Professional Documents
Culture Documents
هكذا كان
الصالحون
لفضيلة الشيخ العالم
خالد عبدالرحمن الحسينان
-حفظه الله ورعاه -
الحمد للـه رب العالمين والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى آله
وصحبه وسلم تسليما كثيرا ،أما بعد:
ما أحوجنا في هذا الزمن إلى التعرف على أحوال الصالحين وأخبار
العابدين وسيرة العلماء الربانيين العاملين ،فإن النظر إلى
صفاتهم والتعرف على أخبارهم والطلع على أحوالهم لها فوائد
منها:
-1تقوية العزيمة وشحذ الهمة في الوصول إلى ما وصل إليه هؤلء
الخيار.
-2النظر إلى النفس بازدراء ونقص.
-3تبصير القلوب والعقول إلى أخلق وصفات وعبادات قد غفلنا عنها
في حياتنا اليومية.
فجاء هذا البحث الذي ليس لي فيه جهد إل الجمع والتهذيب
والختصار والترتيب ،وكله أخذته من كلم أهل العلم والدراية من
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
كيف تعرف ورع الرجل :قال يونس بن عبيد :إنك تكاد تعرف •
ورع الرجل في كلمه إذا تكلم.
أشد العمال :قال بشر بن الحارث :أشد العمال ثلثة :الجود •
ق عند من يخاف منه ّ
في القلة ،والورع في الخلوة ،وكلمة الح ّ
ويرجى.
قال وهب بن منبه :ثلث من العلم: •
-1ورع يحجزه عن معاصي اللـه.
-2وخلق يداري به الناس.
-3وحلم يرد به جهل الجاهل.
صورة من الورع :لقد بلغ من ورع سلف هذه المة مخافة •
الوقوع في الحرام الكثير ،فقد رجع عبد اللـه بن المبارك من مرو
إلى الشام لكي يعيد قلما إستعاره من صاحبه .
الورع المظلم :قال محمد بن إبراهيم بن مربع :كنت عند •
أحمد بن حنبل وبين يديه محبرة ،فذكر أبو عبد اللـه حديثا
فاستأذنته أن أكتب من محبرته فقال :اكتب يا هذا فهذا ورع
مظلم.
من القواعد في الورع :ما نبه عليه شيخ السلم ابن تيمية •
فقال :الواجبات والمستحبات ل يصلح فيها زهدٌ ول ورع ،وأما
المحرمات والمكروهات فيصلح فيها الزهد والورع .
) وكانوا لنا خاشعين (
قال الطبري :وكانوا لنا متواضعين متذللين ،ول يستكبرون عن
عبادتنا ودعائنا.
ي صلى اللـه عليه وسلم َ َ
ن الن ّب ِ ّ ء رضي اللـه عنه :أ ّ دا ِ ن أِبي الدّْر َ
َ
ع ْ َ
ها َ خ ُ ُ ء ي ُْر َ ل َ و ُ قا َ َ
في َحّتى ل ت ََرى ِ عَ ، شو ُ ة ال ُ م ِ ه ال ّ ذ ِ ه ِن َ م ْ ع ِ ف ُ شي ٍ ل» :أ ّ
عا« رواه الطبراني وصححه اللباني. ش ًخا ِ َ
لماذا ل نخشع؟ :إن الظواهر التي تظهر على الكثير من •
قسوة القلب وقحط العين وانعدام التدبر ،هي بسبب النشغال
بالدنيا التي طغت على قلوبنا فأصبحت تشاركنا في عبادتنا ،ول
يمكن للقلوب أن ترجع لحالتها الصحيحة حتى تتطهر من كل ما
علق بها من أدران.
أجمع العارفون:على أن الخشوع محله القلب وثمرته على •
الجوارح فالخاشعون هم الخاضعون للـه والخائفون منه.
فسّر الخشوع في الصلة :بأنه جمع الهمة لها والعراض عما ُ •
سواها.
ه ُ ر ّ ْ ن ال َ خ ُ ص ُ َ
ع ُضو ُخ ُ و ُ ه َ سكون ُ ُ و ُه َقت ُ ُ ِ و
ب َ قل ِ و ِلي ُ ه َ عُ : ِ شو ل ال ُ أ ْ •
ء؛
ضا ِع َ َ
وال ْ خ ُ ْ ع ال َ خ َ فإ ِ َ هَ ،
ح َ ر ِ وا ِج َع ال َ مي ِج ِع َ شو ُ ه ُ ع ُ ب ت َب ِ َقل ُ ش َ ذا َ ساُر ُ وانك ِ َ
ه. َ َ
ةل ُ ع ٌ ها َتاب ِ َ لن ّ َ
من صور خشوع السلف :كان ابن الزبير رضي اللـه عنهما إذا •
قام في الصلة كأنه عود من الخشوع ،وكان يسجد فتنزل العصافير
على ظهره ل تحسبه إل جذع حائط.
شو َ عَلى َ •
ن: مَرا ِ عأ ْ خ ُ ِ عدَم ِ ال ُ ب َ ي َت ََرت ّ ُ
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
صَلةَ َ
ن ال َ فإ ِ َرَ . منك َ ِ وال ُ ء َ شا ِ ح َ ف ْن ال َ ع ِء َ ها ِم النت ِ َ عد َ ُ لَ : و ُ ال ّ -
ن الصلة عالى ) :إ ِ ّ َ ل تَ َ قا َ ما َ َ
ر ،ك َ َ
منك ِ وال ُ ء َ شا ِ ح َ ف ْ ن ال َ ع ِهى َ ة ت َن ْ َ ع َ ش َ
خا ِال َ
تنهى عن الفحشاء والمنكر(.
ن اللـه َ
ة؛ ِل ّ م ِ َ م تحصيل ال َ الّثاِنيَ :
قيا َ م ال ِ و َح الكامل ي َ ْ فل ِ عدَ ُ -
عالى ) :قد َ ل اللـه ت َ َ قا َ عَ . خ ُ َ ق ال َ ّ َ
شو ِ ة ِبال ُ
م ِ قيا َ م ال ِ و َ
ح يَ ْفل َ عل َ عالى َ تَ َ
أفلح المؤمنون الذين هم في صلتهم خاشعون (
روح الصلة :الخشوع هو روح الصلة والمقصود العظم منها •
فصلة بل خشوع كبدن ميت ل روح فيه.
لما رأى سعيد بن المسيب رجل ً يعبث في صلته ،قال :لو خشع قلب
هذا لخشعت جوارحه.
خشوع النفاق:عن أبي يحيى أنه بلغه أن أبا الدرداء أو أبا •
هريرة قال :تعوذوا باللـه من خشوع النفاق ،قيل :وما هو؟ قال :أن
يرى الجسد خاشعا ً والقلب ليس بخاشع.
كيف نكون من الخاشعين؟: •
أول :أن تستحضر نظر اللـه تعالى إليك في حركاتك ،و -
سكناتك في صلتك ،وفي قراءتك ،وفي قيامك وقعودك ،فالخشوع
ل يختص بالصلة ،و إنما هو عبادة قلبية يظهر أثرها على الجوارح
في كل أحوال العبد.
ثانيا :معرفته لربه جل جلله معرفة صحيحة تورث التعظيم. -
ثالثا :أن تستشعر وتستحضر أنك على الصراط فوق جهنم، -
وكأنك تشاهد الجنة والنار أمام عينك ،وكأنك قمت بين يدي اللـه
عز وجل في موقف الحساب.
• الفرق بين خشوع اليمان وخشوع النفاق :قال ابن القيم :أن
خشوع اليمان هو خشوع القلب للـه بالتعظيم والجلل
والوقار والمهابة والحياء فينكسر القلب للـه كسرة ملتئمة
من الوجل والخجل والحب والحياء وشهود نعم اللـه وجناياته
هو فيخشع القلب ل محالة فيتبعه خشوع الجوارح وأما خشوع
النفاق فيبدو على الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع.
• خشوع الصلة قسمان :
ً ً
الخشوع الظاهري :هو كون المصلي ساكنا ناظرا إلى موضع .1
سجوده غير ملتفت يمينا ول شمال ً مبتعدا عن العبث وسبق المام ً
وموافقته .
الخشوع الباطني :ويكون باستحضار عظمة اللـه و التفكر في .2
معاني اليات والذكار وعدم اللتفات إلى وساوس الشيطان.
) إن اللـه يحب المتقين (
قال الطبري :إن اللـه يحب من اتقاه بطاعته ،بأداء فرائضه •
واجتناب معاصيه قال تعالى):واعلموا أن الله مع المتقين (
قال ابن عباس رضي اللـه عنهما :يريد أنه تعالى مع أوليائه
الذين يخافونه فيما كلفهم من أمره ونهيه.
قال الطبري :وأيقنوا ،عند قتالكم إياهم ،أن اللـه معكم ،وهو •
ناصركم عليهم ،فإن اتقيتم اللـه وخفتموه بأداء فرائضه
واجتناب معاصيه ،فإن اللـه ناصر من اتقاه ومعينه.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
• قال رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم ...» :أل وإن في
الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ،وإذا فسدت فسد
الجسد كله ،أل وهي القلب«.
• مكان التقوى:قال ابن رجب :الصل في التقوى والفجور هي
القلوب ،فإذا بر القلب واتقى برت الجوارح ،وإذا فجر القلب
فجرت الجوارح.
• قيل لبي هريرة رضي اللـه عنه :ما التقوى ؟ فقال :أجزت
في أرض فيها شوك ؟ فقال :نعم ،فقال :كيف كنت
تصنع ؟ فقال :كنت أتوقى ،قال :فتوق الخطايا .
• كثير العمل كثير الذنوب:قال رجل لبن عباس رضي الله
عنه :أيما أحب إليك رجل قليل الذنوب قليل العمل ،أو رجل
كثير الذنوب كثير العمل ؟ فقال ابن عباس رضي اللـه عنه :
ل أعدل بالسلمة شيئا .
• من صفات المتقين:
يعترفون بالحق قبل أن يشهد عليهم ويعرفونه ويؤدونه، -
وينكرون الباطل ويجتنبونه ويخافون الرب الجليل الذي ل تخفى
عليه خافية.
المتقون يعملون بكتاب اللـه فيحرمون ما حرمه ويحلون ما -
أحله.
ل يخونون في أمانة ول يعقون ول يقطعون ،ول يؤذون -
جيرانهم ول يضربون إخوانهم ،يصلون من قطعهم .
يعطون من حرمهم ،ويعفون عمن ظلمهم. -
الخير عندهم مأمول ،والشر من جانبهم مأمون . -
ل يغتابون ول يكذبون ول ينافقون ول ينمون ول يحسدون. -
ل يراءون ول يرابون ول يقذفون -
يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون. -
• حقيقة التقوى :قال رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله وسلم:
)ل يبلغ العبد أن يكون من المتقين حتى يدع ما ل بأس به
س( .رواه الترمذي حذرا ً لما به بأ ُ
َ
ممك ُ ْن أك َْر َ • ميزان الكرامة عند اللـه بالتقوى :قال تعالى ) :إ ِ ّ
م (.قال السعدي :ولكن الكرم بالتقوى، قاك ُ ْ عندَ اللـه أ َت ْ َ ِ
فا عن فأكرمهم عند اللـه ،أتقاهم ،وهو أكثرهم طاعة وانكفا ً
ما ،ول أشرفهم نسًبا ،ولكن المعاصي.ل أكثرهم قرابة وقو ً
اللـه تعالى عليم خبير ،يعلم من يقوم منهم بتقوى اللـه ،
ظاهًرا وباطًنا ،ممن يقوم بذلك ،ظاهًرا ل باطًنا ،فيجازي كل
بما يستحق.ا.هـ إذا فهمت ذلك فاعلم أن التقوى هي امتثال
الوامر واجتناب النواهي ،فالمتقون هم الذين يراهم اللـه
حيث أمرهم ول يقدمون على ما نهاهم عنه.
نن اب ْ ُ َ
ن :كا َ سا ٍ ح ّ ن َ م بْ ُشا ٌ ه َ ل ِ قا َ • التقوى وأثرها في الرؤياَ :
ن يَ ُ َ ّ َ ؤَيا َ ة ُر ْ سأ َ ُ
قو َ
ل ء إل أ ْ ي ٍ ْ شها ب ِ َفي َب ِ جي ُ فل ي ُ ِ مائ َ ِن ِ ع ْ ل َ ن يُ ْري َسي ِ ِ
في ما َرأْيت َِ ضّر َ َ ةَ ، َ ْ
في الي َ َ َ
ك َ ه ل يَ ُ فإ ِن ّ ُ قظ ِ ن ِ س ْ ح ِ وأ ْ ق اللـه َ :ات ّ ِ
م.
و ِالن ّ ْ
• اتق اللـه :
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
قال لقمان لبنه :يا بني اتق اللـه ول ُتري الناس أنك تخشاه -
ليكرموك وقلبك فاجر.
-قال جعفر :اتق اللـه ول تقس الدين برأيك ،فإن أول
من قاس إبليس ،إذ أمره اللـه بالسجود لدم ،فقال :أنا
خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.
قال السدي في قوله تعالى) :إنما المؤمنون الذين إذا ذكر -
م
اللـه وجلت قلوبهم( قال :هو الرجل يريد أن يظلم أو قال :يه ّ
ج ُ
ل قلُبه. بمعصية فيقال له :اتق اللـه في َ ِ
أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد اللـه بن عمر فكان أحدهما -
يكثر الحلف فبينما هو كذلك إذ سمعهما رجل فقام عليهما فقال
للذي يكثر الحلف يا عبد اللـه اتق اللـه ول تكثر الحلف فإنه ل يزيد
في رزقك ول ينقص من رزقك إن لم تحلف.
-قيل لبي حنيفة اتق اللـه فانتفض ،واصفر ،وأطرق ،وقال :جزاك
اللـه خيرا.
الصدق مـنـجـاة
َ َ
ن
قي َ
صاِد ِ
ع ال ّ
م َ
كوُنوا َو ُ قوا الل ّ َ
ه َ مُنوا ات ّ ُ
نآ َ ها ال ّ ِ
ذي َ َيا أي ّ َ
• علمة الصدق:إرادة اللـه وحده بالعمل والقول وترك التزين
وحب ثواب المخلوقين والصدق في المنطق.
• عود لسانك الصدق والنطق بالخير والقول به :فإن النبي
صلى اللـه عليه وسلم قال [ وهل يكب الناس على مناخرهم
في النار إل حصائد ألسنتهم ].
عود لسانك قول الصدق تحظ به .........إن اللسان لما عودت
معتاد
• الصدق خير في كل أحواله:
قال عمر بن الخطاب رضي اللـه عنه :لن يضعني الصدق -
وقلما يفعل ،أحب إلي من أن يرفعني الكذب وقلما يفعل .
قال بعض الحكماء :الصدق منجيك وإن خفته ،والكذب مرديك -
وإن أمنته .
-قال شيخ السلم :فالصدق مفتاح كل خير كما أن
الكذب مفتاح كل شر.
• متى ُتحرم الصدق:قال سهل التستري :من تكلم فيما ل
يعنيه حرم الصدق.
• أقل الصدق:قال القشيري :أقل الصدق استواء السر
والعلنية.
• الصدق خير معين:قال شيخ السلم :من علم اللـه منه الصدق
أعانه اللـه تعالى.
• من علمات الصدق :كتمان المصائب والطاعات جميعا وكراهة
اطلع الخلق على ذلك .
• أنفع الصدق :أن تقر للـه عز وجل بعيوب نفسك وأنفع الحياء
أن تستحي أن تسأله ما تحب وتأتي ما يكره.
• محاسبة دقيقة:قالت أم رابعة الشامية العابدة :أستغفر اللـه
من قلة صدقي في قولي :أستغفر اللـه.
• الصدق وأثره في الرؤيا:
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
قال شيخ السلم :والصالحون والغلب على رؤاهم الصدق ، -
وقد يقع فيها ما ل يحتاج إلى تعبير .
• قال ابن القيم :من أراد أن تصدق رؤياه فليتحر
الصدق،ومصداق ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم
أصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا أخرجه مسلم .
• الصدق قد يكفر الكبائر أحيانا :قال شيخ السلم :الحسنة
الواحدة قد يقترن بها من الصدق واليقين ما يجعلها تكفر
الكبائر.
• كيف تكون صادقا في صلتك :قال ابن القيم :مشهد الصدق
والنصح وهو أن يفرغ قلبه للـه فيها ويستفرغ جهده في
إقباله فيها على اللـه وجمع قلبه عليها وإيقاعها على أحسن
الوجوه وأكملها ظاهرا وباطنا فإن الصلة لها ظاهر وباطن.
أنواع الصدق :قال ابن القيم :فالذي جاء بالصدق :هو من •
شأنه الصدق في قوله وعمله وحاله فالصدق :فى هذه الثلثة:
فالصدق في القوال :استواء اللسان على القوال كاستواء -
السنبلة على ساقها.
والصدق في العمال :استواء الفعال على المر والمتابعة -
كاستواء الرأس على الجسد.
والصدق في الحوال :استواء أعمال القلب والجوارح على
الخلص واستفراغ الوسع وبذل الطاقة فبذلك يكون العبد من
الذين جاءوا بالصدق ،وبحسب كمال هذه المور وقيامها بها تكون
صديقيته.ا.هـ
حسـن الظـن باللـه تعالـى
ن ما يليق باللـه • ما هو مفهوم حسن الظن باللـه تعالى:هو ظ ّ
تعالى واعتقاد ما يحق بجلله وما تقتضيه أسماؤه الحسنى
وصفاته العليا مما يؤثر في حياة المؤمن على الوجه الذي
يرضي اللـه تعالى .قال علي بن طالب رضي اللـه عنه :حسن
ن باللـه أل ترجو إل اللـه ،ول تخاف إل ذنبك. الظ ّ
• ل تقنطوا من رحمة اللـه:ل يعظم الذنب عندك عظمة تصدك
عن حسن الظن باللـه وتوقعك في القنوط من رحمته فإن
من عرف ربه وكرمه وجوده استصغر في جنب كرمه وعفوه
عَلى َ
فوا َسَر ُ
نأ ْ ذي َي ال ّ ِ
عَباِد َل َيا ِ ق ْذنبه .وقال اللـه جل وعلُ ) :
عا(مي ً
ج ِ فُر الذُّنو َ
ب َ غ ِ ن الل ّ َ
ه يَ ْ ة الل ّ ِ
ه إِ ّ م ِ
ح َ
ن َر ْ
م ْ قن َ ُ
طوا ِ م َل ت َ ْ
ه ْ
س ِ أ َن ْ ُ
ف ِ
.
• حسن الظن عند الموت:
قال الشبيلي :وأما حسن الظن باللـه تعالى عند الموت -
فواجب قال عليه الصلة و السلم [ :ل يموتن أحدكم إل وهو
يحسن الظن باللـه تعالى] رواه مسلم.
قال عبد اللـه بن عباس :إذا رأيتم الرجل قد نزل به الموت -
فبشروه حتى يلقى ربه وهو حسن الظن باللـه تعالى وإذا كان حيا
فخوفوه بربه واذكروا له شدة عقابه.
• من علمة حسن الظن باللـه :شدة الجتهاد في طاعة اللـه.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
يبين قوة حاجة العبد إلى الستعانة باللـه والتوكل عليه واللجأ -
إليه في أن يستعمله في طاعته ويجنبه معصيته وأنه ل يملك ذلك
إل بفضل اللـه عليه وإعانته له فإن من ذاق مرارة البتلء وعجزه
عن دفعه إل بفضل اللـه ورحمته كان شهود قلبه وفقره إلى ربه
واحتياجه إليه في أن يعينه على طاعته ويجنبه معصيته أعظم ممن
لم يكن كذلك.
تجب الستعانة باللـه تعالى على: •
-1فعل الطاعات.
-2وترك المنهيات.
-3والصبر على المقدورات.
العبد عاجز :إن العبد عاجز عن الستقلل بنفسه في التيان •
بهذه المور ،ول بد له من طلب العانة من ربه ،ول معين للعبد
على مصالح دينه ودنياه إل اللـه.
حكمة بليغة:من أعانه اللـه فهو المعان ،ومن فرط في حق •
اللـه تعالى ،لم يعنه اللـه ،وهو المخذول.
غل كثير من العباد بصورة العمل وحسن ش َخطأ فاحـش:ي ُ ْ •
القصد عن الستعانة باللـه تعالى وإظهار الفتقار والحاجة إليه،
وهذا خطأ فاحش.أجمع العالمون باللـه تعالى على أن كل خير
يحصل للعبد فأصله بتوفيق اللـه له ،وما اسُتجلب التوفيق بمثل
المبالغة في الدعاء والمسألة وطلب المعونة ،والستكثار من إظهار
الفتقار ومسيس الحاجة ،ول فات إل بإهمال ذلك.
• متى تقوى إعانة اللـه لك:قال ابن القيم:كلما كان العبد أتم
عبودية كانت العانة له من اللـه أعظم.
• الستعاذة متضمنة الستعانة باللـه:من الستعانة باللـه في
حصول تدبر القرآن ما شرع لقارئ القرآن من الستعاذة
باللـه تعالى من الشيطان الرجيم ،ومن البسملة في أوائل
السور ففيها طلب العون من اللـه تعالى على تدبر القرآن
عامة والسورة التي يريد قراءتها خاصة .
• الدعاء متضمن الستعانة باللـه:ومما يدخل في باب الدعاء
الستعانة باللـه تعالى ،وهي مطلوبة في كل أمر وفي كل
حين ،ولهميتها فإننا نكررها في كل ركعة من صلتنا ) إ ِّيا َ
ك
ن ( .ول يمكن للعبد أن يفعل شيئا إل بعونه عي ُست َ ِ عب ُدُ وإ ِّيا َ
ك نَ ْ نَ ْ
تعالى ،فإن حرم من ذلك خاب وخسر.
سـنـة
العمل ُ بال ّ الحرص على
ن ن َ
كا َ م ْ
ة لِ َ
سن َ ٌ
ح َ ّ
وةٌ َ
س َ َ ُ
هأ ْ َ َ
ل الل ِ
سو ِ في َر ُ م ِ ن لك ْقدْ كا َقال تعالى ) :ل َ
وذَك ََر الل ّ َ َ
م اْل ِ
ه ك َِثيًرا ( خَر َ و َوال ْي َ ْ جو الل ّ َ
ه َ ي َْر ُ
قال السعدي :السوة نوعان :أسوة حسنة ،وأسوة سيئة.
فالسوة الحسنة في الرسول صلى اللـه عليه وسلم ،فإن -
سي به ،سالك الطريق الموصل إلى كرامة اللـه ،وهو الصراط المتأ ّ
المستقيم.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
وهذه السوة الحسنة ،إنما يسلكها ويوفق لها ،من كان يرجو اللـه،
واليوم الخر ،فإن ما معه من اليمان ،وخوف اللـه ،ورجاء ثوابه،
وخوف عقابه ،يحثه على التأسي بالرسول صلى اللـه عليه وسلم.
وأما السوة بغيره ،إذا خالفه ،فهو السوة السيئة ،كقول -
ة ُ َ
م ٍعلى أ ّ جدَْنا آَباءََنا َو َ
سي بهم )إ ِّنا َ الكفار حين دعتهم الرسل للتأ ّ
ن(.
دو َ هت َ ُم ْ
م ُ
ه ْ عَلى آَثا ِ
ر ِ وإ ِّنا َ َ
• على ماذا يدل التمسك بالسنة؟ إن التمسك بالسنة مع كثرة
المخالفين لها دليل على صدق اليمان وقوة العزيمة وعدم
الخوف في اللـه لومة لئم ومن استبانت له سنة الرسول
صلى اللـه عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لجل الناس.
إن التمسك بالسنة ،دليل النجاة والصلح ،وعنوان السعادة والفلح،
وأمارة التوفيق والتسديد والنجاح ،وعلمة الفوز والنصر
وًزا فاَز َ
ف ْ قد ْ َف َ
ه َ سول َ ُوَر ُ
ع اللـه َن ي ُطِ ِ
م ْو َ
والخير،قال تعالىَ ) :
ما (.ظي ً
ع ِ َ
• العمل بالسنة نجاة :
-قال المام الزهري :كان من مضى من علمائنا يقولون العتصام
بالسنة نجاة.
-قال المام مالك :السنة سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها
غرق.
• أجر من عمل بالسنة :
-1محبة اللـه لعبده المؤمن كما في الحديث القدسي الذي رواه
البخاري وفيه )...و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه
فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به( ..الحديث .رواه البخاري.
-2أن المحافظة على النوافل تجبر كسر الفرائض.
-3إن للعامل بالسنة مثل أجر من تبعه ل ينقص ذلك من أجرهم شيئا ً
وفي ذلك الحديث في مسلم وفيه قال الرسول صلى اللـه عليه
وسلم ) :من سن في السلم سنة حسنة فله أجرها وأجر من
عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء.(..رواه أحمد ،
ومسلم
• همة عالية في تطبيق السنة:
ت حديثا ً عن النبي صلى اللـه عليه قال المام أحمد :ما كتب ُ -
ت به. وسلم إل وقد عمل ُ
اختفى المام أحمد عند إبراهيم بن هانئ أيام المحنة ثلثة -
أيام ،ثم أصر على الخروج إلى موضع آخر ليختبئ فيه ،وقال:
اختفى رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم في الغار ثلثة أيام ،ثم
ول .وليس ينبغي أن نتبع رسول اللـه عليه الصلة والسلم في تح ّ
الرخاء ،ونتركه في الشدة.
دث عبد الرحمن بن أبي • مثال في المحافظة على السنة:ح ّ
ليلى عن علي بن أبي طالب أن فاطمة عليها السلم أتت
النبي صلى اللـه عليه وسلم تسأله خادما فقال أل أخبرك ما
هو خير لك منه تسبحين اللـه عند منامك ثلثا وثلثين
وتحمدين اللـه ثلثا وثلثين وتكبرين اللـه أربعا وثلثين ثم
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
قال سفيان إحداهن أربع وثلثون فما تركتها بعد قيل ول ليلة
صفين قال ول ليلة صفين" .رواه البخاري"
• ثمرات اتباع السنة:
التباع شرط لقبول العبادات. -1
قال سفيان :ل يقبل قول إل بعمل ،ول يستقيم قول وعمل إل
بنية ،ول يستقيم قول وعمل ونية إل بمتابعة السنة .
التباع أحد أصلي السلم الساسين : -2
الخلص وإفراد اللـه بالعبادة هو حقيقة إيمان العبد وشهادته -
بأن ل إله إل اللـه ،
والتباع والتأسي برسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم هو -
ً
حقيقة إيمان العبد وشهادته بأن محمدا رسول اللـه صلى اللـه
عليه وسلم .
التباع سبب لدخول الجنة :ويدل لذلك قوله صلى اللـه عليه -3
وسلم[ :كل أمتي يدخلون الجنة إل من أبى ،قالوا :يا رسول اللـه
ومن يأبى؟ قال :من أطاعني دخل الجنة ،ومن عصاني فقد أبى ].
رواه البخاري
لق ْ التباع دليل محبة اللـه تعالى :ويدل لذلك قول اللـه تعالىُ ) : -4
م م ذُُنوب َك ُ ْفْر ل َك ُ ْغ ِوي َ ْم اللـه َ حب ِب ْك ُ ُ
عوِني ي ُ ْ ن اللـه َ
فات ّب ِ ُ حّبو َ م تُ ِ إن ُ
كنت ُ ْ
م (. حي ٌ فوٌر ّر ِ غ ُواللـه َ
عائ َِرش َ م َ عظّ ْمن ي ُ َ و َك َ التباع من علمات التقوى ،قال تعالى ) :ذَل ِ َ -5
قُلو ِ
ب (. وى ال ُ ق َمن ت َ ْ ها ِ فإن ّ َاللـه َ
وشعائر اللـه :أوامره وأعلم دينه الظاهرة ،ومن أبرزها وأعلها
طاعة النبي صلى اللـه عليه وسلم واتباع شرعه.
) فاذكروني أذكركم (
قال الطبري :فاذكروني أيها المؤمنون بطاعتكم إياي فيما •
آمركم به وفيما أنهاكم عنه ،أذكْركم برحمتي إياكم ومغفَرتي لكم
قال السعدي :أمر تعالى بذكره ،ووعد عليه أفضل جزاء ،وهو •
ذكره لمن ذكره ،كما قال تعالى على لسان رسوله[ :من ذكرني
في نفسه ذكرته في نفسي ،ومن ذكرني في مل ذكرته في مل
خير منهم] .
وذكر اللـه تعالى أفضله ما تواطأ عليه القلب واللسان ،وهو الذكر -
الذي يثمر معرفة اللـه ومحبته ،وكثرة ثوابه ،والذكر هو رأس
الشكر ،فلهذا أمر به خصوصا ،ثم من بعده أمر بالشكر عموما
شك ُُروا ِلي (.اهـ وا ْ
فقالَ ) :
مُنوا اذْك ُُروا اللـه ِذك ًْرا ك َِثيًرا ّ َ
نآ َ
ذي َ
ها ال ِ • قال تعالىَ) :يا أي ّ َ
صيل(. ً وسبحوه بك ْرةً َ
وأ ِ َ َ َ ّ ُ ُ ُ َ
• كان النبي يذكر اللـه على كل أحيانه.
• عن عيسى عليه السلم أنه قال :ل تكثروا الكلم بغير ذكر
اللـه فتقسوا قلوبكم.
• اجعل بيتك مكانا لذكر اللـه تعالى:قال صلى اللـه عليه
وسلم [ :مثل البيت الذي يذكر اللـه فيه ،والبيت الذي ل
يذكر اللـه فيه مثل الحي والميت ] رواه مسلم.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
فلبد من جعل البيت مكانا للذكر بأنواعه ؛ سواء ذكر القلب ،وذكر -
اللسان ،أو الصلوات وقراءة القرآن ،أو مذاكرة العلم الشرعي
وقراءة كتبه ،وسماع الشرطة النافعة والمفيدة.
وكم من بيوت المسلمين اليوم هي ميتة بعدم ذكر اللـه فيها ، -
بل ما هو حالها وهي ليذكر فيها إل ألحان الشيطان من المزامير
والغناء ،والغيبة والبهتان والنميمة واللـه المستعان وعليه
التكلن ؟!
وكيف حالها وهي مليئة بالمعاصي والمنكرات ،كالختلط -
المحرم والتبرج بين القارب من غير المحارم ،أو الجيران الذين
يدخلون البيت.
كيف تدخل الملئكة بيتا هذا حاله ؟! فأحيوا بيوتكم رحمكم -
اللـه بأنواع الذكر.
• السلم متضمن لذكر اللـه تعالى :قال مجاهد :كان عبد اللـه
بن عمر رضي اللـه عنهما يأخذ بيدي فيخرج إلى السوق يقول
إني لخرج وما لي حاجة إل لسلم ويسلم علي ،فأعطى
واحدة وآخذ عشرا ً ،يا مجاهد إن السلم من أسماء اللـه
تعالى :فمن أكثر السلم أكثر ذكر اللـه تعالى .
-فهل أستشعرت وأنت تسلم على إخوانك المسلمين أنك
تذكر الله تعالى ؟
• فائدة عظيمة النفع :قال بعض العلماء :ذكر اللـه تعالى في
ابتداء القوال والفعال أنسة من الوحشة وهداية من الضلل.
• في ذكراللـه مائـة فائـدة :قال ابن القيم :وفي ذكر اللـه أكثر
من مائة فائدة يرضي الرحمن ويطرد الشيطان ويزيل الهم
ويجلب الرزق ويكسب المهابة والحلوة ويورث محبة اللـه
التي هي روح السلم..الخ.
• كيف ُتبنى دور الجنة :قال ابن القيم :أن دور الجنة تبني
بالذكر ،فإذا أمسك الذاكر عن الذكر أمسكت الملئكة عن
البناء.
• أمان من النفاق:قال ابن القيم :وأن كثرة ذكر اللـه عز وجل
أمان من النفاق ،فإن المنافقين قليلو الذكر لله عز وجل.
سـلمـة الـصـدر
فْر ل ََنا غ ِ قوُلو َ
ن َرب َّنا ا ْ م يَ ُه ْ د ِ ع ِن بَ ْم ْءوا ِ جا ُن َذي َ وال ّ ِقال تعالى َ ) :
ن
ذي َ ّ
غل ل ِل ِ ّ ُ ُ
في قلوب َِنا ِ ل ِع ْ ج َ
ول ت َ َْ ن َ ما ِلي َْ ُ
سب َقوَنا ِبا ِ ن َ ذي َوان َِنا ال ّ ِ
خ َ
وِل ِ َْ
م(. َ َ
حي ٌف َر ِءو ٌ مُنوا َرب َّنا إ ِن ّك َر ُ آ َ
• تعريف سلمة الصدر :المراد به عدم الحقد والغل والبغضاء.
• من هو مخموم القلب؟:قال الرسول صلى اللـه عليه وسلم[ :
أفضل الناس كل مخموم القلب صدوق اللسان .قالوا :صدوق
اللسان نعرفه ؛ فما مخموم القلب ؟ قال :التقي النقي ؛ ل
إثم فيه ول بغي ول غل ول حسد] .رواه ابن ماجه.
• أفضل طرق الجنة :قال قاسم الجوعي :أفضل طرق الجنة
سلمة الصدر.
• الدعاء بسلمة الصدر :كان من دعائه صلى اللـه عليه وآله
وسلم [:واسلل سخيمة قلبي ] وعند الترمذي [ :واسلل
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
ي صلى َ
ن الن ّب ِ ّ
س رضي اللـه عنه ع ِ ن أن َ ٍ ع ْمحبة الخير للمسلمينَ : -8
ب ح ّحّتى ي ُ ِعب ْدٌ َ ن َ م ُ
ؤ ِ َ
ه ل يُ ْ
د ِ
سي ب ِي َ ِ ف ِ ذي ن َ ْ ّ
وال ِ لَ [: قا َ اللـه عليه وسلم َ
ه ] رواه مسلم. ب ل ِن َ ْ ل لَ ِ
قا َو َ َ
س ِف ِ ح ّ ما ي ُ ِهَ - خي ِ ه-أ ْ ر ِ
جا ِ
لِ َ
ومن محبة الخير للمسلمين الدعاء لهم.
-قال ابن القيم :فكما يحب أن يستغفر له أخوه المسلم كذلك هو
أيضا ينبغي أن يستغفر لخيه المسلم فيصير هجيراه – أي ديدنه -
) رب اغفر لي ولوالدي وللمسلمين والمسلمات وللمؤمنين
والمؤمنات ( وقد كان بعض السلف يستحب لكل أحد أن يداوم على
هذا الدعاء.
-وسمعت شيخنا-ابن تيمية -يذكره وذكر فيه فضل عظيما ل
أحفظه وربما كان من جملة أوراده التي ل يخل بها وسمعته يقول
أن جعله بين السجدتين جائز .ا.هـ
الـقـلب السـليـم: •
قال ابن العربي :ل يكون القلب سليما ً إذا كان حقودا ً حسودا ً -
معجبا متكبرا وقد شرط النبي صلى اللـه عليه وسلم في اليمان ً ً
أن يحب لخيه ما يحب لنفسه .ا.هـ.
وسئل ابن سيرين رحمه اللـه تعالى ما القلب السليم ؟ فقال -
:الناصح للـه في خلقه.
-قال شيخ السلم :فالقلب السليم المحمود هو الذي
يريد الخير ل الشر ،وكمال ذلك بأن يعرف الخير والشر،
فأما من ل يعرف الشر فذاك نقص فيه ل يمدح به .
ترك الستماع للغيبة والنميمة والنكار على مرتكبهما،حتى يبقى -9
قلب النسان سليمًا.
• صـور رائـعـة من سلمة الصدر:
قال الفضل بن أبي عياش :كنت جالسا مع وهب بن منبه -
فأتاه رجل فقال :إني مررت بفلن وهو يشتمك .فغضب فقال:
ما وجد الشيطان رسول غيرك ؟ فما برحت من عنده حتى جاءه
ذلك الرجل الشاتم فسلم على وهب فرد عليه ومد يده وصافحه
وأجلسه إلى جنبه .
قال سفيان بن دينار :قلت لبي بشير وكان من أصحاب -
علي :أخبرني عن أعمال من كان قبلنا ؟ قال :كانوا يعملون
يسيرا ويؤجرون كثيرا .قلت :ولم ذاك ؟ قال :لسلمة صدورهم.
دخل على أبي دجانة رضي اللـه عنه وهو قال زيد بن أسلمُ : -
مريض وكان وجهه يتهلل فقيل له :ما لوجهك يتهلل ؟ فقال :ما
من عملي شيء أوثق عندي من اثنتين.
أما إحداهما :فكنت ل أتكلم فيما ل يعنيني .وأما الخرى:
فكان قلبي للمسلمين سليما.
الجـهاد حـي عـلـى
َ َ َ
جيك ُ ْ
م ة ت ُن ْ ِ
جاَر ٍعَلى ت ِ َ م َ ل أدُل ّك ُ ْ ه ْ مُنوا َ نآ َ ها ال ّ ِ
ذي َ قال اللـه تعالىَ) :يا أي ّ َ
ل اللـه سِبي ِفي َ ن ِ دو َ ه ُ جا ِوت ُ َه َ سول ِ ِ
وَر ُ ن باللـه َ مُنو َ ؤ ِب أ َِليم ٍ ت ُ ْذا ٍ ع َن َ م ْ ِ
َ َ َ َ َ
فْر لك ُ ْ
م غ ِ ن يَ ْمو َ عل ُ ن ك ُن ْت ُ ْ
م تَ ْ م إِ ْخي ٌْر لك ُ ْ م َم ذَل ِك ُ ْسك ُ ْ ف ِ وأ ن ْ ُ
م َوال ِك ُ ْ
م َب ِأ ْ
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
ن طَي ّب َ ً َ
في ة ِ ساك ِ َ م َ و َ
هاُر َ ها اْلن ْ َ حت ِ َن تَ ْ م ْ ري ِ ج ِت تَ ْ جّنا ٍ م َ خل ْك ُ ْ
وي ُدْ ِ م َ ذُُنوب َك ُ ْ
م( . ظي ُع ِ وُز ال ْ َ ك ال ْ َ
ف ْ ن ذَل ِ َ عد ْ ٍ ت َ جّنا ِ َ
• الجهاد طريق مختصر للجنة:قال الحسن البصري :إن لكل
طريق مختصرا ً ومختصر طريق الجنة الجهاد.
• دليل المحبة الواجبة:قال شيخ السلم :فمن لم يكن فيه داع
إلى الجهاد فلم يأت بالمحبة الواجبة قطعا كان فيه نفاق كما
قال تعالى) :إنما المؤمنون الذين آمنوا باللـه ورسوله ثم لم
يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل اللـه أولئك هم
الصادقون(.
• الجهاد فيه خير الدنيا والخرة:قال شيخ السلم :واعلموا أن
الجهاد فيه خير الدنيا والخرة وفي تركه خسارة الدنيا
والخرة قال اللـه تعالى في كتابه ):قل هل تربصون بنا إل
إحدى الحسنيين ( يعني إما النصر والظفر وإما الشهادة
والجنة فمن عاش من المجاهدين كان كريما له ثواب الدنيا
وحسن ثواب الخرة ومن مات منهم أو قتل فإلي الجنة.
خصال عظيمة للشهيد:قال النبي صلى اللـه عليه وسلم: •
] للشهيد عند الله ست خصال يغفر له في أول دفعة ويرى مقعده
من الجنة ويجار من عذاب القبر ويأمن من الفزع الكبر ويوضع
على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج
اثنتين وسبعين من الحور العين ويشفع في سبعين من أقاربه[
رواه الترمذي .
• أعظم كرامة للشهيد:قال الرسول صلى اللـه عليه وسلم[ :ما
أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا وله ما على الرض
من شيء إل الشهيد ،يتمنى أن يرجع إلى الدنيا ،فيقتل
عشر مرات ؛ لما يرى من الكرامة ] .متفق عليه.
مُنوا َ ّ َ
نآ َ ذي َ ها ال ِ • الحياة الحقيقية في الجهاد:قال تعالىَ) :يا أي ّ َ
م( حِييك ُ ْ ما ي ُ ْ م لِ َعاك ُ ْ ذا دَ َ ل إِ َ سو ِ وِللّر ُ جيُبوا للـه َ ست َ ِ ا ْ
قال ابن القيم :الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدنيا -
وفي البرزخ وفي الخرة.
أما في الدنيا :فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد. -
وأما في البرزخ :فقد قال تعالى )ول تحسبن الذين قتلوا في -
سبيل اللـه أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون(.
وأما في الخرة :فإن حظ المجاهدين والشهداء من حياتها -
ونعيمها أعظم من حظ غيرهم.
م
مقا َ ن ُ فإ ّ عظم أجر المجاهد:قال صلى اللـه عليه وسلمَ ...[ : ِ •
عامًا، َ
ن َ عي َ سب ْ ِه َ ه في ب َي ْت ِ ِ صل َت ِ ِ ن َ م ْ ل ِ ض ُ ف َ ل اللـه أ ْ سبي ِ م في َ دك ُ ْ ح ِ أ َ
غُزوا في ة؟ا ْ جن ّ َم ال َ خل َك ُ ُوي ُدْ ِمَ ، فَر اللـه ل َك ُ ْ غ ِ ن يَ ْ نأ ْ حّبو َ أ َل َ ت ُ ِ
ت لَ ُ
ه جب َ ْ و َ ة َ ق ٍواقَ َنا َ ف َ ل اللـه ُ سِبي ِ ل في َ قات َ َ ل اللـه ،من َ سبي ِ َ
ة ] رواه الترمذي. جن ّ ُ ال َ
الجهاد ل يعدله شيء من العبادات [:قيل :يا رسول اللـه ،ما •
يعدل الجهاد في سبيل اللـه ؟ قال :ل تستطيعونه فأعادوا عليه
مرتين أو ثلثا كل ذلك يقول :ل تستطيعونه ،ثم قال :مثل
المجاهد في سبيل اللـه كمثل الصائم القائم القانت بآيات اللـه ل
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
ذنب وصادف وغفر لصاحبه ،ل سّيما إذا خرج من قلب منكسر بال ّ
صلوات.ساعة من ساعات الجابة كالسحار وأدبار ال ّ
ود يع ّ سلم أّنه قال لبنه :يا بن ّ وُيروى عن لقمان عليه ال ّ -
ً
ن للـه ساعات ل يردّ فيها سائل . م اغفر لي فإ ّ لسانك :الله ّ
• ما هي المور التي تعين على التوبة:
الخلص للـه والقبال عليه :فإذا أخلص النسان للـه ،وصدق في -1
طلب التوبة أعانه اللـه عليها ،ويسره لها.
صَر الدنيا ،وسرعة ق َ
كر الخرة :فإذا تذكر المرء ِ صر المل وت َذَ ّ ق َ
ِ -2
زوالها ،وأدرك أنها مزرعة للخرة ،وفرصة لكسب العمال الصالحة،
وتذكر ما في الجنة من النعيم المقيم ،وما في النار من النكال
والعذاب الليم_أقصر عن السترسال في الشهوات ،وانبعث إلى
التوبة النصوح وتدارك ما فات بالعمال الصالحات.
البعد عن المثيرات وما يذكر بالمعصية :فيبتعد عن كل ما يثير فيه -3
دواعي المعصية ،ونوازع الشر ،ويبتعد عن كل ما يثير شهوته،
ويحرك غريزته من مشاهدة الفلم الخليعة ،وسماع الغاني
الماجنة ،وقراءة الكتب السيئة ،والمجلت الداعرة.
صرك مصاحبة الخيار ومجانبة الشرار :فجليس الخير ينصح لك ،وي ُب َ ّ -4
بعيوبك ،ورفيق السوء يفسد على المرء دينه ،ويخفي على صاحبه
عيوبه ،ويصله بالشرار ،ويقطعه عن الخيار ،ويقوده إلى الفضيحة
والخزي والعار.
أولـيـاء اللـه
• قال اللـه تعالى) :أل إن أولياء اللـه ل خوف عليهم ول هم
يحزنون .الذين آمنوا وكانوا يتقون .لهم البشرى في الحياة
الدنيا وفي الخرة ل تبديل لكلمات اللـه ذلك هو الفوز
العظيم(.
قال الطبري :يقول تعالى ذكره :أل إن أنصار اللـه ل خوف -
عليهم في الخرة من عقاب اللـه ،لن اللـه رضي عنهم فآمنهم
من عقابه ول هم يحزنون على ما فاتهم من الدنيا.
من هو الولي؟: •
قال شيخ السلم :فكل من كان مؤمنا تقيا كان للـه وليا. -
قال الحافظ ابن حجر :المراد بولي اللـه العالم باللـه تعالى -
المواظب على طاعته المخلص في عبادته.
كيف يكون التفاضل بين أولياء اللـه؟ :قال شيخ •
السلم :وإذا كان أولياء اللـه هم المؤمنين المتقين فبحسب إيمان
العبد وتقواه تكون وليته للـه تعالى ،فمن كان أكمل إيمانا وتقوى
كان أكمل ولية للـه .فالناس متفاضلون في ولية اللـه عز وجل
بحسب تفاضلهم في اليمان والتقوى.
قال شيخ السلم :وإذا كان أولياء اللـه هم المؤمنين المتقين
فبحسب إيمان العبد وتقواه تكون وليته للـه تعالى ،فمن كان
أكمل إيمانا وتقوى كان أكمل ولية للـه .فالناس متفاضلون في
ولية اللـه عز وجل بحسب تفاضلهم في اليمان والتقوى.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
• صفات أولياء اللـه :قال شيخ السلم :ومن كان حبه للـه
وبغضه للـه ل يحب إل للـه ول يبغض إل للـه ول يعطي إل للـه
ول يمنع إل للـه فهذه حال السابقين من أولياء الله.
والولي ل يكون وليا للـه حتى يبغض أعداء اللـه ويعاديهم ،وينكر
عليهم ،فمعاداتهم والنكار عليهم هو من تمام وليته ،ومما
تترتب صحتها عليه .
• طبقات أولياء اللـه :قال شيخ السلم :وأولياء اللـه على
طبقتين :سابقون مقربون ،وأبرار أصحاب يمين مقتصدون .
ذكرهم اللـه سبحانه في عدة مواضع من كتابه ،في أول
الواقعة ،وآخرها.
قال تعالى) :وكنتم أزواجا ثلثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب
الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون
السابقون أولئك المقربون في جنات النعيم ثلة من الولين وقليل
من الخرين(
• أقسام الولية :قال الشيخ بن عثيمين :والولية تنقسم إلى :
-1ولية من اللـه للعبد .
-2وولية من العبد للـه .
فمن الولى قوله تعالى ) اللـه ولي الذين آمنوا ( ،ومن الثانية
قوله تعالى ) :ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا …(
والولية التي من اللـه للعبد تنقسم إلى :
-عامة .
-وخاصة .
فالولية العامة هي :الولية على العباد بالتدبير والتصريف ،وهذه
تشمل المؤمن والكافر وجميع الخلق ،فاللـه هو الذي يتولى عباده
بالتدبير والتصريف والسلطان وغير ذلك ،ومنه قوله تعالى ) .ثم
ردوا إلى اللـه مولهم الحق آل له الحكم وهو أسرع الحاسبين (
والولية الخاصة :أن يتولى اللـه العبد بعنايته وتوفيقه وهدايته ،
وهذه خاصة بالمؤمنين ،قال تعالى ) :اللـه ولي الذين آمنوا
يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت
يخرجونهم من النور إلى الظلمات ( ،وقال ) :أل إن أولياء اللـه ل
خوف عليهم ول هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون ( .
• كيف ُتنال ولية اللـه :ولية اللـه ل تنال إل بالعبودية.
قال ابن القيم :من أراد السعادة البدية فليلزم عتبة العبودية ،ول
تنال الولية إل بطاعة اللـه.
• مقتضيات ولية اللـه:
غي َْر َ َ ً
اتخاذ اللـه سبحانه وتعالى حكما :قال تعالى ) :أف َ -1
كما ً ( ،ل يمكن أن أتخذ غير اللـه حكما ً ح َ َ
غي َ اللـه أب ْت َ ِ
يحكم في المور.
ي
حَيا َ م ْ و َ
كي َ س ِ
ون ُ ُ
صلِتي َ ن َ ل إِ ّ إفراد اللـه بالنسكُ ) :
ق ْ -2
ه ( فالذي يشرك َ
كل ُري َ
ش ِ نل َ مي َ َ
عال ِ ْ
ب ال َماِتي للـه َر ّ م َ
و ََ
ً
مع اللـه في العبادة ليس يوالي اللـه عز وجل مطلقا ،إذ
كيف يشرك معه وهو يواليه.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
ونظر إلى أحوال أهلها انكسر قلبه ،وكان قلبه أبرأ ما
يكون من القسوة ومن الغرور والعياذ باللـه.
• هل يشغل قلبك هم الدار الخرة أم أنك نسيت؟ حتى صرت
من الذين يصلون ولم يصلوا ،ينقرها ول يدري ماذا صلى ،وبم
قرأ المام ،ولم يتذكر يوما ً خشع فيه من قراءة القرآن.
• صفات من يحمل هم الخرة:
إصلح النفس :هذه مهمتهم في الدنيا العبادة للـه وحده -1
ل شريك له هم يعلمون أن اللـه يرحم ويغفر ويعفوا إل
أنهم لم يتكلوا على ذلك بل يندموا على كل تفريط
وتقصير وذنب يقترفونه في جنب اللـه مهما صغر لنهم
علموا أن الذي ُيعصى هو اللـه العظيم الجليل جل في
عله وتراهم يحزنون لمصاب المسلمين وما يقع عليهم
من ظلم وجور وما يصيبهم من بلء.إنها نفوس ملئت
رحمة ورأفة بسبب حملهم هم الخرة الذي غلب على
قلوبهم.
المحاسبة الدائمة للنفس :فترى صاحب الهم الخروي -2
دائما ً محاسبا ً لنفسه على كل قول أو فعل.
س
ف ِ م ِبالن ّ ْ
س ُ
ق ِوَل أ ُ ْ
قال الحسن البصري في تفسير قوله تعالىَ ) :
ة( هي واللـه نفس المؤمن ،ما يرى المؤمن إل يلوم نفسه ما م ِ الل ّ ّ
وا َ
أردت بكلمي ؟ ما أردت بحديث نفسي ؟ والفاجر ل يحاسب
نفسه .
ً
وهذا الحزن وتلك المراقبة ،لم تكن قيدا يكبلهم في زوايا المساجد
أو البيوت يبكون على أنفسهم ويتركون أهل الباطل والضلل دون
إصلح وإنكار لنفسهم ولمن حولهم كل بل الحزن الذي في
قلوبهم هو المحرك لهذا العمل فيصلحون أنفسهم ويصلحون
غيرهم ويصبرون على البلء والذى الذي يلقونه.
تأثرهم بمشاهد الموتى وحالتهم :فهم بسبب حياة -3
قلوبهم يربطون كل أمر في الدنيا بالخرة فالموت
يذكرهم بدنو الجل مما يجعلهم يدأبون في العمل
للخرة حتى يقدموا لنفسهم عمل ً صالحا ً يرفعهم إلى
أعلى الدرجات في الجنات.
الفتـقار َ إلى اللـه تعالى
ي و ال ْ َ َ
قَراءُ إ َِلى اللـه واللـه ُ م ال ْ ُ
ف َ
غن ِ ّ ه َ س أن ْت ُ ُ
ها الّنا ُ
قال تعالىَ ) :يا أي ّ َ
ميدُ (.قال الشوكاني :أي :المحتاجون إليه في جميع أمور الدين ال ْ َ
ح ِ
والدنيا ،فهم الفقراء إليه على الطلق.
• ما هو الفقر الحقيقي؟ :قال ابن القيم :الفقر الحقيقي:
دوام الفتقار إلى اللـه في كل حال وأن يشهد العبد في كل
ذرة من ذراته الظاهرة والباطنة فاقة تامة إلى اللـه تعالى
من كل وجه.
• حال أكثر الناس:
جميع الخلق مفتقرون إلى اللـه في كل شئونهم وأحوالهم، -
وفي كل كبيرة وصغيرة ،وفي هذا العصر تعلق الناس بالناس،
وشكا الناس إلى الناس ،ول بأس أن يستعان بالناس فيما يقدرون
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
قال النبي صلى الله عليه وسلم ] :ل يقولن أحدكم اللهم
اغفر لى إن شئت اللهم ارحمنى إن شئت اللهم ارزقنى إن
شئت وليعزم المسألة فإنه يفعل ما يشاء ل مكره له[رواه
البخاري ،ومسلم.
الصفة الجامعة لجميع العبادات:المتأمل في جميع أنواع •
العبادة القلبية والعملية يرى أن الفتقار فيها إلى اللـه
هي الصفة الجامعة لها ،فبقدر افتقار العبد فيها إلى اللـه يكون
أثرها في قلبه ،ونفعها له في الدنيا والخرة ،وحسبك أن تتأمل
في الصلة أعظم الركان العملية ،فالعبد المؤمن يقف بين يدي
ربه في سكينة ،خاشعا ً متذلل ً ،خافضا ً رأسه ،ينظر إلى موضع
سجوده ،يفتتحها بالتكبير.
إظهار الفتقار إلى اللـه مما يقوي اليمان باللـه سبحانه •
وتعالى.
• كيف يتحقق الفتقار إلى اللـه:الفتقار حا ٍٍد يحدو العبد إلى
ٍ
ملزمة التقوى ومداومة الطاعة .ويتحقق ٍٍٍٍذلك بأمرين
ٍٍٍ
ٍٍٍٍ متلزمين ؛ هما :
إدراك عظمة الخالق وجبروته :فكلما كان العبد ٍٍٍأعلم باللـه تعالى -1
وصفاته وأسمائه كان أعظم افتقارا ً إليه وتذلل ً بين يديه.
إدراك ضعف المخلوق وعجزه :فمن عرف قدر نفسه ،وأّنه مهما -2
بلغ في الجاه والسلطان والمال ؛ فهو عاجز ضعيف ل يملك لنفسه
صرفا ً ول عدل ً ؛ تصاغرت نفسه ،وذهب كبرياؤه ،وذّلت جوارحه ،
وعظم افتقاره لموله ،والتجاؤه إليه ،وتضرعه بين يديه .
• علمات الفتقار إلى اللـه:
-1غاية الذل للـه تعالى مع غاية الحب.
-2التعّلق باللـه تعالى وبمحبوباته.
-3مداومة الذكر والستغفار في كل الوقات وعلى جميع
الحوال.
-4الخوف من عدم قبول العمال الصالحة.
-5خشية اللـه في السّر )صح :السّر ( والعلن.
-6تعظيم أوامر اللـه ونواهيه.
• استشعار لذة النكسار بين يدي اللـه :ومن المور التي تجدد
اليمان استشعار لذة المناجاة والنكسار بين يدي اللـه عز
وجل ،فلماذا يقول الرسول صلى اللـه عليه وسلم [ :أقرب ما
يكون العبد من ربه وهو ساجد ؟ لن حال السجود فيه ذلة
ليست في بقية الحوال ،وفيه انكسار وخضوع ليست في
بقية الحوال ،ولذلك أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد ،لما
ألصق جبهته بالرض ،وهي أعلى شيء فيه لمن وضعها؟ لله،
صار أقرب شيء لله.
• ما أحلى هذه الكلمات في مناجاة اللـه :قال ابن القيم" :
فللـه ما أحلى قوله هذه الحال -أي حال النكسار بين يدي
الله والخضوع له سبحانه:
-أسألك بعزك وذلي إل رحمتني ،أسألك بقوتك وضعفي،
وبغناك عني وفقري إليك ،هذه ناصيتي الكاذبة الخاطئة
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
وقال بشر الحافي :لو تفكر الناس في عظمة اللـه تعالى لما -
عصوه .
ومن هانت عظمة اللـه في نفسه فتساهل بالمعاصي -
والمخالفات فليعلم انه ما ضّر إل نفسه وان للـه جل وعل عبادا ل
يعصون اللـه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون هم أكثر منا عددا ً
وأعظم خوفا ً وتعبدا ً يسبحون الليل والنهار ليفترون
• مّرن نفسك على عظمة اللـه !!
فإن العبد إذا مّرن نفسه وقلبه على التفهم والتدبر والخشوع -
والخضوع في الصلة انغرست في قلبه خشية اللـه ومحبته والرغبة
فيما لديه،لم تفارقه هيبة خالقه في جميع أحواله و أعماله.
ءا تبرأ فإذا سولت له نفسه أمًرا أو زين الشيطان له سو ً -
ً
منهما قائل إني أخاف اللـه رب العالمين .
• الذكر نوعان :
-قال القاضي عياض :وذكر اللـه تعالى ضربان :ذكر بالقلب
وذكر باللسان وذكر القلب نوعان:
أحدهما :وهو أرفع الذكار وأجلها :الفكر في عظمة اللـه -
تعالى وجلله وجبروته وملكوته وآياته في سمواته وأرضه .
والثاني :ذكره بالقلب عند المر والنهي فيتمثل ما أمر به -
ويترك ما نهى عنه ويقف عما أشكل عليه
وأما ذكر اللسان مجردا ً فهو أضعف الذكار ولكن فيه فضل -
عظيم كما جاءت به الحاديث.
• ثـمـرة ذكر اللـه تعالى :إن ذكر اللـه عز وجل ،يحيي في
نفوسهم استشعار عظمة اللـه ،وأنه على كل شيء قدير ،
وأنه الحي القيوم الذي يمسك السموات والرض أن تزول
وليؤوده حفظهما فحينها يشعر الذاكر بالسعادة وبالطمأنينة
يغمران قلبه وجوارحه ) الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر
اللـه أل بذكر اللـه تطمئن القلوب(.
• إنـه اللـه جل جلله :قال ابن القيم :من أعجب الشياء:
-أن تعرف اللـه ثم ل تحبه .
-وأن تسمع داعي اللـه ثم تتأخر عن الجابة .
-وأن تعرف قدر الربح في معاملة اللـه ثم تعمل لغيره .
-وان تعرف قدر غضب اللـه ثم تتعرض له .
-وأن تذوق ألم الوحشة في معصيت اللـه ثم ل تطلب النس
بطاعته
-وأن تذوق عصرة القلب عند الخوض في غير حديثه والحديث عنه
ثم ل تشتاق إلى انشراح الصدر بذكره ومناجاته .
-وأن تذوق العذاب عند تعلق القلب بغيره ول تهرب منه إلى نعيم
القبال عليه والنابة إليه .
-وأعجب من هذا علمك انك لبد لك منه وانك أحوج شيء إليه وأنت
عنه معرض وفيما يبعدك عنه راغب .أ هـ بتصرف
• أعجب الشياء :قيل للفضيل بن عياض :ما أعجب الشياء ؟
قال :أن تعرف اللـه ثم تعصيه .
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
ضرورة انشغال اللسان بما ينفعنا :اشغله بذكر اللـه ،اشغله •
بطاعة اللـه ،بالتسبيح ،بالتحميد ،بالتهليل ،بالستغفار لقد كان
النبي عليه الصلة والسلم في المجلس الواحد يستغفر اللـه أكثر
من سبعين مرة ،فهل استغفرنا مرة واحدة في مجلس من
مجالسنا؟!
كم ضيعت من الجور والحسنات يا عبد اللـه وأنت تجلس •
تتحدث في المجالس ول تدري ما الذي تتفوه به،فلو عدلت إلى
الذكر والستغفار يا أخي لكان خيرا لك فلن يأخذ من وقتك إل
ثانيتين أو ثلث ثوان ،فلو أردت أن تزرع نخلة في هذه الدنيا كم
ستأخذ منك من جهد ووقت وسقي وحفظ ورعاية؟ ستظل سنة
نعلى أقل تقدير حتى تثمر ،وربما ل تثمر ،لكن في خلل ثلث ثوا ٍ
تحصل على نخلة في الجنة ساقها من ذهب هل جربت في
المجلس أن تقول :سبحان اللـه وبحمده مائة مرة ،ولن تأخذ من
وقتك خمس دقائق .
إياك يا أخي والغفلة عن اللسان فإنه سبع ضار و أنت أول •
فرائسه.
• وإياك يا أخي والغفلة عن لسانك فإنه أعظم جوارحك جناية
عليك وأكثر ما تجد في صحيفة أعمالك يوم القيامة من الشر
ما أمله عليك لسانك وقد قال النبي صلى اللـه عليه و سلم
قال [ :وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على
مناخرهم إل حصائد ألسنتهم ؟! [ رواه الترمذي.
لهذا قال النبي صلى اللـه عليه و سلم :من كان يؤمن باللـه و
اليوم الخر فليقل خيرا أو ليصمت [ متفق عليه.
• قال عبداللـه بن مسعود :ليس شيء أحق بطول سجن من
لسان.
• مـا هـي الـمروءة:
• سئل الحنف بن قيس عن المروءة فقال :صدق اللسان
ومواساة الخوان وذكر اللـه تعالى في كل مكان .
• حكمة :ورب كلمة جرى بها اللسان هلك بها النسان.
• المسلـم الحـق:قال الرسول صلى اللـه عليه وسلم[ :
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ] متفق عليه.
• أشـد العـمـال:قال داود الطائي لمحمد بن عبد العزيز ذات
يوم :أما علمت أن حفظ اللسان أشدُ العمال وأفضلها؟ قال
محمد :بلى؟ وكيف لنا بذلك؟
• *حال السلف الصالح مع اللسان:
• قال الحسن :اللسان أمير البدن إذا جنى على العضاء شيئا
جنت ،وإذا عف عفت .
• قال الحسن بن صالح :فتشت الورع فلم أجده في شيء أقل
منه في اللسان .
• عن عمر بن الخطاب رضي اللـه تعالى عنه وأرضاه ،أنه دخل
على أبي بكر الصديق وهو يجبذ لسانه -أي :يجره بشدة -فقال
له عمر :مه! غفر اللـه لك ،فقال أبو بكر :إن هذا أوردني
الموارد .
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
من القائل؟! إنه الرجل الول بعد النبياء والرسل ،رضي اللـه
تعالى عنه وأرضاه ،القائل هو أبو بكر
• كان طاووس بن كيسان يعتذر من طول السكوت ويقول:
إني جربت لساني فوجدته لئيما ً راضعا ً
• كيف تـستـر عيوبـك؟:قال النووي :بلغنا أن قس بن ساعدة ،
و أكثم بن صيفي اجتمعا فقال أحدهما لصاحبه :كم وجدت
في ابن آدم من العيوب؟! فقال :هي أكثر من أن تحصى،
ة إن
والذي أحصيته :ثمانية آلف عيب ،فوجدت خصل ً
استعملتها سترت العيوب كلها ،قال ما هي؟ قال :حفظ
اللسان.
• حفظ اللسان من صفات المتقين:قال أحد التابعين :جلسنا
مع عطاء بن أبي رباح ثلثين سنة في الحرم ما كان يتكلم إل
بذكر اللـه أو بآيات اللـه ،أو بأمر بمعروف أو نهي عن منكر،
أو بحاجة ل بد منها ،فقلنا له في ذلك ،فقال:مالكم! أتنسون
أن عليكم من يحفظ أنفاسكم ومن يسجل كلماتكم ويحاسبكم
به أمام اللـه؟.
• المور التي ُيحفظ منها اللسان :يحفظ اللسان من اللعن
والبذاءة والفحش ،ومن السراف في المزاح الذي ل يرضي
اللـه عز وجل ،ومن كثرة اللغو بغير ما يرضي اللـه عز وجل،
ومن الغيبة ،والنميمة ،والستهتار والستهزاء ،خاصة بآيات
اللـه ورسله وكتبه وكذلك الخيار ،والعلماء ،وطلبة العلم،
والدعاة،والمجاهدين فإن هذا من النفاق.
• كـيف ُيحفـظ اللسان ؟
استغلل اللسان في طاعة اللـه ،واستشعار ما عند اللـه من -1
الفضل إذا سخر النسان لسانه في طاعة اللـه ،فإن الكلمة الطيبة
تقربك إلى الجنة وتبعدك من النار ،فقد ثبت في الحديث الصحيح
عن النبي صلى اللـه عليه وسلم أن العبد يتقي النار بشق تمرة
وبكلمة طيبة.
قراءة سير السلف الصالح ففيها النماذج الكريمة التي تحيي -2
في النفس الشتغال بما يعني عما ل يعني.
أن تسأل اللـه جل وعل أن يحفظ لسانك عن اللغو وأن -3
ً
يرزقك قول ً سديدا ،فإن بذلك صلح العمل وغفران الذنوب كما
قال تعالى يأيها الذين ءامنوا اتقوا اللـه وقولوا قول سديدا يصلح
لكم أعما لكم ويغفر لكم ذنوبكم" وفي الدعاء المأثور )اللـهم
اهدني وسددني(وتسأل اللـه بقولك :اللـهم إني أسألك لسانا ً
ي. ن يغضبك عل ّ يرضيك عني ،وأعوذ بك من لسا ٍ
في اللسان آفتان عظيمتان: •
قال ابن القيم :وفي اللسان آفتان عظيمتان إن خلص من -
إحداهما لم يخلص من الخرى :آفة الكلم ،وآفة السكوت .وقد
يكون كل منهما أعظم إثما ً من الخرى في وقتها.
فالساكت عن الحق شيطان أخرس ،عاص لله ،مراء ، -
مداهن ؛ إذا لم يخف على نفسه .
والمتكلم بالباطل شيطان ناطق ،عاص لله . -
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
فمن استوى عنده حامده وذامه في الحق ،دل على سقوط -
منزلة المخلوقين من قلبه ،وامتلئه من محبة اللـه ،وما فيه رضا
موله.
• الفرق بين لذات الدنيا والخرة:قال ابن القيم :لذة الخرة
أعظم وأدوم ،ولذة الدنيا أصغر وأقصر ،وكذلك ألم الخرة
وألم الدنيا ،والمعول في ذلك على اليمان واليقين ،فإذا
قوى اليقين ،وباشر القلب؛ آثر العلى على الدنى في جانب
اللذة ،واحتمل اللم السهل على الصعب.ا.هـ
ما
ض َ ق ِ فطََرَنا َ
فا ْ ذي َوال ّ ِ ن ال ْب َي َّنا ِ
ت َ م َجاءََنا ِ ما َ عَلى َ ك َ ؤث َِر َن نُ ْ قاُلوا ل َ ْ) َ
َ
حَياةَ الدّن َْيا (. ه ال ْ َ
ذ ِ
ه ِضي َ ق ِما ت َ ْض إ ِن ّ َ
قا ٍ ت َأن ْ َ
• الزهـد راحـة:
• كان بعض السلف يقول:الزهد في الدنيا يريح القلب والبدن،
والرغبة فيها تكثر الهم والحزن.
• ل يجتـمـعـان :قيل :إن اللـه تعالى أوحى إلى داود عليه
السلم :إني حرمت على القلوب أن يدخلها حبي وحب غيري،
يا داود :إن كنت تحبني فأخرج حب الدنيا من قلبك ،فإن حبي
وحبها ل يجتمعان في قلب واحد ،يا داود :من أحبني يتهجد
بين يدي إذا نام البطالون ،ويذكرني في خلواته إذا غفل عن
ذكري الغافلون.
• وصـف الـدنـيـا :قيل لعلي بن أبي طالب رضي اللـه عنه :
صف لنا الدنيا ،قال :أطيل أم أقصر؟ قالوا :بل أقصر ،قال:
حللها حساب ،وحرامها عذاب.
• ثمرات الزهد:
الحرص على لقاء اللـه تعالى. -1
عدم التعلق والتحسر على الدنيا. -2
حفظ المسلم من فتنة الرئاسة والجاه. -3
حفظ المسلم من فتنة المرائي والمسموعات ،التي تصد عن ذكر -4
اللـه ،وعن الصلة.
حفظه من فتنة النساء. -5
حفظه من التعلق بالحرام ،وإبعاده عن الشبهات التي توقع فيه، -6
والشهوات التي تؤدي إليه.
قال الفضيل بن عياض :حرام على قلوبكم أن تصيب حلوة اليمان -7
حتى تزهدوا في الدنيا.
• كيف تتم الرغبة في الخرة؟ قال ابن القيم :ل تتم الرغبة
في الخرة إل بالزهد في الدنيا ،فإيثار الدنيا على الخرة إما
من فساد في اليمان ،وإما من فساد في العقل ،أو منهما
معًا.ولذا نبذها رسول اللـه صلى اللـه عليه وسلم وراء ظهره
هو وأصحابه ،وصرفوا عنها قلوبهم ،وهجروها ولم يميلوا
دوها سجنا ً ل جنة ،فزهدوا فيها حقيقة الزهد ،ولو إليها ،ع ّ
أرادوها لنالوا منها كل محبوب ،ولوصلوا منها إلى كل
مرغوب ،ولكنهم علموا أنها دار عبور ل دار سرور ،وأنها
سحابة صيف ينقشع عن قليل ،وخيال طيف ما استتم
الزيارة حتى أذن بالرحيل .
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
ولكم أن تتأملوا هذه الية التي نزلت في الجد بن قيس أخي بني
سلمة عندما قال رسول اللـه صلى اللـه عليه وآله وسلم ذات يوم
هل لك يا جد العام في جلد بني الصفر .فتعذر كما قال اللـه
قطوا ُ س َ ة َ فت ْن َ ِ في ال ْ ِ فت ِّني أ ََل ِ وَل ت َ ْ ن ِلي َ ل ائ ْذَ ْ قو ُ ن يَ ُ م ْ م َ ه ْ من ْ ُ و ِ تعالى ) َ
ن (. ري َ ف ِ َ
ة ِبالكا ِ ْ َ
حيط ٌ م ِ َ
مل ُ هن ّ َ ج َ ن َ وإ ِ َّ
ر خ
ِ َ ل ْ ا م و يْ ل وا ه ّ ل بال ن نوُ م ْ
ؤ ي ل َ ن ذي ّ ل ا َ
ك ُ ن ذ ْ أَ ت س ي ما ّ ن إ ) تعالى: قال -
ِ ْ ِ َ َ ِ ِ َ ِ ُ َ ِ ِ ْ َ ِ َ
ن(. دو َ م ي َت ََردّ ُ ه ْ م َ ُ ت ُ
في َري ْب ِ ِ م ِ ه ْ ف ُ ه ْ قلوب ُ ُ واْرَتاب َ ْ َ
م من الله نبّيه صلى الله عليه وسلم ٌ إعل وهذا : الطبري قال -
ما المنافقين :أن من علماتهم التي ُيعرفون بها تخّلفهم عن سي َ ِ
الجهاد في سبيل الله ،باستئذانهم رسول الله صلى الله عليه
ج معه إذا استنفروا بالمعاذير الكاذبة. وسلم في تركهم الخرو َ
يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :يا محمد ،ل
وك ،لمن استأذنك في ن في التخّلف عنك إذا خرجت لغزو عد ّ تأذن ّ
التخلف من غير عذر ،فإنه ل يستأذنك في ذلك إل منافق ل يؤمن
بالله واليوم الخر.
ترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر من صفات المنافقين: •
ْ
ن
مُرو َ ض ي َأ ُ ع ٍ من ب َ ْ هم ّ ض ُ ع ُ ت بَ ْ قا ُ ف َ مَنا ِ وال ْ ُ ن َ قو َ ف ُ مَنا ِ قال تعالى ) :ال ْ ُ
سوا ْ اللـه َ َ
م
ه ْ سي َ ُ فن َ ِ م نَ ُ ه ْدي َ ُن أي ْ ِ ضو َ قب ِ ُ وي َ ْف َ عُرو ِ م ْ ن ال ْ َ ع ِ ن َ و َ ه ْ وي َن ْ َ ر َ منك َ ِ ِبال ْ ُ
ن(. قو َ س ُ فا ِ م ال ْ َ ه ُ ن ُ قي َ ف ِ مَنا ِ ن ال ْ ُ إِ ّ
الستهزاء بأهل السلم :ومن صفاتهم ،أنهم يصفون أهل السلم •
بأنهم سفهاء العقول ،ضعفاء الرأي ،قليلو التفكير ،وهم في
نفس الوقت يرون أنفسهم أهل الرأي الصائب ،قال تعالى ) :وإذا
قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء (.
• كانوا يخافون النفاق :قال الحافظ ابن رجب :كان الصحابة
ومن بعدهم من السلف الصالح يخافون على أنفسهم النفاق،
ويشتد قلقهم وجزعهم منه ،فالمؤمن يخاف على نفسه
النفاق الصغر ،ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة
فيخرجه إلى النفاق الكبر .كما تقدم أن دسائس السوء
الخفية توجب سوء الخاتمة .
قال عمر بن الخطاب لحذيفة رضي اللـه عنهما :يا حذيفة •
نشدتك باللـه هل سماني لك رسول اللـه منهم قال ل ول أزكي
بعدك أحدا .
• قال الحسن البصري :لو أعلم أني بريء من النفاق كان أحب
إلي مما طلعت عليه الشمس.
• قال ابن أبي مليكة :أدركت ثلثين من أصحاب النبي صلى
اللـه عليه وسلم ،كلهم يخاف النفاق على نفسه .
• قال الحسن البصري :النفاق اختلف السر والعلنية ،والقول
والعمل.
• أبعد الناس من النفاق :قال ابن عمر مولى عفرة :أبعد الناس
من النفاق أشدهم تخوفا على نفسه منه ،الذي يرى انه ل
ينجيه منه شيء ،وأقرب الناس منه إذا زكي بما ليس فيه
قِبله. ارتاح قلبه و َ
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
التربية العملية :ماذا ل تربي ولدك منذ البداية على أن يتعلق •
باللـه؟
دا ولم تستطع أن تجيبه فقل له :هيا يا بني فإذا طلب شيًئا مفي ً
ن اللـه هو الرزاق ،وهو ربنانصلي ركعتين وندعو اللـه فيهما ،فإ ّ
المدبر لمورنا ،فإذا لم يمنحني المال الذي أستطيع به أن آتيك بما
ن اللـه صرفه عّنا .
دا لنا الن ؛ ل ّ
ن هذا ليس مفي ً تريد ،فاعلم أ ّ
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
قال قتادة :أما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح، -
وفي الخرة في القبر.
الـدعـاء:من صفات عباد اللـه المؤمنين أنهم يتوجهون إلى اللـه -3
بالدعاء أن يثبتهم):ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا( .فكان رسول
اللـه صلى اللـه عليه وسلم يكثر أن يقول) :يا مقلب القلوب ثبت
قلبي على دينك( رواه الترمذي.
ذكـر اللـه تعـالى:تأمل في هذا القتران بين المرين في قوله عز -4
وجل ) :يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا اللـه كثيرا
لعلكم تفلحون (.
فجعله من أعظم ما يعين على الثبات في الجهاد.
البيئة الصالحة وتهيئة الجواء اليمانية :والبحث عن الصالحين -5
،واللتفاف حولهم خير معين على الثبات على الدين.
الفرق بين خاتمتين: •
أما أهل الكفر والفجور فإنهم يحرمون الثبات في أشد -
الوقات كربة فل يستطيعون التلفظ بالشهادة عند الموت.
صور من سوء الخاتمة: -
قيل لرجل عند موته :قل ل إله إل اللـه فجعل يحرك رأسه -
يمينا وشمال يرفض قولها.
وآخر يقول عند موته :هذه قطعة جيدة ،هذه مشتراها رخيص. -
وثالث يذكر أسماء قطع الشطرنج. -
ورابع يدندن بألحان أو كلمات أغنية ،أو ذكر معشوق. -
ذلك لن مثل هذه المور أشغلتهم عن ذكر اللـه في الدنيا.
أما أهل الصلح والدين فإن اللـه يوفقهم للثبات عند الممات، -
ويحسن خاتمتهم.
من علمة حسن الخاتمة :النطق بالشهادتين،وقد يرى تهلل -
الوجه أو طيب رائحة ونوع استبشار عند خروج أرواحهم.
أسـرار في حياة الصالحين
ب ه َل ي ُ ِ
ح ّ ة إ ِن ّ ُ خ ْ
في َ ً و ُ
عا َضّر ً م تَ َعوا َرب ّك ُ ْقال تعالى ) :ادْ ُ •
ن (.دي َ
عت َ ِ
م ْ ْ
ال ُ
• قال الطبري :يقول تعالى ذكره :ادعوا ،أيها الناس ،رّبكم
وحده ،فأخلصوا له الدعاء ،دون ما تدعون من دونه من اللهة
عا" ،يقول :تذّلل واستكانة لطاعته "وخفية" ، والصنام "تضر ً
يقول بخشوع قلوبكم ،وصحة اليقين منكم بوحدانيته فيما
ة ،وقلوبكم غير موقنة بوحدانيته بينكم وبينه ،ل جهاًرا ومراءا ً
ل أهل النفاق والخداع لله ولرسوله، وربوبيته ،فع َ
ن الرجل لقد جمع القرآن ،وما ن كا َ -كما عن الحسن قال :إ ْ
يشعُر جاُره.
ه الكثير ،وما يشعُر به الناس. ُ َ
-وإن كان الرجل لقد فقه الفق َ
ور، -وإن كان الرجل ليصلي الصلة الطويلة في بيته وعنده الّز ْ
وما يشعرون به.
ما ما كان على الرض من عمل يقدرون -ولقد أدركنا أقوا ً
دا!
على أن يعملوه في السّر فيكون علنية أب ً
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
وا
وآت َ ُ صلةَ َ موا ال ّ قا ُ ض أَ َ في الْر ِ
َ م ِ ه ْ مك ّّنا ُ ن َ ن إِ ْ ذي َ قال تعالى ) :ال ّ ِ o
ر (. ُ َ ْ ْ َ َ
مو ِ ة ال ُ قب َ ُ عا ِ
ْ
وللـه َ ر َ من ْك ِ ن ال ُ ع ِ وا َ ه ْ ون َ َ
ُ
ف َ عُرو ِ م ْ مُروا ِبال َ وأ َ الّزكاةَ َ
ف عُرو ِ م ْ ْ
ن ِبال َ مُرو َ وي َأ ُ ر َ خي ْ ِ ْ
ن إ ِلى ال َ َ عو َ ة ي َدْ ُ م ٌ مأ ّ من ْك ُ ْ ن ِ ولت َك ُ ْ ْ وقالَ ): o
ْ َ ُ ْ
َ
ن( حو َ فل ِ ُ م ْ م ال ُ ه ُ ك ُ وأولئ ِ َ ر َ من ْك َ ِ ن ال ُ ع ِ ن َ و َ ه ْ وي َن ْ َ َ
ة
صل َ ّ ال م قِ أ ي
َ ُ ّ َ ن ب يا ) لبنه: لقمان قاله ما ً ا قاص تعالى وقال o
ِ َ ْ
نم ْ َ
ن ذل ِك ِ َ صاب َك إ ِ َّ ما أ َ عَلى َ صب ِْر َ وا ْ ر َ من ْك َ ِ ن ال ْ ُ ع ِ ه َ وان ْ َ ف َ عُرو ِ م ْ مْر ِبال ْ َ وأ ُ َ
ر( ُ ْ
مو ِ عْزم ِ ال ُ َ
وكان حظ نبينا صلى اللـه عليه وسلم من هذه الوظيفة أكبر o
من غيره ،حيث أمر أمته بكل معروف ،ونهاهم عن كل منكر.
-قال الرسول صلى اللـه عليه وسلم [ :من رأى منكم منكرا ً o
فليغيره بيده ،فإن لم يستطع فبلسانه ،فإن لم يستطع فبقلبه،
وذلك أضعف اليمان ] رواه مسلم.
إصلح المجتمع :قال الدكتور عبد الكريم زيدان :ومن •
خصائص النظام الجتماعي في السلم تحميل الفرد مسؤولية
إصلح المجتمع بمعنى أن كل فرد فيه مطالب بالعمل على إصلح
المجتمع ،وإزالة الفساد منه على قدر طاقته ووسعه ،والتعاون مع
عَلى ال ْب ِّر وُنوا َ عا َ وت َ َ غيره لتحقيق هذا المطلب .قال تعالىَ ) :
ن (. وا ِ عد ْ َ وال ْ ُ عَلى اْل ِث ْم ِ َ وُنوا َ عا َ ول ت َ َ وى َ ق َ والت ّ ْ َ
ومن أعظم التعاون ،التعاون على إصلح المجتمع ،وإذا كان -
الفرد مطالبا بإصلح المجتمع ،فمن البديهي أنه مطالب بعدم ً
ها( . ْ َ ول ت ُ ْ
ح َ صل ِ عدَ إ ِ ْ ض بَ ْ في الْر ِ دوا ِ س ُ ف ِ إفساده ،قال تعالى َ ) :
فالمجتمع المسلم يتكاتف أفراده رجال ً ونساء ويتعاونون في -
مجال الصلح ،ونشر الخير ومنع الفساد في الرض ،في مقابل
المنافقين الذين يسعون في الرض فسادا ويدعون الصلح واللـه
يقول وإذا قيل لهم لتفسدوا في الرض قالواإنما نحن مصلحون
ألإنهم هم المفسدون ولكن ليشعرون .
الفرق بين المؤمنين والمنافقين :قال تعالى واصفا ً •
ْ َ
نمُرو َ ض ي َأ ُ ع ٍ ول َِياءُ ب َ ْ مأ ْ ه ْ ض ُ ع ُ ت بَ ْ مَنا ُ ؤ ِ م ْ وال ْ ُ ن َ مُنو َ ؤ ِ م ْ وال ْ ُ المؤمنينَ ) :
ر (.وقال واصفا ً المنافقين: من ْك َ ِ ن ال ْ ُ ع ِ ن َ و َ ه ْوي َن ْ َ ف َ عُرو ِ م ْ ِبال ْ َ
ْ
نو َ ه ْ وي َن ْ َ ر َ من ْك َ ِ ن ِبال ْ ُ مُرو َ ض ي َأ ُ ع ٍ ن بَ ْ م ْ م ِ ه ْ ض ُ ع ُ ت بَ ْ قا ُ ف َ مَنا ِ وال ْ ُ ن َ قو َ ف ُ مَنا ِ ) ال ْ ُ
ف( عُرو ِ م ْ ن ال ْ َ ع ِ َ
مواقـف الصالحين في المر بالمعروف والنهي عن المنكر : •
-1قال علي بن أبي طالب رضي اللـه عنه :أيها الناس إنما هلك
من هلك ممن كان قبلكم بركوبهم المعاصي ولم ينههم الربانيون
والحبار أنزل اللـه بهم العقوبات أل فمروا بالمعروف وأنهوا عن
المنكر قبل أن ينزل بكم الذي نزل بهم واعلموا أن المر بالمعروف
والنهي عن المنكر ل يقطع رزقا ول يقرب أجل .
-2قال شجاع بن الوليد :كنت أحج مع سفيان ،فما يكاد لسانه
يفتر من المر بالمعروف ،والنهي عن المنكر ،ذاهبا وراجعا.
-3قال أبو عبد الرحمن العمري :إن من غفلتك عن نفسك
إعراضك عن اللـه ،بأن ترى ما يسخطه فتجاوزه ،ول تأمر ،ول تنهى
خوفا من المخلوق.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
من ترك المر بالمعروف خوف المخلوقين ،نزعت منه الهيبة ،فلو
أمر ولده ،لستخف به.
كيف تكون مباركـا :قال الشيخ السعدي في قوله تعالى: •
ت ( أي :في أي :مكان ،وأي :زمان، ُ َ ً َ
ما كن ْ ُ
ن َمَباَركا أي ْ َ
علِني ُج َ
و َ
) َ
ي من تعليم الخير والدعوة إليه ،والنهي عن فالبركة جعلها اللـه ف ّ
الشر ،والدعوة إلى اللـه في أقواله وأفعاله ،فكل من جالسه ،أو
اجتمع به ،نالته بركته ،وسعد به مصاحبه.
شروط النصح :فلبد من هذه الثلثة: •
العلم قبل المر والنهي :وقد ذكر القاضي أبو يعلى :ل يأمر -1
ها
ها فيما يأمر به ،فقي ً
بالمعروف وينهى عن المنكر إل من كان فقي ً
فيما ينهى عنه .
-2الرفق في المر بالمعروف والنهي عن المنكر فما كان الرفق
في شيء إلزانه
الصبر بعد المر بالمعروف والنهي عن المنكرقال تعالى : -3
يابني أقم الصلة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر وأصبر على ما
أصابك إن ذلك من عزم المر .
ويؤثرون على أنفسهم
قال السعدي :أي :ومن أوصاف النصار التي فاقوا بها •
غيرهم ،وتميزوا بها على من سواهم اليثار.
-وهو أكمل أنواع الجود ،وهو اليثار بمحاب النفس من الموال
وغيرها ،وبذلها للغير مع الحاجة إليها ،بل مع الضرورة والخصاصة.
-وهذا ل يكون إل من خلق زكي ،ومحبة للـه تعالى مقدمة على
محبة شهوات النفس ولذاتها.
-ومن ذلك قصة النصاري الذي نزلت الية بسببه ،حين آثر ضيفه
بطعامه وطعام أهله وأولده وباتوا جياعا.
-واليثار عكس الثرة ،فاليثار محمود ،والثرة مذمومة ،لنها من
خصال البخل والشح.
ه
س ِف ِح نَ ْ
ش ّن ُيوقَ ُ
م ْ
و َ
-ومن رزق اليثار فقد وقي شح نفسه ) َ
ن (.
حو َ
فل ِ ُ م ال ْ ُ
م ْ ه ُ فُأول َئ ِ َ
ك ُ َ
-ووقاية شح النفس ،يشمل وقايتها الشح ،في جميع ما أمر به،
فإنه إذا وقي العبد شح نفسه ،سمحت نفسه بأوامر اللـه ورسوله،
ففعلها طائعا منقادا ،منشرحا بها صدره ،وسمحت نفسه بترك ما
نهى اللـه عنه ،وإن كان محبوبا للنفس ،تدعو إليه.ا.هـ
صور من أخوة الصحابة وإيثارهم على أنفسهم : •
لقد غرس النبي صلى اللـه عليه وسلم هذه الخوة الصادقة -
في قلوب المهاجرين والنصار ،يوم وقف النصاري أمام أخيه
فها لي المهاجر فقال :أخي! هذا مالي بيني وبينك ،هذه دنياي! نص ُ
ونصفها لك ،هاتان زوجتاي! انظر إلى أحسنهما أطلقها وهي لك.
وهذا جعفر بن أبي طالب أبو المساكين :ينقلب بنا ،فيطعمنا -
ما في بيته حتى يخرج إلينا العكة التي ليس فيها شيء ،فنشقها،
فنلعق ما فيها .
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
ماءُ ال ْ ُ َ
سَنىح ْ س َ ه اْل ْ وُر ل َ ُ ص ّ م َئ ال ْ ُ ق ال ََْبا ِ
ر ُ خال ِ ُه ال ْ َو الل ّ ُ
ه َ
ن ُكو َر ُش ِ ما ي ُ ْ ع َّ
م(كي ُح ِ ْ
زيُز ال َ ع ِ ْ
و ال َ ه َو ُ ض َ ْ َ
والْر ِ ت َ وا ِ ما َ
س َ في ال ّ ما ِه َ حل ُ سب ّ ُيُ َ
ووصفه نفسه سبحانه وتعالى بأنه) :خير الناصرين( ،وأنه -
)خير الراحمين( ،وأنه )خير الفاتحين( ،وأنه )خير الغافرين( ،وأنه
)خير الحاكمين( ،وأنه )خير الرازقين( ،وأنه )خير الوارثين( ،وأنه
)خير الفاصلين( ،وأنه )خير المنزلين(.
الثناء على الله تعالى في السنة: •
-قال صلى الله عليه و سلم [ :ول أحد أحب إليه المدح من الله
تعالى ]رواه البخاري ومسلم.
-قال النووي :حقيقة هذا مصلحة للعباد لنهم يثنون عليه
سبحانه وتعالى فيثيبهم فينتفعون وهو سبحانه غنى عن
العالمين ل ينفعه مدحهم ول يضره تركهم ذلك وفيه تنبيه
على فضل الثناء عليه سبحانه وتعالى وتسبيحه وتهليله
وتحميده وتكبيره وسائر الذكار.
جلل ذا ال َ ّ َ
-قال النبي صلى الله عليه وسلم ] :ال ِظوا بَيا َ
لكرام [ رواه الترمذي. وا ِ
دعاِئكم. ظ به في ُ ف ِ موه واث ْب ُُتوا عليه وأك ْث ُِروا من قوله والت ّل َ ّ أي ال َْز ُ
[ -جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
علمني كلما أقوله قال :قل ل إله إل الله وحده ل شريك له
الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا سبحان الله رب العالمين ل
حول ول قوة إل بالله العزيز الحكيم قال :فهؤلء لربي فما
لي قال :قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدنى وارزقني.
] رواه مسلم.
فهذا الحديث يشتمل على الثناء على الله في بدايته ثم الدعاء
للنفس.
-دعاء الكرب[ :ل إله إل الله العظيم الحليم ,ل إله إل الله رب
العرش العظيم ,ل إله إل الله رب السماوات ورب الرض
ورب العرش الكريم] متفق عليه.
تأمل الثناء على الله في صلتك: •
من خلل العناصر التالية: -
تكبيرة الحرام وتكبيرات النتقال من ركن إلى ركن عندما تقول) : -1
الله أكبر ( ففيه تعظيم لله وأنه أكبر من كل شيء.
دعاء الستفتاح[ :سبحانك اللهم وبحمدك ,وتبارك اسمك ,وتعالى -2
جدك ,ول إله غيرك] ،وقوله[ :تعالى جدك] أي :عظمتك وشأنك
وسلطانك.
الستعاذة :فالنسان ل يستعيذ إل بمن يعتقد أنه قوي قادر. -3
البسملة :ففيها الستعانة بالله والتوكل عليه وذكر الرحمن -4
الرحيم.
الفاتحة :أول ثلث آيات منها )الحمدلله رب العالمين الرحمن -5
الرحيم مالك يوم الدين( ،ففيها الثناء والتمجيد لله.
أذكار الركوع - [ :سبحان ربي العظيم]. -6
[ -سّبوح ,قدوس ,رب الملئكة والروح].
[ -سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي].
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
أن تتذكر أثناء الدعاء الثناء على الله تعالى ،وقد تكلمنا في الفصل -1
الذي قبله عن الثناء على الله ،فإن كثيرا من الناس مشغول في
أثناء دعائه بطلب حاجاته الدينية والدنيوية ،ول تجد أن الثناء على
الله يكتسح مساحة كبيرة وواسعة وعظيمة من دعائه ،وقد ذكر
العلماء أن من أسباب إجابة الدعاء الثناء على الله تعالى وتقديسه
وتمجيده ،ول تمل ول تسأم من الطالة في الثناء على ربك أثناء
الدعاء فإن الله قد أغدق علينا من نعمه التي ل تعد ول تحصى.
أن تتذكر أثناء الدعاء ذنوبك السابقة والحاضرة ،والخوف من -2
الوقوع فيها في المستقبل فتدعو الله سبحانه وتعالى أن يغفرها
لك ،وقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال [اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم
أعمل] .قالوا :معناه من شر ما اكتسبته مما قد يقتضي عقوبة في
الدنيا أو يقتضي عقوبة في الخرة وإن لم أكن قصدته.وورد أيضا
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان من دعائه [ اللهم اغفر لي
ذنبي كله ,دقه وجله ,وأوله وآخره وعلنيته وسره].
3-ان تتذكراثناء الدعاء الدعية التي وردت في القران ومنها على
سبيل المثال ) :ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم(
ما(ما ً
ن إِ َ
قي َ عل َْنا ل ِل ْ ُ
مت ّ ِ ج َ
وا ْ
ن َ قّرةَ أ َ ْ
عي ُ ٍ وذُّرّيات َِنا ُ
جَنا َ
وا ِ
َ
ن أْز َ
م ْب ل ََنا ِ
ه ْ
)َرب َّنا َ
راجع كتيب ) الدعاء ( للقحطاني
4-أن تتذكر أثناء الدعاء ما كان يدعو به النبي صلى الله عليه وسلم
من جوامع الدعاء ومنها على سبيل المثال:
[ -اللهم إني أسألك من الخير كله :عاجله وآجله ،ما علمت
منه وما لم أعلم ،وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ،ما
علمت منه وما لم أعلم .اللهم إني أسألك من خير ما سألك
عبدك ونبيك ،وأعوذ بك من شر ما استعاذ بك منه عبدك
ونبيك .اللهم إني أسألك الجنة ،وما قرب إليها من قول أو
عمل ،وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل ،
وأسألك أن تجعل كل قضاء قضيته لي خيرا].
[ -اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري ،وأصلح لي
دنياي التي فيها معاشي ،وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي
،واجعل الحياة زيادة لي في كل خير ،واجعل الموت راحة
لي من كل شر].
[ -اللهم آتنا في الدنيا حسنة ،وفي الخرة حسنة ،وقنا عذاب
النار].
] -اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والخرة[.
] -يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ول
تكلني إلى نفسي طرفة عين ل إله إل أنت[ .
-فهذه الدعية قد جمعت لك مطالبك الدينية والدنيوية ،فهي
جامعة كافية وافية شافية ،فاحرص عليها وكررها دائما في
فز بسعادة الدنيا والخرة. دعائك ت ُ
-5أن تتذكر قلبك ونيتك فتدعو الله دائما أن يصلح لك قلبك
فيطهره من النفاق والرياء والحقد والكبر والحسد والضغينة.وأن
يصلح نيتك فل تعمل إل لله ،ل تعمل من أجل الدنيا أو من أجل
الثناء أو من أجل منصب.
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم [ اللهم مصرف
القلوب صرف قلوبنا على طاعتك] و [ يا مقلب القلوب ثبت قلبي
على دينك].
لن قيمة النسان عند الله بما في قلبه من الطهارة والنقاء
والصفاء والخلص والصدق.
-6أن تتذكر إخوانك المضطهدين والمأسورين فتدعو لهم أن يجعل
الله لهم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا وأن يربط على
قلوبهم ويؤنس وحشتهم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم قال [دعوة المرء المسلم لخيه بظهر
الغيب مستجابة عند رأسه ملك موكل كلما دعا لخيه بخير قال
الملك الموكل به آمين ولك بمثل] صحيح مسلم.
والذي يدعو لخيه المسلم بظهر الغيب َيشعر برقي في المشاعر
والحاسيس فإن هذا الداعي ل يفكر فقط في نفسه أثناء الدعاء
بل يفكر في جميع إخوانه المسلمين.
-7أن تسأل الله الفردوس العلى ،فقد قال الرسول صلى الله
عليه وسلم] :إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في
سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والرض فإذا سألتم
الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش
الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة[.رواه البخاري.
أخي الكريم :ل تعتمد على أعمالك وكثرة طاعاتك ول تنظر إليها،
ولكن انظر إلى سعة رحمة الله وكرمه وفضله وجوده وعطاءه
وإحسانه فإنه الرحيم الكريم المنان الوهاب ذو الفضل العظيم.
-8أن تكرر الدعوة ثلثا ،وهذا من هديه صلى الله عليه وسلم..[ :
وكان إذا دعا دعا ثلثا وإذا سأل سأل ثلثا ]..رواه مسلم.
-قال النووي :فيه استحباب تكرير الدعاء ثلثا.
-وفي تكرار الدعاء يشعرك بقوة الرجاء ،وقوة الرغبة ،وقوة
الطمع فيما عند الله ،والله سبحانه وتعالى يحب من عبده أن
يكون قوي الرجاء ،قوي الرغبة فيما عنده.
-9أن تدعو لخوانك المسلمين بالمغفرة ،وقد جاء في الحديث عن
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [ :من استغفر للمؤمنين و
للمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن و مؤمنة حسنة] رواه الطبراني.
-فهذا فيه فضل عظيم لمن استغفر للمؤمنين والمؤمنات
الحياء والموات ،فكيف إذا كرره ثلث مرات؟ على كم سوف
يحصل من الحسنات....؟!
-تنبيه :أخي الحبيب إن من أنواع البر للقارب والرحام الدعاء
لهم ،فل تنس أن تدعو لهم دائما ،وهذا أمر قد غفل عنه كثير
من الداعين.
-10أن تستعيذ مما كان يستعيذ منه النبي صلى الله عليه وسلم،
وعلى سبيل المثال:
[ -اللهم إني أعوذ بك من العجز ،والكسل ،والجبن ،والبخل ،
والهرم ،وعذاب القبر ،اللهم آت نفسي تقواها ،وزكها أنت
خير من زكاها .أنت وليها ومولها .اللهم إني أعوذ بك من
علم ل ينفع ،ومن قلب ل يخشع ،ومن نفس ل تشبع ،ومن
دعوة ل يستجاب لها].
2
۞ هكذا كان الصالحون ۞
• تذكر دائما:
-قال أبو الدرداء :من يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له ،ومن
يكثر الدعاء يوشك أن يستجاب له.
• احذر كل الحذر:
خط على ربه -بعض الناس إذا لم ير أثر لجابة في دعائه تس ّ
خط على نفسه وذنوبه التي منعته من إجابة الدعاء ولم يتس ّ
له.
• الداعي رابح على كل أحواله:
اعلم أن ثمرة الدعاء مضمونة ،فقد قال النبي صلى الله عليه -
وسلم [ :ما من مسلم يدعو ،ليس بإثم ول بقطيعة رحم إل أعطاه
إحدى ثلث :إما أن يعجل له دعوته ،وإما أن يدخرها له في الخرة،
وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها .قال :إذا ً نكثر! قال :الله أكثر.].
نصيحة مشفق:كرر دائما في دعائك )ل إله إل أنت سبحانك -
إني كنت من الظالمين( ،و )ل حول ول قوة إل بالله( فإنها من
أعظم أسباب إجابة الدعاء.
إخوانكم في
مركـز الفجـر للعـلم
1430هـ 2009 -م
2