Professional Documents
Culture Documents
المختصر /
المختصر /خلل السابيع القليلة الماضية تصاعدت قضية المعارضة الطائفية في
البحرين ،فبعد وفد جمعية الوفاق الشيعية لواشنطن ،واستقبالهم في الكونجرس،
ف التمييز في البحرين ،بطَل َ ٍ
ب سل ّم ِ واشنطن مل ّ
ولقاءاتهم مع أعضائه للتفاوض على ت َ َ
من الوفاق ،جاءت قضية القبض على حسن مشيمع ،زعيم حركة حق الطائفية ،وعدٍد
خطّطَ ْ
ت من مساعديه ،فيما أعلنته السلطات البحرينية عن مشروع أمني بوسائل عنف َ
ن كان يتب َّنى قضية وضع البحرين تحت الوصاية الدولية،م ْ
له الحركة ،ومشيمع هو َ
وي ِّتها ،الذي جرى مطلع الخمسينات ،بين الضم ليران ،أو ه ُ
لعادة الستفتاء على ُ
للمحيط العربي .
ب على تحرير موضع حركة حسن مشيمع وباقي المعارضة الطائفية من خلل ص ّ
وحديثنا هنا ين َ
رد ،بين الوليات المتحدة والجمهورية اليرانية ،وانعكاسات ذلك على مط ِّ
استشراف تحسن العلقات ال ُْ
الملفات الساخنة التي تطرحها كلتا المبراطورتين في التفاوض على مستقبل العلقة ،وتأمين التحالف
ة بعيدةٌ عن قضية ) الحجيرة ( ،المتهمق ،والتنازل أو التهدئة في مفاصل أخرى ،وهي دراس ٌ ف ِ في ال ْ ُ
مت ّ َ
ن وجود الحركة بحرينّيا كبطاقة للجمهورية فيها حسن مشيمع ،زعيم الحركة المعارضة ،آخذةً بالعتبار أ ّ
اليرانية ،ل تقف عند نتائج القضية المنية ،ولها أبعادها الخاصة في استراتيجية النفوذ والتمدد ،وحالة
فا بين طهران وواشنطن . عا أو تحال ً
التجاذب صرا ً
بحسب الرصد للدراسات والتصريحات المريكية فإن ترتيب الملفات بين الوليات
المتحدة مع إيران ينقسم إلى أولويات رئيسية ،وأولويات فرعية ،آخذة في العتبار
تقييم واشنطن الذاتي لخسائرها الستراتيجية ،وما آلت إليه الوضاع،ـ وتجسيد رغبة
د الصفقة التي دعمها التحاد الوربي بتأييده للمسار ع ْ
ق ِ التقارب مع طهران ،وضرورة َ
المقترح من أوباما ،وباشرت به هيلري كلينتون وزيرة الخارجية المريكية الجديدة ،وهي أربع
ملفات رئيسية :
حد في الحرب الجديدة التي تنوي فقٌ عليه كلّيا ،كمواجهةٍ وجودية معه ،وهو التوَ ّمت ّ َ
الول والثاني ُ
ها مع المقاومة الفغانية ،ومنع حركة طالبان والمشروع الوطني السلمي الفغاني من واشنطن تسعيَر َ
ق ،بل وجموٍح من الجمهورية اليرانية ،التي أعربت مراًرا عن دم لحراز النصر ،وهو مح ّ
ل اتفا ٍ التقَ ّ
رفضها لنتائج هزيمة الحلفاء الطلسيين في أفغانستان ،ومعارضتها العتراف بانتصار المقاومة .
ما الملف الثاني ،فهو خطة ما بعد النسحاب المرحلي النسبي من العراق ،والتنسيق أ ّ
ع المقاومة السلمية الوطنية في العراق من الستفادة من خلل الضطراب لِ َ ْ ِ
ن م
ة على الحتلل وشركائه ،وهو ب المشروع التحرري الطاول َ َ
المصاحب له وسياقاته ،وبالتالي قل َ
دا وجودّيا لنفوذ المبراطوريتينوافَقٌ عليه بصورة كبيرة ..وكلهما يحمل تهدي ً
مت َ َ
ي ُ
ف رئيس ّ
ضا مل ّأي ً
ومستقبلهما الستراتيجي .
الملف الرابع :التأكيد بين العاصمتين على استئناف ودعم مساعي مفاوضات السلم
السورية السرائيلية ،والتي قطعت مشواًرا كبيًرا ،وتعَّزز حرص واشنطن وتل أبيب عليها بعد صعود
حركة المقاومة الفلسطينية بقيادة حماس ،وخشية تل أبيب واضطرابها الشديد من تفاقم ارتدادات
المعركة عليها وعلى حلفائها في فريق أوسلو والداعمين العرب له ،وهو ملف رئيسي قد يبقى
حا ,ولكن التوجه المريكي قد يوصله إلى توافق نسبي ،فيما يتعزز موقف دمشق بدعم طهران؛ متأرج ً
من وضع النظام في التعامل الجديد لحفظ ما في المعادلة ،ويتأ ّ ً
لكي تكون طرفا رئيسّيا محسو ً
ط بين دول المولة لواشنطن ،والتي اسُتهلكت كلّيا ،وعجزت عن س ٍ
ف َ َ
و التوازنات مع واشنطن كطر ٍ
إيجاد توازن لها ،مع التطلعات الشعبية التي تحيط بمحور المقاومة الصاعد في العراق وأفغانستان
وفلسطين .
الملفات الفرعية
وحين نقول :إنها ملفات فرعية ،فل يعني ذلك أنها ليست ذات بعد استراتيجي
لواشنطن ،غير أن الخيرة تعطي أولوية لمواجهة دوائر التهديد الوجودي لهيمنتها،
ي في وبالتالي تعطي مرونة أكبر في هذه الملفات ،ومن هذه الملفات التمددُ اليران ِ ّ
صا ،وهو ما يسعى اليرانيون لتأكيده ،بل وتطوير ما ،وفي البحرين خصو ً الخليج عمو ً
الرسائل القوية فيه ،سواءً من خلل دعم الحركات الموالية لها ،كحركة مشيمع،
وجمعية الوفاق ،وقوى مستقلة تنشأ بتوقيت خاص -مع تأكيدنا المستمر على أن المقصود
التنظيمات الحزبية الموالية لطهران ،وليس أبناء الطائفة المامية – أو كان ذلك من خلل رسائل
مباشرة إلى بعض الطراف في الخليج ،كإعادة التهديد للمارات بشأن توسيع القضية إلى أصل قناعة
الثورة اليرانية في مطالبتها بساحل الخليج الغربي المتضمن لحدود المارات ،في حال استمرت دولة
المارات بالمطالبة بالجزر ،وهو ما وََرد َ على لسان عضو برلماني إيراني ،وما أعقبه من تهديد لنفس
فك ُّر في سحب استثماراتها المليارية من دبي ،وتأثيراته المباشرة على الوضع
السبب ،بأن إيران ت ُ َ
القتصادي المضطرب للمارة في الخليج ،وبروز تساؤل أكبر :ما هو المقابل لبقاء الستثمار ؟
البحرين المحور
ن النفوذ اليراني في البحرين يبقى مركزّيا لملف التمدد في الخليج؛فا على ما قلناه أمس ،إل ّ أ ّوعط ً
يسا تمدد النفوذ اليراني في إقليم الحساء شرقِ ّ
لمحورية البحرين للمنطقة ،ويتداخل معه تما ّ
ج ،تعتقد الجمهورية اليرانية أن الوقت قد حان للتقدم نحوه ،وأنمت َد َّر ٌ
السعودية ،وهو نفوذ مرحلي ُ
واشنطن مستعدةٌ للقبول به ،وإن اختلفت الصيغ في انعكاس هذا النفوذ سياسّيا واستراتيجّيا على
المنطقة.
م للغاية ،وهو طريقة إدارة طهران لبطاقات المعارضة الموالية لها ،وهي
ف مه ّ
من هنا سيبرز لنا مل ّ
ت تتك َّرُر في الخليج والعراق ،مع الفارق ،وتأخذ مسارات إشعال وتهدئة تخضع لمصالح الجمهوريةحال ٌ
اليرانية العليا ,فلو استعرضنا الحالة العراقية لوجدنا أّنها تختلف في مستويات الرعاية والتوجيه ،وفَ ْ
سِح
ة،
المجال لطرها المختلفة بالتقدم للعبة السياسية المحلية والعلقات مع واشنطن ,بدًءا بأخفها علق ً
كحزب الفضيلة الذي واجهه اليرانيون بشدة ،حين بدأت نزعة الحياء العراقية والنتماء العربي فيه
تصطدم مع مصالح الجمهورية ،فتم تصفية عدد من شخصياته ،ومحاصرته ،ثم اضطرابات التيار
الصدري؛ حيث ركزت طهران بقوةٍ على إبطال اتفاقه مع هيئة علماء المسلمين لمنع الفتنة الطائفية
كر تارةً في قالب س َ
ت بوصلته يميًنا ويساًرا في اضطراب شديد ي ُعَ ْ
عند بدء تشكله ،وهو التيار الذي تغير ْ
ك
حّر ٍ
س تارة أخرى ،ثم يبقى في حالة إعداد إسنادي ،أو غطاء لت َ سي ّ ُ
طائفي ومناوش لواشنطن ،وي ُ َ
تقوم به الطراف الخرى ،وهما مجلس الحكيم العلى ،وحزب الدعوة ،اللذان أدارا حالة التمدد
اليراني في العراق ،من خلل الحتلل وعمليته السياسية .
والمقصود هنا هو هذه البانوراما في إدارة اليرانيين لقواعد اللعبة للمعارضة الموالية
ن
طي مؤشرا إلى أ ّع ِلهم في الخليج ،وكيف سُيترجم هذا في حالة البحرين ،مما ي ُ ْ
تفويج حركة مشيمع التي اعتمدت على أقصى درجات المواجهة مع البناء السياسي
للدولة والمجتمع الخر ،وكّرست لغة الخندقة الطائفية ميداًنا مشتعًل في البحرين ،من
الصعب أن يستمر في هذا القالب ،ول ب ُدّ من إعادة ترويضه ،ثم وضعه في سكة
التهديد الموسمي .
ه عودةُ الديمقراطيين إلى واشنطن ،وحجم العلقة بينهم وبين جمعية الوفاق وما ي ُعَّزُز هذا التوج َ
قا في البحرين/،وشخصية والقوى التابعة لها في مسألة المعهد الديمقراطي المريكي ،الذي أقيم ساب ً
ة وأن الخيرة كانت في فريق الصياغة المريكي الذي أعد دراسة القيادية فيه مادلين أولبرايت ،خاص ً
مستقبل الدارة القادمة -أي الحالية الن -مع الوطن العربي ،وعليه فإن إعادة برمجة حركة مشيمع
ضرورةٌ للمشروع القادم ،وإن كان الوضع في كل الحوال ل ُيعرف إلى أين يتوجه ،مع استمرار
النعكاسات في مدارات الملفات الرئيسية على هذا الملف .
وقد كررنا مراًرا في مقالتنا عن عموم دول الخليج أن المسار الصلحي الفعال ،وتجسير العلقة
الوجودية مع الهوية العربية ،والتحاد إقليمّيا لدول مجلس التعاون في الخليج ،هو التوجه الفعال لملقاة
الخطار المركزية ،ونتائج تطبيقات الصفقة ،مع اليمان بدعم قوى المواجهة الصاعدة ،ومد ّ الجسور
ة المقاومة العراقية ،والعتراف بالصعود الجديد ة ،وخاص ً
ت مهم ً شك ّ ُ
ل توازنا ٍ معها كمشاريع قوى ت ُ َ
ة فيلحركة طالبان ،والنأي في أقل الحوال عن مشاركة المعسكر المعادي للقضايا العربية ،وخاص ً
ف اللتفاففلسطين ،حتى ل يزيد هذا التوَّرط مع مشاريع حلفاء تل أبيب ،تعقيد َ الحالة الوطنية ،وضع َ
الشعبي المنهك أصًل ،بسبب توقف عملية الصلح ،وانتهاء مواسمها الحتفالية..
ج من إدارة ومع الرادة لن يكون هناك عجز ،فقد فعلت دول مماثلة في المنطقة نماذ َ
ما
فا به إقليمّيا ،بغض النظر عن أهداف التحرك لكل جهة ،وأ ّ عت ََر ً
م ْ
ما ُ كها ،جعل َت ْ َ
ها رق ً حَرا ِ ِ
ت هي بعجزها ،وغّيرت ْ اعترف وقد واشنطن، إرادة ة
َ رهين يبقوا أن على رون ا ُ ِ ّ
ص م ْ ل
ذا مصيرهم الذي صنعوه قرارها لدارة مصالحها..وما لم يغيروا هم ،فلينتظروا إ ً
بأيديهم!