Professional Documents
Culture Documents
أما بعد
مة ،لنه
سي ْ َ
ج ِ مه ال َ
ع ِون ِ َعظيمة َن الله ال َ
من ِ ِ
ج من ِ
]*[ لما كان الزوا ُ
ل به التعفف للمسلم ،وبه يجمع شتات قلبه ،ويسكن به يحص ُ
ن للشياطين ، ن على الدين ،ومهي ٌ قلبه عن الحرام لن النكاح معي ٌ
ب للتكثير الذي به مباهاة سيد ن دون عدو الله حصين ،وسب ٌ وحص ٌ
المرسلين لسائر النبيين ،ولنه خيُر زاٍد ليوم الميعاد بعد تقوى
دا معا ً لقيام الساعة . ع ّالله تعالى حيث يتعاونا معا ً على الطاعة،وي ُ ِ
ت « خاف ال َ
فو ْ »1 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ ولما كان منتهى أمل الزوج وأقصى غايته في الزواج أن
حَرةً أبّية ،ل حي ِّية ُ ، ة َ ة نقية ،عفيف ً ة تقي ً يرزقه الله تعالى زوج ً
ُ
يطمع فيها طامع ،ول يرتع حول حماها راتع ،يهنأ بها و تحفظ
ه
حب ُ صا ِ من ِّية ،وت ْ فقه حتى تأتيه ال َ مته ،وت َُرا ِ غيبته ،وتصون كرا َ
ةعدّ معه لقيام ِ الساعة ،زوج ً عي ُْنه على الطاعة ،وت ُ ِ بالقناعة ،وت َ ِ
تتدفق حياءا ً وتشرق طهرا ونقاءا .
]*[ ولن صلح السرة طريق أمان الجماعة كلها ،وهيهات أن
ت فيه حبال السرة ،فالسرة المؤمنة تربى هن ْ و َ يصلح مجتمع َ
الجيال ،ومن مثل هذه السرة يتخرج القادة والمصلحون ،كيف
ن الّله سبحانه بهذه النعمة ..نعمة اجتماع السرة وتآلفها وقد امت ّ
َ َ
ع َ
ل ج َ و َواجا ً َ م أْز َ سك ُ ْف ِ ن أن ْ ُ م ْ م ّ ل ل َك ُ ْ ع َ ج َ ه َ والل ّ ُ وترابطها قال تعالىَ ) :
َ َ
لفِبال َْباطِ ِ تأ َ ن الطّي َّبا ِ م َ كم ّ ق ُ وَرَز َ فدَةً َ ح َو َ ن َ كم ب َِني َ ج ُ وا ِ ن أْز َ م ْم ّ ل َك ُ ْ
ن( ]سورة :النحل -الية [72 :إن فُرو َ م ي َك ْ ُ ه ْ ه ُ ة الل ّ ِ م ِ ع َ وب ِن ِ ْ
ن َ مُنو َ ؤ ِ يُ ْ
الزوجين وما بينهما من وطيد العلقة ،وإن الوالدين وما يترعرع
في أحضانهما من بنين وبنات يمثّلن حاضر أمة ومستقبلها ،ومن
ك روابط أسرة فهو ل يهدم بيًتا ف ّ ثم فإن الشيطان حين يفلح في َ
دا ،وإنما يوقع المة جمعاء في أذى دا ،ول يحدث شرا محدو ً واح ً
ستعر وشّر مستطير .والواقع المعاصر خيُر شاهد. م ْ ُ
قا ،لي ًّنا ً
سيرة ،طّيب السريرة ،سهل رفي ً م الله رجل محمود ال َ ً ّ ح َ فَر ِ
ما في أمره ،ل يكلف شططا ول يرهق ما بأهله حاز ً فا ،رحي ً رؤو ً
م الّله امرأة ل تطلب غل ً
طا ح َ عسًرا ،ول يهمل في مسؤولية ،وَر ِ ُ
ّ
ة للغيب بما حفظ الله. ة حافظ ً ة قانت ً ول تكثر لغطا صالح ً ً
]*[ ولما كان هذا ل يتأتى إل بتقوى الله تعالى والعلم بحقوق
الزوجين لن التقوى والعلم قرينان في كتاب الله تعالى مصداقا ً
م( عِلي ٌ ء َ ي ٍ
ش ْ ل َ ه ب ِك ُ ّ والل ّ ُ ه َ م الل ّ ُ مك ُ ُ عل ّ ُ وي ُ َ
ه َ قوا ْ الل ّ َ وات ّ ُ لقوله تعالى َ ) :
]سورة البقرة ، [282/وما أحرانا أن نتعلم سننه وآدابه ،ونشرح
مقاصده وآرابه .
قل م ِ دم هذا الجهد ال ُ ]*[ لهذه المور مجتمعة أردت أن أق ّ
ق الزوجية _ مبتدأ بمقدمة عن ً
حقو ِ رية بال ُ والمسمى _ َتذك ِي ُْر الب َ ِ
رض مكانة المرأة في السلم ثم تعريف الزواج وفضله ،ثم أع َ ِ
أسس اختيار الزوج لزوجته وأسس اختيار الزوجة لزوجها ،ثم
ل منهما لن التذكرة أورد حقوق الزوجين لكي تكون تذكرةً لك ٍ
ع
ف ُ ى َتن َ ن الذّك َْر َ فإ ِ ّ وذَك ّْر َ نفعها عميم وفضلها جسيم لقوله تعالىَ ) :
كر العاقل وت ُن َِبه الغافل ن( ]الذاريات [55 :فإن التذكرة ت ُذَ ِ مِني َ ؤ ِ م ْ ال ْ ُ
وم المائل ،فأبدأ بحقوق الزوجة ثم حق الزوج ثم الحقوق ق ّ وت ُ َ
ع هذا الكتاب بين يدي كل زوجين المشتركة بين الزوجين ،فأض ُ
لداعيا ً الله تعالى أن يجعله عونا ً لهما بعد الله تعالى في أن يهنأ ك ٌ
ت « خاف ال َ
فو ْ »2 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
منهما بالخر في حياة يسودها المودةُ والرحمة ،والحياء والعفة ،
ة أبّية ،وأن يعيشا معا ً في حر ٍ حي ِّية ُ ،ة َة تقية نقية ،عفيف ٍ مع زوج ٍ
شبه البرار . ء يُ ْ ة ووقار ،وسكينة واستقرار ،ونقا ٍ عز ٍ ِ
بببب بب ببب بببببب :
) (1التذكير بمكانة المرأة في السلم ثم تعريف الزواج وفضله
رض أسس اختيار الزوج لزوجته وأسس ِ مه البالغة ،ثم أع َ حك َ َ و ِ
ً
اختيار الزوجة لزوجها ،ثم إيراد حقوق الزوجين مبتدأ بحقوق
الزوجة ثم حقوق الزوج ثم الحقوق المشتركة بينهما.
خْلتها وزبدةٌ استخلصتها مما يزيد ة انَتـ َ) (2إن هذا الكتاب خلص ٌ
على مائة كتاب عن الزواج ،عدا كتب التفسير والحديث والفقه
ت منها لباب النقول من الكتب الفحول ،أهديها لكل ونحوها ،أخذ ُ
حَللسها ُ ل ،سائل ً الله تعالى أن ي ُل ْب ِ َ قو ٍ ع ُ ب َقل ْ ٍ
و َ
ل َو ٍ
سؤ ْ ن َ سا ٍ ِل َ
القبول وأن يرزقني وإياكم الثواب المأمول ،وهآنذا أضعها بين
يدي القارئ الكريم من باب الذكرى لمن كان له قلب ،أو ألقى
صالسمع وهو شهيد ،يجد فيه وصايا ذهبية صادرة عن إخل ٍ
ن طوية أقدمها للزوجين الكريمين لعلها تجد لهما في حس ِ و ُ
قعا عسى الله أن ينفعهما بها ً سمعهما مسمعا وفي قلبهما مو ِ
قهما إلى تنفيذها . ف ْ و ِ وي ُ َ
) (3أنني ل أورد حديثا ً إل عزوته إلى بعض الكتب الصحيحة على
المنهج التي :ما كان في الصحيحين أو أحدهما أكتفي بذلك ،وما
لم يكن في الصحيحين أو أحدهما أعزوه إلى صحيح السنن الربعة
إن كان موجودا ً بها كلها ،وإن كان موجودا ً في بعضها فإنني
أعزوه إلى كتابين فقط منهم وإن كان موجودا ً في ثلث ،وإن
كان موجودا ُ في كتاب واحد منهم أعزوه إليه ،وهكذا تجدني أقدم
الكتب الستة على غيرها لنها عماد طالب العلم في الحديث – بعد
الله تعالى ، -وما لم يكن في الكتب الستة فإنني أعزو الحديث
إلى غيرها من الكتب الصحيحة مثل صحيح الجامع ،صحيح الدب
المفرد ،السلسلة الصحيحة ،كما أنك تجدني أيها القارئ الكريم
ع
ء اللم ِة الضيا ِ أحيل في تصحيح الحديث وتضعيفه على العلم ِ
والنجم الساطع الشيخ اللباني حفظه الله ،ونحن حينما نحيل
بي لنه كوك ُ على الشيخ اللباني فإننا – ولشك – نحي ُُ
ل على مل ّ
نظائره وزهرةُ إخوانه في هذا الشأن في زماننا هذا العالم الجليل
ة من السنة بتقديمه مشروع ) تقريب سع دائرةَ الستفاد ِ الذي و ّ
السنة بين يدي المة ( ذلك المشروع الذي بذل فيه أكثر من
أربعين سنة ،ومن أراد أن يعرف هذه الفائدة العظيمة فلينظر
على سبيل المثال إلى السنن الربعة التي ظّلت مئات السنين
محدودة الفائدة جدا ً حيث كانت الستفادة منها مقتصرة على من
ت « خاف ال َ
فو ْ »3 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كان له باع في تصحيح الحديث وتضعيفه ولكن بعد تقديم الشيخ
اللباني لصحيح السنن الربعة اتسعت دائرة الستفادة حتى تعم
كل طالب أراد أن يستفيد وهذا ول شك فائدة عظيمة جدا ُ عند من
نور الله بصيرته وأراد النصاف ،ومن المؤسف في زماننا هذا أن
نرى بعض طلبة العلم ممن ل يقام لهم وزنا ً في العلم يتطاولون
على الشيخ اللباني ويجترئون عليه ويترقبون له الهفوات
ويتصيدون له الخطاء ويلتمسون العثرات ليشهروا به وهذا – ول
ة الضمائر ولؤم شك – يدل على فساِد النية وسوء الطوية وسقام ِ
السرائر ويدل كذلك على أن قلبه أخلى من جوف البعير ،إذ لو
تعلم العلم لعلم أن من أدب العلم التوادَ فيه ،ولقد كان ابن
عباس – رضي الله عنهما – يأخذ بركاب زيد ابن ثابت – رضي الله
عنه -ويقول هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء ،وكان الشافعي رحمه
الله يقول لعبد الله ابن المام أحمد :أبوك من الستة الذين أدعو
ولت لهم أنفسهم أن لهم كل يوم عند السحر ،ول أدري كيف س ّ
يتطاولوا على عالم صاحب حديث رسول الله أكثر من نصف قرن
ول أدري كيف يتطاولون على العالم والكتاب والسنة طافحين بما
يدل على احترام أهل العلم وتوقيرهم ،أل فليحذر طالب العلم
من أن يكون سيئ الخلق ناطحا ً للسحاب يترقب للعالم الهفوات
ص من مقدار التقوى ويلتمس العثرات ليشهر به فإن ذلك ينق ُ
عنده مما يكون سببا ً في حرمانه من العلم ،بل ينبغي لطالب
مب الخلق سلي َ م الطباع حميدَ السجايا مهذ َ العلم أن يكون كري َ
سِلم
غِنم وإذا سكت َ الصدر مفتاحا ً للخير مغلقا ً للشر إذا تكلم َ
وينبغي له أن يعرف أن العالم مع جللته وعظم قدره قد يخطأ في
اجتهاده فإن لكل جواٍد كبوة ولكل عالم هفوة وسبحان من له
ل
الكمال ،فل يكن خطأ العالم سبب لنتقاصك لحقه أو فرصة للني ِ
ب على اجتهاده سواء أصاب منه ،وليكن نصب أعينك أن العالم مثا ٌ
أم أخطأ وحسُبك حديث النبي الثابت في الصحيحين عن عبد الله
ابن عمرو – رضي الله عنهما –أن النبي قال :إذا حكم الحاكم
فاجتهد ثم أصاب فله أجران ،وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر .
،ثم عليك بعد ذلك أن تترك العالم هو الذي يحكم على العالم و
أخرج من بين النسور ول تناطح السحاب .
أنا أقدم هذا الكتاب كتمرين لطالب العلم على حفظ المسألة بأدلتها
من الكتاب والسنة الصحيحة حتى ينشأ طالب العلم على هذا النحو
وحتى يصل إلى أن يكون ذلك طبعا ً له ل تكلفا ً ويكون الكتاب والسنة
له كالجناحين للطائر يتمسك بهما ويعض عليهما بالنواجذ لن ذلك
ة من الضلل لقول النبي rفيما ثبت في صحيح الجامع عن سبيل النجا ِ
ت « خاف ال َ
فو ْ »4 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب أبى هريرة رضي الله عنه )ترك ُ
ي الحوض (الله وسنتي ،ولن يتفرقا حتى يردا عل ّ
ويجب التنبيه على طالب العلم أن يتمسك بالوحيين كليهما
)الكتاب والسنة( وليس الكتاب فقط لقول النبي rفيما ثبت في
صحيح أبي داوود عن المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه )أل
ن ومثَله معه ( من المؤسف فى زماننا هذا ت القرآ َ وإني أوتي ُ
تجرئ بعض الجهلة على النبي rفيقولون انه بشر مثلنا هات
الدليل من القرآن فقط ــ وهذا يدل ول شك ـــ على أن قائل هذه
العبارة جاهل جهل مركب بل هو أضل من حمار أهله ،وقد أخبر
النبي
النبي rأن هذا سيقع في أمته فقال فيما ثبت في صحيحي أبى
داود و الترمذي عن المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه )يوشك
ث فيقول بيننا ث من حدي ٍ ث بحدي ٍ الرجل متكئا ً على أريكته ي ُ َ
حدَ ُ
ل استحللناه وما وجدنا وبينكم كتاب الله ،فما وجدنا فيه من حل ٍ
فيه من حرام ٍ حرمناه ،أل وإن ما حّرم رسول الله مثل ما حرم
الله (
( ولقد كان السلف الصالح يدعون إلى التمسك بالوحيين كليهما
ضل ُِلون من يتمسك بالكتاب فقط ،قال أبو قلبة :إذا رأيت رجل وي ُ َ
يقول هات الكتاب ودعنا من السنة فاعلم أنه ضال .
وقال المام احمد رحمه الله:
ة للفتـى الثـــاُر نعم المطيـ ُ د أخبـــاُر دين النبي محمــ ٍ
ث نهــاُرل والحديـ ُ ي ليـ ٌفالرأ ُ
ث وأهله ن عن الحديـ ِ ل ترغبّـ ّ
وقال الشافعي رحمه الله
ث وعلم الفقه في إل الحدي ِ نل العلوم ِ سوى القرآ ِ كُ ُ
الدين ة
مشغل ٌ
س
م ما كان فيه قال حدثـنا وما سوى ذاك وسوا ِ العـل ُ
الشياطين
-4أختم الكتاب بفهرس مزود بأرقام الصفحات لسهولة الحصول
على العنصر المراد من الكتاب .
هذا والله أسأل أن يجعل عملي خالصا ً لوجهه الكريم وسببا ً لني ِ
ل
ت النعيم وأن يعصمني وقارئه من الشيطان الرجيم ،وما كان جنا ِ
ب فمن الواحد المنان ،وما كان من خطأ في هذا الكتاب من صوا ٍ
ع عنه بإذن فمن نفسي ومن الشيطان ،والله برئ منه وأنا راج ٌ
الله ،فنسأل الله أن يحملنا على فضله ول يحملنا على عدله إنه
سبحانه على من يشاءُ قدير وبالجابة جدير وهو حسبنا ونعم
الوكيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
أبو رحمة /محمد نصر الدين محمد عويضة
ت « خاف ال َ
فو ْ »5 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
المدرس بالجامعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة فرع مدركة
ورهاط وهدى الشام
20/9/1416هجرية
ت « خاف ال َ
فو ْ »6 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ مكانة المرأة في السلم[*]
لم تعرف البشرية دينا ً ول حضارة عنيت بالمرأة أجمل عناية وأتم
رعاية وأكمل اهتمام كتعاليم السلم ...تحدثت عن المرأة وأكدت
على مكانتها وعظيم منزلتها جعلتها مرفوعة الرأس موفورة
الكرامة عالية المكانة مرموقة القدر .
لها في شريعة السلم العتبار السمى والمقام العلى تتمتع
بشخصية محترمة ذات حقوق مقررة وواجبات معتبرة .
لقد كانت المرأة في الجاهلية ،تعد من سقط المتاع ل يقام لها
وزن ،حتى بلغ من شدة بغضهم لها آنذاك أن أحدهم حينما تولد له
البنت يستاء منها جدا ويكرهها ول يستطيع مقابلة الرجال من
الخجل الذي يشعر به.
هاَنة ،ويصبر هو على م َ ثم يبقى بين أمرين إما أن يترك هذه البنت ُ
كراهيتها وتنقص الناس له بسببها .وإما أن يقتلها شر قتله ،بأن
يدفنها وهي حية ويتركها تحت التراب حتى تموت ،وقد ذكر الله
ه ى ظَ ّ م ِبال ُن ْث َ َ ذا ب ُ ّ وإ ِ َ
ه ُج ُ و ْ ل َ َ ه ْ حدُ ُشَر أ َ ذلك عنهم في قوله تعالىَ ) :
َ ن ال ْ َ
سك ُ ُ
ه م ِ ه أي ُ ْ شَر ب ِ ِ ما ب ُ ّ ء َ و ِ س َ من ُ وم ِ ِ ق ْ م َ ى ِ واَر َ م * ي َت َ َ ظي ٌ و كَ ِ ه َ و ُودّا ً َ س َ م ْ ُ
َ َ َ
ن( ]النحل-58: مو َ حك ُ ُ ما ي َ ْ سآءَ َ ب أل َ َ في الت َّرا ِ ه ِ س ُ م ي َدُ ّ نأ ْ هو ٍ ى ُ عل َ َ
.[59وأخبر سبحانه أنه سينصف هذه المظلومة ممن ظلمها
َ
بذن ٍ ى َ ت * ب ِأ ّ سئ ِل َ ْ ءودَةُ ُ و ُ ذا ال ْ َ
م ْ وإ ِ َ وقتلها بغير حق ،قال تعالىَ ) :
ت( ]التكوير.[9-8: قت ِل َ ْ ُ
وكانوا في الجاهلية إذا لم يقتلوا البنت في صغرها يهينونها
في كبرها ،فكانوا ل يورثونها من قريبها إذا مات ،بل كانوا
يعدونها من جملة المتاع الذي يورث عن الميت ،كما روى البخاري
وغيره عن ابن عباس قال :كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق
بامرأته ،إن شاء بعضهم تزوجها ،وإن شاءوا زوجوها ،وإن شاءوا
مُنوا ْ َ
نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها ،فنزلت َ) :يا أي ّ َ
سآءَ ك َْرها ً ( ]النساء.[19: ل ل َك ُ َ
رُثوا ْ الن ّ َ م أن ت َ ِ ْ ح ّ ل َ يَ ِ
وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العدد الكثير من النساء من غير
حصر بعدد ويسيء عشرتهن ،فلما جاء السلم حرم الجمع بين
أكثر من أربع نساء واشترط لجواز ذلك تحقق العدل بينهن في
ء
سآ ِ ن الن ّ َ م َم ّ ب ل َك ُ ْ طا َ ما َ حوا ْ َ فانك ِ ُ الحقوق الزوجية قال تعالىَ ) :
َ َ
تمل َك َ ْ ما َ و َ حدَةً أ ْ وا ِ دُلوا ْ َ
ف َ ع ِ م أل ّ ت َ ْ فت ُ ْخ ْ ن ِ فإ ِ ْ ع َ وُرَبا َ ث َ وث ُل َ َ
ى َ مث ْن َ َ َ
ْ ُ ّ َ َ َ ُ َ
عولوا( ]النساء.[3: ى أل ت َ ُ م ذَل ِك أدْن َ َ مان ُك ْ أي ْ َ
ت « خاف ال َ
فو ْ »7 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نعم لقد جاء السلم والمرأة على هذا الوضع السيئ ،فأنقذها
منه وكرمها ،وضمن لها حقوقها ،وجعلها مساوية للرجل في كثير
من الواجبات الدينية ،وترك المحرمات وفي الثواب والعقاب،
ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ
وه َ و ُ ى َ و أن ْث َ َ ٍ ْ
َ
ّ
َ
م َ َ ع ِ ن َ م ْ وعلى ذلك :قال تعالىَ ) :
كاُنوا ْ ما َ ن َ ول َن َ ْ حَياةً طَي ّب َ ً فل َن ُ ْن َ م ْ
س ِ ح َ هم ب ِأ ْ جَر ُ مأ ْ ه ْ زي َن ّ ُ ج ِ ة َ ه َ حي ِي َن ّ ُ م ٌ ؤ ِ ُ
ن( ]النحل.[97: ملو َ ُ ع َ يَ ْ
تمَنا ِ ؤ ِ م ْ ْ
وال ُ ن َ مِني َ ؤ ِ م ْ وال ُْ ت َ ما ِ سل ِ َ م ْ وال ُ ْ ن َ مي َ سل ِ ِ م ْ ْ
ن ال ُ وقال تعالى) :إ ِ ّ
تصاب َِرا ِ وال ّ ن َ ري َ صاب ِ ِ وال ّ ت َ قا ِ صاِد َ وال ّ ن َ قي َ صاِد ِ وال ّ ت َ قان َِتا ِ وال ْ َ ن َ قان ِِتي َ وال ْ َ َ
ن مي َ صائ ِ ِ ت وال ّ صدّقا ِ َ مت َ َ وال ُْ ن َ قي َ صدّ ِ مت َ َ وال ُ ْ ت َ عا ِ ش َ خا ِ وال َ ْ ن َ عي َ ش ِ خا ِ وال َ ْ َ
ه ّ
ن الل َ ري َ كـ ِ ذا ِ وال ّ ت َ فـظا ِ َ حا ِ وال َ ْ م َ ه ْ ج ُ فُرو َ ن ُ ظي َ ف ِ حا ِ وال َ ْ ت َ ما ِ صائ ِ َ وال ّ
ظيمًا( ]الحزاب.[35: جرا ً َ َ َ
ع ِ وأ ْ فَرةً َ غ ِ م ْ هم ّ ه لَ ُ عدّ الل ّ ُ تأ َ ذاك َِرا ِ وال ّ ك َِثيرا ً َ
وفضل الله الرجل على المراة في مقامات ،ولسباب تقتضي
تفضيله عليها ،كما في الميراث والشهادة والدية والقوامة
والطلق ،لن عند الرجل من الستعداد الخلقي ما ليس عند المرأة
وعليه من المسؤولية في الحياة ما ليس على المرأة ،كما قال
ه ل الل ّ ُ ض َ ف ّ ما َ ء بِ َ سآ ِ عَلى الن ّ َ ن َ مو َ وا ُ ق ّ ل َ جا ُ تعالى قال تعالى) :الّر َ
َ ْ َ
م ]النساء.[34: ه ْ وال ِ ِ م َ نأ ْ م ْ قوا ِ ف ُ مآ أن ْ َ وب ِ َ ض َ ع ٍ ى بَ ْ عل َ َ م َ ه ْ ض ُ ع َ بَ ْ
م( ]البقرة: كي ٌ ح ُ زيٌز َ ع ِ ه َ والل ّ ُ ة َ ج ٌ ن دََر َ ه ّ علي ْ ِ
ل َ َ جا ِ وِللّر َ وقال تعالىَ ) :
.[228
وجعل الله للمرأة حقا في الميراث فقال سبحانه قال تعالى:
ما
م ّ ب ّ صي ٌ ء نَ ِ سآ ِ وِللن ّ َ ن َ قَرُبو َ وال ْ ن َ دا ِ وال ِ َ ك ال ْ َ ما ت ََر َ م ّ ب ّ ل َنصي ِ ٌ جا ِ )ّللّر َ
فُروضًا( ل من ْ َ
م ْ صيبا ً ّ و ك َث َُر ن َ ِ هأ ْ ق ّ ِ ُ ما َ م ّ ن ِ قَرُبو َ وال ْ ن َ دا ِ وال ِ َ ك ال ْ َ ت ََر َ
]النساء،[7:
وجعل الله لها التملك والتصدق والعتناق كما للرجل قال
ت( ]الحزاب.[35: قا ِ صدّ َ مت َ َ وال ْ ُ ن َ قي َ صدّ ِ مت َ َ وال ْ ُ تعالى َ ):
وجعل لها الحق في اختيار الزوج فل تزوج بدون رضاها ،صانها
الله بالسلم من التبذل ،وكف عنها اليدي الثمة ،والعين
الخائنة ،التي تريد العتداء على عفافها ،والتمتع بها على غير وجه
شرعي ،وهكذا عاشت المرأة تحت ظل السلم وكرامته .أما ً
ة وأختا ً في الدين .تؤدي وظيفتها في الحياة ربة بيت ة وقريب ً وزوج ً
وأسرة ،وتزاول خارج البيت ما يليق بها من العمال إذا دعت
الحاجة إلى ذلك مع الحتشام والحتفاظ بكرامتها ومع التزام
الحجاب الكامل الضافي على جسمها ووجهها ،وتحت رقابة وليها.
فل تخلو مع رجل ل يحل لها ال ومعها محرمها .ول تسافر إل مع
محرمها .هذا وضع المراة في السلم الذي هو دين الرحمة
والكمال والنزاهة والعدل ،وأوصى بها نبي السلم عليه الصلة
والسلم وصية خاصة حين كما في الحديث التي :
ت « خاف ال َ
فو ْ »8 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن ش ّ ج َ ص ال ُ و ِ ح َ )حديث أبي ال ْ
َ
نه ّ ما ُ خْيرًا ،فإ ِن ّ َ ء َ سا ِصوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْوا ْ ماجة ( أن النبي rقال :أل َ َ
َ شْيئا ً َ
ن
ن َيأِتي َ ك إ ِل ّ أ ْ غي َْر ذَل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ِ ن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ،ل َي ْ َ عن ْدَك ُ ْ ن ِ وا ٌ ع َ َ
ن
ه ّ رُبو ُ ض ِوا ْ ع َ ِ ج
ضا ِ م َ ن في ال َ ه ّ جُرو ُ ه ُ فا ْ ن َ عل ْ َ ف َ ن َ فإ ِ ْ ةَ ، مب َي ّن َ ٍ ة ُ ش ٍ ح َ فا ِ بِ َ
عل َيهن سبي ً َ َ
ن ل َك ُ ْ
م وإ ِ ّ ل .أل َ َ غوا َ ْ ِ ّ َ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عن َك ُ ْ ن أطَ ْ فإ ِ ْ حَ ، ٍ مب َّر غي َْر ُ ضْرب َا ً َ َ
م ُ َ ُ ح ّ َ ح ّ ُ َ ُ ح ّ ُ َ
سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ قك ْ ما َ قا ،فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ سائ ِك ْ ول ِن ِ َ قاَ ، م َ سائ ِك ْ على ن ِ َ َ
ْ
نم ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ول ي َأذَ ّ نَ ، هو َ م من ت َك َْر ُ شك ُ ْ فُر َ ن ُ وطِئ ْ َ فل َ ي ُ ْ َ
عل َيك ُ َ َ
نه ّ وت ِ ِس َ ن في ك ِ ْ سُنوا إ ِل َْيه ّ ح ِ ن تُ ْ مأ ْ ن َ ْ ْ ه ّ ق ُ ح ّ ن َ وإ ِ ّ ن .أل َ َ هو َ ت َك َْر ُ
ن« . ه ّ م ِ عا ِ وط َ َ َ
ن :أي أسيرات .هذا وصف تقريبي لوضع المرأة في السلم. وا ٌ ع َ َ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال) :استوصوا بالنساء خيرا ،فإنهن خلقن من ضلع ،وإن
أعوج شيء في الضلع أعله ،فإن ذهبت تقيمه كسرته ،وإن تركته
لم يزل أعوج ،فاستوصوا بالنساء(.
ة لم تعرف دينا ً ول حضار ً
ة ن البشري ُ مراء فيه أ ّ والحق الذي ل ِ
ل اهتمام كالسلم ، ة وأكم َ م رعاي ٍ ل عناية وأت ّ عنيت بالمرأة أجم َ ُ
عظم منزلتها ،وأحاطها دث عن المرأة ،وأكد على مكانتها و ِ ّ تح ّ
ة الرأس، بسياج منيع من المكرمات والفضائل ،وجعلها مرفوع َ
در ،لها في السلم العتباُر السمى ة الق ْ ة المكانة ،مرموق َ عالي َ
ق مقّررة وواجبات ة محترمة وحقو ٍ م العلى ،تتمّتع بشخصي ٍ والمقا ُ
خِلقا َ من أصل واحد، ة الرجل ُ ، معتبرة .نظر إليها على أنها شقيق ُ
ر وصلح ل بالخر ويأنس به في هذه الحياة ،في محيط خي ٍ ليسعدَ ك ّ
وسعادة .
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :إن النساء شقائق الرجال .
فالمرأة شقيقة الرجل وهي نصف المجتمع وتلد النصف الخر ،
فهي البنت المرحومة والخت العطوفة والزوجة الحنون والم
الرءوف ،هي البنت المرحومة والخت العطوفة والزوجة الحنون
والم الرءوف .
]*[ قال ابن الجوزي رحمه الله :
إن النساء شقائق الرجال فكما أن الرجل تعجبه المرأة فكذلك الرجل
يعجب المرأة فقد صار من حق المرأة أن تختار الرجل الذي
ستقاسمه حياته وتظل تحت سلطانه بقية عمرها .
ة
دها نعم ً لقد أشاد السلم بفضل المرأة ،ورفع شأَنها ،وع ّ
مها وإعزازها ،يقول ة كريمة ،يجب مراعاتها وإكرا ُ هب ً ةو ِ عظيم ً
َ
شاء ما ي َ َ ق َ خل ُ ُ ض يَ ْ و ٱلْر ِ ت َ م ٰـ ٰو ِ س َ ك ٱل ّ مل ْ ُ ه ُ المولى جل وعل :ل ِل ّ ِ
ت « خاف ال َ
فو ْ »9 وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
م ذُك َْرانا ً َ
ه ْ
ج ُ
و ُ
و ي َُز ّ
أ ْ كوَر شاء ٱلذّ ُ من ي َ َ ب لِ َ ه ُ وي َ َ شاء إ ِن َ ٰـثا ً َ من ي َ َ ب لِ َ ه ُ يَ َ
وإ ِن َ ٰـثا ً ]الشورى،[49،50: َ
فالمرأةُ في ظل تعاليم السلم القويمة وتوجيهاِته الحكيمة
ة
ملؤها الحفاو ُ تعيش حياةً كريمة في مجتمعها المسلم ،حياةً ِ
مروًرا بكل حال دم فيه إلى هذه الحياة ،و ُ ول يوم تق ُ والتكريم من أ ّ
من أحوال حياتها.
ث على الحسان إليها: ة ،وح ّ قها طفل ً رعى ح ّ
) حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو
وضم أصابعه .
صا، ُ
ما خا ّ ما ،فدعا إلى إكرامها إكرا ً ق المرأة أ ّ ورعى السلم ح ّ
ْ َ
ن
وب ِ ٱل ٰول ِدَي ْ ِ ه َ دوا ْ إ ِل ّ إ ِي ّ ٰـ ُ عب ُ ُ ك أل ّ ت َ ْ ض ٰى َرب ّ َ ق َ بهاَ ، و
َ ث على العناية وح ّ
س ٰـنا ً ]السراء.[23: ح َ إِ ْ
ق الوالد كما بينته السنة م في البّر آكدَ من ح ّ ق ال ّ بل جعل ح ّ
الصحيحة كما في الحديث التي ):حديث أبي هريرة في
الصحيحين( قال :جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال :من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال :أمك قال :ثم
من ؟ قال :أمك قال :ثم من ؟ قال أمك قال :ثم من ؟ قال :
أبوك .الشاهد :هذا الحديث يدل على أن محبة الم والشفقة
عليها ينبغي أن تكون ثلثة أمثال محبة الب ،لذكر النبي صلى الله
عليه وسلم الم ثلث مرات وذكر الب في الرابعة فقط .وإذا
توصل هذا المعنى شهد له العيان .وذلك أن صعوبة الحمل
وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الم دون الب ،
فهذه ثلث منازل يخلو منها الب .وهذا الحديث يدل على أن الم
لها ثلثة أرباع البر .
ة :وجعل لها حقوقا ً عظيمة على ق المرأة زوج ً مح ّ ورعى السل ُ
زوجها ،من المعاشرة بالمعروف والحسان والرفق بها والكرام
ة خاصة كما في الحاديث التية: وأوصى بها النبي وصي ً
ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة و ِ ح َ ن ال ْ وب ِ مر ِ ع ْ )حديث َ
نعوا ٌ ن َ ه ّ ما ُ خيرًا ،فإن ّ َ ء َ سا ِ صوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْ ( أن النبي rقال »:أل َ وا ْ
ْ َ شْيئا ً َ
ة
ش ٍ ح َفا ِ ن بِ َ ن ي َأِتي َ ك ،إل ّ أ ّ غي َْر ذل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ُ ن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ل َي ْ َ دك ْ عن ْ َ ِ
غي َْر ضْربا ً َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ِ ج ضا ِ ن في الم َ ه ّ جُرو ُ فاه ُ ن َ عل ْ َ ف َ ن َ فإ ِ ْ ة َ مب َي ّن َ ٍ ُ
سائ ِ ُ َ َ َ َ َ
كم على ن ِ َ م َ ن لك ُ ْ ل .أل َ إ ّ سِبي ً ن َ ه ّ علي ْ ِ غوا فل َ ت َب ْ ُ م َ عنك ُ ُ ن أط ْ فإ ْ حَ . مب َّر ٍ ُ
ن َ م َ ُ َ ّ َ حقاَ . ً ُ َ ً ح ّ
طئ َ فل ُيو ِ سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ حقك ْ ما َ فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ ساِئك ْ قا .وِلن َ َ
ن ت َك َْر ُ ْ
ن
ه ّحق ُ ن .أل َ و َ هو َ م ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ن ول َ ي َأذَ ّ هو َ ن ت َك َْر ُ م ْ م َ فُرشك ُ ْ ُ
هن«. م ِ عا ِ ن وط َ َ ه ّوت ِ ِ س َ في ك ِ ْ ن ِ ه ّ َ
سُنوا إ ِلي ْ ِ ن ُتح ِ مأ ْ عل َي ْك ُ ْ َ
ت « خاف ال َ
فو ْ 10
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال) :استوصوا بالنساء خيرا ،فإنهن خلقن من ضلع ،وإن
أعوج شيء في الضلع أعله ،فإن ذهبت تقيمه كسرته ،وإن تركته
لم يزل أعوج ،فاستوصوا بالنساء(.
)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي rقال :
م لهلي . خي ُْرك ُ ْ وأ ََنا َ هَ ، هل ِ ِم لَ ْ خي ُْرك ُ ْ م َ خي ُْرك ُ ْ » َ
ث على عونها ومساعدتها ة فقد ح ّ وفي حال كوِنها أجنبي ً
ورعايتها،
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ):الساعي على الرملة والمسكين ،كالمجاهد في سبيل
الله ،أو القائم الليل والصائم النهار(.
ة مرموقة، ة الجتماعية للمرأة في السلم محفوظ ٌ فالمكان ُ
ة برفع ما قد يقع عليها من ع عنها والمطالب َ منحها الحقوقَ والدفا َ
ق الختيار في حياتها والتصّرف في حرمان أو إهمال ،فأعطاها ح ّ
ق الضوابط الشرعية والمصالح المرعية ،قال جل وعل: شؤونها وف َ
ن ]النساء،[19: ه ّ ضُلو ُع ُ ول َ ت َ ْ َ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ":ل تنكح البكر حتى ُتستأذن ول الثيب حتى ُتستأمر ".
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
م حتى ُتستأمر ول ُتنكح البكر حتى ُتستأذن rقال ":ل ُتنكح الي ُ
قالوا :يا رسول الله وكيف إذنها ؟قال :أن تسكت ".
ل للستشارة ،فهذا ل للثقة ومح ّ والمرأةُ في نظر السلم أه ٌ
ءه
مهم رأًيا يشاور نسا َ ل الناس علما وأت ّ رسول الله rأكم ُ
ويستشيرهن في مناسبات شتى ومسائل عظمى.
ة تامة في مناحي القتصاد كالرجل وللمرأة في السلم حري ٌ
سب بأشكاله المشروعة وطرقه ل للتك ّ سواءً بسواء ،هي أه ٌ
ة
المباحة ،تتمّتع بحرية التصرف في أموالها وممتلكاتها ،ل وصاي َ
غوا ْذا ب َل َ ُ
حت ّ ٰى إ ِ َ م ٰى َ ٱب ْت َُلوا ْ ٱل ْي َت َ ٰـ َ كان، و
َ د عليها مهما كان وأينما لح ٍ
َ
م ]النساء: م ٰول َ ُ
ه ْ مأ ْ ه ْ ف ُ ْ َ
عوا إ ِلي ْ ِ ف ٱدْ َ شدا ً َ م ُر ْ ه ْ من ْ ُ م ّ ست ُ ْن ءان َ ْ فإ ِ ْ ح َ كا َ الن ّ َ
.[6
مى بمبدأ المن م يفرض للمرأة من حيث هي ما يس ّ بل إن السل َ
ل ول يجاريه بديل حينما كفل القتصادي مما لم يسبق له مثي ٌ
ة وحتى أجنبية ،لتتفّرغ ما أو بنتا ً أو أختا ً أو زوج ً ةأ ّ للمرأة النفق َ
ة البال من هموم العيش ونصب لرسالتها السمى وهي فارغ ُ
سب. الكدح والتك ّ
ت « خاف ال َ
فو ْ 11
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ة من بحر مما ورد من مظاهر ض من فيض ونقط ٌ تنبيه :هذا غي ٌ
تكريم السلم للمرأة ولقد كان الصحابة رضوان الله تعالى
حرص على تكريم المرأة ،وهآنذا أسوق لك هذه حريصين تمام ال ِ
القصة ليتبدى هذا المعنى واضحا ً جليا ً .
يمشي أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه فتستوقفه
المرأة فيقف لها ،وتقول له" :يا عمر كنت تدعى عميًرا ،ثم قيل
لك :عمر ،ثم قيل لك :أمير المؤمنين ،فاتق الله يا عمر فإنه من
أيقن بالموت خاف الفوت ،ومن أيقن بالحساب خاف العذاب".
وهو واقف يسمع لكلمها فقيل له :يا أمير المؤمنين ..رجال ..
على هذه العجوز فقال) :والله لو حبستني من أول النهار إلى
آخره ما تحركت من مكاني ،أتدرون من هذه العجوز ؟ ،هي خولة
بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات .أيسمع رب
العالمين قولها ،ول يسمعه عمر(
ت « خاف ال َ
فو ْ 12
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أما في الشرع فهو :أن يعقد على امرأة بقصد الستمتاع بها،
وحصول الولد ،وغير ذلك من مصالح النكاح.
ثوث ُل َ ٰـ َ
مث ْن َ ٰى َ ساء َ ن ٱلن ّ َ م َ م ّ ب ل َك ُ ْطا َ ما َ حوا ْ َف ٱ نك ِ ُ قال الله تعالىَ } :
َ َ َ
م{ ]النساء: م ٰـن ُك ُ ْ ت أي ْ َ مل َك َ ْ
ما َ و َ حدَةً أ ْ ف ٰو ِ دُلوا ْ َ ع ِ م أل ّ ت َ ْ خ ْ
فت ُ ْ ن ِ فإ ِ ْع َ وُرَبا َ َ
.[3
َ وقال تعالى} :ول َ َ َ
جا وا ً م أْز َ
ه ْ عل َْنا ل َ ُج َ و َك َ قب ْل ِ َمن َ سل ً ّسل َْنا ُر ُ قدْ أْر َ َ
ة{ ]الرعد.[38: وذُّري ّ ً َ
]*[ قال القرطبي رحمه الله تعالى" :فيه مسألتان:
الولى :قيل :إن اليهود عابوا على النبي صلى الله عليه وسلم
الزواج وعّيرته بذلك ،وقالوا :ما نرى لهذا الرجل همة إل النساء
والنكاح ،ولو كان نبيا لشغله أمر النبوة عن النساء ،فأنزل الله هذه
كرهم أمر داود وسليمان ،فقال} :ول َ َ َ
من سل ً ّ سل َْنا ُر ُ قدْ أْر َ َ َ الية وذ ّ
َ
ة{ أي :جعلناهم بشرا يقضون ما وذُّري ّ ًجا َ وا ً م أْز َ ه ْ عل َْنا ل َ ُ
ج َو َك َ قب ْل ِ َ
َ
أحل الله من شهوات الدنيا ،وإنما التخصيص في الوحي.
الثانية :هذه الية تدل على الترغيب في النكاح والحض عليه،
وتنهى عن التبتل وهو ترك النكاح ،وهذه سنة المرسلين كما نصت
عليه هذه الية ،والسنة واردة بمعناها أهـ .
ة بما يدل على مشروعية النكاح منها ما يلي : والسنة طافح ٌ
)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال:
يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض
للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
.
والمراد بالباءة النكاح بحيث يكون عنده قوة بدنية وقدرة مالية ،إل
أنه سيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان اختلف العلماء في هذه المسألة.
)حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (
قال :جاء ثلث رهط إلى بيوت أزواج النبي ،يسألون عن عبادة
النبي ،فلما أخبروا كأنهم تقالوها ،فقالوا :أين نحن من النبي ؟
قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ،قال أحدهم :أما أنا
فإني أصلي الليل أبدا ،وقال آخر :أنا أصوم الدهر ول أفطر ،وقال
آخر :أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدا ،فجاء رسول الله فقال:
ت « خاف ال َ
فو ْ 13
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله أتي لخشاكم لله وأتقاكم له،
لكني أصوم وأفطر ،وأصلي وأرقد ،وأتزوج النساء ،فمن رغب عن
سنتي فليس مني(.
)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال :كنا نغزو مع
رسول الله وليس لنا شيء فقلنا أل نستخصي؟ فنهانا عن ذلك،
ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب ،ثم قرأ علينا} :يا أيها الذين
أمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ول تعتدوا أن الله ل يحب
المعتدين{*.
،ولن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال :لو أذن لنا رسول
الله لختصينا ،ولكن نهانا عن التبتل ،يعني ترك النكاح؛ وذلك لما
في النكاح من المصالح الكثيرة التي من أجلها صار سنة ،ولنه من
ضرورة بقاء المة؛ لنه لول النكاح ما حصل التوالد ،ولول التوالد
ما بقيت المة ،ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة ،والشيء
قد يكون مطلوبا ً وإن لم ينص على طلبه لما يترتب عليه من
المصالح والمنافع العظيمة.
)حديث سعد بن أبي وقاص الثابت في الصحيحين ( يقول :رد
رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل ،ولو أذن له لختصينا.
) حديث سعيد بن جبير الثابت في صحيح البخاري (قال :قال لي
ابن عباس :هل تزوجت ؟ قلت :ل ،قال :فتزوج ،فأن خير هذه
المة أكثرها نساء.
) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و
النسائي ( أن النبي rقال :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم
المم .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
م: ه ْ
ون ُ ُ
ع ْ
ق على الله َ ح ّ
ة َ وابن ماجة ( أن النبي rقال »:ث َل َث َ ٌ
ذيح ال ّ ِ
ء ،والّناك ِ ُ دا َ
ريدُ ال َ
ذي ي ُ ِب ال ّ ِ م َ
كات َ ُ ل الله ،وال ُ
سِبي ِهدُ في َ جا ِ
م َ
ال ُ
ف« . ع َ
فا َ ريدُ ال َيُ ِ
) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال ):إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في
النصف الباقي (
]*[ قال الحافظ" :في الحديث دللة على فضل النكاح والترغيب
فيه".
]*[وقال ابن قدامة" :وأجمع المسلمون على مشروعية النكاح،
واختلف أصحابنا في وجوبه .
كم الن ِ َ
كاح ح ْ
]*[ ُ
ت « خاف ال َ
فو ْ 14
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كم النكاح ؟ ح ْ مسألة :ما ُ
الصل فيه أنه سنة ،بل من آكد سنن الوليين
د
ق ْول َ َ
والدليل على أنه من آكد سنن المرسلين لقوله تعالىَ }} :
َ َ
ة{{ ]الرعد، [38 : وذُّري ّ ً
جا َ وا ً م أْز َه ْعل َْنا ل َ ُ
ج َ
و َك َ قب ْل ِ َن َ م ْ سل ً ِ سل َْنا ُر ُأْر َ
َ وقالَ }} :
م{{ مائ ِك ُ ْوإ ِ َ
م َ عَباِدك ُ ْ
ن ِ م ْ ن ِ حي َصال ِ ِ وال ّ م َ من ْك ُ ْمى ِ حوا الَيا َ وأن ْك ِ ُ
َ
ن
م َ م ِ ُ
ب لك َْ َ
ما طا َ حوا َ فان ْك ِ ُ ]النور ، [32 :وقال ـ عّز وجل ـَ }} :
ع{{ ]النساء *[3 :وقد حث النبي عليه، وُرَبا َ ث َ وث ُل َ َمث َْنى َ ء َ
سا ِ الن ّ َ
ولما فيه من المصالح العظيمة التي ستتبين فيما بعد.
)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال:
يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض
للبصر وأحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
.
والمراد بالباءة النكاح بحيث يكون عنده قوة بدنية وقدرة مالية ،إل
أنه سيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان اختلف العلماء في هذه المسألة.
أنس بن مالك رضي الله عنه يقول :جاء ثلث رهط إلى بيوت
أزواج النبي ،يسألون عن عبادة النبي ،فلما أخبروا كأنهم
تقالوها ،فقالوا :أين نحن من النبي ؟ قد غفر الله له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر ،قال أحدهم :أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ،وقال
آخر :أنا أصوم الدهر ول أفطر ،وقال آخر :أنا أعتزل النساء فل
أتزوج أبدا ،فجاء رسول الله فقال) :أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟
أما والله أتي لخشاكم لله وأتقاكم له ،لكني أصوم وأفطر،
وأصلي وأرقد ،وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتي فليس مني(.
)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال :كنا نغزو مع
رسول الله وليس لنا شيء فقلنا أل نستخصي؟ فنهانا عن ذلك،
ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب ،ثم قرأ علينا} :يا أيها الذين
أمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ول تعتدوا أن الله ل يحب
المعتدين{*.
،ولن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال :لو أذن لنا رسول
الله لختصينا ،ولكن نهانا عن التبتل]) ،[(2يعني ترك النكاح؛
وذلك لما في النكاح من المصالح الكثيرة التي من أجلها صار سنة،
ولنه من ضرورة بقاء المة؛ لنه لول النكاح ما حصل التوالد ،ولول
التوالد ما بقيت المة ،ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة،
والشيء قد يكون مطلوبا ً وإن لم ينص على طلبه لما يترتب عليه
من المصالح والمنافع العظيمة.
)حديث سعد بن أبي وقاص الثابت في الصحيحين ( يقول :رد
رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل ،ولو أذن له لختصينا.
ت « خاف ال َ
فو ْ 15
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث سعيد بن جبير الثابت في صحيح البخاري (قال :قال لي
ابن عباس :هل تزوجت ؟ قلت :ل ،قال :فتزوج ،فأن خير هذه
المة أكثرها نساء.
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال *:الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.
مسألة :هل الزواج أفضل أم نوافل العبادات؟
ما دام النسان ذا شهوة وعندك ما تقوم به بواجبات النكاح فإن
الفضل أن تتزوج؛ لن فيه من المصالح العظيمة ما يربو على
نوافل العبادة ،لكن ليس أفضل من واجباتها
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري( أن
النبي rقال :أن النبي rقال :قال الله تعالى من عاد لي وليا ً
ء مما افترضته عليه ى عبدي بشي ٍ فقد آذنته بالحرب ،وما تقرب إل ّ
ي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت ،وما يزال عبدي يتقرب إل ّ
سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها
ورجله الذي يمشي بها ،ولئن سألني لعطينه ولئن استعاذني
ت عن شيءّ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن لعيذّنه ،وما تردد ُ
يكره الموت وأنا أكره مساءته .
ً
مسألة :ما حكم الزواج في حق من يخاف زنا بتركه؟
الصحيح أنه يجب على من يخاف زنا بتركه؛ وذلك لشدة شهوته،
ولتيسر الزنا في بلده؛ لن النسان ربما تشتد به الشهوة ويخشى
أن يزني ،لكن ل يتيسر له؛ لن البلد محفوظ ،لكن مراده إذا
اشتدت شهوته في بلد يتيسر فيه الزنا ،أما إذا لم يتيسر فهو وإن
اشتدت به الشهوة ل يمكن أن يزني ،فإذا خاف الزنا لوجود أسبابه
وانتفاء موانعه ،صار النكاح في حقه واجبا ً دفعا ً لهذه المفسدة؛
لن ترك الزنا واجب ،وما ل يتم الواجب إل به فهو واجب.
مسألة :متى يكون الزواج مباحا ً ؟
يباح لمن ل شهوة له إذا كان غنيا ً ؛ لنه ليس هناك سبب يوجب،
ولكن من أجل مصالح الزوجة بالنفاق عليها وغير ذلك.
فإن قصد بذلك إعفاف الزوجة وتحصين الفرج كان مسنونا ً
لمصلحة الخرين ،وهكذا المباحات إذا كانت وسيلة للمحبوبات
صارت محبوبة ومطلوبة.
مسألة :متى يكون الزواج مكروها ً ؟
مل نفسه ح ّ
ذ ليس به حاجة ،وي ُ َ يكره لفقير ل شهوة له؛ لنه حينئ ٍ
متاعب كثيرة ،فإن كانت المرأة غنية ل يهمها أن ينفق أو ل ينفق،
فالنكاح في حقه سنة.
ً
مسألة :متى يكون الزواج محرما ؟
ت « خاف ال َ
فو ْ 16
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
يحرم بدار حرب ،إذا صار النسان في دار الكفار يقاتل في سبيل
الله ،فإنه ل يجوز أن يتزوج؛ لنه يخشى على عائلته في هذه
الدار ،ومن ذلك إذا كان النسان معه زوجة وخاف إذا تزوج ثانية أل
دُلوا َ
م أل ّ ت َ ْ
ع ِ فت ُ ْ خ ْن ِ فإ ِ ْيعدل ،فالنكاح حرام لقول الله تعالىَ }} :
ة{{ ]النساء ، [3 :فأمر الله ـ تعالى ـ بالقتصار على حدَ ً
وا ِ َ
ف َ
الواحدة إذا خفنا عدم العدل ،ويستحب فيما عدا ذلك؛ لنه هو
الصل.
)ولهذا ذكر الفقهاء أن النكاح تجري فيه الحكام الخمسة ،تارة
حُرم(. يجب ،وتارة ُيستحب ،وتارة ُيباح ،وتارة ُيكره ،وتارة ي َ ْ
}تنبيه{ :وينبغي لمن تزوج أل يقصد قضاء الشهوة فقط ،كما هو
مراد أكثر الناس اليوم ،إنما ينبغي له أن يقصد بهذا التالي:
ل :امتثال أمر النبي ـ عليه الصلة والسلم ـ» :يا معشر الشباب أو ً
من استطاع منكم الباءة فليتزوج«
ثانيًا :تكثير نسل المة؛ لن تكثير نسل المة من المور المحبوبة
إلى النبي ـ عليه الصلة والسلم ولن تكثير نسل المة سبب
لقوتها وعزتها ،ولهذا قال شعيب ـ عليه الصلة والسلم ـ لقومه:
م{{ ]العراف ،[86 :وامتن الله به فك َث َّرك ُ ْ
قِليل ً َ واذْك ُُروا إ ِذْ ك ُن ْت ُ ْ
م َ }} َ
َ
فيًرا{{ ]السراء: م أك ْث ََر ن َ ِ عل َْناك ُ ْ
ج َ
و َ
على بني إسرائيل في قولهَ }} :
. [6
ثالثًا :تحصين فرجه وفرج زوجته ،وغض بصره وبصر زوجته ،ثم
يأتي بعد ذلك قضاء الشهوة.
ت « خاف ال َ
فو ْ 17
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ن{ م ت َـذَك ُّرو َ عل ّك ُـ ْ ن لَ َ جي ْ ِ و َ قَنا َز ْ خل َ ْ
ء َ ي ٍ ش ْ ل َ ن كُ ّ م ْ و ِ قرنا ً بقوله تعالىَ } :
]الذاريات [49:ومن هنا كانت حاجــة الرجــل إلــى المــرأة ،والمــرأة
س ـّنة اللهيــة ،فض ـل ً عــن الحاجــة إلــى الرجــل تســير وفــق هــذه ال ُ
الفطريــة ،فقــد فطــر اللــه الجنســين علــى النجــذاب لبعضــهما،
فالرجل منجذب للمرأة ،والمـرأة منجذبــة للرجـل ،وبهـذا النجــذاب
بين الطرفين يحصل التواصـل والـتزاوج ،ومـن خلل هـذه العلقــة
القدسية يتحقق قدر الله في استمرار النوع البشــري وبقــائه إلــى
ما شاء الله ،ليعمـر الرض وليقــوم بحــق الخلفـة فيهــا ،كمــا قـال
ْ َ
ة{ فـ ًخِلي َض َفــي الْر ِ ل ِ عـ ٌ جا ِ ة إ ِن ّــي َ ملئ ِك َـ ِ ك ل ِل ْ َ ل َرب ّـ َ قــا َ وإ ِذْ َ
تعــالى} َ
]البقــرة [30:ول يســتغني أحــدهما عــن الخــر مهمــا كــانت تقــواه
ومهمــا كــانت عفتــه ،ولهــذا كــان عمــوم النبيــاء والرســل عليهــم
السلم المعصومون متزوجين إل القليل منهم ،كيحيــى وعيســى
واج ـا ً َ َ
م أْز َ هـ ْعل ْن َــا ل َ ُج َ و َ ك َ قب ْل ِـ َ ن َ مـ ْ س ـل ً ِ س ـل َْنا ُر ُ ق ـدْ أْر َ ول َ َقــال تعــالى} َ
ة {]الرعد [38 :كما ل يستغني أحدهما عــن الخــر مهمــا كــان وذُّري ّ ً
َ
منعما ،ولهذا لما خلق الله آدم وأسكنه الجنة لم يدعه وحده في
الجنة ،إذ ل معنى لجنة بل جليس ول أنيــس ،وإن كــان فيهــا مــا لــذ
وطاب من الطعــام والشــراب ،لــذلك اســتوحش آدم فــي الجنــة
حتى خلق الله له حواء،
]*[ قال ابن مسعود وابن عباس :
م الجنة مشى فيها مستوحشًا ،فلما نام خلقــت حــواء لما أسكن آد ُ
صرى ]أسفل الضلع[ من شقه اليسر ليسكن إليها قي َ ْ من ضلعه ال ُ
ويأنس بها ،فلما قام وجدها ،فقال من أنت؟ قـالت :امـرأة خلقـت
م خل َ َ
قك ُـ ْ ذي َ و ال ّ ـ ِ هـ َ من ضلعك لتسكن إلي ،وهو معنى قوله تعــالى} ُ
هــا) {...العــراف: ن إ ِل َي ْ َ س ـك ُ َ هــا ل ِي َ ْ ج َ و َ هــا َز ْ من ْ َل ِ ع َ ج َو َة َ حدَ ٍ وا ِ س َ ف ٍن نَ ْ م ْ ِ
(189
) (2الزوج سكن:
ها{ ]العراف: ن إ ِل َي ْ َ سك ُ َ ها ل ِي َ ْج َ و َ ها َز ْ من ْ َ ل ِ ع َ ج َ و َقال الله تعالىَ } :
.[189
ذته . قال الطبري" :ليأوي إليها لقضاء حاجته ول ّ
وقال ابن كثير" :أي :ليألفها ويسكن بها"
) (3تكثير نسل المة:
) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و
النسائي ( أن النبي rقال :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم
المم .
]*[ قال المناوي رحمه الله تعالى :
ت « خاف ال َ
فو ْ 18
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
"وهذا حث عظيم على الحرص على تكثير الولد ،وفي ضمنه نهي
عن العزل ،وتوبيخ على فعله ،وأنه ينبغي للنسان رعاية المقاصد
الشرعية وإيثارها على الشهوات النفسانية" .
]*[ وقال شمس الدين آبادي:
"))الودود(( أي :التي تحب زوجها)) ،الولود(( أي :التي تكثر
ولدتها ،وقيد بهذين لن الولود إذا لم تكن ودودا لم يرغب الزوج
فيها ،والودود إذا لم تكن ولودا لم يحصل المطلوب وهو تكثير
المة بكثرة التوالد ،ويعرف هذان الوصفان في البكار من
أقاربهن ،إذ الغالب سراية طباع القارب بعضهن إلى بعض" .
]*[ وقال السندي))" :الودود(( أي :كثيرة المحبة للزوج ،كأن
المراد بها البكر ،وُيعرف ذلك بحال قرابتها .وكذا معرفة ))الولود((
أي :كثير الولدة ،يعرف بذلك في البكر .واعتبار كونها ودودا مع
أن المطلوب كثرةُ الولد كما يدل عليه التعليل لن المحبة هي
الوسيلة إلى ما يكون سببا ً للولد .
) (4فيه غض للبصر وإحصان للفرج:
)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال:
يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض
للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
.
]*[ قال الصنعاني:
"فيه الحث على تحصيل ما يغض به البصر ويحصن الفرج" .
]*[ قال أبو حامد الغزالي في بيان فوائد النكاح" :وفيه فوائد
خمس :الولد ،وكسر الشهوة ،وتدبير المنزل ،وكثرة العشيرة،
ومجاهدة النفس بالقيام بهن.
الفائدة الولى :الولد ،وهو الصل ،وله وضع النكاح ،والمقصود
إبقاء النسل وأن ل يخلو العالم عن جنس النس ،وإنما الشهوة
كل بالفحل في إخراج البذر ،وبالنثى حّثة كالمو ّ
خلقت باعثة مست ِ
في التمكين من الحرث ،تلطفا ً بهما في السياقة إلى اقتناص
ة من أربعة أوجه الولد بسبب الوقاع .وفي التوصل إلى الولد قرب ٌ
هي الصل في الترغيب فيه عند المن من غوائل الشهوة ،حتى
لم يحب أحدهم أن يلقى الله عزبًا :الول موافقة محبة الله
بالسعي في تحصيل الولد لبقاء جنس النسان .والثاني :طلب
محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكثير مباهاته.
والثالث :طلب التبرك بدعاء الولد الصالح بعده .والرابع :طلب
الشفاعة بموت الولد الصغير إذا مات قبله.
ت « خاف ال َ
فو ْ 19
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
دها عن أفهام الجماهير، أما الوجه الول :فهو أدقّ الوجوه وأبع ُ
قها وأقواها عند ذوي البصائر النافذة في عجائب صنع الله وهو أح ّ
تعالى ومجاري حكمه ،وبيانه أن السيد إذا سّلم إلى عبده البذر
وآلت الحرث وهّيأ له أرضا مهيأة للحراثة ،وكان العبد قادرا على
طل آلة الحراثة ،ووكل به من يتقاضاه عليها ،فإن تكاسل وع ّ
الحرث وترك البذر ضائعا حتى فسد ،ودفع الموكل عن نفسه بنوع
حقا للمقت والعتاب من سيده ،والله تعالى من الحيلة كان مست ِ
خلق الزوجين ،وخلق الذكر والنثيين ،وخلق النطفة في الفقار،
وهيأ لها في النثيين عروقا ومجاري ،وخلق الرحم قرارا
دعا للنطفة ،وسّلط متقاضي الشهوة على كل واحد من ومستو َ
الذكر والنثى ،فهذه الفعال واللت تشهد بلسان ذلق في
دت ُ
العراب عن مراد خالقها ،وتنادي أرباب اللباب بتعريف ما أع ّ
له...
الوجه الثاني :السعي في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم
ورضاه بتكثير ما به مباهاته؛ إذ قد صرح رسول الله صلى الله عليه
ة بالوجوه كلها... وسلم بذلك .ويدل على مراعاة أمر الولد جمل ٌ
قال عليه السلم)) :خير نسائكم الولود الودود((.
الوجه الثالث :أن ُيبقي بعده ولدا صالحا يدعو له ،كما ورد في
الخبر أن جميع عمل ابن آدم منقطع إل ثلثا ،فذكر :الولد الصالح.
وقول القائل :إن الولد ربما لم يكن صالحا ،ل يؤثر ،فإنه مؤمن،
والصلح هو الغالب على أولد ذوي الدين ،ل سيما إذا عزم على
تربيته وحمله على الصلح .وبالجملة دعاء المؤمن لبويه مفيد برا ً
كان أو فاجرًا ،فهو مثاب على دعواته وحسناته فإنه من كسبه،
وغير مؤاخذ بسيئاته ،فإنه ل تزر وازرة وزر أخرى .ولذلك قال
َ َ
ىء{ أي: من َ
ش ْ هم ّمل ِ ِ
ع َن َ
م ْ
م ّ ما أل َت ْن َ ٰـ ُ
ه ْ و َ
م َ م ذُّري ّت َ ُ
ه ْ ه ْ
قَنا ب ِ ِ تعالى} :أل ْ َ
ح ْ
ما نقصناهم من أعمالهم وجعلنا أولدهم مزيدا في إحسانهم.
الوجه الرابع :أن يموت الولد قبله فيكون له شفيعًا ،قال صلى الله
عليه وسلم)) :من مات له ثلثة لم يبلغوا الحنث أدخله الله الجنة
بفضل رحمته إياهم(( ،قيل :يا رسول الله واثنان؟ قال:
))واثنان(( .فقد ظهر بهذه الوجوه الربعة ،أن أكثر فضل النكاح
لجل كونه سببا للولد.
وقان ،ودفع صن من الشيطان ،وكسر الت ّ َ الفائدة الثانية :التح ّ
غوائل الشهوة ،وغض البصر وحفظ الفرج ،وإليه الشارة بقوله:
))عليكم بالباءة ،فمن لم يستطع فعليه بالصوم ،فإن الصوم له
وجاء((.
ت « خاف ال َ
فو ْ 20
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الفائدة الثالثة :ترويح النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر
والملعبة ،وإراحة للقلب وتقوية له على العبادة ،فإن النفس
ملول ،وهي عن الحق نفور؛ لنه على خلف طبعها .فلو كلفت
المداومة بالكراه على ما يخالفها جمحت ،وإذا روحت باللذات في
بعض الوقات قويت ونشطت ،وفي الستئناس بالنساء من
وح القلب ،وينبغي أن يكون لنفوس الستراحة ما يزيل الكرب وير ّ
نسك ُ َ المتقين استراحات بالمباحات ،ولذلك قال الله تعالى} :ل ِي َ ْ
ي
ها{ ]العراف ،[189:وقال صلى الله عليه وسلم)) :حبب إل ّ إ ِل َي ْ َ
من دنياكم ثلث :الطيب ،والنساء ،وجعلت قرة عيني في
الصلة((.
فهذه أيضا فائدة ل ينكرها من جّرب إتعاب نفسه في الفكار
والذكار وصنوف العمال ،وهي خارجة عن الفائدتين السابقتين.
الفائدة الرابعة :تفريغ القلب عن تدبير المنزل ،والتكفل بشغل
الطبخ ،والكنس والفرش ،وتنظيف الواني ،وتهيئة أسباب
المعيشة .فإن النسان لو لم يكن له شهوة الوقاع لتعذر عليه
فل بجميع أشغال المنزل لضاع العيش في منزله وحده ،إذ لو تك ّ
أكثر أوقاته ،ولم يتفّرغ للعلم والعمل .فالمرأة الصالحة للمنزل
عون على الدين بهذه الطريق ،واختلل هذه السباب شواغل
غصات للعيش .ولذلك قال أبو سليمان وشات للقلب ومن ّ ومش ّ
الداراني :الزوجة الصالحة ليست من الدنيا ،فإنها تفرغك للخرة.
وإنما تفريغها بتدبير المنزل وبقضاء الشهوة جميعا.
الفائدة الخامسة :مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولية،
والقيام بحقوق الهل ،والصبر على أخلقهن ،واحتمال الذى
منهن ،والسعي في إصلحهن وإرشادهن إلى طريق الدين،
والجتهاد في كسب الحلل لجلهن ،والقيام بتربيته لولده .فكل
هذه أعمال عظيمة الفضل ،فإنها رعاية وولية ،والهل والولد
ة من رعية ،وفضل الرعاية عظيم ،وإنما يحترز منها من يحترز خيف ً
القصور عن القيام بحقها ،وإل فقد قال صلى الله عليه وسلم:
))أل كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته((.
كم له بالفضيلة" . فهذه فوائد النكاح في الدين التي بها يح َ
]*[ وقال ابن القيم في ذلك:
"استدل على تفضيل النكاح على التخلي لنوافل العبادة بأن الله
د
ق ْ ول َ َ
تعالى عز وجل اختار النكاح لنبيائه ورسله ،فقال تعالىَ } :
َ َ
ة{ ]الرعد،[38: وذُّري ّ ًجا َ وا ًم أْز َ ه ْعل َْنا ل َ ُ
ج َو َك َ قب ْل ِ َ سل َْنا ُر ُ
سل ً ّ
من َ أْر َ
ها{ ]العراف: ن إ ِل َي ْ َسك ُ َ ها ل ِي َ ْج َو َ ها َز ْ من ْ َل ِ ع َج َو َوقال في حق آدمَ } :
ت « خاف ال َ
فو ْ 21
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
،[189واقتطع من زمن كليمه عشر سنين في رعاية الغنم مهَر
الزوجة ،ومعلوم مقدار هذه السنين العشر في نوافل العبادات،
وجه ل الشياء فلم يحب له ترك النكاح بل ز ّ واختار لنبيه محمد أفض َ
بتسع فما فوقهن ،ول هدي فوق هديه .ولو لم يكن فيه إل سرور
النبي يوم المباهاة بأمته ،ولو لم يكن فيه إل أنه بصدد أنه ل
ينقطع عمله بموته ،ولو لم يكن فيه إل أنه يخرج من صلبه من
يشهد بالله بالوحدانية ولرسوله بالرسالة ،ولو لم يكن فيه إل غض
بصره وإحصان فرجه عن التفاته إلى ما حرم الله تعالى ،ولو لم
يكن فيه إل تحصين امرأة يعفها الله به ويثيبه على قضاء وطره
ووطرها فهو في لذاته وصحائف حسناته تتزايد ،ولو لم يكن فيه
إل ما يثاب عليه من نفقته على امرأته وكسوتها ومسكنها ورفع
اللقمة إلى فيها ،ولو لم يكن فيه إل تكثير السلم وأهله وغيظ
أعداء السلم ،ولو لم يكن فيه إل ما يترّتب عليه من العبادات
التي ل تحصل للمتخلي للنوافل ،ولو لم يكن فيه إل تعديل قوته
الشهوانية الصارفة له عن تعلق قلبه بما هو أنفع له في دينه
ده عن ودنياه ،فإن تعّلق القلب بالشهوة أو مجاهدته عليها تص ّ
تعّلقه بما هو أنفع له ،فإن الهمة متى انصرفت إلى شيء
ضه لبنات إذا صبر انصرفت عن غيره ،ولو لم يكن فيه إل تعّر ُ
ن له سترا من النار ،ولو لم يكن فيه إل أنه عليهن وأحسن إليهن ك ّ
دم له فرطين لم يبلغا الحنث أدخله الله بهما الجنة ،ولو لم إذا ق ّ
يكن فيه إل استجلبه عون الله له فإن في الحديث المرفوع
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
م: ه ْ ون ُ ُ ع ْ
ق على الله َ ح ّ ة َ وابن ماجة ( أن النبي rقال »:ث َل َث َ ٌ
ذي ح ال ّ ِء ،والّناك ِ ُ دا َ ريدُ ال َ ذي ي ُ ِ ب ال ّ ِ كات َ ُ م َل الله ،وال ُ سِبي ِ هدُ في َ جا ِ م َال ُ
ف« . فا َع َ ريدُ ال َ يُ ِ
) (5امتثال أمر الله تعالى ورسوله rفي الحث على النكاح
َ لقوله تعالى}} :ول َ َ َ
جاوا ًم أْز َ ه ْ عل َْنا ل َ ُ ج َ و َ ك َ قب ْل ِ َ ن َ م ْ سل ً ِ سل َْنا ُر ُ قدْ أْر َ َ
م ُ َ َ وذُّري ّ ً
من ْك ْ مى ِ حوا الَيا َ وأن ْك ِ ُ ة{{ ]الرعد ، [38 :وقالَ }} : َ
م{{ ]النور ، [32 :وقال ـ عّز وجل ـ: ُ
مائ ِك ْ وإ ِ َ م َ ُ
عَباِدك ْ ن ِ م ْن ِ حي َ صال ِ ِ وال ّ َ
ع{{ ]النساء: وُرَبا ََ ث َ َ ل ُ ث و
َ نى َ َْ ثم ءِ ساّ َ ن ال ن م
ْ ِ َ م ُ ك َ ل ب
َ طاَ ماَ حوا ك
ْ ِ ُ ن فا َ }}
*[3وقد حث النبي عليه ،ولما فيه من المصالح العظيمة التي
ستتبين فيما بعد.
)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال:
يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض
للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
.
ت « خاف ال َ
فو ْ 22
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والمراد بالباءة النكاح بحيث يكون عنده قوة بدنية وقدرة مالية ،إل
أنه سيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان اختلف العلماء في هذه المسألة.
أنس بن مالك رضي الله عنه يقول :جاء ثلث رهط إلى بيوت
أزواج النبي ،يسألون عن عبادة النبي ،فلما أخبروا كأنهم
تقالوها ،فقالوا :أين نحن من النبي ؟ قد غفر الله له ما تقدم من
ذنبه وما تأخر ،قال أحدهم :أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ،وقال
آخر :أنا أصوم الدهر ول أفطر ،وقال آخر :أنا أعتزل النساء فل
أتزوج أبدا ،فجاء رسول الله فقال) :أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟
أما والله أتي لخشاكم لله وأتقاكم له ،لكني أصوم وأفطر،
وأصلي وأرقد ،وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنتي فليس مني(.
)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال :كنا نغزو مع
رسول الله وليس لنا شيء فقلنا أل نستخصي؟ فنهانا عن ذلك،
ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب ،ثم قرأ علينا} :يا أيها الذين
أمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ول تعتدوا أن الله ل يحب
المعتدين{*.
،ولن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال :لو أذن لنا رسول
الله لختصينا ،ولكن نهانا عن التبتل ،يعني ترك النكاح؛ وذلك لما
في النكاح من المصالح الكثيرة التي من أجلها صار سنة ،ولنه من
ضرورة بقاء المة؛ لنه لول النكاح ما حصل التوالد ،ولول التوالد
ما بقيت المة ،ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة ،والشيء
قد يكون مطلوبا ً وإن لم ينص على طلبه لما يترتب عليه من
المصالح والمنافع العظيمة.
)حديث سعد بن أبي وقاص الثابت في الصحيحين ( يقول :رد
رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل ،ولو أذن له لختصينا.
) حديث سعيد بن جبير الثابت في صحيح البخاري ( قال :قال لي
ابن عباس :هل تزوجت ؟ قلت :ل ،قال :فتزوج ،فأن خير هذه
المة أكثرها نساء.
) (6المرأة الصالحة خير متاع الدنيا بنص السنة الثابت الصحيحة :
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة .
) حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في صحيح
الجامع ( أن النبي rقال :أربع من السعادة :المرأة الصالحة و
المسكن الواسع والجارالصالح و المركب الهنيء و أربع من
الشقاء :المرأة السوء و الجار السوء و المركب السوء و المسكن
الضيق .
)(7الزواج علج فتنة النساء التي هي أضّر فتنة على الرجال بنص
السنة الثابت الصحيحة.
ت « خاف ال َ
فو ْ 23
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :ما تركت
بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء .
ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء
]*[ قال مجاهد :إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها
فزينها لمن ينظر فإذا أدبرت جلس على عجزها فزينها لمن
ينظر .ا.هـ تفسير القرطبي ج 12 :ص227 :
]*[ وقال المناوي :ما يثق ] أي الشيطان [في صيده التقياء
بشيء من آلت الصيد وثوقه بالنساء .
) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف
تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل
كانت في النساء .
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال :إن المرأة تقبل في صورة شيطان
وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن
ذلك يرد ما في نفسه.
)(9أن الله تعالى أوجب على نفسه إعانة الناكح الذي يريد
العفاف مما يدل على فضل النكاح :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت فــي صــحيحي الترمــذي
م:
ه ْ ون ُ ُ
عـ ْ
ق علــى اللــه َ حـ ّة َ وابــن ماجــة ( أن النــبي rقــال » :ث َل َث َـ ٌ
ذي ح ال ّـ ِء ،والّناك ِـ ُ
دا َ
ريـدُ ال َ
ذي ي ُ ِ ب ال ّ ِ م َ
كات َ ُ ل الله ،وال ُ
سِبي ِهدُ في َ جا ِ
م َ
ال ُ
ف« . ع َ
فا َ ريدُ ال َيُ ِ
ت « خاف ال َ
فو ْ 24
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
النكاح من عهد على إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان ،فأقر
به الرجل؛ لن الله جل ثناؤه بذلك أوصى الرجال في نسائهم .
وفي خطبة الوداع قال صلى الله عليه وسلم)) :فاتقوا الله في
النساء ،فإنكم أخذتموهن بأمان الله ،واستحللتم فروجهن بكلمة
الله((.
ساء{
ن ٱلن ّ َ م َ م ّ ب ل َك ُ ْ طا َما َ حوا ْ َ ف ٱنك ِ ُ والكلمة :قوله تعالىَ } :
]النساء.[3:
) (2النكاح طاعة وعبادة :
) حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :
) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( فقالوا :يا رسول الله أيأتي أحدنا
شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلة والسلم ) :أرأيتم
لو وضعها في الحرام ،أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في
الحلل كان له أجر (
) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( :أي في جماعه لهله
فياله من فضل ،قضاء وأجر ....
]*[ قال النوويُ))" :بضع(( هو :بضم الباء ،ويطلق على الجماع
ويطلق على الفرج نفسه ،وكلهما تصح إرادته هنا .وفي هذا دليل
على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات ،فالجماع يكون
ق الزوجة ومعاشرَتها بالمعروف الذي أمر عبادة إذا نوى به قضاءَ ح ّ
ف
ف نفسه أو إعفا َ د صالح أو إعفا َ ب ول ٍ الله تعالى به ،أو طل َ
عهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم الزوجة ،ومن َ
به ،ذلك من المقاصد الصالحة .
) (3العدالة التامة بين الزوجين:
ف{ ]البقرة: عُرو ِ م ْن ب ِ ٱل ْ َ ه ّ ذى َ َ
علي ْ ِ ل ٱل ّ ِ مث ْ ُن ِه ّ ول َ ُ
قال الله تعالىَ } :
.[228
ب أن أتزّين ]*[ قال ابن عباس رضي الله عنهما) :إني أح ّ
ن
ه ّول َ ُ
ب أن تتزّين لي؛ لن الله تعالى ذكره يقولَ } : للمرأة،كما أح ّ
ف{ . عُرو ِ م ْ ْ
ن ب ِ ٱل َ ه ّ ذى َ َ ل ٱل ّ ِ مث ْ ُ
علي ْ ِ ِ
]*[ وقال ابن الجوزي" :وهو المعاشرة الحسنة والصحبة الجميلة"]
.[8
ن
ه ّ ذى َ َ ل ٱل ّ ِ
مث ْ ُ ول َ ُ
علي ْ ِ ن ِ ه ّ ]*[ وقال ابن القيم" :ودخل في قولهَ } :
ف{ جميع الحقوق التي للمرأة وعليها ،وإن مردّ ذلك إلى عُرو ِ ب ِ ٱل ْ َ
م ْ
ت « خاف ال َ
فو ْ 25
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ما يتعارفه الناس بينهم ،ويجعلونه معروفا ً ل منكرًا ،والقرآن
م كفالة" . والسنة كفيلن بهذا أت ّ
]*[ وقال ابن كثير" :أي :ولهن على الرجال من الحق مثل ما
ل واحد منهما إلى الخر ما يجب عليه للرجال عليهن ،فليؤدّ ك ّ
بالمعروف" .
]*[ وقال اللوسي" :كأنه قيل :ولهن عليهم مثل الذي لهم
عليهن ،والمراد بالمماثلة :المماثلة في الوجوب ل في جنس
الفعل ،فل يجب عليه إذا غسلت ثيابه أو خبزت له أن يفعل لها
مثل ذلك ،ولكن يقابله بما يليق بالرجال" .
]*[ وقال ابن سعدي" :أي :وللنساء على بعولتهن من الحقوق
واللوازم مثل الذي عليهن لزواجهن من الحقوق اللزمة
والمستحبة .
) (4مبدأ الشورى بين الزوجين:
ر{ ]آل عمران.[159: م ِ
فى ٱل ْ م ِ
ه ْ
وْر ُ و َ
شا ِ قال الله تعالىَ } :
]*[ قال ابن جرير الطبري" :وأولى القوال بالصواب في ذلك أن
يقال :إن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة
منوه ومكايد حربه ،تأليفا ً منه بذلك َ أصحابه فيما حَزَبه من أمر عد ّ
ةمن عليه معها فتن َ لم تكن بصيرُته بالسلم البصيرةَ التي يؤ َ
الشيطان ،وتعريفا ً منه أمَته ما في المور التي تحزبهم من بعده
ومطلبها ،ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنزل بهم،
فيتشاوروا فيما بينهم ،كما كانوا يرونه في حياته صلى الله عليه
وسلم يفعله ،فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله كان
يعّرفه مطالب وجوه ما حَزَبه من المور بوحيه أو إلهامه إياه
ب ذلك ،وأما أمُته فإنهم إذا تشاوروا مستّنين بفعله في ذلك، صوا َ
خ للحق ،وإرادة جميعهم للصواب ،من غير ميل على تصادق وتو ّ
فقهم" .دهم ومو ّ إلى هوى ،ول حيد عن هدى ،فالله مسدّ ُ
]*[ وقال ابن سعدي" :أي :المور التي تحتاج إلى استشارة ونظر
وفكر ،فإن في الستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية
ما ل يمكن حصره .
م{ م ُ وقال تعالى في وصف عباده المؤمنينَ } :
ه ْ
شوَر ٰى ب َي ْن َ ُ ه ْ
مُر ُ
وأ ْ َ
]الشورى.[38:
]*[ قال الطبري" :يقول :وإذا حزبهم أمر تشاوروا بينهم" .
]*[ وقال البغوي" :أي :يتشاورون فيما يبدو لهم ول يعجلون".
ت « خاف ال َ
فو ْ 26
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ وقال اللوسي" :أي :ذوو شورى ومراجعة في الراء بينهم...
وفي الية مدح للتشاور" .
وفي قصة الحديبية ،عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال:
فلما فرغ من قضية الكتاب ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
لصحابه)) :قوموا فانحروا ،ثم احلقوا(( ،قال :فوالله ،ما قام
منهم رجل ،حتى قال ذلك ثلث مرات ،فلمالم يقم منهم أحد دخل
على أم سلمة ،فذكر لها ما لقي من الناس ،فقالت أم سلمة :يا
ة حتى تنحر ب ذلك؟ اخرج ثم ل تكّلم أحدا ً منهم كلم ًنبي الله ،أتح ّ
قك فيحلقك .فخرج فلم يكّلم أحدا منهم حتى و حال َ
بدنك ،وتدع َ
فعل ذلك؛ نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه ،فلما رأوا ذلك قاموا
فنحروا ،وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا
ما .
غ ّ
قال ابن حجر" :وفيه :فضل المشورة ،وأن الفعل إذا انضم إلى
القول كان أبلغ من القول المجرد ،وليس فيه أن الفعل مطلقا
أبلغ من القول ،وجواز مشاورة المرأة الفاضلة .
وفي حادثة نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم
قالت عائشة رضي الله عنها :فرجع بها رسول الله صلى الله عليه
وسلم يرجف فؤاده ،فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها
فقال)) :زملوني زملوني(( فزملوه ،حتى ذهب عنه الروع ،فقال
لخديجة وأخبرها الخبر)) :لقد خشيت على نفسي(( ،فقالت
خديجة :كل والله ما يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم ،وتحمل
ل ،وتكسب المعدوم ،وتقري الضيف ،وتعين على نوائب الحق. الك َ ّ
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد
صر في الجاهلية ،وكان ً
العزى ابن عم خديجة ،وكان امَرأ قد تن ّ
يكتب الكتاب العبراني ،فيكتب من النجيل بالعبرانية ما شاء الله
أن يكتب ،وكان شيخا كبيرا قد عمي ،فقالت له خديجة :يا ابن عم،
اسمع من ابن أخيك ،فقال له ورقة :يا ابن أخي ،ماذا ترى؟
فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى ،فقال له
ورقة :هذا الناموس الذي نّزل الله على موسى ،يا ليتني فيها
جذعا ،ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك ،فقال رسول الله صلى
ي هم؟!(( ،قال :نعم ،لم يأت رجل قط الله عليه وسلم)) :أومخرج ّ
مك أنصْرك نصرا مؤزرا. بمثل ما جئت به إل عودي ،وإن يدركني يو ُ
ثم لم ينشب ورقة أن توفي.
) (5المحبة والرحمة بين الزوجين:
ت « خاف ال َ
فو ْ 27
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
م أ َْز ٰوجا ً سك ُ ْ ن َأن ُ
ف ِ م ْ كم ّ ق لَ ُخل َ َ ن َ هأ ْ
قال الله تعالى} :ومن ءاي ٰـت ِ َ
ِ َ َ ِ ْ
ّ
تل َ َ
فى ذَل ِك لي َ ٰـ ٍ ُ ع َ سك ُُنوا ْ إ ِل َي ْ َ ل ّت َ ْ
وم ٍ ق ْ ن ِ ة إِ ّ م ًح َوَر ْ ودّةً َ م َ ل ب َي ْن َكم ّ ج َو َها َ
ن{ ]القصص.[21: فك ُّرو َ ي َت َ َ
ة
]*[ قال الطبري" :يقول :جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودّ ً
ة رحمكم بها ،فعطف دون بها ،وتتواصلون من أجلها ،ورحم ً تتوا ّ
بعضكم بذلك على بعض" .
]*[ وقال اللوسي" :فإن المراد بهما ما كان منهما بعصمة الزواج
قطعا ،أي :جعل بينكم بالزواج الذي شرعه لكم توادا ً وتراحما ً من
ة معرفة ،ول مرابطة مصححة للتعاطف غير أن يكون بينكم سابق ُ
من قرابة أو رحم".
ب وأنا )حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( قالت :كنت أشر ُ
ي فيشرب ، ضع ف ّ ع فاهُ على مو ِ ه النبي rفيض ُ ول ُ ُ
حائض ثم أنا ِ
ع
ع فاه على موض ِ ه النبي rفيض ُ ول َ ُ عْرقَ وأنا حائض ثم أنا ِ وأتعّرقُ ال َ
ي . ف ّ
عْرق { عظم أخذ منه اللحم وبقيت عليه بقية . ُ
} ال َ
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري (
أنها:كانت مع النبي في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي
فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك .
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
الجامع ( أن النبي rقال :كل شيء ليس من ذكر الله لهو و لعب
إل أن يكون أربعة :ملعبة الرجل امرأته و تأديب الرجل فرسه و
مشي الرجل بين الغرضين و تعليم الرجل السباحة .
]*[ وقال ابن القيم:
"فمن المحبة النافعة محبة الزوجة وما ملكت يمين الرجل ،فإنها
معينة على ما شرع الله سبحانه له من النكاح وملك اليمين من
إعفاف الرجل نفسه وأهله ،فل تطمح نفسه إلى سواها من
الحرام ،ويعفها فل تطمح نفسها إلى غيره ،وكلما كانت المحبة
م وأقوى كان هذا المقصود أتم وأكمل . بين الزوجين أت ّ
) (6درجة الرجل على المرأة:
ة{ ]البقرة.[228: ج ٌ ن دََر َ ه ّ ل َ َ
علي ْ ِ جا ِ وِللّر َ
قال الله تعالىَ } :
]*[ قال ابن كثير:
خلق والمنزلة وطاعة المر خلق وال ُ "أي :في الفضيلة في ال َ
والنفاق والقيام بالمصالح ،والفضل في الدنيا والخرة .
]*[ وقال اللوسي:
ت « خاف ال َ
فو ْ 28
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
"زيادة في الحق؛ لن حقوقهم في أنفسهن ،فقد ورد أن النكاح
كالرق .أو شرف فضيلة؛ لنهم قوام عليهن وحراس لهن
يشاركونهن في غرض الزواج من التلذذ ،وانتظام مصالح المعاش،
ف يحصل لهم لجل الرعاية والنفاق عليهن" .صون بشر ٍخ ّ
وي َ
]*[ وقال ابن سعدي:
"أي :رفعة ورياسة وزيادة حق عليهن" .
) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت
حقه .
)فلحستها( :أي بلسانها غير متقذرة لذلك ) ما أدت حقه (
) حديث معاذ الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :لو تعلم
المرأة حق الزوج لم تقعد ما حضر غداؤه و عشاؤه حتى يفرغ منه
.
) لم تقعد ( أي تقف ) ما حضر غداؤه وعشاؤه ( أي مدة
دوام حضوره ) حتى يفرغ منه ( لما له عليها من الحقوق وإذا
كان هذا في حق نعمة الزوج وهي في الحقيقة من الّله تعالى
فكيف بمن ترك شكر نعمة الّله .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
د،ح ٍ جدَ ل ِ َ س ُ ن يَ ْحدا ً أ ْ ت آمرا ً أ َ و ك ُن ْ ُ وابن ماجة ( أن النبي rقال »:ل َ ْ
َ َ
ها«. ج َ و ِجدَ ل َِز ْ س ُ ن تَ ْ مْرأةَ أ ْ ت ال ْ َ مْر ُ ل َ
)لمرت المرأة أن تسجد لزوجها ( فيه تعليق الشرط بالمحال لن
:السجود لمخلوق ل يجوز وأخبر المصطفى أن ذلك ل يكون ولو
كان لجعل للمرأة في أداء حق الزوج ،وفيه تأكد حق الزوج وحث
على ما يجب من بره ووفاء عهده والقيام بحقه ولهن على الزواج
ما للرجال عليهن .
ل الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( جب َ ٍن َ عاِذ ب ِ م َ )حديث ُ
ه
جت ُ ُ
و َ ت َز ْ قال َ ْفي الدّن َْيا .إ ِل ّ َ ها ِ ج َو َ مَرأةٌ َز ْ ؤِذي ا ْ أن النبي rقال »:ل َ ت ُ ْ
ش َ
ك ل ُيو ِ خي ٌ دك دَ ِ عن ْ َ
و ِ ه َما ُ ك اللهَ ،
فإ ِن ّ َ قات َل َ ِ هَ ، ؤِذي ِ ن :ل َ ت ُ ْ عي ِ ر ال ْ ِحو ِ ن ال ْ ُم َ ِ
ك إ ِل َي َْنا«. ر َ ن يُ َ َ
ق ِ فا ِ أ ْ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة(
أن النبي rقال :نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود
علي زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها
غمضا ً حتى ترضى . وتقول ل أذوق ُ
العؤود :التي تعود علي زوجها بالنفع .
ل أذوق غمضا ً :ل أذوق نوما ً حتى ترضى .
) (7قوامة الرجل على المرأة:
ت « خاف ال َ
فو ْ 29
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ل ٱلل ّ ُ
ه ض َ ف ّ ما َ ساء ب ِ َ عَلى ٱلن ّ َ ن َ مو َ وا ُ ق ّل َ جا ُ قال الله تعالى } :ٱلّر َ
َ َ
م{ ]النساء.[34: ه ْ م ٰول ِ ِ نأ ْ م ْ قوا ْ ِ ف ُ ما أن َ وب ِ َ
ض َ ع ٍ عل َ ٰى ب َ ْ
م َ ه ْض ُع َ
بَ ْ
]*[ قال الطبري:
ساء{ الرجال عَلى ٱلن ّ َ ن َ مو َ وا ُق ّ ل َ جا ُ "يعني بقوله جل ثناؤه } :ٱلّر َ
أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والخذ على أيديهن فيما يجب
ض{ يعني: ع ٍ عل َ ٰى ب َ ْ م َ ه ْ ض ُ ع َ ه بَ ْ ل ٱلل ّ ُ ض َ ف ّ ما َ عليهن لله ولنفسهم؛ }ب ِ َ
بما فضل الله به الرجال على أزواجهم ،من سوقهم إليهن
هم وكفايِتهم إياهن مؤنهَتن ،وذلك قهم عليهن أموال َ مهوَرهن وإنفا ِ
قواما ً تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن ،ولذلك صاروا ُ
عليهن نافذي المر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن" .
عَلى ن َ مو َ وا ُ ل َ
ق ّ جا ُ ]*[ وقال ابن كثير" :يقول تعالى } :ٱلّر َ
ساء{ أي :الرجل قّيم على المرأة ،أي :هو رئيسها وكبيرها ٱٱلن ّ َ
عل َ ٰى م َ ه ْض ُ ع َ ه بَ ْ ل ٱلل ّ ُ ض َ ف ّ ما َ جت؛ }ب ِ َ دبها إذا اعو ّ والحاكم عليها ومؤ ّ
ض{ أي :لن الرجال أفضل من النساء ،والرجل خير من المرأة؛ ع ٍ بَ ْ
ة بالرجال ،وكذلك الملك العظم ...وكذا ولهذا كانت النبوة مختص ً
َ َ
م{ أي :من ه ْ م ٰول ِ ِ نأ ْ م ْ قوا ْ ِ ف ُ ما أن َ وب ِ َمنصب القضاء وغير ذلكَ } ،
المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه
وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،فالرجل أفضل من المرأة في
نفسه ،وله الفضل عليها والفضال ،فناسب أن يكون قيما ً
عليها" .
ت « خاف ال َ
فو ْ 30
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فتسوؤك و تحمل لسانها عليك و إن غبت عنها لم تأمنها على
نفسها و مالك و الدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك و إن
تركتها لم تلحقك بأصحابك و الدار تكون ضيقة قليلة المرافق .
) حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال ":الدنيا متاع ،وخير متاع الدنيا :المرأة
الصالحة ".
كدفالمرأة الصالحة في هذا الزمان وفي كل زمان كنز ينبغي أن ت َ ِ
في البحث عنه حتى تجده
) حديث أبي أمامة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
كر وِلسان ذاكر وزوجة صالحه تعينك علي النبي rقال " :قلب شا ِ
دنياك ودينك خير ما اكتنز الناس " أمر ُ
ن الله
م ّ فهيا لنتعرف علي صفات المرأة الصالحة والتي إن َ
عليك بها تكون قد حوزت هذا الكنز ونسأل الله أن يبارك لك فيه.
ة:]*[ صفات المرأة الصالحة جمل ً
ل :أن تكون صالحة ذات دين : أو ً
ثانيًا :أن تكون ولود :
ثالثًا :أن تكون ودود :
رابعًا :أن تكون بكرا ً :
خامسًا :أن تكون جميلة حسنة الوجه :
سادسًا :أن تكون ذات حسب :
سابعًا:أن تكون عفيفة محتشمة )متحجبة غير متبرجة (:
قّر في بيتها فل تخرج لغير حاجة : ثامنا ً :أن ت َ
تاسعا ً :أن تكون عابدة لله ،كثيرة الذكر ،متهجدة بالليل .
]*[ وهاك صفات المرأة الصالحة تفصيل ً :
ل :أن تكون صالحة ذات دين : أو ً
صالحة :أي صاحبة دين ،لقول النبي » :تنكح المرأة لربع :لمالها
وحسبها وجمالها ودينها ،فاظفر بذات الدين تربت يداك« .
فالدّينة تعينه على طاعة الله ،وتصلح من يتربى على يدها من
أولده ،وتحفظه في غيبته ،وتحفظ ماله وتحفظ بيته ،بخلف غير
الدينة فإنها قد تضره في المستقبل ،ولهذا قال النبي ـ عليه
الصلة والسلم ـ» :فاظفر بذات الدين« ،فإذا اجتمع مع الدين
جمال ومال وحسب فذلك نور على نور ،وإل فالذي ينبغي أن
يختار الدّينة.
فلو اجتمع عند المرء امرأتان :إحداهما جميلة وليس فيها فسق أو
فجور ،والخرى دونها في الجمال لكنها أدين منها ،فأيهما يختار؟
يختار الدين.
ت « خاف ال َ
فو ْ 31
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
خِبيٌر ( ] م َ عِلي ٌه َ ن الل ّ َ م إِ ّقاك ُ ْه أ َت ْ َ
عندَ الل ّ ِ م ِ مك ُ ْ
َ
ن أك َْر َ قال تعالى ) :إ ِ ّ
الحجرات[13 /
َ َ
معَباِدك ُ ْن ِ م ْن ِ حي َ صال ِ ِوال ّ م َ منك ُ ْ مى ِ حوا اْلَيا َ وأنك ِ ُ و قال تعالى َ ) :
م ( ] النور[32 / مائ ِك ُ ْوإ ِ َ
َ
فظَ ح ِما َ ب بِ َغي ْ ِ ْ ّ
ت لل َ فظا ٌَ حا ِ ت َ قان َِتا ٌت َ حا ُ صال ِ َ فال ّ و قال تعالى َ ) :
ه (] النساء[34 / الل ّ ُ
ه الله( ]*[ قال ابن كثير )رحم ُ
ت( :أي من النساء . ) فالصاِلحا ُ
) قانتات( :يعني المطيعات لزواجهم .
ت للغيب( :قال السدي وغيرهُ :أي تحفظ زوجها في ) حافظا ُ
غيبته في نفسها وماله.
ت « خاف ال َ
فو ْ 32
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وسمعتها فاللئق بذي المروءة والرأي أن يجعل ذوات الدين
ق أبقى من جمال مطمح النظر وغاية الُبغية لن جمال ال ُ ُ
خل ِ
ق ،وغنى النفس أولى من غنى المال وأنفس والعبرة في ال َ ْ
خل ِ
الخصال ل الشكال وفي الخلل ل الموال وصدق ربنا حيث قال
عوبا ً كم من ذَك َر ُ َ
ش ُم ُ عل َْناك ُ ْج َو َ ى َ وأن ْث َ َ ٍ َ ّ قَنا ُ خل َ ْس إ ِّنا َ ها الّنا ُ تعالى) :ي َأي ّ َ
خِبيٌر(م َ عِلي ٌه َ ن الل ّ َ م إِ ّ قاك ُ ْ ه أ َت ْ َ
عندَ الل ّ ِم َ مك ُ ْ
َ
ن أك َْر َ وا ْ إ ِ ّف َعاَر ُ ل ل ِت َ َقَبآئ ِ َ و َ
َ
]الحجرات [13 /
وحث النبي على الزواج من المرأه الصالحة وبين أنها خير متاع
الدنيا......
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال *:الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة.
]*[ قال ابن عثيمين كما في )الشرح الممتع(
ه على طاعة الله وتصلح من يتولى على دينة ) ذات الدين( تعين ُ ال ّ
ه في غيبته وتحفظ ماله وتحفظ بيته يدها من الولد وتحفظ ُ
بخلف غير الدّينة فإنها قد تضره في المستقبل.
ومن هنا فضل السلم صاحبة الدين على غيرها ولو كانت أمه
سوداء ....
" كانت لعبد الله بن رواحه أمة سوداء فلطمها في غضب ثم ندم َ
ي يا عبد الله ؟ قال " تصوم فأتى النبي فأخبرهُ فقال ما ه َ
وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد الشهادتين فقال النبي هذه
مؤمنة فقال عبد الله لعتقنها ولتزوجّنها ففعل .فطعن عليه
مة وكانوا ينكحوا إلى المشركين س من المسلمين وقالوا نكح أ َ نا ُ
من م ْ َ
خي ٌْر ّة َ من َ ٌ ؤ ِ ة ّ م ٌ ول َ رغبة في أحسابهم فنزل قوله تعالى ) َ
م ( ] البقرة [221/ جب َت ْك ُ ْع َو أَ ْول َ ْ ة َ رك َ ٍش ِ م ْ ّ
وقيل أن هذه الية نزلت في " خنساء" وليده سوداء لحذيفة بن
اليمان فقال لها حذيفة يا خنساء قد ذكرت في المل العلى مع
دمامتك وسوادك وأنزل الله ذكرك في كتابه فأعتقها وتزوجها.
فهؤلء كانوا يتمثلون قول النبي في الحديث التي :
الثابت عند البخاري ومسلم عن أبي ُبرده عن أبيه قال:
)حديث أبي موسى الشعري رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال ) :ثلثة لهم أجران :رجل من أهل
الكتاب ،آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ،والعبد
المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ،ورجل كانت عنده أمة
يطؤها ،فأدبها فأحسن أدبها ،وعلمها فأحسن تعليمها ،ثم أعتقها
فتزوجها ،فله أجران(.
فخير رفيق في هذه الدنيا الزوجة الصالحة المؤمنة التي تعين
زوجها علي أمر دينه .
ت « خاف ال َ
فو ْ 33
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( قال ":لما
ل نتخذُ ؟؟ فقال ي الما ِنزل في الفضة والذهب ما نزل قالوا فأ ّ
:
ن أحدكم ة ُتعي ُ
ة مؤمن ً ً ً َ
ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوج ً
علي أمر الخرة ".
فالزوجة الصالحة هي جنة السعادة التي تخلع أحزانك علي أعتابها
رعة كانت كبنت و ِ
قيه َ ةت َ ة مؤمن ً فإن المرأه إذا كانت صالح ً
دقته خويلد) خديجة( التي آمنت برسول الله إذ كفر الناس وص ّ
ن له في تثبيته إذ كذبوه وواسته بما لها إذ حرموه فكانت خيَر عو ٍ
أمام الصعاب والشدائد.
وكانت كأسماء بنت أبي بكر )رضي الله عنهما ( :
مثال المرأة الحّرة البية التي دفعت بولدها إلي طريق الشهادة
ميتة وحّرضته علي الصمود أمام قوى الجبروت والطغيان ليموت ِ
الحرار الكرام.
أو كانت كصفية بنت عبد المطلب:
التي دفعت بنفسها إلي غمار الوغى لتدفع يهود عن أعراض
المسلمين.
أو كانت كالخنساء :
التي جاءت بأولدها الربعة في سبيل الله وعندما جاءها نبأ ُ
استشهادهم قالت :الحمد لله الذي شّرفني باستشهادهم وإني
لرجو الله أن يجمعني بهم مستقر رحمته.
شريحوخير ما يستشهد به على فضل المرأة الصالحة قصة ُ
القاضي ،لما تزوج بامرأة من بني تميم ،فيقول :لما دخلت عليها
قمت أتوضأ ،فتوضأت معي ،وصليت فصلت معي ،فلما انتهيت من
الصلة دعوت بأن تكون ناصية مباركة ،وأن يعطيني الله من
دت الله ،وأثنت ،ثم قالت :إنني م َ
ح ِخيرها ،ويكفيني شّرها ،قال :ف َ
امرأة غريبة عليك فماذا يعجبك فآتيه ،وماذا تكره فأجتنبه ،قال:
فقلت :إني أحب كذا ،وأكره كذا ،فقالت :هل تحب أن يزورك
ض ،وأخاف أن أمّلهم ،فقالت :من أهلي .فقلت :إنني رجل قا ٍ
تحب أن يزورك من جيرانك ،فأخبرتها بذلك.
قال شريح :فجلست مع هذه المرأة في أرغد عيش وأهنئه حتى
ت :من حال الحول ،إذ دخلت البيت فإذا بعجوز تأمر وتنهى ،فسأل ُ
هذه؟ فقالت :إنها أمي .فسألته الم :كيف أنت وزوجتك؟ فقال
لها :خير زوجة ،فقالت :ما حوت البيوت شّرا ً من المدللة ،فإذا
رابك منها ريب فعليك بالسوط.
ت « خاف ال َ
فو ْ 34
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قال شريح :فكانت تأتينا مرة كل سنة ،تنصح ابنتها ،وتوصيها،
ت مع زوجتي عشرين عامًا ،لم أغضب منها إل مرة واحدة، ومكث ُ
ً)(1
وكنت لها ظالما .
أل ما أسعد الزوج بالزوجة الصالحة التي نشئت تنشئة إيمانية
عرفت حق زوجها وبيتها وأبنائها وإليكم
مثل آخر مما يمل تاريخنا العظيم ،كان عبد الله بن وداعة ممن
يتلقون العلم عن المام سعيد بن المسيب ،وحدث أن تأخر عن
الدرس أياما فسأله المام عن سبب تخلفه ،فقال :توفيت زوجتي
م عبد الله بالنصراف ،ناداه فشغلت بأمرها ،فلما انتهى الدرس وه ّ
المام :هل تزوجت يا عبد الله بعد وفاة زوجتك ،قال عبد الله:
يرحمك الله ومن يزوجني ابنته وأنا ل أملك غير درهمين أو ثلثة،
فقال سعيد :أنا أزوجك ابنتي فانعقد لسان عبد الله ،ذلك أن
الوليد ابن عبد الملك بن مروان كان قد خطبها فأبى سعيد .ثم
التفت المام إلى من كان قريبا وناداهم فحمد الله عز وجل وأثنى
عليه وصلى على نبيه محمد صلوات الله وسلمه عليه وعقد له
على ابنته وجعل مهرها درهمين .يقول عبد الله :فقمت وأنا ل
أدري ما أقول من الدهشة والفرح ثم قصدت بيتي وكنت يومئذ
صائما فنسيت صومي وجعلت أقول :ويحك يا أبا وداعة ما الذي
صنعت بنفسك ،ممن تستدين ،وممن تطلب المال ،وظللت على
حالي هذه حتى أذن للمغرب فأديت المكتوبة وجلست إلى فطوري
وكان خبزا وزيتا ،فما إن تناولت منه لقمة أو لقمتين حتى سمعت
الباب يقرع ،فقلت :من الطارق ،فقال :سعيد ،فوالله لقد مر
بخاطري كل إنسان اسمه سعيد أعرفه إل سعيد بن المسيب ذلك
لنه لم ير منذ أربعين سنة إل بين بيته والمسجد ،ففتحت الباب
فإذا بي أمام سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له في أمر زواجي
من ابنته شيء ،وقلت له :يا أبا محمد ،هل أرسلت إلي فآتيك،
فقال :بل أنت أحق بأن آتي إليك وقال :إن ابنتي أصبحت زوجة
لك وأنا أعلم أنه ليس معك أحد يؤنس وحشتك فكرهت أن تبيت
وحدك ،فقلت :ويحي جئتني بها فقال :نعم.
ثم انصرف سعيد ودخل عبد الله على زوجته فإذا هي أجمل الناس
وأحفظهم لكتاب الله ،وأعلمهم بسنة رسول الله وبحقوق
الزوجية ،وما إن أسفر الصبح حتى نهض عبد الله يريد الخروج
فقالت زوجته :إلى أين ،قال :إلى مجلس أبيك أتعلم العلم،
فقالت :اجلس أعلمك علم سعيد.
هذه سير سلفكم أيها الخوة في الله فمنها اقتبسوا وعلى
نهجهم سيروا لتبلغوا المرتقى الذي وصلوا إليه.
- 1القصة مذكورة بطولها في العقد الفريد .6/92
ت « خاف ال َ
فو ْ 35
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ن كثيرا ً من الناس يغلب على مما يندى له الجبين أننا نجد أ ّ تنبيه
اهتماماتهم شأن الجمال ،أو الحسب ،أو المال ،وهذا ليس خطأ
م مواصفات في حد ذاته ،ولكن الخطأ أن يتنازل الرجل عن أه ّ
الزوجة ،وهو )الدين( على حساب وجود المواصفات الخرى كّلها
ت يداك. رب َ ْ دين ،ت َ ِ دين ،ال ّ أو بعضها ،فال ّ
م أولده. وكما أن الرجل مطالب أن ُيحسن اختيار شريكة حياته .وأ ّ
ن اختيار الرجل المناسب ،ليكون س َ ي المرأة أن ُيح ِ يجب على ول ّ
زوجا ً لموليته.
وإنه لمن المؤسف حقا ً أن يستحوذ السؤال عن المكانة والوظيفة
دين الذي ل يجوز والمال والمنصب على ذهن الولي ،ويتناسى ال ّ
التنازل عنه أل َْبتة ،وليس اهتمامه بالمور الخرى مضرا إل إذا
ً
اقتصر عليها ،وتنازل عن رأس المر كّله أل وهو الدين ،والذي إذا
تخلى الناس عنه حصل في الرض الفتنة والفساد الكبير كما في
الحديث التي :
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (
ه،
ق ُ خل ُ َو ُه َ ن ِدين َ ُ و َ ض ْ ن ت َْر َ م ْ م َ ب إل َي ْك ُ ْ خط َ َ ذا َ ل الله » :rإ َ ل رسو ُ ل :قا َ قا َ
ض«. ري ٌ سادٌ ع ِ ف َ ضو َ ة في الْر ِ فت ْن َ ٌ ن ِ عُلوا ت َك ُ ْ ف َ ه .إل ّ ت َ ْ جو ُ و ُ فَز ّ َ
وحسن الختيار ل يقتصر فيه كل من الزوجين على صاحبه فقط،
بل ينبغي أن يتعداهما إلى ذويهما وأهلهما ،فقد تكون أم الزوجة
امرأةَ سوء ،تؤّثر على ابنتها بأخلقها ،وتزرع الشقاق بين ابنتها
وزوجها .وقل مثل ذلك فيمن عداها مما يتصل ببيئة الزوجين،
ن. م ْ وإّياكم وخضراء الدّ َ
ثانيًا :أن تكون ولود :
فقد ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة من تحبيب بطلب
ث علي التكاثر في النسل بما يحقق الغرض الذرية الصالحة وح ٍ
السمى من الزواج والمتمثل في استمرار النوع البشرى ودوام
عمارة الرض.
ففي القرآن
قال تعالى:
د
عن َ خي ٌْر ِ ت َ حا ُ صال ِ َ ت ال ّ قَيا ُ وال َْبا ِ
ة الدّن َْيا َ حَيا ِ ة ال ْ َ زين َ ُنَ ِ وال ْب َُنو َ ل َ ما ُ ) ال ْ َ
مًل ( ] الكهف[46 / خي ٌْر أ َ و َواًبا َ ك ثَ َ َرب ّ َ
وقال تعالى:
ر
طي ِقَنا ِ وال ْ َن َ وال ْب َِني َ ساء َ ن الن ّ َ م َ ت ِ وا ِ ه َ ش َ ب ال ّ ح ّ س ُ ن ِللّنا ِ ) ُزي ّ َ
ْ َ ْ ْ ْ َ
ثحْر ِ وال َ عام ِ َ والن ْ َ ة َ م ِو َ س ّ م َ ل ال ُ خي ْ ِ وال َة َ ض ِ ف ّ وال ِ ب َ ه ِ ن الذّ َ م َ ة ِقنطَر ِ م َ ال ْ ُ
] آل عمران / ب( مآ ِ ن ال ْ َ س ُ ح ْ عندَهُ ُ ه ِ والل ّ ُ ة الدّن َْيا َ حَيا ِ ع ال ْ َ مَتا ُ ك َ ذَل ِ َ
[ 14
ت « خاف ال َ
فو ْ 36
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وحكي سبحانه وتعالى علي لسان زكريا أنه كان يتوجه إلي ربه
بهذا الدعاء:
َ ْ
كن مأ ُ ول َ ْ شي ًْبا َ س َ ل الّرأ ُ ع َ شت َ َ وا ْ مّني َ م ِ عظ ْ ُ ن ال ْ َ ه َ و َ ب إ ِّني َ ل َر ّ قا َ ) َ
ت كان َ ِ و َ وَراِئي َ من َ ي ِ وال ِ َ م َ ت ال ْ َ ف ُ خ ْ وإ ِّني ِ قّيا )َ (4 ش ِ ب َ ك َر ّ عائ ِ َ ب ِدُ َ
َ
لنآ ِ م ْ ث ِ ر ُ وي َ ِرث ُِني َ ول ِّيا ) (5ي َ ِ ك َ دن َ من ل ّ ُ ب ِلي ِ ه ْ ف َ قًرا َ عا ِ مَرأِتي َ ا ْ
ضّيا ( ] مريم [ 6:4 ب َر ِ ه َر ّ عل ْ ُ ج َ وا ْ ب َ قو َ ع ُ يَ ْ
وقال علي لسان إبراهيم:
عاء ( ل دُ َ قب ّ ْ وت َ َ من ذُّري ِّتي َرب َّنا َ و ِ ة َ صل َ ِ م ال ّ قي َ م ِ عل ِْني ُ ج َ با ْ ) َر ّ
] إبراهيم [40 /
وذكر أن طلب الذرية الصالحة من أمنيات المؤمنين:
َ َ
ن عي ُ ٍ قّرةَ أ ْ وذُّرّيات َِنا ُ جَنا َ وا ِ ن أْز َ م ْ ب ل ََنا ِ ه ْ ن َرب َّنا َ قوُلو َ ن يَ ُ ذي َ وال ّ ِ ) َ
ما ( ] الفرقان[ 74 / ما ً ن إِ َ قي َ مت ّ ِ عل َْنا ل ِل ْ ُ ج َ وا ْ َ
وحتى الملئكة إذا أرادت الستغفار للمؤمن استغفرت له ولزوجه
ولولده:
ن
مُنو َ ؤ ِ وي ُ ْ م َ ه ْ د َرب ّ ِ م ِ ح ْ ن بِ َ حو َ سب ّ ُ ه يُ َ ول َ ُ ح ْ ن َ م ْ و َ ش َ عْر َ ن ال ْ َ مُلو َ ح ِ ن يَ ْ ذي َ ) ال ّ ِ
ما عل ْ ً و ِ ة َ م ً ح َ ء ّر ْ ي ٍ ش ْ ل َ ت كُ ّ ع َ س ْ و ِ مُنوا َرب َّنا َ نآ َ ذي َ ن ل ِل ّ ِ فُرو َ غ ِ ست َ ْ وي َ ْ ه َ بِ ِ
حيم ِ * َرب َّنا ج ِ ب ال ْ َ ذا َ ع َم َ ه ْ ِ ق
و ِ ك َ سِبيل َ َ عوا َ وات ّب َ ُ ن َتاُبوا َ ذي َ فْر ل ِل ّ ِ غ ِ فا ْ َ
َ َ
م
ه ْج ِ
وا ِ وأْز َ م َ ه ْ ن آَبائ ِ ِ م ْ ح ِ صل َ َ من َ و َ هم َ عدت ّ ُ و َ ن ال ِّتي َ عدْ ٍ ت َ جّنا ِ م َ ه ْ خل ْ ُ وأدْ ِ َ
ْ ْ َ م إ ِن ّ َ
م ( ] غافر [ 8:7 كي ُ ح ِ زيُز ال َ ع ِت ال َ ك أن َ ه ْ وذُّرّيات ِ ِ َ
فقد بينت اليات الكريمات أن البنين من متاع الحياة الدنيا وزينتها
وأن طلب النسل من المور التي حببها الله إلي خلقه وطبعهم
جبَلة فطريه فيهم كما جعله أمنية للرسل في ابتغائه وجعله ِ
وللمؤمنين.
ومن السنة علي استحباب طلب الولد:
) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و
النسائي ( أن النبي rقال :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم
المم .
]*[ ملحوظة:
س :كيف تعرف أنها ولود؟
وتعرف الولود بالنظر إلي حالها في كمال جسمها وسلمة صحتها
من المراض التي تمنع الحمل أو الولدة وبالنظر إلي حال أمها
ماتها وخالتها المتزوجات وقياسها علي مثيلتها من أخواتها وع ّ
ن ممن عادتهن الحمل والولدة كانت )في الغالب( مثلهن. فإن ك ُ ّ
ثالثًا :أن تكون ودود :
وهي المرأة التي تتودد إلي زوجها وتتحبب إليه وتبذل وسعها في
مرضاته.
ت « خاف ال َ
فو ْ 37
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والودود:هي التي تقبل علي زوجها فتحيطه بالمودة والحب
والرعاية وتحرص علي طاعته ومرضاته ليتحقق بها الهدف
الساسي من الزواج وهو السكن.
َ
عُرًبا أت َْراًبا ( ] الواقعة [37:36
كاًرا * ُ ن أ َب ْ َ عل َْنا ُ قال تعالى َ ) :
ه ّ ج َف َ
عُروب :هي المرأة المتحببة إلي زوجها ،الودودة . ال َ
]*[ وقد وردت أحاديث عديدة تؤكد علي ضرورة مراعاة هذه الصفة
في المرأة:
) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و
النسائي ( أن النبي rقال :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم
المم .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
ح نساءُ قريش ،أحناه علي طفل في ء ركبن البل صال ُ " خيُر نسا ِ
صغره وأرعاه علي زوج في ذات يده".
ن النبي بالشفقة علي أطفالهن والرأفة بهم فقد وصفه ّ
والعطف عليهم وبأنهن يراعين حال أزواجهن ويرفقن بهم
ويخففن الك َُلف عنهم فالواحدة منهن تحفظ مال زوجها وتصونه
بالمانة والبعد عن التبذير وإذا افتقر كانت عونا ً له وسندا ً ل عدوا ً
وخصمًا.
والمرأة الودود تكون مطيعة لزوجها ل تخالفه في نفسها ول
مالها بما يكره
) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و
تحفظ غيبتك في نفسها و مالك .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة(
أن النبي rقال :نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود
علي زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها
غمضا ً حتى ترضى . وتقول ل أذوق ُ
العؤود :التي تعود علي زوجها بالنفع .
ل أذوق غمضا ً :ل أذوق نوما ً حتى ترضى .
والمرأة الودود هي المرأه التي ُيعهدُ منها التودد إلي زوجها
والتحبب إليه ،وبذل ما بوسعها من أجل مرضاته لذا تكون معروفة
باعتدال المزاج وهدوء العصاب بعيدة عن النحرافات النفسية
والعصبية تحنو علي ولدها ورعاية لحق زوجها أما إذا لم تكن
ت علي زوجها وصعب قيادها المرأه كذلك كثر نشوزها وتر ّ
فع ْ
لشراسة خلقها مما يفسد الحياة الزوجية بل ويدمرها بعد استحالة
تحقق السكن النفسي والروحي للزوج بسببها.
ت « خاف ال َ
فو ْ 38
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
سعدى تتفقد زوجها: مثال رائعُ ...
سعدى على زوجها طلحة بن عبيد الله ،فرأت على ]*[ دخلت ُ
محياه سحابة هم لم تعرف سببها ،وخشيت أن تكون قد قصرت
في حق أو فرطت في واجب ،فبادرت قائلة" :ما لك!! لعلك رابك
ت.م حليلة المرء المسلم أن ِ ول َن ِ ْ
ع َ
)(2
منا شيء فنعتبك" .قال" :لَ ،
ولكن اجتمع عندي مال ول أدري كيف أصنع به؟" ،قالت" :وما
يغمك منه؟ ادع قومك فاقسمه بينهم".
سم أربعمائة ألف". ي بقومي ،فق ّ قال" :يا غلم عل ّ
سعدى وزوجها وهذه الصورة المضيئة التي تظهر لنا في بيت ُ
طلحة لتبرز لنا بعض أهم السس المفتقدة في كثير من البيوت
الن في العشرة بين الزوجين:
سعدى تتفقد زوجها في مشاعره وأحاسيسه ،فهي تشعر أو ً
لُ :
بمعاناته ،وتعيش همومه وغمومه ،فتفرح لفرحه وتحزن لحزنه،
ليس هذا فحسب ،بل إنها قد ارتابت في نفسها أن تكون هي
سبب همه وغمه .كذلك هي مستعدة للرجوع عن الخطأ والساءة
من أجل أن ُترجع لذلك المحيا ابتسامته وسروره.
فنعتبك :أي لعلي قصرت في حقك فأعتذر عن تقصيري وأعود عن
إساءتي
سعدى عن خلة أخرى في نفسها ،حيث حثت زوجها ثانًيا :تكشف ُ
على الصدقة والنفاق ،فهي الزاهدة الصالحة ،التي تجاوزت
حليحظوظ نفسها ،وتخطت لذائد ذاتها في فستان جديد أو ُ
جميل ،أو سفر مع الزوج أو غير ذلك من متاع الدنيا مما تفكر فيه
م أصحاب البطون الخاوية الكثيرات من النساء اليوم ،إنها حملت ه ّ
والقدام الحافية ،والثياب البالية ،فقالت دون تلجلج" :ادع قومك
فاقسمه بينهم".
ثالًثا :ل يمكن أن نغض الطرف عن ذلك الزوج الصالح الذي امتدح
ت" ،ويا له من أسلوب م حليلة المرء المسلم أن ِ ول َن ِ ْ
ع َ زوجته فقالَ " :
آسر لقلب الزوجة حين تسمع مثل هذا الكلم الطيب من أعز
الناس عليها.
فما أجمل المرأة حسنة الخلق ،والتي تزن به الدنيا وما عليها.
وما أجمل المرأة الهينة اللينة السهلة القانتة لربها ولزوجها.
وما أجمل المرأة المتواضعة ،والتي ل يعرف الكبر ول العجب ول
قا إلى قلبها. ل طري ً
الغ ّ
وما أجمل المرأة المتواضعة ،صاحبة الصوت الهادئ.
وما أجمل المرأة حسنة الظن بزوجها.
وما أجمل المرأة حين تشعر بكل قول وفعل ،يرقى بها إلى درجة
)( أي :لعلي قصرت في حقك فأعتذر عن تقصيري وأعود عن إساءتي. 2
ت « خاف ال َ
فو ْ 39
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الخوف من الله.
رابعًا :أن تكون بكرا ً :
ة
حتى تكون المحبة بينهما أقوى والصلة أوثق ،إذ البكر مجبول ٌ
ص
علي النس بأول أليف لها وهذا يحمي السرة من كثير مما ُينغ ُ
سر اللهي في جعل نساء در صفوها وبذا نفهم ال ّ عليها عيشها وُيك ّ
الجنة أبكارا ً
َ
عُرًبا أت َْراًبا ( َ
ن أب ْ َ
كاًرا * ُ عل َْنا ُ شاء * َ
ن ِإن َ ْ َ
قال تعالى ):إ ِّنا أن َ
ه ّ ج َ
ف َ ه ّ
شأَنا ُ
) الواقعة ( 37:35
وقد وردت في الحث علي انتقاء البكر أحاديث كثيرة منها:
)حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في
الصحيحين ( قال:هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات ،فتزوجت
امرأة ثيبا فقال لي رسول الله) :تزوجت يا جابر( .فقلت :نعم،
فقال) :ابكرا أم ثيبا( .قلت :بل ثيبا ،قال) :فهل جارية تلعبها
وتلعبك ،تضاحكها وتضاحكك( .قال :فقلت له :إن عبد الله هلك،
وترك بنات ،وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن ،فتزوجت امرأة تقوم
عليهن وتصلحهن ،فقال) :بارك الله لك ،أو قال :خيرا(.
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين (قالت:قلت
يا رسول الله ،أرايت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أكل منها،
ووجدت شجرا لم يؤكل منها ،في أيها كنت ترتع بعيرك ؟ قال:
)في التي لم يرتع منها( .تعني أن رسول الله لم يتزوج بكرا
غيرها.
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
الجامع ( أن النبي rقال :عليكم بالبكار فإنهن أنتق أرحاما و
أعذب أفواها و أقل خبا و أرضى باليسير .
) عليكم بالبكار ( قال القاضي :حث وإغراء على تزوجهن )
فإنهن أنتق أرحاما ً ( أي أكثر حركة والنتق بنون ومثناة الحركة
ويقال أيضا ً للرمي وأراد أنها كثيرة الولد ) وأعذب أفواها ً (
قال الطيبي :أفرد الخبر وذكره على تقدير كقوله تعالى }
ن أطهر لكم { قال القاضي :إضافة العذوبة إلى هؤلء بناتي ه ّ
الفواه لحتوائها على الريق وقد يقال للريق والخمر العذبان )
وأقل خبا ً ( بالكسر أي خداعا ً )وأرضى باليسير ( من الرفاق
لنها لم تتعود في سائر الزمان من معاشرة الزواج ما يدعوها
إلى استقلل ما تصادفه .
وفي صحيح مسلم في )كتاب النكاح( عن علقمة قال :كنت أمشى
مع عبد الله بن مسعود بمنى فلقيه عثمان فقام معه يحدثه فقال
له عثمان :يا أبا عبد الرحمن ،أل نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك
ببعض ما مضى من زمانك؟؟"
ت « خاف ال َ
فو ْ 40
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال النووي في )شرح مسلم( :
صلة لمقاصد النكاح فإنها ألذ فيه استحباب نكاح الشابة لنها المح ّ
استمتاعا ً وأطيب نكهة وأرغب في الستمتاع الذي هو مقصود
النكاح وأحسن عشرة وأفكه محادثة وأجمل منظرا ً وألين ملمسا ً
جها الخلق التي يرتضيها. ودها زو ُ وأقرب إلي أن يع ّ
]*[ وبعد هذه الجملة من الحاديث التي تحث علي التزوج من البكر
ِلما تمتاز به البكر من:
) (1كثرة الملطفة لزوجها وملعبتها له ومرحها معه.
ة عظيمة ) (2عذوبة ريقها وطيب فمها بما يحقق لزوجها متع ً
وحب معاشرتها )حديث جابر( كما أن عذوبة الفواه تفيد حسن
كلمها وقلة بذائتها وفحشها مع زوجها وذلك لكثرة حيائها لنها لم
تخالط زوجا قبله.
) (3كونها ولودا ً حيث لم يسبق لها الحمل والولدة.
) (4رضاها باليسير من الجماع والمال والمؤنة ونحو ذلك – لن هذا
ما وجدته ولم تعرف غيره ولكونها )بسبب حداثة سنها( أقل طمعا ً
وأسرع قناعة فل ترهق زوجها ما ل يطيق لكثرة مطالبها.
ت عليه من براءة جب ِل َ ْما ُ ) (5كونها أقل خب ّا ً )أي مكرا وخداعاً( ل ِ َ
ل ل تزال علي فطرتها ف ٌ غ ْالقصد وسذاجة الفكر فهي في الغالب ُ
ل تعرف حيلة ول تحسن مكرًا.
]*[ قال ابن القيم كما في ) روضة المحبين( :
س :لما فضل النبي البكر علي الثيب وهذه الصفة تزول بأول
وطء فتعود ثيبا ً ؟
ج :قيل الجواب من وجهين:
الول:
أن المقصود من وطء البكر أنها لم تذق أحدا ً قبل وطئها فتزرع
محبته في قلبها وذلك أكمل لدوام العشرة فهذه بالنسبة إلي
الوطء فإنه يراعي روضة لم يرعها أحدٌ قبله وقد أشار تعالى إلي
ن ( ] الرحمن/ وَل َ
جا ّ م َ ه ْ قب ْل َ ُس َ ن ِإن ٌ
ه ّ م ي َطْ ِ
مث ْ ُ هذا المعني بقوله) ل َ ْ
[ 79
ثم تستمر له لذة الوطء حال زوال البكارة.
الثاني :
أنه قد ورد :أن أهل الجنة كلما وطئ أحدهم امرأة عادت بكرا ً كما
كانت.
]*[ وقال الغزالي في ) الحياء( في البكار ثلث فوائد:
) (1أن تحب الزوج وتألفه فيؤثر في هذا الود ...
ت « خاف ال َ
فو ْ 41
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ول وقد قال " عليك بالودود" والطباع مجبولة علي النس بأ ّ
مألوف وأما التي اختبرت الرجال ومارست الحوال فربما ل ترضى
بعض الوصاف التي تخالف ما ألفته فُتقلى الزوج.
) (2أن ذلك أكمل في مودته لها فإن الطبع ينفر عن التي مسها
غير الزوج نفرة ما.
) (3أنها ل تحن إل إلي الزوج الول وأكثر الحب ما يقع مع الحبيب
الول غالبًا.
]*[ في زواج الثيبات:
الثيب :وهي المرأة التي تزوجت ثم ثابت إلى بيت أبويها فعادت
كما كانت غير ذات زوج .
]*[ قال الشيخ الستانبولي في ) تحفة العروس(:
ومهما كان من شأن البكر فإن للثيب مزاياها من الممارسة
ه سبحانه وتعالى نبيه والخبرة من حسن معاملة الزوج وقد أخبر الل ُ
بقوله:
َ َ
ت
ما ٍ
سل ِ َ
م ْن ُ منك ُ ّ خي ًْرا ّجا َ وا ً
ه أْز َ دل َ ُ
ن أن ي ُب ْ ِ ه ِإن طَل ّ َ
قك ُ ّ سى َرب ّ ُ ع َ ) َ
َ
وأب ْ َ ت َ
كاًرا ( ] التحريم/ ت َ ت ث َي َّبا ٍ
حا ٍ سائ ِ َت َ دا ٍ عاب ِ َ ت َ ت َتائ َِبا ٍ
قان َِتا ٍ مَنا ٍ
ؤ ِم ْ ّ
[50
عرضت علي الخليفة المتوكل جارية فقال لها ،أبكر أنت أم ُ
أيش ؟
فقالت :أنا أيش يا أمير المؤمنين ،فضحك واشتراها.
ل فإنه يجوز للرجل اختيار الثيب إذا توفّر لديه من وعلى ك ّ
السباب ما يدعوه إلي ذلك:
كطلب مصاهرة الصالحين أو جبر من توفي عنها زوجها أو
لعالة أيتام أو لكونها خير معين علي تربية أولده أو أخواته
دث لجابر: ح َ
الصغار كما َ
)حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (
قال:هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات ،فتزوجت امرأة ثيبا
فقال لي رسول الله) :تزوجت يا جابر( .فقلت :نعم ،فقال) :ابكرا
أم ثيبا( .قلت :بل ثيبا ،قال) :فهل جارية تلعبها وتلعبك،
تضاحكها وتضاحكك( .قال :فقلت له :إن عبد الله هلك ،وترك
بنات ،وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن ،فتزوجت امرأة تقوم
عليهن وتصلحهن ،فقال) :بارك الله لك ،أو قال :خيرا(.
]*[ قال صاحب عون المعبود في التعليق علي حديث جابر:
وفيه دليل علي استحباب نكاح البكار إل المقتضى لنكاح الثيب
كما وقع لجابر ،فجابر مات أبوه وترك له تسع أخوات يتيمات
يحتجن منه إلي رعاية وعطف وخدمة فكان من الموائم له أن
يتزوج ثيبا ً تقوم علي أمرهن وتفي بشأنهن"
ت « خاف ال َ
فو ْ 42
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال ابن عثيمين كما في )الشرح الممتع : (5/124
فإذا اختار النسان ثيبا ً لغراض أخرى فإنها تكون أفضل.
خامسًا :أن تكون جميلة حسنة الوجه :
عفة ويتم إسعاد النفس ، هذا بجانب الدين ،لتحصل بها للزوج ال ِ
ومن هنا كان جزاء المؤمنين في الجنة الحور العين وهن غاية
الحسن والجمال.
ن* َ م َ ْ
عُيو ٍ و ُ ت َ جّنا ٍ في َ ن* ِ مي ٍ قام ٍ أ ِ في َ ن ِ قي َ مت ّ ِ ن ال ُ قال تعالى ):إ ِ ّ
ن( مِني َةآ ِ ه ٍ فاك ِ َ ل َها ب ِك ُ ّ في َ ن ِ عو َ ن * ي َدْ ُ عي ٍ ر ِ حو ٍ هم ب ِ ُ جَنا ُ و ْ وَز ّ ك َ ك َذَل ِ َ
] الدخان [54:51
ُ ّ َ
ؤ
ؤل ِ ل الل ْ مَثا ِن * ك َأ ْ عي ٌ حوٌر ِ و ُوفي آية أخرى قال تعالى ) َ
ن (] الواقعة [23:22 مك ُْنو ِ ال ْ َ
ف في حسنها. حاُر الطر ُ سميت الحوراء حوراء لنه ي َ َ قال مجاهدُ :
دة بياضها مع شدة سوادها. ر العين :وهي ش ّ و ِ ح َ وقيل :هي من َ
وقد أشارت بعض الحاديث النبوية الشريفة إلي اعتبار عنصر
الجمال في المرأه عند الختيار:
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
»تنكح المرأة لربع :لمالها وحسبها وجمالها ودينها ،فاظفر بذات
الدين تربت يداك«
) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و
تحفظ غيبتك في نفسها و مالك .
فالجمال:
مراعاة وإن لم يكن أساسي لكنه أمر معتبر ،لذا ندب الشارع إلي ُ
أسباب اللفة فأباح النظر إلي المخطوبة.
ة الثابت في صحيحي الترمذي وابن عب َ َ
ش ْ ن ُ ةب ِ غيَر ِ م ِ )حديث ال ْ ُ
َ ل النبي » : rأن ْظُر إل َيها فإن ّ َ مَرأ َ ً َ
ن
حَرى أ ْ هأ ْ ِ ُ ْ ِ ْ َ ّ قا َ ة ،ف َ با ْ خط َ َ ه َ ماجة (أن ّ ُ
ما«. م ب َي ْن َك ُ َؤدَ َ يُ ْ
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (
قال * كنت عند النبي فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من
النصار فقال له رسول الله أنظرت إليها قال ل قال فاذهب
فانظر إليها فإن في أعين النصار شيئا .
أي يؤلف بينهما من وقوع الدمة علي الدمة وهي الجلدة الباطنة
كر ذلك للمبالغة في الئتلف. والجلدة الظاهرة وإنما ذُ ِ
]*[ قال العمش:
ل تزويج يقع من غير نظر فأخره هم وغم. ك ّ
ت « خاف ال َ
فو ْ 43
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال صاحب عون المعبود:
يؤخذ من الحاديث استحباب تزوج الجميلة إل إذا كانت الجميلة غيَر
دّينه والتي أدني منها جمال ً متدينة فتقدم ذات الدين .أما إذا
تساوتا في الدين فالجميلة أولي.
والجمال بالنسبة للمرأة ما لم يكن محصنا ً بالنشأة الدينية
والتربية القويمة والصل العريق قد يصبح وبال ً عليها إذ يغرى
ن عليها التفريط بشرفها مما يؤدى بها و ُساق بالطمع فيها ويه ّ الف ّ
وة الفاحشة دون مبالة بما يعود علي السرة إلي التردي في ه ّ
ر وشنار وقد كان بعض السلف من دمار وما يلوث سمعتها من عا ٍ
يفضل الدميمة ذات الدين علي الجميلة حتى ل تشغله الجميلة عن
طاعة الله.
]*[ قال مالك بن دينار:
يترك أحدكم أن يتزوج يتيمة فيؤجر فيها إن أطعمها وكساها تكون
خفيفة المؤنة ترضى باليسير ويتزوج بنت فلن وفلن يعني أبناء
الدنيا فتشتهي عليه الشهوات وتقول أكسنى كذا وكذا .
]*[ قال أبو سليمان الدارانى:
الزهد في كل شيء حتى في المرأه يتزوج الرجل العجوز إيثارا ً
للزهد في الدنيا وكان بعض السلف يختار اللبيبة العاقلة علي
الجميلة وذلك لمنفعتها الكثر في حقه.
فهذا هو المام بن حنبل أختار عوراء علي أختها وكانت أختها
من اعقلهما؟ ل َ سأ َ جميلة ف َ
فقيل :العوراء ،قال :زوجني إياها.
]*[ يقول ابن عثيمين:
ومن المعروف أن جمال المرأة جمال حسي وجمال معنوي.
فالجمال الحسي :
خلقة لن المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطلق كمال ال ِ
ن إلي منطقها فينفتح لها قّرت العين بالنظر إليها وأصغت الذ ُ َ
القلب وينشرح لها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق فيها قوله
تعالي:
َ َ َ
ع َ
ل ج َو َها َسك ُُنوا إ ِل َي ْ َ
جا ل ّت َ ْ وا ًم أْز َ سك ُ ْ ن أن ُ
ف ِ م ْكم ّق لَ ُخل َ َن َ هأ ْ ن آَيات ِ ِم ْو ِ) َ
ن ( ] الروم21 / فك ُّرو َوم ٍ ي َت َ َ
ق ْت لّ َ ك َلَيا ٍفي ذَل ِ َ ن ِ ة إِ ّم ًح َوَر ْودّةً َ م َكم ّ ب َي ْن َ ُ
[
والجمال المعنوي:
خُلقا ً كانت خُلق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل ُ كمال الدين وال ُ
أحب إلي النفس فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة
معينة له علي طاعة الله لحقوق زوجها وفراشه وأولده وماله ُ
شطته ،وإن غضب أرضته. تعالي إن نسى ذكرته وإن تثاقل ن ّ
ت « خاف ال َ
فو ْ 44
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فإذا أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال الظاهر وجمال
الباطن فقد تمت سعادة الرجل .
وينبغي علي المرأة أل تتفاخر علي الزوج بجمالها ول تزدريه
لقبحه.
]*[ فقد روى الصمعي فقال:
ة من أحسن الناس وجها ً تحت رجل ً من دخلت البادية فإذا أنا بامرأ ٍ
أقبح الناس وجها ً
ت لها :يا هذه أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله؟ فقل ُ
فقالت :يا هذا أسكت فقد اسأت في قولك ،لعله أحسن فيما بينه
وبين خالقه ،فجعلني ثوابه أو لعلي اسأت فيما بيني وبين خالقي
فجعله عقوبتي
أفل أرض بما رضي الله لي
قال الصمعي :فأسكتتني .
سادسًا :أن تكون ذات حسب :
والحسب:
حساب لنهم كانوا إذا هو الشرف بالباء والقارب ،مأخوذ من ال ِ
ددوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فُيحكم تفاخروا ع ّ
لمن زاد عدده علي غيره.
ة المنبت لن من فينبغي أن تكون حسيبة كريمة العنصر حسن ُ
اتصفت بذلك فإنها تكون حميدة الطباع ودودة للزوج رحيمة بالولد
ف البيت وفي كل الحوال حريصة علي صلح السرة وصيانة شر ُ
ب محمود . فإن أصالة الشرف وحسن المنبت أمٌر مرغوب ومطل ٌ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال »:تنكح المرأة لربع :لمالها وحسبها وجمالها ودينها،
فاظفر بذات الدين تربت يداك«
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
ح نساءُ قريش ،أحناه علي طفل في ء ركبن البل صال ُ " خيُر نسا ِ
صغره وأرعاه علي زوج في ذات يده".
فالنبي مدحهن بشيئين:
الول :حنوهن علي أولدهن والمقصود كثرة الشفقة عليهم.
]*[ قال الحافظ :
" والحانية علي ولدها :هي التي تقوم عليهم في حال يتمهم فل
تتزوج فإن تزوجت فليست بحانية ".
الثاني :رعايتها لزوجها في ذات يده يعني ماله وذلك بحفظه
وصونها له بالمانة فيه والصيانة له وترك التبذير في النفاق.
ت « خاف ال َ
فو ْ 45
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ويلحظ في المر الول:
أن هذا ل يعني تحريم زواج الرملة بل أنه مباح لها ولكنها إن
قامت علي أولدها فهو أفضل إل أن تخاف على نفسها فتنه
فيكون طلبها للزواج أفضل والله اعلم.
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ":الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ،خيارهم في
الجاهلية خيارهم في السلم إذا فقهوا ".
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :
خّيروا لنطفكم وانكحوا الكفاء ". " تَ َ
فيؤخذ من هذا أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج بذات
حسب ونسب مثله إل أن تعارض نسيبة غير دينه وغير نسيبة دينه
فتقدم ذات الدين .
]*[ وقد قال أكثم بن صيفي لبنيه كما في )إرشاد الساري لشرح
صحيح البخاري للقسطلني(:
ل النساء علي صراحة النسب فإن المناكح ي ل يغلبّنكم جما ُ } يا بن ّ
الكريمة مدرجة للشرف{.
ي أن الرجل إذا تزوج المرأه الحسيبة المنحدره من أصل وبديه ُ
كريم أنجبت له أولدا ً مفطورين علي معالي المور متطبعين
ن المكارمق قويمة لنهم سيرضعون منها ِلبا َ ت أصيلة وأخل ٍ بعادا ٍ
خصال الخير . ويكتسبون ِ
أما أهل الدنيا :
فإنهم يجعلون المال حسبهم الذي يسعون إليه ل يعرفون شرفا ً
آخر مساويا ً له أو مدانيا ً إياه فصاحب المال فيهم عزيٌز كيفما كان
ل عندهم وضيع ولو كان ذا نسب رفيع . ق ّم ِ
وال ُ
أخرج ابن ماجة والترمذي وصححه اللباني في )الرواء( عن أبي
ب َُريده عن أبيه عن النبي قال ":إن أحساب أهل الدنيا الذين
يذهبون إليه ....المال "
والحق الذي ينبغي أن ُيصار إليه أن حسب المرء ل يكون بكثرة
ماله ووفرة رعائه بل بنبل أصله وحسن منبته وكريم عنصره.
سابعًا:أن تكون عفيفة محتشمة )متحجبة غير متبرجة ( فأحذر
المتبرجة
فينبغي أن تكون ممن وقع الختيار عليها عفيفة محتشمة ذات
أخلق فاضلة ل ُيعرف عنها سفور أو تبرج بحيث ل يحجزها حياؤها
عن إبراز مفاتن جسدها أمام كل ناظر فالنبي حذر من هذا
الصنف وبّين أنهن من أهل النار.
ت « خاف ال َ
فو ْ 46
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال ":صنفان من أهل النار لم أرهما :قوم معهم سيا ٌ
ط
كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلت
)(4
ن
ة ول يجد َن الجن َ
ت المائلة ل يدخل َ مميلت رؤوسهن كأسنمة الُبخ ِ
ريحها ،وإن ريحها لتوجدُ من سيرة كذا وكذا "
كاسيات عاريات :أي يلبسن ثيابا ً رقيقة تصف ما تحتها فهي في
الظاهر كاسية وفي الحقيقة عارية.
ن. مائلت :متبخترات في مشيته َ
ن.ن وأكتافه ّ مميلت :يملن أعطافه ّ
أسنمة الُبخت :أسنمة الجمل لما يضعنه في رؤوسهن من وصل
الشعور ونفشها وتضخيم العمائم ووصفهم بأنهم منافقات .
]*[ قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ) » : (375/ 10هذا
الحديث من معجزات النبوة فقد وقع هذان الصنفان وهما
موجودان وفيه ذم هذين الصنفين قيل معناه كاسيات من نعمة
الله عاريات من شكرها وقيل معناه تستر بعض بدنها وتكشف
بعضه إظهارا بحالها ونحوه وقيل معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف
لون بدنها وأما مائلت فقيل معناه عن طاعة الله وما يلزمهن
حفظه مميلت أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم وقيل مائلت
يمشين متبخترات مميلت لكتافهن وقيل مائلت يمشطن
المشطة المائلة وهى مشطة البغايا مميلت يمشطن غيرهن تلك
المشطة ومعنى رؤوسهن كأسنمة البخت أن يكبرنها ويعظمنها
بلف عمامة أو عصابة أو نحوها «) (3ا.هـ.
]*[ وقال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية )ص : (406
» ويجب عليه -ولي المر -منع النساء من الخروج متزينات
متجملت ،ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات ،
كالثياب الواسعة والرقاق ،ومنعهن من حديث الرجال في
الطرقات ومنع الرجال من ذلك.
وإن رأى ولي المر أن يفسد على المرأة -إذا تجملت وتزينت
وخرجت -ثيابها بحبر ونحوه ،فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء
وأصاب .وهذا من أدنى عقوبتهن المالية.وله أن يحبس المرأة إذا
أكثرت الخروج من منزلها ،ولسيما إذا خرجت متجملة ،بل إقرار
النساء على ذلك إعانة لهن على الثم والمعصية ،والله سائل ولي
المر عن ذلك « ا.هـ .مختصرًا.
ت « خاف ال َ
فو ْ 47
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وقد أحسن من قال:
ء
م الفتاة بقالب الغرا ِ جســــــ َ
ت
وَر ْ
ص ّ
ة قـد َ
ة شـفـافــــ ٍ وعـبـاء ٍ
ء
ر الرأس ليس بســــــاتر فكلهــمـا وزُر بل اســـتثنا ِ وغطاءُ شع ِ
ء
م بحيــا ِ ع ٌ م ْ
ف َ ة ُ
صــــدقُ العقيد ِ شْرعي لذلـك كـّله والضــــــابط ال ّ
حذر الشاب من الفتاة التي تلبس الحجاب ل تنبيه : ينبغي أن ي ّ
لله ولكن من أجل الزواج فإنها إذا أرادت الحجاب لغير الله فإنها
ستخلعه في أول ليلة أو أقرب فرصة ،ومن هنا فإن علي خاطب
المتبرجة أن يدقق ويحقق هل سترتدي مخطوبته الحجاب من أجل
الله أم من أجله.
حشمة المرأة وصونها وعدم ابتذالها: ومن مظاهر ِ
) (1عدم إكثار الخروج من بيتها وتجوالها بين الرجال في السواق
ومجامع الطرق:
) حديث بن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ( أن
النبي rقال ":المرأة عوره إذا خرجت استشرفها الشيطان".
استشرفها :أي تعّرض لها واطلع عليها ينظر إليها يحاول
غوايتها .
) (2عدم اعتراضها الرجال مستعطرة:
)حديث أبي موسى في صحيح النسائي( أن النبي rقال :أيما
امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي
زانية و كل عين زانية .
) أيما امرأة استعطرت ( أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما
يظهر ريحه منه ) ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها (
أي بقصد ذلك
) فهي زانية ( أي كالزانية في حصول الثم وإن تفاوت لن
فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي :شبه خروجها من
بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا ،
) وكل عين زانية ( أي كل عين نظرت إلى محرم من امرأة أو
رجل فقد حصل لها حظها من الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض
المالكية من الحديث حرمة التلذذ بشم طيب أجنبية لن الّله إذا
حرم شيئا ً زجرت الشريعة عما يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ
بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي الّله عنه ينهى عن
القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد .
]*[ قال المام الذهبي في كتاب الكبائر )ص : (134
» ومن الفعال التي تلعن عليها المرأة ،إظهار الزينة والذهب
واللؤلؤ تحت النقاب ،وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت
،ولبسها الصباغات والزر الحريرية والقبية القصار ،مع تطويل
الثوب وتوسعة الكمام وتطويلها إلى غير ذلك إذا خرجت ،وكل
ت « خاف ال َ
فو ْ 48
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ،ويمقت فاعله في الدنيا
والخرة ،وهذه الفعال التي غلبت على أكثر النساء « ا.هـ.
) (3أن ل تتشبه بالرجال في لبسها أو حركتها:
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود (
ة المرأة أن النبي rقال ":لعن رسول الله الرج َ
ل يلبس ل ِْبس َ
سة الرجل" والمرأة تلبس ل ِب ْ َ
) حديث بن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (
قال ":لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء
والمتشبهات من النساء بالرجال .
) (4ل تكون ممن يلبس ثياب شهرة :
)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي r
ة ثم م َ
ذل ٍ هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ ب ُ
ش ْ قال :من لبس ثو َ
ب فيه النار . ه ُ ْ
ي ُل ِ
)من لبس ثوب شهرة ( الشهرة ظهور الشيء في شنعة بحيث
يشتهر به
) ألبسه الّله يوم القيامة ثوب مذلة( ثوب مذلة أي يشمله بالذل
كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع العظم بأن يصغره في
العيون ويحقره في القلوب لنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على
غيره .
) ثم يلهب فيه النار ( عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس
العمل فأذله الّله كما عاقب من أطال ثوبه خيلء بأن خسف به
فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة .
) (5أن ل تكون ممن يتزين بالوشم أو الوصل أو تفليج السنان :
)حديث ابن عمر في الصحيحين( أن النبي rقال :لعن الله
الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة
) لعن الّله الواصلة ( التي تحاول وصل الشعر بيدها والوصل هو
وصل الشعر بشعر آخر ليطول
)والمستوصلة ( التي تطلب ذلك وتطاوعها على فعله بها قال
القرطبي :ووصله
أن يضاف إليه شعر آخر يكثر به ،هذا نص في تحريم وصل الشعر
بشع
) والواشمة والمستوشمة ( وذلك كله حرام
)حديث ابن مسعود في الصحيحين( أن النبي rقال :لعن الله
الواشمات و المستوشمات و النامصات و المتنمصات و المتفلجات
للحسن المغيرات خلق الله .
) لعن الّله الواشمات ( جمع واشمة وهي التي تشم غيرها
ت « خاف ال َ
فو ْ 49
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) والمستوشمات ( جمع مستوشمة وهي التي تطلب الوشم ،
والوشم هو تغير لون الجلد بزرقة أو خضرة أو سواد وذلك بغرز
البرة فيه وذّر الّنيَلج عليه حتى يزرق أثره أو يخضّر .
) والنامصات ( جمع متنمصة المتنمصات بتاء ثم نون قال في
التنقيح :وروى بتقدم النون على التاء ومنه قيل للمنقاش
منماص لنه ينتف وهي التي تطلب إزالة شعر الوجه والحواجب
بالمنقاش
) والمتفلجات ( بالجيم ) للحسن ( أي لجله جمع متفلجة
وهي التي تفعل الفلج في أسنانها أي تعانيه حتى ترجع المصمتة
السنان خلقة فلجاء صنعة وذلك بترقيق السنان ،الفلج :تباعد
ما بين الثنايا.
المتفّلجة :التي تتكلف في فعل ذلك بصناعة وهو محبوب إلي
العرب مستحسن إليهم فمن فعلت ذلك طلبا للحسن فهو مذموم.
]*[ قال القرطبي في » الجامع لحكام القرآن « ): (5/369
» وهذه المور قد شهدت الحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر ،
واختلف في المعنى الذي نهى لجلها .فقيل :لنها من باب
التدليس .وقيل :من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن
مسعود وهو أصح وهو يتضمن المعنى الول « .
قّر في بيتها فل تخرج لغير حاجة :ثامنا ً :أن ت َ
من أعظم صفات المرأة الصالحة أن تكون قاّرةً في بيتها ،فل
تخرج إل لحاجة ،ل للهو ول لضاعة الوقات ،
فالمرأة لم ُتخلق لكي تكون بارزة للمجتمع ،إنما خلقها الله
تعالى لكي تكون سكنا ً لزوجها ومربية لولدها.
ورضي الله عن الصحابيات الجليلت أمثال أم المؤمنين خديجة
دت من عزم النبي صلى بنت خويلد ،فخديجة رضي الله عنها َ
ش ّ
الله عليه وسلم عندما رجع خائفا ً مضطربا ً مما جرى في غار حراء
مع جبريل عليه السلم ،فأخبرها كيف غطه ثلث مرات آمرا ً إياه
أن يقرأ ،وأخبرها بالقرآن الذي سمعه منه ،وعندما أخبرها أنه
خشي على نفسه قالت له بكل ثقة) :كل والله ما ُيخزيك الله أبدا،
إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وَتقري الضيف
وُتعين على نوائب الدهر( ،فكانت لكلماتها أفضل أثر على قلب
عه ،وواست النبي و ُ
نبينا صلى الله عليه وسلم ،فهدأ وسكن َر ْ
صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بمالها ونفسها وهيئت للنبي صلى
الله عليه وسلم البيت المريح الذي يجد فيه السكينة بعد المشقة
والذى اّللذَْين كان يجدهما من دعوة المشركين ،فكانت خير معين
على نشر السلم .
ت « خاف ال َ
فو ْ 50
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ة طلبت الذن من زوجها، وإذا خرجت الزوجة من منزلها لحاج ٍ
وخرجت في لباسها الساتر ،غير متعطرة ،تمشي متواضعة في
أدب وحياء وسكينة ،ل تسمع لها صوًتا في الطريق ،ول تتخذ
خلخل ول حذاء مما يضرب في الرض.
من فساد أخلق المرأة ،كثرة خروجها من بيتها ،واختلطها
بالرجال ،وعدم تأدبها بالداب الشرعية عند الخروج.
ن ]الحزاب:[33: في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ قْر َ و َ]*[ تفسير قوله تعالىَ :
قال ابن كثير رحمه الله:
ن ] الحزاب ،[33 :أي الزمن في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ و َ
قْر َ وقوله تعالىَ :
بيوتكن ،فل تخرجن لغير حاجة ،ومن الحوائج الشرعية الصلة في
المسجد بشرطين متلزمين هما :
) (1أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة
والطيب
) (2أن يخرجن وهن تفلت ،كما في الحاديث التية
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين( أن النبي
rقال :ل تمنعوا إماء الله مساجد الله .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :أيما امرأة أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء
الخرة .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود( أن
النبي rقال :ل تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلت
.
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن
النبي rقال :ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن .
]*[ قال القرطبي رحمه الله :قوله تعالى} :وقرن{ ،قرأ الجمهور
قرن{ ،وقرأ عاصم ونافع بفتحها .فأما القراءة الولى فتحتمل }و ِ
وجهين:
قَر َيقر وقاًرا أي سكن، أحدهما :أن يكون من الوقار ،تقول :و َ
.
قْرن قْر ،وللنساء ِ والمر ِ
والوجه الثاني :أن يكون من القرار.
ثم قال رحمه الله :معنى هذه الية ،المر بلزوم البيت ،وإن كان
الخطاب لنساء النبي ،فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ،هذا لو
لم يرد دليل يخص جميع النساء ،كيف والشريعة طافحة بلزوم
النساء بيوتهن ،والنكفاف عن الخروج منها إل لضرورة .فأمر الله
تعالى نساء النبي بملزمة بيوتهن ،وخاطبهن بذلك تشري ً
فا
لهن ،ونهاهن عن التبرج .
ت « خاف ال َ
فو ْ 51
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ضا :ذكر الثعلبي وغيره عن عائشة رضي الله ثم قال رحمه الله أي ً
عنها ،كانت إذا قرأت هذه الية تبكي حتى تبل خمارها.
وذكر أن سودة قيل لها :لم ل تحجين وتعتمرين كما يفعل
أخواتك؟ فقالت :قد حججت واعتمرت ،وأمرني الله أن أقر في
بيتي .قال الراوي :فوالله ما خرجت من باب حجرتها ،حتى أخرجت
جنازتها ،رضوان الله عليها.
ن ،أن ل في ب ُُيوت ِك ُ ّن ِ
قْر َ و َ
ثم قال رحمه الله :ليس المراد بحكمَ
ُ
دا ،بل المر أن قد أذن لهن أن تتخطى النساء عتبة بيتهن أب ً
يخرجن لحوائجهن.
ولكن هذا الذن ليس بمطلق غير محدود ،ول هو غير مقيد
بشروط ،فليس جائًزا للنساء أن يطفن خارج بيوتهن كما شئن،
ويخالطن الرجال بحرية في المجالس والنوادي ،وإنما مراد الشرع
بالحوائج :هو الحاجات الحقيقية التي لبد معها للنساء من أن
يخرجن من البيوت ويعملن خارجها.
ومن الظاهر أنه ل يمكن استيعاب جميع الصور الممكنة لخروج
النساء وعدم خروجهن ،في جميع الزمان ،ول من الممكن وضع
الضوابط والحدود لكل مناسبة من تلك المناسبات ،غير أن المرء
يستطيع أن يتفطن لروح القانون السلمي ورجحانه ،إذا نظر
فيما قرره النبي ،من الضوابط لخروج المرأة من البيت في
عامة أحوال الحياة ،وما تناول به حدود الحجاب من الزيادة
والنقص بين آونة وأخرى ،وأن يستخرج بنفسه حدود الحجاب
للحوال الفردية والشئون الجزئية ،وقواعد الزيادة فيها والنقص
عا للحالت والملبسات. منها تب ً
ومن ذلك ،الذن في حضور المساجد وحدوده ،وخروج النساء في
الحج والجمعة والعيدين ،وكذلك في زيارة القبور واتباع الجنائز،
وكذلك شهودهن الحرب ،ففي كل ذلك ضوابط وحدود ،وفي أخرى
موانع.
ومما يستدل به على جواز خروج النساء لحاجتهن ،ما رواه مسلم
ضرب الحجاب ـ لحاجتها، عن عائشة قالت :خرجت سودة بعدما ُ
فها ـ فرآها عمر بن تخفى على من يعر ُ وكانت امرأة جسيمة ل َ
الخطاب ،فقال :يا سودة ،أما والله ما تخفين علينا ،فانظري كيف
تخرجين .قالت :فانكفأت راجعة ،ورسول الله في بيتي ،وإنه
دخلت ،فقالت :يا رسول الله ،إني قَ ،
ف َ عْر ٌليتعشى وفي يده َ
خرجت لبعض حاجتي ،فقال لي عمر كذا وكذا ،قالت :فأوحى الله
ضعه فقال" :إنه قد ُأذن عْرقَ في يده ما و َ ن ال َإليه ثم ُرفع عنه وإ ّ
)(4
لكن أن تخرجن لحاجتكن" .
)( رواه مسلم ،(02170وعند البخاري ،الفتح ).(1/249 4
ت « خاف ال َ
فو ْ 52
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والمرأة المسلمة المستقيمة على شرع الله إذا خرجت لحاجة
التزمت بالضوابط التية:
قا من قوله ) (1خرجت لحاجة ،ل للهو ول لضاعة الوقات ،انطل ً
" :أذن لكن في الخروج لحاجتكن").(5
) (2وتستأذن زوجها أو وليها قبل الخروج ،أما المرأة التي تدخل
بيتها وتخرج في أي وقت دون مبالة بأمر الزوج ،فهي امرأة
شقية تجلب لنفسها المشاكل والخراب.
) (3وتستتر بحجابها الشرعي الكامل ،فل تكون من الكاسيات
العاريات ،اللئي يرتدين من الملبس الشفاف أو الضيق أو
المزركش ،ول تتعطر عند خروجها ،أو تلبس ملبس الرجال،
فالمرأة الصالحة المتدينة في منأى عن هذه الصورة السيئة.
) (4تغض من نظرها في سيرها فل تنظر هنا أو هناك لغير حاجة،
فضل ً عن النظر للرجل الجنبي لغير حاجة ،وإذا احتاجت إلى
محادثته ،تتحدث إليه بما تحتاجه فقط ،ول تلين بصوتها ول تخضع
به لئل يطمع فيها من في قلبه مرض.
) (5تمشي متواضعة في أدب وحياء وسكينة ،ول تتخذ خلخل ول
حذاء يضرب على الرض بقوة ،فُيسمع قرع حذائها فربما وقعت
َ
ما
م َعل َ َ
ن ل ِي ُ ْ
ه ّ
جل ِ ِ
ن ب ِأْر ُ
رب ْ َ
ض ِول ي َ ْ الفتنة ،وقد قال الله تعالىَ :
ن ] النور.[31 : ه ّزين َت ِ ِ
ن ِ
م ْ
ن ِ
في َ
خ ِ
يُ ْ
) (6ول تسافر سفر يوم وليلة إل مع ذي محرم لها امتثال ً لقول
النبي في الحاديث التية :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر ل لمرأ ٍالنبي rقال ) :ل يح ُ
مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال ) :ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (
فا على ألف قرية ،فما رأيت ]*[ قال ابن العربي :لقد دخلت ني ً
ل ،ول أعف نساء من نساء نابلس ،التي ُرمي نساء أصون عيا ً
الخليل بالنار فها ،فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق
نهاًرا إل يوم الجمعة ،فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد
منهن ،فإذا قضيت الصلة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على
واحدة منهن إل الجمعة الخرى).(6
]*[ ويقول الشيخ أبو العلى المودودي رحمه الله :ويقول التابعي
والمفسر الشهير قتادة بن دعامة :إن مقامة المرأة ومستقرها
في البيت ،وما وضعت عنهن واجبات خارج البيت إل ليلزمن
)( جزء من حديث أخرجه البخاري. 5
)( الجامع لحكام القرآن للقرطبي ) ،(8/5450ط .دار الغد العربي. 6
ت « خاف ال َ
فو ْ 53
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
البيوت بالسكينة والوقار ،ويقمن بواجبات الحياة العائلية ،أما إن
كان بهن حاجة على الخروج ،فيجوز لهن أن يخرجن من البيت،
بشرط أن يراعين جانب العفة والحياء ،فل يكون في لباسهن بريق
أو زخرفة أو جاذبية ،تجذب إليهن النظار ،ول في نفوسهن من
حرص على إظهار زينتهن ،فيكشفن تارة عن وجوههن ،وأخرى
عن أيديهن ،ول في مشيتهن شيء يستهوي القلوب ،ول يلبسن
كذلك من الحلي ما يحلو وسواسه في المسامع ،ول يرفعن
أصواتهن بقصد أن يسمعها الناس .نعم ،يجوز لهن التكلم في
حاجتهن ،ولكنه يجب أن ل يكون في كلمهن لين وخضوع ،ول في
لهجتهن عذوبة وتشويق.
كل هذه الضوابط والحدود إن راعتها النساء ،جاز لهن أن يخرجن
)(7
لحوائجهن
]*[ وقد كتب أحدهم عن أوصاف الزوجة الصالحة فقال:
"هي الناظرة في عيبها ،المفكرة في دينها ،المقبلة على ربها،
الخفي صوتها ،الكثير صمتها ،اللينة الجناح ،العفيفة اللسان ،
الظاهرة الحياء ،الورعة عن الخنا ،الواسعة الصدر ،العظيمة
الصبر ،القليلة المكر ،الكثيرة الشكر ،النقية الجيب ،الطاهرة من
العيب ،الحبيبة ،الكريمة ،الرضية ،الزكية ،الرزينة ،النجيبة ،السهلة
عجب ،التاركة خُلق ،الرقيقة ،البريئة من الكذب ،النقية من ال ُال ُ
للقذى ،الزاهدة في الدنيا ،الساكنة ،الستيرة ،ل متفاكهة ،ول
ود ،إنمتهتكة ،قليلة الحيل ،وثيقة العمل ،رحيمة القلب ،خليصة ال َ
ُزجرت انزجرت ،وإن ُأمرت ائتمرت ،تشنأ الصلف ،وتبغض السرف،
وتكره المكروه ،وتمقت الفخر ،وتتفقد نفسها بطيب النساء
والكحل والماء ،قنوعة بالكفاف ،ومستترة بالعفاف ،لها رحمة
بالهل ،ورفق بالبعل ،تضع له خدها ،وتخلص له ودها ،وتملكه
نفسها ،ول تمل منه طرفها ،وتترك لمره أمرها ،وتخرج لرائه
عن رأيها ،وتوكله عن نفسها ،وتأمنه على سرها ،وتصفيه غاية
الحب ،وتؤثره على الم والب ،ل تلفظ بعيبه ،ول تخبر بسره،
تحسن أمره ،وتتبع سروره ،ول تجفوه في عسر ول فقر ،بل
دا وعلى الفتقار حًبا ،ت َْلقى غضبه بحلم وصبر، تزيده في الفقر و ً
تترضاه في غضبه ،وتتوقاه في سخطه ،وتستوحش لغيبته،
وتستأنس لرؤيته ،قد فهمت عن الله ذكره وعلمه ،فقامت فيه
معول ً إل عليهبحق فضله ،فعظم بذلك فاقتها إليه ،ولم يجعل لها ُ
،فهو لها سمع وُلب ،وهي له بصر وقلب".
تنبيهُ يلّبس إبليس على بعض الشباب فكرة مغلوطة ،وهي أن
يرى أحدهم فتاة جميلة ليست ذات دين ،ولكن جمالها يجذبه إليها،
)( الحجاب ص .308 7
ت « خاف ال َ
فو ْ 54
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مدعًيا أنه سيأخذ بيديها إلى طريق فيريد أن يتقدم للزواج منها ُ
ن فيها خيًرا كثيًرا ،إلى غير ذلك من اللتزام والستقامة ،وأ ّ
الفكار الواهية في الغالب ،وهذه الفكرة غير مأمونة ول
مضمونة ،فما أدراك أن تفسد هي عليك دينك ،وُتبعدك عنه ،وماذا
تفعل لو فشلت أنت فيما كنت تريد أن تصل إليه ؟ في الوقت
الذي نرى فيه في واقعنا أمثال ً من ذلك ونماذج ،ولم يجدوا في
عضوا النامل من الفشل ،فإما أن يصبروا ويتحملوا النهاية إل أن ي َ َ
خسارات جسيمة ،أو ينتهي المر بالنفصال.
فهذه بعد أن وعدته باللتزام بالنقاب وحضور مجالس العلم،
أصبحت مشغولة بالزيارات والزينة ،ثم بعد ذلك بالولد.
وهذه بعد الزواج ،ضعفت همتها ،وأصبحت امرأة عادية ل تبحث إل
عن مقومات الحياة فقط.
وأخرى توارت عن العين ،وأصبحت في عداد المنسيات.
إلى آخر هذه الصور ،التي يتعجل أصحابها في الزواج ،فمهل ً مهل ً
أيها الشباب ،ودققوا في الختيار ،فأمر الزواج ليس بالشيء
الهين.
تاسعا ً :أن تكون عابدة لله ،كثيرة الذكر ،متهجدة بالليل :
ومن ُيمن المرأة وفضلها أن تكون عابدة لله ،كثيرة الذكر ،متهجدة
وامة خاشعة ،عليها لباس الوقار والسكينة، بالليل ،متصدقة ،ص ّ
همتها عالية كلما أدت عبادة طلبت ما بعدها ،ل تمل ول تكسل،
قدوتها أمهات المؤمنين ونساء السلف العابدات الصالحات.
]*[ عن عروة قال :كنت إذا عزمت أبدأ ببيت عائشة رضي الله
ما ،فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ عنها ،فأسلم عليها فغدوت يو ً
موم ِ ] الطور ، [27 :وتدعو س ُ
ب ال ّ
ذا َ ع َ و َ
قاَنا َ و َرضي الله عنهاَ :
ت القيام ،فذهبت إلى السوق ت حتى ملل ُ وتبكي وترددها ،فقم ُ
لحاجتي ثم رجعت ،فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي.
]*[ وعنه قال :كانت عائشة رضي الله عنها ل تمسك شيًئا مما
جاءها من رزق الله تعالى إل وتصدقت به.
]*[ وعن أنس رضي الله عنه قال :دخل رسول الله المسجد،
فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال" :ما هذا الحبل؟" قالوا:
حّلوه،ل لزينب ،فإذا فترت تعلقت به .فقال النبي " :لُ , حب ٌ
ل أحدكم نشاطه ،فإذا فتر فليقعد". ليص ّ
]*[وقال عون بن عبد الله :كنا نأتي أم الدرداء )زوجة أبي الدرداء(
فنذكر الله عندها.
]*[ وقال يونس بن ميسرة :كنا نحضر أم الدرداء ،وتحضرها نساء
عابدات ،يقمن الليل كله ،حتى إن أقدامهن قد انتفخت من طول
القيام.
ت « خاف ال َ
فو ْ 55
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ وهذه امرأة صالحة تسمى "عجردة" كانت تحيي الليل ،وكانت
مكفوفة البصر ،فإذا كان السحر نادت بصوت لها محزون:
إليك قطع العابدون دجى الليالي ،يستبقون إلى رحمتك وفضل
مغفرتك ،فبك يا إلهي أسألك ل بغيرك أن تجعلني في أول زمرة
السابقين ،وأن ترفعني لديك في عليين في درجة المقربين ،وأن
ُتلحقني بعبادك الصالحين ،فأنت أرحم الرحماء ،وأعظم العظماء،
وأكرم الكرماء ،يا كريم ،ثم تخر ساجدة فُيسمع لها وجبة )صوت(،
ثم ل تزال تدعو وتبكي إلى الفجر.
]*[ وعن عبد الله المكي أبي محمد قال :كانت "حبيبة العدوية" إذا
دت عليها درعها وخمارها، صّلت العتمة قامت على سطح لها ،وش ّ
ثم قالت :إلهي قد غارت النجوم ،ونامت العيون ،وغلقت الملوك
أبوابها ،وخل كل حبيب بحبيبه ،وهذا مقامي بين يديك.
ثم تقبل على صلتها ،فإذا طلع الفجر قالت :إلهي هذا الليل قد
ت مني ليلتي فأهنأ، قب ِل ْ َ
أدبر ،وهذا النهار قد أسفر ،فليت شعري أ َ
ي فأعزى؟ وعزتك لهذا دأبي ودأبك ما أبقيتني، أم رددتها عل ّ
وعزتك لو انتهرتني عن بابك ما برحت ،لما وقع في نفسي من
جودك وكرمك.
]*[ وقال الهيثم بن جماز :كانت لي امرأة ل تنام الليل ،وكنت ل
ي الماء في ش عل ّت تر ّ أصبر معها على السهر ،فكنت إذا نعس ُ
أثقل ما أكون من النوم ،وتنبهني برجلها ،وتقول" :أما تستحيي
من الله؟ إلى كم هذا الغطيط؟ فوالله إن كنت لستحيي مما
تصنع".
ما إلى السوق ومعي جارية ]*[ وقال بعض الصالحين :خرجت يو ً
حبشية ،فاحتبست في موضع بناحية السوق ،وذهبت في بعض
حوائجي ،وقلت :ل تبرحي حتى أنصرف إليك ،قال :فانصرفت،
فلم أجدها في الموضع ،فانصرفت إلى منزلي وأنا شديد الغضب
عليها ،فلما رأتني عرفت الغضب في وجهي ،فقالت :يا مولي ل
ي ،إنك أجلستني في موضع لم أر فيه ذاكًرا لله تعالى، تعجل عل ّ
فخفت أن ُيخسف بذلك الموضع .فعجبت لقولها ،وقلت لها :أنت
حرة.
فقالت :ساء ما صنعت ،كنت أخدمك فيكون لي أجران ،وأما الن
.
فقد ذهب عني أحدهما
إن الزوجة الصالحة العابدة ،التي تسلك طريق العابدات الخاشعات،
لهي القدوة الصالحة لبنائها ،وهي أم لجيل صالح عابد إن شاء
الله تعالى.
إن خضوع المرأة لربها في محراب العبادة ،معناه أنها عرفت
الطريق ،واستقامت عليه ،وأنابت إلى دار الخلود ،وتجافت عن دار
ت « خاف ال َ
فو ْ 56
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الغرور.
كتبن عند الله من المقصرات ،إن لم إن كثيًرا من الزوجات اليوم ُ
يكن حالهن التفريط ،وذلك بسبب غفلتهن وكثرة ذنوبهن
وإقبالهن على الدنيا.
]*[ قالت فاطمة النيسابورية رحمها الله تعالى:
من لم يكن الله عز وجل منه على بال ،فإنه يتخطى في كل
ميدان ،ويتكلم بكل لسان ،ومن كان الله منه على بال ،أخرسه إل
عن الصدق ،وألزمه الحياء منه والخلص.
]*[ وقالت معاذة العدوية رحمها الله تعالى لبنتها :
يا بنية ،كوني من لقاء الله عز وجل على حذر ورجاء ،فإني رأيت
قا يحسن الزلفى لديه يوم يلقاه ،ورأيت الخائف الراجي له محقو ً
له مؤمل ً للمام يوم يقوم الناس لرب العالمين.
فيا من صحيفتها من الطاعات خاوية ،وبكبار الذنوب حاوية ،هلمي
في ركاب العابدات الصالحات سيري ،وإل فإن الهاوية مصير كل
غاوية.
هيا جددي العهد مع ربك ،فإن العمر قصير ،والطريق إلى الخرة
ون عليك الطويل إحسانك في القصير. طويل ،ويه ّ
هلمي جددي العهد مع الصالحات العابدات ،وابتعدي عن الطالحات
الغافلت.
ت « خاف ال َ
فو ْ 57
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إن النساء شقائق الرجال فكما أن الرجل تعجبه المرأة فكذلك
الرجل يعجب المرأة فقد صار من حق المرأة أن تختار الرجل الذي
ستقاسمه حياته وتظل تحت سلطانه بقية عمرها .
وعلى الولي أن يختار لكريمته فل يزوجها إل لمن له دين وخلق
حها سَر َ وشرف وحسن سمت فإن عاشرها عاشرها بمعروف وإن َ
حها بإحسان . سَر َ َ
]*[ قال الغزالي في ) الحياء (
والحتياط في حقها أهم لنها رقيقة بالنكاح ل مخلص لها ،
والزوج قادر على الطلق بكل حال .
]*[ قالت عائشة ) رضي الله عنها(
رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته . النكاح ِ
ومن هنا وجب على الولي وعلى المرأة أن يتخيرا طيبا أصيل ً .
ل للحسن بن علي :إن لي بنتا ً فمن ترى أن أزوجها له ]*[ قال رج ٌ
؟ قال :زوجها ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم
يظلمها .
ً
ومن هنا وجب على الولي وعلى المرأة أن يتخيرا زوجا طيبا أصيل ً
وللمرأة حق في أن تختار الرجل الذي ستقاسمه حياته وتظل تحت
سلطانه بقية عمرها.
وعلى الولي أن يختار لكريمته فل يزوجها إل لمن له دين وخلق
وشرف وحسن سمت فإن عاشرها عاشرها بمعروف وإن سرحها
سرحها بإحسان .
ول يتساهل في تزويجها من عاص أو فاسق أو تارك للصلة أو
مبتدعا أو شارب خمر أو صاحب وظيفة مشبوهة أو يملك الموال
الكثيرة دون دين فإن فعل ذلك فقد جني على دينها وتعرض
لسخط الله وكانت فتنة في الرض وفساد كبير من قطع للرحام ،
وإن يخرج من صلب هذا الرجل من ل يعرفون لله حقا فيتجرءون
على معاصي الله تعالي فينتشر الفساد في الرض .
وصدق الحبيب حيث بين أن المسلمين إذا لم يزوجوا بناتهم
لمن يرضون دينه وخلقه تكن فتنة في الرض وفساد عريض كما
في الحديث التي :
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (
ه
ن ِدين َ ُو َ ض ْن ت َْر َ
م ْ
م َب إل َي ْك ُ ْ خط َ َ ذا َ ل الله » : rإ َ ل رسو ُ ل :قا َ قا َ
ض«.ري ٌ سادٌ ع ِ ف َ ضو َ ة في الْر ِ فت ْن َ ٌ عُلوا ت َك ُ ْ
ن ِ ه .إل ّ ت َ ْ
ف َ جو ُ
و ُفَز ّهَ ، خل ُ َ
ق ُ و ُ َ
]*[ فما هي الصفات التي ينبغي أن تتوفر في شريك الحياة
ورفيق العمر والذي ستسلمينه رايتك وتبايعينه على قيادة سفينة
حياتك وستكونين معه يأخذ بيدك في ضروب الحياة حتى تسمعا
معا ً أدخلوها بسلم آمنين .
ت « خاف ال َ
فو ْ 58
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إن حسن الختيار هو البوابة الولى التي تدخلين منها إما إلى
السكن والمودة والرحمة وإما إلى الشقاق وعدم الوفاق .
سس اختيار الزوج ؟ ُ
فما أ ُ
ة وتفصيل ً :
سس اختيار الزوج جمل ً ُ
هاك أ ُ
ة:سس اختيار الزوج جمل ً ُ
أ ُ
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
) (1أن يكون صاحب دين :
) (2أن يكون حامل ً لقدر من كتاب الله عّز وج ّ
ل:
) (3أن يكون من بيئة كريمة :
) (4أن يكون رفيقا ً لطيفا ً بأهله ) حسن الخلق( :
) (5أن يكون مستطيعا ً للباءة بنوعيها ) وهي القدرة على الجماع
وعلى مؤن الزواج وتكاليف المعيشة(
) (6أن يكون قويا ً أمينا ً :
) (7أن يكون كفؤا ً :
سس اختيار الزوج تفصيل ً : ُ
أ ُ
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
) (1أن يكون صاحب دين :
َ
م ( ] البقرة جب َك ُ ْ ع َوأ ْ ول َ ْ
ك َ ر ٍش ِ م ْ من ّ خي ٌْر ّ ن َ م ٌؤ ِ م ْعب ْدٌ ّول َ َلقوله تعالى ) َ
[ 221
فالزوج صاحب الدين هو الذي إذا أحب زوجته أكرمها وإن كرهها
لم يظلمها ..
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (
ه، خل ُ َ
ق ُ و ُه َن ِدين َ ُ و َض ْ ن ت َْر َ م ْ م َ ب إل َي ْك ُ ْ
خط َ َ ذا َ ل الله » :rإ َ ل رسو ُ ل :قا َ قا َ
ض«. ري ٌ سادٌ ع ِ ف َ ضو َ ة في الْر ِ فت ْن َ ٌن ِ عُلوا ت َك ُ ْ ف َه .إل ّ ت َ ْ
جو ُ و ُ
فَز ّ َ
فصاحب الدين ل يظلم إذا غضب ول يهجر بغير سبب ول يسئ
معاملة زوجته ول يكون سببا ً في فتنة أهله عن طريق إدخال
المنكرات وآلت اللهو في البيت بل يعمل بقول النبي " خيركم
خيركم لهله وأنا خيركم لهلي ".
)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي rقال :
م لهلي. خي ُْرك ُ ْ وأ ََنا َ هَ ، م لَ ْ
هل ِ ِ خي ُْرك ُ ْ
م َ خي ُْرك ُ ْ» َ
فينبغي لولي المرأة أن ينظر في دين الرجل وأخلقه لن المرأة
ظالم أو تاركا ً للصلة ن َ م ْها ول ّّيها ِ ج َو َتصير بالنكاح مرقوقة ومتى َز َ
أو فاسقا ً أو مبتدعا ً أو شارب خمر أو مخدرات فقد جنى على
دينها وتعرض لسخط الله لنه كان سبب لقطع الرحم بسبب سوء
الختيار .
وجها ؟ -قال رجل للحسن :قد خطب ابنتي جماعة فمن أز ّ
ت « خاف ال َ
فو ْ 59
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
من يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها . قال :م ّ
]*[ قال القرطبي في ) تفسير قوله تعالى (
ن (] القصص [ 27/ ح َ ُ َ ُ
هات َي ْ ِ
ي َ دى اب ْن َت َ ّ
ح َ
ك إِ ْ ن أنك ِ َ
ريدُ أ ْ ) إ ِّني أ ِ
وقد جاء موسى إلى صالح مدين غريبا ً طريدا ً خائفا ً وحيدا ً جائعا ً
عريانا ً فأنكحه ابنته لما تحقق من دينه ورأى من حاله وأعرض عما
سوى ذلك .
فمما ل شك فيه أن التساهل في عدم الهتمام بتدين الخاطب
أساس الضياع والشقاء في الدنيا والخرة .
فينبغي الحرص على صاحب الدين وإن كان فقيرا ً
) حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه الثابت في صحيح
ل عنده جالس مّر رجل على النبي فقال لرج ٍ البخاري ( قالَ ":
ما رأيك في هذا ؟
حي إن خطب أن ُينك َ ف الناس هذا والله حر ٌ ل من أشرا ِ فقال :رج ٌ
ع أن ُيشفع وإن شف َ
ل آخُر فقال له رسول الله : ما فسكت رسول الله ثم مّر رج ٌ
رأيك في هذا ؟
)(8
ي
ل من فقراء المسلمين هذا حر ٌ فقال :يا رسول الله هذا رج ٌ
إن خطب أن ل ُينكح وإن شفع أن ل ُيشفع وإن قال ل ُيسمع
ء الرض مثل هذا لقوله ،فقال رسول الله : هذا خيٌر من مل ِ
".
)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال :أتت النبي
امرأة فقالت :إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ،فقال) :ما لي
في النساء من حاجة( .فقال رجل :زوجنيها ،قال) :أعطيها ثوبا(.
قال :ل أجد ،قال) :أعطها ولو خاتما من حديد( .فاعتل له ،فقال:
ها بما جت ُك َ َ
و ْ
)ما معك من القرآن( .قال :كذا وكذا ،قال) :فقد َز َ
معك من القرآن(.
]*[ وانظر لحرص السلف على اختيار الزوج صاحب الدين وإن كان
فقيرا ً :
]*[ فها هو سعيد بن المسيب وهو سيد التابعين وأكثرهم علما ً
وفقها ً كانت له ابنة من أحسن النساء وأكثرهن أدبا ً وعلما ً
وأعلمهن بكتاب الله وسنة رسوله فخطبها الخليفة الموي عبد
الملك بن مروان لبنه الوليد بن عبد الملك ابن سعيد ولكن سعيد
ى أن ُيزوجه إياها وزوجها لتلميذ من تلمذته ) وهو بن المسيب أب َ
كثير بن أبي وداعة (
ت « خاف ال َ
فو ْ 60
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وكان فقيرا ً فأرسل إليه بخمسة الف درهم وقال استنفق هذه
فلما جاء الصباح أراد كثير بن وداعة الخروج إلى حلقة سعيد بن
المسيب
فقالت له :إلى أين ؟
قال :إلى حلقة سعيد أتعلم العلم
فقالت :اجلس أعلمك علم سعيد بن المسيب فجلس فعلمته
فانظر كيف فضل سعيد العبد التقي على الجبار الغني ،وأن هذا
العبد التقي يعرف حقها ويرعى حق الله فيها .
]*[ وها هو ثابت بن إبراهيم
يمر على بستان من البساتين وكان قد جاع حتى أعياه الجوع
فوجد تفاحة ساقطة منه فأكل منها النصف ثم تذكر أنها ل تحل له
إذ ليست من حقه ،فدخل البستان فوجد رجل ً جالسا ً
فقال :أكلت نصف تفاحة فسامحني فيما أكلت وخذ النصف الخر
فقال الرجل :أما إني ل أملك العفو ولكن أذهب إلي سيدي
فالبستان ملك له
فقال :أين هو ؟ ،قال :بينك وبينه مسيرة يوم وليلة
فقال :لذهبن إليه مهما كان الطريق بعيدا ً لن النبي قال:
سحت فالنار أولى به " . " كل لحم نبت من ُ
) حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع (
سحت فالنار أولى به " . أن النبي rقال " :كل لحم نبت من ُ
ص عليه
حتى وصل إلى صاحب البستان فلما دخل عليه وق ّ
القصص قال صاحب البستان:
والله ل أسامحك إل بشرط واحد فقال ثابت :خذ لنفسك ما
رضيت من الشروط
مقعدة فقال :تتزوج ابنتي ولكن هي صماء عمياء بكماء ُ
خطبتها وسأتاجر فيها مع ربي ثم أقوم فقال ثابت :قبلت ِ
بخدمتها وتم عقد الزواج
فدخل ثابت ل يعلم هل ُيلقي السلم عليها أم يسكت لكنه آثر
إلقاء السلم لترد عليه الملئكة
فلما ألقى السلم وجدها ترد السلم عليه بل وقفت وسلمت عليه
بيدها
فعلم أنها ليست كما قال الب فسألها فقالت :إن أبي أخبرك
بأني عمياء فأنا :
عمياء عن الحرام فل تنظر عيني إلى ما حرم الله
صماء من كل ما ل يرضي الله
بكماء لن لساني ل يتحرك إل بذكر الله
مقعدة لن قدمي لم تحملني إلي ما ُيغضب الله ُ
ت « خاف ال َ
فو ْ 61
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ونظر ثابت إلى وجهها فكأنه القمر ليلة التمام ،ودخل بها وأنجب
منها مولودا ً مل طباق الرض علما ً إنه الفقيه أبو حنيفة النعمان
فمن نسل الورع جاء الفقيه
ل:) (2أن يكون حامل ً لقدر من كتاب الله عّز وج ّ
فلقد كان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ) ذلك الصحابي المهاجري
( من أوائل المهاجرين والمسلمين وأبو عتبة وعمه شيبه وأخوه
الوليد بن عتبة كانوا جميعا ً من أسياد مكة وأغنيائها إل أن أبا
وج أخته )هند( من ) سالم موله( سالم مولى أبي حذيفة حذيفة ز ّ
لنه كان واحدا ً من حفظة القرآن ليهدم كل أصل من أصول
الجاهلية ويعلن بداية فجر جديد من المساواة التي ل تعترف
بالفوارق إل بالتقي والعمل الصالح فالكل عبيد في مملكة الله
تعالي.
)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال :أتت النبي
امرأة فقالت :إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ،فقال) :ما لي
في النساء من حاجة( .فقال رجل :زوجنيها ،قال) :أعطيها ثوبا(.
قال :ل أجد ،قال) :أعطها ولو خاتما من حديد( .فاعتل له ،فقال:
كها بماجت ُ َ
و ْ
)ما معك من القرآن( .قال :كذا وكذا ،قال) :فقد َز َ
معك من القرآن(.
) (3أن يكون من بيئة كريمة :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ،خيارهم في الجاهلية
خيارهم في السلم إذا فقهوا ".
) (4أن يكون رفيقا ً لطيفا ً بأهله ) حسن الخلق( :
) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم
( أن زوجها طلقها ثلثا ً فلم يجعل لها رسول الله سكنى ول
نفقة قالت :قال لي رسول الله : إذا حللت فآذنيني فآذنته
فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله :
أما معاوية فرجل ترب ل مال له وأما أبو جهم فرجل ضّراب
للنساء ولكن أسامة بن زيد
فقالت :بيدها هكذا أسامة أسامة
فقال لها رسول الله : طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت
فتزوجته فاغتبط ".
الشاهد :قوله ) وأما أبو جهم فرجل ضّراب للنساء( فحذرها
النبي من أن تتزوج من أبي جهم لنه ضّراب للنساء .
)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي rقال :
م لهلي. وأ ََنا َ
خي ُْرك ُ ْ هَ ، م لَ ْ
هل ِ ِ خي ُْرك ُ ْ
م َ خي ُْرك ُ ْ
» َ
ت « خاف ال َ
فو ْ 62
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ جاء في كتاب ) تحفة العروس ص (77
أن أعرابية تقدم لخطبتها شاب فأعجبها جماله ولم تهتم بأخلقه
وسلوكه فنصحها والدها بعدم صلحه ،فلم ترضى فأكد عليها عدم
قبوله فرفضت وأخيرا ً تزوجته ،وبعد شهر من زواجها زارها أبوها
في دارها فوجد جسمها عليه علمات الضرب من زوجها فتغافل
عنه
وسألها :كيف حالك يا ُبنيتي ؟
فتظاهرت بالرضا فقال لها أبوها وما هذه العلمات التي في
جسدك ؟
فبكت ونحبت طويل ً ثم قالت :ماذا أقول لك يا أبتاه ؟
حسن إني عصيتك واخترته دون أن أهتم بمعرفة الخلق و ُ
المعاملة
ً
) (5أن يكون مستطيعا للباءة بنوعيها ) وهي القدرة على الجماع
وعلى مؤن الزواج وتكاليف المعيشة(
فلقد قال النبي لفاطمة بنت قيس كما في صحيح مسلم :
" أما معاوية فصعلوك ل مال له ".
ولقد حث النبي الشباب على الزواج عند استطاعتهم الباءة
)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال:
يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض
للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء
.
]*[ قال الشوكاني في ) نيل الوطار(
نقل ً عن الخطابي قوله :المراد بالباءة ) النكاح (
]*[قال النووي رحمه الله تعالى :
أختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلي
معني واحد :
أصحهما
أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع فتقديره من أستطاع منكم
الجماع لقدرته على مؤنة النكاح فليتزوج ومن لم يستطع لعجزه
عن مؤنته فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطع
الوجاء .
والقول الثاني أن المراد بالباءة مؤنة النكاح ،سميت باسم ما
يلزمها وتقديره من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج ومن لم
يستطع فليصم .
) (6أن يكون قويا ً أمينا ً :
ْ ْ َ
ت
جْر َ
ست َأ َ
نا ْ
م ِ
خي َْر َ
ن َجْرهُ إ ِ ّ
ست َأ ِ
تا ْما َيا أب َ ِ
ه َ
دا ُ
ح َ قال َ ْ
ت إِ ْ قال تعالى َ } :
ن { ) القصص(26 / ي اْل َ ِ
مي ُ و ّ ال ْ َ
ق ِ
ت « خاف ال َ
فو ْ 63
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فالرجل الغير أمين يضرب المرأة ويهينها فأين هي كلمة الله إذا ً
فل يحل له أن يضربها بغير جريرة
ول يحل له أن يهجرها بغير جريرة وينبغي أن يتلطف معها .
وهذا كله داخل تحت المانة ومن يفعل فهو خائن لنه أخذها بكلمة
الله فهو إما أن يعاشرها بالمعروف أو يسرحها بإحسان .
فالمرأة تبذل مجهود غير طبيعي من تربية الولد وترتيب البيت
ل أعطاك القوامة وأعطاك من سعة وتعليم الولد والله عّز وج َ
الصدر لما يسع أربعة نسوة
فكيف ل تصبر على امرأة واحدة ......إذا ً هناك خلل .
]*[ يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في ) عودة الحجاب
( 357/ 2
يجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن يزوجها به وأن يراعي
خصال الزوج فل يزوجها ممن ساء خلقه أو ضعف دينه أو قصر
عن القيام بحقها
فإن النكاح يشبه الرق والحتياط في حقها أهم لنها رقيقة
بالنكاح ل مخلص لها والزوج قادر على الطلق بكل حال ،وأما
النساء فإنهن عوان عند أزواجهن كما بينته السنة الصحيحة كما
في الحديث التي :
ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة و ِ ح َ ن ال ْ وب ِ مر ِ ع ْ )حديث َ
ن
عوا ٌ ن َ ه ّ ما ُ خيرًا ،فإن ّ َ ء َ سا ِ صوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْ( أن النبي rقال »:أل َ وا ْ
ْ َ شْيئا ً َ
ة
ش ٍ ح َ فا ِ ن بِ َ ن ي َأِتي َ ك ،إل ّ أ ّ غي َْر ذل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ُن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ل َي ْ َ دك ْ عن ْ َ ِ
غي َْرضْربا ً َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ج ِ ضا ِن في الم َ ه ّ جُرو ُ فاه ُ ن َ عل ْ َ ف َن َ فإ ِ ْ ة َ مب َي ّن َ ٍ ُ
سائ ِ ُ َ َ َ َ َ
كم على ن ِ َ م َ ن لك ُ ْ ل .أل َ إ ّ سِبي ً ن َ ه ّ علي ْ ِ غوا فل َ ت َب ْ ُ م َ عنك ُ ُ ن أط ْ فإ ْ حَ . مب َّر ٍ ُ
ن َ م َ ُ َ ّ َ حقاَ . ً ُ َ ً ح ّ
طئ َ فل ُيو ِ سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ حقك ْ ما َ فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ ساِئك ْ قا .وِلن َ َ
ن ت َك َْر ُ ْ
ن
ه ّحق ُ ن .أل َ و َ هو َ م ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ن ول َ ي َأذَ ّ هو َ ن ت َك َْر ُ م ْ م َ فُرشك ُ ْ ُ
هن«. م ِ عا ِ ن وط َ َ ه ّ وت ِ ِس َ في ك ِ ْ ن ِ ه ّ َ
سُنوا إ ِلي ْ ِ ن ُتح ِ مأ ْ عل َي ْك ُ ْ َ
فالمرأة عند زوجها تشبه السير والرقيق فليس لها أن تخرج من
منزله إل بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق
الئمة .
) (7أن يكون كفؤا ً :
ومعنى الكفاءة :المساواة والمماثلة
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود
وابن ماجة ( أن النبي rقال ":المسلمون تتكافأ دماؤهم "
خطاب في الكفاءة المعتبرة بين الزوجين : ]*[ فصل ال ِ
الكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي الكفاءة في الدين
بل هي شرط في صحته باتفاق أهل العلم فل يجوز للمرأة أن
تتزوج كافرا ً بالجماع .
ت « خاف ال َ
فو ْ 64
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وكذلك ل ينبغي للمسلم أن ُيزوج موليته الصالحة من رجل فاسق
فقد قال تعالي :
نت ِللطّي ِّبي َ والطّي َّبا ُ ت َ ن ل ِل ْ َ
خِبيَثا ِ وال ْ َ
خِبيُثو َ ن َخِبيِثي َ ت ل ِل ْ َ
خِبيَثا ُ ) ال ْ َ
ت ( ] النور[ 26 / ن ِللطّي َّبا ِ والطّي ُّبو َ َ
وإن كان هذا ل يشترط في صحة العقد إل أنه من الهمية بمكان .
فإن الرجل يدفع بموليته إلى فاسق ويقدمه على صاحب الدين
ويكون الدافع لذلك إما لكثرة ماله وإما لمنصبه وربما كانوا أصحاب
مضيعون لو ُ عرضون عن طاعة الله عّز وج ّ م ِ وظائف محرمة و ُ
ل عن تضيعهم أوامره وهؤلء الولياء سُيسألون أمام الله عّز وج ّ
لبناتهم.
) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :إن الله
تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى
يسأل الرجل عن أهل بيته .
فالكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي الكفاءة في الدين وليس
الفقر عيبا ً ي ُّردّ به الزواج .
معقبا ً على قصة موسى مع صالح ]*[ قال القرطبي معلقا ً و ُ
مدين :
الكفاءة في النكاح معتبرة واختلف العلماء هل هي في الدين
والمال والحسب أو في بعض ذلك ،والصحيح جواز نكاح الموالي
َ
عندَ الل ّ ِ
ه م ِ مك ُ ْن أك َْر َ للعربيات والقرشيات لقوله تعالى } :إ ِ ّ
م{ قاك ُ ْ أ َت ْ َ
وقد جاء موسى إلى صالح مدين غريبا ً طريدا ً خائفا ً وحيدا ً جائعا ً
عريانا ً فأنكحه ابنته لما تحقق من دينه ورأى من حاله وأعرض عما ُ
سوى ذلك.
]*[ قال ابن حجر كما في ) فتح الباري (9/1329
واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه فل تحل المسلمة لكافر
أصل ً .
]*[ وقال ابن القيم كما في ) زاد الميعاد (5/159
والذي يقتضيه الحكم اعتبار الدين في الكفاءة أصل ً وكمال ً فل
تزوج عفيفة لفاجر ولم يعتد القرآن والسنة في الكفاءة أمرا ً وراء
ذلك.
والدلة على ذلك متوافرة في الكتاب والسنة :
ت « خاف ال َ
فو ْ 65
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
م( قاك ُ ْ ه أ َت ْ َعندَ الل ّ ِ م ِ مك ُ ْ ن أك َْر َ
َ
وقوله تعالى ) :إ ِ ّ .2
] الحجرات[ 13 /
وأما الدلة النبوية
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (
ه
ن ِدين َ ُ و َ ض ْن ت َْر َ م ْ م َ ب إل َي ْك ُ ْ خط َ َ ذا َ ل الله » : rإ َ ل رسو ُ ل :قا َ قا َ
ض«. ري ٌ سادٌ ع ِ ف َ ضو َ ة في الْر ِ فت ْن َ ٌ ن ِ عُلوا ت َك ُ ْ ف َه .إل ّ ت َ ْ جو ُ و ُ فَز ّ هَ ، ق ُخل ُ َ
و ُ َ
ل للحسن بن علي :إن لي بنتا فمن ترى أن أزوجها له ً ]*[ قال رج ٌ
؟ قال :زوجها ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم
يظلمها.
]*[ وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها :النكاح رقٌ فلينظر
أحدكم عند من يسترق كريمته.
]*[ لكن ُيستحب لولياء المرأة النظر بعين العتبار إلى الكفاءة
في بعض المور ) بجانب الدين ( والتي تناسب المرأة وحتى
شقاق لوجود فوارق مالية تستمر الحياة الزوجية ول يحدث ُنفرة و ِ
أو علمية أو اجتماعية أو ما شاكل ذلك .
فعلى سبيل المثال إذا تزوجت طبيبة ) مديرة مستشفى مثل ً (
مستشفى ) ول شك أن هذا حلل وجائز ( بعامل نظافة في تلك ال ُ
ل ونفور من مثل هذه الزوجة على الزوج في فسيحدث نشوز وتعا ٍ
غالب الحوال
كذلك إذا كانت المرأة أكثر مال ً أو تعمل وتنفق في البيت
فسيفقد الرجل جزءا ً من القوامة ول يستطيع أن يسيطر عليها
قلة الوازع الديني في هذا الزمان . وخصوصا ً مع ِ
مه ْض ُع َ ه بَ ْل الل ّ ُ ض َف ّ ما َ ساء ب ِ َ عَلى الن ّ َ ن َ مو َ وا ُ ق ّل َ جا ُ قال تعالى ):الّر َ
َ ْ ما َأن َ
م ( ] النساء [ /34 ه ْ وال ِ ِ م َ نأ ْ م ْ قوا ِ ف ُ وب ِ َض َ ع ٍ عَلى ب َ ْ َ
فقوامة الرجل على المرأة تكمن في شيئين:
خلقته أحدهما :شيء جبلي ) وهي ما أختص الله به الرجل في ِ
حيث أن الرجل أرجح عقل ً وأكمل دينا ً من المرأة (
الثاني :شيء خارج وهو النفاق من الموال سواء كان في
الصداق أوفي النفاق على البيت .
فبهذين تتم القوامة وتتحقق فإذا أختل أحدهما أختلت القوامة .
ذ أنه فإذا كانت المرأة هي التي تنفق على البيت فل شك حينئ ٍ
سيكون لها نصيب من القوامة مما ُيحدث مشاكل في البيت وهذا
في الغالب ...
وكذلك فالطبيبة ل يحسن بحال أن تتزوج القهوجي والسمكري
ذاء ) مع احترامنا لصحابها وهذا ليس تقليل ً من مي والح ّ والصّر َ
خلقي شأنهم ( وهذا ل يكون في الغالب لختلف المستوى ال ُ
والعلمي ول تقبل وهي صاحبة المنصب والجاه والمال والعلم أن
ت « خاف ال َ
فو ْ 66
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تخضع لمن تفوقت عليه علميا ً وماليا ً وأخلقيا ً وتربويا ً ،وإن
صلب خضعت في مبادئ الزواج فستتضح صورتها عند الشدائد ال ِ
صعاب . والمشكلت ال ِ
وبهذا يتضح لنا مما سبق أنه يستحب لنا النظر بعين العتبار إلى
الكفاءة في باقي المر وإن كان هذا ليس شرطا ً في صحة النكاح
شقاق وهناك إل أنه أساسا ً في استمرار الحياة وعدم الُنفرة وال ِ
أدلة تشهد لما نقول :
) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم
( أن زوجها طلقها ثلثا ً فلم يجعل لها رسول الله سكنى ول
نفقة قالت :قال لي رسول الله : إذا حللت فآذنيني فآذنته
فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله :
أما معاوية فرجل ترب ل مال له وأما أبو جهم فرجل ضّراب
للنساء ولكن أسامة بن زيد ،فقالت :بيدها هكذا أسامة أسامة
فقال لها رسول الله : طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت
فتزوجته فاغتبط ".
الشاهد " :أنها جاءت تستشير النبي وقد خطبها معاوية وأبو
جهم ) ول شك أن الكفاءة من حيث الدين هنا موجودة فضل ً عن
شرف الصحبة ( ولكن النبي قال لها :
" أما معاوية فصعلوك ل مال له وأما أبو جهم فضّراب للنساء ".
]*[ ونقل النووي في ) روضة الطالبين : (7/183
رأى الشافعي أن الشيخ ل يكون كفؤا ً للشابة على الصح ) وقلنا
وفاق بين شيخ من قبل أن هذا ليس شرطا ً ( فكيف سيكون هناك ِ
فاني له عادات وتقاليد غير عادات عصر الفتاة بل وقدرات تقل
عن الوفاء بحاجاتها من الناحية الجنسية ،والله تعالى يقول:
ف ( ] البقرة [ 228 / عُرو ِ
م ْن ِبال ْ َ
ه ّ ذي َ َ
علي ْ ِ ل ال ّ ِ
مث ْ ُ
ن ِ ول َ ُ
ه ّ ) َ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ":ل تنكح البكر حتى ُتستأذن ول الثيب حتى ُتستأمر ".
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
م حتى ُتستأمر ول ُتنكح البكر حتى ُتستأذن rقال ":ل ُتنكح الي ُ
قالوا :يا رسول الله وكيف إذنها ؟قال :أن تسكت ".
ومما يندى له الجبين أن نجد ولي المرأة يحملها على الزواج من
ن في السن وليس بينها وبينها أي تكافؤ من أي ناحية ل طاع ٍ رج ٍ
كيةمب ْ ِفكأنما يذبحها بغير سكين ،وهآنذا أسوق ل :هذه القصة ال ُ
ليتضح لك مدى ظلم بعض الباء ممن ل يرعى لبنته حقها وأخذ
ج ل تريده حمل ً رأيها فيمن تتزوجه بل ويحملها على زو ٍ
القصة :
ت « خاف ال َ
فو ْ 67
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نشرت إحدى صحفنا المحلية هذا المقال :أقدمت فتاة تبلغ من
العمر ستة عشر عاما ً على النتحار في محاولة لوضع نهاية لحياتها
المأساوية والتخلص مما تعانيه من مشاكل حياتية واضطرابات
نفسية.
وجها والدها على عجوز يبلغ من العمر وفي التفاصيل ،أن الفتاة ز ّ
تسعين عاما ً وبعد محاولت عديدة باءت بالفشل أمام رفضها لهذا
الزواج حيث لم يجد والدها ُبدا ً من زواجها من هذا العجوز قسرًا.
وازداد المر سوءًا ،وازدادت الفتاة إحباطا ً عندما علمت بعد الزواج
أن زوجها عقيم ول ينجب وقد طّلق ثلث زوجات قبلها ،وفي هذه
الظروف العصيبة على الفتاة المكلومة لم تمكث سوى شهور حتى
طلبت الطلق الذي ظفرت به بعد محاولت عديدة ،ثم عادت
لمنزل والدها وهي تحمل اللقب المؤلم )مطلقة(.
ولم تجد سوى موجة قوية من الغضب من والدها الذي كان ل يريد
طلقها من هذا الرجل ،عند ذلك حاولت الفتاة وضع نهاية لحياتها
ولمشاكلها عندما اتجهت صوب أحد البار الملصقة لمنزلهم في
مساء أحد اليام بعدما خرج الجميع من المزرعة وقبل أن تقذف
بنفسها في قاع تلك البئر التي وقعت على حافتها استطاعت
والدتها المساك بها ومنعها من البئر قبل الوقوع فيها ،انتهى
الخبر.
ولكن المعاني التي حفل بها ل تنتهي ،وما هذه إل ضحية واحدة
وقد نشر أمرها ،وإل فكم في البيوت من أنثى مظلومة تبكي
حقوقها المهضومة وتشتكي إلى ربها ،والله تعالى سامع لكل
شكوى ،وهو سبحانه رافع الضر وكاشف البلوى ،وكفى به حسيبا ً
وكفى به وكي ً
ل.
خلصة ما سبق :
أن الكفاءة في الدين هي الشرط الوحيد في النكاح وأما فيما عدا
ذلك فليس بشرط ،لكن لكل من الزوجين وأولياء الزوجة الحق
باختيار من يناسبها ويساويها وتحسن معه العشرة وتتحقق معه
شقاق دواعي الستقرار والنسجام في السرة وتجنب دواعي ال ِ
من يناسبها من حيث الحسب والضرر والتنغيص لكنها إن تنازلت ع ّ
والصنعة والمال ونحو ذلك فزواجها صحيح ل شيء فيه .
تنبيه : الكفاءة معتبرة في الرجل دون المرأة :
فإذا تزوج الرجل امرأة ليست كفؤا ً له فل غبار عليه لن القوامة
بيده والولد ُينسبون إليه والطلق بيده ،وقد تزوج النبي من
أحياء العرب – ول مكافئ له في دين ول نسب وتّرى بالماء
)حديث أبي موسى الشعري رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال ) :ثلثة لهم أجران :رجل من أهل
ت « خاف ال َ
فو ْ 68
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الكتاب ،آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم ،والعبد
المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه ،ورجل كانت عنده أمة
يطؤها ،فأدبها فأحسن أدبها ،وعلمها فأحسن تعليمها ،ثم أعتقها
فتزوجها ،فله أجران(.
تنبيه ويجوز للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح
لوليس في هذا دلي ٌ
على قلة حياؤها عند من فهم السنة ويجوز كذلك للنسان أن
يعرض ابنته أو أخته على أهل الصلح والتقوى فإن ذلك من
السنة .
)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال:جاءت امرأة إلى رسول
الله تعرض عليه نفسها ،قالت يا رسول الله ،ألك بي حاجة ؟
فقالت بنت أنس :ما أقل حياءك ،وسوأتاه ،قال هي خير منك،
رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها.
) حديث ا بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (
يحدث :أن عمر بن الخطاب ،حين تأيمت حفصة بنت عمر من
خنيس بن حذافة السهمي ،وكان من أصحاب رسول الله ،فتوفي
بالمدينة ،فقال عمر ابن الخطاب :أتيت عثمان بن عفان ،فعرضت
عليه حفصة ،فقال :سأنظر في أمري ،فلبثت ليالي ثم لقيني
فقال :قد بدا لي أن ل أتزوج يومي هذا .قال عمر :فلقيت أبا بكر
الصديق ،فقلت :إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر ،فصمت أبو بكر
فلم يرجع إلي شيئا ،وكنت أوجد عليه مني على عثمان ،فلبثت
ليالي ثم خطبها رسول الله فأنكحتها إياه ،فلقيني أبو بكر فقال:
لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟
قال عمر :قلت :نعم ،قال أبو بكر :فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك
فيما عرضت علي ،إل أني كنت علمت أن رسول الله قد ذكرها،
فلم أكن لفشي سر رسول الله ،ولو تركها رسول الله قبلتها.
]*[ فينبغي للمرأة أن تختار صاحب الخلق والدين ولو كان فقيرا ً
بل إنها لو كانت غنية واختارته لدينه واستعملت مالها له في
مثابة عند الله ولكان لها أسوة بأمل لكانت ُالدعوة إلى الله عّز وج ّ
المؤمنين خديجة بنت خويلد .
الرجل العالم كفء لكل امرأة
]*[ قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم كما في ) عودة الحجاب
(2/253
أعلم أن الفقهاء الذين تشددوا في اشتراط الكفاءة وتوسعوا فيه
قالوا :الرجل العالم كفء لكل امرأة مهما كان سنها وإن لم يكن
له نسب معروف وذلك لن شرف العلم دونه كل نسب وكل
شرف .
ت « خاف ال َ
فو ْ 69
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ن(مو َ عل َ ُ
ن َل ي َ ْ ذي َوال ّ ِ ن َ مو َ عل َ ُن يَ ْ
ذي َوي ال ّ ِ ست َ ِ
ل يَ ْ ه ْ ل َ ق ْ قال تعالى ُ ) :
] الزمر[9 /
ُ
معل ْ َ
ن أوُتوا ال ْ ِ ذي َ وال ّ ِم َ منك ُ ْ مُنوا ِ نآ َ ه ال ّ ِ
ذي َ ع الل ّ ُف ِوقال تعالى ) :ي َْر َ
ت ( ] المجادلة [11 / جا ٍ دََر َ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
ُ r
سئ ِ َ
ل:
" من أكرم الناس ؟ ،فقال :يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن
إبراهيم ،قالوا :ليس عن هذا نسألك
قال :فأكرمهم عند الله اتقاهم ،قالوا :وليس عن هذا نسألك ،
فقال :عن معادن العرب خيارهم في الجاهلية خيارهم في
السلم إذا فقهوا ".
خطبة ومسائلها
ال ِ ]*[
ت « خاف ال َ
فو ْ 70
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فقال أبو بكر :إنما أنا أخوك .فقال " -:"أخي في دين الله و
كتابه وهى لي حلل".
تنبيه :يجوز للولي عرض موليته على أهل الصلح كما فعل
عمر حين عرض ابنته حفصة" رضي الله عنها " على عثمان ثم
أبي بكر رضي الله عنهما :
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (
يحدث :أن عمر بن الخطاب ،حين تأيمت حفصة بنت عمر من
خنيس بن حذافة السهمي ،وكان من أصحاب رسول الله ،فتوفي
بالمدينة ،فقال عمر ابن الخطاب :أتيت عثمان بن عفان ،فعرضت
عليه حفصة ،فقال :سأنظر في أمري ،فلبثت ليالي ثم لقيني
فقال :قد بدا لي أن ل أتزوج يومي هذا .قال عمر :فلقيت أبا بكر
الصديق ،فقلت :إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر ،فصمت أبو بكر
فلم يرجع إلي شيئا ،وكنت أوجد عليه مني على عثمان ،فلبثت
ليالي ثم خطبها رسول الله فأنكحتها إياه ،فلقيني أبو بكر فقال:
لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟
قال عمر :قلت :نعم ،قال أبو بكر :فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك
فيما عرضت علي ،إل أني كنت علمت أن رسول الله قد ذكرها،
فلم أكن لفشي سر رسول الله ،ولو تركها رسول الله قبلتها.
قال الحافظ بن حجر تعليقا ً على هذا الحديث كما في ) فتح
الباري ( ) ( 178 / 9
وفي الحديث عرض النسان بنته وغيرها من مولياته على من
يعتقد خيره وصلحه لما فيه من النفع العائد على المعروض عليه
وأنه ل استحياء في ذلك ،وفيه أنه ل بأس بعرضها عليه ولو كان
ذ متزوجا ً ،وهذا المر أيضا ً كانمتزوجا ً لن أبا بكر كان حينئ ٍ
معهودا ً في شرع من كان قبلنا فها هو شعيب الرجل الصالح يقول
لموسى كما جاء في القرءان :
َ ُ َ ُ
عَلى أن َتأ ُ
جَرِني هاَتين َ
دى ابَنتي َ ح َ
ك ِإح َ ريدُ أن أنك ِ َ
ل إِني أ ِ } َ
قا َ
جج{ ح َ
ي ِثمان َ
) القصص ( 27/
كما يجوز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها إذا
أمنت الفتنة ،كما حدث في قصة الواهبة وعرضها نفسها على
النبي والحديث عند البخاري ومسلم " ،باب عرض المرأة
نفسها على الرجل الصالح من حديث سهل بن سعد التي :
)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال :أتت النبي
امرأة فقالت :إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ،فقال) :ما لي
في النساء من حاجة( .فقال رجل :زوجنيها ،قال) :أعطيها ثوبا(.
ت « خاف ال َ
فو ْ 71
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قال :ل أجد ،قال) :أعطها ولو خاتما من حديد( .فاعتل له ،فقال:
)ما معك من القرآن( .قال :كذا وكذا ،قال) :فقد زوجتكها بما
معك من القرآن(.
)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال:جاءت امرأة إلى رسول
الله تعرض عليه نفسها ،قالت يا رسول الله ،ألك بي حاجة ؟
فقالت بنت أنس :ما أقل حياءك ،واسوأتاه ،قال هي خير منك،
رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها.
ن؟ خطبته ّ مسألة :هل هناك من النساء من ل يجوز ِ
ن-: خطبته ّ نعم هناك أنواع ثلث ل يجوز ِ
أول ً :المحرمات من النساء.
عتدة. ثانيا ً :المرأة الم ُ
ثالثا ً :المخطوبة للغير.
أول ً :المحرمات من النساء:
مقدمة وسواء كان هذا التحريم على التأييد أو التأقيت لن الخطبة ُ
إلى النكاح وما دام النكاح ممنوع فتكون الخطبة كذلك.
معتدة )في فترة العدة(: ثانيا ً :المرأة ال ُ
معتدة على التفصيل التي : حكم خطبة المرأة ال ُ
ق رجعي فإنه يحرم خطبتها تصريحا ً ) (1إن كانت المعتدة من طل ٍ
وتعريضا ً لنها مازالت زوجة .
ق بائن أو من وفاة يحرم خطبتها ) (2وإن كانت معتدة من طل ٍ
تصريحا ً ويجوز تعريضا ً
نم ْه ِ م بِ ِ ضت ُ ْ
عّر ْ ما َ في َ م ِعل َي ْك ُ ْ
ح َ ول َ ُ
جَنا َ ،والدليل قوله تعالىَ }} :
مافي َ م ِ عل َي ْك ُ ْ
ح َ جَنا َول َ ُء{{ ]البقرة ، [235 :فقولهَ } : سا ِة الن ّ َ خطْب َ ِ ِ
ء{{ مفهومه عليكم جناح إذا صّرحتم. سا ِة الن ّ َ خطْب َ ِ ن ِ
م ْ ه ِم بِ ِ
ضت ُ ْعّر َْ
) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم
دى عند ابن أم ( أن النبي rقال لها لما طلقها زوجها ثلثا ً :اعت ّ
مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني"
وفي لفظ "ل تسبقينى بنفسك" .وعند أبى داود بلفظ "ل تفوتينا
بنفسك".
]*[ وقال النووي رحمه الله تعالى -:
وفيه جواز التعريض بخطبة البائن وهو الصحيح عندنا.
معتدة ولن هذه المرأة ل تجوز رجعتها إلى مطلقها كما ل يمكن لل ُ
معتدة من وفاة زوجها أن تعود إليه فهما في معنى واحد بخلف ال ُ
من طلق رجعى.
مسألة :ما هو التصريح في الخطبة وما هو التعريض؟
التصريح :ما ل يحتمل غير الزواج مثل زوجيني نفسك ،أطلبك
للزواج
ت « خاف ال َ
فو ْ 72
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
التعريض :ما يحتمل غير الزواج مثل أن يقول لها :والله إن امرأة
مثلك غنيمة ،أو :إذا انقضت العدة فأخبريني ،أو :أم العيال كبرت
وأنا محتاج لزوجة ،أو ما أشبه ذلك،
ن مخطوبة الغير -: خطبته ّ ثالثًا :ومن النساء اللتي ل تجوز ِ
ل لغيره أن يتقدم ليخطبها على إذا خطب المسلم امرأةً فل يح ّ
خطبة أخيه.
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال " :إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ول تجسسوا ول
خطبة تحسسوا ول تباغضوا وكونوا إخوانا ول يخطب أحدكم على ِ
أخيه حتى ينكح أو يترك".
وهذا النهى للتحريم عند جمهور العلماء من الئمة الربعة
وغيرهم لنه نهى عن الضرار بالدمى المعصوم فكان على
التحريم وِلما يفضى إليه هذا الفعل من العداوة والبغضاء واليذاء
والتعدي على المسلم ولفضائه إلى تزكية النفس وذم الغير
واغتيابه .
]*[ قال البهي الخولي في كتابه ) المرأة بين البيت والمجتمع (
ول يحل لذي مرؤة أن يذهب لخطبة امرأة يعلم أن سواه يخطبها
لنفسه فإن ذلك يقطع الواصر ويورث العداوات والشحناء إلي أنه
حطة في الخلق وفساد في العقل إذ أن من يغشي ميدان هذه
المنافسة الوضيعة لبد له أن يمدح نفسه ويذم غريم ،فيسند إلى
نفسه من المزايا ما لو كان صادقا ً فيها لكفاه إثما ً أنه مغتاب .
مسألة :من التي تباح خطبتها؟
ة إل إذا توافر شرطان : ل تباح خطبة امرأ ِ
) (1أن تكون خالية من الموانع الشرعية التي تمنع زواجها في
الحال
ة شرعية فإن ذلك ل يحل ) (2أل يسبقه إليها غيره بخطب ِ
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :ل يخطب أحدكم على خطبة على خطبة أخيه حتى
ينكح أو يترك.
خطبة؟ وهل يجوز ذكر مسألة :هل تستحب الستشارة في ال ِ
عيوب الخاطب ؟
مستحبة فعلها نعم يجوز الستشارة في الخطبة وهى من المور ال ُ
وإذا استشير إنسان في خاطب أو مخطوبة فعليه أن يصدق ولو
بذكر مساوئه ول يكون هذا من الغيبة المحرمة إذا قصد بذلك
النصيحة والتحذير ل اليذاء كما في الحديث التي :
) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم
( أن زوجها طلقها ثلثا ً فلم يجعل لها رسول الله سكنى ول
ت « خاف ال َ
فو ْ 73
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نفقة قالت :قال لي رسول الله : إذا حللت فآذنيني فآذنته
فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله :
أما معاوية فرجل ترب ل مال له وأما أبو جهم فرجل ضّراب
للنساء ولكن أسامة بن زيد ،فقالت :بيدها هكذا أسامة أسامة ،
فقال لها رسول الله : طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت
فتزوجته فاغتبط ".
الشاهد " :أنها جاءت تستشير النبي وقد خطبها معاوية وأبو
جهم ) ول شك أن الكفاءة من حيث الدين هنا موجودة فضل ً عن
شرف الصحبة ( ولكن النبي قال لها :
" أما معاوية فصعلوك ل مال له وأما أبو جهم فضّراب للنساء ".
مسألة :هل يجوز أن يختار ويعضد ذلك بالستخارة ؟
الجواب :ل يجوز ذلك فقد نقل الشوكاني كما في نيل الوطار )
( 90 / 3عن النووي أنه قال :
ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا ً وإل فل يكون مستخيرا ً لله بل
يكون مستخيرا ً لهواه ،وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة
وفي التبرئ من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى ،فإذا صدق
في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه .
ويعرف دق هذا إذا جاء اختيار الله تعالى على غير هوى العبد
فعليه أن ُيسلم لنه قد يرى أمرا ً يظن من وراءه خير وفيه هلكه
وه َ شيئ َا ً َ
و َ هوا َ سى َأن َتكَر ُ ع َو َأو العكس وصدق ربنا حين قال َ } :
وأنُتم َل َ سى َأن ت ُ ِ
م َه َيعل َ ُ
والل ُ
كم َشٌر ل َ ُ و َه َ شيئ َا ً َ
و َ حُبوا َ ع َو َكم َخيٌر ل َ ُ
َ
9
مون { َ
َتعل ُ
مسألة :هل دعاء الستخارة يكون في الصلة وقبل السلم أم بعد
الصلة ؟
الجواب :ذهب بعض أهل العلم إلى أن الدعاء يكون في الصلة
وقبل السلم منهم شيخ السلم ابن تيمية – رحمه الله – حيث
قال كما في الفتاوى الكبرى ) : ( 215 / 2
يجوز الدعاء في صلة الستخارة وغيرها قبل السلم وبعده
والدعاء قبل السلم أفضل ،فإن النبي أكثر دعائه قبل
مصلي قبل السلم لم ينصرف فهذا أحسن .....أه السلم ،وال ُ
-لكن الظاهر من قول النبي في دعاء الستخارة " ثم ليقل "
أن دعاء الستخارة كون بعد أداء الركعتين أي بعد السلم .
خطبة وأمر الزواج لكل من مسألة :هل يستحب الستخارة في ال ِ
الخاطب والمخطوبة ؟ وهل هناك دليل على ذلك؟
نعم يستحب لكل من الخاطب والمخطوبة ومن يهمهما أمرهما
الستخارة والتوجه إلى الله.
9البقرة 216
ت « خاف ال َ
فو ْ 74
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فقد أخرج المام مسلم عن أنس بن مالك قال لما انقضت عدة
زينب يعنى زينب بنت جحش قال رسول الله لزيد :أذكرها عل ّ
ى
ت :يا زينب أبشرى أرسلنى إليك رسول ت فقل ُ ،قال زيد :فانطلق ُ
ً
الله يذكرك ،فقالت :ما أنا بصانعة شيئا حتى استأمر ربى
فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله رسول الله
فدخل بغير إذن((.
ً
]*[ قال النووي تعليقا على ذلك:
ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه وأما معنى قولها
)أستأمر ربى( أي أستخيره.
مسألة :وهل للستخارة حديث معين؟
نعم هناك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي أخرجه
البخاري
) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
البخاري ( أن النبي rقال ) :كان النبي يعلمنا الستخارة في
م أحدكم بالمر المور كلها كالسورة من القرآن ،فقال :إذا ه ّ
فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول :اللهم إنى أستخيرك
بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم ،فإنك تقدر
ول أقدر ،وتعلم ول أعلم وأنت علم الغيوب ،اللهم إن كنت تعلم
أن هذا المر خيٌر لى في دينى ومعاشي وعاقبة أمري ،أو قال في
عاجل أمري وآجله ،فاقدره لى وإن كنت تعلم أن هذا المر شٌر لى
في ديني ومعاشي وعاقبة أمري ،أو قال :في عاجل أمري وآجله،
فاصرفه عنى واصرفني عنه ،واقدر لى الخير حيث كان ثم أرضني
به ،ويسمى حاجته(.
مسألة :هل يلزم لمن صلى الستخارة أن يرى رؤيا ؟
ل يلزم ذلك إذ ل دليل على ذلك وإنما الستخارة في نفسها دعاء
ل المور بعد صلة الستخارة كسائر الدعية فإن يسّر الله عّز وج ّ
فله الحمد وإن أراد الله شيئا ً آخر فهو العليم الخبير وله الحمد أول ً
وآخرا ً ،فعلى كل من يستخير أن يمضي لحاجته آخذا ً بالسباب
قضى المر فبها متوكل ً على الله وليحرص على ما ينفعه فإذا ُ
ونعمت وإن صرف عنها فل يجزع بل عليه أن يرضى ويسلم ،
وعلى هذا فالستخارة أولها توكل وآخرها استسلم ورضا .
مسألة :هل يشرع تكرير صلة الستخارة ؟
نعم يشرع تكرير صلة الستخارة إذ هي دعاء وتكرير الدعاء
والكثار منه مشروع والله تعالي أعلم.
مسألة :هل تشرع الستخارة في كل الحوال عند تقدم رجل
لمرأة؟
ت « خاف ال َ
فو ْ 75
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ل تكون الستخارة في المكروهات ول المحرمات ول تكون في
الواجبات إنما تكون في المباحات أو في المستحبات عند عجزه
أيهما يقدم ،وعلى هذا فل تشرع في كل الحوال فإذا تقدم
كير عربيد فل تستخير الله عّز مار س ّ ل فاسق فاجر خ ّ لمرأة رج ٌ
ل في شأنه أصل ً إذ هناك من النصوص العامة من كتاب وسنة وج ّ
رسوله ما يشجع على رد الفاسق قول ً واحدًا.
وكذلك ل يعمد رجل إلى الستخارة للزواج من بغى من البغايا
فالله سبحانه وتعالي يقول:
َ رك َ ً )الزاِني ل َ ينكح إل ّ زان ِي ً َ
و
نأ ْ ها إ ِل ّ َزا ٍ ة ل َ َينك ِ ُ
ح َ والّزان ِي َ ُ
ة َ ش ِ م ْ
و ُ ةأ ْ َ ِ ُ ِ َ َ ّ
ن ( ] النور[3 / مِني َ م ْ
ؤ ِ عَلى ال ُ ك َ م ذَل ِ َ
حّر َو ُ ر ٌ
ك َ ش ِ م ْ
ُ
مسألة :أيهما أفضل وأحب في الخطبة :أن تكون بدايتها في
سرية أم لبد من الشهار والعلن ؟
الجواب :يستحب في بداية الخطبة السرية لنه قد تتم الرؤية
الشرعية ول يتم القبول ،فإذا أعلنا في كل مرة عن مجيء
خاطب ثم ل يحدث قبول ثم نعلن عن مجيء آخر ثم ل يحدث قبول
فهذا فيه حرج للفتاة ويكثر عليها الكلم ظنا ً عدم رغبة الخطاب
فيها ،وما علم هؤلء أن الزواج هذا مقدر عند الله عز وجل
مقدرة كالرزق فل يستطيع رجل أن يتزوج امرأةَ غيره بل هي ُ
عليه قبل خلق السموات والرض بخمسين ألف سنة فقد يرى
الخاطب الفتاة ول تعجبه أو العكس ،فإذا تم هذا المر في سرية
حتى يقدر الله الخير لكان أفضل وحتى ل نجرح مشاعر الفتاة أو
علم عنه أنه دخل أكثر من بيت ولم يوفق الشاب خصوصا ً إذا ُ
فُيظن فيه أيضا ً السوء ..
ومما يزيد هذا المر تأكيدا ً قول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما "
ى إل أني كنت فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عل ّ
علمت أن رسول الله قد ذكرها فلم أكن لفشي سّر رسول
الله ولو تركها رسول الله قبلُتها ".
) حديث ا بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (
يحدث :أن عمر بن الخطاب ،حين تأيمت حفصة بنت عمر من
خنيس بن حذافة السهمي ،وكان من أصحاب رسول الله ،فتوفي
بالمدينة ،فقال عمر ابن الخطاب :أتيت عثمان بن عفان ،فعرضت
عليه حفصة ،فقال :سأنظر في أمري ،فلبثت ليالي ثم لقيني
فقال :قد بدا لي أن ل أتزوج يومي هذا .قال عمر :فلقيت أبا بكر
الصديق ،فقلت :إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر ،فصمت أبو بكر
فلم يرجع إلي شيئا ،وكنت أوجد عليه مني على عثمان ،فلبثت
ليالي ثم خطبها رسول الله فأنكحتها إياه ،فلقيني أبو بكر فقال:
لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟
ت « خاف ال َ
فو ْ 76
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قال عمر :قلت :نعم ،قال أبو بكر :فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك
فيما عرضت علي ،إل أني كنت علمت أن رسول الله قد ذكرها،
فلم أكن لفشي سر رسول الله ،ولو تركها رسول الله قبلتها.
مسألة :ماحكم النظر إلى المخطوبة ؟
النظر إلى المخطوبة سنة؛ وهذه المسألة من المسائل التي صار
فّرط،فمن الباء م َرط و ُ م ْ
ف ِ الناس فيها على طرفي نقيض ،ما بين ُ
من يعتبر رؤية الخاطب لبنته عيبا ً كبيرًا ،وأمرا ً عسيرًا ،مع أن
غب فيه ،وأمر به ث عليه ،وَر ّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ،ح ّ
وقال» :إنه أحرى أن يؤدم بينكما« ،أي :يؤلف بينكما.
كما في الحاديث التية :
ة الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة عب َ َ ن ُ
ش ْ ةب ِ غيَر ِ )حديث ال ْ ُ
م ِ
َ ل النبي » : rأن ْظُر إل َيها فإن ّ َ مَرأ َ ً َ
م ن يُ ْ
ؤدَ َ حَرى أ ْ
هأ ْ ِ ُ ْ ِ ْ َ ّ قا َة ،ف َ با ْ خط َ َه َ (أن ّ ُ
ب َي ْن َك ُ َ
ما«.
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (
قال * كنت عند النبي فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من
النصار فقال له رسول الله أنظرت إليها قال ل قال فاذهب
فانظر إليها فإن في أعين النصار شيئا .
ن الرسول صلى الله عليه وسلم ،قد أمر برؤية ]*[ والحاصل :أ ّ
المخطوبة لنه سبب في دوام العشرة ،وبقاء المودة ،وطول
للفة. ا ُ
وعدم السماح بالرؤية مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم،
ومجانبة لسنته ،والخير كل الخير في اّتباع نهجه ،واقتفاء أثره.
]*[ قال العمش رحمه الله :
ل تزويج يقع من غير نظر فأخره هم وغم. ك ّ
]*[ وفّرط آخرون ففتحوا الباب على مصراعيه ،وتركوا الحبل على
الغارب ،فالخاطب ل ينظر فقط ،بل يخلو بالمخطوبة ويحادثها
ويضاحكها ،وقد يصل المر إلى الخروج بها ،واصطحابها إلى
المتنّزهات والسواق وغيرها ،مما يسفر عن محاذير وفجائع،
يذهب ضحيتها الفتاة المسكينة؛ والب المخدوع.
ول خير إل في سلوك الصراط السوي ،واتباع المنهج النبوي ،حيث
غبه في مخطوبته ،كالوجه واليدين ب من رؤية ما ي َُر ّ كن الخاط ُ م ّ يُ َ
والشعر وما إلى ذلك ،بحضور أحد محارمها.
مسألة :كيف ينظر الخاطب إلى مخطوبته ؟
إذا أمكن أنه ينظر إليها باتفاق مع وليها ،بأن يحضر وينظر لها فله
ذلك ،فإن لم يمكن فله أن يختبئ لها في مكان تمر منه ،وما أشبه
ذلك ،وينظر إليها ،لقول النبي » :إذا خطب أحدكم المرأة فإن
استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل«
ت « خاف ال َ
فو ْ 77
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما بن عبد الله الثابت في
صحيح أبي داوود ( أن النبي rقال :إذا خطب أحدكم المرأة فإن
استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت
جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها
وتزوجها فتزوجتها.
مسألة :ما هي المواضع التي ينظر إليها الخاطب إلى مخطوبته ؟
القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابت الصحيحة :أن ينظر
الخاطب إلى ما يدعوه إلى نكاحها مثل الوجه ،والرقبة ،واليد
والقدم ،ونحوها ،أما تقييد النظر في الوجه والكفين فهو تقييد
عموم السنة بغير دليل.
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما بن عبد الله الثابت في
صحيح أبي داوود ( أن النبي rقال :إذا خطب أحدكم المرأة فإن
استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت
جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها
وتزوجها فتزوجتها.
مسألة :ما هي شروط جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته؟
الول :أن يكون بل خلوة بل خلوة« لنها لم تزل أجنبية منه،
والجنبية يحرم على الرجل أن يخلو بها؛ )حديث ابن عباس الثابت
في الصحيحين ( أن النبي rقال» :ل يخلون رجل بامرأة إل
ومعها ذو محرم« ،والنهي للتحريم ،و)حديث أبي هريرة رضي
الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن النبي r
قال » :ل يخلون رجل بامرأة إل كان ثالثهما الشيطان« ،وهذا يدل
على أن تحريمه مؤكد.
الثاني :أن يكون بل شهوة ،فإن نظر لشهوة فإنه يحرم؛ لن
المقصود بالنظر الستعلم ل الستمتاع.
الثالث :أن يغلب على ظنه الجابة،
فإن قيل كيف يغلب على ظنه الجابة؟
فالجواب :الله ـ سبحانه وتعالى ـ جعل الناس طبقات ،كما قال
عَنا وَر َ
ف ْ ة الدّن َْيا َ في ال ْ َ
حَيا ِ م ِ ه ْشت َ ُعي َ م ِم َ ه ْمَنا ب َي ْن َ ُ
س ْق َن َ ح ُ تعالى}} :ن َ ْ
رّيا{{ ]الزخرف: خ ِس ْ
ضا ُ ع ً
م بَ ْه ْض ُع ُ خذَ ب َ ْت ل ِي َت ّ ِ جا ٍ ض دََر َع ٍ وقَ ب َ ْ م َ
ف ْ ه ْ
ض ُ
ع َ
بَ ْ
، [32فلو تقدم أحد الكّناسين إلى بنت وزير ،فالغالب عدم إجابته،
من ،أصم ،يتقدم إلى بنت شابة جميلة، وكذلك إنسان كبير السن ز ِ
فهذا يغلب على ظنه عدم الجابة.
الرابع :أن ينظر إلى ما يظهر غالبًا.
الخامس :أن يكون عازما ً على الخطبة ،أي :أن يكون نظره نتيجة
لعزمه على أن يتقدم لهؤلء بخطبة ابنتهم ،أما إذا كان يريد أن
يجول في النساء ،فهذا ل يجوز.
ت « خاف ال َ
فو ْ 78
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
السادس :ـ ويخاطب به المرأة ـ أل تظهر متبرجة أو متطيبة،
مكتحلة أو ما أشبه ذلك من التجميل؛ لنه ليس المقصود أن يرغب
النسان في جماعها حتى يقال :إنها تظهر متبرجة ،فإن هذا
تفعله المرأة مع زوجها حتى تدعوه إلى الجماع ،ولن في هذا
فتنة ،والصل أنه حرام؛ لنها أجنبية منه ،ثم في ظهورها هكذا
مفسدة عليها؛ لنه إن تزوجها ووجدها على غير البهاء الذي كان
عهده رغب عنها ،وتغيرت نظرته إليها ،ل سيما وأن الشيطان
يبهي من ل تحل للنسان أكثر مما يبهي زوجته ،ولهذا تجد بعض
الناس ـ والعياذ بالله ـ عنده امرأة من أجمل النساء ،ثم ينظر إلى
امرأة قبيحة شوهاء؛ لن الشيطان يبهيها بعينه حيث إنها ل تحل
له ،فإذا اجتمع أن الشيطان يبهيها ،وهي ـ أيضا ً ـ تتبهى وتزيد من
جمالها ،وتحسينها ،ثم بعد الزواج يجدها على غير ما تصورها،
فسوف يكون هناك عاقبة سيئة.
تنبيهُ : يستحب للخاطب القصد في الكلم حال الخطبة ول
يتقعر في الكلم أو يتكلم بكلم يوهم السامعين أنه في مستوى
أعلى من مستواه .
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (
قال :جاء رجلن من المشرق فخطبا ،فقال النبي ) :إن من البيان
لسحرا(.
الحكمة من النظر إلى المخطوبة :
مسألة :ما الحكمة من مشروعية النظر؟
والحكمة من مشروعية النظر إلى المخطوبة أن يحصل له اطمئنان
النفس إلى القدام على الزواج منها وهذا يؤدى )في الغالب( إلى
دوام العشرة بخلف إذا لم يراها حتى عقد عليها فإنه ربما أن
صفت له و ِ ُيفاجأ بما ل يناسبه فتجفوها نفسه أو يجدها بخلف ما ُ
فيصاب بخيبة أمل وانقطاع رجاء فتسوء الحالة بينهما ويحل
الخصام محل الوئام ويكون الفشل والفرقة خاتمة ما بينهما.
وكذلك فهو له أن يتعرف على الطرف الخر الذي سيشاركه حياته
في مجلسه ومخدعه ويقظته ومنامه وهكذا شأن المسلم دوما ً ل
يقدم على أمر حتى يكون على بصيرة منه فإذا كان مشتمل ً على
ما يدعوه لنكاحها كان أرجى أن تطيب العشرة وتدوم المودة
ل:وتحصل السكينة التي أرادها الله تعالي في قوله عّز وج ّ
ف سك ُ َ َ }ومن آيات ِ َ
لع َ
ج َو َها َ سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ
جا ل ّت َ ْ وا ً
م أْز َن أن ُ ِ ْ م ْ
كم ّق لَ ُخل َ َن َ هأ ْ َ ِ ْ َ ِ
ن{)الروم (21/ فك ُّرو َوم ٍ ي َت َ َق ْت لّ َك لَيا ٍفي ذَل ِ َن ِ ة إِ ّم ً
ح َوَر ْودّةً َم َ ب َي ْن َ ُ
كم ّ
وهذا ما قصد إليه رسول الله بقوله في الحديث التي :
ت « خاف ال َ
فو ْ 79
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ة الثابت في صحيحي الترمذي وابن عب َ َ
ش ْ ن ُ ةب ِغيَر ِم ِ)حديث ال ْ ُ
َ ل النبي » : rأن ْظُر إل َيها فإن ّ َ مَرأ َ ً َ
ن
حَرى أ ْ هأ ِْ ُ ْ ِ ْ َ ّ ة ،ف َ
قا َ با ْخط َ َ ه َ ماجة (أن ّ ُ
ما«. م ب َي ْن َك ُ َ
ؤدَ َيُ ْ
ن الرسول صلى الله عليه وسلم ،قد أمر برؤية فالحاصل :أ ّ
المخطوبة لنه سبب في دوام العشرة ،وبقاء المودة ،وطول
للفة. ا ُ
]*[ قال العمش رحمه الله تعالى :
ل تزويج يقع من غير نظر فأخره هم وغم. ك ّ
مسألة :هل يجوز تكرار النظر المخطوبة ؟
يجوز للخاطب أن ُيكرر النظر إلى المخطوبة )إن احتاج لذلك(
ليتأمل محاسنها ويرى منها الملمح التي تستريح إليها نفسه.
وقد ورد في الحديث الذي تقدم معنا: •
" فإذا استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل".
فينظر إليها بل إذن وهو أولى ليتبين هيئتها فل يندم بعد النكاح إذ
ل يحصل الغرض غالبا ً بأول نظرة ،لكن ينبغي أن يتقيد في هذا
بقدر الحاجة وهى التأكد من مدى قبوله لها.
م ما زاد تنبيه:لو اكتفي بنظرة أو أكثر وحصل له قبول َ
حُر َ
على ذلك لنه نظر ُأبيح لحاجة فيتقيد بها وتعود أجنبية عنه حتى
يعقد عليها.
مسألة :ما الوقت المناسب للنظر؟ ولماذا شرع في هذا التوقيت ؟
النظر يكون قبل الخطبة حتى إذا لم يرى ما يرغبه في المرأة لم
يتقدم لخطبتها ابتداء وحينئذ لن يصيب المرأة بشيء ،أما إذا كان
بعد الخطبة أو في أثنائها فإن العدول عن إتمام الخطبة يكسر
قلب المرأة ويطلق ألسنة الجيران عليها وفي هذا إيذاء لها
ولهلها.
ويتأيد هذا بما كان يحدث من الصحابة حين كانوا يختبأون
لرؤية من يرغبون في نكاحهم.
وبناءً على ذلك تحمل ألفاظ الحاديث الورادة في مشروعية
النظر عند الزواج أو بعده على العزم ،أي فمن عزم على خطبة
امرأة أو على نكاحها فلينظر إليها قبل أن يخطبها أو يتزوجها ،
لذلك كان القول بالنظر قبل الخطبة فيه أخذ بالسنة وفيه كذلك
حفظ لمشاعر المرأة وأوليائها.
مسألة :وهل يشرع للمرأة المخطوبة أن تنظر إلى الخاطب ؟
اتفق الفقهاء علي مشروعية نظر المرأة واختلفوا في تحديد
درجة هذه المشروعية ما بين الندب أو الباحة ولعل القول بالندب
ت « خاف ال َ
فو ْ 80
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هو القرب قياسا ً علي ما قررناه في نظر الرجل إليها ولقوله
تعالي:
ف{ )البقرة (229عُرو ِ ن ِبال ْ َ
م ْ ه ّ ذي َ َ
علي ْ ِ ل ال ّ ِ
مث ْ ُ
ن ِ ول َ ُ
ه ّ } َ
-فحكم نظر المخطوبة إلى خاطبها كحكم نظرة إليها لنه ُيعجبها
منه ما يعجبه منها بل هي أولي منه في ذلك لنه يمكنه مفارقة
من ل يرضاها بخلفها ويمكن أن ُيقال :إن الشارع لم يوجه
المرأة إلى النظر إلى الخاطب لن الرجال ظاهرون بارزون في
المجتمع السلمي ل يختفون كما تختفي النساء وبذلك تستطيع
المرأة إن شاءت أن تنظر إلى الرجل بسهولة ويسر إذا تقدم
خطبتها. ل ِ
]*[ قال الصنعاني في )سبل السلم )-: (3/111
ويثبت مثل هذا الحكم للمرأة فأنها تنظر إلى خاطبها ،فأنه
يعجبها منه ما يعجبه منها ،كذا قيل ولم يرد به حديث والصل
تحريم نظر الجنبي والجنبية إل بدليل كالدليل علي جواز نظر
خطبتها. الرجل لمن يريد ِ
مسألة :ماذا علي الخاطب أن يفعل إذا لم تعجبه المخطوبة ؟
إذا نظر الخاطب إلي ما يريد نكاحها فلم تعجبه فليسكت ول يجوز
له أن ُيذيع ما يسؤوها وأهلها ،فربما أعجب غيره ما ساءه منها
ول ينبغي أن يقول ل أريدها لنه إيذاء.10
)حديث سهل ابن سعد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( " أن
وبه ثم طأطأ عد فيها النظر وص ّامرأة وهبت نفسها للنبي فص ّ
رأسه".
]*[ قال الحافظ كما في )فتح الباري -:(9/175
ل ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكفي السكوت.
مسألة :هل يجوز للمرأة أن تتجمل و تتهيأ للخاطب؟
نعم يجوز هذا في حدود المأذون فيها شرعا فلها أن تختضب و
تكتحل وتحسن من هيئتها .و دليل ذلك ما جاء في صحيح البخاري
من حديث سبيعة السلمية :
" أنها بعد انقضاء عدتها اكتحلت أو اختضبت و تهيأت".
و في رواية " :وتجملت للخطاب "
وأفضل ما تتجمل به المرأة الماء فهو يجعل في الوجه نضارة
مع إذابة للرائحة الغير مرغوب فيها وعلى هذا فيجوز للخت آن
تخرج بملبس ملونة بشروطها الشرعية و هذا من التجمل و أل
تغطى الجبهة حتى يتمكن الخاطب من رؤية وجهها ،ويستحب أل
تتجمل بالمكياج منعا ً من التدليس كما يحرم عليها النمص ) وهو
الخذ من الحواجب بدافع التجمل فهذا ل يجوز شرعا ً (
10روضة الطالبين .7/21
ت « خاف ال َ
فو ْ 81
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مسألة :هل للخاطب أن يأخذ أحد من أقاربه أو أبيه عند الرؤية
الشرعية ؟
ل يجوز لقارب الخاطب من الرجال كأبيه و أعمامه و إخوانه أن
يروا المخطوبة قبل العقد تحت أي ادعاء ،كما ل يجوز لهم ذلك
بعد العقد إل للب فقط فانه يصبح محرما لها .
وكذلك ل يجوز أن يرى الخاطب أم المخطوبة وأخواتها وخالتها
قبل العقد ،كما ل يجوز ذلك أيضا ً بعد العقد إل للم فقط لنها
تصير محرمة عليه تأبيدا ً بمجرد العقد ويصبح هو محرما لها .
مسألة :هل الخاطب مطالب أن يقدم هدية في ما يسمونه
بالمواسم ؟
ل فمن البدع تخصيص أيام معينة يهدى فيها الخاطب أو العاقد
هدايا لها و ذلك ما يسمونه )المواسم( وقد تكون هذه المواسم
غير شرعية بل أعياد مبتدعة و إرغام الزوج بهذه الهداية يثقل
كاهله و قد تسبب مشاحنات عند البعض إذا لم يقدمها أو لم يعتن
و يغالي في ثمنها.
علما بان أصل التهادي مباح و مستحب لكن بل تخصيص •
مناسبات.
مسألة :هل للخطاب أن يخلو بالمخطوبة بحجة التعرف على
أخلقها و دراسة شخصيتها ؟
ل يجوز خلوة الخاطب بالمخطوبة للنظر و ل غيره لنها محرمة
ة عنه . وما زالت أجنبي ً
]*[ قال ابن قدامه في )الكافي - : (3/504
ليس له الخلوة بها لن الخبر إنما ورد بالنظر فبقيت الخلوة على
أصل التحريم.
]*[ وقال في )المغنى -:(7/749
ولنه ل يؤمن مع الخلوة مواقعه المحظور فإنه ما خل رجل بامرأة
أل كان ثالثها الشيطان
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
وابن ماجة ( أن النبي rقال » :ل يخلون رجل بامرأة إل كان
ثالثهما الشيطان«
وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد.
)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال ) :ل
ة إل مع ذي محرم ،فقام رجل فقال يا رسول ل بامرأ ٍيخلون رج ٌ
الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال :
ارجع فحج مع امرأتك (
]*[ قال الدكتور عمر الشقر في كتابه )أحكام الزواج ص -:(58
ت « خاف ال َ
فو ْ 82
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
-ويزعم الذين أنحرف بهم المسار عن دين الله وشريعة آن
مصاحبة الخاطب المخطوبة و الخلوة بها و السفر معها أمر لبد
منه لنه يؤدى إلى تعرف كل واحد منهما على الخر !
-ومن نظر في سيرة الغرب في هذه المسالة وجد أن سبيلهم لم
يؤد إلى التعرف و التالف بين الخاطبين فكثيرا ما يهجر الخاطب
خطيبته بعد أن يفقدها شرفها و قد يتركها و يترك في رحمها
جنينا تشقى به و حدها و قد ترميه من رحمها من غير رحمة .
]*[ يقول الشيخ سيد سابق ) رحمه الله ( في فقه السنة ) / 2
( 350 – 349
درج كثير الناس على التهاون في هذا الشأن ،فأباح لبنته أو
قريبته أن تخالط خطيبها ،وتخلو معه دون رقابة ،وتذهب معه
حيث يريد من غير إشراف ،وقد نتج عن ذلك أن تعرضت المرأة
لضياع شرفها ،وفساد عفافها وإهدار كرامتها ،ول يتم الزواج ،
فتكون قد أضافت إلى ذلك فوات الزواج منها ،وعلى النقيض من
ذلك طائفة جامدة ل تسمح للخاطب أن يرى بنانها عند الخطبة
وتأبى إل أن يرضى بها ويعقد عليها دون أن يراها أو تراه إل ليلة
الزفاف ،وقد تكون الرؤية مفاجئة لهما غير متوقعة فيحدث ما لم
يكن مقدرا ً من الشقاق والفراق .
وبعض الناس يكتفي بعرض الصورة الشمسية وهي في الواقع ل
تدل على شيء يمكن أن ُيطمئن ،ول تصور الحقيقة تصويرا ً
دقيقا ً وخير المور هو ما جاء به السلم ،فإن فيه الرعاية بحق
كل الزوجين في رؤوية كل منهما الخر مع تجنب الخلوة حماية
عرض ". للشرف وصيانة لل ِ
مسألة :هل للخاطب أن ُيصافح مخطوبته أو يمسك يدها أو يمس
شيء منها حتى ولو أمن الشهوة؟
اتفق الفقهاء على عدم جواز لمس الخاطب خطيبته بيد أو غيرها
في الخطبة أو قبلها أو بعدها قبل عقد النكاح وذلك لنها أجنبية
عنه وإنما أبيح النظر للحاجة لنها وسيلة إلى الترغيب في عقد
النكاح وعلى هذا فالمصافحة والمس حرام.
)حديث أميمة بنت رقيقة في صحيح الجامع( أن النبي rقال :إني
ل أصافح النساء .
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير :
ت « خاف ال َ
فو ْ 83
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) إني ل أصافح النساء ( وفي رواية للطبراني ل أمس يد النســاء
وهذا قاله لميمة بنت رقيقة لما أتته في نســوة تبــايعه علــى أن ل
نشرك بالّله شــيئا ً ول نســرق ول نزنــي ول نقتــل أولدنــا ول نــأتي
ببهتان من بين أيـدينا وأرجلنـا ول نعصـيه فـي معــروف قــال لهــن
ن
ن وأطقتـ ّ رسول الل ّــه صــلى الل ّــه عليــه وســلم :فيمــا اســتطعت ّ
فقلنا :الّله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعــك علــى ذلــك
فقال :إني ل أصافح النساء وإنما قولي لمــائة امــرأة كقــولي أو
مثل قولي لمرأة واحدة انتهى هذا سياق الحديث عند مخرجيه .
)حديث معقل بن يسار في صحيح الجامع( أن النــبي rقــال :لن
ط من حديد خير له من أن يمس امرأة خي َ ٍ
م ْ
يطعن في رأس أحدكم ب ِ
ل تحل له .
]*[ قال الشيخ اللباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ): (1/448
» وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة ل تحل له ،ففيه دليل
على تحريم مصافحة النساء،لن ذلك مما يشمله المس بل شك ،
وقد بلى بها كثير من المسلمين في هذا العصر « .
وكان رسول الله ﷺ ل يصافح النساء .
في صحيح البخاري ) ( 4609عن عائشة رضي الله عنها قالت » :
والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة « .
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير :
) لن يطعن في رأس أحدكم بمخيط ( بكسر الميــم وفتــح اليــاء
وهو ما يخاط به كالبرة والمسلة ونحوها ) من حديد ( خصه لنه
أصلب من غيره وأشد بالطعن وأقــوى فــي اليلم ) خيــر لــه مــن
يمس امرأة ل تحل له ( أي ل يحل لــه نكاحهــا وإذا كــان هــذا فــي
مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة فما بالك بما فوقه من
القبلة والمباشرة في ظاهر الفرج .
مسألة :هل للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة مشافهة أو عبر
الهاتف ؟
نعم يجوز للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة لكن بشروط :
) (1أن يكون في وجود محرم لقول النبي " ل يخلون رجل
بامرأة إل ومعها ذو محرم" .ولبد أن يكون المحرم رجل ً بالغا ً
رشيدا ً وأما جلوسه معها في وجود نساء أخريات فل يجوز لن
ص على )ذي محرم(. الحديث ن ّ
) (2أن يكون الكلم ليس للتسلية ول فائدة فيه بل يكون له سبب
وحاجة ومثل ً للتعرف على صوتها أو ليقف على رأيها فيما له أثر
مقبلة لمعرفة مدى النضج العقلي لها، في الحياة الزوجية ال ُ
أسلوبها في الكلم ..وغير ذلك.
ت « خاف ال َ
فو ْ 84
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (3أن يكون الكلم منضبط بالضوابط الشرعية فيكون بقدر
الحاجة ومن غير خضوع بالقول أو لين وتمُيع وتكسر لقوله تعالي:
ول ًق ْن َ قل ْ َ
و ُ
ض َ
مَر ٌ ه َ قل ْب ِ ِفي َ ذي ِ ع ال ّ ِ
م َفي َطْ َل َو ِ
ق ْن ِبال ْ َع َ
ض ْخ َ فل َ ت َ ْ
} َ
عروفًا{)الحزاب (32 م ْ ّ
وقد يحتاج في بعض الحيان محادثاتها عن طريق الهاتف فل
حرج في ذلك على أن تراعى الضوابط السابقة مع وجود الداع
لذلك وينبغي أن تكون هذه المحادثة بعلم أهل المخطوبة والفضل
محرم للكلم وأن تكون بقدر الحاجة. سماع ال َ
أما إذا كان الهاتف سُيحدث بينهما جوا ً مشابها ً لجو الخلوة التي ،
ُنهينا عنها شرعا ً وكانت ستتمكن هي وهو من الحديث الذي
محّرم فترك ذلك متعّين والله أعلم. يجرهما إلى ُ
سئل الشيخ صالح الفوزان عن حكم مكالمة الخطيب ]*[ وقد ُ
لخطيبته عبر الهاتف هل هو جائز شرعا ً أم ل ؟
فأجاب قائل ً :مكالمة الخطيب الخطيبة عبر الهاتف ل بأس به إذا
كان بعد الستجابة له ،وكان الكلم من أجل المفاهمة وبقدر
الحاجة وليس فيه فتنة ،وكون ذلك عن طريق وليها أتم وأبعد عن
الريبة .
أما المكالمات التي تجري بين الرجال والنساء وبين الشباب
والشابات وهم لم تجر بينهم خطبة وإنما من أجل التعارف كما
يسمونه فهذا منكر ومحرم ومدعاة إلى الفتنة والوقوع في
ذيع ال ِ م َفَيط َ قول َ ن ِبال َ ضع َ فل َتخ َ الفاحشة ،يقول الله تعالى َ } :
و َ
فا{ معُر ُ قول ً َ ن َقل َو ُض َ مَر ٌ ه َ قلب ِ ِ في َ ِ
فالمرأة ل تكلم الرجل الجنبي إل لحاجة وبكلم معروف ل فتنة
فيه ول ريبة
مة ُتلبي ول ترفع صوتها ر َ
ح ِم ْ
-وقد نص العلماء على أن المرأة ال ُ
وفي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن النبي قال :
" إذا أنابكم شيءٌ في صلتكم فلتسبح الرجال ولتصفق النساء"
مما يدل على أن المرأة ل ُتسمع صوتها الرجال إل في الحوال
التي تحتاج فيها إلى مخاطبتهم مع الحياء والحشمة والله أعلم .
]*[ لبس دبلة الخطوبة:
مسألة :ما حكم لبس دبلة الخطوبة؟
وهذا أمر غير جائز لنه تقليد أجنبي.
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود (:
أن النبي rقال :من تشبه بقوم ٍ فهو منهم .
]*[ قال شيخ السلم رحمه الله تعالى :هذا الحديث أقل فعله
التحريم .
ت « خاف ال َ
فو ْ 85
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هذا بجانب العتقاد الفاسد أنها تسبب محبة بين الزوجين فإنها
تكون في هذه الحالة تميمة وهى محرمة بل تصل لدرجة الشرك
الصغر إن كانت بهذه النية .
)حديث ابــن مســعود فــي صــحيح ابــن ماجــة ( أن النــبي rقــال إن
ة شرك . ول َ َ
م والت ِ َ
الُرقى والتمائ َ
فالتوله :شيء يعلقونه على الزوج يزعمون أنه يحبب الزوجة إلى
زوجها ،والزوج إلى امرأته وهذا شرك لنه ليس بسبب شرعي ول
قدري للمحبة.
]*[ قال ابن عثيمين – كما في القول المفيد على كتاب التوحيد
صـــ :142
والدبلة خاتم يشترى عند الزواج يوضع في يد الزوج وإذا ألقاه
الزوج قالت المرأة أنه ل يحبها فهم يعتقدون فيه النفع والضرر
ويقولون أنه مادام في يد الزوج فإنه يعني أن العلقة بينهما ثابتة
والعكس بالعكس .
فإذا وجدت هذه النية فإنه من الشرك الصغر.
فإن المسبب للمحبة هو الله وإن لم توجد هذه النية – وهى بعيده
إل تصاحبها – ففيه تشبه بالنصارى فأنها مأخوذة منهم .
]*[ وقال اللباني – رحمه الله – كما في آداب الزفاف صــ :140
لبس الدبلة ل يجوز فإن هذا من تقليد الكفار
-فهذه العادة سرت إليهم من النصاري .
]*[ وقال ابن باز – رحمه الله – كما في كتاب الدعوة ) (2/208
فتاوى
ل نعلم لهذا العمل – دبلة الخطوبة – أصل ً في الشرع والولي ترك
ذلك سواء كانت الدبلة من فضه أو غيرها.
]*[ وقال الشيخ صالح بن فوزان – حفظه الله – كما في المنتقي
من فتاوى صالح بن فوزان) (3/243
هناك تقليد فاسد وقع فيه كثير من الناس اليوم في أمور الزواج
من أنه يشتري لها دبلة تلبسها ويكون هذا سببا في زعمهم في
عقد المحبة في القلب وتآلف الزوجين فهذا من عقائد الجاهلية
وهذا يكون من الشرك لن التعلق بالحلقة والخيط والخاتم والدبلة
في أنها تجلب المودة أو تذهب العداوة بين الزوجين وهذا من
الشرك لن المر بيد الله.
مسألة :ما حكم العدول عن الخطبة؟
بداية ينبغي أن تعلم أن الخطبة ليست عقدا ً ولكنها وعد بعقد
والوعد بالعقود غير ملزم بعقدها عند جمهور أهل العلم ول يكره
للولي الرجوع عن الجابة إذا رأي المصلحة للمخطوبة في ذلك.
ت « خاف ال َ
فو ْ 86
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ول يكره لها أيضا ً الرجوع إذا كرهت الخاطب لن النكاح عقد عمري
يدوم الضرر فيه فكان لها الحتياط لنفسها والنظر في حظها.
وإن رجعا لغير غرض كره ذلك لما فيه من إخلف الوعد والرجوع
عن القول ولم يحرم لن الحق بعد لم يلزمها كمن سام سلعة ثم
بدا له أل يبيعها.
وُيكره كذلك أن يتركها الخاطب إذا ركنت له المرأة وانقطع عنها
خطاب لركونها إليه. ال ُ
وعلى هذا نقول:
أن حكم الفسخ بعد ركون كل منهما للخر يختلف باختلف
السبب:
) (1فإن كان لغرض صحيح ومصلحة فل كراهة في ذلك.
) (2إن كان بل سبب فهو مكروه لن فيه كسر لقلب الخر ،وقد
يصل لدرجة الحرمة وذلك إذا ركنت المرأة إليه وانقطع عنها
الخطاب ثم بعد ذلك يتركها.
َ
ن{)الصف (3 عُلو َ قوُلوا َ
ما ل َ ت َ ْ
ف َ عندَ الل ّ ِ
ه أن ت َ ُ قتا ً ِ قال تعالي }:ك َب َُر َ
م ْ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ) :آية المنافق ثلث :إذا حدث كذب ،وإذا أؤتمن خان ،وإذا
وعد أخلف((.
وإذا كان الفسخ بسبب أن خاطبا ً تقدم لها فهذا حرام .1
لما تقدم معنا لنه ل يجوز أن يخطب على خطبة أخيه .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :ل يخطب أحدكم على خطبة على خطبة أخيه حتى
ينكح أو يترك.
ت « خاف ال َ
فو ْ 87
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
!> يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ول تموتن إل وأنتم
مسلمون <! !> يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قول سديدا
يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد
فاز فوزا عظيما .
وج الرجل ،فيقول :زوجتك بنتي فلنة ،ول حاجة ثم يقال للولي :ز ّ
أن يقول :على سنة الله وسنة رسوله r؛ لن الصل في المسلم
أنه على سنة الله وسنة رسوله ،rويقول الزوج :قبلت ،ثم يقال
للزوج :بارك الله لكما ،وبارك عليكما ،وجمع بينكما في خير،
) لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي
داوود و الترمذي ( أن النبي كان إذا رفأ النسان إذا تزوج قال
بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير ، .وبعض الناس
يقول ما يقوله أهل الجاهلية» :بالرفاء والبنين« ،نسأل الله أل
يعمي قلوبنا ،يأتي لفظ عن الرسول ـ عليه الصلة والسلم ـ خير
وبركة ونعدل عنه ،ربما ل يكون هذا رفاء ،فربما يحصل من
الخروق أكثر من الرفاء بين الزوج والزوجة ،وقد تكون البنت خيرا ً
من البن بكثير.
ثم إذا زفت إليه يأخذ بناصيتها ،ويقول :اللهم إني أسألك خيرها
وخير ما جبلتها عليه ،وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه
)لحديث أبي عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود
وابن ماجة ( أن النبي rقال :إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى
خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ
بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه .
ت « خاف ال َ
فو ْ 88
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت « خاف ال َ
فو ْ 89
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وقول النبي ـ عليه الصلة والسلم ـ» :ل تنكح« ،لو قال قائل:
هذا ليس نهيًا ،هذا خبر ،فما الجواب؟ نقول :هذا الخبر بمعنى
النهي ،واعلم أن الخبر إذا جاء في موضع النهي فهو أوكد من
النهي المجرد ،فكأن المر يكون مفروغا ً منه ،ومعلوم المتناع؛
لن النفي دليل على المتناع ،والنهي توجيه الطلب إلى المكلف،
فقد يفعل وقد ل يفعل ،ولهذا قلنا في قوله تعالى:
ن{{ ]البقرة [228 :إنه أبلغ مما لو ه ّ س ِ ف ِ ن ب ِأ َن ْ ُ ص َ ت ي َت ََرب ّ ْ قا ُ مطَل ّ َ وال ْ ُ }} َ
ن{{ ص َ ت ي َت ََرب ّ ْ قا ُ مطَل ّ َ وال ْ ُ قال :وليترّبص المطلقات؛ لن قولهَ }} :
كأن هذا أمر واقع ل يتغير.
) حديث خنساء بنت خدام النصارية الثابت في صحيح البخاري (
أن أباها زوجها وهي ثّيب فكرهت ذلك ،فأتت النبي فردّ نكاحها.
) (3الولي :الثالث من شروط النكاح الولي ،يعني أن النكاح ل
ينعقد إل بولي ،والدليل على ذلك القرآن والسنة ،والنظر الثابت
الصحيح.
حّتى ن َ كي َ ر ِ ش ِ م ْ حوا ال ْ ُ ول َ ت ُن ْك ِ ُ أما القرآن فقوله تعالىَ }} :
َ َ
م{{ من ْك ُ ْ
مى ِ حوا الَيا َ وأن ْك ِ ُ مُنوا{{] ،البقرة ، [220 :وقولهَ }} : ؤ ِيُ ْ
د يتعدى إلى الغير ،والخطاب ]النور» . [32 :وأنكح« فعل متع ٍ
للولياء فدل هذا على أن النكاح راجع إليهم ،ولذلك خوطبوا به،
فيكون هذا دليل ً على أن المرأة ل يمكن أن تزوج نفسها ،بل ل بد
َ ضُلو ُ
ن
ح َ ن ي َن ْك ِ ْنأ ْ ه ّ ع ُ فل َ ت َ ْ من أن ينكحها غيرها ،وقوله تعالىَ }} :
َ
فل َ ف{{ ]البقرةَ }} ، [232 : عُرو ِ م ْ م ِبال ْ َ ه ْ وا ب َي ْن َ ُ ض ْ ذا ت ََرا َ ن إِ َ ه ّ ج ُ وا َ أْز َ
ن{{ أي :ل تمنعوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم ه ّضُلو ُ ع ُ تَ ْ
ً
بالمعروف ،ووجه الدللة من الية أنه لو لم يكن الولي شرطا لكان
عضله ل أثر له.
َ َ ضُلو ُ
ن{{ دليل ه ّ ج ُ وا َ ن أْز َ ح َ ن ي َن ْك ِ ْ نأ ْ ه ّ ع ُ فل َ ت َ ْ وفي قوله تعالىَ }} :
على أنه ل فرق في اشتراط الولي بين الثيب والبكر؛ لن قوله:
ن{{ دليل على أنهن قد تزوجن من قبل، َ َ
ه ّ ج ُ وا َ ن أْز َ ح َ ن ي َن ْك ِ ْ }}أ ْ
وعلى هذا فنقول :إن الية دللتها صريحة على أن الولي شرط
في النكاح ،سواء في البكر أو في الثيب.
ُ ن أَ ْ وقال تعالي } َ
نه ّ جوَر ُ نأ ُ ه ّ وآُتو ُ ن َ ه ّ هل ِ ِ ن ب ِإ ِذْ ِ ه ّ حو ُ فان ْك ِ ُ
ف{ )النساء(5 : عُرو ِ م ْ ِبال ْ َ
دى ح َ ُ َ ُ
ح َ ك إِ ْ ن أن ْك ِ َ ريدُ أ ْ وقال تعالي حكاية عن صالح مدين } إ ِّني أ ِ
ن{) القصص (27: هات َي ْ ِ ي َ اب ْن َت َ ّ
فقد تولى هو النكاح فدل على أن لحظ للمرأة فيه وهو مقتضي
قوله تعالى
ء{) النساء(31 : سا ِ عَلى الن ّ َ ن َ مو َ وا ُ ق ّل َ جا ُ } الّر َ
ت « خاف ال َ
فو ْ 90
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) لحديث عائشة الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي أما السنة
rقال :
ل نكاح إل بولي و شاهدي عدل .
و»ل« نافية للجنس ،والنفي هنا منصب على الصحة وليس على
الوجود؛ لنه قد تتزوج امرأة بدون ولي ،والنبي ـ عليه الصلة
والسلم ـ ما يخبر عن شيء فيقع على خلف خبره.
وعلى هذا فقوله» :ل نكاح إل بولي« ،أي) :ل نكاح صحيح إل
بولي(.
م ل نقول :ل نكاح كامل ،ونحمل النفي على نفي فلو قال قائل :ل ِ َ
الكمال ل على نفي الصحة؟
قلنا :هذا غير الثابت في صحيح؛ لنه متى أمكن حمله على نفي
الصحة كان هو الواجب؛ لنه ظاهر اللفظ ،ونحن ل نرجع إلى
تفسير النفي بنفي الكمال ،إل إذا دل دليل على الصحة ،ولن
الصل في النفي انتفاء الحقيقة واقعا ً أو شرعا.
وهذه القاعدة تقدمت لنا مرارًا ،وقلنا :إن النفي يحمل على نفي
الوجود ،فإن تعذر فنفي الصحة ،فإن تعذر فنفي الكمال.
ة الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن ش َ عائ ِ َ) حديث َ
هاَ ، َ
ها َباطِ ٌ
ل. ح َفِنكا ُ ول ِي ّ َن َر إذْ ِ غي ْ ِ
ت بِ َ
ح ْة ن ُك ِ َ
مَرأ ٍ ما ا ْالنبي rقال »:أي ّ َ
ما هُر ب ِ َم ْها ال َ فل َ َ
ها َ لب َ خ َن دَ َ ل .فإ ْ ها َباطِ ٌ ح َ فِنكا ُ لَ . ها َباطِ ٌ ح َفِنكا ُ َ
ه«.ي لَ ُ
ول ِ ّن لَ َ م ْي َول ِ ّ ن َ طا ُ سل ْ َجُروا ،فال ّ شت َ َنا ْ ها .فإ ِ ج َ فْر ِ ن َ م ْل ِ ح ّست َ َ
ا ْ
]*[ قال المام الشافعي – رحمه الله – كما في كتابه الم )
(5/169
فالنكاح ل يثبت إل بأربعة أشياء " الولي ،ورضا المنكوحة ،ورضا
الناكح ،وشاهدي عدل"
]*[ قال ابن حزم – رحمه الله -كما في المحلى) (9/453
ول يحل للمرأة نكاح ثيبا ً كانت أو بكرا ً إل بإذن وليها الب أو
الخوة أو الجد أو العمام أو بني العمام وإن بعدوا القرب
فالقرب أولي.
]*[ وقال ابن قدامه – رحمه الله – كما في المغني ) (345 / 9
النكاح ل يصح إل بولي ،ول تملك المرأة تزويج نفسها ول غيرها ،
ول توكيل غير وليها في تزويجها ،فإن فعلت لم يصح النكاح
وروي هذا عن عمر و علي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة
وعائشة)رضي الله عنهم(
وإليه ذهب سعيد بن المسيب ،والحسن ،وعمر بن عبد العزيز
وجابر بن زيد والثوري وابن أبي ليلى ،وابن شبرمه ،وابن
المبارك ،وعبيد الله العنبري ،والشافعي ،إسحاق ،وأبو عبيد .
ت « خاف ال َ
فو ْ 91
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ وقال شيخ السلم ابن تيمية – رحمه الله – كما في مجموع
الفتاوى) (32/131
أن ذكر الولي دل عليه القرآن في غير موضع والسنة في غير
موضع وهو عادة الصحابة إنما كان يزوج النساء الرجال
ل يعرف أن المرآة تزوج نفسها وهذا مما يفرق فيه بين النكاح
ومتخذات الخدان،
]*[ وبهذا قالت عائشة – رضي الله عنها – ل تزوج المرأة نفسها
فإن البغي هي التي تزوج نفسها.
) (4شاهدي عدل :أي :مستقيمين دينا ً ومروءة أن يشهد على عقد
النكاح شاهدان مستقيمين دينا ً ومروءة ،ودليل ذلك قوله تعالى:
َ غن أ َجل َهن َ َ
ف
عُرو ٍ
م ْ
ن بِ َ
ه ّ ر ُ
قو ُ و َ
فا ِ فأ ْ عُرو ٍم ْ
ن بِ َ
ه ّ س ُ
كو ُ م ِ فأ ْ ذا ب َل َ ْ َ َ ُ ّ }} َ
فإ ِ َ
م{{ ]الطلق. [2 : من ْك ُ ْ
ل ِعدْ ٍ
ي َ دوا ذَ َ
و ْ ه ُ ش ِ وأ َ ْ
َ
فأمر الله ـ تعالى ـ بالشهاد على الرجعة ،والرجعة إعادة نكاح
سابق ،فإذا كان مأمورا ً بالشهاد على الرجعة ،فالشهاد على
جعة زوجته ،وهذه أجنبية منه العقد ابتداءً من باب أولى؛ لن المرا َ
) حديث عائشة الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :ل
نكاح إل بولي و شاهدي عدل .
ت « خاف ال َ
فو ْ 92
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الحقيقة هو محط الفائدة من الولية؛ لئل نضيع مصالح المرأة،
فإذا لم يكن رشيدًا ،ول يهمه مصلحة البنت ،ول يهمه إل المال،
وجاء إليه شخص ،وقال :أنا أعطيك مليون ريال وزوجني بنتك،
وهذا الرجل ليس كفؤًا ،فوافق الب وزوج ابنته ،وقال :أنا لي
إجبار بنتي ،وأخذ المليون ،فهذا ل يمكن أن يولى ،ول تصح وليته،
فل بد أن يكون عنده رشد في العقد ،ولو فرضنا أن هذا الولي
عنده رشد في العقد ،ويعرف مصالح النكاح ،ويعرف الكفاء
ويعرف الناس معرفة تامة ،لكنه في بيعه وشرائه ليس برشيد ،فل
يحسن البيع ول الشراء ،فهذا ل يضر؛ لن الرشد في كل موضع
بحسبه ،فما دام أن الرجل يعرف مصالح النكاح والكفء ،وما يجب
وج.للزوجة وجميع ما يتعلق بالنكاح فهو رشيد ويز ّ
)(4اتفاق الدين بين الولي والمرأة :يعني أن يكون الولي والمرأة
دينهما واحد ،سواء كان دين السلم أو غير دين السلم؛ وذلك
لنقطاع الولية بين المختلفين في الدين ،ويدل على انقطاع
الولية أنه ل يتوارث أهل ملتين ،فإذا انقطعت الصلة بالتوارث،
فانقطاعها بالولية من باب أولى ،فعلى هذا يزوج النصراني ابنته
النصرانية ،وكذلك يزوج اليهودي ابنته اليهودية.
)(5العدالة » :والعدالة« ،وهي استقامة الدين والمروءة ،فغير
العدل ل يصح أن يكون وليًا؛ لنها ولية نظرية ،ينظر فيها الولي
ما هو الصلح للمرأة؟ فيشترط فيها المانة ،والفاسق غير مؤتمن
حتى في خبره ،فكيف في تصرفه؟! والله ـ عّز وجل ـ يقول:
َ
ق ب ِن َب َإ ٍ َ
فت َب َي ُّنوا{{ ]الحجرات[6 : س ٌ م َ
فا ِ جاءَك ُ ْ
ن َ
مُنوا إ ِ ْ
نآ َ ها ال ّ ِ
ذي َ }}َياأي ّ َ
،إذا ً الفاسق ل يصح أن يكون وليا ً على ابنته ،ول على أخته ،ول
على بنت أخيه ،وما أشبه ذلك .
ت « خاف ال َ
فو ْ 93
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
: في باب الولي يقدم الب على البن بعكس الرث لن تنبيه
الب أكمل نظرا َ وأشد شفقة .
مسألة :إذا لم يكن للمرأة ولي فمن يزوجها ؟
ة الثابت في صحيحي ش َعائ ِ َ
ه) حديث َ ي لَ ُول ِ ّن لَ َ م ْ ي َول ِ ّ ن َ طا ُ سل ْ َ ال ّ
َ
ر
غي ْ ِ
ت بِ َ
ح ْ ة ن ُك ِ َ مَرأ ٍ ما ا ْأبي داوود و الترمذي ( أن النبي rقال »:أي ّ َ
ن
ل .فإ ْ ها َباطِ ٌ ح َ فِنكا ُ لَ . ها َباطِ ٌح َفِنكا ُ لَ . ها َباطِ ٌ ح َ فِنكا ُ هاَ ، ول ِي ّ َ
ن َ إذْ ِ
جُروا، شت َ َ نا ْ ها .فإ ِ ج َفْر ِن َ
م ْل ِ ح ّست َ َ
ما ا ْ هُر ب ِ َم ْ ها ال َ فل َ َها َ لب َ خ َ دَ َ
ه«.ي لَ ُ ن لَ َ
ول ِ ّ م ْ ي َ ول ِ ّ
ن َ طا ُ سل ْ َ فال ّ
) ( 2/ 1النسب و الرضاعة
) (3المصاهرة
وهي المذكورة في آية النساء ،
َ عل َيك ُ ُ
مات ُك ُ ْ
م ع ّ و َ م َ وات ُك ُ ْخ َ وأ َ م َ وب ََنات ُك ُ ْ م َ هات ُك ُ ْ م َ مأ ّ ت َ ْ ْ م ْ حّر َ قال تعالى ُ ) :
َ ُ
معن َك ُ ْ م الل ِّتي أْر َ
ض ْ هات ُك ُ ُ م َ وأ ّ ت َ خ ِ ت ال ُ ْ وب ََنا ُ خ َ ت ال ِ وب ََنا ُ م َ خال َت ُك ُ ْ و َ َ
ُ َ
في م الل ِّتي ِ وَرَبائ ِب ُك ُ ُ م َ سآئ ِك ُ ْ ت نِ َ ها ُ م َوأ ّ ة َ ع ِ
ضا َ ن الّر َ م َ كم ّ وات ُ ُ خ َوأ َ َ
نه ّ ْ ْ ُ ّ َ ْ ّ ُ ُ
م بِ ِ خلت ُ ْ م ت َكوُنوا دَ َ
َ
ن فِإن ل ْ
َ
ه ّ م بِ ِ خلت ُ ْ م اللِتي دَ َ
َ
سآئ ِك ُ من ن ّ َ م ّ رك ْ جو ِ ح ُ ُ
عوا ْ ب َي ْ َ
ن م ُ ج َ وأن ت َ ْ م َ صل َب ِك ُ ْ نأ ْ م ْن ِ ذي َ م ال ّ ِ ل أب َْنائ ِك ُ ُ حل َئ ِ ُ و َ م َ عل َي ْك ُ ْح َ جَنا َ فل َ ُ َ
حيمًا( ]النساء [23 / فورا ً ّر ِ غ ُ ن َ كا َ ه َ ن الل ّ َ ف إِ ّ سل َ َ قدْ َ ما َ ن إ َل ّ َ خت َي ْ ِ
ال ْ
أول ً :المحرمات بالنسب :
) سبع /المهات و البنات و الخوات /العمات و الخالت /بنات
الخ و بنات الخت (
ثانيا ً :المحرمات بالرضاعة :
ت « خاف ال َ
فو ْ 94
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) أيضا ً سبع ،فيحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ،
)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :
م من النسب .م من الّرضاع ما يحُر ُيحُر ُ
وعلى هذا يحرم على الرجل أمه من الرضاع و بنته من الرضاعة و
أخته من الرضاعة و عمته وخالته وبنت أخيه وبنت أخته من
الرضاعة .
ت « خاف ال َ
فو ْ 95
» وت م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
المحرمات في النكاح
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
في م الل ِّتي ِ وَرَبائ ِب ُك ُ ُ
) (3ابنة الزوجة المدخول بها ،لقوله تعالى ) َ
ن
ه ّ خل ْت ُ ْ
م بِ ِ كوُنوا ْ دَ َ م تَ ُفِإن ل ّ ْ
ن َ
ه ّ خل ْت ُ ْ
م بِ ِ سآئ ِك ُ ُ
م الل ِّتي دَ َ من ن ّ َ م ّرك ُ ْ
جو ِ ح ُ
ُ
م ( ) النساء (23 / عل َي ْك ُ ْ
ح َجَنا َ فل َ ُ َ
) (4زوجة الب ) تحرم على البن بمجرد عقد الب عليها .
ت « خاف ال َ
فو ْ 96
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (5زواج الزانية :فإنه ل يحل للرجل أن يتزوج بزانية ،ول يحل
ل منهما توبة ، ن إل أن يحدث ك ُ للمرأة أن تتزوج بزا ٍ
رك َ ً َ ح إ ِل ّ َزان ِي َ ً
ة ش ِ م ْ و ُ ةأ ْ لقوله تعالى :قال تعالى) :الّزاِني ل َ َينك ِ ُ
َ
ن( مِني َ ؤ ِ م ْ عَلى ال ْ ُ ك َ م ذَل ِ َ حّر َ و ُ ك َ ر ٌ ش ِ م ْ و ُ نأ ْ هآ إ ِل ّ َزا ٍ ح َ ة ل َ َينك ِ ُ والّزان ِي َ ُ َ
]النور [3 /
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود و
ل السارى بمكة ، مرَثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحم ُ الترمذي ( أن َ
عناق وكانت صديقته ،قال جئت إلى ي يقال لها َ وكان بمكة بغ ٌ
النبي فقلت يا رسول الله أنكح عناقا ً ؟ قال فسكت عني .
عَلى م ذَل ِ َ ر ٌ َ
ك َ حّر َ و ُ ك َ ش ِ م ْ و ُ نأ ْ هآ إ ِل ّ َزا ٍ ح َ ة ل َ َينك ِ ُ والّزان ِي َ ُ فنزلت ) َ
ى وقال :ل تنكحها . ن ( فدعاني فقرأها عل ّ مِني َ ؤ ِم ْال ْ ُ
مسألة :لو أن إنسانا ً وطئ أخت زوجته بشبهة أو زنا ,هل تحرم
عليه زوجته ؟
الصحيح أن الزنا ل أثر له ،ول يمكن أن نجعل الزنا السفاح
كالنكاح الثابت الصحيح.
مسألة :لو أن إنسانا ً طلق زوجته وما زالت في عدتها ثم تزوج
أختها هل يصح النكاح ؟
ل يصح النكاح ،لن المطلقة إن كانت رجعية فهي في حكم
ق النكاح . عل ُ الزوجة ،وإن كانت بائنا ً لم ينقطع عنها ِ
مسألة :ما معنى الستبراء ؟
الستبراء :طلب براءة الرحم وتكون بحيضة ،بمعنى أننا ننتظر
حتى تحيض حيض حتى نعرف أنها ليس بها حمل .
مسألة :ما هي عدة المراة ؟
]*[ عدةُ المرأة على التفصيل التي:
] [1إن كانت تحيض ) ثلثة قروء (
َ مطَل ّ َ
ء( و ٍ قُر َ ة ُ ن ث َل َث َ َ ه ّ س ِ ف ِ ن ب ِأن ْ ُ ص َ ت ي َت ََرب ّ ْ قا ُ وال ْ ُ لقوله تعالى َ ) :
]البقرة [228 /
] [2اليسة من الحيض و التي ل تحيض عدتها ) ثلثة أشهر (
من ض ِ حي ِ م ِ ن ال ْ َ م َ ن ِ س َ والل ِّئي ي َئ ِ ْ لقوله تعالى ) :قال تعالىَ ) :
َ
ن( ض َ ح ْ م يَ ِ والل ِّتي ل َ ْ ر َ ه ٍ ش ُ ةأ ْ ن ث َل َث َ ُ ه ّ عدّت ُ ُ ف ِ م َ ن اْرت َب ْت ُ ْ م إِ ِ سآئ ِك ُ ْ نّ َ
]الطلق [4 /
] [3و الحامل عدتها بوضع الحمل :
َ َ لقوله تعالىُ ) :
ق
من ي َت ّ ِ و َ ن َ ه ّ مل َ ُ ح ْ ن َ ع َ ض ْ ن أن ي َ َ ه ّ جل ُ ُ لأ َ ما ِ ح َ ت ال ْ ول َ ُ وأ ْ َ
ً َ
سرا( ]الطلق [4/ ه يُ ْ ر ِ م ِ نأ ْ م ْ ه ِعل ل ّ ُ ج َ ه يَ ْ الل ّ َ
) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح أبي داوود ( أن النبي r
ل حتى تحيض حيضة . ت حم ٍ ل حتى تضع ول ذا ِ قال :ل ُتوطأ حام ٌ
ت « خاف ال َ
فو ْ 97
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ويفع بنت ثابت الثابت في صحيحي أبي داوود و ) حديث ُر َ
الترمذي ( أن النبي rقال ) :ل يحل لمر ٍ
ئ يؤمن بالله و اليوم
ي ماءَهُ زرع غيره .
سق َ
الخر أن ي َ ْ
ت « خاف ال َ
فو ْ 98
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
القيامة« ،وهذا خبٌر ،والخبر ل يدخله النسخ ،ثم هو خبٌر مقيد بأمد
تنتهي به الدنيا ،فما دام الرسول حرمه إلى يوم القيامة ،فمعنى
ذلك أنه ل يمكن أن ينسخ هذا الحكم أبدًا ،فلو أن أحدا ً قال :إنها
حرام ،وهذا خبر الثابت في صحيح لكن بمعنى الحكم ،والخبر الذي
بمعنى الحكم يدخله النسخ ،قلنا :لكن هذا ما يمكن دخول النسخ
فيه؛ والسبب أنه قال» :إلى يوم القيامة«.
ت « خاف ال َ
فو ْ 99
» وت
م ْ
ن ال َ ن أي ْ َ
ق َ م ْ
َ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مسألة :إن كانت المرأة اشترطته على زوجها أن تعمل دائما ً أو
وقتا ً معينا ً فهل يجب على الزوج أن يوفي بهذا الشرط ؟
إن كانت المرأة اشترطته على زوجها أن تعمل دائما ً أو وقتا ً
معينا ً ،فإن عليه أن يلتزم بالشرط كما اتفقا عليه حين العقد
ورضيا به ،للحاديث التية :
)حديث عقبة ابن عامر الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال »:أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج«
مَزني الثابت في صحيحي الترمذي ف ال ُ
)حديث عمرو ابن عو ٍ
وابن ماجة ( أن النبي rقال » :المسلمون على شروطهم إل
شرطا ً أحل حراما ً أو حرم حلل ً .
وإن اشترط الزوج على زوجته أل تعمل ،أو لم يكن هناك شر ٌ
ط
علها،
سابق لكنه رفض عملها ،لزمها أن تطيع وتسمع؛ لنه ب َ ْ
وطاعته واجبة عليها.
ولكن على المرأة أل تركب رأسها حين يكون العمل مضّرا ً بحياتها
الزوجية مرهقا ً للزوج ،بل ينبغي لها أن تتنازل عن شرطها،
وتتخلى عن عملها ،لن البقاء على الزوج ،وتقدير مصلحة البيت
خير لها من لزوم العمل ،وهذا كله إنما يتم بطريق المفاهمة
والمشاورة ومبادلة الرأي.
ت « 100خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)الثاني( :شروط فاسدة مفسدة :تبطل العقد ول يجب الوفاء بها
.مثل نكاح الشغار ونكاح المحلل ونكاح المتعة .
)الثالث( شروط فاسدة غير مفسدة ]:هو ما كان منافيا ً لمقتضى
العقد[ وهو ل يبطل العقد ول يجب الوفاء به .مثل أن يشترط أن
ل نفقة لها ومثل أن تسأل المرأة طلق ضرتها عند النكاح.
والدليل على أنه ل يجب الوفاء بهذه الشروط
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :ما بال
أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ،من اشترط شرطا
ليس في كتاب الله فليس له ،وإن اشترط مائة شرط ،شرط الله
أحق وأوثق .
ً ً
مسألة :لو شرط الزوج أن تكون الزوجة بكرا فباتت ثيبا فهل له
الفسخ؟
له الفسخ لن الشرط الثابت في صحيح ويرجع بالمهر على من
غّره
)حديث عقبة ابن عامر الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال »:أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج«
مَزني الثابت في صحيحي الترمذي وابن ف ال ُ )حديث عمرو ابن عو ٍ
ماجة ( أن النبي rقال » :المسلمون على شروطهم إل شرطا ً
أحل حراما ً أو حرم حلل ً .
مسألة :هل يجوز للمرأة أن تشترط طلق ضرتها؟
ل يجوز للمرأة أن تشترط طلق ضرتها ول يجب الوفاء بهذا
ط ليس في كتاب الله فليس له ،وإن اشترط الشرط ،فكل شر ٍ
مائة شرط .
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :ما بال
أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله ،من اشترط شرطا
ليس في كتاب الله فليس له ،وإن اشترط مائة شرط ،شرط الله
أحق وأوثق .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال :نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد،
ول تناجشوا ،ول يبيع الرجل على بيع أخيه ،ول يخطب على خطبة
أخيه ،وتسأل المرأة طلق أختها لتكفأ ما في إنائها(.
ت « 101خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وأهم مقاصد النكاح :الستمتاع والنجاب والخدمة .
مسألة :ما هي أقسام العيوب في النكاح التي يثبت بها الفسخ؟
أقسام العيوب في النكاح التي يثبت بها الفسخ :
) (1عيوب تختص بالرجل .
) (2عيوب تختص بالمرأة .
) (3عيوب مشتركة بينهما
]*[ أول ً العيوب التي تختص بالرجل و التي يثبت بها الفسخ :
] [1أن يكون مجبوبًا« أي :مقطوع الذكر ،
قوله» :أو بقي له ما ل يطأ به فلها الفسخ« ،أي :ما بقي له من
ذكره جزء صغير ،ل يتمكن من الوطء به ،فهذا وجوده كالعدم.
] [2أن يكون عنينا ً :أي محبوس عن الجماع أي ل يتمكن من جماع
زوجته .
وجاء )رض الخصيتين( أي رض عروق خصاء أو ِ ] [3أن يكون به ِ
الخصيتين كأن يضربه إنسان فيكون شبيه بالخصاء .
وهذه العيوب يثبت للمرأة الخيار فيها ؛ لنهه تفوت مقصود
النكاح ،من الستمتاع ،والنجاب .
]*[ ثانيا ً :العيوب التي تختص بالمرأة و التي يثبت بها الفسخ :
ق :والرتق معناه أنه يكون فرج المرأة ) (1أن يكون بها ّرت َ ُ
مسدودًا ،ما يسلكه الذكر ،فهذا يثبت للزوج الخيار؛ لنه يفوت
مقصود النكاح من الولد والستمتاع.
قَرن :وهو لحم ينبت في الفرج فيسده ،وحكمه ) (2أن يكون بها َ
كالول ،وهو طارئ ،والول أصلي.
ل :وهو ورم في اللحمة التي بين مسلكي ف ُ ع َ) (3أن يكون بها َ
المرأة ،فيضيق منها فرجها ،فل ينفذ فيه الذكر.
ق :وهو انخراق ما بين سبيليها ،أي :ما بين فت ْ ُ ) (4أن يكون بها َ
ي ،وهذا يمنع التلذذ ،وربما يؤدي إلى تسرب البول من ِ ّ
مخرج بول و َ
إلى مخرج المني ،وأيضا ً قد يمنع الحمل ،بحيث يكون هذا النفتاق
ذ يكون هذا عيبًا. سببا ً لضياع المني ،فل يصل إلى الرحم ،وحينئ ٍ
وهذه العيوب يثبت للمرأة الخيار فيها ؛ لنهه تفوت مقصود
النكاح ،من الستمتاع ،والنجاب .
]*[ ثالثا ً :العيوب المشتركة بين الرجل والمرأة و التي يثبت بها
الفسخ :
) (1استطلق بول أو غائط ،ومعنى استطلقهما أنه ل يمكن أن
يحبسهما ،يعني هو السلس ،فسلس البول أو الغائط عيب ،من
أشد ما يكون من العيوب ،وهذا يثبت به الخيار لما فيه من النفرة .
) (2أن يكون بأحدهما باسورا ً أم ناصورا ً ،وهما داءان يصيبان
المقعدة ،الباسور يكون داخل المقعدة ،والناصور يكون بارزًا،
ت « 102خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ودائما ً يكون ملوثًا ،ومع أنهما ل يحدثان أي شيء بالنسبة للجماع،
ول يشوهان المنظر أيضًا ،ومع ذلك يقولون :إن هذا من العيوب؛
لنه إذا ذكر أن بامرأته باسورا ً أو ناسورا ً ل يرتاح لها ،وكذلك
بالنسبة للمرأة مع الرجل ،وهذا يثبت به الخيار لما فيه من
النفرة .
ص أو جذام ،وهذا يثبت به الخيار لمل فيه ) (3أن يكون بأحدهما بر ٌ
من النفرة .
ض معروف وهو بياض الجلد ،فهذا البرص تنبيه :البرص :مر ٌ
ولو بقدر رأس البرة يعتبر عيبًا ،سواء كان بالزوج أو بالزوجة،
ولهذا جاء في الحديث في قصة الثلثة الذين كان أحدهم أبرص
قال» :ويذهب عني الذي قذرني الناس به« وهذا العيب أيضا ً يثبت
به الخيار لما فيه من النفرة .
والجذام :داءٌ معروف تتساقط منه الطراف ويتناثر منه اللحم ،
د ،وقد جاء في السنة أن النبي وهو ل شك عيب ،وهو ـ أيضا ً ـ مع ٍ
أمر بالفرار من المجذوم ،كما في * ) حديث أبي هريرة رضي الله
عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن النبي rقال :قال رسول
فّر من المجذوم الله ) :ل عدوى ول طَيرة ،ول هامة ول صفر ،و ِ
كما تفّر من السد(.
حتى إن العلماء قالوا :يجب على السلطان أن يعزل الجذمي في
مكان واحد؛ لئل يختلطوا بالناس فينتشر هذا الداء.
مسألة :هل العيوب محصورةٌ فيما سبق ؟
ليست العيوب التي يثبت بها الفسخ محصورةٌ فيما سبق وإنما
العيوب التي يثبت بها الفسخ لها ضابط معين هو ) كل ما يفوت به
مقاصد النكاح من الستمتاع والنجاب والخدمة(.
مسألة :لو وجد الزوجة عمياء هل يعد هذا عيبا ً يثبت به الفسخ؟
ب يثبت به الفسخ لنه يفوت مقصودين من مقاصد نعم هذا عي ٌ
النكاح هما )الستمتاع والخدمة(.
مسألة :لو وجد أحد الزوجين عقيما ً هل يعد هذا عيبا ً يثبت به
الفسخ؟
ب يثبت به الفسخ لنه يفوت أهم مقصود من مقاصد نعم هذا عي ٌ
النكاح وهو النجاب .
مسألة :ما هي الصيغة التي يفسخ بها النكاح؟
يقول فسخت نكاحي من فلنة للعيب الذي فيها ،فيكون قد باشر
الفسخ بنفسه أو يوكل أحد الزوجين بذلك.
مسألة :لو فسخ الزوج الزواج بعد الدخول وبعد ظهور العيب فهل
للزوجة المهر؟
ت « 103خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
للزوجة المهر المسمى في العقد بعد الدخول وبعد ظهور
ل
قب ْ ِن َ م ْ ن ِ ه ّ مو ُ قت ُ ُن طَل ّ ْ وإ ِ ْالعيب ،نأخذ ذلك من مفهوم قولهَ }} :
َ
م{{ ضت ُ ْ فَر ْ ما َ ف َ ص ُ فن ِ ْ ة َ ض ً ري َِ فن َه ّ م لَ ُ
ضت ُ ْفَر ْ قدْ َ و َ ن َ ه ّ سو ُ م ّن تَ َ أ ْ
ن{{ أنه َ ن َ
ه ّ سو ُ م ّ ن تَ َ لأ ْ قب ْ ِ م ْ ]البقرة ، [237 :فمفهوم قولهِ }} :
ة الثابت ش َعائ ِ َ من بعد المسيس يثبت المهر ،وهو كذلك ،و) لحديث َ
َ
ة
مَرأ ٍما ا ْ في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن النبي rقال »:أي ّ َ
ها
ح َفِنكا ُ لَ . ها َباطِ ٌ ح َ فِنكا ُ لَ . ها َباطِ ٌ ح َفِنكا ُ هاَ ، ول ِي ّ َ
ن َ ر إذْ ِ غي ْ ِ
ت بِ َح ْ ن ُك ِ َ
نها .فإ ِ ج َ فْر ِ ن َ م ْ ل ِ ح ّ ست َ َ ما ا ْ هُر ب ِ َ
م ْ ها ال َ فل َ َها َ لب َ خ َ ن دَ َل .فإ ْ َباطِ ٌ
ه«. ي لَ ُ ول ِ ّن لَ َ م ْ ي َول ِ ّن َ طا ُ سل ْ َ جُروا ،فال ّ شت َ َا ْ
،فالمهر إذا ً يثبت بعد الدخول ،ولكن للزوج أن يرجع بالمهر على
من غّره.
زفاف
آداب ال ِ
ت « 104خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)عاشرًا( :صفات المرأة القاتلة للسعادة الزوجية
)الحادي عشر( :صفات المرأة التي تجلب السعادة الزوجية
هدِْيه الشريف ،لقد رسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم ب ِ َ
وطريقته الغراء طريقة التعامل مع الزوجات في ليلة البناء.
فهذه الليلة من أهم ليالي الحياة الزوجية ،والتي تتم فيها أكثر
النطباعات بين الزوجين في طريقة التعامل بينهما فيما بعد من
أيام حياتهما.
وكم كانت هذه الليلة نذير بؤس ،وبداية شقاء وعذاب لكثير من
ج وزوجات ة حياة هنيئة لزوا ٍ الزواج والزوجات ،وكم كانت عتب َ
آخرين.
والهدي النبوي المسنون في هذه الليلة هو أتم الهدى وأكمله ،
وكيف ل وهو هدي خاتم النبياء وسيد المرسلين ،الذي وصفه الله
سبحانه وتعالى في كتابه ،فقال ):وإنك لعلى خلق عظيم (
حَبه عائشة -رضي الله عنها -خلقه و ِ
]القلم .[4:/ووصفت زوجه َ
صلى الله عليه وسلم
فقالت ":القرآن ".
أي كان خلقه -صلى الله عليه وسلم -القرآن .فلقد كان رسول
الله rأحسن الناس خلقا ً
)حديث أنس في الصحيحين( قال :كان رسول ال rأحسن الناس خلقًا .
وقد بينت السنة الصحيحة آداب ليلة البناء ووضحته وضوحا ً جليا ً
وهاك تلك الداب:
) (1ملطفة الزوجة عند البناء بها:
يستحب له إذا دخل على زوجته أن يلطفها ،كأن يقدم إليها شيئا ً
من الشراب ونحوه ،فل شك أن المرأة إذا ما فارقت بيت أهلها
ة على م ٌ د َ م ْ
ق ِ إلى بيت زوجها ليلة البناء بها تصيبها الرهبة ،فإنها ُ
ت « 105خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
عه شيئا ً إل القدر ف شريك لم تعلم من طَِبا ِ ة جديدة في ك َن َ ِ حيا ٍ
اليسير.
ب ولذلك كان من أهم ما يجب على الزوج في هذه الليلة أن ُْيذ ِ
ه َ
ها إلى أقل درجة ممكنة ،فلبد للزوج أن قل ِل ْ َ
هذه الرهبة ،أو ي ُ َ
عْبها ،فالخجل سمة من سمات النساء حها ،ويدا ِ يلطفها ،ويماز ْ
وخلق من أخلقهن ،وهو في العروس البكر أكثر منه في الثيب :
التي سبق لها الزواج ،ولذلك كان للممازحة والملطفة أثر كبير
في تقليل درجة خجل العروس ،ولذا :يستحب للزوج أن يقدم
لهله في ليلة البناء بها كوبا ً من اللبن أو العصير أو ما قام
مقامهما ،وأن يتجاذب معها أطراف الحديث ،لكي يقلل من
حيائها وخجلها ،وأن ل يثب عليها وثب البعير على أنثاه ،فإن
المرأة يمنعها حياؤها وخجلها من النصياع لزوجها في أول طلبه
لها ،فتتمنع عنه تدلل وخجل ً ،فالواجب على الزوج أن ل يباغتها
بما تحذر منه ،وأن يداريها ويلطفها حتى يبلغ مراده .
ت « 106خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)لحديث أبي عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود
وابن ماجة ( أن النبي rقال :إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى
خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ
بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه .
) (3صلة الزوجين معًا:
ويستحب لهما أن يصليا ركعتين معًا ،لنه منقول عن السلف .وفيه
أثران:
الول :عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال:
))تزوجت وأنا مملوك ،فدعوت نفرا ً من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة ،قال :وأقيمت
الصلة ،قال :فذهب أبو ذر ليتقدم ،فقالوا :إليك! قال :أو كذلك؟
قالوا :نعم ،قال :فتقدمت بهم وأنا عبد مملوك ،وعلموني فقالوا:
))إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين ،ثم سل الله من خير ما دخل
عليك ،وتعوذ به من شره ،ثم شأنك وشأن أهلك (( .أبو بكر بن أبي
شيبة في المصنف .وعبد الرزاق.
الثاني :عن شقيق قال:
))جاء رجل يقال له :أبو حريز ،فقال :إني تزوجت جارية شابة
]بكرًا[ ،وإني أخاف أن تفركني ،فقال عبد الله ) يعني ابن
مسعود (:
))إن اللف من الله ،والفرك من الشيطان ،يريد أن يكّره إليكم ما
أحل الله لكم؛ فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين (( .زاد
في رواية أخرى عن ابن مسعود:
ي ،اللهم اجمع))وقل :اللهم بارك لي في أهلي ،وبارك لهم ف ّ
بيننا ما جمعت بخير؛ وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير ((.
قال اللباني رحمه الله في آداب الزفاف :عبد الرزاق وسنده
صحيح ،والطبراني بسندين صحيحين.
) (4التسمية عند الجماع :
فإن أمكنته من نفسها ،وطاعته ،فعليه أن يسم الله سبحانه
وتعالى عند غشيانها ويدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله
عليه وسلم" :اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا".
فإنه إن قدر بينهما في ذلك ولد لم يضر ذلك الولد الشيطان أبدًا.
)لحديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :لو أن
أحدكم إذا أتي أهله قال :بسم الله ،اللهم جنبني الشيطان وجنب
در بينهما ولدٌ في ذلك ،لم يضره الشيطان ما رزقتنا،فإنه إن ُيق ّ
ن أبدًا(
شيطا ٌ
ت « 107خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تنبيه :ويجب عليه أن ل يقوم عنها حتى تقضي منه وطرها ،
كما قضى
وطره ،وأن ل يعجلها في ذلك.
فُيكره النزع قبل فراغها ،أي قبل أن ُتنزل لنه يحرمها من كمال
الستمتاع ،وربما يحصل لها ضررا ً إذا كان الماء متهيأ للخروج ثم
ينزع الرجل قبل إنزالها ،والنبي rقال ) :ل ضرر ول ضرار ( كما
في الحديث التي :
) حديث ابن عباس الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي r
قال ) :ل ضرر ول ضرار (
أما حديث ) ثم إذا قضى حاجته فل يعجلها حتى تقضي حاجتها (
فهو ضعيف .
]*[]*[]*[]*[
ت « 108خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :
) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( فقالوا :يا رسول الله أيأتي أحدنا
شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلة والسلم ) :أرأيتم
لو وضعها في الحرام ،أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في
الحلل كان له أجر (
) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( :أي في جماعه لهله
فياله من فضل ،قضاء وأجر ....
) (2المداعبة والملطفة :
نعم المداعبة والملطفة أدب ينبغي مراعاته فكثير من الزواج ل
يهتم بهذا المر ،أهم شئ يقضي وطره فقط ،وينسى أن
المداعبة قبل الجماع لها أثر في تحريك شهوة المرأة وزيادة
رغبتها حتى تستعد له ،وتتبادل معه لذة الجماع ،أما إذا بدا
بالجماع مباشرة ،فقد ينتهي من شهوته وقضاء وطره قبل أن
تصل هي إلى ذلك ،و المداعبة والملطفة من السنة بدللة
الحديث التي :
)حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (
قال:هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات ،فتزوجت امرأة ثيبا
فقال لي رسول الله) :تزوجت يا جابر( .فقلت :نعم ،فقال) :ابكرا
أم ثيبا( .قلت :بل ثيبا ،قال) :فهل جارية تلعبها وتلعبك،
تضاحكها وتضاحكك( .قال :فقلت له :إن عبد الله هلك ،وترك
بنات ،وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن ،فتزوجت امرأة تقوم
عليهن وتصلحهن ،فقال) :بارك الله لك ،أو قال :خيرا(.
الشاهد :قوله )فهل جارية تلعبها وتلعبك ،تضاحكها وتضاحكك(
]*[ قال ابن قدامة رحمه الله :ويستحب أن يلعب امرأته قبل
الجماع لتنهض شهوتها ،فتنال من لذة الجماع مثل ما ناله،
]*[ وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال :ل تواقعها إل وقد
أتاها من الشهوة مثل ما أتاك ،لكيل ل تسبقها بالفراغ.
ومن الملطفة :القبلة ،وتحريك الثديين ،وإلصاق البشرة
بالبشرة ،فقد كان صلى الله عليه وسلم يقبل أهله قبل الجماع
)ُ (3تسن التسمية وقول الذكر الوارد في ذلك عند الجماع :
) بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا (
)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :لو أن
أحدكم إذا أتي أهله قال :بسم الله ،اللهم جنبني الشيطان وجنب
در بينهما ولدٌ في ذلك ،لم يضره الشيطان ما رزقتنا،فإنه إن ُيق ّ
ن أبدًا(
شيطا ٌ
ت « 109خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ومعنى قوله ):لم يضره شيطان أبدا ً ( أي :لم يضر الولد المذكور،
بحيث يتمكن من إضراره في دينه أو بدنه ،وليس المراد رفع
الوسوسة من أصلها .فتح الباري .
) ُ (4يكره النزع قبل فراغها :أي قبل أن ُتنزل لنه يحرمها من
كمال الستمتاع ،فيجب عليه أن ل يقوم عنها حتى تقضي منه
وطرها ،كما قضى
ً
وطره ،وأن ل يعجلها في ذلك .وربما يحصل لها ضررا إذا كان
الماء متهيأ للخروج ثم ينزع الرجل قبل إنزالها ،و النبي rقال ) :
ل ضرر ول ضرار (
كما في الحديث التي :
) حديث ابن عباس الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي r
قال ) :ل ضرر ول ضرار (
أما حديث ) ثم إذا قضى حاجته فل يعجلها حتى تقضي حاجتها (
فهو ضعيف .
تنبيه :شرع الله سبحانه وتعالي للرجال الزواج أكثر من
زوجة ،أما الزوجة فليس لها إل زوجها ،لذا يجب عليه أن يشبع
رغبتها الجنسية متى احتاجت ذلك ،حتى يقوم بواجبه في إعفافها
وكمال استمتاعها به .
) ( 4استحباب التستر عند الجماع :
) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي
داوود والترمذي ( أن النبي rقال :احفظ عورتك إل من زوجتك
أو ما ملكت يمينك قيل :إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال
:إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل :إذا كان أحدنا
خاليا ؟ قال :الله أحق أن يستحيا منه من الناس .
الشاهد قوله ] rالله أحق أن يستحيا منه من الناس [
) (5جواز التجرد من الثياب عند الجماع :وحكم نظر الرجل إلى
عورة امرأته وعكسة .
) لحديث عائشة -رضي الله عنها -الثابت في الصحيحين ( أنها
قالت :كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد
من جنابة" .
]*[ قال الحافظ ابن حجر في ))فتح الباري (( ):(290 /1
]*[ استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته
وعكسه ،ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق :سليمان بن موسى،
أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ،فقال :سألت عطاء،
فقال :سألت عائشة ،فذكر هذا الحديث بمعناه ،وهو نص في
المسألة " .قلت :ويدل عليه أيضا ً حديث معاوية بن حيدة التي :
ت « 110خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي
داوود والترمذي ( أن النبي rقال :احفظ عورتك إل من زوجتك
أو ما ملكت يمينك قيل :إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال
:إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل :إذا كان أحدنا
خاليا ؟ قال :الله أحق أن يستحيا منه من الناس .
الشاهد قوله ] rاحفظ عورتك إل من زوجتك أو ما ملكت يمينك[
تنبيه:وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم في أنه قال) :إذا
أتى أحدكم أهله ،فليلقى على عجزه وعجزها شيئًا ،ول يتجردا
تجرد العيرين( .فمنكر ،ول يصح في المنع حديث.
ب أن يتعاهد الجماع في بعض اليام وليس كل يوم : ح ُ
ست َ َ
) (6ي ُ ْ
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
حبا ً (
غبا ً تزدد ُ
النبي rقال ُ :زر ِ
) (7يكره كثرة الكلم عند الجماع ،لن لكل مقام ٍ مقال :
أما حديث ) ل تكثروا الكلم عند مجامعة النساء فإن منه يكون
الخرس والفأفأة (فهو ضعيف .
د أو مسمعه :إل إذا كان طفل ً ل يدري ) (8يحرم الوطء بمرأى أح ٍ
ول يتصور ما ُيفعل ،ففي حالة وجود أطفال فإن من الدب
الجماع بمنأى عنهم ،والحذر من عبارات الغرام أمامهم ا
وليستثنى من ذلك إل من كان ل يعي وهو الطفل حتى ثلث
سنوات كحد أقصى .وقد روي أن ابن عمر كان إذا أراد الجماع
أخرج الرضيع .
) (9ويحرم على الزوج -وكذلك على الزوجة -نشر ما يكون بينهما
من أسرار الستمتاع إل لمصلحة شرعية .
فكثير من الناس يظن أن إفشاء ما يدور بينه وبين أهله من أمور
الجماع ،أنه جائز ،والبعض يرى أنه من الرجولة ،بل وحتى بعض
النساء تتحدث بذلك بين بني جنسها ...ول شك أن هذا خطأ
ومحرم وصاحبه من أشر الناس
) لحديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي
إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها .
قال المام النووي -رحمه الله -في " شرح صحيح مسلم " )
)) :(3/610في هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه
وبين امرأته من أمور الستمتاع ،ووصف تفاصيل ذلك ،وما يجري
من المرأة فيه من قول أو فعل أو نحوه " .فأما مجرد ذكر الجماع،
فإن لم تكن فيه فائدة ول إليه حاجه فمكروه لنه خلف المروءة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم ) :من كان يؤمن بالله واليوم الخر
ت « 111خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فليقل خيرا ً أو ليصمت ( .وإن كان إليه حاجه أو ترتب عليه فائدة
بأن ينكر عليه إعراضه عنها أو تدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو
ذلك فل كراهة في ذكره ،كما قال صلى الله عليه وسلم ) :إني
لفعله أنا وهذه ( .وقال صلى الله عليه وسلم لبي طلحة :
) أعرستم الليلة ؟( .وقال لجابر) :الكيس الكيس ( والله أعلم
.اهـ
ولهذا ل يجوز نشر مثل هذه السرار إل لمصلحة شرعية .
فهؤلء هن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يذكرن هديه صلى
الله عليه وسلم في معاشرته ،وتقبيله ومباشرته لهن ،وذلك كله
لرجحان المصلحة من ذكره.
بل أبلغ من ذلك:
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كانت إحدانا إذا
كانت حائضا فأراد رسول الله rأن يباشرها أمرها أن تتزر في
فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي r
يملك إربه .
فدل ذلك على جواز ذكر ما يدور بين الرجل والمرأة من أسرار
الجماع للمصلحة الشرعية الراجحة من ذكرها.
وهذا ما فهمه المام النسائي ،فذكر هذا الحديث في ))عشرة
النساء (( من ))السنن الكبرى (( ،وبوب له) :الرخصة في أن
يحدث الرجل بما يكون بينه وبين زوجته( .
) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :
إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى
امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها .
) (10ويجوز له أن يجمع بين وطء نسائه في غسل واحد :
ويجوز للرجل أن يطوف على نسائه -يجامعهن -بغسل واحد:
)لحديث أنس -رضي الله عنه -الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي
rكان
يطوف على نسائه بغسل واحد .
)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال :النبي rيدور على
نسائه في الساعة الواحدة ،من الليل والنهار ،وهن إحدى عشرة،
قه؟ قال: وفي رواية تسع نسوة ،قال :قلت لنس :أو كان ُيطي ُ
كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلثين.
)وحديث عائشة -رضي الله عنها:-الثابت في صحيح البخاري (
قالت :
كنت أطيب رسول الله rفيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ً
ينضخ طيبا ً .
ت « 112خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وقد أورد النسائي -رحمه الله -هذا الحديث في سننه
)) المجتبى ((،في باب) :الطواف على النساء في غسل واحد(.
]*[ قال المام السندي -رحمه الله -في حاشيته على )) سنن
النسائي ((:
))قوله) :ينضح( أي يفوح ...،وأخذ منه المصنف وحدة الغتسال ،
إذ العادة أنه لو تكرر الغتسال عدد تكرر الجماع لما بقى من أثر
الطيب شيء ،فضل ً عن النتفاح ((.
تنبيه :وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال -في
الغسل عند كل
مرة يجامع ))هذا أزكى وأطهر(( .فل حجة فيه لضعفه ،ولمخالفته
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في طوافه على نسائه بغسل
واحد كما ورد من حديث أبى سعيد -رضي الله عنه -المتقدم،
) (11إذا أراد أن يعاود الجماع ُيستحب له أن يتوضأ :
) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :
إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ .
) (12وجوب الغسل بالتقاء الختانين :
يجب على الزوجين الغسل بالتقاء الختانين ،وإن كسل فلم ينزل .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال :إذا جلس بين شعبها الربع ثم جهدها فقد وجب
الغسل .
} جهدها { أي بلغ منه الجهد حال المعالجة والدخال .
) حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :إذا
ن فقد وجب الغسل . ن الختا َ
جلس بين شعبها الربع ومس الختا ُ
تنبيه:ل يحصل التقاء ختان الرجل بختان المرأة إل بتغيب
حشفة الرجل في فرج المرأة ،لن ختان الرجل فوق الحشفة ،
وعلى هذا فُيحمل مس الختان على أنه مس وتغييب للحشفة
بدللة الحديث التي :
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي
rقال :إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل .
) (13من أراد النوم يستحب له أن يتوضأ قبل نومه استحبابا ً
مؤكدا ً لحديث عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم :أينام
أحدنا وهو جنب ؟ فقال عليه الصلة والسلم ) :نعم ،ويتوضأ إن
شاء ( رواه ابن حبان
ً
) (14اغتسال الزوجين معا :
ويجوز لهما أن يغتسل معا ً في مكان واحد ،ولو رأى منه ورأت منه
ت « 113خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت:
))كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد،
تختلف أيدينا فيه(.
) حديث معاوية بن حيده الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي
( أن النبي rقال :احفظ عورتك إل من زوجتك أو ما ملكت
يمينك قيل :إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال :إن
استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل :إذا كان أحدنا خاليا ؟
قال :الله أحق أن يستحيا منه من الناس .
) (15توضؤ الجنب قبل النوم:
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي
r
كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلة قبل أن ينام .
تنبيه:حكم هذا الوضوء :ليس ذلك على الوجوب ،وإنما
للستحباب المؤكد ،لحديث عمر أنه سأل رسول الله صلى الله
عليه وسلم :أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال:
))نعم ،ويتوضأ إن شاء ((ابن حبان في صحيحه
) ( 16إتيان المرأة في الموضع الذي الطبيعي وهو الفرج :
ويجوز له أن يأتيها من أي جهة إذا كان في الفرج ،قال تعالى ) :
فأ ُْتوا حرث َك ُ َ
م( )البقرة(223: شئ ْت ُ ْ
م أّنى ِْ َ ْ م َث ل َك ُ ْ
حْر ٌ
م َؤك ُ ْ
سا ُ
نِ َ
)حديث جابر بن عبد الله الثابت في الصحيحين ( * أن يهود كانت
تقول إذا أتيت المرأة من دبرها في قبلها ثم حملت كان ولدها
أحول قال فأنزلت ) نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم (
) ( 17العزل عن الزوجة الحرة يكون برضاها :
واختار هذا القول شيخ السلم رحمه الله ،
)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (
قال :كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا
مسألة :ما هو العزل ؟
العزل هو أن يخرج عضو الذكورة قرب النزال فينزل المني
بالخارج .
) (18الولى ترك العزل لمور هي :
الول :أن فيه إدخال ضرر على المرأة لما فيه من تفويت لذتها،
فإن وافقت عليه ففيه ما يأتي ،وهو:
الثاني :أنه يفوت بعض مقاصد النكاح ،وهو تكثير نسل أمة نبينا
صلى الله عليه وسلم ) ،لحديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و
النسائي ( أن النبي rقال :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم المم .
ت « 114خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ولذلك وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالوأد الخفي حين
سألوه عن العزل ،فقال)) :ذلك الوأد الخفي ((.
) حديث جدامة بنت وهب أخت عكاشة رضي الله عنها الثابت في
صحيح مسلم (
قالت :حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو
يقول لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس
فإذا هم يغيلون أولدهم فل يضر أولدهم ذلك شيئا ثم سألوه عن
العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوأد الخفي .
ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن الولى تركه في حديث
أبي سعيد الخدري التي لنه من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إل
هي كائنة:
)حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال :
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني
المصطلق ،فأصبنا سبيا من سبي العرب ،فاشتهينا النساء،
فاشتدت علينا العزبة ،وأحببنا العزل ،فسألنا رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال) :ما عليكم أن ل تفعلوا ،ما من نسمة كائنة إلى
يوم القيامة إل وهي كائنة .
ح نفسه ؟ ]*[ وهنا سؤا ٌ
ل يطر ُ
هل طلب الولد حق للزوج أو للزوجة ؟.
أولً :وقبل كل شيء الشريعة رغبت في تكثير النسل ،كما في
الحديث التي :
) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و
النسائي ( أن النبي rقال :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم
المم .
فزيادة النسل أمر مطلوب في الشرع .
ثانيا :طلب الولد حق للزوج كما هو حق للزوجة ،ول يجوز
للرجل أن يعزل عن زوجته ،أو يلزمها باستخدام موانع حمل وهي
ترغب في حصول الولد ،وكذلك الزوجة ل يجوز لها أن تستخدم
موانع الحمل إذا كان الزوج يرغب في الولد.
]*[ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :في أحد أجوبته
لشخص سأل العزل عن أهله -فقال :ل يجوز لك أن تستخدم
العزل ،ول أن تجبرها على أخذ الحبوب إذا كانت تريد الولد ،لن
لها حقا ً فيهم ،ولذا قال العلماء :يحرم عزل الرجل عن زوجته إل
برضاها .كذلك يجب أن تحترم شعورها لنك لو كنت تريد النجاب
وهي ل تريد ،فإنك ل تقبل أن تمنعك عن رغبتك ،فعليك أن تحترم
ت « 115خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
رغبتها أيضًا ،فإذا أرادت النجاب فل يجوز منعها من ذلك ،ول يجوز
إكراهها على تعاطي حبوب منع الحمل أو غيرها ). (12
تنبيه :استخدام موانع الحمل من أجل تحديد النسل خوفا ً من
الفقر؛ حرام ول يجوز فعله ،فإن الله تكفل بأرزاق العباد ،قال
تعالى -يذم أهل الجاهلية الذين يقتلون أولدهم خشية الفقر} : -
ول تقتلوا أولدكم من إملق نحن نرزقكم وإياهم { .
أما إن كان استخدام موانع الحمل لعارض صحي ،أو ل تتحمل
الزوجة الحمل كل سنة ،فإنه يرخص لها في تعاطي موانع الحمل ،
وهو من باب العلج والوقاية ل من باب تحديد النسل .
مام في الدار:) (19وجوب اتخاذ الح ّ
ويجب عليهما أن يتخذا حماما ً في دارهما ،ول يسمح لها أن تدخل
حمام السوق ،فإن ذلك حرام،
)حديث جابر رضي الله عنهما الثابت في صحيحي الترمذي
والنسائي ( أن النبي rقال )):من كان يؤمن بالله واليوم الخر
فل يدخل حليلته الحمام ،ومن كان يؤمن بالله واليوم الخر فل
يدخل الحمام إل بمئزر ،ومن كان يؤممن بالله واليوم الخر فل
يجلس على مائدة يدار عليها الخمر ((
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيحي أبي داوود و
الترمذي ( أن النبي rقال )) :ما من امرأة تخلع ثيابها في غير
بيتها إل هتكت ما بينها وبين الله تعالى ((.
ت « 116خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
يحسن استعارة اللباس من كل من الزوجين للخر ،وفيه وجه آخر
وهو أن تنعطف عليه أحيانا فتكون عليه كاللباس .قال الشاعر:
إذا ما الضجيع ثنى حيدها تثنت كانت عليه لباسا
وأردأ الشكال أن تعلوه المرأة ويجامعها على ظهره ،وهو خلف
الشكل الطبيعي ،الذي طبع الله عليه الرجل والمراة ،بل نوع
الذكر والنثى ،وفيه من المفاسد أن المني يتعسر خروجه كله،
فربما بقي في العضو منه فيتعفن ويفسد فيضر .وأيضا فإن
الرحم ل يتمكن من الشتمال على الماء واجتماعه فيه ،وانضمامه
عليه لتخليق الولد ،وأيضا فإن المرأة مفعول بها طبعا وشرعا،
وإذا كانت فاعلة خالفت مقتضى الشرع والطبع.
ت « 117خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت « 118خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
في هذا المنكر العظيم ،بل يجب عليها المتناع من ذلك والمطالبة
بفسخ نكاحها منه إن لم يتب ،نسأل الله العافية من ذلك ). (13
وأما الستمتاع بالليتين ،وجعل الذكر بينهما ،فل شيء فيه ،
وهو مباح كما ما لم يولج في الدُُبر.
) (2جواز التجرد من الثياب عند الجماع وحكم نظر الرجل إلى
عورة امرأته وعكسة
وأما تجرد الزوجين عند الجماع فجائز،
) حديث عائشة -رضي الله عنها -الثابت في الصحيحين ( أنها
قالت :كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد
من جنابة" .
قال الحافظ ابن حجر في ))فتح الباري (( ):(290 /1
" استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته
وعكسه ،ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق :سليمان بن موسى،
أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ،فقال :سألت عطاء،
فقال :سألت عائشة ،فذكر هذا الحديث بمعناه ،وهو نص في
المسألة " .قلت :ويدل عليه أيضا ً حديث معاوية بن حيدة التي :
) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي
داوود والترمذي ( أن النبي rقال :احفظ عورتك إل من زوجتك
أو ما ملكت يمينك قيل :إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال
:إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل :إذا كان أحدنا
خاليا ؟ قال :الله أحق أن يستحيا منه من الناس .
تنبيه:وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم في أنه قال):إذا
أتى أحدكم أهله ،فليلقى على عجزه وعجزها شيئًا ،ول يتجردا
تجرد العيرين(( .فمنكر ،ول يصح في المنع حديث.
الوضوء لمن جامع وأراد المعاودة
ويستحب الوضوء لمن جامع امرأته ،وأراد أن يعاودها قبل أن
يغتسل :فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه -قال :قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم)):إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن
يعود ،فليتوضأ((
) (3طواف الرجل على نسائه بغسل واحد :
ويجوز للرجل أن يطوف على نسائه -يجامعهن -بغسل واحد:
)لحديث أنس -رضى الله عنه -الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي
rكان
يطوف على نسائه بغسل واحد .
ت « 119خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تنبيه :وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال -في
الغسل عند كل
مرة يجامع ))هذا أزكى وأطهر(( .فل حجة فيه لضعفه ،ولمخالفته
الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في طوافه على نسائه بغسل
واحد كما في الحديث التي :
) وحديث عائشة -رضى الله عنها:-الثابت في صحيح البخاري (
قالت :
كنت أطيب رسول الله rفيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ً
ينضخ طيبا ً .
وقد أورد النسائي -رحمه الله -هذا الحديث في سننه
)) المجتبى ((،في باب) :الطواف على النساء في غسل واحد(.
قال المام السندي -رحمه الله -في حاشيته على )) سنن النسائي
((:
))قوله) :ينضح( أي يفوح ...،وأخذ منه المصنف وحدة الغتسال ،
إذ العادة أنه لو تكرر الغتسال عدد تكرر الجماع لما بقى من أثر
الطيب شيء ،فضل ً عن النتفاح ((.
) (4وجوب الغسل بالتقاء الختانين :
يجب على الزوجين الغسل بالتقاء الختانين ،وإن كسل فلم ينزل .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال :إذا جلس بين شعبها الربع ثم جهدها فقد وجب
الغسل .
} جهدها { أي بلغ منه الجهد حال المعالجة والدخال .
) حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :إذا
ن فقد وجب الغسل . ن الختا َجلس بين شعبها الربع ومس الختا ُ
تنبيه:ل يحصل التقاء ختان الرجل بختان المرأة إل بتغيب
حشفة الرجل في
فرج المرأة ،لن ختان الرجل فوق الحشفة ،وعلى هذا فُيحمل
مس الختان على أنه مس وتغييب للحشفة بدللة الحديث التي :
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي
rقال :إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل .
) (5تحريم إتيان المرأة وهي حائض :
مسألة :ما هو حكم من أتى حائضا ً ؟
المســألة على التفصيــل :
ً
ل الجماع للحائض في فرجها كان كافرا لستحلله إن اعتقد ح َ
شيئا ً حرمه الله تعالى .
حله :فإن كان ناسيا ً أو جاهل ً فل إثم عليه ، وإن فعله غير معتقدا ً ِ
ت « 120خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) لحديث أبي ذر الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي rقال :
إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه .
وإن تعمد ذلك فإنه يحرم جماع الحائض لقوله تعالى} :ويسألونك
عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض {
]البقرة.[222 :
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود
والترمذي ( أن النبي rقال :من أتى كاهنا ً فصدقه بما يقول أو
أتى امرأة حائضا ً أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما ُأنزل على
د .r محم ٍ
)حديث أنس الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :اصنعوا
ئ إل النكاح ] .أي إل الوطء[ كل ش ٍ
ً
مسألة :ما هي كفارة من أتى حائضا ؟
من غلته نفسه فأتى الحائض قبل أن تطهر من حيضها ،فعليه أن
يتصدق يتصدق بدينار أو بنصف دينار ،
) حديث ابن عباس الثابت في صحيح السنن الربعة ( أن النبي r
قال :في الذي يأتي امرأته وهي حائض ،يتصدق بدينار أو بنصف
دينار .
تنبيه:التخير في حديث ابن عباس راجع إلى التفريق بين أول
الدم وآخره لما
ثبت الثابت في صحيح أبي داوود موقوفا ً عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال :إن أصابها في فور الدم تصدق بدينار ،وإن كان
ة الدّينار
زن َ ُ عملة من ال ّ
ذهب ،و ِ دينار :ال ُ في آخره فنصف دينار ،وال ّ
ل غرامان وربع ،والجنيه ل من الذهب ،والمثقا ُ ي مثقا ٌ السلم ّ
ل ،فنصف جنيه سعودي يكفي ،فُيسأل السعودي :مثقالن إل قلي ً
سوق. عن قيمته في ال ّ
ل :إذا كان الجنيه السعودي يساوي مائة ريال ،فالواجب فمث ً
خمسون أو خمسة وعشرون ريال ً تقريبًا ،وُيدفع إلى الفقراء.
وطئت في فرجها وهي حائض هل عليها كفارة مسألة :المرأةُ إذا ُ
؟
إن كان باختيارها كان عليها كفارة لن شروط الكفارة) أن يكون
النسان عالما ً ،ذاكرا ً ،مختارا ً (
وإن كانت مكرهة فليس عليها كفارة .
) لحديث أبي ذر الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي rقال :
إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه .
ل للرجل من زوجته وهي حائض ؟ مسألة :ما الذي يح ُ
ت « 121خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ويجوز للرجل من زوجته وهي حائض كل جسدها إل الفرج والدبر،
فأما الفرج فلورود المر من الكتاب والسنة باعتزاله في الحيض ،
وأما الدبر فلما ذكرناه آنفا ً من الدلة.
ويحل للرجل أن يستمتع بجسد امرأته -إل ما ذكرنا -كيفما شاء
)لحديث أنس الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :اصنعوا
ئ إل النكاح ] .أي إل الوطء[ كل ش ٍ
)ولحديث عائشة -رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت:
كانت إحدانا إذا كانت حائضا ،فأراد رسول الله rأن يباشرها ،أمرها
أن تتزر في فور حيضتها ،ثم يباشرها .قالت :وأيكم يملك إربه،
كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
فيجوز للرجل أن يتلذذ بجسد امرأته كله إل الفرج في وقت
حيضتها .
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كانت إحدانا إذا
كانت حائضا فأراد رسول الله rأن يباشرها أمرها أن تتزر في
فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي r
يملك إربه .
مسألة :إذا استمتع الزوج بزوجته فيما بين الفخذين هل يجب
على أحدهما الغسل؟
ل إل إذا حدث إنزال . ل يجب على أحدهما غس ُ
مسألة :متى يجوز إتيانها إذا طهرت :
فإذا طهرت من حيضها ،وانقطع الدم عنها ،جاز له وطؤها بعد أن
تغسل موضع الدم منها فقط ،أو تتوضأ أو تغتسل ،أي ذلك فعلت،
جاز له إتيانها ،لقوله تعالى ﴿ :فإذا تطهرن فأتوهن من حيث
ب المتطهرين﴾. أمركم الله إن الله يحب التوابين ويح ّ
مسألة :إذا انقطع الدم ولم تغتسل المرأة ماذا يحل لها ؟
ل إل الصيام والطلق ، ل يح ُ
دليل الصيام :
أنها إذا انقطع الدم ولم تغتسل تكون كالجنب ،والجنب يصح منه
الصوم .
) حديث عائشة متفق عليه ( قالت :كان رسول الله rيدركه
الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم .
الدليل على جواز الطلق إذا انقطع الدم .
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما متفق عليه ( أنه طلق امرأته
وهي حائض على عهد رسول الله rفسأل عمر بن الخطاب رسول
الله rعن ذلك فقال رسول الله r
ت « 122خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مرة فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن
شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر
الله أن تطلق لها النساء .
مسألة :هل يجوز جماع المرأة إذا انقطع الدم قبل أن تغتسل ؟
ن( ] البقرة / ى ي َطْ ُ
هْر َ حت ّ َن َه ّ ول َ ت َ ْ
قَرُبو ُ ل يجوز ،لقوله تعالى َ ) :
[222
ث أكبر ل يحصل التطهر والتطهر ل يكون إل من حدث ،وهذا حد ٌ
منه إل بغسل
هُروا ْ ( ] المائدة [6/ فاطّ ّ
جُنبا ً َ م ُ وِإن ُ
كنت ُ ْ لقوله تعالى َ ) :
)فدل على أن الطهارة من الحدث الكبر ل تكون إل بالغسل (
) (6يجوز جماع المستحاضة
) لحديث فاطمة بنت أبي جيش الثابت في الصحيحين ( قالت :يا
ع الصلة قال إنما ض فل أطهر أفأد ُ رسول الله إني امرأة ُاستحا ُ
ذلك عرق وليس بالحيضة ،فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلة فإذا
ذهبت قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي .
قال المام الشافعي -رحمه الله -في ))الم(( ):(50 /1
" لما أمر الله تعالى باعتزال الحيض ،وأباحهن بعد الطهر
والتطهير ،ودلت السنة على أن المستحاضة تصلي ،دل ذلك على
أن لزوج المستحاضة إصابتها -إن شاء الله تعالى -لن الله أمر
باعتزالهن وهن غير طواهر ،وأباح أن يؤتين طواهر((.
) (7تحريم نشر أسرار الستمتاع بين الزوجين إل لمصلحة شرعية
ويحرم على الزوج -وكذلك على الزوجة -نشر ما يكون بينهما من
أسرار الستمتاع.
) لحديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي
إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها .
قال المام النووي -رحمه الله -في " شرح صحيح مسلم " )
)) :(3/610في هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه
وبين امرأته من أمور الستمتاع ،ووصف تفاصيل ذلك ،وما يجري
من المرأة فيه من قول أو فعل أو نحوه ".
ولكن يجوز نشر مثل هذه السرار لمصلحة شرعية .
فهؤلء هن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يذكرن هديه صلى
الله عليه وسلم في معاشرته ،وتقبيله ومباشرته لهن ،وذلك كله
لرجحان المصلحة من ذكره.
بل أبلغ من ذلك:
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كانت إحدانا إذا
كانت حائضا فأراد رسول الله rأن يباشرها أمرها أن تتزر في
ت « 123خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي r
يملك إربه .
فدل ذلك على جواز ذكر ما يدور بين الرجل والمرأة من أسرار
الجماع للمصلحة الشرعية الراجحة من ذكرها.
وهذا ما فهمه المام النسائي ،فذكر هذا الحديث في ))عشرة
النساء (( من ))السنن الكبرى (( ،وبوب له) :الرخصة في أن
يحدث الرجل بما يكون بينه وبين زوجته( .
ت « 124خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مع الرجال الذين يعاشرون زوجاتهم مرة في الشهر.
) (3وسيلة صحية لنوم هانىء :يلجأ كثير من الذين يعانون من
الرق الى الحبوب المنومة التي زادت أنواعها وتضاعف استهلكها
وأقل أضرارها الدمان عليها بينما المعاشرة الزوجية وسيلة صحية
ل أعراض جانبية لها ومجانية للوصول إلى نوم هانىء سعيد
مريح .فقد أكد الطباء أن المعاشرة تفرز هرمون السيروتونين )
(serotoninفي الدم وهذا يؤدي إلى السترخاء والنوم .
) (4أجمل وأمتع هواية :الهوايات في حياتنا الدنيا كثيرة ومتعددة
لكنها جميعها أو أكثرها تحتاج نفقات مالية إضافية وأوقاتنا طويلة
لممارستها وكثيرا ً ما تكون فردية أي أنها تخص الزوج وحده أو
تخص الزوجة وحدها ومن ثم فأنها تنعكس سلبا على حياتهما
الزوجية من مثل هواية المطالعة لدى الزوج أو هواية الخياطة
والتريكو لدى النساء وتأتي المعاشرة لتكون أجمل هواية بين
الزوجين فهي ل تكلفهما مال ً ول تحتاج وقتا ً طويل ً ويشتركان
فيها معا ً .
) (5تكسب البشرة نعومة والوجه تألقا :المعاشرة الزوجية تطلق
في الجسم هرمونات منعشة تسمى المينات ) (aminesوهذه
الهرمونات تكسب الوجه مزيدا ً من الشراق والتألق وتجعل البشرة
أنضر و أنعم وتشيع في القلب السعادة والنشراح .
) (6تقوية عضلت المرأة الداخلية :تساعد المعاشرة على تقوية
العضلت السفلية للحوض عند المرأة وهذه العضلت تضعف عادة
بعد الولدة مباشرة ومن شأن المعاشرة تنشيط هذه العضلت
وإعادتها إلى حالتها السابقة الطبيعية .
) (7مسكن فعال لبعض المراض :ثبت علميا أن المعاشرة
الزوجية تساعد على إفراز الندورقينات المهدئة للعصاب وهذا
يعنى أنها أي المعاشرة الزوجية تخفف كثيرا ً من الوجاع واللم
مثل التهاب المفاصل والصداع النصفي .
) (8تحول دون جمود الصلة بين الزوجين :يكون التواصل بين
الزوجين في القمة في أشهر الزواج الولى ثم يبدأ التواصل
بالنحدار ولول المعاشرة الزوجية التي تجدد هذا التواصل لوصلت
العلقة بين الزوجين الى الحضيض .
ت « 125خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ول بد له من عمل وليمة بعد الدخول؛ لمر النبي rعبد الرحمن بن
عوف في الحديث التي :
)حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الثابت في الصحيحين
( قال :لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله rبيني وبين سعد
بن الربيع ،فقال سعد بن الربيع :إني أكثر النصار مال ،فأقسم
لك نصف مالي ،وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها ،فإذا حلت
تزوجتها ،قال :فقال عبد الرحمن :ل حاجة لي في ذلك ،هل من
سوق فيه تجارة؟ .قال :سوق قينقاع ،قال :فغدا إليه عبد
الرحمن ،فأتى بأقط وسمن ،قال :ثم تابع الغدو ،فما لبث أن جاء
عبد الرحمن عليه أثر صفرة ،فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :تزوجت( .قال :نعم ،قال) :ومن( .قال :امرأة من النصار،
قال) :كم سقت( .قال :زنة نواة من ذهب ،أو نواة من ذهب،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم) :أولم ولو بشاة(.
الشاهد :قوله ) rأولم ولو بشاة( والصل في المر الوجوب
مسألة :ما هي السنة في الوليمة ؟
]*[ السنة في الوليمة:
من السنة أن ُيراعى فيها المور التية :
)الول( أن تكون ثلثة أيام عقب الدخول :لنه هو المنقول عن
النبي صلى الله عليه وسلم
) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( قال :
))بنى رسول الله rوسلم بامرأة ،فأرسلني فدعوت رجال ً على
الطعام ((
)الثاني( أن يدعو الصالحين إليها ،فقراء كانوا أو أغنياء:
للحديث التي :
) حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و
الترمذي ( أن النبي rقال :ل تصاحب إل مؤمنا و ل يأكل طعامك
إل تقي .
الشاهد :قوله ] rول يأكل طعامك إل تقي [ لن المطاعمة
توجب اللفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق عرى المداخلة
ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات
فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار إذ ل تخلو عن فساد إما بمتابعة
في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ول
يكاد فل تخطئه فتنة الغير به وليس المراد حرمان غير التقي من
الحسان لن المصطفى أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين
بل يطعمه ول يخالطه ،والحاصل أن مقصود الحديث كما أشار
ت « 126خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إليه الطيبي النهي عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه
المتقي ،فالمعنى ل تصاحب إل مطيعا ً ول تخالل إل تقيا ً .
)الثالث( أن يولم بشاة أو أكثر إن وجد سعة:
)حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الثابت في الصحيحين
( قال :لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله rبيني وبين سعد
بن الربيع ،فقال سعد بن الربيع :إني أكثر النصار مال ،فأقسم
لك نصف مالي ،وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها ،فإذا حلت
تزوجتها ،قال :فقال عبد الرحمن :ل حاجة لي في ذلك ،هل من
سوق فيه تجارة؟ .قال :سوق قينقاع ،قال :فغدا إليه عبد
الرحمن ،فأتى بأقط وسمن ،قال :ثم تابع الغدو ،فما لبث أن جاء
عبد الرحمن عليه أثر صفرة ،فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :تزوجت( .قال :نعم ،قال) :ومن( .قال :امرأة من النصار،
قال) :كم سقت( .قال :زنة نواة من ذهب ،أو نواة من ذهب،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم) :أولم ولو بشاة(.
)حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال :ما أولم
النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه كمــا أولــم علــى
زينب ،أولم بشاة.
)الرابع( جواز الوليمة بغير لحم :
ويجوز أن تؤدى الوليمة بأي طعام تيسر ،ولم لم يكن فيه لحم :
)حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال :أقام
النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلث ليال يبنى
عليه بصفيه ،فدعوت المسلمين إلى وليمته ،وما كان فيها من خبز
طت ،فألقى س َ
ول لحم ،وما كان فيها إل أن أمر بلل بالنطاع فب ُ ِ
عليها التمر والقط والسمن .
)الخامس( مشاركة الغنياء بمالهم في الوليمة:
ويستحب أن يشارك ذوو الفضل والسعة في إعدادها؛ لحديث أنس
الثابت في الصحيحين في قصة زواجه صلى الله عليه وسلم
بصفية:
)حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال :حــتى إذا
كان بالطريق ،جهزتها له أم سليم ،فأهدتها له مــن الليــل ،فأصــبح
النبي صلى الله عليه وسلم عروسا ،فقال) :من كــان عنــده شــيء
فليجيء بــه( .وبســط نطعــا ،فجعــل الرجــل يجيــء بــالتمر ،وجعــل
الرجــل يجيــء بالســمن ،قــال :وأحســبه قــد ذكــر الســويق ،قــال:
فحاسوا حيسا ،فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
)السادس( تحريم تخصيص الغنياء بالدعوة:
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :شر الطعام طعام الوليمة ،يدعى لها الغنياء ويترك
ت « 127خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الفقراء ،ومن ترك الدعوة فقد عصى الله تعالى ورسوله صلى
الله عليه وسلم.
)السابع( وجوب إجابة الدعوة:
ويجب على من دعي إليها أن يحضرها
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها .
)حديث أبي موسى الشعري الثابت في صحيح البخاري( أن
النبي rقال :عودوا المريض وأطعموا الجائع وفكوا العاني .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ):حق المسلم على المسلم خمس :رد السلم ،وعيادة
المريض ،واتباع الجنائز ،وإجابة الدعوة ،وتشميت العاطس(.
)الثامن( إجابة الدعوة ولو كان صائمًا:
) حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا
فليأكل و إن كان صائما فليدع بالبركة .
)التاسع( ترك حضور الدعوة التي فيها معصية:
فل يجوز حضور الدعوة إذا اشتملت على معصية ،إل أن يقصد
إنكارها ومحاولة إزالتها ،فإن ُأزيلت؛ وإل وجب الرجوع
)حديث علي رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( قال:
))صنعت طعاما ً فدعوت رسول الله ، rفجاء فرأى في البيت
تصاوير ،فرجع .
)حــديث عائشــة رضــي اللــه عنهــا الثــابت فــي الصــحيحين ( أنهــا
اشترت نمرقة فيها تصاوير ،فلما رآها رسول الله صلى اللــه عليــه
وسلم قام على الباب فلــم يــدخل ،فعرفــت فــي وجهــه الكراهيــة،
فقلت يا رسول اللــه أتــوب إلــى اللــه وإلــى رســوله ،مــاذا أذنبــت؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وســلم) :مـا بــال هــذه النمرقــة(.
قالت :فقلت :اشتريتها لك لتقعد عليهــا وتوســدها ،فقــال رســول
الله صلى الله عليه وسلم) :إن أصــحاب هــذه الصــور يعــذبون يــوم
القيامة ،ويقال لهم :أحيوا ما خلقتــم ،وقــال أن الــبيت الــذي فيــه
الصور ل تدخله الملئكة(.
)العاشر( ما يستحب لمن حضر الدعوة :
ويستحب لمن حضر الدعوة أمران:
الول :أن يدعو لصاحبها بعد الفراغ
) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن
النبي rجاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال
ت « 128خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
النبي أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم البرار وصلت عليكم
الملئكة .
) حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (
قال * نزل رسول الله على أبي قال فقربنا إليه طعاما ووطبة
فأكل منها ثم أتي بتمر فكان يأكله ويلقي النوى بين إصبعيه
ويجمع السبابة والوسطى قال شعبة هو ظني وهو فيه إن شاء
الله إلقاء النوى بين الصبعين ثم أتي بشراب فشربه ثم ناوله
الذي عن يمينه قال فقال أبي وأخذ بلجام دابته ادع الله لنا فقال
اللهم بارك لهم في ما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم
المر الثاني :الدعاء له ولزوجه بالخير والبركة،
)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (
قال :هلك أبي ،وترك سبع بنات أو تسع بنات ،فتزوجت امرأة ثيبًا،
فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :تزوجت يا جابر؟
فقلت :نعم ،فقال :أبكرا ً أم ثيبًا ،قلت :بل ثيبًا ،قال :فهل جارية
تلعبها وتلعبك ،وتضاحكها وتضاحكك؟ فقلت له :إن عبد الله هلك
وترك ]تسع أو سبع[ بنات ،وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن،
فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن ،فقال:
))بارك الله لك (( ،أو قال لي خيرًا.
)حديث عائشة رضــي اللــه عنهــا الثــابت فــي الصــحيحين ( قــالت :
تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم ،فأتتني أمي فأدخلتني الــدار،
فإذا نسوة من النصــار فــي الــبيت ،فقلــن :علــى الخيــر والبركــة،
وعلى خير طائر.
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود
فأ النسان إذا تزوج قال بارك الله و الترمذي ( أن النبي كان إذا َر ّ
لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير، .
تنبيه : وبعض الناس يقول ما يقوله أهل الجاهلية» :بالرفاء
والبنين« ،نسأل الله أل يعمي قلوبنا ،يأتي لفظ عن الرسول ـ
عليه الصلة والسلم ـ خير وبركة ونعدل عنه ،ربما ل يكون هذا
رفاء ،فربما يحصل من الخروق أكثر من الرفاء بين الزوج والزوجة
،وقد تكون البنت خيرا ً من البن بكثير.
)الحادي عشر( قيام العروس على خدمة الرجال:
ول بأس من أن تقوم على خدمة المدعوين العروس نفسها إذا
كانت متسترة وأمنت الفتنة ،لحديث سهل بن سعد التي:
)حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (
قال :دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في
عرسه ،وكانت امرأته يومئذ خادمهم ،وهي العروس ،قال سهل:
ت « 129خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تدرون ماسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أنقعت له
تمرات من الليل ،فلما أكل سقته إياه .
)الثاني عشر( الغناء والضرب بالدف:
ويجوز له أن يسمح للنساء في العرس بإعلن النكاح بالضرب على
الدف فقط ،وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر
الفجور،
َ
) حــديث الُرب َي ّــع بنــت معــوذ رضــي اللــه عنهــا الثــابت فــي صــحيح
البخاري ( قالت :دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غــداة بنــي
علــي ،فجلــس علــى فراشــي كمجلســك منــي ،وجويريــات يضــربن
بالدف ،يندبن من قتـل مــن آبــائهن يــوم بــدر ،حــتى قــالت جاريــة:
وفينا نبي يعلم ما في غد ،فقال النبي صلى الله عليــه وســلم) :ل
تقولي هكذا ،وقولي ما كنت تقولين(
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت فــي صــحيح البخــاري ( أنهــا
زفت امرأة إلى رجل من النصار ،فقال نبي الله صــلى اللــه عليــه
وسلم )) :يا عائشة! ما كان معكم لهو ،فإن النصار يعجبهم اللهو؟
((
)الثالث عشر( المتناع عن مخالفة الشرع:
ويجب عليه أن يمتنع من كل ما فيه مخالفة للشرع ،وخاصة ما
اعتاده الناس في مثل هذه المناسبة ،حتى ظن كثير منهم -بسبب
سكوت العلماء -أن ل بأس فيها ،وأنا أنبه هنا على أمور هامة
منها:
-1تعليق الصور:
الول :تعليق الصور على الجدران ،سواء كانت مجسمة أو غير
مجسمة ،لها ظل ،أو ل ظل لها ،يدوية أو فوتوغرافية ،فإن ذلك
كله ل يجوز
)حديث عائشة رضي الله عنها عنه الثابت في الصحيحين ( قالت:
قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر ،وقد سترت بقرام
لي على سهوة لي فيها تماثيل ،فلما رآه رسول الله صلى الله
عليه وسلم هتكه وقال) :أشد الناس عذابا ً يوم القيامة الذين
يضاهون بخلق الله( .قالت :فجعلناه وسادة أو وسادتين.
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و
الترمذي ( أن النبي rقال :أتاني جبريل فقال :إني كنت أتيتك
البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إل
أنه كان على الباب تماثيل و كان في البيت قرام ستر فيه تماثيل
و كان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت فليقطع
فيصير كهيئة الشجرة و مر بالستر فليقطع فيجعل وسادتين
منبذتين توطئان و مر بالكلب فليخرج .
ت « 130خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
-2ستر الجدران بالسجاد:
المر الثاني مما ينبغي اجتنابه :ستر الجدار بالسجاد ونحوه ،ولو
من غير الحرير ،لنه سرف وزينة غير مشروعة
) حديث عائشة رضي الله عنها رضي الله عنه الثابت في صحيح
مسلم (
قالت :أن النبي rخرج في غزاته فأخذت نمطا فسترته على
الباب فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه
حتى هتكه أو قطعه وقال إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة
والطين قالت فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك
علي .
ولهذا كان بعض السلف يتمنع من دخول البيوت المستورة جدرها،
قال سالم بن عبد الله:
))أعرست في عهد أبي ،فآذن أبي الناس ،وكان أبو أيوب فيمن
آذّنا ،وقد ستروا بيتي بنجاد أخضر ،فأقبل أبو أيوب فدخل ،فرآني
قائمًا ،واطلع فرأى البيت مستترا ً بنجاد أخضر ،فقال :يا عبد الله!
أتسترون الجدر؟! قال :أبي - :واستحى -غلبنا النساء أبا أيوب!
فقال :من أخشى أن تغلبنه النساء فلم أخشى أن تغلبنك! ثم
قال :ل أطعم لكم طعامًا ،ول أدخل لكم بيتًا .ثم خرج رحمه الله ((
الطبراني وابن عساكر .
-3نتف الحواجب وغيرها!
الثالث :ما تفعله بعض النسوة من نتفهن حواجبهن حتى تكون
كالقوس أو الهلل ،يفعلن ذلك تجمل ً بزعمهن!
وهذا مما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله كما
في الحديث التي :
)حديث ابن مسعود في الصحيحين( أن النبي rقال :لعن الله
الواشمات و المستوشمات و النامصات و المتنمصات و المتفلجات
للحسن المغيرات خلق الله .
) لعن الّله الواشمات ( جمع واشمة وهي التي تشم غيرها )
والمستوشمات ( جمع مستوشمة وهي التي تطلب الوشم
) والنامصات ( جمع متنمصة المتنمصات بتاء ثم نون قال في
التنقيح :وروى بتقدم النون على التاء ومنه قيل للمنقاش
منماص لنه ينتف وهي التي تطلب إزالة شعر الوجه والحواجب
بالمنقاش
) والمتفلجات ( بالجيم ) للحسن ( أي لجله جمع متفلجة
وهي التي تفعل الفلج في أسنانها أي تعانيه حتى ترجع المصمتة
السنان خلقة فلجاء صنعة وذلك بترقيق السنان
ت « 131خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) المغيرات خلق الّله ( هي صفة لزمة لمن تصنع الثلثة فل
يجوز للمرأة تغير شيء من خلقتها بزيادة ول نقص التماسا ً
للتحسن للزوج ول غيره.
-4تدميم الظفار وإطالتها:
الرابع :هذه العادة القبيحة الخرى التي تسربت من فاجرات أوربا
إلى كثير من المسلمات ،وهي تدميمهن لظفارهن بالصمغ الحمر
المعروف اليوم بـ) مينيكور ( ،وإطالتهن لبعضها -وقد يفعلها بعض
الشباب أيضًا -فإن هذا مع ما فيه من تغير لخلق الله المستلزم
لعن فاعله كما علمت آنفًا ،ومن التشبه بالكافرات المنهي عنه
في أحاديث كثيرة التي منها قوله صلى الله عليه وسلم ...)) :
ومن تشبه بقوم فهو منهم ((؛ فإنه أيضا ً مخالف للفطرة ﴿فطرة
الله التي فطر الناس عليها﴾،
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود (:
أن النبي rقال :من تشبه بقوم ٍ فهو منهم .
قال شيخ السلم رحمه الله تعالى :هذا الحديث أقل فعله
التحريم .
) لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال :خمس من الفطرة :الختان والستحداد و قص
الشارب و تقليم الظفار و نتف البط .
ت لنا في قص و ّ
ق َ ) حديث أنس الثابت في صحيح مسلم ( قال ُ :
الشارب وتقليم الظافر ونتف البط وحلق العانة أل نترك أكثر من
أربعين ليلة (
ن ذهبية أقدمها للزوجين حس ِصو ُ هاك وصايا ذهبية صادرة عن إخل ٍ
الكريمين
قعا عسى الله ً لعلها تجد لهما في سمعهما مسمعا وفي قلبهما مو ِ
قهما إلى تنفيذها : ف ْ
و ِ
أن ينفعهما بها وي ُ َ
ل :أن يتطاوعا ويتناصحا بطاعة الله تبارك وتعالى ،واتباع أو ً
أحكامه الثابتة في الكتاب والسنة ،ول يقدما عليها تقليدا ً أو عادة
غلبت على الناس ،أو مذهبا ً فقد قال عز وجل﴿ :وما كان لمؤمن
هم الخيرة من ول مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ً أن يكون ل ُ
ت « 132خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلل ً مبينا ً﴾ ]الحزاب:
.[36
ثانيًا :أن يلتزم كل واحد منهما القيام بما فرض الله عليه من
ل -أن تساوي الواجبات والحقوق تجاه الخر ،فل تطلب الزوجة -مث ً
الرجل في جميع حقوقه ،ول يستغل الرجل ما فضله الله تعالى به
عليها من السيادة والرياسة ؛ فيظلمها ،ويضربها بدون حق ،فقد
قال الله عز وجل:
﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله
عزيز حكيم﴾ ]البقرة ،[228 :وقال:
ما
وب ِ َض َ َ ّ ض َ ما َ عَلى الن ّ َ ل َ جا ُ
ع ٍ على ب َ ْ م َ ه ْ ض ُع َ
ه بَ ْ ل الل ُ ف ّ ساء ب ِ َ ن َ مو َ وا ُ
َ
ق ّ ﴿الّر َ
ظف َ ح ِ ما َ ب بِ َ غي ْ ِت ل ّل ْ َ ظا ٌ ف َ حا ِ ت َ قان َِتا ٌت َ حا ُ صال ِ َفال ّ م َ ه ْوال ِ ِ م َنأ ْ م ْقوا ْ ِ ف ُ َأن َ
ع
ج ِ ضا ِ م َ في ال ْ َ ن ِ ه ّ جُرو ُ ه ُوا ْ ن َ ه ّ ظو ُ ع ُ ن َ
ف ِ ه ّ شوَز ُ ن نُ ُ فو َ خا ُ والل ِّتي ت َ َ ه َ الل ّ ُ
َ
عل ِّيا ن َ كا َ ه َن الل ّ َ سِبيل ً إ ِ ّ ن َ ه ّ غوا ْ َ َ
علي ْ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ ن أطَ ْ
عن َك ُ ْ فإ ِ ْ ن َ ه ّرُبو ُ ض ِ وا ْ َ
كِبيرا﴾ ]النساء.[34 : ً َ
)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن
ماجة ( قال قلت * يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن
تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب
الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت .
) حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال :إن المقسطين عند الله على منابر من
نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في
حكمهم وأهليهم وما ولوا .
فإذا هما عرفا ذلك وعمل ً به ،أحياهما الله تبارك وتعالى حياة
طيبة ،وعاشا -ما عاشا معًا -في هناء وسعادة ،فقد قال عز وجل:
﴿من عمل صالحا ً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة
ولنجزينهم أجرهم أحسن ما كانوا يعملون﴾ ]النحل.[97 :
ثالثًا :وعلى المرأة بصورة خاصة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به
ضل الله به الرجال على ف ّ في حدود استطاعتها ،فإن هذا مما َ
النساء كما في اليتين السابقتين﴿ :الرجال قوامون على النساء﴾﴿ ،
وللرجال عليهن درجة﴾ ،وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة مؤكدة
لهذا المعنى ،ومبينة بوضوح ما للمرأة ،وما عليها؛ إذا هي أطاعت
زوجها أو عصته ،فل بد من إيراد بعضها ،لعل
فيها تذكيرا ً لنساء زماننا ،فقد قال تعالى﴿ :وذكر فإن الذكرى تنفع
المؤمنين﴾.
وسوف نبين ذلك بالتفصيل إن شاء الله تعالى في حقوق الزوج .
ت « 133خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ثامنًا :الحقوق الزوجية
]*[ لقد حفظ السلم للمرأة حقها بعد إذ كانت تباع وتشترى
وتورث في المجتمعات الجاهلية ،وقد وردت في الشريعة الغراء
عدة نصوص تبين هذه الحقوق ،وتثبتها للمرأة ،ولقد اقتضت
حكمة الله سبحانه وتعالى وعلمه أن يجعل القوامة للرجال على
النساء ،وذلك بما فضلهم به عليهن من النفقة وغيرها قال تعالى:
)الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض
وبما أنففوا من أموالهم { ]النساء ..[34:ولكن لم يجعل سبحانه
وتعالى مثل هذه القوامة سببا ً للستهانة بحقوق النساء ،أو
لعضلهن إياها ،كما كان الحال في المجتمعات الجاهلية ،إن
النساء أمانات في أيديكم ،وإن الله قد استرعاكم هذه المانات
فصونوها ،وأحسنوا رعايتها يحسن الله إليكم ،وإنكم مسئولون
عنها يوم القيامة ،هل أديتم حقوقها أم فرطتم وضّيعتم؟!
ت « 134خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
و بين النبي rقاعدة شرعية هي أن خير الناس من كان خيرا ً
لهله ،فكلما كان النسان أقرب إلى هذا القول كان أكثر امتثال ً
لقول النبي rوأكثر تأسيا ً به . r
)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي rقال :
م لهلي. وأ ََنا َ
خي ُْرك ُ ْ هَ ، م لَ ْ
هل ِ ِ خي ُْرك ُ ْ خي ُْرك ُ ْ
م َ » َ
وحرص سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على
حفظ هذه حقوق النساء وتأديتها إليهن على الوجه الشرعي
ة وتفصيل :المسنون ،وهاك حقوق الزوجة جمل ً
ة:
]*[ حقوق الزوجة جمل ً
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
) (1المعاشرة بالمعروف وحسن الخلق .
) (2المهر
) (3القوامة عليها وتأديبها إذا خاف نشوزها
سك َْنى) (4النفقة وال ُ
) (5حق المبيت والمعاشرة وقضاء الوطر
) (6التأدب في معاملتها وعدم التعرض للوجه بالضرب أو التقبيح:
) (7عدم الهجر في غير البيت
) (8مداراتها وملطفتها
) (9أن يصبر عليها ويتحمل الذى منها وأن يعفو عن زلتها :
) (10النهي عن التماس عثرات النساء
) (11أن يعين الزوجة في أمور الدنيا والخرة
) (12أن يحفظها ويصونها عن كل ما يخدش دينها وشرفها
غْيرة عليها ) (13ال َ
) (14أن يعلمها الخير ويأمرها به ولسيما الضروري من أمور
دينها
سَرها وأل يذكر عيبها : شي ِ ) (15أل ي ُ ْ
ف ِ
) (16أن يعدل بينها وبين ضرتها
) (17أن يتعاهدها بالهدايا التي تجلب المحبة :
) (18أل يمنعها من زيارة أهلها
) (19المحافظة على مالها وعدم التعرض له إل بإذنها :
) (20حق الخلع :
]*[]*[]*[]*[
ء من التفصيل : وهاك حقوق الزوجة بشي ٍ
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
) (1المعاشرة بالمعروف وحسن الخلق :
ت « 135خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ف( )النساء: عُرو ِ م ْ ن ِبال ْ َه ّشُرو ُ عا ِ و َقَ ) : قال الله تعالى مبّينا ً هذا الح ّ
.(19
]*[ قال ابن كثير ) رحمه الله تعالى :
سُنوا
ح ّ ف( أي :طي ُّبوا أقوالكم لهن ،و َ عُرو ِ م ْ ن ِبال ْ َ ه ّ شُرو ُعا ِ و َوقولهَ ) :
أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم ،كما تحب ذلك منها ،فافعل أنت
ف{ عُرو ِ م ْ ن ِبال ْ َه ّ ذي َ َ
علي ْ ِ ل ال ّ ِمث ْ ُن ِ ه ّ ول َ ُ
بها مثله ،كما قال تعالىَ } :
]البقرة[228:
وكان النبي صلى الله عليه وسلم خير الناس لهله بنص السنة
الصحيحة كما في الحديث التي :
)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي rقال :
م لهلي . خي ُْرك ُ ْ وأ ََنا َهَ ، م لَ ْ
هل ِ ِ خي ُْرك ُ ْ
م َ خي ُْرك ُ ْ
» َ
شَرة دائم ع ْ ميل ال ِ ج ِ وكان من أخلقه صلى الله عليه وسلم أنه َ
حك قته ،وُيضا ِ ف َ هم ن َ َ ع ُس ُف بهم ،وُيو ّ ب أهَله ،وي َت َل َطّ ُ ع ُرُ ،يدا ِ ش ِ الب ِ ْ
ودّدُ إليها بذلك ءه ،حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين ي َت َ َ نسا َ
كما في الحديث التي :
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري (
أنها:كانت مع النبي في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي
فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك .
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
الجامع ( أن النبي rقال :كل شيء ليس من ذكر الله لهو و لعب
إل أن يكون أربعة :ملعبة الرجل امرأته و تأديب الرجل فرسه و
مشي الرجل بين الغرضين و تعليم الرجل السباحة .
ومن المعاشرة بالمعروف أن يتصنع لها كما تتصنع له:
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول " :إني لحب أن أتزين
لمرأتي كما أحب أن تتزين لي " .الجامع لحكام القرآن
]*[ وقال ابن سعدي رحمه الله:
"وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية ،فعلى الزوج أن يعاشر
زوجته بالمعروف ،ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما.
فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك
الزمان والمكان ،وهذا يتفاوت بتفاوت الحوال".
وعن جابر رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم في خطبة الوداع)) :واتقوا الله في النساء ،فإنكم
أخذتموهن بأمان الله((.
ت « 136خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال النووي رحمه الله :
"فيه الحث على مراعاة حق النساء والوصية بهن ومعاشرتهن
بالمعروف .وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بهن،
وبيان حقوقهن ،والتحذير من التقصير في ذلك.
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال :ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا
رضي منها آخر .
]*[ قال الشوكاني رحمه الله :
"فيه الرشاد إلى حسن العشرة ،والنهي عن البغض للزوجة
خُلق من أخلقها ،فإنها ل تخلو مع ذلك عن أمر بمجرد كراهة ُ
يرضاه منها ،وإذا كانت مشتملة على المحبوب والمكروه فل ينبغي
ترجيح مقتضى الكراهة على مقتضى المحبة".
تنبيه وليعلم أن الناس في العشرة طرفان مذمومان ،فمنهم
من ل تعرف الرحمة والعطف إلى قلبه سبيل ً ،ومنهم من يفرط
في التساهل والتسامح حتى ينفلت زمام المور من يده ،والحق
وسط بين الغالي فيه والجافي عنه.
]*[ وجعل العلماء المحاور التي تكون بها العشرة بــالمعروف فــي
القوال بين الزوجين في أربع أحوال:
الول :فــي النــداء ،إذا نــادى الــزوج الزوجــة ،وإذا نــادت الزوجــة
زوجها.
الثاني :في الطلب عند الحاجة ،تطلب منه أو يطلب منها.
والثالث :عند المحاورة ،والكلم ،والحديث ،والمباسطة.
والرابع :عند الخلف والنقاش.
الحالة الولى :عند النداء .إذا نادت المرأة بعلها فــإنه ينبغــي لكــل
من الزوجين أن يحسن النداء ،كان رسول الله صلى الله عليه وآله
وسلم ينــادي أم المــؤمنين عائشــة رضــي اللــه عنهــا ،فيقــول) :يــا
عائش!(
قال العلماء :إن هذا اللفظ يدل على الكــرام والملطفــة ،وحســن
عل من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهله، التب ّ
فالغلظة والوحشية في النداء بأسلوب القسر والقهــر مــن الرجــل
أو بأسلوب السخرية والتهكــم مــن المــرأة تفســد المحبــة ،وتقطــع
أواصر اللفة بين الزوج والزوجة...
ومــن الخطــاء كــذلك أن الزوجــة تختــار لزوجهــا كلمــة تنتقصــه أو
قره بها ،وكان بعض العلماء يقول :الفضل أل تناديه وأل يناديها تح ّ
ت « 137خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
بالسم المجرد ،فمن أكرم ما يكون في النداء النداء بالكنية ،فهــذا
من أفضل ما يكون.
وقال العلماء :إنه ما من زوج يألف ويعتاد نــداء زوجتــه بالملطفــة
إل قــابلته المــرأة بمثــل ذلــك وأحســن ،فــإن النســاء جبلــن علــى
الملطفة ،وجبلت على حب الدعــة والرحمــة واللفــة ،فــإذا قابلهــا
الزوج بذلك قابلته بما هو أحسن وأفضل.
الحالة الثانية :عند الطلــب .إذا خــاطب الرجــل امرأتــه عنــد الطلــب
ب ل يشــعرها بالخدمــة وأراد منهــا أمــرًا ،يطلــب ذلــك منهــا بأســلو ٍ
والذلل والمتهان والنتقاص ،والمرأة إذا طلبت من بعلها شيئا ً ل
تجحفــه ول تــؤذيه ول تضــره ،ول تختــار الكلمــات واللفــاظ الــتي
تقلقه وتزعجــه ،فهــذا ممــا يحفــظ اللســان ،ويعيــن علــى العشــرة
بالمعروف في الكلمات ،وانظر إلى الحديث التي :
)حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( قالت :بينما رسول الله
rفي المسجد فقال يا عائشة ناوليني الثوب فقلت :إني حائض
فقال :إن حيضتك ليست في يدك فناولته .
فانظر إلى رســول المــة صــلى اللــه عليــه وآلــه وســلم ،يســأل
حاجته من أم المؤمنين ،فلما اعتــذرت ،اعتــذرت بالعــذر الشــرعي،
وما قــالت :ل أســتطيع إبهامـًا ،أو معللــة عــدم اســتطاعتها بشــي ٍ
ء
مجهول ،وإنما قــالت :إنــي حــائض ،فبمــاذا تــأمرني؟ ومــاذا تريــد؟
وكيــف أفعــل؟ فقــال) :إن حيضــتك ليســت فــي يــدك( ،أي إذا
ناولتينيها فإن دخول اليد ليس كدخول الكل.
الحالــة الثالثــة :حالــة الحــديث والمباســطة ،فل ينبغــي للمــرأة ول
ب فيــه ت ل يتناســ ُل منهما الخر في وق ـ ٍ دث ك ٌينبغي للرجل أن ُيح ّ
الحديث؛ ولذلك ذكر بعض أهل العلم أن من الذية بالقول أن تتخير
المــرأة ســاعات التعــب والنصــب لمحادثــة الــزوج ،أو يتخيــر الــزوج
ســاعات التعــب والنصــب لمحادثــة زوجتــه ،فهــذا كلــه ممــا يحــدث
السآمة والملل ،ويخالف العشرة بالمعروف التي أمر الله عز وجــل
بها ،وقالوا :إذا باسط الرجل امرأته فليتخير أحســن اللفــاظ ،وإذا
قص لها تخير أحسن القصص وأفضلها ،مما يحســن وقعــه ويطيــب
أثره.
الحالة الرابعة :عند الخصومة والنزاع ،فمن العشــرة بــالمعروف إذا
وقع الخلف بين الرجل والمرأة أن يحدد الخلف بينه وبين امرأتــه،
د عن التعنيف والتقريع ب بعي ٍ
وأن يبين لها الخطأ إن أخطأت بأسلو ٍ
إذا أراد أن يقّررها ،وبعد أن تقر وتعترف إن شــاء وبخهــا وإن شــاء
عفا عنها ،أما أن يبادرها بالهجوم مباشرة قبل أن يبين لها خطأها
فإن هذا مما يقطع اللفة والمحبة ويمنع من العشــرة بــالمعروف؛
لنها تحس وكأنها مظلومة،
ت « 138خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والفضــل والكمــل :أن الرجــل إذا عتــب علــى امرأتــه شــيئا ً أن
يتلطف في بيان خطئها ،كــان رســول اللــه صــلى اللــه عليــه وآلــه
ة
وسلم يعلم متى تكون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهــا راضــي ً
ة عنــه قـالت) :ورب عنــه ومــتى تكــون ســاخطة ،فـإن كــانت راضـي ً
محمد(،
وإن كان في نفسها شيئا ً قالت رضي اللــه عنهــا) :ورب إبراهيــم(،
فعلم عليه الصلة والسلم أنها ما اختارت الحلف
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت :قــال
لي رسول الله صلى الله عليه وســلم) :إنــي لعلــم إذا كنــت عنــي
راضية ،وإذا كنت علي غضبى( قالت :فقلت :من أين تعــرف ذلــك؟
فقال) :أما إذا كنت عني راضية ،فإنك تقولين :ل ورب محمــد ،وإذا
كنت غضبى ،قلت :ل ورب إبراهيــم( .قــالت :قلــت :أجــل واللــه يــا
رسول الله ،ما أهجر إل اسمك .
]*[]*[]*[]*[
) (2المهر :
وهو المال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح أو الوطء ،فهو
المال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج لزوجته ،ويسمى "
ة َباِذِله في النكاح ،وهو حق خالص الصداق" لشعاره بصدق رغب ٍ
ة( ] النساء/حل َ ً
ن نِ ْ
ه ّ صدُ َ
قات ِ ِ ساءَ َ
وآُتوا الن ّ َ
للمرأة كما قال تعالى َ ) :
الية [4
والنحلة تعني الهبة؛ لن كل واحد من الزوجين يستمتع بصاحبه،
وجعل الصداق للمرأة ،فكأنه عطية بغير عوض .
)حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الثابت في الصحيحين
( قال :لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله rبيني وبين سعد
بن الربيع ،فقال سعد بن الربيع :إني أكثر النصار مال ،فأقسم
لك نصف مالي ،وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها ،فإذا حلت
تزوجتها ،قال :فقال عبد الرحمن :ل حاجة لي في ذلك ،هل من
سوق فيه تجارة؟ .قال :سوق قينقاع ،قال :فغدا إليه عبد
الرحمن ،فأتى بأقط وسمن ،قال :ثم تابع الغدو ،فما لبث أن جاء
عبد الرحمن عليه أثر صفرة ،فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :تزوجت( .قال :نعم ،قال) :ومن( .قال :امرأة من النصار،
قال) :كم سقت( .قال :زنة نواة من ذهب ،أو نواة من ذهب،
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم) :أولم ولو بشاة(.
]*[ قال الطبري رحمه الله :
"يعني بذلك تعالى ذكره :وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة
وفريضة لزمة".
ت « 139خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال ابن عبد البر قال " :أجمع علماء المسلمين أنه ل يجوز له
وطء في نكاح بغير صداق دينا ً أو نقدًا".
وهذا المهر حق للمرأة أثبته الشارع لها توثيقا ً لعقد الزواج الذي
هو أخطر العقود ،وتأكيدا ً على مكانة المرأة ،وشرفها ،ودليل ً على
صدق رغبة الرجل في الرتباط بها حيث بذل لها المال الذي هو
عزيز على النفس ،ول يبذل إل فيما هو عزيز ،كما إنه سبب
لديمومة النكاح واستمراره.
]*[ قال الكاساني رحمه الله" :إن ملك النكاح لم يشرع لعينه ،بل
لمقاصد ل حصول لها إل بالدوام على النكاح والقرار عليه ،ول
يدوم إل بوجوب المهر بنفس العقد؛ لما يجري بين الزوجين من
من السباب التي تحمل الزوج على الطلق من الوحشة
والخشونة ،فلو لم يجب المهر بنفس العقد ل يبالي الزوج عن
إزالة هذا الملك بأدنى خشونة تحدث بينهما ،لنه ل يشق عليه
إزالته لما لم يخف لزوم المهر فل تحصل المقاصد المطلوبة من
النكاح ،ولن مصالح النكاح ومقاصده ل تحصل إل بالموافقة ،ول
تحصل الموافقة إل إذا كانت المرأة عزيزة مكّرمة عند الزوج ،ول
عزة إل بانسداد طريق الوصول إليها ،ول يكون ذلك إل بمال له
خطر عند الزوج لن ما ضاق طريق إصابته يعز في العين فيعّز به
إمساكه وما يتيسر طريق إصابته يهون في العين فيهون إمساكه،
ومتى هانت في عين الزوج تلحقها الوحشة فل تقع الموافقة ول
تحصل مقاصد النكاح ،ولن الملك ثابت في جانبها – أي الزوجة –
إما في نفسها وإما في المتعة ،وأحكام الملك في الحرة تشعر
بالذل والهوان ،فل بد أن يقابله مال له خطر لينجبر الذل من حيث
المعنى .
]*[ وقال ابن تيمية رحمه الله :
"والمستحب في الصداق مع القدرة واليسار أن يكون جميع عاجله
وآجله ل يزيد على مهر أزواج النبي ول بناته ،وكان ما بين
أربعمائة إلى خمسمائة بالدراهم الخالصة ،نحوا من تسعة عشر
دينارا ،فهذه سنة رسول الله من فعل ذلك فقد استن بسنة
رسول الله في الصداق ...فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق
ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي
هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في
كل صفة فهو جاهل أحمق .وكذلك صداق أمهات المؤمنين .وهذا
مع القدرة واليسار .فأما الفقير ونحوه فل ينبغي له أن يصدق
المرأة إل ما يقدر على وفائه من غير مشقة".
ت « 140خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
جدُُر الشارة إليه في موضوع المهر أنه ينبغي عدم تنبيه:مما ت َ ْ
المغالة في المهور وحفلت الزواج:
بوب المام مسلم رحمه الله :باب الصداق وجواز كونه تعليم
قرآن وخاتم حديد وغير ذلك من قليل وكثير واستحباب كونه
خمسمائة درهم لمن ل يجحف به .
)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال :أتت النبي
امرأة فقالت :إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ،فقال) :ما لي
في النساء من حاجة( .فقال رجل :زوجنيها ،قال) :أعطيها ثوبا(.
قال :ل أجد ،قال) :أعطها ولو خاتما من حديد( .فاعتل له ،فقال:
جت ُك َ َ
ها بما و ْ
)ما معك من القرآن( .قال :كذا وكذا ،قال) :فقد َز َ
معك من القرآن(.
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود (
أن النبي rقال :خير النكاح أيسره .
) حديث عقبة ابن عامر رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع (
أن النبي rقال :خير الصداق أيسره .
)حديث عمر رضي الله عنه الثابت في صحيح السنن الربعة ( أن
ق النساء فإنها لو كانت مكرمة في النبي rقال :أل ل تغالوا ب ِ ُ
صدُ ِ
الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولكم بها النبي صلى الله عليه
وسلم ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه
ول أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية .
) حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه الثابت في
صحيح مسلم ( أنه قال سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم * كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت
كان صداقه لزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا قالت أتدري ما النش
قال قلت ل قالت نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم فهذا صداق
رسول الله صلى الله عليه وسلم لزواجه
تنبيه" : إن التوسط والبعد عن الفراط والخيلء وحب
المظاهر ،من أسباب السعادة الزوجية والتوفيق بإذن الله ،وهو
أمر مطلوب من الغنياء والوجهاء قبل غيرهم؛ لنهم هم الذين
يصنعون تقاليد المجتمع ،والخرون يتشبهون بهم".
إن بساطة المهر ،وحفل الزفاف ،خطوة تحتاج إلى عزيمة صادقة،
همائهم. مة عالية ،ل تبالي بأقوال سفهاء الناس ودَ ْ وه ّ
ف ،وكلهما ل ،وجا ٍ وأكثر الناس في قضية المهر ،طرفان :غا ٍ
مذموم ،فبينما نرى رجل ً ُيبالغ في التبسيط حتى يصل مهر ابنته
إلى ريال واحد ،نجد آخر يغلو ويسرف حتى تبلغ نفقات ليلة
الزفاف ما يكفي لزيجات كثيرة.
ت « 141خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
سُئل سعيد بن المسيب رحمه الله عن قوله صلى الله عليه
وسلم ) :خير النساء أيسرهن مهورا( فقيل له :كيف تكون
حسناء ورخيصة المهر ؟ فقال :يا هذا ،انظر كيف قلت أهم
يساومون في بهيمة ل تعقل أم هي بضاعة طمع صاحبها يغلب
على مطامع الناس ! ثم قرأ ) :هو الذي خلقكم من نفس واحدة
وجعل منها زوجها (
]*[]*[]*[]*[
) (3القوامة عليها وتأديبها إذا خاف نشوزها :
م
ه ْ
ض ُع َ ل الل ّ ُ
ه بَ ْ ض َ
ف ّما َء بِ َسآ ِعَلى الن ّ َ ن َ مو َوا ُق ّل َ جا ُ قال تعالى) :الّر َ
َ مآ أ َن ْ َ
م( ]سورة :النساء [34 / ه ْ
وال ِ ِم َ
نأ ْ م ْقوا ْ ِ ف ُ وب ِ َ
ض َ
ع ٍ عل َ َ
ى بَ ْ َ
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
يقول تعالى } الرجال قوامون على النساء { أي :الرجل قّيم
على المرأة ،أي :هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا
اعوجت .
]*[ وقد بين الجصاص وابن العربي رحمهما الله :
المقصود بقوامة الزوج على زوجته :بأنه قيامه عليها بالتأديب
والتدبير ،والحفظ والصيانة ،وتولي أمرها وإصلح حالها ،آمرا ً ناهيا ً
لها كما يقوم الولة على الرعايا.
والقوامة أمر منطقي ،إذ ل بد لكل كيان من قيادة تدير شؤونه،
والسرة أعظم كيان إنساني ،فل بد لها من قائد ،وقد حسم
القرآن هذه القضية بتولية الرجل هذه القيادة بصريح العبارة،
وعلل ذلك بأمرين :أمر فطري وأمر كسبي ,فالمر الفطري :هو
التهيئة النفسية والجسمانية لتولي القيادة ،حيث يفوق الرجل
المرأة في البنية الجسمانية والقدرة على التحمل ،وتغلب
عقلنيته عاطفته ،مما يجعله أقدر منها على اتخاذ القرار وتحمل
المسؤولية ،والمر الثاني :تحمله للعباء المالية من مهر ونفقة
وتكاليف أخرى ألزمه الشرع بها ،في حين لم يلزمها الشارع بأي
نفقة وإن كانت أغنى منه،
وعلى كل حال فالقوامة في السلم تكليف ل تشريف،
ومسؤولية ل وجاهة.
تنبيه وهذا حق تنازل عنه كثير من الرجال بمحض اختيارهم،
مما سبب كثيرا ً من المشكلت العاصفة باستقرار عش الزوجية،
قوامته لزوجته إسعادٌ لها، وقد يظن قوم أن في تنازل الرجل عن ِ
ن خاطئ ،ذلك لن المرأة بفطرتها تحب أن تأوي إلى ركن وهذا ظ ّ
تلجأ إليه ،حتى وإن تحدثت بعض النساء أمام صويحباتها بفخر أن
زوجها يطيعها ،ول يعصي لها أمرًا ،مما يوحي بضعف قوامته
ت « 142خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
عليها ،فإنها في داخل نفسها تشعر بضعف وخلل في بنية
السرة.
وعلى العكس منها ،تلك المرأة التي تظهر الشكوى من زوجها ذي
الشخصية القوية ،والقوامة التامة ،فإنها وإن باحت بذلك ،تشعر
جبلت عليه. براحة توائم فطرتها ،وسعادة تناسب ما ُ
ل يسفر عن وجه الحق فيها ولعلي أوضح هذه القضية بمثا ٍ
فبالمثال يتضح المقال :إذا انفلت زماما المن في بلد ما ،فإن
للشعب أن يفعل ما يشاء ،لكنه ل يشعر بالستقرار النفسي،
وسيلحقه خوف مقلق ،وجزع مؤرق من جراء ذلك ،وقل ضد ذلك
إذا ضبطت أركان الدولة ،وتولى زمام المور رجال أقوياء ،مع أنه
سيضايق فريقا ً من الناس ،إل أنهم سيشعرون باستقرار داخلي،
وراحة وأمن وهدوء بال.
ولذلك فإن تنازل الرجل عن قوامته أمر ُيشقي المرأة ول
ُيسعدها ،وُيسبب وهنا ً في بناء السرة ،وتقويضا ً في أركانها لنه
وا أمرهم امرأةً بنص السنة الصحيحة كما في ول ّ ْ
م َ لن ُيفلح قو ٌ
الحديث التي :
)حديث أبي بكرة الثابت في صحيح البخاري( أن النبي rقال :لن
م ولوا أمرهم امرأة . يفلح قو ٌ
وأرى من أجل استقرار الحياة الزوجية أن ُتطالب المرأة زوجها
صر فيها. بالقيام بقوامته على السرة كما ُتطالبه بالنفقة إذا ق ّ
]*[ تأديبها إذا خاف نشوزها :
ومها إذا على الزوج أن يؤدب زوجته إذا خاف نشوزها وأن يق ّ
ط به وأن يمتثل قوله اعوجت وأن يقوم بواجب القوامة الذي أ ُِني َ
ىعل َ َ م َ ه ْ ض ُع َ ه بَ ْل الل ّ ُ ض َ ف ّ ما َ ء بِ َ سآ ِ عَلى الن ّ َ ن َ مو َ
َ
وا ُق ّل َ جا ُ تعالى ) :الّر َ
م( ]سورة :النساء [34 / ه ْوال ِ ِ م َنأ ْ م ْ قوا ْ ِ ف ُ مآ أ َن ْ َوب ِ َض َ ع ٍ بَ ْ
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
يقول تعالى } الرجال قوامون على النساء { أي :الرجل قّيم
على المرأة ،أي :هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا
اعوجت .
في ن ِ ه ّجُرو ُ ه ُ وا ْن َ ه ّ ظو ُ ع ُ ف ِن َ ه ّ شوَز ُ ن نُ ُ فو َ خا ُ والل ِّتي ت َ َ قال تعالىَ ) :
َ
ن الل ّ َ
ه سِبيل ً إ ِ ّ ن َ ه ّ غوا ْ َ َ
علي ْ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ ن أطَ ْ
عن َك ُ ْ فإ ِ ْ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ج ِ ضا ِم َ ال ْ َ
عل ِي ّا ً ك َِبيرًا( ]سورة :النساء -الية[34 : ن َ كا َ َ
فيعظها وينصحها ويرشدها ،والله مع النية الطيبة ييسر المر.
) وتأديب الرجل للمرأة على نشوزها يكون على ثلثة مراحل
مرتبة( :
ت « 143خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ة من غير سب ول شتم ول تقبيح ،فإن ة حسن ٍ أن يعظها موعظ ٍ
أطاعت وإل هجرها في الفراش ،فإن أطاعت وإل ضربها في غير
الوجه ضربا ً غيُر مبرح.
والكلم على هذه الية على ثلثة مقامات:
الول :قوله تعالى ) :واضربوهن ( لفظ عام ،وقد قيدته السنة
مي التي : ش ّ ج َ ص ال ُ و ِ ح َ بالضرب غير المبرح كما في حديث أبي ال ْ
مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن ش ّ ج َ ص ال ُ و ِ ح َ )حديث أبي ال ْ
َ
ن ه ّ ما ُ خْيرًا ،فإ ِن ّ َ ء َ سا ِ صوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْ وا ْ ماجة ( أن النبي rقال :أل َ َ
َ شْيئا ً َ
ن
ن َيأِتي َ ك إ ِل ّ أ ْ غي َْر ذَل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ِ ن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ،ل َي ْ َ عن ْدَك ُ ْ ن ِ وا ٌ ع َ َ
نه ّ رُبو ُ ض ِوا ْ ع َ ِ ج
ضا ِ م َ ن في ال َ ه ّ جُرو ُ ه ُ فا ْ ن َ عل ْ َ ف َن َ فإ ِ ْ ةَ ، مب َي ّن َ ٍ ة ُ ش ٍ ح َ فا ِ بِ َ
َ َ
ن ل َك ُ ْ
م وإ ِ ّ ل .أل َ َ سِبي ً ن َ ه ّ غوا َ َ
علي ْ َِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عن َك ُ ْ ن أطَ ْ فإ ِ ْ حَ ، مب َّر ٍ غي َْر ُ ضْرب َا ً َ َ
سائ ِك ُ ْ
م على ن ِ َ َ م َ قك ُ ْح ّ ما َ قا ،فأ ّ ح ّ م َ علي ْك ُ ْ َ م َ سائ ِك ُ ْ ول ِن ِ َ قاَ ، ح ّ م َ سائ ِك ُ ْ على ن ِ َ َ َ
ْ
نم ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ول ي َأذَ ّ نَ ، هو َ م من ت َك َْر ُ شك ُ ْ فُر َ ن ُ وطِئ ْ َ فل َ ي ُ ْ َ
َ َ
نه ّ وت ِ ِ س َ ن في ك ِ ْ سُنوا إ ِل َْيه ّ ح ِ ن تُ ْ مأ ْ عل َي ْك ُ ْ ن َ ه ّ ق ُ ح ّ ن َ وإ ِ ّ ن .أل َ َ هو َ ت َك َْر ُ
ن« . ه ّ م ِ عا ِ وط َ َ َ
ح ( فهذا الضرب مما مب َّر ٍ غي َْر ُ ضْرب َا ً َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ الشاهد َ ) :
يكسر النفس ،وليس مما يكسر العظم ،فهو ضرب تأديب ،ل ضرب
انتقام وتشويه.
الثاني :أن ضرب المرأة للتأديب ل يكون إل بعد عدم جدوى
الموعظة والهجر لها في المضجع.
فإن الهجر في المضجع قد يؤثر في المرأة ما ل يؤثره فيها
الضرب ،فإنها تحس أنها غير مرغوبة من زوجها ،فل تنشغل إل
بالتفكير في حالها وما آل إليه ،فتنزجر بهجره ،وترتدع بتركه لها.
الثالث :وجوب رفع الضرب عنها في حالة الطاعة ،ويدل عليه
قوله تعالى}:فإن أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً ( ثم إن النبي
نهى الرجل أن يجلد جلد العبد بدللة الحديث التي :
)عبد الله بن زمعة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن
النبي rقال ) :ل يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ،ثم يجامعها في
آخر اليوم(.
ما ً
حك ْ َ و ُ ]*[ وهاك صفوة المسائل في نشوز المرأة تعريفا ً َ
خل : م ّ ر ُ ز غي ِ ً
وعلجا في إيجا ٍ
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
]*[ معنى نشوز المرأة :
ت « 144خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والنشوز )لغة( معناه الرتفاع والعلو يقال أرض ناشز يعني
مرتفعة ومنه سميت المرأة ناشزا إذا علت وارتفعت وتكبرت على
زوجها .
والنشوز في اصطلح الشرع هو امتناع المرأة من أداء حق الزوج
أو عصيانه أو إساءة العشرة معه ،فكل امرأة صدر منها هذا
السلوك أو تخلقت به فهي امرأة ناشز ما لم تقلع عن ذلك أو
تصلح خلقها
]*[ قال ابن قدامة رحمه الله تعالى " :معنى النشوز معصية
الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته مأخوذ من النشز وهو
الرتفاع فكأنها ارتفعت وتعالت عما فرض الله عليها من طاعته".
]*[ وقال الواحدي رحمه الله تعالى :النشوز هنا معصية الزوج
وهو الترفع عليه بالخلف
]*[ مظاهر نشوز المرأة:
-1إمتناع المرأة عن المعاشرة في الفراش ،وقد ورد ذم شديد
لمن فعلت ذلك )حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه
الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال ) :إذا دعا الرجل امرأته
إلى فراشه فأبت ،فبات غضبان عليها ،لعنتها الملئكة حتى
تصبح(.
)فأبت( :امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )
غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها
الملئكة حتى تصبح ( ،وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب
رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ،
وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ،ولذلك حث
المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة .
قال العراقي :وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً
عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى
فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى
يرضى عنها .
فيحرم على المرأة المتناع عن زوجها إذا دعاها للفراش على
أي حالت كانت إل إذا كانت مريضة أو بها عذر شرعي من حيض أو
نفاس ول يحل لها حينئذ أن تمنعه من الستمتاع بما دون الفرج ،
ول يجوز للمرأة أن تتبرم أو تتثاقل وتتباطأ أو تطلب عوضا أو
تنفره بأي طريقة وكل ذلك يدخل في معنى النشوز ،والواجب
عليها أن تجيبه راضية طيبة نفسها بذلك محتسبة الجر.
ت « 145خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
-2مخالفة الزوج وعصيانه فيما نهى عنه كالخروج بل إذنه وإدخال
بيته من يكرهه وزيارة من منع من زيارته وقصد الماكن التي نهى
عنها والسفر بل إذنه وقد نص الفقهاء على تحريم ذلك
)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال ) :ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه ،ول تأذن
في بيته إل بأذنه ،وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي
إليه شطره(.
ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة و ِ ح َ ن ال ْ وب ِ مر ِ ع ْ )حديث َ
ن
عوا ٌ ن َ ه ّ ما ُ خيرًا ،فإن ّ َ ء َ سا ِ صوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْ( أن النبي rقال »:أل َ وا ْ
ْ َ شْيئا ً َ
ة
ش ٍ ح َفا ِ ن بِ َ ن ي َأِتي َ ك ،إل ّ أ ّ غي َْر ذل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ُن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ل َي ْ َ دك ْ عن ْ َ ِ
غي َْرضْربا ً َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ِ ج ضا ِن في الم َ ه ّ جُرو ُ فاه ُ ن َ عل ْ َ ف َن َ فإ ِ ْ ة َ مب َي ّن َ ٍ ُ
سائ ِ ُ َ َ َ َ َ
كم على ن ِ َ م َ ن لك ُ ْ ل .أل َ إ ّ سِبي ً ن َ ه ّ علي ْ ِ غوا فل َ ت َب ْ ُ م َ عنك ُ ُ ن أط ْ فإ ْ حَ . مب َّر ٍ ُ
ن َ م َ ُ َ ّ َ حقاَ . ً ُ َ ً ح ّ
طئ َ فل ُيو ِ سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ حقك ْ ما َ فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ ساِئك ْ قا .وِلن َ َ
ن ت َك َْر ُ ْ
ن
ه ّحق ُ ن .أل َ و َ هو َ م ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ن ول َ ي َأذَ ّ هو َ ن ت َك َْر ُ م ْ م َ فُرشك ُ ْ ُ
هن«. م ِ عا ِ ن وط َ َ ه ّوت ِ ِس َ في ك ِ ْ ن ِ ه ّ َ
سُنوا إ ِلي ْ ِ ن ُتح ِ مأ ْ عل َي ْك ُ ْ َ
ت « 147خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
بينت الية الكريمة إجراءات علج نشوز المرأة على الترتيب
التي :
الخطوة الولى :يبدأ بالموعظة الحسنة والنصح والرشاد ،بأن
يعظ الزوج زوجته ويبين لها وجوب طاعته ،وما افترضه الله عليها
وعليه من الحقوق ،مترفقا بها تارة ،وزاجرا ً لها أخرى بحسب
المقام والحوال .فإن استجابت فبها ونعمت وإن لم تستجب ولم
تجدي نفعا ً انتقل إلى الخطوة الثانية
الخطوة الثانية الهجر في المضجع :
فيسوغ له عند تعذر المر الول أن يهجرها في الفراش ،إظهارا ً
لها منه بعدم الرضا عنها ،والستياء من معاملتها.
]*[ قال ابن عباس :هو أن يوليها ظهره على الفراش ول يكلمها
]*[ وقال الشعبي ومجاهد :هو أن يهجر مضاجعتها فل يضاجعها
ع( :أي ل ج ِضـا ِ
م َفـي ال ْ َ ن ِ
هـ ّجُرو ُ ه ُوا ْ تنبيه :معنى قـوله تعـالى ) َ
ة
تجامعها في فراشك سواء نمت معهــا فــي الحجــرة أو فــي حجــر ٍ
ع(ج ِ ضـــا ِ
م َفـــي ال ْ َ ن ِ هـــ ّ
جُرو ُ
ه ُ وا ْ
أخـــرى ،لن اللـــه تعـــالى قـــال َ ) :
والمضــاجع جمــع مضــجع ،فل يلــزم أن ينــام معهــا فــي نفــس
الفراش ،وقد هجر النبي rنساءه فلم يدخل عليهن شهرا .
)حديث أم سلمة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rحلف أن ل يدخل على بعض أهله شهرا ،فلما مضى تسعة
وعشرون يوما غدا عليهن أو راح ،فقيل له :يا نبي الله حلفت أن
ل تدخل عليهن شهرا؟ .فقال) :إن الشهر يكون تسعة وعشرين
يوما(.
رح في غير الوجه : مب ّ ِ
الخطوة الثالثة الضرب غير ال ُ
فإن استوفى الزوج هاتين الخطوتين ،وبذل وسعه في ذلك ولم
ينصلح المر ،جاز له أن يضربها تأديبا ً لها مراعيا جملة أمور في
ذلك:
أول ً :أن ل يكون الضرب مبرحا ،أي شديدا ً ،بل يكون على وجه
التأديب والتأنيب ضربا ً غير ذي إذاية شديدة ،ضربا خفيفا ل يكسر
عظما ول يسم لحما ويتجنب الوجه والمقاتل ويكون في ملين
الجسم .
]*[ قال الخلل " سألت أحمد بن يحي عن قوله )ضربا غير مبرح(
قال غير شديد ".
]*[ وقال ابن عباس وعطاء " :الضرب غير المبرح بالسواك،
ويتجنب الوجه ،وأن ل يترك الضرب أثرا ً على الجسد".
ثانيا ً :أن ل يضربها على وجهها.
ثالثا ً :أن ل يشتمها بالتقبيح.
ت « 148خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
رابعا ً :أن يستصحب أثناء هذه المعاملة ،أن القصد حصول
المقصود من صلح الزوجة وطاعتها زوجها ،ل أن يكون قصده
الثأر والنتقام.
خامسا ً :أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود.
سادسا ً :ل يجوز أن يزيد على عشر ضربات .
)حديث عبد الله بن زمعة الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال ):ل يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ،ثم يجامعها في آخر اليوم(.
)حديث عبد الله بن أبي أوفى الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال ) :ل يجلد فوق عشر جلدات إل في حد من حدود الله(.
تنبيه :ليس الضرب اعتداء علي حرية المرأة ،ولكنه علج
والعلج انما يحتاج اليه عند الضرورة فالمرأة اذا أساءت عشرة
زوجها وركبت رأسها ،وسارت وراء الشيطان ،وبقيادته ،ل تكف
عن غيها وضللها فماذا يصنع الرجل ؟
وإن أمر الضرب في شريعة الله ) تعالي ( ليس ال طريقا" من
م من الدين بالضرورة أن الله تعالى ل يأمرنا طرق الصلح ومعلو ٌ
إل بما فيه صلحنا .
والصل في كل ما قدمناه قوله ـ عّز من قائل ـ )الرجال قوامون
على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ،وبما أنفقوا من
أموالهم ،فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله،
واللتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرون في المضاجع
واضربوهن فإن أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً إن الله كان عليا
كبيرًا( ]النساء .[34:
ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة و ِ ح َ ن ال ْ وب ِ مر ِ ع ْ )حديث َ
ن
عوا ٌ ن َ ه ّ ما ُ خيرًا ،فإن ّ َ ء َ سا ِ صوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْ ( أن النبي rقال »:أل َ وا ْ
ْ َ شْيئا ً َ
ة
ش ٍ ح َ فا ِ ن بِ َ ن ي َأِتي َ ك ،إل ّ أ ّ غي َْر ذل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ُن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ل َي ْ َ دك ْ عن ْ َ ِ
غي َْر ضْربا ً َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ِ ج ضا ِ ن في الم َ ه ّ جُرو ُ فاه ُ ن َ عل ْ َ ف َن َ فإ ِ ْ ة َ مب َي ّن َ ٍ ُ
سائ ِ ُ َ َ َ َ َ
كم على ن ِ َ م َ ن لك ُ ْ ل .أل َ إ ّ سِبي ً ن َ ه ّ علي ْ ِ غوا فل َ ت َب ْ ُ م َ عنك ُ ُ ن أط ْ فإ ْ حَ . مب َّر ٍ ُ
ن َ م َ ُ َ ّ َ حقاَ . ً ُ َ ً ح ّ
طئ َ فل ُيو ِ سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ حقك ْ ما َ فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ ساِئك ْ قا .وِلن َ َ
ن ت َك َْر ُ ْ
ن
ه ّ حق ُ ن .أل َ و َ هو َ م ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ن ول َ ي َأذَ ّ هو َ ن ت َك َْر ُ م ْ م َ فُرشك ُ ْ ُ
هن«. م ِ عا ِ ن وط َ َ ه ّ وت ِ ِس َ في ك ِ ْ ن ِ ه ّ َ
سُنوا إ ِلي ْ ِ ن ُتح ِ مأ ْ عل َي ْك ُ ْ َ
تنبيه :فمتى أطاعت الزوجة ،فليس للزوج أن يعاود ضربها أو
أن يسخر منها ويهزأ بها ،فالله تعالى الذي أباح له تأديبها هو الذي
َ
هن الل ّ َ سِبيل ً إ ِ ّ ن َ ه ّ غوا َ َ
علي ْ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عن َك ُ ْ ن أط َ ْ فإ ِ ْ أمره في قوله تعالىَ :
عل ِّيا ك َِبيًرا ]النساء.[34 : ن َ كا َ َ
أحكام المرأة الناشز:
إذا نشزت المرأة سقط عنها حقوق ل تثبت لها إل إذا تركت
ت « 149خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
النشوز:
-1النفقة.
-2السكنى والقسم لها.
]*[ قال ابن قدامة رحمه الله تعالى :فمتى امتنعت من فراشه
أو خرجت من منزله بغير إذنه أو امتنعت من النتقال معه إلى
مسكن مثلها أو من السفر معه فل نفقة لها ول سكنى في قول
عامة أهل العلم " .
والصل في ذلك عند الفقهاء أن هذه الحقوق تثبت للمرأة في
مقابل استمتاع الرجل بها وتمكينه له فإذا زال زالت الحقوق .
وما سوى ذلك فهي زوجة يثبت لها سائر الحكام من المحرمية
والرث وغير ذلك.
مسألة :ما معنى نشوز الرجل ؟
]*[ معنى نشوز الرجل :هو أن تخاف المرأة إعراض زوجها
عنها ،لكبر سنها ،أو لمرض بها ،أو غير ذلك ،فللمرأة أن تسقط
بعض حقوقها تسترضي زوجها إن كانت تريد أن تبقى في
عصمته ،كما فعلت أم المؤمنين سودة رضي الله عنها ،فإنها لما
كبرت وخشيت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم،
طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسكها ول
يفارقها وتهب يومها وليلتها لعائشة رضي الله عنها ،وذلك رغبة
منها رضي الله عنها أن تكون من زوجاته في الخرة؛ فوافق
النبي صلى الله عليه وسلم .
]*[ تصرف المرأة عند نشوز الزوج :
في نشوز الرجل وإعراضه عن المرأة أرشد الكتاب والسنة
الصحيحة المرأة أن تبادر إلى المصالحة مع زوجها إن خشيت أن
يطلقها ول تنتظر حتى تقع المفارقة .
فقد بّين الكتاب والسنة الصحيحة كيفية معالجة نشوز الرجل
عند خوف المرأة من وقوع هذا النشوز بأن رأت بوادره ،فالقلوب-
كما قلنا -تتقلب ،والمشاعر تتغير ،فإن خافت المرأة من أن تصبح
مجفوة أو أن يعرض عنها زوجها فليس هنالك حرج عليها ول على
زوجها ،أن تتنازل له عن شيء من فرائضها المالية أو غير ذلك ؛
ءا أو كل ً من نفقتها الواجبة عليه ،أو تترك له كأن تترك له جز ً
ليلتها إن كانت له زوجة أخرى يؤثرها عليها ،وكانت هي قد فقدت
حيويتها وجمالها ،وذلك بكامل اختيارها ورضاها ،فذلك خير لها من
طلقها.
َ َ
جن َا ْ َ
ح عَراضا ً َ
فل َ ُ شوزا ً أ ْ
و إِ ْ ها ن ُ ُعل ِ َ من ب َ ْت ِ ف ْ خا َمَرأةٌ َ نا ْ وإ ِ ِقال تعالىَ ) :
ح س ال ّ ت الن ْ ُ ُ ْ ً ْ َ َ َ
ش ّ ف ُ ضَر ِ ح ِ وأ ْخي ٌْر َ
ح َ صل ُ وال ّ
صلحا َ ما ُ ه َ حا ب َي ْن َ ُ صل ِ َمآ أن ي ُ ْه َ
علي ْ ِ
ت « 150خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
خِبيرًا( ]سورة: ن َ مُلو َ ع َ ما ت َ ْ ن بِ َكا َ ه َ ن الل ّ َ فإ ِ ّ قوا ْ َ سُنوا ْ َ
وت َت ّ ُ ح ِ وِإن ت ُ ْ َ
النساء -الية[128 :
س الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( عّبا ٍ ن َ ) حديث اب ِ
قِني ّ َ
ت :ل َ ت ُطل ْ َ ف َ
ي َ ،r ّ َ
ن ي ُطل َ َ
قال ْ ها الّنب ّ ق َ ودَةُ أ ْ س ْ ت َ شي َ ْ خ ِ قال َ »:
ح َ َ َ
ما
ه َعلي ْ ِ جَنا َ فل َ ُ ت} َ فن ََزل َ ْل َ ع َ ف َف َةَ ، ش َ عائ ِ َ مي ل ِ َ و ِ ل يَ ْ ع ْ ج َوا ْ سك ِْني َ م ِ وأ ْ َ
يء َ َ َ َ َ ْ ً ْ َ
نش ْ م ْ ه ِ علي ْ ِحا َصطل َ ما ا ْ خي ٌْر{ ف َ ح َ صل ُ وال ّ صلحا َ ما ُ ه َ حا ب َي ْن َ ُصل ِ َن يُ ْ أ ْ
جائ ٌِز« . و َ ه َ ف ُ َ
خي ٌْر أي خير من الجفوة والعراض ح َ صل ْ ُوال ّ فيقول الله تعالىَ :
والطلق ،ثم يحث الله تعالى الرجل على الحسان إلى هذه المرأة
الراغبة فيه وقد تنازلت عن بعض حقوقها لتبقى في عصمته.
]*[ الحكمان سبيل شرعي إذا استنفذت وسائل
الصلح :
كما ً
ح َ
و َ
ه َ ن أَ ْ
هل ِ ِ م ْكما ً ّ عُثوا ْ َ
ح َ فاب ْ َ ما َ ه َ قاقَ ب َي ْن ِ ِ ش َ م ِ فت ُ ْخ ْن ِ وإ ِ ْ
قال تعالىَ ) :
عِليما ً ن َ ه َ
كا َ ن الل ّ َمآ إ ِ ّ
ه َ ه ب َي ْن َ ُق الل ّ ُ ف ِ لحا ً ي ُ َ
و ّ ص َ دآ إ ِ ْ
ري َ هآ ِإن ي ُ ِ ن أَ ْ
هل ِ َ م ْ ّ
خِبيرًا( ] النساء [35 / َ
]*[ قال ابن كثير رحمه الله :
وقال الفقهاء :إذا وقع الشقاق بين الزوجين ،أسكنهما الحاكم،
إلى جانب ثقة ينظر في أمرهما ويمنع الظالم منهما من الظلم،
فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما ،بعث الحاكم ثقة من أهل
المرأة وثقة من قوم الرجل ليجتمعا فينظرا في أمرهما ويفعل ما
فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق ،وتشوف الشارع
إلى التوفيق ،ولهذا قال تعالى }:إن يريدا إصلحا ً يوفق بينهما{
). (14
ول ينبغي للزوجين أن يصل بهما المر إلى هذه الحالة ،فإن
مرحلة تعيين الحكمين؛ مرحلة تدل على فقدان كل الزوجين
لمعاني حسن العشرة؛ من الرحمة والمودة ،والتغاضي عن
الهفوات ،وإقالة العثرات ،والعفو عن الزلت.
]*[ دور الصهار في استمرار الحياة الزوجية
يطلق الصهر على زوج بنت الرجل وزوج أخته ،وقد يطلق أيضا ً
على أبو امرأة الرجل ،وأخو امرأته ) .(15وللصهار دور عظيم في
استمرار العشرة بين الزوجين ،وأبو الزوجة ينبغي له أن يتلمس
حال ابنته مع زوجها ،وكذلك أخو الزوجة .وكما مر معنا أن الحياة
الزوجية ل تستقيم على حال واحدة ،فيوم صفاء ،ويوم كدر ،ويوم
رضا ،ويوم غضب .فإن كانا على الحال المكروه ،فإن على أبي
ت « 151خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الزوجة أو أخيها أن يعمل جاهدا ً للقضاء على أسباب الخصومة،
وملطفة الزوج ،ل سيما في المسائل المعتادة التي يكثر وقوعها
بين الزوجين .وسوف نسوق نماذج تبين دور الصهر أبي الزوجة
أو أخيها في حل بعض المشاكل والخلفات الزوجية .
فمن ذلك ما يلي :
الموقف الول :
)حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (
قال :جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة ،فلم يجد
عليا ً في البيت ،فقال ) :أين ابن عمك ؟ ( .قالت :كان بيني وبينه
شيء فغاضبني ،فخرج فلم يقل عندي .فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم لنسان ) :أنظر أين هو ؟ ( .فجاء فقال يا رسول
الله هو في المسجد راقد .فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم،
وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب ،فجعل
رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول ) :قم أبا
تراب ،قم أبا تراب (
وفي هذا الحديث فوائد :فمنها سؤال أبو الزوجة عن حال ابنته
مع زوجها ،وفيه تسكين غضب الزوج وملطفته ،وفيه أن
الخلفات المعتادة بين الزواج ل ينبغي أن تضخم ويؤجج نارها،
فقول فاطمة رضي الله عنها ) :كان بيني وبينه شيء فغاضبني(
دليل على أن سبب غضب زوجها كان بسبب أمر معتاد بين
الزواج ،ولو كان بسبب أمر مخل بالدين أو المروءة لبينته .
أقول :كثير من آباء الزوجات ،أو إخوانهن ،إذا حدث بين الزوجة
وزوجها خلف وخصام ،فإنهم ينتصرون لبناتهم سواء كان الحق
لهن أو عليهن .والمنهج القويم هو الصلح وملطفة الزوج ،وهو
السبيل القوم لحياة زوجية سعيدة .
الموقف الثاني:
موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما علم أن بعض أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه ،فخرج حتى أتى ابنته حفصة
فقال لها :أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم
اليوم حتى الليل ؟ قالت :نعم ،فقلت :قد خبت وخسرت،
أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتهلكي ؟
] ثم قال لها وهو موضع الشاهد[ :ل تستكثري النبي صلى الله
عليه وسلم ،ول تراجعيه في شيء ول تهجريه ،وسليني ما بدا لك
...الحديث ). (16
ت « 152خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فانظر إلى حرص عمر على ابنته ،وكونه يرغب في بقاء ابنته
تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم ،وكذلك أبو الزوجة وأخوها
،ليرغب كل واحد منهما في توثيق الصلة بين ابنته وزوجها ،ولو
بدفع شيء من المال لها لقضاء بعض حوائجها التي لم تقضى .
ويتأكد هذا المر إن كان الزوج من أهل التدين والمانة والمروءة،
فإن مثل هذا الزوج ل ينبغي التفريط فيه .
الموقف الثالث :
هو من جانب الزوج؛ فعلى الزوج الدب مع أهل زوجته ،وإكرامهم،
ومراعاة شعورهم ،فهم قد سلموه شرفهم ،وقطعة قلوبهم .فل
يقابل الحسان بالهانة والتجريح وسوء الدب .وسنذكر جانبا ً من
أدب علي بن أبي طالب مع صهره رسول الله صلى الله عليه
وسلم ،وكيف راعى علي بن أبي طالب مقام رسول الله صلى
الله عليه وسلم .
ً
) حديث علي الثابت في الصحيحين ( قال كنت رجل َ مذاءا ،وكنت
أستحي أن أسال النبي لمكان ابنته فأمرت المقداد بن ألسود
فسأله فقال } يغسل ذكره ويتوضأ{
عِلي بن أبي طالب كان محتاجا ً لسؤال رسول الله صلى الله َ
ف َ
عليه وسلم عن أمر يشكل عليه دائمًا ،ولكنه تردد لكون بنت
رسول الله صلى الله عليه وسلم عند علي بن أبي طالب فاستحيا
من ذلك ولم يباشر سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بل جعل
ذلك عن طريق واسطة .
أقول :يعمد بعض الزواج إلى ذكر شيء مما يكون بينه بين
وأهله ،وذلك بمشهد من أبي الزوجة أو أخيها ،وهذا الفعل جمع
بين أمرين مذمومين ،الول :ارتكاب ما نهى عنه النبي صلى الله
عليه وسلم من التحدث بما يكون بين الرجل وأهله في أمر
الفراش -وسبق بيانه ،-والثاني :هو جرح مشاعر أبا الزوجة أو
أخاها بذكر مثل هذه المور أمامهم .
]*[ الطلق آخر الحلول :
رغب الله عز وجل عباده إلى إمساك الزوجة وعدم تطليقها حتى
شْيئا ً ى َأن ت َك َْر ُ
هوا ْ َ س َ
ع َ ن َ
ف َ ه ّ
مو ُ
هت ُ ُ فِإن ك َ ِ
ر ْ مع الكراهة ،قال تعالىَ ) :
خْيرا ً ك َِثيرًا(
ه َ
في ِ ل الل ّ ُ
ه ِ ع َ
ج َ
وي َ ْ
َ
] النساء [19 /
]*[ قال ابن كثير رحمه الله :أي فعسى أن يكون صبركم مع
إمساككم لهن وكراهتهن فيه ،خير كثير لكم في الدنيا والخرة،
كما قال ابن عباس في هذه الية :هو أن يعطف عليها فيرزق
منها ولدًا ،ويكون في ذلك الولد خير كثير ) ،حديث أبي هريرة
ت « 153خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا رضي منها آخر .
معنى ] ل يفرك مؤمن مؤمنة [ _ يعني ل يبغضها _ إن كره منها
خلقا ً ل توجد امرأة إل ولها بعض المزايا ،وفيها بعض العيوب ،وإن
من التمس امرأة كاملة من جميع النواحي ،فقد التمس محا ً
ل،
وهب الله هذه حظا ً من الجمال وإن كان في خلقها شيء ،ووهب
هذه حظا ً من الخلق وإن كان في جمالها شيء ،وفاوت بين هذه
الحظوظ والقسام كما قضت بذلك مشيئته )وربك يخلق ما يشاء
ويختار ما كان لهم الخيرة( )القصص(68 /
هذه حقيقة من عرفها استراح وأراح ،وأمكنه أن يغض عن
العيوب المحتملة بجانب المزايا ،وأن يغفر بعض نواحي الضعف لما
يجبرها من نواحي القوة ،وهذا هو معنى قوله )ص(" :إن كره منها
خلقا ً رضي منها غيره" وفي ذلك يقول القرآن الكريم:
)وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ً
ويجعل الله فيه خيرا ً كثيرًا( )النساء(19 /
فل ينبغي أن يطلق الزوج زوجه لكونه وجد فيها خلقا ً سيئا ً،
فإنه لو نظر إليها من جوانب أخرى لوجد فيها محاسن أخلق،
خلقية أو خلقية . وجميل صفات ُ
وليعلم الزوج الذي أمسك أهله وصبر عليهم مع كراهيته لذلك ،أنه
نه ّمو ُ هت ُ ُ
ر ْفِإن ك َ ِ موعود بنص القرآن بخير كثير ،قال تعالىَ ) :
خْيرا ً ك َِثيرًا( ] النساء [19 / ه َفي ِ
ه ِ ل الل ّ ُع َج َ شْيئا ً َ
وي َ ْ هوا ْ َ ى َأن ت َك َْر ُ
س َع َف َ َ
وإن تعذر الصبر ،وساءت العشرة ،فالطلق سبيل شرعي لحياة
أخرى لكل من الزوج والزوجة :
سعا ً وا ِ ه َ ن الل ّ ُ كا َو َه َ
عت ِ ِ
س َ
من َ ه ك ُل ّ ّن الل ّ ُ فّر َوِإن ي َت َ َ
غ ِقا ي ُ ْ قال تعالىَ ) :
كيمًا(
ح َِ
] النساء [130 /
فيعوض الله الزوج خيرا ً منها ،ويعوضها خيرا ً منه .فإمساك
ل فارق بمعروف أو تسريح بإحسان ،وما أعظم جميل صفات رج ٍ
أهله فما وجدوا منه كلمة نابية ،أو فعال ً قبيحة ،ورحم الله رجل ً
فارق أهله وهم يذكرونه بالخير ،ويدعون له بظهر الغيب .
]*[ أمر الوالدان أو أحدهما البن أن يطلق زوجته :
خطاب في هذه المسألة : ل ال ِفص ُ
إن أمر الوالدان أو أحدهما البن أن يطلق زوجته فل يخلو من
حالين :
الول :أن يبين الوالد سببا ً شرعيا ً يقتضي طلقها وفراقها ،مثل
أن يقول :طلق زوجتك ،لنها مريبة في أخلقها كأن تغازل الرجال
ت « 154خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أو تخرج إلى مجتمعات غير نزيهة وما أشبه ذلك .فطلقها في
هذا الحال يجيب والده ويطلقها ،لنه لم يقل طلقها لهوى في
نفسه ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا ً هذا
الدنس فيطلقها .
الثانية :أن يقول الوالد لولده :طلق زوجتك لن البن يحبها ،فيغار
الب على محبة ولده لها ،والم أكثر غيرة ،فكثير من المهات إذا
رأت الولد يحب زوجته غارت جدا ً حتى تكون زوجة ابنها ضرة لها –
نسأل الله العافية -ففي هذه الحالة ل يلزم البن أن يطلق زوجته
إذا أمره أبوه بطلقها أو أمه ولكن يداريهما ويبقي الزوجة
ويتألفهما ويقنعهما بالكلم اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ول
سيما إذا كان الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها
]*[]*[]*[]*[
سك َْنى :فيجب عليه يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا ) (4النفقة وال ُ
اكتسى :
بمجرد تمام عقد الزواج وتمكن الزوج من الستمتاع بالزوجة يلزم
الزوج النفاق على زوجته ،وتوفير ما تحتاجه من مسكن وملبس ،
ف(عُرو ِ م ْ ن ِبال ْ َ ه ّ وت ُ ُ س َ وك ِ ْن َ ه ّ رْز ُ
ق ُ ه ِ وُلوِد ل َ ُ م ْ عَلى ال ْ َ و َ قال تعالىَ ) :
ف(عُرو ِ م ْ ن ِبال ْ َ ه ّ وت ُ ُس َ وك ِ ْ ن َ ه ّ ق ُ رْز ُ ه ِ وُلوِد ل َ ُ م ْعَلى ال ْ َ و َلقوله تعالى َ ) :
)البقرة.(233 :
َ
دك ُ ْ سك َن ْت ُ ْ
) (
م( * )الطلق: ج ِ و ْن ُ م ْ م ِ ث َ حي ْ ُ ن َ م ْن ِ ه ّ سك ُِنو ُ وقوله تعالى) :أ ْ
.(6
:فمن حقوق المرأة وجوب نفقتها على زوجها وإن كانت غنية،
وهي مقدرة شرعا ً بكفايتها من الطعام واللباس والسكن على
قدر حال الزوج يسارا ً وإعسارًا ،وهي واجبة،
]*[ قال ابن قدامة رحمه الله:
نفقة الزوجة واجبة بالكتاب والسنة والجماع ،واحتج بقوله
ما
م ّق ِف ْ فل ْي ُن ْ ِه َ ق ُرْز ُ ه ِ عل َي ْ ِدَر َ ق ِ ن ُ م ْ و َه َ عت ِ ِس َ ن َ م ْ ة ِ ع ٍس َ ذو َ ق ُ ف ْ تعالى}ل ِي ُن ْ ِ
ها{)الطلق،(7 : ما آَتا َ فسا ً إ ِّل َ ه نَ ْ ف الل ّ ُ ه ل ي ُك َل ّ ُ آَتاهُ الل ّ ُ
)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن
ماجة ( قال :قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن
تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب
الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت .
]*[ قال الصنعاني رحمه الله :
"دل الحديث على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها ،وأن النفقة
بقدر سعته ل يكّلف فوق وسعه ،لقوله)) :إذا طعمت(( كذا قيل،
وفي أخذه من هذا اللفظ خفاء ،فمتى قدر على تحصيل النفقة
ت « 155خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وجب عليه أن ل يختص بها دون زوجته ،ولعله مقيد بما زاد على
قدر سدّ خلته لحديث)) :ابدأ بنفسك(( ،ومثله القول في الكسوة.
وفي الحديث دليل على جواز الضرب تأديبا إل أنه منهي عن ضرب
الوجه للزوجة وغيرها .وقوله)) :ل تقبح(( أي :ل تسمعها ما تكره
ك الله ونحوه من الكلم الجافي ،ومعنى قوله)) :ل وتقول :قّبح ِ
تهجر إل في البيت(( أنه إذا أراد هجرها في المضجع تأديبا لها كما
ع{ ]النساء [34:فل يهجرها ج ِ ضا ِ م َفى ٱل ْ َ ن ِ ه ّ جُرو ُ ه ُ وٱ ْقال تعالىَ } :
ولها إليها". إل في البيت ،ول يتحول إلى دار أخرى أو يح ّ
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح أبي داوود ( أن النبي
rقال :كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت .
وقد أجمع العلماء رحمهم الله تعالى على وجوب إنفاق الزوج على
الزوجة.
]*[ قال ابن قدامة " :اتفق أهل العلم على وجوب نفقات
الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين ،إل الناشز منهن ...وفيه
ضرب من العبرة وهو أن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من
التصرف والكتساب ،فل بد من أن ينفق عليها".
ول شك أن إنفاق الرجل على زوجته من أعظم أسباب استقرار
السرة واستدامة الزواج ،كما إنه دليل على علو مكانة المرأة
ورفيع منزلتها.
لكن ينبغي أن يعلم أن النفقة على الزوجة والولد يكون بقدر
ذو ق ُ ف ْ
كفايتهم وأن ذلك بالمعروف ،دليل ذلك قوله تعالى) :ل ِي ُن ْ ِ
ه ل ي ُك َل ّ ُ
ف ما آَتاهُ الل ّ ُ
م ّق ِ ف ْ فل ْي ُن ْ ِه َ ق ُرْز ُ عل َي ْ ِ
ه ِ دَر َ ن ُ
ق ِ م ْ و َه َعت ِ ِ
س َن َم ْ ة ِع ٍس َ َ
سرا( ]الطلق[7: ً ر يُ ْ س ٍ
ع ْ عدَ ُ ه بَ ْ ّ
ل الل ُ ع ُ ج َ
سي َ ْ
ها َ ما آَتا َ ّ ً ْ
ه ن َفسا إ ِل َ ّ
الل ُ
تنبيه : بعض الناس يأخذه الكرم والسخاء مع الصدقاء وينسى
حق الزوجة ،مع أن المرء يؤجر على إنفاقه في بيته أعظم من
غيره كما بينته السنة الصحيحة ومن ذلك ما يلي :
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :
دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت
به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي
أنفقته على أهلك .
)حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (
أن النبي rقال ) :إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إل أجرت
عليها ،حتى ما تجعل في امرأتك((.
تنبيه : ويجوز للمرأة أن تأخذ نفقتها ونفقة أولدها من مال
بالمعروف -بغير إذنه -إذا كان بخي ً
ل. زوجها
ت « 156خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري ( أن
النبي rقال :
أن هند بنت عتبة قالت :يا رسول الله ،إن أبا سفيان رجل شحيح،
وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إل ما أخذت منه ،وهو ل يعلم،
فقال) :خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف(.
ولكن لتنتبه النساء أن قوله صلى الله عليه وسلم)) :بالمعروف((
أي في غير إسراف ول تبذير ،ول مجاوزة الحد ،بل تأخذ من ماله
نفقة مثيلتها ،ول تزيد كما يفعل بعض النساء اليوم من إطلق
أيديهن في أموال أزواجهن دون إذنهن بدعوى أنه بخيل ،فيأخذن
من ماله ما ينفقنه فيما يغضب الله من الذهاب إلى صالونات
تصفيف الشعور ،وصالت التجميل ،والتبذير في الملبس
والمشرب ،فهؤلء محاسبات على تعديهن على أموال أزواجهن
لغير حاجة شرعية ،ولفسادهن هذه الموال.
تنبيه :أن النفقة على الزوجات وإن كانت واجبة على الزوج؛
إل أن شريعة الله جعلت للمنفق على أهله أجرًا ،وهذا فضل من
الله ،لكن حصول الجر في النفقة على الهل مرتب على
احتساب تلك النفقة ،وابتغاء وجه الله ،ومن أنفق على أهله ذاهل ً
عن الحتساب فقد برأت الذمة ،وفاته أجر الحتساب للحاديث
التية :
)حديث أبي مسعود النصاري الثابت الثابت في الصحيحين( أن
ل على أهله يحتسبها فهو له صدقة ( النبي rقال ):إذا أنفق الرج ُ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال ):ديناٌر أنفقته في سبيل الله ،و ديناٌر
أنفقته في رقبة ،و ديناٌر تصدقت به على المسلمين ،و ديناٌر
أنفقته على أهلك ،أعظمها أجرا ً الذي أنفقته على أهلك (
)حديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في صحيح
البخاري ( أن النبي rقال :إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه
الله إل أجرت عليها ،حتى ما تجعل في في امرأتك(.
تنبيه :وتجب النفقة على الزوجة ولو كانت موظفة ؛ فإن
النفقة عليها هو في مقابل الستمتاع ،فهو حق لها ،ول ينظر في
هذه المسائل إلى ضعف دخل الزوج من عدمه .أما إن طابت
نفس الزوجة وتسامحت عن حقها فيما يتعلق بالنفاق عليها،
فالمر يعود إليها والحق لها .
وإن كان عند الرجل أكثر من زوجة؛ فهو مطالب بالعدل بينهن
في النفقة ،ول يقول هذه غنية وهذه فقيرة ،فالجميع أزواجه .
]*[ قال ابن سعدي رحمه الله :
ت « 157خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الصحيح الرواية التي اختارها شيخ السلم أنه يجب التسوية في
ذلك ،لن عدم التسوية ظلم وجور ليس لجل عدم القيام بالواجب،
لن كل عدل يقدر عليه بين زوجاته فإنه واجب عليه ،بخلف ما ل
قدرة له عليه كالوطء وتوابعه ). (17
]*[ وتسقط نفقة الزوجة عن زوجها بعدة أسباب:
منها ما يلي :
) (1إذا امتنعت الزوجة من تسليم نفسها لزوجها ،فل نفقة لها .
) (2وإذا سافرت لحاجتها ،فل نفقة لها ،لنها قد منعت زوجها
حقه منها؛ إل أن تطيب نفسه بذلك .
) (3وإذا نشزت الزوجة على زوجها فل نفقة لها – أيضًا. -
) (4المطلقة حكم النفقة عليها على التفصيل التي :
) (1المطلقة طلقا ً رجعيا ً يجب لها النفقة ما دامت في العدة لنها
زوجة ،
لحا(ًص َ ْ َ في ذَل ِ َ َ َ
وا إ ِ ْن أَرادُ َ ك إِ ْ ن ِه ّ ق ب َِردّ ِح ّ
نأ َ ه ّ عولت ُ ُ وب ُ ُلقوله تعالىَ ) :
]البقرة [228 /
ل ذلك على أنها زوجة . فد ّ
) (2والمطلقة طلقا ً بائنا ً ،سواء كان بينونة صغرى أم كبرى ،فل
نفقة لها ول سكنى إل إذا كانت حامل ً فينفق عليها حتى تضع
حملها .
) حديث فاطمة بنت قيس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :إنما النفقة و السكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الّرجعة .
والدليل على أن المطلقة طلقا ً بائنا ً إذا كانت حامل ً ينفق عليها
حتى تضع حملها.
َ ْ َ ُ
ن
ع َض ْى يَ َ حت ّ َ
ن َ ه ّ علي ْ ِ قوا َ ف ُفأن ِل َ م ٍ ح ْ
ت َ ول َ ِ نأ ْ وِإن ك ُ ّ قوله تعالىَ ) :
ه] الطلق [6 / مل َ ُ
ح ْ
َ
]*[]*[]*[]*[
ت « 158خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قال ) :ل ضرر ول ضرار (
أما حديث ) ثم إذا قضى حاجته فل يعجلها حتى تقضي حاجتها (
فهو ضعيف .
تنبيه الوطء واجب على الرجل ،وهو من مقاصد الزواج الكبرى
،
]*[ قال ابن قدامة رحمه الله :والوطء واجب على الرجل -أي
تجاه زوجته -إذا لم يكن له عذر ،وبه قال مالك .ومن أدلته قوله
ة{)النساء،(129 : عل ّ َ
ق ِ كال ْ ُ
م َ ها َ ل َ
فت َذَُرو َ ل ال ْ َ
مي ْ ِ ميُلوا ك ُ ّ
فل ت َ ِتعالى} َ
قال الجصاص -رحمه الله :إن عليه وطأها بقوله} َ
فت َذَُرو َ
ها
ة{ يعني ل فارغة فتتزوج ول ذات زوج إذا لم يوفها حقها ق ِعل ّ َ كال ْ ُ
م َ َ
من الوطء.
ويجب على الزوج أن ُيراعي حق الوطء لزوجته حتى ل يضطر
حليلته إلى الخروج عن حيائها .وهذا الحق من الحقوق التي يقع
الخلل في أدائها من قبل بعض الزواج ،فتراه في دنياه لهثا ً أو
يدمن السهرات مع الصحاب والخلن ول َيؤوب إل في ساعة
متأخرة من الليل ،قد أرهقه التعب وأضناه اللعب ،واستنفد ما في
جعبته من المرح واللهو مع مسامريه ،فيدخل بل سلم ول كلم،
وطََره منها، در له أن يقضي َ ويرتمي على فراشه كالجيفة ،ولو ُ
ق ّ
قضاه على وجه ل تشعر معه المرأة بسعادة ،وكأنها ما بقيت في
البيت إل للكنس والطبخ والخدمة وتربية الطفال ،فهي في
نظره أو كما يعبر عنه واقعه معها ليست بحاجة إلى قلب يعطف
ن إليها ،ويروي عاطفتها ،وُيشبع عليها ورجل يداعبها ويح ّ
غريزتها .وإذا كان الرجل ُينهى عن النهماك في العبادة لجل
إتمام هذا الحق لزوجته فكيف بإهدار الوقت وإضاعته في
السهرات العابثة والليالي اللهية؟ وكيف يتناسى أن النبي r
يقول :ولهلك عليك حقا ً كما في الحديث التي :
) حديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري (
قال :آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء،
فزار سلمان أبا الدرداء ،فرأى أم الدرداء متبذلة ،فقال لها :ما
شأنك؟ .قالت :أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا .فجاء أبو
الدرداء ،فصنع له طعاما ،فقال :كل ،قال :فإني صائم ،قال :ما أنا
بآكل حتى تأكل ،قال :فأكل ،فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء
يقوم ،قال :نم ،فنام ،ثم ذهب يقوم ،فقال :نم ،فلما كان من آخر
الليل ،قال سلمان :قم الن ،فصليا ،فقال له سلمان :إن لربك
عليك حقا ،ولنفسك عليك حقا ،ولهلك عليك حقا ،فأعط كل ذي
حق حقه ،فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ،فقال
النبي صلى الله عليه وسلم) :صدق سلمان(.
ت « 159خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في
صحيح مسلم ( أن النبي rقال :ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ
القرآن كل ليلة فقلت بلى يا نبي الله ولم أرد بذلك إل الخير قال
فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلثة أيام قلت يا نبي الله إني
أطيق أفضل من ذلك قال فإن لزوجك عليك حقا ولزورك عليك
حقا ولجسدك عليك حقا .
شكت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من زوجها
فأحال القضاء إلى
كعب السدي ،فلما جيء بالرجل قال القاضي :إن امرأتك
تشكوك .
قال :أفي طعام أو شراب ؟ !
قال :ل .
فقالت المرأة:
َ
دهفراشي مسج ُ هى خليلي عن ِ أل ْ َ
ده ،
ش ُ ده ،يا أيها القاضي الحكيم أْر ِ م ُ
ح َءأ ْ ر النسا ِ ت في أم ِ ولس ُ
دهعب ُ ُ ده في مضجعي ت َ َ ه ََز َ
فقال زوجها :
إني امرؤ أذهلني ما قد نزل
جل ح َ شها وفي ال ُفرا ِ جَلل َ ،زهد ُ
ت في ِ ف َ وفي كتاب الله تخوي ٌ
في سورة النحل وفي السبع الطول
فقال كعب :
قل ،إن لها عليك حقا َ يا رجل ع َع لمن َ تصيبها في أرب ٍ
علل . ع عنك ال ِ ودَ ْفأعطها ذاك َ
تنبيه :ومن كمالت قضاء الوطر تجمل الزوجين لبعضهما :
ل من الزوجين أن يبدو جميل ً في نظر صاحبه، فينبغي أن يحرص ك ٌ
لئل يتنافرا ،وليزداد قربا ً وتألفًا ،وأعظم طيب الماء وأعظم تجمل
ن
ده َ النظافة ،ولقد وصف النبي أنه كان يرجل شعره ،ويكثر َ
ح شعره ،وأنه كان كثير الكتحال ،وكثير الستياك رأسه وتسري َ
وكثير التطيب ،لذلك لم يشم من في رسول الله ول من جسمه
رائحة تكره ،وإذا كان التقصير غالبا ً ما يكون من الرجال
]*[ قال ابن عباس رضي الله عنهما :إني أحب أن أتزين للمرأة ،
كما أحب أن تتزين لي؛ لن الله يقول } :ولهن مثل الذي عليهن
بالمعروف{ .
]*[]*[]*[]*[
) (6التأدب في معاملتها وعدم التعرض للوجه بالضرب أو التقبيح :
لما في ذلك من الستهانة بالمرأة ،وتحقيرها ،وإنزالها غير
ت « 160خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
المنزلة التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى لها من الحترام فينبغي
على الزوج في معاملته مع زوجته أن يكون حسن الخلق ،هين لين
قريب سهل ،حديثه عذب ،كلمه حلو ،ل يعرف السب ول الشتم ول
اللفاظ النابية ول الوجه المكفهر.
وكذلك فالتعرض للوجه بالضرب أو التقبيح مناف لما أمر به الله
ورسوله صلى الله عليه وسلم في الحديث التي :
)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن
ماجة ( قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن
تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب
الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت .
وأن هذا مخالفا ً لهدي النبي rتقويم النساء عند النشوز .
فالذي أمر به الله سبحانه وتعالى من ضرب النساء لتقويمهن عند
النشوز هو الضرب غير المبرح ،لقوله تعالى ) :واللتي تخافون
نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن
أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً إن الله كان عليا ً كبيرا ً ( ]النساء:
.[34
والكلم على هذه الية على ثلثة مقامات:
الول :قوله تعالى ) :واضربوهن ( لفظ عام ،وقد قيدته السنة
مي التي : ش ّ ج َ ص ال ُ و ِ ح َ بالضرب غير المبرح كما في حديث أبي ال ْ
مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن ش ّ ج َ ص ال ُ و ِ ح َ )حديث أبي ال ْ
َ
نه ّ ما ُ خْيرًا ،فإ ِن ّ َ ء َ سا ِصوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْ وا ْ ماجة ( أن النبي rقال :أل َ َ
َ شْيئا ً َ
ن
ن َيأِتي َ ك إ ِل ّ أ ْ غي َْر ذَل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ِ ن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ،ل َي ْ َ عن ْدَك ُ ْ ن ِ وا ٌ ع َ َ
ن
ه ّ رُبو ُ ض ِوا ْ ع َ ِ ج
ضا ِ م َ ن في ال َ ه ّ جُرو ُ ه ُ فا ْ ن َ عل ْ َ ف َن َ فإ ِ ْ ةَ ، مب َي ّن َ ٍ ة ُ ش ٍ ح َ فا ِ بِ َ
عل َيهن سبي ً َ َ
ن ل َك ُ ْ
م وإ ِ ّ ل .أل َ َ غوا َ ْ ِ ّ َ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عن َك ُ ْ ن أطَ ْ فإ ِ ْ حَ ، ٍ مب َّر غي َْر ُ ضْرب َا ً َ َ
م ُ َ ُ ح ّ َ ح ّ ُ َ ُ ح ّ ُ َ
سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ قك ْ ما َ قا ،فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ سائ ِك ْ ول ِن ِ َ قاَ ، م َ سائ ِك ْ على ن ِ َ َ
ْ
نم ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ول ي َأذَ ّ نَ ، هو َ م من ت َك َْر ُ شك ُ ْ فُر َ ن ُ وطِئ ْ َ فل َ ي ُ ْ َ
عل َيك ُ َ َ
نه ّ وت ِ ِس َ ن في ك ِ ْ سُنوا إ ِل َْيه ّ ح ِ ن تُ ْ مأ ْ ن َ ْ ْ ه ّ ق ُ ح ّ ن َ وإ ِ ّ ن .أل َ َ هو َ ت َك َْر ُ
ن« . ه ّ م ِ عا ِ وط َ َ َ
ح ( فهذا الضرب مما مب َّر ٍ غي َْر ُ ضْرب َا ً َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ الشاهد َ ) :
يكسر النفس ،وليس مما يكسر العظم ،فهو ضرب تأديب ،ل ضرب
انتقام وتشويه.
الثاني :أن ضرب المرأة للتأديب ل يكون إل بعد عدم جدوى
الموعظة والهجر لها في المضجع.
فإن الهجر في المضجع قد يؤثر في المرأة ما ل يؤثره فيها
الضرب ،فإنها تحس أنها غير مرغوبة من زوجها ،فل تنشغل إل
بالتفكير في حالها وما آل إليه ،فتنزجر بهجره ،وترتدع بتركه لها.
ت « 161خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الثالث :وجوب رفع الضرب عنها في حالة الطاعة ،ويدل عليه
قوله تعالى}:فإن أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً (
ثم إن النبي نهى الرجل أن يجلد جلد العبد بدللة الحديث التي :
)عبد الله بن زمعة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن
النبي rقال ) :ل يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ،ثم يجامعها في
آخر اليوم(.
]*[]*[]*[]*[
) (7عدم الهجر في غير البيت :
هذا هو الصل في المسألة ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:
"ول تهجر إل في البيت ".
)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن
ماجة ( قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن
تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب
الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت .
تنبيه الصل في المسألة عدم الهجر في غير البيت ولكن
في غير البيت بحسب المصلحة المترتبة على يجوز هجر المرأة
ذلك ،كما صح عن النبي rأنه هجر أزواجه شهرا ً في غير بيوتهن .
)حديث أم سلمة الثابت في الصحيحين ( أن النبي rحلف ل
ة وعشرون يوما ً غدا ً ل على بعض أهله شهرا ً ،فلما مضى تسع ٌ يدخ ُ
عليهن أوراح ،فقيل له :يا نبي الله حلفت أن ل تدخل عليهن
ة وعشرين يوما ً . شهرا ً ،قال :إن الشهر يكو ُ
ن تسع ً
]*[]*[]*[]*[
ت « 162خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أعوج شيء في الضلع أعله ،فإن ذهبت تقيمه كسرته ،وإن تركته
لم يزل أعوج ،فاستوصوا بالنساء(.
* وهذا الحديث يرشدنا إلى ثلثة أمور رئيسية وهي:
المر الول :أن الوصية بالنساء واجبة لن قوله صلى الله عليه
وسلم " استوصوا " أمر ،والمر يقتضي الوجوب ،ما لم ترد قرينة
تصرفه عن ذلك.
المر الثاني :بيان قصور النساء عن الرجال ،واختلف بعض
طبائعهن عن طبائع الرجال.
المر الثالث :جواز مداراة النساء ،والستمتاع بهن على عوجهن.
ول شك أن في هذا الحديث قاعدة أساسية في معاملة النساء،
والوصية بهن ،عند الصحابة رضوان الله عليهم -ومن تبعهم من
الرجال في كل عصر ،وما دام هذا الدين قائما ،فإن النسان إذا
ض الطرف عن زلت النساء وأراد أن يحاسبها على كل ما لم يغ ّ
يصدر منها أفضى ذلك إلى كسرها وكسرها طلقها كما بينته
السنة الصحيحة في حديث مسلم التي :
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على
طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت
تقيمها كسرتها وكسرها طلقها .
ول شك أن تقويم المرأة واجب ،ولكن على النحو الذي ل تتضرر
به المرأة أو الرجل أو الحياة الزوجية ما دام هذا التقويم يتم
حسب الحدود الشرعية.
وأما المبالغة في التقويم -كالتشديد عليهن كما يشدد على
الرجال -للوصول بها إلى المرتبة العليا من التقويم بحيث ل يصدر
منها ما يدل على نقصان عقلها أو كفران عشيرها ،ففيه
الخاطرة بالحياة الزوجية من حيث احتمال وقوع الطلق بين
الزوجين ،ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم)) :وإن ذهبت
تقيمها كسرتها وكسرها طلقها .(.
فإن كانت المرأة على دين وخلق كريم ،إل أنها يصيبهما ما يصيب
باقي النساء من التضجر ،أو طلب ما ل يقدر الزوج عليه ،أو التنكر
له ،فل شك أن مثل هذه يندب المداراة معها ويستحب البقاء
عليها ،حفاظا ً على رباط الزوجية ،لما لها من خلق كريم ودين
متين.
* ثم إن التلطف معها ومداعبتها اقتداءا ً برسول الله rفقد كان
يتلطف مع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها ويسابقها .
ت « 163خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري (
أنها:كانت مع النبي في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي
فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك .
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
الجامع ( أن النبي rقال :كل شيء ليس من ذكر الله لهو و لعب
إل أن يكون أربعة :ملعبة الرجل امرأته و تأديب الرجل فرسه و
مشي الرجل بين الغرضين و تعليم الرجل السباحة .
ووصفت أعرابية زوجها وقد مات فقالت :والله لقد كان ضحوكا ً
إذا ولج ،سكيتا ً إذا خرج ،آكل ً ما وجد ،غير سائل عما فقد.
سيرة ،طّيب السريرة ،سهًل رفي ً
قا ،لي ًّنا م الّله رجًل محمود ال َ ح َ
َر ِ
ما في أمره ،ل يكلف شططا ول يرهق ما بأهله حاز ً رؤو ً
فا ،رحي ً
عسًرا ،ول يهمل في مسؤولية. ُ
]*[]*[]*[]*[
) (9أن يصبر عليها ويتحمل الذى منها وأن يعفو عن زلتها :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال) :استوصوا بالنساء خيرا ،فإنهن خلقن من ضلع ،وإن
أعوج شيء في الضلع أعله ،فإن ذهبت تقيمه كسرته ،وإن تركته
لم يزل أعوج ،فاستوصوا بالنساء(.
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على
طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت
تقيمها كسرتها وكسرها طلقها .
وهذا الحديث يرشدنا إلى ثلثة أمور رئيسية وهي:
المر الول :أن الوصية بالنساء واجبة لن قوله صلى الله عليه
وسلم " استوصوا " أمر ،والمر يقتضي الوجوب ،ما لم ترد قرينة
تصرفه عن ذلك.
المر الثاني :بيان قصور النساء عن الرجال ،واختلف بعض
طبائعهن عن طبائع الرجال.
المر الثالث :الصبر على النساء وتحمل الذى منهن ،والستمتاع
بهن على عوجهن.
ول شك أن في هذا الحديث قاعدة أساسية في معاملة النساء،
والوصية بهن ،عند الصحابة رضوان الله عليهم -ومن تبعهم من
الرجال في كل عصر ،وما دام هذا الدين قائما ،فإن النسان إذا
ض الطرف عن زلت النساء وأراد أن يحاسبها على كل ما لم يغ ّ
يصدر منها أفضى ذلك إلى كسرها وكسرها طلقها كما بينته
السنة الصحيحة في حديث مسلم التي :
ت « 164خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :ان المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على
طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت
تقيمها كسرتها وكسرها طلقها .
تنبيه إن من أفضل ما ُيعين على الصبر على النساء وتحمل
الذى منهن هذا
الحديث العظيم ،ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا رضى
صفو زوجها أحيانا ً فليتذكر عك ُّر َ
منها آخر ،فإذا صدر من المرأة ما ي ُ َ
دينها وعفتها وفضلها على النساء اللتي تنكرن للدب وانسلخن
سالة ثيابه وبها يسكن من الفضيلة ،ويتذكر أنها طّباخة طعامه َ
غ ّ
قلبه عن الحرام ،ففي هذا ما يكون عونا ً بعد الله تعالى في
الصبر عليهن وتحمل الذى منهن
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال :ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا
رضي منها آخر .
معنى ] ل يفرك مؤمن مؤمنة [ _ يعني ل يبغضها _ إن كره منها
خلقا ً ل توجد امرأة إل ولها بعض المزايا ،وفيها بعض العيوب ،وإن
من التمس امرأة كاملة من جميع النواحي ،فقد التمس محا ً
ل،
وهب الله هذه حظا ً من الجمال وإن كان في خلقها شيء ،ووهب
هذه حظا ً من الخلق وإن كان في جمالها شيء ،وفاوت بين هذه
الحظوظ والقسام كما قضت بذلك مشيئته )وربك يخلق ما يشاء
ويختار ما كان لهم الخيرة( )القصص(68 /
هذه حقيقة من عرفها استراح وأراح ،وأمكنه أن يغض عن
العيوب المحتملة بجانب المزايا ،وأن يغفر بعض نواحي الضعف لما
يجبرها من نواحي القوة ،وهذا هو معنى قوله )ص(" :إن كره منها
خلقا ً رضي منها غيره" وفي ذلك يقول القرآن الكريم:
)وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ً
ويجعل الله فيه خيرا ً كثيرًا( )النساء(19 /
طرةً في تحمل الذى من الزوجة ]*[ وهآنذا أسوق لك قصصا ً َ
ع ِ
ة حسنة إن شاء الله تعالى في الدنيا وأنه سيكون له عاقب ً
ً
والخرة ،أسوقها لك لعلها تجد لك في سمعك مسمعا وفي قلبك
موقعا ً عسى الله أن ينفعك بها ويفقك إلى تنفيذها :
القصة الولى :
قد روي أن رجل ً جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو خلق زوجته
فوقف على باب عمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل
عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت ل يرد عليها فانصرف الرجل
ت « 165خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
راجعا ً وقال :إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلبته وهو أمير
المؤمنين فكيف حالي ؟ فخرج عمر فرآه موليا ً عن بابه فناداه
وقال ما حاجتك يا رجل فقال :يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك
سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت
وقلت :إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي فقال:
عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنها طّباخة لطعامي
ضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب مْر ِ
سالة لثيابي ُ خّبازة لخبزي غ ّ
عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك .فقال
الرجل :يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر :فاحتملها يا
أخي فإنما هي مدة يسيرة .
القصة الثانية :
حكي أن بعض الصالحين كان له أخ في الله وكان من الصالحين ،
وكان يزوره في كل سنة مرة فجاء لزيارته فطرق الباب فقالت
امرأته من ؟ فقال أخو زوجك في الله جئت لزيارته ،فقالت راح
عل به وفعل وجعلت تذمذم عليه ، ف َمه و َسل َ َ
يحتطب ل َردَهُ الله ول َ
فبينما هو واقف على الباب وإذا بأخيه قد أقبل من نحو الجبل
وقد حمل حزمة الحطب على ظهر أسد وهو يسوقه بين يديه فجاء
فسلم على أخيه ورحب به ودخل المنزل وأدخل الحطب وقال
للسد اذهب بارك الله فيك ثم أدخل أخاه والمرأة على حالها
تذمذم وتأخذ بلسانها وزوجها ل يرد عليها فأكل مع أخيه شيئا ثم
ودعه وانصرف وهو متعجب من صبر أخيه على تلك المرأة
قال فلما كان العام الثاني جاء أخوه لزيارته على عادته فطرق
الباب فقالت امرأته :من بالباب ؟ قال أخو زوجك فلن في الله ،
فقالت مرحبا بك وأهل وسهل اجلس فإنه سيأتي إن شاء الله بخير
وعافية ،قال فتعجب من لطف كلمها وأدبها ،إذ جاء أخوه وهو
يحمل الحطب على ظهره فتعجب أيضا لذلك فجاء فسلم عليه
ودخل الدار وأدخله وأحضرت المرأة طعاما لهما وجعلت تدعو لهما
بكلم لطيف ،فلما أراد أن يفارقه قال يا أخي أخبرني عما أريد
أن أسألك عنه ؟ قال وما هو يا أخي ؟ قال عام أول أتيتك
فسمعت كلم امرأة بذيئة اللسان قليلة الدب تذم كثيرا ورأيتك قد
أتيت من نحو الجبل والحطب على ظهر السد وهو مسخر بين
يديك ؟ ورأيت العام كلم المرأة لطيفا ل تذمذم ورأيتك قد أتيت
بالحطب على ظهرك فما السبب قال يا أخي توفيت تلك المرأة
الشرسة وكنت صابرا على خلقها وما يبدو منها كنت معها في
تعب وأنا أحتملها فكأن الله قد سخر لي السد الذي رأيت يحمل
عني الحطب بصبري عليها واحتمالي لها فلما توفيت تزوجت هذه
المرأة الصالحة وأنا في راحة معها فانقطع عني السد فاحتجت
ت « 166خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أن أحمل الحطب على ظهري لجل راحتي مع هذه المرأة المباركة
الطائعة فنسأل الله أن يرزقنا الصبر على ما يحب ويرضى إنه
جواد كريم .
]*[]*[]*[]*[
) (10النهي عن التماس عثرات النساء :
اعلموا -رحمنا الله وإياكم:-
أن في التماس عثرات النساء وتتبع زلتهن هدم للحياة الزوجية ،
فالمرأة خلقت من ضلع أعوج ،كما قال الصادق المصدوق صلى
الله عليه وسلم فل شك أن عثراتها وزلتها أكثر من الرجل ،وتتبع
مثل هذه العثرات والزلت يوغر صدر الزوج عليها شيئا ً فشيئا ً ،
حتى يؤدى به ذلك إلى طلقها.
وقد نهينا عن تتبع زلت النساء ،والتماس عثراتهن ،أو تخوينهن ،
ولذا نهى نهى رسول الله rأن يطرق الرجل أهله ليل يتخونهم أو
يلتمس عثراتهم
)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (
قال :نهى رسول الله rأن يطرق الرجل أهله ليل يتخونهم أو
يلتمس عثراتهم .
وكذلك فطرقه لها ليل ً يكون مظنة رؤية ما ل يستحب له رؤيته
منهم ،ففيه من تخونهن ،وتلمس العثرات لهن ما يبعث إلى
نفسه استقباح بعض أمورهن ،أو كراهية بعض أخلقهن ،
فتضطرب بذلك حياتهما الزوجية ،وقد يؤدي ذلك إلى كثرة
المشاكل ،بل قد يصل الحد إلى الطلق.
وكذلك نهى النبي rعن أن يطرق الرجل أهله إذا قدم من سفره
ليل ً من أجل أن تمتشط الشعثة ،وتستحد المغيبة ،أي لكي تتهيأ
لزوجها بالمتشاط والتزين ،والستحداد له ،فيراها في أحسن
صورة ،وفي أجمل حلة ،فتبعث في نفسه السرور ،بعد طول
التعب والرهاق الذي ناله في سفره هذا.
)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (
أن النبي rقال ) :إذا دخلتم ليل ،فل تدخل على أهلك ،حتى تستحد
المغيبة ،وتمتشط الشعثة( .قال :قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم) :فعليك بالكيس الكيس(.
تنبيه ولكن من الله علينا في هذا العصر بكثير من المخترعات
علينا طرق التصال بالهل والزواج والولد ، التي تسهل
كالهاتف ،والبرق ،والتلكس ،فإذا استطاع الرجل إخبار أهله
بموعد قدومه من الليل ،فل مانع من أن يطرقهم في هذا الوقت
من الليل ،لنه قد زالت علة النهي بالتصال بهم ،وإخبارهم
ت « 167خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
بموعد القدوم ،فليس في طرقهم في هذا الوقت ما يجعله تخونا ً
لهم ،أو التماسا ً لعثراتهم ،والله أعلم .
]*[]*[]*[]*[
) (11أن يعين الزوجة في أمور الدنيا والخرة :
) حديث السود بن يزيد الثابت في صحيح البخاري ( قال :سألت
عائشة رضي الله عنها :ما كان النبي rيصنع في البيت؟ قالت:
كان يكون في مهنة أهله ،تعني خدمة أهله ،فإذا حضرت الصلة
خرج إلى الصلة.
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت:كان النبي يصلي
وأنا راقدة ،معترضة على فراشه ،فإذا أراد أن يوتر أيقظني
فأوترت.
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كان النبي إذا دخل
العشر شد مئزره ،وأحيا ل َي َْله ،وأيقظ أهله.
]*[]*[]*[]*[
]*[]*[]*[]*[
غْيرة عليها : ) (13ال َ
من أبرز حقوق الزوجة وواجبات الزوج أن يصون كرامتها ويحفظ
غار عليها.عْرضها ،وي َ َِ
ت « 168خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
غيرةً على زوجاتهن ومن المؤسف أن بعض حيوانات الغابة أكثر ِ
من بعض الرجال ،فتراه يطلق العنان لزوجته تختلط مع الرجال
وتحادثهم ،وتذهب للسواق وحدها ،وقد تركب مع السائق وحده،
عن علي )رضي الله عنه( قال " :بلغني أن نسائكم يزاحمن
العلوج في السواق ،أل تستحون؟ أل تغارون ؟ يترك أحدكم امرأته
تخرج بين الرجال " .المغني
وإذا كان الحمو هو الموت كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله
عليه وسلم كما في الحديث التي :
)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي rقال :إياكم و
الدخول على النساء قالوا :يا رسول الّله أرأيت الحمو قال :
الحمو الموت أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في
الستقباح والمفسدة فهو
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه
المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء
،وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر
العلة والقصد به غير ذوات المحارم ،ذكر الغزالي أن راهبا ً من
بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما
زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها
فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها
ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه
وحصروه فقال له الشيطان :اسجد لي تنج فسجد له ،فانظر
إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية
وجعلها عنده
)قالوا :يا رسول الّله أرأيت الحمو قال :الحمو الموت(
والحمو أخو الزوج وقريبه ،الحمو الموت :أي دخوله على زوجة
أخيه يشبه الموت في الستقباح والمفسدة فهو
محرم شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه الموت لتسامح
الناس في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من المرأة وخرج هذا مخرج
قولهم السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه وكذا دخول الحمو عليها
يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلقها عند غيرة الزوج أو
برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر
إلى التهم كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة لن موقع
امتناع الرجل من النظر بشهوة لمرأة أبيه ليس كموقعه منه لمه
هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس
الشهوانية.
ت « 169خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تنبيه:فإذا كان هذا مع أخ الزوج ،فما بالنا بمن يتركون
الرجال الجانب يدخلون على نساءهم ومحارمهم دون أن يحرك
ذلك ساكنا ً فيهم من شعور بالغيرة على أعراضهم ومحارمهم ،
مدعين بذلك العفة لدى الجنسين ،وأقول :والله إنه ضعف في
الدين ،وقلة حيلة لدى أولئك المساكين .
ولهذا قال تعالى محذرا ً من الدخول على النساء ) :وإذا
سألتموهن متاعا ً
فسألوهن من وراء حجاب ( ثم ذكر المولى جل وعل الحكمة
البالغة من ذلك فقال ) :ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن (
] الحزاب ، [ 53وحّرم السلم على المرأة أن تخرج أمام الرجال
الجانب وهي متخذة زينتها لما في ذلك من جنوح إلى الذنب
والمعصية ،وإقبال على الفاحشة والرذيلة ،واستمالة ضعاف
النفوس واليمان والتقوى للنجراف في بحر الفاحشة ،والوقوع
في براثن الزانيات العاهرات الداعيات إلى البعد عن عالم الخفيات
فاطر الرض والسموات .
َ َ َ
ء
و آَبآ ِ نأ ْ ه ّ و آَبآ َئ ِ ِ نأ ْ ه ّ عولت ِ ِ ن إ ِل ّ ل ِب ُ ُ ه ّ زين َت َ ُ ن َِ دي َ ول َ ي ُب ْ ِ قال تعالىَ ) :
ن َ عول َت ِ َ و أ َب َْنآئ ِ َ عول َت ِ
ه ّ وان ِ ِ خ َي إِ ْ و ب َن ِ َ نأ ْ ه ِّ وان ِخ َ و إِ ْ نأ ْ ه ّ ِ ء بُ ُ و أب َْنآ ِ نأ ْ ه ّ ِ نأ ْ ه ّ ِ بُ ُ
َ َ َ َ َ َ
ر
غي ْ ِن َ عي َ و الّتاب ِ ِ نأ ِ ه ّ مان ُ ُ ت أي ْ َ مل َك َ ْ ما َ و َ نأ ْ ه ّ سآئ ِ َ ِ و نِ َ نأ ْ ه ّ وات ِ ِ خ َ و ب َِني أ َ أ ْ
ُ
ت وَرا ِ ع ْ ى َ عل َ َ هُروا ْ َ م ي َظْ َ ن لَ ْ ذي َ ل ال ّ ِ ف ِ و الطّ ْ لأ ِ جا ِ
َ
ن الّر َ م َ ة ِ وِلي ال ِْرب َ ِ أ ْ
وا ْ إ َِلى وُتوب ُ َ ن َ ه ّ زين َت ِ ِ من ِ ن ِ في َ خ ِ ما ي ُ ْ م َ عل َ َ ن ل ِي ُ ْ ه ّ جل ِ ِن ب ِأْر ُ رب ْ َ ض ِ ول َ ي َ ْ ء َ سآ ِ الن ّ َ
َ
ن( ]سورة :النور -الية: حو َ فل ِ ُ م تُ ْ عل ّك ُ ْ ن لَ َ مُنو َ ؤ ِ م ْ ها ال ْ ُ ميعا ً أي ّ َ ج ِ ه َ الل ّ ِ
[31
عا من شيم النفوس غي َْرة المباحة شر ً ن ال َ تنبيه : إ ّ
الكريمة ،ولكن منها ما هو محمود وما هو مذموم وهاك فصل
الخطاب في موضوع الغيرة وبيان المحمود والمذموم منها:
كبه الله في العبد من قوة روحية تحمي غي َْرة هي :ما ر ّ وال َ
المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر ،والغيرة في
السلم خلق محمود ،وجهاد مشروع؛
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال :يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزني
يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرا ً .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله .
]*[ الغيرة صفة من صفات الله عز وجل :
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال :
ت « 170خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزني يا أمة
محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرا ً .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله .
]*[ فالمسلم يحب زوجته ،ويتمنى لها الخير والصلح ،ويكره لها
الفحش والمجون ،وكل ما يهون من رفعتها ومقدارها عنده ،
فغيرة الزوج على زوجته من اليمان ،وبها تسعد وتفخر كل زوجة
مسلمة ،فالغيرة المعتدلة شيء مطلوب ومهم ،ومن ل يغار على
أهله فهو ديوث ومطرود من رحمة الله تعالى ،فغيرة الرجل على
أهله أن يأتين ما حرم الله أو يخلون مع غير ذي محرم ،أو يتحدثن
مع أحد بخضوع في القول ..واجبة لحماية شرفه وصيانة عرضه .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
)إن الله يغار ،وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله(.
والرجل الذي ل يغار على أهله ،ول يغضب إذا رأى زوجته
متبرجة ،أو رآها وهي تحدث الرجال في ميوعة أو خضوع فإنه
ديوث يقبل الفحش والسوء على أهله ،
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :ثلثة قد حرم الله عليهم الجنة :مدمن الخمر و
خبث . ه ال َ
العاق و الديوث الذي ُيقّر في أهل ِ
]*[ من مواقف الغيورين:
]*[ غيرة النبي rعلى النساء :
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت :
دخل علي رسول الله rوعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت
الغضب في وجهه .قالت :فقلت :يا رسول الله إنه أخي من
الرضاعة .قالت :فقال :انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما
الرضاعة من المجاعة .
]*[ غيرة داود:
كان داود uفيه غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلق البواب فلم
يدخل على أهله أحد حتى يرجع .قال :فخرج ذات يوم وغلقت
الدار ،فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار .
فقالت لمن في البيت :من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة ؟
والله لنفتضحن بداود .فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار
،فقال له داود :من أنت ؟ قال :أنا الذي ل أهاب الملوك ول أمنع
من الحجاب .فقال داود :أنت والله إذن ملك الموت ،مرحبا ً بأمر
الله ،ثم مكث حتى قبضت .البداية والنهاية ج 2 :ص17 :
ت « 171خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ في قصة موسى مع المرأتين :
روى ابن جرير بإسناده عن ابن عباس قال :قالت إحداهما يا
أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي المين . قال :
فأحفظته الغيرة أن قال :ل ،وما يدريك ما قوته وأمانته ؟ قالت :
أما قوته فما رأيت منه حين سقى لنا لم أر رجل ً قط أقوى في
ذلك السقي منه ،وأما أمانته فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت
له فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه ولم ينظر إلي حتى
بلغته رسالتك ،ثم قال امشي خلفي وانعتي لي الطريق ولم
يفعل ذلك إل وهو أمين .فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي
قالت .تفسير الطبري ج 20 :ص63 :
]*[ غيرة الصديق رضي الله عنه:
)حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في
صحيح مسلم ( أن نفرا ً من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت
عميس رضي الله عنها ،فدخل أبو بكر الصديق وهي تحته يومئذ
فرآهم فكره ذلك .فذكر ذلك لرسول الله rوقال لم أر إل خيرا ً .
فقال رسول الله : rإن الله قد برأها من ذلك .ثم قام رسول
الله rعلى المنبر فقال :ل يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة
إل ومعه رجل أو اثنان .
]*[ غيرة الفاروق رضي الله عنه :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ،فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب
قصر ،فقلت :لمن هذا القصر؟ فقالوا :لعمر بن الخطاب ،فذكرت
غيرته ،فوليت مدبرا( .فبكى عمر وقال :أعليك أغار يا رسول الله.
]*[ غيرة سعد بن عبادة رضي الله عنه:
)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال :لو رأيت
ح ،فبلغ ذلك النبي ف ٍص ّم ْ غي َْر ُف َ سي ْ ِ ه ِبال ّضَرب ْت ُ ُرجل ً مع امرأتي ل َ َ
فقال ) :أتعجبون من غيرة سعد ،لنا أغَير منه ،والله أغَير مني (.
)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم
ح أي ل ص ّ
ف ٍ م ْ ح( :صفح السيف أي عرضه ،ومعنى َ
غي َْر ُ ص ّ
ف ٍ م ْ ) َ
غي َْر ُ
ده .أضربه بعرض السيف بل بح ّ
]*[ وقد قرر شيخ السلم ابن تيمية في مجموع الفتاوى ] / 6
[ 120اتصاف الله تعالى بهذه الصفة ،والدلة على ذلك ،وأنها
صفة كمال ،كما رد على من زعم أنها انفعالت نفسية .
)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال :لو رأيت
ح ،فبلغ ذلك النبي ف ٍص ّم ْ غي َْر ُف َ سي ْ ِ ه ِبال ّضَرب ْت ُ ُرجل ً مع امرأتي ل َ َ
فقال ) :أتعجبون من غيرة سعد ،لنا أغَير منه ،والله أغَير مني (.
ت « 172خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم .
ح أي ل ف ٍص ّ
م ْ ح( :صفح السيف أي عرضه ،ومعنى َ
غي َْر ُ ص ّ
ف ٍ م ْ ) َ
غي َْر ُ
ده .
أضربه بعرض السيف بل بح ّ
غيرة :
]*[ أنواع ال َ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن
النبي rقال ) :من الغيرة ما يحبه الله ،ومنها ما يكره الله ،فأ ّ
ما ما
ب الله فالغيرة في الريبة وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة( يح ّ
فالغيرة في الريبة :أي :في مواطن الشك.
]*[ عن علي بن أبي طالب قال :الغيرة غيرتان غيرة حسنة جميلة
يصلح بها الرجل أهله ،وغيرة تدخله النار تحمله على القتل
فيقتل .رواه الضياء المقدسي في الحاديث المختارة ج 2 :ص:
226وقال :إسناده صحيح .
]*[ قال شيخ السلم ابن تيمية :فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت
غيرة الله تعالى وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله وهي أن
تؤتى الفواحش الباطنة والظاهرة .لكن غيرة العبد الخاصة هي
من أن يشركه الغير في أهله فغيرته من فاحشة أهله ليست
كغيرته من زنا الغير لن هذا يتعلق به وذاك ل يتعلق به إل من جهة
بغضه لمبغضة الله ولهذا كانت الغيرة الواجبة عليه هي في غيرته
على أهله وأعظم ذلك امرأته ثم أقاربه ومن هو تحت طاعته ،
ولهذا كان له إذا زنت أن يلعنها لما عليه في ذلك من الضرر
بخلف ما إذا زنا غير امرأته ،ولهذا يحد قاذف المرأة التي لم
يكمل عقلها ودينها إذا كان زوجها محصنا ً في أحد القولين وهو
إحدى الروايتين عن أحمد .اهـ
تنبيه ويجب على المسلم أن ل يغار على زوجته إل في
موطن يستحق
الغيرة -وكذا الزوجة بدللة الحديث التي :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن
ما ماالنبي rقال ) :من الغيرة ما يحبه الله ،ومنها ما يكره الله ،فأ ّ
ب الله فالغيرة في الريبة وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة( يح ّ
فالغيرة في الريبة :أي :في مواطن الشك.
فأنت أيها الزوج المسلم قد اخترت زوجتك على أساس الدين كما
أمر الشرع فهي بإذن الله مسلمة مؤمنة عفيفة ،ولم يرد منها ما
يستدعي ذلك الشك وتلك الغيرة الحمقاء ،فل تعذب نفسك ول
تعذبها معك ..
ن حسن العشرة وأسباب السعادة ل تكون إل في اللين علم أ ّ وقد ُ
والبعد عن الظنون والوهام التي ل أساس لها ،إن الغيرة قد
ن ..يحمله على تأويل الكلم تذهب ببعض الناس إلى سوء ظ ّ
ت « 173خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والشك في التصرفات ،مما ينغص العيش ويقلق البال من غير
مستند صحيح.
ويجب على كل زوجين أن يبتعدا عن مواطن
الشبهات.
)لحديث النعمان بن بشير الثابت في الصحيحين( أن النبي r
قال :الحلل بين و الحرام بين و بينهما مشبهات ل يعلمهن كثيٌر
من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه و عرضه و من وقع
ع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه أل و إن في الشبهات كرا ٍ
لكل ملك حمى أل و إن حمى الله تعالى في أرضه محارمه أل و إن
في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد
الجسد كله أل و هي القلب .
ولذا يجب على المسلم أن يبتعد عن دور اللهو والفساد ،فيراه
الله حيث أمره ،ويفتقده حيث نهاه.
ت بالفضائل ، والمرأة تمنع الغيرة والريبة عن زوجها إذا تحل ْ
ت بأوامر الشرع في خروجها من بيتها ،وفي زيها ،وقولها والتزم ْ
شَيتها ،وفي سائر أخلقها ،والرجل يدفع الغيرة عن م ْ
،وفعلها ،و ِ
زوجته ،إذا تمسك بأوامر الله ،وانتهى عن نواهيه في كل أحواله.
والغيرة المعتدلة تحفظ العلقة الزوجية ،وتوفر السعادة ،
ت الغيرة )وهي وتقضي على كثير من المشكلت ،أما إذا اشتد ْ
الغيرة في غير ريبة( ،فأصبح كل من الزوجين يشك في الخر ،
ويتمنى أن يكون شرطّيا على رفيقه ،يراقبه في كل أعماله ،
ويسأله عن كل صغيرة وكبيرة ،فهذا مما يوجد أسباب الخلف،
فتكون الغيرة مدخل ً للشيطان بين الزوجين ،وربما أحدث الفرقة
من هذه السبيل ،وعلى الزوجين أن يثقا في بعضهما البعض ،فل
يكثرا من الظن والشك ،فذلك وسوسة ،وعليه أن يطرح عن
نفسه الظن فإنه أكذب الحديث بنص السنة الصحيحة .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال )إياكم والظن ،فإن الظن أكذب
الحديث ،ول تحسسوا ،ول تجسسوا ،ول تناجشوا ،ول تحاسدوا ،ول
تباغضوا ،ول تدابروا ،وكونوا عباد الله إخوانا(.
فطَِنة هي التي تبعد الغيرة عن زوجها ،فل تصف رجل والزوجة ال َ
أمامه ،ول تمدحه ول تثني عليه؛ فذلك مما يسبب غيرته ،وضيق
صدره ،مما قد يدخل التعاسة بين الزوجين ،بل تمتدح زوجها
وتثني عليه بما فيه من خير ،وتعترف بفضله ،وعلى الزوجة أن ل
تمنع زوجها من زيارة أهله بدافع الغيرة ،وليكن شعارها :من أحب
ت « 174خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
دا أحب من يحبه .وهذا يساعد على استقرار الحياة الزوجية أح ً
ودوام المودة والقربى.
]*[]*[]*[]*[
) (14أن يعلمها الخير ويأمرها به ول سيما الضروري من أمور
دينها:
ومن حق المرأة على الرجل أن يعلمها الخير ويأمرها به ول سيما
الضروري من أمور دينها وليضع نصب عينيه أن حاجة المرأة
لصلح دينها ل يقل أهمية عن حاجتها للطعام والشراب ،فل
ينظر للمرأة على أنها مجرد خادم بالنهار وفراش بالليل ،فيجب
عليه تعليمها العلم الشرعي وما تحتاج إليه من أمور العبادات
وحثها وتشجيعها على ذلك،
كسأ َل ُ َها ل َ ن َ ْ عل َي ْ َ صطَب ِْر َ وٱ ْ ة َ صل ٰو ِ ك ب ِٱل ّ هل َ َ مْر أ َ ْ وأ ُ
قال الله تعالىْ } :
َ
و ٰى{ ]طه.[132: ْ
ق
َ ِ َ ِ ّ َ ت لل ة
ُ ب ق ـ ٰ ع ْ ل ٱ و
ك َ ق َ ن ن َْرُز ُح ُ رْزقا ً ن ّ ْ ِ
]*[ قال الطبري رحمه الله :
"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :وأمر ـ يا
محمد ـ أهلك بالصلة واصطبر عليها ،يقول :واصطبر على القيام
بها وأدائها بحدودها أنت".
]*[ وقال ابن كثير رحمه الله " :وأمر أهلك بالصلة ،واصطبر
عليها أي :استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلة ،واصبر أنت على
فعلها".
م َنارا ً هِليك ُ ْ وأ َ ْم َسك ُ ْ قوا ْ َأن ُ
ف َ مُنوا ْ ُ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ
َ
وقال تعالىٰ } :يأي ّ َ
ن ٱلل ّ َ
ه صو َ ع ُ دادٌ ل ّ ي َ ْ ش َظ ِ غل َ ٌ ة ِ مَلـئ ِك َ ٌ
ها َ عل َي ْ َ جاَرةُ َ ح َ و ٱل ْ ِ س َ ها ٱلّنا ُ قودُ َ و َُ
ن{ ]التحريم.[6: رو م ْ
ؤ ي ما ن لو ُ ع ْ
ف ي و م ه ر م َ أ ما
َ َ َ ُ َ ُ َ َ ُ ْ َ َ َ َ
]*[ قال الطبري رحمه الله :
م َنارًا{ يقول :وعلموا أهليكم من العمل بطاعة هِليك ُ ْ وأ َ ْ "قولهَ } :
الله ما يقون به أنفسهم من النار".
]*[ وقال ابن سعدي رحمه الله :
م َنارًا{ موصوفة بهذه الوصاف هِليك ُ ْ وأ َ ْ م َ سك ُ ْ ف َ قوا ْ َأن ُ "قولهُ } :
الفظيعة .ووقاية النفس بإلزامها أمر الله امتثال ،ونهيه اجتنابا،
والتوبة عما يسخط الله ،ويوجب العذاب .ووقاية الهل والولد
بتأديبهم وتعليمهم وإجبارهم على أمر الله .فل يسلم العبد إل إذا
قام بما أمر الله به في نفسه وفيمن تحت وليته وتصرفه".
ك سأ َل ُ َها ل َ ن َ ْ عل َي ْ َ صطَب ِْر َ وٱ ْ ة َ صل ٰو ِ ك ب ِٱل ّ هل َ َ مْر أ َ ْ وأ ُ
قال الله تعالىْ } :
َ
و ٰى{ ]طه.[132: ق ْ
َ ِ َ ِ ّ َ ت لل ة ُ ب ق ـ ٰ ع ْ ل ٱ وك َ ق َ ن ن َْرُز ُح ُ رْزقا ً ن ّ ْ ِ
ت « 175خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال الطبري رحمه الله :
"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :وأمر ـ يا
محمد ـ أهلك بالصلة واصطبر عليها ،يقول :واصطبر على القيام
بها وأدائها بحدودها أنت".
]*[ وقال ابن كثير رحمه الله " :وأمر أهلك بالصلة ،واصطبر
عليها أي :استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلة ،واصبر أنت على
فعلها".
ةم ِحك ْ َوال ْ ِه َت الل ّ ِن آَيا ِ م ْ ن ِ في ب ُُيوت ِك ُ ّ ما ي ُت َْلى ِن َ واذْك ُْر َ وقال تعالىَ :
]الحزاب[34:
وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ) :نعم
النساء نساء النصار ،لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين (
]رواه البخاري[ .وعلى الزوج أن يتابع تعليمها القرآن الكريم
والسنة المطهرة ويشجعها ويعينها على الطاعة والعبادة،
ها ] طه[132: عل َي ْ َصطَب ِْر َ وا ْ ة َ صَل ِ هل َ َ
ك ِبال ّ مْر أ َ ْوأ ُ
ْ
قال تعالىَ :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود
والنسائي ( أن النبي قال :رحم الله رجل ً قام من الليل
ت نضح في وجهها الماء ،و فصلى و أيقظ امرأته فصلت فإن أب ْ
جها فصلى رحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت و أيقظت زو َ
فإن أبى نضحت في وجهه الماء .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود
ل أهله من الليل وابن ماجه ( أن النبي قال :إذا أيقظ الرج ُ
فصليا ركعتين جميعا ً كتبا من الذاكرين الله كثيرا ً والذاكرات .
هاقودُ َ م َنارا ً َ
و ُ وأ َ ْ
هِليك ُ ْ م َ سك ُ ْ ف َ وا ْ َأن ُ
ق َ مُنوا ْ ُنآ َ ذي َ ها ال ّ ِ
َ
قال تعالى) :ي َأي ّ َ
ة( ]سورة :التحريم -الية[6 : جاَر ُ وال ْ ِ
ح َ س َالّنا ُ
)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ) :كلكم راع ومسئول عن رعيته ،فالمام راع وهو مسئول
عن رعيته ،والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته ،والمرأة
في بيت زوجها راعية ،وهي مسئولة عن رعيتها ،والخادم في مال
سيده راع وهو مسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن
رعيته(.
) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :إن الله
تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى
يسأل الرجل عن أهل بيته .
]*[ قال النووي رحمه الله :
"قال العلماء :الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلح ما قام
عليه وما هو تحت نظره .ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء
ت « 176خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه
ومتعلقاته".
تنبيه: إن تعليم الزوج لزوجته الضروري من أمور دينها أهم
من النفقة والمبيت أن يعلمها الزوج أمور دينها وبخاصة إذا كانت
المرأة لم تأخذ من التعليم الشرعي ما يكفيها في أمور دينها
مل بهودنياها ،وعلى الزوج أن يتخذ من الوسائل الشرعية ما ُيك ّ
هذا الجانب ،والرسول صلى الله عليه وسلم ،كان يعلم نساءه
وج رجل ً من الصحابة امرأة على ما معه من أمور دينهن ،وز ّ
القرآن.
وهذا المر تساهل فيه كثير من الزواج فالله المستعان.
]*[ قال ابن الجـوزي في أحكام النساء ) » : (22المرأة شخص
مكلف كالرجل ،فيجب عليها طلب علم الواجبات عليها ،لتكون
من أدائها على يقين.فإن لم يكن لها أب ،أو أخ ،أو زوج ،أو
محرم ،يعلمها الفرائض ،ويعرفها كيف تؤدي الواجبات كفاها
ذلك ،وإن لم تكن سألت وتعلمت ،فإن قدرت على امرأة تعلم
ذلك ،تعرفت منها ،وإل تعلمت من الشياخ ،وذوي السنان من
غير خلوة بهم ،وتقتصر على قدر اللزم ،ومتى حدثت حادثة في
دينها سألت عنها ،ولم تستح ،فإن الله ل يستحي من الحق «
ا.هـ.
وقال رحمه الله في كتاب »صيد الخاطر « ) » : (110نظرت في
أحوال النساء فرأيتهن قليلت الدين ،عظيمات الجهل ،ما عندهن
من الخرة خبر ! إل من عصم الله « .
]*[]*[]*[]*[
سَرها وأل يذكر عيبها :
شي ِ ) (15أل ي ُ ْ
ف ِ
أل يفشي سرها وأل يذكر عيبها إذ هو المين عليها والطالب
برعايتها والزود عنها ،ومن أخطر السرار أسرار الفراش ولذا
حذر النبي rإذاعتها .
) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي
إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها .
) حديث أسماء بنت يزيد الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :عسى رجل يحدث بما يكون بينه و بين أهله أو عسى امرأة
تحدث بما يكون بينها و بين زوجها فل تفعلوا فإن مثل ذلك مثل
شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق فغشيها و الناس ينظرون
.
]*[]*[]*[]*[
ت « 177خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (16أن يعدل بينها وبين ضرتها :
دد زوجها ،فـإن كان للرجل أكثر من من حقوق الزوجة التي ع ّ
زوجة وجب عليه العدل بينهن ،وقد علق الشارع إباحة التعدد أصل ً
مث َْنى ء َ سا ِ ن الن ّ َ م َم ِ ب ل َك ُ ْ طا َما َ حوا َ فان ْك ِ ُ على العدل فقال تعالى} َ
َ َ َ
م ذَل ِ َ
ك مان ُك ُ ْ ت أي ْ َ مل َك َ ْ ما َ و َ حدَةً أ ْ وا ِ ف َ دُلوا َ ع ِ م أّل ت َ ْ فت ُ ْ خ ْ ن ِ فإ ِ ْ ع َ وُرَبا َ ث َ وُثل َ َ
عولوا{)النساء ، (3 :وقد مال كثير من المعددين وقد ُ ّ َ َ
أدَْنى أل ت َ ُ
ثبت في السنة الصحيحة النكير الشديد على ذلك كما في الحديث
التي :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح السنن
الربعة ( أن النبي rقال ) :من كانت له امرأتان فمال إلى
قه مائل :أي قه مائل ( معنى ش ُ إحداهما جاء يوم القيامة و ش ُ
أحدى جنبيه و طرفه مائل أي مفلوج ،
َ
ول َ ْ
و ء َ سآ ِ ن الن ّ َ دُلوا ْ ب َي ْ َ ع ِ وا ْ أن ت َ ْ ع َ طي ُ ست َ ِ وَلن ت َ ْ والله تعالى يقول َ ) :
حوا ْ صل ِ ُ وِإن ت ُ ْ ة َ ق ِ ّ
عل َ م َ ْ
كال ُ ها َ فت َذَُرو َ ل َ مي ْ ِ ل ال َْ ميُلوا ْ ك ُ ّ فل َ ت َ ِ م َ صت ُ ْ حَر ْ َ
حيما( ]النساء[129 / ً فورا ّر ِ ً نغ ُ َ َ
ه كا َ ّ
ن الل َ فإ ِ ّ قوا َ ْ وت َت ّ ُ َ
تنبيه :المقصود بالعدل :التسوية في حقوقهن التي يمكن
سم والنفقة والكسوة ،فيعدل ق ْ للزوج التسوية فيها بينهن ؛ من ال َ
بينهن في المأكول والمشروب والملبوس والسكنى والبيتوتة ،
وفي تهيئة مسكن لكل واحدة منهن على حدة ،لكنه ل يطالب
بالعدل فيما ل يملك كميل القلب والمحبة ونحوها ،لقوله
ميُلوا َ
فل ت َ ِ م َ صت ُ ْ
حَر ْ و َ ول َ ْ ء َ سا ِ ن الن ّ َ دُلوا ب َي ْ َ ع ِ ن تَ ْ عوا أ ْ طي ُ
ست َ ِ ن تَ ْ ول َ ْ تعالى} َ
ة{)النساء ،(129 :ولذلك كان رسول ق ِ عل ّ َ م َ كال ْ ُ ها َ فت َذَُرو َ ل َ مي ْ ِ ل ال ْ َ كُ ّ
الله يقسم بين نسائه -أي المبيت -فيعدل ويقول)اللهم هذا
قسمي فيما أملك فل تلمني فيما تملك ول أملك( رواه ابن حبان .
]*[ قال المام الترمذي رحمه الله :فل تلمني فيما ل أملك :يعني
الحب والمودة.
مسألة :لو تبرعت إحدى الزوجات بيومها إلى أخرى فهل يجوز
ذلك ؟
القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة أنه يجوز
ذلك ،
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كان رسول الله r
ن خرج سهمها خرج بها معه، إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه ،فأيُته ّ
ة منهن يومها وليلتها ،غير أن سودة بنت م لكل امرأ ٍ وكان يقس ُ
زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ،تبتغي بذلك رضا رسول الله .
) حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (
سك ِْني قِني َ خشَيت سودةُ أن يطلقها النبي rفقالت ) :ل َ ت ُطَل ّ ْ
م ِ وأ ْ َ َ
ت « 178خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ ح َ َ
حاصل ِ َن يُ ْ ما أ ْ ه َعلي ْ ِ جَنا َ فل َ ُ ت} َ فن ََزل َ ْ ل َ ع َ ف َف َ ةَ ، ش َ عائ ِ َمي ل ِ َ و ِ ل يَ ْ ع ْ ج َ وا ْ َ
خي ٌْر{ ( ح َ ْ
صل ُ وال ّ صلحا ًَ ْ ما ُ ه َ ب َي ْن َ ُ
وكان رسول الله rإذا أراد السفر أقرع بين زوجاته فأيتهن خرج
سهمها خرج بها معه،
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كان رسول الله r
ن خرج سهمها خرج بها معه، إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه ،فأيُته ّ
ة منهن يومها وليلتها ،غير أن سودة بنت م لكل امرأ ٍ وكان يقس ُ
زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ،تبتغي بذلك رضا رسول الله .
وكان عليه الصلة والسلم يراعي العدل وهو في مرض موته
حتى أذن له زوجاته فكان في بيت عائشة ،وكان لمعاذ بن جبل
امرأتان فإذا كان يوم هذه لم يشرب من بيت الخرى الماء.
سم ِ بين الزوجات حتى يتضح لك ق ْ وهاك صفوة المسائل في ال َ
المر وضوحا ً جليا ً :
مسألة :هل يجب على الزوج أن يساوي بين زوجاته في القسم ؟
ف( ]النساء / عُرو ِ م ْن ِبال ْ َ ه ّ شُرو ُ عا ِ و َنعم يجب ذلك ،لقوله تعالىَ ) :
[19
سم لهذه ليلة و لهذه ليلتين ،وحذر وليس من المعروف أن يق ْ
النبي rمن الميل إلى إحدى الزوجات عن الخرى ،
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح السنن
الربعة ( أن النبي rقال ) :من كانت له امرأتان فمال إلى
قه مائل :أي قه مائل ( معنى ش ُ إحداهما جاء يوم القيامة و ش ُ
أحدى جنبيه و طرفه مائل أي مفلوج ،
َ
ول َ ْ
و ء َ سآ ِ ن الن ّ َ دُلوا ْ ب َي ْ َ ع ِوا ْ أن ت َ ْ ع َ
طي ُ ست َ ِ وَلن ت َ ْ والله تعالى يقول َ ) :
حوا ْ صل ِ ُ وِإن ت ُ ْ ة َ ق ِ عل ّ َم َكال ْ ُها َ فت َذَُرو َ ل َ مي ْ ِل ال ْ َ ميُلوا ْ ك ُ ّ فل َ ت َ ِ م َ صت ُ ْحَر ْ َ
حيما( ]النساء[129 / ً ً
ن غفورا ّر ِ ُ َ ه كا ََ ّ
ن الل َ َ ْ
وت َت ّقوا فإ ِ ّ ُ َ
و المراد بالعدل هنا :في القسم و النفاق ل في المحبة لنها مما
ل يملكه (
مسألة :لو تبرعت إحدى الزوجات بيومها إلى أخرى فهل يجوز
ذلك ؟
القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة أنه يجوز
ذلك ،
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كان رسول الله r
ن خرج سهمها خرج بها معه، إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه ،فأيُته ّ
ة منهن يومها وليلتها ،غير أن سودة بنت م لكل امرأ ٍ وكان يقس ُ
زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ،تبتغي بذلك رضا رسول الله .
ت « 179خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (
سك ِْني قِني َ خشَيت سودةُ أن يطلقها النبي rفقالت ) :ل َ ت ُطَل ّ ْ
م ِوأ َْ َ
َ ح َ َ
حاصل ِ َن يُ ْ
ما أ ْ
ه َعلي ْ ِ فل َ ُ
جَنا َ فن ََزل َ ْ
ت} َ ل َ
ع َ ف َ
ف َ ةَ ،ش َ عائ ِ َ
مي ل ِ َ و ِ ع ْ
ل يَ ْ ج َوا ْ َ
خي ٌْر{ (
ح َ ْ
صل ُ وال ّ ً
صلحا َْ ما ُ ه َب َي ْن َ ُ
مسألة :ما هو عماد القسم ؟
من كان عمله بالنهار ) يكون القسم بالليل (
ومن كان عمله بالليل ) يكون القسم بالنهار (
مسألة :هل يجب القسمة للزوجة المريضة ؟
يجب على الزوج إن كان له أكثر من زوجة أن يساوي بينهن في
القسم ،أي في توزيع الزمن بينهن .فيقسم بين أزواجه بل
استثناء ،سواء كانت مريضة أو حائضا ً أو نفساء أو غير ذلك ،فإن
المراد بالقسم هو حصول النس بالزوج ولو لم يحصل الوطء .
مسألة :هل يقسم الرجل لحائض أو نفساء ؟
نعم يقسم الرجل للحائض و النفساء ،وإن كان ل يتمتع بالوطأ ،
سها . لن القسم هو أن يأتي إليها و ينام عندها ويؤن ِ ُ
تنبيه : النفساء إذا كانت في بيت زوجها فلها القسم ،وأما
إذا كانت في بيت أهلها فل ُتلزمه بالقسم ول تطالبه بالقضاء على
ما فات (
مسألة :هل يعني القسم لزوم حصول الجماع من الزوج ؟
ول يعني القسم لزوم حصول الجماع من الزوج ،فإن جامع بعض
أزواجه وترك بعضهم فإنه غير آثم ،إل أن يضر ببعض أهله .
ويحرم على الزوج أن يدخل على أحد نسائه في غير ليلتها إل
لضرورة .
]*[ قال الشيخ محمد بن إبراهيم :إذا كانت الليلة المعينة ليلة
ضرتها فيحرم عليه أن يفعل ذلك لنه ظلم للضرة فلم يجز له إل
لضرورة .أما إن كان ضرورة دعت إلى أن يأتي بيتها فإن
الضرورات لها أحكامها والضرورات جنسها معروف :كحدوث
حريق ،أو مرض مفاجئ لها ،أو لمن تبعها ،وقد تكون ضرورات
دون ذلك ). (18
وأما الدخول نهارا ً على المرأة في غير ليلتها فجائز للحاجة،
لقضاء حوائج ،أو سؤال عن مريض ،أو تفقد لحوال أهل البيت ،
ونحو ذلك
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي داوود (
قالت :
وقالت رضي الله عنها :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ل
يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم
. 18فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم )(282-10/281
ت « 180خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إل وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس
حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها.
ح بأنه يجوز للزوج أن يطوف على نسائه نهارا ً فالحديث مصر ٌ
وأن يقبل ويفعل كل شيء إل الجماع .
مسألة :لو كانت امرأةٌ كبيرة في السن وقال لها زوجها إني ل
أريد أن أقسم لك ،فهل ُتحبين أن تبقي عندي في عصمتي بدون
قسم وإل طلقتك ،واختارت أن تبقى في عصمته بدون قسم ،
فهل يجوز ذلك ؟
القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة أن هذا
جائز :
) حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (
سك ِْني قِني َ خشَيت سودةُ أن يطلقها النبي rفقالت ) :ل َ ت ُطَل ّ ْ
م ِ وأ ْ َ َ
َ ح َ َ
حا صل ِ َ ن يُ ْ ما أ ْ ه َ علي ْ ِ فل َ ُ
جَنا َ ت} َ فن ََزل َ ْل َ ع َف َف َ ةَ ، ش َ عائ ِ َمي ل ِ َ و ِ ل يَ ْ ع ْ ج َوا ْ َ
خي ٌْر{ ( ح َ صل ُْ وال ّ ً
صلحا َ ْ ما ُ ه َب َي ْن َ ُ
قرعة ؟ مسألة :هل يجوز أن يبدأ بإحداهن في القسم بدون ُ
ل لها و التسوية واجبة . ل يجوز إل برضاهن ،لن البدأ بها تفضي ٌ
مسألة :هل يجوز أن يسافر بإحداهن بدون قرعة ؟
ل لها ل يجوز إل برضاهن ،لن السفر بإحداهن بدون قرعة تفضي ٌ
و التسوية واجبة .
)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كان رسول الله r
ن خرج سهمها خرج بها معه، إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه ،فأيُته ّ
ة منهن يومها وليلتها ،غير أن سودة بنت م لكل امرأ ٍ وكان يقس ُ
زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ،تبتغي بذلك رضا رسول الله .
مسألة :إذا سافرت المرأة بغير إذن زوجها فهل لها قسم ؟
لو سافرت بغير إذنه فليس لها ) قسم ول نفقة ( لنها ناشز من
ناحية ،ولنها فوتت فرصة الستمتاع مختارة لذلك .
} تنبيه { المقصود بـ) ليس لها قسم ( أي ل يلزمه القضاء إذا
رجعت من السفر لنها هي التي اختارت ذلك .
مسألة :إذا سافرت بإذنه في حاجة خاصة بها مثل أن تزور والديها
،فهل لها قسم ؟
ليس لها قسم في اليام التي سافرت فيها ،بمعنى أنها ل تلزمه
بقضاء هذه اليام وذلك لنها اختارت ذلك بسفرها ،ولكن لها
النفقة ،لنها سافرت بإذنه .
مسألة :إذا كان للنسان إماء كثيرة فهل يجب أن يقسم بينهن ؟
ن ،بل يطأ من شاء متى شاء . ل يجب عليه أن يقسم بينه ّ
َ َ َ
ممان ُك ُ ْ ت أي ْ َ مل َك َ ْ ما َ و َ
حدَةً أ ْ وا ِف َدُلوا ْ َ م أل ّ ت َ ْ
ع ِ فت ُ ْخ ْن ِ فإ ِ ْلقوله تعالىَ ) :
عوُلوْا( )النساء (3 / َ ذَل ِ َ َ
ى أل ّ ت َ ُ ك أدْن َ َ
ت « 181خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ل ذلك على أن ملك اليمين ل يجب فيه القسم وكذا أمهات فد ّ
الولد ل يجب القسم بينهن .
مسألة :إن تزوج الرجل بكر وعنده زوجات كيف يقسم ؟
يقيم عند البكر سبعا ً ثم يقسم .
)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال :من السنة إذا تزوج
الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم ،وإذا تزوج الثيب
على البكر أقام عندها ثلث ثم قسم.
مسألة :إذا تزوج ثيبا ً و عنده زوجات كيف يقسم ؟
يقيم عندها ثلثة ثم يقسم ،
)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال :من السنة إذا تزوج
الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم ،وإذا تزوج الثيب
على البكر أقام عندها ثلث ثم قسم.
مسألة :ما هي الحكمة من الفرق بين البكر و الثيب في ذلك ؟
الحكمة في ذلك لمرين :
) (1رغبة الرجل في البكر أكثر من رغبته في الثيب فأعطاه
الشارع مهلة حتى تطيب نفسه .
) (2أن البكر تنفر من الرجل أكثر من نفور الثيب ،فجعلت هذه
المدة حتى تطمئن ول تنفر من الزوج .
مسألة :لو أحبت الزوجة الثيب أن يقيم الزوج عندها أكثر من
ثلث ،هل يجوز ذلك ؟
يجوز ذلك ،بشرط أن يقضي مثلهن لبقية الزوجات ،بمعنى أنه
إذا أقام عندها سبعا ً يقيم عند كل زوجة سبعا ً ،
) حديث أم سلمة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rلما
وان ،إنه َك َتزوجها أقام عندها ثلثا وقال :ليس بك على أهل ِ
ت لنسائي . سبع ُك ّتل ِ ك ،وإن سّبع ُ تل ِت سّبع ُ شئ ِ
مسألة :ما الحكمة في أن الزوج إذا سبع للثيب سبع للباقيات ،مع
أن حقها ثلث فيكون الزائد على حقها أربعة أيام ؟
الحكمة أول ً :هي قول النبي rفي حديث أم سلمة رضي الله
عنها ،
) حديث أم سلمة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rلما
وان ،إن ه َك َتزوجها أقام عندها ثلثا وقال :ليس بك على أهل ِ
ت لنسائي . سبع ُك ّتل ِ ك ،وإن سّبع ُ تل ِت سّبع ُ شئ ِ
ثانيا ً :ولنها لما أخذت الزيادة على الخريات وكانت الخريات في
انتظار الزوج أن يأتي لهن عن قريب ،صار نصيبها أن حصل لها
سبع أيام ،ثم هي في الحقيقة ل ُتجبر على ذلك بل باختيارها فل
ظلم عليها .
ت « 182خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تنبيه:وقوله صلى الله عليه وسلم ) :ليس بك على أهلك
هوان( أي لن ينقص شيء من حقك ،فحقك كامل غير منقوص .
والسنة كما جاء في الحديث ،أن الرجل يمكث عند الثيب ثلث
ليال متواليات وهذا حق لها ،ثم يدور على نسائه ليلة ليلة ،أو
يمكث عندها سبع ليال متواليات ،ثم يطوف على نسائه الخريات
سبعا ً ثم يقسم لها معهن ،فالحق للمدخول بها إن شاءت سبعا ً
وإن شاءت ثلثًا ،على التفصيل السابق .وإن كان المدخول بها
بكرا ً فإن الرجل يمكث عندها سبع ليال متوالية بل قضاء ،ثم
يقسم ،وهو حق البكر .
مسألة :إذا مرض الرجل هل يسقط القسم ؟
إذا مرض الزوج فإن مرضه ل يسقط القسم ،فيدور على نسائه،
ن له. ُ
ول يمكث عند إحداهن إل إذا أِذ ّ
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري ( أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات
فيه يقول ) :أين أنا غدا ً ؟ أين أنا غدا ً ؟ ( يريد يوم عائشة .فأذن
له أزواجه يكون حيث شاء ،فكان في بيت عائشة حتى مات عندها.
فانظر رعاك الله ،إلى عدله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه
حتى في حال مرضه ،مما يدل على أن الزوج مطالب ببذل الجهد
في تحقيق العدل بين زوجاته .
]*[]*[]*[]*[
) (17أن يتعاهدها بالهدايا التي تجلب المحبة :
فالهدية لها أثٌر بالغ في تحقيق السعادة ودوام المحبة واللفة ،
إن الهدية تذهب السخيمة ،وتزيل البغضاء ،ومهما كانت الهدية
بسيطة ويسيرة فإن لها من الثار النفسية ما يصعب حصره وتعدد
مزاياها .فتهادوا تحابوا.
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :تهادوا تحابوا.
]*[]*[]*[]*[
) (18أل يمنعها من زيارة أهلها :
أن ل يمنعها من زيارة أهلها لن هذا ينافي العشرة بالمعروف إل
ي مفسدةَ كما لو علم أن أمها تفسدها عليه فهنا يجوز إذا خش َ
منعها من ذلك إذا كان يترتب على ذهابها إليهم مفسدة في دينها
أو في حق زوجها لن في منعها من الذهاب في هذه الحالة درءا
للمفسدة ،وبإمكان المرأة أن تصل أهلها بغير الذهاب إليهم في
هذه الحالة بل عن طريق المراسلة أو المكالمة الهاتفية إذا لم
ت « 183خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
يترتب عليها محذورا لقوله تعالى } :فاتقوا الله ما استطعتم{ ،
والله أعلم .
وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يفسد الزوجة على زوجها
ويخببها عليه ،فقد جاء في الحديث » :ليس منا من خبب امرأة
على زوجها « ،ومعناه أفسد أخلقها عليه وتسبب في نشوزها
عنه ،والواجب على أهل الزوجة أن يحرصوا على صلح ما بينها
وبين زوجها لن ذلك من مصلحتها ومصلحتهم .
]*[ يجب على أم الزوجة تنصح ابنتها بما فيه مصلحتها ،وينبغي أن
ل تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في بيت ابنتها ..وما يقال عن أم
الزوجة يقال أيضا ً عن أم الزوج ..مع الفرق في المنزلة إذ أن أم
الزوج لها من الحقوق على ابنها في بيته ما ليس لم الزوجة في
بيت ابنتها.
وإنما ذكرنا ذلك لن هناك بعض المهات ل تترك شاردة ول واردة
في بيت ابنها أو ابنتها إل وتتدخل فيها ،بل ربما توغر صدر ابنتها
على زوجها ،أو توغر صدر ابنها على زوجته ،فتتسبب في تشتيت
أسرة وتفريق جمعها ،وقد تبرأ الرسول صلى الله عليه وسلم
ممن سعى للفساد بين الرجل وزوجته فقال عليه أفضل الصلة
والسلم " :ليس منا من خبب امرأة على زوجها".
ة تريد الخير لبنتها :في وأسوق هذه القصة لتتأسى بها كل امرأ ٍ
قصة القاضي شريح :
..فلما كان رأس الحول ..جئت من عملي ..وإذا بأم الزوجة في
بيتي..
فقالت )أم الزوجة( لي :كيف رأيت زوجتك؟ قلت :خير زوجة ....
قالت :يا أبا أمية ..والله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا ً من المرأة
المدللة فأدب ما شئت أن تؤدب ،وهذب ما شئت أن تهذب..
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود(
أن النبي rقال :ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على
سيده .
تنبيه : هذا ما تبين لي من حقوق المرأة على زوجها على
سبيل المثال ل
الحصر ،وقد بين النبي rقاعدة شرعية هي أن خير الناس من
كان خيرا ً لهله ،فكلما كان النسان أقرب إلى هذا القول كان
أكثر امتثال ً لقول النبي rوأكثر تأسيا ً به . r
)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي rقال :
م لهلي . وأ ََنا َ
خي ُْرك ُ ْ هَ ، م لَ ْ
هل ِ ِ خي ُْرك ُ ْ خي ُْرك ُ ْ
م َ » َ
) (19المحافظة على مالها وعدم التعرض له إل بإذنها :
ت « 184خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فقد يكون لها مال من إرث أو عطية أو راتب شهري تأخذه من
عملها ،فاحذر التعرض له ل تصريحا ً ول تلميحا ً ول وعدا ً ول وعيدا ً
فِإن ة َ حل َ ًن نِ ْ ه ّ قات ِ ِ صدُ َ ساء َ وآُتوا ْ الن ّ َ إل برضاها ،قال الله تعالىَ :
ريئا ]النساء [4:وقد ً م ِ ً
هِنيئا ّ فك ُلوهُ َ ُ فسا ً َ ه نَ ْمن ْ ُ ء ّ ي ٍ ش ْ عن َ م َ ن ل َك ُ ْ
طِب ْ َ
كان رسول الله أمينا ً على مال زوجته خديجة فلم يأخذ إل حقه
ولم يساومها ولم يظهر الغضب والحنق حتى ترضيه بمالها! قال
تعالى محذرا ً عن أخذ المهر الذي هو مظنة الطمع وهو من مال
ن م َ دا َ َ الزوج أص ً
ه ّدا ُح َم إِ ْ وآت َي ْت ُ ْج َ و ٍ ن َز ْ كا َ ج ّ و ٍل َز ْ ست ِب ْ َما ْ ن أَردت ّ ُ وإ ِ ْ لَ :
وك َي ْ َ
ف مِبينا ً )َ (20 وإ ِْثما ً ّ هَتانا ً َ ه بُ ْ ذون َ ُ خ ُشْيئا ً أ َت َأ ْ ُ ه َ ذوا ْ ِ
من ْ ُ خ ُ فل َ ت َأ ْ ُطارا ً َ قن َ ِ
غِليظا ً ً من ُ َ َ َ ْ
ميَثاقا َ كم ّ ن ِ خذْ َ وأ َ ض َ ع ٍ م إ ِلى ب َ ْ ضك ُ ْ ع ُ ضى ب َ ْ ف َ قدْ أ ْ و َ
ه َ ذون َ ُ خ ُ
ت َأ ُ
]النساء .[22،21:فما بالك بأموال زوجتك التي تكد وتتعب
لتجمعها .وأخذ المال منها ينافي قيامك بأمر القوامة ،ووجوب
النفقة عليها حتى وإن كانت أغنى منك ،وليحذر الذين يتعدون
على أموال زوجاتهم ببناء مسكن أو استثمار ثم يضع مالها باسمه
ويبدأ يستقطعه ،فإنه مال حرام وأخذ مال بدون وجه حق ،إل بإذن
صاحبه.
) (20حق الخلع :
ولنا هنا وقفة عظيمة مع موضوع الخلع فقد صار الناس فيه على
ط وتفريط ،والحق هو الحسنة بين طرفي نقيض بين إفرا ٍ
السيئتين ،وفصل الخطاب في موضوع الخلع من حيث جوازه
وعدمه أنه على التفصيل التي :
أول ً الصل في المسألة النهي عن طلب الخلع من غير بأس فقد
زجر النبي صلى الله عليه وسلم النساء عن طلب الطلق من
أزواجهن من غير بأس ،وعليه يحمل :
) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن
ة سألت زوجها طلقا ً من غير بأس فحرا ٌ
م النبي rقال :أُيما امرأ ٍ
عليها رائحة الجنة.
) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن
النبي rقال :
المختلعات هن المنافقات .
) المختلعات هن المنافقات ( أي اللتي يطلبن الخلع والطلق
ن منافقات نفاقا ً عمليا ً . من أزواجهن لغير عذر ه ّ
ول شك أن هذا الحديث الشريف يدل على حرمة طلب المرأة
الطلق من زوجها من غير بأس ،ولكن إذا ترجحت في ذلك
مصلحة شرعية ،أو إذا ترجحت في استمرار الزواج مفسدة
شرعية ،جاز لها أن تطلب الطلق.
ت « 185خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
شي ًْئا إ ِل ّ ن َ ه ّ مو ُ ما ءات َي ْت ُ ُ م ّذوا ْ ِ خ ُ م َأن ت َأ ْ ُ ل ل َك ُ ْ ح ّ ول َ ي َ ِ قال الله تعالىَ } :
َ فا أ َل ّ ي ُ ِ َأن ي َ َ
فل َ ه َ دودَ ٱلل ّ ِ ح ُ ما ُ قي َ م أل ّ ي ُ ِ فت ُ ْخ ْ ن ِ فإ ِ ْ ه َ دودَ ٱلل ّ ِ ح ُ ما ُ قي َ خا َ
ه{ ]البقرة.[229: ت بِ ِ فت َدَ ْ ما ٱ ْ في َ ما ِ ه َ ح َ َ
علي ْ ِ جَنا َ ُ
]*[ قال ابن كثير رحمه الله :
شي ًْئا{ أي :ل ن َ ه ّ مو ُ ما ءات َي ْت ُ ُ م ّ ذوا ْ ِ خ ُ م َأن ت َأ ْ ُ ل ل َك ُ ْ ح ّ ول َ ي َ ِ "وقولهَ } :
جروهن وتضّيقوا عليهن ليفتدين منكم بما يحل لكم أن تضا ِ
ن
ه ّ ضُلو ُ ع ُ ول َ ت َ ْ أعطيتموهن من الصدقة أو ببعضه كما قال تعالىَ } :
ْ َ
ة{ .فأما إن مب َي ّن َ ٍة ّ ش ٍ ح َ فا ِ ن بِ َ ن إ ِل ّ أن ي ّأِتي َ ه ّ مو ُ ما آت َي ْت ُ ُ ض َ ع ِ هُبوا ب ِب َ ْ ل ِت َذْ َ
فِإن وهبته المرأة شيئا عن طيب نفس منها فقد قال تعالىَ } :
ريًئا{ .وأما إذا تشاقق م ِ هِنيًئا ّ فك ُُلوهُ ُ سا َ ف ً ه نَ ْ من ْ ُ ء ّ ي ٍش ْ عن َ م َ ن ل َك ُ ْ طِب ْ َ
الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على
معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها ،ول حرج عليها في بذلها
ح ّ
ل ول َ ي َ ِ له ،ول حرج عليه في قبول ذلك منها ،ولهذا قال تعالىَ } :
د
دو َ ح ُ ما ُ قي َ فا أ َل ّ ي ُ ِ خا َ شي ًْئا إ ِل ّ َأن ي َ َ ن َ ه ّ مو ُ ما ءات َي ْت ُ ُ م ّ ذوا ْ ِ خ ُ م َأن ت َأ ْ ُ ل َك ُ ْ
ت
فت َدَ ْ ما ٱ ْ في َ ما ِ ه َ علي ْ ِ
ح َ َ جَنا َ فل َ ُ ه َ دودَ ٱلل ّ ِ ح ُ ما ُ قي َ م أ َل ّ ي ُ ِ فت ُ ْ خ ْ ن ِ فإ ِ ْ ه َ ٱلل ّ ِ
ه {..الية". بِ ِ
) حديث ابن عباس الثابت في صحيح البخاري ( أن امرأة ثابت بن
قيس أتت النبي فقالت :يا رسول الله ،ثابت بن قيس ،ما أعتب
عليه في خلق ول دين ،ولكني أكره الكفر في السلم ،فقال
رسول الله ) :أتردين عليه حديقته( .قالت :نعم ،قال رسول الله :
)اقبل الحديقة وطلقها تطليقة(.
ولن المرأةً إذا أقدمت على طلب الخلع فقد انقطعت أعذارها
ق لها عذرا ً يلتمسه لها ،وتكون قد أزالت نعمتها عند زوجها فلم يب َ
ة طلبها ة ،فوجب على زوجها أن ُيسارع في تلبي ِ بيدها طواعي ً
د
ه َة وإنجاز دون تروي ،ووجب عليه أن يزهدَ فيها ُز ْ ع بسرع ٍ لل ُ ْ
خل ِ
ن في القبور طالما أنها طلبت مثل هذه المور واجترئت على م ْ َ
ذلك ولم ترى أن ذلك أمٌر محظور أو أنه من دواهي المور ،وليس
له أن يقول ربما تقصد أو ل تقصد لنها تكون ذبحت نفسها بغير
سكين ثم هي التي أدخلت نفسها هذا المضيق باختيارها ،ومن
زرع الشوك ل يجني عنبا ،ومن ألقى بنفسه في النار احترق
بها ،وليس له أن يقول لها :كوني بردا وسلما علي كما كنت على
إبراهيم ،فإذا أحرقته النار وهو يصرخ ويطلب النقاذ دون جدوى ،
كان هو الذي أحرق نفسه ،لنه الذي عرضها للنار بإرادته واختياره
.
]*[]*[]*[]*[
ت « 186خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ع َ
ظم حق الزوج ِ
ت « 187خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث معاذ الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :لو تعلم
المرأة حق الزوج لم تقعد ما حضر غداؤه و عشاؤه حتى يفرغ منه
.
) لم تقعد ( أي تقف ) ما حضر غداؤه وعشاؤه ( أي مدة دوام
حضوره ) حتى يفرغ منه ( لما له عليها من الحقوق وإذا كان
هذا في حق نعمة الزوج وهي في الحقيقة من الّله تعالى فكيف
بمن ترك شكر نعمة الّله .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
د،ح ٍ جدَ ل ِ َ س ُ ن يَ ْحدا ً أ ْ ت آمرا ً أ َ و ك ُن ْ ُ وابن ماجة ( أن النبي rقال »:ل َ ْ
َ َ
ها«. ج َ و ِجدَ ل َِز ْ س ُ ن تَ ْ مْرأةَ أ ْ ت ال ْ َ مْر ُ ل َ
)لمرت المرأة أن تسجد لزوجها ( فيه تعليق الشرط بالمحال لن
:السجود لمخلوق ل يجوز وأخبر المصطفى أن ذلك ل يكون ولو
كان لجعل للمرأة في أداء حق الزوج ،وفيه تأكد حق الزوج وحث
على ما يجب من بره ووفاء عهده والقيام بحقه ولهن على الزواج
ما للرجال عليهن .
ل الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( جب َ ٍن َ عاِذ ب ِ م َ )حديث ُ
ه
جت ُ ُ
و َ ت َز ْ قال َ ْفي الدّن َْيا .إ ِل ّ َ ها ِ ج َو َ مَرأةٌ َز ْ ؤِذي ا ْ أن النبي rقال »:ل َ ت ُ ْ
ش َ
ك ل ُيو ِ خي ٌ دك دَ ِ عن ْ َ
و ِ ه َما ُ ك اللهَ ،
فإ ِن ّ َ قات َل َ ِ هَ ، ؤِذي ِ ن :ل َ ت ُ ْ عي ِ ر ال ْ ِحو ِ ن ال ْ ُم َ ِ
ك إ ِل َي َْنا«. ر َ ن يُ َ َ
ق ِ فا ِ أ ْ
]*[ وبينت السنة الثابتة الصحيحة أن طاعة الزوج من موجبات
الجنة كما أن معصيته تكون سببا ً في سخط الله ولعنة الملئكة له.
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت
فرجها و أطاعت زوجها قيل لها :ادخلي الجنة من أي أبواب
الجنة شئت .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال ) :إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه
فأبت ،فبات غضبان عليها ،لعنتها الملئكة حتى تصبح(.
)فأبت( :امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )
غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها
الملئكة حتى تصبح ( ،وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب
رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ،
وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ،ولذلك حث
المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة .
قال العراقي :وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً
عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق .
ت « 188خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى
فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى
يرضى عنها .
]*[ قال المام النووي – رحمه الله – كما في شرح مسلم )
(5/261
هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي ،وليس
الحيض بعذر في المتناع ،لن له حقا في الستمتاع بها فوق
الزار
ومعني الحديث :أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية لطلوع
الفجر والستغناء عنها أو توبتها ورجوعها إلى الفراش.
) حديث حصين بن محصن الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :
انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك .
)انظري أين أنت منه ؟ ( أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من
دة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه مو ّ
كافرة لعشرته وإنعامه ) فإنما هو ( أي الزوج ) جنتك ونارك
( أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار
بسخطه عليك فأحسني عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس
بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال :أذات زوج
أنت؟ قالت :نعم قال :كيف أنت منه؟ قالت :ل آلوه إل ما
عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز
كبيرة .
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :اثنان ل تجاوز صلتهما رءوسهما :عبد آبق من
مواليه حتى يرجع و امرأة عصت زوجها حتى ترجع .
)ل تجاوز صلتهما رءوسهما ( :ل ترفع إلى الله تعالى في رفع
العمل الصالح بل أدنى شيء من الرفع أحدهما ) عبد ( يعني
قن ولو أنثى ) آبق( أي هارب ) من مواليه ( أي مالكيه إن
كانوا جماعة ومن مالكه إن كان واحدا ً فل ترفع صلته رفعا ً تاما ً )
حتى يرجع ( إن الطاعة إن هرب لغير عذر شرعي ) و ( الثاني
) امرأة عصت زوجها ( بنشوز أو غيره مما يجب عليها أن تطيعه
فل ترفع صلتها كما ذكر ) حتى ترجع ( إلى طاعته ،فإباقه
ونشوزها بل عذر كبيرة قالوا :ول يلزم من عدم القبول عدم
الصحة فالصلة الثابت في صحيحة ل يجب قضاؤها لكن ثوابها
قليل أو ل ثواب فيها أما لو أبق لعذر كخوف قتل أو فعل فاحشة
أو تكليفه على الدوام ما ل يطيقه أو عصت المرأة بمعصية كوطئه
ت « 189خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
في دبرها أو حيضها فثواب صلتهما بحاله ول طاعة لمخلوق في
معصية الخالق قال في المهذب :هذا الحديث يفيد أن منع
الحقوق في البدان كانت أو في الموال يوجب سخط الله .
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة (
ة ل تشكر لزوجها وهي ل أن النبي rقال :ل ينظر الله إلى امرأ ٍ
تستغني عنه.
]*[ قال شيخ السلم ابن تيمية:
»وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج«
]مجموع الفتاوى .[32/260
]*[ قال المام أحمد -رحمه الله -عن زوجته عباسة بنت الفضل
-رحمها الله ،-أم ولده صالح :أقامت معي أم صالح ثلثين سنة،
فما اختلفت أنا وهي في كلمة .ثم ماتت -رحمها الله] .-تاريخ
بغداد[.
حميد :كن نساء المدينة إذا أردن أن نبنين بامرأة على ]*[ قالت أم ُ
زوجها بدأن بعائشة فأدخلنها عليها ،فتضع يدها في رأسها تدعو
لها وتأمرها بتقوى الله وحق الزوج.
ة وتفصيل
]*[ حقوق الزوج على زوجته جمل ً
ة:
حقوق الزوج على زوجته جمل ً
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
) (1طاعة الزوج في غير معصية :
) (2حفظ غيبة الزوج في نفسها وماله :
) (3أن ترعى ماله وولده وتحافظ عليهما :
) (4أن تتزين له وأن تبتسم في وجهه ول تعبس في وجهه حتى
تصل إلى النتيجة المرجوة ] تسرك إذا أبصرت [
) (5أن ل تصوم تطوعا ً إل بإذنه :
) (6أن ترضى باليسير وأن تقنع بالموجود وأن ل تكلفه من النفقة
ما ل يطيق
) (7أل تمنع نفسها منه متى طلبها للفراش :
) (8و أن ل تسأل الطلق من غير بأس :
) (9أن تلزم بيته فل تخرج منه إل بإذنه ولو إلى المسجد .
) (10ومن حق الرجل على المرأة أن ل تأذن في بيته إل بإذنه :
) (11أن تشكر له ول تكفره :
) (12أن ل تنفق شيئا ً من بيتها إل بإذنه:
) (13أن تحد عليه إذا مات أربعة أشهر وعشرا:
ت « 190خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (14وجوب خدمة المرأة لزوجها
ة لزوجها كأنه ينظر إليها فربما وقعت في
) (15ل تصف امرأ ٍ
قلبه ،ويجب ذلك عليها لنه يجب عليها أن تعمل على ما يصون
دينه .
) (16أن تبر أهله من والدين وأخوات .
]*[ وإليك حقوق الرجل على زوجته بشي ٍ
ء من التفصيل لهميته
البالغة :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
) (1طاعة الزوج في غير معصية :
من حق الرجل على المرأة أن تكون دائمة الطاعة :قال تعالى:
ه( ]سورة :النساء ظ الل ّ ُ
ف َ
ح ِ
ما َب بِ َ ت ل ّل ْ َ
غي ْ ِ ف َ
ظا ٌ حا ِ
ت َ
قان َِتا ٌت َحا ُ
صال ِ َ ) َ
فال ّ
-الية[34 :
فقد امتدح الله تعالى المرأة الصالحة بصفتين صفة يحبها الزوج
حال وجوده وهي أن تكون قانتة أي دائمة الطاعة و صفة يحبها
الزوج حال غيابه وهي أن تحفظ غيبته .
) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و
تحفظ غيبتك في نفسها و مالك .
)وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك ( ومن فاز بهذه فقد وقع
على أعظم متاع الدنيا وعنها قال في التنزيل } :قانتات
حافظات للغيب {
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت
فرجها و أطاعت زوجها قيل لها :ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة
شئت .
]*[ قال الرازي رحمه الله:
إن الزوج كالمير والراعي ،والزوجة كالمأمور والراعية ،فيجب
على الزوج بسبب كونه أميرا ً وراعيا ً أن يقوم بحقها ومصالحها،
ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار النقياد والطاعة للزوج .وقد
علق الرسول دخولها الجنة بطاعة زوجها كما في الحديث التي
:
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت
فرجها و أطاعت زوجها قيل لها :ادخلي الجنة من أي أبواب
الجنة شئت .
ت « 191خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ولقد بلغ حقه عليها في الطاعة أن يمنعها من نوافل العبادات،
ويجب عليها الطاعة كما في الحديث التي :
)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال ) :ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه ،ول تأذن
في بيته إل بأذنه ،وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي
إليه شطره(.
والحديث يدل على تحريم صوم التطوع على المرأة بدون إذن
زوجها الحاضر ،وسبب هذا التحريم أن للزوج حق الستمتاع بها
في كل وقت ،وحقه واجب على الفور ،فل يجوز لها أن تفوته
عليه بانشغالها بالنوافل ،وعلى هذا إذا أراد الستمتاع جاز ولو
بفساد صيامها ،وظاهر التقييد بالشاهد أنه يجوز لها أن تصوم
تطوعا ً إذا كان الزوج غائبًا.
]*[ قال ابن الجوزي رحمه الله:
حا يلئمها ،أن تجتهد جا صال ً
"وينبغي للمرأة العاقلة إذا وجدت زو ً
في مرضاته ،وتتجنب ما يؤذيه ،فإنها متى آذته أو تعرضت لما
يكره ،أوجب ذلك مللته ،وبقي ذلك في نفسه ،فربما وجد فرصته
فتركها أو آثر غيرها").(19
ومعرفة الزوجة لما يحبه زوجها ويكرهه من القوال والعمال
فتقوم به ،إنما هو من أركان سعادتها داخل بيتها ومما يكون عونا ً
لها بعد الله تعالى على طاعة زوجها .
) حديث حصين بن محصن الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :
انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك .
)انظري أين أنت منه ؟ ( أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من
دة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه مو ّ
كافرة لعشرته وإنعامه ) فإنما هو ( أي الزوج ) جنتك ونارك
( أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار
بسخطه عليك فأحسني عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس
بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال :أذات زوج
أنت؟ قالت :نعم قال :كيف أنت منه؟ قالت :ل آلوه إل ما
عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز
كبيرة .
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن
النبي rقال :اثنان ل تجاوز صلتهما رءوسهما :عبد آبق من
مواليه حتى يرجع و امرأة عصت زوجها حتى ترجع .
ت « 192خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تنبيه ومما يساعد المرأة على طاعة المرأة لزوجها أن تتعّرف
ب فتأتيه وما يكره فتجتنبه فإنه أحرى أن ح ُ
ف ما ي ُ ِ
طباع فتعر ُ على ِ
ة النقية ،
ك أختي المسلمة )التقي ٍ م بينهما ،وهآنذا أسوق ل ِ يؤد َ
ك هذه القصة المباركة ة الحيّية ،الحرةً البّية( أسوق ل ِ العفيف ً
ك مسمعا ً ك في سمع ِ ح القاضي وزوجته(لعلها تجد ل ِ ة ُ
شَري ْ ٍ )قص ُ
قك إلى تطبيقها ف ِ
ك بها ويو ِ قعا عسى الله أن ينفع ِ وفي قلبك مو ِ
دل الله به عليها البركة والرحمة س ِ
لن حسن تبعل المرأة لزوجها ي ُ ْ
والخير .
ح القاضي وزوجته ة ُ
شَري ْ ٍ قص ُ
]*[ روي أن شريحا ً القاضي قابل الشعبي يوما ً ،فسأله الشعبي
عن حاله في بيته فقال له :من عشرين عاما ً لم أر ما يغضبني من
أهلي!
قال له :وكيف ذلك؟
قال شريح :من أول ليلة دخلت على امرأتي رأيت فيها حسنا ً
فاتنًا ،وجمال ً نادرًا ،قلت في نفسي :سوف أتطهر وأصلي ركعتين
شكرا ً لله ،فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلتي وتسلم
بسلمي .فلما خل البيت من الصحاب والصدقاء قمت إليها
فمددت يدي نحوها ،فقالت :على رسلك يا أبا أمية ،كما أنت ،ثم
قالت الحمد لله أحمده وأستعينه ،وأصلي على محمد وآله ،أما
بعد :إني امرأة غريبة ل علم لي بأخلقك ،فبين لي ما تحب فآتيه
وما تكره فأتركه ،وقالت :إنه كان في قومك من تتزوجه من
نسائكم ،وفي قومي من الرجال من هو كفء لي ،ولكن إذا
قضى الله أمرا ً كان مفعول ً ،وقد ملكت فاصنع ما أمرك به الله ،
إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ،أقول قولي هذا ،وأستغفر
الله لي ولك.
قال شريح :فأحوجتني -والله -يا شعبي إلى الخطبة في ذلك
الموضع فقلت :الحمد لله أحمده وأستعينه ،وأصلي على النبي
وآله وسلم ،وبعد :فإنك قلت كلما ً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك ،
دعيه يكن حجة عليك .أحب كذا وكذا ،وأكره كذا وكذا ،وما وإن ت ّ
رأيت من حسنة فانشريها ،وما رأيت من سيئة فاستريها.
فقالت :كيف محبتك لزيارة أهلي؟
قلت :ما أحب أن يملني أصهاري.
فقالت :فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له ،ومن تكره
فأكره؟
قلت :بنو فلن قوم صالحون ،وبنو فلن قوم سوء .
قال شريح :فبت معها بأنعم ليلة ،وعشت معها حول ً ل أرى إل ما
ت « 193خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أحب ..فلما كان رأس الحول ..جئت من عملي ..وإذا بأم الزوجة
في بيتي..
فقالت )أم الزوجة( لي :كيف رأيت زوجتك؟ قلت :خير زوجة ....
قالت :يا أبا أمية ..والله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا ً من المرأة
المدللة فأدب ما شئت أن تؤدب ،وهذب ما شئت أن تهذب ..قال
الزوج :فمكثت معي عشرين عاما ً لم أعتب عليها في شيء إل مرة
وكنت لها ظالمًا.
صها على الخير في حر َ]*[ لله دّر هذه المرأة الصالحة ما أشدّ ِ
ة في زواجها فتتعرف على طباع زوجها من أول ليل ٍ التعرف على ِ
ما ُيحب لتأتيه وما يكره فتجتنبه لن ذلك هو السبيل الموصل إلى
ة كانت كما أرادها ربها ثم زوجها ) طاعة زوجها لله دّرها من امرا ٍ
ة حيّية ،حرةً أبّية ،تحفظ غيبته وتصون كرامته ة نقية ،عفيف ًتقي ٍ
عدّ معه لقيام ِ عينه على الطاعة وت ُ ِ من ِّية ،وت ُ ِوترافقه حتى تأتيه ال َ
الساعة(
ة شعار الندية بخلف بعض النساء اللتي تنكرن للدب رافع ً
لزوجها ضاربة بمبدأ القوامة الذي أقره القرآن الكريم عرض
الحائط فهي دوما تحرص علي أن تكون صاحبة القرار في إدارة
حياتها السرية مستشعرة دائما أنها في صراع لبد أن يكون لها
الغلبة فيه متناسية أبسط قواعد طاعة الزوج والتفاهم والحوار
متمسكة بحبال الغرب مستجيبة لدعاوى المساواة العمياء
تنبيه إن الحياة المشتركة ينبغي أن تكون مبنية على التفاهم
والتحاور والتشاور ،ولكن القوامة ينبغي أن تكون للرجل كما قال
ء] النساء.[34 : عَلى الن ّ َ
سا ِ ن َمو َوا ُ ق ّ ل َ ربنا تبارك وتعالى:الّر َ
جا ُ
ما،
وهناك حقيقة لبد أن تعلمها المرأة المثقفة ،وأن تتذكرها دائ ً
ي ل يحب المرأة المسترجلة التي ترفع وهي أن الرجل السو ّ
صوتها على صوته ،والتي تشاجره في كل أمر ،وتخالفه في كل
رغبة ،وتسارع إلى ردّ رأيه أو ما يقول ،إن هذا الرجل ـ إن لم
ها ،فتكون بذلك قد حرمت سا كار ً يطلقها ـ عاش معها كئيًبا عاب ً
نفسها رؤية البهجة المرحة في وجه زوجها ومعاملته ،وحرمت
شّرد أولدها بيتها التمتع بالحنان الدافئ ،وهي الخاسرة سواء ُ
مل ،أم بقيت في بيت تعلوه بالطلق ،وتحطمت نفسيتها بالتر ّ
سحب المصادمات اليومية ،والحرائق النزاعية.
إن الزوجة الزكية هي التي ل تتخلى عن طبيعتها الرقيقة الهادئة
الطيبة ،إنها كما صورها الحديث الشريف راعية في بيت زوجها،
تصونه ،وترعاه ،إذا نظر إليها زوجها سرته ،وإن أمرها أطاعته،
وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله( .
ت « 194خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تنبيه : من أعظم أسباب اللفة بين الزوجين ،واستمرار
المحبة بينهما ،هو موافقة الزوجة لزوجها ،وطاعته في غير
معصية الله ،ومن أعظم أسباب الشقاء بين الزوجين ؛ مخالفة
الزوجة لزوجها ،وعصيانه وترك طاعته؛ بل لو أمراها أبواها بفراق
ب غير قادح في دينه ،فإنها ل تطيعهما في ذلك ،بل زوجها لسب ٍ
طاعة زوجها أحق وأوجب.
ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعتها لزوجها هو تعبد لله ،فالله
هو الذي خلق الذكر والنثى ،وهو –سبحانه -الذي جعل القوامة
للرجل ،بما أعطاه الله تعالى من المقومات الحسية والمعنوية،
والتركيب البدني .فإذا نظرت الزوجة إلى قضية طاعة الزوج على
أنها تعبد لله ،وطاعة له ،سكن قلبها ،وتلذذت بتلك الطاعة ،وإن
نظرت من جهة أنه ل فرق بين الذكر والنثى في مسألة القوامة
والطاعة ،لم تستقر سفينة الحياة الزوجية على قرار ،وأوشكت
على الغرق .
تنبيه : هذه الطاعة للزوج مشروطة بما ليس فيه معصية لله
عز وجل ،فإنه إن أمرها بما فيه معصية لله عز وجل فل طاعة
له في هذا المر .
)لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (
أن النبي rقال ):ل طاعة في معصية الله ،إنما الطاعة في
المعروف(.
) حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح
الجامع ( أن النبي rقال ):ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق(
]*[ قال ابن الجوزي في )أحكام النساء( )ص :(81
))على ما ذكرنا من وجوب طاعة الزوج ،فل يجوز للمرأة أن
تطيعه فيما ل يحل ،مثل أن يطلب منها الوطء في زمان الحيض،
أو في المحل المكروه ،أو في نهار رمضان ،أو غير ذلك من
المعاصي ،فإنه ل طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى ((.
]*[]*[]*[]*[
) (2حفظ غيبة الزوج في نفسها وماله :
من حق الرجل على المرأة أن تحفظ غيبة الزوج في نفسها
ف َ
ظ ح ِ
ما َ
ب بِ َ ت ل ّل ْ َ
غي ْ ِ ف َ
ظا ٌ حا ِت َ ت َ
قان َِتا ٌ حا ُ
صال ِ َ وماله :قال تعالىَ ) :
فال ّ
ه( ]سورة :النساء -الية[34 : الل ّ ُ
فقد امتدح الله تعالى المرأة الصالحة بصفتين صفة يحبها الزوج
حال وجوده وهي أن تكون قانتة أي دائمة الطاعة و صفة يحبها
الزوج حال غيابه وهي أن تحفظ غيبته .
ت « 195خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ب ( :ومن طبيعة المؤمنة الصالحة ومن صفتها ت ل ِل ْ َ
غي ْ ِ ف َ
ظا ٌ حا ِ
) َ
الملزمة لها بحكم إيمانها وصلحها كذلك أن تكون حافظة لحرمة
الرباط المقدس بينها وبين زوجها في غيبته فل تبيح نفسها في
نظرة أو نبرة ما ل يباح إل له ،بحكم أنه الشطر الخر للنفس
الواحدة
) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و
تحفظ غيبتك في نفسها و مالك .
) وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك ( ومن فاز بهذه فقد وقع
على أعظم متاع الدنيا وعنها قال في التنزيل } :قانتات
حافظات للغيب {
عا أيما إبداع حين سمى ما بينتنبيه :لقد كان القرآن مبد ً
الزوج وزوجه من
خصائص وحرمات 'غيًبا' ليضفى على الحياة الزوجية مسحة من
القداسة ،ويسبغ عليها لوًنا من الصون والمهابة ،وتكون هذه
السرة آمنة على أسرارها حافظة لعراضها حرية بالحترام
والتقدير.
مسألة :ما معنى حفظ غيبة الزوج ؟
معنى حفظ غيبة الزوج :أي يحفظن أنفسهن عن الفاحشة
وأموال أزواجهن عن التبذير والسراف ،ويحفظن ما بينهن وبين
أزواجهن من أسرار وخصوصيات ،إن عدم حفظ غيبة الزوج تقلع
جذور المحبة من قعر قلب الزوج ل محالة لنها تتعلق بأنفس
عْرضه . شيء عند الزوج وهو شرفه و ِ
أن حفظ الغيب أن تحفظ الزوجة تتضمن :
1ـ حفظ نفسها عن الفاحشة في غياب زوجها.
2ـ حفظ ما بينها وبين زوجها من أسرار وخصوصيات.
3ـ حفظ أموال زوجها عن التبذير والسراف.
ء من التفصيل :
وإليك شرح ذلك بشي ٍ
] [1أن تحفظ الزوجة نفسها عن الفاحشة في غياب زوجها:
حفظ الغيب عزيزتي الزوجة خاص بالزوج والزوجة ،فلماذا اختص
ب{ ت ل ِل ْ َ
غي ْ ِ ف َ
ظا ٌ حا ِ
الله المرأة في القرآن بهذه الصفة فقالَ } :
]النساء [34:ولم يخص الرجل بآية بأنه حافظ للغيب ،مع أنه شريك
لها في هذا الغيب ،ووارد أنه قد يتحدث فيه ويكشفه لغيره ؟
والجواب أنه لما كان الزوج كثير الغياب عن بيته ،كثير السفار
جعل القرآن حفظ هذا الغيب من خصوصيات الزوجة ،لنها
تستطيع إن أرادت أن تعبث بهذا الغيب فتمارس الفاحشة أو
ت « 196خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تسرف في المال أو تهتك حجب السرار دون علم أحد.
ول شك أن هناك من الرجال من ل يحفظ الغيب كاشف للسر،
هاتك للعرض ،ولكن تظل المرأة هي عصب هذا المر ،لذلك بدأ
ة
الله بالمرأة عند توقيع العقوبة في هذا المر فقال} :الّزان ِي َ ُ
ة{ ]النور[2:جل ْدَ ٍ مائ َ َ
ة َ ما ِ ه َمن ْ ُد ِح ٍ
وا ِل َدوا ك ُ ّ جل ِ ُ
فا ْوالّزاِني َ َ
والمرأة عزيزتي الزوجة درة مصونة في السلم لها كرامتها
ضا
وحرمتها ،لنها الزوجة والم والمحضن النفسي والعاطفي وأي ً
التربوي ،فإن كانت خائنة للغيب اختلطت النساب وتفككت السرة
وضاع المجتمع.
وفي زماننا نسمع ونقرأ ونشاهد من حالت الخيانة الزوجية واتخاذ
الخدن والصديق وارتكاب الفواحش على أسرة الغائبين ما يحزن
القلوب.
ضا المرأة بحفظ الغيب لن الله يعلم طبيعة المرأة وخص الله أي ً
ف ال ْ َ َ
خِبيُر{ ]الملك[14: طي ُ و الل ّ ِ
ه َو ُق َخل َ َ
ن َ م ْم َ عل َ ُ
}أل ي َ ْ
] [2أن تحفظ الزوجة وما بينها وبين زوجها من أسرار
وخصوصيات:
إن إفشاء أسرار الفراش حرام بإجماع العلماء.
وقد أورد الشوكاني في 'نيل الوطار' وجه التحريم في إفشاء أحد
الزوجين لما يقع بينهما من أمور الجماع ،قيل :وهذا التحريم إنما
هو في نشر أمور الستمتاع ووصف التفاصيل الراجعة إلى
الجماع.
وأما مجرد ذكر نفس الجماع فإن لم يكن فيه فائدة ول إليه حاجة
فمكروه لنه خلف المروءة أو من التكلم بما ل يعني ]]ومن حسن
إسلم المرء تركه ما ل يعنيه [
ضا ـ حتى ل يفهم البعض خطأ ـ أننا ل نعلم من وهذا ل يعني أي ً
أمور دنيانا ومنها الجماع وأحكامه ما ينفعنا ،وقد يظن بعض الناس
أن الحديث عن الجماع وآدابه وحكمه مناف للوقار والورع،
والحقيقة أن ذلك ظن في غير محله ،ذلك أن الدين لم يغادر
صغيرة ول كبيرة إل أحصاها وأحاط بها إما تفصيل ً أو إجما ً
ل،
عا من القول بل نطقت به أدلة الشرع وتكلم فالحديث عنه ليس بد ً
فيه علماء السلف بما يشفي ويلم .والذي ينافي المروءة والوقار
والورع إنما هو السفاف وكثرة الكلم فيه بل داع.
وهنا نقف ونسأل متى تكشف المرأة هذا الغيب؟
الصل أن المرأة المسلمة تحفظ الغيب وتصون الحرمات وتمسك
لسانها ،فل تكشف سًرا ول تهتك غيًبا ،ولو إلى أقرب الناس إليها
إل:
] [1في حالت الضرورة التي بها تقام بها الحقوق وتستبين بها
ت « 197خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
المور.
] [2عند حل مشكلة من المشاكل الزوجية بغرض إيجاد الحل
المناسب ل بغرض التشهير وكشف عيوب الطرف الخر ،ويقول
م{ ]البقرة.[237: ل ب َي ْن َك ُ ْ
ض َ وا ال ْ َ
ف ْ س ُول ت َن ْ َ تعالىَ } :
] [3إذا احتاج النسان للفتيا أو العلج فله أن يتحدث عن أمر
الفراش بما تدعو إليه الحاجة.
] [4أن تحفظ الزوجة أموال زوجها عن التبذير والسراف:
الزوجة المسلمة الحافظة للغيب تحفظ أموال زوجها عن التبذير
قت ُُروا ول َ ْ
م يَ ْ ر ُ
فوا َ س ِم يُ ْ قوا ل َ ْ ذا أ َن ْ َ
ف ُ ن إِ َذي َ وال ّ ِوالسراف قال تعالىَ } :
وامًا{ ]الفرقان [67:ولقد أعجبتني وصية امرأة ق َ ك َن ذَل ِ َن ب َي ْ َ كا َو َ َ
عوف الشيباني لبنتها قبل زواجها في قولها:وأما السابعة
والثامنة فالعناية ببيته وماله والرعاية لنفسه وعياله ،وملك المر
في المال حسن التدبير.
ماذا تفعل الزوجة في حال بخل الزوج ؟
على الزوجة المسلمة أن تأخذ من أموال زوجها بالمعروف وما
يكفي فقط دون علمه ،ول يعتبر هذا خيانة للمانة ،للحديث
التي :
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري ( أن
النبي rقال :
أن هند بنت عتبة قالت :يا رسول الله ،إن أبا سفيان رجل شحيح،
وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إل ما أخذت منه ،وهو ل يعلم،
فقال) :خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف(.
ولكن ليتنبه النساء أن قوله صلى الله عليه وسلم)) :بالمعروف((
أي في غير إسراف ول تبذير ،ول مجاوزة الحد ،بل تأخذ من ماله
نفقة مثيلتها ،ول تزيد كما يفعل بعض النساء اليوم من إطلق
أيديهن في أموال أزواجهن دون إذنهن بدعوى أنه بخيل ،فيأخذن
من ماله ما ينفقنه فيما يغضب الله من الذهاب إلى صالونات
تصفيف الشعور ،وصالت التجميل ،والتبذير في الملبس
والمشرب ،فهؤلء محاسبات على تعديهن على أموال أزواجهن
لغير حاجة شرعية ،ولفسادهن هذه الموال.
تنبيه هناك أمران إن امتثلتهما المرأة وحافظت عليهما
ن غيبة زوجها في حص َ ضت عليهما بالنواجذ تكون قد صانت ِ وع ّ
نفسها وكانت جوهرةً مصونة ودَُرةً مكنونة ،وكانت عند زوجها في
ة
ة ووقار وسكين ٍ عَز ٍ
ش مع زوجها في ِ مَناعة ،وظلت تعي ُ نو َ ص ٍ ح ِْ
ء ُيشبه البرار ،وكانت كما أرادها ربها ثم زوجها واستقرار ونقا ٍ
ة حيّية ،حرةً أبّية ،تحفظ غيبته وتصون كرامته ة نقية ،عفيف ً ) تقي ٍ
ت « 198خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
عدّ معه لقيام ِ
عينه على الطاعة وت ُ ِ
من ِّية ،وت ُ ِ
وترافقه حتى تأتيه ال َ
الساعة( وهذان المران هما :
) : (1أن ل تكلم رجل ً أجنبيا ً إل بإذنه
ها على زوجها ،وسوفخب ِب ْ َ ) : (2وأل تسمح لح ٍ
د أن ي ُ َ
ء من التفصيل لخطورتهما أتكلم عنهما بشي ٍ
مات م َ
كال ِ َ ة ال ُ خ ُ
طوَر ِ ت َذْك ِي ُْر الت َ ِ
قَية ب ِ ُ
الَهاِتفَية
ت « 199خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
انتهكت ،وكم من محارم اقترفت ،وكم من مصائب وآهات وآلم ،
. والخطوة الولى كانت اتصال عن طريق الهاتف ،
وهؤلء الذئاب الغارقون في سقامة الضمائر ولؤم السرائر وفساد
النية وسوء الطوية ،استحوذ عليهم الشيطان والخذلن والطغيان
دهم عن خشية الرحمن وامتثال القرآن ،ران على قلوبهم فص ّ
رب على قلبهم وسمعهم من الذنوب أقفال ، ض ِ قبائح العمال ،و ُ
عال ف َ ح ال ِ قب ْ ِ فأعمى بصرهم وبصيرتهم عن رؤية ُ
ن للرذيلة فهم ل شك كاذبون و َ ع ْس َوهم يستوطئون الحيلة وي َ ْ
مصانعون ينصبون المكائد والفخاخ ويدسون السم في مخادعون ُ
العسل ليقاع الفريسة ،وقد صرح بعضهم أنه يفعل ذلك تارة
للعبث ،وتارة لحب السيطرة والغواء ،وتارة للفخر بأنه أوقع
فلنة وفلنة ،والله المستعان .
فيا أيتها الخت المسلمة الحذر الحذر ،والنجاة النجاة ،فإن من
أعز ما تملك المرأة شرفها وحياءها وعفتها ،وهذا الذئب اللئيم ل
يتورع عن ذكر فريسته بين المجالس وأنه قال لها كذا ،وفعل بها
كذا ،حتى يغدو ذكرها على لسان الفسقة مستباحا ،وربما
استدرجها للقاء ،أو سجل صوتها ،أو أخذ صورتها ،فجعل ذلك
مادة للبتزاز والتخويف والتوصل إلى ما هو أعظم ،عافاك الله
وصانك من كل سوء .
وهذا الذي نذكره ليس كلما يراد منه تخويفك ،ولكنه إشارة إلى
عشرات القصص الواقعية التي وقعت في هذا الزمان ،مع انتشار
الهواتف ،وهي قصص محزنة مخجلة ،تدل على مدى قسوة هؤلء
العابثين ،ومدى ضعف المرأة أمام استدراجهم ومكرهم ،وتدل
َ
نذي َ ها ال ّ ِ أبين دللة على عظمة قول ربنا سبحانه وتعالى َ ) :يا أي ّ َ
ه
فإ ِن ّ ُن َ طا ِ شي ْ َ ت ال ّ وا ِ خط ُ َ ع ُ ن ي َت ّب ِ ْ م ْ و َ ن َ طا ِ شي ْ َ ت ال ّ وا ِ خط ُ َ عوا ُ مُنوا ل ت َت ّب ِ ُ آ َ
ْ
كى ما َز َ ه َ مت ُ ُ
ح َوَر ْ م َ عل َي ْك ُ ْه َ ل الل ّ ِ ض ُ ف ْ ول َ ول َ ْر َ من ْك َ ِ وال ْ ُ
ء َ شا ِ ح َ ف ْ مُر ِبال ْ َ
ي َأ ُ
من ْك ُم من أ َح َ
م( عِلي ٌ ع َ مي ٌ س ِ ه َ والل ّ ُ شاءُ َ ن يَ َ م ْ كي َ ه ي َُز ّن الل ّ َ ول َك ِ ّ د أَبدا ً َ ْ ِ ْ َ ٍ ِ
النور ، 21/فإن الكلمة في الهاتف قد تكون خطوة من خطوات
الشيطان ،وهكذا النظرة ،والبتسامة ،ولين الكلم ،يتلقفها من
في قلبه مرض ،ويبني عليها جبال من الوهام والظنون
والخيالت ُ ،تنتج طمعا ً وسعيا ً ومكرا ً وتدبيرا ً في الباطل ،
قل ْب ِ ِ
ه في َ ذي ِ ع ال ّ ِ م َ في َطْ َ ل َ و ِ ق ْ ن ِبال ْ َ ع َ ض ْخ َ فل ت َ ْ قال الله تعالى َ ) :
عُروفا ً( ] الحزاب[32/ م ْ ول ً َق ْ ن َ قل ْ َ و ُ ض َ مَر ٌ َ
أي ل تلن في الكلم فيطمع الذي في قلبه فجور ،وإذا كانت
الية في حق أمهات المؤمنين رضي الله عنهن فغيرهن من باب
أولى !
ت « 200خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ):(7/409
» ومعنى هذا أنها تخاطب الجانب بكلم ليس فيه ترخيم ،أي :ل
تخاطب المرأة الجانب كما تخاطب زوجها « ا.هـ.
]*[ قال المام ابن القيم في إغاثة اللهفان ): (1/14
» أمرهن أن ل يلن كلمهن كما تلين المرأة المعطية الليان في
منطقها فيطمع الذي في قلبه مرض الشهوة « .
والمرأة ينبغي لها إذا خاطبت الجانب أن تقوي كلمها ،فإن
ذلك أبعد من الريبة والطمع فيها ،ول تلينه وتكسره ،لن ذلك
يغري بها الرجال وتكون فتنة لهم ). (20
ت « 201خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فتأمل ما يلي فإن فيه عبرة...
]*[ قد ل تتصور إحدى النساء وهي تنـزلق في مزالق المعاكسات
مع الشباب العابث ما قد يصل إليه أمرها من السوء والخطر
الجسيم ،حيث تجد نفسها يوما ً من اليام في مأزق عظيم ل مفّر
ة ل مخرج لها منها أبدا ً ل في منه ول مناص ،ولربما تقع في ورط ٍ
الدنيا ول في الخرة .
ورت ونظرت إلى هذه الخطوة الجريئة من جميع ولو أنها تص ّ
جوانبها لما أقدمت عليها؛ لن العاقبة الوخيمة ؛ والمصير والمآل
الذي تؤول إليه معروف 0
فإما فضيحة وخزي وعار يلحق بهذه المرأة وأهلها ،وقد يصل
الحال إلى أن يقوم أهلها بقتلها ؛وهذا حدث وليس بدعا ً من
القول ؛ وإما أن يصرف عنها المعاكس نظره ،لنه إذا حصل على
مطلوبه فإنه ليس بحاجة إلى أن يتزوج امرأة ) خائنة ( ،خانت
أهلها وثقتهم بها 0
ولو حدث وتزوجها فإنه مع ذلك ل يحس بطمأنينة معها ،لنه غالبا ً
ما يعيش خائفا ً أن تكرر ذلك الفعل مع غيره؛كما قال القائل:
يأمنوه على الســرار ما عاشا لم به
من أطلعوه على سـّر فبـــاح
ولكن يجب أن تعرف المرأة المعاكسة ؛ أن الصل فيها أنها مرحلة
عبور ،ووسيلة لقضاء وقت الفراغ ؛ فل تطمع بأكثر من هذا!
ورت نفسها بغير هذه المنـزلة فهي ) مخطئة( ؛ وهذا قول ولو تص ّ
الشباب أنفسهم الذين مّروا بهذه التجربة.
فالشاب يحتقر المرأة -دون أن يخبرها بذلك -التي تأخذ رقم
هاتفه أمام الناس ،ل يثق بها إطلقًا ،لنه سيسأل نفسه :لماذا
وافقت على مبدأ التعارف ؟! ،إذن ستوافق مستقبل ً على أن
وجا فإنه سيظل يشك تتعّرف على شاب آخر ؛ وحتى لو حصل وتز ّ
في سلوك زوجته ،ويعيد شريط ذكرياته منذ أول لقاء أو اتصال
هاتفي!!.
والحقيقة أن هناك أمرا يفعله بعض الشباب المعاكس ،الذين ل
يرجون الله واليوم الخر ،وتغفل عنه النساء الساذجات ؛ لنهن ل
ُيحطن علما ً بما يراد بهن ،ول يعلمن بما وصل إليه هؤلء الشباب
من المكر والكيد والخديعة 0
وهذا المر الخطير هو أن بعض الشباب ،وأثناء مكالمة الهاتفية
مع ) صديقة الغفلة ( يقوم بتسجيل شريط كاسيت بما يدور
بينهما من الحديث الغرامي والكلم الفاحش ،بل وأحيانا يكون
فة ،ثمالكلم من أشنع الكلم أقبحه ،وخاليا ً من الحياء والع ّ
يحتفظ هذا ) الوغد( بذلك الشرط معه.
ت « 202خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كرت هذه المرأة أن ُتنهي علقتها معه ،وأخبرته بذلك ،أظهر فإذا ف ّ
ذلك الشريط وهددها به !!
وهنا تنقلب حياتها رأسا ً على عقب ،وتصطدم بجدار الحقيقة ،
وتصحو من سباتها العميق ،ويحيط بها الخوف والحزن من كل
ض أصابع الندم على قبيح فعلتها ،ولكن حين ل ينفع جانب ،وتع ّ
الندم ،فتعيش صراعا ً مريرًا ،وهي ل تعرف كيف الخلص ؟ .
ددها بأن يفضح أمرها كر بإنهاء علقتها معه ،إل ّ ه ّ فما إن تف ّ
خب ُِر زوجها بالشريط ،أو أن تبقى صديقة له لتلّبي غرائزه وي ُ ْ
البهيمية !! .
وإذا أرادت التوبة ،وترك هذا الطريق الموحش ،والرجوع إلى الله،
والستغفار عما كان منها ؛ هددها بالشريط!!0
ومن أسوأ ما تقع فيه بعض النساء الجاهلت :أنها إذا تعّرفت
على أحد المعاكسين العابثين الواقعين في أعراض المسلمين
أعطته صورها أو صورت معها.
وهذه الصور ستظهر عاقبتها عليها بعد حين ،حين تجد أن هذا
الحقير قد أمسك لها هذه الصور ممسك الذلة ،فما إن تفكر أدنى
تفكير بإنهاء علقتها معه إل ّ هددها بالصور التي يحتفظ بها 0
فلو أرادت أن تتوب هددها بتلك الصور ،فتجد أن هذه المرأة
تعاني من الصراعات النفسية التي تثور في داخلها ،وقد أوقعت
صد لها يهددها نفسها في متاهة ؛ فإنها تجد أن هذا الحقير متر ّ
ما أن تستجيب لمطالبه الدنيئة ؛ أو أنه يوصل هذه بصوره معها ؛ إ ّ
مر حياتها. الصور إلى زوجها ويد ّ
ولعل هذا السفيه تطاوعه في هذا المطلب القذر نظير سكوته،
وره ،وما إن أراد منها وتظن أن هذا هو الحل ،فيزداد في غّيه وته ّ
شيئا ً إل هددها بالصور؛ وتبقى هي ترضخ لتهديده ،خوفا ً من أن
ينتشر أمرها ،وتفتضح أمام الناس؛ على أن الفضيحة واقعة ل
محالة ،طال الزمان أو قصر،
ي إلى عار ،ومن خز ٍ ر إلى دمار ،ومن ِ ل من دما ٍ فصارت تنتق ُ
حَرم ِ زوجها جوهرةً مصونة ، شَنار ،وبعد أن كانت في َ ر إلى َ عا ٍ
فونة ، ع ُ م ْ
ة َع ً سل َْ ة مفتونة ،و ِ حشها خائن ً ف ْ ولؤلؤةً مكنونة ،صارت ب ُ
ة
حرم ِ سي َِرةً ملعونة * وبعد أن كانت في ُ ِ س
سيرتها بين النا ِ و ِ
ة متاحة ً
مناعة ،صّيرت نفسها كل مباحا ،وسلع ً َ
نو َ حص ٍ زوجها في ِ
ة واستقرار ، ة ووقار ،وسكين ٍ * وبعد أن كانت مع زوجها في عز ٍ
مارت ودَ َ شت ُ ٍغار ،وت َ َ ص َ و َة َ ه البرار ،صّيرت نفسها في ِذل ٍ ء يُ ْ
شب ِ ُ ونقا ٍ
ة بالقار *مطْل ِي َ ٌ ي وعار ،كأنها َ خز ٍ ،و ِ
عم وتناست دت ما أنعم الله عليها من الن ِ َ ح َ
ج َ ما َ ل أنها ل ّ والحاص ُ
ن الفتن ،صارت قت بنفسها في براث ِ ن ،وأل ْ َ من َ ْ
مرها من ال ِ ما غ َ
ت « 203خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ع بأنفها فساء( التي تد َ
ف ُ خن ْ ِعلن )ال ُ ج ْن على الله تعالى من ال ِ أهو َ
رقت في القذارة ، غ ِ جب فقد زهدت في الطهارة و َ الن ََتن ،ول ع َ
ر والن ََتن قذ ِ غَيتها إل في مواضع ال َ ل الفئران تماما ً فإنها لتجد ب ُ ْ كحا ِ
ة
عها وسواد قلبها ورداء ِ ة طب ْ َِ سها ودناء ِ ف ِ ةن ْ س ِ خ َ ،وما ذلك إل ل ِ ِ
عِلها ،وكان ف ْسوء ِ ظها عن ُ ف َ ح َ مها و َ ص َع َمعدنها ،ولو أحبها ربها ل َ
ش
صُر به ،ويدها التي تبط ُ ع به وبصَرها التي ت ُب ْ ِ عها التي تسم ُ م َ
س ْ َ
عطِي َّنها ،ولئن َ
رجلها التي تمشي بها ،ولئن سألته لي ُ ْ بها و ِ
ن
ضها لسواِد قلبها فصارت أهو َ غ َ عذَّنها ،لكنه سبحانه أب ْ َ ذته ل َي ُ ِ سَتعا َ ا ْ
فها الن ََتن * ع بأن ِفساء( التي تدف ُ خن ْ ِ علن )ال ُ ج ْ على الله تعالى من ال ِ
دها ،ويبذ ُ
ل ب إلى الله ِبو ّ جها يفتخُر بها ،ويتقَر ُ وبعد أن كان زو ُ
عه بها ،صار أشقى الناس ف َ سه من أجلها ،عسى الله أن ين َ نف َ
رها ،ويتبرأ إلى س لها ،وصار يختفي من ِذك ْ ِ ض النا ِ جْرمها ،وأبغ َ بِ ُ
س
هر اسمه من دن ِ فعلها ،وتقّرب إلى الله بطلقها ،وط ّ الله من ِ
ها ماتت قبل ذلك ، فل َي ْت َ َ ره الدنيا كّلها من أجلها َ ، القتران بها ،وك َ ِ
ل هالك . عا ً لك ِ م َ مط ْ َ سها المهالك ،وتصيَر َ رد نف َ و ِ قبل أن ت ُ ْ
]*[ يجب أن تعرف كل امرأة أنها عندما تخرج من منزل أهلها أو
منزل زوجها فإنها تحمل معها شرفها وشرف أهلها… فعليها أل ّ
تفرط في هذا الكنز الثمين تحت نزوة شيطانية ،وأن ل ُتقدم على
أي عمل يخدش هذه السمعة.
م من وهذه الحقيقة ليست غائبة عن الكثيرات ،فإنه أمٌر معلو ٌ
مهعل ِ علم ،ويستوي في ِ الدين بالضرورة فل يحتاج إلى زيادة ِ
رّية و البدوّية ،فهو ض ِ ح َ وّية ،وال َ دنّية و القَر ِ م َ مّية ،وال َ المتعلمة و ال ُ ِ
عرفان ،ولكن ج إلى برهان ول مزيد ِ ح البيان ول يحتا ُ أمٌر واض ُ
بعض النساء ممن تنكرن للدب وانسلخن من الفضيلة تتغافل أو
تتجاهل هذه الحقيقة ،فما إن تسمع داعي الرذيلة من أهل
ل إلى الحرام والعياذ مي ٌ المعاكسات إل استجابت لهم _ ،لن فيها َ
ت مميلت ( بالله تعالى _ كقوله rفي صحيح مسلم ) مائل ٍ
هما ّ ،وهو أنه لبد في هذا الطريق من ضحية ، ولكنها نسيت أمرا ً ُ
م ِ
والضحية ستكون )هي( ،لنها ستجد الكلم المعسول الذي سمعته
من ذلك المعاكس لم يكن إل استدراجا ً لسذاجتها ،وللحصول على
مبتغاه منها ،فإذا أخذ ما يريده منها ألقاها ،وقد تلوّثت سمعتها؛
ك( ُيمضغ حتى إذا ذهبت حلوته عل ْ َ
وهذا ليس بمستغرب ،لن ) ال ِ
ي في أقرب صندوق قمامة؛ ق َ ُأل ِ
فإنه كما قيل:
فل تظنـن أن الليــث يبتســم إذا رأيت نيــــوب الليـــث بارزة
فإن هذه البتسامات ل تلبث أن تتحول إلى وحشّية ،وتلك
ل مكانها المواجهة بالحقيقة ،التي طالما الكلمات ل تمضي إل ويح ّ
ت « 204خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أخفاها الرجل المحتال عن تلك المرأة ،حتى يبلغ منها مبلغه ،ثم
يوّلي مدبرا ً عنها ول يع ّ
قب.
ولله دّر القائل :
عند التقلب في أنيـابها إن الفاعـي وإن لنـت ملمســـها
بالعطــ ُ
تقول إحدى الضحايا:
)المعاكسة أدخلتني السجن: (..
دت كل شيء..؛ وقفت إحدى الضحايا لتقول: بعد أن فق َ
) دخلت السجن بجريمة الزنا ،والسبب معاكسة هاتفية رفضتها
ل ،واستجبت لها بعد إلحاح المعاكس ،وذلك أن زوجي يعمل أو ً
لوقات طويلة ،وأحيانا ً يقضي الليل في عمله؛ وفي هذه الوقات
بدأ شخص ما بمعاكستي بالهاتف 0
كنت في البداية أرفض هذه المعاكسة ،وأغلق الهاتف في وجهه،
ت أن أخبر زوجي ول يفهمني ف ُ ولكنه كان مصرا ً على التصال ؛ ِ
خ ْ
إذ كان بيننا بعض المشكلت؛ ونظرا ً لكوني وحيدة وإصرار
ورت المعاكسة إلى تعارف ،ثم طلب المعاكس استجبت له ،وتط ّ
لقائي خارج المنزل ،قلت له :ل أستطيع أن أخرج.
ولن زوجي يعمل أحيانا ً في الليل ،هّيأت له أن يدخل المنزل
عندما ينام الجميع ..وتكررت زياراته الليلية حتى شاهده الجيران ؛
فأبلغوا والد زوجي الذي أخبر زوجي بدوره؛ فلم يصدق في
البداية ..حتى نصبوا لنا كمينا ً مع الشرطة التي ضبطته يخرج من
المنزل ،وكانت نهايتي السجن 0
بالطبع طّلقني زوجي ؛ وفقدت أسرتي وأطفالي ؛ وما كان
حصادي إل الندم ؛ ول أعرف من ألوم؟!…
نفسي؟ ؛ أم الشخص المعاكس ؟ أم الهاتف؟ ( ا هـ .
ت به إحدى ضحايا المعاكسات ،قد ح ْ كانت هذه الكلمات اعتراف با َ
تسبّبت معاكسة في تحطيم حياتها وضياع أسرتها ،وفضيحتها بين
الناس ،حتى صارت الفضيحة قرينة لسمها كلما ذكر؛ ولكن هل
انتهى الموضوع عند هذا الحد؟!.
كل ،إن الموضوع لم ينته بعد ؛ بل زاد على ذلك وصمة العار التي
مهم التي سجنت بسبب عّيرون بأ ّ ستلحق أبناء هذه المرأة حين ي ُ َ
فعلتها النكراء ؛ ولك أن تتصور موقف هؤلء البناء حين تشير
إليهم الصابع ،ويلمزهم الناس بأنهم أبناء فلنة.!..
ولك أن تتصور موقف الب إذا اسودّ وجهه ،وطأطأ رأسه خجل ً
وِذّلة بسبب فعلة ابنته 0
در بها وما هو حال إخوتها إذا ذكرت قصة أختهم في المجالس ،وتن ّ
المتكلمون؟0
ت « 205خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وما هو حال شقيقاتها وأزواجهن حين تكون هذه المرأة خالة
أولدهم؟ ..
وما هو موقف أبناء شقيقاتها إذا قيل :إن فلنة خالتهم ،هل
سيطيقون ذلك أو سيضيقون بها ذرعا ً كلما ذكرت بأنها خالتهم؟.
وهو حال أبنائها وبناتها التي تسبب لهم بعد الذل والوبال
الصدمات النفسية التي ترافقهم طوال حياتهم حتى إنهم ل
يستطيعون الثقة بأي أحد فتصبح حياتهم جحيم وهآنذا لقدم لك
هذه القصة بما فيها من مأساة لتعلم كيف تسببت امرأةٌ خائنة في
ة أبنائها وبناتها :
قو ِش ْ
ِ
]*[ كان هناك طبيب نفسي يعالج فتاة منذ كان عمرها سبع
سنوات ،كانت تلك البنت قد ائتمنته على سر لم يعلمه أحد ،وهو
أنها كانت شديدة التعلق بالم ،خاصة أنها البنت الوحيدة مع
أخوين يكبرانها في العمر ..كانت طوال الوقت بجوار الم ،
ما.
ضا معها دائ ً
وتريدها أن تكون هي أي ً
لكن تلك الفتاة وجدت أن أمها تكون في غياب الب مع رجل آخر،
يتبادلن العناق والقبلت أمامها ،ويعاملها كأنها زوجته ،وكانت
البنت تعتقد بأنه يضرب أمها التي تحبها وتتعلق بها.
بعد أن أمضت البنت سنوات من عمرها في العلج النفسي ،ما
زالت تعاني حتى الن بعد أن وصلت أمها إلى عمر الكبر من أنها ل
تستطيع أن تبرها ؛ لنها دائما تحس بأنها السبب فيما حدث لها ،
بل إنها تحس بأن أمها دائما كانت خائنة للمانة التي ائتمنها عليها
زوجها.
لم يقف الموضوع إلى هذا الحد ،بل إن البنت بدأت تشك في
نسبها ،وتريد أن تقوم بعمل تحاليل لمعرفة من هو والدها ،إل أن
طبيبها يمنعها من فعل ذلك.
ولم يقف فساد الم إلى هذا الحد بل طال البناء الذكور أيضا،
فالولد الكبير تعيش زوجته في جحيم لنه يشك فيها طوال الوقت
،ول يستطيع أن يعطيها المان لما كان يشاهده أمام عينيه ،أما
الخ الصغر فقرر عدم الزواج نهائيا حتى ل يظلم معه أحدا.
كل ما ذكر -وغيره أيضًا -من الثار السلبية التي تجنيها المرأة
المنحرفة على غيرها ،ولذلك فقد حرم الله –تعالى -الزنا ودوافعه،
فقال عز من قائل ":ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل "
)سورة السراء (32/؛
دد الوعيد كما جاء في الحديث التي : وش ّ
جْندب رضي الله عنه الثابت في صحيح مَرة بن ُس ُ
) حديث أبي َ
البخاري ( أن النبي rقال " :رأيت الليلة رجلين أتياني
فأخرجاني إلى أرض مقدسة "...إلى أن قال " :فانطلقا إلى نقب
ت « 206خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قد تحته نارًا ،فإذا
مثل التنور أعله ضيق وأسفله واسع ،يتو ّ
ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ،وإذا خمدت رجعوا فيها،
وفيها رجال ونساء عراة . "...حتى ذكر في تمام الحديث " :وأما
الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة
والزواني 0وفي رواية أخرى للبخاري ؛ ما يدل على أن ذلك
العذاب ُيصنع بهم في القبر إلى يوم القيامة.
ّ
فهذه بعض نتائج الزنا :اختلط أنساب ؛ موت فضيلة وحياء ؛ وذَلة
وانقياد للشهوة ؛ وفي الخرة عذاب أليم وجحيم ل ُيطاق؛
والكّيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ،والعاجز من أتبع
طه ومن نفسه هواها وتمّنى على الله الماني ،ومن يتحّر الخيَر ُيع َ
قه مصداقا ً لقول النبي rفي الحديث التي : و ّ
ق الشَر ي ُ َ
يت ِ
)حديث أبي هريرة في صحيح الجامع( أن النبي rقال إنما العلم
بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق
الشر يوقه .
ت « 207خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
انظر إلى ما قد تفعله هذه المرأة الفاسدة اللئيمة الخائنة الثيمة
ومثيلتها.
إن الذي جعلها تلقي بذلك الطفل هو اختلف لونه عن زوجها ،ولو
أنه جاء أبيض اللون لسكتت ،ولوهمت ذلك الرجل بأن هذا ابنه.
مه إلى صدره ويلعبه على أنه فتجد الرجل يحمله ويحتضنه ويض ّ
ابنه؛ وهو ليس كذلك.
وتجده يسارع باستخراج أوراق الولدة له وينسبه إلى نفسه على
أنه فلن بن فلن؛ وهو ليس كذلك.
وتخّيل لو أن هذا الطفل كبر في بيت الزوج حتى أصبح رج ً
ل،
وبعدما كبر كان عاقا ً له يسيء الدب معه ؛ويشتمه أو يركله ،أو
ر للعجزة ،فما هو موقف هذه الخائنة؟!. يلقي به في دا ٍ
هل ستخبر الزوج أنه ليس ابنه بعد صمتها الطويل؟!؛ أم ستسكت
وهي تراه يسومه سوء العذاب ؟!.
أو ماذا ستفعل لو صار هذا )اللقيط( سببا في شقاء إخوته ؟؟..
در أن هذا الرجل توفي وكان من أرباب الموال؛ فبأي حق ولو ُ
ق ّ
يرث هذا الطفل ويزاحم أولد الرجل الحقيقيين في ميراثهم
وكأنه أخ شرعي لهم ؛ وهو ليس له حق في الميراث؟!.
ف طويل ً وتخّيل العواقب الوخيمة التي تنتج من جرّاء هذه ق ْ بل ِ
فعلة ؛كل ذلك بسبب ماذا؟!..إن ذلك كله بسبب شهوة ركضت ال ِ
وراءها أولئك النسوة الفاسقات المنحرفات ،وأولئك الفاسقون
المنحرفون الذين صاروا عبيدا ً للشهوة ؛ فظنوا أن جريمتهم
انتهت حين قضوا شهوتهم ،ولكن الجريمة ل تزال مستمرة ؛ حتى
صار ضحيتها أطفال في دور الرعاية ،صاروا ) لقطاء( ل يعرفون
أما ً ول أبًا؛ أو أطفال عاشوا في البيوت ؛ يظن أحدهم أنه في بيت
أبيه ،وهو لقيط جاءت به أمه الفاسدة اللئيمة الخائنة الثيمة من
نتاج مغامراتها الطائشة مع بعض الكلب المسعورة ،الذين تتبعوا
عورات المسلمين؛ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد
خاطب أمثال هؤلء ؛ فقال :
)حديث أبي برزة الثابت في صحيح أبي داوود ( أن النبي rقال :
يا معشر من آمن بلسانه و لم يدخل اليمان قلبه ! ل تغتابوا
المسلمين و ل تتبعوا عوراتهم ،فمن اتبع عوراتهم يتبع الله
عورته ،ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته .
قصة المرأة مع طبيب السنان
كانت إنسانة من أسرة محترمة وعريقة ،ومتدينة نوعا ما ،وكانت
طوال عمرها تبحث عن المركز والمنصب ،وتسعى لتحقيق
أهدافها وطموحاتها إلى أن وصل عمرها أول الثلثين ولم تتزوج.
ت « 208خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وطبعا طلب منها الهل حفاظا على سمعة العائلة أن تتزوج،
وبالفعل اختارت زوجها بعقلها وإرادتها وتزوجا ،وأثمر هذا الزواج
ولدا وبنتا ،ولكن الزوجة ظلت مشغولة بالمنصب والوظيفة،
وأهملت نفسها وزوجها.
ط زوجها فرصة للجلوس والتحدث تقول تلك الزوجة :إنها لم تع ِ
معها ،أو الخروج معها إلى مكان ما ،ولم يتضايق الزوج؛ بل كان
يساعدها على النجاح ،ويشاركها تربية أبنائها ،إلى أن أتى يوم
ذهبت الزوجة إلى طبيب السنان ،والذي تلبسه الشيطان في ذلك
الوقت ،وبدأ في مغازلتها مغازلة خفيفة ،بعدها قالت :إنها أعجبها
الكلم ،وإنها بدأت في وضع مساحيق التجميل على وجهها،
وارتداء أجمل الملبس عند الذهاب إلى الطبيب؛ حتى يقول لها
الكثير من كلم الغزل.
وبالطبع كان يفعل هذا الشيطان كل ما تتوقعه بل أكثر ،وبقي
الحال هكذا إلى أن فرطت في نفسها ،وحدث ما حدث ،وليس مرة
بل عدة مرات ،حتى أحست بأنه من حقها أن تعيش مع من تحب،
واختلقت مشكلة مع زوجها الذي كان يعتذر لها عن أي شيء لم
يبدر منه؛ فقط من أجل أن تعود إلى المنزل ،ويتربى أبناؤهما
بينهما ،ولم يكن يعلم بالقطع أن زوجته قد وقعت في غرام
شخص آخر.
رفضت الزوجة الرجوع للبيت ،ونفذت ما أرادت )وهو الطلق(،
وبعد ذلك ذهبت إلى حبيب القلب وطلبت منه أن يتزوجها ،وكان
رد فعله -بعد أن نهرها -أن أخبرها أنه متزوج من سيدة محترمة ل
تفرط في نفسها ،ولديه منها ثلثة أبناء.
قال لها أيضا" :حتى إن لم أكن متزوجا فمن المستحيل أن أتزوج
من امرأة مثلك" ..وقتها بدأت تحس هذه الزوجة بأنها فقدت
حياتها؛ لنها تركت أعز وأحن شخص وهو زوجها الذي لم يعلم
شيئا عما حدث ،بل ما زال يحاول أن يعيدها إلى البيت ،ولكنها
تقول إنها تحتقر نفسها ،ولن تستطيع أن تستمر معه بعد ما
فعلت به ،إل أنها ستظل تحترمه طوال عمرها بعدما أحست أنه
الحب الحقيقي الوحيد الذي كان في حياتها.
للسف أحست تلك الزوجة بذلك بعد فوات الوان ،لهذا بدأت في
كتابة قصتها لتكون عبرة أمام كل من تسول لها نفسها الوقوع
في هذه الخطيئة.
والسؤال الذي يطرح نفسه الن :من الذي فتح
حتال والذي هو أساس النذال ومنبع م ْكس ال ُ عا ِ
م َ
المجال لل ُ
الرذال ؟ أليست هي المرأةُ اللئيمة الخائنة الثيمة ؟ إذ لو كانت
محتالكس ال ُ معا ِ
حَرةً أبّية لما استطاع ال ُ
حي ِّية ُ ،ة َ
ة نقية ،عفيف ً تقي ً
ت « 209خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ق عباد الله وأجرئهم على ل إليها ولو كان من أفس ِ أن يص َ
ع فيه إل بعد أن رأى منها اللين ولول أنها المعاصي ،وأنه لم يطم ُ
ألَنت الجانب ما اقترب منها أحدٌ من الجانب ،ول أظهروا لها
ت ممن )إذا ل :أنهم لم يفترسوها إل لنها كان ْ خالب ،والحاص ُ الم َ
ه انتهكوها( ،ولو كانت غيَر ذلك ما اقترب منها رم الل ِ وا بمحا ِ خل ْ
شين ،وخانت م ِ ل ال َ دمت اللين ،فعلوا بها الفع َ هالك ،فلما ق ّ
ر
عَرضت إلى سخط الجبا ِ سرت الدنيا والدين ،وت َ َ خ ِ جها المين ،ف َ زو َ
ت وحين ل وق ٍ ب في ك ِ ب الله عليها أشدّ العذا ِ ص ّ ة المتين َ ، ِذي القو ِ
مهين شتى من العذاب ال ُ ،وأذاقها ألوانا ً َ
إلى هذه المرأة اللئيمة الخائنة الثيمة ،هذه المرأة التي
تسلقت جدران العفة ،وتعرفت على شاب غريب عنها ،ولم تراع
عند ذلك حياءً ول خجل ً قد انسلخت من فطرتها ،وخلعت جلباب
حيائها وثوب عفتها ،
ل لها : أقو ُ
ك ل حال ،ألم ت َت ُْر ْ ك في ك ِ س ِطرت الدناءةُ على نف ِ سي ْ َ ]*[ هل َ
لل رج ٍ ك من أج ِ ج ِ ة زو ِ ت كرام َ ك شيئا ً ُيقال ،يا من أهدر ِ ة من ِ خس ُ ال ِ
لث منه بك ِ خب َ ُتأ ْ ك من الرذال ؟ وأن ِ فا ٍ خَتال ،أ ّ م ْ ن ُ وا ٍ خ ّ حتال َ ، م ْ
ُ
دَر ت له المجال ،ومنحتيه السلح القّتال ،ليه ِ ك التي فتح ِ حال ،لن ّ ِ
ب الله ل اختيال ،ص ّ مته بك ِ جك بين الرجال ،فأهدََر كرا َ ة زو ِ كرام َ
ر انفصال ،وسّلط عليكما ذُل ً تتقلبون عليكما لعائ َِنه تترى من غي ِ
عظام أمثال الجبال ، ب ِ ل والمآل ،وأصابكما بمصائ ٍ فيه في الحا ِ
حال ،جزاءا ً بما انتهكتم محارمه بك ِ
ل م َ د ال ِ ش شدي ِ ودمركما ببط ٍ
ل والوبال ،اعلموا ه الخزي والنكال ،والذُ َ احتيال ،وألحقتم بعبد ِ
رة الكبي ِ محال ،فإنها سن ُ ةل َ ست َْره علني ً أنه من خان الله سرا ً هتك ِ
خطُُر على بال ،هتكا ً محتال هتكا ً بينا ً ل ي َ ْ ر ال ُ ست ْ ِ ك ِ متعال ،في هت ِ ال ُ
جدال ة أو ِ حي ْل َ ً ع معه ِ س أو إشكال ،ول ينف ُ َ
واضحا يزول معه أي لب ْ ٍ
ً
هكم في النار ،وأن يجعل مأواكم كم على وجو ِ ،أسأل الله أن ي َك ِب ّ ُ
دار الخزي والبوار ،وأن يصليكم نار جهنم وبئس القرار *
فعال ؟ هل ح ال ِ قب ْ ِ ة ٌ ك عن رؤي ِ ك سوادُ قلب ِ ما ِ ع َ نأ ْ م ْ ت يا َ وأن ِ
ل والوبال ، ك في هذا الحال ؟ من الذ ِ ت بزوج ِ تعرفين ما فعل ِ
ك فوق ما يخطُر ببال أو ك لزوج ِ ل من ِ خزي والنكال ؟ أتى الذ ُ وال ِ
عال ، مت َ َ ر ال ُك الكبي ِ مك عند رب ِ صي َ خ ِ جك َ يدور في الخيال ،فصار زو ُ
ص منك على عال ،و يقت ُ ف َ ح ال ِ قب ْ ِ لو ُ ص منك على سوء الحا ِ يقت ُ
تص منك على أن أهدر ِ قّتال ،و يقت ُ ك ال َ م ِ جْر ِ عضال و ُ ك ال ِ ذنب ِ َ
ل حال ،اعلمي علم اليقين ذلول ً بك ِ م ْ مَته بين الرجال ،فصار َ كرا َ
ل والمآل * محال ،في الحا ِ كل َ ذوقين عاقبة َبغي ِ ِ أنك ست ُ
ت « 210خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ُ لقد ن َ ّ
ة
دوث ً ح ُ سه بين الرجال ذليل ً ،وحكايَته صارت أ ْ ت رأ َ كس ِ
قِتيل ،فكيف بك إذا سألك الجباُر عن هذا ك َ م ِ جْر ِ قيل ،فكان ب ِ ُ ل ِ لك ِ
ل جوابا ، قيل ،فلم تجدي للسؤا ِ م ِ ك َ دي ل ِ ل الوبيل ،ثم لم تج ِ الفع ِ
ة أو مآبا ،فأسقط في ُ ب صوابا ،ول تملكين حينذاك توب ً ول للجوا ِ
ص
قت َ ُ ع الخصوم ،وي ُ ْ ك ،فعند الله تجتم ُ والي ْ َِ ح َ ك من َ ع ِ ف ُ ك ،ول ين َ ي َدَي ْ ِ
ق
كلوم وح ِ م ْ حه ال َ جر ِ جك ل ُ من الظالم ِ للمظلوم ،هنالك ينتصُر زو ُ
ه المهضوم من فعلك المشئوم * مت ِ ِ را َ ك ِ
فسا ً ع اللئام ،يا شَر النام ،يا ن َ ْ من ْب َ َ ل إلى الحرام ،يا َ لماذا المي ُ
م على هذا الجرام ،ولماذا لم طام ،ولماذا القدا ُ خ َ ة بل ِ مفلوت ً
تلم إلى الحجام ِ عن الرزايا والثام ،هل سأل ِ ك الع ّ ك المل ُ ق ِ ف ِ و ِيُ َ
كواِد قلب ِ س َ ة إفهام ! أهو من َ ك بقي ُ ك عن ذلك ؟ أما زال لدي ِ س ِ نف َ
ك أختام ؟ ، أم كان على قلب ِ ِ
قّيوم ِ الذي ل ي ال َ ح ّ لم ،ال َ ك الع ّ ة المل ِ ت بمراقب ِ هان َ ْ ست َ َ نا ْ م ْ يا َ
صي وا ِ خذُ ِبالن ّ َ ؤ َ م يُ ْ و َ ك يَ ْ ب َرب ُ ِ قا َ ع َ ت ِ سي ْ ِ يغفل ول ينام ،كيف ن َ
ك
ست َْر ِ ك الله ِ هت ِ ُ سي ُ ْت أن الله عزيٌز ذو انتقام َ ، م ِ عل ِ ْ ما َ دام ِ ،أ َ ق َ وال َ ْ َ
ت اليام ،جزاءا على هذا ً م ْ صَر َ ت السنون وان ْ َ مَر ْ ما مهما َ يوما َ ً
ع من خان ول يجعله أبدا ً ددُ صني َ س ِ جرام ،اعلمي أن الله ل ي ُ َ ال ْ
ن أو مكان ، ست َْره في أي زما ٍ ك ِ هت ِ ُ سي َ ْ ش في أمان و َ يعي ُ
ها المشين ،وكانت ممن قال سل َك ِ َ م ْ ة بِ َ ت في الخيان ِ قط َ ْ س َ َ نم ْ يا َ
الله فيهم :
ن( )وأن الله ل يهدي كيد الخائنين( ، خائ ِِني َ ب ال َ ح ّ ه ل َ يُ ِ ن الل ّ َ )إ ِ ّ
حْين ، ق ولو بعد ِ هُر الح َ ْ
سوف ي ُظ ِ ن الله تعالى َ اعلمي علم اليقين أ ّ
ع سنين ، ولو َ
ض ِ حْين إلى ب ِ ْ طال ذلك ال ِ
ن
ق الخلق ،فيأذ ُ فالموعدُ ) الن حصحص الحق ( حينما يأذن خال ٌ
ة
م َ
قا َ س َ ت َ فت السرائر وب َدَ ْ ش َ غطاء ،فانك َ ف ال ِ ش َ ضاء أن ي َك ْ ِ ق َ لل َ
َ َ
سَرار . وال ْ ب َ عُيو ُ ت ال ُ هر ْ وظ َ َ سَتار َ وال ْ ب َ ج ُ ح ُ ت ال ُ هت ِك َ ِ و ُ الضمائر َ ،
ة من كتاب الله تعالى لو كتبت بماء الذهب لما ]*[ وهنا نذكر آي ً
وفْيناها حقها لنها تحافظ على الخيار وتدفع شر الشرار .
شي ْ َ َ
من و َن َ طا ِ ت ال ّ وا ِ خط ُ َ عوا ْ ُ مُنوا ْ ل َ ت َت ّب ِ ُ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ قال تعالى ) :ي َأي ّ َ
ْ
ر( ]سورة :النور من ْك َ ِ وال ْ ُ ء َ شآ ِح َ ف ْ مُر ِبال ْ َ ه ي َأ ُ فإ ِن ّ ُ ن َ طا ِ شي ْ َ ت ال ّ وا ِ خط ُ َ ع ُ ي َت ّب ِ ْ
[21 :
ت « 211خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ع ديني هذا المعاكس الذي تتبع عورات المسلمين بدون أي واز ٍ
عليه أن يعلم أن الجزاء من جنس العمل ،ومن تتبع عورة امرئ
مسلم تتبع الله عورته حتى يكشفها .
محتال الفاسد المروءة والضمير كس ال ُ معا ِ أل فليعلم هذا ال ُ
عس أنه صّير نفسه جندٌ من جنود إبليس ،فلقد زاد الشقي الت َ ِ
غّيه وأصّر على باطله ،وأظهر فساده واستشرى وتمادى في َ
سر ل ِث ََامه وكشف عن أنيابه يلتمس ح َ قناعه و َ العداوة وكشف فيها ِ
ض
ب الر ِ العثرات ويترقب الهفوات وتناسى مراقبة ر ِ
ض إنما توعدون لت ،هذا والسماوات ،فورب السماوات والر ِ
م في س الس ّ خاخ وي َدُ ّ ف َ مصانع الذي ينصب المكائد وال ِ مخادع ال ُ ال ُ
سيلمة ، م َ العسل لنه أروغ من ثعلب وأحقدُ من جمل وأكذب من ُ
ر أهله ، حما ِ ل من ِ هانة وأض ُ م َ
ن من ال َ وهو كذلك أذل من نعل وأهو ُ
ضب وأضّر من الجرب وأشُر من البرص ،هذا ق من َ وهو كذلك أع ّ
العتي الغوي الظالم الغاشم المتغطرس ،بظلمه وبطشه أورد
ر الموبقة ،استحوذ عليه نفسه المهالك وحملها على المو ِ
ّ
ده عن النابة وأملى له فوَرطه في كبا ً ف َ
ص ّ مْر َ الشيطان واتخذه َ
ده عن سواء السبيل الغرور وزين له سوء عمله فص ّ
خـــــه فَرا ِ صــار من أ ْ قـدْ َ فخـاخــه بل َ س في ِ صــادَهُ إبليـ ُ قد َ
مهالك وأورد نفســــــــه في ال َ عري من أبـاح ذلك شـــــ ْت ِ فليـ َ
ل أركانه ،كسر الله ظهره دع بنيانه ،وأتلفه وش ّ قاتله الله وص ّ
فه كَله ،اللهم العنه مر أعضائه وهتك ستره وأتل َ وأعمى بصره ود ّ
ضهعْر ِ كه يوم َ هل ْوت ُ ْ ه َ ل معه في قبر ِ خ ُ ه وت َدْ ُ مْره في نفس ِ ة ت ُدَ ِلعن ً
على ربه ،اللهم اجعل الدائرةَ عليه وأصْبه بنفسه وأهله ودمْره
تدميرا ،اللهم أنزل عليه بأسك الذي ل ي َُرد عن القوم ِ المجرمين ،
رَز إبره ،حتى يكون عبرةً لمن يعتبر لئل غ ِ م ْ م الله فيه َ ح َل َر ِ
علهف ْن بِ ِ
ضال بين المسلمين ،ولئل يستهي ُ ع َض ال ِ يستشرى هذا المر ِ
شين . م ِ وَلت له نفسه أن يفعل هذا الفعل ال َ س ّمن ِ
مهين علم اليقين أنه سيرى عاقبة ظلمه و ليعلم هذا الشقي ال َ
وبغيه في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي rفي
الحديث التي :
)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي rقال :بابان معجلن
عقوبتهما في الدنيا :البغي و العقوق .
الشاهد :
قوله ) rبابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت
فاعليها
ت « 212خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
م أفحش من ) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ
خياتة
ضاّر أضَروليضع نصب عينيه أن الجزاء من جنس العمل وأنه من َ
الله به .
ة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي r م َ
صْر َ
)حديث أبي ِ
ضاّر أضَر الله به و من شاقّ شاقّ الله عليه . قال :من َ
) من ضاّر ( بشد الراء أي أوصل ضررا ً إلى مسلم بغير حق
)أضَر الله به الّله به ( أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في
العقبى
) ومن شاق ( بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو
غيرها
) شق الله عليه ( أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على ّ
فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة عليه
نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته .
)حديث جابر في صحيح أبي داود( أن النبي rقال :ما من امرئ
ك فيه ه ُه و ي ُن ْت َ َض ِ
عْر ِ
ص فيه من ِ ق ُ ذل امرءا ً مسلما في موطن ي ُن ْت َ َ يخ ُ
صرِته و ما ب فيه ن ُ ْح ُ
ن يُ ِ
وط ِ ٍ خذََله الله تعالى في َ
م ْ ه إل َمت ِ ِ
حْر َمن ُ
من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك
فيه من حرمته إل نصره الله في موطن يحب فيه نصرته .
)ما من امرئ يخذل ( بذال معجمة مضمومة قال تعالى } وإن
يخذلكم {
) امرءا ً مسلما ً ( أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ول ينصره
) في موضع ينتقص فيه من عرضه ( بكسر العين ) وينتهك
فيه من حرمته ( بأن يتكلم فيه بما ل يحل والحرمة هنا ما ل يحل
انتهاكه قال الجوهري :انتهك عرضه بالغ في شتمه ) إل خذله
الّله في موطن يحب فيه نصرته ( أي في موضع يكون فيه أحوج
لنصرته وهو يوم القيامة فخذلن المؤمن حرام شديد التحريم
دنيويا ً كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فل يدفعه
أو أخرويا ً كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك
) وما من أحد ينصر مسلما ً في موطن ينتقص فيه من عرضه
وينتهك فيه من حرمته إل نصره الّله في موطن يحب فيه نصرته
( وهو يوم القيامة .
) حديث المستورد رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن
النبي rقال :من أكل برجل مسلم أكله فإن الله يطعمه مثلها من
جهنم ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم
ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة
ورياء يوم القيامة .
ت « 213خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وتجنبـوا مـا ل يليـــق بمسلم عفـوا تعف نســــاؤكم في المحـرم
إن الزنــا ديــــن فإن أقرضــته كان الوفـــا من أهل بيتك
فاعلم
ً
بجــداره كنـت يا هذا لبيـبا فافهـــم ِ إن من يزنـي ُيزنـى بـه ولو
من يزنـي بألفــــــــي درهـم ِ ُيزنـى بـه بغيــر الدرهـــم ِ
يا أسوةً للمفسدين ،ويا قدوةً للطاغين ،يا أساس الفاسقين ،
عم ِ الله جاحدين ،والذين هم للرذائل م ل ِن ِ َ
ه ْ
ويا إمام الخائنين الذين ُ
قِبلين ، م ْحُرمات ُ ك ال ُ
مدِْبرين ،وعلى انتها ِ ل ُ ناشرين ،وللفضائ ِ
م
صي َخ ِ ع الرذلين ،ويا َ من ْب َ َ مِته محرومين ،يا َ ص َ
ع ْولتوفيق الله و ِ
ن
جن ْدَ الشيطا ِ هين ،يا ُ م ِ عِلك ال ُ
ف ْ مشين و ِ كك ال َ سل َ ِ
م ْ
مين ب ِ َ
الكر ِ
ض المسلمين ، و مبين لعرا ِ س أجمعين ،يا عد ٌ اللعين ،يا شَر النا ِ
د
ك أش ّ ب علي ِ ة المتين ،وص ّ ر ذي القو ِ ط الله عليك سخ َ
ط الجبا ِ سل ّ ََ
بعذا ِ ً
ك ألوانا شتى من ال ُ ت وحين ،وأذاق ِ العذاب في كل وق ٍ
س أجمعين . هين ،حتى تكون عبرةً للنا ِ م ِال ُ
ت « 214خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كنت غيَره من م ّواستخفت بحقه ،وأسقطت هيبتة من عينها حين َ
صي َّرْته ذليل ً بين الناس و َ ها َ ، حل ِ َ و ْ نفسها ،فسقطت في الرذيلة ب ِ َ
فحشها ]*[ صّيرت منزلَته بين الناس جْرمها ،وصارت عارا ً عليه ب ُ ب ُ
ض ْ
ز عليه للخو ِ س صامت ،و متغام ٍ ق الرأ ِ ر ِ
مط ِ ق عليه ُ مشف ٍ ما بين ُ
ع لئيم مت ،وراب ٍ ر فيه متشا ِ ث حقي ٍ ضه متهافت ،وثال ٍ عْر ِ في ِ
عي لها المروءةَ لنه عن إخبار زوجها بفعلها ساكت ،ثم تراه ي َدّ ِ
مقاِبل ،لنه لسكوته عن إخبار زوجها قابل ،فصارت يطلب منها ال ُ
شَنار ر إلى َ ي إلى عار ،ومن عا ٍ خز ٍ ر إلى دمار ،ومن ِ ل من دما ٍ تنتق ُ
سْر شوك َُته إل بها ،كسر جرمها لنه لم ت ُك ْ َ ،صار أشقى الناس ب ِ ُ
سَترها ، ءها ،وهتك ِ مر أعضا َ الله ظهرها ،وأعمى بصرها ،ود ّ
فعلها ،وسحقا ً لها ع ِ ً
وأخرجها من الدنيا كلها * فتعسا لها بشني ِ
ّ
مها وخيانِتها لزوجها ،وت َب ّا ً لها من امرأةً دنيئ ٍ
ة مها ولؤ ِ لشؤ ِ
ة
ة زوجها * وتقشعُر الفضيل ُ غيب َ ة لم تخش ربها ولم تحفظ َ خسيس ٍ
ة لقبحها ،لم تمتثل للفضيلة طاعة ، من فعلها ،واحتوتها الرزيل ُ
ة الرحمن وامتثال خّلت عن خشي ِ ما ت َ َ ولها في الرزيلة باعا * * ل ّ
ن إل القرآن ،و لما جحدت معنى قوله تعالى هل جزاءُ الحسا ِ
وك ََلها الملك الدّيان إلى العصيان والخذلن واستحواِذ الحسان َ ،
ل زمان * قاتلها الله ة عند ربها في ك ِ الشيطان ،فصارت ممقوت ً
ن مثُلها ،ول ُُتصا ُ
ن ل أركانها ،فل ُتؤتم ُ ش ّ دع بنيانها ،وأتلفها و َ وص ّ
ة بها ،لعن الله كل ل لحظ ً ل البا ُ غ ُ ش َ من كانت على شاك ِل َِتها ،ول ي ُ ْ
مْرها في نفسها وتدخل معها قبرها وتهلكها عند ة ت ُدَ ِخائنة لعن ً
عرضها على ربه .
جى ج ل ُير َ و ٌ ع َ عسة التي فيه ِ كدة الشقية الت َ ِ جِبلة الن َ ِ ]*[ هذه ال ِ
ث حت تبح ُ ن الثعالب ،وَرا َ اعتداله * لقد استبدلت بالستقامة روغا َ
عن المثالب ،ولول أنها ألَنت الجانب ما اقترب منها أحدٌ من
ل :أنهم لم يفترسوها خالب ،والحاص ُ الجانب ،ول أظهروا لها الم َ
ه انتهكوها( ،ولو كانت رم الل ِ وا بمحا ِ ت ممن )إذا خل ْ إل لنها كان ْ
دمت اللين ،فعلوا بها غيَر ذلك ما اقترب منها هالك ،فلما ق ّ
سرت الدنيا والدين ، خ ِ جها المين ،ف َ شين ،وخانت زو َ م ِ ل ال َ الفع َ
د
ب الله عليها أش ّ ص ّ ة المتين َ ، ر ِذي القو ِ عَرضت إلى سخط الجبا ِ وت َ َ
شتى من العذاب ت وحين ،وأذاقها ألوانا ً َ ل وق ٍ ب في ك ِ العذا ِ
مهين ال ُ
غَرض ك منها َ ل هال ٍ سك ِ ]*[ فلما خضعت بالقول أنشأت في نف ِ
ذي ع ال ّ ِ
م َ في َطْ َ ل َ و ِق ْن ِبال ْ َ ع َ ض ْ
خ َ فَل ت َ ْ وتناست أن الله تعالى يقول " َ
ض" مَر ٌ ه َ قل ْب ِ ِ في َ ِ
حيلة ،وقعت ق النبيلة ،واستوطئت ال ِ ]*[ ولما زهدت في الخل ِ
حِالك ،مك َّنت سواِد قلبها ال َ في الرزيلة ،وكان عاقبتها وبيل ومن َ
ت « 215خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
خِبيثا ً مثلها هالك ،مكان زوجها المالك ،واستغفلت من نفسها َ
ف زوجي ر ُ ة في نفسها :وكيف يع ِ زوجها بذلك ،وقالت مستخف ً
ل ع على ك ِ مطّل ِ ٌ ت ذلك ،وتناست أن رَبها ُ ة ت ُث ْب ِ ُ ذلك ؟ وليس لديه بين ٌ
مه من زوجها المالك ،ولو شاء ر ِذلك ،وهو سبحانه أغيُر على محا ِ
فِاتك ،أولم تعلم هي أن من خان شه ال َ مَرها ببط ِ ستَرها ود ّ ك ِ هت َ َ ل َ
ة مهما احتاط لذلك ،فافتضح أمُرهُ وكان سَرهُ علني ً ك ِ هت َ َ الله سرا ً َ
ست َْره هْتكا ً ك ِ هاِلك ،يهت ِ ُ ل َ ة الله في ك ِ حاِلك ،وهذه هي سن ُ مه َ ظل ُ
ل يخطُُر على َباِلك ،حتى يكون عبرةً لمن هو في طريقه سالك ،
كهاماِلك ،أو أنه سبحانه سيتُر ُ ة بل َ ب أن الموَر مفلوت ٌ س ُ ح َ أم ت َ ْ
ة بعد ذلك ،حاش لله أن مئ ِن َ ً ْ
مط َ ش ُ ض زوجها ثم تعي ُ عر َ س ِ ت ُدَن ِ ُ
ة لمحال ، ست َْره علني ً يرضى بذلك ،فإن من خان الله سرا ً هتك ِ
محتال هتكا ً بينا ً ل ر ال ُ ست ْ ِ ك ِ متعال ،في هت ِ فإنها سنة الكبيُر ال ُ
س أو إشكال ،ول َ ً ً يَ ْ ُ
خطُر على بال ،هتكا واضحا يزول معه أي لب ْ ٍٍ
د
ش شدي ِ متعال ،ببط ٍ ه الكبيُر ال ُ جدال ،وأهلك َ ُ ة أو ِ حي ْل َ ً ع معه ِ ينف ُ
المحال
عه الله على ذلك : َ ْ
جها يقول بعدما أطل َ ل زو ِ ن حا ِ ]*[ وكأن لسا َ
ع إلى ربه شاكيا ً باكيا ً فقد صارت أعياده أتراح ل وهويتضر ُ يقو ُ
ب وهم ٍ ق دؤو ٍ وأحزان ،وأفراحه هموم وأشجان وصار في قل ٍ
ل وحال ُ ُ
ه حور ،يقو ُ من ْ ُ هوٌر َ ق ُ م ْ ل وهو َ ة ل تنقطع ،يقو ُ حي َْر ٍ رو َ مستم ٍ
ل وهو يتقلب في هم ٍ وغم كأنما كي الصخور ،يقو ُ ب ي ُب ْ ِ كر ِ من ال َ
يبكي الدم ) ربي إن قوما ً استغفلوني واستخفوا بحقي وانتهكوا
ع يردعهم ،واستوطئوا ضي دون راِد ٍ عْر ِ متي وطعنوني في ِ حْر َ ُ
ة ليقعوا في الرذيلة ،اعتمادا منهم على أني ل أعلم بذلك ، ً الحيل َ
ل ذلك على علمك ُ
صرا ً _ وهو كذلك _ فإني أحي ُ فإن كان علمي قا ِ
مك ل ذلك على َ ل شيء و أحي ُُ
محار ِ غي َْرِتك على َ الذي أحاط بك ِ
رَز إبرة غ ِم ْ فانتقم لي منهم ودمرهم تدميرا ً ول ترحم فيهم َ
ءهم واهتك سترهم مر أعضا َ مي أبصارهم ود ّ ع ِ هورهم وأ ْ صم ظ َ ق ِ وا ْ
دع بنيانهم وأتلفهم واجعل الدائرة عليهم ،اللهم اقُتلهم الله وص ّ
ل أركانهم . وش ّ
ع اللئام ،يا شَر النام ،يا من ْب َ َ ل إلى الحرام ،يا َ ]*[ لماذا المي ُ
م على هذا الجرام ،ولماذا طام ،ولماذا القدا ُ خ َ ة بل ِ فسا ً مفلوت ً نَ ْ
ك س ِ ت نف َ ك إلى الحجام ِ عن الرزايا والثام ،هل سأل ِ ك رب ُ ِ ق ِ ف ِ و ِ لم ي ُ َ
ك أم كان واِد قلب ِ س َ ة إفهام ! أهو من َ ك بقي ُ عن ذلك ؟ أما زال لدي ِ
ي ح ّ لم ،ال َ ك الع ّ ة المل ِ ت بمراقب ِ هان َ ْ ست َ َ نا ْ م ْ ك أختام ؟ ،يا َ على قلب ِ ِ
ما مهما ك يوما ً َ ست َْر ِ ك الله ِ هت ِ ُ سي ُ ْ قّيوم ِ الذي ل يغفل ول ينام َ ، ال َ
جرام ،اعلمي ت اليام ،جزاءا ً على هذا ال ْ م ْ صَر َ ت السنون وان ْ َ مَر ْ َ
ت « 216خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ش في أمان ع من خان ول يجعله أبدا ً يعي ُ ددُ صني َ س ِ أن الله ل ي ُ َ
ن أو مكان ، ست َْره في أي زما ٍ ك ِ هت ِ ُ وسوف ي ُ ْ
ها المشين ،وكانت ممن سل َك ِ َ م ْ ة بِ َ ت في الخيان ِ قط َ ْ س َ َ نم ْ ]*[ يا َ
قال الله فيهم )وأن الله ل يهدي كيد الخائنين( ،اعلمي علم
طال ذلك حْين ،ولو َ ق ولو بعد ِ هُر الح َ ْ
سي ُظ ِ ن الله تعالى َ اليقين أ ّ
ع سنين ،فالموعدُ ) الن حصحص الحق ( عندما ض ِ حْين إلى ب ِ ْ ال ِ
فت ش َ غطاء ،فانك َ ف ال ِ ش َ ضاء أن ي َك ْ ِ ق َ ن لل َ ق الخلق فيأذ ُ يأذن خال ٌ
َ
تهر ْ وظ َ َ سَتار َ وال ْ ب َ ج ُ ح ُ ت ال ُ هت ِك َ ِ و ُ ة الضمائر َ ، م َ قا َ س َ ت َ السرائر وب َدَ ْ
سَرار . َ
وال ْ ب َ عُيو ُ ال ُ
مها جْر ِ هاب ،وتناست أن رؤيته ل ِ ُ ك الو ّ ة المل ِ ]*[ واستهانت بمراقب ِ
صّرت على الخيانة دون إياب ،وخانت زوجها جاب ،وأ َ ح َ ب بِ ِ ج ُ ح َ ل تُ ْ
ل باب ، ب من ك ِ ب الله عليها ألوان العذا ِ ص ّ َ حال الغياب ،
صلها ناَر جهنم ف كذاب ،وأ ْ ر ٍ س ِ م ْ ل ُ شَرها يوم القيامة مع ك ِ ح َ و َ
يوم يقوم الحساب *
]*[ جعلت الله أهون الناظرين إليها ،وهو سبحانه قادٌر عليها ،
حج صال ٍ من ََته عليها بزو ٍ وال َْيها ،وتناست ِ ح َ ولو شاء لهلكها ومن َ
دلت الشكر الجزيل ، وال َْيها ،فب ّ ح َ يأوي إليها ،وتحتمي به دون من َ
ل الوبيل والعرفان بالجميل ،بالفع ِ
حَرم ِ زوجها جوهرةً مصونة ،ولؤلؤةً مكنونة ]*[ وبعد أن كانت في َ
سيرتها بين فونة ،و ِ ع ُم ْ ة َ ع ً سل ْ َ ة مفتونة ،و ِ حشها خائن ً ف ْ ،صارت ب ُ
سي َِرةً ملعونة . ِ سالنا ِ
مناعة ،ص َّيرت نو َ حص ٍ ة زوجها في ِ حرم ِ ]*[ وبعد أن كانت في ُ
ة متاحة . نفسها كل ً مباحا ،وسلع ً
ة واستقرار ، ة ووقار ،وسكين ٍ ]*[ وبعد أن كانت مع زوجها في عز ٍ
مار ت ودَ َ شت ُ ٍ غار ،وت َ َ ص َ و َ ة َ ه البرار ،صّيرت نفسها في ِذل ٍ شب ِ ُ ء يُ ْ ونقا ٍ
ة بالقار . مطْل ِي َ ٌ ي وعار ،كأنها َ خز ٍ ،و ِ
عم وتناست دت ما أنعم الله عليها من الن ِ َ ح َ ج َ ما َ ل أنها ل ّ ]*[ والحاص ُ
ن الفتن ،صارت قت بنفسها في براث ِ ن ،وأل ْ َ من َ ْ مرها من ال ِ ما غ َ
ع بأنفها ف ُ فساء( التي تد َ خن ْ ِ علن )ال ُ ج ْ ن على الله تعالى من ال ِ أهو َ
رقت في القذارة ، غ ِ جب فقد زهدت في الطهارة و َ الن ََتن ،ول ع َ
رقذ ِ غَيتها إل في مواضع ال َ ل الفئران تماما ً فإنها ل تجد ب ُ ْ كحا ِ
عها وسواد قلبها ة طَب ْ ِ سها ودناء ِ ف ِ ةن ْ س ِ خ َ والن ََتن ،وما ذلك إل ل ِ ِ
عِلها ، ف ْسوء ِ ظها عن ُ ف َ ح َ مها و َ ص َ ع َ ة معدنها ،ولو أحبها ربها ل َ ورداء ِ
صُر به ،ويدها التي ع به وبصَرها التي ت ُب ْ ِ عها التي تسم ُ م َ س ْ وكان َ
عطِي َّنها ،ولئن رجلها التي تمشي بها ،ولئن سألته ل َي ُ ْ ش بها و ِ تبط ُ
نضها لسواِد قلبها فصارت أهو َ غ َ عذَّنها ،لكنه سبحانه أب ْ َ ذته ل َي ُ ِ سَتعا َ ا ْ
فها الن ََتن * ع بأن ِ فساء( التي تدف ُ خن ْ ِ علن )ال ُ ج ْ على الله تعالى من ال ِ
ت « 217خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
دها ، ب إلى الله ِبو ّ جها يفتخُر بها ،ويتقَر ُ ]*[ وبعد أن كان زو ُ
عه بها ،صار أشقى ف َ سه من أجلها ،عسى الله أن ين َ ل نف َ ويبذ ُ
رها ، س لها ،وصار يختفي من ِذك ْ ِ ض النا ِ جْرمها ،وأبغ َ الناس ب ِ ُ
هر اسمه فعلها ،وتقّرب إلى الله بطلقها ،وط ّ ويتبرأ إلى الله من ِ
ها ماتت فل َي ْت َ َ ره الدنيا كّلها من أجلها َ ، س القتران بها ،وك َ ِ من دن ِ
لعا ً لك ِ مط ْ َ
م َ سها المهالك ،وتصيَر َ رد نف َ و ِقبل ذلك ،قبل أن ت ُ ْ
هالك *
]*[ لم تعرف للطهارة طريقا ،ولم تسلك للنقاء سبيل ،وليس
قيل . ق ِ بينها وبين الصد ِ
د عن ك المحظور والبع ِ ]*[ كم أوصاها زوجها بفعل المأمور وتر ِ
ل المور ،وأن غي ْب ََته في ك ِ دواهي المور ،وكم أوصاها أن تحفظ َ
ب وبور ،وما فيه ر ٌ خ ِن لن قلَبها َ عْرضه بأي محظور ،لك ْ ن ِ شي َ ل تُ ِ
ث مثلها تك َ َ
خبي ٍ ت على الفجور ،مع َ صَر ْ ل ذلك وأ َ من نور ،أب َ ْ
في خ ِ ن وما ت ُ ْ عي ُ ِة ال ْ م خائن َ حقور ،وتناست أن الله تعالى يعل ُ م ْ
َ
الصدور ،فكيف بها إذا دخلت قبرها المحفور ،وما فيه من
سِئلت عن هذه ل والصخور ،ثم ُ الدواهي والمور ،تحت الجناد ِ
ف بين يدي ربها ويسألها عن هذه المور ،أم كيف بها حين تق ُ
ق زوجها المقهور ،والذي جعلته بفعلها المور ،وما ارتكبته في ح ِ
ف أنها ما حور ،ثم لم تجد جوابا ً على هذه المور ،هنالك تعر ُ من ْ ُ َ
ب ْ
كانت إل في غرور ،فتندم ندما ل يخطُر على الصدور ،ول ي ُكت َ ُ ً
د
ر من المور ،ل تج ُ ع في أي أم ٍ م ل ينف ُ بالسطور ،لكنه ند ٌ
ة أو مآبا ، ك حينذاك توب ً ل جوابا ،ول للجواب صوابا ،ول تمل ُ للسؤا ِ
م ندما ً وال َْيها ،فحينذاك تند ُ ح َعها من َ ف ُ فُأسقط في ي َدَْيها ،ول ين َ
ل أو يدوُر في الخيال ،لنها بين يدي ربها الكبير فوقَ ما يخطُر ببا ٍ
ع بأي م ل َينف ُ مها القّتال ،لكنه ند ٌ جْر ِ ضال ،و ُ ع َ مَتعال ،بذنبها ال ِ ال ُ
ع
ع الهات ،ول تنف ُ دي هنالك الحسرات ول تشف ُ ج ِ حال ،فل ت ُ ْ
ء
ل شي ٍ ط بك ِ مه محي ٌ ض والسماوات ،لن عل َ حي َ ُ
ب الر ِ ل مع ر ِ ال ِ
ر وآت ،هنالك تعلم علم اليقين أن خيانتها لزوجها هي ض وحاض ٍ ما ٍ
ض إنما توعدون ت والر ِ بئس الزاد ليوم الميعاد ،فورب السماوا ِ
لت * ،
حور ،وك َْرَبه من ْ ُ حه َ جْر ِ]*[ أما زوجها المقهور فإذا رأيته وجدََته من ُ
وَزهدَ فيها زهدَ من في القبور ،حاُله يبكي الفؤاد صخور َ ، كي ال ُ ي ُب ْ ِ
ق كرامته ع القلوب من ح ِ خل َ ُ فري الكباد وُيذيب الجساد ،حاُله ي ْ وي َ ْ
ة
ر ٍح ِ حي ِّية ُ ، ة َ ة نقية ،عفيف ٍ ة تقي ٍ مح في زوج ٍ المسلوب ،عاش يطْ َ
من ِّية ، أبّية ،تحفظ غيبته وتصون كرامته وترافقه حتى تأتيه ال َ
عيُنه ة تُ ِ سه من أجلها ،زوج ٍ ف َ ل نَ ْظه في نفسها ،ويبذ ُ ف ُ ح َ ةت ْ زوج ٍ
عدّ معه لقيام ِ الساعة ،لكن خاب أمُله بها ، على الطاعة ،وت ُ ِ
ت « 218خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ب لم يؤثر القرآن وادَ قلِبها ،قل ٌ س َ قت ََله َ ره الدنيا من أجِلها ،و َ وك َ ِ
ة فيه ول التقوى ب لم تدخل الخشي ُ فيه ولم يعي معانيه ،قل ٌ
ب جحد معنى ب لم ي ُل َي ِْنه القرآن ولم يخش الرحمن ،قل ٌ تحتويه ،قل ٌ
ب صار أسيَر قوله تعالى " هل جزاء الحسان إل الحسان" ،قل ٌ
ص من غ ُ العصيان والخذلن واستحواذ الشيطان ،صار حاُله ي ُن َ َ
ُ
ره
ب صد ِ ئ لهي ُ رها ،فل يهنأ بنوم ٍ كلما ذكر فعَلها ،ول ينطف ُ ِذك ْ ِ
ب في هم ٍ وغم ، جْرمها ،يتقل ُ ب فكُره عن ُ شها ،ول يغي ُ ح ِ ف ْمن ُ
كأنما يبكي الدم .
م حٌر حّيي يخشى ل مسل ٌ ع ل يطيقه رج ٌ ]*[ ثم إن هذا أمٌر شني ٌ
عرضه وشرفه ،بل الله تعالى ،فما من مسلم إل يغاُر على ِ
ً
عرضه وشرفه أغلى عنده من حياته كما هو معلوم شرعأ وعقل ً و ِ
ة ويتضح هذا وضوحا ً جليا ً في )حديث أبي هريرة رضي الله وبداه ً
عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال ) :من كانت له مظلم ٌ
ة
حل َْله منه اليوم قبل أن ل يكون عْرضه أو شيء فليت َ لخيه من ِ
ُ
ر مظلمته وإن لم خذَ منه بقد ِ تأ ِ دينارا ً ول درهما ،إن كان له حسنا ٌ
ملت عليه (. ح ِ ف ُ خذَ من سيئاته َ تكن له حسنات أ ُ ِ
دمعْرضه أو شيء [ فق ّ الشاهد :قوله ] : rمظلمة لخيه من ِ
العرض على كل شيء لنه أعز ما يملكه النسان وأعز من كل
شيء بل ويضحي النسان من أجله بالنفس والنفيس ويتضح ذلك
من ) حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي
داوود و الترمذي ( أن النبي rقال :من قتل دون أهله فهو
شهيد .
ل الحّر ة الرج ِ عبادة رضي الله تعالى عنه قول َ ولذا قال سعدُ بن ُ
ي التقي النقي الحّيي الب ّ
ح [ أي ف ٍ ص ّ م ْ غي َْر ُف َ سي ْ ِ ه ِبال ّ ضَرب ْت ُ ُ] لو رأيت رجل ً مع امرأتي ل َ َ
ضه ،ول عجب فإنه النصاري سيد حدّ السيف ل بعر ِ ه بِ َ
ضَرب ْت ُ ُ لَ َ
الخزرج وأحد نقبائهم،
)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال :لو رأيت
ح ،فبلغ ذلك النبي ف ٍص ّم ْ غي َْر ُ ف َ سي ْ ِ ه ِبال ّ رجل ً مع امرأتي ل َ َ
ضَرب ْت ُ ُ
فقال ) :أتعجبون من غيرة سعد ،لنا أغَير منه ،والله أغَير مني (.
)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم
ح أي ل ف ٍ ص ّ م ْ غي َْر ُ ح( :صفح السيف أي عرضه ،ومعنى َ ف ٍص ّ م ْ غي َْر ُ ) َ
ده .
أضربه بعرض السيف بل بح ّ
نه وفورا ِ ه ِ ر وج ِ ع ِ م ْ ور حاَله من ت ّ ]**[ وإذا كان هذا هو حال من تص ّ
ه إذا رأى رجل ً مع امرأته فكيف بمن تحقق من ب صدر ِ ه ولهي ِ م ِ د ّ
هين ل م ِ ل ُ ن وفع ٌ زناها والعياذ بالله تعالى من ذلك ،إنه أمٌر مشي ٌ
ل مسلم يتحمله رج ٌ
ت « 219خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ ثم هل يصير الرجل رجل ً حرا ً أّبيا ً إل بهذه المشاعر النبيلة )من
غْيرةً على زوجته( ،وهل ه َب صدر ِ ه ولهي ِ م ِ ند ّ ه وفورا ِ ه ِ ر وج ِ ع ِ م ْ ت ّ
حس . ت ال ِ مسخا ً مي َ خنزيرا ً َ هو إذا فقد هذه المشاعر إل ِ
عفتها عفتها ! فإذا انسلخت المرأةُ من ِ ن المرأةُ إل ب ِ ]**[ وهل ُتصا ُ
مل ولهيبا ً جرحا ً ل ي َن ْدَ ِ ق زوجها ) كسرا ً ل ينجبر و ُ كان ذلك في ح ِ
ة بها ول البقاء صوُر الرأف ُ طفئ ( وعلى هذا فل ُيت ّ ره ل ي َن ْ َ في صد ِ
عليها ووجب طلقها .
) (3ول تنسى أن الله تعالى قال في شأن هذه الجريمة الشنعاء
النكراء
ْ ّ ه ِإن ُ ّ ْ ْ
وم ِوالي َ ْ ه َن ِبالل ِ مُنو َ ؤ ِم تُ ْ كنت ُ ْ ن الل ِ في ِدي ِ ة ِ ف ٌ ما َرأ َ ه َ م بِ ِ خذْك ُ ْ ول َ ت َأ ُ ) َ
ر( خ ِ ال َ ِ
] النور [2 /
ه( :أي ل تأخذكم بهما رقة ن الل ّ ِ في ِدي ِ ة ِ ف ٌ ما َرأ ْ َ ه َ م بِ ِ خذْك ُ ْ ول َ ت َأ ْ ُ ) َ
ورحمة .
ر( :هذا من باب اللهاب خ ِ وم ِ ال ِ وال ْي َ ْه َ ن ِبالل ّ ِ مُنو َ م تُ ْ
ؤ ِ كنت ُ ْ ن ُ )إ ِ ْ
والتهييج أي إن كنتم مؤمنون حقا تصدقون بالله وباليوم الخر فل ً
تأخذكم شفقة بالزناة ،فإن جريمة الزنى النكراء أشنع من أن
تستدر العطف أو تدفع إلى الرحمة .
تنبيه للمرأة في هذه المسألة بعد ارتكابها لجريمة الزنا
حكمين: الشنعاء ُ
حكمها مع زوجها و حكمها مع ربها على التفصيل التي :
ة بها ول البقاء عليها صوُر الرأف ُ )أما حكمها مع زوجها( :ل ُيت ّ
ووجب طلقها للسباب السالف ذكرها .
)وأما حكمها مع ربها( :حكمها حكم مرتكب الكبيرة ،و حكم
مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة أنه ل يخلد في النار ما
ق للعقوبة لكنه تحت مشيئة دام قد مات على التوحيد ،وأنه مستح ٌ
الله النافذة إن شاء عفا عنه وإن شاء آخذه بذنبه ،لكن مآله إلى
الجنة ما دام قد مات على التوحيد ] يدخل الجنة يوما ً من اليام
أصابه قبل ذلك اليوم ما أصابه [
كن ذَل ِ َدو َ ما ُ فُر َ غ ِوي َ ْ
ه َ ك بِ ِشَر َ فُر أن ي ُ ْ غ ِ ه ل يَ ْ لقوله تعالى ) :إن الل ّ َ
ء()النساء :من الية . (48 شا ُ ن يَ َ م ْ لِ َ
مسألة :هل المرأة إذا ارتكبت جريمة الزنا _ والعياذ بالله _ ثم
تابت إلى الله تعالى ،هل يسقط حق زوجها في الخرة؟
ب في هذه المسألة :أن حق زوجها ل يسقط في ل الخطا ِ فص ُ
الخرة بتوبتها إلى ربها تعالى لن توبتها إلى ربها تعالى تتعلق
بحق ربها تعالى حيث أنها ارتكبت كبيرة من الكبائر وهي تحت
ت « 220خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مشيئة الله النافذة إن شاء عفا عنها وإن شاء آخذها بذنبها ،لكن
مآلها إلى الجنة ما دامت قد ماتت على التوحيد
] تدخل الجنة يوما ً من اليام أصابها قبل ذلك اليوم ما أصابها [
ن في شرفه فل يسقط أبدا لنها أما حق زوجها المكلوم المطعو ُ
حرمته ،واستخفت بحقه ،وأسقطت هيبتة من عينها حين انتهكت ُ
كنت غيَره من نفسها ،وطعنته في أعز ما يملكه النسان وهو م ّ َ
جْرمها ،وصارت عارا ً شرفه وعرضه * وصي َْرْته ذليل ً بين الناس ب ُ
حشها ،وألصقت به ذُل ً ل يزال محفورا ً في ذاكرته حتى ف ْعليه ب ُ
ئ مادام حيا * صّيرت يموت ،وألهبت في صدره لهيبا ً ل ينطف ُ
س صامت ،و ق الرأ ِ ر ِ مطْ ِ ق عليه ُ مشف ٍ منزلَته بين الناس ما بين ُ
ر فيهث حقي ٍ ضه متهافت ،وثال ٍ عْر ِ ض في ِ ز عليه للخو ِ متغام ٍ
عي لها المروءةَ لنه عن إخبار زوجها ع لئيم ي َدّ ِمت ،وراب ٍ متشا ِ
مقاِبل ،لنه لسكوته عن بفعلها ساكت ،ثم تراه يطلب منها ال ُ
ر إلى دمار ، ل من دما ٍ إخبار زوجها بفعلها قابل ،فصارت تنتق ُ
ر إلى شنار * وصار زوجها أشقى ي إلى عار ومن عا ٍ خز ٍ ومن ِ
سْر شوك َُته إل بها ،كسر الله ظهرها ، جرمها لنه لم ت ُك ْ َ الناس ب ِ ُ
ست َْرها ،وأخرجها من مر أعضاءها ،وهتك ِ وأعمى بصرها ،ود ّ
الدنيا كّلها ،
]*[ قال ابن القيم رحمه الله تعالى :ول يسقط حق الغير بالتوبة
من الفاحشة ،فإن التوبة وإن أسقطت حق الله ،فحق العبد باق ،
فإن ظلم الزوج بإفساد حليلته ،والجناية على فراشه أعظم من
ظلم أخذ ماله ،بل ل يعدل عنده إل سفك دمه!.
ة
سة لقد أورطت نفسها في ورط ٍ ع َقّية الت َ ِ ل أن هذه الش ِ فالحاص ُ
ل مخرج لها منها أبدا في الدنيا والخرة على التفصيل التي :
]*[ فأما في الدنيا :فإن زوجها متى تبين من جنايتها وخيانتها
س القتران مه من دَن َ ِ هر اس َ تقّرب إلى الله تعالى بطلقها ،وط ّ
ر َ
ط ب عليها الدعاء صّبا حتى ين َ
ف ِ فعلها ،وص ّ بها ،وتبرأ إلى ربه من ِ
ة في حقه . ع جناي ٍ ً
دها ،جزاءا لرتكابها لشن ِ عق ُِ
وهي كذلك لبد أن ترى عقوبة خيانتها لزوجها في الدنيا قبل
الخرة إيمانا ً وتصديقا ً بقول النبي rفي الحديث التي :
)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي rقال :بابان معجلن
عقوبتهما في الدنيا :البغي و العقوق .
الشاهد :
قوله ) rبابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت
فاعليها
م أفحش من ) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ
خيانة الزوجة لزوجها .
ت « 221خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ وفي الخرة :يأخذ من حسناتها بقدر مظلمتها له ،فعند الله
حهجْر ِ
صل ُ
ص من الظالم ِ للمظلوم ،فيقت ُ قت َ ُخصوم وي ُ ْ ع ال ُ
تجتم ُ
ق كرامته المهضوم من فعلها المشئوم ،وليس هناك المكلوم وح ِ
ة لزوجها وهنا نذكر الحديث التي : ة الزوج ِ ة خيان ِ أبشع من مظلم ِ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
عْرضه أو شيء فليتحلله rقال ) :من كانت له مظلمة لخيه من ِ
منه اليوم قبل أن ل يكون دينارا ً ول درهما ،إن كان له حسنات
خذَ من سيئاته ر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أ ُ ِ خذَ منه بقد ِ أُ ِ
ملت عليه (. ح ِ
ف ُ َ
تنبيه : هذه الفاحشة ل يصبر عليها ول يقرها في أهله إل
الديوث الذي يقر الخنا في أهله ،فهذان اثنان من الصحابة هلل
وعويمر ،كل منها صبر على فراق زوجته وادعى أنها زانية
ولعنها ولم يقرها أن تبقى معه وهو يعلم أنها قد فجرت ،ولو
مرة واحدة ،وذلك دليل على حماستهم وغيرتهم على نسائهم ،ل
يرضى أحدهم أن يشاركه في امرأته شخص أجنبي يفسد عليه
فراشه ،ول يرضى أن امرأته تخونه فتدخل في بيته من ل يرضاه،
وتجلس على فراشه غيره ،وتمكن من نفسها غير زوجها ،فإن
ذلك حرام ،وفعلها يعتبر خيانة لزوجها ،وإقرار الزوج على ذلك
يعتبر دياثة وإقرارا ً للثم والحرام ،ولم يكن الصحابة يقرون شيئا ً
من ذلك .وهكذا أيضا ً كل غيور ،وكل من عنده حماسة وغيرة على
محارمه ل يقر الخنا في أهله .
وعلى هذا إذا تحقق الزوج أن الزوجة قد خانته في فراشه إن
عليه أن يفارقها وأل يكشف سترها ،ولكن يخبرها فيما بينه
وبينها حتى يكون ذلك عذرا ً له عندها ،فيخبرها بأنه قد اطلع على
كذا وكذا .
ت « 222خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
النساب ،وينتهي إلى خراب البيوت وهو من أكثر العوامل التي
تدفع إلى الجريمة ،فكم من جنين ُأجهض لنه كان ثمرةً للزنى !
سمعتها ! وكم من قتلت دفاعا ً عن شرف العائلة و ُ وكم من بنت ُ
ه أو عشيقها أو قتلهما معا ً ،وكم من زوجة قتلت ل زوجت َ ُ زوج َ
قت َ َ
زوجها وعشيقته أو قتلتهما معا ً انتقاما ً للخيانة الزوجية .
]*[ وقد تحدث المام ابن القيم عن مفاسد الزنا فقال رحمه الله
تعالى :
وَرع ،
والزنا يجمع خلل الشّر كلها ،من قلة الدين وذهاب ال َ
غيرة ،فل تجد زانيا ً معه ورع ول وفاء ول وفساد المروءة وقلة ال َ
غي َْرة تامة على صدق في حديث ول محافظة على صديق ول َ
ب بإفساد حرمة عياله ،ومنها سواد أهله ! ومن موجباته غضب الر ّ
الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت ،ومنها ظلمة القلب
وطمس نوره ..ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ،ويسقط من عين
ربه ومن أعين عباده ،ومنها أن يسلبه أحسن السماء ويعطيه
د
ملون بض ّ أضدادها ،ومنها ضيق الصدر وحرجه ،فإن الزناة يعا َ
ن من طلب لذة العيش وطيبه بما حّرمه الله عليه قصدهم ،فإ ّ
عاقبه بنقيض قصده ،فإن ما عند الله ل ُينال إل بطاعته ،ولم
ط.يجعل الله معصيته سببا ً إلى خير ق ّ
]*[ والزنا يجمع خلل الشر كلها منها ما يلي :
) (1الزنا يجمع خلل الشر كلها من :قلة الدين ،وذهاب الورع ،
وفساد المروءة ،وقلة الغيرة ،ووأد الفضيلة
) (2يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة
) (3سواد الوجه وظلمته ،وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو
للناظرين
) (4ظلمة القلب ،وطمس نوره
) (5الفقر اللزم لمرتكبيه ،وفي أثر يقول الله تعالى )) :أما
مهلك الطغاة ،ومفقر الزناة(
) (6أنه يذهب حرمة فاعله ،ويسقطه من عين ربه وأعين عباده ،
ويسلب صاحبه اسم البر ،والعفيف ،والعدل ،ويعطيه اسم الفاجر
،والفاسق ،والزاني ،والخائن
) (7الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني ،وهي نظير
الوحشة التي تعلو وجهه؛ فالعفيف على وجهه حلوة ،وفي قلبه
أنس ،ومن جالسه استأنس به ،والزاني بالعكس من ذلك تماما ً
) (8أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة ،ول يأمنه
أحد على حرمته وأولده
) (9ومن أضراره الرائحة التي تفوح من الزاني ،يشمها كل ذي
قلب سليم ،تفوح من فيه ،ومن جسده
ت « 223خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (10ضيقة الصدر وحرجه ؛ فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم ؛
فإن من طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله عاقبه الله بنقيض
قصده ؛ فإن ما عند الله ل ينال إل بطاعته ،ولم يجعل الله
معصيته سببا ً إلى خير قط
) (11الزاني يعرض نفسه لفوات الستمتاع بالحور العين في
المساكن الطيبة في جنات عدن
) (12الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين ،وكسب
الحرام ،وظلم الخلق ،وإضاعة الهل والعيال وربما قاد إلى
سفك الدم الحرام ،وربما استعان عليه بالسحر والشرك وهو
يدري أو ل يدري ؛ فهذه المعصية ل تتم إل بأنواع من المعاصي
قبلها ومعها ،ويتولد عنها أنواع أخرى من المعاصي بعدها ؛ فهي
محفوفة بجند من المعاصي قبلها وجند من المعاصي بعدها ،وهي
أجلب شيء لشر الدنيا والخرة ،وأمنع شيء لخير الدنيا والخرة
) (13الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عارا ً ل يقف عندها ،بل
يتعداها إلى أسرتها ؛ حيث تدخل العار على أهلها ،وزوجها ،
وأقاربها ،وتنكس به رؤوسهم بين الخلئق
) (14أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعلق من العار الذي
ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى ؛ إل إن التوبة من الكفر على
صدق القاذف تذهب رجسه شرعا ً ،وتغسل عاره عادة ،ول تبقي
له في قلوب الناس حطة تنزل به عن رتبة أمثاله ممن ولدوا في
السلم ،بخلف الزنا ؛ فإن التوبة من ارتكاب فاحشته ـ وإن
طهرت صاحبها تطهيرا ً ،ورفعت عنه المؤاخذة بها في الخرة ـ
يبقى لها أثر في النفوس ،ينقص بقدره عن منزلة أمثاله ممن
ثبت لهم العفاف من أول نشأتهم
وانظر إلى المرأة ينسب إليها الزنا كيف يتجنب الزواج نكاحها
وإن ظهرت توبتها ؛ مراعاة للوصمة التي ُألصقت بعرضها سالفا ً ،
ويرغبون أن ينكحوا المشركة إذا أسلمت رغبتهم في نكاح الناشئة
في السلم 0
) (15إذا حملت المرأة من الزنا ،فقتلت ولدها جمعت بين الزنا
والقتل ،وإذا حملته على الزوج أدخلت على أهلها وأهله أجنبيا ً
ليس منهم ،فورثهم ورآهم وخل بهم ،وانتسب إليهم وهو ليس
منهم إلى غير ذلك من مفاسد زناها
) (16أن الزنا جناية على الولد ؛ فإن الزاني يبذر نطفته على وجه
يجعل النسمة المخلقة منها مقطوعة عن النسب إلى الباء ،
والنسب معدود من الروابط الداعية إلى التعاون والتعاضد؛ فكان
الزنا سببا ً لوجود الولد عاريا ً من العواطف التي تربطه بأدنى
قربى يأخذون بساعده إذا زلت به فعله ،ويتقوى به اعتصابهم عند
ت « 224خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الحاجة إليه ،،كذلك فيه جناية عليه ،وتعريض به ؛ لنه يعيش
وضيعا ً في المة ،مدحورا ً من كل جانب ؛ فإن الناس يستخفون
بولد الزنا ،وتنكره طبائعهم ،ول يرون له من الهيئة الجتماعية
اعتبارا ً ؛ فما ذنب هذا المسكين ؟ وأي قلب يحتمل أن يتسبب في
هذا المصير؟!
) (17زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد
والتلف
) (18الزنا يهيج العداوات ،ويزكي نار النتقام بين أهل المرأة
وبين الزاني ،ذلك أن الغيرة التي طبع عليها النسان على
محارمه تمل صدره عند مزاحمته على موطوءته ،فيكون ذلك
مظنة لوقوع المقاتلت وانتشار المحاربات ؛ لما يجلبه هتك
الحرمة للزوج وذوي القرابة من العار والفضيحة الكبرى ،ولو بلغ
الرجل أن امرأته أو إحدى محارمه قتلت كان أسهل عليه من أن
يبلغه أنها زنت ،وكان لسان حاله يقول :ليتها ماتت قبل ذلك
ل هالك . قبل أن تورد نفسها المهالك وتكون مطمعا ً لك ِ
)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال :لو رأيت
ح ،فبلغ ذلك النبي ص ّ
ف ٍ م ْ ف َ
غي َْر ُ سي ْ ِه ِبال ّ رجل ً مع امرأتي ل َ َ
ضَرب ْت ُ ُ
فقال ) :أتعجبون من غيرة سعد ،لنا أغَير منه ،والله أغَير مني (.
)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم
ح أي ل ص ّ
ف ٍ م ْ ح( :صفح السيف أي عرضه ،ومعنى َ
غي َْر ُ ص ّ
ف ٍ م ْ ) َ
غي َْر ُ
ده .أضربه بعرض السيف بل بح ّ
) (19للزنا أثر على محارم الزاني ،فشعور محارمه بتعاطيه هذه
الفاحشة يسقط جانبا ً من مهابتهن ـ كما مر ـ ويسهل عليهن بذل
أعراضهن ـ إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجا ً من تربية دينية
صادقة بخلف من ينكر الزنا ويتجنبه ،ول يرضاه لغيره ؛ فإن هذه
السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه ،وتساعده على أن يكون
بيته طاهرا ً عفيفا ً .
) (20للزنا أضرار جسيمة على الصحة يصعب علجها والسيطرة
عليها ،بل ربما أودت بحياة الزاني ،كاليدز ،والهربس ،والزهري
،والسيلن ،ونحوها
) (21الزنا سبب لدمار المة ؛ فقد جرت سنة الله في خلقه أنه
عند ظهور الزنا يغضب الله ـ عز وجل ـ ويشتد غضبه ،فل بد أن
يؤثر غضبه في الرض عقوبة
]*[ قال ابن مسعود )) :ما ظهر الربا والزنا في قرية إل أذن الله
بإهلكها (
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجة( أن
النبي rقال :يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ
ت « 225خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
بالله أن تدركوهن ،لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا
بها إل فشا فيهم الطاعون والوجاع التي لم تكن مضت في
أسلفهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إل أخذوا
بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة
أموالهم إل منعوا القطر من السماء ولول البهائم لم يمطروا ولم
ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إل سلط الله عليهم عدوا من
غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله
ويتخيروا مما أنزل الله إل جعل الله بأسهم بينهم .
و فاحشة مهلكة وجريمة موبقة وفساد ل تقف جرائمه ه َو ُ)َ (22
و ضلل في الدين ه َ و ُ
عن ْدَ حد ول تنتهي آثاره ونتائجه إلى غاية َ َ
ت والعراض واستهتار َ
ما َ خلق وانتهاك للحر َ وفساد في ال ْ
بالشرف والمروءة ،وداعية للبغضاء والعداوة .
) (23عاره يهدم البيوت الرفيعة ويطأطئ الرؤس العالية ويسود
ضا ويخرس الوجوه البيض ويصبغ بأسود من القار أنصع العمائم بيا ً
اللسنة البليغة ويبدل أشجع الّناس من شجاعتهم جبًنا ل يدانيه
ما وأعرقهم عّزا قا وأسماهم مقا ً جبن ويهوي بأطول الّناس أعنا ً
ر.س لها من قرا ٍ إلى هاوية من الذل والزدراء والحقارة ل َي ْ َ
و أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما تسع ونباهة الذكر ه َ
و ُ
َ
مهما بعدت وإلباس ثوب من الخمول ينبو بالعيون عن أن تلفت
و أي الزنا لطخة سوداء ه َ
و ُ
ن في بيوتهم لفتة احترام ٍ َ إلى من َ
كا َ
ل صحائفه البيض وتركت العيون ل إذا لحقت تاريخ أسرة غمرت ك ُ ّ
كا .دا حال ً
ت ََرى منها ِإل سوا ً
ن في قوم ل يقتصر على كا َ ذي إن َ و الذنب الظلوم ال ّ ِ ه َو ُ)َ (24
مه ْمن ْ ُ
شين من قارفته من نسائهم بل يمتد شينه إلى من سواها ِ
عا شيًنا يترك لهن من الثر في أعين الناظرين ما فيشينهن جمي ً
ذي يطول عمره طول ً و العار ال ّ ِ ه َ
و ُ يقضي على مستقبلهن النسوي َ
ه.عل َي ْ ِ فقاتله الله من ذنب وقاتل فا َ
]*[ ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم كل السباب المؤدية
إلى الزنا ،وجميع الدوافع الدافعة إليه
)حديث أبي موسى في صحيح النسائي( أن النبي rقال :أيما
امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي
زانية و كل عين زانية .
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير :
)أيما امرأة استعطرت ( أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما
يظهر ريحه منه ) ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها ( أي
بقصد ذلك
ت « 226خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) فهي زانية ( أي كالزانية في حصول الثم وإن تفاوت لن
فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي :شبه خروجها من
بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا
بالزنا مبالغة وتهديدا ً وتشديدا ً عليها ) وكل عين زانية ( أي كل
عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من
الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ
بشم طيب أجنبية لن الّله إذا حرم شيئا ً زجرت الشريعة عما
يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان
ابن عمر رضي الّله عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه
حتى يبرد .
وحذر نبي المة والرحمة من الدخول على النساء أو الختلط
لن ذلك مما قد يدفع ضعاف النفوس إلى ممارسة هذه الفاحشة
العظيمة المشينة المحرمة
)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي rقال :إياكم و
الدخول على النساء قالوا :يا رسول الّله أرأيت الحمو قال :
الحمو الموت أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في
الستقباح والمفسدة فهو
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه
المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء
،وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر
العلة والقصد به غير ذوات المحارم ،ذكر الغزالي أن راهبا ً من
بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما
زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها
فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها
ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه
وحصروه فقال له الشيطان :اسجد لي تنج فسجد له ،فانظر
إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية
وجعلها عنده
ّ
)قالوا :يا رسول الله أرأيت الحمو قال :الحمو الموت(
والحمو أخو الزوج وقريبه ،الحمو الموت :أي دخوله على زوجة
أخيه يشبه الموت في
الستقباح والمفسدة فهو محرم
شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه الموت لتسامح الناس
في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من المرأة وخرج هذا مخرج قولهم
السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه وكذا دخول الحمو عليها يفضي
إلى موت الدين أو إلى موتها بطلقها عند غيرة الزوج أو برجمها
ت « 227خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر إلى
التهم كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة لن موقع امتناع
الرجل من النظر بشهوة لمرأة أبيه ليس كموقعه منه لمه هذا قد
استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس الشهوانية.
تنبيه:فإذا كان هذا مع أخ الزوج ،فما بالنا بمن يتركون
الرجال الجانب يدخلون على نساءهم ومحارمهم دون أن يحرك
ذلك ساكنا ً فيهم من شعور بالغيرة على أعراضهم ومحارمهم ،
مدعين بذلك العفة لدى الجنسين ،وأقول :والله إنه ضعف في
الدين ،وقلة حيلة لدى أولئك المساكين .
ولهذا قال تعالى محذرا ً من الدخول على النساء ) :وإذا
سألتموهن متاعا ً فسألوهن من وراء حجاب ( ثم ذكر المولى جل
وعل الحكمة البالغة من ذلك فقال ) :ذلكم أطهر لقلوبكم
وقلوبهن ( ] الحزاب ، [ 53وحّرم السلم على المرأة أن تخرج
أمام الرجال الجانب وهي متخذة زينتها لما في ذلك من جنوح
إلى الذنب والمعصية ،وإقبال على الفاحشة والرذيلة ،واستمالة
ضعاف النفوس واليمان والتقوى للنجراف في بحر الفاحشة ،
والوقوع في براثن الزانيات العاهرات الداعيات إلى البعد عن عالم
الخفيات فاطر الرض والسموات ،
َ َ َ
ء
و آَبآ ِ نأ ْ ه ّ و آَبآ َئ ِ ِ نأ ْ ه ّ عولت ِ ِ ن إ ِل ّ ل ِب ُ ُ ه ّ زين َت َ ُ ن َِ دي َ ول َ ي ُب ْ ِ قال تعالىَ ) :
ن َ عول َت ِ َ و أ َب َْنآئ ِ َ عول َت ِ
ه ّ وان ِ ِ خ َ ي إِ ْ و ب َن ِ َ نأ ْ ه ِّ وان ِ خ َ و إِ ْ نأ ْ ه ّ ِ ء بُ ُ و أب َْنآ ِ نأ ْ ه ّ ِ نأ ْ ه ّ ِ بُ ُ
َ َ َ َ َ َ
ر
غي ْ ِن َ عي َ و الّتاب ِ ِ نأ ِ ه ّ مان ُ ُ ت أي ْ َ مل َك َ ْ ما َ و َ نأ ْ ه ّ سآئ ِ َ ِ و نِ َ نأ ْ ه ّ وات ِ ِ خ َ و ب َِني أ َ أ ْ
ُ
ت وَرا ِ ع ْ ى َ عل َ َ هُروا ْ َ م ي َظْ َ ن لَ ْ ذي َ ل ال ّ ِ ف ِ و الطّ ْ لأ ِ جا ِ
َ
ن الّر َ م َ ة ِ وِلي ال ِْرب َ ِ أ ْ
وا ْ إ َِلى وُتوب ُ َ ن َ ه ّ زين َت ِ ِ من ِ ن ِ في َ خ ِ ما ي ُ ْ م َ عل َ َ ن ل ِي ُ ْ ه ّ جل ِ ِن ب ِأْر ُ رب ْ َ ض ِ ول َ ي َ ْ ء َ سآ ِ الن ّ َ
َ
ن( ]سورة :النور -الية: حو َ فل ِ ُ م تُ ْ عل ّك ُ ْ ن لَ َ مُنو َ ؤ ِ م ْ ها ال ْ ُ ميعا ً أي ّ َ ج ِ ه َ الل ّ ِ
[31
ثم أمر المولى جلت قدرته عباده الذين ل يستطيعون النكاح ول
يجدون له طريقا ً ومسلكا ً ،أمرهم بالعفة إلى أن يكتب الله لهم
ذلك ،
م الل ّ ُ
ه ه ُغن ِي َ ُ ى يُ ْ حت ّ َ كاحا ً َ ن نِ َ دو َ ج ُ ن ل َ يَ ِ ذي َ ف ال ّ ِ ف ِ ع ِ ست َ ْ ول ْي َ ْ قال تعالىَ ) :
ه( ]سورة :النور -الية[33 : ضل ِ ِ ف ْ من َ ِ
وحذر الله تعالى عباده من كل ما من شأنه أن يكون ذريعة إلى
فعل فاحشة الزنا ،من الستر وعدم الختلط بين الرجال
والنساء ،وعدم التكسر في كلم النساء مع الرجال ،وعدم خروج
المرأة من بيتها بغير محرم لن ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة ،
فيه فساد هذه المة ،وجاء الخطاب صريحا ً لمهات المؤمنين ،
وقصد به نساء المة أجمعين ،
ت « 228خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
فل َ ن َ قي ْت ُ ّ ن ات ّ َ ء إِ ِ سآ ِ ن الن ّ َ م َ د ّ ح ٍن ك َأ َ ست ُ ّ ي لَ ْ سآءَ الن ّب ِ ّ قال تعالى) :ي َن ِ َ
عُروفا ً * م ْ ول ً ّ ق ْ ن َ قل ْ َ و ُ ض َ مَر ٌ ه َ قل ْب ِ ِ في َ ذي ِ ع ال ّ ِ م َ في َطْ َ ل َ و ِ ق ْن ِبال ْ َ ع َ ض ْخ َ تَ ْ
َ
صل َةَ ن ال ّ م َق ْ وأ ِ ى َ لول َ َ ةا ُ هل ِي ّ ِ جا ِ ج ال ْ َ ن ت َب َّر َ ج َ ول َ ت َب َّر ْ ن َ في ب ُُيوت ِك ُ ّ
َ
ن ِ قْر َ و َ َ
م عن ُ
كـ ُ ب َ ه َ ه ل ِي ُذْ ِ ّ
ريدُ الل ُ ما ي ُ ِ ه إ ِن ّ َ َ
سول ُ وَر ُ ه َ ّ
ن الل َ ع َوأ ط ِ ْ كـاةَ َ ن الّز َ وآِتي َ َ
هيــرا( ]الحزاب [32/33 ً ْ ُ َ ْ ه َ َ
م ت َط ِ هَرك ْ وي ُط ّ ت َ ل الب َي ْ ِ سأ ْ ج َ الّر ْ
]*[والزنا من أكبر الكبائر بعد الكفر والشرك بالله وقتل النفس
التي حرم الله إل بالحق وهو محرم بكتاب الله وسنة نبيه صلى
الله عليه وسلم وإجماع المة الذي نقله كثير من أهل العلم ،
ل(سِبي ً سآءَ َ و َ ة َ ش ً ح َ فا ِ ن َ كا َ ه َ ى إ ِن ّ ُ قَرُبوا ْ الّزن َ َ ول َ ت َ ْ قال تعالىَ ) :
] السراء [32 /
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ول يسرق
السارق حين يسرق وهو مؤمن ول يشرب الخمر حين يشربها وهو
مؤمن ول ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم
حين ينتهبها وهو مؤمن .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و
نكا َ ف َ ن َ ما ُ ها ْ
لي َ من ْ ُ ج ِ خَر َ عب ْدُ َ ذا َزَنى ال َ الترمذي ( أن النبي rقال » :إ ِ َ
ْ
ه اليمان«. عادَ إ ِل َي ْ ِ ل َ م ِ ع َ ك ال ْ َ ن ذَل ِ َ م ْ ج ِ خَر َ ذا َ فإ ِ َةَ ، كالظّل ّ ِ ه َ س ِ وقَ َرأ ِ ف ْ َ
فجاء التحريم مواكبا ً لما تقتضيه الطبيعة البشرية ،ولما يسببه
الزنا من أضرار وأمراض بالغة ،سواءً العضوية أو النفسية أو
الجتماعية ،فالزنا يسبب أمراضا ً خطيرة وفتاكة بالجسم ،ويؤدي
إلى اضطراب المجتمعات ،وتفكك السر ،ول أدل على ذلك من
التفكك والضياع الذي تعيشه معظم السر الغربية وانحلل الحياء
بسبب اقتراف فاحشة الزنا ،فمجتمع ل هم له إل إشباع شهواته
الغريزية ،ولذاته الجنسية ،ذاك مجتمع فاشل هابط ساقط ،ول
يأمن بعضه بعضا ً لستفحال هذه الفاحشة فيهم .فهم معرضون
لشديد عقاب الله وأليم عذابه .
فعند إقدام الزاني على الزنا وعند قيامه به في هذه الحالة قد
ارتفع اليمان فوق رأسه فهو بل إيمان ،ففي هذه الحالة انتفى
اليمان من قلبه وجوارحه حتى يترك هذه المعصية ـ عياذا بالله
من ذلك ـ فكيف إذا جاء ملك الموت لتنفيذ أمر الله وقبض
الرواح ،والزناة والزواني في هذه الحالة التي تغضب جبار
السموات والرض ،كيف سيكون المصير ؟ كيف وقد خرج اليمان
وجاء الموت ؟ على أي حال كان هذا الزاني وهذه الزانية ؟ إنهما
كانا على حال ُتغضب الله العزيز الجبار شديد العقاب ،فالله يمهل
للظالم ول يهمله ،وإذا أخذه لم ُيفلته ،بل يأخذه أخذ عزيز مقتدر
ت « 229خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
rقــال :إن اللــه )حديث أبي موســى فــي الصــحيحين( أن النــبي
تعالى َليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته .
) إن الّله تعــالى َليملــي ( بفتــح اللم الولــى أي ليمهــل والملء
المهال والتأخير وإطالة العمر ) للظالم ( زيادة فــي اســتدراجه
ليطــول عمــره ويكــثر ظلمــه فيــزداد عقــابه } إنمــا نملــي لهــم
ليزدادوا إثما ً { فإمهاله عين عقابه
) حتى إذا أخذه ( أي أنزل به نقمته ) لم ُيفلته ( أي لم يفلــت
منه .
فهل هناك أقبح من أن يأتي رجل امرأة ل تحل له ؟ وهل هناك
أفظع من أن يضع رجل نطفته في فرج حرام ل يحل له ؟ فكيف
إذا داهم ملك الموت هؤلء الزناة ؟ كيف سيكون الخلص ؟ وأين
المهرب والملتجأ ؟ وأين الناصرون ؟ وأين المنقذون ؟ وأين
المرون بالزنا ؟ وأين شيطانهم الذي دفعهم لرتكاب تلك
الفاحشة الشنيعة ؟ إن الشيطان الذي زين لهم القيام بالزنا
وهون أمره في قلوبهم سيتخلى عنهم في ذلك الموقف العصيب
الرهيب ،ومن ينفع إذا جاء الموت ،وغرغرت الروح وبلغت
الحلقوم ،والله لن ينفع العاصي في تلك اللحظة أحد من الخلق
أجمعين ـ فنسأل الله أن يحسن خاتمتنا ـ
ماذا سيقول الزناة لهادم اللذات ؟ ومفرق الجماعات ؟ ماذا
سيقولون لملك الموت ؟ أيقولون أمهلنا حتى نتوب إلى الله ،أم
يقولون انظرنا حتى نعاهد الله أل نعود لمثل ذلك ؟ يقول الله جل
شأنه في أمثال أولئك :
َ
ي عل ّ َن * قال تعالى) :ل َ َ عو ِ ج ُب اْر ِ ل َر ّ قا َ ت َ و ُ م ْ م ال ْ َ ه ُ حدَ ُ جآءَ أ َ ذا َ ى إِ َ حت ّ َ ) َ
م ب َْرَز ٌ
خ ه ْوَرآئ ِ ِمن َ و ِها َ ُ
قآئ ِل َ و َ ه َ ة ُ م ٌ ها ك َل ِ َ ت ك َل ّ إ ِن ّ َ ما ت ََرك ْ ُ في َ ً
صاِلحا ِ ل َ م ُ ع َ أَ ْ
ن( عُثو َ وم ِ ي ُب ْ َ ى يَ ْ إ ِل َ َ
] المؤمنون [100،99
أتدري ما البرزخ ؟ إنه حياة القبر وما أعده الله للزناة والزواني
فيه من ألوان العذاب التي ل يعلمها إل هو سبحانه ،
ذاى إِ َحت ّ َ ة َ فظ َ ً ح َكم َ عل َي ْ ُ ل َ س ُ وي ُْر ِ ه َ عَباِد ِ وق َ ِ ف ْ هُر َ قا ِ و ال ْ َ ه َ و ُ قال تعالىَ ) :
َ
ى الل ّ ِ
ه وا ْ إ ِل َ َ
م ُردّ َ ن * ثُ ّ طو َ فّر ُ م ل َ يُ َ ه ْ و ُ سل َُنا َ ه ُر ُ فت ْ ُو ّ ت تَ َ و ُ م ْ م ال ْ َ حدَك ُ ُ جآءَ أ َ َ
ْ َ ْ َ َ ْ
ن( ] النعام [ 61/62 سِبي َ حا ِ ع ال َ سَر ُ وأ ْ ه َ و ُ م َ حك ْ ُ ه ال ُ ق أل َ ل ُ ح ّ م ال َ ه ُ ول َ ُ م ْ َ
،
ن(ضآّلي َ وما ً َ ق ْوك ُّنا َ وت َُنا َ ق َ ش ْعل َي َْنا ِ ت َ غل َب َ ْقاُلوا ْ َرب َّنا َ قال تعالىَ ) :
فإ ِّنا عدَْنا َ ن ُ فإ ِ ْها َ من ْ َ جَنا ِ ر ْ خ ِ ]سورة :المؤمنون -اليةَ *[106 :رب َّنآ أ َ ْ
ن( ) المؤمنون مو ِ ول َ ت ُك َل ّ ُ ها َ في َ سُئوا ْ ِ خ َ لا ْ قا َ ن* َ مو َ ظال ِ ُ َ
. ( 106/107/108
ت « 230خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إن هناك من العذاب مال تطيقة الجبال الراسيات ،فضل ً عن أن
يطيقه إنسان اكتسى لحما ً وعظما ً ،
أما كان لهؤلء أن يصبروا على طاعة الله ،ويصبروا عن معاص
الله ،ويعلموا أن من ترك شيئا ً لله عوضه الله خيرا ً منه ،وقد
أمروا بترك الزنا والبتعاد عنه وأوجد لهم نبيهم عليه الصلة
والسلم طريقا ً ومسلكا ً يتبعه من ل يستطيع الباءة والقدرة على
الزواج من البنين والبنات ،فبين نبي الرحمة والهدى معالم الدين
الحنيف لكافة المة ،كيف ل ؟ وقد قال الله عن نبيه صلى الله
عل َي ْ ِ
ه زيٌز َ ع ِم َ سك ُ ْ ف ِ ن َأن ُ م ْ ل ّ سو ٌ م َر ُ جآءَك ُ ْ قدْ َ عليه وسلم قال تعالى) :ل َ َ
م( ]سورة :التوبة - حي ٌ ف ّر ِ ءو ٌ ن َر ُ مِني َ م ْ
ؤ ِ م ِبال ْ ُ عل َي ْك ُ ْص َ ري ٌ ح ِ م َ عن ِت ّ ْ
ما َ َ
الية[128 :
،فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم يبين الطريق المثل لمن لم
يستطع الزواج والقدرة عليه في الحديث التي :
) حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال :كنا مع النبي r
شبابا ل نجدُ شيئا ً فقال لنا رسول الله ) : rيا معشر الشباب ،من
ن للفرج ،ومن لم ض للبصر وأحص ُ استطاع الباءة فليتزوج ،فإنه أغ ُ
يستطع فعليه بالصوم ،فإنه له وجاء(
ثم ماذا بعد الموت ؟ أين مصير الزناة والزواني ؟
ن( ]سورة: عُثو َ وم ِ ي ُب ْ َ ى يَ ْ خ إ ِل َ َ م ب َْرَز ٌ ه ْ وَرآئ ِ ِ من َ و ِ قال تعالىَ ) :
المؤمنون -الية[100 :
البرزخ كما قلنا هو حياة القبر ،فماذا سيكون مصيرهم هناك ،إنه
تنور ) فرن ( أسفله واسع وأعله ضيق يوضع فيه الزناة والزواني
ويأتيهم العذاب والنار من تحتهم وهم يصرخون ويصيحون ،فمن
ينصرهم في ذلك الموقف العسير ؟ فل إله إل الله ،ول حول ول
جْرَنا من خزي الدنيا وعذاب الخرة قوة إل بالله .اللهم أ ِ
ثم كيف بالزناة والزواني يخشون الناس وليخشون الله ،
ويستحيون من الناس وليستحيون من الله ،ويستخفون من
الناس وليستخفون من الله .فتراهم يهربون إلى أماكن بعيدة
حتى ل يراهم أحد من الناس ،ونسوا بل تناسوا أن الله يراهم
وينظر إليهم في تلك اللحظات المشينة ،
و
ه َو ُ ه َ ّ
ن الل ِ م َ ن ِ فو َ خ ُ ست َ ْ ول َ ي َ ْ س َ خ ُ
ن الّنا ِ م َ ن ِ فو َ ست َ ْقال تعالى) :ي َ ْ
مُلو َ
ن ع َ ما ي َ ْ ه بِ َن الل ّ ُ كا َ و َ ل َ و ِ ق ْ ن ال ْ َ م َ ى ِ ض َ ما ل َ ي َْر َ ن َ م إ ِذْ ي ُب َي ُّتو َ ه ْع ُم َ َ
حيطا( ]سورة :النساء -الية[108 : ً م ِ ُ
ن( م ُ وهُ ِإن ُ خ َ َ َ ّ م َ خ َ َ
مِني َ ؤ ِ م ّ كنت ُ ْ ش ْ ق أن ت َ ْ ح ّ هأ َ فالل ُ ه ْ ون َ ُ
ش ْ قال تعالى ) :أت َ ْ
]سورة :التوبة -الية[13 :ولكنه اتباع الهوى والشهوات ،والبعد
عن خالق الرض والسموات ،
ت « 231خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
عوا ْ وات ّب َ ُ صل َةَ َ عوا ْ ال ّ ضا ُ ف أَ َ خل ْ ٌ م َ ه ْ د ِ ع ِ من ب َ ْ ف ِ خل َ َ ف َ قال تعالىَ ) :
غي ًّا( ] مريم [59 / ن َ قو َ ف ي َل ْ ُ و َ س ْف َ ت َ وا ِ ه َش َ ال ّ
مسألة :ما هو الغي في قوله تعالى ) :فسوف يلقون غيا ً ( ؟
الغي في قوله تعالى ) :فسوف يلقون غيا ً ( :هو واٍد في جهنم
بعيد قعره ،فيه من ألوان العذاب مال عين رأت ول أذن سمعت
ول خطر على قلب بشر ،نسي أولئك أنهم سيعودون إلى الله
سبحانه وتعالى فيجازيهم بأعمالهم ،
َ َ قال تعالى) :أ َ َ
ن(عو َ ج ُ م إ ِل َي َْنا ل َ ت ُْر َ وأن ّك ُ ْ عَبثا ً َ م َ قَناك ُ ْ خل َ ْما َ م أن ّ َ سب ْت ُ ْ ح ِ ف َ
] المؤمنون [115 /
هم بما عملوا ،فإن نسوا هم فإن قّرْر ُ هم وي ُ َ وأنه سبحانه سي ُذَك ّْر ُ
الله ل ينسى
ول َ ل َرّبي َ ض ّ ب ل ّ يَ ِ في ك َِتا ٍ عندَ َرّبي ِ ها ِ م َعل ْ ُ ل ِ قا َ قال تعالىَ ) :
سى( ]سورة :طه -الية ، [52 :نسوا أن الله سيسجل عليهم َين َ
ع ال ْك َِتا ُ
ب ض َ و ِ و ُ ذلك ويجدونه في صحائف أعمالهم ،قال تعالىَ ) :
ذاهـ َ ما ل ِ َ وي ْل َت ََنا َ ن يَ َ قوُلو َ وي َ ُ ه َ في ِ ما ِ م ّ ن ِ قي َ ف ِ ش ِ م ْ ن ُ مي َ ر ِج ِ م ْ فت ََرى ال ْ ُ َ
مُلوا ْ َ
ع ِ ما َ دوا ْ َ ج ُ و َ و َ ها َ صا َ ح َ ول َ ك َِبيَرةً إ ِل ّ أ ْ غيَرةً َ ص ِ غاِدُر َ ب ل َ يُ َ ال ْك َِتا ِ
حدًا( ]سورة :الكهف -الية،[49 : حاضرا ً ول َ يظْل ِم رب َ َ
كأ َ ُ َ ّ َ َ َ ِ
َ
ه
صا ُ ح َ وا ْ أ ْ مل ُ َ ع ِ ما َ م بِ َ ه ْ في ُن َب ّئ ُ ُميعا ً َ ج ِ ه َ م الل ّ ُ ه ُ عث ُ ُ م ي َب ْ َ و َ وقال تعالى) :ي َ ْ
د( ]سورة :المجادلة -الية: هي ٌ ش ِ ء َ ي ٍ ش ْ ل َ ى كُ ّ عل َ َ ه َ والل ّ ُ سوهُ َ ون َ ُه َ الل ّ ُ
[6
واليات الدالة على البعث والحساب كثيرة وأن هؤلء العصاة
والبغاة سيعودون إلى الله ويحاسبون على أعمالهم الشنيعة التي
أغضبت المولى جل وعل ،وسيحاسبون على أفعالهم القبيحة
التي ل يرضى عنها حتى من ل يؤمن بالله ،فالطباع السليمة ل
ترضى مثل هذه الفاحشة التي توجب غضب الله وعقابه وسخطه
ومقته ،وعندما بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء على أل
يشركن بالله شيئا ً وليسرقن ول يزنين ،قالت هند بنت عتبة :أ َ
و
حرة ؟ تقول وبكل تعجب أو تزني الحرة يا رسول الله ؟!، تزني ال ُ
أي أن المرأة الحرة ل تزني أبدا ،ما كان نساء الصحابة رضوان
الله عليهن يصدقن أن الحرة تزني ،ما كن يعرفن الزنا ،لنه لم
يكن موجودا ً عند أهل اليمان والتقوى ،فصاحب الزنا يشعر بأنه
من أفسق الناس ومن أفجرهم ومن أجرم الناس على الطلق ،
جرم فهو أيضا ً ُيحس بوحشة وضيق في صدره من شناعة ال ُ
والفاحشة التي قام بها فيتمنى لو أن الرض تنشق وتبتلعه من
قبح ما فعل ،فإذا فعل فعلته التي فعل ،وانتهى من جرمه الذي ُ
ة عمله فُيحس س ِ سا َ خ َ و َ عمل ،ضاق صدره وتألم قلبه لسوء فعلته َ ،
بقذارة ما فعل من فاحشة ) الزنا ( ويتمنى لو أنه لم يفعلها فيريد
ت « 232خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
التوبة والعودة والنابة إلى الله سبحانه ،والقلع عن تلك
المعصية ،ولكن يأتيه الشيطان فيهون عليه تلك المعاصي
ن قلبه بفعل تلك الذنوب العظام ،والكبائر والثام ،وُيطمئ ِ ُ
الجسام ،والموبقات المهلكات ،فيهلكه بفعلها ويغرقه في لجج
المعاصي والثام فيقع فريسة سهلة للشيطان ،فتضيق عليه
معيشته ويصبح كثير الشكوك وافر الظنون ،لنه يخاف أن يفعل
الناس بأهله الفاحشة كما يفعلها هو بمحارم الناس ) فكما تدين
تدان ( ،
)حديث سهل بن سعد في الصحيحين ( أن النبي rقال من يضمن
لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة .
)حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن النبي r
سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال :تقوى الله وحسن
الخلق ,وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال الفم والفرج .
فصاحب الزنا يعيش بصير العين أعمى القلب ،ومن عمي قلبه
فحياته فيها من التعاسة الشيء الكثير ،فهو خائف وقلق وفزع
من هول تلك المعصية فيخاف من العقوبة في الدنيا ،أما الخرة
فقد نسيها ونسي الخالق سبحانه فالله سوف ينساه لنه ما عرف
لله حقا ً ،وما ترك لله حدا ً ،فالجزاء من جنس العمل .
م( ]سورة :التوبة -الية[67 : ه ْسي َ ُ
فن َ ِ ه َ سوا ْ الل ّ َ قال تعالى) :ن َ ُ
وَلـئ ِ َ ُ َ
ك هأ ْم ِذك َْر الل ّ ِه ْ
سا ُفأن َ ن َطا ُشي ْ َ
م ال ّ ه ُ وذَ َ َ
علي ْ ِ ح َ ست َ ْ قال تعالى) :ا ْ
َ َ شي ْ َ
ن( ]سورة: سُرو َ خا ِ م ال َ ه ُن ُ شي ْطا ِ ب ال ّ حْز َ ن ِ ن أل َ إ ِ ّ طا ِ ب ال ّحْز ُ
ِ
المجادلة -الية[19 :
تتفاوت فاحشة الزنا والعياذ بالله بحسب مفاسدها ؛ والزنا بذات
الزوج أشد من الزنا بالتي ل زوج لها ؛ لما فيه من الظلم ،
والعدوان عليه ،وإفساد فراشه ،وقد يكون هذا أشد من مجرد
الزنا أو دونه
والزنا بحليلة الجار أعظم من الزنا ببعيدة الدار ،لما يقترن بذلك
من أذى الجار ،وعدم حفظ وصية الله ورسوله
وكذلك الزنا بامرأة الغازي في سبيل الله أعظم إثما ً عند الله من
ت « 233خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الزنا بغيرها ،ولهذا يقال للغازي :خذ من حسنات الزاني ما شئت
وكذلك الزنا بذوات المحارم أعظم جرما ً ،وأشنع ،وأفظع ؛ فهو
الهلك بعينه
وكما تختلف درجات الزنا بحسب المزني بها ،فكذلك تتفاوت
درجاته بحسب الزمان والمكان ،والحوال ؛ فالزنا في رمضان ليل ً
أو نهارا ً أعظم إثما ً منه في غيره ،وكذلك في البقاع الشريفة
المفضلة هو أعظم منه فيما سواها
وأما تفاوته بحسب الفاعل :فالزنا من المحصن أقبح من البكر ،
ومن الشيخ أقبح من الشاب ،ومن العالم أقبح من الجاهل ،ومن
القادر على الستغناء أقبح من الفقير العاجز
وقد يقترن بالفاحشة من العشق الذي يوجب اشتغال القلب
بالمعشوق ،وتأليهه ،وتعظيمه ،والخضوع له ،والذل له ،وتقديم
طاعته وما يأمر به على طاعة الله ،ومعاداة من يعاديه ،وموالة
من يواليه ،ما قد يكون أعظم ضررا ً من مجرد
تنبيه :ونظرا ً للمفاسد العظيمة التي تنتج عن الزنا والعياذ بالله
ذر الشارع من مقاربة الزنا أو من الظروف والدواعي التي فقد ح ّ
ن
ه كا َ
يمكن أن تقود إليه ،فقال تعالى ) :ول َتقربوا الّزنى إ ِن ّ ُ
ة وساءَ سبيل ً (( السراء ، 32وجعل حواجز تحول دون فاحش ً
ذر منالوقوع في الفواحش ،فدعا إلى الزواج للمستطيع ،وح ّ
العقوبة الدينية والدنيوية ،وحض على العفة ،وجعل هناك عددا ً
من المراض الجنسية الخطيرة التي تصيب بصورة خاصة أولئك
الذين يرتكبون الفواحش ..
]*[ قيل أن راهبا ً ُيسمى برصيصا ً كان يعبد الله ستين سنة ،وأن
الشيطان أراد أن يغويه فما استطاع ،فعمد الشيطان إلى امرأة
قس فأجنها وكان لها أخوة فقال الشيطان :لخوتها عليكم بهذا ال ُ
،فيداويها ،فجاءوا بها إليه فداواها وكانت عنده ،فبينما هو يوما ً
عندها إذ أعجبته فأتاها فحملت ،فعمد إليها فقتلها ،فجاء إخوتها
فطلبوها ،فقال الشيطان للراهب أنا من عمل بك هذا لنك
أتعبتني ،فأطعني أنقذك منهم ،فاسجد لي سجدة ،فلما سجد
له ،قال :إني برئ منك ،إني أخاف الله ) .رواها بن جرير في
تفسيره )
]*[ وفي واقعنا وفي زماننا هذا كثيٌر من مآسي الزناة
ت « 234خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ج ل ُيرجى اعتداله والذين عو ٌ دة الذين فيهم ِ والزواني) الجبلة الن َك ِ َ
ل يهناؤون ،ول يهدأ لهم بال ،ول يقر لهم حال إذا لم يرتكبوا
الفاحشة ( ُ ،يحكى أن شابا ً سافر إلى بلد الكفر والفجور
والفسق والسفور ،من أجل الزنا وشرب الخمور ،سافر هذا
الشاب إلى تلك البلد ،وفي يوم من اليام وبينما هو في غرفته
ينتظر تلك العاهرة أن تأتيه ،إذا بها قد تأخرت عن موعدها ،
وعندما أتت ودخلت عليه غرفته ،شهق شهقة عالية وسجد لها ،
فكانت هذه السجدة هي السجدة الولى والخيرة في حياته ،لكن
لمن كانت هذه السجدة ؟ وما سببها ؟ وما نتائجها ؟
أخي الحبيب :إنه سوء الخاتمة ،أعاذنا الله من ذلك .
أين أولئك من أولئك الرجال الذين مل اليمان بالله والخوف منه
سبحانه مل قلوبهم وجوارحهم ،وأين أولئك النساء عن تلكم
اللتي منعهن تقوى الله والحياء منه ،وخوفهن من عذاب القبر
وشدة الحساب وعظمة الوقوف بين يديه الله سبحانه ،كل ذلك ،
فأين الخائفون من عذاب الله وسخطه ومقته وعقابه ،إذ كيف
ُينعم الله على هؤلء بشتى النعم ،من مأكل ومشرب وملبس ،
وغير ذلك من النعم التي ل ُتعد ول ُتحصى ،ثم يستغلون هذه
النعم في معصية الخالق المنعم تعالى وتقدس ،فبدل أن يقابلوا
هذه النعم وهذا الحسان بالشكر والعرفان لله جل وعل ،قابلوا
ذلك كله بالكفر والعصيان وارتكاب المعاصي والثام ،بدلوا نعمت
الله كفرا ً وأحلوا أنفسهم دار البوار .أهكذا يكون جزاء هذا
الحسان ،فل حول ول قوة إل بالله ،وإنا لله وإنا إليه راجعون .
مسألة :هل يجوز لعن بعض عصاة المسلمين ؟
لعن بعض عصاة المسلمين على سبيل العموم
جاءت النصوص الشرعية بلعن أصحاب بعض المعاصي على سبيل
العموم والطلق ،بذكر وصف المعصية.
ومما ورد في ذلك ما يلي:
عَلى ال ّ َ
ن{ ]هود.[18 : مي َ
ظال ِ ِ ه َة الل ّ ِ عن َ ُقول الله تعالى }:أل َ ل َ ْ
ن{]آل عَلى ال ْ َ
كاِذِبي َ ه َة الل ّ ِ
عن َ ُعل ل ّ ْ
ج َ ل َ
فن َ ْ ه ْ م ن َب ْت َ ِو قول الله تعالى }:ث ُ ّ
عمران.[61 :
ومن السنة الصحيحة ما يلي :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
)لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده(.
)حديث ابن عمر –رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال )لعن الله الواصلة والمستوصلة ،والواشمة
والمستوشمة( .
ت « 235خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم
( أن النبي rقال ) :لعن الله من ذبح لغير الله ،ولعن الله من آوى
محدثًا ،ولعن الله من لعن والديه ،ولعن الله من غير منار الرض( .
) ) (8حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
مسلم ( قال :لعن رسول الله آكل الربا وموكله وكاتبه
وشاهديه ،وقال :هم سواء .
) ) (9حديث ابن عمر –رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي
داوود ( أن النبي rقال ) :لعن الله الخمر وشاربها وساقيها،
وبائعها ومبتاعها ،وعاصرها ومعتصرها ،وحاملها والمحمولة إليه( .
فهذه النصوص ونحوها تدل على جواز لعن فاعل تلك المعاصي ل
على جهة التعيين للشخاص ،بل يلعن العاصي بوصفه ل بشخصه،
ل :لعن الله آكل الربا ،ولعن الله السارق ،أو أكلة الربا فيقال مث ً
ملعونون ،والسارقون ملعونون ،ولعنة الله على الظلمة ،وعلى
الكاذبين ونحو ذلك.
}تنبيه { :وهذا اللعن على سبيل العموم لصحاب المعاصي التي
جاءت النصوص بلعن فاعليها ل خلف في جواز
قال المام النووي في شرحه لحديث" :لعن الله السارق" " هذا
دليل لجواز لعن غير المعين من العصاة؛ لنه لعن للجنس ل
عَلى َ
ه َة الل ّ ِ لمعين ،ولعن الجنس جائز كما قال الله تعالى} :أل َ ل َ ْ
عن َ ُ
ن{
مي َ ال ّ
ظال ِ ِ
وقال شيخ السلم ابن تيمية) :واللعنة تجوز مطلقا ً لمن لعنه الله
ورسوله{
اللعن العام يدل على أن من فعل تلك المعصية فهو مستحق
للعنه ،ومعرض للعقوبة ،فيحصل من هذا الطلق الزجر والردع
عن ارتكاب تلك المعصية ،وهذه اللعنة العامة المذكورة في النص
قد تلحق بعض الشخاص فتكون سببا ً في عذابه ويكون معه إيمان
يمنعه من الخلود في النار ،كما هو مذهب أهل السنة والجماعة .
]*[ قال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" )(1/226
"الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛
فالول )لعن المعين( ممنوع ،والثاني )لعن أهل المعاصي على
سبيل العموم( جائز ،فإذا رأيت محدثا ،فل تقل لعنك الله ،بل
قل :لعنة الله على من آوى محدثا ،على سبيل العموم ،والدليل
على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من
المشركين من أهل الجاهلية بقوله ) :اللهم ! العن فلنا وفلنا
وفلنا ( نهي عن ذلك بقوله تعالى ) :ليس لك من المر شيء أو
يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ( رواه البخاري" اهـ .
ت « 236خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
التفسير الشرعي لوقوع العصاة في جريمة
الزنا الشنعاء والعياذ بالله
ت « 237خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ولو علم الله تعالى من قلبهم الصدق في النجاة من الزلل
صمهم جاهم من الزلل ،ووفقهم لصالح العمل ،وع َ لن ّ
ر
ر ومرو ِ لم من الرزايا والثام على مدى انصرام ِ العم ِ ك الع ّ المل ُ
اليام فإن الصدق منجاة وإن العبد إذا صدق مع الله تعالى صدقه
الله مصداقا ً لقول النبي rفي الحديث التي :
)حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي ( أن النبي rقال :إن
تصدق الله يصدقك .
]*[ كان الحسن البصري إذا ذكر أهل المعاصي يقول :هانوا على
الله فعصوه ،ولو عزوا عليه لعصمهم .
طلع الله تعالى على قلوبهم ووجد فيه صدق النية في فإذا ا ّ
عدم الوقوع في الفاحشة كتب الله تعالى لهم
م جنود ربك إل هو ،فل يتوهم إنسان أن النجاة ل محالة ،وما يعل ُ
م من عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة الله تعالى يعل ُ
متعال ،بل هو محال عند ربنا الكبير ال ُ ثم يتركه يقع فيها ،هذا أمٌر ُ
ن في فوق ما يخطر ببال أو يدور في الخيال ،والله ما وقع إنسا ٌ
م رُبك ل إلى الحرام والعياذ بالله ،ول يظل ُ مي ٌ الحرام إل كان عنده َ
ن النسان إذا اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته أحدا ،لك ّ
ه
م ِ فق لها بزع ِ وي ُل َ ِ
تراه يقيم العذر لنفسه و يلتمس لها الدليل َ
ه ويقول : ل الناس جميعا ً السبب في خطأ ِ م ّ
ح ِ التأويل ،ويريد أن ي ُ َ
وتي ،وأحيانا ً ق َش ْ هم السبب في َزلتي وهم الذين دفعوني إلى ِ
يلقي اللوم على القدر فيقول هو السبب في ذلك كما حصل في
وا بسارق فسأله عهد الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب حينما أت ْ
قدَُر مَلك على ذلك ؟ فقال له َ : ح َ
عمر رضي الله تعالى عنه :ما َ
الله يا أمير المؤمنين فقال له الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب
ر الله ،وهكذا تجد د ِ
ق ِرضي الله تعالى عنه :ونحن نقطع يدك ب ِ َ
ق أخطاءه عل ِ ُ النسان إذا اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته ي ُ َ
مّرة الكامنة بداخله خفي الحقيقة ال ُ ت وهمية لي ُ ْ على شماعا ٍ
لمي ٌ ن عنده َ جن ْب َْيه والتي دفعته إلى الفجور وهي أ ّ المستقرة بين َ
ن الظن بربه تعالى كما س َ إلى الحرام والعياذ بالله ،فل َي َْته أ ْ
ح َ
ت به م ْ أحسن الظن بنفسه اللئيمة الخائنة الثيمة التي أهلكته وَر َ
في مستنقع الرذائل والثام ،لكن هيهات فإن هذا ل يغير من
ف
ضي ُ ن ب َِلة ،وي ُ ِ الحقيقة شيئا ً بل هو يزيد المُر سوءا ً ويزيدُ الطي ُ
عي ْب َا ً إلى عيوبه. و َ إليه ذنبا ً إلى ذنوبه َ
ل ونساء صدقوا مع الله * وهآنذا أسوق لك أروع القصص في رجا ٍ
في العفاف فصدقهم ونجاهم من الزلل ووفقهم لصالح العمل :
ت « 238خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
عفاف
]*[ الصدق في ال َ
قصة يوسف عليه السلم
َ َ
ن ع ْ ه َ ودَت ْ ُ ن َرا َ حي ْ َ سلم ِ َ ه ال ّ عل َي ْ ِ ف َ س َ ع ُيو ُ م َ ز َ زي ِ ع ِ ة ال َ مَرأ ِ صة ا ْ ق ّ ل ِ م ْ وت َأ ّ َ
ةم ً ص َ ع ْ ه ِ ه الل ُ م َ ص َ ع َ ف َن َ ه ّ د ِ وكي ْ َِ ن َ ه ّ شّر ِ ن َ م ْ ه ِ عاذَ ِبالل ِ ست َ َ فا ْ ه َ س ِ ف ِ نَ ْ
كعَلى ذَل ِ َ ن َ َ
مت ََنع أ َ
ج َ س ْ خَتاَر ال ّ وا ْ ها َ عن ْ َ ع َ مت ِ ََنا ِ شدّ ال ْ ماهُ فا ْ ح َ و َ ة َ م ً ظي َ ع ِ َ
ه
عو ُ ه ت َدْ ُ مال ِ ِ وك َ َ ه َ مال ِ ِ ج َ و َ ه َ شَباب ِ ِ ع َ م َ ه َ ل أن ّ ُ ما ِ ت الك َ َ ما ِ قا َ م َ ة َ غاي َ ِ ذا في َ ه َ و َ َ
مال ْ َ ه َ َ
ج َ ة ال َ ذا في غاي َ ِ ع َ م َ ي َ ه َ و ِ صَر َ م ْ ز َ زي ِ ع ِ مَرأةُ َ هي ا ْ و ِ ه َ سي ّدَت ُ ُ َ
فا و ً خ ْ ك َ عَلى ذَل ِ َ ن َ ج َ س ْ خَتاُر ال ّ وي َ ْ ك َ ن ذَل ِ َ م ْ ع ِ مت َن ِ ُ وي َ ْ ة َ س ِ والّرَيا َ ل َ ما َ وال ْ َ َ
ه ،فانظر إلى طهارة قلبه عليه السلم وصدقه واب ِ ِ جاءَ ث َ َ وَر َ ه َ ن الل ِ م ْ ِ
مع الله في عدم الوقوع في الفاحشة :عندما دعته امرأة العزيز
إلى نفسها ،وهيأت له جميع الوسائل المعينة على هذا الفعل ،
وكانت على قدر من المال والجمال ،ولكن عندما وقر الخوف من
الله سكنات القلب والجوارح فسيكون الجواب :معاذ الله ( ،كان
هذا هو جواب يوسف عليه السلم ،جاء كالصاعقة ،لتلك المرأة ،
لم تتوقع أن يكون الرفض هو الجواب ،لكنه اليمان بالله واليوم
الخر ،وأن النسان لبد وأن يعود إلى خالقه ليجازيه على ما قدم
في دنياه ،والخوف من عذاب الله ،ومن النار وعذابها وحميمها
وزقومها .
َ
في ه ِ م الل ُ ه ْ ن ُيظل ّ ُ ذي َ ة ال ِ ع ِ سب ْ َ ن ال ّ م ْ ن ِ نأ ّ ح َي ْ ِ حي َ ص ِ في ال ّ ت ِ ذا ث َب َ َ ه َ ول ِ َ َ
ف خا َ َ
ل فقال :إ ِّني أ َ َ َ َ َ ٌ ّ
ما ٍ ج َ و َ ب َ ص ٍ من ْ َ ت َ مَرأةٌ ذا َ ها ْ عت ْ ُ جل د َ َ ه َ » :ر ُ ظِل ِ
ه« الل ُ
)حديث أبي هريرة رضــي اللــه عنــه الثــابت فــي الصــحيحين( أن
مما ٌ ه :إ ِ َ ل إ ِل ّ ظِل ّ ُ م ل َ ظِ ّ و َ ه يَ ْ م الله في ظِل ّ ِ ه ُ ة ي ُظِل ّ ُ ع ٌ سب ْ َ النبي rقال َ ):
َ
د، ج ِســا ِ م ْ عّلقٌ في ال َ م َ ه ُ قل ْب ُ ُ ل َ ج ٌ وَر ُ ة اللهَ ، عَبادَ ِ شأ في ِ ِ ب نَ َ شا ٌ و َ لَ ، عاِد ٌ َ
ه
عْتـ ُ ل دَ َ جـ ٌ وَر ُ قـا عليـه َ ، فّر َ وت َ َ عل يـه َ َ عـا َ جَتم َ حاّبا فـي اللـه ا ْ ن تَ َ جل َ ِ وَر ُ َ
ق
ص ـدّ َ جـ ٌ َ قــا َ ف َ ل َ امرأة َ
ل تَ َ وَر ُ ف اللــه َ ، خــا ُ ل إ ِن ّــي أ َ مــا ٍ ج َ و َ ب َ ت منص ٍ ذا ُ
َ
ل ذَك َـَر جـ ٌ وَر ُ هَ ، مين ُـ ُ ق يَ ِ فـ ُ مــا ت ُن ْ ِ ه َ مال ُ ُ ش َ م ِ عل َ َ حّتى ل ت َ ْ ها َ فا َ خ َ فأ ْ ة َ ق ٍ صدَ َ بِ َ
ه( عي ْن َ ُ ت َ ض ْ فا َ ف َ خاِليا َ ً الله َ
]*[ قال المام ابن القيم -رحمه الله -في زاد المعاد )» : (4/268
وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى
وضة بغيره عنه ,فإذا امتل القلب من محبة المعرضة عنه ,المتع ّ
الله والشوق إلى لقائه ,دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ,ولهذا
قال تعالى في يوسف ﴿ :كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه
من عبادنا المخلصين ﴾ فدل على أن الخلص سبب لدفع العشق
وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته «
ت « 239خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)(21
. ا.هـ
ة العزيز : وقفة مع امرأ ِ
إنهــا المــرأةُ المتكلمــة الــتي هــي أكفــأ النــاس علــى الخــروج مــن
ك المواقــف فتجــد الجــواب الموقف كالشعرة مــن العجيــن فــي أحلـ ِ
حاضرا ً على السؤال الذي يهتف به المنظر المريب ،ليس هذا فحسب بل
ة عن نفسها سه إنسانا ً بريئا ً لتصرف التهم َ وت ُل ْب ِ ْها َ م َجْر َ
تخلع ُ
َ َ
د
ن أَرا َ مـ ْ ج ـَزآءُ َمــا َ ت َ قــال َ ْ ب َدى ال ْب َــا ِ ها ل َـ َ س ـي ّدَ َ في َــا َ وأل ْ َ قال تعالىَ ) :
َ َ َ ب ِأ َ ْ
م( ] يوسف [25 / ب أِلي ٌ ذا ٌ ع َو َ نأ ْ ج َ س َ ءا إ ِل ّ أن ي ُ ْ و ًس َك ُ هل ِ َ
وهنا يجب أن نحذر المسلمين مــن هــذا الســلح الفت ّــاك ومــن هــذا
مر دينــه ودنيــاه ،مــرض عضــال الــذي يفتــك بصــاحبه وُيــدَ ِ الــداء ال ِ
ح يض ـُر صــاحبه ويــدمره مــن ثلثــة )الخروج من الموقف( لنه ســل ُ
أوجه هي :
ل( يجعل صاحبه من أجرئ النـاس علـى المعاصـي اعتمـادا ً منـه )أو ً
على كفاءته في الخروج من الموقف حــتى فــي أحلــك المواقــف ،
ة في م ً ُ
حتى في مواطن الريبة كما فعلت امرأة العزيز التي كانت أ ّ
م علــى معصــية اللــه تعــالى فــي د ُقـ ِ هذا المجال ،ويجعل صــاحبه ي ُ ْ
الخلوات المر الذي ُيدمر نفسه ودينه ويجعل حسناته هباءا ً منثــورا ً
ولو كانت مثل جبال تهامة بيضا ً ،وتأمل الحديث التي :
)حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن
النبي rقال :
لعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال
تهامة بيضا ً فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا قال ثوبان يا رسول
الله صفهم لنا جلهم لنا أن ل نكون منهم ونحن ل نعلم قال أما
إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم
أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها .
ه :الحذر الحذر من المعاصي فإنها سيئة ه الل ُ م ُ ح َ قال ابن الجوزي َر ِ
صــا ذنــوب الخلــوات فــإن العواقب ،والحذر الحذر من الذُّنوب خصو ً
ه ول ينــال لــذة حان َ ُ سـب ْ َ عب ْــد مــن عينــه ُ عاَلى تســقط ال ْ َ المبارزة لله ت َ َ
من اليقظان فإنه ل يلتذ بهــا ، ؤ ِ م ْفَلة ،فأما ال ُ غ ْ المعاصي ِإل دائم ال َ
عن ْدَ التذاذه يقف بإزائه علمه بتحريمها وحــذره مــن عقوبتهــا ، لنه َ
و الله فيتنغــص ه َو ُ فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي َ
صــاقل ْــب متنغ ً ن ال ْ َ عيشه في حال التذاذه فإن غلبه سكر الهوى ك َــا َ
مي ِإل لحظــة ُثــ ّ ه َ ن الطبع في شهوته فما ِ كا َ بهذه المراقبات وإن َ
ع طول م َ ن َ كاء متواصل وأسف على ما َ
كا َ خزي دائم وندم ملزم وب ُ َ
()21ينظر لزاما ً :المفاسد العاجلة والجلة من عشق الصور .في الجواب الكافي
للمام ابن القيم )ص . (319
ت « 240خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الزمان حتى إنه لو تيقــن العفــو وقــف بــإزائه حــذار العتــاب فــأف
للذنوب ما أقبح آثارها وأسوء وأخبارها .انتهى .
)ثانيًا( أن مستخدم هذا السلح )الخروج من الموقف( يصير الكــذب
طبعا ً له ل تكلفاً لن غالب الخروج من الموقــف يكــون عــن طريــق
الكــذب ،ول تنســى أن الكــذب يهــدي إلــى الفجــور بنــص الســنة
الصحيحة كما في الحديث التي :
)حديث ابـن مسـعود رضـي اللـه عنـه الثـابت فـي الصـحيحين ( أن
النــبي rقــال ):إن الصــدق يهــدي إلــى الــبر وإن الــبر يهــدي إلــى
الجنة ،وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ً ،وإن الكــذب
يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ،وإن الرجل ليكــذب
حتى يكتب عند الله كذابا ً (
)ثالثًا( :أن مستخدم هذا السلح )الخروج من الموقــف( يكــون قــد
دل بالباطــل ليخــرج مــن الموقــف ،ول تنســى أن الجــدال جـ َ
ي َأوت َ
بالباطل يفسد القلــب والــدين ويســبب الضــلل كمــا فــي الحــديث
التي :
)حديث أبي أمامة في صحيحي الترمذي وابن ماجة( أن النبي r
قال :ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إل أوتوا الجدل ثم تل قوله
صمون ( خ ِ
م َتعالى ) بل هم قو ٌ
ت « 241خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت مميلت ( ، في صحيح مسلم ) مائل ٍ
بالله عليكم كيف حال هذه العفة بعد السلم وقد سقاها بماء
اليمان والحياء
فزادها جمال وأسبغ عليها رونقا وإجلل .
رب بعفتها المثال وتغنى بشرفها البطال ض ِ
هذه من ُ
تصبر ول تدنس ذيلها وتموت ول تأكل بثدييها
والسؤال الذي يطرح نفسه الن ؟
فهل يعني هذا أن العفة تسكن قلب المرأة الحرة بغض النظر عن
كن أن تأنس لقلوب لم يسكنها اليمان م ِ
دينها ؟ وأن دماثة الخلق ي ُ ْ
بالله بعد ؟
الجواب :نعم ..وهند بنت عتبة أصدق دليل!!!
فكيف بنا نحن المجتمع المسلم وهذه الرذيلة تنهش في أعراضنا
وتستشري نارها في ديارنا ..حين تغرق بعض النساء من مجتمعاتنا
ة هي قبيحة في الجاهلية فكيف بها في السلم .قاتلها في خصل ِ
ة المعدن فلقدة رديئ ِ س خسيسة دنيئ ٍ ة ذات نف ٍ الله من امرأ ٍ
ة نهانا الله تعالى عن مجرد القتراب منها فضل ً انغمست في رذيل ٍ
عن النغماس فيها .يعلق البعض السقوط بها على شماعة
ة منهن فيالفقر والظروف أو النتقام من الزوج في محاول ٍ
مّرة الكامنة بداخلها والمستقرة بين جنبيها وهي إخفاء الحقيقة ال ُ
ل إلى الحرام كقوله r ة المعدن فيها مي ٌ ة رديئ ِأنها خسيسة دنيئ ٍ
ت مميلت ( !!! في صحيح مسلم ) مائل ٍ
ة انغمست في هذه الخصلة الدنيئة التي تأنف منها وما ظنك بامرأ ٍ
الحرار النساء الجاهليات ،وصدق لسان العرب حين قال ) :تموت
الحرة ول تأكل بثدييها( ،فكيف بنا ونحن نعيش في ظل مجتمعاتنا
المسلمة التي ولدنا وتربينا في أحضانها.
تنبيه:
ة جادةً وان لم تكن صالحة أن تمكنت تربي ً ع َ
قل من ت ََرب ْ هل ي ً ْ
غيرها من نفسها وهو ل يحل لها ؟
هل تقبل أن تكون محل للستمتاع لمن ل يجوز لها ؟
هل يمكن لمرأة أن تذبح حياءها وتهتك عفتها وتمزق دينها
قديما قالوا ..تموت الحـرة ول تأكل بثديها
أي ل تبيع جسدها وان ماتت من الجوع
فأين أولئك المفسدين من ذلك
عتبة زوجة أبي سفيان وأم معاوية الم يسمعوا ما قالته هند بنت ُ
وأم زوجة النبي ) rأم حبيبة( حينما بايعهن النبي صلى الله عليه
ت « 242خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وسلم ثم اشترط شروطا أل يفعلن كذا
وكذا ومنها قوله ول تزنين فقالت هند وهل تزني الحرة ؟؟
نعم ...رضي عنها تلك الشريفة التي أنكرت الزنا لمن هي حرة ...
لن الحرة ترى الزنا _ والعياذ بالله _ إهانة لعفتها بل ولدميتها
فهضة قبل النظر عن كونه من الخبائث وإن المرأة الحرة تعا ُ ح َ م ْ ال َ
كره فضل ً عن القتراب منه أو النغماس فيه عّر بدُنها من ِذ ْ
ش ِق َ وي َ ْ
وان لم تكن صالحة .
ت « 243خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
اللهم سودها فاسودت فحارت وفتحت الباب فخرجت وقلت اللهم
ردها إلى حالتها فردها إلى ما كانت
]*[]*[]*[]*[
قصة عطاء بن يسار
ت « 244خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أنظر إليه فيمن ينظر ،فلما رأيت حسنه ،بكيت ،فنظر إلي في
الناس .
فقال :ما يبكيك أيها الرجل ؟
قلت :بأبي أنت وأمي يا نبي الله ،ذكرتك وامرأة العزيز ،وما
ابتليت به من أمرها ،وما لقيت من السجن ،وفرقة الشيخ
يعقوب ،فبكيت من ذلك ،وجعلت أتعجب منه .
فقال يوسف عليه السلم :فهل تعجب من صاحب المرأة البدوية
بالبواء؟ فعرفت الذي أراد ،فبكيت واستيقظت باكيا .
فقال سليمان :أي أخي وما كان حال تلك المرأة ؟ فقص عليه
عطاء القصة ،فما أخبر بها سليمان أحدا حتى مات عطاء ،فحدث
بها امرأة من أهله .
]*[]*[]*[]*[
ت « 245خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
عِبدة البصرية مت َ َ
قصة المرأة ال ُ
ب فتأبى َ
خط ُكانت بعض المتعبدات البصريات جميلة وكانت ت ُ ْ
،وأنها وقعت في نفس رجل مهلبي فبلغ المهلبي أنها تريد الحج
فاشترى ثلثمائة بعير ونادى من أراد الحج فليكتر من فلن
المهلبي فاكترت منه فلما كان في بعض الطريق جاءها ليل فقال
إما أن تزوجيني نفسك وإما غير ذلك فقالت ويحك اتق الله فقال
مال ول خرجت في هذا إل من ج ّ
ما هو إل ما تسمعين والله ما أنا ب ِ َ
أجلك فلما خافت على نفسها قالت ويحك انظر أبقي في الرجال
أحد لم ينم قال ل
قالت عد فانظر ،
فمضى وجاء فقال ما بقي أحد إل وقد نام فقالت ويحك أنام رب
العالمين ثم شهقت شهقة وخرت ميتة
وخر المهلبي مغشيا عليه ثم قال ويحي قتلت نفسا ولم أبلغ
شهوتي فخرج هاربا
فانظر رحمك الله كيف يفعل الصدق بأهله وكيف يكون سببا ً
في النجاة من الزلل والتوفيق لصالح العمل ،وانظر إلى حال
ب إليهم من أن يقعوا الصادقين في حصول العفاف وأن الموت أح ُ
طلع الله تعالى على قلوبهم ووجد فيها النورفي الرذيلة ،فلما ا ّ
ل محظور ، ب وبور ومن كل فع ٍل خرا ٍ
ه تعالى من ك ِنجاها بفضل ِ
ونجاهم من دواهي المور
]*[]*[]*[]*[
قصة المرأة الصالحة التي تسأل عن حمام
منجاب
ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الجواب الكافي "أن رجل
مام كان واق ً
فا بإزاء داره )باتجاهها( ،وكان بابها يشبه باب ح ّ
صا للنساء( فمرت جارية لها منظر ، منجاب )حمام كان مخص ً
فقالت :أين الطريق إلى حمام منجاب ؟ فأشار إلى بيته وقال لها:
هذا حمام منجاب ،فدخلت الدار وهي لم تعرف أنه خدعها ودخل
وراءها ،فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها ،أظهرت
له البشرى والفرح باجتماعها معه ،وقالت له :يصلح أن يكون معنا
ما يطيب به عيشنا وتقّر به عيوننا ،فقال لها :الساعة آتيك بكل ما
تريدين وتشتهين ،وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها ،فأخذ ما
يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت ولم يجد لها أثر .
فهام الرجل بها وذهبت بلبه فأكثر الذكر لها والحزن والجزع عليها
وجعل يمضي في الطرق ويقول:
ت « 246خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ق إلى حمـام
ري ُ ن الطّ ِ
أي ْ َ ت
عَبـ ْ
مـــا وقد ت َ ِ
و ً
ةي ْ
ب قائلـ ٍ
يا ُر ّ
ب
جا ِمن ْ َ
َ
ومر من عند بيتها وهو ينشد هذا البيت وإذا بها تجاوبه من داخل
دارها وتقول بصوت سمعه:
َ
على فل ً َ ق ْ
و ُرأ ْ عَلى الدا ِ حْرًزا َ
ها ِ ت بِ َ
فْر َ عا إذْ ظَ ِ
ري ْ ً
ســـــ ِ عل ْ َ
ت َ ج َ
َ
بالبا ِ
وُر
غُر ْم ْ
ن َيا َن أي ْ َ م ْ ض ِ
عْر ُ
ه وال ِ خِلفــــ ُ ْنفـذَ الّرْزقُ فالّرَزاقُ ي َ ْ
ب جا ُ ي ُن ْ َ
:انظر رحمك الله إلى هذه المرأة التي وقعت في تنبيه
ن ماجن أراد أن يقع بها ،ولكن لما ا ّ
طلع ورطة وخداع من إنسا ٍ
عفيفة الحيّية الله تعالى على قلب هذه المرأة التقّية النقّية ال َ
ة ووجد فيه صدق النية في عدم الوقوع في الفاحشة حرةُ البي ّ َ ال ُ
ها من هذا المأزق المهين جا َ كتب الله تعالى لها النجاة ل محالة وأن ْ َ
عرةُ من العجين ،والسؤال الذي يطرح نفسه :من ش ْ كما تخرج ال ّ
قفل ً على الباب ؟ أنه الله العلي قي أن يضع ُ ش ِ سى هذا ال َ الذي أن ْ َ
م جنود ربك إل هو ،فل يتوهم إنسان أن الله الكبير ،وما يعل ُ
م من عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة ثم تعالى يعل ُ
ذب بحديث النبي ) rإن يتركه يقع فيها ،فمن توهم ذلك فقد ك ّ
تصدق الله يصدقك ( .
متعال ،بل هو فوق ما محال عند ربنا الكبير ال ُ ن هذا أمٌر ُ ثم إ ّ
ن في الحرام يخطر ببال أو يدور في الخيال ،والله ما وقع إنسا ٌ
م رُبك أحدا ، ل إلى الحرام والعياذ بالله ،ول يظل ُ مي ٌ إل كان عنده َ
ن النسان إذا اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته تراه لك ّ
ه التأويل ،م ِ
فق لها بزع ِ وي ُل َ ِيقيم العذر لنفسه و يلتمس لها الدليل َ
ه ويقول :هم ل الناس جميعا ً السبب في خطأ ِ م ّ ح ِ
ويريد أن ي ُ َ
عِلق ذنزبه وتي في ُ َ ق َش ْ
السبب في َزلتي وهم الذين دفعوني إلى ِ
ت وهمية ،وأحيانا ً يلقي اللوم على القدر ومعاصيه على شماعا ٍ
فيقول هو السبب في ذلك كما حصل في عهد الخليفة الراشد
وا بسارق فسأله عمر رضي الله تعالى عمر ابن الخطاب حينما أت ْ
قدَُر الله يا أمير المؤمنين مَلك على ذلك ؟ فقال له َ : ح َ عنه :ما َ
فقال له الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه :
ر الله ،وهكذا تجد النسان إذا اتبع هواه د ِ ونحن نقطع يدك ب ِ َ
ق ِ
مّرة الكامنة في خفي الحقيقة ال ُ وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته ي ُ ْ
نفسه المستقرة بين جنبية والتي دفعته إلى الفجور ،الحقيقة
ل إلى الحرام والعياذ مي ٌ التي دفعته إلى الفجور وهي أنه عنده َ
ت « 247خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ن الظن بربه تعالى كما أحسن الظن بنفسه س َ بالله ،فل َي َْته أ ْ
ح َ
ت به في مستنقع الرذائل م ْاللئيمة الخائنة الثيمة التي أهلكته وَر َ
والثام ،لكن هيهات فإن هذا ل يغير من الحقيقة شيئا ً بل هو يزيد
عي ْب َا ً ف إليه ذنبا ً إلى ذنوبه َ
و َ ضي ُن ب َِلة ،وي ُ ِ
المُر سوءا ً ويزيدُ الطي ُ
. إلى عيوبه
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود(
ب امرأة على زوجها أو عبدا على خب َّ َ
أن النبي rقال :ليس منا من َ
سيده .
ب امرأة على زوجها( :التخبيب هو إفساد الزوجة على خب َّ َ]*[ )من َ
زوجها بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ،أو محاسن أجنبي
ن إليها الطلق ليتزوجها هو أو يزوجها لغيره أو غير س َح َ عندها أو َ
ذلك .
تنبيه وإفساد المرأة علي زوجها له صور وأشكال متعددة :
بالتعريض أو والتلميح أو التحريض .والتعالي لظهار عجز الطرف
الخر ..إلي غير ذلك من هذه السلوكيات وأمثالها التي تدفع
صاحبها بأنه يسعى لتعكير صفو العلقة بين المرأة وزوجها،
والتخبيب من كبائر الذنوب وفواحش العيوب لحتوائه على ثلثة
جرائم هي ] تخبيب وخائنة أعين وخيانة[ .
]*[ وسئل شيخ السلم ابن تيمية -رحمه الله : -
عن إمام المسلمين :خبب امرأة على زوجها حتى فارقته وصار
صّلى خلفه ؟ وما حكمه ؟ . يخلو بها ،فهل ي ُ َ
فأجاب :
في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ) :ليس منا
من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على مواليه ( فسعي الرجل
في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة ،وهو من
فعل السحرة ،وهو من أعظم فعل الشياطين ،ل سيما إذا كان
يخببها على زوجها ليتزوجها هو ،مع إصراره على الخلوة بها ،ول
سيما إذا دلت القرائن على غير ذلك ،ومثل هذا ل ينبغي أن يولى
إمامة المسلمين إل أن يتوب ،فان تاب الله عليه ،فإذا أمكن
ت « 248خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الصلة خلف عدل مستقيم السيرة فينبغى أن يصلى خلفه ،فل
هَر فجوره لغير حاجة ،والله أعلم . ف من ظَ َ يصّلى خل َ
" مجموع الفتاوى " ) ( 363 / 23
]*[ وقال ابن القيم -رحمه الله : -
وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ،وتبرأ
منه ،وهو من أكبر الكبائر ،وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم
قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه فكيف بمن يسعى
بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بها ،وعشاق الصور
ومساعدوهم من الديثة ل يرون ذلك ذنبا ؛ فإن في طلب العاشق
وصل معشوقه ومشاركة الزوج والسيد ففي ذلك من إثم ظلم
ب عليها ،ول الغير ما لعله ل يقصر عن إثم الفاحشة إن لم ير ُ
يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة ،فإن التوبة وإن أسقطت
ن ظُل ْ َ
م حق الله فحق العبد باق ،له المطالبة به يوم القيامة ،فإ ّ
من ظلمه بأخذ م ِالزوج بإفساد حليلته والجناية على فراشه أعظ ُ
ماله كله ،ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله ،ول يعدل
ذلك عنده إل سفك دمه ،فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل
ز في سبيل الله وقف له الجاني الفاحشة ،فإن كان ذلك ح ّ ً
قا لغا ٍ
الفاعل يوم القيامة ،وقيل له :خذ من حسناته ما شئت ،كما
أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ،ثم قال :فما ظنكم ؟! أي
:فما تظنون تبقى له من حسناته ؟،
حْرمة ) حديث بريدة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال ُ :
نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم و ما من رجل من
القاعدين يخلف رجل من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إل
ف له يوم القيامة يأخذُ من عمله ما شاء فما ظنكم ؟ ق َ و ُِ
ً
فإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلوم جارا ،أو ذا رحم محرم :
تعدد الظلم ،وصار ظلما مؤكدا لقطيعة الرحم وأذى الجار ،ول
يدخل الجنة قاطع رحم ،ول من ل يأمن جاره بوائقه .
)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :ل يدخل
الجنة من ل يأمن جاره بوائقه .
" الجواب الكافي " ) ص . ) 154
]*[ ويقول الدكتور أحمد الشرباصي ـ رحمه الله ـ من علماء
الزهر:
ج المرأة المتزوجة ،وذلك بنص وا َ
ل جلله َ -ز َ م الله -ج ّ حّر َلقد َ
مات بقوله تعالى : حّر َ القرآن الكريم ،حين ذَك ََر ذلك ضمن ال ُ
م َ
ء(
سا ِ
ن الن ّ َ
م َ
ت ِصَنا ُ
ح َ م ْوال ْ ُ) َ
)النساء(24 :
ت « 249خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
خُلق ول ضمير أن من ليس له دين ول ُ ومن الكبائر التي يلجأ إليها َ
ن النسان الخبيثة إلى زوجة غيره ،فيطمع فيها ،ثم تتطّلع عي ُ
من وراء عا بشيطانه وشهوتهُ ،يريد ِ مْندف ً م بيت الزوجيةُ ، هدْ َ
ُيحاول َ
صَنه الله ح ّ ذلك أن ُيفسد الحياة الزوجية؛ وأن َيهدم بيتها الذي َ
ورسوله ،وإنما ُيريد ذلك الثيم من وراء محاولته أن يستجيب
فة التي ل يرضى عنها الله ول رسوله . ر َ
ح ِ من ْ َ
لشهوته ال ُ
من يفكر في ذلك الثم ،و ول ندري كيف يستحق وصف السلم َ
يقدم على ارتكابه؟ إن مثل هذا النسان الدنيء ُيسيء إلى دينه
أوًل ،وهو السلم الحنيف ،وُيسيء إلى الزوج ثانًيا؛ لنه يسعى
في خراب بيته ،وإفساد زوجته عليه ،وهذا من أقبح أنواع السعي
بالفساد في الرض ،وإهلك الحرث والنسل ،وهو ُيسيء كذلك إلى
ضل َّلة؛ لنه يهدم بيت زواجها ،وُيغريها حتى م َ الزوجة المسكينة ال ُ
ه الله من َ
صل ُ و َ
تستجيب له ،وترتكب الجريمة الفاحشة ،بقطع ما َ
ميثاق الزواج بينها وبين زوجها ،دون أن ترى من هذا الزوج ِ
فّرقَ بينه وبين زوجته . ن نُ َ
حه أ ْ فا يستدعي إصل َ فا ،أو اعتسا ً انحرا ً
خّبب الفاسد المروءة والضمير الشقي م َ ]*[ أل فليعلم هذا ال ُ
عس أنه صّير نفسه جندٌ من جنود إبليس ،فلقد زاد فساده الت َ ِ
غّيه وأصّر على باطله ،وأظهر العداوة واستشرى وتمادى في َ
سر ل ِث ََامه وكشف عن أنيابه يلتمس العثرات ح َ قناعه و َ وكشف فيها ِ
ض والسماوات ،فورب ب الر ِ ويترقب الهفوات وتناسى مراقبة ر ِ
مصانع الذي مخادع ال ُ ض إنما توعدون لت ،هذا ال ُ السماوات والر ِ
م في العسل لنه أروغ من س الس ّ خاخ وي َدُ ّ ف َ ينصب المكائد وال ِ
سيلمة ،وهو كذلك أذل من م َ ثعلب وأحقدُ من جمل وأكذب من ُ
ق من ر أهله ،وهو كذلك أع ّ حما ِ ل من ِ هانة وأض ُ م َ ن من ال َ نعل وأهو ُ
ضب وأضّر من الجرب وأشُر من البرص ،هذا العتي الغوي الظالم َ
الغاشم المتغطرس ،بظلمه وبطشه أورد نفسه المهالك وحملها
دهص ّكبا ً ف َ مْر َ ر الموبقة ،استحوذ عليه الشيطان واتخذه َ على المو ِ
دهطه في الغرور وزين له سوء عمله فص ّ عن النابة وأملى له فوَر ّ
عن سواء السبيل ،
خـــــه فَرا ِ صــار من أ ْ قـدْ َ فخـاخــه بل َ س في ِ ــادَهُ إبليـ ُ
مهالك عري من أبـاح ذلكوأورد نفســــــــه في ال َ شـــــ ْ ت ِ
َ
ل أركانه ،كسر الله ظهره دع بنيانه ،وأتلفه وش ّ قاتله الله وص ّ
فه كَله ،اللهم العنه مر أعضائه وهتك ستره وأتل َ وأعمى بصره ود ّ
ضه عْر ِكه يوم َ هل ْ
وت ُ ْه َ ل معه في قبر ِ خ ُ ه وت َدْ ُ مْره في نفس ِ ة ت ُدَ ِ لعن ً
على ربه ،اللهم اجعل الدائرةَ عليه وأصْبه بنفسه وأهله ودمْره
تدميرا ،اللهم أنزل عليه بأسك الذي ل ي َُرد عن القوم ِ المجرمين ،
رَز إبره ،حتى يكون عبرةً لمن يعتبر لئل غ ِ م ْم الله فيه َ ح َ ل َر ِ
ت « 250خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
علهف ْ
ن بِ ِضال بين المسلمين ،ولئل يستهي ُ ع َض ال ِ
يستشرى هذا المر ِ
شين .م ِوَلت له نفسه أن يفعل هذا الفعل ال َ س ّ
من ِ
مهين علم اليقين أنه سيرى عاقبة ظلمه و ليعلم هذا الشقي ال َ
وبغيه في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي rفي
الحديث التي :
)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي rقال :بابان معجلن
عقوبتهما في الدنيا :البغي و العقوق .
الشاهد :
قوله ) rبابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت
فاعليها
م أفحش من ) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ
خيانة المرأة لزوجها .
ضاّر أضَر وليضع نصب عينيه أن الجزاء من جنس العمل وأنه من َ
الله به .
ة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي r م َصْر َ
)حديث أبي ِ
ضاّر أضَر الله به و من شاقّ شاقّ الله عليه . قال :من َ
ً
) من ضاّر ( بشد الراء أي أوصل ضررا إلى مسلم بغير حق
)أضَر الله به الّله به ( أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في
العقبى
) ومن شاق ( بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو
غيرها
) شق الّله عليه ( أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على
فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة عليه
نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته .
)حديث جابر في صحيح أبي داود( أن النبي rقال :ما من امرئ
ك فيه ه ُ ه و ي ُن ْت َ َض ِ
عْر ِ
ص فيه من ِ ق ُ ذل امرءا ً مسلما في موطن ي ُن ْت َ َ يخ ُ
صرِته و ما ب فيه ن ُ ْح ُن يُ ِ خذَله الله تعالى في َ َ
وط ِ ٍم ْ ه إل َمت ِ ِ
حْر َمن ُ
من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك
فيه من حرمته إل نصره الله في موطن يحب فيه نصرته .
)ما من امرئ يخذل ( بذال معجمة مضمومة قال تعالى } وإن
يخذلكم {
) امرءا ً مسلما ً ( أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ول ينصره
) في موضع ينتقص فيه من عرضه ( بكسر العين ) وينتهك
فيه من حرمته ( بأن يتكلم فيه بما ل يحل والحرمة هنا ما ل يحل
انتهاكه قال الجوهري :انتهك عرضه بالغ في شتمه ) إل خذله
الّله في موطن يحب فيه نصرته ( أي في موضع يكون فيه أحوج
ت « 251خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
لنصرته وهو يوم القيامة فخذلن المؤمن حرام شديد التحريم
دنيويا ً كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فل يدفعه
أو أخرويا ً كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك
) وما من أحد ينصر مسلما ً في موطن ينتقص فيه من عرضه
وينتهك فيه من حرمته إل نصره الّله في موطن يحب فيه نصرته
( وهو يوم القيامة .
) حديث المستورد رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن
النبي rقال :من أكل برجل مسلم أكله فإن الله يطعمه مثلها من
جهنم ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم
ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة
ورياء يوم القيامة .
]*[ والمرأة التي تقبل التخبيب محرومة من توفيق الله تعالى
وعصمته إذ لو وفقها الله تعالى لعلمت أن من السعادة في الدنيا
والخرة قناعة المرأة بزوجها ؛ فل تمتد عينها إلى غيره فقد مدح
ن
ه ّفي ِ
الله عز وجل نساء الجنة بتلك الصفة فقال الله تعالى ِ :
ف ( ] الرحمن[56 / ت الطّْر ِ صَرا ُ َ
قا ِ
قال ابن عباس -رضي الله عنه معناها -:ل يرين شيئا ً في الجنة
أحسن من أزواجهن ..
]*[ والمرأة هي المسئولة عن قبولها التخبيب :
ن ،فمن الحلل البين أن تحب ن والحرام ب َي ِ ْ وذلك لن الحلل ب َي ِ ْ
المرأة زوجها ،ومن الحرام البين أن تحب المرأة رجل غير زوجها،
تفكر فيه ،وتنشغل به ،وتعرض عن زوجها وشريك حياتها .وقد
يدفعها ذلك إلى ما ل يحل شرعا من النظر والخلوة ،واللمس ،
وقد يؤدي ذلك كله إلى ما هو أكبر وأخطر ،وهو الفاحشة ،أو
نيتها .فإن لم يؤد إلى شيء من ذلك أدى إلى تشويش الخاطر،
وقلق النفس ،وتوتر العصاب ،وتكدير الحياة الزوجية ،بل ضرورة
ول حاجة ،إل الميل مع الهوى ،والهوى شر إله عبد في الرض.
ثم إن المرأة هي المسئولة عن الوصول إلى هذه النتيجة لنها هي
التي أورطت نفسها في هذه الورطة ،وأدخلتها هذا المضيق
باختيارها ،والذي يرمي بنفسه في النار ل يملك أن يمنع النار من
إحراقه ،ول أن يقول لها :كوني بردا وسلما علي كما كنت على
إبراهيم ،فإذا أحرقته النار وهو يصرخ ويطلب النقاذ دون جدوى،
كان هو الذي أحرق نفسه ،لنه الذي عرضها للنار بإرادته.
م]*[ ثم إن هذه الحقيقة ليست غائبة عن الكثيرات ،فإنه أمٌر معلو ٌ
مهعل ِعلم ،ويستوي في ِ من الدين بالضرورة فل يحتاج إلى زيادة ِ
رّية و البدوّية ،فهو ض ِح َ
وّية ،وال َ
دنّية و القَر ِ م َ
مّية ،وال َ المتعلمة و ال ُ ِ
عرفان ،ولكن ج إلى برهان ول مزيد ِ ح البيان ول يحتا ُ أمٌر واض ُ
ت « 252خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
بعض النساء ممن تنكرن للدب وانسلخن من الفضيلة تتغافل أو
تتجاهل هذه الحقيقة ،فما إن تسمع داعي الفتنة إل استجابت
لهم وفتحت باب الفتنة على مصرعيه .
ة أثيمة أقول لها ة خائن ٍ س لئيم ٍ ] * [ والمرأة بفعلها ذلك ذات نف ٍ
مّرة : التي لطِْلعها على حقيقتها ال ُ
ت أيتها اللئيمة الخائنة الثيمة يا من استجبت إلى من خبّبك أن ِ
على زوجك وامتدت عينك اللئيمة الخائنة الثيمة إلى غير زوجك ،
ت ببصرك إلى غيره ،أسأل الله فك عليه ،وطمح ِ صري طر ُ ق ِ فلم ت َ ْ
ك جزاءا ً بما امتدت إلى غير زوجك ،أيتها تعالى أن يفقأ عين ِ
مِته ،قاتلك ص َ ع ْ و ِ ة من توفيق الله تعالى َ سة المحروم ُ ع َ الشقية الت َ ِ
ئ ْ
ل أركانك ،ول أرى ذلك ي ُطف ُ ك وش ّ دع بنيانك ،وأتلف ِ الله وص ّ
ت في صدره مك ،فلقد ألهب ِ جر ُ ر زوجك الذي التهب من ُ ب صد ِ لهي َ
ئ ما دام حيا ،وألصقت به ذل ً ل يزال محفورا ً في لهيبا ً ل ينطف ُ
ك على الله ت لجرأت ِ ِ جب ُ سة ع ِ ع َ ذاكرته حتى يموت ،أيتها الشقية الت َ ِ
مَنته ت ِ د ِ ح ِ ج ِ ك،و َ ك ومن حواَلي ِ ك ،ولو شاء لهلك َ ِ ه علي ِ م ِ مع حل ِ
ت
ك ،فبدل ِ والي ِ ح َ ك وتحتمي به دون من َ ح يأوي إلي ِ ج صال ٍ ك بزو ٍ علي ِ
ل الوبيل * الشكر الجزيل والعرفان بالجميل بالفع ِ
ع والطاعة ؟ هل ن السم ِ حس ِ حَبة بالقناعة والمعاشرةُ ب ُ ص ْ ]*[ أين ال ُ
مَباعة ؟ * وأين الوفاءُ ماعة ،الخائنة ال ُ سك الط ّ ت فيهما نف ُ هدَ ْ َز ِ
هانة ؟ * م َ ة ال ُ وانة ،اللئيم ِ خ ّ ك ال َوالمانة ،من نفس ِ
ة زوجك ك لكرام ِ شم ِ والعيال ]،وأين صيان َت ُ ِ ح َ]*[ وأين رعايُتك لل َ
ك على بال ؟[ بين الرجال؟ أكان ذلك من ِ
ة
خسـ ُ ك ال ِ ل حال ،ألم ت َت ْـُر ْ ك في ك ِ س ِ طرت الدناءةُ على نف ِ سي ْ َ هل َ
حتال ، م ْل ُ ل رج ٍ ك من أج ِ ج ِ ة زو ِ ت كرام َ ك شيئا ً ُيقال ،يا من أهدر ِ من ِ
ك ل حال ،لن ّ ِ ت أسوءُ منه بك ِ ك من الرذال ؟ وأن ِ فا ٍ خَتال ،أ ّ م ْ ن ُ وا ٍ خ َّ
ةدَر كرامـ َ ت لــه المجــال ،ومنحــتيه الســلح القت ّــال ،ليهـ ِ التي فتح ِ
ب اللــه عليكمــا ل اختيال ،ص ـ ّ مته بك ِ جك بين الرجال ،فأهدََر كرا َ زو ِ
ر انفصال ،وسّلط عليكما ذُل ً تتقلبون فيــه فــي لعائ َِنه تترى من غي ِ
عظام أمثــال الجبــال ،ودمركمــا ب ِ ل والمآل ،وأصابكما بمصائ ٍ الحا ِ
دكم فــي ضــلل ،وأمركــم كي ـ َ حال ،* ،وصّير اللــه َ م َ د ال ِ ش شدي ِ ببط ٍ
دكم فــي ســفال ،وعــافيتكم إلى زوال ،ونعمتكم إلى انتقــال ،وجـ ّ
إلى شر مآل * ،يا منبع النذال والرذال .
ه الخــزي ل احتيــال ،وألحقتــم بعبــد ِ جزاءا ً بما انتهكتم محــارمه بكـ ِ
ل والوبال ، والنكال ،والذُ َ
محال ،فإنها ةل َ ست َْره علني ً ]*[ اعلموا أنه من خان الله سرا ً هتك ِ
طـُر خ ُ محتـال هتكـا ً بينـا ً ل ي َ ْ ر ال ُ سـت ْ ِ ك ِ متعال ،فـي هتـ ِ ر ال ُ ة الكبي ِ سن ُ
ع س أو إشــكال ،ول ينفـ ُ َ ً ً
على بال ،هتكا واضحا يــزول معــه أي لب ْـ ٍ
ت « 253خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هكم فــي النــار، كم على وجو ِ جدال ،أسأل الله أن ي َك ِب ّ ُ ة أو ِ حي ْل َ ً معه ِ
وأن يجعــل مــأواكم دار الخــزي والبــوار ،وأن يصــليكم نــار جهنــم
وبئس القرار *
فعال ؟ يا مــن ح ال ِ قب ْ ِ ة ٌ ماها سوادُ قلبها عن رؤي ِ ع َ نأ ْ م ْ ت يا َ ]*[ وأن ِ
ب علــى قلبهــا وســمعها ر َ ض ِ ران على قلبها قبائح العمال ،يا من ُ
ل، من الذُّنوب أقفا ٌ
ل والوبال ، ك في هذا الحال ؟ من الذ ِ ت بزوج ِ هل تعرفين ما فعل ِ
ك فوق ما يخطُر ببال أو ك لزوج ِ ل من ِ خزي والنكال ؟ أتى الذ ُ وال ِ
عال ، مت َ َ ر ال ُ ك الكبي ِ مك عند رب ِ صي َ خ ِ جك َ يدور في الخيال ،فصار زو ُ
ص منك على عال ،و يقت ُ ف َ ح ال ِ قب ْ ِ لو ُ ص منك على سوء الحا ِ يقت ُ
تص منك على أن أهدر ِ قّتال ،و يقت ُ ك ال َ م ِ جْر ِ عضال و ُ ك ال ِ ذنب ِ َ
ذوقين عاقبة ل حال ،وست ُ ذلول ً بك ِ م ْ مَته بين الرجال ،فصار َ كرا َ
سه بين الرجال ت رأ َ كس ِ ل والمآل * لقد ن َ ّ محال ،في الحا ِ كل َ َبغي ِ ِ
ُ
قِتيل ، ك َ م ِ جْر ِ قيل ،فكان ب ِ ُ ل ِ ة لك ِ دوث ً ح ُ ذليل ً ،وحكايَته صارت أ ْ
ك
دي ل ِ ل الوبيل ،ثم لم تج ِ فكيف بك إذا سألك الجباُر عن هذا الفع ِ
ب صوابا ،ول تملكين ل جوابا ،ول للجوا ِ قيل ،فلم تجدي للسؤا ِ م ِ َ
ك، َ َ ُ
والي ْ ِ ح َ عك من َ ك ،ول ينف ُ ة أو مآبا ،فأسقط في ي َدَي ْ ِ حينذاك توب ً
ص من الظالم ِ للمظلوم ،هنالك قت َ ُ ع الخصوم ،وي ُ ْ فعند الله تجتم ُ
ه المهضوم من فعلك مت ِ ِ را َ قك ِ كلوم وح ِ م ْ حه ال َ جر ِ جك ل ُ ينتصُر زو ُ
المشئوم *
ع اللئام ،يا شَر النام ،يا من ْب َ َ ل إلى الحرام ،يا َ ]*[ لماذا المي ُ
م على هذا الجرام ،ولماذا طام ،ولماذا القدا ُ خ َ ة بل ِ فسا ً مفلوت ً نَ ْ
لم إلى الحجام ِ عن الرزايا والثام ،هل ك الع ّ ك المل ُ ق ِ ف ِ و ِ لم ي ُ َ
واِد س َ ة إفهام ! أهو من َ ك بقي ُ ك عن ذلك ؟ أما زال لدي ِ س ِ ت نف َ سأل ِ
ك أختام ؟ ، ك أم كان على قلب ِ ِ قلب ِ
قّيوم ِ الذي ل ي ال َ ح ّ لم ،ال َ ك الع ّ ة المل ِ ت بمراقب ِ هان َ ْ ست َ َ نا ْ م ْ ]*[ يا َ
صي خذُ ِبالن ّ َ
وا ِ ؤ َ م يُ ْ و َ ك يَ ْ ب َرب ُ ِ قا َ ع َ ت ِ سي ْ ِ يغفل ول ينام ،كيف ن َ
كست َْر ِ ك الله ِ هت ِ ُ سي ُ ْ ت أن الله عزيٌز ذو انتقام َ ، م ِ عل ِ ْ ما َ دام ِ ،أ َ ق َ وال َ ْ َ
ت اليام ،جزاءا على هذا ً م ْ صَر َ ت السنون وان ْ َ مَر ْ ما مهما َ يوما َ ً
ع من خان ول يجعله أبدا ً ددُ صني َ س ِ جرام ،اعلمي أن الله ل ي ُ َ ال ْ
ن أو مكان ، ست َْره في أي زما ٍ ك ِ هت ِ ُ سي َ ْ ش في أمان و َ يعي ُ
ها المشين ،وكانت ممن سل َك ِ َ م ْ ة بِ َ ت في الخيان ِ قط َ ْ س َ َ ن م ْ ]*[ يا َ
قال الله فيهم )وأن الله ل يهدي كيد الخائنين( ،اعلمي علم
َ
حْين ،ولو طال ق ولو بعد ِ هُر الح َ ْ
سوف ي ُظ ِ ن الله تعالى َ اليقين أ ّ
ع سنين ، ض ِ حْين إلى ب ِ ْ ذلك ال ِ
ت « 254خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نق الخلق ،فيأذ ُ فالموعدُ ) الن حصحص الحق ( حينما يأذن خال ٌ
ة
م َقا َ ســ َ ت َ فت الســرائر وب َ ـدَ ْ شـ َ غطــاء ،فانك َ ف ال ِ شـ َ ضــاء أن ي َك ْ ِ ق َ لل َ
َ َ
سَرار . وال ْ ب َ عُيو ُ ت ال ُ هر ْ وظ َ َ سَتار َ وال ْ ب َ ج ُ ح ُ ت ال ُ هت ِك َ ِ و ُ الضمائر َ ،
ه ،وإن الله قط ُ ْ س ِ ق لم ي ُ ْ ك با ٍ ك عند رب ِ ِ ج ِق زو ِ ]*[ واعلمي أن ح ّ
ه ،واعلمي كذلك أن فل ِت ْ ُ تعالى ُيملي للظالم ِ حتى إذا أخذَهُ لم ي ُ ْ
ك وأنت بين معاد ،فكيف ب ِ ك هي بئس الزادُ ليوم ِ ال ِ ج ِ ك ِلزو ِ خيانت ِ ِ
س زوجك بين ت رأ َ كس ِ عاد ،ويسألك لماذا ن َ ّ م َ ك يوم ال َ يدي رب ُ ِ
ب الجساد ، ذي ُ فري الكباد وي ُ ِ ه ي ُْبكي الفؤاد وي ُ ْ العباد ،فصار حال ُ ُ
سْر سلوب ،لنه لم ت ُك ْ َ م ْ ه ال َ ق كرامت ِ ع القلوب من ح ِ صار حاُله يخل ُ
كمر أعضائ ِ ك ود ّ ك وأعمى بصر ِ هَر ِ سَر الله ظَ ْ ك كَ َ كته إل ب ِ ِ شو َ
ك، ك ك ُل َ ِ وأتلف ِ
ة أبّية ر ٍ ح ِ حي ِّية ُ ، ة َ ة نقية ،عفيف ٍ ة تقي ٍ مح في زوج ٍ ك يط ْ َ ]*[ كان زوج ِ
ة
من ِّية ،زوج ٍ ،تحفظ غيبته وتصون كرامته وترافقه حتى تأتيه ال َ
عيُنه على ة تُ ِ سه من أجلها ،زوج ٍ ف َ ل نَ ْ ظه في نفسها ،ويبذ ُ ف ُ ح َ ت ْ
ره عدّ معه لقيام ِ الساعة ،لكن خاب أمُله بك ،وك َ ِ الطاعة ،وت ُ ِ
ب لم يؤثر القرآن فيه وادَ قلِبك ،قل ٌ س َ قت َله َ َ ك،و َ الدنيا من أجل ِ ِ
ة فيه ول التقوى تحتويه ، ب لم تدخل الخشي ُ ولم يعي معانيه ،قل ٌ
ب جحد معنى قوله ب لم ي ُل َي ِْنه القرآن ولم يخش الرحمن ،قل ٌ قل ٌ
ب صار أسيَر تعالى " هل جزاء الحسان إل الحسان" ،قل ٌ
العصيان والخذلن واستحواذ الشيطان ،
فعلك ،ول هنأ ُ بنوم ٍ كلما ذكر ِ رك ،فل ي َ ْ من ِذك ْ ِ ص ِ غ ُ ،صار حاُله ي ُن َ ّ
جْرمك ، ب فكُره عن ُ شك ،ول يغي ُ ح ِ ف ْ ره من ُ ب صد ِ ئ لهي ُ ينطف ُ
ك الحاِلك قت ََله سوادُ قلب ِ ب في هم ٍ وغم ،كأنما يبكي الدم * َ يتقل ُ
ل هالك ،هل أعددت لهذا ك مطمعا ً لك ِ ك المهالك ،وصّير ِ كيف أورد ِ
ة أو السؤال جوابا ،وللجواب صوابا ،وأنت لتملكين حينذاك توب ً
مآبا *
]*[ يا أسوةً للمفسدين ،ويا قدوةً للطاغين ،يا أساس
عم ِ الله جاحدين ، م ل ِن ِ َ ه ْ الفاسقين ،ويا إمام الخائنين الذين ُ
كمدِْبرين ،وعلى انتها ِ ل ُ والذين هم للرذائل ناشرين ،وللفضائ ِ
ع
من ْب َ َ مِته محرومين ،يا َ ص َ ع ْ ق الله و ِ قِبلين ،ولتوفي ِ م ْ حُرمات ُ ال ُ
هين ، م ِ عِلك ال ُ ف ْ مشين و ِ كك ال َ سل َ ِ م ْ مين ب ِ َ ة الكر ِ م َ صي َ خ ِ الرذلين ،ويا َ
و مبين س أجمعين ،يا عد ٌ ن اللعين ،يا شَر النا ِ جن ْدَ الشيطا ِ يا ُ
ة
ر ذي القو ِ ط الجبا ِ ك سخ َ ط الله علي ِ سل ّ َ ض المسلمين َ ، لعرا ِ
ك ت وحين ،وأذاق ِ ك أشدّ العذاب في كل وق ٍ ب علي ِ المتين ،وص ّ
س أجمعين . هين ،حتى تكوني عبرةً للنا ِ م ِ ب ال ُ عذا ِ ألوانا ً شتى من ال ُ
قين مرارةَ خيانتك ]*[ اعلمي أيتها اللئيمة الخائنة الثيمة أنك ستذُ ِ
ذقين عاقبة لزوجك وامتداد عينك لغيره _ فقأ الله عينك _ ست ُ
ت « 255خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
بغيك في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي rفي
الحديث التي :
)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي rقال :بابان معجلن
عقوبتهما في الدنيا :البغي و العقوق .
ة
س َ
خ ْ
ن مدى ِ
ك هذه القصة لتعلمي علم اليقي ِ ] * [ وأسوق إلي ِ
ك بين الصالحات
دن ِ
ع َ
م ْ
ة َ
داءَ ِ
وَر َ
ك َ
ك ودناءة طبعك وسواِد قلب ِس ِ نَ ْ
ف ِ
القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله :
]*[]*[]*[]*[
ت « 256خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
م ارتباطك بهذا الشيخ العجوز أيها المرأة ،إنك شابة جميلة ،فل ِ َ
الذي ل يمتلك من حطام الدنيا إل ّ أخلقا ً سيئة وجمل ً هزيل ً ،
بالضافة إلى شكله القبيح؟!.
فأجابت بعد أن بان عليها المتعاض :أيها الرجل أتريد
اليقاع بيني وبينه ،ألم تعلم بأن الدنيا زائلة والخرة دائمة ،وإنني
بعملي هذا أروم رضا الله تعالى ،ألم تسمع قول رسول الله صلى
الله عليه وآله:
"اليمان نصفان :نصف في الصبر ،ونصف في الشكر".
ملي لسوء خلقه يصل بي إلى درجات الصبر الساميات ، وإن تح ّ
وعليه يجب أن أشكر الباري تعالى على هذه النعمة ،فنعمة الصبر
تحتاج إلى شكر ،لذا سأديم خدمتي لزوجي حتى يكتمل إيماني.
هذه هي المرأة المسلمة الحقيقية ،ل تلك التي تنساق وراء
ر زوجها ،وهذا ما المغريات بسهولة ،ول التي تمتد عينها إلى غي ِ
كرن للدب ، شاهدناه ـ مع السف ـ في بعض النساء اللواتي تن ّ
عفة والفضيلة واستوطئن الرزيلة ،وكان فيهن وانسلخن من ال ِ
ل إلى الحرام والعياذ بالله كقوله rفي صحيح مسلم ) مائل ٍ
ت مي ٌ
َ
مميلت ( .
ي أن أبين أصناف النساء في حفظهن ] ثم أرى أنه ِلزاما ً عل ّ
لغيبة أزواجهن [:
ت « 257خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت
ع ْخل َ َ جها_ وهو حاصل من أي زوج أحيانا ً _ َ ي عليها زو ُ س َ ق ِ إذا َ
خطام ]*[ _ زمام بل ِ ة ال ِ فُلوت َ م ْ سها ،وصارت َ ة عن نف ِ جام ِ الخشي ِ ِل ِ َ
ل إلى الحرام ول يظهر ذلك إل مي ْ ٌ وذلك لنها في الساس عندها َ
ت مميلت ( في هذه المواطن _ كقوله rفي صحيح مسلم ) مائل ٍ
ره ،وامتدت عينها غي ْ ِ ت إلى َ ف ْ جها ،والت َ َ ة زو ُ حفظ غيب َ ،فلم ت َ ْ
ت إلى الحرام ، ف ْو َش َ ة الخائنة الثيمة إلى غير زوجها ،وت َ َ اللئيم ِ
نل طريق ،و استبدلت بالستقامة روغا َ ر بك ِ جو ِ ف ُت إلى ال ِ سع ْ و َ
ث عن المثالب ،ولول أنها ألَنت الجانب ما حت تبح ُ الثعالب ،وَرا َ
خالب ، اقترب منها أحدٌ من الجانب ،ول أظهروا لها الم َ
وا ت ممن )إذا خل ْ ل :أنهم لم يفترسوها إل لنها كان ْ والحاص ُ
ه انتهكوها( ،ولو كانت غيَر ذلك ما اقترب منها هالك ، رم الل ِ بمحا ِ
جها شين ،وخانت زو َ م ِ ل ال َ دمت اللين ،فعلوا بها الفع َ فلما ق ّ
ر ِذي عَرضت إلى سخط الجبا ِ سرت الدنيا والدين ،وت َ َ خ ِ المين ،ف َ
ت وحين ، ل وق ٍ ب في ك ِ ب الله عليها أشدّ العذا ِ ص ّ ة المتين َ ، القو ِ
مهين * فلما خضعت بالقول شتى من العذاب ال ُ وأذاقها ألوانا ً َ
غَرض وتناست أن الله تعالى ك منها َ ل هال ٍ سك ِ أنشأت في نف ِ
ض " وما مَر ٌ ه َ ْ
قلب ِ ِ في َ ذي ِ ّ
ع ال ِ م َ ْ
في َط َ ل َ و ِ ق ْ ْ
ن ِبال َ ع َ ض ْ خ َ فَل ت َ ْ يقول " َ
ة معدنها، ة نفسها وسواِد قلِبها ،ورداء ِ عها ودناء ِ ة طَب ْ ِ خس ِ ذلك إل ل ِ ِ
قلِبها، ك سواِد َ حل َ َ فما أ ْ
ب وبور ،وما فيه من نور ،قلبٌ لم يؤثر القرآن فيه ولم ر ٌ خ ِ ب َ قل ٌ
بة فيه ول التقوى تحتويه ،قل ٌ ب لم تدخل الخشي ُ يعي معانيه ،قل ٌ
ب جحد معنى قوله تعالى " لم ي ُل َي ِْنه القرآن ولم يخش الرحمن ،قل ٌ
ب صار أسيَر العصيان هل جزاء الحسان إل الحسان" ،قل ٌ
مْرها في ة ت ُدَ ِ ة لعن ً ل خائن ٍ والخذلن واستحواذ الشيطان ،لعن الله ك ّ
كها يوم عرضها على ربها . هل ِ ْ نفسها ،وتدخل معها قبرها ،وت ُ ْ
عسة _ قاتلها الله _ تناست أن الله تعالى تنبيه:هذه الشقية الت َ ِ
عن الحرام سواء كان لها زوج أم ل ،وإنما أمرها بحفظ
جعلت عقوبة الزنى في المرأة المتزوجة أشنع عقوبة )الرجم( ُ
لحصول تمام النعمة على المرأة بالزواج والحصان ،فمن التفتت
جل و ٌ ع َكدةٌ فيها ِ ة نَ ِ جِبل ٌ ل ذلك على أنها ِ بعد ذلك إلى الحرام د ّ
ل إلى الحرام كقوله rفي صحيح مسلم مي ٌ ي ُْرجى اعتداله وفيها َ
خسة ة نفسها و ِ ت مميلت ( ،وكان ذلك دليل ً على دناء ِ ) مائل ٍ
عدَِنها وهوانها على رِبها فصارت م ْ
عها وسواِد قلبها ورداءة َ طب ِ
فساء( التي تدفع بأنفها الن ََتن خن ْ ِ جعلن )ال ُ أهون على الله من ال ِ
ح يأوي ج صال ٍ ة الله تعالى و تناست منته إليها بزو ٍ لنها كفرت بنعم ِ
ت « 258خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
واليها فبدلت الشكر الجزيل والعرفان إليها وتحتمي به دون من ح َ
بالجميل بالفعل الوبيل ،
ريدة _ قاتلها م ِ
وأنت إذا أمعنت النظر في حال هذه الشيطانة ال َ
الله _ وجدت حالها أنها تناءت عن شرع الحميد المجيد وكأنها
ع جديد مصدره إبليس عليه لعنة الله فقد صّيرت نفسها جاءت بشر ٍ
أحد جنوده تقول فيه لزوجها بلسان حالها :إذا عاملتني كما أريد
ة لك وإل قمت بالخيانة مع غيرك ،وكأنها قاتلها الله مخِلص ً ت ُ صر ُ ِ
جعلت حفظها لنفسها عن الحرام مكافأةً لزوجها إذا عاملها كما
تريد هي بتفكيرها المذموم وعقلها المشئوم ،فهي ل تريد تقويما ً
زمام ول تفهيما ً ول تقبل تأديبا ً ول تهذيبا ،تريد أن تكون مفلوتة ال ِ
خطام _ فإذا قسي عليها أحيانا ً _ ذهبت إلى الحرام وكأنها بل ِ
شَرفه ، عْرضه و َ قبه أو تنتقم منه فتطعنه في أعز ما يملك وهو ِ ُتعا ِ
عسة المحرومة من وتناست هذه الشيطانة المريدة الشقية الت َ ِ
سدْ إل ف ِ مته أنها لم تنتقم إل من نفسها ولم ت ُ ْ ص َ ع ْ توفيق الله و ِ
شها قد أوقعت نفسها ح ِ هِلك إل دينها ودنياها لنها ب ِ ُ
ف ْ قلبها ولم ت ُ ْ
ة ل مخرج لها منها أبدا ل في الدنيا ول في الخرة على ً في ورط ٍ
التفصيل التي :
]*[ فأما في الدنيا :فإن زوجها متى تبين من جنايتها وخيانتها
س القتران مه من دَن َ ِ هر اس َ تقّرب إلى الله تعالى بطلقها ،وط ّ
طر َف ِ ب عليها الدعاء صّبا حتى ين َ فعلها ،وص ّ بها ،وتبرأ إلى ربه من ِ
ة في حقه . ع جناي ٍ ً
دها ،جزاءا لرتكابها لشن ِ عق ُ ِ
وهي كذلك لبد أن ترى عقوبة خيانتها لزوجها في الدنيا قبل
الخرة إيمانا ً وتصديقا ً بقول النبي rفي الحديث التي :
)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي rقال :بابان معجلن
عقوبتهما في الدنيا :البغي و العقوق .
الشاهد :
قوله ) rبابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت
فاعليها
م أفحش من ) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ
خياتة الزوجة لزوجها .
]*[ وفي الخرة :يأخذ من حسناتها بقدر مظلمتها له ،فعند الله
حه جْر ِصل ُ ص من الظالم ِ للمظلوم ،فيقت ُ قت َ ُخصوم وي ُ ْ ع ال ُتجتم ُ
ق كرامته المهضوم من فعلها المشئوم ،وليس هناك المكلوم وح ِ
ة لزوجها وهنا نذكر الحديث التي : ة الزوج ِ ة خيان ِ أبشع من مظلم ِ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
عْرضه أو شيء النبي rقال ) :من كانت له مظلمة لخيه من ِ
فليتحلله منه اليوم قبل أن ليكون دينارا ً ول درهما ،إن كان له
ت « 259خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أ ُ ِ
خذَ من خذَ منه بقد ِحسنات أ ُ ِ
ملت عليه (. ح ِف ُسيئاته َ
ت « 260خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ ولو علم الله تعالى من قلبك الصدق في النجاة من الزلل
لم ك الع ّ ك المل ُ صم ِ ك لصالح العمل ،وع َ ك من الزلل ،ووفق ِ جا ِ لن ّ
ر اليام فإن ر ومرو ِ من الرزايا والثام على مدى انصرام ِ العم ِ
الصدق منجاة وإن العبد إذا صدق مع الله تعالى صدقه الله
مصداقا ً لقول النبي rفي الحديث التي :
)حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي ( أن النبي rقال :إن
تصدق الله يصدقك .
]*[ كان الحسن البصري إذا ذكر أهل المعاصي يقول :هانوا على
الله فعصوه ،ولو عزوا عليه لعصمهم .
طلع الله تعالى على قلبها ووجد فيه صدق النية في ]*[ فإذا ا ّ
عدم الوقوع في الفاحشة كتب الله تعالى لها النجاة ل محالة ،وما
م من م جنود ربك إل هو ،فل يتوهم إنسان أن الله تعالى يعل ُ يعل ُ
عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة ثم يتركه يقع فيها ،
متعال ،بل هو فوق ما يخطر ببال محال عند ربنا الكبير ال ُ هذا أمٌر ُ
ن في الحرام إل كان عنده أو يدور في الخيال ،والله ما وقع إنسا ٌ
ن النسان م رُبك أحدا ،لك ّ ل إلى الحرام والعياذ بالله ،ول يظل ُ مي ٌ َ
إذا اتبع هواه وسار أسيرا ذليل وراء شهواته تراه يقيم العذر ً ً
ه التأويل ،ويريد أن م ِفق لها بزع ِ وي ُل َ ِلنفسه و يلتمس لها الدليل َ
ه ويقول :هم السبب في ل الناس جميعا ً السبب في خطأ ِ م ّ ح ِيُ َ
وتي ،وأحيانا ً يلقي اللوم على ق َ ش ْ َزلتي وهم الذين دفعوني إلى ِ
القدر فيقول هو السبب في ذلك كما حصل في عهد الخليفة
وا بسارق فسأله عمر رضي الله الراشد عمر ابن الخطاب حينما أت ْ
قدَُر الله يا أمير مَلك على ذلك ؟ فقال له َ : ح َتعالى عنه :ما َ
المؤمنين فقال له الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله
ر الله ،وهكذا تجد النسان إذا د ِ ق ِ تعالى عنه :ونحن نقطع يدك ب ِ َ
مّرة خفي الحقيقة ال ُ اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته ي ُ ْ
ل إلى الحرام والعياذ مي ٌ ن عنده َ التي دفعته إلى الفجور وهي أ ّ
ن الظن بربه تعالى كما أحسن الظن بنفسه س َ ح َبالله ،فل َي َْته أ ْ
ت به في مستنقع الرذائل م ْاللئيمة الخائنة الثيمة التي أهلكته وَر َ
ً
والثام ،لكن هيهات فإن هذا ل يغير من الحقيقة شيئا بل هو يزيد
عي ْب َا ً و َ ف إليه ذنبا ً إلى ذنوبه َ ضي ُ ن ب َِلة ،وي ُ ِ المُر سوءا ً ويزيدُ الطي ُ
إلى عيوبه .
قبَلت و ِ مسألة :هل المرأة إذا كلمت رجل ً أجنبيا ً بغير إذن زوجها َ
ة زوجها ؟ منه تخبيبا ً ،هل تكون قد حفظت غيب َ
الجواب :ل تكون هذه الشقية التعسة حفظت غيبة زوجها لسببين
؟
ت « 261خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أول ً :أنها كلمت رجل ً أجنبيا ً بغير إذن زوجها وهذا مما نهى النبي
rعنه كما في الحديث التي :
)حديث عمرو بن العاص في صحيح الجامع( أن النبي rنهى أن
تكلم النساء إل بإذن أزواجهن .
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
ت « 262خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ماله كله ،ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله ،ول يعدل
ذلك عنده إل سفك دمه ،فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل
ز في سبيل الله وقف له الجاني الفاحشة ،فإن كان ذلك ح ّ ً
قا لغا ٍ
الفاعل يوم القيامة ،وقيل له :خذ من حسناته ما شئت ،كما
أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ،ثم قال :فما ظنكم ؟! أي
:فما تظنون تبقى له من حسناته ؟،
حْرمة) حديث بريدة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي rقال ُ :
نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم و ما من رجل من
القاعدين يخلف رجل من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إل
ف له يوم القيامة يأخذُ من عمله ما شاء فما ظنكم ؟ ق َ و ِ
ُ
فإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلوم جارا ً ،أو ذا رحم محرم :
تعدد الظلم ،وصار ظلما مؤكدا لقطيعة الرحم وأذى الجار ،ول
يدخل الجنة قاطع رحم ،ول من ل يأمن جاره بوائقه .
)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :ل يدخل
الجنة من ل يأمن جاره بوائقه .
قب َِلت التخبيب وامتدت تنبيه :ولعل المرأة الفاسدة الذي َ
ة:عينها اللئيمة الخائنة الثيمة إلى غير زوجها لعلها تقول مستخف ً
ة تثبت ذلك ،فنقول وكيف يعرف زوجي ذلك ؟! ،وليس لديه بين ٌ
هذا صحيح لكنه وإن لم يكن لديه بينة لكن لديه أقوى سلح وهو
عْرضي م استغفلوني وتجرؤا على ِ تعليق الدعاء )اللهم إن كان قو ٌ
ع يردعهم اعتمادا ً منهم على أني ل أعلم وأهدروا كرامتي دون راد ٍ
ل ذلك على ُ
بذلك ،فإن كان علمي قاصٌر _ وهو كذلك _ فإني أحي ُ
غي َْرتك على محارمك ل ذلك على َ علمك الذي أحاط بكل شيء وُأحي ُ
فانتقم لي منهم ودمرهم تدميرا ً ول ترحم فيهم مغرز إبرة ،
واحرمهم من عافيتك في الدنيا واحرمهم من جنتك يوم القيامة ،
واجعلهم يطلبون فل يجدوه ،واكسر ظهورهم وأعمي أبصارهم
لش ّ
دع بنيانهم وأتلفهم و ِ مر أعضائهم ،اللهم اقتلهم وص ّ ود ّ
أركانهم واجعل الدائرةَ عليهم .
تنبيه :المرأةُ إذا كانت فاسدة ارتكبت في معاملتها مع زوجها
مة ،وهذه الجنايات كأ ّة لهل ِ ة منها كافي ٌ ثلث جنايات ك ُ
ل جناي ٍ
هي :
الجناية الولى :أنها تطيل لسانها على زوجها الذي هو أعظم
الناس حقا ً عليها
الجناية الثانية :إذا أراد زوجها تقويمها أو تأديبها على ذلك
ر إذنه وقبلت ل أخر تكلمه بغي ِ استنكفت واستكبرت وذهبت إلى رج ٍ
منه تخبيبا ً ،واستكبرت على شرع الحميد المجيد الذي يأمر بالصبر
ت « 263خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ع جديد مصدُره إبليس لعنه الله ،ولسان على الزوج وأتت بشر ٍ
حالها يقول :
أيها الزوج :اعلم علم اليقين أنك إذا عاملتني كما أريد بدون
ة لك وإل ذهبت إلى غيرك ت مخلص ً تقويم ول تهذيب ول تأديب كن ُ
وكلمته بدون إذنك وتطلعت إليه وقبلت منه تخبيبا ً ،وكأن الصبر
زمام بل ة ال ِ على الزوج ليس شرعا ً ،لنها تريد أن تكون مفلوت َ
خطام . ِ
ة
وكأنها قاتلها الله جعلت حفظها لنفسها عن الحرام مكافأ ً
لزوجها إذا عاملها كما تريد هي بتفكيرها المذموم وعقلها
المشئوم ،فهي ل تريد تقويما ً ول تفهيما ً ول تقبل تأديبا ً ول
خطام _ فإذا قسي عليها زمام بل ِ تهذيبا ،تريد أن تكون مفلوتة ال ِ
قبه أو تنتقم منه فتطعنه في أحيانا ً _ ذهبت إلى الحرام وكأنها ُتعا ِ
شَرفه ،وتناست هذه الشيطانة المريدة عْرضه و َ أعز ما يملك وهو ِ
مته أنها لم تنتقم ص َ
ع ْ عسة المحرومة من توفيق الله و ِ الشقية الت َ ِ
هِلك إل دينها ودنياها ، سدْ إل قلبها ولم ت ُ ْ ف ِ إل من نفسها ولم ت ُ ْ
وت نفسها بالعشيقة التي ل تريد إل كلما ً معسول ً فانظر كيف س ّ
لبة دون أدنى استعداد للصبر على الزوج ،وكأن الصبر أو أوقاتا ً خ َ
على الزوج الذي هو أعظم الناس حقا ً عليها ل يخطُر لها على بال،
فانظر إليها كيف جعلت زوجها ليس له وزنا ً بين الرجال وخفضت
مكانته بعد أن صانها ورفعها ،
ثم انظر إليها كيف أهدرت كرامة زوجها وصيرته ذليل ً بعد أن
أعزها ،وألصقت به ذُل ً ل يزال محفورا ً في ذاكرته حتى يموت ،
ئ مادام حيا وألهبت في صدره لهيبا ً ل ينطف ُ
سق الرأ ِ ر ِمطْ ِ ق عليه ُ مشف ٍ صّيرت منزلَته بين الناس ما بين ُ
ر
ث حقي ٍ ضه متهافت ،وثال ٍ عْر ِ ض في ِ ز عليه للخو ِ صامت ،و متغام ٍ
عي لها المروءةَ لنه عن إخبار زوجها ع لئيم ي َدّ ِ مت ،وراب ٍ فيه متشا ِ
مقاِبل ،لنه لسكوته عن بفعلها ساكت ،ثم تراه يطلب منها ال ُ
ر إلى دمار ، ل من دما ٍ إخبار زوجها بفعلها قابل ،فصارت تنتق ُ
ر إلى شنار * وصار زوجها أشقى ي إلى عار ومن عا ٍ خز ٍ ومن ِ
سْر شوك َُته إل بها ،كسر الله ظهرها ، جرمها لنه لم ت ُك ْ َ الناس ب ِ ُ
ست َْرها ،وأخرجها من مر أعضاءها ،وهتك ِ وأعمى بصرها ،ود ّ
الدنيا كّلها ،
مها وخيانِتها مها ولؤ ِ فعلها ،وسحقا ً لها لشؤ ِ ع ِ ً
فتعسا لها بشني ِ
ة لم تخش ربها ولم ة خسيس ٍ لزوجها ،وت َب ّا ً لها من امرأةً دنيئ ٍ
ة من فعلها ،واحتوتها ة زوجها * وتقشعُر الفضيل ُ غيب َ تحفظ َ
ة لقبحها ، الرزيل ُ
ت « 264خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
خّلت ما ت َ َ لم تمتثل للفضيلة طاعة ،ولها في الرزيلة باعا * * ل ّ
ة الرحمن وامتثال القرآن ،و لما جحدت معنى قوله عن خشي ِ
وك ََلها الملك الدّيان إلى ن إل الحسان َ ، تعالى هل جزاءُ الحسا ِ
ة عند ربها العصيان والخذلن واستحواِذ الشيطان ،فصارت ممقوت ً
ل أركانها ، ش ّ دع بنيانها ،وأتلفها و َ ل زمان * قاتلها الله وص ّ في ك ِ
ن من كانت على شاك ِل َِتها ،لعن الله كل ن مثُلها ،ول ُُتصا ُ فل ُتؤتم ُ
مْرها في نفسها وتدخل معها قبرها وتهلكها عند ة ت ُدَ ِ خائنة لعن ً
عرضها على ربه .
ة _ وإن لم ة جاد َ ة تربت في بيت أهلها تربي ً هل يخطُر ببال امرأ ٍ
تكن صالحة _ أن تتفق مع عدو زوجها علي زوجها لتقتله هما ً وغما ً
فضه ، ذله ،أيرفعونه وتخ ِ مه ،أُيعزونه وت ُ ِ سل ِ ُ ،أيحميه الناس وت ُ ْ
ي بالقار ،هل مطل ٌ ْ ة وصغار كأنه ّ قدَْره وتجعله هي في ِذل ٍ أُيعلون َ
مث ُْلها ول ن ِ م ُ قَتنى ؟! ل والله بل هي امرأةٌ ل ُتؤت َ َ هذه امرأةٌ ت ُ ْ
ة بها ، ل لحظ ً ل البا ُ غ ُ ش َن من كانت على شاك َِلتها ،بل ول ي ُ ْ ُتصا ُ
ن، ْ َ ُ على ُ َ َ
سَرا ِ خ ْ وال ُ غ َ ل الّزي ْ ِ ه ِ بأ ْ قلو ِ ن َ ما ِ لي َ لا ِ ه ِ بأ ْ فقد لبست ث َِيا َ
ه ْ
ل ما أجحدها لقوله تعالى ) َ قي َ ها ْ َ َ
و َ
ن! َ ما ِ لي َ ةا ِ ق ِ ح ِ ن َ ع ْ عدَ ُ ما أب ْ َ ف َ
نم ْ ن( ،ولبئس ما اختارت لنفسها ِ سا ُ ح َ ن إ ِّل اْل ِ ْ سا ِ ح َ جَزاء اْل ِ ْ َ
دع بنيانها وأتلفها ن ،قاتلها الله وص ّ سَرا ِ خ ْ وال ُْ ي َ خْز ِ ْ
وال ِ نَ ، وا ِ ه َ ْ
ال َ
ل أركانها . وش ّ
الجناية الثالثة :
أنها بعد أن أهدرت كرامة زوجها ولم تجعل له وزنا ً بين الرجال
وخفضت مكانته بعد أن صانها ورفعها ،و وأذلته بعد أن أعزها ،
وبعد أن صدر منها خائنة العين بامتداد عينها اللئيمة الخائنة
الثيمة إلى غير زوجها ،وحصل منها ذلك في شيء معلوم من
مهعل ِ علم ،ويستوي في ِ الدين بالضرورة فل يحتاج إلى زيادة ِ
رّية و البدوّية ،فهو ض ِح َ وّية ،وال َ دنّية و القَر ِ م َ مّية ،وال َ المتعلمة و ال ُ ِ
عرفان ، ج إلى برهان ول مزيد ِ ح البيان ول يحتا ُ أمٌر واض ُ
تراها بعد ذلك تخلع جريمتها لتلبسها لزوجها المكلوم وتقول
أنت الذي دفعتني إلى ذلك لنك أدبتني حين أطلت لساني عليك
وليس لك حق في القوامة أو التأديب ،فليتها أحسنت الظن بربها
كما أحسنت الظن بنفسها اللئيمة الخائنة الثيمة إذ لو الله من
قلبها خيرا ً لعصمها من الزلل ووفقها لصالح العمل والله تعالى
خْيرًا( ]النفال [70 / م َ ؤت ِك ُ ْخْيرا ً ي ُ ْ م َ قُلوب ِك ُ ْ في ُ ه ِ عل َم ِ الل ّ ُ يقولِ) :إن ي َ ْ
ظها بحفظه وكان ف َ ولو أحبها الله تعالى لصاَنها بصيانِته وح َ
سبحانه سمعها الذي تسمع به ويدها التي تبطش بها ورجلها التي
تمشي بها مصداقا ً لقول النبي rفي الحديث التي ) :حديث أبي
ت « 265خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري( أن النبي r
قال :أن النبي rقال :قال الله تعالى من عاد لي وليا ً فقد آذنته
ء مما افترضته عليه ،وما ى عبدي بشي ٍ بالحرب ،وما تقرب إل ّ
ي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه يزال عبدي يتقرب إل ّ
الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله
الذي يمشي بها ،ولئن سألني لعطينه ولئن استعاذني لعيذّنه ،
ت عن شيءّ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره وما تردد ُ
الموت وأنا أكره مساءته .
ب وبور وما فيه من طلع على قلبك ووجده خر ٌ ولكنه سبحانه لما ا ّ
ك الع ّ
لم ، ت من عين المل ِ قط ِ س َ َ ل إلى الحرام ِ مي ُنور ،ورأى فيه ال َ
ة على هذا محال َكل َ حاسب ِ ة للرزايا والثام ،ثم ي ُ َ ك فريس ً وترك َ ِ
ت
صْر ِ ك إلى نفسك لنك ِ كل ِ و َ و َالجرام ،فسلب حفظه عنك َ
فساء( التي تدفع خن ْ ِجعلن )ال ُ بسواد قلبك أهون على الله من ال ِ
غي ََتها إل في مواطن القذر والن ََتن ، بأنفها الن ََتن والتي ل تجد ب ُ ْ
جاهاولو علم الله تعالى من قلبها الصدق في النجاة من الزلل لن ّ
لم من ك الع ّصمها المل ُ من الزلل ،ووفقها لصالح العمل ،وع َ
ر اليام فإن الصدق ر ومرو ِ الرزايا والثام على مدى انصرام ِ العم ِ
ً
منجاة وإن العبد إذا صدق مع الله تعالى صدقه الله مصداقا لقول
النبي rفي الحديث التي :
)حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي ( أن النبي rقال :إن
تصدق الله يصدقك .
]*[ كان الحسن البصري إذا ذكر أهل المعاصي يقول :هانوا على
الله فعصوه ،ولو عزوا عليه لعصمهم .
طلع الله تعالى على قلوبهم ووجد فيه صدق النية في فإذا ا ّ
عدم الوقوع في الفاحشة كتب الله تعالى لهم
م جنود ربك إل هو ،فل يتوهم إنسان أن النجاة ل محالة ،وما يعل ُ
م من عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة الله تعالى يعل ُ
متعال ،بل هو محال عند ربنا الكبير ال ُ ثم يتركه يقع فيها ،هذا أمٌر ُ
ن في فوق ما يخطر ببال أو يدور في الخيال ،والله ما وقع إنسا ٌ
م رُبك ل إلى الحرام والعياذ بالله ،ول يظل ُ مي ٌالحرام إل كان عنده َ
أحدا .
ت « 266خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
غّيه وأصّر على باطله ،وأظهر العداوة وكشف فيها وتمادى في َ
سر ل ِث ََامه وكشف عن أنيابه يلتمس العثرات ويترقب ح َ قناعه و َ ِ
ض والسماوات ،فورب ب الر ِ الهفوات وتناسى مراقبة ر ِ
مصانع الذي مخادع ال ُ ض إنما توعدون لت ،هذا ال ُ السماوات والر ِ
م في العسل لنه أروغ من س الس ّخاخ وي َدُ ّ ف َ ينصب المكائد وال ِ
سيلمة ،وهو كذلك أذل من م َ ثعلب وأحقدُ من جمل وأكذب من ُ
ق من ر أهله ،وهو كذلك أع ّ حما ِ ل من ِ هانة وأض ُ م َن من ال َ نعل وأهو ُ
ضب وأضّر من الجرب وأشُر من البرص ،هذا العتي الغوي الظالم َ
الغاشم المتغطرس ،بظلمه وبطشه أورد نفسه المهالك وحملها
ده ص ّ كبا ً ف َ مْر َ ر الموبقة ،استحوذ عليه الشيطان واتخذه َ على المو ِ
دهطه في الغرور وزين له سوء عمله فص ّ عن النابة وأملى له فوَر ّ
عن سواء السبيل ،
خـــــه فَرا ِ صــار من أ ْ قـدْ َ فخـاخــه بل َ س في ِ صــادَهُ إبليـ ُ قد َ
مهالك وأورد نفســــــــه في ال َ عري من أبـاح ذلك شـــــ ْ ت ِ فليـ َ
ل أركانه ،كسر الله ظهره دع بنيانه ،وأتلفه وش ّ قاتله الله وص ّ
فه كله ،اللهم العنه َ مر أعضائه وهتك ستره وأتل َ وأعمى بصره ود ّ
ضه عْر ِ كه يوم َ هل ْ
وت ُ ْه َ ل معه في قبر ِ خ ُ ه وت َدْ ُمْره في نفس ِ ة ت ُدَ ِلعن ً
على ربه ،اللهم اجعل الدائرةَ عليه وأصْبه بنفسه وأهله ودمْره
تدميرا ،اللهم أنزل عليه بأسك الذي ل ي َُرد عن القوم ِ المجرمين ،
رَز إبره ،حتى يكون عبرةً لمن يعتبر لئل غ ِ م ْ م الله فيه َ ح َل َر ِ
علهف ْ ن بِ ِضال بين المسلمين ،ولئل يستهي ُ ع َ
ض ال ِيستشرى هذا المر ِ
شين . م ِ وَلت له نفسه أن يفعل هذا الفعل ال َ س ّمن ِ
مهين علم اليقين أنه سيرى عاقبة ]*[ و ليعلم هذا الشقي ال َ
ظلمه وبغيه في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي r
في الحديث التي :
)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي rقال :بابان معجلن
عقوبتهما في الدنيا :البغي و العقوق .
الشاهد :
قوله ) rبابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت
فاعليها
م أفحش من ) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ
خياتة
ضاّر ]*[ وليضع نصب عينيه أن الجزاء من جنس العمل وأنه من َ
أضَر الله به.
ة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي r م َصْر َ )حديث أبي ِ
ضاّر أضَر الله به و من شاقّ شاقّ الله عليه . قال :من َ
) من ضاّر ( بشد الراء أي أوصل ضررا ً إلى مسلم بغير حق
ت « 267خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)أضَر الله به الّله به ( أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في
العقبى
) ومن شاق ( بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو
غيرها
) شق الّله عليه ( أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على
فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة عليه
نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته .
)حديث جابر في صحيح أبي داود( أن النبي rقال :ما من امرئ
ك فيه ه ُ
ه و ي ُن ْت َ َ
ض ِعْر ِ
ص فيه من ِ ق ُ ذل امرءا ً مسلما في موطن ي ُن ْت َ َ يخ ُ
صرِته و ما ب فيه ن ُ ْح ُ
ن يُ ِ
وط ِ ٍ خذََله الله تعالى في َ
م ْ ه إل َ
مت ِ ِ
حْر َمن ُ
من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك
فيه من حرمته إل نصره الله في موطن يحب فيه نصرته .
)ما من امرئ يخذل ( بذال معجمة مضمومة قال تعالى } وإن
يخذلكم {
) امرءا ً مسلما ً ( أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ول ينصره
) في موضع ينتقص فيه من عرضه ( بكسر العين ) وينتهك
فيه من حرمته ( بأن يتكلم فيه بما ل يحل والحرمة هنا ما ل يحل
انتهاكه قال الجوهري :انتهك عرضه بالغ في شتمه ) إل خذله
الّله في موطن يحب فيه نصرته ( أي في موضع يكون فيه أحوج
لنصرته وهو يوم القيامة فخذلن المؤمن حرام شديد التحريم
دنيويا ً كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فل يدفعه
أو أخرويا ً كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك
) وما من أحد ينصر مسلما ً في موطن ينتقص فيه من عرضه
وينتهك فيه من حرمته إل نصره الّله في موطن يحب فيه نصرته
( وهو يوم القيامة .
) حديث المستورد رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن
النبي rقال :من أكل برجل مسلم أكله فإن الله يطعمه مثلها من
جهنم ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم
ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة
ورياء يوم القيامة .
وهآنذا أسوق لك قصصا ً تبين سوء عاقبة التخبيب لعلها تجد لك
في سمعك مسمعا ً وفي قلبك موقعا ً عسى الله أن ينفعك بها
ويفقك إلى تنفيذها :
مسحاة قصة صاحب ال ِ
عن عطاء بن السائب عن ميسرة قال كان رجل من بني إسرائيل
من عباد بني إسرائيل يعمل بالمسحاة وكانت له امرأة من أجمل
ت « 268خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نساء بني إسرائيل فبلغ جبارا من جبابرة بني إسرائيل جمالها
فأرسل إليها عجوزا فقال خببيها عليه وقولي لها ترضين أن
تكوني عند مثل هذا الذي يعمل بالمسحاة ولو كنت عندي لحليتك
بالذهب وكسوتك بالحرير وأخدمتك الخدم يعني فقالت لها
وكانت تقرب إليه فطره وتفرش له فراشا فلم تفعل وتغيرت
عليه فقال يا هنتاه ما هذا الخلق الذي ل اعرفه قالت هو ما ترى
قال فطلقها فتزوجها جبار بني إسرائيل فلما دخلت عليه وأرخيت
الستور عمي وعميت فأهوى بيده ليلمسها فجفت يده وأهوت
بيدها تلمسه فجفت يدها وصما وخرسا ونزعت منهما الشهوة
فلما أصبحا رفعت الستور فإذا هم صم عمي خرس فرفع خبرهما
إلى نبي بني إسرائيل فرفع خبرهما إلى الله تعالى فقال إني
لست أغفر لهما أبدا ظنا أن ليس بعيني ما عمل بصاحب
المسحاة .
]*[]*[]*[]*[
قصة أبو مسلم الخولني
كان أبو مسلم الخولني إذا انصرف من المسجد إلى منزله كبر
على باب منزله فتكبر امرأته فإذا كان في صحن داره كبر فتجيبه
امرأته فإذا بلغ باب بيته كبر فتجيبه امرأته فانصرف ذات ليلة فكبر
عند باب داره فلم يجبه أحد فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه
أحد فلما كان في باب بيته كبر فلم يجبه أحد وكان إذا دخل بيته
أخذت امرأته رداءه ونعليه ثم أتته بطعامه
قال فدخل فإذا البيت ليس فيه سراج وإذا امرأته جالسة في
البيت منكسة تنكت بعود معها
فقال لها مالك فقالت أنت لك منزلة من معاوية وليس لنا خادم
فلو سألته فأخدمنا وأعطاك فقال اللهم من أفسد علي امرأتي
فاعم بصره ،قال وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت زوجك له
منزلة من معاوية فلو قلت له يسأل معاوية يخدمه ويعطيه عشتم
قال فبينا تلك المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها فقالت ما
لسراجكم طفئ قالوا ل فعرفت ذنبها فأقبلت إلى أبي مسلم
تبكي تسأله أن يدعو الله عز و جل لها يرد عليها بصرها
قال فرحمها أبو مسلم فدعا الله عز و جل لها فرد عليها بصرها .
ت « 269خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ع ٰـم ِ
و ٱلن ْ َ ة َم ِ
و َ
س ّ ل ٱل ْ ُ
م َ خي ْ ِ و ٱل ْ َ
ة َ ض ِ و ٱل ْ ِ
ف ّ ب َ ه ِ ن ٱلذّ َ م َة ِ قنطََر ِ ٱل ْ ُ
م َ
عنده حسن ٱل ْ َ
ب ]آل مأ ِ َ ه ِ َ ُ ُ ْ ُ و ٱلل ّ ُ ة ٱلدّن َْيا َ حي َ ٰو ِع ٱل ْ َ مت َ ٰـ ُ
ك َ ث ٰذل ِ َحْر ِو ٱل ْ َ
َ
عمران،[14:
فقدم سبحانه النساء لن أكثر الرجال إنما دخل عليهم الخلل
من قبل هذه الشهوة ،فمن المعلوم ِ شرعا ً أن فتنة النساء التي
هي أضّر فتنة على الرجال بنص السنة الثابت الصحيحة ،
ويؤكد هذا المعنى قوله rناصحا ً ومحذرا ً في الحديث التي :
)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :ما تركت
بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء .
) ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ( لن المرأة
ل تأمر زوجها إل بشر ول تحثه إل على شر وأقل فسادها أن
ترغبه في الدنيا ليتهالك فيها وأي فساد أضر من هذا مع ما هنالك
من مظنة الميل بالعشق وغير ذلك من فتن وبليا ومحن يضيق
عنها نطاق الحصر ،قال الحبر رضي الّله عنه :لم يكفر من
كفر ممن مضى إل من قبل النساء وكفر من بقي من قبل النساء
،وأرسل بعض الخلفاء إلى الفقهاء بجوائز فقبلوها وردها
الفضيل فقالت له امرأته :ترد عشرة آلف وما عندنا قوت
يومنا؟ فقال :مثلي ومثلكم كقوم لهم بقرة يحرثون عليها فلما
هرمت ذبحوها وكذا أنتم أردتم ذبحي على كبر سني موتوا جوعا ً
قبل أن تذبحوا فضيل ً ،وكان سعيد بن المسيب يقول وقد أتت
عليه ثمانون سنة منها خمسون يصلي فيها الصبح بوضوء العشاء
ي من وهو قائم على قدميه يصلي :ما شيء أخوف عندي عل ّ
النساء ،وقيل :إن إبليس لما خلقت المرأة قال :أنت نصف
جندي وأنت موضع سري وأنت سهمي الذي أرمي بك فل أخطئ
أبدا ً ،وقال في الحديث بعدي لن كونهن فتنة صار بعده أظهر
وأشهر .
) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف
تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل
كانت في النساء
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال :إن المرأة تقبل في صورة شيطان
وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن
ذلك يرد ما في نفسه.
) إن المرأة تقبل في صورة شيطان ( أي في صفته شبه
المرأة الجميلة بالشيطان في صفة الوسوسة والضلل يعني أن
ت « 270خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
رؤيتها تثير الشهوة وتقيم الهمة ،فالمراد أنها تشبه الشيطان
في دعائه إلى الشر ووسوسته وتزيينه قال الطيبي :جعل
صورة الشيطان ظرفا ً لقبالها مبالغة على سبيل التجريد لن
إقبالها داع للنسان إلى استراق النظر إليها كالشيطان الداعي
للشر ) وتدبر في صورة شيطان ( لن الطرف رائد القلب
فيتعلق بها عند الدبار أيضا ً بتأمل الخصر والردف وما هنالك خص
إقبالها وإدبارها مع كون رؤيتها من جميع جهاتها داعية إلى
الفساد لن الضلل فيهما أكثر وقدم القبال لكونه أشد فسادا ً
لحصول المواجهة به
) فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته ( أي استحسنها لن غاية
رؤية المتعجب منه استحسانه ) فليأت أهله ( أي فليجامع
حليلته
) فإن ذلك ( أي جماعها
) يردّ ما في نفسه ( أرشدهم إلى أن أحدهم إذا تحركت شهوته
واقع حليلته تسكينا ً لها وجمعا ً لقلبه ودفعا ً لوسوسة اللعين وهذا
من الطب النبوي المبارك .
]*[ فالنساء حبائل الشيطان وما خل رجل بامرأة ِإل وثالثهما
الشيطان وأنهن من أضر ما على الرجل وأن لذة الرجل عندهن
ك أحد ِإل معتوه أو نحوه فإذا رأت ولذاتهن عنده ل يخالف في ذَل ِ َ
ه َ
ذا ك فما موقف َ المرأة شاًبا ول ثالث لهما فل يبعد أن تدعوه لذَل ِ َ
ذي يعلم خائنة العين وما المغفل أمام بديع السماوات والرض ال ّ ِ
تخفي الصدور .
ذا الجاهل أنه ل يدور في خلده أن امرأته تقدم على ه َولعل جواب َ
ذا لنها معصومة قولوا له أما سمعت بقصة امرأة العزيز ه َ
مثل َ
حذرك وتعلم أنه ل يسلم من فتنهن ِإل عباد الله اقرأها لعلك تأخذ ِ
المخلصين .
صة لعلك تفهم أن الله جل وعل لم يذكرها في ق ّ قولوا له تأمل ال ْ ِ
جال علي نسائهم من القرآن ِإل ليعتبر أولو البصار فيحترس الّر َ
الخدم ونحوهم .
ن يوسف ظيم في مصر و َ
كا َ ع ِ ت ذات مركز َ إن امرأة العزيز كان َ ْ
ك لم تسأل عن ع ذَل ِ َ م َسلم في بيتها كخادم لها و َ صلة وال ّ ه ال ّ عل َي ْ ِ
َ
سا
شرفها وكرامتها ول شرف زوجها بل داستهما بنعل الشهوة دو ً
ل ما تستطيع من قوة وحيلة لخضاع ولم تتوقف في بذل ك ُ ّ
سوءه ال ّ عن ْ ُ سلم ولول أن الله عصمه وصرف َ ه ال ّ عل َي ْ ِ
يوسف َ
ه
عن ْ ُ
ف َر َص ِك ل ِن َ ْ والفحشاء لوصلت إلى ما تريد قال تعالى) :ك َذَل ِ َ
ن( ] يوسف [24 / صي َ خل َ ِ
م ْعَباِدَنا ال ْ ُ
ن ِ
م ْ ه ِشآءَ إ ِن ّ ُ ح َ
ف ْوال ْ َ وء َ َ
س َال ّ
ت « 271خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
:الفتتان بالنساء له ركنان متلزمان أحدهما من المرأة تنبيه
ولبد أن تكون هي البادئة والثاني من الرجل .
]*[ فأما الركن الذي من المرأة :فهي أن تخضع بالقول _
والعياذ بالله _
والخضوع بالقول هو أن تلين الكلم وترقق الكلم مع الرجال
الجانب ) ،والمرأة إذا ألنت الجانب اقترب منها الجانب ،ول
أظهروا لها المخالب ( ) ولو كانت غير ذلك ما كانت مطمعا ً لك ِ
ل
هالك (
]*[ وأما الركن الذي من الرجل :أن يكون الرجل مريض القلب _
ف للفجور _ ،والعياذ والعياذ بالله _ ومرض القلب هنا هو التشو ُ
فت على ها َ بالله تعالى من ذلك _ ،فلو كان الرجل تقيا ً نقيا لما ت َ َ
ً
ة في الدين لصان كل من ظهر منها اللين ،فلو كان عنده صلب ٌ
شين ، م ِ ل َ أعراض المسلمين ،ونأى بنفسه عن أي فع ٍ
والجدير بالذكر أن هذين الركنين مجتمعين في قوله تعالى من
ض
مَر ٌ قل ْب ِ ِ
ه َ في َ ذي ِ ع ال ّ ِ في َطْ َ
م َ ل َ
و ِ ن ِبال ْ َ
ق ْ ع َض ْخ َ فل َ ت َ ْ سورة الحزابَ ) :
عُروفًا( م ْول ً ّ ن َ
ق ْ قل ْ َ
و ُ
َ
] الحزاب [32 /
ض( :أي مرض الشهوة . مَر ٌ ه َقل ْب ِ ِفي َ ذي ِ ع ال ّ ِ
م َفي َطْ ََ )
وسائل حماية المجتمع من خطر هذه الفتنة:
ق منافذ الفتنة وسدّ الذرائع التي توصل إلى جاء الشرع بغل ِ
الفساد مهما كان مصدرها أو حجمها ،وحفلت الشريعة السلمية
بالعديد من وسائل حماية المجتمع من خطر هذه الفتنة ،تمنع
وقوعها ،وتسد المنافذ الموصلة إليها ،متى ما رعاها المجتمع
المسلم بقي محافظا ً على نظافته الخلقية وطهارته الحسية
والمعنوية فعليه أن يتبعها وأل يتساهل في أي خطوة لنها ستجر
عوا ْ َ
مُنوا ْ ل َ ت َت ّب ِ ُ ن ءا َ ذي َ ها ٱل ّ ِ الخطوة التي بعدها كما قال تعالى ٰ ) :يأي ّ َ
ْ َ
مُر
ه ي َأ ُ ن َ
فإ ِن ّ ُ شي ْط ٰـ ِ ت ٱل ّخطُ ٰو ِ
ع ُ
من ي َت ّب ِ ْ و َن َ َ
شي ْط ٰـ ِت ٱل ّ خ ط ُ ٰو ِ
ُ
ر( و ٱل ْ ُ
من ْك َ ِ شاء َح َ ب ِ ٱل ْ َ
ف ْ
]النور[21:
ة وتفصيل : وإليه وسائل الحماية من فتنة النساء جمل ً
ة:
وسائل الحماية من فتنة النساء جمل ً
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
)أو ً
ل( شرع الله تعالى الحجاب ونهى عن التبرج والسفور :
)ثانيًا( جعل قرار المرأة في بيتها هو الصل :
ت « 272خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)ثالثًا( أمر الله تعالى بالستئذان على النساء وب َّين أن الستئذان
من أجل البصر :
)رابعًا( النهى عن إطلق البصر في المحرمات ،والمر بغض
البصر:
)خامسًا( نهى عن الخلوة بالمرأة الجنبية :
)سادسًا( نهى عن سفر المرأة لوحدها بل محرم :
)سابعا ً ( عدم اختلط المرأة بالرجال :
)ثامنًا( ل ُتكّلم النساء إل بإذن أزواجهن :
)تاسعًا( النهي عن مصافحة النساء :
)عاشرًا( نهى المرأة عن الخروج من منزلها متعطرة :
)الحادي عشر( نهي المرأة عن الخضوع في القول في مخاطبة
الرجال الجانب:
وسائل الحماية من فتنة النساء تفصيل :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
ل( شرع الله تعالى الحجاب ونهى عن التبرج والسفور : )أو ً
) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي داوود ( :أن
أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها
إل هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه .
ور الله ل من ن ّ ة الحجاب على نساء المؤمنين أمٌر يعلمه ك ّ ضي ّ ُ
فْر ِِو َ
بصيرته وأراد هدايته ،بأدلة ظاهرة الدللة من الوحيين الشريفين
الكتاب والسنة الصحيحة ،وبدللة القياس الصحيح ،والعتبار
الرجيح للقواعد الشرعية العامة ،ولذا جرى على موجبه عمل نساء
المؤمنين من عصر النبي rإلى يومنا هذا في جزيرة العرب
وغيرها من بلد المسلمين ،
ه تعالى نساء المؤمنين بفرض الحجاب عليهن، ولقد تعّبد الل ُ
الساتر لجميع أبدانهن وزينتهن ،أمام الرجال الجانب عنهن ،تعبدا ً
يثاب على فعله ويعاقب على تركه ،ولهذا كان هتكه من الكبائر
مد إبداء الموبقات ،ويجر إلى الوقوع في كبائر أخرى ،مثل :تع ّ
مد إبداء شيء من الزينة المكتسبة، شيء من البدن ،وتع ّ
والختلط ،وفتنة الخرين ،إلى غير ذلك من آفات هتك الحجاب .
فعلى نساء المؤمنين الستجابة إلى اللتزام بما افترضه الله
ة لله تعالى، عليهن من الحجاب والستر والعفة والحياء طاع ً
ة
ن ول مؤمن ٍ ن لمؤم ٍ وطاعة لرسوله ،rقال الله عز شأنهَ :
وما كا َ
ت « 273خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
م ومن ه أمرا ً أن ّيـكون لهم الخيَرةُ من أمره ْ
ضى الله ورسول ُ ُ إذا ق َ
ل ضلل ً مبينا ً] الحزاب. [36 :
ص الله ورسوله فقدْ ض ّ ّيـع ِ
س نساءهم طائف من السفور أو ويجب على المؤمنين الذي م ّ
الحسور أو التكشف أن يتقوا الله ،فيحجبوا نساءهم بما أمر الله
به بالجلباب –العباءة -والخمار ،وأن يأخذوا بالسباب اللزمة
ن وتثبيتهن عليه ،لما أوجبه الله على أوليائهن من القيام لطره ّ
الذي أساسه :الغيرة السلمية ،والحمّية الدينية ،ويجب على نساء
المؤمنين الستجابة للحجاب –العباءة -والخمار ،طواعية لله
ولرسوله rوتأسيا ً بأمهات المؤمنين ونسائه ،والله ولي الصالحين
من عباده وإمائه .
وإليك بعض فضائل الحجاب الشرعي :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـ
ة لله تعالى ولرسوله ، rوقد أوجب الله تعالى ) (1الحجاب طاع ٌ
طاعته وطاعة رسوله : r
مرا ً َ
هأ ْ سول ُ ُ وَر ُ ه َ ضى الل ّ ُ ق َ ذا َ ة إِ َ من َ ٍ ؤ ِ م ْ ول َ ُ ن َ م ٍ ؤ ِ م ْ ن لِ ُ كا َ ما َ و َ قال تعالىَ ) :
َ ّ َ ْ َأن ي َ ُ
ض ّ
ل قدْ َ ف َ ه َ سول ُ وَر ُ ه َ ص الل َ ع ِ من ي َ ْ و َ م َ ه ْ ر ِ م ِ نأ ْ م ْ خي ََرةُ ِ م ال ِ ه ُ ن لَ ُ كو َ
مِبينًا( ]سورة :الحزاب -الية[36 : ضل َل ً ّ َ
ضى الل ّ ُ
ه ق َ ذا َ ة إِ َ من َ ٍ ؤ ِ م ْ ول َ ُ ن َ ٍ م
ؤ ِ م ْ ن لِ ُ كا َ ما َ و َ الشاهد قوله تعالى ] َ
م[ َ ْ َ مرا ً َأن ي َ ُ ورسول ُ َ
ه ْ ر ِ م ِ نأ ْ م ْ خي ََرةُ ِ م ال ِ ه ُ نل ُ كو َ هأ ْ ُ َ َ ُ
فأعلم الله تعالى أنه ل اختيار على ما قضاه الله ورسوله .
ت
مَنا ِ ؤ ِ م ْ قل ل ّل ْ ُ و ُ وقد أمر الله تعالى بالحجاب فقال تعالىَ ) :
َ
ما ن إ ِل ّ َ ه ّ زين َت َ ُ ن ِ دي َ ول َ ي ُب ْ ِ ن َ ه ّ ج ُ فُرو َ ن ُ فظ ْ َ ح َ وي َ ْ ن َ ه ّ ر ِ صا ِ ن أب ْ َ م ْ ن ِ ض َ ض ْ غ ُ يَ ْ
ن إ ِل ّ ه ّ زين َت َ ُ ندي َ ول َ ي ُب ْ ِ ن َ ه ّ جُيوب ِ ى ُ َ عل َ ن َ ه ّ ر ِ ِ م
خ ُ ن بِ ُ رب ْ َ ِ ض ول ْي َ ْ ها َ من ْ َ هَر ِ ظَ َ
َ ِ ِ
و
نأ ْ ه ّ ء بُ ُ َ
عولت ِ ِ و أ َب َْنآ ِ نأ ْ
َ
ه ّ ِ و أ َب َْنآئ ِ نأ ْ
َ
ه ّ ِ عول َت ِ ء بُ ُ و آَبآ ِ نأ ْ
َ
ه ّ ِ و آَبآئ ِ نأ ْ
َ
ه ّ ِ عول َت ِ ل ِب ُ ُ
َ َ َ َ َ َ
ت ملك َ ْ ما َ و َ نأ ْ ه ّ سآ َئ ِ ِ و نِ َ نأ ْ ه ّ وات ِ ِ خ َ و ب َِني أ َ نأ ْ ه ّ وان ِ ِ خ َ ي إِ ْ و ب َن ِ َ نأ ْ ه ّ وان ِ ِ خ َ إِ ْ
ُ َ َ
نذي َ ل ال ّ ِ ف ِ و الطّ ْ لأ ِ جا ِ ن الّر َ م َ ة ِ وِلي ال ِْرب َ ِ رأ ْ ِ غي ْ ن َ عي َ و الّتاب ِ ِ ِ نأ ه ّ مان ُ ُ أي ْ َ
َ
مام َ عل َ َ ن ل ِي ُ ْ ه ّ جل ِ ِ ن ب ِأْر ُ رب ْ َ ِ ول َ ي َ ْ
ض ء َ سآ ِ ت الن ّ َ وَرا ِ ع ْ ى َ َ عل َهُروا ْ َ م ي َظْ َ لَ ْ
َ
معل ّك ُ ْ ن لَ َ مُنو َ ؤ ِ م ْ ها ال ْ ُ ميعا ً أي ّ َ ج ِ ه َ وا ْ إ َِلى الل ّ ِ وُتوب ُ َ ن َ ه ّ زين َت ِ ِ من ِ ن ِ في َ خ ِ يُ ْ
ن( ]النور [31 / حو َ فل ِ ُ تُ ْ
ن[ ه ّ جُيوب ِ ِ ى ُ عل َ َ ن َ ه ّ ر ِ م ِ خ ُ ن بِ ُ رب ْ َ ض ِ ول ْي َ ْ الشاهد قوله تعالى ] َ
)وليضربن بخمرهن على جيوبهن( أي يسترن الرؤوس والعناق
مر جمع خمار ،وهو ما تغطي به المرأة خ ُ والصدور بالمقانع ،وال ُ
رأسها ،ومنه اختمرت المرأة ،والجيوب :جمع جيب ،وهو موضع
القطع من الدرع والقميص،
قال المفسرون :إن نساء الجاهلية كن يسدلن خمرهن من
خلفهن ،وكانت جيوبهن من قدام واسعة.
ت « 274خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
ن
مِني َ ؤ ِ م ْ ء ال ْ ُ سآ ِ ون ِ َ ك َ وب ََنات ِ َ ك َ ج َ وا ِ قل لْز َ ي ُ ّ ها الن ّب ِ وقال تعالى) :ي َأي ّ َ
و َ فل َ ي ُ ْ ن َ عَر ْ َ عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ
ن
كا َ ن َ ؤذَي ْ َ ف َ ى أن ي ُ ْ ك أدْن َ َ َ ِ ِ ِ ّ ن َ ْ ِ ّ ِ ي ُدِْني َ
حيمًا( ]سورة :الحزاب -الية[59 : فورا ً ّر ِ غ ُ ه َ الل ّ ُ
)يا أيها النبي قل لزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن
من جلبيبهن( يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم
تسليما أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات -خاصة أزواجه وبناته
لشرفهن -بأن يدنين عليهم من جلبيبهن ليتميزن عن سمات
نساء الجاهلية وسمات الماء والجلباب هو الملءة التي تشتمل بها
المرأة أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إل عينا
واحدة )ذلك أدنى( أقرب إلى )أن يعرفن( بأنهن حرائر )فل يؤذين(
بالتعرض لهن بخلف الماء فل يغطين وجوههن فكان المنافقون
يتعرضون لهن )وكان الله غفورا( لما سلف منهن لترك الستر
)رحيما( بهن إذ سترهن
) (2الحجاب إيمان :
قل و ُ لن الله تعالى لم يخاطب به إل المؤمنات لقوله تعالى ) َ
َ
ن
دي َ ول َ ي ُب ْ ِ ن َ ه ّ ج ُ فُرو َ ن ُ فظ ْ َ ح َ وي َ ْن َ ه ّ ر ِ صا ِ ن أب ْ َ م ْ ن ِ ض َ ض ْ غ ُ ت يَ ْمَنا ِ ؤ ِ م ْ ل ّل ْ ُ
ن( ]سورة: ه ّ جُيوب ِ ِ ى ُ عل َ َ ن َ ه ّ ر ِ م ِ خ ُ ن بِ ُ رب ْ َ ض ِول ْي َ ْ ها َ من ْ َهَر ِ ما ظَ َ ن إ ِل ّ َ ه ّ زين َت َ ُ ِ
النور -الية[31 :
َ
نمِني َ ؤ ِ م ْ ء ال ْ ُ سآ ِ ون ِ َ ك َ وب ََنات ِ َ ك َ ج َ وا ِ قل لْز َ ي ُ ّ ها الن ّب ِ وقال تعالى) :ي َأي ّ َ
و َ فل َ ي ُ ْ ن َ عَر ْ َ عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ
نكا َ ن َ ؤذَي ْ َ ف َ ى أن ي ُ ْ ك أدْن َ َ َ ِ ِ ِ ّ ن َ ْ ِ ّ ِ ي ُدِْني َ
حيما ً( ]سورة :الحزاب -الية[59 : فورا ً ّر ِ غ ُ ه َ الل ّ ُ
) (3الحجاب طهارة :
سأُلو ُ َ مَتاعا ً َ َ
ب جا ٍ ح َ ء ِ وَرآ ِ من َ ن ِ ه ّ فا ْ ن َ ه ّ مو ُ سأل ْت ُ ُ ذا َ وإ ِ َ قال تعالىَ ) :
ذَل ِك ُ َ
ن ( ]سورة :الحزاب -الية[53 : ه ّ ِ قُلوب ِ و ُ م َ قُلوب ِك ُ ْ هُر ل ِ ُم أطْ َ ْ
ُ و ُ ُ ُ هُر ل ِ ُ ْ َ ُ
ن ( ] الحزاب / ه ّ قلوب ِ ِ م َ قلوب ِك ْ م أط َ الشاهد قوله تعالى ) :ذَل ِك ْ
[53
فبين الله تعالى أن الحجاب طهارةٌ لقلوب المؤمنين والمؤمنات .
و آية الحجاب هذه مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي
الله عنه كماثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال وافق ربي عز
وجل في ثلت قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم
مصلى فأنزل الله تعالى "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي "وقلت
يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو حجبتهن
فأنزل الله آية الحجاب وقلت لزواج النبي صلى الله عليه وسلم
لما تمالن عليه في الغيرة "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا
خيرا منكن "فنزلت كذلك .
) (4الحجاب عفة :
ت « 275خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
نمِني َ ؤ ِم ْ ء ال ْ ُ سآ ِ ون ِ َ ك َ وب ََنات ِ َك َ ج َ وا ِ قل لْز َ ي ُ ّ ها الن ّب ِ لقوله تعالى ي َأي ّ َ
و َ فل َ ي ُ ْ ن َ عَر ْ َ عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ
ن
كا َ ن َ ؤذَي ْ َ ف َ ى أن ي ُ ْ ك أدْن َ َ َ ِ ِ ِ ّ ن َ ْ ِ ّ ِ ي ُدِْني َ
حيمًا( ]سورة :الحزاب -الية[59 : فورا ً ّر ِ ه َ
غ ُ الل ّ ُ
فل َ ي ُ ْ ن َ عَر ْ َ َ الشاهد قوله تعالى ) :ذَل ِ َ
ن( أي ذلك ؤذَي ْ َ ف َ ى أن ي ُ ْ ك أدْن َ َ
ن( أي ؤذَي ْ َ فل َ ي ُ ْ أحرى أن يعرفن بأنهن عفيفات بلبسهن الحجاب َ ) ،
ل أو فعل . ض لهن الفساق بأذى من قو ٍ ل يتعر ُ
) (5الحجاب ستر :
َ
م ءات ِك ُ ْ و َس ْ ري َ وا ِ م ل َِباسا ً ي ُ َ عل َي ْك ُ ْقدْ أنَزل َْنا َ م َ ي آدَ َ قال تعالىَ) :ياب َن ِ َ
ن(م ي َذّك ُّرو َ ه ْ عل ّ ُ
ه لَ َ ت الل ّ ِ ن آَيا ِ م ْ ك ِ خي ٌْر ذَل ِ َ ك َ ى ذَل ِ َ و َ ق َ س الت ّ ْ ريشا ً َ
ول َِبا ُ و ِ َ
]سورة :العراف -الية[26 :
]*[ قال عبد الرحمن بن أسلم :يتقي فيواري عورته ،فذاك لباس
التقوى ،ولذلك تجد وظيفة اللباس عند من ل يتقون الله تعالى
ول يستحون منه كعامة الغربيين مثل ً ل يتجاوز غاية الزينة
والرياش ،وأما المؤمنون المتقون فإنهم يحرصون على اللباس
أول ً لستر العورة التي يستحي من إظهارها ثم بعد ذلك لهم سعة
في إظهار الزينة والتجمل .
)حديث يعلى بن أمية في صحيحي أبي داوود والنسائي( أن النبي
سّتير يحب الحياء والستر ،فإذا اغتسل ي ِ rقال :إن الله حي ٌ
أحدكم فليستتر .
ة شرعية لحفظ العراض ،ودفع أسباب الّريبة حَراس ٌ ) (6الحجاب ِ
والفتنة والفساد .
) (7الحجاب داعية إلى توفير مكارم الخلق من العفة والحتشام
شاِئنات كالتبذل وث بال ّ والحياء والغيرة ،والحجب لمساويها من الـَتل ّ
سفالة والفساد . والتهتك وال ّ
) (8الحجاب علمة على العفيفات :الحجاب علمة شرعية على
الحرائر العفيفات في عفتهن وشرفهن ،وبعدهن عن دنس الريبة
والشك :ذلك أدنى أن يعرفن فل يؤذين ،وصلح الظاهر دليل
على صلح الباطن ،وإن العفاف تاج المرأة ،وما رفرفت العفة
ر إل أكسبتها الهناء . على دا ٍ
) (9الحجاب وقاية اجتماعية من الذى ،وأمراض قلوب الرجال
والنساء ،فيقطع الطماع الفاجرة ،ويكف العين الخائنة ،ويدفع
أذى الرجل في عرضه ،وأذى المرأة في عرضها ومحارمها ،ووقاية
وِإدباب قالة السوء ،ودََنس الريبة من رمي المحصنات بالفواحشَ ،
والشك ،وغيرها من الخطرات الشيطانية .
ولله دّر من قال :
من حـرا ُ كة صيده ّ مـ ّ ك َظَِباء َ ة
ن ِبريب ٍ م َ م ْ ه َحوٌر حـرائر ما َ ُ
ت « 276خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (10الحجاب وسيلة فعالة لحفظ الحياء :وهو مأخوذ من الحياة،
فل حياة بدونه ،وهو خُلق يودعه الله في النفوس التي أراد
سبحانه تكريمها ،فيبعث على الفضائل ،ويدفع في وجوه الرذائل،
وهو من خصائص النسان ،وخصال الفطرة ،وخلق السلم،
والحياء شعبة من شعب اليمان ،وهو من محمود خصال العرب
التي أقرها السلم ودعا إليها،
قال عنترة العبسي :
دت لي جـــارتيحتى ُيواري جـارتي مأواهــــــا ض َ َ
طرفي إن ب َ َ وأغ ّ
فآل مفعول الحياء إلى التحلي بالفضائل ،وإلــى ســياج رادع ،يصــد
النفس ويزجرها عن تطورها في الرذائل .
وما الحجاب إل وسيلة فعالة لحفظ الحياء ،وخلع الحجاب خلع
للحياء .
) (11الحجاب يمنع نفوذ التبرج والسفور والختلط إلى مجتمعات
أهل السلم .
) (12الحجاب حصانة ضد الزنا والباحية ،فل تكون المرأة إناءً لكل
والغ.
) (13المرأة عورة ،والحجاب ساتر لها ،وهذا من التقوى ،قال الله
تعالى :يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا ً يواري سوآتكم وريشا ً
ولباس التقوى ذلك خير ] العراف،[26 :
]*[ قال عبد الرحمن بن أسلم رحمه الله تعالى في تفسير هذه
الية )) :يتقي الله فيواري عورته ،فذاك لباس التقوى (( .
]*[ شروط الحجاب الشرعي :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
ط ثمانية هي : للحجاب الشرعي شرو ٌ
) (1استيعاب جميع البدن حتى الوجه على الراجح
ة في نفسه ) (2أن ل يكون زين ً
) (3أن يكون صفيقا ً ل يشف
) (4أن يكون فضفاضا ً ل يصف .
مبخرا ً مطيبا ً ) (5أن ل يكون ُ
) (6أن ل يشبه لباس الرجال
) (7أن ل يشبه لباس الكافرات
) (8أن ل يكون لباس شهرة
وإليك تفصيل ذلك :
]الشرط الول[ استيعاب جميع البدن حتى الوجه على الراجح
ت « 277خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
ن
مِني َ ؤ ِ م ْ ء ال ْ ُ سآ ِ ون ِ َ ك َ وب ََنات ِ َ ك َ ج َ وا ِ قل لْز َ ي ُ ّ ها الن ّب ِ قال تعالى) :ي َأي ّ َ
و َ فل َ ي ُ ْ ن َ عَر ْ َ عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ
ن
كا َ ن َ ؤذَي ْ َ ف َ ى أن ي ُ ْ ك أدْن َ َ َ ِ ِ ِ ّ ن َ ْ ِ ّ ِ ي ُدِْني َ
حيما ً( ]سورة :الحزاب -الية[59 : فورا ً ّر ِ غ ُ ه َ الل ّ ُ
ء
سآ ِ وب ََنات ِ َ ج َ ي ُ َ
ون ِ َ ك َ ك َ وا ِ قل لْز َ ها الن ّب ِ ّ الشاهد قوله تعالى ]ي َأي ّ َ
ن َ َ ال ْ ُ
ن[ ه ّ جل َِبيب ِ ِ من َ ن ِ ه ّ علي ْ ِ ن ي ُدِْني َ مِني َ ؤ ِ م ْ
ب أكبر من الخمار تستر به جميع بدنها حتى وجهها والجلباب :ثو ٌ
إل ما ترى به الطريق .
من ن ِ ه ّ ن َ َ
علي ْ ِ }تنبيه{ :ممن قال أن المقصود بقوله تعالى ]ي ُدِْني َ
ن[ هو ستر جميع البدن حتى الوجه إل ما ترى به الطريق ه ّ جل َِبيب ِ ِ َ
ة من الئمة منهم المام الطبري والقرطبي وابن كثير جمل ٌ
يوالرازي والزمخشري والنسفي وابن حبان ،وجلل الدين المحل ّ
وجلل الدين السيوطي والشنقيطي وعبد الرحمن بن ناصر
السعدي وغيرهم .
َ
فظ ْ َ
ن ح َ وي َ ْ ن َ ه ّ ر ِ صا ِ ن أب ْ َ م ْ ن ِ ض َ ض ْ غ ُ ت يَ ْ مَنا ِ ؤ ِم ْ قل ل ّل ْ ُ و ُو قال تعالىَ ) :
ن
ه ّ ر ِ م ِ خ ُ ن بِ ُ رب ْ َ ض ِ ول ْي َ ْ ها َ من ْ َ هَر ِ ما ظَ َ ن إ ِل ّ َ ه ّ زين َت َ ُ ن ِ دي َ ول َ ي ُب ْ ِن َ ه ّ ج ُ فُرو َ ُ
ن( ه ّ
جُيوب ِ ِ ى ُ عل َ َ َ
ن[ ه ّ جُيوب ِ ِ ى ُ عل َ َ ن َ ه ّ ر ِ م ِ خ ُ ن بِ ُ رب ْ َ
ض ِ ول ْي َ ْ الشاهد قوله تعالى] َ
مر[ التي تغطي الرأس خ ُ قال شيخ السلم رحمه الله تعالى ] :ال ُ
والوجه والعنق ،والجلبيب التي تسدل من فوق الرؤوس حتى ل
يظهر من ل بسها إل العينان .
)حديث ابن مسعود في صحيح الترمذي( أن النبي rقال :المرأة
عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان .
الشاهد قوله ] rالمرأة عورة[ وهو قول عام يشمل جميع البدن
حتى وجهها .
ء منها عورة حتى قال شيخ السلم رحمه الله تعالى :كل شي ٍ
ظفرها .
)حديث ابن عمر في الصحيحين( أن النبي rقال :ول تنتقب
قفازين( المرأة المحرمة ول تلبس ال ُ
ل واضح على الشاهد قوله ] rول تنتقب المرأة المحرمة[ هذا دلي ٌ
لبس النقاب في غير الحرام لنه من محظورات الحرام .
)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي r
قال :من جر ثوبه خيلء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم
سلمة :يا رسول الّله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال :يرخين
شبرا ً قالت :إذن تنكشف أقدامهن قال :فترخيه ذراعا ً ل يزدن
عليه .
ت « 278خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى :في الحديث دليل على
وجوب ستر قدم المرأة وأنه معلوم عند نساء الصحابة رضي الله
تعالى عنهم ،والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين إتفاقا ً ،وعليه
فيجب ستر الوجه من باب أولى .
ة في نفسه ] الشرط الثاني[ أن ل يكون زين ً
ن
رب ْ َ ول ْي َ ْ
ض ِ ها َمن ْ َ
هَر ِما ظَ َن إ ِل ّ َه ّ زين َت َ ُ
ن ِ ول َ ي ُب ْ ِ
دي َ لقوله تعالىَ ) :
ن ( ] النور [31/ ه ّ جُيوب ِ ِ عل َ َ
ى ُ ن َ
ه ّ ر ِم ِ
خ ُ
بِ ُ
قال العلمة اللباني حفظه الله تعالى :المقصود من المر
ذ أن يكون الجلباب نفسه بالجلباب ستُر زينة المرأة فل يعقل حينئ ٍ
زينة .
]*[ قال الذهبي رحمه الله تعالى :ومن الفعال التي لعنت المرأة
عليها أظهار زينتها كذهب أو لؤلؤ من تحت نقابها وتطيبها بطيب
كمسك إذا خرجت وكذا لبسها عند خروجها كل ما يؤدي إلى التبرج
كمصوغ براق وإزار حرير وتوسعة كم وتطويله .وكل ذلك من
التبرج الذي يمقت الله عليه فاعله في الدنيا والخرة ولتجرأ
النساء في فعل هذه المور وغيرها من المور المحرمة أعلمنا
النبي كما عند البخاري:
" أطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء".
] الشرط الثالث[ :أن يكون صفيقا ً ل يشف :
وذلك لن الستر ل يتحقق إل بالصفيق ،أما الشفاف فإنه يزيد
ة وزينة المرأة فتن ً
)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي rقال :صنفان
ل معهم سياط كأذناب البقر يضربون من أهل النار لم أرهما :رجا ٌ
هنت رءوس ُ ت مميل ٌ ت مائل ٌ ت عاريا ٌ بها الناس ،و نساءٌ كاسيا ٌ
ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها كأسنم ِ
ليوجد من مسيرة كذا و كذا .
هنت رءوس ُ ت مميل ٌ ت مائل ٌ ت عاريا ٌ الشاهد قوله ] rو نساءٌ كاسيا ٌ
ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها كأسنم ِ
ليوجد من مسيرة كذا و كذا [
) ونساء كاسيات ( في الحقيقة ) عاريات ( في المعنى
لنهن يلبسن ثيابا ً رقاقا ً يصف البشرة ،يسترن بعض بدنهن
ويكشفن بعضه إظهارا ً للجمال
ت( مائلت متبخترات في مشيتهن مميلت أكتافهن ت مميل ٌ ) مائل ٌ
وأكفالهن ،أو مائلت للرجال مميلت قلوبهم إلى الفساد بهم بما
يبدين من زينتهن .
ت « 279خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ن رؤوسهن م َ عظ ّ ْ
) رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( أي ي ُ َ
ر والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة م ِخ ُ
بال ُ
البل
ً
) ل يدخلن الجنة ( مع الفائزين السابقين أو مطلقا إن استحللن
.
] الشرط الرابع[ :أن يكون فضفاضا ً ل يصف .
أي غير ضيق حتى ل يصف شيئا ً من جسمها أو يظهر أماكن الفتنه
من الجسم ،
س الضيقة يحصل وذلك لن الغرض من الثياب رفع الفتنة ،واللبا ُ
بها الفتنة لنها وإن كانت تستر لون البشرة إل أنها تصف حجم
الجسم أو بعضه .
)حديث أسامة بن زيد في المسند( قال :كساني رسول الله r
ة الكلبي فكسوتها امرأتي فقال : ة مما أهداها له دحي ُ ة كثيف ًقبطي ً ُ
مْرها
قبطية ؟ قلت كسوتها امرأتي .فقال ُ : ما لك لم تلبس ال ُ
عظامها . ف أن تصف حجم ِ غلله فإني أخا ُ فلتجعل تحتها ِ
تنبيه :من أسوء ما ابتلي به كثير من النساء – هداهن الله –
لبس المرأة البنطلون فهو وإن كان يتستر العورة إل أنه يصفها
وصفا ً مهيجا ً للغرائز ومثيرا ً للشهوات
]*[ هذا وقد وجه سؤال إلي اللجة الدائمة للفتاء برئاسة سماحة
الشيخ /عبد العزيز بن باز رحمه الله :هل يجوز للمرأة أن ترتدي
بنطلون كالرجال
فكانت الجابة كما يلي :
ليس للمرأة أن تلبس الثياب الضيقة لما في ذلك من تحديد
جسمها وذلك مثار الفتنة والغالب في البنطلون انه ضيق يحدد
أجزاء البدن التي يحيط بها ويسترها
كما انه قد يكون في لبس المرأة للبنطلون تشبه من النساء
بالرجال وقد لعن النبي المتشبهات بالرجال.
]*[ وقد سئل فضيلة الشيخ ابن جبرين في كتاب النخبة من
الفتاوى النسائية:
ما حكم لبس البنطلون للنساء عند غير أزواجهم؟
فقال الشيخ وأجاب:
ل يجوز للمرأة عند غير زوجها مثل هذه اللباس لنه يبين تفاصيل
جسمها والمرأة مأمورة أن تلبس ما يستر جميع بدنها لنها فتنة
وكل شيء يبين من جسمها يحرم لبسه عند الرجال أو النساء أو
المحارم أو غيرهم إل الزوج الذي يحل له النظر إلى جميع بدن
ت « 280خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
زوجته فل بأس أن تلبس عنده الرقيق أو الضيق ونحوه – والله
أعلم
] الشرط الخامس أن ل يكون مبخرا ً [ :
)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي rقال :أيما امرأة
أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء الخرة .
( أيما امرأة أصابت بخورا ً فل تشهد معنا العشاء الخرة ( فيه
حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك
داعية شهوة الرجال .
)حديث أبي موسى في صحيح النسائي( أن النبي rقال :أيما
امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي
زانية و كل عين زانية .
) أيما امرأة استعطرت ( أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما
يظهر ريحه منه ) ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها (
أي بقصد ذلك
) فهي زانية ( أي كالزانية في حصول الثم وإن تفاوت لن
فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي :شبه خروجها من
بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا
بالزنا مبالغة وتهديدا ً وتشديدا ً عليها ) وكل عين زانية ( أي كل
عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من
الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ
بشم طيب أجنبية لن الّله إذا حرم شيئا ً زجرت الشريعة عما
يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان
ابن عمر رضي الّله عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه
حتى يبرد .
] الشرط السادس أن ل يشبه لبس الرجل [ :
)حديث ابن عباس في صحيح البخاري( قال لعن رسول الله
rالمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال .
]*[ قال الحافظ في الفتح )(345 / 10
قال الطبري رحمه الله تعالى :المعني ل يجوز للرجال التشبه
بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ول العكس ، .ثم
قال الحافظ وكذا في الكلم والمشي .
]*[ وقال شيخ السلم في الفتاوى ): (22/154
» والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلقهم حتى يصير فيها
من التبرج والبروز ومشابهة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن
تظهر بدنها كما يظهره الرجال ،وتطلب أن تعلو على الرجال كما
يعلو الرجال على النساء ،وتفعل من الفعال ما ينافي الحياء
والخفر المشروع للنساء وهذا القدر قد يحصل بمجرد
ت « 281خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
المشابهة.وإذا تبين أنه ل بد من أن يكون بين لباس الرجال
والنساء فرق يميز بين الرجال والنساء ،وأن يكون لباس النساء
فيه من الستتار والحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا
الباب « .
وقال أيضا ً في الختيارات الفقهية ) (117عن تشبه النساء
بالرجال :
» والصحيح :أنه محرم .وحكى بعض أصحابنا التحريم رواية .وما
كان من لبس الرجال ،مثل العمامة والخف والقباء الذي للرجال،
والثياب التي تبدي مقاطع خلقها ،والثوب الرقيق الذي ل يستر
البشرة وغير ذلك ،فإن المرأة تنهى عنه ،وعلى وليها كأبيها
وزوجها :أن ينهاها عن ذلك .وهذه العمائم التي تلبسها النساء
على رءوسهن حرام بل ريب « .
]*[ قال المام الذهبي في كتاب » الكبائر « )ص : (134
» فإذا لبست المرأة زي الرجال من المقالب والفرج والكمام
الضيقة ،فقد شابهت الرجال في لبسهم ،فتلحقها لعنة الله
ورسوله ،ولزوجها إذا أمكنها من ذلك ،أو رضي به ولم ينهها ،
لنه مأمور بتقويمها على طاعة الله ،ونهيها عن المعصية ،لقول
الله تعالى ﴿ :قوا أنفسكم وأهليكم نارا ً وقودها الناس والحجارة ﴾ ,
ولقول النبي ﷺ » :كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ،الرجل
)(22
راع في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة « متفق عليه « ا.هـ.
تنبيه :هناك من النساء من تخرج عن فطرتها وتتمرد على
أنوثتها وتتشبه بالرجال فهذه المرأة ملعونة.
] الشرط السابع أن ل يشبه لبس الكافرات [ :
مثل أن يكون قصيرا ً أو سافرا ً
)حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم( قال :رأى رسول الله
فرين فقال :إن هذه من ثياب الكفار فل تلبسها ص َع ْ
م َ rعل ّ
ي ثوبين ُ
،قلت أغسلها ؟ قال :ل أحرقها .
)حديث ابن عمر في صحيح أبي داود( أن النبي rقال :من تشبه
بقوم فهو منهم .
)من تشبه بقوم ( أي تزيا في ظاهره بزيهم وفي تعرفه
بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم
وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن
) فهو منهم ( قال شيخ السلم رحمه الله تعالى :هذا الحديث
أقل أحواله التحريم
]*[ قال المام ابن القيم في » إغاثة اللهفان « ): (1/364
()22ينظر كتاب جلباب المرأة المسلمة ,للعلمة اللباني رحمه الله )ص . (141
ت « 282خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
» ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع
كثيرة ؛ لن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة فإنه إذا
أشبه الهدي الهدي أشبه القلب القلب « ا.هـ.
وقد وقع في ذلك بعض الفتيات -وللسف -محاكاة لنساء الغرب
من الكافرات في الملبس ,وتسريحات الشعر ,وأدوات التجميل
والزينة !! والمحاكاة والتقليد دليل على النهزامية والتبعية !
] الشرط الثامن أن ل يكون لبس شهرة [ :
فكم من النساء حرصت على مثل هذه الثياب الملفتة للنظر
تحت مسمى الزياء والموضة !
)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي r
ة ثم م َ
ذل ٍ هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ ب ُ
ش ْ قال :من لبس ثو َ
ب فيه النار ) .من لبس ثوب شهرة ( الشهرة ظهور الشيء ه ُ ْ
ي ُل ِ
في شنعة بحيث يشتهر به
) ألبسه الّله يوم القيامة ثوب مذلة( ثوب مذلة أي يشمله بالذل
كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع العظم بأن يصغره في
العيون ويحقره في القلوب لنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على
غيره .
) ثم يلهب فيه النار ( عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس
العمل فأذله الّله كما عاقب من أطال ثوبه خيلء بأن خسف به
فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة .
]*[ قال المام ابن تيمية في الفتاوى ): (22/138
» وتكره الشهرة من الثياب وهو المترفع الخارج عن العادة
والمنخفض الخارج عن العادة فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين
المرتفع والمنخفض .وفي الحديث » من لبس ثوب شهرة ألبسه
الله ثوب مذلة « وخيار المور أوساطها « .
]*[ وقال المام ابن القيم في » زاد المعاد « ): (1/137
» قال بعض السلف :كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب العالي
والمنخفض .وفي السنن عن ابن عمر يرفعه إلى النبي » : rمن
لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة ثم تلهب فيه النار « وهذا
لنه قصد به الختيال والفخر فعاقبه الله بنقيض ذلك فأذله « .
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري ) » : (10/310وقد ورد
النهي عن الشهرة في اللباس فكل شيء صير صاحبه شهرة
فحقه أن يجتنب « .
]*[ قال الشوكاني في نيل الوطار ) (111/ 2مختصرا ً :
» والحديث يدل على تحريم لبس ثوب الشهرة وإذا كان اللبس
لقصد الشتهار في الناس فل فرق بين رفيع الثياب ووضيعها
والموافق لملبوس الناس والمخالف لن التحريم يدور مع
ت « 283خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الشتهار والمعتبر القصد وإن لم يطابق الواقع « .
مسألة :ما هو لبس الشهرة ؟
قال ابن الثير في النهاية في غريب الحديث ) » : ( 2/515الشهرة
ظهور الشيء ،والمراد أن ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه
للوان ثيابهم فيرفع الناس إليه أبصارهم ،ويختال عليهم بالعجب
والتكبر «.
]*[ وقد وجه سؤال لفضية الشيخ عبد الله الفوزان:
ما حكم لبس ثوب الشهرة؟
الجواب :
ل يجوز لمرأة مسلمة أن تختار من ألوان الثياب ما ترضي به رغبة
الدعابة ول يتعلق بضرورة اللباس أو حسنة وجماله في حدود
المباح وإنما لجل أن يرفع الرجال إليها أبصارهم وتفتن تلك
النظرات الجائعة
)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي r
ة ثم م َ
ذل ٍ هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ ب ُ
ش ْ قال :من لبس ثو َ
ب فيه النار .
ه ُ ْ
ي ُل ِ
]*[ قال ابن الثير رحمه الله تعالى :ثوب الشهرة" :هو الذي إذا
لبسه النسان افتضح به وأشتهر بين الناس"
ت « 284خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هو من باب التستر والحتجاب الذي يقصد منه منع الغير من
فل َ ي ُ ْ
ن َ عَر ْ َ ذل ِ َ َ
ن ، ؤذَي ْ َ ف َ ك أدَْنىٰ أن ي ُ ْ التطلع ومد النظر قال تعالىٰ :
ول شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت النظار نحوها ،فإذا
لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبها بالرجال ،وكان منه
إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين ،وبيان بعض تفاصيل الجسم
كالصدر والظهر ونحوه ،مما يكون سببا ً للفتنة وامتداد العين
نحوها وقرب أهل الذى منها ولو كانت عفيفة ،وعلى هذا فل
يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور
ويخاف دخولها في الحديث المذكور السابق ذكره ،انتهى كلمه ـ
حفظه الله ـ.
ومن مظاهر الحجاب العصري الفاسدة المنتشرة بين كثير من
الفساد بداعي التقليد والثارة أو الجهل ،ما يفعله كثير منهن من
إظهار العينين وجزء من الوجه وربما اكتحلت إحداهن أو وضعت
الصباغ على وجهها لتبدوا بشكل لفت ومثير.
أيها الخوة الكرام ،إن إطلق المرأة لبصرها تنظر في الرجال
وينظرون إليها ،لهو فتنة لها ولقلبها ،والنساء ضعيفات سريعات
التأثر ،فينتج عن ذلك فتنة وفساد كبير ـ أعاذنا الله وإياكم ـ.
]*[ وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن ما يسمى
بالنقاب وطريقة لبسه ،ففي بداية المر كان ل يظهر إل العينان
فقط ،ثم بدأ النقاب بالتساع شيئا فشيئا فأصبح يظهر مع العينين
جزء من الوجه مما يجلب الفتنة ،ول سيما أن كثيرا من النساء
يكتحلن عند لبسه.
فأجاب فضيلته :في وقتنا هذا ل نفتي بجوازه بل نرى منعه
وذلك لنه ذريعة إلى التوسع فيما ل يجوز ،ولهذا لم نفت امرأة
من النساء ل قريبة ول بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا
هذه ،بل نرى أنه يمنع منعا باتا ،وأن على المرأة أن تتقي ربها في
هذا المر وأن ل تنتقب ،لن ذلك يفتح باب شر ل يمكن إغلقه،
فيما بعد السواق والحدائق الماكن العامة.
ومن مظاهر التناقص في لبس الحجاب ،أن ترى المرأة المسلمة
بلبس حجابها ولكن فوق ثوب مشقوق الجانبين أو فوق تنورة
مفتوحة من الخلف ،وربما تلبس عباءتها فوق بنطلون يكون في
بعض الحيان ضيقا ،أو تسير بين الرجال ورائحة الطيب تفوح
منها ،وربما تجد امرأة قد أكملت حجابها ولمت عباءتها ولكنها
تتحدث مع صاحب المحل بصوت متكسر يطمع الرجال فيها.
ت « 285خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ل أشعله ]أدعياء تحرير المرأة[ هو الحجاب تنبيه :إن أول فتي ٍ
سِته بالسب والشتم أو بالسخرية والسخرية منه والنيل من لب ِ َ
م.
والذ ّ
جبات تقول إحدى الهالكات :إنني ضد الحجاب ،لن البنات المح ّ
فن الطفال بمظهرهن الشاذ ،وقد قررت بصفتي مدرسة خ ْ
يُ ِ
بالجامعة ،أن أطرد أي طالبة محجبة في محاضرتي ،فسوف آخذها
من يدها وأقول لها :مكانك في الخارج.
ة يدُلف منها هؤلء أيها الخوة ،إن مسالة الحجاب ما هي إل بواب ٌ
دا بأن تلبس إلى النحلل من السلم بالكلية ،فهم ل يكتفون أب ً
حا دونما حجاب؛ بل ل يكتفون حتى يعلموا أنهم المرأة زّيا فاض ً
مسخوا بحق حقيقة السلم من قلب المرأة المسلمة.
أيها الخوة :وإن المرأة متى تخّلت عن حجابها ،فإنها قد
دا ،ولذلك لما علم رسول الله ضرر فتحت باًبا من الشر ل يقفل أب ً
النساء على الرجال كما في الحديث التي :
)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :ما تركت
بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء .
فإن المسلمة إن تبرجت بلباسها وألقت حجابها ،إنها إن فعلت
ما.ذلك ،فقد فاز العداء في مخططاتهم ،وكسبوا مكسًبا عظي ً
وإن المرأة متى ما تبرجت فقد هدمت المجتمع ونشرت الرذيلة،
وأشاعت الفاحشة.
]*[ يقول سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
تعالى :في رسالة له اسمها ]التبرج[ ،أنصح الجميع بقراءتها,
فقد بين فيها الشيخ رحمه الله البيان الشافي في حكم الحجاب
وحرمة السفور ،يقول رحمه الله:
ة ما عمت به البلوى في كثير "فل يخفى على كل من له معرف ٌ
من البلدان من تبرج الكثير من النساء وسفورهن ،وعدم تحجبهم
من الرجال ،وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن
إبداءها ،ول شك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي
الظاهرة ،ومن أسباب حلول العقوبات ونزول النقمات ،لما يترتب
على التبرج والسفور من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة
الحياء وعموم الفساد".
ثم يقول رحمه الله" :فاتقوا الله أيها المسلمون ،وخذوا على
أيدي سفهائكم وامنعوا نساءكم مما حرم الله عليهن ،وألزموهن
التحجب والتستر واحذروا غضب الله سبحانه ،وعظيم عقوبته،
ت « 286خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أبي بكر الصديق في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن
النبي rقال :إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه
أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه .
دا على دعاة الختلط ونزع الحجاب" :إن ويقول رحمه الله را ّ
مرة ،وعواقبه وخيمة ,رغم مصادمته للنصوص ثمرات الختلط ُ
الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها ،والقيام بالعمال
التي تخصها في بيتها ونحوه ،ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه
الختلط من المفاسد التي ل تحصى ؛ فلينظر إلى تلك المجتمعات
ف من نفسه وتجرد للحق التي وقعت في هذا البلء العظيم بإنصا ٍ
عما عداه ،فسيجد التحسر على انفلت المرأة من بيتها وتفكك
السر" ا.هـ
ونحن نقول لهؤلء الناعقين :أي حرّية للمرأة تريدون؟!
أتريدونها أن تكون ألعوبة في يد القاصي والداني؟!
ة تطؤها القدام وتمزقها اليدي، ة مبذول ً أم تريدونها أن تكون ورق ً
ة ل يكاد يرى أحد منها شيًئا من غير بعد أن كانت جوهرةً مصون ً
محرمها إل بعقد صحيح؟
ي حرية في أن تكون المرأة مع الرجل جنًبا إلى جنب في كل أ ّ
شيء ؟!
عجًبا! ثم عجًبا!
و
لقد عرف أعداءُ السلم ما يحمله هذا الدين للمرأة من سم ّ
ل قراُر صلة أن الص َ ة وعظيم صيانة ،علموا في مقرراته المأ ّ كرام ٍ
ت
المرأة في مملكة منزلها ،في ظل سكينة وطمأنينة ،ومحيط بيو ٍ
ة بمسؤوليتها و أسرة حانية .رأوا حقوقَ المرأة مقرون ً ة ،وج ّ مستقر ٍ
خذ في رعاية السرة ،وخروجها في السلم من منزلها يؤ َ
ويماَرس من خلل الحشمة والدب ،وُيحاط بسياج اليمان والكرامة
نج َول َ ت َب َّر ْ فى ب ُُيوت ِك ُ ّ
ن َ ن ِ و َ
قْر َ َ وصيانة العرض ،كما قال تعالى:
ة ٱلول َ ٰى ]الحزاب ،[33:وبينت السنة الصحيحة أن هل ِي ّ ِ ج ٱل ْ َ
ج ٰـ ِ ت َب َّر َ
بيوت النساء خيٌر لهن من الخروج حتى للمسجد كما في الحديث
التي :
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن
النبي rقال :ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن .
ل وسيلة وسعوا بكل حينذاك ضاقوا من ذلك ذرعا ً ،فراحوا بك ّ
رها المكين وظّلها المين، طريقة ليخرجوا المرأةَ من بيتها وقرا ِ
ة وواردة ،ولهثوا لهثا ً حثيثا ً ن لكل شارد ٍ لتطلق لنفسها حينئذ العنا َ
ليحّرروها من تعاليم دينها وقيم أخلقها ،تارةً باسم تحرير المرأة،
وتارةً باسم الحرية والمساواة ،وتارةً باسم الرقي والتقدم
ت « 287خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت ظاهرها الرحمة والخير ،وباطُنها شّر ُيبنى الكاذب .مصطلحا ٌ
ب القيم ،وعكس المفاهيم ،والنعتاق من كل الضوابط على قل ِ
ق الجتماعية ،وبالتالي ُتقام رية والحقو ِ س ِ
والقيم والمسؤوليات ال َ
ذات والشهوات. ة ُتدار في أسواق المل ّ امرأةٌ تؤول إلى سلع ٍ
فالمرأةُ في نظر هؤلء هي المتحّررةُ من شؤون منزلها وتربية
ة اللهثة في هموم العيش والكسب ونصب أولدها ،هي الراكض ُ
فت النظار وإعجاب الخرين ،ولو كان ذلك على حساب العمل ول ْ
تدمير الفضيلة والخلق ،وتدمير السرة والقيم ،فل هي حينئذ
ج وافية ،ول في إقامة مجتمع ة ،ول بحقوق زو ٍ ب ملتزم ٌ بطاعة ر ّ
ة. ء قائم ٌهمة ،ول بتربية نش ٍ مس ِ ل ُ فاض ٍ
فدعواتهم تهدف لتحرير المسلمة من دينها والمروق من
ت من م اليمانية .دعوا ٌ ئ تصادم الفطرة وتنابذ القي َ إسلمها ،مباد ُ
ت منتنة، س فاسدة وحضارا ٍ ة ومقايي َ مهلك ٍ أولئك تنبثق من مباد َ
ئ ُ
تزّين الشروَر والفساد بأسماء بّراقة ومصطلحات خادعة .وللسف
ج وفي نظره خلل ينادي و ٌ
ع َ
تجد من أبناء المسلمين من في فكره ِ
مس لتلك الفكار المضّللة ت بتلك الدعوات ،ويتح ّ بأعلى صو ٍ
ً
جهات المنحرفة ،بل ويلهج سعيا لتحقيقها وتفعيلها .لذا تجد والتو ّ
مهم ُتفرز مقتا ً للصيل من أصولهم والمجيد من تراثهم. أقل َ
وقد قـال أحـد اليهـود قــديما ً مــن الـذين تخصصــوا وتفننــوا فـي
إفساد الشــعوب الســلمية مــاذا قــال :إن مكســبنا فــي الشــرق ل
يمكن أن يتحقق إل إذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها ،فــإذا خلعــت
الفتاة المسلمة حجابها كسبنا القضية واستطعنا أن نستولي علــى
الشرق .
وقال أحد قادة الماسون قال :كأس وغانية يفعلن بالمة
المحمدية ما ل يفعله ألف مدفع ودبابة فأغرقوها ،أي أمة محمد
أغرقوها في حب المادة والشهوات.
تنبيه:وجدير بنا هنا أن نلفت النظر إلى تعريف التبرج ثم ذكر
مساوئ التبرج حتى تجتنبه المؤمنات وتحترز منه وتفُر منه فرارها
من السد فإنه من قبائح الذنوب وفواحش العيوب ،ومن صفات
الجاهلية الولى التي أتى السلم لتطهير النفوس من دنسها .
التبرج :هو إظهار الزينة وإبراز المرأة لمحاسنها و ما يجب أن
تستره مما تستدعي به شهوة الرجال.
تحريم التبرج
ل الكتاب والسنة والجماع على تحريم تبرج المرأة ،وهو وقد د ّ
إظهارها شيئا ً من بدنها أو زينتها المكتسبة التي حّرم الله عليها
إبداءها أمام الرجال الجانب عنها.
ت « 288خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فهو محّرم بوازع اليمان ،ونفوذ سلطانه على قلوب أهل السلم
طواعية لله تعالى ولرسوله ،rوتحليا ً بالعفة والفضيلة ،وبعدا ً عن
الرذيلة ،وانكفافا ً عن الثم ،واحتسابا ً للجر والثواب ،وخوفا ً من
على نساء المسلمين أن يتقين الله ،فينتهين عما ف َأليم العقابَ ،
نهى الله عنه ورسوله ،rحتى ل ُيسهمن في إدباب الفساد في
المسلمين ،بشيوع الفواحش ،وهدم السر والبيوت ،وحلول الزنا،
ن سببا ً في استجلب العيون الخائنة ،والقلوب المريضة وحتى ل يك ّ
إليهن ،فَيـْأثمن وُيؤّثمن غيرهن .
ص
والدلة على تحريم التبرج آيات من كتاب الله ،منها آيتان ن ّ
في النهي عن التبرج ،وهما:
قول الله تعالى :ول تبرجن تبرج الجاهلية الولى ] الحزاب:
. [33
وقول الله تعالى :والقواعد من النساء اللتي ل يرجون نكاحا ً
فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن
يستعففن خير لهن والله سميع عليم ] النور. [60 :
وآيات ضرب الحجاب وفرضه على أمهات المؤمنين ونساء
المؤمنين ونهيهن عن إبداء الزينة ،نصوص قاطعة على تحريم
التبرج والسفور .
)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي rقال :صنفان
ل معهم سياط كأذناب البقر يضربون من أهل النار لم أرهما :رجا ٌ
هن ت رءوس ُت مميل ٌ ت مائل ٌ ت عاريا ٌ بها الناس ،و نساءٌ كاسيا ٌ
ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها كأسنم ِ
ليوجد من مسيرة كذا و كذا .
هنت رءوس ُ ت مميل ٌ ت مائل ٌ ت عاريا ٌ الشاهد قوله ] rو نساءٌ كاسيا ٌ
ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها كأسنم ِ
ليوجد من مسيرة كذا و كذا [
) ونساء كاسيات ( في الحقيقة ) عاريات ( في المعنى
لنهن يلبسن ثيابا ً رقاقا ً يصف البشرة ،يسترن بعض بدنهن
ويكشفن بعضه إظهارا ً للجمال
ت( مائلت متبخترات في مشيتهن مميلت أكتافهن ت مميل ٌ ) مائل ٌ
وأكفالهن ،أو مائلت للرجال مميلت قلوبهم إلى الفساد بهم بما
يبدين من زينتهن .
ن رؤوسهن م َ ّ
عظ ْ) رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( أي ي ُ َ
ر والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة م ِ
خ ُ
بال ُ
البل
ت « 289خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) ل يدخلن الجنة ( مع الفائزين السابقين أو مطلقا ً إن استحللن
.
وهذا نص فيه وعيد شديد ،يدل على أن التبرج من الكبائر؛ لن
ب أوة أو عذا ٍ
الكبيرة :كل ذنب توعد الله عليه بنار أو غضب أو لعن ٍ
ن من الجنة.
حرما ٍ
ِ
وقد أجمع المسلمون على تحريم التبرج،
وكما حكاه العلمة الصنعاني في حاشيته ]منحة الغفار على ضوء
النهار 2011 /4 :ـ . [2012
وبالجماع العملي على عدم تبرج نساء المؤمنين في عصر النبي
،rوعلى ستر أبدانهن وزينتهن ،حتى انحلل الدولة العثمانية في
عام 1342هـ وتوزع العالم السلمي وحلول الستعمار فيه .
وليحذر المسلم من بدايات التبرج في محارمه ،وذلك بالتساهل
في لباس بناته الصغيرات بأزياء لو كانت على بالغات لكانت فسقا ً
وفجورًا ،مثل :إلباسها القصير ،والضيق ،والبنطال ،والشفاف
الواصف لبشرتها ،إلى غير ذلك من ألبسة أهل النار ،كما تقدم
في الحديث الصحيح ،وفي هذا من اللف للتبرج والسفور ،وكسر
له الله حاجز النفرة ،وزوال الحياء ،ما ل يخفى ،فليتق الله من و ّ
المر .
وهاك بعض مساوئ التبرج والعياذ بالله :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
) (1التبرج من صفات أهل النار :
قد بين لنا رسول الله مآل وعاقبة المتبرجة السافرة كما في
الحديث التي :
)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي rقال :صنفان
ل معهم سياط كأذناب البقر يضربون من أهل النار لم أرهما :رجا ٌ
هنت رءوس ُت مميل ٌت مائل ٌ ت عاريا ٌ بها الناس ،و نساءٌ كاسيا ٌ
ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها كأسنم ِ
ليوجد من مسيرة كذا و كذا .
هنت رءوس ُت مميل ٌت مائل ٌت عاريا ٌ الشاهد قوله ] rو نساءٌ كاسيا ٌ
ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها كأسنم ِ
ليوجد من مسيرة كذا و كذا [
) ونساء كاسيات ( في الحقيقة ) عاريات ( في المعنى
لنهن يلبسن ثيابا ً رقاقا ً يصف البشرة ،يسترن بعض بدنهن
ويكشفن بعضه إظهارا ً للجمال
ت « 290خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت( مائلت متبخترات في مشيتهن مميلت أكتافهن ت مميل ٌ ) مائل ٌ
وأكفالهن ،أو مائلت للرجال مميلت قلوبهم إلى الفساد بهم بما
يبدين من زينتهن .
ر
م ِ
خ ُ ن رؤوسهن بال ُ م َ ّ
عظ ْ ) رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( أي ي ُ َ
والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة البل
) ل يدخلن الجنة ( مع الفائزين السابقين أو مطلقا ً إن استحللن
.
) ول يجدن ريحها ( أي الجنة ) وإن ريحها ليوجد من مسيرة
كذا وكذا ( كناية عن خمسمائة عام أي يوجد من مسيرة
خمسمائة عام كما جاء مفسرا ً في رواية أخرى .
أختاه يا من خلعت حجابك ولم تستحي من ربك ألست حفيدة
خديجة وعائشة وفاطمة ؟ ألست من نساء المؤمنين ؟
إذا قلت نعم فعليك أن تنصاعي لقول رب العالمين:
َ ق ْ َ َ
نه ّ علي ْ ِن َ ن ي ُدِْني َ
مِني َ ؤ ِ ء ال ْ ُ
م ْ سا ِ ون ِ َ
ك َوب ََنات ِ َك َ ج َ وا ِ
ل ِلْز َ ي ُّ ها الن ّب ِ}َيا أي ّ َ
َ من جَلبيبهن ذَل ِ َ َ
فوًرا غ ُه َن الل ّ ُكا َو َ ن َ ؤذَي ْ َ فَل ي ُ ْ ن َف َ عَر ْ ن يُ ْ ك أدَْنى أ ْ ِ ِ ّ ِ ْ َ
ما{ )الحزاب (59 حي ً
َر ِ
من خلعت حجابها خلعت معه حيائها ومن خلعت حياءها خلعت
معه إيمانها
)حديث ابن عمر في صحيح الجامع( أن النبي rقال :إن الحياء و
ع أحدهما رفع الخر . ف َاليمان قرنا جميعا فإذا ُر ِ
ق يبعث على اجتناب القبيح ولذا قال النبي r خل ُ ٌ تنبيه:الحياءُ ُ
إذا لم تستح فاصنع ما شئت كما في الحديث التي :
)حديث أبي مسعوٍد النصاري في صحيح البخاري( أن النبي rقال
:إن مما أدرك الناس من كلم النبوة الولى :إذا لم تستح
فاصنع ما شئت .
ل الحياء أن تستحي من الله : وأفض ُ
)حديث ابن مسعود في صحيح الترمذي( أن النبي rقال :استحيوا
من الله تعالى حق الحياء ،قلنا يا نبي الله إنا لنستحي والحمد
لله ،قال :ليس ذاك ولكن الستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ
الرأس و ما وعى والبطن و ما حوى وتذكر الموت و الِبلى و من
أراد الخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله
حق الحياء .
ة تكون قد استحت من الله تعالى وهل المرأة إذا كانت متبرج ً
أختاه :اسمعي هذا الحديث وعيه جيدا وانظري أين أنت من هذا:
)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي r
قال :من جر ثوبه خيلء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم
ت « 291خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
سلمة :يا رسول الّله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال :يرخين
شبرا ً قالت :إذن تنكشف أقدامهن قال :فترخيه ذراعا ً ل يزدن
عليه .
تنبيه ):الذراع يقاس من منتصف الساق(
ولعل بعض النساء تتسأل وتقول لو فعلت ذلك سيصيب ثوبي
النجاسة كما قالت أم سلمه للنبي فما الجواب ؟
الجواب هو ما قاله النبي } يطهره ما بعده {
) حديث أم ولد لبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الثابت في
صحيحي أبي داوود والترمذي ( أنها سألت أم سلمة فقالت إني
امرأة َأطَيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ،فقالت أم سلمة :
قال النبي } يطهره ما بعده {
]*[ يا سبحان الله ! الرسول يقول لم سلمه يرخينه شبرا ً
ولكنها تقول أن النساء ل يطيقن هذا لن أقدامهن ستنكشف عند
المشي فلم ترضي أن يرخي الثوب شبرا ً يجرجر في الرض ولكن
فتيات هذا الزمان رضين بهذا الشبر ولكنه ليس شبرا ً يجرجر في
الرض ولكنه شبرا ً فوق الركبتين
بربك أي نهر تعبريـن لحد الركبتين تشـمريـن
َ
يزيد تقلصا حينا ً فحيـنا ً كأن الثوب ظل في صباح
أم لنك ربما ل تشعرين تظنين الرجال بل شـعور
ت « 292خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نفسها ؟!
واليوم وللسف كم من فتاة تقوم وهى في كامل صحتها
وعافيتها بمخالفة أمر ربها ورسوله ؟!
فتكشف عن شيء من جسدها ،وتبرز مفاتنها ،وتعصي الله جل
وعل بنعمه عليها !
أو ليس الذي وهبها هذه النعم قادرا على أن يسلبها منها؟!
تنبيه : فتذكري أخيتي دائما أن هناك جنة ونار ،وجزاء
وحساب ،فهذا مما يبعث على العمل والزهد في الدنيا ،وترك
الذنوب والمعاصي..
]*[ قال المام ابن القيم في » مدارج السالكين « ): (2/79
» وإذا خل القلب من ملحظة الجنة والنار ورجاء هذه والهروب من
هذه فترت عزائمه وضعفت همته ووهن باعثه ،وكلما كان أشد
طلبا للجنة وعمل لها كان الباعث للطاعة أقوى ،والهمة أشد،
والسعي أتم « .
) (2التبرج فعل الجاهلية الولي والتي نهي الله عنه:
ى(لول َ َ
ةا ُهل ِي ّ ِ ج ال ْ َ
جا ِ ن ت َب َّر َ
ج َ ول َ ت َب َّر ْ
ن َ في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ قْر َ و َ
قال تعالىَ ) :
]الحزاب [33 /
ى[ لول َ َةا ُ هل ِي ّ ِ
جا ِ ج ال ْ َن ت َب َّر َج َ ول َ ت َب َّر ْ الشاهد قوله تعالى َ ] :
)ول تبرجن تبرج الجاهلية الولى( أي ما قبل السلم من إظهار
النساء محاسنهن للرجال .
)حديث ابن عباس في صحيح البخاري( أن النبي rقال :أبغض
غ في السلم سنة حدٌ في الحرم ومبت ٍ مل ْ ِالناس إلى الله ثلثة ُ :
ئ بغير حق ليهريق دمه . م امر ٍ بد َ مطّل ِ ٌالجاهلية و ُ
غ في السلم سنة الجاهلية[ الشاهد قوله ] rومبت ٍ
) مبتغ ( طالب ) في السلم ( أي في دينه ) سنة الجاهلية
( أي إحياء طريقة الجاهلية ،ومنها التبرج والعياذ بالله .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
]سنة الجاهلية[ :اسم جنس يعم جميع ما كان أهل الجاهلية
يعتمدونه .
ة لله ورسوله : ) (3التبرج معصي ٌ
)حديث أبي هريرة في صحيح البخاري( أن النبي rقال :كل أمتي
يدخلون الجنة إل من أبى ،قيل :ومن يأبى يا رسول الّله؟ من
أطاعني دخل الجنة و من عصاني فقد أبى .
)كل أمتي يدخلون الجنة إل من أبى ( بفتح الهمزة والموحدة
بامتناعه عن قبول الدعوى أو بتركه الطاعة التي هي سبب
لدخولها لن من ترك ما هو سبب شيء ل يوجد بغيره فقد أبى أي
امتنع .
ت « 293خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قال ) :من أطاعني ( أي انقاد وأذعن لما جئت به ) دخل
الجنة ( وفاز بنعيمها البدي ،بين أن إسناد المتناع عن الدخول
إليهم مجاز عن المتناع لسببه وهو عصيانه بقوله ) ومن عصاني
( بعدم التصديق أو بفعل المنهي ) فقد أبى ( فله سوء
المنقلب بإبائه والموصوف بالباء إن كان كافرا ل يدخل الجنة
أصل أو مسلما ً لم يدخلها مع السابقين الولين .
والمعنى :من أطاعني وتمسك بالكتاب والسنة دخل الجنة ومن
اتبع هواه وزل عن الصواب وخل عن الطريق المستقيم دخل النار
.
حقق بنص السنة الصحيحة : م َ ) (4التبرج هل ٌ
ك ُ
)حديث فضالة بن عبيد في صحيح الدب المفرد( أن النبي rقال :
ل فارق الجماعة وعصى إمامه فمات ة ل تسأل عنهم :رج ٌ ثلث ٌ
جت ة أوعبدٌ أبق فمات ،وامرأةٌ غاب عنها زوجها فتبر ّ عاصيا ً ،وأم ٌ
بعده ،فل تسأل عنهم .
معنى ] ل تسأل عنهم :أي ل تسأل عن هلكتهم[ أي هلكهم
محقق ،ومن بينهم المرأة المتبرحة.
]*[ وقد سئل فضيلة الشيخ محمد ابن عثيمين عن اللباس الضيق
والمفتوح للمرأة فقال :هذا اللباس لباس أهل النار ،كما قال
النبي )) : rصنفان من أهل النار لم أرهما ، (..وذكر الحديث
السابق ،فهذه المرأة التي تلبس هذا اللباس كاسية عارية ،لن
اللباس إذا كان ضيقا فإنه يصف حجم البدن ويبين مقاطعه،
وكذلك إذا كان مفتوحا ،فإنه يبين ما تحته ،لنه ينفتح ،فل يجوز
مثل هذا اللباس ،وقال ـ حفظه الله ـ في موضع آخر :أرى انسياق
المسلمين وراء هذه الموضة من أنواع اللبسة التي ترد علينا من
هنا وهناك ،وكثير منها ل يتلءم مع الزي السلمي الذي يكون فيه
الستر الكامل للمرأة ،مثل اللبسة القصيرة أو الضيقة جدا أو
رجل المرأة، الخفيفة ،ومن ذلك لبس البنطلون فإنه يصف حجم ِ
وكذلك بطنها وخاصرتها وغير ذلك ،فلبسته تدخل تحت الحديث
الصحيح السابق ،فنصيحتي لنساء المؤمنين ولرجالهن أن يتقوا
الله ـ عز وجل ـ ،وأن يحرصوا على الزي السلمي الساتر وأل
يضيعوا أموالهم في اقتناء مثل هذه اللبسة ،أما عن حكم لبس
مثل هذه الملبس عند المحارم والنساء فقال :وأما بين المرأة
والمحارم فإنه يجب عليها أن تستر عورتها ،والضيق ل يجوز ل عند
المحارم ول عند النساء إذا كان الضيق شديدا يبين مفاتن المرأة
انتهى كلمه ـ حفظه الله ـ.
]*[]*[]*[]*[
ت « 294خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)ثانيًا( جعل قرار المرأة في بيتها هو الصل :
در ة تُ َ
ق ّ ة شرعية ،وخروجها منه رخص ٌ قرار المرأة في بيتها عزيم ُ
بقدرها
ن في وقْر َفالصل لزوم النساء البيوت ،لقول الله تعالىَ :
ن ] الحزاب.[33: بُيوِتك ّ
فهو عزيمة شرعية في حقهن ،وخروجهن من البيوت رخصة ل
تكون إل لضرورة أو حاجة.
ولهذا جاء بعدها :ول تبرجن تبرج الجاهلية الولى أي :ل
تكثرن الخروج متجملت أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية .
دور عن البروز خ ُجدر والـ ُ والمر بالقرار في البيوت حجاب لهن بالـ ُ
أمام الجانب ،وعن الختلط ،فإذا برزن أمام الجانب ،وجب
عليهن الحجاب باشتمال اللباس الساتر لجميع البدن ،والزينة
المكتسبة .
من نظر في آيات القرآن الكريم ،وجد أن البيوت مضافة إلى و َ
النساء في ثلث آيات من كتاب الله تعالى ،مع أن البيوت للزواج
أو لوليائهن ،وإنما حصلت هذه الضافة –والله أعلم -مراعاة
لستمرار لزوم النساء للبيوت ،فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن
والتصاق به ،ل إضافة تمليك .
قال الله تعالى :وقرن في بيوتكن ] الحزاب ، [33 :وقال
سبحانه :واذكرن ما يتلى في بيوتكم من آيات الله والحكمة
]الحزاب ،[34 :وقال عز شأنه :ل تخرجوهن من بيوتهن
]الطلق. [1 :
فمن أعظم صفات المرأة الصالحة أن تكون قاّرةً في بيتها امتثال ً
لقوله تعالى :
لول َ ٰى ]الحزاب: ة ٱ ْهل ِي ّ ِج ٰـ ِج ٱل ْ َ ن ت َب َّر َج َول َ ت َب َّر ْ ن َفى ب ُُيوت ِك ُ ّن ِ و َ
قْر َ َ
[33
ن ]الحزاب:[33: في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ و َ
قْر َ تفسير قوله تعالىَ :
]*[ قال ابن كثير رحمه الله:
ن ] الحزاب ،[33 :أي الزمن في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ قْر َ و َوقوله تعالىَ :
بيوتكن ،فل تخرجن لغير حاجة ،ومن الحوائج الشرعية الصلة في
المسجد بشرطين متلزمين هما :
) (1أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة
والطيب
) (2أن يخرجن وهن تفلت ،كما في الحاديث التية
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين( أن النبي
rقال :ل تمنعوا إماء الله مساجد الله .
ت « 295خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :أيما امرأة أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء
الخرة .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود( أن
النبي rقال :ل تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلت
.
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن
النبي rقال :ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن .
]*[ قال القرطبي رحمه الله :قوله تعالى} :وقرن{ ،قرأ الجمهور
قرن{ ،وقرأ عاصم ونافع بفتحها .فأما القراءة الولى فتحتمل }و ِ
وجهين:
قَر َيقر وقاًرا أي سكن، أحدهما :أن يكون من الوقار ،تقول :و َ
قْرن).(23
قْر ،وللنساء ِ والمر ِ
والوجه الثاني :أن يكون من القرار.
ثم قال رحمه الله :معنى هذه الية ،المر بلزوم البيت ،وإن كان
الخطاب لنساء النبي ،فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ،هذا لو
لم يرد دليل يخص جميع النساء ،كيف والشريعة طافحة بلزوم
النساء بيوتهن ،والنكفاف عن الخروج منها إل لضرورة .فأمر الله
تعالى نساء النبي بملزمة بيوتهن ،وخاطبهن بذلك تشري ً
فا
لهن ،ونهاهن عن التبرج.
ضا :ذكر الثعلبي وغيره عن عائشة رضي الله ثم قال رحمه الله أي ً
عنها ،كانت إذا قرأت هذه الية تبكي حتى تبل خمارها.
وذكر أن سودة قيل لها :لم ل تحجين وتعتمرين كما يفعل
أخواتك؟ فقالت :قد حججت واعتمرت ،وأمرني الله أن أقر في
بيتي .قال الراوي :فو الله ما خرجت من باب حجرتها ،حتى
أخرجت جنازتها ،رضوان الله عليها.
ن ،أن ل في ب ُُيوت ِك ُ ّن ِ و َ
قْر َ ثم قال رحمه الله :ليس المراد بحكم َ
ُ
دا ،بل المر أن قد أذن لهن أن تتخطى النساء عتبة بيتهن أب ً
يخرجن لحوائجهن.
ولكن هذا الذن ليس بمطلق غير محدود ،ول هو غير مقيد
بشروط ،فليس جائًزا للنساء أن يطفن خارج بيوتهن كما شئن،
ويخالطن الرجال بحرية في المجالس والنوادي ،وإنما مراد الشرع
بالحوائج :هو الحاجات الحقيقية التي لبد معها للنساء من أن
يخرجن من البيوت ويعملن خارجها.
ومن الظاهر أنه ل يمكن استيعاب جميع الصور الممكنة لخروج
)( يقول الشيخ المودودي رحمه ال :فمعنى الية إًذا :عشن في بيــوتكن بالســكينة والوقــار .الحجــاب ص 23
.307
ت « 296خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
النساء وعدم خروجهن ،في جميع الزمان ،ول من الممكن وضع
الضوابط والحدود لكل مناسبة من تلك المناسبات ،غير أن المرء
يستطيع أن يتفطن لروح القانون السلمي ورجحانه ،إذا نظر
فيما قرره النبي ،من الضوابط لخروج المرأة من البيت في
عامة أحوال الحياة ،وما تناول به حدود الحجاب من الزيادة
والنقص بين آونة وأخرى ،وأن يستخرج بنفسه حدود الحجاب
للحوال الفردية والشئون الجزئية ،وقواعد الزيادة فيها والنقص
عا للحالت والملبسات. منها تب ً
ومن ذلك ،الذن في حضور المساجد وحدوده ،وخروج النساء في
الحج والجمعة والعيدين ،وكذلك في زيارة القبور واتباع الجنائز،
وكذلك شهودهن الحرب ،ففي كل ذلك ضوابط وحدود ،وفي أخرى
موانع.
ومما يستدل به على جواز خروج النساء لحاجتهن ،ما رواه مسلم
ضرب الحجاب ـ لحاجتها، عن عائشة قالت :خرجت سودة بعدما ُ
فها ـ فرآها عمر بن تخفى على من يعر ُ وكانت امرأة جسيمة ل َ
الخطاب ،فقال :يا سودة ،أما والله ما تخفين علينا ،فانظري كيف
تخرجين .قالت :فانكفأت راجعة ،ورسول الله في بيتي ،وإنه
دخلت ،فقالت :يا رسول الله ،إني ف َ قَ ، عْر ٌ
ليتعشى وفي يده َ
خرجت لبعض حاجتي ،فقال لي عمر كذا وكذا ،قالت :فأوحى الله
ضعه فقال" :إنه قد ُأذن عْرقَ في يده ما و َ ن ال َ
إليه ثم ُرفع عنه وإ ّ
.
لكن أن تخرجن لحاجتكن"
والمرأة المسلمة المستقيمة على شرع الله إذا خرجت لحاجة
التزمت بالضوابط التية:
قا من قوله ) (1خرجت لحاجة ،ل للهو ول لضاعة الوقات ،انطل ً
.
" :أذن لكن في الخروج لحاجتكن
) (2وتستأذن زوجها أو وليها قبل الخروج ،أما المرأة التي تدخل
بيتها وتخرج في أي وقت دون مبالة بأمر الزوج ،فهي امرأة
شقية تجلب لنفسها المشاكل والخراب.
) (3وتستتر بحجابها الشرعي الكامل ،فل تكون من الكاسيات
العاريات ،اللئي يرتدين من الملبس الشفاف أو الضيق أو
المزركش ،ول تتعطر عند خروجها ،أو تلبس ملبس الرجال،
فالمرأة الصالحة المتدينة في منأى عن هذه الصورة السيئة.
) (4تغض من نظرها في سيرها فل تنظر هنا أو هناك لغير حاجة،
فضل ً عن النظر للرجل الجنبي لغير حاجة ،وإذا احتاجت إلى
محادثته ،تتحدث إليه بما تحتاجه فقط ،ول تلين بصوتها ول تخضع
به لئل يطمع فيها من في قلبه مرض.
) (5تمشي متواضعة في أدب وحياء وسكينة ،ول تتخذ خلخل ول
ت « 297خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
حذاء يضرب على الرض بقوة ،فُيسمع قرع حذائها فربما وقعت
َ
ما
م َ عل َ َ
ن ل ِي ُ ْ
ه ّ
جل ِ ِ
ن ب ِأْر ُ
رب ْ َ
ض ِ
ول ي َ ْ الفتنة ،وقد قال الله تعالىَ :
ن ] النور.[31 : ه ّزين َت ِ ِ
ن ِ م ْ
ن ِ
في َ
خ ِ
يُ ْ
) (6ول تسافر سفر يوم وليلة إل مع ذي محرم لها امتثال ً لقول
النبي في الحاديث التية :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر ل لمرأ ٍالنبي rقال ) :ل يح ُ
مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال ) :ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (
فا على ألف قرية ،فما رأيت ]*[ قال ابن العربي :لقد دخلت ني ً
ل ،ول أعف نساء من نساء نابلس ،التي ُرمي نساء أصون عيا ً
الخليل بالنار فها ،فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق
نهاًرا إل يوم الجمعة ،فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد
منهن ،فإذا قضيت الصلة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على
واحدة منهن إل الجمعة الخرى).(24
]*[ ويقول الشيخ أبو العلى المودودي رحمه الله :ويقول التابعي
والمفسر الشهير قتادة بن دعامة :إن مقامة المرأة ومستقرها
في البيت ،وما وضعت عنهن واجبات خارج البيت إل ليلزمن
البيوت بالسكينة والوقار ،ويقمن بواجبات الحياة العائلية ،أما إن
كان بهن حاجة على الخروج ،فيجوز لهن أن يخرجن من البيت،
بشرط أن يراعين جانب العفة والحياء ،فل يكون في لباسهن بريق
أو زخرفة أو جاذبية ،تجذب إليهن النظار ،ول في نفوسهن من
حرص على إظهار زينتهن ،فيكشفن تارة عن وجوههن ،وأخرى
عن أيديهن ،ول في مشيتهن شيء يستهوي القلوب ،ول يلبسن
كذلك من الحلي ما يحلو وسواسه في المسامع ،ول يرفعن
أصواتهن بقصد أن يسمعها الناس .نعم ،يجوز لهن التكلم في
حاجتهن ،ولكنه يجب أن ل يكون في كلمهن لين وخضوع ،ول في
لهجتهن عذوبة وتشويق.
كل هذه الضوابط والحدود إن راعتها النساء ،جاز لهن أن يخرجن
.
لحوائجهن
]*[ وبحفظ هذا الصل تتحقق المقاصد الشرعية التية :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـ
)( الجامع لحكام القرآن للقرطبي ) ،(8/5450ط .دار الغد العربي. 24
ت « 298خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (1مراعاة ما قضت به الفطرة ،وحال الوجود النساني ،وشرعة
رب العالمين ،من القسمة العادلة بين عباده من أن عمل المرأة
داخل البيت ،وعمل الرجل خارجه.
) (2مراعاة ما قضت به الشريعة من أن المجتمع السلمي مجتمع
فردي -أي غير مختلط -فللمرأة مجتمعها الخاص بها ،وهو داخل
البيت ،وللرجل مجتمعه الخاص به ،وهو خارج البيت .
) (3قرار المرأة في عرين وظيفتها الحياتية -البيت -يكسبها
الوقت والشعور بأداء وظيفتها المتعددة الجوانب في البيت:
زوجة ،وأمّـا ،وراعية لبيت زوجها ،ووفاء بحقوقه من سكن إليها،
وتهيئة مطعم ومشرب وملبس ،ومربية جيل.
وقد ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن
رسول الله قال )) :المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن
رعيتها (( متفق على صحته.
) (4قرارها في بيتها فيه وفاء بما أوجب الله عليها من الصلوات
المفروضات وغيرها ،ولهذا فليس على المرأة واجب خارج بيتها،
فأسقط عنها التكليف بحضور الجمعة والجماعة في الصلوات،
وصار فرض الحج عليها مشروطا ً بوجود محرم لها.
) حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي
داوود ( أن النبي rقال لزواجه في حجة الوداع )) :هذه ثم ظهور
الحصر (( .
]*[ قال ابن كثير رحمه الله تعالى في التفسير ) :يعني :ثم
ال َْزمن ظهور الحصر ول تخرجن من البيوت ( انتهى .
حمد شاكر رحمه الله تعالى معلقا ً على هذا ]*[ وقال الشيخ أ ْ
الحديث في ]عمدة التفسير: [3/11 :
)) فإذا كان هذا في النهي عن الحج بعد حجة الفريضة -على أن
الحج من أعلى القربات عند الله -فما بالك بما يصنع النساء
المنتسبات للسلم في هذا العصر من التنقل في البلد ،حتى
ليخرجن سافرات عاصيات ماجنات إلى بلد الكفر ،وحدهن دون
محرم ،أو مع زوج أو محرم كأنه ل وجود له ،فأين الرجال؟! أين
الرجال؟!! (( انتهى .
وأسقط عنها فريضة الجهاد ،ولهذا فإن النبي لم يعقد راية
لمرأة قط في الجهاد ،وكذلك الخلفاء بعده ،ول انتدبت امرأة
لقتال ول لمهمة حربية ،بل إن الستنصار بالنساء والتكثر بهن في
الحروب دال على ضعف المة واختلل تصوراتها.
ت « 299خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث أم سلمة رضي الله عنها الثابت في صحيح الترمذي ( أنها
قالت :يا رسول الله! تغزو الرجال ول نغزو ،ولنا نصف الميراث؟
فأنزل الله :ول تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض .
]*[ قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى تعليقا ً على هذا
الحديث في ]عمدة التفسير )) : [157 /3 :وهذا الحديث يرد على
الكذابين المفترين -في عصرنا -الذين يحرصون على أن تشيع
الفاحشة بين المؤمنين ،فيخرجون المرأة عن خدرها ،وعن صونها
وسترها الذي أمر الله به ،فيدخلونها في نظام الجند ،عارية الذرع
والفخاذ ،بارزة المقدمة والمؤخرة ،متهتكة فاجرة ،يرمون بذلك
في الحقيقة إلى الترفيه الملعون عن الجنود الشبان المحرومين
من النساء في الجندية ،تشبها ً بفجور اليهود والفرنج ،عليهن
لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة (( انتهى .
) (5تحقيق ما أحاطها به الشرع المطهر من العمل على حفظ
كرامة المرأة وعفتها وصيانتها ،وتقدير أدائها لعملها في وظائفها
المنـزلية .
وبه ُيعلم أن عمل المرأة خارج البيت مشاركة للرجل في
اختصاصه ،يقضي على هذه المقاصد أو يخل بها ،وفيه منازعة
للرجل في وظيفته ،وتعطيل لقيامه على المرأة ،وهضم لحقوقه؛
إذ ل بد للرجل من العيش في عالمين:
عالم الطلب والكتساب للرزق المباح ،والجهاد والكفاح في طلب
المعاش وبناء الحياة ،وهذا خارج البيت.
وعالم السكينة والراحة والطمئنان ،وهذا داخل البيت ،وبقدر
خروج المرأة عن بيتها يحصل الخلل في عالم الرجل الداخلي،
ويفقد من الراحة والسكون ما يخل بعمله الخارجي ،بل يثير من
المشاكل بينهما ما ينتج عنه تفكك البيوت ،ولهذا جاء في المثل ) :
جِني والمرأة َتـْبني ( .الـرجل ي َ ْ
ومن وراء هذا ما يحصل للمرأة من المؤثرات عليها نتيجة الختلط
بالخرين.
إن السلم دين الفطرة ،وإن المصلحة العامة تلتقي مع الفطرة
النسانية وسعادتها؛ إذا ً فل يباح للمرأة من العمال إل ما يلتقي
مع فطرتها وطبيعتها وأنوثتها؛ لنها زوجة تحمل وتلد وُترضع،
وَربّــة بيت ،وحاضنة أطفال ،ومربية أجيال في مدرستهم الولى
المنـزل .
وإذا ثبت هذا الصل من أمر النساء بالقرار في البيوت ،فإن الله
سبحانه وتعالى حفظ لهذه البيوت حرمتها ،وصانها عن وصول
شك أو ريبة إليها ،ومنع أي حالة تكشف عن عوراتها ،وذلك
بمشروعية الستئذان لدخول البيوت من أجل البصر ،فقال سبحانه
ت « 300خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
:يا أيها الذين آمنوا ل تدخلوا بيوتا ً غير بيوتكم حتى تستأنسوا
وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون .فإن لم تجدوا
فيها أحدا ً فل تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا
فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم .ليس عليكم جناح
ع لكم والله يعلم ما تبدون أن تدخلوا بيوتا ً غير مسكونة فيها متا ٌ
وما تكتمون ] النور27 :ـ . [29
حتى تستأنسوا :أي تستأذنوا ،وتسلموا ،فيؤذن لكم ويرد عليكم
السلم .
وقد تواردت السنن الصحيحة بإهدار عين من اطلع في دار قوم
بغير إذنهم ،وأن من الدب للمستأذن أن ل يقف أمام الباب ،ولكن
عن يمينه أو شماله ،وأن يطرق الباب طرقا ً خفيفا ً من غير
مبالغة ،وأن يقول :السلم عليكم ،وله تكرار الستئذان ثلثا ً .
كل هذا لحفظ عورات المسلمين وهن في البيوت ،فكيف بمن
ينادي بإخراجهن من البيوت متبرجات سافرات مختلطات مع
الرجال؟ فالتزموا عباد الله بما أمركم الله به .
وإذا بدت ظاهرة خروج النساء من بيوتهن من غير ضرورة أو
حاجة ،فهو من ضعف القيام على النساء ،أو فقده ،وننصح الراغب
لجة ،التي في الزواج ،بحسن الختيار ،وأن يتقي الخّراجة الو ّ
تنتهز فرصة غيابه في أشغاله ،للتجول في الطرقات ،ويعرف ذلك
بطبيعة نسائها ،ونشأة أهل بيتها .
]*[]*[]*[]*[
)ثالثًا( أمر الله تعالى بالستئذان على النساء وب َّين أن الستئذان
من أجل البصر :
)حديث عبد الله بن بسر في صحيح أبي داود( أن النبي rكان إذا
أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه و لكن من ركنه
اليمن أو اليسر و يقول :السلم عليكم السلم عليكم .
ر
ل من جح ٍ طلع رج ٌ )حديث سهل بن سعد في الصحيحين( قال :ا ّ
ك به رأسه فقال :لو أعلم درى يح ُ م ْر النبي rومع النبي ِ r في حج ِ
أنك تنظر لطعنت به في عينك إنما جعل الستئذان من أجل البصر
.
]*[]*[]*[]*[
)رابعًا( النهى عن إطلق البصر في المحرمات ،والمر بغض
البصر:
أمر الله تعالى ونبيه المؤمنين بغض البصر في آيات وأحاديث
كثيرة منها :
ف ُ َ
ظوا ح َوي َ ْ
م َه ْر ِ
صا ِ
ن أب ْ َ م ْ
ضوا ِ غ ّن يَ ُ
مِني َ
ؤ ِ ل ل ِل ْ ُ
م ْ قال تعالى ُ
ق ْ
م إن الله خبير بما يصنعون ] النور[ 30/ ه ْ
ج ُ ُ
فُرو َ
ت « 301خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
نفظ ْ َ ح َوي َ ْن َه ّر ِ
صا ِن أب ْ َ م ْ
ن ِض َ
ض ْ
غ ُت يَ ْمَنا ِ
ؤ ِ ل ل ِل ْ ُ
م ْ ق ْ و ُ
وقال تعالى َ
ن ه ّج ُ ُ
فُرو َ
] النور[ 31/
هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم
عما حرم عليهم فل ينظروا إل إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن
يغمضوا أبصارهم عن المحارم
]*[ قال القرطبي رحمه الله :البصر هو الباب الكبر إلى القلب
وأعمر طرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته
ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما
يخشى الفتنة من أجله وفي صحيح مسلم عن جرير عن عبد الله
قال :سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة
فأمرني أن أصرف بصري وهذا يقوي قول من يقول إن من
للتبعيض لن النظرة الولى لتملك فل تدخل تحت خطاب تكليف .
] وقال[:وبدأ بالغض قبل الفرج لن البصر رائد للقلب كما أن
الحمى رائدة الموت وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال :ألم تر
فما تألف العينان فالقلب آلف ا.هـ أن العين للقلب رائد
تفسير القرطبي 222/ 12
]*[ ويقول ابن القيم كذلك كما في كتابه الجواب الكافي عندما
تكلم عن الزنا فقال:
ما على ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل المر بغضه مقد ً
حفظ الفرج فإن كل الحوادث مبدؤها من النظر تكون نظرة – ثم
تكون خطرة – ثم خطوة – ثم خطيئة فإما اللحظات فهى رائدة
الشهوة ورسولها وحفظها أصل حفظ الفرج فمن أطلق نظرة
أورد نفسه موارد الهلك والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب
النسان ومن آفاته .أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات
فيرى النسان ما ليس قادًرا عليه ول صابًرا عنه وهذا من أعظم
العذاب.
ف رسول ل َرِدي ْ َ )حديث ابن عباس في الصحيحين( قال كان الفض ُ
ل ينظُر إليها وتنظُر الله ، rفقدمت امرأةٌ من خثعم ،فجعل الفض ُ
ق الخر ، ف وجه الفضل إلى الش ِ إليه ،وجعل رسول الله يصر ُ
فقالت يا رسول الله :إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت
ج عنه ؟ قال نعم .وذلك ت على الراحلة ،أفأح ُ شيخا ً كبيرا ً ل يثب ُ
في حجة الوداع .
كتب على ابن )حديث أبي هريرة في الصحيحين( أن النبي rقال ُ :
آدم نصيبه من الزنا ،فهو مدرك ذلك ل محالة فالعينان زناهما
النظر و الذنان زناهما الستماع و اللسان زناه الكلم و اليد زناها
ت « 302خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
البطش و الرجل زناها الخطا و القلب يهوى و يتمنى و يصدق ذلك
الفرج أو يكذبه .
الشاهد :قوله ] rفالعينان زناهما النظر[ فبدا الرسول بزنى
العين لنه اصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج وهذا الحديث من
أبين الشياء على أن العين تعصى بالنظر وان ذلك زناها .
]*[ قال الغزالي رحمه الله تعالى :ونبه به على أنه ل يصل إلى
حفظ الفرج إل بحفظ العين عن النظر وحفظ القلب عن الفكرة
وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع فإن هذه محركات للشهوة
ومغارسها قال عيسى عليه السلم :إياكم والنظر فإنه يزرع في
القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة ثم قال الغزالي :وزنا
العين من كبار الصغائر وهو يؤدي إلى الكبيرة الفاحشة وهي زنا
الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ دينه .
فيض القدير ج 4 :ص65 :
) حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي
داوود ( أن النبي rقال :من كان منكن يؤمن بالله واليوم الخر
فل ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم كراهة أن يرين من
عورات الرجال .
بل جعل الرسول غض البصر من حقوق الطريق التي تلزم كل
جالس فيها حتى ل تتخذ الطرقات ذرائع للترفه بمحاسن النساء
وتأمل مفاتن الغاديات والرائحات.
)حديث أبي سعيد في الصحيحين( أن النبي rقال :إياكم و
الجلوس في الطرقات ،قالوا يا رسول الله مل لنا منها بدٌ إنها
ث فيها ،قال فإذا أبيتم إل المجالس فأعطوا مجالسنا نتحد ُ
ق الطريق ؟ قال :غض البصر و الطريق حقه ،قالوا وما هو ح ُ
كف الذى و رد السلم و المر بالمعروف و النهي عن المنكر.
]*[ قال النووي رحمه الله تعالى :
وقد أشار النبي إلى علة النهي من التعرض من الفتنة و الثم
بمرور النساء وغيرهن وقد يمتد النظر إليهن أو فكر فيهن .
تنبيه :وفي الحديث مشروعية سد الذرائع التي بنيت عليها
فروع كثير فقهية ،فهذه الخصال من حقوق الطريق التي ُيلزم
بها الجالس عليها ومنها غض البصر وكفه عن النظر إلى النساء
وذلك في الماكن العامة التي هي مظنة مرور العرايا والمتبرجات
فان الجلوس في مثل هذه الماكن جريمة ومنكر ولسيما إذا
اعتاده النسان فانه يفسق بذلك وهذه صرخة إنذار لمن يعتادون
الجلوس على الطرقات ويتخذون من المقاهي مجالس للتسلية
والنظر لما حرم عليه.
ت « 303خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وقد كان السلف الصالح أشد إيمانا وأكثر عمل ومع هذا فإنهم ل
يأمنون على أنفسهم فتنة النساء.
فكان انس يقول :إذا مرت بك امرأة فغض عينك حتى تجاوزك
وكان الربيع ابن خثيم:
يمشى فمر به نسوه فغض بصره وأطرق حتى ظن النسوة انه
أعمى فتعوذن بالله من العمى.
وقال وكيع خرجنا مع الثوري في يوم عيد فقال :إن أول ما نبدأ
به في يومنا غض أبصارنا
وخرج حسان بن أبي سنان يوم عيد :فلما عاد فقالت له امرأته
كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال :والله ما نظرت إل في
إبهامي منذ خرجت من عندك إلى أن رجعت إليك.
الله اكبر إنها قلوب غفت عن الحرام فعوضها الله خيرا وأذاقها
حلوة اليمان.
أين هؤلء ممن يطلقون البصر ليل نهار.
أين هؤلء ممن يتابع مشاهد الفجور في التلفاز والفضائيات.
أين هؤلء ممن يجلسون على المقاهي والطرقات ينظرون إلى
الغاديات والرائحات.
أين هؤلء ممن يجلسون في الندية ينظرون إلى كل رائحة
وغادية.
قال الصمعي :رأيت جارية في الطواف كأنها مهاة فجعلت
أنظر إليها وأمل عيني من محاسنها فقالت لي :يا هذا ما شأنك
قلت :وما عليك من النظر فأنشأت تقول :
لقلبك يوما أتعبتك وكنت متى أرسلت طرفك رائدا
المناظر
عليه ول عن بعضه أنت صابر رأيت الذي ل كله أنت قادر
نظر رجل إلى امرأة عفيفة فقالت :يا هذا غض بصرك عما ليس
لك تنفتح بصيرتك فترى ما هو لك .نفح الطيب للتلمساني / 5
314
والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم
تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش
اليابس فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل :
ت « 304خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كل الحوادث مبدأها من النظرومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبهافتك السهام بل قوس ول وتر
في أعين الغير موقوف على الخطر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها
ل مرحبا بسرور عاد بالضرر
يسر مقلته ما ضر مهجته
ت « 305خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والشمس والبرد وما يكون من بنى آدم من النظر بالعين واليد
وغير ذلك .ا.هـ مجموع الفتاوى 379 /15
وقد بين النبي rفي سنته الصحيحة أنما جعل الستئذان من
أجل البصر .
ر
ل من جح ٍ ّ
)حديث سهل بن سعد في الصحيحين( قال :اطلع رج ٌ
ك به رأسه فقال :لو أعلم درى يح ُ ر النبي rومع النبي ِ r
م ْ في حج ِ
أنك تنظر لطعنت به في عينك إنما جعل الستئذان من أجل البصر
.
)حديث عبد الله بن بسر في صحيح أبي داود( أن النبي rكان إذا
أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه و لكن من ركنه
اليمن أو اليسر و يقول :السلم عليكم السلم عليكم .
كلمة إلى الذين ي ُطِْلقون أبصارهم ول يغضونها :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
إلى كل رجل أو امرأة نظرا إلى الحرام فليعلم الجميع :
أن هذه النظرة ما هي إل سهم مسموم فان أصابك سهم قتلك
فكيف وان هذا السهم مسموم.
ل تظن أن هذه النظرة ستروى ظمئك فما أنت بذلك إل كالذي
يشرب ن ماء البحر فكلما ازداد شربا ازداد عطشا ويظل هكذا
حتى يقتله.
ولخطورة المر انظر إلى هذا الرجل الذي نظر إلى امرأة نصرانية
حُبها في قلبه فراودها عن نفسها فطلبت منه أن فأعجبته ووقع ُ
يتنصر فتنصر ومات على النصرانية ولو غض الطرف ما كان هذا.
دوُر{ص ُ
في ال ّخ ِ
ما ت ُ ْ
و َ
ن َ ة اْل َ ْ
عي ُ ِ خائ ِن َ َ
م َعل َ ُ
ألم تسمع قوله تعالي} :ي َ ْ
]غافر[19/
]*[ قال ابن عباس في هذه الية :هو الرجل يكون في القوم
فتمر به المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها فان رأى منهم غفلة
نظر إليها فان خاف أن يفطنوا إليه غض بصره وقد اطلع الله عز
وجل من قلبه انه يود لو نظر إلى عورتها.
]*[ سئل الجنيد بما يستعان على غض البصر؟
قال بعلمك أن نظر الله إليك اسبق إلى ما تنظر إليه.
]*[ قال المام احمد :
خلوت ولكن قل على رقيــــب إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقـــــل
ول أن ما تخفي عليــــه يغيب ول تحسبن الله يغفل ساعـــــــة
]*[ وصدق أبو العلى المودودي حيث قال :
ت « 306خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
من الذي يكابر في أن كل ما يحدث في الدنيا إلى هذا اليوم ول
يزال يحدث فيها من الفحشاء والفجور باعثه الول والعظم هو
فتنة النظر.
]*[ غض البصر للنساء :
]*[ قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم )»: (10/96
الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على
المرأة النظر إلى الجنبي كما يحرم عليه النظر إليها لقوله تعالى
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من
أبصارهن ولن الفتنة مشتركة « .
]*[ قال ابن الجوزي في أحكام النساء ):( 60
» وينبغي للمرأة أن تغض طرفها عن الرجال ،كما يؤمر الرجال
بالغض عنها ،وقد اختلفت الرواية عن أحمد بن حنبل -رحمه الله
-فيما يجوز للمرأة أن ترى من الرجل الجنبي ،فروى عنه ،أنه
يجوز لها أن ترى منه ما ليس بعورة ،وروي عنه أنه يحرم عليها
أن تنظر منه ما يحرم عليه أن ينظر منها .واعلم أن أصل العشق
إطلق البصر ،وكما يخاف على الرجل من ذلك يخاف على
المرأة ،وقد ذهب دين خلق كثير من المتعبدين بإطلق البصر وما
جلبه ،فليحذر من ذلك « .
وقال أيضا ً في ) » : ( 43ومن المنكرات اطلع النساء على
الشباب إذا اجتمعوا في الدعوات لنه ل يؤمن الفتنة « ). (25
]*[]*[]*[]*[
)خامسًا( نهى عن الخلوة بالمرأة الجنبية :
مسألة :ما هي الخلوة المحرمة ؟
الخلوة المحرمة :هي أن ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه ،في غيبة
عن أعين الناس ،وهي من أفعال الجاهلية وكبائر الذنوب .
مسألة :ما هو الدليل على تحريمها ؟
)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال ) :ل
ة إل مع ذي محرم ،فقام رجل فقال يا رسول يخلون رج ٌ
ل بامرأ ٍ
الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال :
ارجع فحج مع امرأتك (
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
وابن ماجة ( أن النبي rقال » :ل يخلون رجل بامرأة إل كان
ثالثهما الشيطان« ،وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد.
()25ينظر لزاما ً :أحكام النظر وغائلته وما يجني على صاحبه ,وفوائد غض البصر في
فتاوى ابن تيمية ) (15/140تفسير سورة النور ,وكتاب روضة المحبين ونزهة
المشتاقين للمام ابن القيم )ص . (83
ت « 307خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فقوله » rإل كان ثالثهما الشيطان « يشمل أتقى الناس ،
ً
وأفجر الناس ،والشريعة ل تستثني من مثل هذه النصوص أحدا .
فل يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء في بيت أو سيارة
أو غير ذلك .
وهذا يعم جميع الرجال ,ولو كانوا صالحين أو مسنين ،وجميع
ن صالحات أو عجائز .
النساء ،ولو ك ّ
)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي rقال :إياكم و
الدخول على النساء قالوا :يا رسول الّله أرأيت الحمو قال :
الحمو الموت .
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير :
) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه
المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء
،وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر
العلة والقصد به غير ذوات المحارم ،ذكر الغزالي أن راهبا ً من
بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما
زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها
فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها
ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه
وحصروه فقال له الشيطان :اسجد لي تنج فسجد له ،فانظر
إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية
وجعلها عنده
) قال :الحمو الموت( والحمو أخو الزوج وقريبه ،الحمو
الموت :أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في الستقباح
والمفسدة فهو محرم شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر
بتشبيهه الموت لتسامح الناس في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من
المرأة وخرج هذا مخرج قولهم السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه
وكذا دخول الحمو عليها يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها
بطلقها عند غيرة الزوج أو برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك
في هذا الباب حتى منع ما يجر إلى التهم كخلوة امرأة بابن زوجها
وإن كانت جائزة لن موقع امتناع الرجل من النظر بشهوة لمرأة
أبيه ليس كموقعه منه لمه هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية
وذاك أنست به النفس الشهوانية.
]*[ قال النووي في شرحه على مسلم ): (14/154
» الحمو الموت « معناه أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع
منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير
أن ينكر عليه بخلف الجنبي «.
وقوله الحمو الموت له عدة معان منها :
ت « 308خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلك الدين إن وقعت المعصية .
أو تؤدي إلى الموت إن وقعت الفاحشة ،ووجب حد الرجم .
أو إلى هلك المرأة بفراق زوجها لها إذا حملته الغيرة على
تطليقها .
أو المقصود احذروا الخلوة بالجنبية كما تحذرون الموت .
أو أن الخلوة مكروهة كالموت .
وقيل أي فليمت الحمو ول يخلو بالجنبية .
وكل هذا من حرص الشريعة على حفظ البيوت ،ومنع معاول
التخريب من الوصول إليها .
مسألة :بعض الناس يتذرعون بمسألة الثقة ،ويقولون أنا أثق
بزوجتي ،وأثق بأخي ،وابن عمي فما الجواب ؟
الجواب أن نقول :ل ترفعوا ثقتكم ول ترتابوا فيمن ل ريبة فيه ،
ولكن اعلموا
أنه من المعلوم شرعا ً أنه ل يخلون رجل بامرأة إل كان الشيطان
ثالثهما بنص السنة الصحيحة كما في الحديث التي :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
وابن ماجة ( أن النبي rقال » :ل يخلون رجل بامرأة إل كان
ثالثهما الشيطان« ،وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد.
فقوله » rإل كان ثالثهما الشيطان « يشمل أتقى الناس ،
وأفجر الناس ،والشريعة ل تستثني من مثل هذه النصوص أحدا ً .
فل يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء في بيت أو سيارة
أو غير ذلك .
]*[ قال شيخ السلم في الختيارات الفقهية ): (291
» وتحرم الخلوة بغير محرم ،ولو بحيوان يشتهي المرأة ،أو
تشتهيه ،كالقرد « )! (26
فإذا كان أهل العلم ينهون عن خلوة المرأة بحيوان يشتهيها،
فكيف بخلوتها بالخادم والسائق؟!
وقد صرح المام القرطبي في تفسير سورة الممتحنة أن الخلوة
بغير محرم من الكبائر ومن أفعال الجاهلية ). (27
ذريعة إلى الفاحشة أو والحكمة من تحريم الخلوة هي :سد ال ّ
القتراب منها ,حتى يظل المرء واقفا ً على مسافة بعيدة قبل أن
ها{ فَل ت َ ْ
قَرُبو َ ه َدودُ الل ّ ِ
ح ُ
ك ُ يفضي إلى حدود الجريمة الصلية } ,ت ِل ْ َ
]البقرة. [187 :
ت « 309خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[]*[]*[]*[
)سادسًا( نهى عن سفر المرأة لوحدها بل محرم :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر النبي rقال ) :ل يح ُ
ل لمرأ ٍ
مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال ) :ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (
)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال ) :ل
ة إل مع ذي محرم ،فقام رجل فقال يا رسول ل بامرأ ٍ يخلون رج ٌ
الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال :
ارجع فحج مع امرأتك (
)حديث ابن عباس الثابت في صحيح مسلم ( سمعت النبي r
يخطب يقول ل يخلون رجل بامرأة إل ومعها ذو محرم ول تسافر
المرأة إل مع ذي محرم فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي
خرجت حاجة وأني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال انطلق فحج مع
امرأتك (
]*[]*[]*[]*[
)سابعا ً ( عدم اختلط المرأة بالرجال :
الختلط أمره خطير ،وشره مستطير ،بل هو أصل كل بلية
ل رذية : ومنبع ك ِ
حكما ً لعلك
خطاب في موضوع الختلط تعريفا ً و ُ ل ال ِوإليك فص ُ
ل الصدى ويروي الغليل : تجد فيه ما ي َب ِ ُ
تعريف الختلط
]*[ قال بعض العلماء:
الختلط هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد
يمكنهم منه التصال فيما بينهم بالنظر والشارة أو الكلم أو
البدن من غير حائل أو مانعا ً يدفع الريبة والفساد.
]*[ خطورة الختلط :
الختلط باب من أبواب الزنا والعياذ بالله يلج النسان من خلله
إلى هذه الفاحشة ،والعفة حجاب يمزقه الختلط والذي هو
بمثابة غدة سرطانية تسرى في كيان المجتمع فتوهنه وتضعفه.
جاء في بروتوكولت زعماء صهيون قولهم :
يجب أن نعمل لتنهار الخلق في كل مكان فتسهل سيطرتنا -وأن
فرويد منا نحن اليهود -وسيظل يعرض العلقات الجنسية في ضوء
ت « 310خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
الشمس لكي ل يبقى -عند النسان -شيء مقدس ويصبح همه
الكبر إرواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهدّ الخلق".
]*[ نظرية فرويد الخبيثة تقول:
ب المشاعر ويقلل من فرصة الفتنة والستثارة . هذّ ُ
إن الختلط ي ُ َ
ولكن :ردا ً على هذه النظرية نقول :
وهل تهذيب المشاعر وتقليل الفتنة والستثارة في دول الغرب
قل َ ّ
ل والتي تشجع على الختلط المفتوح قد هذبت! وهل الختلط َ
من فرصة الفتنة والستثارة كما يزعمون ..الحقيقة تثبت عكس
ذلك .والشاهد والحصائيات على جرائم الزنا خير دليل على أن
الخلص هو عدم الختلط.
ة أن أشد الفتن على الرجال ومن المعلوم شرعا ً وعقل ً وبداه ً
هي فتنة النساء ولذا حذر منها النبي .
)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال :ما تركت
بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء .
ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء
]*[ قال مجاهد :إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها
فزينها لمن ينظر فإذا أدبرت جلس على عجزها فزينها لمن
ينظر .ا.هـ تفسير القرطبي ج 12 :ص227 :
]*[ وقال المناوي :ما يثق ] أي الشيطان [في صيده التقياء
بشيء من آلت الصيد وثوقه بالنساء .
) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف
تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل
كانت في النساء .
) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال :إن المرأة تقبل في صورة شيطان
وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن
ذلك يرد ما في نفسه.
ولهذا شرع لنا الدين التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل
الجنبي عنها لكن هناك من يحاول تحطيم هذه الموانع والفواصل
بين المرأة والرجل بدعوى التقدم والحضارة أو تأثرا ً بالغرب ودعاة
الباحة مثل فرويد ،ونجح القوم في غياب الوعي الديني أن
يخترقوا هذه الحواجز ويزيلوا هذه الموانع فكان الختلط والذي
يبدأ في رياض الطفال مرورا ً بالمدارس والكليات وانتهاء
بالختلط في العمل .فضل ً عن الختلط في وسائل المواصلت
ت « 311خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وشتى نواحي الحياة .فأصبح الختلط ظاهرة اجتماعية مألوفة
عد تخلف ورجعية. وأن الدعوة إلى عدم الختلط ي ُ
عاةُ الختلط أن الله جبل الرجل للميل إلى النساء م دُ َ
عل ِ َ
ما َ
أ َ
وجبل النساء للميل إلى الرجال مع وجود في كل ً من الجنسين
ضعف ولين ومع وجود النفس المارة بالسوء ومع وجود الهوى
الذي يعمى ويصم ومع وجود الشيطان الذي يأمر بالفحشاء
والمنكر ،وأن الشرع الحنيف أمرنا باجتناب الفتن وأن ننأى
بنفسنا عنها وليس أن ننغمس فيها
) حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي
داوود ( أن النبي rقال :من سمع بالدجال فلينأ عنه ،فو الله إن
الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من
الشبهات
وعلى هذا فإنه يجب علينا أن نجتنب الفتن لن من زرع الشوك
ل يجني عنبا ً وأن من ألقى بنفسه في النار أحرقته وليس له أن
يقول للنار كوني بردا ً وسلما ً كما كنت على إبراهيم .
ول شك أن الرجل الذي يأذن بخروج امرأته من غير ضرورة يكون
فاقد الغيرة ذاهب الحياء.
ومن المعلوم شرعا إن الحياء اليمان فإذا فقد المرء الحياء
يوشك أن يتبعه اليمان
)حديث ابن عمر في صحيح الجامع( أن النبي rقال :إن الحياء و
ع أحدهما رفع الخر . ف َ
اليمان قرنا جميعا فإذا ُر ِ
فالحذر الحذر يا أولياء المور من السماح للنساء بالخروج من
غير ضرورة متبرجات متعطرات حتى ننأى بأنفسنا من الدخول
فيمن حذر منهم النبي وحرم عليهم الجنة ،
واعلموا أنكم موقوفون بين يدي الله تعالى غدا ً ،ومسئولون
عنهن ،
)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ) :كلكم راع مسئول عن رعيته ،فالمام راع وهو مسئول
عن رعيته ،والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته ،والمرأة
في بيت زوجها راعية ،وهي مسئولة عن رعيتها ،والخادم في مال
سيده راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن
رعيته(.
) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :إن الله
تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى
يسأل الرجل عن أهل بيته .
ت « 312خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
احذروا " :الخلوة ،والختلط ،والتبرج " فإنها والزنى رفيقان ل
يفترقان ،وصنوان ل ينفصمان غالبا ً .
واعلموا :أن الستر والصيانة هما أعظم عون على العفاف
والحصانة ،وأن احترام القيود التي شرعها السلم في علقة
الجنسين هو صمام المن من الفتنة والعار ،والفضيحة والخزي .
احذروا :أجهزة الفساد السمعية منها والبصرية التي تغزوكم في
فعقر داركم ،وهي تدعو نسائكم وأبناءكم إلى الفتتان ،وُتضع ُ
عه ،فكيف رؤيته؟! منهم اليمان ،وقد قيل :حسبك من شّر سما ُ
صونوا بناتكم وزوجاتكم ول تتهاونوا فتعرضوهن للجانب .
]*[ قال ابن القيم رحمه الله عليه.
أن ولي المر يجب عليه أن يمنع اختلط الرجال بالنساء في
فَرج. السواق وال ُ
]*[ولله در القائل
مثل السباع تطوف إن الرجال الناظرين إلى النساء
نباللحما ِ
عوض ول أثمـان أكلت بل ِ إن لم تصن تلك اللحوم أسودها
فيا أيها الرجال أنتم المسئولون بين يدي رب العلمين عن نساءكم
وما يفعلن فقد جعل الله لكم القوامة عليهن وجعل أمر تأديبهن
وتهذبين في أيديكم وأوجب عليكم إرشادهن والمحافظة عليهن
فكل وزر يقع منهن واقع على رءوسكم وانتم مؤاخذون به يوم
القيامة
َ َ َ
هِليك ُ ْ
م وأ ْ م َ سك ُ ْ قوا أن ْ ُ
ف َ مُنوا ُ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ وأذكركم بقوله تعالي َ} :يا أي ّ َ
نصو َ ع ُ شدادٌ ل ّ ي َ ْظ ِ غل ٌ ملئ ِك َ ٌ
ة ِ ها َ عل َي ْ َ
جاَرةُ َ وال ْ ِ
ح َ س َ ها الّنا ُ قودُ َ و َُنارا ً َ
َ
ن{ )التحريم (10 مُرو َ ؤ َما ي ُ ْ
ن َ عُلو َ ف َوي َ ْ
م َ
ه ْمَر ُما أ َ ه َ الل ّ َ
]*[ من صور الختلط المحرم :
]*[ ومن صور الختلط المحرم والتي انتشرت في المجتمع
السلمي ما يلي :
) (1اختلط الولد الذكور والناث بعد التمييز -ولو كانوا أخوه -في
المضاجع فقد أمر النبي بالتفريق بينهم في المضاجع.
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود و
الترمذي ( أن النبي rقال :مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع
سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في
المضاجع .
) (2اتخاذ الخدم الرجال واختلطهم بالنساء والعكس.
ت « 313خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) (3استقبال المرأة أقارب زوجها الجانب أو أصدقائه في حال
ل وممازحتهم )ولو كان صاحب غيابه ومجالستهم والكلم معهم ب ْ
أو صديق لصبحت خلوه(.
) (4الختلط في دور التعليم كالمدارس والجامعات والمعاهد
والدروس الخصوصية.
) (5الختلط في وسائل المواصلت.
) (6الختلط في الوظائف والندية والسواق والمستشفيات.
) (7الختلط بين الجيران وفي الزيارات العائلية.
الختلط في العراس )الفراح( والحفلت.
]*[ أدلة تحريم الختلط [*]
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
ثبت تحريم الختلط بالكتاب والسنة الصحيحة بما يقطع ألسنة
الذين في قلوبهم مرض والداعين إلى الختلط ،وهاك فصل
الخطاب في الدلة من الوحيين الشريفيين الكتاب والسنة
الصحيحة :
أول ً الدلة من كتاب الله تعالى :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
الدليل الول :
َ
سأُلو ُ مَتاعا ً َ َ
ب جا ٍ ح َ
ء ِوَرا ِ من َ ن ِ ه ّ فا ْ ن َ ه ّ مو ُسأل ْت ُ ُ ذا َ وإ ِ َ قوله تعالي ) َ
و ُ ُ ذَل ِك ُ َ
ن ( ]لحزاب [53/ ه ّ قلوب ِ ِ م َ قُلوب ِك ُ ْ هُر ل ِ ُ م أطْ َ ْ
تقرر هذه الية أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع "ذلكم أطهر
لقلوبكم وقلوبهن" فل يقل أحد غير ما قال الله .
ل يقل أحد إن الختلط وإزالة الحجب والترخص في الحديث
والنقاش والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب وأعف
للضمائر وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة ،وعلي إشعار
الجنسين بالدب وترقيق المشاعر والسلوك إلى آخر ما يقوله نفر
من خلق الله الضعاف الهزيل الجهال المحجوبين ،ل يقل أحد
شيئا من هذا والله يقول:
َ َ َ
هُرم أط ْ َ ب ذَل ِك ُ ْ
جا ٍح َء ِ وَرا ِمن َ ن ِ سأُلو ُ
ه ّ فا ْ مَتاعا ً َ ن َ ه ّ مو ُ سأل ْت ُ ُ ذا َ وإ ِ َ
) َ
ن( ) الحزاب ( 53 ه ّ و ُ ُ قُلوب ِك ُ ْ لِ ُ
قلوب ِ ِ م َ
فإن الله تعالى يقول هذا عن نساء النبي الطاهرات أمهات
المؤمنين وعن رجال الصدر الول من صحابة رسول الله ممن
ل تتطاول إليهن وإليهم العناق .
وحين يقول الله قول ً ويقول خلق من خلقه قول ً فالقول لله
سبحانه وكل قول آخر هراء ل يردده إل من يجرؤ علي القول بأن
العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق
ت « 314خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هؤلء العبيد .والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله وكذب
المدعين .
]*[ قال ابن جرير في تفسير هذه الية:
وإذا سألتم أزواج النبي ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم
بأزواج متاعا ً فاسألوهن من وراء حجاب ،يقول :من وراء ستر
بينكم وبينهن .
]*[الدليل الثاني :
َ
ن
ه ّ زين َت ِ ِ من ِ ن ِ في َ خ ِ ما ي ُ ْ م َ عل َ َ ن ل ِي ُ ْ ه ّ جل ِ ِ ن ب ِأْر ُ رب ْ َ ِ ول َ ي َ ْ
ض قوله تعالى َ }:
َ
ن( ] النور[ 31/ حو َ فل ِ ُ م تُ ْ عل ّك ُ ْ ن لَ َ مُنو َ ؤ ِ م ْ ها ال ُ ميعا ً أي ّ َ ج ِ ه َ وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ َ
وجه الدللة:
أنه تعالي منع النساء من الضرب بالرجل -وإن كان جائزا في
نفسه -لئل يكون سببا إلى فتنة الرجال وذلك بسماع صوت
الخلخال فيثير دواعي الشهوة عندهم فكيف برؤية وسماع المرأة.
]*[الدليل الثالث :
ب
وا َ َ غل ّ َو َ عن ن ّ ْ ه ال َِتي ُ
ت الب ْ َ ق ِ ه َ س ِ ف ِ ها َ في ب َي ْت ِ َ و ِ ه َ ودَت ْ ُ وَرا َ قوله تعالى } َ
َ
حفل ِ ُ ه ل َ يُ ْ ي إ ِن ّ ُ وا َ مث ْ َ ن َ س َ ح َ ه َرّبي أ ْ ه إ ِن ّ ُ عاذَ الل ّ ِ م َ ل َ قا َ ك َ ت لَ َ هي ْ َ ت َ قال َ ْ و َ َ
ن ( ] يوسف( [23/ مو َ ّ
الظال ِ ُ
وجه الدللة:
أنه لمل حصل اختلط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه
السلم ظهر منها ما كان كامنا فطلبت منه أن يوافقها ولكن
أدركه الله برحمته فعصمه منها وذلك في قوله تعالي:
م{) عِلي ُ ع ال َ مي ُ س ِ و ال ّ ه َ ه ُ ن إ ِن ّ ُ ه ّ ه ك َي ْدَ ُ عن ْ ُ ف َ صَر َ ف َ ه َ ه َرب ّ ُ ب لَ ُ جا َ ست َ َ فا ْ } َ
يوسف (
]*[ الدليل الرابع :قوله تعالي:
َ ف ُ َ
كى ك أْز َ م ذَل ِ َ ه ْ ج ُ فُرو َ ظوا ُ ح َ وي َ ْ م َ ه ْر ِ صا ِ ن أب ْ َ م ْ ضوا ِ غ ّ ن يَ ُ مِني َ ؤ ِم ْ قل ل ّل ْ ُ } ُ
ن م ْ ن ِ ض َ ض ْ غ ُ ت يَ ْ مَنا ِ ؤ ِ م ْ قل ل ّل ْ ُ و ُ ن )َ (30 عو َ صن َ ُما ي َ ْ خِبيٌر ب ِ َ ه َ ن الل ّ َ م إِ ّ ه ْ لَ ُ
) النور ( 31 ، 30 ن{ َ
ه ّ ر ِ صا ِ أب ْ َ
وجه الدللة:
أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر وأمره يقتضي الوجوب
ف الشارع إل عن نظر ق ُ ثم بين تعالي أن هذا أزكي وأطهر ولم ي َ ْ
الفجأة.
)حديث جرير بن عبد الله البجلي في صحيح مسلم( قال :سألت
النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف
بصري.
)حديث ُبريدة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي rقال
لعلي يا علي ل تتبع النظرةَ النظرة فإن لك الولى وليس لك
الخرة .
ت « 315خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وما أمر الله بغض البصر إل لن النظر إلى من يحرم النظر
إليها زنا
كتب على ابن )حديث أبي هريرة في الصحيحين( أن النبي rقال ُ :
آدم نصيبه من الزنا ،فهــو مــدرك ذلــك ل محالــة فالعينــان زناهمــا
النظر و الذنان زناهما الستماع و اللسان زناه الكلم و اليد زناهــا
البطش و الرجل زناها الخطا و القلب يهوى و يتمنى و يصدق ذلك
الفرج أو يكذبه .
الشاهد :قوله ] rفالعينان زناهما النظر[
)حــديث أبــي ســعيد فــي الصــحيحين( أن النــبي rقــال :إيــاكم و
الجلوس في الطرقات ،قالوا يا رسول الله مـل لنـا منهـا بـدٌ إنهـا
ث فيهــا ،قــال فــإذا أبيتــم إل المجــالس فــأعطوا مجالســنا نتحــد ُ
ق الطريق؟ قال :غض البصر و كف الطريق حقه ،قالوا وما هو ح ُ
الذى و رد السلم و المر بالمعروف و النهي عن المنكر .
ق الطريق الشاهد :قوله ] rفأعطوا الطريق حقه ،قالوا وما هو ح ُ
؟ قال :غض البصر[
) حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي
داوود ( أن النبي rقال :من كان منكن يؤمن بالله واليوم الخر
فل ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم كراهة أن يرين من
عورات الرجال .
وإنما كان زنا لنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى
دخولها في قلب ناظرها فتعلق في قلبه فيسعى إلى إيقاع
الفاحشة بها.
تنبيه :فإذا نهي الشارع عن النظر إليهن لما يؤدى إليه من
المفسدة وهو حاصل في الختلط فكذلك الختلط ينهي عنه لنه
وسيلة إلى مال تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو
أسوأ منه.
ومن المعروف أن المرأة عورة ويجب عليها ستر جميع بدنها لن
كشف شيء منه يؤدى إلى النظر إليها والنظر إليها يؤدى إلى
تعلق القلب بها ثم ُتبذل السباب للحصول عليها .
]*[ الدليل الخامس :قوله تعالي:
دوُر{ ) غافر (19/ ص ُ
في ال ّ خ ِ
ما ت ُ ْ
و َ
ن َعي ُ ِة ال َ ْ
خائ ِن َ َ
م َعل َ ُ
} يَ ْ
]*[ فسرها ابن عباس فقال :
هو الرجل يدخل علي أهل البيت بينهم المرأة الحسناء وتمر به
فإذا غفلوا لحظها فإذا فطنوا غض بصره عنها فإذا غفلوا لحظها
فإذا فطنوا غض وقد علم الله من قلبه أنه لو اطلع علي فرجها
ت « 316خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وأنه لو قدر عليها لزنى بها؛ ومن المعلوم أن عزل الرجال عن
النساء يمنع ذلك كله.
وجه الدللة:
أنه تعالي وصف العين التي تسرق النظر إلى ما ل يحل النظر
إليه من النساء بأنها خائنة فكيف بالختلط ؟!
ثانيا ً الدلة من السنة الصحيحة :
ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ
الدليل الول:
)حديث أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما الثابت
في صحيح ابن خزيمة( :أنها جاءت النبي فقالت يا رسول الله
إني أحب الصلة معك قال قد علمت أنك تحبين الصلة معي
وصلتك في بيتك خير من صلتك في حجرتك وصلتك في حجرتك
خير من صلتك في دارك و صلتك في دارك خير من صلتك في
مسجد قومك و صلتك في مسجد قومك خير من صلتك في
مسجدي .قال :فأمرت فبني لها مسجد في أقصي بيت من بيوتها
وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى ماتت ".
)حديث بن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن خزيمة(:
أن النبي قال " :إن أحب صله المرأة إلى الله في أشد مكان
من بيتها ظلمه ".
وجه الدللة من الحديث :
أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها وأنه أفضل حتى من
الصلة في مسجد الرسول بل ومع الرسول ،فلئن ُيمنع
الختلط من باب أولي .
فانظر أيها المسلم إلى ما يرشد إليه الحبيب الناصح نساء أمته
وماذا يختار لهن فيقول بيوتهن خير لهن ،وخير مساجد النساء
مقر بيوتهن ،وصلتها في مخدعها خير من صلتها في مقر بيتها.
ونحن بالرغم من هذا نترك هذه التوجيهات السامية ونأذن لهن
في الخروج ل إلي الصلة في المساجد ولكن للشارع والدارة
والمحكمة والجامعة والى الشواطئ والمنتزهات.
فهل يعقل أن تمنع المرأة من الذهاب لعبادة الله تعالى في
المسجد مع تحجبها ثم يؤذن لها بالخروج عروسة عارية تخالط
الرجال وتضاحكهم.
إننا والله انقلبت أوضاعنا رأسا على عقب وذلك بإتباع أهواء
النساء وطاعتهن وبعدنا عن منهج ربنا وإرشادات رسولنا .
الدليل الثاني :
ت « 317خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال خير صفوف الرجال أولها و شرها آخرها و خير
صفوف النساء آخرها و شرها أولها .
ووجه الدللة من الحديث علي منع الختلط :
أن رسول الله شرع للنساء إذا أتين إلى المسجد فإنهن
ينفصلن عن الجماعة علي حده.
ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير وما ذلك إل
لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب
بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلمهم وذم أول صفوفهن لحصول
عكس ذلك.
ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد
لفوات التقدم والقرب من المام وقربه من النساء اللتي يشغله
البال وربما أفسدت صلته وأذهبت بالخشوع.
فإذا كان في العبادة قد يحدث ففي غيرها أكبر وحاصل فمنع
لذلك الختلط والحمد لله ففي هذا الزمان النساء بمنأى عن
الرجال.
فان الصلة هي العروج الروحي للعبد فيلزمه أثناءها تمام الخشوع
والتنصل من الشواغل وكل ما يصرفه عن هذا العروج الروحي من
مفاتن وملذات الحياة.
ووجود المرأة بجنب الرجل في الصلة أعظم المفاتن وأخطر
الشواغل ولهذا أمر الشرع بتأخر صفوف النساء تحقيقا للغاية
المرادة من الصلة ومنعا للخطرات والشهوات أن تنبعث لتشغل ُ
المصلي وهو في أعظم المواطن .
]*[ قال النووي رحمه الله:
أما صفوف الرجال فهي علي عمومها فخيرها أولها أبدا وشرها
آخرها أبدا ،أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء
اللواتي يصلين مع الرجال وإما إذا صلين متميزات ل مع الرجال
فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها .وإنما فضل آخر
صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال
ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلمهم......
ونحو ذلك .وذم أول صفوفهن لعكس ذلك أي لكونها قريبة من
الرجال وفي ذلك من الفتن ما ل يخفي )شرح مسلم (4/159
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
) وخير صفوف النساء آخرها ( لبعده عن مخالطة الرجال
وقربهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلمهم
ونحو ذلك
ت « 318خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) وشرها أولها ( لكونها بعكس ذلك قال النووي :وهذا على
عمومه إن صلين مع الرجال فإن تميزن فهن كالرجال خيرها أولها
وشرها آخرها .
بل ولو أجتمع أطفال ونساء يجعل النساء خلف الطفال لن
الطفال ليسوا في الشعور الجنسي كالرجال وفتنة النساء لهم
ضعيفة أو منعدمة.
-فقد أخرج المام مسلم من حديث أنس رضي الله عنه -قال:
" صليت أنا ويتم في بيتنا خلف النبي وأم سليم خلفنا ".
)حديث أنس الثابت في الصحيحين( قال :صلى رسول الله r
سليم خلفنا . ت أن ويتيم خلفه وأم ُ فقم ُ
الدليل الثالث :
) حديث أبي أسيد النصاري رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي
داوود ( أنه سمع رسول الله rيقول وهو خارج من المسجد وقد
اختلط الرجال مع النساء في الطريق » :استأخرن فإنه ليس لكن
أن تحققن الطريق ،عليكن بحافات الطريق « فكانت المرأة
.
تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به !
تحققن الطريق :أي تمشين وسط الطريق.
]*[ وقال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية )ص » : (406
ولي المر يجب عليه أن يمنع من اختلط الرجال بالنساء في
السواق ،ومجامع الرجال .فالمام مسؤول عن ذلك ،والفتنة به
عظيمة وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه
النساء من المشي في طريق الرجال ،والختلط بهم في الطريق
.فعلى ولي المر أن يقتدي به في ذلك.
]*[ قيل للمام أحمد رحمه الله :
» الرجل يكون في السوق ،يبيع ويشتري ،فتأتيه المرأة تشتري
منه ،فيرى كفها ونحو ذلك ،فكره ذلك ،وقال :كل شيء من
المرأة عورة ،قيل له :فالوجه ؟ قال :إذا كانت شابة ُتشتهى
فإني أكره ذلك ،وإن كانت عجوزا ً رجوت « ). (28
) ولفظ الكراهة عند المتقدمين يطلق على المحرم( ). (29
]*[ وقال المام ابن الجوزي رحمه الله في أحكام النساء )» :(42
ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها ،فإنها إن سلمت
في نفسها لم يسلم الناس منها .فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت
بإذن زوجها في هيئة رثة ،وجعلت طريقها في المواضع الخالية
دون الشوارع والسواق ،واحترزت من سماع صوتها ،ومشت في
جانب الطريق ل في وسطه « ا.هـ.
()28ينظر كتاب أحكام النساء ) (10للمام أحمد .
()29ينظر إعلم الموقعين). (2/75
ت « 319خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ فالمرأة ل يليق بها الحتكاك بالرجال والدنو منهم ولو في
دور العبادة لنها تشوش عليهم وتفسد قلوبهم .فما بالك لو كان
هذا الختلط في غير دور العبادة وفي أماكن اللهو والفجور.
]*[ تقريع إلى الناعقين بدعوى الختلط أقول لهم هذا كتاب الله
يدمغهم وسنة نبيه تصفعهم .
فالله يقول ) :ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهم( ) الحزاب .(53
وهم يقولون :ل بأس .ول ضير.
والله يقول ) :ذلك أزكى لهم إنه خبير بما يصنعون( )النور (30
وهم يقولون :ل مانع ول حرج
والنبي يقول :
" إن الشيطان يجرى من أبن آدم مجرى الدم من العروق ".
وهم يقولون :ل خطر للشيطان ول وجود للفتنة.
والنبي يقول :
" إياكم ومجالس الطريق إل بحقها " -خوفا من التعرض إلى
النساء.
وهم يقولون :ل بأس بمجالس البيوت بين الرجال والنساء.
والنبي يقول :
" ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء " دون تقيد بين
امرأة وأخري
وهم يقولون :ل وجود للضرر بالجلوس مع النساء مادامت النية
سليمة والقلب أبيض.
كيف هذا والنبي يقول أنهم فتنة فكيف نجمع بين الفاتن
والمفتون؟
وتقول ل تخف أنا قلبي أبيض.
والنبي يقول كما عند مسلم :
" اتقوا الدنيا واتقوا النساء فأن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في
النساء "
وهم يقولون :المرأة نصف المجتمع ول غناء عنها في العمل
والعلنات
كيف يسلم لهم هذا والنبي أمر باتقاء النساء وهذا المر يقتضي
الوجوب فكيف يحصل المتثال مع الختلط.
]*[ وبعد كلم رب العالمين ورسوله المين فهذه طائفة من
أقوال أهل العلم الطيبين عن الختلط.
]*[ قال الشافعي رحمه الله كما في الم :
ت « 320خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ول أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال وإن كان ضرورة ول
سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها وهي خلفه ويجعل بين الرجل
والمرأة في القبر حاجز من تراب.
يا الله :هم في القبر أموات غير أحياء ل يشعر أحدهما بالخر
ولكن ل اختلط ول تلمس بينهما حاجز من تراب فما بال طلبة
الجامعات يلصق فخذه بفخذ صديقته وهم أحياء تجري في
عروقهم الشهوة ويطلب كل واحد منهما الخر.
]*[ قال ابن القيم كما في الطرق الحكمية في السياسة الشرعية
إن رأى ولي المر أن يفسد على المرأة -إذا تجملت وتزينت
وخرجت -ثيابها بالحبر ونحوه .فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء و
أصاب وهذا من ادني عقوبتهن المالية وقد منع أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق
الرجال والختلط بهم في الطريق.
]*[ قال شيخ السلم ابن تيميه رحمه الله تعالي في الفتاوى
15/297
لن المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما ل يجب مثله في الرجل
ولهذا خصت بالحتجاب وترك إبداء الزينة وترك التبرج فيجب في
حقها الستئثار باللباس والبيوت ما ل يجب في حق الرجل ولن
ظهور النساء سبب الفتنة والرجال قوامون عليهن.
]*[ قال العلمة أحمد شاكر ) رحمه الله(
في الحديث الذي أخرجه المام أحمد عن أم سلمه رضي الله عنها
قالت:
" يا رسول الله تغزو الرجال ول نغزو ولنا نصف الميراث؟ فانزل
الله عز وجل :
ض{ ". عَلى ب َ ْ
ع ٍ م َضك ُ ْ
ع َ
ه بَ ْ ل الل ّ ُ
ه بِ ِ ض َ ما َ
ف ّ وا َ ول َ ت َت َ َ
من ّ ْ } َ
ً
فقال أحمد شاكر رحمة الله عليه تعليقا على هذا الحديث :
وهذا الحديث يرد على الكذابين المفترين في عصرنا الذين
يحرصون علي أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين فيخرجون المرأة
من خدرها وعن صونها وسترها الذي أمر الله به فيدخلونها في
نظام الجند عارية الذراع والفخاذ بارزة المقدمة والمؤخرة
متهتكة فاجرة يرمون بذلك في الحقيقة إلى الترفيه الملعون عن
الجنود الشبان المحرومين من النساء في الجندية تشبها بفجور
اليهود والفرنج عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.
]*[قال الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في كتابه
تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات:
إن أعداء السلم بل أعداء النسانية اليوم من الكفار والمنافقين
الذين في قلوبهم مرض غاظهم ما نالته المرأة المسلمة من
ت « 321خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كرامة وعزه وصيانة في السلم لن أعداء السلم من الكفار
والمنافقين يريدون أن تكون المرأة أداة تدمير وشبك يصطادون
بها ضعاف اليمان وأصحاب الغرائز الجانحة بعد أن ُيشبعوا منها
شهواتهم المسعورة كما قال تعالي:
َ َ
ت أن وا ِ
ه َ ن ال ّ
ش َ عو َ
ن ي َت ّب ِ ُ ريدُ ال ّ ِ
ذي َ وي ُ ِ عل َي ْك ُ ْ
م َ ب َ
ريدُ أن ي َُتو َ ه يُ ِوالل ّ ُ
} َ
ظيما ً{ )النساء ( 28 ع ِ مي ْل ً َميُلوا َ تَ ِ
والذين في قلوبهم مرض من المسلمين يريدون من المرأة أن
تكون سلعة رخيصة في معرض أصحاب الشهوات والنزعات
الشيطانية سلعة مكشوفة أمام أعينهم يتمتعون بجمال منظرها أو
يتوصلون منها إلى ما هو أقبح من ذلك.
ولذلك حرصوا على أن تخرج من بيتها لتشارك الرجال في
أعمالهم جنبا إلى جنب أو لتخدم الرجال ممرضة في المستشفي
أو مضيفة في طائرة أو مدرسة في فصول الدراسة المختلطة أو
ممثلة في المسرح أو مغنية ،أو مذيعة في وسائل العلم
المختلفة سافرة فاتنة بصوتها وصورتها.
واتخذت المجلت الخليعة من صور الفتيات الفاتنات العاريات
وسيلة لترويج مجلتهم وتسويقها.
واتخذ بعض التجار وبعض المصانع من هذه الصور أيضا وسيلة
لترويج بضائعهم حيث وضعوا هذه الصور في معروضاتهم
ومنتجاتهم.
وبسبب هذه الجراءات تخلت المرأة عن وظيفتها الحقيقة في
البيت مما اضطر أزواجهن إلى جلب الخادمات الجنبيات لتربية
أولدهم وتنظيم شؤون بيوتهم مما سبب كثيرا من الفتن وجلب
عظيما من الشرور .
]*[ ويقول الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم في عوده
الحجاب:
إن الذين يتهاونون في الختلط الثم بين النساء والرجال بدعوى
أنهم ربو على الستجابة لنداء الفضيلة ورعاية الخلق مثل قوم
وضعوا كمية من البارود بجانب نار موقدة ثم ادعوا أن النفجار ل
يكون لن على البارود تحذيرا من الشتغال والحتراق إن هذا
خيال بعيد عن الواقع ومغالطة للنفس وطبيعة الحياة وأحداثها .إن
الذين ابتدعوا الختلط يعانون الن من آثاره الوخيمة مما دعاهم
إلى الدعوة لعدم الختلط.
تحريم السباب المفضية إلى الختلط ومنها :
) (1تحريم الدخول على الجنبية والخلوة بها ، ،ومنها :خلوة
السائق ،والخادم ،والطبيب وغيرهم بالمرأة ،وقد تنتقل من خلوة
ت « 322خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إلى أخرى ،فيخلو بها الخادم في البيت ،والسائق في السيارة،
والطبيب في العيادة ،وهكذا!! .
من المعلوم شرعا ً أنه ل يخلون رجل بامرأة إل كان الشيطان
ثالثهما بنص السنة الصحيحة كما في الحديث التي :
)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال ) :ل
ة إل مع ذي محرم ،فقام رجل فقال يا رسول يخلون رج ٌ
ل بامرأ ٍ
الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال :
ارجع فحج مع امرأتك (
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي
وابن ماجة ( أن النبي rقال » :ل يخلون رجل بامرأة إل كان
ثالثهما الشيطان« ،وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد.
فقوله » rإل كان ثالثهما الشيطان « يشمل أتقى الناس ،
وأفجر الناس ،والشريعة ل تستثني من مثل هذه النصوص أحدا ً .
فل يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء في بيت أو سيارة
أو غير ذلك .
]*[ قال شيخ السلم في الختيارات الفقهية ): (291
» وتحرم الخلوة بغير محرم ،ولو بحيوان يشتهي المرأة ،أو
تشتهيه ،كالقرد « )! (30
فإذا كان أهل العلم ينهون عن خلوة المرأة بحيوان يشتهيها،
فكيف بخلوتها بالخادم والسائق؟!
وقد صرح المام القرطبي في تفسير سورة الممتحنة أن الخلوة
بغير محرم من الكبائر ومن أفعال الجاهلية ). (31
) (2تحريم سفر المرأة بل محرم :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر النبي rقال ) :ل يح ُ
ل لمرأ ٍ
مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال ) :ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (
( (3تحريم دخول الرجال على النساء ،حتى الحماء -وهم أقارب
الزوج -فكيف بالجلسات العائلية المختلطة ،مع ما هن عليه من
الزينة ،وإبراز المفاتن ،والخضوع بالقول ،والضحك ..؟!!
عن علي )رضي الله عنه( قال " :بلغني أن نسائكم يزاحمن
العلوج في السواق ،أل تستحون؟ أل تغارون ؟ يترك أحدكم امرأته
تخرج بين الرجال " .المغني
()30ينظر كتاب أحكام النساء لبن الجوزي )(33
()31انظر كتاب تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين )ص (227للمام ابن النحاس
رحمه الله .
ت « 323خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وإذا كان الحمو هو الموت كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله
عليه وسلم كما في الحديث التي :
)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي rقال :إياكم و
الدخول على النساء قالوا :يا رسول الّله أرأيت الحمو قال :
الحمو الموت أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في
الستقباح والمفسدة فهو
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه
المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء
،وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر
العلة والقصد به غير ذوات المحارم ،ذكر الغزالي أن راهبا ً من
بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما
زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها
فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها
ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه
وحصروه فقال له الشيطان :اسجد لي تنج فسجد له ،فانظر
إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية
وجعلها عنده
)قالوا :يا رسول الّله أرأيت الحمو قال :الحمو الموت(
والحمو أخو الزوج وقريبه ،الحمو الموت :أي دخوله على زوجة
أخيه يشبه الموت في الستقباح والمفسدة فهو
محرم شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه الموت لتسامح
الناس في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من المرأة وخرج هذا مخرج
قولهم السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه وكذا دخول الحمو عليها
يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلقها عند غيرة الزوج أو
برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر
إلى التهم كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة لن موقع
امتناع الرجل من النظر بشهوة لمرأة أبيه ليس كموقعه منه لمه
هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس
الشهوانية.
تنبيه:فإذا كان هذا مع أخ الزوج ،فما بالنا بمن يتركون
الرجال الجانب يدخلون على نساءهم ومحارمهم دون أن يحرك
ذلك ساكنا ً فيهم من شعور بالغيرة على أعراضهم ومحارمهم ،
مدعين بذلك العفة لدى الجنسين ،وأقول :والله إنه ضعف في
الدين ،وقلة حيلة لدى أولئك المساكين .
ن دعاة الباحية ،لهم بدايات تبدو خفيفة ،وهي تحمل تنبيه : إ ّ
ت « 324خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مكايد عظيمة ،منها في وضع لبنة الختلط ،يبدؤون بها من رياض
الطفال ،وفي برامج العلم ،وركن التعارف الصحفي بين
الطفال ،وتقديم طاقات -وليس باقات -الزهور من الجنسين في
الحتفالت .
وهكذا ..من دواعي كسر حاجز النفرة من الختلط ،بمثل هذه
البدايات ،التي يستسهلها كثير من الناس .
ل السلم في مواليهم ،وليحسبوا خطوات السير فليتق الله أه ُ
في حياتهم ،وليحفظوا ما استرعاهم الله عليه من رعاياهم،
والحذر الحذر من التفريط والستجابة لفتنة الستدراج إلى مدارج
ئ حسيب نفسه . الضللة ،وكل امر ٍ
]*[]*[]*[]*[
)ثامنًا( ل ُتكّلم النساء إل بإذن أزواجهن :
)حديث عمرو بن العاص في صحيح الجامع( أن النبي rنهى أن
تكلم النساء إل بإذن أزواجهن .
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير:
ت « 325خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة « .
]*[]*[]*[]*[
ت « 326خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية" رواه أحمد
والنسائي والحاكم من حديث أبي موسي رضي الله عنه .وليس
هناك رائحة في الجسد ل يزيلها الصابون فيما نعلم حتى تحتاج
بعد اغتسالها إلى استعمال الطيب وليست المرأة أيضا ً مطالبة
بالذهاب إلى المسجد بل صلتها في بيتها خير لها من صلتها في
المسجد
]*[]*[]*[]*[
)الحادي عشر( نهي المرأة عن الخضوع في القول في مخاطبة
الرجال الجانب:
ض
مَر ٌ ه َ ْ
قلب ِ ِفي َ ذي ِ ّ
ع ال ِ م َ ْ
في َط َ ل َ و ِ
ق ْ ْ
ن ِبال َ ع َ ض ْ خ َ فل َ ت َ ْقال تعالى َ ):
عُروفًا( م ْول ً ّق ْ ن َ قل ْ َ و ُ َ
] الحزاب [32 /
إلى غير ذلك من الداب والحدود التي ورد المر بمراعاتها، .
ولنتعاهد أنفسنا وأهلينا به ،ففيه الخير والصلح ،والبعد عن طرق
الشيطان وغوايته .ولنحذر ممن حذرنا الله تعالى منهم فقال:
ت َأنه ٰو ِ ش َ ن ٱل ّ عو َ ن ي َت ّب ِ ُ ذي َ ريدُ ٱل ّ ِ وي ُ َِ م َعل َي ْك ُ ْ ب َ َ
ريدُ أن ي َُتو َ ه يُ ِو ٱلل ّ ُ َ
ن
س ٰـ ُ
لن َ ق ٱ ِ خل ِ َ
و ُم َ ُ
عن ْك ْ ف َ خف َ ّ ه أن ي ُ َ ّ
ريدُ ٱلل ُ ً
ظيما ي ُ ِ ع ِ ً
مي ْل َ ْ
ميلوا َ ُ تَ ِ
عيفا ً ]النساء.[28 ،27: ض ِ َ
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه .
ت « 327خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ن ( ] سورة عي ٌ
حوٌر ِ
و ُ
كأمثال اللؤلؤ المكنون ،فقال تعالى َ ):
الواقعة[22/
َ
ن ( ]سورة الواقعة، [23/ ؤ ال ْ َ
مك ُْنو ِ ؤل ُ ِ
ل الل ّ ْمَثا ِقال تعالى ) :ك َأ ْ
واللؤلؤ المكنون هو المصون الذي لم يخرج من صدفه ،وهو في
غاية الحسن والجمال والبهاء ،واسمع لهذا الحديث الشريف :
) حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري (
أن النبي rقال ):ولو أن امرأةً من أهل الجنة اطلعت إلى أهل
الرض لضاءت ما بينهما ،ولملته ريحًا ،ولنصيفها على رأسها خير
من الدنيا وما فيها( وحسبك شهادة لجمالهن الباهر ،وأنه بلغ
الغاية في الحسن والمنتهى في الجمال أن الله شهد بهذا فقال:
ن ( ] سورة الرحمن ، [70/فيهن خيرات في سا ٌ ح َ ت ِ خي َْرا ٌ
ن َ
ه ّ
في ِ
) ِ
الخلقة والخلق ،جمعن بين جمال الظاهر وجمال الباطن.
تنبيه : أما نساء الدنيا الصالحات القانتات الحافظات للغيب
بما حفظ الله ،نساء
أهل الدنيا من الصائمات القانتات ،الذاكرات لله كثيرا ً فهن أفضل
من الحور العين جمال ً وجلل ً وقدرا ً وأخلقًا ،ومن كانت منهن
ج في الدنيا فإنها تزوج يوم القيامة في الجنة إذا ليست ذات زو ٍ
دخلت الجنة ،فقد تزوج بمن لم يتزوج ومات وهو من أهل الجنة،
أو بغير ذلك مما يريده الله تعالى.
خْلقية
صفات الحور العين ال َ
ت
صَرا ُ م َ
قا ِ ه ْ عن ْدَ ُ
َ) ِ ل :بياض البشرة وصفاؤها :كما قال تعالى أو ً
َ
ن ( ] سورة الصافات [ 48،49 مك ُْنو ٌ
ض ّ
ن ب َي ْ ٌ ن * ك َأن ّ ُ
ه ّ عي ٌ الطّْر ِ
ف ِ
قال السدي" :بياض البيض حين ينزع قشره إذا نزعت القشرة
كيف ترى هذه البيضة في صفائها ولينها ونعومتها وطراوتها؟ هي
أعظم من ذلك ،لكن يريد أن يقرب لك الصورة كي تحس أن هذا
َ
ن(مك ُْنو ٌض ّ ن ب َي ْ ٌ النعيم حقيقي ،وليس نعيما ً وهميًا ،ل) ،ك َأن ّ ُ
ه ّ
] سورة الصافات ، [ 49واختاره ابن جرير لقوله" :مكنون" قال:
"والقشرة العليا يمسها جناح الطائر ،والعش وتنالها اليدي بخلف
داخلها ) تفسير ابن كثير(
وقيل" :إنه بيض النعام المكنون في الرمل ،وهو عند العرب
أحسن ألوان البياض وقيل" :اللؤلؤ قبل أن يبرز من صدفته" هذا
البيض المكنون ،وقيل غير ذلك.
ت « 328خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
ن(جا ُ وال ْ َ
مْر َ ت َ ن ال َْيا ُ
قو ُ ه ّوقال الله تعالى أيضا ً في وصفهن):ك َأن ّ ُ
]سورة الرحمن ، [ 58/قال مجاهد والحسن والسدي وابن زيد:
"في صفاء الياقوت ،وبياض المرجان ،فالحور العين ،بشرتهن
بيضاء صافية كالمرآة يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من
الحسن ،ويستدل لذلك بالحديث التي :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
د منهم زوجتان ،يرى مخ سوقهما قال في أهل الجنة):ولكل واح ٍ
من وراء اللحم من الحسن(
وقوله):مخ سوقهما من وراء اللحم( المخ :ما في داخل العظم،
والمراد وصفها بالصفاء البالغ ،وأن ما في داخل العظم ل يستتر
باللحم والعظم والجلد ،من رقتها ونعومتها وصفائها ما في داخل
العظم ل يستتر بالجلد .وهذا في الداخل في غاية الجمال ،فيراه
من خارج،
وقد فسر بعض المفسرين معنى الحور العين بالبياض وصفاء
اللون ،قال ابن عباس":الحور في كلم العرب البيض" وكذا قال
قتادة" :الحور البيض" وقال مقاتل" :الحور بيض الوجوه" وقال
مجاهد" :الحور العين التي يحار فيهن الطرف باديا ً مخ سوقهن
من وراء ثيابهن من رقة الجلد.
ثانيا ً :جمال العيون واتساعها:
ن( ] سورة الصافات [48/ عي ٌف ِ ت الطّْر ِ صَرا ُ م َ
قا ِ ه ْ
عن ْدَ ُ
و ِ
قال تعالىَ ):
،جمع عيناء وهي الواسعة العين ،وجمعت أعينهن مع السعة
صفات الحسن والملحة ،قال ابن القيم عند شرحه لمعنى الحور
العين" :والصحيح أن الحور مأخوذ من الحور في العين ،وهو شدة
بياضها مع قوة سوادها ،فهو يتضمن المرين ،والحور في العين
ى يلتئم من حسن البياض والسواد ،وتناسبهما" -هذا البؤبؤ معن ً
د
شديد السواد في هذه العين شديدة البياض واكتساب كل واح ٍ
منهما الحسن من الخر ،هذا شدة السواد يكتسب حسن من شدة
البياض ،وشدة البياض يكتسب حسن من شدة السواد ،هذا الحسن
المركب بعضه من بعض هو بذاته جميل جدًا ،وإذا اجتمع مع غيره
أجمل وأجمل -قال" :وعين حوراء إذا اشتد بياض أبيضها وسواد
أسودها ،ول تسمى المرأة حوراء حتى يكون مع حور عينها بياض
لون الجسد ،والعين جمع عيناء وهي عظيمة العين من النساء،
ورجل أعين إذا كان ضخم العين ،وامرأة عيناء والجمع عين،
والصحيح أن العين اللتي جمعت أعينهن صفات الحسن والملحة،
قال مقاتل :العين حسان العين ومن محاسن المرأة اتساع عينها
في طول ،طول شق العين ،وضيق العين في المرأة من العيوب.
ت « 329خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ثالثا ً في صفات الحور العين أنهن مطهرات من النجاس والقذار:
َ
ن( ] سورة
دو َ
خال ِ ُ
ها َ
في َ
م ِه ْ
و ُ مط َ ّ
هَرةٌ َ ج ّ
وا ٌ
ها أْز َ
في َ
م ِ ول َ ُ
ه ْ قال تعالىَ ):
البقرة[25/
قال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس" :مطهرة من القذر
والذى ،فل يحضن ،ول يحدثن ،ول يتنخمن"
ت « 330خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نواهد وكواعب ،هذا بالنسبة للخلقة،
ت « 331خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
غِنجة ،والغنج في الجارية قال صاحب تاج العروس" :العربة :هي ال ُ
ل وقال في أبجد العلوم" :هي الصوات التي تصدر عن تكسٌر وتدل ٌ
العذارى والنساء الجميلت المهيجة للشوق ،وهذا الغنج إن وقع
أثناء المباشرة وحال المخالطة والتقبيل وغير ذلك كان محركا ً
أقوى لقوة الوقاع " إذا ً الن هو لو قال :الن في نساء يتصلن
بالهاتف ،ونساء وصوت الواحدة يسبي العقل ،وهذا خضوع
بالقول ،وهذا يفسد القلب ،وهذا يجعل النسان كالسير فنقول:
اصبر ،اصبر عنه ،فإنك ستسمع ما هو ألذ من هذا بكثير ،وإنما
الدنيا ساعة فاجعلها طاعة ،وبعد ذلك فإنما في الجنة سينسي كل
ما في الدنيا من الصبر عن المحرمات وعلى الطاعات.
ثالثًا :طاهرة من جميع الخلق السيئة:
َ
ن ( ]سورة دو َخال ِ ُ
ها َ
في َ
م ِه ْ
و ُ مط َ ّ
هَرةٌ َ ج ّ
وا ٌ
ها أْز َ
في َ
م ِ ول َ ُ
ه ْ قال تعالىَ ) :
البقرة [ 25/مطهرات من النجاس والقذار هذه طهارة حسية،
لكن أيضا ً مطهرات من الخلق السيئة.
قال ابن القيم -رحمه الله " : -وكذلك طهر باطنها من الخلق
السيئة والصفات المذمومة ،وطهر لسانها من الفحش والبذاء،
وطهر طرفها من أن تطمح به إلى غير زوجها ،وطهرت أثوابها
من أن يعرض لها دنس أو وسخ" حتى الثياب.
ت « 332خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أما الشم:
ح يشم منهن ) ،لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه فأطيب ري ٍ
الثابت في صحيح البخاري ( أن النبي rقال ):ولو أن امرأةً من
أهل الجنة اطلعت إلى أهل الرض لضاءت ما بينهما ،ولملته
ريحًا ،ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها(
أما الملمسة فبجميع معانيها:
َ
ن ( ]سورة هو َ فاك ِ ُ ل َ غ ٍ ش ُ في ُ م ِ و َ ة ال ْي َ ْ جن ّ ِب ال ْ َ حا َ ص َ نأ ْ قال تعالى ) :إ ِ ّ
يــس [55/
عَلى َ
ل َ في ظَِل ٍ م ِ ه ْ ج ُ وا ُ وأْز َ م َ ه ْ ما هو الشغل؟ ما معنى فاكهون؟ ) ُ
ن ( ] سورة يــس ، [56/قال ابن عباس وغيره: ؤو َ مت ّك ِ ُ ك ُ اْل ََرائ ِ ِ
"شغلهم افتضاض البكار
ويعطى الرجل في الجنة قوة مائة،
س رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي َ
) حديث أن َ ٍ
rقال :
ل َيا ع ،قي ِ َ ْ ذا وك َ َ وةَ ك َ َ ة ُ ْ ع َ
ما ِ ج َ ن ال ِ م َ ذا ِ ق ّ جن ّ ِن في ال َ م ُ مؤ ِ طى ال ُ
َ
َ» :ي ُ ْ
ة«. مائ َ ٍ وةَ ِ ق ّ طى ُ ع َ ل :ي ُ ْ قا َ ك؟ َ ق ذَل ِ َ طي ُ و يُ ِ ل الله أ َ سو َ َر ُ
ح له زوجة في الدنيا تؤذيه فإنها ج صال ٍ هذه الحوراء إذا كانت لزو ٍ
و
ه َ ما ُ فإ ِن ّ َ ك اللهَ ، َ
قات َل ِ هَ ، ؤِذي ِ تغار عليه من المؤذية هذه وتقول :ت ُ ْ
ك إ ِل َي َْنا. ر َ ن يُ َ ل يوش َ َ
ق ِ فا ِ كأ ْ خي ٌ ُ ِ دك دَ ِ عن ْ َِ
ل الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن جب َ ٍ ن َ عاِذ ب ِ م َ )حديث ُ
هجت ُ ُ
و َ ت َز ْ قال َ ْفي الدّن َْيا .إ ِل ّ َ ها ِ ج َ و َ مَرأةٌ َز ْ ؤِذي ا ْ النبي rقال »:ل َ ت ُ ْ
ش َ
ك ل ُيو ِ خي ٌ دك دَ ِ عن ْ َو ِ ه َ ما ُ فإ ِن ّ َ ك اللهَ ، قات َل َ ِ هَ ، ؤِذي ِ ن :ل َ ت ُ ْ عي ِ ر ال ْ ِ حو ِ ن ال ْ ُ م َ ِ
َ
ك إ ِلي َْنا«. ر َ ن يُ َ َ
ق ِ فا ِ أ ْ
وحديثها السحر الحلل إن طال لم يمل:
وود المتحدث أنها ل توجز ،وإن غنت فيا لذة البصار والسماع،
وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك المآنسة والمتاع:
م فهذا زمان المهـر فهـو المقــد ُ فيا خاطب الحســناء إن كنت باغيـا ً
م
فتحظى بها مـن دونهن وتنعـــ ُ وكن مبغضــا ً للخائنـات لحبهـــا
متفوز بعيد الفطر والناس صـــو ُ وصم يومك الدنى لعّلك في غــــ ٍ
د
]*[]*[]*[]*[
) (3من حق الرجل على المرأة أن ترعى ماله وولده وتحافظ
عليهما فالمرأة في بيت زوجها أمينة على ماله ،وراعية وحافظة
لكل ما يودعه في البيت من متاع أو مال أو غير ذلك ،ول يجوز لها
التصرف في ذلك إل بإذنه ،فالمرأة راعية في بيت زوجها،
ومسئولة عن رعيتها بدللة الحديث التي :
ت « 333خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ) :كلكم راع مسئول عن رعيته ،فالمام راع وهو مسئول
عن رعيته ،والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته ،والمرأة
في بيت زوجها راعية ،وهي مسئولة عن رعيتها ،والخادم في مال
سيده راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن
رعيته(.
) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و
تحفظ غيبتك في نفسها و مالك .
زوجة مقتصدة غير مسرفة ،ل تتباهى بمال زوجها إن كان غنًيا،
ول تشكو من قلته إن كان فقيًرا ،ل تنفق المرأة شيئا من بيتها إل
بإذن زوجها وتعرف متى تنفق ،كريمة غير بخيلة ،مدبرة غير
مسرفة ،راضية بقسمة الله لها في كل شيء ،قنوعة بما رزقها
الله تعالى.
)لحديث أبي أمامة الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن
النبي rقال :إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فل
وصية لوارث ول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها فقيل
يا رسول الله ول الطعام قال ذاك أفضل أموالنا ثم قال العارية
مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم
* الشاهد قوله rول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها
)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال ) :ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه ،ول تأذن
في بيته إل بأذنه ،وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي
إليه شطره(.
]*[ قال النووي رحمه الله :
"قوله صّلى الّله عليه وسّلم)) :وما أنفقت من كسبه من غير
صريح في ذلك ن نصف أجره له(( فمعناه :من غير أمره ال ّ أمره فإ ّ
ل لهذا القدر ق متناو ٌ م ساب ٌ القدر المعّين ,ويكون معها إذن عا ّ
ما
صريح وإ ّما بال ّ
قا إ ّولناه ساب ًوغيره ,وذلك الذن اّلذي قد أ ّ
بالعرف ,ول بدّ من هذا الّتأويل ,لّنه صّلى الّله عليه وسّلم جعل
الجر مناصفة ,وفي رواية أبي داود)) :فلها نصف أجره(( ,ومعلوم
أّنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ول معروف من العرف فل أجر
ن هذا كّله مفروض في لها ,بل عليها وزر ,فتعّين تأويله .واعلم أ ّ
ر يعلم رضا المالك به في العادة ,فإن زاد على المتعارف ر يسي ٍقد ٍ
لم يجز ,وهذا معنى قوله صّلى الّله عليه وسّلم)) :إذا أنفقت
المرأة من طعام بيتها غير مفسدة(( فأشار صّلى الّله عليه وسّلم
ت « 334خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ضا
طعام أي ً إلى أّنه قدر يعلم رضا الّزوج به في العادة ,ونّبه بال ّ
دنانير في دراهم وال ّ على ذلك; لّنه يسمح به في العادة بخلف ال ّ
ق أكثر الّناس ,وفي كثير من الحوال". ح ّ
]*[ والزوجة الصالحة تكون مدبرة في غير بخل ،منفقة في غير
إسراف ،قنوعة وراضية برزق الله تعالى لها ولزوجها ولسرتها،
وهذا ناشئ عندها من عدة منطلقات:
ن
ري َمب َذّ ِن ال ْ ُ أولها :ذم الله المسرفين ،كما في قوله تعالى :إ ِ ّ
ن ] السراء.[27 : طي ِ شَيا ِن ال ّوا َخ َ كاُنوا إ ِ ْ َ
ن إِ َ
ذا ذي َ وال ّ ِ ثانيها :مدح الله وثناؤه للمقتصدين ،كما في قولهَ :
واما ً ] الفرقان: ق َك َ ن ذَل ِ َن ب َي ْ َ و َ
كا َ م يَ ْ
قت ُُروا َ ول َ ْ
فوا َ ر ُس ِ قوا ل َ ْ
م يُ ْ ف ُأ َن ْ َ
.[67
ثالثها :معرفتها بآثار السرف الذميمة ،كالغفلة عن الله والدار
الخرة ،والتكبر ،وطول المل ،وحب الدنيا ،والعجب ،والغرور.
رابعها :زهدها في الدنيا ،ونفسها القنوعة التي ل تحملها على
البذخ والسرف.
لذلك فإن هذه السباب تحملها على أل تتباهى بمال زوجها إن
كان غنًيا ،أو أن تسرف في النفاق لسيما أمام الناس ،وأمام
النساء خاصة ،فهي تعلم أن المال عارية زائلة ،وقد جعلها الله
تعالى خليفة عليه ومسئولة عنه لقوله " :وعن ماله من أين
ما قريب راحلة عن اكتسبه وفيم أنفقه؟" ،فضل ً عن علمها أنها ع ّ
مخلفة وراءها المال والمتاع. هذه الدنيا الزائلةُ ،
كذلك قناعتها تحملها على أل تشكو زوجها إن كان فقيًرا ،ول
أعني بهذه القناعة البخل وقبض اليد عن النفاق ،بل أعني
القتصاد والتدبير والنفاق في غير سرف ول مخيلة.
ومن مظاهر قناعة الزوجة الصالحة ،ورضاها بما قسمه الله تعالى
لها ولزوجها من الرزق أنها ُتقدر طاقته المالية )وتقتصد في
ماله ،فل تهدره بطًرا وبغير حق،
صا إذا ول ترهقه بطلباتها غير الضرورية من متاع الدنيا خصو ً
فاقت إمكاناته ،فذلك يزعجه ويؤلمه؛ لنه ل يستطيع تحقيق هذه
المطالب ،ويعز عليه أن يظهر أمام زوجته بمظهر العاجز الذي ل
يملك تنفيذ ما تطلب.
وعليها أن تصحب زوجها بالقناعة ،فل تتطلع إلى ما عند الغير ،ول
تحاكي أترابها من نساء القارب والجيران والمعارف في اقتناء
الكماليات ،بل عليها أن توجه مال الله للبذل في سبيل الله عز
دا يوم القيامة().(32 وجل ليكون لهما رصي ً
ت « 335خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
أل فلتتق الله تعالى النساء في أزواجهن ،ول ترهقهم من أمرهم
عسًرا ،ويعشن مع أزواجهن بالقناعة والرضا ،فإن القناعة سبب
السعادة.
]*[ قال بعض الصالحين :يا ابن آدم إذا سلكت سبيل القناعة،
فأقل شيء يكفيك ،وإل فإن الدنيا وما فيها ل تكفيك.
إن الزوجة العاقلة هي التي تنظر إلى من هي أقل منها عي ً
شا،
قا ،فيحملها ذلك على شكر الله تعالى ،والرضا بما وأضيق رز ً
قا من قوله " :انظروا إلى قسمه لها ،والقناعة بكل شيء انطل ً
من هو أسفل منكم ،ول تنظروا إلى من هو فوقكم ،فهو أجدر أل
.
تزدروا نعمة الله عليكم"
]*[]*[]*[]*[
ت « 336خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
لسعادتها معه ،يحمل الزوج على النصراف عنها والزهادة فيها،
لينظر إلى غيرها من النساء فيقع في الثم ،أو ليتطلع بالزواج
بأخرى تروي عاطفته ،وُتشبع غريزته ،وتمل عينه.
وقد تزوج أحدهم بامرأة أخرى لهذا السبب ،فما كان من الولى إل
أن تزينت وتجملت ،فلما دخل الزوج عليها ظّنها امرأة أجنبية من
عظم الفوارق بين حالتيها ،ودهش حينما رآها بهذا التألق الذي
ن أنها تفتقده ،وأخبرها أنه ما كان ليتزوج لو كانت معه على ظ ّ
تلك الحال قبل ذلك ،ولكن على نفسها جنت براقش .
]*[ قال أبو الفرج في كتابه النساء ما معناه:
خْلقها وكمال حسنها ،بأن عن المرأة تحظى عند زوجها بعد تمام َ
تكون مواظبة على الزينة والنظافة ،عاملة بما يزيد في حسنها من
أنواع الحلي واختلف الملبس ،ووجوه التزين بما يوافق الرجل،
ويستحسنه منها في ذلك ،ولتحذر كل الحذر أن يقع بصر الرجل
على شيء يكرهه من وسخ ،أو رائحة مستكرهة ،أو تغير مستنكر.
ق
ب على المرأة ،وح ٌ تنبيه إن التزين للتزوج والتجمل له ،واج ٌ
له ،ل يسقط وإن مضى الشطر العظم من الحياة ،وكم من رجل
تزوج وهو في الخمسين ويزيد بسبب إهمال زوجته لمظهرها
وهيئتها ورائحتها وزينتها.
ولعل من صور نظافة المرأة :نظافة البدن والبشرة ،والعناية
بنظافة السنان ورائحة الفم ،وبتنقية العين وتكحيلها ،وبتقليم
الظافر وتسويتها ،وكذلك نتف البط وشعر العانة.
فهّيا يا نساء المسلمين تجملن لزواجكن ،وتطيبن ،واعلمن أن
ذلك خير رائد لقلب الزوج ،ومن أفضل الطرق السهلة لطلب
رضاه ،بل لحل المشاكل بينكما.
]*[ وعجًبا لبعض الزوجات اللئي ل يهتممن بأنفسهن وقت
الحيض ،فل تتنظف الزوجة لزوجها أثناء الحيض ،ول تتزين عنده،
وتظن أن الحيض معناه خصام وانفصال بين الزوجين.
أين زينة المرأة في وجهها وشعرها وثوبها ورائحتها؟!
وهل هناك تعارض بين ذلك وبين الحيض؟!
ل ،بل كان يجب عليها أن تضاعف الهتمام بزوجها وبجمالها
وزينتها ورائحتها لتعوض الزوج حاجته.
أين أناقة الحائض ،وطيب ريحها ،وحسن مظهرها يا إماء الله!
]*[ ونجد مع السف كثيرا ً من النساء ل تعرف الزينة والتجمل إل ّ
عند الخروج من المنزل والزيارات والسهرات ،والزوج نصيبه
ملبس تخرج منها رائحة الطبخ ،وهذا تقصير ُتلم عليه المرأة ،
بل عليها أن تقترب من قلب زوجها باللوان التي يحب والرائحة
التي يرغب ،فهو أحق من تتزين له ،فإن بعض النساء تحب
ت « 337خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
التزين أمام النساء ،نقول بتوفيق الله أن هذا قد ل يكون فيه
ن نساء صالحات ل تصف المرأة ولكن زوجك هو أحق غضاضة إن ك ُ ّ َ
من تتزينين له ،
]*[ ثم أن أي زينة تريدينها راعي فيها الضوابط التالية:
* أل تكون منهيا ً عنها فــي شــرعنا وذلــك كــالنمص والتفلــج للســن
والوشم والوصل للشعر وغيرها.
* أل يكون فيها تشبه بالكفار.
* أل يكون فيها تشبه بالرجال.
* أل يكون فيها ضرر على الجسم.
* أل يترتب عليها محظور شرعي :فــإذا كــان ســيترتب علــى هــذه
الزينة محظور شرعي فإنها حينئذ ل تجوز.
وهذا كما لو كانت تمنع وصول الماء إلــى الجســم فتمنــع الطهــارة
وكما لو كان فيهــا إضــاعة للــوقت ،أو كــان فيهــا إســراف وتبــذير
وهدر للمال وكمـا لـو كـان يـؤدي اسـتعمالها إلـى الغـرور والتكـبر
وغمط الخرين ،وكما لــو أدى اســتعمالها إلــى تضــييع شــيء مــن
أوامر الله أو التهاون فيه كأن تؤجل صلة العشاء إلى نهاية وقتهــا
بحجة أنها ل تريد الوضوء فيزيل ما عليها من ماكياج.
وكما لو كان اللباس شهرة فإنه حينئذ يحرم بنص السنة الصحيحة
كما في الحديث التي :
)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي r
ة ثم م َ
ذل ٍ هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ ش ْب ُ
قال :من لبس ثو َ
ب فيه النار . ه ُ ْ
ي ُل ِ
)من لبس ثوب شهرة ( الشهرة ظهور الشيء في شنعة بحيث
يشتهر به
) ألبسه الّله يوم القيامة ثوب مذلة( ثوب مذلة أي يشمله بالذل
كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع العظم بأن يصغره في
العيون ويحقره في القلوب لنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على
غيره .
) ثم يلهب فيه النار ( عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس
العمل فأذله الّله كما عاقب من أطال ثوبه خيلء بأن خسف به
فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة .
وإليك أختي المسلمة هذه النصائح الذهبية حتى تكوني أنيقة
الملبس :
ت « 338خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كثيرات من بنات حــواء يحرصــن علــى كيفيــة وضــع الماكيــاج بكــل
دقة ..ويبحثــن عمــا يتناســب مــع لــون بشــرتهن ونوعيتهــا .كــذلك
بالنســبة لتســريحات الشــعر ..وقــد تتناســى الواحــدة منــا طريقــة
لبسها ومدى تناسق ألوانه ومقاساته ..فقد يكون هناك خلــل فــي
طريقة ملبسها يقلل من أناقتها !! ..
فحتى تكتل أناقة ملبسك تجنبي التي :
-1ثيابك ل تطابق مقاسك :
إن ارتداء الملبس الواسعة قد يجعلك تبــدين أكــثر امتلء ،كمــا أن
الملبــس الضــيقة أكــثر مــن اللزم قــد تظهــر منــاطق أو بــروزات
قبيحة .
-2ثياب مجعدة :
لن تظهر أناقة ملبسك إل إذا كانت خالية من التجاعيد ،تجنبي هذا
الخطــأ أو اشــتري ثيابـا ً مصــنوعة مــن أقمشــة ل تتجعــد أو اجعلــي
المكواة في متناول يدك دائما ً .
-3التشتت في اتباع الموضة :
ل تحاولي أن تتبعي جميع الموضات في يوم واحــد ،فمــن الرجــح
أن مظهرك سيبدو غير لئق في النهاية .
ت « 339خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ممن يبدين رائعات مهما ارتدين ،فاختاري صورة أو قماشا مطبعا ً
إما في القطعة العلوية أو السفلية من زيك .وليس في كليهما .
-10ارتداء الحلي غير المناسبة :
أكملي زيك بحلي تناسب مظهرك ،اختاري عقد بطول مناسب
فالعقود الضيقة أو الملتفة حول العنق تظهره أكبر مما هو عليه .
ارتداء ثياب داكنة اللون مع أحذية فاتحة اللون ،أو العكس -11
:
اجعلي ثيابك وأحذيتك من الدرجة اللون نفسها ،باســتثناء البيــض
والسود اللذين يتماشيان مع كل اللوان .
ارتداء دعامات كبيرة للكتفين : -12
لقد ولى زمــن هــذا الموضــة منــذ الثمانينيــات ،وإن قمــت بارتــداء
دعامات للكتفين فتأكدي من كونها رقيقة وغير ملحوظة .
وإليك أيضًا نصائح ذهبية بالنسبة لللوان التي تقربك من زوجك :
بين اللوان نحيا ،ومنها نختار ما نميل إليه فنحب لونًا ،ونكــره آخــر
دون معرفة السبب ..فنحن ل نعرف أسرار كل لون ومدى ارتباطه
بشخصياتنا ..لذلك سنساعدك على معرفة مــاذا تفضــلين لون ـا ً دون
آخر؟ وكيف تكسبين زوجك من خلل اللوان.
من أجمل الطرق لحيــاة أســرية ســعيدة أن نفهــم ذواتنــا ،ثــم مــن
يعيش معنا لنحســن عمليــة التواصــل معهــم مــن خلل العديــد مــن
الطرق التي من أجملها فن اللــوان وكيــف يمكــن أن يكــون ســببا ً
في إضفاء لمسة من السعادة علينــا فــي حياتنــا الســرية ،هــذا مــا
قــاله عــوض محمــد مرضــاح ،مــدرب مهــارات الحيــاة الســرية فــي
دراسته التي أعدها بهذا الخصوص ،وبرأيه أن اختيار المرء لللــوان
فيه دللة على وجــود ميــول معينــة لــديه ،فــاللون يلعــب دورا ً فــي
التأثير على حالته النفسية وبمقدورنا أن نتعرف علــى طبيعــة كــل
شخصية من خلل ما تفضل من ألوان.
الحمر )لون التحكم والسيطرة(:
هو لون الشخاص الذين يتصفون بــالعزم والحيويــة الدافقــة ،فــإن
كنت تفضــلينه فمعنــى ذلــك أنــك قويــة وشــجاعة وجــريئة وتحــبين
المغامرة والخرين ،وأنك تتمتعين بالخيال المجنــح -وتميليــن إلــى
التفاؤل.
البرتقالي )لون هدوء العقل والود(:
ت « 340خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هو لون الشخاص الطموحين -فإن كنت تحــبين اللــون البرتقــالي
فأنت تعتزين بكرامتك لديك كفاءة وقدر كبير من الحساس ،وفــي
ذات الــوقت غيــورة والنجــاح هــو مــا تســعين إليــه ،وتحــبين لفــت
النظار وممارسة النفوذ على الخرين ،أمــا إذا كنــت تكرهيــن هــذا
اللون فيعني ذلك أنك جدية في حياتك ،وتحـبين العمـال العظيمــة
والشخاص غير السطحيين.
الصفر )لون التلقائية والنشاط(:
كان يدل على الغيرة والحسد ..أما اليوم فإنه صار اللون المفضــل
للشخاص الذكياء وأصحاب التلقائية والنشاط ،وإذا كنت تطمئنيــن
إليه فيعني هذا أنك خجولة وبحاجة إلى مســاعدة دائمــة ومشــاركة
الخريــن ،وإن كنــت تنفريــن منــه فيعنــي أنــك عمليــة وموضــوعية
وتحبين كل شيء تنتفعين منه.
الخضر )لون التملك(:
إن كنت تحبينه فلديك حب التملك سواء للشياء الحسية أو المادية.
عاطفية تحبين خدمة الخرين والهــدوء وتحنيــن علــى كــل إنســان،
كما أنك صاحبة طبيعة لطيفة ،وإذا كنت ل تحبينه فهــذا يعنــي أنــك
بحاجة إلى أصدقاء يكونون قريبين منك.
الزرق )لون المومة والصفاء الروحي(:
هو لون النفوس الحساسة والصادقة والقريبة إلـى اللـه وإذا كنــت
تميلين إليه في ملبسك فأنت تفتشين بشكل خــاص عــن المباهــج
الفكرية ،وإذا كنت تكرهينه فمعنى ذلك أنك تميلين إلى الستقلل
وأن طبيعتك غير مستقرة.
البنفسجي )لون الصعوبة(:
هو لون العظمة يدل حبك له على أنك ذات شخصية صعبة غير أنــك
مثالية ،ميالة إلى الفن والبتكار وثقتك بنفســك قويــة -وإذا كنــت
تكرهين هذا اللون يعني أنك بحاجة إلى إعادة الــتركيز حــتى تجــدي
ذاتك.
البني )لون القوة(:
نســاء هــذا اللــون ذوات شخصــيات حازمــة وقويــة فهــن يعتنيــن
بمظهرهن وعندهن أذواق خاصة بهن ،كما أن إحساسهن بضــرورة
التغير قوية.
البيض ) لون العمق(
هو لون صــاحبات الفكـر الواضــح ،المنتبهــات لكــل شــاردة وواردة،
ومحبات هذا اللــون لــديهن رغبــة عميقــة فــي أن يســتحوذن علــى
العجــاب ،وهــن حريصــات علــى النظافــة والكارهــات لــه يكرهــن
السذاجة والمظاهر البراقة.
السود )لون الرادة(:
ت « 341خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
يرمــز للتقاليــد ويــدل علــى احــترام النفــس ومحبــات هــذا اللــون
إرادتهــن قويــة ،ويعرفــن كيفيــة فهــم الخريــن ،لكنهــن غامضــات
ويــردن أن يحــترم غيرهــم حيــاتهن الخاصــة ،وهــن يعرفــن كيــف
يحترمن حياة الخرين وكارهاته يعشقن المرح والدعابــة والطبيعــة
ول يشعرن بالملل ،وكل شيء يثير اهتمامهن.
ت « 342خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ومحفز قوي للمشاعر ،وننصح أن ترتديه المرأة عنــدما ترغــب فــي
جذب انتباه زوجها.
الزرق:
لــون الســترخاء ويخفــض درجــة حــرارة الجســم درجــتين ،وننصــح
المرأة بارتدائه لتمضية نهاية السبوع في مكان هــادىء والــدرجات
الفاتحة منه تشعرك بأنك جزء من الفضاء والبحر مما يضفي عليــك
حالة رومانسية تنعكس فيما بعد على زوجك.
الصفر :
عندما تحتــاجين للصــفاء الفكــري ورؤيــة الشــياء بواقعيــة وتحديــد
نقاط تميزك وإخفاقك مع أسرتك ارتدائه فهو يساعدك علــى ذلــك
لنه يخلص الجسم من السموم والشوائب.
البنفسجي:
جميل وناعم ارتديه في وقت العصر لرتباطه بالهدوء .لكن ابتعدي
عنه إن لم يكن مزاجك مرتاحـا ً تمامـا ً لن كــثرة النظــر إليــه تحــرك
الكآبة والحزن.
الرمادي:
تجنبيه إن كنت تعانين من فتور أو بــرود فــي علقتــك مــع زوجــك،
لنه لون بارد ويزيد الفتور بين الزوجين وللتغلب علــى ذلــك عليــك
باللوان النارية لتحريك مشاعر زوجك.
يقول الدكتور المرضاح :إن معظم أطباء علم النفس يركزون على
اللوان وعلقتها الوثيقة بالمزاج العام للنسان خاصة المرأة لنها
أكثر تقلبا ً من الرجل نتيجة ما تمر به من تغيرات بيولوجية ،فقوة
اللون تقرز هرمونات معينة تحدث مجموعة من العمليات
الفسيولوجية ،وهنا يشرح لماذا تسيطر اللوان المباشرة على
أفكارنا ومزاجنا وسلوكياتنا.
]*[]*[]*[]*[
) (5ومن حق الرجل على المرأة أن ل تصوم تطوعا ً إل بإذنه :
)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال ) :ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه ،ول تأذن
في بيته إل بأذنه ،وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي
إليه شطره(.
وت على الزوج كمال والحكمة في ذلك لن صيام التطوع قد ي ُ َ
ف ّ
الستمتاع بزوجته ويحرمه منها أثناء صيامها ،فإن رضي به فقد
قه باختياره ،وهذا إنما هو في الصيام النافلة دون أسقط ح ّ
الواجب.
]*[ قال النووي رحمه الله :
ت « 343خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
"هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن
معين ،وهذا النهى للتحريم صّرح به أصحابنا ،وسببه أن الزوج له
قه فيه واجب على الفور فل حق الستمتاع بها في كل اليام ،وح ّ
يفوته بتطوع ول بواجب على التراخي .فإن قيل :فينبغي أن يجوز
لها الصوم بغير إذنه فان أراد الستمتاع بها كان له ذلك ويفسد
صومها؟ فالجواب :أن صومها يمنعه من الستمتاع في العادة؛ لنه
يهاب انتهاك الصوم بالفساد .وقوله صلى الله عليه وسلم:
))وزوجها شاهد(( أي :مقيم في البلد ،أما إذا كان مسافرا فلها
الصوم؛ لنه ل يتأتى منه الستمتاع إذا لم تكن معه".
تنبيه : فتأملوا حرص الشريعة على تحقيق اللفة بين
الزوجين ،وسد باب النفرة بينهما ! .ثم تأملن أيتها النساء أدب
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ،كما في الحديث التي :
ي
) حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت :كان يكون عل ّ
ع أن أقضيه إل في شعبان الشغل الصوم من رمضان فما أستطي ُ
من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو برسول الله صلى الله
عليه وسلم .
]*[ قال النووي رحمه الله :
وتعني بالشغل ،وبقولها في الحديث الثاني ،فما تقدر على أن
تقضيه أن كل واحدة مهيئة نفسها لرسول الله صلى الله عليه
وسلم ،مترصدة لستمتاعه في جميع أوقاتها إن أراد ذلك ،ول
تدري متى يريده ولم تستأذنه في الصوم مخافة أن يأذن وقد
يكون له حاجة فيها فتفوتها عليه ،وهذا من الدب .أهـ .
]*[]*[]*[]*[
) (6ومن حق الرجل على المرأة أن ترضى باليسير وأن تقنع
بالموجود :
ومن حق الرجل على المرأة أن ترضى باليسير وأن تقنع بالموجود
ة
ع ٍس َ ذو َ ق ُف ْ وأن ل تكلفه من النفقة ما ل يطيق .قال تعالى) :ل ُِين ِ
ه ّ
ف الل ُ ّ
ه ل َ ي ُك َل ُ مآ آَتاهُ الل ّ ُم ّ
ق ِف ْ فل ُْين ِ
ه َ ق ُرْز ُ ه ِ عل َي ْ ِدَر َ من ُ
ق ِ و َ
ه َعت ِ ِس َ
من َ ّ
سرا( ]سورة :الطلق - ً ر يُ ْ
س ٍع ْ عدَ ُ ه بَ ْ ّ
ل الل ُ ع ُ ج َ سي َ ْ
ها َ مآ آَتا َ ّ
فسا إ ِل ًَ نَ ْ
الية[7 :
فعلى المرأة الصالحة أن ترضى باليسير وأن تقنع بالموجود تأسيا ً
ل النساء وأتقاهن لله تعالى ، ن أفض ُ ه ّبأمهات المؤمنين اللتي ُ
صحبة ، ء اصطفاهن الله تعالى لنبيه rزواجا ً و ُ ك بنسا ٍ وما ظن ِ
ك الحديث التي لتعرفي كيف رضاهن باليسير في دنيا مآلها وإلي ِ
ة فيما عند الله تعالى : إلى زوال رغب ً
ت « 344خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( :أنها قالت
لعروة :ابن أختي ،إن كنا لننظر إلى الهلل ثلثة أهلة في شهرين،
وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار،
فقلت :ما كان يعيشكم؟ قالت :السودان التمر والماء ،إل أنه قد
كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من النصار ،كان
لهم منائح ،وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من
أبياتهم فيسقيناه .
ففي هذا الحديث بيان لشدة الحال على أزواج النبي صلى الله
عليه وسلم ،وصبرهن على ذلك ابتغاء ما عند الله ،كما جاء في
الحديث الخر أنه يمضي الشهر والشهران ول يوقد في بيت أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم نارا ً .
]*[]*[]*[]*[
) (7ومن حقه عليها أل تمنع نفسها منه متى طلبها للفراش :
ت « 345خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
شهوته ليفرغ فكره للعبادة .قال العراقي :وفيه أن إغضاب
المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً عليها من الكبائر وهذا إذا غضب
بحق .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى
فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى
يرضى عنها .
تنبيه وفي هذه الحاديث السابقة الرشاد إلى مساعدة الزوج
وطلب مرضاته ،وأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر
المرأة ،وأن أقوى التشويشات على الرجل داعية النكاح ،ولذلك
حض الشارع النساء على مساعدة الرجال في ذلك ،أو السبب فيه
الحض على التناسل ،وفيه إشارة إلى ملزمة طاعة الله والصبر
على عبادته ،جزاءً على مراعاته لعبده؛ حيث لم يترك شيًئا من
حقوقه إل جعل له من يقوم به ،حتى يجعل ملئكته تلعن من
أغضب عبده بمنع شهوة من شهواته.
ومما يندى له الجبين أن تجد بعض النساء تمتنع عن زوجها لنها
مشغولة بعمل البيت ،وأخرى لنه ليس لها الن رغبة ،وثالثة لنها
استيقظت من نومها حال ً ،إلى آخر السباب الواهية التافهة التي
تجعل المرء أمامها يقف متعجًبا تارة ،وحائًرا تارة أخرى؛ لذا لبد
من هذه الكلمة ،وتلك النصيحة؛ إذ إنه ل حياء في الدين ،والدين
النصيحة.
]*[ وإن كان ل يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها إن طلبها لحاجته،
فكذلك يحرم على الرجل أن يتعمد هجر زوجته ،فهو مأمور بأداء
حقها بقدر حاجتها وقدره) ...فإن الشريعة السمحة لم تقتصر
ضا
على مطالبة المرأة بأن تستجيب لزوجها ،بل طالبت الرجل أي ً
ول َ ْ
ن أن يؤدي إليها حقها ،ويعفها ،ويغنيها ،وذلك لقوله تعالىَ :
َ
لمي ْ ِل ال ْ َ
ميُلوا ك ُ ّ م َ
فل ت َ ِ صت ُ ْ
حَر ْ
و َول َ ْء َسا ِ ن الن ّ َدُلوا ب َي ْ َع ِن تَ ْ عوا أ ْ طي ُست َ ِ
تَ ْ
ة ] النساء.[129 : ق ِ عل ّ َ كال ْ ُ
م َ ها َ َ
فت َذَُرو َ
قال المام أبو بكر الجصاص رحمه الله :ويدل عليه أن عليه وطأها
ة يعني :ل فارغة فتتزوج ،ول ق ِعل ّ َ
م َكال ْ ُ
ها َ
فت َذَُرو َ لقوله تعالىَ :
ذات زوج إذا لم يوفها حقها من الوطء).(34)(33
ول يخفى على أحد ما يحدث من الضطراب النفسي والجسدي
بسبب امتناع أحد الزوجين عن الخر ،وما يحدث من المشاكل التي
تبدو من أول وهلة أنها صغيرة ،ثم تتعاظم وذلك بسبب امتناع
المرأة عن فراش زوجها خاصة .أل فليتق الله النساء والرجال
)( أحكام القرآن ).(1/274 33
ت « 346خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ل واحد منهما حق الخر. وليؤِد ك ُ
]*[]*[]*[]*[
) (8ومن حقه عليها أن ل تسأل الطلق من غير بأس :
من جملة العلقات السرية التي اهتم السلم بتنظيمها وإرساء
القواعد الشرعية التي تحدها :الطلق.
فل شك أن السلم جعل الطلق حل إيجابيا لفض النزاعات الزوجة
الناشئة عن عدم ائتلف الطباع والخلق ،ولكن لم يجعل هذا
الحل دون قيد أو شرط ،بل جعل له حدودا ً وقوانينا ً تنظمه بما
تقتضيه المصلحة السرية.
ومن هذه القوانين :النهي عن طلب المرأة الطلق من زوجها من
غير بأس.
فل شك أن السلم قد جعل الطلق خلقت المرأة عليها من حيث
غلبة العاطفة ،ولين الجانب ،والتسرع ،ربما تجعلها غير حكيمة إذا
أقدمت على طلب الطلق لمجرد مشكلة عابرة ،أو مشادة كلمية
بينها وبين زوجها ،خصوصا ً إذا كان لها أبناء.
فهي بذلك تحطم رباط الزوجية ،والوامر السرية لسبب تافه ،
غاب عن عقلها طريقة حله في شدة غضبها ،بالضافة إلى ما
تسببه لزوجها من ضيق وحزن بمثل هذا الطلب.
ومن أجل هذا كله فقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم النساء
عن طلب الطلق من أزواجهن من غير بأس .
) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن
ة سألت زوجها طلقا ً من غير بأس فحرا ٌ
م النبي rقال :أُيما امرأ ٍ
عليها رائحة الجنة.
) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن
النبي rقال :
المختلعات هن المنافقات .
) المختلعات هن المنافقات ( أي اللتي يطلبن الخلع والطلق
ن منافقات نفاقا ً عمليا ً . من أزواجهن لغير عذر ه ّ
ول شك أن هذا الحديث الشريف يدل على حرمة طلب المرأة
الطلق من زوجها من غير بأس ،ولكن إذا ترجحت في ذلك
مصلحة شرعية ،أو إذا ترجحت في استمرار الزواج مفسدة
شرعية ،جاز لها أن تطلب الطلق.
) حديث ابن عباس الثابت في صحيح البخاري ( أن امرأة ثابت بن
قيس أتت النبي فقالت :يا رسول الله ،ثابت بن قيس ،ما أعتب
عليه في خلق ول دين ،ولكني أكره الكفر في السلم ،فقال
رسول الله ) :أتردين عليه حديقته( .قالت :نعم ،قال رسول الله :
)اقبل الحديقة وطلقها تطليقة(.
ت « 347خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فالواجب أن تحذر المسلمات من العبث بأزواجهن بطلب الطلق
منهم في غير ما بأس ،فالزوج له حق عظيم على زوجته ،ومن ل
تشكره ل تشكر الله ،ومن تكفره ،تكون من أهل النار ،كما أخبر به
النبي صلى الله عليه وسلم .
»أتردين عليه حديقته« ،والحديقة هي المهر ،حيث كان قد أمهرها
بستانًا ،فقالت :نعم ،فقال النبي لثابت» :خذ الحديقة وطلقها«
فأخذها وطلقها.
الشاهد من هذا الحديث أنها قالت » :ما أعتب عليه في خلق ول
دين «،
]*[]*[]*[]*[
) (9ومن حق الرجل على المرأة أن تلزم بيته فل تخرج منه إل
بإذنه :
ومن حق الرجل على المرأة أن تلزم بيته فل تخرج منه إل بإذنه
ن( ]سورة :الحزاب في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ
قْر َو َولو إلى المسجد قال تعالىَ ) :
-الية[33 :
فمن أعظم صفات المرأة الصالحة أن تكون قاّرةً في بيتها ،فل
تخرج إل لحاجة ،ل للهو ول لضاعة الوقات ،إذا خرجت طلبت
الذن من زوجها ،وخرجت في لباسها الساتر ،غير متعطرة ،تمشي
متواضعة في أدب وحياء وسكينة ،ل تسمع لها صوًتا في الطريق،
ول تتخذ خلخل ول حذاء مما يضرب في الرض.
من فساد أخلق المرأة ،كثرة خروجها من بيتها ،واختلطها
بالرجال ،وعدم تأدبها بالداب الشرعية عند الخروج.
ن ]الحزاب:[33: في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ قْر َ و َ
]*[ تفسير قوله تعالىَ :
قال ابن كثير رحمه الله:
ن ] الحزاب ،[33 :أي الزمن في ب ُُيوت ِك ُ ّ
ن ِ و َ
قْر َ وقوله تعالىَ :
بيوتكن ،فل تخرجن لغير حاجة ،ومن الحوائج الشرعية الصلة في
المسجد بشرطين متلزمين هما :
) (1أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة
والطيب
) (2أن يخرجن وهن تفلت ،كما في الحاديث التية
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين( أن النبي
rقال :ل تمنعوا إماء الله مساجد الله .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :أيما امرأة أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء
الخرة .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود( أن
ت « 348خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
النبي rقال :ل تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلت
.
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن
النبي rقال :ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن .
]*[ قال القرطبي رحمه الله :قوله تعالى} :وقرن{ ،قرأ الجمهور
قرن{ ،وقرأ عاصم ونافع بفتحها .فأما القراءة الولى فتحتمل }و ِ
وجهين:
قَر َيقر وقاًرا أي سكن، أحدهما :أن يكون من الوقار ،تقول :و َ
قْرن).(35
قْر ،وللنساء ِ
والمر ِ
والوجه الثاني :أن يكون من القرار.
ثم قال رحمه الله :معنى هذه الية ،المر بلزوم البيت ،وإن كان
الخطاب لنساء النبي ،فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ،هذا لو
لم يرد دليل يخص جميع النساء ،كيف والشريعة طافحة بلزوم
النساء بيوتهن ،والنكفاف عن الخروج منها إل لضرورة .فأمر الله
تعالى نساء النبي بملزمة بيوتهن ،وخاطبهن بذلك تشري ً
فا
لهن ،ونهاهن عن التبرج.
ضا :ذكر الثعلبي وغيره عن عائشة رضي الله ثم قال رحمه الله أي ً
عنها ،كانت إذا قرأت هذه الية تبكي حتى تبل خمارها.
وذكر أن سودة قيل لها :لم ل تحجين وتعتمرين كما يفعل
أخواتك؟ فقالت :قد حججت واعتمرت ،وأمرني الله أن أقر في
بيتي .قال الراوي :فوالله ما خرجت من باب حجرتها ،حتى أخرجت
جنازتها ،رضوان الله عليها.
ن ،أن ل في ب ُُيوت ِك ُ ّ ن ِ و َ
قْر َ ثم قال رحمه الله :ليس المراد بحكم َ
ُ
دا ،بل المر أن قد أذن لهن أن تتخطى النساء عتبة بيتهن أب ً
يخرجن لحوائجهن.
ولكن هذا الذن ليس بمطلق غير محدود ،ول هو غير مقيد
بشروط ،فليس جائًزا للنساء أن يطفن خارج بيوتهن كما شئن،
ويخالطن الرجال بحرية في المجالس والنوادي ،وإنما مراد الشرع
بالحوائج :هو الحاجات الحقيقية التي لبد معها للنساء من أن
يخرجن من البيوت ويعملن خارجها.
ومن الظاهر أنه ل يمكن استيعاب جميع الصور الممكنة لخروج
النساء وعدم خروجهن ،في جميع الزمان ،ول من الممكن وضع
الضوابط والحدود لكل مناسبة من تلك المناسبات ،غير أن المرء
يستطيع أن يتفطن لروح القانون السلمي ورجحانه ،إذا نظر
فيما قرره النبي ،من الضوابط لخروج المرأة من البيت في
)( يقول الشيخ المودودي رحمه ال :فمعنى الية إًذا :عشن في بيــوتكن بالســكينة والوقــار .الحجــاب ص 35
.307
ت « 349خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
عامة أحوال الحياة ،وما تناول به حدود الحجاب من الزيادة
والنقص بين آونة وأخرى ،وأن يستخرج بنفسه حدود الحجاب
للحوال الفردية والشئون الجزئية ،وقواعد الزيادة فيها والنقص
عا للحالت والملبسات).(36 منها تب ً
ومن ذلك ،الذن في حضور المساجد وحدوده ،وخروج النساء في
الحج والجمعة والعيدين ،وكذلك في زيارة القبور واتباع الجنائز،
وكذلك شهودهن الحرب ،ففي كل ذلك ضوابط وحدود ،وفي أخرى
موانع.
ومما يستدل به على جواز خروج النساء لحاجتهن ،ما رواه مسلم
ضرب الحجاب ـ لحاجتها، عن عائشة قالت :خرجت سودة بعدما ُ
فها ـ فرآها عمر بن تخفى على من يعر ُ وكانت امرأة جسيمة ل َ
الخطاب ،فقال :يا سودة ،أما والله ما تخفين علينا ،فانظري كيف
تخرجين .قالت :فانكفأت راجعة ،ورسول الله في بيتي ،وإنه
دخلت ،فقالت :يا رسول الله ،إني قَ ،
ف َ عْر ٌ
ليتعشى وفي يده َ
خرجت لبعض حاجتي ،فقال لي عمر كذا وكذا ،قالت :فأوحى الله
ضعه فقال" :إنه قد ُأذن عْرقَ في يده ما و َ ن ال َ
إليه ثم ُرفع عنه وإ ّ
)(37
لكن أن تخرجن لحاجتكن" .
والمرأة المسلمة المستقيمة على شرع الله إذا خرجت لحاجة
التزمت بالضوابط التية:
قا من قوله ) (1خرجت لحاجة ،ل للهو ول لضاعة الوقات ،انطل ً
" :أذن لكن في الخروج لحاجتكن").(38
) (2وتستأذن زوجها أو وليها قبل الخروج ،أما المرأة التي تدخل
بيتها وتخرج في أي وقت دون مبالة بأمر الزوج ،فهي امرأة
شقية تجلب لنفسها المشاكل والخراب.
) (3وتستتر بحجابها الشرعي الكامل ،فل تكون من الكاسيات
العاريات ،اللئي يرتدين من الملبس الشفاف أو الضيق أو
المزركش ،ول تتعطر عند خروجها ،أو تلبس ملبس الرجال،
فالمرأة الصالحة المتدينة في منأى عن هذه الصورة السيئة.
) (4تغض من نظرها في سيرها فل تنظر هنا أو هناك لغير حاجة،
فضل ً عن النظر للرجل الجنبي لغير حاجة ،وإذا احتاجت إلى
محادثته ،تتحدث إليه بما تحتاجه فقط ،ول تلين بصوتها ول تخضع
به لئل يطمع فيها من في قلبه مرض.
) (5تمشي متواضعة في أدب وحياء وسكينة ،ول تتخذ خلخل ول
حذاء يضرب على الرض بقوة ،فُيسمع قرع حذائها فربما وقعت
ت « 350خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
ما
م َعل َ َ
ن ل ِي ُ ْ
ه ّ
جل ِ ِ
ن ب ِأْر ُ
رب ْ َ
ض ِ
ول ي َ ْ الفتنة ،وقد قال الله تعالىَ :
ن ] النور.[31 : ه ّزين َت ِ ِن ِ
م ْن ِ
في َ
خ ِ
يُ ْ
) (6ول تسافر سفر يوم وليلة إل مع ذي محرم لها امتثال ً لقول
النبي في الحاديث التية :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر ل لمرأ ٍالنبي rقال ) :ل يح ُ
مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (
)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال ) :ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (
فا على ألف قرية ،فما رأيت ]*[ قال ابن العربي :لقد دخلت ني ً
ل ،ول أعف نساء من نساء نابلس ،التي ُرمي نساء أصون عيا ً
الخليل بالنار فها ،فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق
نهاًرا إل يوم الجمعة ،فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد
منهن ،فإذا قضيت الصلة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على
واحدة منهن إل الجمعة الخرى).(39
]*[ ويقول الشيخ أبو العلى المودودي رحمه الله :ويقول التابعي
والمفسر الشهير قتادة بن دعامة :إن مقامة المرأة ومستقرها
في البيت ،وما وضعت عنهن واجبات خارج البيت إل ليلزمن
البيوت بالسكينة والوقار ،ويقمن بواجبات الحياة العائلية ،أما إن
كان بهن حاجة على الخروج ،فيجوز لهن أن يخرجن من البيت،
بشرط أن يراعين جانب العفة والحياء ،فل يكون في لباسهن بريق
أو زخرفة أو جاذبية ،تجذب إليهن النظار ،ول في نفوسهن من
حرص على إظهار زينتهن ،فيكشفن تارة عن وجوههن ،وأخرى
عن أيديهن ،ول في مشيتهن شيء يستهوي القلوب ،ول يلبسن
كذلك من الحلي ما يحلو وسواسه في المسامع ،ول يرفعن
أصواتهن بقصد أن يسمعها الناس .نعم ،يجوز لهن التكلم في
حاجتهن ،ولكنه يجب أن ل يكون في كلمهن لين وخضوع ،ول في
لهجتهن عذوبة وتشويق.
كل هذه الضوابط والحدود إن راعتها النساء ،جاز لهن أن يخرجن
)(40
لحوائجهن
]*[]*[]*[]*[
) (10ومن حق الرجل على المرأة أن ل تأذن في بيته إل بإذنه :
)( الجامع لحكام القرآن للقرطبي ) ،(8/5450ط .دار الغد العربي. 39
ت « 351خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن ش ّ ج َ ص ال ُ و ِ ح َ )حديث أبي ال ْ
َ
نه ّ ما ُ خْيرًا ،فإ ِن ّ َ ء َ سا ِصوا بالن ّ َ و ُ ست َ ْ وا ْ ماجة ( أن النبي rقال :أل َ َ
َ شْيئا ً َ
ن
ن َيأِتي َ ك إ ِل ّ أ ْ غي َْر ذَل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ِ ن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ،ل َي ْ َ عن ْدَك ُ ْ ن ِ وا ٌ ع َ َ
ن
ه ّ رُبو ُ ض ِوا ْ ع َ ِ ج
ضا ِ م َ ن في ال َ ه ّ جُرو ُ ه ُ فا ْ ن َ عل ْ َ ف َن َ فإ ِ ْةَ ، مب َي ّن َ ٍ ة ُ ش ٍ ح َ فا ِ بِ َ
عل َيهن سبي ً َ َ
ن ل َك ُ ْ
م وإ ِ ّ ل .أل َ َ غوا َ ْ ِ ّ َ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عن َك ُ ْ ن أطَ ْ فإ ِ ْ حَ ، ٍ مب َّر غي َْر ُ ضْرب َا ً َ َ
م ُ َ ُ ح ّ َ ح ّ ُ َ ُ ح ّ ُ َ
سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ قك ْ ما َ قا ،فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ سائ ِك ْ ول ِن ِ َ قاَ ، م َ سائ ِك ْ على ن ِ َ َ
ْ
نم ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ول ي َأذَ ّ نَ ، هو َ م من ت َك َْر ُ شك ُ ْ فُر َ ن ُ وطِئ ْ َ فل َ ي ُ ْ َ
عل َيك ُ َ َ
نه ّ وت ِ ِس َ ن في ك ِ ْ سُنوا إ ِل َْيه ّ ح ِ ن تُ ْ مأ ْ ن َ ْ ْ ه ّ ق ُ ح ّ ن َ وإ ِ ّ ن .أل َ َ هو َ ت َك َْر ُ
ن« . ه ّ م ِ عا ِ وط َ َ َ
)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي r
قال ) :ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه ،ول تأذن
في بيته إل بأذنه ،وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي
إليه شطره(.
]*[ قال النووي رحمه الله :
ن لحد تكرهونه في دخول بيوتكم "والمختار أن معناه :أن ل يأذ ّ
والجلوس في منازلكم ،سواء كان المأذون له رجل أجنبيا أو امرأة
أو أحدا من محارم الزوجة ،فالنهي يتناول جميع ذلك .وهذا حكم
المسألة عند الفقهاء أنها ل يحل لها أن تأذن لرجل أو امرأة ول
محرم ول غيره في دخول منزل الزوج إل من علمت أو ظنت أن
الزوج ل يكرهه؛ لن الصل تحريم دخول منزل النسان حتى يوجد
الذن في ذلك منه ،أو ممن أذن له في الذن في ذلك ،أو عرف
رضاه باطراد العرف بذلك ونحوه ،ومتى حصل الشك في الرضا
ولم يترجح شيء ول وجدت قرينة ل يحل الدخول ول الذن والله
أعلم".
]*[]*[]*[]*[
ت « 352خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ة بما يدل على ذلك ومنها ما يلي : والسنة الصحيحة طافح ٌ
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة (
ة ل تشكر لزوجها وهي ل أن النبي rقال :ل ينظر الله إلى امرأ ٍ
تستغني عنه.
ويدلنا هذا الحديث الشريف على وجوب شكر المرأة لزوجها
المحسن إليها ،خصوصا ً إذا كان قيامه بأمورها تصل إلى درجة عدم
الستغناء عنه.
ول يقصد بالشكر هنا مجرد الشكر باللسان ،ثم تؤذيه بمساوئ
الفعال والخلق والخصال.
بل الشكر يقصد به هنا:
الشكر باللسان ،وإظهار السرور والراحة بالحياة في كنفه،
والقيام على أموره وأمور ولده ،وخدمته ،وعدم التخلي عنه في
خل َِله
حِنه ،وعدم تتبع عثراته ،وترك الساءة إليه في مواطن َ م َ
ِ
صوره ،بل تجعل من نفسها متمما ً ومكمل ً له ،فتأمره َ
وَزلِلـه و ُ
ق ُ
بالمعروف عند وقوعه في المنكر ،وتصلح له إذا فسد عليها في
غضب أو ذلة ،وتجيبه إذا طلبها ،وتستمع إليه إذا ما فضفض
إليها ،وتحفظه إذا أسر إليه ا ،وتشكره إذا ما صنع لها معروفًا.
)حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي r
قال :من ل يشكر الناس ل يشكر الله .
معنى ]من ل يشكر الناس ل يشكر الله [ :فيها وجهان :
الول :من كان طبعه وعادته عدم شكر الناس على معروفهم
فإنه ل يوفق لشكر الله تعالى
والثاني :أن الله تعالى ل يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا
كان العبد ل يشكر الناس على إحسانهم إليه .
ول شك أن شكر الزوج أوجب وألزم.
وأما كفران العشير ،فقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه
وسلم ،وحذر النساء منه ،وبين لهن عاقبة أمره.
)حديث أبي سعيد الثابت في الصحيحين ( قال :خرج رسول
الله rفي أضحى أو فطر فمّر على النساء فقال :يا معشر
النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار ،فقلن وبم يا رسول
لت من ناقصات عق ٍ الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأي ُ
ب الرجل الحازم من إحداكن قلن :وما نقصان ديننا ودين أذهب لل ّ
وعقلنا يا رسول الله ؟ قال أليس شهادةُ المرأة مثل نصف
شهادة الرجل ؟ قلن بلى .قال فذلك نقصان من عقلها .أليس
ل ولم تصم ؟ قلن بلى .قال فذلك من نقصان إذا حاضت لم تص ّ
دينها .
ت « 353خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وهذان الحديث صريح في النهي عن كفر المرأة لخير زوجها ،أو
جحودها لحسن صنيعه لها ،فكفران النعمة من أسباب دخول
المرأة النار ،يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم)) :فإني أريتكن
أكثر أهل النار((.
]*[ قال الحافظ رحمه الله " :فيه تحريم كفران الحقوق ،ووجوب
شكر المنعم".
والواجب على كل امرأة أن تنزل زوجها من نفسها منزلة
كريمة ،وتتخذ له في قلبها مكانا ً عزيزا ً بما يبذله لها من حسن
المعاملة ،وطيب النفقة ،والتعب على قضاء حوائجها ،والعناية
بها في حال مرضها ،والدعاء لها في حياتها ،والصلة عليها عند
موتها.
ولكن وللسف الشديد ،فكثير من النساء ل يراعين لله في
أزواجهن حرمة ،ول يحفظن لهم حقا ً ،فإذا رأت منه ما يسوؤها
تذمرت ،وضاقت به وبحياته ذرعا ً ،وقالت له :ما رأيت منك خيرا ً
قط ،والله شهيد على كذبها ،وقادر على أخذها بهذا الذنب ،ولكنه
سبحانه وتعالى يمهلها لعلها تتوب ،أو يحدث بعد ذلك إصلحا.
فالواجب على كل زوجة تخشى ربها أن تعمل على إرضاء زوجها ،
وإذا رأت منه شرا ً أن تذكر خيره.
تنبيه إذا فقهت المرأة معنى هذه الحاديث وقامت بها ،فإنها
إذن لن تنظر إلى حقوق زوجها عليها على أنها حقوق مجردة أو
منفصلة عن حقوق الله ،إذا أعطاها حقوقها أعطته ،وإن لم
يعطها لم تعطه ،ل بل تقوم بحقوق زوجها عليها من باب أنها
سنها وتجتهد في القيام قربى تتقرب بها إلى الله عز وجل ،فُتح ّ ُ
بها على أكمل وجه ،حتى وإن قصر الزوج نفسه في بعض
حقوقها؛ لنها ترجو الفضل والثواب من الله وحده .
) (12ومن حق الرجل على المرأة أن ل تنفق شيئا ً من بيتها إل
بإذنه:
)لحديث أبا أمامة الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن
النبي rقال :إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فل
وصية لوارث ول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها فقيل
يا رسول الله ول الطعام قال ذاك أفضل أموالنا ثم قال العارية
مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم
* الشاهد قوله rول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها
) (13ومن حق الرجل على المرأة أن تحد عليه إذا مات أربعة أشهر
وعشرا:
ت « 354خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أم حبيبة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال :
) ل يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم والخر أن تحد على ميت فوق
ثلث ،إل على زوج أربعة أشهر وعشرا(( .
وقد وصف الله سبحانه العلقة التي بين الرجل وزوجته بالسكن،
لما يكون فيها من المودة والرحمة ،قال تعالى} :ومن آياته أن
خلق لكم من أنفسكم أزواجا ً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة
ورحمة{ ]الروم[21:
فحري بالزوجة أن تحزن على فراق زوجها الذي كانت تسكن إليه،
والذي كان يقوم على أمرها وشؤونها.
تنبيه من أفضل ما يعين المرأة على شكرها لزوجها العتراف
بفضله وأن
م عليهــا ،أي :هــو رئيســها وكبيرهــا تعلم علم اليقين أنه هو القي ّـ ٌ
والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ،وأن يكون ذلك منها عن تمــام
الرضى والتسليم وأن تجعل الية التية نصب أعينها :
م
ه ْضـ ُع َ ل الل ّ ـ ُ
ه بَ ْ ضـ َ
ف ّمــا َء بِ َسآ ِ عَلى الن ّ َ ن َ مو َ وا ُق ّل َ جا ُ قال تعالى) :الّر َ
َ مآ أ َن ْ َ
م( ]سورة :النساء [34 / ه ْوال ِ ِ م َ
نأ ْ م ْقوا ْ ِ ف ُ وب ِ َض َع ٍ ى بَ ْعل َ ََ
قال ابن كثير رحمه الله تعالى :
يقول تعالى } الرجال قوامــون علــى النســاء { أي :الرجــل قي ّــم
على المرأة ،أي :هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليهــا ومؤدبهــا إذا
اعوجت .
) بما فضل الله بعضهم علــى بعــض ( :أي لن الرجــال أفضــل مــن
هم لن الرجــل أرجــح عقل ً وأكمــل دين ـا ً مــن قت ِ ِخل ْ َالنساء في أصل ِ
ة( ]البقرة ، [228 / ج ٌ
ن دََر َ ه ّ َ
علي ْ ِ ل َ جا ِوِللّر َ المرأة ،ولذا قال تعالىَ ) :
والرجل خير مــن المــرأة ،ولهــذا كــانت النبــوة مختصــة بالرجــال ،
ملك العظــم وكــذا منصــب القضــاء ،وغيــر ذلــك ،لقــوله وكذلك ال ُ
صلى الله عليه وسلم في الحديث التي
) حديث أبي بكرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن
النبي rقال " :لن يفلح قوم وّلوا أمرهم امرأة "
) وبما أنفقوا مــن أمــوالهم ( :أي مــن المهــور والنفقــات والكلــف
التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صــلى اللــه عليــه
وسلم ،فالرجل أفضل من المرأة فــي نفســه ولــه الفضــل عليهــا
والفضــال فناســب أن يكــون قّيمــا ً عليهــا كمــا قــال اللــه تعــالى
ة( ]البقرة [228 / ج ٌ ن دََر َ ه ّ ل َ َ
علي ْ ِ جا ِ وِللّر َ) َ
وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس } :الرجال قوامــون علــى
النساء { يعنى أمراء عليهن أي :تطيعــه فيمــا أمرهــا اللــه بــه مــن
طاعته ،وطاعته أن تكون محسنة لهله حافظة لماله. .
ت « 355خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تنبيه : ومما يخطئ الناس فــي فهمــه قــولهم :الســلم ديــن
المساواة ،والصحيح أن يقولوا :السلم دين العدل .
]*[ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
وهنــا يجــب أن نعــرف أن مــن النــاس مــن يســتعمل بــدل العــدل
المساواة وهذا خطأ ،ل يقــال :مســاواة ؛ لن المســاواة تقتضــي
عدم التفريق بينهما ،ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التســوية
صاروا يقولون :أي فرق بين الــذكر والنــثى ؟ ســووا بيــن الــذكور
والناث ،حتى إن الشيوعية قالت :أي فرق بين الحاكم والمحكوم
؟ ل يمكن أن يكون لحد سلطة على أحد حــتى بيــن الوالــد والولــد
م جّرا ً . ليس للوالد سلطة على الولد ،وهل ّ
د مــا يســتحقه :زال هــذا لكن إذا قلنا بالعدل وهــو إعطــاء كــل أح ـ ٍ
المحذور ،وصارت العبارة سليمة ،ولهذا لم يأت في القران أبــدا ً :
ْ
مُر ه ي َـأ ُ ن الل ّـ َ " إن الله يأمر بالتســوية " لكــن جــاء :قــال تعــالى) :إ ِ ّ
ل( ]سورة :النحل ،[90 / عد ْ ِ ِبال ْ َ
َ
ل( ]ســورة: عــدْ ِ موا ْ ِبال ْ َ حك ُ ُ س أن ت َ ْ ن الّنا ِ م ب َي ْ َ مت ُ ْحك َ ْ ذا َ وإ ِ َ وقال تعالىَ ) :
من قال :إن دين الســلم ديــن النساء ،[58 /ـ وكذب على السلم َ
المساواة ،بل دين السلم دين العدل وهو الجمع بين المتســاوين
والتفريق بين المفترقين .
من يعــرف ديــن الســلم ،بــل أما أنه دين مساواة فهذه ل يقولها َ
الذي يدلك على بطلن هذه القاعدة أن أكثر مــا جــاء فــي القــرآن
هو نفي المساواة :
مــا ن إ ِن ّ َ مو َ َ
عل ُ ن ل َ يَ ْ ذي َ وال ِّ ن َ مو َ َ
عل ُ ن يَ ْ ذي َ ّ
وي ال ِ ست َ ِ ل يَ ْ ه ْ ل َ ق ْ قال تعالىُ ) :
ُ
ب( ]سورة :الزمر ،[9 / وُلو الل َْبا ِ ي َت َذَك ُّر أ ْ
َ
وي سـت َ ِ ل تَ ْ هـ ْ م َ صــيُر أ ْ وال ْب َ ِ ى َ مـ َ ع َ وي ال ْ سـت َ ِ ل يَ ْ هـ ْ ل َ قـ ْ وقال تعالىُ ) :
والّنوُر( ]سورة :الرعد [16 / ت َ ما ُ الظّل ُ َ
ل قات َـ َ و َ ح َ فت ْـ ِ ل ال ْ َ قب ْـ ِمــن َ ق ِ فـ َ ن َأن َ مـ ْ منك ُــم ّ وي ِ ِ سـت َ قال تعالى ) :ل َ ي َ ْ
عدَ الل ّ ُ
ه و َ وك ُل ّ َ قات َُلوا ْ َ و َ عد ُ َ من ب َ ْ قوا ْ ِ ن َأن َ
ف ُ ذي َ ن ال ّ ِ م َ ة ّ ج ً م دََر َ عظ َ ُ ك أَ ْ وَلـئ ِ َ أ ْ
ُ
خِبيٌر( ]سورة :الحديد [10/ ن َ مُلو َ ع َ ما ت َ ْ ه بِ َ والل ّ ُ ى َ َ سن َ ح ْ ال ْ ُ
ُ
رضـَر ِ ول ِــي ال ّ غي ْـُر أ ْ ن َ مِني َ ؤ ِ مـ ْ ن ال ْ ُ م َ ن ِ دو َ ع ُقا ِ وي ال ْ َ ِ ست َ قال تعالى) :ل ّ ي َ ْ
ه( ل الّلــ ُ ضــ َ ف ّ م َ ه ْ ســ ِف ِ وأ َن ْ ُ
م َ ه ْ وال ِ ِ م َ
َ
ه ِبــأ ْ ل الّلــ ِ ســِبي ِ فــي َ ن ِ دو َ هــ ُ جا ِ م َوال ْ ُ َ
]سورة :النساء ،[95 /
ولم يأت حرف واحد في القرآن يــأمر بالمســاواة أبــدا ً إنمــا يــأمر
بالعدل ،وكلمة العــدل أيضــا تجــدونها مقبولــة لــدى النفــوس فأنــا
أشعر أن لي فضل ً على هذا الرجل بالعلم ،أو بالمال ،أو بــالورع ،
أو ببذل المعروف ،ثم ل أرضى بأن يكون مساويا ً لي أبدا ً .
كل إنسان يعرف أن فيه غضاضة إذا قلنا بمساواة ذكر بأنثى .
" شرح العقيدة الواسطية " ) . ( 181-180 / 1
ت « 356خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[]*[]*[]*[
) (14وجوب خدمة المرأة لزوجها :
فيجب على المرأة خدمة زوجها في حدود استطاعتها ،ومما ل
شك فيها أن من أول ما يدخل في ذلك الخدمة في منزله ،وما
يتعلق به من تربية أولده ونحو ذلك .
) حديث حصين بن محصن الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي r
قال :
انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك .
)انظري أين أنت منه ؟ ( أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من
دة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه مو ّ
كافرة لعشرته وإنعامه ) فإنما هو ( أي الزوج ) جنتك ونارك
( أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار
بسخطه عليك فأحسني عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس
بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال :أذات زوج
أنت؟ قالت :نعم قال :كيف أنت منه؟ قالت :ل آلوه إل ما
عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز
كبيرة .
]*[ قال اللباني رحمه الله تعالى :
"والحديث ظاهر الدللة على وجوب طاعة الزوجة لزوجها،
وخدمتها إياه في حدود استطاعها ،ومما ل شك فيه أن من أول ما
يدخل في ذلك الخدمة في منزله وما يتعلق به من تربية أولده،
ونحو ذلك" .
) حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه الثابت في صحيح
البخاري ( أن النبي rقال ):أتت النبي صلى الله عليه وسلم
تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى ،وبلغها أنه جاءه رقيق،
فلم تصادفه ،فذكرت لعائشة ،فلما جاء ،أخبرته عائشة ،قال علي
رضي الله عنه :فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا ،فذهبنا نقوم ،فقال:
على مكانكما ،فجاء ،فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على
بطني ،فقال :أل أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما
مضاجعكما ،أو أويتما إلى فراشكما ،فسبحا ثلثا ً وثلثين ،واحمدا
ثلثا وثلثين ،وكبرا أربعا ً وثلثين ،فهو خير لكما من خادم.
فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لعلي :ل خدمة
عليها ،وإنما هي عليك ،وهو صلى الله عليه وسلم ل يحابي في
الحكم أحدا ً كما قال ابن القيم رضي الله عنه ،ومن شاء زيادة
البحث في هذه المسألة فليرجع إلى كتابه القيم ))زاد المعاد (( )
.( 46 -4/45
ت « 357خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فَيا وأ َل ْ َ
ولن الزوج سيدها في كتاب الله كما قال تعالى َ ) :
ب( دى ال َْبا ِ ها ل َ َ سي ّدَ َ َ
] سورة يوسف ،[ 25/
عان َِية عنده بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلمكما في وهي َ
الحديث التي :
ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة و ِ ح َ ن ال ْ وب ِ مر ِ ع ْ )حديث َ
ن
عوا ٌ ن َ ه ّ ما ُ خيرًا ،فإن ّ َ ء َ سا ِ صوا بالن ّ َ و ُ ( أن النبي rقال »:أل َ وا ْ
ست َ ْ
ْ َ شْيئا ً َ
ة
ش ٍ ح َ فا ِ ن بِ َ ن ي َأِتي َ ك ،إل ّ أ ّ غي َْر ذل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ُن ِ كو َ مل ِ ُ س تَ ْ م ل َي ْ َ دك ْ عن ْ َ ِ
غي َْرضْربا ً َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ِ ج ضا ِن في الم َ ه ّ جُرو ُ فاه ُ ن َ عل ْ َف َن َ فإ ِ ْ ة َ مب َي ّن َ ٍ ُ
َ
كمسائ ِ ُ عَلى ن ِ َ م َ ن ل َك ُ ْ ل .أل َ إ ّ سِبي ً ن َ ه ّ غوا َ
علي ْ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عنك ُ ُ ن أط َ ْ فإ ْ حَ . مب َّر ٍ ُ
ُ َ ّ َ ً ُ َ ً
ن
طئ َ فل َ ُيو ِ م َ سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ حقك ْ ما َ فأ ّ حقاَ . م َ علي ْك ْ م َ ساِئك ْ قا .وِلن َ ح ّ َ
ن ت َك َْر ُ ْ
ن
ه ّحق ُ ن .أل َ و َ هو َ م ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ن ول َ ي َأذَ ّ هو َ ن ت َك َْر ُ م ْ م َ فُرشك ُ ْ ُ
هن«. م ِ عا ِ ن وط َ َ ه ّوت ِ ِس َ في ك ِ ْ ن ِ ه ّ َ
سُنوا إ ِلي ْ ِ ن ُتح ِ مأ ْ عل َي ْك ُ ْ َ
،وعلى العاني والعبد الخدمة ،ولن ذلك هو المعروف .
]*[ قال ابن حبيب رحمه الله :
ي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين فاطمة "حكم النبي بين عل ّ
رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة ،فحكم على فاطمة
ي بالخدمة الظاهرة... بالخدمة الباطنة خدمة البيت ،وحكم على عل ّ
والخدمة الباطنة العجين والفرش وكنس البيت واستقاء الماء
وعمل البيت كله".
]*[ قال ابن تيمية رحمه الله :
"فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله ،ويتنوع ذلك
بتنوع الحوال ،فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية ،وخدمة
القوية ليست كخدمة الضعيفة".
تنبيه : هذا وليس فيما سبق من وجوب خدمة المرأة لزوجها
ما ينافي استحباب مشاركة الرجل لها في ذلك ،إذا وجد الفراغ
والوقت ،بل هذا من حسن المعاشرة بين الزوجين ،للحديث
التي :
) حديث السود بن يزيد الثابت في صحيح البخاري ( قال :سألت
عائشة رضي الله عنها :ما كان النبي rصنع في البيت؟ قالت:
كان يكون في مهنة أهله ،فإذا سمع الذان خرج.
ق واجب له عليها ،وهذه المسألة تنبيه خدمة الزوجة لزوجها ح ّ
ن
وإن وقع فيها خلف بين أهل العلم ،إل أن القول الصحيح ،أ ّ
خدمة الزوجة لزوجها واجبة من مثلها لمثله ،كما مّر في قصة
كر ،فهي تختلف من بيت لخر ،ومن زوج حصين النفة الذّ ْعمة ُ
ت « 358خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
لزوج ،ومع ذلك نجد من النساء من ترهق زوجها ،فتطالبه بخادمة
من يخدمها، مع قدرتها على القيام بشئون البيت ،واستغنائها ع ّ
وما يدعوها لذلك إل حب المباهاة والمفاخرة والتقليد العمى.
وهذا أحد المنغصات للحياة الزوجية السعيدة ،لما فيه من كلفة
على الزوج ،وإدخال عنصر غرب ل حاجة له في البيت ،وبقاء
الزوجة في البيت بل عمل يشغل بالها وُيوّلد في نفسها أعمال ً
س به.أخرى هي ثقل على كاهل الزوج لتمل الفراغ الذي ُتح ّ
ولعل الدهشة تصيبك حينما تسمع رجل ً يتحدث في مقابلة أجريت
معه في الذاعة ،يحكي فيها أن مرتبه سبعة آلف ريال ،ويسكن
في شقة مستأجرة ،ولديه خادمتان ،ويعلل هذا التصرف بأن
زوجته هي التي أرادت ذلك!!
وما يقال للزوجة ،يقال للزوج ،إذ عليه أل يكّلفها فوق طاقتها بل
يجب أن يراعي قدرتها وطاقتها على العمل.
]*[]*[]*[]*[
ة لزوجها كأنه ينظر إليها : ) (15ل تصف امرأ ٍ
نهى النبي rالمرأة أن تصف المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها ،
فربما وقعت في قلبه ،ومن هنا نعلم أن المرأة يجب عليها أن
تعمل على صيانة دين زوجها كما هو مأمور بصيانة دينها .
)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي rقال ) :ل
تباشُر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها كأنه ينظُر إليها (
تنبيه وعلى المرأة كذلك أل تصف رجل أمام زوجها ،ول
تمدحه ول تثني
عليه؛ فذلك مما يسبب غيرته ،وضيق صدره ، ،بل تمتدح زوجها
وتثني عليه بما فيه من خير ،وتعترف بفضله وتشعره دائما ً أنه
ج يمل عينها وقلبها وفكرها ،وأن تقرر معنى قول النبي ) إن ِللّز ْ
و ِ
َ
د( وسوف أسوق لك هذه القصة عساها أن لعلها و لَ َ
ح ٍ ه َما ُ م َ
كاًنا َ ة َ ن ال ْ َ
مْرأ ِ م ْ
ِ
ك بها
قعا عسى الله أن ينفع ِ ك مسمعا ً وفي قلبك مو ِ ك في سمع ِتجد ل ِ
دل الله به عليها
س ِ
قك إلى تطبيقها لن حسن تبعل المرأة لزوجها ي ُ ْ ف ِ
ويو ِ
البركة والرحمة والخير.
]*[]*[]*[]*[
ت « 359خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وفي إكرامهم إكرام لزوجها ،ووفاء له ،وإحسان إليه؛ لنه مما
يفرحه ،ويؤنسه ،ويقوي رابطة الزوجية ،وآصرة الرحمة والمودة
ودّ أبيه بنص السنة الصحيحة . بينهما( فإن أبر البر أن يصل الرجل ُ
)حديث ابن عمر في صحيح مسلم ( أن النبي rقال :إن أبر البر
ودّ أبيه .
أن يصل الرجل ُ
) إن أبر البر ( المراد إن أفضل البر فأفعل التفضيل للزيادة
المطلقة
كما أنه من حسن خلق المرأة المسلمةإكرامها لهما لسيما وهما ]*[
في سن والديهما
حديث أنس في صحيح الترمذي( أن النبي rقال :ليس منا من لم
يرحم صغيرنا و يوقر كبيرنا .
]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير :
) ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ( الواو بمعنى أو
فالتحذير من كل منهما وحده فيتعين أن يعامل كل ً منهما بما يليق
به فيعطى الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه
ويعطى الكبير حقه من الشرف والتوقير
]*[ يقول الدكتور محمد الصباغ حفظه الله) :إن على الزوجة
الفاضلة أن ل تنسى منذ البداية ،أن هذه المرأة التي قد تشعر أنها
منافسة لها في زوجها ،هي أم هذا الزوج ،وأنه ل يستطيع مهما
تبّلد فيه إحساس البر ،أن يقبل إهانة توجه إليها؛ فإنها أمه التي
حملته في بطنها تسعة أشهر ،وأمدته بالغذاء من لبنها ،ووقفت
على الهتمام به حياتها حتى أصبح رجل ً سوًيا.
واعلمي أيتها الزوجة أن زوجك يحب أهله أكثر من أهلك ،كما أنك
ضا تحبين أهلك أكثر من أهله ،فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله أي ً
أو انتقاصهم أو أذيته فيهم ،فإن ذلك يدعوه إلى النفرة منك.
إن تفريط الزوجة في احترام أهل زوجها تفريط في احترامه،
وإن لم يقابل الزوج ذلك بادئ المر بشيء ،فلن يسلم حبه إياها
من الخدش والنقص والتكدير.
إن الرجل الذي يحب أهله ،ويبر والديه ،إنسان صالح فاضل ،جدير
بأن تحترمه زوجته ،وترجو فيه الخير(.
والزوجة التي تعتقد أنها بإيقاعها بين زوجها وبين أهله ،ليتفرغ
لها وحدها ،ويكون لولده وحدهم ،امرأة ساذجة ،تدفن رأسها في
الرمال ،غير صالحة ول تقية ،فيكفيها بهذا العمل معصية الله
تعالى ،وعونها زوجها على عقوق أهله ل على برهم ،فبئست هذه
الزوجة.
)إن عقوق الرجل والديه دمار عليه وعلى زوجته وأولده؛ لن
العقوق من المعاصي التي ُتعجل عقوبتها في الدنيا:
ت « 360خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي rقال :بابان معجلن
عقوبتهما في الدنيا :البغي و العقوق .
]*[ إن الزوجة الصالحة التي تخاف الله تعالى ،الزوجة الطيبة
دله
الخّيرة ،هي التي تكون عوًنا لزوجها على كل خير ،فتنصحه وت ّ
على كل خير ،وتوصيه بالتزام حكم الله في كل شيء ،وتحرضه
على بره لوالديه وإكرامهما والحسان إليهما.
وهي بهذا الخلق العالي والسلوك القويم ستجد ثماره في الدنيا
والخرة إن شاء الله تعالى ،ببر أولدها لها لسيما عندما تهرم
وتكبر ،وفي الخرة بالجر العظيم عند الواحد القهار.
]*[ حكى المام أبو الفرج ابن الجوزي عن عابدة كانت تصلي
بالليل ل تستريح ،وكانت تقول لزوجها :قم ويحك إلى متى تنام؟
طال ،إلى متى أنت في غفلتك؟ أقسمت قم يا غافل ،قم يا ب ّ
عليك أل تكسب معيشتك إل من حلل ،أقسمت عليك أن ل تدخل
النار من أجلي ،ب ِّر أمك ،صل رحمك ،ل تقطعهم ،فيقطع الله بك(
).(41
تنبيه إنه ينبغي على أم الزوجة دائما ً أن تذكر ابنتها بحقوق
زوجها عليها لن ذلك أجدر أن يؤدم بين الزوجين ولن التذكرة
وم المائل ،وهذا هو ما كان عليه تذكر العاقل وتنبه الغافل وتق ّ
نساء السلف رحمهن الله تعالى ،وإليك وصية جامعة لحدى نساء
ة ت ُذَك ُّر العاقلة وت ُن َّبه
السلف أوصت بها ابنتها ليلة زفافها ،وصي ٌ
د
ة سليم ،فيها فوائ ٌ ع قويم وتوجي ٌ وم المائلة ،فيها نف ٌ الغافلة وتق ّ
ق لها أن تنقش على الصدور وأن ح ّ ة ُع عميمة ،وصي ٌ عظيمة ومناف ٌ
تكتب بماء الذهب فاغتنمها وانشرها بين الناس فإن الدال على
الخير كفاعله .
ت « 361خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت « 362خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
هناك حقوق مشتركة تجب لكل واحد من الزوجين تجاه صاحبه،
ة وتفصيل ً : وليست خاصة بأحدهما ،نلخصها فيما يلي جمل ً
ة: ]*[ الحقوق المشتركة بين الزوجين جمل ً
) (1إعانة بعضهما على الطاعة :
) (2عدم إفشاء السر:
) (3المناصحة بينهما:
) (4الشورى :
) (5صدق المودة بين الزوجين:
) (6الواقعية في الحياة الزوجية
) (7معرفة كل من الزوجين نفسية صاحبه :
) (8الولد :
ل من الزوجين وأقاربهما : يك ّ ) (9ب ِّر والد ْ
) (10الوفاء بشروط العقد:
) (11حق الستمتاع:
( (12التوارث:
) (13الصبر على الزلت والهفوات من بعضهما .
]*[ الحقوق المشتركة بين الزوجين تفصيل ً :
) (1إعانة بعضهما على الطاعة :إذا كان التعاون على البر
والتقوى مطلوبا ً بين عموم المسلمين ،فمن باب أولى بين
خصوصهم ،وخاصة بين الزوجين ،وقد أشاد الله بنبيه إسماعيل
بفي ال ْك َِتا ِ واذْك ُْر ِ إذ كان يتعاهد أهله على الطاعات ،فقال) َ
َ ْ
هل َ ُ
ه مُر أ ْ
ن ي َأ ُ كا َ سول ً ن َب ِي ّا ً * َ
و َ ن َر ُ كا َو َد َ ع ِ و ْصاِدقَ ال ْ َ ن َ كا َه َ ل إ ِن ّ ُعي َما ِس َإِ ْ
ضّيا(]مريم[45/ مْر ِ ه َ عن ْدَ َرب ّ ِ ن ِ كا َو َة َ والّز َ
كا ِ ة َصل ِ ِبال ّ
هل َ َ َ ْ
ة
صل ِ ك ِبال ّ مْر أ ْ وأ ُ كما أمر الله نبيه محمد بذلك فقال} َ
وى{ ة ِللت ّ ْ
ق َ قب َ ُعا ِ وال ْ َ
ك َ ق َ ن ن َْرُز ُح ُرْزقا ً ن َ ْ ك ِ سأ َل ُ َها ل ن َ ْ عل َي ْ َصطَب ِْر َ وا َْ
]طـه[132/
ومن هنا حث رسول الله الزوجين على التعاون على الطاعة
كما في الحديث التي :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود
والنسائي ( أن النبي قال :رحم الله رجل ً قام من الليل
ت نضح في وجهها الماء ،و فصلى و أيقظ امرأته فصلت فإن أب ْ
جها فصلى رحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت و أيقظت زو َ
فإن أبى نضحت في وجهه الماء .
ت « 363خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود
ل أهله من الليل وابن ماجه ( أن النبي قال :إذا أيقظ الرج ُ
فصليا ركعتين جميعا ً كتبا من الذاكرين الله كثيرا ً والذاكرات .
ت « 364خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
للتناصح وبخاصة بين الزوجين دور كبير في الرتقاء بمستوى
السرة ،ورتق الفتوق الواقعة فيها ،وإنارة درب السلمة من
دي في الخطأ ،ب َي ْدَ أن كثيرا ً نما لزواج يرى من غير الطبيعي التر ّ
أن تؤدي المرأة دورها في نصيحة زوجها ،وأن من السائغ والمعتاد
ن بجملة منهم إلى أن قيامها أن تكون من جانبه دونها ،ويصل الظ ّ
بالنصيحة نوع من التطاول والعجرفة ،وخدش لكرامة الرجل،
وقوامة الزوج ،وهذا خطأ ظاهر ،وهدم لعش الزوجية وسعادة
السرة.
) (4الشورى :
ً
بمعنى أن يكون التشاور وتداول الرأي قائما بين الزوجين فيما
يتعلق بشئون البيت ،وتدبير أمر السرة ،ومصير الولد ،وليس
من الحكمة في شيء أن يستبد الرجل برأيه ول يلتفت إلى
مشورة امرأته ،ل لشيء ،إل لنها امرأة ،ومشورتها قدح لقوامته
عليها في نظره السقيم .فكم من امرأة أدلت برأي صار له أكبر
الثر في استقامة أمور وصلح الحوال ،وخير من يقتدى به في
ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ،يوم أن دخل على أم سلمة
غاضبا ً مما فعل أصحابه يوم الحديبية حيث أمرهم بالحلق والتحلل
فكأنهم تحرجوا وتباطؤوا ،فأشارت عليه أم سلمة أن يحلق هو
حتى يحلقوا ،فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمشورتها ،فما
كان إل أن بادروا إلى امتثال أمره عليه الصلة والسلم.
) (5صدق المودة بين الزوجين:
ل من الزوجين إلى مما ل تتم السعادة الزوجية إل به ،تحبب ك ّ
صاحبه وإظهار صدق المودة ،وتراشق الكلمات الحنونة ،فإن ذلك
أحسن ما تستقيم به أحوال الزوجين ،وأفضل ما تبنى عليه
حياتهما ،وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع
أزواجه – رضي الله عنهن – ولسنا بخير منه حتى نستنكف عما
حوَر الجنة ذكر من جميل أوصافهن كونهن فعله ،ولما امتدح الله ُ
عُربا ً أ َت َْرابًا( )الواقعة .(37:والعروب :هي المتحببة إلى أزواجها. ) ُ
والحياة الزوجية التي ُيفقد من قاموسها الكلمات الطيبة الجميلة،
جم السعادة فيها. ت أن ُ فل َ ْوالعبارات الدافئة حياة قد أ َ َ
ث تمي ُ
ل ت ما َ
ل حي ُ ح مال ْ الـريـ ُ
ن
و ٍإذاّ
متلئ ُ ودّ امر ٍ ول خيــــــَر في ُ
خْلق. خُلق غطى عيبا ً في ال َ ن في ال ُس ٍ
ح ْ
وكم من ُ
) (6الواقعية في الحياة الزوجية
فَرفة أجنحة السعادة على عش للواقعية نصيب وافر في َر ْ
الزوجية ،ويمكن الحديث عنها عبر المجالت التية:
)أ( الواقعية في المهور وحفلت الزواج والهدايا:
ت « 365خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
إن إثقال كاهل الزوج بمهر باهظ وحفلة زفاف مجحفة ل يعود
على الحياة الزوجية إل بالنكد والهم والتعب ،لذا ل بد أن يكون
عرس موائمة لحال الزوج مناسبة لوضعه المادي، المهر وحفلة ال ُ
لنضمن – بإذن الله – هدوء نفسه ،وراحة باله ،وطمأنينة قلبه،
حتى يستقبل حياته الزوجية بانشراح ورغبة.
ومثل ذلك ُيقال ،فيما تعارف الناس عليه من الهدايا في العراس
والمناسبات .إذ يجب أن يكن بقدر حال الزوج ،وليس من مصلحة
ح وتطالب بما هو أغلى ثمنا ً وأعلى قدرا ً مما ل تسمح المرأة أن تل ّ
ظروف الزوج المادية به ،وكثرة ذلك مؤذنة بغياب السعادة وأفول
شمسها من عش الزوجية إن لم يصل الحد إلى أمر ل تحمد عقباه.
)ب( الواقعية في النفقة:
إن من خير ما تحّلت به المرأة المسلمة من الصفات مع زوجها
مراعاتها لطاقته وقدرته في النفقة ،فل إلحاح في حالة العسر،
ول شراهة في وقت اليسر ،بل تلبس لكل حالة ل َُبوسها ،وترضى
منه باليسير ،وشرذث ما اتصفت به المرأة الشراهة وكثرة
غضاً. المطالب وهذا ل يزيدها من زوجها إل ُبعدًا ،ول من قلبه إل ب ُ ْ
وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه شهرا ً لما سألنه في
ها َ
النفقة ،وأكثرن عليه فيها حتى أنزل الله سبحانه قولهَ) :يا أي ّ َ
ق ْ َ
نعال َي ْ َ فت َ َها َ زين َت َ َ
و ِ
حَياةَ الدّن َْيا َ ن ال ْ َ ردْ َن تُ ِ ن ك ُن ْت ُ ّ ك إِ ْج َ وا ِ ل ِلْز َ ي ُ ُالن ّب ِ ّ
ُ
سول َ ُ
ه وَر ُ ه َ ن الل ّ َ ردْ َن ت ُ َِ ن ك ُن ْت ُ ّ وإ ِ ْميل ً َ ج ِ سَراحا ً َ ن َ حك ُ ّ سّر ْ وأ َ ن َ عك ُ ّ مت ّ ْ
أ َ
ظيمًا( جرا ً َ َ
ع ِ نأ ْ من ْك ُ ّت ِ سَنا ِ ح ِ م ْعدّ ل ِل ْ ُ هأ َ ن الل ّ َ فإ ِ ّخَرةَ َ داَر اْل ِ وال ّ َ
خّيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم )الحزاب .(29 ،28 :ف َ
فاخترنه).(42
وعلى الرجل أيضا ً أل يكون شحيحا ً على أهله ،مقّترا ً عليهم ،بل
ق ُ
ذو ف ْ ينفق عليهم من سعته ول يكلف الله نفسا ً إلى ما آتاها) ،ل ِي ُن ْ ِ
ه( ما آَتاهُ الل ّ ُ م ّق ِ ف ْ فل ْي ُن ْ ِ
ه َ ق ُرْز ُه ِ عل َي ْ ِدَر َ ق ِ ن ُ م ْو َ ه َ عت ِ ِس َ ن َ م ْ ة ِ ع ٍ س َ َ
)الطلق.(7 :
)ج( الواقعية في الصفات وتجنب المثالية:
ر يسير من الناس ممن وهذه الخصلة ل تكاد توجد إل عند نز ٍ
م بالزواج يرسم الزوجة في وفقهم الله ،بينما غالبهم عندما يه َُ
ذهنه رسما ً يتواءم مع طموحاته الوهمية البعيدة عن أرض الواقع.
وكأنه يصور بيده تمثال ً لمرأة وهمية ،مما حدا بأحد الذكياء ،عندما
أخبره صاحبه بالصفات التي ينشدها في شريكة حياته ،أن قال
لمحدثه :إن المرأة التي تطلب موجودة ،ولكن عليك أن تنتظر إلى
أن ُنبعث لن امرأة بمثل ما تذكر ل توجد إل في الجنة.
ت « 366خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نعم إن العتدال في المطالب والصفات ل بد وأن يكون مركوزا ً
في ذهن كل من الزوجين ،فل يفرك مؤمن مؤمنة ،إن كره منها
خلقا رضي منها خلقا آخر كما في الحديث التي :
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح
مسلم ( أن النبي rقال :ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا
رضي منها آخر .
وتلك هي سنة الله في خلقه أل يجتمع الكمال في كل الصفات
في عامة البشر ،فقد تكون المرأة وسطا ً في الجمال لكنها ذات
دين وخلق عظيم.
شاد الكمال مع أنفسهم وقفة تأمل ومحاسبة لوجدوا ولو وقف ن ُ ّ
أنهم لم ينصفوا ،إذ غالب ما يطلبونه قد ل يكون متوافرا ً فيهم،
فكما أنك تريد فغيرك يطلب منك ما تريد وإل صار مصيُرك مصيَر
ذلك الرجل الذي ظل يطلب الزوجة المثالية في نظره ردها ً طويل ً
غيتها من عمره فلما وجدها وتقدم لخطبتها ،رفضته ،لنها لم تجد ب ُ ْ
فيه ،فعاد بالخيبة والحرمان.
) د( الواقعية في المطالبة بالحقوق وأداء الواجبات:
ليس من حسن العشرة أن ُيكّلف الزوج امرأته شططا ،وينهكها
ً
في تحقيق حقوقه تعبًا ،بل عليه أن يسلك هديا ً قاصدًا ،ويتغاضى
عن بعض حقوقه في سبيل تحقيق المهم منها ،إحسانا ً للعشرة،
وتخفيفا ً على الزوجة.
وكذا حال المرأة مع زوجها لتستديم محبته ،وتكسب ثقته ومودته.
والواقعية في هذا قد نبه عليها الشاعر بقوله:
وأبـق فلــم يســـتوف قـط كـريم فسـامح ول تسـتوف حـقك كلـه
كــل طـرفي قصــد المـور ذميـم ول تغل في شـيء من المر
واقتصد
ت « 367خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قالت :إنني امرأة غريبة عليك فماذا يعجبك فآتيه ،وماذا تكره
فأجتنبه ،قال :فقلت :إني أحب كذا ،وأكره كذا ،فقالت :هل تحب
ض ،وأخاف أن أمّلهم، أن يزورك أهلي .فقلت :إنني رجل قا ٍ
فقالت :من تحب أن يزورك من جيرانك ،فأخبرتها بذلك.
قال شريح :فجلست مع هذه المرأة في أرغد عيش وأهنئه حتى
ت :من حال الحول ،إذ دخلت البيت فإذا بعجوز تأمر وتنهى ،فسأل ُ
هذه؟ فقالت :إنها أمي .فسألته الم :كيف أنت وزوجتك؟ فقال
لها :خير زوجة ،فقالت :ما حوت البيوت شّرا ً من المدللة ،فإذا
رابك منها ريب فعليك بالسوط.
قال شريح :فكانت تأتينا مرة كل سنة ،تنصح ابنتها ،وتوصيها،
ت مع زوجتي عشرين عامًا ،لم أغضب منها إل مرة واحدة، ومكث ُ
ً)(43
وكنت لها ظالما .
لذا فمعرفة كل من الزوجين لنفسية صاحبه قضية لها أثرها في
الحياة الزوجية ،وتجاهل هذا المر له ما بعده.
) :(8الولد :
من المعلوم أن من أعظم مقاصد النكاح لب الولد ،والنجاب ،وهذا
المقصد يتعلق به حقوق ومستلزمات ،لها أثر في السعادة
الزوجية .نعرض في هذه العجالة لطرف منها ،ونبين الموقف
المثل ُتجاهها .والله المستعان.
) (1النجاب:
بعض الزواج يطلب من زوجته التريث في الحمل باستعمال مانع
له بعد الزواج مباشرة بحجة طلب المتعة ،وهذا فيه ضرر بالغ على
الزوجة ،إذ من الثابت طبي ّا ً أن استعمال الحبوب المانعة للحمل من
قبل امرأة لم يسبق لها النجاب قد يؤدي إلى عقم تحرم معه
المرأة من الولد طيلة عمرها.
ومن الزوجات من تفضل النتظار سنة أو أكثر بدعوى التأكد من
توافقها مع زوجها ،وهذا تشاؤم بحدوث المكروه:
احذر لســـــانك أن تقــــول فتبتلىإن البـــــــلء موكل بالمنطق
وقسم من الزوجات ترفض الحمل؛ لنه يعيقها عن مواصلة
ة الزوج من رتابة حياته الزوجية معها، دراستها ،مما يسّبب سآم َ
وة لديهما. لخلوها من مولود يجدد سعادتهما ،ويمل عاطفة الب ّ
وبعضهن تستمرئ هذا الرفض حتى بعد الدراسة بحجة العمل،
وهي حجة عليلة خالية المضمون ،قد تحدث الفرقة بين الزوجين
كما حدثني بذلك أحدهم عن زوجته التي امتنعت عن الحمل بحجة
الدراسة ،وبعد إتمام الدراسة رفضت النجاب بحجة العمل ،ويرى
ل للمشكلة إل بالطلق ،مع أن المسلم مطالب بكثرة الن أنه ل ح ّ
- 43القصة مذكورة بطولها في العقد الفريد .6/92
ت « 368خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
النجاب – مع عدم الضرر – لن الرسول صلى الله عليه وسلم،
مكاثر بأمته المم يوم القيامة كما في الحديث التي :
) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و
النسائي ( أن النبي rقال :تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم
المم .
)ب( تربية الولد:
من وّلي من أعظم آثار الزواج :إنجاب الولد ،وهم أمانة عند َ
أمرهم من الوالدين أو غيرهما ،فواجب شرعا ً أداء هذه المانة
بتربية الولد على هدي السلم ،وتعليمهم ما يهمهم في أمور
دينهم ودنياهم ،وأول واجب غرس عقيدة اليمان بالله وملئكته
وكتبه ورسله واليوم الخر والقدر خيره وشره ،وتعميق التوحيد
الخالص في نفوسهم ،حتى يخالط بشاشة قلوبهم ،وإشاعة أركان
السلم في نفوسهم ،والوصية بالصلة ،وتعاهدهم بصقل
مواهبهم ،وتنمية غرائزهم بفضائل الخلق ،ومحاسن الداب،
وحفظهم عن قرناء السوء وأخلط الردى.
وهذه المعالم التربوية معلومة من الدين بالضرورة ،ولهميتها
أفردها العلماء بالتصنيف ،وتتابعوا على ذكر أحكام المواليد في
مثاني التآليف الفقهية وغيرها.
سنن النبياء ،وأخلق الصفياء . وهذه التربية من ُ
وانظر إلى هذه الموعظة الجامعة ،والوصية النافعة ،من لقمان
ي ل تشرك بالله إن لبنه :وإذ قال لقمان لبنه وهو يعظه يا ُبن ّ
ً
الشرك لظلم عظيم .ووصينا النسان بوالديه حملته أمه وهنا على
ي المصير .وإن ن وفصاله في عامين أن اشك ُْر لي وِلوالديك إل ّ وه ٍ
م فل تطعهما ه عل ٌ ك بِ ِ رك بي ما ليس ل َ َ ش ِجاهداك على أن ت ُ ْ
ي
ي ثم إل ّ ب إل ّ من أنا َ ل َ ع سبي َ دنيا معروفا ً وات ّب ِ ْ ما في ال ّ ه َ صاحب ْ ُ و ََ
ة
ل حب ّ ٍ ُ
ي إنها ِإن تك مثقا َ ملون .يا ُبن ّ ُ
عكم فأنبئكم بما كنُتم َتع َ مرج ُ َ
ت بها ض يأ ِ في السماء أو في الر ِ ة أو ل فتكن في صخر ٍ ُ من خرد ٍ
ه َ
ف وان َ معرو ِ مْر ِبالـ َ صلة وأ ُ قم ِ ال ّ يأ ِ ف خبيٌر َ .يا ُبن ّ ن الله لطي ٌ الله إ ّ
عْزم المور .ول من َ ن ذلك ِ كإ ّ عن المنكر واصِبر على ما أصاب َ َ
بك ّ
ل ه ل يح ّ ن الل َ ض مرحا ً إ ّ ش في الر ِ س ول تم ِ دك للّنا ِ عر خ ّ ص ّتُ َ
َ
ن أنكَر صوت َ ك وا ْ صدْ في مشي َ
كإ ّ غضض من َ ل فخور .واق ِ مختا ٍ ُ
ر ] لقمان. [19 – 13 : ت الحمي ِ ت لصو ُ الصوا ِ
قد انتظمت هذه الموعظة من الوالد لولده أصول التربية،
وتكوين الولد ،وهي ظاهرة لمن تأملها .
وقال الله عز شأنه :يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم
نارا ً ] ..التحريم. [6 :
ت « 369خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
فالولد من أبيه ،فيشمله لفظ :أنفسكم ،والولد من الهل
فيشمله :وأهليكم ، وعن علي بن أبي طالب في تفسير
هذه الية ،أنه قال:
))علموهم وأدبوهم(( رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ]العيال/1 :
. [495
)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي
rقال ) :كلكم راع ومسئول عن رعيته ،فالمام راع وهو مسئول
عن رعيته ،والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته ،والمرأة
في بيت زوجها راعية ،وهي مسئولة عن رعيتها ،والخادم في مال
سيده راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن
رعيته(.
والله سائل ً كل راع عن رعيته حفظ أم ضيع ،والوالدان يؤثران
بل شك في تربية الولد سلبا ً أو إيجابا ً .
) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :إن الله
تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى
يسأل الرجل عن أهل بيته .
ي من هذه النصوص ،وجوب تربية الولد على السلم ،وأنها وجل ّ
أمانة في أعناق أوليائهم ،وأنها من حق الولد على أوليائهم من
الباء والوصياء وغيرهم،
والذرية الصالحة من دعاء المؤمنين :
كما في قول الله تعالى :والذين يقولون ربنا ه ْ
ب لَنا من
ماما ً ] الفرقان:ن إِ َ
جعلَنا للمّتقي َ ن وا ْ جَنا وذُّرياتنا قرةَ أعي ٍأْزوا ِ
.[74
]*[ قال الحسن البصري رحمه الله تعالى:
) الرجل يرى زوجته وولده مطيعين لله عز وجل ،وأي شيء أقر
لعينه من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله عز وجل ذكره ( .
رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ]العيال. [617 /2 :
وأنها كذلك من صالح العمال التي يتقرب بها الولدان إلى
ربهم ،ويستمر ثوابها كاستمرار الصدقة الجارية،
كما في الحديث التي :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (أن
النبي rقال :إذا مات النسان انقطع عمله إل من ثلث :إل من
ح يدعو له . ة جارية أو علم ٍ ينتفع به أو ولدٌ صال ٌ صدق ٍ
ص لله تعالى ،يحمل وزر وأن المفرط في هذه المانة آثم عا ٍ
معصيته أمام ربه ،ثم أمام عباده.
ت « 370خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي rقال :إن الله
تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى
يسأل الرجل عن أهل بيته .
]*[ قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله تعالى :كان يقال:
إذا بلغ الغلم فلم يزوجه أبوه فأصاب فاحشة أثم الب .رواه ابن
أبي الدنيا في ]كتاب العيال. [1/172 :
]*[ وقال مقاتل بن محمد العتكي :حضرت مع أبي وأخي عند أبي
إسحاق
-إبراهيم الحربي ، -فقال إبراهيم الحربي لبي :هؤلء أولدك؟
قال :نعم ،قال :احذر ل يرونك حيث نهاك الله فتسقط من أعينهم
.كما في ]صفة الصفوة[ لبن الجوزي.
ف أن الناس يختلفون في طرائق التربية والتوجيه، وغير خا ٍ
وهكذا الحال مع الزوجين ،فإنهما قد ل يتفقان على منهج واحد
في التربية ،بسبب اختلف طبيعة الرجل عن المرأة .إل أنه من
ن الولد وطبيعته المتفق عليه أن ثمة مجالت تختلف باختلف س ّ
يكون رائد التربية فيها الب ،ومجالت أخرى يكون رائد التربية
فيها الم ،فعلى كل من الزوجين احترام وتقدير مجال صاحبه،
سّنة الله قوامة للرجل ُ ، وعدم التعدي عليه فيه ،مع التسليم بأن ال ِ
التي قد حكم بين العباد ،وهذا ل يعني – أل ْب َّتة – أن يلجأ أحدهما
إلى تخطئة الخر أمام الولد ،وتجريحه والنيل من كرامته ،أو
يختلف البوان في السلوب المثل لحل واقعة بين الولد
بحضورهم ،فإن ذلك يؤدي إلى جرح عميق في نفوسهم ،يبقى
أثره أبد الدهر ،وأقل ما يحصل من ذلك عقوق الولد لحدهما،
واستهانتهم بالمهزوم منهما ،ولعلكم ُتدركون هذا جيدا ً حينما
تسمعون أن امرأة لها أربعة أبناء ،كل منهم يملك سيارة خاصة ،إل
أنها مع ذلك تستعمل النقل الجماعي وأحيانا ً تستقدم سائقا ً
صًا؛ لرفض أولدها خدمتها .ومن أسباب ذلك تصرف زوجها الذي خا ّ
كان يقوم بإهانتها أمام أولدها ،حتى فقدت كل مقومات التأثير
عليهم ،فبدر منهم هذا العقوق لها.
وإذا كان للزوج ملحوظة على زوجته بشأن تربية الولد ،فل يبدي
هذه الملحظة أمام الولد ،ولكن إذا انفرد بها قال لها ما شاء،
ولى. َ
ومثل ذلك الزوجة من باب أ ْ
وهناك أمور يجب مراعتها عند تربية الولد :
) (1الحرص على تعويدهم على الطاعة وتحبيبهم فيها ،وتبغيضهم
للمعصية وتنفيرهم منها لسيما في الصغر ومن ذلك ما يلي :
أ -أمرهم بالصلة وتعويدهم عليها .
ت « 371خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وهذا هو شأن المرسلين والصالحين قال جل وعل عن إسماعيل
ه
عندَ َرب ّ ِ
ن ِ و َ
كا َ ة َ والّز َ
كـا ِ ة َ صـل َ ِه ِبال ّ مُر أ َ ْ
هل َ ُ
ْ
ن ي َأ ُ و َ
كا َ عليه السلم ) َ
ضي ًّا( ] مريم [55 / مْر ِ
َ
صل َ َ
ة( َ
قم ِ ال ّ يأ ِ وقال عن لقمان في وصيته لبنه ) :ي َب ُن َ ّ
] لقمان [17 /
ها(عل َي ْ َ
صطَب ِْر َ وا ْ ة َ صل َ ِ ك ِبال ّ هل َ َمْر أ َ ْ وقال جل شأنه :قال تعالىْ ) :
وأ ُ
َ
] طه .[132 /
) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود و
الترمذي ( أن النبي rقال :مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع
سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في
المضاجع .
ب -ومن ذلك تعويد البنات على اللباس والتستر والتحشم .
]*[ قال شيخ السلم في الختيارات » :يجب على وليهن أن
يؤدبهن بآداب السلم ،فيأمرهن بأن ل يخرجن إل ساترات
لعوراتهن خشية الفتنة وتعويدا ً لهن على الخلق الفاضلة حتى ل
يكن سببا ً في انتشار الفساد ،ويأمرهن بالصلة في خمار ،ولو
صلت بدونه صحت صلتها
)حــديث عائشــة الثــابت فــي صــحيحي أبــي داوود والترمــذي ( أن
ض إل بخمار . النبي rقال :ل يقبل الله صلة حائ ٍ
) (2أن يكون الوالدان قدوة حسنة لولدهم ،فإن الطفل ينشأ
على ما عوده عليه أبواه .
ودهُ أبـوه ُ
على ما كان ع ّ ن منّـا ئ الفتيـا ِ ويـنـشأ نـاش ُ
ودهُ التـدين أقربـوه يعـ ِ ى و لكن ومادان الفتى بحج ً
) حديث عبد الله بن عامر رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي
داوود ( أنه قال :دعتني أمي يوما ورسول الله rقاعد في بيتنا
فقالت :ها تعال أعطيك فقال لها رسول الله » : rوما أردت أن
تعطيه ؟ « قالت :أعطيه تمرا ً .فقال لها رسول الله » :أما إنك
لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة « .
]*[ قال إبراهيم بن المام وكيع بن الجراح :في سير أعلم النبلء
)(9/149
كان أبي يصلي ,فل يبقى في دارنا أحد إل صلى ,حتى جارية لنا
سوداء .
]*[ وقال عبدالوارث بن سعيد :
علَية بابنها إسماعيل ,فقال :هذا ابني يكون معك ,ويأخذ أتتني ُ
بأخلقك ..كما في سير أعلم النبلء ) (9/115فكان ابنها
علَية من كبار أهل إسماعيل بن إبراهيم المعروف بإسماعيل بن ُ
العلم بالحديث في زمانه .
ت « 372خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال الفضل بن عياض :في حلية الولياء ): (8/299
اللهم إني اجتهدت أن أؤدب عليا ً )ابنه( فلم أقدر على تأديبه ,
فأدبه أنت لي .
فكان ابنه عليا ً من العّباد الزهاد في زمانه رحم الله الجميع .
]*[ قال إبراهيم النخعي :
» كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار « البخاري )
.(3451
]*[ قال ابن القيم في تحفة المودود ): (146
» ومما يحتاج إليه الطفل غاية الحتياج العتناء بأمر خلقه ،فإنه
ينشأ على ما عوده المربي في صغيره :من حرد وغضب ،ولجاج ،
وعجلة ،وخفة مع هواه ،وطيش ،وحدة ،وجشع ،فيصعب عليه
في كبره تلفي ذلك ،وتصير هذه الخلق صفات وهيئات راسخة
له ،فلو تحرز منها غاية التحرز ،فضحته ول بد يوما ً ما ،ولهذا تجد
أكثر الناس منحرفة أخلقهم ،وذلك من قبل التربية التي نشأ
عليها ،وكذلك يجب أن يجتنب الصبي إذا عقل :مجالس اللهو ،
والباطل ،والغناء ،وسماع الفحش ،والبدع ،ومنطق السوء ،
فإنه إذا علق بسمعه ،عسر عليه مفارقته في الكبر ،وعز على
وليه استنقاذه منه ،فتغيير العوائد من أصعب المور ،يحتاج
صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية ،والخروج عن حكم الطبيعة عسر
جدا ً « .
]*[ قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله في حراسة الفضيلة )127
( » :قال الله عز شأنه ﴿ :يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم
نارًا ﴾...فالولد من أبيه ،فيشمله لفظ ﴿ :أنفسكم ﴾ والولد من
الهل ،فيشمله ﴿ :وأهليكم ﴾ .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تفسير هذه الية ،أنه
قال » :علموهم وأدبوهم « رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال )
.(1/495
والذرية الصالحة من دعاء المؤمنين كما في قول الله تعالى :
﴿ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين
واجعلنا للمتقين إماما ً ﴾ .
]*[ قال الحسن البصري رحمه الله تعالى :
» الرجل يرى زوجته وولده مطيعين لله عز وجل وأي شيء أقر
لعينه من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله عز وجل « رواه ابن
أبي الدنيا في ) كتاب العيال (6172 :وفي الحديث المتفق على
صحته عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :سمعت رسول الله ﷺ
يقول » :كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ،فالرجل راع في
أهل بيته وهو مسؤول عنهم « .وجلي من هذه النصوص ،وجوب
ت « 373خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
تربية الولد على السلم وأنها أمانه في أعناق أوليائهم ،وأنها
من حق الولد على أوليائهم من الباء والوصياء وغيرهم وأنها
من صالح العمال التي يتقرب بها الوالدان إلى ربهم ويستمر
ثوابها كاستمرار الصدقة الجارية ،وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال :
» إذا مات ابن آدم انقطع عمله إل من ثلث :علم ينتفع به ،أو
ولد صالح يدعو له ،أو صدقة جارية « وأن المفرط في هذه المانة
آثم عاص لله تعالى يحمل وزر معصيته أمام ربه ،ثم أمام عبادة.
وعن حميد الضبعي قال » :كنا نسمع أن أقواما ً سحبوهم
عيالتهم على المهالك « رواه ابن أبي الدنيا في )كتاب العيال )
. « (2/622
والله سبحانه يقول ﴿ :يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم
وأولدكم عدوا ً لكم فاحذروهم ﴾ ...ومن عدواتهم للوالدين :
التفريط في تربيتهم ،لما يؤول إليه من التأثيم .
]*[ قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله تعالى :
» كان يقال :إذا بلغ الغلم فلم يزوجه أبوه فأصاب فاحشة ،أثم
الب « رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال ) « (1/172ا.هـ.
ل من الزوجين وأقاربهما : يك ّ) :(9ب ِّر والد ْ
ل من الزوجين وأقاربهما ،وكذا جيرانهما .فعلى كل يك ّ ب ِّر والد ْ
من الزوجين أن يراعي حق صاحبه في والديه وأقاربه ،وأل يذكر
أحدا ً منهم بسوء ،فإن ذلك يوغر الصدور ،ويجلب النفرة بين
الزوجين ،وكم من زوج تحدث أمام حليلته بمثالب أبيها وسقطاته
من هو في جللة قدره عندها – فأحدث ذلك ألما ً في قلبها – وهو َ
أطفأ شمعة السعادة المضيئة في حياتها مع زوجها ،وأشد من ذلك
الحديث عن أمها.
وإذا كان هذا في حق الزوج وله القوامة ،فما بالك بحديث الزوجة
عن والدي زوجها بسوء.
ولسنا نلزم أحدا ً منهما بمحبة أقارب الخر ،فالقلوب بيد الرحمن،
يصرفها كيف يشاء ،ولكنا ُنحّتم عليه أن يحفظ لصاحبه مشاعره،
وكرامته وعرضه.
وأقارب كل من الزوجين يجب احترامهم وتقديرهم وعدم الساءة
إليهم .أما عن علقة الزوجين بالجيران ،فتختلف باختلف الجيران،
فينبغي عليهما تحديد إطار مسبق لعلقتهما بهم.
) (10الوفاء بشروط العقد:
مَزني الثابت في صحيحي الترمذي وابن ف ال ُ )حديث عمرو ابن عو ٍ
ماجة ( أن النبي rقال » :المسلمون على شروطهم إل شرطا ً
أحل حراما ً أو حرم حلل ً .
ت « 374خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
]*[ قال الخطابي:
"قد تختلف الشروط في عقود النكاح ،فمنها ما يجب الوفاء به،
ومنها ما ل يجب.
فأما الذي يجب الوفاء به فهو المهر والنفقة وحسن العشرة ،وقد
كسا ٌ
م َ شرط الله تعالى هذه المور لهن على الزواج بقولهَ } :
فإ ِ ْ
ن{ ]البقرة.[229: َ
س ٰـ ٍ
ح َ
ح ب ِإ ِ ْري ٌ
س ِ
و تَ ْفأ ْعُرو ٍ
م ْ
بِ َ
وأما الذي ل يلزم من الشروط فهو ما نهى النبي صلى الله عليه
وسلم عن اشتراطه كقوله :كسؤال المرأة طلق أختها لتكفأ ما
في إنائها(( ونحو ذلك من شروط الضرار .
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال :نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد،
ول تناجشوا ،ول يبيع الرجل على بيع أخيه ،ول يخطب على خطبة
أخيه ،ول تسأل المرأة طلق أختها لتكفأ ما في إنائها(.
]*[ وقال النووي:
"قال الشافعي وأكثر العلماء :إن هذا محمول على شروط ل
تنافي مقتضى النكاح ،بل تكون من مقتضياته ومقاصده ،كاشتراط
العشرة بالمعروف والنفاق عليها وكسوتها وسكناها بالمعروف،
صر في شيء من حقوقها ،وَيقسم لها كغيرها ،وأنها ل وأنه ل يق ّ
تخرج من بيته إل بإذنه ،ول تنشز عليه ،ول تصوم تطوعا بغير إذنه،
ول تأذن في بيته إل بإذنه ،ول تتصرف في متاعه إل برضاه ونحو
ذلك .وأما شرط يخالف مقتضاه كشرط أن ل َيقسم لها ،ول
يتسرى عليها ،ول ينفق عليها ،ول يسافر بها ونحو ذلك ،فل يجب
ح النكاح بمهر المثل لقوله صلى الوفاء به ،بل يلغو الشرط ويص ّ
الله عليه وسلم)) :كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل(( .
) (11حق الستمتاع:
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال ) :إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه
فأبت ،فبات غضبان عليها ،لعنتها الملئكة حتى تصبح(.
)فأبت( :امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )
غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها
الملئكة حتى تصبح ( ،وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب
رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ،
وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ،ولذلك حث
المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة .
ت « 375خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
قال العراقي :وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً
عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى
فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى
يرضى عنها .
) حديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري (
قال :آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء،
فزار سلمان أبا الدرداء ،فرأى أم الدرداء متبذلة ،فقال لها :ما
شأنك؟ .قالت :أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا .فجاء أبو
الدرداء ،فصنع له طعاما ،فقال :كل ،قال :فإني صائم ،قال :ما أنا
بآكل حتى تأكل ،قال :فأكل ،فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء
يقوم ،قال :نم ،فنام ،ثم ذهب يقوم ،فقال :نم ،فلما كان من آخر
الليل ،قال سلمان :قم الن ،فصليا ،فقال له سلمان :إن لربك
عليك حقا ،ولنفسك عليك حقا ،ولهلك عليك حقا ،فأعط كل ذي
حق حقه ،فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له ،فقال
النبي صلى الله عليه وسلم) :صدق سلمان(.
]*[ قال ابن حجر" :وفيه مشروعية تزّين المرأة لزوجها ،وثبوت
ق المرأة على الزوج في حسن العشرة ،وقد يؤخذ منه ثبوت ح ّ
حقها في الوطء لقوله) :ولهلك عليك حقا( ،ثم قال) :وائت
أهلك( ،وقّرره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك .
]*[ وقال ابن حزم" :وفرض على الرجل أن يجامع امرأته التي هي
زوجته ،وأدنى ذلك مرة في كل طهر إن قدر على ذلك ،وإل فهو
عاص لله تعالى" .
) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في
صحيح مسلم ( أن النبي rقال :ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ
القرآن كل ليلة فقلت بلى يا نبي الله ولم أرد بذلك إل الخير قال
فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلثة أيام قلت يا نبي الله إني
أطيق أفضل من ذلك قال فإن لزوجك عليك حقا ولزورك عليك
حقا ولجسدك عليك حقا .
شكت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من زوجها
فأحال القضاء إلى كعب السدي ،فلما جيء بالرجل قال
القاضي :إن امرأتك تشكوك .
قال :أفي طعام أو شراب ؟ !
قال :ل .
فقالت المرأة:
ت « 376خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
َ
دهفراشي مسج ُ هى خليلي عن ِ أل ْ َ
ده ، ش ُده ،يا أيها القاضي الحكيم أْر ِ م ُ ح َءأ ْ ر النسا ِ ت في أم ِ ولس ُ
ده عب ُ ُ ده في مضجعي ت َ َ ه ََز َ
فقال زوجها :
إني امرؤ أذهلني ما قد نزل
جل ح َشها وفي ال ُ فرا ِت في ِ جَلل َ ،زهد ُ ف َ وفي كتاب الله تخوي ٌ
في سورة النحل وفي السبع الطول
فقال كعب :
قل ،إن لها عليك حقا َ يا رجل ع َ ع لمن َ تصيبها في أرب ٍ
علل . ع عنك ال ِ ودَ ْ فأعطها ذاك َ
تنبيه :ومن حق الستمتاع التجمل لبعضهما :فينبغي أن
ل من الزوجين أن يبدو جميل ً في نظر صاحبه ،لئل يحرص ك ٌ
يتنافرا ،وليزداد قربا وتألفا ،وأعظم طيب الماء وأعظم تجمل ً ً
ن
ده َ النظافة ،ولقد وصف النبي أنه كان يرجل شعره ،ويكثر َ
ح شعره ،وأنه كان كثير الكتحال ،وكثير الستياك رأسه وتسري َ
وكثير التطيب ،لذلك لم يشم من في رسول الله ول من جسمه
رائحة تكره ،وإذا كان التقصير غالبا ً ما يكون من الرجال ،فإن ابن
عباس قد حث الرجال على مقابلة التجمل بالتجمل ،وحكى عن
ل :إني ألبس وأتجمل لها كما أحب أن تتجمل لي. نفسه قائ ً
]*[ قال ابن عباس :إني أحب أن أتزين للمرأة ،كما أحب أن
تتزين لي؛ لن الله يقول } :ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف{ .
ح نفسه ل يطر ُ وهنا سؤا ٌ
]*[ ما حدود النظر إلى عورة الزوج والزوجة ؟
فصل الخطاب في هذه المسألة :
أنه يجوز للمرأة أن تنظر إلى جميع بدن زوجها ،ويجوز للزوج أن
ينظر إلى بدن زوجته،
َ َ
و
مأ ْ ه ْج ِوا ِ عل َ َ
ى أْز َ ن * إ ِل ّ َ
ظو َف ُحا ِم َه ْ ج ِفُرو ِ م لِ ُ ه ْ ن ُ ذي َ وال ّ ِ قال تعالىَ ) :
َ
ن( ] المؤمنون [6 ،5/ مي َ مُلو ِ غي ُْر َم َ ه ْ فإ ِن ّ ُم َ ه ْ مان ُ ُ ت أي ْ َ مل َك َ ْ
ما َ َ
) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي
داوود والترمذي ( أن النبي rقال :احفظ عورتك إل من زوجتك
أو ما ملكت يمينك قيل :إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال
:إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل :إذا كان أحدنا
خاليا ؟ قال :الله أحق أن يستحيا منه من الناس .
والحديث فيه بيان جواز اغتسال الرجل مع أهله ،وفيه جواز نظر
الزوج إلى عورة زوجته والزوجة كذلك .
ت « 377خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت:
))كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد،
تختلف أيدينا فيه(.
]*[ قال الحافظ ابن حجر في ))فتح الباري (( ):(290 /1
" استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته
وعكسه ،ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق :سليمان بن موسى،
أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ،فقال :سألت عطاء،
فقال :سألت عائشة ،فذكر هذا الحديث بمعناه ،وهو نص في
المسألة " .قلت :ويدل عليه أيضا ً حديث معاوية بن حيدة التي :
) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي
داوود والترمذي ( أن النبي rقال :احفظ عورتك إل من زوجتك
أو ما ملكت يمينك قيل :إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال
:إن استطعت أنل يرينها أحد فل يرينها قيل :إذا كان أحدنا
خاليا ؟ قال :الله أحق أن يستحيا منه من الناس .
تنبيه:وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم في أنه قال):إذا
أتى أحدكم أهله ،فليلقى على عجزه وعجزها شيئًا ،ول يتجردا
تجرد العيرين(( .فمنكر ،ول يصح في المنع حديث.
( (12التوارث:
ف ما ت َر َ َ
ول َدٌ ن َ ه ّ ن لّ ُ م ي َك ُ ْ ن لّ ْ م إِ ْ جك ُ ْ ك أْز ٰو ُ َ ص ُ َ م نِ ْ ول َك ُ ْ قال الله تعالىَ } :
ها ن بِ َ صي َ ة ُيو ِ صي ّ ٍ و ِ د َ ع ِمن ب َ ْ ن ِ ما ت ََرك ْ َ م ّ ع ِ م ٱلّرب ُ ُ فل َك ُ ُ ول َدٌ َ ن َ ه ّ ن لَ ُ كا َ فِإن َ َ
َ
من ل َك ُ ْ كا َ فِإن َ ول َدٌ َ م َ ن ل ّك ُ ْ م ي َك ُ ْ م ِإن ل ّ ْ ما ت ََرك ْت ُ ْ م ّع ِ ن ٱلّرب ُ ُ ه ّ ول َ ُن َ ٍ و دَي ْ أ ْ
َ
ن{ و دَي ْ ٍ ها أ ْ ن بِ َ صو َ ة ُتو ُ صي ّ ٍو ِ د َ ع ِمن ب َ ْ ما ت ََرك ُْتم ّ م ّ ن ِ م ُ ن ٱلث ّ ُ ه ّ فل َ ُ ول َدٌ َ َ
]النساء.[12:
]*[ قال الطبري" :يعني بذلك جل ثناؤه :ولكم ـ أيها الناس ـ نصف
ما ترك أزواجكم بعد وفاتهن من مال وميراث ،إن لم يكن لهن ولد
د{ أي: ول َ ٌ ن َ ه ّ ن لَ ُ كا َ فِإن َ يوم يحدث لهن الموت ل ذكر ول أنثىَ } ،
فإن كان لزواجكم يوم يحدث لهن الموت ولد ذكر أو أنثى ،فلكم
د
ع ِمن ب َ ْ الربع مما تركن من مال وميراث ،ميراثا لكم عنهنِ } ،
ن{ يقول :ذلكم لكم ميراثا عنهن مما يبقى َ
و دَي ْ ٍ ها أ ْ ن بِ َ صي َ ة ُيو ِ صي ّ ٍ و ِ َ
من تركاتهن وأموالهن من بعد قضاء ديونهن التي يمتن وهي
عليهن ،ومن بعد إنفاذ وصاياهن الجائزة إن كن أوصين بها.
فِإن ول َدٌ َ م َ ن ل ّك ُ ْ م ي َك ُ ْ م ِإن ل ّ ْ ما ت ََرك ْت ُ ْ م ّ ع ِ ن ٱلّرب ُ ُ ه ّ ول َ ُوقوله تعالىَ } :
َ
وها أ ْ ن بِ َ صو َ ة ُتو ُ صي ّ ٍو ِ د َ ع ِ من ب َ ْ ما ت ََرك ُْتم ّ م ّ
ن ِ م ُن ٱلث ّ ُ ه ّ فل َ ُ ول َدٌ َ م َ ن ل َك ُ ْ كا َ َ
ن م ي َك ُ ْ م ِإن ل ّ ْ ما ت ََرك ْت ُ ْ م ّ ع ِ ن ٱلّرب ُ ُ ه ّ ول َ ُن{ يعني جل ثناؤه بقولهَ } : دَي ْ ٍ
د{ :ولزواجكم ـ أيها الناس ـ ربع ما تركتم بعد وفاتكم من ول َ ٌ م َ ل ّك ُ ْ
مال وميراث ،إن حدث بأحدكم حدث الوفاة ول ولد له ذكر ول
ت « 378خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
د{ يقول :فإن حدث بأحدكم حدث الموت ول َ ٌ
م َن ل َك ُ ْ فِإن َ
كا َ أنثىَ } ،
نم ُ ن ٱلث ّ ُ فل َ ُ
ه ّ وله ولد ذكر أو أنثى ،واحدا كان الولد أو جماعةَ } ،
ما ت ََرك ُْتم{ يقول :فلزواجكم حينئذ من أموالكم وتركتكم التي م ّ
ِ
تخلفونها بعد وفاتكم الثمن من بعد قضاء ديونكم التي حدث بكم
حدث الوفاة وهي عليكم ،ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي
توصون بها" .
) (13الصبر على الزلت والهفوات من بعضهما :
ل بد أن يقع من الزوج هفوات وأخطاء ،والزوجة كذلك ،وكثير من
الرجال ل يعترف بهفوته وزلته ،ويعظم زلة زوجته ولو صغرت،
والمقام ليس مقام تجريح أو تأنيب؛ وإنما هو سبيل المسامحة
والملينة ،ما دام أن المر ليس فيه تهاون في حق الله أو حق
الزوج .
]*[ أبي الدرداء " :إذا رأيتني غضبا فرضني " " .وإذا رأيتك غضبى
رضيتك وإل لم نصطحب .
الزوجية ،وأنها ل تستقيم على حال ،فيوم رضا ،ويوم غضب،
ويوم هناء ،ويوم جفاء .وما دام المر كذلك ،فل ينبغي إطالة
أوقات الغضب والجفاء ،والعمل من قبل الزوجين على تقصيرها
ما وجدا لذلك سبيل ً .
وسأذكر لك موقفين للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله
تعالى عنه يوضح هذا المعنى وضوحا ً جليا ً وهو أن الرجل غالبا ً ل
ة واحدة بل أحيانا ً يصبر على زوجته وأحيانا ً يحتد يكون على وتير ٍ
عليها وأنه يجب على الزوجين كليهما أن يصبر على بعضهما حال
الغضب فإنه أجدُر أن ُيؤدم بينهما :
القصة الولى :
قد روي أن رجل ً جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو خلق زوجته
فوقف على باب عمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل
عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت ل يرد عليها فانصرف الرجل
راجعا ً وقال :إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلبته وهو أمير
المؤمنين فكيف حالي ؟ فخرج عمر فرآه موليا ً عن بابه فناداه
وقال ما حاجتك يا رجل فقال :يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك
سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت
وقلت :إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي فقال:
عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنها طّباخة لطعامي
ضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب مْر ِ
سالة لثيابي ُ خّبازة لخبزي غ ّ
عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك .فقال
الرجل :يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر :فاحتملها يا
أخي فإنما هي مدة يسيرة .
ت « 379خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ت وهذا، قال عمر بن الخطاب لزوجته" :يا عدوة الله ،وفيما أن ِ
ك
بب ِ ع ُت لعبة ُيل َ ت تدخلين بيني وبين المسلمين .إنما أن ِ ومتى كن ِ
م ت ُت َْركين"..ث ّ
ورة لبن شّبة( قال عمر ذلك حين )من كتاب ،تاريخ المدينة المن ّ
أتته امرأته تسأله فيما وجد على قريبها عّياض بن غنم الذي كان
وابًا.
له على الشام ثم بلغه أنه اتخذ لنفسه حماما ً ون ّ عمر قد و ّ
وفي "إحياء علوم الدين للغزالي" جاء أن عمرا ً قال لزوجته" :إنما
و إل ء له ٌة مع النسا ِ ع الملعب ِ
ة في زاوية البيت .وجمي ُ ت لعب ٌ أن ِ
الحراثة التي هي سبب وجود الولد".
]*[]*[]*[]*[
ت « 380خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ل ترجو الصلح ول الستقرار للمسلمين.
وأعلى الشياطين منزلة عند إبليس ،وأقربهم إليه ،وأدناهم منه
منزلة؛ ذلك الذي يفرق بين زوجين.
) حديث جابر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي r
قال :
إن إبليس يضع عرشه على الماء ،ثم يبعث سراياه ،فأدناهم منه
ت كذا وكذا،منزلة :أعظمهم فتنة يجيء أحدهم ،فيقول :فعل ُ
ت شيًئا .ثم يجيء أحدهم فيقول :ما تركته حتى فيقول :ما صنع َ
ت ،فيلتزمه . م أن َع َ
ت بينه وبين امرأته ،فيدنيه منه ويقول :ن ِ ْ ق ُفّر َ
َ
]*[ معنى سراياه :جنوده
دا
]*[ معنى أعظمهم فتنة :أعظمهم إغواءً وإفسا ً
]*[ معنى فيلتزمه :أي يحتضنه
وقال تعالى ) :واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما
كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما
أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى
يقول إنما نحن فتنة فل تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين
المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إل بإذن الله ويتعلمون ما
يضرهم ول ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الخرة من
خلق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ( ] البقرة:
[102
فعلى كل زوجين أن يعلما أن شياطين الجن والنس لهما
بالمرصاد ،فهم يتربصون بكل زوجين ،ويضمرون لهما العداوة
عدون الخلفات البسيطة مما يجعلها ذات حجم أكبر والبغضاء ،فيص ّ
من أصلها ،وربما كانت سبًبا في إحداث الفرقة بينهما.
]*[ ويجب على الزوجين أن يسرعا في علج الخلفات في بدايتها
ق
خْر ُمهده قبل أن يستفحل المر ويتسع ال َ وأن ُيعالج الخطأ في َ
ع دواء ،وليعلما أن قع وقبل أن يستعصي الداءُ فل ين ْ َ
ف ُ على الرا ِ
التواني والقعود عن حلها يعني تأصيلها وتغلغلها في جسد الحياة
ت في الحياة الزوجية؛ هزلت الزوجية .وإن الخلفات إذا استشر ْ
وضعفت ومرضت ،وربما انتهت -ل قدر الله .-إنها كالسوس الذي
ينخر في الساق المتين ،فيجعله هباءً منثوًرا ،وما أجمل أن يضع
جا ،يتفقان عليه في مواجهة المشكلت الزوجان أسلوًبا أو منه ً
الزوجية؛ وذلك من أول أيام الزواج.
]*[ ومن هنا يتضح أنه ليست المشكلة في وجود " مشكلة " وإنما
المشكلة ومكمن الخطورة في :
كيف نتصرف بشكل إيجابي لحل هذه المشكلة ؟
ت « 381خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
كيف يمكننا أن نقلل وقتها ،وأن نخرج منها كذلك دون أن نترك
أثرا ً سيئا ً يتراكم على هدم حياتنا وعش سعادتنا حتى يدفئه ؟!!
قد تهب بعض عواصف الخلف على الحياة الزوجية ،فتعكر على
الزوجين سعادتها وراحتها وتقضى على أواصر المودة والمحبة
بينهما ،وتقلب حياتها من نعيم إلى جحيم .ولقد أرشدنا القرآن
الكريم إلى العلج الناجح ،والدواء الشافي لمثل هذه الحالت
م ه ْض ُ ع َ ه بَ ْ ل الل ّ ُ ض َ ف ّ ما َ ء بِ َ سا ِ عَلى الن ّ َ ن َ مو َ وا ُ ق ّل َ جا ُ فقال تعالى " :الّر َ
َ َ ما َأن َ
تفظا ٌ حا ِ ت َ قان َِتا ٌ ت َ حا ُ صال ِ َ فال ّ م َ ه ْ وال ِ ِ م َنأ ْ م ْ قوا ِ ف ُ وب ِ َ ض َ ع ٍ عَلى ب َ ْ َ
نه ّ ظو ُ ع ُ ف ِ ن َ ه ّ شوَز ُ ن نُ ُ فو َ خا ُ والل ِّتي ت َ َ ه َ ظ الل ّ ُ ف َ ح ِ ما َ ب بِ َ غي ْ ِ ل ّل ْ َ
غوا َ َ َ
نه ّ علي ْ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عن َك ُ ْ ن أط َ ْ فإ ِ ْن َ ه ّرُبو ُ ض ِوا ْ ع َ ج ِضا ِ م َ في ال َ ن ِ ه ّ جُرو ُ ه ُ
وا ْ َ
عُثوا فاب ْ َ ما َ ه َ ش َ خ ْ ً
عِليا ك َِبيرا )َ (34 ّ ه َ ّ سِبيل ً إ ِ ّ
قاقَ ب َي ْن ِ ِ م ِ فت ُ ْ ن ِ وإ ِ ْ
َ
ن َ كا َ ن الل َ
َ
َ
ما ه َ ه ب َي ْن َ ُ ّ
ق الل ُ ّ ً ً َ ً َ
وف ِ صلحا ي ُ َ دا إ ِ ْ ري َ ها ِإن ي ُ ِ هل ِ َ نأ ْ م ْ حكما ّ و َه َ هل ِ ِ نأ ْ م ْ حكما ّ َ
خِبيرا ً " )النساء . (35 ، 34 عِليما ً َ ن َ كا َ ه َ ن الل ّ َ إِ ّ
قال ابن جرير الطبري :نزلت هذه الية في سعد بن الربيع
وامرأته حبيبة بنت زيد ،وذلك أنها نشزت عليه فلطمها ،فأنطلق
أبوها معها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :أفرشته
كريمتي فلطمها ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم " :لتقتص
من زوجها " فانصرفت مع أبيها لتقتص منه ،فقال النبي صلى
الله عليه وسلم " :ارجعوا هذا جبريل أتاني ،وانزل الله " :
الرجال قوامون على النساء " الية فقال صلى الله عليه وسلم "
أردنا أمرا وأراد الله أمرا ،والذي أراد الله خير " ورفع القصاص
) تفسير الطبري )5/58:
وقد قسم القران الخلف بين الزوجين إلى درجات ووضع لكل
درجة علجا مناسبا لها.
الدرجة الولى -:
الخلفات البسيطة بين الزوجين كاختلفهما في الطباع والذوق
والمزاج ،وهذه الخلفات الصغيرة المتكررة بين وقت وأخر ،ول
تخلو منها أسرة من البشر ،حتى بيت الرسول صلى الله عليه
وسلم لم يسلم من مثل هذه المنغصات العابرة )حديث عمر رضي
الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال :كنا معشر قريش نغلب
النساء ،فلما قدمنا على النصار إذ قوم تغلبهم نساؤهم فطفق
ت « 382خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نساؤنا يأخذون من أدب النصار ،فضجت على امرأتي فراجعتني
كر أن أراجعك ؟! فوالله إن م ت ُن ْ ِت أن تراجعني ! فقالت ول ِ َ فأنكر ُ
أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ،وإن إحداهن لتهجره
اليوم حتى الليل فأفزعني ذلك ،فدخلت على حفصة فقلت لها :
أى حفصة أتغاضبن إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم حتى الليل
؟ قالت :نعم .فقلت :قد خبت وخسرت )
)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت :قــال
لي رسول الله صلى الله عليه وســلم) :إنــي لعلــم إذا كنــت عنــي
راضية ،وإذا كنت علي غضبى( قالت :فقلت :من أين تعــرف ذلــك؟
فقال) :أما إذا كنت عني راضية ،فإنك تقولين :ل ورب محمــد ،وإذا
كنت غضبى ،قلت :ل ورب إبراهيــم( .قــالت :قلــت :أجــل واللــه يــا
رسول الله ،ما أهجر إل اسمك .
والعلج هنا يكون بين التسامح وغض الطرف ،وبين الموعظة
والمغاضبة والهجر اللطيف ،ودعوة كل طرف أن يراجع نفسه ،
والحديث فيه استقراء النبي صلى الله عليه وسلم لحال أهله ،
ومعرفته بهم في حال الرضا ،وفي حال الغضب .
الدرجة الثانية - :
إن يكون الخلف حول أمر جوهري ل يمكن التغاضي عنه أو
التسامح فيه ،وقد نبهت الية إلى عدة حلول لها:
) (1النصح والرشاد ،حيث يلفت الزوج نظر زوجته إلى خطئها ،
ويبين لها الصواب ،بالقول اللين ،والوعظ الحسن .
) (2الهجر في المضاجع أي يترك الجماع ،مع الصد والعراض ،
قال ابن عباس يوليها ظهره ول يجامعها ،وقد هجر رسول الله
صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا حتى شاع في المدينة انه
طلقهن .
مب َّرح [ ،فان لم ترتدع الزوجة ) (3الضرب الخفيف ] غير ال ُ
بالموعظة ول بالهجران فله أن يؤدبها بالضرب غير المبرح ضربا
نفإ ِ ْ ن َه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ رقيقا رحيما يؤدب ول يحطم ،قال تعالى َ " :
ً ّ َ
عِليا ك َِبيرا )" (34 ن َ كا َ ه َ ن الل ّ َ سِبيل ً إ ِ ّ ن َ ه ّ غوا َ َ
علي ْ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عن َك ُ ْ أط َ ْ
) النساء ( 34/
تنبيه :وقد وضع السلم قيودا وضوابط لهذا العلج حتى ربط
وبين التيان بقبائح الفعال كالفاحشة كما في بين الضرب
الحديث التي :
ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة و ِ ح َ ن ال ْ وب ِ مر ِ ع ْ)حديث َ
ن
عوا ٌ ن َ ه ّ ما ُ خيرًا ،فإن ّ َ ء َ سا ِ صوا بالن ّ َ و ُ ( أن النبي rقال »:أل َ وا ْ
ست َ ْ
ْ َ شْيئا ً َ
ة
ش ٍ ح َ فا ِ ن بِ َ ن ي َأِتي َ ك ،إل ّ أ ّ غي َْر ذل ِ َ ن َ ه ّ من ْ ُ ن ِ كو َمل ِ ُس تَ ْ م ل َي ْ َ دك ْ عن ْ َِ
غي َْر ً
ضْربا َ ن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ن َ ْ ن َ ة َ
ج ِ ضا ِن في الم َ ه ّ جُرو ُ فاه ُ عل َ ف َ فإ ِ ْ مب َي ّن َ ٍ ُ
ت « 383خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
غوا عل َيهن سبي ً َ
كمسائ ِ ُعَلى ن ِ َ م َ ن ل َك ُ ْ ل .أل َ إ ّ ْ ِ ّ َ ِ فل َ ت َب ْ ُ م َ عنك ُ ُ ن أط َ ْ فإ ْ حَ . مب َّر ٍ ُ
ن َ م َ ُ َ ّ َ حقاَ . ً ُ َ ً ح ّ
طئ َ فل ُيو ِ سائ ِك ْ على ن ِ َ م َ حقك ْ ما َ فأ ّ م َ علي ْك ْ م َ ساِئك ْ قا .وِلن َ َ
ن ت َك َْر ُ ْ
ن
ه ّحق ُ ن .أل َ و َ هو َ م ْ م لِ َ ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ ن ول َ ي َأذَ ّ هو َ ن ت َك َْر ُم ْ م َ فُرشك ُ ْ ُ
هن«. م ِ عا ِ ن وط َ َ ه ّ وت ِ ِ
س َفي ك ِ ْ ن ِ ه ّ َ
سُنوا إ ِلي ْ ِ ن ُتح ِ مأ ْ عل َي ْك ُ ْ َ
]*[ قال ابن حجر " :إن كان لبد فليكن التأديب بالضرب اليسير
بحيث ل يحصل منه النفور التام ،فان اكتفى بالتهديد ونحوه كان
أفضل ،ومهما كان الوصول إلى الغرض باليهام ل يعدل إلى
الفعل لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة
المطلوبة في الزوجة إل إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله تعالى
" ) فتح الباري ( 9/204:
الدرجة الثالثة -:
إذا اشتد الخلف وعجزت كل الطرق السابقة في العلج فعلى
الحاكم إن يختار حكمين عدلين واحدا من أقرباء الزوجة والثاني
من أقرباء الزوج ليبحثا في موضوع الخلف ويحاول الصلح بين
ما
ه َ قاقَ ب َي ْن ِ ِ ش َم ِ فت ُ ْخ ْ ن ِ وإ ِ ْالزوجين بالطرق الحكيمة قال تعالى " َ
ه ّ
ق الل ُ ف ِ و ّ ً
صلحا ي ُ َ دا إ ِ ْ ري َ ها ِإن ي ُ ِ هل ِ َ ن أَ ْم ْكما ً ّ ح َ و َ ه َ هل ِ ِ ن أَ ْ م ْكما ً ّ ح َ عُثوا َ فاب ْ َ َ
خِبيرا ً " ) النساء ( 35/ عِليما ً َ ن َ كا َ ه َ ن الل ّ َ ما إ ِ ّ ه َ ب َي ْن َ ُ
]*[ قال القرطبي :إن يريدا إصلحا يوفق الله بينهما " أي إن يرد
الحكمان إصلحا يوفق الله بين الزوجين وقيل إن يرد الزوجين
إصلحا وصدقا فيما اخبرا به الحكمين يوفق الله بينهما ،والحكمان
ل يكونان إل من أهل الرجل والمراة إذ هما أبصر بأحوال الزوجين
ويكونان من أهل العدالة وحسن النظر والبصر والفقه ،فان لم
يوجد من أهلهما من يصلح لذلك فيرسل من غيرهما عدلين
عالمين " ) تفسير القرطبي ( 5/123
الدرجة الرابعة -:
أن تتسع الفجوة بين الزوجين ويقع ما تستحيل معه العشرة
وترتفع اللفة والمودة فيلجأ إلى الطلق ،وأخر الداء الكي كالذي
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن
لي امرأة ل ترد يد لمس فقال صلى الله عليه وسلم طلقها
) رواه النسائي ( 6/170
وكما في حديث ابن عباس التي :
) حديث ابن عباس الثابت في صحيح البخاري ( أن امرأة ثابت بن
قيس أتت النبي فقالت :يا رسول الله ،ثابت بن قيس ،ما أعتب
عليه في خلق ول دين ،ولكني أكره الكفر في السلم ،فقال
رسول الله ) :أتردين عليه حديقته( .قالت :نعم ،قال رسول الله :
)اقبل الحديقة وطلقها تطليقة(.
ت « 384خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
والله نسال ان يحفظ بيوتنا من الشقاق والخلف وان يديم بيننا
المودة والوفاق .
تنبيه : ومما يساعد الزوجين على حل المشكلت والخلفات
الزوجية قبل أن يتسع الخرق على الراقع وقبل أن يستعصي الداء
فل ينفع دواء ويحصل ذلك بأن يكون لديهم القدرة على حل
المشكلت ويتم ذلك في نظري بمراعاة المور التية :
مة:حك ْ َ
أ -التروي وال ِ
عندما يمعن المرء النظر في الحياة الزوجية عند عامة الناس ل
خبو نارها إلى وأخرى على إثرها يكاد يجد بيتا ً يسلم من مشكلة ت ْ
يتأجج ُأواُرها .وليس هذا غريبا ً على طبائع البشر ،حتى بيت النبوة
لم يكن بمنأى عن تلك الخلفات لكنها حكمة الله تتجلى في
وجودها ،ليظهر للناس كيف يقف المصطفى صلى الله عليه
فى وسلم منها ،فتقتدي المة به ،وتتأسى بهديه ،ولو شاء الله لص ّ
للمصطفى حياته من الكدر ،ومشكلت البشر.
) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( قال كان
النبي rعند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة
فيها طعام فضربت التي النبي rفي بيتها يد الخادم فسقطت
الصحفة فانفلقت فجمع النبي rفلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها
الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم
حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة
الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت
التي كسرت .
فانظر – رحمك الله – إلى هذه الناة وتلك الحكمة من هادي
البشرية في معالجة الخلفات ،واحتواء المشكلة قبل أن تكبر
وتتعاظم.
إن من أعظم ما يجب الستمساك به عند اندلع نار الفتنة في بيت
الزوجية هو أن يطفئ المرء نارها بماء الناة والحكمة وإل فإن
هِلك الحرث والنسل والله ل يحب الفساد. النار قد تزداد اشتعال ً فت ُ ْ
ولقد حدث لحد الزواج خلف مع زوجته ،أثار غضبها ،وطلبت منه
الطلق بقوة وإلحاح ،فأمرها أن تأتي بورقة وقلم ليكتب ما تريد،
فجاءت بهما ،فأشار عليها أن يؤجل الكتابة إلى الغد ،فوافقت،
وفاق بينهما ،بعد زوال فما أشرقت شمس غد حتى أشرق نور ال ِ
وّتر وعلمت الزوجة أثر أناة زوجها في حل دة الت ّ َ
ح ّ
ورة الغضب ،و ِ س ْ
َ
المشكلة وتلفيها.
ب -التكيف :
ونقصد به :حمل كل من الزوجين نفسه على التأقلم مع صاحبه
ومراعاة اختلف طبيعته ،وطريقته في التعامل.
ت « 385خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وهذه المسألة من أخطر المشكلت التي تواجه الزوجين في بداية
الزواج ،كما حدثني بذلك أحد المختصين ،لن كل ً منهما قد عاش
في بيئة تختلف عن بيئة الخر وعلى منهج مغاير ،فهل ينتظر
لمنهما أن يتوافقا في الذواق والمزجة والطبائع في غضون ليا ٍ
ل نفسه على التكيف مع صاحبه ،خصوصا ً في قليلة إن لم يحمل ك ّ
بدء حياتهما .وعندما ينعدم التكيف نسمع أن فلنا ً طلق عروسه
ليلة عرسه ،وآخر فارقها بعد أسبوع ،وأخرى طلبت الطلق بعد
شهر ،وكان الجدر بهؤلء أن لو تريثوا وحملوا أنفسهم على
الختلف الطارئ في التعامل.
)ج( ضبط اللسان :
حفظ اللسان من سيئ الكلم ،وبذيء الحديث ،والثرثرة أعظم
مفتاح يمتلكه المرء لغلق باب المنازعات على نفسه ،إذ لو تأمل
العاقل في غالب منازعات الناس ،فضل ً عن الزوجين ،لوجدها من
عثرات اللسن لن اللسان أمره خطير وشّره مستطير ،
ي عنه عقر . خل ِ َ
ع إن ُ
ي رضي الله عنه :اللسان سب ْ ُ قال عل ّ
ة بما يحث على ضبط اللسان منها ما يلي : والسنة الصحيحة طافح ٌ
)حديث عقبة بن عامر في صحيح الترمذي ( أن النبي rقال :قلت
يا رسول الله ما النجاة ؟ قال أملك عليك لسانك وليسعك بيتك
وابك على خطيئتك .
د في صحيح الترمذي( أن النبي rقال :إذا أصبح )حديث أبي سعي ٍ
ابن آدم فإن العضاء كلها تكفر اللسان فتقول :اتق الله فينا
فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججنا .
فُر اللسان :أي تذل وتخضع له وتناشده كل صباح *معنى ت ُك َ ّ
بالستقامة
)حديث أبي هريرة في صحيح البخاري( أن النبي rقال إن العبد
ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ل يلقي لها بال يرفعه الله بها
درجات و إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ل يلقي لها بال
يهوي بها في جهنم .
)حديث سهل بن سعد في الصحيحين ( أن النبي rقال من يضمن
لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة .
)حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن النبي r
سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال :تقوى الله وحسن
الخلق ,وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال الفم والفرج .
)حديث معاذ في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( قال قلت يا رسول
ل ُيدخلني الجنة ويباعدني من النار ؟ قال لقد الله أخبرني بعم ٍ
سألتني عن عظيم و إنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله
ت « 386خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ل تشرك به شيئا و تقيم الصلة المكتوبة و تؤتي الزكاة المفروضة
و تصوم رمضان و تحج البيت ; أل أدلك على أبواب الخير ؟
الصوم جنة و الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار و
صلة الرجل في جوف الليل ; أل أخبرك برأس المر وعموده و
ذروة سنامه ؟ رأس المر السلم و عموده الصلة و ذروة سنامه
الجهاد ; أل أخبرك بملك ذلك كله ؟ كف عليك هذا -و أشار إلى
لسانه -قال :يا نبي الله ! و إنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال
:ثكلتك أمك يا معاذ ! و هل يكب الناس في النار على وجوههم
إل حصائد ألسنتهم .
قوامه أي ما يقوم به كله ملك ذلك ِ : *معنى ِ
)حديث ابن مسعود في صحيح الترمذي( أن النبي rقال :ليس
المؤمن بالطعان و ل اللعان و ل الفاحش و ل البذيء .
نعم إن فلتات اللسان مقاتل النسان ،وأماني الشيطان ،وصدق
من قال:
احفظ لســـــانك أيهـا النســــان ل يلـــدغّنك إنـــه ُثعبـــان
شـجعان كـانت تهـــاب لقـاءَهُ ال ّ
كم في المقابر من قتيــــل لســـانه
وثالث يبّين مدى السلمة في ترك الثرثرة:
فإذا نطقت فل تكن مكثــــــارا ن والسكوت ســــــلمة الصمـت َزي ْ ٌ
ن على الكلم مــــــرارا فلتندم ّ
فلئن ندمت على سكوتك مــــــــرة
ولذا فعلى كل من الزوجين حفظ لسانه وبخاصة عند حدوث
وَرة الغضب ،فمنه كلمة ومنها أخرى حتى س ْ
المشكلت وارتفاع َ
يقع المحذور.
د -عدم نقل المشكلت خارج البيت :
إن نقل المشكلة خارج نطاق البيت يعني بقاءها ،وازدياد اشتعال
نارها ،وخصوصا ً إذا نقلت إلى أهل أحد الزوجين ،لنهم ل يدركون
أبعاد المشكلة وأسبابها ،وغالبا ً ما يسمعون القضية من طرف
واحد ،هو خصم ،والخصم ل يسمع كلمه إل بحضور خصمه،
فيحكمون حكما ً جائرا ً أعور ،وقد تأخذهم الحمية لنقاذ ابنهم أو
ضرمون نار العداوة والبغضاء بين الزوجين إضراما ً يذهب ابنتهم ،في ُ ْ
بالبقية الباقية من أواصر المحبة بينهما.
وغالب ما يحدث من منازعات بين الزوجين إنما هي أمور طفيفة
لسباب تافهة ،تقوم لسوء مزاج أحدهما في وقت معين أو نحو
ذلك ،ثم ُتصور للخرين بألفاظ أضخم من حقيقة المشكلة فيظن
السامع لها الذي لم يعايشها أنها كبيرة ومستعصية ،فتأتي على
إثر ذلك حلول شوهاء ،يذهب ضحيتها الزوجان .ولذلك كان من
المستحسن أن يتواصى الزوجان ،ويتعاهدا على عدم نقل
ت « 387خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ش الزوجية ،وأن يحرصا كل الحرص على أل مشاكلتهما خارج ع ّ
تبيت المشكلة معهما ليلة واحدة.
ضتــه على الذي نالك من ع ّ دهر فكن صــــــــابرا ً ضك ال ّ إن ع ّ
ع في رحمته تشتكلمن تطمـــ ُ إل ســـــك الضـــــر فل أو مَ ّ
هـ -استشارة ذوي العقول وأهل الختصاص :
م في كل ما حجى عامل مه ّ إن التشاور مع ذوي الشأن وأرباب ال ِ
يحدث من خلف بين الزوجين ،ذلك لن غيرك يعرف من الحلول ما
فق للحل و ّف ُث مماثل َ حدَ ٍ ل تعرفه ،وقد يكون ممن وقع في َ
المناسب .وعادة ما يصاب المرء حين المشكلة بضيق في الرأي،
وتعكير على صفو التفكير ،يحتاج معه إلى الستناد إلى آراء
الخرين ،للخلص مما هو واقع فيه.
وأعرف شاب ّا ً وقع في بيته حدث كاد ُيوِدي بالحياة الزوجية إلى أمر
محزن ،لول أن الله وفقه لستشارة صاحب رأي من إخوانه،
فطمأنه إلى أنه ل مشكلة فيما حدث ،إن عمل بمشورته بإذن الله،
وفعل ً انقلبت المشكلة إلى سعادة ورضا ،وصارت الزوجة تخجل
من نفسها إذا تذكرت ما حصل منها ،وحمد الزوج رّبه على الناة،
وضبط اللسان ،واستشارة ذوي الشأن.
َ َ
هاهل ِ َ
نأ ْ م ْ كما ً ِ ح َ و َه َ هل ِ ِ
نأ ْ م ْ كما ً ِ ح َ عُثوا َ فاب ْ َ ما َ ه َقاقَ ب َي ْن ِ ِ ش َ م ِ فت ُ ْخ ْن ِ وإ ِ ْ) َ
خِبيرًا( عِليما ً َ ن َ كا َه َ ن الل ّ َ ما إ ِ ّ ه َ ه ب َي ْن َ ُق الل ّ ُ ف ِ و ّصلحا ً ي ُ َ دا إ ِ ْ ري َن يُ ِ إِ ْ
)النساء.(35:
و -الرضا بالقضاء والقدر :
إن من أعظم ثمرات اليمان بقدر الله وقضائه ،الطمئنان إلى
عدل الله وحكمته ،فإن أمر المؤمن كّله له خير ،إن أصابته سراءُ
شكر فكان خيرا ً له ،وإن أصابه ضراء صبر فكان خيرا ً له ،والصبر
مّر القضاء دليل على قوة اليمان وهو ابتلء من الرحمن على ُ
لعبده ،أيقابله بالشكر والرضا ،أم بالكفر ،والسخط بما قدره الله
تعالى ،والعتراض على حكمته وتدبيره.
وليعلم الزوجان أن رضاهما بما قدر عليهما كعدم النجاب ،أو
ضعف الولد أو تشويهه أو نحو ذلك من أسباب المشكلت،
واحتسابهما الجر عند ربهما وصبرهما على بليتهما خيٌر لهما في
ر .وفي الخرة جنة، ح صد ٍ الدنيا والخرة ،ففي الدنيا سعادةٌ وانشرا ُ
ورضوان من الله أكبر.
وإنه لينقضي عجبك من قوم تسمع عن أحدهم أنه هدد امرأته
بالطلق ،لنها تنجب البنات .وكأنه ل يدري أن أمر الولد ليس
موكول ً إليها ،ول إلى أحد من المخلوقين ،بل هو تقدير العزيز
َ
م
ه ْ ج ُ و ُ و ي َُز ّ
كوَر أ ْ شاءُ الذّ ُ ن يَ َ م ْب لِ َ ه ُ وي َ َشاءُ إ َِناثا ً َ ن يَ َ م ْ ب لِ َ ه ُ العليم )ي َ َ
قيمًا( )الشورى :اليتان .(49،50 ع ِ شاءُ َ ن يَ َ م ْ ل َ ع ُ ج َوي َ ْ وإ َِناثا ً َذُك َْرانا ً َ
ت « 388خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
وكأنه أدرى بالحكمة وأعرف بالمصلحة من ربه – جل وعل ،-وهذا
التصرف دليل على ضعف اليمان ،وقلة اليقين.
وقد روت كتب الخبار أن رجل ً سخط على امرأته وهجرها لنها
ث ل ت َل ِدُ إل البنات ،وتزوج من أخرى ،فأنشأت أبياتا ً تقولها مئنا ٌ
وهي ترقص إحدى ُبنياتها وتبين أنه ل مجال للسخط عليها:
مـال أبـي حـمزة ل يأتينــــا يـظـل فـي البيــت الذي يلينا
تاللـــــه مـا ذاك فـي أيدينا غضبـــــان أنا ل نلدُ البنينــا
ننبــت مـا زرعـوه فينـــــا وإنما نحن كالرض لزارعينــــا
فأدرك الزوج خطأه ،وعاد إلى زوجته ،وعاشرها بالحسنى.
وقد يبتلى بعض الرجال بزوجة دميمة ،فعليه أن يصبر على ما
َ
ه
في ِه ِ ل الل ّ ُ ع َ ج َ
وي َ ْشْيئا ً َ هوا َ ن ت َك َْر ُ
سى أ ْ ع َ ن َ
ف َ ه ّ
مو ُهت ُ ُ ن كَ ِ
ر ْ ابتلي به ) َ
فإ ِ ْ
عّير المرأة بدمامتها، خْيرا ً ك َِثيرًا( )النساء :من الية .(19وعليه أل ي ُ َ َ
وهو أمٌر ليس من تقدريها وخلقها ،وقد يؤدي مثل هذا التعيير
والتنقص إلى إثارة المرأة ومحاولتها النتقام من زوجها ،كما
نشرت جريدة الرياض قصة امرأة مصرية ،قتلت زوجها ،وقطعته
عدة قطع ،لنه كان يعيرها بقبحها ،ويهددها بالزواج عليها.
ومثل ذلك إذا أنجبت المرأة أولدا ً معوقين ،فعليه بالرضا بالقضاء
والقدر ،ولعل الله أراد به خيرًا ،وإذا أحب الله عبدا ً ابتله ،وعليه
بفعل ما يشرع من السباب لتلفي مثل ذلك ،وقل مثل هذا إذا
أصيب أحد الزوجين بمرض أو عاهة فعلى الخر الرضا والصبر
ل.والحتساب ،فالله ل يضيع أجر من أحسن عم ً
وعلى الزوجة أن تصبر إذا افتقر زوجها بعد غنى ،أو ابتلي بمصيبة
ر
س ٍع ْ عدَ ُ ل الل ّ ُ
ه بَ ْ ع ُج َسي َ ْسجن والتغرب وغيرها ) َ من مصائب الدنيا كال ّ
سرًا( )الطلق :من الية .(7 يُ ْ
ت « 389خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
لشيطانها ليتلعب بحياتها كيفما شاء ليخرجها من نور السعادة
لظلمات التخبط والتعاسة.
] [2ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة أيضا الكذب علي الزوج
فلشك أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة ،والكذابون ممقوتون
من الناس ،بعيدون عن الله والجنة ،قريبون من الشيطان و النار
..
وآفة الكذب أنه يمكن أن يصبح عادة ،فالكذب مرة ثم مرة يحيله
إلى عادة من الصعوبة بمكان التخلص منها ،ول تنسى أن الكذب
يهدي إلى الفجور بنص السنة الصحيحة كما في الحديث التي :
)حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن
النبي rقال :
) إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ،وإن الرجل
ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ً ،وإن الكذب يهدي إلى الفجور
وإن الفجور يهدي إلى النار ،وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند
الله كذابا ً ( *فالكذب هو السبب الرئيس لفقد الثقة بين الزوجين
واختلل المعادلة النسجامية بينهما وتفتح الباب علي مصراعيه
للشك ولعل ما سمعناه من بعض الزواج عن تحول حياتهم
الزوجية إلى جحيم بسبب الشك القاتل المترتب علي كذب زوجته
عليه خير دليل علي خطورة هذا المرض فهذا زوج يؤكد أن كذب
زوجته علية دفعه ليتتبع خطواتها ويشك في سلوكها وآخر يؤكد
أن كذب زوجته كان السبب الرئيس في طلقه لها واصفا أنه فقد
المان معها بسبب مدوامتها علي الكذب.
] [2ومن أخطر الصفات الفاشلة القاتلة التي تدفع الزوج إلى
الهروب من حياته الزوجية حرص الزوجة علي اصطناع نقاط
الخلف والضرب علي أوتارها رافعة شعار)النكد أصل في الحياة!(
وهذه الصفة تدفع الزوجة إلى التفنن في )العكننة( علي زوجها
والحرص علي التشاجر علي أتفه السباب وإشعال نيران الخلف
هش سرعان ول الحياة إلى بيت َ
ح ّ
المستمر بينها وبين زوجها مما ي ُ َ
ما ينهار مع أول فرصة لهروب الزوج من نكد الزوجة.
] [3و هذه الصفات الفاشلة القاتلة حرص المرأة علي الن ِدَّية
لزوجها ضاربة بمبدأ القوامة الذي أقره القرآن الكريم عرض
الحائط فهي دوما تحرص علي أن تكون صاحبة القرار في إدارة
حياتها السرية مستشعرة دائما أنها في صراع لبد أن يكون لها
غل ََبة فيه متناسية أبسط قواعد طاعة الزوج والتفاهم والحوار ال َ
متمسكة بحبال الغرب مستجيبة لدعاوى المساواة العمياء .
] [4و من الصفات الفاشلة القاتلة التي أدت إلى انهيار كثير من
بيوت المسلمين إهمال الزوجة في نفسها وزينتها فتتحول إلى
ت « 390خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
طاهية بارعة وعاملة نشيطة ومربية أطفال ل مثيل لها تمل بيتها
بالنشاط لكنها تزهد كل الزهد في مظهرها وأنوثتها معتقدة أنها
الشهيدة التي تنتحر من أجل الخريين ومتناسية أن لزوجها حقوقا
أقرها نبينا العظيم بقوله )إذا نظر إليها سرته( ونحن ل نعيب
عليها اجتهادها في خدمة بيتها وأولدها ولكن لبد من التوازن في
أداء الوجبات فهي في أمس الحاجة لستشعارها بأنوثتها ورونقها
الذي يخطف أبصار الزوج ويحميه من تبرج الجاهلية الذي امتلت
به شوارع المسلمين ويكفي أن نعلم أن الدراسات أثبتت أن %8
من حالت الطلق في العالم العربي كان سببها إهمال الزوجة
في مظهرها وأنوثتها وان نفس السبب ترتب عليه %12من
حالت الزواج الثاني .
] [5ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة أيضا ً رفض الزوجة لفراش
عدّ من السلوكيات القاتلة الزوجية بصورة مباشرة أو غير مباشرة ي ُ َ
للحياة الزوجية فبعض الزوجات تناسين تحذير نبينا العظيم صلى
الله عليه وسلم لنساء أمته من هذه الجريمة التي ترتكبها بعضهن
وحذرهن من لعنات الملئكة لهن بل حثتهن الحاديث النبوية
الشريفة علي سرعة التلبية لذلك المر ولو كانت علي التنور كما
في الحاديث التية :
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في
الصحيحين ( أن النبي rقال ) :إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه
فأبت ،فبات غضبان عليها ،لعنتها الملئكة حتى تصبح(.
)فأبت( :امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )
غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها
الملئكة حتى تصبح ( ،وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب
رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ،
وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ،ولذلك حث
المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة .
قال العراقي :وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً
عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق .
) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن
النبي rقال :والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى
فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى
يرضى عنها .
علي رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ( ن َ َ ْ
قب ِ
) حديث طل ِ
ل زوجت َه ل ِحاجت ِه َ ْ
ت فل ْت َأِته ،وإ ْ
ن كان َ ْ ج ُ َ ْ َ ُ َ َ ِ أن النبي rقال » :إ َ
ذا دعا الّر ُ
ر«.عَلى الت ّّنو ِ
َ
ت « 391خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ولكن للسف تأثر بعض النساء بدعوات العلمانيين تارة واليساريين
تارة لحقها في تحديد الوقت الذي ترتضيه لهذا المر بل وصل
المر إلى أنهم وصفوا دعوة الزوجة لفراش الزوجية علي غير
رغبتها )بظاهرة اغتصاب الزوجة! ( وذلك لقلب موازين الحياة
الزوجية وإفسادها ،فليت شعري من أباح لها ذلك وأوردها
المهالك .
فل بعض الزوجات عن غا ُ ] [6ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة ت َ َ
مدى أهمية العاطفة وإظهار مشاعر الحب للزوج مما يشعر كثير
من الزواج بالفراغ العاطفي الذي يحاول البعض إيجاده عند
ة ُأخرى ،وإنة صالح ٍ غيرهن فإن كان صالحا ً وجد بديل ً في زوج ٍ
ة والعياذ بالله ،فلبد أن ة ساقط ٍ كان فاسقا ً وجد بديل ً في امرأ ٍ
تحرص الزوجة بين الحين والخر على إظهار مشاعرها نحو زوجها
ويتبادل كلمات الحب.
] [6ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة إرهاق الزوج بما ل يطيق
من المطالب المادية والنغماس في الرفاهيات من السلوكيات
التي تؤدي نفور الزوج عن زوجتة خاصة في حالة قصر ذات اليد
فلبد أن يظلل بيوتنا الرضا والقناعة التي هي ك َن ٌْز ل يفنى ،
خْرقُ على الراقع فكثير من السر انفرط عقدها واتسع ال َ
ع دواء بسبب عدم الرضا والتطلع لما واستعصى الداء فلم ينف ُ
يتمتع به الغير ويكفي أن نعلم أن أكثر من %20من حالت الطلق
التي وقعت في العالم العربي في العوام الثلثة الماضية بسبب
عدم رضا أطراف السرة بحالتهم الواقعية وضيق ذات اليد رغم أن
هذا المر يخالف ما عاش عليه نبينا وزوجاته فها هي السيدة
عائشة تصف صبرهم علي ضيق الحال في بعض الحيان بقولها
كان يمر الهلل والهللين ول يوقد نار في بيت من بيوت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يعيشوا علي السودين التمر
والماء ضاربين للمة المثل العلى والقدوة في الرضا والقناعة
ول هذا الرضا إلي جنة صعدت بصاحبها ح ّ والتكيف مع الواقع بل ت َ َ
إلى أعلي عليين في سماوات السعادة .
] [7ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة تقديم الزوجة رغبات أهلها
وأولدها على رغبات الزوج مما يشعره بتدني مكانته عندها أل
َ
د وسوف أسوق لك و لَ َ
ح ٍ ه َ
ما ُ م َ
كاًنا َ ة َ ن ال ْ َ
مْرأ ِ م ْ ج ِ و ِ فلتعلم المرأة أ ّ
ن ِللّز ْ
ك مسمعا ً وفي قلبك مو ِ
قعا ك في سمع ِ هذه القصة عساها أن لعلها تجد ل ِ
قك إلى تطبيقها لن حسن تبعل المرأة ف ِ
ك بها ويو ِ
عسى الله أن ينفع ِ
دل الله به عليها البركة والرحمة والخير. س ِ
لزوجها ي ُ ْ
ة في غزوة أحد )أخوها عبد الله ابن
ش مات له ثلث ٌ
ح ٍ
ج ْ
ت َ
ة ب ِن ْ ُ
من َ ُ
ح ْ
* َ
جحش وخالها حمزةُ بن عبد المطلب وزوجها ومصعب ابن عمير (
ت « 392خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ة
من َ ُ
ح ْ ه َ » : يا َ ل الل ِ سو ُ ها َر ُ ل لَ َ قا َ ف َ ش َ ح ٍ ج ْ ت َ ة ب ِن ْ ُ من َ ُح ْ ه َ خت ُ ُ ت أُ ْ قب َل َ ْ فأ َ ْ َ
مَزةَ « . ح ْ ك َ خال َ َ لَ »: قا َ هَ ، ل الل ِ سو َ ن َيا َر ُ م ْ تَ : قال َ ْ سِبي « َ . حت َ ِ ا ْ
هِنيًئا ل َ ُ
ه ه َ م ُ ح َ وَر َ ه َ ه لَ ُ فَر الل ُ غ َ نَ ، عو َ ج ُ ه َرا ِ وإ ِّنا إ ِل َي ْ ِ ه َ ت :إ ِّنا لل ِ قال َ ْ َ
هادَةُ . ش َ ال ّ
وكذلك قالت عندما نعاها في أخيها :
ل»: قا َ هَ ، ل الل ِ سو َ ن َيا َر ُ م ْ تَ : قال َ ْ سِبي « َ . حت َ ِ ها َ » :ا ْ ل لَ َ قا َ م َ ثُ ّ
َ
ت: قال َ ْ ها َ ة أن ّ َ واي َ ٍ ر َ ِ في و ِ حَزَناهُ َ . وأ َ تَ : قال َ ْ ر«َ . مي ْ ٍ ع َ ب بن ُ ع َ ص َ م ْ ُ
َ َ َ ْ ف َ قَراهْ َ ، ع ْ
د«. ح ٍ ول َ ه َ ما ُ مكاًنا َ ة َ مْرأ ِ ن ال َ م ْ ج ِ و ِن ِللّز ْ ل » : إِ ّ قا َ وا َ َ
مت ي ُت ْ َ َ
ه ذكْر ُ َ سول الل ِ َ ت َ :يا َر ُ َ َ
هذا « .قال ْ َ ت َ م قل َْ ُ ها » :ل ِ َ َ َ
م قال ل َ َ ث ُّ
عِني . فَرا َ ه َ ب َِني ِ
فعلى المرأة أن تعترف بمكانة زوجها وأل تتغافل عن هذا الركن
سودُ فيه الشجار الشديد لنه يخلق جو أسري غير صحي ي َ ُ
المستمر خاصة إذا استشعر الرجل بتدخل أم الزوجة في حياته
بصورة مستمرة مما يترتب عليه حالة من الصراع الدائم بين
الطرفين وعلى الزوجة أن تقوم بعمل المعادلة الناجحة التي
تصنع من خللها التوازن بين الطرفين بما ل يوقعها في خندق
العقوق أو عصيان الزوج.
* هذه بعض الصفات التي إذا اجتمعت في امرأة أفسدت حياتها
وحولتها إلي كائن مرفوض من زوجها الذي هو أقرب الناس إليها
س حقا ً عليها. وأعظم النا ِ
]*[ لم تخلق المرأة من رأس الرجل لئل تتعالى عليه ،ول من
رجله لئل يحتقرها ،بل استلت من ضلعه لتكون تحت جناحه ..
ك أختيوقريبة إلى قلبه فيحبها وتحبه ،وهآنذا أعرض إلي ِ
حرةُ البّية صفوة الصفات ة الحيّية ال ُالمسلمة التقية النقية العفيف ُ
الطيبة التي يحُبها الرجل في زوجته والتي تجعله ينجذب إليها
حّلت بها ملكت فؤاد زوجه انجذاب الحديد للمغناطيس والتي إذا ت َ َ
حالة وكانت مستقرةً في سويداء قلبه وصميم ِ فؤاده ،ومن م َ
ل َ
هذه الصفات ما يلي :
ة ودين ،
ت عف ٍ ] [1من هذه الصفات الرائعة أن تكون المرأة ذا َ
تعرف ما لها فل تتجاوزه ول تتعداه وأن تستجيب لزوجها ؛ فهو
الذي له القوامة عليها يصونها ويحفظها وينفق عليها ؟ فتجب
طاعته وحفظه في نفسها وماله ،تتقن عملها وتقوم به وتعتني
ت « 393خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ة في بيت بنفسها وبيتها ،فهي زوجة صالحة وأم شفيقة ،راعي ٌ
زوجها ومسئولة عن رعيتها ،تعترف بجميل زوجها ول تتنكر
للفضل والعشرة الحسنة فقد جاء النكير الشديد على ذلك في
السنة الصحيحة كما في الحاديث التية :
)حديث أبي سعيد الثابت في الصحيحين ( قال :خرج رسول الله
rفي أضحى أو فطر فمّر على النساء فقال :يا معشر النساء
تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار ،فقلن وبم يا رسول الله
ل ودين ت من ناقصات عق ٍ قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأي ُ
ب الرجل الحازم من إحداكن قلن :وما نقصان ديننا أذهب لل ّ
وعقلنا يا رسول الله ؟ قال أليس شهادةُ المرأة مثل نصف
شهادة الرجل ؟ قلن بلى .قال فذلك نقصان من عقلها .أليس
ل ولم تصم ؟ قلن بلى .قال فذلك من نقصان إذا حاضت لم تص ّ
دينها .
) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة (
ة ل تشكر لزوجها وهي ل أن النبي rقال :ل ينظر الله إلى امرأ ٍ
تستغني عنه.
] [2من هذه الصفات الرائعة حنان المرأة وأنوثتها ورقتها هي
النبع الجميل الذي يذوب فيه رأس الرجل كما تذوب صخرة في
عمق الماء " ....
ة
ة لبق ً ة هادئ َ] [3من هذه الصفات الرائعة أن تكون المرأة وديع ً
فالرجل يذوب حبا ً في المرأة الوديعة الهادئة اللبقة والتي يحس
أنها " تطاوعه " و " تجري على هواه " وأن تكون أطوع له من يده
وأرق من أحلم يقظته ..
هنا يهبها الرجل قلبه وعقله ولبه وماله ومستقبله " ...
] [4من هذه الصفات الرائعة أن تكون المرأة حيّية فإن الحياء من
ل القربات ،فالحياءُ ل ل الصفات وأج ّ اليمان ،والحياء من أفض ِ
يأتي إل بخير ،والحياء قرين اليمان فإذا نزع أحدهما نزع الخر .
ل وهو )حديث ابن عمر في الصحيحين( أن النبي rمّر على رج ٍ
عه فإن الحياء من ظ أخاه في الحياء فقال رسول الله rدَ ْ يع ُ
اليمان .
)حديث عمران ابن حصين في الصحيحين( أن النبي rقال :الحياءُ
ل يأتي إل بخير .
)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ( أن النبي rقال اليمان بضع
و سبعون شعبة فأفضلها قول :ل إله إل الله و أدناها إماطة
الذى عن الطريق و الحياء شعبة من اليمان .
ت « 394خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
)حديث أبي سعيد في الصحيحين( قال :كان رسول الله rأشد
حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا ً يكرهه عرفناه في
وجهه .
)حديث أبي مسعوٍد النصاري في صحيح البخاري( أن النبي r
قال :إن مما أدرك الناس من كلم النبوة الولى :إذا لم تستح
فاصنع ما شئت .
)حديث ابن عمر في صحيح الجامع( أن النبي rقال :إن الحياء و
ع أحدهما رفع الخر . ف َاليمان قرنا جميعا فإذا ُر ِ
ل الحياء ق يبعث على اجتناب القبيح ،وأفض ُ خل ُ ٌتنبيه : الحياءُ ُ
أن تستحي من الله ،ولهذا كان الحياء من أفضل الصفات التي
ء
حَيا ِ ل ال ْ َه ُ م أَ ْ ه ْح ُ صال ِ ُ ف ال ّ سل َ ُ ن ال ّ كا َ قدْ َ ول َ َ يحبها الزوج في زوجته َ ،
َ ْ ُ ْ َ
م
ه ْ ؤ ُ سا ُ ت نِ َ كان َ ْ قدْ َ ول َ ميل َ ج ِق ال َ ِ خلك ال ُ في ذَل ِ َ م ِ ه ْ ِ ي بِد َ ن نَ ْ
فت َ ِ عل َي َْنا أ ْ ف َ َ
َ
شْيئاً أَبداً ها َ َ ن إِ َ
من ْ َة ل ي َُرى ِ ضُروَر ٍ و َ ةأ ْ ج ٍ حا َ ن لِ َ ج َ خَر ْ ذا َ ه ّ حَيائ ِ ِة َ شدّ ِ ن ِ م ْ ِ
َ
في و ِذَراعاً ِ شْبراً أ ْ ها ِ خَيةً ث َ ْ
وب َ َ مْر ِ ر ُ دا ِ قةً ِبال ْ ِ
ج َ ص َ لل ِ جا ِ عن الّر َ عد ُ َ وت َب ْت َ ِ َ
ك. ة ك َذَل ِ َ عَباءَ ٍ و َ ق َ خلِ ٍ ث َ ب َر ّ ٍ و ِ ثَ ْ
قِبل فعلى المرأة أن تتحرى أن تكتسب هذه الصفات الرائعة وأن ت ُ ْ
عليها إقبال الظامئ على المورد العذب ولنعلم أنها إذا نجحت في
ذلك فقد نجحت في حياتها الزوجية ،ولتعلم المرأة أن اكتساب أي
ل ويسيُر على من صدق النية والتجأ إلى تعالى فإنه من خُلق سه ُ ُ
قه بنص السنة الصحيحة كما و ّ يتحر الخير يعطه و من يتق الشر ي ُ َ
في الحديث التي :
)حديث أبي هريرة في صحيح الجامع( أن النبي rقال إنما العلم
بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق
قه . و ّ الشر ي ُ َ
ولله دّر الشاعر :
أل بالصبـــــــر تبلغ مـا تريـد وبالتقـوى يليــن لك الحديــــــد
] [5من هذه الصفات الرائعة أن تتحلى المرأة بالحلم وحسن
الخلق والصبر على ما تواجهه من زوجها ،والبشاشة والكلمة
ئ
طف ُ الطيبة والعفو وسعة الصدر ،فتكون له كالبلسم الذي ي ُ ْ
الجراح وكالماء البارد في اليوم الشديد الحر ،فيستمتع بحلوة
الشهد وهو يقطُُر من فمها العذب ،ويجد فيها الهدوء عند القلق،
والبشاشة عند الضيق ،فعلى الزوجة أن تتحلى بالصبر على
زوجها فتصبر على أذاه ،وأن ل تصنع ما يغضبه أو يثيره ،وعليها
مل عند ثورته بالهدوء ،وأن تتصرف بحكمة ؛ لتمتص غضبه أن تتج ّ
ده إلى رشده وت َُر ُ
]*[ ولذلك قال أحد الرجال قديما يوصي زوجته:
ت « 395خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
خذي العفـو مني تسـتديميول تنطقي في سورتي حين
أغضب ودَِتيم َ َ
ب غي َ ُ
م َفإنك ل تدرين كيـــــف ال ُ ة
ول تنقـريني نقرك الدف مــــر ً
ب قل ّ ُ ب تُ َ ويأباك قلبـي والقلــــو ُ ول تكثـري الشـكوى فتذهب
بالهوى
باجتمــعا لم يلبث الحب يذه ُ القلب
فإني وجدت الحـب في إذا
والذى
فعلى المرأة أن تقابل غضب زوجها بالبتسامة الحانية والكلمة
الطيبة فإن الكلمة الطيبة صدقة ،ولها فعل السحر في نفوس
الناس؛ فهي تبني ول تهدم ،وتصلح ول تفسد،
و إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ل يلقي لها بال يرفعه
الله بها درجات بنص السنة الصحيحة :
)حديث أبي هريرة في صحيح البخاري( أن النبي rقال إن العبد
ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ل يلقي لها بال يرفعه الله بها
درجات و إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ل يلقي لها بال
يهوي بها في جهنم .
ة
ة حافظ ً ة قانت ً طا صالح ًطا ول تكثر لغ ً م الّله امرأة ل تطلب غل ً ح ََر ِ
للغيب بما حفظ الّله.
وعلى المرأة أن تضع نصب أعينها أن الرجل ل يكون
ة واحدة لما يلقيه من مكابدة الحياة ومسئولياتها غالبا ً على وتير ٍ
فقد يكون بشوشا ً وأحيانا ً يعتريه بعض الضيق فعليها أن تصبر
ة يسيرة ويعود إلى بشاشته ، عليه وقت الضيق فما هي إل ساع ٍ
محالة من كل زوج مهما بلغت درجة صلحه لل َوهذا حاص ٌ
ة الن لتعلم أن ذلك يحصل من أي زوج مهما وسأسوق لك قص ً
بلغت درجة صلحه ودينه وإن كان من الخلفاء الراشدين أو العلماء
الربانيين :
ت وهذا، قال عمر بن الخطاب لزوجته" :يا عدوة الله ،وفيما أن ِ
ك
بب ِ ع ُ ت لعبة ُيل َ ت تدخلين بيني وبين المسلمين .إنما أن ِ ومتى كن ِ
م ت ُت َْركين".. ث ّ
ورة لبن شّبة( قال عمر ذلك حين )من كتاب ،تاريخ المدينة المن ّ
أتته امرأته تسأله فيما وجد على قريبها عّياض بن غنم الذي كان
وابًا. له على الشام ثم بلغه أنه اتخذ لنفسه حماما ً ون ّ عمر قد و ّ
وفي "إحياء علوم الدين للغزالي" جاء أن عمرا ً قال لزوجته" :إنما
و إل ء له ٌة مع النسا ِ ع الملعب ِة في زاوية البيت .وجمي ُ ت لعب ٌ أن ِ
الحراثة التي هي سبب وجود الولد".
ت « 396خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
ه
قْر ُت على زوجها حال غضبه وثورته ولم ت َن ْ ُ صب ََر ْ
ة َ ]*[ فلله دّر امرأ ٍ
ة ل أذوق قَر الديك وامتصت غضبه وتأست بنساء أهل الجنة قائل ً نَ ْ
غمضا ً حتى ترضى ُ
)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة(
أن النبي rقال :نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود
علي زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها
غمضا ً حتى ترضى . وتقول ل أذوق ُ
العؤود :التي تعود علي زوجها بالنفع .
ل أذوق غمضا ً :ل أذوق نوما ً حتى ترضى .
والمرأة الودود هي المرأه التي ُيعهدُ منها التودد إلي زوجها
والتحبب إليه ،وبذل ما بوسعها من أجل مرضاته لذا تكون معروفة
باعتدال المزاج وهدوء العصاب بعيدة عن النحرافات النفسية
والعصبية تحنو علي ولدها وراعية لحق زوجها أما إذا لم تكن
ت علي زوجها وصعب قيادها فع ْالمرأة كذلك كثر نشوزها وتر ّ
لشراسة خلقها مما يفسد الحياة الزوجية بل ويدمرها بعد استحالة
تحقق السكن النفسي والروحي للزوج بسببها.
]*[ قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى » :وينبغي للمرأة العاقلة إذا
حا يلئمها أن تجتهد في مرضاته ،وتجتنب كل ما جا صال ً وجدت زو ً
يؤذيه ،فإنها متى آذته أو تعرضت لما يكرهه أوجب ذلك مللته،
وبقي ذلك في نفسه ،فربما وجد فرصته فتركها ،أو آثر غيرها،
فإنه قد يجد ،وقد ل تجد هي ،ومعلوم أن الملل للمستحسن قد
يقع ،فكيف للمكروه«!
إن المرأة الصالحة إذا نجحت في اكتساب هذه الصفات فقد
طويت من صفحات حياتها صفحات كانت ملى بالمعاناة والدموع ُ
والهموم والصبر والكفاح حتى طوتها يد الفرج وأعقبتها صفحة
جديدة سطورها الحب الزوجي والتفاهم والمودة والرحمة
والنسجام والراحة والسعادة بعد تحقق المل الجميل .
ة أنه ل تكاد أسرةٌ تسلم تنبيه :إن من المعلوم عقل ً وبداه ً
من الخلفات ،
ع ل محالة والنجاح في كيفية علج هذه الزوجية ،فهو واق ٌ
لالمشكلت بشكل يضمن المحافظة على الحياة الزوجية وبشك ٍ
ة الوطائد ، ة القواعد مشيدةَ الركان ثابت َ ة بينهما راسي َ يجعل المود َ
غض الطرف عن معالجة الخلف في وينبغي على الزوج أن ل ي َ ُ
ط العقد و يستفحل المر ويتسع الخرق على مهده قبل أن ينفر َ
الراقع وقبل أن يستعصي الداء فل ينفع دواء ،وهذا هو منهج
ت القرآن الكريم في معالجة ما يحصل بين الزوجين من خلفا ٍ
ونشوز .
ت « 397خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
نه ّ شوَز ُ ن نُ ُ فو َ خا ُ والل ِّتي ت َ َ ففي نشوز المرأة قال تعالىَ ) :
َ
فل َ م َ عن َك ُ ْ ن أط َ ْ فإ ِ ْن َ ه ّ رُبو ُ ض ِ وا ْ ع َ ج ِضا ِ م َ في ال ْ َ ن ِ ه ّ جُرو ُ ه ُ وا ْ ن َ ه ّ ظو ُ ع ُ ف ِ َ
عل ِي ّا ً ك َِبيرًا( ]سورة :النساء -الية: ن َ كا َ ه َ ن الل ّ َ سِبيل ً إ ِ ّ ن َ ه ّ علي ْ ِ
غوا ْ َ َ ت َب ْ ُ
[34
فالية صريحة في أن النسان يجب عليه أن يعالج الخطأ بمجرد أن
يشعر به ول ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل .
* وفي نشوز الرجل وإعراضه عن المرأة أرشد الكتاب والسنة
الصحيحة المرأة أن تبادر إلى المصالحة مع زوجها إن خشيت أن
يطلقها ول تنتظر حتى تقع المفارقة .
ْ ً َ ً مَرأ َةٌ َ
ح
جن َا َ فل َ ُ عَراضا َ و إِ ْ شوزا أ ْ ها ن ُ ُ عل ِ َ من ب َ ْ ت ِ ف ْ خا َ نا ْ وإ ِ ِ قال تعالىَ ) :
ُ َ
ح
ش ّ س ال ّ ف ُ ت الن ْ ُ ضَر ِ ح ِ وأ ْ خي ٌْر َ ح َ صل ْ ُ وال ّ صْلحا ً َ ما ُ ه َ حا ب َي ْن َ ُ صل ِ َ مآ أن ي ُ ْ ه َعلي ْ ِ
َ َ
خِبيرًا( ]سورة: ن َ مُلو َ ع َ ما ت َ ْ ن بِ َ كا َ ه َ ن الل ّ َ فإ ِ ّ قوا ْ َ وت َت ّ ُ سُنوا ْ َ ح ِ وِإن ت ُ ْ َ
النساء -الية[128 :
س الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( عّبا ٍ ن َ ) حديث اب ِ
ت :ل َ ت ُطَل ّ ْ َ
قِني قال َ ْ ف َ ي َ r ها الّنب ّ ق َ ن ي ُطَل ّ َ ودَةُ أ ْ س ْ ت َ شي َ ْ خ ِ قال َ »:
َ َ َ
ما ه َ علي ْ ِ ح َ جَنا َ فل َ ُ ت} َ فن ََزل ْ ل َ ع َ ف َف َ ةَ ، ش َ عائ ِ َ مي ل ِ َ و ِ ل يَ ْ ع ْ ج َ وا ْ سك ِْني َ م ِ وأ ْ َ
يء ن َ َ َ َ َ ْ ً ْ َ
ش ْ م ْ ه ِ علي ْ ِ حا َ صطل َ ما ا ْ خي ٌْر{ ف َ ح َ صل ُ وال ّ صلحا َ ما ُ ه َ حا ب َي ْن َ ُ صل ِ َ ن يُ ْ أ ْ
جائ ٌِز« . و َ ه َ ف ُ َ
رقم الموضـــــــوع
الصفحة
1
6 مكانة المرأة في السلم
ت « 398خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
11 تعريف النكاح
12 مشروعية النكاح
14 كم الن ِ َ
كاح ح ْ
ُ
17 الحكمة من النكاح وفوائده
24 السس التي يقوم عليها نظام الحياة
الزوجية
30 ُأسس اختيار الزوجة
59 ُأسس اختيار الزوج
73 خطبة ومسائلها ال ِ
92 عقد النكاح ومسائله
93 أركان عقد النكاح
93 شروط صحة النكاح
97 شروط الولي
98 سلم الترتيب في الولي للمرأة
99 المحرمات في النكاح
99 أسباب التحريم
100 الرضاع الذي يثبت به التحريم
100 المحرمات بالمصاهرة
101 ثانيا ُ :المحرمات مؤقتا ً
ت « 399خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
رقم الموضـــــــوع
الصفحة
103 النكحة الفاسدة
104 الشروط في النكاح
106 أنواع الشروط
107 العيوب في النكاح
110 زفاف آداب ال ِ
111 أوًل :آداب ليلة البناء بالعروس
114 ثانيا ً :آداب الجماع
124 ثالثا :أفضل أوضاع الجماع
125 رابعا ً :ما يباح في الجماع وما يحرم
131 خامسا ً :فوائد المعاشرة الجنسية
136 سادسا ً :وجوب الوليمة
140 سابعا ً :وصايا إلى الزوجين
142 ثامنًا :الحقوق الزوجية
142 أول ً :حقوق الزوجة
198 ثانيا ً :حقوق الزوج على زوجته
199 ظم حق الزوج ع َ ِ
202 ة وتفصيل حقوق الزوج على زوجته جمل ً
212 أول ً :من حفظ غيبته أل تكلم رجل ً أجنبيا ً
إل بإذنه
212 هاِتفَية
مات ال َ م َ
كال ِ َ ة ال ُ خ ُ
طوَر ِ ت َذْك ِي ُْر الت َ ِ
قَية ب ِ ُ
225 محتال تحذيٌر إلى المعاكس ال ُ
ت « 400خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
رقم الموضـــــــوع
الصفحة
228 شناعة الخيانة الزوجية
236 مفاسد الزنا والعياذ بالله
248 تفاوت فاحشة الزنا والعياذ بالله
249 قصص وعبر لسوء عاقبة الزناة
252 التفسير الشرعي لوقوع العصاة في الزنا
254 عفاف الصدق في ال َ
264 د أن يخببها على زوجها ثانيا ً :من أل تسمح لح ٍ
273 أصناف النساء في حفظها لغيبة زوجها
276 التفسير الشرعي لمتداد عين المرأة
اللئيمة إلى غير زوجها
283 سوء عاقبة التخبيب
286 فتنة النساء وكيفية النجاة منها
302 من مشاهد الضياع في ارتداء الحجاب
347 المكافأة في الخرة لمن صان نفسه عن
الحرام في الدنيا
348 خْلقية
صفات الحور العين ال َ
351 خُلقيةصفات الحور العين ال ُ
352 ما جاء في التمتع بالحور العين
359 حتى تكـوني أنـيقة الملبس !!..
361 ألوان تقّربك من زوجك..وألوان تبعده
عنك!
363 كيف تكسبين زوجك من خلل اللوان
385 ثالثا ً :الحقوق المشتركة بين الزوجين
404 تاسعا ً :علج الخلفات الزوجية
406 كيفية علج الخلفات الزوجية
رقم الموضـــــــوع
الصفحة
414 عاشرا ً :صفات المرأة القاتلة للسعادة
الزوجية
418 الحادي عشر :صفات المرأة التي تجلب
السعادة الزوجية
ت « 401خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ
جْية
الَزوْ ِ ق
قو ِ ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ
ح ُ
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أل إله إل أنت
أستغفرك وأتوب إليك
تم بحمد الله تعالى ومنته
ت « 402خاف ال َ
فو ْ ن الَمْوت » ن أي ْ َ
ق َ َ
م ْ