You are on page 1of 233

‫تفسي النتخب‬

‫الزء الول‬
‫تأليف ‪ :‬مموعة من العلماء ‪ -‬لنة من علماء الزهر‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪ )2‬ال ّرحْ َمنِ ال ّرحِيمِ (‪ )3‬مَاِلكِ‬
‫ِبسْ ِم ال ّلهِ الرّحْ َم ِن ال ّرحِيمِ (‪ )1‬الْحَ ْمدُ لِلّهِ َر ّ‬
‫صرَاطَ‬
‫صرَاطَ الْ ُمسَْتقِيمَ (‪ِ )6‬‬
‫يَوْ ِم الدّينِ (‪ِ )4‬إيّاكَ نَعُْب ُد وَِإيّا َك َنسْتَعِيُ (‪ )5‬ا ْهدِنَا ال ّ‬
‫الّذِينَ َأْنعَمْتَ عَلَ ْي ِهمْ غَ ْي ِر الْ َمغْضُوبِ عَلَ ْي ِه ْم وَلَا الضّالّيَ (‪)7‬‬

‫‪ -1‬تبتدئ باسم ال الذى ل معبود بق سواه ‪ ،‬والتصف بكل كمال ‪ ،‬النه عن كل‬
‫نقص ‪ ،‬وهو صاحب الرحة الذى يفيض بالنعم جليلها ودقيقها ‪ ،‬عامها وخاصها ‪،‬‬
‫وهو التصف بصفة الرحة الدائمة ‪.‬‬

‫‪ -2‬الثناء الميل بكل أنواعه وعلى كل حال ل وحده ‪ ،‬ونثن عليه الثناء كله لنه‬
‫منشئ الخلوقات والقائم عليها ‪.‬‬

‫‪ -3‬وهو صاحب الرحة الدائمة ومصدرها ‪ ،‬ينعم بكل النعم صغيها وكبيها ‪.‬‬
‫‪ -4‬وهو وحده الالك ليوم الزاء والساب وهو يوم القيامة ‪ ،‬يتصرف فيه ل يشاركه‬
‫أحد ف التصرف ولو ف الظاهر ‪.‬‬

‫‪ -5‬ل نعبد إل إياك ‪ ،‬ول نطلب العونة إل منك ‪.‬‬

‫‪ -6‬نسألك أن توفقنا إل طريق الق والي والسعادة ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -7‬وهو طريق عبادك الذين وفقتهم إل اليان بك ‪ ،‬ووهبت لم نعمت الداية‬
‫والرضا ‪ ،‬ل طريق الذين استحقوا غضبك وضلوا عن طريق الق والي لنم أعرضوا‬
‫عن اليان بك والذعان لديك ‪.‬‬

‫ب َوُيقِيمُونَ‬
‫ب فِي ِه ُهدًى لِلْمُّت ِقيَ (‪ )2‬الّذِينَ ُي ْؤمِنُو َن بِالْغَيْ ِ‬
‫ب لَا َريْ َ‬
‫ك الْكِتَا ُ‬
‫ال (‪َ )1‬ذلِ َ‬
‫الصّلَا َة َومِمّا َر َزقْنَا ُهمْ يُ ْن ِفقُونَ (‪ )3‬وَالّذِينَ ُي ْؤمِنُو َن بِمَا ُأنْ ِزلَ إِلَ ْيكَ وَمَا أُْن ِزلَ ِم ْن قَبْ ِلكَ‬
‫وَبِالْ َآ ِخ َرةِ ُهمْ يُوقِنُونَ (‪)4‬‬

‫‪ -1‬ألف لم ميم ‪ :‬هذه حروف ابتدأ ال سبحانه وتعال با ليشي با إل إعجاز‬


‫القرآن الكري الؤلف من حروف كالروف الت يؤلّف منها العرب كلمهم ‪ ،‬ومع‬
‫ذلك عجزوا عن التيان بثل القرآن ‪ ،‬وهى مع ذلك تنطوى على التنبيه للستماع‬
‫لتميز جرسها ‪.‬‬

‫‪ -2‬هذا هو الكتاب الكامل وهو القرآن الذى ننله ل يرتاب عاقل منصف ف كونه‬
‫من عند ال ‪ ،‬ول ف صدق ما اشتمل عليه من حقائق وأحكام ‪ ،‬وفيه الداية الكاملة‬
‫للذين يستعدون لطلب الق ‪ ،‬ويتوقّون الضرر وأسباب العقاب ‪.‬‬
‫‪ -3‬وهؤلء هم الذين يصدقون ‪ -‬ف حزم وإذعان ‪ -‬با غاب عنهم ‪ ،‬ويعتقدون فيما‬
‫وراء الحسوس كاللئكة واليوم الخر ‪ ،‬لن أساس التدين هو اليان بالغيب ‪،‬‬
‫ويؤدون الصلة مستقيمة بتوجه إل ال وخشوع حقيقى له ‪ ،‬والذين ينفقون جانبا ما‬
‫يرزقهم ال به ف وجوه الي والب ‪.‬‬

‫‪ -4‬والذين يصدقون بالقرآن النل عليك من ال ‪ ،‬وبا فيه من أحكام وأخبار ‪،‬‬
‫ويعملون بقتضاه ‪ ،‬ويصدقون بالكتب اللية الت نزلت على من سبقك من النبياء‬
‫والرسل كالتوراة والنيل وغيها ‪ ،‬لن رسالت ال واحدة ف أصولا ‪ ،‬ويتميزون‬
‫بأنم يعتقدون اعتقادا جازما بجئ يوم القيامة وبا فيه من حساب وثواب وعقاب ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫أُولَِئكَ عَلَى ُهدًى مِنْ َرّب ِهمْ َوأُولَِئكَ هُ ُم الْ ُمفْلِحُونَ (‪ )5‬إِ ّن اّلذِينَ َك َفرُوا سَوَاءٌ عَلَ ْي ِهمْ‬
‫َأأَْنذَ ْرتَ ُه ْم أَ ْم َلمْ تُ ْنذِ ْر ُهمْ لَا يُ ْؤمِنُونَ (‪ )6‬خَتَ َم ال ّلهُ عَلَى قُلُوِبهِ ْم وَعَلَى سَ ْم ِع ِهمْ وَعَلَى‬
‫َأبْصَا ِر ِهمْ ِغشَا َو ٌة وََل ُهمْ َعذَابٌ عَظِيمٌ (‪َ )7‬و ِمنَ النّاسِ َم ْن َيقُولُ َآمَنّا بِال ّلهِ َوبِالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ‬
‫س ُهمْ َومَا‬
‫خدَعُو َن ِإلّا َأْنفُ َ‬
‫وَمَا هُ ْم بِ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )8‬يُخَادِعُونَ ال ّلهَ وَاّلذِينَ َآمَنُوا َومَا يَ ْ‬
‫َيشْ ُعرُونَ (‪ )9‬فِي قُلُوبِ ِه ْم َمرَضٌ َفزَادَ ُهمُ ال ّل ُه َمرَضًا َوَلهُمْ َعذَابٌ َألِيمٌ بِمَا كَانُوا َيكْ ِذبُونَ‬
‫(‪)10‬‬

‫‪ -5‬هؤلء الوصوفون با سبق من صفات ‪ ،‬متمكنون من أسباب الداية اللية ‪،‬‬


‫مستقرون عليها ‪ ،‬أولئك هم وحدهم الفائزون بطلوبم ومرغوبم ثوابا لسعيهم‬
‫واجتهادهم وامتثالم الوامر واجتنابم النواهى ‪.‬‬

‫‪ -6‬هذا شأن الهتدين ‪ ،‬أما الاهلون الذين فقدوا الستعداد لليان إعراضا منهم‬
‫وعنادا ‪ ،‬فلن يستجيبوا ل ‪ ،‬فيستوى عندهم تويفك لم وعدم تويفك ‪.‬‬

‫‪ -7‬هؤلء قد تكن الكفر منهم حت كأن قلوبم متوم عليها بجاب ل يدخلها غي‬
‫ما فيها ‪ ،‬وكأن أساعهم متوم عليها كذلك ‪ ،‬فل تسمع وعده الق ‪ ،‬وكأن أبصارهم‬
‫قد غشيها غطاء فهى ل تدرك آيات ال الدالة على اليان ‪ ،‬ولذلك استحقوا أن ينالم‬
‫العذاب الشديد ‪.‬‬

‫‪ -8‬ومن الكافرين قوم آخرون من الناس يقولون بألسنتهم ما ليس ف قلوبم ‪،‬‬
‫يظهرون اليان فيقولون ‪ :‬إننا آمنا بال وبيوم القيامة ‪ ،‬وليسوا بصادقي ف قولم ‪ ،‬فل‬
‫يدخلون ف جاعة الؤمني ‪.‬‬

‫‪ -9‬إنم يدعون الؤمني با يصنعون ‪ ،‬ويظنون أنم يادعون ال ‪ ،‬إذ يتوهون أنه غي‬
‫مطلع على خفاياهم ‪ ،‬مع أنه يعلم السر والنجوى ‪ ،‬وهم ف الواقع يدعون أنفسهم‬
‫ل ‪ ،‬ولن من يدع غيه ويسبه جاهلً ‪-‬‬
‫لن ضرر عملهم ل حق بم ‪ ،‬عاجلً وآج ً‬
‫وهو ليس كذلك ‪ -‬إنا يدع نفسه ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -10‬هؤلء ف قلوبم مرض السد والقد على أهل اليان مع فساد العقيدة ‪،‬‬
‫وزادهم ال على مرضهم مرضا بنصره للحق ‪ ،‬إذ كان ذلك مؤذيا لم بسبب‬
‫حسدهم وحقدهم وعنادهم ‪ ،‬ولؤلء عذاب أليم ف الدنيا والخرة بسبب كذبم‬
‫وجحودهم ‪.‬‬

‫حنُ مُصْ ِلحُونَ (‪َ )11‬ألَا ِإّن ُهمْ ُهمُ‬


‫ض قَالُوا ِإنّمَا نَ ْ‬
‫سدُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫وَِإذَا قِي َل َل ُهمْ لَا ُتفْ ِ‬
‫ش ُعرُونَ (‪َ )12‬وِإذَا قِي َل َلهُمْ َآمِنُوا َكمَا َآ َمنَ النّاسُ قَالُوا َأنُ ْؤ ِمنُ‬
‫سدُونَ َوَلكِ ْن لَا َي ْ‬
‫الْ ُمفْ ِ‬
‫كَمَا َآ َم َن السّ َفهَا ُء أَلَا ِإنّ ُهمْ هُ ُم السّ َفهَا ُء وََل ِكنْ لَا يَعْلَمُونَ (‪َ )13‬وِإذَا َلقُوا اّلذِينَ َآمَنُوا‬
‫حنُ ُمسَْت ْه ِزئُونَ (‪ )14‬اللّهُ‬
‫قَالُوا َآمَنّا َوِإذَا خَلَوْا ِإلَى شَيَاطِيِن ِه ْم قَالُوا ِإنّا َم َعكُ ْم ِإنّمَا َن ْ‬
‫ئ ِبهِ ْم َويَ ُمدّ ُهمْ فِي ُطغْيَاِنهِ ْم َيعْ َمهُونَ (‪ )15‬أُولَِئكَ اّلذِينَ اشَْت َروُا الضّلَاَل َة بِاْل ُهدَى‬
‫َيسَْتهْزِ ُ‬
‫ت تِجَا َرُت ُهمْ َومَا كَانُوا ُمهَْتدِينَ (‪)16‬‬
‫فَمَا َربِحَ ْ‬

‫‪ -11‬وإذا قال أحد من الهتدين لؤلء النافقي ‪ :‬ل تفسدوا ف الرض بالصدّ عن‬
‫سبيل ال ‪ ،‬ونشر الفتنة وإيقاد نار الرب برّأوا أنفسهم من الفساد ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬ما نن‬
‫إل مصلحون ‪ .‬وذلك لفرط غرورهم ‪ ،‬وهذا شأن كل مفسد خبيث مغرور يزعم‬
‫فساده إصلحا ‪.‬‬

‫‪ -12‬أل فتنبهوا أيها الؤمنون إل أنم هم أهل الفساد حقا ‪ ،‬ولكنهم ل يشعرون‬
‫بفسادهم لغرورهم ‪ ،‬ول بسوء العاقبة الت ستصيبهم بسبب هذا النفاق ‪.‬‬
‫‪ -13‬وإذا قال قائل لم ينصحهم ويرشدهم ‪ :‬أقبلوا على ما يب ‪ ،‬وهو أن تؤمنوا‬
‫إيانا ملصا مثل إيان الناس الكاملي الستجيبي لصوت العقل؛ سخروا وتكّموا‬
‫وقالوا ‪ :‬ل يليق بنا أن نتبع هؤلء الهلء ضعاف العقول ‪ .‬فرد ال عليهم تطاولم‬
‫وحكم عليهم بأنم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬الهلء المقى ‪ .‬ولكنهم ل يعلمون علما يقينا أن‬
‫الهل ونقص الدراك مصور فيهم مقصور عليهم ‪.‬‬

‫‪ -14‬وإذا لقى هؤلء النافقون الؤمني الخلصي قالوا ‪ :‬آمنّا با أنتم به مؤمنون من‬
‫صدق الرسول ودعوته ‪ ،‬ونن معكم ف العتقاد ‪ ،‬وإذا انصرفوا عنهم واجتمعوا‬

‫‪4‬‬
‫بأصحابم الذين يشبهون الشياطي ف الفتنة والفساد قالوا لم ‪ :‬إنا معكم على‬
‫طريقتكم وعملكم ‪ ،‬وإنا كان قولنا للمؤمني ما قلنا ‪ :‬استخفافا بم واستهزاء ‪.‬‬

‫‪ -15‬وال سبحانه يازيهم على استهزائهم ‪ ،‬ويكتب عليهم الوان الوجب للسخرية‬
‫والحتقار ‪ ،‬فيعاملهم بذلك معاملة الستهزئ ‪ ،‬ويهلهم ف ظلمهم الفاحش الذى‬
‫يعلهم ف عمى عن الق ‪ ،‬ث يأخذهم بعذابه ‪.‬‬

‫‪ -16‬وهؤلء إذ اختاروا الضللة بدل الداية كانوا كالتاجر الذى يتار لتجارته‬
‫البضاعة الفاسدة الكاسدة فل يربح ف تارته ‪ ،‬ويضيع رأس ماله ‪ ،‬وهم ف عملهم غي‬
‫مهتدين ‪.‬‬

‫ب ال ّلهُ بِنُو ِر ِهمْ َوَترَ َكهُ ْم فِي‬


‫ت مَا َحوَْلهُ ذَهَ َ‬
‫مَثَ ُلهُمْ َكمََثلِ اّلذِي اسَْت ْوقَ َد نَارًا فَلَمّا أَضَا َء ْ‬
‫ب ِمنَ‬
‫ص ّم بُ ْكمٌ عُ ْم ٌي َف ُهمْ لَا َيرْ ِجعُونَ (‪ )18‬أَوْ كَصَيّ ٍ‬
‫صرُونَ (‪ُ )17‬‬
‫ت لَا يُبْ ِ‬
‫ظُ ُلمَا ٍ‬
‫صوَا ِعقِ َحذَرَ‬
‫جعَلُو َن أَصَاِبعَ ُهمْ فِي َآذَاِنهِ ْم ِمنَ ال ّ‬
‫ق يَ ْ‬
‫ت وَرَ ْع ٌد َوبَرْ ٌ‬
‫السّمَا ِء فِيهِ ظُ ُلمَا ٌ‬
‫ف َأبْصَا َر ُهمْ كُلّمَا أَضَا َء َل ُهمْ‬
‫ط بِالْكَا ِفرِينَ (‪َ )19‬يكَا ُد الَْبرْقُ يَخْطَ ُ‬
‫الْمَ ْوتِ وَال ّلهُ مُحِي ٌ‬
‫ب ِبسَ ْم ِع ِهمْ َوَأبْصَا ِر ِهمْ إِ ّن ال ّلهَ عَلَى‬
‫َمشَوْا فِيهِ َوِإذَا أَظْ َلمَ عَلَ ْي ِه ْم قَامُوا َوَلوْ شَا َء اللّ ُه َلذَهَ َ‬
‫ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)20‬‬

‫‪ -17‬حال هؤلء ف نفاقهم كحال من أوقد نارا لينتفع با مع قومه ‪ ،‬فلما أنارت ما‬
‫حوله من الشياء ذهب ال بنورهم وترك موقديها ف ظلمات كثيفة ل يبصرون معها‬
‫شيئا ‪ ،‬لن ال قدّم إليهم أسباب الداية فلم يتمسكوا با فصارت بصائرهم مطموسة ‪،‬‬
‫فاستحقوا أن يبقوا ف الية والضلل ‪.‬‬

‫‪ -18‬هؤلء كالصّ ّم ‪ ،‬لنم قد فقدوا منفعة السمع ‪ ،‬إذ ل يسمعون الق ساع قبول‬
‫واستجابة ‪ ،‬وهم كالُبكْم الُرس؛ لنم ل ينطقون بالدى أو الق ‪ ،‬وهم كالذين‬
‫فقدوا أبصارهم لنم ل ينتفعون با ف اعتبار أو انزجار ‪ ،‬فهم ل يرجعون عن‬
‫ضللتهم ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫‪ -19‬أو حالم ف حيتم وشدة المر عليهم وعدم إدراكهم لا ينفعهم ويضرهم ‪،‬‬
‫كحال قوم نزل عليهم مطر من السماء ورعد وصواعق ‪ ،‬يضعون أطراف أصابعهم ف‬
‫آذانم كى ل يسمعوا أصوات الصواعق خائفي من الوت ‪ ،‬زاعمي أن وضع الصابع‬
‫ينعهم منه ‪.‬‬

‫وهؤلء إذا نزل القرآن ‪ -‬وفيه بيان لظلمات الكفر والوعيد عليه ‪ ،‬وبيان اليان‬
‫ونوره التألق ‪ ،‬وبيان النذر وألوان العذاب ‪ -‬أعرضوا عنه وحاولوا اللص منه‬
‫زاعمي أن إعراضهم عنه سيعفيهم من العقاب ولكن ال عليم بالكافرين مسيطر‬
‫عليهم من كل جهة بعلمه وقدرته ‪.‬‬

‫‪ -20‬إن هذا البق الشديد يكاد يطف منهم أبصارهم لشدته ‪ ،‬وهو يضئ لم‬
‫الطريق حينا فيسيون خطوات مستعيني بضوئه ‪ ،‬فإذا انقطع البق واشتد الظلم‬
‫يقفون متحيين ضالي ‪ ،‬وهؤلء النافقون تلوح لم الدلئل واليات فتبهرهم أضواؤها‬
‫فيهمون أن يهتدوا ‪ ،‬ولكنهم بعد قليل يعودون إل الكفر والنفاق ‪ .‬إن ال واسع‬
‫القدرة إذا أراد شيئا فعله ‪ ،‬ل يعجزه شئ ف الرض ول ف السماء ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا النّاسُ اعُْبدُوا َرّب ُكمُ اّلذِي خَ َلقَ ُك ْم وَاّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ َلعَ ّل ُكمْ تَّتقُونَ (‪ )21‬الّذِي‬
‫ج ِبهِ ِم َن الثّ َمرَاتِ‬
‫ض ِفرَاشًا وَالسّمَا َء بِنَا ًء وََأْنزَ َل ِمنَ السّمَا ِء مَا ًء َفأَ ْخرَ َ‬
‫جَ َع َل لَ ُكمُ اْلأَرْ َ‬
‫ب مِمّا َن ّزلْنَا عَلَى‬
‫جعَلُوا لِ ّل ِه َأنْدَادًا َوأَنُْت ْم تَعْلَمُونَ (‪َ )22‬وإِنْ كُنُْت ْم فِي َريْ ٍ‬
‫رِ ْزقًا لَ ُكمْ فَلَا تَ ْ‬
‫عَ ْب ِدنَا َف ْأتُوا ِبسُو َر ٍة ِمنْ مِثْ ِل ِه وَادْعُوا شُ َهدَاءَ ُكمْ مِ ْن دُونِ ال ّل ِه إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪)23‬‬
‫ت لِ ْلكَا ِفرِينَ (‬
‫َفإِنْ َل ْم َتفْعَلُوا َوَلنْ َت ْفعَلُوا فَاّتقُوا النّا َر الّتِي َوقُو ُدهَا النّاسُ وَالْحِجَا َر ُة أُ ِعدّ ْ‬
‫‪)24‬‬

‫‪ -21‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى أنشأكم وخلقكم وناكم كما خلق الذين‬
‫سبقوكم ‪ ،‬فهو خالق كل شئ ‪ ،‬لعلكم بذلك تعدون أنفسكم وتيئونا لتعظيم ال‬
‫ومراقبته ‪ ،‬فتتطهر بذلك نفوسكم وتذعن للحق ‪ ،‬وتاف سوء العاقبة ‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -22‬إنه وحده هو الذى مهد لكم الرض بقدرته ‪ ،‬وبسط رقعتها ليسهل عليكم‬
‫القامة فيها والنتفاع با ‪ ،‬وجعل ما فوقكم من السماء وأجرامها وكواكبها كالبنيان‬
‫الشيد ‪ ،‬وأمدكم بسبب الياة والنعمة ‪ -‬وهو الاء ‪ -‬أنزله عليكم من السماء فجعله‬
‫سببا لخراج النباتات والشجار الثمرة الت رزقكم بفوائدها ‪ ،‬فل يصح مع هذا أن‬
‫تتصوروا أن ل نظراء تعبدونم كعبادته لنه ليس له مثيل ول شريك ‪ ،‬وأنتم بفطرتكم‬
‫الصلية تعلمون أنه ل مثيل له ول شريك ‪ ،‬فل ترفوا هذه الطبيعة ‪.‬‬
‫‪ -23‬وإن كنتم ف ريب من صدق هذا القرآن الذى تتابع إنزالنا له على عبدنا‬
‫ممد ‪ ،‬فحاولوا أن تأتوا بسورة ماثلة من سور هذا القرآن ف بلغتها وأحكامها‬
‫وعلومها وسائر هدايتها ‪ ،‬ونادوا الذين يشهدون لكم أنكم أتيتم بسورة ماثلة له‬
‫فاستعينوا بم ولن تدوهم ‪ ،‬وهؤلء الشهداء هم غي ال ‪ ،‬لن ال يؤيد عبده بكتابه ‪،‬‬
‫ويشهد له بأفعاله ‪ ،‬هذا إن كنتم صادقي ف ارتيابكم ف هذا القرآن ‪.‬‬
‫‪ -24‬فإن ل تستطيعوا التيان بسورة ماثلة لسور القرآن ‪ -‬ولن تستطيعوا ذلك بال‬
‫من الحوال ‪ -‬لنه فوق طاقة البشر ‪ ،‬إذ القرآن كلم الالق فالواجب عليكم أن‬
‫تتجنبوا السباب الت تؤدى بكم إل عذاب النار ف الخرة ‪ ،‬الت سيكون وقودها‬
‫وحطبها من الكافرين ومن الصنام ‪ ،‬ولقد هيئت هذه النار لتعذيب الاحدين العاندين‬
‫‪.‬‬

‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأْنهَارُ كُلّمَا‬


‫ت تَ ْ‬
‫ت أَ ّن َلهُ ْم جَنّا ٍ‬
‫شرِ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫وََب ّ‬
‫رُ ِزقُوا مِ ْنهَا ِم ْن ثَ َم َرةٍ رِ ْزقًا قَالُوا َهذَا الّذِي رُ ِزقْنَا ِمنْ قَ ْب ُل َوأُتُوا ِب ِه مَُتشَاِبهًا َوَلهُ ْم فِيهَا‬
‫ضةً‬
‫ض ِربَ مَثَلًا مَا َبعُو َ‬
‫ج مُ َط ّه َرةٌ َو ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‪ )25‬إِ ّن ال ّلهَ لَا َيسْتَحْيِي أَ ْن يَ ْ‬
‫أَ ْزوَا ٌ‬
‫حقّ ِمنْ َرّب ِهمْ َوَأمّا الّذِينَ َكفَرُوا فََيقُولُو َن مَاذَا‬
‫فَمَا فَ ْو َقهَا َفَأمّا الّذِينَ َآمَنُوا فََيعْلَمُو َن َأنّ ُه الْ َ‬
‫ض ّل ِبهِ ِإلّا اْلفَا ِسقِيَ (‪)26‬‬
‫ضلّ ِبهِ كَثِيًا َويَ ْهدِي بِهِ كَثِيًا َومَا يُ ِ‬
‫أَرَا َد ال ّلهُ ِب َهذَا مَثَلًا يُ ِ‬
‫سدُونَ‬
‫صلَ َوُيفْ ِ‬
‫الّذِينَ يَ ْنقُضُونَ َع ْهدَ ال ّلهِ مِ ْن َب ْعدِ مِيثَا ِقهِ َوَيقْطَعُو َن مَا َأ َمرَ ال ّلهُ ِب ِه أَ ْن يُو َ‬
‫فِي اْلأَرْضِ أُولَِئكَ ُهمُ الْخَا ِسرُونَ (‪)27‬‬

‫‪7‬‬
‫‪ -25‬وإذا كان هذا عقاب الفجار الاحدين ‪ ،‬فالنة مثوى الؤمني ‪ ،‬فأخب الذين‬
‫صدّقوا بال ورسوله وكتابه ‪ ،‬وأذعنوا للحق دون شك أو ارتياب ‪ ،‬وعملوا العمال‬
‫الصالة الطيبة ‪ -‬أخبهم بب يسرهم ويشرح صدورهم ‪ ،‬وهو أن ال أعد لم عنده‬
‫جنات مثمرة تتخللها النار الارية تت أشجارها وقصورها ‪ ،‬كلما رزقهم ال وهم‬
‫ف هذه النات ‪ -‬رزقا من بعض ثارها قالوا ‪ :‬إن هذا يشبه ما رزقنا من قبل ‪ ،‬لن‬
‫هذه الثمرات الت ينالونا تشابه أفرادها ف الصورة والنس ولكنها تتمايز ف الطعم‬
‫واللذة ‪ ،‬ولم فيها أيضا زوجات كاملت الطهارة ليس فيهن ما يعاب ‪ .‬وسيبقون ف‬
‫هذه النة ف حياة أبدية ل يرجون منها ‪.‬‬

‫‪ -26‬يضرب ال المثال للناس لبيان القائق العالية ‪ ،‬ويضرب بصغائر الحياء ‪،‬‬
‫وكبار الشياء ‪ ،‬وقد عاب من ل يؤمنون ضرب الثل بصغائر الحياء كالذباب‬
‫والعنكبوت ‪ ،‬فبي ال سبحانه أنه ل يعتريه ما يعترى الناس من الستحياء ‪ ،‬فل ينع‬
‫أن يصور لعباده ما يشاء من أمور بأى مثل مهما كان صغيا ‪ ،‬فيصح أن يعل الثل‬
‫بعوضة أو ما فوقها ‪ ،‬والذين آمنوا يعلمون وجه التمثيل وأن هذا حق من ال ‪ ،‬والذين‬
‫كفروا يتلقونه بالستنكار ويقولون ‪ :‬ما الذى أراده ال بذا الثل؟ وأن هذا الثل يكون‬
‫سببا لضلل الذين ل يطلبون الق ول يريدونه ‪ ،‬ويكون سببا لداية الؤمني بالق‬
‫ضلّ به إل النحرفي التمردين ‪.‬‬
‫الذى يطلبونه ‪ ،‬فل يُ َ‬

‫‪ -27‬الذين ينقضون عهد ال ‪ -‬وهم الذين ل يلتزموا عهد ال القوى الذى أنشأه ف‬
‫نفوسهم بقتضى الفطرة موثقا بالعقل الدرك ومؤيدا بالرسالة ‪ -‬ويقطعون ما أمر ال به‬
‫أن يكون موصولً كوصل ذوى الرحام ‪ ،‬والتواد والتعارف والتراحم بي بن النسان‬
‫‪ ،‬ويفسدون ف الرض بسوء العاملت وبإثارة الفت وإيقاد الروب وإفساد العمران ‪،‬‬
‫أولئك هم الذين يسرون بإفسادهم فطرتم وقطعهم ما بينهم وبي الناس ما يب أن‬
‫يكون من تواد وتعاطف وتراحم ‪ ،‬ويكون مع ذلك لم الزى ف الدنيا والعذاب ف‬
‫الخرة ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ف َتكْ ُفرُونَ بِال ّلهِ وَكُنُْت ْم َأمْوَاتًا َفأَحْيَا ُكمْ ثُ ّم يُمِيُت ُكمْ ُث ّم يُحْيِي ُكمْ ُث ّم ِإلَيْ ِه ُترْ َجعُونَ (‬
‫كَيْ َ‬
‫‪ )28‬هُ َو الّذِي خَ َلقَ َل ُكمْ مَا فِي اْلأَرْضِ جَمِيعًا ُثمّ اسَْتوَى ِإلَى السّمَا ِء َفسَوّاهُ ّن سَبْعَ‬
‫سَ َموَاتٍ َو ُهوَ ِب ُكلّ َشيْءٍ عَلِيمٌ (‪ )29‬وَِإ ْذ قَالَ َرّبكَ لِلْمَلَاِئكَ ِة ِإنّي جَا ِعلٌ فِي اْلأَرْضِ‬
‫ح ْمدِ َك وَُن َقدّسُ‬
‫ح بِ َ‬
‫ح ُن ُنسَبّ ُ‬
‫ك ال ّدمَا َء وَنَ ْ‬
‫سفِ ُ‬
‫سدُ فِيهَا وََي ْ‬
‫ج َعلُ فِيهَا َمنْ ُي ْف ِ‬
‫خَلِيفَ ًة قَالُوا َأتَ ْ‬
‫ض ُهمْ عَلَى‬
‫ك قَا َل ِإنّي أَعْ َل ُم مَا لَا تَعْلَمُونَ (‪ )30‬وَعَ ّلمَ َآدَ َم اْلأَسْمَاءَ كُ ّلهَا ُثمّ َعرَ َ‬
‫لَ َ‬
‫الْمَلَاِئكَ ِة َفقَا َل َأنْبِئُونِي ِبأَسْمَا ِء َه ُؤلَا ِء إِنْ ُكنُْتمْ صَادِقِيَ (‪ )31‬قَالُوا سُبْحَاَنكَ لَا عِ ْل َم لَنَا‬
‫حكِيمُ (‪)32‬‬
‫ك َأنْتَ اْلعَلِيمُ الْ َ‬
‫ِإلّا مَا عَلّمْتَنَا ِإنّ َ‬

‫‪ -28‬إن حالكم تثي العجب! كيف تكفرون ول توجد شبهة تعتمدون عليها ف‬
‫كفركم؟ ونظرة إل حالكم تأب هذا الكفر ول تدع لكم عذرا فيه ‪ ،‬فقد كنتم أمواتا‬
‫فخلقكم ال ووهبكم الياة وحسن التقوي ‪ ،‬ث هو الذى يعيدكم أمواتا عند انتهاء‬
‫أجلكم ‪ ،‬ث يبعثكم أحياء مرة أخرى للحساب والعقاب ث إليه ‪ -‬ل إل غيه ‪-‬‬
‫تعودون فيحاسبكم ويازيكم على أعمالكم ‪.‬‬

‫‪ -29‬وإن ال الذى تب عبادته وإطاعته هو الذى تفضل عليكم فخلق لنفعتكم‬


‫وفائدتكم كل النعم الوجودة ف الرض ‪ ،‬ث قد توجهت إرادته مع خلقه الرض‬
‫بنافعها إل السماء فجعل منها سبع سوات منتظمات فيها ما ترون وما ل ترون ‪ ،‬وال‬
‫ميط بكل شئ عال به ‪.‬‬

‫‪ -30‬بيّن ‪ -‬سبحانه ‪ -‬أنه هو الذى أحيا النسان ومكّن له ف الرض ‪ ،‬ث بيّن بعد‬
‫ذلك أصل تكوين النسان وما أودع فيه من علم الشياء وذكره به ‪ ،‬فاذكر يا ممد‬
‫نعمة أخرى من نعم ربك على النسان ‪ ،‬وهى أنه قال للئكته ‪ :‬إن جاعل ف الرض‬
‫ب سلطان فيها وهو آدم وذريته ‪ ،‬استخلفهم ال ف عمارة‬
‫من أُمكّنه منها وأجعله صاح َ‬
‫الرض ‪.‬‬
‫واذكر قول اللئكة ‪ :‬أتعل فيها من يفسد فيها بالعاصى ‪ ،‬ومن يسفك الدماء‬
‫بالعدوان والقتل لا ف طبيعته من شهوات ‪ ،‬بينما نن ننهك عما ل يليق بعظمتك ‪،‬‬

‫‪9‬‬
‫ونظهر ذكرك ونجّدك؟ فأجابم ربم ‪ :‬إن أعلم ما ل تعلموا من الصلحة ف ذلك ‪.‬‬
‫‪ -31‬وبعد أن خلق ال آدم وعلّمه أساء الشياء وخواصّها ليتمكن ف الرض وينتفع‬
‫با ‪ ،‬عرض ال هذه الشياء على اللئكة وقال لم ‪ :‬أخبون بأساء هذه الشياء‬
‫وخواصها إن كنتم صدقتم ف ظنكم أنكم أحق بلفة الرض ول يوجد أفضل منكم‬
‫بسبب طاعتكم وعبادتكم ‪.‬‬

‫‪ -32‬وقد ظهر للملئكة عجزهم فقالوا ‪ :‬إننا ننهك يا ربّنا التنيه اللئق بك ‪ ،‬ونقر‬
‫بعجزنا وعدم اعتراضنا ‪ ،‬فل علم عندنا إل ما وهبتنا إياه ‪ ،‬وأنت العال بكل شئ ‪،‬‬
‫الكيم ف كل أمر تفعله ‪.‬‬

‫قَا َل يَا َآدَ ُم َأنْبِ ْئهُ ْم ِبأَسْمَاِئهِ ْم فَلَمّا َأنْبََأ ُهمْ ِبأَسْمَاِئ ِهمْ قَالَ َأَلمْ َأ ُقلْ َل ُكمْ ِإنّي أَعْ َلمُ َغيْبَ‬
‫ض َوأَعْ َلمُ مَا تُ ْبدُو َن َومَا كُنُْت ْم َتكْتُمُونَ (‪َ )33‬وِإذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِ َكةِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫س َأبَى وَاسْتَكَْب َر وَكَانَ مِ َن الْكَا ِفرِينَ (‪َ )34‬وقُلْنَا يَا َآدَمُ‬
‫جدُوا ِإلّا ِإبْلِي َ‬
‫جدُوا ِل َآدَ َم َفسَ َ‬
‫اسْ ُ‬
‫ج َرةَ فََتكُونَا‬
‫ت وَ َزوْ ُجكَ الْجَّن َة وَكُلَا مِ ْنهَا رَ َغدًا حَيْثُ شِئْتُمَا َولَا َت ْق َربَا َهذِ ِه الشّ َ‬
‫ا ْس ُكنْ َأنْ َ‬
‫ِمنَ الظّالِمِيَ (‪َ )35‬فأَزَّلهُمَا الشّيْطَانُ َع ْنهَا َفأَ ْخ َرجَهُمَا مِمّا كَانَا فِي ِه وَقُلْنَا اهْبِطُوا‬
‫ض ُمسَْتقَ ّر َومَتَاعٌ إِلَى حِيٍ (‪ )36‬فَتَ َلقّى َآدَمُ مِنْ َرّبهِ‬
‫َبعْضُ ُكمْ لَِبعْضٍ َع ُد ّو وََل ُكمْ فِي اْلأَرْ ِ‬
‫كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَ ْي ِه ِإنّ ُه ُهوَ الّتوّابُ ال ّرحِيمُ (‪)37‬‬

‫‪ -33‬قال ال لدم ‪َ :‬أخْب اللئكة يا آدم بذه الشياء ‪ ،‬فأجاب وأظهر فضله عليهم ‪،‬‬
‫وهنا قال ال لم مذكرا لم بإحاطة علمه ‪ :‬أل أقل لكم إن أعلم كل ما غاب ف‬
‫السموات والرض ول يعلمه غيى ‪ ،‬وأعلم ما تُظهرون ف قولكم وما تُخفون ف‬
‫نفوسكم؟ ‪.‬‬

‫‪ -34‬واذكر ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬حي قلنا للملئكة ‪ :‬اخضعوا لدم تية له وإقرارا‬
‫بفضله ‪ ،‬فأطاع اللئكة كلهم إل إبليس ‪ ،‬امتنع عن السجود وصار من العاصي له‬
‫والكافرين بنعم ال وحكمته وعلمه ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ -35‬ث أمر ال آدم وزوجه أن يعيشا ف جنة النعيم فقال له ‪ :‬اسكن أنت وامرأتك‬
‫ل هنيئا وافرا من أى مكان ومن أى ثر تريدان ‪ ،‬ولكن‬
‫النة وكل منها ما تشاءان أك ً‬
‫ال ذكر لما شجرة معينة وحذرها الكل منها وقال لما ‪ :‬ل تدُنوَا من هذه الشجرة‬
‫ول تأكل منها ‪ ،‬وإل كنتما من الظالي العاصي ‪.‬‬

‫‪ -36‬ولكن إبليس الاسد لدم والاقد عليه أخذ يتال عليهما ويغريهما بالكل من‬
‫الشجرة حت زلّ فأكل منها ‪ ،‬فأخرجهما ال ما كانا فيه من النعيم والتكري ‪ ،‬وأمرها‬
‫ال تعال بالنول إل الرض ليعيشا ها وذريتهما فيها ‪ ،‬ويكون بعضهم لبعض عدوا‬
‫بسبب النافسة وإغواء الشيطان ‪ ،‬ولكم ف الرض مكان استقرار وتيسي للمعيشة ‪،‬‬
‫وتتع ينتهى بانتهاء الجل ‪.‬‬

‫‪ -37‬وأحس آدم هو وزوجته بطئهما وظلمهما لنفسهما ‪ ،‬فألم ال تعال آدم‬


‫كلمات يقولا للتوبة والستغفار ‪ ،‬فقالا ‪ ،‬فتقبّل ال منه وغفر له لنه كثي القبول‬
‫للتوبة ‪ ،‬وهو الرحيم بعباده الضعفاء ‪.‬‬

‫ي فَلَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم وَلَا هُمْ‬


‫قُلْنَا اهْبِطُوا مِ ْنهَا جَمِيعًا َفإِمّا يَ ْأتِيَّنكُ ْم مِنّي ُهدًى فَ َمنْ تَبِ َع ُهدَا َ‬
‫ب النّارِ ُه ْم فِيهَا خَاِلدُونَ (‬
‫صحَا ُ‬
‫ح َزنُونَ (‪ )38‬وَالّذِينَ َك َفرُوا وَ َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا أُولَِئكَ أَ ْ‬
‫يَ ْ‬
‫ف ِب َع ْهدِكُمْ‬
‫‪ )39‬يَا بَنِي ِإ ْسرَائِي َل اذْكُرُوا ِنعْمَِتيَ الّتِي أَْنعَمْتُ عَلَ ْيكُ ْم َوأَ ْوفُوا ِب َعهْدِي أُو ِ‬
‫ص ّدقًا لِمَا َمعَ ُكمْ َولَا َتكُونُوا َأوّلَ كَا ِفرٍ ِب ِه َولَا‬
‫ت مُ َ‬
‫وَِإيّايَ فَا ْرهَبُونِ (‪ )40‬وَ َآمِنُوا بِمَا َأْنزَلْ ُ‬
‫حقّ‬
‫ح ّق بِالْبَا ِط ِل َوتَكْتُمُوا الْ َ‬
‫َتشَْترُوا ِب َآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا َوإِيّايَ فَاّتقُونِ (‪َ )41‬ولَا تَلِْبسُوا الْ َ‬
‫وََأنُْتمْ َتعْلَمُونَ (‪ )42‬وََأقِيمُوا الصّلَا َة وَ َآتُوا الزّكَاةَ وَارْ َكعُوا مَ َع الرّاكِعِيَ (‪)43‬‬

‫‪ -38‬وقلنا لدم وزوجته ومن سيكون من ذريته وإبليس ‪ :‬اهبطوا إل الرض‬


‫وستكلفون تكليفات فيها ‪ ،‬فإن جاءكم ذلك من عندى ‪ -‬وسيأتيكم حتما ‪ -‬فالذين‬
‫يستجيبون لمرى ويتبعون هداى ل يشعرون بوف ‪ ،‬ول يصيبهم حزن لفوات‬
‫ثواب ‪ ،‬لن ال ل يضيع أجر من أحسن عمل ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ -39‬والذين جحدوا وكذبوا برسل ال وكتبه ‪ ،‬أولئك أهل النار ‪ ،‬يظلون فيها أبدا‬
‫ل يرجون ول يفنون ‪.‬‬

‫‪ -40‬يا بن إسرائيل اذكروا نعمت الت تفضلت با عليكم أنتم وآباؤكم بالتفكي فيها‬
‫والقيام بواجب شكرها ‪ ،‬وأوفوا بعهدى الذى أخذته عليكم وأقررتوه على أنفسكم ‪،‬‬
‫وهو اليان ‪ ،‬والعمل الصال ‪ ،‬والتصديق بن ييئ بعد موسى من النبياء ‪ ،‬حت أوف‬
‫بوعدى لكم وهو حسن الثواب والنعيم القيم ‪ ،‬ول تافوا أحدا غيى ‪ ،‬واحذروا من‬
‫أسباب غضب عليكم ‪.‬‬

‫‪ -41‬وصدّقوا بالقرآن الذى أنزلت مصدقا لا عندكم من كتاب وعلم من التوحيد‬


‫وعبادة ال ‪ ،‬والعدل بي الناس ‪ ،‬ول تسارعوا إل جحود القرآن فتكونوا أول‬
‫الكافرين به من حيث ينبغى أن تكونوا أول الؤمني به ‪ ،‬ول تتركوا آيات ال لتأخذوا‬
‫ل من متاع الياة الدنيا ‪ ،‬وخُصّون بالوف فاتبعوا طريقى ‪،‬‬
‫عن ذلك عوضا قليلً زائ ً‬
‫وأعرضوا عن الباطل ‪.‬‬

‫‪ -42‬ول تلطوا الق الُنّل من عندى بالباطل الفترى من عندكم ‪ ،‬حت ل يشتبه‬
‫صدْق ممد ‪ ،‬وأنتم تعلمون أنه حق وصدق ‪.‬‬
‫هذا بذاك ‪ ،‬ول تكتموا الق ومنه ِ‬
‫‪ -43‬واستجيبوا لليان ‪ .‬فأدّوا الصلة مستقيمة الركان ‪ ،‬وأعطوا الزكاة لستحقيها‬
‫‪ ،‬وصلوا مع جاعة السلمي لتنالوا ثواب الصلة وثواب الماعة ‪ ،‬وهذا يستلزم أن‬
‫تكونوا مسلمي ‪.‬‬

‫ب َأفَلَا َتعْقِلُونَ (‪)44‬‬


‫سكُ ْم َوأَنُْت ْم تَتْلُونَ اْلكِتَا َ‬
‫س بِالْبِ ّر َوتَ ْنسَوْ َن َأنْ ُف َ‬
‫َأتَ ْأ ُمرُو َن النّا َ‬
‫يةٌ ِإلّا عَلَى الْخَا ِشعِيَ (‪ )45‬الّذِينَ يَظُنّو َن َأّنهُمْ‬
‫وَاسَْتعِينُوا بِالصّ ْب ِر وَالصّلَاةِ َوِإّنهَا َلكَبِ َ‬
‫مُلَاقُو َرّبهِ ْم َوأَّن ُهمْ ِإلَ ْيهِ رَا ِجعُونَ (‪ )46‬يَا بَنِي ِإسْرَائِيلَ اذْ ُكرُوا ِنعْمَِتيَ الّتِي َأْنعَمْتُ‬
‫جزِي َنفْسٌ َع ْن َنفْسٍ شَيْئًا‬
‫عَلَ ْي ُكمْ َوَأنّي فَضّلُْت ُكمْ عَلَى اْلعَالَمِيَ (‪ )47‬وَاتّقُوا َي ْومًا لَا تَ ْ‬
‫صرُونَ (‪َ )48‬وِإذْ نَجّ ْينَا ُكمْ ِمنْ َآلِ‬
‫وَلَا ُيقْبَ ُل مِ ْنهَا َشفَا َعةٌ َولَا ُيؤْ َخ ُذ مِ ْنهَا َع ْدلٌ َولَا ُه ْم يُنْ َ‬

‫‪12‬‬
‫ِفرْ َعوْنَ َيسُومُونَ ُك ْم سُو َء اْلعَذَابِ ُي َذبّحُونَ َأبْنَاءَ ُك ْم َويَسْتَحْيُو َن ِنسَاءَ ُك ْم َوفِي َذلِ ُكمْ بَلَاءٌ‬
‫ِمنْ َرّب ُكمْ عَظِيمٌ (‪)49‬‬

‫‪ -44‬أتطلبون من الناس أن يتوسعوا ف الي ‪ ،‬وأن يلتزموا الطاعة ويتجنبوا العصية ‪،‬‬
‫ث ل تعملون با تقولون ‪ ،‬ول تلتزمون با تطلبون؟ ‪ ،‬وف ذلك تضييع لنفسكم كأنكم‬
‫تنسونا ‪ ،‬مع أنكم تقرءون التوراة وفيها التهديد والوعيد على مالفة القول للعمل ‪،‬‬
‫أليس لديكم عقل يردعكم عن هذا التصرف الذميم؟‬

‫‪ -45‬واستعينوا على أداء التكليفات بالصب وحبس النفس على ما تكره ‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الصوم ‪ ،‬وبالصلة العظيمة الشأن الت تنقى القلب وتنهى عن الفحشاء والنكر ‪،‬‬
‫ولذلك كانت ثقيلة شاقة إل على الاضعي الحبي للطاعة ‪ ،‬الذين اطمأنت قلوبم‬
‫لذكر ال ‪.‬‬

‫‪ -46‬أولئك هم الاضعون الطمئنة قلوبم ‪ ،‬الذين يؤمنون باليوم الخر ويوقنون بأنم‬
‫سيلقون ربم عند البعث ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬يعودون ليحاسبهم على ما قدمت‬
‫أيديهم ويثيبهم عليه ‪.‬‬

‫‪ -47‬يا بن إسرائيل اذكروا نعمت الت أنعمت با عليكم ‪ ،‬من إخراجكم من ظلم‬
‫فرعون وهدايتكم وتكينكم ف الرض بعد أن كنتم مستضعفي فيها ‪ ،‬واشكروا‬
‫واهبها بطاعتكم له ‪ ،‬واذكروا أنن أعطيت آباءكم الذين اندرت منهم ما ل أعطه‬
‫أحدا من معاصريكم ‪ ،‬والطاب لنس اليهود وموجه كذلك للمعاصرين للرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪ -48‬وخافوا يوم الساب الشديد ‪ :‬يوم القيامة الذى ل تدفع فيه نفس عن نفس‬
‫شيئا ‪ ،‬ول تغن فيه نفس عن نفس أخرى شيئا ‪ ،‬ول يقبل من أى نفس تقدي أى‬
‫شفيع ‪ ،‬كما ل يقبل أى فداء تفدى به الذنوب ‪ ،‬ول يستطيع أحد أن يدفع العذاب‬
‫عن مستحقيه ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -49‬واذكروا من نعمنا عليكم أن نّيناكم من ظلم فرعون وأعوانه الذين كانوا‬
‫يذيقونكم أشد العذاب ‪ ،‬فهم يذبون الذكور من أولدكم لَت َوهّم أن يكون منهم من‬
‫يذهب بلك فرعون ويستبقون الناث ليستخدموهن ‪ ،‬وف هذا العذاب والتعرض‬
‫للفناء ابتلءٌ شديد من ربكم واختبار عظيم لكم ‪.‬‬

‫حرَ َفَأنْجَيْنَا ُك ْم وَأَ ْغ َرقْنَا َآ َل ِفرْ َعوْنَ َوَأنْتُ ْم تَنْ ُظرُونَ (‪َ )50‬وِإذْ وَا َع ْدنَا‬
‫وَِإ ْذ َف َرقْنَا ِبكُ ُم الْبَ ْ‬
‫ج َل ِمنْ َب ْع ِدهِ َوَأنُْتمْ ظَالِمُونَ (‪ُ )51‬ثمّ َع َف ْونَا َع ْنكُ ْم ِمنْ‬
‫خذُْتمُ اْلعِ ْ‬
‫ي لَيْ َلةً ُث ّم اتّ َ‬
‫مُوسَى أَ ْرَبعِ َ‬
‫ب وَاْل ُفرْقَا َن َلعَلّ ُكمْ َتهَْتدُونَ (‬
‫ش ُكرُونَ (‪َ )52‬وِإذْ َآتَيْنَا مُوسَى اْلكِتَا َ‬
‫ك َلعَلّ ُكمْ َت ْ‬
‫َبعْ ِد َذلِ َ‬
‫ج َل فَتُوبُوا ِإلَى‬
‫سكُ ْم بِاتّخَاذِ ُك ُم الْعِ ْ‬
‫‪ )53‬وَِإ ْذ قَا َل مُوسَى ِل َقوْ ِمهِ يَا َقوْ ِم ِإنّ ُكمْ ظَلَمُْت ْم َأنْ ُف َ‬
‫سكُ ْم َذلِ ُكمْ خَيْ ٌر َلكُمْ عِ ْن َد بَا ِرئِ ُكمْ فَتَابَ عَلَ ْي ُكمْ ِإّنهُ ُهوَ الّتوّابُ‬
‫بَارِِئ ُكمْ فَاقْتُلُوا َأنْ ُف َ‬
‫ال ّرحِيمُ (‪َ )54‬وِإذْ قُلُْت ْم يَا مُوسَى َلنْ ُن ْؤمِ َن َلكَ حَتّى َنرَى اللّ َه َجهْ َر ًة َفأَ َخ َذتْ ُكمُ الصّا ِع َقةُ‬
‫وََأنُْتمْ تَنْ ُظرُونَ (‪)55‬‬

‫‪ -50‬واذكروا كذلك من نعم ال عليكم حي شققنا لكم ومن أجلكم البحر ‪-‬‬
‫وفصلنا ماءه بعضه عن بعض لتسيوا فيه ‪ -‬فتتخلصوا من ملحقة فرعون وجنوده ‪،‬‬
‫وبفضلنا نوت ‪ ،‬وانتقمنا لكم من عدوكم ‪ ،‬فأغرقناهم أمام أبصاركم ‪ ،‬فأنتم ترونم‬
‫وهم يغرقون والبحر ينطبق عليهم عقب خروجكم منه ‪.‬‬

‫‪ -51‬واذكروا حي واعد ربكم موسى أربعي ليلة لناجاته ‪ ،‬فلما ذهب إل ميعاده‬
‫وعاد ‪ ،‬وجدكم قد انرفتم واتذت العجل الذى صنعه السامرى معبودا لكم ‪ ،‬وكنتم‬
‫ظالي باتاذكم العجل شريكا ل الذى خلقكم وناكم ‪.‬‬

‫‪ -52‬ث عفونا عنكم ومونا عقوبتكم حي تبتم واستغفرت من إثكم ‪ ،‬لعلكم‬


‫تشكرون ربكم على صفحه وعفوه وفضله ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪ -53‬واذكروا نعمتنا عليكم إذ أنزلنا على نبيكم موسى كتابنا التوراة ‪ ،‬وهو الذى‬
‫يفرّق بي الق والباطل ‪ ،‬وييّز اللل من الرام ‪ ،‬لكى تسترشدوا بنورها وتتدوا من‬
‫الضلل بتدبر ما فيها ‪.‬‬

‫‪ -54‬واذكروا يوم قال لكم رسولكم موسى ‪ :‬يا قوم ‪ ،‬لقد ظلمتم أنفسكم باتاذكم‬
‫عجل السامرى معبودا ‪ ،‬فتوبوا إل ربكم خالقكم من العدم ‪ ،‬بأن تغضبوا على‬
‫أنفسكم الشريرة المرة بالسوء وتذلوها ‪ ،‬لتتجدد بنفوس مطهرة ‪ ،‬فأعانكم ال على‬
‫ذلك ووفقكم له وكان ذلك خيا لكم عند خالقكم ‪ ،‬ولذا قَبِل توبتكم وعفا عنكم ‪،‬‬
‫فهو كثي التوبة على عباده ‪ ،‬واسع الرحة بم ‪.‬‬

‫‪ -55‬واذكروا قولكم لوسى ‪ :‬إننا لن نقر لك باليان حت نرى ال جهارا عيانا‬


‫باسة البصر ل يجبه عنا شئ ‪ ،‬فانقضّت عليكم صاعقة ونار من السماء زلزلتكم‬
‫جزاء عنادكم وظلمكم وطلبكم ما يستحيل وقوعه لكم ‪ ،‬وأنتم تنظرون حالكم وما‬
‫أصابكم من بلء وعذاب ف الصاعقة ‪.‬‬

‫ُثمّ َبعَثْنَا ُكمْ ِم ْن َبعْ ِد َموِْتكُ ْم َلعَلّ ُك ْم َتشْ ُكرُونَ (‪ )56‬وَظَلّلْنَا عَلَ ْيكُ ُم الْغَمَا َم َوَأْنزَلْنَا عَلَ ْي ُكمُ‬
‫س ُهمْ يَظْ ِلمُونَ‬
‫الْ َمنّ وَالسّ ْلوَى كُلُوا ِمنْ طَيّبَاتِ مَا رَ َزقْنَا ُك ْم وَمَا ظَ َلمُونَا وََل ِكنْ كَانُوا َأنْ ُف َ‬
‫جدًا‬
‫ب سُ ّ‬
‫ث شِئُْتمْ رَ َغدًا وَادْخُلُوا الْبَا َ‬
‫(‪ )57‬وَِإ ْذ قُلْنَا ا ْدخُلُوا َهذِ ِه اْلقَ ْرَيةَ َفكُلُوا مِ ْنهَا حَيْ ُ‬
‫حسِنِيَ (‪ )58‬فََب ّدلَ اّلذِينَ ظَ َلمُوا َقوْلًا غَ ْيرَ‬
‫َوقُولُوا حِطّ ٌة َن ْغفِ ْر َلكُ ْم خَطَايَا ُكمْ َوسََنزِي ُد الْمُ ْ‬
‫سقُونَ (‪)59‬‬
‫الّذِي قِيلَ َل ُهمْ فََأْن َزلْنَا عَلَى الّذِينَ ظَلَمُوا ِرجْزًا ِمنَ السّمَا ِء بِمَا كَانُوا َي ْف ُ‬

‫‪ -56‬ث أيقظناكم من غشيتكم وهودكم ‪ ،‬وعلمناكم لكى تشكروا نعمتنا ف ذلك ‪،‬‬
‫وتؤيدوا حق ال عن طريق هذا الشكر ‪.‬‬

‫‪ -57‬ومن فضلنا عليكم أننا جعلنا السحاب لكم كالظلّة ليصونكم من الر الشديد ‪،‬‬
‫وأنزلنا عليكم ال ّن ‪ ،‬وهو مادة حلوة لزجة كالعسل تسقط على الشجر من طلوع‬
‫الشمس ‪ ،‬كما أنزلنا عليكم السلوى وهو الطائر العروف بالسمان ‪ ،‬فهو يأتيكم‬

‫‪15‬‬
‫بأسرابه بكرة وعشيا لتأكلوا وتتمتعوا ‪ ،‬وقلنا لكم ‪ :‬كلوا من طيبات رزقنا ‪ .‬فكفرت‬
‫بالنعمة ‪ ،‬ول يكن ذلك بضائرنا ‪ ،‬ولكنكم تظلمون أنفسكم لن ضرر العصيان واقع‬
‫عليكم ‪.‬‬

‫‪ -58‬واذكروا ‪ -‬يا بن إسرائيل ‪ -‬حي قلنا لكم ‪ :‬ادخلوا الدينة الكبية الت ذكرها‬
‫لكم موسى نبيكم ‪ ،‬فكلوا ما فيها كما تشاءون ‪ ،‬كثيا واسعا ‪ ،‬على أن يكون‬
‫دخولكم بشوع وخضوع من الباب الذى سّاه لكم نبيكم ‪ ،‬واسألوا ال عند ذلك أن‬
‫يغفر لكم خطاياكم ‪ ،‬فمن يفعل ذلك بإخلص نغفر له خطاياه ‪ ،‬ومن كان مسنا‬
‫مطيعا زدناه ثوابا وتكريا فوق العفو والغفرة ‪.‬‬
‫‪ -59‬ولكن الذين ظلموا خالفوا أمر ربم ‪ ،‬فقالوا غي ما أمرهم بقوله ‪ ،‬استهزاء‬
‫وتردا ‪ ،‬فكان الزاء أن أنزل ال على الظالي عذابا من فوقهم جزاء فسقهم‬
‫وخروجهم على أوامر ربم ‪.‬‬

‫ش َرةَ عَ ْينًا‬
‫ج َرتْ مِ ْن ُه اثْنَتَا َع ْ‬
‫ج َر فَاْنفَ َ‬
‫ض ِربْ ِبعَصَا َك الْحَ َ‬
‫سقَى مُوسَى ِل َق ْومِ ِه َفقُلْنَا ا ْ‬
‫وَِإذِ اسَْت ْ‬
‫ض ُم ْفسِدِينَ (‬
‫ق ال ّلهِ َولَا َتعَْثوْا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ش َرَبهُمْ كُلُوا وَاشْ َربُوا ِمنْ رِزْ ِ‬
‫َقدْ عَ ِلمَ ُكلّ ُأنَاسٍ َم ْ‬
‫ج لَنَا مِمّا تُنْبِتُ‬
‫خرِ ْ‬
‫ك يُ ْ‬
‫ع لَنَا َرّب َ‬
‫‪ )60‬وَِإ ْذ قُلُْتمْ يَا مُوسَى َل ْن نَصِْبرَ عَلَى َطعَا ٍم وَا ِحدٍ فَادْ ُ‬
‫ض ِم ْن َبقْلِهَا وَقِثّاِئهَا َوفُو ِمهَا وَ َع َدسِهَا وَبَصَ ِلهَا قَالَ َأَتسْتَ ْب ِدلُو َن الّذِي ُهوَ َأ ْدنَى بِاّلذِي‬
‫الْأَرْ ُ‬
‫ض ِربَتْ عَلَ ْي ِه ُم ال ّذّلةُ وَالْ َمسْكََن ُة وَبَاءُوا‬
‫صرًا َفإِ ّن َلكُ ْم مَا َسَألُْتمْ وَ ُ‬
‫هُ َو خَ ْيرٌ اهْبِطُوا مِ ْ‬
‫ح ّق َذِلكَ‬
‫ي ِبغَ ْيرِ الْ َ‬
‫ِبغَضَبٍ ِم َن ال ّلهِ َذِلكَ ِبَأنّ ُهمْ كَانُوا َي ْك ُفرُو َن ِبآَيَاتِ ال ّلهِ َوَيقْتُلُو َن النّبِيّ َ‬
‫صوْا وَكَانُوا يَعَْتدُونَ (‪ )61‬إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَاّلذِي َن هَادُوا وَالنّصَارَى وَالصّابِئِيَ‬
‫بِمَا عَ َ‬
‫َمنْ َآ َمنَ بِاللّ ِه وَالَْيوْ ِم اْلآَ ِخرِ وَ َع ِملَ صَالِحًا فَ َل ُه ْم أَ ْج ُرهُمْ عِ ْندَ َرّب ِهمْ َولَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم َولَا‬
‫ح َزنُونَ (‪)62‬‬
‫هُ ْم يَ ْ‬

‫‪ -60‬واذكروا ‪ -‬يا بن إسرائيل ‪ -‬يوم طلب نبيكم موسى السقيا لكم من ربه حي‬
‫اشتد بكم العطش ف التيه ‪ ،‬فرحناكم وقلنا لوسى ‪ :‬اضرب بعصاك الجر ‪ .‬فانفجر‬
‫الاء من اثنت عشرة عينا ‪ ،‬فصار لكل جاعة عي ‪ -‬وكانوا اثنت عشرة جاعة ‪-‬‬

‫‪16‬‬
‫فعرفت كل قبيلة مكان شربا ‪ ،‬وقلنا لكم ‪ :‬كلوا من الن والسلوى ‪ ،‬واشربوا من‬
‫هذا الاء التفجر ودعوا ما أنتم عليه ‪ ،‬ول تسرفوا ف الفساد ف الرض بل امتنعوا‬
‫عن العاصى ‪.‬‬

‫‪ -61‬واذكروا ‪ -‬أيها اليهود ‪ -‬أيضا يوم سيطر البطر على أسلفكم ‪ ،‬ول يؤدوا‬
‫لنعمة ال حقها فقالوا لوسى ‪ :‬إننا لن نصب على طعام واحد ( وهو الن والسلوى )‬
‫فادع لنا ربك كى يرج لنا ما تنبت الرض من بقولا وقثائها وعدسها وثومها وبصلها‬
‫‪ ،‬فتعجب موسى من ذلك ‪ ،‬وأنكره عليهم فقال لم ‪ :‬أتفضلون هذه الصناف على ما‬
‫هو أفضل وأحسن ‪ ،‬وهو الن والسلوى؟ ‪ . .‬فانزلوا إذن من سيناء وادخلوا مدينة من‬
‫الدن فإنكم ستجدون فيها ما تريدون ‪ ،‬وبسبب ذلك البطر والعناد أحاطت بؤلء‬
‫اليهود الذلة والفقر والنوع ‪ ،‬واستحقوا غضب ال عليهم لا ألفوه من العناد‬
‫والعصيان ‪ ،‬وما جروا عليه من الكفر بآيات ال وبقتلهم النبياء مالفي بذلك الق‬
‫الثابت القرر ‪ ،‬وقد جرأهم على ذلك ‪ -‬الكفر وهذا القتل ‪ -‬ما رُكّب ف نفوسهم من‬
‫التمرد والعدوان وماوزة الد ف العاصى ‪.‬‬

‫‪ -62‬إن الذين آمنوا من النبياء من قبل ‪ ،‬واليهود والنصارى ‪ ،‬ومن يقدسون‬


‫الكواكب واللئكة ‪ ،‬من آمن برسالة ممد بعد بعثته ‪ ،‬ووحّد ال تعال وآمن بالبعث‬
‫والساب يوم القيامة ‪ ،‬وعمل العمال الصالة ف دنياه ‪ ،‬فهؤلء لم ثوابم الحفوظ‬
‫عند ربم ‪ ،‬ول يلحقهم خوف من عقاب ‪ .‬ول ينالم حزن على فوات ثواب ‪ ،‬وال ل‬
‫يضيع أجر من أحسن عمل ‪.‬‬

‫وَِإ ْذ أَ َخ ْذنَا مِيثَاقَ ُكمْ وَ َرفَعْنَا فَ ْو َقكُ ُم الطّو َر ُخذُوا مَا َآتَيْنَاكُ ْم ِبقُ ّو ٍة وَاذْ ُكرُوا مَا فِيهِ َلعَ ّلكُمْ‬
‫ضلُ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ وَ َرحْمَُت ُه َلكُنْتُ ْم ِمنَ‬
‫ك فَ َل ْولَا فَ ْ‬
‫تَّتقُونَ (‪ُ )63‬ث ّم تَ َولّيُْتمْ ِم ْن َبعْ ِد َذلِ َ‬
‫الْخَا ِسرِينَ (‪ )64‬وََل َقدْ عَلِمُْت ُم الّذِينَ ا ْعَتدَوْا مِنْ ُكمْ فِي السّبْتِ َفقُلْنَا َلهُمْ كُونُوا ِقرَ َدةً‬
‫جعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَ ْينَ َي َدْيهَا َومَا خَ ْلفَهَا وَ َموْعِ َظ ًة لِلْمُّتقِيَ (‪ )66‬وَِإذْ‬
‫خَاسِئِيَ (‪ )65‬فَ َ‬

‫‪17‬‬
‫خ ُذنَا ُه ُزوًا قَا َل أَعُوذُ بِال ّلهِ أَنْ‬
‫قَا َل مُوسَى ِلقَ ْو ِمهِ إِ ّن ال ّلهَ َي ْأ ُمرُ ُكمْ أَ ْن َت ْذبَحُوا َبقَ َر ًة قَالُوا َأتَتّ ِ‬
‫أَكُونَ ِم َن الْجَاهِلِيَ (‪)67‬‬

‫‪ -63‬اذكروا حي أخذنا عليكم العهد واليثاق رافعي جبل الطور ‪ ،‬وجعلناه بقدرتنا‬
‫كالظلة فوقكم حت خفتم وأذعنتم وقلنا لكم ‪ :‬خذوا ما آتيناكم من هدى وإرشاد بد‬
‫واجتهاد ‪ ،‬واذكروا ما فيه ذكر من يستجيب له ويعمل به كى تصونوا بذلك أنفسكم‬
‫من العقاب ‪.‬‬

‫‪ -64‬ث إنكم أعرضتم بعد ذلك كله ‪ ،‬ولول فضل ال عليكم ورحته وتأخيه‬
‫العذاب عنكم لكنتم من الضالي الالكي ‪.‬‬

‫‪ -65‬وأنتم بل ريب قد عرفتم أولئك الذين تاوزوا الد منكم ف يوم السبت ‪ ،‬بأن‬
‫صادوا السمك فيه ‪ -‬مع أنه يوم راحة وعيد والعمل مرم فيه ‪ -‬فمسخ ال قلوب‬
‫الخالفي ‪ ،‬وصاروا كالقردة ف نزواتا وشهواتا ‪ ،‬وجعلناهم مبعدين من رحتنا ينفر‬
‫الناس من مالستهم ويشمئزون من مالطتهم ‪.‬‬

‫‪ -66‬وقد جعل ال هذه الال الت آلوا إليها عبة وتذيرا لغيهم من أن يفعلوا مثل‬
‫فعلهم ‪ ،‬جعلها عبة لعاصريهم ومن يأتى بعدهم ‪ ،‬كما جعلناها موعظة للذين يتقون‬
‫ربم ‪ ،‬لنم هم الذين ينتفعون بنذير العظات والعب ‪.‬‬

‫‪ -67‬واذكر ‪ -‬يا ممد ‪ -‬حي قال موسى لقومه وقد قُتل فيهم قتيل ل يعرفوا قاتله ‪:‬‬
‫إن ال يأمركم أن تذبوا بقرة ليكون ذلك مفتاحا لعرفة القاتل ‪ ،‬ولكنهم استغربوا أن‬
‫تكون هناك صلة بي قتل القتيل وذَبح البقرة قائلي ‪ :‬أَتسخر منا يا موسى؟ ‪ ،‬فرد‬
‫ل ‪ :‬إن أعتصم بتأديب ال ل أن أكون من الاهلي الذين يستهزئون بعباده‬
‫عليهم قائ ً‬
‫‪.‬‬

‫ك يُبَّي ْن لَنَا مَا هِ َي قَا َل ِإنّ ُه َيقُولُ ِإّنهَا َب َق َرةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِ ْكرٌ َعوَانٌ بَ ْينَ‬
‫ع لَنَا َربّ َ‬
‫قَالُوا ادْ ُ‬
‫ك يُبَّي ْن لَنَا مَا لَ ْوُنهَا قَا َل ِإنّ ُه َيقُولُ إِّنهَا‬
‫ع لَنَا َربّ َ‬
‫ك فَا ْفعَلُوا مَا ُت ْؤ َمرُونَ (‪ )68‬قَالُوا ادْ ُ‬
‫َذلِ َ‬

‫‪18‬‬
‫سرّ النّا ِظرِينَ (‪ )69‬قَالُوا ادْعُ لَنَا َرّبكَ يُبَّي ْن لَنَا مَا ِهيَ إِ ّن الَْبقَرَ‬
‫ص ْفرَا ُء فَاقِ ٌع َل ْوُنهَا َت ُ‬
‫َبقَ َرةٌ َ‬
‫َتشَاَبهَ عَلَيْنَا وَِإنّا إِ ْن شَا َء اللّ ُه لَ ُمهَْتدُونَ (‪ )70‬قَا َل ِإنّ ُه َيقُولُ ِإّنهَا َب َق َرةٌ لَا َذلُولٌ تُثِيُ‬
‫ح ّق َفذَبَحُوهَا َومَا‬
‫ت بِالْ َ‬
‫ث ُمسَلّ َم ٌة لَا شَِيةَ فِيهَا قَالُوا اْلآَنَ جِئْ َ‬
‫حرْ َ‬
‫سقِي الْ َ‬
‫ض َولَا َت ْ‬
‫الْأَرْ َ‬
‫ج مَا كُنُْت ْم تَكْتُمُونَ (‬
‫خرِ ٌ‬
‫كَادُوا يَ ْفعَلُونَ (‪َ )71‬وِإذْ قَتَلُْت ْم َن ْفسًا فَادّا َرْأتُ ْم فِيهَا وَال ّلهُ مُ ْ‬
‫‪)72‬‬

‫‪ -68‬هنا قالوا لوسى ‪ -‬مترددين ف أمر البقرة ‪ :‬اطلب لنا من ربك أن يبي لنا صفة‬
‫تلك البقرة ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬إن ال أخبن بأنا ليست كبية وليست صغية ‪ ،‬بل هى‬
‫وسط بي الكب والصغر ‪ ،‬فنفذوا ما أمركم ال به ‪.‬‬

‫‪ -69‬ولكنهم استمروا ف ترددهم فقالوا ‪ :‬اطلب لنا من ربك أن يبي لنا لون هذه‬
‫البقرة ‪ ،‬فأجابم موسى ‪ :‬بأن ال يقول ‪ :‬إنا بقرة صفراء شديدة الصفرة مع صفاء ‪،‬‬
‫ب الناظر إليها لصفاء لونا ووضوحه ‪.‬‬
‫ُتعْجِ ُ‬

‫‪ -70‬ث لوا ف أسئلتهم فقالوا ‪ :‬ادع لنا ربك يبي لنا شأن هذه البقرة ‪ ،‬لن البقر‬
‫تشابه علينا ‪ ،‬وسنهتدى إليها بشيئة ال ‪.‬‬

‫‪ -71‬فقال لم ‪ :‬إن ال يقول إنا بقرة ل تذلل بالعمل ف حرث الرض وقلبها للزراعة‬
‫‪ ،‬ول ف سقى الرض الهيأة للزراعة أو ما فيها من نبات ‪ ،‬وهى بريئة من العيوب ‪،‬‬
‫سالة من الفات ‪ ،‬ل لون فيها يالف سائر جسدها ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬الن جئت بالبيان‬
‫الواضح ‪ ،‬وبثوا عن البقرة التصفة بذه الوصاف فذبوها ‪ ،‬وقد قاربوا أل يفعلوا‬
‫ذلك لكثرة أسئلتهم وطول لاجهم ‪.‬‬

‫‪ -72‬واذكروا يوم قتلتم نفسا وتاصمتم وتدافعتم الرية ‪ ،‬فاتّهم بعضكم بعضا‬
‫بقتلها ‪ ،‬وال يعلم القيقة وهو كاشفها ومظهرها مع كتمانكم لا ‪.‬‬

‫ضهَا َك َذِلكَ يُحْيِي اللّ ُه الْ َموْتَى وَُيرِي ُكمْ َآيَاِت ِه لَعَ ّل ُكمْ َت ْعقِلُونَ (‪ُ )73‬ثمّ‬
‫ض ِربُو ُه بَِبعْ ِ‬
‫َفقُلْنَا ا ْ‬
‫جرُ‬
‫س َوةً َوإِ ّن ِمنَ الْحِجَا َر ِة لَمَا يََتفَ ّ‬
‫ت قُلُوُبكُ ْم ِمنْ َب ْعدِ ذَِلكَ َفهِيَ كَالْحِجَا َر ِة َأوْ َأشَ ّد َق ْ‬
‫َقسَ ْ‬

‫‪19‬‬
‫ط ِم ْن َخشْيَ ِة اللّ ِه َومَا‬
‫ج مِ ْن ُه الْمَا ُء وَإِ ّن مِ ْنهَا لَمَا َيهْبِ ُ‬
‫خرُ ُ‬
‫شقّ ُق فَيَ ْ‬
‫مِ ْنهُ اْلأَْنهَارُ وَإِ ّن مِ ْنهَا لَمَا َي ّ‬
‫اللّ ُه ِبغَا ِفلٍ عَمّا َتعْمَلُونَ (‪َ )74‬أفَتَطْ َمعُو َن أَ ْن يُ ْؤمِنُوا َلكُ ْم َوقَدْ كَا َن َفرِي ٌق مِ ْن ُهمْ َيسْ َمعُونَ‬
‫ح ّرفُوَنهُ ِم ْن َبعْ ِد مَا َعقَلُو ُه َوهُ ْم َيعْلَمُونَ (‪)75‬‬
‫كَلَا َم ال ّلهِ ُث ّم يُ َ‬

‫‪ -73‬فقلنا لكم على لسان موسى ‪ :‬اضربوا القتيل بزء من هذه البقرة ‪ ،‬ففعلتم ‪:‬‬
‫فأحيا ال القتيل وذكر اسم قاتله ‪ ،‬ث سقط ميتا ‪ ،‬وكانت معجزة من ال لوسى ‪.‬‬
‫لن ال قادر على كل شئ ‪ ،‬وبقدرته هذه يي الوتى يوم القيامة ‪ ،‬ويريكم دلئل‬
‫قدرته لعلكم تعقلونا وتعتبون با ‪.‬‬

‫‪ -74‬ث إنكم بعد هذه اليات كلها ل تستجيبوا ول تستقيموا ‪ ،‬ول تلن قلوبكم أو‬
‫تشع ‪ ،‬بل غلظت وتصلبت وبقيت على قسوتا ‪ ،‬بل إنا أشد قسوة من الجارة ‪،‬‬
‫لن الجارة قد تتأثر وتنفعل ‪ ،‬فهناك أحجار تتفجر منها الياه الكثية فتجرى أنارا ‪،‬‬
‫وهناك أحجار تتشقق فيخرج منها الاء عيونا فوارة ‪ ،‬ومنها ما يتأثر بقدرة ال وينقاد‬
‫لشيئته فيتردى من أعلى البال انقيادا لا أراده ال تعال به ‪ ،‬أما قلوبكم أيها اليهود‬
‫فإنا ل تتأثر ول تلي ولكم الويل على ذلك ‪ ،‬فال ليس بغافل عن أعمالكم ‪ ،‬وهو‬
‫سيؤدبكم بألوان النقم إذا ل تشكروا أنواع النعم ‪.‬‬

‫‪ -75‬ما كان ينبغى لكم أيها الؤمنون أن تطمعوا ف أن يُؤمن اليهود بدينكم وينقادوا‬
‫لكم وقد اجتمعت ف متلف فرقهم أشتات الرذائل الت تباعد بينهم وبي اليان بالق‬
‫‪ ،‬فقد كان فريقا منهم ‪ -‬وهم الحبار ‪ -‬يسمعون كلم ال ف التوراة ويفهمونه حق‬
‫الفهم ث يتعمدون تريفه وهم يعلمون أنه الق ‪ ،‬وأن كتب ال النلة ل يوز تغييها ‪.‬‬

‫ح ّدثُوَن ُهمْ بِمَا فَتَحَ‬


‫ض قَالُوا َأتُ َ‬
‫ض ُهمْ ِإلَى َبعْ ٍ‬
‫وَِإذَا َلقُوا اّلذِينَ َآمَنُوا قَالُوا َآمَنّا َوِإذَا خَلَا بَعْ ُ‬
‫اللّهُ عَلَ ْي ُك ْم لِيُحَاجّو ُكمْ ِبهِ عِ ْندَ َرّب ُكمْ َأفَلَا َت ْعقِلُونَ (‪َ )76‬أ َولَا َيعْلَمُونَ أَ ّن ال ّلهَ يَعْ َل ُم مَا‬
‫ب ِإلّا َأمَاِنيّ َوإِ ْن ُهمْ ِإلّا يَظُنّونَ‬
‫ُيسِرّو َن َومَا ُيعْلِنُونَ (‪ )77‬وَمِ ْن ُهمْ أُمّيّو َن لَا َيعْلَمُو َن الْكِتَا َ‬
‫ب ِبأَْيدِي ِه ْم ثُ ّم َيقُولُونَ َهذَا ِمنْ عِ ْن ِد ال ّلهِ لَِيشَْترُوا ِبهِ‬
‫(‪َ )78‬فوَْيلٌ لِلّذِينَ َيكْتُبُونَ اْلكِتَا َ‬
‫ت َأيْدِيهِ ْم َووَْيلٌ لَ ُه ْم مِمّا َي ْكسِبُونَ (‪َ )79‬وقَالُوا َلنْ تَ َمسّنَا‬
‫ثَمَنًا قَلِيلًا َف َوْيلٌ َل ُهمْ مِمّا كَتََب ْ‬

‫‪20‬‬
‫ف ال ّلهُ َعهْ َد ُه أَ ْم َتقُولُونَ عَلَى‬
‫خ ْذُتمْ عِ ْندَ ال ّلهِ َع ْهدًا فَ َل ْن يُخْلِ َ‬
‫النّا ُر ِإلّا َأيّامًا مَ ْعدُو َد ًة ُقلْ َأتّ َ‬
‫صحَابُ‬
‫ت ِبهِ خَطِيئَُت ُه َفأُولَِئكَ أَ ْ‬
‫ب سَيَّئ ًة َوأَحَاطَ ْ‬
‫اللّ ِه مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪ )80‬بَلَى مَنْ َكسَ َ‬
‫النّا ِر ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‪)81‬‬

‫‪ -76‬وكان فريق من منافقيهم إذا لقوا الذين آمنوا قالوا مادعي لم ‪ :‬آمنا بأنكم‬
‫على الق وأن ممدا هو النب الذى جاء وصفه ف التوراة ‪ ،‬وإذا خل بعضهم إل بعض‬
‫عاتبهم الفريق الخر على غفلتهم ‪ ،‬إذ تنلق ألسنتهم ف أثناء خداعهم للمؤمني‬
‫بعبارات تفيد خصومهم ول يستدعيها الداع ‪ ،‬فيذكرون لم ما ورد ف التوراة من‬
‫أوصاف ممد ويعطونم بذلك حُجة عليهم يوم القيامة ‪.‬‬

‫‪ -77‬وهل غاب عن هؤلء وأولئك أن ال ليس ف حاجة إل مثل هذه الُجة لنه‬
‫يعلم ما يفون وما يبدون؟ ‪.‬‬

‫‪ -78‬ومن اليهود فريق جهلة أميون ل يعرفون عن التوراة إل أكاذيب تتفق مع‬
‫أمانيهم ‪ ،‬لفّقها لم أحبارهم ‪ ،‬وألقوا ف ظنهم أنا حقائق من الكتاب ‪.‬‬
‫‪ -79‬فاللك والعذاب لؤلء الحبار الذين يكتبون كتبا بأيديهم ‪ ،‬ث يقولون للميي‬
‫‪ :‬هذه هى التوراة الت جاءت من عند ال ‪ ،‬ليصلوا من وراء ذلك إل غرض تافه من‬
‫أغراض الدنيا فيشتروا التافه من حطام الدنيا بثمن غال وعزيز هو القيقة والصدق ‪،‬‬
‫فويل لم ما تقوّلوه على ال ‪ ،‬وويل لم ما يكسبون من ثرات افترائهم ‪.‬‬
‫‪ -80‬ومن اختلقاتم وأكاذيبهم ما يتلقونه من أحبارهم من أن النار لن تس يهوديا‬
‫مهما ارتكب من العاصى إل أياما معدودة ‪ ،‬فقل لم يا ممد ‪ :‬هل تعاهدت مع ال‬
‫على ذلك فاطمأننتم ‪ ،‬لن ال ل يلف عهده ‪ ،‬أم أنكم تفترون الكذب عليه؟ ‪.‬‬
‫‪ -81‬الق أنكم تفترون الكذب على ال ‪ ،‬فحكم ال العام نافذ ف خلقه جيعا ل‬
‫فرق بي يهودى وغي يهودى ‪ ،‬لن من ارتكب سيئة وأحاطت به آثامه حت سدت‬
‫عليه منافذ اللص ‪ ،‬فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫ك أَصْحَابُ الْجَّن ِة ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‪َ )82‬وِإذْ‬
‫وَاّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولَئِ َ‬
‫ق بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ لَا َتعْبُدُو َن ِإلّا اللّ َه َوبِاْلوَاِلدَْي ِن إِ ْحسَانًا َوذِي اْلقُ ْربَى وَالْيَتَامَى‬
‫أَ َخ ْذنَا مِيثَا َ‬
‫س حُسْنًا َوأَقِيمُوا الصّلَا َة وَ َآتُوا الزّكَا َة ثُ ّم َتوَلّيُْت ْم ِإلّا قَلِيلًا مِنْ ُكمْ‬
‫ي َوقُولُوا لِلنّا ِ‬
‫وَالْ َمسَاكِ ِ‬
‫س ُكمْ‬
‫خ ِرجُو َن َأْنفُ َ‬
‫سفِكُونَ ِدمَاءَ ُك ْم َولَا تُ ْ‬
‫وََأنُْتمْ ُم ْعرِضُونَ (‪ )83‬وَِإ ْذ أَ َخ ْذنَا مِيثَاقَ ُكمْ لَا َت ْ‬
‫ش َهدُونَ (‪)84‬‬
‫ِمنْ ِديَارِ ُكمْ ُث ّم َأقْرَ ْرُتمْ وََأنُْتمْ َت ْ‬

‫‪ -82‬والذين آمنوا وعملوا الصالات أولئك أصحاب النة ‪ ،‬لنم آمنوا وأدوا ما‬
‫يفرضه عليهم إيانم من صال العمال ‪ ،‬فهم فيها خالدون ‪.‬‬
‫‪ -83‬وإن لكم معشر اليهود بانب هذا كله ماضيا حافل بالث ونقض الواثيق ‪،‬‬
‫وتعدى ما وضعه ال لكم من حدود ‪ ،‬فلتذكروا إذ أخذنا عليكم ف التوراة ميثاقا أل‬
‫تعبدوا إل ال ‪ ،‬وأن تسنوا إل الوالدين والقربي واليتامى والساكي ‪ ،‬وتستخدموا‬
‫ف حديثكم مع الناس القول الطيب الذى يؤلف بينكم وبينهم ول ينفرهم منكم ‪،‬‬
‫وتؤدوا ما فرض عليكم من صلة وزكاة ‪ ،‬ولتذكروا ما كان من مسلككم حيال هذا‬
‫اليثاق إذ نقضتموه وأعرضتم عنه إل قليل منكم من أذعن للحق ‪.‬‬
‫‪ -84‬وإذ أخذنا ميثاقا عليكم ف التوراة أل يسفك بعضكم دماء بعض ‪ ،‬ول يرج‬
‫بعضكم بعضا من ديارهم ‪ ،‬وهو ميثاق تقرون أنه ف كتابكم وتشهدون على صحته ‪.‬‬

‫خ ِرجُونَ َفرِيقًا مِ ْنكُ ْم ِمنْ دِيَا ِر ِهمْ تَظَاهَرُونَ عَلَ ْي ِهمْ‬


‫ُثمّ َأنُْتمْ َه ُؤلَا ِء َتقْتُلُو َن أَْن ُفسَ ُك ْم وَتُ ْ‬
‫حرّمٌ عَلَ ْي ُكمْ ِإ ْخرَاجُ ُه ْم َأفَتُ ْؤمِنُونَ‬
‫بِاْلِإثْ ِم وَاْل ُعدْوَانِ وَإِ ْن َي ْأتُو ُكمْ أُسَارَى تُفَادُو ُهمْ َوهُ َو مُ َ‬
‫ي فِي الْحَيَاةِ‬
‫ك مِنْ ُك ْم إِلّا خِزْ ٌ‬
‫ض فَمَا َجزَا ُء َم ْن َيفْ َع ُل َذلِ َ‬
‫بَِبعْضِ اْلكِتَابِ َوَتكْ ُفرُونَ بَِبعْ ٍ‬
‫ال ّدنْيَا َوَيوْمَ اْلقِيَا َم ِة ُيرَدّو َن ِإلَى أَ َشدّ اْل َعذَابِ َومَا ال ّل ُه بِغَا ِفلٍ عَمّا تَعْمَلُونَ (‪ )85‬أُولَئِكَ‬
‫صرُونَ (‪)86‬‬
‫ب وَلَا هُ ْم يُنْ َ‬
‫خفّفُ عَ ْن ُه ُم الْ َعذَا ُ‬
‫الّذِينَ اشَْترَوُا الْحَيَا َة الدّنْيَا بِاْلآَ ِخ َرةِ فَلَا يُ َ‬
‫ب َوقَفّيْنَا ِمنْ َب ْع ِدهِ بِالرّ ُسلِ وَ َآتَيْنَا عِيسَى ابْ َن َم ْريَ َم الْبَيّنَاتِ‬
‫وََل َقدْ َآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَا َ‬
‫س ُكمُ اسْتَكَْب ْرُتمْ َف َفرِيقًا‬
‫ح الْ ُقدُسِ أَ َفكُلّمَا جَاءَ ُكمْ َرسُو ٌل بِمَا لَا َت ْهوَى َأْنفُ ُ‬
‫وََأّيدْنَا ُه ِبرُو ِ‬
‫َك ّذبْتُ ْم َو َفرِيقًا َتقْتُلُونَ (‪)87‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -85‬وها أنتم أولء يقتل بعضكم بعضا ‪ ،‬ويرج فريق منكم فريقا آخر من ديارهم‬
‫متعاوني ف ذلك عليهم مع غيكم بالث والعدوان ‪ ،‬ث إن وقع فريق منكم أسرى‬
‫لدى من تتعاونون معهم تعملون على إنقاذهم من السر بافتدائهم ‪ ،‬وإن سئلتم عما‬
‫حلكم على افتدائهم قلتم ‪ :‬لن أسفارنا أمرتنا أن نفدى أسرانا من اليهود ‪ ،‬أو ل‬
‫تأمركم أسفاركم كذلك أل تسفكوا دماء إخوانكم ‪ ،‬وأل ترجوهم من ديارهم؟ ‪،‬‬
‫أفتذعنون لبعض ما جاء ف الكتاب وتكفرون ببعض؟ فما جزاء من يفعل ذلك منكم‬
‫إل خزى ف الياة الدنيا ‪ ،‬ويوم القيامة يردهم ال ‪ -‬الطلع على أعمالم وسرائرهم ‪-‬‬
‫إل أشد العذاب ‪.‬‬

‫‪ -86‬وذلك لنم قد آثروا أعراض الدنيا الزائلة على نعيم الخرة الدائم ‪ ،‬وكانوا‬
‫بذا كمن اشترى الياة الدنيا بالخرة ‪ ،‬فلن يفف عنهم عذاب جهنم ‪ ،‬ولن يدوا‬
‫من ينقذهم منه ‪.‬‬

‫‪ -87‬ولتذكروا كذلك ‪ -‬معشر اليهود ‪ -‬مواقفكم الضالة الثة حيال موسى ومن‬
‫بعثناه من بعده إليكم من الرسلي ‪ .‬فلقد أرسلنا إليكم موسى وآتيناه التوراة وبعثنا‬
‫إليكم على آثاره عدة رسل ‪ ،‬منهم عيسى ابن مري الذى أمددناه بالعجزات وأيدناه‬
‫بروح القدس ‪ ،‬وهو جبيل رسول الوحى المي ‪ ،‬فكنتم كلما جاءكم رسول من‬
‫هؤلء با ل توى أنفسكم تستكبون عن اتباعه ‪ ،‬ففريق كذبتموه وفريق آخر قتلتموه‬
‫‪.‬‬

‫ف َب ْل لَعََن ُهمُ ال ّل ُه بِ ُك ْفرِ ِه ْم َفقَلِيلًا مَا ُي ْؤمِنُونَ (‪َ )88‬ولَمّا جَا َء ُهمْ كِتَابٌ‬
‫َوقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْ ٌ‬
‫ق لِمَا َم َعهُ ْم وَكَانُوا ِم ْن قَ ْب ُل َيسْتَفْتِحُونَ عَلَى اّلذِينَ َك َفرُوا فَلَمّا‬
‫ِمنْ عِ ْندِ ال ّلهِ مُصَدّ ٌ‬
‫سهُ ْم أَنْ‬
‫جَا َء ُه ْم مَا َع َرفُوا َك َفرُوا ِبهِ فَ َلعْنَ ُة اللّهِ عَلَى الْكَا ِفرِينَ (‪ )89‬بِ ْئسَمَا اشْتَ َروْا ِب ِه أَْن ُف َ‬
‫يَ ْك ُفرُوا بِمَا َأْنزَ َل ال ّلهُ َبغْيًا أَ ْن يَُن ّزلَ ال ّلهُ مِ ْن فَضْ ِلهِ عَلَى َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ فَبَاءُوا‬
‫ب ُمهِيٌ (‪َ )90‬وِإذَا قِي َل َلهُمْ َآمِنُوا بِمَا َأْنزَ َل اللّهُ‬
‫ب َولِ ْلكَا ِفرِينَ َعذَا ٌ‬
‫ِبغَضَبٍ عَلَى غَضَ ٍ‬

‫‪23‬‬
‫صدّقًا لِمَا َم َع ُهمْ ُق ْل فَ ِلمَ‬
‫ح ّق مُ َ‬
‫قَالُوا ُن ْؤمِ ُن بِمَا أُْن ِزلَ عَلَيْنَا وََي ْكفُرُو َن بِمَا وَرَا َء ُه َوهُ َو الْ َ‬
‫َتقْتُلُو َن َأنْبِيَا َء اللّ ِه ِمنْ قَ ْب ُل إِنْ كُنُْت ْم ُمؤْمِِنيَ (‪)91‬‬

‫‪ -88‬وكذلك كان موقفكم حيال رسولنا ‪ -‬ممد ‪ -‬خات النبيي ‪ .‬فلقد قلتم له‬
‫حينما دعاكم إل السلم ‪ :‬إن قلوبنا مغطاة بأغشية ل تنفذ إليها دعوتك ‪ ،‬فل نكاد‬
‫نفقه شيئا ما تقول ‪ .‬ول تكن قلوبم كما يزعمون ‪ ،‬ولكنهم استكبوا وآثروا الضللة‬
‫على الدى ‪ ،‬فلعنهم ال بكفرهم وأوهن يقينهم وأضعف إيانم ‪.‬‬

‫‪ -89‬ولا جاءهم رسولنا بالقرآن ‪ -‬وهو كتاب من عند ال مصدق لا أنزل عليهم من‬
‫التوراة ‪ ،‬وعرفوا من التوراة نفسها صدق ما ف هذا الكتاب ‪ -‬كفروا به عنادا‬
‫وحسدا لنه قد جاءهم به رسول من غي شعبهم بن إسرائيل ‪ ،‬مع أنم كانوا من قبل‬
‫إذا اشتبكوا مع الشركي ف صراع حرب أو جدل ذكروا أن ال سينصرهم بإرسال‬
‫خات النبيي الذى بشر به كتابم ‪ ،‬والذى تتفق صفاته كل التفاق مع صفات ممد ‪.‬‬
‫أل لعنة ال على أمثالم من العاندين الاحدين ‪.‬‬

‫‪ -90‬ولبئس ما باعوا به أنفسهم بغيا وعدوانا ‪ ،‬إذ مالوا مع أهوائهم وتعصبهم‬


‫لشعبهم فكفروا با أنزلنا ‪ ،‬ناقمي على غيهم أن خصهم ال دونم بإرسال رسول‬
‫منهم منكرين على ال أن يكون له مطلق الية ف أن ينل من فضله على من يشاء‬
‫من عباده ‪ ،‬فباءوا بغضب على غضب لكفرهم وعنادهم وحسدهم ‪ ،‬وعذبوا بكفرهم‬
‫وللكافرين عذاب عظيم ‪.‬‬

‫‪ -91‬هذا هو ما كانت تنطوى عليه نفوسهم ‪ ،‬ولكنهم كانوا يبرون أمام اللق عدم‬
‫إيانم بالقرآن حينما يطلب منهم اليان بأنم ل يؤمنون إل با أنزل عليهم هم‬
‫ويكفرون بغيه ‪ ،‬ولقد كذبوا فيما يدّعون من إيانم با أنزل عليهم من التوارة ‪ ،‬لن‬
‫كفرهم بذا الكتاب الصدق لا ف كتابم هو كفر بكتابم نفسه ‪ ،‬ولنم قد قتلوا‬
‫النبياء الذين دعوهم إل ما أنزل عليهم ‪ ،‬وقتلهم لؤلء أقطع دليل على عدم إيانم‬
‫برسالتهم ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫ج َل ِم ْن َبعْ ِد ِه وََأنُْتمْ ظَالِمُونَ (‪َ )92‬وِإذْ‬
‫خ ْذتُ ُم الْعِ ْ‬
‫ت ُثمّ اتّ َ‬
‫وََل َقدْ جَاءَ ُك ْم مُوسَى بِالْبَيّنَا ِ‬
‫أَ َخ ْذنَا مِيثَاقَ ُكمْ وَ َر َفعْنَا َف ْو َقكُ ُم الطّو َر ُخذُوا مَا َآتَيْنَا ُك ْم ِبقُ ّو ٍة وَاسْ َمعُوا قَالُوا سَ ِمعْنَا‬
‫جلَ ِب ُكفْ ِر ِهمْ ُق ْل بِ ْئسَمَا َي ْأ ُمرُ ُكمْ ِبهِ إِيَاُنكُ ْم إِنْ كُنُْتمْ‬
‫وَعَصَيْنَا وَُأ ْشرِبُوا فِي قُلُوِبهِ ُم اْلعِ ْ‬
‫س فَتَمَّنوُا‬
‫ص ًة ِمنْ دُو ِن النّا ِ‬
‫مُ ْؤمِنِيَ (‪ُ )93‬ق ْل إِنْ كَانَتْ لَ ُكمُ الدّارُ اْلآَ ِخ َرةُ عِ ْن َد اللّ ِه خَالِ َ‬
‫الْمَ ْوتَ إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ )94‬وََل ْن يَتَمَّن ْوهُ أََبدًا بِمَا َق ّدمَتْ َأْيدِي ِه ْم وَال ّلهُ عَلِيمٌ‬
‫ص النّاسِ عَلَى حَيَاةٍ َو ِمنَ اّلذِي َن َأشْرَكُوا َي َودّ َأ َحدُ ُهمْ لَوْ‬
‫ج َدّن ُهمْ َأ ْحرَ َ‬
‫بِالظّالِمِيَ (‪ )95‬وَلَتَ ِ‬
‫ي بِمَا َيعْمَلُونَ (‪)96‬‬
‫ب أَ ْن ُيعَ ّمرَ وَاللّ ُه بَصِ ٌ‬
‫ف سَنَ ٍة َومَا ُهوَ بِ ُم َز ْحزِ ِحهِ ِم َن الْ َعذَا ِ‬
‫ُيعَ ّمرُ َألْ َ‬

‫‪ -92‬بل لقد كفرت ‪ -‬أيها اليهود ‪ -‬كفرا صريا بكتبكم ‪ ،‬ورجعتم إل الشرك ف‬
‫عهد موسى نفسه ‪ ،‬فلقد جاءكم موسى بالبينات والعجزات الناطقة بصدقه ‪ ،‬لكنكم‬
‫حي تغيب موسى لناجاة ربه عبدت العجل ورجعتم إل سابق وثنيتكم وأنتم ظالون‬
‫مبطلون ‪.‬‬

‫‪ -93‬وحينما جاءكم بالتوراة ‪ ،‬ورأيتم ما فيها من تكاليف شاقة ‪ ،‬فاستثقلتم أعباءها‬


‫وارتبتم فيها ‪ ،‬أراكم ال آية على صدق هذا الكتاب وفائدة تعاليمه لكم ‪ ،‬فرفع جبل‬
‫الطور فوق رءوسكم حت صار كأنه ظُلّة وظننتم أنه واقع بكم ‪ ،‬وحينئذٍ أعلنتم القبول‬
‫والطاعة ‪ ،‬فأخذنا عليكم ميثاقا أل يأخذكم هوى ف المتثال لا جاء ف هذا الكتاب ‪،‬‬
‫فقلتم ‪ :‬آمنا وسعنا ‪ ،‬ولكن أعمالكم تكشف عن عصيانكم وتردكم ‪ ،‬وأن اليان ل‬
‫يالط قلوبكم ‪ ،‬ول يكن أن يكون اليان قد خالط قلوب قوم شغفوا حبا بعبادة‬
‫العجل ‪ .‬فلبئس ما دفعكم إليه إيانكم إن كنتم مؤمني ‪.‬‬
‫‪ -94‬ولقد زعمتم أن ال سيخصكم من بي سائر الناس بنعيم النة بعد المات ‪ ،‬فإن‬
‫كنتم مؤمني حقا با تقولون فليكن الوت مببا إليكم ‪ ،‬ولتتمنوه حت ل يبطئ عنكم‬
‫هذا النعيم الذى تدّعون ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -95‬ولكنهم ف الواقع ل يرغبون ف الوت أبدا لا اقترفوه من ظلم ل يفى أمره على‬
‫ال ‪ ،‬الذى يُعلِ ُمهُم أنم كاذبون فيما يدعون ‪ ،‬وأن النعيم يوم القيامة للمتقي ‪ ،‬ل‬
‫للفجار أمثالم ‪.‬‬

‫‪ -96‬بل إنك لتجدنم أحرص الناس جيعا على حياتم على أى شكل عزيزة أو ذليلة‬
‫‪ ،‬وحرصهم أكثر من حرص الشركي الذين ل يؤمنون ببعث ول جنة ‪ ،‬ولذلك يود‬
‫أحدهم لو يعمر ألف سنة ‪ ،‬ولن يبعد عنه تعميه ‪ -‬مهما طال ‪ -‬ما ينتظر من عذاب‬
‫ال ‪ ،‬إنه عليم بالظالي وسيذيقهم جزاء ما اقترفوه ‪.‬‬

‫ص ّدقًا لِمَا بَ ْينَ يَ َدْيهِ َو ُهدًى‬


‫ك ِبإِذْ ِن ال ّلهِ مُ َ‬
‫ُقلْ َمنْ كَانَ َع ُدوّا لِجِ ْبرِي َل َفإِّنهُ َن ّزَلهُ عَلَى قَلِْب َ‬
‫شرَى لِلْ ُمؤْمِنِيَ (‪َ )97‬منْ كَانَ َع ُدوّا لِ ّل ِه وَمَلَائِكَِت ِه وَرُسُ ِل ِه وَجِ ْبرِيلَ َومِيكَالَ َفإِ ّن اللّهَ‬
‫وَُب ْ‬
‫ت َومَا َيكْ ُفرُ بِهَا ِإلّا الْفَا ِسقُونَ (‪)99‬‬
‫ت بَيّنَا ٍ‬
‫َع ُدوّ لِ ْلكَافِرِينَ (‪َ )98‬وَلقَ ْد َأنْ َزلْنَا ِإلَ ْيكَ َآيَا ٍ‬
‫أَوَكُلّمَا عَا َهدُوا َع ْهدًا نََب َذ ُه َفرِي ٌق مِ ْنهُ ْم َبلْ أَكَْثرُ ُهمْ لَا ُيؤْمِنُونَ (‪َ )100‬ولَمّا جَا َء ُهمْ‬
‫ق لِمَا َم َعهُ ْم نََبذَ َفرِيقٌ ِم َن الّذِينَ أُوتُوا اْلكِتَابَ كِتَابَ ال ّلهِ‬
‫صدّ ٌ‬
‫َرسُولٌ مِنْ عِ ْن ِد ال ّلهِ مُ َ‬
‫وَرَاءَ ُظهُو ِرهِمْ َكَأّنهُ ْم لَا َيعْلَمُونَ (‪)101‬‬

‫‪ -97‬ولقد زعم بعضهم أنم يعادونك ويكفرون بكتابك لنم أعداء لبيل الذى‬
‫يبلغك هذا الكتاب ‪ ،‬فقل أيها النب لم ‪ :‬من كان عدوا لبيل فهو عدو ال ‪ ،‬لن‬
‫جبيل ما يئ بذا الكتاب من عنده ‪ ،‬وإنا ينله بأمر ال مصدقا لا سبقه من الكتب‬
‫السماوية ‪ ،‬ومصدقا لكتابم نفسه ‪ ،‬وهدى وبشرى للمؤمني ‪.‬‬
‫‪ -98‬فمن كان عدوا لبيل أو ميكائيل أو لى ملك أو رسول من ملئكة ال‬
‫ورسله الذين ل يفعلون ول يبلغون إل ما يأمرهم به ال ‪ ،‬فإنه بذلك يكون عدوا‬
‫وكافرا به ‪ ،‬وال عدو الكافرين ‪.‬‬

‫‪ -99‬وما ينل جبيل على قلبك إل بآيات بينات ل يسع طالب الق إل اليان با ‪،‬‬
‫وما يكفر بثلها إل العاندون الارجون عن سنة الفطرة ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -100‬وكما تذبذبوا ف العقيدة واليان ‪ ،‬تذبذبوا كذلك فيما يبمونه من عهود ‪،‬‬
‫فكانوا كلما عاهدوا السلمي وغيهم عهدا نبذه فريق منهم ‪ .‬لن معظمهم ل يؤمن‬
‫برمة عهد ول بقداسة ميثاق ‪.‬‬

‫‪ -101‬ولا جاءهم رسول من عند ال مطابقة أوصافه لا ف أسفارهم ‪ -‬وهو ممد‬


‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬نبذ فريق منهم ما ذكر ف كتبهم عن هذا الرسول ‪ ،‬كأنه ل‬
‫يرد فيها ول يعلموا شيئا عنه ‪.‬‬

‫ك سُلَيْمَا َن َومَا َك َفرَ سُلَيْمَا ُن َوَلكِ ّن الشّيَا ِطيَ َك َفرُوا‬


‫وَاتَّبعُوا مَا تَتْلُو الشّيَاطِيُ عَلَى مُلْ ِ‬
‫ح َر َومَا ُأنْ ِزلَ عَلَى الْمَ َلكَ ْي ِن بِبَاِبلَ هَارُوتَ َومَارُوتَ َومَا ُيعَلّمَا ِن ِمنْ‬
‫ُيعَلّمُونَ النّاسَ السّ ْ‬
‫حنُ فِتَْن ٌة فَلَا تَ ْك ُفرْ فَيََتعَلّمُو َن مِ ْنهُمَا مَا ُي َف ّرقُو َن ِبهِ بَ ْي َن الْ َمرْءِ‬
‫أَ َح ٍد حَتّى َيقُولَا ِإنّمَا نَ ْ‬
‫ضرّ ُه ْم وَلَا يَ ْنفَ ُع ُهمْ َوَلقَدْ‬
‫وَ َزوْ ِجهِ َومَا ُه ْم بِضَارّي َن ِبهِ ِم ْن أَ َحدٍ إِلّا بِِإذْ ِن ال ّلهِ َويََتعَلّمُونَ مَا يَ ُ‬
‫س ُهمْ َلوْ كَانُوا‬
‫س مَا َشرَوْا بِ ِه َأْنفُ َ‬
‫ق َولَبِئْ َ‬
‫عَلِمُوا لَ َمنِ اشَْترَاهُ مَا َلهُ فِي اْلآَ ِخ َر ِة ِمنْ خَلَا ٍ‬
‫َيعْلَمُونَ (‪ )102‬وََل ْو أَّن ُهمْ َآمَنُوا وَاّت َقوْا لَمَثُوبَ ٌة ِمنْ عِ ْندِ ال ّل ِه خَ ْيرٌ َلوْ كَانُوا َيعْلَمُونَ (‬
‫‪ )103‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َتقُولُوا رَا ِعنَا َوقُولُوا انْ ُظ ْرنَا وَاسْ َمعُوا َولِلْكَافِرِينَ َعذَابٌ‬
‫َألِيمٌ (‪)104‬‬

‫‪ -102‬ولقد صدّقوا ما تََتقَوّله شياطينهم وفجرتم على ملك سليمان ‪ ،‬إذ زعموا أن‬
‫سليمان ل يكن نبيا ول رسولً ينل عليه الوحى من ال ‪ ،‬بل كان مرد ساحر يستمد‬
‫العون من سحره ‪ ،‬وأن سحره هذا هو الذى وطّد له اللك وجعله يسيطر على الن‬
‫والطي والرياح ‪ ،‬فنسبوا بذلك الكفرَ لسليمان ‪ ،‬وما كفر سليمان ‪ ،‬ولكن هؤلء‬
‫الشياطي الفجرة هم الذين كفروا ‪ ،‬إذ تقوّلوا عليه هذه القاويل ‪ ،‬وأخذوا يعلّمون‬
‫الناس السحر من عندهم ومن آثار ما أنزل ببابل على اللكي هاروت وماروت ‪ ،‬مع‬
‫أن هذين اللكي ما كانا يعلّمان أحدا حت يقول له ‪ :‬إنا نعلّمك ما يؤدى إل الفتنة‬
‫والكفر فاعرفه واحذره وَتوَقّ العمل به ‪ .‬ولكن الناس ل ينتصحوا بذه النصيحة ‪،‬‬
‫فاستخدموا ما تعلّموه منهما فيما يفرقون به بي الرء وزوجه ‪ .‬نعم كفر هؤلء‬

‫‪27‬‬
‫الشياطي الفجرة إذ تقوّلوا هذه القاويل من أقاويلهم وأساطيهم ذريعة لتعليم اليهود‬
‫السحر ‪ ،‬وما هم بضارين بسحرهم هذا من أحد ‪ ،‬ولكن ال هو الذى يأذن بالضرر‬
‫إن شاء ‪ ،‬وأن ما يؤخذ عنهم من سحر سيضر من تعلّمه ف دينه ودنياه ول يفيده شيئا‬
‫‪ ،‬وهم أنفسهم يعلمون حق العلم أن من اته هذا التاه لن يكون له حظ ف نعيم‬
‫الخرة ‪ ،‬ولبئس ما اختاروه لنفسهم لو كانت بم بقية من علم ‪.‬‬
‫‪ -103‬ولو أنم آمنوا بالق وخافوا مقام ربم لثابم ال ثوابا حسنا ‪ ،‬ولكان ذلك‬
‫خيا ما يلقونه من أساطي ويضمرونه من خبث لو كانوا ييزون النافع من الضار ‪.‬‬

‫‪ -104‬يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم من هؤلء اليهود فل تقولوا للرسول حينما‬
‫يتلوا عليكم الوحى ‪ ( :‬راعنا ) قاصدين أن يعلكم موضع رعايته ‪ ،‬ويتمهل عليكم ف‬
‫تلوته حت تعوه وتفظوه ‪ ،‬لن خبثاء اليهود يتظاهرون بحاكاتكم ف ذلك ‪ ،‬ويلوون‬
‫ألسنتهم بذه الكلمة حت تصي مطابقة لكلمة سباب يعرفونا ويوجهونا للرسول‬
‫ليسخروا منه فيما بينهم ‪ ،‬ولكن استخدموا كلمة أخرى ل يد اليهود فيها مال‬
‫لبثهم وسخريتهم ‪ :‬فقولوا ‪ ( :‬انظرنا ) وأحسنوا الصغاء إل ما يتلوه عليكم الرسول‬
‫‪ ،‬وأن ال ليدخر يوم القيامة عذابا أليما لؤلء الستهزئي بالرسول ‪.‬‬

‫ي أَ ْن يَُن ّزلَ عَلَ ْي ُكمْ ِم ْن خَيْ ٍر ِمنْ َربّ ُكمْ‬


‫شرِكِ َ‬
‫مَا َي َودّ اّلذِينَ َك َفرُوا ِمنْ َأ ْهلِ اْلكِتَابِ َولَا الْ ُم ْ‬
‫خ ِمنْ َآيَ ٍة َأوْ‬
‫ضلِ اْلعَظِيمِ (‪ )105‬مَا نَ ْنسَ ْ‬
‫ص ِبرَحْمَِت ِه َمنْ َيشَا ُء وَال ّل ُه ذُو اْلفَ ْ‬
‫وَال ّلهُ َيخْتَ ّ‬
‫ت بِخَ ْي ٍر مِ ْنهَا َأوْ مِثْ ِلهَا أََل ْم َتعْلَ ْم أَ ّن اللّهَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )106‬أَلمْ َتعْ َلمْ‬
‫سهَا َنأْ ِ‬
‫نُ ْن ِ‬
‫ض وَمَا لَ ُكمْ مِ ْن دُونِ ال ّل ِه ِمنْ َوِليّ َولَا نَصِيٍ (‪)107‬‬
‫أَنّ ال ّل َه َلهُ مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬
‫سَألُوا َرسُولَ ُكمْ كَمَا سُِئلَ مُوسَى ِمنْ قَ ْب ُل َومَ ْن يَتََبدّ ِل الْ ُك ْفرَ بِاْلإِيَا ِن َف َقدْ‬
‫أَ ْم ُترِيدُونَ أَ ْن َت ْ‬
‫ب َلوْ َي ُردّوَنكُ ْم ِمنْ َب ْعدِ إِيَاِنكُمْ‬
‫ي ِم ْن أَ ْه ِل الْكِتَا ِ‬
‫ض ّل سَوَا َء السّبِيلِ (‪َ )108‬ودّ كَثِ ٌ‬
‫َ‬
‫صفَحُوا حَتّى َي ْأتِيَ‬
‫حقّ فَا ْعفُوا وَا ْ‬
‫سهِ ْم ِمنْ َب ْعدِ مَا تَبَّينَ لَ ُه ُم الْ َ‬
‫سدًا ِمنْ عِ ْندِ أَْن ُف ِ‬
‫ُكفّارًا َح َ‬
‫اللّ ُه ِبأَ ْم ِر ِه إِنّ ال ّلهَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)109‬‬

‫‪28‬‬
‫‪ -105‬ولتعلموا أن هؤلء الكافرين من اليهود والشركي من عبدة الصنام ل‬
‫يرجون إل ضرركم ول يودون أن ينل عليكم خي من ربكم ‪ ،‬وال ل يقيم وزنا لا‬
‫يرجون وما يكرهون ‪ .‬فال يتص برحته من يشاء وال ذو الفضل العظيم ‪.‬‬

‫‪ -106‬ولقد طلبوا منك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬أن تأتيهم بالعجزات الت جاءهم با موسى‬
‫وأنبياء بن إسرائيل ‪ ،‬وحسبنا أننا أيدناك بالقرآن ‪ ،‬وأننا إذا تركنا تأييد نب متأخر‬
‫بعجزة كانت لنب سابق ‪ ،‬أو أنسينا الناس أثر هذه العجزة فإننا نأتى على يديه بي‬
‫منها أو مثلها ف الدللة على صدقه ‪ ،‬فال على كل شئ قدير ‪.‬‬

‫‪ -107‬وهو الذى بيده ملكوت السموات والرض ‪ ،‬وليس لكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬من‬
‫دونه ول يعينكم ‪ ،‬ول سند ينصركم ‪.‬‬

‫‪ -108‬لعلكم تريدون باقتراحكم معجزات معينة على رسولكم ‪ -‬ممد ‪ -‬أن تاكوا‬
‫بن إسرائيل العاصرين لوسى ‪ ،‬إذ طلبوا إليه معجزات خاصة ‪ .‬إن اقتراحكم هذا‬
‫ليخفى وراءه العناد والنوح إل الكفر ‪ ،‬كما كان يفى ذلك اقتراح بن إسرائيل على‬
‫رسولم ‪ .‬ومن يؤثر العناد والكفر على الخلص للحق واليان ‪ ،‬فقد حاد عن‬
‫الطريق السوى الستقيم ‪.‬‬

‫‪ -109‬ولقد تن كثي من اليهود أن يردوكم ‪ -‬أيها السلمون ‪ -‬إل الكفر بعد‬


‫إيانكم ‪ ،‬مع أنه قد تبي لم من كتابم نفسه أنكم على الق ‪ ،‬وما ذلك إل لنم‬
‫يسدونكم ويشون أن ينتقل إليكم السلطان ويفلت من أيديهم ‪ ،‬فأعرضوا عنهم ‪،‬‬
‫واعفوا واصفحوا حت يأذن ال لكم بسلك آخر حيالم ‪ ،‬فهو القادر على أن يكنكم‬
‫منهم ‪ ،‬وهو على كل شئ قدير ‪.‬‬

‫جدُوهُ عِ ْن َد اللّ ِه إِ ّن اللّ َه بِمَا‬


‫وََأقِيمُوا الصّلَا َة وَ َآتُوا الزّكَاةَ وَمَا تُ َق ّدمُوا لَِأْن ُفسِ ُكمْ ِم ْن خَ ْيرٍ تَ ِ‬
‫ك َأمَانِّي ُهمْ‬
‫َتعْمَلُونَ بَصِيٌ (‪َ )110‬وقَالُوا َلنْ َي ْدخُ َل الْجَّنةَ ِإلّا مَنْ كَا َن هُودًا َأوْ نَصَارَى تِلْ َ‬
‫س ٌن فَ َلهُ‬
‫حِ‬‫ُقلْ هَاتُوا بُ ْرهَاَن ُكمْ إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ )111‬بَلَى مَ ْن َأسْلَ َم َوجْ َه ُه لِ ّلهِ َوهُ َو مُ ْ‬

‫‪29‬‬
‫ت الْيَهُودُ لَ ْيسَتِ‬
‫ح َزنُونَ (‪َ )112‬وقَالَ ِ‬
‫أَ ْج ُرهُ عِ ْندَ َرّبهِ َولَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم َولَا ُهمْ يَ ْ‬
‫ت الْيَهُودُ عَلَى َشيْ ٍء َوهُ ْم يَتْلُونَ اْلكِتَابَ‬
‫النّصَارَى عَلَى َشيْءٍ وَقَالَتِ النّصَارَى لَ ْيسَ ِ‬
‫ح ُك ُم بَيَْنهُ ْم َيوْ َم الْقِيَامَ ِة فِيمَا كَانُوا فِيهِ‬
‫ك قَا َل الّذِينَ لَا َيعْلَمُونَ مِ ْث َل َقوِْل ِهمْ فَال ّلهُ يَ ْ‬
‫َك َذلِ َ‬
‫يَخْتَ ِلفُونَ (‪ )113‬وَ َم ْن أَظْ َل ُم مِ ّمنْ مَنَ َع َمسَا ِجدَ ال ّلهِ أَ ْن ُيذْ َك َر فِيهَا اسْ ُمهُ َوسَعَى فِي‬
‫ي َل ُهمْ فِي ال ّدنْيَا ِخزْيٌ َوَلهُ ْم فِي اْلآَ ِخ َرةِ‬
‫خَرَاِبهَا أُولَِئكَ مَا كَا َن َلهُ ْم أَ ْن َيدْخُلُوهَا ِإلّا خَاِئفِ َ‬
‫َعذَابٌ عَظِيمٌ (‪)114‬‬

‫‪ -110‬وحافظوا على شعائر دينكم ‪ ،‬فأقيموا الصلة ‪ ،‬وأعطوا الزكاة ‪ ،‬وما تقدموا‬
‫لنفسكم من أعمال طيبة وصدقة تدوا ثوابه عند ال ‪ .‬إن ال با تعملون عليم ‪ ،‬علم‬
‫من يبصر ويرى ‪.‬‬

‫‪ -111‬ومن أباطيل اليهود والنصارى وأمانيهم الكاذبة ما يزعمه كل منهم ‪ :‬من أن‬
‫النة لن يدخلها إل من كان على دينهم ‪ ،‬فلتطلبوا إليهم أن يأتوا ببهان على ذلك إن‬
‫كانوا صادقي ‪.‬‬

‫‪ -112‬ولن يدوا على ذلك برهانا ‪ ،‬فالق أن الذين يدخر لم ال تعال نعيم النة‬
‫ويثيبهم يوم القيامة ويقيهم الوف والزن ‪ ،‬هم الذين يلصون ل ويتبعون الق ‪،‬‬
‫ويسنون ما يؤدونه من أعمال ‪.‬‬

‫‪ -113‬ومن عجب أنم كما يعادون السلم يعادى بعضهم بعضا ‪ ،‬فيقول اليهود ‪:‬‬
‫ليست النصارى على شئ من الق ‪ ،‬ويقول النصارى ف اليهود مثل ذلك ‪ ،‬وكلها‬
‫يستدل بأسفاره ‪ ،‬ويقول الشركون من العرب الذين ل يعلمون شيئا عن الكتب النلة‬
‫ف اليهود والنصارى معا ما يقوله كلها ف الخر ‪ ،‬ولقد صدقوا جيعا ف ذلك ‪،‬‬
‫فليس منهم فريق على حق ‪ ،‬وسيتبي ذلك حينما يكم ال بينهم يوم القيامة فيما‬
‫كانوا فيه يتلفون ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪ -114‬ومن مظاهر عدائهم بعضهم لبعض؛ وعدائهم للمسلمي ‪ ،‬أن بعض طوائفهم‬
‫خرّبت معابد الطوائف الخرى ‪ ،‬وأن الشركي منعوا السلمي من السجد الرام ‪،‬‬
‫وليس ثة أحد أشد ظلما من يول دون ذكر ال ف أماكن العبادة ويسعى ف خرابا ‪،‬‬
‫فأولئك لم خزى ف الدنيا ولم ف الخرة عذاب عظيم ‪ .‬وما كان لم أن يقترفوا مثل‬
‫هذا الرم الطي ‪ ،‬وإنا كان ينبغى أن يفظوا للمعابد حرمتها ‪ ،‬فل يدخلوها إل‬
‫خاشعي ‪ ،‬ول ينعوا غيهم أن يذكر فيها اسم ال ‪.‬‬

‫ب َفأَيْنَمَا ُتوَلّوا فََث ّم وَ ْج ُه اللّ ِه إِ ّن اللّ َه وَاسِعٌ عَلِيمٌ (‪َ )115‬وقَالُوا‬


‫شرِقُ وَالْ َم ْغرِ ُ‬
‫وَلِ ّل ِه الْ َم ْ‬
‫ت وَاْلأَرْضِ ُك ّل َلهُ قَانِتُونَ (‪َ )116‬بدِيعُ‬
‫خذَ ال ّلهُ َوَلدًا سُبْحَاَنهُ َب ْل لَ ُه مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫اتّ َ‬
‫ض َوإِذَا قَضَى َأ ْمرًا َفإِنّمَا َيقُولُ َلهُ ُك ْن فََيكُونُ (‪َ )117‬وقَالَ اّلذِي َن لَا‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫ك قَا َل الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ مِ ْث َل َقوِْل ِهمْ َتشَابَهَتْ‬
‫َيعْلَمُونَ َل ْولَا ُيكَلّمُنَا ال ّلهُ أَ ْو َتأْتِينَا َآَيةٌ َك َذلِ َ‬
‫سأَلُ‬
‫ح ّق َبشِيًا َونَذِيرًا َولَا ُت ْ‬
‫قُلُوُب ُهمْ َق ْد بَيّنّا اْل َآيَاتِ ِل َقوْ ٍم يُوقِنُونَ (‪ِ )118‬إنّا أَ ْرسَلْنَا َك بِالْ َ‬
‫جحِيمِ (‪)119‬‬
‫َع ْن أَصْحَابِ الْ َ‬

‫‪ -115‬وإذا كان الشركون قد منعوا السلمي من الصلة ف السجد الرام ‪ ،‬فلن‬


‫ينعهم هذا من الصلة وعبادة ال ‪ ،‬فجميع الهات وجيع البقاع ف الرض ل ‪ ،‬وإن‬
‫ال ليتقبل من السلم صلته ويقبل عليه برضاه أيا كانت البقعة الت يؤدى فيها‬
‫عبادته ‪ ،‬فال واسع ل يضيّق على عباده ‪ ،‬وهو عليم بنية من يتجه إليه ‪.‬‬
‫‪ -116‬ومن كان هذا شأنه ‪ ،‬وكان جيع ما ف الكون مسخرا لمره ‪ ،‬خاضعا‬
‫لشيئته ‪ ،‬فهو أرفع وأجل من أن يتاج لنسل أو يتخذ ولدا كما يقول هؤلء اليهود‬
‫والنصارى والشركون ‪.‬‬

‫‪ -117‬وكيف يتاج لنسل أو يتخذ ولدا من أبدع السموات والرض وأذعن كل ما‬
‫فيها لرادته فل يستعصى شئ عليه ‪ ،‬وإذا أراد أمرا فإنا يقول له ‪ :‬كن ‪ ،‬فيكون؟ ‪.‬‬
‫‪ -118‬هذا ويعن الشركون من العرب ف عنادهم لحمد ‪ ،‬فيطلبون إليه مثل ما طلبته‬
‫المم السابقة من أنبيائهم ‪ ،‬فقد قالوا ‪ :‬إنم ل يؤمنوا به إل إذا كلمهم ال وجاءتم آية‬

‫‪31‬‬
‫حسية تدل على صدقه ‪ ،‬كما قال بنو إسرائيل لوسى ‪ :‬لن نؤمن لك حت نرى ال‬
‫ويكلمنا ‪ ،‬وكما طلب أصحاب عيسى منه أن ينل عليهم مائدة من السماء ‪ ،‬وما‬
‫ذلك إل لن قلوب الكفار والعاندين ف كل أمة متشابة ‪ ،‬وأنه ل يستبي القّ إل من‬
‫صفت بصائرهم وأذعنت عقولم لليقي ‪ ،‬وطلبت الق ‪.‬‬

‫‪ -119‬وقد أرسلناك بقائق يقينية بشيا للمؤمني ونذيرا للكافرين ‪ ،‬وليس عليك إل‬
‫تبليغ رسالتنا ‪ ،‬ولن تُسأل عن عدم إيان من ل يؤمن بك من أصحاب الحيم ‪.‬‬

‫وََل ْن َترْضَى َع ْنكَ الَْيهُو ُد وَلَا النّصَارَى حَتّى تَتّبِعَ مِلَّتهُ ْم ُقلْ إِ ّن ُهدَى ال ّل ِه هُ َو اْلهُدَى‬
‫ت َأ ْهوَا َء ُهمْ بَ ْعدَ اّلذِي جَاءَكَ مِ َن اْلعِلْ ِم مَا َلكَ مِ َن ال ّلهِ ِم ْن وَِل ّي وَلَا نَصِيٍ (‬
‫وَلَِئ ِن اتّبَعْ َ‬
‫ك ُيؤْمِنُو َن بِ ِه َو َمنْ َيكْ ُف ْر ِبهِ َفأُولَِئكَ‬
‫ب يَتْلُوَنهُ َح ّق تِلَا َوِتهِ أُولَئِ َ‬
‫‪ )120‬الّذِينَ َآتَيْنَا ُهمُ اْلكِتَا َ‬
‫هُ ُم الْخَا ِسرُونَ (‪ )121‬يَا بَنِي ِإسْرَائِيلَ اذْ ُكرُوا ِنعْمَِتيَ الّتِي َأْنعَمْتُ عَلَ ْي ُكمْ وََأنّي‬
‫جزِي َنفْسٌ َع ْن َنفْسٍ شَيْئًا َولَا ُيقْبَ ُل مِ ْنهَا‬
‫فَضّلُْتكُمْ عَلَى الْعَالَمِيَ (‪ )122‬وَاتّقُوا َي ْومًا لَا تَ ْ‬
‫صرُونَ (‪َ )123‬وِإذِ ابْتَلَى ِإْبرَاهِيمَ َرّبهُ ِبكَلِمَاتٍ‬
‫َع ْدلٌ َولَا تَ ْن َف ُعهَا َشفَا َع ٌة َولَا ُهمْ يُنْ َ‬
‫ك لِلنّاسِ ِإمَامًا قَا َل وَ ِم ْن ذُ ّريّتِي قَا َل لَا يَنَالُ َع ْهدِي الظّالِمِيَ (‬
‫َفأَتَ ّم ُه ّن قَا َل ِإنّي جَاعِ ُل َ‬
‫‪)124‬‬

‫‪ -120‬فل ترهق نفسك ف استرضاء العاندين من اليهود والنصارى ‪ ،‬فإن هؤلء لن‬
‫يرضوا عنك حت تتبع ملتهم الت يزعمون أنا الدى ‪ ،‬وليس ثة هدى إل هدى ال ف‬
‫السلم ‪ ،‬ومن يتبع أهواء هؤلء من بعد أن علم ما أنزلناه إليك من الق ‪ ،‬فلن يكون‬
‫له يوم القيامة من دون ال ول يعينه ‪ ،‬ول نصي يدفع عنه العذاب ‪.‬‬
‫‪ -121‬غي أن ثة فريقا من اليهود والنصارى قد تفقهوا ف أسفارهم الصيلة ‪،‬‬
‫وتلوها حق التلوة ‪ ،‬وفطنوا إل ما دخلها من تريف ‪ ،‬فأولئك يؤمنون بقائقها‬
‫ويؤمنون تبعا لذلك بالقرآن ‪ ،‬ومن يكفر بكتاب منل فأولئك هم الاسرون ‪.‬‬
‫‪ -122‬يا بن إسرائيل اذكروا نعمت العظيمة الت أنعمت با عليكم بإخراجكم من‬
‫ظلم فرعون وإغراقه ‪ ،‬وإعطائكم الن والسلوى ‪ ،‬وبعث النبياء فيكم ‪ ،‬وتعليمكم‬

‫‪32‬‬
‫الكتاب ‪ . .‬وغي ذلك ما شرفتكم به ‪ ،‬وأن فضلتكم ‪ -‬وقتا من الزمان ‪ -‬على الناس‬
‫ف جعل مصدر النبوات منكم ‪.‬‬

‫‪ -123‬وخافوا عقاب ال ف يوم ل تدفع فيه نفس عن نفس شيئا ‪ ،‬ول يقبل منها‬
‫فداء ‪ ،‬ول تنفعها شفاعة ‪ ،‬ول يد فيه الكافرون نصيا لم من دون ال ‪.‬‬
‫‪ -124‬واذكروا إذ ابتلى ال جدكم إبراهيم بتكاليف ‪ ،‬فقام با على أت وجه ‪ ،‬فقال‬
‫له ‪ :‬إن جاعلك للناس إماما يتبعونك ويقتدون بك ‪ ،‬فطلب إبراهيم من ربه أن يعل‬
‫من ذريته أئمة كذلك ‪ ،‬فأجابه بأن هذا لن يصل إليه منهم الظالون ‪ ،‬وأشار أنه‬
‫سيكون من ذريته البرار والفجار ‪.‬‬

‫خذُوا ِم ْن مَقَا ِم ِإْبرَاهِيمَ مُصَلّى وَ َع ِهدْنَا ِإلَى‬


‫س َوأَمْنًا وَاتّ ِ‬
‫ت مَثَاَبةً لِلنّا ِ‬
‫وَِإ ْذ جَعَلْنَا الْبَيْ َ‬
‫ي وَالرّكّ ِع السّجُودِ (‪ )125‬وَِإ ْذ قَالَ‬
‫ي وَالْعَا ِكفِ َ‬
‫ِإبْرَاهِي َم َوإِسْمَاعِي َل أَنْ َط ّهرَا بَيِْت َي لِلطّائِفِ َ‬
‫ت َمنْ َآ َمنَ مِ ْن ُهمْ بِال ّلهِ وَالْيَوْمِ‬
‫ق َأهْ َلهُ مِ َن الثّ َمرَا ِ‬
‫ِإبْرَاهِيمُ َربّ ا ْج َعلْ َهذَا بَ َلدًا َآمِنًا وَارْزُ ْ‬
‫صيُ (‪)126‬‬
‫الْ َآخِ ِر قَا َل َو َمنْ َك َف َر َفأُمَّت ُعهُ قَلِيلًا ُث ّم أَضْ َط ّرهُ ِإلَى َعذَابِ النّا ِر َوبِئْسَ الْمَ ِ‬
‫ت السّمِي ُع اْلعَلِيمُ‬
‫ك أَنْ َ‬
‫ت َوِإسْمَاعِيلُ َربّنَا َتقَّبلْ مِنّا ِإنّ َ‬
‫وَِإ ْذ َيرْفَ ُع ِإْبرَاهِيمُ اْل َقوَا ِع َد ِمنَ الْبَيْ ِ‬
‫ك َومِ ْن ذُ ّريّتِنَا ُأ ّمةً ُمسْلِ َم ًة َلكَ َوأَ ِرنَا مَنَاسِكَنَا َوتُبْ‬
‫(‪َ )127‬ربّنَا وَاجْعَلْنَا ُمسْلِمَ ْينِ لَ َ‬
‫ب ال ّرحِيمُ (‪)128‬‬
‫ك َأنْتَ الّتوّا ُ‬
‫عَلَيْنَا ِإنّ َ‬

‫‪ -125‬واذكروا كذلك قصة بناء إبراهيم مع ابنه إساعيل لبيت ال الرام بكة ‪ ،‬وف‬
‫هذه القصة عظة بالغة لن كان له قلب سليم ‪ ،‬فلتذكروا إذ جعلنا هذا البيت ملذا‬
‫للخلق ومأمنا لكل من يلجأ إليه ‪ ،‬وإذ أمرنا الناس بأن يتخذوا من موضع قيام إبراهيم‬
‫لبناء الكعبة مكانا يصلون فيه ‪ ،‬وعهدنا إل إبراهيم وإساعيل أن يصونا البيت ما ل‬
‫يليق برمته ‪ ،‬وأن يهيئاه تيئة صالة لن َيؤُ ّم ُه من الطائفي والعتكفي والصلي ‪.‬‬
‫‪ -126‬واذكروا اذ طلب إبراهيم من ربه أن يعل البلد الذى سينشأ حول البيت بلدا‬
‫آمنا ‪ ،‬وأن يرزق من ثرات الرض وخياتا من آمن من أهله بال واليوم الخر ‪،‬‬
‫فأجابه ال بأنه لن يض ّن على الكافر نفسه بالرزق ف أثناء حياته القصية ‪ ،‬ث يلجئه‬

‫‪33‬‬
‫يوم القيامة إل عذاب جهنم ‪ .‬ولبئس الصي ‪ . .‬مصي هؤلء ‪.‬‬
‫‪ -127‬وإذ يرفع إبراهيم هو وابنه إساعيل قواعد البيت وها يدعوان ال ‪ :‬ربنا يا‬
‫خالقنا وبارئنا تقبل منا هذا العمل الالص لوجهك ‪ ،‬فأنت السميع لدعائنا العليم‬
‫بصدق نياتنا ‪.‬‬

‫‪ -128‬ربنا وفقنا واجعلنا ملصي لك واجعل من ذريتنا جاعة ملصة لك ‪ ،‬وعلمنا‬


‫طريقة عبادتنا لك ف بيتك الرام وما حوله ‪ ،‬وتب علينا إن نسينا أو أخطأنا إنك أنت‬
‫كثي القبول لتوبة عبادك ‪ ،‬الغافر لم بفضلك ورحتك ‪.‬‬

‫حكْ َم َة َويُزَكّي ِهمْ‬


‫ب وَالْ ِ‬
‫ك َويُعَلّ ُم ُه ُم الْكِتَا َ‬
‫ث فِي ِهمْ َرسُولًا مِ ْن ُهمْ يَتْلُو عَ َل ْيهِمْ َآيَاتِ َ‬
‫َربّنَا وَابْعَ ْ‬
‫س ُه وََل َقدِ‬
‫حكِيمُ (‪َ )129‬و َمنْ َيرْغَبُ َعنْ مِلّ ِة ِإْبرَاهِيمَ ِإلّا َم ْن سَ ِف َه َنفْ َ‬
‫ت اْل َعزِيزُ الْ َ‬
‫ك أَنْ َ‬
‫ِإنّ َ‬
‫اصْ َطفَيْنَاهُ فِي ال ّدنْيَا َوِإنّ ُه فِي اْلآَ ِخ َرةِ لَ ِم َن الصّالِحِيَ (‪ِ )130‬إذْ قَالَ َلهُ َرّبهُ َأسْ ِلمْ قَالَ‬
‫ب يَا بَِن ّي إِنّ ال ّلهَ اصْ َطفَى‬
‫ت ِلرَبّ اْلعَالَ ِميَ (‪َ )131‬ووَصّى ِبهَا ِإْبرَاهِي ُم بَنِيهِ َوَيعْقُو ُ‬
‫أَسْلَ ْم ُ‬
‫لَ ُكمُ الدّينَ فَلَا تَمُوُت ّن ِإلّا َوأَنُْت ْم ُمسْلِمُونَ (‪ )132‬أَمْ كُنُْت ْم ُشهَدَا َء ِإذْ حَضَ َر َيعْقُوبَ‬
‫ك َوإَِلهَ َآبَاِئكَ ِإْبرَاهِيمَ‬
‫الْمَ ْوتُ إِ ْذ قَا َل لِبَنِي ِه مَا َتعُْبدُو َن ِمنْ بَ ْعدِي قَالُوا َنعُْبدُ ِإَلهَ َ‬
‫حنُ لَ ُه ُمسْلِمُونَ (‪)133‬‬
‫ق ِإَلهًا وَا ِحدًا َونَ ْ‬
‫وَِإسْمَاعِي َل وَِإسْحَا َ‬

‫‪ -129‬ربنا وابعث ف ذريتنا رسول منهم يقرأ عليهم آياتك ويعلّمهم ما يوحى إليه به‬
‫من كتاب وعلم نافع وشريعة مكمة ‪ ،‬ويطهرهم من ذميم الخلق ‪ ،‬إنك أنت الغالب‬
‫القاهر الكيم فيما تفعل وما تأمر به وما تنهى عنه ‪.‬‬

‫‪ -130‬ولَنِعم ما فعله إبراهيم وما دعا به ربه ‪ ،‬وما اتبعه من ملة قوية ‪ ،‬وأنه ل يعرض‬
‫عن ملة إبراهيم إل من امتهن إنسانيته وعقله ‪ ،‬ولقد اصطفاه ال ف الدنيا وإنه ف‬
‫الخرة لن الصالي القربي ‪.‬‬

‫‪ -131‬ولقد استجاب إبراهيم لمر ربه حينما طلب ال إليه أن يذعن ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫أذعنت لرب العالي جيعا من جن وإنس وملئكة ‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -132‬ول يكتف بذلك بل أوصى بنيه بأن يسيوا على هديه ‪ ،‬وحاكاه حفيد يعقوب‬
‫فأوصى هو الخر بنيه كذلك أن يتبعوا هذه السنن ‪ ،‬وبيّن لبنائه أن ال اصطفى لم‬
‫دين التوحيد وأخذ عليهم العهد أل يوتوا إل وهم مسلمون ثابتون على هذا الدين ‪.‬‬
‫‪ -133‬ولقد زعمتم ‪ -‬أيها اليهود ‪ -‬أنكم تسيون على الدين الذى مات عليه‬
‫يعقوب ‪ ،‬فهل كنتم شهداء إذ حضره الوت فعرفتم اللة الت مات عليها؟ أل فلتعلموا‬
‫أن يعقوب وأبناءه كانوا مسلمي موحدين ول يكونوا يهودا مثلكم ول نصارى ‪ ،‬وأن‬
‫يعقوب حينما حضره الوت جع بنيه وقال لم ‪ :‬ما تعبدون من بعدى؟ فأجابوا ‪ :‬نعبد‬
‫إلك وإله آبائك إبراهيم وإساعيل وإسحاق إلا واحدا ونن له خاضعون ‪.‬‬

‫سَألُونَ َعمّا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‬


‫ك ُأ ّمةٌ َق ْد خَلَتْ لَهَا مَا َكسَبَتْ وََلكُ ْم مَا َكسَبُْتمْ َولَا ُت ْ‬
‫تِلْ َ‬
‫‪َ )134‬وقَالُوا كُونُوا هُودًا َأوْ نَصَارَى َتهَْتدُوا ُقلْ َب ْل مِ ّلةَ ِإْبرَاهِيمَ حَنِيفًا َومَا كَانَ ِمنَ‬
‫الْ ُمشْرِ ِكيَ (‪ )135‬قُولُوا َآمَنّا بِال ّل ِه َومَا ُأنْ ِزلَ ِإلَيْنَا وَمَا ُأنْ ِزلَ ِإلَى ِإْبرَاهِيمَ َوِإسْمَاعِيلَ‬
‫ط وَمَا أُوِتيَ مُوسَى وَعِيسَى َومَا أُوِتيَ النّبِيّو َن ِمنْ َرّب ِه ْم لَا‬
‫ب وَاْلأَسْبَا ِ‬
‫ق َويَ ْعقُو َ‬
‫وَِإسْحَا َ‬
‫حنُ لَ ُه ُمسْلِمُونَ (‪َ )136‬فإِنْ َآمَنُوا بِمِ ْث ِل مَا َآمَنُْتمْ ِب ِه َفقَدِ‬
‫ق بَ ْي َن َأحَ ٍد مِ ْنهُ ْم َونَ ْ‬
‫ُنفَرّ ُ‬
‫ق َفسََيكْفِي َكهُ ُم اللّ ُه َوهُ َو السّمِي ُع الْعَلِيمُ (‪)137‬‬
‫اهَْت َدوْا َوإِنْ تَ َوّلوْا َفإِنّمَا ُهمْ فِي شِقَا ٍ‬
‫ح ُن لَهُ عَاِبدُونَ (‪)138‬‬
‫س ُن ِمنَ ال ّلهِ صِ ْب َغةً َونَ ْ‬
‫صِ ْب َغةَ ال ّل ِه وَ َم ْن أَ ْح َ‬

‫‪ -134‬ث ما لكم ‪ -‬أيها اليهود ‪ -‬والدل ف هؤلء! فأولئك قوم قد مضوا‬


‫لسبيلهم ‪ ،‬ث لم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬ما كسبوا ف حياتم ‪ ،‬فلن تسألوا عن أعمالم ‪ ،‬ولن‬
‫يفيدكم شئ منها ‪ ،‬ولن يكون لكم إل ما كسبتم أنتم من أعمال ‪.‬‬
‫‪ -135‬ولكنهم ل ينفكون يعنون ف لاجهم ‪ ،‬ويزعم كل فريق منهم أن ملته هى‬
‫اللة الثلى ‪ ،‬فيقول لكم اليهود ‪ :‬كونوا يهودا تتدوا إل الطريق القوي ‪ ،‬ويقول‬
‫النصارى ‪ :‬كونوا نصارى تتدوا إل الق الستقيم ‪ ،‬فلتردوا عليهم بأننا ل نتبع هذه‬
‫ت وخرجت عن أصولا الصحيحة ‪ ،‬ومازجها‬
‫اللة ول تلك ‪ ،‬لن كلتيهما قد ُحرّفَ ْ‬
‫الشرك ‪ ،‬وبعدت عن ملة إبراهيم ‪ ،‬وإنا نتبع السلم الذى أحيا ملة إبراهيم نقية‬
‫طاهرة ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫‪ -136‬قولوا لم ‪ :‬آمنا بال وما أنزل إلينا ف القرآن ‪ ،‬وآمنا كذلك با أنزل إل‬
‫إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب وبنيه السباط ‪ ،‬وبالتوراة الت أنزلا ال على‬
‫موسى غي مرّفة ‪ ،‬والنيل الذى أنزله ال على عيسى غي مرّف ‪ ،‬وبا أوتى جيع‬
‫النبيي من ربم ‪ ،‬ل نفرق بي أحد منهم ‪ -‬فنكفر ببعضهم ونؤمن ببعض ‪ -‬ونن ف‬
‫هذا كله مذعنون لمر ال ‪.‬‬
‫‪ -137‬فإن آمنوا إيانا مطابقا ليانكم فقد اهتدوا ‪ ،‬وإن تادوا ف عنادهم‬
‫وإعراضهم فإنا هم ف نزاع مستمر وخلف معكم ‪ ،‬وسيكفيك ال أمرهم ‪ -‬يا أيها‬
‫النب ‪ -‬ويريك من لاجهم وشقاقهم ‪ ،‬فهو السميع لا يقولون ‪ ،‬العليم با عليه‬
‫صدورهم ‪.‬‬
‫‪ -138‬قولوا لم ‪ :‬إن ال قد هدانا بدايته ‪ ،‬وأرشدنا إل حجته ‪ ،‬ومن أحسن من ال‬
‫هداية وحُجة ‪ ،‬وأننا ل نضع إل ل ‪ ،‬ول نتبع إل ما هدانا وأرشدنا إليه ‪.‬‬

‫حنُ َل ُه مُخْلِصُونَ‬
‫ُقلْ َأتُحَاجّونَنَا فِي ال ّل ِه وَ ُهوَ َربّنَا وَ َرّبكُ ْم َولَنَا أَعْمَالُنَا وََلكُ ْم أَعْمَاُلكُ ْم َونَ ْ‬
‫ق وََي ْعقُوبَ وَاْلأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا َأوْ‬
‫(‪ )139‬أَ ْم َتقُولُونَ إِ ّن ِإْبرَاهِيمَ َوِإسْمَاعِيلَ َوِإسْحَا َ‬
‫نَصَارَى ُق ْل َأأَنُْت ْم أَعْ َلمُ أَ ِم اللّ ُه َومَ ْن أَظْ َل ُم مِ ّمنْ كََت َم شَهَا َدةً عِ ْن َدهُ ِم َن ال ّلهِ َومَا ال ّلهُ ِبغَافِلٍ‬
‫سَألُونَ‬
‫ك ُأ ّمةٌ َق ْد خَلَتْ لَهَا مَا َكسَبَتْ وََلكُ ْم مَا َكسَبُْتمْ َولَا ُت ْ‬
‫عَمّا َتعْمَلُونَ (‪ )140‬تِلْ َ‬
‫عَمّا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪)141‬‬

‫‪ -139‬قولوا لم ‪ :‬أتادلوننا ف ال زاعمي أنه ل يصطفى أنبياء إل منكم! وهو ربكم‬


‫ورب كل شئ ‪ ،‬ل يتص به قوم دون قوم ‪ ،‬يصيب برحته من يشاء ‪ ،‬ويزى كل قوم‬
‫بأعمالم ‪ ،‬غي ناظر إل أنسابم ول أحسابم ‪ ،‬وقد هدانا الطريق الستقيم ف أعمالنا ‪،‬‬
‫ورزقنا صفة الخلص له ‪.‬‬
‫‪ -140‬قولوا لم ‪ :‬أتادلوننا ف إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب وأبنائه السباط‬
‫زاعمي أنم كانوا يهودا أو نصارى مثلكم؟ ‪ ،‬مع أنه ما أنزلت التوراة والنيل اللذان‬
‫قامت عليهما اليهودية والنصرانية إل من بعد هؤلء ‪ ،‬وقد أخبنا ال بذلك ‪ ،‬أفأنتم‬
‫أعلم أم ال؟ ‪ ،‬بل إن ال قد أخبكم أنتم بذلك ف أسفاركم فل تكتموا الق الدوّن‬

‫‪36‬‬
‫ف أسفاركم هذه ‪ ،‬ومن أظلم من كتم حقيقة يعلمها من كتابه وسيجازيكم ال على ما‬
‫تلجون فيه من باطل ‪ ،‬فليس ال بغافل عما تعملون ‪.‬‬
‫‪ -141‬ث ما لكم أيها اليهود والنصارى والدل ف هؤلء؟ فأولئك قوم قد مضوا‬
‫لسبيلهم ‪ ،‬لم ما كسبوا ف حياتم ‪ ،‬ولن تُسألوا عن أعمالم ولن يفيدكم شئ منها ‪،‬‬
‫ولن يكون لكم إل ما كسبتم أنتم من أعمال ‪.‬‬

‫سَيَقُولُ السّ َفهَا ُء ِمنَ النّاسِ مَا َولّا ُهمْ َع ْن قِبْلَِت ِه ُم الّتِي كَانُوا عَلَ ْيهَا ُقلْ لِ ّل ِه الْ َمشْرِقُ‬
‫ط ُمسَْتقِيمٍ (‪ )142‬وَ َكذَِلكَ َجعَلْنَا ُكمْ ُأ ّمةً َوسَطًا‬
‫صرَا ٍ‬
‫ب َي ْهدِي َمنْ َيشَا ُء ِإلَى ِ‬
‫وَالْ َم ْغرِ ُ‬
‫س وََيكُونَ الرّسُولُ عَ َل ْيكُ ْم َشهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا اْلقِبْ َلةَ الّتِي كُنْتَ‬
‫لِتَكُونُوا شُ َهدَاءَ عَلَى النّا ِ‬
‫ي ًة ِإلّا َعلَى‬
‫عَلَ ْيهَا ِإلّا لَِنعْلَ َم َمنْ يَتّبِ ُع ال ّرسُو َل مِ ّمنْ يَ ْنقَلِبُ عَلَى َعقِبَ ْيهِ َوإِنْ كَانَتْ لَكَبِ َ‬
‫الّذِينَ َهدَى ال ّل ُه وَمَا كَا َن اللّ ُه لِيُضِي َع إِيَانَ ُك ْم إِنّ ال ّل َه بِالنّاسِ لَرَءُوفٌ َرحِيمٌ (‪)143‬‬

‫‪ -142‬إن ضعاف العقول الذين أضلتهم أهواؤهم عن التفكر والتدبر من اليهود‬


‫والشركي والنافقي سينكرون على الؤمني توّلم من قبلة بيت القدس الت كانوا‬
‫يصلّون متجهي إليها إل قبلة أخرى وهى الكعبة ‪ ،‬فقل لم أيها النب ‪ :‬إن الهات‬
‫كلها ل ‪ ،‬ل فضل لهة على أخرى بذاتا ‪ ،‬بل ال هو الذى يتار منها ما يشاء ليكون‬
‫قبلة للصلة ‪ ،‬وهو يهدى بشيئته كل أمة من المم إل طريق قوي يتاره لا ويصها به‬
‫‪ ،‬وقد جاءت الرسالة الحمدية فنسخت ما قبلها من الرسالت ‪ ،‬وصارت القبلة القة‬
‫هى الكعبة ‪.‬‬
‫‪ -143‬ولذه الشيئة هديناكم إل الطريق القوم ‪ ،‬وجعلناكم أمة عدولً خيارا با‬
‫وفقناكم إليه من الدين الصحيح والعمل الصال لتكونوا مقررى الق بالنسبة للشرائع‬
‫السابقة ‪ ،‬وليكون الرسول مهيمنا عليكم ‪ ،‬يسددكم بإرشاده ف حياته ‪ ،‬وبنهجه‬
‫وسنته بعد وفاته ‪ .‬وأما عن قبلة بيت القدس الت شرعناها لك حينا من الدهر ‪ ،‬فإنا‬
‫جعلناها امتحانا للمسلمي ليتميز من يذعن فيقبلها عن طواعية ‪ ،‬ومن يغلب عليه‬
‫هوى تعصبه العرب لتراث إبراهيم فيعصى أمر ال ويضل عن سواء السبيل ‪ .‬ولقد‬
‫كان المر بالتوجه إل بيت القدس من المور الشاقة إل على من وفقه ال بدايته ‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫وكان امتثال هذا المر من أركان اليان ‪ ،‬فمن استقبل بيت القدس عند المر‬
‫باستقباله ‪ -‬إيانا منه وطاعة ‪ -‬فلن يضيع عليه ثواب إيانه وطاعته ‪.‬‬

‫جدِ‬
‫ك قِبْ َلةً َترْضَاهَا َفوَ ّل َوجْ َهكَ شَ ْط َر الْ َمسْ ِ‬
‫ك فِي السّمَا ِء فَلَُنوَلّيَّن َ‬
‫ب َو ْجهِ َ‬
‫َقدْ َنرَى تَقَلّ َ‬
‫ب لََيعْلَمُو َن َأنّهُ‬
‫ث مَا ُكنُْتمْ َف َولّوا وُجُو َه ُكمْ شَ ْط َر ُه وَإِ ّن اّلذِي َن أُوتُوا الْكِتَا َ‬
‫حرَا ِم َوحَيْ ُ‬
‫الْ َ‬
‫حقّ ِمنْ َرّب ِهمْ َومَا ال ّلهُ ِبغَافِلٍ َعمّا َيعْمَلُونَ (‪ )144‬وَلَِئ ْن َأتَيْتَ اّلذِينَ أُوتُوا اْلكِتَابَ‬
‫الْ َ‬
‫ض وَلَِئ ِن اتّبَعْتَ‬
‫ضهُ ْم بِتَابِعٍ قِبْ َلةَ َبعْ ٍ‬
‫ت بِتَابِعٍ قِبْلََتهُ ْم َومَا َبعْ ُ‬
‫بِ ُكلّ َآَيةٍ مَا تَِبعُوا قِبْلََتكَ َومَا َأنْ َ‬
‫أَ ْهوَا َءهُ ْم ِمنْ َب ْعدِ مَا جَاءَ َك ِمنَ اْلعِ ْلمِ ِإّنكَ ِإذًا لَ ِم َن الظّالِ ِميَ (‪ )145‬اّلذِينَ َآتَيْنَاهُمُ‬
‫ح ّق َوهُ ْم َيعْلَمُونَ (‬
‫ب َيعْ ِرفُوَنهُ كَمَا َي ْعرِفُو َن أَبْنَا َء ُهمْ َوإِ ّن َفرِيقًا مِ ْنهُ ْم لََيكْتُمُونَ الْ َ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫‪)146‬‬

‫‪ -144‬ولقد رأينا كيف كنت تتطلع إل السماء عسى أن ينل الوحى بتغيي قبلة بيت‬
‫القدس إل الكعبة الت تبها لنا قبلة إبراهيم أب النبياء ‪ ،‬وأب اليهود والعرب ‪ ،‬وبا‬
‫مقام إبراهيم ‪ ،‬فهى ‪ -‬لذا ‪ -‬القبلة الامعة وإن كانت تالف قبلة اليهود ‪ ،‬فها نن‬
‫أولء نؤتيك سؤلك فاستقبل ف صلتك السجد الرام ‪ ،‬واستقبلوه كذلك أيها‬
‫الؤمنون ف أى مكان تكونون ‪ ،‬وإن أهل الكتاب الذين ينكرون عليكم التحول عن‬
‫قبلة بيت القدس قد عرفوا ف كتبهم أنكم أهل الكعبة ‪ ،‬وعلموا أن أمر ال جار على‬
‫تصيص كل شريعة بقبلة ‪ ،‬وأن هذا هو الق من ربم ‪ ،‬ولكنهم يريدون فتنتكم‬
‫وتشكيككم ف دينكم ‪ ،‬وال ليس غافل عنهم وهو يزيهم با يعملون ‪.‬‬
‫‪ -145‬وما كان إنكار أهل الكتاب عليكم لشبهة تزيلها الُجة ‪ ،‬بل هو إنكار عناد‬
‫ومكابرة فلئن جئتهم ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بكل حُجة قطعية على أن قبلتك هى الق ما‬
‫تبعوا قبلتك ‪ ،‬وإذا كان اليهود منهم يطمعون ف رجوعك إل قبلتهم ويعلّقون‬
‫إسلمهم على ذلك فقد خاب رجاؤهم وما أنت بتابع قبلتهم ‪ ،‬وأهل الكتاب أنفسهم‬
‫يتمسك كل فريق منهم بقبلته ‪ :‬فل النصارى يتبعون قبلة اليهود ول اليهود يتبعون‬
‫قبلة النصارى ‪ ،‬وكل فريق يعتقد أن الخر ليس على حق ‪ ،‬فاثبت على قبلتك ول‬
‫تتبع أهواءهم ‪ ،‬فمن اتبع أهواءهم ‪ -‬بعد العلم ببطلنا والعلم بأن ما عليه هو الق ‪-‬‬

‫‪38‬‬
‫فهو من الظالي الراسخي ف الظلم ‪.‬‬
‫‪ -146‬وإن أهل الكتاب ليعلمون أن التحول إل قبلة البيت الرام بكة هو الق ‪،‬‬
‫ويسلّمون أنك النب النعوت ف كتبهم بنعوت من جلتها أنه يصلى إل الكعبة ‪،‬‬
‫ومعرفتهم نُُبوّتك وقبلتك كمعرفتهم أبناءهم ف الوضوح واللء ‪ ،‬ولكن بعضهم‬
‫يفون هذا الق على علم اتباعا لواهم ‪ ،‬وتعصبا باطل للتهم حفاظا على سلطانم ‪،‬‬
‫وياولون تضليلكم ‪.‬‬

‫حقّ ِمنْ َرّبكَ فَلَا تَكُونَ ّن ِمنَ الْ ُممَْترِينَ (‪ )147‬وَِل ُكلّ ِو ْجهَ ٌة ُهوَ ُم َولّيهَا فَاسْتَِبقُوا‬
‫الْ َ‬
‫ت بِ ُك ُم اللّ ُه جَمِيعًا إِ ّن ال ّلهَ عَلَى ُك ّل َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ )148‬وَ ِمنْ‬
‫الْخَ ْيرَاتِ أَْي َن مَا َتكُونُوا َيأْ ِ‬
‫ح ّق مِنْ َرّبكَ َومَا ال ّل ُه بِغَا ِفلٍ‬
‫حرَا ِم َوإِّنهُ لَلْ َ‬
‫ج ِد الْ َ‬
‫ك شَ ْطرَ الْ َمسْ ِ‬
‫ت َفوَ ّل وَ ْجهَ َ‬
‫ث خَ َرجْ َ‬
‫حَيْ ُ‬
‫عَمّا َتعْمَلُونَ (‪)149‬‬

‫‪ -147‬وإنا الق هو ما صدر لك من ال تعال ل ما يضلّل به أهل الكتاب ‪ ،‬فكونوا‬


‫على يقي منه ‪ ،‬ول تكونوا من أهل الشك والتردد ‪ ،‬ومن ذلك ال ّق أمرُ تول القبلة‬
‫إل البيت الرام فامضوا عليه ول تبالوا بالعارضي ‪.‬‬

‫‪ -148‬إن هذه القبلة الت حولناك إليها هى قبلتك وقبلة أمتك ‪ ،‬وكذلك لكل أمة‬
‫قبلة تتجه إليها ف صلتا حسب شريعتها السابقة ‪ ،‬وليس ف ذلك شئ من التفاضل ‪،‬‬
‫وإنا التفاضل ف فعل الطاعات وعمل اليات ‪ ،‬فسارعوا إل اليات وتنافسوا فيها ‪،‬‬
‫وسيحاسبكم ال على ذلك ‪ ،‬فإنه سيجمعكم يوم القيامة من أى موضع كنتم ‪ ،‬ولن‬
‫يفلت منه أحد ‪ ،‬وبيده كل شئ با ف ذلك الماتة والحياء والبعث والنشور ‪.‬‬

‫‪ -149‬فَاسْتقْبل ‪ -‬يا ممد ‪ -‬ومن اتبعك السجد الرام ف صلتك من كل مكان‬


‫كنت فيه ‪ ،‬سواء كان ذلك ف حال إقامتك أم ف حال سفرك وخروجك من مكان‬
‫إقامتك ‪ ،‬وإن هذا لو الق الوافق لكمة ربك الرفيق بك ‪ ،‬فاحرص عليه أنت‬
‫وأمّتك ‪ ،‬فإن ال سيجازيكم أحسن الزاء ‪ ،‬وال عال علما ل يفى عليه شئ من‬
‫عملكم ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫حرَا ِم َوحَيْثُ مَا كُنُْت ْم َفوَلّوا‬
‫جدِ الْ َ‬
‫سِ‬‫ت َفوَ ّل وَ ْج َهكَ شَ ْطرَ الْ َم ْ‬
‫ث خَ َرجْ َ‬
‫وَ ِم ْن حَيْ ُ‬
‫شوْ ُهمْ‬
‫خَ‬‫ج ٌة ِإلّا اّلذِينَ ظَ َلمُوا مِ ْن ُهمْ فَلَا تَ ْ‬
‫وُجُو َه ُكمْ شَ ْط َر ُه لِئَلّا َيكُو َن لِلنّاسِ عَلَ ْي ُكمْ حُ ّ‬
‫وَا ْخشَ ْونِي َوِلأُِتمّ ِنعْمَتِي عَلَ ْي ُكمْ وََلعَ ّلكُ ْم َتهْتَدُونَ (‪ )150‬كَمَا أَ ْرسَلْنَا فِي ُكمْ َرسُولًا مِ ْنكُمْ‬
‫حكْ َمةَ َوُيعَلّ ُمكُ ْم مَا َل ْم تَكُونُوا‬
‫يَتْلُو عَلَ ْيكُمْ َآيَاتِنَا َوُيزَكّي ُك ْم وَُيعَلّ ُم ُكمُ اْلكِتَابَ وَالْ ِ‬
‫َتعْلَمُونَ (‪ )151‬فَاذْ ُكرُونِي َأذْكُرْ ُك ْم وَا ْشكُرُوا لِي َولَا َت ْك ُفرُونِ (‪ )152‬يَا َأّيهَا الّذِينَ‬
‫َآمَنُوا اسَْتعِينُوا بِالصّ ْب ِر وَالصّلَاةِ إِ ّن ال ّلهَ َمعَ الصّاِبرِينَ (‪)153‬‬

‫‪ -150‬والتزم أمر ال ف القبلة واحرص عليه أنت وأمتك ‪ ،‬فاجعل وجهك ف ناحية‬
‫السجد الرام من كل مكان خرجت إليه ف أسفارك ‪ ،‬واستقبلوه حيثما كنتم من‬
‫أقطار الرض مسافرين أو مقيمي ‪ ،‬لينقطع ما ياجّكم به الخالفون ويادلونكم به ‪،‬‬
‫وإذا ل تتثلوا لمر هذا التحويل فسيقول اليهود ‪ :‬كيف يصلى ممد إل بيت القدس‬
‫والنب النعوت ف كتبنا من أوصافه التحول إل الكعبة؟ وسيقول الشركون العرب‬
‫كيف يدعى ملة إبراهيم ويالف قبلته؟ على أن الظالي الزائغي عن الق من الانبي‬
‫لن ينقطع جدالم وضللم ‪ ،‬بل سيقولون ‪ :‬ما توّل إل الكعبة إل مَيْل إل دين قومه‬
‫شوْنِ فل تالفوا أمرى ‪،‬‬
‫وحبا لبلده ‪ ،‬فل تبالوا بم فإن مطاعنهم ل تضركم ‪ ،‬وَا ْخ َ‬
‫وقد أردنا بذا المر أن نتم النعمة عليكم وأن تكون هذه القبلة الت وجهناكم إليها‬
‫أدعى إل ثباتكم على الداية والتوفيق ‪.‬‬

‫‪ -151‬وإن توجيهكم إل السجد الرام بإرسالنا فيكم رسول منكم يتلو عليكم‬
‫آيات من إتام نعمتنا عليكم كما أتمنا عليكم النعمة ‪ -‬القرآن ‪ -‬ويطهر نفوسكم‬
‫عمليا من دنس الشرك وسيئ الخلق والعادات ويكملكم علميا بعارف القرآن‬
‫والعلوم النافعة ويعلمكم ما ل تكونوا تعلمون ‪ ،‬فقد كنتم ف جاهلية جهلء وضللة‬
‫عمياء ‪.‬‬

‫‪ -152‬فاذكرون ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬بالطاعة أذكركم بالثواب ‪ ،‬واشكروا ل ما‬


‫أسبغت عليكم من النعم ول تحدوا هذه النعم بعصيان ما أمرتكم به ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫‪ -153‬واستعينوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬ف كل ما تأتون وما تذرون بالصب على المور‬
‫الشاقة والصلة الت هى أ ّم العبادات ‪ ،‬إن ال بقدرته القاهرة مع الصابرين فهو وليهم‬
‫وناصرهم ‪.‬‬

‫ت َبلْ َأحْيَا ٌء َولَ ِكنْ لَا َتشْ ُعرُونَ (‪)154‬‬


‫وَلَا َتقُولُوا لِ َمنْ ُيقَْت ُل فِي سَبِيلِ ال ّل ِه َأمْوَا ٌ‬
‫شرِ‬
‫س وَالثّ َمرَاتِ َوَب ّ‬
‫ص ِمنَ اْلَأمْوَا ِل وَاْلَأنْفُ ِ‬
‫ع َونَقْ ٍ‬
‫خوْفِ وَالْجُو ِ‬
‫وَلَنَبْ ُل َونّ ُك ْم ِبشَيْ ٍء ِم َن الْ َ‬
‫الصّاِبرِينَ (‪ )155‬الّذِينَ ِإذَا أَصَابَ ْت ُهمْ مُصِيَب ٌة قَالُوا ِإنّا لِ ّل ِه َوإِنّا إِلَ ْيهِ رَاجِعُونَ (‪)156‬‬
‫صفَا‬
‫ك ُهمُ الْ ُمهَْتدُونَ (‪ )157‬إِ ّن ال ّ‬
‫أُولَِئكَ عَلَ ْي ِهمْ صَ َلوَاتٌ مِنْ َرّب ِهمْ وَ َرحْ َم ٌة وَأُولَئِ َ‬
‫ف ِبهِمَا َو َمنْ‬
‫ت َأوِ اعَْت َم َر فَلَا جُنَاحَ عَلَ ْي ِه أَ ْن يَ ّطوّ َ‬
‫ج الْبَيْ َ‬
‫وَالْ َم ْر َوةَ ِم ْن شَعَاِئرِ ال ّلهِ فَ َم ْن حَ ّ‬
‫ع خَيْرًا َفإِنّ ال ّلهَ شَا ِكرٌ عَلِيمٌ (‪)158‬‬
‫تَ َطوّ َ‬

‫‪ -154‬ولن يؤدى الصب إل إل الي والسعادة ف الدارين ‪ ،‬فل تقعدوا عن الهاد ف‬


‫سبيل ال ‪ ،‬ول ترهبوا الوت فيه ‪ ،‬فمن مات ف الهاد فليس بيت بل هو حى حياة‬
‫عالية وإن كان الحياء ل يسون با ‪.‬‬

‫‪ -155‬والصب درع الؤمن وسلحه الذى يتغلب به على الشدائد والشاق ‪،‬‬
‫وسيصادفكم كثي من الشدائد فسنمتحنكم بكثي من خوف العداء والوع وقلة‬
‫الزاد والنقص ف الموال والنفس والثمرات ‪ ،‬ولن يعصمكم ف هذا المتحان القاسى‬
‫إل الصب ‪ ،‬فبشر ‪ -‬يا أيها النب ‪ ( -‬الصابرين ) بالقلب وباللسان ‪.‬‬

‫‪ -156‬الذين إذا نزل بم ما يؤملهم يؤمنون أن الي والشر من ال ‪ ،‬وأن المر كله‬
‫ل فيقولون ‪ :‬إنّا مِ ْلكٌ ل ‪ -‬تعال ‪ -‬وراجعون إليه ‪ ،‬فليس لنا من أمرنا شئ ‪ ،‬وله‬
‫الشكر على العطاء وعلينا الصب عند البلء ‪ ،‬وعنده الثوبة والزاء ‪.‬‬

‫‪ -157‬فهؤلء الصابرون الؤمنون بال لم البشارة السنة بغفران ال وإحسانه ‪ ،‬وهم‬


‫الهتدون إل طريق الي والرشاد ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -158‬وكما أن ال رفع شأن الكعبة بعلها قبلة الصلة ‪ ،‬رفع أمر البلي اللذين‬
‫ُيشَارِفانِهَا وها « الصفا » « والروة » فجعلهما من مناسك الج ‪ ،‬فيجب بعد‬
‫الطواف السعى بينهما سبع مرات ‪ ،‬وقد كان منكم من يرى ف ذلك حرجا لنه من‬
‫عمل الاهلية ‪ ،‬ولكن الق أنه من معال السلم ‪ ،‬فل حرج على من ينوى الج أو‬
‫العمرة أن يسعى بي هذين البلي ‪ ،‬وليأت الؤمن من الي ما استطاع فإن ال عليم‬
‫بعمله ومثيبه عليه ‪.‬‬

‫ت وَاْل ُهدَى ِم ْن َبعْ ِد مَا بَيّنّا ُه لِلنّاسِ فِي اْلكِتَابِ‬


‫إِنّ اّلذِينَ َيكْتُمُونَ مَا َأْنزَلْنَا مِ َن الْبَيّنَا ِ‬
‫أُولَِئكَ يَ ْلعَُن ُهمُ ال ّلهُ َويَ ْلعَُنهُ ُم اللّاعِنُونَ (‪ِ )159‬إلّا اّلذِي َن تَابُوا َوأَصْلَحُوا وَبَيّنُوا َفأُولَِئكَ‬
‫َأتُوبُ عَلَ ْي ِهمْ َوَأنَا التّوّابُ الرّحِيمُ (‪ )160‬إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا َومَاتُوا َوهُمْ ُكفّا ٌر أُولَِئكَ‬
‫خفّفُ عَ ْن ُهمُ‬
‫س أَجْ َمعِيَ (‪ )161‬خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُ َ‬
‫عَلَ ْي ِه ْم َلعْنَ ُة اللّ ِه وَالْمَلَاِئكَ ِة وَالنّا ِ‬
‫ب وَلَا هُ ْم يُنْ َظرُونَ (‪َ )162‬وِإلَ ُه ُكمْ ِإَلهٌ وَا ِح ٌد لَا ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ ال ّرحْ َمنُ الرّحِيمُ (‬
‫الْ َعذَا ُ‬
‫‪)163‬‬

‫‪ -159‬وأولئك الذين أنكروا عليكم أمر دينكم فريقان ‪ :‬فريق من أهل الكتاب الذين‬
‫يعرفون الق ويفونه على علم وعناد ‪ ،‬وفريق الشركي الذين عميت قلوبم عن الق‬
‫‪ ،‬فاتذوا أربابا من دون ال ‪ ،‬فأهل الكتاب الذين عرفوا براهي صدقك تبينوا الق ف‬
‫دينك ث أخفوا هذه الدلئل وكتموها عن الناس ‪ ،‬أولئك يصب ال عليهم غضبه‬
‫ويبعدهم عن رحته ‪ ،‬ويدعو عليهم الداعون من اللئكة ومؤمن الثقلي ‪ -‬الن‬
‫والنس ‪ -‬بالطرد من رحة ال ‪.‬‬

‫‪ -160‬ول يستثن من أهل الكتاب إل من تاب وأحسن فرجع عن الكتمان ‪ ،‬وتدارك‬


‫أمره بإظهار ما كان يفيه من وصف الرسول والسلم ‪ ،‬فإن ال يتقبل توبته ويحو‬
‫ذنبه ‪ ،‬فهو الذى يقبل التوبة من عباده رأفة منه ورحة ‪.‬‬

‫‪ -161‬أما الذين استمروا على الكفر ‪ ،‬وماتوا على ذلك دون توبة ول ندم ‪،‬‬
‫فجزاؤهم لعنة ال واللئكة والناس أجعي ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪ -162‬وسيستمرون ف هذه اللعنة وف النار ل يفف عنهم العذاب ‪ ،‬ولن يهلوا أو‬
‫يؤخروا ‪ ،‬ولو طلبوا المهال والتأخي لن يابوا إليه ‪.‬‬

‫‪ -163‬إن إلكم الذى ينفرد بالعبودية واحد ‪ ،‬فل إله غيه ‪ ،‬ول سلطان لسواه ‪ ،‬ث‬
‫هو قد اتصف بالرحة فهو رحيم بعباده ف إنشائهم وتكوينهم ‪.‬‬

‫حرِ‬
‫جرِي فِي الْبَ ْ‬
‫ض وَاخْتِلَافِ اللّ ْي ِل وَالّنهَارِ وَالْفُ ْلكِ الّتِي تَ ْ‬
‫إِ ّن فِي خَ ْلقِ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ث فِيهَا‬
‫ض َب ْعدَ مَ ْوِتهَا َوبَ ّ‬
‫بِمَا يَ ْنفَ ُع النّاسَ َومَا َأْن َزلَ ال ّلهُ ِم َن السّمَا ِء ِم ْن مَا ٍء َفأَحْيَا بِ ِه الْأَرْ َ‬
‫ض َل َآيَاتٍ ِل َقوْمٍ‬
‫خ ِر بَ ْينَ السّمَا ِء وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب الْ ُمسَ ّ‬
‫ف ال ّريَاحِ وَالسّحَا ِ‬
‫صرِي ِ‬
‫ِمنْ ُك ّل دَابّ ٍة َوتَ ْ‬
‫ب ال ّلهِ وَالّذِينَ‬
‫خ ُذ ِمنْ دُو ِن اللّ ِه َأْندَادًا يُحِبّوَن ُهمْ َكحُ ّ‬
‫َيعْقِلُونَ (‪َ )164‬و ِمنَ النّاسِ َم ْن يَتّ ِ‬
‫ب أَنّ اْل ُق ّوةَ لِ ّل ِه جَمِيعًا َوأَنّ ال ّلهَ‬
‫َآمَنُوا َأ َشدّ حُبّا لِ ّل ِه َولَ ْو َيرَى اّلذِينَ ظَ َلمُوا ِإذْ َي َروْ َن الْ َعذَا َ‬
‫ب َوتَقَ ّطعَتْ‬
‫شَدِيدُ اْلعَذَابِ (‪ِ )165‬إ ْذ تََبرَّأ الّذِينَ اتِّبعُوا ِمنَ اّلذِي َن اتّبَعُوا وَ َرَأوُا اْلعَذَا َ‬
‫ِبهِ ُم الَْأسْبَابُ (‪)166‬‬

‫‪ -164‬وقد أقام ال سبحانه وتعال دلئل وآيات لكل ذى عقل على وجوده وألوهيته‬
‫‪ ،‬ومن ذلك السموات الت ترونا تسي فيها الكواكب بانتظام دون تزاحم ول صدام‬
‫تبعث الرارة والنور لذا العال ‪ ،‬والرض وما فيها من الب والبحر ‪ ،‬وتعاقب الليل‬
‫والنهار وما ف ذلك من النافع ‪ ،‬وما يرى ف البحر من السفن تمل الناس والتاع ‪،‬‬
‫ول يسيّرها إل ال ‪ ،‬فهو الذى يرسل الرياح الت يسي با الطر ينل فيحي اليوان‬
‫ويسقى الرض والنبات ‪ ،‬والرياح وهبوبا ف مهابا الختلفة ‪ ،‬والسحاب العلق بي‬
‫السماء والرض ‪ ،‬فهل هذه الشياء كلها بذا التقان والحكام من تلقاء نفسها أم‬
‫هى صنع العليم القدير؟ ‪.‬‬

‫‪ -165‬ومع هذه الدلئل الواضحة اتذ بعض الناس من ضلّت عقولم أربابا غي ال‬
‫يطيعونم ويعبدونم كعبادة ال ويعلونم مثل ال ‪ ،‬والؤمن يسلم القيادة ل وحده‬
‫وطاعته له ل تنقطع ‪ ،‬أما هم فإن ولءهم للتهم يتزلزل عند النوائب فيلجأون إل ال‬
‫سبحانه ‪ ،‬وهؤلء الذين ظلموا أنفسهم لو عاينوا ما سينالم من العذاب يوم الزاء‬

‫‪43‬‬
‫حي ينكشف ملك ال وتكون الطاعة له وحده ‪ ،‬لنتهوا عن جرمهم وأقلعوا عن إثهم‬
‫‪.‬‬

‫‪ -166‬ف ذلك اليوم يرجو التباعُ أن ينجيهم رؤساؤهم من الضلل فيتنكرون لم‬
‫ويتبّأون منهم ويقولون ‪ :‬ما دعوناكم لطاعتنا ف معصية ربكم ‪ ،‬وإنا هو هواكم‬
‫وسوء تصرفكم ‪ ،‬وتنقطع بينهم الصلت والودات الت كانت بينهم ف الدنيا ‪ ،‬ويصي‬
‫بعضهم لبعض عدوا ‪.‬‬

‫ك ُيرِي ِهمُ ال ّلهُ أَ ْعمَالَ ُهمْ‬


‫َوقَالَ اّلذِي َن اتّبَعُوا َلوْ أَنّ لَنَا َك ّر ًة فَنَتََب ّرأَ مِ ْن ُهمْ كَمَا تََبرّءُوا مِنّا َك َذلِ َ‬
‫ي ِم َن النّارِ (‪ )167‬يَا أَّيهَا النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي اْلأَرْضِ‬
‫َحسَرَاتٍ عَ َل ْيهِ ْم َومَا ُهمْ بِخَا ِرجِ َ‬
‫ت الشّيْطَانِ ِإّنهُ َل ُكمْ َعدُ ّو مُبِيٌ (‪ِ )168‬إنّمَا يَ ْأ ُمرُ ُكمْ بِالسّوءِ‬
‫حَلَالًا طَيّبًا وَلَا تَتِّبعُوا خُطُوَا ِ‬
‫حشَا ِء وَأَ ْن َتقُولُوا َعلَى ال ّلهِ مَا لَا َتعْلَمُونَ (‪ )169‬وَِإذَا قِي َل َل ُهمُ اتِّبعُوا مَا َأْنزَ َل اللّهُ‬
‫وَاْلفَ ْ‬
‫قَالُوا َب ْل نَتّبِ ُع مَا َأْلفَيْنَا عَلَ ْيهِ َآبَا َءنَا َأ َولَوْ كَانَ َآبَاؤُ ُهمْ لَا َيعْقِلُو َن شَيْئًا َولَا َيهَْتدُونَ (‪)170‬‬
‫ص ّم ُبكْمٌ ُع ْميٌ َف ُهمْ‬
‫وَمََث ُل الّذِينَ َكفَرُوا َكمََث ِل الّذِي يَ ْنعِ ُق بِمَا لَا َيسْمَ ُع ِإلّا دُعَا ًء َونِدَاءً ُ‬
‫لَا َي ْعقِلُونَ (‪)171‬‬

‫‪ -167‬وهنا يتبي التباع أنم كانوا ف ضلل حي اتبعوا رؤساءهم ف الباطل‬


‫ويتمنون أن يعودوا إل الدنيا فيتنكروا لرؤسائهم كما تبأوا منهم ف هذا اليوم ‪،‬‬
‫وتبدو لم أعمالم السيئة فتكون حسرات عليهم ويندمون ‪ ،‬وقد ألقى بم ف النار فل‬
‫يبحونا ‪.‬‬
‫‪ -168‬يا أيها الناس كُلوا ما خلق ال ف الرض من اللل الذى ل ينل تريه ‪،‬‬
‫الستطاب الذى تستسيغه النفوس ‪ ،‬ول تسيوا وراء الشيطان الذى يزيّن لكم أكل‬
‫الرام أو تري اللل ‪ ،‬فقد علمتم عداوة الشيطان ‪ ،‬وبان قبيح ما يأمركم به ‪.‬‬

‫‪ -169‬وإنا يزين لكم الشيطان ما هو سيئ ف ذاته ‪ ،‬ويضركم ف عافيتكم وما يقبح‬
‫فعله ‪ ،‬وتسيون بسببه وراء الظنون والوهام ‪ ،‬فتنسبون إل ال من التحري والتحليل‬
‫ما ل يأت دليل عليه من العلم اليقي ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫‪ -170‬وقد اعتاد الضالون عن سبيل الدى أن يتمسكوا با توارثوا عن آبائهم ف‬
‫العقيدة والعمل ‪ ،‬وإذا دعوا إل ما جاء من هدى ال قالوا ‪ :‬ل نعدل عما وجدنا عليه‬
‫آباءنا ‪ ،‬ومن أكب الهل ترجيح اتباع طاعة الباء على إطاعة ال واتباع هداه ‪،‬‬
‫فكيف إذا كان آباؤهم ل يعقلون شيئا من الدين ول يستنيون بنور الداية واليان؟‬

‫‪ -171‬وإن مثل من يدعو أولئك الكافرين الاحدين إل الق والدى ‪ -‬فل‬


‫يستجيبون له ول يفقهون ما يدعوهم إليه ‪ -‬كمثل راعى الغنم يناجيها ‪ ،‬فل تفقه منه‬
‫صمّ الذان ‪،‬‬
‫شيئا ول يقرع سعها إل الصوت ول تعى غيه ‪ ،‬فهم كذلك عن الق ُ‬
‫عُمْى البصائر ‪ ،‬خُرْس اللسنة ‪ ،‬ل ينطقون بي ‪ ،‬ول يصدرون عن عقل ‪.‬‬

‫ت مَا َر َزقْنَاكُ ْم وَا ْش ُكرُوا لِ ّل ِه إِنْ كُنُْت ْم ِإيّا ُه َتعْبُدُونَ (‬


‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا كُلُوا مِنْ َطيّبَا ِ‬
‫ح َم الْخِ ْنزِي ِر َومَا ُأهِ ّل ِبهِ ِلغَ ْيرِ ال ّل ِه فَ َمنِ اضْ ُطرّ‬
‫‪ِ )172‬إنّمَا َحرّمَ عَلَ ْي ُكمُ الْمَيَْت َة وَالدّ َم َولَ ْ‬
‫غ َولَا عَا ٍد فَلَا ِإْثمَ عَلَ ْيهِ إِنّ ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )173‬إِنّ اّلذِينَ َيكْتُمُونَ مَا َأْنزَلَ‬
‫غَ ْي َر بَا ٍ‬
‫ك مَا َيأْكُلُو َن فِي بُطُونِ ِه ْم إِلّا النّا َر َولَا‬
‫اللّ ُه ِمنَ اْلكِتَابِ وََيشَْترُونَ ِب ِه ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِ َ‬
‫ب َألِيمٌ (‪)174‬‬
‫يُكَلّ ُم ُه ُم اللّ ُه َيوْ َم الْقِيَامَ ِة َولَا ُيزَكّيهِ ْم َوَلهُمْ َعذَا ٌ‬

‫‪ -172‬لقد أبنا للناس كل حلل خلقناه لم ف الرض ‪ ،‬ونيناهم أن يتبعوا خطوات‬


‫الشيطان ‪ ،‬فإ ْن فعلوا اهتدوا ‪ ،‬وإن أبوا فإنا نص الؤمني بدايتنا ونبيّن اللل والرام‬
‫‪ ،‬ف أيها الذين آمنوا أبيح لكم أن تأكلوا من لذيذ الطعام الطيب غي البيث ‪،‬‬
‫فاشكروا ال على ما أولكم من نعمة التمكي من الطيبات وإباحتها ‪ ،‬ومن نعمة‬
‫الطاعة والمتثال لمره لتتم عبادتكم ‪.‬‬
‫‪ -173‬وليس الحرم ما زعمه الشركون وما زعمه اليهود ‪ ،‬وإنا الحرم عليكم ‪-‬‬
‫أيها الؤمنون ‪ -‬اليتة الت ل تذبح من اليوان ‪ ،‬ومن الدم السفوح ‪ ،‬ومثله ف التحري‬
‫لم النير ‪ ،‬وما ذكر على ذبه اسم غي ال من الوثن ونوه ‪ ،‬على أن من اضطر إل‬
‫ع ل يد ما يدفعه غيها أو لكراه على أكله فل‬
‫تناول شئ من هذه الحظورات لو ٍ‬

‫‪45‬‬
‫بأس عليه ‪ ،‬وليتجنب سبيل الاهلية من طلب هذه الحرمات والرغبة فيها ول يتجاوز‬
‫ما يسد الوع ‪.‬‬

‫ض من‬
‫ض الوحى لقاء َعرَ ٍ‬
‫‪ -174‬هذا وقد كان من العالِي با أنزل ال فري ٌق يُخفى َبعْ َ‬
‫أعراض الدنيا ‪ ،‬فإن اليهود كتموا كثيا ما جاء ف التوراة من نعت الرسول خشيةَ أن‬
‫ُيسْلِم أهل ملتهم فيزول أمرهم وتضيع مكاسبهم ولذيذ مطاعمهم ‪ ،‬وإن مطاعمهم من‬
‫هذا السبيل لى كالنار يأكلونا ‪ ،‬لنا ستقودهم إل النار ‪ ،‬وسيعرض ال عنهم يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬ول يطهرهم من دنسهم ‪ ،‬وأمامهم عذاب شديد موجع ‪.‬‬

‫ب بِالْ َم ْغ ِفرَ ِة فَمَا أَصَْب َرهُمْ عَلَى النّارِ (‬


‫أُولَِئكَ اّلذِينَ اشَْت َروُا الضّلَاَل َة بِاْل ُهدَى وَالْ َعذَا َ‬
‫ب َلفِي شِقَاقٍ‬
‫ح ّق َوإِنّ اّلذِي َن اخْتَلَفُوا فِي اْلكِتَا ِ‬
‫ب بِالْ َ‬
‫ك ِبأَنّ ال ّلهَ َن ّزلَ اْلكِتَا َ‬
‫‪َ )175‬ذلِ َ‬
‫ب َولَ ِكنّ الِْب ّر َمنْ َآمَنَ‬
‫شرِقِ وَالْ َم ْغرِ ِ‬
‫س الِْبرّ أَ ْن ُت َولّوا وُجُو َه ُكمْ قَِب َل الْ َم ْ‬
‫َبعِيدٍ (‪ )176‬لَيْ َ‬
‫ي وَ َآتَى الْمَالَ عَلَى حُبّ ِه َذوِي اْلقُ ْربَى‬
‫ب وَالنّبِيّ َ‬
‫بِال ّلهِ وَالَْيوْمِ اْل َآخِ ِر وَالْمَلَاِئكَ ِة وَاْلكِتَا ِ‬
‫ب َوأَقَا َم الصّلَاةَ وَ َآتَى الزّكَاةَ‬
‫ي َوفِي ال ّرقَا ِ‬
‫ي وَابْ َن السّبِيلِ وَالسّائِلِ َ‬
‫وَالْيَتَامَى وَالْ َمسَاكِ َ‬
‫ي الَْبأْسِ أُولَئِكَ‬
‫ضرّاءِ وَحِ َ‬
‫وَالْمُوفُو َن ِب َعهْ ِد ِهمْ ِإذَا عَا َهدُوا وَالصّاِبرِينَ فِي الْبَ ْأسَا ِء وَال ّ‬
‫صدَقُوا َوأُولَِئكَ ُه ُم الْمُّتقُونَ (‪)177‬‬
‫الّذِينَ َ‬

‫‪ -175‬وأولئك هم الثون الذين اختاروا الضللة على الدى فاستحقوا العذاب ف‬


‫الخرة بدل الغفران ‪ ،‬فكانوا كمن يشترى الباطل بالق ‪ ،‬وما فيه ضلل با فيه هداية‬
‫‪ ،‬وإن حالم لتدعو إل العجب ‪ ،‬إذ يصبون على موجبات العذاب ويستطيبون ما‬
‫يؤدى بم إليه ‪.‬‬

‫‪ -176‬ولقد استوجبوا ما قدر لم من الزاء لكفرهم بكتاب ال الذى أنزله بالق‬


‫والصدق ‪ ،‬ولقد اختلفوا فيه اختلفا كبيا ‪ ،‬دفع إليه حب الدل ومانبة الق‬
‫والنقياد للهوى ‪ ،‬فحرفوه وأفسدوه وفسروه بغي معانيه ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫‪ -177‬لقد أكثر الناسُ الكلم ف أمر القبلة كأنا هى وحدها الي ‪ ،‬وليس هذا هو‬
‫الق ‪ ،‬فليس استقبال جهة معينة ف الشرق أو الغرب هو قوام الدين وجاع الي ‪،‬‬
‫ولكن ملك الي عدة أمور بعضها من أركان العقيدة الصحيحة ‪ ،‬وبعضها من أمهات‬
‫الفضائل والعبادات ‪ ،‬فالول هو ‪ :‬اليان بال ويوم البعث والنشور والساب وما‬
‫يتبعه يوم القيامة ‪ ،‬واليان باللئكة وبالكتب النلة على النبياء وبالنبياء أنفسهم ‪.‬‬
‫والثان هو ‪ :‬بذل الال عن رغبة وطيب نفس للفقراء من القارب واليتامى ‪ ،‬ولن‬
‫اشتدت حاجتهم وفاقتهم من الناس ‪ ،‬وللمسافرين الذين انقطع بم الطريق فل يدون‬
‫ما يبلغهم مقصدهم ‪ ،‬وللسائلي الذين ألأتم الاجة إل السؤال ‪ ،‬ولغرض عتق‬
‫الرقاء وترير رقابم من الرق ‪ .‬والثالث ‪ :‬الحافظة على الصلة ‪ .‬والرابع ‪ :‬إخراج‬
‫الزكاة الفروضة ‪ .‬والامس ‪ :‬الوفاء بالعهد ف النفس والال ‪ .‬والسادس ‪ :‬الصب على‬
‫الذى ينل بالنفس أو الال ‪ ،‬أو وقت ماهدة العدو ف مواطن الروب فالذين يمعون‬
‫صدَقوا ف إيانم ‪ ،‬وهم الذين اتقوا الكفر‬
‫هذه العقائد والعمال الية هم الذين َ‬
‫والرذائل وتنبوها ‪.‬‬

‫ح ّر وَاْلعَ ْبدُ بِالْعَ ْب ِد وَاْلأُنْثَى‬


‫حرّ بِالْ ُ‬
‫ص فِي اْلقَتْلَى الْ ُ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا كُتِبَ عَلَ ْي ُكمُ اْلقِصَا ُ‬
‫خفِيفٌ‬
‫ف وََأدَا ٌء ِإلَيْ ِه ِبإِ ْحسَانٍ ذَِلكَ تَ ْ‬
‫ع بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫بِاْلُأنْثَى فَ َمنْ ُع ِفيَ َل ُه ِمنْ َأخِيهِ َشيْ ٌء فَاتّبَا ٌ‬
‫ِمنْ َرّب ُكمْ وَ َرحْ َم ٌة فَ َمنِ اعَْتدَى َب ْعدَ َذِلكَ فَ َلهُ َعذَابٌ َألِيمٌ (‪َ )178‬ولَ ُك ْم فِي اْلقِصَاصِ‬
‫ب َلعَلّ ُكمْ تَتّقُونَ (‪)179‬‬
‫حَيَا ٌة يَا أُولِي الَْألْبَا ِ‬

‫‪ -178‬ومن الشرائع الت فرضناها على الؤمني أحكام القتل العمد ‪ ،‬فقد فرضنا‬
‫ص بسبب القتل ‪ ،‬ول تأخذوا بظلم أهل الاهلية الذين كانوا يقتلون‬
‫عليكم القصا َ‬
‫الر غي القاتل بالعبد ‪ ،‬والذكر الذى ل يقتل بالنثى ‪ ،‬والرئيس غي القاتل بالرءوس‬
‫القاتل دون مازاة القاتل نفسه ‪ ،‬فالر القاتل يقتل بالر القتول ‪ ،‬وكذلك العبد بالعبد‬
‫والنثى بالنثى ‪ ،‬فأساس القصاص هو دفع العتداء ف القتل بقتل القاتل للتشفى ومنع‬
‫البغى ‪ ،‬فإن سَمَت نفوس أهل الدم ودفعوا بالت هى أحسن فآثروا العفو عن إخوانم‬
‫وجب لم دية قتيلهم ‪ ،‬وعلى أولياء الدم اتباع هذا الكم بالتسامح دون إجهاد‬

‫‪47‬‬
‫للقاتل أو تعنيف ‪ ،‬وعلى القاتل أداء الدين دون ماطلة أو بس ‪ ،‬وف حكم القتل‬
‫الذى فرضناه على هذا الوجه تفيف على الؤمني بالنسبة إل حكم التوراة الذى‬
‫يوجب ف القتل القصاص ‪ ،‬كما فيه رحة بم بالنسبة إل الذين يدعون إل العفو من‬
‫غي تعرض للقاتل ‪ ،‬فمن جاوز هذا الكم بعد ذلك فله عذاب أليم ف الدنيا والخرة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -179‬وإن رحة ال بكم لعظيمة ف فرض القصاص عليكم ‪ ،‬فبفضل القصاص‬
‫عليكم تتحقق للمجتمع حياة آمنة سليمة ‪ .‬وذلك أن من يهم بالقتل إذا علم أن ف‬
‫ذلك هلك نفسه ل ينفذ ما َهمّ به ‪ ،‬وف ذلك حياته وحياة من َهمّ بقتله ‪ ،‬وإذا قتل‬
‫الرئيس بالرءوس وغي الذنب بالذنب ‪ -‬كما هو شأن الاهلية ‪ -‬كان ذلك مثارا‬
‫للفت واختلل النظام والمن ‪ .‬فلْيتدبر أولو العقول مزية القصاص فإن ذلك يملهم‬
‫على إدراك لطف ال بم إل سبيل التقوى وامتثال أوامر ال سبحانه ‪.‬‬

‫ض َر أَ َحدَ ُكمُ الْ َم ْوتُ إِ ْن َترَ َك خَ ْيرًا الْوَصِّي ُة لِ ْلوَاِل َديْ ِن وَاْلَأقْ َربِيَ‬
‫كُتِبَ عَلَ ْيكُ ْم ِإذَا حَ َ‬
‫بِالْ َم ْعرُوفِ َحقّا عَلَى الْمُّتقِيَ (‪ )180‬فَ َم ْن بَ ّدَلهُ َب ْع َدمَا سَ ِمعَ ُه َفِإنّمَا ِإثْ ُمهُ عَلَى اّلذِينَ‬
‫ح بَيَْن ُهمْ‬
‫ف ِمنْ مُوصٍ جََنفًا َأوْ ِإثْمًا َفأَصْلَ َ‬
‫يَُبدّلُونَ ُه إِ ّن اللّ َه سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪ )181‬فَ َم ْن خَا َ‬
‫فَلَا ِإْثمَ عَلَ ْي ِه إِنّ ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)182‬‬

‫‪ -180‬وكما شرع ال القصاص لصلح المة وحفظ الجتمع ‪ ،‬كذلك شرع ال‬
‫شريعة فيها صلح السرة وحفظ كيانا وهى شريعة الوصية ‪ ،‬فعلى من ظهرت أمامه‬
‫إمارات الوت وعلم أنه ميت ل مالة ‪ ،‬وكان ذا مال يعتد به أن يعل من ماله نصيبا‬
‫لن يدرك من والديه وأقاربه ‪ -‬القربي غي الوارثي ‪ -‬ولياع ف ذلك ما يسن ويقبل‬
‫ف عرف العقلء فل يعطى الغن ويدع الفقي ‪ ،‬بل يؤثر ذوى الاجة ول يسوى إل‬
‫بي التساوين ف الفاقة ‪ ،‬وكان ذلك الفرض حقا واجبا على من آثر التقوى واتبع‬
‫أوامر الدين ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫‪ -181‬وإذا صدرت الوصية عن الوصى كانت حقا واجبا ل يوز تغييه ول تبديله ‪،‬‬
‫إل إذا كانت الوصية مافية للعدل ‪ ،‬فمن بدّل هذا الق فغيّر الوصية العادلة القوية‬
‫بعد ما علم هذا الكم وثبت عنده فقد ارتكب ذنبا عظيما ينال عقابه ‪ ،‬وقد برئ‬
‫الوصى من تبعته ‪ ،‬ول يظن أحد أن يفعل ذلك ول يازى عليه ‪ ،‬فإن ال سيع عليم ل‬
‫تفى عليه خافية ‪.‬‬
‫‪ -182‬أما إذا كانت الوصية زائغة عن العدل وعن الصراط القوي الذى بَيّنّاه بأن‬
‫حَرَم الوصِى الفقيَ وأعطى الغن ‪ ،‬أو ترك القربي وراعى الفقراء غي الوارثي‬
‫الجانب ‪ ،‬فسعى ساع ف سبيل الي وأصلح بي الوصى إليهم ليد الوصية إل‬
‫الصواب ‪ ،‬فل إث عليه فيما يدثه من تغيي الوصية وتبديلها على هذا الوجه ‪ ،‬ول‬
‫يؤاخذه ال على ذلك ‪ ،‬فإن ال غفور رحيم ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا كُتِبَ عَلَ ْي ُكمُ الصّيَامُ كَمَا كُِتبَ عَلَى الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِلكُ ْم َلعَلّ ُك ْم تَّتقُونَ‬
‫ت فَ َمنْ كَا َن مِنْ ُك ْم َمرِيضًا أَوْ عَلَى َسفَ ٍر َف ِعدّ ٌة ِمنْ أَيّا ٍم ُأخَ َر وَعَلَى‬
‫(‪َ )183‬أيّامًا َم ْعدُودَا ٍ‬
‫ع خَ ْيرًا َف ُهوَ خَيْ ٌر َلهُ َوأَ ْن تَصُومُوا خَ ْي ٌر لَ ُكمْ‬
‫ي َف َمنْ تَ َطوّ َ‬
‫الّذِينَ يُطِيقُونَ ُه ِفدَْيةٌ َطعَا ُم ِمسْكِ ٍ‬
‫إِنْ كُنُْت ْم َتعْلَمُونَ (‪)184‬‬

‫‪ -183‬وكما شرع ال لكم القصاص والوصية لصلح متمعكم ‪ ،‬والفاظ على‬


‫أسركم ‪ ،‬شرع ال كذلك فريضة الصيام تذيبا لنفوسكم ‪ ،‬وتقويا لشهواتكم ‪،‬‬
‫وتفضيل لكم على اليوان العجم الذى ينقاد لغرائزه وشهواته ‪ ،‬وكان فرض الصيام‬
‫عليكم مثل ما فرض على من سبقكم من المم فل يشق عليكم أمره ‪ .‬لنه فرض على‬
‫الناس جيعا ‪ ،‬وكان وجوب الصيام والقيام به ‪ ،‬لتترب فيكم روح التقوى ‪ ،‬ويقوى‬
‫وجدانكم ‪ ،‬وتتهذب نفوسكم ‪.‬‬

‫‪ -184‬وفرض ال عليكم الصيام ف أيام معدودة قليلة لو شاء سبحانه لطال مدته‬
‫ولكنه ل يطلها ‪ ،‬ول يكلفكم ف الصوم ما ل تطيقون ‪ ،‬فمن كان مريضا مرضا يضر‬
‫معه الصوم ‪ ،‬أو كان ف سفر ‪ ،‬فله أن يفطر ويقضى الصوم بعد برئه من الرض أو‬

‫‪49‬‬
‫رجوعه من السفر ‪ ،‬أما غي الريض والسافر من ل يستطيع الصوم إل بشقة لعذر‬
‫دائم كشيخوخة ومرض ل يرجى برؤه فله الفطر حينئذٍ ‪ ،‬وعليه أن يطعم مسكينا ل‬
‫يد قوت يومه ‪ ،‬ومن صام متطوعا زيادة على الفرض فهو خي له ‪ ،‬لن الصيام خي‬
‫دائما لن يعلم حقائق العبادات ‪.‬‬

‫ت ِمنَ اْلهُدَى وَاْل ُف ْرقَا ِن فَ َمنْ‬


‫س َوبَيّنَا ٍ‬
‫شَ ْهرُ َرمَضَانَ اّلذِي أُْن ِزلَ فِي ِه الْ ُقرْآَ ُن ُهدًى لِلنّا ِ‬
‫ص ْمهُ وَ َمنْ كَا َن َمرِيضًا أَوْ عَلَى َسفَ ٍر َف ِعدّ ٌة ِمنْ أَيّا ٍم ُأخَ َر ُيرِي ُد اللّهُ‬
‫ش ْهرَ فَلْيَ ُ‬
‫شَ ِه َد مِنْ ُك ُم ال ّ‬
‫سرَ َولِتُكْمِلُوا الْ ِع ّدةَ َولُِتكَّبرُوا ال ّلهَ عَلَى مَا َهدَا ُك ْم َولَعَ ّلكُمْ‬
‫س َر وَلَا ُيرِيدُ بِ ُكمُ اْل ُع ْ‬
‫بِ ُكمُ الُْي ْ‬
‫ع ِإذَا َدعَانِ‬
‫ب ُأجِيبُ َد ْع َوةَ الدّا ِ‬
‫َتشْ ُكرُونَ (‪ )185‬وَِإذَا َسَألَكَ عِبَادِي عَنّي َفإِنّي َقرِي ٌ‬
‫فَلَْيسْتَجِيبُوا لِي وَلُْي ْؤمِنُوا بِي َلعَ ّلهُ ْم َيرْ ُشدُونَ (‪)186‬‬

‫‪ -185‬وهذه اليام هى شهر رمضان الليل القدر عند ال ‪ ،‬لقد أنزل فيه القرآن‬
‫يهدى جيع الناس إل الرشد ببيّاناته الواضحة الوصلة إل الي ‪ ،‬والفاصلة بي الق‬
‫والباطل على َمرّ العصور والجيال ‪ ،‬فمن أدرك هذا الشهر سليما غي مريض ‪ ،‬مقيما‬
‫غي مسافر فعليه صومه ‪ ،‬ومن كان مريضا مرضا يضر معه الصوم أو كان ف سفر فله‬
‫شقّ عليكم‬
‫أن يفطر وعليه قضاء صيام ما أفطره من أيام الصوم ‪ ،‬فإن ال ل يريد أن َي ُ‬
‫ف التكاليف وإنا يريد لكم اليسر ‪ ،‬وقد بي لكم شهر الصوم وهداكم إليه لتكملوا‬
‫عدة اليام الت تصومونا وتكبوا ال على هدايته إياكم وحسن توفيقه ‪.‬‬
‫‪ -186‬وإن مطلع على العباد ‪ ،‬عليم با يأتون وما يذرون ‪ ،‬فإذا سألك ‪ -‬يا ممد ‪-‬‬
‫عبادى قائلي ‪ :‬هل ال قريب منا بيث يعلم ما نفى وما نعلن وما نترك؟ فقل لم ‪:‬‬
‫إن أقرب إليهم ما يظنون ‪ ،‬ودليل ذلك أن دعوة الداعى تصل ف حينها ‪ ،‬وأنا الذى‬
‫أجيبها ف حينها كذلك ‪ ،‬وإذا كنت استجبت لا فليستجيبوا هم ل باليان والطاعة‬
‫فإن ذلك سبيل إرشادهم وسدادهم ‪.‬‬

‫س َل ُهنّ عَ ِلمَ ال ّلهُ‬


‫س َلكُ ْم َوأَنُْتمْ لِبَا ٌ‬
‫ث ِإلَى ِنسَاِئكُ ْم ُهنّ لِبَا ٌ‬
‫أُ ِح ّل لَ ُك ْم لَيْ َلةَ الصّيَا ِم ال ّرفَ ُ‬
‫سكُ ْم فَتَابَ عَلَ ْي ُك ْم وَ َعفَا عَ ْن ُك ْم فَاْلآَ َن بَا ِشرُو ُهنّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ‬
‫ختَانُو َن َأنْ ُف َ‬
‫َأنّ ُكمْ ُكنُْتمْ تَ ْ‬

‫‪50‬‬
‫جرِ‬
‫ض ِمنَ الْخَيْطِ اْلَأسْ َودِ ِم َن الْفَ ْ‬
‫ط الَْأبْيَ ُ‬
‫اللّ ُه َلكُ ْم وَكُلُوا وَا ْش َربُوا حَتّى يَتَبَّينَ َل ُكمُ الْخَ ْي ُ‬
‫ُثمّ َأتِمّوا الصّيَا َم ِإلَى اللّيْ ِل َولَا تُبَا ِشرُو ُه ّن وََأنُْتمْ عَا ِكفُو َن فِي الْ َمسَاجِ ِد تِ ْلكَ ُحدُو ُد اللّهِ‬
‫ك يُبَّي ُن اللّهُ َآيَاتِ ِه لِلنّاسِ لَعَ ّل ُهمْ يَّتقُونَ (‪ )187‬وَلَا َتأْكُلُوا أَ ْموَاَل ُكمْ‬
‫فَلَا َت ْق َربُوهَا َك َذلِ َ‬
‫حكّا ِم لَِتأْكُلُوا َفرِيقًا ِمنْ َأ ْموَالِ النّاسِ بِاْلإِْث ِم وََأنُْتمْ‬
‫بَيَْنكُ ْم بِالْبَا ِط ِل َوتُ ْدلُوا ِبهَا ِإلَى الْ ُ‬
‫َتعْلَمُونَ (‪)188‬‬

‫‪ -187‬أ َحلّ ال لكم ليلة الصوم إتيان نسائكم لختلطكم بن واختلطهن بكم ف‬
‫النهار والبيت ‪ ،‬ولعسر ابتعادكم عنهن وتفيفا عليكم ‪ .‬وقد علم ال أنكم كنتم‬
‫تنقصون حظ نفوسكم وتظلمونا ‪ ،‬فتحرمون عليها إتيان النساء ف ليل رمضان فتاب‬
‫عليكم من الغلو وعفا عنكم ‪ ،‬والن وقد تبي لك ِح ّل ذلك فل تتحرجوا من‬
‫مباشرتن ‪ ،‬وتتعوا با أباحه ال لكم وكلوا واشربوا ف ليل رمضان حت يظهر لكم‬
‫نور الفجر ‪ ،‬متميزا من ظلم الليل ‪ ،‬كما يتميز اليط البيض من اليط السود ‪،‬‬
‫وإذا ظهر ذلك فصوموا وأتوا الصيام إل غروب الشمس ‪.‬‬
‫وإذا كان الصيام من العبادات الت يب التفرغ لا والتجرد فيها من شهوات النفس‬
‫ومقاربة النساء ف نار الصوم ‪ ،‬فكذلك عبادة العتكاف ف الساجد وملزمتها توجب‬
‫الل ّو لا وعدم التمتع بالنساء ما دام الرء ملتزما با ‪ .‬وما شرع ال لكم ف الصوم‬
‫والعتكاف حدود وضعها ال لكم فحافظوا عليها ول تقربوها لتتجاوزوا أوامرها ‪،‬‬
‫وقد أوسع ال ف بيانا للناس على هذا النحو ليتقوها ويتجنبوا تبعاتا ‪.‬‬
‫‪ -188‬وقد حرّم ال عليكم أكل مال غيكم دون وجه من الق دائما ‪ ،‬فل يستحل‬
‫أحدكم مال غيه إل بوجه من الوجوه الت شرعها ال كالياث والبة والعقد الصحيح‬
‫البيح للملك ‪ ،‬وقد ينازع أحدكم أخاه ف الال وهو مبطل ‪ ،‬ويرفع أمره إل الاكم أو‬
‫القاضى ليحكم له وينتزع من أخيه ماله بشهادة باطلة أو بينة كاذبة ‪ ،‬أو رشوة‬
‫خبيثة ‪ ،‬فبئس ما يفعل وما يرّ على نفسه من سوء الزاء ‪.‬‬

‫س الْبِ ّر ِبأَنْ تَ ْأتُوا الْبُيُوتَ مِنْ‬


‫ج َولَيْ َ‬
‫ت لِلنّاسِ وَالْحَ ّ‬
‫َيسَْألُوَنكَ َعنِ اْلَأهِلّ ِة ُقلْ هِ َي مَوَاقِي ُ‬
‫ت ِمنْ َأْبوَاِبهَا وَاّتقُوا ال ّلهَ َلعَ ّلكُ ْم ُتفْلِحُونَ (‬
‫ُظهُو ِرهَا َولَ ِكنّ الِْب ّر َمنِ اّتقَى َوأْتُوا الْبُيُو َ‬

‫‪51‬‬
‫ب الْ ُمعْتَدِينَ (‬
‫‪َ )189‬وقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ ال ّل ِه الّذِينَ ُيقَاتِلُونَ ُكمْ وَلَا تَعَْتدُوا إِ ّن اللّ َه لَا ُيحِ ّ‬
‫‪)190‬‬

‫‪ -189‬ويسألك قوم عن اللل يبدو دقيقا مثل اليط ث يزيد حت يكتمل ويستوى ‪،‬‬
‫ث ل يزال ينقص حت يعود كما بدأ ‪ ،‬ول يكون على حالة واحدة كالشمس ‪ .‬فما‬
‫وراء هذا التغي ‪ ،‬حت صار ف كل شهر هلل وصارت هناك أهلة؟ ‪ .‬فقل لم ‪ :‬إن‬
‫لتكرار هذه الهلة واختلف نوها ِحكَما ومصال دينية ودنيوية ‪ ،‬فهى أمارات تدد‬
‫أوقات العاملت ف معاشكم ‪ ،‬وتعيّن أوقات الج الذى هو من أركان دينكم ‪ ،‬ولو‬
‫استقر اللل على حاله كالشمس ما استقام لكم توقيت معاشكم وحجكم ‪ ،‬وليس‬
‫جهلكم بكمة اختلف اللل مدعاة للشك ف حكمة الالق ‪ ،‬وليس من الب أن تأتوا‬
‫البيوت من ظهورها ‪ ،‬متميزين بذلك عن الناس ‪ ،‬ولكن الب هو تقوى القلوب‬
‫وإخلصها وأن تأتوا البيوت من أبوابا كما يأتى كل الناس ‪ ،‬وأن تطلبوا الق والدليل‬
‫ل َحكُ ْم وفوزكم وناتكم‬
‫الستقيم ‪ ،‬فاطلبوا رضا ال ‪ ،‬واتقوا عذابه ‪ ،‬وارجوا بذلك فَ َ‬
‫من عذاب النار ‪.‬‬
‫‪ -190‬ومن تقوى ال تمل الشاق ف طاعته ‪ ،‬وأشد الشاق على النفس هو قتال‬
‫أعداء ال ولكن إذا اعتدى عليكم فقاتلوا العتدين ‪ ،‬وقد أذن لكم برد اعتداءاتم ‪،‬‬
‫ولكن ل تعتدوا ببادأتم أو بقتل من ل يقاتل ول رأى له ف القتال فإن ال ل يب‬
‫العتدين ‪.‬‬

‫ث َأ ْخرَجُو ُكمْ وَالْفِتَْن ُة أَ َش ّد ِمنَ اْلقَ ْتلِ َولَا‬


‫ث َثقِفْتُمُوهُ ْم َوأَ ْخ ِرجُوهُ ْم ِمنْ حَيْ ُ‬
‫وَاقْتُلُوهُ ْم حَيْ ُ‬
‫حرَا ِم حَتّى ُيقَاتِلُو ُكمْ فِي ِه َفإِنْ قَاتَلُو ُكمْ فَاقْتُلُو ُهمْ َكذَِلكَ جَزَاءُ‬
‫ج ِد الْ َ‬
‫ُتقَاتِلُو ُهمْ عِ ْندَ الْ َمسْ ِ‬
‫الْكَا ِفرِينَ (‪َ )191‬فإِ ِن انَْتهَوْا َفإِ ّن ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )192‬وقَاتِلُوهُ ْم حَتّى لَا َتكُونَ فِتَْنةٌ‬
‫حرَامُ‬
‫شهْ ُر الْ َ‬
‫وََيكُونَ الدّي ُن لِ ّلهِ َفإِ ِن انَْتهَوْا فَلَا ُع ْدوَانَ إِلّا عَلَى الظّالِمِيَ (‪ )193‬ال ّ‬
‫ص فَ َمنِ اعَْتدَى عَلَ ْي ُكمْ فَاعَْتدُوا عَلَ ْيهِ بِمِ ْثلِ مَا اعَْتدَى‬
‫ت قِصَا ٌ‬
‫ح ُرمَا ُ‬
‫حرَا ِم وَالْ ُ‬
‫ش ْهرِ الْ َ‬
‫بِال ّ‬
‫عَلَ ْي ُكمْ وَاّتقُوا ال ّلهَ وَاعْ َلمُوا أَ ّن اللّ َه مَ َع الْمُّتقِيَ (‪َ )194‬وَأنْ ِفقُوا فِي سَبِيلِ ال ّل ِه َولَا تُ ْلقُوا‬
‫حسِِنيَ (‪)195‬‬
‫ب الْمُ ْ‬
‫ِبأَْيدِي ُكمْ ِإلَى الّتهْلُ َك ِة وََأ ْحسِنُوا إِنّ ال ّل َه يُحِ ّ‬

‫‪52‬‬
‫‪ -191‬واقتلوا أولئك الذين بدأوكم بالقتال حيث وجدتوهم ‪ ،‬وأخرجوكم من مكة‬
‫وطنكم الذى حلوكم على الروج منه ‪ ،‬ول تتحرجوا من ذلك فقد فعلوا ما هو أشد‬
‫من القتل ف السجد الرام إذ حاولوا فتنة الؤمني عن دينهم بالتعذيب ف مكة حت‬
‫فروا بدينهم من وطنهم ‪ ،‬ولكن للمسجد الرام حرمته فل تنتهكوها إل إذا انتهكوها‬
‫هم بقتالكم فيه ‪ ،‬فإن قاتلوكم فاقتلوهم وأنتم الغالبون بفضل ال ‪ ،‬وكذلك جزاء‬
‫الكافرين يفعل بم ما يفعلونه بغيهم ‪.‬‬
‫‪ -192‬فإن رجعوا عن الكفر ودخلوا ف طاعة السلم ‪ ،‬فإن السلم يبّ ما قبله ‪،‬‬
‫وال يغفر لم ما سلف من كفرهم بفضل منه ورحة ‪.‬‬
‫‪ -193‬وقاتلوا هؤلء الذين حاولوا قتلكم وصدكم عن دينكم باليذاء والتعذيب ‪،‬‬
‫حت تستأصل جذور الفتنة ويلص الدين ل ‪ .‬فإن انتهوا عن كفرهم فقد نوا أنفسهم‬
‫وخلصوا من العقاب ‪ ،‬فل ينبغى العتداء عليهم حينئ ٍذ وإنا العدوان على من ظلم‬
‫نفسه وأوبقها بالعاصى وتاوز العدل ف القول والفعل ‪.‬‬
‫‪ -194‬فإذا اعتدوا عليكم ف الشهر الرام فل تقعدوا عن قتالم فيه فإنه حرام عليهم‬
‫‪ ،‬كما هو حرام عليكم ‪ ،‬وإذا انتهكوا حرمته عندكم فقابلوا ذلك بالدفاع عن‬
‫أنفسكم فيه ‪ ،‬وف الرمات والقدسات شرع القصاص والعاملة بالثل ‪ ،‬فمن اعتدى‬
‫عليكم ف مقدساتكم فادفعوا هذا العدوان بثله ‪ ،‬واتقوا ال فل تسرفوا ف الجازاة‬
‫والقصاص ‪ ،‬واعلموا أن ال ناصر التقي ‪.‬‬
‫‪ -195‬جهاد الكفار يكون ببذل النفس كما يكون ببذل الال ‪ ،‬فأنفقوا ف العداد‬
‫للقتال ‪ ،‬واعلموا أن قتال هؤلء ف سبيل ال ‪ ،‬فل تقعدوا عنه ‪ ،‬وابذلوا الموال فيه‬
‫فإنكم إن تقاعدت وبلتم ركبكم العدو وأذلكم فكأنا ألقيتم أنفسكم بأيديكم إل‬
‫اللك ‪ ،‬فافعلوا ما يب عليكم بإحسان وإتقان ‪ ،‬فإن ال يب إذا عمل أحدكم عمل‬
‫أن يسنه ‪.‬‬

‫ي َولَا تَحْ ِلقُوا ُرءُو َسكُمْ‬


‫س َر ِمنَ اْلهَدْ ِ‬
‫ص ْرتُ ْم فَمَا اسْتَ ْي َ‬
‫وََأتِمّوا الْحَجّ وَاْلعُ ْم َرةَ لِ ّل ِه َفإِنْ ُأحْ ِ‬
‫ي مَحِ ّل ُه فَ َمنْ كَا َن مِ ْنكُ ْم َمرِيضًا َأوْ ِبهِ أَذًى ِمنْ َرأْ ِسهِ فَ ِف ْديَ ٌة ِمنْ صِيَا ٍم َأوْ‬
‫حَتّى يَبْلُ َغ اْلهَدْ ُ‬

‫‪53‬‬
‫ج فَمَا اسْتَ ْيسَ َر ِمنَ اْل َهدْيِ فَ َم ْن َلمْ‬
‫ك َفإِذَا أَمِنُْت ْم فَ َم ْن تَمَتّ َع بِالْعُ ْم َر ِة ِإلَى الْحَ ّ‬
‫ص َد َقةٍ َأوْ ُنسُ ٍ‬
‫َ‬
‫ك لِ َم ْن َلمْ َي ُكنْ‬
‫ش َرةٌ كَامِلَ ٌة َذلِ َ‬
‫جدْ فَصِيَا ُم ثَلَاَثةِ َأيّا ٍم فِي الْحَجّ وَسَ ْب َعةٍ ِإذَا َر َجعُْتمْ تِ ْلكَ َع َ‬
‫يَ ِ‬
‫حرَا ِم وَاتّقُوا ال ّلهَ وَاعْلَمُوا أَ ّن اللّ َه َشدِيدُ اْل ِعقَابِ (‪)196‬‬
‫ج ِد الْ َ‬
‫ضرِي الْ َمسْ ِ‬
‫أَهْ ُل ُه حَا ِ‬
‫ث َولَا ُفسُوقَ وَلَا جِدَا َل فِي الْحَجّ‬
‫ج فَلَا َرفَ َ‬
‫ت فَ َمنْ َفرَضَ فِي ِه ّن الْحَ ّ‬
‫ج َأشْ ُه ٌر َمعْلُومَا ٌ‬
‫الْحَ ّ‬
‫وَمَا َتفْعَلُوا ِم ْن خَيْ ٍر َيعْلَ ْمهُ ال ّل ُه وََت َز ّودُوا َفإِ ّن خَ ْيرَ الزّا ِد الّتقْوَى وَاّتقُو ِن يَا أُولِي اْلأَلْبَابِ (‬
‫‪)197‬‬

‫‪ -196‬وأدوا الج والعمرة ل على وجه التمام والكمال قاصدين بما وجه ال ‪ ،‬ول‬
‫تقصدوا بما إصابة َعرَض دنيوى من شهرة ونوها ‪ .‬وإذا قصدت الج والعمرة‬
‫وأحرمتم بما فمنعكم عدو ف الطريق فلكم أن تتحللوا من إحرامكم بلق رءوسكم ‪،‬‬
‫ولكن عليكم قبل ذلك ذبح ما تيسر لكم ‪ -‬من شاة أو بعي أو بقرة ‪ -‬والتصدق به‬
‫حرِما‬
‫على الساكي ‪ ،‬ول تلقوا رءوسكم حت تقوموا بذه النسك ‪ ،‬ومن كان مُ ْ‬
‫وأذاه شعر رأسه لرض أو هوام ف رأسه فل بأس أن يلق رأسه ‪ ،‬وعليه حينئذٍ أن‬
‫يفدى عن ذلك بصيام ثلثة أيام ‪ ،‬أو التصدق على ستة مساكي بقوت يوم ‪ ،‬أو ذبح‬
‫شاة والتصدق با على الفقراء والساكي ‪ .‬وإذا كنتم ف دار المان والسلم ول‬
‫يعترض طريقكم عدو ‪ ،‬وقصدت الج والعمرة وتتعتم أول بالعمرة إل أن يي وقت‬
‫الج فتحرموا ‪ ،‬فعليكم ذبح شاة لساكي الرم وفقرائه ‪ ،‬فمن ل يد شاة أو ل يقدر‬
‫على ثنها صام ثلثة أيام ف مكة وسبعة أيام إذا رجع إل أهله ‪ ،‬وهذا على من ل يكن‬
‫من أهل مكة ‪ ،‬فمن كان من أهلها فل شئ عليه إذا تتع ‪.‬‬
‫‪ -197‬والج يقع ف أشهر معلومة لكم ‪ ،‬إذ كان أمره معروفا عندكم من عهد‬
‫إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وهى شوال وذو القعدة وذو الجة ‪ ،‬فمن فرض الج على‬
‫نفسه ف هذه الشهر ودخل فيه فلياع آدابه ‪ ،‬ومن آداب الج أن يتنه الحرم عن‬
‫مباشرة النساء ‪ ،‬وعن العاصى من السباب وغيه ‪ ،‬وعن الدل والراء مع غيه من‬
‫الجيج ‪ ،‬وعن كل ما ير إل الشحناء والصام حت يرج الحرم مهذب النفس ‪،‬‬
‫وليجتهد ف فعل الي ‪ ،‬وطلب الجر من ال بالعمل الصال فإن ال عليم بذلك وماز‬

‫‪54‬‬
‫عليه ‪ ،‬وتزودوا لخرتكم بالتقوى والئتمار بأوامر ال واجتناب نواهيه ‪ ،‬فإن ذلك‬
‫خي الزاد ‪ ،‬واستشعروا خشية ال فيما تأتون وما تذرون كما هو مقتضى العقل‬
‫والكمة ‪ ،‬فل تشوبوا أفعالكم بدواعى الوى والغرض الدنيوى ‪.‬‬

‫ت فَاذْ ُكرُوا ال ّلهَ عِ ْندَ‬


‫ح أَ ْن تَبَْتغُوا فَضْلًا ِمنْ َرّبكُ ْم َفِإذَا َأفَضُْتمْ ِمنْ َع َرفَا ٍ‬
‫لَيْسَ عَلَ ْي ُكمْ جُنَا ٌ‬
‫حرَا ِم وَاذْ ُكرُوهُ كَمَا َهدَاكُ ْم َوإِنْ كُنُْتمْ مِ ْن قَبْ ِل ِه لَ ِمنَ الضّالّيَ (‪ُ )198‬ثمّ‬
‫الْ َمشْ َع ِر الْ َ‬
‫ث َأفَاضَ النّاسُ وَاسَْتغْ ِفرُوا اللّ َه إِ ّن اللّهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )199‬فإِذَا قَضَيُْتمْ‬
‫َأفِيضُوا ِمنْ حَيْ ُ‬
‫مَنَا ِسكَ ُكمْ فَاذْ ُكرُوا اللّهَ َكذِ ْكرِ ُكمْ َآبَاءَ ُك ْم أَ ْو َأشَ ّد ذِ ْكرًا فَ ِم َن النّاسِ َم ْن َيقُولُ َربّنَا َآتِنَا‬
‫فِي الدّنْيَا وَمَا لَ ُه فِي اْلآَ ِخ َرةِ مِ ْن خَلَاقٍ (‪ )200‬وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن َيقُولُ َربّنَا َآتِنَا فِي ال ّدنْيَا‬
‫َحسَنَ ًة َوفِي الْ َآ ِخرَ ِة َحسََنةً َوقِنَا َعذَابَ النّارِ (‪)201‬‬

‫‪ -198‬ولقد كان منكم من يد حرجا ف مزاولة التجارة وابتغاء الرزق ف موسم‬


‫الج ‪ ،‬فل حرج عليكم ف ذلك ‪ ،‬بل لكم أن تزاولوا التكسب بطرقه الشروعة‬
‫وتبتغوا فضل ال ونعمته ‪ ،‬وإذا صدر الجاج راجعي من عرفات بعد الوقوف با ‪،‬‬
‫ووصلوا الزدلفة ليلة عيد النحر فليذكروا ال عند الشعر الرام ‪ -‬وهو جبل الزدلفة‬
‫‪ -‬بالتهليل والتلبية والتكبي ‪ ،‬وليمجدوه وليحمدوه على هدايته إياهم إل الدين الق‬
‫والعبادة القوية ف الج وغيه ‪ ،‬وقد كانوا من قبل ذلك ف ضلل عن صراط الدى‬
‫والرشاد ‪.‬‬
‫‪ -199‬وقد كان قوم من العرب ‪ -‬وهم قريش ‪ -‬ل يقفون مع الناس ف عرفات مع‬
‫علمهم أنه موقف أبيهم إبراهيم ‪ ،‬وذلك ترفعا أن يساووا غيهم وهم أهل بيت ال‬
‫وقطان حرمه ‪ ،‬وزعما منهم أن ذلك تعظيم للحرم الذى ل يريدون الروج منه إل‬
‫عرفات ‪ ،‬وهى من اللل ل من الرام ‪ ،‬فطالبهم ال بأن يقلعوا عن عادات الاهلية‬
‫ويقفوا بعرفات ويصدروا عنها كما يصدر جهور الناس ‪ ،‬فل فضل لحد على الخر‬
‫ف أداء العبادة ‪ ،‬وعليهم أن يستغفروا ال ف هذه الواطن الباركة فذلك أدعى أن يغفر‬
‫ال لم ما فرط منهم من الذنوب والثام ويرحهم بفضله ‪.‬‬
‫‪ -200‬وإذا فرغتم من أعمال الج وشعائره فدعوا ما كنتم عليه ف الاهلية من‬

‫‪55‬‬
‫التفاخر بالباء وذكر مآثرهم ‪ ،‬وليكن ذكركم وتجيدكم ل فاذكروه كما كنتم‬
‫تذكرون آباءكم ‪ ،‬بل اذكروه أكثر من ذكر آبائكم لنه ول النعمة عليكم وعلى‬
‫آبائكم ‪ ،‬ومواطن الج هى مواطن الدعاء وسؤال الفضل والي والرحة من عند ال ‪،‬‬
‫وقد كان فريق من الجاج يقصر دعاءه على عرض الدنيا وخياتا ول يلقى بالً‬
‫للخرة فهذا ل نصيب له ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -201‬ومن الناس من وفّقه ال فاته بقلبه إل طلب خيى الدنيا والخرة ‪ ،‬ودعا ال‬
‫أن ينبه شر النار وعذابا ‪.‬‬

‫حسَابِ (‪ )202‬وَاذْ ُكرُوا ال ّلهَ فِي َأيّامٍ‬


‫ب مِمّا َكسَبُوا وَال ّلهُ سَرِي ُع الْ ِ‬
‫أُولَِئكَ َل ُهمْ نَصِي ٌ‬
‫ج َل فِي َي ْومَيْ ِن فَلَا إِْثمَ عَلَ ْي ِه َومَ ْن َتأَ ّخ َر فَلَا ِإْثمَ عَلَ ْيهِ لِ َمنِ اّتقَى وَاّتقُوا‬
‫َمعْدُودَاتٍ فَ َم ْن َتعَ ّ‬
‫شرُونَ (‪َ )203‬و ِمنَ النّاسِ َم ْن ُيعْجُِبكَ َق ْولُ ُه فِي الْحَيَا ِة ال ّدنْيَا‬
‫حَ‬‫اللّ َه وَاعْلَمُوا َأّنكُ ْم ِإلَيْ ِه تُ ْ‬
‫ش ِهدُ ال ّلهَ عَلَى مَا فِي قَلِْب ِه َوهُ َو َألَ ّد الْخِصَامِ (‪ )204‬وَِإذَا َت َولّى َسعَى فِي اْلأَرْضِ‬
‫وَُي ْ‬
‫ب اْلفَسَادَ (‪ )205‬وَِإذَا قِي َل َلهُ اّت ِق اللّهَ‬
‫سلَ وَال ّلهُ لَا يُحِ ّ‬
‫ث وَالّن ْ‬
‫حرْ َ‬
‫ك الْ َ‬
‫س َد فِيهَا َوُيهْلِ َ‬
‫لُِيفْ ِ‬
‫س الْ ِمهَادُ (‪)206‬‬
‫حسُْب ُه جَهَّن ُم وَلَبِئْ َ‬
‫أَ َخ َذتْ ُه الْ ِع ّز ُة بِاْلِإثْ ِم فَ َ‬

‫‪ -202‬فهؤلء يعطون ما ُقدّر لم ما كسبوه بالطلب والركون إل ال ‪ .‬وال يزى‬


‫كلً با يستحق ‪ ،‬وهو سريع الساب والزاء ‪.‬‬
‫‪ -203‬واذكروا ال بالتكبي والتهليل والتحميد ف أيام معدودات هى أيام رمى‬
‫المار بن وهى ‪ :‬الادى عشر ‪ .‬والثان عشر ‪ .‬والثالث عشر ‪ .‬وليس بلزم لن‬
‫قوام الي تقوى ال ل مقدار العدد ‪ ،‬واتقوا ال دائما واعلموا أنكم إليه تشرون‬
‫مسئولون عن أعمالكم ‪.‬‬
‫‪ -204‬وإذا كانت تقوى ال هى الساس فالسران لفريق من الناس يتلف الذى‬
‫تضمره قلوبم عن الذى تنطق به ألسنتهم ‪ ،‬أوتوا حلوة ف صوغ الكلم ‪ ،‬يعجبك‬
‫قولم فيما يتالون به على جلب النفعة ف الياة الدنيا ‪ ،‬ويؤيدون لك بزعمهم بأن ال‬
‫يعلم صدق قلوبم فيما تقوله ألسنتهم ‪ ،‬وإنم لشد الناس خصومة لك وأقساهم‬
‫عليك ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫‪ -205‬وإذا تول ولية يكون له فيها سلطان ل يكون سعيه للصلح ‪ ،‬بل للفساد‬
‫وإهلك الزرع والنسل ‪ ،‬وال ل يبه ‪ ،‬لن ال تعال ل يب الفساد ‪.‬‬
‫‪ -206‬وإذا نصحت له حينئذٍ بالوف من ال ثارت ف نفسه المية وظن ذلك هدما‬
‫لعزته ‪ ،‬وحله على ارتكاب الث فيما نيته عنه لاجة وعنادا ‪ ،‬فحسبه على ذلك‬
‫عذاب جهنم ولبئس الستقر ‪.‬‬

‫ف بِاْلعِبَادِ (‪ )207‬يَا َأّيهَا‬


‫سهُ ابِْتغَا َء َمرْضَاةِ ال ّلهِ وَال ّلهُ َرءُو ٌ‬
‫شرِي نَ ْف َ‬
‫س َمنْ َي ْ‬
‫وَ ِم َن النّا ِ‬
‫ت الشّيْطَانِ ِإّنهُ َل ُكمْ َعدُ ّو مُبِيٌ (‬
‫الّذِينَ َآمَنُوا ادْخُلُوا فِي السّ ْلمِ كَا ّف ًة وَلَا تَتِّبعُوا خُطُوَا ِ‬
‫‪َ )208‬فإِنْ َزلَلُْتمْ ِم ْن بَ ْع ِد مَا جَا َءتْ ُكمُ الْبَيّنَاتُ فَاعْ َلمُوا أَ ّن اللّهَ َعزِي ٌز حَكِيمٌ (‪َ )209‬هلْ‬
‫ضيَ اْلَأمْ ُر َوإِلَى ال ّل ِه ُترْجَعُ‬
‫يَنْ ُظرُو َن ِإلّا أَ ْن َي ْأتَِيهُ ُم اللّ ُه فِي ظُ َل ٍل ِمنَ اْلغَمَا ِم وَالْمَلَائِ َكةُ وَقُ ِ‬
‫الُْأمُورُ (‪)210‬‬

‫‪ -207‬فما أبعد الفرق بي هؤلء النافقي وبي الؤمني الصادقي الذين يبيع أحدهم‬
‫نفسه ف سبيل مرضاة ال ‪ ،‬وإعلء كلمة الق ‪ ،‬ويكون هذا النوع من الناس مقابل‬
‫للنوع الول ‪ ،‬ويكون تولية أمرا من أمور الناس من رأفة ال بعباده ‪ ،‬وال تعال‬
‫يرحهم بعل الولية لؤلء ليدفع بم أذى الشرار ‪.‬‬
‫‪ -208‬يا أيها الذين آمنوا كونوا جيعا مسالي فيما بينكم ‪ ،‬ول تثيوا العصبيات‬
‫الاهلية وغيها من أسباب الناع واللف ‪ ،‬ول تسيوا ف طريق الشيطان الذى‬
‫يدفعكم إل الشقاق فإنه لكم عدو مبي ‪.‬‬
‫‪ -209‬فإن انرفتم عن هذا الطريق الذى دعيتم إليه جيعا من بعد ظهور الجج‬
‫القاطعة على أنه طريق الق ‪ ،‬فاعلموا أنكم مؤاخذون بذا النراف لن ال عزيز‬
‫يعاقب من يعرض عن سبيله ‪ ،‬حكيم يقدر العقوبة بقدرها ‪.‬‬
‫‪ -210‬وهل ينتظر هؤلء العرضون عن السلم ليقتنعوا أن يروا ال تعال جهرة ف‬
‫غمامٍ مع اللئكة وقد قضى المر بقطع مطامعهم ‪ ،‬لن الشئون جيعا ف قبضة ال‬
‫يصرفها هو حيث يشاء وقد قضى فيها قضاءه الذى سينفذ ل مالة ‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫سَ ْل بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ َكمْ َآتَيْنَا ُه ْم ِمنْ َآيَ ٍة بَيَّن ٍة وَ َم ْن يَُبدّ ْل ِنعْ َمةَ ال ّلهِ ِم ْن َبعْ ِد مَا جَا َءْتهُ َفإِنّ‬
‫خرُو َن ِمنَ اّلذِينَ َآمَنُوا‬
‫اللّ َه َشدِيدُ اْل ِعقَابِ (‪ُ )211‬زّي َن لِ ّلذِينَ َك َفرُوا الْحَيَاةُ الدّنْيَا وََيسْ َ‬
‫ق َم ْن َيشَا ُء بِغَ ْي ِر ِحسَابٍ (‪ )212‬كَا َن النّاسُ‬
‫وَاّلذِي َن اتّ َقوْا َف ْوقَ ُه ْم يَوْ َم اْلقِيَا َم ِة وَال ّلهُ َيرْزُ ُ‬
‫حكُ َم بَ ْينَ‬
‫حقّ لَِي ْ‬
‫شرِينَ َومُ ْنذِرِي َن َوأَْن َزلَ َم َعهُ ُم الْكِتَابَ بِالْ َ‬
‫ي مَُب ّ‬
‫ث ال ّلهُ النّبِيّ َ‬
‫ُأمّ ًة وَا ِح َدةً فََبعَ َ‬
‫ف فِي ِه إِلّا الّذِينَ أُوتُو ُه ِمنْ َب ْعدِ مَا جَا َءْت ُهمُ الْبَيّنَاتُ َبغْيًا‬
‫س فِيمَا اخْتَ َلفُوا فِي ِه وَمَا اخْتَلَ َ‬
‫النّا ِ‬
‫ح ّق ِبِإذِْن ِه وَال ّلهُ َي ْهدِي َم ْن َيشَا ُء إِلَى‬
‫بَيَْنهُ ْم َف َهدَى ال ّلهُ اّلذِينَ َآمَنُوا لِمَا اخْتَ َلفُوا فِي ِه ِمنَ الْ َ‬
‫صرَاطٍ ُمسَْتقِيمٍ (‪)213‬‬
‫ِ‬

‫‪ -211‬سل بن إسرائيل كم سقنا إليهم الدلة القاطعة على صدق الرسول ‪ ،‬وف‬
‫ذلك نعمة هدايتهم إل ال ‪ ،‬فكفروا بذه الدلة ‪ ،‬وعمدوا بتكذيبهم لا إل تبديل‬
‫الغرض منها ‪ ،‬فبعد أن كانت هذه اليات للهداية أصبحت بالنسبة لكفر هؤلء با‬
‫سببا ف زيادة ضللم وإثهم ‪ ،‬ومن يبدل نعم ال بذه الصورة يق عليه العذاب لن‬
‫ال شديد العقاب ‪.‬‬
‫‪ -212‬وإ ّن السبب ف النراف والكفر هو طلب الدنيا ‪ ،‬فقد زين للذين كفروا‬
‫شهوات الياة الدنيا فمضوا يسخرون من الذين آمنوا لنشغالم بالياة الخرة ‪ ،‬وال‬
‫جاعل الذين آمنوا أعلى مكانا منهم ف الخرة ‪ .‬فأما توفر الال وزينة الياة الدنيا‬
‫لدى الكفار فل تدل على أفضليتهم ‪ ،‬لن رزق ال ل يُقدّر على حساب اليان‬
‫والكفر بل يرى تبعا لشيئته ‪ ،‬فمن الناس من يزاد له ف الرزق استدراجا ومنهم من‬
‫يقتر عليه اختبارا ‪.‬‬
‫‪ -213‬وإ ّن الناس طبيعة واحدة فيها الستعداد للضللة ‪ ،‬ومنهم من تستول عليه‬
‫أسباب الداية ‪ ،‬ومنهم من تغلب عليه الضللة ‪ ،‬ولذلك اختلفوا ‪ ،‬فبعث ال إليهم‬
‫النبياء هداة ومبشرين ومنذرين ‪ ،‬وأنزل معهم الكتب مشتملة على الق ‪ ،‬لتكون هى‬
‫الكم بي الناس فينقطع التنازع ‪ ،‬ولكن الذين انتفعوا بدى النبيي هم الذين آمنوا‬
‫فقط ‪ ،‬والذين هداهم ال ف موضع الختلف إل الق ‪ ،‬وال هو الذى يوفق أهل‬
‫الق إذا أخلصوا ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫أَ ْم َحسِبُْتمْ أَ ْن َتدْخُلُوا الْجَّن َة َولَمّا َي ْأتِ ُكمْ مََث ُل اّلذِينَ خَلَوْا ِم ْن قَبْ ِل ُكمْ َمسّ ْت ُهمُ الَْبأْسَاءُ‬
‫صرَ ال ّلهِ‬
‫ص ُر اللّ ِه َألَا إِ ّن نَ ْ‬
‫ضرّا ُء وَ ُزلْ ِزلُوا حَتّى َيقُولَ ال ّرسُولُ وَالّذِينَ َآمَنُوا َمعَ ُه مَتَى نَ ْ‬
‫وَال ّ‬
‫ك مَاذَا يُ ْنفِقُو َن ُقلْ مَا أَْن َفقُْتمْ ِم ْن خَيْ ٍر فَلِ ْلوَاِل َديْ ِن وَاْلَأ ْقرَبِيَ‬
‫سَألُونَ َ‬
‫َقرِيبٌ (‪َ )214‬ي ْ‬
‫ي وَابْ ِن السّبِيلِ َومَا َت ْفعَلُوا مِ ْن خَ ْيرٍ َفإِ ّن ال ّلهَ ِبهِ عَلِيمٌ (‪ )215‬كُتِبَ‬
‫وَالْيَتَامَى وَالْ َمسَاكِ ِ‬
‫حبّوا‬
‫عَلَ ْي ُكمُ اْلقِتَا ُل وَ ُهوَ ُك ْرهٌ لَ ُكمْ وَ َعسَى أَ ْن تَ ْك َرهُوا شَيْئًا َوهُ َو خَ ْيرٌ َل ُكمْ وَ َعسَى أَ ْن تُ ِ‬
‫شَيْئًا َوهُ َو َشرّ َل ُكمْ وَاللّ ُه َيعْ َلمُ َوَأنْتُ ْم لَا َتعْلَمُونَ (‪)216‬‬

‫‪ -214‬فهل حسبتم أن تدخلوا النة بجرد إقراركم بكلمة السلم بدون أن تصابوا‬
‫بثل ما أصاب الذين من قبلكم ‪ ،‬فقد أصابتهم الشدائد والنوازل وزلزلوا حت بلغ بم‬
‫المر أن قال رسولم نفسه وقالوا معه ‪ :‬مت نصر ال؟ فَيِب ّر ربم بوعده فيجابون‬
‫عندئذٍ بأن نصر ال قريب ‪.‬‬
‫‪ -215‬يسألك الؤمنون ف شأن النفاق فقل لم ‪ :‬إن النفاق يكون من الال‬
‫الطيب ‪ ،‬ويعْطَى للوالدين والقربي واليتامى والساكي ومن انقطع عن ماله وأهله ‪،‬‬
‫وما تفعلوا من عمل خي فإن ال يعلمه وهو يثيبكم عليه ‪.‬‬
‫‪ -216‬فإذا كان ف النفاق على اليتامى والساكي وغيهم حاية للمجتمع ف داخله‬
‫فإن القتال حاية له من أعدائه ف الارج ‪ ،‬ولذلك فرض عليكم ‪ -‬أيها السلمون ‪-‬‬
‫القتال لماية دينكم والدفاع عن أنفسكم ‪ ،‬وأن نفوسكم بكم جبلتها تكره القتال‬
‫كرها شديدا ‪ ،‬ولكن ربا كرهتم ما فيه خيكم وأحببتم ما فيه شركم ‪ ،‬وال يعلم ما‬
‫غاب من مصالكم عنكم ‪ ،‬وأنتم ل تعلمون فاستجيبوا لا فرض عليكم ‪.‬‬

‫صدّ َع ْن سَبِي ِل اللّ ِه وَ ُك ْفرٌ ِبهِ‬


‫ي وَ َ‬
‫حرَا ِم قِتَا ٍل فِي ِه ُقلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِ ٌ‬
‫ش ْهرِ الْ َ‬
‫َيسَْألُوَنكَ َعنِ ال ّ‬
‫ج َأهْ ِلهِ مِ ْن ُه أَكَْبرُ عِ ْندَ ال ّل ِه وَاْلفِتَْنةُ أَكَْب ُر ِمنَ اْلقَ ْتلِ َولَا َيزَالُونَ‬
‫حرَا ِم وَِإ ْخرَا ُ‬
‫ج ِد الْ َ‬
‫وَالْ َمسْ ِ‬
‫ُيقَاتِلُوَنكُ ْم حَتّى َي ُردّو ُكمْ َع ْن دِينِ ُك ْم إِنِ اسْتَطَاعُوا َو َمنْ َي ْرَتدِ ْد مِ ْنكُمْ َع ْن دِيِنهِ فََيمُتْ‬
‫ب النّارِ ُه ْم فِيهَا‬
‫صحَا ُ‬
‫ت أَ ْعمَالُ ُهمْ فِي ال ّدنْيَا وَالْ َآ ِخ َرةِ َوأُولَِئكَ أَ ْ‬
‫وَ ُهوَ كَافِ ٌر َفأُولَِئكَ حَبِطَ ْ‬
‫خَاِلدُونَ (‪)217‬‬

‫‪59‬‬
‫‪ -217‬وقد كره السلمون القتال ف الشهر الرام فسألوك عنه ‪ ،‬فقل لم ‪ :‬نعم إن‬
‫القتال ف الشهر الرام إث كبي ‪ ،‬ولكن أكب منه ما حدث من أعدائكم من صد عن‬
‫سبيل ال وعن السجد الرام ‪ ،‬وإخراج السلمي من مكة ‪ ،‬وقد كان إيذاؤهم‬
‫للمسلمي لخراجهم من دينهم أكب من كل قتل ‪ ،‬ولذلك أُبيح القتال ف الشهر‬
‫الرام لقمع هذه الشرور ‪ ،‬فهو عمل كبي يُتقى به ما هو أكب منه ‪ .‬واعلموا ‪ -‬أيها‬
‫السلمون ‪ -‬أن سبيل هؤلء معكم سبيل التجن والظلم ‪ ،‬وأنم ل يقبلون منكم العدل‬
‫والنطق ‪ ،‬ول يزالون يقاتلونكم حت يردوكم عن دينكم إن استطاعوا ‪ ،‬ومن يضعف‬
‫أمام هجماتم ويرتد عن دينه حت يوت على الكفر فأولئك بطلت أعمالم الصالة ف‬
‫الدنيا والخرة ‪ ،‬وأولئك أهل النار هم فيها خالدون ‪.‬‬

‫إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَاّلذِي َن هَا َجرُوا وَجَا َهدُوا فِي سَبِي ِل اللّ ِه أُولَِئكَ َي ْرجُونَ َرحْ َم َة ال ّلهِ وَاللّهُ‬
‫ي َومَنَافِ ُع لِلنّاسِ‬
‫سرِ ُق ْل فِيهِمَا ِإثْمٌ كَبِ ٌ‬
‫خ ْمرِ وَالْمَ ْي ِ‬
‫َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )218‬يسَْألُوَنكَ َعنِ الْ َ‬
‫ك يُبَّينُ ال ّل ُه لَ ُكمُ اْل َآيَاتِ‬
‫سَألُوَنكَ مَاذَا يُ ْن ِفقُو َن ُقلِ اْل َعفْوَ َك َذلِ َ‬
‫وَِإثْ ُمهُمَا أَكَْبرُ مِ ْن َن ْفعِهِمَا َويَ ْ‬
‫َلعَلّ ُكمْ تََت َف ّكرُونَ (‪)219‬‬

‫‪ -218‬وإن الذين آمنوا إيانا صادقا دفعهم إل الجرة لنصرة الدين والهاد لعلء‬
‫كلمته فأولئك ينتظرون عظيم ثواب ال لم ‪ ،‬وإن قصروا ف شئ ‪ ،‬لن ال غفور يغفر‬
‫الذنوب ‪ ،‬رحيم يرحم عباده بالداية والثواب ‪.‬‬
‫‪ -219‬ويسألونك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬عن حكم المر والقمار ‪ ،‬فقل ‪ :‬إن فيهما ضررا‬
‫كبيا من إفساد الصحة وذهاب العقل والال وإثارة البغضاء والعدوان بي الناس ‪،‬‬
‫وفيهما منافع وبعض النافع الصحية والربح السهل ‪ ،‬ولكن ضررها أكب من نفعهما‬
‫فاجتنبوها ‪ .‬ويسألونك عمّا ينفقون ‪ ،‬فأجبهم أن ينفقوا ف ذات ال السهل اليسي‬
‫الذى ل يشق عليكم إنفاقه ‪ ،‬كذلك يبي ال لكم اليات لعلكم تتفكرون فيما يعود‬
‫عليكم من مصال الدنيا والخرة ‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫ح َلهُ ْم خَ ْيرٌ َوإِ ْن تُخَالِطُو ُهمْ‬
‫سأَلُونَكَ َع ِن الْيَتَامَى ُق ْل إِصْلَا ٌ‬
‫فِي الدّنْيَا وَاْلآَ ِخ َرةِ َوَي ْ‬
‫ح َوَلوْ شَا َء ال ّلهُ َلأَعْنََت ُكمْ إِ ّن ال ّلهَ َعزِي ٌز حَكِيمٌ (‬
‫س َد ِمنَ الْمُصْلِ ِ‬
‫َفإِ ْخوَاُنكُ ْم وَال ّلهُ يَعْ َل ُم الْ ُمفْ ِ‬
‫شرِ َكةٍ َوَلوْ أَ ْعجَبَ ْت ُكمْ‬
‫‪ )220‬وَلَا تَنْكِحُوا الْ ُمشْرِكَاتِ حَتّى يُ ْؤ ِمنّ َوَلأَ َم ٌة مُ ْؤمَِنةٌ خَ ْي ٌر ِمنْ ُم ْ‬
‫ي حَتّى ُيؤْمِنُوا َوَلعَبْ ٌد ُمؤْ ِم ٌن خَ ْيرٌ ِم ْن ُمشْرِ ٍك َوَلوْ أَ ْعجََبكُ ْم أُولَِئكَ‬
‫وَلَا تُنْكِحُوا الْ ُمشْرِ ِك َ‬
‫س َلعَلّ ُهمْ‬
‫َيدْعُو َن ِإلَى النّارِ وَال ّلهُ َيدْعُو إِلَى الْجَّن ِة وَالْ َم ْغ ِف َرةِ ِبِإ ْذنِ ِه َويُبَّينُ َآيَاِتهِ لِلنّا ِ‬
‫ض ُقلْ هُ َو َأذًى فَاعَْت ِزلُوا الّنسَا َء فِي الْ َمحِيضِ‬
‫يََتذَ ّكرُونَ (‪َ )221‬وَيسَْألُوَنكَ َعنِ الْ َمحِي ِ‬
‫ث َأ َمرَ ُكمُ ال ّلهُ إِ ّن ال ّلهَ ُيحِبّ‬
‫وَلَا َتقْ َربُو ُهنّ حَتّى يَ ْطهُرْ َن َفِإذَا تَ َط ّهرْ َن َفأْتُو ُه ّن ِمنْ حَيْ ُ‬
‫حبّ الْمَُت َط ّهرِينَ (‪)222‬‬
‫ي وَيُ ِ‬
‫التّوّابِ َ‬

‫‪ -220‬ويسألونك بشأن اليتامى والذى يوجبه السلم حيالم ‪ ،‬فقل ‪ :‬إن الي لكم‬
‫ولم ف إصلحهم ‪ ،‬وأن تضمّوهم إل بيوتكم ‪ ،‬وأن تالطوهم بقصد الصلح ل‬
‫الفساد ‪ ،‬فهم إخوانكم ف الدنيا يستدعون منكم هذه الخالطة ‪ ،‬وال يعلم الفسد من‬
‫الصلح منكم فاحذروا ‪ .‬ولو شاء ال لشق عليكم ‪ ،‬فألزمكم رعاية اليتامى من غي‬
‫مالطة لم ‪ ،‬أو تركهم من غي بيان الواجب لم ‪ ،‬فيبون على بغض الماعة ويكون‬
‫ذلك إفسادا لماعتكم وإعناتا لكم ‪ ،‬إذ إن قهرهم وذلم يعل منهم البغضي‬
‫للجماعة الفسدين فيها ‪ ،‬وإن ال عزيز غالب على أمره ‪ ،‬ولكنه حكيم ل يشرع إل‬
‫ما فيه مصلحتكم ‪.‬‬
‫‪ -221‬وإذا كانت مالطة اليتامى ل حرج فيها فإن الرج ف مالطة أهل الشرك ‪ ،‬فل‬
‫ينكح الؤمن مشركة ل تدين بكتاب ساوى ‪ ،‬ول يمل الرء منكم على زواج الشركة‬
‫مالا وجالا وحسبها ونسبها ‪ .‬فالؤمنة الت وقع عليها الرق خي من الشركة الرة‬
‫ذات الال والمال والسب والنسب ‪ ،‬ول يزوج الرء منكم من له عليه ولية من‬
‫النساء مشركا ل يؤمن بالكتب السماوية ‪ ،‬ول يبعث أحدكم على إيثار الشرك غناه‬
‫وشرفه ‪ ،‬فخي منه العبد الؤمن ‪ ،‬فأولئك الشركون يتذبون عشراءهم إل العصية‬
‫والشرك فيستوجبون النار ‪ .‬وال إذ يدعوكم إل اعتزال الشركي ف النكاح يدعوكم‬
‫إل ما فيه صلحكم ورشادكم لتنالوا النة والغفرة ‪ ،‬وتسيوا ف طريق الي‬

‫‪61‬‬
‫بتيسيه ‪ ،‬وال يبي شرائعه وهديه للناس لعلهم يعرفون صلحهم ورشادهم ‪.‬‬
‫‪ -222‬ويسألونك عن إتيان الزوجات زمن الحيض ‪ ،‬فأجبهم ‪ :‬أن الحيض أذى‬
‫فامتنعوا عن إتيانن مدته ‪ ،‬ول تأتوهن حت يطهرن ‪ ،‬فإذا تطهرن فأتوهن ف الكان‬
‫الطبيعى ‪ ،‬ومن كان وقع منه شئ من ذلك فليتب ‪ ،‬فإن ال يب من عباده كثرة التوبة‬
‫والطهارة من القذار والفحش ‪.‬‬

‫سكُ ْم وَاّتقُوا اللّ َه وَاعْلَمُوا َأّنكُمْ‬


‫ِنسَاؤُ ُكمْ َح ْرثٌ َل ُكمْ َف ْأتُوا حَ ْرثَ ُك ْم َأنّى شِئْتُ ْم َو َقدّمُوا ِلَأنْ ُف ِ‬
‫ض ًة ِلَأيْمَاِن ُكمْ أَ ْن تََبرّوا َوتَتّقُوا‬
‫جعَلُوا اللّهَ ُعرْ َ‬
‫شرِ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )223‬وَلَا تَ ْ‬
‫مُلَاقُوهُ َوَب ّ‬
‫وَتُصْ ِلحُوا بَ ْينَ النّاسِ وَال ّلهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪ )224‬لَا ُيؤَا ِخذُ ُكمُ ال ّلهُ بِال ّلغْ ِو فِي َأيْمَانِ ُكمْ‬
‫ت قُلُوُبكُ ْم وَال ّلهُ َغفُورٌ حَلِيمٌ (‪ )225‬لِ ّلذِي َن يُ ْؤلُونَ ِمنْ‬
‫وََل ِكنْ ُيؤَا ِخذُ ُكمْ بِمَا َكسَبَ ْ‬
‫ِنسَاِئهِ ْم َت َربّصُ أَ ْرَب َعةِ َأ ْشهُ ٍر َفإِ ْن فَاءُوا َفإِنّ ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )226‬وإِنْ َع َزمُوا الطّلَاقَ‬
‫َفإِنّ ال ّلهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪)227‬‬

‫‪ -223‬زوجاتكم هن موضع النسل كموضع البذر ينبت النبات ‪ ،‬فيباح لكم أن‬
‫تأتوهن على أية طريقة تشاءون إذا كان ذلك ف موضع نسل ‪ ،‬واتقوا ال أن تعصوه‬
‫ف مالطة الرأة ‪ ،‬واعلموا أنكم ملقوه ومسئولون عنده ‪ ،‬والبشرى للذين يقفون عند‬
‫حدوده تعال فل يتعدونا ‪.‬‬
‫‪ -224‬ل تعلوا اسم ال معرّضا لكثرة اللف به ‪ ،‬لن ذلك يناف تعظيم اسم ال ‪،‬‬
‫وأن المتناع عن كثرة اللف باسم ال يؤدى إل الب والتقوى والقدرة على الصلح‬
‫بي الناس ‪ ،‬إذ يكون المتنع جليل القدر ف أعي الناس موثوقا به بينهم فيقبل قوله ‪،‬‬
‫وال سيع لقوالكم وأيانكم ‪ ،‬عليم بنياتكم ‪.‬‬
‫‪ -225‬عفا ال عنكم ف بعض اليان ‪ ،‬فما جرى على اللسنة من صور اليان ول‬
‫يصحبه قصد ول عقد قلب ‪ ،‬أو كان يلف على شئ يعتقده حصل وهو ل يصل فإن‬
‫ال ل يؤاخذ عليه ‪ ،‬ولكن يؤاخذكم با كسبت قلوبكم من عزم على إيقاع فعل أو‬
‫عدم إيقاعه ‪ .‬وعلى الكذب ف القول مع التوثيق باليمي ‪ ،‬فال غفور لن يتوب ‪ ،‬حليم‬
‫يعفو عما ل يكتسبه القلب ‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -226‬وهؤلء الذين حلفوا أل يقربوا نساءهم يُ ْمهَلُو َن أربعة أشهر ‪ ،‬فإن أتوا‬
‫نساءهم ف أثنائها استمر الزواج وعليهم كفارة اليمي وغفر لم وتقبل منهم الكفارة‬
‫رحة بم ‪.‬‬
‫‪ -227‬وإن ل يأتوا نساءهم ف هذه الدة كان ذلك إضرارا بالرأة ‪ ،‬فليس إل‬
‫الطلق ‪ ،‬وال سيع ليانم عليم بأحوالم وماسبهم على ذلك يوم القيامة ‪.‬‬

‫ح ّل َلهُ ّن أَ ْن يَكْتُ ْم َن مَا خَلَ َق ال ّلهُ فِي‬


‫س ِهنّ ثَلَاَثةَ ُقرُو ٍء وَلَا يَ ِ‬
‫صنَ ِبَأنْ ُف ِ‬
‫وَالْمُطَ ّلقَاتُ يََت َربّ ْ‬
‫ك إِنْ أَرَادُوا‬
‫أَ ْرحَا ِمهِ ّن إِنْ ُك ّن ُيؤْ ِم ّن بِال ّلهِ وَالَْيوْمِ اْل َآخِ ِر َوبُعُولَتُ ُه ّن أَ َح ّق ِبرَ ّد ِهنّ فِي َذلِ َ‬
‫ف َولِل ّرجَالِ عَلَ ْي ِه ّن دَ َرجَ ٌة وَال ّلهُ َعزِيزٌ َحكِيمٌ (‬
‫إِصْلَاحًا وََل ُه ّن مِ ْثلُ اّلذِي َعلَ ْي ِهنّ بِالْ َمعْرُو ِ‬
‫‪)228‬‬

‫‪ -228‬وعلى الطلقات أن ينتظرن دون التطلع إل زواج يستأنف مدة ثلث حيضات‬
‫‪ ،‬استباء للرحم ‪ ،‬وفسحة لحتمال الراجعة ‪ ،‬ول يل ل ّن أن يكتمن ما يكون ف‬
‫أرحامهن من جني أو دم حيض ‪ ،‬وذلك شأن الؤمنات بال ولقائه ف اليوم الخر ‪،‬‬
‫وأزواجهن لم الق ف إرجاعهن للزوجية ثانيا مدة العدة ‪ ،‬وعلى الزواج عند‬
‫استعمال هذا الق أن يقصدوا إل الصلح ل الضرة ‪ ،‬وللزوجات من القوق مثل ما‬
‫عليهن من الواجبات با ل ينكره الشرع الشريف ‪ ،‬وللرجال عليهن درجة الرعاية‬
‫والحافظة على الياة الزوجية وشئون الولد وال سبحانه فوق عباده يشرع لم ما‬
‫يتفق مع الكمة ‪.‬‬

‫ح ّل َلكُ ْم أَ ْن َتأْ ُخذُوا مِمّا‬


‫ح ِبِإ ْحسَا ٍن َولَا يَ ِ‬
‫سرِي ٌ‬
‫ف أَ ْو َت ْ‬
‫ق َم ّرتَانِ َفِإ ْمسَاكٌ بِ َم ْعرُو ٍ‬
‫الطّلَا ُ‬
‫َآتَيْتُمُو ُهنّ شَيْئًا ِإلّا أَ ْن يَخَافَا َألّا ُيقِيمَا حُدُودَ ال ّلهِ َفإِ ْن ِخفْتُ ْم َألّا ُيقِيمَا حُدُودَ ال ّلهِ فَلَا‬
‫ك ُحدُودُ ال ّل ِه فَلَا َتعَْتدُوهَا َو َمنْ يََت َع ّد حُدُودَ ال ّلهِ َفأُولَِئكَ‬
‫جُنَاحَ عَلَ ْيهِمَا فِيمَا افَْت َدتْ ِب ِه تِلْ َ‬
‫هُ ُم الظّالِمُونَ (‪)229‬‬

‫‪ -229‬الطلق مرّتان يكون للزوج بعد كل واحدة منها الق ف أن يسك زوجته‬
‫برجعتها ف العدة أو إعادتا إل عصمته بعقد جديد ‪ ،‬وف هذه الال يب أن يكون‬

‫‪63‬‬
‫قصده المساك بالعدل والعاملة بالسن ‪ ،‬أو أن ينهى الياة الزوجية مع العاملة‬
‫السنة وإكرامها من غي مافاة ‪ .‬ول يل لكم ‪ -‬أيها الزواج ‪ -‬أن تأخذوا ما‬
‫أعطيتموهن شيئا إل عند خشية عدم إقامة حقوق الزوجية الت بينها ال سبحانه وتعال‬
‫وألزم با ‪ .‬فإن خفتم ‪ -‬يا معشر السلمي ‪ -‬أل تؤدّى الزوجات حقوق الزوجية‬
‫سليمة كما بينها ال فقد شرع للزوجة أن تقدم مال ف مقابل افتراقها عن زوجها ‪،‬‬
‫وهذه هى أحكام ال القررة فل تالفوها وتتجاوزوها لن من يفعل ذلك ظال لنفسه‬
‫وظال للمجتمع الذى يعيش فيه ‪.‬‬

‫ح ّل لَ ُه ِمنْ َب ْعدُ حَتّى تَنْكِحَ َزوْجًا غَ ْي َر ُه َفإِنْ طَ ّل َقهَا فَلَا جُنَاحَ عَ َل ْيهِمَا أَنْ‬
‫َفإِنْ طَ ّل َقهَا فَلَا تَ ِ‬
‫ك ُحدُودُ ال ّل ِه يُبَيُّنهَا ِل َقوْ ٍم يَعْلَمُونَ (‪ )230‬وَِإذَا‬
‫يََترَا َجعَا إِنْ ظَنّا أَ ْن ُيقِيمَا ُحدُو َد ال ّلهِ َوتِلْ َ‬
‫ف َأوْ َس ّرحُو ُهنّ بِ َم ْعرُوفٍ وَلَا‬
‫طَ ّلقُْت ُم النّسَا َء فَبَ َل ْغنَ أَجَ َل ُهنّ َفَأ ْمسِكُو ُه ّن بِ َم ْعرُو ٍ‬
‫ت ال ّلهِ ُه ُزوًا‬
‫خذُوا َآيَا ِ‬
‫سهُ َولَا تَتّ ِ‬
‫ضرَارًا لَِتعْتَدُوا َو َمنْ َي ْف َعلْ َذِلكَ َف َقدْ ظَ َلمَ نَ ْف َ‬
‫سكُوهُنّ ِ‬
‫تُ ْم ِ‬
‫حكْ َمةِ َيعِ ُظكُ ْم ِبهِ وَاّتقُوا ال ّلهَ‬
‫وَاذْ ُكرُوا ِنعْ َمةَ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ َومَا َأْنزَلَ عَلَ ْي ُك ْم ِمنَ اْلكِتَابِ وَالْ ِ‬
‫وَاعْ َلمُوا أَ ّن ال ّلهَ ِب ُكلّ َشيْءٍ عَلِيمٌ (‪)231‬‬

‫‪ -230‬فإن طلق الزوج امرأته مرة ثالثة بعد التطليقتي السابقتي فل تل له حينئذ إل‬
‫ج الثان وصارت‬
‫بعد أن تتزوج زوجا غيه ويدخل با ‪ ،‬فإن طلقها من بعد ذلك الزو ُ‬
‫ل لن يعقد عليها عقدا جديدا فل إث عليها ول على زوجها الول ف أن يستأنفا‬
‫أه ً‬
‫حياة زوجية جديدة بعقد جديد ‪ ،‬وعليهما أن يعتزما إقامة حياة زوجية صالة تراعى‬
‫ت هذه الدود لن‬
‫فيها كل الحكام الشرعية الت حددها ال سبحانه وتعال ‪ ،‬وقد بُيّنَ ْ‬
‫يؤمن بالشرع السلمى ويريد العلم والعمل به ‪.‬‬
‫‪ -231‬وإذا طلقتم النساء فشارفن انتهاء عدتن ‪ ،‬فلكم أن تراجعوهن قاصدين إقامة‬
‫العدل وحسن الصحبة وعدم الضارة ‪ ،‬ولكم أن تتركوهن لتنقضى عدتن ملحظي‬
‫العاملة اللئقة عند الفراق من غي جفوة ‪ ،‬ول يوز أن يكون القصد من الراجعة‬
‫مضارة الرأة وتطويل عدتا ‪ ،‬ومن يفعل ذلك فقد َحرَم نفسه سعادة الياة الزوجية‬
‫وثقة الناس به واستحق سخط ال عليه ‪ ،‬ول تتخذوا أحكام ال ف السرة ‪ -‬الت‬

‫‪64‬‬
‫جاءت با اليات وجعلت زمام السرة بيد الوكيل ‪ -‬سخرية ولوا وعبثا ‪ ،‬تطلّقون‬
‫لغي سبب وترجعونا مضارة وإيذاء ‪ .‬واذكروا نعمة ال عليكم بتنظيم الياة الزوجية‬
‫تنظيما عاليا ‪ ،‬وبا أنزل عليكم من كتاب مبي للرسالة الحمدية والعلوم النافعة‬
‫والمثال والقصص الت با تتعظون وتتدون ‪ ،‬واتذوا بينكم وبي غضب ال وقاية‬
‫واعلموا أن ال يعلم سركم وجهركم ونياتكم وأعمالكم وهو مازيكم با كنتم‬
‫تعملون ‪.‬‬

‫ح َن أَ ْزوَاجَ ُه ّن ِإذَا َترَاضَوْا بَيَْنهُمْ‬


‫وَِإذَا طَ ّلقُْتمُ الّنسَا َء فَبَ َل ْغنَ َأجَ َل ُهنّ فَلَا َتعْضُلُو ُهنّ أَ ْن يَ ْنكِ ْ‬
‫بِالْ َم ْعرُوفِ َذِلكَ يُوعَظُ بِ ِه َمنْ كَانَ مِنْ ُكمْ يُ ْؤ ِمنُ بِال ّلهِ وَالْيَوْ ِم اْلآَ ِخرِ ذَِل ُكمْ أَزْكَى لَ ُكمْ‬
‫ض ْع َن أَ ْولَادَ ُهنّ َح ْولَ ْينِ كَامِلَ ْينِ‬
‫وَأَ ْط َه ُر وَال ّل ُه َيعْلَ ُم َوأَنُْت ْم لَا َتعْلَمُونَ (‪ )232‬وَاْلوَاِلدَاتُ ُيرْ ِ‬
‫س َوُتهُ ّن بِالْ َم ْعرُوفِ لَا ُتكَلّفُ‬
‫لِ َمنْ أَرَا َد أَ ْن يُِتمّ الرّضَا َعةَ وَعَلَى الْ َموْلُودِ َلهُ رِ ْز ُق ُهنّ وَ ِك ْ‬
‫ك َفإِنْ‬
‫َنفْسٌ ِإلّا ُو ْسعَهَا لَا تُضَا ّر وَاِل َدةٌ ِب َولَ ِدهَا َولَا َم ْولُودٌ لَ ُه ِبوََل ِدهِ وَعَلَى اْلوَا ِرثِ مِ ْث ُل َذلِ َ‬
‫ضعُوا‬
‫ض مِ ْنهُمَا َوتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَ ْيهِمَا َوإِنْ أَ َر ْدُتمْ أَ ْن َتسَْترْ ِ‬
‫أَرَادَا فِصَالًا َع ْن َترَا ٍ‬
‫ف وَاّتقُوا اللّ َه وَاعْلَمُوا أَ ّن ال ّلهَ‬
‫أَ ْولَادَكُ ْم فَلَا جُنَاحَ عَ َل ْيكُ ْم ِإذَا سَلّمُْت ْم مَا َآتَيُْتمْ بِالْ َمعْرُو ِ‬
‫بِمَا َتعْمَلُو َن بَصِيٌ (‪)233‬‬

‫‪ -232‬وإذا طلقتم النساء وأتمتم عدتن ‪ ،‬وأرادت إحداهن أن تستأنف زواجا‬


‫جديدا من الطلق أو من رجل آخر غيه ‪ ،‬فل يل للولياء ول للزوج الطلق أن‬
‫ينعوه ّن من ذلك إذا تراضى الطرفان على عقد جديد وإرادة حياة كرية تؤدى إل‬
‫حسن العشرة بينهما ‪ ،‬ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بال وباليوم الخر ‪ ،‬ذلكم‬
‫أدعى إل تنمية العلقات الشريفة ف متمعكم وأطهر ف نفوسكم من الدناس‬
‫والعلقات الريبة ‪ ،‬وال يعلم من مصال البشر وأسرار نفوسهم ما يهلون الوصول‬
‫إليه ‪.‬‬
‫‪ -233‬وعلى المهات أن يقمن بإرضاع أولدهن مدة عامي تامي مراعاة لصلحة‬
‫الطفل ‪ ،‬إذا طلب أحد الوالدين أو كلها استيفاء مدة الرضاعة تامة لحتياج الولد‬
‫إليها ‪ ،‬ويلزم الوالد ‪ -‬باعتبار الولد منسوبا إليه ‪ -‬بالنفاق على المهات حينئذٍ‬

‫‪65‬‬
‫بإطعامهن وكسوتن على قدر طاقته بل إسراف ول تقتي ‪ .‬ول ينبغى أن يُهضَم حق‬
‫الم ف نفقتها أو حضانة ولدها ‪ ،‬كما ل ينبغى أن يكون الولد سببا ف إلاق الضرر‬
‫بأبيه بأن يكلف فوق طاقته أو يرم حقه ف ولده ‪ ،‬وإذا مات الب أو كان فقيا‬
‫عاجزا عن الكسب كانت النفقة على وارث الولد لو كان له مال ‪ ،‬فإن رغب‬
‫الوالدان أو كلها ف فطام الطفل قبل تام العامي وقد تراضيا على ذلك ونظرا إل‬
‫مصلحة الرضيع فل تبعة عليهما ‪ ،‬وإذا شئتم ‪ -‬أيها الباء ‪ -‬أن تتخذوا مراضع‬
‫للطفال غي أمهاتم فل تبعة عليكم ف ذلك ‪ ،‬ولتدفعوا إليهن ما اتفقتم عليه من‬
‫الجر بالرضا والحاسنة ‪ ،‬وراقبوا ال ف أعمالكم ‪ ،‬واعلموا أنه مطلع عليها ومازيكم‬
‫با ‪.‬‬

‫شرًا َفِإذَا بَ َل ْغنَ‬


‫س ِهنّ أَ ْرَبعَ َة َأشْ ُه ٍر وَ َع ْ‬
‫وَاّلذِي َن يَُتوَ ّفوْ َن مِنْ ُك ْم وََيذَرُو َن أَ ْزوَاجًا يََت َربّصْ َن ِبَأنْ ُف ِ‬
‫ف وَال ّل ُه بِمَا تَعْمَلُو َن خَبِيٌ (‬
‫س ِهنّ بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫أَجَ َل ُه ّن فَلَا جُنَاحَ عَلَ ْي ُكمْ فِيمَا َفعَ ْل َن فِي َأنْ ُف ِ‬
‫‪ )234‬وَلَا جُنَاحَ عَلَ ْيكُ ْم فِيمَا َعرّضُْت ْم ِبهِ مِ ْن خِطَْبةِ الّنسَا ِء َأوْ أَكْنَنُْت ْم فِي َأْن ُفسِ ُكمْ عَ ِلمَ‬
‫اللّ ُه َأنّ ُكمْ سََتذْ ُكرُوَن ُهنّ َوَلكِ ْن لَا ُتوَا ِعدُو ُهنّ ِسرّا ِإلّا أَ ْن َتقُولُوا َق ْولًا َم ْعرُوفًا َولَا َت ْعزِمُوا‬
‫ب َأجَلَ ُه وَاعْلَمُوا أَ ّن ال ّلهَ َيعْ َلمُ مَا فِي َأْن ُفسِ ُكمْ فَاحْذَرُوهُ‬
‫ح حَتّى يَبْ ُل َغ الْكِتَا ُ‬
‫ُع ْق َدةَ الّنكَا ِ‬
‫وَاعْ َلمُوا أَ ّن ال ّلهَ َغفُو ٌر حَلِيمٌ (‪)235‬‬

‫‪ -234‬والذين يُتَو ّفوْن منكم من الرجال ويتركون زوجات لم غي حوامل فعليهن أن‬
‫يكثن بعدهم دون تعرض للزواج مدة أربعة أشهر هللية وعشر ليال بأيامها استباء‬
‫للرحم ‪ .‬فإذا انتهت هذه الدة فل تبعة عليكم أيها الولياء لو تركتموهن يأتي من‬
‫شريف العمال الت يرضاها الشرع ليصلن با إل الزواج ‪ .‬فل ينبغى أن تنعوهن من‬
‫ذلك ول يوز لن أن يأتي من العمال ما ينكره الشرع ويأباه ‪ ،‬فإن ال مطلع على‬
‫سرائركم ويعلم أعمالكم فيحاسبكم على ما تعملون ‪.‬‬
‫‪ -235‬ول إث عليكم ‪ -‬أيها الرجال ‪ -‬ف مدة العدة إذا ألحتم للمعتدات من وفاة‬
‫بالزواج وأضمرت ذلك ف قلوبكم ‪ ،‬فإن ال يعلم أنكم ل تصبون عن التحدث ف‬
‫شأنن ليل الرجال إل النساء بالفطرة ‪ ،‬ولذا أباح لكم التلويح دون التصريح ‪ ،‬فل‬

‫‪66‬‬
‫تعطوهن وعدا بالزواج إل أن يكون ذلك إشارة ل نكر فيها ول فحش ‪ ،‬ول تبموا‬
‫عقد الزواج حت تنقضى العدة ‪ ،‬وأيقنوا أن ال مطلع على ما تفونه ف قلوبكم ‪،‬‬
‫فخافوا عقابه ول تقدموا على ما ناكم عنه ‪ ،‬ول تيأسوا من رحته إن خالفتم أمره فإنه‬
‫واسع الغفرة يقبل التوبة من عباده ويعفو عن السيئات ‪ ،‬كما أنه حليم ل يعجل‬
‫بالعقوبة لن انتهك الحرمات ‪.‬‬

‫ض ًة وَمَّتعُو ُهنّ عَلَى‬


‫لَا جُنَاحَ عَلَ ْي ُكمْ إِنْ طَ ّلقُْتمُ الّنسَا َء مَا َلمْ تَ َمسّو ُهنّ َأ ْو َتفْرِضُوا َل ُه ّن َفرِي َ‬
‫حسِِنيَ (‪ )236‬وَإِنْ‬
‫ف َحقّا عَلَى الْمُ ْ‬
‫الْمُوسِ ِع َقدَ ُرهُ وَعَلَى الْ ُمقِْترِ َقدَ ُر ُه مَتَاعًا بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫ف مَا َفرَضُْتمْ ِإلّا أَنْ‬
‫ضةً فَنِصْ ُ‬
‫طَ ّلقْتُمُو ُهنّ ِم ْن قَ ْبلِ أَ ْن تَ َمسّو ُهنّ َو َقدْ َفرَضُْت ْم َل ُهنّ َفرِي َ‬
‫سوُا اْلفَضْلَ‬
‫ب لِلّت ْقوَى َولَا تَ ْن َ‬
‫َيعْفُونَ أَ ْو َيعْ ُفوَ اّلذِي بِيَ ِدهِ ُع ْق َدةُ الّنكَاحِ َوأَ ْن َتعْفُوا َأ ْقرَ ُ‬
‫بَيَْنكُ ْم إِ ّن اللّ َه بِمَا تَعْمَلُو َن بَصِيٌ (‪ )237‬حَافِظُوا َعلَى الصّ َلوَاتِ وَالصّلَاةِ اْلوُسْطَى‬
‫َوقُومُوا لِ ّلهِ قَانِتِيَ (‪َ )238‬فإِنْ ِخفُْتمْ َف ِرجَالًا َأوْ رُكْبَانًا َفِإذَا َأمِنُْتمْ فَاذْ ُكرُوا اللّهَ َكمَا‬
‫عَلّ َم ُك ْم مَا َلمْ تَكُونُوا َتعْلَمُونَ (‪)239‬‬

‫‪ -236‬ول إث عليكم ‪ -‬أيها الزواج ‪ -‬ول مهر إذا طلقتم زوجاتكم قبل الدخول‬
‫بن وقبل أن تُقدّروا لن مهرَا ‪ ،‬ولكن أعطوهن عطية من الال يتمتعن با لتخفيف آلم‬
‫نفوسهن ‪ ،‬ولتكن عن رضا وطيب خاطر ‪ ،‬وليدفعها الغن بقدر وسعه والفقي بقدر‬
‫حاله ‪ ،‬وهذه العطية من أعمال الب الت يلتزمها ذوو الروءات وأهل الي والحسان ‪.‬‬
‫‪ -237‬وإذا طلقتم النساء قبل الدخول بنّ بعد تقدير مهورهن ‪ ،‬فقد وجب لن‬
‫نصف الهر القدر ويدفع إليهن ‪ ،‬إل إذا تنازلت عنه الزوجة ‪ ،‬كما أّنهُ ّن ل يعطي أكثر‬
‫من النصف إل إذا سحت نفس الزوج فأعطاها الهر كله ‪ ،‬وساحة كل من الزوجي‬
‫أكرم وأرضى عند ال وأليق بأهل التقوى فل تتركوها ‪ ،‬واذكروا أن الي ف التفضل‬
‫وحسن العاملة ‪ ،‬لن ذلك أجلب للمودة والتحاب بي الناس ‪ ،‬وال مطلع على‬
‫ضمائركم وسيجازيكم على ما تتفضلون ‪.‬‬
‫‪ -238‬احرصوا على إقامة الصلوات كلها ‪ ،‬وداوموا عليها ‪ ،‬واحرصوا على أن‬
‫تكون صلتكم هى الصلة الفضلى بإقامة أركانا والخلص الكامل ل فيها ‪ ،‬وأتوا‬

‫‪67‬‬
‫طاعة ال تعال وذكره ملصي له خاشعي للله ‪ ،‬والصلة الوسطى هى صلة الفجر‬
‫أو العصر على خلف ف الجتهاد ‪.‬‬
‫‪ -239‬فإذا أدركتم الصلة وأنتم خائفون فل تتركوها بل صلوا كما استطعتم مشاة‬
‫أو راكبي ‪ ،‬فإذا زال الوف عنكم فصلّوا الصلة مستوفية الركان كما علمتموها‬
‫ذاكرين ال فيها شاكرين له ما علّمكم إياه وما م ّن به عليكم من نعمة المن ‪.‬‬

‫حوْلِ غَ ْي َر ِإخْرَاجٍ‬
‫وَاّلذِي َن يَُتوَ ّفوْ َن مِنْ ُك ْم وََيذَرُو َن أَ ْزوَاجًا وَصِّي ًة ِلأَزْوَا ِج ِهمْ مَتَاعًا ِإلَى الْ َ‬
‫ف وَاللّهُ َعزِيزٌ َحكِيمٌ (‬
‫َفإِنْ َخ َرجْ َن فَلَا جُنَاحَ عَ َل ْيكُ ْم فِي مَا فَعَ ْل َن فِي َأْن ُفسِ ِه ّن ِمنْ َم ْعرُو ٍ‬
‫ك يُبَّينُ ال ّل ُه لَ ُكمْ‬
‫ف َحقّا عَلَى الْمُّتقِيَ (‪َ )241‬ك َذلِ َ‬
‫ع بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫‪ )240‬وَلِلْ ُمطَ ّلقَاتِ مَتَا ٌ‬
‫َآيَاتِ ِه َلعَلّ ُكمْ تَ ْعقِلُونَ (‪َ )242‬أَلمْ َت َر ِإلَى الّذِينَ َخرَجُوا ِم ْن ِديَا ِر ِهمْ َو ُهمْ ُألُوفٌ حَذَرَ‬
‫ضلٍ عَلَى النّاسِ َوَلكِ ّن أَكَْثرَ النّاسِ‬
‫الْمَ ْوتِ فَقَالَ َل ُهمُ ال ّلهُ مُوتُوا ُثمّ َأحْيَا ُهمْ إِ ّن ال ّلهَ لَذُو فَ ْ‬
‫شكُرُونَ (‪َ )243‬وقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ ال ّلهِ وَاعْلَمُوا أَنّ ال ّل َه سَمِيعٌ َعلِيمٌ (‪)244‬‬
‫لَا َي ْ‬

‫‪ -240‬والذين يتوفون منكم ويتركون زوجات لم ‪ ،‬فقد أوصى ال بن أن يقمن ف‬


‫ل مواساة لن وإزالة لوحشتهن ‪ .‬ول يق لحد أن يرجهن ‪،‬‬
‫بيت الزوجية عاما كام ً‬
‫فإن خرجن بأنفسهن ف أثناء العام فل إث عليكم ‪ -‬أيها الولياء ‪ -‬أن تتركوهن‬
‫يتصرفن ف أنفسهن با ل ينكره الشرع الشريف عليهن ‪ ،‬وأطيعوا ال ف أحكامه‬
‫واعملوا با شرع لكم فإنه قادر على أن ينتقم من يالف أمره ‪ ،‬وهو ذو حكمة بالغة‬
‫ل يشرع لكم إل ما فيه الصلحة وإن غابت حكمتها عن علمكم ‪.‬‬
‫‪ -241‬وللنساء اللتى يطلقن بعد الدخول حق ف أن يعطي ما يتمتعن به من الال‬
‫جبا لاطرهن ‪ ،‬يدفع إليهن بالسن على قدر غن الزوج وفقره لن ذلك ما توجبه‬
‫تقوى ال ويلزم به أهل اليان ‪.‬‬
‫‪ -242‬بثل هذه البيانات والتشريعات الواضحة الحققة للمصلحة ‪ ،‬يبي ال لكم‬
‫أحكامه ونعمه وآياته لتتدبروها وتعملوا با فيها من الي ‪.‬‬
‫‪ -243‬تنبه أيها النب إل القصة العجيبة واعلمها ‪ ،‬وهى حالة القوم الذين خرجوا من‬
‫ديارهم فرارا من الهاد خشية الوت فيه وهم ألوف كثية فقضى ال عليهم بالوت‬

‫‪68‬‬
‫والوان من أعدائهم ‪ ،‬حت إذا استبسلت بقيتهم وقامت بالهاد أحيا ال جاعتهم به ‪،‬‬
‫وإن هذه الياة العزيزة بعد الذلة الميتة من فضل ال الذى يستوجب الشكران ‪،‬‬
‫ولكن أكثر الناس ل يشكرون ‪.‬‬
‫‪ -244‬وإذا علمتم أن الفرار من الوت ل ينجى منه ‪ ،‬فجاهدوا وابذلوا أنفسكم‬
‫لعلء كلمة ال ‪ ،‬وأيقنوا أن ال يسمع ما يقول التخلفون وما يقول الجاهدون ‪،‬‬
‫ويعلم ما يضمر ُكلّ ف نفسه فيجازى بالي خيا وبالشر شرا ‪.‬‬

‫ي ًة وَاللّ ُه َيقْبِضُ َويَ ْبسُطُ‬


‫ضعَافًا كَثِ َ‬
‫ض ال ّلهَ َقرْضًا َحسَنًا فَيُضَا ِع َفهُ َل ُه أَ ْ‬
‫َمنْ ذَا الّذِي ُيقْرِ ُ‬
‫وَِإلَ ْيهِ ُت ْر َجعُونَ (‪َ )245‬ألَ ْم َترَ ِإلَى الْمَ َلِإ ِمنْ بَنِي إِ ْسرَائِي َل ِمنْ َب ْعدِ مُوسَى ِإذْ قَالُوا لِنَبِيّ‬
‫ث لَنَا مَلِكًا ُنقَاِتلْ فِي سَبِي ِل ال ّلهِ قَالَ َهلْ َعسَيُْت ْم إِنْ كُتِبَ عَلَ ْيكُ ُم الْقِتَالُ َألّا‬
‫َلهُ ُم ابْعَ ْ‬
‫ُتقَاتِلُوا قَالُوا َومَا لَنَا َألّا ُنقَاِتلَ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ َو َقدْ ُأ ْخرِجْنَا ِمنْ ِديَا ِرنَا َوأَبْنَائِنَا فَلَمّا كُتِبَ‬
‫عَلَ ْي ِه ُم الْقِتَا ُل َتوَّلوْا ِإلّا قَلِيلًا مِ ْن ُهمْ وَال ّلهُ َعلِيمٌ بِالظّالِ ِميَ (‪َ )246‬وقَالَ َل ُهمْ نَبِّي ُه ْم إِ ّن اللّهَ‬
‫ك مِ ْنهُ َوَلمْ‬
‫ح ُن أَ َح ّق بِالْمُ ْل ِ‬
‫ت مَلِكًا قَالُوا َأنّى َيكُو ُن َلهُ الْمُ ْلكُ عَلَيْنَا َونَ ْ‬
‫ث َلكُمْ طَالُو َ‬
‫َقدْ َبعَ َ‬
‫س ِم وَال ّلهُ‬
‫جْ‬‫يُ ْؤتَ سَ َعةً ِم َن الْمَا ِل قَا َل إِ ّن اللّهَ اصْ َطفَاهُ عَلَ ْي ُكمْ وَزَا َدهُ َبسْ َط ًة فِي اْلعِلْ ِم وَالْ ِ‬
‫يُ ْؤتِي مُ ْل َكهُ َم ْن َيشَا ُء وَال ّلهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (‪)247‬‬

‫‪ -245‬والهاد ف سبيل ال يتاج إل الال فقدموا أموالكم ‪ ،‬فأى امرئ ل يبذل‬


‫أمواله ل طيبة با نفسه وقد وعده ال أن يردها عليه مضاعفة أضعافا كثية؟ والرزق‬
‫بيد ال فيضيق على مَن يشاء ويوسع لن يشاء لا فيه مصلحتكم ‪ ،‬وإليه مصيكم‬
‫فيجازيكم على ما بذلتم ‪ ،‬ومع أن الرزق من فضل ال وعنايته وأنه هو الذى يعطى‬
‫وينع ‪ ،‬سى النفق مقرضا للحث على النفاق والتحبيب فيه ‪ ،‬وتأكيد الزاء‬
‫الضاعف ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -246‬تنبه إل النبأ العجيب عن جاعة من بن إسرائيل بعد عهد موسى طلبوا من‬
‫نبيهم ف ذلك الوقت أن يعل عليهم حاكما يمع شلهم بعد تفرق ويقودهم تت‬
‫لوائه إعلء لكمة ال واستردادا لعزتم ‪ ،‬سألم ليستوثق من جدهم ف المر ‪ :‬ألن‬
‫تبنوا عن القتال إذا فرض عليكم؟ ‪ . .‬فأنكروا أن يقع ذلك منهم قائلي ‪ :‬وكيف ل‬

‫‪69‬‬
‫نقاتل لسترداد حقوقنا وقد طردنا العدو من أوطاننا؟ ‪ . .‬فلما أجاب ال رغبتهم‬
‫وفرض عليهم القتال أحجموا إل جاعة قليلة منهم ‪ ،‬وكان إحجامهم ظلما لنفسهم‬
‫ونبيهم ودينهم ‪ ،‬وال يعلم ذلك منهم وسيجزيهم جزاء الظالي ‪.‬‬
‫‪ -247‬وقال لم نبيهم ‪ :‬إن ال استجاب لكم فاختار طالوت حاكما عليكم ‪.‬‬
‫فاعترض كباؤهم على اختيار ال قائلي ‪ :‬كيف يكون ملكا علينا ونن أول منه ‪،‬‬
‫لنه ليس بذى نسب ول مال ‪ ،‬فرد عليهم نبيهم قائل ‪ :‬إن ال اختاره حاكما عليكم‬
‫لتوافر صفات القيادة فيه ‪ ،‬وهى سعة البة بشئون الرب ‪ ،‬وسياسة الكم مع قوة‬
‫السم؛ والسلطان بيد ال يعطيه من يشاء من عباده ول يعتمد على وراثة أو مال ‪،‬‬
‫وفضل ال وعلمه شامل ‪ ،‬يتار ما فيه مصالكم ‪.‬‬

‫ت فِيهِ َسكِيَنةٌ ِمنْ َرّبكُ ْم َوبَقِّيةٌ مِمّا َترَكَ‬


‫َوقَالَ َل ُهمْ نَبِّي ُه ْم إِنّ َآَيةَ مُلْ ِكهِ أَنْ َي ْأتَِيكُ ُم التّابُو ُ‬
‫ك َلآََيةً َل ُكمْ إِنْ ُكنُْتمْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)248‬‬
‫َآ ُل مُوسَى وَ َآ ُل هَارُو َن تَحْمِ ُل ُه الْمَلَائِ َكةُ إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫س مِنّي وَ َمنْ‬
‫صلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِ ّن ال ّلهَ مُبْتَلِي ُكمْ بَِن َه ٍر فَ َم ْن شَ ِربَ مِنْ ُه فَلَيْ َ‬
‫فَلَمّا فَ َ‬
‫َلمْ يَ ْطعَ ْم ُه َفإِّنهُ مِنّي ِإلّا َمنِ ا ْغَترَفَ ُغ ْر َفةً بَِي ِد ِه َفشَ ِربُوا مِ ْنهُ ِإلّا قَلِيلًا مِ ْن ُهمْ فَلَمّا جَاوَ َزهُ ُهوَ‬
‫وَاّلذِينَ َآمَنُوا َم َعهُ قَالُوا لَا طَاقَ َة لَنَا الَْيوْ َم بِجَالُوتَ َوجُنُو ِد ِه قَا َل الّذِينَ يَظُنّو َن َأّنهُ ْم مُلَاقُو‬
‫يةً بِِإذْ ِن اللّ ِه وَال ّل ُه مَ َع الصّاِبرِينَ (‪ )249‬وَلَمّا َبرَزُوا‬
‫ت فَِئةً كَِث َ‬
‫اللّهِ َك ْم ِمنْ فَِئ ٍة قَلِي َلةٍ غَلَبَ ْ‬
‫ص ْرنَا عَلَى الْ َقوْمِ‬
‫لِجَالُوتَ َوجُنُو ِد ِه قَالُوا َربّنَا َأ ْفرِغْ عَلَيْنَا صَ ْبرًا َوثَبّتْ َأ ْقدَامَنَا وَانْ ُ‬
‫الْكَا ِفرِينَ (‪)250‬‬

‫‪ -248‬وقال لم نبيهم ‪ :‬إن دليل صدقى على أن ال اختار طالوت حاكما لكم هو‬
‫أن يعيد إليكم صندوق التوراة الذى سلب منكم تمله اللئكة ‪ ،‬وفيه بعض آثار آل‬
‫موسى وآل هارون الذين جاءوا بعدها ‪ ،‬وف إحضاره تطمئن قلوبكم ‪ ،‬وإن ف ذلك‬
‫لدليل يدفعكم إل اتباعه والرضا به إن كنتم تذعنون للحق وتؤمنون به ‪.‬‬
‫‪ -249‬فلما خرج بم طالوت قال لم ‪ :‬إن ال متبكم بنهر ترّون عليه ف طريقكم‬
‫فل تشربوا منه إل غرفة ‪ ،‬فمن شرب منه أكثر من ذلك فليس من جيشنا ول من‬
‫جعنا لروجه عن طاعة ال ‪ ،‬ولن يصحبن إل من ل يشرب منه أكثر من غرفة ‪ ،‬فلم‬

‫‪70‬‬
‫يصبوا على هذا الختبار وشربوا منه كثيا إل جاعة قليلة ‪ ،‬فاصطحب هذه القلة‬
‫الصابرة واجتاز با النهر ‪ ،‬فلما ظهرت لم كثرة عدد عدوهم قالوا ‪ :‬لن نستطيع اليوم‬
‫قتال جالوت وجنوده لكثرتم وقلتنا ‪ .‬فقال نفر منهم ‪ -‬ثبت ال قلوبم لرجائهم ف‬
‫ثواب ال عند لقائه ‪ -‬ل تافوا فكثيا ما انتصرت القلة الؤمنة على الكثرة الكافرة ‪،‬‬
‫فاصبوا فإن نصر ال يكون للصابرين ‪.‬‬
‫‪ -250‬ولا تقدم الؤمنون لقتال جالوت وجيشه اتهوا إل ال ضارعي داعي له ‪ :‬أن‬
‫يلهم بالصب ‪ ،‬ويقوى عزائمهم ويثبتهم ف ميدان القتال ‪ ،‬وأن ينصرهم على أعدائهم‬
‫الكافرين ‪.‬‬

‫حكْ َمةَ وَعَلّ َمهُ مِمّا َيشَاءُ‬


‫ت وَ َآتَا ُه ال ّلهُ الْمُ ْلكَ وَالْ ِ‬
‫َفهَ َزمُو ُهمْ بِِإذْ ِن اللّ ِه َوقََتلَ دَاوُو ُد جَالُو َ‬
‫ضلٍ عَلَى اْلعَالَ ِميَ‬
‫ض وََل ِكنّ ال ّلهَ ذُو فَ ْ‬
‫س َدتِ اْلأَرْ ُ‬
‫ض َلفَ َ‬
‫ض ُهمْ بَِبعْ ٍ‬
‫وََل ْولَا َدفْ ُع ال ّلهِ النّاسَ َبعْ َ‬
‫ح ّق وَِإّنكَ لَ ِم َن الْ ُمرْسَلِيَ (‪ )252‬تِ ْلكَ ال ّرسُلُ‬
‫(‪ )251‬تِلْكَ َآيَاتُ ال ّلهِ نَتْلُوهَا عَلَ ْيكَ بِالْ َ‬
‫ض مِ ْن ُهمْ َمنْ كَ ّلمَ ال ّل ُه وَ َرفَ َع َبعْضَ ُه ْم دَ َرجَاتٍ وَ َآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ‬
‫ض ُهمْ عَلَى َبعْ ٍ‬
‫فَضّلْنَا َبعْ َ‬
‫َمرَْيمَ الْبَيّنَاتِ َوَأيّ ْدنَاهُ ِبرُوحِ اْل ُقدُسِ َوَلوْ شَا َء اللّ ُه مَا اقْتََت َل الّذِينَ ِم ْن َبعْ ِد ِهمْ ِم ْن بَ ْع ِد مَا‬
‫جَا َءْت ُهمُ الْبَيّنَاتُ َوَلكِ ِن اخْتَلَفُوا فَمِ ْن ُه ْم َمنْ َآ َمنَ َومِ ْن ُهمْ َمنْ َك َفرَ َوَلوْ شَا َء اللّ ُه مَا اقْتَتَلُوا‬
‫وََل ِكنّ ال ّلهَ َي ْف َعلُ مَا ُيرِيدُ (‪)253‬‬

‫‪ -251‬فهزموا عدوهم بإذن ال تعال وقتل داود ‪ -‬وهو أحد جنود طالوت ‪-‬‬
‫جالوت قائد الكفار ‪ ،‬وأعطاه ال الكم بعد طالوت والنبوة والعلم النافع وعلمه ما‬
‫يشاء ‪ ،‬وسنة ال أن ينصر الذين يصلحون ف الرض ول يفسدون ‪ ،‬ولول أن ال‬
‫يسلط جنوده على الفسدين لحو فسادهم ‪ ،‬ويسلط الشرار بعضهم على بعض ‪ ،‬ما‬
‫عمرت الرض ‪ ،‬ولكن ال دائم الحسان والفضل على عباده ‪.‬‬
‫‪ -252‬تلك القصة من العب الت نقصّها عليك بالصدق لتكون أسوة لك ودليل على‬
‫صدق رسالتك ‪ ،‬ولتعلم أننا سننصرك كما نصرنا من قبلك من الرسل ‪.‬‬
‫‪ -253‬هؤلء الرسل الذين ذكرنا فريقا منهم وقد فضلنا بعضهم على بعض ‪ .‬فمنهم‬
‫من كلمه ال دون سفي كموسى ‪ ،‬ومنهم من رفعه ال درجات فوق درجاتم جيعا‬

‫‪71‬‬
‫وهو ممد الذى اختص بعموم الرسالة ‪ ،‬وكمال الشريعة ‪ ،‬وختمه الرسالت ‪ .‬ومنهم‬
‫عيسى ابن مري الذى أمددناه بالعجزات كإحياء الوتى ‪ ،‬وإبراء الكمه والبرص‬
‫وأيدناه ببيل روح القدس ‪ .‬وقد جاء هؤلء الرسل بالدى ‪ ،‬ودين الق ‪ ،‬والبينات‬
‫الادية ‪ ،‬وكان مقتضى هذا أن يؤمن الناس جيعا ‪ ،‬ول يتلفوا ول يقتتلوا ‪ ،‬ولو شاء‬
‫ال أل يقتتل الناس من بعد مئ الرسل إليهم باليات الواضحة الدالة على الق ما‬
‫حدث اقتتال ول اختلف ‪ ،‬ولكن ال ل يشأ ذلك ‪ ،‬ولذا اختلفوا ‪ ،‬فمنهم من آمن‬
‫ومنهم من كفر ‪ ،‬ولو شاء ال ما اقتتلوا ول اختلفوا بل يكونون جيعا على الق ‪،‬‬
‫ولكنه يفعل ما يريد لكمة قدّرها ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا َأنْ ِفقُوا مِمّا رَ َزقْنَا ُكمْ ِم ْن قَ ْب ِل أَنْ يَ ْأِتيَ َيوْ ٌم لَا بَيْعٌ فِيهِ َولَا خُ ّلةٌ َولَا‬
‫حيّ اْلقَيّو ُم لَا َتأْ ُخ ُذ ُه سِنَةٌ‬
‫شَفَا َع ٌة وَاْلكَا ِفرُو َن ُهمُ الظّالِمُونَ (‪ )254‬ال ّلهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ الْ َ‬
‫شفَعُ ِع ْن َدهُ ِإلّا ِبِإ ْذنِ ِه َيعْلَ ُم مَا‬
‫ض َم ْن ذَا اّلذِي َي ْ‬
‫ت وَمَا فِي الْأَرْ ِ‬
‫وَلَا نَوْ ٌم َل ُه مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫شيْ ٍء ِمنْ عِلْ ِم ِه ِإلّا بِمَا شَا َء َوسِعَ ُك ْرسِّيهُ‬
‫بَ ْينَ َأْيدِي ِهمْ َومَا خَ ْل َف ُهمْ َولَا يُحِيطُونَ ِب َ‬
‫ض َولَا يَئُو ُد ُه ِحفْظُهُمَا َوهُ َو الْعَ ِليّ اْلعَظِيمُ (‪ )255‬لَا إِ ْكرَا َه فِي الدّينِ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫سكَ بِاْلعُ ْر َوةِ‬
‫َقدْ تَبَّي َن ال ّر ْشدُ ِم َن الْ َغيّ فَ َم ْن َي ْكفُ ْر بِالطّاغُوتِ َوُيؤْ ِمنْ بِال ّلهِ َف َقدِ اسْتَ ْم َ‬
‫الْ ُوثْقَى لَا انْفِصَا َم َلهَا وَال ّلهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪)256‬‬

‫‪ -254‬يا أيها الؤمنون بال وباليوم الخر أنفقوا بعض ما رزقكم ال ف وجوه الي ‪،‬‬
‫وبادروا بذلك قبل أن يأتى يوم القيامة الذى يكون كله للخي ول توجد فيه أسباب‬
‫الناع ‪ ،‬ل تستطيعون فيه تدارك ما فاتكم ف الدنيا ‪ ،‬ول ينفع فيه بيع ول صداقة ول‬
‫شفاعة أحد من الناس دون ال ‪ ،‬والكافرون هم الذين يظهر ظلمهم ف ذلك اليوم ‪ ،‬إذ‬
‫ل يستجيبوا لدعوة الق ‪.‬‬
‫‪ -255‬ال هو الذى يستحق أن يُعبد دون سواه ‪ ،‬وهو الباقى القائم على شئون خلقه‬
‫دائما ‪ ،‬الذى ل يغفل أبدا ‪ ،‬فل يصيبه فتور ول نوم ول ما يشبه ذلك لنه ل يتصف‬
‫بالنقص ف شئ ‪ ،‬وهو الختص بلك السموات والرض ل يشاركه ف ذلك أحد ‪،‬‬
‫وبذا ل يستطيع أى ملوق كان أن يشفع لحد إل بإذن ال ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه وتعال‬

‫‪72‬‬
‫‪ -‬ميط بكل شئ عال با كان وما سيكون ‪ ،‬ول يستطيع أحد أن يدرك شيئا من علم‬
‫ال إل ما أراد أن يعلم به من يرتضيه ‪ ،‬وسلطانه واسع يشمل السموات والرض ‪،‬‬
‫ول يصعب عليه تدبي ذلك لنه التعال عن النقص والعجز ‪ ،‬العظيم بلله وسلطانه ‪.‬‬
‫‪ -256‬ل إجبار لحد على الدخول ف الدين ‪ ،‬وقد وضح باليات الباهرة طريق الق‬
‫‪ ،‬وطريق الضلل ‪ ،‬فمن اهتدى إل اليان وكفر بكل ما يطغى على العقل ‪ ،‬ويصرفه‬
‫عن الق ‪ ،‬فقد استمسك بأوثق سبب ينعه من التردى ف الضلل ‪ ،‬كمن تسك‬
‫بعروة متينة مكمة الرباط تنعه من التردى ف هوة ‪ ،‬وال سيع لا تقولون ‪ ،‬عليم با‬
‫تفعلون ومازيكم على أفعالكم ‪.‬‬

‫خ ِرجُ ُهمْ مِ َن الظّلُمَاتِ ِإلَى النّورِ وَالّذِينَ َك َفرُوا َأ ْولِيَا ُؤهُمُ‬


‫اللّ ُه َولِ ّي الّذِينَ َآمَنُوا يُ ْ‬
‫ك أَصْحَابُ النّا ِر ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‬
‫خ ِرجُوَن ُهمْ ِم َن النّو ِر ِإلَى الظّلُمَاتِ أُولَئِ َ‬
‫الطّاغُوتُ يُ ْ‬
‫ك ِإذْ قَالَ ِإْبرَاهِيمُ َربّيَ‬
‫ج إِْبرَاهِي َم فِي َرّب ِه أَنْ َآتَاهُ ال ّلهُ الْمُ ْل َ‬
‫‪َ )257‬ألَ ْم َترَ ِإلَى اّلذِي حَا ّ‬
‫س ِمنَ‬
‫ت قَا َل ِإبْرَاهِي ُم َفإِنّ ال ّل َه َيأْتِي بِالشّمْ ِ‬
‫ت قَالَ َأنَا أُحْيِي َوُأمِي ُ‬
‫الّذِي يُحْيِي َويُمِي ُ‬
‫ت الّذِي َك َفرَ وَال ّلهُ لَا يَ ْهدِي اْل َقوْ َم الظّالِمِيَ (‪)258‬‬
‫ب فَُبهِ َ‬
‫ق َف ْأتِ ِبهَا ِمنَ الْ َم ْغرِ ِ‬
‫الْ َمشْرِ ِ‬

‫‪ -257‬ال متول شئون الؤمني وناصرهم ‪ ،‬يرجهم من ظلمات الشك والية إل‬
‫نور الق والطمئنان ‪ ،‬والكافرون بال تستول عليهم الشياطي ودعاة الشر‬
‫والضلل ‪ ،‬فهم يرجونم من نور اليان الذى فطروا عليه والذى وضح بالدلة‬
‫واليات إل ظلمات الكفر والفساد ‪ ،‬هؤلء الكافرون هم أهل النار ملدون فيها ‪.‬‬
‫‪ -258‬أل تر إل من عمى عن أدلة اليان وجادل إبراهيم خليل ال ف ألوهية ربه‬
‫ووحدانيته ‪ ،‬وكيف أخرجه غروره بلكه ‪ -‬الذى وهبه ربه ‪ -‬من نور الفطرة إل ظلم‬
‫الكفر فعندما قال له إبراهيم ‪ :‬إن ال يي وييت ‪ ،‬بنفخ الروح ف السم وإخراجها‬
‫منه ‪ ،‬قال ‪ :‬أنا أحي وأميت بالعفو والقتل ‪ ،‬فقال إبراهيم ليقطع مادلته ‪ :‬إن ال يأتى‬
‫بالشمس من الشرق فأت با من الغرب إن كنت إلا كما تدعى ‪ .‬فتحي وانقطع‬
‫جدله من قوة الُجة الت كشفت عجزه وغروره ‪ ،‬وال ل يوفق الصرّين العاندين‬
‫لتباع الق ‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أَوْ كَاّلذِي َمرّ عَلَى َقرَْي ٍة وَ ِهيَ خَاوَِيةٌ عَلَى ُعرُو ِشهَا قَالَ َأنّى يُحْيِي َه ِذهِ ال ّلهُ َب ْعدَ َم ْوِتهَا‬
‫ت مَِئةَ‬
‫ت َيوْمًا أَ ْو َبعْضَ َيوْ ٍم قَالَ َب ْل لَبِثْ َ‬
‫ت قَا َل لَبِثْ ُ‬
‫َفأَمَاتَ ُه اللّ ُه مَِئةَ عَا ٍم ُثمّ َبعََث ُه قَالَ َكمْ لَبِثْ َ‬
‫جعَ َلكَ َآَيةً لِلنّاسِ‬
‫ك َلمْ يََتسَّن ْه وَانْ ُظ ْر ِإلَى حِمَارِ َك وَلِنَ ْ‬
‫عَا ٍم فَانْ ُظرْ ِإلَى َطعَا ِمكَ َو َشرَابِ َ‬
‫حمًا فَ َلمّا تَبَّي َن َلهُ قَالَ أَعْ َل ُم أَ ّن ال ّلهَ عَلَى‬
‫ش ُزهَا ُثمّ َن ْكسُوهَا لَ ْ‬
‫ف نُ ْن ِ‬
‫وَانْ ُظ ْر إِلَى اْلعِظَامِ كَيْ َ‬
‫ف تُحْيِي الْ َم ْوتَى قَا َل َأوََلمْ تُ ْؤ ِمنْ‬
‫ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )259‬وِإذْ قَالَ ِإْبرَاهِيمُ َربّ أَ ِرنِي َكيْ َ‬
‫ك ُثمّ ا ْج َعلْ َعلَى ُكلّ‬
‫ص ْرهُ ّن ِإلَيْ َ‬
‫خ ْذ أَ ْرَب َعةً ِمنَ الطّ ْي ِر فَ ُ‬
‫قَا َل بَلَى َولَ ِك ْن لِيَطْمَِئ ّن قَلْبِي قَالَ فَ ُ‬
‫جََبلٍ مِ ْن ُهنّ ُجزْءًا ُثمّ ادْ ُع ُه ّن يَ ْأتِيَنكَ َسعْيًا وَاعْ َل ْم أَ ّن اللّهَ َعزِيزٌ َحكِيمٌ (‪)260‬‬

‫‪ -259‬ث َتدَّبرْ ف مثل هذه القصة العجيبة ‪ ،‬قصة الذى مرّ على قرية متهدمة سقطت‬
‫سقوفها وهدمت حيطانا وهلك أهلها ‪ ،‬فقال ‪ :‬كيف يي ال أهل هذه القرية بعد‬
‫موتم؟ فأماته ال وأبقاه على موته مائة عام ث بعثه ليظهر له سهولة البعث ويزول‬
‫استبعاده ‪ ،‬ث سئل أى مدة مكثتها ميتا؟ قال ‪ -‬غي شاعر بطول الدة ‪ : -‬يوما أو‬
‫بعض يوم ‪ ،‬قيل له بل مكثت على هذه الالة مائة عام ‪ ،‬ث لفت ال نظره إل أمر آخر‬
‫من دلئل قدرته فقال له ‪ :‬فانظر إل طعامك ل يفسد ‪ ،‬وإل شرابك ل يتغي ‪ ،‬وانظر‬
‫إل حارك أيضا ‪ ،‬وقد فعلنا ذلك لتعاين ما استبعدته من إحياء بعد الوت ولنجعلك‬
‫آية ناطقة للناس تدل على صدق البعث ‪ ،‬ث أمره ال أن ينظر إل عجيب خلقه‬
‫للحياء ‪ ،‬وكيف يركّب عظامها ‪ ،‬ث يكسوها لما ‪ ،‬ث ينفخ فيها الروح فتتحرك ‪،‬‬
‫فلما وضحت له قدرته وسهولة البعث ‪ ،‬قال ‪ :‬أعلم أن ال قادر على كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -260‬واذكر كذلك قصة إبراهيم إذ قال إبراهيم ‪ :‬رب أرن كيفية إحياء الوتى ‪،‬‬
‫فسأله ربه عن إيانه بإحياء الوتى ليجيب إبراهيم با يزيل كل الشك ف إيانه ‪ ،‬فقال‬
‫ال له ‪ :‬أو ل تؤمن بإحياء الوتى؟ قال ‪ :‬إن آمنت ولكن طلبت ذلك ليزداد اطمئنان‬
‫قلب ‪ .‬قال ‪ :‬فخذ أربعة من الطي الى فضمها إليك لتعرفهنّ جيدا ‪ ،‬ث جَزّئهن بعد‬
‫ذبهن ‪ ،‬واجعل على كل جبل من البال الجاورة جزءا منهن ‪ ،‬ث ناده ّن فسيأتينك‬
‫ساعيات وفيهنّ الياة كما هى ‪ ،‬واعلم أن ال ل يعجز عن شئ ‪ ،‬وهو ذو حكمة بالغة‬
‫ف كل أمر ‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫ت سَبْ َع سَنَابِ َل فِي ُك ّل سُنْبُ َلةٍ‬
‫مََثلُ اّلذِي َن يُ ْنفِقُو َن َأمْوَاَل ُهمْ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ كَمََث ِل حَّبةٍ َأنْبَتَ ْ‬
‫ف لِ َم ْن َيشَا ُء وَال ّلهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (‪ )261‬الّذِينَ يُ ْن ِفقُو َن َأ ْموَاَلهُ ْم فِي‬
‫مَِئةُ حَّبةٍ وَال ّلهُ يُضَاعِ ُ‬
‫سَبِيلِ ال ّلهِ ُث ّم لَا يُتِْبعُونَ مَا َأنْ َفقُوا مَنّا َولَا َأذًى َلهُ ْم َأجْ ُر ُهمْ عِ ْندَ َرّبهِ ْم َولَا خَوْفٌ عَلَ ْي ِهمْ‬
‫ص َدقَ ٍة يَتَْب ُعهَا َأذًى وَاللّهُ غَِنيّ‬
‫ف َو َمغْ ِف َرةٌ خَ ْي ٌر ِمنْ َ‬
‫ح َزنُونَ (‪َ )262‬ق ْولٌ َم ْعرُو ٌ‬
‫وَلَا هُ ْم يَ ْ‬
‫صدَقَاتِ ُكمْ بِالْ َم ّن وَاْلَأذَى كَاّلذِي يُ ْن ِفقُ مَاَلهُ‬
‫حَلِيمٌ (‪ )263‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا تُبْطِلُوا َ‬
‫ب َفأَصَاَبهُ وَاِبلٌ‬
‫صفْوَانٍ عَلَ ْي ِه ُترَا ٌ‬
‫س َولَا ُيؤْ ِمنُ بِال ّلهِ وَالْيَوْ ِم اْلآَ ِخ ِر فَمَثَ ُلهُ كَمََثلِ َ‬
‫ِرئَا َء النّا ِ‬
‫فََترَ َكهُ صَ ْلدًا لَا َي ْقدِرُونَ عَلَى َشيْ ٍء مِمّا َكسَبُوا وَاللّ ُه لَا َي ْهدِي اْلقَوْ َم اْلكَا ِفرِينَ (‪)264‬‬

‫‪ -261‬إن حال الذين يبذلون أموالم ف طاعة ال ووجوه الي ‪ ،‬وينالون على ذلك‬
‫ثواب ال الضاعف أضعافا كثية ‪ ،‬كحال من يبذر حبة ف الرض طيبة فتنبت منها‬
‫شجية فيها سبع سنابل ف كل سنبلة مائة حبة ‪ ،‬وهذا تصوير لكثرة ما يعطيه ال من‬
‫جزاء على النفاق ف الدنيا ‪ ،‬وال يضاعف عطاءه لن يشاء فهو واسع الفضل ‪ ،‬عليم‬
‫بن يستحق وبن ل يستحق ‪.‬‬
‫‪ -262‬إن الذين ينفقون أموالم ف وجوه الب الشروعة دون َمنّ أو تفاخر أو تطاول‬
‫على الحسن إليه ‪ .‬لم أجرهم العظيم الوعود به عند ربم ‪ ،‬ول يصيبهم خوف من‬
‫شئ ول حزن على شئ ‪.‬‬
‫‪ -263‬قول تطيب به النفوس وتستر معه حال الفقي فل تذكره لغيه ‪ ،‬خي من عطاء‬
‫يتبعه إيذاء بالقول أو الفعل ‪ ،‬وال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬غن عن كل عطاء مصحوب‬
‫بالذى ‪ ،‬ويكّن الفقراء من الرزق الطيب ‪ ،‬ول يعجل بعقوبته من ل يعطى رجاء أن‬
‫يهتدى إل العطاء ‪.‬‬
‫‪ -264‬ل تضيعوا ثواب صدقاتكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬بإظهار فضلكم على الحتاجي‬
‫وإيذائهم فتكونوا كالذين ينفقون أموالم بدافع الرغبة ف الشهرة وحب الثناء من‬
‫الناس ‪ ،‬وهم ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ‪ ،‬فإن حال الرائى ف نفقته كحال حجر‬
‫أملس عليه تراب ‪ ،‬هطل عليه مطر شديد فأزال ما عليه من تراب ‪ . .‬فكما أن الطر‬
‫الغزير يزيل التراب الصب النتج من الجر الملس ‪ ،‬فكذلك الن والذى والرياء‬

‫‪75‬‬
‫تبطل ثواب الصدقات ‪ . .‬فل ينتفع النتفعون بشئ منها ‪ ،‬وتلك صفات الكفار‬
‫فتجنبوها ‪ ،‬لن ال ل يوفق الكافرين إل الي والرشاد ‪.‬‬

‫سهِمْ َكمََثلِ جَّن ٍة ِبرَْب َوةٍ‬


‫وَمََث ُل الّذِينَ يُ ْن ِفقُونَ َأ ْموَاَلهُ ُم ابِْتغَا َء َمرْضَا ِة اللّ ِه َوتَثْبِيتًا ِم ْن َأنْ ُف ِ‬
‫ض ْعفَ ْي ِن َفإِنْ َل ْم يُصِ ْبهَا وَابِ ٌل فَ َط ّل وَال ّلهُ بِمَا َتعْمَلُو َن بَصِيٌ (‬
‫ت أُكُ َلهَا ِ‬
‫أَصَابَهَا وَاِبلٌ َف َآتَ ْ‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلأَْنهَا ُر لَهُ‬
‫‪َ )265‬أيَ َودّ َأ َحدُ ُكمْ أَ ْن َتكُو َن َلهُ جَنّ ٌة ِمنْ نَخِيلٍ َوأَعْنَابٍ تَ ْ‬
‫ض َعفَا ُء َفأَصَاَبهَا إِ ْعصَارٌ فِي ِه نَا ٌر فَاحَْت َرقَتْ‬
‫فِيهَا ِمنْ ُكلّ الثّ َمرَاتِ َوأَصَابَ ُه الْكَِب ُر وََل ُه ذُ ّريّةٌ ُ‬
‫ك يُبَّينُ ال ّل ُه لَ ُكمُ اْل َآيَاتِ َلعَ ّل ُكمْ تََت َفكّرُونَ (‪ )266‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا َأنْ ِفقُوا ِمنْ‬
‫َك َذلِ َ‬
‫ث مِ ْن ُه تُ ْنفِقُو َن َولَسُْتمْ‬
‫ض َولَا تَيَمّمُوا الْخَبِي َ‬
‫طَيّبَاتِ مَا َكسَبُْت ْم َومِمّا َأ ْخرَجْنَا َل ُكمْ ِم َن الْأَرْ ِ‬
‫ِبآَ ِخذِي ِه إِلّا أَ ْن تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنّ ال ّلهَ غَِن ّي حَمِيدٌ (‪)267‬‬

‫‪ -265‬حال الذين ينفقون أموالم طلبا لرضاة ال وتثبيتا لنفسهم على اليان ‪،‬‬
‫كحال صاحب بستان بأرض خصبة مرتفعة يفيده كثي الاء وقليله ‪ ،‬فإن أصابه مطر‬
‫غزير أثر مثلي ‪ ،‬وإن ل يصبه الطر الكثي بل القليل فإنه يكفى لثاره لودة الرض‬
‫وطيبها ‪ ،‬فهو مثمر ف الالتي ‪ ،‬فالؤمنون الخلصون ل تبور أعمالم ‪ ،‬وال ل يفى‬
‫عليه شئ من أعمالكم ‪.‬‬
‫‪ -266‬إنه ل يب أحد منكم أن يكون له بستان من نيل وأعناب ترى خللا‬
‫النار وقد أثر له البستان من كل الثمرات الت يريدها ‪ ،‬وأصابه ضعف الكب وله‬
‫ذرية ضعاف ل يقدرون على الكسب ول يستطيع هو لكبه شيئا ‪ ،‬وجفّ بستانه ف‬
‫هذه الال العاجزة بسبب ريح شديدة فيها نار فأحرقته ‪ ،‬وصاحبه وذريته أحوج ما‬
‫يكونون إليه ‪ ،‬وكذلك شأن من ينفق ويتصدق ث يعقب النفقة والصدقة بالن والذى‬
‫والرياء فيبطل بذلك ثواب نفقته ول يستطيع أن يتصدق من بعد ذلك طيبة نفسه ‪،‬‬
‫ومثل هذا البيان يبي ال لكم اليات لتتفكروا فيها وتعملوا با ‪.‬‬
‫‪ -267‬يا أيها الؤمنون أنفقوا من جيّد ما تصلونه بعملكم ‪ ،‬وما يتيسر لكم إخراجه‬
‫من الرض من زروع ومعادن وغيها ‪ ،‬ول تتعمدوا النفاق من ردئ الال وخبيثه‬
‫أنكم لن تقبلوا هذا البيث لو ُقدّ َم إليكم إل على إغماض وتساهل صارفي النظر عما‬

‫‪76‬‬
‫فيه من خبث ورداءة ‪ ،‬واعلموا أن ال غن عن صدقاتكم ‪ ،‬مستحق للحمد با‬
‫أرشدكم إليه من خي وصلح ‪.‬‬

‫حشَا ِء وَال ّلهُ يَ ِعدُ ُكمْ َم ْغ ِف َرةً مِ ْن ُه َوفَضْلًا وَال ّل ُه وَاسِعٌ‬


‫الشّيْطَا ُن َي ِعدُكُ ُم الْ َف ْقرَ َوَي ْأمُرُ ُك ْم بِاْلفَ ْ‬
‫حكْ َم َة َف َقدْ أُوتِ َي خَيْرًا كَثِيًا َومَا‬
‫حكْ َمةَ مَ ْن َيشَا ُء وَ َم ْن ُيؤْتَ الْ ِ‬
‫عَلِيمٌ (‪ )268‬يُ ْؤتِي الْ ِ‬
‫َيذّكّ ُر ِإلّا أُولُو الَْألْبَابِ (‪َ )269‬ومَا َأْنفَقُْت ْم ِمنْ َن َفقَ ٍة َأوْ َنذَ ْرُتمْ ِم ْن َنذْرٍ َفإِ ّن ال ّلهَ َيعْلَ ُم ُه وَمَا‬
‫خفُوهَا َوتُ ْؤتُوهَا‬
‫ت فَِنعِمّا هِ َي وَإِ ْن تُ ْ‬
‫ي ِمنْ َأنْصَارٍ (‪ )270‬إِ ْن تُ ْبدُوا الصّ َدقَا ِ‬
‫لِلظّالِ ِم َ‬
‫الْ ُف َقرَا َء َف ُهوَ خَ ْي ٌر َلكُ ْم َويُ َكفّرُ عَ ْن ُك ْم ِمنْ سَيّئَاتِ ُكمْ وَال ّلهُ بِمَا َتعْمَلُونَ خَبِيٌ (‪ )271‬لَيْسَ‬
‫ك ُهدَاهُ ْم َولَ ِكنّ ال ّل َه َيهْدِي َمنْ َيشَا ُء َومَا تُ ْن ِفقُوا ِم ْن خَ ْيرٍ فَ ِلَأْن ُفسِ ُكمْ َومَا تُ ْن ِفقُو َن ِإلّا‬
‫عَلَ ْي َ‬
‫ف ِإلَيْ ُكمْ وََأنُْتمْ لَا تُظْلَمُونَ (‪)272‬‬
‫ابْتِغَا َء َوجْ ِه اللّ ِه َومَا تُ ْن ِفقُوا ِم ْن خَ ْيرٍ ُيوَ ّ‬

‫‪ -268‬الشيطان يوفكم من الفقر ويثبطكم عن كل عمل صال لتنصرفوا عن النفاق‬


‫ف وجوه الي ويغريكم بالعاصى ‪ ،‬وال واسع الغفرة قادر على إغنائكم ‪ ،‬ل يفى‬
‫عليه شئ من أموركم ‪.‬‬
‫‪ -269‬يعطى صفة الكمة من إصابة الق ف القول والعمل من يشاء من عباده ‪،‬‬
‫ومن أُعْ ِطىَ ذلك فقد نال خيا كثيا لن به انتظام أمر الدنيا والخرة ‪ ،‬وما ينتفع‬
‫بالعظة والعتبار بأعمال القرآن إل ذوو العقول السليمة الت تدرك القائق من غي‬
‫طغيان الهواء الفاسدة ‪.‬‬
‫‪ -270‬وما أنفقتم من نفقة ف الي أو الشر ‪ ،‬أو التزمتم بنفقة ف طاعة فإن ال يعلمه‬
‫وسيجزيكم عليه ‪ ،‬وليس للظالي الذين ينفقون رياء أو يؤذون ف نفقتهم أو ينفقون ف‬
‫العاصى أعوان يدفعون عنهم عذاب ال ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -271‬إن تظهروا صدقاتكم خالية من الرياء فذلك ممود لكم مرضى منكم ‪ ،‬مدوح‬
‫من ربكم ‪ ،‬وإن تعطوها الفقراء سرا منعا لرجهم وخشية الرياء فذلك خي لكم ‪،‬‬
‫وال يغفر لكم من ذنوبكم بسبب إخلصكم ف صدقاتكم ‪ ،‬وال يعلم ما تسرون وما‬
‫تعلنون ويعلم نياتكم ف إعلنكم وإخفائكم ‪.‬‬
‫‪ -272‬ليس عليك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬هداية هؤلء الضالي أو حلهم على الي ‪ ،‬وإنا‬

‫‪77‬‬
‫عليك البلغ ‪ ،‬وال يهدى من يشاء ‪ ،‬وما تبذلونه من معونة لغيكم ففائدته عائدة‬
‫عليكم ‪ ،‬وال مثيبكم عليه ‪ ،‬وهذا إذا كنتم ل تقصدون بالنفاق إل رضاء ال ‪ ،‬وأى‬
‫خي تنفقونه على هذا الوجه يعود إليكم ‪ ،‬ويصلكم ثوابه كامل دون أن ينالكم ظلم ‪.‬‬

‫حسَُب ُهمُ الْجَاهِلُ‬


‫ض يَ ْ‬
‫ض ْربًا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫صرُوا فِي سَبِيلِ ال ّلهِ لَا َيسْتَطِيعُونَ َ‬
‫لِ ْلفُ َقرَا ِء الّذِينَ ُأحْ ِ‬
‫س ِإلْحَافًا وَمَا تُ ْنفِقُوا ِم ْن خَيْ ٍر َفإِنّ‬
‫سأَلُو َن النّا َ‬
‫أَغْنِيَا َء ِمنَ الّت َعفّفِ َت ْع ِرفُ ُه ْم ِبسِيمَا ُه ْم لَا َي ْ‬
‫اللّ َه ِبهِ عَلِيمٌ (‪ )273‬اّلذِي َن يُ ْنفِقُو َن أَ ْموَاَل ُهمْ بِاللّ ْيلِ وَالّنهَا ِر ِسرّا وَعَلَانَِيةً فَ َل ُهمْ أَ ْج ُرهُمْ‬
‫ح َزنُونَ (‪)274‬‬
‫عِ ْندَ َرّب ِهمْ َولَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم وَلَا هُ ْم يَ ْ‬

‫‪ -273‬وذلك النفاق والبذل يكون للفقراء الذين كانوا بسبب الهاد ف سبيل ال‬
‫غي قادرين على الكسب ‪ ،‬أو لنم أصيبوا ف الهاد با أقعدهم عن السعى ف الرض‬
‫‪ ،‬وهم متعففون عن السؤال يسبهم الاهل بالم أغنياء ‪ ،‬ولكنك إذا تعرفت حالم‬
‫عرفت هذه الالة بعلمتها ‪ .‬وما تبذلونه من معروف فإن ال عليم به ‪ ،‬سيجزيكم عليه‬
‫الزاء الوف ‪.‬‬
‫‪ -274‬الذين من طبعهم السخاء تطيب نفوسهم للنفاق ف الليل والنهار وف العلنية‬
‫والسر ‪ ،‬لم جزاؤهم عند ربم ‪ ،‬ل ينالم خوف من أمر مستقبلهم ‪ ،‬ول حزن على‬
‫شئ فاتم ‪.‬‬

‫س َذلِكَ‬
‫الّذِينَ َيأْكُلُونَ ال ّربَا لَا يَقُومُو َن ِإلّا َكمَا َيقُو ُم الّذِي يَتَخَبّ ُط ُه الشّيْطَا ُن ِم َن الْمَ ّ‬
‫ِبأَّن ُهمْ قَالُوا إِنّمَا الْبَيْ ُع مِ ْثلُ ال ّربَا َوأَ َح ّل اللّ ُه الْبَيْ َع وَ َحرّ َم الرّبَا فَ َم ْن جَا َء ُه َموْعِ َظ ٌة ِمنْ َرّبهِ‬
‫ك أَصْحَابُ النّا ِر ُهمْ فِيهَا خَاِلدُونَ (‬
‫ف َوأَ ْم ُرهُ إِلَى ال ّل ِه وَ َمنْ عَادَ فَأُولَئِ َ‬
‫فَانَْتهَى فَ َل ُه مَا سَلَ َ‬
‫ت وَال ّل ُه لَا يُحِبّ ُكلّ َكفّارٍ َأثِيمٍ (‪)276‬‬
‫ح ُق ال ّلهُ الرّبَا وَُي ْربِي الصّ َدقَا ِ‬
‫‪ )275‬يَمْ َ‬

‫‪ -275‬الذين يتعاملون بالربا ل يكونون ف سعيهم وتصرفهم وسائر أحوالم إل ف‬


‫اضطراب وخلل ‪ ،‬كالذى أفسد الشيطان عقله فصار يتعثر من النون الذى أصابه ‪،‬‬
‫لنم يزعمون أن البيع مثل الربا ف أن كل منهما فيه معاوضة وكسب ‪ .‬فيجب أن‬
‫يكون كلها حلل ‪ ،‬وقد رد ال عليهم زعمهم فبي لم أن التحليل والتحري ليس‬

‫‪78‬‬
‫من شأنم ‪ ،‬وأن التماثل الذى زعموه ليس صادقا ‪ ،‬وال قد أحل البيع وحرم الربا ‪،‬‬
‫فمن جاءه أمر ربه بتحري الربا واهتدى به ‪ ،‬فله ما أخذه من الربا قبل تريه ‪ ،‬وأمره‬
‫موكول إل عفو ال ‪ .‬ومن عاد إل التعامل بالربا باستحلله بعد تريه ‪ ،‬فأولئك‬
‫يلزمون النار خالدين فيها ‪.‬‬
‫‪ -276‬إن ال يُذهب الزيادة الأخوذة من الربا ‪ ،‬ويبارك ف الال الذى تؤخذ منه‬
‫الصدقات ‪ ،‬ويثيب عليها أضعافا مضاعفة ‪ .‬وال ل يب الذين يصرون على تليل‬
‫الحرمات كالربا ‪ ،‬ول الذين يستمرون على ارتكابا ‪.‬‬

‫ت وََأقَامُوا الصّلَاةَ وَ َآتَوُا الزّكَاةَ َل ُه ْم أَ ْج ُرهُمْ عِ ْندَ َرّب ِهمْ‬


‫إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫حزَنُونَ (‪ )277‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اتّقُوا ال ّلهَ َوذَرُوا مَا َبقِيَ‬
‫وَلَا خَوْفٌ َعلَ ْي ِهمْ َولَا ُهمْ َي ْ‬
‫ح ْربٍ ِم َن اللّ ِه وَ َرسُوِلهِ َوإِنْ‬
‫ِمنَ الرّبَا إِنْ كُنُْت ْم مُ ْؤمِنِيَ (‪َ )278‬فإِ ْن َلمْ َت ْفعَلُوا َفأْ َذنُوا بِ َ‬
‫س َرةٍ فَنَ ِظ َرةٌ‬
‫تُبُْتمْ فَ َل ُكمْ رُءُوسُ أَ ْموَاِلكُ ْم لَا تَظْ ِلمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (‪َ )279‬وإِنْ كَا َن ذُو ُع ْ‬
‫ص ّدقُوا خَ ْيرٌ َل ُكمْ إِنْ كُ ْنُتمْ َتعْلَمُونَ (‪ )280‬وَاتّقُوا َي ْومًا ُترْ َجعُو َن فِيهِ‬
‫ِإلَى مَ ْيسَ َر ٍة َوأَنْ تَ َ‬
‫ت َو ُهمْ لَا يُظْلَمُونَ (‪)281‬‬
‫ِإلَى ال ّل ِه ُثمّ ُت َوفّى ُك ّل َنفْسٍ مَا َكسَبَ ْ‬

‫‪ -277‬إن الذين آمنوا بال ‪ ،‬وامتثلوا أوامره فعملوا الصالات الت أمر با ‪ ،‬وتركوا‬
‫الحرمات الت نى عنها ‪ ،‬وأدوا الصلة على الوجه الكمل ‪ ،‬وأعطوا الزكاة لهلها ‪،‬‬
‫لم ثوابم العظيم الدخر عند ربم ‪ ،‬ول خوف عليهم من شئ ف الستقبل ‪ ،‬ول هم‬
‫يزنون على شئ فاتم ‪.‬‬
‫‪ -278‬يا أيها الذين آمنوا خافوا ال واستشعروا هيبته ف قلوبكم ‪ ،‬واتركوا طلب ما‬
‫بقى لكم من الربا ف ذمة الناس إن كنتم مؤمني حقا ‪.‬‬
‫‪ -279‬فإن ل تفعلوا ما أمركم ال به من ترك الربا فكونوا على يقي من أنكم ف‬
‫حرب من ال ورسوله لعاندتكم لمره ‪ ،‬فإن أردت توبة مقبولة فلكم رءوس أموالكم‬
‫فل تأخذوا زيادة عليها قلّت أو كثرت وأيا كان سبب الدين ومصرفه ‪ ،‬لن الزيادة‬
‫الت تأخذونا ظلم لغيكم ‪ ،‬كما أن ترك جزء من رءوس الموال ظلم لكم ‪.‬‬
‫‪ -280‬وإن وُجد ذو عسرة فأعطوه وأمهلوه عند انقضاء أجل الدين إل وقت ميسرته‬

‫‪79‬‬
‫‪ ،‬وتصدقكم عليه بالتنازل عن الدين أو بعضه خي لكم إن كنتم من أهل العلم والفهم‬
‫لطاب ال الذى يعلمكم الروءة والنسانية ‪.‬‬
‫‪ -281‬وخافوا أهوال يوم تعودون فيه إل ال ‪ ،‬ث تستوف كل نفس جزاء ما عملت‬
‫من خي أو شر ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا ِإذَا َتدَايَنُْت ْم ِبدَْينٍ إِلَى َأ َجلٍ ُمسَمّى فَاكْتُبُوهُ َولَْيكْتُبْ بَيَْن ُكمْ كَاتِبٌ‬
‫حقّ‬
‫ب وَلْيُمْ ِل ِل اّلذِي عَلَ ْيهِ الْ َ‬
‫بِاْل َعدْ ِل وَلَا يَ ْأبَ كَاتِبٌ أَ ْن َيكْتُبَ كَمَا َعلّ َمهُ ال ّل ُه فَلَْيكْتُ ْ‬
‫ضعِيفًا َأوْ لَا‬
‫ح ّق سَفِيهًا َأوْ َ‬
‫س مِ ْن ُه شَيْئًا َفإِنْ كَا َن الّذِي عَلَ ْي ِه الْ َ‬
‫وَلْيَّت ِق ال ّلهَ َرّب ُه وَلَا يَبْخَ ْ‬
‫ش ِهدُوا شَهِي َدْينِ ِمنْ ِرجَاِلكُ ْم َفإِنْ لَمْ‬
‫َيسْتَطِي ُع أَ ْن يُ ِم ّل هُ َو فَلْيُمْ ِل ْل َولِّيهُ بِالْ َع ْدلِ وَاسَْت ْ‬
‫ضلّ ِإ ْحدَاهُمَا فَُتذَ ّكرَ‬
‫شهَدَا ِء أَ ْن تَ ِ‬
‫ضوْ َن ِمنَ ال ّ‬
‫يَكُونَا َرجُلَ ْينِ َفرَ ُجلٌ وَا ْمرََأتَانِ مِ ّم ْن َترْ َ‬
‫صغِيًا َأوْ كَِبيًا‬
‫ب الشّ َهدَا ُء ِإذَا مَا دُعُوا َولَا َتسَْأمُوا أَ ْن َتكْتُبُوهُ َ‬
‫إِ ْحدَاهُمَا الُْأ ْخرَى َولَا َيأْ َ‬
‫ِإلَى أَجَ ِل ِه َذلِ ُكمْ َأ ْقسَطُ ِع ْندَ ال ّلهِ َوَأ ْقوَمُ لِلشّهَا َدةِ َوَأدْنَى أَلّا َترْتَابُوا ِإلّا أَ ْن َتكُونَ تِجَا َرةً‬
‫ح َألّا َتكْتُبُوهَا َوَأشْ ِهدُوا ِإذَا تَبَايَعُْتمْ وَلَا يُضَارّ‬
‫ض َر ًة ُتدِيرُوَنهَا بَيَْن ُكمْ فَلَيْسَ عَلَ ْي ُكمْ جُنَا ٌ‬
‫حَا ِ‬
‫ق ِبكُ ْم وَاّتقُوا اللّ َه َويُعَلّ ُم ُكمُ ال ّل ُه وَال ّلهُ بِ ُك ّل شَيْءٍ‬
‫كَاتِبٌ وَلَا شَهِي ٌد وَإِ ْن َت ْفعَلُوا فَِإّنهُ ُفسُو ٌ‬
‫عَلِيمٌ (‪)282‬‬

‫‪ -282‬يا أيها الذين آمنوا إذا داين بعضكم بعضا بَدْينٍ مؤجل إل أجل ‪ ،‬ينبغى أن‬
‫يكون الجل معلوما ‪ ،‬فاكتبوه حفظا للحقوق تفاديا للناع ‪ ،‬وعلى الكاتب أن يكون‬
‫عادل ف كتابته ‪ ،‬ول يتنع عن الكتابة ‪ ،‬شكرا ل الذى علمه ما ل يكن يعلم ‪،‬‬
‫فليكتب ذلك الدين حسب اعتراف الدين وعلى الدين أن يشى ربه فل ينقص من‬
‫الدين شيئا ‪ ،‬فإن كان الدين ل يسن التصرف ول يقدر المور تقديرا حسنا ‪ ،‬أو‬
‫كان ضعيفا لصغر أو مرض أو شيخوخة ‪ ،‬أو كان ل يستطيع الملء لرس أو عقدة‬
‫لسان أو جهل بلغة الوثيقة ‪ ،‬فَلْيُنِبْ عنه وليه الذى عينه الشرع أو الاكم ‪ ،‬أو اختاره‬
‫هو ف إملء الدين على الكاتب بالعدل التام ‪ .‬وأشهدوا على ذلك الدين شاهدين من‬
‫رجالكم ‪ ،‬فإن ل يوجدا فليشهد رجل وامرأتان تشهدان معا لتؤديا الشهادة معا عند‬
‫النكار ‪ ،‬حت إذا نسيت إحداها ذكرتا الخرى ‪ ،‬ول يوز المتناع عن أداء‬

‫‪80‬‬
‫الشهادة إذا ما طُلب الشهود ‪ ،‬ول تسأموا أن تكتبوه صغيا كان أو كبيا ما دام‬
‫مؤجل لن ذلك أعدل ف شريعة ال وأقوى ف الدللة على صحة الشهادة ‪ ،‬وأقرب‬
‫إل درء الشكوك بينكم ‪ ،‬إل إذا كان التعامل على سبيل التجارة الاضرة ‪ ،‬تتعاملون‬
‫با بينكم ‪ ،‬فل مانع من ترك الكتابة إذ ل ضرورة إليها ‪ .‬ويطلب منكم أن تشهدوا‬
‫على البايعة حسما للناع ‪ ،‬وتفادوا أن يلحق أى ضرر بكاتب أو شاهد ‪ ،‬فذلك‬
‫خروج على طاعة ال ‪ ،‬وخافوا ال واستحضروا هيبته ف أوامره ونواهيه ‪ ،‬فإن ذلك‬
‫يلزم قلوبكم النصاف والعدالة ‪ ،‬وال يبي ما لكم وما عليكم ‪ ،‬وهو بكل شئ ‪ -‬من‬
‫أعمالكم وغيها ‪ -‬عليم ‪.‬‬

‫ض ُكمْ َبعْضًا فَلُْي َؤدّ‬


‫ض ٌة َفإِنْ َأ ِم َن بَعْ ُ‬
‫جدُوا كَاتِبًا َفرِهَا ٌن َمقْبُو َ‬
‫وَإِنْ كُ ْنُتمْ عَلَى َس َفرٍ َوَلمْ تَ ِ‬
‫شهَا َدةَ وَ َم ْن يَكْتُ ْمهَا َفإِّنهُ َآِثمٌ قَلُْب ُه وَال ّلهُ‬
‫الّذِي ا ْؤتُ ِم َن َأمَانََتهُ َولْيَّتقِ ال ّلهَ َرّبهُ َولَا َتكْتُمُوا ال ّ‬
‫ض َوإِنْ تُ ْبدُوا مَا فِي‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫بِمَا َتعْمَلُونَ عَلِيمٌ (‪ )283‬لِ ّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫خفُوهُ ُيحَاسِ ْبكُ ْم ِبهِ ال ّل ُه فََيغْ ِف ُر لِ َمنْ َيشَا ُء َوُيعَ ّذبُ َم ْن َيشَا ُء وَال ّلهُ عَلَى ُكلّ‬
‫سكُ ْم َأوْ تُ ْ‬
‫َأنْ ُف ِ‬
‫شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )284‬آ َمنَ الرّسُو ُل بِمَا أُْن ِزلَ ِإلَ ْيهِ ِمنْ َرّبهِ وَالْ ُم ْؤمِنُونَ ُكلّ َآ َم َن بِال ّلهِ‬
‫ق بَ ْي َن َأحَ ٍد ِمنْ ُرسُلِ ِه َوقَالُوا سَ ِمعْنَا َوأَ َطعْنَا ُغ ْفرَاَنكَ َربّنَا‬
‫وَمَلَائِكَِت ِه وَكُتُِبهِ وَ ُرسُ ِلهِ لَا ُنفَرّ ُ‬
‫وَِإلَ ْيكَ الْمَصِيُ (‪)285‬‬

‫‪ -283‬وإذا كنتم ف سفر فلم تدوا من يكتب لكم الدين ‪ ،‬فليكن ضمان الدين رهنا‬
‫يأخذه الدائن من الدين ‪ .‬وإذا أودع أحدكم عند آخر وديعة تكون أمانة عنده ‪ ،‬وقد‬
‫اعتمد على أمانته ‪ ،‬فليؤد الؤتن المانة عند طلبها ‪ ،‬وليتق عقوبة ال له إن خان‬
‫المانة أو غش ف الشهادة ‪ .‬ول تكتموا الشهادة عند طلبها ‪ ،‬ومن يكتمها فهو آث‬
‫خبيث القلب ‪ ،‬وال با تعملون عليم ‪ ،‬سيجزيكم عليه بسب ما تستحقون ‪.‬‬
‫‪ -284‬واعلموا أن ل ما ف السموات وما ف الرض قد أحاط به قدرة وعلما ‪،‬‬
‫وسواء أظهرت ما ف أنفسكم أو أخفيتموه فإن ال عليم خبي ‪ ،‬سيحاسبكم عليه يوم‬
‫القيامة فيغفر لن يشاء ويعذب من يشاء وهو تعال على كل شئ قدير ‪.‬‬
‫‪ -285‬إن ما أُنزل إل الرسول ‪ -‬ممد ‪ -‬هو الق من عند ال ‪ ،‬وقد آمن به وآمن‬

‫‪81‬‬
‫معه الؤمنون كل منهم آمن بال وملئكته وكتبه ورسله ‪ ،‬وهم يسوّون بي رسل ال‬
‫ف اليان بم وتعظيمهم قائلي ‪ :‬ل نفرق بي أحد من رسله ‪ ،‬وأكدوا إيانم القلب‬
‫بقولم اللسان متجهي إل ال ف خطابم ‪ :‬ربنا سعنا تنيلك الحكم واستجبنا لا فيه ‪،‬‬
‫فامنحنا اللهم مغفرتك ‪ ،‬وإليك ‪ -‬وحدك ‪ -‬الصي والرجع ‪.‬‬

‫ت وَعَلَ ْيهَا مَا اكَْتسَبَتْ َربّنَا لَا ُتؤَا ِخذْنَا إِنْ‬


‫لَا ُيكَلّفُ ال ّل ُه نَ ْفسًا إِلّا وُ ْس َعهَا َلهَا مَا َكسَبَ ْ‬
‫صرًا كَمَا حَمَلَْتهُ عَلَى اّلذِينَ ِم ْن قَبْلِنَا َربّنَا َولَا‬
‫َنسِينَا َأوْ َأخْ َط ْأنَا َربّنَا وَلَا تَحْ ِملْ عَلَيْنَا إِ ْ‬
‫ص ْرنَا عَلَى الْ َقوْمِ‬
‫تُحَمّلْنَا مَا لَا طَا َقةَ لَنَا ِبهِ وَاعْفُ عَنّا وَا ْغ ِفرْ لَنَا وَارْحَمْنَا َأنْتَ مَ ْولَانَا فَانْ ُ‬
‫الْكَا ِفرِينَ (‪)286‬‬

‫‪ -286‬إن ال ل يكلف عباده إل ما يستطيعون تأديته والقيام به ‪ ،‬ولذلك كان كل‬


‫مكلف مزيا بعمله ‪ :‬إن خيا فخي وإن شرا فشر ‪ ،‬فاضرعوا إل ال ‪ -‬أيها الؤمنون‬
‫‪ -‬داعي ‪ :‬ربنا ل تعاقبنا إن وقعنا ف النسيان لا كلفتنا إياه ‪ ،‬أو تعرضنا لسباب يقع‬
‫عندها الطأ ‪ ،‬ربنا ول تُشدّد علينا ف التشريع كما شددت على اليهود بسبب تعنتهم‬
‫وظلمهم ‪ ،‬ول تكلفنا ما ل طاقة لنا به من التكاليف ‪ ،‬واعف عنا بكرمك ‪ ،‬واغفر لنا‬
‫بفضلك ‪ ،‬وارحنا برحتك الواسعة ‪ .‬إنك مولنا ‪ ،‬فانصرنا يا رب ‪ -‬من أجل إعلء‬
‫كلمتك ونشر دينك ‪ -‬على القوم الاحدين ‪.‬‬

‫صدّقًا لِمَا بَ ْينَ‬


‫ح ّق مُ َ‬
‫ال (‪ )1‬اللّ ُه لَا ِإَلهَ ِإلّا ُه َو الْحَ ّي اْلقَيّومُ (‪َ )2‬ن ّزلَ عَلَ ْيكَ اْلكِتَابَ بِالْ َ‬
‫َيدَْيهِ َوَأْنزَ َل التّوْرَاةَ وَاْلإِنْجِيلَ (‪)3‬‬

‫‪ -1‬ال ‪ ،‬حروف صوتية سيقت لبيان أن القرآن العجز من هذه الروف ‪.‬‬
‫‪ -2‬ال واحد ل إله غيه ‪ ،‬وكل ما ف العال من تنسيق وإبداع يشهد بذلك ‪ ،‬وهو‬
‫الى الذى ل يوت ‪ ،‬القائم بأمر العال يدبره ويصرفه ‪.‬‬
‫‪َ -3‬ن ّزلَ عليك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬القرآن مشتمل على الق ف كل ما تضمنه من أصول‬
‫الشرائع السماوية ف الكتب السابقة ‪ ،‬ولقد أنزل ال من قبله التوراة على موسى‬
‫والنيل على عيسى ‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ت اللّ ِه َل ُهمْ َعذَابٌ َشدِي ٌد وَال ّلهُ‬
‫س وََأْنزَ َل الْ ُف ْرقَانَ إِ ّن اّلذِينَ َك َفرُوا بِ َآيَا ِ‬
‫ِمنْ قَ ْب ُل ُهدًى لِلنّا ِ‬
‫ض َولَا فِي السّمَاءِ (‪ُ )5‬هوَ‬
‫خفَى عَلَ ْي ِه شَيْ ٌء فِي اْلأَرْ ِ‬
‫َعزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (‪ )4‬إِنّ ال ّل َه لَا يَ ْ‬
‫حكِيمُ (‪ُ )6‬هوَ اّلذِي َأْن َزلَ‬
‫ف َيشَا ُء لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ اْلعَزِيزُ الْ َ‬
‫صوّرُ ُكمْ فِي اْلأَ ْرحَامِ َكيْ َ‬
‫الّذِي يُ َ‬
‫ب وَُأ َخرُ مَُتشَابِهَاتٌ َفَأمّا اّلذِينَ فِي‬
‫ت ُهنّ أُمّ اْلكِتَا ِ‬
‫حكَمَا ٌ‬
‫ت مُ ْ‬
‫ب مِ ْنهُ َآيَا ٌ‬
‫ك الْكِتَا َ‬
‫عَلَ ْي َ‬
‫قُلُوِب ِهمْ َزْي ٌغ فَيَتِّبعُو َن مَا َتشَاَبهَ مِ ْنهُ ابِْتغَا َء الْفِتَْن ِة وَابِْتغَا َء تَ ْأوِيلِ ِه َومَا َيعْ َلمُ َت ْأوِي َل ُه إِلّا اللّهُ‬
‫وَالرّاسِخُو َن فِي اْلعِلْ ِم َيقُولُونَ َآمَنّا ِبهِ ُك ّل ِمنْ عِ ْندِ َربّنَا َومَا َيذّ ّكرُ ِإلّا أُولُو اْلأَلْبَابِ (‪)7‬‬

‫‪ -4‬أنزلما قبل القرآن لداية الناس ‪ ،‬فلمّا انرفوا أنزل القرآن فارقا بي الق والباطل‬
‫‪ ،‬ومبيّنا الرشد من الغى ‪ ،‬فهو الكتاب الصادق الدائم ‪ ،‬وكل من ترك ما أنزله ال فيه‬
‫وكفر بآياته فله عذاب شديد ‪ ،‬وال قادر ل يغلبه شئ ‪ ،‬منتقم من يستحق النتقام ‪.‬‬
‫‪ -5‬إن ال عليم بكل شئ ‪ ،‬فهو ل يفى عليه شئ ف الرض ول ف السماء ‪ ،‬صغيا‬
‫كان أو كبيا ‪ ،‬ظاهرا أو باطنا ‪.‬‬
‫‪ -6‬وهو الذى يصوركم وأنتم أجنة ف الرحام بصور متلفة حسبما يريد ‪ ،‬ل إله إل‬
‫هو العزيز ف ملكه ‪ ،‬الكيم ف صنعه ‪.‬‬
‫‪ -7‬وهو الذى أنزل عليك القرآن ‪ ،‬وكان من حكمته أن جعل منه آيات مكمات‬
‫مددة العن بيّنة القاصد ‪ ،‬هى الصل وإليها الرجع ‪ ،‬وأخر متشابات يدق معناها‬
‫على أذهان كثي من الناس ‪ ،‬وتشبته على غي الراسخي ف العلم ‪ ،‬وقد نزلت هذه‬
‫التشابات لتبعث العلماء على العلم والنظر ودقة الفكر ف الجتهاد ‪ ،‬وف البحث ف‬
‫الدين ‪ ،‬وشأن الزائغي عن الق أن يتتبعوا ما تشابه من القرآن رغبة ف إثارة الفتنة ‪،‬‬
‫ويؤوّلوها حسب أهوائهم ‪ .‬وهذه اليات ل يعلم تأويلها الق إل ال والذين تثبتوا ف‬
‫العلم وتكنوا منه ‪ ،‬وأولئك التمكنون منه يقولون ‪ :‬إنا نوقن بأن ذلك من عند ال ‪،‬‬
‫ل نفرق ف اليان بالقرآن بي مكمه ومتشابه ‪ ،‬وما يعقل ذلك إل أصحاب العقول‬
‫السليمة الت ل تضع للهوى والشهوة ‪.‬‬

‫ك َأنْتَ اْلوَهّابُ (‪َ )8‬ربّنَا‬


‫غ قُلُوبَنَا بَ ْع َد ِإذْ َه َديْتَنَا َوهَبْ لَنَا ِمنْ لَ ُدْنكَ َرحْ َم ًة ِإنّ َ‬
‫َربّنَا لَا ُتزِ ْ‬
‫ف الْمِيعَادَ (‪ )9‬إِ ّن اّلذِينَ َك َفرُوا لَنْ‬
‫ب فِي ِه إِ ّن ال ّلهَ لَا يُخْلِ ُ‬
‫س لَِيوْ ٍم لَا َريْ َ‬
‫ك جَامِ ُع النّا ِ‬
‫ِإنّ َ‬

‫‪83‬‬
‫ُتغْنِيَ عَ ْن ُه ْم أَ ْموَاُل ُهمْ َولَا َأ ْولَا ُدهُ ْم ِمنَ ال ّل ِه شَيْئًا َوأُولَِئكَ ُه ْم وَقُودُ النّارِ (‪َ )10‬ك َدأْبِ َآلِ‬
‫ِفرْ َعوْنَ وَالّذِينَ ِم ْن قَبْ ِل ِهمْ َكذّبُوا ِب َآيَاتِنَا َفَأخَ َذ ُهمُ ال ّلهُ ِب ُذنُوِب ِهمْ وَاللّ ُه َشدِيدُ اْل ِعقَابِ (‪)11‬‬
‫س الْ ِمهَادُ (‪)12‬‬
‫شرُونَ ِإلَى َجهَّنمَ َوبِئْ َ‬
‫حَ‬‫ُقلْ لِ ّلذِينَ َك َفرُوا سَُتغْلَبُونَ َوتُ ْ‬

‫‪ -8‬وأولئك العلماء العاقلون يقولون ‪ :‬ربنا ل تعل قلوبنا تنحرف عن الق بعد إذ‬
‫أرشدتنا إليه ‪ ،‬وامنحنا اللهم رحة من عندك بالتوفيق والتثبيت إنك أنت الانع العطى ‪.‬‬
‫‪ -9‬ربنا إنك جامع الناس ليوم ل شك فيه لتجازى كلً على ما فعل ‪ ،‬فقد وعدت‬
‫بذلك وأنت ل تلف اليعاد ‪.‬‬
‫‪ -10‬إن الكافرين لن تدفع عنهم ف ذلك اليوم أموالم مهما عظمت ‪ ،‬ول أولدهم‬
‫مهما كثرت ‪ ،‬وسيكونون حطبا للنار تشتعل بم ‪.‬‬
‫‪ -11‬وشأن هؤلء قوم فرعون والكافرين من قبلهم ‪ ،‬كذّبوا بآيات ال مع وضوحها‬
‫فنكّل ال بم بسبب ما ارتكبوه من الذنوب ‪ ،‬وال شديد العقاب ‪.‬‬
‫‪ -12‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬لؤلء الذين كفروا إنكم ف الدنيا ستهزمون وف الخرة‬
‫ستعذبون ‪ ،‬وتكون جهنم فِراشا لكم وبئس الفِراش ‪.‬‬

‫َقدْ كَا َن َل ُكمْ َآيَ ٌة فِي فِئَتَ ْي ِن الَْتقَتَا فَِئ ٌة ُتقَاِتلُ فِي سَبِي ِل ال ّلهِ َوأُ ْخرَى كَا ِفرَ ٌة َي َروَْن ُهمْ مِثْلَ ْي ِهمْ‬
‫ك َلعِ ْبرَ ًة ِلأُولِي اْلأَبْصَارِ (‪ُ )13‬زّينَ‬
‫ص ِرهِ َم ْن َيشَا ُء إِ ّن فِي َذلِ َ‬
‫َرأْيَ اْلعَ ْينِ وَال ّلهُ ُي َؤيّ ُد بِنَ ْ‬
‫ضةِ‬
‫ب وَالْفِ ّ‬
‫ي الْ ُمقَنْ َط َر ِة ِمنَ الذّهَ ِ‬
‫ي وَالْقَنَاطِ ِ‬
‫ت ِمنَ الّنسَا ِء وَالْبَنِ َ‬
‫ب الشّ َهوَا ِ‬
‫لِلنّاسِ حُ ّ‬
‫سنُ الْ َمآَبِ (‬
‫ع الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا وَاللّهُ عِ ْن َد ُه ُح ْ‬
‫ح ْرثِ َذِلكَ مَتَا ُ‬
‫سوّ َمةِ وَاْلأَْنعَامِ وَالْ َ‬
‫وَالْخَ ْي ِل الْ ُم َ‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأنْهَارُ‬
‫‪ُ )14‬قلْ َأ ُؤنَبّئُ ُك ْم بِخَ ْي ٍر ِمنْ َذِلكُ ْم لِ ّلذِي َن اتّ َقوْا عِ ْندَ َرّب ِهمْ جَنّاتٌ تَ ْ‬
‫ي بِاْلعِبَادِ (‪)15‬‬
‫ضوَا ٌن ِمنَ ال ّلهِ وَال ّلهُ بَصِ ٌ‬
‫ج مُ َط ّه َرةٌ وَرِ ْ‬
‫خَاِلدِي َن فِيهَا َوأَ ْزوَا ٌ‬

‫‪ -13‬لقد كان لكم آية بيّنة وعبة ظاهرة ف طائفتي من الحاربي التقتا يوم بدر ‪،‬‬
‫إحداها مؤمنة تارب لعلء كلمة ال ونشر الق ‪ ،‬والخرى كافرة تارب ف سبيل‬
‫الهواء والشهوات ‪ ،‬فكان من تأييد ال للمؤمني أن جعل الكافرين يرونم ضعف‬
‫عددهم القيقى ‪ ،‬وبذلك وقع الرعب ف قلوب الكفار فانزموا ‪ ،‬وال ينح نصره لن‬

‫‪84‬‬
‫يشاء ‪ .‬وإن ف ذلك لعبة لصحاب البصائر الرشيدة الت ل تنحرف ف إدراكها عن‬
‫الق ‪.‬‬
‫‪ -14‬إن البشر جبلوا على حب الشهوات الت تتمثل ف النساء والبني والكثرة من‬
‫الذهب والفضة ‪ ،‬واليل السان العلّمة ‪ ،‬والنعام الت منها البل والبقر والغنم ‪،‬‬
‫وتتمثل أيضا ف الزرع الكثي ‪ .‬لكن ذلك كله متاع الياة الدنيا الزائلة الفانية ‪ ،‬وهو‬
‫ل يُعد شيئا إذا قيس بإحسان ال إل عباده الذين ياهدون ف سبيله عند أوبتهم إليه ف‬
‫الخرة ‪.‬‬
‫‪ -15‬قل يا أيها النب ‪ :‬أأخبكم با هو خي من ذلك الذى ُزيّن للناس ف الدنيا؟ ‪ ،‬إن‬
‫للذين اتقوا ثوابا مضمونا ‪ -‬عند ربم ‪ ،‬هو جنات ترى من تت ظلل أشجارها‬
‫النار ‪ ،‬يتمتعون بالياة الطيبة فيها ل يساورهم خوف من زوال نعيمها إذ كتب لم‬
‫اللود فيها ‪ ،‬وأزواج طاهرة نقية من كل ما يشي نساء الدنيا ‪ ،‬ورضاء من ال‬
‫يشعرون ف ظله بنعيم أكب ‪ ،‬وال مطلع على أحوال عباده ل يفى عليه أمر أو سر‬
‫من أمورهم وأسرارهم ‪.‬‬

‫ب النّارِ (‪ )16‬الصّاِبرِينَ‬
‫الّذِينَ َيقُولُونَ َربّنَا ِإنّنَا َآمَنّا فَا ْغ ِف ْر لَنَا ُذنُوبَنَا وَقِنَا َعذَا َ‬
‫ي وَالْ ُمسَْتغْ ِفرِي َن بِالَْأسْحَارِ (‪َ )17‬ش ِهدَ ال ّلهُ َأّنهُ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ‬
‫ي وَالْمُ ْن ِفقِ َ‬
‫ي وَاْلقَانِتِ َ‬
‫وَالصّادِقِ َ‬
‫حكِيمُ (‪ )18‬إِنّ الدّينَ ِع ْندَ‬
‫ط لَا ِإَلهَ ِإلّا ُه َو الْ َعزِي ُز الْ َ‬
‫وَالْمَلَائِ َك ُة وَأُولُو الْعِ ْل ِم قَائِمًا بِاْل ِقسْ ِ‬
‫ب ِإلّا ِمنْ بَ ْع ِد مَا جَا َءهُ ُم الْعِ ْل ُم َبغْيًا بَيَْن ُهمْ َو َمنْ‬
‫ف اّلذِينَ أُوتُوا الْكِتَا َ‬
‫اللّ ِه الِْإسْلَا ُم وَمَا اخْتَلَ َ‬
‫ت وَ ْجهِ َي لِ ّلهِ‬
‫حسَابِ (‪َ )19‬فإِ ْن حَاجّوكَ َف ُق ْل أَسْلَ ْم ُ‬
‫يَ ْك ُفرْ ِب َآيَاتِ ال ّل ِه َفإِنّ ال ّل َه سَرِي ُع الْ ِ‬
‫ي َأأَسْلَمُْت ْم َفإِ ْن َأسْلَمُوا َفقَ ِد اهْتَ َدوْا َوإِنْ‬
‫وَ َم ِن اتّبَ َع ِن َوقُ ْل لِ ّلذِي َن أُوتُوا الْكِتَابَ وَالُْأمّيّ َ‬
‫ي بِاْلعِبَادِ (‪)20‬‬
‫غ وَال ّل ُه بَصِ ٌ‬
‫تَ َوّلوْا َفِإنّمَا َعلَ ْيكَ الْبَلَا ُ‬

‫‪ -16‬ينال هذا الزاء أولئك الذين مل اليان قلوبم وأعلنوا ذلك بألسنتهم فقالوا ‪-‬‬
‫ضارعي إل ال ‪ : -‬ربنا إننا آمنا استجابة لدعوتك فاعف عن ذنوبنا ‪ ،‬واحفظنا من‬
‫عذاب النار ‪.‬‬
‫‪ -17‬وهم الذين يتحملون الشقة ف سبيل الطاعة وتنب العصية واحتمال الكروه ‪،‬‬

‫‪85‬‬
‫ويصدقون ف أقوالم وأفعالم ونياتم ‪ ،‬الداومون على الطاعة ف خشوع وضراعة ‪،‬‬
‫الباذلون ما يستطيعون من مال وجاه وغيه ف وجوه التأمل والتفكي ف عظمة الالق‬
‫‪.‬‬
‫‪ -18‬شهد ال أنه التفرد باللوهية وبيّن ذلك ‪ -‬با بث ف الكون من دلئل وآيات‬
‫ل ينكرها ذو عقل ‪ -‬وأنه واحد ل شريك له ‪ ،‬قائم على شئون خلقه بالعدل ‪،‬‬
‫وأقرّت بذلك ملئكته الطهار ‪ ،‬وَعَلِ َم ُه أهل العلم موقني به ‪ ،‬وأنه ‪ -‬جل شأنه ‪-‬‬
‫التفرد باللوهية الذى ل يغلبه أحد على أمره ‪ ،‬وشلت حكمته كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -19‬إن الدين الق الرضى عند ال هو السلم ‪ ،‬فهو التوحيد والضوع ل ف‬
‫إخلص ‪ ،‬وقد اختلف كل من اليهود والنصارى ف هذا الدين فحرّفوا وبدّلوا ول يكن‬
‫اختلفهم عن شبهة أو جهل إذ جاءهم العلم ‪ ،‬بل كان للتحاسد والتطاول ‪ ،‬ومن‬
‫يحد بآيات ال فلينتظر حساب ال السريع ‪.‬‬
‫‪ -20‬فإن جادلك هؤلء ف هذا الدين بعد أن أقمت لم الُجج ‪ ،‬فل تارهم ف‬
‫الدل ‪ ،‬وقل ‪ :‬أخلصت عبادتى ل ‪ -‬وحده ‪ -‬أنا ومن اتبعن من الؤمني ‪ ،‬وقل‬
‫لليهود والنصارى ومشركى العرب ‪ :‬قد بانت لكم الدلئل فأسلموا ‪ ،‬فإن أسلموا‬
‫فقد عرفوا طريق الدى واتبعوه ‪ ،‬وإن أعرضوا فل تبعة عليك ف إعراضهم ‪ ،‬فليس‬
‫عليك إل أن تبلغهم رسالة ال ‪ ،‬وال مطلع على عباده ل يفى عليه شئ من أحوالم‬
‫وأعمالم ‪.‬‬

‫ي ِبغَ ْيرِ َح ّق وََيقْتُلُونَ اّلذِي َن َي ْأمُرُو َن بِاْل ِقسْطِ‬


‫ت اللّ ِه َويَقْتُلُو َن النّبِيّ َ‬
‫إِنّ اّلذِينَ َيكْ ُفرُونَ بِ َآيَا ِ‬
‫ت أَ ْعمَالُ ُهمْ فِي ال ّدنْيَا وَالْ َآ ِخ َرةِ‬
‫ك الّذِينَ حَبِطَ ْ‬
‫ش ْرهُ ْم ِب َعذَابٍ َألِيمٍ (‪ )21‬أُولَئِ َ‬
‫ِمنَ النّاسِ فََب ّ‬
‫ب ُيدْ َعوْنَ ِإلَى كِتَابِ‬
‫صرِينَ (‪َ )22‬أَلمْ َت َر ِإلَى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا ِمنَ اْلكِتَا ِ‬
‫وَمَا َلهُ ْم ِمنْ نَا ِ‬
‫ك ِبأَّن ُهمْ قَالُوا َلنْ تَ َمسّنَا‬
‫ح ُكمَ بَيَْن ُه ْم ثُ ّم يََت َولّى َفرِي ٌق مِ ْنهُ ْم َوهُ ْم ُمعْرِضُونَ (‪َ )23‬ذلِ َ‬
‫اللّ ِه لِيَ ْ‬
‫ف ِإذَا جَ َمعْنَاهُمْ‬
‫النّا ُر ِإلّا َأيّامًا مَ ْعدُودَاتٍ وَ َغ ّر ُهمْ فِي دِيِن ِهمْ مَا كَانُوا َيفْتَرُونَ (‪ )24‬فَكَيْ َ‬
‫ت َو ُهمْ لَا يُظْلَمُونَ (‪)25‬‬
‫س مَا َكسَبَ ْ‬
‫ب فِي ِه وَ ُوفّيَتْ ُك ّل َنفْ ٍ‬
‫لَِيوْمٍ لَا َريْ َ‬

‫‪86‬‬
‫‪ -21‬إن الذين يحدون آيات ال الكونية والنّلة ‪ ،‬ويقتلون من بعثهم ال لدايتهم‬
‫من النبياء ‪ ،‬ظلما بغي حق ‪ ،‬ويقتلون دعاة الناس إل القسط والعدل يستحقون‬
‫العذاب الليم فبشرهم به ‪.‬‬
‫‪ -22‬أولئك التصفون بتلك الصفات بطلت أعمالم ف الدنيا والخرة فل يقبل لم‬
‫عمل وما لم من ناصر ينصرهم من عذاب ال ‪.‬‬
‫‪ -23‬أل تعلم حال الذين أُعطوا حظا من الكتاب والعلم يدعون إل كتاب ال وهو‬
‫القرآن ليفصل الق من الباطل فيما شجر بينهم من خلف فل يسارعون إل إجابة‬
‫الداعى ‪ ،‬بل يعرض عنه فريق منهم شأنه العراض عن دعوة الي ‪.‬‬
‫‪ -24‬إن أولئك العرضي من اليهود َزيّن لم ذلك العراض أنم يُمنّون أنفسهم‬
‫بالمان الباطلة ‪ ،‬فيزعمون أن النار لن تسمهم إل أياما معدودات ودفعهم إل ذلك‬
‫الغرور وتلك المان افتراءاتم الستمرة ف دينهم ‪.‬‬
‫‪ -25‬فكيف يكون حالم وقت أن يمعهم ال ف الخرة الت ل شك ف وجودها ول‬
‫حسابا فكل نفس تعطى جزاءها وافيا ‪ ،‬وهم مستحقون لا نالم من جزاء ‪.‬‬

‫ك مِ ّم ْن َتشَاءُ وَُت ِعزّ َم ْن َتشَاءُ‬


‫ع الْمُلْ َ‬
‫ك َمنْ َتشَا ُء َوتَ ْنزِ ُ‬
‫ك الْمُ ْلكِ ُت ْؤتِي الْمُ ْل َ‬
‫ُقلِ ال ّل ُهمّ مَالِ َ‬
‫وَُت ِذلّ َم ْن َتشَا ُء بَِيدِ َك الْخَ ْي ُر ِإنّكَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ )26‬تُولِجُ اللّ ْي َل فِي الّنهَارِ‬
‫ق َمنْ‬
‫ح ّي وََترْزُ ُ‬
‫ت ِمنَ الْ َ‬
‫ج الْمَيّ َ‬
‫خرِ ُ‬
‫ت َوتُ ْ‬
‫حيّ ِم َن الْمَيّ ِ‬
‫ج الْ َ‬
‫خرِ ُ‬
‫ج النّهَا َر فِي اللّ ْيلِ َوتُ ْ‬
‫وَتُولِ ُ‬
‫َتشَا ُء ِبغَ ْي ِر حِسَابٍ (‪)27‬‬

‫‪ -26‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬ضارعا إل ال مقرا ببوته ‪ :‬اللهم أنت ‪ -‬وحدك ‪-‬‬
‫مالك التصرف ف المر كله ‪ ،‬تنح من تشاء من الكم والسلطان ‪ ،‬وتنعه من‬
‫تشاء ‪ ،‬وتب العزة من تريد من عبادك بتوفيقه إل الخذ بأسبابا ‪ ،‬وتضرب الذل‬
‫والوان على من تشاء ‪ ،‬فأنت ‪ -‬وحدك ‪ -‬تلك الي ‪ ،‬ل يعجزك شئ عن تنفيذ‬
‫مرادك ‪ ،‬وما تقتضيه حكمتك ف نظام خلقك ‪.‬‬
‫‪ -27‬وأنت با أنشأت ووضعت من السباب والسنن ‪ُ ،‬تدْخِل من الليل ف النهار ما‬
‫يزيد به النهار طول ‪ ،‬وتدخل من النهار ف الليل ما يزيد به الليل طول ‪ ،‬وترج‬

‫‪87‬‬
‫التصف بظاهر الياة من فاقدها ‪ ،‬كما ترج فاقد الياة من الى التمكن من أسباب‬
‫الياة ‪ ،‬وتب عطاءك الواسع من تشاء كما تريد على نظام حكمتك ‪ ،‬فل رقيب‬
‫ياسبك ‪ ،‬ومن كان هذا شأنه ل يعجزه أن ينح رسوله وأصفياءه السيادة والسلطان‬
‫والغن واليسار كما وعدهم ‪.‬‬

‫س ِم َن اللّ ِه فِي‬
‫ي َو َمنْ َي ْف َعلْ َذِلكَ فَلَيْ َ‬
‫خ ِذ الْ ُمؤْمِنُو َن الْكَافِرِينَ َأ ْولِيَاءَ مِ ْن دُونِ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫لَا يَتّ ِ‬
‫خفُوا‬
‫س ُه وَِإلَى ال ّلهِ الْمَصِيُ (‪ُ )28‬ق ْل إِ ْن تُ ْ‬
‫حذّرُ ُكمُ ال ّل ُه َنفْ َ‬
‫شَيْ ٍء ِإلّا أَ ْن تَّتقُوا مِ ْن ُهمْ ُتقَاةً َويُ َ‬
‫ض وَال ّلهُ عَلَى‬
‫ت وَمَا فِي الْأَرْ ِ‬
‫صدُورِ ُكمْ َأوْ تُ ْبدُوهُ َيعْلَ ْم ُه ال ّلهُ َوَيعْلَ ُم مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫مَا فِي ُ‬
‫ضرًا َومَا عَمِلَتْ مِنْ‬
‫ت ِمنْ خَ ْي ٍر مُحْ َ‬
‫جدُ ُك ّل َنفْسٍ مَا عَ ِملَ ْ‬
‫ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )29‬يوْ َم تَ ِ‬
‫سهُ وَاللّهُ َرءُوفٌ بِاْلعِبَادِ (‪)30‬‬
‫حذّرُ ُك ُم ال ّلهُ َن ْف َ‬
‫سُو ٍء َت َودّ َل ْو أَ ّن بَيَْنهَا َوبَيَْنهُ َأ َمدًا َبعِيدًا وَيُ َ‬
‫ُقلْ إِنْ كُ ْنُتمْ تُحِبّو َن ال ّلهَ فَاتِّبعُونِي يُحْبِ ْب ُكمُ ال ّل ُه َويَ ْغ ِفرْ َل ُكمْ ُذنُوَبكُ ْم وَال ّلهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‬
‫‪ُ )31‬قلْ أَطِيعُوا ال ّل َه وَالرّسُو َل َفإِ ْن تَ َوّلوْا َفإِنّ ال ّل َه لَا يُحِبّ اْلكَا ِفرِينَ (‪)32‬‬

‫‪ -28‬إذا كان ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬هو ‪ -‬وحده ‪ -‬مالك اللك ‪ ،‬ويعز ويذل ‪،‬‬
‫وبيده وحده الي واللق والرزق ‪ ،‬فل يصح للمؤمني أن يعلوا لغي الؤمني ولية‬
‫عليهم ‪ ،‬متجاوزين نصرة الؤمني؛ لن ف هذا خذلنا للدين وإيذاء لهله ‪ ،‬وإضعافا‬
‫للولية السلمية ‪ ،‬ومن يسلك هذا السلك فليس له من ولية ال مالك اللك شئ ‪،‬‬
‫ول يرضى مؤمن بوليتهم إل أن يكون مضطرا لذلك ‪ ،‬فيتقى أذاهم بإظهار الولء لم‬
‫‪ .‬وعلى الؤمني أن يكونوا ف الولية السلمية دائما وهى ولية ال ‪ ،‬وليحذروا أن‬
‫يرجوا إل غي وليته فيتول عقابم بنفسه بكتابة الذلة عليهم بعد العزة ‪ .‬وإليه ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬الصي فل مفرّ من سلطانه ف الدنيا ول ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -29‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬إن تفوا ما ف صدوركم أو تظهروه ف أعمالكم وأقوالكم‬
‫فإن ال يعلمه ‪ ،‬ويعلم جيع ما ف السموات وما ف الرض ما ظهر منه وما استتر ‪،‬‬
‫وقدرته نافذة ف جيع خلقه ‪.‬‬
‫‪ -30‬فليحذر الذين يالفون أمره يوم تد كل نفس عملها من الي مهما ق ّل مشاهدا‬
‫حاضرا ‪ ،‬وما اقترفَته من سوء تتمن أن يكون بعيدا عنها ُبعْدا شاسعا حت ل تراه‬

‫‪88‬‬
‫استقباحا له وخوفا من الوقوع ف مغبته ‪ ،‬ويذركم ال عقابه إذا خرجتم من وليته‬
‫الت هى رأفة ورحة بالعباد ‪.‬‬
‫‪ -31‬قل ‪ :‬إن كنتم صادقي ف دعواكم أنكم تبون ال وتريدون أن يبكم ال‬
‫فاتبعون فيما آمركم به وأناكم عنه ‪ ،‬لنن مبلغ عن ال ‪ ،‬فإن ذلك يبكم ال به ‪،‬‬
‫ويثيبكم ال عليه بالحسان إليكم والتجاوز عن خطاياكم ‪ ،‬وال كثي الغفران والرحة‬
‫لعباده ‪.‬‬
‫‪ -32‬قل ‪ :‬أطيعوا ال ورسوله ‪ ،‬فإن أعرضوا عنك فهم كافرون بال ورسوله ‪ ،‬وال‬
‫ل يب الكافرين ‪.‬‬

‫ضهَا‬
‫إِنّ ال ّلهَ اصْ َطفَى َآدَ َم َونُوحًا وَ َآلَ إِْبرَاهِي َم وَ َآلَ عِ ْمرَانَ عَلَى اْلعَالَ ِميَ (‪ )33‬ذُ ّرّيةً بَعْ ُ‬
‫ت َلكَ مَا فِي‬
‫ب ِإنّي َنذَرْ ُ‬
‫ت ا ْمرََأةُ ِع ْمرَانَ َر ّ‬
‫ض وَال ّلهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪ِ )34‬إ ْذ قَالَ ِ‬
‫ِمنْ َبعْ ٍ‬
‫ب ِإنّي‬
‫ضعَ ْتهَا قَالَتْ َر ّ‬
‫ت السّمِي ُع اْلعَلِيمُ (‪ )35‬فَلَمّا وَ َ‬
‫ك أَنْ َ‬
‫حرّرًا فََتقَّبلْ مِنّي ِإنّ َ‬
‫بَطْنِي مُ َ‬
‫س الذّ َكرُ كَالُْأنْثَى َوِإنّي سَمّيُْتهَا َم ْريَ َم َوإِنّي‬
‫ت َولَيْ َ‬
‫ضعَ ْ‬
‫ضعُْتهَا ُأنْثَى وَال ّل ُه أَعْ َلمُ بِمَا وَ َ‬
‫وَ َ‬
‫ك َوذُ ّريَّتهَا ِمنَ الشّيْطَانِ ال ّرجِيمِ (‪ )36‬فََتقَبّ َلهَا َرّبهَا ِبقَبُو ٍل َحسَ ٍن َوأَنْبََتهَا نَبَاتًا‬
‫أُعِي ُذهَا بِ َ‬
‫حرَابَ َو َجدَ عِ ْندَهَا رِ ْزقًا قَالَ يَا َمرَْيمُ‬
‫َحسَنًا وَ َكفّ َلهَا زَ َك ِريّا كُلّمَا دَ َخلَ عَلَ ْيهَا زَ َك ِريّا الْمِ ْ‬
‫ت ُهوَ مِنْ عِ ْن ِد ال ّلهِ إِ ّن ال ّلهَ َيرْزُقُ مَ ْن َيشَا ُء ِبغَيْ ِر ِحسَابٍ (‪)37‬‬
‫ك َهذَا قَالَ ْ‬
‫َأنّى لَ ِ‬

‫‪ -33‬كما اصطفى ال ممدا لتبليغ رسالته ‪ ،‬وجعل اتباعه وسيلة لب ال ومغفرته‬


‫ورحته ‪ ،‬كذلك اصطفى آدم وجعله من صفوة العالي ‪ ،‬واصطفى نوحا بالرسالة ‪،‬‬
‫واصطفى إبراهيم وآله إساعيل وإسحاق والنبياء من أولدها ‪ ،‬ومنهم موسى ‪-‬‬
‫عليهم السلم ‪ ، -‬واختار آل عمران واختار منهم عيسى وأمه ‪ ،‬فعيسى جعله ال‬
‫رسول لبن إسرائيل ‪ ،‬ومري جعلها أما لعيسى من غي أب ‪.‬‬
‫‪ -34‬اختارهم ذرية طاهرة ‪ ،‬فهم يتوارثون الطهر والفضيلة والي ‪ .‬وال سيع لقوال‬
‫عباده ‪ ،‬عليم بأفعالم وما تُكنّه صدورهم ‪.‬‬
‫‪ -35‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬حال امرأة عمران إذ نذرت وقت حلها تقدي ما تمله‬
‫خالصا لعبادة ال وخدمة بيته ‪ ،‬قائلة ‪ :‬يا رب ‪ ،‬إن نذرت ما ف بطن خالصا لدمة‬

‫‪89‬‬
‫بيتك فاقبل من ذلك ‪ ،‬إنك السميع لكل قول ‪ ،‬العليم بكل حال ‪.‬‬
‫‪ -36‬فلما وضعت حلها قالت ‪ -‬معتذرة تناجى ربا ‪ : -‬إن َولَدت أُنثى وال عليم با‬
‫ولدت ‪ ،‬وأن مولودها وهو أنثى خي من مطلوبا وهو الذكر ‪ .‬وقالت ‪ :‬إن سيتها‬
‫مري وإنّى أسألك أن تصّنها هى وذريتها من غواية الشيطان الرجيم ‪.‬‬
‫‪ -37‬فتقبل ال مري نذرا لمها ‪ ،‬وأجاب دعاءها ‪ ،‬فأنبتها نباتا حسنا ‪ ،‬وربّاها ف‬
‫خيه ورزقه وعنايته تربية حسنة مقومة لسدها ‪ ،‬وشأنه أن يرزق من يشاء من عباده‬
‫رزقا كثيا ‪ ،‬كلما دخل عليها زكريا ف معبدها وجد عندها رزقا غي معهود ف وقته ‪.‬‬
‫قال ‪ -‬متعجبا ‪ : -‬يا مري من أين لك هذا الرزق؟ قالت ‪ :‬هو من فضل ال ‪ ،‬وجعل‬
‫زكريا ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬كافل لا ‪ .‬وكان رزقها بغي عدد ول إحصاء ‪.‬‬

‫ك سَمِي ُع الدّعَاءِ (‪)38‬‬


‫ب لِي ِم ْن لَ ُدْنكَ ذُ ّرّيةً طَيَّب ًة ِإنّ َ‬
‫ب هَ ْ‬
‫هُنَاِلكَ دَعَا زَ َك ِريّا َرّبهُ قَالَ َر ّ‬
‫صدّقًا بِكَلِ َم ٍة ِمنَ‬
‫شرُ َك بِيَحْيَى مُ َ‬
‫حرَابِ أَ ّن ال ّلهَ يَُب ّ‬
‫فَنَا َدْتهُ الْمَلَائِ َك ُة وَ ُهوَ قَاِئمٌ يُصَلّي فِي الْمِ ْ‬
‫ب َأنّى َيكُو ُن لِي ُغلَا ٌم َوقَ ْد بَ َلغَنِيَ‬
‫اللّ ِه وَسَّيدًا َوحَصُورًا َونَبِيّا ِم َن الصّالِحِيَ (‪ )39‬قَالَ َر ّ‬
‫ك اللّ ُه َيفْ َع ُل مَا َيشَاءُ (‪ )40‬قَالَ َربّ ا ْج َعلْ لِي َآَيةً قَالَ‬
‫الْكَِبرُ وَا ْمرََأتِي عَا ِق ٌر قَالَ َك َذلِ َ‬
‫ح بِاْل َعشِ ّي وَاْلِإبْكَارِ (‬
‫س ثَلَاَثةَ َأيّا ٍم ِإلّا َر ْمزًا وَاذْ ُكرْ َربّكَ كَثِيًا َوسَبّ ْ‬
‫َآيَُتكَ َألّا تُكَ ّلمَ النّا َ‬
‫ت الْمَلَائِ َكةُ يَا َم ْريَ ُم إِ ّن اللّهَ اصْ َطفَا ِك وَ َط ّهرَكِ وَاصْ َطفَاكِ عَلَى ِنسَاءِ‬
‫‪ )41‬وَِإ ْذ قَالَ ِ‬
‫جدِي وَارْ َكعِي َمعَ الرّا ِكعِيَ (‪)43‬‬
‫ك وَاسْ ُ‬
‫الْعَالَمِيَ (‪ )42‬يَا َم ْريَ ُم اقْنُتِي ِل َربّ ِ‬

‫‪ -38‬لا رأى زكريا ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ما رآه من نعمة ال على مري ‪ ،‬اته إل ال‬
‫ضارعا أن يهبه من فضله وكرمه وبقدرته ولدا ‪ ،‬فهو يسمع دعاء الضارعي ‪ ،‬وهو‬
‫القدير على الجابة وإن وقفت السباب العادية من شيخوخة أو عقم دون تقيقها ‪.‬‬
‫‪ -39‬فاستجاب ال دعاءه ‪ ،‬فنادته اللئكة وهو قائم ف معبده متجها إل ربه ‪ ،‬بأن‬
‫ال يبشرك بولد اسه يي ‪ ،‬يؤمن بعيسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬الذى سيوجد بكلمة من‬
‫ال فيكون على غي السُنّة العامة ف التوالد ‪ ،‬ويعله ( أى يي ) يسود قومه بالعلم‬
‫والصلة ‪ ،‬يعزف عن الشهوات والهواء ‪ ،‬ويعله من النبياء والصالي ‪.‬‬
‫‪ -40‬ولا سيقت إليه هذه البشرى ‪ ،‬اته إل ربه متشوقا إل معرفة الكيفية الت يكون‬

‫‪90‬‬
‫با هذا الغلم ‪ ،‬مع عدم توافر السباب العادية لكب سنه وعقم زوجه ‪ ،‬ورد ال عليه‬
‫بأنه مت شاء أمرا أوجد له سببه ‪ ،‬أو خلقه بغي السباب العروفة ‪ .‬فهو يفعل ما يشاء‬
‫‪.‬‬
‫‪ -41‬فدعا زكريا ربه أن يعل له علمة لتحقق هذه البشرى ‪ ،‬فأجابه ال بأن علمتك‬
‫أن تعجز عن كلم الناس ثلثة أيام إل بالشارة إليهم با تريد ‪ ،‬وثابر على ذكر ربك‬
‫وتنيهه ف الساء والصباح ‪.‬‬
‫‪ -42‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إذ قالت اللئكة ‪ :‬يا مري إن ال اختارك لتكون أم نبيه ‪،‬‬
‫وطهرك من كل دنس ‪ ،‬وخصك بأمومتك لعيسى بفضل على كل نساء العالي ‪.‬‬
‫‪ -43‬وهذا يا مري يستوجب منك الشكر لربك ‪ ،‬فالزمى طاعته ‪ ،‬وصلى له ‪،‬‬
‫وشاركى الذين يعبدونه ويصلون له ‪.‬‬

‫ت َل َدْيهِ ْم ِإذْ يُ ْلقُو َن َأقْلَا َمهُ ْم َأّيهُ ْم يَ ْك ُفلُ َم ْرَيمَ‬


‫ك َومَا كُنْ َ‬
‫ب نُوحِي ِه ِإلَيْ َ‬
‫ك ِمنْ َأنْبَا ِء الْغَيْ ِ‬
‫َذلِ َ‬
‫شرُ ِك ِبكَلِ َمةٍ‬
‫ت َل َدْيهِ ْم ِإذْ يَخَْتصِمُونَ (‪ِ )44‬إذْ قَالَتِ الْمَلَاِئكَ ُة يَا َم ْرَيمُ إِ ّن ال ّلهَ يَُب ّ‬
‫وَمَا كُنْ َ‬
‫مِ ْنهُ اسْ ُمهُ الْ َمسِيحُ عِيسَى اْبنُ مَ ْرَيمَ َوجِيهًا فِي ال ّدنْيَا وَاْلآَ ِخ َر ِة وَ ِم َن الْ ُمقَ ّربِيَ (‪)45‬‬
‫ب َأنّى يَكُو ُن لِي َولَ ٌد َولَمْ‬
‫وَُيكَ ّلمُ النّاسَ فِي الْ َمهْ ِد وَ َكهْلًا َو ِمنَ الصّالِحِيَ (‪ )46‬قَالَتْ َر ّ‬
‫شرٌ قَالَ َكذَِلكِ ال ّل ُه يَخْ ُل ُق مَا َيشَا ُء ِإذَا قَضَى َأ ْمرًا َفِإنّمَا َيقُو ُل َلهُ ُك ْن فََيكُونُ‬
‫سسْنِي َب َ‬
‫يَ ْم َ‬
‫حكْ َم َة وَالّتوْرَاةَ وَالِْإنْجِيلَ (‪)48‬‬
‫ب وَالْ ِ‬
‫(‪ )47‬وَُيعَلّ ُم ُه الْكِتَا َ‬

‫‪ -44‬ذلك الذى قصه القرآن عليك يا ممد من الخبار العظيمة عَمّن اصطفاهم ال ‪،‬‬
‫هو من الغيب الذى أوحى ال به إليك ‪ .‬وما كنت حاضرا معهم وهم يقترعون‬
‫بالسهام ليعلم بالقرعة من يقوم بشئون مري ‪ ،‬وما كنت معهم وهم يتصمون ف نيل‬
‫هذا الشرف العظيم ‪.‬‬
‫‪ -45‬اذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إذ بشرت اللئكة مري بولود خلقه ال بكلمة منه على‬
‫غي السّنّة العادية ف التوالد ‪ ،‬اسه السيح عيسى ابن مري ‪ ،‬وقد خلقه ال ذا مكانة ف‬
‫الدنيا بالنبوة والباءة من العيوب ‪ ،‬وف الخرة بعلو درجته مع الصفوة القربي إل ال‬
‫من النبيي أول العزم ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫‪ -46‬وميّزه ال بصائص ‪ ،‬فكان يكلم الناس وهو طفل ف مهده كلما مفهوما‬
‫حكيما ‪ ،‬كما يكلمهم وهو رجل سوى ‪ ،‬من غي تفاوت بي حالت الطفولة والكهولة‬
‫‪ .‬وكان من منحهم ال الصلح ‪.‬‬
‫‪ -47‬قالت مري ‪ -‬متعجبة من وجود الولد على غي نظام التوالد‪ : -‬من أين يكون‬
‫ل ولد ول يسسن رجل؟ فذكر ال تعال لا أنه يلق ما يشاء بقدرته غي مقيد‬
‫بالسباب العادية ‪ ،‬فإنه إذا أراد شيئا أوجده بتأثي قدرته ف مراده من غي افتقار إل‬
‫موجب آخر ‪.‬‬
‫‪ -48‬وال يُعلّم هذا الوليد الكتابة ‪ ،‬والعلم الصحيح النافع ‪ ،‬والتوراة ( كتاب موسى‬
‫) والنيل الذى أوحاه ال إليه ‪.‬‬

‫وَرَسُولًا ِإلَى بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ َأنّي َق ْد جِئْتُ ُك ْم ِبآََيةٍ ِمنْ َرّبكُ ْم َأنّي َأخْلُ ُق َلكُ ْم ِمنَ الطّيِ َكهَيَْئةِ‬
‫خ فِي ِه فََيكُونُ طَ ْيرًا ِبِإذْنِ ال ّل ِه وَُأْبرِئُ اْلأَكْ َمهَ وَاْلأَْب َرصَ َوُأحْيِي الْمَ ْوتَى ِبِإذْنِ ال ّلهِ‬
‫الطّ ْيرِ َفَأنْفُ ُ‬
‫وَُأنَبُّئكُ ْم بِمَا َتأْكُلُو َن َومَا َت ّدخِرُو َن فِي بُيُوِت ُكمْ إِ ّن فِي َذِلكَ َل َآَيةً َل ُكمْ إِنْ كُنُْت ْم ُم ْؤمِنِيَ (‬
‫ض الّذِي ُحرّمَ عَلَ ْي ُكمْ َوجِئُْتكُمْ‬
‫ي ِمنَ الّتوْرَاةِ َوِلأُ ِحلّ َل ُكمْ َبعْ َ‬
‫ص ّدقًا لِمَا بَ ْينَ يَدَ ّ‬
‫‪ )49‬وَمُ َ‬
‫صرَاطٌ‬
‫ِبآََيةٍ ِمنْ َرّبكُ ْم فَاتّقُوا ال ّلهَ َوأَطِيعُونِ (‪ )50‬إِنّ ال ّلهَ َربّي وَ َرّبكُ ْم فَاعُْبدُو ُه َهذَا ِ‬
‫حوَا ِريّونَ‬
‫ُمسْتَقِيمٌ (‪ )51‬فَلَمّا أَحَسّ عِيسَى مِ ْن ُهمُ الْ ُك ْفرَ قَالَ َم ْن َأنْصَارِي ِإلَى ال ّلهِ قَالَ الْ َ‬
‫ت وَاتَّبعْنَا‬
‫ح ُن أَنْصَا ُر ال ّلهِ َآمَنّا بِاللّ ِه وَا ْش َهدْ ِبَأنّا ُمسْلِمُونَ (‪َ )52‬ربّنَا َآمَنّا بِمَا أَْن َزلْ َ‬
‫نَ ْ‬
‫ال ّرسُولَ فَاكْتُبْنَا مَ َع الشّا ِهدِينَ (‪ )53‬وَ َم َكرُوا وَ َم َكرَ ال ّلهُ وَاللّ ُه خَ ْيرُ الْمَا ِكرِينَ (‪)54‬‬

‫‪ -49‬ويبعثه رسول إل بن إسرائيل ‪ ،‬مستدل على صدق رسالته بعجزات من ال ‪،‬‬


‫هى أن يصور لكم من الطي صورة مثل صورة الطي ‪ ،‬ينفخ فيها فتحل فيها الياة‬
‫وتتحرك طائرا بإرادة ال ‪ ،‬ويشفى بتقدير ال من ُوِلدَ أعمى فيبصر ‪ ،‬ومن به برص‬
‫فيزول برصه ‪ ،‬ويعيد الياة إل من فقدها ‪ .‬كل ذلك بإذن ال وإرادته ‪ ،‬ويبهم با‬
‫يدّخرون ف بيوتم من مأكول وغيه ‪ ،‬ويقول لم ‪ :‬إن هذه اليات الت أظهرها ال‬
‫على يدىّ حجة على أن رسالت حق إن كنتم من يذعنون له ويصدقون به ‪.‬‬
‫‪ -50‬وأُرسلت إليكم مصدقا لشريعة التوراة الت نزلت على موسى ‪ ،‬ولبيح لكم‬

‫‪92‬‬
‫بأمر ال بعض ما حُرّم عليكم من قبل ‪ ،‬وقد جئتكم بآية من ال على صدق رسالت ‪.‬‬
‫فاتقوا ال وأطيعون ‪.‬‬
‫‪ -51‬إن ال الذى أدعوكم إليه هو ‪ -‬وحده ‪ -‬رب وربكم فاعبدوه وأخلصوا العبادة‬
‫له ‪ ،‬فإن هذا هو الطريق الذى ل عوج فيه ‪.‬‬
‫‪ -52‬ولا جاء عيسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬دعا قومه إل الصراط الستقيم ‪ ،‬فأب أكثرهم‬
‫‪ ،‬فلما عل َم منهم ذلك اته إليهم مناديا ‪ :‬من يناصرن ف هذا الق الذى أدعو إليه؟‬
‫فأجابه خاصة الؤمني بال وبه ‪ :‬نن نؤيدك وننصرك لنك داع إل ال ‪ ،‬واشهد بأنا‬
‫ملصون ل منقادون لمره ‪.‬‬
‫‪ -53‬ونن نقول ‪ :‬يا ربنا ‪ ،‬صدّقنا بكتابك الذى أنزلته على نبيك ‪ ،‬وامتثلنا أمر‬
‫رسولك عيسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬فاكتبنا من الشاهدين لرسولك بالتبليغ ‪ ،‬وعلى بن‬
‫إسرائيل بالكفر والحود ‪.‬‬
‫‪ -54‬أما الاحدون فقد َدبّروا تدبيا خفيا ياربون به دعوة عيسى ‪ ،‬فأبطل ال‬
‫كيدهم فلم ينجحوا فيما أرادوا ‪ ،‬وال أحكم الدبرين وأقواهم ‪.‬‬

‫ك ِإلَ ّي وَمُ َط ّهرُ َك ِمنَ اّلذِينَ َك َفرُوا وَجَا ِعلُ‬


‫ِإذْ قَالَ ال ّلهُ يَا عِيسَى إِنّي مُتَ َوفّيكَ وَرَا ِفعُ َ‬
‫ق اّلذِينَ َك َفرُوا ِإلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ ُث ّم ِإلَ ّي َمرْ ِجعُ ُكمْ َفَأحْ ُك ُم بَيْنَ ُك ْم فِيمَا‬
‫الّذِينَ اتَّبعُو َك َفوْ َ‬
‫ختَ ِلفُونَ (‪َ )55‬فَأمّا اّلذِينَ َك َفرُوا َفأُ َع ّذُبهُمْ َعذَابًا َشدِيدًا فِي ال ّدنْيَا وَالْ َآ ِخرَةِ‬
‫كُنُْت ْم فِيهِ تَ ْ‬
‫ت فَُي َوفّي ِه ْم أُجُو َرهُمْ‬
‫صرِينَ (‪َ )56‬وَأمّا الّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫وَمَا َلهُ ْم ِمنْ نَا ِ‬
‫حكِيمِ (‪ )58‬إِنّ‬
‫ت وَالذّ ْكرِ الْ َ‬
‫ك نَتْلُوهُ َعلَ ْيكَ ِم َن الْ َآيَا ِ‬
‫ب الظّالِمِيَ (‪َ )57‬ذلِ َ‬
‫وَال ّلهُ لَا يُحِ ّ‬
‫حقّ ِمنْ‬
‫ب ُثمّ قَالَ َلهُ ُكنْ فَيَكُونُ (‪ )59‬الْ َ‬
‫مََثلَ عِيسَى ِع ْندَ ال ّلهِ كَمََثلِ َآدَمَ خَلَ َقهُ مِ ْن ُترَا ٍ‬
‫َرّبكَ فَلَا تَ ُك ْن ِمنَ الْمُمَْترِينَ (‪)60‬‬

‫‪ -55‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إذ قال ال ‪ :‬يا عيسى إن مستوفٍ أجلك ‪ ،‬ول أمكّن‬
‫أحدا من قتلك ‪ ،‬وإن رافعك إل مل كرامت ‪ ،‬ومنجيك من أعدائك الذين قصدوا‬
‫قتلك ‪ ،‬وجاعل التبعي لك ‪ ،‬الذين ل ينحرفوا عن دينك ظاهرين بالقوة والسلطان‬
‫على الذين ل يهتدوا بديك إل يوم القيامة ‪ ،‬ث إلّ مصيكم ف الخرة فأقضى بينكم‬

‫‪93‬‬
‫ف الذى تنازعتم فيه من أمر الدين ‪.‬‬
‫‪ -56‬فأما الاحدون ‪ ،‬فأذيقهم عذاب الزى والنكال بتسليط المم عليهم ف‬
‫الدنيا ‪ ،‬ولعذاب الخرة أشد وأخزى ‪ .‬وليس لم من ينقذهم من عذاب ال ‪.‬‬
‫‪ -57‬وأما الهتدون بدى ال ‪ ،‬العاملون على سنن الي ‪ ،‬فيعطيهم ال جزاء أعمالم‬
‫وافيا ‪ .‬وال ل ينح ثوابه التجاوزين لدود ال الطاغي على دعوته وإحسانه ‪ ،‬ول‬
‫يرفع لم قدرا ‪.‬‬
‫‪ -58‬ذلك الذى قصصناه عليك من الجج الدالة على صدق رسالتك ‪ ،‬هو من‬
‫القرآن الكري الشتمل على العلم النافع ‪.‬‬
‫‪ -59‬ضلّ قوم ف أمر عيسى ‪ ،‬فزعموا أنه ابن ال لنه ولد من غي أب ‪ ،‬فقال ال لم‬
‫‪ :‬إن شأن عيسى ف خلقه من غي أب كشأن آدم ف خلقه من تراب من غي أب ول‬
‫أم ‪ ،‬فقد صوّره وأراد أن يكون فكان بشرا سويا ‪.‬‬
‫‪ -60‬هذا البيان ف خلق عيسى هو الصدق الذى بيّن الواقع بإخبار رب الوجود فدم‬
‫على يقينك ‪ ،‬ول تكن من الشاكي ‪.‬‬

‫ع َأبْنَا َءنَا وََأبْنَاءَ ُك ْم وَِنسَا َءنَا‬


‫ك فِيهِ ِم ْن َبعْ ِد مَا جَاءَ َك ِم َن الْعِ ْل ِم َفقُ ْل َتعَاَلوْا َندْ ُ‬
‫فَ َم ْن حَاجّ َ‬
‫ج َعلْ َلعَْنةَ ال ّلهِ عَلَى اْلكَا ِذبِيَ (‪ )61‬إِ ّن َهذَا‬
‫وَِنسَاءَ ُك ْم َوأَْن ُفسَنَا َوأَْن ُفسَ ُك ْم ُثمّ نَبَْت ِهلْ فَنَ ْ‬
‫حكِيمُ (‪َ )62‬فإِنْ َت َولّوْا‬
‫ح ّق وَمَا ِمنْ ِإَلهٍ ِإلّا ال ّلهُ َوإِ ّن ال ّلهَ َل ُهوَ اْلعَزِيزُ الْ َ‬
‫ص الْ َ‬
‫َلهُ َو الْقَصَ ُ‬
‫ب َتعَاَلوْا ِإلَى كَلِ َم ٍة َسوَا ٍء بَيْنَنَا َوبَيَْنكُمْ‬
‫سدِينَ (‪ُ )63‬قلْ يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫َفإِنّ ال ّلهَ عَلِي ٌم بِالْ ُم ْف ِ‬
‫خذَ بَعْضُنَا َبعْضًا أَ ْربَابًا مِ ْن دُونِ ال ّل ِه َفإِنْ َت َولّوْا‬
‫شرِ َك ِبهِ شَيْئًا وَلَا يَتّ ِ‬
‫َألّا َنعْبُ َد ِإلّا ال ّلهَ َولَا ُن ْ‬
‫ب ِلمَ تُحَاجّونَ فِي ِإبْرَاهِي َم َومَا ُأنْ ِزلَتِ‬
‫َفقُولُوا ا ْش َهدُوا بَِأنّا ُمسْلِمُونَ (‪ )64‬يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫التّوْرَاةُ وَاْلإِنْجِي ُل ِإلّا ِم ْن َبعْ ِد ِه َأفَلَا َتعْقِلُونَ (‪)65‬‬

‫‪ -61‬فمن جادلك ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬ف شأن عيسى من بعد ما جاءك من خب ال‬
‫الذى ل شبهة فيه ‪ ،‬فقل لم قول يظهر علمك اليقين وباطلهم الزائف ‪ :‬تعالوا يدع‬
‫كل منّا ومنكم أبناءه ونساءه ونفسه ‪ ،‬ث نضرع إل ال أن يعل غضبه ونقمته على‬
‫من كذب ف أمر عيسى من كونه خلق من غي أب وأنه رسول ال وليس ابن ال ‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫‪ -62‬وذلك هو الق الذى ل مرية فيه ‪ ،‬فليس ف الوجود إله إل ال الذى خلق كل‬
‫شئ وأنه لو النفرد بالعزة ف ملكه والكمة ف خلقه ‪.‬‬
‫‪ -63‬فإن أعرضوا عن الق بعدما تبي لم ‪ ،‬ول يرجعوا عن ضللتهم فهم الفسدون ‪،‬‬
‫وال عليم بم ‪.‬‬
‫‪ -64‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ :‬يا أهل الكتاب تعالوا إل كلمة عادلة بيننا وبينكم نذكرها‬
‫على السواء ‪ ،‬وهى أن نص ال بالعبادة ول نعل غيه شريكا له فيها ‪ ،‬ول يطيع‬
‫بعضنا بعضا وينقاد له ف تليل شئ أو تريه ‪ ،‬تاركا حكم ال فيما أحلّ وحرّم ‪ ،‬فإن‬
‫أعرضوا عن هذه الدعوة القة فقولوا لم ‪ :‬اشهدوا بأنا منقادون لحكام ال ‪،‬‬
‫ملصون له الدين ل ندعو سواه ‪.‬‬
‫‪ -65‬يا أهل الكتاب لاذا تتنازعون وتادلون ف دين إبراهيم ‪ ،‬كل منكم يدعى أنه‬
‫على دينه ف حي أن إبراهيم سابق ف الوجود على التوراة والنيل بشريعة خاصة ‪،‬‬
‫وما أنزلت التوراة والنيل إل من بعده ‪ ،‬فكيف يكون على شريعة واحدة منهما؟ ‪.‬‬
‫أليست لكم عقول تدركون با بطلن هذا الكلم الذى يناقض الواقع؟‬

‫س َلكُ ْم ِبهِ عِ ْل ٌم وَال ّلهُ‬


‫هَا َأنُْتمْ َه ُؤلَا ِء حَاجَجُْت ْم فِيمَا َلكُ ْم ِبهِ عِ ْلمٌ فَ ِلمَ تُحَاجّو َن فِيمَا لَيْ َ‬
‫صرَانِيّا وََل ِكنْ كَا َن حَنِيفًا‬
‫َيعْلَ ُم َوأَنُْت ْم لَا َتعْلَمُونَ (‪ )66‬مَا كَا َن ِإبْرَاهِي ُم َيهُو ِديّا َولَا نَ ْ‬
‫شرِكِيَ (‪ )67‬إِ ّن أَ ْولَى النّاسِ ِبِإبْرَاهِي َم لَ ّلذِي َن اتَّبعُو ُه وَ َهذَا النِّبيّ‬
‫ُمسْلِمًا َومَا كَانَ ِم َن الْ ُم ْ‬
‫ب َلوْ يُضِلّونَ ُك ْم وَمَا‬
‫وَاّلذِينَ َآمَنُوا وَاللّ ُه َولِ ّي الْ ُمؤْمِنِيَ (‪َ )68‬و ّدتْ طَاِئ َفةٌ ِم ْن َأهْ ِل الْكِتَا ِ‬
‫ت ال ّلهِ َوَأنْتُمْ‬
‫ب ِلمَ َت ْكفُرُو َن ِبآَيَا ِ‬
‫سهُ ْم َومَا َيشْ ُعرُونَ (‪ )69‬يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫يُضِلّونَ ِإلّا َأْن ُف َ‬
‫حقّ َوَأنُْتمْ‬
‫ح ّق بِالْبَا ِط ِل َوتَكْتُمُو َن الْ َ‬
‫َتشْ َهدُونَ (‪ )70‬يَا َأ ْهلَ اْلكِتَابِ ِل َم تَلِْبسُونَ الْ َ‬
‫َتعْلَمُونَ (‪)71‬‬

‫‪ -66‬ها أنتم يا هؤلء جادلتم ف أمر عيسى وموسى الذى لكم بما معرفة ‪ -‬كما‬
‫تزعمون ‪ -‬فكيف تادلون ف كون إبراهيم يهوديا أو نصرانيا وليس لكم بذلك علم؟‬
‫‪ .‬وال يعلم حقيقة ما تنازعتم فيه ‪ ،‬وأنتم ل علم لكم بذلك ‪.‬‬
‫‪ -67‬إن إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ما كان على دين اليهود ول على دين النصارى ‪،‬‬

‫‪95‬‬
‫ولكن كان منصرفا عن الديان الباطلة إل الدين الق ‪ ،‬منقادا ل ‪ ،‬ملصا ف طاعته ‪،‬‬
‫وما كان من الذين يشركون مع ال غيه ف العبادة ‪.‬‬
‫‪ -68‬إن أحق الناس بالنتساب إل إبراهيم ودينه هم الذين أجابوا دعوته واهتدوا‬
‫بديه ف زمنه ‪ ،‬وكذا ممد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ومن آمن معه ‪ ،‬فإنم أهل‬
‫التوحيد الالص وهو دين إبراهيم ‪ ،‬وال يب الؤمني وينصرهم لنم أولياؤه ‪،‬‬
‫ويازيهم بالسن وزيادة ‪.‬‬
‫‪ -69‬إن فريقا من أهل الكتاب يتمنون إضلل الؤمني وفتنهم عن دينهم ‪ ،‬بإلقاء‬
‫الشبه الت توهن العتقاد ‪ ،‬وهم ف عملهم هذا ل يضلّون إل أنفسهم بإصرارهم على‬
‫الضلل الذى ييق بم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬ول يعلمون إن عاقبة سعيهم هذا لحقة بم ول‬
‫تضر الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -70‬يا أهل الكتاب ل تكذّبون بآيات ال النلة الدالة على صدق نبوة ممد ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ -‬وأنتم تعلمون أنا حق؟ ‪.‬‬
‫‪ -71‬يا أهل الكتاب ل تلطون الق الذى جاء به النبياء ونزلت به الكتب با جئتم‬
‫به من شبهات واهية ‪ ،‬وتأويلت باطلة ‪ ،‬ول تذيعون الق صريا واضحا بعيدا عن‬
‫التخليط ‪ ،‬وأنتم تعرفون أن عقاب ال على مثل هذا الفعل عظيم؟ ‪.‬‬

‫َوقَالَتْ طَاِئفَ ٌة ِمنْ َأ ْهلِ اْلكِتَابِ َآمِنُوا بِالّذِي ُأنْ ِزلَ عَلَى اّلذِينَ َآمَنُوا َو ْجهَ الّنهَارِ وَا ْك ُفرُوا‬
‫َآ ِخ َرهُ َلعَ ّل ُهمْ َي ْرجِعُونَ (‪ )72‬وَلَا تُ ْؤمِنُوا ِإلّا لِ َم ْن تَبِ َع دِيَنكُ ْم ُقلْ إِنّ اْل ُهدَى ُهدَى ال ّل ِه أَنْ‬
‫ض َل بَِيدِ ال ّلهِ ُي ْؤتِيهِ َم ْن َيشَاءُ‬
‫يُ ْؤتَى َأ َحدٌ مِ ْث َل مَا أُوتِيتُ ْم َأوْ يُحَاجّوكُمْ عِ ْندَ َرّب ُكمْ ُق ْل إِ ّن الْفَ ْ‬
‫ضلِ اْلعَظِيمِ (‪َ )74‬و ِمنْ‬
‫ص ِبرَحْمَِت ِه َم ْن َيشَا ُء وَاللّ ُه ذُو اْلفَ ْ‬
‫وَال ّلهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (‪ )73‬يَخْتَ ّ‬
‫ك وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن إِ ْن َتأْمَ ْن ُه ِبدِينَا ٍر لَا ُي َؤ ّدهِ ِإلَ ْيكَ ِإلّا‬
‫ب َمنْ إِ ْن َت ْأمَ ْنهُ ِبقِنْطَا ٍر يُ َؤ ّد ِه ِإلَيْ َ‬
‫أَ ْه ِل الْكِتَا ِ‬
‫ي سَبِي ٌل وََيقُولُونَ عَلَى اللّهِ‬
‫مَا ُدمْتَ عَلَ ْي ِه قَائِمًا َذِلكَ ِبَأّنهُ ْم قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الُْأمّيّ َ‬
‫ب الْمُّتقِيَ (‪)76‬‬
‫ح ّ‬
‫ب وَ ُه ْم َيعْلَمُونَ (‪ )75‬بَلَى مَ ْن َأ ْوفَى بِ َع ْه ِدهِ وَاتّقَى فَإِ ّن ال ّلهَ يُ ِ‬
‫الْ َكذِ َ‬

‫‪ -72‬وأن أهل الكتاب ‪ -‬ف سبيل إضلل الؤمني ‪ -‬قالوا لخوانم ‪ :‬آمنوا بالقرآن‬
‫الذى نزل على ممد واتبعه فيه الؤمنون أول النهار ‪ ،‬واكفروا ف آخره لعلكم‬

‫‪96‬‬
‫تستطيعون بذا فتنتهم ببث الريب والشك فيهم ‪ ،‬فيجعون عن دينهم ‪.‬‬
‫‪ -73‬وقالوا أيضا ‪ :‬ل تذعنوا إل لن تبع دينكم ‪ ،‬خشية أن يدعى أحد أنه أوتى مثل‬
‫ما عندكم ‪ ،‬أو يتج عليكم بإذعانكم عند ربكم ‪ ،‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ :‬إن الدى‬
‫ينل من عند ال ‪ ،‬فهو الذى يفيض به ويتار له من يشاء ‪ ،‬وقل لم ‪ -‬أيها النب ‪-‬‬
‫إن الفضل من عند ال يعطيه من يريد من عباده ‪ ،‬وهو واسع الفضل ‪ ،‬عليم بن‬
‫يستحقه ومن ينله عليه ‪.‬‬
‫‪ -74‬فهو ينح من يشاء النبوة والرسالة ‪ ،‬ومن خصه بذلك فإنا هو مض فضله ‪،‬‬
‫وال صاحب الفضل العظيم ‪ ،‬ل ينازعه فيه غيه ‪ ،‬ول يجر عليه ف عطائه ‪.‬‬
‫‪ -75‬هذا سلوك أهل الكتاب ف العتقاد ‪ ،‬أما سلوكهم ف الال فمنهم من إن‬
‫استأمنته على قنطار من الذهب أو الفضة أدّاه إليك ل ينقص منه شيئا ‪ ،‬ومنهم من إن‬
‫استأمنته على دينار واحد ل يؤديه إليك إل إذا لزمته وأحرجته ‪ ،‬وذلك لن هذا‬
‫الفريق يزعم بأن غيهم أميون ‪ ،‬وأنم ل ترعى لم حقوق ‪ ،‬ويدعون أن ذلك حكم‬
‫ال ‪ ،‬وهم يعلمون أن ذلك كذب عليه سبحانه وتعال ‪.‬‬
‫‪ -76‬حقا لقد افتروا على ال الكذب ‪ ،‬فإن من أدّى حق غيه ووفّاه ف وقته كما‬
‫عاهده عليه وخاف ال فلم ينقص ول ياطل فإنه يفوز بحبة ال لنه اتقاه ‪.‬‬

‫ق َلهُ ْم فِي اْلآَ ِخ َرةِ َولَا‬


‫إِنّ اّلذِينَ َيشَْترُونَ ِب َع ْهدِ ال ّلهِ َوَأيْمَاِن ِهمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَِئكَ لَا خَلَا َ‬
‫ب َألِيمٌ (‪ )77‬وَإِ ّن مِ ْن ُهمْ‬
‫يُكَلّ ُم ُه ُم اللّ ُه َولَا يَنْ ُظ ُر ِإلَيْ ِه ْم يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ وَلَا يُزَكّي ِه ْم وََل ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫ب َويَقُولُو َن ُهوَ‬
‫ب َومَا ُهوَ ِم َن الْكِتَا ِ‬
‫حسَبُوهُ ِم َن الْكِتَا ِ‬
‫ب لِتَ ْ‬
‫َلفَرِيقًا يَ ْلوُو َن َأْلسِنََتهُ ْم بِاْلكِتَا ِ‬
‫ب َوهُ ْم َيعْلَمُونَ (‪ )78‬مَا‬
‫ِمنْ عِ ْندِ ال ّلهِ وَمَا هُ َو ِمنْ عِ ْندِ ال ّل ِه وََيقُولُونَ عَلَى ال ّل ِه الْ َكذِ َ‬
‫حكْ َم وَالنُّب ّوةَ ُث ّم َيقُولَ لِلنّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي ِمنْ‬
‫شرٍ أَ ْن ُي ْؤتِيَ ُه اللّ ُه الْكِتَابَ وَالْ ُ‬
‫كَا َن لَِب َ‬
‫ي بِمَا كُنُْتمْ ُتعَلّمُو َن الْكِتَابَ َوبِمَا كُنُْت ْم تَدْ ُرسُونَ (‪َ )79‬ولَا‬
‫دُونِ ال ّلهِ َوَلكِنْ كُونُوا َربّانِيّ َ‬
‫خذُوا الْمَلَاِئكَ َة وَالنّبِيّيَ أَ ْربَابًا َأَيأْ ُمرُ ُكمْ بِالْ ُك ْفرِ َب ْعدَ إِ ْذ َأنُْتمْ ُمسْلِمُونَ (‪)80‬‬
‫َيأْ ُمرَ ُكمْ أَ ْن تَتّ ِ‬

‫‪ -77‬إن الذين يتركون عهد ال الذى عاهدهم عليه من أداء القوق والقيام‬
‫بالتكليفات ‪ ،‬ويتركون أيانم الت أقسموا با على الوفاء ‪ -‬لثمن قليل من أعراض‬

‫‪97‬‬
‫الدنيا ‪ -‬مهما عظم ف نظرهم ‪ -‬هؤلء ل نصيب لم ف متاع الخرة ‪ ،‬ويُعرض عنهم‬
‫ربم ‪ ،‬ول ينظر إليهم يوم القيامة نظرة رحة ‪ ،‬ول يغفر لم آثامهم ‪ ،‬ولم عذاب مؤل‬
‫مستمر اليلم ‪.‬‬
‫‪ -78‬وإن من هؤلء فريقا ييلون ألسنتهم فينطقون با ليس من الكتاب ‪ ،‬ماولي أن‬
‫يكون شبيها له ‪ ،‬ليحسبه السامع من الكتاب وما هو منه ف شئ ‪ ،‬وَيدّعون أن هذا‬
‫من عند ال وما هو من الوحى ف شئ وهم بذا يكذبون على ال ‪ ،‬وهم ف أنفسهم‬
‫يعلمون أنم كاذبون ‪.‬‬
‫‪ -79‬وما كان معقول ول سائغا لبشر ينل ال عليه الكتاب ‪ ،‬ويؤتيه العلم النافع‬
‫والتحدث عن ال أن يطلب من الناس أن يعبدوه من دون ال ‪ .‬ولكن العقول والواقع‬
‫أن يطلب منهم أن يكونوا خالصي لربم الذى خلقهم بقتضى ما عَلّمهم من علم‬
‫الكتاب وما يدرسونه منه ‪.‬‬
‫‪ -80‬ول يكن أن يأمركم بأن تعلوا اللئكة أو النبيي أربابا من دون ال ‪ ،‬وإن ذلك‬
‫كفر ليس من العقول أن يأمركم به بعد أن صرت مُسلّمي وجوهكم ل ‪.‬‬

‫ق لِمَا‬
‫صدّ ٌ‬
‫ي لَمَا َآتَيُْت ُكمْ ِمنْ كِتَابٍ َوحِكْ َم ٍة ُثمّ جَاءَ ُكمْ َرسُو ٌل مُ َ‬
‫ق النّبِيّ َ‬
‫وَِإ ْذ أَ َخ َذ اللّ ُه مِيثَا َ‬
‫صرِي قَالُوا َأ ْقرَ ْرنَا قَالَ‬
‫ص ُرّنهُ قَالَ َأَأ ْقرَرُْت ْم وََأ َخذُْتمْ عَلَى ذَِل ُكمْ إِ ْ‬
‫َمعَ ُكمْ لَُت ْؤمُِننّ ِب ِه وَلَتَنْ ُ‬
‫فَا ْش َهدُوا َوَأنَا َمعَ ُك ْم ِمنَ الشّا ِهدِينَ (‪ )81‬فَ َم ْن تَ َولّى َب ْعدَ َذِلكَ َفأُولَِئكَ هُ ُم الْفَاسِقُونَ (‬
‫‪َ )82‬أفَغَ ْي َر دِي ِن ال ّلهِ يَ ْبغُونَ َوَلهُ َأسْ َلمَ َم ْن فِي السّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ َطوْعًا وَ َك ْرهًا َوِإلَيْهِ‬
‫ُيرْ َجعُونَ (‪ُ )83‬قلْ َآمَنّا بِاللّ ِه َومَا ُأْنزِلَ عَلَيْنَا َومَا ُأْنزِلَ عَلَى ِإبْرَاهِي َم َوإِسْمَاعِيلَ‬
‫ق بَ ْينَ‬
‫ط وَمَا أُوِتيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنّبِيّو َن ِمنْ َربّ ِه ْم لَا ُن َفرّ ُ‬
‫ب وَاْلأَسْبَا ِ‬
‫ق َويَ ْعقُو َ‬
‫وَِإسْحَا َ‬
‫حنُ َل ُه ُمسْلِمُونَ (‪ )84‬وَ َم ْن يَبْتَغِ َغ ْيرَ اْلإِسْلَا ِم دِينًا فَ َل ْن ُيقَْبلَ مِ ْن ُه وَ ُه َو فِي‬
‫أَ َح ٍد مِ ْنهُ ْم َونَ ْ‬
‫الْ َآخِ َر ِة ِمنَ الْخَا ِسرِينَ (‪)85‬‬

‫‪ -81‬واذكر لم ‪ -‬أيها النب ‪ :‬أن ال أخذ العهد واليثاق على كل نب أنزل عليه‬
‫الكتاب وآتاه العلم النافع ‪ ،‬أنه إذا جاءه رسول توافق دعوته دعوتم لي ْؤمُِننّ به‬
‫وينصرنّه ‪ .‬وأخذ القرار من كل نب بذلك العهد ‪ ،‬وأقروا به وشهدوا على أنفسهم‬

‫‪98‬‬
‫وشهد ال عليهم ‪ ،‬وبلغوه لمهم أن ذلك العهد يوجب عليهم اليان والنصرة إن‬
‫أدركوه وإن ل يدركوه ‪ ،‬فحق على أمهم أن يؤمنوا به وينصروه وفاء واتباعا لا التزم‬
‫به أنبياؤهم ‪.‬‬
‫‪ -82‬فمن أعرض عن اليان بالنب بعد هذا اليثاق الؤكد ‪ ،‬فهو الفاسق الارج عن‬
‫شرع ال ‪ ،‬الكافر بالنبياء أولم وآخرهم ‪.‬‬
‫‪ -83‬أيطلبون دينا غي دين ممد وهو دين النبياء وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬دين ال ‪ -‬الذى‬
‫خضع له كل من ف السموات والرض طوعا بالرادة والختيار ‪ ،‬أو كرها باللق‬
‫والتكوين ‪ ،‬وإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬يرجع اللق كله؟ ‪.‬‬
‫‪ -84‬أكد ال وحدة اللوهية والرسالة ‪ ،‬فأمر نبيه ومن معه بأن يقولوا ص ّدقْنا بال‬
‫العبود وحده ‪ ،‬ومرسل رسله ‪ ،‬وآمنا با أنزل ال علينا من القرآن والشريعة ‪ ،‬وما‬
‫نزّله من كتب وشرائع على إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب وأولده السباط‬
‫الثن عشر ‪ ،‬وما أنزل ال على موسى من التوراة وعيسى من النيل ‪ ،‬وما أنزل على‬
‫سائر النبيي ل فرق ف اليان بي أحد منهم ‪ .‬ونن بذلك قد أسلمنا وجهنا ل ‪.‬‬
‫‪ -85‬فمن يطلب بعد مبعث ممد ( صلى ال عليه وسلم ) دينا وشريعة غي دين‬
‫السلم وشريعته فلن يرضى ال منه ذلك ‪ ،‬وهو عند ال ف دار جزائه من الذين‬
‫خسروا أنفسهم فاستوجبوا العذاب الليم ‪.‬‬

‫ف َي ْهدِي ال ّلهُ َق ْومًا َك َفرُوا َبعْ َد إِيَانِ ِه ْم وَ َش ِهدُوا أَنّ ال ّرسُولَ َح ّق وَجَا َءهُ ُم الْبَيّنَاتُ‬
‫كَيْ َ‬
‫وَال ّلهُ لَا َيهْدِي الْ َقوْ َم الظّالِ ِميَ (‪ )86‬أُولَِئكَ َجزَا ُؤ ُهمْ أَنّ عَ َل ْيهِ ْم َلعَْنةَ ال ّلهِ وَالْمَلَائِ َكةِ‬
‫ب وَلَا هُ ْم يُنْ َظرُونَ (‪ِ )88‬إلّا‬
‫خفّفُ عَ ْن ُه ُم الْ َعذَا ُ‬
‫وَالنّاسِ َأجْ َمعِيَ (‪ )87‬خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُ َ‬
‫الّذِينَ تَابُوا مِ ْن َب ْعدِ َذِلكَ َوأَصْلَحُوا فَإِ ّن ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )89‬إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا َب ْعدَ‬
‫ك ُهمُ الضّالّونَ (‪ )90‬إِ ّن اّلذِينَ َك َفرُوا‬
‫إِيَاِن ِهمْ ُثمّ ا ْزدَادُوا ُك ْفرًا َل ْن ُتقَْبلَ َت ْوبَتُ ُه ْم وَأُولَئِ َ‬
‫ض َذهَبًا َوَلوِ افَْتدَى بِ ِه أُولَِئكَ لَ ُهمْ‬
‫وَمَاتُوا وَ ُهمْ ُكفّارٌ فَ َل ْن ُيقَْبلَ ِم ْن أَ َح ِدهِ ْم ِملْ ُء الْأَرْ ِ‬
‫صرِينَ (‪َ )91‬لنْ تَنَالُوا الِْب ّر حَتّى تُ ْن ِفقُوا مِمّا تُحِبّو َن َومَا‬
‫ب َألِيمٌ َومَا َل ُهمْ ِم ْن نَا ِ‬
‫َعذَا ٌ‬
‫تُ ْنفِقُوا ِم ْن شَيْ ٍء َفإِ ّن اللّ َه ِبهِ عَلِيمٌ (‪)92‬‬

‫‪99‬‬
‫‪ -86‬إن ال ل يوافق قوما شهدوا بأن الرسول حق ‪ ،‬وجاءتم الدلة على ذلك ‪ ،‬ث‬
‫بعد ذلك كفروا به ‪ ،‬وبعجزاته ‪ ،‬فكان ذلك ظلما منهم ‪ ،‬وال ل يوفق الظالي ‪.‬‬
‫‪ -87‬أولئك عقوبتهم عند ال استحقاق غضبه عليهم ‪ ،‬ولعنته ‪ ،‬ولعنة صفوة اللق‬
‫جيعا من ملئكة وبشر ‪.‬‬
‫‪ -88‬ل تفارقهم اللعنة ‪ ،‬ول يفف عنهم العذاب ‪ ،‬ول هم يهلون ‪.‬‬
‫‪ -89‬لكن الذين أقلعوا عن ذنوبم ‪ ،‬ودخلوا ف أهل الصلح وأزالوا ما أفسدوا ‪،‬‬
‫فإن ال تعال يغفر لم برحته ذنوبم ‪ ،‬لن الغفرة والرحة صفتان من صفات ذاته‬
‫العلية ‪.‬‬
‫‪ -90‬وإن قبول التوبة والرحة بالغفران شرطهما الستمرار على اليان ‪ ،‬فالذين‬
‫يحدون الق بعد الذعان والتصديق ‪ ،‬ويزدادون بذه الردة جحودا وفسادا وإيذاء‬
‫للمؤمني ‪ ،‬لن يقبل ال سبحانه وتعال ‪ -‬توبتهم لنا ل يكن أن تكون صادقة خالصة‬
‫‪ ،‬وقد صاروا بعملهم بعيدين عن الق منصرفي عنه ‪.‬‬
‫‪ -91‬وإن الذين جحدوا الق ول يذعنوا له واستمروا عليه حت وهم جاحدون ‪ ،‬لن‬
‫يستطيع أحدهم أن يفتدى نفسه من عذاب ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬شيئا ‪ ،‬ولو كان‬
‫الذى يقدمه فدية له ما يل الرض من الذهب إن استطاع ‪ ،‬وعذابم مؤل شديد‬
‫اليلم ‪.‬‬
‫‪ -92‬لن تنالوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬الي الكامل الذى تطلبونه ويرضاه ال تعال ‪ ،‬إل‬
‫إذا بذلتم ما تبون وأنفقتموه ف سُبُل ال التنوعة ‪ ،‬وإن كان الذى تنفقونه قليل أو‬
‫كثيا ‪ ،‬نفيسا أو غيه ‪ ،‬فإن ال يعلمه لنه العليم الذى ل يفى عليه شئ ف الرض‬
‫ول ف السماء ‪.‬‬

‫سهِ ِم ْن قَ ْبلِ أَنْ تَُن ّزلَ‬


‫ُك ّل الطّعَامِ كَا َن حِلّا لِبَنِي ِإسْرَائِي َل ِإلّا مَا حَرّ َم ِإ ْسرَائِيلُ عَلَى َن ْف ِ‬
‫التّوْرَاةُ ُقلْ َف ْأتُوا بِالّتوْرَا ِة فَاتْلُوهَا إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ )93‬فَ َم ِن افَْترَى عَلَى ال ّلهِ اْل َكذِبَ‬
‫ق اللّ ُه فَاتّبِعُوا مِ ّل َة إِْبرَاهِي َم حَنِيفًا َومَا‬
‫صدَ َ‬
‫ك هُ ُم الظّالِمُونَ (‪ُ )94‬قلْ َ‬
‫ِمنْ َب ْعدِ َذِلكَ َفأُولَِئ َ‬

‫‪100‬‬
‫س لَ ّلذِي بَِب ّكةَ مُبَارَكًا َوهُدًى لِ ْلعَالَمِيَ‬
‫ت وُضِ َع لِلنّا ِ‬
‫شرِكِيَ (‪ )95‬إِ ّن َأوّ َل بَيْ ٍ‬
‫كَا َن ِمنَ الْ ُم ْ‬
‫(‪)96‬‬

‫‪ -93‬اعترض اليهود على استباحة السلمي بعض الطعمة كلحوم البل وألبانا ‪،‬‬
‫وادعوا أن ذلك حرمته شريعة إبراهيم ‪ .‬فرد ال سبحانه دعواهم ببيان أن تناول كل‬
‫الطعومات كان مباحا لبن يعقوب من قبل نزول التوراة ‪ ،‬إل ما حرمه يعقوب على‬
‫نفسه لسبب يتص به فحرموه على أنفسهم ‪ .‬وأمر ال نبيه أن يطلب منهم أن يأتوا‬
‫من التوراة بدليل يثبت أن شريعة إبراهيم ترم ذلك إن كانوا صادقي ‪ ،‬فعجزوا‬
‫وأفحموا ‪.‬‬
‫‪ -94‬وإذ ثبت عجزهم ‪ ،‬فمن اختلق منهم الكذب على ال من بعد لزوم الُجة فهم‬
‫الستمرون على الظلم التصفون به حقا ‪.‬‬
‫‪ -95‬وبعد تعجيزهم ‪ ،‬أمر ال النب أن يبيّن لم أنه بعد إفحامهم ثبت صدق ال فيما‬
‫أخب ‪ ،‬فاتّبعوا شريعة إبراهيم الت يدعوكم إليها وتكذبون عليها ‪ ،‬فإنا الق الذى ل‬
‫شك فيه ‪ ،‬وما كان إبراهيم من أهل الشرك بال ‪.‬‬
‫‪ -96‬وإن من اتباع ملة إبراهيم التاه ف الصلة إل البيت الذى بناه والج إليه ‪،‬‬
‫وقد بي ال تعال ذلك فذكر ‪ :‬إن أول بيت ف القدم والشرف جعله ال متعبدا للناس‬
‫لو الذى ف مكة ‪ ،‬وهو كثي اليات والثمرات ‪ ،‬وأودع ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪-‬‬
‫البكة فيه ‪ ،‬وهو مكان هداية الناس بالج والتاه ف الصلة إليه ‪.‬‬

‫ج الْبَيْتِ مَنِ‬
‫س حِ ّ‬
‫ت َمقَا ُم ِإْبرَاهِيمَ َو َمنْ َدخَ َلهُ كَانَ َآمِنًا وَلِ ّلهِ عَلَى النّا ِ‬
‫ت بَيّنَا ٌ‬
‫فِيهِ َآيَا ٌ‬
‫ب ِلمَ‬
‫ع ِإلَ ْيهِ سَبِيلًا َومَنْ َك َف َر َفإِنّ ال ّلهَ غَِنيّ َع ِن الْعَالَمِيَ (‪ُ )97‬قلْ يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫اسْتَطَا َ‬
‫صدّونَ‬
‫ب ِلمَ تَ ُ‬
‫تَ ْك ُفرُو َن ِب َآيَاتِ ال ّلهِ وَال ّلهُ َشهِيدٌ عَلَى مَا َتعْمَلُونَ (‪ُ )98‬قلْ يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ مَنْ َآ َم َن تَ ْبغُوَنهَا ِع َوجًا َوَأنْتُ ْم ُشهَدَا ُء َومَا ال ّلهُ ِبغَافِلٍ َعمّا َتعْمَلُونَ (‪ )99‬يَا‬
‫َأيّهَا اّلذِينَ َآمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا َفرِيقًا ِمنَ اّلذِي َن أُوتُوا اْلكِتَابَ َي ُردّوكُ ْم َب ْعدَ إِيَانِ ُكمْ كَافِرِينَ‬
‫صمْ بِاللّهِ‬
‫ف تَ ْك ُفرُو َن َوأَنُْت ْم تُتْلَى عَلَ ْيكُمْ َآيَاتُ ال ّلهِ َوفِي ُكمْ َرسُولُ ُه َومَ ْن َيعْتَ ِ‬
‫(‪ )100‬وَكَيْ َ‬
‫ط ُمسَْتقِيمٍ (‪)101‬‬
‫صرَا ٍ‬
‫َفقَ ْد ُهدِيَ ِإلَى ِ‬

‫‪101‬‬
‫‪ -97‬وفيه دلئل واضحات على حرمته ومزيد فضله ‪ ،‬منها مكان قيام إبراهيم‬
‫للصلة فيه ‪ ،‬ومن دخله يكون آمنا ل يتعرض له بسوء ‪ ،‬وحج هذا البيت واجب‬
‫على الستطيع من الناس ‪ ،‬ومن أب وترد على أمر ال وجحد دينه فالسران عائد‬
‫عليه ‪ ،‬وأن ال غن عن الناس كلهم ‪.‬‬
‫‪ -98‬أمر ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬رسوله بتوبيخ أهل الكتاب على استمرارهم على‬
‫الكفر والضلل والتضليل فقال ‪ :‬قل لم ‪ :‬يا أهل الكتاب ل وجه لكفركم ‪ ،‬فلى‬
‫سبب تكفرون بدلئل ال الدالة على نبوة ممد وصدقه ‪ ،‬وال مطلع على أعمالكم‬
‫ومازيكم عليها ‪.‬‬
‫‪ -99‬يا أهل الكتاب كيف تاولون صرف مَن آمن بال ورسوله وأذعن للحق عن‬
‫سبيل ال الق الستقيمة ‪ ،‬وتاولون أن تصوروها معوجة ‪ ،‬وأنتم عالون أنا حق ‪،‬‬
‫وليس ال غافل عن أعمالكم وسيجازيكم عليها ‪.‬‬
‫‪ -100‬وقد حذّر الؤمني ما يثيه بعض أهل الكتاب من شَُب ٍه قائل ‪ :‬إن تطيعوا بعض‬
‫أهل الكتاب فيما يبثونه من الشَّبهِ ف دينكم تعودوا إل الضلل بعد الداية ‪ ،‬ويردوكم‬
‫جاحدين بعد اليان ‪.‬‬
‫‪ -101‬وتصوروا حالكم العجيبة وأنتم تضلون وتكفرون بعد اليان ‪ ،‬والقرآن يتلى‬
‫عليكم ‪ ،‬ورسول ال بينكم ‪ ،‬يبي لكم ويدفع الشبه عن دينكم ‪ ،‬ومن يلجأ إل ربه‬
‫ويستمسك بدينه فنعم ما فعل ‪ ،‬فقد هداه ربه إل طريق الفوز والفلح ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اتّقُوا ال ّلهَ َح ّق ُتقَاِتهِ َولَا تَمُوُتنّ ِإلّا َوَأنُْتمْ ُمسْلِمُونَ (‪)102‬‬
‫صمُوا بِحَ ْب ِل ال ّلهِ جَمِيعًا وَلَا تَ َف ّرقُوا وَاذْ ُكرُوا ِنعْ َمةَ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ ِإذْ كُنُْت ْم أَ ْعدَا ًء َفأَلّفَ‬
‫وَاعْتَ ِ‬
‫بَ ْينَ قُلُوبِ ُك ْم َفأَصْبَحُْت ْم بِِنعْمَِتهِ ِإ ْخوَانًا وَكُنُْتمْ عَلَى شَفَا حُ ْف َر ٍة ِمنَ النّارِ َفَأْنقَذَ ُك ْم مِ ْنهَا‬
‫ك يُبَّينُ ال ّل ُه لَ ُكمْ َآيَاِت ِه َلعَلّ ُكمْ َتهَْتدُونَ (‪َ )103‬ولَْتكُ ْن مِ ْنكُ ْم ُأمّ ٌة َيدْعُونَ ِإلَى الْخَ ْيرِ‬
‫َك َذلِ َ‬
‫ك ُهمُ الْ ُمفْلِحُونَ (‪ )104‬وَلَا تَكُونُوا‬
‫وََي ْأ ُمرُو َن بِالْ َم ْعرُوفِ وَيَ ْن َهوْنَ َعنِ الْمُ ْن َك ِر وَأُولَئِ َ‬
‫كَالّذِينَ َت َف ّرقُوا وَاخْتَ َلفُوا ِم ْن َبعْ ِد مَا جَا َء ُهمُ الْبَيّنَاتُ َوأُولَِئكَ َل ُهمْ َعذَابٌ عَظِيمٌ (‪)105‬‬

‫‪102‬‬
‫ت وُجُو ُه ُهمْ أَ َك َف ْرُتمْ َب ْعدَ إِيَانِ ُكمْ‬
‫ض ُوجُوهٌ َوَتسْ َو ّد وُجُوهٌ َفَأمّا اّلذِينَ ا ْس َودّ ْ‬
‫يَوْ َم تَبْيَ ّ‬
‫ب بِمَا كُنُْتمْ تَ ْك ُفرُونَ (‪)106‬‬
‫َفذُوقُوا الْ َعذَا َ‬

‫‪ -102‬وإن باب النار مفتوح إذا ل تتقوا ال ‪ ،‬ف أيها الذين آمنوا خافوا ال الوف‬
‫الواجب بامتثال الأمورات واجتناب النهيات ‪ ،‬ودوموا على السلم حت تلقوا ال ‪.‬‬
‫‪ -103‬وتسكوا بدين ال متمعي عليه ‪ ،‬ول تفعلوا ما يؤدى إل فرقتكم ‪ ،‬وتذكروا‬
‫نعمة ال عليكم حي كنتم ف الاهلية متعادين ‪ ،‬فَألّف بي قلوبكم بالسلم فصرت‬
‫متحابي ‪ ،‬وكنتم ‪ -‬بسبب كفركم وتفرقكم ‪ -‬على طرف حفرة من النار فخلصكم‬
‫منها بالسلم ‪ ،‬بثل ذلك البيان البديع يبي ال لكم دائما طرق الي لتدوموا على‬
‫الدى ‪.‬‬
‫‪ -104‬وإن السبيل للجتماع الكامل على الق ف ظل كتاب ال ورسوله أن تكونوا‬
‫أمة يدعون إل كل ما فيه صلح دين أو دنيوى ‪ ،‬ويأمرون بالطاعة ‪ ،‬وينهون عن‬
‫العصية ‪ ،‬وأولئك هم الفائزون فوزا كاملً ‪.‬‬
‫‪ -105‬ول تكونوا بإهالكم المر بالعروف والنهى عن النكر اللذين يمعانكم على‬
‫الي والدين الق ‪ ،‬كأولئك الذين أهلوا المر بالعروف والنهى عن النكر فتفرقوا‬
‫شيعا ‪ ،‬واختلفوا ف دينهم من بعد ما جاءتم الُجج الواضحة البينة للحق ‪ ،‬وأولئك‬
‫التفرقون الختلفون لم عذاب عظيم ‪.‬‬
‫‪ -106‬ذلك العذاب العظيم ف اليوم الذى تبيض بالسرور فيه وجوه الؤمني ‪،‬‬
‫وتسود بالكآبة والزن وجوه الكافرين ‪ ،‬ويقال لم توبيخا ‪ :‬أكفرت بعد أن فطرت‬
‫على اليان والذعان للحق وجاءتكم البينات عليه؟ ‪ ،‬فذوقوا العذاب بسبب كفركم‬
‫‪.‬‬

‫ت اللّهِ‬
‫ت وُجُو ُه ُهمْ َففِي َرحْ َمةِ ال ّلهِ ُه ْم فِيهَا خَاِلدُونَ (‪ )107‬تِ ْلكَ َآيَا ُ‬
‫وََأمّا اّلذِي َن ابْيَضّ ْ‬
‫ت َومَا‬
‫ح ّق َومَا اللّ ُه ُيرِيدُ ظُ ْلمًا لِ ْلعَالَمِيَ (‪َ )108‬ولِ ّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫نَتْلُوهَا عَلَ ْيكَ بِالْ َ‬
‫س َت ْأمُرُونَ‬
‫فِي اْلأَرْضِ وَِإلَى ال ّلهِ ُت ْرجَعُ اْلُأمُورُ (‪ )109‬كُ ْنُتمْ خَ ْي َر ُأمّ ٍة أُ ْخ ِرجَتْ لِلنّا ِ‬
‫ب َلكَا َن خَ ْيرًا َل ُهمْ‬
‫بِالْ َم ْعرُوفِ َوتَ ْن َهوْنَ َعنِ الْمُ ْن َكرِ وَُت ْؤمِنُو َن بِال ّل ِه َولَوْ َآ َم َن أَ ْه ُل الْكِتَا ِ‬

‫‪103‬‬
‫ضرّو ُكمْ ِإلّا َأذًى وَإِ ْن ُيقَاتِلُو ُكمْ‬
‫مِ ْنهُ ُم الْ ُمؤْمِنُو َن َوأَكَْثرُ ُهمُ اْلفَا ِسقُونَ (‪َ )110‬لنْ يَ ُ‬
‫ض ِربَتْ عَلَ ْي ِه ُم ال ّذّلةُ َأْينَ مَا ُثقِفُوا ِإلّا بِحَ ْب ٍل ِمنَ‬
‫صرُونَ (‪ُ )111‬‬
‫يُ َولّو ُكمُ اْلأَ ْدبَارَ ُث ّم لَا يُنْ َ‬
‫ك ِبَأنّ ُهمْ كَانُوا‬
‫سكَنَ ُة َذلِ َ‬
‫ضرِبَتْ عَلَ ْي ِهمُ الْ َم ْ‬
‫ب ِمنَ ال ّلهِ وَ ُ‬
‫اللّ ِه وَحَ ْب ٍل ِمنَ النّاسِ َوبَاءُوا ِبغَضَ ٍ‬
‫صوْا وَكَانُوا َيعَْتدُونَ (‪)112‬‬
‫ك بِمَا عَ َ‬
‫يَ ْك ُفرُو َن ِب َآيَاتِ ال ّلهِ وََيقْتُلُونَ اْلَأنْبِيَا َء ِبغَ ْي ِر حَ ّق َذلِ َ‬

‫‪ -107‬وأما الذين ابيضت وجوههم سرورا با بشروا به من الي ‪ ،‬ففى النة الت‬
‫رحهم ال با هم فيها خالدون ‪.‬‬
‫‪ -108‬وإن تلك اليات الواردة بزاء الحسن والسئ نتلوها عليك مشتملة على‬
‫الق والعدل ‪ ،‬وما ال يريد ظلما لحد من الناس والن ‪.‬‬
‫‪ -109‬ول ‪ -‬وحده ‪ -‬ما ف السموات وما ف الرض خلقا وملكا وتصرفا ‪ ،‬وإليه‬
‫مصي أمورهم ‪ ،‬فيجازى كلً با يستحقه ‪.‬‬
‫‪ -110‬أنتم ‪ -‬يا أمة ممد ‪ -‬أفضل أمة خلقها ال لنفع الناس ‪ ،‬ما دمتم تأمرون‬
‫بالطاعات وتنهون عن العاصى ‪ ،‬وتؤمنون بال إيانا صحيحا صادقا ‪ ،‬ولو صدق أهل‬
‫الكتاب ف إيانم مثلكم لكان خيا لم ما هم عليه ‪ ،‬ولكن منهم الؤمنون وأكثرهم‬
‫خارجون عن حدود اليان وواجباته ‪.‬‬
‫‪ -111‬لن يضركم هؤلء الفاسقون بضرر ينالونكم به ‪ ،‬ويكون له أثر فيكم ‪ ،‬إل‬
‫أذى ل يبقى له أثر مثل ما يؤذى أساعكم من ألفاظ الشرك والكفر وغي ذلك ‪ ،‬وإن‬
‫يُقاتلوكم ينهزموا فارين من لقائكم ‪ ،‬ث ل تكون لم نصرة عليكم ما دمتم متمسكي‬
‫بالمر بالعروف والنهى عن النكر ‪.‬‬
‫‪ -112‬وأخب ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بأنه ألزمهم الهانة ف أى مكان وجدوا فيه ‪ ،‬إل بعقد‬
‫الذمة الذى هو عهد ال وعهد السلمي ‪ ،‬وأنم استوجبوا غضب ال وألزمهم‬
‫الستكانة والضوع لغيهم ‪ ،‬وذلك بسبب كفرهم بآيات ال الدالة على نبوة ممد ‪،‬‬
‫وقتلهم النبياء الذى ل يكن أن يكون بق ‪ ،‬بل هو عصيان منهم واعتداء ‪.‬‬

‫جدُونَ (‬
‫ت اللّهِ َآنَا َء اللّ ْي ِل وَ ُهمْ َيسْ ُ‬
‫ب أُ ّم ٌة قَائِ َم ٌة يَتْلُونَ َآيَا ِ‬
‫لَ ْيسُوا سَوَا ًء ِمنْ َأ ْهلِ اْلكِتَا ِ‬
‫ف وَيَ ْن َهوْنَ َع ِن الْمُنْ َك ِر َويُسَارِعُونَ‬
‫‪ )113‬يُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ وَالْيَوْ ِم اْلآَ ِخ ِر َويَ ْأ ُمرُو َن بِالْ َم ْعرُو ِ‬

‫‪104‬‬
‫ك ِمنَ الصّالِحِيَ (‪َ )114‬ومَا َي ْفعَلُوا ِمنْ خَ ْيرٍ فَ َلنْ ُي ْكفَرُوهُ وَال ّلهُ‬
‫ت َوأُولَئِ َ‬
‫فِي الْخَ ْيرَا ِ‬
‫عَلِي ٌم بِالْمُّت ِقيَ (‪ )115‬إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا َلنْ تُغِْنيَ عَ ْن ُهمْ َأ ْموَاُل ُهمْ َولَا َأ ْولَا ُدهُ ْم ِمنَ ال ّلهِ‬
‫ب النّارِ ُه ْم فِيهَا خَاِلدُونَ (‪ )116‬مََث ُل مَا يُ ْن ِفقُو َن فِي َه ِذ ِه الْحَيَاةِ‬
‫صحَا ُ‬
‫شَيْئًا َوأُولَِئكَ أَ ْ‬
‫س ُهمْ َفَأهْلَكَ ْت ُه وَمَا ظَ َل َمهُ ُم ال ّلهُ‬
‫ث َقوْمٍ ظَ َلمُوا َأنْ ُف َ‬
‫ت َحرْ َ‬
‫صرّ أَصَابَ ْ‬
‫ح فِيهَا ِ‬
‫ال ّدنْيَا َكمََثلِ رِي ٍ‬
‫خذُوا بِطَاَنةً ِم ْن دُوِن ُكمْ لَا‬
‫وََل ِكنْ َأْن ُفسَ ُه ْم يَظْلِمُونَ (‪ )117‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا تَتّ ِ‬
‫صدُورُ ُه ْم أَكَْبرُ‬
‫خفِي ُ‬
‫َيأْلُوَن ُكمْ خَبَالًا َودّوا مَا عَنِّت ْم َق ْد َبدَتِ الَْبغْضَا ُء ِمنْ َأ ْفوَا ِه ِهمْ َومَا تُ ْ‬
‫ت إِنْ كُنُْت ْم تَ ْعقِلُونَ (‪)118‬‬
‫َقدْ بَيّنّا لَ ُك ُم الْ َآيَا ِ‬

‫‪ -113‬وإن أهل الكتاب ليسوا متساوين ‪ ،‬فإن منهم جاعة مستقيمة عادلة يقرءون‬
‫كتاب ال ف ساعات الليل وهم يصلون ‪.‬‬
‫‪ -114‬ل يعبدون إل ال ويصدقون بوجوده ووحدانيته وبالرسل ومئ يوم القيامة ‪،‬‬
‫ويأمرون بالطاعات وينهون عن العاصى ‪ ،‬ويبادرون إل فعل اليات ‪ ،‬وهؤلء عند‬
‫ال من عداد الصالي ‪.‬‬
‫‪ -115‬وما يفعلوا من خي فلن يرموا ثوابه ‪ ،‬وال ميط بأحوالم ومازيهم عليها ‪.‬‬
‫‪ -116‬إن الذين كفروا لن تدفع عنهم أموالم لو افتدوا با أنفسهم ‪ ،‬ول أولدهم لو‬
‫استعانوا بم شيئا ولو يسيا من عذاب ال ف الخرة ‪ .‬وهؤلء هم اللزمون للنار ‪،‬‬
‫الباقون فيها ‪.‬‬
‫‪ -117‬إن حال ما ينفقه الكفار ف الدنيا وما يرجون عليه من ثواب ف الخرة ‪،‬‬
‫كحال زرع قوم ظلموا أنفسهم بالكفر والعاصى ‪ ،‬أصابته ريح فيها برد شديد‬
‫فأهلكته عقوبة لم ‪ .‬وما ظلمهم ال بضياع أجور أعمالم ‪ ،‬ولكن ظلموا أنفسهم‬
‫بارتكاب ما أوجب ضياعها ‪ ،‬وهو جحود دللت اليان والكفر بال ‪.‬‬
‫‪ -118‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬ل تتخذوا أصفياء تستعينون بم من غي أهل دينكم ‪،‬‬
‫تطلعونم على أسراركم ‪ ،‬لنم ل يقصرون ف إفساد أموركم ‪ .‬إذ هم يودون أن‬
‫يرهقوكم ويضروكم أشد الضرر ‪ .‬وقد ظهرت أمارات البغضاء لكم من فلتات‬

‫‪105‬‬
‫ألسنتهم ‪ ،‬وما تضمره قلوبم أعظم ما بدا ‪ ،‬قد أظهرنا لكم العلمات الت يتميز با‬
‫الول من العدو إن كنتم من أهل العقل والدراك الصحيح ‪.‬‬

‫هَا َأنُْتمْ أُولَا ِء تُحِبّوَن ُهمْ َولَا يُحِبّوَنكُ ْم َوتُ ْؤمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُ ّل ِه َوِإذَا َلقُو ُك ْم قَالُوا َآمَنّا َوِإذَا‬
‫ت الصّدُورِ (‬
‫ظ ُق ْل مُوتُوا ِبغَيْ ِظكُ ْم إِ ّن اللّهَ عَلِي ٌم ِبذَا ِ‬
‫خَلَوْا عَضّوا عَلَ ْي ُكمُ اْلأَنَامِ َل ِمنَ اْلغَيْ ِ‬
‫سسْ ُكمْ حَسََن ٌة َتسُ ْؤ ُهمْ َوإِ ْن تُصِبْ ُك ْم سَيَّئةٌ َي ْفرَحُوا ِبهَا َوإِ ْن تَصِْبرُوا وَتَّتقُوا‬
‫‪ )119‬إِ ْن تَ ْم َ‬
‫ت ِمنْ َأهْ ِلكَ تَُبوّئُ‬
‫ضرّ ُكمْ كَ ْي ُدهُ ْم شَيْئًا إِ ّن ال ّلهَ بِمَا َيعْمَلُو َن مُحِيطٌ (‪ )120‬وَِإذْ َغ َدوْ َ‬
‫لَا يَ ُ‬
‫ي َمقَا ِعدَ لِ ْلقِتَالِ وَاللّ ُه سَمِيعٌ عَلِيمٌ (‪ِ )121‬إ ْذ هَمّتْ طَاِئفَتَانِ مِ ْن ُكمْ أَ ْن َت ْفشَلَا‬
‫الْمُ ْؤمِنِ َ‬
‫صرَ ُك ُم اللّ ُه بَِبدْ ٍر وََأنُْتمْ َأ ِذّلةٌ‬
‫وَال ّلهُ َولِّيهُمَا وَعَلَى ال ّلهِ فَلْيََتوَ ّك ِل الْ ُمؤْمِنُونَ (‪ )122‬وََل َقدْ نَ َ‬
‫فَاّتقُوا اللّ َه َلعَلّ ُك ْم َتشْ ُكرُونَ (‪)123‬‬

‫‪ -119‬ها أنتم أولء ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬تبون هؤلء الكفار النافقي لقرابة أو صداقة‬
‫أو مودة ‪ ،‬ول يبونكم لتعصبهم لدينهم ‪ ،‬وأنتم تؤمنون بميع كتب ال النلة ‪ ،‬وإذا‬
‫لقوكم أظهروا اليان خداعا لكم ‪ ،‬وإذا فارقوكم عضوا لجلكم أطراف الصابع‬
‫غيظا وأسفا ‪ .‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬دوموا على غيظكم إل الوت ‪ ،‬وإن ال عليم با‬
‫تفيه الصدور ‪ ،‬ويازيكم عليه ‪.‬‬
‫‪ -120‬إن جاءتكم نعمة كنصر وغنيمة تزنم ‪ ،‬وإن تصبكم مساءة كجدب وهزية‬
‫ُيسَرّوا بإصابتكم ‪ ،‬وإن تصبوا على أذاهم وتتقوا ما نيتم عنه من موالتم ل يضركم‬
‫مكرهم وعداوتم أى ضرر ‪ ،‬لنه تعال عال با يعملونه من الكيد ‪ ،‬فل يعجزه رده‬
‫عنكم ‪.‬‬
‫‪ -121‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬حي خرجت مبكرا من عند أهلك إل أُحُد قاصدا‬
‫إنزال الؤمني ف مراكز القتال ‪ .‬وال سيع لقوالكم ‪ ،‬عليم بنياتكم ‪.‬‬
‫‪ -122‬حي خطر لطائفتي من الؤمني ‪ -‬وها بنو مسلمة وبنو حارثة ‪ -‬أن تفشل‬
‫وترجعا ‪ ،‬فعصمهم ال ‪ ،‬فثبتوا ومضوا للقتال لنه متول أمرها بالعصمة والتوفيق ‪،‬‬
‫فليأخذ الؤمنون من هذا عبة ‪ ،‬وليتوكلوا عليه لينصرهم ‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -123‬ذكّر ال الؤمني بنعمة النصر ف غزوة بدر حي صبوا ‪ ،‬فأكد لم أنه نصرهم‬
‫فيها وهم قليلو العدد والعدة ‪ ،‬وطلب منهم طاعته لشكر هذه النعمة ‪.‬‬

‫ف ِمنَ الْمَلَائِ َكةِ مُ ْن َزلِيَ (‬


‫ي َألَ ْن َيكْفَِيكُ ْم أَ ْن يُ ِمدّ ُكمْ َربّ ُك ْم بِثَلَاَثةِ َآلَا ٍ‬
‫ِإذْ َتقُو ُل لِلْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫سةِ َآلَافٍ‬
‫‪ )124‬بَلَى إِ ْن تَصِْبرُوا َوتَتّقُوا َوَيأْتُو ُكمْ ِم ْن َفوْرِ ِه ْم هَذَا يُ ْم ِددْكُمْ َرّبكُ ْم بِخَ ْم َ‬
‫شرَى َل ُكمْ َولِتَطْمَِئ ّن قُلُوُب ُكمْ ِب ِه وَمَا‬
‫ِمنَ الْمَلَائِ َكةِ ُمسَ ّومِيَ (‪ )125‬وَمَا جَعَ َل ُه اللّ ُه ِإلّا ُب ْ‬
‫حكِيمِ (‪ )126‬لَِيقْطَعَ َط َرفًا ِمنَ اّلذِينَ َك َفرُوا َأوْ َيكْبَِتهُمْ‬
‫النّصْ ُر ِإلّا ِمنْ عِ ْن ِد اللّ ِه الْ َعزِيزِ الْ َ‬
‫س َلكَ ِم َن الَْأ ْمرِ َشيْ ٌء َأوْ يَتُوبَ عَلَ ْي ِهمْ َأوْ يُ َع ّذبَ ُه ْم َفإِّن ُهمْ‬
‫فَيَ ْنقَلِبُوا خَائِبِيَ (‪ )127‬لَيْ َ‬
‫ظَالِمُونَ (‪)128‬‬

‫‪ -124‬وكان النصر حي قال الرسول للمؤمني ‪ :‬ألن يكفيكم ف طمأنينة نفوسكم‬


‫إعانة ربكم إياكم بثلثة آلف من اللئكة مرسلي من عند ال لتقويتكم ‪.‬‬
‫‪ -125‬بلى يكفيكم ذلك المداد ‪ ،‬وإن تصبوا على القتال ‪ ،‬وتلتزموا التقوى ‪،‬‬
‫ويأتكم أعداؤكم على الفور يزد ربكم اللئكة إل خسة آلف مرسلي من عند ال‬
‫لتقويتكم ‪.‬‬
‫‪ -126‬وما جعل اللّه المداد باللئكة إل بشارة لكم بالنصر ‪ ،‬ولتسكن به قلوبكم ‪،‬‬
‫ليس النصر إل من عند ال الذى يضع الشياء ف مواضعها ‪ ،‬ويدير المور لعبادة‬
‫الؤمني ‪.‬‬
‫‪ -127‬وقد نصركم ليهلك طائفة من الذين كفروا بالقتل ‪ ،‬أو يذلم ويغيظهم بالزية‬
‫والعار والزى ‪ ،‬فيجعوا خائبي ‪.‬‬
‫‪ -128‬ليس لك من التصرف ف أمر عبادى شئ ‪ ،‬بل المر ل ‪ ،‬فإما أن يتوب عليهم‬
‫باليان ‪ ،‬أو يعذبم بالقتل والزى والعذاب يوم القيامة لنم ظالون ‪.‬‬

‫ب َمنْ َيشَا ُء وَال ّلهُ َغفُورٌ‬


‫ض َي ْغ ِفرُ لِ َم ْن َيشَا ُء وَُي َعذّ ُ‬
‫وَلِ ّل ِه مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ ِ‬
‫ضعَافًا مُضَا َع َفةً وَاتّقُوا ال ّلهَ َلعَ ّلكُمْ‬
‫َرحِيمٌ (‪ )129‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا َتأْكُلُوا ال ّربَا أَ ْ‬
‫ت لِلْكَا ِفرِينَ (‪ )131‬وَأَطِيعُوا ال ّل َه وَالرّسُولَ‬
‫ُتفْلِحُونَ (‪ )130‬وَاتّقُوا النّارَ الّتِي أُ ِع ّد ْ‬

‫‪107‬‬
‫ضهَا السّ َموَاتُ‬
‫َلعَلّ ُكمْ ُت ْرحَمُونَ (‪ )132‬وَسَارِعُوا ِإلَى َم ْغفِ َر ٍة ِمنْ َربّ ُكمْ وَجَّنةٍ َعرْ ُ‬
‫ت لِلْمُّتقِيَ (‪)133‬‬
‫ض أُ ِعدّ ْ‬
‫وَاْلأَرْ ُ‬

‫‪ -129‬إن للّه ‪ -‬وحده ‪ -‬ما ف السموات وما ف الرض خلقا وملكا ‪ ،‬وهو القادر‬
‫على كل شئ ‪ ،‬وف يده كل شئ ‪ ،‬يغفر لن يريد له الغفرة ‪ ،‬ويعذب من يريد تعذيبه ‪،‬‬
‫ومغفرته أقرب ‪ ،‬ورحته أرجى لنه كثي الغفرة والرحة ‪.‬‬
‫‪ -130‬يا أيها الذين آمنوا ل تأخذوا ف ال ّدْينِ إل رءوس أموالكم ‪ ،‬فل تزيدوا عليها‬
‫زيادة تئ سنة بعد أخرى فتتضاعف وخافوا اللّه ‪ ،‬فل تأكلوا أموال الناس بالباطل ‪،‬‬
‫فإنكم تفلحون وتفوزون باجتنابكم الربا قليله وكثيه ‪.‬‬
‫‪ -131‬واحذروا النار الت هيئت للكافرين باجتناب ما يوجبها من استحلل الربا ‪.‬‬
‫‪ -132‬وأطيعوا اللّه والرسول ف كل أمر ونى لترحوا ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -133‬وبادروا بالعمال الصالة ‪ ،‬لتنالوا مغفرة عظيمة لذنوبكم من اللّه مالك‬
‫أمركم ‪ ،‬وجنة واسعة عرضها كعرض السموات والرض هيئت لن يتقون اللّه وعذابه‬
‫‪.‬‬

‫ي الْغَيْظَ وَاْلعَافِيَ َع ِن النّاسِ وَال ّلهُ يُحِبّ‬


‫ضرّا ِء وَالْكَاظِ ِم َ‬
‫سرّاءِ وَال ّ‬
‫الّذِينَ يُ ْن ِفقُو َن فِي ال ّ‬
‫حسِنِيَ (‪ )134‬وَالّذِينَ ِإذَا َفعَلُوا فَا ِحشَ ًة َأوْ ظَلَمُوا َأْن ُفسَ ُه ْم ذَ َكرُوا ال ّل َه فَاسَْت ْغفَرُوا‬
‫الْمُ ْ‬
‫صرّوا عَلَى مَا َفعَلُوا وَ ُهمْ َيعْلَمُونَ (‪)135‬‬
‫ِلذُنُوِب ِهمْ َو َمنْ يَ ْغ ِفرُ ال ّذنُوبَ ِإلّا ال ّلهُ َوَلمْ يُ ِ‬
‫جرِي ِمنْ َتحِْتهَا اْلأَْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا َونِ ْعمَ‬
‫أُولَِئكَ َجزَا ُؤ ُهمْ َم ْغفِ َر ٌة ِمنْ َربّ ِه ْم وَجَنّاتٌ تَ ْ‬
‫ض فَانْ ُظرُوا كَيْفَ كَانَ‬
‫ت ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ سَُن ٌن َفسِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫أَ ْج ُر الْعَامِلِيَ (‪َ )136‬ق ْد خَلَ ْ‬
‫عَاقَِبةُ الْ ُم َكذّبِيَ (‪َ )137‬هذَا بَيَا ٌن لِلنّاسِ َو ُهدًى َو َموْعِ َظةٌ لِلْمُّت ِقيَ (‪ )138‬وَلَا َتهِنُوا وَلَا‬
‫ح َزنُوا وََأنُْتمُ اْلأَعْ َلوْنَ إِنْ كُنُْتمْ مُ ْؤمِنِيَ (‪)139‬‬
‫تَ ْ‬

‫‪ -134‬الذين ينفقون أموالم إرضاء للّه ف أحوال اليسر والعسر ‪ ،‬والقدرة‬


‫والضعف ‪ ،‬ويبسون أنفسهم عن أن يؤدى غيظهم إل إنزال عقوبة بن أساء إليهم‬
‫خاصة ‪ ،‬ويتجاوزون عن السئ ‪ ،‬إنم بذا يعدون مسني ‪ ،‬واللّه تعال يثيب الحسني‬

‫‪108‬‬
‫ويرضى عنهم ‪.‬‬
‫‪ -135‬والذين إذا ارتكبوا كبية ‪ ،‬أو تملوا ذنبا صغيا ‪ ،‬تذكروا اللّه وجلله ‪،‬‬
‫وعقابه وثوابه ‪ ،‬ورحته ونقمته ‪ ،‬فندموا ‪ ،‬وطلبوا مغفرته ‪ ،‬حيث إنه ل يغفر الذنوب‬
‫إل اللّه ‪ ،‬ول يقيموا على قبيح فعلهم وهم يعلمون قبحه ‪.‬‬
‫‪ -136‬أولئك التصفون بذه الصفات أجرهم مغفرة عظيمة من ربم مالك أمرهم ‪،‬‬
‫وجنات ترى النار بي أشجارها ل يبحونا ‪ .‬ونعم ذلك ثوابا للعاملي بأمر اللّه ‪.‬‬
‫‪ -137‬قد مضت من قبلكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬سنن اللّه ف المم الكذبة ‪ ،‬بإمهالم ‪،‬‬
‫ث أخذهم بذنوبم ‪ ،‬فتأملوا كيف كان عاقبة أمر الكذبي ‪.‬‬
‫‪ -138‬وهذا الذكور من صفات الؤمني وسنن ال ف الاضي فيه بيان للناس وإرشاد‬
‫لم إل طريق الي ‪ ،‬وزجر عن طريق الشر ‪.‬‬
‫‪ -139‬ول تضعفوا عن الهاد ف سبيل ال بسبب ما ينالكم فيه ‪ ،‬ول تزنوا على من‬
‫يقتل منكم ‪ ،‬وأنتم ‪ -‬بتأييد ال وإيانكم ‪ ،‬وقوة الق الذى تدافعون عنه ‪ -‬العلون ‪،‬‬
‫ولكم الغلبة إن صدق إيانكم ودمتم عليه ‪.‬‬

‫س َولِيَعْ َل َم اللّهُ‬
‫ك الَْأيّامُ نُدَاوُِلهَا بَ ْي َن النّا ِ‬
‫ح مِثْ ُل ُه َوتِلْ َ‬
‫س اْلقَوْ َم َقرْ ٌ‬
‫سسْ ُكمْ َقرْحٌ َف َقدْ مَ ّ‬
‫إِ ْن يَ ْم َ‬
‫ص ال ّلهُ اّلذِينَ‬
‫ب الظّالِ ِميَ (‪ )140‬وَلِيُ َمحّ َ‬
‫خ َذ مِ ْن ُكمْ ُش َهدَا َء وَاللّ ُه لَا ُيحِ ّ‬
‫الّذِينَ َآمَنُوا وَيَتّ ِ‬
‫ح َق الْكَا ِفرِينَ (‪ )141‬أَ ْم َحسِبُْت ْم أَنْ تَ ْدخُلُوا الْجَّنةَ َولَمّا َيعْلَ ِم اللّ ُه اّلذِينَ‬
‫َآمَنُوا َويَمْ َ‬
‫ت ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن تَ ْلقَ ْوهُ‬
‫جَا َهدُوا مِ ْن ُكمْ َوَيعْ َلمَ الصّاِبرِينَ (‪َ )142‬وَلقَدْ كُنُْت ْم تَمَّنوْ َن الْ َموْ َ‬
‫ت ِم ْن قَبْ ِلهِ الرّ ُس ُل َأفَإِنْ‬
‫َفقَدْ َرَأيْتُمُوهُ َوَأنُْتمْ تَنْ ُظرُونَ (‪ )143‬وَمَا مُحَ ّم ٌد ِإلّا َرسُو ٌل َقدْ خَلَ ْ‬
‫جزِي‬
‫ض ّر ال ّلهَ شَيْئًا وَسَيَ ْ‬
‫ت أَ ْو قُِتلَ اْنقَلَبُْتمْ عَلَى أَ ْعقَاِبكُ ْم َومَ ْن يَ ْنقَلِبْ عَلَى َعقِبَ ْي ِه فَ َلنْ يَ ُ‬
‫مَا َ‬
‫اللّ ُه الشّا ِكرِينَ (‪)144‬‬

‫‪ -140‬إن يكن قد مسّكم بُأ ُحدْ قتل أو جراح عميقة ف أجسامكم ‪ ،‬وأثّرت ف‬
‫نفوسكم فل تنوا ول تزنوا ‪ ،‬لنه قد أصاب خصومكم مثله يوم بدر ‪ .‬وإن أوقات‬
‫النصر يصرفها ال بي الناس ‪ ،‬فيكون النصر لؤلء أحيانا ولولئك أخرى ‪ ،‬اختبارا‬
‫للمؤمني ‪ ،‬وليميز ال الثابتي على اليان ‪ ،‬وليكرم قوما بالستشهاد ف سبيله ‪ ،‬وال‬

‫‪109‬‬
‫ل يب الشركي الظالي ولو ظفروا بنصر من غيهم ‪.‬‬
‫‪ -141‬وينقى ال بذه الزية الوقتية جاعة الؤمني ‪ ،‬ويطهرهم من مرضى القلوب‬
‫وضعفاء اليان ‪ ،‬ودعاة الزية والتردد ‪ ،‬ويستأصل بذلك الكفر وأهله ‪.‬‬
‫‪ -142‬ل تظنوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أنكم تدخلون النة دون أن يتبي منكم‬
‫الجاهدون الصابرون الذين تطهرهم الحن والشدائد ‪.‬‬
‫‪ -143‬لقد كنتم تطلبون الوت ف سبيل ال من قبل أن تشاهدوه وتعرفوا هوله ‪ ،‬فقد‬
‫رأيتم الوت حي قتل إخوانكم بي أيديكم وأنتم تنظرون ‪.‬‬
‫‪ -144‬لا أشيع قتل ممد ف غزوة أُحد ‪ ،‬همّ بعض السلمي بالرتداد ‪ ،‬فأنكر ال‬
‫عليهم ذلك قائل ‪ :‬ليس ممد إل رسول قد مات من قبله الرسلون أمثاله ‪ ،‬وسيموت‬
‫كما ماتوا ‪ ،‬وسيمضى كما مضوا ‪ ،‬أفإن مات أو قتل رجعتم على أعقابكم إل‬
‫الكفر؟ ‪ ،‬ومن يرجع إل الكفر بعد اليان فلن يضر ال شيئا من الضرر ‪ ،‬وإنا يضر‬
‫نفسه بتعريضها للعذاب ‪ ،‬وسيثيب ال الثابتي على السلم الشاكرين لنعمه ‪.‬‬

‫ب ال ّدنْيَا ُن ْؤتِ ِه مِ ْنهَا‬


‫وَمَا كَا َن لَِنفْسٍ أَ ْن تَمُوتَ إِلّا بِِإذْ ِن ال ّلهِ كِتَابًا ُم َؤجّلًا َو َمنْ ُي ِردْ َثوَا َ‬
‫جزِي الشّا ِكرِينَ (‪ )145‬وَ َكَأّينْ ِم ْن نَبِ ّي قَاتَ َل َمعَهُ‬
‫وَ َم ْن ُيرِ ْد َثوَابَ اْل َآخِ َر ِة ُنؤِْتهِ مِ ْنهَا وَسَنَ ْ‬
‫حبّ‬
‫ض ُعفُوا َومَا اسْتَكَانُوا وَال ّلهُ يُ ِ‬
‫ي فَمَا َوهَنُوا لِمَا أَصَاَبهُ ْم فِي سَبِي ِل اللّ ِه َومَا َ‬
‫ِربّيّونَ كَثِ ٌ‬
‫الصّاِبرِينَ (‪ )146‬وَمَا كَا َن َقوَْل ُهمْ ِإلّا أَ ْن قَالُوا َربّنَا ا ْغ ِف ْر لَنَا ُذنُوبَنَا َوإِ ْسرَافَنَا فِي َأ ْمرِنَا‬
‫سنَ‬
‫ب ال ّدنْيَا َو ُح ْ‬
‫ص ْرنَا عَلَى الْ َقوْ ِم الْكَافِرِينَ (‪َ )147‬ف َآتَا ُهمُ ال ّلهُ َثوَا َ‬
‫ت َأ ْقدَامَنَا وَانْ ُ‬
‫وَثَبّ ْ‬
‫حسِنِيَ (‪ )148‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا إِ ْن تُطِيعُوا الّذِينَ‬
‫حبّ الْ ُم ْ‬
‫ثَوَابِ اْلآَ ِخ َرةِ وَال ّلهُ يُ ِ‬
‫َك َفرُوا َيرُدّو ُكمْ عَلَى أَ ْعقَابِ ُكمْ فَتَ ْنقَلِبُوا خَا ِسرِينَ (‪َ )149‬ب ِل اللّ ُه َموْلَا ُكمْ َو ُهوَ خَ ْيرُ‬
‫صرِينَ (‪)150‬‬
‫النّا ِ‬

‫‪ -145‬ل يكن أن توت نفس إل بإذن ال ‪ ،‬وقد كتب ال ذلك ف كتاب مشتمل‬
‫على الجال ‪ .‬ومن يرد متاع الدنيا يؤته منها ‪ ،‬ومن يرد جزاء الخرة يؤته منها ‪،‬‬
‫وسيجزى ال الذين شكروا نعمته فأطاعوه فيما أمرهم به من جهاد وغيه ‪.‬‬
‫‪ -146‬وكم من النبياء قاتل مع كل منهم كثيون من الؤمني الخلصي لربم ‪ ،‬فما‬

‫‪110‬‬
‫جبنت قلوبم ول فترت عزائمهم ‪ ،‬ول خضعوا لعدائهم بسبب ما أصابم ف سبيل‬
‫ال ‪ ،‬لنم ف طاعته ‪ ،‬وال يثيب الصابرين على البلء ‪.‬‬
‫‪ -147‬وما كان قولم عند شدائد الرب إل أن قالوا ‪ :‬ربنا تاوز عمّا يكون منا من‬
‫صغائر الذنوب وكبائرها ‪ ،‬وثبتنا ف مواطن الرب وانصرنا على أعداء دينك‬
‫الكافرين بك وبرسالة رسلك ‪.‬‬
‫‪ -148‬فأعطاهم ال النصر والتوفيق ف الدنيا ‪ ،‬وضمن لم الزاء السن ف الخرة ‪،‬‬
‫وال يثيب الذين يسنون أعمالم ‪.‬‬
‫‪ -149‬يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الكفار أعداءكم الذين أعلنوا الكفر أو أخفوه‬
‫فيما يدعونكم إليه من قول أو فعل يقلبوكم إل الكفر فتخسروا الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -150‬وال هو ناصركم ‪ ،‬ول تشوهم لن ال أعظم الناصرين ‪.‬‬

‫ب بِمَا َأشْرَكُوا بِال ّلهِ مَا لَ ْم يَُنزّ ْل ِبهِ سُلْطَانًا َو َمأْوَاهُمُ‬


‫ب الّذِينَ َك َفرُوا الرّعْ َ‬
‫سَنُ ْلقِي فِي قُلُو ِ‬
‫حسّوَن ُهمْ ِبِإ ْذنِ ِه حَتّى‬
‫ص َدقَ ُكمُ ال ّلهُ وَ ْع َدهُ ِإ ْذ تَ ُ‬
‫س مَثْوَى الظّالِ ِميَ (‪ )151‬وََل َقدْ َ‬
‫النّا ُر َوبِئْ َ‬
‫ِإذَا َفشِلُْتمْ َوتَنَازَعُْت ْم فِي اْلأَ ْمرِ وَعَصَيُْتمْ ِم ْن َبعْ ِد مَا أَرَا ُك ْم مَا تُحِبّو َن مِ ْن ُكمْ َم ْن ُيرِيدُ‬
‫ص َر َفكُمْ عَ ْن ُه ْم لِيَبْتَلَِي ُكمْ َوَلقَدْ َعفَا عَ ْن ُكمْ وَاللّ ُه ذُو‬
‫ال ّدنْيَا َومِ ْنكُ ْم َمنْ ُيرِيدُ اْلآَ ِخ َرةَ ُثمّ َ‬
‫ص ِعدُو َن َولَا تَ ْلوُونَ عَلَى َأ َحدٍ وَال ّرسُولُ يَدْعُو ُك ْم فِي‬
‫ضلٍ عَلَى الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪ِ )152‬إذْ تُ ْ‬
‫فَ ْ‬
‫ي بِمَا‬
‫حزَنُوا عَلَى مَا فَاَتكُ ْم َولَا مَا أَصَاَبكُ ْم وَال ّل ُه خَبِ ٌ‬
‫أُ ْخرَا ُكمْ َفَأثَاَبكُمْ َغمّا ِب َغمّ ِلكَيْلَا َت ْ‬
‫َتعْمَلُونَ (‪)153‬‬

‫‪ -151‬ول يضعفكم ما أصابكم يوم أُحد ‪ ،‬فسنقذف الوف والفزع ف قلوب‬


‫أعدائكم ‪ ،‬لشراكهم بال آلة ل ينل ال بعبادتا حُجة ‪ ،‬لنا ل تنفع ول تضر ‪،‬‬
‫ومستقرهم النار ف الخرة وبئس هذا الكان للظالي مقاما ‪.‬‬
‫‪ -152‬وإن نصر ال مقق واقع ‪ ،‬ولقد صدقكم ال الوعد بالنصر حي قتلتم كثيين‬
‫منهم أول المر بإرادته ‪ ،‬حت إذا ضعف رأيكم ف القتال ‪ ،‬واختلفتم ف فهم أمر النب‬
‫إياكم بالقام ف مراكزكم ‪ ،‬فرأى بعضكم ترك موقعه حيث ظهر النصر ‪ ،‬ورأى البعض‬
‫البقاء حت النهاية ‪ ،‬وعصى فريق منكم أمر الرسول فمضى لطلب الغنيمة من بعد ما‬

‫‪111‬‬
‫أراكم ما تبون من النصر ‪ ،‬وصرت فريقي منكم من يريد متاع الدنيا ‪ ،‬ومنكم من‬
‫يريد ثواب الخرة ‪ ،‬لا كان ذلك ‪ ،‬منعكم نصره ث ردكم بالزية عن أعدائكم ‪،‬‬
‫ليمتحنكم فيظهر الخلص من غيه ‪ .‬ولقد تاوز عنكم لا ندمتم ‪ .‬وال ذو الفضل‬
‫عليكم بالعفو وقبول التوبة ‪.‬‬
‫‪ -153‬اذكروا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬حالكم وقت أن كنتم تبعدون ف الرض هاربي ‪،‬‬
‫ول تلتفتون لحد من شدة الرب ‪ ،‬والرسول يناديكم من ورائكم لترجعوا ‪ ،‬فجازاكم‬
‫ال حزنا غامرا كالغمة ‪ ،‬توال على نفوسكم لكى ل تزنوا على ما فاتكم من الغنيمة‬
‫وما أصابكم من الزية ‪ ،‬وال عليم بقاصدكم وأعمالكم ‪.‬‬

‫سهُمْ‬
‫ُثمّ َأْنزَلَ عَلَ ْي ُكمْ مِ ْن َب ْعدِ اْلغَ ّم َأمَنَ ًة ُنعَاسًا َي ْغشَى طَاِئ َفةً مِ ْن ُكمْ وَطَاِئفَ ٌة َقدْ َأهَمّ ْت ُه ْم أَْن ُف ُ‬
‫حقّ َظنّ الْجَاهِلِّيةِ َيقُولُو َن َهلْ لَنَا ِمنَ اْلأَ ْم ِر ِمنْ َشيْ ٍء ُقلْ إِ ّن اْلأَ ْمرَ كُ ّلهُ‬
‫يَظُنّونَ بِال ّلهِ غَ ْيرَ الْ َ‬
‫ك َيقُولُو َن َلوْ كَا َن لَنَا ِمنَ اْلَأ ْمرِ َشيْ ٌء مَا قُتِلْنَا‬
‫س ِهمْ مَا لَا يُ ْبدُونَ لَ َ‬
‫خفُو َن فِي َأْنفُ ِ‬
‫لِ ّلهِ يُ ْ‬
‫هَاهُنَا ُق ْل َلوْ ُكنُْتمْ فِي بُيُوِتكُ ْم لََبرَ َز الّذِينَ كُِتبَ عَلَ ْي ِه ُم الْقَ ْت ُل ِإلَى مَضَا ِجعِ ِه ْم وَلِيَبْتَ ِل َي اللّهُ‬
‫صدُورِ (‪ )154‬إِنّ اّلذِينَ‬
‫ت ال ّ‬
‫ص مَا فِي قُلُوبِ ُكمْ وَال ّلهُ عَلِيمٌ ِبذَا ِ‬
‫صدُورِ ُكمْ َولِيُمَحّ َ‬
‫مَا فِي ُ‬
‫تَ َوّلوْا مِ ْنكُ ْم َيوْ َم الْتَقَى الْجَ ْمعَا ِن ِإنّمَا اسَْت َزلّ ُهمُ الشّيْطَا ُن بَِبعْضِ مَا َكسَبُوا َوَلقَدْ َعفَا اللّهُ‬
‫عَ ْن ُه ْم إِنّ ال ّلهَ َغفُورٌ حَلِيمٌ (‪ )155‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َتكُونُوا كَاّلذِينَ َك َفرُوا َوقَالُوا‬
‫ج َعلَ‬
‫ض َأوْ كَانُوا ُغزّى َلوْ كَانُوا عِ ْن َدنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَ ْ‬
‫ض َربُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ِلإِ ْخوَاِنهِ ْم ِإذَا َ‬
‫ت وَال ّلهُ بِمَا َتعْمَلُونَ بَصِيٌ (‪)156‬‬
‫ك َحسْ َر ًة فِي قُلُوِبهِ ْم وَال ّل ُه يُحْيِي َويُمِي ُ‬
‫اللّ ُه َذلِ َ‬

‫‪ -154‬ث أسبغ ال عليكم من بعد الغم نعمة أمن ‪ ،‬وكان مظهرها نعاسا يغشى فريق‬
‫الصادقي ف إيانم وتفويضهم ل ‪ ،‬أما الطائفة الخرى فقد كان ههم أنفسهم ل‬
‫يعنون إل با ‪ ،‬ولذلك ظنوا بال الظنون الباطلة كظن الاهلية ‪ ،‬يقولون مستنكرين ‪:‬‬
‫هل كان لنا من أمر النصر الذى وعدنا به شئ؟ قل ‪ -‬أيها النب ‪ - :‬المر كله ف‬
‫النصر والزية ل ‪ ،‬يصرف المر ف عباده إن اتذوا أسباب النصر ‪ ،‬أو وقعوا ف‬
‫أسباب الزية ‪ .‬وهم إذ يقولون ذلك يفون ف أنفسهم أمرا ل يبدونه ‪ .‬إذ يقولون ف‬
‫أنفسهم ‪ :‬لو كان لنا اختيار ل نرج فلم نغلب ‪ .‬قل لم ‪ :‬لو كنتم ف منازلكم وفيكم‬

‫‪112‬‬
‫من كتب عليهم القتل لرجوا إل مصارعهم فقتلوا ‪ .‬وقد فعل ال ما فعل ف أُحد‬
‫لصال جة ‪ ،‬ليختب ما ف سرائركم من الخلص وليطهر قلوبكم ‪ ،‬وال يعلم ما ف‬
‫قلوبكم من الفايا علما بليغا ‪.‬‬
‫‪ -155‬إن الذين انصرفوا منكم عن الثبات ف أماكنهم ‪ -‬يا معشر السلمي ‪ -‬يوم‬
‫التقى جعكم وجع الكفار للقتال بأُحد ‪ ،‬إنا جرّهم الشيطان إل الزلل والطأ بسبب‬
‫ما ارتكبوا من مالفة الرسول ‪ ،‬ولقد تاوز ال عنهم لنه كثي الغفرة واسع اللم ‪.‬‬
‫‪ -156‬يا أيها الذين آمنوا ل تكونوا كالذين كفروا وقالوا ف شأن إخوانم ‪ -‬إذا‬
‫أبعدوا ف الرض لطلب العيش فماتوا أو كانوا غزاة فقتلوا ‪ : -‬لو كانوا مقيمي عندنا‬
‫ما ماتوا وما قتلوا ‪ ،‬فقد جعل ال ذلك القول والظن حسرة ف قلوبم ‪ ،‬وال هو الذى‬
‫يي وييت ‪ ،‬وبيده مقادير كل شئ ‪ ،‬وهو مطلع على ما تعملون من خي أو شر ‪،‬‬
‫ومازيكم عليه ‪.‬‬

‫وَلَِئ ْن قُتِلُْت ْم فِي سَبِيلِ ال ّل ِه أَ ْو مُّتمْ لَ َم ْغ ِف َرةٌ مِ َن ال ّلهِ وَ َرحْ َمةٌ خَيْ ٌر مِمّا يَجْ َمعُونَ (‪)157‬‬
‫ت َل ُهمْ َوَلوْ كُ ْنتَ‬
‫شرُونَ (‪ )158‬فَبِمَا َرحْ َمةٍ ِم َن اللّ ِه لِنْ َ‬
‫حَ‬‫وَلَِئ ْن مُّتمْ َأ ْو قُتِلُْتمْ َلِإلَى ال ّلهِ تُ ْ‬
‫ك فَاعْفُ عَ ْن ُهمْ وَاسَْتغْ ِفرْ لَ ُه ْم وَشَاوِرْ ُهمْ فِي الَْأ ْمرِ‬
‫ب لَاْنفَضّوا ِمنْ َح ْولِ َ‬
‫ظ اْلقَلْ ِ‬
‫فَظّا غَلِي َ‬
‫صرْ ُكمُ ال ّلهُ فَلَا‬
‫ب الْمَُتوَكّلِيَ (‪ )159‬إِ ْن يَنْ ُ‬
‫ح ّ‬
‫ت فََتوَ ّكلْ َعلَى ال ّلهِ إِ ّن ال ّلهَ يُ ِ‬
‫َفإِذَا َع َزمْ َ‬
‫صرُ ُك ْم ِمنْ َب ْع ِدهِ وَعَلَى اللّ ِه فَلْيََتوَ ّكلِ‬
‫خ ُذْلكُ ْم فَ َم ْن ذَا اّلذِي يَنْ ُ‬
‫ب لَ ُك ْم وَإِ ْن يَ ْ‬
‫غَالِ َ‬
‫الْمُ ْؤمِنُونَ (‪)160‬‬

‫‪ -157‬ولئن قتلتم ف الهاد أو متم ف أثنائه ‪ ،‬لغفرة من ال لذنوبكم ورحة منه‬


‫لكم ‪ ،‬خي ما تمعونه من متاع الدنيا لو بقيتم ‪.‬‬
‫‪ -158‬ولئن متم أو قتلتم ف الهاد فلن تضيع أعمالكم ‪ ،‬بل ستحشرون إل ال‬
‫فيثيبكم على جهادكم وإخلصكم ‪.‬‬
‫ت لم ول تغلظ ف القول بسبب خطئهم ‪،‬‬
‫‪ -159‬كان رحة من ال بك وبم أن لِنْ َ‬
‫ولو كنت جاف العاملة قاسى القلب ‪ ،‬لتفرقوا من حولك ‪ ،‬فتجاوز عن خطئهم ‪،‬‬
‫واطلب الغفرة لم ‪ ،‬واستشرهم ف المر متعرفا آراءهم ما ل ينل عليك فيه وحى ‪،‬‬

‫‪113‬‬
‫فإذا عقدت عزمك على أمر بعد الشاروة فامض فيه متوكلً على ال ‪ ،‬لن ال يب‬
‫من يفوض أموره إليه ‪.‬‬
‫‪ -160‬إن يؤيدكم ال بنصره ‪ -‬كما حصل يوم بدر ‪ -‬فلن يغلبكم أحد ‪ ،‬وإن قدر‬
‫لكم الذلن لعدم اتاذكم أسباب النصر ‪ -‬كما حصل يوم أُحد ‪ -‬فل ناصر لكم‬
‫سواه ‪ ،‬وعلى ال ‪ -‬وحده ‪ -‬يب أن يعتمد الؤمنون ويفوضوا أمرهم إليه ‪.‬‬

‫س مَا َكسَبَتْ‬
‫وَمَا كَا َن لِنَِبيّ أَ ْن َي ُغلّ َو َمنْ َيغْ ُل ْل يَ ْأتِ بِمَا َغلّ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ ُث ّم ُتوَفّى ُكلّ َنفْ ٍ‬
‫ضوَا َن اللّهِ كَ َم ْن بَا َء ِبسَخَطٍ مِ َن ال ّلهِ َو َمأْوَاهُ َجهَّنمُ‬
‫وَ ُه ْم لَا يُظْلَمُونَ (‪َ )161‬أفَ َم ِن اتّبَعَ رِ ْ‬
‫ي بِمَا َيعْمَلُونَ (‪َ )163‬لقَ ْد َمنّ‬
‫س الْمَصِيُ (‪ُ )162‬همْ دَرَجَاتٌ عِ ْندَ ال ّلهِ وَال ّلهُ بَصِ ٌ‬
‫وَبِئْ َ‬
‫س ِهمْ يَتْلُو عَلَ ْي ِهمْ َآيَاِتهِ َوُيزَكّيهِ ْم َويُعَلّ ُم ُهمُ‬
‫ث فِيهِمْ َرسُولًا ِمنْ َأْنفُ ِ‬
‫ي ِإ ْذ َبعَ َ‬
‫اللّهُ عَلَى الْ ُمؤْمِنِ َ‬
‫حكْ َم َة َوإِنْ كَانُوا ِم ْن قَ ْبلُ َلفِي ضَلَا ٍل مُبِيٍ (‪َ )164‬أ َولَمّا أَصَابَ ْتكُ ْم مُصِيَبةٌ‬
‫ب وَالْ ِ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫َقدْ أَصَبُْت ْم مِثْلَ ْيهَا قُلُْتمْ َأنّى َهذَا ُق ْل هُ َو ِمنْ عِ ْن ِد أَْن ُفسِ ُك ْم إِنّ ال ّلهَ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‬
‫‪ )165‬وَمَا أَصَابَ ُكمْ َيوْ َم الَْتقَى الْجَ ْمعَانِ فَِبِإذْ ِن اللّ ِه َولَِيعْلَ َم الْ ُمؤْمِنِيَ (‪)166‬‬

‫‪ -161‬ما صح لنب أن يون ف الغنم كما أشاع النافقون الكذابون ‪ ،‬لن اليانة‬
‫تناف النبوة ‪ ،‬فل تظنوا به ذلك ‪ ،‬ومن ين يأت يوم القيامة بإث ما خان فيه ‪ ،‬ث تُعطى‬
‫كل نفس جزاء ما عملت وافيا ‪ ،‬وهم ل يظلمون بنقصان الثواب أو زيادة العقاب ‪.‬‬
‫‪ -162‬ليس من سعى ف طلب رضا ال بالعمل والطاعة مثل الذى باء بغضب عظيم‬
‫من ال بسبب العصية ‪ .‬ومصي العاصى جهنم وبئس ذلك الصي ‪.‬‬
‫‪ -163‬ليس الفريقان سواء ‪ ،‬بل هم متفاوتون عند ال تفاوت الدرجات وال عال‬
‫بأحوالم ودرجاتم ‪ ،‬فيجازيهم على قدرها ‪.‬‬
‫‪ -164‬لقد تفضل ال على الؤمني الولي الذين صحبوا النب ‪ ،‬بأن بعث فيهم‬
‫رسول من أنفسهم يتلو عليهم آيات الكتاب ‪ ،‬ويطهرهم من سوء العقيدة ‪ ،‬ويعلمهم‬
‫علم القرآن والسنة ‪ .‬وقد كانوا من قبل بَعثه ف جهالة وحية وضياع ‪.‬‬
‫‪ -165‬أجزعتم وتاذلتم وقلتم مستغربي حي أصابتكم مصيبة يوم أُحد قد أصبتم‬
‫ضعفيها يوم بدر ‪ :‬من أين لنا هذا القتل والزية ونن مسلمون ورسول ال فينا؟ ‪ .‬قل‬

‫‪114‬‬
‫‪ -‬يا ممد ‪ : -‬الذى أصابكم من عند أنفسكم بسبب مالفتكم الرسول وال قادر‬
‫على كل شئ ‪ ،‬وقد جازاكم با عملتم ‪.‬‬
‫‪ -166‬إن الذى أصابكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬يوم التقى جعكم وجع الشركي بأُحد‬
‫واقع بقضاء ال ‪ ،‬وليظهر للناس ما علمه من إيان الؤمن حقا ‪.‬‬

‫وَلَِيعْ َلمَ اّلذِي َن نَافَقُوا َوقِيلَ َل ُهمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِي ِل اللّ ِه َأوِ ا ْد َفعُوا قَالُوا َلوْ َنعْ َلمُ قِتَالًا‬
‫س فِي قُلُوبِ ِهمْ‬
‫ب مِ ْنهُ ْم لِ ْلإِيَانِ َيقُولُو َن ِبأَفْوا ِه ِهمْ مَا لَيْ َ‬
‫لَاتَّبعْنَا ُكمْ ُهمْ لِ ْل ُك ْفرِ َي ْومَئِ ٍذ َأ ْقرَ ُ‬
‫وَال ّلهُ أَ ْع َلمُ بِمَا َيكْتُمُونَ (‪ )167‬اّلذِي َن قَالُوا ِلإِ ْخوَاِن ِهمْ َو َق َعدُوا َل ْو أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ُقلْ‬
‫حسََبنّ اّلذِي َن قُتِلُوا فِي‬
‫ت إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪ )168‬وَلَا تَ ْ‬
‫سكُ ُم الْ َموْ َ‬
‫فَادْرَءُوا َع ْن َأنْ ُف ِ‬
‫ي بِمَا َآتَا ُهمُ ال ّلهُ ِم ْن فَضْ ِلهِ‬
‫سَبِيلِ ال ّلهِ َأ ْموَاتًا َب ْل َأحْيَاءٌ عِ ْندَ َرّبهِ ْم ُيرْ َزقُونَ (‪َ )169‬فرِحِ َ‬
‫ح َزنُونَ (‬
‫حقُوا ِب ِهمْ ِم ْن خَ ْلفِ ِهمْ أَلّا خَوْفٌ عَ َل ْيهِ ْم َولَا ُهمْ يَ ْ‬
‫شرُونَ بِاّلذِينَ لَ ْم يَلْ َ‬
‫وََيسْتَ ْب ِ‬
‫ضلٍ َوأَ ّن اللّ َه لَا يُضِي ُع أَ ْجرَ الْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)171‬‬
‫‪َ )170‬يسْتَ ْبشِرُو َن بِِنعْ َمةٍ ِم َن اللّ ِه َوفَ ْ‬

‫‪ -167‬وليظهر نفاق الذين نافقوا ‪ ،‬وهم الذين قيل لم حي انصرفوا يوم أُحد عن‬
‫القتال ‪ :‬تعالوا قاتلوا لجل طاعة ال ‪ ،‬أو قاتلوا دفاعا عن أنفسكم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬لو نعلم‬
‫أنكم ستلقون قتالً لذهبنا معكم ‪ ،‬وهم حي قالوا هذا القول أقرب للكفر منهم لليان‬
‫‪ ،‬يقولون بأفواههم ‪ :‬ليس هناك حرب ‪ ،‬مع أنم يعتقدون ف قلوبم أنا واقعة ‪ .‬وال‬
‫أعلم با يضمرون من النفاق ‪.‬‬
‫‪ -168‬وإنم هم الذين تلفوا عن القتال وقعدوا عنه ‪ ،‬وقالوا ف شأن إخوانم الذين‬
‫خرجوا وقتلوا ‪ :‬لو أطاعونا وقعدوا كما قعدنا لنجوا من القتل كما نونا ‪ .‬قل ‪:‬‬
‫فادفعوا عن أنفسكم الوت إن كنتم صادقي ف أن الذر كان ينعكم من القدر ‪.‬‬
‫‪ -169‬ول تظنن الذين قُتِلوا ف سبيل ال أمواتا بل هم أحياء حياةً استأثر ال‬
‫بعلمها ‪ ،‬يرزقون عند ربم رزقا حسنا يعلمه هو ‪.‬‬
‫‪ -170‬يتألق السرور بالبشر من وجوههم با أعطاهم ال بسبب فضله من الزايا ‪،‬‬
‫ويفرحون بإخوانم الذين تركوهم ف الدنيا أحياء مقيمي على منهج اليان والهاد ‪،‬‬
‫وبأنه ل خوف عليهم من مكروه ‪ ،‬ول هم يزنون لفوات مبوب ‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫‪ -171‬تتألق وجوه الشهداء با منّ ال به عليهم من نعمة الشهادة ونعيم النة وعظيم‬
‫الكرامة ‪ ،‬وبأنه ل يضيع أجر الؤمني ‪.‬‬

‫ح لِ ّلذِينَ َأ ْحسَنُوا مِ ْنهُ ْم وَاّتقَوْا‬


‫الّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلّ ِه وَال ّرسُولِ ِم ْن َبعْ ِد مَا أَصَاَب ُهمُ اْلقَرْ ُ‬
‫ش ْوهُ ْم َفزَا َد ُهمْ‬
‫س َقدْ جَ َمعُوا َل ُكمْ فَاخْ َ‬
‫س إِ ّن النّا َ‬
‫أَ ْجرٌ عَظِيمٌ (‪ )172‬اّلذِي َن قَا َل َلهُ ُم النّا ُ‬
‫ض ٍل َلمْ‬
‫إِيَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللّ ُه َونِ ْع َم الْوَكِيلُ (‪ )173‬فَانْقَلَبُوا بِِنعْ َم ٍة ِمنَ ال ّل ِه وَفَ ْ‬
‫ضلٍ عَظِيمٍ (‪ِ )174‬إنّمَا َذلِ ُكمُ الشّيْطَانُ‬
‫ضوَانَ ال ّل ِه وَال ّلهُ ذُو فَ ْ‬
‫سهُ ْم سُو ٌء وَاتَّبعُوا رِ ْ‬
‫سْ‬‫يَ ْم َ‬
‫ك الّذِينَ‬
‫ح ُزنْ َ‬
‫ف أَ ْولِيَا َء ُه فَلَا تَخَافُوهُ ْم وَخَافُو ِن إِنْ كُنُْت ْم ُم ْؤمِنِيَ (‪ )175‬وَلَا يَ ْ‬
‫خوّ ُ‬
‫يُ َ‬
‫ج َعلَ َل ُهمْ حَظّا فِي اْلآَ ِخ َرةِ‬
‫ضرّوا ال ّلهَ شَيْئًا ُيرِيدُ ال ّل ُه أَلّا يَ ْ‬
‫ُيسَارِعُو َن فِي اْل ُكفْ ِر ِإنّ ُه ْم َلنْ يَ ُ‬
‫ضرّوا اللّ َه شَيْئًا َوَل ُهمْ‬
‫وََل ُهمْ َعذَابٌ عَظِيمٌ (‪ )176‬إِنّ اّلذِينَ اشَْترَوُا اْلكُ ْف َر بِاْلإِيَانِ لَ ْن يَ ُ‬
‫ب َألِيمٌ (‪)177‬‬
‫َعذَا ٌ‬

‫‪ -172‬الذين لبّوا دعوة الرسول إل استئناف الهاد من بعد ما أصابم ف غزوة أُحد‬
‫من الرح العميق ‪ ،‬وبذلك أحسنوا ‪ ،‬واتقوا عصيان أمر ال ورسوله ‪ ،‬فاستحقوا‬
‫الجر العظيم ف دار الزاء والنعيم ‪.‬‬
‫‪ -173‬الذين خوفهم الناس بأن قالوا لم ‪ :‬إن أعداءكم قد جعوا لكم جيشا كثيفا‬
‫فخافوهم ‪ ،‬فما ضعفوا وما وهنوا ‪ ،‬بل ازدادوا إيانا بال وثقة بنصره ‪ ،‬وكان ردّهم ‪:‬‬
‫ال كافينا ‪ ،‬وهو التول أمورنا ‪ ،‬وهو ِن ْعمَ من يفوّض إليه المر كله ‪.‬‬
‫‪ -174‬ث خرجوا للجهاد ولقاء اليش الكثيف ‪ ،‬ولكن الشركي جبنوا عن اللقاء ‪،‬‬
‫فعاد الؤمنون فائزين بنعمة السلمة مع الرغبة ف الهاد ‪ ،‬وفوزهم بثوابه وفضل اللّه‬
‫عليهم ف إلقاء الرعب ف قلوب عدوهم فلم ينلهم أذى ‪ .‬وابتغوا رضوان اللّه فصاروا‬
‫ل لفضله ‪ ،‬واللّه صاحب الفضل العظيم ‪.‬‬
‫أه ً‬
‫‪ -175‬يبي اللّه سبحانه للمؤمني أن أولئك الذين يوفونكم بأعدائكم لتجْبنوا عن‬
‫لقائهم ليسوا إل أعوانا للشيطان الذى يوف أتباعه فيجعلهم جبناء ولستم منهم ‪ .‬فل‬
‫تفلوا بتخويفهم وخافوا اللّه ‪ -‬وحده ‪ -‬إن كنتم صادقى اليان ‪ ،‬قائمي با يفرضه‬
‫عليكم هذا اليان ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫‪ -176‬ل تزن ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إذا رأيت الذين يزدادون كفرا ويسرعون بالنتقال من‬
‫سيئ إل أسوأ ‪ ،‬فهم لن ينالوا اللّه بأى ضرر ‪ ،‬لنه القاهر فوق عباده ‪ ،‬بل يريد اللّه‬
‫أل يعل لم نصيبا من ثواب الخرة ‪ ،‬ولم فوق حرمانم هذا الثواب الكري عذاب‬
‫عظيم ‪.‬‬
‫‪ -177‬إن هؤلء الذين استبدلوا الكفر باليان ‪ ،‬فابتغوا الكفر وتركوا اليان ‪ ،‬لن‬
‫يضرّوا اللّه شيئا ‪ ،‬ولم ف الخرة عذاب مؤل شديد اليلم ‪.‬‬

‫حسََبنّ اّلذِينَ َك َفرُوا َأنّمَا نُمْلِي َل ُهمْ خَ ْي ٌر لَِأْن ُفسِ ِه ْم إِنّمَا نُمْلِي َلهُ ْم لَِي ْزدَادُوا ِإثْمًا‬
‫وَلَا يَ ْ‬
‫ب ُمهِيٌ (‪ )178‬مَا كَا َن ال ّلهُ لَِيذَ َر الْ ُمؤْمِِنيَ عَلَى مَا َأنُْتمْ عَلَ ْيهِ حَتّى يَمِيزَ‬
‫وََل ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫ب َولَ ِكنّ ال ّل َه يَجْتَبِي مِنْ ُرسُ ِلهِ مَنْ‬
‫ب َومَا كَانَ ال ّل ُه لِيُطْ ِلعَ ُكمْ عَلَى اْلغَيْ ِ‬
‫ث ِمنَ الطّيّ ِ‬
‫الْخَبِي َ‬
‫حسََبنّ‬
‫َيشَا ُء َف َآمِنُوا بِال ّل ِه وَرُسُ ِل ِه َوإِنْ ُت ْؤمِنُوا وَتَّتقُوا فَ َلكُ ْم َأجْرٌ َعظِيمٌ (‪ )179‬وَلَا يَ ْ‬
‫الّذِينَ يَبْخَلُو َن بِمَا َآتَا ُهمُ ال ّلهُ ِم ْن فَضْ ِلهِ ُه َو خَ ْيرًا َلهُ ْم َبلْ ُه َو شَ ّر َل ُهمْ سَيُ َط ّوقُو َن مَا‬
‫ض وَال ّل ُه بِمَا َتعْمَلُو َن خَبِيٌ (‪)180‬‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ث السّمَاوَا ِ‬
‫بَخِلُوا ِب ِه يَوْ َم اْلقِيَا َمةِ وَلِ ّل ِه مِيَا ُ‬
‫ب مَا قَالُوا َوقَتْ َل ُهمُ‬
‫حنُ أَ ْغنِيَا ُء سَنَكْتُ ُ‬
‫ي َونَ ْ‬
‫َلقَ ْد سَمِ َع ال ّلهُ َق ْولَ اّلذِي َن قَالُوا إِ ّن ال ّلهَ َفقِ ٌ‬
‫ت َأيْدِيكُ ْم َوأَنّ‬
‫ك بِمَا َق ّدمَ ْ‬
‫حرِيقِ (‪َ )181‬ذلِ َ‬
‫ب الْ َ‬
‫الَْأنْبِيَا َء ِبغَيْ ِر َحقّ َوَنقُولُ ذُوقُوا َعذَا َ‬
‫س بِظَلّا ٍم لِ ْلعَبِيدِ (‪)182‬‬
‫اللّ َه لَيْ َ‬

‫‪ -178‬ل يسب هؤلء الكافرون أن إمهالنا لم ‪ -‬حي نُمدُ ف أعمارهم ‪ ،‬ونيئ لم‬
‫أسباب النعيم ف حياتم الدنيا ‪ -‬خي لم ‪ ،‬فإن إطالة العمر وسعة الرزق يفضيان بم‬
‫إل الستمرار ف اكتساب الث واستحقاق ما أعد اللّه لم من عذاب مهي ‪.‬‬
‫‪ -179‬ما كان اللّه ليترككم ‪ -‬يا معشر الؤمني ‪ -‬على ما أنتم عليه من اختلط‬
‫الؤمن بالنافق ‪ ،‬حت ييز بينكم بالحنة والتكليف لتروا النافق البيث والؤمن‬
‫الطيب ‪ ،‬ول تر سنة اللّه بإطلع أحد من خلقه على شئ من غيبه ‪ ،‬ولكن اللّه‬
‫يصطفى من يشاء بإطلعه على ما يشاء من غيبه ‪ ،‬وإن تؤمنوا وتتقوا ربكم بالتزام‬
‫طاعته يدخلكم النة جزاء ‪ ،‬ونعم الزاء إذ هى جزاء عظيم ‪.‬‬
‫ل منه ‪ ،‬ول يبذلونه ف‬
‫‪ -180‬ل يظن الذين يبخلون با أنعم ال عليهم من الال تفض ً‬

‫‪117‬‬
‫الواجبات وسبل الي أنّ البخل خي لم ‪ ،‬بل إنه شر سيئ العاقبة عليهم ‪ ،‬سيجزون‬
‫عليه شر الزاء يوم القيامة ‪ ،‬وسيكون العذاب ملزما لم ملزمة الطوق للعنق ‪ .‬وإن‬
‫كل ما ف الوجود يؤول ل ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬وهو الالك له ‪ ،‬وهو ‪ -‬سبحانه ‪-‬‬
‫يعلم كل ما تعملون ‪ ،‬وسيجازيكم عليه ‪.‬‬
‫‪ -181‬ومع أن ال له ملك السموات والرض ومياثهما ‪ ،‬فقد قال بعض اليهود‬
‫متهكمي ‪ :‬إن ال فقي يطلب منا أن نقرضه بالنفاق ‪ ،‬ونن أغنياء ننفق أو ل ننفق ‪،‬‬
‫لقد سع ال قولم هذا وسجّل عليهم ذلك القول كما سجل عليهم قتلهم النبياء‬
‫ظلما وإثا وعدوانا ‪ ،‬وسيقول لم يوم القيامة ‪ :‬ذوقوا عذاب النار الحرقة ‪.‬‬
‫‪ -182‬وذلك العذاب با قدمت أيديهم من الثام ‪ ،‬وعقاب ال ل يكون إل عدل ‪،‬‬
‫فهو ل يظلم العباد أبدا ‪.‬‬

‫الّذِينَ قَالُوا إِنّ ال ّلهَ َع ِهدَ إِلَيْنَا َألّا ُنؤْ ِم َن ِلرَسُو ٍل حَتّى َيأْتِيَنَا ِبقُ ْربَانٍ َتأْكُ ُل ُه النّا ُر ُق ْل َقدْ‬
‫جَاءَ ُكمْ ُر ُس ٌل ِمنْ قَبْلِي بِالْبَيّنَاتِ َوبِاّلذِي قُلُْت ْم فَ ِل َم قَتَلْتُمُوهُ ْم إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪)183‬‬
‫ك جَاءُوا بِالْبَيّنَاتِ وَال ّزُبرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيِ (‪)184‬‬
‫َفإِنْ َكذّبُو َك َفقَدْ ُك ّذبَ ُرسُ ٌل ِمنْ قَبْ ِل َ‬
‫ت وَِإنّمَا تُ َوّفوْنَ ُأجُورَ ُكمْ َيوْ َم اْلقِيَا َمةِ فَ َمنْ ُز ْحزِحَ َع ِن النّارِ َوُأدْ ِخلَ‬
‫ُك ّل َنفْسٍ ذَاِئقَ ُة الْ َموْ ِ‬
‫سكُمْ‬
‫ع اْلغُرُورِ (‪ )185‬لَتُبْ َلوُنّ فِي َأمْوَالِ ُكمْ َوَأنْ ُف ِ‬
‫الْجَّنةَ َف َقدْ فَا َز َومَا الْحَيَاةُ ال ّدنْيَا ِإلّا مَتَا ُ‬
‫وَلََتسْ َم ُع ّن ِمنَ اّلذِي َن أُوتُوا الْكِتَابَ ِم ْن قَبْ ِلكُ ْم َومِ َن الّذِينَ َأ ْشرَكُوا َأذًى كَِثيًا َوإِنْ‬
‫ق الّذِينَ أُوتُوا‬
‫ك ِمنْ َع ْز ِم الُْأمُورِ (‪ )186‬وَِإ ْذ أَ َخ َذ اللّ ُه مِيثَا َ‬
‫تَصِْبرُوا وَتَّتقُوا َفإِ ّن َذلِ َ‬
‫س مَا‬
‫ب لَتُبَيّنُّن ُه لِلنّاسِ َولَا َتكْتُمُونَ ُه فَنََبذُو ُه وَرَاءَ ُظهُو ِر ِهمْ وَاشَْت َروْا ِبهِ ثَ َمنًا قَلِيلًا فَبِئْ َ‬
‫الْكِتَا َ‬
‫َيشَْترُونَ (‪)187‬‬

‫‪ -183‬إنم هم الذين قالوا ‪ :‬إن ال أمرنا ف التوراة أل نؤمن مذعني لرسول إل إذا‬
‫دلل على صدقه بأن يأتينا بشئ يقربه لوجه ال وتنل نار من السماء فتأكله ‪ ،‬فقل لم‬
‫‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن رسل من ال قد جاءوا من قبل بالدلة الواضحة ‪ ،‬وجاءوا با‬
‫اقترحتم ‪ ،‬ومع ذلك كذبتموهم وقتلتموهم ‪ .‬فلم فعلتم ذلك إن كنتم صادقي ف‬
‫وعدكم باليان عندما يتحقق ما تريدون؟‬

‫‪118‬‬
‫‪ -184‬وإن كذبوك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬فل تزن ‪ ،‬فقد سبق قبلك كثيون كذبم‬
‫أقوامهم تعنتا وعنادا ‪ ،‬مع أنم جاءوا بالدلة الساطعة والكتب السماوية الدالة على‬
‫صدق رسالتهم ‪.‬‬
‫‪ -185‬كل نفس تذوق الوت ل مالة ‪ ،‬وإذا أصابتكم آلم ف الدنيا فإنا توفون‬
‫ثوابكم كاملً يوم القيامة ‪ ،‬ومن قارب النار وزحزح عنها فقد نال الفوز ‪ ،‬وما الياة‬
‫الدنيا إل متاع زائل يغرّ ول يبقى ‪.‬‬
‫‪ -186‬تأكدوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أنكم ستختبون ف أموالكم بالنقص أو النفاق ‪،‬‬
‫وف أنفسكم بالهاد وبالمراض واللم ‪ .‬وأنكم ستسمعون من اليهود والنصارى‬
‫والشركي كثيا ما يؤذيكم من السب والطعن ‪ ،‬فعليكم أن تقابلوا ذلك بالصب‬
‫وتقوى ال ‪ ،‬لن ذلك من المور الصالة الت يب العزم على تنفيذها ‪.‬‬
‫‪ -187‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إذ أخذ ال العهد الؤكد على أهل الكتاب أن يوضحوا‬
‫معانيه ‪ ،‬وأل يفوا شيئا من آياته عن الناس ‪ ،‬فألقوه وراء ظهورهم نابذين له ‪،‬‬
‫واستبدلوا به متاع الدنيا طالبي له ‪ ،‬ومتاع الدنيا مهما يكن كالثمن البخس القي ف‬
‫مقابل الداية والرشاد فقبحا لا فعلوا ‪.‬‬

‫حسَبَّن ُهمْ‬
‫حسََب ّن الّذِينَ َي ْف َرحُو َن بِمَا أََتوْا َويُحِبّو َن أَ ْن يُحْ َمدُوا بِمَا َلمْ َي ْفعَلُوا فَلَا تَ ْ‬
‫لَا تَ ْ‬
‫ض وَال ّلهُ عَلَى‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ب أَلِيمٌ (‪َ )188‬ولِ ّلهِ مُ ْلكُ السّمَاوَا ِ‬
‫ب وََل ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫بِ َمفَا َزةٍ ِم َن الْ َعذَا ِ‬
‫ف اللّ ْيلِ وَالنّهَا ِر َلآَيَاتٍ‬
‫ض وَاخْتِلَا ِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ )189‬إِ ّن فِي خَ ْل ِق السّمَاوَا ِ‬
‫ِلأُولِي الَْألْبَابِ (‪)190‬‬

‫‪ -188‬ل تظنن الذين يفرحون دائما با يأتون من أفعال قبيحة ويبون الثناء با ل‬
‫يفعلوه ‪ ،‬ل تظنن هؤلء بنجاة من العذاب ‪ ،‬لن من شأنم أن يغلقوا على أنفسهم‬
‫باب اليان والق كاليهود ‪ ،‬ولم عذاب مؤل يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -189‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الالك لمر السموات والرض ‪ ،‬وهو القادر على كل شئ‬
‫‪ ،‬فيؤاخذ الذنبي بذنوبم ويثيب الحسني على إحسانم ‪.‬‬
‫‪ -190‬إن ف خلق ال للسموات والرض مع ما فيهما من إبداع وإحكام ‪ ،‬واختلف‬

‫‪119‬‬
‫الليل والنهار نورا وظلمة وطولً وقصرا لدلئل بينات لصحاب العقول الدركة على‬
‫وحدانية ال وقدرته ‪.‬‬

‫الّذِينَ َيذْ ُكرُونَ ال ّلهَ قِيَامًا َو ُقعُودًا وَعَلَى جُنُوِب ِهمْ َويََتفَ ّكرُونَ فِي خَ ْلقِ السّمَاوَاتِ‬
‫ك َفقِنَا َعذَابَ النّارِ (‪َ )191‬ربّنَا ِإّنكَ َمنْ‬
‫وَاْلأَرْضِ َربّنَا مَا خَ َلقْتَ َهذَا بَاطِلًا سُبْحَانَ َ‬
‫ي ِم ْن َأنْصَارٍ (‪)192‬‬
‫ُتدْ ِخلِ النّا َر َفقَ ْد َأخْ َزيَْتهُ َومَا لِلظّالِمِ َ‬

‫‪ -191‬وشأن أول اللباب أنم يستحضرون ف نفوسهم عظمة ال وجلله ف كل‬


‫مكان ‪ ،‬قائمي وقاعدين وعلى جنوبم ‪ ،‬ويتدبرون ف خلق السموات والرض وما‬
‫فيهما من عجائب قائلي ‪ :‬ربنا ما خلقت هذا إل لكمة قدّرتا وأنت منه عن‬
‫النقص ‪ ،‬بل خلقته دليلً على قدرتك ‪ ،‬وعنوانا لبالغ حكمتك ‪ ،‬فاحفظنا من عذاب‬
‫النار بتوفيقك لنا إل طاعتك ‪.‬‬
‫‪ -192‬يا خالقنا والقائم على أمورنا ‪ ،‬والافظ لنا إن من يستحق النار وتدخله فيها‬
‫فقد أخزيته ‪ ،‬وليس للظال الذى استحق النار من نصي ينعه منها ‪.‬‬

‫َربّنَا ِإنّنَا سَ ِمعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِ ْلإِيَا ِن أَنْ َآمِنُوا بِ َرّبكُ ْم َفآَمَنّا َربّنَا فَا ْغ ِف ْر لَنَا ُذنُوبَنَا وَ َكفّرْ‬
‫خ ِزنَا َيوْمَ‬
‫ك وَلَا تُ ْ‬
‫عَنّا سَيّئَاتِنَا وََت َوفّنَا مَ َع اْلأَْبرَارِ (‪َ )193‬ربّنَا وَ َآتِنَا مَا وَ َع ْدتَنَا عَلَى ُرسُلِ َ‬
‫ب َلهُمْ َرّب ُهمْ َأنّي لَا أُضِيعُ عَ َملَ عَا ِملٍ‬
‫ف الْمِيعَادَ (‪ )194‬فَاسْتَجَا َ‬
‫ك لَا تُخْلِ ُ‬
‫الْقِيَامَ ِة ِإنّ َ‬
‫ض فَالّذِينَ هَا َجرُوا َوأُ ْخ ِرجُوا ِم ْن ِديَا ِر ِهمْ َوأُوذُوا‬
‫ضكُ ْم ِمنْ َبعْ ٍ‬
‫مِنْ ُك ْم ِمنْ ذَ َك ٍر َأوْ ُأنْثَى َبعْ ُ‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا‬
‫فِي سَبِيلِي َوقَاتَلُوا َوقُتِلُوا َلأُ َك ّفرَنّ عَ ْن ُهمْ سَيّئَاِتهِ ْم َولَُأ ْدخِلَنّ ُه ْم جَنّاتٍ تَ ْ‬
‫ب الّذِينَ‬
‫ك َتقَلّ ُ‬
‫سنُ الّثوَابِ (‪ )195‬لَا يَ ُغ ّرنّ َ‬
‫الَْأْنهَا ُر َثوَابًا ِمنْ عِ ْن ِد ال ّلهِ وَاللّهُ عِ ْن َد ُه ُح ْ‬
‫ع قَلِيلٌ ُث ّم َمأْوَا ُه ْم جَهَّن ُم َوبِئْسَ الْ ِمهَادُ (‪)197‬‬
‫َك َفرُوا فِي الْبِلَادِ (‪ )196‬مَتَا ٌ‬

‫‪ -193‬يا خالقنا والقائم على أمورنا ‪ ،‬والافظ لنا إننا سعنا رسولك يدعو إل اليان‬
‫بك فأطعناه وآمنا به ‪ ،‬ربنا اغفر لنا كبائر ذنوبنا وامح عنا صغائر سيئاتنا ‪ ،‬واجعلنا‬
‫بعد وفاتنا مع عبادك الخيار ‪.‬‬
‫‪ -194‬يا خالقنا ‪ ،‬والقائم على أمورنا ‪ ،‬والافظ لنا ‪ ،‬أعطنا الذى وعدتنا على ألسنة‬

‫‪120‬‬
‫رسلك من نصر وتأييد ف الدنيا ‪ ،‬ول تدخلنا النار فتخزنا ‪ -‬يوم القيامة ‪ -‬فشأنك أل‬
‫تلف اليعاد ‪.‬‬
‫‪ -195‬فأجاب ربم دعاءهم ‪ ،‬مبينا لم أنه ل يضيع على عامل منهم ثواب عمله ‪،‬‬
‫سواء كان ذكرا أم أنثى ‪ ،‬فالنثى من الذكر ‪ ،‬والذكر من النثى ‪ .‬فالذين هاجروا‬
‫يريدون وجه ال وأخرجوا من ديارهم ونالم الذى ف سبيل ال وقاتلوا وتعرضوا‬
‫للقتل ‪ ،‬وقتل منهم من قتل ‪ ،‬كتب ال على نفسه أنه سيمحو عنهم سيئاتم ‪،‬‬
‫ويدخلهم جنات ترى من تتها النار جزا ًء كريا عاليا من عند ال ‪ ،‬وال ‪ -‬وحده‬
‫‪ -‬عنده الثواب السن الميل ‪.‬‬
‫‪ -196‬ل تتأثر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬با ترى فيه الذين كفروا من تقلب ف النعيم والتصرف‬
‫ف التجارة والكاسب ‪.‬‬
‫‪ -197‬فإن ذلك متاع زائل ‪ ،‬وكل زائل قليل ‪ ،‬ث يكون الأوى الذى ينتهون إليه‬
‫جهنم ‪ ،‬وبئس منل جهنم ‪.‬‬

‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا الَْأْنهَا ُر خَالِدِينَ فِيهَا نُ ُزلًا ِمنْ عِ ْندِ‬


‫ت تَ ْ‬
‫لَ ِك ِن الّذِينَ اّتقَوْا َرّبهُ ْم َلهُ ْم جَنّا ٌ‬
‫اللّ ِه َومَا عِ ْن َد ال ّلهِ خَ ْي ٌر لِ ْلأَْبرَارِ (‪َ )198‬وإِ ّن ِمنْ َأ ْهلِ اْلكِتَابِ لَ َم ْن ُي ْؤمِ ُن بِاللّ ِه َومَا ُأنْ ِزلَ‬
‫ي لِ ّلهِ لَا َيشَْترُو َن ِبآَيَاتِ ال ّلهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَِئكَ لَ ُه ْم أَ ْج ُرهُمْ‬
‫ِإلَيْ ُكمْ َومَا ُأْنزِ َل ِإلَ ْيهِ ْم خَا ِشعِ َ‬
‫صِبرُوا وَصَاِبرُوا‬
‫حسَابِ (‪ )199‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا ا ْ‬
‫عِ ْندَ َرّب ِهمْ إِ ّن ال ّلهَ َسرِي ُع الْ ِ‬
‫وَرَابِطُوا وَاتّقُوا ال ّلهَ َلعَ ّلكُ ْم ُتفْلِحُونَ (‪)200‬‬

‫‪ -198‬ذلك جزاء الكافرين ‪ ،‬أما الذين آمنوا وخافوا ربم فلهم جنات ترى من‬
‫تتها النار ملدين فيها ‪ ،‬نازلي ف كرم ال سبحانه وما عند ال خي للبرار ما يتقلب‬
‫فيه الكافرون من متاع زائل ‪.‬‬
‫‪ -199‬إن بعض أهل الكتاب يؤمنون بال وبا أنزل على ممد وبا أنزل على الرسل‬
‫من قبله ‪ ،‬تراهم خاضعي ل ضارعي إليه ‪ ،‬ل يستبدلون بالبينات الظاهرة عرضا من‬
‫أعراض الدنيا مهما عظم فهو قليل ‪ ،‬هؤلء لم الزاء الوف ف دار الرضوان عند‬
‫ربم وال سريع الساب ل يعجزه إحصاء أعمالم وماسبتهم عليها ‪ ،‬وهو قادر على‬

‫‪121‬‬
‫ذلك وجزاؤه نازل بم ل مالة ‪.‬‬
‫‪ -200‬يا أيها الؤمنون تسكوا بالصب ‪ ،‬وغالبوا أعداءكم به ‪ ،‬ولزموا الثغور‬
‫لمايتها ‪ ،‬وخافوا ربكم ‪ ،‬ففى كل ذلك رجاء فلحكم ‪.‬‬

‫ث مِ ْنهُمَا‬
‫س وَا ِح َدةٍ َوخَ َلقَ مِ ْنهَا َزوْ َجهَا َوبَ ّ‬
‫س اّتقُوا َربّ ُكمُ اّلذِي خَ َل َقكُ ْم ِمنْ َنفْ ٍ‬
‫يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫ِرجَالًا كَثِيًا وَِنسَا ًء وَاّتقُوا اللّ َه اّلذِي َتسَا َءلُو َن ِبهِ وَاْلأَرْحَا َم إِ ّن اللّهَ كَانَ َعلَ ْيكُمْ َرقِيبًا (‬
‫ب َولَا َتأْكُلُوا َأ ْموَاَلهُ ْم ِإلَى َأمْوَالِ ُكمْ‬
‫ث بِالطّيّ ِ‬
‫‪ )1‬وَ َآتُوا الْيَتَامَى َأ ْموَاَلهُ ْم َولَا تَتََب ّدلُوا الْخَبِي َ‬
‫ِإنّهُ كَا َن حُوبًا كَبِيًا (‪)2‬‬

‫‪ -1‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى أوجدكم من نفس واحدة ‪ ،‬وأنشأ من هذه النفس‬
‫زوجها ‪ ،‬وخلق منهما رجا ًل كثيا ونساء ‪ ،‬فأنتم جيعا تنتهون إل تلك النفس الواحدة‬
‫‪ ،‬واتقوا ال الذى تستعينون به ف كل ما تتاجون ‪ ،‬ويسأل باسه بعضكم بعضا فيما‬
‫تتبادلون من أمور ‪ ،‬واتقوا الرحام فل تقطعوها قريبها وبعيدها ‪ ،‬إن ال دائم الرقابة‬
‫على أنفسكم ‪ ،‬ل تفى عليه خافية من أموركم ‪ ،‬ومازيكم عليها ‪.‬‬
‫‪ -2‬ومَ ّلكُوا اليتامى ما يستحقون من مال ‪ ،‬واحفظوه لم ‪ ،‬ول تعطوهم الردئ‬
‫وترموهم اليد ‪ ،‬ول تأخذوا أموالم وتضيفوها إل أموالكم ‪ ،‬إن ذلك كان إثا كبيا‬
‫‪.‬‬

‫ث وَ ُربَاعَ‬
‫وَإِ ْن ِخفُْتمْ َألّا ُت ْقسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَاْنكِحُوا مَا طَابَ َلكُ ْم ِمنَ الّنسَا ِء مَثْنَى َوثُلَا َ‬
‫ت َأيْمَاُن ُكمْ َذِلكَ َأ ْدنَى َألّا َتعُولُوا (‪)3‬‬
‫َفإِنْ ِخفُْتمْ َألّا َت ْع ِدلُوا َفوَا ِح َد ًة أَ ْو مَا مَ َلكَ ْ‬

‫‪ -3‬وإن شعرت بالوف من ظلم اليتامى لنه ذنب كبي ‪ ،‬فخافوا كذلك َأَلمَ نسائكم‬
‫بعدم العدل بينهن ‪ ،‬والزيادة على أربع ‪ ،‬فتزوجوا منهن اثنتي او ثلثا أو أربعا إذا‬
‫وثقتم بالقدرة على العدل ‪ ،‬فإن خفتم عدم العدل فتزوجوا واحدة ‪ ،‬أو استمتعوا با‬
‫تلك أيديكم من الماء ‪ ،‬ذلك أقرب إل عدم الوقوع ف الظلم والور ‪ ،‬وأقرب أل‬
‫تكثر عيالكم فتعجزوا عن النفاق عليهم ‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫ص ُدقَاتِ ِه ّن نِحْ َل ًة َفإِنْ طِ ْب َن لَ ُكمْ َع ْن شَيْ ٍء مِ ْن ُه َنفْسًا فَكُلُو ُه هَنِيئًا َمرِيئًا (‪)4‬‬
‫وَ َآتُوا النّسَاءَ َ‬
‫وَلَا تُ ْؤتُوا السّ َفهَا َء َأمْوَاَل ُكمُ الّتِي َج َعلَ ال ّلهُ َل ُكمْ قِيَامًا وَارْ ُزقُو ُهمْ فِيهَا وَا ْكسُوهُ ْم َوقُولُوا‬
‫ح َفإِنْ َآَنسُْتمْ مِ ْن ُهمْ ُرشْدًا‬
‫َلهُ ْم َقوْلًا مَ ْعرُوفًا (‪ )5‬وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتّى ِإذَا بَ َلغُوا الّنكَا َ‬
‫فَا ْد َفعُوا إِلَ ْي ِهمْ أَ ْموَاَل ُهمْ َولَا َتأْكُلُوهَا إِ ْسرَافًا َوبِدَارًا أَ ْن َيكَْبرُوا وَ َمنْ كَانَ غَنِيّا فَلَْيسَْت ْعفِفْ‬
‫وَ َمنْ كَا َن َفقِيًا فَلَْيأْ ُك ْل بِالْ َم ْعرُوفِ فَِإذَا َد َفعُْتمْ ِإلَ ْي ِهمْ َأ ْموَاَل ُهمْ َفَأشْ ِهدُوا عَلَ ْي ِه ْم وَ َكفَى‬
‫ب مِمّا َترَكَ‬
‫ب مِمّا َترَ َك اْلوَاِلدَا ِن وَاْلَأ ْقرَبُونَ وَلِلّنسَا ِء نَصِي ٌ‬
‫بِال ّلهِ حَسِيبًا (‪ )6‬لِل ّرجَالِ نَصِي ٌ‬
‫الْوَاِلدَانِ وَاْلأَ ْق َربُو َن مِمّا َقلّ مِ ْن ُه َأوْ َكُثرَ نَصِيبًا َم ْفرُوضًا (‪)7‬‬

‫‪ -4‬وأعطوا النساء مهورهن عطية خالصة ‪ ،‬وليس لكم حق ف شئ من هذه الهور ‪،‬‬
‫فإن طابت نفوسهن بالنول عن شئ من الهر فخذوه وانتفعوا به طيبا ممود العاقبة ‪.‬‬
‫‪ -5‬ول تعطوا ضعاف العقول من ل يسنون التصرف ف الال أموالم الت هى‬
‫أموالكم ‪ ،‬فإن مال اليتيم وضعيف العقل مالكم ‪ ،‬يعنيكم أمره وإصلحه حت ل يضيع‬
‫الال ‪ ،‬فقد جعله ال قوام الياة ‪ ،‬وأعطوهم من ثراتا النصيب الذى يتاجون إليه ف‬
‫الطعام ‪ ،‬واكسوهم وعاملوهم بالسن ‪ ،‬وقولوا لم ‪ :‬قولً يرضيهم ول يؤذيهم ول‬
‫يذلّهم ‪.‬‬
‫‪ -6‬واختبوا عقول اليتامى وتبينوا أحوالم ومعرفتهم بالتصرف قبل البلوغ ‪ ،‬حت إذا‬
‫أصبحوا صالي للزواج وتبينتم رشدهم وسدادهم فادفعوا إليهم أموالم ‪ ،‬ول‬
‫تأكلوها مسرفي مستعجلي النتفاع با قبل أن يبلغوا وتُردّ إليهم ‪ .‬ومن كان من‬
‫الوصياء عليهم غنيا فليتعفف عن أموال اليتامى ‪ ،‬ومن كان فقيا فليكتف بقدر ما‬
‫يكفيه ُعرْفا ‪ ،‬فإذا سلمتموهم أموالم فأشهدوا عليهم ‪ ،‬وال من ورائكم هو الحاسب‬
‫والراقب ‪ ،‬وكفى به حسيبا ومراقبا ‪.‬‬
‫‪ -7‬للرجال نصيب من الموال الت يتركها الوالدان والقربون ‪ -‬مياثا ‪ -‬وللنساء‬
‫أيضا نصيب ما ترك هؤلء دون منع أو بس ‪ ،‬وهذه النصبة الثابتة مفروضة ومقدرة‬
‫ت الموال أو كثرت ‪.‬‬
‫سواء قَلّ ْ‬

‫‪123‬‬
‫ي فَارْ ُزقُو ُهمْ مِ ْن ُه َوقُولُوا َلهُ ْم َقوْلًا‬
‫ض َر الْ ِقسْ َم َة أُولُو اْل ُقرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْ َمسَاكِ ُ‬
‫وَِإذَا حَ َ‬
‫ضعَافًا خَافُوا عَلَ ْي ِهمْ فَلْيَّتقُوا ال ّلهَ‬
‫ش الّذِينَ َلوْ تَرَكُوا ِم ْن خَ ْلفِ ِه ْم ذُ ّريّةً ِ‬
‫خ َ‬
‫َمعْرُوفًا (‪ )8‬وَلْيَ ْ‬
‫وَلَْيقُولُوا َق ْولًا َسدِيدًا (‪ )9‬إِ ّن اّلذِي َن يَأْكُلُو َن َأمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا ِإنّمَا يَأْكُلُو َن فِي‬
‫بُطُوِن ِهمْ نَارًا وَسَيَصْ َلوْ َن سَعِيًا (‪ )10‬يُوصِي ُكمُ ال ّل ُه فِي َأ ْولَادِ ُكمْ لِلذّ َك ِر مِ ْثلُ حَظّ‬
‫الُْأنْثَيَ ْينِ َفإِنْ ُك ّن ِنسَا ًء َفوْقَ اثْنَتَ ْي ِن فَ َل ُهنّ ثُلُثَا مَا َترَ َك َوإِنْ كَانَتْ وَاحِ َد ًة فَ َلهَا النّصْفُ‬
‫سدُسُ مِمّا َترَ َك إِنْ كَا َن َلهُ َوَلدٌ َفإِ ْن َلمْ َي ُكنْ َل ُه وََل ٌد وَوَ ِرَثهُ‬
‫وَِلَأبَ َوْيهِ ِل ُكلّ وَاحِ ٍد مِ ْنهُمَا ال ّ‬
‫س ِمنْ َب ْعدِ وَصِّي ٍة يُوصِي ِبهَا َأ ْو َديْنٍ‬
‫ث َفإِنْ كَا َن َلهُ ِإخْ َو ٌة فَ ِلُأمّ ِه السّدُ ُ‬
‫َأبَوَاهُ فَ ِلُأ ّمهِ الثّلُ ُ‬
‫ضةً ِمنَ ال ّل ِه إِ ّن اللّهَ كَانَ عَلِيمًا‬
‫َآبَاؤُكُ ْم َوأَبْنَاؤُ ُكمْ لَا تَدْرُو َن َأيّ ُه ْم َأقْ َربُ َل ُكمْ َن ْفعًا َفرِي َ‬
‫حَكِيمًا (‪)11‬‬

‫‪ -8‬وإذا حضر قسمة التركة بعض القارب الذين ل يرثون من اليتامى والساكي‬
‫فأكرموهم بإعطائهم شيئا من هذه التركة تطييبا لنفوسهم ‪ ،‬ونزعا للحسد من‬
‫قلوبم ‪ ،‬ويسن أن يشفع هذا العطاء بلي القول وحسن العتذار ‪.‬‬
‫‪ -9‬وعلى الناس أل يظلموا اليتامى ‪ ،‬وليخافوا على ذريتهم الضعاف أن ينالم من‬
‫الظلم ما يفعلونه مع اليتامى ‪ ،‬وليتقوا ال فيهم ‪ ،‬وليقولوا قولً مسددا نو الق ‪ ،‬غي‬
‫ظال لحد ‪.‬‬
‫‪ -10‬إن الذين يظلمون اليتامى بأخذ أموالم ف غي حق ‪ ،‬إنا يأكلون ما يؤدى بم‬
‫إل النار ‪ ،‬فسيعذبون يوم القيامة بنار شديدة اليلم ‪.‬‬
‫‪ -11‬يأمركم ال ف شأن توريث أولدكم وأبويكم ‪ -‬إذا مُتّم ‪ -‬با يقق العدل‬
‫والصلح وذلك بأن يكون للذكر مثل نصيب النثيي إذا كان الولد ذكورا وإناثا‬
‫‪ .‬فإن كان جيع الولد إناثا يزيد عددهن على اثنتي فلهن الثلثان من التركة ‪ .‬ويفهم‬
‫من مضمون الية أن الثنتي نصيبهما كنصيب الكثر من اثنتي ‪ .‬وإن ترك بنتا واحدة‬
‫فلها نصف ما ترك ‪ .‬وإن ترك أبا وأما فلكل منهما السدس إن كان له ولد معهما ‪-‬‬
‫ولد ذكر أو أنثى ‪ -‬فإن ل يكن له ولد وورثه أبواه فقط فلمه الثلث والباقى للب ‪.‬‬
‫فإن كان له إخوة فلمه السدس والباقى للب ول شئ للخوة ‪ُ .‬تعْطَى هذه النصبة‬

‫‪124‬‬
‫لستحقيها بعد أداء ما يكون عليه من دين ‪ ،‬وتنفيذ ما وصّى به ف حدود ما أجازه‬
‫الشارع ‪ .‬هذا حكم ال فإنه عدل وحكمة ‪ ،‬وأنتم ل تدرون القرب لكم نفعا من‬
‫الباء والبناء ‪ ،‬والي فيما أمر ال ‪ ،‬فهو العليم بصالكم ‪ ،‬الكيم فيما فرض لكم ‪.‬‬

‫ف مَا َترَ َك أَ ْزوَا ُجكُ ْم إِ ْن َلمْ َي ُكنْ َل ُه ّن وََل ٌد َفإِنْ كَا َن َل ُه ّن وََل ٌد فَلَ ُك ُم ال ّربُ ُع مِمّا‬
‫وََل ُكمْ نِصْ ُ‬
‫ي ِبهَا َأوْ َدْينٍ َوَل ُهنّ الرّبُ ُع مِمّا َترَكُْت ْم إِنْ لَ ْم َيكُ ْن َلكُ ْم َولَدٌ‬
‫صَ‬‫َترَ ْكنَ ِم ْن بَ ْع ِد وَصِّيةٍ يُو ِ‬
‫َفإِنْ كَانَ َل ُكمْ َوَلدٌ فَ َل ُه ّن الثّ ُمنُ مِمّا َترَكُْتمْ مِ ْن َب ْعدِ وَصِّي ٍة تُوصُونَ ِبهَا َأ ْو َديْ ٍن َوإِنْ كَانَ‬
‫سدُسُ َفإِنْ كَانُوا‬
‫َر ُجلٌ يُو َرثُ كَلَاَلةً أَ ِو امْ َرَأ ٌة وََل ُه أَخٌ أَ ْو ُأخْتٌ فَ ِل ُك ّل وَاحِ ٍد مِ ْنهُمَا ال ّ‬
‫ث ِمنْ َب ْعدِ وَصِّيةٍ يُوصَى ِبهَا أَ ْو َدْينٍ غَ ْيرَ مُضَارّ‬
‫ك َف ُهمْ ُشرَكَا ُء فِي الثّلُ ِ‬
‫أَكَْثرَ ِم ْن َذلِ َ‬
‫وَصِّيةً ِم َن ال ّلهِ وَاللّهُ عَلِي ٌم حَلِيمٌ (‪ )12‬تِ ْلكَ حُدُودُ ال ّلهِ َو َمنْ يُ ِط ِع اللّ َه وَ َرسُوَلهُ ُيدْخِ ْلهُ‬
‫ك الْ َفوْزُ اْلعَظِيمُ (‪)13‬‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأنْهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َو َذلِ َ‬
‫جَنّاتٍ تَ ْ‬

‫‪ -12‬للزوج نصف ما تركت الزوجة إن ل يكن لا ولد منه أو من غيه فإن كان لا‬
‫ولد فلزوجها الربع من بعد وصية تُوصِى با أو دين ‪ .‬وللزوجة ‪ -‬واحدة أو متعددة ‪-‬‬
‫الربع ما ترك الزوج إن ل يكن له منها أو من غيها ولد ‪ ،‬فإن كان له منهن أو من‬
‫غيهن فللزوجة أو الزوجات الثمن من بعد وصية يُوصى با أو دين ‪ ،‬وولد البن‬
‫ل أو امرأة ول ولد له ول والد وترك أخا لم‬
‫كالولد فيما تقدم ‪ .‬وإن كان اليت رج ً‬
‫أو أختا لم فلكل واحد منهما السدس ‪ ،‬فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء ف‬
‫الثلث يستوى ف ذلك ذَ َكرُهم وأنثاهم بقتضى الشركة من بعد أداء الديون الت عليه‬
‫وتنفيذ الوصية الت ل تضر بالورثة ‪ ،‬وهى الت ل تتجاوز ثلث الباقى بعد الدين ‪،‬‬
‫فالزموا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬ما وصاكم ال به ‪ ،‬فإنه عليم بن جار أو عدل منكم ‪،‬‬
‫حليم ل يعاجل الائر بعقوبة ‪.‬‬
‫‪ -13‬تلك الحكام الذكورة ف بيان الواريث وما سبقها ‪ ،‬شرائع ال الت حدّدها‬
‫لعباده ليعملوا با ول يتعدوها ‪ ،‬ومن يطع ال ورسوله فيما حكم به كان جزاؤه النة‬
‫الت ترى فيها النار خالدا فيها وذلك الفوز العظيم ‪.‬‬

‫‪125‬‬
‫ب ُمهِيٌ (‪)14‬‬
‫وَ َم ْن َيعْصِ ال ّلهَ وَ َرسُوَل ُه وَيََت َعدّ ُحدُو َد ُه ُيدْخِ ْل ُه نَارًا خَاِلدًا فِيهَا َوَلهُ َعذَا ٌ‬
‫شهِدُوا َعلَ ْي ِهنّ أَ ْرَب َعةً مِ ْن ُكمْ َفإِ ْن َشهِدُوا‬
‫ي اْلفَا ِحشَ َة ِمنْ ِنسَائِ ُكمْ فَاسَْت ْ‬
‫وَاللّاتِي يَ ْأتِ َ‬
‫ج َعلَ ال ّلهُ َل ُه ّن سَبِيلًا (‪)15‬‬
‫سكُو ُهنّ فِي الْبُيُوتِ حَتّى يََت َوفّا ُهنّ الْ َم ْوتُ َأ ْو يَ ْ‬
‫َفأَ ْم ِ‬

‫‪ -14‬ومن يعص ال ورسوله ويتعد حدود ما شرعه مستبيحا ذلك التعدى ‪ ،‬يزه نارا‬
‫ملدا فيها ‪ ،‬يعذب با بدنه ‪ ،‬إل جانب عذاب مهي تتأل به روحه ‪.‬‬
‫‪ -15‬واللتى يأتي الزنا من النساء إن شهد عليهن أربعة من الرجال العادلي يسكن‬
‫ف البيوت مافظة عليهم ودفعا للفساد والشر حت يأتيهن الوت أو يفتح ال لن طريقا‬
‫للحياة الستقيمة بالزواج والتوبة ‪.‬‬

‫وَال ّلذَانِ َي ْأتِيَاِنهَا مِ ْن ُكمْ َف َآذُوهُمَا َفإِنْ تَابَا َوأَصْلَحَا َفأَ ْعرِضُوا عَ ْن ُهمَا إِ ّن ال ّلهَ كَانَ َتوّابًا‬
‫جهَالَ ٍة ُثمّ يَتُوبُو َن ِم ْن َقرِيبٍ‬
‫َرحِيمًا (‪ِ )16‬إنّمَا الّت ْوبَةُ عَلَى ال ّلهِ لِ ّلذِينَ َيعْمَلُو َن السّو َء بِ َ‬
‫ت الّتوَْب ُة لِ ّلذِينَ يَعْمَلُونَ‬
‫ب ال ّلهُ َعلَ ْي ِهمْ وَكَا َن اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (‪ )17‬وَلَ ْيسَ ِ‬
‫ك يَتُو ُ‬
‫َفأُولَئِ َ‬
‫ت اْلآَنَ َولَا اّلذِي َن يَمُوتُو َن َوهُمْ‬
‫ت قَا َل ِإنّي تُبْ ُ‬
‫السّيّئَاتِ حَتّى ِإذَا حَضَ َر َأحَ َد ُهمُ الْ َموْ ُ‬
‫ح ّل َل ُكمْ أَ ْن َت ِرثُوا‬
‫ك أَعَْت ْدنَا َل ُهمْ َعذَابًا َألِيمًا (‪ )18‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا يَ ِ‬
‫ُكفّارٌ أُولَئِ َ‬
‫شةٍ مُبَيَّنةٍ‬
‫ي ِبفَا ِح َ‬
‫ض مَا َآتَيْتُمُوهُ ّن ِإلّا أَ ْن َيأْتِ َ‬
‫النّسَاءَ َك ْرهًا َولَا َتعْضُلُوهُ ّن لَِتذْهَبُوا بَِبعْ ِ‬
‫جعَ َل ال ّلهُ فِي ِه خَ ْيرًا‬
‫ف َفإِنْ َك ِرهْتُمُو ُه ّن َف َعسَى أَنْ تَ ْك َرهُوا شَيْئًا َويَ ْ‬
‫وَعَا ِشرُو ُه ّن بِالْ َم ْعرُو ِ‬
‫كَثِيًا (‪)19‬‬

‫‪ -16‬والرجل والرأة اللذان يزنيان وها غي متزوجي فلهما عقوبة مدودة ‪ -‬إذا ثبت‬
‫الزنا بشهادة شهود أربعة عدول ‪ -‬فإن تابا بعد العقوبة فل تذكّروها با ارتكبا ول‬
‫تعيّروها به ‪ ،‬إن ال يقبل برحته توبة التائبي ‪.‬‬
‫‪ -17‬إنا يقبل ال التوبة من الذين يرتكبون العاصى والذنوب بهل منهم لعاقبتها ‪ ،‬ث‬
‫يبادرون بالتوبة قبل حضور الوت ‪ ،‬فهؤلء يقبل ال توبتهم وهو عليم ل يفى عليه‬
‫صدق التوبة ‪ ،‬حكيم ل يطئ ف تقدير الحكام والمور ‪.‬‬
‫‪ -18‬وليس قبول التوبة للذين يرتكبون الذنوب ويستمرون ف مارستها ول يبادرون‬

‫‪126‬‬
‫بالقلع عنها والندم عليها ‪ ،‬إل أن يضر أحدهم الوت فيقول ‪ :‬إن أعلن الندم‬
‫والتوبة الن ‪ ،‬كما ل تقبل التوبة من الذين يوتون على الكفر ‪ ،‬وقد أعد ال للفريقي‬
‫عذابا أليما ف دار الزاء ‪.‬‬
‫‪ -19‬يا أيها الذين آمنوا ل يوز لكم أن تعلوا النساء كالتاع ‪ ،‬فترثوهن زوجات‬
‫لكم من غي صداق ‪ ،‬وهن كارهات ‪ ،‬ول تظلموهن بالتضييق عليهن لينلن عن بعض‬
‫ما آتيتموهن من مهور ‪ ،‬ول تضيقوا عليهن لتستردوا بعض ما آتيتموهن من مال إل‬
‫أن يرتكب إثا بينا بنشوز أو سوء خلق أو فجور ‪ ،‬فلكم أن تضيّقوا عليهن أو تأخذوا‬
‫بعض ما آتيتموهن عند الفراق ‪ ،‬وعليكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أن تسنوا عشرة نسائكم‬
‫ل فإن كرهتموهن لعيب ف الَلْق أو الُلُق أو غيها فاصبوا ول تتعجلوا‬
‫قولً وعم ً‬
‫فراقهن فعسى أن يعل ال ف الكروه لكم خيا كثيا ‪ ،‬وعلم المور كلها عند ال ‪.‬‬

‫وَإِ ْن أَ َر ْدُتمُ اسْتِ ْبدَالَ َزوْجٍ َمكَانَ َزوْجٍ وَ َآتَيُْتمْ ِإحْدَاهُ ّن قِنْطَارًا فَلَا َت ْأخُذُوا مِ ْنهُ شَيْئًا‬
‫ضكُ ْم ِإلَى َبعْضٍ‬
‫ف تَ ْأ ُخذُوَنهُ َو َقدْ َأفْضَى َبعْ ُ‬
‫َأتَ ْأخُذُونَ ُه ُبهْتَانًا َوِإثْمًا مُبِينًا (‪ )20‬وَكَيْ َ‬
‫وََأ َخذْنَ مِ ْن ُكمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (‪ )21‬وَلَا تَنْكِحُوا مَا َنكَحَ َآبَاؤُكُ ْم ِمنَ الّنسَا ِء ِإلّا مَا َقدْ‬
‫سَلَفَ ِإّنهُ كَانَ فَا ِحشَ ًة َومَقْتًا وَسَا َء سَبِيلًا (‪)22‬‬

‫‪ -20‬وإن أردت أن تستبدلوا زوجة مكان أخرى وكنتم قد أعطيتم من تريدون طلقها‬
‫مالً كثيا فل ي ّل لكم أن تأخذوا منه شيئا ‪ ،‬أتأخذونه على وجه البطلن والث البي؟‬
‫‪.‬‬
‫‪ -21‬وكيف يسوغ لكم أن تستردوا ما أعطيتم من مهر وقد امتزج بعضكم ببعض‬
‫وأخذن منكم عقدا قويا موثقا أحل ال به العشرة الزوجية ‪.‬‬
‫‪ -22‬ول تتزوجوا ‪ -‬أيها البناء ‪ -‬ما تزوج آباؤكم من النساء ‪ ،‬إنه كان أمرا فاحش‬
‫القبح ‪ ،‬يقته ال والناس ‪ ،‬وهو أسوأ سبيل ومقصد ‪ ،‬وأن ال يعفو عما قد سلف‬
‫منكم ف زمن الاهلية ‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫خ َوبَنَاتُ‬
‫حُ ّرمَتْ عَلَ ْي ُك ْم ُأمّهَاتُ ُكمْ َوبَنَاتُ ُكمْ َوَأخَوَاُت ُكمْ وَعَمّاُتكُ ْم َوخَالَاُتكُ ْم َوبَنَاتُ اْلأَ ِ‬
‫ت ِنسَاِئكُ ْم وَ َربَائُِبكُمُ‬
‫ضعَْن ُكمْ َوَأخَوَاُت ُكمْ ِم َن الرّضَا َع ِة َوأُ ّمهَا ُ‬
‫الُْأخْتِ وَُأ ّمهَاُتكُ ُم اللّاتِي أَرْ َ‬
‫اللّاتِي فِي حُجُورِ ُك ْم ِمنْ ِنسَائِ ُكمُ اللّاتِي َدخَلْتُ ْم ِب ِهنّ َفإِ ْن َلمْ َتكُونُوا َدخَلُْتمْ ِب ِه ّن فَلَا‬
‫جُنَاحَ عَلَ ْيكُ ْم َوحَلَاِئلُ َأبْنَائِ ُكمُ اّلذِي َن ِمنْ أَصْلَاِبكُ ْم َوأَنْ َتجْ َمعُوا بَ ْينَ اْلأُخْتَ ْي ِن ِإلّا مَا َقدْ‬
‫ت َأيْمَاُنكُمْ‬
‫ت ِمنَ الّنسَا ِء ِإلّا مَا مَ َلكَ ْ‬
‫صنَا ُ‬
‫سَلَفَ إِ ّن ال ّلهَ كَانَ َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )23‬وَالْمُحْ َ‬
‫كِتَابَ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ َوأُ ِح ّل لَ ُك ْم مَا وَرَا َء َذلِ ُك ْم أَنْ تَبَْتغُوا ِبَأمْوَالِ ُكمْ مُحْصِنِيَ غَ ْيرَ‬
‫ض ًة َولَا جُنَاحَ عَلَ ْيكُ ْم فِيمَا‬
‫ي فَمَا اسْتَمَْتعُْت ْم بِ ِه مِ ْن ُهنّ َف َآتُو ُهنّ ُأجُورَ ُه ّن َفرِي َ‬
‫حَ‬‫ُمسَافِ ِ‬
‫ضةِ إِ ّن ال ّلهَ كَانَ عَلِيمًا َحكِيمًا (‪)24‬‬
‫َترَاضَيُْت ْم ِبهِ ِم ْن َبعْ ِد اْلفَرِي َ‬

‫‪َ -23‬حرّمَ ال عليكم أن تتزوجوا أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالتكم‬


‫وبنات الخ وبنات الخت وأمهاتكم اللتى أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة ‪،‬‬
‫وأمهات نسائكم ‪ ،‬والحرمات لغي النسب ‪ :‬أمهات الرضاعة ‪ ،‬والخوات من‬
‫الرضاعة ‪ ،‬وأمهات الزوجات وبنات الزوجات من غي الزواج إذا دخلتم بن ‪،‬‬
‫وزوجات أبناء الصلب ‪ ،‬والمع بي الختي ‪ ،‬وما سلف ف الاهلية فإنه معفوّ عنه ‪.‬‬
‫إن ال غفور لا سلف قبل هذا النهج ‪ ،‬رحيم بكم فيما شرع لكم ‪.‬‬
‫‪ -24‬وحرم عليكم نكاح التزوجات من النساء عامة ‪ ،‬حرائر وغي حرائر ‪ ،‬إل من‬
‫سبيتم وملكتم منهن ف حرب بينكم وبي الكفار ‪ ،‬فإن نكاحهن السابق ينفسخ بالسب‬
‫‪ ،‬فيصرن حلل لكم بعد استباء أرحامهن ‪ ،‬فالزموا ما كتب ال عليكم ف تري ما‬
‫حرم ‪ ،‬ولكم فيما عدا هؤلء الؤمنات الحرمات أن تطلبوا بأموالكم نساء تتزوجون‬
‫بن ‪ ،‬ل تقصدون الزنا أو الخادنة ‪ ،‬فأى نساء استمتعتم بن بعد الزواج منهن أحل‬
‫ال لكم الدخول بن فوفّوهن مهورهن الت قدّرت لن حقا عليكم ل تسامح فيه‬
‫تؤدونه ف موعد ‪ ،‬ول حرج عليكم فيما ت بينكم عن تراض من تنازل زوجة عن‬
‫بعض مهرها أو زيادة زوج فيه ‪ ،‬إن ال كان ول يزل مُطّلِعا على شئون العباد ‪ُ ،‬م َدبّرا‬
‫لم ف أحكام ما يصلح به أمرهم ‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫ت َأيْمَانُ ُكمْ ِمنْ‬
‫ت الْ ُمؤْمِنَاتِ فَ ِم ْن مَا مَلَكَ ْ‬
‫وَ َم ْن َلمْ َيسْتَطِ ْع مِ ْن ُكمْ َط ْولًا أَ ْن يَ ْنكِحَ الْ ُمحْصَنَا ِ‬
‫ض فَاْنكِحُو ُه ّن ِبإِذْ ِن َأهْ ِلهِنّ‬
‫ضكُ ْم ِمنْ َبعْ ٍ‬
‫فَتَيَاِت ُكمُ الْ ُم ْؤمِنَاتِ وَال ّلهُ أَعْ َل ُم ِبإِيَاِن ُكمْ َبعْ ُ‬
‫ت أَ ْخدَانٍ فَِإذَا‬
‫خذَا ِ‬
‫ت وَلَا مُتّ ِ‬
‫حصَنَاتٍ غَ ْي َر ُمسَافِحَا ٍ‬
‫وَ َآتُو ُهنّ ُأجُورَ ُه ّن بِالْ َم ْعرُوفِ مُ ْ‬
‫ت ِمنَ اْلعَذَابِ َذِلكَ لِ َمنْ‬
‫ف مَا عَلَى الْمُحْصَنَا ِ‬
‫ص ّن َفإِنْ َأتَ ْي َن ِبفَا ِحشَ ٍة َفعَلَ ْيهِ ّن نِصْ ُ‬
‫أُحْ ِ‬
‫ت مِ ْنكُ ْم َوأَنْ تَصِْبرُوا خَ ْي ٌر َلكُ ْم وَال ّلهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ُ )25‬يرِيدُ ال ّل ُه لِيُبَّينَ َل ُكمْ‬
‫َخشِيَ اْلعَنَ َ‬
‫وََي ْه ِديَ ُكمْ سَُن َن الّذِينَ ِم ْن قَبْ ِلكُ ْم َويَتُوبَ عَلَ ْي ُكمْ وَاللّهُ عَلِي ٌم َحكِيمٌ (‪ )26‬وَال ّلهُ ُيرِيدُ أَنْ‬
‫ش َهوَاتِ أَ ْن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (‪ُ )27‬يرِي ُد ال ّلهُ أَنْ‬
‫يَتُوبَ عَلَ ْي ُكمْ َوُيرِي ُد الّذِينَ يَتِّبعُونَ ال ّ‬
‫ضعِيفًا (‪)28‬‬
‫خفّفَ عَ ْن ُكمْ َوخُ ِلقَ اْلإِْنسَانُ َ‬
‫يُ َ‬

‫‪ -25‬ومن ل يستطع منكم نكاح الرائر الؤمنات فله أن يتجاوزهن إل ما يستطيع من‬
‫الملوكات الؤمنات ‪ ،‬وال أعلم بقيقة إيانكم وإخلصكم ‪ ،‬ول تستنكفوا من‬
‫نكاحهن ‪ ،‬فأنتم وهن سواء ف الدين ‪ ،‬فتزوجوهن بإذن أصحابن وأدوا إليهن‬
‫مهورهن الت تفرضونا لن حسب العهود بينكم ف حسن التعامل وتوفية الق ‪،‬‬
‫واختاروهن عفيفات ‪ ،‬فل تتاروا زانية معلنة ول خليلة ‪ ،‬فإن أتي الزنا بعد زواجهن‬
‫فعقوبتهن نصف عقوبة الرة ‪ .‬وإباحة نكاح الملوكات عند عدم القدرة جائز لن‬
‫خاف منكم الشقة الفضية إل الزنا وصبكم عن نكاح الملوكات مع العفة خي‬
‫لكم ‪ ،‬وال كثي الغفرة ‪ ،‬عظيم الرحة ‪.‬‬
‫‪ -26‬يريد ال أن يوضح لكم أصلح السبل ‪ ،‬ويدلكم على سنن النبياء والصالي ف‬
‫اللل والرام ‪ ،‬ويتوب عليكم بالرجوع بكم إل طريق طاعته ‪ ،‬وال مُطّلِع على‬
‫شئونكم ‪ ،‬مدبر ف أحكامه لا يصلح أمركم ‪.‬‬
‫‪ -27‬وال يريد أن يرجع بكم إل طاعته ‪ ،‬ويريد الذين يتّبعون ملذهم ورغباتم‬
‫الفاجرة من الكفار والعصاة أن تبعدوا عن طريق الق بعدا شديدا ‪.‬‬
‫‪ -28‬يريد ال أن يَُيسّر عليكم بتشريع ما فيه سهولة لكم ‪ ،‬وتفيف عليكم ‪ ،‬وقد‬
‫خلق ال النسان ضعيفا أمام غرائزه وميوله ‪ ،‬فيناسبه من التكاليف ما فيه يسر وسعة‬
‫‪ .‬وذلك هو ما يكلف ال عباده فضلً وتيسيا ‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َتأْكُلُوا َأ ْموَاَلكُ ْم بَيَْنكُ ْم بِالْبَا ِط ِل ِإلّا أَ ْن َتكُو َن تِجَا َرةً َع ْن َترَاضٍ‬
‫مِنْ ُك ْم وَلَا َتقْتُلُوا أَْن ُفسَ ُك ْم إِنّ ال ّلهَ كَا َن بِ ُكمْ َرحِيمًا (‪َ )29‬و َمنْ َي ْف َعلْ َذِلكَ ُع ْدوَانًا وَظُلْمًا‬
‫ف نُصْلِي ِه نَارًا وَكَا َن َذلِكَ عَلَى اللّ ِه َيسِيًا (‪ )30‬إِ ْن تَجْتَنِبُوا كَبَاِئرَ مَا تُ ْنهَوْنَ عَ ْنهُ‬
‫َفسَوْ َ‬
‫ضكُمْ‬
‫ض َل اللّ ُه ِبهِ َبعْ َ‬
‫نُ َك ّفرْ عَ ْنكُ ْم سَيّئَاتِ ُكمْ َوُندْخِ ْلكُ ْم ُمدْخَلًا َكرِيًا (‪َ )31‬ولَا تَتَمَّنوْا مَا فَ ّ‬
‫ب مِمّا اكَْتسَ ْبنَ وَاسَْألُوا ال ّلهَ ِمنْ‬
‫ب مِمّا اكَْتسَبُوا وَلِلّنسَا ِء نَصِي ٌ‬
‫عَلَى َبعْضٍ لِل ّرجَالِ نَصِي ٌ‬
‫فَضْ ِلهِ إِ ّن ال ّلهَ كَانَ بِ ُك ّل شَيْءٍ عَلِيمًا (‪ )32‬وَِل ُكلّ َجعَلْنَا َموَاِليَ مِمّا َترَ َك الْوَالِدَانِ‬
‫ت أَيْمَاُنكُ ْم َفآَتُوهُ ْم نَصِيَب ُهمْ إِ ّن ال ّلهَ كَانَ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء َشهِيدًا (‬
‫وَاْلَأقْ َربُونَ وَالّذِينَ َع َقدَ ْ‬
‫‪)33‬‬

‫‪ -29‬يا أيها الذين آمنوا ل يأخذ بعضكم مال بعض بغي الق ‪ .‬ولكن توز لكم‬
‫التجارة بالتراضى منكم ‪ ،‬ول تلكوا أنفسكم بخالفة أوامر ربكم ‪ ،‬ول ين أحدكم‬
‫على أخيه فإنا هى نفس واحدة ‪ ،‬إن ال دائم الرحة بكم ‪.‬‬
‫‪ -30‬ومن يُ ْقدِ ُم على فعل ما حرّم ال اعتداءً وتاوزا لقّه فسوف ندخله نارا يترق‬
‫فيها ‪ ،‬وكان ذلك على ال هيّنا ميسورا ‪.‬‬
‫‪ -31‬إن تبتعدوا عن الذنوب العظيمة الت ينهاكم ال عنها ننع عنكم ما دونا من‬
‫السيئات والصغائر ما دمتم باذلي جهدكم ف الستقامة ‪ ،‬وننلكم ف الدنيا والخرة‬
‫منلً فيه إحسان لكم وتكري ‪.‬‬
‫‪ -32‬ول يتطلع الرجال إل ما مَيّز ال به النساء ‪ ،‬ول النساء إل ما ميز ال به الرجال‬
‫‪ ،‬فإن لكل فريق حظا ملئما لا طبع عليه من العمل وما أضيف إليه من القوق ‪،‬‬
‫فليتجه كل إل رجاء الستزادة من فضل ال بتنمية مواهبه والستعانة على ما نيط به ‪.‬‬
‫إن ال كان عالا أت العلم بكل شئ ‪ ،‬وقد أعطى كل نوع ما يصلح له ‪.‬‬
‫‪ -33‬ولك ّل من الرجال والنساء جعلنا مستحقي لتركتهم يكونون خلفاء لم ‪ ،‬وهم‬
‫الوالدان والقربون والذين عقد التوف لم عقدا مقتضاه أن يرثوه إذا مات من غي‬
‫قرابة ‪ ،‬وينصروه إذا احتاج إل نصرتم ف مقابل ذلك ‪ ،‬فآتوا كل ذى حق حقه ول‬

‫‪130‬‬
‫تنقصوه شيئا ‪ ،‬إن ال كان رقيبا على كل شئ ‪ ،‬حاضرا معكم ‪ ،‬يشهد ما تتصرفون به‬
‫‪.‬‬

‫ضهُمْ عَلَى َبعْضٍ َوبِمَا َأنْ َفقُوا ِمنْ َأ ْموَاِلهِمْ‬


‫ض َل اللّ ُه َبعْ َ‬
‫ال ّرجَالُ قَوّامُونَ عَلَى الّنسَا ِء بِمَا فَ ّ‬
‫ظ ال ّلهُ وَاللّاتِي تَخَافُونَ ُنشُو َزهُ ّن َفعِظُو ُهنّ‬
‫ت لِ ْلغَيْبِ بِمَا َحفِ َ‬
‫ت قَانِتَاتٌ حَافِظَا ٌ‬
‫فَالصّالِحَا ُ‬
‫ض ِربُو ُهنّ َفإِ ْن أَ َطعَْن ُكمْ فَلَا تَ ْبغُوا عَلَ ْي ِه ّن سَبِيلًا إِ ّن ال ّلهَ كَانَ‬
‫جرُو ُه ّن فِي الْمَضَاجِ ِع وَا ْ‬
‫وَاهْ ُ‬
‫ق بَيِْنهِمَا فَاْبعَثُوا حَكَمًا ِمنْ َأهْ ِلهِ وَ َحكَمًا ِم ْن أَهْ ِلهَا إِنْ‬
‫عَلِيّا كَبِيًا (‪َ )34‬وإِ ْن خِفُْت ْم شِقَا َ‬
‫ُيرِيدَا إِصْلَاحًا ُي َوفّ ِق ال ّلهُ بَيَْنهُمَا إِ ّن اللّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيًا (‪ )35‬وَاعُْبدُوا اللّ َه َولَا‬
‫ي وَالْجَا ِر ذِي‬
‫ُتشْرِكُوا ِب ِه شَيْئًا َوبِاْلوَاِل َديْ ِن ِإحْسَانًا َوبِذِي الْ ُق ْربَى وَالْيَتَامَى وَالْ َمسَاكِ ِ‬
‫ت َأيْمَاُن ُكمْ إِ ّن ال ّلهَ لَا‬
‫ب وَاْبنِ السّبِيلِ َومَا مَ َلكَ ْ‬
‫ب بِالْجَنْ ِ‬
‫ب وَالصّاحِ ِ‬
‫الْ ُق ْربَى وَالْجَا ِر الْجُنُ ِ‬
‫ب َمنْ كَا َن مُخْتَالًا فَخُورًا (‪)36‬‬
‫يُحِ ّ‬

‫‪ -34‬الرجال لم حق الرعاية للنساء ‪ ،‬والقيام بشئونن با أعطاهم ال من صفات‬


‫تيئهم للقيام بذا الق ‪ ،‬وبسبب أنم هم الذين يكدّون ويكدحون لكسب الال الذى‬
‫ينفقونه على السرة ‪ ،‬فالصالات مطيعات ل ولزواجهن ‪ ،‬حافظات لكل ما يغيب‬
‫عن أزواجهن بسبب أمر ال بذا الفظ وتوفيقه لن ‪ .‬والزوجات اللتى تظهر منهن‬
‫بوادر العصيان ‪ ،‬فانصحوهن بالقول الؤثّر ‪ ،‬واعتزلوهن ف الفراش ‪ ،‬وعاقبوهن‬
‫بضرب خفيف غي مبح ول مُهي عند التمرد ‪ ،‬فإن رجعن إل طاعتكم ف أى سبيل‬
‫من هذه السبل الثلث ‪ ،‬فل تتطلبوا السبيل الت هى أشد منها بغيا عليهن ‪ ،‬إن ال‬
‫فوقكم وينتقم منكم إذا آذيتموهن أو بغيتم عليهن ‪.‬‬
‫‪ -35‬وإن حدث خلف بي الزوجي وخفتم منه حدوث انشقاق بينهما يعرضهما‬
‫للنفصال ‪ ،‬فاختاروا حكمي ‪ :‬أحدها من أهله والخر من أهلها ‪ ،‬إن يريدا إصلحا‬
‫يوفق ال بينهما ف الوصول إل ما هو خي للزوجي من معاشرة بالعروف أو تسريح‬
‫بإحسان ‪ .‬إن ال كان مطلّعا على ظواهر العباد وبواطنهم ‪.‬‬
‫‪ -36‬واعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ول تعلوا معه شريكا ف اللوهية والعبادة ‪ ،‬وأحسنوا‬
‫إل الوالدين إحسانا ل تقصي فيه ‪ ،‬وإل أقربائكم وإل اليتامى ‪ ،‬والذين افتقروا بسبب‬

‫‪131‬‬
‫عجزهم أو ذهاب الكوارث بأموالم ‪ ،‬وبالار القريب النسب والار الجنب ‪،‬‬
‫والرفيق لك ف عمل أو طريق أو جلوس ‪ ،‬والسافر الحتاج الذى ل قرار له ف بلد‬
‫معي ‪ ،‬وبا ملكتم من الرقاء فتيانا وفتيات ‪ .‬إن ال ل يب من كان متعاليا على‬
‫الناس ‪ ،‬ل تأخذه بم رحة ‪ ،‬كثي التمدح بنفسه ‪.‬‬

‫خ ِل َويَكْتُمُو َن مَا َآتَا ُهمُ ال ّلهُ مِ ْن فَضْ ِل ِه وَأَعَْت ْدنَا‬


‫الّذِينَ يَبْخَلُو َن َوَيأْ ُمرُونَ النّاسَ بِالْبُ ْ‬
‫س َولَا ُيؤْمِنُو َن بِال ّل ِه وَلَا‬
‫لِلْكَا ِفرِينَ َعذَابًا ُمهِينًا (‪ )37‬وَالّذِينَ يُ ْن ِفقُو َن َأ ْموَاَلهُمْ ِرئَا َء النّا ِ‬
‫بِالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ َو َمنْ َي ُكنِ الشّيْطَا ُن لَ ُه َقرِينًا َفسَا َء َقرِينًا (‪َ )38‬ومَاذَا عَلَ ْي ِه ْم لَوْ َآمَنُوا بِال ّلهِ‬
‫وَالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ َوَأنْ َفقُوا مِمّا رَ َز َقهُ ُم ال ّلهُ وَكَا َن اللّ ُه ِب ِهمْ عَلِيمًا (‪ )39‬إِنّ ال ّل َه لَا يَظْ ِلمُ‬
‫ف ِإذَا جِئْنَا‬
‫ك َحسََنةً يُضَا ِع ْفهَا َويُ ْؤتِ مِ ْن َل ُدنْ ُه أَ ْجرًا عَظِيمًا (‪َ )40‬فكَيْ َ‬
‫مِ ْثقَالَ ذَ ّر ٍة َوإِ ْن تَ ُ‬
‫صوُا‬
‫شهِيدٍ َوجِئْنَا ِبكَ عَلَى هَ ُؤلَا ِء شَهِيدًا (‪َ )41‬ي ْومَئِ ٍذ َيوَ ّد اّلذِينَ َك َفرُوا وَعَ َ‬
‫ِمنْ ُك ّل ُأ ّمةٍ ِب َ‬
‫ال ّرسُولَ َل ْو ُتسَوّى ِبهِ ُم اْلأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُو َن ال ّلهَ َحدِيثًا (‪)42‬‬

‫‪ -37‬أولئك الذين يضمّون إل التكب والتباهى البخل بأموالم وجهودهم عن الناس ‪،‬‬
‫ويدعون الناس إل مثل صنيعهم من البخل ‪ ،‬ويفون نعمة ال وفضله عليهم فل‬
‫ينفعون أنفسهم ول الناس بذلك ‪ ،‬وقد أعددنا للجاحدين أمثالم عذابا مؤلا مذلً ‪.‬‬
‫‪ -38‬وال ل يب الذين يبذلون الال للرياء قاصدين أن يراهم الناس فيحمدوهم‬
‫ويعظّموهم ‪ ،‬وهم غي مؤمني بال ول بيوم الزاء ‪ ،‬لنم اتبعوا الشيطان فأضلّهم ‪،‬‬
‫ومن يكن الشيطان صاحبه فبئس الصاحب ‪.‬‬
‫‪ -39‬أل قبحا لؤلء ‪ ،‬فما الذى يضرهم لو آمنوا بال واليوم الخر ‪ ،‬وبذلوا ما‬
‫آتاهم ال استجابة لذا اليان ‪ ،‬وما يقتضيه من إخلص النية ورجاء الثواب؟ ‪ .‬وال‬
‫عال كل العلم ببواطن المور وظواهرها ‪.‬‬
‫‪ -40‬إن ال ل يظلم أحدا شيئا فل ينقص من أجر عمله ول يزيد ف عذابه شيئا ‪،‬‬
‫ويضاعف للمحسن ثواب حسناته مهما قَلّت ‪ ،‬ويعطى من فضله عطاءً كبيا غي‬
‫مقابل بالسنات الت يضاعفها ‪.‬‬
‫‪ -41‬فكيف يكون حال هؤلء الباخلي والُعْرضي عمّا أمر ال به إذا جئنا يوم القيامة‬

‫‪132‬‬
‫بكل نب شهيدا على قومه ‪ ،‬وجئنا بك ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬شهيدا على قومك وفيهم‬
‫الانعون والعرضون؟ ‪.‬‬
‫‪ -42‬يوم يدث هذا ‪ ،‬يود الاحدون العرضون لو يغيبون ف الرض كما يغيب‬
‫الموات ف القبور ‪ ،‬وهم ل يستطيعون أن يفوا عن ال أى شأن من شئونم ‪ ،‬ويظهر‬
‫كل أحوالم وأعمالم ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َت ْق َربُوا الصّلَا َة وََأنُْتمْ ُسكَارَى حَتّى َتعْلَمُوا مَا َتقُولُونَ َولَا جُنُبًا ِإلّا‬
‫عَاِبرِي سَبِي ٍل حَتّى َتغَْتسِلُوا َوإِنْ كُنُْت ْم َمرْضَى َأوْ عَلَى سَ َف ٍر أَ ْو جَا َء أَ َح ٌد مِنْ ُك ْم ِمنَ‬
‫صعِيدًا طَيّبًا فَا ْمسَحُوا ِبوُجُو ِه ُكمْ‬
‫جدُوا مَاءً فَتَيَمّمُوا َ‬
‫ط أَ ْو لَا َمسُْتمُ الّنسَا َء فَ َل ْم تَ ِ‬
‫الْغَائِ ِ‬
‫وََأْيدِي ُكمْ إِ ّن ال ّلهَ كَانَ َعفُوّا َغفُورًا (‪َ )43‬أَلمْ َت َر ِإلَى الّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا ِمنَ اْلكِتَابِ‬
‫َيشَْترُو َن الضّلَاَلةَ َوُيرِيدُو َن أَنْ تَضِلّوا السّبِيلَ (‪ )44‬وَاللّ ُه أَعْ َل ُم ِبأَ ْعدَائِ ُك ْم وَ َكفَى بِال ّلهِ‬
‫وَلِيّا وَ َكفَى بِال ّل ِه نَصِيًا (‪)45‬‬

‫‪ -43‬يا أيها الذين آمنوا ل تقربوا الصلة ف الساجد حال سكركم حت تفقهوا ما‬
‫تقولون ‪ ،‬ول تدخلوا الساجد وأنتم على جنابة إل إذا كنتم عابرى الساجد عبورا‬
‫دون استقرار فيها ‪ ،‬حت تطهروا بالغتسال ‪ .‬وإن كنتم مرضى ل تستطيعون استعمال‬
‫الاء خشية زيادة الرض أو بطء البء ‪ ،‬أو مسافرين يشق عليكم وجود الاء ‪،‬‬
‫فاقصدوا التراب الطيب ‪ ،‬وكذلك إذا جاء أحد منكم من الكان العد لقضاء الاجة‬
‫أو آتيتم النساء فلم تدوا ماء تتطهرون به لفقده ‪ ،‬فاقصدوا ترابا طيبا كذلك فاضربوا‬
‫به أيديكم ‪ ،‬وامسحوا بوجوهكم وأيديكم إن ال من شأنه العفو العظيم والغفرة ‪.‬‬
‫‪ -44‬أل تعجب من أمر هؤلء الذين أوتوا حظا من العلم ما جاء ف الكتب السابقة ‪،‬‬
‫يتركون الدى ويبتغون الضللة ف شأن أنفسهم ‪ ،‬ويريدون منكم أن تبعدوا مثلهم عن‬
‫الق وهو صراط ال الستقيم؟ ‪.‬‬
‫‪ -45‬وال أعرف منكم بأعدائكم القيقيي ‪ ،‬وأخب با تنطوى عليه نفوسهم ‪ ،‬وولية‬
‫ال تميكم وتكلؤكم وتكفيكم ‪ ،‬فل تطلبوا ولية غي وليته ‪ ،‬وتكفيكم نصرته فل‬
‫تستعينوا بسواه ‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫ضعِ ِه َويَقُولُو َن سَ ِمعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْ َمعْ غَ ْيرَ‬
‫ح ّرفُونَ اْلكَ ِلمَ َع ْن َموَا ِ‬
‫ِمنَ اّلذِي َن هَادُوا يُ َ‬
‫ُمسْمَ ٍع وَرَاعِنَا لَيّا ِبَألْسِنَِت ِه ْم وَ َطعْنًا فِي الدّي ِن َولَ ْو َأنّ ُه ْم قَالُوا سَ ِمعْنَا َوأَ َطعْنَا وَاسْمَعْ‬
‫وَانْ ُظ ْرنَا َلكَا َن خَ ْيرًا َل ُهمْ َوَأقْوَ َم َوَلكِ ْن َلعََنهُ ُم اللّ ُه ِبكُ ْف ِرهِ ْم فَلَا يُ ْؤمِنُونَ ِإلّا قَلِيلًا (‪ )46‬يَا‬
‫س ُوجُوهًا‬
‫صدّقًا لِمَا َم َعكُ ْم ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن نَطْمِ َ‬
‫َأيّهَا اّلذِي َن أُوتُوا اْلكِتَابَ َآمِنُوا بِمَا َنزّلْنَا مُ َ‬
‫ت وَكَانَ َأ ْمرُ ال ّل ِه مَ ْفعُولًا (‪)47‬‬
‫ب السّبْ ِ‬
‫صحَا َ‬
‫فََن ُردّهَا عَلَى َأ ْدبَارِهَا أَ ْو نَ ْلعََنهُمْ كَمَا َلعَنّا أَ ْ‬
‫شرِكْ بِال ّلهِ َف َقدِ افَْترَى‬
‫شرَكَ بِ ِه َويَ ْغ ِفرُ مَا دُونَ َذِلكَ لِ َم ْن َيشَا ُء َومَ ْن ُي ْ‬
‫إِنّ ال ّل َه لَا َي ْغفِ ُر أَ ْن ُي ْ‬
‫سهُ ْم َبلِ ال ّل ُه ُيزَكّي َمنْ َيشَا ُء َولَا‬
‫ِإثْمًا َعظِيمًا (‪َ )48‬أَلمْ َت َر ِإلَى الّذِينَ ُيزَكّو َن أَْن ُف َ‬
‫ف َيفَْترُونَ عَلَى اللّ ِه الْ َك ِذبَ وَ َكفَى ِبهِ إِثْمًا مُبِينًا (‪)50‬‬
‫يُظْلَمُو َن فَتِيلًا (‪ )49‬انْ ُظرْ كَيْ َ‬

‫‪ -46‬من اليهود فريق يُميلون الكلم عن معناه ‪ ،‬ويقولون ف أنفسهم للنب ‪ :‬سعنا‬
‫القول وعصينا المر ‪ .‬ويقولون ‪ :‬اسع كلمنا ‪ ،‬ل سعت دعاء ‪ ،‬يدعون بذلك على‬
‫النب ويقولون ‪ :‬اسع غي مسمع ‪ .‬فاللفظ يسوقونه ومرادهم منه الدعاء عليه ‪،‬‬
‫ويوهون أن مرادهم الدعاء له ‪.‬‬
‫ويقولون ‪ :‬راعنا ‪ .‬يلوون با ألسنتهم يوهون أنم يريدون ‪ :‬انظرنا ‪ .‬فيظهرون أنم‬
‫يطلبون رعايته ويبطنون وصفه بالرعونه ‪ ،‬ويطعنون بذلك ف الدين لوصف مُبَلّغه‬
‫بالرعونة ‪.‬‬
‫ولو أنم استقاموا وقالوا ‪ :‬سعنا وأطعنا ‪ ،‬بدل قولم ‪ :‬سعنا وعصينا ‪ .‬وقالوا ‪ :‬اسع ‪،‬‬
‫دون أن يقولوا ‪ :‬غي مسمع ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬انظرنا ‪ ،‬بدل راعنا ‪ .‬لكان خيا لم ما قالوه‬
‫ل ‪ ،‬ولكن ال طردهم من رحته بإعراضهم فل تد منهم من يستجيبون‬
‫وأعدل منه سبي ً‬
‫لداعى اليان إل عددا قليلً ‪.‬‬
‫‪ -47‬يا أيها الذين أوتوا الكتاب الذى أنزله ال آمنوا با أنزلنا من القرآن على ممد‬
‫مصدقا لا معكم من قبل أن ننل بكم عقابا تنمحى به معال وجوهكم فتصي كأقفيتها‬
‫‪ .‬ل أنف فيها ول عي ول حاجب ‪ ،‬أو نطردكم من رحتنا كما طردنا الذين خالفوا‬
‫أمرنا بفعل ما نوا عنه من الصيد يوم السبت ‪ .‬وكان قضاء ال نافذا ل مرد له ‪.‬‬
‫‪ -48‬إن ال ل يغفر الشراك به ‪ ،‬ويعفو عمّا دون الشراك من الذنوب لن يشاء من‬

‫‪134‬‬
‫عباده ‪ ،‬ومن يشرك بال فقد ارتكب ‪ -‬مفتريا على ال ‪ -‬ذنبا كبيا ل يستحق معه‬
‫الغفران ‪.‬‬
‫‪ -49‬ل تعجب من هؤلء الكافرين الذين يفترون بأعمالم ‪ ،‬فنبي لم سوء عملهم‬
‫فيونه حسنا ‪ ،‬ويثنون على أنفسهم مزكي لا ‪ ،‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يعلم‬
‫البيث من الطّيّب ‪ ،‬فيزكى من يشاء ول يظلم أى إنسان مهما كان قدره ضئيلً ‪.‬‬
‫‪ -50‬كيف يتلقون على ال الكذب بذا ومثاله ‪ ،‬وكفى بالكذب على ال ذنبا‬
‫واضحا يكشف عن خبيث طويتهم ‪.‬‬

‫ت وَالطّاغُوتِ َوَيقُولُو َن لِ ّلذِينَ‬


‫َألَ ْم َترَ ِإلَى اّلذِي َن أُوتُوا نَصِيبًا ِمنَ الْكِتَابِ ُي ْؤمِنُو َن بِالْجِبْ ِ‬
‫ك الّذِينَ َلعََن ُهمُ ال ّلهُ َو َمنْ يَ ْل َعنِ‬
‫َك َفرُوا هَ ُؤلَا ِء أَ ْهدَى مِ َن اّلذِينَ َآمَنُوا سَبِيلًا (‪ )51‬أُولَئِ َ‬
‫س َنقِيًا (‬
‫ب ِمنَ الْمُ ْلكِ فَِإذًا لَا ُيؤْتُونَ النّا َ‬
‫جدَ َل ُه نَصِيًا (‪ )52‬أَ ْم َل ُهمْ نَصِي ٌ‬
‫اللّ ُه فَ َلنْ تَ ِ‬
‫سدُونَ النّاسَ عَلَى مَا َآتَاهُ ُم اللّ ُه ِمنْ فَضْ ِلهِ َف َقدْ َآتَيْنَا َآلَ ِإْبرَاهِيمَ اْلكِتَابَ‬
‫حُ‬‫‪ )53‬أَ ْم يَ ْ‬
‫صدّ َع ْنهُ وَ َكفَى‬
‫حكْ َم َة وَ َآتَيْنَا ُهمْ مُ ْلكًا عَظِيمًا (‪ )54‬فَمِ ْن ُه ْم َمنْ َآ َمنَ ِب ِه وَمِ ْن ُهمْ مَنْ َ‬
‫وَالْ ِ‬
‫ت جُلُودُ ُهمْ‬
‫ف نُصْلِيهِ ْم نَارًا ُكلّمَا نَضِجَ ْ‬
‫جهَّنمَ َسعِيًا (‪ )55‬إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا ِب َآيَاتِنَا َسوْ َ‬
‫بِ َ‬
‫ب إِ ّن اللّهَ كَانَ َعزِيزًا َحكِيمًا (‪)56‬‬
‫َبدّلْنَاهُ ْم جُلُودًا غَ ْي َرهَا لَِيذُوقُوا اْلعَذَا َ‬

‫‪ -51‬أل تعجب من أمر هؤلء الذين أوتوا حظا من علم الكتاب ُيرْضُون عبدة‬
‫الصنام والشيطان ويقولون عن الذين عبدوا الوثان ‪ :‬إنم أهدى من أهل اليان‬
‫طريقا ‪.‬‬
‫‪ -52‬أولئك الذين خذلم ال وطردهم من رحته ‪ ،‬ومن يذله ال ويطرده من رحته‬
‫فليس له من ينصره ويميه من غضب ال ‪.‬‬
‫‪ -53‬لقد حُرم هؤلء نعمة الذعان للحق ‪ ،‬كما حرموا السلطان ‪ ،‬ولو أوتوه ما‬
‫نفعوا الناس به بأى قدر ولو كان ضئيلً ‪.‬‬
‫‪ -54‬كيف يستكثر هؤلء على العرب ما آتاهم ال من فضله ببعث النب منهم ‪ ،‬مع‬
‫أن ال قد آتى إبراهيم وآله ‪ -‬وهو أبوكم وأبوهم ‪ -‬الكتاب النّل والنبوة واللك‬
‫العظيم ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫‪َ -55‬فمِن الذين ُبعِثَ فيهم إبراهيم وآله منهم َمنْ آمن بالكتاب النّل إليهم ‪ ،‬ومنهم‬
‫من أعرض عنه ‪ ،‬و َحسْبُ هؤلء العرضي عن دعوة الق جهنم تكون نارا حامية ‪.‬‬
‫‪ -56‬إن الذين جحدوا حُجَجَنَا البينات ‪ ،‬وكذّبوا النبياء ‪ ،‬سوف ندخلهم النار الت‬
‫تُ ْكوَى با جلودهم ‪ ،‬وكلما فقدت الحساس بالعذاب بدّلم ال جلودا غيها جديدة‬
‫ليستمروا ف أل العذاب ‪ ،‬إن ال تعال غالب على أمره ‪ ،‬حكيم ف فعله ‪ ،‬يعذب من‬
‫جحد به وأصرّ على ذلك حت مات ‪.‬‬

‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأنْهَا ُر خَاِلدِينَ‬


‫وَاّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ سَُن ْدخِلُ ُه ْم جَنّاتٍ تَ ْ‬
‫ج مُ َطهّ َر ٌة َونُ ْدخِ ُلهُمْ ظِلّا ظَلِيلًا (‪ )57‬إِنّ ال ّل َه َيأْ ُمرُ ُكمْ أَ ْن ُت َؤدّوا‬
‫فِيهَا َأَبدًا َلهُ ْم فِيهَا أَ ْزوَا ٌ‬
‫حكُمُوا بِاْلعَ ْدلِ إِ ّن ال ّلهَ ِنعِمّا َيعِظُ ُك ْم بِهِ‬
‫ت ِإلَى َأهْلِهَا وَِإذَا َحكَمُْت ْم بَ ْينَ النّاسِ أَ ْن تَ ْ‬
‫الَْأمَانَا ِ‬
‫إِنّ ال ّلهَ كَا َن سَمِيعًا بَصِيًا (‪ )58‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا َأطِيعُوا ال ّل َه َوأَطِيعُوا ال ّرسُولَ َوأُولِي‬
‫الَْأ ْمرِ مِ ْن ُكمْ َفإِ ْن تَنَازَعُْت ْم فِي شَيْ ٍء َف ُردّوهُ ِإلَى ال ّلهِ وَالرّسُو ِل إِنْ كُنُْت ْم تُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ‬
‫وَالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ َذِلكَ خَ ْيرٌ وََأ ْحسَ ُن َتأْوِيلًا (‪َ )59‬أَلمْ َت َر ِإلَى الّذِينَ َيزْعُمُو َن َأّنهُمْ َآمَنُوا بِمَا‬
‫ت َوقَ ْد ُأمِرُوا أَنْ‬
‫ك ُيرِيدُو َن أَنْ يَتَحَاكَمُوا ِإلَى الطّاغُو ِ‬
‫ُأنْ ِزلَ ِإلَ ْيكَ َومَا ُأْنزِ َل ِمنْ قَبْلِ َ‬
‫يَ ْك ُفرُوا بِ ِه َوُيرِيدُ الشّيْطَا ُن أَ ْن يُضِ ّلهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (‪)60‬‬

‫‪ -57‬والذين صدّقوا با جاءهم من ربم وعملوا العمال الصالة ‪ ،‬سنثيبهم على‬


‫إيانم وعملهم ‪ ،‬فندخلهم جنات ترى من تت أشجارها النار ‪ ،‬ل تنتهى حياتم‬
‫فيها أبدا ‪ ،‬لم فيها أزواج مطهرة من العيوب والدناس ‪ ،‬ونييهم حياة ناعمة ف ظل‬
‫ظليل من العيش الطيب والنعيم القيم ‪.‬‬
‫‪ -58‬إن ال يأمركم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أن توصّلوا جيع ما ائتمنتم عليه من ال أو‬
‫الناس إل أهله بالعدل ‪ ،‬فل توروا ف الكم ‪ .‬هذه موعظة من ربكم فاحرصوا‬
‫عليها ‪ ،‬فنعمت الوعظة الت يعظكم با ‪ .‬إن ال دائما سيع لا يقال ‪ ،‬بصي با يفعل ‪،‬‬
‫فيعلم من أدّى المانة ومن خان ‪ ،‬ومن حكم بالعدل أو جار فَيُجَازِى ُكلً بعمله ‪.‬‬
‫‪ -59‬يا أيها الذين صدّقوا با جاء به ممد أطيعوا ال ‪ ،‬وأطيعوا الرسول ‪ ،‬والذين‬
‫يلون أمركم من السلمي القائمي بالق والعدل والنفذين الشرع ‪ ،‬فإن تنازعتم ف‬

‫‪136‬‬
‫شئ فيما بينكم فاعرضوه على كتاب ال وعلى سنة رسوله لتعلموا حكمه ‪ ،‬فإنه أنزل‬
‫عليكم كتابه وبينه رسوله ‪ ،‬وفيه الكم فيما اختلفتم فيه ‪ ،‬وهذا مقتضى إيانكم بال‬
‫واليوم الخر ‪ ،‬وهو خي لكم ‪ ،‬لنكم تتدون به إل العدل فيما اختلفتم فيه ‪ ،‬وهو‬
‫أحسن عاقبة ‪ ،‬لنه ينع اللف الؤدّى إل التنازع والضلل ‪.‬‬
‫‪ -60‬أل تعجب ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من الذين يدّعون أنم صدّقوا با أُْنزِل عليك من‬
‫الكتاب وما ُأنْزِل من قبلك من الكتب ‪ ،‬يريدون أن يتحاكموا ف خصوماتم إل ما فيه‬
‫الضلل والفساد وحكم غي ال ‪ ،‬وقد أمرهم ال أن يحدوه ول يتحاكموا إليه ‪،‬‬
‫ويريد الشيطان أن يصدّهم عن طريق الق والدى ‪ ،‬فيضلهم عنه ضل ًل بعيدا ‪.‬‬

‫صدّونَ عَ ْنكَ‬
‫ي يَ ُ‬
‫وَِإذَا قِي َل َل ُهمْ َتعَاَلوْا ِإلَى مَا أَْن َزلَ ال ّلهُ َوِإلَى الرّسُولِ َرَأيْتَ الْمُنَا ِفقِ َ‬
‫ت َأْيدِي ِهمْ ُث ّم جَاءُو َك يَحْ ِلفُو َن بِال ّلهِ‬
‫ف ِإذَا أَصَابَ ْت ُهمْ مُصِيَب ٌة بِمَا َقدّمَ ْ‬
‫صدُودًا (‪ )61‬فَكَيْ َ‬
‫ُ‬
‫ك الّذِينَ َيعْ َلمُ ال ّل ُه مَا فِي قُلُوِبهِ ْم َفأَ ْعرِضْ عَ ْن ُهمْ‬
‫إِ ْن أَ َردْنَا إِلّا إِ ْحسَانًا َوتَ ْوفِيقًا (‪ )62‬أُولَئِ َ‬
‫ع ِبِإذْنِ‬
‫س ِهمْ َق ْولًا بَلِيغًا (‪َ )63‬ومَا أَ ْرسَلْنَا ِمنْ َرسُو ٍل ِإلّا لِيُطَا َ‬
‫وَعِ ْظ ُهمْ َو ُقلْ َل ُه ْم فِي َأنْ ُف ِ‬
‫اللّ ِه َولَ ْو َأنّ ُه ْم ِإذْ ظَلَمُوا َأْن ُفسَ ُه ْم جَاءُو َك فَاسْتَ ْغ َفرُوا ال ّل َه وَاسَْتغْ َف َر َلهُ ُم ال ّرسُو ُل لَ َو َجدُوا‬
‫ج َر بَيَْن ُهمْ ثُ ّم لَا‬
‫حكّمُوكَ فِيمَا شَ َ‬
‫اللّ َه َتوّابًا َرحِيمًا (‪ )64‬فَلَا وَ َرّبكَ لَا يُ ْؤمِنُونَ حَتّى يُ َ‬
‫ت َوُيسَلّمُوا َتسْلِيمًا (‪)65‬‬
‫س ِهمْ َح َرجًا مِمّا قَضَيْ َ‬
‫جدُوا فِي َأْنفُ ِ‬
‫يَ ِ‬

‫‪ -61‬وإذا قيل لم أقبلوا على ما أنزل ال من قرآن وشريعة ‪ ،‬وعلى رسوله ليبي لكم‬
‫‪ ،‬رأيت الذين ينافقون يُعرضون عنك إعراضا شديدا ‪.‬‬
‫‪ -62‬فكيف تكون الال إذا نزلت بم نازلة بسبب خبث نفوسهم وسوء أعمالم ‪،‬‬
‫ول يدوا ملجًأ إل إليك ‪ ،‬فجاءوك يقسمون بال بي يديك أنم ل يريدون بأقوالم‬
‫وتصرفاتم إل الحسان وطلب التوفيق ‪.‬‬
‫‪ -63‬أولئك الذين يقسمون أنم ل يريدون إل الحسان والعمل الوفق ‪ ،‬يعلم ال‬
‫حقيقة ما ف قلوبم وكذب قولم ‪ ،‬فل تلتفت إل كلمهم وادعهم إل الق بالوعظة‬
‫السنة ‪ ،‬وقل لم قولً حكيما بالغا يصل إل أعماق نفوسهم ‪.‬‬
‫‪ -64‬وما أرسلنا من رسول إل كان الشأن ف رسالته أن يطاع ‪ ،‬وأن تكون طاعته‬

‫‪137‬‬
‫بإذن من ال ‪ ،‬وأن من ينافق أو يكذب أو يالفه يكن ظالا لنفسه ‪ ،‬ولو أن هؤلء‬
‫الذين ظلموا أنفسهم رجعوا إل الدى فجاءوك وطلبوا الغفرة من ال على ما قدّموا ‪،‬‬
‫ورجوت الغفرة لم بقتضى رسالتك وما رأيت من تغي حالم ‪ ،‬لوجدوا ال سبحانه‬
‫وتعال ‪ -‬كثي القبول للتوبة رحيما بعباده ‪.‬‬
‫‪ -65‬فوربك ل ُيعَدّونَ مؤمني بالق مذعني له ‪ ،‬حت يعلوك حكما فيما يكون‬
‫بينهم من نزاع ‪ ،‬ث ل تضيق نفوسهم أى ضيق با قضيت ‪ ،‬ويذعنوا لك إذعان‬
‫الؤمني الصدّقي ‪.‬‬

‫سكُ ْم َأوِ ا ْخرُجُوا ِمنْ ِديَارِ ُكمْ مَا َفعَلُو ُه ِإلّا قَلِي ٌل مِ ْن ُهمْ‬
‫وََل ْو أَنّا كَتَبْنَا عَلَ ْي ِه ْم أَ ِن اقْتُلُوا َأنْ ُف َ‬
‫وََل ْو أَّن ُهمْ َفعَلُوا مَا يُوعَظُو َن ِب ِه لَكَا َن خَ ْيرًا َلهُ ْم َوأَ َش ّد تَثْبِيتًا (‪َ )66‬وِإذًا َلآَتَيْنَا ُهمْ ِم ْن لَ ُدنّا‬
‫صرَاطًا ُمسْتَقِيمًا (‪ )68‬وَ َم ْن يُطِ ِع ال ّلهَ وَال ّرسُو َل َفأُولَئِكَ‬
‫أَ ْجرًا عَظِيمًا (‪َ )67‬وَلهَ َديْنَا ُهمْ ِ‬
‫ي َو َحسُ َن أُولَِئكَ‬
‫شهَدَا ِء وَالصّالِحِ َ‬
‫صدّيقِيَ وَال ّ‬
‫ي وَال ّ‬
‫مَ َع الّذِينَ َأْن َعمَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِهمْ ِم َن النّبِيّ َ‬
‫ضلُ ِمنَ ال ّل ِه وَ َكفَى بِال ّلهِ عَلِيمًا (‪ )70‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا ُخذُوا‬
‫َرفِيقًا (‪َ )69‬ذِلكَ اْلفَ ْ‬
‫ت َأوِ اْنفِرُوا جَمِيعًا (‪)71‬‬
‫حِذْرَ ُك ْم فَانْ ِفرُوا ثُبَا ٍ‬

‫‪ -66‬ولو أننا فرضنا عليهم الشقة البالغة بأن أمرناهم بالهاد الستمر ‪ ،‬وأن يُعرّضوا‬
‫أنفسهم للتلف ‪ ،‬أو ينفروا من ديارهم ماهدين دائما ‪ ،‬ما أطاع إل عدد قليل ‪ ،‬ولكن‬
‫ال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬ل يكلف إل ما تتمله الطاقة ‪ ،‬ولو أنم فعلوا وقاموا بقه‬
‫لكان ف ذلك خي الدنيا والخرة لم ‪ ،‬وهو يؤدى إل تثبيت اليان ‪ ،‬والستقرار‬
‫والطمئنان ‪.‬‬
‫‪ -67‬وإذا قاموا بق التكليف اللى الذى يكون ف وسعهم ‪ ،‬لعطاهم ال على ذلك‬
‫الثواب العظيم من فضله ‪.‬‬
‫‪ -68‬ولكانوا بسبب إطاعتهم فيما يطيقون ‪ ،‬قد هداهم ال إل الطريق الستقيم الذى‬
‫ل إفراط فيه ول تفريط ‪.‬‬
‫‪ -69‬ومن يطع ال والرسول بالتسليم لمرها والرضا بكمهما ‪ ،‬فهو مع الذين أنعم‬
‫ال عليهم بالداية والتوفيق ف الدنيا والخرة من أنبيائه وأتباعهم الذين صدقوهم‬

‫‪138‬‬
‫واتبعوا مناهجهم والشهداء ف سبيل ال ‪ ،‬والصالي الذين صلحت سريرتم‬
‫وعلنيتهم ‪ ،‬وما أحسن هؤلء من رفقاء ل يشقى جليسهم ‪ ،‬ول يُ َم ّل َحدِيُثهُم ‪.‬‬
‫‪ -70‬تلك النلة العظيمة لن أطاع ال ورسوله هى الفضل الكبي من ال ‪ ،‬وهو عليم‬
‫بالعمال ومثيب عليها ‪ ،‬ويكفى الؤمن علم ال باله ‪ ،‬وهو يقوم بطاعته ويطلب‬
‫مرضاته ‪.‬‬
‫‪ -71‬يا أيها الذين آمنوا كونوا ف حذر دائم من أعدائكم ‪ ،‬وخذوا الهبة لرد كيدهم‬
‫‪ ،‬واخرجوا لقتالم جاعات متفرقة ‪ ،‬جاعة بعد جاعة ‪ ،‬أو اخرجوا لم متمعي ‪.‬‬

‫وَإِ ّن مِ ْن ُكمْ لَ َم ْن لَيُبَطَّئ ّن َفإِ ْن أَصَابَ ْت ُكمْ مُصِيَب ٌة قَا َل َقدْ َأْن َعمَ ال ّلهُ عَ َليّ ِإ ْذ َلمْ أَ ُك ْن َم َعهُمْ‬
‫ض ٌل ِمنَ ال ّلهِ لََيقُوَلنّ َكأَ ْن َلمْ َت ُكنْ بَيَْن ُكمْ َوبَيَْنهُ مَ َو ّدةٌ يَا‬
‫شَهِيدًا (‪َ )72‬ولَِئنْ أَصَاَبكُ ْم فَ ْ‬
‫شرُو َن الْحَيَاةَ‬
‫ت َمعَ ُه ْم َفأَفُو َز فَوْزًا عَظِيمًا (‪ )73‬فَلُْيقَاِتلْ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ اّلذِي َن َي ْ‬
‫لَيْتَنِي كُ ْن ُ‬
‫ف نُ ْؤتِيهِ َأ ْجرًا َعظِيمًا (‬
‫سوْ َ‬
‫ب َف َ‬
‫ال ّدنْيَا بِالْ َآ ِخ َرةِ َو َمنْ ُيقَاِت ْل فِي سَبِيلِ ال ّل ِه فَُيقَْتلْ َأوْ َيغْلِ ْ‬
‫ي ِمنَ الرّجَالِ وَالنّسَا ِء وَالْ ِولْدَانِ‬
‫ض َعفِ َ‬
‫‪ )74‬وَمَا لَ ُك ْم لَا ُتقَاتِلُو َن فِي سَبِيلِ ال ّل ِه وَالْ ُمسْتَ ْ‬
‫ك وَلِيّا‬
‫الّذِينَ َيقُولُونَ َربّنَا َأ ْخرِجْنَا مِ ْن َه ِذهِ اْل َقرَْيةِ الظّالِ ِم َأهْ ُلهَا وَا ْج َعلْ لَنَا ِمنْ َل ُدنْ َ‬
‫وَا ْجعَ ْل لَنَا ِم ْن َلدُْنكَ نَصِيًا (‪ )75‬اّلذِينَ َآمَنُوا ُيقَاتِلُو َن فِي سَبِيلِ ال ّل ِه وَاّلذِينَ َك َفرُوا‬
‫ضعِيفًا (‪)76‬‬
‫ت َفقَاتِلُوا َأوْلِيَا َء الشّيْطَانِ إِنّ كَ ْيدَ الشّيْطَانِ كَانَ َ‬
‫ُيقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطّاغُو ِ‬

‫‪ -72‬واحذروا الثبطي العوّقي ‪ ،‬فإن من يعيش معكم من يثبط عن القتال ويتخلف‬


‫عنه ‪ ،‬فإن أصابتكم نكبة ف الهاد قال ذلك الفريق التخلف شامتا ‪ :‬قد أنعم ال علىّ‬
‫إذ ل أشهد معهم هذا القتال ‪.‬‬
‫‪ -73‬وإن جاءكم فضل من ال بالنصر والفوز بغنائم القتال ‪ ،‬قال ذلك الفريق ‪-‬‬
‫متحسرا متمنيا المان ‪ -‬يا ليتن كنت معهم ف هذا القتال فأفوز بعظيم الغنائم ‪،‬‬
‫ويقول هذا القول وكأنه ل رابطة من الودة تربطه بكم ‪.‬‬
‫‪ -74‬إذا كان منكم من يعوق أو يبطئ لضعف ف إيانه ‪ ،‬أو خور ف عزيته فليقاتل ف‬
‫سبيل إعلء كلمة اللّه والق ‪ ،‬وهم الذين يبيعون الياة الدنيا طالبي الياة الخرة ‪،‬‬
‫ومن يقاتل ف سبيل إعلء كلمة اللّه والق فسينال إحدى السنيي ‪ .‬فإما أن يقتل‬

‫‪139‬‬
‫فينال فضل الستشهاد ف سبيل اللّه ‪ ،‬أو ينتصر فينال فضل الفوز ف الدنيا ‪ ،‬وهو ف‬
‫كلتا الالتي يؤتيه اللّه أجرا عظيما ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -75‬كيف يسوغ لكم أل تقاتلوا ف سبيل اللّه ‪ ،‬مع أن الستضعفي من الرجال‬
‫والنساء والذرية يستغيثون ويستنصرون ضارعي إل اللّه يقولون ‪ :‬ربنا أخرجنا من‬
‫ولية هؤلء الظالي ومكّنّا بقوتك ورحتك من أن نكون تت ولية الؤمني ‪ ،‬واجعل‬
‫لنا من عندك نصيا ينصرنا ‪.‬‬
‫‪ -76‬الذين صدّقوا بالق وأذعنوا له ‪ ،‬يقاتلون ف سبيل إعلء كلمة اللّه والعدل‬
‫والق ‪ ،‬والذين جحدوا أو عاندوا يقاتلون ف سبيل الظلم والفساد ‪ ،‬وبذلك كانوا‬
‫أولياء الشيطان ‪ ،‬ف أيها الؤمنون قاتلوهم لنم أعوان الشيطان وأنصاره واعلموا‬
‫أنكم منتصرون عليهم بتأييد اللّه ‪ ،‬لن تدبي الشيطان ‪ -‬مهما عظم فساده ‪-‬‬
‫ضعيف ‪ ،‬والغلبة للحق ‪.‬‬

‫َألَ ْم َترَ ِإلَى اّلذِي َن قِيلَ َل ُهمْ ُكفّوا َأيْ ِديَ ُك ْم وََأقِيمُوا الصّلَاةَ وَ َآتُوا الزّكَاةَ فَ َلمّا كُتِبَ عَلَ ْي ِهمُ‬
‫خشَْيةِ ال ّل ِه أَ ْو َأشَ ّد َخشَْيةً َوقَالُوا َربّنَا ِلمَ كََتبْتَ‬
‫خشَوْ َن النّاسَ َك َ‬
‫الْقِتَا ُل ِإذَا َفرِيقٌ مِ ْن ُهمْ َي ْ‬
‫ع ال ّدنْيَا قَلِي ٌل وَاْلآَ ِخ َرةُ خَ ْي ٌر لِ َم ِن اتّقَى‬
‫ب ُقلْ مَتَا ُ‬
‫عَلَيْنَا اْلقِتَالَ َل ْولَا َأخّ ْرتَنَا ِإلَى َأ َجلٍ َقرِي ٍ‬
‫ج ُمشَّيدَ ٍة َوإِنْ‬
‫وَلَا تُظْلَمُو َن فَتِيلًا (‪َ )77‬أيْنَمَا تَكُونُوا ُيدْرِ ُك ُكمُ الْ َم ْوتُ َوَلوْ كُنُْت ْم فِي بُرُو ٍ‬
‫تُصِ ْبهُ ْم َحسََنةٌ َيقُولُوا َه ِذهِ ِمنْ عِ ْن ِد ال ّلهِ َوإِ ْن تُصِ ْبهُ ْم سَيَّئةٌ َيقُولُوا َه ِذ ِه ِمنْ ِع ْندِكَ ُقلْ ُكلّ‬
‫ك ِمنْ حَسََنةٍ‬
‫ِمنْ عِ ْندِ ال ّلهِ فَمَا ِل َهؤُلَا ِء الْ َقوْ ِم لَا َيكَادُو َن َيفْ َقهُونَ َحدِيثًا (‪ )78‬مَا أَصَابَ َ‬
‫سكَ َوأَ ْرسَلْنَاكَ لِلنّاسِ َرسُولًا وَكَفَى بِال ّلهِ َشهِيدًا‬
‫ك ِمنْ سَيَّئ ٍة فَ ِمنْ نَ ْف ِ‬
‫فَ ِمنَ ال ّل ِه َومَا أَصَابَ َ‬
‫(‪)79‬‬

‫‪ -77‬أل تنظر يا ممد فتعجب إل الذين رغبوا ف القتال قبل أن يئ الذن به فقيل‬
‫لم ‪ :‬ل يأت وقت القتال ‪ ،‬فكفوا أيديكم عنه ‪ ،‬واحرصوا على إقامة الصلة وإيتاء‬
‫الزكاة ‪ ،‬فلما فرض اللّه عليهم القتال إذا طائفة منهم يافون الناس كخوف اللّه أو‬
‫أشد وقالوا مستغربي ‪ِ :‬لمَ كتبت علينا القتال؟ متوهي أن ف فرضية القتال تعجيلً‬
‫لجالم ولذلك قالوا ‪ :‬هلّ أخرتنا إل زمن قريب نستمتع فيه با ف الدنيا؟ فقل لم ‪:‬‬

‫‪140‬‬
‫تقدموا للقتال ولو أدى إل استشهادكم ‪ ،‬فمتاع الدنيا مهما عَ ُظ َم قليل بوار متاع‬
‫الخرة ‪ ،‬والخرة خي وأعظم لن اتقى اللّه وستجزون على أعمالكم ف الدنيا ول‬
‫تنقصون من الزاء شيئا مهما صغر ‪.‬‬
‫‪ -78‬إن الوت الذى َت ِفرّون منه ملقيكم أينما كنتم ‪ ،‬ولو كانت إقامتكم ف حصون‬
‫مشيدة وإن هؤلء الائرين لضعف إيانم يقولون ‪ :‬إن أصابم فوز وغنيمة هى من عند‬
‫ال ‪ ،‬وإن أصابم جدب أو هزية يقولوا لك ‪ -‬يا ممد ‪ -‬هذا من عندك وكان‬
‫بشُؤْمك ‪ .‬فقل لم ‪ :‬كل ما يصيبكم ما تبون أو تكرهون هو من تقدير اللّه ومن‬
‫عنده اختبار وابتلء ‪ ،‬فما لؤلء الضعفاء ل يدركون قولً صحيحا يتحدث به إليهم ‪.‬‬
‫‪ -79‬ما يصيبك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬من رخاء ونعمة وعافية وسلمة فمن فضل اللّه عليك‬
‫‪ ،‬يتفضل به إحسانا منه إليك ‪ ،‬وما أصابك من شدة ومشقة وأذى ومكروه فمن‬
‫نفسك بسبب تقصي أو ذنب ارتكبته ‪ .‬والطاب للنب لتصوير النفس البشرية وإن ل‬
‫يقع منه ما يستوجب السيئة ‪ ،‬وأرسلناك رسولً من عندنا للناس جيعا ‪ ،‬واللّه شهيد‬
‫على تبليغك وعلى إجابتهم ‪ ،‬وكفى به عليما ‪.‬‬

‫ع اللّ َه َومَ ْن َتوَلّى َفمَا أَ ْرسَلْنَاكَ عَلَ ْي ِه ْم حَفِيظًا (‪ )80‬وََيقُولُونَ‬


‫َمنْ يُطِعِ ال ّرسُولَ َف َقدْ َأطَا َ‬
‫ب مَا يُبَيّتُونَ‬
‫طَا َع ٌة َفِإذَا َبرَزُوا ِمنْ عِ ْندِ َك بَيّتَ طَاِئفَ ٌة مِ ْن ُهمْ َغ ْيرَ اّلذِي َتقُو ُل وَال ّل ُه يَكْتُ ُ‬
‫َفأَ ْعرِضْ عَ ْن ُهمْ َوَتوَ ّكلْ عَلَى ال ّلهِ وَ َكفَى بِال ّلهِ وَكِيلًا (‪َ )81‬أفَلَا يََت َدبّرُونَ اْل ُقرْآَ َن َولَوْ كَانَ‬
‫خوْفِ‬
‫ِمنْ عِ ْندِ غَ ْيرِ ال ّل ِه َلوَ َجدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيًا (‪ )82‬وَِإذَا جَا َء ُهمْ َأ ْمرٌ مِ َن اْلأَ ْمنِ أَ ِو الْ َ‬
‫َأذَاعُوا ِب ِه َولَوْ َردّوهُ ِإلَى الرّسُو ِل َوإِلَى أُولِي الَْأ ْمرِ مِ ْن ُه ْم َلعَلِ َمهُ اّلذِي َن َيسْتَنْبِطُوَن ُه مِ ْنهُمْ‬
‫ضلُ ال ّلهِ عَلَ ْي ُكمْ وَرَحْمَُت ُه لَاتَّبعُْتمُ الشّيْطَا َن ِإلّا قَلِيلًا (‪)83‬‬
‫وََل ْولَا فَ ْ‬

‫‪ -80‬من يطع الرسول فقد أطاع اللّه ‪ ،‬لنه ل يأمر إل با أمر اللّه به ‪ ،‬ول ينهى إل‬
‫عما نى اللّه عنه ‪ .‬فكانت طاعته ف المتثال والنتهاء طاعة للّه ‪ ،‬ومن أعرض عن‬
‫طاعتك فما أرسلناك إل بشيا ونذيرا ل حفيظا ومهيمنا عليهم ‪ ،‬تفظ عليهم أعمالم‬
‫‪ ،‬إن ذلك لنا ل لك ‪.‬‬
‫‪ -81‬ويقول هذا الفريق التردد ‪ :‬أمرك مطاع ‪ ،‬وليس لك منا إل الطاعة فيما تأمر‬

‫‪141‬‬
‫وتنهى ‪ ،‬ولكن إذا خرجوا من عندك وابتعدوا عنك دبّرت طائفة منهم أمرا وبيتته ‪،‬‬
‫غي الذى تقوله أنت لم من أمر ونى ‪ ،‬واللّه ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬يصى عليهم ما‬
‫يدبرونه ف خفاء ‪ .‬فل تلتفت إليهم ‪ ،‬وأعرض عنهم ‪ ،‬وفوض أمرك إل اللّه ‪ ،‬وتوكل‬
‫عليه ‪ ،‬وكفى أن يكون اللّه وكيلك وحافظك تفوض إليه جيع أمورك ‪.‬‬
‫‪ -82‬أفل يتدبر أولئك النافقون كتاب اللّه فيعلموا حجة اللّه عليهم ف وجوب طاعته‬
‫واتباع أمرك ‪ ،‬وأن هذا الكتاب من عند اللّه لئتلف معانيه وأحكامه ‪ ،‬وتأييد بعضه‬
‫لبعض ‪ .‬فهذا دليل على أنه من عند اللّه ‪ ،‬إذ لو كان من عند غيه لتناقضت معانيه ‪،‬‬
‫واختلفت أحكامه اختلفا كثيا ‪.‬‬
‫‪ -83‬وإذا اطّ َلعَت هذه الطائفة النافقة على أمر يتعلق بقوة السلمي أو ضعفهم أفشوه‬
‫ونشروه ‪ ،‬جاهرين به للتغرير بالسلمي أو إلقاء الرعب ف قلوبم ‪ ،‬أو توصيل أبنائهم‬
‫إل أعدائهم ‪ ،‬ولو أن هؤلء النافقي الذيعي ردوا أمر المن والوف إل الرسول وإل‬
‫أول المر من القواد وكبار الصحابة ‪ ،‬وطلبوا معرفة القيقة من جهتهم لعلم أولئك‬
‫الذين ياولون استخراج الوقائع وإذاعتها الق من جانب الرسول والقادة ‪ ،‬ولول‬
‫فضل اللّه عليكم بتثبيت قلوبكم على اليان ‪ ،‬ومنع الفتنة ‪ ،‬ورحته بتمكينكم من‬
‫أسباب الظفر والنتصار ‪ ،‬لتبع أكثركم إغواء الشيطان ‪ ،‬ول ينج من إغوائه إل القليل‬
‫‪.‬‬

‫ف َبأْسَ‬
‫ض الْ ُمؤْمِِنيَ َعسَى ال ّلهُ أَنْ َيكُ ّ‬
‫ك وَ َحرّ ِ‬
‫ف ِإلّا َن ْفسَ َ‬
‫َفقَاِتلْ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ لَا تُكَلّ ُ‬
‫شفَ ْع َشفَا َع ًة َحسَنَ ًة َيكُ ْن َلهُ‬
‫الّذِينَ َك َفرُوا وَاللّ ُه َأشَ ّد َبأْسًا َوَأشَ ّد تَ ْنكِيلًا (‪َ )84‬منْ َي ْ‬
‫شفَ ْع َشفَا َع ًة سَيَّئةً َي ُكنْ َلهُ ِك ْفلٌ مِ ْنهَا وَكَا َن ال ّلهُ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء ُمقِيتًا‬
‫ب مِ ْنهَا َو َمنْ َي ْ‬
‫نَصِي ٌ‬
‫(‪ )85‬وَِإذَا حُيّيُت ْم بِتَحِّي ٍة فَحَيّوا بَِأ ْحسَ َن مِ ْنهَا َأوْ ُردّوهَا إِ ّن ال ّلهَ كَانَ عَلَى ُك ّل شَيْءٍ‬
‫ق ِمنَ‬
‫صدَ ُ‬
‫ب فِيهِ َو َمنْ أَ ْ‬
‫َحسِيبًا (‪ )86‬اللّ ُه لَا ِإَلهَ ِإلّا ُه َو لَيَجْ َمعَّن ُكمْ ِإلَى َيوْ ِم الْقِيَامَ ِة لَا َريْ َ‬
‫س ُه ْم بِمَا َكسَبُوا َأتُرِيدُو َن أَنْ‬
‫ي فِئَتَ ْينِ وَال ّلهُ أَرْ َك َ‬
‫اللّ ِه َحدِيثًا (‪ )87‬فَمَا َلكُ ْم فِي الْمُنَا ِفقِ َ‬
‫ج َد َلهُ سَبِيلًا (‪)88‬‬
‫ضلّ ال ّل ُه وَ َم ْن يُضْ ِللِ ال ّلهُ فَ َلنْ تَ ِ‬
‫َتهْدُوا َم ْن أَ َ‬

‫‪142‬‬
‫‪ -84‬وإذا كان بينكم أمثال هؤلء النافقي فأعرض عنهم ‪ ،‬وقَاتِل ف سبيل كلمة اللّه‬
‫والق ‪ ،‬فلست مسئولً إل عن نفسك ‪ ،‬ث ادع الؤمني إل القتال وحُثّهم عليه ‪ ،‬لعل‬
‫اللّه يدفع بك وبم شدة الكافرين ‪ ،‬واللّه مؤيدكم وناصركم ‪ ،‬وهو أشد قوة وأشد‬
‫تنكيلً بالكافرين ‪.‬‬
‫‪ -85‬وإن هؤلء النافقي يناصرون الفساد ‪ ،‬وأهل اليان يناصرون الق ‪ ،‬ومن‬
‫يناصر ف أمر حسن يكن له نصيب من ثوابه ‪ ،‬ومن يناصر أهل السوء يكن عليه وزر‬
‫من عقابه ‪ ،‬واللّه مقتدر على كل شئ ميط به ‪.‬‬
‫‪ -86‬وإذا حياكم أحد ‪ -‬أيا كان ‪ -‬بتحية من سلم أو دعاء أو تكري أو غيه ‪،‬‬
‫فردوا عليه بأحسن منها أو بثلها ‪ ،‬فإن اللّه ماسب على كل شئ كبيا كان أو صغيا‬
‫‪.‬‬
‫‪ -87‬اللّه الذى ل إله إل هو ول سلطان لغيه ‪ ،‬سيبعثكم حتما من بعد ماتكم ‪،‬‬
‫وليحشرنكم إل موقف الساب ل شك ف ذلك ‪ .‬وهو يقول ذلك فل تشكوا ف‬
‫حديثه ‪ ،‬وأى قول أصدق من قول اللّه ‪.‬‬
‫‪ -88‬ما كان يسوغ لكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أن تتلفوا ف شأن النافقي الذين‬
‫يُ ْظهِرون السلم ويُبْطِنون الكفر ‪ ،‬وما يسوغ لكم أن تتلفوا ف شأنم ‪ :‬أهم مؤمنون‬
‫أم كافرون؟ ويقتلون أم ينظرون؟ وهم قابلون لن يكونوا مهتدين أم ل ترجى منهم‬
‫هداية؟ إنم قلبت مداركهم با اكتسبوا من أعمال ‪ ،‬جعلت الشر يتحكم فيهم وما‬
‫كان لكم أن تتوقعوا هداية من قَدّر اللّه ف علمه الزل أنه لن يهتدى ‪ ،‬فإن من يكتب‬
‫ف علم اللّه الزل ضلله ‪ ،‬فلن تدوا طريقا لدايته ‪.‬‬

‫خذُوا مِ ْنهُ ْم َأوْلِيَا َء حَتّى ُيهَا ِجرُوا فِي‬


‫َودّوا َل ْو تَ ْك ُفرُونَ َكمَا َكفَرُوا فََتكُونُو َن سَوَا ًء فَلَا تَتّ ِ‬
‫خذُوا مِ ْن ُهمْ َولِيّا َولَا‬
‫ث َوجَ ْدتُمُو ُه ْم وَلَا تَتّ ِ‬
‫خذُوهُ ْم وَاقْتُلُو ُهمْ حَيْ ُ‬
‫سَبِيلِ ال ّلهِ َفإِ ْن َتوَّلوْا فَ ُ‬
‫صرَتْ‬
‫ق أَ ْو جَاءُو ُكمْ حَ ِ‬
‫نَصِيًا (‪ِ )89‬إلّا الّذِينَ يَصِلُو َن ِإلَى َقوْ ٍم بَيَْنكُ ْم َوبَيْنَ ُه ْم مِيثَا ٌ‬
‫صدُو ُرهُ ْم أَ ْن ُيقَاتِلُوكُ ْم َأوْ ُيقَاتِلُوا َق ْو َمهُ ْم َولَ ْو شَا َء ال ّل ُه َلسَلّ َطهُمْ عَلَ ْي ُك ْم فَ َلقَاتَلُوكُ ْم َفإِنِ‬
‫ُ‬
‫اعَْت َزلُو ُك ْم فَ َلمْ ُيقَاتِلُو ُكمْ وََأْلقَوْا ِإلَ ْي ُكمُ السّ َلمَ فَمَا َجعَ َل ال ّلهُ َلكُمْ عَ َل ْيهِ ْم سَبِيلًا (‪)90‬‬

‫‪143‬‬
‫جدُونَ َآخَرِينَ ُيرِيدُو َن أَ ْن َيأْمَنُو ُكمْ َوَي ْأمَنُوا َق ْو َمهُمْ ُك ّل مَا ُردّوا إِلَى اْلفِتَْنةِ أُرْ ِكسُوا‬
‫سَتَ ِ‬
‫خذُو ُهمْ وَاقْتُلُو ُهمْ حَيْثُ‬
‫فِيهَا َفإِ ْن َلمْ َيعَْتزِلُو ُكمْ َويُ ْلقُوا ِإلَيْ ُكمُ السّ َلمَ َوَيكُفّوا َأْيدَِي ُهمْ َف ُ‬
‫َثقِفْتُمُوهُ ْم َوأُولَِئكُ ْم َجعَلْنَا َلكُمْ عَلَ ْي ِه ْم سُلْطَانًا مُبِينًا (‪)91‬‬

‫‪ -89‬إنكم تودّون هداية هؤلء النافقي ‪ ،‬وهم يودون أن تكفروا مثلهم فتكونوا‬
‫متساوين ف الكفر معهم ‪ ،‬وإذا كانوا كذلك فل تتخذوا منهم نصراء لكم ‪ ،‬ول‬
‫تعتبوهم منكم ‪ ،‬حت يرجوا مهاجرين وماهدين ف سبيل السلم ‪ .‬وبذلك تزول‬
‫عنهم صفة النفاق ‪ ،‬فإن أعرضوا عن ذلك وانضموا إل أعدائكم فاقتلوهم حيث‬
‫وجدتوهم ول تعتبوهم منكم ول تتخذوا منهم نصراء ‪.‬‬
‫‪ -90‬استثن من النافقي الذين يستحقون القتل لفسادهم لماعة الؤمني أولئك‬
‫الذين يرتبطون بقوم بينهم وبي الؤمني ميثاق ينع قتل النتمي لحد الفريقي ‪ ،‬أو‬
‫كانوا ف حية أيقاتلون مع قومهم الذين هم أعداء السلمي ‪ ،‬وليس ثة ميثاق ‪ ،‬أم‬
‫يقاتلون مع الؤمني؟ فإن الولي ينع قتلهم لجل اليثاق ‪ ،‬والخرين ينع قتلهم لنم‬
‫ف حرج ‪ ،‬وإن اللّه ‪ -‬تعال ‪ -‬لو شاء لعلهم ياربونكم ‪ ،‬فإن آثروا الوقف السلب‬
‫وسالوكم فل يسوغ لكم أن تقتلوهم ‪ ،‬لنه ل مسوغ لذلك ‪.‬‬
‫‪ -91‬فإن ظهرت على الشرك كانوا معكم ‪ ،‬وإن ظهر الشركون على السلم كانوا‬
‫مع الشركي ‪ ،‬فهم يريدون أن يأمنوا السلمي ويأمنوا قومهم من الشركي ‪ ،‬وهؤلء‬
‫ف ضلل مستمر ونفاق ‪ ،‬فإن ل يكفوا عن قتالكم ويعلنوكم بالمن والسلم فاقتلوهم‬
‫حيث وجدتوهم ‪ ،‬لنم بعدم امتناعهم عن القتال قد مكنوا الؤمني من قتلهم ‪،‬‬
‫وجعل اللّه ‪ -‬تعال ‪ -‬للمؤمني حجة بيّنة ف قتالم ‪.‬‬

‫حرِيرُ َرقََبةٍ ُم ْؤمَِنةٍ َو ِديَةٌ‬


‫وَمَا كَا َن لِ ُم ْؤمِ ٍن أَ ْن َيقْتُ َل ُمؤْمِنًا ِإلّا خَ َطأً َو َمنْ قََت َل ُمؤْمِنًا خَ َطأً فَتَ ْ‬
‫حرِيرُ َرقََبةٍ‬
‫ص ّدقُوا َفإِنْ كَا َن ِمنْ َقوْمٍ َع ُد ّو لَ ُكمْ وَ ُهوَ ُم ْؤ ِمنٌ فَتَ ْ‬
‫ُمسَلّ َمةٌ ِإلَى َأهْ ِلهِ ِإلّا أَ ْن يَ ّ‬
‫حرِيرُ َرقََبةٍ مُ ْؤمَِنةٍ‬
‫ق َف ِدَيةٌ ُمسَلّ َم ٌة ِإلَى َأهْلِ ِه َوتَ ْ‬
‫مُ ْؤمَِنةٍ َوإِنْ كَا َن ِمنْ قَوْ ٍم بَيَْن ُكمْ َوبَيَْن ُهمْ مِيثَا ٌ‬
‫ج ْد فَصِيَا ُم َشهْ َرْينِ مُتَتَاِبعَ ْينِ َت ْوبَ ًة ِمنَ ال ّلهِ وَكَا َن ال ّلهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (‪)92‬‬
‫فَ َم ْن لَ ْم يَ ِ‬

‫‪144‬‬
‫‪ -92‬إن تقسيم النافقي ذلك التقسيم للحتياط ‪ ،‬حت ل ُيقْتَل مؤمن على ظن أنه‬
‫منافق ‪ ،‬لن قتل الؤمن ل يوز إل أن يقع ذلك خطأ غي مقصود ‪ ،‬وف حال قتل‬
‫الؤمن خطأ إن كان يعيش ف ولية الدولة السلمية تدفع الدية لهله تعويضا عما‬
‫فقدوه ‪ ،‬وتعتق رقبة مؤمنة ليعوض جاعة الؤمني عما فقدت ‪ ،‬لن عتق الرقبة الؤمنة‬
‫إحياء لا بالرية ‪ ،‬فكأنه يكتفى بتحرير رقبة مؤمنة ليعوض الؤمني عن فقده وإن كان‬
‫ينتمى لقوم بينهم وبي السلمي معاهدة سلم ‪ ،‬فإنه يب ترير رقبة مؤمنة ‪ ،‬وتسليم‬
‫الدية لهل القتول ‪ ،‬لنم لعهدهم ل يتخذونا ليذاء السلمي ‪ ،‬وإذا كان القاتل خطأ‬
‫ل يد رقبة مؤمنة يعتقها ‪ ،‬فإنه يصوم شهرين متتابعي ل يفطر يوما فيهما ‪ ،‬لن ذلك‬
‫يكون تذيبا لنفسه وتربية لا على الحتراس ‪ ،‬واللّه ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬عليم‬
‫بالنفوس والنيات ‪ ،‬حكيم يضع العقوبات ف مواضعها ‪.‬‬

‫ب ال ّلهُ عَلَ ْيهِ وََلعََنهُ َوأَ َع ّد لَهُ‬


‫جزَا ُؤهُ َجهَّنمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِ َ‬
‫وَ َم ْن َيقْتُ ْل ُمؤْمِنًا مَُتعَ ّمدًا فَ َ‬
‫ض َربُْتمْ فِي سَبِي ِل ال ّلهِ فَتَبَيّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِ َمنْ‬
‫َعذَابًا عَظِيمًا (‪ )93‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا ِإذَا َ‬
‫يةٌ‬
‫ض الْحَيَاةِ الدّنْيَا َفعِنْ َد ال ّلهِ َمغَاِنمُ كَثِ َ‬
‫ت ُم ْؤمِنًا تَبَْتغُونَ َعرَ َ‬
‫َألْقَى ِإلَ ْيكُ ُم السّلَا َم َلسْ َ‬
‫َك َذلِكَ كُنُْت ْم ِمنْ قَ ْب ُل فَ َم ّن ال ّلهُ َعلَ ْيكُ ْم فَتَبَيّنُوا إِ ّن ال ّلهَ كَانَ بِمَا َتعْمَلُو َن خَبِيًا (‪ )94‬لَا‬
‫ضرَ ِر وَالْمُجَا ِهدُو َن فِي سَبِي ِل اللّ ِه ِبَأمْوَاِل ِهمْ‬
‫َيسْتَوِي الْقَا ِعدُونَ ِم َن الْ ُمؤْمِنِيَ غَ ْي ُر أُولِي ال ّ‬
‫س ِهمْ عَلَى اْلقَا ِعدِينَ دَ َر َج ًة وَكُلّا وَ َع َد اللّهُ‬
‫ضلَ ال ّلهُ الْ ُمجَا ِهدِي َن ِبأَ ْموَاِل ِهمْ َوَأنْ ُف ِ‬
‫وََأْن ُفسِ ِه ْم فَ ّ‬
‫ضلَ ال ّلهُ الْمُجَا ِهدِينَ عَلَى الْقَا ِعدِي َن َأجْرًا عَظِيمًا (‪)95‬‬
‫حسْنَى َوفَ ّ‬
‫الْ ُ‬

‫ل عدوانا متعمدا مستحلً ذلك القتل ‪ ،‬يكون جزاؤه الذى‬


‫‪ -93‬إن من يقتل مؤمنا قت ً‬
‫يكافئ جريته أن يدخل جهنم ويستمر فيها ‪ ،‬ويغضب اللّه عليه ويطرده من رحته وقد‬
‫أعد اللّه له ف الخرة عذابا عظيما ‪ ،‬فإن هذه أكب جرية ف الدنيا ‪.‬‬
‫‪ -94‬الحتراس من قتل الؤمن واجب ف حال الغزو ‪ ،‬فإذا سافرت ماهدين ف سبيل‬
‫اللّه ‪ -‬تعال ‪ -‬فتعرفوا شأن الذين تقاتلونم قبل القتال ‪ ،‬أهم أسلموا أو ل يزالون‬
‫على الشرك؟ ول تقولوا لن ألقى إليكم السلم وشارة المن لست مؤمنا ‪ ،‬تريدون‬
‫بذلك الموال والغنائم ‪ ،‬بل اقبلوا منهم السلم ‪ ،‬فإن اللّه أع ّد لكم مغان كثية ‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫وأنتم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬كنتم على الكفر قبل ذلك وهداكم اللّه ‪ ،‬فتبينوا أمر الذين‬
‫تلقونم ‪ .‬وأن ال عليم علما دقيقا ل يفى عليه شئ ‪ ،‬وأنه ماسبكم بقتضى علمه ‪.‬‬
‫‪ -95‬وإن الهاد مع هذا الحتراس فضله عظيم جدا ‪ ،‬فل يستوى الذين يقعدون عن‬
‫الهاد ف منازلم والذين ياهدون بأموالم وأنفسهم ‪ ،‬فقد جعل اللّه للمجاهدين‬
‫درجة رفيعة فوق الذين قعدوا إل إذا كان القاعدون من ذوى العذار الت تنعهم من‬
‫الروج للقتال ‪ ،‬فإن عذرهم يرفع عنهم اللمة ومع أن الجاهدين لم فضل ودرجة‬
‫خاصة بم ‪ ،‬فقد وعد اللّه الفريقي النلة السن والعاقبة الطيبة ‪.‬‬

‫دَ َرجَاتٍ مِ ْن ُه َومَ ْغ ِف َرةً وَ َرحْ َمةً وَكَا َن ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )96‬إِنّ اّلذِينَ َت َوفّا ُهمُ الْمَلَائِ َكةُ‬
‫ض قَالُوا َأَلمْ َت ُكنْ أَرْضُ‬
‫ي فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ض َعفِ َ‬
‫ظَالِمِي َأْن ُفسِ ِه ْم قَالُوا فِيمَ كُنُْت ْم قَالُوا كُنّا ُمسْتَ ْ‬
‫ضعَفِيَ‬
‫اللّ ِه وَا ِسعَ ًة فَُتهَا ِجرُوا فِيهَا َفأُولَِئكَ مَ ْأوَا ُهمْ َجهَّنمُ وَسَا َءتْ مَصِيًا (‪ِ )97‬إلّا الْ ُمسْتَ ْ‬
‫ِمنَ الرّجَا ِل وَالّنسَا ِء وَاْل ِولْدَا ِن لَا َيسْتَطِيعُونَ حِيلَ ًة َولَا َيهَْتدُو َن سَبِيلًا (‪َ )98‬فأُولَِئكَ‬
‫جدْ‬
‫َعسَى ال ّل ُه أَنْ يَ ْع ُفوَ عَ ْن ُهمْ وَكَا َن اللّهُ َع ُفوّا َغفُورًا (‪ )99‬وَ َم ْن ُيهَا ِجرْ فِي سَبِي ِل ال ّلهِ يَ ِ‬
‫ج ِمنْ بَيِْت ِه ُمهَا ِجرًا ِإلَى ال ّلهِ وَ َرسُوِلهِ ُث ّم ُيدْرِ ْكهُ‬
‫خرُ ْ‬
‫فِي اْلأَرْضِ مُرَاغَمًا كَِثيًا َو َسعَ ًة َومَ ْن يَ ْ‬
‫الْمَ ْوتُ فَ َق ْد َوقَعَ أَ ْج ُرهُ عَلَى ال ّل ِه وَكَانَ ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪)100‬‬

‫‪ -96‬وهذه الدرجة الت اختص با الجاهدين درجة عظيمة رفيعة ‪ ،‬حت كأنا درجات‬
‫للتفاوت الكبي بينها وبي ما عداها ‪ ،‬وإن لم مع هذه الدرجة مغفرة كبية ورحة‬
‫واسعة ‪.‬‬
‫‪ -97‬وأن السلم عليه أن يهاجر إل الدولة السلمية ول يعيش ف ذل ‪ ،‬فإن اللئكة‬
‫تسألم ‪ :‬فيم كنتم حت ارتضيتم حياة الذل والوان؟ فيجيبون ‪ :‬كنا مستضعفي ف‬
‫الرض يذلنا غينا فتقول اللئكة ‪ :‬أل تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها بدل الذل‬
‫الذى تقيمون فيه؟ وأولئك الذين يرضون بالذل مع قدرتم على النتقال ‪ ،‬مأواهم‬
‫عذاب جهنم ‪ ،‬وأنا أسوأ مصي ‪ ،‬فالسلم ل يصح أن يعيش ف ذل ‪ ،‬بل يعيش عزيزا‬
‫كريا ‪.‬‬
‫‪ -98‬غي أنه يعفى من هذا العقاب من ل يستطيعون النتقال من الضعفاء من الرجال‬

‫‪146‬‬
‫والنساء والطفال ‪ ،‬فهؤلء ل يستطيعون حيلة ول يدون سبيل للخروج ‪.‬‬
‫‪ -99‬وأولئك يُرجى عفو ال عنهم ‪ ،‬وال ‪ -‬تعال ‪ -‬من شأنه العفو والغفران ‪.‬‬
‫‪ -100‬ومن يهاجر طالبا بجرته مناصرة الق وتأييده ‪ ،‬يد ف الرض الت يسي فيها‬
‫مواضع كثية يرغم با أنف أعداء الق ‪ ،‬ويد سعة الرية والقامة العزيزة ‪ ،‬وله‬
‫بذلك الثواب والجر العظيم ‪ ،‬ومن يرج من بيته مهاجرا إل موطن الدولة العزيزة‬
‫الت هى دولة ال ورسوله ‪ ،‬ث يدركه الوت قبل أن يصل فقد ثبت أجره ‪ ،‬وَت َكرّم ال‬
‫فجعل الجر حقا عليه ‪ ،‬وغفر له ورحه ‪ ،‬لن من شأنه الغفران والرحة ‪.‬‬

‫صرُوا ِمنَ الصّلَاةِ إِ ْن ِخفُْتمْ أَ ْن َيفْتَِنكُمُ‬


‫ض فَلَيْسَ عَ َل ْيكُ ْم جُنَاحٌ أَ ْن َتقْ ُ‬
‫ض َربْتُ ْم فِي اْلأَرْ ِ‬
‫وَِإذَا َ‬
‫ت َلهُمُ‬
‫الّذِينَ َك َفرُوا إِ ّن الْكَا ِفرِينَ كَانُوا َل ُكمْ َعدُوّا مُبِينًا (‪َ )101‬وِإذَا كُنْتَ فِيهِ ْم َفَأقَمْ َ‬
‫جدُوا فَلَْيكُونُوا ِم ْن وَرَاِئكُمْ‬
‫الصّلَا َة فَلَْت ُقمْ طَاِئ َفةٌ مِ ْن ُه ْم مَ َعكَ وَلَْي ْأخُذُوا َأسْلِحََت ُهمْ َفِإذَا سَ َ‬
‫وَلَْت ْأتِ طَائِ َفةٌ ُأ ْخرَى َل ْم يُصَلّوا فَلْيُصَلّوا َم َعكَ َولَْيأْ ُخذُوا حِذْ َر ُهمْ َوَأسْلِحََت ُهمْ َو ّد الّذِينَ‬
‫َك َفرُوا لَ ْو َتغْفُلُونَ َع ْن َأسْلِحَِتكُ ْم َوأَمِْتعَِتكُ ْم فَيَمِيلُونَ عَلَ ْيكُ ْم مَيْ َلةً وَاحِ َد ًة َولَا جُنَاحَ‬
‫ضعُوا َأسْلِحََت ُكمْ َو ُخذُوا‬
‫عَلَ ْي ُكمْ إِنْ كَانَ ِب ُكمْ َأذًى ِمنْ مَ َط ٍر َأوْ ُكنُْتمْ َمرْضَى أَ ْن تَ َ‬
‫حِذْرَ ُك ْم إِ ّن اللّ َه أَ َع ّد لِ ْلكَا ِفرِينَ َعذَابًا ُمهِينًا (‪)102‬‬

‫‪ -101‬الصلة فريضة مكمة ل تسقط ف السفر ‪ ،‬ولكن ل إث على من يقصرها فيه‬


‫عن الضر ‪ .‬فالذين يرجون مسافرين ‪ -‬إن خافوا أن يتعرض لم الكافرون با‬
‫يكرهون ‪ -‬لم أن يقصروا الصلة ‪ ،‬فالصلة الت هى أربع ركعات يصلونا اثنتي ‪،‬‬
‫وإن الذر من تعرض الكافرين واجب لنم أعداء ‪ ،‬عداوتم واضحة ‪.‬‬
‫‪ -102‬وإذا كنت ‪ -‬أيها النب المي ‪ -‬فيهم وقامت صلة الماعة ‪ ،‬فل تنسوا‬
‫الذر من العداء ‪ ،‬وذلك بتقسيم السلمي إل طائفتي ‪ :‬إحداها تبدأ الصلة مقتدية‬
‫بك ‪ ،‬وتكون الخرى قائمة على السلحة والمتعة لراستها ‪ ،‬فإذا أتمت نصف‬
‫الصلة ذهبت الت صلت وراءك وجاءت الخرى فصليت با الباقى ‪ ،‬ث تصلى ما‬
‫فاتا وتصلى الول بقية الصلة ‪ ،‬وتسمى لحقة والخرى مسبوقة ‪ ،‬إذ تؤدى أول‬
‫الصلة ‪ ،‬واللحقة تؤدى آخرها ‪ ،‬وذلك التنظيم لكى ل تفوت الصلة ‪ ،‬وللحذر من‬

‫‪147‬‬
‫الكافرين الذين يودون أن تغفلوا عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلوا عليكم دفعة‬
‫واحدة ‪ ،‬ويَ ْنقَضوّا عليكم وأنتم ف الصلة ‪ ،‬وأن قتال الشركي مستمرا واجب ‪،‬‬
‫ولكن ل إث عليكم أن تسكنوا إذا كان بكم مرض أو نزل مطر عاق عن القتال ‪،‬‬
‫ولكن على أن تكونوا على حذر دائم ‪ ،‬وهذا عقاب ال للكافرين ف الدنيا ‪ ،‬وف‬
‫الخرة أعد لم عذابا مهينا مذلً ‪.‬‬

‫َفإِذَا قَضَيُْتمُ الصّلَاةَ فَاذْ ُكرُوا ال ّلهَ قِيَامًا َو ُقعُودًا وَعَلَى جُنُوِبكُ ْم َفإِذَا اطْ َم ْأنَنُْتمْ َفَأقِيمُوا‬
‫الصّلَا َة إِ ّن الصّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْ ُمؤْمِنِيَ كِتَابًا مَ ْوقُوتًا (‪ )103‬وَلَا َتهِنُوا فِي ابْتِغَا ِء اْلقَوْمِ‬
‫إِ ْن تَكُونُوا َت ْألَمُونَ فَِإّن ُهمْ َي ْألَمُونَ َكمَا تَ ْألَمُو َن وََت ْرجُو َن ِمنَ ال ّل ِه مَا لَا يَ ْرجُونَ وَكَا َن ال ّلهُ‬
‫ح ُك َم بَ ْينَ النّاسِ بِمَا أَرَا َك ال ّلهُ‬
‫حقّ لِتَ ْ‬
‫ب بِالْ َ‬
‫ك الْكِتَا َ‬
‫عَلِيمًا َحكِيمًا (‪ِ )104‬إنّا َأْن َزلْنَا ِإلَيْ َ‬
‫ي خَصِيمًا (‪ )105‬وَاسَْتغْ ِف ِر اللّ َه إِ ّن اللّهَ كَانَ َغفُورًا َرحِيمًا (‪َ )106‬ولَا‬
‫وَلَا تَ ُك ْن لِلْخَائِنِ َ‬
‫ب َمنْ كَا َن خَوّانًا َأثِيمًا (‪)107‬‬
‫س ُهمْ إِ ّن ال ّلهَ لَا يُحِ ّ‬
‫تُجَادِلْ َع ِن الّذِينَ َيخْتَانُو َن َأنْ ُف َ‬
‫خفُونَ ِم َن اللّ ِه َوهُ َو َمعَ ُه ْم ِإذْ يُبَيّتُو َن مَا لَا َيرْضَى ِمنَ اْل َقوْلِ‬
‫س َولَا َيسْتَ ْ‬
‫خفُو َن ِم َن النّا ِ‬
‫َيسْتَ ْ‬
‫وَكَانَ ال ّلهُ بِمَا َيعْمَلُو َن مُحِيطًا (‪)108‬‬

‫‪ -103‬وإذا أتمتم صلة الرب الت تسمى صلة الوف فل تنسوا ذكر ال دائما ‪،‬‬
‫فاذكروه قائمي ماربي واذكروه وأنتم قاعدون ‪ ،‬واذكروه وأنتم نائمون ‪ ،‬فإن ذكر‬
‫ال ‪ -‬تعال ‪ُ -‬ي َقوّى القلوب ‪ ،‬وبه اطمئنانا ‪ ،‬فإذا ذهب الوف وكان الطمئنان ‪،‬‬
‫فأدوا الصلة متكاملة فإن الصلة قد فرضت على الؤمني موقوتة بأوقاتا ‪.‬‬
‫‪ -104‬ل تضعفوا ف طلب القوم الكافرين الذين أعلنوا عليكم الرب ‪ ،‬وحاولوا أن‬
‫يغيوا عليكم من كل مكان ‪ .‬والرب بل شك أل ‪ ،‬فإذا كنتم تألون من جراحها وما‬
‫يكون فيها ‪ ،‬فإنم يألون أيضا ‪ ،‬والفرق بينكم وبينهم أنم ل يطلبون الق ول يرجون‬
‫عند ال شيئا ‪ ،‬وأنتم تطلبون الق وترجون رضا ال والنعيم الدائم ‪ .‬وال عليم‬
‫ل با يعمل ‪.‬‬
‫بأعمالكم وأعمالم ‪ ،‬حكيم يازى ك ً‬
‫‪ -105‬أنزلنا إليك القرآن حقا وصدقا ‪ ،‬مشتملً على كل ما هو حق ‪ ،‬مبينا للحق‬
‫إل يوم القيامة ليكون منارك ف الكم بي الناس ‪ ،‬فاحكم بينهم ول تكن مدافعا عن‬

‫‪148‬‬
‫الائني ‪.‬‬
‫‪ -106‬وعند الكم بي الناس اتّجِه إل ال وتذكر عظمته واطلب مغفرته ورحته ‪،‬‬
‫فإن الغفرة والرحة من شأنه ‪ -‬سبحانه وتعال ‪. -‬‬
‫‪ -107‬ول تدافع عن الذين يونون ويبالغون ف إخفاء اليانة ف أنفسهم ‪ ،‬فإن ال ل‬
‫يب من يكون من شأنه اليانة وارتكاب الذنوب ‪.‬‬
‫‪ -108‬يتفون ويستترون بيانتهم من الناس ‪ ،‬ول يكن أن تفى على ال وهو معهم‬
‫ل على ما ل يرضى ال من القول من رمى التهم على‬
‫دائما خياناتم ‪ ،‬وهم يتفقون لي ً‬
‫البرياء ‪ - ،‬وال تعال ‪ -‬يعلم علما ل يفى منه شئ ما يعملون ‪.‬‬

‫هَا َأنُْتمْ َه ُؤلَا ِء جَادَلُْتمْ عَ ْن ُهمْ فِي الْحَيَاةِ ال ّدنْيَا فَ َم ْن يُجَادِ ُل اللّهَ عَ ْن ُه ْم َيوْ َم الْقِيَامَ ِة أَ ْم َمنْ‬
‫جدِ ال ّلهَ‬
‫سهُ ُث ّم َيسَْتغْ ِفرِ ال ّل َه يَ ِ‬
‫يَكُونُ عَلَ ْي ِه ْم وَكِيلًا (‪ )109‬وَ َم ْن َيعْ َملْ سُوءًا أَ ْو يَظْ ِلمْ نَ ْف َ‬
‫سهِ وَكَا َن ال ّلهُ عَلِيمًا‬
‫ب ِإثْمًا فَِإنّمَا يَ ْكسُِبهُ عَلَى نَ ْف ِ‬
‫َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )110‬وَ َم ْن يَ ْكسِ ْ‬
‫ب خَطِيَئ ًة أَ ْو ِإثْمًا ُث ّم َيرْ ِم ِبهِ َبرِيئًا َف َقدِ احْتَ َم َل ُبهْتَانًا َوِإثْمًا‬
‫حَكِيمًا (‪ )111‬وَ َم ْن يَ ْكسِ ْ‬
‫ض ُل ال ّلهِ عَلَ ْيكَ وَ َرحْمَُت ُه َلهَمّتْ طَاِئفَ ٌة مِ ْن ُهمْ أَ ْن يُضِلّو َك َومَا‬
‫مُبِينًا (‪َ )112‬وَلوْلَا فَ ْ‬
‫حكْ َمةَ‬
‫ب وَالْ ِ‬
‫ضرّوَنكَ ِم ْن شَيْ ٍء َوَأنْ َزلَ ال ّلهُ عَلَ ْيكَ اْلكِتَا َ‬
‫سهُ ْم َومَا يَ ُ‬
‫يُضِلّونَ ِإلّا َأْن ُف َ‬
‫ض ُل ال ّلهِ َعلَ ْيكَ عَظِيمًا (‪)113‬‬
‫ك مَا َلمْ َت ُكنْ َتعْ َل ُم وَكَانَ فَ ْ‬
‫وَعَلّ َم َ‬

‫‪ -109‬إذا كنتم تدافعون عنهم ف الدنيا فل يعاقبون عقاب الدنيا ‪ ،‬فل يوجد من‬
‫يدافع عنهم يوم القيامة أمام ‪ -‬ال تعال ‪ ، -‬بل من يقبل أن يكون وليا عليهم ناصرا‬
‫لم ‪.‬‬
‫‪ -110‬وإن باب التوبة مفتوح ‪ ،‬فمن يعمل أمرا سيئا ف ذاته أو يظلم نفسه بارتكاب‬
‫ل توبته غافرا له ‪،‬‬
‫العاصى ث يطلب مغفرة ال ‪ -‬تعال ‪ ، -‬فإنه يد ال ‪ -‬تعال قاب ً‬
‫لن من شأنه الغفرة والرحة ‪.‬‬
‫‪ -111‬وإن الذنوب مضارها على نفس من يفعلها ‪ ،‬فمن يكسب ذنبا فإنا هو ضد‬
‫لنفسه ‪ ،‬ومغبته على نفسه ‪ ،‬وال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬يعلم ما ارتكب ويعامله بقتضى‬
‫حكمته ‪ ،‬فيعاقب أو يغفر على حسب ما تقتضيه الكمة ‪.‬‬

‫‪149‬‬
‫‪ -112‬ومن يرتكب أخطاء تيط بالنفس وذنوبا ث يتهم بذه الذنوب بريئا ل‬
‫يرتكبها ‪ ،‬كمن يسرق شيئا ويتهم غيه بسرقته ‪ ،‬فقد وقع عليه وزران ‪ :‬أحدها ‪:‬‬
‫الكذب والفتراء باتام البرياء ‪ ،‬والثان ‪ :‬الذنب الواضح البي ‪.‬‬
‫‪ -113‬ولول أن اللّه تفضل عليك بالوحى ورحك بالدراك النافذ ‪ ،‬لرادت طائفة‬
‫ك ‪ ،‬وبصيتك نافذة‬
‫منهم أن يضلوك ‪ ،‬ولكنهم ل يضلون إل أنفسهم ‪ ،‬لن اللّه مُطْ ِلعُ َ‬
‫إل الق ‪ ،‬فل ضرر عليك من تدبيهم وتضليلهم ‪ ،‬وقد أنزل عليك القرآن الكري‬
‫الذى هو ميزان الق ‪ ،‬وأودع قلبك الكمة وعلمك من الشرائع والحكام ما ل‬
‫تعلمه إل بوحى منه ‪ ،‬وإن فضل اللّه عليك عظيم دائما ‪.‬‬

‫س وَ َمنْ‬
‫ح بَ ْينَ النّا ِ‬
‫ف أَ ْو إِصْلَا ٍ‬
‫ص َد َقةٍ َأ ْو مَ ْعرُو ٍ‬
‫جوَا ُه ْم إِلّا َمنْ َأ َمرَ بِ َ‬
‫ي ِم ْن نَ ْ‬
‫لَا خَ ْيرَ فِي كَثِ ٍ‬
‫ف ُنؤْتِي ِه أَ ْجرًا عَظِيمًا (‪َ )114‬و َمنْ ُيشَاقِ ِق الرّسُولَ‬
‫سوْ َ‬
‫َيفْ َعلْ ذَِلكَ ابِْتغَا َء َمرْضَاةِ ال ّلهِ َف َ‬
‫ي ُنوَّلهِ مَا َتوَلّى َونُصْ ِلهِ جَهَّن َم وَسَا َءتْ‬
‫ِمنْ َب ْعدِ مَا تَبَّينَ َل ُه الْ ُهدَى وَيَتّبِعْ غَ ْي َر سَبِيلِ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫شرِكْ‬
‫ك لِ َم ْن َيشَا ُء َو َمنْ ُي ْ‬
‫شرَ َك ِبهِ َوَي ْغفِ ُر مَا دُو َن َذلِ َ‬
‫مَصِيًا (‪ )115‬إِ ّن ال ّلهَ لَا َيغْ ِفرُ أَنْ ُي ْ‬
‫ضلّ ضَلَالًا َبعِيدًا (‪ )116‬إِ ْن يَدْعُو َن ِم ْن دُوِنهِ ِإلّا ِإنَاثًا َوإِنْ َيدْعُو َن ِإلّا شَيْطَانًا‬
‫بِال ّلهِ فَ َقدْ َ‬
‫خذَنّ ِمنْ عِبَادِ َك نَصِيبًا َمفْرُوضًا (‪)118‬‬
‫َمرِيدًا (‪َ )117‬لعََنهُ ال ّلهُ وَقَالَ َلَأتّ ِ‬

‫‪ -114‬إن الذين يفون أحاديث يدثون با أنفسهم أو يتحدثون با فيما بينهم ‪ ،‬ل‬
‫خي ف هذه الحاديث ف الكثي ‪ ،‬لن الشر يفرخ ف الفاء ‪ ،‬لكن إذا كان التحدث‬
‫للمر بصدقة يعطونا ‪ ،‬أو للعزم على القيام بعمل غي مستنكر ‪ ،‬أو تدبي إصلح بي‬
‫الناس ‪ ،‬فإن ذلك خي ‪ ،‬ومن يفعله طلبا لرضا اللّه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬فإن اللّه ‪ -‬تعال ‪-‬‬
‫يعطيه جزاءً كبيا على عمله ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -115‬وإن الذى يكون ف شقاق مع الرسول من بعد أن يتبي طريق الق والداية ‪،‬‬
‫ويتبع طريقا غي طريق الؤمني ‪ ،‬ويدخل ف ولية أعداء أهل اليان ‪ ،‬فإنه يكون منهم‬
‫إذ اختارهم أولياءه ‪ ،‬وسيدخله ال ‪ -‬تعال ‪ -‬النار يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -116‬وإن هذا الصي الؤل لن هم كذلك ‪ ،‬لنم أعداء السلم ‪ ،‬ومثله مثل من‬
‫أشرك بال ‪ ،‬وإن كل ذنب قابل للغفران إل الشرك بال ‪ ،‬وعبادة غيه ‪ ،‬ومعاندة‬

‫‪150‬‬
‫رسوله ف الق ‪ ،‬فإن ال من شأنه الغفرة إل أن يشرك به ف عبادته ‪ ،‬ويغفر ما دون‬
‫ذلك لن يشاء ‪ ،‬وإن من يشرك بال ف عبادته وولئه فقد تاه عن الق وبَ ُعدَ عنه كثيا‬
‫‪ ،‬لنه أفسد عقله ونفسه ‪.‬‬
‫‪ -117‬وإن من أظهر مظاهر الضلل الذى َبعُد به عن الق الشرك بال ‪ ،‬إنه يعبد ما‬
‫ل يسمع ول يبصر ‪ ،‬ول يضر ول ينفع ‪ ،‬وُيسَمّى آلته الباطلة بأساء الناث ‪،‬‬
‫كاللت والعزى ومناة ‪ ،‬وغيها من الساء الؤنثة ‪ ،‬وإنه يتبع بذه العبادة الشيطان ‪.‬‬
‫‪ -118‬وإن هذا الشيطان طرده ال ‪ -‬تعال ‪ -‬من ظل رحته ‪ ،‬وجعله ف طريق غوايته‬
‫‪ ،‬وقد أقسم وأخذ على نفسه عهدا أن يتخذ من عباد ال ‪ -‬تعال ‪ -‬عددا معلوما‬
‫مقدرا يستهويهم بغوايته ويوسوس لم بشرّه ‪.‬‬

‫وََلأُضِلّّن ُه ْم وََلُأمَنّيَّنهُ ْم َولَ َآ ُمرَّن ُهمْ فَلَيَُبّتكُنّ َآذَا َن الَْأْنعَا ِم َوَل َآمُ َرّنهُ ْم فَلَُيغَّيرُ ّن خَلْ َق ال ّلهِ َو َمنْ‬
‫سرَانًا مُبِينًا (‪َ )119‬يعِ ُدهُ ْم َويُمَنّي ِهمْ َومَا‬
‫س َر خُ ْ‬
‫خذِ الشّيْطَا َن َولِيّا ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ َف َقدْ َخ ِ‬
‫يَتّ ِ‬
‫جدُونَ عَ ْنهَا مَحِيصًا (‬
‫ك َمأْوَا ُه ْم جَهَّن ُم َولَا يَ ِ‬
‫َيعِ ُدهُ ُم الشّيْطَانُ ِإلّا ُغرُورًا (‪ )120‬أُولَئِ َ‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأنْهَارُ‬
‫‪ )121‬وَاّلذِينَ َآمَنُوا وَ َعمِلُوا الصّالِحَاتِ سَُن ْدخِلُ ُه ْم جَنّاتٍ تَ ْ‬
‫ق ِمنَ ال ّلهِ قِيلًا (‪)122‬‬
‫صدَ ُ‬
‫خَاِلدِي َن فِيهَا َأَبدًا وَ ْعدَ ال ّل ِه حَقّا وَ َم ْن أَ ْ‬

‫‪ -119‬وإن َقسَمَه أن يضل الذين استهواهم بإبعادهم عن الق ويثي أهواءهم‬


‫وشهواتم ‪ ،‬ويعلهم يتيهون ف أوهام وأما ٍن كاذبة يتمنونا ‪ ،‬وإذا صاروا بذه الهواء‬
‫وتلك المان تت سلطانه ‪ ،‬دفعهم إل أمور غي معقولة ‪ ،‬وحلهم على أن يظنوها‬
‫عبادة وهى أوهام كاذبة ‪ ،‬فوسوس لم بأن يقطعوا آذان بعض البل وُيغَيّروا خلق ال‬
‫فيها ‪ ،‬وإن ما قطع أذنه ل يذبح ول يعمل ول ينع من مرعى ‪ ،‬وكل ذلك بأوامره ‪ ،‬ث‬
‫يوسوس لم بأنه دين ‪ ،‬وأنم بذا يتبعونه ‪ ،‬ويتخذونه نصيا متبعا من دون ال ‪ ،‬ومن‬
‫يتخذه نصيا متبعا يسر خسرانا واضحا ‪ ،‬لنه يضل عن القائق ويهمل عقله ‪،‬‬
‫ويناله الفساد ف الدنيا والعذاب ف الخرة ‪.‬‬
‫‪ -120‬يزين الشيطان لم الشر ‪ ،‬ويعدهم النفع إذا فعلوه ‪ ،‬ويلقى ف نفوسهم بأمانٍ‬
‫يتمنونا ‪ ،‬وليس وعده وتزيينه إل تغريرا ‪.‬‬

‫‪151‬‬
‫‪ -121‬وإن أولئك الذين ألغوا عقولم واتبعوا وساوس الشيطان ف نفوسهم ‪،‬‬
‫مصيهم إل جهنم ول يدون منها خلصا ‪.‬‬
‫‪ -122‬هذا مصي أتباع الشيطان ‪ ،‬أما مصي أتباع ال فالي ‪ ،‬وهم الذين آمنوا بال‬
‫ورسوله وعملوا العمال الصالة ‪ ،‬ول يسيوا وراء أوهام كاذبة ‪ ،‬فإن ال ‪ -‬تعال ‪-‬‬
‫سيدخلهم يوم القيامة جنات فيها أنار ترى تت ظللا ‪ ،‬وهى أكب من أعظم جنات‬
‫الدنيا ‪ ،‬وإن ذلك مؤكد ‪ ،‬لنه وعد ال ‪ ،‬ووعد ال ل يكون إل حقا ‪ ،‬ل غرور فيه ‪،‬‬
‫إذ هو مالك كل شئ ‪ ،‬ول يتصور أن يكون أحدٌ ف الوجود أصدق من ال وعدا‬
‫وقول ‪.‬‬

‫جدْ َل ُه ِمنْ دُو ِن اللّهِ‬


‫ج َز ِبهِ َولَا َي ِ‬
‫ب َمنْ َيعْ َم ْل سُوءًا يُ ْ‬
‫س ِبأَمَانِيّ ُكمْ َولَا َأمَانِ ّي أَ ْه ِل الْكِتَا ِ‬
‫لَيْ َ‬
‫ت ِمنْ ذَ َك ٍر َأوْ ُأنْثَى َو ُهوَ ُم ْؤمِ ٌن َفأُولَِئكَ‬
‫وَلِيّا َولَا نَصِيًا (‪َ )123‬و َمنْ َيعْ َم ْل ِمنَ الصّالِحَا ِ‬
‫س ُن دِينًا مِ ّم ْن أَسْ َل َم وَ ْج َههُ لِ ّل ِه وَ ُهوَ‬
‫َيدْخُلُونَ الْجَّن َة َولَا يُظْلَمُو َن َنقِيًا (‪ )124‬وَ َم ْن أَ ْح َ‬
‫خ َذ اللّ ُه ِإْبرَاهِيمَ خَلِيلًا (‪ )125‬وَلِ ّل ِه مَا فِي‬
‫سنٌ وَاتّبَ َع مِ ّلةَ ِإْبرَاهِي َم حَنِيفًا وَاتّ َ‬
‫حِ‬‫مُ ْ‬
‫ت وَمَا فِي اْلأَرْضِ وَكَا َن ال ّلهُ ِب ُكلّ َشيْ ٍء مُحِيطًا (‪)126‬‬
‫السّمَاوَا ِ‬

‫‪ -123‬إن الزاء ليس هو ما يتمناه ويلم به النسان من غي عمل طيّب مثمر ‪،‬‬
‫فليس الزاء با تتمنون ‪ -‬أيها السلمون ‪ -‬ول با يتمناه ويلم به أهل الكتاب من‬
‫اليهود والنصارى ‪ ،‬وإنا الزاء والنجاة من العذاب باليان والعمل الصال ‪ ،‬ومن‬
‫جزَ به ‪ ،‬ول يد له من دون ال من يواليه أو ينصره ‪.‬‬
‫يعمل سيئا يُ ْ‬
‫‪ -124‬ومن يعملون العمال الصالة بالقدر الذى يستطيعونه وهم مؤمنون بال‬
‫ورسوله ‪ ،‬فإنم يدخلون جنة النعيم ول ينقصون أى مقدار ولو كان ضئيل ‪ .‬ول فرق‬
‫ف الزاء بي الذكر والنثى ‪ ،‬لن النثى مكلفة ‪ .‬لا جزاء الي ‪ ،‬وعليها عذاب الشر‬
‫‪.‬‬
‫‪ -125‬وإن أساس عمل الي منبعث من العتقاد السليم ‪ ،‬وأحسن الدين أن يلص‬
‫ل ‪ -‬تعال ‪ -‬فيجعل وجهه وعقله ونفسه ل ل يطلب سوى رضا ال سبحانه ‪،‬‬
‫وبذلك تستقيم مداركه فيدرك رسالة الرسل ‪ ،‬وأن يقوموا بصفة مستمرة بأحسن‬

‫‪152‬‬
‫العمال ‪ ،‬ويتبعوا ف ذلك أبا النبياء إبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬فدينه هو دين ال ‪،‬‬
‫وهو الدين الذى يتجه إل طلب الق دائما ‪ .‬وأن إبراهيم هو الذى تلتقى عنده‬
‫الوحدة الدينية للمسلمي واليهود والنصارى ‪ ،‬فاتبعوا طريقه ‪ ،‬وأن ال أكرم إبراهيم‬
‫فسماه خليل ‪.‬‬
‫‪ -126‬وإن الخلص ل وإسلم الوجه إليه ‪ ،‬هو إخلص لن أنشأ هذا الوجود‬
‫وملكه ‪ ،‬فلله كل ما ف السموات والرض ‪ ،‬من نوم وأفلك وشس وقمر وجبال‬
‫ووهاد وصحا ٍر ومزارع ‪ ،‬وهو مستبي كل شئ ‪ ،‬وهو الذى يعلم علم إحاطة بكل ما‬
‫يعمل النسان ‪ ،‬ويازيه بالي خيا وبالشر شرا ‪.‬‬

‫ب فِي يَتَامَى‬
‫وََيسَْتفْتُوَنكَ فِي الّنسَا ِء ُق ِل اللّ ُه ُيفْتِي ُك ْم فِي ِهنّ َومَا يُتْلَى عَلَ ْي ُكمْ فِي اْلكِتَا ِ‬
‫ي ِمنَ‬
‫ض َعفِ َ‬
‫ب َلهُ ّن َوتَرْغَبُو َن أَ ْن تَ ْنكِحُو ُه ّن وَالْ ُمسْتَ ْ‬
‫النّسَا ِء اللّاتِي لَا ُتؤْتُونَ ُه ّن مَا كُِت َ‬
‫ط َومَا َت ْفعَلُوا ِمنْ خَ ْيرٍ فَإِ ّن ال ّلهَ كَانَ ِبهِ عَلِيمًا (‪)127‬‬
‫الْ ِولْدَا ِن َوأَنْ َتقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْ ِقسْ ِ‬
‫ت ِم ْن َبعْلِهَا ُنشُوزًا أَ ْو إِ ْعرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَ ْيهِمَا أَ ْن يُصْلِحَا بَيَْنهُمَا صُلْحًا‬
‫وَإِ ِن ا ْمرََأ ٌة خَافَ ْ‬
‫حسِنُوا َوتَتّقُوا َفإِ ّن ال ّلهَ كَا َن بِمَا َتعْمَلُونَ‬
‫ح َوإِ ْن تُ ْ‬
‫ت الَْأْنفُسُ الشّ ّ‬
‫ضرَ ِ‬
‫ح خَ ْي ٌر وَُأحْ ِ‬
‫وَالصّلْ ُ‬
‫خَبِيًا (‪َ )128‬وَلنْ َتسْتَطِيعُوا أَ ْن َت ْعدِلُوا بَ ْينَ الّنسَا ِء َولَ ْو َحرَصُْتمْ فَلَا تَمِيلُوا ُكلّ الْمَ ْيلِ‬
‫فََتذَرُوهَا كَالْ ُمعَ ّل َقةِ َوإِ ْن تُصْلِحُوا َوتَّتقُوا َفإِنّ ال ّلهَ كَانَ َغفُورًا َرحِيمًا (‪ )129‬وَإِ ْن يََت َف ّرقَا‬
‫ُيغْ ِن اللّهُ كُلّا ِمنْ سَعَِتهِ وَكَا َن ال ّلهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (‪)130‬‬

‫‪ -127‬قد استفت الناس النب ف شأن النساء وكنّ ول يزلن ضعيفات ‪ ،‬فبيّن ال لنبيه‬
‫أن يبي حال النساء وحال الضعفاء ف السرة من الولدان واليتامى ‪ ،‬وذكر أن يتامى‬
‫النساء اللتى يُزوجن ول يأخذن مهورهن ‪ ،‬والولد ‪ ،‬واليتامى ‪ ،‬كل هؤلء يعاملون‬
‫بالعدل والرحة والرعاية ‪ ،‬وأن كل ما يفعل من خي فإن ال يعلمه وهو الذى سيجزى‬
‫به ‪.‬‬
‫‪ -128‬وإن الزوجة إذا خافت من زوجها إها ًل لشئون السرة أو إعراضا عنها وعدم‬
‫إقبال عليها ‪ .‬فل إث عليهما ف أن ياول إصلح ما بينهما بالصلح الميل والتقريب ‪.‬‬
‫والعاقل منهما يبدأ به ‪ ،‬والصلح خي دائما ل شر فيه ‪ ،‬وإن الذى ينع الصلح هو‬

‫‪153‬‬
‫تَ َمسّك كل من الزوجي بقوقه كاملة ‪ ،‬إذ يسيطر الشح النفسى ‪ ،‬ول سبيل لعودة‬
‫الودة إل التساهل من أحد الانبي وهو الحسن التقى ‪ ،‬ومن يعمل العمل السن‬
‫ويتق ال ‪ ،‬فإن ال خبي بعمله ومازيه عليه ‪.‬‬
‫‪ -129‬وإن العدل مع النساء بالحبة الدائمة الت ل تشوبا شائبة ‪ ،‬والساواة بي‬
‫مبتها بيث يبادلا ما تبادله ‪ ،‬أمر غي مكن دائما ‪ ،‬وغي مكنة كذلك الساواة ف‬
‫الحبة بي الزوجات إذا كان عنده أكثر من واحدة ‪ ،‬ولكن إذا حرصتم فل توروا‬
‫عليها وتيلوا كل اليل إل غيها وتتركوها ل هى ذات زوج ول هى مطلقة ‪ ،‬ويب‬
‫أن تصلحوا أنفسكم وتقيموا السرة على الصلح من غي إفساد ‪ .‬وتتقوا ال فإن ال‬
‫يغفر لكم ويرحكم إذ من شأنه الغفرة والرحة ‪.‬‬
‫‪ -130‬وإذا ل يكن الصلح واستحكمت النفرة ‪ ،‬فإن التفريق لزم ‪ ،‬وإن يتفرقا‬
‫يغن ال كل واحد منهما من سعة رحته وفضله ‪ ،‬والرزاق بيد ال ‪ ،‬وال واسع الرحة‬
‫والفضل ‪ ،‬وهو حكيم يضع المور ف مواضعها ‪.‬‬

‫ب ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ‬


‫ض َوَلقَ ْد وَصّيْنَا الّذِينَ أُوتُوا اْلكِتَا َ‬
‫وَلِ ّل ِه مَا فِي السّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْ ِ‬
‫ض وَكَانَ ال ّلهُ‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫وَِإيّا ُكمْ أَ ِن اّتقُوا ال ّل َه وَإِ ْن َتكْ ُفرُوا َفإِ ّن لِ ّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫ض وَ َكفَى بِال ّل ِه وَكِيلًا (‪)132‬‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫غَنِيّا حَمِيدًا (‪َ )131‬ولِ ّلهِ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫س َويَ ْأتِ بِ َآ َخرِي َن وَكَانَ ال ّلهُ عَلَى َذِلكَ َقدِيرًا (‪َ )133‬منْ كَانَ‬
‫إِ ْن َيشَ ْأ ُيذْهِ ْب ُكمْ َأّيهَا النّا ُ‬
‫ب الدّنْيَا فَعِ ْن َد اللّ ِه َثوَابُ ال ّدنْيَا وَاْل َآخِ َر ِة وَكَانَ ال ّل ُه سَمِيعًا بَصِيًا (‪ )134‬يَا‬
‫ُيرِيدُ ثَوَا َ‬
‫س ُكمْ َأوِ اْلوَاِل َديْنِ‬
‫ط شُ َهدَا َء لِ ّلهِ َوَلوْ َعلَى َأْنفُ ِ‬
‫َأيّهَا اّلذِينَ َآمَنُوا كُونُوا َقوّامِيَ بِاْل ِقسْ ِ‬
‫ي إِ ْن َيكُنْ غَنِيّا َأوْ فَقِيًا فَاللّ ُه َأوْلَى ِبهِمَا فَلَا تَتِّبعُوا اْلهَوَى أَ ْن َتعْ ِدلُوا َوإِنْ تَ ْلوُوا‬
‫وَاْلَأقْ َربِ َ‬
‫أَ ْو ُت ْعرِضُوا َفإِنّ ال ّلهَ كَا َن بِمَا َتعْمَلُو َن خَبِيًا (‪)135‬‬

‫‪ -131‬إن لب الدين هو الضوع ل ْنشِئ الكون ذى اللل والكرام ‪ ،‬والعتراف‬


‫بسلطانه الطلق ‪ ،‬فلله كل ما ف السموات والرض ‪ ،‬وبذا السلطان الطلق قال تعال‬
‫‪ :‬وصيّنا أهل الديانات السماوية من أهل الكتاب وأنتم ‪ -‬معشر السلمي ‪ -‬بأن‬
‫تافوه وتعبدوه ‪ ،‬وأل تكفروا بعبادته ‪ ،‬فهو صاحب السلطان الطلق ف الرض‬

‫‪154‬‬
‫والسموات ‪ ،‬ل يل بسلطانه شئ ‪ ،‬وهو غن عنكم ‪ ،‬ومع ذلك يمد لكم إيانكم ‪،‬‬
‫لن من شأنه الغن ‪ ،‬وأن يمد مع ذلك فعل الي من عباده ‪.‬‬
‫‪ -132‬ول ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬تدبي كل ما ف السموات والرض ‪ ،‬فهو السيطر‬
‫وا ُلسَيّر والدبر وكفى أن يكون هو التول أمر الكون لينتظم ‪ ،‬وأمر الناس ليعبدوه ‪،‬‬
‫ويفوضوا أمورهم إليه ويتقوه ‪.‬‬
‫‪ -133‬إنكم ‪ -‬معشر العباد ‪ -‬ف سلطان ال ‪ ،‬وهو القادر القاهر ‪ ،‬إن يشأ يتكم‬
‫ويأت بآخرين ‪ ،‬وهو ذو اللل ‪ ،‬قدير على ذلك وعلى كل شئ ‪.‬‬
‫‪ -134‬وإن الناس إذا طلبوا نعيم الدنيا ومنافعها اللل من طريق الق الستقيم ‪ ،‬فإن‬
‫ال يعطيهم نعيم الدنيا والخرة ‪ ،‬وهو وحده الذى يلك النعيمي ‪.‬‬
‫‪ -135‬إن العدل هو نظام الوجود ‪ ،‬وهو القانون الذى ل يتلف النظر فيه ‪ ،‬ف أيها‬
‫الذين أذعنتم ل الق ‪ ،‬ولدعوة رسله ‪ ،‬كونوا مراقبي لنفسكم ف الذعان للعدل ‪،‬‬
‫ومراقبي للناس ‪ ،‬فانصفوا الظلوم ‪ ،‬وكونوا قائمي ل لرغبة غن أو لعطف على فقي ‪،‬‬
‫لن ال هو الذى جعل الغن والفقي ‪ ،‬وهو أول بالنظر ف حال الغن أو الفقي ‪ ،‬وإن‬
‫الوى هو الذى ييل بالنفس عن الق فل تتبعوه لتعدلوا وإن تتولوا إقامة العدل أو‬
‫تعرضوا عن إقامته فإن ال يعلم ما تعملون علما دقيقا ‪ ،‬ويازيكم بعملكم ‪ ،‬إن خيا‬
‫فخي ‪ ،‬وإن شرا فشر ‪.‬‬

‫ب الّذِي‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا َآمِنُوا بِال ّلهِ وَ َرسُوِلهِ وَالْكِتَابِ اّلذِي َن ّزلَ عَلَى َرسُولِ ِه وَاْلكِتَا ِ‬
‫ضلّ ضَلَالًا‬
‫َأنْ َزلَ ِم ْن قَ ْبلُ وَ َم ْن يَ ْك ُفرْ بِال ّلهِ َومَلَاِئكَِتهِ وَكُتُِب ِه وَ ُرسُلِ ِه وَالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ َف َقدْ َ‬
‫َبعِيدًا (‪ )136‬إِنّ اّلذِينَ َآمَنُوا ثُمّ َك َفرُوا ُثمّ َآمَنُوا ُثمّ َك َفرُوا ُثمّ ا ْزدَادُوا ُك ْفرًا َل ْم يَ ُكنِ‬
‫ي ِبأَ ّن َل ُهمْ َعذَابًا َألِيمًا (‪)138‬‬
‫اللّ ُه لَِيغْ ِف َر َلهُ ْم َولَا لَِي ْهدَِي ُهمْ سَبِيلًا (‪َ )137‬بشّ ِر الْمُنَافِقِ َ‬
‫ي َأيَبَْتغُونَ عِ ْندَ ُهمُ اْل ِع ّزةَ َفإِ ّن اْلعِ ّز َة لِ ّلهِ‬
‫خذُو َن الْكَافِرِينَ َأ ْولِيَاءَ مِ ْن دُونِ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫الّذِينَ يَتّ ِ‬
‫ت اللّ ِه ُيكْ َف ُر ِبهَا‬
‫ب أَ ْن ِإذَا سَ ِمعُْتمْ َآيَا ِ‬
‫جَمِيعًا (‪َ )139‬وقَ ْد َنزّلَ عَلَ ْي ُكمْ فِي الْكِتَا ِ‬
‫وَُيسَْت ْه َزأُ ِبهَا فَلَا َتقْ ُعدُوا َمعَ ُه ْم حَتّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَ ْي ِر ِه ِإنّ ُكمْ ِإذًا مِثْ ُلهُ ْم إِ ّن اللّهَ‬
‫ي وَالْكَا ِفرِينَ فِي َجهَنّ َم جَمِيعًا (‪)140‬‬
‫جَامِ ُع الْمُنَافِقِ َ‬

‫‪155‬‬
‫‪ -136‬وإن الرسالت السماوية واحدة لوحدة ُم ْرسِل الرسل ‪ ،‬وهو ال ‪ ،‬ف أيها‬
‫الذين آمنوا أذعنوا ل وأخلصوا له ‪ ،‬وصدقوا رسوله ‪ -‬ممدا ‪ -‬وصدقوا ما جاء ف‬
‫كتابه الذى أنزله عليه واعملوا به ‪ ،‬وصدقوا بالكتب الت نزلت من قبله كما أنزلا ال‬
‫من غي تريف ول نسيان ‪ ،‬آمنوا بكل ذلك ‪ ،‬فإن من يكفر بال خالق الوجود ‪،‬‬
‫واللئكة ‪ ،‬وعال الغيب ‪ ،‬وكتب ال ورسله ‪ ،‬وينكر اليوم الخر ‪ ،‬فقد تاه عن الطريق‬
‫الستقيم ‪ ،‬وأوغل ف طريق الضلل وأبعد فيه ‪.‬‬
‫‪ -137‬إن اليان إذعان مطلق وعمل مستمر بالق ‪ ،‬فالترددون الضطربون ليسوا‬
‫بؤمني ‪ ،‬فالذين يؤمنون ث يكفرون ‪ ،‬ث يؤمنون ث يكفرون ‪ ،‬وبذا يزدادون كفرا ‪،‬‬
‫ما كان ال غافرا لم ما يفعلون من شر ‪ ،‬ول ليهديهم إل الق ‪ ،‬لن غفران ال‬
‫يقتضى توبة وإقلعا عن الشر ‪ ،‬وهدايته تكون لن يتجهون إل الق ويطلبونه ‪.‬‬
‫‪ -138‬يا أيها الرسول الكري أنذر النافقي بأن لم عذابا يوم القيامة مؤلا ‪.‬‬
‫‪ -139‬وإن أولئك النافقي يعلون الولية عليهم للكافرين ويتركون الؤمني ‪ ،‬فهل‬
‫يطلبون العزة من هؤلء الكافرين؟ إن العزة ل ‪ -‬وحده ‪ -‬يعطيها عباده الؤمني ‪،‬‬
‫ومن اعتزّ بال عزّ ‪ ،‬ومن اعتز بغيه ذلّ ‪.‬‬
‫‪ -140‬وقد نزّل ال عليكم ف القرآن الكري أنكم كلما سعتم آية من الكتاب ‪،‬‬
‫وجحد با الكافرون ‪ ،‬فل تقعدوا معهم حت ينتقلوا إل حديث غي حديث‬
‫الستهزاء ‪ ،‬وإنكم إن ل تفعلوا وسعتم استهزاءهم كنتم مثلهم ف الستهزاء بالقرآن ‪،‬‬
‫وإن العاقبة وخيمة على الكافرين والنافقي ‪ ،‬فإن ال جامعهم جيعا ف النار يوم القيامة‬
‫‪.‬‬

‫ح ِم َن اللّ ِه قَالُوا َأَلمْ َن ُكنْ َم َعكُ ْم َوإِنْ كَانَ‬


‫الّذِينَ يََت َربّصُونَ ِب ُكمْ َفإِنْ كَا َن َلكُ ْم فَتْ ٌ‬
‫ح ُكمُ بَيَْن ُكمْ‬
‫ي فَاللّ ُه يَ ْ‬
‫ح ِوذْ عَلَ ْي ُكمْ َونَمَْن ْعكُ ْم ِمنَ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫ب قَالُوا َأَلمْ َنسْتَ ْ‬
‫لِلْكَا ِفرِي َن نَصِي ٌ‬
‫ي سَبِيلًا (‪ )141‬إِنّ الْمُنَا ِفقِيَ‬
‫ج َعلَ ال ّلهُ لِ ْلكَافِرِينَ عَلَى الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫يَوْ َم اْلقِيَا َم ِة وََل ْن يَ ْ‬
‫يُخَادِعُونَ ال ّلهَ وَ ُهوَ خَادِ ُع ُهمْ َوِإذَا قَامُوا ِإلَى الصّلَاةِ قَامُوا ُكسَالَى ُيرَاءُو َن النّاسَ َولَا‬

‫‪156‬‬
‫ك لَا ِإلَى َهؤُلَا ِء َولَا ِإلَى َهؤُلَا ِء َومَنْ‬
‫ي بَ ْي َن َذلِ َ‬
‫َيذْكُرُو َن اللّ َه ِإلّا قَلِيلًا (‪ُ )142‬م َذبْ َذبِ َ‬
‫ج َد َلهُ سَبِيلًا (‪)143‬‬
‫يُضْ ِللِ ال ّلهُ فَ َلنْ تَ ِ‬

‫‪ -141‬وإن أولئك النافقي ينتظرون انتظار الاقد الانق الذى يتمن السوء لكم إذا‬
‫كنتم ف حرب مع العداء ‪ ،‬فإن كان لكم نصر من ال وفتح لطريق الق ‪ ،‬قالوا‬
‫للمؤمني ‪ -‬وقد أذهلهم النصر الذى نصر ال به أهل اليان ‪ : -‬أل نكن معكم‬
‫باعتبارنا من جاعتكم؟ وإن كان للكافرين نصيب من الغلب اتهوا إليهم وقالوا لم ‪:‬‬
‫أل نُغلّب أموركم علينا حت صارت أمورنا؟ وأل ننحكم مودتنا وننعكم من الؤمني؟‬
‫وال ‪ -‬سبحانه وتعال ‪ -‬يكم بينكم وبي هؤلء النافقي يوم القيامة ‪ ،‬ولن يعل ال‬
‫للكافرين سبيل للغلب على الؤمني ما دام الؤمنون على صفة اليان الق والعمل‬
‫الصال ‪.‬‬
‫خفُون عنه حقيقة‬
‫‪ -142‬إن النافقي بنفاقهم يسبون أنم يادعون ال ‪ -‬تعال ‪ -‬ويُ ْ‬
‫أنفسهم ‪ ،‬وال سبحانه ‪ -‬خادعهم ‪ ،‬فيمهلهم ويتركهم يرتعون ف شرهم ‪ ،‬ث ياسبهم‬
‫على ما يفعلون ‪ ،‬وإن لؤلء النافقي مظهرا حسّا ‪ ،‬ومظهرا نفسيا ‪ ،‬فالسى أنم‬
‫يقومون إل الصلة كسال متباطئي ‪ ،‬وصلتم رياء ل حقيقة ‪ .‬والظهر النفسى أنم ل‬
‫يذكرون ال إل أحيانا نادرة ‪ ،‬ولو ذكروه لتركوا النفاق ‪.‬‬
‫‪ -143‬وإن النافقي مترددون مضطربون ‪ ،‬ل هم منكم ول هم ف كل أحوالم‬
‫منهم ‪ ،‬وذلك من ضعف اليان وضعف النفس ‪ ،‬ومن الضلل عن الق ‪ ،‬ومن يكتب‬
‫ل لدايته ‪.‬‬
‫ال عليه ف علمه الزل الضلل ‪ ،‬فلن تد سبي ً‬

‫جعَلُوا لِ ّلهِ‬
‫ي َأتُرِيدُو َن أَ ْن تَ ْ‬
‫خذُوا اْلكَا ِفرِي َن َأوْلِيَا َء ِم ْن دُونِ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا تَتّ ِ‬
‫ج َد َلهُمْ‬
‫ي فِي الدّرْ ِك الَْأ ْسفَ ِل ِمنَ النّا ِر وََل ْن تَ ِ‬
‫عَلَ ْي ُكمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (‪ )144‬إِنّ الْمُنَا ِفقِ َ‬
‫نَصِيًا (‪ِ )145‬إلّا الّذِينَ تَابُوا وَأَصْ َلحُوا وَاعْتَصَمُوا بِال ّلهِ َوَأخْلَصُوا دِيَن ُهمْ لِلّ ِه َفأُولَِئكَ‬
‫ي َأجْرًا عَظِيمًا (‪ )146‬مَا يَ ْف َعلُ ال ّل ُه بِ َعذَاِب ُكمْ إِنْ‬
‫ي َو َسوْفَ ُي ْؤتِ ال ّلهُ الْ ُم ْؤمِنِ َ‬
‫مَ َع الْ ُمؤْمِنِ َ‬
‫جهْ َر بِالسّو ِء ِمنَ اْل َقوْلِ‬
‫شَ َك ْرتُ ْم وَ َآمَنُْتمْ وَكَا َن ال ّلهُ شَا ِكرًا َعلِيمًا (‪ )147‬لَا يُحِبّ ال ّل ُه الْ َ‬
‫ِإلّا َمنْ ظُ ِلمَ وَكَا َن ال ّلهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (‪)148‬‬

‫‪157‬‬
‫‪ -144‬وإن من أسباب النفاق أن النافقي جعلوا لهل غي اليان ولية لم ونصرة ‪،‬‬
‫فتجنبوا هذا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬ول تتخذوا الكافرين نصراء ذوى ولية عليكم‬
‫تضعون لم ‪ ،‬وإنكم إن فعلتم ذلك كان ل حُجة عليكم بينة ‪ ،‬فتدخلون مع النافقي‬
‫وتذلون ‪ ،‬لنكم ل تعلون عزتكم من ال ‪ ،‬ومن الق ‪ ،‬ومن العمل الصال ‪.‬‬
‫‪ -145‬إن النافقي بسبب نفاقهم يكونون ف أعماق جهنم ‪ ،‬فهم ف أسفل مكان‬
‫فيها ‪ ،‬وأحط درجاتا ‪ ،‬ولن تد لم نصيا يدفع عنهم العذاب ‪.‬‬
‫‪ -146‬إل الذين يتوبون منهم ويعودون إل ال ‪ -‬تعال ‪ -‬ويعتصمون به ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫ويلصون ويسلمون وجوههم له ‪ ،‬ويعملون الصالات فإنم بذا يكونون من الؤمني‬
‫ولم جزاء الؤمني ‪ ،‬وقد أعد ال ‪ -‬تعال ‪ -‬جزاءً عظيما للمؤمني ف الدنيا والخرة‬
‫‪.‬‬
‫‪ -147‬وإن ال ‪ -‬تعال ‪ -‬ل مطلب له منكم إل اليان به ‪ ،‬وشكر نعمته ‪ ،‬وإذا‬
‫كنتم كذلك فل عذاب لكم ‪ ،‬ولكن جزاء على الي والشكر ‪ ،‬وإن ال ‪ -‬تعال ‪-‬‬
‫شاكر يشكر لعباده عمل الي ‪ ،‬وعليم يعلم كل حالم من خي وشر ‪.‬‬
‫‪ -148‬ينهى ال عباده عن قول السوء ‪ .‬إل من وقع عليه ظلم ‪ ،‬فيباح له أن يشكو‬
‫ظاله ‪ ،‬ويذكر ما فيه من سوء ‪ ،‬وال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬سيع لكلم الظلوم ‪ ،‬عليم بظلم‬
‫الظال ‪ ،‬ويازيه على عمله ‪.‬‬

‫خفُوهُ َأوْ َت ْعفُوا َع ْن سُوءٍ فَإِ ّن ال ّلهَ كَانَ َع ُفوّا َقدِيرًا (‪ )149‬إِنّ اّلذِينَ‬
‫إِ ْن تُ ْبدُوا خَ ْيرًا َأ ْو تُ ْ‬
‫يَ ْك ُفرُو َن بِاللّ ِه وَ ُرسُلِ ِه َوُيرِيدُو َن أَ ْن ُي َفرّقُوا بَ ْي َن اللّ ِه وَ ُرسُ ِلهِ َوَيقُولُو َن ُن ْؤمِ ُن بَِبعْضٍ َوَنكْ ُفرُ‬
‫ك ُهمُ الْكَا ِفرُو َن َحقّا َوأَعَْتدْنَا‬
‫خذُوا بَ ْينَ َذِلكَ سَبِيلًا (‪ )150‬أُولَئِ َ‬
‫بَِبعْضٍ َوُيرِيدُونَ أَ ْن يَتّ ِ‬
‫لِلْكَا ِفرِينَ َعذَابًا ُمهِينًا (‪ )151‬وَالّذِينَ َآمَنُوا بِال ّل ِه وَرُسُ ِل ِه وََل ْم ُيفَ ّرقُوا بَ ْينَ َأ َحدٍ مِ ْن ُهمْ‬
‫ف يُ ْؤتِي ِهمْ ُأجُو َر ُهمْ وَكَا َن ال ّلهُ َغفُورًا َرحِيمًا (‪)152‬‬
‫أُولَِئكَ َسوْ َ‬

‫‪ -149‬إن تُظهروا خيا أو ُتسِروه ‪ ،‬أو تصفحوا عمن يسئ إليكم ‪ ،‬يثبكم ال‬
‫لتخلقكم بأخلقه ‪ -‬تعال ‪ -‬من العفو مع كمال القدرة ‪ ،‬وال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬عظيم‬
‫العفو كامل القدرة ‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫‪ -150‬إن الذين ل يؤمنون بال ورسله ‪ ،‬والذين يريدون التفرقة ف اليان بال‬
‫ورسله ويقولون ‪ :‬نؤمن ببعض الرسل دون بعض ‪ ،‬فيؤمنون بن يبون ‪ ،‬ويكفرون بن‬
‫ل يبون ‪ ،‬والواجب اليان بالميع ‪ ،‬لن اليان ل يقبل أن يتجزأ ‪.‬‬
‫‪ -151‬هؤلء جيعا هم المعنون ف الكفر البي ‪ ،‬وقد أعد ال لم ولمثالم عذابا‬
‫شديدا مذلً ‪.‬‬
‫‪ -152‬وأما من آمنوا بال ورسله ‪ ،‬ول يُكذّبوا بأحد منهم ‪ ،‬فإن ال يثيبهم على كامل‬
‫إيانم الثواب العظيم ‪ ،‬وال غفور للتائبي ‪ ،‬رحيم بعباده ‪.‬‬

‫َيسَْأُلكَ َأ ْهلُ اْلكِتَابِ أَ ْن تَُن ّزلَ عَلَ ْي ِهمْ كِتَابًا ِمنَ السّمَا ِء َفقَ ْد َسأَلُوا مُوسَى أَكَْبرَ ِم ْن َذلِكَ‬
‫ج َل ِمنْ َب ْعدِ مَا جَا َءتْ ُهمُ‬
‫خذُوا الْعِ ْ‬
‫َفقَالُوا أَ ِرنَا ال ّلهَ َج ْه َرةً َفَأخَ َذْتهُ ُم الصّا ِعقَ ُة بِظُلْ ِم ِهمْ ثُ ّم اتّ َ‬
‫ك وَ َآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (‪ )153‬وَ َر َفعْنَا َف ْو َقهُ ُم الطّورَ‬
‫الْبَيّنَاتُ فَ َع َفوْنَا َع ْن َذلِ َ‬
‫ت وََأ َخذْنَا مِ ْن ُهمْ‬
‫جدًا وَقُلْنَا َلهُ ْم لَا َت ْعدُوا فِي السّبْ ِ‬
‫بِمِيثَا ِقهِ ْم َوقُلْنَا َل ُهمُ ا ْدخُلُوا الْبَابَ سُ ّ‬
‫ضهِ ْم مِيثَا َقهُ ْم وَ ُكفْ ِر ِهمْ ِب َآيَاتِ ال ّل ِه َوقَتْلِ ِه ُم الَْأنْبِيَا َء ِبغَيْ ِر َحقّ‬
‫مِيثَاقًا غَلِيظًا (‪ )154‬فَبِمَا َنقْ ِ‬
‫ف َبلْ طََب َع اللّهُ عَلَ ْيهَا ِبكُ ْف ِرهِ ْم فَلَا ُي ْؤمِنُو َن ِإلّا قَلِيلًا (‪ )155‬وَِب ُكفْ ِر ِهمْ‬
‫َوقَ ْوِلهِ ْم قُلُوبُنَا غُلْ ٌ‬
‫َوقَ ْوِلهِمْ عَلَى َمرَْي َم ُبهْتَانًا عَظِيمًا (‪)156‬‬

‫‪ -153‬يسألك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬أهل الكتاب من اليهود متعنتي ‪ ،‬أن تقيم دليلً‬
‫على صدق نبوتك ‪ ،‬فتأتيهم بكتاب خاص ‪ ،‬ينل عليهم من السماء بصدق رسالتك ‪،‬‬
‫ويدعوهم إل اليان بك وطاعتك ‪ ،‬فإن استكثرت ما سألوا فل تعجل ‪ ،‬فقد تعنت‬
‫أسلفهم فسألوا موسى أكب من ذلك ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬أرنا ال عيانا فعاقبهم على تعنتهم‬
‫وظلمهم بصاعقة أهلكتهم ث اذكر لؤلء جرما أشد وأفظع ‪ ،‬وهو أنم اتذوا العجل‬
‫إلا لم من دون خالقهم ‪ ،‬بعد ما عاينوا الدلة الت أظهرها موسى لفرعون وقومه ث‬
‫وسعهم عفو ال بعد إنابتهم إليه ‪ ،‬وأيد ال موسى بالُجة الواضحة والكلمة النافذة ‪.‬‬
‫‪ -154‬ورفع ال البل فوق بن إسرائيل ‪ ،‬تديدا لم لمتناعهم عن قبول شريعة‬
‫التوراة ‪ ،‬حت قبلوا ‪ ،‬وأخذ عليهم اليثاق ‪ ،‬وأمرهم أن يدخلوا القرية خاضعي ل ‪،‬‬
‫وأل يتجاوزوا ما أمرهم بالتزامه من العبادة ف يوم السبت ‪ ،‬ول يعتدوا فيه ‪ ،‬وقد أخذ‬

‫‪159‬‬
‫عليهم ف كل ذلك عهدا مؤكدا ‪.‬‬
‫‪ -155‬فغضب ال عليهم ‪ ،‬بسبب نقضهم هذا اليثاق ‪ ،‬وكفرهم بآيات ال ‪ ،‬وقتلهم‬
‫النبياء ظالي ‪ -‬ول يكون ذلك إل ظلما ‪ ، -‬وإصرارهم على الضلل بقولم ‪ :‬قلوبنا‬
‫مجوبة عن قبول ما ُندْعَى إليه ‪ ،‬وليسوا صادقي ف قولم ‪ ،‬بل طمس ال على قلوبم‬
‫بسبب كفرهم ‪ ،‬فل يؤمن منهم إل قلة من الناس ‪.‬‬
‫‪ -156‬وغضب ال عليهم بسبب كفرهم وافترائهم على مري افتراء كبيا ‪.‬‬

‫َوقَ ْوِلهِ ْم ِإنّا قَتَلْنَا الْ َمسِيحَ عِيسَى اْب َن َمرَْيمَ َرسُولَ ال ّلهِ وَمَا قَتَلُو ُه َومَا صَ َلبُوهُ َولَ ِك ْن شُبّهَ‬
‫ك مِ ْنهُ مَا َلهُ ْم ِبهِ ِمنْ عِ ْل ٍم ِإلّا اتّبَاعَ ال ّظ ّن َومَا قَتَلُوهُ‬
‫َلهُ ْم َوإِنّ اّلذِي َن اخْتَلَفُوا فِي ِه َلفِي شَ ّ‬
‫َيقِينًا (‪َ )157‬بلْ َر َفعَ ُه ال ّلهُ ِإلَ ْيهِ وَكَا َن ال ّلهُ َعزِيزًا َحكِيمًا (‪ )158‬وَإِ ْن ِم ْن أَ ْه ِل الْكِتَابِ‬
‫ِإلّا لَُيؤْمَِن ّن ِبهِ قَ ْب َل َموِْتهِ َوَيوْ َم الْقِيَامَ ِة َيكُونُ عَلَ ْي ِه ْم َشهِيدًا (‪ )159‬فَبِظُ ْل ٍم ِمنَ اّلذِينَ‬
‫صدّ ِهمْ َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ كَثِيًا (‪ )160‬وََأ ْخذِ ِهمُ‬
‫ت َل ُهمْ َوبِ َ‬
‫ت أُحِلّ ْ‬
‫هَادُوا َحرّمْنَا عَلَ ْي ِهمْ طَيّبَا ٍ‬
‫ال ّربَا َو َقدْ ُنهُوا عَ ْن ُه َوأَكْ ِل ِهمْ َأ ْموَالَ النّاسِ بِالْبَا ِطلِ َوأَعَْت ْدنَا لِ ْلكَا ِفرِينَ مِ ْن ُهمْ َعذَابًا َألِيمًا (‬
‫‪ )161‬لَ ِك ِن الرّاسِخُو َن فِي اْلعِ ْلمِ مِ ْن ُه ْم وَالْ ُم ْؤمِنُو َن ُيؤْمِنُو َن بِمَا أُْن ِزلَ ِإلَ ْيكَ َومَا ُأْنزِ َل ِمنْ‬
‫ي الصّلَاةَ وَالْ ُمؤْتُونَ الزّكَاةَ وَالْ ُم ْؤمِنُو َن بِال ّل ِه وَالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ أُولَئِكَ‬
‫قَبْ ِلكَ وَالْ ُمقِيمِ َ‬
‫سَنُ ْؤتِي ِهمْ َأ ْجرًا عَظِيمًا (‪)162‬‬

‫‪ -157‬وغضب ال عليهم بسبب قولم مستخفي ‪ :‬إنا قتلنا السيح عيسى ابن مري‬
‫رسول ال ‪ ،‬والق الستيقن أنم ما قتلوه ‪ ،‬كما زعموا وما صلبوه كما ادعوا ‪. .‬‬
‫ولكن شُبّه لم ‪ ،‬فظنوا أنم قتلوه وصلبوه ‪ ،‬وإنا قتلوا وصلبوا من يشبهه ‪ ،‬وقد‬
‫اختلفوا من بعد ذلك ف أن القتول عيسى أم غيه ‪ ،‬وأنم جيعا لفى شك من أمره ‪. .‬‬
‫والواقع أنم يقولون ما ل علم لم به إل عن طريق الظن ‪ ،‬وما قتلوا عيسى قطعا ‪.‬‬
‫‪ -158‬بل رفع ال عيسى إليه وأنقذه من أعدائه ‪ ،‬ول يصلبوه ‪ ،‬ول يقتلوه وال غالب‬
‫ل يقهر ‪ ،‬حكيم ف أفعاله ‪.‬‬
‫‪ -159‬وما من أحد من أهل الكتاب إل ليدرك حقيقة عيسى قبل موته وأنه عبد ال‬
‫ورسوله ‪ ،‬ويؤمن به إيانا ل ينفعه لفوات أوانه ‪ ،‬ويوم القيامة يشهد عليهم عيسى بأنه‬

‫‪160‬‬
‫بَلّ َغ رسالة ربه وأنه عبد ال ورسوله ‪.‬‬
‫حرّم عليهم ألوانا من‬
‫‪ -160‬فبسبب ما وقع من اليهود من ظلم ‪ ،‬عاقبهم ال ‪ ،‬فَ َ‬
‫الطيبات كانت حل ًل لم ‪ ،‬وكان من هذا الظلم مَ ْنعُهم كثيا من الناس من الدخول‬
‫ف دين ال ‪.‬‬
‫‪ -161‬وبسبب تعاملهم بالربا ‪ -‬وقد حرّمه ال عليهم ‪ -‬وأخذهم أموال الناس بغي‬
‫حق ‪ ،‬كان عقاب الدين بتحري بعض الطيبات عليهم ‪ .‬وقد أعدّ ال لن كفر عذابا‬
‫مؤلا ‪.‬‬
‫‪ -162‬لكن التثبتون ف العلم من اليهود والؤمنون من أمتك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬يصدقون‬
‫با أُوحى إليك وما أُوحى إل الرسل من قبلك ‪ .‬والذين يؤدون الصلة حق الداء ‪،‬‬
‫ويعطون الزكاة ‪ ،‬ويصدقون بال وبالبعث والساب ‪ ،‬أولئك سيجزيهم ال على إيانم‬
‫وطاعتهم أحسن الزاء ‪.‬‬

‫ح وَالنّبِيّيَ مِ ْن َب ْعدِ ِه َوأَ ْوحَيْنَا ِإلَى ِإْبرَاهِيمَ َوِإسْمَاعِيلَ‬


‫ِإنّا َأوْحَيْنَا ِإلَ ْيكَ كَمَا أَ ْوحَيْنَا ِإلَى نُو ٍ‬
‫س َوهَارُو َن وَسُلَيْمَا َن وَ َآتَيْنَا دَاوُودَ‬
‫ط وَعِيسَى َوأَيّوبَ َويُونُ َ‬
‫ب وَاْلأَسْبَا ِ‬
‫ق َويَ ْعقُو َ‬
‫وَِإسْحَا َ‬
‫صهُمْ عَ َل ْيكَ وَكَ ّلمَ‬
‫َزبُورًا (‪ )163‬وَرُسُلًا َقدْ قَصَصْنَا ُهمْ عَلَ ْيكَ ِم ْن قَ ْبلُ وَرُسُلًا لَ ْم َنقْصُ ْ‬
‫جةٌ‬
‫شرِي َن َومُ ْنذِرِي َن لِئَلّا َيكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللّ ِه حُ ّ‬
‫اللّ ُه مُوسَى َتكْلِيمًا (‪ُ )164‬رسُلًا مَُب ّ‬
‫شهَ ُد بِمَا أَْن َزلَ ِإلَ ْيكَ َأْن َزلَ ُه ِبعِلْ ِمهِ‬
‫َبعْ َد ال ّر ُسلِ وَكَا َن اللّهُ َعزِيزًا َحكِيمًا (‪ )165‬لَ ِك ِن اللّ ُه َي ْ‬
‫صدّوا َع ْن سَبِيلِ ال ّلهِ‬
‫وَالْمَلَائِ َك ُة َيشْ َهدُونَ وَ َكفَى بِال ّلهِ َشهِيدًا (‪ )166‬إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا وَ َ‬
‫َقدْ ضَلّوا ضَلَالًا َبعِيدًا (‪ )167‬إِ ّن اّلذِينَ َك َفرُوا وَظَلَمُوا َل ْم يَ ُك ِن اللّ ُه لَِيغْ ِف َر َلهُ ْم َولَا‬
‫لَِيهْ ِدَيهُمْ َطرِيقًا (‪)168‬‬

‫‪ -163‬إنا أوحينا إليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬القرآن والشريعة ‪ ،‬كما أوحينا من قبلك إل‬
‫نوح وإل النبيي من بعده ‪ ،‬وكما أوحينا إل إبراهيم وإساعيل وإسحاق ويعقوب‬
‫والسباط ‪ ،‬وهم أنبياء ال من ذرية يعقوب ‪ ،‬وإل عيسى وأيوب ويونس وهارون‬
‫وسليمان ‪ ،‬وكما أوحينا إل داود فأنزلنا عليه كتاب الزبور ‪.‬‬
‫‪ -164‬وكذلك أرسلنا رسلً كثيين ذكرنا لك أنباءهم من قبل ‪ ،‬ورسلً آخرين ل‬

‫‪161‬‬
‫نذكر قصصهم ‪ ،‬وكانت طريقة الوحى إل موسى أن كلّمه ال تكليما من وراء‬
‫حجاب بل واسطة ‪.‬‬
‫‪ -165‬بعثنا هؤلء الرسل جيعا ‪ ،‬مبشرين من آمن بالثواب ‪ ،‬ومنذرين من كفر‬
‫بالعقاب ‪ ،‬حت ل يكون للناس على ال حُجة يتعللون با بعد إرسال الرسل ‪ ،‬وال‬
‫قادر على كل شئ ‪ ،‬غالب ل سلطان لحد معه ‪ ،‬حكيم ف أفعاله ‪.‬‬
‫‪ -166‬لكن إذا ل يشهدوا بصدقك ‪ ،‬فال يشهد بصحة ما أنزل إليك ‪ ،‬لقد أنزله‬
‫إليك مُحكما بقتضى علمه ‪ ،‬واللئكة يشهدون بذلك ‪ ،‬وتغنيك ‪ -‬أيها الرسول ‪-‬‬
‫شهادة ال عن كل شهادة ‪.‬‬
‫‪ -167‬إن الذين كفروا فلم يصدقوك ‪ ،‬ومنعوا الناس عن الدخول ف دين ال ‪ ،‬قد‬
‫بعدوا عن الق بُعدا شديدا ‪.‬‬
‫‪ -168‬إن الذين كفروا وظلموا أنفسهم بالكفر ‪ .‬وظلموا الرسول بحد رسالته ‪،‬‬
‫وظلموا الناس ‪ ،‬إذ كتموهم الق ‪ ،‬لن يغفر ال لم ما داموا على كفرهم ‪ ،‬ولن‬
‫يهديهم طريق النجاة ‪ ،‬وما كان من شأنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬أن يغفر لمثالم وهم ف‬
‫ضللم ‪.‬‬

‫ِإلّا َطرِيقَ َجهَّنمَ خَاِلدِينَ فِيهَا َأبَدًا وَكَانَ َذِلكَ عَلَى ال ّلهِ َيسِيًا (‪ )169‬يَا أَّيهَا النّاسُ قَدْ‬
‫ح ّق ِمنْ َرّبكُ ْم َفآَمِنُوا خَ ْيرًا َل ُكمْ َوإِ ْن تَ ْك ُفرُوا َفإِنّ لِ ّل ِه مَا فِي‬
‫جَاءَ ُك ُم الرّسُو ُل بِالْ َ‬
‫ب لَا َتغْلُوا فِي‬
‫ض وَكَانَ ال ّلهُ عَلِيمًا َحكِيمًا (‪ )170‬يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫ح ّق ِإنّمَا الْ َمسِيحُ عِيسَى اْب ُن َمرَْيمَ َرسُولُ ال ّلهِ وَكَلِمَُتهُ‬
‫دِينِ ُكمْ َولَا َتقُولُوا عَلَى ال ّلهِ إِلّا الْ َ‬
‫ح مِ ْنهُ فَ َآمِنُوا بِاللّ ِه وَ ُرسُلِ ِه َولَا َتقُولُوا ثَلَاَث ٌة انْتَهُوا خَ ْيرًا َل ُكمْ ِإنّمَا‬
‫َألْقَاهَا ِإلَى َمرَْيمَ وَرُو ٌ‬
‫ض وَ َكفَى بِال ّلهِ‬
‫ت َومَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫اللّ ُه ِإلَ ٌه وَا ِحدٌ سُبْحَاَنهُ أَنْ َيكُونَ َل ُه َولَ ٌد َلهُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫ح أَ ْن َيكُونَ عَ ْبدًا لِ ّلهِ َولَا الْمَلَائِ َكةُ الْ ُم َق ّربُو َن َو َمنْ‬
‫ف الْ َمسِي ُ‬
‫وَكِيلًا (‪َ )171‬ل ْن َيسْتَنْكِ َ‬
‫ش ُرهُ ْم ِإلَ ْيهِ جَمِيعًا (‪)172‬‬
‫حُ‬‫َيسْتَنْكِفْ َعنْ ِعبَا َدِتهِ َوَيسَْتكْبِ ْر َفسَيَ ْ‬

‫‪ -169‬ولكن يسلك بم طريق النار ‪ .‬مُخَلّدين فيها أبدا ‪ ،‬وأمر ذلك يسي على ال ‪.‬‬
‫صدّقوا‬
‫‪ -170‬يا أيها الناس قد جاءكم الرسول ممد بالدين الق من عند ربكم ‪ ،‬فَ َ‬

‫‪162‬‬
‫با جاء به يكن خيا لكم ‪ ،‬وإن أبيتم إل الكفر فال غن عن إيانكم ‪ ،‬مالك لكم ‪،‬‬
‫فله ما ف السموات والرض ملكا وخلقا وتصرفا ‪ ،‬وهو العليم بلقه ‪ ،‬الكيم ف‬
‫صنعه ‪ ،‬ل يضيع أجر الحسن ‪ ،‬ول يهمل جزاء السئ ‪.‬‬
‫‪ -171‬يا أهل الكتاب ل تتجاوزوا الق مغالي ف دينكم ‪ ،‬ول تفتروا على ال‬
‫الكذب ‪ ،‬فتنكروا رسالة عيسى ‪ ،‬أو تعلوه إلا مع ال ‪ ،‬فإنا السيح رسول كسائر‬
‫الرسل ‪ ،‬خلقه ال بقدرته وكلمته الت ُبشّر با ‪ ،‬ونفخ روحه جبيل ف مري ‪ ،‬فهو ِسرّ‬
‫من أسرار قدرته ‪ ،‬فآمنوا بال ورسله جيعا إيانا صحيحا ول تدّعوا أن اللة ثلثة ‪،‬‬
‫انصرفوا عن هذا الباطل يكن خيا لكم ‪ ،‬فإنا ال واحد ل شريك له ‪ ،‬وهو منه عن‬
‫أن يكون له ولد ‪ ،‬وكل ما ف السموات والرض ملك له ‪ ،‬وكفى به ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫مدبّرا للكه ‪.‬‬
‫‪ -172‬لن يترفع السيح عن أن يكون عبدا ل ‪ ،‬ولن يترفع عن ذلك اللئكة القربون‬
‫‪ ،‬ومن يتكب ويترفع عن عبادة ال فلن يفلت من عقابه يوم يمع ال الناس للحساب ‪.‬‬

‫ت فَُيوَفّي ِهمْ ُأجُورَ ُه ْم وََيزِي ُد ُهمْ ِم ْن فَضْ ِلهِ َوَأمّا اّلذِينَ‬


‫َفأَمّا اّلذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫جدُونَ لَ ُه ْم ِمنْ دُو ِن اللّ ِه َولِيّا َولَا نَصِيًا‬
‫اسْتَ ْن َكفُوا وَاسْتَكَْبرُوا فَُي َعذُّب ُهمْ َعذَابًا َألِيمًا َولَا يَ ِ‬
‫س َقدْ جَاءَ ُك ْم ُب ْرهَا ٌن ِمنْ َربّ ُكمْ وََأْنزَلْنَا ِإلَيْ ُكمْ نُورًا مُبِينًا (‪َ )174‬فَأمّا‬
‫(‪ )173‬يَا َأّيهَا النّا ُ‬
‫صرَاطًا‬
‫ض ٍل وََي ْهدِي ِهمْ ِإلَ ْيهِ ِ‬
‫صمُوا ِبهِ َفسَُي ْدخِ ُلهُ ْم فِي َرحْ َم ٍة مِ ْنهُ َوفَ ْ‬
‫الّذِينَ َآمَنُوا بِال ّلهِ وَاعْتَ َ‬
‫س َلهُ وََلدٌ وََلهُ‬
‫ُمسْتَقِيمًا (‪َ )175‬يسَْتفْتُوَنكَ ُق ِل ال ّلهُ ُيفْتِيكُ ْم فِي اْلكَلَاَلةِ إِ ِن ا ْمرُ ٌؤ هَ َلكَ لَيْ َ‬
‫ت فَ َلهَا نِصْفُ مَا َترَكَ وَ ُهوَ َي ِرُثهَا إِ ْن َلمْ َي ُكنْ َلهَا َوَلدٌ َفإِنْ كَانَتَا اثْنَتَ ْي ِن فَ َلهُمَا الثّلُثَانِ‬
‫أُخْ ٌ‬
‫مِمّا َترَ َك َوإِنْ كَانُوا إِ ْخ َوةً ِرجَالًا َوِنسَا ًء فَلِلذّ َك ِر مِ ْثلُ حَظّ اْلُأنْثَيَ ْينِ يُبَّي ُن ال ّلهُ َلكُ ْم أَنْ‬
‫تَضِلّوا وَال ّل ُه بِ ُك ّل شَيْءٍ َعلِيمٌ (‪)176‬‬

‫‪ -173‬فأما الذين آمنوا وعملوا الصالات فيوفيهم ثواب أعمالم ويزيدهم من فضله‬
‫‪ ،‬إكراما وإنعاما ‪ ،‬وأما الذين َأِنفُوا أن يعبدوه ‪ ،‬وترفعوا أن يشكروه فقد أعد لم‬
‫عذابا شديد اليلم ‪ ،‬لن يدفعه عنهم معي ولن ينعهم منه نصي ‪.‬‬
‫‪ -174‬يا أيها الناس ‪ ،‬قد جاءتكم الدلئل الواضحة على صدق الرسول ممد ‪،‬‬

‫‪163‬‬
‫وأنزلنا إليكم على لسانه قرآنا بينا كالنور ‪ ،‬يضئ الطريق ويهديكم إل النجاة ‪.‬‬
‫‪ -175‬فأما الذين صدقوا بال ورسالته ‪ ،‬وتسكوا بدينه ‪ ،‬فسيدخلهم ف الخرة‬
‫جناته ‪ ،‬ويغمرهم بفيض رحته ‪ ،‬ويشملهم بواسع فضله وسيوفقهم ف الدنيا إل الثبات‬
‫على صراطه الستقيم ‪.‬‬
‫‪ -176‬يسألونك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬عن مياث من مات ول ولد له ول والد ‪ ،‬فحكم‬
‫ال فيه هو ‪ :‬أنه إذا كان للمَُت َوفّى أخت ‪ ،‬فلها نصف تركته ‪ ،‬وأيضا إذا كان للمتوفاة‬
‫الت ل زوج لا ول ولد أخ فله تركتها ‪ ،‬وإن كان لل ُموَرّث أختان فلهما ثلثا تركته‬
‫وإن كانوا إخوة من ذكور وإناث فنصيب الذكر مثل نصيب النثيي ‪ .‬يبي ال لكم‬
‫ل بكل شئ من‬
‫هذا البيان حت ل تضلوا ف تقسيم النصباء ‪ ،‬وال عال علما كام ً‬
‫أعمالكم ‪ ،‬ومازيكم عليها ‪.‬‬

‫ت لَ ُكمْ بَهِي َم ُة اْلأَْنعَا ِم إِلّا مَا يُتْلَى عَلَ ْي ُكمْ غَ ْيرَ‬


‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا َأوْفُوا بِالْ ُعقُو ِد ُأحِلّ ْ‬
‫حلّوا َشعَاِئرَ‬
‫ح ُك ُم مَا ُيرِيدُ (‪ )1‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا تُ ِ‬
‫مُحِلّي الصّ ْي ِد وََأنُْتمْ ُحرُ ٌم إِ ّن ال ّلهَ يَ ْ‬
‫حرَا َم يَبَْتغُو َن فَضْلًا ِمنْ‬
‫ت الْ َ‬
‫ي الْبَيْ َ‬
‫ي َولَا اْلقَلَاِئدَ َولَا َآمّ َ‬
‫حرَا َم َولَا اْل َهدْ َ‬
‫اللّ ِه َولَا الشّ ْهرَ الْ َ‬
‫صدّو ُكمْ َعنِ‬
‫ج ِرمَنّ ُكمْ شَنَآَ ُن َقوْ ٍم أَنْ َ‬
‫ضوَانًا َوإِذَا حَلَلْتُ ْم فَاصْطَادُوا وَلَا يَ ْ‬
‫َرّبهِ ْم وَرِ ْ‬
‫حرَا ِم أَ ْن َتعَْتدُوا َوَتعَا َونُوا عَلَى الِْب ّر وَالّت ْقوَى َولَا َتعَا َونُوا عَلَى اْلِإثْ ِم وَاْل ُعدْوَانِ‬
‫جدِ الْ َ‬
‫الْ َمسْ ِ‬
‫وَاّتقُوا ال ّل َه إِ ّن اللّ َه َشدِيدُ اْل ِعقَابِ (‪)2‬‬

‫‪ -1‬يا أيها الؤمنون ‪ :‬التزموا الوفاء بميع العهود الت بينكم وبي ال ‪ ،‬والعهود‬
‫الشروعة الت بينكم وبي الناس ‪ .‬وقد أحل ال لكم أكل لوم النعام من البل والبقر‬
‫حرِمي ‪ ،‬أو‬
‫والغنم ‪ ،‬إل ما ينص لكم على تريه ‪ .‬ول يوز لكم صيد الب إذا كنتم مُ ْ‬
‫كنتم ف أرض الرم ‪ .‬إن ال يقضى بكمته ما يريد من أحكام ‪ ،‬وأن هذا من عهود‬
‫ال عليكم ‪.‬‬
‫‪ -2‬يا أيها الؤمنون ل تستبيحوا حرمة شعائر ال ‪ ،‬كمناسك الج وقت الحرام قبل‬
‫التحلل منه وسائر أحكام الشريعة ‪ ،‬ول تنتهكوا حرمة الشهر الرم بإثارة الرب فيها‬
‫‪ ،‬ول تعترضوا لا ُي ْهدَى من النعام إل بيت ال الرام باغتصابه أو منع بلوغه مله ‪،‬‬

‫‪164‬‬
‫ول تنعوا القلئد ‪ ،‬وهى العلمات الت توضع ف العناق ‪ ،‬إشعارا بقصد البيت‬
‫الرام ‪ ،‬وأنا ستكون ذبيحة ف الج ‪ ،‬ول تعترضوا ِلقُصّادِ بيت ال الرام يبتغون‬
‫فضل ال ورضاه ‪ ،‬وإذا تللتم من الحرام ‪ ،‬وخرجتم من أرض الرم ‪ ،‬فلكم أن‬
‫تصطادوا ‪ ،‬ول يملنكم بغضكم الشديد لقوم صدوكم عن السجد الرام على‬
‫العتداء عليهم ‪ .‬وليتعاون بعضكم مع بعض ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬على فعل الي وجيع‬
‫الطاعات ‪ ،‬ول تتعاونوا على العاصى وماوزة حدود ال ‪ ،‬واخشوا عقاب ال‬
‫وبطشه ‪ ،‬إن ال شديد العقاب لن خالفه ‪.‬‬

‫ح ُم الْخِ ْنزِي ِر َومَا ُأهِ ّل ِلغَ ْيرِ ال ّلهِ ِب ِه وَالْمُ ْنخَِنقَ ُة وَالْ َم ْوقُو َذةُ‬
‫حُ ّرمَتْ عَلَ ْي ُك ُم الْمَيَْتةُ وَالدّ ُم َولَ ْ‬
‫ب َوأَنْ َتسَْت ْقسِمُوا‬
‫حةُ َومَا أَ َك َل السّبُ ُع ِإلّا مَا ذَكّيُْت ْم َومَا ُذبِحَ عَلَى النّصُ ِ‬
‫وَالْمَُت َر ّديَ ُة وَالنّطِي َ‬
‫شوْنِ الَْيوْمَ‬
‫ش ْوهُ ْم وَا ْخ َ‬
‫خَ‬‫س الّذِينَ َك َفرُوا ِم ْن دِينِ ُك ْم فَلَا تَ ْ‬
‫سقٌ الَْيوْ َم يَئِ َ‬
‫بِاْلأَ ْزلَا ِم َذِلكُ ْم ِف ْ‬
‫ت َل ُكمُ اْلإِسْلَا َم دِينًا فَ َمنِ اضْ ُط ّر فِي‬
‫ت َل ُكمْ دِيَنكُ ْم َوأَتْ َممْتُ عَلَ ْي ُك ْم نِعْمَتِي وَرَضِي ُ‬
‫أَكْمَلْ ُ‬
‫ف ِلإِْثمٍ فَإِ ّن ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪)3‬‬
‫صةٍ غَ ْي َر مُتَجَانِ ٍ‬
‫مَخْمَ َ‬

‫‪ -3‬حرّم ال عليكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أكل لم اليتة ‪ -‬وهى كل ما فارقته الروح‬


‫من غي ذبح شرعى ‪ ، -‬وأكل الدم السائل ‪ ،‬ولم النير ‪ ،‬وما ذكر اسم غي ال‬
‫عليه عند ذبه ‪ ،‬وما مات خنقا ‪ ،‬أو الت ضربت حت ماتت ‪ ،‬وما سقط من علو‬
‫فمات ‪ ،‬وما مات بسبب نطح غيه له ‪ ،‬وما مات بسبب أكل حيوان مفترس منه ‪.‬‬
‫وأما ما أدركتموه وفيه حياة ما يل لكم أكله وذبتموه فهو حلل لكم بالذبح ‪.‬‬
‫وحرّم ال عليكم ما ذبح قربة للصنام ‪ ،‬وحرم عليكم أن تطلبوا معرفة ما كتب ف‬
‫الغيب بواسطة القرعة بالقداح ‪ .‬وتناول شئ ما سبق تريه ذنب عظيم وخروج عن‬
‫طاعة ال ‪ .‬ومن الن انقطع رجاء الكفار ف القضاء على دينكم ‪ ،‬فل تافوا أن يتغلبوا‬
‫عليكم ‪ ،‬واتقوا مالفة أوامرى ‪ .‬اليوم أكملت لكم أحكام دينكم ‪ ،‬وأتمت عليكم‬
‫نعمت بإعزازكم وتثبيت أقدامكم ‪ ،‬واخترت لكم السلم دينا ‪ .‬فمن ألأته ضرورة‬
‫جوع إل تناول شئ من الحرمات السابقة ففعل لدفع اللك عن نفسه غي منحرف‬

‫‪165‬‬
‫إل العصية ‪ ،‬فإن ال يغفر للمضطر ما أكل ‪ ،‬دفعا للهلك ‪ ،‬وهو رحيم به فيما أباح له‬
‫‪.‬‬

‫ح ُمكَلّبِيَ‬
‫جوَارِ ِ‬
‫ت َومَا عَلّمُْتمْ ِم َن الْ َ‬
‫َيسَْألُوَنكَ مَاذَا ُأ ِحلّ َل ُهمْ ُق ْل ُأحِ ّل َلكُ ُم الطّيّبَا ُ‬
‫س ْكنَ َعلَ ْيكُ ْم وَاذْ ُكرُوا اسْ َم ال ّلهِ عَلَ ْيهِ وَاّتقُوا‬
‫ُتعَلّمُوَن ُهنّ مِمّا عَلّ َمكُ ُم ال ّلهُ َفكُلُوا مِمّا أَ ْم َ‬
‫حسَابِ (‪)4‬‬
‫اللّ َه إِ ّن اللّ َه َسرِي ُع الْ ِ‬

‫‪ -4‬يسألك الؤمنون ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬ماذا أحل ال لم من طعام وغيه فقل لم ‪:‬‬
‫أحلّ ال لكم كل طيب تستطيبه النفوس السليمة ‪ ،‬وأح ّل لكم ما تصطاده الوارح‬
‫الت علمتموها الصيد بالتدريب ‪ ،‬مستمدين ذلك ما علمكم ال ‪ .‬فكلوا من صيدها‬
‫الذى أرسلتموها إليه وأمسكته عليكم ‪ ،‬واذكروا اسم ال عند إرسالا ‪ ،‬واتقوا ال‬
‫بالتزام ما شرع لكم ‪ ،‬ول تتجاوزوه ‪ ،‬واحذروا مالفة ال فيه ‪ ،‬فإنه سريع الساب ‪.‬‬

‫ب ِحلّ َلكُ ْم وَ َطعَامُ ُكمْ ِح ّل َلهُمْ‬


‫ت وَ َطعَا ُم الّذِينَ أُوتُوا اْلكِتَا َ‬
‫الْيَوْ َم ُأ ِحلّ َل ُكمُ الطّيّبَا ُ‬
‫ب ِمنْ قَبْلِ ُك ْم ِإذَا‬
‫ت ِمنَ اّلذِي َن أُوتُوا الْكِتَا َ‬
‫ت ِمنَ الْ ُم ْؤمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَا ُ‬
‫صنَا ُ‬
‫وَالْمُحْ َ‬
‫خذِي َأ ْخدَا ٍن َو َمنْ َي ْكفُ ْر بِاْلإِيَا ِن َفقَدْ‬
‫ي وَلَا مُتّ ِ‬
‫حَ‬‫َآتَيْتُمُو ُهنّ ُأجُورَ ُه ّن مُحْصِنِيَ غَ ْي َر ُمسَافِ ِ‬
‫حَبِطَ َعمَ ُلهُ َو ُهوَ فِي اْل َآخِ َر ِة ِمنَ الْخَاسِرِينَ (‪)5‬‬

‫‪ -5‬اليوم ‪ -‬منذ نزول هذه الية ‪ -‬أحل ال لك كل طيب تستطيبه النفوس‬


‫السليمة ‪ ،‬وأحل لكم طعام أهل الكتاب ‪ ،‬وذبائحهم ‪ ،‬ما ل يرد نص بتحريه ‪ ،‬كما‬
‫أحل لم طعامكم ‪ ،‬وأحل لكم زواج الرائر والعفائف من الؤمنات ومن أهل‬
‫الكتاب ‪ ،‬إذا أديتم لن مهورهن قاصدين الزواج ‪ ،‬غي مستبيحي العلقات غي‬
‫الشرعية علنية ‪ ،‬أو بطريق اتاذ اللئل ‪ .‬ومن يحد الدين فقد ضاع ثواب عمله‬
‫الذى كان يظن أنه قرب ‪ ،‬وهو ف الخرة من الالكي ‪.‬‬

‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا ِإذَا قُمُْت ْم ِإلَى الصّلَاةِ فَا ْغسِلُوا ُوجُوهَ ُك ْم وََأْيدَِي ُكمْ ِإلَى الْ َمرَا ِفقِ‬
‫وَا ْمسَحُوا ِبرُءُوسِ ُكمْ َوأَ ْرجُلَ ُك ْم إِلَى اْل َكعْبَيْ ِن َوإِنْ كُنُْت ْم جُنُبًا فَا ّط ّهرُوا وَإِنْ كُ ْنُتمْ َمرْضَى‬

‫‪166‬‬
‫جدُوا مَا ًء فَتََيمّمُوا‬
‫ط َأ ْو لَا َمسُْتمُ الّنسَا َء فَ َلمْ تَ ِ‬
‫أَوْ عَلَى َسفَ ٍر َأوْ جَا َء َأحَ ٌد مِ ْنكُ ْم ِمنَ اْلغَائِ ِ‬
‫ج َعلَ عَلَ ْي ُكمْ ِم ْن حَرَجٍ‬
‫صعِيدًا طَيّبًا فَا ْمسَحُوا ِبوُجُوهِ ُكمْ َوَأيْدِيكُ ْم مِ ْنهُ مَا ُيرِيدُ ال ّل ُه لِيَ ْ‬
‫َ‬
‫وََل ِكنْ ُيرِيدُ لِيُ َط ّهرَ ُكمْ َولِيُِت ّم نِعْمََتهُ َعلَ ْيكُ ْم َلعَلّ ُكمْ َتشْ ُكرُونَ (‪ )6‬وَاذْ ُكرُوا ِنعْ َم َة اللّهِ‬
‫عَلَ ْي ُكمْ َومِيثَاقَ ُه اّلذِي وَاَث َقكُ ْم ِبهِ ِإ ْذ قُلُْتمْ سَ ِمعْنَا َوأَ َطعْنَا وَاّتقُوا اللّ َه إِ ّن ال ّلهَ َعلِيمٌ ِبذَاتِ‬
‫الصّدُورِ (‪)7‬‬

‫‪ -6‬ف أيها الؤمنون ‪ ،‬إذا أردت القيام إل الصلة ول تكونوا متوضئي ‪ ،‬فتوضأوا‬
‫بغسل وجوهكم وأيديكم مع الرافق ‪ ،‬وامسحوا رءوسكم ‪ -‬كلها أو بعضها ‪-‬‬
‫واغسلوا أرجلكم مع الكعبي ‪ .‬وإن كنتم جنبا عند القيام إل الصلة بسب ملمسة‬
‫أزواجكم ‪ ،‬فاغسلوا جيع أبدانكم بالاء ‪ ،‬وأن كنتم مرضى مرضا ينع من استعمال‬
‫الاء ‪ ،‬أو كنتم مسافرين يتعسر عليكم وجود الاء ‪ ،‬أو عند رجوعكم من مكان قضاء‬
‫الاجة ‪ ،‬أو لمستم النساء ول تدوا ماء ‪ ،‬فعليكم بالتيمم بالتراب الطهور ‪ ،‬بسح‬
‫وجوهكم وأيديكم به ‪ .‬ما يريد ال فيما أمركم به أن يضيق عليكم ‪ ،‬ولكنه شرع‬
‫ذلك لتطهيكم ظاهرا وباطنا وليتم نعمه عليكم بالداية والبيان والتيسي ‪ ،‬لتشكروا‬
‫ال على هدايته وتام نعمته بالداومة على طاعته ‪.‬‬
‫‪ -7‬واذكروا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬نعمة ال عليكم ‪ ،‬بدايتكم إل السلم ‪ ،‬وحافظوا‬
‫على تنفيذ عهده الذى عاهدكم عليه حي بايعتم رسوله ‪ -‬ممدا ‪ -‬على السمع‬
‫والطاعة ‪ ،‬واتقوا ال بالحافظة على هذه العهود ‪ ،‬فإنه سبحانه عليم بفيات قلوبكم ‪،‬‬
‫فمجازيكم عليها ‪.‬‬

‫ج ِرمَنّ ُكمْ شََنآَ ُن َقوْمٍ عَلَى َألّا‬


‫ط وَلَا يَ ْ‬
‫ي لِ ّلهِ ُش َهدَاءَ بِاْل ِقسْ ِ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا كُونُوا َقوّامِ َ‬
‫َتعْ ِدلُوا ا ْع ِدلُوا ُه َو َأقْ َربُ لِلّت ْقوَى وَاّتقُوا ال ّلهَ إِنّ ال ّل َه خَبِيٌ بِمَا َتعْمَلُونَ (‪ )8‬وَ َع َد اللّهُ‬
‫ت َلهُ ْم َمغْ ِف َر ٌة وََأ ْجرٌ عَظِيمٌ (‪ )9‬وَاّلذِينَ َك َفرُوا وَ َكذّبُوا‬
‫الّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫صحَابُ الْجَحِيمِ (‪ )10‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اذْ ُكرُوا نِعْ َم َة ال ّلهِ عَلَ ْيكُ ْم ِإذْ‬
‫ِبآَيَاتِنَا أُولَِئكَ أَ ْ‬
‫ف َأْيدَِي ُهمْ عَ ْنكُ ْم وَاّتقُوا اللّ َه وَعَلَى ال ّل ِه فَلْيََتوَ ّكلِ‬
‫هَ ّم َقوْ ٌم أَ ْن يَ ْبسُطُوا ِإلَيْ ُكمْ أَْي ِديَ ُه ْم فَكَ ّ‬
‫الْمُ ْؤمِنُونَ (‪)11‬‬

‫‪167‬‬
‫‪ -8‬يا أيها الؤمنون ‪ ،‬حافظوا مافظة تامة على أداء حقوق ال ‪ ،‬وأدّوا الشهادة بي‬
‫الناس على وجهها الق ‪ ،‬ول يملنكم بغضكم الشديد لقوم على أن تانبوا العدل‬
‫معهم ‪ ،‬بل التزموا العدل ‪ ،‬فهو أقرب سبيل إل خشية ال والبعد عن غضبه ‪ ،‬واخشوا‬
‫ال ف كل أموركم ‪ ،‬فإنه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬عليم بكل ما تفعلون ‪ ،‬ومازيكم عليه ‪.‬‬
‫‪ -9‬تفضل ال فوعد الذين صدّقوا بدينه ‪ ،‬وعملوا العمال الصالة أن يعفو عن‬
‫ذنوبم ‪ ،‬ويزل لم الثواب ‪.‬‬
‫‪ -10‬والذين جحدوا دينه ‪ ،‬وكذبوا بآياته الدالة على وحدانيته ‪ ،‬وصدق رسالته ‪،‬‬
‫فأولئك هم أهل جهنم الخلدون فيها ‪.‬‬
‫‪ -11‬يا أيها الؤمنون ‪ ،‬تذكروا نعمة ال عليكم ف وقت الشدة ‪ ،‬حي همّ قوم ‪-‬‬
‫جاعة من الشركي ‪ -‬أن يفتكوا بكم ‪ ،‬وبرسولكم ‪ ،‬فمنع أذاهم عنكم ‪ ،‬وناكم‬
‫منهم ‪ .‬والزموا تقوى ال ‪ ،‬واعتمدوا عليه وحده ف أموركم ‪ ،‬فهو كافيكم ‪ ،‬وشأن‬
‫الؤمن أن يكون اعتماده على ال وحده دائما ‪.‬‬

‫ش َر َنقِيبًا َوقَا َل اللّ ُه ِإنّي َمعَ ُكمْ لَِئنْ‬


‫ق بَنِي إِ ْسرَائِي َل َوبَعَثْنَا مِ ْنهُ ُم اثْنَيْ َع َ‬
‫وََل َقدْ َأ َخذَ ال ّلهُ مِيثَا َ‬
‫َأقَمُْتمُ الصّلَاةَ وَ َآتَيُْت ُم الزّكَا َة وَ َآمَنُْتمْ بِ ُرسُلِي وَ َعزّ ْرتُمُوهُ ْم َوأَ ْقرَضُْت ُم اللّ َه َقرْضًا حَسَنًا‬
‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا اْلأَْنهَارُ فَ َمنْ َك َفرَ َب ْعدَ َذِلكَ‬
‫َلأُكَ ّفرَنّ عَ ْن ُكمْ سَيّئَاِتكُ ْم َولَُأدْخِلَّن ُكمْ جَنّاتٍ تَ ْ‬
‫ضهِ ْم مِيثَا َقهُ ْم َلعَنّا ُهمْ َوجَعَلْنَا قُلُوَب ُهمْ قَاسَِيةً‬
‫ض ّل َسوَا َء السّبِيلِ (‪ )12‬فَبِمَا َنقْ ِ‬
‫مِنْ ُك ْم َفقَدْ َ‬
‫ض ِع ِه وََنسُوا حَظّا مِمّا ذُ ّكرُوا ِب ِه وَلَا َتزَالُ تَطّ ِلعُ عَلَى خَائَِنةٍ مِ ْن ُهمْ‬
‫ح ّرفُو َن الْكَ ِلمَ َع ْن َموَا ِ‬
‫يُ َ‬
‫حسِنِيَ (‪ )13‬وَ ِم َن الّذِينَ قَالُوا ِإنّا‬
‫ب الْمُ ْ‬
‫ح ّ‬
‫ح إِ ّن ال ّلهَ يُ ِ‬
‫صفَ ْ‬
‫ِإلّا قَلِيلًا مِ ْنهُ ْم فَاعْفُ عَ ْن ُهمْ وَا ْ‬
‫نَصَارَى َأ َخذْنَا مِيثَا َق ُهمْ فََنسُوا حَظّا مِمّا ذُ ّكرُوا ِب ِه َفأَ ْغ َريْنَا بَيَْن ُهمُ اْلعَدَا َوةَ وَالْبَغْضَا َء ِإلَى‬
‫ف يُنَبُّئهُ ُم ال ّلهُ بِمَا كَانُوا يَصَْنعُونَ (‪)14‬‬
‫يَوْ ِم اْلقِيَا َم ِة وَ َسوْ َ‬

‫‪ -12‬إن ال أخذ العهد على بن إسرائيل بالسمع والطاعة ‪ ،‬فأقام عليهم اثن عشر‬
‫رئيسا منهم لتنفيذ العهد ‪ ،‬ووعدهم ال وعدا مؤكدا بأن يكون معهم بالعون والنصر‬
‫إن أدوا الصلة على وجهها ‪ ،‬وآتوا الزكاة الفروضة عليهم ‪ ،‬وصدّقوا برسله جيعا ‪،‬‬
‫ونصروهم ‪ ،‬وأنفقوا ف سبيل الي ‪ ،‬وإذا ما فعلوا ذلك ‪ ،‬تاوز ال عن ذنوبم ‪،‬‬

‫‪168‬‬
‫وأدخلهم جناته الت ترى من تتها النار ‪ ،‬فمن كفر ونقض العهد منهم بعد ذلك ‪،‬‬
‫فقد حاد عن الطريق السوى الستقيم ‪.‬‬
‫‪ -13‬فبسبب نقض بن إسرائيل عهودهم ‪ ،‬استحقوا الطرد من رحة ال ‪ ،‬وصارت‬
‫قلوبم صلبة ل تلي لقبول الق ‪ ،‬وأخذوا يصرفون كلم ال ف التوراة عن معناه ‪ ،‬إل‬
‫ما يوافق أهواءهم ‪ ،‬وتركوا نصيبا وافيا ما أمروا به ف التوراة ‪ ،‬وستظل أيها الرسول‬
‫ترى منهم ألوانا من الغدر ونقض العهد ‪ ،‬إل نفرا قليل منهم آمنوا بك فلم يونوا ول‬
‫يغدروا ‪ .‬فتجاوز أيها الرسول عما فرط من هؤلء ‪ ،‬واصفح وأحسن إليهم ‪ ،‬إن ال‬
‫يب الحسني ‪.‬‬
‫‪ -14‬وكذلك أخذ ال العهد على النصارى ‪ -‬الذين قالوا ‪ :‬إنا نصارى ‪ -‬باليان‬
‫بالنيل وبالوحدانية ‪ ،‬فتركوا نصيبا وافرا ما أُمروا به ف النيل ‪ ،‬فعاقبهم ال على‬
‫ذلك بإثارة العداوة والصومة بينهم ‪ ،‬فصاروا فرقا متعادية إل يوم القيامة ‪ ،‬وسوف‬
‫يبهم ال يومئذ با كانوا يعملون ويازيهم عليه ‪.‬‬

‫ب َويَ ْعفُو‬
‫خفُونَ ِم َن الْكِتَا ِ‬
‫يَا َأ ْهلَ اْلكِتَابِ َق ْد جَاءَ ُكمْ َرسُولُنَا يُبَّي ُن لَ ُكمْ كَثِيًا مِمّا كُنُْت ْم تُ ْ‬
‫ضوَانَهُ‬
‫ب مُبِيٌ (‪َ )15‬يهْدِي ِبهِ ال ّلهُ َم ِن اتّبَعَ رِ ْ‬
‫ي َق ْد جَاءَ ُكمْ ِم َن ال ّلهِ نُو ٌر وَكِتَا ٌ‬
‫َعنْ كَثِ ٍ‬
‫ط ُمسَْتقِيمٍ (‬
‫صرَا ٍ‬
‫ت إِلَى النّو ِر ِبإِ ْذِنهِ َوَيهْدِي ِهمْ ِإلَى ِ‬
‫خ ِر ُجهُ ْم ِمنَ الظّلُمَا ِ‬
‫سُُبلَ السّلَامِ وَيُ ْ‬
‫ك ِمنَ ال ّل ِه شَيْئًا‬
‫ح ابْ ُن َم ْريَ َم ُقلْ فَ َم ْن يَمْ ِل ُ‬
‫‪َ )16‬لقَدْ َك َفرَ اّلذِي َن قَالُوا إِ ّن ال ّلهَ ُه َو الْ َمسِي ُ‬
‫ض جَمِيعًا َولِلّ ِه مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ‬
‫ح اْبنَ َم ْريَ َم َوأُ ّم ُه وَ َم ْن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ك الْ َمسِي َ‬
‫إِ ْن أَرَا َد أَ ْن ُيهْلِ َ‬
‫ت الْيَهُودُ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا َيخْ ُلقُ مَا َيشَاءُ وَال ّلهُ عَلَى ُك ّل َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪َ )17‬وقَالَ ِ‬
‫وَاْلأَرْ ِ‬
‫حنُ أَبْنَا ُء ال ّلهِ َوَأحِبّا ُؤهُ ُق ْل فَ ِلمَ يُ َع ّذبُ ُكمْ ِب ُذنُوِبكُ ْم َبلْ َأنُْت ْم َبشَ ٌر مِ ّم ْن خَ َلقَ‬
‫وَالنّصَارَى نَ ْ‬
‫ض َومَا بَيَْنهُمَا وَِإلَ ْيهِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ك السّمَاوَا ِ‬
‫َيغْ ِفرُ لِ َمنْ َيشَا ُء َويُ َع ّذبُ َم ْن َيشَا ُء َولِ ّلهِ مُ ْل ُ‬
‫الْمَصِيُ (‪)18‬‬

‫‪ -15‬يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا ‪ -‬ممد ‪ -‬داعيا إل الق ‪ ،‬يظهر لكم كثيا‬
‫ما كنتم تكتمونه من التوراة والنيل ‪ ،‬ويدع كثيا ما أخفيتموه مِمّا ل تدع الاجة إل‬
‫إظهاره ‪ ،‬قد جاءكم من عند ال شريعة كاملة هى نور ف ذاتا ‪ ،‬ويبيّنها كتاب واضح‬

‫‪169‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -16‬يهدى ال بذا الكتاب إل سبيل النجاة من اته إل مرضاته ‪ ،‬ويرجهم من‬
‫ظلمات الكفر إل نور اليان بتوفيقه ‪ ،‬ويرشدهم إل طريق الق ‪.‬‬
‫‪ -17‬لقد كفر الذين زعموا ‪ -‬باطل ‪ -‬أن ال هو السيح ابن مري ‪ ،‬فقل ‪-‬أيها‬
‫الرسول ‪ -‬لؤلء الجترئي على مقام اللوهية ‪ :‬ل يستطيع أحد أن ينع مشيئة ال إن‬
‫أراد أن يهلك عيسى وأمه ‪ ،‬ويهلك جيع مَن ف الرض فإن ل ‪ -‬وحده ‪ -‬ملك‬
‫السموات والرض وما بينهما ‪ ،‬يلق ما يشاء على أى مثال أراد ‪ ،‬وال عظيم القدرة‬
‫ل يعجزه شئ ‪.‬‬
‫‪ -18‬وقالت اليهود والنصارى ‪ :‬إننا الفضلون ‪ ،‬لننا أبناء ال والحببون لديه فقل لم‬
‫‪ -‬أيها الرسول ‪ : -‬فلماذا يعذبكم بذنوبكم ‪ ،‬ويصليكم نار جهنم؟ لقد كذبتم لنكم‬
‫كسائر البشر ملوقون وماسبون على أعمالكم ‪ ،‬وبيد ال ‪ -‬وحده ‪ -‬الغفرة لن يشاء‬
‫أن يغفر له ‪ ،‬والعذاب لن يشاء أن يعذبه ‪ ،‬لن ل ملك السموات والرض وما بينهما‬
‫‪ ،‬وإليه النتهى ‪.‬‬

‫يَا َأ ْهلَ اْلكِتَابِ َق ْد جَاءَ ُكمْ َرسُولُنَا يُبَّي ُن لَ ُكمْ عَلَى فَ ْت َرةٍ ِم َن ال ّر ُسلِ أَ ْن َتقُولُوا مَا جَا َءنَا‬
‫ي َولَا َنذِي ٍر َفقَ ْد جَاءَ ُكمْ َبشِيٌ َوَنذِي ٌر وَال ّلهُ عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ )19‬وَِإ ْذ قَالَ‬
‫ِمنْ َبشِ ٍ‬
‫مُوسَى ِلقَ ْو ِمهِ يَا َقوْ ِم اذْكُرُوا ِنعْ َم َة اللّهِ عَلَ ْي ُك ْم ِإذْ َج َعلَ فِي ُكمْ َأنْبِيَا َء وَ َجعَ َلكُ ْم مُلُوكًا‬
‫ض الْ ُمقَ ّدسَ َة الّتِي كََتبَ‬
‫ت أَ َحدًا ِم َن الْعَالَمِيَ (‪ )20‬يَا َقوْ ِم ادْخُلُوا اْلأَرْ َ‬
‫وَ َآتَاكُ ْم مَا َل ْم ُيؤْ ِ‬
‫اللّ ُه َلكُ ْم َولَا َترَْتدّوا عَلَى َأدْبَارِ ُك ْم فَتَ ْنقَلِبُوا خَا ِسرِينَ (‪ )21‬قَالُوا يَا مُوسَى إِ ّن فِيهَا َق ْومًا‬
‫خ ُرجُوا مِ ْنهَا َفإِنّا دَاخِلُونَ (‪ )22‬قَالَ‬
‫خ ُرجُوا مِ ْنهَا َفإِ ْن يَ ْ‬
‫جَبّارِي َن وَِإنّا َل ْن َندْخُ َلهَا حَتّى يَ ْ‬
‫ب َفِإذَا َدخَلْتُمُوهُ َفِإنّ ُكمْ‬
‫َرجُلَانِ ِم َن الّذِينَ يَخَافُو َن َأنْ َعمَ ال ّلهُ عَلَ ْيهِمَا ادْخُلُوا عَلَ ْي ِهمُ الْبَا َ‬
‫غَالِبُونَ وَعَلَى اللّ ِه فََتوَكّلُوا إِنْ كُنُْت ْم ُمؤْمِِنيَ (‪)23‬‬

‫‪ -19‬يا أهل الكتاب قد جاءتكم رسالة رسولنا الذى يظهر لكم الق ‪ ،‬بعد إذ توقفت‬
‫الرسالت فترة من الزمن ‪ ،‬حت ل تعتذروا عن كفركم بأن ال ل يبعث إليكم مبشّرا‬
‫ول منذرا ‪ ،‬ها هو ذا قد أتاكم بشيٌ ونذيرٌ ‪ ،‬وال هو القادر على كل أمر ‪ -‬ومنه ‪:‬‬

‫‪170‬‬
‫إنزال الرسالت ‪ -‬وماسبكم على ما كان منكم ‪.‬‬
‫‪ -20‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬حينما قال موسى لقومه ‪ :‬يا قوم اذكروا بالشكر‬
‫والطاعة نعم ال عليكم ‪ ،‬حيث اختار منكم أنبياء كثيين ‪ ،‬وجعلكم أعزة كاللوك ‪،‬‬
‫بعد أن كنتم أذلّء ف ملكة فرعون ‪ ،‬ومنحكم من النعم الخرى ما ل يؤت أحدا‬
‫غيكم من العالي ‪.‬‬
‫‪ -21‬يا قوم أطيعوا أمر ال ‪ ،‬فادخلوا الرض القدسة الت قدّر ال عليكم دخولا ‪،‬‬
‫ول تتراجعوا أمام أهلها البارين ‪ ،‬فتعودوا خاسرين نصر ال ورضوانه ‪.‬‬
‫‪ -22‬قال بنو إسرائيل مالفي أمر ال ‪ :‬يا موسى ‪ ،‬إن ف هذه الرض جبابرة ل طاقة‬
‫لنا بم ‪ ،‬فلن ندخلها ما داموا فيها ‪ ،‬فإذا ما خرجوا منها دخلناها ‪.‬‬
‫‪ -23‬قال رجلن من نقبائهم الذين يشون ال ‪ ،‬وأنعم ال عليهما باليان والطاعة ‪:‬‬
‫ادخلوا ‪ -‬أيها القوم ‪ -‬على البارين باب الدينة مفاجئي ‪ ،‬فإذا فعلتم ذلك فإنكم‬
‫منتصرون عليهم ‪ ،‬وتوكلوا على ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ف كل أموركم إن كنتم صادقى‬
‫اليان ‪.‬‬

‫ب َأنْتَ وَرَّبكَ فَقَاتِلَا ِإنّا هَاهُنَا‬


‫قَالُوا يَا مُوسَى ِإنّا َلنْ َن ْدخُ َلهَا َأبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَا ْذهَ ْ‬
‫ق بَيْنَنَا َوبَ ْينَ اْلقَوْ ِم اْلفَا ِسقِيَ‬
‫ك ِإلّا َن ْفسِي وََأخِي فَافْرُ ْ‬
‫قَا ِعدُونَ (‪ )24‬قَالَ َربّ ِإنّي لَا َأمْلِ ُ‬
‫ض فَلَا َتأْسَ عَلَى الْ َقوْمِ‬
‫ي سََن ًة يَتِيهُو َن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ح ّر َمةٌ عَلَ ْي ِهمْ أَ ْربَعِ َ‬
‫(‪ )25‬قَا َل َفإِّنهَا مُ َ‬
‫حقّ ِإ ْذ َق ّربَا ُقرْبَانًا فَُتقُّبلَ ِم ْن َأحَ ِدهِمَا َوَلمْ‬
‫الْفَا ِسقِيَ (‪ )26‬وَاتْلُ عَلَ ْي ِه ْم نََبأَ ابَْنيْ َآدَ َم بِالْ َ‬
‫ت ِإلَيّ‬
‫ك قَا َل ِإنّمَا يََتقَّبلُ ال ّل ُه ِمنَ الْمُّتقِيَ (‪ )27‬لَِئ ْن َبسَطْ َ‬
‫يَُتقَبّ ْل ِمنَ اْل َآخَ ِر قَا َل َلأَقْتُلَّن َ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪)28‬‬
‫ف اللّهَ َر ّ‬
‫ك ِإنّي أَخَا ُ‬
‫ك ِلَأقْتُلَ َ‬
‫ي ِإلَيْ َ‬
‫ط يَدِ َ‬
‫َيدَكَ لَِتقْتُلَنِي مَا َأنَا بِبَاسِ ٍ‬

‫‪ -24‬فأصروا على الخالفة ‪ ،‬وقالوا ‪ :‬يا موسى ‪ ،‬إنا معتزمون أل ندخل هذه الرض‬
‫أبدا ‪ ،‬ما دام فيها البارون ‪ ،‬فدعنا نن ‪ ،‬فليس لك علينا من سلطان ‪ ،‬واذهب أنت‬
‫وربك فقاتل البارين ‪ ،‬فإنا ف هذا الكان مقيمون ‪.‬‬
‫ب ل سلطان ل إل على نفسى وأخى ‪،‬‬
‫ل‪:‬ر ّ‬
‫‪ -25‬حي ذلك فزع موسى إل ربه قائ ً‬
‫فاقض بعدلك بيننا وبي هؤلء العاندين ‪.‬‬

‫‪171‬‬
‫‪ -26‬فاستجاب ال لوسى ‪ ،‬وحرّم على أولئك الخالفي دخول هذه الرض طيلة‬
‫أربعي عاما ‪ ،‬يضلّون ف الصحراء ل يهتدون إل جهة ‪ .‬قال ال لوسى يواسيه ‪ :‬ل‬
‫تزن على ما أصابم ‪ ،‬فإنم فاسقون خارجون عن أمر ال ‪.‬‬
‫‪ -27‬وإن حب العتداء ف طبيعة بعض الناس ‪ ،‬فاقرأ ‪ -‬أيها النب ‪ -‬على اليهود ‪-‬‬
‫وأنت صادق ‪ -‬خب هابيل وقابيل ابن آدم ‪ ،‬حي تقرّب كل منهما إل ال بشئ ‪،‬‬
‫فتقبل ال قربان أحدها لخلصه ‪ ،‬ول يتقبل من الخر لعدم إخلصه ‪ ،‬فحسد أخاه‬
‫وتوعده بالقتل حقدا عليه ‪ ،‬فرد عليه أخوه مبينا له أن ال ل يتقبل العمل إل من‬
‫التقياء الخلصي ف تقربم ‪.‬‬
‫‪ -28‬وقال له ‪ :‬لئن أغواك الشيطان فمددت يدك نوى لتقتلن ‪ ،‬فلن أعاملك‬
‫بالثل ‪ ،‬ولن أمد يدى إليك لقتلك ‪ ،‬لن أخاف عذاب رب ‪ ،‬وهو ال رب العالي ‪.‬‬

‫ك جَزَا ُء الظّالِ ِميَ (‪)29‬‬


‫ب النّا ِر َو َذلِ َ‬
‫ِإنّي أُرِي ُد أَ ْن تَبُو َء بِِإثْمِي وَِإثْ ِمكَ فََتكُونَ مِ ْن أَصْحَا ِ‬
‫ث ال ّلهُ ُغرَابًا يَ ْبحَثُ‬
‫سهُ قَ ْت َل َأخِي ِه َفقَتَ َلهُ َفأَصْبَحَ مِ َن الْخَا ِسرِينَ (‪ )30‬فََبعَ َ‬
‫ت َلهُ َن ْف ُ‬
‫فَ َطوّعَ ْ‬
‫ت أَ ْن أَكُونَ مِ ْثلَ َهذَا‬
‫جزْ ُ‬
‫ف ُيوَارِي سَ ْوَأ َة أَخِي ِه قَا َل يَا َويْلَتَا أَ َع َ‬
‫فِي اْلأَرْضِ لُِيرَِيهُ كَيْ َ‬
‫ح ِم َن النّا ِدمِيَ (‪ِ )31‬منْ َأ ْجلِ َذِلكَ كََتبْنَا عَلَى بَنِي‬
‫ب َفأُوَارِيَ سَ ْوَأةَ َأخِي َفأَصْبَ َ‬
‫الْ ُغرَا ِ‬
‫ض َف َكأَنّمَا قََتلَ النّاسَ جَمِيعًا َومَنْ‬
‫س َأوْ َفسَادٍ فِي اْلأَرْ ِ‬
‫إِ ْسرَائِي َل َأنّ ُه َمنْ قََت َل َن ْفسًا ِبغَ ْيرِ َنفْ ٍ‬
‫س جَمِيعًا َولَ َق ْد جَا َءْت ُهمْ ُرسُلُنَا بِالْبَيّنَاتِ ثُ ّم إِنّ كَثِيًا مِ ْن ُهمْ َب ْعدَ‬
‫أَحْيَاهَا َفكََأنّمَا أَحْيَا النّا َ‬
‫سرِفُونَ (‪)32‬‬
‫ك فِي اْلأَرْضِ لَ ُم ْ‬
‫َذلِ َ‬

‫‪ -29‬إن لن أقاومك حي تقتلن ‪ ،‬لتحمل ذنب قتلك ل ‪ ،‬مع ذنبك ف عدم‬


‫إخلصك ل من قبل ‪ ،‬وبذلك تستحق أن تكون ف الخرة من أهل النار ‪ ،‬وذلك‬
‫جزاء عادل من ال لكل ظال ‪.‬‬
‫‪ -30‬فسهّلت له نفسه أن يالف الفطرة ‪ ،‬وأن يقتل أخاه ‪ ،‬وقتله ‪ ،‬فصار ف حكم‬
‫ال من الاسرين ‪ ،‬إذ خسر إيانه وخسر أخاه ‪.‬‬
‫‪ -31‬بعد قتله أصابته حسرة وحية ‪ ،‬ول يدر ما يصنع بثته ‪ ،‬فأرسل ال غرابا ينبش‬
‫تراب الرض ليدفن غرابا ميتا ‪ ،‬حت ُيعَلّم ذلك القاتل كيف يستر جثة أخيه ‪ ،‬فقال‬

‫‪172‬‬
‫حسّا بوبال ما ارتكب ‪ ،‬متحسرا على جريته ‪ :‬أعجزت عن أن أكون مثل‬
‫القاتل مُ ِ‬
‫هذا الغراب فأستر جثة أخى؟! فصار من النادمي على جرمه ومالفته دواعى الفطرة ‪.‬‬
‫‪ -32‬بسبب ذلك الطغيان وحب العتداء ف بعض النفوس أوجبنا قتل العتدى ‪ ،‬لنه‬
‫من قتل نفسا بغي ما يوجب القصاص ‪ ،‬أو بغي فساد منها ف الرض ‪ ،‬فكأنه قتل‬
‫الناس جيعا ‪ ،‬لنه هتك حرمة دمائهم ‪ ،‬وجرّأ عليها غيه ‪ ،‬وقتل النفس الواحدة‬
‫كقتل الميع ف استجلب غضب ال وعذابه ‪ ،‬ومن أحياها بالقصاص لا ‪ ،‬فكأنا أحيا‬
‫الناس كلهم ‪ ،‬لصيانته دماء البشر ‪ ،‬فيستحق عليهم عظيم الثواب من ربه ‪ .‬ولقد‬
‫أرسلنا إليهم رسلنا مؤكدين حكمنا لم بالدلة والباهي ‪ ،‬ث إن كثيا من بن إسرائيل‬
‫بعد ذلك البيان الؤكد أسرفوا ف إفسادهم ف الرض ‪.‬‬

‫ض َفسَادًا أَ ْن ُيقَتّلُوا َأوْ يُصَلّبُوا‬


‫س َعوْنَ فِي الْأَرْ ِ‬
‫ِإنّمَا َجزَاءُ اّلذِي َن يُحَا ِربُونَ ال ّل َه وَرَسُولَ ُه َويَ ْ‬
‫ك َلهُ ْم ِخزْيٌ فِي ال ّدنْيَا‬
‫ض َذلِ َ‬
‫ف َأوْ يُ ْن َفوْا ِمنَ اْلأَرْ ِ‬
‫أَ ْو ُتقَطّ َع َأْيدِي ِهمْ َوأَ ْرجُلُ ُه ْم ِمنْ خِلَا ٍ‬
‫وََل ُهمْ فِي الْ َآ ِخرَةِ َعذَابٌ عَظِيمٌ (‪ِ )33‬إلّا الّذِينَ تَابُوا ِمنْ قَ ْب ِل أَ ْن َتقْدِرُوا عَلَ ْي ِهمْ فَاعْلَمُوا‬
‫أَنّ ال ّلهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )34‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا اتّقُوا ال ّلهَ وَابَْتغُوا ِإلَ ْيهِ اْل َوسِيلَ َة َوجَاهِدُوا‬
‫فِي سَبِي ِلهِ لَعَ ّل ُكمْ ُتفْلِحُونَ (‪)35‬‬

‫‪ -33‬إنا عقاب الذين ياربون ال ورسوله ‪ ،‬بروجهم على نظام الكم وأحكام‬
‫الشرع ‪ ،‬ويفسدون ف الرض بقطع الطريق أو انتهاب الموال ‪ :‬أن يُقْتَلوا بن قتلوا ‪،‬‬
‫وأن يُصلبوا إذا قتلوا وغصبوا الال ‪ ،‬وأن تُقطّع أيديهم وأرجلهم من خلف إذا قطعوا‬
‫الطريق وغصبوا الال ول يقتلوا ‪ ،‬وأن يُنفوا من بلد إل بلد ‪ ،‬وأن يُحبسوا إذا أخافوا‬
‫فقط ‪ .‬ذلك العقاب ذل لم وإهانة ف الدنيا ‪ ،‬ولم ف الخرة عذاب عظيم وهو‬
‫عذاب النار ‪.‬‬
‫‪ -34‬إل الذين تابوا من هؤلء الحاربي للنظام وقطاع الطريق من قبل أن تقدروا‬
‫عليهم وتتمكنوا منهم ‪ ،‬فإن عقوبة ال الذكورة تسقط عنهم وتبقى عليهم حقوق‬
‫العباد ‪ ،‬واعلموا أن ال واسع الغفرة والرحة ‪.‬‬
‫‪ -35‬يا أيها الذين آمنوا ‪ ،‬خافوا ال باجتناب نواهيه وإطاعة أوامره ‪ ،‬واطلبوا ما‬

‫‪173‬‬
‫يقرّبكم إل ثوابه ‪ ،‬من فعل الطاعات واليات ‪ ،‬وجاهدوا ف سبيله بإعلء دينه‬
‫وماربة أعدائه ‪ ،‬لعلكم تفوزون بكرامته وثوابه ‪.‬‬

‫ب َيوْمِ‬
‫ض جَمِيعًا َومِثْ َلهُ َم َعهُ لَِيفَْتدُوا ِبهِ ِمنْ َعذَا ِ‬
‫إِنّ اّلذِينَ َك َفرُوا َلوْ أَ ّن َل ُهمْ مَا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫خ ُرجُوا ِمنَ النّا ِر وَمَا هُمْ‬
‫ب َألِيمٌ (‪ُ )36‬يرِيدُونَ أَ ْن يَ ْ‬
‫الْقِيَامَ ِة مَا ُتقُّبلَ مِ ْنهُ ْم َولَ ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫ق وَالسّا ِرقَ ُة فَاقْطَعُوا َأْيدَِيهُمَا جَزَا ًء بِمَا‬
‫ب ُمقِيمٌ (‪ )37‬وَالسّارِ ُ‬
‫ي مِ ْنهَا َولَ ُهمْ َعذَا ٌ‬
‫بِخَا ِرجِ َ‬
‫ح َفإِنّ ال ّلهَ‬
‫َكسَبَا نَكَالًا ِمنَ ال ّلهِ وَال ّلهُ َعزِي ٌز حَكِيمٌ (‪ )38‬فَ َم ْن تَابَ مِ ْن َب ْعدِ ظُلْ ِم ِه وَأَصْ َل َ‬
‫ت وَاْلأَرْضِ‬
‫ك السّمَاوَا ِ‬
‫يَتُوبُ عَلَ ْي ِه إِ ّن اللّهَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪َ )39‬ألَ ْم َتعْلَ ْم أَ ّن اللّ َه َلهُ مُ ْل ُ‬
‫ُيعَ ّذبُ َم ْن َيشَا ُء َوَي ْغفِ ُر لِ َم ْن َيشَا ُء وَال ّلهُ َعلَى ُك ّل َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)40‬‬

‫‪ -36‬إن الذين كفروا لو كان عندهم ما ف الرض جيعا من صنوف الموال وغيها‬
‫من مظاهر الياة ‪ ،‬وكان لم مثل ما ف الرض فوق ما فيها ‪ ،‬وأرادوا أن يعلوه فدية‬
‫لنفسهم من عذاب ال ‪ .‬يوم القيامة على كفرهم ما نفعهم الفتداء بذا كله ‪ ،‬ول‬
‫قبل ال منهم ذلك ‪ ،‬فل سبيل إل خلصهم من العقاب ‪ ،‬ولم عذاب مؤل شديد ‪.‬‬
‫‪ -37‬يتمن هؤلء الكافرون أن يرجوا من النار ‪ ،‬وهم لن يرجوا منها ‪ ،‬ولم عذاب‬
‫دائم مستمر ‪.‬‬
‫‪ -38‬والذى يسرق ‪ ،‬والت تسرق ‪ ،‬اقطعوا أيديهما جزاء با ارتكبا ‪ ،‬عقوبة لما ‪،‬‬
‫وزجرا وردعا لغيها ‪ .‬وذلك الكم لما من ال ‪ ،‬وال غالب على أمره ‪ ،‬حكيم ف‬
‫تشريعه ‪ ،‬يضع لكل جرية ما تستحق من عقاب رادع مانع من شيوعها ‪.‬‬
‫‪ -39‬فمن تاب من بعد اعتدائه وأصلح عمله واستقام ‪ ،‬فإن ال يتقبل توبته ‪ ،‬إن ال‬
‫واسع الغفرة والرحة ‪.‬‬
‫‪ -40‬اعلم ‪ -‬أيها الكلف ‪ -‬علما يقينيا أن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬له كل ما ف السموات‬
‫والرض ‪ ،‬يعذب من يشاء تعذيبه بكمته وقدرته ‪ ،‬ويغفر لن يشاء أن يغفر له بكمته‬
‫ورحته ‪ ،‬وال على كل شئ قدير ‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫ح ُزْنكَ اّلذِي َن ُيسَارِعُو َن فِي اْل ُكفْ ِر ِمنَ اّلذِي َن قَالُوا َآمَنّا ِبَأفْوَاهِ ِه ْم وََلمْ‬
‫يَا َأّيهَا الرّسُو ُل لَا يَ ْ‬
‫تُ ْؤ ِمنْ قُلُوُبهُ ْم َو ِمنَ اّلذِي َن هَادُوا سَمّاعُو َن لِلْ َك ِذبِ سَمّاعُو َن ِلقَوْمٍ َآخَرِينَ َل ْم َيأْتُوكَ‬
‫خذُو ُه وَإِ ْن َلمْ تُ ْؤَتوْ ُه فَا ْحذَرُوا‬
‫ضعِ ِه َيقُولُونَ إِ ْن أُوتِيُتمْ َهذَا فَ ُ‬
‫ح ّرفُو َن الْكَ ِل َم ِمنْ َب ْعدِ َموَا ِ‬
‫يُ َ‬
‫وَ َم ْن ُيرِ ِد ال ّلهُ فِتْنََت ُه فَ َل ْن تَمْ ِلكَ َل ُه ِمنَ ال ّلهِ شَيْئًا أُولَِئكَ اّلذِي َن َلمْ ُي ِردِ ال ّل ُه أَ ْن يُ َطهّرَ‬
‫قُلُوَب ُهمْ َل ُهمْ فِي ال ّدنْيَا ِخزْيٌ وََل ُهمْ فِي اْل َآخِ َرةِ َعذَابٌ َعظِيمٌ (‪ )41‬سَمّاعُو َن لِ ْلكَ ِذبِ‬
‫ت َفإِ ْن جَاءُو َك فَاحْ ُكمْ بَيَْن ُه ْم أَ ْو أَ ْعرِضْ َع ْنهُ ْم َوإِنْ تُ ْعرِضْ عَ ْن ُه ْم فَ َلنْ‬
‫أَكّالُو َن لِلسّحْ ِ‬
‫ب الْ ُمقْسِ ِطيَ (‪)42‬‬
‫ح ّ‬
‫ط إِ ّن ال ّلهَ يُ ِ‬
‫ت فَا ْحكُ ْم بَيَْن ُهمْ بِالْ ِقسْ ِ‬
‫ضرّو َك شَيْئًا وَإِ ْن َحكَمْ َ‬
‫يَ ُ‬
‫حكّمُوَنكَ وَعِ ْن َد ُهمُ الّتوْرَاةُ فِيهَا حُ ْكمُ ال ّلهِ ُث ّم يََتوَّلوْ َن ِمنْ َب ْعدِ َذِلكَ َومَا أُولَئِكَ‬
‫ف يُ َ‬
‫وَكَيْ َ‬
‫بِالْ ُم ْؤمِنِيَ (‪)43‬‬

‫‪ -41‬يا أيها الرسول ل يزنك صنع الكافرين الذين ينتقلون ف مراتب الكفر من‬
‫أدناها إل أعلها ‪ ،‬مسارعي فيها ‪ ،‬من هؤلء الخادعي الذين قالوا ‪ :‬آمنا بألسنتهم‬
‫ول تذعن للحق قلوبم ‪ ،‬ومن اليهود الذين يكثرون الستماع إل مفتريات أحبارهم‬
‫ويستجيبون لا ‪ ،‬ويكثرون الستماع والستجابة لطائفة منهم ول يضروا ملسك‬
‫تكبا وبغضا ‪ ،‬وهؤلء يبدلون ويرفون ما جاء ف التوراة من بعد أن أقامه ال‬
‫وأحكمه ف مواضعه ‪ ،‬ويقولون لتباعهم ‪ :‬إن أوتيتم هذا الكلم الحرّف البدّل‬
‫فاقبلوه وأطيعوه ‪ ،‬وإن ل يأتكم فاحذروا أن تقبلوا غيه ‪ ،‬فل تزن ‪ ،‬فمن يرد ال‬
‫ضلله لنغلق قلبه فلن تستطيع أن تديه أو أن تنفعه بشئ ل يرده ال له ‪ ،‬وأولئك‬
‫هم الذين أسرفوا ف الضلل والعناد ل يرد ال أن يطهر قلوبم من دنس القد والعناد‬
‫والكفر ‪ ،‬ولم ف الدنيا ذل بالفضيحة والزية ‪ ،‬ولم ف الخرة عذاب شديد عظيم ‪.‬‬
‫‪ -42‬هم كثيو الستماع للفتراء ‪ ،‬كثيو الكل للمال الرام الذى ل بركة فيه ‪،‬‬
‫كالرشوة والربا وغيها ‪ ،‬فإن جاءوك لتحكم بينهم فاحكم بينهم إذا رأيت الصلحة‬
‫ف ذلك ‪ ،‬أو أعرض عنهم ‪ ،‬وإن تعرض عنهم فلن يضروك بأى قدر من الضرر ‪ ،‬لن‬
‫ال عاصمك من الناس ‪ ،‬وإن حكمت بينهم فاحكم بالعدل الذى أمر ال به ‪ ،‬إن ال‬
‫يب العادلي فيحفظهم ويثيبهم ‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫‪ -43‬عجبا لم! كيف يطلبون حكمك ‪ ،‬مع أن حكم ال منصوص عليه عندهم ف‬
‫التوراة؟! والعجب من أمرهم أنم يعرضون عن حكمك إذا ل يوافق هواهم ‪ ،‬مع أنه‬
‫الوافق لا ف كتابم ‪ ،‬وهؤلء ليسوا من الؤمني الذين يذعنون للحق ‪.‬‬

‫ح ُكمُ ِبهَا النّبِيّو َن الّذِينَ َأسْلَمُوا لِ ّلذِينَ هَادُوا‬


‫ِإنّا َأنْ َزلْنَا الّتوْرَاةَ فِيهَا هُدًى َونُو ٌر يَ ْ‬
‫خشَوُا‬
‫ب ال ّلهِ وَكَانُوا عَلَ ْي ِه ُشهَدَا َء فَلَا َت ْ‬
‫حفِظُوا ِمنْ كِتَا ِ‬
‫وَال ّربّانِيّونَ وَالَْأحْبَارُ بِمَا اسْتُ ْ‬
‫ح ُكمْ بِمَا َأْنزَلَ ال ّل ُه َفأُولَِئكَ ُهمُ‬
‫س وَا ْخشَوْ ِن َولَا َتشَْترُوا ِبآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا َو َمنْ َل ْم يَ ْ‬
‫النّا َ‬
‫ف بِاْلَأنْفِ‬
‫الْكَا ِفرُونَ (‪ )44‬وَكَتَبْنَا عَلَ ْي ِه ْم فِيهَا أَ ّن الّنفْسَ بِالّنفْسِ وَاْلعَيْ َن بِالْعَ ْي ِن وَاْلأَنْ َ‬
‫ق ِب ِه َفهُوَ َكفّا َرةٌ َل ُه َومَ ْن َلمْ‬
‫صدّ َ‬
‫ح قِصَاصٌ فَ َم ْن تَ َ‬
‫جرُو َ‬
‫سنّ وَالْ ُ‬
‫س ّن بِال ّ‬
‫وَاْلُأذُنَ بِالُْأذُ ِن وَال ّ‬
‫ك ُهمُ الظّالِمُونَ (‪َ )45‬وقَفّيْنَا عَلَى َآثَا ِرهِ ْم ِبعِيسَى ابْ ِن َمرَْيمَ‬
‫حكُ ْم بِمَا َأنْ َزلَ ال ّل ُه َفأُولَئِ َ‬
‫يَ ْ‬
‫ص ّدقًا لِمَا بَ ْينَ َي َديْهِ‬
‫صدّقًا لِمَا بَ ْي َن َيدَْي ِه ِمنَ الّتوْرَا ِة وَ َآتَيْنَاهُ اْلِإنْجِيلَ فِيهِ ُهدًى َونُورٌ َومُ َ‬
‫مُ َ‬
‫ح ُكمْ َأ ْهلُ اْلإِنْجِي ِل بِمَا َأْنزَ َل اللّ ُه فِيهِ َو َمنْ‬
‫ِمنَ الّتوْرَا ِة َوهُدًى َومَوْعِ َظ ًة لِلْمُّتقِيَ (‪َ )46‬ولْيَ ْ‬
‫ح ُكمْ بِمَا َأْنزَ َل اللّ ُه َفأُولَِئكَ ُه ُم الْفَا ِسقُونَ (‪)47‬‬
‫َلمْ يَ ْ‬

‫‪ -44‬إنا أنزلنا التوراة على موسى فيها هداية إل الق ‪ ،‬وبيان مني للحكام الت يكم‬
‫با النبيون ‪ ،‬والذين أخلصوا نفوسهم لربم ‪ ،‬والعلماء السالكون طريقة النبياء‬
‫والذين عهد إليهم أن يفظوا كتابم من التبديل ‪ ،‬حرسا عليه ‪ ،‬شاهدين بأنه الق ‪.‬‬
‫فل تافوا الناس ف أحكامكم ‪ ،‬وخافون أنا ربكم رب العالي ‪ ،‬ول تستبدلوا بآياتى‬
‫ل من متاع الدنيا ‪ ،‬كالرشوة والاه ‪ ،‬ومن ل يكم با أنزل ال من‬
‫الت أنزلتها ثنا قلي ً‬
‫شرائع مستهيني با ‪ ،‬فهم من الكافرين ‪.‬‬
‫‪ -45‬وفرضنا على اليهود ف التوراة شرعة القصاص ‪ ،‬لنحفظ با حياة الناس فحكمنا‬
‫بأن تؤخذ النفس بالنفس ‪ ،‬والعي بالعي ‪ ،‬والنف بالنف ‪ ،‬والذن بالذن ‪ ،‬والسن‬
‫بالسن ‪ ،‬والروح يقتص فيها إذا أمكن ‪ .‬فمن عفا وتصدق بقه ف القصاص على‬
‫الان ‪ ،‬كان هذا التصدق كفارة له ‪ ،‬يحو ال با قدرا من ذنوبه ‪ .‬ومن ل يكم با‬
‫أنزل ال من القصاص وغيه ‪ ،‬فأولئك هم الظالون ‪.‬‬
‫‪ -46‬وأرسلنا من بعد هؤلء النبيي عيسى ابن مري ‪ ،‬متبعا طريقهم ‪ ،‬مصدّقا لا سبقه‬

‫‪176‬‬
‫من التوراة ‪ ،‬وأنزلنا عليه النيل فيه هداية إل الق ‪ ،‬وبيان للحكام ‪ ،‬وأنزلناه مصدقا‬
‫لا سبقه وهى التوراة ‪ ،‬وفيها هداية إل الق وموعظة للمتقي ‪.‬‬
‫‪ -47‬وأمرنا أتباع عيسى وأصحاب النيل بأن يكموا با أنزل ال فيه من أحكام ‪،‬‬
‫ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الارجون التمردون على شريعة ال ‪.‬‬

‫ب َومُهَيْمِنًا عَلَ ْيهِ فَاحْ ُكمْ‬


‫ص ّدقًا لِمَا بَ ْينَ يَ َدْيهِ ِم َن الْكِتَا ِ‬
‫حقّ مُ َ‬
‫ب بِالْ َ‬
‫ك الْكِتَا َ‬
‫وََأْن َزلْنَا ِإلَيْ َ‬
‫ح ّق لِ ُك ّل جَعَلْنَا مِنْ ُك ْم شِرْ َعةً‬
‫بَيَْنهُ ْم بِمَا َأنْ َزلَ ال ّل ُه وَلَا تَتّبِ ْع َأهْوَا َء ُهمْ عَمّا جَاءَكَ مِ َن الْ َ‬
‫جعَلَ ُكمْ أُ ّم ًة وَا ِحدَ ًة َولَ ِك ْن لِيَبْ ُلوَكُ ْم فِي مَا َآتَا ُكمْ فَاسْتَِبقُوا‬
‫وَمِ ْنهَاجًا وََل ْو شَا َء ال ّلهُ َل َ‬
‫الْخَ ْيرَاتِ إِلَى ال ّل ِه َمرْ ِجعُ ُكمْ جَمِيعًا فَيُنَبُّئ ُكمْ بِمَا كُنُْت ْم فِيهِ تَخْتَ ِلفُونَ (‪َ )48‬وأَنِ ا ْح ُكمْ‬
‫ض مَا أَْن َزلَ ال ّلهُ ِإلَ ْيكَ‬
‫بَيَْنهُ ْم بِمَا َأنْ َزلَ ال ّل ُه وَلَا تَتّبِ ْع َأهْوَا َء ُهمْ وَا ْحذَ ْر ُهمْ أَ ْن َيفْتِنُوكَ َع ْن بَعْ ِ‬
‫س َلفَا ِسقُونَ‬
‫َفإِنْ َت َولّوْا فَاعْ َلمْ َأنّمَا ُيرِيدُ ال ّل ُه أَنْ يُصِيَبهُ ْم بَِبعْضِ ذُنُوبِ ِه ْم وَإِنّ كَِثيًا ِم َن النّا ِ‬
‫(‪)49‬‬

‫‪ -48‬وأنزلنا إليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬الكتاب الكامل ‪ ،‬وهو القرآن ‪ ،‬ملزما القّ ف‬
‫كل أحكامه وأنبائه ‪ ،‬موافقا ومصدّقا لا سبقه من كتبنا ‪ ،‬وشاهدا عليها بالصحة ‪،‬‬
‫ورقيبا عليها بسبب حفظه من التغيي ‪ .‬فاحكم بي أهل الكتاب إذا تاكموا إليك با‬
‫أنزل ال عليك ‪ ،‬ول تتبع ف حكمك شهواتم ورغباتم ‪ ،‬فتنحرف عما جاءك منا من‬
‫حق ‪ .‬لكل أمة منكم ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬جعلنا منهاجا لبيان الق ‪ ،‬وطريقا واضحا ف‬
‫الدين يشى عليه ‪ ،‬ولو شاء ال لعلكم جاعة متفقة ذات مشارب واحدة ‪ ،‬ل تتلف‬
‫مناهج إرشادها ف جيع العصور ‪ ،‬ولكنه جعلكم هكذا ليختبكم فيما آتاكم من‬
‫الشرائع ‪ ،‬ليتبي الطيع والعاصى ‪ .‬فانتهزوا الفرص ‪ ،‬وسارعوا إل عمل اليات ‪ ،‬فإن‬
‫رجوعكم جيعا سيكون إل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬فيخبكم بقيقة ما كنتم تتلفون فيه ‪،‬‬
‫ويازى كل منكم بعمله ‪.‬‬
‫‪ -49‬وأمرناك ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬بأن تكم بينهم با أنزل ال ‪ ،‬ول تتبع رغباتم ف‬
‫الكم ‪ ،‬واحذرهم أن يصرفوك عن بعض ما أنزله ال إليك ‪ .‬فإن أعرضوا عن حكم‬
‫ال وأرادوا غيه ‪ ،‬فاعلم أن ال إنا يريد أن يصيبهم بفساد أمورهم ‪ ،‬لفساد‬

‫‪177‬‬
‫نفوسهم ‪ ،‬بسبب ذنوبم الت ارتكبوها من مالفة أحكامه وشريعته ‪ ،‬ث يازيهم عن‬
‫كل أعمالم ف الخرة ‪ ،‬وإن كثيا من الناس لتمردون على أحكام الشريعة ‪.‬‬

‫حكْ َم الْجَاهِلِّي ِة يَ ْبغُو َن َومَ ْن َأ ْحسَ ُن ِمنَ ال ّلهِ حُكْمًا لِ َقوْ ٍم يُوقِنُونَ (‪ )50‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ‬
‫َأفَ ُ‬
‫ض َو َمنْ يََت َولّ ُه ْم مِنْ ُك ْم َفإِّنهُ‬
‫ض ُهمْ َأ ْولِيَاءُ بَعْ ٍ‬
‫خذُوا الْيَهُودَ وَالنّصَارَى َأ ْولِيَا َء َبعْ ُ‬
‫َآمَنُوا لَا تَتّ ِ‬
‫ض ُيسَارِعُونَ‬
‫مِ ْنهُ ْم إِ ّن اللّ َه لَا َي ْهدِي اْل َقوْمَ الظّالِمِيَ (‪ )51‬فََترَى الّذِينَ فِي قُلُوِب ِهمْ َمرَ ٌ‬
‫ح َأوْ أَ ْم ٍر ِمنْ عِ ْن ِدهِ‬
‫خشَى أَ ْن تُصِيبَنَا دَاِئ َرةٌ َف َعسَى ال ّلهُ أَ ْن َي ْأتِ َي بِاْلفَتْ ِ‬
‫فِيهِ ْم َيقُولُونَ َن ْ‬
‫سهِ ْم نَا ِدمِيَ (‪َ )52‬وَيقُولُ اّلذِينَ َآمَنُوا َأ َهؤُلَا ِء الّذِينَ‬
‫فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا َأسَرّوا فِي َأْن ُف ِ‬
‫ت أَعْمَاُلهُ ْم َفأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (‪)53‬‬
‫َأقْسَمُوا بِال ّلهِ َج ْهدَ َأيْمَاِنهِ ْم ِإّنهُ ْم لَ َمعَ ُك ْم حَبِطَ ْ‬

‫‪ -50‬أيريد أولئك الارجون عن أمر ال ونيه أن يكموا بأحكام الاهلية الت ل‬


‫عدل فيها ‪ ،‬بل الوى هو الذى يكم ‪ ،‬بأن يعلوا أساس الكم اليل والداهنة؟ وهذه‬
‫هى طريقة أهل الاهلية ‪ -‬وهل يوجد أحسن من ال حكما لقوم يوقنون بالشرع‬
‫ويذعنون للحق؟ إنم هم الذين يدركون حسن أحكام ال ‪.‬‬
‫‪ -51‬يا أيها الذين آمنوا ل يل لكم أن تتخذوا اليهود ول النصارى نصراء‬
‫توالونم ‪ ،‬فهم سواء ف معاداتكم ‪ .‬ومن جعل لم الولية عليه فإنه من جلتهم ‪ ،‬وإن‬
‫ال ل يهدى الذين يظلمون أنفسهم بعل وليتهم للكافرين ‪.‬‬
‫‪ -52‬وإذا كانت وليتهم ل يتبعها إل الظالون ‪ ،‬فإنك ترى الذين يوالونم ف قلوبم‬
‫مرض الضعف والنفاق ‪ ،‬إذ يقولون ‪ :‬ناف أن تصيبنا كارثة عامة فل يساعدونا ‪،‬‬
‫فعسى ال أن يقق الفتح لرسوله والنصر للمسلمي على أعدائهم ‪ ،‬أو يظهر نفاق‬
‫أولئك النافقي ‪ ،‬فيصبحوا نادمي آسفي على ما كتموه ف نفوسهم من كفر وشك ‪.‬‬
‫‪ -53‬وحينئذ يقول الؤمنون الصادقون ‪ -‬متعجبي من النافقي ‪ : -‬أهؤلء الذين‬
‫أقسموا وبالغوا ف القسم بال على أنم معكم ف الدين ‪ ،‬مؤمنون مثلكم؟ كذبوا‬
‫وبطلت أعمالم ‪ ،‬فصاروا خاسرين لليان ‪ ،‬ونصرة الؤمني ‪.‬‬

‫‪178‬‬
‫حّبهُ ْم َويُحِبّونَ ُه َأذِّلةٍ‬
‫ف َي ْأتِي اللّ ُه ِبقَوْ ٍم يُ ِ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا َمنْ َي ْرَتدّ مِ ْن ُكمْ َعنْ دِيِن ِه َفسَوْ َ‬
‫ي أَ ِع ّزةٍ عَلَى الْكَا ِفرِينَ يُجَا ِهدُونَ فِي سَبِيلِ ال ّلهِ َولَا يَخَافُو َن لَ ْو َمةَ لَاِئمٍ َذِلكَ‬
‫عَلَى الْمُ ْؤمِنِ َ‬
‫ضلُ ال ّلهِ يُ ْؤتِيهِ َم ْن َيشَا ُء وَال ّلهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (‪ِ )54‬إنّمَا َولِيّ ُك ُم اللّ ُه وَ َرسُوُلهُ وَالّذِينَ‬
‫فَ ْ‬
‫َآمَنُوا اّلذِي َن ُيقِيمُونَ الصّلَاةَ َوُيؤْتُو َن الزّكَا َة وَ ُهمْ رَا ِكعُونَ (‪َ )55‬و َمنْ يََت َولّ ال ّلهَ وَ َرسُوَلهُ‬
‫خذُوا اّلذِينَ‬
‫ب اللّ ِه ُهمُ اْلغَالِبُونَ (‪ )56‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا تَتّ ِ‬
‫وَاّلذِينَ َآمَنُوا َفإِ ّن ِحزْ َ‬
‫ب ِمنْ قَبْلِ ُك ْم وَاْلكُفّا َر أَ ْولِيَا َء وَاّتقُوا اللّهَ‬
‫خذُوا دِيَن ُكمْ ُه ُزوًا َولَعِبًا ِمنَ اّلذِي َن أُوتُوا الْكِتَا َ‬
‫اتّ َ‬
‫ك ِبأَّن ُهمْ َقوْ ٌم لَا‬
‫خذُوهَا ُه ُزوًا َوَلعِبًا َذلِ َ‬
‫إِنْ كُنُْت ْم مُ ْؤمِنِيَ (‪ )57‬وَِإذَا نَا َديْتُ ْم ِإلَى الصّلَاةِ اتّ َ‬
‫َيعْقِلُونَ (‪)58‬‬

‫‪ -54‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬من يرجع منكم عن اليان إل الكفر ‪ -‬فلن يضروا ال‬
‫بأى قدر من الضرر! تعال ال عن ذلك ‪ -‬فسوف يأتى ال بدلم بقوم خي منهم ‪،‬‬
‫يبهم ال فيوفقهم للهدى والطاعة ‪ ،‬ويبون ال فيطيعونه ‪ ،‬وفيهم تواضع ورحة‬
‫بإخوانم الؤمني ‪ ،‬وفيهم شدة على أعدائهم الكافرين ‪ ،‬ياهدون ف سبيل ال ول‬
‫يشون ف ال لومة أى لئم ‪ .‬ذلك فضل ال ينحه لن يشاء من يوفقهم للخي ‪ ،‬وال‬
‫كثي الفضل عليم بن يستحقونه ‪.‬‬
‫‪ -55‬إنا وليتكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬ل ورسوله وأنفسكم ‪ ،‬من يقيمون الصلة‬
‫ويؤتون الزكاة ‪ ،‬وهم خاضعون ل ‪.‬‬
‫‪ -56‬ومن يتخذ ال ورسوله والؤمني أولياءه ونصراءه ‪ ،‬فإنه يكون من حزب ال ‪،‬‬
‫وحزب ال هم النتصرون الفائزون ‪.‬‬
‫‪ -57‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا أعداء السلم الذين اتذوا دينكم سخرية ولوا‬
‫‪ -‬وهم اليهود والنصارى والشركون ‪ -‬نصراء ‪ ،‬ول تعلوا وليتكم لم ‪ ،‬وخافوا ال‬
‫إن كنتم صادقي ف إيانكم ‪.‬‬
‫‪ -58‬ومن استهزائهم بكم ‪ :‬أنكم إذا دعوت إل الصلة بالذان استهزأوا بالصلة ‪،‬‬
‫وتضاحكوا عليها ولعبوا فيها ‪ ،‬وذلك بسبب أنم قوم ل يعقلون ‪ ،‬ول يدركون الفرق‬
‫بي الضلل والدى ‪.‬‬

‫‪179‬‬
‫ب َهلْ تَ ْنقِمُو َن مِنّا ِإلّا أَنْ َآمَنّا بِال ّلهِ َومَا ُأْنزِ َل ِإلَيْنَا َومَا ُأْنزِ َل ِمنْ قَ ْبلُ‬
‫ُقلْ يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫ك مَثُوَبةً عِ ْن َد اللّ ِه َمنْ َلعََنهُ ال ّلهُ‬
‫شرّ ِم ْن َذلِ َ‬
‫وَأَ ّن أَكَْثرَ ُك ْم فَا ِسقُونَ (‪ُ )59‬ق ْل َهلْ ُأنَبُّئكُ ْم ِب َ‬
‫ضلّ‬
‫ت أُولَِئكَ َش ّر مَكَانًا َوأَ َ‬
‫وَغَضِبَ عَ َل ْيهِ َو َجعَ َل مِ ْن ُهمُ اْلقِ َر َد َة وَالْخَنَازِيرَ وَعََب َد الطّاغُو َ‬
‫َع ْن سَوَا ِء السّبِيلِ (‪َ )60‬وِإذَا جَاءُوكُ ْم قَالُوا َآمَنّا َو َقدْ َدخَلُوا بِالْ ُك ْفرِ َوهُ ْم َقدْ خَ َرجُوا بِهِ‬
‫وَال ّلهُ أَ ْع َلمُ بِمَا كَانُوا َيكْتُمُونَ (‪َ )61‬وَترَى كَِثيًا مِ ْن ُه ْم ُيسَارِعُو َن فِي اْلِإثْ ِم وَاْل ُعدْوَانِ‬
‫س مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )62‬ل ْولَا يَ ْنهَا ُهمُ ال ّربّانِيّونَ وَالَْأحْبَارُ َعنْ‬
‫ت لَبِئْ َ‬
‫ح َ‬
‫وَأَكْ ِل ِه ُم السّ ْ‬
‫س مَا كَانُوا يَصَْنعُونَ (‪)63‬‬
‫َقوِْل ِهمُ اْلإِْث َم وَأَكْ ِل ِهمُ السّحْتَ لَبِئْ َ‬

‫‪ -59‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الستهزئي من أهل الكتاب ‪ ،‬هل تنقمون علينا إل‬
‫إياننا بال وبا أنزل إلينا ‪ -‬وهو القرآن ‪ -‬وبا أنزل من قبل على النبياء من الكتب‬
‫الصحيحة ‪ :‬وإياننا بأن أكثركم خارجون على شريعة ال؟! ‪.‬‬
‫‪ -60‬قل لم ‪ :‬أل أخبكم بأعظم شر ف الزاء عند ال؟ إنه عملكم أنتم يا من‬
‫أبعدهم ال من رحته ‪ ،‬وسخط عليهم بسبب كفرهم وعصيانم ‪ ،‬وطمس على‬
‫قلوبم ‪ ،‬فكانوا كالقردة والنازير ‪ ،‬وعبدوا الشيطان ‪ ،‬واتبعوا الضلل ‪ .‬أولئك ف‬
‫أكب منلة من الشر ‪ ،‬لنم أبعد الناس عن طريق الق ‪.‬‬
‫‪ -61‬وإذا جاءكم النافقون كذبوا عليكم بقولم ‪ :‬آمنا ‪ ،‬وهم قد دخلوا إليكم‬
‫كافرين كما خرجوا من عندكم كافرين ‪ ،‬وال أعلم با يكتمون من النفاق ومعاقبهم‬
‫عليه ‪.‬‬
‫‪ -62‬وترى كثيا من هؤلء يسارعون ف العاصى والعتداء على غيهم ‪ ،‬وف أكل‬
‫الال الرام كالرشوة والربا ولبئس ما يفعلونه من هذه القبائح ‪.‬‬
‫‪ -63‬أما كان ينبغى أن ينهاهم علماؤهم وأحبارهم عن قول الكذب وأكل الرام ‪،‬‬
‫ولبئس ما كانوا يصنعون من ترك النصيحة والنهى عن العصية ‪.‬‬

‫ت َأْيدِي ِهمْ َوُلعِنُوا بِمَا قَالُوا َبلْ َيدَاهُ مَ ْبسُوطَتَا ِن يُ ْنفِقُ‬


‫ت الْيَهُودُ َي ُد اللّ ِه َمغْلُوَلةٌ غُلّ ْ‬
‫َوقَالَ ِ‬
‫ك ِمنْ َربّكَ ُطغْيَانًا وَ ُك ْفرًا َوأَْلقَيْنَا بَيَْنهُمُ‬
‫ف َيشَا ُء وَلََيزِيدَنّ كَثِيًا مِ ْنهُ ْم مَا ُأْنزِ َل ِإلَيْ َ‬
‫كَيْ َ‬
‫سعَوْ َن فِي‬
‫ح ْربِ َأ ْطفََأهَا ال ّلهُ َوَي ْ‬
‫الْ َعدَا َو َة وَالَْبغْضَاءَ إِلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ كُلّمَا أَ ْو َقدُوا نَارًا لِلْ َ‬

‫‪180‬‬
‫سدِينَ (‪ )64‬وََل ْو أَ ّن أَ ْهلَ اْلكِتَابِ َآمَنُوا وَاتّ َقوْا َل َكفّ ْرنَا‬
‫ض َفسَادًا وَال ّل ُه لَا يُحِبّ الْ ُم ْف ِ‬
‫الْأَرْ ِ‬
‫عَ ْن ُه ْم سَيّئَاِت ِهمْ َوَلأَ ْدخَلْنَا ُهمْ جَنّاتِ الّنعِيمِ (‪َ )65‬وَلوْ َأّنهُ ْم َأقَامُوا الّتوْرَا َة وَاْلِإنْجِيلَ َومَا‬
‫صدَ ٌة وَكَثِيٌ‬
‫ت أَرْجُ ِل ِهمْ مِ ْنهُ ْم ُأمّ ٌة ُمقْتَ ِ‬
‫ح ِ‬
‫ُأنْ ِزلَ ِإلَ ْي ِهمْ ِمنْ َرّب ِهمْ َلأَكَلُوا ِمنْ فَ ْو ِق ِهمْ َو ِمنْ تَ ْ‬
‫ك َوإِنْ َل ْم َتفْ َعلْ‬
‫ك ِمنْ َربّ َ‬
‫مِ ْنهُ ْم سَا َء مَا َيعْمَلُونَ (‪ )66‬يَا َأّيهَا الرّسُو ُل بَلّ ْغ مَا ُأْنزِ َل ِإلَيْ َ‬
‫س إِ ّن اللّ َه لَا َي ْهدِي اْلقَوْ َم اْلكَا ِفرِينَ (‪)67‬‬
‫فَمَا بَلّغْتَ ِرسَالََتهُ وَاللّ ُه َيعْصِ ُمكَ ِم َن النّا ِ‬

‫‪ -64‬وقالت اليهود ‪ :‬يد ال مقبوضة ل تنبسط بالعطاء ‪ .‬قبض ال أيديهم وأبعدهم‬


‫من رحته ‪ ،‬فال غن كري ينفق كما يشاء ‪ .‬وإن كثيا من هؤلء ‪ -‬لمعانم ف‬
‫الضلل ‪ -‬ليزيدهم ما أنزل إليك من ال ظلما وكفرا لا فيهم من حقد وحسد ‪،‬‬
‫وأثرنا بينهم العداوة والبغضاء إل يوم القيامة ‪ ،‬وكلما أشعلوا نارا لرب الرسول‬
‫والؤمني أطفأها ال بزيتهم وانتصار نبيه وأتباعه ‪ ،‬وأنم يتهدون ف نشر الفساد ف‬
‫الرض بالكيد والفت وإثارة الروب ‪ ،‬وال ل يب الفسدين ‪.‬‬
‫‪ -65‬ولو أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى آمنوا بالسلم ونبيه ‪ ،‬واجتنبوا الثام‬
‫الت ذكرناها ‪ ،‬لحونا عنهم سيئاتم ‪ ،‬وأدخلناهم ف جنات النعيم يتمتعون با ‪.‬‬
‫‪ -66‬ولو أنم حفظوا التوراة والنيل كما نزل ‪ ،‬وعملوا با فيهما ‪ .‬وآمنوا با أنزل‬
‫إليهم من ربم ‪ ،‬وهو القرآن ‪ ،‬لوسّع ال عليهم الرزق يأتيهم من كل جهة يلتمسونه‬
‫منها ‪ .‬وهم ليسوا سواء ف الضلل ‪ ،‬ومن هؤلء جاعة عادلة عاقلة ‪ ،‬وهم الذين‬
‫آمنوا بحمد وبالقرآن ‪ ،‬وكثي منهم لبئس ما يعملونه ويقولونه معرضي عن الق ‪.‬‬
‫‪ -67‬يا أيها الرسل من ال ‪ ،‬أخب الناس بكل ما أوحى إليك من ربك ‪ .‬وادعهم‬
‫إليه ‪ ،‬ول تش الذى من أحد ‪ ،‬وإن ل تفعل فما بلغت رسالة ال ‪ ،‬لنك قد كُ ّلفْت‬
‫تبليغ الميع ‪ ،‬وال يفظك من أذى الكفار إذ جرت سننه أل ينصر الباطل على‬
‫الق ‪ ،‬إن ال ل يهدى الكافرين إل الطريق السوى ‪.‬‬

‫ب َلسُْتمْ عَلَى َشيْ ٍء حَتّى ُتقِيمُوا الّتوْرَا َة وَاْلِإنْجِيلَ َومَا ُأْن ِزلَ ِإلَ ْيكُ ْم ِمنْ‬
‫ُقلْ يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫ك ِمنْ َربّكَ ُطغْيَانًا وَ ُك ْفرًا فَلَا َتأْسَ عَلَى اْلقَوْمِ‬
‫َرّبكُ ْم َولَيَزِيدَنّ كَثِيًا مِ ْنهُ ْم مَا ُأْنزِ َل ِإلَيْ َ‬
‫الْكَا ِفرِينَ (‪ )68‬إِ ّن اّلذِينَ َآمَنُوا وَالّذِينَ هَادُوا وَالصّابِئُو َن وَالنّصَارَى َمنْ َآ َمنَ بِاللّهِ‬

‫‪181‬‬
‫ح َزنُونَ (‪َ )69‬لقَ ْد أَ َخ ْذنَا مِيثَاقَ‬
‫وَالَْيوْ ِم الْ َآ ِخرِ وَعَ ِملَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَ َل ْيهِ ْم َولَا ُهمْ يَ ْ‬
‫سهُ ْم َفرِيقًا َك ّذبُوا‬
‫بَنِي ِإسْرَائِيلَ َوأَ ْرسَلْنَا ِإلَ ْيهِمْ ُرسُلًا كُلّمَا جَا َء ُهمْ َرسُولٌ بِمَا لَا َتهْوَى َأنْ ُف ُ‬
‫صمّوا ُثمّ تَابَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِهمْ ُثمّ َعمُوا‬
‫َوفَرِيقًا َيقْتُلُونَ (‪َ )70‬و َحسِبُوا أَلّا تَكُو َن فِتَْنةٌ َفعَمُوا وَ َ‬
‫ي بِمَا َيعْمَلُونَ (‪)71‬‬
‫ي مِ ْن ُهمْ وَاللّ ُه بَصِ ٌ‬
‫وَصَمّوا َكثِ ٌ‬

‫‪ -68‬يا أيها الرسول ‪ ،‬قل لهل الكتاب ‪ :‬إنكم ل تكونون على أى دين صحيح ‪،‬‬
‫إل إذا أعلنتم جيع الحكام الت أنزلت ف التوراة والنيل وعملتم با ‪ ،‬وآمنتم‬
‫بالقرآن الوحى به من ال إل رسوله لداية الناس ‪ ،‬ولتتيقن ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬أن‬
‫معظم أهل الكتاب سيزدادون بالقرآن ‪ -‬الوحى به إليك ‪ -‬ظلما وكفرا وعنادا ‪،‬‬
‫لسدهم وحقدهم ‪ ،‬فل تزن على الذين طبعوا على الحود ‪.‬‬
‫‪ -69‬إن الصدّقي بال ‪ ،‬وأتباع موسى من اليهود ‪ ،‬والارجي عن الديان ‪ ،‬وأتباع‬
‫عيسى من النصارى ‪ ،‬كل أولئك إذا أخلصوا ف اليان بال ‪ ،‬وصدقوا بالبعث‬
‫والزاء ‪ ،‬وأتوا بالعمال الصالة الت جاء با السلم ‪ ،‬فهم ف مأمن من العذاب وف‬
‫سرور بالنعيم يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -70‬إننا عاهدنا اليهود ‪ -‬من بن إسرائيل ‪ -‬عهدا مؤكدا ف التوراة على اتباع‬
‫أحكامها ‪ ،‬وبعثنا إليهم أنبياء كثيين ليبينوها لم ‪ ،‬ويؤكدوا عهدنا ‪ ،‬ولكنهم نقضوا‬
‫العهد ‪ ،‬فكانوا كلما أتاهم رسول با يالف أهواءهم ‪ ،‬كذبوا البعض وقتلوا البعض ‪.‬‬
‫‪ -71‬وظن بنو إسرائيل أنه ل تنل بم شدائد تبي الثابتي من غي الثابتي ‪ ،‬ولذلك ل‬
‫يصبوا ف الشدائد ‪ ،‬ضل كثيون منهم ‪ ،‬وصاروا كالعميان الصم ‪ ،‬وأعرضوا عن‬
‫الق ‪ ،‬فسلط ال عليهم من أذاقهم الذل ‪ .‬وبعد حي رجعوا إل ال تائبي ‪ ،‬فتقبل‬
‫توبتهم ‪ ،‬وأعاد إليهم عزمهم ‪ ،‬ولكنهم من بعد ذلك ضلوا مرة أخرى ‪ ،‬وصاروا‬
‫كالعمى الصم ‪ ،‬وال مطلع عليهم ‪ ،‬مشاهد لعمالم ‪ ،‬ومازيهم عليها ‪.‬‬

‫ح يَا بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ‬


‫ح ابْ ُن َم ْريَ َم َوقَالَ الْ َمسِي ُ‬
‫َلقَدْ َك َفرَ اّلذِي َن قَالُوا إِ ّن ال ّلهَ ُه َو الْ َمسِي ُ‬
‫اعُْبدُوا اللّهَ َربّي وَ َرّبكُ ْم ِإّنهُ ُ َم ْن ُيشْرِ ْك بِال ّلهِ َف َقدْ َحرّ َم ال ّلهُ عَلَ ْيهِ الْجَّن َة َومَ ْأوَاهُ النّارُ وَمَا‬
‫ث ثَلَاَثةٍ َومَا ِم ْن إَِل ٍه ِإلّا ِإلَهٌ‬
‫ي ِمنْ َأنْصَارٍ (‪َ )72‬ل َقدْ َك َف َر الّذِينَ قَالُوا إِ ّن اللّ َه ثَالِ ُ‬
‫لِلظّالِ ِم َ‬

‫‪182‬‬
‫سنّ اّلذِينَ َك َفرُوا مِ ْن ُهمْ َعذَابٌ أَلِيمٌ (‪َ )73‬أفَلَا‬
‫وَا ِحدٌ َوإِ ْن َلمْ يَنَْتهُوا َعمّا َيقُولُو َن لَيَ َم ّ‬
‫ح ابْ ُن َمرَْي َم ِإلّا َرسُولٌ‬
‫يَتُوبُونَ إِلَى ال ّل ِه وََيسَْت ْغفِرُونَ ُه وَال ّلهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )74‬مَا الْ َمسِي ُ‬
‫ف نُبَّي ُن َلهُ ُم اْلآَيَاتِ‬
‫صدّي َقةٌ كَانَا َيأْكُلَا ِن ال ّطعَامَ انْ ُظرْ كَيْ َ‬
‫ت ِم ْن قَبْ ِلهِ الرّ ُس ُل وَُأ ّمهُ ِ‬
‫َقدْ خَلَ ْ‬
‫ُثمّ انْ ُظرْ َأنّى ُي ْؤفَكُونَ (‪)75‬‬

‫‪ -72‬وأنه ل يؤمن بال من يزعم أن ال حل ف عيسى ابن مري حت صار إلا ‪ ،‬كما‬
‫يقول النصارى الن ‪ :‬مع أن عيسى براء من هذه الدعوى ‪ ،‬فإنه أمر بن إسرائيل أن‬
‫يلصوا اليان ل ‪ -‬وحده ‪ -‬قائل لم ‪ :‬إن ال هو خالقى وخالقكم ‪ ،‬ومالك أمرنا‬
‫جيعا ‪ ،‬وإن كل من يدّعى ل شريكا فإن جزاءه أن ل يدخل النة أبدا ‪ ،‬وأن تكون‬
‫النار مصيه ‪ ،‬لنه تعدى حدود ال ‪ ،‬وليس لن يتعدى حدوده ويظلم ناصر يدفع عنه‬
‫العذاب ‪.‬‬
‫‪ -73‬وإنه ل يؤمن بال كذلك كل من ادعى أن ال أحد آلة ثلثة ‪ ،‬كما يزعم‬
‫النصارى الن!! والق الثابت أنه ليس هناك إله إل ال وحده ‪ ،‬وإذا ل يرجع هؤلء‬
‫الضالون عن معتقداتم الفاسدة إل طاعة ال ‪ ،‬فل بد أن يصيبهم عذاب شديد ‪.‬‬
‫‪ -74‬أل ينتهى هؤلء عن تلك العقائد الزائفة ‪ ،‬ويرجعوا إل اليان بال ‪ ،‬ويطلبوا‬
‫منه التجاوز عما وقع منهم من الذنوب؟ إن ال واسع الغفرة ‪ ،‬عظيم الرحة ‪.‬‬
‫‪ -75‬ليس عيسى ابن مري إل عبدا من البشر ‪ ،‬أنعم ال عليه بالرسالة ‪ ،‬كما أنعم‬
‫على كثي من سبقه ‪ .‬وأم عيسى إحدى النساء ‪ ،‬طبعت على الصدق ف قولا‬
‫والتصديق بربا ‪ ،‬وكانت هى وابنها عيسى ف حاجة إل ما يفظ حياتما من الطعام‬
‫والشراب ‪ ،‬وذلك علمة البشرية ‪ .‬فتأمل ‪ -‬أيها السامع ‪ -‬حال هؤلء الذين عموا‬
‫عن دللة اليات الواضحة الت بينها ال لم ‪ ،‬ث تأمل كيف ينصرفون عن الق مع‬
‫وضوحه؟! ‪.‬‬

‫ضرّا َولَا َن ْفعًا وَاللّ ُه ُهوَ السّمِي ُع اْلعَلِيمُ (‪)76‬‬


‫ك لَ ُكمْ َ‬
‫ُقلْ َأَتعُْبدُو َن ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ مَا لَا يَمْ ِل ُ‬
‫ح ّق َولَا تَتِّبعُوا َأهْوَا َء َقوْ ٍم َقدْ ضَلّوا ِمنْ قَ ْبلُ‬
‫ب لَا َتغْلُوا فِي دِيِن ُكمْ غَ ْيرَ الْ َ‬
‫ُقلْ يَا أَ ْه َل الْكِتَا ِ‬
‫وَأَضَلّوا كَثِيًا وَضَلّوا َعنْ َسوَا ِء السّبِيلِ (‪ُ )77‬لعِ َن الّذِينَ َكفَرُوا ِم ْن بَنِي ِإ ْسرَائِيلَ عَلَى‬

‫‪183‬‬
‫صوْا وَكَانُوا َيعْتَدُونَ (‪ )78‬كَانُوا لَا يَتَنَا َهوْنَ‬
‫ك بِمَا عَ َ‬
‫ِلسَا ِن دَاوُودَ وَعِيسَى اْبنِ َم ْريَ َم َذلِ َ‬
‫س مَا كَانُوا َي ْفعَلُونَ (‪َ )79‬ترَى كَثِيًا مِ ْن ُهمْ يََت َولّوْ َن الّذِينَ َك َفرُوا‬
‫َع ْن مُ ْنكَ ٍر َفعَلُو ُه لَبِئْ َ‬
‫س ُهمْ أَ ْن سَخِطَ ال ّلهُ عَلَ ْي ِه ْم َوفِي اْل َعذَابِ هُ ْم خَاِلدُونَ (‪ )80‬وََلوْ‬
‫ت َلهُ ْم َأنْ ُف ُ‬
‫س مَا َق ّدمَ ْ‬
‫لَبِئْ َ‬
‫خذُو ُهمْ َأ ْولِيَا َء وََل ِكنّ كَِثيًا مِ ْن ُه ْم فَا ِسقُونَ‬
‫كَانُوا يُ ْؤمِنُونَ بِال ّلهِ وَالنّبِ ّي َومَا ُأنْ ِزلَ إِلَ ْي ِه مَا اتّ َ‬
‫(‪)81‬‬

‫‪ -76‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الضالي ‪ :‬كيف تعبدون إلا يعجز عن أن يضركم‬
‫بشئ إن تركتم عبادته ‪ ،‬ويعجز عن أن ينفعكم بشئ إن عبدتوه؟ كيف تتركون عبادة‬
‫ال وهو الله القادر على كل شئ ‪ ،‬وهو ذو السمع والعلم الشامل؟‬
‫‪ -77‬قل ‪ -‬يا أيها الرسول ‪ -‬لهل الكتاب من اليهود والنصارى ‪ :‬إن ال ينهاكم أن‬
‫تتجاوزوا ف معتقداتكم حدود الق إل الباطل فتجعلوا بعض خلقه آلة ‪ ،‬أو تنكروا‬
‫رسالة بعض الرسل ‪ ،‬وينهاكم أن تسيوا وراء شهوات أناس سبقوكم قد تنبوا طريق‬
‫الدى ‪ ،‬ومنعوا كثيا من الناس أن يسلكوها واستمروا على مافاتم طريق الق‬
‫الواضح ‪.‬‬
‫‪ -78‬طرد ال كفار إسرائيل من رحته ‪ ،‬وأنزل هذا ف الزبور على نبيه داود ‪ ،‬وف‬
‫النيل على نبيه عيسى ابن مري ‪ ،‬وذلك بسبب تردهم عن طاعة ال ‪ ،‬وتاديهم ف‬
‫الظلم والفساد ‪.‬‬
‫‪ -79‬كان دأبم أل يتناصحوا ‪ ،‬فل ينهى أحد منهم غيه عن قبيح يفعله ‪ ،‬وأن إتيانم‬
‫النكر وعدم تناهيهم عنه لن أقبح ما كانوا يفعلون ‪.‬‬
‫‪ -80‬ترى كثيا من بن إسرائيل يتحالفون مع الشركي ‪ ،‬ويتخذونم أنصارا‬
‫يتعاونون فيما بينهم على حرب السلم ‪ .‬إن هذا الشر عمل ادخرته لم أنفسهم ‪،‬‬
‫ليجدوا جزاءه غضبا من ال ‪ ،‬وخلودا ف عذاب جهنم ‪.‬‬
‫‪ -81‬ولو صحت عقيدة هؤلء ف اليان بال ورسوله ممد ‪ ،‬وما أنزل إليه من‬
‫القرآن لنعهم ذلك اليان عن موالتم للكفار ضد الؤمني ‪ ،‬ولكن كثيا من بن‬
‫إسرائيل عاصون خارجون عن الديان ‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫جدَ ّن َأ ْق َربَ ُهمْ مَ َو ّدةً‬
‫جدَ ّن أَ َش ّد النّاسِ َعدَاوَ ًة لِ ّلذِينَ َآمَنُوا الَْيهُو َد وَاّلذِينَ َأ ْشرَكُوا وَلَتَ ِ‬
‫لَتَ ِ‬
‫ي وَرُهْبَانًا َوَأنّ ُهمْ لَا‬
‫ك ِبأَنّ مِ ْن ُهمْ ِقسّيسِ َ‬
‫لِ ّلذِينَ َآمَنُوا اّلذِي َن قَالُوا ِإنّا نَصَارَى َذلِ َ‬
‫ض ِمنَ الدّمْ ِع مِمّا‬
‫َيسْتَكِْبرُونَ (‪ )82‬وَِإذَا سَ ِمعُوا مَا ُأنْ ِزلَ ِإلَى الرّسُو ِل َترَى أَ ْعيَُن ُهمْ َتفِي ُ‬
‫ح ّق َيقُولُونَ َربّنَا َآمَنّا فَاكْتُبْنَا مَ َع الشّاهِدِينَ (‪َ )83‬ومَا لَنَا لَا ُن ْؤمِ ُن بِال ّل ِه وَمَا‬
‫َع َرفُوا ِمنَ الْ َ‬
‫ح ّق َونَطْمَ ُع أَ ْن ُيدْخِلَنَا َربّنَا مَعَ اْل َقوْمِ الصّالِحِيَ (‪َ )84‬فَأثَاَب ُهمُ ال ّلهُ بِمَا قَالُوا‬
‫جَا َءنَا ِمنَ الْ َ‬
‫حسِِنيَ (‪ )85‬وَاّلذِينَ‬
‫ك َجزَا ُء الْمُ ْ‬
‫جرِي ِم ْن تَحِْتهَا اْلَأنْهَا ُر خَاِلدِي َن فِيهَا َو َذلِ َ‬
‫جَنّاتٍ تَ ْ‬
‫ح ّرمُوا‬
‫جحِيمِ (‪ )86‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا تُ َ‬
‫ك أَصْحَابُ الْ َ‬
‫َك َفرُوا وَ َكذّبُوا ِب َآيَاتِنَا أُولَئِ َ‬
‫ب الْ ُمعَْتدِينَ (‪)87‬‬
‫طَيّبَاتِ مَا َأحَ ّل ال ّلهُ َلكُ ْم َولَا َتعَْتدُوا إِ ّن ال ّلهَ لَا يُحِ ّ‬

‫‪ -82‬نؤكد لك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أنك تد أشد الناس حقدا وكراهية لك ‪ ،‬ولن آمن‬
‫بك هم اليهود والذين أشركوا مع ال غيه ف العبادة ‪ ،‬وتد أن أقرب الناس مودة‬
‫ومبة لك هم أتباع عيسى الذين سوا أنفسهم نصارى ‪ ،‬لن فيهم قسيسي يعلمون‬
‫دينهم ‪ ،‬ورهبانا يشون ربم ‪ ،‬ولنم ل يستكبون عن ساع الق ‪.‬‬
‫‪ -83‬ولنم إذا سعوا القرآن الذى أنزل على الرسول يتأثرون به ‪ ،‬فتفيض عيونم‬
‫بالدمع ‪ ،‬لعرفتهم أن الذى سعوه حق ‪ ،‬فتميل إليه قلوبم ‪ ،‬وتنطلق ألسنتهم بالدعاء‬
‫ل قائلي ‪ :‬ربنا آمنا بك وبرسلك ‪ ،‬وبالق الذى أنزلته عليهم ‪ ،‬فتقبل إياننا ‪ ،‬واجعلنا‬
‫من أمة ممد الذين جعلتهم شهداء وحُجة على الناس يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪ -84‬وأى مانع ينعنا من أن نصدق بال ‪ -‬وحده ‪ -‬وبا جاءنا من الق النل على‬
‫ممد؟ ونن نرجو أن يدخلنا ربنا النة مع القوم الذين صلحت عقائدهم وأعمالم ‪.‬‬
‫‪ -85‬فكتب ال لم ثوابا لعترافهم ‪ ،‬هو جنات ترى النار تت أشجارها‬
‫وقصورها ‪ ،‬وهم ماكثون فيها دائما ‪ .‬وذلك الزاء الذى نالوه هو جزاء كل مسن‬
‫مثلهم ‪.‬‬
‫‪ -86‬والذين جحدوا بال ورسله ‪ .‬وأنكروا أدلته الت أنزلا عليهم هداية للحق هم ‪-‬‬
‫وحدهم ‪ -‬اللزمون للعذاب الشديد ف جهنم ‪.‬‬
‫‪ -87‬يا أيها الذين آمنوا ل ترّموا على أنفسكم ما أحلّ ال لكم من الطيبات ‪ ،‬ول‬

‫‪185‬‬
‫تتجاوزوا الدود الت شرعها ال لكم من التوسط ف أموركم ‪ ،‬إن ال ل يب‬
‫التجاوزين للحدود ‪.‬‬

‫وَكُلُوا مِمّا رَ َز َقكُ ُم ال ّلهُ حَلَالًا طَيّبًا وَاتّقُوا ال ّلهَ اّلذِي َأنُْتمْ ِب ِه ُمؤْمِنُونَ (‪ )88‬لَا ُيؤَا ِخذُ ُكمُ‬
‫ش َرةِ‬
‫اللّ ُه بِال ّل ْغوِ فِي أَيْمَاِنكُ ْم َولَ ِكنْ ُيؤَا ِخذُ ُكمْ بِمَا َعقّ ْدُتمُ اْلأَيْمَا َن َف َكفّا َرُتهُ إِ ْطعَامُ َع َ‬
‫ج ْد فَصِيَامُ‬
‫حرِيرُ َرقََب ٍة فَ َم ْن لَ ْم يَ ِ‬
‫سوَُت ُهمْ َأ ْو تَ ْ‬
‫ط مَا تُ ْطعِمُونَ أَهْلِي ُكمْ َأوْ ِك ْ‬
‫ي ِمنْ َأوْسَ ِ‬
‫َمسَا ِك َ‬
‫ثَلَاَثةِ أَيّا ٍم َذلِكَ َكفّا َر ُة َأيْمَاِنكُ ْم ِإذَا حَ َلفُْتمْ وَا ْحفَظُوا َأيْمَانَ ُكمْ َكذَِلكَ يُبَّي ُن ال ّلهُ َل ُكمْ َآيَاِتهِ‬
‫س ُر وَاْلَأنْصَابُ وَالْأَ ْزلَامُ‬
‫ش ُكرُونَ (‪ )89‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا ِإنّمَا الْخَ ْم ُر وَالْمَ ْي ِ‬
‫َلعَلّ ُكمْ َت ْ‬
‫س ِمنْ َع َملِ الشّيْطَا ِن فَاجْتَنِبُو ُه َلعَلّ ُكمْ ُتفْلِحُونَ (‪)90‬‬
‫ِرجْ ٌ‬

‫‪ -88‬وكلوا ما أعطاكم ال ويسّره لكم ‪ ،‬وجعله حلل لكم تطيب به نفوسكم ‪،‬‬
‫وا ْخشَوْا ال دائما وأطيعوه ما دمتم مؤمني به ‪.‬‬
‫‪ -89‬ل يعاقبكم ال بسبب ما ل تقصدوه من أيْمانكم ‪ ،‬وإنا يعاقبكم بسبب النث‬
‫فيما قصدتوه ووثّقتموه من الَيْمان ‪ ،‬فإن حنثتم فيما حلفتم عليه فعليكم أن تفعلوا ما‬
‫يغفر ذنوبكم بنقض اليمي ‪ ،‬بأن تطعموا عشرة فقراء يوما ‪ ،‬ما جرت العادة بأن‬
‫ف ول تقتي ‪ .‬أو بأن تكسوا‬
‫تأكلوه أنتم وأقاربكم الذين هم ف رعايتكم ‪ ،‬من غي َسرَ ٍ‬
‫عشرة من الفقراء كسوة معتادة ‪ ،‬أو بأن ترروا إنسانا من الرق ‪ .‬فإذا ل يتمكن‬
‫الالف من أحد هذه المور فعليه أن يصوم ثلثة أيام ‪ .‬وكل واحد من هذه المور‬
‫يغفر به ذنب اللف الوثق بالنية إذا نقضه الالف ‪ .‬وصونوا أيْمانَكم فل تضعوها ف‬
‫غي موضعها ‪ ،‬ول تتركوا فعل ما يغفر ذنبكم إذا نقضتموها ‪ .‬على هذا النسق من‬
‫البيان يشرح ال لكم أحكامه ‪ ،‬لتشكروا نعمه بعرفتها والقيام بقها ‪.‬‬
‫‪ -90‬يا أيها الصَدّقون بال وكتبه ورسله الذعنون للحق ‪ ،‬ليس شرب السكرات ‪،‬‬
‫ول لعب القمار ‪ ،‬ونصب الحجار للذبح عندها تقربا إل الصنام الت تعبدونا ‪،‬‬
‫واتاذ السهام والصى والورق للتعرف با على مغيبات القدر ‪ . .‬ليس كل ذلك إل‬
‫خبثا نفسيا باطل ‪ ،‬هو من تزيي الشيطان لفاعليه ‪ . .‬فاتركوه لكى تفوزوا ف الدنيا‬
‫بياة فاضلة ‪ ،‬وف الخرة بنعيم النة ‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫س ِر َويَصُدّ ُكمْ َعنْ‬
‫ِإنّمَا ُيرِي ُد الشّيْطَانُ أَ ْن يُوقِ َع بَيَْنكُ ُم الْ َعدَا َو َة وَالَْبغْضَا َء فِي الْخَ ْم ِر وَالْمَ ْي ِ‬
‫ذِ ْكرِ ال ّل ِه وَ َعنِ الصّلَاةِ َفهَ ْل َأنْتُ ْم مُنَْتهُونَ (‪َ )91‬وأَطِيعُوا ال ّلهَ َوأَطِيعُوا ال ّرسُو َل وَا ْحذَرُوا‬
‫َفإِنْ َت َولّيُْتمْ فَاعْلَمُوا َأنّمَا َعلَى َرسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُِبيُ (‪)92‬‬

‫‪ -91‬إن الشيطان ل يريد بتزيينه لكم شرب المر ولعب اليسر إل أن يوجد بينكم‬
‫اللف والشقاق والكراهية ‪ ،‬ليضعف أمركم بذهاب اللفة بينكم ‪ ،‬وتفتيت وحدتكم‬
‫‪ ،‬بسبب ما يزينه لكم من شرب السكرات ولعب القمار ‪ ،‬لكى يصرفكم عن عبادة‬
‫ال ‪ ،‬ويلهيكم عن أداء الصلة ‪ ،‬لتسوء آخرتكم كما ساءت دنياكم ‪ .‬فبعد علمكم‬
‫هذه الفاسد ابتعدوا عما نيتكم عنه ‪ ،‬لتفوتوا على إبليس غرضه ‪.‬‬
‫‪ -92‬وامتثلوا أمر ال وأمر رسوله فيما يبلغكم به عن ربه ‪ ،‬وابتعدوا عما يعرضكم‬
‫للعذاب إن خالفتم ‪ .‬لنكم إن أعرضتم عن الستجابة لا أمركم به ‪ ،‬فتيقنوا أنه‬
‫معاقبكم ‪ .‬وليس لكم عذر بعد أن بي لكم الرسول عاقبة الخالفي ‪ ،‬وأنه ليس على‬
‫رسولنا إل إخباركم بأحكامنا ‪ ،‬وتوضيحها كامل ‪.‬‬

‫ت جُنَاحٌ فِيمَا َطعِمُوا ِإذَا مَا اّت َقوْا وَ َآمَنُوا‬


‫لَيْسَ عَلَى الّذِينَ َآمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫حسِنِيَ (‪ )93‬يَا‬
‫ت ُثمّ اّتقَوْا وَ َآمَنُوا ثُ ّم اّتقَوْا َوَأحْسَنُوا وَال ّلهُ يُحِبّ الْ ُم ْ‬
‫وَعَمِلُوا الصّالِحَا ِ‬
‫شيْ ٍء ِمنَ الصّ ْيدِ تَنَاُلهُ َأْيدِي ُكمْ وَ ِرمَا ُحكُ ْم لَِيعْ َلمَ ال ّلهُ َمنْ‬
‫َأيّهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَيَبْ ُلوَّنكُ ُم ال ّلهُ ِب َ‬
‫ب أَلِيمٌ (‪ )94‬يَا أَّيهَا اّلذِينَ َآمَنُوا لَا َتقْتُلُوا‬
‫ك فَ َلهُ َعذَا ٌ‬
‫ب فَ َمنِ اعَْتدَى َبعْ َد َذلِ َ‬
‫يَخَافُ ُه بِاْلغَيْ ِ‬
‫حكُ ُم ِبهِ َذوَا‬
‫جزَا ٌء مِ ْث ُل مَا قََت َل ِمنَ الّن َعمِ َي ْ‬
‫الصّيْ َد َوأَنُْت ْم حُرُ ٌم َو َمنْ قَتَ َلهُ مِ ْن ُكمْ مَُتعَ ّمدًا َف َ‬
‫ق َوبَالَ‬
‫ي َأوْ َعدْ ُل َذلِكَ صِيَامًا لَِيذُو َ‬
‫َع ْدلٍ مِ ْن ُكمْ َه ْديًا بَالِ َغ اْلكَعَْب ِة َأوْ َكفّا َرةٌ َطعَا ُم َمسَاكِ َ‬
‫ف َومَنْ عَا َد فَيَنَْت ِقمُ ال ّلهُ مِ ْن ُه وَال ّلهُ َعزِيزٌ ذُو انِْتقَامٍ (‪)95‬‬
‫َأمْ ِرهِ َعفَا ال ّلهُ عَمّا سَلَ َ‬

‫‪ -93‬ليس على الذين صدّقوا بال ورسوله وأتوا بصال العمال إث فيما يطعمون من‬
‫حلل طيب ‪ ،‬ول فيما سبق أن طعموه من الحرمات قبل علمهم بتحريها ‪ ،‬إذا خافوا‬
‫ال ‪ ،‬وابتعدوا عنها بعد علمهم بتحريها ‪ ،‬ث استمروا على خوفهم من ال ‪،‬‬
‫وتصديقهم با شرعه لم بعد من أحكام ‪ ،‬ث داوموا على خوفهم من ال ف كل حال‬

‫‪187‬‬
‫وأخلصوا ف أعمالم وأدّوها على وجه الكمال ‪ ،‬فإن ال يثيب الخلصي ف أعمالم‬
‫على قدر إخلصهم وعملهم ‪.‬‬
‫‪ -94‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬إن ال يتبكم ف الج بتحري بعض من اليوان والطيور‬
‫يسهل عليكم اصطياده بأيديكم ورماحكم ‪ ،‬ليظهر الذين يراقبونه منكم ف غيبة من‬
‫أعي اللق ‪ .‬فالذين تاوزوا حدود ال بعد بيانا يقع عليهم عذاب مؤل شديد ‪.‬‬
‫‪ -95‬يا أيها الذين آمنوا ل تقتلوا الصيد وقد نويتم الج والعمرة وتقومون‬
‫بأعمالما ‪ ،‬ومن قتله منكم قاصدا ‪ ،‬فعليه أن يؤدى نظي الصيد الذى قتله ‪ ،‬يرجه من‬
‫البل والبقر والغنم ‪ .‬ويعرف النظي بتقدير رجلي عادلي منكم يكمان به ‪ ،‬ويهديه‬
‫إل الفقراء عند الكعبة ‪ ،‬أو يدفع بدله إليهم ‪ ،‬أو يرج بقيمة الثل طعاما للفقراء ‪،‬‬
‫لكل فقي ما يكفيه يومه ‪ ،‬ليكون ذلك مسقطا لذنب تعديه على الصيد ‪ ،‬أو يصوم‬
‫أياما بعدد الفقراء الذين كانوا يستحقون الطعام لو أخرجه ‪ .‬وقد شرع ذلك ليحس‬
‫العتدى بنتائج جرمه وسوء عاقبته ‪ .‬عفا ال عما سبق لكم من الخالفة قبل تريها ‪،‬‬
‫ومن رجع إل التعدى بعد العلم بتحريه ‪ ،‬فإن ال يعاقبه با ارتكب ‪ ،‬وهو غالب ل‬
‫ُيغْلَب ‪ ،‬شديد العقاب لن يصر على الذنب ‪.‬‬

‫حرِ وَ َطعَا ُمهُ مَتَاعًا لَ ُك ْم وَلِلسّيّا َر ِة وَ ُحرّمَ عَ َل ْيكُمْ صَ ْي ُد الَْبرّ مَا ُدمْتُمْ‬
‫أُ ِح ّل لَ ُكمْ صَ ْي ُد الْبَ ْ‬
‫حرَا َم قِيَامًا لِلنّاسِ‬
‫شرُونَ (‪َ )96‬ج َعلَ ال ّلهُ اْلكَعَْب َة الْبَيْتَ الْ َ‬
‫حَ‬‫حُ ُرمًا وَاتّقُوا ال ّلهَ اّلذِي ِإلَ ْي ِه تُ ْ‬
‫ت َومَا فِي‬
‫ك لَِتعْلَمُوا أَ ّن اللّ َه َيعْ َلمُ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬
‫ي وَاْلقَلَائِ َد َذلِ َ‬
‫حرَا َم وَاْل َهدْ َ‬
‫شهْ َر الْ َ‬
‫وَال ّ‬
‫ب َوأَنّ ال ّلهَ َغفُورٌ‬
‫ض َوأَ ّن اللّ َه ِبكُ ّل شَيْءٍ عَلِيمٌ (‪ )97‬اعْلَمُوا أَ ّن ال ّلهَ شَدِيدُ اْلعِقَا ِ‬
‫الْأَرْ ِ‬
‫غ وَاللّ ُه َيعْلَ ُم مَا تُ ْبدُو َن وَمَا تَكْتُمُونَ (‪ُ )99‬ق ْل لَا‬
‫َرحِيمٌ (‪ )98‬مَا عَلَى ال ّرسُولِ ِإلّا الْبَلَا ُ‬
‫ب َلعَلّ ُكمْ‬
‫ث فَاّتقُوا ال ّلهَ يَا أُولِي اْلأَلْبَا ِ‬
‫ب وََلوْ أَعْجََبكَ كَ ْث َرةُ الْخَبِي ِ‬
‫ث وَالطّيّ ُ‬
‫َيسْتَوِي الْخَبِي ُ‬
‫ُتفْلِحُونَ (‪)100‬‬

‫‪ -96‬أحل ال لكم أن تصيدوا حيوان البحار ‪ ،‬وأن تأكلوا منه ‪ ،‬وينتفع به القيمون‬
‫منكم والسافرون ‪ ،‬وحرّم عليكم أن تصيدوا حيوان الب غي الستأنس ‪ ،‬ما جرت‬
‫العادة بعدم تربيته ف النازل والبيوت ‪ ،‬مدة قيامكم بأعمال الج أو العمرة بالرم ‪،‬‬

‫‪188‬‬
‫وراقبوا ال وخافوا عقابه ‪ ،‬فل تالفوه ‪ ،‬فإنكم إليه ترجعون يوم القيامة ‪ ،‬فيجازيكم‬
‫على ما تعملون ‪.‬‬
‫‪ -97‬جعل ال الكعبة ‪ ،‬وهى البيت الذى عظّمه وحرّم العتداء فيه على النسان‬
‫واليوان غي الستأنس وفيما حوله ‪ ،‬جعله قائما معظما يأمن الناس فيه ‪ ،‬ويتجهون‬
‫إليه ف صلتم ‪ ،‬ويجون إليه ليكونوا ف ضيافة ال ‪ ،‬وليعملوا على جع شلهم ‪،‬‬
‫وكذلك جعل شهر الج وما يهدى إل الكعبة من النعام ‪ ،‬وخاصة ما يوضع ف عنقه‬
‫القلئد لشعار الناظرين بأنه مهدى إل البيت ‪ .‬ونتيجة القيام بذلك أن تستيقنوا أن‬
‫علمه ميط با ف السموات الت ينل منها الوحى بالتشريع ‪ ،‬وميط با ف الرض ‪،‬‬
‫فيشرع لن فيها با يقوم بصالهم ‪ .‬وإن علمه بكل شئ ميط ‪.‬‬
‫‪ -98‬اعلموا ‪ -‬أيها الناس ‪ -‬أن عذاب ال شديد ينل بن يستبيح حرماته ‪ ،‬وأنه‬
‫كثي الغفرة لذنوب من يتوب ويافظ على طاعاته ‪ ،‬واسع الرحة بم فل يؤاخذهم‬
‫حينئذ با وقع منهم ‪.‬‬
‫‪ -99‬ليس على الرسول إل أن يبلغ للناس ما يوحى إليه لتقوم عليهم الُجة ‪ ،‬وينقطع‬
‫عنهم العذر ‪ .‬فلتعملوا با بلّغه إليكم ‪ ،‬فإن ال يعلم ما تظهرون وما تفون ‪.‬‬
‫‪ -100‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬للناس ‪ :‬ل يتساوى ما أباحه ال لكم من الطيبات ‪ ،‬وما‬
‫حرّمه عليكم من البائث ‪ ،‬فإن الفرق بينهما كبي عند ال ‪ ،‬ولو كثر البيث وأعجب‬
‫كثيا من الناس ‪ .‬فاجعلوا ‪ -‬يا أصحاب العقول ‪ -‬طاعة ال وقاية لكم من عذابه‬
‫باختيار الطيبات واجتناب البائث ‪ ،‬لتكونوا من الفائزين ف الدنيا والخرة ‪.‬‬

‫ي يَُن ّزلُ‬
‫سأَلُوا َع ْنهَا حِ َ‬
‫سؤْ ُكمْ َوإِ ْن َت ْ‬
‫سَألُوا َع ْن أَشْيَا َء إِ ْن تُ ْبدَ لَ ُكمْ َت ُ‬
‫يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا لَا َت ْ‬
‫الْ ُقرْآَ ُن تُ ْب َد لَ ُكمْ َعفَا ال ّلهُ عَ ْنهَا وَال ّلهُ َغفُو ٌر حَلِيمٌ (‪َ )101‬ق ْد سََأَلهَا َقوْ ٌم ِمنْ قَبْ ِل ُكمْ ثُمّ‬
‫ي ٍة َولَا سَائَِب ٍة َولَا وَصِي َل ٍة وَلَا حَامٍ‬
‫أَصْبَحُوا بِهَا كَا ِفرِينَ (‪ )102‬مَا َج َعلَ ال ّلهُ ِم ْن بَحِ َ‬
‫ب َوأَكَْثرُ ُهمْ لَا َيعْقِلُونَ (‪)103‬‬
‫وََل ِكنّ اّلذِينَ َك َفرُوا َيفْتَرُونَ عَلَى اللّ ِه الْ َكذِ َ‬

‫‪ -101‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬ل تسألوا النب عن أمور أخفاها ال عنكم لنا إن تظهر‬
‫لكم تسؤكم ‪ ،‬وإن تسألوا النب عنها ‪ -‬ف حياته إذ ينل عليه القرآن ‪ -‬يبينها ال‬

‫‪189‬‬
‫لكم ‪ ،‬عفا ال عنكم ف هذه الشياء فل يعاقبكم عليها ‪ ،‬وال كثي الغفرة واسع اللم‬
‫فل يعجل بالعقوبة ‪.‬‬
‫‪ -102‬قد سأل عن أمثال هذه المور الشاقة جاعة من سبقوكم ‪ ،‬ث بعد أن كلفوا‬
‫با على أْلسِنَ َة أنبيائهم ثقل عليهم تنفيذها ‪ ،‬فأعرضوا عنها ‪ ،‬وكانوا لا منكرين ‪ ،‬لن‬
‫ال يريد اليسر ول يريد العسر ‪ ،‬ويكلف الناس ما يطيقون ‪.‬‬
‫‪ -103‬ل يأذن ال لكم أن ترّموا ما أحلّه لكم ‪ ،‬فتشقوا أذن الناقة ‪ ،‬وتتنعوا عن‬
‫النتفاع با ‪ ،‬وتسموها « بَحِية » ‪ ،‬وتتركوها بناء على نذر ‪ ،‬وتسموها « سائبة » ‪،‬‬
‫حرّموا الذكر من الشاة ‪ ،‬وتبوه للصنام ‪ ،‬حت إذا أنتجت الشاة ذكرا وأنثى‬
‫وتُ َ‬
‫سيتموها « وَصِيلة » ‪ ،‬ول تذبوا الذكر منها ‪ .‬ول يشرع لكم أن ترّموا النتفاع‬
‫بالذكر من البل إذا ولد منه عشرة أبطن ‪ ،‬وتطلقوا عليه اسم « حَام » ‪ ،‬ل يشرع ال‬
‫لكم شيئا من ذلك ‪ ،‬ولكن الذين كفروا يتلقون الكذب وينسبونه إل ال ‪ ،‬وأكثرهم‬
‫ل يعقلون ‪.‬‬

‫وَِإذَا قِي َل َل ُهمْ َتعَاَلوْا ِإلَى مَا أَْن َزلَ ال ّلهُ َوِإلَى الرّسُو ِل قَالُوا َحسْبُنَا مَا وَ َج ْدنَا عَلَ ْيهِ َآبَا َءنَا‬
‫أَ َوَلوْ كَانَ َآبَا ُؤهُ ْم لَا َيعْلَمُو َن شَيْئًا َولَا َيهَْتدُونَ (‪ )104‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا عَلَ ْي ُكمْ‬
‫ض ّل ِإذَا اهَْت َديْتُ ْم ِإلَى اللّ ِه َمرْ ِج ُعكُ ْم جَمِيعًا فَيُنَبُّئ ُكمْ بِمَا ُكنُْتمْ‬
‫ضرّ ُك ْم َمنْ َ‬
‫سكُ ْم لَا يَ ُ‬
‫َأنْ ُف َ‬
‫ت حِيَ‬
‫ضرَ َأ َحدَكُ ُم الْ َموْ ُ‬
‫َتعْمَلُونَ (‪ )105‬يَا َأّيهَا الّذِينَ َآمَنُوا َشهَا َد ُة بَيْنِ ُك ْم ِإذَا حَ َ‬
‫ض َربْتُ ْم فِي اْلأَرْضِ‬
‫الْوَصِّي ِة اثْنَا ِن َذوَا َعدْ ٍل مِ ْنكُ ْم َأوْ َآخَرَا ِن ِمنْ غَ ْيرِ ُكمْ إِ ْن َأنُْتمْ َ‬
‫ت تَحِْبسُوَنهُمَا ِمنْ َب ْعدِ الصّلَاةِ فَُي ْقسِمَا ِن بِاللّ ِه إِنِ ا ْرتَبُْتمْ لَا‬
‫َفأَصَابَ ْت ُكمْ مُصِيَب ُة الْ َموْ ِ‬
‫َنشَْترِي ِبهِ ثَ َمنًا َوَلوْ كَا َن ذَا ُقرْبَى وَلَا نَكُْتمُ شَهَا َدةَ ال ّلهِ ِإنّا ِإذًا لَ ِمنَ اْل َآثِمِيَ (‪َ )106‬فإِنْ‬
‫حقّ عَلَ ْي ِه ُم الَْأوْلَيَانِ‬
‫حقّا ِإثْمًا َفآَ َخرَا ِن َيقُومَا ِن َمقَا َمهُمَا ِم َن الّذِينَ اسْتَ َ‬
‫عُِثرَ عَلَى َأّنهُمَا اسْتَ َ‬
‫شهَا َدتُنَا َأ َحقّ ِم ْن َشهَا َدتِهِمَا َومَا اعَْت َديْنَا ِإنّا ِإذًا لَ ِم َن الظّالِمِيَ (‪)107‬‬
‫فَُي ْقسِمَانِ بِال ّلهِ َل َ‬

‫‪ -104‬وإذا قيل لؤلء الكافرين ‪ :‬تعالوا إل ما أنزل ال من القرآن ‪ ،‬وإل ما بيّنه‬


‫الرسول لنهتدى به قالوا ‪ :‬يكفينا ما وجدنا عليه آباءنا ‪ .‬أيصح أن يقولوا هذا؟ أو لو‬
‫كان آباؤهم كالنعام ل يعلمون شيئا عن الق ‪ ،‬ول يعرفون طريقا إل الصواب! ‪.‬‬

‫‪190‬‬
‫‪ -105‬يا أيها الذين آمنوا احرصوا على إصلح أنفسكم بطاعة ال ‪ ،‬إنه ل يضركم‬
‫ضلل غيكم ‪ ،‬إذا كنتم على الدى ودعوت إل الق ‪ ،‬وإل ال ‪ -‬وحده ‪ -‬مرجعكم‬
‫ل منكم با قدم ‪ ،‬فل يؤاخذ أحدا‬
‫جيعا يوم القيامة ‪ ،‬فيخبكم بأعمالكم ‪ ،‬ويزى ك ً‬
‫بذنب غيه ‪.‬‬
‫‪ -106‬يا أيها الذين آمنوا ‪ :‬حينما تظهر على أحد منكم علمة الوت ويريد أن‬
‫يوصى بشئ ‪ ،‬فالشهادة بينكم على الوصية ‪ ،‬أن يشهد اثنان عادلن من أقاربكم ‪ ،‬أو‬
‫آخران من غيكم إذا كنتم ف سفر ‪ ،‬وظهرت أمارات الوت ‪ ،‬تبسون هذين‬
‫الشاهدين بعد أداء الصلة الت يتمع عليها الناس ‪ .‬فيحلفان بال قائلي ‪ :‬ل نستبدل‬
‫بيمينه عوضا ‪ ،‬ولو كان فيه نفع لنا أو لحد من أقاربنا ‪ ،‬ول نفى الشهادة الت أمرنا‬
‫ال بأدائها صحيحة ‪ .‬إنا إذا أخفينا الشهادة أو قلنا غي الق ‪ ،‬لنكونن من الظالي‬
‫الستحقي لعذاب ال ‪.‬‬
‫‪ -107‬فإذا ظهر أن الشاهدين قد كذبا ف شهادتما ‪ .‬أو أخفيا شيئا ‪ ،‬فإن اثني من‬
‫أقرب الستحقي لتركة اليت ‪ ،‬ها أحق أن يقفا مكان الشاهدين ‪ ،‬بعد الصلة ليظهرا‬
‫كذبما ‪ ،‬فيحلفان بال أن الشاهدين قد كذبا وأن ييننا أول بالقبول من يينهما ‪ ،‬ول‬
‫نتجاوز الق ف أياننا ‪ ،‬ول نتهم الشاهدين زورا ‪ ،‬فإننا لو فعلنا ذلك نكون من الظالي‬
‫الستحقي عقاب من يظلم غيه ‪.‬‬

‫شهَا َدةِ عَلَى وَ ْج ِههَا َأوْ يَخَافُوا أَ ْن ُت َردّ َأيْمَا ٌن َبعْ َد َأيْمَاِن ِهمْ وَاّتقُوا‬
‫ك َأدْنَى أَ ْن َي ْأتُوا بِال ّ‬
‫َذلِ َ‬
‫اللّ َه وَاسْ َمعُوا وَال ّل ُه لَا َي ْهدِي اْلقَوْ َم اْلفَا ِسقِيَ (‪ )108‬يَوْ َم َيجْمَ ُع ال ّلهُ ال ّرسُ َل فََيقُو ُل مَاذَا‬
‫أُجِبُْت ْم قَالُوا لَا عِ ْل َم لَنَا ِإّنكَ َأنْتَ عَلّا ُم اْلغُيُوبِ (‪ِ )109‬إذْ قَالَ ال ّلهُ يَا عِيسَى اْب َن َمرَْيمَ‬
‫س فِي الْ َم ْهدِ‬
‫س تُكَ ّلمُ النّا َ‬
‫ح الْ ُقدُ ِ‬
‫ك ِبرُو ِ‬
‫ك ِإذْ َأّي ْدتُ َ‬
‫اذْ ُكرْ ِنعْمَتِي عَلَ ْيكَ وَعَلَى وَالِ َدتِ َ‬
‫حكْ َم َة وَالّتوْرَا َة وَاْلِإنْجِي َل وَِإ ْذ تَخْ ُل ُق ِمنَ الطّيِ َكهَيَْئةِ‬
‫ب وَالْ ِ‬
‫وَ َكهْلًا َوِإذْ َعلّمُْتكَ اْلكِتَا َ‬
‫خرِجُ‬
‫الطّ ْيرِ ِبِإذْنِي فَتَ ْنفُخُ فِيهَا فََتكُونُ َط ْيرًا ِبِإذْنِي َوتُ ْبرِئُ اْلأَكْ َم َه وَاْلأَْب َرصَ ِبِإ ْذنِي َوإِ ْذ تُ ْ‬
‫ك ِإذْ جِئَْت ُه ْم بِالْبَيّنَاتِ َفقَا َل الّذِينَ َك َفرُوا‬
‫الْمَ ْوتَى ِبِإذْنِي وَِإذْ َك َففْتُ بَنِي إِ ْسرَائِيلَ عَ ْن َ‬
‫ح ٌر مُبِيٌ (‪)110‬‬
‫مِ ْنهُ ْم إِ ْن َهذَا ِإلّا سِ ْ‬

‫‪191‬‬
‫‪ -108‬هذا التشريع أقرب الطرق إل أن يؤدى الشهداء شهادتم صحيحة مافظة‬
‫على حلفهم بال ‪ ،‬أو خوفا من فضيحتهم بظهور كذبم ‪ ،‬إذا حلف الورثة أيانا لرد‬
‫أيانم ‪ .‬وراقبوا ال ف أيانكم وأماناتكم ‪ ،‬وأطيعوا أحكامه راضي با ‪ .‬فإن فيها‬
‫مصالكم ‪ ،‬ول تالفوها فتكونوا من الارجي على ال ‪ ،‬فإن ال ل ينفع بإرشاده من‬
‫خرج على طاعته ‪.‬‬
‫‪ -109‬وتذكروا يوم القيامة حي يمع ال أمامه ك ّل الرسل ويسألم قائل لم ‪ :‬ماذا‬
‫أجابتكم به أمكم الذين أرسلتكم إليها ‪ ،‬أباليان أم بالنكار؟ والمم حينئذ حاضرة‬
‫لتقوم عليهم الُجة بشهادة رسلهم ‪ ،‬بأننا ل نعلم ما كان بعدنا من أمر من أرسلنا‬
‫إليهم ‪ ،‬وأنت ‪ -‬وحدك ‪ -‬الذى تعلم ذلك ‪ ،‬لنك الذى أحاط علمه بالفايا كما‬
‫أحاط بالظواهر ‪.‬‬
‫‪ -110‬وف ذلك الوقت ينادى ال عيسى ابن مري من بي الرسل فيقول له ‪ :‬اذكر ما‬
‫أنعمت به عليك وعلى أمك ف الدنيا ‪ ،‬حينما ثَبّتُك بالوحى وأنطقتك وأنت رضيع با‬
‫يَُبرّئُ أمك ما اتّهمت به ‪ ،‬كما أنطقتك وأنت كبي با قد أوحيت إليك ‪ ،‬وحينما‬
‫أنعمت عليك بتعليمك الكتاب ‪ ،‬ووفقتك للصواب من القول والعمل ‪ ،‬وعلمتك‬
‫كتاب موسى والنيل الذى أنزلته عليك ‪ ،‬وأقدرتك على معجزات ترج عن طوق‬
‫البشر ‪ ،‬حيث تتخذ من الطي صورة الطي بإذن ال ‪ ،‬فتنفخ فيها فتصبح طائرا حَيا‬
‫بقدرة ال ل بقدرتك ‪ ،‬وتشفى من العمى من ُوِلدَ أعمى ‪ ،‬وتشفى البرص من برصه‬
‫بإذن ال وقدرته ‪ ،‬وحينما يرى على يديك إحياء الوتى بإذن ال وقدرته ‪ ،‬وحينما‬
‫منعت اليهود من قتلك وصلبك عندما أتيتهم بالعجزات ليؤمنوا ‪ ،‬فأعرض فريق‬
‫منهم ‪ ،‬وادعوا أن ما أظهرته من العجزات ما هو إل من قبيل السحر الواضح ‪.‬‬

‫ي أَنْ َآمِنُوا بِي َوبِ َرسُولِي قَالُوا َآمَنّا وَا ْشهَ ْد ِبأَنّنَا ُمسْلِمُونَ (‬
‫حوَا ِريّ َ‬
‫ت ِإلَى الْ َ‬
‫وَِإ ْذ َأوْحَيْ ُ‬
‫حوَا ِريّو َن يَا عِيسَى اْبنَ َم ْرَيمَ َهلْ َيسْتَطِيعُ َرّبكَ أَ ْن يَُن ّزلَ عَلَيْنَا مَاِئ َدةً ِمنَ‬
‫‪ِ )111‬إذْ قَالَ الْ َ‬
‫السّمَا ِء قَالَ اّتقُوا اللّ َه إِنْ كُنُْت ْم ُمؤْمِنِيَ (‪ )112‬قَالُوا ُنرِيدُ أَ ْن َنأْ ُك َل مِ ْنهَا َوتَطْمَِئ ّن قُلُوبُنَا‬
‫ص َدقْتَنَا وََنكُونَ َعلَ ْيهَا ِمنَ الشّاهِدِينَ (‪ )113‬قَالَ عِيسَى اْبنُ َم ْريَ َم ال ّلهُمّ‬
‫وََنعْ َلمَ أَ ْن َقدْ َ‬

‫‪192‬‬
‫َربّنَا َأْنزِلْ عَ َليْنَا مَاِئدَ ًة ِمنَ السّمَا ِء َتكُو ُن لَنَا عِيدًا لَِأ ّولِنَا وَ َآ ِخرِنَا وَ َآيَ ًة مِ ْنكَ وَارْ ُزقْنَا وََأنْتَ‬
‫خَ ْيرُ الرّا ِزقِيَ (‪ )114‬قَالَ ال ّلهُ ِإنّي مَُن ّزُلهَا عَلَ ْي ُك ْم فَ َم ْن يَ ْك ُفرْ َب ْعدُ مِ ْن ُكمْ َفِإنّي أُ َع ّذُبهُ‬
‫َعذَابًا لَا أُ َع ّذُبهُ َأ َحدًا ِمنَ اْلعَالَ ِميَ (‪)115‬‬

‫‪ -111‬واذكر ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لمتك ما حدث ف الاضى حي ألمنا جاعة من‬


‫دعوناهم أن يؤمنوا بال وبرسوله عيسى فاستجابوا له ‪ ،‬وصاروا من خاصة أصحابه ‪،‬‬
‫وقالوا ‪ :‬آمنا واشهد يا ربنا بأننا ملصون منقادون لوامرك ‪.‬‬
‫‪ -112‬اذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ما حدث حي قال أتباع عيسى الخلصون ‪ :‬يا عيسى‬
‫ابن مري ‪ ،‬هل ييبك ربك إذا طلبت منه أن ينل علينا طعاما من السماء؟‬
‫قال لم عيسى ردا عليهم ‪ :‬إن كنتم مؤمني بال فخافوه ‪ ،‬وأطيعوا أوامره ونواهيه ‪،‬‬
‫ول تطلبوا حُججا غي الت قدمتها ‪.‬‬
‫‪ -113‬قالوا ‪ :‬إننا نريد أن نأكل من هذه الائدة لتطمئن قلوبنا با نؤمن به من قدرة‬
‫ال ‪ ،‬ونعلم عن معاينة أنك قد صدقتنا فيما أخبتنا عنه سبحانه ‪ ،‬ونشهد لك بذه‬
‫العجزة عند من ل يشاهدها ‪.‬‬
‫‪ -114‬فاستجاب لم عيسى وقال ‪ :‬يا ربنا ومالك أمرنا ‪ ،‬أنزل علينا مائدة من‬
‫السماء يكون يوم نزولا عيدا للمؤمني منا ‪ ،‬التقدمي والتأخرين ‪ ،‬ولتكون معجزة‬
‫تؤيد با دعوتك ‪ ،‬وارزقنا رزقا طيبا ‪ ،‬وأنت خي الرازقي ‪.‬‬
‫‪ -115‬قال ال له ‪ :‬إن سأنزل الائدة عليكم من السماء ‪ ،‬فأى امرئ منكم يحد هذه‬
‫النعمة بعد إنزالا ‪ ،‬فإن أعاقبه عقابا ل أعاقب بثله أحدا من الناس ‪ ،‬لنه كفر بعدما‬
‫شاهد دليل اليان الذى اقترحه ‪.‬‬

‫خذُونِي َوُأمّ َي ِإَلهَيْ ِن ِمنْ دُو ِن ال ّلهِ‬


‫ت لِلنّاسِ اتّ ِ‬
‫وَِإ ْذ قَا َل اللّ ُه يَا عِيسَى اْبنَ َم ْرَيمَ َأَأنْتَ قُلْ َ‬
‫ت قُلُْتهُ فَ َقدْ عَلِ ْمَتهُ َتعْ َلمُ مَا‬
‫حقّ إِنْ ُكنْ ُ‬
‫س لِي ِب َ‬
‫ك مَا َيكُو ُن لِي أَ ْن َأقُو َل مَا لَيْ َ‬
‫قَا َل سُبْحَانَ َ‬
‫ت َلهُ ْم ِإلّا مَا‬
‫ك َأنْتَ عَلّا ُم اْلغُيُوبِ (‪ )116‬مَا قُلْ ُ‬
‫سكَ ِإنّ َ‬
‫فِي َن ْفسِي َولَا أَعْ َل ُم مَا فِي َن ْف ِ‬
‫ت فِي ِهمْ فَلَمّا َت َوفّيْتَنِي‬
‫َأمَ ْرتَنِي ِبهِ أَنِ ا ْعُبدُوا ال ّلهَ َربّي وَ َرّبكُ ْم وَكُنْتُ عَلَ ْي ِه ْم َشهِيدًا مَا ُدمْ ُ‬
‫ت الرّقِيبَ عَلَ ْي ِهمْ َوَأنْتَ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء َشهِيدٌ (‪ )117‬إِ ْن تُ َع ّذْبهُ ْم َفإِّن ُهمْ عِبَادُكَ‬
‫ت َأنْ َ‬
‫كُنْ َ‬

‫‪193‬‬
‫حكِيمُ (‪ )118‬قَا َل اللّ ُه َهذَا َيوْ ُم يَ ْنفَعُ الصّا ِدقِيَ‬
‫ك َأنْتَ اْل َعزِي ُز الْ َ‬
‫وَإِ ْن َت ْغفِ ْر َل ُهمْ َفِإنّ َ‬
‫ضيَ ال ّلهُ عَ ْن ُهمْ وَرَضُوا‬
‫جرِي ِمنْ تَحِْتهَا الَْأْنهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أََبدًا رَ ِ‬
‫ت تَ ْ‬
‫ص ْد ُقهُ ْم َل ُهمْ جَنّا ٌ‬
‫ِ‬
‫ض وَمَا فِيهِ ّن َوهُوَ عَلَى ُكلّ‬
‫ك الْ َفوْ ُز الْعَظِيمُ (‪ )119‬لِ ّلهِ مُ ْلكُ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْ ِ‬
‫عَ ْن ُه َذلِ َ‬
‫شَيْ ٍء َقدِيرٌ (‪)120‬‬

‫‪ -116‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ما سيحدث يوم القيامة ‪ ،‬حي يقول ال لعيسى ابن‬
‫مري قول يعلن الق ‪ :‬أأنت الذى قلت لم ‪ :‬اجعلون أنا وأمى إلي ‪ ،‬تاركي إفراد ال‬
‫بالعبودية؟ قال عيسى ‪ :‬أنزهك تنيها تاما عن أن يكون لك شريك ‪ ،‬ول يصح ل أن‬
‫أطلب طلبا ليس ل أدن حق فيه ‪ .‬لو كنت قلت ذلك لعلمته ‪ ،‬لنك تعلم خفايا‬
‫نفسى ‪ ،‬فضل عن مظاهر قول ‪ ،‬ول أعلم ما تفيه عن ‪ - ،‬إنك وحدك ‪ -‬صاحب‬
‫العلم الحيط بكل خفى وغائب ‪.‬‬
‫‪ -117‬ما قلت لم ‪ :‬إل ما أمرتن بتبليغه لم ‪ .‬قلت لم ‪ :‬اعبدوا ال ‪ -‬وحده ‪ -‬فإنه‬
‫مالك أمرى وأمركم ‪ .‬وكنت أعلم حالم وأنا موجود بينهم ‪ ،‬فلما انتهى أجل إقامت‬
‫الذى َقدّرته بينهم ‪ ،‬كنت أنت ‪ -‬وحدك ‪ -‬الطلع عليهم ‪ ،‬وأنت مطلع على كل شئ‬
‫‪.‬‬
‫‪ -118‬إن تعذبم با فعلوا فإنم عبادك تتصرف فيهم كما تريد ‪ ،‬وإن تعف عنهم ‪،‬‬
‫فإنك ‪ -‬وحدك ‪ -‬القاهر الذى ل يغلب ‪ ،‬ذو الكمة البالغة ف كل ما يصدر عنه ‪.‬‬
‫‪ -119‬يقول ال ‪ :‬هذا هو اليوم الذى ينفع فيه الصادقي صدقُهم ‪ ،‬لم حدائق ترى‬
‫تت أشجارها النار ‪ ،‬وهم مقيمون فيها ل يرجون منها أبدا ‪ ،‬يتمتعون فيها برضوان‬
‫ال عنهم ورضاهم بثوابه ‪ ،‬وذلك النعيم هو الفوز العظيم ‪.‬‬
‫‪ -120‬ل ‪ -‬وحده ‪ -‬ملك السموات والرض وما فيهن ‪ ،‬فهو ‪ -‬وحده ‪ -‬الستحق‬
‫للعبادة ‪ ،‬وهو ذو القدرة التامة على تقيق كل ما يريد ‪.‬‬

‫الْحَ ْمدُ لِلّ ِه اّلذِي خَ َلقَ السّمَاوَاتِ وَاْلأَرْضَ وَ َج َعلَ الظّلُمَاتِ وَالنّو َر ُثمّ اّلذِينَ َك َفرُوا‬
‫ِبرَّب ِهمْ َي ْعدِلُونَ (‪)1‬‬

‫‪194‬‬
‫‪ -1‬الثناء والذكر الميل ل ‪ ،‬الذى خلق السموات والرض ‪ ،‬وأوجد الظلمات‬
‫والنور لنفعة العباد بقدرته وعلى وفق حكمته ‪ ،‬ث مع هذه النعم الليلة يشرك به‬
‫الكافرون ‪ ،‬ويعلون شريكا ف العبادة ‪.‬‬

‫ي ُثمّ قَضَى أَجَلًا َوأَ َجلٌ ُمسَمّى عِ ْن َد ُه ُثمّ َأنُْتمْ تَ ْمَترُونَ (‪َ )2‬وهُوَ‬
‫هُ َو الّذِي خَ َلقَ ُكمْ ِمنْ ِط ٍ‬
‫ض يَعْ َل ُم ِسرّكُ ْم َوجَ ْهرَ ُكمْ َوَيعْ َلمُ مَا تَ ْكسِبُونَ (‪َ )3‬ومَا‬
‫اللّ ُه فِي السّمَاوَاتِ َوفِي اْلأَرْ ِ‬
‫حقّ لَمّا‬
‫ضيَ (‪َ )4‬ف َقدْ َكذّبُوا بِالْ َ‬
‫َتأْتِي ِهمْ ِمنْ َآَي ٍة ِمنْ َآيَاتِ َرّبهِ ْم ِإلّا كَانُوا عَ ْنهَا مُ ْعرِ ِ‬
‫ف َي ْأتِي ِه ْم َأنْبَا ُء مَا كَانُوا بِ ِه َيسَْت ْهزِئُونَ (‪َ )5‬أَلمْ َي َروْا َك ْم َأهْلَكْنَا ِمنْ قَبْ ِل ِهمْ‬
‫جَا َء ُه ْم َفسَوْ َ‬
‫ض مَا َل ْم نُ َم ّكنْ َل ُكمْ َوأَ ْرسَلْنَا السّمَاءَ عَلَ ْي ِه ْم مِدْرَارًا وَ َجعَلْنَا‬
‫ِمنْ َقرْ ٍن َمكّنّا ُهمْ فِي اْلأَرْ ِ‬
‫حِتهِ ْم َفَأهْلَكْنَا ُه ْم ِبذُنُوِب ِهمْ َوَأْنشَ ْأنَا ِم ْن َبعْ ِد ِهمْ َق ْرنًا َآ َخرِينَ (‪)6‬‬
‫جرِي ِمنْ تَ ْ‬
‫الَْأْنهَا َر تَ ْ‬

‫‪ -2‬هو الذى بدأ خلقكم من طي ‪ ،‬ث قدر لياة كل منكم زمنا ينتهى بوته والجل‬
‫عنده ‪ -‬وحده ‪ -‬الحدد للبعث من القبور ‪ .‬ث إنكم ‪ -‬أيها الكافرون ‪ -‬بعد هذا‬
‫تادلون ف قدرة ال على البعث ‪ ،‬واستحقاقه ‪ -‬وحده ‪ -‬للعبادة ‪.‬‬
‫‪ -3‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬الستحق للعبادة ف السموات والرض ‪ ،‬يعلم ما أخفيتموه وما‬
‫أظهرتوه ‪ ،‬ويعلم ما تفعلون فيجازيكم عليه ‪.‬‬
‫‪ -4‬ول يؤتى الشركون بدليل من أدلة خالقهم ‪ ،‬الت تشهد بوحدانيته وصدق رسله ‪،‬‬
‫إل كانوا منصرفي عنه ‪ ،‬ل يتأملون فيه ول يعتبون به ‪.‬‬
‫‪ -5‬فقد كذبوا بالقرآن حي جاءهم ‪ ،‬وهو حق ل يأتيه الباطل ‪ .‬فسوف يل بم ما‬
‫أخب به القرآن من عقاب الدنيا وعذاب الخرة ‪ ،‬ويتبي لم صدق وعيده الذى كانوا‬
‫يسخرون منه ‪.‬‬
‫‪ -6‬أل يعلموا أننا أهلكنا أُما كثية قبلهم ‪ ،‬أعطيناهم من أسباب القوة والبقاء ف‬
‫الرض ما ل نعطكم إياه ‪ -‬أيها الكافرون ‪ -‬ووسعنا عليهم ف الرزق والنعيم ‪ ،‬فأنزلنا‬
‫عليهم المطار غزيرة ينتفعون با ف حياتم ‪ ،‬وجعلنا مياه النار ترى من تت‬
‫قصورهم ‪ ،‬فلم يشكروا هذه النعم ‪ .‬فأهلكناهم بسبب شركهم وكثرة ذنوبم ‪،‬‬
‫وأوجدنا ‪ -‬من بعد ‪ -‬أناسا غيهم خيا منهم ‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫حرٌ‬
‫س فَلَ َمسُوهُ ِبَأْيدِي ِهمْ َلقَا َل الّذِينَ َكفَرُوا إِ ْن َهذَا ِإلّا سِ ْ‬
‫وََل ْو َنزّلْنَا عَلَ ْيكَ كِتَابًا فِي ِقرْطَا ٍ‬
‫ضيَ اْلأَ ْم ُر ثُ ّم لَا يُنْ َظرُونَ (‪)8‬‬
‫ك وََلوْ أَْن َزلْنَا مَ َلكًا َلقُ ِ‬
‫مُبِيٌ (‪َ )7‬وقَالُوا لَ ْولَا ُأْنزِلَ عَ َل ْيهِ مَ َل ٌ‬
‫جعَلْنَاهُ َرجُلًا وَلَلََبسْنَا عَلَ ْي ِه ْم مَا يَلِْبسُونَ (‪ )9‬وََل َقدِ اسُْت ْهزِئَ ِب ُرسُ ٍل ِمنْ‬
‫وََل ْو جَعَلْنَا ُه مَلَكًا لَ َ‬
‫ض ُثمّ‬
‫خرُوا مِ ْنهُ ْم مَا كَانُوا ِب ِه َيسْتَ ْه ِزئُونَ (‪ُ )10‬ق ْل سِيُوا فِي اْلأَرْ ِ‬
‫قَبْ ِلكَ فَحَاقَ بِاّلذِي َن سَ ِ‬
‫ض ُق ْل لِ ّلهِ‬
‫انْظُرُوا َكيْفَ كَانَ عَاقَِبةُ الْ ُم َكذّبِيَ (‪ُ )11‬ق ْل لِ َم ْن مَا فِي السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫ب فِيهِ اّلذِي َن َخسِرُوا َأْن ُفسَ ُهمْ‬
‫سهِ الرّحْ َم َة لَيَجْ َمعَّن ُكمْ ِإلَى َيوْ ِم اْلقِيَا َمةِ لَا َريْ َ‬
‫كَتَبَ عَلَى َن ْف ِ‬
‫َفهُ ْم لَا ُي ْؤمِنُونَ (‪)12‬‬

‫‪ -7‬ولو أنزلنا عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬دليل رسالتك مكتوبا ف ورق ‪ ،‬فرأوه بأعينهم ‪،‬‬
‫وتأكدوا منه بوضع أيديهم عليه ‪ ،‬لقالوا ‪ -‬تعنتا ‪ : -‬ما هذا الذى نلمسه إلّ سحر‬
‫ظاهر!! ‪.‬‬
‫‪ -8‬وقالوا ‪ :‬نطلب أن ينل ال عليك ملكا يصدقك ‪ .‬ولو استجبنا لم ‪ ،‬وأرسلنا معه‬
‫ملكا كما اقترحوا ‪ ،‬ث عاندوا ول يؤمنوا ‪ .‬لنفذ المر بإهلكهم ‪ ،‬ث ل يهلون لظة ‪.‬‬
‫‪ -9‬ولو جعلنا الؤيد للرسول ملكا كما طلبوا ‪ ،‬لعلناه على هيئة بشر ‪ ،‬حت‬
‫يستطيعوا مشاهدته والفهم عنه ‪ ،‬فإنم ل يقدرون على رؤية اللك ف صورته‬
‫الصلية ‪ ،‬ولشتبه عليهم المر واختلط بإرساله ف صورة بشر ‪ ،‬وأوقعناهم ف نفس‬
‫الطأ الذى يتخبطون فيه ‪.‬‬
‫خ َر الكفار كثيا برسل من قبلك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬فأحاط بالساخرين‬
‫‪ -10‬ولقد سَ ِ‬
‫العذاب الذى أنذرهم به رسلهم ‪ ،‬وقد جعلوه موضع سخريتهم من قبل ‪.‬‬
‫‪ -11‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لؤلء الكفار ‪ :‬سيوا ف جوانب الرض وتأملوا كيف كان‬
‫اللك ناية الكذبي لرسلهم فاعتبوا بذه النهاية وذلك الصي ‪.‬‬
‫ض ومن فيهن؟‬
‫‪ -12‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لؤلء الاحدين ‪َ :‬م ْن مَالِك السموات والر ِ‬
‫فإن أحجموا فقل الواب الذى ل جواب غيه ‪ :‬إن مالكها هو ال ‪ -‬وحده ‪ -‬ل‬
‫شريك له ‪ ،‬وأنه أوجب على نفسه الرحة بعباده ‪ ،‬فل يعجل عقوبتهم ‪ ،‬ويقبل‬

‫‪196‬‬
‫توبتهم ‪ ،‬إنه ليحشرنكم إل يوم القيامة الذى ل شك فيه ‪ .‬الذين ضيعوا أنفسهم‬
‫وعرّضوها للعذاب ف هذا اليوم ‪ ،‬هم الذين ل يصدقون بال ‪ ،‬ول بيوم الساب ‪.‬‬

‫خذُ َولِيّا فَا ِطرِ‬


‫وََل ُه مَا َسكَ َن فِي اللّ ْي ِل وَالّنهَارِ َو ُهوَ السّمِي ُع اْلعَلِيمُ (‪ُ )13‬ق ْل أَغَ ْي َر اللّ ِه َأتّ ِ‬
‫ض وَ ُه َو يُ ْطعِ ُم َولَا يُ ْط َعمُ ُق ْل ِإنّي أُ ِم ْرتُ أَ ْن أَكُو َن َأوّ َل َمنْ َأسْ َلمَ َولَا‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫السّمَاوَا ِ‬
‫ب َيوْمٍ عَظِيمٍ (‪)15‬‬
‫شرِكِيَ (‪ُ )14‬قلْ ِإنّي َأخَافُ إِنْ عَصَيْتُ َربّي َعذَا َ‬
‫تَكُونَ ّن ِمنَ الْ ُم ْ‬
‫ضرّ‬
‫سكَ ال ّل ُه بِ ُ‬
‫سْ‬‫صرَفْ عَ ْن ُه َي ْومَئِ ٍذ َف َقدْ َرحِ َم ُه َوذَِلكَ اْل َفوْزُ الْمُِبيُ (‪ )16‬وَإِ ْن يَ ْم َ‬
‫َمنْ يُ ْ‬
‫سكَ بِخَ ْي ٍر َف ُهوَ عَلَى ُكلّ َشيْ ٍء َقدِيرٌ (‪ )17‬وَ ُهوَ اْلقَا ِهرُ‬
‫سْ‬‫ف َلهُ ِإلّا ُهوَ َوإِ ْن يَ ْم َ‬
‫فَلَا كَاشِ َ‬
‫حكِيمُ الْخَبِيُ (‪ُ )18‬ق ْل أَيّ َشيْ ٍء أَكَْب ُر شَهَا َدةً ُق ِل ال ّلهُ َشهِيدٌ بَيْنِي‬
‫َفوْقَ عِبَا ِدهِ َو ُهوَ الْ َ‬
‫شهَدُو َن أَ ّن مَ َع اللّهِ َآِل َهةً‬
‫وَبَيَْن ُكمْ َوأُو ِحيَ ِإَليّ َهذَا اْلقُرْ َآ ُن لُِأْنذِرَ ُكمْ ِب ِه َومَ ْن بَلَ َغ َأئِّنكُ ْم لََت ْ‬
‫شرِكُونَ (‪)19‬‬
‫أُ ْخرَى ُقلْ لَا أَ ْش َهدُ ُق ْل ِإنّمَا ُهوَ إَِل ٌه وَا ِحدٌ َوِإنّنِي َبرِيءٌ مِمّا ُت ْ‬

‫‪ -13‬ول ما ف كل زمان ‪ ،‬كما أن له ما ف كل مكان ‪ ،‬وهو السميع لكل ما‬


‫يسمع ‪ ،‬العليم بكل ما يُعلم ‪.‬‬
‫‪ -14‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬ل أتذ غي ال إلا وناصرا ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬النشئ‬
‫للسموات والرض على نظام ل يسبق إليه ‪ ،‬وهو الرازق لعباده طعامهم ‪ ،‬ول يتاج‬
‫منهم إل طعام ‪ .‬قل ‪ :‬إن أمرن ال أن أكون أول من أسلم ‪ ،‬ونان أن أشرك معه غيه‬
‫ف العبادة ‪.‬‬
‫‪ -15‬قل ‪ :‬إن أخاف ‪ ،‬إن خالفت أمر رب وعصيته ‪ ،‬عذاب يوم شديد ‪.‬‬
‫‪ -16‬من يُصرف عنه هذا العذاب يوم القيامة ‪ ،‬فقد رحه ال ‪ ،‬وذلك هو الفوز‬
‫الثابت البيّن ‪.‬‬
‫‪ -17‬وإن يصبك ال بسوء فل كاشف له إل هو ‪ ،‬وإن ينحك خيا فل راد لفضله ‪،‬‬
‫لنه على كل شئ قدير ‪.‬‬
‫‪ -18‬وهو الغالب بقدرته ‪ ،‬الستعلى على عباده ‪ ،‬التصف بالكمة ف كل ما يفعل ‪،‬‬
‫الحيط علمه با ظهر واستتر ‪.‬‬
‫‪ -19‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لن يكذبوك ويطلبون شهادة على رسالتك ‪ ،‬أى شئ أعظم‬

‫‪197‬‬
‫شهادة وأحق بالتصديق؟ ث قل ‪ :‬إن ال أعظم شاهد بين وبينكم على صدق ما جئتكم‬
‫به ‪ ،‬وقد أنزل عل ّى هذا القرآن ليكون حُجّة لصدقى ‪ ،‬لحذركم به أنتم وكل من بلغه‬
‫خبه ‪ ،‬وهو حُجة قاطعة شاهدة بصدقى ‪ ،‬لنكم ل تستطيعون أن تأتوا بثله!! سلهم ‪:‬‬
‫أأنتم الذين تقولون معتقدين أن مع ال آلة غيه؟ ث قل لم ‪ :‬ل أشهد بذلك ‪ ،‬ول‬
‫أقوله ‪ ،‬ول أقركم عليه ‪ ،‬وإنا العبود بق إله واحد ‪ ،‬وإنن برئ ما تشركون به من‬
‫أوثان ‪.‬‬

‫س ُهمْ َف ُه ْم لَا‬
‫ب يَ ْع ِرفُوَنهُ كَمَا َيعْ ِرفُونَ َأبْنَا َء ُهمُ اّلذِي َن َخسِرُوا َأْنفُ َ‬
‫الّذِينَ َآتَيْنَا ُهمُ اْلكِتَا َ‬
‫يُ ْؤمِنُونَ (‪َ )20‬و َمنْ أَظْ َل ُم مِ ّم ِن افَْترَى عَلَى ال ّلهِ َكذِبًا أَوْ َك ّذبَ ِب َآيَاِتهِ إِّن ُه لَا ُيفْلِحُ‬
‫ش ُرهُ ْم جَمِيعًا ُث ّم َنقُولُ لِ ّلذِينَ َأ ْشرَكُوا أَْي َن ُشرَكَاؤُ ُكمُ اّلذِينَ‬
‫حُ‬‫الظّالِمُونَ (‪ )21‬وََيوْ َم نَ ْ‬
‫شرِكِيَ (‪)23‬‬
‫كُنُْت ْم َتزْعُمُونَ (‪ُ )22‬ثمّ َلمْ تَ ُكنْ فِتْنَُتهُ ْم ِإلّا أَ ْن قَالُوا وَال ّلهِ َربّنَا مَا ُكنّا ُم ْ‬
‫ضلّ عَ ْن ُهمْ مَا كَانُوا َيفَْترُونَ (‪)24‬‬
‫انْظُرْ كَيْفَ َكذَبُوا عَلَى َأْن ُفسِ ِهمْ وَ َ‬

‫‪ -20‬الذين آتيناهم الكتب السماوية من اليهود والنصارى ‪ ،‬يعرفون ممدا وصدق‬


‫رسالته ‪ ،‬من هذه الكتب ‪ ،‬كمعرفتهم أبناءهم ‪ .‬إن الذين ضيعوا أنفسهم ‪ ،‬ل يقرون‬
‫با يعرفون ‪ ،‬فهم ل يؤمنون ‪.‬‬
‫‪ -21‬وليس أحد أشد ظلما لنفسه وللحق من افترى على ال الكذب ‪ ،‬وادعى أن له‬
‫ولدا أو شريكا ‪ ،‬أو نسب إليه ما ل يليق ‪ ،‬أو أنكر أدلته الدالة على وحدانيته وصدق‬
‫رسله ‪ .‬إن الظالي ل يفوزون بي ف الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫‪ -22‬واذكر لم ما سيحصل يوم نمع اللق كلهم للحساب ‪ ،‬ث نقول توبيخا للذين‬
‫عبدوا مع ال غيه ‪ :‬أين الذين جعلتموهم شركاء ل لينفعوكم؟‬
‫‪ -23‬ث ل تكن نتيجة منتهم الشديدة ف هذا الوقف إل ماولة التخلص من شركهم‬
‫السابق بالكذب ‪ ،‬فقالوا كاذبي ‪ :‬وال ربنا ما أشركنا ف العبادة أحدا غيك ‪.‬‬
‫‪ -24‬انظر كيف غالطوا أنفسهم بذا الكذب ‪ ،‬وغاب عنهم ما كانوا يتلقونه من‬
‫عبادة الحجار ويزعمونا شركاء ل!!‬

‫‪198‬‬
‫وَمِ ْن ُهمْ مَ ْن َيسْتَمِ ُع ِإلَ ْيكَ َو َجعَلْنَا َعلَى قُلُوبِ ِه ْم أَكِّنةً أَ ْن َي ْف َقهُو ُه وَفِي َآذَانِ ِهمْ وَ ْقرًا َوإِنْ‬
‫ك َيقُولُ اّلذِينَ َك َفرُوا إِ ْن َهذَا ِإلّا‬
‫َيرَوْا ُكلّ َآَيةٍ لَا يُ ْؤمِنُوا ِبهَا حَتّى ِإذَا جَاءُو َك يُجَا ِدلُونَ َ‬
‫سهُ ْم َومَا‬
‫ي اْلأَ ّولِيَ (‪ )25‬وَ ُه ْم يَ ْنهَوْنَ عَ ْن ُه َويَ ْنأَوْنَ عَ ْن ُه َوإِ ْن ُيهْلِكُونَ ِإلّا أَْن ُف َ‬
‫أَسَاطِ ُ‬
‫ب ِب َآيَاتِ َربّنَا‬
‫َيشْ ُعرُونَ (‪ )26‬وََل ْو َترَى ِإذْ وُ ِقفُوا عَلَى النّا ِر َفقَالُوا يَا لَيْتَنَا ُن َر ّد وَلَا نُ َكذّ َ‬
‫خفُو َن ِمنْ قَ ْب ُل َولَوْ ُردّوا َلعَادُوا لِمَا‬
‫وََنكُونَ ِم َن الْ ُمؤْمِنِيَ (‪َ )27‬ب ْل َبدَا َلهُ ْم مَا كَانُوا يُ ْ‬
‫ح ُن بِمَ ْبعُوثِيَ (‪)29‬‬
‫ُنهُوا عَ ْن ُه وَِإّنهُ ْم َلكَا ِذبُونَ (‪َ )28‬وقَالُوا إِ ْن هِ َي ِإلّا حَيَاتُنَا ال ّدنْيَا َومَا نَ ْ‬

‫‪ -25‬ومنهم من يستمع إليك حي تتلو القرآن ‪ ،‬ل ليتفهموه ‪ ،‬وليهتدوا به ‪ ،‬وإنا‬


‫ليتلمسوا سبل للطعن فيه والسخرية منه ‪.‬‬
‫وقد حرمناهم بسبب ذلك من النتفاع بعقولم وأساعهم ‪ ،‬كأن عقولم ف أغطية‬
‫تجب عنهم الدراك الصحيح ‪ ،‬وكأن ف آذانم صمما يول دون ساع آيات القرآن‬
‫‪ ،‬وإن يروا كل دليل ل يؤمنون به ‪ ،‬حت إذا جاءوك ليجادلوك بالباطل يقول الذين‬
‫كفروا مدفوعي بكفرهم ‪ :‬ما هذا إل أباطيل سطرها من قبلك الولون ‪.‬‬
‫‪ -26‬وهم ينهون الناس عن اليان بالقرآن ‪ ،‬ويبتعدون عنه بأنفسهم ‪ ،‬فل ينتفعون‬
‫ول يدعون غيهم ينتفع! وما يضرون بذلك الصنيع إل أنفسهم ‪ ،‬وما يشعرون بقبح‬
‫ما يفعلون ‪.‬‬
‫‪ -27‬ولو ترى ‪ -‬أيها النب ‪ -‬هؤلء الكفار وهم واقفون على النار يعانون أهوالا ‪،‬‬
‫لرأيت أمرا غريبا رهيبا ‪ ،‬إذ يتمنون الرجوع إل الدنيا ‪ ،‬ويقولون ‪ :‬يا ليتنا نرد إليها‬
‫لنصلح ما أفسدنا ‪ ،‬ول نكذب بآيات ربنا ‪ ،‬ونكون من الؤمني!‬
‫‪ -28‬وليس قولم هذا ‪ ،‬إل لنه قد ظهر لم ما ل يكن إخفاؤه والكابرة فيه ‪ ،‬ما‬
‫كان يبهم به الرسول! ولو ردّوا إل الدنيا كما يتمنون ‪ ،‬لعادوا إل الكفر الذى‬
‫ناهم ال عنه ‪ ،‬لغرورهم بزخرفها وإطاعة أهوائهم! وإنم لكاذبون ف دعواهم اليان‬
‫إذا ردوا إل الدنيا!‬
‫‪ -29‬ولو أعيدوا إل الدنيا لعادوا إل سيتم الول وقالوا ‪ :‬ليس لنا حياة إل هذه‬
‫الياة الدنيا ‪ .‬وما نن بعد ذلك ببعوثي!‬

‫‪199‬‬
‫ح ّق قَالُوا بَلَى وَ َربّنَا قَالَ َفذُوقُوا اْلعَذَابَ‬
‫س َهذَا بِالْ َ‬
‫وََل ْو َترَى ِإذْ وُ ِقفُوا عَلَى َرّب ِهمْ قَالَ َألَيْ َ‬
‫بِمَا كُنُْتمْ تَ ْك ُفرُونَ (‪َ )30‬ق ْد َخسِ َر الّذِينَ َكذّبُوا بِ ِلقَا ِء اللّ ِه حَتّى ِإذَا جَا َءْتهُ ُم السّا َع ُة َبغَْتةً‬
‫س َرتَنَا َعلَى مَا َفرّطْنَا فِيهَا وَ ُهمْ يَحْمِلُو َن َأوْزَا َر ُهمْ عَلَى ُظهُورِ ِه ْم َألَا سَا َء مَا‬
‫قَالُوا يَا حَ ْ‬
‫َيزِرُونَ (‪ )31‬وَمَا الْحَيَاةُ الدّنْيَا ِإلّا َلعِبٌ َوَل ْهوٌ َولَلدّا ُر اْلآَ ِخ َرةُ خَ ْي ٌر لِ ّلذِي َن يَّتقُو َن َأفَلَا‬
‫ك َولَ ِكنّ الظّالِمِيَ‬
‫ح ُزُنكَ اّلذِي َيقُولُونَ فَِإّن ُهمْ لَا يُ َك ّذبُونَ َ‬
‫َتعْقِلُونَ (‪َ )32‬ق ْد َنعْلَ ُم ِإنّ ُه لَيَ ْ‬
‫ك فَصََبرُوا عَلَى مَا ُك ّذبُوا‬
‫حدُونَ (‪ )33‬وََل َقدْ ُكذّبَتْ ُر ُس ٌل ِمنْ قَبْ ِل َ‬
‫جَ‬‫ت ال ّلهِ يَ ْ‬
‫ِبآَيَا ِ‬
‫ت اللّ ِه َولَ َق ْد جَا َء َك ِمنْ نََبإِ الْ ُم ْرسَلِيَ (‪)34‬‬
‫ص ُرنَا َولَا مَُبدّ َل ِلكَلِمَا ِ‬
‫وَأُوذُوا حَتّى َأتَا ُهمْ نَ ْ‬

‫‪ -30‬لو تراهم حي يقفون للحساب أمام ربم ‪ ،‬ويعرفون صدق ما أنزله على رسله ‪،‬‬
‫لرأيت سوء حالم إذ يقول ال لم ‪ :‬أليس هذا الذى تشاهدونه الن هو الق الذى‬
‫أنكرتوه ف دنياكم؟ فيقولون متذللي ‪ :‬بلى وربنا إنه الق! فيقول ال لم بعد ذلك ‪:‬‬
‫ادخلوا النار بسبب ما كنتم حريصي عليه من الكفر ‪.‬‬
‫‪ -31‬قد خسر الذين أنكروا لقاء ال للحساب والزاء يوم القيامة ‪ ،‬وظلّوا على‬
‫إنكارهم ‪ ،‬حت إذا فاجأتم مشاهد يوم القيامة ندموا وقالوا ‪ :‬يا حسرتنا على إهالنا‬
‫اتباع الق ف الدنيا! وهم يومئ ٍذ يرزحون تت أعباء ذنوبم ‪ .‬أل قُ ْبحُ ما يملون من‬
‫الذنوب ‪.‬‬
‫‪ -32‬وليست الياة الدنيا الت حسب الكفار أنه ل حياة غيها ‪ ،‬والت ل يقصد‬
‫بالعمل فيها مرضاة ال ‪ ،‬إل لعبا ل نفع فيه ‪ ،‬ولوا يتلهى به!! وان الدار الخرة لى‬
‫الياة القيقية ‪ ،‬وهى أنفع للذين يافون ال فيمتثلون أمره ‪ .‬أفل تعقلون هذا المر‬
‫الواضح؟ ‪ ،‬أفل تفهمون ما يضركم ول ينفعكم؟‬
‫‪ -33‬إننا نعلم أنه ليحزنك أيها النب ما يقوله الكفار تكذيبا لك ‪ ،‬فل تزن من ذلك‬
‫‪ .‬لن القيقة أنم ل يتهمونك بالكذب ‪ ،‬ولكنهم لظلمهم لنفسهم وللحق يكابرون ‪،‬‬
‫فينكرون بألسنتهم دلئل صدقك ‪ ،‬وعلمات نبوتك ‪.‬‬
‫‪ -34‬ولقد قوبل رسل من قبلك بالتكذيب واليذاء من أقوامهم ‪ ،‬كما فعل معك‬
‫قومك ‪ ،‬فصبوا على التكذيب واليذاء حت نصرناهم ‪ ،‬فاصب كما صبوا حت‬

‫‪200‬‬
‫يأتيك نصرنا ‪ ،‬ول مغي لوعد ال بنصر الصابرين ‪ ،‬فل بد من تققه ‪ .‬ولقد قصصنا‬
‫عليك من أخبار هؤلء الرسل وتأييدنا لم ‪ ،‬ما فيه تسلية لك ‪ ،‬وما توجبه الرسالة من‬
‫تمل الشدائد ‪.‬‬

‫ض َأ ْو سُلّمًا فِي‬
‫ت أَ ْن تَبَْتغِ َي َنفَقًا فِي الْأَرْ ِ‬
‫ض ُه ْم َفإِنِ اسْتَ َطعْ َ‬
‫وَإِنْ كَانَ َكُبرَ عَلَ ْيكَ إِ ْعرَا ُ‬
‫السّمَا ِء فََت ْأتَِي ُهمْ ِب َآيَ ٍة َولَ ْو شَا َء ال ّل ُه لَجَ َم َع ُهمْ عَلَى اْلهُدَى فَلَا تَكُوَن ّن ِمنَ الْجَاهِلِيَ (‪)35‬‬
‫ِإنّمَا َيسْتَجِيبُ اّلذِي َن َيسْ َمعُونَ وَالْ َموْتَى يَ ْبعَُث ُهمُ ال ّل ُه ثُ ّم ِإلَ ْيهِ ُي ْرجَعُونَ (‪َ )36‬وقَالُوا َل ْولَا‬
‫ُنزّلَ عَلَ ْيهِ َآَي ٌة ِمنْ َرّب ِه ُقلْ إِ ّن ال ّلهَ قَادِرٌ عَلَى أَ ْن يَُنزّلَ َآَي ًة َولَ ِكنّ أَكَْث َر ُهمْ لَا َيعْلَمُونَ (‬
‫ي بِجَنَاحَ ْي ِه ِإلّا ُأمَ ٌم َأمْثَاُلكُ ْم مَا َفرّطْنَا فِي‬
‫ض َولَا طَاِئرٍ يَ ِط ُ‬
‫‪ )37‬وَمَا ِمنْ دَابّ ٍة فِي اْلأَرْ ِ‬
‫شرُونَ (‪)38‬‬
‫حَ‬‫ب ِمنْ َشيْ ٍء ُثمّ ِإلَى َرّب ِهمْ يُ ْ‬
‫الْكِتَا ِ‬

‫‪ -35‬وإن كان قد شق عليك انصرافهم عن دعوتك ‪ ،‬فإن استطعت أن تتخذ طريقا‬


‫ف باطن الرض ‪ ،‬أو سلما تصعد به إل السماء ‪ ،‬فتأتيهم بدليل على صدقك ‪ ،‬فافعل‬
‫‪ .‬وليس ف قدرتك ذلك ‪ .‬فأرح نفسك واصب لكم ربك ‪ ،‬ولو شاء ال هدايتهم‬
‫لملهم جيعا على اليان با جئت به قسرا وقهرا ‪ ،‬ولكنه تركهم لختيارهم فل‬
‫تكونن من الذين ل يعلمون حكم ال وسنته ف اللق ‪.‬‬
‫‪ -36‬إنا ييب دعوة الق مقبلي عليه ‪ ،‬الذين يسمعون ساع فهم وتدبر ‪ .‬وأما‬
‫هؤلء فل ينتفعون بدعوتك ‪ ،‬لنم ف حكم الموات ‪ .‬وسيبعثهم ال يوم القيامة من‬
‫القبور ‪ ،‬ويرجعهم إليه ‪ ،‬فيحاسبهم على ما فعلوا ‪.‬‬
‫‪ -37‬وقال الكفار متعنتي ‪ :‬نطلب أن ينل على ممد دليل مادى من ربه يشهد‬
‫بصدق دعوته ‪ .‬قل لم أيها النب ‪ :‬إن ال قادر على أن ينل أى دليل تقترحونه ‪.‬‬
‫ولكن أكثرهم ل يعلمون حكمة ال ف إنزال اليات ‪ ،‬وأنا ليست تابعة لهوائهم ‪،‬‬
‫وأنه لو أجاب مقترحاتم ث كذبوا بعد ذلك لهلكهم ‪ ،‬ولكن أكثرهم ل يعلمون‬
‫نتائج أعمالم!!‬
‫‪ -38‬وإن أقوى دليل على قدرة ال وحكمته ورحته ‪ ،‬أنه خلق كل شئ ‪ ،‬وليس ف‬
‫الرض حيوان يدب ف ظاهر الرض وباطنها ‪ ،‬أو طائر يطي بناحيه ف الواء ‪ ،‬إل‬

‫‪201‬‬
‫خلقها ال جاعات تاثلكم ‪ ،‬وجعل لا خصائصها وميزاتا ونظام حياتا ‪ .‬ما تركنا ف‬
‫الكتاب الحفوظ عندنا شيئا إل أثبتناه ‪ .‬وإن كانوا قد كذبوا ‪ ،‬فيحشرون مع كل‬
‫المم للحساب يوم القيامة ‪.‬‬

‫جعَ ْلهُ عَلَى‬


‫شأِ ال ّل ُه يُضْلِ ْلهُ َو َمنْ َيشَ ْأ يَ ْ‬
‫ت َمنْ َي َ‬
‫ص ّم َوبُ ْكمٌ فِي الظّلُمَا ِ‬
‫وَاّلذِينَ َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا ُ‬
‫صرَاطٍ ُمسَْتقِيمٍ (‪ُ )39‬ق ْل أَ َرأَيَْت ُكمْ إِ ْن َأتَا ُكمْ َعذَابُ ال ّلهِ أَ ْو َأتَتْ ُكمُ السّا َعةُ أَ َغ ْيرَ ال ّلهِ‬
‫ِ‬
‫ف مَا َتدْعُو َن ِإلَيْ ِه إِ ْن شَاءَ‬
‫َتدْعُو َن إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪َ )40‬بلْ ِإيّاهُ َتدْعُو َن فََيكْشِ ُ‬
‫ضرّاءِ‬
‫شرِكُونَ (‪َ )41‬وَلقَ ْد أَ ْرسَلْنَا ِإلَى ُأ َممٍ ِم ْن قَبْ ِلكَ َفَأخَ ْذنَا ُهمْ بِالَْبأْسَا ِء وَال ّ‬
‫سوْ َن مَا ُت ْ‬
‫وَتَ ْن َ‬
‫ت قُلُوُبهُ ْم وَ َزّينَ َل ُهمُ‬
‫ضرّعُوا َولَ ِكنْ َقسَ ْ‬
‫ضرّعُونَ (‪ )42‬فَ َلوْلَا إِ ْذ جَا َءهُ ْم َبأْسُنَا تَ َ‬
‫َلعَلّ ُه ْم يَتَ َ‬
‫الشّيْطَا ُن مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪)43‬‬

‫‪ -39‬والذين ل يصدقوا بأدلتنا الدالة على قدرتنا وصدق رسالتك ‪ ،‬ل ينتفعوا‬
‫بواسهم ف معرفة الق ‪ ،‬فتخبطوا ف ضلل الشرك والعناد ‪ ،‬تبط الصم البكم ف‬
‫ظلمات الليل ‪ ،‬ل ناة له من اللك ‪ .‬ولو كان ف هؤلء استعداد للخي لوفقهم ال‬
‫إليه ‪ ،‬فإنه سبحانه إذا أراد إضلل إنسان لفساد قصده ‪ ،‬تركه وشأنه ‪ ،‬وإذا أراد‬
‫هدايته لسلمة قصده ‪ ،‬يسر له السي ف طريق اليان الواضح الستقيم ‪.‬‬
‫‪ -40‬قل أيها النب لؤلء الكفار ‪ :‬أخبون إن جاءكم عذاب من عند ال ف الدنيا أو‬
‫جاءتكم القيامة بأهوالا ‪ ،‬هل تتجهون لغي ال تضرعون إليه ف هذا الوقت فينفعكم‬
‫شيئا ‪ ،‬إن كنتم صادقي ف عبادتكم لغي ال؟‬
‫‪ -41‬بل إنكم ل تتجهون إل إليه ‪ ،‬إذ تدعونه فيكشف عنكم ما تطلبون كشفه إن‬
‫شاء ‪ .‬وف حال هذه الشدة ‪ ،‬تنسون من تعلونم ل شركاء!!‬
‫‪ -42‬ل يشق عليك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ما تلقيه من قومك ‪ .‬فلقد بعثنا قبلك رسل إل‬
‫أمم كثية قبل أمتك ‪ .‬فكذبوهم ‪ ،‬فعاقبناهم بالشدائد تنل بم ‪ ،‬وبا يضرهم ف‬
‫أبدانم ‪ ،‬لعلهم يشعون ويرجعون إل ال ‪.‬‬
‫‪ -43‬وكان ينبغى لم أن يرجعوا إل ربم ‪ ،‬ولكنهم ل يفعلوا ‪ ،‬بل استمرت قلوبم‬
‫على قسوتا ‪ ،‬وزين لم الشيطان عملهم القبيح ‪.‬‬

‫‪202‬‬
‫فَلَمّا َنسُوا مَا ذُ ّكرُوا ِبهِ فََتحْنَا عَلَ ْي ِهمْ َأْبوَابَ ُك ّل شَيْ ٍء حَتّى ِإذَا َف ِرحُوا بِمَا أُوتُوا‬
‫أَ َخ ْذنَا ُهمْ َبغَْتةً َفِإذَا ُه ْم مُبْ ِلسُونَ (‪َ )44‬فقُطِ َع دَاِب ُر الْ َقوْ ِم الّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَ ْم ُد لِ ّلهِ َربّ‬
‫الْعَالَمِيَ (‪ُ )45‬قلْ أَ َرَأيُْتمْ إِ ْن َأ َخذَ ال ّلهُ سَ ْم َعكُ ْم َوأَبْصَارَ ُك ْم وَخََتمَ عَلَى قُلُوِبكُ ْم َمنْ إَِلهٌ‬
‫ص ِدفُونَ (‪ُ )46‬قلْ أَ َرَأيَْتكُ ْم إِنْ‬
‫صرّفُ اْل َآيَاتِ ُث ّم هُ ْم يَ ْ‬
‫غَ ْي ُر ال ّلهِ َي ْأتِي ُكمْ ِب ِه انْ ُظرْ كَيْفَ نُ َ‬
‫ك ِإلّا اْلقَوْ ُم الظّالِمُونَ (‪ )47‬وَمَا ُنرْ ِسلُ‬
‫ب اللّ ِه َبغَْتةً َأوْ جَ ْه َرةً هَ ْل ُيهْلَ ُ‬
‫َأتَا ُكمْ َعذَا ُ‬
‫ح َزنُونَ (‬
‫ح فَلَا َخوْفٌ عَلَ ْي ِه ْم َولَا ُهمْ يَ ْ‬
‫شرِينَ َومُ ْنذِرِي َن فَ َمنْ َآ َم َن وَأَصْ َل َ‬
‫ي ِإلّا مَُب ّ‬
‫الْ ُمرْسَلِ َ‬
‫سقُونَ (‪)49‬‬
‫ب بِمَا كَانُوا يَ ْف ُ‬
‫س ُهمُ اْلعَذَا ُ‬
‫‪ )48‬وَاّلذِينَ َك ّذبُوا بِ َآيَاتِنَا يَ َم ّ‬

‫‪ -44‬فلما تركوا التعاظ با ابتليناهم من الفقر والرض ‪ ،‬ابتليناهم بعد ذلك بالرزق‬
‫الواسع ‪ ،‬ففتحنا عليهم أبواب كل شئ من أسباب الرزق ‪ ،‬حت إذا فرحوا با أنعمنا‬
‫به عليهم ‪ ،‬ول يشكروا ال عليه ‪ ،‬جاءهم العذاب فجأة ‪ ،‬فإذا هم متحيّرون يائسون ‪،‬‬
‫ل يدون للنجاة سبيل!‬
‫‪ -45‬فأبيد هؤلء القوم الظالون عن آخرهم ‪ .‬والمد ل مرب اللق بالنقم والنعم ‪،‬‬
‫ومطهر الرض من فساد الظالي ‪.‬‬
‫‪ -46‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬أخبون إن سلب ال سعكم ‪ ،‬وغطى قلوبكم با‬
‫يجبها عن الدراك ‪ ،‬فجعلكم صما عميا ل تفهمون شيئا ‪َ ،‬م ْن تعبدون غي ال ‪ .‬من‬
‫إله يستطيع أن يرد إليكم ما سلبه ال منكم؟ انظر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬كيف نوضح‬
‫الباهي وننوعها ‪ ،‬ث هم مع هذا يعرضون عن تدبرها والنتفاع با!!‬
‫‪ -47‬قل ‪ :‬أخبون إن حل بكم عذاب ال فجأة دون توقع ‪ ،‬أو جاءكم عيانا على‬
‫ترقب ‪ ،‬لسبق ما ينذركم بوقوعه ‪ ،‬هل يصيب هذا العذاب إل القوم الذين ظلموا‬
‫أنفسهم بالصرار على الشرك والضلل؟ أنه ل يصيب غيهم ‪.‬‬
‫‪ -48‬وما نرسل النبياء إل ليبشروا من يؤمن بالي والثواب ‪ ،‬وليحذروا من يكفر‬
‫من العذاب ‪ .‬فمن آمن بدعوتم وعمل صالا ‪ ،‬فل خوف عليهم من شر يصيبهم ‪،‬‬
‫ول يزنون على خي يفوتم ‪.‬‬

‫‪203‬‬
‫‪ -49‬والذين كذبوا بالدلة الواضحة على صدق ما جاء به الرسل ‪ ،‬يصيبهم العذاب‬
‫بسبب خروجهم عن الطاعة واليان ‪.‬‬

‫ك إِ ْن َأتّبِ ُع ِإلّا‬
‫ب َولَا َأقُو ُل لَ ُك ْم إِنّي مَلَ ٌ‬
‫ُقلْ لَا َأقُولُ َل ُكمْ عِ ْندِي َخزَاِئ ُن اللّ ِه َولَا أَعْ َل ُم الْغَيْ َ‬
‫ي َأفَلَا تََت َف ّكرُونَ (‪ )50‬وََأْنذِرْ بِ ِه الّذِينَ‬
‫مَا يُوحَى ِإَليّ ُق ْل َهلْ َيسَْتوِي اْلأَعْمَى وَالْبَصِ ُ‬
‫س َل ُهمْ ِم ْن دُوِن ِه وَِليّ َولَا َشفِي ٌع َلعَ ّل ُهمْ يَّتقُونَ (‪)51‬‬
‫شرُوا ِإلَى َرّب ِهمْ لَيْ َ‬
‫حَ‬‫يَخَافُو َن أَ ْن يُ ْ‬
‫شيّ ُيرِيدُو َن َوجْ َه ُه مَا عَ َل ْيكَ ِم ْن حِسَاِبهِ ْم ِمنْ‬
‫وَلَا تَ ْط ُردِ اّلذِي َن يَدْعُونَ َرّب ُهمْ بِاْلغَدَاةِ وَاْلعَ ِ‬
‫شَيْ ٍء َومَا ِم ْن ِحسَابِكَ عَلَ ْي ِه ْم ِمنْ َشيْ ٍء فَتَ ْط ُر َدهُ ْم فََتكُو َن ِمنَ الظّالِمِيَ (‪ )52‬وَ َك َذلِكَ‬
‫س ال ّلهُ ِبأَعْ َل َم بِالشّا ِكرِينَ (‬
‫ض لَِيقُولُوا َأهَ ُؤلَاءِ مَ ّن ال ّلهُ عَلَ ْي ِهمْ ِم ْن بَيْنِنَا َألَيْ َ‬
‫ض ُهمْ بَِبعْ ٍ‬
‫فَتَنّا َبعْ َ‬
‫‪)53‬‬

‫‪ -50‬قل ‪ -‬أيها الرسول ‪ -‬لؤلء الكفار ‪ :‬ل أقول لكم إن أملك التصرف با يلكه‬
‫ال فأجيبكم إل ما تطلبون ‪ ،‬ول أدعى علم الغيب الذى ل يطلعن ال عليه ‪ ،‬ول أقول‬
‫إن ملك أستطيع الصعود إل السماء! إنا أنا بشر ل أتبع إل ما يوحيه ال إل ‪ .‬قل ‪-‬‬
‫أيها النب ‪ : -‬هل يستوى الضال والهتدى ف معرفة هذه القائق؟ هل يليق بكم أن‬
‫تعرضوا عن هدى أسوقه لكم ‪ ،‬فل تتأملون فيه بعقولكم حت يتبي لكم الق؟‬
‫‪ -51‬وحذّر ‪ -‬با ف هذا القرآن ‪ -‬الذين يافون من هول يوم تسوقهم فيه اللئكة‬
‫للحساب والزاء ‪ ،‬حيث ل ناصر لم ول شفيع إل بإذن ال ‪ ،‬ليبتعدوا عما يغضب‬
‫ال ‪.‬‬
‫‪ -52‬ول تستجب ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لدعوة التكبين من الكفار ‪ ،‬فتُبعد عنك‬
‫الستضعفي من الؤمني ‪ ،‬الذين يعبدون ربم دائما ‪ ،‬ول يريدون إل رضاه ‪ .‬ول‬
‫تلتفت لدس الشركي على هؤلء الؤمني ‪ ،‬فلست مسئول أمام ال عن شئ من‬
‫أعمالم ‪ ،‬كما أنم ليسوا مسئولي عن شئ من أعمالك ‪ ،‬فإن استجبت لؤلء الكفار‬
‫التعنتي ‪ ،‬وأبعدت الؤمني ‪ ،‬كنت من الظالي ‪.‬‬
‫‪ -53‬وبثل هذا البتلء الذى جرت به سُنّتنا ‪ ،‬امتحنا التكبين بسبق الضعفاء إل‬
‫السلم ‪ ،‬ليقول التكبون مستنكرين ساخرين ‪ ،‬هل هؤلء الفقراء هم الذين أنعم ال‬

‫‪204‬‬
‫عليهم من بيننا بالي الذى يعدهم به ممد؟ إن هؤلء الفقراء يعرفون نعمة ال عليهم‬
‫بالتوفيق إل اليان فيشكرونه ‪ .‬وال أعلم بن يشكرون فضله ونعمه ‪.‬‬

‫سهِ الرّحْ َم َة َأنّهُ‬


‫وَِإذَا جَاءَ َك اّلذِي َن ُيؤْمِنُو َن ِبآَيَاتِنَا َف ُقلْ سَلَامٌ عَلَ ْي ُكمْ كَتَبَ َرّب ُكمْ عَلَى َن ْف ِ‬
‫ح َفأَّنهُ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )54‬وَ َكذَِلكَ‬
‫جهَالَ ٍة ُثمّ تَابَ ِم ْن َبعْ ِد ِه وَأَصْ َل َ‬
‫َمنْ عَ ِم َل مِنْ ُك ْم سُوءًا بِ َ‬
‫ج ِرمِيَ (‪ُ )55‬ق ْل ِإنّي ُنهِيتُ أَنْ أَ ْعُبدَ اّلذِي َن َتدْعُونَ‬
‫ي سَبِيلُ الْمُ ْ‬
‫ت َولَِتسْتَبِ َ‬
‫ُنفَصّ ُل الْ َآيَا ِ‬
‫ت ِإذًا َومَا َأنَا ِم َن الْ ُمهْتَدِينَ (‪ُ )56‬ق ْل ِإنّي‬
‫ِمنْ دُو ِن اللّ ِه ُقلْ لَا َأتّبِ ُع َأهْوَاءَ ُك ْم َقدْ ضَلَلْ ُ‬
‫حقّ‬
‫ح ْكمُ ِإلّا لِ ّل ِه َيقُصّ الْ َ‬
‫عَلَى بَيَّنةٍ ِمنْ َربّي وَ َك ّذبُْتمْ ِبهِ مَا عِ ْندِي مَا َتسَْتعْجِلُو َن ِبهِ إِ ِن الْ ُ‬
‫وَ ُهوَ خَيْ ُر الْفَاصِ ِليَ (‪ُ )57‬قلْ َل ْو أَنّ عِ ْندِي مَا َتسَْتعْجِلُو َن بِ ِه َلقُضِ َي اْلأَ ْمرُ بَيْنِي َوبَيْنَ ُكمْ‬
‫وَال ّلهُ أَ ْع َلمُ بِالظّالِ ِميَ (‪)58‬‬

‫‪ -54‬وإذا جاءك الذين يصدقون بالقرآن فقل لم تكريا لم ‪ :‬سلم عليكم ‪،‬‬
‫أبشركم برحة ال الواسعة ‪ ،‬الت أوجبها على نفسه تفضل منه ‪ ،‬والت تقضى بأن من‬
‫عمل منكم سيئة غي متدبر نتائجها ‪ ،‬ث رجع إل ال نادما تائبا ‪ ،‬وأصلح أعماله ‪،‬‬
‫غفر ال له ‪ ،‬لنه كثي الغفرة واسع الرحة ‪.‬‬
‫‪ -55‬وبثل ذلك البيان الواضح نوضح الدلئل التنوعة ‪ ،‬ليظهر طريق الق الذى‬
‫يسلكه الؤمنون ‪ ،‬ويتبي طريق الباطل الذى يسلكه الكافرون ‪.‬‬
‫‪ -56‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لؤلء الكفار ‪ :‬إن ال قد نان عن عبادة الذين تعبدونم من‬
‫دون ال فل أتبع أهواءكم ‪ ،‬فإن حي أتبعكم أكون قد انرفت عن الق ‪ ،‬ول أكن من‬
‫الهتدين!‬
‫‪ -57‬قل لم ‪ :‬إن على شريعة واضحة منلة من رب وقد كذبتم القرآن الذى جاء با‬
‫‪ ،‬وليس ف قدرتى أن أقدم ما تستعجلونه من العذاب ‪ ،‬بل هو ف قدرة ال ‪ ،‬ومرهون‬
‫بإرادته وحكمته ‪ ،‬وليس المر والسلطان إل ل ‪ ،‬إن شاء عجل لكم العذاب ‪ ،‬وإن‬
‫شاء أخره ‪ ،‬له سبحانه ف ذلك الكمة ‪ ،‬وهو خي الفاصلي بين وبينكم ‪.‬‬
‫‪ -58‬قل ‪ :‬لو أن ف قدرتى إنزال العذاب الذى تتعجلونه ‪ ،‬لنزلته عليكم غضبا‬

‫‪205‬‬
‫لرب ‪ ،‬وانتهى المر بين وبينكم بذلك ‪ ،‬ولكن المر ل وهو أعلم با يستحقه‬
‫الكافرون من العذاب العاجل أو الجل ‪.‬‬

‫ط ِمنْ وَ َر َقةٍ ِإلّا‬


‫سقُ ُ‬
‫ح ِر َومَا َت ْ‬
‫ب لَا َيعْلَ ُمهَا إِلّا هُ َو َويَعْ َل ُم مَا فِي الَْب ّر وَالْبَ ْ‬
‫وَعِ ْن َدهُ َمفَاتِحُ اْلغَيْ ِ‬
‫ب َولَا يَابِسٍ ِإلّا فِي كِتَابٍ مُِبيٍ (‪َ )59‬وهُوَ‬
‫ض َولَا َرطْ ٍ‬
‫ت الْأَرْ ِ‬
‫َيعْلَ ُمهَا َولَا حَّبةٍ فِي ظُلُمَا ِ‬
‫الّذِي يََتوَفّا ُكمْ بِاللّ ْيلِ َوَيعْ َلمُ مَا جَ َرحُْتمْ بِالنّهَا ِر ُثمّ يَ ْبعَُثكُ ْم فِي ِه لُِيقْضَى أَ َج ٌل ُمسَمّى ُثمّ‬
‫ِإلَيْ ِه َمرْ ِجعُ ُك ْم ُثمّ يُنَبُّئ ُكمْ بِمَا كُنُْت ْم َتعْمَلُونَ (‪َ )60‬وهُ َو اْلقَا ِهرُ َفوْقَ عِبَا ِد ِه َويُ ْر ِسلُ َعلَ ْيكُمْ‬
‫حَفَ َظ ًة حَتّى ِإذَا جَا َء أَ َحدَ ُكمُ الْ َم ْوتُ َت َوفّ ْتهُ ُرسُلُنَا وَ ُه ْم لَا ُي َفرّطُونَ (‪ُ )61‬ثمّ ُردّوا ِإلَى‬
‫ع الْحَاسِبِيَ (‪)62‬‬
‫حكْ ُم َوهُ َو أَ ْسرَ ُ‬
‫حقّ َألَا َل ُه الْ ُ‬
‫اللّ ِه َموْلَاهُ ُم الْ َ‬

‫‪ -59‬وعند ال علم جيع أبواب الغيبات ‪ ،‬ل ييط با علما إل هو ومن يريد إعطاءه‬
‫بعضها ‪ ،‬وييط علمه كذلك بميع الوجودات ف الب والبحر ول تسقط ورقة ‪ -‬أيّة‬
‫ورقة كانت ‪ -‬إل يعلمها ‪ ،‬ول تسقط حبة ما ف باطن الرض ول شئ رطب ول‬
‫يابس ‪ ،‬إل وهو سبحانه ميط بعلمه إحاطة تامة ‪.‬‬
‫‪ -60‬وهو الذى ينيمكم بالليل ‪ ،‬ويوقظكم بالنهار ‪ ،‬ويعلم ما كسبتم فيه حت ينتهى‬
‫أجل كل منكم ف الدنيا بوته ‪ ،‬ث يوم القيامة ترجعون جيعا إل ال ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫يبكم بأعمالكم ف الدنيا من خي أو شر ‪ ،‬ويازيكم عليها ‪.‬‬
‫‪ -61‬هو الغالب بقدرته ‪ ،‬الستعلى بسلطانه على عباده ‪ ،‬والذى يرسل عليكم ملئكة‬
‫يصون كل أعمالكم إل أن تئ ناية كل منكم ‪ ،‬فتقبض روحه ملئكتنا الذين‬
‫نرسلهم لذلك ‪ ،‬وهم ل يقصرون فيما يوكل إليهم ‪.‬‬
‫‪ -62‬ث يُبعث هؤلء الموات يوم القيامة ‪ ،‬ويوقفون أمام ربم الذى يتول وحده‬
‫أمورهم بق ‪ .‬اعلموا أن له ‪ -‬وحده ‪ -‬الفصل بي اللئق وحسابم ف ذلك اليوم ‪،‬‬
‫وهو أسرع من يتول الساب والزاء ‪.‬‬

‫ضرّعًا وَ ُخفَْيةً لَِئ ْن َأنْجَانَا ِمنْ َه ِذهِ‬


‫حرِ َتدْعُونَ ُه تَ َ‬
‫ت الَْبرّ وَالْبَ ْ‬
‫ُقلْ َم ْن يُنَجّي ُكمْ ِمنْ ظُ ُلمَا ِ‬
‫شرِكُونَ (‬
‫لَنَكُونَ ّن ِمنَ الشّا ِكرِينَ (‪ُ )63‬ق ِل اللّ ُه يُنَجّي ُكمْ مِ ْنهَا وَ ِمنْ ُكلّ َك ْربٍ ُث ّم َأنْتُ ْم ُت ْ‬

‫‪206‬‬
‫ت أَ ْرجُلِ ُكمْ َأوْ‬
‫ح ِ‬
‫‪ُ )64‬قلْ ُهوَ اْلقَادِرُ عَلَى أَ ْن يَ ْبعَثَ عَلَ ْي ُكمْ َعذَابًا ِمنْ َف ْوقِ ُكمْ أَ ْو ِمنْ تَ ْ‬
‫ت َلعَ ّلهُ ْم َيفْ َقهُونَ (‬
‫ف اْلآَيَا ِ‬
‫صرّ ُ‬
‫ف نُ َ‬
‫س َبعْضٍ انْ ُظرْ كَيْ َ‬
‫يَلِْبسَ ُك ْم شِيَعًا وَُيذِي َق َبعْضَ ُك ْم َبأْ َ‬
‫ح ّق ُق ْل َلسْتُ عَلَ ْي ُكمْ ِبوَكِيلٍ (‪ )66‬لِ ُك ّل نََبإٍ ُمسَْت َقرّ‬
‫ك وَ ُهوَ الْ َ‬
‫ب ِبهِ َق ْومُ َ‬
‫‪ )65‬وَ َكذّ َ‬
‫ت الّذِينَ يَخُوضُو َن فِي َآيَاتِنَا َفأَ ْعرِضْ عَ ْن ُهمْ حَتّى‬
‫ف َتعْلَمُونَ (‪َ )67‬وِإذَا َرَأيْ َ‬
‫وَ َسوْ َ‬
‫ك الشّيْطَا ُن فَلَا تَ ْق ُعدْ َب ْعدَ الذّ ْكرَى مَعَ اْل َقوْمِ‬
‫يَخُوضُوا فِي َحدِيثٍ غَ ْي ِر ِه وَِإمّا يُ ْنسِيَّن َ‬
‫الظّالِمِيَ (‪)68‬‬

‫‪ -63‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للمشركي ‪ :‬من الذى ينقذكم من أهوال الب والبحر ‪ ،‬إذا‬
‫حلت بكم ‪ ،‬فلجأت إليه تدعونه ف خضوع ظاهر وباطن قائلي ‪ :‬نقسم لئن أنقذتنا من‬
‫هذه الهوال لنكونن من القرين بفضلك ‪ ،‬القائمي بشكرك ‪.‬‬
‫‪ -64‬قل ‪ :‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى ينقذكم من هذه الهوال ‪ ،‬ومن كل شدة أخرى‬
‫‪ ،‬ث أنتم مع ذلك تشركون معه ف العبادة غيه ما ل يدفع شرا ول يلب خيا ‪.‬‬
‫‪ -65‬قل ‪ :‬إن ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يقدر على أن يرسل عليكم عذابا يأتيكم من‬
‫أعلكم أو من أسفلكم ‪ .‬أو يعل بعضكم لبعض عدوا ‪ .‬وتكونون طوائف متلفة‬
‫الهواء متناكرة ‪ ،‬يعذب بعضكم بعضا عذابا شديدا!! انظر كيف دلت الدلئل على‬
‫قدرتنا واستحقاقنا وحدنا للعبادة ‪ ،‬لعلهم يتأملونا ويفهمون الق!‬
‫‪ -66‬وكذب قومك بالقرآن ‪ ،‬وهو الق الذى ل موضع فيه لتكذيب قل أيها النب‬
‫لم ‪ :‬لست موكل بفظكم ‪ ،‬وإحصاء أعمالكم ومازاتكم عليها ‪ .‬بل أمركم فيها إل‬
‫ال ‪.‬‬
‫صدْق ‪ -‬هذه‬
‫‪ -67‬لكل خب جاء به القرآن وقت يتحقق فيه ‪ .‬وسوف تعلمون ‪ِ -‬‬
‫الخبار عند وقوعها ‪.‬‬
‫‪ -68‬وإذا حضرت ملس الكفار ‪ ،‬ووجدتم يطعنون ف آيات القرآن ‪ ،‬أو يستهزئون‬
‫با ‪ ،‬فانصرف عنهم حت ينتقلوا إل حديث آخر ‪ .‬وإن نسيت وجالستهم ف أثناء‬
‫حديثهم الباطل ‪ .‬ث تذكرت أمر ال بالبعد عنهم ‪ .‬فل تلس بعد التذكر مع القوم‬
‫الظالي ‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫وَمَا عَلَى الّذِينَ يَّتقُونَ ِم ْن ِحسَاِب ِهمْ ِم ْن شَيْ ٍء َولَ ِك ْن ذِ ْكرَى َلعَ ّل ُهمْ يَّتقُونَ (‪َ )69‬وذَرِ‬
‫س بِمَا‬
‫سلَ َنفْ ٌ‬
‫خذُوا دِيَنهُ ْم َلعِبًا َوَلهْوًا وَ َغ ّرْت ُهمُ الْحَيَا ُة ال ّدنْيَا َوذَ ّك ْر بِ ِه أَ ْن تُ ْب َ‬
‫الّذِينَ اتّ َ‬
‫س َلهَا ِم ْن دُونِ ال ّلهِ وَِليّ َولَا َشفِي ٌع َوإِ ْن تَ ْع ِدلْ ُكلّ َعدْ ٍل لَا ُيؤْ َخ ْذ مِ ْنهَا أُولَِئكَ‬
‫ت لَيْ َ‬
‫َكسَبَ ْ‬
‫ب أَلِي ٌم بِمَا كَانُوا َي ْكفُرُونَ (‪)70‬‬
‫ب ِمنْ حَمِي ٍم وَ َعذَا ٌ‬
‫الّذِينَ ُأْبسِلُوا بِمَا َكسَبُوا َل ُهمْ َشرَا ٌ‬
‫ض ّرنَا َوُنرَدّ عَلَى أَ ْعقَابِنَا َبعْ َد ِإذْ َهدَانَا اللّهُ‬
‫ُقلْ َأَندْعُو ِم ْن دُونِ ال ّلهِ مَا لَا يَ ْن َفعُنَا َولَا يَ ُ‬
‫ب َيدْعُوَن ُه إِلَى اْل ُهدَى ائْتِنَا ُقلْ إِنّ‬
‫صحَا ٌ‬
‫ض حَيْرَا َن َلهُ أَ ْ‬
‫ي فِي اْلأَرْ ِ‬
‫كَالّذِي اسْتَ ْه َوتْ ُه الشّيَا ِط ُ‬
‫هُدَى ال ّلهِ ُهوَ اْل ُهدَى َوُأمِ ْرنَا لُِنسْ ِل َم ِلرَبّ اْلعَالَ ِميَ (‪ )71‬وَأَ ْن َأقِيمُوا الصّلَاةَ وَاّتقُو ُه وَ ُهوَ‬
‫شرُونَ (‪)72‬‬
‫حَ‬‫الّذِي ِإلَيْ ِه تُ ْ‬

‫‪ -69‬وليس على الذين يتقون ال شئ من إث هؤلء الظالي ‪ ،‬إذا استمروا على‬


‫ضللم ‪ ،‬ولكن يب أن يُذكّروهم ‪ ،‬لعلهم يشون عذاب ال ويكفون عن الباطل ‪.‬‬

‫‪ -70‬واترك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬الذين اتذوا شريعتهم اللهو واللعب ‪ ،‬وخدعتهم الياة‬
‫الدنيا عن الخرة ‪ ،‬وذَكّر دائما بالقرآن ‪ ،‬وحذرهم هول يوم تبس فيه كل نفس‬
‫بعملها ‪ ،‬حيث ل ناصر ول معي غي ال ‪ ،‬وإن كل فدية للنجاة من العذاب ل تقبل ‪.‬‬
‫أولئك الكافرون الذين حبسوا ف العذاب بسبب ما عملوا من شر ‪ ،‬لم ف جهنم‬
‫شراب من ماء شديد الرارة ‪ ،‬وعذاب شديد الل بسبب كفرهم ‪.‬‬

‫‪ -71‬قل لولء الكفار توبيخا لم ‪ ،‬هل يصح أن يعبد غي ال ما ل يلك جلب‬


‫نفع ‪ ،‬ول دفع ضر ‪ ،‬وننتكس ف الشرك بعد أن وفقنا ال إل اليان ‪ ،‬ونكون كالذى‬
‫غررت به الشياطي وأضلته ف الرض ‪ ،‬فصار ف حية ل يهتدى معها إل الطريق‬
‫الستقيم ‪ ،‬وله رفقة مهتدون ياولون تليصه من الضلل ‪ ،‬قائلي له ‪ :‬ارجع إل طريقنا‬
‫السوى ‪ ،‬فل يستجيب لم ‪ .‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬إن السلم هو الدى والرشاد ‪ ،‬وما‬
‫عداه ضلل ‪ ،‬وقد أمرنا ال بالنقياد له ‪ ،‬فهو خالق العالي ورازقهم ومدبر أمورهم ‪.‬‬

‫‪208‬‬
‫‪ -72‬أعرضوا عن الشركي بعد أن تدعوهم إل الدى ‪ ،‬وانصرفوا إل عبادة ربكم ‪،‬‬
‫وأدوا الصلة على أكمل وجه من الضوع ‪ ،‬وخافوا ال ‪ ،‬وأدوا أوامره ‪ ،‬فإنه هو‬
‫الذى تمعون عنده ‪.‬‬

‫ح ّق وََلهُ‬
‫حقّ َوَيوْ َم يَقُولُ ُك ْن فََيكُونُ َق ْولُ ُه الْ َ‬
‫ض بِالْ َ‬
‫ت وَاْلأَرْ َ‬
‫وَ ُهوَ اّلذِي خَلَ َق السّمَاوَا ِ‬
‫حكِي ُم الْخَبِيُ (‪َ )73‬وِإذْ قَالَ‬
‫شهَادَ ِة َوهُ َو الْ َ‬
‫ب وَال ّ‬
‫خ فِي الصّورِ عَاِل ُم الْغَيْ ِ‬
‫ك َيوْ َم يُ ْنفَ ُ‬
‫الْمُلْ ُ‬
‫ضلَا ٍل مُبِيٍ (‪ )74‬وَ َكذَِلكَ‬
‫ك فِي َ‬
‫خ ُذ أَصْنَامًا َآِلهَ ًة ِإنّي أَرَا َك وَ َق ْومَ َ‬
‫ِإبْرَاهِي ُم ِلأَبِيهِ آَزَرَ أَتَتّ ِ‬
‫ض َولِيَكُونَ ِم َن الْمُوقِِنيَ (‪ )75‬فَلَمّا َجنّ عَلَ ْيهِ‬
‫ت وَاْلأَرْ ِ‬
‫ت السّمَاوَا ِ‬
‫ُنرِي ِإْبرَاهِيمَ مَ َلكُو َ‬
‫ب اْلآَفِلِيَ (‪ )76‬فَلَمّا َرأَى الْقَ َمرَ‬
‫اللّيْلُ َرأَى َكوْكَبًا قَا َل هَذَا َربّي فَلَمّا َأ َفلَ قَالَ لَا أُحِ ّ‬
‫بَازِغًا قَالَ َهذَا َربّي فَلَمّا َأفَ َل قَا َل لَِئنْ َل ْم َيهْ ِدنِي َربّي لَأَكُوَننّ ِم َن الْ َقوْ ِم الضّالّيَ (‪)77‬‬

‫‪ -73‬وهو ال وحده الذى خلق السموات والرض ‪ ،‬وأقام خلقهما على الق‬
‫والكمة ‪ ،‬وف أى وقت تتجه إرادته سبحانه إل إياد شئ يوجد فورا ‪ ،‬يوجد الشياء‬
‫بكلمة ‪ « :‬كن » ‪ ،‬وكل قول له هو الصدق والق ‪ ،‬وله وحده التصرف الطلق يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬حي يُ ْنفَخ ف البوق إيذانا بالبعث ‪ ،‬وهو سبحانه الذى يستوى ف علمه‬
‫الغائب والاضر ‪ ،‬وهو الذى يتصرف بالكمة ف جيع أفعاله ‪ ،‬والذى ييط علمه‬
‫ببواطن المور وظواهرها ‪.‬‬

‫‪ -74‬واذكر ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ما كان ‪ ،‬حي قال إبراهيم لبيه آزر ‪ ،‬منكرا عليه عبادة‬
‫غي ال ‪ :‬ما كان لك أن تعل الصنام آلة؟ إن أراك وقومك الذين يشاركونك ف‬
‫هذه العبادة ف ُبعْدٍ واضح عن طريق الق ‪.‬‬

‫‪ -75‬وكما رأى إبراهيم ‪ -‬بتوفيقنا ‪ -‬ضلل أمته وقومه ف تأليه الصنام نريه مُلكنا‬
‫العظيم للسموات والرض وما فيهما ‪ ،‬ليقيم الُجة على قومه ‪ ،‬وليزداد إيانا ‪.‬‬

‫‪209‬‬
‫‪ -76‬طلب إبراهيم ربه ‪ ،‬فهداه ال ‪ ،‬إذ ستر الليل وجه النهار بظلمته ‪ ،‬فرأى نما‬
‫متألقا ‪ ،‬قال ‪ :‬هذا رب ‪ .‬فلما غاب ‪ ،‬قال مبطل لربوبية النجم ‪ :‬ل أقبل عبادة اللة‬
‫الزائلي التغيين! ‪.‬‬

‫‪ -77‬وحي رأى القمر طالعا بعد ذلك قال مدثا نفسه ‪ :‬هذا رب ‪ .‬فلما غاب هو‬
‫الخر ‪ ،‬وظهر بطلن ربوبيته ‪ ،‬قال ليوجه نفوسهم إل التماس الداية ‪ :‬أقسم إن ل‬
‫يهدن رب إل الق لكونن من القوم الائرين ‪.‬‬

‫ت قَا َل يَا َقوْ ِم ِإنّي َبرِي ٌء مِمّا‬


‫س بَازِ َغ ًة قَا َل َهذَا َربّي َهذَا أَكَْب ُر فَلَمّا َأفَلَ ْ‬
‫فَلَمّا َرأَى الشّمْ َ‬
‫ض حَنِيفًا وَمَا أَنَا ِمنَ‬
‫ت وَ ْج ِهيَ لِ ّلذِي فَ َطرَ السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ َ‬
‫ُتشْرِكُونَ (‪ِ )78‬إنّي وَ ّجهْ ُ‬
‫ف مَا‬
‫الْ ُمشْرِ ِكيَ (‪ )79‬وَحَا ّج ُه َقوْ ُمهُ قَالَ َأتُحَاجّونّي فِي ال ّل ِه َوقَ ْد َهدَا ِن َولَا َأخَا ُ‬
‫ُتشْرِكُو َن ِبهِ ِإلّا أَ ْن َيشَاءَ َربّي شَيْئًا وَسِعَ َربّي ُك ّل شَيْءٍ عِلْمًا َأفَلَا تََتذَ ّكرُونَ (‪)80‬‬
‫ف مَا َأ ْشرَكُْتمْ َولَا تَخَافُونَ َأّنكُ ْم َأشْرَكُْت ْم بِال ّل ِه مَا َل ْم يَُنزّ ْل ِبهِ َعلَ ْيكُ ْم سُلْطَانًا‬
‫ف أَخَا ُ‬
‫وَكَيْ َ‬
‫َفأَيّ اْلفَرِيقَ ْينِ َأ َحقّ بِالَْأ ْمنِ إِنْ كُ ْنُتمْ َتعْلَمُونَ (‪ )81‬الّذِينَ َآمَنُوا وََل ْم يَلِْبسُوا إِيَاَن ُهمْ بِظُ ْلمٍ‬
‫أُولَِئكَ َل ُهمُ اْلَأمْ ُن َوهُ ْم ُمهَْتدُونَ (‪)82‬‬

‫‪ -78‬ث رأى الشمس طالعة بعد ذلك ‪ ،‬فقال مدثا نفسه ‪ :‬هذا رب ‪ ،‬لنه أكب ما‬
‫يرى من الكواكب ‪ ،‬فلما غابت قال ‪ :‬يا قوم إن برئ من الصنام الت تشركونا مع‬
‫ال ف العبادة ‪.‬‬

‫‪ -79‬بعد أن رأى ضعف الخلوقات اته إل خالقها قائل ‪ :‬إن وجهت قصدى إل‬
‫عبادة ال ‪ -‬وحده ‪ -‬الذى خلق السموات والرض ‪ ،‬مانبا كل سبيل غي سبيله وما‬
‫أنا بعد الذى رأيت من دلئل التوحيد ‪ -‬من يرضى أن يكون من الشركي مثلهم ‪.‬‬
‫‪ -80‬ومع ذلك جادله قومه ف توحيد ال ‪ ،‬وخوفوه غضب آلتهم ‪ ،‬فقال لم ‪ :‬ما‬
‫كان لكم أن تادلون ف توحيد ال وقد هدان إل الق ‪ ،‬ول أخاف غضب آلتكم‬
‫الت تشركونا مع ال ‪ ،‬لكن إذا شاء رب شيئا من الضر وقع ذلك ‪ ،‬لنه ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫القادر ‪ ،‬وقد أحاط علم رب بالشياء كلها ‪ ،‬ول علم للتكم بشئ منها ‪ .‬أتغفلون عن‬

‫‪210‬‬
‫كل ذلك فل تدركون أن العاجز الاهل ل يستحق أن يعبد؟!‬
‫‪ -81‬وكيف تتصورون أن يكن أن أخاف آلتكم الباطلة ‪ ،‬على حي ل تافون الله‬
‫الق الذى أشركتم به غيه ف العبادة؟! فأى فريق منا ف هذه الالة أحق بالطمأنينة‬
‫والمان ‪ ،‬إن كنتم تعلمون الق وتدركونه؟‬

‫‪ -82‬الذين آمنوا بال ‪ ،‬ول يلطوا إيانم هذا بعبادة أحد سواه ‪ ،‬هؤلء ‪ -‬وحدهم ‪-‬‬
‫هم الحق بالطمأنينة ‪ ،‬وهم ‪ -‬وحدهم ‪ -‬الهتدون إل طريق الق والي ‪.‬‬

‫ت َمنْ َنشَا ُء إِنّ َرّبكَ َحكِيمٌ عَلِيمٌ (‬


‫ك حُجّتُنَا َآتَيْنَاهَا ِإبْرَاهِيمَ عَلَى َقوْ ِم ِه َنرْفَ ُع دَ َرجَا ٍ‬
‫وَتِ ْل َ‬
‫‪ )83‬وَ َوهَبْنَا َل ُه إِسْحَاقَ وََي ْعقُوبَ ُكلّا َه َديْنَا َونُوحًا َه َديْنَا ِمنْ قَ ْب ُل َو ِمنْ ذُ ّريِّتهِ دَاوُودَ‬
‫حسِنِيَ (‪ )84‬وَزَ َك ِريّا‬
‫جزِي الْمُ ْ‬
‫ف وَمُوسَى وَهَارُونَ وَ َك َذِلكَ نَ ْ‬
‫وَسُلَيْمَا َن َوَأيّوبَ َويُوسُ َ‬
‫وَيَحْيَى وَعِيسَى َوِإلْيَاسَ ُك ّل ِمنَ الصّالِحِيَ (‪َ )85‬وإِسْمَاعِي َل وَالَْيسَعَ وَيُونُسَ َولُوطًا‬
‫وَكُلّا فَضّلْنَا عَلَى اْلعَالَمِيَ (‪َ )86‬و ِمنْ َآبَاِئ ِهمْ َوذُ ّريّاِت ِهمْ َوإِ ْخوَاِن ِهمْ وَاجْتَبَيْنَا ُهمْ َو َهدَيْنَاهُمْ‬
‫ك هُدَى ال ّلهِ َي ْهدِي ِب ِه َمنْ َيشَا ُء ِمنْ عِبَا ِدهِ َولَ ْو َأشْرَكُوا‬
‫صرَاطٍ ُمسَْتقِيمٍ (‪َ )87‬ذلِ َ‬
‫ِإلَى ِ‬
‫حكْ َم وَالنُّب ّوةَ َفإِنْ‬
‫لَحَبِطَ عَ ْن ُهمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (‪ )88‬أُولَِئكَ اّلذِينَ َآتَيْنَاهُ ُم الْكِتَابَ وَالْ ُ‬
‫يَ ْك ُفرْ ِبهَا هَ ُؤلَاءِ فَ َق ْد وَكّلْنَا ِبهَا قَ ْومًا لَ ْيسُوا ِبهَا ِبكَا ِفرِينَ (‪)89‬‬

‫‪ -83‬وتلك الُجة العظيمة على ألوهيتنا ووحدانيتنا ‪ ،‬أعطيناها إبراهيم ليقيمها على‬
‫قومه ‪ ،‬فارتفع با عليهم ‪ ،‬وسنتنا ف عبادنا أن نرفع بالعلم والكمة من نريد منهم‬
‫درجات ‪ .‬إن ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬حكيم يضع الشئ ف موضعه ‪ ،‬عليم بن يستحق‬
‫الرفعة ومن ل يستحق ‪.‬‬

‫‪ -84‬ووهبنا لبراهيم إسحق ويعقوب بن إسحق ‪ ،‬ووفقنا كل منهما إل الق والي‬


‫كأبيهما ‪ ،‬ووفقنا من قبلهم نوحا إل ذلك ‪ ،‬وهدينا من ذرية نوح داود وسليمان‬
‫وأيوب ويوسف وموسى وهارون ‪ ،‬وكما جزينا هؤلء نزى الحسني با يستحقون ‪.‬‬

‫‪211‬‬
‫‪ -85‬وهدينا زكريا ويي وعيسى وإلياس ‪ ،‬كل واحد من هؤلء من عبادنا الصالي‬
‫‪.‬‬
‫‪ -86‬وهدينا إساعيل وإليسع ويونس ولوطا ‪ ،‬وفضلنا كل واحد من هؤلء جيعا على‬
‫العالي ف زمانه ‪ ،‬بالداية والنبوة ‪.‬‬

‫‪ -87‬واصطفينا بعض آباء هؤلء وذرياتم وإخوانم ‪ ،‬ووفقناهم إل طريق ل اعوجاج‬


‫فيه ‪.‬‬

‫‪ -88‬ذلك التوفيق العظيم الذى ناله هؤلء ‪ ،‬هو توفيق من ال ‪ ،‬يوفق إليه من يشاء‬
‫من عباده ‪ .‬ولو أشرك هؤلء الختارون لضاعت كل أعمال الي الت يعملونا ‪ ،‬فل‬
‫يكون عليها ثواب ‪.‬‬

‫‪ -89‬أولئك الذين آتيناهم الكتب النلة والعلم النافع وشرف النبوة ‪ ،‬فإن يحد بذه‬
‫الثلثة مشركو مكة فقد عهدنا برعايتها والنتفاع با إل قوم ل يكفرون با ‪.‬‬

‫أُولَِئكَ اّلذِي َن َهدَى ال ّلهُ فَِب ُهدَا ُهمُ اقَْت ِد ِه ُقلْ لَا أَ ْسَألُ ُكمْ عَلَ ْي ِه أَ ْجرًا إِ ْن ُهوَ ِإلّا ذِ ْكرَى‬
‫شرٍ ِم ْن شَيْ ٍء ُقلْ‬
‫لِ ْلعَالَمِيَ (‪ )90‬وَمَا َقدَرُوا ال ّل َه َحقّ َقدْ ِر ِه ِإذْ قَالُوا مَا َأْنزَ َل اللّهُ عَلَى َب َ‬
‫س تُ ْبدُوَنهَا‬
‫جعَلُونَ ُه َقرَاطِي َ‬
‫س تَ ْ‬
‫ب اّلذِي جَا َء ِبهِ مُوسَى نُورًا وَ ُهدًى لِلنّا ِ‬
‫َمنْ َأْنزَ َل الْكِتَا َ‬
‫ض ِهمْ‬
‫خفُونَ كَثِيًا وَعُلّ ْمُتمْ مَا َلمْ َتعْلَمُوا َأنُْتمْ َولَا َآبَاؤُ ُك ْم ُقلِ ال ّلهُ ُث ّم ذَ ْرهُ ْم فِي َخوْ ِ‬
‫وَتُ ْ‬
‫صدّقُ اّلذِي بَ ْينَ َي َديْ ِه َولِتُ ْنذِرَ أُ ّم اْل ُقرَى َو َمنْ‬
‫يَ ْلعَبُونَ (‪َ )91‬و َهذَا كِتَابٌ َأْن َزلْنَا ُه مُبَارَ ٌك مُ َ‬
‫حَ ْوَلهَا وَاّلذِي َن ُيؤْمِنُو َن بِاْل َآخِ َر ِة ُيؤْمِنُو َن بِ ِه َوهُمْ عَلَى صَلَاِت ِهمْ يُحَافِظُونَ (‪)92‬‬

‫‪ -90‬أولئك الذين وفقهم ال إل طريق الق والي ‪ ،‬فاتبعهم فيما اجتمعوا عليه من‬
‫أصول الدين وأمهات الفضائل ‪ ،‬ول تسلك غي سبيلهم ‪ . .‬قل ‪ -‬أيها النب ‪-‬‬
‫لقومك كما قال هؤلء لقوامهم ‪ :‬ل أطلب منكم على تبليغ كلم ال أجرا! ما هذا‬
‫القرآن إل تذكي للعالي ‪ ،‬ول غاية ل إل أن تنتفعوا به ‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫‪ -91‬هؤلء الكفار ل يقدروا ال ورحته وحكمته حق التقدير ‪ ،‬إذ أنكروا أن تنل‬
‫رسالته على أحد من البشر! قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للمشركي ومن يشايعهم على ذلك‬
‫من اليهود ‪ :‬من أنزل الكتاب الذى جاء به موسى نورا يضئ ‪ ،‬وهدى يرشد؟ إنكم ‪-‬‬
‫أيها اليهود ‪ -‬تعلون كتابته ف أجزاء متفرقة تظهرون منها ما يتفق وأهواءكم ‪،‬‬
‫وتفون كثيا ما يلجئكم إل اليان والتصديق بالقرآن ‪ ،‬وعلمتم منه ما ل تكونوا‬
‫تعلمونه أنتم ول آباؤكم!! وتول أنت ‪ -‬أيها النب ‪ -‬الواب ‪ ،‬وقل لم ‪ :‬ال هو‬
‫الذى أنزل التوراة ‪ ،‬ث اتركهم يضون ف الضلل عابثي كالصبيان ‪.‬‬
‫‪ -92‬وهذا القرآن كتاب أنزلناه ‪ -‬كما أنزلنا التوراة ‪ -‬كثي الي ‪ ،‬باق إل يوم‬
‫القيامة ‪ ،‬مصدق لا تقدمه من الكتب النلة ‪ ،‬مب عن نزولا ‪ ،‬لتبشر به الؤمني ‪،‬‬
‫وتوف الكفار من أهل مكة ومن حولا ف جيع أناء الرض من غضب ال ‪ ،‬إذا ل‬
‫يذعنوا له ‪ .‬والذين يصدقون بيوم الزاء يملهم رجاء الثواب والوف من العقاب‬
‫على اليان به ‪ ،‬وهم لذلك يافظون على أداء صلتم كاملة مستوفاة ‪.‬‬

‫وَ َم ْن أَظْ َل ُم مِ ّمنِ افَْترَى عَلَى اللّهِ َك ِذبًا َأوْ قَالَ أُوحِ َي ِإلَ ّي َولَ ْم يُوحَ ِإلَ ْيهِ َشيْ ٌء َومَ ْن قَالَ‬
‫سَُأْنزِ ُل مِ ْثلَ مَا َأنْ َزلَ ال ّل ُه وََل ْو َترَى ِإذِ الظّالِمُونَ فِي َغ َمرَاتِ الْ َم ْوتِ وَالْمَلَائِ َكةُ بَاسِطُو‬
‫ج َزوْنَ َعذَابَ اْلهُو ِن بِمَا كُنُْت ْم َتقُولُونَ عَلَى ال ّلهِ غَ ْيرَ‬
‫َأيْدِيهِ ْم َأخْ ِرجُوا أَْن ُفسَ ُك ُم الْيَوْ َم تُ ْ‬
‫حقّ وَكُنُْتمْ َعنْ َآيَاِتهِ َتسَْتكِْبرُونَ (‪ )93‬وََل َقدْ جِئْتُمُونَا ُفرَادَى َكمَا خَلَقْنَا ُكمْ َأ ّولَ َم ّرةٍ‬
‫الْ َ‬
‫وََترَكُْت ْم مَا َخوّلْنَا ُكمْ وَرَاءَ ُظهُورِ ُكمْ َومَا َنرَى َمعَ ُكمْ ُش َفعَاءَ ُك ُم اّلذِينَ زَعَ ْمُتمْ َأّن ُهمْ فِي ُكمْ‬
‫ضلّ عَ ْنكُ ْم مَا ُكنُْتمْ َتزْعُمُونَ (‪ )94‬إِ ّن ال ّلهَ فَاِلقُ الْحَبّ‬
‫شُرَكَا ُء َل َقدْ َتقَطّ َع بَيَْن ُكمْ وَ َ‬
‫ح ّي َذلِ ُكمُ ال ّل ُه َفأَنّى ُت ْؤفَكُونَ (‬
‫ت ِمنَ الْ َ‬
‫ج الْمَيّ ِ‬
‫خرِ ُ‬
‫ت َومُ ْ‬
‫ح ّي ِمنَ الْمَيّ ِ‬
‫ج الْ َ‬
‫خرِ ُ‬
‫وَالّنوَى يُ ْ‬
‫‪)95‬‬

‫‪ -93‬ل يكذب النب حي أعلن أن القرآن من عند ال ‪ ،‬وليس أحد أكثر ظلما من‬
‫اختلق الكذب على ال ‪ ،‬أو قال ‪ :‬تلقيت وحيا من ال ‪ ،‬دون أن يكون قد تلقى شيئا‬
‫من الوحى ‪ .‬وليس أحد كذلك أشد ظلما من قال ‪ :‬سآتى بكلم مثل ما أنزله ال!‬
‫ولو تعلم حال الظالي ‪ ،‬وهم ف شدائد الوت ‪ .‬واللئكة ينعون أرواحهم من‬

‫‪213‬‬
‫أجسادهم ف قسوة وعنف ‪ ،‬لرأيت هوْلً رهيبا ينل بم! ويقال لم حينئذ ‪ :‬الن تبدأ‬
‫مازاتكم بالعذاب الذل الهي ‪ ،‬جزاء ما كنتم تقولون على ال غي الق ‪ ،‬وجزاء‬
‫استكباركم عن النظر والتدبر ف آيات ال الكونية والقرآنية ‪.‬‬

‫‪ -94‬ويقول لم ال يوم القيامة ‪ :‬لقد تأكدت الن بأنفسكم أنكم بعثتم أحياء من‬
‫قبوركم كما خلقناكم أول مرة ‪ ،‬وجئتم إلينا منفردين عن الال والولد والصحاب ‪،‬‬
‫وتركتم وراءكم ف الدنيا كل ما أعطيناكم إياه ما كنتم تغترون به ول نرى معكم‬
‫اليوم الشفعاء الذين زعمتم أنم ينصرونكم عند ال ‪ ،‬وأنم شركاء ل ف العبادة! لقد‬
‫تقطعت بينكم وبينهم كل الروابط ‪ ،‬وغاب عنكم ما كنتم تزعمون أنم ينفعونكم!‬
‫‪ -95‬إن دلئل قدرة ال على البعث ‪ ،‬واستحقاقه وحده للعبادة ‪ ،‬وبعثه للناس من‬
‫قبورهم ‪ ،‬متوافرة متنوعة ‪ ،‬فهو وحده الذى يشق الب ‪ ،‬ويرج منه النبات ‪ ،‬ويشق‬
‫النوى ويرج منه الشجر ‪ ،‬ويرج الى من اليت كالنسان من التراب ‪ ،‬ويرج اليت‬
‫من الى كاللب من اليوان ‪ ،‬ذلك القادر العظيم هو الله الق ‪ ،‬فليس هناك صارف‬
‫يصرفكم عن عبادته إل عبادة غيه ‪.‬‬

‫س وَاْلقَ َم َر ُحسْبَانًا َذِلكَ َت ْقدِي ُر الْ َعزِي ِز اْلعَلِيمِ (‬


‫ح َوجَ َعلَ اللّ ْي َل سَكَنًا وَالشّمْ َ‬
‫فَاِلقُ اْلإِصْبَا ِ‬
‫ح ِر َقدْ فَصّلْنَا‬
‫‪ )96‬وَ ُهوَ اّلذِي جَ َعلَ لَ ُكمُ النّجُو َم لَِتهَْتدُوا ِبهَا فِي ظُلُمَاتِ الَْب ّر وَالْبَ ْ‬
‫ع َقدْ‬
‫شأَ ُكمْ ِم ْن َنفْسٍ وَاحِ َد ٍة فَ ُمسَْت َقرّ َو ُمسَْتوْدَ ٌ‬
‫ت لِ َقوْ ٍم َيعْلَمُونَ (‪ )97‬وَ ُهوَ اّلذِي أَْن َ‬
‫الْ َآيَا ِ‬
‫فَصّلْنَا اْل َآيَاتِ ِل َقوْ ٍم َيفْ َقهُونَ (‪)98‬‬

‫‪ -96‬هو الذى يشق غبش الصبح بضوء النهار ‪ ،‬ليسعى الحياء إل تصيل أسباب‬
‫حياتم ‪ ،‬وجعل الليل ذا راحة للجسم والنفس ‪ ،‬وجعل سي الشمس والقمر بنظام‬
‫دقيق يعرف به الناس مواقيت عباداتم ومعاملتم ‪.‬‬

‫ذلك النظام الحكم ‪ ،‬تدبي القادر السيطر على الكون الحيط بكل شئ علما ‪.‬‬

‫‪214‬‬
‫‪ -97‬وهو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بواقعها إل مقاصدكم ‪ ،‬وأنتم سائرون ف‬
‫ظلمات الليل بالب والبحر ‪ ،‬إنا قد بيّنا دلئل رحتنا وقدرتنا لقوم ينتفعون بالعلم ‪.‬‬
‫‪ -98‬هو الذى أنشأكم من أصل واحد ‪ ،‬هو أبو البشر آدم ‪ ،‬وآدم من الرض ‪،‬‬
‫فالرض مكان استقراركم مدة حياتكم ‪ ،‬ومستودع لكم بعد موتكم وتغيبكم ف بطنها‬
‫‪ ،‬وقد بيّنا دلئل قدرتنا لقوم يدركون ويفهمون الشياء على وجهها ‪.‬‬

‫خرِجُ‬
‫وَ ُهوَ اّلذِي أَْن َزلَ ِم َن السّمَا ِء مَا ًء َفَأخْ َرجْنَا ِب ِه نَبَاتَ ُك ّل شَيْ ٍء َفَأخْ َرجْنَا مِ ْن ُه خَضِرًا نُ ْ‬
‫خلِ ِمنْ طَ ْل ِعهَا قِ ْنوَا ٌن دَانِيَ ٌة وَجَنّاتٍ ِم ْن أَعْنَابٍ وَال ّزيْتُونَ‬
‫مِ ْنهُ حَبّا مَُترَاكِبًا وَ ِم َن النّ ْ‬
‫وَال ّرمّا َن ُمشْتَِبهًا وَغَ ْي َر مَُتشَاِبهٍ انْ ُظرُوا ِإلَى ثَ َم ِر ِه ِإذَا َأثْ َمرَ وَيَ ْن ِعهِ إِ ّن فِي ذَِل ُكمْ َل َآيَاتٍ ِل َقوْمٍ‬
‫ت بِغَ ْيرِ عِ ْلمٍ‬
‫ي َوبَنَا ٍ‬
‫ج ّن َوخَلَ َق ُهمْ َو َخرَقُوا َل ُه بَنِ َ‬
‫يُ ْؤمِنُونَ (‪َ )99‬وجَعَلُوا لِ ّل ِه ُشرَكَا َء الْ ِ‬
‫صفُونَ (‪)100‬‬
‫سُبْحَانَ ُه َوتَعَالَى عَمّا يَ ِ‬

‫‪ -99‬وهو الذى أنزل من السحاب ماء أخرج به نبات كل صنف ‪ ،‬فأخرج من‬
‫النبات شيئا غَضّا طريّا ‪ ،‬ونرج منه حبا كثيا بعضه فوق بعض ‪ ،‬ومن طلع النخل‬
‫عراجي نرجها مملة بالثمار سهلة التناول ‪ ،‬وأخرجنا كذلك بالاء جنات من العناب‬
‫والزيتون والرمان ‪ ،‬ومنها ما هو متماثل الثمر ف الشكل وغي متماثل ف الطعم‬
‫والرائحة ونوع الفائدة ‪ .‬انظروا ف تدبر واعتبار إل ثره حي يثمر ‪ ،‬وإل نضجه كيف‬
‫ت بعد أطوار متلفة؟ إن ف ذلك لدلئل لقوم ينشدون الق ويؤمنون به ويذعنون له ‪.‬‬
‫‪ -100‬واتذ الكافرون ‪ -‬مع هذه الدلئل ‪ -‬اللئكة والشياطي شركاء ل ‪ ،‬وقد‬
‫خلقهم فل يصح مع علمهم ذلك أن يعبدوا غيه ‪ ،‬وهو الذى خلق اللئكة‬
‫والشياطي ‪ ،‬فل ينبغى أن يعبدوهم وهم ملوقون مثلهم! ‪ . .‬واختلق هؤلء الكفار ل‬
‫بني ‪ :‬فزعم النصارى أن السيح ابن ال ‪ ،‬وزعم مشركو بعض العرب أن اللئكة‬
‫بنات ال ‪ ،‬وذلك جهل منهم ‪ .‬تنّه ال تعال عما يفترون ف أوصافه سبحانه!‬

‫ض َأنّى َيكُو ُن َل ُه وََل ٌد وََل ْم تَ ُك ْن لَهُ صَاحَِبةٌ َوخَ َلقَ ُكلّ َشيْ ٍء َوهُوَ‬
‫َبدِي ُع السّمَاوَاتِ وَالْأَرْ ِ‬
‫بِ ُك ّل شَيْءٍ عَلِيمٌ (‪َ )101‬ذلِ ُكمُ ال ّلهُ َربّ ُك ْم لَا ِإَلهَ ِإلّا ُهوَ خَاِلقُ ُك ّل َشيْ ٍء فَاعُْبدُو ُه وَ ُهوَ‬

‫‪215‬‬
‫عَلَى ُك ّل شَيْ ٍء وَكِيلٌ (‪ )102‬لَا ُتدْرِ ُكهُ اْلَأبْصَا ُر َوهُ َو ُيدْرِ ُك الَْأبْصَارَ وَ ُهوَ اللّطِيفُ‬
‫سهِ وَ َمنْ عَ ِم َي َفعَلَ ْيهَا َومَا َأنَا‬
‫صرَ فَلَِن ْف ِ‬
‫الْخَبِيُ (‪َ )103‬قدْ جَاءَ ُك ْم بَصَاِئ ُر ِمنْ َرّب ُكمْ فَ َم ْن َأبْ َ‬
‫ف اْلآَيَاتِ َولَِيقُولُوا دَ َرسْتَ َولِنُبَيَّن ُه ِلقَوْ ٍم َيعْلَمُونَ‬
‫صرّ ُ‬
‫حفِيظٍ (‪ )104‬وَ َكذَِلكَ نُ َ‬
‫عَلَ ْي ُكمْ ِب َ‬
‫شرِكِيَ (‪)106‬‬
‫(‪ )105‬اتّبِ ْع مَا أُو ِحيَ ِإلَ ْيكَ ِمنْ َرّبكَ لَا ِإلَ َه ِإلّا ُهوَ َوأَ ْعرِضْ َع ِن الْ ُم ْ‬

‫‪ -101‬ال الذى أنشأ السموات والرض على غي مثال سبق ‪ :‬كيف يكون له ولد‬
‫كما يزعم هؤلء ‪ ،‬مع أنه ل تكن له زوجة ‪ ،‬وقد خلق جيع الشياء وفيها هؤلء الذين‬
‫اتذوهم شركاء ‪ ،‬وهو عال بكل شئ يصى عليهم ما يقولون وما يفعلون ‪ ،‬وهو‬
‫مازيهم على قولم وفعلهم ‪.‬‬

‫‪ -102‬ذلك التصف بصفات الكمال هو ال ربكم ‪ ،‬ل إله غيه ‪ ،‬خالق كل شئ ما‬
‫كان وما سيكون ‪ ،‬فهو ‪ -‬وحده ‪ -‬الستحق للعبادة ‪ ،‬فاعبدوه ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪-‬‬
‫التول كل أمر وكل شئ ‪ ،‬فإليه ‪ -‬وحده ‪ -‬الرجع والآب ‪.‬‬

‫‪ -103‬ل تبصر ذاته العيون ‪ ،‬وهو يعلم دقائق العيون وغي العيون ‪ ،‬وهو اللطيف فل‬
‫يغيب عنه شئ ‪ ،‬البي فل يفى عليه شئ ‪.‬‬

‫‪ -104‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬للناس ‪ :‬قد جاءكم من خالقكم ومالك أمركم حُجج‬
‫وبينات ف القرآن ‪ ،‬تني لكم طريق الق ‪ ،‬فمن انتفع با فانتفاعه لنفسه ومن أعرض‬
‫عنها جن على نفسه ‪ .‬لست أنا بحافظ عليكم ‪ ،‬بل أنا رسول أبلغكم ما أرسلت به‬
‫إليكم ‪.‬‬

‫‪ -105‬ومثل هذا التنويع البديع ف عرض الدلئل الكونية نعرض آياتنا ف القرآن‬
‫منوعة مفصلة ‪ ،‬لنقيم الُجة با على الاحدين ‪ ،‬فل يدوا إل اختلق الكذب ‪،‬‬
‫فيتهموك بأنك تعلمت من الناس ل من ال ولنبي ما أنزل إليك من القائق ‪ -‬من غي‬
‫تأثر بوى ‪ -‬لقوم يدركون الق ويذعنون له ‪.‬‬

‫‪216‬‬
‫‪ -106‬اتبع ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ما جاءك به الوحى من ال ‪ ،‬مالك أمرك ومدبر شئونك ‪،‬‬
‫إنه ‪ -‬وحده ‪ -‬الله الستحق للطاعة والضوع ‪ ،‬فالتزم طاعته ‪ ،‬ول تبال بعناد‬
‫الشركي ‪.‬‬

‫وََل ْو شَا َء ال ّلهُ مَا َأشْرَكُوا َومَا َجعَلْنَاكَ عَلَ ْي ِه ْم حَفِيظًا َومَا َأنْتَ عَلَ ْي ِهمْ ِبوَكِيلٍ (‪ )107‬وَلَا‬
‫َتسُبّوا اّلذِينَ َيدْعُو َن ِمنْ دُو ِن اللّ ِه فََيسُبّوا ال ّلهَ َع ْدوًا ِبغَ ْيرِ عِ ْلمٍ َك َذلِكَ َزيّنّا لِ ُك ّل أُ ّمةٍ‬
‫عَمَ َل ُه ْم ُثمّ ِإلَى َرّب ِه ْم َمرْ ِجعُ ُه ْم فَيُنَبُّئ ُهمْ بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )108‬وَأ ْقسَمُوا بِال ّلهِ جَ ْهدَ‬
‫َأيْمَاِن ِهمْ لَِئ ْن جَا َءْت ُهمْ َآَيةٌ لَُي ْؤمُِننّ ِبهَا ُق ْل ِإنّمَا اْل َآيَاتُ عِ ْندَ ال ّل ِه وَمَا ُيشْ ِعرُ ُكمْ أَّنهَا ِإذَا‬
‫ت لَا ُي ْؤمِنُونَ (‪َ )109‬وُنقَلّبُ أَفِْئ َدَتهُ ْم َوأَبْصَا َرهُمْ َكمَا َل ْم يُ ْؤمِنُوا ِبهِ َأ ّولَ َم ّرةٍ‬
‫جَا َء ْ‬
‫وََنذَ ُر ُهمْ فِي ُطغْيَاِن ِهمْ َيعْ َمهُونَ (‪ )110‬وََل ْو أَنّنَا َنزّلْنَا ِإلَيْ ِهمُ الْمَلَاِئكَ َة وَكَلّ َم ُهمُ الْ َم ْوتَى‬
‫جهَلُونَ‬
‫ش ْرنَا عَلَ ْي ِهمْ ُك ّل شَيْ ٍء قُبُلًا مَا كَانُوا لُِي ْؤمِنُوا إِلّا أَ ْن َيشَا َء ال ّلهُ َوَلكِ ّن أَكَْث َرهُ ْم يَ ْ‬
‫وَ َح َ‬
‫(‪)111‬‬

‫‪ -107‬ولو أراد ال أن يعبدوه وحده لقهرهم على ذلك بقوته وقدرته ‪ ،‬ولكنه تركهم‬
‫لختيارهم ‪ ،‬وما جعلناك رقيبا على أعمالم ‪ ،‬وما أنت بكلف أن تقوم عنهم بتدبي‬
‫شئونم وإصلح أمرهم ‪.‬‬

‫‪ -108‬ل تسبوا ‪ -‬أيها الؤمنون ‪ -‬أصنام الشركي الت يعبدونا من دون ال ‪،‬‬
‫فيحملهم الغضب لا على إغاظتكم بسب ال تعديا وسفها ‪ .‬مثل ما زينا لؤلء حب‬
‫أصنامهم يكون لكل أمة عملها حسب استعدادها ‪ ،‬ث يكون مصي الميع إل ال ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬يوم القيامة ‪ ،‬فيخبهم بأعمالم ويازيهم عليها ‪.‬‬
‫‪ -109‬وأقسم الشركون بأقصى أيانم لئن جاءتم آية مادية من اليات الت‬
‫اقترحوها ليكونن ذلك سببا ف إيانم ‪ ،‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ : -‬إن هذه اليات من‬
‫عند ال ‪ ،‬فهو ‪ -‬وحده ‪ -‬القادر عليها ‪ ،‬وليس ل يد فيها ‪ ،‬إنكم ‪ -‬أيها الؤمنون ‪-‬‬
‫ل تدرون ما سبق به علمى من أنم إذا جاءتم هذه اليات ليؤمنون ‪.‬‬
‫‪ -110‬وإنكم ل تدرون أيضا أننا نقلب قلوبم عند مئ اليات بالواطر‬

‫‪217‬‬
‫والتأويلت ‪ ،‬ونقلب أبصارهم بتوهم التخيلت ‪ ،‬فيكونون بعد اليات كحالم قبلها ‪،‬‬
‫وندعهم ف ظلمهم وعنادهم يتخبطون ‪.‬‬

‫‪ -111‬إن أولئك الذين أقسموا إذا جاءتم آية ليؤمنن با كاذبون ‪ ،‬وال أعلم بإيانم‬
‫‪ ،‬ولو أننا نزّلنا اللئكة يرونم رأى العي ‪ ،‬وكلّمهم الوتى بعد إحيائهم وإخراجهم من‬
‫قبورهم ‪ ،‬وجعنا لم كل شئ مقابل لم مواجها يبي لم الق ‪ ،‬ما كانوا ليؤمنوا إل أن‬
‫يشاء ال تعال أن يؤمنوا ‪ ،‬والكثرون ل يدركون الق ول يذعنون له ‪ ،‬لا أصاب‬
‫قلوبم من عمياء الاهلية ‪.‬‬

‫جنّ يُوحِي َبعْضُ ُه ْم ِإلَى بَعْضٍ ُز ْخرُفَ‬


‫ي اْلِإنْسِ وَالْ ِ‬
‫وَ َكذَِلكَ َجعَلْنَا ِل ُكلّ نَِبيّ َع ُدوّا شَيَاطِ َ‬
‫صغَى ِإلَ ْيهِ أَفِْئ َدةُ‬
‫الْ َقوْلِ ُغرُورًا َوَلوْ شَاءَ َرّبكَ مَا َفعَلُو ُه َفذَ ْرهُ ْم َومَا َيفَْترُونَ (‪ )112‬وَلِتَ ْ‬
‫ض ْوهُ َولَِيقَْترِفُوا مَا هُ ْم ُمقَْترِفُونَ (‪َ )113‬أفَغَ ْي َر اللّ ِه َأبْتَغِي‬
‫الّذِينَ لَا يُ ْؤمِنُونَ بِاْلآَ ِخ َرةِ َولَِيرْ َ‬
‫ب َيعْلَمُونَ َأّنهُ مَُنزّلٌ‬
‫حَكَمًا وَ ُهوَ اّلذِي أَْن َزلَ ِإلَ ْيكُ ُم الْكِتَابَ ُمفَصّلًا وَالّذِينَ َآتَيْنَا ُه ُم الْكِتَا َ‬
‫ص ْدقًا وَ َع ْدلًا لَا‬
‫ح ّق فَلَا َتكُوَن ّن ِمنَ الْمُمَْترِينَ (‪َ )114‬وتَمّتْ كَ ِل َمةُ َربّكَ ِ‬
‫ك بِالْ َ‬
‫ِمنْ َرّب َ‬
‫مَُبدّ َل لِكَلِمَاِتهِ َو ُهوَ السّمِي ُع اْلعَلِيمُ (‪)115‬‬

‫‪ -112‬وكما أن هؤلء عادوك وعاندوك وأنت تريد هدايتهم جعلنا لكل نب يبلّغ عنا‬
‫أعداء من عتاة النس وعتاة الن الذين يفون عنك ول تراهم ‪ ،‬يوسوس بعضهم‬
‫لبعض بكلم مزخرف مُ َموّه ل حقيقة له ‪ ،‬فيلقون بذلك فيهم الغرور بالباطل ‪ ،‬وذلك‬
‫كله بتقدير ال ومشيئته ‪ ،‬ولو شاء ما فعلوه ‪ ،‬ولكنه لتمحيص قلوب الؤمني ‪ .‬فاترك‬
‫الضالي وكفرهم بأقوالم الت يقترفونا ‪.‬‬

‫‪ -113‬وإنّهم يوّهون القول الباطل ليغروا أنفسهم ويرضوها ‪ ،‬ولتميل إليه قلوب من‬
‫على شاكلة أولئك العتاة الذين ل يذعنون للخرة ‪ ،‬ويعتقدون أن الياة هى الدنيا ‪،‬‬
‫وليقعوا بسبب عدم اعتقادهم باليوم الخر فيما يقترفون من آثام وفجور ‪.‬‬
‫‪ -114‬قل لم ‪ -‬أيها النب ‪ -‬هذا حكم ال بالق بينتهُ اليات الساطعة ‪ ،‬فل يسوغ‬
‫أن أطلب َحكَما غيه يفصل بين وبينكم ‪ ،‬وقد حكم سبحانه فأنزل الكتاب الكري‬

‫‪218‬‬
‫حُجة ل عليكم ‪ ،‬وقد عجزت أن تأتوا بثله ‪ ،‬وهو مبي للحق وللعدل ‪ ،‬وإن الذين‬
‫أوتوا الكتاب يعلمون أنه منل من عند ال مشتمل على الق ‪ ،‬كما بشرت كتبهم ‪.‬‬
‫وإن حاولوا إخفاء ذلك وكتمانه ‪ ،‬فل تكونن ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬أنت ومن اتبعك من‬
‫الذين يشكّون ف الق بعد بيانه ‪.‬‬

‫‪ -115‬وإ ّن حُكْم ال قد صدَر ‪ ،‬فتمت كلمات ربك الصادقة العادلة ‪ ،‬بإنزال‬


‫الكتاب الكري مشتمل على الصدق ‪ ،‬وفيه اليزان الصادق بي الق والباطل ‪ ،‬ول‬
‫يوجد من يغي كلمات ال وكتابه ‪ ،‬وهو سبحانه سيع لكل ما يقال ‪ ،‬عليم بكل ما‬
‫يقع منهم ‪.‬‬

‫ض يُضِلّوكَ َعنْ سَبِي ِل ال ّلهِ إِ ْن يَتِّبعُونَ ِإلّا ال ّظ ّن َوإِنْ ُه ْم ِإلّا‬


‫وَإِ ْن تُطِعْ أَكَْثرَ َم ْن فِي اْلأَرْ ِ‬
‫ضلّ َع ْن سَبِي ِلهِ َو ُهوَ أَعْ َل ُم بِالْ ُمهْتَدِينَ (‪)117‬‬
‫خرُصُونَ (‪ )116‬إِنّ َرّبكَ هُ َو أَعْ َل ُم َمنْ يَ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫فَكُلُوا مِمّا ذُ ِك َر اسْ ُم اللّهِ عَلَ ْي ِه إِنْ كُنُْت ْم ِب َآيَاِتهِ ُم ْؤمِنِيَ (‪ )118‬وَمَا لَ ُك ْم أَلّا َتأْكُلُوا مِمّا‬
‫صلَ لَ ُكمْ مَا َحرّمَ عَلَ ْي ُكمْ ِإلّا مَا اضْ ُطرِ ْرُتمْ ِإلَ ْيهِ وَإِنّ كَِثيًا‬
‫ذُ ِكرَ ا ْسمُ ال ّلهِ عَلَ ْي ِه َوقَ ْد فَ ّ‬
‫لَيُضِلّونَ ِبَأهْوَاِئهِ ْم ِبغَيْرِ عِ ْل ٍم إِنّ َرّبكَ هُ َو أَعْ َل ُم بِالْ ُمعَْتدِينَ (‪َ )119‬وذَرُوا ظَا ِهرَ اْلِإثْمِ‬
‫جزَوْ َن بِمَا كَانُوا َيقْتَ ِرفُونَ (‪)120‬‬
‫وَبَاطَِن ُه إِ ّن الّذِينَ َي ْكسِبُو َن اْلإِْث َم سَيُ ْ‬

‫‪ -116‬وإذا كان سبحانه هو الكم العدل الذى ُي ْرجَ ُع إل كتبه ف طلب الق‬
‫ومعرفته ‪ ،‬فل تتبع ‪ -‬أيها النب ‪ -‬أنت ومن معك أحدا يالف قوله الق ‪ ،‬ولو كانوا‬
‫عددا كثيا ‪ .‬فإنك إن تتبع أكثر الناس الذين ل يعتمدون على شرع مُنل يبعدوك عن‬
‫طريق الق الستقيم وهو طريق ال تعال ‪ ،‬لنم ل يسيون إل وراء الظنون‬
‫والوهام ‪ ،‬وإن هم إل يقولون عن تمي ل يُبن على برهان ‪.‬‬

‫‪ -117‬وإن ربك هو العليم علما ليس مثله علم بالذين بعدوا عن طريق الق ‪،‬‬
‫والذين اهتدوا إليه وصارت الداية وصفا لم ‪.‬‬

‫‪219‬‬
‫‪ -118‬وإذا كان ال تعال هو الذى يعلم الهتدين والضالي ‪ ،‬فل تلتفتوا إل ضلل‬
‫الشركي فيتحري بعض النعام ‪ ،‬وكلوا منها ‪ ،‬فقد رزقكم ال تعال إياها ‪ ،‬وجعلها‬
‫حلل وطيبة ل ضرر ف أكلها ‪ ،‬واذكروا اسم ال تعال عليها عند ذبها ‪ ،‬ما دمتم‬
‫مؤمني به ‪ ،‬مذعني لدلته ‪.‬‬

‫‪ -119‬وإنه ل يوجد أى مبر أو دليل ينعكم أن تأكلوا ما يذكر اسم ال تعال عليه‬
‫عند ذبه من النعام ‪ ،‬وقد بي سبحانه وتعال الحرّم ف غي حال الضطرار ‪ ،‬كاليتة‬
‫والدم ‪ .‬وإن الكثيين من الناس يبعدون عن الق بحض أهوائهم ‪ ،‬من غي علم أوتوه‬
‫‪ ،‬أو برهان قام عندهم ‪ ،‬كأولئك العرب الذين حرّموا بعض النعم عليهم ‪ .‬ولستم‬
‫معتدين ف أكلكم ما وَلدَ ‪ ،‬بل هم العتدون بتحري اللل ‪ ،‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو‬
‫العليم علما ليس مثله علم بالعتدين حقا ‪.‬‬

‫‪ -120‬ليست التقوى ف تري ما أحل ال ‪ ،‬إنا التقوى ف ترك الث ظاهره وباطنه ‪،‬‬
‫فاتركوا الثام ف أعمالكم ظاهرها وخفيها ‪ ،‬وإن الذين يكسبون الث سيجزون مقدار‬
‫ما اقترفوا من سيئات ‪.‬‬

‫سقٌ َوإِنّ الشّيَاطِيَ لَيُوحُو َن ِإلَى َأ ْولِيَاِئهِمْ‬


‫وَلَا َتأْكُلُوا مِمّا َل ْم ُيذْ َكرِ اسْ ُم ال ّلهِ عَلَ ْيهِ َوِإّنهُ َل ِف ْ‬
‫شرِكُونَ (‪ )121‬أَ َو َمنْ كَانَ مَيْتًا َفَأحْيَيْنَا ُه َوجَعَلْنَا لَهُ‬
‫لِيُجَادِلُو ُكمْ َوإِ ْن أَ َطعْتُمُوهُ ْم ِإنّ ُك ْم لَ ُم ْ‬
‫ج مِ ْنهَا َك َذلِكَ ُزّينَ‬
‫نُورًا يَ ْمشِي ِب ِه فِي النّاسِ َك َمنْ مَثَ ُل ُه فِي الظّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِ ٍ‬
‫ج ِرمِيهَا‬
‫لِلْكَا ِفرِي َن مَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪ )122‬وَ َكذَِلكَ َجعَلْنَا فِي ُك ّل َقرَْي ٍة أَكَاِب َر مُ ْ‬
‫شعُرُونَ (‪َ )123‬وِإذَا جَا َءتْ ُهمْ َآَيةٌ قَالُوا َلنْ‬
‫سهِ ْم َومَا َي ْ‬
‫لِيَ ْم ُكرُوا فِيهَا وَمَا يَ ْمكُرُو َن ِإلّا ِبأَْن ُف ِ‬
‫ب الّذِينَ‬
‫ج َعلُ ِرسَالََت ُه سَيُصِي ُ‬
‫ث يَ ْ‬
‫نُ ْؤ ِمنَ حَتّى نُ ْؤتَى مِ ْث َل مَا أُوتِيَ ُر ُسلُ ال ّلهِ ال ّلهُ أَ ْع َلمُ حَيْ ُ‬
‫ب شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَ ْم ُكرُونَ (‪)124‬‬
‫صغَارٌ عِ ْن َد اللّ ِه وَ َعذَا ٌ‬
‫أَ ْج َرمُوا َ‬

‫‪ -121‬وإذا كانت النعام حلل لكم بذبها ‪ ،‬فل تأكلوا ما ل يذكر اسم ال تعال‬
‫عليه عند ذبه إذا تركت فيه التسمية عمدا ‪ ،‬أو ذكر فيه اسم غي ال تعال ‪ ،‬فإن هذا‬
‫فسق وخروج عن حكم ال ‪ . .‬وإن العتاة الفسدين من إبليس وأعوانه ليوسوسون ف‬

‫‪220‬‬
‫صدور من استولوا عليهم ‪ ،‬ليجادلوكم بالباطل ‪ .‬وليجروكم إل تري ما أحل ال ‪،‬‬
‫وإن اتبعتموهم فإنكم مثلهم ف الشراك بال ‪.‬‬

‫‪ -122‬وإنكم بإيانكم لستم مثل الشركي ف شئ ‪ ،‬فليس حال َمنْ كان كاليت ف‬
‫ضلله فأنار ال بصيته بالداية الت هى كالياة ‪ ،‬وجعل له نور اليان والُجج‬
‫والبيات ‪ ،‬يهتدى به ويشى على ضوئه ‪ ،‬كحال الذى يعيش ف الظلم التكاثف ‪.‬‬
‫وكما زين ال اليان ف قلوب أهل اليان ‪ ،‬زين الشيطان الشرك ف نفوس الظالي‬
‫الاحدين ‪.‬‬

‫‪ -123‬ل تعجب ‪ -‬أيها النب ‪ -‬إذا رأيت أكابر الجرمي ف مكة يدبرون الشر‬
‫ويتفننون فيه! ‪ .‬فكذلك الشأن ف كل مدينة كبية يدبر الشر فيها الكابر من‬
‫الجرمي ‪ ،‬وعاقبته عليهم ‪ ،‬وهم ل يشعرون ول يسون بذلك ‪.‬‬

‫‪ -124‬وإن هؤلء الكبار من الجرمي يسدون الناس على ما آتاهم ال من علم‬


‫ونبوة وهداية ‪ ،‬فإذا جاءتم حُجة قاطعة ل يذعنون لا ‪ ،‬ولكن يقولون ‪ :‬لن نذعن‬
‫للحق حت ينل علينا الوحى كما ينل على الرسل ‪ ،‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى‬
‫يصطفى لرسالته من يشاء من خلقه ‪ ،‬وإن هؤلء العاندين إذا كانوا يطلبون الرياسة‬
‫بذا العناد ‪ ،‬فسينالم الصَغار والذل ف الدنيا بسببه ‪ ،‬وسينالم العذاب الشديد ف‬
‫الخرة بسبب تدبيهم السيئ ‪.‬‬

‫صدْ َرهُ ضَّيقًا‬


‫ج َعلْ َ‬
‫صدْ َر ُه لِ ْلِإسْلَا ِم َو َمنْ ُي ِر ْد أَنْ يُضِ ّلهُ يَ ْ‬
‫شرَحْ َ‬
‫فَ َم ْن ُيرِ ِد اللّ ُه أَ ْن يَهدَِيهُ َي ْ‬
‫ج َعلُ ال ّل ُه ال ّرجْسَ عَلَى اّلذِينَ لَا يُ ْؤمِنُونَ (‬
‫ك يَ ْ‬
‫صعّ ُد فِي السّمَاءِ َك َذلِ َ‬
‫حَ َرجًا َكَأنّمَا يَ ّ‬
‫ت ِلقَوْ ٍم َيذّ ّكرُونَ (‪َ )126‬ل ُهمْ دَارُ‬
‫صرَاطُ َرّبكَ ُمسَْتقِيمًا َقدْ فَصّلْنَا اْلآَيَا ِ‬
‫‪ )125‬وَ َهذَا ِ‬
‫شرَ‬
‫شرُ ُهمْ جَمِيعًا يَا َم ْع َ‬
‫حُ‬‫السّلَامِ ِع ْندَ َرّب ِه ْم وَ ُهوَ َولِّي ُهمْ بِمَا كَانُوا َيعْمَلُونَ (‪َ )127‬وَيوْمَ يَ ْ‬
‫س َوقَا َل َأوْلِيَاؤُ ُهمْ ِم َن الِْإنْسِ َربّنَا اسْتَمَْت َع بَعْضُنَا بَِبعْضٍ‬
‫جنّ َقدِ اسَْتكَْث ْرتُ ْم ِمنَ اْلإِنْ ِ‬
‫الْ ِ‬
‫ت لَنَا قَا َل النّا ُر مَ ْثوَاكُ ْم خَاِلدِي َن فِيهَا ِإلّا مَا شَا َء ال ّل ُه إِنّ َربّكَ‬
‫وَبَ َلغْنَا أَجَلَنَا اّلذِي أَجّلْ َ‬
‫ي َبعْضًا بِمَا كَانُوا َيكْسِبُونَ (‪)129‬‬
‫حَكِيمٌ عَلِيمٌ (‪ )128‬وَ َكذَِلكَ ُن َولّي َبعْضَ الظّالِمِ َ‬

‫‪221‬‬
‫‪ -125‬إذا كان أولئك قد ضلوا واهتديتم ‪ ،‬فبإرادة ال تعال وقضائه ‪ ،‬فمن ُيكْتَب له‬
‫الداية يتسع صدره لنور السلم ‪ ،‬ومن يكتب عليه الضلل يكن صدرُه ضيقا شديد‬
‫الضيق ‪ ،‬كأنه من الضيق كمن يصعد إل مكان مرتفع بعيد الرتفاع كالسماء ‪،‬‬
‫فتتصاعد أنفاسه ول يستطيع شيئا ‪ ،‬وبذا يكتب ال الفساد والذلن على الذين ليس‬
‫من شأنم اليان ‪.‬‬

‫‪ -126‬وهذا الذى بيّناه هو طريق الق الستقيم ‪ ،‬قد فصّلناه ووضّحناه للناس ‪ ،‬ول‬
‫ينتفع به إل الذين من شأنم التذكر وطلب الداية ‪.‬‬

‫‪ -127‬ولؤلء التذكرين الؤمني دار المن ‪ ،‬وهى النة ‪ ،‬وهم ف ولية ال ومبته‬
‫ونصرته ‪ ،‬بسبب ما عملوا ف الدنيا من خي ‪.‬‬

‫‪ -128‬وإذا كان الذين سلكوا صراط ال الستقيم لم المْن وولية ال ‪ ،‬فالذين‬


‫سلكوا طريق الشيطان لم جزاء ما ارتكبوا ‪ ،‬حي يشر الميع يوم القيامة ‪ ،‬ويقول ‪-‬‬
‫جل جلله ‪ -‬للثي من الن والنس ‪ :‬أيها الجتمعون من الن قد أكثرت من إغواء‬
‫النس حت تبعكم منهم عدد كثي! ‪ .‬فيقول الذين اتبعوهم من النس ‪ :‬يا خالقنا‬
‫والقائم علينا ‪ ،‬قد انتفع بعضنا ببعض ‪ ،‬واستمتعنا بالشهوات ‪ ،‬وبلغنا أجلنا الذى‬
‫حددته لنا ‪ .‬فيقول ‪ -‬جل جلله ‪ : -‬مقركم النار خالدين فيها إل َمنْ شاء ال أن‬
‫ينقذهم من ل ينكروا رسالة ال ‪ .‬وإن أفعال ال دائما على مقتضى الكمة والعلم ‪.‬‬
‫‪ -129‬وكما متّعنا عصاة النس والن بعضهم ببعض ‪ ،‬فجعل بعض الظالي أولياء‬
‫لبعض بسبب ما يكتسبون من كبائر ‪.‬‬

‫س َأَلمْ َي ْأتِ ُكمْ ُرسُ ٌل مِ ْنكُ ْم َيقُصّونَ عَلَ ْيكُمْ َآيَاتِي َويُ ْنذِرُونَ ُك ْم ِلقَاءَ‬
‫ج ّن وَاْلإِنْ ِ‬
‫شرَ الْ ِ‬
‫يَا َم ْع َ‬
‫س ِهمْ َأّن ُهمْ‬
‫يَ ْو ِمكُ ْم َهذَا قَالُوا َش ِهدْنَا عَلَى أَْن ُفسِنَا وَ َغ ّرْت ُهمُ الْحَيَاةُ ال ّدنْيَا َوشَ ِهدُوا عَلَى َأنْ ُف ِ‬
‫ك اْلقُرَى بِظُ ْلمٍ َوَأهْ ُلهَا غَافِلُونَ (‬
‫ك ُمهْلِ َ‬
‫كَانُوا كَافِرِينَ (‪َ )130‬ذِلكَ أَ ْن َلمْ يَ ُكنْ َربّ َ‬
‫ك الْغَِنيّ‬
‫ت مِمّا عَمِلُوا َومَا َرّبكَ ِبغَا ِفلٍ عَمّا َيعْمَلُونَ (‪ )132‬وَ َربّ َ‬
‫‪ )131‬وَِل ُكلّ دَ َرجَا ٌ‬
‫شأَ ُكمْ ِم ْن ذُ ّرّيةِ َقوْمٍ‬
‫ف ِمنْ َب ْعدِ ُكمْ مَا َيشَاءُ كَمَا َأنْ َ‬
‫ذُو الرّحْ َم ِة إِ ْن َيشَ ْأ ُيذْهِ ْب ُكمْ َوَيسْتَخْلِ ْ‬

‫‪222‬‬
‫جزِينَ (‪ُ )134‬ق ْل يَا َقوْمِ اعْمَلُوا عَلَى‬
‫ت َومَا َأنُْتمْ بِ ُمعْ ِ‬
‫َآ َخرِينَ (‪ )133‬إِ ّن مَا تُو َعدُو َن َلآَ ٍ‬
‫ح الظّالِمُونَ (‬
‫سوْفَ َتعْلَمُو َن َمنْ تَكُونُ لَهُ عَاقَِبةُ الدّارِ ِإّنهُ لَا ُيفْلِ ُ‬
‫مَكَانَتِ ُكمْ إِنّي عَامِ ٌل َف َ‬
‫‪)135‬‬

‫‪ -130‬وال تعال يقول لم يوم القيامة ‪ :‬يا أيها النس والن ‪ ،‬لقد جاءتكم الرسل‬
‫يذكرون لكم الجج والبينات ‪ ،‬ويتلون عليكم اليات ‪ ،‬ويذرونكم لقاء ال ف‬
‫يومكم هذا ‪ ،‬فكيف تكذبون؟ فأجابوا ‪ :‬قد أقررنا على أنفسنا با ارتكبنا ‪ ،‬وقد‬
‫خدعتهم الياة الدنيا بتعها ‪ ،‬وأقروا على أنفسهم أنم كانوا جاحدين ‪.‬‬
‫‪ -131‬وإن إرسال الرسل منذرين مبيني إنا كان لن ربك ‪ -‬أيها النب ‪ -‬ل يهلك‬
‫القرى بظلمهم وأهلها غافلون عن الق ‪ ،‬بل ل بد أن يبيّن لم وينذرهم ‪.‬‬
‫‪ -132‬ولكل عامل خي أو عامل شر درجاته من جزاء ما يعمله ‪ ،‬إن خيا فخي ‪،‬‬
‫وإن شرا فشر ‪ ،‬وال سبحانه وهو الالق البارئ غي غافل عما يعملون ‪ ،‬بل إن‬
‫عملهم ف كتاب ل يغادر صغية ول كبية إل أحصاها ‪.‬‬

‫‪ -133‬وال ربك هو الغن عن العباد والعبادة ‪ ،‬وهو ‪ -‬وحده ‪ -‬صاحب الرحة‬


‫الشاملة ‪ ،‬وبقتضاها أمركم بالي وناكم عن الشر ‪ ،‬وهو القادر إن يشأ يذهبكم‬
‫ويعل ف الرض خلفاء من بعدكم على حسب مشيئته ‪ ،‬وليس ذلك يصعب عليه‬
‫سبحانه ‪ ،‬فقد خلقكم من ذرية آخرين سبقوكم ‪ ،‬وكنتم وارثي الرض من بعدهم ‪.‬‬
‫‪ -134‬وإن الذى ينذركم به من عقاب ‪ ،‬ويبشركم به من ثواب بعد البعث والمع‬
‫ت ل مالة ‪ ،‬وما أنتم بعجزين من يطلبكم يومئذ ‪ ،‬فل قدرة لكم على‬
‫والساب آ ٍ‬
‫المتناع عن المع والساب ‪.‬‬

‫‪ -135‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ -‬لم مهدّدا ‪ :‬اعملوا على النحو الذى اخترتوه بكل ما ف‬
‫قدرتكم ‪ ،‬وإن عامل ف ناحية الق ‪ ،‬وستعلمون حتما من تكون له العاقبة السنة ف‬
‫الدار الخرة ‪ ،‬وهى لهل الق ل مالة ‪ ،‬لنكم ظالون وال تعال ل يكتب الفوز‬
‫للظالي ‪.‬‬

‫‪223‬‬
‫شرَكَائِنَا‬
‫ح ْرثِ وَالَْأْنعَا ِم نَصِيبًا َفقَالُوا َهذَا لِ ّل ِه ِبزَعْ ِم ِهمْ َو َهذَا ِل ُ‬
‫وَ َجعَلُوا لِ ّلهِ مِمّا ذَ َرَأ ِمنَ الْ َ‬
‫صلُ ِإلَى ُشرَكَائِ ِه ْم سَا َء مَا‬
‫ص ُل ِإلَى ال ّلهِ َومَا كَا َن لِ ّل ِه َفهُ َو يَ ِ‬
‫فَمَا كَا َن ِلشُرَكَاِئهِ ْم فَلَا يَ ِ‬
‫ي قَ ْت َل َأوْلَادِ ِهمْ ُشرَكَاؤُ ُهمْ لُِي ْردُو ُهمْ‬
‫شرِكِ َ‬
‫ي ِمنَ الْ ُم ْ‬
‫حكُمُونَ (‪ )136‬وَ َكذَِلكَ َزيّ َن ِلكَثِ ٍ‬
‫يَ ْ‬
‫وَلِيَلِْبسُوا عَلَ ْي ِهمْ دِيَن ُهمْ َوَلوْ شَا َء ال ّلهُ مَا فَعَلُو ُه َفذَرْ ُهمْ وَمَا يَفَْترُونَ (‪َ )137‬وقَالُوا َه ِذهِ‬
‫ج ٌر لَا يَ ْطعَ ُمهَا ِإلّا َمنْ َنشَا ُء ِبزَعْ ِم ِه ْم وََأْنعَا ٌم ُح ّرمَتْ ُظهُو ُرهَا َوأَْنعَا ٌم لَا‬
‫َأنْعَا ٌم وَ َح ْرثٌ حِ ْ‬
‫جزِي ِهمْ بِمَا كَانُوا َيفَْترُونَ (‪)138‬‬
‫َيذْكُرُونَ ا ْس َم اللّهِ عَلَ ْيهَا افِْترَاءً عَلَ ْيهِ سَيَ ْ‬

‫‪ -136‬الشركون الذين يعبدون الوثان ف أوهام مستمرة ‪ ،‬فهم يعلون ما خلق ال‬
‫تعال وأنشأه من الزرع ومن البل والبقر والغنم ‪ ،‬جزءا ل تعال ينفقونه على الضيفان‬
‫والحتاجي ‪ ،‬وجزءا آخر ينفقونه على خدمة الوثان الت جعلوها شركاء ل تعال‬
‫بزعمهم ‪ ،‬فما يعلونه للوثان يصل إل أوثانم فينفقونه عليها ‪ ،‬وما يعلونه ل‬
‫بزعمهم ل يصل شى منه إل الضيفان والفقراء ‪ ،‬وما أسوأ حكمهم الظال ‪ ،‬لنم‬
‫جعلوا الوثان نظراء لالق الرث والنسل ‪ ،‬ولنم ل ينفقون ما جعلوه ل ف مصارفه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -137‬وكما زيّنَتْ لم أوهامهم تلك القسمة الظالة لا خلق ال من حرث وإبل وبقر‬
‫ت لم أوهامهم ف الوثان الت زعموها شركاء ل قتْل أولدهم عند‬
‫وغنم ‪ ،‬قد زيّنَ ْ‬
‫الولدة ‪ ،‬وأن يُنذروا للتهم ذبح أولدهم ‪ ،‬وإن تلك الوهام تُرديهم وتلط عليهم‬
‫أمر الدين ‪ ،‬فل يدركونه على وجهه ‪ ،‬وإذا كانت الوهام لا ذلك السلطان على‬
‫عقولم ‪ ،‬فاتركهم وما يفترونه على ال تعال وعليك وسينالون عقاب ما يفترون ‪،‬‬
‫وتلك مشيئة ال ‪ ،‬فلو شاء ما فعلوا ‪.‬‬

‫‪ -138‬ومن أوهامهم أنم يقولون ‪ :‬هذه إبل وبقر وغنم وزرع منوعة ‪ ،‬ل يأكلها‬
‫أحد إل من يشاءون من َخ َدمَة الوثان ‪ ،‬وذلك من زعمهم الباطل ‪ ،‬ل من عند ال ‪.‬‬
‫وقالوا أيضا ‪ :‬هذه إبل ُحرّمت ظهورها فل يركبها أحد ‪ ،‬وهم مع ذلك ل يذكرون‬
‫اسم ال تعال عند ذبح ما يذبون من إبل وبقر وغنم ‪ ،‬وذلك لكذبم على ال تعال‬

‫‪224‬‬
‫بشركهم ‪ ،‬وال تعال سيجزيهم بالعذاب ف الخرة ‪ ،‬بسبب افترائهم وتريهم ما‬
‫يُحرّمون من غي تري ال تعال ‪.‬‬

‫حرّمٌ َعلَى أَ ْزوَاجِنَا وَإِ ْن َيكُ ْن مَيَْتةً‬


‫صةٌ لِذُكُو ِرنَا َومُ َ‬
‫َوقَالُوا مَا فِي بُطُو ِن َه ِذهِ اْلَأنْعَا ِم خَالِ َ‬
‫ص َف ُهمْ ِإّنهُ َحكِيمٌ عَلِيمٌ (‪َ )139‬ق ْد َخسِ َر الّذِينَ قَتَلُوا‬
‫جزِيهِ ْم وَ ْ‬
‫َفهُ ْم فِيهِ شُرَكَا ُء سَيَ ْ‬
‫أَ ْولَادَ ُهمْ َس َفهًا ِبغَ ْيرِ عِ ْلمٍ َو َحرّمُوا مَا رَ َز َق ُهمُ ال ّلهُ افِْترَاءً عَلَى اللّ ِه َقدْ ضَلّوا َومَا كَانُوا‬
‫خ َل وَالزّرْعَ‬
‫ت َمعْرُوشَاتٍ وَغَ ْي َر َم ْعرُوشَاتٍ وَالنّ ْ‬
‫ُمهْتَدِينَ (‪َ )140‬وهُ َو اّلذِي َأْنشََأ جَنّا ٍ‬
‫مُخْتَ ِلفًا أُكُ ُل ُه وَال ّزيْتُونَ وَال ّرمّانَ مَُتشَاِبهًا وَغَ ْي َر مَُتشَاِبهٍ كُلُوا ِمنْ ثَ َم ِرهِ ِإذَا َأثْ َم َر وَ َآتُوا َحقّهُ‬
‫ب الْ ُمسْ ِرفِيَ (‪ )141‬وَ ِم َن الَْأْنعَا ِم حَمُوَلةً َو َفرْشًا كُلُوا‬
‫ح ّ‬
‫س ِرفُوا ِإنّ ُه لَا يُ ِ‬
‫يَوْ َم حَصَا ِدهِ َولَا ُت ْ‬
‫مِمّا رَ َز َقكُ ُم اللّ ُه َولَا تَتِّبعُوا خُ ُطوَاتِ الشّيْطَا ِن إِّن ُه لَ ُكمْ َع ُدوّ مُِبيٌ (‪)142‬‬

‫‪ -139‬ومن أوهام هؤلء الشركي أنم يقولون ‪ :‬ما ف بطون النعام الت جعلوها‬
‫حرَم‬
‫منوعة ل تذبح ول تركب ‪ ،‬ما ف بطونا من أجِنّة خالص للذكور من الرجال ‪ ،‬ويُ ْ‬
‫منه النساء ‪ ،‬ومع ذلك إذا نزل ميتا فهم شركاء فيه ‪ ،‬يأكلون منه ‪ ،‬سيجزيهم ال‬
‫تعال على كذبم الذى وصفوا به فعلهم ‪ ،‬إذ ادّ َعوْا أن هذا التحري من عند ال تعال ‪،‬‬
‫وإن ال عليم بكل شئ ‪ ،‬حكيمٌ ‪ ،‬كل أفعاله على مقتضى الكمة وهو يزى الثي‬
‫بإثهم ‪.‬‬

‫‪ -140‬وقد خسر أولئك الذين قتلوا أولدهم حقا ووها ‪ ،‬غي عالي مغبّة عملهم‬
‫ودَاعِيه ‪ ،‬وحرّموا على أنفسهم ما رزقهم ال من زرع وحيوان ‪ ،‬مفترين على ال‬
‫بادعاء أنه هو الذى حرم ‪ ،‬وقد بعدوا عن الق بسبب ذلك ‪ ،‬وما كانوا بسبب هذا‬
‫الفتراء من يتصفون بالداية ‪.‬‬

‫‪ -141‬ال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى خلق حدائق من الكرم ‪ ،‬منها ما يغرس ويرفع على‬
‫دعائم ‪ ،‬ومنها ما ل يقوم على دعائم وخلق النخل والزرع الذى يرج ثرا متلفا ف‬
‫اللون والطعم والشكل والرائحة وغي ذلك ‪ ،‬وخلق الزيتون والرمان متشابا ف بعض‬
‫الصفات وغي متشابه ف بعضها الخر ‪ ،‬مع أن التربة قد تكون واحدة وتسقى جيعها‬

‫‪225‬‬
‫باء واحد ‪ .‬فكلوا من ثرها إذا طاب لكم ‪ ،‬وأخرجوا منها الصدقة عند نضجها‬
‫وجعها ‪ ،‬ول تسرفوا ف الكل فتضروا أنفسكم وتضروا الفقراء ف حقهم ‪ ،‬إن ال ل‬
‫يرضى عن السرفي ف تصرفاتم وأعمالم ‪.‬‬

‫‪ -142‬وخلق ال من النعام ‪ -‬وهى البل والبقر والاعز ‪ -‬ما يمل أثقالكم ‪ ،‬وما‬
‫تتخذون من أصوافها وأوبارها وأشعارها فراشا ‪ ،‬وهى رزق ال لكم ‪ ،‬فكلوا ما أحل‬
‫ال منها ول تتبعوا الشيطان وأولياءه ف افتراء التحليل والتحري ‪ ،‬كما كان يفعل أهل‬
‫الاهلية ‪ .‬إن الشيطان ل يريد لكم الي ‪ ،‬لنه عدو ظاهر العداوة ‪.‬‬

‫ج ِم َن الضّأْ ِن اثْنَ ْينِ َو ِمنَ الْ َم ْعزِ اثْنَ ْي ِن ُقلْ آَلذّ َكرَْي ِن حَرّ َم َأمِ اْلُأنْثَيَ ْينِ َأمّا‬
‫ثَمَانِيَ َة أَ ْزوَا ٍ‬
‫اشْتَمَ َلتْ عَلَ ْي ِه أَ ْرحَا ُم اْلُأنْثَيَ ْينِ نَبّئُونِي ِبعِلْ ٍم إِنْ كُنُْتمْ صَا ِدقِيَ (‪َ )143‬و ِمنَ اْلإِِب ِل اثْنَ ْينِ‬
‫وَ ِم َن الْبَ َق ِر اثْنَيْ ِن ُقلْ آَلذّ َكرَْي ِن َحرّمَ أَ ِم الُْأنْثَيَ ْينِ َأمّا اشْتَمَلَتْ عَلَ ْي ِه أَ ْرحَا ُم اْلأُنْثَيَ ْي ِن أَمْ كُ ْنُتمْ‬
‫س ِبغَ ْيرِ‬
‫ض ّل النّا َ‬
‫شُ َهدَا َء ِإذْ وَصّا ُك ُم اللّ ُه ِب َهذَا فَ َم ْن أَظْ َل ُم مِ ّمنِ افَْترَى عَلَى اللّهِ َك ِذبًا لِيُ ِ‬
‫عِ ْل ٍم إِ ّن اللّ َه لَا َي ْهدِي اْل َقوْمَ الظّالِمِيَ (‪)144‬‬

‫‪ -143‬خلق ال من كل نوع من النعام ذكرا وأنثى ‪ ،‬فهى ثانية أزواج خلق من‬
‫الضأن زوجي ‪ ،‬ومن الاعز زوجي ‪ ،‬وقل يا ممد للمشركي منكرا عليهم تري ما‬
‫حرموا من هذا ‪ :‬ما علة تري هذه الزواج كما تزعمون؟ أهى كونا ذكورا؟ ليس‬
‫كذلك ‪ ،‬لنكم تلون الذكور أحيانا ‪ .‬أم هى كونا إناثا؟ ليس كذلك ‪ ،‬لنكم تلون‬
‫الناث أحيانا ‪ ،‬أم هى اشتمال الرحام عليها ‪ .‬ليس كذلك لنكم ل ترمون الجنة‬
‫على الدوام ‪ .‬أخبون بستند صحيح يعتمد عليه ‪ ،‬إن كنتم صادقي فيما تزعمون من‬
‫التحليل والتحري ‪.‬‬

‫‪ -144‬وخلق ال من البل زوجي ‪ ،‬ومن البقر زوجي ‪ .‬قل لم يا ممد منكرا عليهم‬
‫‪ :‬ما علة التحري لا حرمتم من هذه الزواج كما تزعمون؟ أهى كونا ذكورا؟ ليس‬
‫كذلك ‪ ،‬لنكم تلون الذكور أحيانا ‪ ،‬أهى كونا إناثا؟ ليس كذلك لنكم تلون‬
‫الناث أحيانا ‪ ،‬أم هى اشتمال الرحام عليها؟ ليس كذلك لنكم ل ترمون الجنة‬

‫‪226‬‬
‫على الدوام ‪ ،‬وتزعمون أن هذا التحري من عند ال! أكنتم حاضرين حي وجه إليكم‬
‫ال هذا التحري فسمعتم نيه؟ ل يكن ذلك قطعا ‪ .‬انتهوا عما أنتم فيه ‪ ،‬فهو ظلم ‪،‬‬
‫وليس هناك أظلم من كذب على ال فنسب إليه ما ل يصدر عنه ‪ ،‬ول سند له من علم‬
‫يعتمد عليه ‪ ،‬وإنا يريد بذلك إضلل الناس ‪ .‬إن ال ل يوفق الظالي إذا اختاروا‬
‫طريق الباطل ‪.‬‬

‫ح ّرمًا عَلَى طَا ِع ٍم يَ ْطعَ ُم ُه إِلّا أَ ْن يَكُو َن مَيَْتةً َأوْ دَمًا َمسْفُوحًا‬
‫ُقلْ لَا أَ ِج ُد فِي مَا أُوحِ َي ِإلَ ّي مُ َ‬
‫غ وَلَا عَادٍ فَإِنّ‬
‫سقًا ُأهِ ّل ِلغَ ْيرِ ال ّلهِ ِب ِه فَ َمنِ اضْ ُطرّ غَ ْي َر بَا ٍ‬
‫ح َم خِ ْنزِي ٍر َفإِّنهُ ِرجْسٌ َأ ْو ِف ْ‬
‫أَ ْو لَ ْ‬
‫َرّبكَ َغفُورٌ َرحِيمٌ (‪ )145‬وَعَلَى الّذِينَ هَادُوا حَ ّرمْنَا ُكلّ ذِي ُظفُ ٍر َو ِمنَ الَْبقَ ِر وَاْلغََنمِ‬
‫ط ِبعَ ْظمٍ َذِلكَ‬
‫حوَايَا أَ ْو مَا اخْتَلَ َ‬
‫حَ ّرمْنَا عَلَ ْي ِهمْ شُحُو َمهُمَا ِإلّا مَا حَمَلَتْ ُظهُو ُرهُمَا َأوِ الْ َ‬
‫جَ َزيْنَا ُه ْم بَِبغْيِ ِه ْم وَِإنّا لَصَا ِدقُونَ (‪َ )146‬فإِنْ َك ّذبُو َك َف ُقلْ َربّ ُك ْم ذُو َرحْ َم ٍة وَا ِسعَ ٍة َولَا‬
‫ج ِرمِيَ (‪)147‬‬
‫ُيرَ ّد َبأْ ُسهُ َع ِن الْ َقوْ ِم الْمُ ْ‬

‫‪ -145‬قل ‪ -‬أيها النب ‪ : -‬ل أجد الن ف مصدر التحليل والتحري الذى أوحى به‬
‫إلّ طعاما مرما على آكل يأكله ‪ ،‬إل أن يكون هذا الشئ ميتة ل تذَ ّك ذكاة شرعية ‪،‬‬
‫أو دما سائل ‪ ،‬أو لم خنير ‪ ،‬فإن ذلك الذكور ضارّ خبيث ل يوز أكله أو أن‬
‫يكون هذا الشئ الحرم فيه خروج من العقيدة الصحيحة ‪ ،‬بأن ذكر عند ذبه اسم‬
‫غي ال ‪ ،‬كصنم معبود آخر ‪ .‬على أن من دعته الضرورة إل أكل شئ من هذه‬
‫الحرمات غي طالب اللذة بالكل ‪ ،‬وغي متجاوز قدر الضرورة ‪ ،‬فل حرج عليه لن‬
‫ربك غفور رحيم ‪.‬‬

‫‪ -146‬فهذا ما حرمناه عليكم ‪ .‬ولقد حرمنا على اليهود أكل اللحم والشحم‬
‫وغيها من كل ما له ظفر من اليوانات كالبل والسباع ‪ ،‬وحرمنا عليهم من البقر‬
‫والغنم شحومهما فقط ‪ ،‬إل الشحوم الت حلتها ظهورها ‪ ،‬أو الت توجد على‬
‫المعاء ‪ ،‬أو الت اختلطت بعظم ‪ .‬وهذا التحري عقاب لم على ظلمهم ‪ ،‬وفَ ْطمٌ‬
‫لنفوسهم من اندفاعها ف الشهوات ‪ ،‬وإنا لصادقون ف جيع أخبارنا الت منها هذا الب‬

‫‪227‬‬
‫‪.‬‬
‫‪ -147‬فإن كذبك الكذبون فيما أوحيت به إليك ‪ ،‬فقل لم مذّرا ‪ :‬إن ربكم الذى‬
‫يب أن تؤمنوا به ‪ -‬وحده وتلتزموا أحكامه ‪ -‬ذو رحة واسعة لن أطاعه ‪ ،‬ولن عصاه‬
‫أيضا ‪ ،‬حيث ل يعجل بعقوبتهم ‪ ،‬ولكن ل ينبغى أن يغتروا بسعة رحته ‪ ،‬فإن عذابه ل‬
‫بد واقع بالجرمي ‪.‬‬

‫سَيَقُولُ اّلذِي َن أَ ْشرَكُوا َلوْ شَا َء ال ّلهُ مَا أَ ْشرَكْنَا وَلَا َآبَا ُؤنَا َولَا َح ّرمْنَا ِمنْ شَيْءٍ َك َذِلكَ‬
‫خ ِرجُو ُه لَنَا إِنْ‬
‫َك ّذبَ اّلذِي َن ِمنْ قَبْ ِل ِهمْ حَتّى ذَاقُوا َب ْأسَنَا ُقلْ َهلْ عِ ْندَ ُك ْم ِمنْ عِ ْلمٍ فَتُ ْ‬
‫ج ُة الْبَاِلغَ ُة فَ َلوْ شَا َء َل َهدَا ُكمْ‬
‫خرُصُونَ (‪ُ )148‬قلْ فَلِ ّل ِه الْحُ ّ‬
‫تَتِّبعُو َن ِإلّا ال ّظنّ َوإِ ْن َأنُْتمْ ِإلّا تَ ْ‬
‫ش َهدُو َن أَ ّن اللّ َه َحرّ َم هَذَا َفإِنْ َش ِهدُوا فَلَا‬
‫أَجْ َمعِيَ (‪ُ )149‬قلْ هَ ُل ّم شُ َهدَاءَ ُكمُ اّلذِينَ َي ْ‬
‫َتشْ َه ْد َمعَ ُهمْ وَلَا تَتّبِ ْع َأهْوَا َء الّذِينَ َكذّبُوا ِب َآيَاتِنَا وَالّذِينَ لَا ُيؤْمِنُو َن بِاْلآَ ِخ َر ِة وَ ُهمْ بِ َرّب ِهمْ‬
‫َيعْ ِدلُونَ (‪)150‬‬

‫‪ -148‬سيقول الشركون اعتذارا عن شركهم ‪ ،‬وتري ما أحل ال من الطاعم ‪،‬‬


‫وتكذيبا لا أبلغتهم من مقت ال لا هم عليه ‪ :‬إن الشراك منا وتري اللل كانا‬
‫بشيئة ال ورضاه ‪ ،‬ولو شاء عدم ذلك وكره منا ما نن عليه ‪ ،‬ما أشركنا نن ول‬
‫أسلفنا ‪ ،‬ول حرمنا شيئا ما أحله لنا ‪ .‬وقد كذّب الذين من قبلهم رسلهم ‪ ،‬كما‬
‫كذّبك هؤلء واستمروا ف تكذيبهم حت نزل بم عذابنا! قل لؤلء الكذبي ‪ ،‬هل‬
‫عندكم من مستند صحيح على أن ال رضى لكم الشرك والتحليل ‪ ،‬فتظهروه لنا؟ ما‬
‫تتبعون فيما تقولون إل الظن الذى ل يغن من الق شيئا ‪ ،‬وما أنتم إل كاذبون فيما‬
‫تزعمون ‪.‬‬

‫‪ -149‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ : -‬ل الُجة الواضحة ف كذبكم وادعائكم أن ال رضى‬
‫بعملكم ‪ ،‬ول حُجة لكم فيما تزعمون من الشرك والتحليل والتحري وغيها ‪ ،‬فلو‬
‫شاء ال أن يوفقكم إل الداية لداكم أجعي إل طريق الق ‪ ،‬ولكنه ل يشأ ذلك‬
‫لختياركم سبيل الضلل ‪.‬‬

‫‪228‬‬
‫‪ -150‬قل لم ‪ -‬يا أيها النب ‪ : -‬هاتوا أنصاركم الذين يشهدون لكم أن ال حرّم‬
‫هذا الذى زعمتم أنه حرام ‪ ،‬فإن حضروا ‪ ،‬وشهدوا ‪ ،‬فل تصدقهم لنم كاذبون ‪.‬‬
‫ول تتبع أهواء هؤلء الذين كذبوا بالدلة الكونية والقرآن التلو ‪ ،‬الذين ل يؤمنون‬
‫بالخرة ‪ -‬وهم مشركون بال ‪ -‬يساوون به غيه من العبودات الباطلة ‪.‬‬

‫ُقلْ َتعَاَلوْا َأْتلُ مَا َحرّمَ َربّ ُكمْ عَلَ ْي ُكمْ َألّا ُتشْرِكُوا ِب ِه شَيْئًا َوبِاْلوَاِلدَْي ِن إِ ْحسَانًا َولَا َتقْتُلُوا‬
‫ح ُن َنرْ ُزقُ ُكمْ وَِإيّا ُهمْ َولَا َت ْق َربُوا اْل َفوَاحِشَ مَا َظ َه َر مِ ْنهَا َومَا بَ َط َن َولَا‬
‫ق نَ ْ‬
‫أَ ْولَادَكُ ْم ِمنْ ِإمْلَا ٍ‬
‫ح ّق َذِلكُ ْم وَصّا ُكمْ ِب ِه َلعَلّ ُكمْ َت ْعقِلُونَ (‪ )151‬وَلَا‬
‫س الّتِي َحرّمَ ال ّل ُه ِإلّا بِالْ َ‬
‫َتقْتُلُوا الّنفْ َ‬
‫س ُن حَتّى يَبْلُ َغ َأ ُش ّدهُ َوأَ ْوفُوا الْكَ ْي َل وَالْمِيزَا َن بِاْل ِقسْطِ‬
‫َتقْ َربُوا مَا َل الْيَتِي ِم ِإلّا بِالّتِي هِ َي َأحْ َ‬
‫لَا ُنكَلّفُ َن ْفسًا ِإلّا ُو ْسعَهَا وَِإذَا قُلُْت ْم فَا ْع ِدلُوا وََلوْ كَانَ ذَا ُق ْربَى َوبِ َع ْهدِ ال ّلهِ َأ ْوفُوا َذلِ ُكمْ‬
‫صرَاطِي ُمسَْتقِيمًا فَاتِّبعُوهُ َولَا تَتِّبعُوا‬
‫وَصّا ُكمْ ِب ِه لَعَ ّل ُكمْ َتذَ ّكرُونَ (‪َ )152‬وأَ ّن هَذَا ِ‬
‫السُّب َل فََت َفرّقَ بِ ُكمْ َع ْن سَبِي ِلهِ َذِلكُ ْم وَصّا ُكمْ ِب ِه َلعَلّ ُكمْ تَّتقُونَ (‪)153‬‬

‫‪ -151‬قل لم ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬تعالوا أبيّن لكم الحرمات الت ينبغى أن تتموا با‬
‫وتبتعدوا عنها ‪ :‬ل تعلوا ل شريكا ما ‪ ،‬بأى نوع كان من أنواع الشرك ‪ ،‬ول تسيئوا‬
‫إل الوالدين ‪ ،‬بل أحسنوا إليهما إحسانا بالغا ‪ ،‬ول تقتلوا أولدكم بسبب فقر نزل‬
‫بكم ‪ ،‬أو تشون نزوله ف الستقبل ‪ ،‬فلستم أنتم الرازقي ‪ ،‬بل نن الذين نرزقكم‬
‫ونرزقهم ‪ ،‬ول تقربوا الزن فهو من المور التناهية ف القبح ‪ ،‬سواء منها ما ظهر‬
‫للناس حي إتْيانه ‪ ،‬وما ل يطلع عليه إل ال ‪ ،‬ول تقتلوا النفس الت حرم ال قتلها‬
‫لعدم موجبه ‪ ،‬إل إذا كان القتل بق تنفيذا لكم القضاء ‪ .‬أمركم ال أمرا مؤكدا‬
‫باجتناب هذه النهيّات الت تقضى بديهة العقل بالبعد عنها ‪ ،‬لتعقلوا ذلك ‪.‬‬
‫‪ -152‬ول تتصرفوا ف مال اليتيم إل بأحسن تصرف يفظه وينمّيه ‪ ،‬واسْتَمِروا على‬
‫ذلك حت يصل اليتيم إل حالة من الرشد يستطيع معها أن يستقل بالتصرف السليم ‪،‬‬
‫وحينئذ ادفعوا إليه ماله ‪ .‬ول تسوا الكيل واليزان بالنقص إذا أعطيتم ‪ ،‬أو بالزيادة‬
‫إذا أخذت ‪ ،‬بل أوفوها بالعدل ما وسعكم ذلك ‪ ،‬فال ل يكلف نفسا إل ما تستطيعه‬
‫دون حرج ‪ .‬وإذا قلتم قول ف حكم أو شهادة أو خب أو نو ذلك ‪ ،‬فل تيلوا عن‬

‫‪229‬‬
‫العدل والصدق ‪ ،‬بل تروا ذلك دون مراعاة لصلة من صلت النس أو اللون أو‬
‫القرابة أو الصاهرة ‪ ،‬ول تنقضوا عهد ال الذى أخذه عليكم بالتكاليف ‪ ،‬ول العهود‬
‫الت تأخذونا بينكم ‪ ،‬فيما يتعلق بالصال الشروعة ‪ ،‬بل أوفوا بذه العهود ‪ .‬أمركم‬
‫ال أمرا مؤكدا باجتناب هذه النهيات ‪ ،‬لتتذكروا أن التشريع لصلحتكم ‪.‬‬
‫‪ -153‬ول تيدوا عن النهج الذى رستْه لكم ‪ ،‬لنه هو الطريق الستقيم الوصل إل‬
‫سعادة الدارين ‪ ،‬بل اتبعوه ‪ ،‬ول تتبعوا الطرق الباطلة الت ناكم ال عنها حت ل‬
‫تتفرّقوا شيعا وأحزابا ‪ ،‬وتبعدوا عن صراط ال السوى ‪ .‬أمركم ال أمرا مؤكدا بذلك‬
‫لتتجنبوا مالفته ‪.‬‬

‫سنَ وََتفْصِيلًا ِل ُكلّ َشيْ ٍء َوهُدًى وَ َرحْ َمةً‬


‫ب تَمَامًا عَلَى الّذِي أَ ْح َ‬
‫ُثمّ َآتَيْنَا مُوسَى اْلكِتَا َ‬
‫ب َأنْ َزلْنَاهُ مُبَارَ ٌك فَاتِّبعُو ُه وَاّتقُوا لَعَ ّل ُكمْ‬
‫َلعَلّ ُه ْم بِ ِلقَاءِ َرّب ِهمْ يُ ْؤمِنُونَ (‪ )154‬وَ َهذَا ِكتَا ٌ‬
‫ُترْحَمُونَ (‪ )155‬أَ ْن تَقُولُوا إِنّمَا ُأْنزِلَ اْلكِتَابُ عَلَى طَاِئفَتَ ْينِ ِم ْن قَبْلِنَا َوإِنْ كُنّا َعنْ‬
‫دِرَاسَِت ِهمْ َلغَافِلِيَ (‪ )156‬أَ ْو َتقُولُوا َلوْ َأنّا ُأْنزِلَ عَ َليْنَا اْلكِتَابُ لَكُنّا أَ ْهدَى مِ ْن ُه ْم َفقَدْ‬
‫صدَفَ عَ ْنهَا‬
‫ت اللّ ِه وَ َ‬
‫ب بِ َآيَا ِ‬
‫جَاءَ ُك ْم بَيَّن ٌة ِمنْ َرّب ُكمْ َو ُهدًى وَ َرحْ َمةٌ فَ َمنْ َأظْ َلمُ مِ ّمنْ َك ّذ َ‬
‫ص ِدفُونَ (‪)157‬‬
‫ب بِمَا كَانُوا يَ ْ‬
‫ص ِدفُونَ َعنْ َآيَاتِنَا سُو َء الْ َعذَا ِ‬
‫جزِي اّلذِي َن يَ ْ‬
‫سَنَ ْ‬

‫‪ -154‬وقد أنزلنا التوراة على موسى إتاما للنعمة على من أحسن القيام بأمر الدين ‪،‬‬
‫ى إل الطريق السوى ‪ ،‬ورحة‬
‫وأنزلناها تفصيل لكل شئ من التعاليم الناسبة لم ‪ ،‬وهُد ً‬
‫لم باتّباعه ‪ ،‬وذلك ليؤمن بنو إسرائيل بلقاء ربم يوم القيامة وماسبتهم على هذه‬
‫التكاليف ‪.‬‬

‫‪ -155‬وهذا القرآن كتاب أنزلناه مبارك ‪ ،‬مشتمل على الي اللى والنافع الدينية‬
‫والدنيوية ‪ ،‬فاتبعوه واتقوا مالفته ليحكم ربكم ‪.‬‬

‫‪ -156‬أنزلناه حت ل تعتذروا عن عصيانكم وتقولوا ‪ :‬إن الوحى ل ينل إل على‬


‫طائفتي من قبلنا ‪ ،‬هم أهل التوراة وأهل النيل ‪ ،‬ول علم لنا مطلقا بتلوة كتبهم‬
‫وفهم ما فيها من إرشاد ‪.‬‬

‫‪230‬‬
‫‪ -157‬وأنزلناه حت ل تقولوا أيضا ‪ :‬لو أنا أُنزل علينا الوحى الذى نزل عليهم لكنا‬
‫أكثر منهم هداية وأحسن حال ‪ ،‬لسعة عقولنا وطيب استعدادنا ‪ .‬ل حُجة لكم بعد‬
‫اليوم على عصيانكم ‪ ،‬ول مل لقولكم هذا ‪ ،‬فقد جاءكم القرآن من ربكم علمة‬
‫واضحة على صدق ممد ‪ ،‬ومبينا لكم جيع ما تتاجون إليه ف دينكم ودنياكم ‪،‬‬
‫وهاديا إل الطريق السوى ‪ ،‬ورحة لكم باتباعه ‪ .‬ول يَ ُكنْ أحد أظلم من كذب بآيات‬
‫ال الت أنزلا ف كتبه ‪ ،‬وآياته الت خلقها ف الكون ‪ ،‬وأعرض عنها فلم يؤمن ول‬
‫يعمل با ‪ ،‬وسنعاقب الذين يعرضون عن آياتنا ‪ ،‬ول يتدبرون ما فيها بالعذاب البالغ‬
‫غايته ف اليلم ‪ ،‬بسبب إعراضهم وعدم تدبرهم ‪.‬‬

‫ك َيوْ َم َيأْتِي‬
‫ك َأوْ َي ْأتِ َي َبعْضُ َآيَاتِ َربّ َ‬
‫َهلْ يَنْ ُظرُو َن إِلّا أَ ْن تَ ْأتَِي ُهمُ الْمَلَائِ َكةُ أَ ْو َيأِْتيَ َربّ َ‬
‫ت فِي إِيَانِهَا خَ ْيرًا‬
‫ت ِمنْ قَ ْب ُل َأوْ َكسََب ْ‬
‫ك لَا يَ ْنفَ ُع َن ْفسًا إِيَاُنهَا َلمْ َت ُكنْ َآمَنَ ْ‬
‫َبعْضُ َآيَاتِ َربّ َ‬
‫ت مِ ْن ُهمْ فِي‬
‫ُقلِ انْتَ ِظرُوا ِإنّا مُنْتَ ِظرُونَ (‪ )158‬إِنّ اّلذِينَ َف ّرقُوا دِينَ ُه ْم وَكَانُوا شَِيعًا َلسْ َ‬
‫حسََنةِ فَ َلهُ‬
‫شَيْ ٍء ِإنّمَا أَ ْم ُرهُ ْم ِإلَى ال ّلهِ ُث ّم يُنَبُّئهُ ْم بِمَا كَانُوا يَ ْفعَلُونَ (‪َ )159‬م ْن جَا َء بِالْ َ‬
‫جزَى ِإلّا مِثْ َلهَا َو ُهمْ لَا يُظْلَمُونَ (‪ُ )160‬قلْ ِإنّنِي‬
‫ش ُر َأمْثَاِلهَا َومَ ْن جَا َء بِالسّيَّئةِ فَلَا يُ ْ‬
‫َع ْ‬
‫شرِكِيَ (‬
‫ط ُمسَْتقِي ٍم دِينًا قِيَمًا مِ ّل َة ِإبْرَاهِي َم حَنِيفًا َومَا كَا َن ِمنَ الْ ُم ْ‬
‫صرَا ٍ‬
‫هَدَانِي َربّي ِإلَى ِ‬
‫ب الْعَالَمِيَ (‪)162‬‬
‫ي َومَمَاتِي لِ ّلهِ َر ّ‬
‫سكِي وَمَحْيَا َ‬
‫‪ُ )161‬قلْ إِنّ صَلَاتِي وَُن ُ‬

‫‪ -158‬لقد قامت الُجة على وجوب اليان ‪ ،‬ول يؤمن هؤلء ‪ ،‬فماذا ينتظرون لكى‬
‫ل بدل البش َر ‪ ،‬أو شاهدين على صدقك؟‬
‫يؤمنوا؟ هل ينتظرون أن تأتيهم اللئكة رس ً‬
‫أو أن يأتيهم ربك ليوه ‪ ،‬أو يشهد بصدقك؟ أو أن تأتيهم بعض علمات ربك لتشهد‬
‫على صدقك؟! وعندما تأتى علمات ربك ما يلجئهم إل اليان ل ينفعهم إيانم ‪،‬‬
‫لنه إيان اضطرار ‪ ،‬ول ينفع العاصى أن يتوب ويطيع الن ‪ ،‬فقد انتهت مرحلة‬
‫التكليف ‪ ،‬قل لؤلء العرضي الكذبي ‪ :‬انتظروا أحد هذه المور الثلثة ‪ ،‬واستمروا‬
‫على تكذيبكم ‪ ،‬إنا منتظرون حكم ال فيكم ‪.‬‬

‫‪231‬‬
‫‪ -159‬إن الذين فرّقوا الدين الق الواحد بالعقائد الزائفة والتشريعات الباطلة ‪،‬‬
‫وصاروا بسبب ذلك أحزابا ‪ ،‬تسبهم جيعا وقلوبم متلفة ‪ ،‬لست مؤاخذا بتفرقهم‬
‫وعصيانم ول تلك هدايتهم ‪ ،‬فما عليك إل البلغ ‪ ،‬وال ‪ -‬وحده ‪ -‬هو الذى يلك‬
‫أمرهم بالداية والزاء ‪ ،‬ث يبهم يوم القيامة با كانوا يفعلونه ف الدنيا ويازيهم عليه‬
‫‪.‬‬
‫‪ -160‬مَن عمل صالا يضاعف له ثوابه إل عشرة أمثاله فضل وكرما ‪ ،‬ومَن عمل‬
‫عمل سيئا ل يعاقب إل بقدار عصيانه ‪ ،‬عدل منه تعال ‪ ،‬وليس هناك ظلم بنقص‬
‫ثواب أو زيادة عقاب ‪.‬‬

‫‪ -161‬قل ‪ -‬يا أيها النب ‪ -‬مبينا ما أنت عليه من الدين الق ‪ :‬إن رب أرشدن‬
‫ووفقن إل طريق مستقيم ‪ ،‬بلغ ناية الكمال ف الستقامة ‪ ،‬وكان هو الدين الذى‬
‫ل به عن العقائد الباطلة ‪ ،‬وما كان إبراهيم يعبد مع ال إلا آخر كما‬
‫اتبعه إبراهيم مائ ً‬
‫يزعم الشركون ‪.‬‬

‫‪ -162‬قل إن صلتى وجيع عباداتى ‪ ،‬وما آتيه ف حال حياتى من الطاعة ‪ ،‬وما‬
‫أموت عليه من اليان والعمل الصال ‪ ،‬كله خالص لوجه ال الذى خلق جيع‬
‫الوجودات ‪ ،‬فاستحق أن يعبد ‪ -‬وحده ‪ -‬وأن يطاع وحده ‪.‬‬

‫ت َوأَنَا أَ ّولُ الْ ُمسْلِ ِميَ (‪ُ )163‬ق ْل أَغَ ْي َر اللّ ِه َأبْغِي َربّا َوهُوَ َربّ‬
‫ك لَ ُه َوبِ َذِلكَ ُأ ِمرْ ُ‬
‫لَا َشرِي َ‬
‫س ِإلّا عَلَ ْيهَا َولَا َتزِ ُر وَازِ َرةٌ وِزْ َر ُأ ْخرَى ُث ّم ِإلَى َرّبكُمْ‬
‫ُك ّل شَيْ ٍء َولَا َت ْكسِبُ ُك ّل نَفْ ٍ‬
‫ف اْلأَرْضِ‬
‫َمرْ ِجعُ ُكمْ فَيُنَبُّئكُ ْم بِمَا كُنُْت ْم فِيهِ تَخَْت ِلفُونَ (‪ )164‬وَ ُهوَ اّلذِي جَعَ َلكُ ْم خَلَائِ َ‬
‫ب َوإِّنهُ‬
‫ض دَ َرجَاتٍ لِيَبْ ُلوَ ُك ْم فِي مَا َآتَا ُكمْ إِنّ َرّبكَ سَرِي ُع الْ ِعقَا ِ‬
‫ق َبعْ ٍ‬
‫وَ َرفَ َع َبعْضَ ُكمْ َفوْ َ‬
‫َلغَفُورٌ َرحِيمٌ (‪)165‬‬

‫‪ -163‬ول شريك له ف اللق ‪ ،‬ول ف استحقاق العبادة ‪ ،‬وقد أمرن رب بذلك‬


‫الخلص ف التوحيد والعمل ‪ ،‬وأنا أول الذعني المتثلي ‪ ،‬وأكملهم إذعانا وتسليما‬
‫‪.‬‬

‫‪232‬‬
‫‪ -164‬قل يا ممد ‪ -‬منكرا ‪ -‬على الشركي دعوتم إياك لوافقتهم على شركهم ‪:‬‬
‫أأطلب للعبادة ربا غي ال ‪ ،‬مع أنه خالق كل شئ؟ وقل لم ‪ -‬منكرا عليهم ‪ -‬إنم ل‬
‫يملون عنك خطاياك إذا وافقتهم ‪ .‬ل تعمل أى نفس عمل إل وقع جزاؤه عليها ‪-‬‬
‫وحدها ‪ -‬ول تؤاخذ نفس بمل ذنب نفس أخرى ‪ ،‬ث تبعثون بعد الوت إل ربكم ‪،‬‬
‫فيخبكم با كنتم تتلفون فيه ف الدنيا من العقائد ‪ ،‬ويازيكم عليه ‪ ،‬فكيف أعصى‬
‫ال اعتمادا على وعودكم الكاذبة؟ ‪.‬‬

‫‪ -165‬وهو الذى جعلكم خلفاء للمم السابقة ف عمارة الكون ‪ ،‬ورفع بعضكم فوق‬
‫بعض درجات ف الكمال الادى والعنوى لخذكم ف أسبابه ‪ ،‬ليختبكم فيما أعطاكم‬
‫من النعم كيف تشكرونا؟ وفيما آتاكم من الشرائع كيف تعملون با؟ إن ربك سريع‬
‫العقاب للمخالفي ‪ ،‬لن عقابه آت ل ريب فيه وكل آت قريب ‪ ،‬وإنه لعظيم الغفرة‬
‫لخالفات التائبي الحسني ‪ ،‬واسع الرحة بم ‪.‬‬

‫‪233‬‬

You might also like