنيفة فقلت لبن أب ذئب أتأخذ بذا يا أبا الارث‬
‫فضرب صدري وصاح على صياحا كثيا ونال من وقال أحدثك عن رسول ال وتقول أتأخذ به نعم‬
‫أخذ به وذلك الفرض على وعلى من سعه إن ال تبارك وتعال اختار ممدا من الناس فهداهم به وعلى‬
‫يديه واختار لم ما اختار له وعلى لسانه فعلي اللق أن يتبعوه طائعي أو داخرين ل مرج لسلم من ذلك‬
‫قال وما سكت حت ينيت أن يسكت)) انتهى‬
‫وقال العارف الشعران ف مقدمة ميزانه ((قال المام ممد الكوف رأيت المام الشافعي رضي ال عنه‬
‫بكة وهو يفت الناس ورأيت المام أحد إسحاق بن راهويه حاضرين فقال الشافعي قال رسول ال‬
‫((وهل ترك لنا عقيل من دار)) فقال إسحاق روينا عن السن وإبراهيم أنما ل يكونا يريانه وكذلك‬
‫عطاء وماهد فقال الشافعي لسحاق لو كان غيك موضعك لفركت أذنه أقول قال رسول ال ونقول‬
‫قال عطاء وماهد والسن وهل لحد مع قول رسول ال حجة ‪ -‬بأب هو وأمي ‪ ))-‬انتهى‬
‫وأخر الافظ ابن عبد الب عن بكي بن الشج أن رجلً قال للقاسم بن ممد عجبا من عائشة كيف‬
‫كانت تصلي ف السفر أربعا ورسول ال كان يصلي ركعتي ركعتي فقال يا ابن أخي عليك بسنة‬
‫رسول ال حيث وجدتا‬

‫‪188‬‬
‫ص‪300:‬‬
‫فإن من الناس من ل يعاب وعن سعيد بن جبي عن ابن عباس قال تتع رسول ال فقال عروة نى أبو بكر‬
‫وعمر عن التعة فقال ابن عباس ما تقول ما عروة قال يقولون ني أبو بكر وعمر عن التعة فقال ابن‬
‫عباس أراهم سيهلكون أقول قال رسول ال ويقولون قال أبو بكر وعمر قال ابن عبد الب يعن متعة الج‬
‫وهو فسخ الج ف عمرة وقال أبو الدرداء من يعذرن من معاوية أحدثه عن رسول ال ويبن برأيه ل‬
‫أساكنك بأرض أنت فيها وعن عبادة بن الصامت مثل ذلك وعن عمر بن دينار عن سال بن عبد ال عن‬
‫أبيه قال عمر إذا رميتم المرة سبع حصيات وذبتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إل الطيب والنساء‬
‫قال سال وقالت عائشة أنا طيبت رسول ال لله قبل أن يطوف بالبيت قال سال فسنة رسول ال أحق‬
‫أن تتبع)) نقله العلمة الفلن ف إيقاظ المم‬
‫‪ -14‬ما يقوله من بلغه حديث كان يعتقد خلفه‬
‫قال المام النووي ف ((رياض الصالي)) ف باب ((وجوب النقياد لكم ال وما يقوله عن دعي إل‬
‫ذلك)) ((قال ال تعال (فل وربك ل يؤمنون حت يكموك فيما شجر بينهم ث ل يدوا ف أنفسهم‬
‫حرجا ما قضيت ويسلموا تسليما)) وقال ال تعال (إنا كان قول الؤمني إذا دعوا إل ال ورسوله‬
‫ليحكم بينهم أن يقولوا سعنا وأطعنا وأولئك هم الفلحون)) ث ساق شذرة من الحاديث ف ذلك‬
‫وقال رضي ال عنه ف أذكاره ف باب ((ما يقوله من دعي إل حكم ال تعال))‬
‫ص‪301:‬‬
‫ما صورته ((وكذلك ينبغي إذا قال له صاحبه هذا الذي فعلته خلف حديث رسول ال أو نو ذلك أن‬
‫ل يقول ل ألتزم الديث أو ل أعمل بالديث أو نو ذلك من العبارات الستبشعة وأن كان الديث‬
‫متروك الظاهر لتخصيص أو تأويل أو نو ذلك يقول عند ذلك هذا الديث مصوص أو متاول أو متروك‬
‫الظاهر بالجاع وشبه ذلك)) انتهى‬
‫‪ -15‬ما روى عن السلف ف الرجوع إل البيت‬
‫قال المام الشافعي ف الرسالة أخبنا سفيان بن عيينة وعبد الوهاب الثقفي عن يي بن سعيد عن سعيد‬
‫بن السيب أن عمر بن الطاب رضي ال عنه قضى ف البام بمس عشرة وف الت تليها بعشر وف‬
‫الوسطى بعشر وف الت تلي النصر بتسع وف النضر بست قال الشافعي لا كان معروفا ‪ -‬وال أعلم ‪-‬‬
‫عند عمر أن رسول ال قضى ف اليد بمسي وكانت اليد خسة أطراف متلفة المال والنافع نزلا‬

‫‪189‬‬
‫منازلا فحكم لكل واحد من الطراف بقدره من دية الكف فهذا قياس على الب قال الشافعي فلما وجد‬
‫كتاب آل عمرو بن حزم فيه أن رسول ال قال ((وف كل إصبع ما هنالك عشر من البل)) صاروا إليه‬
‫قال ول يقبلوا كتاب آل عمر بن حزم ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬حت ثبت لم أنه كتاب رسول ال وف هذا‬
‫الديث دللتان إحداها قبول الب والخرى أن يقبل الب ف الوقت الذي يثبت فيه وإن ل يض عمل‬
‫من أحد من الئمة بثل الب الذي قبلوا ودللة على أنه لو مضى أيضا عمل من أحد من الئمة ث وجد‬
‫عن النب خب يالف عمله لترك عمله لب رسول ال ودللة على أن حديث رسول ال يثبت بنفسه ل‬
‫بعمل غيه بعده قال الشافعي ول يقل السلمون قد عمل فينا عمر بلف هذا من الهاجرين والنصار‬
‫ول تذكروا أنتم أن عندكم خلفه‬
‫ص‪302:‬‬
‫ول غيكم بل صاروا إل ما وجب عليهم من قبول الب عن رسول ال وترك كل عمل خالفه ولو بلغ‬
‫عمر هذا صار إليه إن شاء ال كما صار إل غيه ما بلغه عن رسول ال بتقواه ل وتأديته الواجب عليه‬
‫ف اتباع أمر رسول ال وعلمه بأن ليس لحد مع رسول ال أمر وأن طاعة ال ف اتباع أمر رسول ال‬
‫قال الشافعي ((فإن قال ل قائل فاد للن على أن عمر عمل شيئا ث صار إل غيه لب عن رسول ال‬
‫قلت فإن أوجدتكه قال ففي إيادك إياي ذلك دليل على أمرين أحدها أنه قد يعمل من جهة الرأي إذا ل‬
‫يد سنة والخر أن السنة إذا وجدت عليه ترك عمل نفسه ووجب على الناس ترك كل عمل وجدت‬
‫السنة بلفة وإبطال أن السنة ل تثبت إل بب تقدمها وعلم أنه ل يوهيها شيء إن خالفها قال الشافعي‬
‫((أخبنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن السيب أن عمر بن الطاب رضي ال عنه كان يقول والدية‬
‫على العاقلة ول ترث الرأة من دية زوجها شيئا حت أخبه الضحاك بن سفيان أن رسول ال كتب إليه‬
‫أن يورث امرأة أشيم الضبان من ديته فرجع إليه عمر قال الشافعي أخبنا سفيان عن عمرو بن دينار وابن‬
‫طاوس عن طاوس أن عمر قال أذكر ال امرءا سع من النب ف الني شيئا فقام حل بن مالك بن النابغة‬
‫فقال كنت بي جاريتي ل ‪ -‬يعن ضرتي ‪ -‬فضربت إحداها الخرى بسطح فألقت جنينا ميتا فقضى‬
‫فيه رسول ال بغرة فقال عمر رضي ال عنه لو ل نسمع هذا لقضينا فيه بغي هذا وقال غيه إن كدنا أن‬
‫نقضي ف مثل هذا برأينا قال الشافعي فقد رجع عمر عما كان يقضي به لديث الضحاك إل أن خالف‬
‫فيه حكم نفسه وأخب ف الني أنه لو ل يسمع بذا لقضي فيه بغيه وقال إن كذنا أن نقضي ف مثل هذا‬
‫بآراتنا قال الشافعي يب ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أن السنة إذا كانت موجودة بأن ف النفس مائة من البل فل‬

‫‪190‬‬
‫يعدو الني أن يكون حيا فتكون فيه مائة من البل أو ميتا فل شيء فيه فلما أخب بقضاء رسول ال فيه‬
‫سلم له ول يعل لنفسه إل اتباعه فيما مضى حكمه بلفه وفيما كان رأيا منه ل‬
‫ص‪303:‬‬
‫يبلغه عن رسول ال فيه شيء فلما بلغه خلف فعله صار إل حكم رسول ال وترك حكم نفسه وكذلك‬
‫كان ف كل أمره وكذلك يلزم الناس أن يكونوا)) انتهى‬
‫‪ -16‬حق الدب فيما ل تدرك حقيقة من الخبار النبوية‬
‫نقل القسطلن ف شرح البخاري عند باب ((صفة إبليس)) آخر الباب عن ((التوربشت)) ف حديث‬
‫((إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه)) ما نصه ((حق‬
‫الدب دون الكلمات النبوية الت هي مازن لسرار الربوبية ومعادن الكم اللية أن ل يتكلم ف الديث‬
‫وأخوانه بشيء فإن ال تعال خص رسول بغرائب العان وكاشفة عن حقائق الشياء ما يقصر عن بيانه‬
‫باع الفهم ويكل عن إدراكه بصر العقل)) انتهى‬
‫وقال العارف الشعران قدس سره ف ميزانه ((روينا عن المام الشافعي رضي ال عنه أنه كان يقول‬
‫التسليم نصف اليان قال له الربيع اليزي بل هو اليان كله يا أبا عبد ال فقال وهو كذلك وكان‬
‫المام الشافعي يقول من كمال إيان العبد أن ل يبحث ف الصول ول يقول فيها ((ل ول كيف)) فقيل‬
‫له وما هي الصول فقال هي الكتاب والسنة وإجاع المة انتهى قال الشعران أي فنقول ف كل ما جاءنا‬
‫عن ربنا أو نبينا آمنا بذلك على علم ربنا فيه)) انتهى‬
‫أقول رأيت بط شيخنا العلمة الحقق الشيخ ممد الطندتائي الزهري ث الدمشقي على سؤال ف فتاوي‬
‫ابن حجر ف اليت إذا ألد ف قبه هل يقعد ويسأل أم يسأل هو راقد وهل تلبس الثة الروح ال ما نصه‬
‫((أعلم أن السؤال عن هذه الشياء من باب الشتغال با ل يعن وقد ورد ((من حسن إسلم الرء تركه‬
‫ما ل يعنيه)) وإنا كان من الشتغال با ل يعن لن ال تعال ل يكلفنا بعرفة حقائق الشياء وإنا كلفنا‬
‫بتصديق نبيه ف كل ما جاء به وبامتثال أمره واجتناب نيه وإنا اشتغل‬
‫ص‪304:‬‬
‫بالبحث عن حقائق الشياء هؤلء الفلسفة الذين سعوا أنفسهم بالكماء لنم أنكروا العاد السمان‬
‫وقالوا بالشر الروحان وزعموا أن النعيم إنا هو بالعلم والعذاب إنا هو بالهل وقد عم هذا البلد كثيا‬
‫من العلماء حت اعتقدوا أن هذه الفلسفة هي الكمة ورأوها أفضل ما يكتسبه النسان وإن ما سواها من‬

‫‪191‬‬
‫علوم الدين وآلتا ليس فضيلة فل حول ول قوة إل بال ‪ 1‬فالواجب تصديق الشارع ف كل ما ثبت عنه‬
‫وإن ل يفهم معناه فل تضيع وقتك ف الشتغال با ل يعنيك)) انتهى كلمه رحه ال تعال‬
‫‪ -17‬بيان إمراء السلف الحاديث على ظاهرها‬
‫قال العارف الشعران ف ميزانه ((كان المام الشافعي يقول الديث على ظاهره لكنه إذا احتمل عدة‬
‫معان فأولها ما وافق الظاهر)) انتهى‬
‫وقال قدس سره أيضا ((وقد كان السلف الصال من الصحابة والتابعي يقدرون على القياس ولكنهم‬
‫تركوا ذلك أدبا مع رسول ال ومن هنا قال سفيان الثوري من الدب إجراء الحاديث الت خرجت‬
‫مرج الزجر والتنفي على ظاهرها من غي تأويل فإنا إذا أولت خرجت عن مراد الشارع كحديث ((من‬
‫غشنا فليس منا)) وحديث ((ليس منا من تطي أو تطي له)) وحديث ((ليس منا من لطم الدود وشق‬
‫اليوب ودعا بدعوى الاهلية)) فإن العال إذا أولا بأن الراد ((ليس منا)) ف تلك الصلة فقط أي وهو‬
‫منا ف غيها هان على الفاسق الوقوع فيها وقال مثل الخالفة ف خصلة واحدة أمر سهل فكان أدب‬
‫السلف الصال بعدم التأويل أول بالتباع للشارع وإن كان قواعد الشريعة قد تشهد أيضا لذلك‬
‫التأويل)) انتهى‬
‫وهكذا مذهب السلف ف الصفات قال الافظ شس الدين الذهب الشافعي الدمشقي‬
‫ص‪305:‬‬
‫رحه ال تعال ف كتاب ((العلو)) ((قال المام العلمة حافظ الغرب أبو عمر يوسف ابن عبد الب‬
‫الندلسي ف شرح الوطأ أهل السنة يمعون على القرار بالصفات الواردة ف الكتاب والسنة وحلها‬
‫على القيقة ل على الجاز إل أنم ل يكيفوا شيئا من ذلك وأما الهمية والعتزلة والوارج فكلهم‬
‫ينكرها ول يمل منها شيئا على القيقة ويزعمون أن من أقر با مشبه وهم عند من أقر با نافون‬
‫للمعبود)) قال الافظ الذهب صدق وال فإن من تأول سائر الصفات وحل ما ورد منها على ماز الكلم‬
‫أداه ذلك السلب إل تعطيل الرب وأن يشابه العدوم كما نقل عن حاد بن زيد أنه قال ((مثل الهمية‬
‫كقوم قالوا ف دارنا نلة قيل ألا سعف قالوا ل قيل فما ف داركم نلة قلت كذلك هؤلء النفاة قالوا‬
‫إلنا ال تعال وهو ل ف زمان ول مكان ول يري ول يسمع ول يبصر ول يتكلم ول يرضي ول يريد‬
‫ول ول وقالوا سبحان النه عن الصفات بل نقول سبحان ال تعال العظيم السميع البصي الريد الذي‬

‫‪192‬‬
‫كلم موسى تكليما وأتذ إبراهيم خليلً ويرى ف الخرة التصف با وصف نفسه ووصفه به رسله النه‬
‫عن سات الخلوقي وعن حجد الاحدين ليس كمثله شيء وهو السميع البصي))‬
‫ث قال الذهب ((وقال عال العراق أبو يعلي ممد بن السي بن الفراء البغدادي النبلي ف كتاب ((إبطال‬
‫التأويل)) له ل يوز رج هذه الخبار ول التشاغل بتأويلها والواجب حلها على ظاهرها وأنا صفات ال‬
‫عز وجل ل تشبه بسائر صفات الوصوفي با من اللق قال ويدل على إبطال التأويل أن الصحابة ومن‬
‫بعدهم حلوها على ظاهرها ول يتعرضوا لتأويلها ول صرفها عن ظاهرها فلو كان التأويل سائغا لكانوا‬
‫إليه أسبق لا فيه من إزالة التشبيه يعن على زعمهم من قال إن ظاهرها تشبيه)) قال الذهب قلت‬
‫التأخرون من أهل النظر قالوا مقالة مولده ما علمت أحدا سبقهم با قالوا هذه‬
‫ص‪306:‬‬
‫الصفات تر كل جاءت ول تؤول مع اعتقاد أن ظاهرها غي مراد فتفرع من هذا أن الظاهر يعي به أمران‬
‫((أحدها أنه ل تأويل لا غي دللة الطاب كما قال السلف الستواء معلوم وكما قال سفيان وغيه‬
‫قراءتا تفسيها يعن أنا بينة واضحة ف اللغة ل يبتغي با مضايق التأويل والتحريف وهذا هو مذهب‬
‫السلف مع اتفاقهم أيضا أنا ل تشبه صفات البشر بوجه إذا الباري ل مثل له ل ف ذاته ول ف صفاته‬
‫((الثان أن ظاهرها هو الذي يتشكل ف اليال من الصفة كما يتشكل ف الذهن من وصف البشر فهذا‬
‫غي مراد فإن ال تعال فرد صمد ليس له نظي وإن تعددت صفاته فإنا حق ولكن ما لا مثل ول نظي‬
‫فمن ذا الذي عانيه ونعته لنا ومن ذا الذي يستطيع أن ينعت لنا كيف سع كلمه وال إنا لعاجزون‬
‫كالون حائرون باهتون ف حد الروح الت فينا وكيف تعرج كل ليلة إذا توفاها بارئها وكيف يرسلها‬
‫وكيف تستقل بعد الوت وكيف حياة الشهيد الرزوق عند ربه بعد قتله وكيف حياة النبيي الن وكيف‬
‫شاهد النب أخاه موسى يصلي ف قبه قائما ث رآه ف السماء السادسة وحاوره وأشار عليه براجعة رب‬
‫العالي وطلب التخفيف منه على أمته وكيف ناظر موسى أباه آدم وحجه آدم بالقدر السابق وكذلك‬
‫نعجز عن وصف هيئتنا ف النة ووصف الور العي فكيف بنا إذا انتقلنا إل اللئكة وذواتم وكيفيتها‬
‫وأن بعضهم يكنه أن يلتقم الدنيا ف لقمة مع رونقهم وحسنهم وصفاء جوهرهم النوران فال أعلى‬
‫ل آمنا بال واشهد بأننا مسلمون)) انتهى‬‫وأعظم له الثل العلى والكمال الطلق ول مثل له أص ً‬
‫ث قال الذهب ((قال المام الافظ أبو بكر الطيب البغدادي أما الكلم ف كل لصفات فأما ما روى‬
‫منها ف السنن الصحاح فمذهب السلف إثباتا وإجراؤها على ظواهرها نقي الكيفية والتشبيه عنها ث قال‬

‫‪193‬‬
‫والراد بظاهرها أنه ل باطن للفاظ الكتاب السنة غي ما وضعت له كما قال مالك وغيه ((الستواء‬
‫معلوم)) وكذلك القول ف السمع‬
‫ص‪307:‬‬
‫والبصر والعلم والكلم والرادة والوجه ونو ذلك هذه الشياء معلومة فل تتاج إل بيان وتفسي لكن‬
‫الكيف ف جيعها مهول عندنا وقد نقل الذهب ف كتابه الذكور هذا الذهب عن مئة وخسي إماما بدأ‬
‫منهم بأب حنيفة رضي ال عنهم وختم بالقرطب فانظره‬
‫‪ -18‬قاعدة المام الشافعي رحه ال ف متلف الديث‬
‫ساقها ضمن ماورة مع باحث فيما ورد ف التغليس بالفجر والسفار‬
‫قال رضي ال عنه ف رسالته ف باب ((ما يعد متلفا وليس عندنا بختلف)) أخبنا ابن عيينة عن ممد‬
‫بن عجلن عن عاصم بن عمر بن قتادة عن ممود بن لبيد عن رافع بن خديج أن رسول ال قال‬
‫((أسفروا بصلة الفجر فإن ذلك أعظم للجر أو أعظم لجوركم)) قال الشافعي أخبنا ابن عيينة عن‬
‫الزهري عن عروة عن عائشة قالت كن من نساء الؤمنات يصلي مع النب الصبح ث ينصرفن وهن‬
‫متلفعات بروجهن ما يعرفهن أحد من الغلس قال الشافعي وذكر تغليس النب النب بالفجر سهل بن سعد‬
‫وزيد بن ثابت وغيها من أصحاب رسول ال شبيها بعن حديث عائشة قال الشافعي ((قال ل قائل‬
‫نن نرى أن يسفر بالفجر اعتمادا على حديث رافع ونزعم أن الفضل ف ذلك وأنت ترى جائزا لنا إذا‬
‫اختلف الديثان أن نأخذ بأحدها ونن نعد هذا مالفا لديث عائشة قال الشافعي فقلت له إن كان‬
‫مالفا لديث عائشة فكأن الذي يلزمنا وإياك أن نصي إل حديث عائشة دونه لن أصل ما نبن نن‬
‫وأنتم عليه أن الحاديث إذا اختلفت ل نذهب إل واحد منها دون غيه إل بسبب يدل على أن الذي‬
‫ذهبنا إليه أقوى من الذي تركنا قال وما ذلك السبب قلت أن يكون أحد الديثي أشبه بكتاب ال فإذا‬
‫أشبه كتاب ال كانت فيه الجة قال هكذا نقول قلت فإن‬
‫ص‪308:‬‬
‫ل يكن فيه نص ف كتاب ال كان أولها بنا الثبت منهما وذلك أن يكون من رواه أعرف إسنادا‬
‫وأشهر بالعلم والفظ له من الملء أو يكون روي الديث الذي ذهبنا إليه من وجهي أو أكثر والذي‬
‫تركنا من وجه فيكون الكثر أول بالفظ من القل أو يكون الذي ذهبنا إليه أشبه بعن كتاب ال أو‬
‫أشبه با سواها من سنن رسول ال وأول با يعرف أهل العلم وأوضح ف القياس والذي عليه الكثر من‬

‫‪194‬‬
‫أصحاب رسول ال قال وهكذا نقول ويقول أهل العلم قلت فحديث عائشة أشبه بكتاب ال لن ال عز‬
‫وجل يقول ((حافظوا على الصلوات والصلة الوسطى)) فإذا حل الوقت فأول الصلي بالحافظة القدم‬
‫للصلة وهو أيضا أشهر رجل بالفقه وأحفظ ومع حديث عائشة ثلثة كلهم يروي عن النب مثل معن‬
‫حديث عائشة زيد بن ثابت وسهل بن سعد والعدد الكثر أول بالفظ والنقل وهذا أشبه بسنن النب من‬
‫حديث رافع بن خديج قال وأي سنن قلت قال رسول ال ((أول الوقت رضوان ال وآخره عفوه)) وهو‬
‫ل يؤثر على رضوان ال شيئا والعفو ل يتمل إل معنيي عفوا عن تقصي أو توسعة والتوسعة تشبه أن‬
‫يكون الفضل ف غيها إذ ل يؤمر بترك ذلك لغي الت وسع ف خلفها قال وما تريد بذا قلت إذا ل يؤمر‬
‫بترك الوقت الول وكان جائزا أن يصلي فيه وف غيه قبله فالفضل ف التقدي والتأخي تقصي موسع وقد‬
‫أبان رسول ال مثل ما قلنا وسئل أي العمال أفضل قال ((الصلة ف أول وقتها)) وهو ل يدع موضع‬
‫الفضل ول يأمر الناس إل به وهو الذي ل يهله عال أن تقدي الصلة ف أول وقتها أول بالفضل لا‬
‫يعرض للدميي من الشغال والنسيان والعلل الت ل تهلها العقول وهو أشبه بعن كتاب ال قال أين هو‬
‫من الكتاب قلت قال ال جل ثناؤه ((حافظوا على الصلوات والصلة لوسطى)) ومن قدم الصلة ف أول‬
‫وقتها كان أول بالحافظة عليها من أخرها عن‬
‫ص‪309:‬‬
‫أول الوقت وقد رأينا الناس فيما وجب عليهم وفيما تطوعوا به يؤمرون بتعجيله إذا أمكن لا يعرض‬
‫للدميي من الشغال والنسيان والعلل الت ل تهلها العقول وأن تقدي صلة الفجر ف أول وقتها عن أب‬
‫بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأب موسى الشعري وأنس بن مالك وغيهم رضي ال عنهم‬
‫مثبت قال الشافعي فقال إن أبا بكر وعمر وعثمان رضي ال عنهم دخلوا الصلة مغلسي وخرجوا منها‬
‫مسفرين بإطاله القراءة فقلت له قد أطالوا القراءة وأوجزوها والوقت ف الدخول ل ف الروج من الصلة‬
‫وكلهم دخل مغلسا وخرج رسول ال منها مغلسا فخالفت الذي هو أول بك أن تصي إليه ما ثبت عن‬
‫رسول وخالفتهم فقلت يدخل الداخل منها مسفرا ويرج مسفرا ويوجز القراءة فخالفتهم ف الدخول‬
‫وما احتججت به من طول القراءة وف الحاديث عن بعضهم أنه خرج منها مغلسا قال الشافعي فقلت‬
‫إن رسول ال لا حض الناس على تقدي الصلة وأخب بالفضل فيها احتمل أن يكون من الراغبي من‬
‫يقدمها قبل الفجر الخر فقال ((أسفروا بالفجر)) يعن حت يتبي الفجر الخر معترضا قال أفيحتمل معن‬
‫غي ذلك قال نعم يتمل ما قلت وما بي ما قلنا وقلت وكل معن يقع عليه اسم السفار قال فما جعل‬

‫‪195‬‬
‫معناكم أول من معنانا قلت با وصفت لك من الدليل وبأن النب ِ قال ها فجران ((فأما الذي كأنه ذنب‬
‫السرحان فل يل شيئا ول يرمه وأما الفجر العترض فيحل الصلة ويرم الطعام)) يعن على من أراد‬
‫الصيام)) انتهى‬
‫وقال رضي ال عنه قبل ذلك ف باب وجه آخر من الختلف ((قال الشافعي فقال ل قائل قد اختلف ف‬
‫التشهد فروى ابن مسعود عن النب أنه كان يعلمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن فقال ف‬
‫مبتدئة ثلث كلمات التحيات ل فبأي التشهد أخذت قلت أخبنا مالك عن ابن شهاب عن عروة بن‬
‫الزبي عن‬
‫ص‪310:‬‬
‫عبد الرحن بن عبد القارئ أنه سع عمر بن الطاب رضي ال عنه يقول على النب هو يعلم الناس التشهد‬
‫‪ -‬يقول قولوا ((التحيات ل الزاكيات ل الطيبات ل الصلوات ل السلم عليك أيها النب ورحه ال‬
‫وبركاته السلم علينا وعلي عباد ال الصالي أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن ممدا عبده وروسوله))‬
‫قال الشافعي هذا الذي علمنا من سبقنا بالعلم من فقهائنا صغارا ث سعناه بإسناده وسعنا ما يالفه فلم‬
‫نسمع إسنادا ف التشهد يالفه ول يوافقه أثبت عندنا منه وإن كان غيه ثابتا وكان الذي نذهب إليه أن‬
‫عمر ل يعلم الناس على النب بي ظهران أصحاب رسول ال إل ما علمهم النب فلما انتهى إلينا من‬
‫حديث أصحابنا حديث نثبته عن النب صرنا إليه وكان أول بنا قال وما هو قلت أخبنا الثقة وهو يي‬
‫ابن حسان عن الليث بن سعد عن أب الزبي الكي عن سعيد بن جبي وطاوس عن ابن عباس أنه قال كان‬
‫رسول ال يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول التحيات الباركات الصلوات‬
‫الطيبات ل السلم عليك أيها النب ورحه ال وبركاته السلم علينا وعلي عباد ال الصالي أشهد أن ل‬
‫إله إل ال وأشهد أن ممدا رسول ال قال الشافعي فإن قال قائل فإنا نرى الرواية اختلفت فيه عن النب‬
‫فروي ابن مسعود خلف هذا وأبو موسى خلف هذا وجابر خلف هذا وكلها قد يالف بعضها بعضا‬
‫ف شيء من لفظه ث علم عمر خلف هذا كله ف بعض لفظه وكذلك تشهد عائشة رضي ال عنها وعن‬
‫أبيها وكذلك تشهد ابن عمر ليس فيها شيء إل ف لفظه شيء غي ما ف لفظ صاحبه وقد يزيد بعضهم‬
‫الشيء على البعض قال الشافعي فقلت له المر ف هذا بي قال فأبنه ل قلت كل كلم‬
‫ص‪311:‬‬

‫‪196‬‬
‫أريد به تعظيم ال جل ثناؤه فعلمهموه رسول ال فلعله جعل يعلمه الرجل فينسى والخر فيحفظه وما‬
‫أخذ خفظا فأكثر ما يترس فيه منه إحالة العن فلم يكن فيه زيادة ول نقص ول اختلف شيء من‬
‫كلمه ييل العن فل يسع إحالته فلعل النب أجاز لكل امرئ منهم ما حفظ كما حفظ إذ كان ل معن‬
‫فيه ييل شيئا عن حكمه ولعل من اختلفت روايته واختلف تشهده إنا توسعوا فيه فقالوا على ما حفظوا‬
‫على ما حضرهم فأجيز لم قال أتد شيئا يدل على إجازة ما وصفت فقلت نعم قال وما هو قلت أخبنا‬
‫مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عروة بن الزبي عن عبد الرحن بن عبد القارئ قل سعت عمر بن‬
‫الطاب رضي ال عنه يقول سعت هشام بن حكيم بن حزام يقرأ سورة الفرقان على غي ما أقرؤها‬
‫وكان النب أقرأنيها فكدت أن أعجل عليه ث أمهلته حت انصرف ث لببته بردائه فجئت به النب فقلت يا‬
‫رسول ال إن سعت هذا يقرأ سورة الفرقان على غي ما أقرأتنيها فقال له رسول ال اقرأ فقرا القراءة الت‬
‫سعته يقرا فقال رسول ال هكذا أنزلت ث قال اقرأ فقرأت فقال هكذا أنزلت إن هذا القرآن أنزل على‬
‫سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه)) قال الشافعي فإذا كان ال جل ثناؤه لرأفته بلقه انزل كتابه على‬
‫سبعة أحرف معرفة منه بأن الفظ منه قد يزل ليحل لم يعن قراءته وإن اختلف اللفظ فيه ما ل يكن ف‬
‫اختلفهم إحالة معن كان ما سوى كتاب ال أول أن يوز فيه اختلف اللفظ ما ل يل معناه وكل ما‬
‫ل يكن فيه حكم فاختلف اللفظ فيه ل ييل معناه وقد قال بعض التابعي رأيت أناسا من أصحاب‬
‫رسول ال فأجعوا ل ف العن واختلفوا ف اللفظ فقلت لبعضهم ذلك فقال ل بأس ما ل يل العن قال‬
‫الشافعي فقال ما ف التشهد إل تعظيم ال وإن لرجو أن يكون كل هذا فيه واسعا وأن ل يكون‬
‫الختلف فيه إل من حيث ما ذكرت ومثل هذا كما قلت يكن ف صلة الوف فيكون إذا جاء بكمال‬
‫الصلة على أي الوجوه روي عن النب اجزأه إذ خالف ال عز وجل بينها وبي ما سواها من الصلوات‬
‫قال ولكن كيف صرت إل اختيار حديث ابن‬
‫ص‪312:‬‬
‫ابن عباس عن النب ف التشهد دون غيه قلت لا رأيته واسعا وسعته عن ابن عباس صحيحا كان عندي‬
‫أجع وأكثر لفظا من غيه فأخذت به غي معنف لن أخذ بغيه ما ثبت عن رسول ال )) انتهى‬
‫‪ -19‬فذلكة وجوه الترجيح بي ما ظاهره التعارض‬
‫أعلم أن من نظر ف أحوال الصحابة والتابعي وتابعيهم ومن بعدهم وجدهم متفقي على العمل بالراجح‬
‫وترك الرجوح وطرق الترجيح كثية جدا ومدار الترجيح على ما يزيد الناظر قوة ف نظره على وجه‬

‫‪197‬‬
‫صحيح مطابق للمسالك الشرعية فما كان مصل لذلك فهو مرجح معتب والترجيح قد يكون باعتبار‬
‫السناد وباعتبار الت وباعتبار الدلول وباعتبار أمر خارج فهذه أربعة أنواع‬
‫‪ -1‬وجوه الترجيح باعتبار السناد‬
‫‪ -01‬الترجيح بكثرة الرواة فيجح ما رواته أكثر على ما رواته أقل لقوة الظن به وإليه ذهب المهور‬
‫قال ابن دقيق العيد هذا الرجح من أقوى الرجحات وقال الكرخي إنما سواء ولو تعارضت الكثرة من‬
‫جانب والعدالة من الانب الخر ففيه قولن ترجيح الكثرة وترجيح العدالة فإنه رب عدل يعدل ألف‬
‫رجل ف الثقة كما قيل إن شعبة بن الجاج كان يعدل مئتي وقد كان الصحابة يقدمون رواية الصديق‬
‫على رواية غيه‬
‫‪ -02‬ترجح رواية الكبي على رواية الصغي لنه أقرب إل الضبط إل أن يعلم أن الصغي مثله ف الضبط‬
‫أو أكثر ضبطا منه‬
‫‪ -03‬ترجح رواية من كان فقيها على من ل يكن كذلك لنه أعرف بدلولت اللفاظ‬
‫‪ -04‬ترجح رواية الوثق‬
‫‪ -05‬ترجح رواية الحفظ‬
‫ص‪313:‬‬
‫‪ -06‬أن يكون أحدها من اللفاء الربعة دون الخر‬
‫‪ -07‬أن يكون أحدها صاحب الواقعة لنه أعرف بالقصة‬
‫‪ -08‬أن يكون أحدها مباشرا لا رواه دون الخر‬
‫‪ -09‬أن يكون أحدها كثي الخالطة للنب دون الخر لن كثرة الختلط تقتضي زيادة ف الطلع‬
‫‪ -010‬أن يكون أحدها قد ثبتت عدالته بالتزكية والخر بجرد الظاهر‬
‫‪ -011‬أن يكون الزكون لحدها أكثر من الزكي للخر‬
‫‪ -012‬ترجح رواية من يوافق الفاظ على رواية من ينفرد عنهم ف كثي من رواياته‬
‫‪ -013‬ترجح رواية من دام حفظه وعقله ول يتلط على من اختلط ف آخر عمره ول يعرف هل روي‬
‫الب حال سلمته أو حال اختلطه‬
‫‪ -014‬تقدم رواية من كان أشهر بالعدالة والثقة من الخر لن ذلك ينع عن الكذب‬

‫‪198‬‬
‫‪-015‬تقدم رواية من تأخر إسلمه على من تقدم إسلمه لحتمال أن يكون ما رواه من تقدم إسلمه‬
‫منسوخا‬
‫‪ -016‬تقدم رواية من ذكر سبب الديث على من ل يذكر سببه‬
‫‪ -017‬تقدم الحاديث الت ف الصحيحي على الحاديث الارجة عنهما‬
‫‪ -018‬تقدم رواية من ل ينكر عليه على رواية من أنكر عليه فإن وقع التعارض ف بعض هذه الرجحات‬
‫فعلى الجتهد أن يرجح بي ما تعارض منها‬
‫‪ -2‬وجوه الترجيح باعتبار الت‬
‫الول ‪ -0‬يقدم الاص على العام‬
‫الثان ‪ -0‬تقدم القيقة على الجاز إذا ل يغلب الجاز‬
‫الثالث ‪ -0‬يقدم ما كان حقيقة شرعية أو عرفية على ما كان حقيقة لغوية‬
‫ص‪314:‬‬
‫الرابع ‪ -0‬يقدم ما كان مستغنيا عن الضمار ف دللته على ما هو مفتقر إليه‬
‫الامس ‪ -0‬يقدم الدال على الراد من وجهي على ما كان دالً عليه من وجه واحد‬
‫السادس ‪ -0‬يقدم ما كان فيه الياء إل علة الكم على ما ل يكن كذلك لن دللة العلل أوضح من‬
‫دللة غي العلل‬
‫السابع ‪ -0‬يقدم القيد على الطلق‬
‫‪ -3‬وجوه الترجيح باعتبار الدلول‬
‫الول ‪ -0‬يقدم ما كان مقررا لكم الصل والباءة على ما كان ناقلً‬
‫الثان ‪ -0‬أن يكون أحدها أقرب إل الحتياط فإنه أرجح‬
‫الثالث ‪ -0‬يقدم الثبت على النفي لن مع الثبت زيادة علم‬
‫الرابع ‪ -0‬يقدم ما كان حكمه أخف على ما كان حكمه أغلط‬
‫‪ -4‬وجوه الترجيح باعتبار أمور خارجة‬
‫الول ‪ -0‬يقدم ما عضده دليل آخر على ما ل يعضده دليل آخر‬
‫الثان ‪ -0‬أن يكون أحدها قولً والخر فعلً فيقدم القول لن له صيغة والفعل ل صيغة له‬

‫‪199‬‬
‫الثالث ‪ -0‬يقدم ما كان فيه التصريح على ما ل يكن كذلك كضرب المثال ونوها فإنا ترجح العبارة‬
‫على الشارة‬
‫الرابع ‪ -0‬يقدم ما عمل عليه أكثر السلف على ما ليس كذلك لن الكثر أول بإصابة الق‬
‫الامس ‪ -0‬أن يكون أحدها موافقا لعمل اللفاء الربعة دون الخر فإنه يقدم الوافق‬
‫السادس ‪ -0‬أن يكون أحدها موافقا لعمل أهل الدينة‬
‫السابع ‪ -0‬أن يكون أحدها أشبه بظاهر القرآن دون الخر فإنه يقدم‬
‫وللصوليي مرجحات آخر ف القسام الربعة منظور فيها ول اعتداد عندي بن‬
‫ص‪315:‬‬
‫نظر فيما سقناه لن القلب السليم ل يري فيه مغمزا وبالملة فالرجح ف مثل هذه الترجيحات هو نظر‬
‫الجتهد الطلق فيقدم ما كان عنده أرجح على غيه إذا تعارضت‬
‫‪ -20‬بث الناسخ والنسوخ‬
‫قال الافظ ابن حجر ف شرح النخبة ((النسخ رفع تعلق حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه والناسخ‬
‫ما دل على الرفع الذكور وتسميته ناسخا ماز لن الناسخ ف القيقة هو ال تعال ويعرف النسخ بأمور‬
‫أصرحها ما ورد ف النص كحديث بريده ف صحيح مسلم ((كنت نيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنا‬
‫تذكر الخرة )) ومنها ما يزم الصحاب بأنه متأخر كقول جابر كان آخر المرين من رسول ال ترك‬
‫الوضوء ما مست النار ‪ -‬أخرجه أصحاب السنن ‪ -‬ومنها ما يعرف بالتاريخ وهو كثي وليس منها ما‬
‫يرويه الصحاب التأخر السلم معارضا لتقدم عنهن لحتمال أن يكون سعه من صحاب آخر أقدم من‬
‫التقدم الذكور أو مثله فأرسله لكن إن وقع التصريح بسماعه له من النب فيتجه أن يكون ناسخا بشرط‬
‫أن يكون ل يتحمل عن النب شيئا قبل إسلمه)) انتهى‬
‫‪ -21‬بث التحيل على إسقاط أو قلبه‬
‫روى أبو داود والاكم وصححه من حديث ابن عباس مرفوعا ((لعن ال اليهود حرمت علهم الشحوم‬
‫فباعوها وأكلوا أثانا)) وف رواية ((لعن ال اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها)) أي‬
‫أذابوها قال الطاب ((ف هذا الديث بطلن كل حيلة يتال با التوصل إل الحرم وأنه ل يتغي حكمه‬
‫بتغي هيأته وتبديل اسه))‬
‫قال شيخ السلم ابن تيميه ((وجه الدللة ما أشار إليه المام أحد أن اليهود لا‬

‫‪200‬‬
‫ص‪316:‬‬
‫حرم ال عليهم الشحوم أرادوا الحتيال على النتفاع با على وجه ل يقال ف الظاهر إنم انتفعوا‬
‫بالشحم فجملوه وقصدوا بذلك أن يزول عنه اسم الشحم ث انقفعوا بثمنه بعد ذلك لئل يكون النتفاع‬
‫ف الظاهر بعي الحرم ث مع كونم احتالوا بيلة خرجوا با ف زعمهم من ظاهر التحري من هذين‬
‫الوجهي لعنهم ال تعال على لسان رسوله على هذا الستحلل نظرا إل القصود وأن حكمه التحري ل‬
‫تتلف سواء كان جامدا أو مائعا وبدل الشيء يقوم مقامه ويسد مسده فإذا حرم ال النتفاع بشيء‬
‫حرم العتياض عن تلك النفعة فعلم أنه لو كان التحري معلقا بجرد اللفظ وبظاهر من القول دون مراعاة‬
‫القصود إل الشيء الحرم وحقيقته ل يستحقوا اللعنة لوجهي‬
‫أحدها أن الشحم خرج بمله عن أن يكون شحما وصار ودكا كما يرج الربا بالحتيال فيه عن لفظ‬
‫الربا إل أن يصي بيعا عند من يستحل ذلك فإن من أراد أن يبيع مئة بئة وعشرين إل أجل فأعطى سلعة‬
‫بالثمن الؤجل ث اشتراها بالثمن الال ول غرض لواحد منهما ف السلعة بوجه ما وإنا هي كما قال فقيه‬
‫المة ((دراهم بدراهم دخلت بينها حريرة)) فل فرق بي ذلك وبي مئة بئة وعشرين بل حيلة البتة ل ف‬
‫شرع ول عقل ول عرف بل الفسدة ويلعن فاعله ويؤذنه برب منه ومن رسوله ويتوعده أشد توعد ث‬
‫يبيح التحيل على حصول ذلك بعينه مع قيام تلك الفسدة وزيادتا تبعث الحتيال ف مقته ومادعة ال‬
‫ورسوله هذا ل يأت به شرع فإن الربا على الرض أسهل وأقل مفسدة من الربا بسلم طويل صعب‬
‫الراقي يتراب الترابيان على رأسه فيال العجب ‪ -‬أي مفسدة من مفاسد الربا زالت بذا الحتياط‬
‫والداع فهل صار هذا الذئب العظيم ‪ -‬الذي هو من أكب الكبائر عند ال ‪ -‬حسنة وطاعة بالداع‬
‫والحتيال تال كيف قلب الداع والحتيال حقيقته من البث إل الطيب ومن الفسدة إل الصلحة‬
‫ص‪317:‬‬
‫وجعله مبوبا للرب تعال بعد أن كان مسخوطا له وإن كان الحتيال يبلغ هذا البلغ فإنه عند ال عز‬
‫وجل ورسوله بكان ومنلة عظيمة وإنه من أقوى دعائم الدين وأوثق عراه وأجل أصوله ويال العجب‬
‫كيف تزول مفسدة التحليل الت أشار رسول ال بلغن فاعله مرة بعد أخرى بتسليف شرطه وتقديه على‬
‫صلب العقد وإخلء صلب العقد من لفظه وقد وقع التواطؤ والتوافق عليه وأي غرض للشارع وأي‬
‫ل وهل كان عقد‬ ‫حكمة ف تقدي الشرط وتسليفه حت تزول به اللعنة وتنقلب به خرة هذا العقد خ ً‬
‫التحليل مسخوطا ل ورسوله بقيقته ومعناه أم لعدم حقيقة مقارنة الشرط له وحصول نكاح الرغبة مع‬

‫‪201‬‬
‫القطع بانتفاء حقيقته وحصول نكاح التحليل وهكذا اليل الربوبة فإن الربا ل يكن حراما لصورته ولفظه‬
‫وإنا كان حراما لقيقته الت امتاز با عن حقيقة البيع فتلك القيقة حيث وجدت وجد التحري ف أي‬
‫صورة ركبت وبأي لفظ عب عنها فليس الشأن ف الساء وصور العقود وإنا الشأن ف حقائقها‬
‫ومقاصدها وما عقدت له‬
‫الوجه الثان أن اليهود ل ينتفعوا بعي الشحم وإنا انتفعوا بثمنه ويلزم من راعي الصور والظواهر واللفاظ‬
‫دون القائق والقاصد أن ل يرم ذلك فلما لعنوا على استحلل الثمن وإن ل ينص على تريه علم أن‬
‫الواجب النظر إل القيقة والقصود ل إل مرد الصورة ونظي هذا أن يقال لرجل ل تقرب مال اليتيم‬
‫فيبيعه ويأخذ ثنه ويقول ل أقرب ماله وكمن يقول لرجل ل تشرب من هذا النهر فيأخذ بيديه ويشرب‬
‫من كفيه ويقول ل أشرب منه وبنلة من يقول ل تضرب زيدا فيضربه فوق ثيابه ويقول إنا ضربت ثيابه‬
‫وأمثال هذه المور الت لو استعملها الطبيب ف معالة الرضي لزاد مرضهم ولو استعملها الريض لكان‬
‫مرتكب َا لنفس ما ناه عنه الطبيب كمن يقول له الطبيب ل تأكل اللحم فإنه يزيد ف مواد الرض فيدقه‬
‫ويعمل منه هريسة ويقول ل آكل اللحم وهذا الثال مطابق العامة اليل الباطلة ف الدين ويال العجب أي‬
‫فرق بي بيع مئة بئة وعشرين صريا وبي إدخال سلعة ل تقصد أصلً بل دخولا كخروجها ولذا‬
‫ص‪318:‬‬
‫ل يسأل العاقد عن جنسها ول صفتها ول قيمتها ول عيب فيها ول يبال بذلك البتة حت لو كانت خرقة‬
‫مقطعة أو أذن جدي أو عودا من حطب أدخلوه مللً للربا ولا تفطن الحتالون إل أن هذه السألة ل‬
‫اعتبار با ف نفس المر وأنا ليست مقصودة يوجه وأن دخولا كخروجها تا ونوابا ول يبالوا بكونا ما‬
‫يتحول عادة أول يتحول ول يبال بعضهم بكونا ملوكة للبائع أو غي ملوكة بل ل يبال بعضهم بكونا‬
‫ما يباع أو ما ل يباع كالسجد والنارة والقلعة وكل هذا واقع من أرباب اليل وهذا لا علموا أن‬
‫الشتري ل غرض له ف السلعة وقالوا أي سلعة اتفق حضورها حصل با التحليل كأي يتس اتفق ف باب‬
‫ملل النكاح وما مثل من وقف مع الظواهر واللفاظ ول يراع القاصد والعان إل كمثل رجل قيل له ل‬
‫تسلم على صاحب بدعة فقبل يده ورجله ول يسلم عليه أو قيل له أذهب فامل هذه الرة فذهب وملها‬
‫ث تركها على الوض وقال ل يقل ائتن با وكم قال لوكيله بع هذه السلعة فباعها بدرهم وهي تساوي‬
‫مئة ويلزم من وقف مع الظواهر أن يصحح هذا البيع ويلزم به الوكل وإن نظر إل القاصد تناقض حيث‬
‫ل ثوبا فقال وال ل ألبسه لا فيه من النة فباعه وأعطاه ثنه فقبله‬
‫ألقاها ف غي موضع وكمن أعطاء رج ً‬

‫‪202‬‬
‫وكمن قال وال ل أشرب هذا الشراب فجعله عقيدا أو ثرد فيه خبزا وأكله ويلزم من وقف مع الظواهر‬
‫واللفاظ أن ل يد من فعل ذلك بالمر وقد أشار النب إل أن من المة من يتناول الحرم ويسميه بغي‬
‫اسه فقال ((لتشر بن ناس من أمت المر يسمونا بغي اسها يعزف على رءوسهم بالعازف والقينات‬
‫يسف ال بم ويعل منهم القردة والنازير)) رواه أحد وأبو داود‬
‫قال شيخ السلم ابن تيميه وقد جاء حديث آخر يوافق هذا مرفوعا وموقوفا من حديث ابن عباس‬
‫((يأت على الناس زمان يستحل فيه خسة أشياء بمسة أشياء يستحلون المر باسم يسمونا إياه‬
‫والسحت بالدية والقتل بالرهبة والزنا بالنكاح والربا بالبيع)) وهذا حق فإن استحلل الربا‬
‫ص‪319:‬‬
‫باسم البيع ظاهر كاليل الربوية الت صورتا صورة البيع وحقيقتها حقيقة الربا ومعلوم أن الربا إنا حرم‬
‫لقيقته ومفسدته ل لصورته واسه فهب أن الراب ل يسمه ربا وساه بيعا فذلك ل يرج حقيقته وما‬
‫هيته عن نفسها وأما استحلل المر باسم آخر فكما استحل من استحل السكر من غي عصي العنب‬
‫وقال ل أسيه خرا وإنا هو نبيذ كما يستحلها طائفة إذا مزجت ويقولون خرجت بالزج عن اسم المر‬
‫كما يرج الاء بخالطة غيه له عن اسم الاء الطلق وكما يستحلها من يستحلها إذا اتذت عقيدا‬
‫ويقول هذه عقيد ل خر ومعلوم أن التحري تابع للحقيقة والفسدة ل السم ول الصورة وأما استحلل‬
‫السحت باسم الدية فهو أظهر من أن يذكر كرشوة الاكم والوال وغيها فإن الرتشي ملعون هو‬
‫والراشي لا ف ذلك من الفسدة ومعلوم قطعا أنما ل يرجان عن اللعنة وحقيقة الرشوة بجرد اسم‬
‫الدية وقد علمنا وعلم ال وملئكته ومن له اطلع على اليل أنا رشوة وأما استحلل القتل باسم‬
‫الرهاب الذي تسميه ولة الور سياسة وهيبة وناموسا وحرمة للملك فهو أظهر من أن يذكر وأما‬
‫استحلل الزنا بالنكاح فهو الزنا بالرأة الت ل غرض له أن تقيم معه ول أن تكون زوجته وإنا غرضه أن‬
‫يقضي منها وطره ويأخذ جعل على الفساد با ويتوصل إل ذلك باسم النكاح وإظهار صورته وقد علم‬
‫ال ورسوله واللئكة والروح والرأة أنه ملل ل ناكح وأنه ليس بزوج وإنا هو نيس مستعار للضراب‬
‫فيال العجب أي فرق ف نفس المر بي الزنا وبي هذا نعم هذا زنا بشهود من البشر وذلك زنا بشهود‬
‫من الكرام الكاتبي كما صرح به أصحاب رسول ال وقال ل يزالن زانيي وإن مكثا عشرين سنة إذا‬
‫علم أنه إنا يريد أن يلها والقصود أن هذا الحلل إذا قيل له هذا زنا قال ليس يزنا بل نكاح كما أن‬
‫الراب إذا قيل له هذا ربا قال بل هو بيع ولو أوجب تبدل الساء والصور‬

‫‪203‬‬
‫ص‪320:‬‬
‫تبدل الحكام والقائق لفسدت الديانات وبدلت الشرائع واضمحل السلم)) هذا ملخص ما أفاده ف‬
‫هذه السألة المام ابن القيم ف ((أعلم الوقعي)) وذكر رحه ال أيضا فيه حكم اليلة ف إسقاط الزكاة‬
‫إذا كان ف يده نصاب بأن يبيعه أو يهبه قبل الول ث يشتريه فقال ((هذه حيلة مرمة باطلة ول يسقط‬
‫ذلك عنه فرض ال الذي فرضه وأوعد بالعقوبة الشديدة من ضيعة وأهله فلو جاز إبطاله باليلة الت هي‬
‫مكر وخداع ل يكن ف إيابه والوعيد على تركه فائدة وقد استقرت سنة ال سبحانه ف خلقه شرعا‬
‫وقدرا على معاقبة العبد بنقيض قصده كما حرم القاتل الياث وورث الطلقة ف مرض الوت وكذلك‬
‫الفار العبد من الزكاة ل يسقطها عنه فراره ول يعان على قصد الباطل فيتم مقصودة ويسقط مقصود‬
‫الرب سبحانه وتعال وكذلك عامة اليل أن يساعد فيها التحيل على بلوغ غرضه ويبطل غرض الشارع‬
‫وكذلك الجامع ف نار رمضان إذا تغدي أو شرب المر أولً ث جامع قالوا ل تب عليه الكفارة وهذا‬
‫ليس بصحيح فإن ضمه إل إث الماع إث الكل والشرب ل يناسب التخفيف عنه بل يناسب تغليظ‬
‫الكفارة عليه فسبحان ال هل أوجب الشارع الكفارة لكون الوطء ل يتقدمه مفطر قبله أو للجناية على‬
‫زمن الصوم الذي ل يعله ال مل للوطء وانقلبت كراهة الشرع له مبة ومنعه إذنا هذا من الحال فتأمل‬
‫كيف تتضمن اليل الحرمة مناقضة الدين وإبطال الشرائع ويال العجب ‪ 1‬أيروج هذا الداع والكر‬
‫والتلبيس على أحكم الاكمي الذي يعلم خائية العي وما تفي الصدور فتعال شارع هذه الشريعة‬
‫الفائقة على كل شريعة أن يشرع فيها اليل الت تسقط فرائضه وتل مارمه وتبطل حقوق عباده وتفتح‬
‫للناس أبواب الحتيال وأنواع الكر والداع وأن يبيح التوصل بالسباب الشروعة إل المور الحرمة‬
‫النوعة وقد أخب ال سبحانه عن عقوبة الحتالي على حل ما حرمه عليهم وإسقاط ما فرضه عليهم ف‬
‫غي موضع من كتابه قال أبو بكر‬
‫ص‪321:‬‬
‫الجرى ‪ -‬وقد ذكر بعض اليل الربوية الت يفعلها الناس‪ -‬لقد مسخت اليهود قردة بدون هذا ولقد‬
‫صدق إذا أكل حوت صيد يوم السبت أهون عند ال وأقل جرما من أكل الربا الذي حرمه ال باليل‬
‫والخادعة ولكن قال السن عجل لولئك عقوبة تلك الكلة الوخيمة وأرجئت عقوبة هؤلء فهذه‬
‫العظائم والصائب الفاضحات لو اعتمدها ملوق مع ملوق لكان ف ناية القبح فكيف ب يعلم السر‬
‫وأخفي وإذا وازن اللبيب بي حيلة أصحاب السبت واليل الت يتعاطاها أرباب اليل ف كثي من‬

‫‪204‬‬
‫البواب ظهر له التفاوت ومراتب الفسدة الت بينها وبي هذه اليل فإذا عرف قدر الشرع وعظمة‬
‫الشارع وحكمته وما اشتمل عليه شرعه من رعاية مصال عبادة تبي له حقيقة الال وقطع بأن ال‬
‫سبحانه تنه وتعال أن يسوغ لعبادة نقض شرعه وحكمته بأنواع الداع والحتيال)) ‪1‬هـ‬
‫وكما بسط رحه ال الكلم ف ذلك ف ((أعلم الوقعي)) أطنب فيه أيضا ف كتابه ((إغائة اللهفان))‬
‫أهتماما بذا الوضوع وما جاء فيه قوله ومن مكايده ‪ -‬يعن الشيطان ‪ -‬الت كاد با السلم وأهله اليل‬
‫والكر والداع الذي يتضمن تليل ما حرم ال وإسقاط ما فرضه ومضادته ف أمره ونيه وهي من الرأي‬
‫الباطل الذي اتفق السلف على ذمه فإن الرأي رأيان رأي يوافق النصوص وتشهد له بالصحة والعتبار‬
‫وهو الذي اعتبه السلف وعملوا به ورأي يالف النصوص وتشهد له بالبطال والهدار فهو الذي ذموه‬
‫وأنكروه وكذلك اليل نوعان نوع يتوصل به إل فعل ما أمر ال تعال به وترك ما نى عنه والتخلص من‬
‫الرام وتليص الحق من الظال الانع له وتليص الظلوم من يد الظال الباغي فهذا النوع ممود ظالا‬
‫والظال مظلوما والق باطلً والباطل حقا فهذا النوع الذي اتفق السلف على ذمه وصاحوا بأهله من‬
‫أقطار الرض قال المام أحد رحه ال ل يوز شيء من اليل ف إبطال حق مسلم‬
‫ص‪322:‬‬
‫وقال اليمون ((قلت لب عبد ال من خلف على يي ث احتال لبطالا فهل توز تلك اليل قال نن ل‬
‫نرى اليلة إل با يوز قلت أليس حيلتنا فيها أن تتبع ما قالوا وإذا وجدنا لم قولً ف شيء اتبعناه قال‬
‫بلى هكذا هو قلت أو ليس هذا منا نن حيلة قال نعم ‪ -‬فبي المام أحد أن من اتبع ما شرع له وجاء‬
‫عن السلف ف معان الساء الت علقت با الحكام ليس بحتال اليل الذمومة وإن سيت حيلة فليس‬
‫الكلم فيها وغرض المام أحد بذا الفرق بي سلوك الطريق الشروعة الت شرعت بصول مقصود‬
‫الشارع وبي الطرق الت تسلك لبطال مقصودة فهذا هو سر الفرق بي النوعي وكلمنا الن ف النوع‬
‫الثان)) ث جود الكلم ف ذلك فأطال وأطاب رحه الول الوهاب‬
‫وكذلك المام أبو إسحاق الشاطب رحه ال تعال ف موافقاته ف كتاب ((القاصد ف السألة العاشرة))‬
‫أسبغ البحث ف ذلك ولسهولة الوقوف من هذه الكتب الليلة اكتفينا بالحالة عليها وال الوفق‬
‫‪ -22‬بيان أسباب اختلف الصحابة والتابعي ف الفروع‬
‫قال المام العلمة ول ال الدهلوي ف ((الجة البالغة)) تت هذه الترجة ((أعلم أن رسول ال ل يكن‬
‫الفقه ف زمانه مدونا ول يكن البحث ف الحكام يومئذ مثل البحث من هؤلء الفقهاء حيث يبنون‬

‫‪205‬‬
‫بأقصى جهدهم الركان والشروط وآداب كل شيء متازا عن الخر بدليله ويفرضون الصور يتكلمون‬
‫على تلك الصور الفروضة ويدون ما يقبل الد ويصرون ما يقبل الصر إل غي ذلك من صنائعهم أما‬
‫رسول ال فكان يتوضأ فيى الصحابة وضوءه فيأخذون به من غي أن يبي أن هذا ركن وذلك أدب‬
‫وكان يصلي فيون صلته فيصلون كما رأوه يصلي وحج فرمق الناس حجة ففعلوا‬
‫ص‪323:‬‬
‫كما فعل فهذا كان غالب حاله ول يبي أن فروض الوضوء ستة أو أربعة ول يفرض أنه يتمل أن يتوضأ‬
‫إنسان بغي موالة حت يكم عليه بالصحة أو الفساد إل ما شاء ال وقلما كانوا يسألونه عن هذه الشياء‬
‫عن ابن عباس رضي ال عنهما قال ما رأيت قوما خيا من أصحاب رسول ال ما سألوه عن ثلث‬
‫عشرة مسألة حت قبض كلهن ف القرآن منهن ((يسألونك عن الشهر الرام قتال فيه قل قتال فيه كبي))‬
‫((ويسألونك عن الحيض)) قال ما كانوا يسألون إل عما ينفعهم قال ابن عمر ل تسأل عما ل يكن فإن‬
‫سعت عمر بن الطاب يلعن من سأل عما ل يكن قال القاسم إنكم تسألون عن أشياء ما كنا نسأل عنها‬
‫وتنقرون عن أشياء ما كنا ننقر عنها تسألون عن أشياء ما أدري ما هي ولو علمناها ما حل لنا أن نكتمها‬
‫عن عمر بن إسحاق قال لن أدركت من أصحاب رسول ال أكثر من سبقن منهم فما رأيت قوما أيسر‬
‫سية ول أقل تشديدا منهم وعن عبادة بن بسر الكندي وسئل عن امرأة ماتت مع قوم ليس لا ول فقال‬
‫أدركت أقواما ما كانوا يشددون تشديدكم ول يسألون مسائلكم (أخرج هذه الثار الدارمي) وكان‬
‫يستفتيه الناس ف الوقائع فيفتيهم وترفع إليه القضايا فيقضى فيها ويرى الناس يفعلون معروفا فيمدحه أو‬
‫منكرا فينكر عليه وكل ما أفت به مستفتيا أو قضى به ف قضية أو أنكره على فاعله كان ف الجتماعات‬
‫وكذلك كان الشيخان أبو بكر وعمر إذا ل يكن لما علم ف السألة يسألون الناس عن حديث رسول‬
‫ال وقال أبو بكر رضي ال عنه ما سعت رسول ال قال فيها شيئا ‪ -‬يعن الدة‪ -‬وسأل الناس فلما صلى‬
‫الظهر قال أيكم سع رسول ال قال ف الدة شيئا فقال الغية بن شعبة أنا فقال ماذا قال قال أعطاها‬
‫رسول ال سدسا قال أيعلم ذاك أحد غيك فقال ممد بن سلمة صدق ‪ -‬فأعطاها أبو بكر السدس وقصة‬
‫سؤال عمر الناس ف الغرة‬
‫ص‪324:‬‬
‫ث رجوعه إل خب مغية وسؤاله إياهم ف الوباء ث رجوعه إل خب عبد الرحن بن عوف وكذا رجوعه‬
‫ف قصة الجوس إل خبه وسرور عبد ال بن مسعود بي معقل بن يسار لا وافق رأيه وقصة رجوع أب‬

‫‪206‬‬
‫موسى عن باب عمر وسؤاله عن الديث وشهادة أب سعيد له وأمثال ذلك كثية معلومة مروية ف‬
‫الصحيحي والسنن وبالملة فهذه كانت عادته الكرية فرأى كل صحاب ما يسره ال له من عبادته‬
‫وفتاواه وأقضيته فخفظها وعقلها وعرف لكل شيء وجها من قبل حفوف القرائن به فحمل بعضها على‬
‫الباحة وبعضها على النسخ لمارات وقرائن كانت كافية عنده ول يكن العمدة عندهم إل وجدان‬
‫الطمئنان والثلج من غي التفات إل طرق الستدلل كما ترى العراب يفهمون مقصود الكلم فيما‬
‫بينهم وتثلج صدورهم بالتصريح والتلويح والياء من حيث ل يشعرون فانقضي عصره الكري وهم على‬
‫ذلك ث إنم تفرقوا ف البلد وصار كل واحد مقتدي ناحية من النواحي فكثرت الوقائع ودارت السائل‬
‫فاستفتوا فيها فأجاب كل واحد حسب ما حفظه أو استنبط وإن ل يد فيما حفظه أو أشتنبط ما يصلح‬
‫للجواب اجتهد برأيه وعرف العلة الت أدار رسول ال عليها الكم ف منصوصاته فطر الكم حيثما‬
‫وجدها ل يألو جهدا ف موافقه عرضه عليه الصلة والسلم فعند ذلك وقع الختلف بينهم على ضروب‬
‫منها أن صحابيا سع حكما ف قضية أو فتوى ول يسمعه الخر فاجتهد برأيه ف ذلك وهذا على وجوه‬
‫أحدها أن يقع اجتهاده موافق الديث مثاله ما رواه النسائي وغيه أن ابن مسعود رضي ال عنه سئل عن‬
‫امرأة مات عنها زوجها ول يفرض لا ‪ -‬أي ل يعي لا لهر‪ -‬فقال ل أر رسول ال يقضي ف ذلك‬
‫فاختلفوا عليه شهرا وألوا فاجتهد برأيه وقضى بأن لا مهر نسائها ل وكس ول شطط وعليها العدة ولا‬
‫الياث فقام معقل بن يسار فشهد بأنه قضى بثل ذلك ف امرأة منهم ففرح بذلك ابن مسعود فرحة ل‬
‫يفرح مثلها قط بعد السلم‬
‫ص‪325:‬‬
‫ثانيها أن يقع بينهما الناظرة ويظهر الديث بالوجه الذي يقع به غالب الظن فيجع عن اجتهاده إل‬
‫السموع مثاله ما رواه الئمة من أن أبا هريرة رضي ال عنه كان من مذهبه أنه من أصبح جنبا فل صوم‬
‫له حت أخبته بعض أزواج النب بلف مذهبه فرجع‬
‫وثالثها أن يبلغة الديث ولكن ل على الوجه الذي يقع به غالب الظن فلم يترك اجتهاده بل طعن ف‬
‫الديث مثاله ما رواه أصحاب الصول من أن فاطمة بنت قيس شهدت عند عمر بن الطاب بأنا‬
‫كانت مطلقة الثلث فلم يعل لا رسول ال نفقة ول سكن فرد شهادتا وقال ل أترك كتاب ال بقول‬
‫امرأة ل ندري أصدقت أم كذبت لا النفقة والسكن وقالت عائشة رضي ال عنها لفاطمة أل تتقي ال‬
‫يعن ف قولا ل سكن ول نفقة ومثال آخر روي الشيخان أنه كان من مذهب عمر بن الطاب أن‬

‫‪207‬‬
‫التيمم ل يزي للجنب الذي ل يد ماء فتمعك ف التراب فذكر ذلك لرسول ال فقال رسول ال ((إنا‬
‫كان يكفيك أن تفعل هكذا)) وضرب بيديه الرض فمسح بما وجهه ويديه فلم يقبل عمر ول ينهض‬
‫عنده حجة لقادح خفي رآه فيه حت استفاض الديث ف الطبقة الثانية من طرق كثية واضمحل وهم‬
‫القادح فأخذوا به‬
‫ل مثاله ما أخرج مسلم أن ابن عمر كان يأمر النساء إذا اغتسلن أن‬
‫ورابعها أن ل يصل إليه الديث أص ً‬
‫ينقضن رؤوسهن فسمعت عائشة بذلك فقالت يا عجبا لبن عمر هذا يأمر النساء أن ينقضن رؤؤسهن‬
‫أفل يأمرهن أن يلقن رؤؤسهن لقد كنت أغتسل أنا ورسول ال من إناء واحد وما أزيد على أن أفرع‬
‫على رأسي ثلث إفراغات مثال آخر ما ذكره الزهري من أن هندا ل تبلغها رخصة رسول ال ف‬
‫الستحاضة فكان تبكي لنا كانت ل تصلي ومن تلك‬
‫ص‪326:‬‬
‫الضروب أن يروا رسول ال فعل فعلً فحمله بعضهم على القربة وبعضهم على الباحة مثاله ما رواه‬
‫أصحاب الصول ف قضية التخصيب ‪ -‬أي النول بالبطح عند النفر ‪ -‬نزل رسول ال به فذهب أبو‬
‫هريرة وابن عمر إل أنه على وجه القربة فجعلوه من سنن الج وذهبت عائشة وابن عباس إل أنه كان‬
‫على وجه التفاق وليس من السنن ومثال آخر ذهب المهور إل أن الرمل ف الطواف سنة وذهب ابن‬
‫عباس إل أنه إنا فعله النب على سبيل التفاق لعارض عرض وهو قول الشركي حطمتهم حى يثرب‬
‫وليس بسنة ومنها اختلف الوهم مثاله أن رسول ال حج فرآه الناس فذهب بعضهم إل أنه كان متمتعا‬
‫وبعضهم إل أنه كان قارنا وبعضهم إل أنه كان مفردا مثال آخر أخرج أبو داود عن سعيد بن جبي أنه‬
‫قال قلت لعبد ال بن عباس يا أبا العباس عجبت لختلف أصحاب رسول ال حي أوجب فقال إن‬
‫لعلم الناس بذلك إنا كانت من رسول ال حجة واحدة فمن هناك اختلفوا خرج رسول ال حاجا فلما‬
‫صلى ف مسجد ذي الليفة ركعة أوجب ف ملسه وأهل بالج حي فرغ من ركعتيه فسمع ذلك منه‬
‫أقوام فحفظته عنه ث ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك منه أقوام وذلك أن الناس إنا كانوا يأتون‬
‫أرسالً فسمعوه حي استقلت به ناقته يهل فقالوا إنا أهل رسول ال حي استقلت به ناقته ث مضى‬
‫رسول ال البيداء وأي ال لقد أوجب ف مصله وأهل حي استقلت به ناقته وأهل حي عل على شرف‬
‫البيداء‬

‫‪208‬‬
‫ومنها اختلف السهو والنسيان مثاله ما روي أن ابن عمر كان يقول اعتمر رسول ال عمرة ف رجب‬
‫فسمعت بذلك عائشة فقضت عليه بالسهو‬
‫ص‪327:‬‬
‫ومنها اختلف الضبط مثاله ما روي ابن عمر أو عمر عنه من أن اليت يعذب ببكاء أهله عليه فقضت‬
‫عائشة عليه بأنه ل يأخذ الديث على وجهه مر رسول ال على يهودية يبكي عليها أهلها فقال إنم‬
‫يبكون عليها وإنا تعذب ف قبها فظن العذاب معلولً للبكاء فظن الكم عاما على كل ميت‬
‫ومنها اختلفهم ف علة الكم مثاله القيام للجنازة فقال قائل لتعظيم اللئكة فيعم الؤمن والكافر وقال‬
‫قائل لول الوت فيعمهما وقال السن بن علي رضي ال عنهما مر على رسول ال بنازة يهودي فقام لا‬
‫كراهية أن تعلو فوق رأسه فيخص الكافر‬
‫ومنها اختلفهم ف المع بي الختلفي مثاله رخص رسول ال ف التعة عام خيب ث رخص فيها عام‬
‫أوطاس ث نى عنها فقال ابن عباس كانت الرخصة للضرورة والنهي لنقضاء الضرورة والكم باق على‬
‫ذلك وقال المهور كانت الرخصة إباحة والنهي نسخا لا مثال آخر نى رسول ال عن استقبال القبلة‬
‫ف الستنجاء فذهب قوم إل عموم هذا الكم وكونه غي منسوخ ورآه جابر يبول قبل أن يتوف بعام‬
‫مستقبل القبلة فذهب إل أنه نسخ للنهي التقدم ورآه ابن عمر قضى حاجته مستدبر القبلة مستقبل الشام‬
‫فرد به قولم وجع قوم بي‬
‫ص‪328:‬‬
‫الروايتي فذهب الشعب وغيه إل أن النهي متص بالصحراء فإذا كان ف الراحيض فل بأس بالستقبال‬
‫والستدبار وذهب قوم إل أن القول عام مكم والفعل يتمل كونه خاصا بالنب فل ينتهض ناسخا ول‬
‫مصصا وبالملة فاختلفت مذاهب أصحاب النب وأخذ عنهم التابعون كذلك كل واحد ما تيسر له‬
‫فحفظ ما سع من حديث رسول ال ومذاهب الصحابة وعقلها وجع الختلف على ما تيسر له ورجح‬
‫بعض القوال على بعض واضمحل ف نظرهم بعض القوال وإن كان مأثورا عن كبار الصحابة‬
‫كالذهب الأثور عن وابن مسعود ف تيمم النب اضحمحل عندهم لا استفاض من الحاديث عن عمار‬
‫وعمران بن الصي وغيها فعند ذلك صار لكل عال من علماء التابعي مذهب على حياله فانتصب ف‬
‫بلد إمام مثل سعيد بن السيب وسال بن عبد ال بن عمر ف الدينة وبعدها الزهري والقاضي يي بن‬
‫سعيد وربيعة بن عبد الرحن فيهان وعطاء بن أب رباح بكة وإبراهيم النخعي والشعب بالكوفة والسن‬

‫‪209‬‬
‫البصري بالبصرة وطاوس بن كيسان باليمن ومكحول بالشام فأظمأ ال أكبادا إل علومهم فرغبوا فيها‬
‫وأخذوا عنهم الديث وفتاوي الصحابة وأقاويلهم ومذاهب هؤلء العلماء وتقيقاتم من عند أنفسهم‬
‫واستفت منهم التفتون ودارت السائل بينهم ورفعت إليهم القضية وكان سعيد بن السيب وإبراهيم‬
‫وأمثالما جعوا أبواب الفقه أجعها وكان لم ف باب أصول تلقوها من السلف وكان سعيد وأصحابه‬
‫يذهبون إل أن أهل الرمي أثبت الناس ف الفقه وأصل مذهبهم فتاوي عبد ال بن عمر وعائشة وابن‬
‫عباس وقضايا قشاة الدينة فجمعوا من ذلك ما يسره ال لم ث نظروا فيها نظر اعتبار وتفتيش فما كان‬
‫منها ممعا عليه بي علماء الدينة فإنم يأخذون عليه بنواجذهم وما كان فيه اختلف عندهم فإنم‬
‫يأخذون بأقواها وأرجحها إما بكثرة من ذهب إليه منهم أو لوافقته بقياس قوى أو تريج صريح من‬
‫الكتاب والسنة أو نو ذلك وإذا ل يدوا فيما حفظوا منه جواب السألة خرجوا من كلمه وتتبعوا الياء‬
‫فحصل لم مسائل كثية ف كل باب وكان إبراهيم‬
‫ص‪329:‬‬
‫وأصحابه يرون أن عبد ال بن مسعود وأصحابه أثبت الناس ف الفقة كما قال علقمة لسروق هل أحد‬
‫منهم أثبت من عبد ال وقول أب حنيفة رضي ال عنه للوزاعي إبراهيم أققه من سال ولول فضل‬
‫الصحبة لقلت إن علقمة أفقه من عبد ال بن عمر وعبد ال هو عبد ال وأصل مذهبه فتاوي عبد ال بن‬
‫مسعود وقضايا على رضي ال عنهما وفتاواه وقضايا شريح وغيه من قضاة الكوفة فجمع من ذلك ما‬
‫يسره ال ث صنع ف آثارهم كما صنع أهل الدينة ف آثار أهل الدينة وخرج كما خرجوا فلخص له‬
‫مسائل الفقه ف كل باب باب وكان سعيد بن السيب لسان فقهاء الدينة وكان أحفظهم لقضايا عمر‬
‫ولديث أب هريرة وإبراهيم لسان فقهاء الكوفة فإذا تكلما بشيء ول ينسباه إل أحد فإنه ف الكثر‬
‫منسوب إل أحد من السلف صريا وإياء ونو ذلك فاجتمع عليهما فقهاء بلدها وأخذوا عنهما وعقلوه‬
‫وخرجوا عليه وال أعلم‬
‫‪ -23‬بيان أسباب اختلف مذاهب الفقهاء‬
‫قال المام ول ال الدهلوي قدس سره ف الجة البالغة أيضا تت هذه الترجة ما صورته ((أعلم أن ال‬
‫تعال أنشأ بعد عصر التابعي نشئا من حلة العلم إنازا لا وعده رسول ال حيث قال ((يمل هذا العلم‬
‫من كل خلف عدوله)) فأخذوا عمن اجتمعوا معه صفة الوضوء والغسل والصلة والج والنكاح والبيوع‬
‫وسائر ما يكثر وقوعه ورووا حديث النب وسعوا قضايا قضاة البلدان وفتاوي مفتيها وسألوا عن السائل‬

‫‪210‬‬
‫واجتهدوا ف ذلك كله ث صاروا كباء قوم ووسدوا إليهم المر فنسجوا على منوال شيوخهم ول يألوا‬
‫ف تتبع الياءات والقتصاءات فقضوا وأفتوا ورووا وعلموا وكان صنيع العلماء ف هذه الطبقة متشابا‬
‫وحاصل صنيعهم أن يتمسك بالسند من حديث رسول ال والرسل جيعا ويستدل بأقوال‬
‫ص‪330:‬‬
‫الصحابة والتابعي علما منهم أنا إما أحاديث منقولة عن رسول ال اختصروها فجعلوها موقوفة كما‬
‫قال إبراهيم وقد روى حديث نى رسول ال عن الحاقلة والزابنة فقيل له أما تفظ عن رسول ال حديثا‬
‫غي هذا قال بلي ولكن أقول قال عبد ال قال علقمة أحب إل وكما قال الشعب وقد سئل عن حديث‬
‫وقيل إنه يرفع إل النب قال ل على من دون النب أحب إلينا فإن كان فيه زيادة ونقصان كان على من‬
‫دون النب أو يكون استنباطا منهم من النصوص أو اجتهادا منهم بآرائهم وهم أحسن صنيعا ف كل ذلك‬
‫من ييء بعدهم وأكثر إصابة وأقدم زمانا وأوعي علما فتعي العمل با إل إذا اختلفوا وكان حديث‬
‫رسول ال يالف قولم مالفة ظاهرة وإنه إذا اختلف أحاديث رسول ال ف مسألة رجعوا إل أقوال‬
‫الصحابة فإن قالوا بنسخ بعضها أو بصرفه عن ظاهره أو ل يصرحوا بذلك ولكن اتفقوا على تركه وعدم‬
‫القول بوجبه فإنه كإيداء علة فيه أو الكم بنسخه أو تأويله اتبعوهم ف كل ذلك وهو قول مالك ف‬
‫حديث ((إذا ولغ الكلب)) ((جاء هذا الديث ولكن ل أدري ما حقيقته)) يعن حكاه ابن الاجب ف‬
‫متصر الصول ل أر الفقهاء يعلمون به وإنه إذا اختلفت مذاهب الصحابة ف مسألة فالختار عند كل‬
‫عال مذهب أهل بلده وشيوخه لنه أعرف بصحيح أقاويلهم من السقيم وأوعي للصول الناسبة لا وقلبه‬
‫أميل إل فضلهم وتبحرهم فمذهب عمر وعثمان وابن عمر وعائشة وابن عباس وزيد بن ثابت وأصحابم‬
‫مثل سعيد بن السيب فإنه كان أحفظهم لقضايا عمر وحديث أب هريرة ومثل عروة وسال وعطاء بن‬
‫يسار وقاسم وعبيد ال بن عبيد ال والزهري ويي بن سعيد وزيد بن أسلم وربيعة ‪ -‬أحق بالخذ من‬
‫غيه عند أهل الدينة لا بينه النب ف فضائل الدينة ولنا مأوي الفقهاء وممع العلماء ف كل عصر‬
‫ولذلك تري مالكا يلزم مجتهم ومذهب عبد ال بن مسعود وأصحابه وقضايا على وشريح والشعب‬
‫ص‪331:‬‬
‫وفتاوي إبراهيم أحق بالخذ عند أهل الكوفة من غيه وهو قول علقمة حي مال مسروق إل قول زيد‬
‫بن ثابت ف التشريك قال هل أحد منكم أثبت من عبد ال فقال ل ولكن رأيت زيد بن ثابت وأهل‬
‫الدينة يشركون فإن اتفق أهل البلد على شيء أخذوا بنواجذه وهو الذي يقول ف مثله مالك السنة الن‬

‫‪211‬‬
‫ل اختلف فيها عندنا كذا وكذا وإن اختلفوا أخذوا بأقواها وأرجحها إما بكثرة القائلي به أو لوافقته‬
‫لقياس قوى أو تريج من الكتاب والسنة وهو الذي يقول ف مثله مالك هذا أحسن ما سعت فإذا ل‬
‫يدوا فيما حفظوا منهم جواب السألة خرجوا من كلمهم وتتبعوا الياء والقتضاء وألموا ف هذه‬
‫الطبقة التدوين فدون مالك وممد بن عبد الرحن بن أب ذئب بالدينة وابن جريج وابن عيينة بكة‬
‫والثوري بالكوفة وربيع بن الصبيح بالبصرة وكلهم مشوا على هذا النهج الذي ذكرته ولا حد النصور‬
‫قال لالك قد عزمت أن آمر بكتبك هذه الت صنفتها فتنسخ ث أبعث ف كل مصر من أمصار السلمي‬
‫منها نسخة وآمرهم بأن يعملوا با فيها ول يتعدوه إل غيه فقال يا أمي الؤمني ل تفعل هذا فإن الناس‬
‫قد سبقت إليهم أقاويل وسعوا أحاديث ورووا روايات وأخذ كل قوم با سبق إليهم وأتوا به من اختلف‬
‫الناس فدع الناس وما اختار أهل كل بلد منهم لنفسهم ويكي نسبة هذه القصة إل هرون الرشيد وأنه‬
‫شاور مالكا ف أن يعلق الوطأ ف الكعبة ويمل الناس على ما فيه فقال ل تفعل فإن أصحاب رسول ال‬
‫اختلفوا ف الفروع وتفرقوا ف البلدان وكل سنة مضت قال وفقك ال يا أبا عبد ال (حكاه السيوطي)‬
‫وكان مالك من أثبتهم ف حديث الدنيي عن رسول ال وأوثقهم إسنادا وأعلمهم بقضايا عمر وأقاويل‬
‫عبد ال بن عمر وعائشة وأصحابم من الفقهاء السبعة وبه وبأمثاله قام علم الرواية والفتوى فلما وسد‬
‫إليه المر حدث وأفت وأجاد وعله انطبق قول النب ((يوشك أن يضرب الناس أكباد البل يطلبون العلم‬
‫يطلبون العلم فل يدون أحدا أعلم‬
‫ص‪332:‬‬
‫من علم الدينة)) على ما قاله ابن عيينة وعبد الرزاق وناهيك بما فجمع أصحابه رواياته ومتاراته‬
‫ولصوها وحرروها وشرحوها وخرجوا عليها وتكلموا ف أصولا ودلئها وتفرقوا إل الغرب ونواحي‬
‫الرض فنفع ال بم كثيا منن خلقه وإن شئت أن تعرف حقيقة ما قلناه من أصل مذهبه فانظر ف كتاب‬
‫الوطأ تده كما ذكرنا وكان أبو حنيفة رضي ال عنه ألزمها بذهب إبراهيم وأقرانه ل ياوزه إل ما شاء‬
‫ال وكان عظيم الشأن ف التخريج على مذهبه دقيق النظر ف وجوه التخريات مقبلً على الفروع أت‬
‫إقبال وإن شئت أن تعلم حقيقة ما قلنا فلخص أقوال إبراهيم وأقرانه من كتاب الثار لحمد رحه ال‬
‫وجامع عبد الرزاق ومصنف أب بكر بن أب شيبة ث قايسه بذهبه تده ل يفارق تلك الحجة إل ف‬
‫مواضع يسية وهو ف تلك اليسية أيضا ل يرج عما ذهب إليه فقهاء الكوفة وكان أشهر أصحابه ذكرا‬
‫أبو يوسف رحه ال فول قضاء القضاة أيام هرون الرشيد فكان سببا لظهور مذهبخ والقضاء به ف أقطار‬

‫‪212‬‬
‫العراق وخراسان وما وراء النهر وكان أحسنهم تصنيفا وألرزمهم درسا ممد بن السن وكان من خبه‬
‫أنه نفقه على أب حنيفة وأب يوسف ث خرج إل الدينة فقرأ الوطأ على مالك ث رجع إل نفسه فطبق‬
‫مذهب أصحابه على الوطأ مسألة مسألة فإن وافق فيها وإل فإن رأى طائفة من الصحابة والتابعي ذاهبي‬
‫إل مذهب أصحابه فكذلك وإن وجد قياسا ضعيفا أو تزيا لينا يالفه حديث صحيح فيما عمل به‬
‫الفقهاء أو يالفه عمل أكثر العلماء تركه إل مذهب من مذاهب السلف ما يراه أرجح ما هناك وهذان ل‬
‫يزالن على مجة إبراهيم وأقرانه ما أمكن لما كما كان أبو حنيفة رضي ال عنه يفعل ذلك وإنا كان‬
‫اختلفهم ف أحد شيئي إما أن يكون لشيخهما تريج على مذهب إبراهيم يزاحانه فيه أو يكون هناك‬
‫لبراهيم ونظرائه أقوال متلفة يالفان شيخهما ف ترجيح بعضها على بعض فصنف ممد رحه ال وجع‬
‫رأى هؤلء الثلثة وتقريبا أو شرحا أو تريا أو تأسيسا أو استدللً ث تفرقوا إل خراسان وما وراء‬
‫النهر فيسمى ذلك مذهب أب حنيفة‬
‫ص‪333:‬‬
‫((ونشأ الشافعي ف أوائل ظهور الذهبي وترتيب أصولما وفروعهما فنظر ف صنيع الوائل فوجد فيه‬
‫أمورا كبحث عنانه عن الريان ف طريقهم وقد ذكرها ف أوائل كتاب الم منها أنه وجدهم يأخذون‬
‫بالرسل والنقطع فيدخل فيهما اللل فإنه إذا جع طرق الديث يظهر أنه كم من مرسل ل أصل له وكم‬
‫من مرسل يالف مسندا فقرر أن ل يأخذ بالراسيل إل عند وجود شروط وهي مذكورة ف كتب‬
‫الصول ومنها أنه ل تكن قواعد المع بي الختلفات مضبوطة عندهم فكان يتطرق بذلك خلل ف‬
‫متهداتم فوضع لا أصولً ودونا ف كتاب وهذا أول تدوين كان ف أصول الفقه مثاله ما بلغنا أنه دخل‬
‫على ممد بن السن وهو يطعن على أهل الدينة ف قضائهم بالشاهد الواحد مع اليمي ويقول هذا زيادة‬
‫على كتاب ال فقال الشافعي أثبت عندك أنه ل توز الزيادة على كتاب ال بب الواحد قال نعم قال فلم‬
‫قلت إن الوصية للوارث ل توز لقوله ((أل ل وصية لوارث)) وقد قال ال تعال (كتب عليكم إذا حضر‬
‫أحدكم الوت) الية وأورد عليه أشياء من هذا القبيل فانقطع كلم ممد بن السن ومنها أن بعض‬
‫الحاديث الصحيحة ل يبلغ علماء التابعي من وسد إليهم الفتوى فاجتهدوا بآرائهم واتبعوا العمومات‬
‫واقتدوا بن مضى من الصحابة فأفتوا حسب ذلك ث ظهرت بعد ذلك ف الطبقة الثالثة فلم يعملوا با ظنا‬
‫منهم أنا تالف عمل أهل مدينتهم وسنتهم الت ل اختلف لم فيها وذلك قادح ف الديث وعلة‬
‫مسقطة له أو ل تظهر ف الثالثة وإنا ظهرت بعد ذلك عندما أمعن أهل الديث ف جع طرق الديث‬

‫‪213‬‬
‫ورحلوا إل أقطار الرض وبثوا عن حلة العلم فكثر من الحاديث ما ل يرويه من الصحابة إل رجل أو‬
‫رجلن ول يرويه عنه أو عنهما إل رجل أو رجلن وهلم جرا فخفي على أهل الفقه وظهر ف عصر‬
‫الفاظ الامعي لطرق الديث كثي من الحاديث رواه أهل البصرة مثلً وسائر القطار ف غفلة منهن‬
‫فبي الشافعي أن العلماء من الصحابة والتابعي ل يزل شأنم أنم يطلبون الديث ف السألة فإذا ل يدوا‬
‫تسكوا بنوع آخر من الستدلل‬
‫ص‪334:‬‬
‫ث إذا ظهر عليهم الديث بعد رجعوا من احتهادهم إل الديث فإذا كان المر على ذلك ل يكون عدم‬
‫تسكهم بالديث قدحا فيه اللهم إل إذا بينوا العلة القادحة مثاله حديث القلتي فإنه حديث صحيح روى‬
‫بطرق كثية معظمها يرجع إل أب الوليد بن كثي عن ممد بن جعفر بن الزبي عن عبد ال أو ممد بن‬
‫عباد بن جعفر عن عبيد ال ابن عبد ال كلها عن ابن عمر ث تشعبت الطرق بعد ذلك وهذان وإن كانا‬
‫من الثقات لكنهما ليسا من وسد إليهم الفتوى وعول الناس عليهم فلم يظهر الديث ف عصر سعيد بن‬
‫السيب ول ف عصر الزهري ول يش عليه الالكية ول النيفة فلم يعملوا به وعمل به الشافعي وكحديث‬
‫((خيار الجلس)) فإنه حديث صحيح روى بطرق كثية وعمل به ابن عمر وأبو هريرة من الصحابة ول‬
‫يظهر على الفقهاء السبعة ومعاصريهم فلم يكونوا يقولون به فرأى مالك وأبو حنيفة هذه علة قادحلة ف‬
‫الديث وعمل به الشافعي‬
‫ومنها أن أقوال الصحابة جعت ف عصر الشافعي فتكثرت واختلفت وتشعبت ورأى كثيا منها يالف‬
‫الديث الصحيح حيث ل يبلغهم ورأى السلف ل يزالوا يرجعون ف مثل ذلك إل الديث فترك التمسك‬
‫بأقوالم ما ل يتفقوا وقال هم رجال ونن رجال‬
‫ومنها أنه رأى قوما من الفقهاء يلطون الرأي الذي ل يسوغه الشرع بالقياس الذي أثبته فل ييزون‬
‫واحدا منها من الخر ويسمونه تارة بالستحسان وأعن بالرأي أن ينصب مظنة حرج أو مصلحة علة‬
‫الكم وإنا القياس أن ترج العلة من الكم النصوص ويدار عليها الكم فأبطل هذا النوع أت إبطال‬
‫وقال من استحسن فإنه أراد أن يكون شارعا ‪ -‬حكاه ابن الاجب ف متصر الصول ‪ -‬مثاله رشد‬
‫اليتيم أمر خفي فأقاموا مظنة الرشد وهو بلوغ خس وعشرين سنة مقامه وقالوا إذا بلغ اليتيم هذا العمر‬
‫سلم إليه ماله قالوا هذا استحسان والقياس أن ل يسلم إليه وبالملة لا رأى ف صنيع الوائل مثل هذه‬

‫‪214‬‬
‫المور أخذ الفقه من الرأس فأسس الصول وفرع الفروع وصنف الكتب فأجاد وأفاد واجتمع عليه‬
‫الفقهاء وتصرفوا اختصارا وشرحا‬
‫ص‪335:‬‬
‫واستدللً وتريا ث تفرقوا ف البلدان فكان هذا مذهبا للشافعي وال أعلم))‬
‫‪ -24‬بيان الفرق بي أهل الديث وأصحاب الرأي‬
‫قال المام ول ال الدهلوي قدس سره تت هذا العنوان ف الجة البالغة ما نصه ((أعلم أنه كان من‬
‫العلماء ف عصر سعيد بن السيب وإبراهيم والزهري وف عصر مالك وسفيان وبعد ذلك يكرهون‬
‫الوص بالرأي ويهابون الفتيا والستبناط إل لضرورة ل يدون منها بدا وكان أكبههم رواية حديث‬
‫رسول سئل عبد ال بن مسعود عن شيء فقال إن لكره أن أحل لك شيئا حرمه ال عليك أو أحرم ما‬
‫أحله ال لك وقال معاذ بن جبل يا أيها الناس ل تعجلوا بالبلء قبل نزوله فإنه ل ينفك السلمون أن‬
‫يكون فيهم من إذا سئل سرد وروي نو ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود ف كراهة التكلم‬
‫فيما ل ينل وقال ابن عمر لابر بن زيد إنك من فقهاء البصرة فل تفت إل بقرآن ناطق أو سنة ماضية‬
‫فإنك إن فعلت غي ذلك هلكت وأهلكت وقال أبو النصر لا قدم أبو سلمة البصرة أتيته أنا والسن فقال‬
‫للحسن أنت السن ما كان أحد بالبصرة أحب إل لقاء منك وذلك أنه بلغن أنك تفت برأيك فل تفت‬
‫برايك إل أن يكون سنة عن رسول أو كتابا منل وقال ابن النكدر إن العال يدخل فيما بي ال وبي‬
‫عبادة فليطلب لنفسه الخرج وسئل الشعب كيف كنتم تصنعون إذا سئلتم قال على البي وقعت كان إذا‬
‫سئل الرجل قال لصاحبه أفتهم فل يزال حت يرجع إل الول وقال الشعب ما حدثوك هؤلء عن رسول‬
‫ال فخذ به وما قالوه برأيهم فألقه ف الش (أخرج هذه الثار عن آخرها الدارمي)‬
‫((فوقع شيوع تدوين الديث والثر ف بلدان السلم وكتابه الصحف والنسخ‬
‫ص‪336:‬‬
‫حت قل من يكون أهل الرواية إل كان له تدوين أو صحيفة أو نسخة من حاجتهم لوقع عظيم فطاف‬
‫من أدرك من عظائهم ذلك الزمان بلد الجاز والشام والعراق ومصر واليمن وخراسان وجعوا الكتب‬
‫وتتبعوا النسخ وأمعنوا ف التفحص غريب الديث ونوادر الثر فاجتمع باهتمام أولئك من الديث‬
‫والثار ما ل يتمع لحد قبلهم ويتسر لم ما ل يتيسر لحد قبلهم وخلص إليهم من طرق الحاديث‬
‫شيء كثي حت كان يكثر من الحاديث عندهم مئة طريق فما فوقها فكشف بعض الطرق ما استتر ف‬

‫‪215‬‬
‫بعضها الخر وعرفوا مل كل حديث من الغرابة والستفاضة وأمكن لم النظر ف التابعات والشواهد‬
‫وظهر عليهم أحاديث صحيحة كثية ل تظهر على أهل الفتوى من قبل قال الشافعي لحد أنتم أعلم‬
‫بالخبار الصحيحة منا فإذا كان خب صحيح فأعلمون حت أذهب إليه كوفيا كان أو بصربا أو شاميا‬
‫(حكاه ابن المام) وذلك لنه كم من حديث صحيح ل يرويه إل أهل بلد خاصة كأفراد الشاميي‬
‫والعراقيي أو أهل بيت خاصة كنسخة يريد عن أب بردة عن أب موسى ونسخة عمرو بن شعيب عن أبيه‬
‫عن جده أو كان الصحاب مقل خامل ل يمل عنه إل شرذمة قليلون فمثل هذه الحاديث يغفل عنها‬
‫عامة أهل الفتوى واجتمعت عندهم آثار فقهاء كل بلد من الصحابة والتابعي وكان الرجل فيما قبلهم ل‬
‫يتمكن إل من جع حديث بلده وأصحابه وكان من قبلهم يعتمدون ف معرفة أساء الرجال ومراتب‬
‫عدالتهم على ما يلص إليهم من مشاهدة الال وتتبع القرائن وأمعنت هذه الطبقة ف هذا الفن وجعلوه‬
‫ل بالتدوين والبحث وناظروا ف الكم بالصحة وغيها فانكشف عليهم بذا التدوين والناظرة‬ ‫شيئا مستق ً‬
‫ما كان خافيا من حال التصال والنقطاع وكان سفيان ووكيع وأمثالما يتهدون غاية الجتهاد فل‬
‫يتمكنون من الديث الرفوع التصل إل من دون ألف حديث كما ذكره أبو داود السجستان ف رسالته‬
‫إل أهل مكة وكان أهل هذه الطبقة يروون أربعي ألف حديث فما يقرب منها بل صح عن البخاري أنه‬
‫اختصر صحيحة من‬
‫ص‪337:‬‬
‫ستة آلف حديث وعن أب داود أنه اختصر سننه من خسة آلف حديث وجعل أحد مسنده ميزانا‬
‫يعرف به حديث رسول ال فما وجد فيه ولو بطريق واحد منه فله وإل فل أصل له فكان رؤوس هؤلء‬
‫عبد الرحن بن مهدي وييي ابن سعيد القطان ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وأبو بكر بن أب شيبة‬
‫ومسدد وهناد وأحد بن حنبل وإسحاق بن واهويه والفضل بن دكي وعلى الدين وأقرانم وهذه الطبقة‬
‫هي الطراز الول من طبقات الحدثي فرجع الحققون منهم بعد إحكام فن الرواية ومعرفة مراتب‬
‫الحاديث إل الفقه فلم يكن عندهم من الرأي أن يمع على تقليد رجل من مضى مع ما يرون من‬
‫الحاديث والثار الناقضة ف كل مذهب من تلك الذاهب فأخذوا يتبعون أحاديث النب وآثار الصحابة‬
‫والتابعي والجتهدين على قواعد أحكموها ف نفوسهم وأنا أبينها ف كلمات يسية‬
‫((كان عندهم أنه إذا وجد ف السألة قرآن ناطق فل يوز التحول إل غيه وإذا كان القرآن متملً‬
‫لوجوه فالسنة قاضية عليه فإذا ل يدوا ف كتاب ال أخذوا بسنة رسول ال سواء كان مستفيضا دائرا‬

‫‪216‬‬
‫بي الفقهاء أو يكون متصا بأهل بلد أو أهل بيت أو بطريق خاصة وسواء عمل به الصحابة والفقهاء أو‬
‫ل يعملوا به ومت كان ف السألة حديث فل يتبع فيها خلف أثر من الثار ول اجتهاد أحد من‬
‫الجتهدين وإذا فرغوا جهدهم ف تتبع الحاديث ول يدوا ف السألة حديثا أخذوا بأقوال جاعة من‬
‫الصحابة والتابعي ول يتقيدون بقوم دون قوم ول بلد دون بلد كما كان يفعل من قبلهم فإن اتفق‬
‫جهور اللفاء والفقهاء على شيء فهو القنع وإن اختلفوا أخذوا بديث أعلمهم علما وأورعهم ورعا أو‬
‫أكثرهم ضبطا أو ما اشتهر عنهم فإن وجدوا شئيا يستوي فيه قولن فهي مسألة ذات قولي فإن عجزوا‬
‫عن ذلك أيضا تأملوا ف عمومات الكتاب والسنة وإياءاتما واقتضاءاتما وحلوا نظي السألة عليها ف‬
‫الواب إذا كانتا متقاربتي بادي الرأي ل يعتمدون ف ذلك على قواعد من الصول ولكن ما يلص إل‬
‫الفهم ويثلج به الصدر كما أنه ليس ميزان‬
‫ص‪338:‬‬
‫التواتر عدد الرواة ول حالم ولكن اليقي الذي يعقبه ف قلوب الناس وكانت هذه الصول مستخرجه‬
‫عن صنيع الوائل وتصرياتم وعن ميمون بن مهران قال كان أبو بكر إذا ورد عليه الصم نظر ف‬
‫كتاب ال فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به وإن ل يكن ف الكتاب وعلم من رسول ال ف ذلك‬
‫المر سنة قضى با فإن أعياه خرج فسال السلمي وقال أتان كذا وكذا فهل علمتم أن رسول ال قضى‬
‫ف ذلك بقضاء فربا اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول ال فيه قضاء فيقول أبو بكر المد ل الذي‬
‫جعل فينا من يفظ على نبينا فإن أعياه أن يد فيه سنة من رسول ال جع رؤوس الناس وخيارهم‬
‫فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به وعن شريح أن عمر بن الطاب كتب إليه ((إن جاءك‬
‫شيء ف كتاب ال فاقض به ول يلفتك عنه الرجال فإن جاءك ما ليس ف كتاب ال ول سكن فيه سنة‬
‫رسول ال ول يتكلم فيه أحد قبلك فاختر أي المرين شئت إن شئت أن تتهد برأيك ث تتقدم فتقدم‬
‫وإن شئت أن تتأخر فتأخر ول أرى التأخر إل خيا لك وعن عبد ال بن مسعود قال أت علينا زمان لسنا‬
‫نقضي ولسنا هنالك وإن ال قد قدر من المر أن قد بلغنا ما ترون فمن عرض له قضاء بعد اليوم فليقض‬
‫فيه با ف كتاب ال عز وجل فإن جاءه ما ليس ف كتاب ال فليقض با قضى به رسول ال فإن جاءه ما‬
‫ليس ف كتاب ال ول يقض به رسول ال فليقض با قضى به الصالون ول يقل إن أخاف وإن أرى‬
‫فإن الرام بي واللل بي وبي ذلك أمور مشتبهة فدع ما يريبك إل ما ل يريبك)) وكان ابن عباس إذا‬
‫سئل عن المر فإن كان ف القرآن أخب به‬

‫‪217‬‬
‫ص‪339:‬‬
‫وإن ل يكن ف القرآن وكان عن رسول ال اخب به وإن ل يكن فعن أب بكر وعمر فإن ل يكن قال فيه‬
‫برأيه‬
‫عن ابن عباس أما تافون أن تعذبوا أو يسف بكم أن تقولوا قال رسول ال وقال فلن عن قتاده قال‬
‫حدث ابن سيين رجلً بديث عن النب فقال الرجل قال فلن كذا وكذا فقال ابن سيين أحدثك عن‬
‫النب ويقول قال فلن كذا وكذا عن الوزاعي قال كتب عمر بن عبد العزيز أنه ل رأى لحد ف كتاب‬
‫ال وإنا رأى الئمة فيما ل ينل فيه كتاب ول تض فيه سنة من رسول ال ول رأى لحد ف سنة سنها‬
‫رسول ال عن العمش قال كان إبراهيم يقول يقوم عن يساره فحدثته عن سيع الزيات عن ابن عباس‬
‫أن النب أقامه عن يينه فأخذ به عن الشعب جاءه رجل يسأله عن شيء فقال كان ابن مسعود يقول فيه‬
‫كذا وكذا قال أخبن أنت برأيك فقال أل تعجبون من هذا أخبته عن ابن مسعود ويسألن عن رأي‬
‫ودين عندي آثر من ذلك وال لن أتغن بأغنية أحب إل من أن أخبك برأيي (أخرج هذه الثار كلها‬
‫الدارمي)‬
‫وأخرج الترمذي عن أب السائب قال كنا عند وكيع فقال لرجل من ينظر ف الرأي أشعر رسول ال‬
‫ويقول أبو حنيفة ((هو مثله)) قال الرجل فإنه قد روى عن إبراهيم النخعي أنه قال الشعار مثله قال‬
‫رأيت وكيعا غضب غضبا شديدا وقال أقول لك قال رسول ال وتقول قال إبراهيم ما أحقك بأن تبس‬
‫ث ل ترج حت تنع عن قولك هذا عن عبد ال بن عباس وعطاء وماهد ومالك بن أنس رضي ال‬
‫عنهم أنم كانوا يقولون ما من أحد إل وهو مأخوذ من كلمه ومردود عليه إل رسول ال‬
‫ص‪340:‬‬
‫((وبالملة فلما مهدوا الفقه على هذه القواعد فلم تكن مسألة من السائل الت تكلم فيها من قبلهم والت‬
‫وقعت ف مازنم إل وجدوا فيها حديثا مرفوعا متصلً أو مرسل أو موقوفا صحيحا أو حسنا أو صالا‬
‫للعتبار أو وجدوا أثرا من آثار الشيخينك أو سائر اللفاء وقضاة المصار وفقهاء البلدان أو استنباطا‬
‫من عموم أو إياء واقتضاء فيسر ال لم العمل بالسنة على هذا الوجه وكان أعظمهم شأنا وأوسعهم‬
‫رواية وأعرفهم للحديث مرتبة وأعمقهم فقها أحد بن ممد بن حنبل ث إسحاق بن راهويه وكان ترتيب‬
‫الفقه على هذا الوجه يتوقف على جع شيء كثي من الحاديث والثار‬

‫‪218‬‬
‫((ث أنشأ ال تعال قرنا آخر فرأوا أصحابم قد كفوا مؤونة جع الحاديث وتهيد الفقه على أصلهم‬
‫فتفرغوا لفنون أخرى كتمييز الديث الصحيح الجمع عليه بي كباء أهل الديث كزيد بن هرون ويي‬
‫بن سعيد القطان وأحد وإسحاق وأضرابم وكجمع أحاديث الفقه الت بن عليها فقهاء المصار وعلماء‬
‫البلدان مذاهبهم وكالكم على كل حديث با يستحقه وكالشاذة والفاذة من الحاديث الت ل يرووها‬
‫أو طرقها الت ل يرجوا من جهتها الوائل ما فيه اتصال أو علو سند أو رواية فقيه عن فقيه أو حافظ‬
‫عن حافظ ونو ذلك من الطالب العلمية وهؤلء هم البخاري ومسلم وأبو داود وعبد ابن حيد‬
‫والدارمي وابن ماجة وأبو يعلي والترمذي والنسائي والدار قطن والاكم والبيهقي والطيب والديلمي‬
‫وابن عبد الب وأمثالم وكان أوسعهم علما عندي وأنفعهم تصنيفا وأشهرهم ذكرا رجال أربعة متقاربون‬
‫ف العصر‬
‫أولم أبو عبد ال البخاري وكان غرضه تويد الحاديث الصحاح الستفيضة التصلة من غيها واستنباط‬
‫الفقه والسية والتفسي منها فصنف جامعه الصحيح ووف با شرط وبلغنا أن رجل من الصالي رأي‬
‫رسول ال ف منامه وهو يقول مالك اشتغلت بفقه ممد بن إدريس وتركت كتاب قال يا رسول ال وما‬
‫كتابك قال صحيح البخاري ولعمري إنه نال من الشهرة والقبول درجة ل يرام فوقها‬
‫ص‪341:‬‬
‫وثانيهم مسلم النيسابوري توخي تريد الصحاح الجمع عليها بي الحدثي التصلة الرفوعة ما يستنبط‬
‫منه السنة وأراد تقريبها إل الذهان وتسهيل الستنباط منها فرتب ترتيبا جيدا وجع طرق كل حديث ف‬
‫موضع واحد ليتضح اختلف التون وتشعب السانيد أصرح ما يكون وجع بي الختلفات فلم يدع لن‬
‫له معرفة لسان الرعب عذرا ف العراض عن السنة إل غيها‬
‫وثالثهم أبو داود السجستان وكان هته جع الحاديث الت استدل با الفقهاء ودارت فيهم وبن عليها‬
‫الحكام علماء المصار فصنف سننه وجع فيها الصحيح والسن واللي والصال للعمل قال أبو داود‬
‫((ما ذكرت ف كتاب حديثا أجع الناس على تركه)) وما كان منها ضعيفا صرح بضعفه وما كان فيه‬
‫علة بينها بوجه يعرفه الائض ف هذا الشأن وترجم على كل حديث با قد استنبط منه عال وذهب إليه‬
‫ذاهب ولذلك صرح الغزال وغيه بأن كتابه كاف للمجتهد‬
‫ورابعهم أبو عيسى الترمذي وكأنه استحسن طريقة الشيخي حيث بينا وما أبما وطريقة أب داود حيث‬
‫جع كل ما ذهب إليه ذاهب فجمع كلتا الطريقتي وزاد عليهما بيان مذاهب الصحابة والتابعي وفقهاء‬

‫‪219‬‬
‫المصار فجمع كتابا جامعا واختصر طرق الديث اختصارا لطيفا فذكر واحدُا وأومـأ إل ما عداه‬
‫وبي أمر كل حديث من أنه صحيح أو حسن أو ضعيف أو منكر وبي وجه الضعف ليكون الطالب على‬
‫بصية من أمره فيعرف ما يصلح للعتبار عما دونه وذكر أنه مستفيض أو غريب وذكر مذاهب الصحابة‬
‫وفقهاء المصار وسى من يتاج إل التسمية وكن من يتاج إل الكنية ول يدع خفاء لن هو من رجال‬
‫العلم ولذلك يقال إنه كاف للمجتهد مغن للمقلد‬
‫((وكان بإزاء هؤلء ف عصر مالك وسفيان وبعدهم قوم ل يكرهون السائل ول يهابون الفتيا ويقولون‬
‫على الفقه بناء الدين فل بد من إشاعته ويهابون رواية حديث رسول ال والرفع إليه حت قال الشعب على‬
‫من دون النب أحب إلينا فإن كان‬
‫ص‪342:‬‬
‫فيه زيادة أو نقصان كان على من دون النب وقال إبراهيم أقول قال عبد ال وقال علقمة أحب إلينا وكان‬
‫ابن مسعود إذا حدث عن رسول ال تربد وجهه وقال هكذا أو نوه وقال عمر حي بعث رهطا من‬
‫النصار إل الكوفة إنكم تأتون الكوفة فتأتون قوما لم أزيز بالقرآن فيأتونكم فيقولون قدم أصحاب ممد‬
‫فيأتونكم فيسألونكم عن الديث فأقلوا الرواية عن رسول ال قال ابن عون كان الشعب إذا جاءه شيء‬
‫اتقي وكان إبراهيم يقول ويقول (أخرج هذه الثار الدارمي)‬
‫((فوقع تدوين الديث والفقه والسائل من حاجتهم بوقع من وجه آخر وذلك أنه ل يكن عندهم من‬
‫الحاديث والثار ما يقدرون به على استنباط الفقه على الصول الت اختارها أهل الديث ول تنشرح‬
‫صدورهم للنظر ف أقوال علماء البلدان وجعها والبحث عنها واتموا أنفسهم ف ذلك وكانوا اعتقدوا ف‬
‫أئمتهم أنم ف الدرجة العليا من التحقيق وكان قلوبم أميل شيء إل أصحابم كما قال علقمة هل أحد‬
‫منهم أثبت من عبد ال وقال أبو حنيفة إبراهيم أفقه من سال ولول فضل الصحبة لقلت علقمة أفقه من‬
‫ابن عمر وكان عندهم من الفطانة والدس وسرعة انتقال الذهن من شيء إل شيء ما يقدرون به على‬
‫تريج جواب السائل على أقوال أصحابم و ((كل ميسر لا خلق له)) و ((كل حزب با لديهم‬
‫فرحون)) فمهدوا الفقه على قاعدة التخريج وذلك أن يفظ كل أحد كتاب من هو لسان أصحابه‬
‫وأعرفهم بأقوال القوم وأصحهم نظرا ف الترجيح فيتأمل ف كل مسألة وجه الكم فكلما سئل عن شيء‬
‫أو احتاج إل شيء رأي فيما يفظه من تصريات أصحابه فإن وجد الواب فيها وإل إل عموم كلمهم‬
‫فأجراه على هذه الصورة أو إشارة ضمنية لكلم فاستنبط منها وربا كان لبعض الكلم إياء أو اقتضاء‬

‫‪220‬‬
‫يفهم القصود وربا كان للمسألة الصرح با نظي يمل عليها وربا نظروا ف علة الكم الصرح به‬
‫بالتخريج أو باليسر والذف فأداروا حكمه علي غي الصرح به وربا كان له‬
‫ص‪343:‬‬
‫كلمان لو اجتمعا على هيأة القياس القتران أو الشرطي أنتجا جواب السألة وربا كان ف كلمهم ما‬
‫هو معلوم بالثال والقسمة غي معلوم بالد الامع الانع فيجعون إل أهل اللسان ويتكلفون ف تصيل‬
‫ذاتيانه وترتيب حد جامع مانع له وضبط مبهمه وتييز مشكله وربا كان كلمهم متملً بوجهي فيظرون‬
‫ف ترجيح أحد الحتملي وربا يكون تقريب الدلئل خفيا فيبينون ذلك وربا استدل بعض الخرجي من‬
‫فعل أئتهم وسكوتم ونو ذلك فهذا هو التخريخ ويقال له القول الخرج لفلن كذا على مذهب فلن‬
‫أو على اصل فلن أو على قول فلن وجواب السألة كذا وكذا ويقال لؤلء الجتهدون ف الذهب وعن‬
‫هذا الجتهاد على هذا الصل من قال من حفظ البسوط كان متهدا أي وإن ل يكن له علم برواية‬
‫أصلً ول بديث واحد فوقع التخريج ف كل مذهب وكثر فأي مذهب كان أصحابه مشهورين وسد‬
‫إليهم القضاء والفتاء واشتهر تصانيفهم ف الناس ودرسوا درسا ظاهرا انتشر ف أقطار الرض ول يزل‬
‫ينشر كل حي وأي مذهب كان أصحابه خاملي ول يولوا القضاء والفناء ول يرغب فيهم الناس اندرس‬
‫بعد حي)) انتهى‬
‫‪ -25‬بيان حال الناس ف الصدر الول وبعده‬
‫قال المام أبو زيد الدبوسي رحه ال تعال ف تقوي الدلة ((كان الناس ف الصدر الول ‪ -‬أعن الصحابة‬
‫والتابعي والصالي يبنون أمورهم على الجة فكانوا يأخذون بالكتاب ث بالسنة ث بأقوال من بعد‬
‫رسول ال ما يصح بالجة فكان الرجل يأخذ بقول عمر ف مسألة ث يالفه بقول على ف مسألة أخرى‬
‫وقد ظهر من أصحاب أب خنيفة أنم وافقوه مرة وخالفوه أخرى بسب ما تتضح لم الجة ول يكن‬
‫الذهب ف الشريعة عمريُا ول علويا بل النسبة كانت إل رسول ال فكانوا قرونا أثن عليهم رسول ال‬
‫بالي فكانوا يرون الجة ل علماءهم ول نفوسهم فلما ذهبت‬
‫ص‪344:‬‬
‫التقوى عن عالة القرن الرابع وكسلوا عن طلب الجج جعلوا علماءهم حجة واتبعوهم فصار بعضهم‬
‫حنفيا وبعضهم مالكيا وبعضهم شافعيا ينصرون الجة بالرجال ويعتقدون الصحة باليلد على ذلك‬

‫‪221‬‬
‫الذهب ث كل قرن بعدهم اتبع عالة كيف ما أصابه بل تييز حت تبدلت السنن بالبدع فضل الق بي‬
‫الوى)) انتهى‬
‫وقال العلمة الدهلوي ف الجة البالغة ف باب حكاية حال الناس قبل الئة الرابعة وبعدها ((أعلم أن‬
‫الناس كانوا قبل الئة الرابعة غي متمعي على التقليد الالص لذهب واحد بغينه قال أبو طالب الكي ف‬
‫قوت القلوب إن الكتب والجوعات مدثة والقول بقالت الناس ولفتيا بذهب الواحد من الناس واتاذ‬
‫قوله والكاية له من كل شيء والتفقه على مذهبه ل يكن الناس قديا على ذلك ف القرني الول‬
‫والثان)) انتهى‬
‫قال الدهلوي قدس سره ((وبعد القرني حدث فيهم شيء من التخريج غي أن أهل الئة الرابعة ل يكونوا‬
‫متمعي على التقليد الالص على مذهب واحد والتفقه له والاكية لقوله كما يظهر من التتبع بل كان‬
‫فيهم العلماء والعامة وكان من خب العالة أنم كانوا ف السائل الجاعية الت ل اختلف فيها بي‬
‫السلمي أو جهور الجتهدين ل يقلدون إل صاحب الشرع وكان يتعلمون من الوضوء والغسل والصلة‬
‫والزكاة ونو ذلك من آبائهم أو معلمي بلدانم فيمشون حسب ذلك وإذا وقعت لم واقعة استفتوا فيها‬
‫أي مفت وجدوا من غي تعيي مذهب وكان من خب الاصة أنه كان أهل الديث منهم يشتغلون‬
‫بالديث فيخلص إليهم من أحاديث النب وآثار الصحابة ما ل يتالون معه إل شيء آخر ف السألة من‬
‫حديث مستفيض أو صحيح قد عمل به بعض الفقهاء ول عذر لتارك العمل به أو أقوال متظاهرة لمهور‬
‫الصحابة والتابعي ما ل يسن مالفتها فإن ل يد ‪ -‬أي أحدهم ‪ -‬ف السألة ما يطمئن به قلبه لتعارض‬
‫النقل وعدم وضوح الترجيح ونو ذلك رجع إل كلم بعض من مضى من الفقهاء فإن وجدقولي اختار‬
‫ص‪345:‬‬
‫أوثقهما سواء كان من أهل الدينة أو من أهل الكوفة وكان أهل التخريج منهم يرجون فيما ل يدونه‬
‫مصرحا ويتهدون ف الذهب وكان هؤلء ينسبون إل مذهب أصحابم فيقال فلن شافعي وفلن حنفي‬
‫وكان صاحب الديث أيضا قد ينسب إل أحد الذاهب لكثرة موافقته لن كالنسائي والبيهقي ينسبان‬
‫إل الشافعي فكان ل يتول القضاء ول الفتاء إل متهد ول يسمى الفقيه إل متهد ث بعد هذه القرون‬
‫كان ناس آخرون ذهبوا يينا وشالً ‪ -‬وحدث فيهم أمور منها الدل واللف ف علم الفقه وتفصيله ‪-‬‬
‫على ما ذكره الغزال أنه لا انقرض عهد اللفاء الراشدين الهدبي أفضت اللفة إل قوم تولوها بغي‬
‫استحقاق ول استقلل بعلم الفتاوى والحكام فاضطروا إل الستعانة بالفقهاء وإل استصحابم ف جيع‬

‫‪222‬‬
‫أحوالم وقد كان بقي من العلماء من هو مستمر على الطراز الول وملزم صفو الدين فكانوا إذا طلبوا‬
‫هربوا وأعرضوا فرأى أهل تلك العصار عز العلماء وإقبال الئمة عليهم مع إعراضهم فاشر أبوا بطلب‬
‫العلم توصلً إل نيل العز ودرك الاه فأصبح الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبي طالبي وبعد أن كانوا أعزة‬
‫بالعراض عن السلطي أدلة بالقبال عليهم إل من وفقه ال وقد كان من قبلهم قد صنف ناس ف علم‬
‫الكلم وأكثروا القال والقيل واليراد والواب وتهيد طرق الدل فوقع ذلك منهم بوقع من قبل أن كان‬
‫من الصدور واللوك من مالت نفسه إل الناظرة ف الققه وبيان الول من مذهب الشافعي وأب حنيفة‬
‫رحه ال فترك الناس الكلم وفنون العلم وأقبلوا على السائل اللفية بي الشافعي وأب حنيفة رحه ال‬
‫على الصوص وتساهلوا ف اللف مع مالك وسفيان وأحد بن حنبل وغيهم وزعموا أن غرضهم‬
‫استنباط دقائق الشرع وتقرير علل الذهب وتهيد أصول الفتاوى وأكثروا فيها التصانيف والستنباطات‬
‫ورتبوا فيها أنواع الجادلت والتصنيفات وهم مستمرون عليه إل الن لسنا ندري ما الذي قدر ال تعال‬
‫فيما بعدها من العصار انتهى حاصله ومنها أنم اطمأنوا بالتقليد ودب التقليد ف صدروهم دبيب النمل‬
‫وهم ل يشعرون وكان سبب ذلك تزاحم الفقهاء وتادلم فيما بينهم فإنم لا وقعت فيهم الزاحة ف‬
‫الفتوى كان كل من أفت‬
‫ص‪346:‬‬
‫بشيء نوقض ف فتواه ورد عليهم فلم ينقطع الكلم إل بصي إل تصريح رجل من التقدمي ف السألة‬
‫وأيضا جور القضاة فإن القضاة لا جار أكثرهم ول يكونا أمناء ل يقبل منهم إل ما ل يريب العامة فيه‬
‫ويكون شيئا قد قيل من قبل وأيضا جهل رؤوس الناسواستفتاء الناس من ل علم له بالديث ول بطريق‬
‫التخريج كما ترى ذلك ظاهرا ف أكثر التأخرين وقد نيه عليه ابن المام وغيه وف ذلك الوقت يسمى‬
‫غي الجتهد فقيها ومنها أن أقبل أكثرهم على التعميات ف كل فن فمهم من زعم أنه يؤسس علم أساء‬
‫الرجال ومعرفة مراتب الرح والتعديل ث خرج من ذلك إل التاريخ قدية وحديثه ومنهم من تفحص عن‬
‫نوادر الخبار وغرائبها وإن دخلت ف حد الوضوع ومنهم من أكثر القال والقيل ف أصول الفقه‬
‫واستنبط كل لصحابه قواعد جدلية فأورد فاستقصى وأجاب وتفصي وعرف وقسم فحرر طول الكلم‬
‫تارة وتارة اختصر ومنهم من ذهب إل هذا بفرض الصور الستبعدة الت من حقها أن ل يتعرض لا عاقل‬
‫وبفحص العمومات والياءات من كلم الخرجي فمن دونم ما ل يرتضي استماعه عال ول جاهل‬
‫وفتنة هذا الدل واللف والتعمق قريبة من الفتنة الول حي تشاجروا ف اللك وانتصر كل رجل‬

‫‪223‬‬
‫ل واختلطا‬‫لصاحبه فكما أعقبت تلك ملكا عضوضا ووقائه صماء عمياء فكذلك أعقبت هذه جه ً‬
‫وشكوكا ووها ما لا من إرجاء فنشأت بعدهم قرون على التقليد الصرف ل ييزون الق من الباطل ول‬
‫الدل عن الستنباط فالفقيه يومئذ هو الثرثار التشدق الذي حفظ أقوال الفقهاء قويها وضعيفها من غي‬
‫تييز وسردها بشقشقة شدقيه والحدث من عد الحاديث صحيحها وسقيمها وهذها كهذا الساء بقوة‬
‫لييه ول أقول ذلك كليا مطردا فإن ل طائفة من عباده ل يضرها من خذلم وهم حجة ال ف أرضه‬
‫وإن قلوا‬
‫((ول يأت قرن بعد ذلك إل وهو أكثر فتنة وأوفر تقليدا وأشد انتزاعا للمانة‬
‫ص‪347:‬‬
‫من صدور الرجال حت اطمأنوا بترك الوص ف أمر الدين وبأن يقولوا ((إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا‬
‫على آثارهم مقتدون)) وإل ال الشتكى وهو الستعان وبه الثقة وعليه التكلن)) انتهى كلم ول ال‬
‫الدهلوي وقد سبقه إل كشف هذه السرار الشيخ الكب قدس سره ف الفتوحات الكية حيث قال ف‬
‫الباب الثامن عشر وثلئمائة ف معرفة منل نسخ الشريعة الحمدية وغي الحمدية بالعراض النفسية ‪-‬‬
‫عافانا ال وإياكم من ذلك ما نصه ‪ -‬بعد أبيات صدر با هذا الباب‬
‫((أعلم ‪ -‬وفقنا ال وإياك ‪ -‬أيها الول الميم والصفى الكري أنا روينا ف هذا الباب عن عبد ال بن‬
‫عباس رضي ال عنهما أن رجلً أصاب من عرضه فجاء إليه يستحله من ذلك فقاله له يا ابن عباس إنن‬
‫قد نلت منك فاجعلن ف حل من ذلك فقال أعوذ بال أن أحل ما حرم ال إن ال قد حرم أعراض‬
‫السلمي فل أحله ولكن غفر ال لك فانظر ما أعجب هذا التصريف وما أحسن العلم ومن هذا الباب‬
‫حلف النسان على ما أبيح له فعله أن ل يفعله أو يفعله ففرض ال تلة اليان وهو من باب الستدراج‬
‫والكر اللي إل لن عصمه ال بالتنبيه عليه فما ث شارع إل ال تعال قال لنبيه ((لتحكم بي الناس با‬
‫أراك ال )) ول يقل له ((با رأيت)) بل عاتبه سبحانه وتعال لا حرم على نفسه باليمي ف قضية عائشة‬
‫وحفصه فقال تعال (يا أيها النب ل يرم ما أحل ال لك تبتغي مرضاة أزواجك) فكان هذا ما أرته نفسه‬
‫فهذا بدلك أن قوله تعال (با أراك ال) أنه ما يوحي به إليه ل ما يراه ف رأيه فلو كان الدين بالرأي لكان‬
‫رأي النب أول من رأي كل ذي رأي فإذا كان هذا حال النب فيما رأته نفسه فكيف رأي من ليس‬
‫بعصوم ومن الطأ أقرب إليه من الصابة فدل أن الجتهاد الذي ذكره رسول ال أنا هو ف طلب‬
‫ص‪348:‬‬

‫‪224‬‬
‫الدليل على تعيي الكم ف السألة الواقعة ل ف تشريع حكم ف النازلة فإن ذلك شرع ل يأذن به ال‬
‫ولقد أخبن ف القاضي عبد الوهاب السدي السكندري بكة الشرفة سنة تسع وتسعي وخسمائة قال‬
‫رأيت رجلً من الصالي بعد موته ف النام فسألته ما رأيت فذكر أشياء منها قال ولقد رأيت كتبا‬
‫موضوعة وكتبا مرفوعة فسألت ما هذه الكتب الرفوعة فقيل ل هذه كتب الديث فقلت وما هذه‬
‫الكتب الوضوعة فقيل ل هذه كتب الرأي حت يسأل عنها أصحابا فرأيت المر فيه شدة‬
‫أعلم ‪ -‬وفقنا ال وإياك ‪ -‬أن الشريعة هي الحجة الواضحة البيضاء مجة السعداء وطريق السعادة من‬
‫مشى عليها نا ومن تركها هلك قال رسول ال لا أنزل عليه قول تعال (وأن هذا صراطي مستقيما‬
‫فاتبعوه) خط رسول ال ف الرض خطا وخط خطوطا على جانب الط يينا وشالً ث وضع إصبعه على‬
‫الط وقال تاليا ((وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ول تتبعوا السبل)) وأشار إل تلك الطوط الت‬
‫خطها عن يي الط ويساره ((فتفرق بكم عن سبيله)) وأشار إل الط الستقيم ولقد أخبن بدينة‬
‫((سل)) ‪ -‬مدينة بالغرب على شاطي البحر الحيط يقال لا منقطع التراب ليس وراءها أرض ‪ -‬رجل‬
‫من الصالي الكابر من عامة الناس قال رأيت ف النوم مجة بيضاء مستوية عليها نور سهلة ورأيت عن‬
‫يي تلك الحجة وشالا خنادق وشعابا واودية كلها شوك ل تسلك لضيقها وتوعر مسالكها وكثرة‬
‫شوكها والظلمة الت فيها ورأيت جيع الناس يبطون فيها خبط عشواء ويتركون الحجة البيضاء السهلة‬
‫وعلى الحجة رسول ال ونفر قليل معه يسي وهو ينظر إل من خلفه وإذا ف الماعة متأخر عنها لكنه‬
‫عليها الشيخ أبو إسحاق إبراهيم ابن قرقور الحدث كان سيدا فاضل ف الديث اجتمعت بابنه فكان‬
‫يفهم عن رسول ال أنه يقول له ناد ف الناس بالرجوع إل الطريق فكان ابن قرقور يرفع صوته ويقول‬
‫ص‪349:‬‬
‫ف ندائه ول من داع ول من متداع ((هلموا إل الطريق هلموا)) قال فل ييبه أحد ول يرجع إل الطريق‬
‫أحد‬
‫((وأعلم أنه لا غلبت الهواء على النفوس وطلبت العلماء الراتب عند اللوك تركوا الحجة البيضاء‬
‫وجنحوا إل التأويلت البعيدة لينفذوا أغراض اللوك فيما لم فيه هوى نفس ليستندوا ف ذلك إل أمر‬
‫شرعي مع كون الفقيه ربا ل يعتقد ذلك ويفت به وقد رأينا منهم جاعة على هذا من قضاتم وفقهائهم‬
‫ولقد أخبن اللك الظاهرة غازي ابن اللك الناصر صلح الدين يوسف بن أيوب ‪ -‬وقد وقع بين وبينه‬
‫ف مثل هذا كلم ‪ -‬فنادي بلوك وقال حئن بالرمدان فقلت ما شأن الرمدان قال أنت تنكر على ما‬

‫‪225‬‬
‫يري ف بلدي وملكت من النكرات والظلم وأنا وال أعتقد مثل ما تعتقد أنت فيه من أن ذلك كله‬
‫منكر ولكن وال يا سيدي ما منه منكر إل بفتيا فقيه وخط يده عندي بواز ذلك فعليهم لغنة ال ولقد‬
‫أفتان فقيه هو فلن ‪ -‬وعي ل أفضل فقيه عنده ف بلده ف الدين والتقشف ‪ -‬بأنه ل يب على صوم‬
‫شهر رمضان هذا بعينه بل الواجب على شهر ف السنة والختيار ل فيه أي شهر السنة قال السلطان‬
‫فلعنته ف باطن ول أظهر له ذلك ‪ -‬وهو فلن فسماه ل ‪ -‬رحم ال جعيهم‬
‫((فليعلم أن الشيطان قد مكنه ال من حضرة اليال وجعل له سلطانا فيها فإذا رأى أن الفقيه ييل إل‬
‫هوى يعرف أنه ل يرضي عند ال زين له سوء عمله بتأويل غريب يهد له فيه وجها يسنه ف نظره‬
‫ويقول له إن الصدر الول قد دانوا ال بالرأي وقاس العلماء ف الحكام واستنبطوا العلل للشياء‬
‫فطردوها وحكموا ف السكوت عنه با حكموا به ف النصوص عليه للعلة الامعة بينهما والعلة من‬
‫استنباطه فإذا مهد له هذا السبيل جنح إل نيل هواه وشهوته بوجه شرعي ف زعمه فل يزال هكذا فعله‬
‫ف كل ماله أو لسلطانه فيه هو نفس ويرد الحاديث النبوية ويقول لو أن هذا الديث يكون صحيحا‬
‫وإن كان صحيحا يقول لو ل يكن له خب آخر يعارضه وهو ناسخ له لقال به الشافعي إن كان هذا‬
‫الفقيه شافعيا ‪ -‬أو قال به أبو حنيفة ‪ -‬إن كان الرجل حنفيا ‪ -‬وهكذا قول أتباع هؤلء‬
‫ص‪350:‬‬
‫الئمة كلهم ويرون أن الديث والخذ به مضلة وأن الواجب تقليد هؤلء الئمة وأمثالم فيما حكموا‬
‫به وإن عارضت أقوالم الخبار النبوية فالول الرجوع إل أقاويلهم وترك الخذ بالخبار والكتاب‬
‫والسنة فإن قلت لم قد روينا عن الشافعي رحه ال أنه قال إذا أتاكم الديث يعارض قول فاضربوا‬
‫بقول الائط وخذوا بالديث فإن مذهب الديث وقد روينا عن أب حنيفة أنه قال لصحابه حرام على‬
‫كل من أفت بكلمي ما ل يعرف دلبلي وما روينا شيئا من هذا عن أب حنيفة إل من طريق النفينن ول‬
‫عن الشافعي إل من طريق الشافعية وكذلك الالكية والنابلة فإذا ضايقهم ف مال الكلم هربوا وسكنوا‬
‫وقد جرى لنا هذا معهم مرارا بالغرب وبالشرق فما منهم أحد على مذهب من يزعم أنه على مذهبه‬
‫فقد انتسخت الشريعة بالهواء وإن كانت الخبار الصحاح موجودة مسطرة ف الكتب الصحاح وكتب‬
‫التواريخ بالتجريح والتعديل موجودة والسانيد مفوظة مصونة من التغيي والتبديل ولكن إذا ترك العمل‬
‫با واشتغل الناس بالرأي ودانوا أنفسهم بفتاوى التقدمي مع معارضة الخبار الصحاح لا فل فرق بي‬
‫عدمها ووجودها إذا ل يبق لا حكم عندهم وأي نسخ أعظم من هذا وإذا قلت لحدهم ف ذلك شيئا‬

‫‪226‬‬
‫يقول لك هذا هو الذهب وهو وال كاذب فإن صاحب الذهب قال له إن عارض الب كلمي فخذ‬
‫بالديث واترك كلمي ف الش فإن مذهب الديث فلو أنصف لكان على مذهب الشافعي من ترك‬
‫كلم الشافعي للحديث العارض فال يأخذ بيد الميع)) انتهى كلم الشيخ الكب قدس سره‬
‫‪ -26‬فتوى المام تقي الدين أب العباس فيمن نقفه على مذهب ث اشتغل بالديث فرأى ف مذهبه ما‬
‫يالفه الديث كيف يعمل‬
‫سئل شيخ السلم تقي الدين أحد بن تيميه عليه الرحة والرضوان عن رجل تفقه على مذهب من‬
‫الذاهب الربعة وتبصر فيه واشتغل بعده بالديث فوجد أحاديث‬
‫ص‪351:‬‬
‫صحيحة ل يعلم لا ناسخا ول مصصا ول معارضا وذلك الذهب فيه ما يالف تلك الحاديث فهل له‬
‫العمل بالذهب أو يب عليه الرجوع إل العمل بالديث ومالفة مذهبه فأجاب رحه ال تعال (قد ثبت‬
‫بالكتاب والسنة والجاع أن ال تعال افترض على العباد طاعته وطاعة رسوله ول يوجب هذه المة‬
‫طاعة أحد بعينه ف كل ما أمر به ونى عنه إل رسول حت كان صديق المة وأفضلها بعد نبيها ورضي‬
‫عنه يقول ((أطيعون ما أطعت ال فإذا عصيت ال فل طاعة ل عليكم)) واتفقوا كلهم على أنه ليس أحد‬
‫مصصوما ف كل ما أمر به ونى عنه إل رسول ال ولذا قال غي واحد من الئمة كل أحد يؤخذ من‬
‫كلمه ويترك إل رسول ال وهؤلء الئمة الربعة قد نوا الناس من تقليدهم ف كل ما يقولونه وذلك هو‬
‫الواجب وقال أبو حنيفة ((هذا رأي وهذا أحسن ما رأيت فمن جاء برأي خي منه قبلناه)) ولذا لا‬
‫اجتمع أفضل أصحابه أبو يوسف بإمام دار الجرة مالك بن أنس وسأله عن مسألة الصاع وصدقة‬
‫الضروات ومسألة الحباس فأخبه مالك با دلت عليه السنة ف ذلك فقال رجعت لقولك يا أبا عبد ال‬
‫ولو رأي صاحب ما رأيت لرجع كما رجعت ومالك رحه ال كان يقول ((إنا أنا بشر أصيب وأخطيء‬
‫فاعرضوا قول على الكتاب والسنة)) أو كلم هذا معناه والشافعي رحه ال كان يقول ((إذا صح‬
‫الديث بلف قول فاضربوا بقول الائط وإذا رأيت الجة موضوعة على طريق فهي قول)) وف‬
‫متصر الزن لا اختصره ذكر أنه أختصره من مذهب الشافعي لن أراد معرفة مذهبه قال مع إعلمه نية‬
‫عن تقليده وتقليد غيه العلماء والمام أحد رحه ال كان يقول ((من ضيق علم الرجل أن يقلد دينه‬
‫الرجال قال ((ل تقلد دينك الرجال فإنم ل يسلموا أن يغلطوا)) وقد ثبت ف الصحيح عن النب أنه قال‬

‫‪227‬‬
‫((من يرد ال به خيا يفقهه ف الدين)) ول زم ذلك أن من ل يفقهه ف الدين ل يرد ال به خيا فيكون‬
‫التفقه ف الدين فرضا والتفقه ف الدين معرفة الحكام الشرعية بأدلتها السمعية‬
‫ص‪352:‬‬
‫فمن ل يعرف ذلك ل يكن متفقها ف الدين لكن من الناس من قد يعجز عنها فيلزمه ما يقدر عليه وأما‬
‫القادر على الستدلل فقيل يرم عليه التقليد مطلقا وقيل يوز مطلقا وقيل يوز عند الاجة كما إذا‬
‫ضاق الوقت عند الستدلل وهذا القول أعدل القوال إن شاء ال تعال والحتهاج ليس هو امرًأ ل يقبل‬
‫التجزء والنقسام بل يكون الرجل متهدا ف فن أو باب أو مسألة دون فن وباب ومسألة وكل فاجتهاده‬
‫بسب وسعه فمن نظر ف مسألة قد تنازع العلماء فيها فرأى مع أحد القولي نصوصا ل يعلم لا معارضا‬
‫بعد نظر مثله فهو بي المرين إما أن يتبع قول القائل الخر لجرد كونه المام الذي اشتغل على مذهبه‬
‫ومثل هذا ليس بجة شرعية بل مرد عادة تعارضها عادة غيه واشتغاله بذهب إمام آخر وإما يتبع القول‬
‫الذي ترجح بنظره بالنصوص الدالة عليه فحينئذ موافقته لمام يقاوم به ذلك المام وتبقي النصوص النبوية‬
‫سالة ف حقه عن العارض بالعمل فهذا هو الذي يصلح وإنا تنلنا هذا التنل لنه قد يقال إن نظر هذا‬
‫قاصر وليس اجتهاده تاما ف هذه السألة لضعف آلة الجتهاد ف حقه أما إذا قدر على الجتهاد التام‬
‫الذي يعتقد معه أن القول الخر ليس معه ما يدفع النص فهذا يب عليه اتباع النصوص وإن ل يفعل‬
‫كان متبعا للظن وما توى النفس وكان من أكب العصاة ل ولرسوله يلف من يكون للقول الخر‬
‫حجة راجحة على هذا النص ويقول ((أنا ل أعلمها)) فهذا يقال له قال ال تعال (فاتقوا ال ما استطعتم)‬
‫وقال النب ((إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)) والذي تستطيعه من العلم والفقه ف هذه السألة قد‬
‫دل على أن حكمك ف ذلك حكم الجتهد الستقل إذا تغي اجتهاده وانتقال النسان من قول إل قول‬
‫لجل ما تبي له من الق هو ممود فيه بلف إقراره على قول ل حجة معه عليه وترك القول الذي‬
‫وضحت حجته أو النتقال عن قول إل قول بجرد عادة واتباع هوى فهذا مذموم وإذا كان القلد قد‬
‫سع الديث وتركه ل سيما إذا كان قد رواه أيضا عدل فمثل هذا وحده ل يكون عذرا ف ترك النص‬
‫فمن ترك الديث لعتقاده أنه ل يصح‬
‫ص‪353:‬‬
‫أو راويه مهول ونو ذلك ويكون غيه قد علم صحته وثقة راويه فقد زال عذر ذلك ف حق هذا ومن‬
‫ترك الديث لعتقاده أن ظاهر القرآن يالفه أو القياس أو عمل لبعض المصار وقد تبي لخر أن ظاهر‬

‫‪228‬‬
‫القرآن ل يالفه وأن نص الديث الصحيح مقدم على الظواهر ومقدم على القياس والعمل ل يكن عذر‬
‫ذلك الرجل عذرا ف حقه فإن ظهور الدارك الشرعية للذهان وخفاءها عنها أمر ل يضبط طرفاه ل‬
‫سيما إذا كان التارك للحديث معتقدا أنه يترك العمل به الهاجرون والنصار أهل الدينة النبوية وغيها‬
‫الذين يقال إنم ل يتركون الديث إل لعتقادهم أنه منسوخ أو معارض براجح وقد بلغ من بعدهم أن‬
‫الهاجرين والنصار ل يتركوه بل قد عمل به بعضهم أو من سعه منهم ونو ذلك ما يقدح ف هذا‬
‫العارض للنص وإذا قيل لذا التفت السترشد أنت أعلم أم المام الفلن كانت هذه معارضه فاسدة لن‬
‫المام الفلن قد خالفه ف هذه السألة من هو نظي من الئمة ولست من هذا ول من هذا ولكن نسبة‬
‫هؤلء الئمة إل نسبة أب بكر وعمر وعثمان وعلى وابن مسعود وأب ومعاذ ونوهم إل الئمة وغيهم‬
‫فكما أن هؤلء الصحابة بعضهم لبعض أكفاء ف موارد الناع فإذا تنازعوا ف شيء ردوه إل ال ورسوله‬
‫وإن كان بعضهم قد يكون أعلم ف مواضع أخر وكذلك موارد الناع بي الئمة وقد ترك الناس قول‬
‫عمر وابن مسعود رضي ال عنهما ف مسألة تيمم النب وأخذوا بقول أب موسى الشعري رضي ال‬
‫عنه وغيه لا احتج بالكتاب والسنة وتركوا قول عمر ف دية الصابع وأخذوا بقول معاوية بن أب سفيان‬
‫لا كان من السنة أن النب قال ((هذه وهذه سواء)) وقد كان بعض الناس يناظر ابن عباس رضي ال‬
‫عنهما ف التعة فقال له قال أبو بكر وعمر فقال ابن عباس يوشك أن ينل عليكم حجارة من السماء‬
‫أقول قال رسول ال وتقولون قال أبو بكر وعمر وكذلك ابن عمر رضي ال عنهما لا سألوه عنها فأمر‬
‫با فعارضوه بقول عمر فبي لم أن عمر ل يرد ما يقولونه فألوا عليه فقال لم أرسول ال أحق أن يتبع‬
‫أم عمر مع علم الناس بأن أبا بكر وعمر أعلم من أبن عمر وابن عباس رضي ال عنهم ولو فتح هذا‬
‫الباب لوجب أن يعرض عن أمر ال ورسوله وبقي كل إمام ف‬
‫ص‪354:‬‬
‫أتباعه بنلة النب ف أمته وهذا تبديل للدين وشبيه با عاب ال به النصارى ف قوله (اتذوا أحبارهم‬
‫ورهبانم أربابا من دون ال والسيح ابن مري وما أمروا إل ليعبدوا إلا واحدا سبحانه عما يشركون))‬
‫وال سبحانه أعلم)) ‪1‬هـ كلم المام تقي الدين قدس سره‬
‫‪ -27‬بيان معرفة الق بالدليل‬
‫قال المام الربان أبو العباس أحد الشهي بزروق الغرب قدس ال سره ف كتابه ((قواعد التصوف))‬

‫‪229‬‬
‫((قاعدة ‪ -‬العلماء مصدقون فيما ينقلون لنه موكول لمانتهم مبحوث معهم فيما يقولون لنه تيتجة‬
‫عقولم والعصمة غي ثابتة لم فلزم التبصر طلبا للحق والتحقيق ل اعتراضا على القائل والناقل ث إن أتى‬
‫التأخر با ل يسبق إليه فهو على رتبيه ول يلزمه القدح ف التقدم ول إساءة الدب معه لن ما ثبت من‬
‫عدالة التقدم قاض برجوعه للحق عند بيانه لو سعه)) انتهى‬
‫وقال الصفهان ف ((أطباق الذهب)) ف القالة الثالثة والثلثي ((مثل القلد بي يدي الحقق كالضرير‬
‫عند البصي الحدق ومثل الكيم والشوي كاليتة والشوي ما القلد إل جل مشوش له عمل مغشوش‬
‫فصاراه لوح منقوش يقنع بظواهر الكلمات ول يعرف النور من الظلمات يركض خيول اليال ف ظلل‬
‫الضلل شغله نقل النقل عن نبة العقل وأقنعه رواية الرواية عن در الدراية يروي ف الدين عن شيخ هم‬
‫كمن يقود العمى ف ليل مدلم ومن عرف الق بالعنعت تورط ف هوة العنت والق وراء السماع‬
‫والعلم بعزل عن الرقاع فما أسعد من هدى إل العلم ونزل رباعه وأرى الق حقا ورزق اتباعه))‬
‫ص‪355:‬‬
‫وقال أيضا ف القالة السابعة والثلثي ((الق يتضح بالدلة والشهور تشتهر بالهلة وشفاء الصدور يصل‬
‫بالبلة طالب الق ضيف ال والدليل القاطع سيف ال به يفك العلم وينشر وبه يبقر الق ويقشر ومثل‬
‫العلوم والبهان كمثل الصباح والدهان الجة للحكام كالعماد للخيام إعصار الظن كدر كعصارة‬
‫الدن الزم اليقي تكن من التقي فشواظ الوهم يشوي حامة القلب شيا وإن الظن ل يغن من الق شيئا))‬
‫انتهى‬
‫وف كتاب قاموس الشريعة ((ل يصح لمرئ إل موافقة الق ول يلزم الناس طاعة أحد لجل أنه عال أو‬
‫إمام مذهب وإنا يلزم الناس قبول الق من جاء به على الطلق ونبذ الباطل من جاء به بالتفاق)‬
‫وفيه أيضا ((كل مسألة ل يل الصواب فيها من أحد القولي ففسد أحدها لقيام الدليل على فساده صح‬
‫أن الق ف الخر قال ال تعال (فماذا بعد الق إل الضلل فأن تصرفون))‬
‫وفيه أيضا ((والذي يرم على العال تصنييع الجتهاد والسكوت بعد التبصرة والفراد بعد القطع حديث‬
‫عبادة بن الصامت بايعنا رسول ال على أن نقول الق ونعمل به وأن ل تأخذنا ف ال لومة لئم ف‬
‫العسر واليسر والنشط والكره)) انتهى‬
‫وقال المام مفت مكة الشيخ ممد عبد العظيم بن مل فروخ ف رسالته ((القول السديد ف بعض مسائل‬
‫الجتهاد والتقليد)) ف الفصل الول ((أعلم أنه ل يكلف ال تعال أحدا من عبادة أن يكون حنفيا أو‬

‫‪230‬‬
‫مالكيا أو شافعيا أو حنبليا بل أوجب عليهم اليان با بعث به ممد والعمل بشريعته غي أن العمل با‬
‫متوقف على الوقوف عليها والوقوف عليها له طرق فما كان منها ما يشترك فيه العامة وأهل النظر‬
‫كالعلم بفريضة‬
‫ص‪356:‬‬
‫الصلة والزكاة والج والصوم والوضوء إجالً وكالعلم برمة الزنا والمر واللواطة وقتل النفس ونو‬
‫ذلك ما علم من الدين بالضرورة فذلك ل يتوقف فيه على اتباع متهد ومذهب معي بل كل مسلم عليه‬
‫اعتقاد ذلك يب عليه فمن كان ف العصر الول فل يفي وضوح ذلك ف حقه ومن كان ف العصار‬
‫التأخرة فلوصول ذلك إل عمله ضرورة من الجاع والتواتر واليات والسنن التفيضة الصرحة بذلك ف‬
‫حق من وصلت إليه وأما ما ل يتوصل إليه إل بضرب من النظر والستدلل فمن كان قادرا عليه بتوفر‬
‫آلته وجب عليه فعله كالئمة الجتهدين ومن ل يكن له قدرة عليه وجب عليه اتباع من أرشده إل ما‬
‫كلف به من هو من أهل النظر والحتهاد والعدالة وسقط عن العاجز تكليفه ف البحث والنظر لعجزه‬
‫لقوله تعال (ل يكلف ال نفسا إل وسعها) وقوله تعال (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون) وهي‬
‫الصل ف اعتماد التقليد كما أشار إليه الحقق الكمال بن المام ف التحرير)) انتهى‬
‫وقال المام ابن الوزي ف تلبيس إبليس ((أعلم أن القلد على غي ثقة فيما قلد وف التقليد إبطال منفعة‬
‫العقل لنه خلق للتأمل والتدبر وقبيح بن أعطى شعة يستضىء با أن يطفئها ويشى ف الظلمة وأعلم أن‬
‫عموم أصحاب الذاهب يعظم ف قلوبم التفحص عن أدلة إمامهم فيتبعون قوله وينبغي النظر إل القول ل‬
‫إل القائل كما قال على رضي ال عنه للحارث بن عبد ال العور بن الوطي وقد قال له أتظن أن‬
‫طلحة والزبي كانا على الباطل فقال له يا حارث إنه ملبوس عليك إن الق ل يعرف بالرجال اعرف الق‬
‫تعرف أهله)) انتهى‬
‫وقال ابن القيم ((فإذا جاءت هذه ‪ -‬أي النفس الطمئنة ‪ -‬بتجريد التابعة للرسول لاءت تلك ‪ -‬أي‬
‫المارة ‪ -‬بتحكيم آراء الرجال وأقوالم فأتت بالشبهة الضلة با ينع من كمال التابعة وتقسم بال ما‬
‫مرادها إل الحسان والتوفيق وال يعلم أنا كاذبة وما مرادها إل التفلت من سجي التابعة إل قضاء‬
‫إرادتا وحظوظها وتريه ‪ -‬أي وترى‬
‫ص‪357:‬‬

‫‪231‬‬
‫النفس المارة صاحبها ‪ -‬تريد التابعة للنب وتقدي قوله على الراء ف صورة تنقص العلماء وإساءة‬
‫الدب عليهم الفضى إل إساءة الظن به وأنم قد فاتم الصواب فكيف لنا قوى برد عليهم أو نظى‬
‫بالصواب دونم وتقاسهم بال إن أرادت إل إحسانا وتوفيقا (أولئك الذين يعلم ال ما ف قلوبم فأعرض‬
‫عنهم وعظهم وقل لم ف أنفسهم قولً بليغا))‬
‫والفرق بي تريد متابعة العصوم وإهدار أقواله وإلغائها أن تريد التابعة أن ل تقدم على ما جاء به‬
‫الرسول ال قول أحد ول رأيه كائنا من كان بل تنظر ف صحة الديث أولً فإذا صح نظر ف معناه ثانيا‬
‫فإذا تبي له ل يعدل عنه ولو خالفه من بي الشرق والغرب ومعاذ ال أن تتفق المة على ترك ما جاء به‬
‫نبينا بل ل بد أن يكون ف المة من قال به ولو خفي عليك فل تعل جهلك بالقائل حجة على ال تعال‬
‫ورسوله ف تركه بل اذهب إل النص ول تضعف وأعلم أنه قد قال به قائل قطعا ولكن ل يصل إليك‬
‫علمه هذا مع حفظ مراتب العلماء وموالتم واعتقاد حرمتهم وأمانتهم واجتهادهم ف حفظ الدين‬
‫وضبطه فهم رضي ال عنهم دائرون بي الجر والجرين والغفرة ولكن ل يوجب هذا إهدار النصوص‬
‫وتقدي قول الواحد منهم عليها بشبهة أنه أعلم منك فإن كان كذلك فمن ذهب إل النصوص أعلم فهل‬
‫وافقته إن كنت صادقا فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنا با وخالف با ما منها خالف‬
‫النص ل يهدر أقوالم ول يهضم جانبهم بل اقتدى بم فإنم كلهم أمروا بذلك بل مالفتهم ف ذلك‬
‫أسهل من مالفتهم ف القاعدة الكلية الت أمروا با ودعوا إليها من تقدي النص على أقوالم ومن هذا يتبي‬
‫الفرق بي تقليد العال ف جيع ما قال وبي الستعانة بفهمه والستضاءة بنور علمه فالول يأخذ قوله من‬
‫غي نظر فيه ول طلب دليله من الكتاب والسنة والستعي بأفهامهم يعلهم بنلة الدليل الول فإذا وصل‬
‫استغن بدللته عن الستدلل بغيه فمن استدل بالنجم على القبلة ل يبق لستدلله معن‬
‫ص‪358:‬‬
‫إذا شاهدها قال الشافعي أجع النسا على أن من استبانت له سنة رسول ال ل يكن له أن يدعها لقول‬
‫أحد ومن هذا يتبي الفرق بي الكم النل الواجب التباع والكم الؤول الذي غايته أن يكون جائز‬
‫التباع بأن الول هو الذي أنزل ال تعال على رسوله متلوا أو غي متلو إذا صح وسلم من العارضة وهو‬
‫حكمه الذي ارتضاه لعباده ول حكم له سواه وأن الثان أقوال الجتهدين الختلفة الت ل يب اتباعها ول‬
‫يكفر ول يفسق من خالفها فإن أصحابا ل يقولوا هكذا حكم ال ورسوله قطعا وحاشاهم عن قول‬
‫ذلك وقد صح عن رسول ال النهي عنه ف قوله ((وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تعل لم ذمة‬

‫‪232‬‬
‫ال وذمة رسوله فل تعل لم ذمة ال ول ذمة نبيه ولكن أجعل لم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن‬
‫تفروا ذمكم وذمة أصحابكم أهون من أن تفروا ذمة ال ورسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن‬
‫تنلم على حكم ال فل تنلم على حكم ال ولكن أنزلم على حكمك فإنك ل تدري أتصيب حكم‬
‫ال أم ل )) أخرجه المام أحد ف مسنده ومسلم ف صحيحه من حديث بريدة ‪ -‬بل قالوا اجتهدنا رأينا‬
‫فمن شاء قبله ومن شاء ل يقبله ول يلزم أحد منهم بقول الئمة قال المام أبو حنيفة ((هذا رأي فمن‬
‫جاء بي منه قبلته)) ولو كان هو عن حكم ال لا ساغ لب يوسف وممد وغيها مالفته فيه وكذلك‬
‫قال مالك لا استشاره هارون الرشيد ف أن يمل الناس على ما ف الوطا فمنعه من ذلك وقال ((قد نفر‬
‫أصحاب رسول ال ف البلد وصار عند كل قوم من الحاديث ما ليس عند الخرين)) وهذا الشافعي‬
‫ينهي أصحابه عن تقليده ويوصيهم بترك قوله إذا جاء الديث يلفه وهذا المام أحد منكر على من‬
‫كتب فتاويه ودونا ويقول ل تقلدون ول تقلد فلنا وفلنا وخذ من حيث أخذوا)) انتهى كلم ابن‬
‫القمي نقله الفلن ف ((إيقاظ المم))‬
‫وقال السيد الشريف الشتهر فضله ف سائر القطار المي عبد القادر السن الزائري ث الدمشقي ف‬
‫مقدمة كتابه ((ذكرى العاقل وتنبيه الغافل)) ما نصه ((اعلموا أنه يلزم العاقل أن ينظر ف القول ول ينظر‬
‫إل قائله فإن كان القول حقا قبله سواء كان‬
‫ص‪359:‬‬
‫قائله معروفا بالق أو الباطل فإن الذهب يستخرج من التراب والنرجس من البصل والترياق من اليات‬
‫ويتن الورد من الشوك فالعاقل يعرف الرجال بالق ول يعرف الق بالرجال والكلمة من الكمة ضالة‬
‫العاقل يأخذها من عند كل من وجدها عنده سواء كان حقيا أو جليلً وأقل درجات العال أن يتميز عن‬
‫العامي بأمور منها أنه ل يعاف العسل إذا وجده ف مجمة الجام ويعرف أن الدم قذر ل لكونه ف‬
‫الحجمة ولكنه قذر ف ذاته فإذا عدمت هذه الصفة ف العسل فكونه ف ظرف الدم الستقذر ل يكسبه‬
‫تلك الصفة ول يوجب نفرة عنه وهذا وهم باطل غلب على أكثر الناس فمهما نسب كلم إل قائل‬
‫حسن اعتقادهم فيه قبلوه وإن كان القول باطل وإن نسب القول إل من ساء فيه اعتقادهم ردوه وإن‬
‫كان حقا ودائما يعرفون الق بالرجال ول يعرفون الرجال بالق وهذا غاية الهل والسران فالحتاج‬
‫إل الترياق إذا هربت نفسه منه حيث علم أنه مستخرج من حية جاهل فيلزم تنبيهه على أن نفرته جهل‬
‫مض وهو سبب حرمانه من الفائدة الت هي مطلوبة فإن العال هو الذي يسهل عليه إدراك الفرق بي‬

‫‪233‬‬
‫الصدق والكذب ف القوال وبي الق والباطل ف العتقادات وبي الميل والقبيح ف الفعال ل بأن‬
‫يكون ملتبسا عليه الق بالباطل والكذب بالصدق والميل بالقبيح ويصي يتبع غيه ويقلده فيما يعتقد‬
‫وفيما يقول فإن هذه ما هي إل صفات الهال والتبعون من الناس على قسمي قسم عال مسعد لنفسه‬
‫ومسعد لغيه وهو الذي عرف الق بالدليل ل بالتقليد ودعا الناس إل معرفة الق بالدليل ل بأن يقلدوه‬
‫وقسم لنفسه ومهلك لغيه وهو الذي قلد آباءه وأجداده فيما يعتقدون ويستحسنون وترك النظر بعقله‬
‫ودعا الناس لتقليده والعمى ل يصح أن يقود العميان وإذا كان تقليد الرجال مذموما غي مرضى ف‬
‫العتقادات فتقليد الكتب أول وأخرى بالذم وإن بيمة تقاد أفضل من مقلد ينقاد وإن أقوال العلماء‬
‫والتديني متضادة متخالفة ف الكثر واختيار واحد منها واتباعه بل دليل باطل لنه ترجيح بل مرجح‬
‫فيكون معارضا بثله وكل إنسان من حيث هو إنسان فهو مستعد لدراك القائق‬
‫ص‪360:‬‬
‫على ما هي عليه لن القلب الذي هو مل العلم بالضافة إل حقائق الشياء كالرآة بالضافة إل صور‬
‫التلونات تظهر فيها كلها على التعاقب لكن الرآة قد ل تنكشف فيها الصور لسباب أحدها نقصان‬
‫صورتا كجوهر الديد قبل أن يدور ويشكل ويصقل والثان لبثه وصدئه وإن كان تام الشكل والثالث‬
‫لكونه غي مقابل للجهة الت فيها الصورة كما إذا كان الصورة وراء الرآة والرابع لجاب مرسل بي‬
‫الرآة والصورة وجهتها فكذلك القلب مرآة مستعدة لن ينجلي فيها صور العلومات كلها وإن خلت‬
‫القلوب عن العلوم الت خلت عنها لذه السباب المسة أولا نقصان ف ذات القلب كقلب الصب فإنه‬
‫ل تنجلى له العلومات لنقصائه والثان لكدورات الشغال الدينوية والبث الذي يتراكم على وجه القلب‬
‫منها فالقبال على طلب كشف حقائق الشياء والعراض عن الشياء الشاغلة القاطعة هو الذي يلو‬
‫القلب ويصفيه والثالث أن يكون معدو ًل به عن جهة القيقة الطلوبة والرابع الجاب فإن العقل التجرد‬
‫للفكر ف حقيقة من القائق ربا ل تنكشف له لكونه مجوبا باعتقاد سبق إل القلب وقت الصبا على‬
‫طريق التقليد والقبول بسن الظن فإن ذلك يول بي القلب والوصول إل الق وينع أن ينكشف ف‬
‫القلب غي ما تلقاه بالتقليد وهذا حجاب عظيم حجب أكثر اللق عن الوصول إل الق لنم مجوبون‬
‫باعتقادات تقليدية رسخت ف نفوسهم وجدت عليها قلوبم والامس الهل بالهة الت يقع فيها العثور‬
‫على الطلوب فإن الطالب لشيء ليس يكنه أن يصله إل بالتذكر للعلوم الت تناسب مطلوبة حت إذا‬
‫تذكرها ورتبها ف نفسه ترتيبا مصوصا يعرفه العلماء فعند ذلك يكون قد صادف جهة الطلوب فتظهر‬

‫‪234‬‬
‫حقيقة الطلوب لقلبه فإن العلوم الطلوبة الت ليست فطرية ل تصاد إل بشبكة العلوم الاصلة بل كل علم‬
‫ل يصل إل عن علمي سابقي يأتلفان ويزدوجان على وجه مصوص فيحصل من أزدواجهما علم ثالث‬
‫على مثال حصول النتاج من ازدواج الفحل والنثى ث كما أن من أراد أن يستنتج فرسا ل يكنه ذلك‬
‫من حار وبعي بل من‬
‫ص‪361:‬‬
‫اصل مصوص من اليل الذكر والنثى وذلك إذا وقع بينهما أزدواج مصوص فكذلك كل علم فله‬
‫أصلن مصوصان وبينهما طريق مصوص ف الزدواج يصل من ازدواجهما العلم الطلوب فالهل بتلك‬
‫الصول وبكيفية الزدواج هو الانع من العلم ومثاله ما ذكرناه من الهل بالهة الت الصورة فيها))‬
‫انتهى ملخصا‬
‫‪ -28‬بيان أن معرفة الشيء ببهانه طريقة القرآن الكري‬
‫قال الستاذ العلمة مفت الديار الصرية الشيخ ممد عبده ف القالة أثرت عنه ما صورته ((سعادة الناس‬
‫ف دنياهم وأخراهم بالكسب والعمل فإن ال خلق النسان وأناط جيع مصاله ومنافعه بعمله وكسبه‬
‫والذين حصلوا سعادتم بدون عمل ول سعى هم النبياء عليهم الصلة والسلم وحدهم ل يشاركهم ف‬
‫هذا أحد من البشر مطلقا والكسب مهما تعددت وجوهه فإنا ترجع إل كسب العلم لن أعمال‬
‫النسان إنا تصدر عن إرادته وإرادته تنبعث عن آرائه وآراؤه هي نتائج علمه فالعلم مصدر العمال كلها‬
‫دنيوية وأخروية فكمال يسعد الناس ف الدنيا إل بأعمالم كذلك ل يسعدون ف الخرة إل بأعمالم‬
‫وحيث كان للعلم هذا الشأن فل شك أن الطأ فيه خطأ ف طريق السي إل السعادة عائق أو مانع من‬
‫الوصول إليها فل جرم أن الناس ف أشد الاجة إل ما يفظ من هذا الطأ ويسي بالعلم ف طريقة القوي‬
‫حت يصل السائر إل الغاية))‬
‫ث قال ((اعتن العلماء ف كل أمة بضبط اللسان وحفظه من الطأ ف الكلم ووضعوا لذلك علوما كثية‬
‫وما كان للسان هذا الشأن إل لنه ملي للفكر وترجان له وآله ليصال معارفه من ذهن إل آخر فأجدر‬
‫بم أن تكون عنايتهم بضبط الفكرأعظم كما أن اللفظ ملي الفكر هو غطاؤه أيضا فإن النسان ل يقدر‬
‫على إخفاء أفكاره إل بجاب الكلم الكاذب حت قال بعضهم إن اللفظ ل يوجد إل ليخفى الفكر))‬
‫ث كشف الستاذ النقاب عن حقيقة الفكر الصحيح الذي ينتفع باليزان ويكون‬
‫ص‪362:‬‬

‫‪235‬‬
‫مطلقا يري ف مراه الذي وضعه ال تعال عليه إل أن يصل إل غايته أما القيد بالعادات فهو الذي ل‬
‫شأن له وكأنه ل وجوده له وقد جاء السلم ليعتق الفكار من رقها ويلها من عقلها فترى القرآن ناعيا‬
‫على القلدين ذاكرا لم بأسوأ ما يذكر به الجرم ولذلك بن على اليقي ث قال‬
‫((على طالب العلم أن يسترشد ب تقدمه سواء كانوا أحياء أم أمواتا ولكن عليه أن يستعمل فكره فيما‬
‫يؤثر عنهم فإن وجده صحيحا أخذ به وإن وجده فاسدا تركه وحينئذ يكون من قال ال تعال فيهم‬
‫(فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) الية وإل فهو كاليوان والكلم كاللحام له أو الزمام‬
‫ينع به عن كل ما يريد صاحب الكلم منعه عنه وينقاد إل حيث يشاء التكلم أن ينقاد إليه من غي عقل‬
‫ول فهم))ز‬
‫ث ألع إل الشياء الت تعل الفكر صحيحا مطلقا فقال ((إن الكلم عنه يتاج إل شرح طويل ويكن أن‬
‫نقول فيه كلمة جامعة يرجع إليها كل ما يقال وهي الشجاعة ‪ -‬الشجاع هو الذي ل يالف ف الق‬
‫لومة لئم ‪-‬فمت لح له يصرح به وياهر بنصرته وإن خالف ف ذلك الولي والخرين ومن الناس من‬
‫يلوح له نور الق فيبقى متمسكا با عليه الناس ويتهد ف إطفاء نور الفطرة ولكن ضميه ل يستريح‬
‫فهو يوبه إذا خل بنفسه ولو ف فراشه ل يرجع عن الق أو يكتم الق لجل الناس إل الذي ل يأخذ إل‬
‫با قال الناس ول يكن أن يأت هذا من موقن يعرف الق معرفة صحيحة))‬
‫وبعد أن أفاض ف الكلم على الشجاعة وبي احتياج الفكر والبصية ف الدين إليها قال ((وهنا شيء‬
‫يسبه بعضهم شجاعة وما هو بشجاعة وإنا هو وقاحة وذلك كالستهزاء بالق وعدم البالة بالق‬
‫فترى صاحب هذه اللة يوض ف الئمة ويعرض بتنقيص أكابر العلماء غرورا وحاقة والسبب ف ذلك‬
‫أنه ليس عنده من الصب والحتمال‬
‫ص‪363:‬‬
‫وقوة الفكر ما سيب به أغوار كلمهم ويحص به حججهم وبراهينهم ليقبل ما يقبل عن بية ويترك ما‬
‫يترك عن بينه وهذا ول شك أجب من تمل ثقل التقليد على ما فيه وربا تنبع ف عقله خواطر ترشده إل‬
‫البصية أو تلمع ف ذهنه بوارق من الستدلل لو مشى ف نورها لهتدى وخرج من الية وأما‬
‫الستهزئ فهو أقل احتما ًل من القلد فإن الوى الذي يعرض لفكرة إنا يأتيه من عدم صبه وثباته على‬
‫المور وعدم التأمل فيها والاصل أن الفكر الصحيح يوجد بالشجاعة وهي ها هنا الت يسميها بعض‬
‫الكتاب العصريي ((الشجاعة الدبية)) وهي قسمان شجاعة ف رفع القيد الذي هو التقليد العمى‬

‫‪236‬‬
‫وشجاعة ف وضع القيد الذي هو اليزان الذي ل ينبغي أن يقر رأى ول فكر إل بعد ما يوزن به ويظهر‬
‫رحجانه وبذا يكون النسان عبدا للحق وحده وهذه الطريقة طريقة معرفة الشيء بدليله وبرهانه ما‬
‫جاءتنا من علم النطبق وإنا هي طريقة القرآن الكري الذي ما قرر شيئا إل واستدل عليه وأرشد متبعيه إل‬
‫الستدلل وإنا النطق آله لضبط الستدلل كما أن النحو آله لضبط اللفاظ ف العراب والبناء)) انتهى‬
‫‪ -29‬بيان أنن من الصال هذه الذاهب الدونة وفوائد مهمة من أصل التخريج على كلم الفقهاء وغي‬
‫ذلك‬
‫قال المام ول ال الدهلوي قدس سره ف الجة البالغة ((وما يناسب هذا القام التنبيه على مسائل ضلت‬
‫ف بواديها الفهام وزلت القدام وطغت القلم منها أن هذه الذاهب الربعة الدونة الحررة قد اجتمعت‬
‫المة أو من يعتد به منها على جواز تقليدها إل يومنا هذا وف ذلك من الصال ما ل يفي ل سيما ف‬
‫هذه اليام الت قصرت فيها المم جدا وأشربت النفوس الوى وأعجب كل ذي رأى برأيه فما ذهب‬
‫إليه ابن حزم‬
‫ص‪364:‬‬
‫حيث قال ((التقليد حرام ول يل لحد أن يأخذ قول أحد غي رسول ال بل برهان لقوله تعال (اتبعوا‬
‫ما أنزل إليكم من ربكم ول تتبعوا من دونه أولياء)) وقوله تعال (وإذا قيل لم اتبعوا ما أنزل ال قالوا بل‬
‫نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) وقال مادحا لن ل يقلد (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه‬
‫أولئك الذين هداهم ال وأولئك هم أولو اللباب) وقال تعال (فإن تنازعتم ف شي فردوه إل ال‬
‫والرسول إن كنتم تؤمنون بال واليوم الخر) فلم يبح ال تعال الرد عند التنازع إل أحد دون القرآن‬
‫والسنة وحرم بذلك الرد عند التنازع إل قوله قائل لنه غي القرآن والسنة وقد صح إجاع الصحابة‬
‫كلهم أولم عن آخرهم وإجاع التابعي أولم عن آخرهم وإجاع تابعي التابعي أولم عن آخرهم على‬
‫المتناع والنع من أن يقصد منهم أحد إل قول إنسان منهم أو من قبلهم فيأخذه كله فليعلم من أخذ‬
‫بميع أقوال أب حنيفة أو جيع أقوال مالك أو جيع أقوال الشافعي أو جيع أقوال أحد رضي ال عنهم‬
‫ول يترك قول من اتبع منهم أو من غيهم إل قول غيه ول يعتمد على ما جاء ف القرآن والسنة غي‬
‫صارف ذلك إل قول إنسان بعينه أنه قد خالف إجاع المة كلها أولا عن آخرها بيقي ل إشكال فيه‬
‫وأنه ل يد لنفسه سلفا ول إنسانا ف جيع العصار الحمودة الثلثة فقد اتبع غي سبيل الؤمني نعوذ‬
‫بال من هذه النلة وأيضا فإن هؤلء الفقهاء كلهم قد نوا عن تقليد غيهم فقد خالفهم من قلدهم‬

‫‪237‬‬
‫ل من هؤلء أو من غيهم أول أن يقلد من عمر بن الطاب أو علي بن أب‬ ‫وأيضا فما الذي جعل رج ً‬
‫طالب أو ابن مسعود أو ابن عمر أو ابن عباس أو عائشة أم الؤمني رضي ال تعال عنهم فلو ساغ‬
‫التقليد لكان كل واحد من هؤلء أحق بأن يتبع من غيه)) ‪1‬هـ إنا يتم فيمن له ضرب من الجتهاد‬
‫ولو ف مسألة واحدة وفيمن‬
‫ص‪365:‬‬
‫ظهر عليه ظهورا بينا أن النب أمر بكذا ونى عن كذا وأنه ليس بنسوخ إما بأن يتتبع الحاديث وأقوال‬
‫الخالف والوافق ف السألة فل يد لا نسخا أو بأن يرى جا غفيا من التبحرين ف العلم يذهبون إليه‬
‫ويرى الخالف له ل يتج إل بقياس أو استنباط أو نو ذلك فحينئذ ل سبب لخالفة حديث النب إل‬
‫نفاق خفي أو حق جلي وهذا هو الذي أشار إليه الشيخ عز الدين بن عبد السلم حيث قال ((ومن‬
‫العجب العجيب أن الفقهاء القلدين يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بيث ل يد لضعفه مدفعا‬
‫وهو مع ذلك يقلده فيه ويترك من شهد الكتاب والسنة والقيسة الصحيحة لذهبهم جودا على تقليد‬
‫إمامه بل بتحيل لدفع ظاهر الكتاب والسنة ويتأولا بالتأويلت البعيدة الباطلة نضالً عن مقلدة)) وقال‬
‫((ل يزل الناس يسألون من اتفق من العلماء من غي تقييد بذهب ول إنكار على أحد من السائلي إل أن‬
‫ظهرت هذه الذاهب ومتعصبوها من القلدين فإن أحدهم يتبع إمامه مع بعد مذهبه عن الدلة مقلدا لم‬
‫فيما قال كأنه نب أرسل وهذا نأي عن الق وبعد عن الصواب ل يرضي به أحد من أول اللباب))‬
‫وقال المام أبو شامة ((ينبغي لن اشتغل بالفقه أن ل يقتصر على مذهب إمام ويعتقد ف كل مسألة صحة‬
‫ما كان أقرب إل دللة الكتاب والسنة الحكمة وذلك سهل عليه إذا كان أتقن معظم العلوم التقدمة‬
‫وليجتنب التعصب والنظر ف طرائق اللف التأخرة فإنا مضيعة للزمان ولصفوه مكدرة فقد صح عن‬
‫الشافعي أنه نى عن تقليده وتقليد غيه قال صاحبه الزن ف أول متصره ((اختصرت هذا من علم‬
‫الشافعي ومن معن قوله لقر به على من أراد مع إعلمية نيه عن تقليده وتقليد غيه لينظر فيه لدينه‬
‫ويتاط لنفسه أي مع إعلمي من أراد علم الشافعي نى الشافعي عن تقليده وتقليد غيه)) انتهى وفيمن‬
‫يكون عاميا ويقلد رجلً من الفقهاء بعينه يرى أنه يتنع من مثله الطأ وأن ما قاله هو الصواب البتة‬
‫وأضمر ف قلبه أن ل يترك تقليده وإن ظهر الدليل على خلفه وذلك ما رواه الترمذي عن عدي بن حات‬
‫أنه قال ((سعت رسول ال يقرأ ((أتذوا أحبارهم ورهبانم‬
‫ص‪366:‬‬

‫‪238‬‬
‫أربابا من دون ال)) قال إنم ل يكونوا يعبدونم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لم شيئا استحلوه وإذا حرموا‬
‫عليهم شيئا حرموه وفيمن ل يوز أن يستفت النفي مثلً فقيها شافعيا وبالعكس ول يوز أن يقتدي‬
‫ل فإن هذا قد خالف إجاع القرون الول وناقض الصحابة والتابعي وليس مله‬ ‫النفي بإمام شافعي مث ً‬
‫فيمن ل يدين إل بقول النب ول يعتقد حللً إل ما أحله ال ورسوله ول حراما إل ما حرمه ال ورسوله‬
‫لكنه لا ل يكن له علم با قاله النب ول بطريق المع بي الختلفات من كلمه ول بطريق الستنباط من‬
‫كلمه اتبع عالا راشدا على أنه مصيب فيما يقول ويفت ظاهرا متبع سنة رسول ال فإن خالف ما يظنه‬
‫أفلع من ساعته من غي جدال ول إصرار فهذا كيف ينكره أحد مع أن الستفتاء والفتاء ل يزل بي‬
‫السلمي من عهد النب ول فرق بي أن يستفت هذا دائما أو يستفت هذا حينا وذلك حينا بعد أن يكون‬
‫ممعا على ما ذكرناه كيف ل ول نؤمن بفقيه أيـا كان أنه أوحي ال إليه الفقه وفرض علينا طاعته وأنه‬
‫معصوم فإن اقتدينا بواحد منهم فذلك لعلمنا بأنه عال بكتاب ال وسنة رسوله فل يلو قوله إما أن يكون‬
‫من صريح الكتاب والسنة أو مستنبطا منهما بنحو من الستنباط أو عرف بالقرائن أن الكم ف صورة ما‬
‫منوط بعلة كذا وأطمان قلبه بتلك العرفة فقاس غي النصوص على النصوص فكأنه يقول ظننت أن‬
‫رسول ال قال كلما وجدت هذه العلة فالكم ف طريقة ظنون ولول ذلك لا قلد مؤمن متهدا فإن بلغنا‬
‫حديث من الرسول العصوم الذي فرض ال علينا طاعته بسند صال يدل على خلف مذهبه وتركنا‬
‫حديثه واتبعنا ذلك التخمي فمن أظلم منها وما عذرنا يوم يقوم الناس لرب العالي‬
‫((ومنها أن التخريج على كلم الفقهاء وتتبع لفظ الديث لكل منهما أصل أصيل ف الدين ول يزل‬
‫الحققون من العلماء ف كل عصر يأخذون بما فمنهم من يقل من ذا‬
‫ص‪367:‬‬
‫ويكثر من ذاك ومنهم من يكثر من ذا ويقل من ذاك فل ينبغي أن يهمل أمر واحد منهما بالرة كما يفعله‬
‫عامة الفريقي وإنا الق البحث أن يطابق أحدها بالخر وأن يب خلل كل بالخر وذلك قول السن‬
‫البصري ((سنتكم وال الذي ل إله هو بينهما)) بي الغال والاف فمن كان من أهل الديث ينبغي أن‬
‫يعرض ما اختاره وذهب إليه على رأي الجتهدين من التابعي ومن كان من أهل التخريج له أن يعل من‬
‫السنن ما يترز به من مالفة الصريح الصحيح ومن القول برأيه فيما فيه حديث أو يقدر الطاقة ول ينبغي‬
‫لحدث أن يتعمق بالقواعد الت أحكمها أصحابه وليست منا نص عليه الشارع فيد به حديثا أو قياسا‬
‫صحيحا كرد ما فيه أدن شائبة الرسال والنقطاع كما فعله ابن حزم رد حديث تري العازف لشائبة‬

‫‪239‬‬
‫النقطاع ف رواية البخاري على أنه ف نفسه متصل صحيح فإن مثله إنا يصار إليه عند التعارض‬
‫وكقولم فلن أحفظ لديث فلن من غيه فيجحون حديثه على حديث غيه لذلك وإن كان ف الخر‬
‫ألف رجه من الرجحان وكان اهتمام جهور الرواة عند الرواية بالعن برؤوس العان دون العتبارات الت‬
‫يعرفها التعمقون من أهل العربية فاستدللم بنحو الفاء والواو وتقدي كلمة وتأخيها ونو ذلك من‬
‫التعمق وكثيا ما يعب الراوي الخر عن تلك القصة فيأت مكان ذلك الرف برف آخر والق أن كل‬
‫ما يأت به الراوي فظاهره أنه كلم النب فإن ظهر حديث آخر أو دليل آخر وجب الصي إليه ول ينبغي‬
‫لخرج أن يرج قو ًل ل يفيده نفس كلم أصحابه ول يفهمه منه أهل العرف والعلماء باللغة ويكون بناء‬
‫على تريج مناط أو حل نظي السألة عليها ما يتلف فيه أهل الوجوه وتتعارض فيه الراء ولو أن‬
‫أصحابه مثلوا عن تلك السألة ربا يملون النظي على النظي لانع وربا ذكروا علة غي ما خرجه هو وإنا‬
‫جاز التخريج لنه ف القيقة من تقليد الجتهد ول يتم إل فيما يفهم من كلمه ول ينبغي أن يرد حديثا‬
‫أو أثر تطابق عليه القوم لقاعدة استخرجها هو أو أصحابه كرد حديث الصراة وكإسقاط سنهم ذوي‬
‫القرب فإن رعاية الديث أوجب من رعاية تلك‬
‫ص‪368:‬‬
‫القاعدة الخرجة وإل هذا العن أشار الشافعي حيث قال ((مهما قلت من قول أو أصلت من أصل فباخ‬
‫عن رسول ال خلف ما قلت فالقول ما قاله ))‬
‫((ومنها أن تتبع الكتاب والثار لعرفة الحكام الشرعية على مراتب أعلها أن يصل له من معرفة‬
‫الحكام بالفعل أو بالقوة القريبة من الفعل ما يتمكن به من جواب الستفتي ف الوقائع غالبا بيث يكون‬
‫جوابه أكثر ما يتوقف فيه وتص (أي هذه العرفة) باسم الجتهاد وهذا الستعداد يصل تارة بالمعان‬
‫ف جع الروايات وتتبع الشاذة والفاذة منها كما أشار إليه أحد بن حنبل مع ما ل ينفك منه العاقل‬
‫العارف باللغة من معرفة مواقع الكلم وصاحب العلم بآثار السلف من طريق المع بي الختلفات‬
‫وترتيب الستدللت ونو ذلك وتارة بإحكام طرق التخريج على مذهب شيخ من مشاسخ الفقه من‬
‫معرفة جلة صالة من السنن والثار بيث يعلم أن قوله ل يالف الجاع القرآن والسنن ما يتمكن به‬
‫من معرفة اليد والزيف وإن ل يتكامل له الدوات كما بتكامل للمجتهد الطلق فيجوز لثله أن يلفق من‬
‫الذهبي إذا عرف دليلهما وعلم أن قوله ليس ما ل ينفذ فيه اجتهاد الجتهد ول يقبل فيه قضاء القاضي‬
‫ول يري فيه فتوى الفتي وأن يترك بعض التخريات الت سبق الناس إليها إذا عرف عدم صحتها ولذا‬

‫‪240‬‬
‫ل يزل العلماء من ل يدعي الجتهاد الطلق يصنفون ويرتبون ويرجون ويرجحون وإذا كان الجتهاد‬
‫يتجزأ عند المهور والتخريج يتجزأ وإنا القصود تصيل الظن وعليه مدار التكليف‬
‫ص‪369:‬‬
‫فما الذي يستبعد من ذلك وأما ما دون ذلك من الناس فمذهبه فيما يرد عليه كثيا ما أخذه عن أصحابه‬
‫وآبائه وأهل بلده من الذاهب التبعة وف الوقائع النادرة فتاوي مفتيه وف القضايا ما يكم القاضي وعلى‬
‫هذا وجدنا مققي العلماء من كل مذهب قديا وحديثا وهو الذي أوصي به أئمة الذاهب أصحابم))‬
‫ث قال الدهلوي رحه ال ((قال ابن الصلح من وجد من الشافعية حديثا يالف مذهبه نظر إن كملت‬
‫له آله الجتهاد مطلقا أو ف ذلك الباب أو السألة كان له الستقلل بالعمل به وإن ل يكمل له آلة‬
‫الجتهاد وشق مالفة الديث بعد أن يبحث فلم يد للمخالف جوابا شافيا عنه فله العمل به إن كان‬
‫عمل به إمام مستقل غي الشافعي ويكون هذا عذرا له ف ترك مذهب إمامه ها هنا وحسنة النووي‬
‫((ومنها أن أكثر صور الختلف بي الفقهاء ل سيما ف السائل الت ظهر فيها أقوال الصحابة ف الانبي‬
‫كتكبيات التشريق وتكبيات العيدين ونكاح الحرم وتشهد ابن عباس وابن مسعود والخفاء بالبسملة‬
‫وبأمي والسفاع واليثار ف القامة ونو ذلك إنا هو ف ترجيح أحد القولي وكان السلف ل يتلفون‬
‫ف أصل الشروعية وإنا كان خلفهم ف أول المرين ونظيه اختلف القراء ف وجوه القراءة وقد عللوا‬
‫كثيا من هذا الباب بأن الصحابة متلفون وأنم جيعا على الدى ولذلك ل يزل العلماء يوزون فتاوى‬
‫الفتي ف السائل الجتهادية ويسلمون قضاء القضاة ويعملون ف بعض الحيان بلف مذهبهم ول ترى‬
‫أئمة الذاهب ف هذه الواضع إل وهم يضجعون القول ويبينون اللف يقول أحدهم هذا أحوط وهذا‬
‫هو الختار وهذا أحب إل ويقول ما بلغنا إل ذلك وهذا كثي ف البسوط وآثار ممد رحه ال وكلم‬
‫الشافعي رحه ال ث خلف من بعدهم خلف اختصروا كلم القوم فقووا اللف وثبتوا على متار أئمتهم‬
‫والذي يروي من السلف من تأكيد الخذ بذهب أصحابم وأن ل يرج منها بال فإن ذلك إما لمر‬
‫جبلي فإن إنسان يب ما هو متار أصحابه وقومه حت ف الزي والطاعم أو لصوله ناشئة من ملحظة‬
‫الدليل أو لنحو ذلك من السباب‬
‫ص‪370:‬‬
‫فظن البعض تعصبا دينيا حاشاهم من ذلك وقد كان ف الصحابة والتابعي ومن بعدهم من يقرا البسملة‬
‫ومنهم من ل يقرؤها ومنهم من يهر با ومنهم ل يهر با وكان منهم من يقنت ف الفجر ومنهم من ل‬

‫‪241‬‬
‫يقنت ف الفجر ومنهم من يتوضأ من الجامة والرعاف والقيء ومنهم من ل يتوضأ من ذلك ومنهم من‬
‫يتوضأ ما مسته النار ومنهم من ل يتوضأ من ذلك ومنهم من يتوضأ من أكل لم البل ومنهم من ل‬
‫يتوضأ من ذلك ومع هذا فكان بعضهم يصلي خلف بعض مثل ما كان أبو حنيفة أو أصحابه والشافعي‬
‫وغيهم رضي ال عنهم يصلون خلف أئمة الدينة من الالكية وغيهم وإن كانوا ل يقرءون البسملة ل‬
‫سرا ول جهرا وصلى الرشيد إماما وقد احتجم فصلى المام أبو يوسف خلفهن ول يعد وكان أفتاه‬
‫المام مالك بأنه ل وضوء عليه وكان المام أحد بن حنبل يري الوضوء من الرعاف والجامة فقيل له‬
‫فإن كان المام قد خرج منه الدم ول يتوضأ هل تصلي خلفه فقال كيف ل أصلي خلف المام مالك‬
‫وسعيد بن السيب وروي أن أبا يوسف وممدا كانا يكبان ف العيدين تكبي ابن عباس لن هرون‬
‫الرشيد كان يب تكبي جده وصلى الشافعي رحه ال الصبح قريبا من مقبة أب حنيفة رحه ال فلم‬
‫يقنت تأدبا معه وقال أيضا ربا اندرنا إل مذهب أهل العراق وقال مالك رحه ال للمنصور وهارون‬
‫الرشيد ما ذكرنا عنه سابقا وف البازية عن المام الثان وهو أبو يوسف رحه ال أنه صلى يوم المعة‬
‫مغتسلً من المام وصلى بالناس وتفرقوا ث أخب بوجود فأرة ميتة ف بئر المام فقال إذن نأخذ بقول‬
‫إخواننا من أهل الدينة ((إذا بلغ الاء فلتي ل يمل خبثا)) انتهى‬
‫ث قال الدهلوي قدس سره ((ومنها أن وجدت بعضهم يزعم أن هنالك فرقتي ل ثالث لما أهل الظاهر‬
‫وأهل الرأي وأن كل من قاس واستنبط فهو من أهل الرأي كل وال بل ليس الراد بالرأي نفس الفهم‬
‫ل فإنه ل ينتحله‬
‫والعقل فإن ذلك ل ينفك من أحد من العلماء ول الرأي الذي ل يعتمد على سنة أص ً‬
‫مسلم البتة ول القدرة على الستنباط والقياس فإن أحد وإسحاق بل الشافعي أيضا ليسوا من أهل الرأي‬
‫بالتفاق وهم يستنبطون ويقيسون بل الراد من أهل الرأي قوم توجهوا بعد السائل الجمع عليها بي‬
‫ص‪371:‬‬
‫السلمي أو بي جهورهم إل التخريج على أصل رجل من التقدمي فكان أكثر أمرهم حل النظي على‬
‫النظي والرد إل أصل من الصول دون تتبع الحاديث والثار والظاهري من ل يقول بالقياس ول بآثار‬
‫الصحابة والتابعي كداود وابن حزم وبينهما الحقون من أهل السنة كأحد وإسحق)) انتهى‬
‫‪ -30‬بيان وجو موالة الئمة الجتهدين وأنه إذا وجد لواحد منهم قول صح الديث بلفة فل بد له‬
‫من عذر ف تركة وبيان العذر‬

‫‪242‬‬
‫قال المام شيخ السلم تقي الدين أحد بن تيميه رضي ال عنه وأرضاه وجعل النة متقلبه ومثواه آمي‬
‫ف كتابه ((رفع اللم عن الئمة العلم)) ف مقدمته بعد الطبة ما صورته ((يب على السلمي بعد‬
‫موالة ال ورسوله موالة الؤمني كما نطق به القرآن خصوصا العلماء الذين هم ورثة النبياء الذين‬
‫جعلهم ال بنلة النجوم يهتدي بم ف ظلمات الب والبحر وقد أجع السلمون على هدايتهم ودرايتهم‬
‫ث قال ((فإنم خلفاء الرسول ف أمته والحيون لا مات من سنته بم قام الكتاب وبه قاموا وبم نطق‬
‫الكتاب وبه نطقوا وليعلم أنه ليس أحد من الئمة القبولي عند المة قبولً عاما يتعمد مالفة رسول ال‬
‫ف شيء من سنته دقيق ول جليل فإنم متفقون اتفاقا يقينيا على وجوب اتباع الرسول وعلى أن كل‬
‫أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إل رسول ال ولكن إذا وجد لواحد منهم قول قد جاء حديث‬
‫صحيح بلفه فل بد له من عذر ف تركه وجاع العذار ثلثة أصناف أحدهم عدم اعتقاد أن النب قاله‬
‫والثان عدم اعتقاده إراده تلك السألة بذلك القول والثالث اعتقاده أن ذلك الكم منسوخ وهذه‬
‫الصناف الثلثة تتفرع إل أسباب متعددة‬
‫السبب الول أن ل يكون الديث قد بلغه ومن ل يبلغه الديث ل يكلف أن‬
‫ص‪372:‬‬
‫يكون عالا بوجبه وإذا ل يكن قد بلغه وقد قال ف تلك القضية بوجب ظاهر آية أو حديث آخر أو‬
‫بوجب قياس أو موجب استصحاب فقد يوافق ذلك الديث تارة ويالفه أخرى وهذا السبب الغالب‬
‫على أكثر ما يوجد من أقوال السلف مالفا لبعض الحاديث فإن الحاطة بديث رسول ال ل تكن‬
‫لحد من المة وقد كان النب يدث أو يفت أو يقضي أو يفعل الشيء فيسمعه أو يراه من يكون حاضرا‬
‫ويبلغه أولئك أو بعضهم لن يبلغونه فينتهي علم ذلك إل من شاء ال من العلماء من الصحابة والتابعي‬
‫ومن بعدهم ث ف ملس آخر قد يدث أو يفت أو يقول شيئا ويشهده بعض من كان غائبا من ذلك‬
‫الجلس ويبلغونه لن أمكنهم فيكون عند هؤلء من العلم ما ليس عند هؤلء وعند هؤلء ما ليس عند‬
‫هؤلء وإنا يتفاضل العلماء من الصحابة ومن بعدهم بكثرة العلم أو جودته وأما إحاطة واحد بميع‬
‫حديث رسول ال فهذا ل يكن ادعاؤه قط ‪ 1‬واعتب ذلك باللفاء الراشدين الذين هم أعلم المة بأمور‬
‫رسول ال وسنته وأحواله خصوصا الصديق رضي ال عنه الذي ل يكن يفارقه حضرا ول سفرا بل كان‬
‫يكون معه ف غالب الوقات حت إنه يسمر عنده بالليل ف أمور السلمي وكذلك عمر بن الطاب‬
‫رضي ال عنه فإنه كثيا ما يقول ((دخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر)) ث مع‬

‫‪243‬‬
‫ذلك لا سئل أبو بكر رضي ال عنه عن مياث الدة قال ((مالك ف كتاب ال ف شيء ولكن اسأل‬
‫الناس)) فسألم فقام الغية بن شعبة وممد بن مسلمة فشهد أن النب أعطاها السدس وقد بلغ هذه السنة‬
‫عمران بن حصي وليس هؤلء الثلثة مثل أب بكر وغيه من اللفاء ث قد اختصوا بعلم هذه السنة الت‬
‫قد اتفقت المة على العمل با وكذلك عمر بن الطاب رضي ال عنه ل يكن يعلم سنة الستئذان حت‬
‫أخبه با أبو موسى استشهد بالنصار وعمر أعلم من حدثه بذه‬
‫ص‪373:‬‬
‫السنة ول يكن عمر أيضا يعلم أن الرأة ترث من دية زوجها بل يرى أن الدية للعاقلة حت كتب إليه‬
‫الضحاك بن سفيان وهو أمي الرسول على بعض البوادي يبه أن رسول ال ورث امرأة أشيم الضباب‬
‫من دية زوجها فترك رأيه لذلك وقال ((لو ل نسمع بذا لقضينا بلفه)) ول يكن يعلم حكم الجوس ف‬
‫الزية حت أخبه عبد الرحن بن عوف رضي ال عنهما أن رسول ال قال ((سنوا بم سنة أهل‬
‫الكتاب)) ولا قدم ((سرغ)) وبلغه أن الطاعون بالشام استشار الهاجرين الولي الذين معه ث النصار ث‬
‫مسلمة الفتح فأشار كل عليه با رأى ول يبه أحد بسنة حت قدم عبد الرحن بن عوف فأخبه بسنة‬
‫رسول ال ف الطاعون وأنه قال ((إذا وقع بأرض وأنتم با فل ترجوا فرارا منه وإذا سعتم به بأرض فل‬
‫تقدموا عليه)) وتذاكر هو وابن عباس أمر الذي يشك ف صلته فلم يكن قد بلغته السنة ف ذلك حت‬
‫حدثه عبد الرحن بن عوف عن النب أنه يطرح الشك ويبن على ما استيقن وكان مرة ف السفر فهاجت‬
‫ريح فجعل يقول من يدثنا عن الريح قال أبو هريرة ((فبلغن وأنا ف أخريات الناس فحثثت راحلن حت‬
‫أدركته فحدثنه با أمر به النب عند هبوب الريح)) فهذه مواضع ل يكن يعلمها حت بلغه إياها من ليس‬
‫مثله ومواضع أخر ل يبلغه ما فيها من السنة فقضي فيها أو أفت فيها بغي ذلك مثل ما قضى ف دية‬
‫الصابع أنا متلفة بسب منافعها وقد كان عند أب موسى وابن عباس ‪ -‬وها دونه بكثي ف العلم ‪-‬‬
‫علم بأن النب قال ((هذه وهذه سواء)) يعن البام والنصر فبلغت هذه السنة لعاوية ف إمارته فقضى با‬
‫ص‪374:‬‬
‫ول يد السلون بدا من اتباع ذلك ول يكن عيبا ف عمر رضي ال عنه حيث ل يبلغه الديث وكذلك‬
‫كان ينهي الحرم عن التطيب قبل الحرام وقبل الفاضة إل مكة بعد رمي جرة العقبة هو وابنه عبد ال‬
‫رضي ال عنهما وغيها من أهل الفضل ول يبلغهم حديث عائشة رضي ال عنها ((طيبت رسول ال‬
‫لرمه قبل أن يرم ولله قبل أن يطوف)) وكان يأمر ل بس الف أن يسح عليه إل أن يلعه من غي‬

‫‪244‬‬
‫توقيت واتبعه على ذلك طائفة من السلف ول تبلغهم أحاديث التوقيت الت صحت عند بعض من ليس‬
‫مثلهم ف العلم وقد روى ذلك عن النب من وجوه متعددة صحيحة‬
‫وكذلك عثمان رضي ال عنه ل يكن عنده علم بأن التوف عنها زوجها تعتد ف بيت الوت حت حدثته‬
‫الفريعة بنت مالك أخت أب سعيد الدري بقضيتها لا توف زوجها وأن النب قال لا ((امكثي ف بيتك‬
‫حت يبلغ الكتاب أجله)) فأخذ به عثمان وأهدى له مرة صيد كان قد صيد لجله فهم بأكله حت أخبه‬
‫على رضي ال عنه أن النب رد لما أهدى له‬
‫وكذلك على رضي ال عنه قال ((كنت إذا سعت من رسول ال حديثا تفعن ال با شاء أن ينفعن منه‬
‫وإذا حدثن غيه استحلفته فإذا حلف ل صدقته)) وحدثن أبو بكر وصدق أبو بكر)) وذكر حديث‬
‫صلة التوبة الشهور وأفت هو وابن عباس وغيها بأن التوف عنها إذا كانت حامل تعتد أبعد الجلي‬
‫ول يكن قد بلغتهم سنة ال ف سبيعة السلمية حيث أفتاها النب بأن عدتا وضع حلها وأفت هو وزيد‬
‫وابن عمر وغيهم بأن الفوضه إذا مات عنها زوجها فل مهر بأن عدتا وضع حلها وأفت هو وزيد وابن‬
‫عمر وغيهم بأن الفوضه إذا مات عنها زوجها فل مهر بأن عدتا وضع حلها وأفت هو وزيد وابن عمر‬
‫وغيهم بأن الفوضه إذا مات عنها زوجها فل مهر‬
‫ص‪375:‬‬
‫لا ول تكن بلغتهم سنة رسول ال ((ف بروع بنت واشق)) وهذا باب واسع يبلغ النقول منه عن‬
‫أصحاب رسول ال عددأ كثيا جدا وأما النقول منه عن غيهم فل يكن الحاطة به فإنه ألوف فإن‬
‫هؤلء كانوا أعلم المة وأفقهها وأتقاها وأفضلها فمن بعدهم أنقص فخفاء بعض السنة عليه أول فل‬
‫يتاج إل بيان فمن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الئمة وإماما معينا فهو مطىء‬
‫خطأ فاحشا قبيحا‬
‫ول يقولن قائل ((إن الحاديث قد دونت وجعت فخفاؤها والال هذه بعيد ‪ ))1‬لن هذه الدواوين‬
‫الشهورة ف السنن إنا جعت بعد انقراض الئمة التبوعي ومع هذا فل يوز أن يدعي انصار حديث‬
‫رسول ال ف دواوين معينة ث لو فرض انصار حديث رسول ال فليس كل ما ف الكتب يعلمه العال ول‬
‫يكاد ذلك يصل لحد بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثية وهو ل ييط با فيها بل الذين كانوا‬
‫قبل جع هذه الدواوين أعلم بالسنة من التأخرين بكثي لن كثيا ما بلغهم وصح عندهم قدل يبلغنا إل‬
‫عن مهول أو بإسناد منقطع أو ل يبلغنا بالكلية فكانت دواوينهم صدورهم الت توي أضعاف ما ف‬

‫‪245‬‬
‫الدواوين وهذا أمر ل يشك فيه من علم القضية ول يقولن قائل النب وفعله فيما يتعلق بالحكام فليس ف‬
‫المة متهد وإنا غاية العلم أن يعلم جهور ذلك وعظمه بيث ل يفي عليه إل القليل من التفصيل ث إنه‬
‫قد يالف ذلك القليل من التفصيل الذي يبلغه‬
‫السبب الثان‪ -‬أن يكون الديث قد بلغه لكنه ل يثبت عنده إما لن مدثه أو مدث مدثه أو غيه من‬
‫رجال السناد مهول عنده أو متهم أو سيء الفظ وإما أنه ل يبلغه مسندا بل منقطعا أو ل يضبط لفظ‬
‫الديث مع أن ذلك الديث قد رواه الثقات لغيه بإسناد متصل بأن يكون غيه يعلم من الجهول عنده‬
‫الثقة أو يكون قد رواه غي‬
‫ص‪376:‬‬
‫أولئك الجروحي عنده أو قد اتصل من غي الهة النقطعة وقد ضبط ألفاظ الديث بعض الحدثي‬
‫الفاظ أو لتلك الرواية من الشواهد والتابعات ما يبي صحتها وهذا أيضا كثي جدا وهو ف التابعي‬
‫وتابعيهم إل الئمة الشهورين من بعدهم أكثر من العصر الول أو كثي من القسم الول فإن الحاديث‬
‫كانت قد انتشرت واشتهرت لكن كانت تبلغ كثيا من العلماء من طرق ضعيفة وقد بلغت غيهم من‬
‫طرق صحيحة غي تلك الطرق فتكون حجة من هذا الوجه مع أنا ل تبلغ من خالفها من هذا الوجه‬
‫ولذا وجد ف كلم غي واحد من الئمة تعليق القول بوجب الديث على صحته فيقول قول ف هذه‬
‫السألة كذا وقد روى فيها حديث بكذا فإن كان صحيحا فهو قول‬
‫السبب الثالث ‪ -0‬اعتقاد ضعف الديث باجتهاد قد خالفه فيه غيه مع قطع النظر عن طريق آخر سواء‬
‫كان الصواب معه أو مع غيه أو معهما عند من يقول كل متهد مصيب ولذلك أسباب‬
‫منها أن يكون الديث يعتقده أحدها ضعيفا ويعتقده الخر ثقة ‪ -‬ومعرفة الرجال علم واسع ‪ -‬ث قد‬
‫يكون الصيب من يعتقد ضعفه لطلعه على سبب جارح وقد يكون الصواب مع الخر لعرفته أن ذلك‬
‫السبب غي جارح إما لن جنسه غي جارح أو لنه كان له فيه عذر ينع الرح وهذا باب واسع‬
‫وللعلماء بالرجال وأحوالم ف ذلك من الجاع والختلف مثل ما لغيهم من سائر أهل العلم ف‬
‫علومهم‬
‫ومنها أن ل يعتقد أن الحدث سع الديث من حدث عنه وغيه يعتقد أنه سعه لسباب توجب ذلك‬
‫معروفة‬

‫‪246‬‬
‫ومنها أن يكون للمحدث حالن حال استقامة وحال اضطراب مثل أن يتلط أو ترق كتبه فما حدث‬
‫به ف حال الستقامة صحيح وما حدث به حال الضطراب ضعيف فل يدري ذلك الديث من أي‬
‫النوعي وقد علم غيه أنه ما حدث به ف حال الستقامة‬
‫ص‪377:‬‬
‫ومنها أن يكون الحدث قد نسى ذلك الديث فلم يذكره فيما بعد أو أنكر أن يكون حدثه معتقدا أن‬
‫هذا علة توجب ترك الديث ويرى غيه أن هذا ما يصح الستدلل بن والسألة معروفة‬
‫ومنها أن كثيا من الجازيي يرون أن ل يتج بديث عراقي أو شامي إن ل يكن له أصل بالجاز حت‬
‫قال قائلهم ((نزلوا أحاديث أهل العراق بنلة أحاديث أهل الكتاب ل تصدقوهم ول تكذبوهم)) وقيل‬
‫لخر ((سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد ال حجة)) قال إن ل يكن له أصل بالجاز‬
‫فل وهذا لعتقادهم أن أهل الجاز ضبطوا السنة فلم يشذ عنهم منها شيء وأن أحاديث العراقيي وقع‬
‫فيها اضطراب أوجب التوقف فيها وبعض العراقيي يرى أن ل يتج بديث الشاميي وإن كان أكثر‬
‫الناس على ترك التضعيف بذا فمت كان السناد جيدا كان الديث حجة سواء كان الديث حجازيا أو‬
‫عراقيا أو شاميا أو غي ذلك‬
‫وقد صنف أبو داود السجستان كتابا ف مفاريد أهل المصار من السنن يبي ما اختص به أهل كل مصر‬
‫من المصار من السنن الت ل توجد مسنده عند غيهم مثل الدينة ومكة والطائف ودمشق وحص‬
‫والكوفة والبصرة وغيها إل أسباب أخر غي هذه‬
‫السبب الرابع‪ -‬اشتراطه ف خب الواحد العدل الافظ شروطا يالفه فيها غيه مثل اشتراط بعضهم‬
‫عرض الديث على الكتاب والسنة واشتراط بعضهم أن يكون الحدث فقيها إذا خالف قياس الصول‬
‫واشتراط بعضهم انتشار الديث وظهوره إذا كان فيما تعم به البلوي إل غي ذلك ما هو معروف ف‬
‫مواضعه‬
‫السبب الامس‪ -‬أن يكون الديث قد بلغه وثبت عنده لكن نسيه وهذا يرد ف الكتاب والسنة مثل‬
‫الديث الشهور عن عمر رضي ال عنه أنه سئل عن الرجل ينب ف السفر فل يد الاء فقال ((ل يصلي‬
‫حت يد الاء)) فقال له عمار ((يا‬
‫ص‪378:‬‬

‫‪247‬‬
‫أمي الؤمني أما تذكر إذ كنت أنا وأنت ف البل فأجنبنا فأما أنا فتمرغت كما ترغ الدابة وأما أنت فلم‬
‫تصل فذكرت ذلك النب فقال ((إنا يكفيك هكذا)) وضر بيديه الرض فمسح بما وجهه وكفيه)) فقال‬
‫له عمر ((اتق ال يا عمار)) فقال ((إن شئت ل أحدث به)) فقال ((بل نوليك من ذلك ما توليت)) فهذه‬
‫سنة شهدها عمر ث نسيها حت أفت بلفها وذكره عمار فلم يذكر وهو ل يكذب عمارا بل أمره أن‬
‫يدث به وأبلغ من هذا أنه خطب الناس فقال ((ل يزيد رجل على صداق أزواج النب وبناته إل رددته))‬
‫فقالت امرأة ((يا أمي الؤمني ‪ 1‬ل ترمنا شيئا أعطانا ال إياه ث قرأت ((أو آتيتم إحداهن قنطارا))‬
‫فرجع عمر إل قولا وقد كان حافظا للية ولكن نسيها وكذلك ما روى أن عليا ذكر الزبي يوم المل‬
‫شيئا عهده إليهما رسول ال فذكره حت انصرف عن القتال وهذا كثي ف السلف واللف‬
‫السبب السادس عدم معرفته بدللة الديث تارة لكون اللفظ الذي ف الديث غريبا عنده مثل لفظ‬
‫الزابنة والحاقلة والخابرة واللمسة والنابذة والغرر إل غي ذلك من الكلمات الغريبة الت قد يتلف‬
‫العلماء ف تفسيها وكالديث الرفوع ((ل طلق ول عتاق ف إغلق)) فإنم قد فسروا الغلق‬
‫بالكراه ومن يالفه ل يعرف هذا التفسي وتارة لكون معناه ف لغته وعرفه غي معناه ف لغة النب وهو‬
‫يمله على ما يفهمه ف لغته بناء على أن الصل بقاء اللغة كما سع بعضهم آثارا ف الرخصة ف النبيذ‬
‫فظنوه بعض أنواع السكر لنه لغتهم وإنا هو ما ينبذ لتحلية الاء قبل أن يشتد فإنه جاء مفسرا ف‬
‫أحاديث كثية صحيحة وسعوا لفظ المر ف الكتاب والسنة فاعتقدوه عصي العنب الشتد خاصة بناء‬
‫على أنه كذلك ف اللغة وإن كان قد جاء من الحاديث أحاديث صحيحة تبي أن المر اسم لكل‬
‫شراب مسكر وتارة لكون اللفظ‬
‫ص‪379:‬‬
‫مشتركا أو ممل أو مترددا بي حقيقة وماز فيحمله على القرب عنده وإن كان الراد هو الخر كما‬
‫حل جاعة من الصحابة ف أول المر اليط البيض واليط السود على البل وكما حل آخرون قوله‬
‫(فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) على اليد إل البط وتارة لكون الدللة من النص خفية فإن جهات‬
‫دللت القوال متسعة جدا يتفاوت الناس ف إدراكها وفهم وجوه الكلم بسب منح الق سبحانه‬
‫ومواهبه ث قد يعرفها الرجل من حيث العموم ول يتفطن لكون هذا العن داخل ف ذلك العام ث قد‬
‫يتفطن له تارة ث ينساه بعد ذلك وهذا باب واسع جدا ل ييط به إل ال وقد يغلط الرجل فيفهم من‬
‫الكلم ما ل تتمله اللغة العربية الت بعث الرسول با‬

‫‪248‬‬
‫السبب السابع‪ -‬اعتقاده أن ل دللة ف الديث والفرق بي هذا وبي الذي قبله أن الول ل يعرف جهة‬
‫الدللة والثان عرف جهة الدللة لكن اعتقد أنا ليست دللة صحيحة بأن يكون له من الصول ما يرد‬
‫تلك الدللة سواء كانت ف نفس المر صوابا أو خطأ مثل أن يعتقد أن العام الخصوص ليس بجة وأن‬
‫الفهوم ليس بجة وأن العموم الوارد على سبب مقصور على سببه أو أن المر الجرد ل يقتضى‬
‫الوجوب أو ل يقتضى الفور أو أن العرف باللم ل عموم له أو أن الفعال النفية ل تنفي ذواتا ول جيع‬
‫أحكامها أو أن التقضى ل عموم له فل يدعي العموم ف الضمرات والعان إل غي ذلك ما يتسع القول‬
‫فيه فإن شطر أصول الفقه تدخل مسائل اللف منه ف هذا القسم وإن كانت الصول الجردة ل تط‬
‫بميع الدللت الختلف فيها وتدخل فيه أفراد أجناس الدللت هل هي من ذلك النس أم ل مثل أن‬
‫يعتقد أن هذا اللفظ العي ممل بأن يكون مشتركا دللة تعي أحد معنييه أو غي ذلك‬
‫السبب الثامن‪ -‬اعتقاده أن تلك الدللة قد عارضها ما دل على أنا ليست مرادة مثل معارضة العام‬
‫باص أو الطلق بقيد أو المر الطلق با ينفي الوجوب أو القيقة با‬
‫ص‪380:‬‬
‫يدل على الجاز إل أنواع العارضات وهو باب واسع أيضا فإن تعارض دللت القوال وترجيح بعضها‬
‫على بعض بر خضم‬
‫السبب التاسع‪ -‬اعتقاده أن الديث معارض با يدل على ضعفه أو نسخة أو تأويله إن كان قابل للتأويل‬
‫با يصلح أن يكون معارضا بالتفاق مثل آية أو حديث آخر أو مثل إجاع وهذا نوعان (أحدها) أن‬
‫يعتقد أن هذا العارض راجح ف الملة فيتعي أحد الثلثة من غي تعيي واحد منها وتارة يعي أحدها‬
‫بأن يعتقد أنه منسوخ أو أنه مؤول ث قد يغلط ف النسخ فيعتقد التأخر متقدما وقد يغلط ف التأويل بأن‬
‫يمل الديث على ما يتمله لفظه أو هناك ما يدفعه وإذا عارضه من حيث الملة فقد ل يكون ذلك‬
‫العارض دا ًل وقد ل يكون الديث العارض ف قوة الول إسنادا أو متنا وتىء هنا السباب التقدمة‬
‫وغيها ف الديث الول والجاع الدعي ف الغالب إنا هو عدم العلم بالخالف وقد وجدنا من أعيان‬
‫العلماء من صاروا إل القول بأشياء متمسكهم فيها عدم العلم بالخالف مع أن ظاهر الدلة عندهم‬
‫يقتضي خلف ذلك لكن ل يكن العال أن يبتدئ قولً ل يعلم به قائل ‪ -‬مع علمه ‪ -‬بأن الناس قد قالوا‬
‫خلفه حت إن منهم من يعلق القول فيقول إن كان ف السألة إجاع فهو أحق ما يتبع وإل فالقول عندي‬
‫كذا وكذا وذلك مثل من يقول ل أعلم أحدا أجاز شهادة العبد وقبولا مفوظ عن على وأنس وشريح‬

‫‪249‬‬
‫وغيهم ويقول أجعوا على أن العتق بعضه ل يرث وتوريثه مفوظ عن علي وابن مسعود وفيه حديث‬
‫حسن عن النب ويقول آخر ل أعلم أحدا أوجب الصلة على النب وإيابا مفوظ عن أب جعفر الباقر‬
‫وذلك أن غاية كثي من العلماء أن يعلم أهل العلم الذين أدركهم ف بلده وأقوال جاعات غيهم كما‬
‫تد كثيا من التقدمي ل يعلم إل قول الدنيي والكوفيي وكثيا من التأخرين ل‬
‫ص‪381:‬‬
‫يعلم إل قول اثني أو ثلثة من الئمة التبوعي وما خرج عن ذلك فإنه عنده مالف الجاع لنه ل يعلم‬
‫به قائل وما زال يقرع سعه خلفه فهذا ل يكنه أن يصي إل حديث يالف هذا لوفه أن يكون هذا‬
‫خلفا للجاع أو لعتقاده أنه مالف للجاع ‪ -‬والجاع أعظم الجج ‪ -‬وهذا عذر كثي من الناس ف‬
‫كثي ما يتركونه وبعضهم معذور فيه حقيقة وبعضهم معذور فيه وليس ف القيقة بعذور وكذلك كثي‬
‫من السباب قبله وبعده‬
‫السبب العاشر‪ -‬معارضته با يدل على ضعفه أو نسخة أو تأويله ما ل يعتقد غيه أو جنسه معارض أو‬
‫ل يكون ف القيقة معارضا راجحا كمعارضة كثي من الكوفيي الديث الصحيح بظاهر القرآن‬
‫واعتقادهم أن ظاهر القرآن من العموم ونوه مقدم على نص الديث ث قد يعتقد ما ليس بظاهر ظاهرا‬
‫لا ف دللت القول من الوجوه الكثية ولذا ردوا حديث الشاهد واليمي وإن كان غيهم يعلم أن ليس‬
‫ف ظاهرة القرآن ما ينع الكم بشاهد ويي ولو كان فيه ذلك فالسنة هي الفسرة للقرآن عندهم‬
‫وللشافعي ف هذه القاعدة كلم معروف ولحد فيها رسالته الشهورة ف الرد على من يزعم الستغناء‬
‫بظاهر القرآن عن تفسي سنة رسول ال وقد أورد فيها من الدلئل ما يضيق هذا الوضع عن ذكره ومن‬
‫ذلك دفع الب الذي هو تصيص لعموم الكتاب أو تقييد لطلقة أو فيه زيادة عليه واعتقاد من يقول ذلك‬
‫أن الزيادة على النص كتقييد الطلق نسخ وأن تصيص العام نسخ وكمعارضه طائفة من الدنيي الديث‬
‫الصحيح بعمل أهل الدينة بناء على أنم ممعون على مالفة الب وأن إجاعهم حجة مقدمة على الب‬
‫كمخالفة أحاديث خيار الجلس بناء على هذا الصل وإن كان أكثر الناس قد يثبتون أن الدنيي قد‬
‫اختلفوا ف تلك السألة وأنم لو أجعوا وخالفهم غيهم لكانت الجة ف الب وكمعارضة قوم من‬
‫البلدين بعض الحاديث بالقياس اللي بناء على أن القواعد الكلية ل تنقض بثل هذ ‪ 1‬الب إل غي ذلك‬
‫من أنواع العارضات سواء كان العارض مصيبا أو مطئا‬
‫ص‪382:‬‬

‫‪250‬‬
‫((فهذه السباب العشرة ظاهرة وف كثي من الحاديث يوز أن يكون للعال حجة ف ترك العمل‬
‫بالديث ل نطلع نن عليها فإن مدارك العلم واسعة ول نطلع نن على جيع ما ف بواطن العلماء والعال‬
‫قد يبدي حجته وقد ل يبديها وإذا أبداها قد تبلغنا وقد ل تبلغ وإذا بلغتنا فقد ندرك موضع احتجاجه‬
‫وقد ل ندركه سواء كانت الجة صوابا ف نفس المر أم ل لكن نن وإن جوزنا هذا فل يوز لنا أن‬
‫نعدل عن قول ظهرت حجته بديث صحيح وافقه طائفة من أهل العلم إل قول آخر قاله عال يوز أن‬
‫يكون معه ما يدفع به هذه الجة وإن كان أعلم إذ تطرق الطأ إل آراء العلماء أكثر من تطرقه إل‬
‫الدلة الشرعي فإن الدلة الشرعية حجة ال على جيع عباده بلف رأي العال والدليل الشرعي الشرعي‬
‫يتنع أن يكون خطأ إذا ل يعارضه دليل آخر ورأي العال ليس كذلك ولو كان العمل بذا التجويز جائزا‬
‫لا بقى ف أيدينا شيء من الدلة الت يوز فيها مثل هذا لكن الغرض أنه ف نفسه قد يكون معذورا ف‬
‫تركه له ونن معذورون ف تركنا لذا الترك وقد قال سبحانه (تلك أمة قد خلت لا ما كسبت)‬
‫وقال سبحانه (فإن تنازعتم ف شيء فردوه إل ال والرسول) وليس لحد أن يعارض الديث عن النب‬
‫بقول أحج من الناس كما قال ابن عباس رضي ال عنهما لرجل سأله من مسألة فأجابه فيها بديث فقال‬
‫له قال أبو بكر وعمر فقال ابن عباس أبو بكر وعمر وإذا كان الترك يكونه لبعض هذه السباب فإذا جاء‬
‫حديث صحيح فيه تليل أو تري أو حكم فل يوز أن يعتقد أن التارك له ‪ -‬من العلماء الذين وصفنا‬
‫أسباب تركهم ‪ -‬يعاقب لكونه حلل الرام أو حرم اللل أو حكم بغي ما أنزل ال وكذلك إن كان ف‬
‫الديث وعيد على فعل من لعنه أو غضب أو عذاب ونو ذلك فل يوز أن يقول إن ذلك العال الذي‬
‫أباح هذا أو فعله داخل ف هذا الوعيد وهذا ما ل نعلم بي المة فيه خلفا إل شيئا عن بعض معتزلة‬
‫بغداد مثل الريسي وإضرابه أنم زعموا أن الخطىء من‬
‫ص‪383:‬‬
‫الجتهدين يعاقب على خطئه وهذا لن لوق الوعيد لن فعل الحرم مشروط بعلمه بالتحري أو بتمكنه‬
‫من العلم بالتحري فإن من نشأ ببادية أو كان حديث عهد بالسلم أو فعل شيئا من الحرمات غي عال‬
‫بتحريها ل يأث ول يد وإن ل يستند ف استحلله إل دليل شرعي فمن ل يبلغه الديث الحرم واستند‬
‫ف الباحة إل دليل شرعي أول أن يكون معذورا ولذا كان هذا مأجورا ممودا لجل اجتهاده قال ال‬
‫سبحانه (وداود وسليمان) إل قوله (وعلما) فاختص سليمان بالفهم وأثن عليهما بالكم والعلم وف‬
‫الصحيحي عن عمرو بن العاص رضي ال عنه أن النب قال ((إذا اجتهد الاكم فأصاب فله أجران وإذا‬

‫‪251‬‬
‫أجتهد فأخطأ فله أجر)) فتبي أن الجتهد مع خطئه له أجر وذلك لجل اجتهاده وخطؤه مغفور له لن‬
‫درك الصواب ف جيع أعيان الحكام إما متعذر أو متعسر وقد قال تعال (وما جعل عليكم ف الدين من‬
‫حرج) وقال تعال (يريد ال بكم اليسر ول يريد بكم العسر) وف الصحيحي عن النب أنه قال لصحابه‬
‫عام الندق ((ل يصلي أحد العصر إل ف بن قريظة)) فأدركهم صلة العصر ف الطريق فقال بعضهم ل‬
‫نصلي إل ف بن قريظة وقال بعضهم ل يرد منا هذا فصلوا ف الطريق فلم يعب واحدة من الطائفتي‬
‫فالولون تسكوا بعموم الطاب فجعلوا صورة الفوات داخلة ف العموم والخرون كان معهم من الدليل‬
‫ما يوجب خروج هذه الصورة عن العموم فإن القصود البادرة إل القوم وهي مسألة اختلف فيها الفقهاء‬
‫اختلفا مشهورا هل يص العموم بالقياس ومع هذا فالدين صول ف الطريق كانوا أصوب وكذلك بلل‬
‫رضي ال عنه لا باع الصاعي بالصاع أمره النب برده ول يرتب على ذلك حكم آكل الربا من التفسيق‬
‫واللعن والتغليظ لعدم علمه كان بالتحري وكذلك عدي بن حات وجاعة من الصحابة لا اعتقدوا أن قوله‬
‫تعال (حت يتبي لكم اليط البيض من اليط السود)) معناه البال البيض والسود فكان أحدهم يعل‬
‫عقالي أبيض وأسود ويأكل حت يتبي أحدها من‬
‫ص‪384:‬‬
‫الخر فقال النب لعدي ((إن وسادك إذن لعريض إنا هو بياض النهار وسواد الليل)) فأشار إل عدم فقهه‬
‫لعن الكلم ول يرتب على هذا الفعل ذم من أفطر ف رمضان وإن كان من أعظم الكبائر بلف الذين‬
‫أفتوا الشجوج ف البد بوجوب الغسل فاغتسل فمات فإنه قال (قتلوه قتلهم ال هل سألوا إذ ل يعلموا‬
‫إنا شفاء العي السؤال) فإن هؤلء أخطأوا بغي اجتهاد إذ ل يكونوا من أهل العلم وكذلك ل يوجب‬
‫على أسامة بن زيد قودا ول دية ول كفارة لا قتل الذي قال ((ل إله إل ال)) ف غزوة الرقات فإنه‬
‫كان معتقدا جواز قتله بناء على أن هذا السلم ليس بصحيح مع أن قتله حرام وعمل بذلك السلف‬
‫وجهور الفقهاء ف أن ما استباحه أهل البغي من دماء أهل العدل بتأويل سائغ ل يضمن بقود ول دية ول‬
‫كفارة وإن كان قتلهم وقتالم مرما وهذا الشرط الذي ذكرناه ف لوق الوعيد ل يتاج أن يذكر ف‬
‫كل خطاب لستقرار العلم به ف القلوب كما أن الوعد على العمل مشروط بإخلص العمل ل وبعدم‬
‫حبوط العمل بالردة ث إن هذا الشرط ل يذكر ف كل حديث فيه وعد ث حيث قدر قيام الوجب للوعيد‬
‫فإن الكم يتخلف عنه الوعيد لانع وموانع لوق الوعيد متعددة منها التوبة ومنها الستغفار ومنها‬
‫السنات الاحية للسيئات ومنها بلء الدنيا ومصائبها ومنها شفاعة شفيع مطاع ومنها رحة أرحم‬

‫‪252‬‬
‫الراحي فإذا عدمت هذه السباب كلها ‪ -‬ولن تعدم إل ف حق من عتا وترد وشرد على ال شراد البعي‬
‫على أهله ‪ -‬فهنالك يلحق الوعيد به وذلك أن حقيقة الوعيد بيان أن هذا العمل سبب ف هذا العذاب‬
‫فيستفاد من ذلك تري الفعل وقبحه أما أن كل شخص قام به ذلك السبب يب وقوع ذلك السبب به‬
‫فهذا باطل قطعا لتوقف ذلك السبب على وجود الشرط وزوال جيع الوانع وإيضاح هذا أن من ترك‬
‫العمل بديث فل يلو من ثلثة أقسام‬
‫((إما أن يكون تركا جائزا باتفاق السلمي كالترك ف حق من ل يبلغه ول قصر ف الطلب مع حاجته‬
‫إل الفتيا أو الكم كما ذكرناه عن اللفاء الراشدين وغيهم‬
‫ص‪385:‬‬
‫فهذا ل يشك مسلم أن صاحبه ل يلحقه من معرة الترك شيء‬
‫((وإما أن يكون تركا غي جائز فهذا ل يكاد يصدر من الئمة إن شاء ال تعال لكن الذي قد ياف‬
‫على بعض العلماء أن يكون الرجل قاصرا ف درك تلك السألة فيقول مع عدم أسباب القول وإن كان له‬
‫فيها نظر واجتهاد أو يقصر ف الستدلل فيقول قبل أن يبلغ النظر نايته مع كونه متمسكا بجة أو‬
‫يغلب عليه عادة أو غرض بنعه من استيفاء النظر لينظر فيما بعارض ما عنده وإن كان ل يقل إل‬
‫بالجتهاد والستدلل فإن الد الذي يب أن ينتهي إليه الجتهاد قد ينضبط للمجتهد ولذا كان العلماء‬
‫يافون مثل هذا خشية أن ل يكون الجتهاد العتب قد وجد ف تلك السألة الخصوصة فهذه ذنوب لكن‬
‫لوق عقوبة الذنب بصاحبه إنا تنال ل يتب وقد يحوها الستغفار والحسان والبلء والشفاعة والرحة‬
‫ول يدخل ف هذا من يغلبه الوى ويصرعه حت ينصر ما يعلم أنه باطل أو من يزم بصواب قول أو‬
‫خطئة من غي معرفة منه بدلئل ذلك القول نفيا وإثباتا فإن هذين ف النار كما قال النب ((القضاة ثلثة‬
‫قاضيان ف النار وقاض ف النة فأما الذي ف النة فرجل علم الق فقضى به وأما اللذان ف النار فرجل‬
‫قضى للناس على جهل ورجل علم الق وقضى بلفه)) والفتون كذلك لكن لوق الوعيد للشخص‬
‫العي أيضا له موانع كما بيناه فلو فرض وقوع بعض هذا من بعض العيان من العلماء الحمودين عند‬
‫المة مع أن هذا بعيد أو غي واقع ل يعدم أحدهم هذه السباب ولو وقع ل يقدح ف إمامتهم على‬
‫الطلق فإنا ل نعتقد ف القوم العصمة بل نوز عليهم الذنوب ونرجو لم مع ذلك أعلى الدرجات لا‬
‫اختصهم ال به من العمال الصالة والحوال السنية وأنم ل يكونوا مصرين على ذنب وليسوا بأعلى‬
‫درجة من الصحابة رضي ال عنهم والقول فيهم كذلك فيما اجتهدوا فيه من الفتاوى والقضايا والدماء‬

‫‪253‬‬
‫الت كانت بينهم وغي ذلك ث إنم مع العلم بأن التارك الوصوف معذور بل مأجور ل ينعنا أن تتبع‬
‫الحاديث الصحيحة الت ل نعلم لا معارضا يدفعها وأن نعتقد وجوب العمل با على المة ووجوب‬
‫تبليغها وهذا ما ل يتلف العلماء فيه)) انتهى القصود من هذا البحث من فتوى شيخ السلم ولا تتمة‬
‫بديعة فلتنظر‬
‫ص‪386:‬‬
‫الاتة‬
‫ف فوائد متنوعة يضطر إليها الثري‬
‫‪ -1‬سبيل الترقي ف علوم الدين‬
‫قال المام تقي الدين رحه ال ف إحدى وصاياه ((جاع الي أن يستعي بال سبحانه وتعال ف تلقي‬
‫العلم الأثور عن النب فإنه الذي يستحق أن يسمى علما وما سواه إما أن يكون علما ول يكون نافعا‬
‫وإما أن ل يكون علما وإن سى به ولئن كان علما نافعا فلن يكون ف مياث ممد ما يغن عنه ما هو‬
‫مثله وخي منه وليكن هته فهم مقاصد الرسول ف أمره ونيه وسائر كلمه فإذا اطمأن قلبه أن هذا هو‬
‫مراد الرسول فل يعدل عنه فيما بينه وبي ال تعال ول مع الناس إذا أمكنه ذلك وليجهد أن يعتصم ف‬
‫كل باب من أبواب العلم بأصل مأثور من النب وإذا أشبته عليه ما قد اختلف ف الناس فليدع با رواه‬
‫مسلم ف صحيحه عن عائشة رضي ال عنها أن رسول ال كان يقول إذا قام يصلي من الليل ((ال رب‬
‫جبائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والرض عال الغيث والشهادة أنت تكم بي عبادك فيما‬
‫كانوا فيه يتلفون اهدن لا اختلف فيه من الق بإذانك إنك تدي من تشاء إل صراط مستقيم)) فإن ال‬
‫تعال قال فيما رواه عنه رسول ال يا عبادي كلكم ضال إل من هديته فاستهدون أهدكم)) انتهى‬
‫ص‪387:‬‬
‫‪ -2‬قاعدة الحققي ف مسائل الدين وعلماء الفرق‬
‫قال الحقق ابن القيم رحه ال ف كتابه طريق الجرتي ((إن عادتنا ف مسائل الدين كلها دقها وجلها أن‬
‫نقول بوجبها ول نضرب بعضها ببعض ول نتعصب لطائفة على طائفة بل نوافق كل طائفة على ما معها‬
‫من الق ونالفها فيما معها من خلف الق ل نستثن من ذلك طائفة ول مقالة ونرجو من ال أن نيا‬
‫على ذلك ونوت عليه ونلقي ال به ول قوة إل بال)) انتهى‬

‫‪254‬‬
‫وقال حكيم مصره بل عصره الشيخ ممد عبده مفت مصر ف كتاب السلم والنصرانية مع العلم والدنية‬
‫ف مبحث ((ساحة السلم)) ما لفظه ((أخذ بيد القارئ الن وأرجع به إل ما مضى من الزمان وأقف به‬
‫وقفه بي يدي خلفاء بن أمية والئمة من بن العباس ووزرائهم والفقهاء والتكلون والحدثون والئمة‬
‫الجتهدون من حولم والدباء والؤرخون والطباء والفلكيون والرياضيون والغرافيون والطبيعيون وسائر‬
‫أهل النظر من كل قبيل مطيفون بم وكل مقبل على عمله فإذا فرغ عامل من العمل أقبل على أخيه‬
‫ووضع يده ف يده يصافح الفقية التكلم والحدث الطبيب والجتهد الرياضي والكم وكل يرى ف‬
‫صاحبه عونا على ما يشتغل هو به وهكذا أدخل به بيتا من بيوت العلم فأجد جيع هؤلء سواء ف ذلك‬
‫البيت يتحادثون ويتباحثون والمام البخاري حافظ السنة بي يدي السن البصري شيخ السنة من التابعي‬
‫يتلقي عنه وقد سئل السن عنه فقال للسائل ((لقد سألت عن رجل كأن اللئكة أدبية وكأن النبياء ربته‬
‫إن قام بأمر قعد به وإن قعد بأمر قام به وإن أمر بشيء كان ألزم الناس له وإن نى عن شيء كان أترك‬
‫الناس له ما رأيت ظاهرا أشبه بباطن منه ول باطنا أشبه بظاهر منه)) بل أرفع بصرى فأجد المام أبا‬
‫حنيفة أمام المام زيد بن علي صاحب مذهب الزيدية من الشيعة يتعلم منه أصول العقائد والفقه ول يد‬
‫أحدهم من الخر إل ما يد‬
‫ص‪388:‬‬
‫صاحب الرأي ف حادثة من ينازعه فيه اجتهادا ف بيان الصلحة وها من أهل بيت واحد أمر به بي تلك‬
‫الصفوف الت كانت تتلف وجهتها ف الطلب وغايتها واحدة وهي العلم وعقيدة كل واحد منهم أن‬
‫((فكر ساعة خي من عبادة ستي سنة)) كما ورد ف بعض الحاديث‬
‫ث قال اللفاء أئمة ف الدين متهدون وبأيديهم القوة وتت أمرهم اليش والفقهاء والحدثون‬
‫والتكلمون والئمة الجتهدون الخرون هم قادة أهل الدين ومن جند اللفاء الدين ف قوته والعقيدة ف‬
‫أوج سلطانا وسائر العلماء من ذكرنا بعدهم يتمتعون ف أكنافهم بالي والسعادة ورفه العيش وحرية‬
‫الفكر ل فرق ف ذلك بي من كان من دينهم ومن كان من دين آخر فهناك يشي القارئ النصف إل‬
‫أولئك السلمي وأنصار ذلك الدين ويقول ها هنا يطلق اسم التسامح مع العلم ف حقيقته ها هنا يوصف‬
‫الدين بالكرم واللم ها هنا يعرف كيف يتفق الدين مع الدينة عن هؤلء العلماء الكماء تؤخذ فنون‬
‫الرية ف النظر ومنهم تبط روح السألة بي العقل الوجدان أو بي العقل والقلب كما يقولون يرى‬
‫القارئ أنه ل يكن جلد بي العلم والدين وإنا كان بي ال أهل العلم بي أهل الدين شيء من التخالف‬

‫‪255‬‬
‫ف الراء شأن الحرار ف الفكار ل الذين أطلقوا من غل التقليد وعوفوا من علة التقليد ول يكن يري‬
‫فيما بينهم اللمز والتنابر باللقاب فل يقول أحد منهم لخر إنه زنديق أو كافر أو مبتدع أو م يشبه ذلك‬
‫ول تناول أحدا منهم يد بأذى إل إذا خرج عن نظام الماعة وطلب الجلل بأمن العامة فكان كالعضو‬
‫الجذم فيقطع ليذهب ضرره عن البدن كله))‬
‫ث قال بعد ذلك تت عنوان ((ملزمة العلم للدين وعدوي التعصب ف السلمي)) ما صورته ((مت ولع‬
‫السلمون بالتكفي والتفسيق ورمي زيد بأنه زنديق أشرنا فيما سبق إل مبدأ هذا الرض ونقول الن إن‬
‫ذلك بدأ فيهم عندما بدأ الضعف ف الدين يظهر بينهم وأكلت الفت أهل البصية من أهله ‪ -‬تلك الفت‬
‫الت كان يثيها أعداء الدين ف الشرق وف الغرب لفض سلطانه وتوهي أركانه ‪ -‬وتصدر للقول ف‬
‫الدين برأيه من ل تتزج روحه‬
‫ص‪389:‬‬
‫بروح الدين وأخذ السلمون يظنون أن من البدع ف الدين ما يسن إحداثه لتعظيم شأنه تقليدا لن كان‬
‫بي أيديهم من المم السيحية وغيها وأنشأوا ينسون ماضي الدين ومقالت سلفهم فيه ويكتفون برأي‬
‫من يرونه من التصدرين التعالي وتول شؤون السلمي جهالم وقام بإرشادهم ف الغلب ضللم ف‬
‫أثناء ذلك حدث الغلو ف الدين واستعرت نيان العداوات بي النظار فيه وسهل كل منهم لهله بدينه أن‬
‫يرمي الخر بالروق منه لدن سبب وكلما أزدادوا جهلً بدينهم ازدادوا غلوا فيه بالباطل ودخل العلم‬
‫والفكر والنظر ‪ -‬وهي لوازم الدين السلمي ‪ -‬ف جلة ما كرهوه وانقلب عندهم ما كان واجبا من‬
‫الدين مظورا فيه))‬
‫‪ -3‬وصية الغزال ف معاملة التعصب‬
‫قال المام الغزال رحه ال تعال ف كتابه فيصل التفرقة ف تتمة الفصل الول بعد حكم على من يتخبط‬
‫ف الواب ويعجز عن كشف الغطاء بأنه ليس من أهل النظر وإنا هو مقلد ما نصه ((وشرط القلد أن‬
‫يسكت ويسكت عنه لنه قاصر عن سلوك طريق الجاج ولو كان أهلً له كان مستتبعا ل تابعا وإماما‬
‫ل مأموما فإن خاض القلد ف الحاجة فذلك منه فضول والشتغل به صار كضارب ف حديث بارد‬
‫وطالب لصلح الفاسد وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر))‬

‫‪256‬‬
‫وقال رحه ال ف موضع آخر منه ((فإذا رأيت الفقيه الذي بضاعته مرد الفقه يوض ف التكفي والتضليل‬
‫فأعرض عنه ول تشغل به قلبك ولسانك فإن التحدي بالعلوم غريزة ف الطبع ل يصب عنه الهال ولجله‬
‫كثر اللف بي الناس ولو ينكث من اليدي من ل يدري لقل اللف بي اللق))‬
‫أقول هذا بعن قول سقراط لو سكت من ل يعلم لسقط الختلف‬
‫وقال الغزال قدس سره ف كتابه ((النقذ من الضلل)) ((ل مطمع ف الرجوع‬
‫ص‪390:‬‬
‫إل التقليد بعد مفارقته إذ من شرط القلد أن ل يعلم أنه مقلد فإذا علم ذلك انكسرت زجاجة تقليده‬
‫وهو شعب ل يرأب وشعث ل يلم بالتلفيق والتأليف إل أن يذاب بالنار ويستأنف لا صيغة أخرى‬
‫مستجدة)) انتهى‬
‫‪ -4‬بيان من يسلم من الغلط‬
‫قال المام السيد مرتضي اليمان ف كتابه إيثار الق ((وأعلم أنه ل يكاد يسلم من هذه الغلط إل أحد‬
‫رجلي إما رجل ترك البدعة كلها والتمذهب والتقاليد والعتزاء إل الذاهب والخذ من التعصب‬
‫بنصيب وبقي مع الكتاب والسنة كرجل نشأ قبل حدوث الذاهب ول يعب عن الكتاب والسنة بعبارة منه‬
‫مبتدعة واستعان بال وأنصف ووقف ف مواقف التعارض والشتباه ول يدع علم ما ل يعلم ول تكلف‬
‫ما ل يسن وهذا هو مسلك البخاري وأئمة السنة غالبا ف ترجة تصدير البواب وف العقائد باليات‬
‫القرآنية والخبار النبوية كما صنع ف أبواب القدر وكتاب التوحيد والرد على الهمية وأبواب الشيئة‬
‫ورجل أتقن العلمي العقلي والسمعي وكان من أئمتهما معا بيث يرجع إليه أئمتهما ف وقائعهما‬
‫ومشكلتما مع حسن قصد وورع وإنصاف وتر للحق فهذا ل تلف عنه هداية ال وإعانته وأما من‬
‫عادي أحد هذين العلمي وعادي أهله ول يكن على الصفة الول من لزوم ما يعرف وترك ما ل يعرف‬
‫فإنه ل بد أن تدخل عليه البدع والغلط والشناعات))‬
‫ص‪391:‬‬
‫تتمة ف مقصدين‬
‫‪ -1‬القصد الول ف أن طلب الديث أن يتقي به ال عز وجل وأن طلب الشارع للعمل لكونه وسيلة‬
‫إل التعبد به‬

‫‪257‬‬
‫قال العلمة أبو إسحاق الشاطب ف الوافقات ف مقدمتها السابعة ((كل علم شرعي فطلب الشارع له إنا‬
‫يكون من حيث هو وسيلة إل التعبد به ل تعال ل من جهة أخرى فإن ظهر فيه اعتبار جهة أخرى‬
‫فبالتبع)) ث ساق الدلة على ذلك ومنها أن الشرع إنا جاء بالتعبد وهو القصود من بعثة النبياء عليهم‬
‫الصلة والسلم وجود الكلم ف ذلك على عادته رحه ال ث قال ف القدمة الثامنة ((العلم الذي هو‬
‫العلم العتب شرعا أعن الذي مدح ال ورسوله أهله على الطلق هو العلم الباعث على العمل الذي ل‬
‫يلي صاحبه جاريا مع هواه كيفما كان بل هو القيد لصاحبه بقتضاه الامل له على قوانينه طوعا أو‬
‫كرها ومعن هذه الملة أن أصل العلم ف طلبه وتصيله على ثلثة مراتب‬
‫الرتبة الول الطالبون له ولا يصلوا على كماله بعد وإنا هم ف طلبه ف رتبه التقليد فهؤلء إذا دخلوا ف‬
‫العمل به فبمقتضى المل التكليفي والث الترغيب والترهيب وعلى مقدار شدة التصديق يف ثقل‬
‫التكليف فل يكتفي العلم ها هنا بالمل دون أمر آخر خارج مقوله من زجر أو قصاص أو حد أو تعزير‬
‫أو ما جرى هذا الجرى ول احتياج ها هنا إل إقامة برهان على ذلك إذ التجربة الارية ف اللق قد‬
‫أعطت هذه الرتبة برهانا ل يتمل النقيض بوجه‬
‫والرتبة الثانية الواقفون منه على براهينه ارتفاعا عن حضيض التقليد الجرد واستبصارا فيه حسبما أعطاه‬
‫شاهد النقل الذي يصدقه العقل تصديقا يطمئن إليه ويعتمد عليه إل أنه بعد منسوب إل العقل ل إل‬
‫النفس بعن أنه ل يصر كالوصف الثابت للنسان‬
‫ص‪393:‬‬
‫وإنا هو كالشياء الكتسبة والعلوم الحفوظة الت يتحكم عليها العقل ويعتمد ف استجلبا حت تصي من‬
‫جلة مودعاته فهؤلء إذا دخلوا ف العمل خف عليهم خفة أخرى زائدة على مرد التصديق ف الرتبة‬
‫الول بل ل نسبة بينهما إذ هؤلء يأب لم البهان الصدق أن يكذبوا ومن جلة التكذيب الفي العمل‬
‫على مالفة العلم الاصل لم ولكنهم حي ل يصر لم كالوصف ربا كانت أوصافهم الثابته من الوى‬
‫والشهوة الباعثة الغالبة أقوى الباعثي فل بد من الفتقار إل أمر زائد من خارج غي أنه يتسع ف حقهم‬
‫فل يقتصر فيه على مرد الدود والتعزيرات بل ث أمور أخرى كمحاسن العادات ومطالبة الراتب الت‬
‫بلغوها با يليق با وأشباه ذلك وهذه الرتبة أيضا يقوم البهان عليها من التجربة إل أنا أخفي ما قبلها‬
‫فيحتاج إل فضل نظر موكول إل ذوي النباهة ف العلوم الشرعية والخذ ف النصافات السلوكية‬

‫‪258‬‬
‫والرتبة الثالثة الذين صار لم العلم وصفا من الوصاف الثابتة بثابة المور البديهية ف العقولت الول‬
‫أو تقاربا ول ينظر إل طريق حصولا فإن ذلك ل يتاج إليه فهؤلء ل يليهم العلم وأهواءهم إذا تبي‬
‫لم الق بل يرجعون إليه رجوعهم إل دواعيهم البشرية وأوصافهم اللقية وهذه الرتبة هي الترجم لا‬
‫والدليل على صحتها من الشريعة كثي كقوله تعال(أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يذر الخرة‬
‫ويرجو رحة ربه)) ث قال (قل هل يستوي الذين يعلمون والذين ل يعلمون)) الية فنسب هذه الحاسن‬
‫إل أول العلم من أجل العلم ل من أجل غيه وقال تعال (ال نزل أحسن الديث كتابا متشابا مثان‬
‫تقشعر منه جلود الذين يشون ربم)) والذين يشون ربم هم العلماء لقوله (إنا يشى ال من عبادة‬
‫العلماء)) وقال تعال (وإذا سعوا ما أنزل إل الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع ما عرفوا من الق))‬
‫الية ولا كان السحرة قد بلغوا ف علم السحر مبلغ‬
‫ص‪394:‬‬
‫الرسوخ فيه وهو معن هذه الرتبة بادروا إل النقياد واليان حي عرفوا من علمهم أن ما جاء به موسى‬
‫عليه السلم حق ليس بالسحر ول الشعوذة ول ينعهم من ذلك التخويف ول التعذيب الذي توعدهم به‬
‫فرعون وقال تعال (وتلك المثال نضربا للناس وما يعقلها إل العالون)) فحصر تعقلها ف العالي وهو‬
‫قصد الشارع من ضرب المثال وقال (أفمن يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الق كمن هو أعمى)) ث‬
‫وصف أهل العلم بقوله (الذين يوفون بعهد ال) إل آخر الوصاف وحاصلها يرجع إل أن العلماء هن‬
‫العاملون وقال ف أهل اليان ‪ -‬واليان من فوائد العلم‪( -‬إنا الؤمنون الذين إذا ذكر ال وجلت‬
‫قلوبم)) إل أن قال ((أولئك هم الؤمنون حقا)) ومن هذا قرن العلماء ف العمل بقتضى العلم باللئكة‬
‫الذين (ل يعصون ال ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) فقال تعال (شهد ال أنه ل إله إل هو واللئكة‬
‫وأولو العلم قائما بالقسط ل إله إل هو)) فشهادة ال تعال وفق علمه ظاهرة التوافق إذ التخالف مال‬
‫وشهادة اللئكة على وفق ما علموا صحيحة لنم مفوظون من العاصي وأولو العلم أيضا كذلك من‬
‫حيث حفظوا بالعلم وقد كان الصحابة رضي ال عنهم إذا نزلت عليهم آية فيها تويف أحزنم ذلك‬
‫وأقلقهم حت يسألوا النب كنول آية البقرة (وإن تبدوا ما ف أنفسكم أو تفوه) الية وقوله (الذين آمنوا‬
‫ول يلبسوا إيانم بظلم) الية وإنا القلق والوف من آثار العلم بالنل والدلة أكثر من إحصائها هنا‬
‫وجيعها يدل على أن العلم العتب هو اللجئ إل العمل به فإن قيل هذا غي ظاهر من وجهي‬

‫‪259‬‬
‫أحدها أن الرسوخ ف العلم إما أن يكون صاحبه مفوظا به من الخالفة أو ل فإن ل يكن كذلك فقد‬
‫استوى أهل هذه الرتبة مع من قبلهم ومعناه أن العلم بجرده‬
‫ص‪395:‬‬
‫غي كاف ف العمل بن ول ملجئ إليه وإن كان مفوظا به من الخالفة لزم أن ل يعصي العال إذا كان‬
‫من الراسخي فيه لكن العلماء تقع منهم العاصي ما عدا النبياء عليه السلم ويشهد لذا ف أعلى المور‬
‫قوله تعال ف الكفار (وجحدوا با وأستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا)) وقال (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه‬
‫كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الق وهم يعلمون)) وقال (وكيف يكمونك وعندهم‬
‫التوراة فيها حكم ال ث يتولون من بعد ذلك) وقال (ولقد علموا لن اشتراه ما له ف الخرة من خلق‬
‫‪ )1‬ث قال (ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون) وسائر ما ف هذا العن فأثبت لم العاصي‬
‫والخالفات مع العلم فلو كان العلم صادا عن ذلك ل يقع‬
‫والثان ما جاء ف ذم العلماء السوء وهو كثي ومن أشد ما فيه قوله عليه السلم (إن أشد الناس عذابا يوم‬
‫القيامة عال ل ينفعه ال بعلمه)) وف القرآن (أتأمرون الناس بالب وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب‬
‫‪ )1‬وقال (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والدى) الية وقال (إن الذين يكتمون ما أنزل ال من‬
‫الكتاب ويشترون به ثنا قليلً) الية وحديث الثلثة الذين هم أول من تسعر بم النار يوم القيامة والدلة‬
‫فيه كثية وهو ظاهر ف أن أهل العلم غي معصومي بعلهم ول هو ما ينعهم عن إتيان الذنوب فكيف‬
‫يقال إن العلم مانع من العصيان فالواب عن الول أن الرسوخ ف العلم يأب للعال أن يالفه بالدلة‬
‫التقدمة وبدليل التجربة العادية لن ما صار كالوصف الثابت ل يصرف صاحبه إل على وفقه اعتيادا فإن‬
‫تلف فعلى أحد ثلثة أوجه‬
‫ص‪396:‬‬
‫الول‪ -‬مرد العناد فقد يالف فيه مقتضى الطبع البلي فغيه أول وعلى ذلك دل قوله تعال (وجحدوا‬
‫با) الية وقوله تعال ( ود كثي من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيانكم كفارا حسدا من عند‬
‫أنفسهم من بعد ما تبي لم الق) وأسباه ذلك والغالب على هذا الوجه أن ل يقع إل لغلبة هوى من‬
‫حب دنيا أوجاه أو غيه ذلك بيث يكون وصف الوى قد غمر القلب حت ل يعرف معروفا ول ينكر‬
‫منكرا‬

‫‪260‬‬
‫الثان_ الفلتات الناشئة عن الغفلت الت ل ينجو منها البشر فقد يصي العال بدخوله الغفلة غي عال‬
‫وعليه يدل عند جاعة قوله تعال (إنا التوبة على ال للذين يعملون السوء بهالة فيم يتوبون من قريب)‬
‫الية وقال تعال (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكرون فإذا هم مبصرون) ومثل هذا‬
‫الوجه ل يعترض على أصل السألة كما ل يعترض نوه على سائر الوصاف البلية فقد ل تبصر العي‬
‫ول تسمع الذن لغلبة فكر أو غفلة أو غيها فترتفع ف الال منفعة العي والذن حت يصلب ومع ذلك‬
‫ل يقال إنه غي مبول على السمع والبصار فما نن فيه كذلك‬
‫الثالث ‪-‬كونه ليس من أهل هذه الرتبة فلم يصر العلم له وصفا أو كالوصف مع عده من أهلها وهذا‬
‫يرجع إل غلط ف اعتقاد العال ف نفسه أو اعتقاد غيه فيه ويدل عليه قوله تعال (ومن أضل من اتبع‬
‫هواه بغي هدي من ال) وف الديث ((إن ال ل يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس)) إل أن قال‬
‫((اتذ الناس رؤساء جها ًل فسئلوا فأفتوا بغي علم فضلوا وأضلوا)) وقوله ((ستفترق أمت على ثلث‬
‫وسبعي فرفة أشدها فتنة على أمت الذين يقيسون المور بآرائهم)) الديث‬
‫ص‪397:‬‬
‫فهؤلء وقعوا ف الخالفة بسبب ظن الهل علما فليسوا من الراسخي ف العلم ول من صار لم‬
‫كالوصف وعند ذلك ل حفظ لم ف العلم فل اعتراض بم فأما من خل عن هذه الوجه الثلثة فهو‬
‫الداخل تت حفظ العلم حسبما نصته الدلة وف هذا العن من كلم السلف كثي وقد روى عن النب أنه‬
‫قال ((إن لكل شيء إقبالً وإدبارا وإن لذا الدين إقبالً وإدبارا وإن من إقبال هذا الدين ما بعثن ال به‬
‫حت إن القبيلة للتفقه من عند أسرها أو قال آخرها حت ل يكون فيها إل الفاسق أو الفاسقان فهما‬
‫مقموعان ذليلن إن تكلما أو نطقا قمعا وقهرا واضطهدا)) الديث وف الديث ((سيأت على أمت زمان‬
‫يكثر القراء ويق الفقهاء ويقبض العلم ويكثر الرج)) إل أن قال ((ث يأت من بعد ذلك زمان يقرأ القرآن‬
‫رجال من أمت ل ياوز تراقيهم ث يأت من بعد ذلك زمان يادل النافق الشرك يثل ما يقوله)) وعن على‬
‫((يا حلة العلم اعملوا به فإن العال من علم ث عمل ووافق عليه عمله وسيكون أقوام يملون العلم ل‬
‫ياوز تراقيهم تالف سريرتم علنيتهم ويالف علمهم عملهم يقعدون حلقا يباهي بعضهم بعضا حت‬
‫إن الرجل ليغضب على جليسه أن يلس إل غيه ويدعه أولئك ل تصعد أعمالم تلك إل ال عز وجل))‬
‫وعن ابن مسعود ((كونوا للعلم وعاة ول تكونا له رواة فإنه قد يوعي ول يروي وقد يروي ول يوعي))‬
‫وعن أب الدرداء ((ل تكون تقيا حت تكون عالا ول تكون بالعلم جيلً حت تكون به عاملً)) وعن‬

‫‪261‬‬
‫السن (( العال الذي وافق علمه عمله ومن خالف علمه عمله فذلك راوية حديث سع شيئا فقاله))‬
‫وقال الثوري ((العلماء إذا علموا عملوا فإذا عملوا شغلوا فإذا شغلوا فقدوا فإذا فقدوا طلبوا فإذا طلبوا‬
‫هربوا)) وعن السن قال ((الذي يفوق الناس ف العلم جدير أن يفوقهم ف العمل)) وعنه ف قول ال‬
‫تعال (وعلمتم ما ل تعلموا أنتم ول آباؤكم) قال علمتم فعلتم ول تعملوا فوال ما ذلكم بعلم وقال‬
‫الثوري ((العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإل ارتل)) وهذا تفسي معن كون العلم هو الذي يلجئ إل‬
‫العمل وقال الشعب‬
‫ص‪398:‬‬
‫((كنا نستعي على حفظ الديث بالعمل به)) ومثله عن وكيع بن الراح وعن ابن مسعود ((ليس العلم‬
‫عن كثرة الديث إنا العلم خشية ال)) والثار ف هذا النحو كثية وبا ذكر يتبي الواب عن الشكال‬
‫الثان فإن علماء السوء هم الذين ل يعملون با يعلمون وإذا ل يكونوا كذلك فليسوا ف القيقة من‬
‫الراسخي ف العلم وإنا هم رواة والفقه فيما رووا أمر آخر أو من غلب عليهم هوي غطى على القلوب‬
‫والعياذ بال على أن الثابرة على طلب والتفقه فيه وعدم اجتزاء باليسي منه ير إل العمل به ويلجئ إليه‬
‫كما تقدم بيانه هو معن قول السن ((كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا إل الخره)) وعن معمر أنه قال‬
‫((كان يقال من طلب العلم لغي ال يأب عليه العلم حت يصيه إل ال)) وعن حبيب بن أب ثابت‬
‫((طلبنا هذا المر وليس لنا فيه نية ث جاءت النية بعد)) وعن الثوري قال ((كنا نطلب العلم للدنيا فجرنا‬
‫إل إل الخره)) وهو معن قوله ف كلم آخر ((كنت أغبط الرجل يتمع حوله ويكتب عنه فلما ابتليت‬
‫به وددت أن نوت منه كفافا ل على ول ل)) وعن أب الوليد الطيالسي قال ((سعت ابن عيننة منذ‬
‫أكثر من ستي سنة يقول طلبنا هذا الديث لغي ال فأعقبنا ال ما ترون)) وقال السن ((لقد طلب أقوام‬
‫العلم ما أرادوا به ال وما عنده فما زال بم حت أرادوا به ال وما عنده)) فهذا أيضا ما يدل على صحة‬
‫ما تقدم))‬
‫ث قال الشاطب بعد ذلك ((ويتصدى النظر هنا ف تقيق هذه الرتبة وما هي والقول ف ذلك على‬
‫الختصار أنا أمر باطن وهو الذي عب عنه بالشية ف حديث ابن مسعود وهو راجع إل معن الية وعنه‬
‫عب ف الديث ف أول ما يرفع من العلم الشوع وقال مالك ((ليس العلم بكثرة الرواية ولكنه نور يعله‬
‫ال ف القلوب)) وقال أيضا ((الكمة والعلم نور يهدي به ال من يشاء وليس بكثرة السائل ولكن عليه‬

‫‪262‬‬
‫علمة ظاهرة وهو التجاف عن دار الغرور والنابة إل دار اللود وذلك عبارة عن العمل بالعلم من غي‬
‫مالفة وبال التوفيق)) انتهى‬
‫ص‪399:‬‬
‫وقال الافظ السخاوي ف فتح الغيث تت قول العراف ((واعمل با تسمع ف الفضائل)) ما صورته‬
‫((لديث مرسل قال رجل يا رسول ال ما ينفي عن حجة العلم قال العمل ولقول مالك بن مغول ف‬
‫قوله تعال (فنبذوه وراء ظهورهم) قال تركوا العمل به ولقول إبراهيم الرب إنه ينبغي للرجل إذا سع‬
‫شيئا ف آداب النب أن يتمسك به ولن ذلك سبب ثبوته وحفظه ونوه والحتياج فيه إليه ويروي أنه قال‬
‫((من عمل با علم أورثه ال علم ما ل يعلم)) وعن أب الدرداء قال من عمل بعشر ما يعلم علمه ال ما‬
‫يهل وعن ابن مسعود أنه قال ما عمل أحد با علمه ال إل احتاج الناس إل ما عنده))‬
‫وقال النووي ف الذكار ينبغي لا بلغه شيء من فضائل العمال أن يعمل به ولو مرة ليكون من أهله ول‬
‫ينبغي أن يتركه مطلقا بل يأت با تيسر منه لقوله ((إذا أمرتكم بشيء فافعلوا منه ما استطعتم))‬
‫قالت ويروي ف الترغيب ف ذلك عن جابر مرفوع لفظه ((من بلغه عن ال عز وجل شيء فيه فضيلة‬
‫فأخذ به إيانا به ورجاء ثوابه أعطاه ال ذلك وإن ل يكن كذلك)) وله شاهد قال أبو عبد ال ممد بن‬
‫خفيف ما سعت شيئا من سنن رسول ال إل واستعملته حت الصلة على أطراف الصابع وهي صعبة))‬
‫وقال المام أحد ((ما كتبت حديثا إل وقد عملت به حت ب ف الديث أن النب احتجم وأعطي أبا‬
‫طيبة دينارا فأعطيت الجام دينارا حي أحتجمت ويقال ((اسم أب طيبة دينار)) وحكاه ابن عبد الب‬
‫ول يصح وعن أب عصمة عاصم بن عصام البيهقي قال بت ليلة عند أحد فجاء بالاء فوضعه فلما أصبح‬
‫نظر إل الاء فإذا هو كما كان فقال سبحان ال رجل يطلب العلم ل يكون له ورد بالليل وقال أحد ف‬
‫قصة صاحب الديث عندنا من يستعمل الديث وعن الثوري قال ((إن استطعت أن ل تك رأسك إل‬
‫بأثر فافعل))‬
‫ص‪400:‬‬
‫وصلي رجل من يكتب الديث بنب ابن مهدي فلم يرفع يديه فلما سلم قال له أل تكتب عن ابن عيينة‬
‫حديد الزهري عن سال عن أبيه أن النب كان يرفع يديه ف كل تكبية قال نعم قال فماذا تقول لربك إذا‬
‫لقيك ف تركك لذا وعدم استعماله وعن أب جعفر أحد بن حدان بن علي النيسابوري قال كنت ف‬
‫ملس أب عبد ال الروزي فلما حضرت الظهر وأذن أبو عبد ال خرجت من السجد فقال إل أين يا أبا‬

‫‪263‬‬
‫جعفر قلت أتظهر للصلة قال كان ظب بك غي هذا يدخل عليك وقت الصلة وأنت إل غي طهارة‬
‫وعن أب عمرو ممد بن حدان قال صلى بنا أبو عثمان سعيد بن إساعيل بسجده وعليه إزار ورداء‬
‫فقلت لب يا أبتا هو مرم فقال ل ولكنه يسمع من الستخرج الذي خرجته على مسلم فإذا مرت به سنة‬
‫ل يكن استعملها فيما مضى أحب أن يستعملها ف يومه وليلته وأنه سع من جلة ما قرئ على أن النب‬
‫صلى ف إزار ورداء فأحب أن يستعمل هذه السنة قبل أن يصبح وعن بشر بن الارث أنه قال يا‬
‫أصحاب الديث أتؤدون زكاة الديث ‪ 4‬فقيل له يا أبا نصر وللحديث زكاة قال نعم إذا سعتم الديث‬
‫فما كان فيه من عمل أو صلة أو تسبيح استعملتموه وف لفظ عنه رويناه بعلو ف جزء للحسن بن عبد‬
‫اللك أنه لا قيل له كيف تؤدي زكاته قال أعملوا من كل مئت حديث بمسة أحاديث وروينا عن أب‬
‫قلبة قال إذا أحدث اله لك علما فأحدث له عبادة ولكن إنا هك أن تدث به الناس وعن السن‬
‫البصري قال كان الرجل يطلب العلم فل يلبث أن يرى ذلك ف تشعه وهديه ولسانه وبصره ويده‬
‫ص‪401:‬‬
‫‪ -2‬القصد الثان‬
‫فيما روى ف مدح رواية الديث ورواته من بدائع النظومات‬
‫قال الافظ أبو القاسم علي بن السن بن هبة ال بن عساكر الدمشقي الؤرخ الشهي‬
‫واظب على جع الديث وكتبه واجهد على تصحيحه ف كتبه‬
‫واسعه من أربابه نقلً كما سعوه من سعوه من أشياخهم تسعد به‬
‫واعرف ثقات رواته من غيهم كيما تيز صدقه من كذبه‬
‫فهو الفسر لكتاب وإنا نطق النب لنا به عن ربه‬
‫وتفهم الخبار تعرف حله من حرمه مع فرضه من ندبه‬
‫وهو البي للعباد بشرحه سي النب الصطفى مع صحبة‬
‫وتتبع العال الصحيح فإنه قرب إل الرحن تظ بقربه‬
‫وتنب التصحيف فيه فربا أدى إل تريفه بل قلبه‬
‫واترك مقالة من لاك بهله عن كتبه أو بدعة ف قلبه‬
‫فكفي الحدث رفعة أن يرتضي ويعد من أهل الديث وحزبه‬
‫وقال رحه ال تعال‬

‫‪264‬‬
‫لقول الشيخ ((أنبأن فلن وكان من الئمة عن فلن‬
‫إل أن ينتهي السناد أحلي لقلب من مادثة السان‬
‫ومشتمل على صوت فصيح ألذ إل من صوت القيان‬
‫وتزيين الطروس بنقش نقس أحب إل من نقش الغوال‬
‫وتريج الفوائد والمال وتسطي الغرائب والسان‬
‫وتصحيحح العوال من العوال بنيسابور أو ف أصفهان‬
‫أحب إل من أخبار ليلي وقيس بن اللوح والغان‬
‫فإن كتابة الخبار ترقي بصاحبها إل غرف النان‬
‫ص‪402:‬‬
‫وحفظ حديث خي اللق ما ينال به الرضا بعد المان‬
‫فأجر العلم ينمو كل حي وذكر الرء يبقي وهو فان‬
‫وقال الافظ البقان رحه ال تعال‬
‫أعلل نفسي بكتب الديث وأجل فيه لا موعدا‬
‫وأشتمل نفسي بتصنيفه وتريه أبدا سرمدا‬
‫فطورا أصنفة ف الشيوخ وطورا أصنفه مسندا‬
‫وأقفو البخاري فيما نا وصنفه جاهدا مهدا‬
‫ومسلما إذ كان زين النام بتصنيفه مسلما مرشدا‬
‫ومال فيه سوى أنن أراه هوى وافق القصدا‬
‫وأرجو الثواب بكتب الصلة على السيد الصطفي أحدا‬
‫وأسأل رب إله العباد جربا على ماله عودا‬
‫وقال الميدي صاحب ((المع بي الصحيحي)) من قصيدة وافرة‬
‫(ولو رواه الدين ضاعت وأصبحت معاله ف الخرين تبيد)‬
‫(هو حفظو الثار من كل شبهة وغيهو عما افتنوه رقود)‬
‫(وهم هاجروا ف جعها وتبادروا إل كل أفق والرام كؤود)‬
‫(وقاموا بتعديل الرواة وجرحهم قيام صحيح النقل وهو حديد)‬

‫‪265‬‬
‫(بتبليغهم صحت شرائع ديننا حدود تروا حفظها وعهود)‬
‫(وصح لهل النقل منها احتجاحهم فلم يبق إل عاند وحقود)‬
‫وما ينسب للمام الشافعي رضي ال عنه‬
‫(كل العلوم سوى القرآن مشغلة إل الديث وإل الفقه ف الدين)‬
‫(العلم ما كان فيه ((قال حدثنا وما سواه فوسواس الشياطي)‬
‫ص‪403:‬‬
‫وأنشد أبو الظهي رحه ال تعال‬
‫إذا رمت أن تتوخى الدى وأن تأت الق من بابه‬
‫فدع كل قول ومن قاله لقول النب وأصحابه‬
‫فلم تتج من مدثات المور بغي الديث وأربابه‬
‫وقال المام شس الدين ابن القيم الدمشقي ف الكافية الشافية‬
‫يا من يريد ناته يوم الساب من الحيم وموقد النيان‬
‫ابتع رسول ال ف القوال والعمال ل ترج عن القرآن‬
‫وخذ الصحيحي اللذين هالعة الدين واليان واسطتان‬
‫واقرأها بعد التجرد من هوى وتعصب وحية الشيطان‬
‫واجعلهما حكما ول تكم على ما فيهما أصل بقول فلن‬
‫واجعل مقالته كبعض مقالة ال أشباح تنصرها بكل أوان‬
‫وانصر مقالته كنصرك للذي قلدته من غي ما برهان‬
‫قد رسول ال عندك وحده والقول منه إليك ذو تبيان‬
‫ماذا ترى فرضا عليك معنيا إن كنتا ذا عق ذو إيان‬
‫عرض الذي قالوا على أقواله أو عكس ذاك فذانك المران‬
‫(هي مفرق الطرقات بي طريقنا وطريق أهل الزيغ والعدوان‬
‫قدر مقالت العباد جيعهم عدما وراجع مطلع اليان‬
‫واجعل جلوسك بي صحب ممد وتلق معهم عنه بالحسان‬
‫وتلق عنهم ما تلقوه هو عنه من اليان والعرفان‬

‫‪266‬‬
‫أفليس ف هذا بلغ مسافر يبغي الله وجنة اليوان‬
‫لول التنافس بي هذا اللق ما كان التفرق قط ف السبان‬
‫فالرب رب واحد وكتابه حق وفهم الق منه دان‬
‫ص‪404:‬‬
‫ورسوله قد أوضح الق البي بغاية اليضاح والتبيان‬
‫ما ث أوضح من عبارته فل يتاج سامعها إل تبيان‬
‫والنصح منه فوق كل نصيحة والعلم مأخوذ عن الرحن‬
‫فلي شي يعدل الباغي الدى عن قوله لول عمي الذلن‬
‫فالنقل عنه مصدق والقول من ذي عصمة ما عندنا قولن‬
‫والعكس عند سواه ف المرين يا من يهتدي هل يستوى النقلن‬
‫تال قد رح الصياح لن له عينان نو الفجر ناظرتان‬
‫وأخو العماية ف عمايته يقول الليل بعد أيستوى الرجلن‬
‫تال قد رفعت له العلم إن كنت الشمر نلت دار أمان‬
‫وقال الافظ ابن عبد الب مقالة ذي نصح وذات فوائد‬
‫إذا من ذوي اللباب عليكم بآثار النب فإنا من أفضل أعمال الرجال اتباعها‬
‫وقال الافظ ابن حجر رحه ال تعال‬
‫هينئا لصحاب خي الوري وطوب لصحاب أخباره‬
‫أولئك فازوا بتذكره ونن سعدنا بتذكاره‬
‫وهم سبقونا إل نصره وها نن أتباع أنصاره‬
‫ولا حرمنا لقا عينه عكفنا على حفظ آثاره‬
‫عسى ال يمعنا كلنا برحة معه ف داره‬
‫وقوله ((ولا حرمنا ال)) أخذه من قول ابن خطيب داريا‬
‫(ل اسع ف طلب الديث لسمعه أو لجتماع قدية وحديثه)‬
‫(لكن إذا فات الحب لقاء من يهوي تعلل باستماع حديثه)‬
‫ص‪405:‬‬

‫‪267‬‬
‫وقال العلمة السيد ممد بن إساعيل المي اليمان قدس ال سره‬
‫سلم على أهل الديث فإنن نشأت على حب الحاديث من مهدي‬
‫هو بذلوا ف حفظ سنة أحد وتنقيحها من جهدهم غاية الهد‬
‫وأعن بم أسلف سنة أحد أولئك ف بيت القصيد هو قصدي‬
‫أولئك أمثال البخاري ومسلم وأحد أهل الد ف العلم والد‬
‫رووا وارتووا من بر علم ممد وليس لم تلك الذاهب من ورد‬
‫كفاهم كتاب ال والسنة الت كفت قبلهم صحب الرسول ذوي الجد‬
‫ولا تتمة سابغة الذيل صاح فيها على التعصب بالويل وقال بعض الفضلء وأجاد‬
‫فاقطع به العيش تعرف لذة العمر‬ ‫علم الديث أجل السؤل والوطر‬
‫لكي تفوز بنقل العلم والثر‬ ‫وانقل رحالك عن مغناك مرتلً‬
‫ف الترك للعلم عن عذر لعتذر‬ ‫ول تق عاقن شغل فليس يري‬
‫ونقل ما قد رووا عن سيد البشر‬ ‫وأي شغل كمثل العلم تطلبه‬
‫لذات دنيا غدوا منها على غرر‬ ‫(ألي عن العلم أقواما تطلبهم‬
‫إل الت هي دأب الون والطر‬ ‫وخلفوا ما له حظ ومكرمة‬
‫معايب الهل منه كل مفتخر‬ ‫وأي فخر بدنياه لن هدمت‬
‫وبالعفاف وكسب العلم فافتخر‬ ‫ل تفخرن بدنيا ل بقاء لا ‪1‬‬
‫ذكرا يدد ف الصال والبكر‬ ‫يفن الرجال ويبقي علمهم لم‬
‫وليس يبقي له ف الناس من أثر‬ ‫ويذهب الوت بالدنيا وصاحبها‬
‫وأنت بالهل قد أصبحت ذا صغر‬ ‫تظن أنك بالدنيا أخو كب‬
‫ليس الكبي عظيم القدر غي فت ما زال بالعلم مشغول مدى العمر‬
‫قد زاحت ركبتاه كل ذي شرف ف العلم واللم لف الفخر والبطر‬
‫ص‪406:‬‬
‫فجالس العلماء القتدي بم تستجلب النفع أو تأمن من الضرر‬
‫هم سادة الناس حقا واللوس لم زيادة هكذا قد جاء ف الب‬
‫والرء يسب من قوم يصاحبهم فاركن إل كل صاف العرض عن كدر‬

‫‪268‬‬
‫فمن يالس كريا نال مكرمة ول يشن عرضه شيء من الغي‬
‫كصاحب العطر إن ل تستفد هبة من عطره ل تب من ريه العطر‬
‫ومن يالس ردئ الطبع يرد به وناله دنس من عرضه الكدر‬
‫كصاحب الكي إن يسلم مالسه من نتنه ل يوق الرق بالشرر‬
‫وكل من ليس ينهاه الياء ول تقوي فخف كل قبح منه وانتظر‬
‫والناس أخلقهم شت وأنفسهم منهم بصي ومنهم مطئ النظر‬
‫وأصوب الناس رأيا من تصرفه فيما به شرف اللباب والفكر‬
‫واركن إل كل من ف وده شرف من نابه القدر بي الناس مشتهر‬
‫فالرء يشرف بالخبار يصحبهم وإن يكن قبل شيئا غي معتب‬
‫إن العقيق ليسمو عند ناظره إذا بدا وهو منظوم مع الدرر‬
‫والرء يبث بالشرار يألفهم ولو غدا حسن الخلق والسي‬
‫فالاء صفو طهور ف أصالته حت ياوره شيء من الكدر‬
‫فكن بصحب رسول ال مقتديا فإنم للهدى كالنم الزهر‬
‫وإن عجزت عن الد الذي سلكوا فكن عن الب فيهم غي مقتصر‬
‫والق بقوم إذا لحت وجوهم رأيتها من سنا التوفيق كالقمر‬
‫أضحوا من السنة العليا ف سنن سهل وقاموا بفظ الدين والثر‬
‫أجل شيء لديهم ((قال أخبنا عن الرسول ) با قدر صح من خب)‬
‫هذي الكارم ل قعبان من لب ول التمتع باللذات والشر‬
‫(ل شيء أحسن من ((قال الرسول)) وما أجل من سند عن كل مشهر)‬
‫ص‪407:‬‬
‫وملس بي أهل العلم جادبا حل من الدر أو حلي من الدرر‬
‫يوم ير ول أرو الديث به فلست أحسب ذاك اليوم من عمر‬
‫فإن ف درس أخبار الرسول لنا تتعا ف رياض النة الضر‬
‫تعللً إذا عدمنا طيب رؤيته من فاته العي هد الشوق بالثر‬
‫كأنه بي ظهرينا نشاهده ف ملس الدرس بالصال والبكر‬

‫‪269‬‬
‫زين النبوة عي الرسل خاتهم بعثا وأولم ف سابق القدر‬
‫صلى عليه إله العرش ث على أشباعه ما جرى طل على زهر‬
‫مع السلم دواما والرضا أبدا عن صحبه الكرمي النم الزهر‬
‫وعن عبيدك نن الذنبي فجد بالمن من كل ما نساه من ضرر‬
‫وتب على الكل منا واعطنا كرما دنيا وأخرى جيع السؤل والوطر‬
‫سبحانه ربك رب العزة عما يصفون وسلم على الرسلي والمد ل رب العالي‬
‫جاء ف آخر نسخة الؤلف قدس سره‬
‫يقول جامعه‬
‫كانت البداءة ف تصنيفه ف إحدى الماديي عام (‪ )1320‬ولا ت ترتيبه شرعت ف تبييضه ليلة العشر‬
‫الخي من رمضان من العام الذكور ف السدة اليمن العلياء من حرم جامع السنانية ف دمشق الفيحاء ث‬
‫صحبته ف رحلت القدسية ف أواخر الحرم وبيضت جانبا كبيا من آخره ف عمان البلقاء أيام مسيي‬
‫إل القدس منها وإقامت با عشرة أيام من أوائل صفر إل أن كملت نسخا وتبييضا بعونه تعال صباح‬
‫الميس لمس بقي من صفر الذكور عام (‪ )1321‬ف السجد القصى داخل حرمه الشريف أيام‬
‫إقامت ف حجرته‬
‫ص‪408:‬‬
‫القبلية والمد ل أول وآخرا وظاهرا وباطنا قاله بفمه ورقمه بقلمه العبد الذليل الضعيف أفقر الوري‬
‫لرحه موله ممد جال الدين بن ممد سعيد بن قاسم بن صال بن إساعيل ابن بكر القاسي الدمشقي‬
‫غفر ال له ولوالديه ولسلفه وأشياخه وأولده وميه ولميع الؤمني والمد ل رب العالي‬
‫ث جاء تت هذه العبارة بالب الحر بمد تعال ت مقابلة على أصلي وكتبه مؤلفه جال الدين ف ‪19‬‬
‫ذي الجة ‪ 1324‬أن‬
‫ص‪409:‬‬

‫‪270‬‬

You might also like