You are on page 1of 28

‫ملف انتخابات الرئاسة األمريكية‬

‫ملف االنتخابات الرئاسية‪:‬‬


‫وضـع���ت صحيفـة الـ (وول س���تريت ‪ )Wall Street‬األمريكية عنواناً مثيراً ألحد‬
‫افتتاحياتها حول االنتخاب���ات األمريكية‪ .‬كان العنوان هو‪« :‬عام ‪2008‬م‪ ..‬تراجع التركيز‬
‫على القضايا الكبرى بس���بب االهتمام بشخصية الناخبني»‪ .‬هل حقاً كانت انتخابات هذا‬
‫العام حول ش���خصية املرش���ح رغم كل ما متر به أمريكا من أزم���ات طاحنة؟ وهل لون‬
‫أعد هذا امللف كام ً‬
‫ال‬ ‫َّ‬
‫املرش���ح‪ ،‬أو مزاجه العصبي‪ ،‬أو اختياره لنائبة أو لكاثوليكي ستكون هي العوامل املرجحة‬
‫د‪ .‬باسم خفاجي‬
‫النتخاب رئيس أقوى دولة في العالم؟ كيف حتس���م االنتخابات؟ وما القضايا احملركة لها‬
‫بشكل جدي؟ وهل ستشهد أمريكا نقلة جديدة في القيادة الرئاسية لها؟ كل هذه األسئلة‬
‫جتيب عنها انتخابات ‪2008‬م‪ ،‬ونحاول في هذا امللف أن نلقي مزيداً من الضوء عليها‪.‬‬
‫يجمع امللف بني التعريف باالنتخابات الرئاس���ية األمريكية‪ ،‬والتعريف باملرش���حني‬
‫���ي الرئيس ونائب���ه‪ ،‬ومواقفهم االنتخابية لهذا العام‪ ،‬ويق���دم امللف تلخيصاً ألهم‬
‫ملنص َب ِ‬
‫املرشـح نْي من القضايا االنتخابية الرئيسية‪ ،‬ومن القضايا التي‬
‫َ‬ ‫املواقف السياس���ية لكال‬
‫تهم القارئ العربي واملسلم‪ .‬يناقش امللف كذلك التغييرات التي متيز انتخابات هذا العام‪،‬‬
‫ومدى تقبل الش���عب األمريكي لوجود مرش���ح غير أبيض ملنصب الرئيس ودالالت ذلك‬
‫وأسبابه أيضاً‪ .‬كما يبحث امللف عالقة هذه االنتخابات بنهاية حقبة احملافظني اجلدد في‬
‫احلياة السياس���ية األمريكية‪ ،‬ومن هم املرشحون من القوى السياسية والضاغطة لشغل‬
‫الفراغ الذي س���ينتج عن انتهاء تأثير احملافظني اجلدد املباش���ر على احلياة السياسية‬
‫األمريكية؟ ومن هو املؤهل للعب دور أهم وأخطر في املرحلة القادمة؟ وأس���لوب املشاركة‬
‫َّ‬
‫املرشح ملنصب الرئاسة‪.‬‬ ‫في دعم املرشحني‪ ،‬وتأثير ذلك على القوى الضاغطة على‬
‫تق���دِّم االنتخابات الرئاس���ية األمريكية التي حتدث كل أربعة أع���وام للعالم فرصة‬
‫ِّ‬
‫لالطالع على معالم تغ ُّي���ر الواقع الداخلي األمريكي‪ ،‬وأولويات الناخب‪ ،‬والقوى‬ ‫حقيقية‬
‫الصاعدة املؤثرة على احلياة السياسية والفكرية األمريكية‪ .‬ويهدف هذا امللف إلى متابعة‬
‫ه���ذه االنتخابات بعيداً عن الزوايا اإلخبارية التي تغطيها الصحف والفضائيات ووكاالت‬
‫‬ ‫األنباء‪ ،‬وأن يقدِّم هذه االنتخابات للقارئ من زوايا أخرى متعددة‪ ،‬نرجو أن تكون مفيدة‪،‬‬
‫وأن تس���اهم في تقوية موقف العالم العربي واملس���لم في التعام���ل مع اإلدارة األمريكية‬
‫العدد ‪255‬‬
‫اجلديدة‪ ،‬والتي ستتس���لَّم زمام األمور في الواليات املتحدة في األسبوع الثالث من شهر‬
‫يناير املقبل‪.‬‬
‫كيف يتم انتخاب الرئيس األمريكي؟‬
‫التصويت بني هؤالء املنتخبني (‪ )Electors‬هو ما يحسم‬ ‫نظام الواليات املتحدة فيدرالي‪ ،‬ويعني هذا‪ :‬أن احلكومة‬
‫حق���اً نتيجة االنتخابات‪ .‬هؤالء املنتخبون في نظر الدس���تور‬ ‫الفيدرالية ال تتعامل بشكل مباشر مع املواطن األمريكي‪ ،‬وإمنا‬
‫األمريك���ي والقوان���ني الفيدرالية‪ ،‬وبعض قوان���ني الواليات‬ ‫يجري تعاملها مع الشعب في معظم القضايا الداخلية من خالل‬
‫األمريكي���ة كذلك؛ ليس���وا مطالبني قانون���اً بااللتزام برأي‬ ‫الواليات التي تك ِّون مبجموعه���ا الواليات املتحدة األمريكية؛‬
‫مواطني الوالي���ة فيمن يقترحون ملنصب الرئيس‪ ،‬وميكن لهم‬ ‫لذلك جُجترى االنتخابات الرئاس���ية األمريكية على مس���توى‬
‫‪ -‬عل���ى األقل من الناحية النظرية القانونية ‪ -‬مخالفة نتيجة‬ ‫الواليات وليس على مس���توى املواطن‪ ،‬ولكن يحكم الدس���تور‬
‫االنتخاب في الوالية والتصويت بشكل مخالف ملا أسفرت عنه‬ ‫األمريكي والقوانني الفيدرالية طريقة إجراء هذه االنتخابات‬
‫نتيجة االنتخاب���ات احمللية‪ .‬وقد حدث هذا من قبل أكثر من‬ ‫واختيار الفائز فيها‪ ،‬وليس قوانني الواليات املختلفة‪.‬‬
‫مرة في عدد من االنتخابات الرئاسية األمريكية السابقة‪.‬‬ ‫واالنتخابات الرئاس���ية األمريكية ه���ي انتخابات غير‬
‫وحرصاً على فهم هذه الصورة املركبة عن الدميقراطية‬ ‫مباش���رة‪ ،‬ويعني هذا‪ :‬أن الش���خص األمريك���ي ال يعد في‬
‫األمريكي���ة‪ ،‬وطبيعة التمثيل االنتخاب���ي بها‪ ،‬وتوضيح بعض‬ ‫احلقيق���ة ناخباً في ه���ذه االنتخابات‪ ،‬وإمن���ا هو يعبر عن‬
‫املفاهي���م اخلاطئة حول تلك االنتخابات‪ ،‬وهل هي تعني حقاً‬ ‫موقفه من املرش���حني في واليته بالشكل الذي مي ِّكن الوالية‬
‫حكم الشعب بالشعب وللش���عب؛ كما يحلو ألنصار الواليات‬ ‫م���ن تقدمي رأيها املجمل أو تصويتها على من تعتقد أنه أحق‬
‫املتحدة األمريكية تذكير العالم بذلك؟‬ ‫بالرئاسة بناء على رأي مواطنيها في أغلب األحيان‪ ،‬ويجري‬ ‫‪4‬‬
‫نقدم للق���ارئ في هذا املقال ص���ورة أكثر وضوحاً عن‬ ‫انتقال هذا الرأي من مس���توى الوالية إلى مستوى احلكومة‬
‫العدد ‪255‬‬
‫طبيعة هذه االنتخابات‪ ،‬وكيف يتم انتخاب الرئيس األمريكي‪.‬‬ ‫الفيدرالية عبر منتخب���ني (‪ ،)Electors‬ميثلون رأي الوالية‬
‫وقد متت االس���تفادة في بعض أجزاء هذا املقال من دراسة‬ ‫في هذه االنتخابات‪.‬‬
‫أما عدد أعض���اء مجلس الن���واب (‪The House of‬‬ ‫س���ابقة لكاتب هذه الس���طور قدمت عبر مجلة ^ حول‬
‫‪)Representatives‬؛ فإنه يتناسب مع عدد سكان كل والية‪.‬‬ ‫االنتخابات األمريكية لعام ‪2004‬م‪.‬‬
‫ويسمى عضو هذا املجلس نائباً (‪ ،)Representative‬ويتم‬ ‫• نظام االنتخاب األمريكي‪:‬‬
‫اختيار نائب في هذا املجلس ليمثل كل نصف مليون شخص‬ ‫ينص الدس���تور األمريكي في املادة الثانية والبند األول‬
‫تقريباً في كل الواليات اخلمس�ي�ن‪ ،‬ف���إذا كانت في الوالية‬ ‫منها على أن تُدار االنتخابات الرئاسية الختيار الرئيس ونائبه‬
‫مليون نس���مة مث ً‬
‫ال فيكون لها عض���وان في مجلس النواب‪،‬‬ ‫ع���ن طريق نظام (‪ )Electoral System‬أو نظام «املجموع‬
‫وإن كان عدد الس���كان في الوالية عشرة ماليني يرتفع عدد‬ ‫االنتخابي»‪ ،‬وهذا النظام ال يسمح باالنتخاب املباشر للرئيس‬
‫النواب إلى عش���رين نائباً‪ ،‬وهكذا‪ .‬أما إجمالي عدد النواب‬ ‫ونائبه من قِ َبل الش���عب األمريكي بطريقة «صوت واحد لكل‬
‫األمريكيني في مجلس النواب فهو ‪ -‬بالطبع ‪ -‬يتناس���ب مع‬ ‫ناخب»‪ ،‬وإمنا يقوم س���كان كل والية بتكليف مندوبني عنهم‬
‫إجمالي عدد س���كان الواليات املتحدة املقسمة إلى الواليات‬ ‫بانتخاب الرئيس‪ ،‬ونائبه‪ ،‬وهم من يس���مون بـ (املنتخبــني)‪،‬‬
‫اخلمسني‪ ،‬وهو في هذه املرحلة من تاريخ أمريكا ‪ 435‬نائباً‬ ‫أو (‪.)Electors‬‬
‫عن الواليات‪ ،‬وقد أضيف إليهم ثالثة نواب ليمثلوا العاصمة‬ ‫أما عموم الش���عب األمريكي ال���ذي يذهب إلى صناديق‬
‫الفيدرالية واش���نطن التي ّ‬
‫تعد مقاطع���ة فيدرالية لها وضع‬ ‫يسمـى ناخباً‪ ،‬وإمنا هو يختار‬
‫االقتراع يوم االنتخاب فهو ال َّ‬
‫اس���تثنائي خاص؛ فهي ليس���ت والية‪ ،‬وإمنا تسمى مقاطعة‬ ‫من س���يفوز على مس���توى الوالية فقط من بني املرش���حني‬
‫كولومبي���ا (‪ ،)District of Columbia‬ويش���ار إليه���ا‬ ‫يقدم للمنتخبني لنقله إلى مستوى‬
‫للرئاس���ة‪ .‬وهذا االختيار َّ‬
‫باالختص���ار (‪ ،)D.C‬وهي بهذا ال تن���درج ضمن أي والية‬ ‫احلكومة الفيدرالي���ة في التصويت عل���ى منص َب ِي الرئيس‬
‫تبعاً للتنظيم الداخلي للواليات املتحدة‪ ،‬وبذلك يصبح مجموع‬ ‫ونائبه‪ .‬ولكل والية عدد من املنتخبني (‪ )Electors‬يس���اوي‬
‫أعضاء مجلس النواب األمريكي هو ‪ 438‬نائباً‪.‬‬ ‫املجموع اإلجمالي لكل من أعضاء مجلس الش���يوخ وأعضاء‬
‫مجلس ْي‬
‫َ‬ ‫ويتبع ذلك أن يكون إجمالي ممثلي الش���عب في‬ ‫مجل���س النواب لهذه الوالية‪ ،‬ويحص���ل الفائز في كل والية‬
‫الش���يوخ والنواب هو ‪ 538‬عضواً‪ ،‬ويعني هذا أيضاً‪ :‬أن عدد‬ ‫على جميع أصوات الوالية فيما يعرف بنظام «الفائز يحصد‬
‫املنتخب�ي�ن (‪ )Electors‬الذين يقوم���ون بانتخاب الرئيس‬ ‫الكل»‪ ،‬وليس فقط نسبة ما حصل عليه من أصوات‪.‬‬
‫األمريكي ه���و ‪ 538‬منتخباً‪ ،‬أي‪ :‬أن م���ن يقومون بانتخاب‬ ‫• ‪ 538‬شخصًا فقط ينتخبون الرئيس!‬
‫الرئيس األمريكي بشكل فعلي هم ‪ 538‬منتخباً ميثلون إرادة‬ ‫ع���دد املنتخبني ف���ي انتخابات الرئاس���ة األمريكية هو‬
‫الش���عب األمريكي بأكمله في حال التزامه���م بالتعبير عن‬ ‫مجموع عدد ممثلي الش���عب األمريكي في الكوجنرس (وهو‬
‫هذا الرأي بش���كل كامل‪ ،‬وهو ما ال يعد ضرورياً من الناحية‬ ‫الكيان التشريعي أو السلطة التشريعية األمريكية التي جتمع‬
‫الدستورية األمريكية‪ ،‬وكذلك في قوانني بعض الواليات كما‬ ‫���ي الش���يوخ والنواب)‪ .‬ولتحدي���د عدد املنتخبني‬
‫مجلس ْ‬
‫َ‬ ‫بني‬
‫سيأتي شرحه الحقاً‪.‬‬ ‫(‪ )Electors‬ال ب���د م���ن معرفة الع���دد اإلجمالي ألعضاء‬
‫أما كيف يت���م اختيار هؤالء املنتخبني‪ ،‬وش���روط ذلك؛‬ ‫الكوجنرس‪.‬‬
‫فهو أمر يقوم به احلزبان الرئيس���ان ف���ي أمريكا؛ احلزب‬ ‫مين���ح نظام الواليات املتحدة عضوي���ن عــن كـل واليـة‬

‫‬ ‫الدميقراطي واجلمهوري كما سنوضح فيما يلي‪.‬‬ ‫‪ -‬بصرف النظر عن مساحتها أو عدد سكانها ‪ -‬في مجلس‬
‫• دور املنتخبني (‪ ،)Electors‬وآلية اختيارهم‪:‬‬ ‫الش���يوخ (‪)The Senate‬؛ لذلك فــإن إجمالي عدد أعضاء‬
‫العدد ‪255‬‬ ‫يق���وم كل حزب من األحزاب املرش���حة قبل االنتخابات‬ ‫مجلس الشيوخ األمريكي هو ‪ 100‬عضو (من خمسني والية)‪،‬‬
‫باختيار ع���دد املنتخبني (‪ )Electors‬املطلوب في كل والية‪،‬‬ ‫ويسمى كل عضو في مجلس الشيوخ سيناتور (‪.)Senator‬‬
‫يصب���ح مندوبو احلزب الذي فاز به���ذه الوالية هم املكلفون‬ ‫مبجلس���يْه (الشيوخ والنواب)‬
‫َ‬ ‫وهو عدد أعضاء الكوجنرس‬
‫بانتخاب الرئيس باإلدالء بأصواتهم عن تلك الوالية‪ ،‬ويحصل‬ ‫نفس���ه عن هذه الوالي���ة‪ ،‬أي‪ :‬أن كل ح���زب يختار من بني‬
‫احل���زب الفائز على احلق في إرس���ال ممثليه من املنتخبني‬ ‫أعضائه عدد ‪ 538‬ش���خصاً على مس���توى جميع الواليات‪،‬‬
‫(‪ )Electors‬للتصويت في انتخابات الرئاسة بني املنتخبني‬ ‫ويتم اإلعالن عن أس���ماء هؤالء املنتخبني (‪ )Electors‬قبل‬
‫(‪ ،)Electors‬والتي جترى بعد االقتراع العام بشهر‪ ،‬أي‪ :‬في‬ ‫االنتخاب���ات األمريكية‪ ،‬كما يتم تس���جيل ه���ؤالء املنتخبني‬
‫شهر ديسمبر‪.‬‬ ‫(‪ )Electors‬في السجالت الرسمية للوالية‪.‬‬
‫وفي شهر ديسمبر وفي يوم اإلثنني الذي يعقب األربعاء‬ ‫أم���ا كيف يتم اختيار هؤالء املنتخب�ي�ن فهي تختلف من‬
‫األول من الش���هر وعقب االقتراع الرئاسي يجتمع املنتخبون‬ ‫والية ألخرى‪ ،‬ومن حزب آلخر أيضاً‪ .‬ففي كثير من األحيان‬
‫(أعضاء املجموع االنتخابي) في عواصم والياتهم‪ ،‬في مبنى‬ ‫يتم اختي���ار املنتخب�ي�ن (‪ )Electors‬تعبيراً ع���ن التقدير‬
‫العاصم���ة لكل والي���ة‪ ،‬ويدلون بأصواتهم‪ ،‬باقتراع س���ري‪،‬‬ ‫واالمتنان لهم لوالئهم للحزب‪ ،‬أو لتفانيهم في خدمة املجتمع‬
‫الختيار رئيس اجلمهورية ونائب الرئيس‪.‬‬ ‫من خالل احلزب‪ ،‬أو ألية أسباب أخرى ال عالقة لها حقيقة‬
‫ولكي يُنتخ���ب رئيس اجلمهورية فإن���ه يحتاج إلى ‪270‬‬ ‫بالدور احلاس���م الذي يلعبه ه���ؤالء املنتخبون خصوصاً في‬
‫صوتاً من أصوات املجم���وع االنتخابي‪ ،‬ثم جتمع نتائج هذا‬ ‫الواليات التي يحق لهم فيه���ا االنفراد برأيهم في التصويت‬
‫التصويت‪ ،‬وترس���ل مغلقة وس���رية إلى رئي���س الكوجنرس‬ ‫ومخالفة إجماع سكان الوالية‪ ،‬وما أسفر عنه االقتراع العام‬
‫األمريكي‪ ،‬والذي يقوم بدوره في اليوم الس���ادس من ش���هر‬ ‫فيها كما سيظهر الحقاً‪ ،‬وعادة ما يتم اختيار هؤالء املنتخبني‬
‫يناير من العام املقبل‪ ،‬بفت���ح املظاريف اخلاصة بالتصويت‪،‬‬ ‫في مؤمتر احلزب على مس���توى الوالية‪ ،‬ويشترط في هؤالء‬
‫واإلعالن الرس���مي ع���ن الرئيس القادم للوالي���ات املتحدة‬ ‫املنتخب�ي�ن (‪ )Electors‬أال يكونوا من أعضاء الكوجنــرس‪،‬‬
‫���ي الش���يوخ والنواب في جلسة‬
‫مجلس ِ‬
‫َ‬ ‫األمريكية‪ ،‬في وجود‬ ‫أو ممن يعملون في مناصب علي���ا في احلكومة الفيدرالية‪،‬‬
‫مش���تركة‪ ،‬ومن ثم يحق للرئيس املنتخب ونائبه تو ِّلي املنصب‬ ‫وأال يعرف عنهم العداء للواليات املتحدة( ‪.‬‬
‫رسمياً‪ ،‬واإلدالء بق ََسم القبول في ظهر يوم ‪ 20‬يناير‪.‬‬ ‫ومهمة ه���ؤالء املنتخب�ي�ن (‪ )Electors‬أن يقوموا بعد‬
‫حيدد الفائز؟‬
‫• كيف َّ‬ ‫إعالن نتيجة االقتراع على مستوى الوالية بانتخاب الرئيس‬
‫يحصل احلزب املمثل للمرش���ح الفائز في أي والية على‬ ‫األمريكي ونائبه‪ ،‬في حال فوز حزبهم في هذه الوالية‪ ،‬ومن ثم‬
‫حق إرس���ال مندوبيه لإلدالء بكل األص���وات االنتخابية عن‬ ‫فه���م يعدون ممثلني عن احلزب في اإلدالء بأصواتهم املعبرة‬
‫الوالية‪ ،‬وليس فقط نسبة ما حصل عليه املرشح من األصوات‪.‬‬ ‫ع���ن موقف احلزب في هذه الوالية التي فاز بها احلزب من‬
‫وجميع الواليات األمريكية تتبع هذا النظام عدا واليتي ماين‬ ‫خالل االقتراع العام‪.‬‬
‫ونبراس���كا‪ ،‬وهو مبدأ أن «الفائز بأغلبية األصوات الشعبية‬ ‫وف���ي موعد االقتراع العام ‪ -‬وه���و الثالثاء الذي يعقب‬
‫يكسب جميع أصوات الوالية في املجموع االنتخابي»‪ ،‬والفائز‬ ‫أول يوم اثنني في ش���هر نوفمبر من الس���نة التي تعقد فيها‬
‫في االنتخابات الرئاسية هو من يحصل على أصوات أكثر من‬ ‫االنتخاب���ات الرئاس���ية ‪ -‬يذهب س���كان كل والية ممن لهم‬
‫نصف عدد املنتخبني (‪ ،)Electors‬أي‪ :‬أكثر من ‪ 270‬صوتاً‬ ‫���ي الرئيس ونائبه‪ ،‬وبعد‬
‫حق التصويت لالقتراع على منص َب ْ‬
‫انتخابياً‪ ،‬وال بد أن يحصل املرشح الرئاسي على ‪ 270‬صوتاً‬ ‫ص���دور النتائج حتدد كل والية من الواليات املرش���ح الفائز‬ ‫‬
‫أو أكث���ر لكي يعد فائزاً في االنتخاب���ات‪ ،‬وال تكفي األغلبية‬ ‫ف���ي االقتراع في ه���ذه الوالية‪ ،‬وفور إعالن ه���ذه النتيجة‬
‫فقط‪ ،‬ويتم ذلك بصرف النظر عن نتيجة االختيار الش���عبي‬ ‫العدد ‪255‬‬

‫إن خالفت املجموع االنتخابي‪.‬‬ ‫‪( How the Electoral College Works, by Kevin Bonsor, How‬‬
‫‪stuff works, 13 October, 2008.‬‬
‫وق���د حدث ذلك في تاريخ الوالي���ات املتحدة مرتني من‬ ‫وكان هذا هو س���بب حصول جورج ب���وش على منصب‬
‫قبل‪ ،‬إحداهما‪ :‬أس���فرت عن اختيار (توماس جيفرس���ون)‬ ‫الرئاس���ة في انتخابات عام ‪2000‬م‪ ،‬رغم أنه لم يحصل على‬
‫رئيساً في عام ‪1801‬م‪ ،‬واألخرى‪ :‬أسفرت عن اختيار (جون‬ ‫أغلب أصوات الش���عب‪ ،‬فقد حصل (جورج بوش) على ‪271‬‬
‫كوينسي آدامز) في عام ‪1825‬م‪.‬‬ ‫صوتاً انتخابياً (‪ ،)Electors‬بينما لم يحصل (آل جور) في‬
‫أما إذا تعادلت األصوات االنتخابية لنائب الرئيس فيقوم‬ ‫تل���ك االنتخابات إال على ‪ 266‬صوتاً‪ ،‬رغ���م أنه فاز بأغلب‬
‫مجلس الش���يوخ ‪ -‬ولي���س مجلس الن���واب ‪ -‬باختيار نائب‬ ‫أصوات الشعب‪ ،‬أي‪ :‬أن الشعب األمريكي قد اختار باألغلبية‬
‫الرئيس‪.‬‬ ‫ف���ي عام ‪2000‬م أن يكون (آل جور) رئيس���اً له‪ ،‬ولكن نظراً‬
‫ويتض���ح هن���ا أن التعادل ف���ي األص���وات االنتخابية‬ ‫آللية االنتخاب غير املباش���ر‪ ،‬وأن من يفوز في والية يحصد‬
‫(‪ - )Electoral Votes‬وهو أمر وارد ‪ -‬يحول االنتخابات‬ ‫كل أصواتها االنتخابية‪ ،‬وليس فقط نس���بة ما حصل عليه‪،‬‬
‫الرئاسية بعيداً متاماً عن اختيار الشعب األمريكي‪.‬‬ ‫فقد مت إعالن جورج بوش رئيساً للواليات املتحدة األمريكية‬
‫ويقول كثير من احملللني وخبراء االنتخابات إن هذا النظام‬ ‫في تلك السنة رغم أن الشعب األمريكي لم يختره تبعاً لنتيجة‬
‫غير املباش���ر بأكمله ال يع ِّبر في احلقيق���ة عن دميقراطية‬ ‫التصويت الشعبي‪.‬‬
‫كاملة‪ ،‬وإمنا هي دميقراطية غير مباش���رة ومنقوصة كذلك‪.‬‬ ‫• ماذا ع��ن التعادل‪ ،‬أو ع��دم احلصول على ‪270‬‬
‫كما يرى آخرون أن ثغرات هذا النظام ميكن أن تتس��� ِّبب في‬ ‫صوتًا؟‬
‫أزمات دس���تورية وعملية حقيقية في حال انقس���ام الشعب‬ ‫ينص الدس���تور األمريكي أنه في حال تعادل األصوات‬
‫األمريكي بشكل حا ٍّد حول من يجب أن يحكمه‪ ،‬وأن انتخابات‬ ‫االنتخابية (‪ ،)Electoral Votes‬أو في حال عدم حصول‬
‫عام ‪2008‬م قد تكون بداية لظهور هذه املشكالت في النظام‬ ‫أي من املرشحني على األغلبية الالزمة للفوز‪ ،‬وهي ‪ 270‬صوتاً‬
‫االنتخابي احلالي‪.‬‬ ‫م���ن أصوات املجموع االنتخابي؛ فإن األمر يُحال بأكمله إلى‬
‫• ثغرة انتخابية‪:‬‬ ‫مجلس النواب األمريكي بناء على التعديل ‪ 12‬من الدستور‪،‬‬
‫االنتخابات األمريكية الرئاس���ية جتري َوفْق الدس���تور‬ ‫ويقوم مجلس النواب باختيار رئيس الواليات املتحدة من بني‬
‫األمريك���ي والقانون الفيدرالي‪ ،‬وليــ���س قوانني الواليــات‪.‬‬ ‫املرش���حني‪ ،‬وذلك بإعطاء صوت واحد ملمثلي كل والية من‬
‫وال يوجد في القانون الفيدرالـ���ي األمريكــي لالنتخــابات‬ ‫الواليات‪ ،‬ويتم التصويت بني املرشحني الثالثة الذين حصلوا‬
‫أو الدس���تور األمريكي ما يطالب أي منتخب (‪ )Elector‬أن‬ ‫على أعلى نسبة في االنتخابات التي لم حتسم‪.‬‬
‫يلتزم برأي واليته أو حزب���ه أو نتيجة االقتراع العام‪ ،‬ويعني‬ ‫وال يلتف���ت في هذه احلالة إلى رأي الش���عب األمريكي‬
‫هذا‪ :‬أن الدس���تور يسمح لهذا الش���خص بأن يصوت برأيه‬ ‫ال���ذي مت التعبير عنه من خالل االقتراع العام‪ ،‬فحتى لو أكد‬
‫الشخصي فقط‪.‬‬ ‫االقتراع العام موافقة الش���عب األمريكي على اختيار مرشح‬
‫املتع���ارف عليه اصطالحاً وليس قانوناً أو دس���تورياً أن‬ ‫بعين���ه بإعطائه عدداً أكبر من األصوات؛ فإن األمر في حال‬
‫يصوت املنتخب���ون (‪ )Electors‬الذين ميثلون كل حزب فاز‬ ‫تعادل األصوات االنتخابية (‪ )Electoral Votes‬ينقل إلى‬
‫في والية ما برأي س���كان الوالية نفس���ه والذي تَع ِّبــر عنه‬ ‫مجلس النواب الختيار من يراه املجلس رئيساً للدولة‪ ،‬وهذا‬

‫‬ ‫نتيجة االقت���راع العام في هذه الوالية في يوم االقتراع العام‬ ‫خلل واضح في العملي���ة الدميقراطية؛ فال تعاد االنتخابات‬
‫(الثالثاء األول من شهر نوفمبر)‪ .‬ولكن هذا لم يحدث دائماً‪،‬‬ ‫مث ً‬
‫ال‪ ،‬أو يتم اختيار الرئيس بشكل دميقراطي مباشر‪ ،‬ولكن‬
‫العدد ‪255‬‬ ‫يس���مى بـ (املنتخب اخلائ���ن) أو (املنتخب عدمي‬
‫َّ‬ ‫وظهر ما‬ ‫يس���تعاض عن انتخابات غير مباش���رة باختيار غير مباشر‬
‫اإلمي���ان)‪ ،‬أو (‪ ،)Faithless Elector‬وه���و املنتخب الذي‬ ‫أيضاً‪.‬‬
‫أنه في الواليات التي ال تلزم املنتخبني (‪ )Electors‬بنتيجة‬ ‫يصوت بخالف املتوقع منه‪.‬‬
‫االقتراع؛ إذا اخت���ار أحد املنتخبني أن يدلي بصوته بخالف‬ ‫من أجل ذلك س���عت بعض الواليات إلى إلزام املنتخبني‬
‫ما اختار س���كان الوالية‪ ،‬وبخ�ل�اف توجه حزبه الذي ميثله؛‬ ‫(‪ )Electors‬بنتيج���ة االقتراع ف���ي الوالية‪ ،‬وذهبت واليات‬
‫فإن رأي هذا الش���خص يقدم على رأي اجلماهير‪ ،‬ويصبح‬ ‫أخرى إل���ى ح ِّد جترمي ذلك‪ .‬ومب���ا أن القوانني التي حتكم‬
‫ص���وت هذا املنتخب (‪ ،)Elector‬هو الفيصل النهائي فيمن‬ ‫الواليات األمريكية مختلفة‪ ،‬وكل والية لها قوانينها اخلاصة‬
‫س���تنتخبه الوالية عنها‪ ،‬وال يتعرض املنتخب (‪ )Elector‬في‬ ‫ف���ي مختلف جوانب احلياة السياس���ية والعام���ة؛ فإن هذه‬
‫أي مساءلة قانونية؛ لذلك فمن حق املنتخبني‬
‫هذه احلالة إلى ِّ‬ ‫القوانني تختلف أيضاً في دور املنتخبني (‪ )Electors‬ودرجة‬
‫(‪ )Electors‬املمثلني ملواطني ‪ 24‬والية أمريكية أن يختاروا‬ ‫التزامه���م بنتيجة االقتراع في الوالية‪ .‬كما أن فقهاء القانون‬
‫بأنفس���هم‪ ،‬و َوفْق رأيهم الشخصي املرش���ح الذي يروق لهم‬ ‫الدس���توري األمريكي يرون أنه من غير املمكن لقانون والية‬
‫بصرف النظر عن رأي مواطن���ي الوالية‪ ،‬أو أن ميتنعوا عن‬ ‫أن يعلو فوق قانون فيدرالي أو الدس���تور نفسه‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫التصويت إن رأوا ذلك‪.‬‬ ‫األصل الدستوري أن املنتخب له احلق الكامل في التصويت‬
‫كيف ميكن أن يكون ذل���ك دميقراطياً؟ هذا املنتخب لم‬ ‫بالشكل الذي يراه هو‪ ،‬وال يوجد أي إلزام دستوري له باتِّباع‬
‫ينتخبه عموم الش���عب‪ ،‬بل مت اختياره على مس���توى احلزب‬ ‫نتيجة التصويت العام‪ ،‬أو رأي حزبه أو واليته‪.‬‬
‫ف���ي الوالية فقط‪ ،‬وكان هذا االختيار َوفْق آليات داخلية في‬ ‫واس���تقر األمر في هذه االنتخابات على وجود ‪ 24‬والية‬
‫احلزب نفس���ه‪ ،‬وهي شروط متغيرة أيضاً من والية ألخرى‪،‬‬ ‫أمريكية من الواليات اخلمس�ي�ن ال تل���زم قوانينها املنتخبني‬
‫وهي بالعموم شروط بسيطة‪ ،‬منها‪ :‬أال يكون قد أدين بجرمية‬ ‫(‪ )Electors‬بضرورة التصويت في االنتخابات الرئاس���ية‬
‫مخلة‪ ،‬وأال يكون من العاملني في احلكومة الفيدرالية‪ .‬ويحق‬ ‫بش���كل مطابق لنتيجة االقتراع املعبر عن رأي الشعب‪ ،‬وإن‬
‫لهذا املنتخب أن يضرب برأي سكان الوالية عرض احلائط‪،‬‬ ‫كان املتوقع منهم أن يفعلوا‪ .‬ويل���زم املنتخبون (‪)Electors‬‬
‫وأن يجعل رأيه الش���خصي هو فوق رأي جميع سكان الوالية‬ ‫في الواليات الـ ‪ 26‬األخرى بالتصويت وفقاً لنتيجة االقتراع‬
‫يقدرون بعش���رات املاليني من األشخاص‪ ،‬كما‬
‫حتى لو كانوا ّ‬ ‫العام في كل والية‪ ،‬وذلك تبعاً لقوانني على مســتوى الــوالية‬
‫هي احلال في العديد من الواليات األمريكية‪.‬‬ ‫قــ���د ال يكون لها صفة حقيقية على املس���توى الدس���توري‬
‫وف���ي تاريخ الواليات املتحدة العدي���د من املواقف التي‬ ‫الفيدرالي‪.‬‬
‫قام فيها املنتخبون (‪ )Electors‬بالتصويت خالفاً ملا اختاره‬ ‫ويعن���ي ذلك‪ :‬أن من املمكن أن يفوز مث ً‬
‫ال (باراك أوباما)‬
‫الش���عب في االقتراع الع���ام‪ .‬ففي ع���ام ‪1836‬م قام جميع‬ ‫في االقتراع ف���ي والية ما‪ ،‬ويحصل احل���زب الدميقراطي‬
‫املنتخبني الدميقراطي�ي�ن وعددهم ‪ 23‬منتخباً (‪)Electors‬‬ ‫بذل���ك على جميع األصوات االنتخابية في تلك الوالية‪ ،‬ومن‬
‫برفض التصويت لـ (ريتشارد جونسون) املرشح الدميقراطي‬ ‫ثم يحق له إرس���ال منتخبيه للتصويت على اختيار الرئيس‪،‬‬
‫ملنصب نائب الرئيس رغم ف���وزه في الوالية؛ ألنه أجنب من‬ ‫ومن املتوقع حينها أن يصوت كل منتخب من هؤالء املنتخبني‬
‫امرأة أمريكية سوداء طفلني أسودين ‪.‬‬
‫( ‬
‫باختيار (ب���اراك أوباما)؛ ألن هذا ما نتج عنه االقتراع العام‬
‫وف���ي االنتخابات الرئاس���ية لع���ام ‪2000‬م قام مواطنو‬ ‫ف���ي تلك الوالية‪ .‬ولك���ن احلقيقة مؤي���دة بالقانون أن هذا‬
‫العاصمة واش���نطن بالتصويت لصال���ح (جورج بوش)‪ ،‬وفاز‬ ‫املنتخب من حقه في ‪ 24‬والية أمريكية أن يدلي بالرأي الذي‬
‫وأهله ذلك للحصول على جميع األصوات‬
‫في هذا االختيار‪َّ ،‬‬ ‫يراه ه���و بصفته ممث ً‬
‫ال للحزب‪ ،‬وميكنه ‪ -‬بقرار ش���خصي‬ ‫‬
‫االنتخابي���ة للمقاطعة‪ ،‬وه���ي ثالثة أص���وات ميثلها ثالثة‬ ‫مح���ض ‪ -‬أن ميتنع ع���ن التصويت ابتداء‪ ،‬ومن ثم يخس���ر‬
‫العدد ‪255‬‬
‫منتخبني (‪ )Electors‬عن احلزب اجلمهوري‪ ،‬ولكن في يوم‬ ‫احلزب صوته‪ ،‬أو أن يصوت ملرش���ح حزب���ه كما هو متوقع‬
‫منه‪ ،‬أو أن يصوت ملرش���ح أي ح���زب آخر إن رأى ذلك‪ ،‬أي‪:‬‬
‫‪( «How one Elector Could Yet Tilt U.S. Election», Josh Gerstein,‬‬
‫‪Te New York Sun, 14 September, 2004.‬‬
‫االنتخاباب الرئاسية‪ ،‬وتقاعس كثير ممن يحق لهم التصويت‬ ‫التصويت على الرئيس من قِ َب���ل املنتخبني؛ قرر أحد هؤالء‬
‫ف���ي احلصول على بطاق���ة التصويت‪ ،‬أو التس���جيل ليكون‬ ‫الثالثة االمتناع عن التصوي���ت لصالح (جورج بوش) تعبيراً‬
‫له���م حق التصويت‪ ،‬ففي الواليات املتحدة ال بد أن يس���جل‬ ‫عن س���خطه من قضية محلية‪ ،‬وبذلك ل���م يحصل (جورج‬
‫الشخص نفسه ضمن س���جالت املصوتني قبل أن يسمح له‬ ‫بوش) إال على صوتني فقط من أصوات العاصمة‪ ،‬بينما كان‬
‫باملش���اركة في اإلدالء بصوته في أية انتخابات‪ .‬ولذلك فإن‬ ‫يتوقع َوفْق النظام االنتخابي أن يحصل على جميع األصوات‬
‫املهمش���ة والفقيرة وغير املهتمة باحلياة السياس���ية‬
‫الفئات َّ‬ ‫عن املقاطعة وهي ثالثة أصوات‪.‬‬
‫تبتعد عن املش���اركة‪ ،‬ومن ثم فإن رأيها يكون غير ممثل في‬ ‫• ب�ين االنتخ��اب املباش��ر واجملم��وع االنتخايب‬
‫االنتخابات؛ ألنها ال تشارك فيها‪.‬‬ ‫(‪:)Electoral College‬‬
‫ولكن مع فش���ل احلرب على العراق‪ ،‬وتراجع االقتصاد‬ ‫يداف���ع أنصار النظام االنتخاب���ي احلالي بأن االنتخاب‬
‫األمريكي؛ ع���اد الناخبون إلى صنادي���ق االنتخاب من أجل‬ ‫املباش���ر ال يطبق في أمريكا في االنتخابات الرئاسية لعدد‬
‫التعبير عن اهتمامهم مبن يشغل منصب الرئيس في اإلدارة‬ ‫من األس���باب‪ ،‬من بينها‪ :‬ضمان متثي���ل الواليات الصغيرة‬
‫األمريكية‪ ،‬فقد ش���هدت اخلمس���ون عاماً املاضية تراجعاً‬ ‫مس���اح ًة أو س���كاناً في انتخاب الرئيس ونائبه‪ ،‬كما أن هذا‬
‫واضحاً في نس���بة م���ن يذهبون إلى صنادي���ق االقتراع في‬ ‫األسلوب االنتخابي يجعل من الصعب على األقليات أن حتول‬
‫يوم االنتخابات عن األعوام التي قبلها‪ ،‬فقد كانت نس���بة من‬ ‫االنتخابات الرئاس���ية عن مسارها‪ ،‬ومن ثم فإن هذا النظام‬
‫يشاركون في اإلدالء بأصواتهم في عام ‪1960‬م أكثر من ‪%63‬‬ ‫ميثل في النهاية مصالح األغلبية‪.‬‬
‫من إجمالي عدد املنتخبني‪ ،‬بينما انخفضت تلك النسبة إلى‬ ‫أما املعادون لنظ���ام املجموع االنتخاب���ي (‪Electoral‬‬
‫‪ %49‬في انتخابات عام ‪1996‬م‪ ،‬ولكنها عادت لتسجل ارتفاعاً‬ ‫‪ )College‬فمبرارته���م في عدم كفاءة هذا النظام االنتخابي‬
‫إلى نسبة ‪ %55‬مع انتخابات عام ‪2004‬م‪.‬‬ ‫أو نزاهت���ه تتركز في أنه غير عادل للمرش���حني من خارج‬
‫ويوضح الرس���م البياني أن ه���ذا التراجع قد توقف في‬ ‫احلزبني الرئيس���يني في أمريكا (الدميقراطي واجلمهوري)‪،‬‬
‫العقد املاضي بسبب املنافسة بني املرشحني‪ ،‬ولكن املراقبني‬ ‫كما أن هذا النظ���ام يعطي الفائز في والية ما كل األصوات‬
‫يُجمِ ع���ون على أن املنتخب�ي�ن قد فقدوا الثق���ة في جدوى‬ ‫االنتخابية في تلك الوالية رغم أنه لم يحصل عليها من خالل‬
‫التصويت بس���بب اخلدع اإلعالمي���ة‪ ،‬وتدخُّ ل قوى الضغط‬ ‫رأي الش���عب‪ ،‬وإمنا من خالل الدس���تور‪ ،‬وهو ما يطعن في‬
‫السياس���ي في العملية االنتخابية‪ ،‬وغير ذلك من احليل التي‬ ‫أصل فكرة االنتخاب‪.‬‬
‫أفقدت االنتخابات األمريكية بريقها الدميقراطي‪.‬‬ ‫• نسبة من يشاركون يف االقتراع العام‪:‬‬
‫تفاع���ل املجتم���ع األمريكي مع انتخاب���ات عام ‪2008‬م‬ ‫عانت الواليات املتحدة في العقود األخيرة من مش���كلة‬
‫بص���ورة كبيرة؛ نظراً لألزم���ات اخلانقة الت���ي تعاني منها‬ ‫تقاعس َم��� ْن لهم حق التصويت ع���ن اإلدالء بأصواتهم في‬
‫الواليات املتحدة م���ن ناحية‪ ،‬وألنها انتخابات تاريخية أيضاً‬
‫بوجود مرش���ح من أص���ل إفريقي ونائب ل���ه كاثوليكي من‬
‫ناحية‪ ،‬ووجود مرش���حة لنائب الرئيس من الناحية األخرى‪،‬‬
‫وكلها أمور تعد جديدة على احلياة األمريكية‪ ،‬ولم يحدث أن‬
‫‬ ‫تنافس أس���ود ‪ -‬رغم اعتراضنا على تصنيف البشر بحسب‬
‫لون بشرتهم ‪ -‬مع كاثوليكي وامرأة في االنتخابات األمريكية‬
‫العدد ‪255‬‬
‫الرئاسية من قبل‪.‬‬
‫الرئيس القادم‬
‫للواليات المتحدة األمريكية‬
‫أو أمريكا اجلنوبية والالتينية‪ ،‬وبالتأكيد في الشرق األوسط‬ ‫تختلف االنتخابات الرئاس����ية لهذا الع����ام في الواليات‬
‫والعالم العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫املتحدة عن أية انتخابات في تاريخ أمريكا من قبل من جوانب‬
‫هذه األزم����ات املتنوع����ة واملتعددة جعل����ت االنتخابات‬ ‫متعددة؛ فهي انتخابات جتري في ظل أزمة مالية عاملية تع ّد‬
‫األمريكي����ة القادمة محور اهتمام كثير من املراقبني في دول‬ ‫األكبر في تاريخ الواليات املتحدة والعالم أيضاً‪ .‬واملرشحون‬
‫العالم أجمع‪ ،‬فنتيجة االنتخابات حتدد من سيش����غل البيت‬ ‫في ه����ذه االنتخابات يختلفون عن كل االنتخابات الس����ابقة‬
‫األبيض في األعوام القادمة‪ ،‬وكما حتدد هوية من س����يتعامل‬ ‫أيض����اً؛ ف� (باراك أوباما) م����ن احلزب الدميقراطي هو أول‬
‫مع هذه املشكالت التي تلقي بظاللها القامتة على اقتصاديات‬ ‫مرشح رئاسي ليس من العرق األبيض‪ ،‬وهي قضية حساسة‬
‫العالم‪ ،‬والتوازنات الدولية‪ ،‬واالستقرار العاملي كذلك‪.‬‬ ‫وهامة في أمريكا‪ ،‬ونائبه هو املرش����ح (جوزيف بايدن)‪ ،‬وهو‬
‫من الرئيس القادم ألمريكا؟ وما فرصة كال املرشحني في‬ ‫كاثوليكي‪ ،‬وهذا أيضاً أمر غير معتاد في الرؤس����اء ونوابهم‬
‫الفوز مبنصب الرئاسة؟ وما شكل السياسة املتوقعة لإلدارة‬ ‫في أمريكا‪ ،‬فهم دائماً من البروتستانت‪ ،‬عدا استثناء واحد‪،‬‬
‫األمريكية عند جناح أي منهما‪ ،‬هو موضوع هذه الدراسة‪.‬‬ ‫وهو (جون كنيدي) في س����تينيات القرن املاضي‪ .‬ومن ناحية‬
‫قدم اإلعالم العربي طوال العام احلالي واملاضي صورة‬ ‫َّ‬ ‫التيار اجلمهوري اختار املرشح الرئاسي (جون ماكني) سيدة‬
‫كافية وش����املة للمرش����حني وأهدافه����م وخلفياتهم؛ لذلك‬ ‫ألول مرة في تاريخ احلزب اجلمهوري لتكون املرشحة ملنصب‬
‫ستبتعد هذه الدراس����ة عن تكرار هذه املعلومات‪ ،‬وستحاول‬ ‫نائب الرئيس‪ ،‬وهي حاكمة والية أالسكا (سارة بالني)‪.‬‬
‫بإيجاز التعريف بفرصة كال املرش����حني في الفوز باملنصب‪،‬‬ ‫تأتي ه����ذه االنتخابات أيضاً ليتم من خاللها اختيار من‬
‫والعوامل التي ساهمت في ترجيح كفة أحدهما على اآلخر‪،‬‬ ‫سيخلف (جورج بوش) و (ديك تشيني)‪ ،‬وهما يع ّدان بشهادة‬
‫على ضوء الواق����ع الداخلي األمريكي‪ ،‬والتفاعالت اإلقليمية‬ ‫معظم وس����ائل اإلعالم الغربية من الشخصيات التي تتمتع‬
‫والدولية املؤثرة على االنتخابات األمريكية‪.‬‬ ‫بأدنى درجات الشعبية بني الناخبني األمريكيني‪ ،‬وعلى مستوى‬
‫• أمهية انتخابات عام ‪2008‬م‪:‬‬ ‫معظم بالد العالم أيضاً‪ ،‬وس����اهم ذلك باإلضافة إلى سلسلة‬
‫اخليار بني املرشحني للرئاسة األمريكية ال يحسمه رأي‬ ‫من مش����روعات الهيمنة الفاشلة واملخجلة التي تبنّياها؛ في‬
‫‪10‬‬
‫املراقبني في العالم العربي واإلسالمي‪ ،‬وال حتى رأي احملللني‬ ‫تد ِّني س����معة الواليات املتحدة بوصفها قوة عظمى إلى أدنى‬
‫العدد ‪255‬‬
‫أو اإلعالميني في الواليات املتحدة األمريكية‪ ..‬اخليار يجُحسم‬ ‫املستويات في تاريخها‪ ،‬وانحسار موجة التعاطف معها سواء‬
‫من قِ َب����ل االقتراع العام الذي يكون في األس����بوع األول من‬ ‫كان في أوروبا‪ ،‬أو منطقة نفوذ روس����يا والدول احمليطة بها‪،‬‬
‫واإلسالمي‪ ،‬وغيرهم من شعوب األرض‪.‬‬ ‫نوفمب����ر بني من ميلك����ون حق التصويت‪ ،‬وم����ن يقفون أمام‬
‫وليس الهدف فقط من استش����راف نتائ����ج االنتخابات‬ ‫صناديق االقتراع ليقرروا من سيحكمهم في األعوام القادمة‪،‬‬
‫القادم����ة فهم نوعية التحديات التي س����تقابل األمة العربية‬ ‫ومن س����يتعامل معه العالم أجمع من أج����ل إنقاذ الكون من‬
‫واإلسالمية في الس����نوات األربع القادمة من خالل التعامل‬ ‫الك����وارث األمريكية التي توالت في األعوام الثمانية املاضية‬
‫مع إدارة أمريكية جديدة‪ ،‬ولكن من املهم كذلك التعرف على‬ ‫على كثير من ش����عوب األرض؛ بس����بب حماقات احملافظني‬
‫الفرص املتاحة خلدمة مصالح الشعوب العربية واإلسالمية‬ ‫اجلدد‪ ،‬وعلوية الرئيس األمريكي (جورج بوش) وس����ذاجته‪،‬‬
‫عندم����ا تتغي����ر اإلدارة احلالية‪ .‬س����تختلف التحديات التي‬ ‫ومكر (ديك تشيني) وخبثه‪.‬‬
‫س����تواجهها األمة تبعاً لنتيجة هذه االنتخابات‪ ،‬وس����تختلف‬ ‫يش����عر العالم بالقلق لذلك‪ ،‬فالناخب األمريكي هو الذي‬
‫كذلك الفرص اإليجابية املمكن استثمارها‪.‬‬ ‫أعاد اختيار (ج����ورج بوش) إلى منص����ب الرئيس‪ ،‬رغم أن‬
‫العالم أجمع قد اكتش����ف منذ س����نوات خطورة هذا الرجل‬
‫اجلدول ‪ :1‬تعريف باملرشحني‪:‬‬ ‫ونائب����ه‪ ،‬ولكنهما جنحا في إقناع الناخ����ب األمريكي بأنهما‬
‫اخليار األفضل للمرحلة‪ ،‬وأنهم����ا كذلك ِص َمام األمان ضد‬
‫باراك حسني أوباما‬
‫تكرار الهجوم على أمريكا؛ كما حدث صباح احلادي عش����ر‬
‫مرشح ملنصب الرئيس‬
‫من سبتمبر ‪2001‬م‪.‬‬
‫‪www.barackobama.com‬‬
‫>‬
‫ل����ن يتعامل الرئيس القادم ألمري����كا مع قضايا محلية‬
‫الدميقراطي‪.‬‬ ‫احلزب‬ ‫َّ‬
‫ولقل االهتمام مبن س����يكون‬ ‫وداخلية فقط‪ ،‬وإال لهان األمر‪،‬‬
‫شيكاغو ـ إلينوي‪.‬‬ ‫اإلقامة‬
‫س����اكن البيت األبيض في األس����بوع الثالث من ش����هر يناير‬
‫متزوج (ميشال أوباما)‪.‬‬ ‫احلالة االجتماعية‬
‫‪2009‬م‪ .‬الرئيس القادم للواليات املتحدة سيجد نفسه محاطاً‬
‫محام‪.‬‬ ‫الوظيفة السابقة‬
‫سيناتور (عضو مجلس شيوخ)‬ ‫املنصب السياسي‬ ‫بعدد من القضايا اخلارجية املؤثرة على كثير من دول العالم‪،‬‬
‫منذ عام ‪2004‬م عن والية‬
‫إلينوي‪.‬‬
‫وعلى رأسها شعوب العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫جامعة هارفارد – شهادة محاماة‬ ‫التعليم‬ ‫س����يحتاج الرئيس األمريكي الق����ادم إلى حتديد موقف‬
‫من كلية القانون‪.‬‬
‫أمريكا من احتالل العراق وأفغانستان‪ ،‬وكيف ستلعب أمريكا‬
‫‪ 4‬أغسطس ‪1961‬م‪.‬‬ ‫امليالد‬
‫واليه هاواي ألب مسلم‪.‬‬ ‫مكان امليالد‬
‫دوراً مؤثراً في القضية الفلسطينية ضد االحتالل الصهيوني؟‬
‫للمسيح‬ ‫املوحدة‬ ‫الكنيسة‬ ‫الديانة‬ ‫وهل ستس����تمر أمريكا في محاولة صياغة وتش����كيل الواقع‬
‫(بروتستانت)‪.‬‬
‫العربي واإلس��ل�امي ليالئم نظرتها هي إلى املستقبل؟ وماذا‬
‫عن امليل األمريكي طوال األعوام املاضية إلى الكيل مبكيالني‬
‫اجلدول ‪ :2‬تعريف باملرشحني‪:‬‬ ‫عند احلديث عن الدميقراطية وحقوق اإلنسان؟ وهل ستقبل‬
‫أمريكا بتعدد األقطاب‪ ،‬وعودة روس����يا إلى ساحات التأثير‬
‫جون ماكني‬
‫الدولي‪ ،‬وظهور الصني قوة عظمى منافس����ة؟ وكيف سيضع‬
‫مرشح ملنصب الرئيس‬
‫العالم نهاية حلماقة احلرب على اإلرهاب ووصم اإلس��ل�ام‬
‫اجلمهوري‪.‬‬ ‫احلزب‬
‫أريزونا‪.‬‬ ‫اإلقامة‬
‫بأبش����ع الصفات؟ وما دور القوة والسالح في عالقة أمريكا‬
‫متزوج (سيندي ماكني)‪.‬‬ ‫احلالة االجتماعية‬ ‫بش����عوب األرض؟ وهل سيعود االستقرار إلى األسواق املالية‬
‫ضابط بحربية‪.‬‬ ‫الوظيفة السابقة‬ ‫العاملية؟ ومن سيحاس����ب االحتياط����ي الفيدرالي أو البنك‬
‫سيناتور عن والية أريزونا‪.‬‬ ‫املنصب السياسي‬
‫املركزي األمريكي على تس���� ّببه في الكارثة التي ش����ملت كل‬
‫‪11‬‬ ‫كلية البحرية األمريكية‪.‬‬ ‫التعليم‬
‫أركان األرض‪ ،‬وجميع دول العالم‪ ،‬وتسببت في خسائر خيالية‬
‫‪ 29‬أغسطس ‪1936‬م‪.‬‬ ‫امليالد‬
‫قطاع قناة بنما ــ اإلدارة األمريكية‪.‬‬ ‫مكان امليالد‬ ‫لرجال األعمال واملس����تثمرين في كل بقع����ة من أنحاء عالم‬
‫العدد ‪255‬‬
‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫الديانة‬
‫الي����وم؟ من أجل ذلك كله يصب����ح انتخاب الرئيس األمريكي‬
‫القادم ش����أناً داخلي����اً وهاماً لكثير من أبن����اء العالم العربي‬
‫محباً للدول����ة الصهيونية بدرجة كافية؛ كما يزعم خصومه؟‬
‫ال مسناً دخل العقد‬ ‫أم أن الرئيس القادم ألمريكا سيكون رج ً‬ ‫اجلدول ‪ :3‬تعريف باملرشحني‪:‬‬
‫الس����ابع من عمره‪ ،‬ويحمل معه خبرات عشرات السنني من‬
‫جوزيف بايدن‬
‫العمل السياسي واخلبرة القتالية والقدرة على االختالف عن‬
‫مرشح ملنصب نائب الرئيس‬
‫حزب����ه إذا اقتضى األمر‪ ،‬وعرف معان����اة احلروب من واقع‬
‫‪www.barackobama.com‬‬
‫جتربته الشخصية‪ ،‬ومحب للدولة الصهيونية بال نزاع‪ ،‬ومحب‬
‫الدميقراطي‪.‬‬ ‫احلزب‬
‫كذلك ألمريكا ‪ -‬بدرج����ة تقترب من الهوس – ويرى مكانها‬ ‫ديالوير‪.‬‬ ‫اإلقامة‬
‫الوحيد أن تكون فوق اجلميع‪ ،‬ولكنه لم يهتم أبداً باالقتصاد‪،‬‬ ‫متزوج (جيل بايدن)‪.‬‬ ‫احلالة االجتماعية‬
‫ومن ثم ال يجيد التعامل مع كارثة ‪2008‬م املالية‪ ،‬وهو كذلك‬ ‫محام‪.‬‬ ‫الوظيفة السابقة‬
‫سيناتور – عضو مجلس الشيوخ‬ ‫املنصب السياسي‬
‫شخص عنيد عنيف ال يجيد تكوين الصداقات‪ ،‬وال احلفاظ‬ ‫منذ ‪1972‬م‪.‬‬
‫عليها‪ ،‬وال يحسن اختيار من يسانده كما ظهر من اختياره لـ‬ ‫جامعة سيراكيوز بوالية نيويورك‬ ‫التعليم‬
‫شهادة في احملاماة‪.‬‬
‫(سارة بالني)‪ ،‬وقد يعيقه كبر السن عن املرونة الالزمة إلدارة‬
‫‪ 20‬نوفمبر ‪1942‬م‪.‬‬ ‫امليالد‬
‫أزمات أمريكا الطاحنة؛ كما يتهمه منافسوه؟‬ ‫سكرانتون بوالية بنسلفانيا‪.‬‬ ‫مكان امليالد‬
‫اخلياران مختلفان كثيراً بعضهما عن بعض‪ ،‬وس����تتغير‬ ‫الكنيسة الكاثوليكية الرومانية‪.‬‬ ‫الديانة‬
‫أمريكا بشكل كبير حتت رئاسة أي منهما‪ ،‬في اجتاه مختلف‬ ‫اجلدول ‪ :4‬تعريف باملرشحني‪:‬‬
‫متام����اً عن االجتاه الذي من املمكن أن تس����ير فيه في حال‬
‫جنح اآلخر‪.‬‬ ‫سارة بالني‬

‫ي����رى بعض املراقبني أن السياس����ات األمريكية ال تتغير‬ ‫مرشح ملنصب نائب الرئيس‬

‫كثيراً بتغير الرؤس����اء؛ ألنها دولة تقوم على املؤسسات‪ ،‬ولكن‬ ‫اجلمهوري‪.‬‬ ‫احلزب‬
‫ويسلي – أالسكا‪.‬‬ ‫اإلقامة‬
‫السنوات املاضية أثبتت مقدار خطأ هذا التصور‪ ،‬فالرئيس‬ ‫متزوجة (تود بالني)‪.‬‬ ‫احلالة االجتماعية‬
‫يس����تطيع من خالل اإلدارة الكامل����ة اجلديدة التي يقوم هو‬ ‫رئيسة بلدية‪.‬‬ ‫الوظيفة السابقة‬
‫باختيارها فرداً فرداً أن يعيد تش����كيل السياس����ة اخلارجية‬ ‫حاكمة والية آالسكا‪.‬‬ ‫املنصب السياسي‬
‫كلية الصحافة واإلعالم – جامعة‬ ‫التعليم‬
‫والداخلية للواليات املتحدة بصورة أكبر بكثير مما كان يُعتقد‬ ‫والية أيداهو‪.‬‬
‫في السابق‪.‬‬ ‫‪ 11‬فبراير ‪1964‬م‪.‬‬ ‫امليالد‬
‫وفي عصر يسوده اإلعالم‪ ،‬وسرعة انتشار اخلبر‪ ،‬وقدرة‬ ‫ساند بوينت‪ ،‬أيداهو‪.‬‬ ‫مكان امليالد‬
‫مسيحية بروتستانت دون انتماء إلى‬ ‫الديانة‬
‫الكلمة على تغيير السياس����ات واالقتصاديات بشكل مباشر‬ ‫املذهب‪.‬‬
‫وس����ريع في أنحاء مختلفة من العال����م؛ فإن منصب الرئيس‬
‫• (أوباما) أم (ماكني)؟‬
‫األمريكي ال يزال ميثل قوة دولية حقيقية ال ميكن االستهانة‬
‫ظل السؤال األكثر إحلاحاً خالل األشهر املاضية هو‪ :‬من‬
‫بها‪ ،‬أو التقليل من ش����أنها‪ ،‬على األقل في املرحلة القصيرة‬
‫س����يكون الرئيس القادم للواليات املتحدة؟ هل هو السيناتور‬
‫القادمة من واق����ع العالم‪ .‬ال يجب أن جتعلنا أمنيات حتديد‬
‫(ب����اراك أوباما) الدميقراط����ي ومعه الس����يناتور (جوزيف‬
‫التفرد األمريكي بالقرار الدولي أن نغفل عن املقدار احلقيقي‬
‫بايدن)؟ أم أنه سيكون السيناتور (جون ماكني)‪ ،‬ومعه حاكمة‬
‫للقوة التي ال تزال أمريكا تتمتع بها على الس����احة الدولية‪،‬‬ ‫والية أالسكا (س����ارة بالني)؟ هل سيكون رئيس أمريكا شاباً‬
‫حت����ى مع تكاثر األزمات عليها في اآلون����ة األخيرة‪ .‬إن فهم‬
‫أس����مر اللون‪ُ ،‬ولد ألب مسلم‪ ،‬وعاش في العالم الثالث فترة‬
‫اخلصم وعدم التقليل من قوته يعد من الناحية اإلستراتيجية‬
‫املرتبطة بخدمة األمة العربية واإلس��ل�امية؛ على قدر أهمية‬
‫من عمره‪ ،‬وعرف معنى الفقر والعنصرية في حياته‪ ،‬ويحيط‬ ‫‪12‬‬
‫نفسه بأفضل اخلبراء واملستشارين‪ ،‬ولكنه يُتهم أنه صاحب‬
‫ع����دم تضخيم اخلص����م‪ ،‬أو الوقوع في التص����ور املبالغ فيه‬
‫خبرة بسيطة في احلياة السياسية‪ ،‬ويتبع حزبه الدميقراطي‬ ‫العدد ‪255‬‬
‫لقدراته أو إمكانات دولته‪.‬‬
‫ف����ي كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬وليس قوياً بالدرجة الكافية ملواجهة‬
‫أزم����ات احلرب على اإلرهاب واالنهي����ار االقتصادي‪ ،‬وليس‬
‫االنتخابات املاضية‪ ،‬أو التي قبلها‪ .‬ففي انتخابات عام ‪2000‬م‬ ‫• من الذي يدعم املرشحني؟‬
‫غامر املسلمون بتأييد (جورج بوش) في االنتخابات‪ ،‬وهناك‬ ‫هناك مثل أمريكي ش����ائع يقول‪« :‬تتبع مصدر املال لكي‬
‫من يرون أنهم كانوا سبب جناحه عندما حسمت االنتخابات‬ ‫تع����رف اجلهات املؤثرة»‪ .‬وتظهر صح����ة هذا املثل األمريكي‬
‫في النهاية في والي����ة فلوريدا‪ ،‬وكان فارق األصوات ال يزيد‬ ‫بش����كل كبير في االنتخابات الرئاسية األمريكية‪ .‬إن اإلنفاق‬
‫عن ‪ 500‬صوت بني املتنافسني‪ ،‬وكان املسلمون في تلك الوالية‬ ‫عل����ى االنتخابات األمريكية بل����غ أرقاماً كبي����رة‪ ،‬ومتزايدة‬
‫يساندون (جورج بوش) بقوة‪ ،‬ورغم كل ذلك فإنه بعد انتخابه‬ ‫بش����كل الفت للنظر أيضاً‪ ،‬فبينما كان إجمالي ما أنفق على‬
‫يف بأي وعد من وعوده التي قطعها على نفسه‪.‬‬ ‫لم ِ‬ ‫انتخابات عام ‪2004‬م بني جميع املرش����حني هو ‪ 616‬مليون‬
‫لذلك كان من غير املقب����ول التصويت له مرة أخرى في‬ ‫دوالر أمريكي؛ فإن الرقم املقابل في هذا العام قد وصل إلى‬
‫ع����ام ‪2004‬م‪ ،‬وكان اخليار اآلخر غير مقبول أيضاً في ذلك‬ ‫أكثر من ‪ 1.2‬مليار دوالر‪ ،‬أي‪ :‬أن الزيادة مقارنة باالنتخابات‬
‫الوقت؛ ألن املرش����ح الدميوقراطي (جون كيري) لم يبدِ أي‬ ‫السابقة تقترب من ‪%100‬؛ فلماذا يتزايد اإلنفاق بهذا الشكل‬
‫اهتم����ام أو تعاطف مع قضايا العرب واملس����لمني في القارة‬ ‫الكبير؟ وما مصدر هذه األموال؟‬
‫تعمد في أكثر م����ن حديث صحفي له‬ ‫األمريكي����ة‪ ،‬بل إن����ه َّ‬ ‫أظهرت األرقام الصادرة عن «جلنة االنتخابات الفيدرالية»‬
‫استثارة مشاعرهم من خالل الهجوم على الدول اإلسالمية‪،‬‬ ‫(‪ - )Federal Election Commission‬وه����ي اجلهة‬
‫وإعالن التأييد غير املشروط للكيان اإلسرائيلي‪ .‬وانقسمت‬ ‫الرقابية املخولة بجم����ع البيانات عن التبرعات التي يحصل‬
‫أصوات العرب واملس����لمني في ع����ام ‪2004‬م بني اخليارين‪،‬‬ ‫عليها املرش����حون ‪ -‬أن هناك اختالفاً في نوع املتبرعني ٍّ‬
‫لكل‬
‫وكالهما لم يكن خياراً مقبوالً‪.‬‬ ‫من املرشحني‪ .‬واجلدول املرفق يبني أكبر مصادر التبرعات‬
‫أم����ا في ع����ام ‪2008‬م فيبدو أن العرب واملس����لمني قد‬ ‫لكل من (ب����اراك أوباما) و (جون ماكني) حتى نهاية ش����هر‬
‫اختاروا بوضوح تأييد املرش����ح الدميقراطي (باراك أوباما)‪،‬‬ ‫أغسطس من هذا العام‪.‬‬
‫لي����س ألن (أوباما) س����تكون مواقفه مفي����دة للجالية‪ ،‬ولكن‬ ‫ويالحظ من اجلدول أن (ب����اراك أوباما) لديه من املال‬
‫ألن منافسه س����يكون خياراً س����يئاً للغاية للعرب واملسلمني‬ ‫خلدمة حملت����ه االنتخابية ضعف املبلغ املتاح خلصمه (جون‬
‫ف����ي أمريكا وخارجها‪ .‬وفي كل األح����وال فمن املهم أن نبني‬ ‫���ح نْي ل����م يضعا من جيوبهما‬
‫ماكني)‪ ،‬كما يالحظ أن املرش� َ‬
‫ماذا يعن����ي حتديداً أن يفوز (أوباما)‪ ،‬وم����اذا يعني أن يفوز‬ ‫أي مال لدعم حمالتهم����ا االنتخابية‪ ،‬ومن الالفت للنظر أن‬
‫(ماكني)‪ ..‬وما األثر املتوقع على العالم العربي واإلس��ل�امي‬ ‫تبرعات األفراد ش����كلت أغلب املال الذي جمع للمرشحني‪،‬‬
‫من جناح أي منهما‪.‬‬ ‫وليس لـ (أوباما) وحده‪ ،‬كما يتهم اإلعالم في كثير من األحيان‬
‫• ماذا يعين أن يصبح (أوباما) رئيسًا ألمريكا؟‬ ‫(جون ماكني) أنه يتلقى الدعم املباش����ر من القوى الضاغطة‬
‫إن النج����اح الذي حققه (باراك أوباما) في الوصول إلى‬ ‫والشركات الكبرى‪ ،‬كما يشير اجلدول إلى أن حملة (ماكني)‬
‫املنافس����ة على أعلى منصب في احلياة السياسية األمريكية‬ ‫أضعف مالياً من حملة (أوباما)‪ ،‬وهو ما يؤثر سلباً على قدرة‬
‫هو وليد حلظة وظروف أمريكية معينة قد ال يستطيع بسهولة‬ ‫(ماكني) في توصيل رسالته من خالل اإلعالنات املكثفة في‬
‫التخلص من تبعاتها الظاهرة والكامنة؛ كما يرى أحد احملللني‪،‬‬ ‫األيام األخي����رة لالنتخابات‪ ،‬بينما ال يعاني (أوباما) من هذه‬
‫وق����د ينتج عن هذا أال يتماثل (أوباما) املرش����ح الرئاس����ي‬ ‫املشكلة؛ ألن حملته قوية من الناحية املالية‪.‬‬
‫واحملامي املدافع عن حقوق األقليات واملستضعفني في أحياء‬ ‫• موقف العرب واملسلمني يف الواليات املتحدة‪:‬‬
‫ش����يكاغو الفقيرة‪ ،‬مع الرئيس (باراك أوباما) في حال فوزه‬ ‫ليس موقف العرب واملس����لمني في الواليات املتحدة في‬
‫مبنصب الرئاسة؛ ألن «ماكينة االنتخابات األمريكية الطاحنة‬ ‫هذه االنتخابات الرئاس����ية بقدر الصعوبة التي واجهتهم في‬
‫قد تدفع (أوباما) احلديث العهد بالسياسة وضغوطها بعيداً‬
‫‪13‬‬
‫اإلنفاق املايل على احلملة الرئاسية لعام ‪2008‬م‬

‫العدد ‪255‬‬ ‫ديون‬ ‫متاح‬ ‫مصروفات‬ ‫أخرى‬ ‫املرشح‬ ‫احلزب‬ ‫قوى ضاغطة‬ ‫أفراد‬ ‫إجمالي‬ ‫احلزب‬ ‫املرشح‬

‫‪469.025‬‬ ‫‪77.404.118‬‬ ‫‪376.652.205‬‬ ‫‪27.152.732‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪150‬‬ ‫‪450‬‬ ‫(باراك أوباما) الدميقراطي ‪426.902.991 454.056.323‬‬

‫‪74.167‬‬ ‫‪26.986.125‬‬ ‫‪177.771.606‬‬ ‫‪25.035.100‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪15.197‬‬ ‫‪1.274.185‬‬ ‫اجلمهوري ‪184.322.524 210.647.006‬‬ ‫(جون ماكني)‬
‫الس����ماح لها بنفوذ إقليمي‪ ،‬والس����عي إلى حتس��ي�ن صورة‬ ‫عن مواقفه الس����ابقة»؛ كما يرى هذا الباحث‪ .‬وقد ال يكون‬
‫أمريكا بني ش����عوب العالم‪ ،‬وبدء درجة من احلوار مع إيران‪،‬‬ ‫من أولوي����ات القارئ العربي معرفة مواقف الرئيس (أوباما)‬
‫مع التركيز على عدم الس����ماح لها بأن تتح َّول إلى قوة نووية‬ ‫في حال انتخابه من القضايا الداخلية األمريكية‪ ،‬ولكن ميكن‬
‫من خالل الضغوط االقتصادية والسياس����ية‪ .‬ومن املتوقع أن‬ ‫أن جنمل التوقعات العامة لرئاسة (باراك أوباما) في امللفات‬
‫تستعيد الواليات املتحدة نشاطها في املنظمات الدولية‪ ،‬وأن‬ ‫اخلارجية ضمن مجموعة من العناصر األساس����ية املرتبطة‬
‫يتم تطوير مشروع احلرب على اإلرهاب ليتم من خالل تعاون‬ ‫بقضايا العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫دولي دون جترمي لدين أو منطقة‪.‬‬ ‫في مجال السياسات اخلارجية سترتبط رئاسة (باراك‬
‫أما السياس����ات العسكرية لإلدارة القادمة فستجمع بني‬ ‫أوباما) باإلع��ل�ان عن زوال تأثير احملافظني اجلدد إلى حدٍّ‬
‫احلد من س����باق التس����لح الدولي‪ ،‬ومحاولة تقليص فرص‬ ‫بعيد في مقابل اس����تدعاء صورة أمريكا املساملة مرة أخرى‬
‫املواجهات املس����لحة‪ ،‬والتخطيط لس����رعة االنس����حاب من‬ ‫على الس����احات الدولية‪ ،‬والس����عي إلى التحالف مع أوروبا‬
‫العراق‪ ،‬في مقابل زيادة الوجود العس����كري في أفغانستان‪.‬‬ ‫سياس����ياً واقتصادياً‪ ،‬وإظهار القوة الناعمة في السياس����ة‬
‫وس����تتميز اإلدارة األمريكية في ظل رئاس����ة (باراك أوباما)‬ ‫اخلارجية‪ ،‬والتأكيد على قدرة أمريكا على التعاون مع العالم‪.‬‬
‫بتقليص اإلنفاق العسكري من أجل إصالح الواقع االقتصادي‬ ‫وستهتم أمريكا مبناطق صاعدة في العالم من ناحية التأثير‬
‫خاصة في ظل األزمة املالية العاملية‪.‬‬ ‫السياسي ومنها‪ :‬إفريقيا ودول العالم الثالث‪.‬‬
‫• ماذا يعين أن يصبح (ماكني) رئيسًا ألمريكا؟‬ ‫وفي مجال السياس����ات الداخلية س����يالحظ العالم أن‬
‫تلقى (ماكني) قدراً كبيراً من التبرعات من قبل املسؤولني‬ ‫اإلدارة األمريكي����ة اجلديدة في حال فوز (أوباما) ستس����عى‬
‫ع����ن صناعة النفط‪ ،‬بعد أن غ َّير رأيه وأصبح مؤيداً للتنقيب‬ ‫إل����ى إبعاد ال ِّدين عن التأثير السياس����ي‪ ،‬وإلى اس����تقطاب‬
‫عن النفط في البحار‪ .‬وأش����ار أح����د العناوين في صحيفة‬ ‫العرب واملسلمني في أمريكا خلدمة اإلدارة األمريكية ضمن‬
‫(واشنطن بوست) األمريكية إلى أن «صناعة البترول أمطرت‬ ‫اهتمامات هذه اإلدارة بالعالقة مع العالم العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫األم����وال على (جون ماكني) بعد تغيير رأيه بش����أن عمليات‬ ‫ومن املتوقع في ذلك الوقت إنهاء مشروعات الشرق األوسط‬
‫التنقيب»؛ واملقصود هنا بالطبع عمليات التنقيب عن النفط‬ ‫الكبير واملوس����ع وأمثالهما‪ ،‬والرغبة في تقوية العالقات مع‬
‫في البحار‪( .‬جون ماكني) بنى حملته الرئاس����ية على أساس‬ ‫الدول العربية واإلس��ل�امية‪ ،‬مع التركيز على دعم باكس����تان‬
‫التعامل مع الشركات الكبرى‪ ،‬ودعمها في حال جناحه بوصفه‬ ‫اقتصادياً وثقافياً لتقليل مخاطر عودة طالبان‪ ،‬والسعي إلى‬
‫رئيساً‪ ،‬وتقليل الضرائب املفروضة عليها من أجل املزيد من‬ ‫حل مشكلة دارفور‪.‬‬
‫الهيمنة األمريكية على العالم‪ .‬ستتميز اإلدارة األمريكية في‬ ‫وستش����غل القضية الفلس����طينية والعالقة م����ع الكيان‬
‫عهد (جون ماكني) في محاول����ة تقدمي أمريكا بوصفها قوة‬ ‫الصهيوني حيزاً هاماً من السياسة اخلارجية األمريكية في‬
‫فريدة من نوعها‪ ،‬ولها اس����تثنائية خاصة في التعامل معها‪،‬‬ ‫حال ف����وز التيار الدميقراطي باحلكم‪ .‬س����يظهر في احلال‬
‫وس����يلقي هذا بظالل من الريبة والترقب في العالم العربي‬ ‫قلق صهيوني من السياسات األمريكية‪ ،‬وتخوف من استعادة‬
‫واإلسالمي عند التعامل مع هذه اإلدارة‪.‬‬ ‫املفاوض����ات اجلادة‪ ،‬ومن رغبة (باراك أوباما) واس����تعداده‬
‫وميكن أن جنمل مواقف الرئيس (جون ماكني) في عدد‬ ‫للس����ماع لوجهة النظر الفلسطينية‪ ،‬وميله إلى الضغط على‬
‫من األفكار الرئيسة التالية‪:‬‬ ‫الدولة الصهيونية لتحقيق السالم‪ ،‬وكذلك تشجيع قيام دولة‬
‫‪ -‬في مج����ال السياس����ات اخلارجية يتوقع اس����تمرار‬ ‫فلسطينية ذات تواصل جغرافي‪ ،‬وستتوتر العالقة مع الكيان‬
‫تأثي����ر احملافظني اجلدد بدرجة أقل م����ن اإلدارة األمريكية‬ ‫الصهيوني نس����بياً‪ ،‬وإن كان من املتوقع أن يحافظ (أوباما)‬
‫احلالي����ة‪ ،‬ولكنهم س����يحتفظون بقدر هام م����ن التأثير على‬ ‫على عالقة متوازنة مع ذلك الكيان حرصاً على زيادة فرصته‬
‫القرار األمريكي‪ ،‬وخاصة ما يتعلق باستمرار مشروع الهيمنة‬ ‫في إعادة انتخابه بعد الفترة الرئاسية األولى‪.‬‬
‫‪14‬‬
‫األمريكية‪ .‬وستميل إدارة (جون ماكني) إلى االبتعاد التدريجي‬ ‫وستشهد العالقات الدولية في ظل رئاسة (باراك أوباما)‬
‫العدد ‪255‬‬
‫ع����ن أوروبا‪ ،‬وإلى التركيز على القوة الصلبة في السياس����ة‬ ‫املزيد من االنفتاح الدولي‪ ،‬ومع التركيز على عدد من امللفات‬
‫اخلارجي����ة‪ ،‬وكذلك إلى تأكيد الغطرس����ة األمريكية والدور‬ ‫الش����ائكة‪ ،‬ومنها‪ :‬مواجهة متدد روسيا ثقافياً وإعالمياً‪ ،‬مع‬
‫االكتراث برأي العالم في أمريكا‪ ،‬وتصعيد املواجهة مع إيران‪،‬‬ ‫القيادي ألمريكا‪ .‬ولن تهتم تلك اإلدارة باملناطق املهمشة في‬
‫والتأكيد الدائم على خصوصية أمريكا وحقها في التصرف‬ ‫العالم كإفريقيا إال من خالل تأكيد مصالح أمريكا فقط‪.‬‬
‫مبعزل عن املنظمات الدولية‪ .‬وسيتحول احلديث عن احلرب‬ ‫‪ -‬وفي مجال السياس����ات الداخلي����ة املؤثرة على العالم‬
‫على اإلرهاب إلى مش����روع عسكري أمني موجه في األساس‬ ‫العربي واإلس��ل�امي؛ فإننا سنشهد استمرار استغالل الدين‬
‫ضد اإلسالم والعالم العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫ملصالح سياسية‪ ،‬واس����تمرار جترمي العرب واملسلمني داخل‬
‫من املتوقع أن تتطور السياسات العسكرية األمريكية مع‬ ‫صمهم بالتطرف وبدعم اإلرهاب‪ ،‬وستكون العالقة‬ ‫أمريكا و َو ْ‬
‫فوز (جون ماكني) في اجتاه تش����جيع عودة س����باق التسلح‪،‬‬ ‫مع العالم العربي واإلس��ل�امي متوترة في ظل س����عي اإلدارة‬
‫وع����دم املمانعة من املزيد من املواجهات املس����لحة‪ ،‬والتأكيد‬ ‫اجلديدة إلى استمرار سياسة مشروعات التدخل في تشكيل‬
‫على البقاء في العراق دون وجود وقت زمني لالنسحاب حتى‬ ‫واقع الشرق األوس����ط‪ ،‬وجتاهل العالقات مع الدول العربية‬
‫يتم حتقيق انتصار ترضى عنه اإلدارة األمريكية مهما زادت‬ ‫واإلس��ل�امية‪ .‬وعلى س����احات الصراعات الدولية سيظهر‬
‫التكاليف على الشعب العراقي أو على اجليش األمريكي‪ ،‬مع‬ ‫التركيز عل����ى تقوية القبضة العس����كرية الباكس����تانية في‬
‫تأكيد الذراع العسكرية في أفغانستان‪ ،‬ومحاولة منع طالبان‬ ‫مواجهة الطالبان‪ ،‬وعلى مواجهة السودان والتخطيط لتغيير‬
‫من العودة إلى السلطة‪ .‬وميكن تلخيص ومقارنة مواقف كِ ال‬ ‫النظام فيه����ا بوصف ذلك إحدى أولويات اإلدارة اجلمهورية‬
‫املرش����حني من القضايا الهامة للعالم العربي واإلسالمي من‬ ‫في حال فوزها‪.‬‬
‫خالل اجلدول التالي‪:‬‬ ‫ل����ن حتظى القضية الفلس����طينية والعالق����ة مع الكيان‬
‫ماذا يعنــي جناح (أوبــاما) أو (ماكــني) يف الوصول‬ ‫الصهيوني بفرصة طيبة من وجهة النظر العربية واملس����لمة‬
‫إىل منصب الرئاسة؟‬ ‫في ظل رئاسة (جون ماكني) الذي سيحظى بارتياح صهيوني‬
‫(ماكني) رئيساً‬ ‫(أوباما) رئيساً‬ ‫املجال‬ ‫فوري للسياس����يات األمريكية‪ ،‬وستعمل أمريكا على أن تكون‬
‫‪ -‬استمرار تأثير‬ ‫‪ -‬زوال تأثير احملافظني اجلدد‪.‬‬ ‫السياسات‬
‫احملافظني اجلدد بدرجة‬ ‫‪ -‬استدعاء صورة أمريكا‬ ‫اخلارجية‬
‫املفاوضات فقط خلدمة الكيان الصهيوني‪ ،‬مع جتاهل وجهة‬
‫أقل‪.‬‬ ‫املساملة‪.‬‬ ‫النظر الفلسطينية‪ ،‬والتسامح مع املواقف الصهيونية باملجمل‪.‬‬
‫‪ -‬استمرار مشروع‬ ‫‪ -‬التحالف مع أوروبا سياسياً‬
‫الهيمنة األمريكية‪.‬‬ ‫واقتصادياً‪.‬‬ ‫سيس����تمر في هذه اإلدارة احلديث عن الدولة الفلسطينية‬
‫‪ -‬االبتعاد التدريجي عن‬ ‫‪ -‬إظهار القوة الناعمة في‬ ‫فقط إن وافقت الدولة الصهيونية عليها بالشكل الذي يخدم‬
‫أوروبا‪.‬‬ ‫السياسة اخلارجية‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على القوة‬ ‫‪ -‬تأكيد قدرة أمريكا على‬ ‫مصالح الكيان الصهيوني بالدرجة األولى‪.‬‬
‫الصلبة في السياسة‬ ‫التعاون مع العالم‪.‬‬ ‫‪ -‬أما ف����ي مجال العالق����ات الدولية فم����ن املتوقع أن‬
‫اخلارجية‪.‬‬ ‫‪ -‬االهتمام بإفريقيا ودول‬
‫‪ -‬تأكيد الغطرسة‬ ‫العالم الثالث ‪.‬‬ ‫متي����ل أمريكا في ظل رئاس����ة (جون ماك��ي�ن) إلى االنعزال‬
‫األمريكية والدور القيادي‬
‫واالنكف����اء الداخلي م����ن ناحية‪ ،‬وإلى التركي����ز على قضايا‬
‫ألمريكا‪.‬‬
‫‪ -‬عدم االهتمام بإفريقيا‪.‬‬ ‫خارجية محددة‪ ،‬منها‪ :‬مواجهة روس����يا بشكل حاد سياسياً‬
‫‪ -‬استغالل الدين ملصالح‬ ‫‪ -‬إبعاد الدين عن التأثير‬ ‫السياسات‬ ‫واس����تراتيجياً؛ إقليمياً ودولياً‪ ،‬واس����تبعادها من التحالفات‬
‫سياسية‪.‬‬ ‫السياسي‪.‬‬ ‫الداخلية‬
‫‪ -‬جترمي العرب واملسلمني‬ ‫‪ -‬استقطاب العرب واملسلمني‬ ‫الغربية‪ ،‬واالس����تمرار في نهج اإلدارة احلالية من ناحية عدم‬
‫صمهم‬ ‫وو ْ‬
‫داخل أمريكا َ‬ ‫في أمريكا خلدمة اإلدارة‬
‫بالتطرف وبدعم اإلرهاب‪.‬‬ ‫األمريكية‪.‬‬
‫‪ -‬استمرار سياسة‬ ‫‪ -‬إنهاء مشروعات الشرق‬ ‫العالقة مع‬
‫مشروعات التدخل في‬ ‫األوسط الكبير واملوسع‬ ‫العالم العربي‬
‫تشكيل واقع الشرق‬ ‫وأمثالهما‪.‬‬ ‫واإلسالمي‬
‫األوسط‪.‬‬ ‫‪ -‬تقوية العالقات مع الدول‬
‫‪ -‬جتاهل العالقات مع‬ ‫العربية واإلسالمية‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫الدول العربية واإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على تقوية‬
‫‪ -‬التركيز على دعم باكستان‬
‫اقتصادياً وثقافياً لتقليل مخاطر‬
‫القبضة العسكرية‬ ‫عودة طالبان‪.‬‬
‫العدد ‪255‬‬ ‫الباكستانية في مواجهة‬ ‫‪ -‬السعي إلى حل مشكلة‬
‫طالبان‪.‬‬ ‫دارفور‪.‬‬
‫‪ -‬مواجهة السودان‬
‫والتخطيط لتغيير النظام‬
‫فيه‪.‬‬
‫حال حدوثه؛ فسيكون مرجعه إلى أن الشعب األمريكي ال يثق‬ ‫‪ -‬ارتياح صهيوني‬ ‫‪ -‬قلق الدولة الصهيونية من‬ ‫القضية‬
‫للسياسات األمريكية‪.‬‬ ‫السياسات األمريكية‪.‬‬ ‫الفلسطينية‬
‫في قدرات (جون ماكني)‪ ،‬وأن اختياره غير املوفق لـ (س����ارة‬ ‫‪ -‬املفاوضات فقط خلدمة‬ ‫‪ -‬استعادة املفاوضات اجلادة‪.‬‬ ‫والكيان‬
‫بال��ي�ن) لتكون نائبة للرئيس األمريكي املقبل س����يكون عائقاً‬ ‫الكيان الصهيوني‪.‬‬ ‫‪ -‬استعداد للسماع لوجهة‬ ‫الصهيوني‬
‫‪ -‬جتاهل وجهة النظر‬ ‫النظر الفلسطينية‪.‬‬
‫ف����ي نظر كثيرين النتخابه هو؛ لعدم ثقتهم على اإلطالق في‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫‪ -‬الضغط على الدولة‬
‫‪ -‬التسامح مع مواقف‬ ‫الصهيونية لتحقيق السالم‪.‬‬
‫قدراتها أو خبراتها‪.‬‬ ‫الدولة الصهيونية‬ ‫‪ -‬تشجيع قيام دولة فلسطينية‬
‫باملجمل‪.‬‬ ‫ذات تواصل جغرافي‪.‬‬
‫كما أن (باراك أوباما) ق����د أظهر قدراً عالياً من رباطة‬ ‫‪ -‬الدولة الفلسطينية‬
‫اجلأش واحلكمة ف����ي التعامل مع الهجم����ات املتتالية التي‬ ‫فقط إن وافقت الدولة‬
‫الصهيونية‪.‬‬
‫تع َّرض لها طوال احلملة االنتخابية‪ ،‬والتي مس����ت ش����خصه‬ ‫‪ -‬االنعزال واالنكفاء‬ ‫‪ -‬االنفتاح الدولي‪.‬‬ ‫العالقات الدولية‬
‫الداخلي‪.‬‬ ‫‪ -‬مواجهة متدد روسيا ثقافياً‬
‫بشكل مباشر‪ ،‬ومع ذلك فقد جنح في أن يهمش من قدر هذه‬ ‫‪ -‬مواجهة روسيا‬ ‫وإعالمياً‪ ،‬مع السماح لها بنفوذ‬
‫بشكل حاد سياسياً‬
‫الهجمات وقيمتها‪ ،‬وأن يركز حديثه على الطبقة الوس����طى‬ ‫إقليمي‪.‬‬
‫واستراتيجياً؛ إقليمياً‬ ‫‪ -‬حتسني صورة أمريكا بني‬
‫من املجتمع‪ ،‬وعلى احلاجة إلى اس����تنهاض الهمم األمريكية‬ ‫ودولياً واستبعادها من‬ ‫شعوب العالم‪.‬‬
‫التحالفات الغربية‪.‬‬ ‫‪ -‬احلوار مع إيران‪.‬‬
‫مرة أخرى من أجل حل املش����كالت واملعضالت االقتصادية‬ ‫‪ -‬عدم االكتراث برأي‬ ‫‪ -‬استعادة نشاط الواليات‬
‫العالم في أمريكا‪.‬‬ ‫املتحدة في املنظمات الدولية‪.‬‬
‫واالجتماعية التي تواجه املجتمع األمريكي بأكمله‪ ،‬وليس فئة‬ ‫‪ -‬تصعيد املواجهة مع‬ ‫‪ -‬احلرب على اإلرهاب تتم من‬
‫بعينها‪ .‬كما أن (أوباما) قد جنح في تصوير نفس����ه على أنه‬ ‫إيران‪.‬‬ ‫خالل تعاون دولي دون جترمي‬
‫‪ -‬التأكيد على خصوصية‬ ‫لدين أو منطقة‪.‬‬
‫قادر على اختيار أفضل املستش����ارين واملساعدين‪ ،‬وظهرت‬ ‫أمريكا وحقها في‬
‫التصرف مبعزل عن‬
‫دالئل ذلك في اختياره نائب الرئيس‪ ،‬وفي اجتماعاته املتكررة‬ ‫املنظمات الدولية‪.‬‬
‫‪ -‬حتول احلديث عن‬
‫مع مثل هذه الشخصيات البارزة خالل احلملة االنتخابية‪.‬‬
‫احلرب على اإلرهاب إلى‬
‫أم����ا في حال تدهور احلرب في العراق بش����كل مفاجئ‬ ‫مشروع عسكري أمني‬
‫موجه في األساس ضد‬
‫وكبير فقد يس ِّبب هذا األمــر إربــاكــاً للحملــة االنتخابــية‬ ‫اإلسالم والعالم العربي‬
‫واإلسالمي‪.‬‬
‫لـ (باراك أوباما) ميكن أن يستغله (جون ماكني) لرفع أسهمه‬
‫‪ -‬تشجيع عودة سباق‬ ‫‪ -‬احلد من سباق التسلح‬ ‫السياسات‬
‫ال مناس����باً قادراً على الدف����اع عن أمريكا وعن‬
‫بوصفه بدي ً‬ ‫التسلح‪.‬‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫العسكرية‬
‫‪ -‬املزيد من املواجهات‬ ‫‪ -‬تقلص فرص املواجهات‬
‫جنودها وعن مصاحلها اخلارجية‪ .‬أما في حال حدوث ضربة‬ ‫املسلحة‪.‬‬ ‫املسلحة‪.‬‬
‫‪ -‬البقاء في العراق‬ ‫‪ -‬االنسحاب من العراق‪.‬‬
‫موجعة للمصالح األمريكية على غرار أحداث س����بتمبر؛ فإن‬ ‫لتحقيق انتصار‪.‬‬ ‫‪ -‬زيادة الوجود العسكري في‬
‫من املؤكد عندها أن ترتفع أس����هم (جون ماكني) االنتخابية‬ ‫‪ -‬تأكيد الذراع العسكرية‬ ‫أفغانستان‪.‬‬
‫في أفغانستان‪.‬‬
‫بقوة وبسرعة كبيرة في مقابل منافسه‪.‬‬
‫• التوقعات االنتخابية‪ ،‬واحتماالت الفوز‪:‬‬
‫عل����ى املس����توى اخلــارجي؛ ف����إن األمر ال����ذي ميكن‬
‫من الصعوبة استشراف نتائج هذه االنتخابات في ضوء‬
‫اس����تخالصه من مراقبة احلملة االنتخابية لكال املرشحني؛‬
‫احتمال حدوث هجمات جديدة مفاجئة على الواليات املتحدة‬
‫هو أنهما سيختلفان بش����دة في سياساتهما املتعلقة بالشرق‬
‫األمريكي����ة‪ ،‬وهو أمر ال توجد ب����وادر حقيقية له‪ .‬وفي حال‬
‫األوســط والعالــم اإلس��ل�امي‪ ،‬وأن املكاسب الكبرى ميكن‬
‫اس����تمرار األوض����اع األمنية كما هي عليه وق����ت كتابة هذا‬
‫أن جتنيهــ����ا األمــة العــربية واإلس��ل�امية مع فوز (باراك‬
‫التقرير؛ فم����ن املرجح أن ينجح (ب����اراك أوباما) في الفوز‬
‫أوباما)‪ .‬ولذلك فنحــن على مــش����ارف سنوات جديدة من‬
‫مبنصب الرئيس‪ ،‬ولن يكون ذلك بفارق ضخم من األصوات‪،‬‬
‫‪16‬‬
‫التحديات التي حتتــاج إل����ى مــواجهة‪ ،‬كذلك الفرص التي‬
‫ولكنه س����يكون فوزاً واضحاً للتيار الدميقراطي في مواجهة‬ ‫العدد ‪255‬‬
‫ميكن اقتناصها في التعامل مع الواليات املتحدة تبعاً لنتيجة‬
‫التيار اجلمه����وري الذي جنح طوال األعوام الثمانية املاضية‬
‫االنتخابات‪.‬‬
‫في االحتفاظ مبقعد الرئاسة‪ .‬أما أهم أسباب ذلك الفوز في‬
‫هل يقبل الشعب األمريكي‬
‫رئيسًا غير أبيض؟‬
‫كثيرون ‪ -‬ال تزال هن����اك وقد تخفجُت حتت غاللة رقيقة من‬ ‫من����ذ عام ‪1619‬م عندما اكتش����ف األوروبي����ون أمريكا‬
‫اللياقة االجتماعي����ة املتكلَّفة‪ ،‬أو تخوفاً م����ن القوانني التي‬ ‫واس����توطنوها‪ ،‬ونقلوا معهم العنصري����ة البغيضة إلى القارة‬
‫استنّت حملاربتها‪.‬‬ ‫التي لم تعرفها من قبل؛ عانت كل األقليات من هذه العنصرية‬
‫إن العنصري����ة ال تزال موجودة ل����دى فئات من املجتمع‬ ‫ليس فقط في املجال السياسي‪ ،‬ولكن في كل مجاالت احلياة‬
‫األمريك����ي ال تقب����ل بالتكيف مع الواق����ع‪ ،‬أو القبول بحقوق‬ ‫العامة‪ ،‬ولكن لم تتعرض أقلية من تلك األقليات إلى االضطهاد‬
‫اإلنسان الطبيعية‪ ،‬وعنصرية هذه الفئات ال تزال تعيش بقوة‬ ‫املس����تمر على مدى أكثر من ‪ 300‬عام كما عانى األمريكيون‬
‫حتت س����طح املجتمع األمريكي في القرن احلادي والعشرين‬ ‫من أصل إفريقي ‪ -‬كما يش����ار إليهم اليوم تلطفاً ‪ -‬رغم أنهم‬
‫امليالدي‪.‬‬ ‫كانوا دائماً يس����مونهم «السود» (‪ )1‬في أحسن األحوال‪ ،‬وغير‬
‫وقد عاش واضعو الدستور األمريكي في عصر كان فيه‬ ‫ذلك من النعوت واأللفاظ التي يندى لها اجلبني‪.‬‬
‫الرج����ال البيض يديرون احلكومات‪ ،‬وكان من الصعب عليهم‬ ‫واليوم عندما يشار إليهم على أنهم األمريكيون من أصل‬
‫تص ّور احتمال وصول رجل غير أبيض إلى حكم البالد‪ ،‬وهم‬ ‫أفريقي فال يعني ذل����ك‪ :‬أن العنصرية قد زالت متاماً‪ ،‬رغم‬
‫يكتبون الوثيقة التي رس����مت معالم نظ����ام احلكم األمريكي‬ ‫أنها قد تقلَّصت بال ش����ك لدى بعضهم‪ ،‬ولكنها ‪ -‬كما يشير‬ ‫‪18‬‬
‫في ع����ام ‪1787‬م‪ ،‬ولم يخطر ببالهم أنه س����يأتي ذلك اليوم‬ ‫‪ (1‬يجد كاتب هذه الدراسة حرجاً في احلديث عن أي شخص باإلشارة إلى لون بشرته‬
‫فقط‪ ,‬وهو ما حاربه اإلسالم الذي نهى عن التمايز بني البشر على أساس لون‬ ‫العدد ‪255‬‬
‫الذي سيخوض فيه أمريكي «أس����ود»‪ ،‬وامرأة كذلك معركة‬ ‫البشرة‪ ,‬ولكن من الصعب نقاش موضوع هذه الدراسة دون استخدام هذا املصطلح‬
‫»أسود«‪ ,‬ولكنه ال يعني سوى اإلشارة ملشكلة عرقية في الواليات املتحدة األمريكية‪,‬‬
‫االنتخابات الرئاسية‪ ،‬بعد انقضاء ‪ 221‬سنة على وضع ذلك‬ ‫وال يعني بأي شكل من األشكال قبول هذا املصطلح أو قبول استخدامه في احلكم‬
‫على الناس‪ ,‬أو التفاضل بينهم‪.‬‬
‫أوباما) الفرصة السياس����ــية للمنافــسة‪ ،‬فالرحلة إذاً ‪ -‬لم‬ ‫الدستور( ‪ ،‬وهو ما يحدث في انتخابات عام ‪2008‬م‪ ،‬فألول‬
‫تبدأ ‪ -‬بالنسبة للس����ود في أمريكا ‪ -‬من عقدين من الزمان‬ ‫مرة في تاري����خ الواليات املتحدة األمريكي����ة ‪ -‬التي عرفت‬
‫فقط‪.‬‬ ‫بتاري����خ طويل من العنصرية البغيضة جتاه العرق األس����ود‪،‬‬
‫وصفت صحيفة (واش����نطن بوست) األمريكية في مقال‬ ‫قبل أن تقر قوانني املس����اواة واحلريات املدنية في منتصف‬
‫نشر في السابع من يونيو ‪2008‬م احملامي األمريكي األسود‬ ‫القرن العشرين امليالدي ‪ -‬يصل مرشح من أصل إفريقي إلى‬
‫(جون ميرس����ر النغستون) والذي عاش في الواليات املتحدة‬ ‫السباق النهائي للرئاسة‪.‬‬
‫في منتصف القرن التاس����ع عش����ر امليالدي بأن����ه «أوباما‬ ‫ويقتض����ي اإلنصاف أن نصرح أن ه����ذا األمر يعبر عن‬
‫قبل أوباما»‪ .‬كان (النغس����تون) ‪ -‬مثله في ذلك مثل مرش����ح‬ ‫تق����دم حقيقي في احلياة األمريكية من ناحية قبول األقليات‬
‫احلزب الدميقراطي للرئاسة لعام ‪2008‬م ‪ -‬محامياً ومنظماً‬ ‫في املناصب الهامة والسياسية‪ ،‬وهو ال ينفي كذلك أن احلياة‬
‫ألهالي املجتمع احمللي‪ .‬ويعتقد أن (النغس����تون) ‪ -‬وهو ابن‬ ‫االجتماعي����ة األمريكية ال يزال فيها كثير من تلك العنصرية‬
‫مزارع أبي����ض وامرأة من الرقيق األس����ود محــررة ‪ -‬كــان‬ ‫البغيضة‪ .‬ويبقى الس����ؤال الهام هنا هو‪ :‬كيف حدث هــذا؟‬
‫أول أمريك����ي ‪ -‬إفريقي ينتخب لش����غل منصب في الواليات‬ ‫وما مبرراته؟ وما فرصة (باراك حسني أوباما)؟‬
‫املتحدة‪ .‬وقد بدأ في الع����ام ‪1855‬م عمله في منصب كاتب‬ ‫يناقش ه����ذا املقال الف����رص التي كان����ت تدفع لنجاح‬
‫في بلدية براونهلم في أوهايو‪ ،‬وقد ترك إرثاً قوياً ‪ -‬كما يذكر‬ ‫(أوباما) في االنتخابات القادم����ة‪ ،‬وماذا يعني ذلك ألمريكا‬
‫موقع وزارة اخلارجية األمريكية ‪ -‬من خالل مناصرته حلقوق‬ ‫وللعالم العربي واإلسالمي‪.‬‬
‫التصويت لألمريكيني األفارقة‪ ،‬ومساعدته في تأسيس كلية‬ ‫• (أوباما) قبل (باراك أوباما)‪:‬‬
‫احلق����وق في جامعة هوارد في واش����نطن‪ ،‬ومتثيله الواليات‬ ‫لم يكن (باراك حسني أوباما) هو األمريكي األسود األول‬
‫املتحدة بوصفه دبلوماس����ياً‪ ،‬كما أنه كان أول شخص أسود‬ ‫الذي يطمح في الوصول إلى منصب الرئاسة‪ ،‬فقد ترشح من‬
‫ينتخب في مجلس النواب األمريكي( ‪.‬‬ ‫قبله طوال العقدين املاضيني عدد من الشخصيات األمريكية‬
‫ومث����ال آخر من تلك احلقبة‪ ،‬ح����دث بعد انتهاء احلرب‬ ‫املعروفة من الس����ود‪ ،‬ومن بينهم‪ :‬القس (جيسي جاكسون)‪،‬‬
‫األهلي����ة األمريكية‪ ،‬وانضم����ام والية ميسيس����يبي مجدداً‬ ‫وعضو الكوجنرس األمريكي (آل شاربتون) وغيرهما‪ ،‬ولكن‬
‫لالحت����اد‪ ،‬عندم����ا انتخب املش����رعون في الوالي����ة زميلهم‬ ‫لم يحدث أن وصل أي منهم إلى أن يصبح منافس����اً حقيقياً‬
‫«األسود» (حيرام ريفلز)‪ ،‬ليكون أول عضو أمريكي ‪ -‬إفريقي‬ ‫عل����ى هذا املنصب الرفيع في احلي����اة األمريكية حتى وصل‬
‫في مجلس الشيوخ األمريكي‪ ،‬ولم يُرحب مجلس الشيوخ في‬ ‫إليه (أوباما)‪.‬‬
‫بادئ األمر بعضوية اجلمهوري (ريفلز)‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬إنه لم‬ ‫بالطبع ش����هدت احلياة األمريكية في العقدين املاضيني‬
‫يكن قد أمضى تسع سنوات بوصفه مواطناً أمريكياً‪ ،‬مع أنه‬ ‫كثيراً من التطور‪ ،‬فقد مت اختيار اجلنرال (كولني باول) ليكون‬
‫ولد في الواليات املتحدة لوالدين من العبيد السود احملررين‪،‬‬ ‫أول وزير دفاع أس����ود‪ ،‬وتاله اختيار (كوندليسا رايس) لتكون‬
‫ولكنه لم يصبح مواطناً أمريكياً إ ّال قبل أربع سنوات‪ ،‬أي‪ :‬بعد‬ ‫أول وزيرة خارجية‪ ،‬وقبلها ش����غلت منصب مستشار الرئيس‬
‫صدور قانون احلقوق املدنية في عام ‪1866‬م‪ ،‬وص َّوت مجلس‬ ‫لألمن القومي‪ ،‬وجمي����ع تلك املناصب لم يصلها من قبل أي‬
‫‪19‬‬
‫الش����يوخ في ذلك الوقت لصاحله بأغلبية ‪ 48‬صوتاً مقابل ‪8‬‬ ‫شخص أمريكي غير أبيض‪ ،‬وهذا يعني أن التدرج في احلياة‬
‫العدد ‪255‬‬ ‫السياس����ية األمريكية في العقدي����ن املاضيني أتاح لـ (باراك‬

‫‪(  The <Obama before Obama>, Pioneering native son of‬‬ ‫(  ألبوم صور‪ ،‬موقع يحكي قصة أمريكا‪ ،‬وزارة اخلارجية األمريكية‪ ،‬موقع‬
‫‪Louisa, Va., blazed trails under history>s radar, By Kevin‬‬ ‫‪ ،America.gov‬كما نقل عنه في يوم ‪ 15‬أكتوبر ‪2008‬م‪.‬‬
‫‪Merida, Washington Post, June 7, 2008.‬‬
‫احلياة السياسية ملعارك الرئاسة‪.‬‬ ‫أصوات‪ ،‬وهو ما أتاح له شغل مقعده في ذلك احلني( ‪.‬‬
‫وعندما وصلت املنافسة في املراحل النهائية لالنتخابات‬ ‫• السود يف أمريكا‪:‬‬
‫التمهيدية إلى سباق بينه وبني املرشحة الدميقراطية (هيالري‬ ‫على مدى ما يق����ارب من ‪ 150‬عاماً مضت لم ينجح أي‬
‫كلينت����ون)‪ ،‬كان من املمكن الفوز عليها؛ ألنها ‪ -‬بالعموم ‪ -‬لم‬ ‫مرشح «أس����ود» في أن يصل إلى املنافس����ة احلقيقية على‬
‫تكن يوماً محبوبة لدى الش����ارع األمريكي العام‪ ،‬وكان ينظر‬ ‫منصب الرئاس����ة األمريكية؛ رغم أن السود ميثلون أكثر من‬
‫إليها دائماً على أنها نفعية بدرجة كبيرة‪ ،‬وأنها ليست صاحبة‬ ‫‪ 40‬مليون نس����مة من املجتمع األمريكي‪ ،‬أي‪ :‬ما يعادل ‪%14‬‬
‫مواقف مبدئية‪ ،‬وأنها تتطلع بش����غف شديد ومبالغ فيه إلى‬ ‫من إجمالي عدد الس����كان( ‪ ،‬وعلى م����دى أكثر من قرنني‬
‫العودة إل����ى البيت األبيض إلمتام معارك ش����خصية لها لم‬ ‫م����ن الزمان لم يصل أي منهم إلى منصب الرئاس����ة أو حتى‬
‫تنتهِ بعد‪.‬‬ ‫املنافس����ة احلقيقية عليه؛ من بني ‪ 43‬رئيساً أمريكياً حكموا‬
‫ل����م تنجح كذلك (هي��ل�اري كلينتون) ف����ي التركيز على‬ ‫أمريكا طوال القرنني املاضيني‪ .‬إن العرق األبيض ميثل حالياً‬
‫عناص����ر قوة حملته����ا‪ ،‬بقدر ما حاولت أن تهاجم ش����خص‬ ‫‪ %66‬م����ن إجمالي املجتمع األمريكي‪ ،‬أي‪ :‬ما يقرب من ‪200‬‬
‫(باراك أوباما)‪ ،‬وأن حتاول أن تلصق به تهمة أنه «مس����لم»‪،‬‬ ‫مليون نس����مة‪ ،‬ولكن جميع رؤساء أمريكا عبر تاريخها كانوا‬
‫وأنه ال يحب «أمريكا»‪ ،‬وأنه كذلك عدمي اخلبرة السياس����ية‬ ‫من العرق األبيض نفس����ه‪ ،‬وكانوا جميعاً من الرجال‪ ،‬وكانوا‬
‫والعملية‪.‬‬ ‫جميعاً أيضاً من البروتس����تانت فيما عدا الرئيس األمريكي‬
‫لم تك����ن (هيالري كلينتون) مو َّفقة في هذا الهجوم؛ ألنه‬ ‫(جون إف كنيدي)‪.‬‬
‫كان من الس����هل على (أوباما) أن ينفي عنه تهمة «اإلسالم»؛‬ ‫إن الواليات املتح����دة حتى اآلن تعاني من العنصرية في‬
‫وهكذا جرى تصوير اإلسالم في احلمالت االنتخابية لألسف‬ ‫احلياة السياس����ية العامة‪ ،‬فرغم أن السود تصل نسبتهم في‬
‫الشديد على أنه تهمة‪ ،‬كما أن موضوع محبة أمريكا لم يكن‬ ‫املجتم����ع إلى أكثر من ‪%14‬؛ إال أنهم لم يحصلوا إال على أقل‬
‫يوم����اً قضية محورية في حياة التي����ار الدميقراطي الذي لم‬ ‫من ‪ %4‬من املناصب السياسية في املجتمع األمريكي‪.‬‬
‫يعرف عنه الولع به����ذا املوضوع مقارنة باحلزب اجلمهوري‪،‬‬ ‫• مل��اذا جن��ح (أوبام��ا) يف الوص��ول إىل ه��ذه‬
‫وسارع (أوباما) وزوجته إلى نفيه بشكل قاطع على أية حال‪.‬‬ ‫املرحلة؟‬
‫وأخيراً‪ :‬فإن مس����ألة انعدام اخلبرة كانت مشكلة يعاني منها‬ ‫ال يش����ك أحد في ق����درات (باراك أوباما) السياس����ية‬
‫اجلميع‪ ،‬فلم يكن لدى (هيالري كلينتون) أي خبرة سياس����ية‬ ‫والفكرية‪ ،‬وذكائه احلاد‪ ،‬ومهارته في إدارة احلملة االنتخابية‪.‬‬
‫عميقة تؤهلها لش����غل منصب الرئيس‪ ،‬وتركزت خبراتها في‬ ‫إن (باراك أوباما) ليس فقط ش����خصاً أسود‪ ،‬بل إنه سياسي‬
‫أنها عضو مجلس ش����يوخ‪ ،‬ومن ثم ل����م يكن مقنعاً أن تهاجم‬ ‫أمريك����ي محترف‪ ،‬وقد جنح في الوص����ول إلى هذه املرحلة‬
‫(أوباما) ح����ول موضوع اخلبرة‪ ،‬فهو كذل����ك عضو مجلس‬ ‫من الس����باق لوجود مجموعة من العوامل التي ساهمت في‬
‫ش����يوخ‪ ،‬وخبراته محدودة في املمارس����ة السياسية العامة‬ ‫جناحه‪ ،‬ومن أهمه����ا وأبرزها‪ :‬قدرات����ه اخلطابية ومهارته‬
‫كخبراتها هي أيضاً‪.‬‬ ‫البالغة في جمع املال‪ ،‬وإحاطته نفسه مبجموعة متميزة من‬
‫كما جنح (أوبام����ا) في الوصول إلى ه����ذه املرحلة من‬ ‫اخلبراء واملتخصصني في إدارة احلمالت االنتخابية‪ ،‬ومعرفة‬
‫مراحل الس����باق الرئاس����ي؛ ألنه جعل من قضية «التغيير»‬
‫‪20‬‬
‫(   ألبوم صور‪ ،‬موقع يحكي قصة أمريكا‪ ،‬وزارة اخلارجية األمريكية‪ ،‬موقع‬
‫شعاراً له‪ ،‬وقد سئم املجتمع األمريكي من السياسات احلالية‬ ‫‪ ،America.gov‬كما نقل عنه في يوم ‪ 15‬أكتوبر ‪2008‬م‪.‬‬ ‫العدد ‪255‬‬
‫‪(  The <Obama before Obama>, Pioneering native son of‬‬
‫لإلدارة األمريكية طوال األعوام الثمانية املاضية‪ ،‬وهو شعب‬ ‫‪Louisa, Va., blazed trails under history>s radar, By Kevin‬‬
‫‪Merida, Washington Post, June 7, 2008.‬‬
‫ميي����ل بطبيعته نحو التغيير؛ فما بال����ك عندما يكون الواقع‬
‫يخش����ى عدد من اخلب����راء من «عدم جت����رؤ» الناخب‬ ‫مؤملاً‪ ،‬واملش����كالت تتعاظم‪ ،‬وصورة أمري����كا لدى العالم في‬
‫األمريكي على التصويت لصالح مرش����ح «أسود»؛ ليكون أول‬ ‫انهيار متس����ارع‪ ،‬واالقتصاد األمريكي مي����ر بأزمات خانقة‪،‬‬
‫رئيس أس����ود لبالده‪ .‬أما سبب تلك التسمية فيرجع إلى أنه‬ ‫واملغامرات العسكرية أرهقت كاهل الشعب األمريكي‪.‬‬
‫سبق أن شهدت الواليات املتحدة جتربة مماثلة‪ ،‬عندما ترشح‬ ‫شعار «التغيير» كان أهم عنصر في جناح رسالة (أوباما)‬
‫(توم برادلي) وهو سياس����ي أمريكي من أصل إفريقي ‪ -‬مثل‬ ‫إلى الش����عب األمريكي‪ ،‬وبدا بش����خصيته اجلادة‪ ،‬وش����كله‬
‫(أوباما) ‪ -‬ملنصب حاكم كاليفورنيا عام ‪1982‬م‪ ،‬وذلك بعد أن‬ ‫املختلف‪ ،‬وحداثة خبرته مع ِّبراً بحق عن احتمالية «التغيير»‪.‬‬
‫قضى سنوات طويلة عمدة ملدينة لوس أجنلوس‪ .‬كانت معظم‬ ‫لهذه األس����باب مجتمعة َّ‬
‫التف حوله كثير مــن األمــريكيني‪.‬‬
‫اس����تطالعات الرأي في ذلك الوقت تش����ير إلى تفوق (توم‬ ‫وال ميك����ن إغفال أن األقليات في أمري����كا والتي متثل اليوم‬
‫برادلي) على منافس����ه األبيض‪ ،‬إلى درجة أن بعض وسائل‬ ‫أكثر من ‪ %34‬من الشعب األمريكي وجدت فيه أيضاً ضالتها‪،‬‬
‫اإلعالم أكدت أنه الفائز في االنتخابات‪ ،‬ولكن املفاجأة حدثت‬ ‫والتعبي����ر عن جناحها‪ ،‬ووجدت في����ه كذلك األمل في متثيل‬
‫عندما أُعلن ع����ن النتائج النهائية وكانت صادمة للجميع‪ ،‬إذ‬ ‫أفض����ل لهموم األقليات في املجتمع األمريكي ومش����اعرهم‬
‫ُمني (برادلي) بخسارة كبيرة لم يكن يتوقعها أحد‪.‬‬ ‫وقضاياهم‪ ،‬فهو بالنس����بة لألقلي����ات األمريكية مختلف في‬
‫وم����ا حصل أن كثيراً ممن أجريت عليهم اس����تطالعات‬ ‫كل ش����يء وليس فقط في لون البش����رة؛ فاسمه مختلف عن‬
‫ال����رأي قالوا‪ :‬إنهم يعتزمون التصويــت لـ (بــرادلي)؛ حتــى‬ ‫األسماء املعتادة للسياس����يني األمريكني‪ ،‬وحياته كذلك؛ فهو‬
‫ال يوصفون بالعنصرية‪ ،‬ولكن رأيهم يوم االنتخاب كان مغايراً‬ ‫قد ولد ألب مسلم‪ ،‬وتربى في طفولته في أندونيسيا‪ ،‬وعرف‬
‫لذلك‪ ،‬ويخش����ى بعض اخلبراء أن يعيد التاريخ نفــسه بعــد‬ ‫يترب على‬
‫َّ‬ ‫حياة العالم الثالث‪ ،‬ودخل املساجد وهو طفل‪ ،‬ولم‬
‫‪ 22‬عاماً وأن يتحول (عامل برادلي) إلى (عامل أوباما)‪.‬‬ ‫كراهيتها‪ ،‬وبقى دائماً يشعر أنه من األقليات‪ ،‬وأنه مع ِّبر عن‬
‫وأظهرت دراس����ة أجرتها جامعة واش����نطن مؤخراً في‬ ‫طموحاتها وفرصها كذلك في النجاح‪.‬‬
‫فت����رة االنتخابات التمهيدية أن (عام����ل برادلي) كان مؤثراً‬ ‫هل يكفي كل ما س����بق الجتي����از العقبة األخيرة‪ ،‬والفوز‬
‫وموجوداً بالفعل في ‪ 3‬واليات‪ ،‬خالل املنافس����ة التي خاضها‬ ‫بنتيجة االنتخابات الرئاسية؟ يبقى هذا األمر يحيطه الشك‬
‫(أوباما) ضد منافس����ته (هيالري كلينتون) للفوز بترش����يح‬ ‫ألسباب وعوامل عديدة قد ال ترتبط بقوة احلملة‪ ،‬أو صحة‬
‫احلزب الدميقراطي خلوض االنتخابات الرئاس����ية‪ ،‬وكشفت‬ ‫املواقف‪ ،‬أو ذكاء املرشحني‪ ،‬ولعل من أبرزها ما اصطلح على‬
‫الدراسة أن (أوباما) قد خسر أمام كلينتون في ثالث واليات‬ ‫تسميته بـ (عامل برادلي)‪.‬‬
‫هام����ة وهي‪ :‬كاليفورنيا ونيوهامبش����ر ورود أيالند‪ ،‬رغم أن‬ ‫• ما هو (عامل براديل)؟‬
‫استطالعات الرأي تكهنت بعكس ذلك متاماً‪.‬‬ ‫َكثُ���� َر احلديث في اآلونة األخيرة مع زيادة فرصة (باراك‬
‫فهل ميكن أن يتكرر هذا األمر على املس����توى الرئاسي؟‬ ‫أوبام����ا) في الف����وز عن عام����ل ميكن أن يؤثر ف����ي نتيجة‬
‫اإلجابة هي بالقطع «نعم!»‪ ،‬ولكنها قد ال تكون كافية لتحويل‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وهو ما يسمى بـ (عامل برادلي)‪ .‬إنهم يتحدثون‬
‫نتيجة االنتخابات في حال استمر تق ُّدم (أوباما) على منافسه‬ ‫عن ظاه����رة أن يقول الناخب األمريكي‪ :‬إنه س����يصوت من‬
‫(جون ماكني) بفارق كبير من النقاط‪.‬‬ ‫أجل ش����خص م����ن األقليات حرصاً عل����ى أن يظهر بوصفه‬
‫‪21‬‬
‫وما يتخوف منه بعضهم بشكل أكبر هو أن ينتقل (عامل‬ ‫مواطناً صاحلاً في املجتمع‪ ،‬وغير عنصري‪ ،‬بينما يكون رأيه‬
‫العدد ‪255‬‬ ‫برادلي) من الناخبني في صناديق االقتراع‪ ،‬إلى املنتخبني في‬ ‫مختلفاً عن ذلك‪ ،‬ويظهر هذا الرأي بش����كل فجائي مخالف‬
‫املجم����وع االنتخابي‪ ،‬ونعني بذلك الـ ‪ 538‬ش����خصية املكلفة‬ ‫لكل استطالعات الرأي عندما يذهب هذا الشخص لإلدالء‬
‫بالتصويت باس����م األحزاب عن الوالي����ات‪ ،‬وهي غير ملزمة‬ ‫بصوته في صناديق االقتراع بشكل فعلي‪.‬‬
‫من العنصرية في هذا البلد»( ‪.‬‬ ‫ف����ي حقيقة األمر على املس����توى الدس����توري باتباع نتيجة‬
‫ال ت����زال أمريكا متيل إل����ى العنصري����ة‪ ،‬وحتى (باراك‬ ‫االنتخابات؛ كما أوضحنا في مقال سابق من هذا امللف‪.‬‬
‫أوباما) نفس����ه قد ال يجد نفس����ه بريئاً متاماً من العنصرية‬ ‫ويتخ����وف بعض املراقبني من أنص����ار (أوباما) أن يقوم‬
‫للعرق األس����ود كذلك‪ ،‬رغم أنه يحاول جاهداً نفي ذلك عن‬ ‫هؤالء املنتخبون من بعض الواليات بعدم التصويت لـ (أوباما)‬
‫نفسه وعن أس����رته؛ ألنه متزوج من امرأة «سوداء» (ميشال‬ ‫رغم فوزه في تلك الواليات‪ ،‬وهو ما سيكون بالتأكيد مفاجأة‬
‫أوبام����ا) كانت قد قالت في وقت س����ابق من هذا العام‪ :‬إنها‬ ‫غير متوقعة في احلياة السياسية األمريكية‪ ،‬وقد تتسبب في‬
‫«ظل����ت تخجل من أمريكا إلى أن ترش����ح زوجها لالنتخابات‬ ‫خسارة (أوباما) لهذه االنتخابات‪ ،‬وقد تساهم أيضاً في نحت‬
‫الرئاس����ية»‪ .‬وقد أثارت مجلة (نيويوركر) األمريكيــة بلبــلة‬ ‫مصطلح جديد ميكن أن يطلق عليه حينها (عامل أوباما)‪.‬‬
‫‪ -‬كما يروي الكاتب الغربي (ألكسندر كوكبر) ‪ -‬عندما نشرت‬ ‫وهناك رأي آخر يرى أننا قد نشاهد ما ميكن أن يسمى‬
‫على غالفها رس����ماً كاريكاتورياً يظه����ر فيه (أوباما) مرتدياً‬ ‫ب����ـ (انعكاس عامل برادل����ي)‪ ،‬واملقصود هن����ا أن عدداً من‬
‫ثوباً يش����به الثوب العربي‪ ،‬وهو يحك قبضته بقبضة زوجته‬ ‫الناخبني قد يصرحون أنهم سيصوتون للمرشح األبيض وهو‬
‫ميش����يل‪ ،‬التي سرحت شعرها بطريقة إفريقية‪ ،‬وعلى كتفها‬ ‫(ج����ون ماكني)؛ ألن هذا هو ما يتوقع����ه منهم جيرانهم ومن‬
‫بندقي����ة‪ ،‬وخلفه على اجلدار صورة أس����امة بن الدن‪ ،‬بينما‬ ‫حولهم‪ ،‬ونظ����راً أيضاً ملا عرف عنهم من ميل نحو التصويت‬
‫العلم األمريكي يحترق في املوقد‪.‬‬ ‫للمرشح األبيض‪ ،‬ولكنهم في قرارة أنفسهم ينوون التصويت‬
‫العرق ولون البش����رة يلعب����ان دوراً حقيقياً في اختيارات‬ ‫لـ (ب����اراك أوباما)؛ ألنه اخليار األفض����ل‪ ،‬ولكنهم لن يعلنوا‬
‫الشعب األمريكي للمناصب السياسية‪ ،‬وهذه حقيقة مؤسفة‬ ‫ذلك أبداً‪ ،‬ولكنهم سيمارس����ونه عن����د الوصول إلى صناديق‬
‫ولكنها حقيقة ال تخفى على املراقبني واحملللني‪.‬‬ ‫االقتراع‪ .‬ويحتج هذا الفريق بأنه رغم أن (عامل برادلي) قد‬
‫ويبني آخر اس����تطالع أجرته صحيف����ة (نيويورك تاميز)‬ ‫ظهر في ‪ 3‬واليات أمريكية في االنتخابات التمهيدية؛ إال أن‬
‫وشبكة (س����ي بي إس) أن البيض يحترمون (أوباما) أقل مما‬ ‫عكس هذا العام����ل بالضبط قد ظهر في ‪ 12‬والية أمريكية‬
‫يحترمه الس����ود‪ ،‬وأن العديد منهم ال يحبون زوجته (ميشال)‪.‬‬ ‫في تلك االنتخابات نفسها‪ ،‬حيث فاز (أوباما) بواليات كانت‬
‫ولكن االستطالع ذاته يبني أن (أوباما) يتقدم على (ماكني) بني‬ ‫استطالعات الرأي تش����ير إلى أن الناخبني فيها لن ينتخبوه‬
‫األمريكيني من أصل إسباني بأكثر من ‪ ٪ 62‬في مقابل ‪،٪ 23‬‬ ‫ألنه «أسود»‪ .‬املسألة محيرة‪ ،‬وللفريقني حجج قوية‪ ،‬وأسانيد‬
‫وأنه يتقدم على ماكني بست نقاط على اإلجمال‪ .‬إن األقليات‬ ‫من الواقع كذلك‪.‬‬
‫تلعب بورقة العنصرية كما تلعب بها األغلبية البيضاء( ‪.‬‬ ‫• فرصة (أوباما) يف الوصول إىل الرئاسة‪:‬‬
‫ومن ناحي����ة أخرى يقلِّل العديد م����ن اخلبراء واحملللني‬ ‫العنصري����ة ال تزال قائمة وحية ف����ي املجتمع األمريكي‪،‬‬
‫من تأثير هذا العامل بالنسبة لألغلبية البيضاء حتديداً في‬ ‫وح����ول هذه املس����ألة ف����ي الوالي����ات املتحدة‪ ،‬ق����ال (تيد‬
‫انتخابات هذا العام؛ لعدة أسباب‪ ،‬منها‪ :‬أننا في عام ‪2008‬م‬ ‫ستريكالند) حاكم أوهايو السابق مؤخراً‪« :‬هذه قضية تشغل‬
‫ولس����نا في عام ‪1982‬م‪ ،‬وأن املجتمع األمريكي األبيض قد‬ ‫اجلميع‪ ،‬ولكن ال يحب أح����د احلديث عنها»‪ .‬وعن املوضوع‬
‫حتس����نت درجة قبول����ه ألن يتولى أقليات مناصب رس����مية‬ ‫نفس����ه قال اإلعالمي الشهير (تيد كوبل) ‪ -‬وهو أحد أشهر‬
‫أو سياس����ية عليا‪ .‬كما أن األزمات االقتصادية والسياس����ية‬ ‫الصحفيني في الواليات املتحدة ‪« :-‬ال يزال هناك قدر كبير‬
‫‪22‬‬
‫(  وسط مخاوف من «عدم جترؤ» الناخبني على التصويت ملرشح أسمر‪ ،‬سود أمريكا‬ ‫العدد ‪255‬‬
‫يرصون صفوفهم لدعم (أوباما) للتغلب على «عامل اللون»‪ ،‬العربية‪ 13 ،‬أكتوبر‬
‫‪2008‬م‪.‬‬
‫(  حكايات االنتخابات األمريكية‪( ،‬ألكسندر كوكبر)ن‪ ،‬نشرة كاونتر بانش‪،‬‬
‫‪2008/07/26‬م‪.‬‬
‫أن يتق َّبل رئيس����اً أمريكياً أسود؛ بشرط أن يكون مبواصفات‬ ‫الطاحن����ة قد تقلِّل من تأثير لون بش����رة الناخب على نتيجة‬
‫خاصة‪ ،‬هذه املواصفات يع ِّبر عنها أحد الكتّاب األمريكيني‪،‬‬ ‫االنتخابات‪ .‬كما أن ضعف البديل بش����كل كبير ‪ -‬وهو (جون‬
‫وهو (جو كالين) في مجلة (التامي) األمريكية في عبارة بليغة‬ ‫ماكني)‪ ،‬ومعه السيدة (سارة بالني) التي أصحبت مثار ته ُّكم‬
‫عندما يقول‪« :‬إن ظاهرة الولع بـ (أوباما) هي امتداد لظاهرة‬ ‫وس����خرية معظم فئات املجتمــ����ع األمريكــي ‪ -‬جتـــعل من‬
‫الولع بـ (كولني باول) في عام ‪1995‬م‪ ،‬عندما حتدث املراقبون‬ ‫قب����ول (باراك أوبام����ا) خيراً ال مف َّر من����ه لبعض الناخبني‪،‬‬
‫عن احتمال أن يدخل (كولني باول) سباق البيت األبيض في‬ ‫مـــمن ال يرحبون باختيار ش����خص «أسود» لرئاسة أمريكا‪،‬‬
‫ذلك الوقت‪ .‬هناك شيء مشترك بني (كولني باول) و (أوباما)‪:‬‬ ‫ال مقبوالً‪.‬‬
‫ولكنهــم ال يجدون لذلك بدي ً‬
‫إنهما شخصان من «السود» مثلهما في ذلك مثل (تايجر وود)‬ ‫يحسن فرصة (أوباما) في الوصول‬
‫ِّ‬ ‫وسبب آخر ميكن أن‬
‫العب اجلولف الش����هير‪ ،‬و (أوبرا وينفري) املذيعة املعروفة‪،‬‬ ‫إلى املنصب الرئاس����ي هو أنه يحيط نفس����ه بنخبة ثقافية‬
‫و (مايكل جوردان) أش����هر العبي كرة السلة؛ في أنهم جميعاً‬ ‫واجتماعي����ة مؤثرة من التيار العام األبيض من السياس����يني‬
‫عدون ق����دوة في املخيلة األمريكي����ة؛ ألنهم جتاوزوا حاجز‬
‫يُ ّ‬ ‫األمريكيني‪ ،‬ويعرف وس����طهم بأنه ليس «أسود»‪ ،‬مبعنى‪ :‬أنه‬
‫النمطية العنصري����ة»‪« .‬إن األمر ب ُر ّمته مرتبط باللياقة» كما‬ ‫ال يتحزَّب بش����دة لقضايا األقلية السوداء‪ ،‬أو بالدرجة التي‬
‫يذكر (شيلبي ستيل) الذي يكتب كثيراً عن «نفسية األعراق»‪،‬‬ ‫تسبب انزعاج اآلخرين منه‪.‬‬
‫وهو الذي يقول‪« :‬إن األشخاص البيض مولعون عندما يــرون‬ ‫العوامل السابقة في مجملها حتسن من فرصة (أوباما)‬
‫ش����خــصاً ناجــحاً مــن السود‪ ،‬ولكنــه ال يضايقهم بإشعاره‬ ‫ف����ي هذه االنتخاب����ات‪ ،‬ولكنها قد ال تك����ون كافية ‪ -‬رغــم‬
‫إياهم بعقدة الذنب العرقي‪ .‬البيض يهيمون باإلعجاب عندما‬ ‫وجاهتها ‪ -‬ملقاوم����ة تراكم الفكر العنص����ري لدى بعضهم‪،‬‬
‫يقابلون ش����خصيات من هذا النوع»‪ .‬وال شك أن (باراك) قد‬ ‫والذي ترسخ عبر عقود متتالية من اضطهاد اآلخر‪.‬‬
‫جنح في تقدمي نفس����ه للش����عب األمريكي على أنه من هذا‬ ‫يتذكر كاتب هذه الس����طور ف����ي أيامه األولى في احلياة‬
‫النوع من «السود» الناجحني‪.‬‬ ‫في الوالي����ات املتحدة األمريكية أن قالت له موظفة أمريكية‬
‫وهناك باملقابل من يتخوفون من أن مصير (باراك أوباما)‬ ‫بصراحة‪« :‬أنا ال أتخي����ل مطلقاً أن أجلس على طاولة طعام‬
‫لن يكون أفضل من مصير الرئيس األمريكي الكاثوليكي (جون‬ ‫واحدة مع شخص (أسود)‪ ،‬لن يحدث هذا في عمري أبداً»‪.‬‬
‫إف كنيدي) الذي اغتيل في منتصف مدة رئاسته‪ ،‬ويعبر عن‬ ‫الصورة ليست واضحة‪ ،‬وهذه االنتخابات تاريخية بحق؛‬
‫ه����ذا اخلوف أحد مطربي املجتمع األمريكي األس����ود‪ ،‬وهو‬ ‫سواء فاز بها (باراك أوباما) أو لم يفز‪.‬‬
‫(وايكلي����ف جني)‪ ،‬قائ��ل� ً‬
‫ا في مطلع أغنية بعن����وان «لو كنت‬ ‫وال يوجد ش����ك في هذه املرحلة من مراحل السباق أن‬
‫رئيس����اً»‪« :‬لو كنت رئيس����اً‪ ..‬النتُخبت يوم اجلمعة‪ ..‬ولقُتلت‬ ‫مؤهل حلكم أمري����كا‪ ،‬وأنه قد يكون اخليار‬
‫(ب����اراك أوباما) َّ‬
‫يوم الس����بت‪ ..‬ولدفنوني يوم األحد‪ ..‬لو كنت رئيساً»‪ :‬ليس‬ ‫األمث����ل واألفضل له����ا‪ ،‬على األقل من وجه����ة نظر الغالبية‬
‫لنا أن نعرف من س����يكون الرئيس (أوباما) وكيف ستمضي‬ ‫من س����كان هذا العالم‪ ،‬لكن مواطن����ي العالم ال يصوتون في‬
‫فترة رئاس����ته؟ أو هل س����يكملها أم تغتاله حياً أو ميتاً قوى‬ ‫االنتخابات األمريكية‪ ،‬واملواطن األمريكي قد ص َّوت منذ أربعة‬
‫العنصرية البغيضة؟ ولكننا ميكن أن نقطع أن (باراك أوباما)‬ ‫أعوام الستمرار جورج بوش في احلكم رغم كل املصائب التي‬
‫‪23‬‬
‫قد حتول إلى ظاهرة هامة ف����ي التاريخ األمريكي املعاصر‪،‬‬ ‫منيت بها أمريكا في فترة رئاس����ته األولى‪ .‬ولكن من السهل‬
‫العدد ‪255‬‬ ‫وأن االنتخابات الرئاس����ية األمريكية لعام ‪2008‬م س����تُعرف‬ ‫القول‪ :‬إن (باراك أوباما) قد حقق فوزاً تاريخياً لألقليات في‬
‫دوماً بأنها (انتخابات أوباما)‪.‬‬ ‫أمريكا في عام ‪2008‬م؛ سواء فاز بالرئاسة أو لم يفز‪.‬‬
‫هناك من يرون أن أمريكا والشعب األمريكي من املمكن‬
‫الدين وانحسار موجة المحافظين الجدد‬
‫• توظيف الدين يف االنتخابات‪:‬‬ ‫ما الذي يجمع بني الدين وبني احملافظني اجلدد عندما‬
‫ظن كثيرون أن احلزب اجلمهوري وحده هو من يستخدم‬ ‫َّ‬ ‫نتح����دث عن االنتخابات األمريكية الرئاس����ية لعام ‪2008‬م؟‬
‫الدين لتحقيق أهداف سياسية‪ ،‬ولكن االنتخابات التمهيدية‬ ‫القاسم املشترك هو أن اجلميع يريد استخدام الدين لتحقيق‬
‫الرئاس����ية في عام ‪2008‬م أظهرت أن الدين ال يزال عنصراً‬ ‫نقاط في سباق الرئاسة‪ ،‬أو حسم نقاط من الطرف املنافس‬
‫بجناحينْه‬
‫َ‬ ‫هاماً في اختيار الش����عب األمريكي لرئيسه القادم‬ ‫بدين ما‪ ،‬أو اتهامه بتهمة أنه تع َّرف ذات يوم على دين‬ ‫بربطه ٍ‬
‫الدميقراطي واجلمهوري؛ فقد حاولت الس����يناتور (هيالري‬ ‫اإلسالم‪ ،‬كما هي احلال مع (باراك أوباما)‪.‬‬
‫كلينت����ون)‪ ،‬وهي من احلزب الدميقراط����ي أن تنعت (باراك‬ ‫احملافظون اجلدد برعوا في استخدام الدين في األعوام‬
‫أوباما) بأنه «مس����لم» رغم أن هيالري نفسها لم يعرف عنها‬ ‫املاضية للتأكيد على عدال����ة احلروب التي تخوضها أمريكا‬
‫االهتمام بأي دين أو ممارسته بشكل عام أو علني‪.‬‬ ‫ضد شعوب العالم‪ ،‬ولترسيخ فكرة أن الرئيس األمريكي ميثل‬
‫احملاولة ل����م تنجح‪ ،‬ومت اختيار (ب����اراك أوباما) لتمثيل‬ ‫قوى اخلير في مقابل قوى الظالم واإلرهاب والكراهية‪.‬‬
‫احلزب الدميقراطي في انتخابات الرئاسة‪ ،‬وتكررت احملاولة‬ ‫اس����تخدم احملافظون اجلدد الدين اس����تخداماً بارعاً؛‬
‫نفس����ها من خالل احل����زب اجلمهوري الذي أطلق وس����ائل‬ ‫ألنهم حصل����وا على دمية مطيعة ف����ي البيت األبيض طوال‬
‫إعالمه املتعصب����ة لكي تصف (أوباما) ليس فقط بأنه تر َّبى‬ ‫األع����وام الثمانية املاضية تتخ َّيل أو تص����دِّق أنه يجُوحى إليها‬
‫في العالم اإلس����المي‪ ،‬ولكن بأن ل����ه ارتباطات مع اإلرهاب‬ ‫من الس����ماء‪ ،‬وأنها تقوم بتنفيذ إرادة الله على األرض‪ .‬هكذا‬
‫احمللي كذلك‪.‬‬ ‫يظن (ج����ورج بوش)‪ ،‬وهكذا أراد ل����ه احملافظون اجلدد أن‬
‫يستخدم الدين في االنتخابات األمريكية الرئاسية؛ ألنه‬ ‫يلعب دور امللهم واملوحى إليه من الس����ماء‪ ،‬ليكتمل استخدام‬
‫جزء مؤثر م����ن اهتمامات املواطن األمريك����ي‪ ،‬فأمريكا قد‬ ‫الدين لتحقي����ق الهيمنة‪ ،‬ولكن املش����روع األمريكي للهيمنة‬
‫تكون دولة َعلنْمانية‪ ،‬ولكن الش����عب األمريكي له ميول دينية‪،‬‬ ‫جُمني بخس����ائر متعددة على اجلبهة العسكرية واالقتصادية‬
‫وال يعادي الدي����ن باملجمل‪ .‬فالعنصر اإلميان����ي يلعب دوراً‬ ‫والسياس����ية كذلك‪ ،‬وظهر جلياً للعيان أن احملافظني اجلدد‬ ‫‪24‬‬
‫أساس����ياً في املجتمع األمريكي عامة‪ ،‬حيث يقول نحو ‪%60‬‬ ‫ال قميئاً من أشكال التطرف باسم الدميقراطية‪،‬‬ ‫ميثلون شك ً‬
‫من األمريكيني‪ :‬إن الدين يشكل «أمراً هاماً جداً» في حياتهم‬ ‫وأنه����م ال يختلفون كثيراً عمن يصفونهم باإلرهاب من العالم‬ ‫العدد ‪255‬‬

‫َوفنْق اس����تطالع أجراه معهد (جال����وب) في نوفمبر ‪2004‬م‪.‬‬ ‫اإلس����المي في جرأتهم على إراق����ة الدماء‪ ،‬وعدم تقديرهم‬
‫وإلى جانب ذلك أظهر اس����تطالع آخ����ر قامت به مجموعة‬ ‫لتأثير احلروب واملواجهات املسلَّحة على شعوبهم‪.‬‬
‫انتق����د اإلعالم األمريكي ما قاله هذا القس����يس‪ ،‬وكأن‬ ‫(بي����و) البحثية أن ‪ %81‬من األمريكي��ي�ن يقولون‪ :‬إن الصالة‬
‫االنتخابات األمريكية قد حتولت إلى معركة بني اآللهة حول‬ ‫متثل جزءاً هاماً من حياتهم اليومية‪ ،‬ومن ثم ال يُس����تغرب أن‬
‫من ينصر مرش����حه‪ ،‬وأن هناك «أجانب» يدعون ويصلون من‬ ‫جتد الشؤون التي تتعلق بالدين مكاناً لها في االنتخابات( ‪.‬‬
‫أجل أن يفوز (أوباما)‪ ،‬وعلى الشعب األمريكي أن يجتمع لكي‬ ‫التدين في احلياة األمريكية ليس بني اجلمهوريني فقط؛‬
‫يدعو «اإلله» لنص����رة (ماكني) على (أوباما) املؤيد باألجانب‬ ‫كما قد يتبادر إلى األذهان‪ ،‬فقد أش����ار استطالع (بيو) إلى‬
‫وآلهتهم! كما انتقد اإلعالم موقف املرشح اجلمهوري (جون‬ ‫أنه في أواخ����ر الثمانينيات من القرن املاضي كانت األغلبية‬
‫ماكني) الذي لم يرفض ما قاله القس����يس‪ ،‬وكأن األمر وافق‬ ‫متساو‬
‫ٍ‬ ‫البروتس����تانتية للواليات املتحدة تنقس����م بشكل شبه‬
‫هوى في نفسه‪.‬‬ ‫بني اجلمهوريني والدميقراطيني‪ ،‬غير أن نسبة البروتستانت‬
‫وهنا يبرز مرة أخرى استدعاء الدين في الواليات املتحدة‬ ‫الذين يعلنون عن انتمائهم للحزب اجلمهوري ‪ -‬الذي ينتمي‬
‫ليس من أج����ل الهداية أو الدعوة‪ ،‬ولك����ن من أجل أهداف‬ ‫إلي����ه (بوش) ‪ -‬بلغت ضعف من يعلن����ون منهم عن انتمائهم‬
‫سياس����ية محضة‪ .‬ولنا أن نسأل هنا‪ :‬ماذا حدث للفصل بني‬ ‫للدميقراطي��ي�ن‪ .‬وأش����ار االس����تطالع إل����ى أن الكاثوليك‬
‫الدين والدولة‪ ،‬وبني الدين والسياس����ة في املشروع الليبرالي‬ ‫األمريكي��ي�ن ‪ -‬الذين كانوا يوماً ما من املؤيدين الراس����خني‬
‫الغربي؟‬ ‫متساو بني‬
‫ٍ‬ ‫للدميقراطيني ‪ -‬صاروا ينقس����مون بش����كل شبه‬
‫إن من يعيد قراءة ما قاله ذلك القسيس يعجب كذلك من‬ ‫احلزبني‪.‬‬
‫التر ِّدي الذي يقع فيه أنصار احلزب اجلمهوري من املتدينني‪،‬‬ ‫وأم����ا ما يتعلق باإلس��ل�ام فقد تأ َّثر الش����عب األمريكي‬
‫عندما يقحمون الدين في السياس����ة من أجل منافع دنيوية‪،‬‬ ‫كثيراً ف����ي العقود املاضية باحلملة على اإلس��ل�ام والهجوم‬
‫ال‪ ،‬كما قد يروق لبعضهم أن‬ ‫ولي����س من أجل خدمة الدين مث ً‬ ‫علي����ه‪ ،‬وبدأ ينتقل من املوقف الس����لبي جتاه اإلس��ل�ام إلى‬
‫ينظر إلى ما قاله هذا الرجل‪.‬‬ ‫املوق����ف العدائي له‪ ،‬وهو ما يلحظ����ه املراقبون في األعوام‬
‫• الدين ورؤساء أمريكا‪:‬‬ ‫األخيرة‪ ،‬ونتيجة احلرب احملمومة على ما سمي بـ «اإلرهاب‬
‫لم تع����رف أمريكا عب����ر تاريخها الطويل رئيس����اً غير‬ ‫اإلسالمي»‪ ،‬واإلسالم بريء من هذه التهمة‪ ،‬فليس لإلرهاب‬
‫بروتس����تانتي س����وى مرة واحدة‪ ،‬في عهد (ج����ون كنيدي)‪،‬‬ ‫دين‪ ،‬وقد مارس����ته أمريكا باسم الدميقراطية‪ ،‬ولكنها كانت‬
‫ولم تس����تمر فترة رئاس����ته التي انتهت باالغتيال‪ ،‬فرغم أن‬ ‫خطة احملافظني اجلدد لتكوين عد ٍّو خارجي يحفظ ألمريكا‬
‫الكاثوليك ميثلون أحد مذاهب النصرانية الكبرى‪ ،‬ورغم أن‬ ‫متاسكها الداخلي‪ ،‬ولم تنجح هذه احملاولة بشكل كامل حتى‬
‫معظم الكاثوليك في أمريكا هم من العرق األبيض أيضاً‪ ،‬إال‬ ‫اآلن‪.‬‬
‫أن كل ذلك لم يش����فع لهم لكي يحصلوا على منصب الرئاسة‬ ‫ال ي����زال الدين يظهر بني أنص����ار التيار اجلمهوري في‬
‫األمريكية طوال أكثر من قرنني من الزمان إال مرة واحدة‪.‬‬ ‫شكل عدائي لآلخرين؛ ففي يوم ‪ 11‬أكتوبر ‪2008‬م‪ ،‬وقبل أن‬
‫ويبني اجلدول املرفق مع هذا املق����ال املذاهب املختلفة‬ ‫يظهر (جون ماكني) في أح����د اجتماعات حملته االنتخابية؛‬
‫لرؤساء أمريكا منذ اس����تقاللها‪ ،‬وكيف أن التدين كان سمتاً‬ ‫وقف القس����يس األمريكي (أرنولد كونراد)‪ ،‬وهو راعي سابق‬
‫عد البروتستانت أكبر‬‫مالزماً ملعظم الرؤس����اء األمريكيني‪ .‬ويُ ّ‬ ‫لكنيسة اإلجنيليني األحرار‪ ،‬ليقدم (جون ماكني) إلى جمهوره‬
‫فئة نصرانية داخل الواليات املتحدة‪ ،‬إذ يشكلون ‪ %51.3‬من‬ ‫ا‪« :‬هناك املاليني من الناس حول العالم يصلُّون إللههم‬ ‫قائ��ل� ً‬
‫النصارى‪ ،‬في حني تبلغ نس����بة الكاثوليك من النصارى نسبة‬ ‫الهندوسي أو البوذي أو الله من أجل أن يفوز خصم (ماكني)‪،‬‬
‫‪ .%23.9‬وينقسم النصارى البروتستانت إلى ثالث فئات‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫ألس����باب متنوعة‪ ،‬وإليك ‪ -‬أيها الرب! ‪ -‬أدعو أن حتفظ لنا‬
‫البروتستانت اإلجنيليون «احملافظون»‪ ،%26.3 :‬واإلجنيليون‬ ‫سمعتنا؛ ألنهم سيظنون أن إلههم أكبر منك يا ربنا! إذا حدث‬
‫املعتدلون ‪ ،%18.1‬والبروتستانت السود ‪.%6.9‬‬ ‫هذا؛ لذلك فإنني أدعو أن تتقدم وحتفظ اس����مك في كل ما‬
‫‪25‬‬ ‫ويتباين الرؤساء األمريكيون في مدى إظهارهم لتدينهم‪.‬‬ ‫سيحدث من اليوم وحتى يوم االنتخابات»( ‪.‬‬

‫العدد ‪255‬‬
‫فقد كان كثير منهم يعدون األمر ب ُر ّمته مس����ألة شخصــية‪،‬‬ ‫(  ُب ْع ٌد ديني للحملة االنتخابية األمريكية‪ ،‬ريتشل كالرك‪ ،‬موقع بي بي سي‪ 11 ،‬يناير‬
‫وال يليق احلدي����ث عنها في اإلع��ل�ام‪ ،‬أو للجماهير‪ .‬ورمبا‬ ‫‪2004‬م‪.‬‬
‫‪( Pastor Delivers Odd Invocation at McCain Rally, Laura‬‬
‫كان (جــورج دبليـو بــوش) ‪ -‬كما تؤكــد الباحــثة (ريتش����ل‬ ‫‪Meckler, The Wall Street Journal, October 11, 2008.‬‬
‫ومم����ا يدل أيضاً عل����ى االهتمام غير املس����بوق بالدين‬
‫َّ‬ ‫كالرك) ‪ -‬هو أكثر رؤس����اء الواليات املتح����دة إفصاحاً عن‬
‫في احلمالت االنتخابية الرئاس����ية ما ح����دث في املناظرة‬ ‫تدينه في العص����ر احلديث‪ ،‬إذ يرى كثي����رون بوادر إلميانه‬
‫التليفزيوني����ة األول����ى التي جمعت املرش����حني اجلمهوريني‬ ‫الشخصي في السياسات التي تتبعها إدارته‪ .‬وقد ذكر (أالن‬
‫���ؤال لهم حول‬
‫في ع����ام ‪2007‬م‪ ،‬إذ قام صحفي بتوجيه س� ٍ‬ ‫كوبرمان) في مقال ل����ه صدر في (‪)Washington Post‬‬
‫م����دى قناعتهـم بنظرية التطـور – وهـي النظـرية املخــالفة‬ ‫أن الرئي����س احلالي (جورج بوش) يفه����م لعبة الدين جيداً؛‬
‫لإلجنيــل ‪ -‬فقام ثالثة مرش����حني بالرد الس����لبي جتاه تلك‬ ‫لذلك فإنه أحياناً تش����عر في تعامالت����ه باالجتاه النصراني‪،‬‬
‫النظرية؛ وهم الس����يناتور (س����ام برونباك) س����يناتور والية‬ ‫كما أنه يُعد واحداً من الرؤس����اء امللتزم��ي�ن دينياً واملهتمني‬
‫كانساس‪ ،‬و (مايك هوكابي) احلاكم السابق لوالية أركانساس‪،‬‬ ‫في الوقت نفسه مبصلحة الواليات املتحدة األمريكية؛ فلديه‬
‫وعضو الكونغرس (توم تانكريدو) عن والية كولورادو‪ .‬ويعلق‬ ‫القدرة عل����ى التعامل مع الطوائف الدينية في أمريكا؛ حيث‬
‫على ذلك (جون جرين) أس����تاذ العلوم السياسية في جامعة‬ ‫يجذبها بألفاظ����ه التي يتعلمها منهم ف����ي احلوار‪ ،‬مع عدم‬
‫ال‪« :‬إن معظم األمريكيني ينظرون‬ ‫أكرون في والية أوهايو قائ ً‬ ‫إظه����ار اجتاهاته الدينية صراحة‪ ،‬رغ����م اهتمامه بها حتى‬
‫إلى الدين بوصفه ركناً أساس����ياً في حياتهم؛ وهم شغوفون‬ ‫في مراس����م زواجه‪ ،‬إضافة إلى اهتمامه مبناقش����ات كثيرة‬
‫حقاً بكيفية تأثير التدين على الـ ُمرشحني‪ .‬ويقول ُمستكم ً‬
‫ال‪:‬‬ ‫مع القس (بيلي جراهام) ال����ذي كان صديقاً لعائلة (بوش)‪،‬‬
‫يعد جدي����داً في العملية االنتخابية ه����ذه املرة هو نزوح‬ ‫ما ّ‬ ‫وكثيراً ما كان (بوش) يدعي أنه واحد من القساوس����ة نتيجة‬
‫عدد كبير من املرش����حني الدميقراطي��ي�ن نحو التحدث عن‬ ‫ارتباطه الشديد بهم‪.‬‬
‫���كل يغازل‬
‫معتقداتهم‪ ،‬ونحو تنظيم حمالتهم االنتخابية بش� ٍ‬ ‫وكان املرشحون للمناصب الرئاس����ية األمريكية مييلون‬
‫الناخبني املتدينني( ‪.‬‬ ‫في املاضي إلى ع����دم احلديث عن الدين باملجمل وع ّده من‬
‫وف����ي عام ‪2006‬م قام املرش����ح الدميقراط����ي (أوباما)‬ ‫اخلصوصيات الش����خصية‪ ،‬ولكن (ج����ورج دبليو بوش) كان‬
‫بتوجي����ه النقد إلى زمالئه الدميقراطيني الذين فش����لوا في‬ ‫أول من كس����ر هذه القاعدة بوضوح ف����ي حملته االنتخابية‬
‫إدراك ق����وة العقيدة وتأثيرها على حياة الش����عب األمريكي‪،‬‬ ‫حتدث فيها بإس����هاب عن الدين وعن‬ ‫لع����ام ‪2000‬م‪ ،‬والتي َّ‬
‫ونص����ح احلزب الدميقراطي بضرورة العمل اجلاد لكس����ب‬ ‫حبه الش����ديد للمسيح‪ ،‬واعتباره الفيلسوف األول في العالم‪.‬‬
‫تأييد اإلجنيليني‪ ،‬بل جميع الذين يرتادون الكنائس بانتظام‪.‬‬ ‫وانتقلت ه����ذه الظاهرة‪ ،‬بل وأصبحت ظاهرة الفتة لالنتباه‪،‬‬
‫ويقول (جوشوا دوبويز) مدير الشؤون الدينية حلملة (باراك‬ ‫فالذي يبدو اآلن هو ظهور جميع املرشحني للرئاسة األمريكية‬
‫أوباما) االنتخابية‪ :‬إن (أوباما) «جعل عقيدته الدينية عنصراً‬ ‫���وب ديني غير ُمعتاد‪ ،‬ب����ل غريب على الفكر‬ ‫القادم����ة في ث� ٍ‬
‫ثابتاً في حملته االنتخابية‪ ،‬وعمد إلى أن يكون الدين حاضراً‬ ‫السياس����ي األمريكي خاص ًة‪ ،‬وعلى الفكر السياسي الغربي‬
‫بقوة في أعمال املؤمتر العام للحزب؛ من أجل تكوين تواصل‬ ‫عام ًة؛ حيث يتصف كالهم����ا بال َعلْمانية الواضحة‪ ،‬كما يرى‬
‫مع الناخبني الديني��ي�ن»‪ .‬ويضيف‪(« :‬أوباما) يدرك أن للدين‬ ‫أحد املراقبني املسلمني‪.‬‬
‫والقي����م واملعتقدات مكانة خاصة في حياة األمريكيني»‪ ،‬فهل‬ ‫وخ��ل�ال احلم��ل�ات االنتخابي����ة التمهيدية اس����تهدف‬
‫سيش����فع لـ (أوباما) عند الش����عب األمريكي يوم االنتخابات‬ ‫بوجه عام ‪ -‬الكاثوليك الرومان املعتدلني‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫الدميقراطي����ون ‪-‬‬
‫أنه نصراني بروتس����تانتي؟ أم أن والدته ألب مسلم‪ ،‬وحياته‬ ‫إضاف ًة إلى اخلط الرئيسي في التيار البروتستانتي‪ ،‬وكذلك‬
‫في الس����نوات األولى من عمره في بالد مس����لمة أنقص من‬ ‫اإلجنيليون باتوا من ضمن الـ ُمس����تهدفني لصالح املرشحني‬
‫رصيده «البروتس����تانتي» لدى الناخب األمريكي الذي مييل‬ ‫الدميقراطيني‪ ،‬وهو أمر منطقي؛ فالدميقراطيون يسعون إلى‬
‫إلى انتخاب البروتس����تانت ملنصب الرئاسة كما يشهد تاريخ‬ ‫حصد أكبر عدد من الناخبني املتدينني‪ ،‬أو ذوي االهتمامات‬
‫الواليات املتحدة األمريكية عبر القرنني املاضيني؟‬ ‫الديني����ة واألخالقية في املقام األول‪ ،‬ومن ثم فلم يكن غريباً‬
‫• الدين وسباق الرئاسة لعام ‪2008‬م‪:‬‬ ‫ضمن هذا الس����ياق أن يقوم املرشحون بإعداد احملاضرات‬
‫‪26‬‬
‫ي����روي الكاتب العرب����ي إبراهيم غالي صورة املش����هد‬ ‫ملخاطبة اإلجنيليني الليبراليني‪ ،‬وكان منها على سبيل املثال‪:‬‬
‫العدد ‪255‬‬
‫محاض����رة أقامها احلزب الدميقراطي ف����ي أحد املنتديات‬
‫(  الدين جتارة رائجة في انتخابات الرئاسة األمريكية لعام ‪2008‬م‪ ،‬شبكة النبأ‪21 ،‬‬ ‫االنتخابية حتت عنوان‪ :‬العقيدة‪ ،‬القيم‪ ،‬الفقر‪.‬‬
‫يونيو ‪2007‬م‪.‬‬
‫أحد كتّاب هذه الصحيفة العريق����ة بأن غوغائية وعنصرية‬ ‫الرئيس����ي لدى افتتاح مؤمتر احلزب الدميقراطي األمريكي‬
‫بعض املرشحني تكاد تس����مم املناخ السياسي األمريكي كله‪،‬‬ ‫لعام ‪2008‬م‪ ،‬وهو مش����هد غير مألوف م����ن ناحية ارتباطه‬
‫وتنتكس به إل����ى تعصب ديني‪ ،‬كان الغرب عموماً ‪ -‬وأمريكا‬ ‫بالدين ‪ -‬كما يرى الكاتب ‪ -‬ولم يحدث من قبل في مؤمترات‬
‫خصوص����اً ‪ -‬قد جتاوزه منذ ثالثة ق����رون على األقل‪ ،‬ولكن‬ ‫احلزب من����ذ عقود طويلة‪ ،‬على عك����س احلزب اجلمهوري‬
‫ما لم يش����ر إليه كثير من الك ّت����اب الغربيني هو كيف أصبح‬ ‫الذي يجعل املعتقدات الدينية ركناً أساسياً ثابتاً في حمالته‬
‫اإلسالم أو االنتساب إلى العرب جرمية‪.‬‬ ‫االنتخابية‪ .‬يقول الكات����ب‪« :‬البداية كانت بفرقة من املرتلني‬
‫كان من احمل����زن في األيام األخي����رة للحملة االنتخابية‬ ‫الكنسيني يلقون أنش����ودة وعظ ديني إجنيلي‪ .‬أتبعها حاخام‬
‫أن س����يدة عجوز من أنصار (جون ماك��ي�ن) اتهمت خصمه‬ ‫يهودي يقص حكايات من التوراة حول التس����امح واملستقبل‪.‬‬
‫(باراك أوباما) أنه «عربي»‪ ،‬فس����ارع (جون ماكني) إلى أخذ‬ ‫ث����م الكاثوليكية الش����هيرة (هيلني بريجي����ان) تهاجم بعنف‬
‫امليكروفون منه����ا ليصحح هذا االتهام عن خصمــه اللــدود‬ ‫عقوبة اإلعدام واستخدام املش����نقة‪ .‬العدسات تلتقط امرأة‬
‫ال‪« :‬ال‪ ..‬هذا غير صحيح‪ ..‬إنه إنس����ان محترم»! نفى‬ ‫قــائــ ً‬ ‫مسنة إفريقية‬ ‫مسلمة شابة ترتدي احلجاب جتلس إلى جوار ِ‬
‫(جون ماكني) أن (باراك أوباما) عربي بأنه قال‪ :‬إنه إنس����ان‬ ‫س����مراء‪ .‬وخلي����ط من البروتس����تانت والكاثولي����ك واليهود‬
‫محت����رم! ولم يتحدث اإلعالم العربي عن هذه اإلهانة‪ ،‬وكأن‬ ‫واملسلمني وغير املنتس����بني لدين معني اجتمعوا حتت سقف‬
‫كلمة عربي أصبحت مرادفة لعدم االحترام‪.‬‬ ‫واحد»‪ .‬إن هذا املشهد يعكس حقيقة اهتمام حملة (أوباما)‬
‫• املس��لمون األمريكي��ون يف االنتخاب��ات‬ ‫االنتخابي����ة بالناخبني الدينيني‪ ،‬واس����تيعاب الدميقراطيني‬
‫الرئاسية‪:‬‬ ‫درس االنتخابات السابقة حينما ساعد املتدينون املتشددون‬
‫ظهر ثقل الوجود اإلسالمي داخل الواليات املتحدة بقوة‬ ‫ف����ي إعادة انتخاب بوش االبن‪ ،‬وه����و األمر الذي جعل قادة‬
‫بعد أحداث احلادي عش����ر من سبتمبر ‪2001‬م‪ ،‬حيث تعاظم‬ ‫احلزب الدميقراطي يفكرون كثيراً في هذا األمر»( ‪.‬‬
‫احلديث عن أهمية السعي لكس����ب و ِّدهم وأصواتهم؛ سواء‬ ‫وفي املقابل ‪ -‬ولعلَّ����ه إدراكاً من اجلمهوريني ملا يقوم به‬
‫كان����وا من أصول عربية أو غيرها‪ ،‬حيث إن مش����اركتهم في‬ ‫الدميقراطيون ‪ -‬يلجأ احملافظون اجلدد حتت س����تار تأييد‬
‫االنتخابات األمريكية ستكون مؤثرة جداً‪ .‬و َوفْقاً الستطالعات‬ ‫(جون ماكني) في االنتخابات الرئاس����ية؛ إلى اتهام (أوباما)‬
‫الرأي التي أجريت بعد انتخابات الرئاس����ة األمريكية األولى‬ ‫بأنه س����يكون متعاطفاً مع اإلسالم والعرب واملسلمني بسبب‬
‫لـ (جورج بوش)؛ فإن أصواتهم أثرت أثراً كبيراً أثناء ترشيح‬ ‫أصوله التي تدين بدين اإلس��ل�ام‪ ،‬رغ����م أن مواقفه املعلنــة‬
‫(جورج بوش) في والية فلوريدا لعام ‪2000‬م حيث كان فارق‬ ‫ال تش����ير إلى ذلك‪ .‬الالفت للنظر ه����و وجود محاولة دائمة‬
‫األصوات ضئيال جداً( ‪.‬‬ ‫ودائبة في اإلعالم األمريكي لوصـف أي عــالقة باإلس��ل�ام‬
‫وف����ي األع����وام املاضية حت����رك كثير من الناش����طني‬ ‫أو املسلمني بأنها «مثار شك»‪ ،‬وأن الدين اإلسالمي ليس ديناً‬
‫اإلسالميني لكي يش����جعوا املس����لمني في الواليات املتحدة‬ ‫مقبوالً في الواليات املتحدة‪ ،‬على األقل فيما يتعلق بعالقات‬
‫لتس����جيل أس����مائهم في الدوائ����ر االنتخابي����ة حتى يصبح‬ ‫املرشحني ملنصب الرئاسة األمريكية‪ ،‬وكأن أمريكا في عداء‬
‫للمسلمني وجود قوي هناك وهو ما يدعم موقفهم ومينحهم‬ ‫مع اإلس��ل�ام‪ ،‬رغ����م أنهم دائماً ما يس����ارعون إلى نفي هذه‬
‫تأثيراً واقعياً وملموساً‪.‬‬ ‫التهمة‪.‬‬
‫ومتي����ل اجلالية املس����لمة ف����ي الواليات املتح����دة إلى‬ ‫ومن ذلك ما حدث في إحدى املناظرات بني املرش����حني‪،‬‬
‫التصوي����ت لصالح (ب����اراك أوباما)‪ ،‬وهو م����ا يعد تغيراً في‬ ‫وجه‬
‫وأوردت����ه صحيفة (هيرالد تريبيون) البريطانية‪ ،‬عندما َّ‬
‫موق����ف اجلالية التي س����اندت الرئي����س األمريكي احلالي‬ ‫املذيع (برايان وليامز) سؤاالً إلى (باراك أوباما)‪ ،‬عما يشاع‬
‫في حملته االنتخابية األولى‪ ،‬ثم انقس����مت بني اجلمهوريني‬ ‫عن أنه «مس����لم»‪ ،‬وكان����ت لهجة توجيه الس����ؤال «اتهامية»‪.‬‬
‫‪27‬‬ ‫والدميقراطيني في انتخاب����ات عام ‪2004‬م‪ ،‬لتنتقل بقوة في‬ ‫وكذلك أجاب (أوباما) بلهجة قاطعة ‪ -‬كما لو كان يقول‪ :‬أنا‬
‫انتخابات عام ‪2008‬م ملس����اندة املرشح الدميقراطي (باراك‬ ‫بريء من هذا االتهام ‪ -‬في كلمتني هما «أنا مسيحي»‪ .‬ويعلق‬
‫العدد ‪255‬‬

‫(  الدين يتدخل في اختيار الناخبني األمريكيني بني (أوباما) و (ماكني)‪ ،‬إبراهيم غالي‪،‬‬
‫(  تأثير القوى الدينية في انتخابات الرئاسة األمريكية‪ ،‬جون فرانسوا مايير‪ ،‬موقع‬ ‫تقرير واشنطن‪ 15 ،‬أغسطس ‪2008‬م‪.‬‬
‫مرصد األديان‪ ،‬نقله إلى العربية موقع إسالم أون الين‪ 11 ،‬أكتوبر ‪2004‬م‪.‬‬
‫وهم كذلك يفعلون الش����يء نفسه عندما يتحدثون عن (جون‬ ‫أوباما)‪ .‬ويخش����ى املس����لمون في أمريكا وخارجها أيضاً من‬
‫ماكني)‪.‬‬ ‫أن يكون املرشح الرئاس����ي للحزب اجلمهوري (جون ماكني)‬
‫م����ا أهمية ذل����ك؟ تكمن أهمية ه����ذه النقطة أن (جون‬ ‫هو امتداد لسياس����ة (جورج بوش)‪ ،‬ومييل بعضهم أيضاً إلى‬
‫ماكني) لم يعرف عنه الوالء ألحد سوى طموحاته الشخصية‪،‬‬ ‫اتهامه بال����والء أو االرتباط بتيار احملافظني اجلدد املعروف‬
‫ول����م يعرف بالثبات على املبادئ الفكري����ة أو الدفاع الكامل‬ ‫مبيول����ه إلى العدوانية‪ ،‬وإصراره على الهيمنة األمريكية على‬
‫عنها‪ ،‬من أجل ذلك يصعب تصور أن يبقى (جون ماكني) في‬ ‫العالم‪ ،‬والدعم غير احملدود للكيان الصهيوني وأطماعه في‬
‫حال انتخابه رئيس����اً ألمريكا مواليا ُ للمحافظني اجلدد؛ ألن‬ ‫فلس����طني‪ .‬وبس����بب تهمة االرتباط باحملافظني اجلدد؛ فإن‬
‫أجندتهم أيديولوجياً ال تتناس����ب مع طموحات (ماكني)‪ ،‬وإن‬ ‫الصوت االنتخابي املس����لم ذهب غالباً إلى (جون ماكني) في‬
‫كانت مواقفهم السياسية تالئم رغباته وطموحاته أيضاً‪.‬‬ ‫انتخابات عام ‪2008‬م‪.‬‬
‫بالطبع هناك من يرى الصورة بش����كل مغاير‪ ،‬فكثير من‬ ‫• هل (جون ماكني) من احملافظني اجلدد؟‬
‫أصدقاء (جون ماكني) هم من قيادات تيار احملافظني اجلدد‪،‬‬ ‫ال يُظهِ ر املرشح اجلمهوري (جون ماكني) ارتباطاً مباشراً‬
‫وعلى رأس����هم الكاتب واملفكر املعروف وليام كرستول‪ ،‬الذي‬ ‫باحملافظني اجلدد‪ ،‬رغم أن سياسته اخلارجية تكاد تتطابق‬
‫يعد الشخصية األكثر تأثيراً في هذا التيار‪ .‬وقد كتب (ويالم‬ ‫ّ‬ ‫مع توجهاتهم‪ ،‬ولكنه ال يع ّد نفـــسه منهــم‪ ،‬وهــم بالتأكيــد‬
‫كريستول) في عموده في صحيفة (نيويورك تاميز) في بداية‬ ‫يعدونه أح����د املقاتلني في حروبهم اخليالية مع ش����عوب‬ ‫ال ّ‬
‫العام ثنا ًء منقطع النظير على (جون ماكني)‪ ،‬وقال‪ :‬إنه ليس‬ ‫األرض الرافضة لهيمنته����م‪ .‬لقد عانى (جون ماكني) بصفة‬
‫فقط مرش����حاً رئاسياً ألمريكا‪ ،‬ولكن ش���� َّبهه أيضاً برئيس‬ ‫ش����خصية من ويالت احلروب األمريكية مع شعوب األرض‪.‬‬
‫الوزراء البريطاني (ونس����تون تشرشل)‪ ،‬في أنه سيضع نهاية‬ ‫مت أسره وهو شاب في مقتبل العمر في فيتنام‪ ،‬وأمضى‬ ‫فقد َّ‬
‫للحرب على اإلرهاب‪ ،‬وسيخرج الغرب منها منتصراً كذلك!‬ ‫س����نوات في املعتقل‪ ،‬ومت تعذيبه على يد املقاومة الفيتنامية‬
‫ويعرف (وليام كريس����تول) بأنه أحد ِّ‬
‫املنظرين الرئيسيني‬ ‫لالحتالل األمريكي‪ ،‬وعاد من فيتنام وهو على قناعة تامة أن‬
‫إلستراتيجية مش����روع القرن األمريكي للمحافظني اجلدد‪،‬‬ ‫أمريكا ال يجب أن تتدخل عس����كرياً ضد دول أخرى‪ ،‬إال إن‬
‫ويرى أنه رغم مشاكل تطبيق هذه اإلستراتيجية‪ ،‬وما وصفه‬ ‫مهدداً بش����كل حتمي‪ .‬كان هذا‬‫كان األمن القومي األمريكي َّ‬
‫باألخطاء الت����ي وقعت فيها إدارة الرئي����س (بوش)؛ إال أنه‬ ‫هو موقف (جون ماكني) عندما عاد في عام ‪1960‬م‪.‬‬
‫لي����س أمام الواليات املتحدة خي����ارات عديدة بديلة عن تلك‬ ‫ولك����ن مع مرور الوقت بدأ يظهر تغير في مواقف (جون‬
‫اإلستراتيجية‪.‬‬ ‫ماكني) تقترب به م����ن مواقف احملافظني اجلدد‪ ،‬فقد دافع‬
‫ويقول في عبارة دالة على طبيعة فكر احملافظني اجلدد‪:‬‬ ‫(جون ماكني) عن التدخل العس����كري األمريكي في كوسوفا‪،‬‬
‫«ليس هناك أحد يفكر في قبول األوضاع التي كانت قائمة في‬ ‫مهددة‬
‫رغم أن املصال����ح القومية العليا األمريكي����ة لم تكن َّ‬
‫الش����رق األوسط قبل احلادي عشر من سبتمبر‪ ،‬أو استمرار‬ ‫بش����كل مباشر‪ ،‬وكذلك احلال في أفغانستان ثم العراق‪ ،‬فقد‬
‫الواليات املتحدة في التعامل مع حكام املنطقة الدكتاتوريني‪،‬‬ ‫أ َّيد (جون ماكني) اإلدارة األمريكية احلالية في كل ما قامت‬
‫كما ال ميكن ألحد اس����تبعاد جلوء الواليات املتحدة إلى مبدأ‬ ‫به من اعتداءات‪ ،‬وقام (جون ماكني) في الفترة من بداية هذا‬
‫احل����روب االس����تباقية في عالم محفوف مبخاطر أس����لحة‬ ‫القرن امليالدي بتعيني عدد من احملافظني اجلدد في مكتبه‪،‬‬
‫الدمار الشامل»‪.‬‬ ‫وكذلك التعاطف مع مواقفهم خاصة في قضايا السياس����ة‬
‫بالنس����بة لهذا الفريق من احمللل��ي�ن فإن عالقات (جون‬ ‫اخلارجي����ة واألمن القومي األمريكي‪ .‬وعندما س����ئل (جون‬
‫ماك��ي�ن) بهذا التيار‪ ،‬وقربه الش����ديد م����ن قياداته الفكرية؛‬ ‫ماك��ي�ن) عن موقفه من احملافظني اجلدد‪ ،‬في حوار صحفي‬
‫ستطبع رئاسة ماكني بسياسات احملافظني اجلدد بشكل قد‬ ‫مؤخ����راً؛ قال ما نصه‪« :‬بوجه عام أن����ا أوافقهم‪ ،‬وأحترمهم‬
‫يك����ون أخطر من فترة (جورج بوش) كذلك؛ بس����بب العقلية‬ ‫بشكل كبير جداً»‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫املقاتل����ة لـ (جون ماكني)‪ ،‬واس����تعداده الفط����ري للمخاطرة‬ ‫بالطب����ع هذا الثناء الواضح يؤك����د أمرين‪ :‬األمر األول‪:‬‬
‫العدد ‪255‬‬
‫واملجازفة‪.‬‬ ‫أنه على قناعة تامة بسياس����اتهم وتوجهاتهم‪ .‬واألمر الثاني‪:‬‬
‫قد يكون ما سبق صحيحاً من ناحية ميول (جون ماكني)‬ ‫أن����ه ليس منهم‪ ،‬مبعنى‪ :‬أنه يتحدث عنهم بأنهم طرف ثالث‪،‬‬
‫األمريكية‪.‬‬ ‫العنيف‪ ،‬ولك����ن الواقع األمريكي‪ ،‬وانحس����ار مد احملافظني‬
‫ثالثاً‪ :‬تعزيز عملية اإلصالح السياس����ي واالقتصادي في‬ ‫اجلدد ف����ي الواقع العملي‪ ،‬وعجزه����م عن حتقيق جناحات‬
‫اخلارج‪.‬‬ ‫عملية لسياس����ات الهيمنة والقهر؛ س����يؤدي ذلك مع زيادة‬
‫ً‬
‫رابع����ا‪ :‬قبول أمريكا بدورها الفري����د في احلفاظ على‬ ‫األزم����ات االقتصادية إلى االبتعاد عنه����م من قِ َبل أي رئيس‬
‫نظام عاملي صديق للمبادئ األمريكية( ‪.‬‬ ‫أمريكي قادم؛ سواء كان من اجلمهوريني أو الدميقراطيني‪.‬‬
‫لي����س من املتوقع أن يس����تعيد احملافظون اجلدد قوتهم‬ ‫• هل سيعود احملافظون اجلدد؟‬
‫مع فوز (جون ماكني) بالرئاس����ة األمريكي����ة‪ ،‬أو أن يتقبلهم‬ ‫يع����د احملافظون اجلدد أن ف����وز (ماكني) أولوية قصوى‬
‫املجتم����ع األمريكي الذي عانى من خططهم ومش����روعاتهم‬ ‫ملش����روعهم ولبقائهم ضمن دائرة الضوء والتأثير املباشر في‬
‫طوال األعوام املاضية‪ .‬سينجح احملافظون اجلدد في توجيه‬ ‫أروقة السياسة األمريكية‪.‬‬
‫اإلدارة اجلمهورية بشكل غير مباشر‪ ،‬وخاصة في السياسات‬ ‫لقد فشل احملافظون اجلدد في إقناع الشعب األمريكي‬
‫اخلارجية واملتعلقة بالش����رق األوسط وروسيا حتديداً‪ ،‬ولكن‬ ‫أن الدين يعطي عدالة حلروبهم‪ ،‬كما فشلوا في إقناع العالم‬
‫لن يك����ون لهم النفوذ والس����يطرة الكاملة الت����ي متتعوا بها‬ ‫أن احملافظني اجلدد يع ِّبرون عن أي دين س����وى دين النفعية‬
‫في الس����نوات املاضية في ظ����ل إدارة (جورج بوش) و (ديك‬ ‫والهيمن����ة‪ ،‬ويرى العديد من اخلبراء واحملللني السياس����يني‬
‫تشيني)‪.‬‬ ‫األمريكي��ي�ن أن احملافظني اجلدد فش����لوا في توفير منوذج‬
‫أما م����ع فوز (ب����اراك أوبام����ا) بالرئاس����ة األمريكية؛‬ ‫في العراق يصلح مثاالً لتطبيق مش����روعهم املسمى (القرن‬
‫ف����إن احملافظون اجلدد يفق����دون ما تبقى م����ن بريق لهم‪،‬‬ ‫األمريك����ي اجلديد) والذي كان يس����تهدف ف����رض الهيمنة‬
‫وسيحاولون توجيه السياسات اخلارجية األمريكية من خالل‬ ‫األمريكية على العالم من خالل‪:‬‬
‫مقاعد املعارضة من ناحية‪ ،‬وباستخدام وسائل الضغط غير‬ ‫أوالً‪ :‬زيادة ميزانية الدف����اع األمريكية وحتديث القوات‬
‫املباش����ر من ناحية أخرى؛ كاإلعالم واملراكز الفكرية والقوى‬ ‫األمريكية لتكون جاهزة لفلس����فة اس����تخدام القوة لتحقيق‬
‫الضاغطة والشركات الكبرى‪.‬‬ ‫املصالح األمريكية في اخلارج‪.‬‬
‫وهن����اك من يرى أن املجتمع األمريكي لن يس����مح بعودة‬ ‫ثانياً‪ :‬تعزيز العالقات م����ع الدول الدميقراطية احلليفة‬
‫احملافظني اجلدد ليس بس����بب االخت��ل�اف الفكري معهم‪،‬‬ ‫وحت���� ِّدي أمري����كا لنُظم احلك����م املعادية للمصال����ح والقيم‬

‫‪2008‬‬

‫‪29‬‬
‫العدد ‪255‬‬

‫(  تقويض أوهام احملافظني اجلدد في العراق‪ ،‬محمد ماضي‪ ،‬واشنطن‪ ،‬خاص بوكالة‬
‫أنباء سويس إنفو‪ ،‬إدارة التحرير‪ 7 ،‬يوليو ‪2004‬م‪.‬‬
‫الكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جاميس بوكانان‬ ‫‪15‬‬ ‫ولكن بسبب األزمة االقتصادية التي متس املجتمع األمريكي‪،‬‬
‫نشأ على الكنيسة املعمدانية البروتستانتية‪،‬‬ ‫أبرهام لنكولن‬ ‫‪16‬‬ ‫الديْن العام‪ .‬ففي دراسة اقتصادية أعدت‬ ‫وتتس َّبب في زيادة َّ‬
‫وبعدها لم يلتزم مبذهب‪ ،‬مع اإلقرار‬
‫الديْن العام للواليات‬‫مؤخراً أش����ار عدد من الباحثني إلى أن َّ‬
‫بالربوبية‪.‬‬
‫املتح����دة األمريكي����ة يتزايد بنس����بة واضحة م����ع اإلدارات‬
‫نصراني دون االلتزام مبذهب‪.‬‬ ‫أندرو جونسون‬ ‫‪17‬‬
‫اجلمهورية‪ ،‬وخاص����ة تلك التي متيل إل����ى تيار احملافظني‬
‫البروتستانتية‪،‬‬ ‫املشيخية‬ ‫الكنيسة‬ ‫أوليسيس جرانت‬ ‫‪18‬‬
‫ميثوديست‪.‬‬ ‫اجل����دد‪ ،‬وتتأثر به؛ ألنها تنفق بش����كل ضخم على التس����لُّح‬
‫البروتستانتية‪،‬‬ ‫املشيخية‬ ‫الكنيسة‬ ‫رازرفورد هايس‬ ‫‪19‬‬ ‫واملغامرات العسكرية اخلارجية على حساب الدخل القومي‬
‫ميثوديست‪.‬‬
‫األمريكي‪ .‬والرسم البياني املرفق يوضح باللون األحمر كيف‬
‫كنيسة حواريي املسيح البروتستانتية‪.‬‬ ‫جاميس جارفيلد‬ ‫‪20‬‬
‫الديْن العام في ظــل إدارات (رونــالد ريجان)‬ ‫تزايدت نسبة َّ‬
‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫تشيستر أرثر‬ ‫‪21‬‬
‫و (جورج بوش األب) في القرن املاضي‪ ،‬ثم عادت إلى الزيادة‬
‫الكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جروفر كليفالند‬ ‫‪22‬‬
‫مرة أخرى في ظل إدارة (جورج دبليو بوش االبن)‪.‬‬
‫الكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫بنجامني هاريسون‬ ‫‪23‬‬
‫لــذل����ك ميكن الق����ول باملجمل‪ :‬إنه ليــ����س من املتوقع‬
‫الكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جروفر كليفالند‬ ‫‪24‬‬
‫في األع����وام القادمة أن يس����تعيد احملافظون اجلدد قوتهم‬
‫الكنيسة املنهجية البروتستانتية‪.‬‬ ‫وليام ماكينلي‬ ‫‪25‬‬
‫وس����يطــرتهم عل����ى اإلدارات األمريكية‪ ،‬ولكنهم س����يبقون‬
‫الكنيسة الكالفينية البروتستانتية‪ ،‬ثم‬ ‫ثيودور روزفلت‬ ‫‪26‬‬
‫األسقفية‪.‬‬ ‫بالتأكي����د إح����دى القوى املؤثرة على الس����احة السياس����ية‬
‫الكنيسة التوحيدية البروتستانتية‪.‬‬ ‫وليام هاورد تافت‬ ‫‪27‬‬ ‫األمريكي����ة‪ ،‬وخاصة في مجاالت السياس����ة اخلارجية‪ ،‬وما‬
‫الكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫وودورد وليسون‬ ‫‪28‬‬ ‫يرتبط منها بالتعامل مع الش����رق األوس����ط والعالم العربي‬
‫الكنيسة املعمدانية البروتستانتية‪.‬‬ ‫وارن هاردجن‬ ‫‪29‬‬ ‫واإلسالمي‪.‬‬
‫الكنيسة اجلمعية البروتستانتية (كل كنيسة‬ ‫كالفني كوليدج‬ ‫‪30‬‬
‫تدير شؤونها)‪.‬‬
‫الديانة واملذهب‪.‬‬ ‫الرئيس األمريكي‬ ‫الرقم‬
‫طائفة الكويكرز‪.‬‬ ‫هربرت هوفر‬ ‫‪31‬‬
‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جورج واشنطن‬ ‫‪1‬‬
‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫فرانكلني ديالنو روزفلت‬ ‫‪32‬‬
‫الكنيسة التوحيدية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جون آدامز‬ ‫‪2‬‬
‫الكنيسة املعمدانية اجلنوبية البروتستانتية‪.‬‬ ‫هاري ترومان‬ ‫‪33‬‬
‫نشأ على مذهب الكنيسة األسقفية‬ ‫توماس جيفرسون‬ ‫‪3‬‬
‫بدأ مع إخوة النهر‪ ،‬ثم مع شهود يهواه‪ ،‬ثم‬ ‫دوايت أيزنهاور‬ ‫‪34‬‬ ‫البروتستانتية‪ ،‬وبعد ذلك لم يلتزم‬
‫الكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫مبذهب‪ ،‬وإن كان مييل إلى العقائد‬
‫التوحيدية البروتستانتية‪.‬‬
‫الكنيسة الكاثوليكية‪.‬‬ ‫جون كنيدي‬ ‫‪35‬‬
‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية (مذهب‬ ‫جاميس ماديسون‬ ‫‪4‬‬
‫كنسية حواريي املسيح البروتستانتية‪.‬‬ ‫ليندن جونسون‬ ‫‪36‬‬
‫الربوبية)‪.‬‬
‫طائفة الكويكرز‪.‬‬ ‫ريتشارد نيكسون‬ ‫‪37‬‬
‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية (مذهب‬ ‫جاميس مونرو‬ ‫‪5‬‬
‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جيرالد فورد‬ ‫‪38‬‬ ‫الربوبية)‪.‬‬

‫البروتستانتية‪،‬‬ ‫املعمدانية‬ ‫الكنيسة‬ ‫جيمي كارتر‬ ‫‪39‬‬ ‫الكنيسة التوحيدية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جون كوينسي آدمز‬ ‫‪6‬‬
‫وقبلها الكنيسة املعمدانية اجلنوبية‬
‫الكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫أندرو جاكسون‬ ‫‪7‬‬
‫البروتستانتية‪.‬‬
‫الكنيسة الكالفينية البروتستانتية‪.‬‬ ‫مارتن فان برن‬ ‫‪8‬‬
‫كنيسة حواريي املسيح البروتستانتية‪،‬‬ ‫رونالد ريجان‬ ‫‪40‬‬
‫والكنيسة املشيخية البروتستانتية‪.‬‬ ‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫ويليام هنري هاريسون‬ ‫‪9‬‬

‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جورج إتش بوش‬ ‫‪41‬‬ ‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية (مذهب‬ ‫جون تايلور‬ ‫‪10‬‬
‫الربوبية)‪.‬‬
‫الكنيسة املعمدانية البروتستانتية‪.‬‬ ‫جيفرسون‬ ‫وليام‬
‫كلينتون‬
‫‪42‬‬
‫البروتستانتية‪،‬‬ ‫املشيخية‬ ‫الكنيسة‬ ‫جاميس نوكس بوك‬ ‫‪11‬‬ ‫‪30‬‬
‫ميثوديست‪.‬‬
‫ميثوديست‪ ،‬وكان سابقاً ينتمي إلى الكنيسة‬ ‫(جورج دبليو بوش)‬ ‫‪43‬‬
‫األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫زاكري تايلور‬ ‫‪12‬‬ ‫العدد ‪255‬‬
‫الكنيسة التوحيدية البروتستانتية‪.‬‬ ‫ميالرد فيلمور‬ ‫‪13‬‬

‫الكنيسة األسقفية البروتستانتية‪.‬‬ ‫فرانكلني بيرس‬ ‫‪14‬‬

You might also like