Professional Documents
Culture Documents
الدميقراطي واجلمهوري كما سنوضح فيما يلي. -بصرف النظر عن مساحتها أو عدد سكانها -في مجلس
• دور املنتخبني ( ،)Electorsوآلية اختيارهم: الش���يوخ ()The Senate؛ لذلك فــإن إجمالي عدد أعضاء
العدد 255 يق���وم كل حزب من األحزاب املرش���حة قبل االنتخابات مجلس الشيوخ األمريكي هو 100عضو (من خمسني والية)،
باختيار ع���دد املنتخبني ( )Electorsاملطلوب في كل والية، ويسمى كل عضو في مجلس الشيوخ سيناتور (.)Senator
يصب���ح مندوبو احلزب الذي فاز به���ذه الوالية هم املكلفون مبجلس���يْه (الشيوخ والنواب)
َ وهو عدد أعضاء الكوجنرس
بانتخاب الرئيس باإلدالء بأصواتهم عن تلك الوالية ،ويحصل نفس���ه عن هذه الوالي���ة ،أي :أن كل ح���زب يختار من بني
احل���زب الفائز على احلق في إرس���ال ممثليه من املنتخبني أعضائه عدد 538ش���خصاً على مس���توى جميع الواليات،
( )Electorsللتصويت في انتخابات الرئاسة بني املنتخبني ويتم اإلعالن عن أس���ماء هؤالء املنتخبني ( )Electorsقبل
( ،)Electorsوالتي جترى بعد االقتراع العام بشهر ،أي :في االنتخاب���ات األمريكية ،كما يتم تس���جيل ه���ؤالء املنتخبني
شهر ديسمبر. ( )Electorsفي السجالت الرسمية للوالية.
وفي شهر ديسمبر وفي يوم اإلثنني الذي يعقب األربعاء أم���ا كيف يتم اختيار هؤالء املنتخب�ي�ن فهي تختلف من
األول من الش���هر وعقب االقتراع الرئاسي يجتمع املنتخبون والية ألخرى ،ومن حزب آلخر أيضاً .ففي كثير من األحيان
(أعضاء املجموع االنتخابي) في عواصم والياتهم ،في مبنى يتم اختي���ار املنتخب�ي�ن ( )Electorsتعبيراً ع���ن التقدير
العاصم���ة لكل والي���ة ،ويدلون بأصواتهم ،باقتراع س���ري، واالمتنان لهم لوالئهم للحزب ،أو لتفانيهم في خدمة املجتمع
الختيار رئيس اجلمهورية ونائب الرئيس. من خالل احلزب ،أو ألية أسباب أخرى ال عالقة لها حقيقة
ولكي يُنتخ���ب رئيس اجلمهورية فإن���ه يحتاج إلى 270 بالدور احلاس���م الذي يلعبه ه���ؤالء املنتخبون خصوصاً في
صوتاً من أصوات املجم���وع االنتخابي ،ثم جتمع نتائج هذا الواليات التي يحق لهم فيه���ا االنفراد برأيهم في التصويت
التصويت ،وترس���ل مغلقة وس���رية إلى رئي���س الكوجنرس ومخالفة إجماع سكان الوالية ،وما أسفر عنه االقتراع العام
األمريكي ،والذي يقوم بدوره في اليوم الس���ادس من ش���هر فيها كما سيظهر الحقاً ،وعادة ما يتم اختيار هؤالء املنتخبني
يناير من العام املقبل ،بفت���ح املظاريف اخلاصة بالتصويت، في مؤمتر احلزب على مس���توى الوالية ،ويشترط في هؤالء
واإلعالن الرس���مي ع���ن الرئيس القادم للوالي���ات املتحدة املنتخب�ي�ن ( )Electorsأال يكونوا من أعضاء الكوجنــرس،
���ي الش���يوخ والنواب في جلسة
مجلس ِ
َ األمريكية ،في وجود أو ممن يعملون في مناصب علي���ا في احلكومة الفيدرالية،
مش���تركة ،ومن ثم يحق للرئيس املنتخب ونائبه تو ِّلي املنصب وأال يعرف عنهم العداء للواليات املتحدة( .
رسمياً ،واإلدالء بق ََسم القبول في ظهر يوم 20يناير. ومهمة ه���ؤالء املنتخب�ي�ن ( )Electorsأن يقوموا بعد
حيدد الفائز؟
• كيف َّ إعالن نتيجة االقتراع على مستوى الوالية بانتخاب الرئيس
يحصل احلزب املمثل للمرش���ح الفائز في أي والية على األمريكي ونائبه ،في حال فوز حزبهم في هذه الوالية ،ومن ثم
حق إرس���ال مندوبيه لإلدالء بكل األص���وات االنتخابية عن فه���م يعدون ممثلني عن احلزب في اإلدالء بأصواتهم املعبرة
الوالية ،وليس فقط نسبة ما حصل عليه املرشح من األصوات. ع���ن موقف احلزب في هذه الوالية التي فاز بها احلزب من
وجميع الواليات األمريكية تتبع هذا النظام عدا واليتي ماين خالل االقتراع العام.
ونبراس���كا ،وهو مبدأ أن «الفائز بأغلبية األصوات الشعبية وف���ي موعد االقتراع العام -وه���و الثالثاء الذي يعقب
يكسب جميع أصوات الوالية في املجموع االنتخابي» ،والفائز أول يوم اثنني في ش���هر نوفمبر من الس���نة التي تعقد فيها
في االنتخابات الرئاسية هو من يحصل على أصوات أكثر من االنتخاب���ات الرئاس���ية -يذهب س���كان كل والية ممن لهم
نصف عدد املنتخبني ( ،)Electorsأي :أكثر من 270صوتاً ���ي الرئيس ونائبه ،وبعد
حق التصويت لالقتراع على منص َب ْ
انتخابياً ،وال بد أن يحصل املرشح الرئاسي على 270صوتاً ص���دور النتائج حتدد كل والية من الواليات املرش���ح الفائز
أو أكث���ر لكي يعد فائزاً في االنتخاب���ات ،وال تكفي األغلبية ف���ي االقتراع في ه���ذه الوالية ،وفور إعالن ه���ذه النتيجة
فقط ،ويتم ذلك بصرف النظر عن نتيجة االختيار الش���عبي العدد 255
إن خالفت املجموع االنتخابي. ( How the Electoral College Works, by Kevin Bonsor, How
stuff works, 13 October, 2008.
وق���د حدث ذلك في تاريخ الوالي���ات املتحدة مرتني من وكان هذا هو س���بب حصول جورج ب���وش على منصب
قبل ،إحداهما :أس���فرت عن اختيار (توماس جيفرس���ون) الرئاس���ة في انتخابات عام 2000م ،رغم أنه لم يحصل على
رئيساً في عام 1801م ،واألخرى :أسفرت عن اختيار (جون أغلب أصوات الش���عب ،فقد حصل (جورج بوش) على 271
كوينسي آدامز) في عام 1825م. صوتاً انتخابياً ( ،)Electorsبينما لم يحصل (آل جور) في
أما إذا تعادلت األصوات االنتخابية لنائب الرئيس فيقوم تل���ك االنتخابات إال على 266صوتاً ،رغ���م أنه فاز بأغلب
مجلس الش���يوخ -ولي���س مجلس الن���واب -باختيار نائب أصوات الشعب ،أي :أن الشعب األمريكي قد اختار باألغلبية
الرئيس. ف���ي عام 2000م أن يكون (آل جور) رئيس���اً له ،ولكن نظراً
ويتض���ح هن���ا أن التعادل ف���ي األص���وات االنتخابية آللية االنتخاب غير املباش���ر ،وأن من يفوز في والية يحصد
( - )Electoral Votesوهو أمر وارد -يحول االنتخابات كل أصواتها االنتخابية ،وليس فقط نس���بة ما حصل عليه،
الرئاسية بعيداً متاماً عن اختيار الشعب األمريكي. فقد مت إعالن جورج بوش رئيساً للواليات املتحدة األمريكية
ويقول كثير من احملللني وخبراء االنتخابات إن هذا النظام في تلك السنة رغم أن الشعب األمريكي لم يختره تبعاً لنتيجة
غير املباش���ر بأكمله ال يع ِّبر في احلقيق���ة عن دميقراطية التصويت الشعبي.
كاملة ،وإمنا هي دميقراطية غير مباش���رة ومنقوصة كذلك. • ماذا ع��ن التعادل ،أو ع��دم احلصول على 270
كما يرى آخرون أن ثغرات هذا النظام ميكن أن تتس��� ِّبب في صوتًا؟
أزمات دس���تورية وعملية حقيقية في حال انقس���ام الشعب ينص الدس���تور األمريكي أنه في حال تعادل األصوات
األمريكي بشكل حا ٍّد حول من يجب أن يحكمه ،وأن انتخابات االنتخابية ( ،)Electoral Votesأو في حال عدم حصول
عام 2008م قد تكون بداية لظهور هذه املشكالت في النظام أي من املرشحني على األغلبية الالزمة للفوز ،وهي 270صوتاً
االنتخابي احلالي. م���ن أصوات املجموع االنتخابي؛ فإن األمر يُحال بأكمله إلى
• ثغرة انتخابية: مجلس النواب األمريكي بناء على التعديل 12من الدستور،
االنتخابات األمريكية الرئاس���ية جتري َوفْق الدس���تور ويقوم مجلس النواب باختيار رئيس الواليات املتحدة من بني
األمريك���ي والقانون الفيدرالي ،وليــ���س قوانني الواليــات. املرش���حني ،وذلك بإعطاء صوت واحد ملمثلي كل والية من
وال يوجد في القانون الفيدرالـ���ي األمريكــي لالنتخــابات الواليات ،ويتم التصويت بني املرشحني الثالثة الذين حصلوا
أو الدس���تور األمريكي ما يطالب أي منتخب ( )Electorأن على أعلى نسبة في االنتخابات التي لم حتسم.
يلتزم برأي واليته أو حزب���ه أو نتيجة االقتراع العام ،ويعني وال يلتف���ت في هذه احلالة إلى رأي الش���عب األمريكي
هذا :أن الدس���تور يسمح لهذا الش���خص بأن يصوت برأيه ال���ذي مت التعبير عنه من خالل االقتراع العام ،فحتى لو أكد
الشخصي فقط. االقتراع العام موافقة الش���عب األمريكي على اختيار مرشح
املتع���ارف عليه اصطالحاً وليس قانوناً أو دس���تورياً أن بعين���ه بإعطائه عدداً أكبر من األصوات؛ فإن األمر في حال
يصوت املنتخب���ون ( )Electorsالذين ميثلون كل حزب فاز تعادل األصوات االنتخابية ( )Electoral Votesينقل إلى
في والية ما برأي س���كان الوالية نفس���ه والذي تَع ِّبــر عنه مجلس النواب الختيار من يراه املجلس رئيساً للدولة ،وهذا
نتيجة االقت���راع العام في هذه الوالية في يوم االقتراع العام خلل واضح في العملي���ة الدميقراطية؛ فال تعاد االنتخابات
(الثالثاء األول من شهر نوفمبر) .ولكن هذا لم يحدث دائماً، مث ً
ال ،أو يتم اختيار الرئيس بشكل دميقراطي مباشر ،ولكن
العدد 255 يس���مى بـ (املنتخب اخلائ���ن) أو (املنتخب عدمي
َّ وظهر ما يس���تعاض عن انتخابات غير مباش���رة باختيار غير مباشر
اإلمي���ان) ،أو ( ،)Faithless Electorوه���و املنتخب الذي أيضاً.
أنه في الواليات التي ال تلزم املنتخبني ( )Electorsبنتيجة يصوت بخالف املتوقع منه.
االقتراع؛ إذا اخت���ار أحد املنتخبني أن يدلي بصوته بخالف من أجل ذلك س���عت بعض الواليات إلى إلزام املنتخبني
ما اختار س���كان الوالية ،وبخ�ل�اف توجه حزبه الذي ميثله؛ ( )Electorsبنتيج���ة االقتراع ف���ي الوالية ،وذهبت واليات
فإن رأي هذا الش���خص يقدم على رأي اجلماهير ،ويصبح أخرى إل���ى ح ِّد جترمي ذلك .ومب���ا أن القوانني التي حتكم
ص���وت هذا املنتخب ( ،)Electorهو الفيصل النهائي فيمن الواليات األمريكية مختلفة ،وكل والية لها قوانينها اخلاصة
س���تنتخبه الوالية عنها ،وال يتعرض املنتخب ( )Electorفي ف���ي مختلف جوانب احلياة السياس���ية والعام���ة؛ فإن هذه
أي مساءلة قانونية؛ لذلك فمن حق املنتخبني
هذه احلالة إلى ِّ القوانني تختلف أيضاً في دور املنتخبني ( )Electorsودرجة
( )Electorsاملمثلني ملواطني 24والية أمريكية أن يختاروا التزامه���م بنتيجة االقتراع في الوالية .كما أن فقهاء القانون
بأنفس���هم ،و َوفْق رأيهم الشخصي املرش���ح الذي يروق لهم الدس���توري األمريكي يرون أنه من غير املمكن لقانون والية
بصرف النظر عن رأي مواطن���ي الوالية ،أو أن ميتنعوا عن أن يعلو فوق قانون فيدرالي أو الدس���تور نفسه ،ومن ثم فإن
التصويت إن رأوا ذلك. األصل الدستوري أن املنتخب له احلق الكامل في التصويت
كيف ميكن أن يكون ذل���ك دميقراطياً؟ هذا املنتخب لم بالشكل الذي يراه هو ،وال يوجد أي إلزام دستوري له باتِّباع
ينتخبه عموم الش���عب ،بل مت اختياره على مس���توى احلزب نتيجة التصويت العام ،أو رأي حزبه أو واليته.
ف���ي الوالية فقط ،وكان هذا االختيار َوفْق آليات داخلية في واس���تقر األمر في هذه االنتخابات على وجود 24والية
احلزب نفس���ه ،وهي شروط متغيرة أيضاً من والية ألخرى، أمريكية من الواليات اخلمس�ي�ن ال تل���زم قوانينها املنتخبني
وهي بالعموم شروط بسيطة ،منها :أال يكون قد أدين بجرمية ( )Electorsبضرورة التصويت في االنتخابات الرئاس���ية
مخلة ،وأال يكون من العاملني في احلكومة الفيدرالية .ويحق بش���كل مطابق لنتيجة االقتراع املعبر عن رأي الشعب ،وإن
لهذا املنتخب أن يضرب برأي سكان الوالية عرض احلائط، كان املتوقع منهم أن يفعلوا .ويل���زم املنتخبون ()Electors
وأن يجعل رأيه الش���خصي هو فوق رأي جميع سكان الوالية في الواليات الـ 26األخرى بالتصويت وفقاً لنتيجة االقتراع
يقدرون بعش���رات املاليني من األشخاص ،كما
حتى لو كانوا ّ العام في كل والية ،وذلك تبعاً لقوانني على مســتوى الــوالية
هي احلال في العديد من الواليات األمريكية. قــ���د ال يكون لها صفة حقيقية على املس���توى الدس���توري
وف���ي تاريخ الواليات املتحدة العدي���د من املواقف التي الفيدرالي.
قام فيها املنتخبون ( )Electorsبالتصويت خالفاً ملا اختاره ويعن���ي ذلك :أن من املمكن أن يفوز مث ً
ال (باراك أوباما)
الش���عب في االقتراع الع���ام .ففي ع���ام 1836م قام جميع في االقتراع ف���ي والية ما ،ويحصل احل���زب الدميقراطي
املنتخبني الدميقراطي�ي�ن وعددهم 23منتخباً ()Electors بذل���ك على جميع األصوات االنتخابية في تلك الوالية ،ومن
برفض التصويت لـ (ريتشارد جونسون) املرشح الدميقراطي ثم يحق له إرس���ال منتخبيه للتصويت على اختيار الرئيس،
ملنصب نائب الرئيس رغم ف���وزه في الوالية؛ ألنه أجنب من ومن املتوقع حينها أن يصوت كل منتخب من هؤالء املنتخبني
امرأة أمريكية سوداء طفلني أسودين .
(
باختيار (ب���اراك أوباما)؛ ألن هذا ما نتج عنه االقتراع العام
وف���ي االنتخابات الرئاس���ية لع���ام 2000م قام مواطنو ف���ي تلك الوالية .ولك���ن احلقيقة مؤي���دة بالقانون أن هذا
العاصمة واش���نطن بالتصويت لصال���ح (جورج بوش) ،وفاز املنتخب من حقه في 24والية أمريكية أن يدلي بالرأي الذي
وأهله ذلك للحصول على جميع األصوات
في هذا االختيارَّ ، يراه ه���و بصفته ممث ً
ال للحزب ،وميكنه -بقرار ش���خصي
االنتخابي���ة للمقاطعة ،وه���ي ثالثة أص���وات ميثلها ثالثة مح���ض -أن ميتنع ع���ن التصويت ابتداء ،ومن ثم يخس���ر
العدد 255
منتخبني ( )Electorsعن احلزب اجلمهوري ،ولكن في يوم احلزب صوته ،أو أن يصوت ملرش���ح حزب���ه كما هو متوقع
منه ،أو أن يصوت ملرش���ح أي ح���زب آخر إن رأى ذلك ،أي:
( «How one Elector Could Yet Tilt U.S. Election», Josh Gerstein,
Te New York Sun, 14 September, 2004.
االنتخاباب الرئاسية ،وتقاعس كثير ممن يحق لهم التصويت التصويت على الرئيس من قِ َب���ل املنتخبني؛ قرر أحد هؤالء
ف���ي احلصول على بطاق���ة التصويت ،أو التس���جيل ليكون الثالثة االمتناع عن التصوي���ت لصالح (جورج بوش) تعبيراً
له���م حق التصويت ،ففي الواليات املتحدة ال بد أن يس���جل عن س���خطه من قضية محلية ،وبذلك ل���م يحصل (جورج
الشخص نفسه ضمن س���جالت املصوتني قبل أن يسمح له بوش) إال على صوتني فقط من أصوات العاصمة ،بينما كان
باملش���اركة في اإلدالء بصوته في أية انتخابات .ولذلك فإن يتوقع َوفْق النظام االنتخابي أن يحصل على جميع األصوات
املهمش���ة والفقيرة وغير املهتمة باحلياة السياس���ية
الفئات َّ عن املقاطعة وهي ثالثة أصوات.
تبتعد عن املش���اركة ،ومن ثم فإن رأيها يكون غير ممثل في • ب�ين االنتخ��اب املباش��ر واجملم��وع االنتخايب
االنتخابات؛ ألنها ال تشارك فيها. (:)Electoral College
ولكن مع فش���ل احلرب على العراق ،وتراجع االقتصاد يداف���ع أنصار النظام االنتخاب���ي احلالي بأن االنتخاب
األمريكي؛ ع���اد الناخبون إلى صنادي���ق االنتخاب من أجل املباش���ر ال يطبق في أمريكا في االنتخابات الرئاسية لعدد
التعبير عن اهتمامهم مبن يشغل منصب الرئيس في اإلدارة من األس���باب ،من بينها :ضمان متثي���ل الواليات الصغيرة
األمريكية ،فقد ش���هدت اخلمس���ون عاماً املاضية تراجعاً مس���اح ًة أو س���كاناً في انتخاب الرئيس ونائبه ،كما أن هذا
واضحاً في نس���بة م���ن يذهبون إلى صنادي���ق االقتراع في األسلوب االنتخابي يجعل من الصعب على األقليات أن حتول
يوم االنتخابات عن األعوام التي قبلها ،فقد كانت نس���بة من االنتخابات الرئاس���ية عن مسارها ،ومن ثم فإن هذا النظام
يشاركون في اإلدالء بأصواتهم في عام 1960م أكثر من %63 ميثل في النهاية مصالح األغلبية.
من إجمالي عدد املنتخبني ،بينما انخفضت تلك النسبة إلى أما املعادون لنظ���ام املجموع االنتخاب���ي (Electoral
%49في انتخابات عام 1996م ،ولكنها عادت لتسجل ارتفاعاً )Collegeفمبرارته���م في عدم كفاءة هذا النظام االنتخابي
إلى نسبة %55مع انتخابات عام 2004م. أو نزاهت���ه تتركز في أنه غير عادل للمرش���حني من خارج
ويوضح الرس���م البياني أن ه���ذا التراجع قد توقف في احلزبني الرئيس���يني في أمريكا (الدميقراطي واجلمهوري)،
العقد املاضي بسبب املنافسة بني املرشحني ،ولكن املراقبني كما أن هذا النظ���ام يعطي الفائز في والية ما كل األصوات
يُجمِ ع���ون على أن املنتخب�ي�ن قد فقدوا الثق���ة في جدوى االنتخابية في تلك الوالية رغم أنه لم يحصل عليها من خالل
التصويت بس���بب اخلدع اإلعالمي���ة ،وتدخُّ ل قوى الضغط رأي الش���عب ،وإمنا من خالل الدس���تور ،وهو ما يطعن في
السياس���ي في العملية االنتخابية ،وغير ذلك من احليل التي أصل فكرة االنتخاب.
أفقدت االنتخابات األمريكية بريقها الدميقراطي. • نسبة من يشاركون يف االقتراع العام:
تفاع���ل املجتم���ع األمريكي مع انتخاب���ات عام 2008م عانت الواليات املتحدة في العقود األخيرة من مش���كلة
بص���ورة كبيرة؛ نظراً لألزم���ات اخلانقة الت���ي تعاني منها تقاعس َم��� ْن لهم حق التصويت ع���ن اإلدالء بأصواتهم في
الواليات املتحدة م���ن ناحية ،وألنها انتخابات تاريخية أيضاً
بوجود مرش���ح من أص���ل إفريقي ونائب ل���ه كاثوليكي من
ناحية ،ووجود مرش���حة لنائب الرئيس من الناحية األخرى،
وكلها أمور تعد جديدة على احلياة األمريكية ،ولم يحدث أن
تنافس أس���ود -رغم اعتراضنا على تصنيف البشر بحسب
لون بشرتهم -مع كاثوليكي وامرأة في االنتخابات األمريكية
العدد 255
الرئاسية من قبل.
الرئيس القادم
للواليات المتحدة األمريكية
أو أمريكا اجلنوبية والالتينية ،وبالتأكيد في الشرق األوسط تختلف االنتخابات الرئاس����ية لهذا الع����ام في الواليات
والعالم العربي واإلسالمي. املتحدة عن أية انتخابات في تاريخ أمريكا من قبل من جوانب
هذه األزم����ات املتنوع����ة واملتعددة جعل����ت االنتخابات متعددة؛ فهي انتخابات جتري في ظل أزمة مالية عاملية تع ّد
األمريكي����ة القادمة محور اهتمام كثير من املراقبني في دول األكبر في تاريخ الواليات املتحدة والعالم أيضاً .واملرشحون
العالم أجمع ،فنتيجة االنتخابات حتدد من سيش����غل البيت في ه����ذه االنتخابات يختلفون عن كل االنتخابات الس����ابقة
األبيض في األعوام القادمة ،وكما حتدد هوية من س����يتعامل أيض����اً؛ ف� (باراك أوباما) م����ن احلزب الدميقراطي هو أول
مع هذه املشكالت التي تلقي بظاللها القامتة على اقتصاديات مرشح رئاسي ليس من العرق األبيض ،وهي قضية حساسة
العالم ،والتوازنات الدولية ،واالستقرار العاملي كذلك. وهامة في أمريكا ،ونائبه هو املرش����ح (جوزيف بايدن) ،وهو
من الرئيس القادم ألمريكا؟ وما فرصة كال املرشحني في كاثوليكي ،وهذا أيضاً أمر غير معتاد في الرؤس����اء ونوابهم
الفوز مبنصب الرئاسة؟ وما شكل السياسة املتوقعة لإلدارة في أمريكا ،فهم دائماً من البروتستانت ،عدا استثناء واحد،
األمريكية عند جناح أي منهما ،هو موضوع هذه الدراسة. وهو (جون كنيدي) في س����تينيات القرن املاضي .ومن ناحية
قدم اإلعالم العربي طوال العام احلالي واملاضي صورة َّ التيار اجلمهوري اختار املرشح الرئاسي (جون ماكني) سيدة
كافية وش����املة للمرش����حني وأهدافه����م وخلفياتهم؛ لذلك ألول مرة في تاريخ احلزب اجلمهوري لتكون املرشحة ملنصب
ستبتعد هذه الدراس����ة عن تكرار هذه املعلومات ،وستحاول نائب الرئيس ،وهي حاكمة والية أالسكا (سارة بالني).
بإيجاز التعريف بفرصة كال املرش����حني في الفوز باملنصب، تأتي ه����ذه االنتخابات أيضاً ليتم من خاللها اختيار من
والعوامل التي ساهمت في ترجيح كفة أحدهما على اآلخر، سيخلف (جورج بوش) و (ديك تشيني) ،وهما يع ّدان بشهادة
على ضوء الواق����ع الداخلي األمريكي ،والتفاعالت اإلقليمية معظم وس����ائل اإلعالم الغربية من الشخصيات التي تتمتع
والدولية املؤثرة على االنتخابات األمريكية. بأدنى درجات الشعبية بني الناخبني األمريكيني ،وعلى مستوى
• أمهية انتخابات عام 2008م: معظم بالد العالم أيضاً ،وس����اهم ذلك باإلضافة إلى سلسلة
اخليار بني املرشحني للرئاسة األمريكية ال يحسمه رأي من مش����روعات الهيمنة الفاشلة واملخجلة التي تبنّياها؛ في
10
املراقبني في العالم العربي واإلسالمي ،وال حتى رأي احملللني تد ِّني س����معة الواليات املتحدة بوصفها قوة عظمى إلى أدنى
العدد 255
أو اإلعالميني في الواليات املتحدة األمريكية ..اخليار يجُحسم املستويات في تاريخها ،وانحسار موجة التعاطف معها سواء
من قِ َب����ل االقتراع العام الذي يكون في األس����بوع األول من كان في أوروبا ،أو منطقة نفوذ روس����يا والدول احمليطة بها،
واإلسالمي ،وغيرهم من شعوب األرض. نوفمب����ر بني من ميلك����ون حق التصويت ،وم����ن يقفون أمام
وليس الهدف فقط من استش����راف نتائ����ج االنتخابات صناديق االقتراع ليقرروا من سيحكمهم في األعوام القادمة،
القادم����ة فهم نوعية التحديات التي س����تقابل األمة العربية ومن س����يتعامل معه العالم أجمع من أج����ل إنقاذ الكون من
واإلسالمية في الس����نوات األربع القادمة من خالل التعامل الك����وارث األمريكية التي توالت في األعوام الثمانية املاضية
مع إدارة أمريكية جديدة ،ولكن من املهم كذلك التعرف على على كثير من ش����عوب األرض؛ بس����بب حماقات احملافظني
الفرص املتاحة خلدمة مصالح الشعوب العربية واإلسالمية اجلدد ،وعلوية الرئيس األمريكي (جورج بوش) وس����ذاجته،
عندم����ا تتغي����ر اإلدارة احلالية .س����تختلف التحديات التي ومكر (ديك تشيني) وخبثه.
س����تواجهها األمة تبعاً لنتيجة هذه االنتخابات ،وس����تختلف يش����عر العالم بالقلق لذلك ،فالناخب األمريكي هو الذي
كذلك الفرص اإليجابية املمكن استثمارها. أعاد اختيار (ج����ورج بوش) إلى منص����ب الرئيس ،رغم أن
العالم أجمع قد اكتش����ف منذ س����نوات خطورة هذا الرجل
اجلدول :1تعريف باملرشحني: ونائب����ه ،ولكنهما جنحا في إقناع الناخ����ب األمريكي بأنهما
اخليار األفضل للمرحلة ،وأنهم����ا كذلك ِص َمام األمان ضد
باراك حسني أوباما
تكرار الهجوم على أمريكا؛ كما حدث صباح احلادي عش����ر
مرشح ملنصب الرئيس
من سبتمبر 2001م.
www.barackobama.com
>
ل����ن يتعامل الرئيس القادم ألمري����كا مع قضايا محلية
الدميقراطي. احلزب َّ
ولقل االهتمام مبن س����يكون وداخلية فقط ،وإال لهان األمر،
شيكاغو ـ إلينوي. اإلقامة
س����اكن البيت األبيض في األس����بوع الثالث من ش����هر يناير
متزوج (ميشال أوباما). احلالة االجتماعية
2009م .الرئيس القادم للواليات املتحدة سيجد نفسه محاطاً
محام. الوظيفة السابقة
سيناتور (عضو مجلس شيوخ) املنصب السياسي بعدد من القضايا اخلارجية املؤثرة على كثير من دول العالم،
منذ عام 2004م عن والية
إلينوي.
وعلى رأسها شعوب العالم العربي واإلسالمي.
جامعة هارفارد – شهادة محاماة التعليم س����يحتاج الرئيس األمريكي الق����ادم إلى حتديد موقف
من كلية القانون.
أمريكا من احتالل العراق وأفغانستان ،وكيف ستلعب أمريكا
4أغسطس 1961م. امليالد
واليه هاواي ألب مسلم. مكان امليالد
دوراً مؤثراً في القضية الفلسطينية ضد االحتالل الصهيوني؟
للمسيح املوحدة الكنيسة الديانة وهل ستس����تمر أمريكا في محاولة صياغة وتش����كيل الواقع
(بروتستانت).
العربي واإلس��ل�امي ليالئم نظرتها هي إلى املستقبل؟ وماذا
عن امليل األمريكي طوال األعوام املاضية إلى الكيل مبكيالني
اجلدول :2تعريف باملرشحني: عند احلديث عن الدميقراطية وحقوق اإلنسان؟ وهل ستقبل
أمريكا بتعدد األقطاب ،وعودة روس����يا إلى ساحات التأثير
جون ماكني
الدولي ،وظهور الصني قوة عظمى منافس����ة؟ وكيف سيضع
مرشح ملنصب الرئيس
العالم نهاية حلماقة احلرب على اإلرهاب ووصم اإلس��ل�ام
اجلمهوري. احلزب
أريزونا. اإلقامة
بأبش����ع الصفات؟ وما دور القوة والسالح في عالقة أمريكا
متزوج (سيندي ماكني). احلالة االجتماعية بش����عوب األرض؟ وهل سيعود االستقرار إلى األسواق املالية
ضابط بحربية. الوظيفة السابقة العاملية؟ ومن سيحاس����ب االحتياط����ي الفيدرالي أو البنك
سيناتور عن والية أريزونا. املنصب السياسي
املركزي األمريكي على تس���� ّببه في الكارثة التي ش����ملت كل
11 كلية البحرية األمريكية. التعليم
أركان األرض ،وجميع دول العالم ،وتسببت في خسائر خيالية
29أغسطس 1936م. امليالد
قطاع قناة بنما ــ اإلدارة األمريكية. مكان امليالد لرجال األعمال واملس����تثمرين في كل بقع����ة من أنحاء عالم
العدد 255
الكنيسة األسقفية البروتستانتية. الديانة
الي����وم؟ من أجل ذلك كله يصب����ح انتخاب الرئيس األمريكي
القادم ش����أناً داخلي����اً وهاماً لكثير من أبن����اء العالم العربي
محباً للدول����ة الصهيونية بدرجة كافية؛ كما يزعم خصومه؟
ال مسناً دخل العقد أم أن الرئيس القادم ألمريكا سيكون رج ً اجلدول :3تعريف باملرشحني:
الس����ابع من عمره ،ويحمل معه خبرات عشرات السنني من
جوزيف بايدن
العمل السياسي واخلبرة القتالية والقدرة على االختالف عن
مرشح ملنصب نائب الرئيس
حزب����ه إذا اقتضى األمر ،وعرف معان����اة احلروب من واقع
www.barackobama.com
جتربته الشخصية ،ومحب للدولة الصهيونية بال نزاع ،ومحب
الدميقراطي. احلزب
كذلك ألمريكا -بدرج����ة تقترب من الهوس – ويرى مكانها ديالوير. اإلقامة
الوحيد أن تكون فوق اجلميع ،ولكنه لم يهتم أبداً باالقتصاد، متزوج (جيل بايدن). احلالة االجتماعية
ومن ثم ال يجيد التعامل مع كارثة 2008م املالية ،وهو كذلك محام. الوظيفة السابقة
سيناتور – عضو مجلس الشيوخ املنصب السياسي
شخص عنيد عنيف ال يجيد تكوين الصداقات ،وال احلفاظ منذ 1972م.
عليها ،وال يحسن اختيار من يسانده كما ظهر من اختياره لـ جامعة سيراكيوز بوالية نيويورك التعليم
شهادة في احملاماة.
(سارة بالني) ،وقد يعيقه كبر السن عن املرونة الالزمة إلدارة
20نوفمبر 1942م. امليالد
أزمات أمريكا الطاحنة؛ كما يتهمه منافسوه؟ سكرانتون بوالية بنسلفانيا. مكان امليالد
اخلياران مختلفان كثيراً بعضهما عن بعض ،وس����تتغير الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. الديانة
أمريكا بشكل كبير حتت رئاسة أي منهما ،في اجتاه مختلف اجلدول :4تعريف باملرشحني:
متام����اً عن االجتاه الذي من املمكن أن تس����ير فيه في حال
جنح اآلخر. سارة بالني
ي����رى بعض املراقبني أن السياس����ات األمريكية ال تتغير مرشح ملنصب نائب الرئيس
كثيراً بتغير الرؤس����اء؛ ألنها دولة تقوم على املؤسسات ،ولكن اجلمهوري. احلزب
ويسلي – أالسكا. اإلقامة
السنوات املاضية أثبتت مقدار خطأ هذا التصور ،فالرئيس متزوجة (تود بالني). احلالة االجتماعية
يس����تطيع من خالل اإلدارة الكامل����ة اجلديدة التي يقوم هو رئيسة بلدية. الوظيفة السابقة
باختيارها فرداً فرداً أن يعيد تش����كيل السياس����ة اخلارجية حاكمة والية آالسكا. املنصب السياسي
كلية الصحافة واإلعالم – جامعة التعليم
والداخلية للواليات املتحدة بصورة أكبر بكثير مما كان يُعتقد والية أيداهو.
في السابق. 11فبراير 1964م. امليالد
وفي عصر يسوده اإلعالم ،وسرعة انتشار اخلبر ،وقدرة ساند بوينت ،أيداهو. مكان امليالد
مسيحية بروتستانت دون انتماء إلى الديانة
الكلمة على تغيير السياس����ات واالقتصاديات بشكل مباشر املذهب.
وس����ريع في أنحاء مختلفة من العال����م؛ فإن منصب الرئيس
• (أوباما) أم (ماكني)؟
األمريكي ال يزال ميثل قوة دولية حقيقية ال ميكن االستهانة
ظل السؤال األكثر إحلاحاً خالل األشهر املاضية هو :من
بها ،أو التقليل من ش����أنها ،على األقل في املرحلة القصيرة
س����يكون الرئيس القادم للواليات املتحدة؟ هل هو السيناتور
القادمة من واق����ع العالم .ال يجب أن جتعلنا أمنيات حتديد
(ب����اراك أوباما) الدميقراط����ي ومعه الس����يناتور (جوزيف
التفرد األمريكي بالقرار الدولي أن نغفل عن املقدار احلقيقي
بايدن)؟ أم أنه سيكون السيناتور (جون ماكني) ،ومعه حاكمة
للقوة التي ال تزال أمريكا تتمتع بها على الس����احة الدولية، والية أالسكا (س����ارة بالني)؟ هل سيكون رئيس أمريكا شاباً
حت����ى مع تكاثر األزمات عليها في اآلون����ة األخيرة .إن فهم
أس����مر اللونُ ،ولد ألب مسلم ،وعاش في العالم الثالث فترة
اخلصم وعدم التقليل من قوته يعد من الناحية اإلستراتيجية
املرتبطة بخدمة األمة العربية واإلس��ل�امية؛ على قدر أهمية
من عمره ،وعرف معنى الفقر والعنصرية في حياته ،ويحيط 12
نفسه بأفضل اخلبراء واملستشارين ،ولكنه يُتهم أنه صاحب
ع����دم تضخيم اخلص����م ،أو الوقوع في التص����ور املبالغ فيه
خبرة بسيطة في احلياة السياسية ،ويتبع حزبه الدميقراطي العدد 255
لقدراته أو إمكانات دولته.
ف����ي كل صغيرة وكبيرة ،وليس قوياً بالدرجة الكافية ملواجهة
أزم����ات احلرب على اإلرهاب واالنهي����ار االقتصادي ،وليس
االنتخابات املاضية ،أو التي قبلها .ففي انتخابات عام 2000م • من الذي يدعم املرشحني؟
غامر املسلمون بتأييد (جورج بوش) في االنتخابات ،وهناك هناك مثل أمريكي ش����ائع يقول« :تتبع مصدر املال لكي
من يرون أنهم كانوا سبب جناحه عندما حسمت االنتخابات تع����رف اجلهات املؤثرة» .وتظهر صح����ة هذا املثل األمريكي
في النهاية في والي����ة فلوريدا ،وكان فارق األصوات ال يزيد بش����كل كبير في االنتخابات الرئاسية األمريكية .إن اإلنفاق
عن 500صوت بني املتنافسني ،وكان املسلمون في تلك الوالية عل����ى االنتخابات األمريكية بل����غ أرقاماً كبي����رة ،ومتزايدة
يساندون (جورج بوش) بقوة ،ورغم كل ذلك فإنه بعد انتخابه بش����كل الفت للنظر أيضاً ،فبينما كان إجمالي ما أنفق على
يف بأي وعد من وعوده التي قطعها على نفسه. لم ِ انتخابات عام 2004م بني جميع املرش����حني هو 616مليون
لذلك كان من غير املقب����ول التصويت له مرة أخرى في دوالر أمريكي؛ فإن الرقم املقابل في هذا العام قد وصل إلى
ع����ام 2004م ،وكان اخليار اآلخر غير مقبول أيضاً في ذلك أكثر من 1.2مليار دوالر ،أي :أن الزيادة مقارنة باالنتخابات
الوقت؛ ألن املرش����ح الدميوقراطي (جون كيري) لم يبدِ أي السابقة تقترب من %100؛ فلماذا يتزايد اإلنفاق بهذا الشكل
اهتم����ام أو تعاطف مع قضايا العرب واملس����لمني في القارة الكبير؟ وما مصدر هذه األموال؟
تعمد في أكثر م����ن حديث صحفي له األمريكي����ة ،بل إن����ه َّ أظهرت األرقام الصادرة عن «جلنة االنتخابات الفيدرالية»
استثارة مشاعرهم من خالل الهجوم على الدول اإلسالمية، ( - )Federal Election Commissionوه����ي اجلهة
وإعالن التأييد غير املشروط للكيان اإلسرائيلي .وانقسمت الرقابية املخولة بجم����ع البيانات عن التبرعات التي يحصل
أصوات العرب واملس����لمني في ع����ام 2004م بني اخليارين، عليها املرش����حون -أن هناك اختالفاً في نوع املتبرعني ٍّ
لكل
وكالهما لم يكن خياراً مقبوالً. من املرشحني .واجلدول املرفق يبني أكبر مصادر التبرعات
أم����ا في ع����ام 2008م فيبدو أن العرب واملس����لمني قد لكل من (ب����اراك أوباما) و (جون ماكني) حتى نهاية ش����هر
اختاروا بوضوح تأييد املرش����ح الدميقراطي (باراك أوباما)، أغسطس من هذا العام.
لي����س ألن (أوباما) س����تكون مواقفه مفي����دة للجالية ،ولكن ويالحظ من اجلدول أن (ب����اراك أوباما) لديه من املال
ألن منافسه س����يكون خياراً س����يئاً للغاية للعرب واملسلمني خلدمة حملت����ه االنتخابية ضعف املبلغ املتاح خلصمه (جون
ف����ي أمريكا وخارجها .وفي كل األح����وال فمن املهم أن نبني ���ح نْي ل����م يضعا من جيوبهما
ماكني) ،كما يالحظ أن املرش� َ
ماذا يعن����ي حتديداً أن يفوز (أوباما) ،وم����اذا يعني أن يفوز أي مال لدعم حمالتهم����ا االنتخابية ،ومن الالفت للنظر أن
(ماكني) ..وما األثر املتوقع على العالم العربي واإلس��ل�امي تبرعات األفراد ش����كلت أغلب املال الذي جمع للمرشحني،
من جناح أي منهما. وليس لـ (أوباما) وحده ،كما يتهم اإلعالم في كثير من األحيان
• ماذا يعين أن يصبح (أوباما) رئيسًا ألمريكا؟ (جون ماكني) أنه يتلقى الدعم املباش����ر من القوى الضاغطة
إن النج����اح الذي حققه (باراك أوباما) في الوصول إلى والشركات الكبرى ،كما يشير اجلدول إلى أن حملة (ماكني)
املنافس����ة على أعلى منصب في احلياة السياسية األمريكية أضعف مالياً من حملة (أوباما) ،وهو ما يؤثر سلباً على قدرة
هو وليد حلظة وظروف أمريكية معينة قد ال يستطيع بسهولة (ماكني) في توصيل رسالته من خالل اإلعالنات املكثفة في
التخلص من تبعاتها الظاهرة والكامنة؛ كما يرى أحد احملللني، األيام األخي����رة لالنتخابات ،بينما ال يعاني (أوباما) من هذه
وق����د ينتج عن هذا أال يتماثل (أوباما) املرش����ح الرئاس����ي املشكلة؛ ألن حملته قوية من الناحية املالية.
واحملامي املدافع عن حقوق األقليات واملستضعفني في أحياء • موقف العرب واملسلمني يف الواليات املتحدة:
ش����يكاغو الفقيرة ،مع الرئيس (باراك أوباما) في حال فوزه ليس موقف العرب واملس����لمني في الواليات املتحدة في
مبنصب الرئاسة؛ ألن «ماكينة االنتخابات األمريكية الطاحنة هذه االنتخابات الرئاس����ية بقدر الصعوبة التي واجهتهم في
قد تدفع (أوباما) احلديث العهد بالسياسة وضغوطها بعيداً
13
اإلنفاق املايل على احلملة الرئاسية لعام 2008م
العدد 255 ديون متاح مصروفات أخرى املرشح احلزب قوى ضاغطة أفراد إجمالي احلزب املرشح
469.025 77.404.118 376.652.205 27.152.732 0 150 450 (باراك أوباما) الدميقراطي 426.902.991 454.056.323
74.167 26.986.125 177.771.606 25.035.100 0 15.197 1.274.185 اجلمهوري 184.322.524 210.647.006 (جون ماكني)
الس����ماح لها بنفوذ إقليمي ،والس����عي إلى حتس��ي�ن صورة عن مواقفه الس����ابقة»؛ كما يرى هذا الباحث .وقد ال يكون
أمريكا بني ش����عوب العالم ،وبدء درجة من احلوار مع إيران، من أولوي����ات القارئ العربي معرفة مواقف الرئيس (أوباما)
مع التركيز على عدم الس����ماح لها بأن تتح َّول إلى قوة نووية في حال انتخابه من القضايا الداخلية األمريكية ،ولكن ميكن
من خالل الضغوط االقتصادية والسياس����ية .ومن املتوقع أن أن جنمل التوقعات العامة لرئاسة (باراك أوباما) في امللفات
تستعيد الواليات املتحدة نشاطها في املنظمات الدولية ،وأن اخلارجية ضمن مجموعة من العناصر األساس����ية املرتبطة
يتم تطوير مشروع احلرب على اإلرهاب ليتم من خالل تعاون بقضايا العالم العربي واإلسالمي.
دولي دون جترمي لدين أو منطقة. في مجال السياسات اخلارجية سترتبط رئاسة (باراك
أما السياس����ات العسكرية لإلدارة القادمة فستجمع بني أوباما) باإلع��ل�ان عن زوال تأثير احملافظني اجلدد إلى حدٍّ
احلد من س����باق التس����لح الدولي ،ومحاولة تقليص فرص بعيد في مقابل اس����تدعاء صورة أمريكا املساملة مرة أخرى
املواجهات املس����لحة ،والتخطيط لس����رعة االنس����حاب من على الس����احات الدولية ،والس����عي إلى التحالف مع أوروبا
العراق ،في مقابل زيادة الوجود العس����كري في أفغانستان. سياس����ياً واقتصادياً ،وإظهار القوة الناعمة في السياس����ة
وس����تتميز اإلدارة األمريكية في ظل رئاس����ة (باراك أوباما) اخلارجية ،والتأكيد على قدرة أمريكا على التعاون مع العالم.
بتقليص اإلنفاق العسكري من أجل إصالح الواقع االقتصادي وستهتم أمريكا مبناطق صاعدة في العالم من ناحية التأثير
خاصة في ظل األزمة املالية العاملية. السياسي ومنها :إفريقيا ودول العالم الثالث.
• ماذا يعين أن يصبح (ماكني) رئيسًا ألمريكا؟ وفي مجال السياس����ات الداخلية س����يالحظ العالم أن
تلقى (ماكني) قدراً كبيراً من التبرعات من قبل املسؤولني اإلدارة األمريكي����ة اجلديدة في حال فوز (أوباما) ستس����عى
ع����ن صناعة النفط ،بعد أن غ َّير رأيه وأصبح مؤيداً للتنقيب إل����ى إبعاد ال ِّدين عن التأثير السياس����ي ،وإلى اس����تقطاب
عن النفط في البحار .وأش����ار أح����د العناوين في صحيفة العرب واملسلمني في أمريكا خلدمة اإلدارة األمريكية ضمن
(واشنطن بوست) األمريكية إلى أن «صناعة البترول أمطرت اهتمامات هذه اإلدارة بالعالقة مع العالم العربي واإلسالمي.
األم����وال على (جون ماكني) بعد تغيير رأيه بش����أن عمليات ومن املتوقع في ذلك الوقت إنهاء مشروعات الشرق األوسط
التنقيب»؛ واملقصود هنا بالطبع عمليات التنقيب عن النفط الكبير واملوس����ع وأمثالهما ،والرغبة في تقوية العالقات مع
في البحار( .جون ماكني) بنى حملته الرئاس����ية على أساس الدول العربية واإلس��ل�امية ،مع التركيز على دعم باكس����تان
التعامل مع الشركات الكبرى ،ودعمها في حال جناحه بوصفه اقتصادياً وثقافياً لتقليل مخاطر عودة طالبان ،والسعي إلى
رئيساً ،وتقليل الضرائب املفروضة عليها من أجل املزيد من حل مشكلة دارفور.
الهيمنة األمريكية على العالم .ستتميز اإلدارة األمريكية في وستش����غل القضية الفلس����طينية والعالقة م����ع الكيان
عهد (جون ماكني) في محاول����ة تقدمي أمريكا بوصفها قوة الصهيوني حيزاً هاماً من السياسة اخلارجية األمريكية في
فريدة من نوعها ،ولها اس����تثنائية خاصة في التعامل معها، حال ف����وز التيار الدميقراطي باحلكم .س����يظهر في احلال
وس����يلقي هذا بظالل من الريبة والترقب في العالم العربي قلق صهيوني من السياسات األمريكية ،وتخوف من استعادة
واإلسالمي عند التعامل مع هذه اإلدارة. املفاوض����ات اجلادة ،ومن رغبة (باراك أوباما) واس����تعداده
وميكن أن جنمل مواقف الرئيس (جون ماكني) في عدد للس����ماع لوجهة النظر الفلسطينية ،وميله إلى الضغط على
من األفكار الرئيسة التالية: الدولة الصهيونية لتحقيق السالم ،وكذلك تشجيع قيام دولة
-في مج����ال السياس����ات اخلارجية يتوقع اس����تمرار فلسطينية ذات تواصل جغرافي ،وستتوتر العالقة مع الكيان
تأثي����ر احملافظني اجلدد بدرجة أقل م����ن اإلدارة األمريكية الصهيوني نس����بياً ،وإن كان من املتوقع أن يحافظ (أوباما)
احلالي����ة ،ولكنهم س����يحتفظون بقدر هام م����ن التأثير على على عالقة متوازنة مع ذلك الكيان حرصاً على زيادة فرصته
القرار األمريكي ،وخاصة ما يتعلق باستمرار مشروع الهيمنة في إعادة انتخابه بعد الفترة الرئاسية األولى.
14
األمريكية .وستميل إدارة (جون ماكني) إلى االبتعاد التدريجي وستشهد العالقات الدولية في ظل رئاسة (باراك أوباما)
العدد 255
ع����ن أوروبا ،وإلى التركيز على القوة الصلبة في السياس����ة املزيد من االنفتاح الدولي ،ومع التركيز على عدد من امللفات
اخلارجي����ة ،وكذلك إلى تأكيد الغطرس����ة األمريكية والدور الش����ائكة ،ومنها :مواجهة متدد روسيا ثقافياً وإعالمياً ،مع
االكتراث برأي العالم في أمريكا ،وتصعيد املواجهة مع إيران، القيادي ألمريكا .ولن تهتم تلك اإلدارة باملناطق املهمشة في
والتأكيد الدائم على خصوصية أمريكا وحقها في التصرف العالم كإفريقيا إال من خالل تأكيد مصالح أمريكا فقط.
مبعزل عن املنظمات الدولية .وسيتحول احلديث عن احلرب -وفي مجال السياس����ات الداخلي����ة املؤثرة على العالم
على اإلرهاب إلى مش����روع عسكري أمني موجه في األساس العربي واإلس��ل�امي؛ فإننا سنشهد استمرار استغالل الدين
ضد اإلسالم والعالم العربي واإلسالمي. ملصالح سياسية ،واس����تمرار جترمي العرب واملسلمني داخل
من املتوقع أن تتطور السياسات العسكرية األمريكية مع صمهم بالتطرف وبدعم اإلرهاب ،وستكون العالقة أمريكا و َو ْ
فوز (جون ماكني) في اجتاه تش����جيع عودة س����باق التسلح، مع العالم العربي واإلس��ل�امي متوترة في ظل س����عي اإلدارة
وع����دم املمانعة من املزيد من املواجهات املس����لحة ،والتأكيد اجلديدة إلى استمرار سياسة مشروعات التدخل في تشكيل
على البقاء في العراق دون وجود وقت زمني لالنسحاب حتى واقع الشرق األوس����ط ،وجتاهل العالقات مع الدول العربية
يتم حتقيق انتصار ترضى عنه اإلدارة األمريكية مهما زادت واإلس��ل�امية .وعلى س����احات الصراعات الدولية سيظهر
التكاليف على الشعب العراقي أو على اجليش األمريكي ،مع التركيز عل����ى تقوية القبضة العس����كرية الباكس����تانية في
تأكيد الذراع العسكرية في أفغانستان ،ومحاولة منع طالبان مواجهة الطالبان ،وعلى مواجهة السودان والتخطيط لتغيير
من العودة إلى السلطة .وميكن تلخيص ومقارنة مواقف كِ ال النظام فيه����ا بوصف ذلك إحدى أولويات اإلدارة اجلمهورية
املرش����حني من القضايا الهامة للعالم العربي واإلسالمي من في حال فوزها.
خالل اجلدول التالي: ل����ن حتظى القضية الفلس����طينية والعالق����ة مع الكيان
ماذا يعنــي جناح (أوبــاما) أو (ماكــني) يف الوصول الصهيوني بفرصة طيبة من وجهة النظر العربية واملس����لمة
إىل منصب الرئاسة؟ في ظل رئاسة (جون ماكني) الذي سيحظى بارتياح صهيوني
(ماكني) رئيساً (أوباما) رئيساً املجال فوري للسياس����يات األمريكية ،وستعمل أمريكا على أن تكون
-استمرار تأثير -زوال تأثير احملافظني اجلدد. السياسات
احملافظني اجلدد بدرجة -استدعاء صورة أمريكا اخلارجية
املفاوضات فقط خلدمة الكيان الصهيوني ،مع جتاهل وجهة
أقل. املساملة. النظر الفلسطينية ،والتسامح مع املواقف الصهيونية باملجمل.
-استمرار مشروع -التحالف مع أوروبا سياسياً
الهيمنة األمريكية. واقتصادياً. سيس����تمر في هذه اإلدارة احلديث عن الدولة الفلسطينية
-االبتعاد التدريجي عن -إظهار القوة الناعمة في فقط إن وافقت الدولة الصهيونية عليها بالشكل الذي يخدم
أوروبا. السياسة اخلارجية.
-التركيز على القوة -تأكيد قدرة أمريكا على مصالح الكيان الصهيوني بالدرجة األولى.
الصلبة في السياسة التعاون مع العالم. -أما ف����ي مجال العالق����ات الدولية فم����ن املتوقع أن
اخلارجية. -االهتمام بإفريقيا ودول
-تأكيد الغطرسة العالم الثالث . متي����ل أمريكا في ظل رئاس����ة (جون ماك��ي�ن) إلى االنعزال
األمريكية والدور القيادي
واالنكف����اء الداخلي م����ن ناحية ،وإلى التركي����ز على قضايا
ألمريكا.
-عدم االهتمام بإفريقيا. خارجية محددة ،منها :مواجهة روس����يا بشكل حاد سياسياً
-استغالل الدين ملصالح -إبعاد الدين عن التأثير السياسات واس����تراتيجياً؛ إقليمياً ودولياً ،واس����تبعادها من التحالفات
سياسية. السياسي. الداخلية
-جترمي العرب واملسلمني -استقطاب العرب واملسلمني الغربية ،واالس����تمرار في نهج اإلدارة احلالية من ناحية عدم
صمهم وو ْ
داخل أمريكا َ في أمريكا خلدمة اإلدارة
بالتطرف وبدعم اإلرهاب. األمريكية.
-استمرار سياسة -إنهاء مشروعات الشرق العالقة مع
مشروعات التدخل في األوسط الكبير واملوسع العالم العربي
تشكيل واقع الشرق وأمثالهما. واإلسالمي
األوسط. -تقوية العالقات مع الدول
-جتاهل العالقات مع العربية واإلسالمية.
15 الدول العربية واإلسالمية.
-التركيز على تقوية
-التركيز على دعم باكستان
اقتصادياً وثقافياً لتقليل مخاطر
القبضة العسكرية عودة طالبان.
العدد 255 الباكستانية في مواجهة -السعي إلى حل مشكلة
طالبان. دارفور.
-مواجهة السودان
والتخطيط لتغيير النظام
فيه.
حال حدوثه؛ فسيكون مرجعه إلى أن الشعب األمريكي ال يثق -ارتياح صهيوني -قلق الدولة الصهيونية من القضية
للسياسات األمريكية. السياسات األمريكية. الفلسطينية
في قدرات (جون ماكني) ،وأن اختياره غير املوفق لـ (س����ارة -املفاوضات فقط خلدمة -استعادة املفاوضات اجلادة. والكيان
بال��ي�ن) لتكون نائبة للرئيس األمريكي املقبل س����يكون عائقاً الكيان الصهيوني. -استعداد للسماع لوجهة الصهيوني
-جتاهل وجهة النظر النظر الفلسطينية.
ف����ي نظر كثيرين النتخابه هو؛ لعدم ثقتهم على اإلطالق في الفلسطينية. -الضغط على الدولة
-التسامح مع مواقف الصهيونية لتحقيق السالم.
قدراتها أو خبراتها. الدولة الصهيونية -تشجيع قيام دولة فلسطينية
باملجمل. ذات تواصل جغرافي.
كما أن (باراك أوباما) ق����د أظهر قدراً عالياً من رباطة -الدولة الفلسطينية
اجلأش واحلكمة ف����ي التعامل مع الهجم����ات املتتالية التي فقط إن وافقت الدولة
الصهيونية.
تع َّرض لها طوال احلملة االنتخابية ،والتي مس����ت ش����خصه -االنعزال واالنكفاء -االنفتاح الدولي. العالقات الدولية
الداخلي. -مواجهة متدد روسيا ثقافياً
بشكل مباشر ،ومع ذلك فقد جنح في أن يهمش من قدر هذه -مواجهة روسيا وإعالمياً ،مع السماح لها بنفوذ
بشكل حاد سياسياً
الهجمات وقيمتها ،وأن يركز حديثه على الطبقة الوس����طى إقليمي.
واستراتيجياً؛ إقليمياً -حتسني صورة أمريكا بني
من املجتمع ،وعلى احلاجة إلى اس����تنهاض الهمم األمريكية ودولياً واستبعادها من شعوب العالم.
التحالفات الغربية. -احلوار مع إيران.
مرة أخرى من أجل حل املش����كالت واملعضالت االقتصادية -عدم االكتراث برأي -استعادة نشاط الواليات
العالم في أمريكا. املتحدة في املنظمات الدولية.
واالجتماعية التي تواجه املجتمع األمريكي بأكمله ،وليس فئة -تصعيد املواجهة مع -احلرب على اإلرهاب تتم من
بعينها .كما أن (أوباما) قد جنح في تصوير نفس����ه على أنه إيران. خالل تعاون دولي دون جترمي
-التأكيد على خصوصية لدين أو منطقة.
قادر على اختيار أفضل املستش����ارين واملساعدين ،وظهرت أمريكا وحقها في
التصرف مبعزل عن
دالئل ذلك في اختياره نائب الرئيس ،وفي اجتماعاته املتكررة املنظمات الدولية.
-حتول احلديث عن
مع مثل هذه الشخصيات البارزة خالل احلملة االنتخابية.
احلرب على اإلرهاب إلى
أم����ا في حال تدهور احلرب في العراق بش����كل مفاجئ مشروع عسكري أمني
موجه في األساس ضد
وكبير فقد يس ِّبب هذا األمــر إربــاكــاً للحملــة االنتخابــية اإلسالم والعالم العربي
واإلسالمي.
لـ (باراك أوباما) ميكن أن يستغله (جون ماكني) لرفع أسهمه
-تشجيع عودة سباق -احلد من سباق التسلح السياسات
ال مناس����باً قادراً على الدف����اع عن أمريكا وعن
بوصفه بدي ً التسلح. الدولي. العسكرية
-املزيد من املواجهات -تقلص فرص املواجهات
جنودها وعن مصاحلها اخلارجية .أما في حال حدوث ضربة املسلحة. املسلحة.
-البقاء في العراق -االنسحاب من العراق.
موجعة للمصالح األمريكية على غرار أحداث س����بتمبر؛ فإن لتحقيق انتصار. -زيادة الوجود العسكري في
من املؤكد عندها أن ترتفع أس����هم (جون ماكني) االنتخابية -تأكيد الذراع العسكرية أفغانستان.
في أفغانستان.
بقوة وبسرعة كبيرة في مقابل منافسه.
• التوقعات االنتخابية ،واحتماالت الفوز:
عل����ى املس����توى اخلــارجي؛ ف����إن األمر ال����ذي ميكن
من الصعوبة استشراف نتائج هذه االنتخابات في ضوء
اس����تخالصه من مراقبة احلملة االنتخابية لكال املرشحني؛
احتمال حدوث هجمات جديدة مفاجئة على الواليات املتحدة
هو أنهما سيختلفان بش����دة في سياساتهما املتعلقة بالشرق
األمريكي����ة ،وهو أمر ال توجد ب����وادر حقيقية له .وفي حال
األوســط والعالــم اإلس��ل�امي ،وأن املكاسب الكبرى ميكن
اس����تمرار األوض����اع األمنية كما هي عليه وق����ت كتابة هذا
أن جتنيهــ����ا األمــة العــربية واإلس��ل�امية مع فوز (باراك
التقرير؛ فم����ن املرجح أن ينجح (ب����اراك أوباما) في الفوز
أوباما) .ولذلك فنحــن على مــش����ارف سنوات جديدة من
مبنصب الرئيس ،ولن يكون ذلك بفارق ضخم من األصوات،
16
التحديات التي حتتــاج إل����ى مــواجهة ،كذلك الفرص التي
ولكنه س����يكون فوزاً واضحاً للتيار الدميقراطي في مواجهة العدد 255
ميكن اقتناصها في التعامل مع الواليات املتحدة تبعاً لنتيجة
التيار اجلمه����وري الذي جنح طوال األعوام الثمانية املاضية
االنتخابات.
في االحتفاظ مبقعد الرئاسة .أما أهم أسباب ذلك الفوز في
هل يقبل الشعب األمريكي
رئيسًا غير أبيض؟
كثيرون -ال تزال هن����اك وقد تخفجُت حتت غاللة رقيقة من من����ذ عام 1619م عندما اكتش����ف األوروبي����ون أمريكا
اللياقة االجتماعي����ة املتكلَّفة ،أو تخوفاً م����ن القوانني التي واس����توطنوها ،ونقلوا معهم العنصري����ة البغيضة إلى القارة
استنّت حملاربتها. التي لم تعرفها من قبل؛ عانت كل األقليات من هذه العنصرية
إن العنصري����ة ال تزال موجودة ل����دى فئات من املجتمع ليس فقط في املجال السياسي ،ولكن في كل مجاالت احلياة
األمريك����ي ال تقب����ل بالتكيف مع الواق����ع ،أو القبول بحقوق العامة ،ولكن لم تتعرض أقلية من تلك األقليات إلى االضطهاد
اإلنسان الطبيعية ،وعنصرية هذه الفئات ال تزال تعيش بقوة املس����تمر على مدى أكثر من 300عام كما عانى األمريكيون
حتت س����طح املجتمع األمريكي في القرن احلادي والعشرين من أصل إفريقي -كما يش����ار إليهم اليوم تلطفاً -رغم أنهم
امليالدي. كانوا دائماً يس����مونهم «السود» ( )1في أحسن األحوال ،وغير
وقد عاش واضعو الدستور األمريكي في عصر كان فيه ذلك من النعوت واأللفاظ التي يندى لها اجلبني.
الرج����ال البيض يديرون احلكومات ،وكان من الصعب عليهم واليوم عندما يشار إليهم على أنهم األمريكيون من أصل
تص ّور احتمال وصول رجل غير أبيض إلى حكم البالد ،وهم أفريقي فال يعني ذل����ك :أن العنصرية قد زالت متاماً ،رغم
يكتبون الوثيقة التي رس����مت معالم نظ����ام احلكم األمريكي أنها قد تقلَّصت بال ش����ك لدى بعضهم ،ولكنها -كما يشير 18
في ع����ام 1787م ،ولم يخطر ببالهم أنه س����يأتي ذلك اليوم (1يجد كاتب هذه الدراسة حرجاً في احلديث عن أي شخص باإلشارة إلى لون بشرته
فقط ,وهو ما حاربه اإلسالم الذي نهى عن التمايز بني البشر على أساس لون العدد 255
الذي سيخوض فيه أمريكي «أس����ود» ،وامرأة كذلك معركة البشرة ,ولكن من الصعب نقاش موضوع هذه الدراسة دون استخدام هذا املصطلح
»أسود« ,ولكنه ال يعني سوى اإلشارة ملشكلة عرقية في الواليات املتحدة األمريكية,
االنتخابات الرئاسية ،بعد انقضاء 221سنة على وضع ذلك وال يعني بأي شكل من األشكال قبول هذا املصطلح أو قبول استخدامه في احلكم
على الناس ,أو التفاضل بينهم.
أوباما) الفرصة السياس����ــية للمنافــسة ،فالرحلة إذاً -لم الدستور( ،وهو ما يحدث في انتخابات عام 2008م ،فألول
تبدأ -بالنسبة للس����ود في أمريكا -من عقدين من الزمان مرة في تاري����خ الواليات املتحدة األمريكي����ة -التي عرفت
فقط. بتاري����خ طويل من العنصرية البغيضة جتاه العرق األس����ود،
وصفت صحيفة (واش����نطن بوست) األمريكية في مقال قبل أن تقر قوانني املس����اواة واحلريات املدنية في منتصف
نشر في السابع من يونيو 2008م احملامي األمريكي األسود القرن العشرين امليالدي -يصل مرشح من أصل إفريقي إلى
(جون ميرس����ر النغستون) والذي عاش في الواليات املتحدة السباق النهائي للرئاسة.
في منتصف القرن التاس����ع عش����ر امليالدي بأن����ه «أوباما ويقتض����ي اإلنصاف أن نصرح أن ه����ذا األمر يعبر عن
قبل أوباما» .كان (النغس����تون) -مثله في ذلك مثل مرش����ح تق����دم حقيقي في احلياة األمريكية من ناحية قبول األقليات
احلزب الدميقراطي للرئاسة لعام 2008م -محامياً ومنظماً في املناصب الهامة والسياسية ،وهو ال ينفي كذلك أن احلياة
ألهالي املجتمع احمللي .ويعتقد أن (النغس����تون) -وهو ابن االجتماعي����ة األمريكية ال يزال فيها كثير من تلك العنصرية
مزارع أبي����ض وامرأة من الرقيق األس����ود محــررة -كــان البغيضة .ويبقى الس����ؤال الهام هنا هو :كيف حدث هــذا؟
أول أمريك����ي -إفريقي ينتخب لش����غل منصب في الواليات وما مبرراته؟ وما فرصة (باراك حسني أوباما)؟
املتحدة .وقد بدأ في الع����ام 1855م عمله في منصب كاتب يناقش ه����ذا املقال الف����رص التي كان����ت تدفع لنجاح
في بلدية براونهلم في أوهايو ،وقد ترك إرثاً قوياً -كما يذكر (أوباما) في االنتخابات القادم����ة ،وماذا يعني ذلك ألمريكا
موقع وزارة اخلارجية األمريكية -من خالل مناصرته حلقوق وللعالم العربي واإلسالمي.
التصويت لألمريكيني األفارقة ،ومساعدته في تأسيس كلية • (أوباما) قبل (باراك أوباما):
احلق����وق في جامعة هوارد في واش����نطن ،ومتثيله الواليات لم يكن (باراك حسني أوباما) هو األمريكي األسود األول
املتحدة بوصفه دبلوماس����ياً ،كما أنه كان أول شخص أسود الذي يطمح في الوصول إلى منصب الرئاسة ،فقد ترشح من
ينتخب في مجلس النواب األمريكي( . قبله طوال العقدين املاضيني عدد من الشخصيات األمريكية
ومث����ال آخر من تلك احلقبة ،ح����دث بعد انتهاء احلرب املعروفة من الس����ود ،ومن بينهم :القس (جيسي جاكسون)،
األهلي����ة األمريكية ،وانضم����ام والية ميسيس����يبي مجدداً وعضو الكوجنرس األمريكي (آل شاربتون) وغيرهما ،ولكن
لالحت����اد ،عندم����ا انتخب املش����رعون في الوالي����ة زميلهم لم يحدث أن وصل أي منهم إلى أن يصبح منافس����اً حقيقياً
«األسود» (حيرام ريفلز) ،ليكون أول عضو أمريكي -إفريقي عل����ى هذا املنصب الرفيع في احلي����اة األمريكية حتى وصل
في مجلس الشيوخ األمريكي ،ولم يُرحب مجلس الشيوخ في إليه (أوباما).
بادئ األمر بعضوية اجلمهوري (ريفلز) ،وقال بعضهم :إنه لم بالطبع ش����هدت احلياة األمريكية في العقدين املاضيني
يكن قد أمضى تسع سنوات بوصفه مواطناً أمريكياً ،مع أنه كثيراً من التطور ،فقد مت اختيار اجلنرال (كولني باول) ليكون
ولد في الواليات املتحدة لوالدين من العبيد السود احملررين، أول وزير دفاع أس����ود ،وتاله اختيار (كوندليسا رايس) لتكون
ولكنه لم يصبح مواطناً أمريكياً إ ّال قبل أربع سنوات ،أي :بعد أول وزيرة خارجية ،وقبلها ش����غلت منصب مستشار الرئيس
صدور قانون احلقوق املدنية في عام 1866م ،وص َّوت مجلس لألمن القومي ،وجمي����ع تلك املناصب لم يصلها من قبل أي
19
الش����يوخ في ذلك الوقت لصاحله بأغلبية 48صوتاً مقابل 8 شخص أمريكي غير أبيض ،وهذا يعني أن التدرج في احلياة
العدد 255 السياس����ية األمريكية في العقدي����ن املاضيني أتاح لـ (باراك
( The <Obama before Obama>, Pioneering native son of ( ألبوم صور ،موقع يحكي قصة أمريكا ،وزارة اخلارجية األمريكية ،موقع
Louisa, Va., blazed trails under history>s radar, By Kevin ،America.govكما نقل عنه في يوم 15أكتوبر 2008م.
Merida, Washington Post, June 7, 2008.
احلياة السياسية ملعارك الرئاسة. أصوات ،وهو ما أتاح له شغل مقعده في ذلك احلني( .
وعندما وصلت املنافسة في املراحل النهائية لالنتخابات • السود يف أمريكا:
التمهيدية إلى سباق بينه وبني املرشحة الدميقراطية (هيالري على مدى ما يق����ارب من 150عاماً مضت لم ينجح أي
كلينت����ون) ،كان من املمكن الفوز عليها؛ ألنها -بالعموم -لم مرشح «أس����ود» في أن يصل إلى املنافس����ة احلقيقية على
تكن يوماً محبوبة لدى الش����ارع األمريكي العام ،وكان ينظر منصب الرئاس����ة األمريكية؛ رغم أن السود ميثلون أكثر من
إليها دائماً على أنها نفعية بدرجة كبيرة ،وأنها ليست صاحبة 40مليون نس����مة من املجتمع األمريكي ،أي :ما يعادل %14
مواقف مبدئية ،وأنها تتطلع بش����غف شديد ومبالغ فيه إلى من إجمالي عدد الس����كان( ،وعلى م����دى أكثر من قرنني
العودة إل����ى البيت األبيض إلمتام معارك ش����خصية لها لم م����ن الزمان لم يصل أي منهم إلى منصب الرئاس����ة أو حتى
تنتهِ بعد. املنافس����ة احلقيقية عليه؛ من بني 43رئيساً أمريكياً حكموا
ل����م تنجح كذلك (هي��ل�اري كلينتون) ف����ي التركيز على أمريكا طوال القرنني املاضيني .إن العرق األبيض ميثل حالياً
عناص����ر قوة حملته����ا ،بقدر ما حاولت أن تهاجم ش����خص %66م����ن إجمالي املجتمع األمريكي ،أي :ما يقرب من 200
(باراك أوباما) ،وأن حتاول أن تلصق به تهمة أنه «مس����لم»، مليون نس����مة ،ولكن جميع رؤساء أمريكا عبر تاريخها كانوا
وأنه ال يحب «أمريكا» ،وأنه كذلك عدمي اخلبرة السياس����ية من العرق األبيض نفس����ه ،وكانوا جميعاً من الرجال ،وكانوا
والعملية. جميعاً أيضاً من البروتس����تانت فيما عدا الرئيس األمريكي
لم تك����ن (هيالري كلينتون) مو َّفقة في هذا الهجوم؛ ألنه (جون إف كنيدي).
كان من الس����هل على (أوباما) أن ينفي عنه تهمة «اإلسالم»؛ إن الواليات املتح����دة حتى اآلن تعاني من العنصرية في
وهكذا جرى تصوير اإلسالم في احلمالت االنتخابية لألسف احلياة السياس����ية العامة ،فرغم أن السود تصل نسبتهم في
الشديد على أنه تهمة ،كما أن موضوع محبة أمريكا لم يكن املجتم����ع إلى أكثر من %14؛ إال أنهم لم يحصلوا إال على أقل
يوم����اً قضية محورية في حياة التي����ار الدميقراطي الذي لم من %4من املناصب السياسية في املجتمع األمريكي.
يعرف عنه الولع به����ذا املوضوع مقارنة باحلزب اجلمهوري، • مل��اذا جن��ح (أوبام��ا) يف الوص��ول إىل ه��ذه
وسارع (أوباما) وزوجته إلى نفيه بشكل قاطع على أية حال. املرحلة؟
وأخيراً :فإن مس����ألة انعدام اخلبرة كانت مشكلة يعاني منها ال يش����ك أحد في ق����درات (باراك أوباما) السياس����ية
اجلميع ،فلم يكن لدى (هيالري كلينتون) أي خبرة سياس����ية والفكرية ،وذكائه احلاد ،ومهارته في إدارة احلملة االنتخابية.
عميقة تؤهلها لش����غل منصب الرئيس ،وتركزت خبراتها في إن (باراك أوباما) ليس فقط ش����خصاً أسود ،بل إنه سياسي
أنها عضو مجلس ش����يوخ ،ومن ثم ل����م يكن مقنعاً أن تهاجم أمريك����ي محترف ،وقد جنح في الوص����ول إلى هذه املرحلة
(أوباما) ح����ول موضوع اخلبرة ،فهو كذل����ك عضو مجلس من الس����باق لوجود مجموعة من العوامل التي ساهمت في
ش����يوخ ،وخبراته محدودة في املمارس����ة السياسية العامة جناحه ،ومن أهمه����ا وأبرزها :قدرات����ه اخلطابية ومهارته
كخبراتها هي أيضاً. البالغة في جمع املال ،وإحاطته نفسه مبجموعة متميزة من
كما جنح (أوبام����ا) في الوصول إلى ه����ذه املرحلة من اخلبراء واملتخصصني في إدارة احلمالت االنتخابية ،ومعرفة
مراحل الس����باق الرئاس����ي؛ ألنه جعل من قضية «التغيير»
20
( ألبوم صور ،موقع يحكي قصة أمريكا ،وزارة اخلارجية األمريكية ،موقع
شعاراً له ،وقد سئم املجتمع األمريكي من السياسات احلالية ،America.govكما نقل عنه في يوم 15أكتوبر 2008م. العدد 255
( The <Obama before Obama>, Pioneering native son of
لإلدارة األمريكية طوال األعوام الثمانية املاضية ،وهو شعب Louisa, Va., blazed trails under history>s radar, By Kevin
Merida, Washington Post, June 7, 2008.
ميي����ل بطبيعته نحو التغيير؛ فما بال����ك عندما يكون الواقع
يخش����ى عدد من اخلب����راء من «عدم جت����رؤ» الناخب مؤملاً ،واملش����كالت تتعاظم ،وصورة أمري����كا لدى العالم في
األمريكي على التصويت لصالح مرش����ح «أسود»؛ ليكون أول انهيار متس����ارع ،واالقتصاد األمريكي مي����ر بأزمات خانقة،
رئيس أس����ود لبالده .أما سبب تلك التسمية فيرجع إلى أنه واملغامرات العسكرية أرهقت كاهل الشعب األمريكي.
سبق أن شهدت الواليات املتحدة جتربة مماثلة ،عندما ترشح شعار «التغيير» كان أهم عنصر في جناح رسالة (أوباما)
(توم برادلي) وهو سياس����ي أمريكي من أصل إفريقي -مثل إلى الش����عب األمريكي ،وبدا بش����خصيته اجلادة ،وش����كله
(أوباما) -ملنصب حاكم كاليفورنيا عام 1982م ،وذلك بعد أن املختلف ،وحداثة خبرته مع ِّبراً بحق عن احتمالية «التغيير».
قضى سنوات طويلة عمدة ملدينة لوس أجنلوس .كانت معظم لهذه األس����باب مجتمعة َّ
التف حوله كثير مــن األمــريكيني.
اس����تطالعات الرأي في ذلك الوقت تش����ير إلى تفوق (توم وال ميك����ن إغفال أن األقليات في أمري����كا والتي متثل اليوم
برادلي) على منافس����ه األبيض ،إلى درجة أن بعض وسائل أكثر من %34من الشعب األمريكي وجدت فيه أيضاً ضالتها،
اإلعالم أكدت أنه الفائز في االنتخابات ،ولكن املفاجأة حدثت والتعبي����ر عن جناحها ،ووجدت في����ه كذلك األمل في متثيل
عندما أُعلن ع����ن النتائج النهائية وكانت صادمة للجميع ،إذ أفض����ل لهموم األقليات في املجتمع األمريكي ومش����اعرهم
ُمني (برادلي) بخسارة كبيرة لم يكن يتوقعها أحد. وقضاياهم ،فهو بالنس����بة لألقلي����ات األمريكية مختلف في
وم����ا حصل أن كثيراً ممن أجريت عليهم اس����تطالعات كل ش����يء وليس فقط في لون البش����رة؛ فاسمه مختلف عن
ال����رأي قالوا :إنهم يعتزمون التصويــت لـ (بــرادلي)؛ حتــى األسماء املعتادة للسياس����يني األمريكني ،وحياته كذلك؛ فهو
ال يوصفون بالعنصرية ،ولكن رأيهم يوم االنتخاب كان مغايراً قد ولد ألب مسلم ،وتربى في طفولته في أندونيسيا ،وعرف
لذلك ،ويخش����ى بعض اخلبراء أن يعيد التاريخ نفــسه بعــد يترب على
َّ حياة العالم الثالث ،ودخل املساجد وهو طفل ،ولم
22عاماً وأن يتحول (عامل برادلي) إلى (عامل أوباما). كراهيتها ،وبقى دائماً يشعر أنه من األقليات ،وأنه مع ِّبر عن
وأظهرت دراس����ة أجرتها جامعة واش����نطن مؤخراً في طموحاتها وفرصها كذلك في النجاح.
فت����رة االنتخابات التمهيدية أن (عام����ل برادلي) كان مؤثراً هل يكفي كل ما س����بق الجتي����از العقبة األخيرة ،والفوز
وموجوداً بالفعل في 3واليات ،خالل املنافس����ة التي خاضها بنتيجة االنتخابات الرئاسية؟ يبقى هذا األمر يحيطه الشك
(أوباما) ضد منافس����ته (هيالري كلينتون) للفوز بترش����يح ألسباب وعوامل عديدة قد ال ترتبط بقوة احلملة ،أو صحة
احلزب الدميقراطي خلوض االنتخابات الرئاس����ية ،وكشفت املواقف ،أو ذكاء املرشحني ،ولعل من أبرزها ما اصطلح على
الدراسة أن (أوباما) قد خسر أمام كلينتون في ثالث واليات تسميته بـ (عامل برادلي).
هام����ة وهي :كاليفورنيا ونيوهامبش����ر ورود أيالند ،رغم أن • ما هو (عامل براديل)؟
استطالعات الرأي تكهنت بعكس ذلك متاماً. َكثُ���� َر احلديث في اآلونة األخيرة مع زيادة فرصة (باراك
فهل ميكن أن يتكرر هذا األمر على املس����توى الرئاسي؟ أوبام����ا) في الف����وز عن عام����ل ميكن أن يؤثر ف����ي نتيجة
اإلجابة هي بالقطع «نعم!» ،ولكنها قد ال تكون كافية لتحويل االنتخابات ،وهو ما يسمى بـ (عامل برادلي) .إنهم يتحدثون
نتيجة االنتخابات في حال استمر تق ُّدم (أوباما) على منافسه عن ظاه����رة أن يقول الناخب األمريكي :إنه س����يصوت من
(جون ماكني) بفارق كبير من النقاط. أجل ش����خص م����ن األقليات حرصاً عل����ى أن يظهر بوصفه
21
وما يتخوف منه بعضهم بشكل أكبر هو أن ينتقل (عامل مواطناً صاحلاً في املجتمع ،وغير عنصري ،بينما يكون رأيه
العدد 255 برادلي) من الناخبني في صناديق االقتراع ،إلى املنتخبني في مختلفاً عن ذلك ،ويظهر هذا الرأي بش����كل فجائي مخالف
املجم����وع االنتخابي ،ونعني بذلك الـ 538ش����خصية املكلفة لكل استطالعات الرأي عندما يذهب هذا الشخص لإلدالء
بالتصويت باس����م األحزاب عن الوالي����ات ،وهي غير ملزمة بصوته في صناديق االقتراع بشكل فعلي.
من العنصرية في هذا البلد»( . ف����ي حقيقة األمر على املس����توى الدس����توري باتباع نتيجة
ال ت����زال أمريكا متيل إل����ى العنصري����ة ،وحتى (باراك االنتخابات؛ كما أوضحنا في مقال سابق من هذا امللف.
أوباما) نفس����ه قد ال يجد نفس����ه بريئاً متاماً من العنصرية ويتخ����وف بعض املراقبني من أنص����ار (أوباما) أن يقوم
للعرق األس����ود كذلك ،رغم أنه يحاول جاهداً نفي ذلك عن هؤالء املنتخبون من بعض الواليات بعدم التصويت لـ (أوباما)
نفسه وعن أس����رته؛ ألنه متزوج من امرأة «سوداء» (ميشال رغم فوزه في تلك الواليات ،وهو ما سيكون بالتأكيد مفاجأة
أوبام����ا) كانت قد قالت في وقت س����ابق من هذا العام :إنها غير متوقعة في احلياة السياسية األمريكية ،وقد تتسبب في
«ظل����ت تخجل من أمريكا إلى أن ترش����ح زوجها لالنتخابات خسارة (أوباما) لهذه االنتخابات ،وقد تساهم أيضاً في نحت
الرئاس����ية» .وقد أثارت مجلة (نيويوركر) األمريكيــة بلبــلة مصطلح جديد ميكن أن يطلق عليه حينها (عامل أوباما).
-كما يروي الكاتب الغربي (ألكسندر كوكبر) -عندما نشرت وهناك رأي آخر يرى أننا قد نشاهد ما ميكن أن يسمى
على غالفها رس����ماً كاريكاتورياً يظه����ر فيه (أوباما) مرتدياً ب����ـ (انعكاس عامل برادل����ي) ،واملقصود هن����ا أن عدداً من
ثوباً يش����به الثوب العربي ،وهو يحك قبضته بقبضة زوجته الناخبني قد يصرحون أنهم سيصوتون للمرشح األبيض وهو
ميش����يل ،التي سرحت شعرها بطريقة إفريقية ،وعلى كتفها (ج����ون ماكني)؛ ألن هذا هو ما يتوقع����ه منهم جيرانهم ومن
بندقي����ة ،وخلفه على اجلدار صورة أس����امة بن الدن ،بينما حولهم ،ونظ����راً أيضاً ملا عرف عنهم من ميل نحو التصويت
العلم األمريكي يحترق في املوقد. للمرشح األبيض ،ولكنهم في قرارة أنفسهم ينوون التصويت
العرق ولون البش����رة يلعب����ان دوراً حقيقياً في اختيارات لـ (ب����اراك أوباما)؛ ألنه اخليار األفض����ل ،ولكنهم لن يعلنوا
الشعب األمريكي للمناصب السياسية ،وهذه حقيقة مؤسفة ذلك أبداً ،ولكنهم سيمارس����ونه عن����د الوصول إلى صناديق
ولكنها حقيقة ال تخفى على املراقبني واحملللني. االقتراع .ويحتج هذا الفريق بأنه رغم أن (عامل برادلي) قد
ويبني آخر اس����تطالع أجرته صحيف����ة (نيويورك تاميز) ظهر في 3واليات أمريكية في االنتخابات التمهيدية؛ إال أن
وشبكة (س����ي بي إس) أن البيض يحترمون (أوباما) أقل مما عكس هذا العام����ل بالضبط قد ظهر في 12والية أمريكية
يحترمه الس����ود ،وأن العديد منهم ال يحبون زوجته (ميشال). في تلك االنتخابات نفسها ،حيث فاز (أوباما) بواليات كانت
ولكن االستطالع ذاته يبني أن (أوباما) يتقدم على (ماكني) بني استطالعات الرأي تش����ير إلى أن الناخبني فيها لن ينتخبوه
األمريكيني من أصل إسباني بأكثر من ٪ 62في مقابل ،٪ 23 ألنه «أسود» .املسألة محيرة ،وللفريقني حجج قوية ،وأسانيد
وأنه يتقدم على ماكني بست نقاط على اإلجمال .إن األقليات من الواقع كذلك.
تلعب بورقة العنصرية كما تلعب بها األغلبية البيضاء( . • فرصة (أوباما) يف الوصول إىل الرئاسة:
ومن ناحي����ة أخرى يقلِّل العديد م����ن اخلبراء واحملللني العنصري����ة ال تزال قائمة وحية ف����ي املجتمع األمريكي،
من تأثير هذا العامل بالنسبة لألغلبية البيضاء حتديداً في وح����ول هذه املس����ألة ف����ي الوالي����ات املتحدة ،ق����ال (تيد
انتخابات هذا العام؛ لعدة أسباب ،منها :أننا في عام 2008م ستريكالند) حاكم أوهايو السابق مؤخراً« :هذه قضية تشغل
ولس����نا في عام 1982م ،وأن املجتمع األمريكي األبيض قد اجلميع ،ولكن ال يحب أح����د احلديث عنها» .وعن املوضوع
حتس����نت درجة قبول����ه ألن يتولى أقليات مناصب رس����مية نفس����ه قال اإلعالمي الشهير (تيد كوبل) -وهو أحد أشهر
أو سياس����ية عليا .كما أن األزمات االقتصادية والسياس����ية الصحفيني في الواليات املتحدة « :-ال يزال هناك قدر كبير
22
( وسط مخاوف من «عدم جترؤ» الناخبني على التصويت ملرشح أسمر ،سود أمريكا العدد 255
يرصون صفوفهم لدعم (أوباما) للتغلب على «عامل اللون» ،العربية 13 ،أكتوبر
2008م.
( حكايات االنتخابات األمريكية( ،ألكسندر كوكبر)ن ،نشرة كاونتر بانش،
2008/07/26م.
أن يتق َّبل رئيس����اً أمريكياً أسود؛ بشرط أن يكون مبواصفات الطاحن����ة قد تقلِّل من تأثير لون بش����رة الناخب على نتيجة
خاصة ،هذه املواصفات يع ِّبر عنها أحد الكتّاب األمريكيني، االنتخابات .كما أن ضعف البديل بش����كل كبير -وهو (جون
وهو (جو كالين) في مجلة (التامي) األمريكية في عبارة بليغة ماكني) ،ومعه السيدة (سارة بالني) التي أصحبت مثار ته ُّكم
عندما يقول« :إن ظاهرة الولع بـ (أوباما) هي امتداد لظاهرة وس����خرية معظم فئات املجتمــ����ع األمريكــي -جتـــعل من
الولع بـ (كولني باول) في عام 1995م ،عندما حتدث املراقبون قب����ول (باراك أوبام����ا) خيراً ال مف َّر من����ه لبعض الناخبني،
عن احتمال أن يدخل (كولني باول) سباق البيت األبيض في مـــمن ال يرحبون باختيار ش����خص «أسود» لرئاسة أمريكا،
ذلك الوقت .هناك شيء مشترك بني (كولني باول) و (أوباما): ال مقبوالً.
ولكنهــم ال يجدون لذلك بدي ً
إنهما شخصان من «السود» مثلهما في ذلك مثل (تايجر وود) يحسن فرصة (أوباما) في الوصول
ِّ وسبب آخر ميكن أن
العب اجلولف الش����هير ،و (أوبرا وينفري) املذيعة املعروفة، إلى املنصب الرئاس����ي هو أنه يحيط نفس����ه بنخبة ثقافية
و (مايكل جوردان) أش����هر العبي كرة السلة؛ في أنهم جميعاً واجتماعي����ة مؤثرة من التيار العام األبيض من السياس����يني
عدون ق����دوة في املخيلة األمريكي����ة؛ ألنهم جتاوزوا حاجز
يُ ّ األمريكيني ،ويعرف وس����طهم بأنه ليس «أسود» ،مبعنى :أنه
النمطية العنصري����ة»« .إن األمر ب ُر ّمته مرتبط باللياقة» كما ال يتحزَّب بش����دة لقضايا األقلية السوداء ،أو بالدرجة التي
يذكر (شيلبي ستيل) الذي يكتب كثيراً عن «نفسية األعراق»، تسبب انزعاج اآلخرين منه.
وهو الذي يقول« :إن األشخاص البيض مولعون عندما يــرون العوامل السابقة في مجملها حتسن من فرصة (أوباما)
ش����خــصاً ناجــحاً مــن السود ،ولكنــه ال يضايقهم بإشعاره ف����ي هذه االنتخاب����ات ،ولكنها قد ال تك����ون كافية -رغــم
إياهم بعقدة الذنب العرقي .البيض يهيمون باإلعجاب عندما وجاهتها -ملقاوم����ة تراكم الفكر العنص����ري لدى بعضهم،
يقابلون ش����خصيات من هذا النوع» .وال شك أن (باراك) قد والذي ترسخ عبر عقود متتالية من اضطهاد اآلخر.
جنح في تقدمي نفس����ه للش����عب األمريكي على أنه من هذا يتذكر كاتب هذه الس����طور ف����ي أيامه األولى في احلياة
النوع من «السود» الناجحني. في الوالي����ات املتحدة األمريكية أن قالت له موظفة أمريكية
وهناك باملقابل من يتخوفون من أن مصير (باراك أوباما) بصراحة« :أنا ال أتخي����ل مطلقاً أن أجلس على طاولة طعام
لن يكون أفضل من مصير الرئيس األمريكي الكاثوليكي (جون واحدة مع شخص (أسود) ،لن يحدث هذا في عمري أبداً».
إف كنيدي) الذي اغتيل في منتصف مدة رئاسته ،ويعبر عن الصورة ليست واضحة ،وهذه االنتخابات تاريخية بحق؛
ه����ذا اخلوف أحد مطربي املجتمع األمريكي األس����ود ،وهو سواء فاز بها (باراك أوباما) أو لم يفز.
(وايكلي����ف جني) ،قائ��ل� ً
ا في مطلع أغنية بعن����وان «لو كنت وال يوجد ش����ك في هذه املرحلة من مراحل السباق أن
رئيس����اً»« :لو كنت رئيس����اً ..النتُخبت يوم اجلمعة ..ولقُتلت مؤهل حلكم أمري����كا ،وأنه قد يكون اخليار
(ب����اراك أوباما) َّ
يوم الس����بت ..ولدفنوني يوم األحد ..لو كنت رئيساً» :ليس األمث����ل واألفضل له����ا ،على األقل من وجه����ة نظر الغالبية
لنا أن نعرف من س����يكون الرئيس (أوباما) وكيف ستمضي من س����كان هذا العالم ،لكن مواطن����ي العالم ال يصوتون في
فترة رئاس����ته؟ أو هل س����يكملها أم تغتاله حياً أو ميتاً قوى االنتخابات األمريكية ،واملواطن األمريكي قد ص َّوت منذ أربعة
العنصرية البغيضة؟ ولكننا ميكن أن نقطع أن (باراك أوباما) أعوام الستمرار جورج بوش في احلكم رغم كل املصائب التي
23
قد حتول إلى ظاهرة هامة ف����ي التاريخ األمريكي املعاصر، منيت بها أمريكا في فترة رئاس����ته األولى .ولكن من السهل
العدد 255 وأن االنتخابات الرئاس����ية األمريكية لعام 2008م س����تُعرف القول :إن (باراك أوباما) قد حقق فوزاً تاريخياً لألقليات في
دوماً بأنها (انتخابات أوباما). أمريكا في عام 2008م؛ سواء فاز بالرئاسة أو لم يفز.
هناك من يرون أن أمريكا والشعب األمريكي من املمكن
الدين وانحسار موجة المحافظين الجدد
• توظيف الدين يف االنتخابات: ما الذي يجمع بني الدين وبني احملافظني اجلدد عندما
ظن كثيرون أن احلزب اجلمهوري وحده هو من يستخدم َّ نتح����دث عن االنتخابات األمريكية الرئاس����ية لعام 2008م؟
الدين لتحقيق أهداف سياسية ،ولكن االنتخابات التمهيدية القاسم املشترك هو أن اجلميع يريد استخدام الدين لتحقيق
الرئاس����ية في عام 2008م أظهرت أن الدين ال يزال عنصراً نقاط في سباق الرئاسة ،أو حسم نقاط من الطرف املنافس
بجناحينْه
َ هاماً في اختيار الش����عب األمريكي لرئيسه القادم بدين ما ،أو اتهامه بتهمة أنه تع َّرف ذات يوم على دين بربطه ٍ
الدميقراطي واجلمهوري؛ فقد حاولت الس����يناتور (هيالري اإلسالم ،كما هي احلال مع (باراك أوباما).
كلينت����ون) ،وهي من احلزب الدميقراط����ي أن تنعت (باراك احملافظون اجلدد برعوا في استخدام الدين في األعوام
أوباما) بأنه «مس����لم» رغم أن هيالري نفسها لم يعرف عنها املاضية للتأكيد على عدال����ة احلروب التي تخوضها أمريكا
االهتمام بأي دين أو ممارسته بشكل عام أو علني. ضد شعوب العالم ،ولترسيخ فكرة أن الرئيس األمريكي ميثل
احملاولة ل����م تنجح ،ومت اختيار (ب����اراك أوباما) لتمثيل قوى اخلير في مقابل قوى الظالم واإلرهاب والكراهية.
احلزب الدميقراطي في انتخابات الرئاسة ،وتكررت احملاولة اس����تخدم احملافظون اجلدد الدين اس����تخداماً بارعاً؛
نفس����ها من خالل احل����زب اجلمهوري الذي أطلق وس����ائل ألنهم حصل����وا على دمية مطيعة ف����ي البيت األبيض طوال
إعالمه املتعصب����ة لكي تصف (أوباما) ليس فقط بأنه تر َّبى األع����وام الثمانية املاضية تتخ َّيل أو تص����دِّق أنه يجُوحى إليها
في العالم اإلس����المي ،ولكن بأن ل����ه ارتباطات مع اإلرهاب من الس����ماء ،وأنها تقوم بتنفيذ إرادة الله على األرض .هكذا
احمللي كذلك. يظن (ج����ورج بوش) ،وهكذا أراد ل����ه احملافظون اجلدد أن
يستخدم الدين في االنتخابات األمريكية الرئاسية؛ ألنه يلعب دور امللهم واملوحى إليه من الس����ماء ،ليكتمل استخدام
جزء مؤثر م����ن اهتمامات املواطن األمريك����ي ،فأمريكا قد الدين لتحقي����ق الهيمنة ،ولكن املش����روع األمريكي للهيمنة
تكون دولة َعلنْمانية ،ولكن الش����عب األمريكي له ميول دينية، جُمني بخس����ائر متعددة على اجلبهة العسكرية واالقتصادية
وال يعادي الدي����ن باملجمل .فالعنصر اإلميان����ي يلعب دوراً والسياس����ية كذلك ،وظهر جلياً للعيان أن احملافظني اجلدد 24
أساس����ياً في املجتمع األمريكي عامة ،حيث يقول نحو %60 ال قميئاً من أشكال التطرف باسم الدميقراطية، ميثلون شك ً
من األمريكيني :إن الدين يشكل «أمراً هاماً جداً» في حياتهم وأنه����م ال يختلفون كثيراً عمن يصفونهم باإلرهاب من العالم العدد 255
َوفنْق اس����تطالع أجراه معهد (جال����وب) في نوفمبر 2004م. اإلس����المي في جرأتهم على إراق����ة الدماء ،وعدم تقديرهم
وإلى جانب ذلك أظهر اس����تطالع آخ����ر قامت به مجموعة لتأثير احلروب واملواجهات املسلَّحة على شعوبهم.
انتق����د اإلعالم األمريكي ما قاله هذا القس����يس ،وكأن (بي����و) البحثية أن %81من األمريكي��ي�ن يقولون :إن الصالة
االنتخابات األمريكية قد حتولت إلى معركة بني اآللهة حول متثل جزءاً هاماً من حياتهم اليومية ،ومن ثم ال يُس����تغرب أن
من ينصر مرش����حه ،وأن هناك «أجانب» يدعون ويصلون من جتد الشؤون التي تتعلق بالدين مكاناً لها في االنتخابات( .
أجل أن يفوز (أوباما) ،وعلى الشعب األمريكي أن يجتمع لكي التدين في احلياة األمريكية ليس بني اجلمهوريني فقط؛
يدعو «اإلله» لنص����رة (ماكني) على (أوباما) املؤيد باألجانب كما قد يتبادر إلى األذهان ،فقد أش����ار استطالع (بيو) إلى
وآلهتهم! كما انتقد اإلعالم موقف املرشح اجلمهوري (جون أنه في أواخ����ر الثمانينيات من القرن املاضي كانت األغلبية
ماكني) الذي لم يرفض ما قاله القس����يس ،وكأن األمر وافق متساو
ٍ البروتس����تانتية للواليات املتحدة تنقس����م بشكل شبه
هوى في نفسه. بني اجلمهوريني والدميقراطيني ،غير أن نسبة البروتستانت
وهنا يبرز مرة أخرى استدعاء الدين في الواليات املتحدة الذين يعلنون عن انتمائهم للحزب اجلمهوري -الذي ينتمي
ليس من أج����ل الهداية أو الدعوة ،ولك����ن من أجل أهداف إلي����ه (بوش) -بلغت ضعف من يعلن����ون منهم عن انتمائهم
سياس����ية محضة .ولنا أن نسأل هنا :ماذا حدث للفصل بني للدميقراطي��ي�ن .وأش����ار االس����تطالع إل����ى أن الكاثوليك
الدين والدولة ،وبني الدين والسياس����ة في املشروع الليبرالي األمريكي��ي�ن -الذين كانوا يوماً ما من املؤيدين الراس����خني
الغربي؟ متساو بني
ٍ للدميقراطيني -صاروا ينقس����مون بش����كل شبه
إن من يعيد قراءة ما قاله ذلك القسيس يعجب كذلك من احلزبني.
التر ِّدي الذي يقع فيه أنصار احلزب اجلمهوري من املتدينني، وأم����ا ما يتعلق باإلس��ل�ام فقد تأ َّثر الش����عب األمريكي
عندما يقحمون الدين في السياس����ة من أجل منافع دنيوية، كثيراً ف����ي العقود املاضية باحلملة على اإلس��ل�ام والهجوم
ال ،كما قد يروق لبعضهم أن ولي����س من أجل خدمة الدين مث ً علي����ه ،وبدأ ينتقل من املوقف الس����لبي جتاه اإلس��ل�ام إلى
ينظر إلى ما قاله هذا الرجل. املوق����ف العدائي له ،وهو ما يلحظ����ه املراقبون في األعوام
• الدين ورؤساء أمريكا: األخيرة ،ونتيجة احلرب احملمومة على ما سمي بـ «اإلرهاب
لم تع����رف أمريكا عب����ر تاريخها الطويل رئيس����اً غير اإلسالمي» ،واإلسالم بريء من هذه التهمة ،فليس لإلرهاب
بروتس����تانتي س����وى مرة واحدة ،في عهد (ج����ون كنيدي)، دين ،وقد مارس����ته أمريكا باسم الدميقراطية ،ولكنها كانت
ولم تس����تمر فترة رئاس����ته التي انتهت باالغتيال ،فرغم أن خطة احملافظني اجلدد لتكوين عد ٍّو خارجي يحفظ ألمريكا
الكاثوليك ميثلون أحد مذاهب النصرانية الكبرى ،ورغم أن متاسكها الداخلي ،ولم تنجح هذه احملاولة بشكل كامل حتى
معظم الكاثوليك في أمريكا هم من العرق األبيض أيضاً ،إال اآلن.
أن كل ذلك لم يش����فع لهم لكي يحصلوا على منصب الرئاسة ال ي����زال الدين يظهر بني أنص����ار التيار اجلمهوري في
األمريكية طوال أكثر من قرنني من الزمان إال مرة واحدة. شكل عدائي لآلخرين؛ ففي يوم 11أكتوبر 2008م ،وقبل أن
ويبني اجلدول املرفق مع هذا املق����ال املذاهب املختلفة يظهر (جون ماكني) في أح����د اجتماعات حملته االنتخابية؛
لرؤساء أمريكا منذ اس����تقاللها ،وكيف أن التدين كان سمتاً وقف القس����يس األمريكي (أرنولد كونراد) ،وهو راعي سابق
عد البروتستانت أكبرمالزماً ملعظم الرؤس����اء األمريكيني .ويُ ّ لكنيسة اإلجنيليني األحرار ،ليقدم (جون ماكني) إلى جمهوره
فئة نصرانية داخل الواليات املتحدة ،إذ يشكلون %51.3من ا« :هناك املاليني من الناس حول العالم يصلُّون إللههم قائ��ل� ً
النصارى ،في حني تبلغ نس����بة الكاثوليك من النصارى نسبة الهندوسي أو البوذي أو الله من أجل أن يفوز خصم (ماكني)،
.%23.9وينقسم النصارى البروتستانت إلى ثالث فئات ،هي: ألس����باب متنوعة ،وإليك -أيها الرب! -أدعو أن حتفظ لنا
البروتستانت اإلجنيليون «احملافظون» ،%26.3 :واإلجنيليون سمعتنا؛ ألنهم سيظنون أن إلههم أكبر منك يا ربنا! إذا حدث
املعتدلون ،%18.1والبروتستانت السود .%6.9 هذا؛ لذلك فإنني أدعو أن تتقدم وحتفظ اس����مك في كل ما
25 ويتباين الرؤساء األمريكيون في مدى إظهارهم لتدينهم. سيحدث من اليوم وحتى يوم االنتخابات»( .
العدد 255
فقد كان كثير منهم يعدون األمر ب ُر ّمته مس����ألة شخصــية، ( ُب ْع ٌد ديني للحملة االنتخابية األمريكية ،ريتشل كالرك ،موقع بي بي سي 11 ،يناير
وال يليق احلدي����ث عنها في اإلع��ل�ام ،أو للجماهير .ورمبا 2004م.
( Pastor Delivers Odd Invocation at McCain Rally, Laura
كان (جــورج دبليـو بــوش) -كما تؤكــد الباحــثة (ريتش����ل Meckler, The Wall Street Journal, October 11, 2008.
ومم����ا يدل أيضاً عل����ى االهتمام غير املس����بوق بالدين
َّ كالرك) -هو أكثر رؤس����اء الواليات املتح����دة إفصاحاً عن
في احلمالت االنتخابية الرئاس����ية ما ح����دث في املناظرة تدينه في العص����ر احلديث ،إذ يرى كثي����رون بوادر إلميانه
التليفزيوني����ة األول����ى التي جمعت املرش����حني اجلمهوريني الشخصي في السياسات التي تتبعها إدارته .وقد ذكر (أالن
���ؤال لهم حول
في ع����ام 2007م ،إذ قام صحفي بتوجيه س� ٍ كوبرمان) في مقال ل����ه صدر في ()Washington Post
م����دى قناعتهـم بنظرية التطـور – وهـي النظـرية املخــالفة أن الرئي����س احلالي (جورج بوش) يفه����م لعبة الدين جيداً؛
لإلجنيــل -فقام ثالثة مرش����حني بالرد الس����لبي جتاه تلك لذلك فإنه أحياناً تش����عر في تعامالت����ه باالجتاه النصراني،
النظرية؛ وهم الس����يناتور (س����ام برونباك) س����يناتور والية كما أنه يُعد واحداً من الرؤس����اء امللتزم��ي�ن دينياً واملهتمني
كانساس ،و (مايك هوكابي) احلاكم السابق لوالية أركانساس، في الوقت نفسه مبصلحة الواليات املتحدة األمريكية؛ فلديه
وعضو الكونغرس (توم تانكريدو) عن والية كولورادو .ويعلق القدرة عل����ى التعامل مع الطوائف الدينية في أمريكا؛ حيث
على ذلك (جون جرين) أس����تاذ العلوم السياسية في جامعة يجذبها بألفاظ����ه التي يتعلمها منهم ف����ي احلوار ،مع عدم
ال« :إن معظم األمريكيني ينظرون أكرون في والية أوهايو قائ ً إظه����ار اجتاهاته الدينية صراحة ،رغ����م اهتمامه بها حتى
إلى الدين بوصفه ركناً أساس����ياً في حياتهم؛ وهم شغوفون في مراس����م زواجه ،إضافة إلى اهتمامه مبناقش����ات كثيرة
حقاً بكيفية تأثير التدين على الـ ُمرشحني .ويقول ُمستكم ً
ال: مع القس (بيلي جراهام) ال����ذي كان صديقاً لعائلة (بوش)،
يعد جدي����داً في العملية االنتخابية ه����ذه املرة هو نزوح ما ّ وكثيراً ما كان (بوش) يدعي أنه واحد من القساوس����ة نتيجة
عدد كبير من املرش����حني الدميقراطي��ي�ن نحو التحدث عن ارتباطه الشديد بهم.
���كل يغازل
معتقداتهم ،ونحو تنظيم حمالتهم االنتخابية بش� ٍ وكان املرشحون للمناصب الرئاس����ية األمريكية مييلون
الناخبني املتدينني( . في املاضي إلى ع����دم احلديث عن الدين باملجمل وع ّده من
وف����ي عام 2006م قام املرش����ح الدميقراط����ي (أوباما) اخلصوصيات الش����خصية ،ولكن (ج����ورج دبليو بوش) كان
بتوجي����ه النقد إلى زمالئه الدميقراطيني الذين فش����لوا في أول من كس����ر هذه القاعدة بوضوح ف����ي حملته االنتخابية
إدراك ق����وة العقيدة وتأثيرها على حياة الش����عب األمريكي، حتدث فيها بإس����هاب عن الدين وعن لع����ام 2000م ،والتي َّ
ونص����ح احلزب الدميقراطي بضرورة العمل اجلاد لكس����ب حبه الش����ديد للمسيح ،واعتباره الفيلسوف األول في العالم.
تأييد اإلجنيليني ،بل جميع الذين يرتادون الكنائس بانتظام. وانتقلت ه����ذه الظاهرة ،بل وأصبحت ظاهرة الفتة لالنتباه،
ويقول (جوشوا دوبويز) مدير الشؤون الدينية حلملة (باراك فالذي يبدو اآلن هو ظهور جميع املرشحني للرئاسة األمريكية
أوباما) االنتخابية :إن (أوباما) «جعل عقيدته الدينية عنصراً ���وب ديني غير ُمعتاد ،ب����ل غريب على الفكر القادم����ة في ث� ٍ
ثابتاً في حملته االنتخابية ،وعمد إلى أن يكون الدين حاضراً السياس����ي األمريكي خاص ًة ،وعلى الفكر السياسي الغربي
بقوة في أعمال املؤمتر العام للحزب؛ من أجل تكوين تواصل عام ًة؛ حيث يتصف كالهم����ا بال َعلْمانية الواضحة ،كما يرى
مع الناخبني الديني��ي�ن» .ويضيف(« :أوباما) يدرك أن للدين أحد املراقبني املسلمني.
والقي����م واملعتقدات مكانة خاصة في حياة األمريكيني» ،فهل وخ��ل�ال احلم��ل�ات االنتخابي����ة التمهيدية اس����تهدف
سيش����فع لـ (أوباما) عند الش����عب األمريكي يوم االنتخابات بوجه عام -الكاثوليك الرومان املعتدلني، ٍ الدميقراطي����ون -
أنه نصراني بروتس����تانتي؟ أم أن والدته ألب مسلم ،وحياته إضاف ًة إلى اخلط الرئيسي في التيار البروتستانتي ،وكذلك
في الس����نوات األولى من عمره في بالد مس����لمة أنقص من اإلجنيليون باتوا من ضمن الـ ُمس����تهدفني لصالح املرشحني
رصيده «البروتس����تانتي» لدى الناخب األمريكي الذي مييل الدميقراطيني ،وهو أمر منطقي؛ فالدميقراطيون يسعون إلى
إلى انتخاب البروتس����تانت ملنصب الرئاسة كما يشهد تاريخ حصد أكبر عدد من الناخبني املتدينني ،أو ذوي االهتمامات
الواليات املتحدة األمريكية عبر القرنني املاضيني؟ الديني����ة واألخالقية في املقام األول ،ومن ثم فلم يكن غريباً
• الدين وسباق الرئاسة لعام 2008م: ضمن هذا الس����ياق أن يقوم املرشحون بإعداد احملاضرات
26
ي����روي الكاتب العرب����ي إبراهيم غالي صورة املش����هد ملخاطبة اإلجنيليني الليبراليني ،وكان منها على سبيل املثال:
العدد 255
محاض����رة أقامها احلزب الدميقراطي ف����ي أحد املنتديات
( الدين جتارة رائجة في انتخابات الرئاسة األمريكية لعام 2008م ،شبكة النبأ21 ، االنتخابية حتت عنوان :العقيدة ،القيم ،الفقر.
يونيو 2007م.
أحد كتّاب هذه الصحيفة العريق����ة بأن غوغائية وعنصرية الرئيس����ي لدى افتتاح مؤمتر احلزب الدميقراطي األمريكي
بعض املرشحني تكاد تس����مم املناخ السياسي األمريكي كله، لعام 2008م ،وهو مش����هد غير مألوف م����ن ناحية ارتباطه
وتنتكس به إل����ى تعصب ديني ،كان الغرب عموماً -وأمريكا بالدين -كما يرى الكاتب -ولم يحدث من قبل في مؤمترات
خصوص����اً -قد جتاوزه منذ ثالثة ق����رون على األقل ،ولكن احلزب من����ذ عقود طويلة ،على عك����س احلزب اجلمهوري
ما لم يش����ر إليه كثير من الك ّت����اب الغربيني هو كيف أصبح الذي يجعل املعتقدات الدينية ركناً أساسياً ثابتاً في حمالته
اإلسالم أو االنتساب إلى العرب جرمية. االنتخابية .يقول الكات����ب« :البداية كانت بفرقة من املرتلني
كان من احمل����زن في األيام األخي����رة للحملة االنتخابية الكنسيني يلقون أنش����ودة وعظ ديني إجنيلي .أتبعها حاخام
أن س����يدة عجوز من أنصار (جون ماك��ي�ن) اتهمت خصمه يهودي يقص حكايات من التوراة حول التس����امح واملستقبل.
(باراك أوباما) أنه «عربي» ،فس����ارع (جون ماكني) إلى أخذ ث����م الكاثوليكية الش����هيرة (هيلني بريجي����ان) تهاجم بعنف
امليكروفون منه����ا ليصحح هذا االتهام عن خصمــه اللــدود عقوبة اإلعدام واستخدام املش����نقة .العدسات تلتقط امرأة
ال« :ال ..هذا غير صحيح ..إنه إنس����ان محترم»! نفى قــائــ ً مسنة إفريقية مسلمة شابة ترتدي احلجاب جتلس إلى جوار ِ
(جون ماكني) أن (باراك أوباما) عربي بأنه قال :إنه إنس����ان س����مراء .وخلي����ط من البروتس����تانت والكاثولي����ك واليهود
محت����رم! ولم يتحدث اإلعالم العربي عن هذه اإلهانة ،وكأن واملسلمني وغير املنتس����بني لدين معني اجتمعوا حتت سقف
كلمة عربي أصبحت مرادفة لعدم االحترام. واحد» .إن هذا املشهد يعكس حقيقة اهتمام حملة (أوباما)
• املس��لمون األمريكي��ون يف االنتخاب��ات االنتخابي����ة بالناخبني الدينيني ،واس����تيعاب الدميقراطيني
الرئاسية: درس االنتخابات السابقة حينما ساعد املتدينون املتشددون
ظهر ثقل الوجود اإلسالمي داخل الواليات املتحدة بقوة ف����ي إعادة انتخاب بوش االبن ،وه����و األمر الذي جعل قادة
بعد أحداث احلادي عش����ر من سبتمبر 2001م ،حيث تعاظم احلزب الدميقراطي يفكرون كثيراً في هذا األمر»( .
احلديث عن أهمية السعي لكس����ب و ِّدهم وأصواتهم؛ سواء وفي املقابل -ولعلَّ����ه إدراكاً من اجلمهوريني ملا يقوم به
كان����وا من أصول عربية أو غيرها ،حيث إن مش����اركتهم في الدميقراطيون -يلجأ احملافظون اجلدد حتت س����تار تأييد
االنتخابات األمريكية ستكون مؤثرة جداً .و َوفْقاً الستطالعات (جون ماكني) في االنتخابات الرئاس����ية؛ إلى اتهام (أوباما)
الرأي التي أجريت بعد انتخابات الرئاس����ة األمريكية األولى بأنه س����يكون متعاطفاً مع اإلسالم والعرب واملسلمني بسبب
لـ (جورج بوش)؛ فإن أصواتهم أثرت أثراً كبيراً أثناء ترشيح أصوله التي تدين بدين اإلس��ل�ام ،رغ����م أن مواقفه املعلنــة
(جورج بوش) في والية فلوريدا لعام 2000م حيث كان فارق ال تش����ير إلى ذلك .الالفت للنظر ه����و وجود محاولة دائمة
األصوات ضئيال جداً( . ودائبة في اإلعالم األمريكي لوصـف أي عــالقة باإلس��ل�ام
وف����ي األع����وام املاضية حت����رك كثير من الناش����طني أو املسلمني بأنها «مثار شك» ،وأن الدين اإلسالمي ليس ديناً
اإلسالميني لكي يش����جعوا املس����لمني في الواليات املتحدة مقبوالً في الواليات املتحدة ،على األقل فيما يتعلق بعالقات
لتس����جيل أس����مائهم في الدوائ����ر االنتخابي����ة حتى يصبح املرشحني ملنصب الرئاسة األمريكية ،وكأن أمريكا في عداء
للمسلمني وجود قوي هناك وهو ما يدعم موقفهم ومينحهم مع اإلس��ل�ام ،رغ����م أنهم دائماً ما يس����ارعون إلى نفي هذه
تأثيراً واقعياً وملموساً. التهمة.
ومتي����ل اجلالية املس����لمة ف����ي الواليات املتح����دة إلى ومن ذلك ما حدث في إحدى املناظرات بني املرش����حني،
التصوي����ت لصالح (ب����اراك أوباما) ،وهو م����ا يعد تغيراً في وجه
وأوردت����ه صحيفة (هيرالد تريبيون) البريطانية ،عندما َّ
موق����ف اجلالية التي س����اندت الرئي����س األمريكي احلالي املذيع (برايان وليامز) سؤاالً إلى (باراك أوباما) ،عما يشاع
في حملته االنتخابية األولى ،ثم انقس����مت بني اجلمهوريني عن أنه «مس����لم» ،وكان����ت لهجة توجيه الس����ؤال «اتهامية».
27 والدميقراطيني في انتخاب����ات عام 2004م ،لتنتقل بقوة في وكذلك أجاب (أوباما) بلهجة قاطعة -كما لو كان يقول :أنا
انتخابات عام 2008م ملس����اندة املرشح الدميقراطي (باراك بريء من هذا االتهام -في كلمتني هما «أنا مسيحي» .ويعلق
العدد 255
( الدين يتدخل في اختيار الناخبني األمريكيني بني (أوباما) و (ماكني) ،إبراهيم غالي،
( تأثير القوى الدينية في انتخابات الرئاسة األمريكية ،جون فرانسوا مايير ،موقع تقرير واشنطن 15 ،أغسطس 2008م.
مرصد األديان ،نقله إلى العربية موقع إسالم أون الين 11 ،أكتوبر 2004م.
وهم كذلك يفعلون الش����يء نفسه عندما يتحدثون عن (جون أوباما) .ويخش����ى املس����لمون في أمريكا وخارجها أيضاً من
ماكني). أن يكون املرشح الرئاس����ي للحزب اجلمهوري (جون ماكني)
م����ا أهمية ذل����ك؟ تكمن أهمية ه����ذه النقطة أن (جون هو امتداد لسياس����ة (جورج بوش) ،ومييل بعضهم أيضاً إلى
ماكني) لم يعرف عنه الوالء ألحد سوى طموحاته الشخصية، اتهامه بال����والء أو االرتباط بتيار احملافظني اجلدد املعروف
ول����م يعرف بالثبات على املبادئ الفكري����ة أو الدفاع الكامل مبيول����ه إلى العدوانية ،وإصراره على الهيمنة األمريكية على
عنها ،من أجل ذلك يصعب تصور أن يبقى (جون ماكني) في العالم ،والدعم غير احملدود للكيان الصهيوني وأطماعه في
حال انتخابه رئيس����اً ألمريكا مواليا ُ للمحافظني اجلدد؛ ألن فلس����طني .وبس����بب تهمة االرتباط باحملافظني اجلدد؛ فإن
أجندتهم أيديولوجياً ال تتناس����ب مع طموحات (ماكني) ،وإن الصوت االنتخابي املس����لم ذهب غالباً إلى (جون ماكني) في
كانت مواقفهم السياسية تالئم رغباته وطموحاته أيضاً. انتخابات عام 2008م.
بالطبع هناك من يرى الصورة بش����كل مغاير ،فكثير من • هل (جون ماكني) من احملافظني اجلدد؟
أصدقاء (جون ماكني) هم من قيادات تيار احملافظني اجلدد، ال يُظهِ ر املرشح اجلمهوري (جون ماكني) ارتباطاً مباشراً
وعلى رأس����هم الكاتب واملفكر املعروف وليام كرستول ،الذي باحملافظني اجلدد ،رغم أن سياسته اخلارجية تكاد تتطابق
يعد الشخصية األكثر تأثيراً في هذا التيار .وقد كتب (ويالم ّ مع توجهاتهم ،ولكنه ال يع ّد نفـــسه منهــم ،وهــم بالتأكيــد
كريستول) في عموده في صحيفة (نيويورك تاميز) في بداية يعدونه أح����د املقاتلني في حروبهم اخليالية مع ش����عوب ال ّ
العام ثنا ًء منقطع النظير على (جون ماكني) ،وقال :إنه ليس األرض الرافضة لهيمنته����م .لقد عانى (جون ماكني) بصفة
فقط مرش����حاً رئاسياً ألمريكا ،ولكن ش���� َّبهه أيضاً برئيس ش����خصية من ويالت احلروب األمريكية مع شعوب األرض.
الوزراء البريطاني (ونس����تون تشرشل) ،في أنه سيضع نهاية مت أسره وهو شاب في مقتبل العمر في فيتنام ،وأمضى فقد َّ
للحرب على اإلرهاب ،وسيخرج الغرب منها منتصراً كذلك! س����نوات في املعتقل ،ومت تعذيبه على يد املقاومة الفيتنامية
ويعرف (وليام كريس����تول) بأنه أحد ِّ
املنظرين الرئيسيني لالحتالل األمريكي ،وعاد من فيتنام وهو على قناعة تامة أن
إلستراتيجية مش����روع القرن األمريكي للمحافظني اجلدد، أمريكا ال يجب أن تتدخل عس����كرياً ضد دول أخرى ،إال إن
ويرى أنه رغم مشاكل تطبيق هذه اإلستراتيجية ،وما وصفه مهدداً بش����كل حتمي .كان هذاكان األمن القومي األمريكي َّ
باألخطاء الت����ي وقعت فيها إدارة الرئي����س (بوش)؛ إال أنه هو موقف (جون ماكني) عندما عاد في عام 1960م.
لي����س أمام الواليات املتحدة خي����ارات عديدة بديلة عن تلك ولك����ن مع مرور الوقت بدأ يظهر تغير في مواقف (جون
اإلستراتيجية. ماكني) تقترب به م����ن مواقف احملافظني اجلدد ،فقد دافع
ويقول في عبارة دالة على طبيعة فكر احملافظني اجلدد: (جون ماكني) عن التدخل العس����كري األمريكي في كوسوفا،
«ليس هناك أحد يفكر في قبول األوضاع التي كانت قائمة في مهددة
رغم أن املصال����ح القومية العليا األمريكي����ة لم تكن َّ
الش����رق األوسط قبل احلادي عشر من سبتمبر ،أو استمرار بش����كل مباشر ،وكذلك احلال في أفغانستان ثم العراق ،فقد
الواليات املتحدة في التعامل مع حكام املنطقة الدكتاتوريني، أ َّيد (جون ماكني) اإلدارة األمريكية احلالية في كل ما قامت
كما ال ميكن ألحد اس����تبعاد جلوء الواليات املتحدة إلى مبدأ به من اعتداءات ،وقام (جون ماكني) في الفترة من بداية هذا
احل����روب االس����تباقية في عالم محفوف مبخاطر أس����لحة القرن امليالدي بتعيني عدد من احملافظني اجلدد في مكتبه،
الدمار الشامل». وكذلك التعاطف مع مواقفهم خاصة في قضايا السياس����ة
بالنس����بة لهذا الفريق من احمللل��ي�ن فإن عالقات (جون اخلارجي����ة واألمن القومي األمريكي .وعندما س����ئل (جون
ماك��ي�ن) بهذا التيار ،وقربه الش����ديد م����ن قياداته الفكرية؛ ماك��ي�ن) عن موقفه من احملافظني اجلدد ،في حوار صحفي
ستطبع رئاسة ماكني بسياسات احملافظني اجلدد بشكل قد مؤخ����راً؛ قال ما نصه« :بوجه عام أن����ا أوافقهم ،وأحترمهم
يك����ون أخطر من فترة (جورج بوش) كذلك؛ بس����بب العقلية بشكل كبير جداً».
28
املقاتل����ة لـ (جون ماكني) ،واس����تعداده الفط����ري للمخاطرة بالطب����ع هذا الثناء الواضح يؤك����د أمرين :األمر األول:
العدد 255
واملجازفة. أنه على قناعة تامة بسياس����اتهم وتوجهاتهم .واألمر الثاني:
قد يكون ما سبق صحيحاً من ناحية ميول (جون ماكني) أن����ه ليس منهم ،مبعنى :أنه يتحدث عنهم بأنهم طرف ثالث،
األمريكية. العنيف ،ولك����ن الواقع األمريكي ،وانحس����ار مد احملافظني
ثالثاً :تعزيز عملية اإلصالح السياس����ي واالقتصادي في اجلدد ف����ي الواقع العملي ،وعجزه����م عن حتقيق جناحات
اخلارج. عملية لسياس����ات الهيمنة والقهر؛ س����يؤدي ذلك مع زيادة
ً
رابع����ا :قبول أمريكا بدورها الفري����د في احلفاظ على األزم����ات االقتصادية إلى االبتعاد عنه����م من قِ َبل أي رئيس
نظام عاملي صديق للمبادئ األمريكية( . أمريكي قادم؛ سواء كان من اجلمهوريني أو الدميقراطيني.
لي����س من املتوقع أن يس����تعيد احملافظون اجلدد قوتهم • هل سيعود احملافظون اجلدد؟
مع فوز (جون ماكني) بالرئاس����ة األمريكي����ة ،أو أن يتقبلهم يع����د احملافظون اجلدد أن ف����وز (ماكني) أولوية قصوى
املجتم����ع األمريكي الذي عانى من خططهم ومش����روعاتهم ملش����روعهم ولبقائهم ضمن دائرة الضوء والتأثير املباشر في
طوال األعوام املاضية .سينجح احملافظون اجلدد في توجيه أروقة السياسة األمريكية.
اإلدارة اجلمهورية بشكل غير مباشر ،وخاصة في السياسات لقد فشل احملافظون اجلدد في إقناع الشعب األمريكي
اخلارجية واملتعلقة بالش����رق األوسط وروسيا حتديداً ،ولكن أن الدين يعطي عدالة حلروبهم ،كما فشلوا في إقناع العالم
لن يك����ون لهم النفوذ والس����يطرة الكاملة الت����ي متتعوا بها أن احملافظني اجلدد يع ِّبرون عن أي دين س����وى دين النفعية
في الس����نوات املاضية في ظ����ل إدارة (جورج بوش) و (ديك والهيمن����ة ،ويرى العديد من اخلبراء واحملللني السياس����يني
تشيني). األمريكي��ي�ن أن احملافظني اجلدد فش����لوا في توفير منوذج
أما م����ع فوز (ب����اراك أوبام����ا) بالرئاس����ة األمريكية؛ في العراق يصلح مثاالً لتطبيق مش����روعهم املسمى (القرن
ف����إن احملافظون اجلدد يفق����دون ما تبقى م����ن بريق لهم، األمريك����ي اجلديد) والذي كان يس����تهدف ف����رض الهيمنة
وسيحاولون توجيه السياسات اخلارجية األمريكية من خالل األمريكية على العالم من خالل:
مقاعد املعارضة من ناحية ،وباستخدام وسائل الضغط غير أوالً :زيادة ميزانية الدف����اع األمريكية وحتديث القوات
املباش����ر من ناحية أخرى؛ كاإلعالم واملراكز الفكرية والقوى األمريكية لتكون جاهزة لفلس����فة اس����تخدام القوة لتحقيق
الضاغطة والشركات الكبرى. املصالح األمريكية في اخلارج.
وهن����اك من يرى أن املجتمع األمريكي لن يس����مح بعودة ثانياً :تعزيز العالقات م����ع الدول الدميقراطية احلليفة
احملافظني اجلدد ليس بس����بب االخت��ل�اف الفكري معهم، وحت���� ِّدي أمري����كا لنُظم احلك����م املعادية للمصال����ح والقيم
2008
29
العدد 255
( تقويض أوهام احملافظني اجلدد في العراق ،محمد ماضي ،واشنطن ،خاص بوكالة
أنباء سويس إنفو ،إدارة التحرير 7 ،يوليو 2004م.
الكنيسة املشيخية البروتستانتية. جاميس بوكانان 15 ولكن بسبب األزمة االقتصادية التي متس املجتمع األمريكي،
نشأ على الكنيسة املعمدانية البروتستانتية، أبرهام لنكولن 16 الديْن العام .ففي دراسة اقتصادية أعدت وتتس َّبب في زيادة َّ
وبعدها لم يلتزم مبذهب ،مع اإلقرار
الديْن العام للوالياتمؤخراً أش����ار عدد من الباحثني إلى أن َّ
بالربوبية.
املتح����دة األمريكي����ة يتزايد بنس����بة واضحة م����ع اإلدارات
نصراني دون االلتزام مبذهب. أندرو جونسون 17
اجلمهورية ،وخاص����ة تلك التي متيل إل����ى تيار احملافظني
البروتستانتية، املشيخية الكنيسة أوليسيس جرانت 18
ميثوديست. اجل����دد ،وتتأثر به؛ ألنها تنفق بش����كل ضخم على التس����لُّح
البروتستانتية، املشيخية الكنيسة رازرفورد هايس 19 واملغامرات العسكرية اخلارجية على حساب الدخل القومي
ميثوديست.
األمريكي .والرسم البياني املرفق يوضح باللون األحمر كيف
كنيسة حواريي املسيح البروتستانتية. جاميس جارفيلد 20
الديْن العام في ظــل إدارات (رونــالد ريجان) تزايدت نسبة َّ
الكنيسة األسقفية البروتستانتية. تشيستر أرثر 21
و (جورج بوش األب) في القرن املاضي ،ثم عادت إلى الزيادة
الكنيسة املشيخية البروتستانتية. جروفر كليفالند 22
مرة أخرى في ظل إدارة (جورج دبليو بوش االبن).
الكنيسة املشيخية البروتستانتية. بنجامني هاريسون 23
لــذل����ك ميكن الق����ول باملجمل :إنه ليــ����س من املتوقع
الكنيسة املشيخية البروتستانتية. جروفر كليفالند 24
في األع����وام القادمة أن يس����تعيد احملافظون اجلدد قوتهم
الكنيسة املنهجية البروتستانتية. وليام ماكينلي 25
وس����يطــرتهم عل����ى اإلدارات األمريكية ،ولكنهم س����يبقون
الكنيسة الكالفينية البروتستانتية ،ثم ثيودور روزفلت 26
األسقفية. بالتأكي����د إح����دى القوى املؤثرة على الس����احة السياس����ية
الكنيسة التوحيدية البروتستانتية. وليام هاورد تافت 27 األمريكي����ة ،وخاصة في مجاالت السياس����ة اخلارجية ،وما
الكنيسة املشيخية البروتستانتية. وودورد وليسون 28 يرتبط منها بالتعامل مع الش����رق األوس����ط والعالم العربي
الكنيسة املعمدانية البروتستانتية. وارن هاردجن 29 واإلسالمي.
الكنيسة اجلمعية البروتستانتية (كل كنيسة كالفني كوليدج 30
تدير شؤونها).
الديانة واملذهب. الرئيس األمريكي الرقم
طائفة الكويكرز. هربرت هوفر 31
الكنيسة األسقفية البروتستانتية. جورج واشنطن 1
الكنيسة األسقفية البروتستانتية. فرانكلني ديالنو روزفلت 32
الكنيسة التوحيدية البروتستانتية. جون آدامز 2
الكنيسة املعمدانية اجلنوبية البروتستانتية. هاري ترومان 33
نشأ على مذهب الكنيسة األسقفية توماس جيفرسون 3
بدأ مع إخوة النهر ،ثم مع شهود يهواه ،ثم دوايت أيزنهاور 34 البروتستانتية ،وبعد ذلك لم يلتزم
الكنيسة املشيخية البروتستانتية. مبذهب ،وإن كان مييل إلى العقائد
التوحيدية البروتستانتية.
الكنيسة الكاثوليكية. جون كنيدي 35
الكنيسة األسقفية البروتستانتية (مذهب جاميس ماديسون 4
كنسية حواريي املسيح البروتستانتية. ليندن جونسون 36
الربوبية).
طائفة الكويكرز. ريتشارد نيكسون 37
الكنيسة األسقفية البروتستانتية (مذهب جاميس مونرو 5
الكنيسة األسقفية البروتستانتية. جيرالد فورد 38 الربوبية).
البروتستانتية، املعمدانية الكنيسة جيمي كارتر 39 الكنيسة التوحيدية البروتستانتية. جون كوينسي آدمز 6
وقبلها الكنيسة املعمدانية اجلنوبية
الكنيسة املشيخية البروتستانتية. أندرو جاكسون 7
البروتستانتية.
الكنيسة الكالفينية البروتستانتية. مارتن فان برن 8
كنيسة حواريي املسيح البروتستانتية، رونالد ريجان 40
والكنيسة املشيخية البروتستانتية. الكنيسة األسقفية البروتستانتية. ويليام هنري هاريسون 9
الكنيسة األسقفية البروتستانتية. جورج إتش بوش 41 الكنيسة األسقفية البروتستانتية (مذهب جون تايلور 10
الربوبية).
الكنيسة املعمدانية البروتستانتية. جيفرسون وليام
كلينتون
42
البروتستانتية، املشيخية الكنيسة جاميس نوكس بوك 11 30
ميثوديست.
ميثوديست ،وكان سابقاً ينتمي إلى الكنيسة (جورج دبليو بوش) 43
األسقفية البروتستانتية. الكنيسة األسقفية البروتستانتية. زاكري تايلور 12 العدد 255
الكنيسة التوحيدية البروتستانتية. ميالرد فيلمور 13