You are on page 1of 402

‫جْية‬

‫‪‬‬ ‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬


‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬

‫ر‬‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بالله من شرو ِ‬


‫ت أعمالنا ‪ ،‬من يهده الله فل مضل له ومن يضلل فل‬ ‫أنفسنا وسيئا ِ‬
‫هادي ‪ ،‬واشهد أن ل إله إل الله الواحد القهار شهادةٌ أدخرها ليوم ٍ‬
‫تذهل فيه العقول وتشخص فيه البصار شهادةٌ أرجو بها النجاةَ من‬
‫ت تجري من تحتها النهار‪ ،‬هو الو ُ‬
‫ل‬ ‫دار البوار وأؤمل بها جنا ٍ‬
‫فليس قبله شيء والخُر فليس بعده شيء والظاهر فليس فوقه‬
‫ه شيء وهو السميع‬ ‫شيء والباطن فليس دونه شيء ‪ ،‬ليس كمثل ِ‬
‫البصير وأشهد أن محمد عبده ورسوله المصطفى المختار الماحي‬
‫لظلم الشرك بثواقب النوار صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه‬
‫البررة الطهار صلةً تدوم بتعاقب الليل والنهار ‪.‬‬
‫َ‬
‫م‬‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قات ِ ِ‬ ‫ق تُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫)يا أيها ال ّ ِ‬
‫] آل عمران ـ ‪[ 102‬‬ ‫ن(‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ق‬
‫خل َ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن ن َف ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خلقك ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫س ات ّقوا َرب ّك ْ‬ ‫) يا أيها الّنا ُ‬
‫ذي‬ ‫ّ‬
‫ه ال ِ‬ ‫ّ‬
‫قوا الل َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫ساءً َ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫جال ً ك َِثيًرا َ‬ ‫ر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ِ‬
‫قيب ًا ( ]النساء‪[ 1 /‬‬ ‫ً‬ ‫م َر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫علي ْك ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه كا َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫والْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ساءَلو َ‬ ‫ت َت َ َ‬
‫م‬‫ح ل َك ُ ْ‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫دا * ي ُ ْ‬ ‫دي ً‬ ‫س ِ‬ ‫وًل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫قوُلوا َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫) يا أيها ال ّ ِ‬
‫وًزا‬‫ف ْ‬‫فاَز َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫ن ي ُطِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ما (] الحزاب ‪[ 71 – 70‬‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬

‫أما بعد‬
‫مة ‪ ،‬لنه‬
‫سي ْ َ‬
‫ج ِ‬ ‫مه ال َ‬
‫ع ِ‬‫ون ِ َ‬‫عظيمة َ‬‫ن الله ال َ‬
‫من ِ ِ‬
‫ج من ِ‬
‫]*[ لما كان الزوا ُ‬
‫ل به التعفف للمسلم ‪ ،‬وبه يجمع شتات قلبه ‪ ،‬ويسكن به‬ ‫يحص ُ‬
‫ن للشياطين ‪،‬‬ ‫ن على الدين ‪ ،‬ومهي ٌ‬ ‫قلبه عن الحرام لن النكاح معي ٌ‬
‫ب للتكثير الذي به مباهاة سيد‬ ‫ن دون عدو الله حصين‪ ،‬وسب ٌ‬ ‫وحص ٌ‬
‫المرسلين لسائر النبيين ‪ ،‬ولنه خيُر زاٍد ليوم الميعاد بعد تقوى‬
‫دا معا ً لقيام الساعة ‪.‬‬ ‫ع ّ‬‫الله تعالى حيث يتعاونا معا ً على الطاعة‪،‬وي ُ ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪1‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ ولما كان منتهى أمل الزوج وأقصى غايته في الزواج أن‬
‫حَرةً أبّية ‪ ،‬ل‬ ‫حي ِّية ‪ُ ،‬‬ ‫ة َ‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ً‬ ‫ة تقي ً‬ ‫يرزقه الله تعالى زوج ً‬
‫ُ‬
‫يطمع فيها طامع ‪ ،‬ول يرتع حول حماها راتع ‪ ،‬يهنأ بها و تحفظ‬
‫ه‬
‫حب ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫من ِّية ‪ ،‬وت ْ‬ ‫فقه حتى تأتيه ال َ‬ ‫مته ‪ ،‬وت َُرا ِ‬ ‫غيبته ‪ ،‬وتصون كرا َ‬
‫ة‬‫عدّ معه لقيام ِ الساعة ‪ ،‬زوج ً‬ ‫عي ُْنه على الطاعة ‪ ،‬وت ُ ِ‬ ‫بالقناعة ‪ ،‬وت َ ِ‬
‫تتدفق حياءا ً وتشرق طهرا ونقاءا ‪.‬‬
‫]*[ ولن صلح السرة طريق أمان الجماعة كلها ‪ ،‬وهيهات أن‬
‫ت فيه حبال السرة ‪ ،‬فالسرة المؤمنة تربى‬ ‫هن ْ‬ ‫و َ‬ ‫يصلح مجتمع َ‬
‫الجيال‪ ،‬ومن مثل هذه السرة يتخرج القادة والمصلحون ‪ ،‬كيف‬
‫ن الّله سبحانه بهذه النعمة‪ ..‬نعمة اجتماع السرة وتآلفها‬ ‫وقد امت ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ع َ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫واجا ً َ‬ ‫م أْز َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ف ِ‬ ‫ن أن ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫وترابطها قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫فِبال َْباطِ ِ‬ ‫تأ َ‬ ‫ن الطّي َّبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫وَرَز َ‬ ‫فدَةً َ‬ ‫ح َ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫كم ب َِني َ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫م ْ‬‫م ّ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ن( ]سورة‪ :‬النحل ‪ -‬الية‪ [72 :‬إن‬ ‫فُرو َ‬ ‫م ي َك ْ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َ‬ ‫وب ِن ِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫الزوجين وما بينهما من وطيد العلقة‪ ،‬وإن الوالدين وما يترعرع‬
‫في أحضانهما من بنين وبنات يمثّلن حاضر أمة ومستقبلها‪ ،‬ومن‬
‫ك روابط أسرة فهو ل يهدم بيًتا‬ ‫ف ّ‬ ‫ثم فإن الشيطان حين يفلح في َ‬
‫دا‪ ،‬وإنما يوقع المة جمعاء في أذى‬ ‫دا‪ ،‬ول يحدث شرا محدو ً‬ ‫واح ً‬
‫ستعر وشّر مستطير‪ .‬والواقع المعاصر خيُر شاهد‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫قا‪ ،‬لي ًّنا‬ ‫ً‬
‫سيرة‪ ،‬طّيب السريرة‪ ،‬سهل رفي ً‬ ‫م الله رجل محمود ال َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ح َ‬ ‫فَر ِ‬
‫ما في أمره‪ ،‬ل يكلف شططا ول يرهق‬ ‫ما بأهله حاز ً‬ ‫فا‪ ،‬رحي ً‬ ‫رؤو ً‬
‫م الّله امرأة ل تطلب غل ً‬
‫طا‬ ‫ح َ‬ ‫عسًرا‪ ،‬ول يهمل في مسؤولية ‪ ،‬وَر ِ‬ ‫ُ‬
‫ّ‬
‫ة للغيب بما حفظ الله‪.‬‬ ‫ة حافظ ً‬ ‫ة قانت ً‬ ‫ول تكثر لغطا صالح ً‬ ‫ً‬
‫]*[ ولما كان هذا ل يتأتى إل بتقوى الله تعالى والعلم بحقوق‬
‫الزوجين لن التقوى والعلم قرينان في كتاب الله تعالى مصداقا ً‬
‫م(‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُ ّ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬
‫ه َ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫لقوله تعالى ‪َ ) :‬‬
‫]سورة البقرة‪ ، [282/‬وما أحرانا أن نتعلم سننه وآدابه‪ ،‬ونشرح‬
‫مقاصده وآرابه ‪.‬‬
‫قل‬ ‫م ِ‬ ‫دم هذا الجهد ال ُ‬ ‫]*[ لهذه المور مجتمعة أردت أن أق ّ‬
‫ق الزوجية _ مبتدأ بمقدمة عن‬ ‫ً‬
‫حقو ِ‬ ‫رية بال ُ‬ ‫والمسمى _ َتذك ِي ُْر الب َ ِ‬
‫رض‬ ‫مكانة المرأة في السلم ثم تعريف الزواج وفضله ‪ ،‬ثم أع َ ِ‬
‫أسس اختيار الزوج لزوجته وأسس اختيار الزوجة لزوجها ‪ ،‬ثم‬
‫ل منهما لن التذكرة‬ ‫أورد حقوق الزوجين لكي تكون تذكرةً لك ٍ‬
‫ع‬
‫ف ُ‬ ‫ى َتن َ‬ ‫ن الذّك َْر َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫وذَك ّْر َ‬ ‫نفعها عميم وفضلها جسيم لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫كر العاقل وت ُن َِبه الغافل‬ ‫ن( ]الذاريات‪ [55 :‬فإن التذكرة ت ُذَ ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫وم المائل ‪ ،‬فأبدأ بحقوق الزوجة ثم حق الزوج ثم الحقوق‬ ‫ق ّ‬ ‫وت ُ َ‬
‫ع هذا الكتاب بين يدي كل زوجين‬ ‫المشتركة بين الزوجين ‪ ،‬فأض ُ‬
‫ل‬‫داعيا ً الله تعالى أن يجعله عونا ً لهما بعد الله تعالى في أن يهنأ ك ٌ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪2‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫منهما بالخر في حياة يسودها المودةُ والرحمة ‪ ،‬والحياء والعفة ‪،‬‬
‫ة أبّية ‪ ،‬وأن يعيشا معا ً في‬ ‫حر ٍ‬ ‫حي ِّية ‪ُ ،‬‬‫ة َ‬‫ة تقية نقية ‪ ،‬عفيف ٍ‬ ‫مع زوج ٍ‬
‫شبه البرار ‪.‬‬ ‫ء يُ ْ‬ ‫ة ووقار ‪ ،‬وسكينة واستقرار ‪ ،‬ونقا ٍ‬ ‫عز ٍ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬بببب بب ببب بببببب ‪:‬‬
‫)‪ (1‬التذكير بمكانة المرأة في السلم ثم تعريف الزواج وفضله‬
‫رض أسس اختيار الزوج لزوجته وأسس‬ ‫ِ‬ ‫مه البالغة‪ ،‬ثم أع َ‬ ‫حك َ َ‬ ‫و ِ‬
‫ً‬
‫اختيار الزوجة لزوجها ‪ ،‬ثم إيراد حقوق الزوجين مبتدأ بحقوق‬
‫الزوجة ثم حقوق الزوج ثم الحقوق المشتركة بينهما‪.‬‬
‫خْلتها وزبدةٌ استخلصتها مما يزيد‬ ‫ة انَتـ َ‬‫)‪ (2‬إن هذا الكتاب خلص ٌ‬
‫على مائة كتاب عن الزواج ‪ ،‬عدا كتب التفسير والحديث والفقه‬
‫ت منها لباب النقول من الكتب الفحول ‪ ،‬أهديها لكل‬ ‫ونحوها ‪ ،‬أخذ ُ‬
‫حَلل‬‫سها ُ‬ ‫ل ‪ ،‬سائل ً الله تعالى أن ي ُل ْب ِ َ‬ ‫قو ٍ‬ ‫ع ُ‬ ‫ب َ‬‫قل ْ ٍ‬
‫و َ‬
‫ل َ‬‫و ٍ‬
‫سؤ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ِل َ‬
‫القبول وأن يرزقني وإياكم الثواب المأمول ‪ ،‬وهآنذا أضعها بين‬
‫يدي القارئ الكريم من باب الذكرى لمن كان له قلب ‪ ،‬أو ألقى‬
‫ص‬‫السمع وهو شهيد ‪ ،‬يجد فيه وصايا ذهبية صادرة عن إخل ٍ‬
‫ن طوية أقدمها للزوجين الكريمين لعلها تجد لهما في‬ ‫حس ِ‬ ‫و ُ‬
‫قعا عسى الله أن ينفعهما بها‬ ‫ً‬ ‫سمعهما مسمعا وفي قلبهما مو ِ‬
‫قهما إلى تنفيذها ‪.‬‬ ‫ف ْ‬ ‫و ِ‬ ‫وي ُ َ‬
‫)‪ (3‬أنني ل أورد حديثا ً إل عزوته إلى بعض الكتب الصحيحة على‬
‫المنهج التي ‪ :‬ما كان في الصحيحين أو أحدهما أكتفي بذلك ‪ ،‬وما‬
‫لم يكن في الصحيحين أو أحدهما أعزوه إلى صحيح السنن الربعة‬
‫إن كان موجودا ً بها كلها ‪ ،‬وإن كان موجودا ً في بعضها فإنني‬
‫أعزوه إلى كتابين فقط منهم وإن كان موجودا ً في ثلث ‪ ،‬وإن‬
‫كان موجودا ُ في كتاب واحد منهم أعزوه إليه ‪ ،‬وهكذا تجدني أقدم‬
‫الكتب الستة على غيرها لنها عماد طالب العلم في الحديث – بعد‬
‫الله تعالى ‪ ، -‬وما لم يكن في الكتب الستة فإنني أعزو الحديث‬
‫إلى غيرها من الكتب الصحيحة مثل صحيح الجامع ‪ ،‬صحيح الدب‬
‫المفرد ‪ ،‬السلسلة الصحيحة ‪ ،‬كما أنك تجدني أيها القارئ الكريم‬
‫ع‬
‫ء اللم ِ‬‫ة الضيا ِ‬ ‫أحيل في تصحيح الحديث وتضعيفه على العلم ِ‬
‫والنجم الساطع الشيخ اللباني حفظه الله ‪ ،‬ونحن حينما نحيل‬
‫ب‬‫ي لنه كوك ُ‬ ‫على الشيخ اللباني فإننا – ولشك – نحي ُُ‬
‫ل على مل ّ‬
‫نظائره وزهرةُ إخوانه في هذا الشأن في زماننا هذا العالم الجليل‬
‫ة من السنة بتقديمه مشروع ) تقريب‬ ‫سع دائرةَ الستفاد ِ‬ ‫الذي و ّ‬
‫السنة بين يدي المة ( ذلك المشروع الذي بذل فيه أكثر من‬
‫أربعين سنة ‪ ،‬ومن أراد أن يعرف هذه الفائدة العظيمة فلينظر‬
‫على سبيل المثال إلى السنن الربعة التي ظّلت مئات السنين‬
‫محدودة الفائدة جدا ً حيث كانت الستفادة منها مقتصرة على من‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪3‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كان له باع في تصحيح الحديث وتضعيفه ولكن بعد تقديم الشيخ‬
‫اللباني لصحيح السنن الربعة اتسعت دائرة الستفادة حتى تعم‬
‫كل طالب أراد أن يستفيد وهذا ول شك فائدة عظيمة جدا ُ عند من‬
‫نور الله بصيرته وأراد النصاف ‪ ،‬ومن المؤسف في زماننا هذا أن‬
‫نرى بعض طلبة العلم ممن ل يقام لهم وزنا ً في العلم يتطاولون‬
‫على الشيخ اللباني ويجترئون عليه ويترقبون له الهفوات‬
‫ويتصيدون له الخطاء ويلتمسون العثرات ليشهروا به وهذا – ول‬
‫ة الضمائر ولؤم‬ ‫شك – يدل على فساِد النية وسوء الطوية وسقام ِ‬
‫السرائر ويدل كذلك على أن قلبه أخلى من جوف البعير ‪ ،‬إذ لو‬
‫تعلم العلم لعلم أن من أدب العلم التوادَ فيه ‪ ،‬ولقد كان ابن‬
‫عباس – رضي الله عنهما – يأخذ بركاب زيد ابن ثابت – رضي الله‬
‫عنه ‪ -‬ويقول هكذا أمرنا أن نفعل بالعلماء ‪ ،‬وكان الشافعي رحمه‬
‫الله يقول لعبد الله ابن المام أحمد ‪ :‬أبوك من الستة الذين أدعو‬
‫ولت لهم أنفسهم أن‬ ‫لهم كل يوم عند السحر ‪ ،‬ول أدري كيف س ّ‬
‫يتطاولوا على عالم صاحب حديث رسول الله أكثر من نصف قرن‬
‫ول أدري كيف يتطاولون على العالم والكتاب والسنة طافحين بما‬
‫يدل على احترام أهل العلم وتوقيرهم ‪ ،‬أل فليحذر طالب العلم‬
‫من أن يكون سيئ الخلق ناطحا ً للسحاب يترقب للعالم الهفوات‬
‫ص من مقدار التقوى‬ ‫ويلتمس العثرات ليشهر به فإن ذلك ينق ُ‬
‫عنده مما يكون سببا ً في حرمانه من العلم ‪ ،‬بل ينبغي لطالب‬
‫م‬‫ب الخلق سلي َ‬ ‫م الطباع حميدَ السجايا مهذ َ‬ ‫العلم أن يكون كري َ‬
‫سِلم‬
‫غِنم وإذا سكت َ‬ ‫الصدر مفتاحا ً للخير مغلقا ً للشر إذا تكلم َ‬
‫وينبغي له أن يعرف أن العالم مع جللته وعظم قدره قد يخطأ في‬
‫اجتهاده فإن لكل جواٍد كبوة ولكل عالم هفوة وسبحان من له‬
‫ل‬
‫الكمال ‪ ،‬فل يكن خطأ العالم سبب لنتقاصك لحقه أو فرصة للني ِ‬
‫ب على اجتهاده سواء أصاب‬ ‫منه ‪ ،‬وليكن نصب أعينك أن العالم مثا ٌ‬
‫أم أخطأ وحسُبك حديث النبي‪ ‬الثابت في الصحيحين عن عبد الله‬
‫ابن عمرو – رضي الله عنهما –أن النبي ‪ ‬قال ‪ :‬إذا حكم الحاكم‬
‫فاجتهد ثم أصاب فله أجران ‪ ،‬وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر ‪.‬‬
‫‪ ،‬ثم عليك بعد ذلك أن تترك العالم هو الذي يحكم على العالم و‬
‫أخرج من بين النسور ول تناطح السحاب ‪.‬‬
‫أنا أقدم هذا الكتاب كتمرين لطالب العلم على حفظ المسألة بأدلتها‬
‫من الكتاب والسنة الصحيحة حتى ينشأ طالب العلم على هذا النحو‬
‫وحتى يصل إلى أن يكون ذلك طبعا ً له ل تكلفا ً ويكون الكتاب والسنة‬
‫له كالجناحين للطائر يتمسك بهما ويعض عليهما بالنواجذ لن ذلك‬
‫ة من الضلل لقول النبي ‪ r‬فيما ثبت في صحيح الجامع عن‬ ‫سبيل النجا ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪4‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما كتاب‬ ‫أبى هريرة رضي الله عنه )ترك ُ‬
‫ي الحوض (‬‫الله وسنتي ‪ ،‬ولن يتفرقا حتى يردا عل ّ‬
‫ويجب التنبيه على طالب العلم أن يتمسك بالوحيين كليهما‬
‫)الكتاب والسنة( وليس الكتاب فقط لقول النبي ‪ r‬فيما ثبت في‬
‫صحيح أبي داوود عن المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه )أل‬
‫ن ومثَله معه ( من المؤسف فى زماننا هذا‬ ‫ت القرآ َ‬ ‫وإني أوتي ُ‬
‫تجرئ بعض الجهلة على النبي ‪r‬فيقولون انه بشر مثلنا هات‬
‫الدليل من القرآن فقط ــ وهذا يدل ول شك ـــ على أن قائل هذه‬
‫العبارة جاهل جهل مركب بل هو أضل من حمار أهله ‪ ،‬وقد أخبر‬
‫النبي ‪‬‬
‫النبي ‪ r‬أن هذا سيقع في أمته فقال فيما ثبت في صحيحي أبى‬
‫داود و الترمذي عن المقدام ابن معد يكرب رضي الله عنه )يوشك‬
‫ث فيقول بيننا‬ ‫ث من حدي ٍ‬ ‫ث بحدي ٍ‬ ‫الرجل متكئا ً على أريكته ي ُ َ‬
‫حدَ ُ‬
‫ل استحللناه وما وجدنا‬ ‫وبينكم كتاب الله ‪،‬فما وجدنا فيه من حل ٍ‬
‫فيه من حرام ٍ حرمناه ‪ ،‬أل وإن ما حّرم رسول الله مثل ما حرم‬
‫الله (‬
‫( ولقد كان السلف الصالح يدعون إلى التمسك بالوحيين كليهما‬
‫ضل ُِلون من يتمسك بالكتاب فقط ‪ ،‬قال أبو قلبة‪ :‬إذا رأيت رجل‬ ‫وي ُ َ‬
‫يقول هات الكتاب ودعنا من السنة فاعلم أنه ضال ‪.‬‬
‫وقال المام احمد رحمه الله‪:‬‬
‫ة للفتـى الثـــاُر‬ ‫نعم المطيـ ُ‬ ‫د أخبـــاُر‬ ‫دين النبي محمــ ٍ‬
‫ث نهــاُر‬‫ل والحديـ ُ‬ ‫ي ليـ ٌ‬‫فالرأ ُ‬
‫ث وأهله‬ ‫ن عن الحديـ ِ‬ ‫ل ترغبّـ ّ‬
‫وقال الشافعي رحمه الله‬
‫ث وعلم الفقه في‬ ‫إل الحدي ِ‬ ‫ن‬‫ل العلوم ِ سوى القرآ ِ‬ ‫كُ ُ‬
‫الدين‬ ‫ة‬
‫مشغل ٌ‬
‫س‬
‫م ما كان فيه قال حدثـنا وما سوى ذاك وسوا ِ‬ ‫العـل ُ‬
‫الشياطين‬
‫‪ -4‬أختم الكتاب بفهرس مزود بأرقام الصفحات لسهولة الحصول‬
‫على العنصر المراد من الكتاب ‪.‬‬
‫هذا والله أسأل أن يجعل عملي خالصا ً لوجهه الكريم وسببا ً لني ِ‬
‫ل‬
‫ت النعيم وأن يعصمني وقارئه من الشيطان الرجيم ‪ ،‬وما كان‬ ‫جنا ِ‬
‫ب فمن الواحد المنان ‪ ،‬وما كان من خطأ‬ ‫في هذا الكتاب من صوا ٍ‬
‫ع عنه بإذن‬ ‫فمن نفسي ومن الشيطان ‪ ،‬والله برئ منه وأنا راج ٌ‬
‫الله ‪ ،‬فنسأل الله أن يحملنا على فضله ول يحملنا على عدله إنه‬
‫سبحانه على من يشاءُ قدير وبالجابة جدير وهو حسبنا ونعم‬
‫الوكيل وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫أبو رحمة ‪ /‬محمد نصر الدين محمد عويضة‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪5‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫المدرس بالجامعة الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم بجدة فرع مدركة‬
‫ورهاط وهدى الشام‬
‫‪ 20/9/1416‬هجرية‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪6‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ ‪ ‬مكانة المرأة في السلم‪[*] ‬‬

‫‪‬لم تعرف البشرية دينا ً ول حضارة عنيت بالمرأة أجمل عناية وأتم‬
‫رعاية وأكمل اهتمام كتعاليم السلم ‪ ...‬تحدثت عن المرأة وأكدت‬
‫على مكانتها وعظيم منزلتها جعلتها مرفوعة الرأس موفورة‬
‫الكرامة عالية المكانة مرموقة القدر ‪.‬‬
‫لها في شريعة السلم العتبار السمى والمقام العلى تتمتع‬
‫بشخصية محترمة ذات حقوق مقررة وواجبات معتبرة ‪.‬‬
‫لقد كانت المرأة في الجاهلية‪ ،‬تعد من سقط المتاع ل يقام لها‬
‫وزن‪ ،‬حتى بلغ من شدة بغضهم لها آنذاك أن أحدهم حينما تولد له‬
‫البنت يستاء منها جدا ويكرهها ول يستطيع مقابلة الرجال من‬
‫الخجل الذي يشعر به‪.‬‬
‫هاَنة‪ ،‬ويصبر هو على‬ ‫م َ‬ ‫ثم يبقى بين أمرين إما أن يترك هذه البنت ُ‬
‫كراهيتها وتنقص الناس له بسببها‪ .‬وإما أن يقتلها شر قتله‪ ،‬بأن‬
‫يدفنها وهي حية ويتركها تحت التراب حتى تموت‪ ،‬وقد ذكر الله‬
‫ه‬ ‫ى ظَ ّ‬ ‫م ِبال ُن ْث َ‬ ‫َ‬ ‫ذا ب ُ ّ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ه ُ‬‫ج ُ‬ ‫و ْ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حدُ ُ‬‫شَر أ َ‬ ‫ذلك عنهم في قوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫سك ُ ُ‬
‫ه‬ ‫م ِ‬ ‫ه أي ُ ْ‬ ‫شَر ب ِ ِ‬ ‫ما ب ُ ّ‬ ‫ء َ‬ ‫و ِ‬ ‫س َ‬ ‫من ُ‬ ‫وم ِ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫م َ‬ ‫ى ِ‬ ‫واَر َ‬ ‫م * ي َت َ َ‬ ‫ظي ٌ‬ ‫و كَ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ودّا ً َ‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن( ]النحل‪-58:‬‬ ‫مو َ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫سآءَ َ‬ ‫ب أل َ َ‬ ‫في الت َّرا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫س ُ‬ ‫م ي َدُ ّ‬ ‫نأ ْ‬ ‫هو ٍ‬ ‫ى ُ‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬
‫‪ .[59‬وأخبر سبحانه أنه سينصف هذه المظلومة ممن ظلمها‬
‫َ‬
‫ب‬‫ذن ٍ‬ ‫ى َ‬ ‫ت * ب ِأ ّ‬ ‫سئ ِل َ ْ‬ ‫ءودَةُ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ذا ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫وقتلها بغير حق‪ ،‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ت( ]التكوير‪.[9-8:‬‬ ‫قت ِل َ ْ‬ ‫ُ‬
‫‪‬وكانوا في الجاهلية إذا لم يقتلوا البنت في صغرها يهينونها‬
‫في كبرها‪ ،‬فكانوا ل يورثونها من قريبها إذا مات ‪ ،‬بل كانوا‬
‫يعدونها من جملة المتاع الذي يورث عن الميت‪ ،‬كما روى البخاري‬
‫وغيره عن ابن عباس قال‪ :‬كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق‬
‫بامرأته‪ ،‬إن شاء بعضهم تزوجها‪ ،‬وإن شاءوا زوجوها‪ ،‬وإن شاءوا‬
‫مُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها‪ ،‬فنزلت ‪َ) :‬يا أي ّ َ‬
‫سآءَ ك َْرها ً ( ]النساء‪.[19:‬‬ ‫ل ل َك ُ َ‬
‫رُثوا ْ الن ّ َ‬ ‫م أن ت َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل َ يَ ِ‬
‫‪‬وكان الرجل في الجاهلية يتزوج العدد الكثير من النساء من غير‬
‫حصر بعدد ويسيء عشرتهن ‪ ،‬فلما جاء السلم حرم الجمع بين‬
‫أكثر من أربع نساء واشترط لجواز ذلك تحقق العدل بينهن في‬
‫ء‬
‫سآ ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬‫م ّ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫فانك ِ ُ‬ ‫الحقوق الزوجية قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫حدَةً أ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫دُلوا ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫ع ِ‬ ‫م أل ّ ت َ ْ‬ ‫فت ُ ْ‬‫خ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وُرَبا َ‬ ‫ث َ‬ ‫وث ُل َ َ‬
‫ى َ‬ ‫مث ْن َ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عولوا( ]النساء‪.[3:‬‬ ‫ى أل ت َ ُ‬ ‫م ذَل ِك أدْن َ َ‬ ‫مان ُك ْ‬ ‫أي ْ َ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪7‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نعم لقد جاء السلم والمرأة على هذا الوضع السيئ ‪ ،‬فأنقذها‬
‫منه وكرمها‪ ،‬وضمن لها حقوقها‪ ،‬وجعلها مساوية للرجل في كثير‬
‫من الواجبات الدينية‪ ،‬وترك المحرمات وفي الثواب والعقاب‪،‬‬
‫ل صاِلحا ً من ذَك َر أ َ ُ‬
‫و‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ى َ‬ ‫و أن ْث َ َ‬ ‫ٍ ْ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫َ‬
‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وعلى ذلك‪ :‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫كاُنوا ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫ول َن َ ْ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫فل َن ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫هم ب ِأ ْ‬ ‫جَر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫زي َن ّ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ُ‬
‫ن( ]النحل‪.[97:‬‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ت‬‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫وال ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ُ‬‫ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ِ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫وقال تعالى‪) :‬إ ِ ّ‬
‫ت‬‫صاب َِرا ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت َ‬ ‫قا ِ‬ ‫صاِد َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت َ‬ ‫قان َِتا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قان ِِتي َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫مي َ‬ ‫صائ ِ ِ‬ ‫ت وال ّ‬ ‫صدّقا ِ‬ ‫َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫وال ُ‬‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫صدّ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫وال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت َ‬ ‫عا ِ‬ ‫ش َ‬ ‫خا ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ري َ‬ ‫كـ ِ‬ ‫ذا ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ت َ‬ ‫فـظا ِ‬ ‫َ‬ ‫حا ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ظي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ِ‬ ‫صائ ِ َ‬ ‫وال ّ‬
‫ظيمًا( ]الحزاب‪.[35:‬‬ ‫جرا ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫فَرةً َ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫عدّ الل ّ ُ‬ ‫تأ َ‬ ‫ذاك َِرا ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ك َِثيرا ً َ‬
‫‪‬وفضل الله الرجل على المراة في مقامات‪ ،‬ولسباب تقتضي‬
‫تفضيله عليها‪ ،‬كما في الميراث والشهادة والدية والقوامة‬
‫والطلق‪ ،‬لن عند الرجل من الستعداد الخلقي ما ليس عند المرأة‬
‫وعليه من المسؤولية في الحياة ما ليس على المرأة‪ ،‬كما قال‬
‫ه‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ء بِ َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫تعالى قال تعالى‪) :‬الّر َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ]النساء‪.[34:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫مآ أن ْ َ‬ ‫وب ِ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ى بَ ْ‬ ‫عل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع َ‬ ‫بَ ْ‬
‫م( ]البقرة‪:‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ُ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ل َ َ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬ ‫وقال تعالى‪َ ) :‬‬
‫‪.[228‬‬
‫‪‬وجعل الله للمرأة حقا في الميراث فقال سبحانه قال تعالى‪:‬‬
‫ما‬
‫م ّ‬ ‫ب ّ‬ ‫صي ٌ‬ ‫ء نَ ِ‬ ‫سآ ِ‬ ‫وِللن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قَرُبو َ‬ ‫وال ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وال ِ َ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ما ت ََر َ‬ ‫م ّ‬ ‫ب ّ‬ ‫ل َنصي ِ ٌ‬ ‫جا ِ‬ ‫)ّللّر َ‬
‫فُروضًا(‬ ‫ل من ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫صيبا ً ّ‬ ‫و ك َث َُر ن َ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ق ّ ِ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قَرُبو َ‬ ‫وال ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دا ِ‬ ‫وال ِ َ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ت ََر َ‬
‫]النساء‪،[7:‬‬
‫‪‬وجعل الله لها التملك والتصدق والعتناق كما للرجل قال‬
‫ت( ]الحزاب‪.[35:‬‬ ‫قا ِ‬ ‫صدّ َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫صدّ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫تعالى ‪َ ):‬‬
‫‪‬وجعل لها الحق في اختيار الزوج فل تزوج بدون رضاها‪ ،‬صانها‬
‫الله بالسلم من التبذل‪ ،‬وكف عنها اليدي الثمة‪ ،‬والعين‬
‫الخائنة‪ ،‬التي تريد العتداء على عفافها‪ ،‬والتمتع بها على غير وجه‬
‫شرعي‪ ،‬وهكذا عاشت المرأة تحت ظل السلم وكرامته‪ .‬أما ً‬
‫ة وأختا ً في الدين‪ .‬تؤدي وظيفتها في الحياة ربة بيت‬ ‫ة وقريب ً‬ ‫وزوج ً‬
‫وأسرة ‪ ،‬وتزاول خارج البيت ما يليق بها من العمال إذا دعت‬
‫الحاجة إلى ذلك مع الحتشام والحتفاظ بكرامتها ومع التزام‬
‫الحجاب الكامل الضافي على جسمها ووجهها‪ ،‬وتحت رقابة وليها‪.‬‬
‫فل تخلو مع رجل ل يحل لها ال ومعها محرمها‪ .‬ول تسافر إل مع‬
‫محرمها‪ .‬هذا وضع المراة في السلم الذي هو دين الرحمة‬
‫والكمال والنزاهة والعدل‪ ،‬وأوصى بها نبي السلم عليه الصلة‬
‫والسلم وصية خاصة حين كما في الحديث التي ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪8‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫ش ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ص ال ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫)حديث أبي ال ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خْيرًا‪ ،‬فإ ِن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬‫وا ْ‬ ‫ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أل َ َ‬
‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ن‬
‫ن َيأِتي َ‬ ‫ك إ ِل ّ أ ْ‬ ‫غي َْر ذَل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م‪ ،‬ل َي ْ َ‬ ‫عن ْدَك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن في ال َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ة ُ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫بِ َ‬
‫عل َيهن سبي ً َ‬ ‫َ‬
‫ن ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ل‪ .‬أل َ َ‬ ‫غوا َ ْ ِ ّ َ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أطَ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ح‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مب َّر‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ضْرب َا ً َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫قا‪ ،‬فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫ول ِن ِ َ‬ ‫قا‪َ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ول ي َأذَ ّ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫هو َ‬ ‫م من ت َك َْر ُ‬ ‫شك ُ ْ‬ ‫فُر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وطِئ ْ َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫عل َيك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫ن في ك ِ ْ‬ ‫سُنوا إ ِل َْيه ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن َ ْ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ن‪ .‬أل َ َ‬ ‫هو َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫ن« ‪.‬‬ ‫ه ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫وط َ َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ :‬أي أسيرات‪ .‬هذا وصف تقريبي لوضع المرأة في السلم‪.‬‬ ‫وا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال‪) :‬استوصوا بالنساء خيرا‪ ،‬فإنهن خلقن من ضلع‪ ،‬وإن‬
‫أعوج شيء في الضلع أعله‪ ،‬فإن ذهبت تقيمه كسرته‪ ،‬وإن تركته‬
‫لم يزل أعوج‪ ،‬فاستوصوا بالنساء(‪.‬‬
‫ة لم تعرف دينا ً ول حضار ً‬
‫ة‬ ‫ن البشري ُ‬ ‫مراء فيه أ ّ‬ ‫‪‬والحق الذي ل ِ‬
‫ل اهتمام كالسلم ‪،‬‬ ‫ة وأكم َ‬ ‫م رعاي ٍ‬ ‫ل عناية وأت ّ‬ ‫عنيت بالمرأة أجم َ‬ ‫ُ‬
‫عظم منزلتها‪ ،‬وأحاطها‬ ‫دث عن المرأة‪ ،‬وأكد على مكانتها و ِ‬ ‫ّ‬ ‫تح ّ‬
‫ة الرأس‪،‬‬ ‫بسياج منيع من المكرمات والفضائل‪ ،‬وجعلها مرفوع َ‬
‫در‪ ،‬لها في السلم العتباُر السمى‬ ‫ة الق ْ‬ ‫ة المكانة‪ ،‬مرموق َ‬ ‫عالي َ‬
‫ق مقّررة وواجبات‬ ‫ة محترمة وحقو ٍ‬ ‫م العلى‪ ،‬تتمّتع بشخصي ٍ‬ ‫والمقا ُ‬
‫خِلقا َ من أصل واحد‪،‬‬ ‫ة الرجل ‪ُ ،‬‬ ‫معتبرة‪ .‬نظر إليها على أنها شقيق ُ‬
‫ر وصلح‬ ‫ل بالخر ويأنس به في هذه الحياة‪ ،‬في محيط خي ٍ‬ ‫ليسعدَ ك ّ‬
‫وسعادة ‪.‬‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن النساء شقائق الرجال ‪.‬‬
‫فالمرأة شقيقة الرجل وهي نصف المجتمع وتلد النصف الخر ‪،‬‬
‫فهي البنت المرحومة والخت العطوفة والزوجة الحنون والم‬
‫الرءوف ‪ ،‬هي البنت المرحومة والخت العطوفة والزوجة الحنون‬
‫والم الرءوف ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن الجوزي رحمه الله ‪:‬‬
‫إن النساء شقائق الرجال فكما أن الرجل تعجبه المرأة فكذلك الرجل‬
‫يعجب المرأة فقد صار من حق المرأة أن تختار الرجل الذي‬
‫ستقاسمه حياته وتظل تحت سلطانه بقية عمرها ‪.‬‬
‫ة‬
‫دها نعم ً‬ ‫‪ ‬لقد أشاد السلم بفضل المرأة‪ ،‬ورفع شأَنها‪ ،‬وع ّ‬
‫مها وإعزازها‪ ،‬يقول‬ ‫ة كريمة‪ ،‬يجب مراعاتها وإكرا ُ‬ ‫هب ً‬ ‫ةو ِ‬ ‫عظيم ً‬
‫َ‬
‫شاء‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ق َ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫ض يَ ْ‬ ‫و ٱلْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫م ٰـ ٰو ِ‬ ‫س َ‬ ‫ك ٱل ّ‬ ‫مل ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫المولى جل وعل‪ :‬ل ِل ّ ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫»‪9‬‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫م ذُك َْرانا ً‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬
‫ج ُ‬
‫و ُ‬
‫و ي َُز ّ‬
‫أ ْ‬ ‫كوَر‬ ‫شاء ٱلذّ ُ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫شاء إ ِن َ ٰـثا ً َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫يَ َ‬
‫وإ ِن َ ٰـثا ً ]الشورى‪،[49،50:‬‬ ‫َ‬
‫‪‬فالمرأةُ في ظل تعاليم السلم القويمة وتوجيهاِته الحكيمة‬
‫ة‬
‫ملؤها الحفاو ُ‬ ‫تعيش حياةً كريمة في مجتمعها المسلم‪ ،‬حياةً ِ‬
‫مروًرا بكل حال‬ ‫دم فيه إلى هذه الحياة‪ ،‬و ُ‬ ‫ول يوم تق ُ‬ ‫والتكريم من أ ّ‬
‫من أحوال حياتها‪.‬‬
‫ث على الحسان إليها‪:‬‬ ‫ة‪ ،‬وح ّ‬ ‫قها طفل ً‬ ‫رعى ح ّ‬
‫) حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو‬
‫وضم أصابعه ‪.‬‬
‫صا‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ما خا ّ‬ ‫ما‪ ،‬فدعا إلى إكرامها إكرا ً‬ ‫ق المرأة أ ّ‬ ‫‪‬ورعى السلم ح ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫وب ِ ٱل ٰول ِدَي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دوا ْ إ ِل ّ إ ِي ّ ٰـ ُ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ك أل ّ ت َ ْ‬ ‫ض ٰى َرب ّ َ‬ ‫ق َ‬ ‫بها‪َ ،‬‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫ث على العناية‬ ‫وح ّ‬
‫س ٰـنا ً ]السراء‪.[23:‬‬ ‫ح َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ق الوالد كما بينته السنة‬ ‫م في البّر آكدَ من ح ّ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫بل جعل ح ّ‬
‫الصحيحة كما في الحديث التي ‪):‬حديث أبي هريرة في‬
‫الصحيحين( قال ‪ :‬جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فقال ‪ :‬من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال ‪ :‬أمك قال ‪ :‬ثم‬
‫من ؟ قال ‪ :‬أمك قال ‪ :‬ثم من ؟ قال أمك قال ‪ :‬ثم من ؟ قال ‪:‬‬
‫أبوك ‪ .‬الشاهد ‪ :‬هذا الحديث يدل على أن محبة الم والشفقة‬
‫عليها ينبغي أن تكون ثلثة أمثال محبة الب ‪ ،‬لذكر النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم الم ثلث مرات وذكر الب في الرابعة فقط ‪ .‬وإذا‬
‫توصل هذا المعنى شهد له العيان ‪ .‬وذلك أن صعوبة الحمل‬
‫وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الم دون الب ‪،‬‬
‫فهذه ثلث منازل يخلو منها الب ‪ .‬وهذا الحديث يدل على أن الم‬
‫لها ثلثة أرباع البر ‪.‬‬
‫ة ‪ :‬وجعل لها حقوقا ً عظيمة على‬ ‫ق المرأة زوج ً‬ ‫مح ّ‬ ‫‪‬ورعى السل ُ‬
‫زوجها‪ ،‬من المعاشرة بالمعروف والحسان والرفق بها والكرام‬
‫ة خاصة كما في الحاديث التية‪:‬‬ ‫وأوصى بها النبي وصي ً‬
‫ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫وب ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫)حديث َ‬
‫ن‬‫عوا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خيرًا‪ ،‬فإن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أل َ وا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ك‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫غي َْر ذل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ل َي ْ َ‬ ‫دك ْ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫غي َْر‬ ‫ضْربا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ضا ِ‬ ‫ن في الم َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫فاه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫سائ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن لك ُ ْ‬ ‫ل‪ .‬أل َ إ ّ‬ ‫سِبي ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫غوا‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ُ‬ ‫ن أط ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ح‪َ .‬‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حقا‪َ .‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬
‫طئ َ‬ ‫فل ُيو ِ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫حقك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ساِئك ْ‬ ‫قا‪ .‬وِلن َ‬ ‫َ‬
‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫حق ُ‬ ‫ن‪ .‬أل َ و َ‬ ‫هو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ن ول َ ي َأذَ ّ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫فُرشك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫هن«‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن وط َ َ‬ ‫ه ّ‬‫وت ِ ِ‬ ‫س َ‬ ‫في ك ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ن ُتح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪10‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال‪) :‬استوصوا بالنساء خيرا‪ ،‬فإنهن خلقن من ضلع‪ ،‬وإن‬
‫أعوج شيء في الضلع أعله‪ ،‬فإن ذهبت تقيمه كسرته‪ ،‬وإن تركته‬
‫لم يزل أعوج‪ ،‬فاستوصوا بالنساء(‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫م لهلي ‪.‬‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫وأ ََنا َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫هل ِ ِ‬‫م لَ ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫» َ‬
‫ث على عونها ومساعدتها‬ ‫ة فقد ح ّ‬ ‫‪‬وفي حال كوِنها أجنبي ً‬
‫ورعايتها‪،‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪):‬الساعي على الرملة والمسكين‪ ،‬كالمجاهد في سبيل‬
‫الله‪ ،‬أو القائم الليل والصائم النهار(‪.‬‬
‫ة مرموقة‪،‬‬ ‫ة الجتماعية للمرأة في السلم محفوظ ٌ‬ ‫‪‬فالمكان ُ‬
‫ة برفع ما قد يقع عليها من‬ ‫ع عنها والمطالب َ‬ ‫منحها الحقوقَ والدفا َ‬
‫ق الختيار في حياتها والتصّرف في‬ ‫حرمان أو إهمال‪ ،‬فأعطاها ح ّ‬
‫ق الضوابط الشرعية والمصالح المرعية‪ ،‬قال جل وعل‪:‬‬ ‫شؤونها وف َ‬
‫ن ]النساء‪،[19:‬‬ ‫ه ّ‬ ‫ضُلو ُ‬‫ع ُ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ ":‬ل تنكح البكر حتى ُتستأذن ول الثيب حتى ُتستأمر "‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫م حتى ُتستأمر ول ُتنكح البكر حتى ُتستأذن‬ ‫‪ r‬قال ‪ ":‬ل ُتنكح الي ُ‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول الله وكيف إذنها ؟قال ‪ :‬أن تسكت "‪.‬‬
‫ل للستشارة‪ ،‬فهذا‬ ‫ل للثقة ومح ّ‬ ‫‪‬والمرأةُ في نظر السلم أه ٌ‬
‫ءه‬
‫مهم رأًيا يشاور نسا َ‬ ‫ل الناس علما وأت ّ‬ ‫رسول الله ‪ r‬أكم ُ‬
‫ويستشيرهن في مناسبات شتى ومسائل عظمى‪.‬‬
‫ة تامة في مناحي القتصاد كالرجل‬ ‫‪‬وللمرأة في السلم حري ٌ‬
‫سب بأشكاله المشروعة وطرقه‬ ‫ل للتك ّ‬ ‫سواءً بسواء‪ ،‬هي أه ٌ‬
‫ة‬
‫المباحة‪ ،‬تتمّتع بحرية التصرف في أموالها وممتلكاتها‪ ،‬ل وصاي َ‬
‫غوا ْ‬‫ذا ب َل َ ُ‬
‫حت ّ ٰى إ ِ َ‬ ‫م ٰى َ‬ ‫ٱب ْت َُلوا ْ ٱل ْي َت َ ٰـ َ‬ ‫كان‪،‬‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫د عليها مهما كان وأينما‬ ‫لح ٍ‬
‫َ‬
‫م ]النساء‪:‬‬ ‫م ٰول َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ ْ َ‬
‫عوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ف ٱدْ َ‬ ‫شدا ً َ‬ ‫م ُر ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ست ُ ْ‬‫ن ءان َ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫كا َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫‪.[6‬‬
‫مى بمبدأ المن‬ ‫م يفرض للمرأة من حيث هي ما يس ّ‬ ‫بل إن السل َ‬
‫ل ول يجاريه بديل حينما كفل‬ ‫القتصادي مما لم يسبق له مثي ٌ‬
‫ة وحتى أجنبية‪ ،‬لتتفّرغ‬ ‫ما أو بنتا ً أو أختا ً أو زوج ً‬ ‫ةأ ّ‬ ‫للمرأة النفق َ‬
‫ة البال من هموم العيش ونصب‬ ‫لرسالتها السمى وهي فارغ ُ‬
‫سب‪.‬‬ ‫الكدح والتك ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪11‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة من بحر مما ورد من مظاهر‬ ‫ض من فيض ونقط ٌ‬ ‫‪‬تنبيه‪ :‬هذا غي ٌ‬
‫تكريم السلم للمرأة ولقد كان الصحابة رضوان الله تعالى‬
‫حرص على تكريم المرأة ‪ ،‬وهآنذا أسوق لك هذه‬ ‫حريصين تمام ال ِ‬
‫القصة ليتبدى هذا المعنى واضحا ً جليا ً ‪.‬‬
‫‪‬يمشي أمير المؤمنين عمر رضي الله تعالى عنه فتستوقفه‬
‫المرأة فيقف لها‪ ،‬وتقول له‪" :‬يا عمر كنت تدعى عميًرا ‪ ،‬ثم قيل‬
‫لك‪ :‬عمر‪ ،‬ثم قيل لك‪ :‬أمير المؤمنين ‪ ،‬فاتق الله يا عمر فإنه من‬
‫أيقن بالموت خاف الفوت‪ ،‬ومن أيقن بالحساب خاف العذاب"‪.‬‬
‫وهو واقف يسمع لكلمها فقيل له‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ..‬رجال ‪..‬‬
‫على هذه العجوز فقال‪) :‬والله لو حبستني من أول النهار إلى‬
‫آخره ما تحركت من مكاني ‪ ،‬أتدرون من هذه العجوز ؟‪ ،‬هي خولة‬
‫بنت ثعلبة سمع الله قولها من فوق سبع سموات‪ .‬أيسمع رب‬
‫العالمين قولها ‪ ،‬ول يسمعه عمر(‬

‫]*[ ‪‬تعريف النكاح‬

‫ة وشرعا؟‬ ‫مسألة ‪ :‬ما هو النكاح لغ ً‬


‫النكاح في اللغة يطلق على أمرين‪:‬‬
‫الول‪ :‬العقد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الجماع‪.‬‬
‫ما‬
‫حوا َ‬‫ول َ ت َن ْك ِ ُ‬
‫والصل فيه الول‪ ،‬وأنه للعقد‪ ،‬فقول الله تعالى‪َ }} :‬‬
‫ء{{ ]النساء‪ [22 :‬يعني ل تعقدوا عليهن‪،‬‬ ‫سا ِ‬‫ن الن ّ َ‬
‫م َ‬ ‫ؤك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ح آَبا ُ‬‫ن َك َ َ‬
‫ه{{ ]البقرة‪ ، [230 :‬فهنا‬ ‫جا َ‬
‫غي َْر ُ‬ ‫و ً‬
‫ح َز ْ‬‫حّتى ت َن ْك ِ َ‬‫وأما قوله تعالى‪َ }} :‬‬
‫قال بعض العلماء‪ :‬المراد بالنكاح الجماع‪ ،‬وأن الذي حّرفه عن‬
‫سّنة‪ ،‬وقال آخرون‪ :‬وأن الذي حّرفه عن‬ ‫المعنى الول هو ال ّ‬
‫جا{{ لن الزوج ل يكون زوجا ً إل‬ ‫و ً‬‫المعنى الول هو قوله‪َ}} :‬ز ْ‬
‫حّتى‬ ‫ذ يتعين أن يكون المراد بالنكاح في قوله‪َ }} :‬‬ ‫بعقد‪ ،‬وحينئ ٍ‬
‫جا{{ الوطء‪ ،‬ومعنى ذلك أن الزوجية سابقة على النكاح‪،‬‬ ‫و ً‬‫ح َز ْ‬
‫ت َن ْك ِ َ‬
‫ول تكون زوجية سابقة على النكاح إل إذا كان النكاح هو الوطء‪.‬‬
‫فإذا قيل‪ :‬نكح بنت فلن‪ ،‬فالمراد عقد عليها‪ ،‬وإذا قيل‪ :‬نكح‬
‫زوجته‪ ،‬فالمراد جامعها‪.‬‬
‫فهو إذا ً مشترك بين المعنيين بحسب ما يضاف إليه‪ ،‬إن أضيف إلى‬
‫أجنبية فهو العقد‪ ،‬وإن أضيف إلى مباحة فهو الجماع‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪12‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أما في الشرع فهو ‪ :‬أن يعقد على امرأة بقصد الستمتاع بها‪،‬‬
‫وحصول الولد‪ ،‬وغير ذلك من مصالح النكاح‪.‬‬

‫]*[ ‪‬مشروعية النكاح‬

‫ث‬‫وث ُل َ ٰـ َ‬
‫مث ْن َ ٰى َ‬ ‫ساء َ‬ ‫ن ٱلن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬‫ف ٱ نك ِ ُ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م{ ]النساء‪:‬‬ ‫م ٰـن ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫حدَةً أ ْ‬ ‫ف ٰو ِ‬ ‫دُلوا ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫م أل ّ ت َ ْ‬ ‫خ ْ‬
‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ع َ‬ ‫وُرَبا َ‬ ‫َ‬
‫‪.[3‬‬
‫َ‬ ‫وقال تعالى‪} :‬ول َ َ َ‬
‫جا‬ ‫وا ً‬ ‫م أْز َ‬
‫ه ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬‫ج َ‬ ‫و َ‬‫ك َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬‫من َ‬ ‫سل ً ّ‬‫سل َْنا ُر ُ‬ ‫قدْ أْر َ‬ ‫َ‬
‫ة{ ]الرعد‪.[38:‬‬ ‫وذُّري ّ ً‬ ‫َ‬
‫]*[ قال القرطبي رحمه الله تعالى‪" :‬فيه مسألتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬قيل‪ :‬إن اليهود عابوا على النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫الزواج وعّيرته بذلك‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما نرى لهذا الرجل همة إل النساء‬
‫والنكاح‪ ،‬ولو كان نبيا لشغله أمر النبوة عن النساء‪ ،‬فأنزل الله هذه‬
‫كرهم أمر داود وسليمان‪ ،‬فقال‪} :‬ول َ َ َ‬
‫من‬ ‫سل ً ّ‬ ‫سل َْنا ُر ُ‬ ‫قدْ أْر َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الية وذ ّ‬
‫َ‬
‫ة{ أي‪ :‬جعلناهم بشرا يقضون ما‬ ‫وذُّري ّ ً‬‫جا َ‬ ‫وا ً‬ ‫م أْز َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬
‫ج َ‬‫و َ‬‫ك َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫َ‬
‫أحل الله من شهوات الدنيا‪ ،‬وإنما التخصيص في الوحي‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬هذه الية تدل على الترغيب في النكاح والحض عليه‪،‬‬
‫وتنهى عن التبتل وهو ترك النكاح‪ ،‬وهذه سنة المرسلين كما نصت‬
‫عليه هذه الية‪ ،‬والسنة واردة بمعناها أهـ ‪.‬‬
‫ة بما يدل على مشروعية النكاح منها ما يلي ‪:‬‬ ‫والسنة طافح ٌ‬
‫)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال‪:‬‬
‫يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬
‫للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‬
‫‪.‬‬
‫والمراد بالباءة النكاح بحيث يكون عنده قوة بدنية وقدرة مالية‪ ،‬إل‬
‫أنه سيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان اختلف العلماء في هذه المسألة‪.‬‬
‫)حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (‬
‫قال ‪ :‬جاء ثلث رهط إلى بيوت أزواج النبي ‪ ،‬يسألون عن عبادة‬
‫النبي ‪ ،‬فلما أخبروا كأنهم تقالوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬أين نحن من النبي ؟‬
‫قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا‬
‫فإني أصلي الليل أبدا‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أصوم الدهر ول أفطر‪ ،‬وقال‬
‫آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدا‪ ،‬فجاء رسول الله فقال‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪13‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله أتي لخشاكم لله وأتقاكم له‪،‬‬
‫لكني أصوم وأفطر‪ ،‬وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن‬
‫سنتي فليس مني(‪.‬‬
‫)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال‪ :‬كنا نغزو مع‬
‫رسول الله وليس لنا شيء فقلنا أل نستخصي؟ فنهانا عن ذلك‪،‬‬
‫ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب‪ ،‬ثم قرأ علينا‪} :‬يا أيها الذين‬
‫أمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ول تعتدوا أن الله ل يحب‬
‫المعتدين{‪*.‬‬
‫‪ ،‬ولن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال‪ :‬لو أذن لنا رسول‬
‫الله لختصينا‪ ،‬ولكن نهانا عن التبتل ‪ ،‬يعني ترك النكاح؛ وذلك لما‬
‫في النكاح من المصالح الكثيرة التي من أجلها صار سنة‪ ،‬ولنه من‬
‫ضرورة بقاء المة؛ لنه لول النكاح ما حصل التوالد‪ ،‬ولول التوالد‬
‫ما بقيت المة‪ ،‬ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة‪ ،‬والشيء‬
‫قد يكون مطلوبا ً وإن لم ينص على طلبه لما يترتب عليه من‬
‫المصالح والمنافع العظيمة‪.‬‬
‫)حديث سعد بن أبي وقاص الثابت في الصحيحين ( يقول‪ :‬رد‬
‫رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل‪ ،‬ولو أذن له لختصينا‪.‬‬
‫) حديث سعيد بن جبير الثابت في صحيح البخاري (قال‪ :‬قال لي‬
‫ابن عباس‪ :‬هل تزوجت ؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فتزوج‪ ،‬فأن خير هذه‬
‫المة أكثرها نساء‪.‬‬
‫) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫م‪:‬‬ ‫ه ْ‬
‫ون ُ ُ‬
‫ع ْ‬
‫ق على الله َ‬ ‫ح ّ‬
‫ة َ‬ ‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ث َل َث َ ٌ‬
‫ذي‬‫ح ال ّ ِ‬
‫ء‪ ،‬والّناك ِ ُ‬ ‫دا َ‬
‫ريدُ ال َ‬
‫ذي ي ُ ِ‬‫ب ال ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫كات َ ُ‬ ‫ل الله‪ ،‬وال ُ‬
‫سِبي ِ‬‫هدُ في َ‬ ‫جا ِ‬
‫م َ‬
‫ال ُ‬
‫ف« ‪.‬‬ ‫ع َ‬
‫فا َ‬ ‫ريدُ ال َ‬‫يُ ِ‬
‫) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ ):‬إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في‬
‫النصف الباقي (‬
‫]*[ قال الحافظ‪" :‬في الحديث دللة على فضل النكاح والترغيب‬
‫فيه"‪.‬‬
‫]*[وقال ابن قدامة‪" :‬وأجمع المسلمون على مشروعية النكاح‪،‬‬
‫واختلف أصحابنا في وجوبه ‪.‬‬

‫كم الن ِ َ‬
‫كاح‬ ‫ح ْ‬
‫]*[ ‪ُ ‬‬
‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪14‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كم النكاح ؟‬ ‫ح ْ‬ ‫مسألة ‪ :‬ما ُ‬
‫الصل فيه أنه سنة ‪ ،‬بل من آكد سنن الوليين‬
‫د‬
‫ق ْ‬‫ول َ َ‬
‫والدليل على أنه من آكد سنن المرسلين لقوله تعالى‪َ }} :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة{{ ]الرعد‪، [38 :‬‬ ‫وذُّري ّ ً‬
‫جا َ‬ ‫وا ً‬ ‫م أْز َ‬‫ه ْ‬‫عل َْنا ل َ ُ‬
‫ج َ‬
‫و َ‬‫ك َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ً ِ‬ ‫سل َْنا ُر ُ‬‫أْر َ‬
‫َ‬ ‫وقال‪َ }} :‬‬
‫م{{‬ ‫مائ ِك ُ ْ‬‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬ ‫عَباِدك ُ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫حي َ‬‫صال ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫مى ِ‬ ‫حوا الَيا َ‬ ‫وأن ْك ِ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫ب لك ْ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ما طا َ‬ ‫حوا َ‬ ‫فان ْك ِ ُ‬ ‫]النور‪ ، [32 :‬وقال ـ عّز وجل ـ‪َ }} :‬‬
‫ع{{ ]النساء‪ *[3 :‬وقد حث النبي عليه‪،‬‬ ‫وُرَبا َ‬ ‫ث َ‬ ‫وث ُل َ َ‬‫مث َْنى َ‬ ‫ء َ‬
‫سا ِ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ولما فيه من المصالح العظيمة التي ستتبين فيما بعد‪.‬‬
‫)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال‪:‬‬
‫يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬
‫للبصر وأحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‬
‫‪.‬‬
‫والمراد بالباءة النكاح بحيث يكون عنده قوة بدنية وقدرة مالية‪ ،‬إل‬
‫أنه سيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان اختلف العلماء في هذه المسألة‪.‬‬
‫أنس بن مالك رضي الله عنه يقول‪ :‬جاء ثلث رهط إلى بيوت‬
‫أزواج النبي ‪ ،‬يسألون عن عبادة النبي ‪ ،‬فلما أخبروا كأنهم‬
‫تقالوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬أين نحن من النبي ؟ قد غفر الله له ما تقدم من‬
‫ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا فإني أصلي الليل أبدا‪ ،‬وقال‬
‫آخر‪ :‬أنا أصوم الدهر ول أفطر‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فل‬
‫أتزوج أبدا‪ ،‬فجاء رسول الله فقال‪) :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟‬
‫أما والله أتي لخشاكم لله وأتقاكم له‪ ،‬لكني أصوم وأفطر‪،‬‬
‫وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنتي فليس مني(‪.‬‬
‫)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال‪ :‬كنا نغزو مع‬
‫رسول الله وليس لنا شيء فقلنا أل نستخصي؟ فنهانا عن ذلك‪،‬‬
‫ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب‪ ،‬ثم قرأ علينا‪} :‬يا أيها الذين‬
‫أمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ول تعتدوا أن الله ل يحب‬
‫المعتدين{‪*.‬‬
‫‪ ،‬ولن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال‪ :‬لو أذن لنا رسول‬
‫الله لختصينا‪ ،‬ولكن نهانا عن التبتل])‪ ،[(2‬يعني ترك النكاح؛‬
‫وذلك لما في النكاح من المصالح الكثيرة التي من أجلها صار سنة‪،‬‬
‫ولنه من ضرورة بقاء المة؛ لنه لول النكاح ما حصل التوالد‪ ،‬ولول‬
‫التوالد ما بقيت المة‪ ،‬ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة‪،‬‬
‫والشيء قد يكون مطلوبا ً وإن لم ينص على طلبه لما يترتب عليه‬
‫من المصالح والمنافع العظيمة‪.‬‬
‫)حديث سعد بن أبي وقاص الثابت في الصحيحين ( يقول‪ :‬رد‬
‫رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل‪ ،‬ولو أذن له لختصينا‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪15‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث سعيد بن جبير الثابت في صحيح البخاري (قال‪ :‬قال لي‬
‫ابن عباس‪ :‬هل تزوجت ؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فتزوج‪ ،‬فأن خير هذه‬
‫المة أكثرها نساء‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ *:‬الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل الزواج أفضل أم نوافل العبادات؟‬
‫ما دام النسان ذا شهوة وعندك ما تقوم به بواجبات النكاح فإن‬
‫الفضل أن تتزوج؛ لن فيه من المصالح العظيمة ما يربو على‬
‫نوافل العبادة ‪ ،‬لكن ليس أفضل من واجباتها‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬قال الله تعالى من عاد لي وليا ً‬
‫ء مما افترضته عليه‬ ‫ى عبدي بشي ٍ‬ ‫فقد آذنته بالحرب ‪ ،‬وما تقرب إل ّ‬
‫ي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت‬ ‫‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إل ّ‬
‫سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها‬
‫ورجله الذي يمشي بها ‪ ،‬ولئن سألني لعطينه ولئن استعاذني‬
‫ت عن شيءّ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن‬ ‫لعيذّنه ‪ ،‬وما تردد ُ‬
‫يكره الموت وأنا أكره مساءته ‪.‬‬
‫ً‬
‫مسألة ‪ :‬ما حكم الزواج في حق من يخاف زنا بتركه؟‬
‫الصحيح أنه يجب على من يخاف زنا بتركه؛ وذلك لشدة شهوته‪،‬‬
‫ولتيسر الزنا في بلده؛ لن النسان ربما تشتد به الشهوة ويخشى‬
‫أن يزني‪ ،‬لكن ل يتيسر له؛ لن البلد محفوظ‪ ،‬لكن مراده إذا‬
‫اشتدت شهوته في بلد يتيسر فيه الزنا‪ ،‬أما إذا لم يتيسر فهو وإن‬
‫اشتدت به الشهوة ل يمكن أن يزني‪ ،‬فإذا خاف الزنا لوجود أسبابه‬
‫وانتفاء موانعه‪ ،‬صار النكاح في حقه واجبا ً دفعا ً لهذه المفسدة؛‬
‫لن ترك الزنا واجب‪ ،‬وما ل يتم الواجب إل به فهو واجب‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬متى يكون الزواج مباحا ً ؟‬
‫يباح لمن ل شهوة له إذا كان غنيا ً ؛ لنه ليس هناك سبب يوجب‪،‬‬
‫ولكن من أجل مصالح الزوجة بالنفاق عليها وغير ذلك‪.‬‬
‫فإن قصد بذلك إعفاف الزوجة وتحصين الفرج كان مسنونا ً‬
‫لمصلحة الخرين‪ ،‬وهكذا المباحات إذا كانت وسيلة للمحبوبات‬
‫صارت محبوبة ومطلوبة‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬متى يكون الزواج مكروها ً ؟‬
‫مل نفسه‬ ‫ح ّ‬
‫ذ ليس به حاجة‪ ،‬وي ُ َ‬ ‫يكره لفقير ل شهوة له؛ لنه حينئ ٍ‬
‫متاعب كثيرة‪ ،‬فإن كانت المرأة غنية ل يهمها أن ينفق أو ل ينفق‪،‬‬
‫فالنكاح في حقه سنة‪.‬‬
‫ً‬
‫مسألة ‪ :‬متى يكون الزواج محرما ؟‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪16‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫يحرم بدار حرب‪ ،‬إذا صار النسان في دار الكفار يقاتل في سبيل‬
‫الله‪ ،‬فإنه ل يجوز أن يتزوج؛ لنه يخشى على عائلته في هذه‬
‫الدار‪ ،‬ومن ذلك إذا كان النسان معه زوجة وخاف إذا تزوج ثانية أل‬
‫دُلوا‬ ‫َ‬
‫م أل ّ ت َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫فت ُ ْ‬ ‫خ ْ‬‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫يعدل‪ ،‬فالنكاح حرام لقول الله تعالى‪َ }} :‬‬
‫ة{{ ]النساء‪ ، [3 :‬فأمر الله ـ تعالى ـ بالقتصار على‬ ‫حدَ ً‬
‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫الواحدة إذا خفنا عدم العدل‪ ،‬ويستحب فيما عدا ذلك؛ لنه هو‬
‫الصل‪.‬‬
‫)ولهذا ذكر الفقهاء أن النكاح تجري فيه الحكام الخمسة‪ ،‬تارة‬
‫حُرم(‪.‬‬ ‫يجب‪ ،‬وتارة ُيستحب‪ ،‬وتارة ُيباح‪ ،‬وتارة ُيكره‪ ،‬وتارة ي َ ْ‬
‫}تنبيه{ ‪ :‬وينبغي لمن تزوج أل يقصد قضاء الشهوة فقط‪ ،‬كما هو‬
‫مراد أكثر الناس اليوم‪ ،‬إنما ينبغي له أن يقصد بهذا التالي‪:‬‬
‫ل‪ :‬امتثال أمر النبي ـ عليه الصلة والسلم ـ‪» :‬يا معشر الشباب‬ ‫أو ً‬
‫من استطاع منكم الباءة فليتزوج«‬
‫ثانيًا‪ :‬تكثير نسل المة؛ لن تكثير نسل المة من المور المحبوبة‬
‫إلى النبي ـ عليه الصلة والسلم ولن تكثير نسل المة سبب‬
‫لقوتها وعزتها‪ ،‬ولهذا قال شعيب ـ عليه الصلة والسلم ـ لقومه‪:‬‬
‫م{{ ]العراف‪ ،[86 :‬وامتن الله به‬ ‫فك َث َّرك ُ ْ‬
‫قِليل ً َ‬ ‫واذْك ُُروا إ ِذْ ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫}} َ‬
‫َ‬
‫فيًرا{{ ]السراء‪:‬‬ ‫م أك ْث ََر ن َ ِ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬
‫ج َ‬
‫و َ‬
‫على بني إسرائيل في قوله‪َ }} :‬‬
‫‪. [6‬‬
‫ثالثًا‪ :‬تحصين فرجه وفرج زوجته‪ ،‬وغض بصره وبصر زوجته‪ ،‬ثم‬
‫يأتي بعد ذلك قضاء الشهوة‪.‬‬

‫]*[ ‪‬الحكمة من النكاح وفوائده‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي الحكمة من النكاح و ما هي فوائده ؟‬


‫حك َ ٌ‬
‫م وفوائد عديدة منها ما يلي ‪:‬‬ ‫]*[ ‪‬للنكاح ِ‬
‫)‪ (1‬الزواج هو أعظــم ربــاط إنســاني يجمــع بيــن شخصــين‪ ،‬ولهــذا‬
‫ه‬ ‫ف ت َأ ْ ُ‬
‫خـ ُ‬
‫ذون َ ُ‬ ‫سماه القرآن الكريم ميثاقا ً غليظًا‪ ،‬قــال تعــالى‪َ } :‬‬
‫وك َي ْـ َ‬
‫غِليظـًا{]النســاء‪:‬‬ ‫ميَثاقا ً َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫وأ َ َ‬
‫خذْ َ‬
‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫م إ َِلى ب َ ْ‬
‫ع ٍ‬ ‫ضك ُ ْ‬
‫ع ُ‬
‫ضى ب َ ْ‬ ‫قدْ أ َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫شــرعة دينيــة وســنة اجتماعيــة وســنة‬ ‫‪ ،[21‬والسلم يعتبر الــزواج ِ‬
‫كونيــة أيضــًا‪ ،‬فــالكون كلــه يقــوم علــى نظــام الزدواج وقاعــدة‬
‫الزوجية‪ ،‬فالمتأمــل فـي هـذا الكـون يــدرك بســهولة أن اللـه خلــق‬
‫الشياء أزواجـا ً متقابلــة‪ ،‬الحيــاء ذكــر وأنــثى ‪ ،‬والجمــادات مــوجب‬
‫وسالب‪ ،‬حتى الذرة التي هي أساس البناء الكوني كله فيها موجب‬
‫وســالب‪] ،‬إلكــترون وبروتــون[‪ ،‬شــحنة كهربائيــة موجبــة وشــحنة‬
‫كهربائية سالبة‪ ،‬وهذا ما قرره القــرآن منـذ أكـثر مـن أربعـة عشــر‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪17‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن{‬ ‫م ت َـذَك ُّرو َ‬ ‫عل ّك ُـ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫جي ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫قَنا َز ْ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫قرنا ً بقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫]الذاريات‪ [49:‬ومن هنا كانت حاجــة الرجــل إلــى المــرأة‪ ،‬والمــرأة‬
‫س ـّنة اللهيــة‪ ،‬فض ـل ً عــن الحاجــة‬ ‫إلــى الرجــل تســير وفــق هــذه ال ُ‬
‫الفطريــة‪ ،‬فقــد فطــر اللــه الجنســين علــى النجــذاب لبعضــهما‪،‬‬
‫فالرجل منجذب للمرأة‪ ،‬والمـرأة منجذبــة للرجـل‪ ،‬وبهـذا النجــذاب‬
‫بين الطرفين يحصل التواصـل والـتزاوج‪ ،‬ومـن خلل هـذه العلقــة‬
‫القدسية يتحقق قدر الله في استمرار النوع البشــري وبقــائه إلــى‬
‫ما شاء الله‪ ،‬ليعمـر الرض وليقــوم بحــق الخلفـة فيهــا‪ ،‬كمــا قـال‬
‫ْ َ‬
‫ة{‬ ‫فـ ً‬‫خِلي َ‬‫ض َ‬‫فــي الْر ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫عـ ٌ‬ ‫جا ِ‬ ‫ة إ ِن ّــي َ‬ ‫ملئ ِك َـ ِ‬ ‫ك ل ِل ْ َ‬ ‫ل َرب ّـ َ‬ ‫قــا َ‬ ‫وإ ِذْ َ‬
‫تعــالى} َ‬
‫]البقــرة‪ [30:‬ول يســتغني أحــدهما عــن الخــر مهمــا كــانت تقــواه‬
‫ومهمــا كــانت عفتــه‪ ،‬ولهــذا كــان عمــوم النبيــاء والرســل عليهــم‬
‫السلم المعصومون متزوجين إل القليل منهم‪ ،‬كيحيــى وعيســى ‪‬‬
‫واج ـا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م أْز َ‬ ‫هـ ْ‬‫عل ْن َــا ل َ ُ‬‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫قب ْل ِـ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫س ـل ً ِ‬ ‫س ـل َْنا ُر ُ‬ ‫ق ـدْ أْر َ‬ ‫ول َ َ‬‫قــال تعــالى} َ‬
‫ة {]الرعد‪ [38 :‬كما ل يستغني أحدهما عــن الخــر مهمــا كــان‬ ‫وذُّري ّ ً‬
‫َ‬
‫منعما‪ ،‬ولهذا لما خلق الله آدم ‪ ‬وأسكنه الجنة لم يدعه وحده في‬
‫الجنة‪ ،‬إذ ل معنى لجنة بل جليس ول أنيــس‪ ،‬وإن كــان فيهــا مــا لــذ‬
‫وطاب من الطعــام والشــراب‪ ،‬لــذلك اســتوحش آدم ‪ ‬فــي الجنــة‬
‫حتى خلق الله له حواء‪،‬‬
‫]*[ قال ابن مسعود وابن عباس ‪: ‬‬
‫م الجنة مشى فيها مستوحشًا‪ ،‬فلما نام خلقــت حــواء‬ ‫لما أسكن آد ُ‬
‫صرى ]أسفل الضلع[ من شقه اليسر ليسكن إليها‬ ‫قي َ ْ‬ ‫من ضلعه ال ُ‬
‫ويأنس بها‪ ،‬فلما قام وجدها‪ ،‬فقال من أنت؟ قـالت‪ :‬امـرأة خلقـت‬
‫م‬ ‫خل َ َ‬
‫قك ُـ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫و ال ّ ـ ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫من ضلعك لتسكن إلي‪ ،‬وهو معنى قوله تعــالى} ُ‬
‫هــا‪) {...‬العــراف‪:‬‬ ‫ن إ ِل َي ْ َ‬ ‫س ـك ُ َ‬ ‫هــا ل ِي َ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫هــا َز ْ‬ ‫من ْ َ‬‫ل ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ة َ‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٍ‬‫ن نَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫‪(189‬‬
‫)‪ (2‬الزوج سكن‪:‬‬
‫ها{ ]العراف‪:‬‬ ‫ن إ ِل َي ْ َ‬ ‫سك ُ َ‬ ‫ها ل ِي َ ْ‬‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫‪.[189‬‬
‫ذته ‪.‬‬ ‫قال الطبري‪" :‬ليأوي إليها لقضاء حاجته ول ّ‬
‫وقال ابن كثير‪" :‬أي‪ :‬ليألفها ويسكن بها"‬
‫)‪ (3‬تكثير نسل المة‪:‬‬
‫) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم ‪.‬‬
‫]*[ قال المناوي رحمه الله تعالى ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪18‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫"وهذا حث عظيم على الحرص على تكثير الولد‪ ،‬وفي ضمنه نهي‬
‫عن العزل‪ ،‬وتوبيخ على فعله‪ ،‬وأنه ينبغي للنسان رعاية المقاصد‬
‫الشرعية وإيثارها على الشهوات النفسانية" ‪.‬‬
‫]*[ وقال شمس الدين آبادي‪:‬‬
‫"))الودود(( أي‪ :‬التي تحب زوجها‪)) ،‬الولود(( أي‪ :‬التي تكثر‬
‫ولدتها‪ ،‬وقيد بهذين لن الولود إذا لم تكن ودودا لم يرغب الزوج‬
‫فيها‪ ،‬والودود إذا لم تكن ولودا لم يحصل المطلوب وهو تكثير‬
‫المة بكثرة التوالد‪ ،‬ويعرف هذان الوصفان في البكار من‬
‫أقاربهن‪ ،‬إذ الغالب سراية طباع القارب بعضهن إلى بعض" ‪.‬‬
‫]*[ وقال السندي‪))" :‬الودود(( أي‪ :‬كثيرة المحبة للزوج‪ ،‬كأن‬
‫المراد بها البكر‪ ،‬وُيعرف ذلك بحال قرابتها‪ .‬وكذا معرفة ))الولود((‬
‫أي‪ :‬كثير الولدة‪ ،‬يعرف بذلك في البكر‪ .‬واعتبار كونها ودودا مع‬
‫أن المطلوب كثرةُ الولد كما يدل عليه التعليل لن المحبة هي‬
‫الوسيلة إلى ما يكون سببا ً للولد ‪.‬‬
‫)‪ (4‬فيه غض للبصر وإحصان للفرج‪:‬‬
‫)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال‪:‬‬
‫يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬
‫للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‬
‫‪.‬‬
‫]*[ قال الصنعاني‪:‬‬
‫"فيه الحث على تحصيل ما يغض به البصر ويحصن الفرج" ‪.‬‬
‫]*[ قال أبو حامد الغزالي في بيان فوائد النكاح‪" :‬وفيه فوائد‬
‫خمس‪ :‬الولد‪ ،‬وكسر الشهوة‪ ،‬وتدبير المنزل‪ ،‬وكثرة العشيرة‪،‬‬
‫ومجاهدة النفس بالقيام بهن‪.‬‬
‫الفائدة الولى‪ :‬الولد‪ ،‬وهو الصل‪ ،‬وله وضع النكاح‪ ،‬والمقصود‬
‫إبقاء النسل وأن ل يخلو العالم عن جنس النس‪ ،‬وإنما الشهوة‬
‫كل بالفحل في إخراج البذر‪ ،‬وبالنثى‬ ‫حّثة كالمو ّ‬
‫خلقت باعثة مست ِ‬
‫في التمكين من الحرث‪ ،‬تلطفا ً بهما في السياقة إلى اقتناص‬
‫ة من أربعة أوجه‬ ‫الولد بسبب الوقاع‪ .‬وفي التوصل إلى الولد قرب ٌ‬
‫هي الصل في الترغيب فيه عند المن من غوائل الشهوة‪ ،‬حتى‬
‫لم يحب أحدهم أن يلقى الله عزبًا‪ :‬الول موافقة محبة الله‬
‫بالسعي في تحصيل الولد لبقاء جنس النسان‪ .‬والثاني‪ :‬طلب‬
‫محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تكثير مباهاته‪.‬‬
‫والثالث‪ :‬طلب التبرك بدعاء الولد الصالح بعده‪ .‬والرابع‪ :‬طلب‬
‫الشفاعة بموت الولد الصغير إذا مات قبله‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪19‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫دها عن أفهام الجماهير‪،‬‬ ‫أما الوجه الول‪ :‬فهو أدقّ الوجوه وأبع ُ‬
‫قها وأقواها عند ذوي البصائر النافذة في عجائب صنع الله‬ ‫وهو أح ّ‬
‫تعالى ومجاري حكمه‪ ،‬وبيانه أن السيد إذا سّلم إلى عبده البذر‬
‫وآلت الحرث وهّيأ له أرضا مهيأة للحراثة‪ ،‬وكان العبد قادرا على‬
‫طل آلة‬ ‫الحراثة‪ ،‬ووكل به من يتقاضاه عليها‪ ،‬فإن تكاسل وع ّ‬
‫الحرث وترك البذر ضائعا حتى فسد‪ ،‬ودفع الموكل عن نفسه بنوع‬
‫حقا للمقت والعتاب من سيده‪ ،‬والله تعالى‬ ‫من الحيلة كان مست ِ‬
‫خلق الزوجين‪ ،‬وخلق الذكر والنثيين‪ ،‬وخلق النطفة في الفقار‪،‬‬
‫وهيأ لها في النثيين عروقا ومجاري‪ ،‬وخلق الرحم قرارا‬
‫دعا للنطفة‪ ،‬وسّلط متقاضي الشهوة على كل واحد من‬ ‫ومستو َ‬
‫الذكر والنثى‪ ،‬فهذه الفعال واللت تشهد بلسان ذلق في‬
‫دت‬ ‫ُ‬
‫العراب عن مراد خالقها‪ ،‬وتنادي أرباب اللباب بتعريف ما أع ّ‬
‫له‪...‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬السعي في محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ورضاه بتكثير ما به مباهاته؛ إذ قد صرح رسول الله صلى الله عليه‬
‫ة بالوجوه كلها‪...‬‬ ‫وسلم بذلك‪ .‬ويدل على مراعاة أمر الولد جمل ٌ‬
‫قال عليه السلم‪)) :‬خير نسائكم الولود الودود((‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن ُيبقي بعده ولدا صالحا يدعو له‪ ،‬كما ورد في‬
‫الخبر أن جميع عمل ابن آدم منقطع إل ثلثا‪ ،‬فذكر‪ :‬الولد الصالح‪.‬‬
‫وقول القائل‪ :‬إن الولد ربما لم يكن صالحا‪ ،‬ل يؤثر‪ ،‬فإنه مؤمن‪،‬‬
‫والصلح هو الغالب على أولد ذوي الدين‪ ،‬ل سيما إذا عزم على‬
‫تربيته وحمله على الصلح‪ .‬وبالجملة دعاء المؤمن لبويه مفيد برا ً‬
‫كان أو فاجرًا‪ ،‬فهو مثاب على دعواته وحسناته فإنه من كسبه‪،‬‬
‫وغير مؤاخذ بسيئاته‪ ،‬فإنه ل تزر وازرة وزر أخرى‪ .‬ولذلك قال‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ىء{ أي‪:‬‬ ‫من َ‬
‫ش ْ‬ ‫هم ّ‬‫مل ِ ِ‬
‫ع َ‬‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫م ّ‬ ‫ما أل َت ْن َ ٰـ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ‬
‫م َ‬ ‫م ذُّري ّت َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ه ْ‬
‫قَنا ب ِ ِ‬ ‫تعالى‪} :‬أل ْ َ‬
‫ح ْ‬
‫ما نقصناهم من أعمالهم وجعلنا أولدهم مزيدا في إحسانهم‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن يموت الولد قبله فيكون له شفيعًا‪ ،‬قال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)) :‬من مات له ثلثة لم يبلغوا الحنث أدخله الله الجنة‬
‫بفضل رحمته إياهم((‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول الله واثنان؟ قال‪:‬‬
‫))واثنان((‪ .‬فقد ظهر بهذه الوجوه الربعة‪ ،‬أن أكثر فضل النكاح‬
‫لجل كونه سببا للولد‪.‬‬
‫وقان‪ ،‬ودفع‬ ‫صن من الشيطان‪ ،‬وكسر الت ّ َ‬ ‫الفائدة الثانية‪ :‬التح ّ‬
‫غوائل الشهوة‪ ،‬وغض البصر وحفظ الفرج‪ ،‬وإليه الشارة بقوله‪:‬‬
‫))عليكم بالباءة‪ ،‬فمن لم يستطع فعليه بالصوم‪ ،‬فإن الصوم له‬
‫وجاء((‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪20‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الفائدة الثالثة‪ :‬ترويح النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر‬
‫والملعبة‪ ،‬وإراحة للقلب وتقوية له على العبادة‪ ،‬فإن النفس‬
‫ملول‪ ،‬وهي عن الحق نفور؛ لنه على خلف طبعها‪ .‬فلو كلفت‬
‫المداومة بالكراه على ما يخالفها جمحت‪ ،‬وإذا روحت باللذات في‬
‫بعض الوقات قويت ونشطت‪ ،‬وفي الستئناس بالنساء من‬
‫وح القلب‪ ،‬وينبغي أن يكون لنفوس‬ ‫الستراحة ما يزيل الكرب وير ّ‬
‫ن‬‫سك ُ َ‬ ‫المتقين استراحات بالمباحات‪ ،‬ولذلك قال الله تعالى‪} :‬ل ِي َ ْ‬
‫ي‬
‫ها{ ]العراف‪ ،[189:‬وقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬حبب إل ّ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫من دنياكم ثلث‪ :‬الطيب‪ ،‬والنساء‪ ،‬وجعلت قرة عيني في‬
‫الصلة((‪.‬‬
‫فهذه أيضا فائدة ل ينكرها من جّرب إتعاب نفسه في الفكار‬
‫والذكار وصنوف العمال‪ ،‬وهي خارجة عن الفائدتين السابقتين‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪ :‬تفريغ القلب عن تدبير المنزل‪ ،‬والتكفل بشغل‬
‫الطبخ‪ ،‬والكنس والفرش‪ ،‬وتنظيف الواني‪ ،‬وتهيئة أسباب‬
‫المعيشة‪ .‬فإن النسان لو لم يكن له شهوة الوقاع لتعذر عليه‬
‫فل بجميع أشغال المنزل لضاع‬ ‫العيش في منزله وحده‪ ،‬إذ لو تك ّ‬
‫أكثر أوقاته‪ ،‬ولم يتفّرغ للعلم والعمل‪ .‬فالمرأة الصالحة للمنزل‬
‫عون على الدين بهذه الطريق‪ ،‬واختلل هذه السباب شواغل‬
‫غصات للعيش‪ .‬ولذلك قال أبو سليمان‬ ‫وشات للقلب ومن ّ‬ ‫ومش ّ‬
‫الداراني‪ :‬الزوجة الصالحة ليست من الدنيا‪ ،‬فإنها تفرغك للخرة‪.‬‬
‫وإنما تفريغها بتدبير المنزل وبقضاء الشهوة جميعا‪.‬‬
‫الفائدة الخامسة‪ :‬مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولية‪،‬‬
‫والقيام بحقوق الهل‪ ،‬والصبر على أخلقهن‪ ،‬واحتمال الذى‬
‫منهن‪ ،‬والسعي في إصلحهن وإرشادهن إلى طريق الدين‪،‬‬
‫والجتهاد في كسب الحلل لجلهن‪ ،‬والقيام بتربيته لولده‪ .‬فكل‬
‫هذه أعمال عظيمة الفضل‪ ،‬فإنها رعاية وولية‪ ،‬والهل والولد‬
‫ة من‬ ‫رعية‪ ،‬وفضل الرعاية عظيم‪ ،‬وإنما يحترز منها من يحترز خيف ً‬
‫القصور عن القيام بحقها‪ ،‬وإل فقد قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))أل كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته((‪.‬‬
‫كم له بالفضيلة" ‪.‬‬ ‫فهذه فوائد النكاح في الدين التي بها يح َ‬
‫]*[ وقال ابن القيم في ذلك‪:‬‬
‫"استدل على تفضيل النكاح على التخلي لنوافل العبادة بأن الله‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ول َ َ‬
‫تعالى عز وجل اختار النكاح لنبيائه ورسله‪ ،‬فقال تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة{ ]الرعد‪،[38:‬‬ ‫وذُّري ّ ً‬‫جا َ‬ ‫وا ً‬‫م أْز َ‬ ‫ه ْ‬‫عل َْنا ل َ ُ‬
‫ج َ‬‫و َ‬‫ك َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬ ‫سل َْنا ُر ُ‬
‫سل ً ّ‬
‫من َ‬ ‫أْر َ‬
‫ها{ ]العراف‪:‬‬ ‫ن إ ِل َي ْ َ‬‫سك ُ َ‬ ‫ها ل ِي َ ْ‬‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ها َز ْ‬ ‫من ْ َ‬‫ل ِ‬ ‫ع َ‬‫ج َ‬‫و َ‬‫وقال في حق آدم‪َ } :‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪21‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ ،[189‬واقتطع من زمن كليمه عشر سنين في رعاية الغنم مهَر‬
‫الزوجة‪ ،‬ومعلوم مقدار هذه السنين العشر في نوافل العبادات‪،‬‬
‫وجه‬ ‫ل الشياء فلم يحب له ترك النكاح بل ز ّ‬ ‫واختار لنبيه محمد أفض َ‬
‫بتسع فما فوقهن‪ ،‬ول هدي فوق هديه‪ .‬ولو لم يكن فيه إل سرور‬
‫النبي يوم المباهاة بأمته‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل أنه بصدد أنه ل‬
‫ينقطع عمله بموته‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل أنه يخرج من صلبه من‬
‫يشهد بالله بالوحدانية ولرسوله بالرسالة‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل غض‬
‫بصره وإحصان فرجه عن التفاته إلى ما حرم الله تعالى‪ ،‬ولو لم‬
‫يكن فيه إل تحصين امرأة يعفها الله به ويثيبه على قضاء وطره‬
‫ووطرها فهو في لذاته وصحائف حسناته تتزايد‪ ،‬ولو لم يكن فيه‬
‫إل ما يثاب عليه من نفقته على امرأته وكسوتها ومسكنها ورفع‬
‫اللقمة إلى فيها‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل تكثير السلم وأهله وغيظ‬
‫أعداء السلم‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل ما يترّتب عليه من العبادات‬
‫التي ل تحصل للمتخلي للنوافل‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل تعديل قوته‬
‫الشهوانية الصارفة له عن تعلق قلبه بما هو أنفع له في دينه‬
‫ده عن‬ ‫ودنياه‪ ،‬فإن تعّلق القلب بالشهوة أو مجاهدته عليها تص ّ‬
‫تعّلقه بما هو أنفع له‪ ،‬فإن الهمة متى انصرفت إلى شيء‬
‫ضه لبنات إذا صبر‬ ‫انصرفت عن غيره‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل تعّر ُ‬
‫ن له سترا من النار‪ ،‬ولو لم يكن فيه إل أنه‬ ‫عليهن وأحسن إليهن ك ّ‬
‫دم له فرطين لم يبلغا الحنث أدخله الله بهما الجنة‪ ،‬ولو لم‬ ‫إذا ق ّ‬
‫يكن فيه إل استجلبه عون الله له فإن في الحديث المرفوع‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫م‪:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ون ُ ُ‬ ‫ع ْ‬
‫ق على الله َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة َ‬ ‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ث َل َث َ ٌ‬
‫ذي‬ ‫ح ال ّ ِ‬‫ء‪ ،‬والّناك ِ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ريدُ ال َ‬ ‫ذي ي ُ ِ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫كات َ ُ‬ ‫م َ‬‫ل الله‪ ،‬وال ُ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫هدُ في َ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬‫ال ُ‬
‫ف« ‪.‬‬ ‫فا َ‬‫ع َ‬ ‫ريدُ ال َ‬ ‫يُ ِ‬
‫)‪ (5‬امتثال أمر الله تعالى ورسوله ‪ r‬في الحث على النكاح‬
‫َ‬ ‫لقوله تعالى‪}} :‬ول َ َ َ‬
‫جا‬‫وا ً‬‫م أْز َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ً ِ‬ ‫سل َْنا ُر ُ‬ ‫قدْ أْر َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وذُّري ّ ً‬
‫من ْك ْ‬ ‫مى ِ‬ ‫حوا الَيا َ‬ ‫وأن ْك ِ ُ‬ ‫ة{{ ]الرعد‪ ، [38 :‬وقال‪َ }} :‬‬ ‫َ‬
‫م{{ ]النور‪ ، [32 :‬وقال ـ عّز وجل ـ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫مائ ِك ْ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫عَباِدك ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫ع{{ ]النساء‪:‬‬ ‫وُرَبا َ‬‫َ‬ ‫ث‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫نى‬ ‫َ َ‬‫ْ‬ ‫ث‬‫م‬ ‫ء‬‫ِ‬ ‫سا‬‫ّ َ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫َ‬ ‫طا‬‫َ‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫حوا‬ ‫ك‬
‫ْ ِ ُ‬ ‫ن‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫}}‬
‫‪ *[3‬وقد حث النبي عليه‪ ،‬ولما فيه من المصالح العظيمة التي‬
‫ستتبين فيما بعد‪.‬‬
‫)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال‪:‬‬
‫يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬
‫للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‬
‫‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪22‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والمراد بالباءة النكاح بحيث يكون عنده قوة بدنية وقدرة مالية‪ ،‬إل‬
‫أنه سيأتي ـ إن شاء الله ـ بيان اختلف العلماء في هذه المسألة‪.‬‬
‫أنس بن مالك رضي الله عنه يقول‪ :‬جاء ثلث رهط إلى بيوت‬
‫أزواج النبي ‪ ،‬يسألون عن عبادة النبي ‪ ،‬فلما أخبروا كأنهم‬
‫تقالوها‪ ،‬فقالوا‪ :‬أين نحن من النبي ؟ قد غفر الله له ما تقدم من‬
‫ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا فإني أصلي الليل أبدا‪ ،‬وقال‬
‫آخر‪ :‬أنا أصوم الدهر ول أفطر‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فل‬
‫أتزوج أبدا‪ ،‬فجاء رسول الله فقال‪) :‬أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟‬
‫أما والله أتي لخشاكم لله وأتقاكم له‪ ،‬لكني أصوم وأفطر‪،‬‬
‫وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنتي فليس مني(‪.‬‬
‫)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال‪ :‬كنا نغزو مع‬
‫رسول الله وليس لنا شيء فقلنا أل نستخصي؟ فنهانا عن ذلك‪،‬‬
‫ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب‪ ،‬ثم قرأ علينا‪} :‬يا أيها الذين‬
‫أمنوا ل تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ول تعتدوا أن الله ل يحب‬
‫المعتدين{‪*.‬‬
‫‪ ،‬ولن عثمان بن مظعون رضي الله عنه قال‪ :‬لو أذن لنا رسول‬
‫الله لختصينا‪ ،‬ولكن نهانا عن التبتل ‪ ،‬يعني ترك النكاح؛ وذلك لما‬
‫في النكاح من المصالح الكثيرة التي من أجلها صار سنة‪ ،‬ولنه من‬
‫ضرورة بقاء المة؛ لنه لول النكاح ما حصل التوالد‪ ،‬ولول التوالد‬
‫ما بقيت المة‪ ،‬ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة‪ ،‬والشيء‬
‫قد يكون مطلوبا ً وإن لم ينص على طلبه لما يترتب عليه من‬
‫المصالح والمنافع العظيمة‪.‬‬
‫)حديث سعد بن أبي وقاص الثابت في الصحيحين ( يقول‪ :‬رد‬
‫رسول الله على عثمان بن مظعون التبتل‪ ،‬ولو أذن له لختصينا‪.‬‬
‫) حديث سعيد بن جبير الثابت في صحيح البخاري ( قال‪ :‬قال لي‬
‫ابن عباس ‪ :‬هل تزوجت ؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فتزوج‪ ،‬فأن خير هذه‬
‫المة أكثرها نساء‪.‬‬
‫)‪ (6‬المرأة الصالحة خير متاع الدنيا بنص السنة الثابت الصحيحة ‪:‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة ‪.‬‬
‫) حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في صحيح‬
‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬أربع من السعادة‪ :‬المرأة الصالحة و‬
‫المسكن الواسع والجارالصالح و المركب الهنيء و أربع من‬
‫الشقاء‪ :‬المرأة السوء و الجار السوء و المركب السوء و المسكن‬
‫الضيق ‪.‬‬
‫)‪(7‬الزواج علج فتنة النساء التي هي أضّر فتنة على الرجال بنص‬
‫السنة الثابت الصحيحة‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪23‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ما تركت‬
‫بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ‪.‬‬
‫‪‬ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء‬
‫]*[ قال مجاهد ‪ :‬إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها‬
‫فزينها لمن ينظر فإذا أدبرت جلس على عجزها فزينها لمن‬
‫ينظر ‪ .‬ا‪.‬هـ تفسير القرطبي ج‪ 12 :‬ص‪227 :‬‬
‫]*[ وقال المناوي ‪:‬ما يثق ] أي الشيطان [في صيده التقياء‬
‫بشيء من آلت الصيد وثوقه بالنساء ‪.‬‬
‫) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف‬
‫تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل‬
‫كانت في النساء ‪.‬‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن المرأة تقبل في صورة شيطان‬
‫وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن‬
‫ذلك يرد ما في نفسه‪.‬‬
‫)‪(9‬أن الله تعالى أوجب على نفسه إعانة الناكح الذي يريد‬
‫العفاف مما يدل على فضل النكاح ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت فــي صــحيحي الترمــذي‬
‫م‪:‬‬
‫ه ْ‬ ‫ون ُ ُ‬
‫عـ ْ‬
‫ق علــى اللــه َ‬ ‫حـ ّ‬‫ة َ‬ ‫وابــن ماجــة ( أن النــبي ‪ r‬قــال ‪» :‬ث َل َث َـ ٌ‬
‫ذي‬ ‫ح ال ّـ ِ‬‫ء‪ ،‬والّناك ِـ ُ‬
‫دا َ‬
‫ريـدُ ال َ‬
‫ذي ي ُ ِ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫كات َ ُ‬ ‫ل الله‪ ،‬وال ُ‬
‫سِبي ِ‬‫هدُ في َ‬ ‫جا ِ‬
‫م َ‬
‫ال ُ‬
‫ف« ‪.‬‬ ‫ع َ‬
‫فا َ‬ ‫ريدُ ال َ‬‫يُ ِ‬

‫]*[ ‪‬السس التي يقوم عليها نظام الحياة الزوجية‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي السس التي يقوم عليها نظام الحياة الزوجية ؟‬


‫)‪ (1‬النكاح في السلم مبني على أساس عقدي‪:‬‬
‫وك َي ْ َ‬
‫ف‬ ‫قال الله تعالى واصفا عقد النكاح بالميثاق الغليظ‪َ } :‬‬
‫ً‬
‫غِليظا{‬ ‫ً‬
‫ميث َ ٰـقا َ‬‫كم ّ‬‫من ُ‬
‫ن ِ‬ ‫وأ َ َ‬
‫خذْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫م إ ِل َ ٰى ب َ ْ‬
‫ع ٍ‬ ‫ضك ُ ْ‬
‫ع ُ‬
‫ض ٰى ب َ ْ‬ ‫قدْ أ َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫أْ ُ‬
‫خ ُ‬
‫ذون َ ُ‬
‫]النساء‪.[21:‬‬
‫]*[ قال الطبري‪:‬‬
‫"وأولى هذه القوال بتأويل ذلك‪ ،‬قول من قال‪ :‬الميثاق الذي‬
‫عني به في هذه الية هو‪ :‬ما أخذ للمرأة على زوجها عند عقدة‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪24‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫النكاح من عهد على إمساكها بمعروف أو تسريحها بإحسان‪ ،‬فأقر‬
‫به الرجل؛ لن الله جل ثناؤه بذلك أوصى الرجال في نسائهم ‪.‬‬
‫وفي خطبة الوداع قال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬فاتقوا الله في‬
‫النساء‪ ،‬فإنكم أخذتموهن بأمان الله‪ ،‬واستحللتم فروجهن بكلمة‬
‫الله((‪.‬‬
‫ساء{‬
‫ن ٱلن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ّ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫طا َ‬‫ما َ‬ ‫حوا ْ َ‬ ‫ف ٱنك ِ ُ‬ ‫والكلمة‪ :‬قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫]النساء‪.[3:‬‬
‫)‪ (2‬النكاح طاعة وعبادة ‪:‬‬
‫) حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( فقالوا ‪ :‬يا رسول الله أيأتي أحدنا‬
‫شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬أرأيتم‬
‫لو وضعها في الحرام ‪ ،‬أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في‬
‫الحلل كان له أجر (‬
‫) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( ‪ :‬أي في جماعه لهله‬
‫فياله من فضل ‪ ،‬قضاء وأجر ‪....‬‬
‫]*[ قال النووي‪ُ))" :‬بضع(( هو‪ :‬بضم الباء‪ ،‬ويطلق على الجماع‬
‫ويطلق على الفرج نفسه‪ ،‬وكلهما تصح إرادته هنا‪ .‬وفي هذا دليل‬
‫على أن المباحات تصير طاعات بالنيات الصادقات‪ ،‬فالجماع يكون‬
‫ق الزوجة ومعاشرَتها بالمعروف الذي أمر‬ ‫عبادة إذا نوى به قضاءَ ح ّ‬
‫ف‬
‫ف نفسه أو إعفا َ‬ ‫د صالح أو إعفا َ‬ ‫ب ول ٍ‬ ‫الله تعالى به‪ ،‬أو طل َ‬
‫عهما جميعا من النظر إلى حرام أو الفكر فيه أو الهم‬ ‫الزوجة‪ ،‬ومن َ‬
‫به‪ ،‬ذلك من المقاصد الصالحة ‪.‬‬
‫)‪ (3‬العدالة التامة بين الزوجين‪:‬‬
‫ف{ ]البقرة‪:‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ب ِ ٱل ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذى َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ٱل ّ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬‫ن ِ‬‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬
‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫‪.[228‬‬
‫ب أن أتزّين‬ ‫]*[ قال ابن عباس رضي الله عنهما‪) :‬إني أح ّ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫ول َ ُ‬
‫ب أن تتزّين لي؛ لن الله تعالى ذكره يقول‪َ } :‬‬ ‫للمرأة‪،‬كما أح ّ‬
‫ف{ ‪.‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ب ِ ٱل َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذى َ َ‬ ‫ل ٱل ّ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫]*[ وقال ابن الجوزي‪" :‬وهو المعاشرة الحسنة والصحبة الجميلة"]‬
‫‪.[8‬‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫ذى َ َ‬ ‫ل ٱل ّ ِ‬
‫مث ْ ُ‬ ‫ول َ ُ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫]*[ وقال ابن القيم‪" :‬ودخل في قوله‪َ } :‬‬
‫ف{ جميع الحقوق التي للمرأة وعليها‪ ،‬وإن مردّ ذلك إلى‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ب ِ ٱل ْ َ‬
‫م ْ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪25‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ما يتعارفه الناس بينهم‪ ،‬ويجعلونه معروفا ً ل منكرًا‪ ،‬والقرآن‬
‫م كفالة" ‪.‬‬ ‫والسنة كفيلن بهذا أت ّ‬
‫]*[ وقال ابن كثير‪" :‬أي‪ :‬ولهن على الرجال من الحق مثل ما‬
‫ل واحد منهما إلى الخر ما يجب عليه‬ ‫للرجال عليهن‪ ،‬فليؤدّ ك ّ‬
‫بالمعروف" ‪.‬‬
‫]*[ وقال اللوسي‪" :‬كأنه قيل‪ :‬ولهن عليهم مثل الذي لهم‬
‫عليهن‪ ،‬والمراد بالمماثلة‪ :‬المماثلة في الوجوب ل في جنس‬
‫الفعل‪ ،‬فل يجب عليه إذا غسلت ثيابه أو خبزت له أن يفعل لها‬
‫مثل ذلك‪ ،‬ولكن يقابله بما يليق بالرجال" ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن سعدي‪" :‬أي‪ :‬وللنساء على بعولتهن من الحقوق‬
‫واللوازم مثل الذي عليهن لزواجهن من الحقوق اللزمة‬
‫والمستحبة ‪.‬‬
‫)‪ (4‬مبدأ الشورى بين الزوجين‪:‬‬
‫ر{ ]آل عمران‪.[159:‬‬ ‫م ِ‬
‫فى ٱل ْ‬ ‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫وْر ُ‬ ‫و َ‬
‫شا ِ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫]*[ قال ابن جرير الطبري‪" :‬وأولى القوال بالصواب في ذلك أن‬
‫يقال‪ :‬إن الله عز وجل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة‬
‫من‬‫وه ومكايد حربه ‪ ،‬تأليفا ً منه بذلك َ‬ ‫أصحابه فيما حَزَبه من أمر عد ّ‬
‫ة‬‫من عليه معها فتن َ‬ ‫لم تكن بصيرُته بالسلم البصيرةَ التي يؤ َ‬
‫الشيطان‪ ،‬وتعريفا ً منه أمَته ما في المور التي تحزبهم من بعده‬
‫ومطلبها‪ ،‬ليقتدوا به في ذلك عند النوازل التي تنزل بهم‪،‬‬
‫فيتشاوروا فيما بينهم‪ ،‬كما كانوا يرونه في حياته صلى الله عليه‬
‫وسلم يفعله‪ ،‬فأما النبي صلى الله عليه وسلم فإن الله كان‬
‫يعّرفه مطالب وجوه ما حَزَبه من المور بوحيه أو إلهامه إياه‬
‫ب ذلك‪ ،‬وأما أمُته فإنهم إذا تشاوروا مستّنين بفعله في ذلك‪،‬‬ ‫صوا َ‬
‫خ للحق‪ ،‬وإرادة جميعهم للصواب‪ ،‬من غير ميل‬ ‫على تصادق وتو ّ‬
‫فقهم" ‪.‬‬‫دهم ومو ّ‬ ‫إلى هوى‪ ،‬ول حيد عن هدى‪ ،‬فالله مسدّ ُ‬
‫]*[ وقال ابن سعدي‪" :‬أي‪ :‬المور التي تحتاج إلى استشارة ونظر‬
‫وفكر‪ ،‬فإن في الستشارة من الفوائد والمصالح الدينية والدنيوية‬
‫ما ل يمكن حصره ‪.‬‬
‫م{‬ ‫م ُ‬ ‫وقال تعالى في وصف عباده المؤمنين‪َ } :‬‬
‫ه ْ‬
‫شوَر ٰى ب َي ْن َ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫مُر ُ‬
‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫]الشورى‪.[38:‬‬
‫]*[ قال الطبري‪" :‬يقول‪ :‬وإذا حزبهم أمر تشاوروا بينهم" ‪.‬‬
‫]*[ وقال البغوي‪" :‬أي‪ :‬يتشاورون فيما يبدو لهم ول يعجلون"‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪26‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ وقال اللوسي‪" :‬أي‪ :‬ذوو شورى ومراجعة في الراء بينهم‪...‬‬
‫وفي الية مدح للتشاور" ‪.‬‬
‫‪‬وفي قصة الحديبية‪ ،‬عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫فلما فرغ من قضية الكتاب‪ ،‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫لصحابه‪)) :‬قوموا فانحروا‪ ،‬ثم احلقوا((‪ ،‬قال‪ :‬فوالله‪ ،‬ما قام‬
‫منهم رجل‪ ،‬حتى قال ذلك ثلث مرات‪ ،‬فلمالم يقم منهم أحد دخل‬
‫على أم سلمة‪ ،‬فذكر لها ما لقي من الناس‪ ،‬فقالت أم سلمة‪ :‬يا‬
‫ة حتى تنحر‬ ‫ب ذلك؟ اخرج ثم ل تكّلم أحدا ً منهم كلم ً‬‫نبي الله‪ ،‬أتح ّ‬
‫قك فيحلقك‪ .‬فخرج فلم يكّلم أحدا منهم حتى‬ ‫و حال َ‬
‫بدنك‪ ،‬وتدع َ‬
‫فعل ذلك؛ نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه‪ ،‬فلما رأوا ذلك قاموا‬
‫فنحروا‪ ،‬وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا‬
‫ما ‪.‬‬
‫غ ّ‬
‫‪ ‬قال ابن حجر‪" :‬وفيه‪ :‬فضل المشورة‪ ،‬وأن الفعل إذا انضم إلى‬
‫القول كان أبلغ من القول المجرد‪ ،‬وليس فيه أن الفعل مطلقا‬
‫أبلغ من القول‪ ،‬وجواز مشاورة المرأة الفاضلة ‪.‬‬
‫‪‬وفي حادثة نزول الوحي على الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫قالت عائشة رضي الله عنها‪ :‬فرجع بها رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يرجف فؤاده‪ ،‬فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها‬
‫فقال‪)) :‬زملوني زملوني(( فزملوه‪ ،‬حتى ذهب عنه الروع‪ ،‬فقال‬
‫لخديجة وأخبرها الخبر‪)) :‬لقد خشيت على نفسي((‪ ،‬فقالت‬
‫خديجة‪ :‬كل والله ما يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم‪ ،‬وتحمل‬
‫ل‪ ،‬وتكسب المعدوم‪ ،‬وتقري الضيف‪ ،‬وتعين على نوائب الحق‪.‬‬ ‫الك َ ّ‬
‫فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد‬
‫صر في الجاهلية‪ ،‬وكان‬ ‫ً‬
‫العزى ابن عم خديجة‪ ،‬وكان امَرأ قد تن ّ‬
‫يكتب الكتاب العبراني‪ ،‬فيكتب من النجيل بالعبرانية ما شاء الله‬
‫أن يكتب‪ ،‬وكان شيخا كبيرا قد عمي‪ ،‬فقالت له خديجة‪ :‬يا ابن عم‪،‬‬
‫اسمع من ابن أخيك‪ ،‬فقال له ورقة‪ :‬يا ابن أخي‪ ،‬ماذا ترى؟‬
‫فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى‪ ،‬فقال له‬
‫ورقة‪ :‬هذا الناموس الذي نّزل الله على موسى‪ ،‬يا ليتني فيها‬
‫جذعا‪ ،‬ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك‪ ،‬فقال رسول الله صلى‬
‫ي هم؟!((‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬لم يأت رجل قط‬ ‫الله عليه وسلم‪)) :‬أومخرج ّ‬
‫مك أنصْرك نصرا مؤزرا‪.‬‬ ‫بمثل ما جئت به إل عودي‪ ،‬وإن يدركني يو ُ‬
‫ثم لم ينشب ورقة أن توفي‪.‬‬
‫)‪ (5‬المحبة والرحمة بين الزوجين‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪27‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫م أ َْز ٰوجا ً‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن َأن ُ‬
‫ف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ق لَ ُ‬‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ْ‬
‫قال الله تعالى‪} :‬ومن ءاي ٰـت ِ َ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ ْ‬
‫ّ‬
‫تل َ‬ ‫َ‬
‫فى ذَل ِك لي َ ٰـ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬ ‫سك ُُنوا ْ إ ِل َي ْ َ‬ ‫ل ّت َ ْ‬
‫وم ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة إِ ّ‬ ‫م ً‬‫ح َ‬‫وَر ْ‬ ‫ودّةً َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ب َي ْن َكم ّ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ها َ‬
‫ن{ ]القصص‪.[21:‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ة‬
‫]*[ قال الطبري‪" :‬يقول‪ :‬جعل بينكم بالمصاهرة والختونة مودّ ً‬
‫ة رحمكم بها‪ ،‬فعطف‬ ‫دون بها‪ ،‬وتتواصلون من أجلها‪ ،‬ورحم ً‬ ‫تتوا ّ‬
‫بعضكم بذلك على بعض" ‪.‬‬
‫]*[ وقال اللوسي‪" :‬فإن المراد بهما ما كان منهما بعصمة الزواج‬
‫قطعا‪ ،‬أي‪ :‬جعل بينكم بالزواج الذي شرعه لكم توادا ً وتراحما ً من‬
‫ة معرفة‪ ،‬ول مرابطة مصححة للتعاطف‬ ‫غير أن يكون بينكم سابق ُ‬
‫من قرابة أو رحم"‪.‬‬
‫ب وأنا‬ ‫)حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( قالت ‪ :‬كنت أشر ُ‬
‫ي فيشرب ‪،‬‬ ‫ضع ف ّ‬ ‫ع فاهُ على مو ِ‬ ‫ه النبي ‪ r‬فيض ُ‬ ‫ول ُ ُ‬
‫حائض ثم أنا ِ‬
‫ع‬
‫ع فاه على موض ِ‬ ‫ه النبي ‪ r‬فيض ُ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫عْرقَ وأنا حائض ثم أنا ِ‬ ‫وأتعّرقُ ال َ‬
‫ي ‪.‬‬ ‫ف ّ‬
‫عْرق { عظم أخذ منه اللحم وبقيت عليه بقية ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫} ال َ‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري (‬
‫أنها‪:‬كانت مع النبي في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي‬
‫فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك ‪.‬‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬كل شيء ليس من ذكر الله لهو و لعب‬
‫إل أن يكون أربعة ‪ :‬ملعبة الرجل امرأته و تأديب الرجل فرسه و‬
‫مشي الرجل بين الغرضين و تعليم الرجل السباحة ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن القيم‪:‬‬
‫"فمن المحبة النافعة محبة الزوجة وما ملكت يمين الرجل‪ ،‬فإنها‬
‫معينة على ما شرع الله سبحانه له من النكاح وملك اليمين من‬
‫إعفاف الرجل نفسه وأهله‪ ،‬فل تطمح نفسه إلى سواها من‬
‫الحرام‪ ،‬ويعفها فل تطمح نفسها إلى غيره‪ ،‬وكلما كانت المحبة‬
‫م وأقوى كان هذا المقصود أتم وأكمل ‪.‬‬ ‫بين الزوجين أت ّ‬
‫)‪ (6‬درجة الرجل على المرأة‪:‬‬
‫ة{ ]البقرة‪.[228:‬‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ل َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬
‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫]*[ قال ابن كثير‪:‬‬
‫خلق والمنزلة وطاعة المر‬ ‫خلق وال ُ‬ ‫"أي‪ :‬في الفضيلة في ال َ‬
‫والنفاق والقيام بالمصالح‪ ،‬والفضل في الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫]*[ وقال اللوسي‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪28‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫"زيادة في الحق؛ لن حقوقهم في أنفسهن‪ ،‬فقد ورد أن النكاح‬
‫كالرق‪ .‬أو شرف فضيلة؛ لنهم قوام عليهن وحراس لهن‬
‫يشاركونهن في غرض الزواج من التلذذ‪ ،‬وانتظام مصالح المعاش‪،‬‬
‫ف يحصل لهم لجل الرعاية والنفاق عليهن" ‪.‬‬‫صون بشر ٍ‬‫خ ّ‬
‫وي َ‬
‫]*[ وقال ابن سعدي‪:‬‬
‫"أي‪ :‬رفعة ورياسة وزيادة حق عليهن" ‪.‬‬
‫) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت‬
‫حقه ‪.‬‬
‫)فلحستها( ‪ :‬أي بلسانها غير متقذرة لذلك ) ما أدت حقه (‬
‫) حديث معاذ الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬لو تعلم‬
‫المرأة حق الزوج لم تقعد ما حضر غداؤه و عشاؤه حتى يفرغ منه‬
‫‪.‬‬
‫) لم تقعد ( أي تقف ) ما حضر غداؤه وعشاؤه ( أي مدة‬
‫دوام حضوره ) حتى يفرغ منه ( لما له عليها من الحقوق وإذا‬
‫كان هذا في حق نعمة الزوج وهي في الحقيقة من الّله تعالى‬
‫فكيف بمن ترك شكر نعمة الّله ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫د‪،‬‬‫ح ٍ‬ ‫جدَ ل ِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن يَ ْ‬‫حدا ً أ ْ‬ ‫ت آمرا ً أ َ‬ ‫و ك ُن ْ ُ‬ ‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ل َ ْ‬
‫َ َ‬
‫ها«‪.‬‬ ‫ج َ‬ ‫و ِ‬‫جدَ ل َِز ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫مْرأةَ أ ْ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ل َ‬
‫)لمرت المرأة أن تسجد لزوجها ( فيه تعليق الشرط بالمحال لن‬
‫‪ :‬السجود لمخلوق ل يجوز وأخبر المصطفى أن ذلك ل يكون ولو‬
‫كان لجعل للمرأة في أداء حق الزوج ‪ ،‬وفيه تأكد حق الزوج وحث‬
‫على ما يجب من بره ووفاء عهده والقيام بحقه ولهن على الزواج‬
‫ما للرجال عليهن ‪.‬‬
‫ل الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة (‬ ‫جب َ ٍ‬‫ن َ‬ ‫عاِذ ب ِ‬ ‫م َ‬ ‫)حديث ُ‬
‫ه‬
‫جت ُ ُ‬
‫و َ‬ ‫ت َز ْ‬ ‫قال َ ْ‬‫في الدّن َْيا‪ .‬إ ِل ّ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫مَرأةٌ َز ْ‬ ‫ؤِذي ا ْ‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ل َ ت ُ ْ‬
‫ش َ‬
‫ك‬ ‫ل ُيو ِ‬ ‫خي ٌ‬ ‫دك دَ ِ‬ ‫عن ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫ما ُ‬ ‫ك الله‪َ ،‬‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫قات َل َ ِ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ؤِذي ِ‬ ‫ن‪ :‬ل َ ت ُ ْ‬ ‫عي ِ‬ ‫ر ال ْ ِ‬‫حو ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ك إ ِل َي َْنا«‪.‬‬ ‫ر َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫َ‬
‫ق ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫أ ْ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة(‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود‬
‫علي زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها‬
‫غمضا ً حتى ترضى ‪.‬‬ ‫وتقول ل أذوق ُ‬
‫العؤود ‪ :‬التي تعود علي زوجها بالنفع ‪.‬‬
‫ل أذوق غمضا ً ‪ :‬ل أذوق نوما ً حتى ترضى ‪.‬‬
‫)‪ (7‬قوامة الرجل على المرأة‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪29‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ل ٱلل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ض َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ساء ب ِ َ‬ ‫عَلى ٱلن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ق ّ‬‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫قال الله تعالى‪ } :‬ٱلّر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م{ ]النساء‪.[34:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫م ٰول ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ْ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما أن َ‬ ‫وب ِ َ‬
‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫عل َ ٰى ب َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع َ‬
‫بَ ْ‬
‫]*[ قال الطبري‪:‬‬
‫ساء{ الرجال‬ ‫عَلى ٱلن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬‫ق ّ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫"يعني بقوله جل ثناؤه‪ } :‬ٱلّر َ‬
‫أهل قيام على نسائهم في تأديبهن والخذ على أيديهن فيما يجب‬
‫ض{ يعني‪:‬‬ ‫ع ٍ‬ ‫عل َ ٰى ب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ل ٱلل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ما َ‬ ‫عليهن لله ولنفسهم؛ }ب ِ َ‬
‫بما فضل الله به الرجال على أزواجهم‪ ،‬من سوقهم إليهن‬
‫هم وكفايِتهم إياهن مؤنهَتن‪ ،‬وذلك‬ ‫قهم عليهن أموال َ‬ ‫مهوَرهن وإنفا ِ‬
‫قواما ً‬ ‫تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن‪ ،‬ولذلك صاروا ُ‬
‫عليهن نافذي المر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن" ‪.‬‬
‫عَلى‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ل َ‬
‫ق ّ‬ ‫جا ُ‬ ‫]*[ وقال ابن كثير‪" :‬يقول تعالى‪ } :‬ٱلّر َ‬
‫ساء{ أي‪ :‬الرجل قّيم على المرأة‪ ،‬أي‪ :‬هو رئيسها وكبيرها‬ ‫ٱٱلن ّ َ‬
‫عل َ ٰى‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ل ٱلل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ما َ‬ ‫جت؛ }ب ِ َ‬ ‫دبها إذا اعو ّ‬ ‫والحاكم عليها ومؤ ّ‬
‫ض{ أي‪ :‬لن الرجال أفضل من النساء‪ ،‬والرجل خير من المرأة؛‬ ‫ع ٍ‬ ‫بَ ْ‬
‫ة بالرجال‪ ،‬وكذلك الملك العظم‪ ...‬وكذا‬ ‫ولهذا كانت النبوة مختص ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م{ أي‪ :‬من‬ ‫ه ْ‬ ‫م ٰول ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ْ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما أن َ‬ ‫وب ِ َ‬‫منصب القضاء وغير ذلك‪َ } ،‬‬
‫المهور والنفقات والكلف التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه‬
‫وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فالرجل أفضل من المرأة في‬
‫نفسه‪ ،‬وله الفضل عليها والفضال‪ ،‬فناسب أن يكون قيما ً‬
‫عليها" ‪.‬‬

‫ُأسس اختيار الزوجة‪‬‬ ‫‪‬‬


‫مسألة ‪ :‬ما هي ُأسس اختيار الزوجة ؟‬
‫حسن اختيار الزوجة هو طريق إلي السعادة‬ ‫مما ل شك فيه أن ُ‬
‫س سليمة وحتى تكون الرابطة السرية‬ ‫حتى تبنى السرة على أس ٍ‬
‫راسية القواعد مشيدة الركان ثابتة الوطائد ‪ ،‬فالمرأة الصالحة من‬
‫سعادة النسان في هذه الحياة وهي خير متاع الدنيا بنص السنة‬
‫الصحيحة كما في الحاديث التية ‪:‬‬
‫) حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في صحيح‬
‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ثلثة من السعادة و ثلثة من الشقاء‬
‫فمن السعادة‪ :‬المرأة الصالحة تراها فتعجبك و تغيب عنها فتأمنها‬
‫على نفسها و مالك و الدابة تكون و طيئة فتلحقك بأصحابك و‬
‫الدار تكون واسعة كثيرة المرافق و من الشقاء‪ :‬المرأة تراها‬

‫‪‬‬
‫ت‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪30‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فتسوؤك و تحمل لسانها عليك و إن غبت عنها لم تأمنها على‬
‫نفسها و مالك و الدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك و إن‬
‫تركتها لم تلحقك بأصحابك و الدار تكون ضيقة قليلة المرافق ‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ ":‬الدنيا متاع ‪ ،‬وخير متاع الدنيا ‪ :‬المرأة‬
‫الصالحة "‪.‬‬
‫كد‬‫فالمرأة الصالحة في هذا الزمان وفي كل زمان كنز ينبغي أن ت َ ِ‬
‫في البحث عنه حتى تجده‬
‫) حديث أبي أمامة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫كر وِلسان ذاكر وزوجة صالحه تعينك علي‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ " :‬قلب شا ِ‬
‫دنياك ودينك خير ما اكتنز الناس "‬ ‫أمر ُ‬
‫ن الله‬
‫م ّ‬‫‪ ‬فهيا لنتعرف علي صفات المرأة الصالحة والتي إن َ‬
‫عليك بها تكون قد حوزت هذا الكنز ونسأل الله أن يبارك لك فيه‪.‬‬
‫ة‪:‬‬‫]*[ صفات المرأة الصالحة جمل ً‬
‫ل‪ :‬أن تكون صالحة ذات دين ‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬أن تكون ولود ‪:‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن تكون ودود ‪:‬‬
‫رابعًا‪ :‬أن تكون بكرا ً ‪:‬‬
‫خامسًا‪ :‬أن تكون جميلة حسنة الوجه ‪:‬‬
‫سادسًا‪ :‬أن تكون ذات حسب ‪:‬‬
‫سابعًا‪:‬أن تكون عفيفة محتشمة )متحجبة غير متبرجة (‪:‬‬
‫قّر في بيتها فل تخرج لغير حاجة ‪:‬‬ ‫ثامنا ً ‪ :‬أن ت َ‬
‫تاسعا ً ‪ :‬أن تكون عابدة لله‪ ،‬كثيرة الذكر‪ ،‬متهجدة بالليل ‪.‬‬
‫]*[ وهاك صفات المرأة الصالحة تفصيل ً ‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن تكون صالحة ذات دين ‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫صالحة ‪ :‬أي صاحبة دين‪ ،‬لقول النبي ‪» :‬تنكح المرأة لربع‪ :‬لمالها‬
‫وحسبها وجمالها ودينها‪ ،‬فاظفر بذات الدين تربت يداك« ‪.‬‬
‫فالدّينة تعينه على طاعة الله‪ ،‬وتصلح من يتربى على يدها من‬
‫أولده‪ ،‬وتحفظه في غيبته‪ ،‬وتحفظ ماله وتحفظ بيته‪ ،‬بخلف غير‬
‫الدينة فإنها قد تضره في المستقبل‪ ،‬ولهذا قال النبي ـ عليه‬
‫الصلة والسلم ـ‪» :‬فاظفر بذات الدين« ‪ ،‬فإذا اجتمع مع الدين‬
‫جمال ومال وحسب فذلك نور على نور‪ ،‬وإل فالذي ينبغي أن‬
‫يختار الدّينة‪.‬‬
‫فلو اجتمع عند المرء امرأتان‪ :‬إحداهما جميلة وليس فيها فسق أو‬
‫فجور‪ ،‬والخرى دونها في الجمال لكنها أدين منها‪ ،‬فأيهما يختار؟‬
‫يختار الدين‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪31‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫خِبيٌر ( ]‬ ‫م َ‬ ‫عِلي ٌ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬‫قاك ُ ْ‬‫ه أ َت ْ َ‬
‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن أك َْر َ‬ ‫قال تعالى ‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫الحجرات‪[13 /‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫عَباِدك ُ ْ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬‫وال ّ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫مى ِ‬ ‫حوا اْلَيا َ‬ ‫وأنك ِ ُ‬ ‫و قال تعالى ‪َ ) :‬‬
‫م ( ] النور‪[32 /‬‬ ‫مائ ِك ُ ْ‬‫وإ ِ َ‬
‫َ‬
‫فظَ‬ ‫ح ِ‬‫ما َ‬ ‫ب بِ َ‬‫غي ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ت لل َ‬ ‫فظا ٌ‬‫َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫قان َِتا ٌ‬‫ت َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫فال ّ‬ ‫و قال تعالى ‪َ ) :‬‬
‫ه (] النساء‪[34 /‬‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه الله(‬ ‫]*[ قال ابن كثير )رحم ُ‬
‫ت( ‪ :‬أي من النساء ‪.‬‬ ‫) فالصاِلحا ُ‬
‫) قانتات( ‪ :‬يعني المطيعات لزواجهم ‪.‬‬
‫ت للغيب( ‪ :‬قال السدي وغيرهُ ‪:‬أي تحفظ زوجها في‬ ‫) حافظا ُ‬
‫غيبته في نفسها وماله‪.‬‬

‫) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬


‫قال ‪ :‬خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و‬
‫تحفظ غيبتك في نفسها و مالك ‪‌ .‬‬
‫ه‪ ‬ومن فعلت‬ ‫فمن تحلت بهذه الصفات كانت مطيعة لله ورسول ِ‬
‫ذلك فهي في الجنة فهنيئا لهذه الزوجة العفيفة‪.‬‬
‫فهذه بعض صفات المؤمنات الممدوحات مع أزواجهن ‪:‬‬
‫)أ( صالحات بعمل الخير والحسان إلى الزواج‪.‬‬
‫ن فيما ل يسخط الله ‪.‬‬ ‫)ب( مطيعات لزواجه ّ‬
‫ن‪.‬‬‫)ج( محافظات على أنفسهم في غيبة أزواجه ّ‬
‫ه الزواج من أموال ‪.‬‬ ‫)د( محافظات على ما خلف ُ‬
‫ن إل ما يسرهم من طلقة الوجه وحسن‬ ‫)ه( ل يرين أزواجه ّ‬
‫المظهر وتسلية الزوج‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫»تنكح المرأة لربع‪ :‬لمالها وحسبها وجمالها ودينها‪ ،‬فاظفر بذات‬
‫الدين تربت يداك«‬
‫]*[ قال الحافظ في الفتح ‪:‬‬
‫وهو بمعنى الدعاء لكن ل يراد حقيقته ‪ ،‬فالدين هو العنصر‬
‫ث‬
‫الساسي في اختيار الزوجة ‪ ،‬ذلك أن الزوجة سكن لزوجها وحر ُ‬
‫ه وهي مهوى فؤاده ورّبة بيته وأم أولده‪ ،‬عنها يأخذون صفاتهم‬ ‫ل ُ‬
‫وطباعهم فإن لم تكن على قدر عظيم من الدين والخلق فشل‬
‫الزوج في تكوين أسرة مسلمة صالحة‬
‫ة على زوجها في ماله‬ ‫ق ودين كانت أمين َ‬ ‫أما إذا كانت ذات خل ٍ‬
‫وعرضه وشرفه ‪ ،‬عفيفة في نفسها ولسانها ‪ ،‬حسنة لعشرة‬
‫ه وللولد تربية فاضلة وللسرة شرفها‬ ‫ه سعادت ُ‬ ‫زوجها فضمنت ل ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪32‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وسمعتها فاللئق بذي المروءة والرأي أن يجعل ذوات الدين‬
‫ق أبقى من جمال‬ ‫مطمح النظر وغاية الُبغية لن جمال ال ُ ُ‬
‫خل ِ‬
‫ق ‪ ،‬وغنى النفس أولى من غنى المال وأنفس والعبرة في‬ ‫ال َ ْ‬
‫خل ِ‬
‫الخصال ل الشكال وفي الخلل ل الموال وصدق ربنا حيث قال‬
‫عوبا ً‬ ‫كم من ذَك َر ُ‬ ‫َ‬
‫ش ُ‬‫م ُ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ى َ‬ ‫وأن ْث َ َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫ّ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫خل َ ْ‬‫س إ ِّنا َ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫تعالى‪) :‬ي َأي ّ َ‬
‫خِبيٌر(‬‫م َ‬ ‫عِلي ٌ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أ َت ْ َ‬
‫عندَ الل ّ ِ‬‫م َ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن أك َْر َ‬ ‫وا ْ إ ِ ّ‬‫ف َ‬‫عاَر ُ‬ ‫ل ل ِت َ َ‬‫قَبآئ ِ َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫]الحجرات ‪[13 /‬‬
‫وحث النبي ‪ ‬على الزواج من المرأه الصالحة وبين أنها خير متاع‬
‫الدنيا‪......‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ *:‬الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة‪.‬‬
‫]*[ قال ابن عثيمين كما في )الشرح الممتع(‬
‫ه على طاعة الله وتصلح من يتولى على‬ ‫دينة ) ذات الدين( تعين ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ه في غيبته وتحفظ ماله وتحفظ بيته‬ ‫يدها من الولد وتحفظ ُ‬
‫بخلف غير الدّينة فإنها قد تضره في المستقبل‪.‬‬
‫ومن هنا فضل السلم صاحبة الدين على غيرها ولو كانت أمه‬
‫سوداء ‪....‬‬
‫" كانت لعبد الله بن رواحه أمة سوداء فلطمها في غضب ثم ندم‬ ‫َ‬
‫ي يا عبد الله ؟ قال " تصوم‬ ‫فأتى النبي ‪ ‬فأخبرهُ فقال ما ه َ‬
‫وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد الشهادتين فقال النبي ‪ ‬هذه‬
‫مؤمنة فقال عبد الله لعتقنها ولتزوجّنها ففعل ‪ .‬فطعن عليه‬
‫مة وكانوا ينكحوا إلى المشركين‬ ‫س من المسلمين وقالوا نكح أ َ‬ ‫نا ُ‬
‫من‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر ّ‬‫ة َ‬ ‫من َ ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٌ‬ ‫ول َ‬ ‫رغبة في أحسابهم فنزل قوله تعالى ) َ‬
‫م ( ] البقرة ‪[221/‬‬ ‫جب َت ْك ُ ْ‬‫ع َ‬‫و أَ ْ‬‫ول َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫رك َ ٍ‬‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫وقيل أن هذه الية نزلت في " خنساء" وليده سوداء لحذيفة بن‬
‫اليمان فقال لها حذيفة يا خنساء قد ذكرت في المل العلى مع‬
‫دمامتك وسوادك وأنزل الله ذكرك في كتابه فأعتقها وتزوجها‪.‬‬
‫فهؤلء كانوا يتمثلون قول النبي ‪ ‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫الثابت عند البخاري ومسلم عن أبي ُبرده عن أبيه قال‪:‬‬
‫)حديث أبي موسى الشعري رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ثلثة لهم أجران‪ :‬رجل من أهل‬
‫الكتاب‪ ،‬آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والعبد‬
‫المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه‪ ،‬ورجل كانت عنده أمة‬
‫يطؤها‪ ،‬فأدبها فأحسن أدبها‪ ،‬وعلمها فأحسن تعليمها‪ ،‬ثم أعتقها‬
‫فتزوجها‪ ،‬فله أجران(‪.‬‬
‫فخير رفيق في هذه الدنيا الزوجة الصالحة المؤمنة التي تعين‬
‫زوجها علي أمر دينه ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪33‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( قال ‪ ":‬لما‬
‫ل نتخذُ ؟؟ فقال ‪‬‬ ‫ي الما ِ‬‫نزل في الفضة والذهب ما نزل قالوا فأ ّ‬
‫‪:‬‬
‫ن أحدكم‬ ‫ة ُتعي ُ‬
‫ة مؤمن ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوج ً‬
‫علي أمر الخرة "‪.‬‬
‫فالزوجة الصالحة هي جنة السعادة التي تخلع أحزانك علي أعتابها‬
‫رعة كانت كبنت‬ ‫و ِ‬
‫قيه َ‬ ‫ةت َ‬ ‫ة مؤمن ً‬ ‫فإن المرأه إذا كانت صالح ً‬
‫دقته‬ ‫خويلد) خديجة(‪ ‬التي آمنت برسول الله ‪ ‬إذ كفر الناس وص ّ‬
‫ن له في تثبيته‬ ‫إذ كذبوه وواسته بما لها إذ حرموه فكانت خيَر عو ٍ‬
‫أمام الصعاب والشدائد‪.‬‬
‫وكانت كأسماء بنت أبي بكر )رضي الله عنهما ( ‪:‬‬
‫مثال المرأة الحّرة البية التي دفعت بولدها إلي طريق الشهادة‬
‫ميتة‬ ‫وحّرضته علي الصمود أمام قوى الجبروت والطغيان ليموت ِ‬
‫الحرار الكرام‪.‬‬
‫أو كانت كصفية بنت عبد المطلب‪:‬‬
‫التي دفعت بنفسها إلي غمار الوغى لتدفع يهود عن أعراض‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫أو كانت كالخنساء ‪:‬‬
‫التي جاءت بأولدها الربعة في سبيل الله وعندما جاءها نبأ ُ‬
‫استشهادهم قالت‪ :‬الحمد لله الذي شّرفني باستشهادهم وإني‬
‫لرجو الله أن يجمعني بهم مستقر رحمته‪.‬‬
‫شريح‬‫وخير ما يستشهد به على فضل المرأة الصالحة قصة ُ‬
‫القاضي‪ ،‬لما تزوج بامرأة من بني تميم‪ ،‬فيقول‪ :‬لما دخلت عليها‬
‫قمت أتوضأ‪ ،‬فتوضأت معي‪ ،‬وصليت فصلت معي‪ ،‬فلما انتهيت من‬
‫الصلة دعوت بأن تكون ناصية مباركة‪ ،‬وأن يعطيني الله من‬
‫دت الله‪ ،‬وأثنت‪ ،‬ثم قالت‪ :‬إنني‬ ‫م َ‬
‫ح ِ‬‫خيرها‪ ،‬ويكفيني شّرها‪ ،‬قال‪ :‬ف َ‬
‫امرأة غريبة عليك فماذا يعجبك فآتيه‪ ،‬وماذا تكره فأجتنبه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬إني أحب كذا‪ ،‬وأكره كذا‪ ،‬فقالت‪ :‬هل تحب أن يزورك‬
‫ض‪ ،‬وأخاف أن أمّلهم‪ ،‬فقالت‪ :‬من‬ ‫أهلي‪ .‬فقلت‪ :‬إنني رجل قا ٍ‬
‫تحب أن يزورك من جيرانك‪ ،‬فأخبرتها بذلك‪.‬‬
‫قال شريح‪ :‬فجلست مع هذه المرأة في أرغد عيش وأهنئه حتى‬
‫ت‪ :‬من‬ ‫حال الحول‪ ،‬إذ دخلت البيت فإذا بعجوز تأمر وتنهى‪ ،‬فسأل ُ‬
‫هذه؟ فقالت‪ :‬إنها أمي‪ .‬فسألته الم‪ :‬كيف أنت وزوجتك؟ فقال‬
‫لها‪ :‬خير زوجة‪ ،‬فقالت‪ :‬ما حوت البيوت شّرا ً من المدللة‪ ،‬فإذا‬
‫رابك منها ريب فعليك بالسوط‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪34‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قال شريح‪ :‬فكانت تأتينا مرة كل سنة‪ ،‬تنصح ابنتها‪ ،‬وتوصيها‪،‬‬
‫ت مع زوجتي عشرين عامًا‪ ،‬لم أغضب منها إل مرة واحدة‪،‬‬ ‫ومكث ُ‬
‫ً)‪(1‬‬
‫وكنت لها ظالما ‪.‬‬
‫‪‬أل ما أسعد الزوج بالزوجة الصالحة التي نشئت تنشئة إيمانية‬
‫عرفت حق زوجها وبيتها وأبنائها وإليكم‬
‫‪‬مثل آخر مما يمل تاريخنا العظيم‪ ،‬كان عبد الله بن وداعة ممن‬
‫يتلقون العلم عن المام سعيد بن المسيب‪ ،‬وحدث أن تأخر عن‬
‫الدرس أياما فسأله المام عن سبب تخلفه‪ ،‬فقال‪ :‬توفيت زوجتي‬
‫م عبد الله بالنصراف‪ ،‬ناداه‬ ‫فشغلت بأمرها‪ ،‬فلما انتهى الدرس وه ّ‬
‫المام‪ :‬هل تزوجت يا عبد الله بعد وفاة زوجتك‪ ،‬قال عبد الله‪:‬‬
‫يرحمك الله ومن يزوجني ابنته وأنا ل أملك غير درهمين أو ثلثة‪،‬‬
‫فقال سعيد‪ :‬أنا أزوجك ابنتي فانعقد لسان عبد الله‪ ،‬ذلك أن‬
‫الوليد ابن عبد الملك بن مروان كان قد خطبها فأبى سعيد‪ .‬ثم‬
‫التفت المام إلى من كان قريبا وناداهم فحمد الله عز وجل وأثنى‬
‫عليه وصلى على نبيه محمد صلوات الله وسلمه عليه وعقد له‬
‫على ابنته وجعل مهرها درهمين‪ .‬يقول عبد الله‪ :‬فقمت وأنا ل‬
‫أدري ما أقول من الدهشة والفرح ثم قصدت بيتي وكنت يومئذ‬
‫صائما فنسيت صومي وجعلت أقول‪ :‬ويحك يا أبا وداعة ما الذي‬
‫صنعت بنفسك‪ ،‬ممن تستدين‪ ،‬وممن تطلب المال‪ ،‬وظللت على‬
‫حالي هذه حتى أذن للمغرب فأديت المكتوبة وجلست إلى فطوري‬
‫وكان خبزا وزيتا‪ ،‬فما إن تناولت منه لقمة أو لقمتين حتى سمعت‬
‫الباب يقرع‪ ،‬فقلت‪ :‬من الطارق‪ ،‬فقال‪ :‬سعيد‪ ،‬فوالله لقد مر‬
‫بخاطري كل إنسان اسمه سعيد أعرفه إل سعيد بن المسيب ذلك‬
‫لنه لم ير منذ أربعين سنة إل بين بيته والمسجد‪ ،‬ففتحت الباب‬
‫فإذا بي أمام سعيد بن المسيب فظننت أنه بدا له في أمر زواجي‬
‫من ابنته شيء‪ ،‬وقلت له‪ :‬يا أبا محمد‪ ،‬هل أرسلت إلي فآتيك‪،‬‬
‫فقال‪ :‬بل أنت أحق بأن آتي إليك وقال‪ :‬إن ابنتي أصبحت زوجة‬
‫لك وأنا أعلم أنه ليس معك أحد يؤنس وحشتك فكرهت أن تبيت‬
‫وحدك‪ ،‬فقلت‪ :‬ويحي جئتني بها فقال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ثم انصرف سعيد ودخل عبد الله على زوجته فإذا هي أجمل الناس‬
‫وأحفظهم لكتاب الله‪ ،‬وأعلمهم بسنة رسول الله وبحقوق‬
‫الزوجية‪ ،‬وما إن أسفر الصبح حتى نهض عبد الله يريد الخروج‬
‫فقالت زوجته‪ :‬إلى أين‪ ،‬قال‪ :‬إلى مجلس أبيك أتعلم العلم‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬اجلس أعلمك علم سعيد‪.‬‬
‫‪‬هذه سير سلفكم أيها الخوة في الله فمنها اقتبسوا وعلى‬
‫نهجهم سيروا لتبلغوا المرتقى الذي وصلوا إليه‪.‬‬
‫‪ - 1‬القصة مذكورة بطولها في العقد الفريد ‪.6/92‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪35‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن كثيرا ً من الناس يغلب على‬ ‫‪ ‬مما يندى له الجبين أننا نجد أ ّ‬ ‫‪‬تنبيه‬
‫اهتماماتهم شأن الجمال‪ ،‬أو الحسب‪ ،‬أو المال‪ ،‬وهذا ليس خطأ‬
‫م مواصفات‬ ‫في حد ذاته‪ ،‬ولكن الخطأ أن يتنازل الرجل عن أه ّ‬
‫الزوجة‪ ،‬وهو )الدين( على حساب وجود المواصفات الخرى كّلها‬
‫ت يداك‪.‬‬ ‫رب َ ْ‬ ‫دين‪ ،‬ت َ ِ‬ ‫دين‪ ،‬ال ّ‬ ‫أو بعضها‪ ،‬فال ّ‬
‫م أولده‪.‬‬ ‫وكما أن الرجل مطالب أن ُيحسن اختيار شريكة حياته‪ .‬وأ ّ‬
‫ن اختيار الرجل المناسب‪ ،‬ليكون‬ ‫س َ‬ ‫ي المرأة أن ُيح ِ‬ ‫يجب على ول ّ‬
‫زوجا ً لموليته‪.‬‬
‫وإنه لمن المؤسف حقا ً أن يستحوذ السؤال عن المكانة والوظيفة‬
‫دين الذي ل يجوز‬ ‫والمال والمنصب على ذهن الولي‪ ،‬ويتناسى ال ّ‬
‫التنازل عنه أل َْبتة‪ ،‬وليس اهتمامه بالمور الخرى مضرا إل إذا‬
‫ً‬
‫اقتصر عليها‪ ،‬وتنازل عن رأس المر كّله أل وهو الدين‪ ،‬والذي إذا‬
‫تخلى الناس عنه حصل في الرض الفتنة والفساد الكبير كما في‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (‬
‫ه‪،‬‬
‫ق ُ‬ ‫خل ُ َ‬‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫ن ِدين َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ن ت َْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب إل َي ْك ُ ْ‬ ‫خط َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل الله ‪» :r‬إ َ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ل‪ :‬قا َ‬ ‫قا َ‬
‫ض«‪.‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫سادٌ ع ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ضو َ‬ ‫ة في الْر ِ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫عُلوا ت َك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه‪ .‬إل ّ ت َ ْ‬ ‫جو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫فَز ّ‬ ‫َ‬
‫وحسن الختيار ل يقتصر فيه كل من الزوجين على صاحبه فقط‪،‬‬
‫بل ينبغي أن يتعداهما إلى ذويهما وأهلهما‪ ،‬فقد تكون أم الزوجة‬
‫امرأةَ سوء‪ ،‬تؤّثر على ابنتها بأخلقها‪ ،‬وتزرع الشقاق بين ابنتها‬
‫وزوجها‪ .‬وقل مثل ذلك فيمن عداها مما يتصل ببيئة الزوجين‪،‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫وإّياكم وخضراء الدّ َ‬
‫ثانيًا‪ :‬أن تكون ولود ‪:‬‬
‫فقد ورد في الكتاب الكريم والسنة المطهرة من تحبيب بطلب‬
‫ث علي التكاثر في النسل بما يحقق الغرض‬ ‫الذرية الصالحة وح ٍ‬
‫السمى من الزواج والمتمثل في استمرار النوع البشرى ودوام‬
‫عمارة الرض‪.‬‬
‫‪‬ففي القرآن‬
‫قال تعالى‪:‬‬
‫د‬
‫عن َ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫قَيا ُ‬ ‫وال َْبا ِ‬
‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫زين َ ُ‬‫نَ ِ‬ ‫وال ْب َُنو َ‬ ‫ل َ‬ ‫ما ُ‬ ‫) ال ْ َ‬
‫مًل ( ] الكهف‪[46 /‬‬ ‫خي ٌْر أ َ‬ ‫و َ‬‫واًبا َ‬ ‫ك ثَ َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫وقال تعالى‪:‬‬
‫ر‬
‫طي ِ‬‫قَنا ِ‬ ‫وال ْ َ‬‫ن َ‬ ‫وال ْب َِني َ‬ ‫ساء َ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫) ُزي ّ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ث‬‫حْر ِ‬ ‫وال َ‬ ‫عام ِ َ‬ ‫والن ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬‫و َ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫وال َ‬‫ة َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫وال ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الذّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬‫قنطَر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫] آل عمران ‪/‬‬ ‫ب(‬ ‫مآ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫عندَهُ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مَتا ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫‪[ 14‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪36‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وحكي سبحانه وتعالى علي لسان زكريا‪ ‬أنه كان يتوجه إلي ربه‬
‫بهذا الدعاء‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫كن‬ ‫مأ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫شي ًْبا َ‬ ‫س َ‬ ‫ل الّرأ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫شت َ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫مّني َ‬ ‫م ِ‬ ‫عظ ْ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫ب إ ِّني َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫) َ‬
‫ت‬ ‫كان َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫وَراِئي َ‬ ‫من َ‬ ‫ي ِ‬ ‫وال ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خ ْ‬ ‫وإ ِّني ِ‬ ‫قّيا )‪َ (4‬‬ ‫ش ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ك َر ّ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ب ِدُ َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫نآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫وي َ ِ‬‫رث ُِني َ‬ ‫ول ِّيا )‪ (5‬ي َ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫دن َ‬ ‫من ل ّ ُ‬ ‫ب ِلي ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ‬ ‫قًرا َ‬ ‫عا ِ‬ ‫مَرأِتي َ‬ ‫ا ْ‬
‫ضّيا ( ] مريم ‪[ 6:4‬‬ ‫ب َر ِ‬ ‫ه َر ّ‬ ‫عل ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ب َ‬ ‫قو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫وقال علي لسان إبراهيم‪:‬‬
‫عاء (‬ ‫ل دُ َ‬ ‫قب ّ ْ‬ ‫وت َ َ‬ ‫من ذُّري ِّتي َرب َّنا َ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صل َ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫قي َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل ِْني ُ‬ ‫ج َ‬ ‫با ْ‬ ‫) َر ّ‬
‫] إبراهيم ‪[40 /‬‬
‫وذكر أن طلب الذرية الصالحة من أمنيات المؤمنين‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫عي ُ ٍ‬ ‫قّرةَ أ ْ‬ ‫وذُّرّيات َِنا ُ‬ ‫جَنا َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب َّنا َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫) َ‬
‫ما ( ] الفرقان‪[ 74 /‬‬ ‫ما ً‬ ‫ن إِ َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫عل َْنا ل ِل ْ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫وحتى الملئكة إذا أرادت الستغفار للمؤمن استغفرت له ولزوجه‬
‫ولولده‪:‬‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د َرب ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫حو َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ش َ‬ ‫عْر َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫) ال ّ ِ‬
‫ما‬ ‫عل ْ ً‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫ء ّر ْ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫س ْ‬ ‫و ِ‬ ‫مُنوا َرب َّنا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ل ِل ّ ِ‬ ‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫بِ ِ‬
‫حيم ِ * َرب َّنا‬ ‫ج ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ق‬
‫و ِ‬ ‫ك َ‬ ‫سِبيل َ َ‬ ‫عوا َ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فْر ل ِل ّ ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ج ِ‬
‫وا ِ‬ ‫وأْز َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن آَبائ ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صل َ َ‬ ‫من َ‬ ‫و َ‬ ‫هم َ‬ ‫عدت ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ن ال ِّتي َ‬ ‫عدْ ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫وأدْ ِ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬
‫م ( ] غافر ‪[ 8:7‬‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال َ‬ ‫ع ِ‬‫ت ال َ‬ ‫ك أن َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وذُّرّيات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫فقد بينت اليات الكريمات أن البنين من متاع الحياة الدنيا وزينتها‬
‫وأن طلب النسل من المور التي حببها الله إلي خلقه وطبعهم‬
‫جبَلة فطريه فيهم كما جعله أمنية للرسل‬ ‫في ابتغائه وجعله ِ‬
‫وللمؤمنين‪.‬‬
‫‪‬ومن السنة علي استحباب طلب الولد‪:‬‬
‫) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم ‪.‬‬
‫]*[ ملحوظة‪:‬‬
‫س‪ :‬كيف تعرف أنها ولود؟‬
‫وتعرف الولود بالنظر إلي حالها في كمال جسمها وسلمة صحتها‬
‫من المراض التي تمنع الحمل أو الولدة وبالنظر إلي حال أمها‬
‫ماتها وخالتها المتزوجات‬ ‫وقياسها علي مثيلتها من أخواتها وع ّ‬
‫ن ممن عادتهن الحمل والولدة كانت )في الغالب( مثلهن‪.‬‬ ‫فإن ك ُ ّ‬
‫ثالثًا‪ :‬أن تكون ودود ‪:‬‬
‫وهي المرأة التي تتودد إلي زوجها وتتحبب إليه وتبذل وسعها في‬
‫مرضاته‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪37‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والودود‪:‬هي التي تقبل علي زوجها فتحيطه بالمودة والحب‬
‫والرعاية وتحرص علي طاعته ومرضاته ليتحقق بها الهدف‬
‫الساسي من الزواج وهو السكن‪.‬‬
‫َ‬
‫عُرًبا أت َْراًبا ( ] الواقعة ‪[37:36‬‬
‫كاًرا * ُ‬ ‫ن أ َب ْ َ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ) :‬‬
‫ه ّ‬ ‫ج َ‬‫ف َ‬
‫عُروب ‪ :‬هي المرأة المتحببة إلي زوجها ‪ ،‬الودودة ‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫]*[ وقد وردت أحاديث عديدة تؤكد علي ضرورة مراعاة هذه الصفة‬
‫في المرأة‪:‬‬
‫) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫ح نساءُ قريش ‪ ،‬أحناه علي طفل في‬ ‫ء ركبن البل صال ُ‬ ‫" خيُر نسا ِ‬
‫صغره وأرعاه علي زوج في ذات يده"‪.‬‬
‫ن النبي ‪ ‬بالشفقة علي أطفالهن والرأفة بهم‬ ‫فقد وصفه ّ‬
‫والعطف عليهم وبأنهن يراعين حال أزواجهن ويرفقن بهم‬
‫ويخففن الك َُلف عنهم فالواحدة منهن تحفظ مال زوجها وتصونه‬
‫بالمانة والبعد عن التبذير وإذا افتقر كانت عونا ً له وسندا ً ل عدوا ً‬
‫وخصمًا‪.‬‬
‫والمرأة الودود تكون مطيعة لزوجها ل تخالفه في نفسها ول‬
‫مالها بما يكره‬
‫) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و‬
‫تحفظ غيبتك في نفسها و مالك ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة(‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود‬
‫علي زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها‬
‫غمضا ً حتى ترضى ‪.‬‬ ‫وتقول ل أذوق ُ‬
‫العؤود ‪ :‬التي تعود علي زوجها بالنفع ‪.‬‬
‫ل أذوق غمضا ً ‪ :‬ل أذوق نوما ً حتى ترضى ‪.‬‬
‫والمرأة الودود هي المرأه التي ُيعهدُ منها التودد إلي زوجها‬
‫والتحبب إليه ‪ ،‬وبذل ما بوسعها من أجل مرضاته لذا تكون معروفة‬
‫باعتدال المزاج وهدوء العصاب بعيدة عن النحرافات النفسية‬
‫والعصبية تحنو علي ولدها ورعاية لحق زوجها أما إذا لم تكن‬
‫ت علي زوجها وصعب قيادها‬ ‫المرأه كذلك كثر نشوزها وتر ّ‬
‫فع ْ‬
‫لشراسة خلقها مما يفسد الحياة الزوجية بل ويدمرها بعد استحالة‬
‫تحقق السكن النفسي والروحي للزوج بسببها‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪38‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫سعدى تتفقد زوجها‪:‬‬ ‫مثال رائع‪ُ ...‬‬
‫سعدى على زوجها طلحة بن عبيد الله‪ ،‬فرأت على‬ ‫]*[ دخلت ُ‬
‫محياه سحابة هم لم تعرف سببها‪ ،‬وخشيت أن تكون قد قصرت‬
‫في حق أو فرطت في واجب‪ ،‬فبادرت قائلة‪" :‬ما لك!! لعلك رابك‬
‫ت‪.‬‬‫م حليلة المرء المسلم أن ِ‬ ‫ول َن ِ ْ‬
‫ع َ‬
‫)‪(2‬‬
‫منا شيء فنعتبك" ‪ .‬قال‪" :‬ل‪َ ،‬‬
‫ولكن اجتمع عندي مال ول أدري كيف أصنع به؟"‪ ،‬قالت‪" :‬وما‬
‫يغمك منه؟ ادع قومك فاقسمه بينهم"‪.‬‬
‫سم أربعمائة ألف"‪.‬‬ ‫ي بقومي‪ ،‬فق ّ‬ ‫قال‪" :‬يا غلم عل ّ‬
‫سعدى وزوجها‬ ‫وهذه الصورة المضيئة التي تظهر لنا في بيت ُ‬
‫طلحة لتبرز لنا بعض أهم السس المفتقدة في كثير من البيوت‬
‫الن في العشرة بين الزوجين‪:‬‬
‫سعدى تتفقد زوجها في مشاعره وأحاسيسه‪ ،‬فهي تشعر‬ ‫أو ً‬
‫ل‪ُ :‬‬
‫بمعاناته‪ ،‬وتعيش همومه وغمومه‪ ،‬فتفرح لفرحه وتحزن لحزنه‪،‬‬
‫ليس هذا فحسب‪ ،‬بل إنها قد ارتابت في نفسها أن تكون هي‬
‫سبب همه وغمه‪ .‬كذلك هي مستعدة للرجوع عن الخطأ والساءة‬
‫من أجل أن ُترجع لذلك المحيا ابتسامته وسروره‪.‬‬
‫فنعتبك ‪:‬أي لعلي قصرت في حقك فأعتذر عن تقصيري وأعود عن‬
‫إساءتي‬
‫سعدى عن خلة أخرى في نفسها‪ ،‬حيث حثت زوجها‬ ‫ثانًيا‪ :‬تكشف ُ‬
‫على الصدقة والنفاق‪ ،‬فهي الزاهدة الصالحة‪ ،‬التي تجاوزت‬
‫حلي‬‫حظوظ نفسها‪ ،‬وتخطت لذائد ذاتها في فستان جديد أو ُ‬
‫جميل‪ ،‬أو سفر مع الزوج أو غير ذلك من متاع الدنيا مما تفكر فيه‬
‫م أصحاب البطون الخاوية‬ ‫الكثيرات من النساء اليوم‪ ،‬إنها حملت ه ّ‬
‫والقدام الحافية‪ ،‬والثياب البالية‪ ،‬فقالت دون تلجلج‪" :‬ادع قومك‬
‫فاقسمه بينهم"‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬ل يمكن أن نغض الطرف عن ذلك الزوج الصالح الذي امتدح‬
‫ت"‪ ،‬ويا له من أسلوب‬ ‫م حليلة المرء المسلم أن ِ‬ ‫ول َن ِ ْ‬
‫ع َ‬ ‫زوجته فقال‪َ " :‬‬
‫آسر لقلب الزوجة حين تسمع مثل هذا الكلم الطيب من أعز‬
‫الناس عليها‪.‬‬
‫فما أجمل المرأة حسنة الخلق‪ ،‬والتي تزن به الدنيا وما عليها‪.‬‬
‫وما أجمل المرأة الهينة اللينة السهلة القانتة لربها ولزوجها‪.‬‬
‫وما أجمل المرأة المتواضعة‪ ،‬والتي ل يعرف الكبر ول العجب ول‬
‫قا إلى قلبها‪.‬‬ ‫ل طري ً‬
‫الغ ّ‬
‫وما أجمل المرأة المتواضعة‪ ،‬صاحبة الصوت الهادئ‪.‬‬
‫وما أجمل المرأة حسنة الظن بزوجها‪.‬‬
‫وما أجمل المرأة حين تشعر بكل قول وفعل‪ ،‬يرقى بها إلى درجة‬
‫)( أي‪ :‬لعلي قصرت في حقك فأعتذر عن تقصيري وأعود عن إساءتي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪39‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الخوف من الله‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬أن تكون بكرا ً ‪:‬‬
‫ة‬
‫حتى تكون المحبة بينهما أقوى والصلة أوثق ‪ ،‬إذ البكر مجبول ٌ‬
‫ص‬
‫علي النس بأول أليف لها وهذا يحمي السرة من كثير مما ُينغ ُ‬
‫سر اللهي في جعل نساء‬ ‫در صفوها وبذا نفهم ال ّ‬ ‫عليها عيشها وُيك ّ‬
‫الجنة أبكارا ً‬
‫َ‬
‫عُرًبا أت َْراًبا (‬ ‫َ‬
‫ن أب ْ َ‬
‫كاًرا * ُ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫شاء * َ‬
‫ن ِإن َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قال تعالى‪ ):‬إ ِّنا أن َ‬
‫ه ّ‬ ‫ج َ‬
‫ف َ‬ ‫ه ّ‬
‫شأَنا ُ‬
‫) الواقعة ‪( 37:35‬‬
‫وقد وردت في الحث علي انتقاء البكر أحاديث كثيرة منها‪:‬‬
‫)حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في‬
‫الصحيحين ( قال‪:‬هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات‪ ،‬فتزوجت‬
‫امرأة ثيبا فقال لي رسول الله‪) :‬تزوجت يا جابر(‪ .‬فقلت‪ :‬نعم‪،‬‬
‫فقال‪) :‬ابكرا أم ثيبا(‪ .‬قلت‪ :‬بل ثيبا‪ ،‬قال‪) :‬فهل جارية تلعبها‬
‫وتلعبك‪ ،‬تضاحكها وتضاحكك(‪ .‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬إن عبد الله هلك‪،‬‬
‫وترك بنات‪ ،‬وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن‪ ،‬فتزوجت امرأة تقوم‬
‫عليهن وتصلحهن‪ ،‬فقال‪) :‬بارك الله لك‪ ،‬أو قال‪ :‬خيرا(‪.‬‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين (قالت‪:‬قلت‬
‫يا رسول الله‪ ،‬أرايت لو نزلت واديا وفيه شجرة قد أكل منها‪،‬‬
‫ووجدت شجرا لم يؤكل منها‪ ،‬في أيها كنت ترتع بعيرك ؟ قال‪:‬‬
‫)في التي لم يرتع منها(‪ .‬تعني أن رسول الله لم يتزوج بكرا‬
‫غيرها‪.‬‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬عليكم بالبكار فإنهن أنتق أرحاما و‬
‫أعذب أفواها و أقل خبا و أرضى باليسير ‪.‬‬
‫) عليكم بالبكار ( قال القاضي ‪ :‬حث وإغراء على تزوجهن )‬
‫فإنهن أنتق أرحاما ً ( أي أكثر حركة والنتق بنون ومثناة الحركة‬
‫ويقال أيضا ً للرمي وأراد أنها كثيرة الولد ) وأعذب أفواها ً (‬
‫قال الطيبي ‪ :‬أفرد الخبر وذكره على تقدير كقوله تعالى }‬
‫ن أطهر لكم { قال القاضي ‪ :‬إضافة العذوبة إلى‬ ‫هؤلء بناتي ه ّ‬
‫الفواه لحتوائها على الريق وقد يقال للريق والخمر العذبان )‬
‫وأقل خبا ً ( بالكسر أي خداعا ً )وأرضى باليسير ( من الرفاق‬
‫لنها لم تتعود في سائر الزمان من معاشرة الزواج ما يدعوها‬
‫إلى استقلل ما تصادفه ‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم في )كتاب النكاح( عن علقمة قال‪ :‬كنت أمشى‬
‫مع عبد الله بن مسعود بمنى فلقيه عثمان فقام معه يحدثه فقال‬
‫له عثمان‪ :‬يا أبا عبد الرحمن ‪ ،‬أل نزوجك جارية شابة لعلها تذكرك‬
‫ببعض ما مضى من زمانك؟؟"‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪40‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال النووي في )شرح مسلم( ‪:‬‬
‫صلة لمقاصد النكاح فإنها ألذ‬ ‫فيه استحباب نكاح الشابة لنها المح ّ‬
‫استمتاعا ً وأطيب نكهة وأرغب في الستمتاع الذي هو مقصود‬
‫النكاح وأحسن عشرة وأفكه محادثة وأجمل منظرا ً وألين ملمسا ً‬
‫جها الخلق التي يرتضيها‪.‬‬ ‫ودها زو ُ‬ ‫وأقرب إلي أن يع ّ‬
‫]*[ وبعد هذه الجملة من الحاديث التي تحث علي التزوج من البكر‬
‫ِلما تمتاز به البكر من‪:‬‬
‫)‪ (1‬كثرة الملطفة لزوجها وملعبتها له ومرحها معه‪.‬‬
‫ة عظيمة‬ ‫)‪ (2‬عذوبة ريقها وطيب فمها بما يحقق لزوجها متع ً‬
‫وحب معاشرتها )حديث جابر( كما أن عذوبة الفواه تفيد حسن‬
‫كلمها وقلة بذائتها وفحشها مع زوجها وذلك لكثرة حيائها لنها لم‬
‫تخالط زوجا قبله‪.‬‬
‫)‪ (3‬كونها ولودا ً حيث لم يسبق لها الحمل والولدة‪.‬‬
‫)‪ (4‬رضاها باليسير من الجماع والمال والمؤنة ونحو ذلك – لن هذا‬
‫ما وجدته ولم تعرف غيره ولكونها )بسبب حداثة سنها( أقل طمعا ً‬
‫وأسرع قناعة فل ترهق زوجها ما ل يطيق لكثرة مطالبها‪.‬‬
‫ت عليه من براءة‬ ‫جب ِل َ ْ‬‫ما ُ‬ ‫)‪ (5‬كونها أقل خب ّا ً )أي مكرا وخداعاً( ل ِ َ‬
‫ل ل تزال علي فطرتها‬ ‫ف ٌ‬ ‫غ ْ‬‫القصد وسذاجة الفكر فهي في الغالب ُ‬
‫ل تعرف حيلة ول تحسن مكرًا‪.‬‬
‫]*[ قال ابن القيم كما في ) روضة المحبين( ‪:‬‬
‫س‪ :‬لما فضل النبي ‪ ‬البكر علي الثيب وهذه الصفة تزول بأول‬
‫وطء فتعود ثيبا ً ؟‬
‫ج‪ :‬قيل الجواب من وجهين‪:‬‬
‫‪‬الول‪:‬‬
‫أن المقصود من وطء البكر أنها لم تذق أحدا ً قبل وطئها فتزرع‬
‫محبته في قلبها وذلك أكمل لدوام العشرة فهذه بالنسبة إلي‬
‫الوطء فإنه يراعي روضة لم يرعها أحدٌ قبله وقد أشار تعالى إلي‬
‫ن ( ] الرحمن‪/‬‬ ‫وَل َ‬
‫جا ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قب ْل َ ُ‬‫س َ‬ ‫ن ِإن ٌ‬
‫ه ّ‬ ‫م ي َطْ ِ‬
‫مث ْ ُ‬ ‫هذا المعني بقوله) ل َ ْ‬
‫‪[ 79‬‬
‫ثم تستمر له لذة الوطء حال زوال البكارة‪.‬‬
‫‪‬الثاني ‪:‬‬
‫أنه قد ورد ‪ :‬أن أهل الجنة كلما وطئ أحدهم امرأة عادت بكرا ً كما‬
‫كانت‪.‬‬
‫]*[ وقال الغزالي في ) الحياء( في البكار ثلث فوائد‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن تحب الزوج وتألفه فيؤثر في هذا الود ‪...‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪41‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ول‬ ‫وقد قال ‪ " ‬عليك بالودود" والطباع مجبولة علي النس بأ ّ‬
‫مألوف وأما التي اختبرت الرجال ومارست الحوال فربما ل ترضى‬
‫بعض الوصاف التي تخالف ما ألفته فُتقلى الزوج‪.‬‬
‫)‪ (2‬أن ذلك أكمل في مودته لها فإن الطبع ينفر عن التي مسها‬
‫غير الزوج نفرة ما‪.‬‬
‫)‪ (3‬أنها ل تحن إل إلي الزوج الول وأكثر الحب ما يقع مع الحبيب‬
‫الول غالبًا‪.‬‬
‫]*[ في زواج الثيبات‪:‬‬
‫الثيب‪ :‬وهي المرأة التي تزوجت ثم ثابت إلى بيت أبويها فعادت‬
‫كما كانت غير ذات زوج ‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ الستانبولي في ) تحفة العروس(‪:‬‬
‫ومهما كان من شأن البكر فإن للثيب مزاياها من الممارسة‬
‫ه سبحانه وتعالى نبيه‬ ‫والخبرة من حسن معاملة الزوج وقد أخبر الل ُ‬
‫‪ ‬بقوله‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫ما ٍ‬
‫سل ِ َ‬
‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫منك ُ ّ‬ ‫خي ًْرا ّ‬‫جا َ‬ ‫وا ً‬
‫ه أْز َ‬ ‫دل َ ُ‬
‫ن أن ي ُب ْ ِ‬ ‫ه ِإن طَل ّ َ‬
‫قك ُ ّ‬ ‫سى َرب ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫) َ‬
‫َ‬
‫وأب ْ َ‬ ‫ت َ‬
‫كاًرا ( ] التحريم‪/‬‬ ‫ت َ‬ ‫ت ث َي َّبا ٍ‬
‫حا ٍ‬ ‫سائ ِ َ‬‫ت َ‬ ‫دا ٍ‬ ‫عاب ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ت َتائ َِبا ٍ‬
‫قان َِتا ٍ‬ ‫مَنا ٍ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫‪[50‬‬
‫عرضت علي الخليفة المتوكل جارية فقال لها ‪ ،‬أبكر أنت أم‬ ‫ُ‬
‫أيش ؟‬
‫فقالت ‪ :‬أنا أيش يا أمير المؤمنين ‪ ،‬فضحك واشتراها‪.‬‬
‫ل فإنه يجوز للرجل اختيار الثيب إذا توفّر لديه من‬ ‫‪‬وعلى ك ّ‬
‫السباب ما يدعوه إلي ذلك‪:‬‬
‫كطلب مصاهرة الصالحين أو جبر من توفي عنها زوجها أو‬
‫لعالة أيتام أو لكونها خير معين علي تربية أولده أو أخواته‬
‫دث لجابر‪:‬‬ ‫ح َ‬
‫الصغار كما َ‬
‫)حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (‬
‫قال‪:‬هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات‪ ،‬فتزوجت امرأة ثيبا‬
‫فقال لي رسول الله‪) :‬تزوجت يا جابر(‪ .‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪) :‬ابكرا‬
‫أم ثيبا(‪ .‬قلت‪ :‬بل ثيبا‪ ،‬قال‪) :‬فهل جارية تلعبها وتلعبك‪،‬‬
‫تضاحكها وتضاحكك(‪ .‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬إن عبد الله هلك‪ ،‬وترك‬
‫بنات‪ ،‬وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن‪ ،‬فتزوجت امرأة تقوم‬
‫عليهن وتصلحهن‪ ،‬فقال‪) :‬بارك الله لك‪ ،‬أو قال‪ :‬خيرا(‪.‬‬
‫]*[ قال صاحب عون المعبود في التعليق علي حديث جابر‪:‬‬
‫وفيه دليل علي استحباب نكاح البكار إل المقتضى لنكاح الثيب‬
‫كما وقع لجابر ‪ ،‬فجابر مات أبوه وترك له تسع أخوات يتيمات‬
‫يحتجن منه إلي رعاية وعطف وخدمة فكان من الموائم له أن‬
‫يتزوج ثيبا ً تقوم علي أمرهن وتفي بشأنهن"‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪42‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال ابن عثيمين كما في )الشرح الممتع ‪: (5/124‬‬
‫فإذا اختار النسان ثيبا ً لغراض أخرى فإنها تكون أفضل‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬أن تكون جميلة حسنة الوجه ‪:‬‬
‫عفة ويتم إسعاد النفس ‪،‬‬ ‫هذا بجانب الدين ‪ ،‬لتحصل بها للزوج ال ِ‬
‫ومن هنا كان جزاء المؤمنين في الجنة الحور العين وهن غاية‬
‫الحسن والجمال‪.‬‬
‫ن*‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫عُيو ٍ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ن* ِ‬ ‫مي ٍ‬ ‫قام ٍ أ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ):‬إ ِ ّ‬
‫ن(‬ ‫مِني َ‬‫ةآ ِ‬ ‫ه ٍ‬ ‫فاك ِ َ‬ ‫ل َ‬‫ها ب ِك ُ ّ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن * ي َدْ ُ‬ ‫عي ٍ‬ ‫ر ِ‬ ‫حو ٍ‬ ‫هم ب ِ ُ‬ ‫جَنا ُ‬ ‫و ْ‬ ‫وَز ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َذَل ِ َ‬
‫] الدخان ‪[54:51‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ؤ‬
‫ؤل ِ‬ ‫ل الل ْ‬ ‫مَثا ِ‬‫ن * ك َأ ْ‬ ‫عي ٌ‬ ‫حوٌر ِ‬ ‫و ُ‬‫وفي آية أخرى قال تعالى ) َ‬
‫ن (] الواقعة ‪[23:22‬‬ ‫مك ُْنو ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ف في حسنها‪.‬‬ ‫حاُر الطر ُ‬ ‫سميت الحوراء حوراء لنه ي َ َ‬ ‫قال مجاهد‪ُ :‬‬
‫دة بياضها مع شدة سوادها‪.‬‬ ‫ر العين‪ :‬وهي ش ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وقيل ‪ :‬هي من َ‬
‫‪‬وقد أشارت بعض الحاديث النبوية الشريفة إلي اعتبار عنصر‬
‫الجمال في المرأه عند الختيار‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫»تنكح المرأة لربع‪ :‬لمالها وحسبها وجمالها ودينها‪ ،‬فاظفر بذات‬
‫الدين تربت يداك«‬
‫) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و‬
‫تحفظ غيبتك في نفسها و مالك ‪‌ .‬‬
‫‪ ‬فالجمال‪:‬‬
‫مراعاة‬ ‫وإن لم يكن أساسي لكنه أمر معتبر‪ ،‬لذا ندب الشارع إلي ُ‬
‫أسباب اللفة فأباح النظر إلي المخطوبة‪.‬‬
‫ة الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫عب َ َ‬
‫ش ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ةب ِ‬ ‫غيَر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫)حديث ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ل النبي ‪» : r‬أن ْظُر إل َيها فإن ّ َ‬ ‫مَرأ َ ً‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حَرى أ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ْ ِ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ة‪ ،‬ف َ‬ ‫با ْ‬ ‫خط َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ماجة (أن ّ ُ‬
‫ما«‪.‬‬ ‫م ب َي ْن َك ُ َ‬‫ؤدَ َ‬ ‫يُ ْ‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (‬
‫قال * كنت عند النبي فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من‬
‫النصار فقال له رسول الله أنظرت إليها قال ل قال فاذهب‬
‫فانظر إليها فإن في أعين النصار شيئا ‪.‬‬
‫أي يؤلف بينهما من وقوع الدمة علي الدمة وهي الجلدة الباطنة‬
‫كر ذلك للمبالغة في الئتلف‪.‬‬ ‫والجلدة الظاهرة وإنما ذُ ِ‬
‫]*[ قال العمش‪:‬‬
‫ل تزويج يقع من غير نظر فأخره هم وغم‪.‬‬ ‫ك ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪43‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال صاحب عون المعبود‪:‬‬
‫يؤخذ من الحاديث استحباب تزوج الجميلة إل إذا كانت الجميلة غيَر‬
‫دّينه والتي أدني منها جمال ً متدينة فتقدم ذات الدين‪ .‬أما إذا‬
‫تساوتا في الدين فالجميلة أولي‪.‬‬
‫والجمال بالنسبة للمرأة ما لم يكن محصنا ً بالنشأة الدينية‬
‫والتربية القويمة والصل العريق قد يصبح وبال ً عليها إذ يغرى‬
‫ن عليها التفريط بشرفها مما يؤدى بها‬ ‫و ُ‬‫ساق بالطمع فيها ويه ّ‬ ‫الف ّ‬
‫وة الفاحشة دون مبالة بما يعود علي السرة‬ ‫إلي التردي في ه ّ‬
‫ر وشنار وقد كان بعض السلف‬ ‫من دمار وما يلوث سمعتها من عا ٍ‬
‫يفضل الدميمة ذات الدين علي الجميلة حتى ل تشغله الجميلة عن‬
‫طاعة الله‪.‬‬
‫]*[ قال مالك بن دينار‪:‬‬
‫يترك أحدكم أن يتزوج يتيمة فيؤجر فيها إن أطعمها وكساها تكون‬
‫خفيفة المؤنة ترضى باليسير ويتزوج بنت فلن وفلن يعني أبناء‬
‫الدنيا فتشتهي عليه الشهوات وتقول أكسنى كذا وكذا ‪.‬‬
‫]*[ قال أبو سليمان الدارانى‪:‬‬
‫الزهد في كل شيء حتى في المرأه يتزوج الرجل العجوز إيثارا ً‬
‫للزهد في الدنيا وكان بعض السلف يختار اللبيبة العاقلة علي‬
‫الجميلة وذلك لمنفعتها الكثر في حقه‪.‬‬
‫فهذا هو المام بن حنبل‪ ‬أختار عوراء علي أختها وكانت أختها‬
‫من اعقلهما؟‬ ‫ل َ‬ ‫سأ َ‬ ‫جميلة ف َ‬
‫فقيل ‪ :‬العوراء ‪ ،‬قال‪ :‬زوجني إياها‪.‬‬
‫]*[ يقول ابن عثيمين‪:‬‬
‫ومن المعروف أن جمال المرأة جمال حسي وجمال معنوي‪.‬‬
‫‪‬فالجمال الحسي ‪:‬‬
‫خلقة لن المرأة كلما كانت جميلة المنظر عذبة المنطلق‬ ‫كمال ال ِ‬
‫ن إلي منطقها فينفتح لها‬ ‫قّرت العين بالنظر إليها وأصغت الذ ُ‬ ‫َ‬
‫القلب وينشرح لها الصدر وتسكن إليها النفس ويتحقق فيها قوله‬
‫تعالي‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع َ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ها َ‬‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬
‫جا ل ّت َ ْ‬ ‫وا ً‬‫م أْز َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ن أن ُ‬
‫ف ِ‬ ‫م ْ‬‫كم ّ‬‫ق لَ ُ‬‫خل َ َ‬‫ن َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ن آَيات ِ ِ‬‫م ْ‬‫و ِ‬‫) َ‬
‫ن ( ] الروم‪21 /‬‬ ‫فك ُّرو َ‬‫وم ٍ ي َت َ َ‬
‫ق ْ‬‫ت لّ َ‬ ‫ك َلَيا ٍ‬‫في ذَل ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة إِ ّ‬‫م ً‬‫ح َ‬‫وَر ْ‬‫ودّةً َ‬ ‫م َ‬‫كم ّ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫[‬
‫‪‬والجمال المعنوي‪:‬‬
‫خُلقا ً كانت‬ ‫خُلق فكلما كانت المرأة أدين وأكمل ُ‬ ‫كمال الدين وال ُ‬
‫أحب إلي النفس فالمرأة ذات الدين قائمة بأمر الله حافظة‬
‫معينة له علي طاعة الله‬ ‫لحقوق زوجها وفراشه وأولده وماله ُ‬
‫شطته ‪ ،‬وإن غضب أرضته‪.‬‬ ‫تعالي إن نسى ذكرته وإن تثاقل ن ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪44‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬فإذا أمكن تحصيل امرأة يتحقق فيها جمال الظاهر وجمال‬
‫الباطن فقد تمت سعادة الرجل ‪.‬‬
‫وينبغي علي المرأة أل تتفاخر علي الزوج بجمالها ول تزدريه‬
‫لقبحه‪.‬‬
‫]*[ فقد روى الصمعي فقال‪:‬‬
‫ة من أحسن الناس وجها ً تحت رجل ً من‬ ‫دخلت البادية فإذا أنا بامرأ ٍ‬
‫أقبح الناس وجها ً‬
‫ت لها‪ :‬يا هذه أترضين لنفسك أن تكوني تحت مثله؟‬ ‫فقل ُ‬
‫فقالت‪ :‬يا هذا أسكت فقد اسأت في قولك ‪ ،‬لعله أحسن فيما بينه‬
‫وبين خالقه ‪ ،‬فجعلني ثوابه أو لعلي اسأت فيما بيني وبين خالقي‬
‫فجعله عقوبتي‬
‫أفل أرض بما رضي الله لي‬
‫قال الصمعي‪ :‬فأسكتتني ‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬أن تكون ذات حسب ‪:‬‬
‫‪‬والحسب‪:‬‬
‫حساب لنهم كانوا إذا‬ ‫هو الشرف بالباء والقارب ‪ ،‬مأخوذ من ال ِ‬
‫ددوا مناقبهم ومآثر آبائهم وقومهم وحسبوها فُيحكم‬ ‫تفاخروا ع ّ‬
‫لمن زاد عدده علي غيره‪.‬‬
‫ة المنبت لن من‬ ‫فينبغي أن تكون حسيبة كريمة العنصر حسن ُ‬
‫اتصفت بذلك فإنها تكون حميدة الطباع ودودة للزوج رحيمة بالولد‬
‫ف البيت وفي كل الحوال‬ ‫حريصة علي صلح السرة وصيانة شر ُ‬
‫ب محمود ‪.‬‬ ‫فإن أصالة الشرف وحسن المنبت أمٌر مرغوب ومطل ٌ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪»:‬تنكح المرأة لربع‪ :‬لمالها وحسبها وجمالها ودينها‪،‬‬
‫فاظفر بذات الدين تربت يداك«‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫ح نساءُ قريش ‪ ،‬أحناه علي طفل في‬ ‫ء ركبن البل صال ُ‬ ‫" خيُر نسا ِ‬
‫صغره وأرعاه علي زوج في ذات يده"‪.‬‬
‫‪‬فالنبي ‪ ‬مدحهن بشيئين‪:‬‬
‫‪‬الول ‪ :‬حنوهن علي أولدهن والمقصود كثرة الشفقة عليهم‪.‬‬
‫]*[ قال الحافظ ‪:‬‬
‫" والحانية علي ولدها ‪ :‬هي التي تقوم عليهم في حال يتمهم فل‬
‫تتزوج فإن تزوجت فليست بحانية "‪.‬‬
‫‪‬الثاني‪ :‬رعايتها لزوجها في ذات يده يعني ماله وذلك بحفظه‬
‫وصونها له بالمانة فيه والصيانة له وترك التبذير في النفاق‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪45‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬ويلحظ في المر الول‪:‬‬
‫أن هذا ل يعني تحريم زواج الرملة بل أنه مباح لها ولكنها إن‬
‫قامت علي أولدها فهو أفضل إل أن تخاف على نفسها فتنه‬
‫فيكون طلبها للزواج أفضل والله اعلم‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ ":‬الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ‪ ،‬خيارهم في‬
‫الجاهلية خيارهم في السلم إذا فقهوا "‪.‬‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫خّيروا لنطفكم وانكحوا الكفاء "‪.‬‬ ‫" تَ َ‬
‫فيؤخذ من هذا أن الشريف النسيب يستحب له أن يتزوج بذات‬
‫حسب ونسب مثله إل أن تعارض نسيبة غير دينه وغير نسيبة دينه‬
‫فتقدم ذات الدين ‪.‬‬
‫]*[ وقد قال أكثم بن صيفي لبنيه كما في )إرشاد الساري لشرح‬
‫صحيح البخاري للقسطلني(‪:‬‬
‫ل النساء علي صراحة النسب فإن المناكح‬ ‫ي ل يغلبّنكم جما ُ‬ ‫} يا بن ّ‬
‫الكريمة مدرجة للشرف{‪.‬‬
‫ي أن الرجل إذا تزوج المرأه الحسيبة المنحدره من أصل‬ ‫وبديه ُ‬
‫كريم أنجبت له أولدا ً مفطورين علي معالي المور متطبعين‬
‫ن المكارم‬‫ق قويمة لنهم سيرضعون منها ِلبا َ‬ ‫ت أصيلة وأخل ٍ‬ ‫بعادا ٍ‬
‫خصال الخير ‪.‬‬ ‫ويكتسبون ِ‬
‫‪‬أما أهل الدنيا ‪:‬‬
‫فإنهم يجعلون المال حسبهم الذي يسعون إليه ل يعرفون شرفا ً‬
‫آخر مساويا ً له أو مدانيا ً إياه فصاحب المال فيهم عزيٌز كيفما كان‬
‫ل عندهم وضيع ولو كان ذا نسب رفيع ‪.‬‬ ‫ق ّ‬‫م ِ‬
‫وال ُ‬
‫أخرج ابن ماجة والترمذي وصححه اللباني في )الرواء( عن أبي‬
‫ب َُريده عن أبيه عن النبي ‪ ‬قال‪ ":‬إن أحساب أهل الدنيا الذين‬
‫يذهبون إليه ‪....‬المال "‬
‫والحق الذي ينبغي أن ُيصار إليه أن حسب المرء ل يكون بكثرة‬
‫ماله ووفرة رعائه بل بنبل أصله وحسن منبته وكريم عنصره‪.‬‬
‫سابعًا‪:‬أن تكون عفيفة محتشمة )متحجبة غير متبرجة ( فأحذر‬
‫المتبرجة‬
‫فينبغي أن تكون ممن وقع الختيار عليها عفيفة محتشمة ذات‬
‫أخلق فاضلة ل ُيعرف عنها سفور أو تبرج بحيث ل يحجزها حياؤها‬
‫عن إبراز مفاتن جسدها أمام كل ناظر فالنبي ‪ ‬حذر من هذا‬
‫الصنف وبّين أنهن من أهل النار‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪46‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ ":‬صنفان من أهل النار لم أرهما‪ :‬قوم معهم سيا ٌ‬
‫ط‬
‫كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلت‬
‫)‪(4‬‬
‫ن‬
‫ة ول يجد َ‬‫ن الجن َ‬
‫ت المائلة ل يدخل َ‬ ‫مميلت رؤوسهن كأسنمة الُبخ ِ‬
‫ريحها ‪ ،‬وإن ريحها لتوجدُ من سيرة كذا وكذا "‬
‫كاسيات عاريات ‪ :‬أي يلبسن ثيابا ً رقيقة تصف ما تحتها فهي في‬
‫الظاهر كاسية وفي الحقيقة عارية‪.‬‬
‫ن‪.‬‬ ‫مائلت‪ :‬متبخترات في مشيته َ‬
‫ن‪.‬‬‫ن وأكتافه ّ‬ ‫مميلت ‪ :‬يملن أعطافه ّ‬
‫أسنمة الُبخت ‪ :‬أسنمة الجمل لما يضعنه في رؤوسهن من وصل‬
‫الشعور ونفشها وتضخيم العمائم ووصفهم بأنهم منافقات ‪.‬‬
‫]*[ قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري )‪ » : (375/ 10‬هذا‬
‫الحديث من معجزات النبوة فقد وقع هذان الصنفان وهما‬
‫موجودان وفيه ذم هذين الصنفين قيل معناه كاسيات من نعمة‬
‫الله عاريات من شكرها وقيل معناه تستر بعض بدنها وتكشف‬
‫بعضه إظهارا بحالها ونحوه وقيل معناه تلبس ثوبا رقيقا يصف‬
‫لون بدنها وأما مائلت فقيل معناه عن طاعة الله وما يلزمهن‬
‫حفظه مميلت أي يعلمن غيرهن فعلهن المذموم وقيل مائلت‬
‫يمشين متبخترات مميلت لكتافهن وقيل مائلت يمشطن‬
‫المشطة المائلة وهى مشطة البغايا مميلت يمشطن غيرهن تلك‬
‫المشطة ومعنى رؤوسهن كأسنمة البخت أن يكبرنها ويعظمنها‬
‫بلف عمامة أو عصابة أو نحوها «)‪ (3‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية )ص ‪: (406‬‬
‫» ويجب عليه ‪ -‬ولي المر ‪ -‬منع النساء من الخروج متزينات‬
‫متجملت ‪ ،‬ومنعهن من الثياب التي يكن بها كاسيات عاريات ‪،‬‬
‫كالثياب الواسعة والرقاق ‪ ،‬ومنعهن من حديث الرجال في‬
‫الطرقات ومنع الرجال من ذلك‪.‬‬
‫وإن رأى ولي المر أن يفسد على المرأة ‪ -‬إذا تجملت وتزينت‬
‫وخرجت ‪ -‬ثيابها بحبر ونحوه ‪،‬فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء‬
‫وأصاب‪ .‬وهذا من أدنى عقوبتهن المالية‪.‬وله أن يحبس المرأة إذا‬
‫أكثرت الخروج من منزلها ‪ ،‬ولسيما إذا خرجت متجملة ‪ ،‬بل إقرار‬
‫النساء على ذلك إعانة لهن على الثم والمعصية ‪ ،‬والله سائل ولي‬
‫المر عن ذلك « ا‪.‬هـ‪ .‬مختصرًا‪.‬‬

‫‪ ()3‬ينظر كتاب الكبائر للمام الذهبي )ص ‪. (134‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪47‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬وقد أحسن من قال‪:‬‬
‫ء‬
‫م الفتاة بقالب الغرا ِ‬ ‫جســــــ َ‬
‫ت‬
‫وَر ْ‬
‫ص ّ‬
‫ة قـد َ‬
‫ة شـفـافــــ ٍ‬ ‫وعـبـاء ٍ‬
‫ء‬
‫ر الرأس ليس بســــــاتر فكلهــمـا وزُر بل اســـتثنا ِ‬ ‫وغطاءُ شع ِ‬
‫ء‬
‫م بحيــا ِ‬ ‫ع ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ف َ‬ ‫ة ُ‬
‫صــــدقُ العقيد ِ‬ ‫شْرعي لذلـك كـّله‬ ‫والضــــــابط ال ّ‬
‫حذر الشاب من الفتاة التي تلبس الحجاب ل‬ ‫‪‬تنبيه‪ : ‬ينبغي أن ي ّ‬
‫لله ولكن من أجل الزواج فإنها إذا أرادت الحجاب لغير الله فإنها‬
‫ستخلعه في أول ليلة أو أقرب فرصة ‪ ،‬ومن هنا فإن علي خاطب‬
‫المتبرجة أن يدقق ويحقق هل سترتدي مخطوبته الحجاب من أجل‬
‫الله أم من أجله‪.‬‬
‫حشمة المرأة وصونها وعدم ابتذالها‪:‬‬ ‫ومن مظاهر ِ‬
‫)‪ (1‬عدم إكثار الخروج من بيتها وتجوالها بين الرجال في السواق‬
‫ومجامع الطرق‪:‬‬
‫) حديث بن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ ":‬المرأة عوره إذا خرجت استشرفها الشيطان"‪.‬‬
‫استشرفها ‪ :‬أي تعّرض لها واطلع عليها ينظر إليها يحاول‬
‫غوايتها ‪.‬‬
‫)‪ (2‬عدم اعتراضها الرجال مستعطرة‪:‬‬
‫)حديث أبي موسى في صحيح النسائي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أيما‬
‫امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي‬
‫زانية و كل عين زانية ‪‌ .‬‬
‫) أيما امرأة استعطرت ( أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما‬
‫يظهر ريحه منه ) ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها (‬
‫أي بقصد ذلك‬
‫) فهي زانية ( أي كالزانية في حصول الثم وإن تفاوت لن‬
‫فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي ‪ :‬شبه خروجها من‬
‫بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا ‪،‬‬
‫) وكل عين زانية ( أي كل عين نظرت إلى محرم من امرأة أو‬
‫رجل فقد حصل لها حظها من الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض‬
‫المالكية من الحديث حرمة التلذذ بشم طيب أجنبية لن الّله إذا‬
‫حرم شيئا ً زجرت الشريعة عما يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ‬
‫بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي الّله عنه ينهى عن‬
‫القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد ‪.‬‬
‫]*[ قال المام الذهبي في كتاب الكبائر )ص ‪: (134‬‬
‫» ومن الفعال التي تلعن عليها المرأة ‪ ،‬إظهار الزينة والذهب‬
‫واللؤلؤ تحت النقاب ‪ ،‬وتطيبها بالمسك والعنبر والطيب إذا خرجت‬
‫‪ ،‬ولبسها الصباغات والزر الحريرية والقبية القصار ‪ ،‬مع تطويل‬
‫الثوب وتوسعة الكمام وتطويلها إلى غير ذلك إذا خرجت ‪ ،‬وكل‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪48‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ذلك من التبرج الذي يمقت الله عليه ‪ ،‬ويمقت فاعله في الدنيا‬
‫والخرة ‪ ،‬وهذه الفعال التي غلبت على أكثر النساء « ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫)‪ (3‬أن ل تتشبه بالرجال في لبسها أو حركتها‪:‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود (‬
‫ة المرأة‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ ":‬لعن رسول الله ‪ ‬الرج َ‬
‫ل يلبس ل ِْبس َ‬
‫سة الرجل"‬ ‫والمرأة تلبس ل ِب ْ َ‬
‫) حديث بن عباس رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (‬
‫قال ‪ ":‬لعن رسول الله ‪ ‬المتشبهين من الرجال بالنساء‬
‫والمتشبهات من النساء بالرجال ‪.‬‬
‫)‪ (4‬ل تكون ممن يلبس ثياب شهرة ‪:‬‬
‫)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي ‪r‬‬
‫ة ثم‬ ‫م َ‬
‫ذل ٍ‬ ‫هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ‬ ‫ب ُ‬
‫ش ْ‬ ‫قال ‪ :‬من لبس ثو َ‬
‫ب فيه النار ‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ْ‬
‫ي ُل ِ‬
‫‌)من لبس ثوب شهرة ( الشهرة ظهور الشيء في شنعة بحيث‬
‫يشتهر به‬
‫) ألبسه الّله يوم القيامة ثوب مذلة( ثوب مذلة أي يشمله بالذل‬
‫كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع العظم بأن يصغره في‬
‫العيون ويحقره في القلوب لنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على‬
‫غيره ‪.‬‬
‫) ثم يلهب فيه النار ( عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس‬
‫العمل فأذله الّله كما عاقب من أطال ثوبه خيلء بأن خسف به‬
‫فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫)‪ (5‬أن ل تكون ممن يتزين بالوشم أو الوصل أو تفليج السنان ‪:‬‬
‫)حديث ابن عمر في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬لعن الله‬
‫الواصلة و المستوصلة و الواشمة و المستوشمة‬
‫) لعن الّله الواصلة ( التي تحاول وصل الشعر بيدها والوصل هو‬
‫وصل الشعر بشعر آخر ليطول‬
‫)والمستوصلة ( التي تطلب ذلك وتطاوعها على فعله بها قال‬
‫القرطبي ‪ :‬ووصله‬
‫أن يضاف إليه شعر آخر يكثر به ‪ ،‬هذا نص في تحريم وصل الشعر‬
‫بشع‬
‫) والواشمة والمستوشمة ( وذلك كله حرام‬
‫)حديث ابن مسعود في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬لعن الله‬
‫الواشمات و المستوشمات و النامصات و المتنمصات و المتفلجات‬
‫للحسن المغيرات خلق الله ‪‌ .‬‬
‫) لعن الّله الواشمات ( جمع واشمة وهي التي تشم غيرها‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪49‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) والمستوشمات ( جمع مستوشمة وهي التي تطلب الوشم ‪،‬‬
‫والوشم هو تغير لون الجلد بزرقة أو خضرة أو سواد وذلك بغرز‬
‫البرة فيه وذّر الّنيَلج عليه حتى يزرق أثره أو يخضّر ‪.‬‬
‫) والنامصات ( جمع متنمصة المتنمصات بتاء ثم نون قال في‬
‫التنقيح ‪ :‬وروى بتقدم النون على التاء ومنه قيل للمنقاش‬
‫منماص لنه ينتف وهي التي تطلب إزالة شعر الوجه والحواجب‬
‫بالمنقاش‬
‫) والمتفلجات ( بالجيم ) للحسن ( أي لجله جمع متفلجة‬
‫وهي التي تفعل الفلج في أسنانها أي تعانيه حتى ترجع المصمتة‬
‫السنان خلقة فلجاء صنعة وذلك بترقيق السنان ‪ ،‬الفلج ‪ :‬تباعد‬
‫ما بين الثنايا‪.‬‬
‫المتفّلجة ‪ :‬التي تتكلف في فعل ذلك بصناعة وهو محبوب إلي‬
‫العرب مستحسن إليهم فمن فعلت ذلك طلبا للحسن فهو مذموم‪.‬‬
‫]*[ قال القرطبي في » الجامع لحكام القرآن « )‪: (5/369‬‬
‫» وهذه المور قد شهدت الحاديث بلعن فاعلها وأنها من الكبائر ‪،‬‬
‫واختلف في المعنى الذي نهى لجلها ‪ .‬فقيل ‪ :‬لنها من باب‬
‫التدليس ‪ .‬وقيل ‪ :‬من باب تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن‬
‫مسعود وهو أصح وهو يتضمن المعنى الول « ‪.‬‬
‫قّر في بيتها فل تخرج لغير حاجة ‪:‬‬‫ثامنا ً ‪ :‬أن ت َ‬
‫من أعظم صفات المرأة الصالحة أن تكون قاّرةً في بيتها ‪ ،‬فل‬
‫تخرج إل لحاجة‪ ،‬ل للهو ول لضاعة الوقات ‪،‬‬
‫‪ ‬فالمرأة لم ُتخلق لكي تكون بارزة للمجتمع ‪ ،‬إنما خلقها الله‬
‫تعالى لكي تكون سكنا ً لزوجها ومربية لولدها‪.‬‬
‫ورضي الله عن الصحابيات الجليلت أمثال أم المؤمنين خديجة‬
‫دت من عزم النبي صلى‬ ‫بنت خويلد‪ ،‬فخديجة رضي الله عنها َ‬
‫ش ّ‬
‫الله عليه وسلم عندما رجع خائفا ً مضطربا ً مما جرى في غار حراء‬
‫مع جبريل عليه السلم‪ ،‬فأخبرها كيف غطه ثلث مرات آمرا ً إياه‬
‫أن يقرأ‪ ،‬وأخبرها بالقرآن الذي سمعه منه‪ ،‬وعندما أخبرها أنه‬
‫خشي على نفسه قالت له بكل ثقة‪) :‬كل والله ما ُيخزيك الله أبدا‪،‬‬
‫إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وَتقري الضيف‬
‫وُتعين على نوائب الدهر(‪ ،‬فكانت لكلماتها أفضل أثر على قلب‬
‫عه‪ ،‬وواست النبي‬ ‫و ُ‬
‫نبينا صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فهدأ وسكن َر ْ‬
‫صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بمالها ونفسها وهيئت للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم البيت المريح الذي يجد فيه السكينة بعد المشقة‬
‫والذى اّللذَْين كان يجدهما من دعوة المشركين‪ ،‬فكانت خير معين‬
‫على نشر السلم ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪50‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة طلبت الذن من زوجها‪،‬‬ ‫‪‬وإذا خرجت الزوجة من منزلها لحاج ٍ‬
‫وخرجت في لباسها الساتر‪ ،‬غير متعطرة‪ ،‬تمشي متواضعة في‬
‫أدب وحياء وسكينة‪ ،‬ل تسمع لها صوًتا في الطريق‪ ،‬ول تتخذ‬
‫خلخل ول حذاء مما يضرب في الرض‪.‬‬
‫من فساد أخلق المرأة‪ ،‬كثرة خروجها من بيتها‪ ،‬واختلطها‬
‫بالرجال‪ ،‬وعدم تأدبها بالداب الشرعية عند الخروج‪.‬‬
‫ن ‪]‬الحزاب‪:[33:‬‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬ ‫و َ‬‫]*[ تفسير قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫قال ابن كثير رحمه الله‪:‬‬
‫ن ‪] ‬الحزاب‪ ،[33 :‬أي الزمن‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫بيوتكن‪ ،‬فل تخرجن لغير حاجة‪ ،‬ومن الحوائج الشرعية الصلة في‬
‫المسجد بشرطين متلزمين هما ‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة‬
‫والطيب‬
‫)‪ (2‬أن يخرجن وهن تفلت ‪ ،‬كما في الحاديث التية‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا إماء الله مساجد الله ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬أيما امرأة أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء‬
‫الخرة ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلت‬
‫‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال القرطبي رحمه الله‪ :‬قوله تعالى‪} :‬وقرن{‪ ،‬قرأ الجمهور‬
‫قرن{‪ ،‬وقرأ عاصم ونافع بفتحها‪ .‬فأما القراءة الولى فتحتمل‬ ‫}و ِ‬
‫وجهين‪:‬‬
‫قَر َيقر وقاًرا أي سكن‪،‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن يكون من الوقار ‪ ،‬تقول‪ :‬و َ‬
‫‪.‬‬
‫قْرن‬ ‫قْر‪ ،‬وللنساء ِ‬ ‫والمر ِ‬
‫والوجه الثاني‪ :‬أن يكون من القرار‪.‬‬
‫ثم قال رحمه الله‪ :‬معنى هذه الية‪ ،‬المر بلزوم البيت‪ ،‬وإن كان‬
‫الخطاب لنساء النبي ‪ ،‬فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ‪ ،‬هذا لو‬
‫لم يرد دليل يخص جميع النساء‪ ،‬كيف والشريعة طافحة بلزوم‬
‫النساء بيوتهن‪ ،‬والنكفاف عن الخروج منها إل لضرورة‪ .‬فأمر الله‬
‫تعالى نساء النبي ‪ ‬بملزمة بيوتهن‪ ،‬وخاطبهن بذلك تشري ً‬
‫فا‬
‫لهن‪ ،‬ونهاهن عن التبرج ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪51‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ضا‪ :‬ذكر الثعلبي وغيره عن عائشة رضي الله‬ ‫ثم قال رحمه الله أي ً‬
‫عنها‪ ،‬كانت إذا قرأت هذه الية تبكي حتى تبل خمارها‪.‬‬
‫وذكر أن سودة قيل لها‪ :‬لم ل تحجين وتعتمرين كما يفعل‬
‫أخواتك؟ فقالت‪ :‬قد حججت واعتمرت‪ ،‬وأمرني الله أن أقر في‬
‫بيتي‪ .‬قال الراوي‪ :‬فوالله ما خرجت من باب حجرتها‪ ،‬حتى أخرجت‬
‫جنازتها‪ ،‬رضوان الله عليها‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬أن ل‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬‫ن ِ‬
‫قْر َ‬ ‫و َ‬
‫ثم قال رحمه الله‪ :‬ليس المراد بحكم‪َ ‬‬
‫ُ‬
‫دا‪ ،‬بل المر أن قد أذن لهن أن‬ ‫تتخطى النساء عتبة بيتهن أب ً‬
‫يخرجن لحوائجهن‪.‬‬
‫ولكن هذا الذن ليس بمطلق غير محدود‪ ،‬ول هو غير مقيد‬
‫بشروط‪ ،‬فليس جائًزا للنساء أن يطفن خارج بيوتهن كما شئن‪،‬‬
‫ويخالطن الرجال بحرية في المجالس والنوادي‪ ،‬وإنما مراد الشرع‬
‫بالحوائج‪ :‬هو الحاجات الحقيقية التي لبد معها للنساء من أن‬
‫يخرجن من البيوت ويعملن خارجها‪.‬‬
‫ومن الظاهر أنه ل يمكن استيعاب جميع الصور الممكنة لخروج‬
‫النساء وعدم خروجهن‪ ،‬في جميع الزمان‪ ،‬ول من الممكن وضع‬
‫الضوابط والحدود لكل مناسبة من تلك المناسبات‪ ،‬غير أن المرء‬
‫يستطيع أن يتفطن لروح القانون السلمي ورجحانه‪ ،‬إذا نظر‬
‫فيما قرره النبي ‪ ،‬من الضوابط لخروج المرأة من البيت في‬
‫عامة أحوال الحياة‪ ،‬وما تناول به حدود الحجاب من الزيادة‬
‫والنقص بين آونة وأخرى‪ ،‬وأن يستخرج بنفسه حدود الحجاب‬
‫للحوال الفردية والشئون الجزئية‪ ،‬وقواعد الزيادة فيها والنقص‬
‫عا للحالت والملبسات‪.‬‬ ‫منها تب ً‬
‫ومن ذلك‪ ،‬الذن في حضور المساجد وحدوده‪ ،‬وخروج النساء في‬
‫الحج والجمعة والعيدين‪ ،‬وكذلك في زيارة القبور واتباع الجنائز‪،‬‬
‫وكذلك شهودهن الحرب‪ ،‬ففي كل ذلك ضوابط وحدود‪ ،‬وفي أخرى‬
‫موانع‪.‬‬
‫ومما يستدل به على جواز خروج النساء لحاجتهن‪ ،‬ما رواه مسلم‬
‫ضرب الحجاب ـ لحاجتها‪،‬‬ ‫عن عائشة قالت‪ :‬خرجت سودة بعدما ُ‬
‫فها ـ فرآها عمر بن‬ ‫تخفى على من يعر ُ‬ ‫وكانت امرأة جسيمة ل َ‬
‫الخطاب‪ ،‬فقال‪ :‬يا سودة‪ ،‬أما والله ما تخفين علينا‪ ،‬فانظري كيف‬
‫تخرجين‪ .‬قالت‪ :‬فانكفأت راجعة‪ ،‬ورسول الله ‪ ‬في بيتي‪ ،‬وإنه‬
‫دخلت‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إني‬ ‫ق‪َ ،‬‬
‫ف َ‬ ‫عْر ٌ‬‫ليتعشى وفي يده َ‬
‫خرجت لبعض حاجتي‪ ،‬فقال لي عمر كذا وكذا‪ ،‬قالت‪ :‬فأوحى الله‬
‫ضعه فقال‪" :‬إنه قد ُأذن‬ ‫عْرقَ في يده ما و َ‬ ‫ن ال َ‬‫إليه ثم ُرفع عنه وإ ّ‬
‫)‪(4‬‬
‫لكن أن تخرجن لحاجتكن" ‪.‬‬
‫)( رواه مسلم ‪ ،(02170‬وعند البخاري‪ ،‬الفتح )‪.(1/249‬‬ ‫‪4‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪52‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والمرأة المسلمة المستقيمة على شرع الله إذا خرجت لحاجة‬
‫التزمت بالضوابط التية‪:‬‬
‫قا من قوله‬ ‫)‪ (1‬خرجت لحاجة‪ ،‬ل للهو ول لضاعة الوقات‪ ،‬انطل ً‬
‫‪" :‬أذن لكن في الخروج لحاجتكن")‪.(5‬‬
‫)‪ (2‬وتستأذن زوجها أو وليها قبل الخروج‪ ،‬أما المرأة التي تدخل‬
‫بيتها وتخرج في أي وقت دون مبالة بأمر الزوج‪ ،‬فهي امرأة‬
‫شقية تجلب لنفسها المشاكل والخراب‪.‬‬
‫)‪ (3‬وتستتر بحجابها الشرعي الكامل‪ ،‬فل تكون من الكاسيات‬
‫العاريات‪ ،‬اللئي يرتدين من الملبس الشفاف أو الضيق أو‬
‫المزركش‪ ،‬ول تتعطر عند خروجها‪ ،‬أو تلبس ملبس الرجال‪،‬‬
‫فالمرأة الصالحة المتدينة في منأى عن هذه الصورة السيئة‪.‬‬
‫)‪ (4‬تغض من نظرها في سيرها فل تنظر هنا أو هناك لغير حاجة‪،‬‬
‫فضل ً عن النظر للرجل الجنبي لغير حاجة‪ ،‬وإذا احتاجت إلى‬
‫محادثته‪ ،‬تتحدث إليه بما تحتاجه فقط‪ ،‬ول تلين بصوتها ول تخضع‬
‫به لئل يطمع فيها من في قلبه مرض‪.‬‬
‫)‪ (5‬تمشي متواضعة في أدب وحياء وسكينة‪ ،‬ول تتخذ خلخل ول‬
‫حذاء يضرب على الرض بقوة‪ ،‬فُيسمع قرع حذائها فربما وقعت‬
‫َ‬
‫ما‬
‫م َ‬‫عل َ َ‬
‫ن ل ِي ُ ْ‬
‫ه ّ‬
‫جل ِ ِ‬
‫ن ب ِأْر ُ‬
‫رب ْ َ‬
‫ض ِ‬‫ول ي َ ْ‬ ‫الفتنة‪ ،‬وقد قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬النور‪.[31 :‬‬ ‫ه ّ‬‫زين َت ِ ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫في َ‬
‫خ ِ‬
‫يُ ْ‬
‫)‪ (6‬ول تسافر سفر يوم وليلة إل مع ذي محرم لها امتثال ً لقول‬
‫النبي ‪ ‬في الحاديث التية ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر‬ ‫ل لمرأ ٍ‬‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل يح ُ‬
‫مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (‬
‫فا على ألف قرية‪ ،‬فما رأيت‬ ‫]*[ قال ابن العربي‪ :‬لقد دخلت ني ً‬
‫ل‪ ،‬ول أعف نساء من نساء نابلس‪ ،‬التي ُرمي‬ ‫نساء أصون عيا ً‬
‫الخليل ‪ ‬بالنار فها‪ ،‬فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق‬
‫نهاًرا إل يوم الجمعة‪ ،‬فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد‬
‫منهن‪ ،‬فإذا قضيت الصلة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على‬
‫واحدة منهن إل الجمعة الخرى)‪.(6‬‬
‫]*[ ويقول الشيخ أبو العلى المودودي رحمه الله‪ :‬ويقول التابعي‬
‫والمفسر الشهير قتادة بن دعامة‪ :‬إن مقامة المرأة ومستقرها‬
‫في البيت‪ ،‬وما وضعت عنهن واجبات خارج البيت إل ليلزمن‬
‫)( جزء من حديث أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( الجامع لحكام القرآن للقرطبي )‪ ،(8/5450‬ط‪ .‬دار الغد العربي‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪53‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫البيوت بالسكينة والوقار‪ ،‬ويقمن بواجبات الحياة العائلية‪ ،‬أما إن‬
‫كان بهن حاجة على الخروج‪ ،‬فيجوز لهن أن يخرجن من البيت‪،‬‬
‫بشرط أن يراعين جانب العفة والحياء‪ ،‬فل يكون في لباسهن بريق‬
‫أو زخرفة أو جاذبية‪ ،‬تجذب إليهن النظار‪ ،‬ول في نفوسهن من‬
‫حرص على إظهار زينتهن‪ ،‬فيكشفن تارة عن وجوههن‪ ،‬وأخرى‬
‫عن أيديهن‪ ،‬ول في مشيتهن شيء يستهوي القلوب‪ ،‬ول يلبسن‬
‫كذلك من الحلي ما يحلو وسواسه في المسامع‪ ،‬ول يرفعن‬
‫أصواتهن بقصد أن يسمعها الناس‪ .‬نعم‪ ،‬يجوز لهن التكلم في‬
‫حاجتهن‪ ،‬ولكنه يجب أن ل يكون في كلمهن لين وخضوع‪ ،‬ول في‬
‫لهجتهن عذوبة وتشويق‪.‬‬
‫كل هذه الضوابط والحدود إن راعتها النساء‪ ،‬جاز لهن أن يخرجن‬
‫)‪(7‬‬
‫لحوائجهن‬
‫]*[ وقد كتب أحدهم عن أوصاف الزوجة الصالحة فقال‪:‬‬
‫"هي الناظرة في عيبها‪ ،‬المفكرة في دينها‪ ،‬المقبلة على ربها‪،‬‬
‫الخفي صوتها‪ ،‬الكثير صمتها‪ ،‬اللينة الجناح‪ ،‬العفيفة اللسان ‪،‬‬
‫الظاهرة الحياء‪ ،‬الورعة عن الخنا ‪ ،‬الواسعة الصدر‪ ،‬العظيمة‬
‫الصبر‪ ،‬القليلة المكر‪ ،‬الكثيرة الشكر‪ ،‬النقية الجيب ‪ ،‬الطاهرة من‬
‫العيب‪ ،‬الحبيبة‪ ،‬الكريمة‪ ،‬الرضية‪ ،‬الزكية‪ ،‬الرزينة‪ ،‬النجيبة‪ ،‬السهلة‬
‫عجب‪ ،‬التاركة‬ ‫خُلق‪ ،‬الرقيقة‪ ،‬البريئة من الكذب‪ ،‬النقية من ال ُ‬‫ال ُ‬
‫للقذى‪ ،‬الزاهدة في الدنيا‪ ،‬الساكنة‪ ،‬الستيرة‪ ،‬ل متفاكهة‪ ،‬ول‬
‫ود‪ ،‬إن‬‫متهتكة‪ ،‬قليلة الحيل‪ ،‬وثيقة العمل‪ ،‬رحيمة القلب‪ ،‬خليصة ال َ‬
‫ُزجرت انزجرت‪ ،‬وإن ُأمرت ائتمرت‪ ،‬تشنأ الصلف ‪ ،‬وتبغض السرف‪،‬‬
‫وتكره المكروه‪ ،‬وتمقت الفخر‪ ،‬وتتفقد نفسها بطيب النساء‬
‫والكحل والماء‪ ،‬قنوعة بالكفاف‪ ،‬ومستترة بالعفاف‪ ،‬لها رحمة‬
‫بالهل ‪ ،‬ورفق بالبعل ‪ ،‬تضع له خدها ‪ ،‬وتخلص له ودها ‪ ،‬وتملكه‬
‫نفسها ‪ ،‬ول تمل منه طرفها ‪ ،‬وتترك لمره أمرها‪ ،‬وتخرج لرائه‬
‫عن رأيها‪ ،‬وتوكله عن نفسها‪ ،‬وتأمنه على سرها‪ ،‬وتصفيه غاية‬
‫الحب ‪ ،‬وتؤثره على الم والب ‪ ،‬ل تلفظ بعيبه ‪ ،‬ول تخبر بسره‪،‬‬
‫تحسن أمره ‪ ،‬وتتبع سروره ‪ ،‬ول تجفوه في عسر ول فقر‪ ،‬بل‬
‫دا وعلى الفتقار حًبا‪ ،‬ت َْلقى غضبه بحلم وصبر‪،‬‬ ‫تزيده في الفقر و ً‬
‫تترضاه في غضبه‪ ،‬وتتوقاه في سخطه‪ ،‬وتستوحش لغيبته‪،‬‬
‫وتستأنس لرؤيته‪ ،‬قد فهمت عن الله ذكره وعلمه‪ ،‬فقامت فيه‬
‫معول ً إل عليه‬‫بحق فضله ‪ ،‬فعظم بذلك فاقتها إليه ‪ ،‬ولم يجعل لها ُ‬
‫‪ ،‬فهو لها سمع وُلب ‪ ،‬وهي له بصر وقلب"‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ُ ‬يلّبس إبليس على بعض الشباب فكرة مغلوطة‪ ،‬وهي أن‬
‫يرى أحدهم فتاة جميلة ليست ذات دين‪ ،‬ولكن جمالها يجذبه إليها‪،‬‬
‫)( الحجاب ص ‪.308‬‬ ‫‪7‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪54‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مدعًيا أنه سيأخذ بيديها إلى طريق‬ ‫فيريد أن يتقدم للزواج منها ُ‬
‫ن فيها خيًرا كثيًرا‪ ،‬إلى غير ذلك من‬ ‫اللتزام والستقامة‪ ،‬وأ ّ‬
‫الفكار الواهية في الغالب ‪ ،‬وهذه الفكرة غير مأمونة ول‬
‫مضمونة‪ ،‬فما أدراك أن تفسد هي عليك دينك‪ ،‬وُتبعدك عنه‪ ،‬وماذا‬
‫تفعل لو فشلت أنت فيما كنت تريد أن تصل إليه ؟ في الوقت‬
‫الذي نرى فيه في واقعنا أمثال ً من ذلك ونماذج ‪ ،‬ولم يجدوا في‬
‫عضوا النامل من الفشل‪ ،‬فإما أن يصبروا ويتحملوا‬ ‫النهاية إل أن ي َ َ‬
‫خسارات جسيمة‪ ،‬أو ينتهي المر بالنفصال‪.‬‬
‫فهذه بعد أن وعدته باللتزام بالنقاب وحضور مجالس العلم‪،‬‬
‫أصبحت مشغولة بالزيارات والزينة‪ ،‬ثم بعد ذلك بالولد‪.‬‬
‫وهذه بعد الزواج‪ ،‬ضعفت همتها‪ ،‬وأصبحت امرأة عادية ل تبحث إل‬
‫عن مقومات الحياة فقط‪.‬‬
‫وأخرى توارت عن العين‪ ،‬وأصبحت في عداد المنسيات‪.‬‬
‫إلى آخر هذه الصور‪ ،‬التي يتعجل أصحابها في الزواج‪ ،‬فمهل ً مهل ً‬
‫أيها الشباب‪ ،‬ودققوا في الختيار‪ ،‬فأمر الزواج ليس بالشيء‬
‫الهين‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬أن تكون عابدة لله‪ ،‬كثيرة الذكر‪ ،‬متهجدة بالليل ‪:‬‬
‫ومن ُيمن المرأة وفضلها أن تكون عابدة لله‪ ،‬كثيرة الذكر‪ ،‬متهجدة‬
‫وامة خاشعة‪ ،‬عليها لباس الوقار والسكينة‪،‬‬ ‫بالليل‪ ،‬متصدقة‪ ،‬ص ّ‬
‫همتها عالية كلما أدت عبادة طلبت ما بعدها‪ ،‬ل تمل ول تكسل‪،‬‬
‫قدوتها أمهات المؤمنين ونساء السلف العابدات الصالحات‪.‬‬
‫]*[ عن عروة قال‪ :‬كنت إذا عزمت أبدأ ببيت عائشة رضي الله‬
‫ما‪ ،‬فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ‬ ‫عنها‪ ،‬فأسلم عليها فغدوت يو ً‬
‫موم ِ ‪] ‬الطور‪ ، [27 :‬وتدعو‬ ‫س ُ‬
‫ب ال ّ‬
‫ذا َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬
‫قاَنا َ‬ ‫و َ‬‫رضي الله عنها‪َ  :‬‬
‫ت القيام‪ ،‬فذهبت إلى السوق‬ ‫ت حتى ملل ُ‬ ‫وتبكي وترددها‪ ،‬فقم ُ‬
‫لحاجتي ثم رجعت‪ ،‬فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي‪.‬‬
‫]*[ وعنه قال‪ :‬كانت عائشة رضي الله عنها ل تمسك شيًئا مما‬
‫جاءها من رزق الله تعالى إل وتصدقت به‪.‬‬
‫]*[ وعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬دخل رسول الله ‪ ‬المسجد‪،‬‬
‫فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال‪" :‬ما هذا الحبل؟" قالوا‪:‬‬
‫حّلوه‪،‬‬‫ل لزينب‪ ،‬فإذا فترت تعلقت به‪ .‬فقال النبي ‪" :‬ل‪ُ ,‬‬ ‫حب ٌ‬
‫ل أحدكم نشاطه‪ ،‬فإذا فتر فليقعد"‪.‬‬ ‫ليص ّ‬
‫]*[وقال عون بن عبد الله‪ :‬كنا نأتي أم الدرداء )زوجة أبي الدرداء(‬
‫فنذكر الله عندها‪.‬‬
‫]*[ وقال يونس بن ميسرة‪ :‬كنا نحضر أم الدرداء‪ ،‬وتحضرها نساء‬
‫عابدات‪ ،‬يقمن الليل كله‪ ،‬حتى إن أقدامهن قد انتفخت من طول‬
‫القيام‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪55‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ وهذه امرأة صالحة تسمى "عجردة" كانت تحيي الليل‪ ،‬وكانت‬
‫مكفوفة البصر‪ ،‬فإذا كان السحر نادت بصوت لها محزون‪:‬‬
‫إليك قطع العابدون دجى الليالي‪ ،‬يستبقون إلى رحمتك وفضل‬
‫مغفرتك‪ ،‬فبك يا إلهي أسألك ل بغيرك أن تجعلني في أول زمرة‬
‫السابقين‪ ،‬وأن ترفعني لديك في عليين في درجة المقربين‪ ،‬وأن‬
‫ُتلحقني بعبادك الصالحين‪ ،‬فأنت أرحم الرحماء‪ ،‬وأعظم العظماء‪،‬‬
‫وأكرم الكرماء‪ ،‬يا كريم‪ ،‬ثم تخر ساجدة فُيسمع لها وجبة )صوت(‪،‬‬
‫ثم ل تزال تدعو وتبكي إلى الفجر‪.‬‬
‫]*[ وعن عبد الله المكي أبي محمد قال‪ :‬كانت "حبيبة العدوية" إذا‬
‫دت عليها درعها وخمارها‪،‬‬ ‫صّلت العتمة قامت على سطح لها‪ ،‬وش ّ‬
‫ثم قالت‪ :‬إلهي قد غارت النجوم‪ ،‬ونامت العيون‪ ،‬وغلقت الملوك‬
‫أبوابها‪ ،‬وخل كل حبيب بحبيبه‪ ،‬وهذا مقامي بين يديك‪.‬‬
‫ثم تقبل على صلتها‪ ،‬فإذا طلع الفجر قالت‪ :‬إلهي هذا الليل قد‬
‫ت مني ليلتي فأهنأ‪،‬‬ ‫قب ِل ْ َ‬
‫أدبر‪ ،‬وهذا النهار قد أسفر‪ ،‬فليت شعري أ َ‬
‫ي فأعزى؟ وعزتك لهذا دأبي ودأبك ما أبقيتني‪،‬‬ ‫أم رددتها عل ّ‬
‫وعزتك لو انتهرتني عن بابك ما برحت‪ ،‬لما وقع في نفسي من‬
‫جودك وكرمك‪.‬‬
‫]*[ وقال الهيثم بن جماز‪ :‬كانت لي امرأة ل تنام الليل‪ ،‬وكنت ل‬
‫ي الماء في‬ ‫ش عل ّ‬‫ت تر ّ‬ ‫أصبر معها على السهر‪ ،‬فكنت إذا نعس ُ‬
‫أثقل ما أكون من النوم‪ ،‬وتنبهني برجلها‪ ،‬وتقول‪" :‬أما تستحيي‬
‫من الله؟ إلى كم هذا الغطيط؟ فوالله إن كنت لستحيي مما‬
‫تصنع"‪.‬‬
‫ما إلى السوق ومعي جارية‬ ‫]*[ وقال بعض الصالحين‪ :‬خرجت يو ً‬
‫حبشية‪ ،‬فاحتبست في موضع بناحية السوق‪ ،‬وذهبت في بعض‬
‫حوائجي‪ ،‬وقلت‪ :‬ل تبرحي حتى أنصرف إليك‪ ،‬قال‪ :‬فانصرفت‪،‬‬
‫فلم أجدها في الموضع‪ ،‬فانصرفت إلى منزلي وأنا شديد الغضب‬
‫عليها‪ ،‬فلما رأتني عرفت الغضب في وجهي‪ ،‬فقالت‪ :‬يا مولي ل‬
‫ي‪ ،‬إنك أجلستني في موضع لم أر فيه ذاكًرا لله تعالى‪،‬‬ ‫تعجل عل ّ‬
‫فخفت أن ُيخسف بذلك الموضع‪ .‬فعجبت لقولها‪ ،‬وقلت لها‪ :‬أنت‬
‫حرة‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬ساء ما صنعت‪ ،‬كنت أخدمك فيكون لي أجران‪ ،‬وأما الن‬
‫‪.‬‬
‫فقد ذهب عني أحدهما‬
‫إن الزوجة الصالحة العابدة‪ ،‬التي تسلك طريق العابدات الخاشعات‪،‬‬
‫لهي القدوة الصالحة لبنائها‪ ،‬وهي أم لجيل صالح عابد إن شاء‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫إن خضوع المرأة لربها في محراب العبادة‪ ،‬معناه أنها عرفت‬
‫الطريق‪ ،‬واستقامت عليه‪ ،‬وأنابت إلى دار الخلود‪ ،‬وتجافت عن دار‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪56‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الغرور‪.‬‬
‫كتبن عند الله من المقصرات‪ ،‬إن لم‬ ‫إن كثيًرا من الزوجات اليوم ُ‬
‫يكن حالهن التفريط‪ ،‬وذلك بسبب غفلتهن وكثرة ذنوبهن‬
‫وإقبالهن على الدنيا‪.‬‬
‫]*[ قالت فاطمة النيسابورية رحمها الله تعالى‪:‬‬
‫من لم يكن الله عز وجل منه على بال‪ ،‬فإنه يتخطى في كل‬
‫ميدان‪ ،‬ويتكلم بكل لسان‪ ،‬ومن كان الله منه على بال‪ ،‬أخرسه إل‬
‫عن الصدق‪ ،‬وألزمه الحياء منه والخلص‪.‬‬
‫]*[ وقالت معاذة العدوية رحمها الله تعالى لبنتها ‪:‬‬
‫يا بنية‪ ،‬كوني من لقاء الله عز وجل على حذر ورجاء‪ ،‬فإني رأيت‬
‫قا يحسن الزلفى لديه يوم يلقاه‪ ،‬ورأيت الخائف‬ ‫الراجي له محقو ً‬
‫له مؤمل ً للمام يوم يقوم الناس لرب العالمين‪.‬‬
‫فيا من صحيفتها من الطاعات خاوية‪ ،‬وبكبار الذنوب حاوية‪ ،‬هلمي‬
‫في ركاب العابدات الصالحات سيري‪ ،‬وإل فإن الهاوية مصير كل‬
‫غاوية‪.‬‬
‫هيا جددي العهد مع ربك‪ ،‬فإن العمر قصير‪ ،‬والطريق إلى الخرة‬
‫ون عليك الطويل إحسانك في القصير‪.‬‬ ‫طويل‪ ،‬ويه ّ‬
‫هلمي جددي العهد مع الصالحات العابدات‪ ،‬وابتعدي عن الطالحات‬
‫الغافلت‪.‬‬

‫‪ُ ‬أسس اختيار الزوج ‪‬‬


‫]*[ ‪‬مما عمت به البلوى في هذا الزمان التساهل في اختيار‬
‫الزوج ‪:‬‬
‫فكما أن السلم أمر الخاطب أن يتحرى الدقة في اختيار الزوجة‬
‫وجعل لذلك شروطا ينبغي التزامها لتكوين السرة المسلمة ‪،‬‬
‫كذلك فإن اختيار الزوج الصالح مسئولية مشتركة بين المرأة أو‬
‫الفتاه ووليها‪ ،‬فاختيار الزوج حق للمرأة فينبغي أن تحسن الختيار‬
‫ول تتساهل في هذا المر ‪ ،‬لن الله عّز وجل كرم المرأة وجعلها‬
‫شقيقة للرجل في الحقوق والواجبات بنص السنة الصحيحة كما‬
‫في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن النساء شقائق الرجال ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن الجوزي رحمه الله ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪57‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إن النساء شقائق الرجال فكما أن الرجل تعجبه المرأة فكذلك‬
‫الرجل يعجب المرأة فقد صار من حق المرأة أن تختار الرجل الذي‬
‫ستقاسمه حياته وتظل تحت سلطانه بقية عمرها ‪.‬‬
‫وعلى الولي أن يختار لكريمته فل يزوجها إل لمن له دين وخلق‬
‫حها‬ ‫سَر َ‬ ‫وشرف وحسن سمت فإن عاشرها عاشرها بمعروف وإن َ‬
‫حها بإحسان ‪.‬‬ ‫سَر َ‬ ‫َ‬
‫]*[ قال الغزالي في ) الحياء (‬
‫والحتياط في حقها أهم لنها رقيقة بالنكاح ل مخلص لها ‪،‬‬
‫والزوج قادر على الطلق بكل حال ‪.‬‬
‫]*[ قالت عائشة ) رضي الله عنها(‬
‫رق فلينظر أحدكم أين يضع كريمته ‪.‬‬ ‫النكاح ِ‬
‫ومن هنا وجب على الولي وعلى المرأة أن يتخيرا طيبا أصيل ً ‪.‬‬
‫ل للحسن بن علي ‪ :‬إن لي بنتا ً فمن ترى أن أزوجها له‬ ‫]*[ قال رج ٌ‬
‫؟ قال‪ :‬زوجها ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم‬
‫يظلمها ‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن هنا وجب على الولي وعلى المرأة أن يتخيرا زوجا طيبا أصيل ً‬
‫وللمرأة حق في أن تختار الرجل الذي ستقاسمه حياته وتظل تحت‬
‫سلطانه بقية عمرها‪.‬‬
‫وعلى الولي أن يختار لكريمته فل يزوجها إل لمن له دين وخلق‬
‫وشرف وحسن سمت فإن عاشرها عاشرها بمعروف وإن سرحها‬
‫سرحها بإحسان ‪.‬‬
‫ول يتساهل في تزويجها من عاص أو فاسق أو تارك للصلة أو‬
‫مبتدعا أو شارب خمر أو صاحب وظيفة مشبوهة أو يملك الموال‬
‫الكثيرة دون دين فإن فعل ذلك فقد جني على دينها وتعرض‬
‫لسخط الله وكانت فتنة في الرض وفساد كبير من قطع للرحام ‪،‬‬
‫وإن يخرج من صلب هذا الرجل من ل يعرفون لله حقا فيتجرءون‬
‫على معاصي الله تعالي فينتشر الفساد في الرض ‪.‬‬
‫وصدق الحبيب ‪ ‬حيث بين أن المسلمين إذا لم يزوجوا بناتهم‬
‫لمن يرضون دينه وخلقه تكن فتنة في الرض وفساد عريض كما‬
‫في الحديث التي ‪ :‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (‬
‫ه‬
‫ن ِدين َ ُ‬‫و َ‬ ‫ض ْ‬‫ن ت َْر َ‬
‫م ْ‬
‫م َ‬‫ب إل َي ْك ُ ْ‬ ‫خط َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل الله ‪» : r‬إ َ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ل‪ :‬قا َ‬ ‫قا َ‬
‫ض«‪.‬‬‫ري ٌ‬ ‫سادٌ ع ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ضو َ‬ ‫ة في الْر ِ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫عُلوا ت َك ُ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫ه‪ .‬إل ّ ت َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫جو ُ‬
‫و ُ‬‫فَز ّ‬‫ه‪َ ،‬‬ ‫خل ُ َ‬
‫ق ُ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫]*[ ‪‬فما هي الصفات التي ينبغي أن تتوفر في شريك الحياة‬
‫ورفيق العمر والذي ستسلمينه رايتك وتبايعينه على قيادة سفينة‬
‫حياتك وستكونين معه يأخذ بيدك في ضروب الحياة حتى تسمعا‬
‫معا ً أدخلوها بسلم آمنين ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪58‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إن حسن الختيار هو البوابة الولى التي تدخلين منها إما إلى‬
‫السكن والمودة والرحمة وإما إلى الشقاق وعدم الوفاق ‪.‬‬
‫سس اختيار الزوج ؟‬ ‫ُ‬
‫فما أ ُ‬
‫ة وتفصيل ً ‪:‬‬
‫سس اختيار الزوج جمل ً‬ ‫ُ‬
‫هاك أ ُ‬
‫ة‪:‬‬‫سس اختيار الزوج جمل ً‬ ‫ُ‬
‫‪‬أ ُ‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)‪ (1‬أن يكون صاحب دين ‪:‬‬
‫)‪ (2‬أن يكون حامل ً لقدر من كتاب الله عّز وج ّ‬
‫ل‪:‬‬
‫)‪ (3‬أن يكون من بيئة كريمة ‪:‬‬
‫)‪ (4‬أن يكون رفيقا ً لطيفا ً بأهله ) حسن الخلق( ‪:‬‬
‫)‪ (5‬أن يكون مستطيعا ً للباءة بنوعيها ) وهي القدرة على الجماع‬
‫وعلى مؤن الزواج وتكاليف المعيشة(‬
‫)‪ (6‬أن يكون قويا ً أمينا ً ‪:‬‬
‫)‪ (7‬أن يكون كفؤا ً ‪:‬‬
‫سس اختيار الزوج تفصيل ً ‪:‬‬ ‫ُ‬
‫‪‬أ ُ‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)‪ (1‬أن يكون صاحب دين ‪:‬‬
‫َ‬
‫م ( ] البقرة‬ ‫جب َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ك َ‬ ‫ر ٍ‬‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫عب ْدٌ ّ‬‫ول َ َ‬‫لقوله تعالى ) َ‬
‫‪[ 221‬‬
‫فالزوج صاحب الدين هو الذي إذا أحب زوجته أكرمها وإن كرهها‬
‫لم يظلمها ‪..‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (‬
‫ه‪،‬‬ ‫خل ُ َ‬
‫ق ُ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬‫ن ِدين َ ُ‬ ‫و َ‬‫ض ْ‬ ‫ن ت َْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب إل َي ْك ُ ْ‬
‫خط َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل الله ‪» :r‬إ َ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ل‪ :‬قا َ‬ ‫قا َ‬
‫ض«‪.‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫سادٌ ع ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ضو َ‬ ‫ة في الْر ِ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬‫ن ِ‬ ‫عُلوا ت َك ُ ْ‬ ‫ف َ‬‫ه‪ .‬إل ّ ت َ ْ‬
‫جو ُ‬ ‫و ُ‬
‫فَز ّ‬ ‫َ‬
‫فصاحب الدين ل يظلم إذا غضب ول يهجر بغير سبب ول يسئ‬
‫معاملة زوجته ول يكون سببا ً في فتنة أهله عن طريق إدخال‬
‫المنكرات وآلت اللهو في البيت بل يعمل بقول النبي ‪ " ‬خيركم‬
‫خيركم لهله وأنا خيركم لهلي "‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫م لهلي‪.‬‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫وأ ََنا َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫م لَ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬‫» َ‬
‫فينبغي لولي المرأة أن ينظر في دين الرجل وأخلقه لن المرأة‬
‫ظالم أو تاركا ً للصلة‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ها ول ّّيها ِ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫تصير بالنكاح مرقوقة ومتى َز َ‬
‫أو فاسقا ً أو مبتدعا ً أو شارب خمر أو مخدرات فقد جنى على‬
‫دينها وتعرض لسخط الله لنه كان سبب لقطع الرحم بسبب سوء‬
‫الختيار ‪.‬‬
‫وجها ؟‬ ‫‪ -‬قال رجل للحسن ‪ :‬قد خطب ابنتي جماعة فمن أز ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪59‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫من يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬م ّ‬
‫]*[ قال القرطبي في ) تفسير قوله تعالى (‬
‫ن (] القصص ‪[ 27/‬‬ ‫ح َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫هات َي ْ ِ‬
‫ي َ‬ ‫دى اب ْن َت َ ّ‬
‫ح َ‬
‫ك إِ ْ‬ ‫ن أنك ِ َ‬
‫ريدُ أ ْ‬ ‫) إ ِّني أ ِ‬
‫وقد جاء موسى إلى صالح مدين غريبا ً طريدا ً خائفا ً وحيدا ً جائعا ً‬
‫عريانا ً فأنكحه ابنته لما تحقق من دينه ورأى من حاله وأعرض عما‬
‫سوى ذلك ‪.‬‬
‫‪‬فمما ل شك فيه أن التساهل في عدم الهتمام بتدين الخاطب‬
‫أساس الضياع والشقاء في الدنيا والخرة ‪.‬‬
‫فينبغي الحرص على صاحب الدين وإن كان فقيرا ً‬
‫) حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه الثابت في صحيح‬
‫ل عنده جالس‬ ‫مّر رجل على النبي ‪ ‬فقال لرج ٍ‬ ‫البخاري ( قال‪َ ":‬‬
‫ما رأيك في هذا ؟‬
‫ح‬‫ي إن خطب أن ُينك َ‬ ‫ف الناس هذا والله حر ٌ‬ ‫ل من أشرا ِ‬ ‫فقال ‪ :‬رج ٌ‬
‫ع أن ُيشفع‬ ‫وإن شف َ‬
‫ل آخُر فقال له رسول الله ‪ : ‬ما‬ ‫فسكت رسول الله ‪ ‬ثم مّر رج ٌ‬
‫رأيك في هذا ؟‬
‫)‪(8‬‬
‫ي‬
‫ل من فقراء المسلمين هذا حر ٌ‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله هذا رج ٌ‬
‫إن خطب أن ل ُينكح وإن شفع أن ل ُيشفع وإن قال ل ُيسمع‬
‫ء الرض مثل هذا‬ ‫لقوله ‪ ،‬فقال رسول الله ‪ : ‬هذا خيٌر من مل ِ‬
‫"‪.‬‬
‫)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال ‪:‬أتت النبي‬
‫امرأة فقالت‪ :‬إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ‪ ،‬فقال‪) :‬ما لي‬
‫في النساء من حاجة(‪ .‬فقال رجل‪ :‬زوجنيها‪ ،‬قال‪) :‬أعطيها ثوبا(‪.‬‬
‫قال‪ :‬ل أجد‪ ،‬قال‪) :‬أعطها ولو خاتما من حديد(‪ .‬فاعتل له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ها بما‬ ‫جت ُك َ َ‬
‫و ْ‬
‫)ما معك من القرآن(‪ .‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬قال‪) :‬فقد َز َ‬
‫معك من القرآن(‪.‬‬
‫]*[ وانظر لحرص السلف على اختيار الزوج صاحب الدين وإن كان‬
‫فقيرا ً ‪:‬‬
‫]*[ ‪‬فها هو سعيد بن المسيب وهو سيد التابعين وأكثرهم علما ً‬
‫وفقها ً كانت له ابنة من أحسن النساء وأكثرهن أدبا ً وعلما ً‬
‫وأعلمهن بكتاب الله وسنة رسوله ‪ ‬فخطبها الخليفة الموي عبد‬
‫الملك بن مروان لبنه الوليد بن عبد الملك ابن سعيد ولكن سعيد‬
‫ى أن ُيزوجه إياها وزوجها لتلميذ من تلمذته ) وهو‬ ‫بن المسيب أب َ‬
‫كثير بن أبي وداعة (‬

‫حري ‪ :‬أي حقيقة ‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪8‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪60‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وكان فقيرا ً فأرسل إليه بخمسة الف درهم وقال استنفق هذه‬
‫فلما جاء الصباح أراد كثير بن وداعة الخروج إلى حلقة سعيد بن‬
‫المسيب‬
‫فقالت له ‪ :‬إلى أين ؟‬
‫قال ‪ :‬إلى حلقة سعيد أتعلم العلم‬
‫فقالت ‪ :‬اجلس أعلمك علم سعيد بن المسيب فجلس فعلمته‬
‫فانظر كيف فضل سعيد العبد التقي على الجبار الغني ‪ ،‬وأن هذا‬
‫العبد التقي يعرف حقها ويرعى حق الله فيها ‪.‬‬
‫]*[ وها هو ثابت بن إبراهيم‬
‫يمر على بستان من البساتين وكان قد جاع حتى أعياه الجوع‬
‫فوجد تفاحة ساقطة منه فأكل منها النصف ثم تذكر أنها ل تحل له‬
‫إذ ليست من حقه ‪ ،‬فدخل البستان فوجد رجل ً جالسا ً‬
‫فقال ‪ :‬أكلت نصف تفاحة فسامحني فيما أكلت وخذ النصف الخر‬
‫فقال الرجل ‪ :‬أما إني ل أملك العفو ولكن أذهب إلي سيدي‬
‫فالبستان ملك له‬
‫فقال ‪ :‬أين هو ؟ ‪ ،‬قال ‪ :‬بينك وبينه مسيرة يوم وليلة‬
‫فقال ‪ :‬لذهبن إليه مهما كان الطريق بعيدا ً لن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫سحت فالنار أولى به " ‪.‬‬ ‫" كل لحم نبت من ُ‬
‫) حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع (‬
‫سحت فالنار أولى به " ‪.‬‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ " :‬كل لحم نبت من ُ‬
‫ص عليه‬
‫حتى وصل إلى صاحب البستان فلما دخل عليه وق ّ‬
‫القصص قال صاحب البستان‪:‬‬
‫والله ل أسامحك إل بشرط واحد فقال ثابت ‪ :‬خذ لنفسك ما‬
‫رضيت من الشروط‬
‫مقعدة‬ ‫فقال ‪ :‬تتزوج ابنتي ولكن هي صماء عمياء بكماء ُ‬
‫خطبتها وسأتاجر فيها مع ربي ثم أقوم‬ ‫فقال ثابت ‪ :‬قبلت ِ‬
‫بخدمتها وتم عقد الزواج‬
‫فدخل ثابت ل يعلم هل ُيلقي السلم عليها أم يسكت لكنه آثر‬
‫إلقاء السلم لترد عليه الملئكة‬
‫فلما ألقى السلم وجدها ترد السلم عليه بل وقفت وسلمت عليه‬
‫بيدها‬
‫فعلم أنها ليست كما قال الب فسألها فقالت‪ :‬إن أبي أخبرك‬
‫بأني عمياء فأنا ‪:‬‬
‫عمياء عن الحرام فل تنظر عيني إلى ما حرم الله‬
‫صماء من كل ما ل يرضي الله‬
‫بكماء لن لساني ل يتحرك إل بذكر الله‬
‫مقعدة لن قدمي لم تحملني إلي ما ُيغضب الله‬ ‫ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪61‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ونظر ثابت إلى وجهها فكأنه القمر ليلة التمام ‪ ،‬ودخل بها وأنجب‬
‫منها مولودا ً مل طباق الرض علما ً إنه الفقيه أبو حنيفة النعمان‬
‫فمن نسل الورع جاء الفقيه‬
‫ل‪:‬‬‫)‪ (2‬أن يكون حامل ً لقدر من كتاب الله عّز وج ّ‬
‫فلقد كان أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة ) ذلك الصحابي المهاجري‬
‫( من أوائل المهاجرين والمسلمين وأبو عتبة وعمه شيبه وأخوه‬
‫الوليد بن عتبة كانوا جميعا ً من أسياد مكة وأغنيائها إل أن أبا‬
‫وج أخته )هند( من ) سالم موله( سالم مولى أبي حذيفة‬ ‫حذيفة ز ّ‬
‫لنه كان واحدا ً من حفظة القرآن ليهدم كل أصل من أصول‬
‫الجاهلية ويعلن بداية فجر جديد من المساواة التي ل تعترف‬
‫بالفوارق إل بالتقي والعمل الصالح فالكل عبيد في مملكة الله‬
‫تعالي‪.‬‬
‫)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال ‪:‬أتت النبي‬
‫امرأة فقالت‪ :‬إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ‪ ،‬فقال‪) :‬ما لي‬
‫في النساء من حاجة(‪ .‬فقال رجل‪ :‬زوجنيها‪ ،‬قال‪) :‬أعطيها ثوبا(‪.‬‬
‫قال‪ :‬ل أجد‪ ،‬قال‪) :‬أعطها ولو خاتما من حديد(‪ .‬فاعتل له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫كها بما‬‫جت ُ َ‬
‫و ْ‬
‫)ما معك من القرآن(‪ .‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬قال‪) :‬فقد َز َ‬
‫معك من القرآن(‪.‬‬
‫)‪ (3‬أن يكون من بيئة كريمة ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫" الناس معادن كمعادن الذهب والفضة ‪ ،‬خيارهم في الجاهلية‬
‫خيارهم في السلم إذا فقهوا "‪.‬‬
‫)‪ (4‬أن يكون رفيقا ً لطيفا ً بأهله ) حسن الخلق( ‪:‬‬
‫) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم‬
‫( أن زوجها طلقها ثلثا ً فلم يجعل لها رسول الله ‪ ‬سكنى ول‬
‫نفقة قالت‪ :‬قال لي رسول الله ‪ : ‬إذا حللت فآذنيني فآذنته‬
‫فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله ‪: ‬‬
‫أما معاوية فرجل ترب ل مال له وأما أبو جهم فرجل ضّراب‬
‫للنساء ولكن أسامة بن زيد‬
‫فقالت ‪ :‬بيدها هكذا أسامة أسامة‬
‫فقال لها رسول الله ‪ : ‬طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت‬
‫فتزوجته فاغتبط "‪.‬‬
‫الشاهد ‪ :‬قوله ‪) ‬وأما أبو جهم فرجل ضّراب للنساء( فحذرها‬
‫النبي ‪ ‬من أن تتزوج من أبي جهم لنه ضّراب للنساء ‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫م لهلي‪.‬‬ ‫وأ ََنا َ‬
‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫م لَ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫» َ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪62‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ جاء في كتاب ) تحفة العروس ص ‪(77‬‬
‫أن أعرابية تقدم لخطبتها شاب فأعجبها جماله ولم تهتم بأخلقه‬
‫وسلوكه فنصحها والدها بعدم صلحه ‪ ،‬فلم ترضى فأكد عليها عدم‬
‫قبوله فرفضت وأخيرا ً تزوجته ‪ ،‬وبعد شهر من زواجها زارها أبوها‬
‫في دارها فوجد جسمها عليه علمات الضرب من زوجها فتغافل‬
‫عنه‬
‫وسألها ‪ :‬كيف حالك يا ُبنيتي ؟‬
‫فتظاهرت بالرضا فقال لها أبوها وما هذه العلمات التي في‬
‫جسدك ؟‬
‫فبكت ونحبت طويل ً ثم قالت‪ :‬ماذا أقول لك يا أبتاه ؟‬
‫حسن‬ ‫إني عصيتك واخترته دون أن أهتم بمعرفة الخلق و ُ‬
‫المعاملة‬
‫ً‬
‫)‪ (5‬أن يكون مستطيعا للباءة بنوعيها ) وهي القدرة على الجماع‬
‫وعلى مؤن الزواج وتكاليف المعيشة(‬
‫فلقد قال النبي ‪ ‬لفاطمة بنت قيس كما في صحيح مسلم ‪:‬‬
‫" أما معاوية فصعلوك ل مال له "‪.‬‬
‫ولقد حث النبي ‪ ‬الشباب على الزواج عند استطاعتهم الباءة‬
‫)حديث أبي ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال‪:‬‬
‫يا معشر الشباب ! من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬
‫للبصر و أحصن للفرج و من لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء‬
‫‪.‬‬
‫]*[ قال الشوكاني في ) نيل الوطار(‬
‫نقل ً عن الخطابي قوله ‪ :‬المراد بالباءة ) النكاح (‬
‫]*[قال النووي رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫أختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين يرجعان إلي‬
‫معني واحد ‪:‬‬
‫‪‬أصحهما‬
‫أن المراد معناها اللغوي وهو الجماع فتقديره من أستطاع منكم‬
‫الجماع لقدرته على مؤنة النكاح فليتزوج ومن لم يستطع لعجزه‬
‫عن مؤنته فعليه بالصوم ليدفع شهوته ويقطع شر منيه كما يقطع‬
‫الوجاء ‪.‬‬
‫‪‬والقول الثاني أن المراد بالباءة مؤنة النكاح ‪ ،‬سميت باسم ما‬
‫يلزمها وتقديره من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج ومن لم‬
‫يستطع فليصم ‪.‬‬
‫)‪ (6‬أن يكون قويا ً أمينا ً ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫جْر َ‬
‫ست َأ َ‬
‫نا ْ‬
‫م ِ‬
‫خي َْر َ‬
‫ن َ‬‫جْرهُ إ ِ ّ‬
‫ست َأ ِ‬
‫تا ْ‬‫ما َيا أب َ ِ‬
‫ه َ‬
‫دا ُ‬
‫ح َ‬ ‫قال َ ْ‬
‫ت إِ ْ‬ ‫قال تعالى ‪َ } :‬‬
‫ن { ) القصص‪(26 /‬‬ ‫ي اْل َ ِ‬
‫مي ُ‬ ‫و ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ق ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪63‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فالرجل الغير أمين يضرب المرأة ويهينها فأين هي كلمة الله إذا ً‬
‫فل يحل له أن يضربها بغير جريرة‬
‫ول يحل له أن يهجرها بغير جريرة وينبغي أن يتلطف معها ‪.‬‬
‫وهذا كله داخل تحت المانة ومن يفعل فهو خائن لنه أخذها بكلمة‬
‫الله فهو إما أن يعاشرها بالمعروف أو يسرحها بإحسان ‪.‬‬
‫فالمرأة تبذل مجهود غير طبيعي من تربية الولد وترتيب البيت‬
‫ل أعطاك القوامة وأعطاك من سعة‬ ‫وتعليم الولد والله عّز وج َ‬
‫الصدر لما يسع أربعة نسوة‬
‫فكيف ل تصبر على امرأة واحدة ‪ ......‬إذا ً هناك خلل ‪.‬‬
‫]*[ يقول الشيخ محمد بن إسماعيل المقدم في ) عودة الحجاب‬
‫‪( 357/ 2‬‬
‫يجب على ولي المرأة أن يتقي الله فيمن يزوجها به وأن يراعي‬
‫خصال الزوج فل يزوجها ممن ساء خلقه أو ضعف دينه أو قصر‬
‫عن القيام بحقها‬
‫فإن النكاح يشبه الرق والحتياط في حقها أهم لنها رقيقة‬
‫بالنكاح ل مخلص لها والزوج قادر على الطلق بكل حال ‪ ،‬وأما‬
‫النساء فإنهن عوان عند أزواجهن كما بينته السنة الصحيحة كما‬
‫في الحديث التي ‪:‬‬
‫ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫وب ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫)حديث َ‬
‫ن‬
‫عوا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خيرًا‪ ،‬فإن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أل َ وا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ك‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫غي َْر ذل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ل َي ْ َ‬ ‫دك ْ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫غي َْر‬‫ضْربا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬‫ن في الم َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫فاه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫سائ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن لك ُ ْ‬ ‫ل‪ .‬أل َ إ ّ‬ ‫سِبي ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫غوا‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ُ‬ ‫ن أط ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ح‪َ .‬‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حقا‪َ .‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬
‫طئ َ‬ ‫فل ُيو ِ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫حقك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ساِئك ْ‬ ‫قا‪ .‬وِلن َ‬ ‫َ‬
‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫حق ُ‬ ‫ن‪ .‬أل َ و َ‬ ‫هو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ن ول َ ي َأذَ ّ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫فُرشك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫هن«‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن وط َ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫في ك ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ن ُتح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫فالمرأة عند زوجها تشبه السير والرقيق فليس لها أن تخرج من‬
‫منزله إل بإذنه سواء أمرها أبوها أو أمها أو غير أبويها باتفاق‬
‫الئمة ‪.‬‬
‫)‪ (7‬أن يكون كفؤا ً ‪:‬‬
‫ومعنى الكفاءة ‪ :‬المساواة والمماثلة‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ ":‬المسلمون تتكافأ دماؤهم "‬
‫خطاب في الكفاءة المعتبرة بين الزوجين ‪:‬‬ ‫]*[ فصل ال ِ‬
‫الكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي الكفاءة في الدين‬
‫بل هي شرط في صحته باتفاق أهل العلم فل يجوز للمرأة أن‬
‫تتزوج كافرا ً بالجماع ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪64‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وكذلك ل ينبغي للمسلم أن ُيزوج موليته الصالحة من رجل فاسق‬
‫فقد قال تعالي ‪:‬‬
‫ن‬‫ت ِللطّي ِّبي َ‬ ‫والطّي َّبا ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ل ِل ْ َ‬
‫خِبيَثا ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫خِبيُثو َ‬ ‫ن َ‬‫خِبيِثي َ‬ ‫ت ل ِل ْ َ‬
‫خِبيَثا ُ‬ ‫) ال ْ َ‬
‫ت ( ] النور‪[ 26 /‬‬ ‫ن ِللطّي َّبا ِ‬ ‫والطّي ُّبو َ‬ ‫َ‬
‫وإن كان هذا ل يشترط في صحة العقد إل أنه من الهمية بمكان ‪.‬‬
‫فإن الرجل يدفع بموليته إلى فاسق ويقدمه على صاحب الدين‬
‫ويكون الدافع لذلك إما لكثرة ماله وإما لمنصبه وربما كانوا أصحاب‬
‫مضيعون‬ ‫لو ُ‬ ‫عرضون عن طاعة الله عّز وج ّ‬ ‫م ِ‬ ‫وظائف محرمة و ُ‬
‫ل عن تضيعهم‬ ‫أوامره وهؤلء الولياء سُيسألون أمام الله عّز وج ّ‬
‫لبناتهم‪.‬‬
‫) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن الله‬
‫تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى‬
‫يسأل الرجل عن أهل بيته ‪.‬‬
‫فالكفاءة المعتبرة بين الزوجين هي الكفاءة في الدين وليس‬
‫الفقر عيبا ً ي ُّردّ به الزواج ‪.‬‬
‫معقبا ً على قصة موسى ‪ ‬مع صالح‬ ‫]*[ قال القرطبي معلقا ً و ُ‬
‫مدين ‪:‬‬
‫الكفاءة في النكاح معتبرة واختلف العلماء هل هي في الدين‬
‫والمال والحسب أو في بعض ذلك ‪ ،‬والصحيح جواز نكاح الموالي‬
‫َ‬
‫عندَ الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬‫ن أك َْر َ‬ ‫للعربيات والقرشيات لقوله تعالى ‪} :‬إ ِ ّ‬
‫م{‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫أ َت ْ َ‬
‫وقد جاء موسى ‪ ‬إلى صالح مدين غريبا ً طريدا ً خائفا ً وحيدا ً جائعا ً‬
‫عريانا ً فأنكحه ابنته لما تحقق من دينه ورأى من حاله وأعرض عما‬ ‫ُ‬
‫سوى ذلك‪.‬‬
‫]*[ قال ابن حجر كما في ) فتح الباري ‪(9/1329‬‬
‫واعتبار الكفاءة في الدين متفق عليه فل تحل المسلمة لكافر‬
‫أصل ً ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن القيم كما في ) زاد الميعاد ‪(5/159‬‬
‫والذي يقتضيه الحكم اعتبار الدين في الكفاءة أصل ً وكمال ً فل‬
‫تزوج عفيفة لفاجر ولم يعتد القرآن والسنة في الكفاءة أمرا ً وراء‬
‫ذلك‪.‬‬
‫والدلة على ذلك متوافرة في الكتاب والسنة ‪:‬‬

‫‪ ‬ةةة ةةةةةة ةةةةةةةة‬


‫والطّي ُّبو َ‬
‫ن‬ ‫ت ِللطّي ِّبي َ‬
‫ن َ‬ ‫والطّي َّبا ُ‬
‫فقوله تعالى ‪َ ) :‬‬ ‫‪.1‬‬
‫ت ( ] النور‪[ 26 /‬‬ ‫ّ‬
‫ِللطي َّبا ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪65‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫م(‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أ َت ْ َ‬‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ن أك َْر َ‬
‫َ‬
‫وقوله تعالى ‪ ) :‬إ ِ ّ‬ ‫‪.2‬‬
‫] الحجرات‪[ 13 /‬‬
‫‪‬وأما الدلة النبوية‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي (‬
‫ه‬
‫ن ِدين َ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ض ْ‬‫ن ت َْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب إل َي ْك ُ ْ‬ ‫خط َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ل الله ‪» : r‬إ َ‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ل‪ :‬قا َ‬ ‫قا َ‬
‫ض«‪.‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫سادٌ ع ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ضو َ‬ ‫ة في الْر ِ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫عُلوا ت َك ُ ْ‬ ‫ف َ‬‫ه‪ .‬إل ّ ت َ ْ‬ ‫جو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫فَز ّ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ق ُ‬‫خل ُ َ‬
‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ل للحسن بن علي ‪ :‬إن لي بنتا فمن ترى أن أزوجها له‬ ‫ً‬ ‫]*[ قال رج ٌ‬
‫؟ قال‪ :‬زوجها ممن يتقي الله فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم‬
‫يظلمها‪.‬‬
‫]*[ وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها ‪ :‬النكاح رقٌ فلينظر‬
‫أحدكم عند من يسترق كريمته‪.‬‬
‫]*[ لكن ُيستحب لولياء المرأة النظر بعين العتبار إلى الكفاءة‬
‫في بعض المور ) بجانب الدين ( والتي تناسب المرأة وحتى‬
‫شقاق لوجود فوارق مالية‬ ‫تستمر الحياة الزوجية ول يحدث ُنفرة و ِ‬
‫أو علمية أو اجتماعية أو ما شاكل ذلك ‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال إذا تزوجت طبيبة ) مديرة مستشفى مثل ً (‬
‫مستشفى ) ول شك أن هذا حلل وجائز (‬ ‫بعامل نظافة في تلك ال ُ‬
‫ل ونفور من مثل هذه الزوجة على الزوج في‬ ‫فسيحدث نشوز وتعا ٍ‬
‫غالب الحوال‬
‫كذلك إذا كانت المرأة أكثر مال ً أو تعمل وتنفق في البيت‬
‫فسيفقد الرجل جزءا ً من القوامة ول يستطيع أن يسيطر عليها‬
‫قلة الوازع الديني في هذا الزمان ‪.‬‬ ‫وخصوصا ً مع ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع َ‬ ‫ه بَ ْ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬‫ف ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ساء ب ِ َ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ق ّ‬‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫قال تعالى ‪ ):‬الّر َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ما َأن َ‬
‫م ( ] النساء ‪[ /34‬‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫وب ِ َ‬‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫َ‬
‫فقوامة الرجل على المرأة تكمن في شيئين‪:‬‬
‫خلقته‬ ‫أحدهما ‪ :‬شيء جبلي ) وهي ما أختص الله به الرجل في ِ‬
‫حيث أن الرجل أرجح عقل ً وأكمل دينا ً من المرأة (‬
‫الثاني‪ :‬شيء خارج وهو النفاق من الموال سواء كان في‬
‫الصداق أوفي النفاق على البيت ‪.‬‬
‫فبهذين تتم القوامة وتتحقق فإذا أختل أحدهما أختلت القوامة ‪.‬‬
‫ذ أنه‬ ‫فإذا كانت المرأة هي التي تنفق على البيت فل شك حينئ ٍ‬
‫سيكون لها نصيب من القوامة مما ُيحدث مشاكل في البيت وهذا‬
‫في الغالب ‪...‬‬
‫وكذلك فالطبيبة ل يحسن بحال أن تتزوج القهوجي والسمكري‬
‫ذاء ) مع احترامنا لصحابها وهذا ليس تقليل ً من‬ ‫مي والح ّ‬ ‫والصّر َ‬
‫خلقي‬ ‫شأنهم ( وهذا ل يكون في الغالب لختلف المستوى ال ُ‬
‫والعلمي ول تقبل وهي صاحبة المنصب والجاه والمال والعلم أن‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪66‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫تخضع لمن تفوقت عليه علميا ً وماليا ً وأخلقيا ً وتربويا ً ‪ ،‬وإن‬
‫صلب‬ ‫خضعت في مبادئ الزواج فستتضح صورتها عند الشدائد ال ِ‬
‫صعاب ‪.‬‬ ‫والمشكلت ال ِ‬
‫وبهذا يتضح لنا مما سبق أنه يستحب لنا النظر بعين العتبار إلى‬
‫الكفاءة في باقي المر وإن كان هذا ليس شرطا ً في صحة النكاح‬
‫شقاق وهناك‬ ‫إل أنه أساسا ً في استمرار الحياة وعدم الُنفرة وال ِ‬
‫أدلة تشهد لما نقول ‪:‬‬
‫) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم‬
‫( أن زوجها طلقها ثلثا ً فلم يجعل لها رسول الله ‪ ‬سكنى ول‬
‫نفقة قالت‪ :‬قال لي رسول الله ‪ : ‬إذا حللت فآذنيني فآذنته‬
‫فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله ‪: ‬‬
‫أما معاوية فرجل ترب ل مال له وأما أبو جهم فرجل ضّراب‬
‫للنساء ولكن أسامة بن زيد ‪ ،‬فقالت ‪ :‬بيدها هكذا أسامة أسامة‬
‫فقال لها رسول الله ‪ : ‬طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت‬
‫فتزوجته فاغتبط "‪.‬‬
‫الشاهد ‪ " :‬أنها جاءت تستشير النبي ‪ ‬وقد خطبها معاوية وأبو‬
‫جهم ) ول شك أن الكفاءة من حيث الدين هنا موجودة فضل ً عن‬
‫شرف الصحبة ( ولكن النبي ‪ ‬قال لها ‪:‬‬
‫" أما معاوية فصعلوك ل مال له وأما أبو جهم فضّراب للنساء "‪.‬‬
‫]*[ ونقل النووي في ) روضة الطالبين ‪: (7/183‬‬
‫رأى الشافعي أن الشيخ ل يكون كفؤا ً للشابة على الصح ) وقلنا‬
‫وفاق بين شيخ‬ ‫من قبل أن هذا ليس شرطا ً ( فكيف سيكون هناك ِ‬
‫فاني له عادات وتقاليد غير عادات عصر الفتاة بل وقدرات تقل‬
‫عن الوفاء بحاجاتها من الناحية الجنسية ‪ ،‬والله تعالى يقول‪:‬‬
‫ف ( ] البقرة ‪[ 228 /‬‬ ‫عُرو ِ‬
‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬
‫ه ّ‬ ‫ذي َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫مث ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫) َ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ ":‬ل تنكح البكر حتى ُتستأذن ول الثيب حتى ُتستأمر "‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫م حتى ُتستأمر ول ُتنكح البكر حتى ُتستأذن‬ ‫‪ r‬قال ‪ ":‬ل ُتنكح الي ُ‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول الله وكيف إذنها ؟قال ‪ :‬أن تسكت "‪.‬‬
‫‪‬ومما يندى له الجبين أن نجد ولي المرأة يحملها على الزواج من‬
‫ن في السن وليس بينها وبينها أي تكافؤ من أي ناحية‬ ‫ل طاع ٍ‬ ‫رج ٍ‬
‫كية‬‫مب ْ ِ‬‫فكأنما يذبحها بغير سكين ‪ ،‬وهآنذا أسوق ل‪ :‬هذه القصة ال ُ‬
‫ليتضح لك مدى ظلم بعض الباء ممن ل يرعى لبنته حقها وأخذ‬
‫ج ل تريده حمل ً‬ ‫رأيها فيمن تتزوجه بل ويحملها على زو ٍ‬
‫‪ ‬القصة ‪: ‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪67‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نشرت إحدى صحفنا المحلية هذا المقال‪ :‬أقدمت فتاة تبلغ من‬
‫العمر ستة عشر عاما ً على النتحار في محاولة لوضع نهاية لحياتها‬
‫المأساوية والتخلص مما تعانيه من مشاكل حياتية واضطرابات‬
‫نفسية‪.‬‬
‫وجها والدها على عجوز يبلغ من العمر‬ ‫وفي التفاصيل‪ ،‬أن الفتاة ز ّ‬
‫تسعين عاما ً وبعد محاولت عديدة باءت بالفشل أمام رفضها لهذا‬
‫الزواج حيث لم يجد والدها ُبدا ً من زواجها من هذا العجوز قسرًا‪.‬‬
‫وازداد المر سوءًا‪ ،‬وازدادت الفتاة إحباطا ً عندما علمت بعد الزواج‬
‫أن زوجها عقيم ول ينجب وقد طّلق ثلث زوجات قبلها‪ ،‬وفي هذه‬
‫الظروف العصيبة على الفتاة المكلومة لم تمكث سوى شهور حتى‬
‫طلبت الطلق الذي ظفرت به بعد محاولت عديدة‪ ،‬ثم عادت‬
‫لمنزل والدها وهي تحمل اللقب المؤلم )مطلقة(‪.‬‬
‫ولم تجد سوى موجة قوية من الغضب من والدها الذي كان ل يريد‬
‫طلقها من هذا الرجل‪ ،‬عند ذلك حاولت الفتاة وضع نهاية لحياتها‬
‫ولمشاكلها عندما اتجهت صوب أحد البار الملصقة لمنزلهم في‬
‫مساء أحد اليام بعدما خرج الجميع من المزرعة وقبل أن تقذف‬
‫بنفسها في قاع تلك البئر التي وقعت على حافتها استطاعت‬
‫والدتها المساك بها ومنعها من البئر قبل الوقوع فيها‪ ،‬انتهى‬
‫الخبر‪.‬‬
‫ولكن المعاني التي حفل بها ل تنتهي‪ ،‬وما هذه إل ضحية واحدة‬
‫وقد نشر أمرها‪ ،‬وإل فكم في البيوت من أنثى مظلومة تبكي‬
‫حقوقها المهضومة وتشتكي إلى ربها‪ ،‬والله تعالى سامع لكل‬
‫شكوى‪ ،‬وهو سبحانه رافع الضر وكاشف البلوى‪ ،‬وكفى به حسيبا ً‬
‫وكفى به وكي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ ‬خلصة ما سبق ‪:‬‬
‫أن الكفاءة في الدين هي الشرط الوحيد في النكاح وأما فيما عدا‬
‫ذلك فليس بشرط ‪ ،‬لكن لكل من الزوجين وأولياء الزوجة الحق‬
‫باختيار من يناسبها ويساويها وتحسن معه العشرة وتتحقق معه‬
‫شقاق‬ ‫دواعي الستقرار والنسجام في السرة وتجنب دواعي ال ِ‬
‫من يناسبها من حيث الحسب‬ ‫والضرر والتنغيص لكنها إن تنازلت ع ّ‬
‫والصنعة والمال ونحو ذلك فزواجها صحيح ل شيء فيه ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬الكفاءة معتبرة في الرجل دون المرأة ‪:‬‬
‫فإذا تزوج الرجل امرأة ليست كفؤا ً له فل غبار عليه لن القوامة‬
‫بيده والولد ُينسبون إليه والطلق بيده ‪ ،‬وقد تزوج النبي ‪ ‬من‬
‫أحياء العرب – ول مكافئ له في دين ول نسب وتّرى بالماء‬
‫)حديث أبي موسى الشعري رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ثلثة لهم أجران‪ :‬رجل من أهل‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪68‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الكتاب‪ ،‬آمن بنبيه وآمن بمحمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬والعبد‬
‫المملوك إذا أدى حق الله وحق مواليه‪ ،‬ورجل كانت عنده أمة‬
‫يطؤها‪ ،‬فأدبها فأحسن أدبها‪ ،‬وعلمها فأحسن تعليمها‪ ،‬ثم أعتقها‬
‫فتزوجها‪ ،‬فله أجران(‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬ويجوز للمرأة أن تعرض نفسها على الرجل الصالح‬
‫ل‬‫وليس في هذا دلي ٌ‬
‫على قلة حياؤها عند من فهم السنة ويجوز كذلك للنسان أن‬
‫يعرض ابنته أو أخته على أهل الصلح والتقوى فإن ذلك من‬
‫السنة ‪.‬‬
‫)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال‪:‬جاءت امرأة إلى رسول‬
‫الله تعرض عليه نفسها‪ ،‬قالت يا رسول الله‪ ،‬ألك بي حاجة ؟‬
‫فقالت بنت أنس ‪ :‬ما أقل حياءك‪ ،‬وسوأتاه ‪ ،‬قال هي خير منك‪،‬‬
‫رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها‪.‬‬
‫) حديث ا بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (‬
‫يحدث‪ :‬أن عمر بن الخطاب‪ ،‬حين تأيمت حفصة بنت عمر من‬
‫خنيس بن حذافة السهمي‪ ،‬وكان من أصحاب رسول الله ‪ ،‬فتوفي‬
‫بالمدينة‪ ،‬فقال عمر ابن الخطاب‪ :‬أتيت عثمان بن عفان‪ ،‬فعرضت‬
‫عليه حفصة‪ ،‬فقال‪ :‬سأنظر في أمري‪ ،‬فلبثت ليالي ثم لقيني‬
‫فقال‪ :‬قد بدا لي أن ل أتزوج يومي هذا‪ .‬قال عمر‪ :‬فلقيت أبا بكر‬
‫الصديق‪ ،‬فقلت‪ :‬إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر‪ ،‬فصمت أبو بكر‬
‫فلم يرجع إلي شيئا‪ ،‬وكنت أوجد عليه مني على عثمان‪ ،‬فلبثت‬
‫ليالي ثم خطبها رسول الله فأنكحتها إياه‪ ،‬فلقيني أبو بكر فقال‪:‬‬
‫لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟‬
‫قال عمر‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك‬
‫فيما عرضت علي‪ ،‬إل أني كنت علمت أن رسول الله قد ذكرها‪،‬‬
‫فلم أكن لفشي سر رسول الله ‪ ،‬ولو تركها رسول الله قبلتها‪.‬‬
‫]*[ فينبغي للمرأة أن تختار صاحب الخلق والدين ولو كان فقيرا ً‬
‫بل إنها لو كانت غنية واختارته لدينه واستعملت مالها له في‬
‫مثابة عند الله ولكان لها أسوة بأم‬‫ل لكانت ُ‬‫الدعوة إلى الله عّز وج ّ‬
‫المؤمنين خديجة بنت خويلد ‪.‬‬
‫‪‬الرجل العالم كفء لكل امرأة‬
‫]*[ قال الشيخ محمد إسماعيل المقدم كما في ) عودة الحجاب‬
‫‪(2/253‬‬
‫أعلم أن الفقهاء الذين تشددوا في اشتراط الكفاءة وتوسعوا فيه‬
‫قالوا ‪ :‬الرجل العالم كفء لكل امرأة مهما كان سنها وإن لم يكن‬
‫له نسب معروف وذلك لن شرف العلم دونه كل نسب وكل‬
‫شرف ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪69‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن(‬‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ن َل ي َ ْ‬ ‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ن يَ ْ‬
‫ذي َ‬‫وي ال ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ) :‬‬
‫] الزمر‪[9 /‬‬
‫ُ‬
‫م‬‫عل ْ َ‬
‫ن أوُتوا ال ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ع الل ّ ُ‬‫ف ِ‬‫وقال تعالى ‪ ) :‬ي َْر َ‬
‫ت ( ] المجادلة ‪[11 /‬‬ ‫جا ٍ‬ ‫دََر َ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ُ r‬‬
‫سئ ِ َ‬
‫ل‪:‬‬
‫" من أكرم الناس ؟ ‪ ،‬فقال ‪ :‬يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن‬
‫إبراهيم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬ليس عن هذا نسألك‬
‫قال ‪ :‬فأكرمهم عند الله اتقاهم ‪ ،‬قالوا ‪ :‬وليس عن هذا نسألك ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬عن معادن العرب خيارهم في الجاهلية خيارهم في‬
‫السلم إذا فقهوا "‪.‬‬

‫خطبة ومسائلها‬
‫‪‬ال ِ‬ ‫]*[‬

‫خطبة ؟‬ ‫مسألة ‪ :‬ما هي ال ِ‬


‫خطبة ‪ :‬بكسر الخاء هي طلب التزوج من المرأة ‪ ،‬فال ِ‬
‫خطبة‬ ‫ال ِ‬
‫طلب الزواج ول ينعقد بها النكاح فتظل المرأة أجنبية عنه حتى‬
‫يعقد عليها‪.‬‬
‫خطبة صيغة معينة؟‬ ‫مسألة ‪ :‬وهل لل ِ‬
‫لم يرد عن الرسول "‪ " ‬أو أحد من أصحابه الكرام "‪ "‬أو أحد‬
‫خطبة بدونه بل تتم‬ ‫الفقهاء تقييد الخطبة بلفظ محدد تبطل ال ِ‬
‫خطبة بأي تعبير يدل على طلب التزويج‪.‬‬ ‫ال ِ‬
‫خطبة؟‬ ‫مسألة ‪ :‬ما حكم ال ِ‬
‫خطبة ليست شرطا ً في صحة النكاح فلو تم بدونها كان صحيحا ً‬ ‫ال ِ‬
‫لكنها في الغالب وسيلة للنكاح‪ .‬فهي سنة مستحبة لقوله تعالي‪:‬‬
‫ء{)البقرة ‪(235‬‬ ‫سا ِ‬‫ة الن ّ َ‬‫خطْب َ ِ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬
‫ه ِ‬
‫ضُتم ب ِ ِ‬
‫عّر ْ‬
‫ما َ‬
‫في َ‬‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ح َ‬ ‫ول َ ُ‬
‫جَنا َ‬ ‫} َ‬
‫ولفعله " ‪ " ‬حيث خطب عائشة بنت أبى بكر " ‪ ،" ‬وخطب‬
‫قم بالمرأة مانع‬‫حفصة بنت عمر " رضي الله عنها " هذا إذا لم ي ْ‬
‫خطبة‪.‬‬ ‫من موانع النكاح وإل لم تجز ال ِ‬
‫مسألة‪ :‬إذا أراد رجل أن يخطب امرأة فممن يخطبها ؟‬
‫يخطبها من ولّيها‪:‬‬
‫عروة بن الزبير رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري (‬ ‫) حديث ُ‬
‫أن النبي " ‪ " ‬خطب عائشة "رضي الله عنها " إلى أبى بكر " ‪" ‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪70‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فقال أبو بكر‪ :‬إنما أنا أخوك‪ .‬فقال " ‪ -:"‬أخي في دين الله و‬
‫كتابه وهى لي حلل"‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬يجوز للولي عرض موليته على أهل الصلح كما فعل‬
‫عمر‪ ‬حين عرض ابنته حفصة" رضي الله عنها " على عثمان ثم‬
‫أبي بكر رضي الله عنهما ‪:‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (‬
‫يحدث‪ :‬أن عمر بن الخطاب‪ ،‬حين تأيمت حفصة بنت عمر من‬
‫خنيس بن حذافة السهمي‪ ،‬وكان من أصحاب رسول الله ‪ ،‬فتوفي‬
‫بالمدينة‪ ،‬فقال عمر ابن الخطاب‪ :‬أتيت عثمان بن عفان‪ ،‬فعرضت‬
‫عليه حفصة‪ ،‬فقال‪ :‬سأنظر في أمري‪ ،‬فلبثت ليالي ثم لقيني‬
‫فقال‪ :‬قد بدا لي أن ل أتزوج يومي هذا‪ .‬قال عمر‪ :‬فلقيت أبا بكر‬
‫الصديق‪ ،‬فقلت‪ :‬إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر‪ ،‬فصمت أبو بكر‬
‫فلم يرجع إلي شيئا‪ ،‬وكنت أوجد عليه مني على عثمان‪ ،‬فلبثت‬
‫ليالي ثم خطبها رسول الله فأنكحتها إياه‪ ،‬فلقيني أبو بكر فقال‪:‬‬
‫لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟‬
‫قال عمر‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك‬
‫فيما عرضت علي‪ ،‬إل أني كنت علمت أن رسول الله قد ذكرها‪،‬‬
‫فلم أكن لفشي سر رسول الله ‪ ،‬ولو تركها رسول الله قبلتها‪.‬‬
‫‪‬قال الحافظ بن حجر تعليقا ً على هذا الحديث كما في ) فتح‬
‫الباري ( ) ‪( 178 / 9‬‬
‫وفي الحديث عرض النسان بنته وغيرها من مولياته على من‬
‫يعتقد خيره وصلحه لما فيه من النفع العائد على المعروض عليه‬
‫وأنه ل استحياء في ذلك ‪ ،‬وفيه أنه ل بأس بعرضها عليه ولو كان‬
‫ذ متزوجا ً ‪ ،‬وهذا المر أيضا ً كان‬‫متزوجا ً لن أبا بكر كان حينئ ٍ‬
‫معهودا ً في شرع من كان قبلنا فها هو شعيب الرجل الصالح يقول‬
‫لموسى ‪ ‬كما جاء في القرءان ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫عَلى أن َتأ ُ‬
‫جَرِني‬ ‫هاَتين َ‬
‫دى ابَنتي َ‬ ‫ح َ‬
‫ك ِإح َ‬ ‫ريدُ أن أنك ِ َ‬
‫ل إِني أ ِ‬ ‫} َ‬
‫قا َ‬
‫جج{‬ ‫ح َ‬
‫ي ِ‬‫ثمان َ‬
‫) القصص ‪( 27/‬‬
‫كما يجوز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح ليتزوجها إذا‬
‫أمنت الفتنة ‪ ،‬كما حدث في قصة الواهبة وعرضها نفسها على‬
‫النبي ‪ ‬والحديث عند البخاري ومسلم ‪ " ،‬باب عرض المرأة‬
‫نفسها على الرجل الصالح من حديث سهل بن سعد التي ‪:‬‬
‫)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال ‪:‬أتت النبي‬
‫امرأة فقالت‪ :‬إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ‪ ،‬فقال‪) :‬ما لي‬
‫في النساء من حاجة(‪ .‬فقال رجل‪ :‬زوجنيها‪ ،‬قال‪) :‬أعطيها ثوبا(‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪71‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قال‪ :‬ل أجد‪ ،‬قال‪) :‬أعطها ولو خاتما من حديد(‪ .‬فاعتل له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫)ما معك من القرآن(‪ .‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬قال‪) :‬فقد زوجتكها بما‬
‫معك من القرآن(‪.‬‬
‫)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال‪:‬جاءت امرأة إلى رسول‬
‫الله تعرض عليه نفسها‪ ،‬قالت يا رسول الله‪ ،‬ألك بي حاجة ؟‬
‫فقالت بنت أنس‪ :‬ما أقل حياءك‪ ،‬واسوأتاه‪ ،‬قال هي خير منك‪،‬‬
‫رغبت في النبي فعرضت عليه نفسها‪.‬‬
‫ن؟‬ ‫خطبته ّ‬ ‫مسألة ‪ :‬هل هناك من النساء من ل يجوز ِ‬
‫ن‪-:‬‬ ‫خطبته ّ‬ ‫‪‬نعم هناك أنواع ثلث ل يجوز ِ‬
‫أول ً ‪ :‬المحرمات من النساء‪.‬‬
‫عتدة‪.‬‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬المرأة الم ُ‬
‫ثالثا ً ‪ :‬المخطوبة للغير‪.‬‬
‫‪‬أول ً ‪ :‬المحرمات من النساء‪:‬‬
‫مقدمة‬ ‫وسواء كان هذا التحريم على التأييد أو التأقيت لن الخطبة ُ‬
‫إلى النكاح وما دام النكاح ممنوع فتكون الخطبة كذلك‪.‬‬
‫معتدة )في فترة العدة(‪:‬‬ ‫‪‬ثانيا ً ‪ :‬المرأة ال ُ‬
‫معتدة على التفصيل التي ‪:‬‬ ‫حكم خطبة المرأة ال ُ‬
‫ق رجعي فإنه يحرم خطبتها تصريحا ً‬ ‫)‪ (1‬إن كانت المعتدة من طل ٍ‬
‫وتعريضا ً لنها مازالت زوجة ‪.‬‬
‫ق بائن أو من وفاة يحرم خطبتها‬ ‫)‪ (2‬وإن كانت معتدة من طل ٍ‬
‫تصريحا ً ويجوز تعريضا ً‬
‫ن‬‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ضت ُ ْ‬
‫عّر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ح َ‬ ‫ول َ ُ‬
‫جَنا َ‬ ‫‪ ،‬والدليل قوله تعالى‪َ }} :‬‬
‫ما‬‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ح َ‬ ‫جَنا َ‬‫ول َ ُ‬‫ء{{ ]البقرة‪ ، [235 :‬فقوله‪َ } :‬‬ ‫سا ِ‬‫ة الن ّ َ‬ ‫خطْب َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ء{{ مفهومه عليكم جناح إذا صّرحتم‪.‬‬ ‫سا ِ‬‫ة الن ّ َ‬ ‫خطْب َ ِ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫م بِ ِ‬
‫ضت ُ ْ‬‫عّر ْ‬‫َ‬
‫) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم‬
‫دى عند ابن أم‬ ‫( أن النبي ‪ r‬قال لها لما طلقها زوجها ثلثا ً ‪ :‬اعت ّ‬
‫مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك فإذا حللت فآذنيني"‬
‫وفي لفظ "ل تسبقينى بنفسك"‪ .‬وعند أبى داود بلفظ "ل تفوتينا‬
‫بنفسك"‪.‬‬
‫]*[ وقال النووي رحمه الله تعالى ‪-:‬‬
‫وفيه جواز التعريض بخطبة البائن وهو الصحيح عندنا‪.‬‬
‫معتدة‬ ‫ولن هذه المرأة ل تجوز رجعتها إلى مطلقها كما ل يمكن لل ُ‬
‫معتدة‬ ‫من وفاة زوجها أن تعود إليه فهما في معنى واحد بخلف ال ُ‬
‫من طلق رجعى‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هو التصريح في الخطبة وما هو التعريض؟‬
‫التصريح ‪ :‬ما ل يحتمل غير الزواج مثل زوجيني نفسك ‪ ،‬أطلبك‬
‫للزواج‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪72‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫التعريض ‪ :‬ما يحتمل غير الزواج مثل أن يقول لها‪ :‬والله إن امرأة‬
‫مثلك غنيمة‪ ،‬أو‪ :‬إذا انقضت العدة فأخبريني‪ ،‬أو‪ :‬أم العيال كبرت‬
‫وأنا محتاج لزوجة‪ ،‬أو ما أشبه ذلك‪،‬‬
‫ن مخطوبة الغير ‪-:‬‬ ‫خطبته ّ‬ ‫ثالثًا‪ :‬ومن النساء اللتي ل تجوز ِ‬
‫ل لغيره أن يتقدم ليخطبها على‬ ‫إذا خطب المسلم امرأةً فل يح ّ‬
‫خطبة أخيه‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪" :‬إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ول تجسسوا ول‬
‫خطبة‬ ‫تحسسوا ول تباغضوا وكونوا إخوانا ول يخطب أحدكم على ِ‬
‫أخيه حتى ينكح أو يترك"‪.‬‬
‫‪‬وهذا النهى للتحريم عند جمهور العلماء من الئمة الربعة‬
‫وغيرهم لنه نهى عن الضرار بالدمى المعصوم فكان على‬
‫التحريم وِلما يفضى إليه هذا الفعل من العداوة والبغضاء واليذاء‬
‫والتعدي على المسلم ولفضائه إلى تزكية النفس وذم الغير‬
‫واغتيابه ‪.‬‬
‫]*[ قال البهي الخولي في كتابه ) المرأة بين البيت والمجتمع (‬
‫ول يحل لذي مرؤة أن يذهب لخطبة امرأة يعلم أن سواه يخطبها‬
‫لنفسه فإن ذلك يقطع الواصر ويورث العداوات والشحناء إلي أنه‬
‫حطة في الخلق وفساد في العقل إذ أن من يغشي ميدان هذه‬
‫المنافسة الوضيعة لبد له أن يمدح نفسه ويذم غريم ‪ ،‬فيسند إلى‬
‫نفسه من المزايا ما لو كان صادقا ً فيها لكفاه إثما ً أنه مغتاب ‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬من التي تباح خطبتها؟‬
‫ة إل إذا توافر شرطان ‪:‬‬ ‫ل تباح خطبة امرأ ِ‬
‫)‪ (1‬أن تكون خالية من الموانع الشرعية التي تمنع زواجها في‬
‫الحال‬
‫ة شرعية فإن ذلك ل يحل‬ ‫)‪ (2‬أل يسبقه إليها غيره بخطب ِ‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬ل يخطب أحدكم على خطبة على خطبة أخيه حتى‬
‫ينكح أو يترك‪.‬‬
‫خطبة؟ وهل يجوز ذكر‬ ‫مسألة ‪ :‬هل تستحب الستشارة في ال ِ‬
‫عيوب الخاطب ؟‬
‫مستحبة فعلها‬ ‫نعم يجوز الستشارة في الخطبة وهى من المور ال ُ‬
‫وإذا استشير إنسان في خاطب أو مخطوبة فعليه أن يصدق ولو‬
‫بذكر مساوئه ول يكون هذا من الغيبة المحرمة إذا قصد بذلك‬
‫النصيحة والتحذير ل اليذاء كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم‬
‫( أن زوجها طلقها ثلثا ً فلم يجعل لها رسول الله ‪ ‬سكنى ول‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪73‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نفقة قالت‪ :‬قال لي رسول الله ‪ : ‬إذا حللت فآذنيني فآذنته‬
‫فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله ‪: ‬‬
‫أما معاوية فرجل ترب ل مال له وأما أبو جهم فرجل ضّراب‬
‫للنساء ولكن أسامة بن زيد ‪ ،‬فقالت ‪ :‬بيدها هكذا أسامة أسامة ‪،‬‬
‫فقال لها رسول الله ‪ : ‬طاعة الله وطاعة رسوله خير لك قالت‬
‫فتزوجته فاغتبط "‪.‬‬
‫الشاهد ‪ " :‬أنها جاءت تستشير النبي ‪ ‬وقد خطبها معاوية وأبو‬
‫جهم ) ول شك أن الكفاءة من حيث الدين هنا موجودة فضل ً عن‬
‫شرف الصحبة ( ولكن النبي ‪ ‬قال لها ‪:‬‬
‫" أما معاوية فصعلوك ل مال له وأما أبو جهم فضّراب للنساء "‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬هل يجوز أن يختار ويعضد ذلك بالستخارة ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ل يجوز ذلك فقد نقل الشوكاني كما في نيل الوطار )‬
‫‪ ( 90 / 3‬عن النووي أنه قال ‪:‬‬
‫ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسا ً وإل فل يكون مستخيرا ً لله بل‬
‫يكون مستخيرا ً لهواه ‪ ،‬وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة‬
‫وفي التبرئ من العلم والقدرة وإثباتهما لله تعالى ‪ ،‬فإذا صدق‬
‫في ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه ‪.‬‬
‫ويعرف دق هذا إذا جاء اختيار الله تعالى على غير هوى العبد‬
‫فعليه أن ُيسلم لنه قد يرى أمرا ً يظن من وراءه خير وفيه هلكه‬
‫و‬‫ه َ‬ ‫شيئ َا ً َ‬
‫و َ‬ ‫هوا َ‬ ‫سى َأن َتكَر ُ‬ ‫ع َ‬‫و َ‬‫أو العكس وصدق ربنا حين قال ‪َ } :‬‬
‫وأنُتم َل‬ ‫َ‬ ‫سى َأن ت ُ ِ‬
‫م َ‬‫ه َيعل َ ُ‬
‫والل ُ‬
‫كم َ‬‫شٌر ل َ ُ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫شيئ َا ً َ‬
‫و َ‬ ‫حُبوا َ‬ ‫ع َ‬‫و َ‬‫كم َ‬‫خيٌر ل َ ُ‬
‫َ‬
‫‪9‬‬
‫مون {‬ ‫َ‬
‫َتعل ُ‬
‫مسألة ‪ :‬هل دعاء الستخارة يكون في الصلة وقبل السلم أم بعد‬
‫الصلة ؟‬
‫الجواب ‪ :‬ذهب بعض أهل العلم إلى أن الدعاء يكون في الصلة‬
‫وقبل السلم منهم شيخ السلم ابن تيمية – رحمه الله – حيث‬
‫قال كما في الفتاوى الكبرى ) ‪: ( 215 / 2‬‬
‫يجوز الدعاء في صلة الستخارة وغيرها قبل السلم وبعده‬
‫والدعاء قبل السلم أفضل ‪ ،‬فإن النبي ‪ ‬أكثر دعائه قبل‬
‫مصلي قبل السلم لم ينصرف فهذا أحسن ‪ .....‬أه‬ ‫السلم ‪ ،‬وال ُ‬
‫‪ -‬لكن الظاهر من قول النبي ‪ ‬في دعاء الستخارة " ثم ليقل "‬
‫أن دعاء الستخارة كون بعد أداء الركعتين أي بعد السلم ‪.‬‬
‫خطبة وأمر الزواج لكل من‬ ‫مسألة ‪ :‬هل يستحب الستخارة في ال ِ‬
‫الخاطب والمخطوبة ؟ وهل هناك دليل على ذلك؟‬
‫نعم يستحب لكل من الخاطب والمخطوبة ومن يهمهما أمرهما‬
‫الستخارة والتوجه إلى الله‪.‬‬
‫‪ 9‬البقرة ‪216‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪74‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فقد أخرج المام مسلم عن أنس بن مالك ‪ ‬قال لما انقضت عدة‬
‫زينب يعنى زينب بنت جحش قال رسول الله ‪ ‬لزيد ‪ :‬أذكرها عل ّ‬
‫ى‬
‫ت ‪ :‬يا زينب أبشرى أرسلنى إليك رسول‬ ‫ت فقل ُ‬ ‫‪ ،‬قال زيد ‪ :‬فانطلق ُ‬
‫ً‬
‫الله ‪ ‬يذكرك‪ ،‬فقالت ‪ :‬ما أنا بصانعة شيئا حتى استأمر ربى‬
‫فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله رسول الله ‪‬‬
‫فدخل بغير إذن((‪.‬‬
‫ً‬
‫]*[ قال النووي تعليقا على ذلك‪:‬‬
‫ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه ‪ ‬وأما معنى قولها‬
‫)أستأمر ربى( أي أستخيره‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬وهل للستخارة حديث معين؟‬
‫نعم هناك حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الذي أخرجه‬
‫البخاري‬
‫) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫البخاري ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬كان النبي ‪ ‬يعلمنا الستخارة في‬
‫م أحدكم بالمر‬ ‫المور كلها كالسورة من القرآن‪ ،‬فقال ‪ :‬إذا ه ّ‬
‫فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم يقول ‪ :‬اللهم إنى أستخيرك‬
‫بعلمك واستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم‪ ،‬فإنك تقدر‬
‫ول أقدر‪ ،‬وتعلم ول أعلم وأنت علم الغيوب‪ ،‬اللهم إن كنت تعلم‬
‫أن هذا المر خيٌر لى في دينى ومعاشي وعاقبة أمري‪ ،‬أو قال في‬
‫عاجل أمري وآجله‪ ،‬فاقدره لى وإن كنت تعلم أن هذا المر شٌر لى‬
‫في ديني ومعاشي وعاقبة أمري‪ ،‬أو قال‪ :‬في عاجل أمري وآجله‪،‬‬
‫فاصرفه عنى واصرفني عنه‪ ،‬واقدر لى الخير حيث كان ثم أرضني‬
‫به‪ ،‬ويسمى حاجته(‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يلزم لمن صلى الستخارة أن يرى رؤيا ؟‬
‫ل يلزم ذلك إذ ل دليل على ذلك وإنما الستخارة في نفسها دعاء‬
‫ل المور بعد صلة الستخارة‬ ‫كسائر الدعية فإن يسّر الله عّز وج ّ‬
‫فله الحمد وإن أراد الله شيئا ً آخر فهو العليم الخبير وله الحمد أول ً‬
‫وآخرا ً ‪ ،‬فعلى كل من يستخير أن يمضي لحاجته آخذا ً بالسباب‬
‫قضى المر فبها‬ ‫متوكل ً على الله وليحرص على ما ينفعه فإذا ُ‬
‫ونعمت وإن صرف عنها فل يجزع بل عليه أن يرضى ويسلم ‪،‬‬
‫وعلى هذا فالستخارة أولها توكل وآخرها استسلم ورضا ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يشرع تكرير صلة الستخارة ؟‬
‫نعم يشرع تكرير صلة الستخارة إذ هي دعاء وتكرير الدعاء‬
‫والكثار منه مشروع والله تعالي أعلم‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬هل تشرع الستخارة في كل الحوال عند تقدم رجل‬
‫لمرأة؟‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪75‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ل تكون الستخارة في المكروهات ول المحرمات ول تكون في‬
‫الواجبات إنما تكون في المباحات أو في المستحبات عند عجزه‬
‫أيهما يقدم ‪ ،‬وعلى هذا فل تشرع في كل الحوال فإذا تقدم‬
‫كير عربيد فل تستخير الله عّز‬ ‫مار س ّ‬ ‫ل فاسق فاجر خ ّ‬ ‫لمرأة رج ٌ‬
‫ل في شأنه أصل ً إذ هناك من النصوص العامة من كتاب وسنة‬ ‫وج ّ‬
‫رسوله ‪ ‬ما يشجع على رد الفاسق قول ً واحدًا‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك ل يعمد رجل إلى الستخارة للزواج من بغى من البغايا‬
‫فالله سبحانه وتعالي يقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫رك َ ً‬ ‫)الزاِني ل َ ينكح إل ّ زان ِي ً َ‬
‫و‬
‫نأ ْ‬ ‫ها إ ِل ّ َزا ٍ‬ ‫ة ل َ َينك ِ ُ‬
‫ح َ‬ ‫والّزان ِي َ ُ‬
‫ة َ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬
‫و ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫َ ِ ُ ِ َ َ‬ ‫ّ‬
‫ن ( ] النور‪[3 /‬‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫عَلى ال ُ‬ ‫ك َ‬ ‫م ذَل ِ َ‬
‫حّر َ‬‫و ُ‬ ‫ر ٌ‬
‫ك َ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬
‫مسألة ‪ :‬أيهما أفضل وأحب في الخطبة ‪ :‬أن تكون بدايتها في‬
‫سرية أم لبد من الشهار والعلن ؟‬
‫الجواب ‪ :‬يستحب في بداية الخطبة السرية لنه قد تتم الرؤية‬
‫الشرعية ول يتم القبول ‪ ،‬فإذا أعلنا في كل مرة عن مجيء‬
‫خاطب ثم ل يحدث قبول ثم نعلن عن مجيء آخر ثم ل يحدث قبول‬
‫فهذا فيه حرج للفتاة ويكثر عليها الكلم ظنا ً عدم رغبة الخطاب‬
‫فيها ‪ ،‬وما علم هؤلء أن الزواج هذا مقدر عند الله عز وجل‬
‫مقدرة‬ ‫كالرزق فل يستطيع رجل أن يتزوج امرأةَ غيره بل هي ُ‬
‫عليه قبل خلق السموات والرض بخمسين ألف سنة فقد يرى‬
‫الخاطب الفتاة ول تعجبه أو العكس ‪ ،‬فإذا تم هذا المر في سرية‬
‫حتى يقدر الله الخير لكان أفضل وحتى ل نجرح مشاعر الفتاة أو‬
‫علم عنه أنه دخل أكثر من بيت ولم يوفق‬ ‫الشاب خصوصا ً إذا ُ‬
‫فُيظن فيه أيضا ً السوء ‪..‬‬
‫ومما يزيد هذا المر تأكيدا ً قول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما "‬
‫ى إل أني كنت‬ ‫فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عل ّ‬
‫علمت أن رسول الله ‪ ‬قد ذكرها فلم أكن لفشي سّر رسول‬
‫الله ‪ ‬ولو تركها رسول الله ‪ ‬قبلُتها "‪.‬‬
‫) حديث ا بن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (‬
‫يحدث‪ :‬أن عمر بن الخطاب‪ ،‬حين تأيمت حفصة بنت عمر من‬
‫خنيس بن حذافة السهمي‪ ،‬وكان من أصحاب رسول الله ‪ ،‬فتوفي‬
‫بالمدينة‪ ،‬فقال عمر ابن الخطاب‪ :‬أتيت عثمان بن عفان‪ ،‬فعرضت‬
‫عليه حفصة‪ ،‬فقال‪ :‬سأنظر في أمري‪ ،‬فلبثت ليالي ثم لقيني‬
‫فقال‪ :‬قد بدا لي أن ل أتزوج يومي هذا‪ .‬قال عمر‪ :‬فلقيت أبا بكر‬
‫الصديق‪ ،‬فقلت‪ :‬إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر‪ ،‬فصمت أبو بكر‬
‫فلم يرجع إلي شيئا‪ ،‬وكنت أوجد عليه مني على عثمان‪ ،‬فلبثت‬
‫ليالي ثم خطبها رسول الله فأنكحتها إياه‪ ،‬فلقيني أبو بكر فقال‪:‬‬
‫لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا؟‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪76‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قال عمر‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك‬
‫فيما عرضت علي‪ ،‬إل أني كنت علمت أن رسول الله قد ذكرها‪،‬‬
‫فلم أكن لفشي سر رسول الله ‪ ،‬ولو تركها رسول الله قبلتها‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ماحكم النظر إلى المخطوبة ؟‬
‫النظر إلى المخطوبة سنة؛ وهذه المسألة من المسائل التي صار‬
‫فّرط‪،‬فمن الباء‬ ‫م َ‬‫رط و ُ‬ ‫م ْ‬
‫ف ِ‬ ‫الناس فيها على طرفي نقيض‪ ،‬ما بين ُ‬
‫من يعتبر رؤية الخاطب لبنته عيبا ً كبيرًا‪ ،‬وأمرا ً عسيرًا‪ ،‬مع أن‬
‫غب فيه‪ ،‬وأمر به‬ ‫ث عليه‪ ،‬وَر ّ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ح ّ‬
‫وقال‪» :‬إنه أحرى أن يؤدم بينكما« ‪ ،‬أي‪ :‬يؤلف بينكما‪.‬‬
‫كما في الحاديث التية ‪:‬‬
‫ة الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫عب َ َ‬ ‫ن ُ‬
‫ش ْ‬ ‫ةب ِ‬ ‫غيَر ِ‬ ‫)حديث ال ْ ُ‬
‫م ِ‬
‫َ‬ ‫ل النبي ‪» : r‬أن ْظُر إل َيها فإن ّ َ‬ ‫مَرأ َ ً‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ن يُ ْ‬
‫ؤدَ َ‬ ‫حَرى أ ْ‬
‫هأ ْ‬ ‫ِ ُ‬ ‫ْ ِ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫قا َ‬‫ة‪ ،‬ف َ‬ ‫با ْ‬ ‫خط َ َ‬‫ه َ‬ ‫(أن ّ ُ‬
‫ب َي ْن َك ُ َ‬
‫ما«‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (‬
‫قال * كنت عند النبي فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من‬
‫النصار فقال له رسول الله أنظرت إليها قال ل قال فاذهب‬
‫فانظر إليها فإن في أعين النصار شيئا ‪.‬‬
‫ن الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قد أمر برؤية‬ ‫]*[ والحاصل‪ :‬أ ّ‬
‫المخطوبة لنه سبب في دوام العشرة‪ ،‬وبقاء المودة‪ ،‬وطول‬
‫للفة‪.‬‬ ‫ا ُ‬
‫وعدم السماح بالرؤية مخالفة لهديه صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ومجانبة لسنته‪ ،‬والخير كل الخير في اّتباع نهجه‪ ،‬واقتفاء أثره‪.‬‬
‫]*[ قال العمش رحمه الله ‪:‬‬
‫ل تزويج يقع من غير نظر فأخره هم وغم‪.‬‬ ‫ك ّ‬
‫]*[ وفّرط آخرون ففتحوا الباب على مصراعيه‪ ،‬وتركوا الحبل على‬
‫الغارب‪ ،‬فالخاطب ل ينظر فقط‪ ،‬بل يخلو بالمخطوبة ويحادثها‬
‫ويضاحكها‪ ،‬وقد يصل المر إلى الخروج بها‪ ،‬واصطحابها إلى‬
‫المتنّزهات والسواق وغيرها‪ ،‬مما يسفر عن محاذير وفجائع‪،‬‬
‫يذهب ضحيتها الفتاة المسكينة؛ والب المخدوع‪.‬‬
‫ول خير إل في سلوك الصراط السوي‪ ،‬واتباع المنهج النبوي‪ ،‬حيث‬
‫غبه في مخطوبته‪ ،‬كالوجه واليدين‬ ‫ب من رؤية ما ي َُر ّ‬ ‫كن الخاط ُ‬ ‫م ّ‬ ‫يُ َ‬
‫والشعر وما إلى ذلك‪ ،‬بحضور أحد محارمها‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬كيف ينظر الخاطب إلى مخطوبته ؟‬
‫إذا أمكن أنه ينظر إليها باتفاق مع وليها‪ ،‬بأن يحضر وينظر لها فله‬
‫ذلك‪ ،‬فإن لم يمكن فله أن يختبئ لها في مكان تمر منه‪ ،‬وما أشبه‬
‫ذلك‪ ،‬وينظر إليها‪ ،‬لقول النبي ‪» :‬إذا خطب أحدكم المرأة فإن‬
‫استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل«‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪77‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما بن عبد الله الثابت في‬
‫صحيح أبي داوود ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إذا خطب أحدكم المرأة فإن‬
‫استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت‬
‫جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها‬
‫وتزوجها فتزوجتها‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي المواضع التي ينظر إليها الخاطب إلى مخطوبته ؟‬
‫القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابت الصحيحة‪ :‬أن ينظر‬
‫الخاطب إلى ما يدعوه إلى نكاحها مثل الوجه‪ ،‬والرقبة‪ ،‬واليد‬
‫والقدم‪ ،‬ونحوها ‪ ،‬أما تقييد النظر في الوجه والكفين فهو تقييد‬
‫عموم السنة بغير دليل‪.‬‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما بن عبد الله الثابت في‬
‫صحيح أبي داوود ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إذا خطب أحدكم المرأة فإن‬
‫استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل قال فخطبت‬
‫جارية فكنت أتخبأ لها حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها‬
‫وتزوجها فتزوجتها‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي شروط جواز نظر الخاطب إلى مخطوبته؟‬
‫الول‪ :‬أن يكون بل خلوة بل خلوة« لنها لم تزل أجنبية منه‪،‬‬
‫والجنبية يحرم على الرجل أن يخلو بها؛ )حديث ابن عباس الثابت‬
‫في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال‪» :‬ل يخلون رجل بامرأة إل‬
‫ومعها ذو محرم« ‪ ،‬والنهي للتحريم‪ ،‬و)حديث أبي هريرة رضي‬
‫الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪» :‬ل يخلون رجل بامرأة إل كان ثالثهما الشيطان« ‪ ،‬وهذا يدل‬
‫على أن تحريمه مؤكد‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن يكون بل شهوة‪ ،‬فإن نظر لشهوة فإنه يحرم؛ لن‬
‫المقصود بالنظر الستعلم ل الستمتاع‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يغلب على ظنه الجابة‪،‬‬
‫فإن قيل كيف يغلب على ظنه الجابة؟‬
‫فالجواب‪ :‬الله ـ سبحانه وتعالى ـ جعل الناس طبقات‪ ،‬كما قال‬
‫عَنا‬ ‫وَر َ‬
‫ف ْ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫شت َ ُ‬‫عي َ‬ ‫م ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫مَنا ب َي ْن َ ُ‬
‫س ْ‬‫ق َ‬‫ن َ‬ ‫ح ُ‬ ‫تعالى‪}} :‬ن َ ْ‬
‫رّيا{{ ]الزخرف‪:‬‬ ‫خ ِ‬‫س ْ‬
‫ضا ُ‬ ‫ع ً‬
‫م بَ ْ‬‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫خذَ ب َ ْ‬‫ت ل ِي َت ّ ِ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ض دََر َ‬‫ع ٍ‬ ‫وقَ ب َ ْ‬ ‫م َ‬
‫ف ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ض ُ‬
‫ع َ‬
‫بَ ْ‬
‫‪ ، [32‬فلو تقدم أحد الكّناسين إلى بنت وزير‪ ،‬فالغالب عدم إجابته‪،‬‬
‫من‪ ،‬أصم‪ ،‬يتقدم إلى بنت شابة جميلة‪،‬‬ ‫وكذلك إنسان كبير السن ز ِ‬
‫فهذا يغلب على ظنه عدم الجابة‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن ينظر إلى ما يظهر غالبًا‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أن يكون عازما ً على الخطبة‪ ،‬أي‪ :‬أن يكون نظره نتيجة‬
‫لعزمه على أن يتقدم لهؤلء بخطبة ابنتهم‪ ،‬أما إذا كان يريد أن‬
‫يجول في النساء‪ ،‬فهذا ل يجوز‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪78‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫السادس‪ :‬ـ ويخاطب به المرأة ـ أل تظهر متبرجة أو متطيبة‪،‬‬
‫مكتحلة أو ما أشبه ذلك من التجميل؛ لنه ليس المقصود أن يرغب‬
‫النسان في جماعها حتى يقال‪ :‬إنها تظهر متبرجة‪ ،‬فإن هذا‬
‫تفعله المرأة مع زوجها حتى تدعوه إلى الجماع‪ ،‬ولن في هذا‬
‫فتنة‪ ،‬والصل أنه حرام؛ لنها أجنبية منه‪ ،‬ثم في ظهورها هكذا‬
‫مفسدة عليها؛ لنه إن تزوجها ووجدها على غير البهاء الذي كان‬
‫عهده رغب عنها‪ ،‬وتغيرت نظرته إليها‪ ،‬ل سيما وأن الشيطان‬
‫يبهي من ل تحل للنسان أكثر مما يبهي زوجته‪ ،‬ولهذا تجد بعض‬
‫الناس ـ والعياذ بالله ـ عنده امرأة من أجمل النساء‪ ،‬ثم ينظر إلى‬
‫امرأة قبيحة شوهاء؛ لن الشيطان يبهيها بعينه حيث إنها ل تحل‬
‫له‪ ،‬فإذا اجتمع أن الشيطان يبهيها‪ ،‬وهي ـ أيضا ً ـ تتبهى وتزيد من‬
‫جمالها‪ ،‬وتحسينها‪ ،‬ثم بعد الزواج يجدها على غير ما تصورها‪،‬‬
‫فسوف يكون هناك عاقبة سيئة‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ُ : ‬يستحب للخاطب القصد في الكلم حال الخطبة ول‬
‫يتقعر في الكلم أو يتكلم بكلم يوهم السامعين أنه في مستوى‬
‫أعلى من مستواه ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح البخاري (‬
‫قال ‪:‬جاء رجلن من المشرق فخطبا‪ ،‬فقال النبي ‪) :‬إن من البيان‬
‫لسحرا(‪.‬‬
‫‪‬الحكمة من النظر إلى المخطوبة ‪:‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما الحكمة من مشروعية النظر؟‬
‫والحكمة من مشروعية النظر إلى المخطوبة أن يحصل له اطمئنان‬
‫النفس إلى القدام على الزواج منها وهذا يؤدى )في الغالب( إلى‬
‫دوام العشرة بخلف إذا لم يراها حتى عقد عليها فإنه ربما أن‬
‫صفت له‬ ‫و ِ‬ ‫ُيفاجأ بما ل يناسبه فتجفوها نفسه أو يجدها بخلف ما ُ‬
‫فيصاب بخيبة أمل وانقطاع رجاء فتسوء الحالة بينهما ويحل‬
‫الخصام محل الوئام ويكون الفشل والفرقة خاتمة ما بينهما‪.‬‬
‫وكذلك فهو له أن يتعرف على الطرف الخر الذي سيشاركه حياته‬
‫في مجلسه ومخدعه ويقظته ومنامه وهكذا شأن المسلم دوما ً ل‬
‫يقدم على أمر حتى يكون على بصيرة منه فإذا كان مشتمل ً على‬
‫ما يدعوه لنكاحها كان أرجى أن تطيب العشرة وتدوم المودة‬
‫ل‪:‬‬‫وتحصل السكينة التي أرادها الله تعالي في قوله عّز وج ّ‬
‫ف سك ُ َ‬ ‫َ‬ ‫}ومن آيات ِ َ‬
‫ل‬‫ع َ‬
‫ج َ‬‫و َ‬‫ها َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬
‫جا ل ّت َ ْ‬ ‫وا ً‬
‫م أْز َ‬‫ن أن ُ ِ ْ‬ ‫م ْ‬
‫كم ّ‬‫ق لَ ُ‬‫خل َ َ‬‫ن َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ ِ ْ َ ِ‬
‫ن{)الروم ‪(21/‬‬ ‫فك ُّرو َ‬‫وم ٍ ي َت َ َ‬‫ق ْ‬‫ت لّ َ‬‫ك لَيا ٍ‬‫في ذَل ِ َ‬‫ن ِ‬ ‫ة إِ ّ‬‫م ً‬
‫ح َ‬‫وَر ْ‬‫ودّةً َ‬‫م َ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫كم ّ‬
‫‪‬وهذا ما قصد إليه رسول الله ‪ ‬بقوله في الحديث التي ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪79‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫عب َ َ‬
‫ش ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ةب ِ‬‫غيَر ِ‬‫م ِ‬‫)حديث ال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫ل النبي ‪» : r‬أن ْظُر إل َيها فإن ّ َ‬ ‫مَرأ َ ً‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫حَرى أ ْ‬ ‫هأ ْ‬‫ِ ُ‬ ‫ْ ِ ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫ة‪ ،‬ف َ‬
‫قا َ‬ ‫با ْ‬‫خط َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ماجة (أن ّ ُ‬
‫ما«‪.‬‬ ‫م ب َي ْن َك ُ َ‬
‫ؤدَ َ‬‫يُ ْ‬
‫ن الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬قد أمر برؤية‬ ‫فالحاصل‪ :‬أ ّ‬
‫المخطوبة لنه سبب في دوام العشرة‪ ،‬وبقاء المودة‪ ،‬وطول‬
‫للفة‪.‬‬ ‫ا ُ‬
‫]*[ قال العمش رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫ل تزويج يقع من غير نظر فأخره هم وغم‪.‬‬ ‫ك ّ‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجوز تكرار النظر المخطوبة ؟‬
‫يجوز للخاطب أن ُيكرر النظر إلى المخطوبة )إن احتاج لذلك(‬
‫ليتأمل محاسنها ويرى منها الملمح التي تستريح إليها نفسه‪.‬‬
‫وقد ورد في الحديث الذي تقدم معنا‪:‬‬ ‫•‬
‫" فإذا استطاع أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل"‪.‬‬
‫فينظر إليها بل إذن وهو أولى ليتبين هيئتها فل يندم بعد النكاح إذ‬
‫ل يحصل الغرض غالبا ً بأول نظرة‪ ،‬لكن ينبغي أن يتقيد في هذا‬
‫بقدر الحاجة وهى التأكد من مدى قبوله لها‪.‬‬
‫م ما زاد‬ ‫‪‬تنبيه‪:‬لو اكتفي بنظرة أو أكثر وحصل له قبول َ‬
‫حُر َ‬
‫على ذلك لنه نظر ُأبيح لحاجة فيتقيد بها وتعود أجنبية عنه حتى‬
‫يعقد عليها‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬ما الوقت المناسب للنظر؟ ولماذا شرع في هذا التوقيت ؟‬
‫النظر يكون قبل الخطبة حتى إذا لم يرى ما يرغبه في المرأة لم‬
‫يتقدم لخطبتها ابتداء وحينئذ لن يصيب المرأة بشيء ‪ ،‬أما إذا كان‬
‫بعد الخطبة أو في أثنائها فإن العدول عن إتمام الخطبة يكسر‬
‫قلب المرأة ويطلق ألسنة الجيران عليها وفي هذا إيذاء لها‬
‫ولهلها‪.‬‬
‫ويتأيد هذا بما كان يحدث من الصحابة ‪ ‬حين كانوا يختبأون‬
‫لرؤية من يرغبون في نكاحهم‪.‬‬
‫وبناءً على ذلك تحمل ألفاظ الحاديث الورادة في مشروعية‬
‫النظر عند الزواج أو بعده على العزم‪ ،‬أي فمن عزم على خطبة‬
‫امرأة أو على نكاحها فلينظر إليها قبل أن يخطبها أو يتزوجها ‪،‬‬
‫لذلك كان القول بالنظر قبل الخطبة فيه أخذ بالسنة وفيه كذلك‬
‫حفظ لمشاعر المرأة وأوليائها‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬وهل يشرع للمرأة المخطوبة أن تنظر إلى الخاطب ؟‬
‫اتفق الفقهاء علي مشروعية نظر المرأة واختلفوا في تحديد‬
‫درجة هذه المشروعية ما بين الندب أو الباحة ولعل القول بالندب‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪80‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫هو القرب قياسا ً علي ما قررناه في نظر الرجل إليها ولقوله‬
‫تعالي‪:‬‬
‫ف{ )البقرة ‪(229‬‬‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذي َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫مث ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫} َ‬
‫‪ -‬فحكم نظر المخطوبة إلى خاطبها كحكم نظرة إليها لنه ُيعجبها‬
‫منه ما يعجبه منها بل هي أولي منه في ذلك لنه يمكنه مفارقة‬
‫من ل يرضاها بخلفها ويمكن أن ُيقال ‪ :‬إن الشارع لم يوجه‬
‫المرأة إلى النظر إلى الخاطب لن الرجال ظاهرون بارزون في‬
‫المجتمع السلمي ل يختفون كما تختفي النساء وبذلك تستطيع‬
‫المرأة إن شاءت أن تنظر إلى الرجل بسهولة ويسر إذا تقدم‬
‫خطبتها‪.‬‬ ‫ل ِ‬
‫]*[ قال الصنعاني في )سبل السلم )‪-: (3/111‬‬
‫ويثبت مثل هذا الحكم للمرأة فأنها تنظر إلى خاطبها ‪ ،‬فأنه‬
‫يعجبها منه ما يعجبه منها ‪ ،‬كذا قيل ولم يرد به حديث والصل‬
‫تحريم نظر الجنبي والجنبية إل بدليل كالدليل علي جواز نظر‬
‫خطبتها‪.‬‬ ‫الرجل لمن يريد ِ‬
‫مسألة ‪ :‬ماذا علي الخاطب أن يفعل إذا لم تعجبه المخطوبة ؟‬
‫إذا نظر الخاطب إلي ما يريد نكاحها فلم تعجبه فليسكت ول يجوز‬
‫له أن ُيذيع ما يسؤوها وأهلها ‪ ،‬فربما أعجب غيره ما ساءه منها‬
‫ول ينبغي أن يقول ل أريدها لنه إيذاء‪.10‬‬
‫)حديث سهل ابن سعد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( " أن‬
‫وبه ثم طأطأ‬ ‫عد فيها النظر وص ّ‬‫امرأة وهبت نفسها للنبي ‪ ‬فص ّ‬
‫رأسه"‪.‬‬
‫]*[ قال الحافظ كما في )فتح الباري ‪-:(9/175‬‬
‫ل ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكفي السكوت‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تتجمل و تتهيأ للخاطب؟‬
‫نعم يجوز هذا في حدود المأذون فيها شرعا فلها أن تختضب و‬
‫تكتحل وتحسن من هيئتها‪ .‬و دليل ذلك ما جاء في صحيح البخاري‬
‫من حديث سبيعة السلمية ‪:‬‬
‫" أنها بعد انقضاء عدتها اكتحلت أو اختضبت و تهيأت"‪.‬‬
‫و في رواية‪ " :‬وتجملت للخطاب "‬
‫‪‬وأفضل ما تتجمل به المرأة الماء فهو يجعل في الوجه نضارة‬
‫مع إذابة للرائحة الغير مرغوب فيها وعلى هذا فيجوز للخت آن‬
‫تخرج بملبس ملونة بشروطها الشرعية و هذا من التجمل و أل‬
‫تغطى الجبهة حتى يتمكن الخاطب من رؤية وجهها ‪ ،‬ويستحب أل‬
‫تتجمل بالمكياج منعا ً من التدليس كما يحرم عليها النمص ) وهو‬
‫الخذ من الحواجب بدافع التجمل فهذا ل يجوز شرعا ً (‬
‫‪ 10‬روضة الطالبين ‪.7/21‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪81‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مسألة ‪ :‬هل للخاطب أن يأخذ أحد من أقاربه أو أبيه عند الرؤية‬
‫الشرعية ؟‬
‫ل يجوز لقارب الخاطب من الرجال كأبيه و أعمامه و إخوانه أن‬
‫يروا المخطوبة قبل العقد تحت أي ادعاء ‪ ،‬كما ل يجوز لهم ذلك‬
‫بعد العقد إل للب فقط فانه يصبح محرما لها ‪.‬‬
‫‪ ‬وكذلك ل يجوز أن يرى الخاطب أم المخطوبة وأخواتها وخالتها‬
‫قبل العقد ‪ ،‬كما ل يجوز ذلك أيضا ً بعد العقد إل للم فقط لنها‬
‫تصير محرمة عليه تأبيدا ً بمجرد العقد ويصبح هو محرما لها ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل الخاطب مطالب أن يقدم هدية في ما يسمونه‬
‫بالمواسم ؟‬
‫ل فمن البدع تخصيص أيام معينة يهدى فيها الخاطب أو العاقد‬
‫هدايا لها و ذلك ما يسمونه )المواسم( وقد تكون هذه المواسم‬
‫غير شرعية بل أعياد مبتدعة و إرغام الزوج بهذه الهداية يثقل‬
‫كاهله و قد تسبب مشاحنات عند البعض إذا لم يقدمها أو لم يعتن‬
‫و يغالي في ثمنها‪.‬‬
‫علما بان أصل التهادي مباح و مستحب لكن بل تخصيص‬ ‫•‬
‫مناسبات‪.‬‬
‫مسألة‪ :‬هل للخطاب أن يخلو بالمخطوبة بحجة التعرف على‬
‫أخلقها و دراسة شخصيتها ؟‬
‫‪‬ل يجوز خلوة الخاطب بالمخطوبة للنظر و ل غيره لنها محرمة‬
‫ة عنه ‪.‬‬ ‫وما زالت أجنبي ً‬
‫]*[ قال ابن قدامه في )الكافي ‪- : (3/504‬‬
‫ليس له الخلوة بها لن الخبر إنما ورد بالنظر فبقيت الخلوة على‬
‫أصل التحريم‪.‬‬
‫]*[ وقال في )المغنى ‪-:(7/749‬‬
‫ولنه ل يؤمن مع الخلوة مواقعه المحظور فإنه ما خل رجل بامرأة‬
‫أل كان ثالثها الشيطان‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬ل يخلون رجل بامرأة إل كان‬
‫ثالثهما الشيطان«‬
‫وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد‪.‬‬
‫)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ل‬
‫ة إل مع ذي محرم ‪ ،‬فقام رجل فقال يا رسول‬ ‫ل بامرأ ٍ‬‫يخلون رج ٌ‬
‫الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال ‪:‬‬
‫ارجع فحج مع امرأتك (‬
‫]*[ قال الدكتور عمر الشقر في كتابه )أحكام الزواج ص ‪-:(58‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪82‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ -‬ويزعم الذين أنحرف بهم المسار عن دين الله وشريعة آن‬
‫مصاحبة الخاطب المخطوبة و الخلوة بها و السفر معها أمر لبد‬
‫منه لنه يؤدى إلى تعرف كل واحد منهما على الخر !‬
‫‪ -‬ومن نظر في سيرة الغرب في هذه المسالة وجد أن سبيلهم لم‬
‫يؤد إلى التعرف و التالف بين الخاطبين فكثيرا ما يهجر الخاطب‬
‫خطيبته بعد أن يفقدها شرفها و قد يتركها و يترك في رحمها‬
‫جنينا تشقى به و حدها و قد ترميه من رحمها من غير رحمة ‪.‬‬
‫]*[ يقول الشيخ سيد سابق ) رحمه الله ( في فقه السنة ) ‪/ 2‬‬
‫‪( 350 – 349‬‬
‫درج كثير الناس على التهاون في هذا الشأن ‪ ،‬فأباح لبنته أو‬
‫قريبته أن تخالط خطيبها ‪ ،‬وتخلو معه دون رقابة ‪ ،‬وتذهب معه‬
‫حيث يريد من غير إشراف ‪ ،‬وقد نتج عن ذلك أن تعرضت المرأة‬
‫لضياع شرفها ‪ ،‬وفساد عفافها وإهدار كرامتها ‪ ،‬ول يتم الزواج ‪،‬‬
‫فتكون قد أضافت إلى ذلك فوات الزواج منها ‪ ،‬وعلى النقيض من‬
‫ذلك طائفة جامدة ل تسمح للخاطب أن يرى بنانها عند الخطبة‬
‫وتأبى إل أن يرضى بها ويعقد عليها دون أن يراها أو تراه إل ليلة‬
‫الزفاف ‪ ،‬وقد تكون الرؤية مفاجئة لهما غير متوقعة فيحدث ما لم‬
‫يكن مقدرا ً من الشقاق والفراق ‪.‬‬
‫وبعض الناس يكتفي بعرض الصورة الشمسية وهي في الواقع ل‬
‫تدل على شيء يمكن أن ُيطمئن ‪ ،‬ول تصور الحقيقة تصويرا ً‬
‫دقيقا ً وخير المور هو ما جاء به السلم ‪ ،‬فإن فيه الرعاية بحق‬
‫كل الزوجين في رؤوية كل منهما الخر مع تجنب الخلوة حماية‬
‫عرض "‪.‬‬ ‫للشرف وصيانة لل ِ‬
‫مسألة ‪ :‬هل للخاطب أن ُيصافح مخطوبته أو يمسك يدها أو يمس‬
‫شيء منها حتى ولو أمن الشهوة؟‬
‫اتفق الفقهاء على عدم جواز لمس الخاطب خطيبته بيد أو غيرها‬
‫في الخطبة أو قبلها أو بعدها قبل عقد النكاح وذلك لنها أجنبية‬
‫عنه وإنما أبيح النظر للحاجة لنها وسيلة إلى الترغيب في عقد‬
‫النكاح وعلى هذا فالمصافحة والمس حرام‪.‬‬
‫)حديث أميمة بنت رقيقة في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إني‬
‫ل أصافح النساء ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪83‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) إني ل أصافح النساء ( وفي رواية للطبراني ل أمس يد النســاء‬
‫وهذا قاله لميمة بنت رقيقة لما أتته في نســوة تبــايعه علــى أن ل‬
‫نشرك بالّله شــيئا ً ول نســرق ول نزنــي ول نقتــل أولدنــا ول نــأتي‬
‫ببهتان من بين أيـدينا وأرجلنـا ول نعصـيه فـي معــروف قــال لهــن‬
‫ن‬
‫ن وأطقتـ ّ‬ ‫رسول الل ّــه صــلى الل ّــه عليــه وســلم ‪ :‬فيمــا اســتطعت ّ‬
‫فقلنا ‪ :‬الّله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعــك علــى ذلــك‬
‫فقال ‪ :‬إني ل أصافح النساء وإنما قولي لمــائة امــرأة كقــولي أو‬
‫مثل قولي لمرأة واحدة انتهى هذا سياق الحديث عند مخرجيه ‪.‬‬
‫)حديث معقل بن يسار في صحيح الجامع( أن النــبي ‪ r‬قــال ‪ :‬لن‬
‫ط من حديد خير له من أن يمس امرأة‬ ‫خي َ ٍ‬
‫م ْ‬
‫يطعن في رأس أحدكم ب ِ‬
‫ل تحل له ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال الشيخ اللباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة )‪: (1/448‬‬
‫» وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة ل تحل له ‪ ،‬ففيه دليل‬
‫على تحريم مصافحة النساء‪،‬لن ذلك مما يشمله المس بل شك ‪،‬‬
‫وقد بلى بها كثير من المسلمين في هذا العصر « ‪.‬‬
‫وكان رسول الله ﷺ ل يصافح النساء ‪.‬‬
‫في صحيح البخاري )‪ ( 4609‬عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪» :‬‬
‫والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة « ‪.‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير ‪:‬‬
‫) لن يطعن في رأس أحدكم بمخيط ( بكسر الميــم وفتــح اليــاء‬
‫وهو ما يخاط به كالبرة والمسلة ونحوها ) من حديد ( خصه لنه‬
‫أصلب من غيره وأشد بالطعن وأقــوى فــي اليلم ) خيــر لــه مــن‬
‫يمس امرأة ل تحل له ( أي ل يحل لــه نكاحهــا وإذا كــان هــذا فــي‬
‫مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة فما بالك بما فوقه من‬
‫القبلة والمباشرة في ظاهر الفرج ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة مشافهة أو عبر‬
‫الهاتف ؟‬
‫نعم يجوز للخاطب أن يتحدث مع المخطوبة لكن بشروط ‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن يكون في وجود محرم لقول النبي ‪ " ‬ل يخلون رجل‬
‫بامرأة إل ومعها ذو محرم"‪ .‬ولبد أن يكون المحرم رجل ً بالغا ً‬
‫رشيدا ً وأما جلوسه معها في وجود نساء أخريات فل يجوز لن‬
‫ص على )ذي محرم(‪.‬‬ ‫الحديث ن ّ‬
‫)‪ (2‬أن يكون الكلم ليس للتسلية ول فائدة فيه بل يكون له سبب‬
‫وحاجة ومثل ً للتعرف على صوتها أو ليقف على رأيها فيما له أثر‬
‫مقبلة لمعرفة مدى النضج العقلي لها‪،‬‬ ‫في الحياة الزوجية ال ُ‬
‫أسلوبها في الكلم ‪ ..‬وغير ذلك‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪84‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪ (3‬أن يكون الكلم منضبط بالضوابط الشرعية فيكون بقدر‬
‫الحاجة ومن غير خضوع بالقول أو لين وتمُيع وتكسر لقوله تعالي‪:‬‬
‫ول ً‬‫ق ْ‬‫ن َ‬ ‫قل ْ َ‬
‫و ُ‬
‫ض َ‬
‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬
‫م َ‬‫في َطْ َ‬‫ل َ‬‫و ِ‬
‫ق ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬‫ع َ‬
‫ض ْ‬‫خ َ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬
‫} َ‬
‫عروفًا{)الحزاب ‪(32‬‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫‪‬وقد يحتاج في بعض الحيان محادثاتها عن طريق الهاتف فل‬
‫حرج في ذلك على أن تراعى الضوابط السابقة مع وجود الداع‬
‫لذلك وينبغي أن تكون هذه المحادثة بعلم أهل المخطوبة والفضل‬
‫محرم للكلم وأن تكون بقدر الحاجة‪.‬‬ ‫سماع ال َ‬
‫أما إذا كان الهاتف سُيحدث بينهما جوا ً مشابها ً لجو الخلوة التي ‪،‬‬
‫ُنهينا عنها شرعا ً وكانت ستتمكن هي وهو من الحديث الذي‬
‫محّرم فترك ذلك متعّين والله أعلم‪.‬‬ ‫يجرهما إلى ُ‬
‫سئل الشيخ صالح الفوزان عن حكم مكالمة الخطيب‬ ‫]*[ وقد ُ‬
‫لخطيبته عبر الهاتف هل هو جائز شرعا ً أم ل ؟‬
‫فأجاب قائل ً ‪ :‬مكالمة الخطيب الخطيبة عبر الهاتف ل بأس به إذا‬
‫كان بعد الستجابة له ‪ ،‬وكان الكلم من أجل المفاهمة وبقدر‬
‫الحاجة وليس فيه فتنة ‪ ،‬وكون ذلك عن طريق وليها أتم وأبعد عن‬
‫الريبة ‪.‬‬
‫أما المكالمات التي تجري بين الرجال والنساء وبين الشباب‬
‫والشابات وهم لم تجر بينهم خطبة وإنما من أجل التعارف كما‬
‫يسمونه فهذا منكر ومحرم ومدعاة إلى الفتنة والوقوع في‬
‫ذي‬‫ع ال ِ‬ ‫م َ‬‫فَيط َ‬ ‫قول َ‬ ‫ن ِبال َ‬ ‫ضع َ‬ ‫فل َتخ َ‬ ‫الفاحشة ‪ ،‬يقول الله تعالى ‪َ } :‬‬
‫و َ‬
‫فا{‬ ‫معُر ُ‬ ‫قول ً َ‬ ‫ن َ‬‫قل َ‬‫و ُ‬‫ض َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قلب ِ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫فالمرأة ل تكلم الرجل الجنبي إل لحاجة وبكلم معروف ل فتنة‬
‫فيه ول ريبة‬
‫مة ُتلبي ول ترفع صوتها‬ ‫ر َ‬
‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫‪ -‬وقد نص العلماء على أن المرأة ال ُ‬
‫وفي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن النبي ‪ ‬قال ‪:‬‬
‫" إذا أنابكم شيءٌ في صلتكم فلتسبح الرجال ولتصفق النساء"‬
‫مما يدل على أن المرأة ل ُتسمع صوتها الرجال إل في الحوال‬
‫التي تحتاج فيها إلى مخاطبتهم مع الحياء والحشمة والله أعلم ‪.‬‬
‫]*[ ‪‬لبس دبلة الخطوبة‪:‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما حكم لبس دبلة الخطوبة؟‬
‫وهذا أمر غير جائز لنه تقليد أجنبي‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود (‪:‬‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من تشبه بقوم ٍ فهو منهم ‪.‬‬
‫]*[ قال شيخ السلم رحمه الله تعالى ‪ :‬هذا الحديث أقل فعله‬
‫التحريم ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪85‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬هذا بجانب العتقاد الفاسد أنها تسبب محبة بين الزوجين فإنها‬
‫تكون في هذه الحالة تميمة وهى محرمة بل تصل لدرجة الشرك‬
‫الصغر إن كانت بهذه النية ‪.‬‬
‫)حديث ابــن مســعود فــي صــحيح ابــن ماجــة ( أن النــبي ‪ r‬قــال إن‬
‫ة شرك ‪.‬‬ ‫ول َ َ‬
‫م والت ِ َ‬
‫الُرقى والتمائ َ‬
‫فالتوله‪ :‬شيء يعلقونه على الزوج يزعمون أنه يحبب الزوجة إلى‬
‫زوجها ‪ ،‬والزوج إلى امرأته وهذا شرك لنه ليس بسبب شرعي ول‬
‫قدري للمحبة‪.‬‬
‫]*[ قال ابن عثيمين – كما في القول المفيد على كتاب التوحيد‬
‫صـــ ‪:142‬‬
‫والدبلة خاتم يشترى عند الزواج يوضع في يد الزوج وإذا ألقاه‬
‫الزوج قالت المرأة أنه ل يحبها فهم يعتقدون فيه النفع والضرر‬
‫ويقولون أنه مادام في يد الزوج فإنه يعني أن العلقة بينهما ثابتة‬
‫والعكس بالعكس ‪.‬‬
‫فإذا وجدت هذه النية فإنه من الشرك الصغر‪.‬‬
‫فإن المسبب للمحبة هو الله وإن لم توجد هذه النية – وهى بعيده‬
‫إل تصاحبها – ففيه تشبه بالنصارى فأنها مأخوذة منهم ‪.‬‬
‫]*[ وقال اللباني – رحمه الله – كما في آداب الزفاف صــ ‪:140‬‬
‫لبس الدبلة ل يجوز فإن هذا من تقليد الكفار‬
‫‪ -‬فهذه العادة سرت إليهم من النصاري ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن باز – رحمه الله – كما في كتاب الدعوة ) ‪(2/208‬‬
‫فتاوى‬
‫ل نعلم لهذا العمل – دبلة الخطوبة – أصل ً في الشرع والولي ترك‬
‫ذلك سواء كانت الدبلة من فضه أو غيرها‪.‬‬
‫]*[ وقال الشيخ صالح بن فوزان – حفظه الله – كما في المنتقي‬
‫من فتاوى صالح بن فوزان) ‪(3/243‬‬
‫هناك تقليد فاسد وقع فيه كثير من الناس اليوم في أمور الزواج‬
‫من أنه يشتري لها دبلة تلبسها ويكون هذا سببا في زعمهم في‬
‫عقد المحبة في القلب وتآلف الزوجين فهذا من عقائد الجاهلية‬
‫وهذا يكون من الشرك لن التعلق بالحلقة والخيط والخاتم والدبلة‬
‫في أنها تجلب المودة أو تذهب العداوة بين الزوجين وهذا من‬
‫الشرك لن المر بيد الله‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما حكم العدول عن الخطبة؟‬
‫بداية ينبغي أن تعلم أن الخطبة ليست عقدا ً ولكنها وعد بعقد‬
‫والوعد بالعقود غير ملزم بعقدها عند جمهور أهل العلم ول يكره‬
‫للولي الرجوع عن الجابة إذا رأي المصلحة للمخطوبة في ذلك‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪86‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ول يكره لها أيضا ً الرجوع إذا كرهت الخاطب لن النكاح عقد عمري‬
‫يدوم الضرر فيه فكان لها الحتياط لنفسها والنظر في حظها‪.‬‬
‫وإن رجعا لغير غرض كره ذلك لما فيه من إخلف الوعد والرجوع‬
‫عن القول ولم يحرم لن الحق بعد لم يلزمها كمن سام سلعة ثم‬
‫بدا له أل يبيعها‪.‬‬
‫وُيكره كذلك أن يتركها الخاطب إذا ركنت له المرأة وانقطع عنها‬
‫خطاب لركونها إليه‪.‬‬ ‫ال ُ‬
‫وعلى هذا نقول‪:‬‬
‫‪‬أن حكم الفسخ بعد ركون كل منهما للخر يختلف باختلف‬
‫السبب‪:‬‬
‫)‪ (1‬فإن كان لغرض صحيح ومصلحة فل كراهة في ذلك‪.‬‬
‫)‪ (2‬إن كان بل سبب فهو مكروه لن فيه كسر لقلب الخر‪ ،‬وقد‬
‫يصل لدرجة الحرمة وذلك إذا ركنت المرأة إليه وانقطع عنها‬
‫الخطاب ثم بعد ذلك يتركها‪.‬‬
‫َ‬
‫ن{)الصف ‪(3‬‬ ‫عُلو َ‬ ‫قوُلوا َ‬
‫ما ل َ ت َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬
‫ه أن ت َ ُ‬ ‫قتا ً ِ‬ ‫قال تعالي ‪}:‬ك َب َُر َ‬
‫م ْ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪) :‬آية المنافق ثلث‪ :‬إذا حدث كذب‪ ،‬وإذا أؤتمن خان‪ ،‬وإذا‬
‫وعد أخلف((‪.‬‬
‫وإذا كان الفسخ بسبب أن خاطبا ً تقدم لها فهذا حرام‬ ‫‪.1‬‬
‫لما تقدم معنا لنه ل يجوز أن يخطب على خطبة أخيه ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬ل يخطب أحدكم على خطبة على خطبة أخيه حتى‬
‫ينكح أو يترك‪.‬‬

‫]*[ ‪‬عقد النكاح ومسائله‬


‫خطبة ابن‬‫يستحب الخطبة بين يدي العقد بخطبة الحاجة »ب ُ‬
‫مسعود« التي رواها عن رسول الله ‪r‬‬
‫) لحديث ابن مسعود الثابت في صحيح السنن الربعة ( قال ‪:‬‬
‫علمنا رسول الله ‪ r‬خطبة الحاجة أن الحمد لله نستعينه ونستغفره‬
‫ونعوذ به من شرور أنفسنا من يهد الله فل مضل له ومن يضلل‬
‫فل هادي له وأشهد أن ل إله إل الله وأشهد أن محمدا عبده‬
‫ورسوله !> يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ول تموتن إل‬
‫وأنتم مسلمون <! !> يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من‬
‫نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال كثيرا ونساء‬
‫واتقوا الله الذي تساءلون به والرحام إن الله كان عليكم رقيبا <!‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪87‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫!> يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ول تموتن إل وأنتم‬
‫مسلمون <! !> يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قول سديدا‬
‫يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد‬
‫فاز فوزا عظيما ‪.‬‬
‫وج الرجل‪ ،‬فيقول‪ :‬زوجتك بنتي فلنة‪ ،‬ول حاجة‬ ‫ثم يقال للولي‪ :‬ز ّ‬
‫أن يقول‪ :‬على سنة الله وسنة رسوله ‪ r‬؛ لن الصل في المسلم‬
‫أنه على سنة الله وسنة رسوله ‪ ،r‬ويقول الزوج‪ :‬قبلت‪ ،‬ثم يقال‬
‫للزوج‪ :‬بارك الله لكما‪ ،‬وبارك عليكما‪ ،‬وجمع بينكما في خير‪،‬‬
‫) لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي‬
‫داوود و الترمذي ( أن النبي كان إذا رفأ النسان إذا تزوج قال‬
‫بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير‪ ، .‬وبعض الناس‬
‫يقول ما يقوله أهل الجاهلية‪» :‬بالرفاء والبنين«‪ ،‬نسأل الله أل‬
‫يعمي قلوبنا‪ ،‬يأتي لفظ عن الرسول ـ عليه الصلة والسلم ـ خير‬
‫وبركة ونعدل عنه‪ ،‬ربما ل يكون هذا رفاء‪ ،‬فربما يحصل من‬
‫الخروق أكثر من الرفاء بين الزوج والزوجة‪ ،‬وقد تكون البنت خيرا ً‬
‫من البن بكثير‪.‬‬
‫ثم إذا زفت إليه يأخذ بناصيتها‪ ،‬ويقول‪ :‬اللهم إني أسألك خيرها‬
‫وخير ما جبلتها عليه‪ ،‬وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه‬
‫)لحديث أبي عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى‬
‫خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ‬
‫بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬أركان عقد النكاح‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي أركان عقد النكاح؟‬


‫أركان عقد النكاح ‪:‬‬
‫)‪ (1‬الزوجان‬
‫)‪ (2‬اليجاب والقبول ‪ ،‬اليجاب هو اللفظ الصادر من الولي‪ ،‬أو من‬
‫يقوم مقامه‪ ،‬والقبول هو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم‬
‫مقامه‪.‬‬
‫جتك ابنتي‪،‬‬ ‫فيقول ـ مثل ً ـ الولي‪ ،‬كالب‪ ،‬والخ‪ ،‬وما أشبه ذلك‪َ :‬ز ّ‬
‫و ْ‬
‫زوجتك أختي‪ ،‬وسمي إيجابًا؛ لنه أوجب به العقد‪ ،‬والقبول هو‬
‫اللفظ الصادر من الزوج‪ ،‬أو من يقوم مقامه‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪88‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬

‫]*[ ‪‬شروط صحة النكاح‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي شروط صحة النكاح؟‬


‫شروط صحة النكاح ‪:‬‬
‫)‪ (1‬تعيين الزوجين‪ ، ،‬لن عقد النكاح على أعيانهما‪ ،‬الزوج‬
‫والزوجة؛ والمقام مقام عظيم يترتب عليه أنساب‪ ،‬وميراث‪،‬‬
‫وحقوق‪ ،‬فلذلك ل بد من تعيين الزوجين‪ ،‬فل يصح أن يقول‪:‬‬
‫زوجت أحد أولدك‪ ،‬أو زوجت أحد هذين الرجلين‪ ،‬أو زوجت طالبا ً‬
‫في الكلية‪ ،‬بل ل بد أن يعين‪ ،‬وكذلك الزوجة فل بد أن يعّينها‬
‫فيقول‪ :‬زوجتك بنتي‪.‬‬
‫والدلة الواردة في الكتاب والسنة تدل على التعيين‪ ،‬قال الله‬
‫ما‬‫فل َ ّ‬ ‫ن{{ ]النساء‪ ، [25 :‬وقال‪َ }} :‬‬ ‫ه ّ‬
‫هل ِ ِ‬‫ن أَ ْ‬‫ن ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫ه ّ‬‫حو ُ‬ ‫فان ْك ِ ُ‬‫تعالى‪َ }} :‬‬
‫م‬‫ول َك ُ ْ‬ ‫ها{{ ]الحزاب‪ ، [37 :‬وقال‪َ }} :‬‬ ‫جَناك َ َ‬ ‫وطًَرا َز ّ‬
‫و ْ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬‫ضى َزي ْدٌ ِ‬‫ق َ‬‫َ‬
‫َ‬
‫م{{ ]النساء‪ [12 :‬وإن كان هذا حكاية عن‬ ‫جك ُ ْ‬‫وا ُ‬‫ك أْز َ‬ ‫ما ت ََر َ‬ ‫ف َ‬
‫ص ُ‬‫نِ ْ‬
‫عقد تام‪.‬‬
‫)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال ‪:‬أتت النبي‬
‫امرأة فقالت‪ :‬إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ‪ ،‬فقال‪) :‬ما لي‬
‫في النساء من حاجة(‪ .‬فقال رجل‪ :‬زوجنيها‪ ،‬قال‪) :‬أعطيها ثوبا(‪.‬‬
‫قال‪ :‬ل أجد‪ ،‬قال‪) :‬أعطها ولو خاتما من حديد(‪ .‬فاعتل له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫)ما معك من القرآن(‪ .‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬قال‪) :‬فقد زوجتكها بما‬
‫معك من القرآن(‪.‬‬
‫ولن النكاح ل بد فيه من الشهاد‪ ،‬والشهاد ل يكون على مبهم‪،‬‬
‫بل ل يكون إشهاد إل على شيء معين‪.‬‬
‫)‪ (2‬رضا الزوجين ‪) :‬لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ل تنكح البكر حتى تستأذن‪ ،‬ول‬
‫تنكح الّيم حتى تستأمر« ‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول الله وكيف إذنها ؟ قال‪:‬‬
‫»أن تسكت‪ .‬حتى لو كان الب هو الذي يزوج‪ ،‬والدليل العموم »ل‬
‫تنكح البكر« لم يستثن الب‬
‫وإذا كان النسان ل يمكن أن يجبر في البيع على عقد البيع ففي‬
‫النكاح من باب أولى؛ لنه أخطر وأعظم؛ إذ إن البيع إذا لم تصلح‬
‫لك السلعة سهل عليك بيعها‪ ،‬لكن الزواج مشكل‪ ،‬فدل هذا على‬
‫أنه ل أحد يجبر البنت على النكاح‪ ،‬ولو كانت بكرًا‪ ،‬ولو كان الب هو‬
‫الولي‪ ،‬فحرام عليه أن يجبرها ول يصح العقد‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪89‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وقول النبي ـ عليه الصلة والسلم ـ‪» :‬ل تنكح« ‪ ،‬لو قال قائل‪:‬‬
‫هذا ليس نهيًا‪ ،‬هذا خبر‪ ،‬فما الجواب؟ نقول‪ :‬هذا الخبر بمعنى‬
‫النهي‪ ،‬واعلم أن الخبر إذا جاء في موضع النهي فهو أوكد من‬
‫النهي المجرد‪ ،‬فكأن المر يكون مفروغا ً منه‪ ،‬ومعلوم المتناع؛‬
‫لن النفي دليل على المتناع‪ ،‬والنهي توجيه الطلب إلى المكلف‪،‬‬
‫فقد يفعل وقد ل يفعل‪ ،‬ولهذا قلنا في قوله تعالى‪:‬‬
‫ن{{ ]البقرة‪ [228 :‬إنه أبلغ مما لو‬ ‫ه ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن ب ِأ َن ْ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ت ي َت ََرب ّ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫مطَل ّ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫}} َ‬
‫ن{{‬ ‫ص َ‬ ‫ت ي َت ََرب ّ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫مطَل ّ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫قال‪ :‬وليترّبص المطلقات؛ لن قوله‪َ }} :‬‬
‫كأن هذا أمر واقع ل يتغير‪.‬‬
‫) حديث خنساء بنت خدام النصارية الثابت في صحيح البخاري (‬
‫أن أباها زوجها وهي ثّيب فكرهت ذلك‪ ،‬فأتت النبي فردّ نكاحها‪.‬‬
‫)‪ (3‬الولي‪ :‬الثالث من شروط النكاح الولي‪ ،‬يعني أن النكاح ل‬
‫ينعقد إل بولي‪ ،‬والدليل على ذلك القرآن والسنة‪ ،‬والنظر الثابت‬
‫الصحيح‪.‬‬
‫حّتى‬ ‫ن َ‬ ‫كي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حوا ال ْ ُ‬ ‫ول َ ت ُن ْك ِ ُ‬ ‫‪‬أما القرآن فقوله تعالى‪َ }} :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م{{‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫مى ِ‬ ‫حوا الَيا َ‬ ‫وأن ْك ِ ُ‬ ‫مُنوا{{‪] ،‬البقرة‪ ، [220 :‬وقوله‪َ }} :‬‬ ‫ؤ ِ‬‫يُ ْ‬
‫د يتعدى إلى الغير‪ ،‬والخطاب‬ ‫]النور‪» . [32 :‬وأنكح« فعل متع ٍ‬
‫للولياء فدل هذا على أن النكاح راجع إليهم‪ ،‬ولذلك خوطبوا به‪،‬‬
‫فيكون هذا دليل ً على أن المرأة ل يمكن أن تزوج نفسها‪ ،‬بل ل بد‬
‫َ‬ ‫ضُلو ُ‬
‫ن‬
‫ح َ‬ ‫ن ي َن ْك ِ ْ‬‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫من أن ينكحها غيرها‪ ،‬وقوله تعالى‪َ }} :‬‬
‫َ‬
‫فل َ‬ ‫ف{{ ]البقرة‪َ }} ، [232 :‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا ب َي ْن َ ُ‬ ‫ض ْ‬ ‫ذا ت ََرا َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا َ‬ ‫أْز َ‬
‫ن{{ أي‪ :‬ل تمنعوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم‬ ‫ه ّ‬‫ضُلو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ً‬
‫بالمعروف‪ ،‬ووجه الدللة من الية أنه لو لم يكن الولي شرطا لكان‬
‫عضله ل أثر له‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضُلو ُ‬
‫ن{{ دليل‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا َ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ي َن ْك ِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫وفي قوله تعالى‪َ }} :‬‬
‫على أنه ل فرق في اشتراط الولي بين الثيب والبكر؛ لن قوله‪:‬‬
‫ن{{ دليل على أنهن قد تزوجن من قبل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا َ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ي َن ْك ِ ْ‬ ‫}}أ ْ‬
‫وعلى هذا فنقول‪ :‬إن الية دللتها صريحة على أن الولي شرط‬
‫في النكاح‪ ،‬سواء في البكر أو في الثيب‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫وقال تعالي } َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫جوَر ُ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫وآُتو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫ن ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫حو ُ‬ ‫فان ْك ِ ُ‬
‫ف{ )النساء‪(5 :‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫دى‬ ‫ح َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ح َ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫ن أن ْك ِ َ‬ ‫ريدُ أ ْ‬ ‫وقال تعالي حكاية عن صالح مدين } إ ِّني أ ِ‬
‫ن{) القصص ‪(27:‬‬ ‫هات َي ْ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫اب ْن َت َ ّ‬
‫فقد تولى هو النكاح فدل على أن لحظ للمرأة فيه وهو مقتضي‬
‫قوله تعالى‬
‫ء{) النساء‪(31 :‬‬ ‫سا ِ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ق ّ‬‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫} الّر َ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪90‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) لحديث عائشة الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي‬ ‫‪‬أما السنة‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫ل نكاح إل بولي و شاهدي عدل ‪.‬‬
‫‪ ‌‬و»ل« نافية للجنس‪ ،‬والنفي هنا منصب على الصحة وليس على‬
‫الوجود؛ لنه قد تتزوج امرأة بدون ولي‪ ،‬والنبي ـ عليه الصلة‬
‫والسلم ـ ما يخبر عن شيء فيقع على خلف خبره‪.‬‬
‫وعلى هذا فقوله‪» :‬ل نكاح إل بولي« ‪ ،‬أي‪) :‬ل نكاح صحيح إل‬
‫بولي(‪.‬‬
‫م ل نقول‪ :‬ل نكاح كامل‪ ،‬ونحمل النفي على نفي‬ ‫فلو قال قائل‪ :‬ل ِ َ‬
‫الكمال ل على نفي الصحة؟‬
‫قلنا‪ :‬هذا غير الثابت في صحيح؛ لنه متى أمكن حمله على نفي‬
‫الصحة كان هو الواجب؛ لنه ظاهر اللفظ‪ ،‬ونحن ل نرجع إلى‬
‫تفسير النفي بنفي الكمال‪ ،‬إل إذا دل دليل على الصحة‪ ،‬ولن‬
‫الصل في النفي انتفاء الحقيقة واقعا ً أو شرعا‪.‬‬
‫وهذه القاعدة تقدمت لنا مرارًا‪ ،‬وقلنا‪ :‬إن النفي يحمل على نفي‬
‫الوجود‪ ،‬فإن تعذر فنفي الصحة‪ ،‬فإن تعذر فنفي الكمال‪.‬‬
‫ة الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬‫) حديث َ‬
‫ها‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫ها َباطِ ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ح َ‬‫فِنكا ُ‬ ‫ول ِي ّ َ‬‫ن َ‬‫ر إذْ ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫ت بِ َ‬
‫ح ْ‬‫ة ن ُك ِ َ‬
‫مَرأ ٍ‬ ‫ما ا ْ‬‫النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أي ّ َ‬
‫ما‬ ‫هُر ب ِ َ‬‫م ْ‬‫ها ال َ‬ ‫فل َ َ‬
‫ها َ‬ ‫لب َ‬ ‫خ َ‬‫ن دَ َ‬ ‫ل‪ .‬فإ ْ‬ ‫ها َباطِ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫فِنكا ُ‬ ‫ل‪َ .‬‬ ‫ها َباطِ ٌ‬ ‫ح َ‬‫فِنكا ُ‬ ‫َ‬
‫ه«‪.‬‬‫ي لَ ُ‬
‫ول ِ ّ‬‫ن لَ َ‬ ‫م ْ‬‫ي َ‬‫ول ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫سل ْ َ‬‫جُروا‪ ،‬فال ّ‬ ‫شت َ َ‬‫نا ْ‬ ‫ها‪ .‬فإ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫فْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫ح ّ‬‫ست َ َ‬
‫ا ْ‬
‫]*[ قال المام الشافعي – رحمه الله – كما في كتابه الم )‬
‫‪(5/169‬‬
‫فالنكاح ل يثبت إل بأربعة أشياء " الولي‪ ،‬ورضا المنكوحة ‪ ،‬ورضا‬
‫الناكح ‪ ،‬وشاهدي عدل"‬
‫]*[ قال ابن حزم – رحمه الله‪ -‬كما في المحلى) ‪(9/453‬‬
‫ول يحل للمرأة نكاح ثيبا ً كانت أو بكرا ً إل بإذن وليها الب أو‬
‫الخوة أو الجد أو العمام أو بني العمام وإن بعدوا القرب‬
‫فالقرب أولي‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن قدامه – رحمه الله – كما في المغني ) ‪(345 / 9‬‬
‫النكاح ل يصح إل بولي ‪ ،‬ول تملك المرأة تزويج نفسها ول غيرها ‪،‬‬
‫ول توكيل غير وليها في تزويجها‪ ،‬فإن فعلت لم يصح النكاح‬
‫وروي هذا عن عمر و علي وابن مسعود وابن عباس وأبي هريرة‬
‫وعائشة)رضي الله عنهم(‬
‫وإليه ذهب سعيد بن المسيب‪ ،‬والحسن ‪ ،‬وعمر بن عبد العزيز‬
‫وجابر بن زيد والثوري وابن أبي ليلى ‪ ،‬وابن شبرمه ‪ ،‬وابن‬
‫المبارك ‪ ،‬وعبيد الله العنبري ‪ ،‬والشافعي ‪ ،‬إسحاق ‪ ،‬وأبو عبيد ‪.‬‬

‫‪‬‬
‫ت‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪91‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ وقال شيخ السلم ابن تيمية – رحمه الله – كما في مجموع‬
‫الفتاوى) ‪(32/131‬‬
‫أن ذكر الولي دل عليه القرآن في غير موضع والسنة في غير‬
‫موضع وهو عادة الصحابة إنما كان يزوج النساء الرجال‬
‫ل يعرف أن المرآة تزوج نفسها وهذا مما يفرق فيه بين النكاح‬
‫ومتخذات الخدان‪،‬‬
‫]*[ وبهذا قالت عائشة – رضي الله عنها – ل تزوج المرأة نفسها‬
‫فإن البغي هي التي تزوج نفسها‪.‬‬
‫)‪ (4‬شاهدي عدل ‪ :‬أي‪ :‬مستقيمين دينا ً ومروءة أن يشهد على عقد‬
‫النكاح شاهدان مستقيمين دينا ً ومروءة‪ ،‬ودليل ذلك قوله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫غن أ َجل َهن َ َ‬
‫ف‬
‫عُرو ٍ‬
‫م ْ‬
‫ن بِ َ‬
‫ه ّ‬ ‫ر ُ‬
‫قو ُ‬ ‫و َ‬
‫فا ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫عُرو ٍ‬‫م ْ‬
‫ن بِ َ‬
‫ه ّ‬ ‫س ُ‬
‫كو ُ‬ ‫م ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ذا ب َل َ ْ َ َ ُ ّ‬ ‫}} َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫م{{ ]الطلق‪. [2 :‬‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ل ِ‬‫عدْ ٍ‬
‫ي َ‬ ‫دوا ذَ َ‬
‫و ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫َ‬
‫فأمر الله ـ تعالى ـ بالشهاد على الرجعة‪ ،‬والرجعة إعادة نكاح‬
‫سابق‪ ،‬فإذا كان مأمورا ً بالشهاد على الرجعة‪ ،‬فالشهاد على‬
‫جعة زوجته‪ ،‬وهذه أجنبية منه‬ ‫العقد ابتداءً من باب أولى؛ لن المرا َ‬
‫) حديث عائشة الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل‬
‫نكاح إل بولي و شاهدي عدل ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬شروط الولي‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي شروط الولي ؟‬


‫شروط الولي خمسة ‪:‬‬
‫ل‪ ،‬فالذي دون البلوغ ل يعقد‬‫)‪(1‬أن يكون مكلف ‪،‬أي بالغا ً عاق ً‬
‫لغيره‪ ،‬والمجنون ل يعقد لغيره؛ لنهما يحتاجان إلى ولي‪ ،‬فكيف‬
‫يكونان وليين لغيرهما؟!‬
‫)‪(2‬أن يكون ذكرا ‪ :‬لنه إذا كانت المرأة ل تزوج نفسها فكيف‬
‫تزوج غيرها؟! وعلى هذا فالم ل تزوج بنتها لشتراط الذكورية ‪،‬‬
‫فلو كان لها أم وابن عم‪ ،‬وجاءت تسأل من وليها؟ نقول‪ :‬ابن‬
‫عمها‪ ،‬أما النثى فل تكون وليًا‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬ل تزوج المرأة المرأة و ل تزوج المرأة نفسها ‪.‬‬
‫)‪(3‬أن يكون راشد العقل ‪ :‬وهذا من أهم الشروط أن يكون الولي‬
‫رشيدًا‪ ،‬والرشد في كل موضع بحسبه‪ ،‬الرشد في العقد بأن يكون‬
‫فاء‪ ،‬ليس من الناس الذين‬‫بصيرا ً بأحكام عقد النكاح‪ ،‬بصيرا ً بالك ْ َ‬
‫غّرة وجهل‪ ،‬بل يعرف الكفاء ومصالح النكاح‪ ،‬وهذا في‬ ‫عندهم ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪92‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الحقيقة هو محط الفائدة من الولية؛ لئل نضيع مصالح المرأة‪،‬‬
‫فإذا لم يكن رشيدًا‪ ،‬ول يهمه مصلحة البنت‪ ،‬ول يهمه إل المال‪،‬‬
‫وجاء إليه شخص‪ ،‬وقال‪ :‬أنا أعطيك مليون ريال وزوجني بنتك‪،‬‬
‫وهذا الرجل ليس كفؤًا‪ ،‬فوافق الب وزوج ابنته‪ ،‬وقال‪ :‬أنا لي‬
‫إجبار بنتي‪ ،‬وأخذ المليون‪ ،‬فهذا ل يمكن أن يولى‪ ،‬ول تصح وليته‪،‬‬
‫فل بد أن يكون عنده رشد في العقد‪ ،‬ولو فرضنا أن هذا الولي‬
‫عنده رشد في العقد‪ ،‬ويعرف مصالح النكاح‪ ،‬ويعرف الكفاء‬
‫ويعرف الناس معرفة تامة‪ ،‬لكنه في بيعه وشرائه ليس برشيد‪ ،‬فل‬
‫يحسن البيع ول الشراء‪ ،‬فهذا ل يضر؛ لن الرشد في كل موضع‬
‫بحسبه‪ ،‬فما دام أن الرجل يعرف مصالح النكاح والكفء‪ ،‬وما يجب‬
‫وج‪.‬‬‫للزوجة وجميع ما يتعلق بالنكاح فهو رشيد ويز ّ‬
‫)‪(4‬اتفاق الدين بين الولي والمرأة ‪ :‬يعني أن يكون الولي والمرأة‬
‫دينهما واحد‪ ،‬سواء كان دين السلم أو غير دين السلم؛ وذلك‬
‫لنقطاع الولية بين المختلفين في الدين‪ ،‬ويدل على انقطاع‬
‫الولية أنه ل يتوارث أهل ملتين‪ ،‬فإذا انقطعت الصلة بالتوارث‪،‬‬
‫فانقطاعها بالولية من باب أولى‪ ،‬فعلى هذا يزوج النصراني ابنته‬
‫النصرانية‪ ،‬وكذلك يزوج اليهودي ابنته اليهودية‪.‬‬
‫)‪(5‬العدالة ‪» :‬والعدالة« ‪ ،‬وهي استقامة الدين والمروءة‪ ،‬فغير‬
‫العدل ل يصح أن يكون وليًا؛ لنها ولية نظرية‪ ،‬ينظر فيها الولي‬
‫ما هو الصلح للمرأة؟ فيشترط فيها المانة‪ ،‬والفاسق غير مؤتمن‬
‫حتى في خبره‪ ،‬فكيف في تصرفه؟! والله ـ عّز وجل ـ يقول‪:‬‬
‫َ‬
‫ق ب ِن َب َإ ٍ َ‬
‫فت َب َي ُّنوا{{ ]الحجرات‪[6 :‬‬ ‫س ٌ‬ ‫م َ‬
‫فا ِ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬
‫ن َ‬
‫مُنوا إ ِ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫}}َياأي ّ َ‬
‫‪ ،‬إذا ً الفاسق ل يصح أن يكون وليا ً على ابنته‪ ،‬ول على أخته‪ ،‬ول‬
‫على بنت أخيه‪ ،‬وما أشبه ذلك ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬سلم الترتيب في الولي‬


‫للمرأة‬

‫مسألة ‪ :‬ما هو سلم الترتيب في الولي للمرأة ؟‬


‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ها‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫م اب ْن ُ َ‬ ‫ل‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ها ل ٍ‬ ‫جدّ َ‬ ‫م َ‬ ‫دم أبو المرأة في إنكاحها« ث ُ ّ‬ ‫يق ّ‬
‫ما ك َذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫ك‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ه َ‬‫م ب َُنو ُ‬ ‫ب‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫م لِ ٍ‬ ‫ن‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫وي ْ ِ‬‫ها لب َ َ‬ ‫خو َ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ن ن ََزلوا‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ب َُنوهُ َ‬
‫سبا ً‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ما ك َذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة نَ َ‬ ‫صب َ ٍ‬
‫ع َ‬ ‫ب َ‬ ‫قَر ُ‬ ‫ك‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ه َ‬‫م ب َُنو ُ‬ ‫ب‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫مل ٍ‬ ‫ن‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫وي ْ ِ‬
‫ها لب َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ّ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ء‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ول َ ً‬ ‫م َ‬ ‫سبًا‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ه نَ َ‬ ‫صب َت ِ ِ‬‫ع َ‬ ‫ب َ‬ ‫قَر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫م‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ع ُ‬
‫من ْ ِ‬‫وَلى ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ث ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫كال ِْر ِ‬ ‫َ‬
‫ن‪.‬‬‫طا ُ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ال ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪93‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ : ‬في باب الولي يقدم الب على البن بعكس الرث لن‬ ‫‪‬تنبيه‬
‫الب أكمل نظرا َ وأشد شفقة ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا لم يكن للمرأة ولي فمن يزوجها ؟‬
‫ة الثابت في صحيحي‬ ‫ش َ‬‫عائ ِ َ‬
‫ه) حديث َ‬ ‫ي لَ ُ‬‫ول ِ ّ‬‫ن لَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي َ‬‫ول ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ر‬
‫غي ْ ِ‬
‫ت بِ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ة ن ُك ِ َ‬ ‫مَرأ ٍ‬ ‫ما ا ْ‬‫أبي داوود و الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أي ّ َ‬
‫ن‬
‫ل‪ .‬فإ ْ‬ ‫ها َباطِ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫فِنكا ُ‬ ‫ل‪َ .‬‬ ‫ها َباطِ ٌ‬‫ح َ‬‫فِنكا ُ‬ ‫ل‪َ .‬‬ ‫ها َباطِ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫فِنكا ُ‬ ‫ها‪َ ،‬‬ ‫ول ِي ّ َ‬
‫ن َ‬ ‫إذْ ِ‬
‫جُروا‪،‬‬ ‫شت َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ها‪ .‬فإ ِ‬ ‫ج َ‬‫فْر ِ‬‫ن َ‬
‫م ْ‬‫ل ِ‬ ‫ح ّ‬‫ست َ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫هُر ب ِ َ‬‫م ْ‬ ‫ها ال َ‬ ‫فل َ َ‬‫ها َ‬ ‫لب َ‬ ‫خ َ‬ ‫دَ َ‬
‫ه«‪.‬‬‫ي لَ ُ‬ ‫ن لَ َ‬
‫ول ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬
‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫فال ّ‬

‫]*[ ‪‬المحرمات في النكاح‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي المحرمات من النساء ؟‬


‫المحرمات من النساء على قسمين ‪:‬‬
‫) ‪ (1‬تحريم مؤبد ) أي يمنع المرأة أن تكون زوجة للرجل في جميع‬
‫الوقات ‪.‬‬
‫) ‪ (2‬تحريم مؤقت ) أي يمنع المرأة من التزوج بها ما دامت على‬
‫حالة خاصة قائمة بها ‪ ،‬فإن تغير الحال زال التجريم و صارت‬
‫حلل ً ‪.‬‬

‫]*[ ‪ ‬أسباب التحريم‬

‫) ‪ ( 2/ 1‬النسب و الرضاعة‬
‫) ‪ (3‬المصاهرة‬
‫وهي المذكورة في آية النساء ‪،‬‬
‫َ‬ ‫عل َيك ُ ُ‬
‫مات ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ع ّ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫وات ُك ُ ْ‬‫خ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫م َ‬ ‫وب ََنات ُك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫هات ُك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ت َ ْ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حّر َ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ) :‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫عن َك ُ ْ‬ ‫م الل ِّتي أْر َ‬
‫ض ْ‬ ‫هات ُك ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ت ال ُ ْ‬ ‫وب ََنا ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫وب ََنا ُ‬ ‫م َ‬ ‫خال َت ُك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫م الل ِّتي ِ‬ ‫وَرَبائ ِب ُك ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سآئ ِك ُ ْ‬ ‫ت نِ َ‬ ‫ها ُ‬ ‫م َ‬‫وأ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ِ‬
‫ضا َ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫وات ُ ُ‬ ‫خ َ‬‫وأ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫م بِ ِ‬ ‫خلت ُ ْ‬ ‫م ت َكوُنوا دَ َ‬
‫َ‬
‫ن فِإن ل ْ‬
‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫خلت ُ ْ‬ ‫م اللِتي دَ َ‬
‫َ‬
‫سآئ ِك ُ‬ ‫من ن ّ َ‬ ‫م ّ‬ ‫رك ْ‬ ‫جو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ُ‬
‫عوا ْ ب َي ْ َ‬
‫ن‬ ‫م ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وأن ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صل َب ِك ُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ل أب َْنائ ِك ُ ُ‬ ‫حل َئ ِ ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ح َ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫َ‬
‫حيمًا( ]النساء ‪[23 /‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ف إِ ّ‬ ‫سل َ َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن إ َل ّ َ‬ ‫خت َي ْ ِ‬
‫ال ْ‬
‫أول ً ‪ :‬المحرمات بالنسب ‪:‬‬
‫) سبع ‪ /‬المهات و البنات و الخوات ‪ /‬العمات و الخالت ‪ /‬بنات‬
‫الخ و بنات الخت (‬
‫ثانيا ً ‪ :‬المحرمات بالرضاعة ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪94‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) أيضا ً سبع ‪ ،‬فيحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب ‪،‬‬
‫)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫م من النسب ‪.‬‬‫م من الّرضاع ما يحُر ُ‬‫يحُر ُ‬
‫وعلى هذا يحرم على الرجل أمه من الرضاع و بنته من الرضاعة و‬
‫أخته من الرضاعة و عمته وخالته وبنت أخيه وبنت أخته من‬
‫الرضاعة ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬الرضاع الذي يثبت به التحريم‬

‫الرضاع الذي يثبت به التحريم ) خمس رضعات معلومات ‪ ،‬وأن‬


‫تكون قبل الفطام‬
‫) حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( قالت ‪ :‬كان فيما أنزل‬
‫س معلومات ‪،‬‬ ‫ن‪ ،‬ثم ُنسخن بخم ٍ‬ ‫حرم ّ‬‫شَر رضعات ي ُ ّ‬ ‫من القرآن ع ْ‬
‫فتوفي رسول الله ‪ r‬وهي مما يقرأ من القرآن ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬معنى ) فتوفي رسول الله ‪ r‬وهي مما ُيقرأ من‬
‫القرآن ( ‪:‬‬
‫المعنى أن النسخ تأخر حتى أن رسول الله ‪ r‬توفي وبعض الناس‬
‫لم يعرف ‪ ،‬فكان يقرأها على أنها آية من كتاب الله ‪.‬‬
‫) حديث أم سلمة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل‬
‫ة ول الملجتان (‬ ‫تحرم الملج ُ‬
‫) الملجة ( الرضاعة ‪.‬‬
‫) حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل‬
‫صتان(‬‫صة ول الم ّ‬ ‫حرم الم ّ‬‫تُ ّ‬
‫)حديث أم سلمة الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن‬
‫ق المعاء في الثدي‬ ‫حرم من الرضاعة إل ما فت ّ َ‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل ي ُ ّ‬
‫وكان قبل الفطام ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬المحرمات بالمصاهرة‬


‫مسألة ‪ :‬اذكر المحرمات بالمصاهرة ؟‬
‫) ‪ (1‬أم الزوجة ) تحرم بمجرد العقد‬
‫) ‪ (2‬زوج البنت ) يحرم بمجرد العقد‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪95‬‬
‫»‬ ‫وت‬ ‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫المحرمات في النكاح‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫في‬ ‫م الل ِّتي ِ‬ ‫وَرَبائ ِب ُك ُ ُ‬
‫) ‪ (3‬ابنة الزوجة المدخول بها ‪ ،‬لقوله تعالى ) َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫خل ْت ُ ْ‬
‫م بِ ِ‬ ‫كوُنوا ْ دَ َ‬ ‫م تَ ُ‬‫فِإن ل ّ ْ‬
‫ن َ‬
‫ه ّ‬ ‫خل ْت ُ ْ‬
‫م بِ ِ‬ ‫سآئ ِك ُ ُ‬
‫م الل ِّتي دَ َ‬ ‫من ن ّ َ‬ ‫م ّ‬‫رك ُ ْ‬
‫جو ِ‬ ‫ح ُ‬
‫ُ‬
‫م ( ) النساء ‪(23 /‬‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ح َ‬‫جَنا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫َ‬
‫) ‪ (4‬زوجة الب ) تحرم على البن بمجرد عقد الب عليها ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬ثانيا ُ ‪ :‬المحرمات مؤقتا ً‬

‫مسألة ‪ :‬ما معنى المحرمات مؤقتا ؟‬


‫المحرمات مؤقتا ً ‪ :‬أي المحرمات لسبب ‪ ،‬وبزوال السبب يزول‬
‫التحريم ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي المحرمات مؤقتا ً ؟‬
‫المحرمات مؤقتا ً خمسة ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫خت َي ْ ِ‬
‫ن ال ْ‬ ‫عوا ْ ب َي ْ َ‬ ‫م ُ‬‫ج َ‬‫وأن ت َ ْ‬ ‫) ‪ (1‬الجمع بين الختين ‪ ،‬لقوله تعالى ‪َ ) :‬‬
‫حيمًا( ]النساء ‪[23 /‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ف إِ ّ‬ ‫سل َ َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫إ َل ّ َ‬
‫) ‪ (2‬الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها ‪،‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫ةو‬ ‫ة و عمتها و ل بين المرأ ِ‬ ‫ع بين المرأ ِ‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل ُيجم ُ‬
‫خالتها ‪.‬‬
‫) ‪ (3‬زوجة الغير ومعتدته ‪ ،‬لقوله تعالى ‪) :‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫م ( )النساء ‪(24 /‬‬ ‫مان ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ء إ ِل ّ َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫صَنا ُ‬‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬ ‫) َ‬
‫حرم عليكم المحصنات من النساء أي المتزوجات‬ ‫والمعنى أي ُ‬
‫ل لسابيها بعد‬ ‫ن ‪ ،‬إل المسبية ) ملك اليمين ( فإنها تح ُ‬ ‫منه ّ‬
‫الستبراء وإن كانت متزوجة ‪.‬‬
‫) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح مسلم ( أن رسول الله ‪r‬‬
‫الله بعث جيشا ً إلى أوطاس ‪ ،‬فلقوا عدوا ً فقاتلوهم ‪ ،‬فظهروا‬
‫س من أصحاب رسول الله تحرجوا‬ ‫عليهم وأصابوا سبايا وكان نا ٌ‬
‫من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز‬
‫َ‬
‫م ( أي‬ ‫مان ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ء إ ِل ّ َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫صَنا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬‫وجل في ذلك ) َ‬
‫فهن لكم حلل إذا انقضت عدتهن ‪ ،‬ويكون الستبراء بحيضة ‪.‬‬
‫ل لزوجها حتى تنكح زوجا ً غيره نكاحا ً‬ ‫) ‪ (4‬المطلقة ثلثا ً ‪ :‬ل تح ُ‬
‫الثابت في صحيحا ً ‪.‬‬
‫ى‬
‫حت ّ ََ‬ ‫عدُ َ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫فل َ ت َ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن طَل ّ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫لقوله تعالى ‪) :‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫عآ ِإن ظَّنآ أن‬ ‫َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫فِإن طَل ّ َ‬ ‫وجا ً َ‬
‫ج َ‬ ‫مآ أن ي َت ََرا َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫ق َ‬ ‫غي َْرهُ َ‬ ‫ح َز ْ‬ ‫ت َن ْك ِ َ‬
‫ن( ]البقرة ‪/‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫وم ٍ ي َ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ها ل ِ َ‬ ‫ه ي ُب َي ّن ُ َ‬ ‫دودُ الل ّ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وت ِل ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫دودَ الل ّ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫قي َ‬ ‫يُ ِ‬
‫‪[230‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪96‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) ‪ (5‬زواج الزانية ‪ :‬فإنه ل يحل للرجل أن يتزوج بزانية ‪ ،‬ول يحل‬
‫ل منهما توبة ‪،‬‬ ‫ن إل أن يحدث ك ُ‬ ‫للمرأة أن تتزوج بزا ٍ‬
‫رك َ ً‬ ‫َ‬ ‫ح إ ِل ّ َزان ِي َ ً‬
‫ة‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫لقوله تعالى ‪ :‬قال تعالى‪) :‬الّزاِني ل َ َينك ِ ُ‬
‫َ‬
‫ن(‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫م ذَل ِ َ‬ ‫حّر َ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ر ٌ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫هآ إ ِل ّ َزا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ة ل َ َينك ِ ُ‬ ‫والّزان ِي َ ُ‬ ‫َ‬
‫]النور ‪[3 /‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫ل السارى بمكة ‪،‬‬ ‫مرَثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحم ُ‬ ‫الترمذي ( أن َ‬
‫عناق وكانت صديقته ‪ ،‬قال جئت إلى‬ ‫ي يقال لها َ‬ ‫وكان بمكة بغ ٌ‬
‫النبي فقلت يا رسول الله أنكح عناقا ً ؟ قال فسكت عني ‪.‬‬
‫عَلى‬ ‫م ذَل ِ َ‬ ‫ر ٌ‬ ‫َ‬
‫ك َ‬ ‫حّر َ‬ ‫و ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫هآ إ ِل ّ َزا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ة ل َ َينك ِ ُ‬ ‫والّزان ِي َ ُ‬ ‫فنزلت ) َ‬
‫ى وقال ‪ :‬ل تنكحها ‪.‬‬ ‫ن ( فدعاني فقرأها عل ّ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫مسألة ‪ :‬لو أن إنسانا ً وطئ أخت زوجته بشبهة أو زنا ‪ ,‬هل تحرم‬
‫عليه زوجته ؟‬
‫الصحيح أن الزنا ل أثر له ‪ ،‬ول يمكن أن نجعل الزنا السفاح‬
‫كالنكاح الثابت الصحيح‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو أن إنسانا ً طلق زوجته وما زالت في عدتها ثم تزوج‬
‫أختها هل يصح النكاح ؟‬
‫ل يصح النكاح ‪ ،‬لن المطلقة إن كانت رجعية فهي في حكم‬
‫ق النكاح ‪.‬‬ ‫عل ُ‬ ‫الزوجة ‪ ،‬وإن كانت بائنا ً لم ينقطع عنها ِ‬
‫مسألة ‪ :‬ما معنى الستبراء ؟‬
‫الستبراء ‪ :‬طلب براءة الرحم وتكون بحيضة ‪ ،‬بمعنى أننا ننتظر‬
‫حتى تحيض حيض حتى نعرف أنها ليس بها حمل ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي عدة المراة ؟‬
‫]*[ عدةُ المرأة على التفصيل التي‪:‬‬
‫]‪ [1‬إن كانت تحيض ) ثلثة قروء (‬
‫َ‬ ‫مطَل ّ َ‬
‫ء(‬ ‫و ٍ‬ ‫قُر َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ن ث َل َث َ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن ب ِأن ْ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ت ي َت ََرب ّ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫لقوله تعالى ‪َ ) :‬‬
‫]البقرة ‪[228 /‬‬
‫]‪ [2‬اليسة من الحيض و التي ل تحيض عدتها ) ثلثة أشهر (‬
‫من‬ ‫ض ِ‬ ‫حي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫س َ‬ ‫والل ِّئي ي َئ ِ ْ‬ ‫لقوله تعالى ‪) :‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫ن(‬ ‫ض َ‬ ‫ح ْ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫والل ِّتي ل َ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ه ٍ‬ ‫ش ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ن ث َل َث َ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫عدّت ُ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن اْرت َب ْت ُ ْ‬ ‫م إِ ِ‬ ‫سآئ ِك ُ ْ‬ ‫نّ َ‬
‫]الطلق ‪[4 /‬‬
‫]‪ [3‬و الحامل عدتها بوضع الحمل ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫لقوله تعالى‪ُ ) :‬‬
‫ق‬
‫من ي َت ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ن أن ي َ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جل ُ ُ‬ ‫لأ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ال ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫سرا( ]الطلق ‪[4/‬‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫عل ل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح أبي داوود ( أن النبي ‪r‬‬
‫ل حتى تحيض حيضة ‪.‬‬ ‫ت حم ٍ‬ ‫ل حتى تضع ول ذا ِ‬ ‫قال ‪ :‬ل ُتوطأ حام ٌ‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪97‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ويفع بنت ثابت الثابت في صحيحي أبي داوود و‬ ‫) حديث ُر َ‬
‫الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل يحل لمر ٍ‬
‫ئ يؤمن بالله و اليوم‬
‫ي ماءَهُ زرع غيره ‪.‬‬
‫سق َ‬
‫الخر أن ي َ ْ‬

‫]*[ ‪‬النكحة الفاسدة‬


‫مسألة‪ :‬ما الفرق بين النكاح الباطل والفاسد ؟‬
‫النكاح الباطل ‪ :‬ما أجمع العلماء على فساده مثل أن ينكح الرجل‬
‫امرأةً ثم يتبين له أنها أخته من الرضاعة ‪.‬‬
‫أما النكاح الفاسد ‪ :‬ما اختلف العلماء في فساده مثل النكاح بل‬
‫ولي ول شهود‪.‬‬
‫ة الفاسدة ؟‬ ‫مسألة ‪ :‬ما هي النكح ُ‬
‫ة الفاسدة هي ما يلي ‪:‬‬ ‫النكح ُ‬
‫سر الشغار بأن يزوجه موليته على أن يزوجه‬ ‫ف ّ‬ ‫)‪ (1‬نكاح الشغار ‪ :‬و ُ‬
‫الخر موليته ول مهر بينهما‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬نهى عن الشغار‪ .‬والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن‬
‫يزوجه الخر ابنته‪ ،‬ليس بينهما صداق‪.‬‬
‫)‪ (2‬نكاح المحلل‪ :‬وهو أن يتزوج )المطلقة ثلثا( بعد انقضاء عدتها‬
‫ثم يطلقها لتحل للزوج الول‪.‬‬
‫ي الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن النبي‬ ‫) حديث عل ّ‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫لعن الله المحّلل والمحّلل له ‪.‬‬
‫) حديث عقبة بن عامر الثابت في صحيح ابن ماجة ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬أل أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال هو‬
‫المحلل ‪ ،‬لعن الله المحّلل والمحّلل له ‪.‬‬
‫)‪ (3‬نكاح المتعة ‪ :‬هو أن يعقد الرجل على المرأة يوما ً أو أسبوعا ً‬
‫أو شهرا ً أو غير ذلك من الجال المعلومة ‪ ،‬فالقاعدة إذا ً كل نكاح‬
‫موقت بعمل‪ ،‬أو زمن فإنه نكاح متعة ل يجوز‪.‬‬
‫ي رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬ ‫)حديث عل ّ‬
‫نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل الحمر النسية ‪.‬‬
‫و ثبت عن النبي ‪ ،‬كما في حديث مسلم عن سبرة بن معبد‬
‫الجهني ـ رضي الله عنه ـ أنه خطب‪ ،‬وقال عن المتعة‪» :‬إنها حرام‬
‫إلى يوم القيامة« فصرح النبي بحرمتها‪ ،‬وصرح بقوله‪» :‬إلى يوم‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪98‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫القيامة« ‪ ،‬وهذا خبٌر‪ ،‬والخبر ل يدخله النسخ‪ ،‬ثم هو خبٌر مقيد بأمد‬
‫تنتهي به الدنيا‪ ،‬فما دام الرسول حرمه إلى يوم القيامة‪ ،‬فمعنى‬
‫ذلك أنه ل يمكن أن ينسخ هذا الحكم أبدًا‪ ،‬فلو أن أحدا ً قال‪ :‬إنها‬
‫حرام‪ ،‬وهذا خبر الثابت في صحيح لكن بمعنى الحكم‪ ،‬والخبر الذي‬
‫بمعنى الحكم يدخله النسخ‪ ،‬قلنا‪ :‬لكن هذا ما يمكن دخول النسخ‬
‫فيه؛ والسبب أنه قال‪» :‬إلى يوم القيامة«‪.‬‬

‫]*[ ‪‬الشروط في النكاح‬


‫مسألة ‪ :‬ما الفرق بين شروط النكاح و الشروط في النكاح ؟‬
‫ن إ ِل ّ‬‫ل ي َن ْظُُرو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ‬‫الشرط في اللغة العلمة‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪َ }} :‬‬
‫ها{{ ]محمد‪ [18 :‬أي‪:‬‬ ‫شَراطُ َ‬ ‫جاءَ أ َ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬‫ة َ‬‫غت َ ً‬‫م بَ ْ‬‫ه ْ‬
‫ْ‬
‫ن ت َأت ِي َ ُ‬
‫ع َ َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫سا َ‬‫ال ّ‬
‫علماتها‪ ،‬أما الفرق بين شروط النكاح والشروط في النكاح‪ ،‬فهو‬
‫من أربعة أوجه‪:‬‬
‫ل‪ :‬أن شروط النكاح من وضع الشارع‪ ،‬فالله ـ سبحانه وتعالى ـ‬ ‫أو ً‬
‫هو الذي وضعها وجعلها شروطًا‪ ،‬وأما الشروط في النكاح فهي‬
‫من وضع العاقد‪ ،‬وهو الذي شرطها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬شروط النكاح يتوقف عليها صحة النكاح‪ ،‬أما الشروط فيه‬
‫فل تتوقف عليها صحته‪ ،‬إنما يتوقف عليها لزومه‪ ،‬فلمن فات‬
‫شرطه فسخ النكاح‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن شروط النكاح ل يمكن إسقاطها‪ ،‬والشروط في النكاح‬
‫يمكن إسقاطها ممن هي له‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬شروط النكاح ل تنقسم إلى الثابت في صحيح وفاسد‪،‬‬
‫والشروط في النكاح تنقسم إلى الثابت في صحيح وفاسد‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما حكم الشروط؟‬
‫حكم الشروط ‪ :‬يجب الوفاء بها إذا صح ‪.‬والدليل على ذلك عموم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوِد{{‬ ‫ع ُ‬‫فوا ِبال ْ ُ‬‫و ُ‬‫مُنوا أ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الدلة المرة بالوفاء بالعقد‪َ}} :‬ياأي ّ َ‬
‫]المائدة‪َ }} ، [1 :‬‬
‫ل{{ ]السراء‪:‬‬ ‫ؤو ً‬ ‫س ُ‬‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫هدَ َ‬
‫كا َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ع ْ‬ ‫د إِ ّ‬‫ه ِ‬
‫ع ْ‬‫فوا ِبال ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫‪[34‬‬
‫)حديث عقبة ابن عامر الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ »:‬أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج«‬
‫مَزني الثابت في صحيحي الترمذي‬ ‫ف ال ُ‬ ‫)حديث عمرو ابن عو ٍ‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬المسلمون على شروطهم إل‬
‫شرطا ً أحل حراما ً أو حرم حلل ً ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫« خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫‪99‬‬
‫»‬ ‫وت‬
‫م ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬ ‫‪‬‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مسألة ‪ :‬إن كانت المرأة اشترطته على زوجها أن تعمل دائما ً أو‬
‫وقتا ً معينا ً فهل يجب على الزوج أن يوفي بهذا الشرط ؟‬
‫إن كانت المرأة اشترطته على زوجها أن تعمل دائما ً أو وقتا ً‬
‫معينا ً ‪ ،‬فإن عليه أن يلتزم بالشرط كما اتفقا عليه حين العقد‬
‫ورضيا به‪ ،‬للحاديث التية ‪:‬‬
‫)حديث عقبة ابن عامر الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ »:‬أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج«‬
‫مَزني الثابت في صحيحي الترمذي‬ ‫ف ال ُ‬
‫)حديث عمرو ابن عو ٍ‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬المسلمون على شروطهم إل‬
‫شرطا ً أحل حراما ً أو حرم حلل ً ‪.‬‬
‫وإن اشترط الزوج على زوجته أل تعمل‪ ،‬أو لم يكن هناك شر ٌ‬
‫ط‬
‫علها‪،‬‬
‫سابق لكنه رفض عملها‪ ،‬لزمها أن تطيع وتسمع؛ لنه ب َ ْ‬
‫وطاعته واجبة عليها‪.‬‬
‫ولكن على المرأة أل تركب رأسها حين يكون العمل مضّرا ً بحياتها‬
‫الزوجية مرهقا ً للزوج‪ ،‬بل ينبغي لها أن تتنازل عن شرطها‪،‬‬
‫وتتخلى عن عملها‪ ،‬لن البقاء على الزوج‪ ،‬وتقدير مصلحة البيت‬
‫خير لها من لزوم العمل‪ ،‬وهذا كله إنما يتم بطريق المفاهمة‬
‫والمشاورة ومبادلة الرأي‪.‬‬

‫]*[ ‪ ‬أنواع الشروط‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي أنواع الشروط في النكاح ؟‬


‫والشروط في النكاح تنقسم إلى ثلثة أقسام‪ :‬الثابت في‬
‫صحيحة‪ ،‬وفاسدة غير مفسدة‪ ،‬وفاسدة مفسدة‪.‬‬
‫)الول(‪ :‬شروط ثابتة صحيحة‪ ،‬يصح معها العقد ‪:‬‬
‫ها‬ ‫َ‬
‫والدليل على ذلك عموم الدلة المرة بالوفاء بالعقد‪َ}} :‬ياأي ّ َ‬
‫قود{{ ]المائدة‪َ }} ، [1 :‬‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫د إِ ّ‬‫ه ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫فوا ِبال ْ َ‬
‫و ُ‬
‫وأ ْ‬
‫َ‬ ‫فوا ِبال ْ ُ‬
‫ع ُ ِ‬ ‫و ُ‬‫مُنوا أ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫ل{{ ]السراء‪[34 :‬‬ ‫ؤو ً‬
‫س ُ‬‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬‫هدَ َ‬‫ع ْ‬‫ال ْ َ‬
‫)حديث عقبة ابن عامر الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ »:‬أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج«‬
‫مَزني الثابت في صحيحي الترمذي‬ ‫ف ال ُ‬
‫)حديث عمرو ابن عو ٍ‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬المسلمون على شروطهم إل‬
‫شرطا ً أحل حراما ً أو حرم حلل ً ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 100‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)الثاني( ‪ :‬شروط فاسدة مفسدة ‪ :‬تبطل العقد ول يجب الوفاء بها‬
‫‪ .‬مثل نكاح الشغار ونكاح المحلل ونكاح المتعة ‪.‬‬
‫)الثالث( شروط فاسدة غير مفسدة ‪]:‬هو ما كان منافيا ً لمقتضى‬
‫العقد[ وهو ل يبطل العقد ول يجب الوفاء به ‪.‬مثل أن يشترط أن‬
‫ل نفقة لها ومثل أن تسأل المرأة طلق ضرتها عند النكاح‪.‬‬
‫والدليل على أنه ل يجب الوفاء بهذه الشروط‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ما بال‬
‫أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله‪ ،‬من اشترط شرطا‬
‫ليس في كتاب الله فليس له‪ ،‬وإن اشترط مائة شرط ‪ ،‬شرط الله‬
‫أحق وأوثق ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مسألة ‪ :‬لو شرط الزوج أن تكون الزوجة بكرا فباتت ثيبا فهل له‬
‫الفسخ؟‬
‫له الفسخ لن الشرط الثابت في صحيح ويرجع بالمهر على من‬
‫غّره‬
‫)حديث عقبة ابن عامر الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ »:‬أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج«‬
‫مَزني الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫ف ال ُ‬ ‫)حديث عمرو ابن عو ٍ‬
‫ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬المسلمون على شروطهم إل شرطا ً‬
‫أحل حراما ً أو حرم حلل ً ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجوز للمرأة أن تشترط طلق ضرتها؟‬
‫ل يجوز للمرأة أن تشترط طلق ضرتها ول يجب الوفاء بهذا‬
‫ط ليس في كتاب الله فليس له‪ ،‬وإن اشترط‬ ‫الشرط‪ ،‬فكل شر ٍ‬
‫مائة شرط ‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ما بال‬
‫أقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله‪ ،‬من اشترط شرطا‬
‫ليس في كتاب الله فليس له‪ ،‬وإن اشترط مائة شرط ‪ ،‬شرط الله‬
‫أحق وأوثق ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد‪،‬‬
‫ول تناجشوا‪ ،‬ول يبيع الرجل على بيع أخيه‪ ،‬ول يخطب على خطبة‬
‫أخيه‪ ،‬وتسأل المرأة طلق أختها لتكفأ ما في إنائها(‪.‬‬

‫]*[ ‪‬العيوب في النكاح‬


‫مسألة ‪ :‬ما هو العيب الذي يثبت به الخيار؟‬
‫وت مقصود النكاح[‬
‫العيب الذي يثبت به الخيار ‪] :‬هو كل ما يف ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 101‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وأهم مقاصد النكاح ‪ :‬الستمتاع والنجاب والخدمة ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي أقسام العيوب في النكاح التي يثبت بها الفسخ؟‬
‫أقسام العيوب في النكاح التي يثبت بها الفسخ ‪:‬‬
‫)‪ (1‬عيوب تختص بالرجل ‪.‬‬
‫)‪ (2‬عيوب تختص بالمرأة ‪.‬‬
‫)‪ (3‬عيوب مشتركة بينهما‬
‫]*[ أول ً العيوب التي تختص بالرجل و التي يثبت بها الفسخ ‪:‬‬
‫]‪ [1‬أن يكون مجبوبًا« أي‪ :‬مقطوع الذكر ‪،‬‬
‫قوله‪» :‬أو بقي له ما ل يطأ به فلها الفسخ« ‪ ،‬أي‪ :‬ما بقي له من‬
‫ذكره جزء صغير‪ ،‬ل يتمكن من الوطء به‪ ،‬فهذا وجوده كالعدم‪.‬‬
‫]‪ [2‬أن يكون عنينا ً ‪ :‬أي محبوس عن الجماع أي ل يتمكن من جماع‬
‫زوجته ‪.‬‬
‫وجاء )رض الخصيتين( أي رض عروق‬ ‫خصاء أو ِ‬ ‫]‪ [3‬أن يكون به ِ‬
‫الخصيتين كأن يضربه إنسان فيكون شبيه بالخصاء ‪.‬‬
‫وهذه العيوب يثبت للمرأة الخيار فيها ؛ لنهه تفوت مقصود‬
‫النكاح ‪ ،‬من الستمتاع‪ ،‬والنجاب ‪.‬‬
‫]*[ ثانيا ً ‪ :‬العيوب التي تختص بالمرأة و التي يثبت بها الفسخ ‪:‬‬
‫ق ‪ :‬والرتق معناه أنه يكون فرج المرأة‬ ‫)‪ (1‬أن يكون بها ّرت َ ُ‬
‫مسدودًا‪ ،‬ما يسلكه الذكر‪ ،‬فهذا يثبت للزوج الخيار؛ لنه يفوت‬
‫مقصود النكاح من الولد والستمتاع‪.‬‬
‫قَرن‪ :‬وهو لحم ينبت في الفرج فيسده‪ ،‬وحكمه‬ ‫)‪ (2‬أن يكون بها َ‬
‫كالول‪ ،‬وهو طارئ‪ ،‬والول أصلي‪.‬‬
‫ل ‪ :‬وهو ورم في اللحمة التي بين مسلكي‬ ‫ف ُ‬ ‫ع َ‬‫)‪ (3‬أن يكون بها َ‬
‫المرأة‪ ،‬فيضيق منها فرجها‪ ،‬فل ينفذ فيه الذكر‪.‬‬
‫ق ‪ :‬وهو انخراق ما بين سبيليها‪ ،‬أي‪ :‬ما بين‬ ‫فت ْ ُ‬ ‫)‪ (4‬أن يكون بها َ‬
‫ي‪ ،‬وهذا يمنع التلذذ‪ ،‬وربما يؤدي إلى تسرب البول‬ ‫من ِ ّ‬
‫مخرج بول و َ‬
‫إلى مخرج المني‪ ،‬وأيضا ً قد يمنع الحمل‪ ،‬بحيث يكون هذا النفتاق‬
‫ذ يكون هذا عيبًا‪.‬‬ ‫سببا ً لضياع المني‪ ،‬فل يصل إلى الرحم‪ ،‬وحينئ ٍ‬
‫وهذه العيوب يثبت للمرأة الخيار فيها ؛ لنهه تفوت مقصود‬
‫النكاح ‪ ،‬من الستمتاع‪ ،‬والنجاب ‪.‬‬
‫]*[ ثالثا ً ‪ :‬العيوب المشتركة بين الرجل والمرأة و التي يثبت بها‬
‫الفسخ ‪:‬‬
‫)‪ (1‬استطلق بول أو غائط‪ ،‬ومعنى استطلقهما أنه ل يمكن أن‬
‫يحبسهما‪ ،‬يعني هو السلس‪ ،‬فسلس البول أو الغائط عيب‪ ،‬من‬
‫أشد ما يكون من العيوب‪ ،‬وهذا يثبت به الخيار لما فيه من النفرة ‪.‬‬
‫)‪ (2‬أن يكون بأحدهما باسورا ً أم ناصورا ً ‪ ،‬وهما داءان يصيبان‬
‫المقعدة ‪،‬الباسور يكون داخل المقعدة‪ ،‬والناصور يكون بارزًا‪،‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 102‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ودائما ً يكون ملوثًا‪ ،‬ومع أنهما ل يحدثان أي شيء بالنسبة للجماع‪،‬‬
‫ول يشوهان المنظر أيضًا‪ ،‬ومع ذلك يقولون‪ :‬إن هذا من العيوب؛‬
‫لنه إذا ذكر أن بامرأته باسورا ً أو ناسورا ً ل يرتاح لها‪ ،‬وكذلك‬
‫بالنسبة للمرأة مع الرجل‪ ،‬وهذا يثبت به الخيار لما فيه من‬
‫النفرة ‪.‬‬
‫ص أو جذام‪ ،‬وهذا يثبت به الخيار لمل فيه‬ ‫)‪ (3‬أن يكون بأحدهما بر ٌ‬
‫من النفرة ‪.‬‬
‫ض معروف وهو بياض الجلد‪ ،‬فهذا البرص‬ ‫‪‬تنبيه‪ :‬البرص ‪ :‬مر ٌ‬
‫ولو بقدر رأس البرة يعتبر عيبًا‪ ،‬سواء كان بالزوج أو بالزوجة‪،‬‬
‫ولهذا جاء في الحديث في قصة الثلثة الذين كان أحدهم أبرص‬
‫قال‪» :‬ويذهب عني الذي قذرني الناس به« وهذا العيب أيضا ً يثبت‬
‫به الخيار لما فيه من النفرة ‪.‬‬
‫والجذام ‪ :‬داءٌ معروف تتساقط منه الطراف ويتناثر منه اللحم ‪،‬‬
‫د‪ ،‬وقد جاء في السنة أن النبي‬ ‫وهو ل شك عيب‪ ،‬وهو ـ أيضا ً ـ مع ٍ‬
‫أمر بالفرار من المجذوم‪ ،‬كما في * ) حديث أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬قال رسول‬
‫فّر من المجذوم‬ ‫الله ‪) :‬ل عدوى ول طَيرة‪ ،‬ول هامة ول صفر‪ ،‬و ِ‬
‫كما تفّر من السد(‪.‬‬
‫حتى إن العلماء قالوا‪ :‬يجب على السلطان أن يعزل الجذمي في‬
‫مكان واحد؛ لئل يختلطوا بالناس فينتشر هذا الداء‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل العيوب محصورةٌ فيما سبق ؟‬
‫ليست العيوب التي يثبت بها الفسخ محصورةٌ فيما سبق وإنما‬
‫العيوب التي يثبت بها الفسخ لها ضابط معين هو ) كل ما يفوت به‬
‫مقاصد النكاح من الستمتاع والنجاب والخدمة(‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو وجد الزوجة عمياء هل يعد هذا عيبا ً يثبت به الفسخ؟‬
‫ب يثبت به الفسخ لنه يفوت مقصودين من مقاصد‬ ‫نعم هذا عي ٌ‬
‫النكاح هما )الستمتاع والخدمة(‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو وجد أحد الزوجين عقيما ً هل يعد هذا عيبا ً يثبت به‬
‫الفسخ؟‬
‫ب يثبت به الفسخ لنه يفوت أهم مقصود من مقاصد‬ ‫نعم هذا عي ٌ‬
‫النكاح وهو النجاب ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي الصيغة التي يفسخ بها النكاح؟‬
‫يقول فسخت نكاحي من فلنة للعيب الذي فيها ‪ ،‬فيكون قد باشر‬
‫الفسخ بنفسه أو يوكل أحد الزوجين بذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو فسخ الزوج الزواج بعد الدخول وبعد ظهور العيب فهل‬
‫للزوجة المهر؟‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 103‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬للزوجة المهر المسمى في العقد بعد الدخول وبعد ظهور‬
‫ل‬
‫قب ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫قت ُ ُ‬‫ن طَل ّ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫العيب ‪ ،‬نأخذ ذلك من مفهوم قوله‪َ }} :‬‬
‫َ‬
‫م{{‬ ‫ضت ُ ْ‬ ‫فَر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ُ‬ ‫فن ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ض ً‬ ‫ري َ‬‫ِ‬ ‫ف‬‫ن َ‬‫ه ّ‬ ‫م لَ ُ‬
‫ضت ُ ْ‬‫فَر ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫م ّ‬‫ن تَ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ن{{ أنه‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬
‫ه ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫]البقرة‪ ، [237 :‬فمفهوم قوله‪ِ }} :‬‬
‫ة الثابت‬ ‫ش َ‬‫عائ ِ َ‬ ‫من بعد المسيس يثبت المهر‪ ،‬وهو كذلك‪ ،‬و) لحديث َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫مَرأ ٍ‬‫ما ا ْ‬ ‫في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أي ّ َ‬
‫ها‬
‫ح َ‬‫فِنكا ُ‬ ‫ل‪َ .‬‬ ‫ها َباطِ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫فِنكا ُ‬ ‫ل‪َ .‬‬ ‫ها َباطِ ٌ‬ ‫ح َ‬‫فِنكا ُ‬ ‫ها‪َ ،‬‬ ‫ول ِي ّ َ‬
‫ن َ‬ ‫ر إذْ ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫ت بِ َ‬‫ح ْ‬ ‫ن ُك ِ َ‬
‫ن‬‫ها‪ .‬فإ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫فْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫هُر ب ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫ها ال َ‬ ‫فل َ َ‬‫ها َ‬ ‫لب َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن دَ َ‬‫ل‪ .‬فإ ْ‬ ‫َباطِ ٌ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫ي لَ ُ‬ ‫ول ِ ّ‬‫ن لَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي َ‬‫ول ِ ّ‬‫ن َ‬ ‫طا ُ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫جُروا‪ ،‬فال ّ‬ ‫شت َ َ‬‫ا ْ‬
‫‪ ،‬فالمهر إذا ً يثبت بعد الدخول ‪ ،‬ولكن للزوج أن يرجع بالمهر على‬
‫من غّره‪.‬‬

‫زفاف‬
‫آداب ال ِ‬

‫زفاف العروس إلى زوجها هي منتهى أمله في هذا‬ ‫]*[ ل شك أن ِ‬


‫ة‬
‫الشأن حيث يشعر أن الله تعالى قد وفقه إلى أن يظفر بزوج ٍ‬
‫ة حيّية ‪ ،‬حرةً أبّية ‪ ،‬تحفظ غيبته وتصون كرامته‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ً‬‫) تقي ٍ‬
‫عينه على الطاعة‬ ‫حبه بالقناعة وت ُ ِ‬‫من ِّية ‪ ،‬وُتصا ِ‬
‫وترافقه حتى تأتيه ال َ‬
‫عدّ معه لقيام ِ الساعة( ولكي يعيش الزوج مع زوجته الصالحة‬ ‫وت ُ ِ‬
‫في سعادة ومودة ولحمة يجب عليه أن يعرف آداب الزفاف ‪،‬‬
‫ة وتفصيل لعلها تجد لهما في‬ ‫وهآنذا ُأقدم آداب الزفاف جمل ً‬
‫قعا ً عسى الله أن ينفعهما بها‬ ‫سمعهما مسمعا وفي قلبهما مو ِ‬
‫قهما إلى تنفيذها‬ ‫ف ْ‬‫و ِ‬
‫وي ُ َ‬
‫وهاك هذه الداب ‪:‬‬
‫زفاف الداب التية ‪:‬‬ ‫وتتضمن آداب ال ِ‬
‫ل( ‪ :‬آداب ليلة البناء بالعروس‬ ‫)أو ً‬
‫)ثانيًا( ‪ :‬آداب الجماع‬
‫)ثالثًا( ‪ :‬أفضل أنواع الجماع‬
‫)رابعًا( ‪ :‬ما يباح في الجماع‬
‫)خامسًا(‪:‬فوائد المعاشرة الجنسية‬
‫)سادساً( ‪ :‬وجوب الوليمة‬
‫)سابعا ً ‪ :‬وصايا إلى الزوجين‬
‫)ثامنًا(‪ :‬الحقوق الزوجية‬
‫)تاسعًا(‪ :‬علج الخلفات الزوجية‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 104‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)عاشرًا( ‪:‬صفات المرأة القاتلة للسعادة الزوجية‬
‫)الحادي عشر( ‪ :‬صفات المرأة التي تجلب السعادة الزوجية‬

‫]*[ ‪‬أوًل ‪ :‬آداب ليلة البناء بالعروس‬

‫هدِْيه الشريف ‪،‬‬‫لقد رسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم ب ِ َ‬
‫وطريقته الغراء طريقة التعامل مع الزوجات في ليلة البناء‪.‬‬
‫فهذه الليلة من أهم ليالي الحياة الزوجية‪ ،‬والتي تتم فيها أكثر‬
‫النطباعات بين الزوجين في طريقة التعامل بينهما فيما بعد من‬
‫أيام حياتهما‪.‬‬
‫وكم كانت هذه الليلة نذير بؤس ‪ ،‬وبداية شقاء وعذاب لكثير من‬
‫ج وزوجات‬ ‫ة حياة هنيئة لزوا ٍ‬ ‫الزواج والزوجات ‪ ،‬وكم كانت عتب َ‬
‫آخرين‪.‬‬
‫والهدي النبوي المسنون في هذه الليلة هو أتم الهدى وأكمله ‪،‬‬
‫وكيف ل وهو هدي خاتم النبياء وسيد المرسلين‪ ،‬الذي وصفه الله‬
‫سبحانه وتعالى في كتابه ‪ ،‬فقال‪ ):‬وإنك لعلى خلق عظيم (‬
‫حَبه عائشة‪ -‬رضي الله عنها‪ -‬خلقه‬ ‫و ِ‬
‫]القلم‪ .[4:/‬ووصفت زوجه َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‬
‫فقالت‪ ":‬القرآن "‪.‬‬
‫أي كان خلقه‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬القرآن‪ .‬فلقد كان رسول‬
‫الله ‪ r‬أحسن الناس خلقا ً‬

‫)حديث أنس في الصحيحين( قال ‪ :‬كان رسول ال ‪ r‬أحسن الناس خلقًا ‪.‬‬
‫وقد بينت السنة الصحيحة آداب ليلة البناء ووضحته وضوحا ً جليا ً‬
‫وهاك تلك الداب‪:‬‬
‫)‪ (1‬ملطفة الزوجة عند البناء بها‪:‬‬
‫يستحب له إذا دخل على زوجته أن يلطفها‪ ،‬كأن يقدم إليها شيئا ً‬
‫من الشراب ونحوه ‪ ،‬فل شك أن المرأة إذا ما فارقت بيت أهلها‬
‫ة على‬ ‫م ٌ‬ ‫د َ‬ ‫م ْ‬
‫ق ِ‬ ‫إلى بيت زوجها ليلة البناء بها تصيبها الرهبة ‪ ،‬فإنها ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 105‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عه شيئا ً إل القدر‬ ‫ف شريك لم تعلم من طَِبا ِ‬ ‫ة جديدة في ك َن َ ِ‬ ‫حيا ٍ‬
‫اليسير‪.‬‬
‫ب‬ ‫ولذلك كان من أهم ما يجب على الزوج في هذه الليلة أن ُْيذ ِ‬
‫ه َ‬
‫ها إلى أقل درجة ممكنة ‪ ،‬فلبد للزوج أن‬ ‫قل ِل ْ َ‬
‫هذه الرهبة ‪ ،‬أو ي ُ َ‬
‫عْبها‪ ،‬فالخجل سمة من سمات النساء‬ ‫حها ‪ ،‬ويدا ِ‬ ‫يلطفها ‪ ،‬ويماز ْ‬
‫وخلق من أخلقهن ‪ ،‬وهو في العروس البكر أكثر منه في الثيب ‪:‬‬
‫التي سبق لها الزواج ‪ ،‬ولذلك كان للممازحة والملطفة أثر كبير‬
‫في تقليل درجة خجل العروس ‪ ،‬ولذا‪ :‬يستحب للزوج أن يقدم‬
‫لهله في ليلة البناء بها كوبا ً من اللبن أو العصير أو ما قام‬
‫مقامهما ‪ ،‬وأن يتجاذب معها أطراف الحديث ‪ ،‬لكي يقلل من‬
‫حيائها وخجلها ‪ ،‬وأن ل يثب عليها وثب البعير على أنثاه ‪ ،‬فإن‬
‫المرأة يمنعها حياؤها وخجلها من النصياع لزوجها في أول طلبه‬
‫لها ‪ ،‬فتتمنع عنه تدلل وخجل ً ‪ ،‬فالواجب على الزوج أن ل يباغتها‬
‫بما تحذر منه ‪ ،‬وأن يداريها ويلطفها حتى يبلغ مراده ‪.‬‬

‫لحديث أسماء بنت يزيد بن السكن‪ ،‬قالت‪:‬‬


‫))إني قّينت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ثم جئته‬
‫عس لبن‪،‬‬ ‫فدعوته لجلوتها ‪ ،‬فجاء‪ ،‬فجلس إلى جنبها‪ ،‬فأتي ب ُ‬
‫فشرب‪ ،‬ثم ناولها النبي صلى الله عليه وسلم فخضت رأسها‬
‫واستحيت‪ ،‬قالت أسماء‪ :‬فانتهرتها‪ ،‬وقلت لها‪ :‬خذي من يد النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬قالت‪ :‬فأخذت‪ ،‬فشربت شيئًا‪ ،‬ثم قال لها‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬أعطي تربك) ‪ ،( 11‬قالت أسماء‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬يا رسول الله! بل خذه فاشرب منه ثم ناولنيه من يدك‪،‬‬
‫فأخذه فشرب منه ثم ناولنيه‪ ،‬قالت‪ :‬فجلست ‪ ،‬ثم وضعته على‬
‫ركبتي‪ ،‬ثم طفقت أديره وأتبعه بشفتي لصيب منه شرب النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم قال لنسوة عندي‪)) :‬ناوليهن ((‪ ،‬فقلن‪:‬‬
‫ل نشتيه ! فقال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬ل تجمعن جوعا ً وكذبا ً ((‬
‫قال اللباني رحمه الله في آداب الزفاف ‪:‬‬
‫أخرجه أحمد بإسنادين يقوي أحدهما الخر‪ .‬والحميدي في مسنده‪.‬‬
‫وله شاهد في الطبراني‪.‬‬
‫)‪ (2‬وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها‪:‬‬
‫حب للزوج أن يدعو لزوجته ليلة البناء بها‪ ،‬فقد كان النبي‬ ‫ست َ َ‬
‫وي ُ ْ‬
‫فت إليه زوجته‬ ‫صلى الله عليه وسلم يحث من أراد الزواج ثم ُز ّ‬
‫يأخذ بناصيتها ‪ ،‬ويدعو لها بالدعاء المأثور‪:‬‬
‫" اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه‪ ،‬وأعوذ بك من‬
‫شرها وشر ما جبلتها عليه "‬
‫‪11‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 106‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)لحديث أبي عبد الله ابن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى‬
‫خادما فليقل اللهم إني أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ‬
‫بك من شرها ومن شر ما جبلتها عليه ‪.‬‬
‫)‪ (3‬صلة الزوجين معًا‪:‬‬
‫ويستحب لهما أن يصليا ركعتين معًا‪ ،‬لنه منقول عن السلف‪ .‬وفيه‬
‫أثران‪:‬‬
‫الول‪ :‬عن أبي سعيد مولى أبي أسيد قال‪:‬‬
‫))تزوجت وأنا مملوك‪ ،‬فدعوت نفرا ً من أصحاب النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فيهم ابن مسعود وأبو ذر وحذيفة‪ ،‬قال‪ :‬وأقيمت‬
‫الصلة‪ ،‬قال‪ :‬فذهب أبو ذر ليتقدم‪ ،‬فقالوا‪ :‬إليك! قال‪ :‬أو كذلك؟‬
‫قالوا‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فتقدمت بهم وأنا عبد مملوك‪ ،‬وعلموني فقالوا‪:‬‬
‫))إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين‪ ،‬ثم سل الله من خير ما دخل‬
‫عليك‪ ،‬وتعوذ به من شره‪ ،‬ثم شأنك وشأن أهلك ((‪ .‬أبو بكر بن أبي‬
‫شيبة في المصنف‪ .‬وعبد الرزاق‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬عن شقيق قال‪:‬‬
‫))جاء رجل يقال له‪ :‬أبو حريز‪ ،‬فقال‪ :‬إني تزوجت جارية شابة‬
‫]بكرًا[‪ ،‬وإني أخاف أن تفركني‪ ،‬فقال عبد الله ) يعني ابن‬
‫مسعود (‪:‬‬
‫))إن اللف من الله‪ ،‬والفرك من الشيطان‪ ،‬يريد أن يكّره إليكم ما‬
‫أحل الله لكم؛ فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين ((‪ .‬زاد‬
‫في رواية أخرى عن ابن مسعود‪:‬‬
‫ي‪ ،‬اللهم اجمع‬‫))وقل‪ :‬اللهم بارك لي في أهلي‪ ،‬وبارك لهم ف ّ‬
‫بيننا ما جمعت بخير؛ وفرق بيننا إذا فرقت إلى خير ((‪.‬‬
‫قال اللباني رحمه الله في آداب الزفاف ‪ :‬عبد الرزاق وسنده‬
‫صحيح‪ ،‬والطبراني بسندين صحيحين‪.‬‬
‫)‪ (4‬التسمية عند الجماع ‪:‬‬
‫فإن أمكنته من نفسها‪ ،‬وطاعته ‪ ،‬فعليه أن يسم الله سبحانه‬
‫وتعالى عند غشيانها ويدعو بالدعاء المأثور عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪" :‬اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا"‪.‬‬
‫فإنه إن قدر بينهما في ذلك ولد لم يضر ذلك الولد الشيطان أبدًا‪.‬‬
‫)لحديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬لو أن‬
‫أحدكم إذا أتي أهله قال ‪ :‬بسم الله‪ ،‬اللهم جنبني الشيطان وجنب‬
‫در بينهما ولدٌ في ذلك‪ ،‬لم يضره‬ ‫الشيطان ما رزقتنا‪،‬فإنه إن ُيق ّ‬
‫ن أبدًا(‬
‫شيطا ٌ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 107‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬ويجب عليه أن ل يقوم عنها حتى تقضي منه وطرها ‪،‬‬
‫كما قضى‬
‫وطره ‪ ،‬وأن ل يعجلها في ذلك‪.‬‬
‫فُيكره النزع قبل فراغها ‪ ،‬أي قبل أن ُتنزل لنه يحرمها من كمال‬
‫الستمتاع ‪ ،‬وربما يحصل لها ضررا ً إذا كان الماء متهيأ للخروج ثم‬
‫ينزع الرجل قبل إنزالها ‪ ،‬والنبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل ضرر ول ضرار ( كما‬
‫في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ ) :‬ل ضرر ول ضرار (‬
‫أما حديث ) ثم إذا قضى حاجته فل يعجلها حتى تقضي حاجتها (‬
‫فهو ضعيف ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬

‫]*[ ‪ ‬ثانيا ً ‪:‬آداب الجماع‬


‫مسألة ‪ :‬ما هي آداب الجماع ؟‬
‫اعلم أخي الزوج أختي الزوجة‬
‫أن الجماع من أهم المور التي راعاها الشرع الحكيم وجعل لها‬
‫ضوابط وآداب ‪ ،‬حتى ل تكون طبية النسان كالبشر ‪ ،‬فقد كرم‬
‫د‬ ‫ول َ َ‬
‫ق ْ‬ ‫الله هذا النسان وفضله على كثير ممن خلق ‪ ،‬قال تعالى ‪َ ) :‬‬
‫ت‬‫ن الطّي َّبا ِ‬
‫م َ‬
‫م ِ‬
‫ه ْ‬ ‫وَرَز ْ‬
‫قَنا ُ‬ ‫ر َ‬
‫ح ِ‬‫وال ْب َ ْ‬
‫في ال ْب َّر َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫مل َْنا ُ‬
‫ح َ‬‫و َ‬
‫م َ‬
‫مَنا ب َِني آدَ َ‬‫ك َّر ْ‬
‫ل( ]السراء‪[70:‬‬ ‫ضي ً‬ ‫ف ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫قَنا ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م ّ‬‫ر ِ‬‫عَلى ك َِثي ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ضل َْنا ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ف ّ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫وغرس سبحانه في النسان غريزة الشهوة وجعل له السبيل‬
‫الشرعية التي يقضي فيها وطره وشهوته ‪ ،‬وهذا القضاء ل يكون‬
‫فوضويا ً ‪ ...‬ل ‪ ...‬بل جعل له ضوابط وآداب منها ما يلي ‪:‬‬
‫)‪ (1‬إخلص النية لله عز وجل في هذا المر ‪ :‬فينوي بفعله حفظ‬
‫نفسه وأهله وإعفاف نفسيهما‪ ،‬وإحصانهما من الوقوع عن الحرام‬
‫‪ ،‬وأن يساهم في تكثير النسل ‪ ،‬فقد حث صلى الله عليه وسلم‬
‫بالزواج ‪ ،‬وأخبر أنه يكاثر بأمته المم يوم القيامة ‪ ...‬وفيه كذلك‬
‫عز للمة وتكثير لسوادها ‪....‬‬
‫) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم ‪.‬‬
‫وأنت أخي الكريم مأجور على ذلك متى أحسنت النية فإنه تكتب‬
‫مباضعتهما صدقة لهما بدللة الحديث التي ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 108‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث أبي ذر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( فقالوا ‪ :‬يا رسول الله أيأتي أحدنا‬
‫شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬أرأيتم‬
‫لو وضعها في الحرام ‪ ،‬أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في‬
‫الحلل كان له أجر (‬
‫) وفي ُبضع أحدكم صدقة ( ‪ :‬أي في جماعه لهله‬
‫فياله من فضل ‪ ،‬قضاء وأجر ‪....‬‬
‫)‪ (2‬المداعبة والملطفة ‪:‬‬
‫نعم المداعبة والملطفة أدب ينبغي مراعاته فكثير من الزواج ل‬
‫يهتم بهذا المر ‪ ،‬أهم شئ يقضي وطره فقط ‪ ،‬وينسى أن‬
‫المداعبة قبل الجماع لها أثر في تحريك شهوة المرأة وزيادة‬
‫رغبتها حتى تستعد له ‪ ،‬وتتبادل معه لذة الجماع ‪ ،‬أما إذا بدا‬
‫بالجماع مباشرة ‪ ،‬فقد ينتهي من شهوته وقضاء وطره قبل أن‬
‫تصل هي إلى ذلك ‪ ،‬و المداعبة والملطفة من السنة بدللة‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (‬
‫قال‪:‬هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات‪ ،‬فتزوجت امرأة ثيبا‬
‫فقال لي رسول الله‪) :‬تزوجت يا جابر(‪ .‬فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪) :‬ابكرا‬
‫أم ثيبا(‪ .‬قلت‪ :‬بل ثيبا‪ ،‬قال‪) :‬فهل جارية تلعبها وتلعبك‪،‬‬
‫تضاحكها وتضاحكك(‪ .‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬إن عبد الله هلك‪ ،‬وترك‬
‫بنات‪ ،‬وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن‪ ،‬فتزوجت امرأة تقوم‬
‫عليهن وتصلحهن‪ ،‬فقال‪) :‬بارك الله لك‪ ،‬أو قال‪ :‬خيرا(‪.‬‬
‫الشاهد ‪ :‬قوله )فهل جارية تلعبها وتلعبك‪ ،‬تضاحكها وتضاحكك(‬
‫]*[ قال ابن قدامة رحمه الله ‪ :‬ويستحب أن يلعب امرأته قبل‬
‫الجماع لتنهض شهوتها ‪ ،‬فتنال من لذة الجماع مثل ما ناله‪،‬‬
‫]*[ وقد روي عن عمر بن عبد العزيز أنه قال‪ :‬ل تواقعها إل وقد‬
‫أتاها من الشهوة مثل ما أتاك‪ ،‬لكيل ل تسبقها بالفراغ‪.‬‬
‫ومن الملطفة ‪ :‬القبلة ‪ ،‬وتحريك الثديين ‪ ،‬وإلصاق البشرة‬
‫بالبشرة ‪ ،‬فقد كان صلى الله عليه وسلم يقبل أهله قبل الجماع‬
‫)‪ُ (3‬تسن التسمية وقول الذكر الوارد في ذلك عند الجماع ‪:‬‬
‫) بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا (‬
‫)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬لو أن‬
‫أحدكم إذا أتي أهله قال ‪ :‬بسم الله‪ ،‬اللهم جنبني الشيطان وجنب‬
‫در بينهما ولدٌ في ذلك‪ ،‬لم يضره‬ ‫الشيطان ما رزقتنا‪،‬فإنه إن ُيق ّ‬
‫ن أبدًا(‬
‫شيطا ٌ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 109‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ومعنى قوله‪ ):‬لم يضره شيطان أبدا ً ( أي‪ :‬لم يضر الولد المذكور‪،‬‬
‫بحيث يتمكن من إضراره في دينه أو بدنه‪ ،‬وليس المراد رفع‬
‫الوسوسة من أصلها‪ .‬فتح الباري ‪.‬‬
‫) ‪ُ (4‬يكره النزع قبل فراغها ‪ :‬أي قبل أن ُتنزل لنه يحرمها من‬
‫كمال الستمتاع ‪ ،‬فيجب عليه أن ل يقوم عنها حتى تقضي منه‬
‫وطرها ‪ ،‬كما قضى‬
‫ً‬
‫وطره ‪ ،‬وأن ل يعجلها في ذلك‪ .‬وربما يحصل لها ضررا إذا كان‬
‫الماء متهيأ للخروج ثم ينزع الرجل قبل إنزالها ‪ ،‬و النبي ‪ r‬قال ‪) :‬‬
‫ل ضرر ول ضرار (‬
‫كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ ) :‬ل ضرر ول ضرار (‬
‫أما حديث ) ثم إذا قضى حاجته فل يعجلها حتى تقضي حاجتها (‬
‫فهو ضعيف ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬شرع الله سبحانه وتعالي للرجال الزواج أكثر من‬
‫زوجة ‪ ،‬أما الزوجة فليس لها إل زوجها ‪ ،‬لذا يجب عليه أن يشبع‬
‫رغبتها الجنسية متى احتاجت ذلك ‪ ،‬حتى يقوم بواجبه في إعفافها‬
‫وكمال استمتاعها به ‪.‬‬
‫)‪ ( 4‬استحباب التستر عند الجماع ‪:‬‬
‫) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي‬
‫داوود والترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬احفظ عورتك إل من زوجتك‬
‫أو ما ملكت يمينك قيل ‪ :‬إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال‬
‫‪ :‬إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل ‪ :‬إذا كان أحدنا‬
‫خاليا ؟ قال ‪ :‬الله أحق أن يستحيا منه من الناس ‪.‬‬
‫الشاهد قوله ‪ ] r‬الله أحق أن يستحيا منه من الناس [‬
‫)‪ (5‬جواز التجرد من الثياب عند الجماع ‪ :‬وحكم نظر الرجل إلى‬
‫عورة امرأته وعكسة ‪.‬‬
‫) لحديث عائشة‪ -‬رضي الله عنها‪ -‬الثابت في الصحيحين ( أنها‬
‫قالت‪ :‬كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد‬
‫من جنابة" ‪.‬‬
‫]*[ قال الحافظ ابن حجر في ))فتح الباري (( )‪:(290 /1‬‬
‫]*[ استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته‬
‫وعكسه‪ ،‬ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق‪ :‬سليمان بن موسى‪،‬‬
‫أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ‪ ،‬فقال‪ :‬سألت عطاء‪،‬‬
‫فقال‪ :‬سألت عائشة‪ ،‬فذكر هذا الحديث بمعناه‪ ،‬وهو نص في‬
‫المسألة "‪ .‬قلت‪ :‬ويدل عليه أيضا ً حديث معاوية بن حيدة التي ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 110‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي‬
‫داوود والترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬احفظ عورتك إل من زوجتك‬
‫أو ما ملكت يمينك قيل ‪ :‬إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال‬
‫‪ :‬إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل ‪ :‬إذا كان أحدنا‬
‫خاليا ؟ قال ‪ :‬الله أحق أن يستحيا منه من الناس ‪.‬‬
‫الشاهد قوله ‪] r‬احفظ عورتك إل من زوجتك أو ما ملكت يمينك[‬
‫‪‬تنبيه‪:‬وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم في أنه قال‪) :‬إذا‬
‫أتى أحدكم أهله‪ ،‬فليلقى على عجزه وعجزها شيئًا‪ ،‬ول يتجردا‬
‫تجرد العيرين( ‪ .‬فمنكر‪ ،‬ول يصح في المنع حديث‪.‬‬
‫ب أن يتعاهد الجماع في بعض اليام وليس كل يوم ‪:‬‬ ‫ح ُ‬
‫ست َ َ‬
‫) ‪ (6‬ي ُ ْ‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫حبا ً (‬
‫غبا ً تزدد ُ‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ُ :‬زر ِ‬
‫) ‪ (7‬يكره كثرة الكلم عند الجماع ‪ ،‬لن لكل مقام ٍ مقال ‪:‬‬
‫أما حديث ) ل تكثروا الكلم عند مجامعة النساء فإن منه يكون‬
‫الخرس والفأفأة (فهو ضعيف ‪.‬‬
‫د أو مسمعه ‪ :‬إل إذا كان طفل ً ل يدري‬ ‫) ‪ (8‬يحرم الوطء بمرأى أح ٍ‬
‫ول يتصور ما ُيفعل ‪ ،‬ففي حالة وجود أطفال فإن من الدب‬
‫الجماع بمنأى عنهم ‪ ،‬والحذر من عبارات الغرام أمامهم ا‬
‫وليستثنى من ذلك إل من كان ل يعي وهو الطفل حتى ثلث‬
‫سنوات كحد أقصى ‪ .‬وقد روي أن ابن عمر كان إذا أراد الجماع‬
‫أخرج الرضيع ‪.‬‬
‫)‪ (9‬ويحرم على الزوج‪ -‬وكذلك على الزوجة‪ -‬نشر ما يكون بينهما‬
‫من أسرار الستمتاع إل لمصلحة شرعية ‪.‬‬
‫فكثير من الناس يظن أن إفشاء ما يدور بينه وبين أهله من أمور‬
‫الجماع ‪ ،‬أنه جائز ‪ ،‬والبعض يرى أنه من الرجولة ‪ ،‬بل وحتى بعض‬
‫النساء تتحدث بذلك بين بني جنسها ‪ ...‬ول شك أن هذا خطأ‬
‫ومحرم وصاحبه من أشر الناس‬
‫) لحديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي‬
‫إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ‪.‬‬
‫قال المام النووي‪ -‬رحمه الله‪ -‬في " شرح صحيح مسلم " )‬
‫‪)) :(3/610‬في هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه‬
‫وبين امرأته من أمور الستمتاع‪ ،‬ووصف تفاصيل ذلك ‪ ،‬وما يجري‬
‫من المرأة فيه من قول أو فعل أو نحوه "‪ .‬فأما مجرد ذكر الجماع‪،‬‬
‫فإن لم تكن فيه فائدة ول إليه حاجه فمكروه لنه خلف المروءة‪.‬‬
‫وقد قال صلى الله عليه وسلم‪ ) :‬من كان يؤمن بالله واليوم الخر‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 111‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فليقل خيرا ً أو ليصمت ( ‪ .‬وإن كان إليه حاجه أو ترتب عليه فائدة‬
‫بأن ينكر عليه إعراضه عنها أو تدعي عليه العجز عن الجماع أو نحو‬
‫ذلك فل كراهة في ذكره‪ ،‬كما قال صلى الله عليه وسلم‪ ) :‬إني‬
‫لفعله أنا وهذه ( ‪ .‬وقال صلى الله عليه وسلم لبي طلحة ‪:‬‬
‫) أعرستم الليلة ؟( ‪ .‬وقال لجابر‪) :‬الكيس الكيس ( والله أعلم‬
‫‪.‬اهـ‬
‫ولهذا ل يجوز نشر مثل هذه السرار إل لمصلحة شرعية ‪.‬‬
‫فهؤلء هن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يذكرن هديه صلى‬
‫الله عليه وسلم في معاشرته ‪ ،‬وتقبيله ومباشرته لهن ‪ ،‬وذلك كله‬
‫لرجحان المصلحة من ذكره‪.‬‬
‫بل أبلغ من ذلك‪:‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كانت إحدانا إذا‬
‫كانت حائضا فأراد رسول الله ‪ r‬أن يباشرها أمرها أن تتزر في‬
‫فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي ‪r‬‬
‫يملك إربه ‪.‬‬
‫فدل ذلك على جواز ذكر ما يدور بين الرجل والمرأة من أسرار‬
‫الجماع للمصلحة الشرعية الراجحة من ذكرها‪.‬‬
‫وهذا ما فهمه المام النسائي‪ ،‬فذكر هذا الحديث في ))عشرة‬
‫النساء (( من ))السنن الكبرى (( ‪ ،‬وبوب له‪) :‬الرخصة في أن‬
‫يحدث الرجل بما يكون بينه وبين زوجته( ‪.‬‬
‫) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى‬
‫امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ‪.‬‬
‫) ‪ (10‬ويجوز له أن يجمع بين وطء نسائه في غسل واحد ‪:‬‬
‫ويجوز للرجل أن يطوف على نسائه‪ -‬يجامعهن‪ -‬بغسل واحد‪:‬‬
‫)لحديث أنس‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي‬
‫‪ r‬كان‬
‫يطوف على نسائه بغسل واحد ‪.‬‬
‫)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬النبي ‪ r‬يدور على‬
‫نسائه في الساعة الواحدة‪ ،‬من الليل والنهار‪ ،‬وهن إحدى عشرة‪،‬‬
‫قه؟ قال‪:‬‬ ‫وفي رواية تسع نسوة ‪ ،‬قال‪ :‬قلت لنس‪ :‬أو كان ُيطي ُ‬
‫كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلثين‪.‬‬
‫)وحديث عائشة‪ -‬رضي الله عنها‪:-‬الثابت في صحيح البخاري (‬
‫قالت ‪:‬‬
‫كنت أطيب رسول الله ‪ r‬فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ً‬
‫ينضخ طيبا ً ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 112‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وقد أورد النسائي‪ -‬رحمه الله‪ -‬هذا الحديث في سننه‬
‫)) المجتبى ((‪،‬في باب‪) :‬الطواف على النساء في غسل واحد(‪.‬‬
‫]*[ قال المام السندي‪ -‬رحمه الله‪ -‬في حاشيته على )) سنن‬
‫النسائي ((‪:‬‬
‫))قوله‪) :‬ينضح( أي يفوح‪ ...،‬وأخذ منه المصنف وحدة الغتسال ‪،‬‬
‫إذ العادة أنه لو تكرر الغتسال عدد تكرر الجماع لما بقى من أثر‬
‫الطيب شيء‪ ،‬فضل ً عن النتفاح ((‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪ -‬في‬
‫الغسل عند كل‬
‫مرة يجامع ))هذا أزكى وأطهر((‪ .‬فل حجة فيه لضعفه‪ ،‬ولمخالفته‬
‫الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في طوافه على نسائه بغسل‬
‫واحد كما ورد من حديث أبى سعيد‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬المتقدم‪،‬‬
‫) ‪ (11‬إذا أراد أن يعاود الجماع ُيستحب له أن يتوضأ ‪:‬‬
‫) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ ‪.‬‬
‫)‪ (12‬وجوب الغسل بالتقاء الختانين ‪:‬‬
‫يجب على الزوجين الغسل بالتقاء الختانين ‪ ،‬وإن كسل فلم ينزل ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إذا جلس بين شعبها الربع ثم جهدها فقد وجب‬
‫الغسل ‪.‬‬
‫} جهدها { أي بلغ منه الجهد حال المعالجة والدخال ‪.‬‬
‫) حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إذا‬
‫ن فقد وجب الغسل ‪.‬‬ ‫ن الختا َ‬
‫جلس بين شعبها الربع ومس الختا ُ‬
‫‪‬تنبيه‪:‬ل يحصل التقاء ختان الرجل بختان المرأة إل بتغيب‬
‫حشفة الرجل في فرج المرأة ‪ ،‬لن ختان الرجل فوق الحشفة ‪،‬‬
‫وعلى هذا فُيحمل مس الختان على أنه مس وتغييب للحشفة‬
‫بدللة الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل ‪.‬‬
‫)‪ (13‬من أراد النوم يستحب له أن يتوضأ قبل نومه استحبابا ً‬
‫مؤكدا ً لحديث عمر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬أينام‬
‫أحدنا وهو جنب ؟ فقال عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬نعم ‪ ،‬ويتوضأ إن‬
‫شاء ( رواه ابن حبان‬
‫ً‬
‫)‪ (14‬اغتسال الزوجين معا ‪:‬‬
‫ويجوز لهما أن يغتسل معا ً في مكان واحد‪ ،‬ولو رأى منه ورأت منه‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 113‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت‪:‬‬
‫))كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد‪،‬‬
‫تختلف أيدينا فيه‪(.‬‬
‫) حديث معاوية بن حيده الثابت في صحيحي أبي داوود والترمذي‬
‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬احفظ عورتك إل من زوجتك أو ما ملكت‬
‫يمينك قيل ‪ :‬إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال ‪ :‬إن‬
‫استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل ‪ :‬إذا كان أحدنا خاليا ؟‬
‫قال ‪ :‬الله أحق أن يستحيا منه من الناس ‪.‬‬
‫)‪ (15‬توضؤ الجنب قبل النوم‪:‬‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي‬
‫‪r‬‬
‫كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوءه للصلة قبل أن ينام ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪:‬حكم هذا الوضوء‪ :‬ليس ذلك على الوجوب ‪ ،‬وإنما‬
‫للستحباب المؤكد‪ ،‬لحديث عمر أنه سأل رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ :‬أينام أحدنا وهو جنب؟ فقال‪:‬‬
‫))نعم‪ ،‬ويتوضأ إن شاء ((ابن حبان في صحيحه‬
‫) ‪ ( 16‬إتيان المرأة في الموضع الذي الطبيعي وهو الفرج ‪:‬‬
‫ويجوز له أن يأتيها من أي جهة إذا كان في الفرج ‪ ،‬قال تعالى ‪) :‬‬
‫فأ ُْتوا حرث َك ُ َ‬
‫م( )البقرة‪(223:‬‬ ‫شئ ْت ُ ْ‬
‫م أّنى ِ‬‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫م َ‬‫ث ل َك ُ ْ‬
‫حْر ٌ‬
‫م َ‬‫ؤك ُ ْ‬
‫سا ُ‬
‫نِ َ‬
‫)حديث جابر بن عبد الله الثابت في الصحيحين ( * أن يهود كانت‬
‫تقول إذا أتيت المرأة من دبرها في قبلها ثم حملت كان ولدها‬
‫أحول قال فأنزلت ) نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم (‬
‫) ‪ ( 17‬العزل عن الزوجة الحرة يكون برضاها ‪:‬‬
‫واختار هذا القول شيخ السلم رحمه الله ‪،‬‬
‫)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (‬
‫قال ‪ :‬كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ‬
‫ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا‬
‫مسألة ‪ :‬ما هو العزل ؟‬
‫العزل هو أن يخرج عضو الذكورة قرب النزال فينزل المني‬
‫بالخارج ‪.‬‬
‫)‪ (18‬الولى ترك العزل لمور هي ‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن فيه إدخال ضرر على المرأة لما فيه من تفويت لذتها‪،‬‬
‫فإن وافقت عليه ففيه ما يأتي‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫الثاني‪ :‬أنه يفوت بعض مقاصد النكاح‪ ،‬وهو تكثير نسل أمة نبينا‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ) ،‬لحديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم المم ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 114‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ولذلك وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالوأد الخفي حين‬
‫سألوه عن العزل‪ ،‬فقال‪)) :‬ذلك الوأد الخفي ((‪.‬‬
‫) حديث جدامة بنت وهب أخت عكاشة رضي الله عنها الثابت في‬
‫صحيح مسلم (‬
‫قالت ‪ :‬حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس وهو‬
‫يقول لقد هممت أن أنهى عن الغيلة فنظرت في الروم وفارس‬
‫فإذا هم يغيلون أولدهم فل يضر أولدهم ذلك شيئا ثم سألوه عن‬
‫العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوأد الخفي ‪.‬‬
‫ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم إلى أن الولى تركه في حديث‬
‫أبي سعيد الخدري التي لنه من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إل‬
‫هي كائنة‪:‬‬
‫)حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال ‪:‬‬
‫خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني‬
‫المصطلق‪ ،‬فأصبنا سبيا من سبي العرب‪ ،‬فاشتهينا النساء‪،‬‬
‫فاشتدت علينا العزبة‪ ،‬وأحببنا العزل‪ ،‬فسألنا رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فقال‪) :‬ما عليكم أن ل تفعلوا‪ ،‬ما من نسمة كائنة إلى‬
‫يوم القيامة إل وهي كائنة ‪.‬‬
‫ح نفسه ؟‬ ‫]*[ ‪ ‬وهنا سؤا ٌ‬
‫ل يطر ُ‬
‫هل طلب الولد حق للزوج أو للزوجة ؟‪.‬‬
‫أولً‪ :‬وقبل كل شيء الشريعة رغبت في تكثير النسل‪ ،‬كما في‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال‪ :‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم ‪.‬‬
‫فزيادة النسل أمر مطلوب في الشرع ‪.‬‬
‫‪‬ثانيا‪ :‬طلب الولد حق للزوج كما هو حق للزوجة‪ ،‬ول يجوز‬
‫للرجل أن يعزل عن زوجته‪ ،‬أو يلزمها باستخدام موانع حمل وهي‬
‫ترغب في حصول الولد‪ ،‬وكذلك الزوجة ل يجوز لها أن تستخدم‬
‫موانع الحمل إذا كان الزوج يرغب في الولد‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ‪ :‬في أحد أجوبته‬
‫لشخص سأل العزل عن أهله‪ -‬فقال‪ :‬ل يجوز لك أن تستخدم‬
‫العزل‪ ،‬ول أن تجبرها على أخذ الحبوب إذا كانت تريد الولد‪ ،‬لن‬
‫لها حقا ً فيهم‪ ،‬ولذا قال العلماء‪ :‬يحرم عزل الرجل عن زوجته إل‬
‫برضاها‪ .‬كذلك يجب أن تحترم شعورها لنك لو كنت تريد النجاب‬
‫وهي ل تريد‪ ،‬فإنك ل تقبل أن تمنعك عن رغبتك‪ ،‬فعليك أن تحترم‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 115‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫رغبتها أيضًا‪ ،‬فإذا أرادت النجاب فل يجوز منعها من ذلك‪ ،‬ول يجوز‬
‫إكراهها على تعاطي حبوب منع الحمل أو غيرها )‪. (12‬‬
‫‪‬تنبيه ‪:‬استخدام موانع الحمل من أجل تحديد النسل خوفا ً من‬
‫الفقر؛ حرام ول يجوز فعله‪ ،‬فإن الله تكفل بأرزاق العباد‪ ،‬قال‬
‫تعالى ‪ -‬يذم أهل الجاهلية الذين يقتلون أولدهم خشية الفقر‪} : -‬‬
‫ول تقتلوا أولدكم من إملق نحن نرزقكم وإياهم { ‪.‬‬
‫أما إن كان استخدام موانع الحمل لعارض صحي‪ ،‬أو ل تتحمل‬
‫الزوجة الحمل كل سنة‪ ،‬فإنه يرخص لها في تعاطي موانع الحمل ‪،‬‬
‫وهو من باب العلج والوقاية ل من باب تحديد النسل ‪.‬‬
‫مام في الدار‪:‬‬‫)‪ (19‬وجوب اتخاذ الح ّ‬
‫ويجب عليهما أن يتخذا حماما ً في دارهما‪ ،‬ول يسمح لها أن تدخل‬
‫حمام السوق‪ ،‬فإن ذلك حرام‪،‬‬
‫)حديث جابر رضي الله عنهما الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫والنسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪)):‬من كان يؤمن بالله واليوم الخر‬
‫فل يدخل حليلته الحمام‪ ،‬ومن كان يؤمن بالله واليوم الخر فل‬
‫يدخل الحمام إل بمئزر‪ ،‬ومن كان يؤممن بالله واليوم الخر فل‬
‫يجلس على مائدة يدار عليها الخمر ((‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪)) :‬ما من امرأة تخلع ثيابها في غير‬
‫بيتها إل هتكت ما بينها وبين الله تعالى ((‪.‬‬

‫]*[ ‪ ‬ثالثا ‪ :‬أفضل أوضاع الجماع‬


‫]*[ أفضل أوضاع الجماع أن يعلو الرجل المرأة ‪:‬‬
‫]*[ يقول المام ابن القيم في زاد المعاد‪:‬‬
‫) وأحسن أشكال الجماع أن يعلو الرجل المرأة مستفرشا لها بعد‬
‫فراشا‪ ،‬كمال قال صلى الله‬ ‫الملعبة والقبلة‪ ،‬وبهذا سميت المرأة ِ‬
‫عليه وسلم‪":‬الولد للفراش"‪ ،‬وهذا تمام قوامة الرجل على‬
‫المرأة ‪ ،‬كما قال تعالى‪) :‬الرجال قوامون على النساء(‪ ،‬وكما قيل‪:‬‬
‫إذا رمتها كانت فراشا يقلني وعند فراغي خادم يتملق‬
‫وقد قال تعالى‪) :‬هن لباس لكم وأنتم لباس لهن( وأكمل اللباس‬
‫وأسبغه على هذا الحال‪ ،‬فإن فراش الرجل لباس له‪ ،‬وكذلك لحاف‬
‫المرأة لباس لها‪ ،‬فهذا الشكل الفاضل مأخوذ من الية ‪ ،‬وبه‬
‫‪ . 12‬كتاب الدعوة )‪ (1/1118‬والعزل‪ :‬هو إن ينزل الرجل ماءه خارج فرج المرأة ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 116‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫يحسن استعارة اللباس من كل من الزوجين للخر‪ ،‬وفيه وجه آخر‬
‫وهو أن تنعطف عليه أحيانا فتكون عليه كاللباس‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫إذا ما الضجيع ثنى حيدها تثنت كانت عليه لباسا‬
‫وأردأ الشكال أن تعلوه المرأة ويجامعها على ظهره‪ ،‬وهو خلف‬
‫الشكل الطبيعي‪ ،‬الذي طبع الله عليه الرجل والمراة‪ ،‬بل نوع‬
‫الذكر والنثى‪ ،‬وفيه من المفاسد أن المني يتعسر خروجه كله‪،‬‬
‫فربما بقي في العضو منه فيتعفن ويفسد فيضر‪ .‬وأيضا فإن‬
‫الرحم ل يتمكن من الشتمال على الماء واجتماعه فيه‪ ،‬وانضمامه‬
‫عليه لتخليق الولد‪ ،‬وأيضا فإن المرأة مفعول بها طبعا وشرعا‪،‬‬
‫وإذا كانت فاعلة خالفت مقتضى الشرع والطبع‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 117‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬

‫]*[ ‪ ‬رابعا ً ‪ :‬ما يباح في الجماع وما‬


‫يحرم‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي المور التي ُتباح في الجماع ؟‬


‫)‪ (1‬ويباح للرجل في جماع زوجته جسد امرأته كله‪ -‬إل الدبر‪-‬‬
‫مقبلة أو مدبرة‪ ،‬لقوله تعالى‪ ) :‬نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم‬
‫أنى شئتم ( ]البقرة‪.[223 :‬‬
‫)حديث جابر بن عبد الله الثابت في الصحيحين ( * أن يهود كانت‬
‫تقول إذا أتيت المرأة من دبرها في قبلها ثم حملت كان ولدها‬
‫أحول قال فأنزلت ) نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم (‬
‫تحريم الدبر ‪:‬‬
‫وأما تحريم الدبر فالنصوص دالة عليه‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫والترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من أتى كاهنا ً فصدقه بما يقول أو‬
‫أتى امرأة حائضا ً أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما ُأنزل على‬
‫د ‪.r‬‬‫محم ٍ‬
‫وعن ابن مسعود‪ -‬رضي الله عنه‪ :-‬أن رجل ً قال له‪ :‬آتي امرأتي‬
‫أنى شئت‪ ،‬وحيث شئت‪ ،‬وكيف شئت؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فنظر له رجل‬
‫فقال له ‪ :‬إنه يريد الدبر!‬
‫قال عبد الله‪ :‬محاش النساء عليكم حرام ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود (‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ملعون من أتى امرأته في دبرها ‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله ‪ :‬وطء المرأة في‬
‫الدبر من كبائر الذنوب ومن أقبح المعاصي لما ثبت عن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪ ) :‬ملعون من أتى امرأته في‬
‫دبرها( ‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ل ينظر الله إلى رجل أتى‬
‫رجل ً أو امرأة في دبرها( والواجب على من فعل ذلك البدار بالتوبة‬
‫النصوح والقلع عن الذنب وتركه تعظيما ً لله‪ ،‬وحذرا ً من عقابه‬
‫والندم على ما قد وقع فيه من ذلك‪ ،‬والعزيمة الصادقة على أل‬
‫يعود إلى ذلك مع الجتهاد في العمال الصالحة‪ ...‬وقال‪ :‬وليس‬
‫على من وطئ في الدبر كفارة في أصح قولي العلماء‪ ،‬ول تحرم‬
‫عليه زوجته بذلك‪ ،‬بل هي باقية في عصمته‪ ،‬وليس لها أن تطيعه‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 118‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫في هذا المنكر العظيم‪ ،‬بل يجب عليها المتناع من ذلك والمطالبة‬
‫بفسخ نكاحها منه إن لم يتب‪ ،‬نسأل الله العافية من ذلك )‪. (13‬‬
‫وأما الستمتاع بالليتين ‪ ،‬وجعل الذكر بينهما ‪ ،‬فل شيء فيه ‪،‬‬
‫وهو مباح كما ما لم يولج في الدُُبر‪.‬‬
‫)‪ (2‬جواز التجرد من الثياب عند الجماع وحكم نظر الرجل إلى‬
‫عورة امرأته وعكسة‬
‫وأما تجرد الزوجين عند الجماع فجائز‪،‬‬
‫) حديث عائشة‪ -‬رضي الله عنها‪ -‬الثابت في الصحيحين ( أنها‬
‫قالت‪ :‬كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد‬
‫من جنابة" ‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في ))فتح الباري (( )‪:(290 /1‬‬
‫" استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته‬
‫وعكسه‪ ،‬ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق‪ :‬سليمان بن موسى‪،‬‬
‫أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ‪ ،‬فقال‪ :‬سألت عطاء‪،‬‬
‫فقال‪ :‬سألت عائشة‪ ،‬فذكر هذا الحديث بمعناه‪ ،‬وهو نص في‬
‫المسألة "‪ .‬قلت‪ :‬ويدل عليه أيضا ً حديث معاوية بن حيدة التي ‪:‬‬
‫) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي‬
‫داوود والترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬احفظ عورتك إل من زوجتك‬
‫أو ما ملكت يمينك قيل ‪ :‬إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال‬
‫‪ :‬إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل ‪ :‬إذا كان أحدنا‬
‫خاليا ؟ قال ‪ :‬الله أحق أن يستحيا منه من الناس ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪:‬وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم في أنه قال‪):‬إذا‬
‫أتى أحدكم أهله‪ ،‬فليلقى على عجزه وعجزها شيئًا‪ ،‬ول يتجردا‬
‫تجرد العيرين(( ‪ .‬فمنكر‪ ،‬ول يصح في المنع حديث‪.‬‬
‫الوضوء لمن جامع وأراد المعاودة‬
‫ويستحب الوضوء لمن جامع امرأته‪ ،‬وأراد أن يعاودها قبل أن‬
‫يغتسل‪ :‬فعن أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪)):‬إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن‬
‫يعود‪ ،‬فليتوضأ((‬
‫)‪ (3‬طواف الرجل على نسائه بغسل واحد ‪:‬‬
‫ويجوز للرجل أن يطوف على نسائه‪ -‬يجامعهن‪ -‬بغسل واحد‪:‬‬
‫)لحديث أنس‪ -‬رضى الله عنه‪ -‬الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي‬
‫‪ r‬كان‬
‫يطوف على نسائه بغسل واحد ‪.‬‬

‫‪ . 13‬فتاوى إسلمية )‪(1/114‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 119‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪ -‬في‬
‫الغسل عند كل‬
‫مرة يجامع ))هذا أزكى وأطهر((‪ .‬فل حجة فيه لضعفه‪ ،‬ولمخالفته‬
‫الثابت عنه صلى الله عليه وسلم في طوافه على نسائه بغسل‬
‫واحد كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) وحديث عائشة‪ -‬رضى الله عنها‪:-‬الثابت في صحيح البخاري (‬
‫قالت ‪:‬‬
‫كنت أطيب رسول الله ‪ r‬فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ً‬
‫ينضخ طيبا ً ‪.‬‬
‫وقد أورد النسائي‪ -‬رحمه الله‪ -‬هذا الحديث في سننه‬
‫)) المجتبى ((‪،‬في باب‪) :‬الطواف على النساء في غسل واحد(‪.‬‬
‫قال المام السندي‪ -‬رحمه الله‪ -‬في حاشيته على )) سنن النسائي‬
‫((‪:‬‬
‫))قوله‪) :‬ينضح( أي يفوح‪ ...،‬وأخذ منه المصنف وحدة الغتسال ‪،‬‬
‫إذ العادة أنه لو تكرر الغتسال عدد تكرر الجماع لما بقى من أثر‬
‫الطيب شيء‪ ،‬فضل ً عن النتفاح ((‪.‬‬
‫)‪ (4‬وجوب الغسل بالتقاء الختانين ‪:‬‬
‫يجب على الزوجين الغسل بالتقاء الختانين ‪ ،‬وإن كسل فلم ينزل ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إذا جلس بين شعبها الربع ثم جهدها فقد وجب‬
‫الغسل ‪.‬‬
‫} جهدها { أي بلغ منه الجهد حال المعالجة والدخال ‪.‬‬
‫) حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إذا‬
‫ن فقد وجب الغسل ‪.‬‬ ‫ن الختا َ‬‫جلس بين شعبها الربع ومس الختا ُ‬
‫‪‬تنبيه‪:‬ل يحصل التقاء ختان الرجل بختان المرأة إل بتغيب‬
‫حشفة الرجل في‬
‫فرج المرأة ‪ ،‬لن ختان الرجل فوق الحشفة ‪ ،‬وعلى هذا فُيحمل‬
‫مس الختان على أنه مس وتغييب للحشفة بدللة الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل ‪.‬‬
‫)‪ (5‬تحريم إتيان المرأة وهي حائض ‪:‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هو حكم من أتى حائضا ً ؟‬
‫المســألة على التفصيــل ‪:‬‬
‫ً‬
‫ل الجماع للحائض في فرجها كان كافرا لستحلله‬ ‫إن اعتقد ح َ‬
‫شيئا ً حرمه الله تعالى ‪.‬‬
‫حله ‪ :‬فإن كان ناسيا ً أو جاهل ً فل إثم عليه ‪،‬‬ ‫وإن فعله غير معتقدا ً ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 120‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) لحديث أبي ذر الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ‪.‬‬
‫وإن تعمد ذلك فإنه يحرم جماع الحائض لقوله تعالى‪} :‬ويسألونك‬
‫عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض {‬
‫]البقرة‪.[222 :‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫والترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من أتى كاهنا ً فصدقه بما يقول أو‬
‫أتى امرأة حائضا ً أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما ُأنزل على‬
‫د ‪.r‬‬ ‫محم ٍ‬
‫)حديث أنس الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬اصنعوا‬
‫ئ إل النكاح ‪ ] .‬أي إل الوطء[‬ ‫كل ش ٍ‬
‫ً‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي كفارة من أتى حائضا ؟‬
‫من غلته نفسه فأتى الحائض قبل أن تطهر من حيضها‪ ،‬فعليه أن‬
‫يتصدق يتصدق بدينار أو بنصف دينار ‪،‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيح السنن الربعة ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬في الذي يأتي امرأته وهي حائض ‪ ،‬يتصدق بدينار أو بنصف‬
‫دينار ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪:‬التخير في حديث ابن عباس راجع إلى التفريق بين أول‬
‫الدم وآخره لما‬
‫ثبت الثابت في صحيح أبي داوود موقوفا ً عن ابن عباس رضي‬
‫الله عنهما قال ‪ :‬إن أصابها في فور الدم تصدق بدينار ‪ ،‬وإن كان‬
‫ة الدّينار‬
‫زن َ ُ‬ ‫عملة من ال ّ‬
‫ذهب‪ ،‬و ِ‬ ‫دينار‪ :‬ال ُ‬ ‫في آخره فنصف دينار ‪ ،‬وال ّ‬
‫ل غرامان وربع‪ ،‬والجنيه‬ ‫ل من الذهب‪ ،‬والمثقا ُ‬ ‫ي مثقا ٌ‬ ‫السلم ّ‬
‫ل‪ ،‬فنصف جنيه سعودي يكفي‪ ،‬فُيسأل‬ ‫السعودي‪ :‬مثقالن إل قلي ً‬
‫سوق‪.‬‬ ‫عن قيمته في ال ّ‬
‫ل‪ :‬إذا كان الجنيه السعودي يساوي مائة ريال‪ ،‬فالواجب‬ ‫فمث ً‬
‫خمسون أو خمسة وعشرون ريال ً تقريبًا‪ ،‬وُيدفع إلى الفقراء‪.‬‬
‫وطئت في فرجها وهي حائض هل عليها كفارة‬ ‫مسألة ‪ :‬المرأةُ إذا ُ‬
‫؟‬
‫إن كان باختيارها كان عليها كفارة لن شروط الكفارة) أن يكون‬
‫النسان عالما ً ‪ ،‬ذاكرا ً ‪ ،‬مختارا ً (‬
‫وإن كانت مكرهة فليس عليها كفارة ‪.‬‬
‫) لحديث أبي ذر الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ‪.‬‬
‫ل للرجل من زوجته وهي حائض ؟‬ ‫مسألة ‪ :‬ما الذي يح ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 121‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ويجوز للرجل من زوجته وهي حائض كل جسدها إل الفرج والدبر‪،‬‬
‫فأما الفرج فلورود المر من الكتاب والسنة باعتزاله في الحيض ‪،‬‬
‫وأما الدبر فلما ذكرناه آنفا ً من الدلة‪.‬‬
‫ويحل للرجل أن يستمتع بجسد امرأته‪ -‬إل ما ذكرنا‪ -‬كيفما شاء‬
‫)لحديث أنس الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬اصنعوا‬
‫ئ إل النكاح ‪ ] .‬أي إل الوطء[‬ ‫كل ش ٍ‬
‫)ولحديث عائشة‪ -‬رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت‪:‬‬
‫كانت إحدانا إذا كانت حائضا‪ ،‬فأراد رسول الله ‪r‬أن يباشرها‪ ،‬أمرها‬
‫أن تتزر في فور حيضتها ‪ ،‬ثم يباشرها‪ .‬قالت‪ :‬وأيكم يملك إربه‪،‬‬
‫كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه‪.‬‬
‫فيجوز للرجل أن يتلذذ بجسد امرأته كله إل الفرج في وقت‬
‫حيضتها ‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كانت إحدانا إذا‬
‫كانت حائضا فأراد رسول الله ‪ r‬أن يباشرها أمرها أن تتزر في‬
‫فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي ‪r‬‬
‫يملك إربه ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا استمتع الزوج بزوجته فيما بين الفخذين هل يجب‬
‫على أحدهما الغسل؟‬
‫ل إل إذا حدث إنزال ‪.‬‬ ‫ل يجب على أحدهما غس ُ‬
‫مسألة ‪ :‬متى يجوز إتيانها إذا طهرت ‪:‬‬
‫فإذا طهرت من حيضها‪ ،‬وانقطع الدم عنها‪ ،‬جاز له وطؤها بعد أن‬
‫تغسل موضع الدم منها فقط‪ ،‬أو تتوضأ أو تغتسل‪ ،‬أي ذلك فعلت‪،‬‬
‫جاز له إتيانها‪ ،‬لقوله تعالى ‪﴿ :‬فإذا تطهرن فأتوهن من حيث‬
‫ب المتطهرين﴾‪.‬‬ ‫أمركم الله إن الله يحب التوابين ويح ّ‬
‫مسألة ‪ :‬إذا انقطع الدم ولم تغتسل المرأة ماذا يحل لها ؟‬
‫ل إل الصيام والطلق ‪،‬‬ ‫ل يح ُ‬
‫دليل الصيام ‪:‬‬
‫أنها إذا انقطع الدم ولم تغتسل تكون كالجنب ‪ ،‬والجنب يصح منه‬
‫الصوم ‪.‬‬
‫) حديث عائشة متفق عليه ( قالت ‪ :‬كان رسول الله ‪ r‬يدركه‬
‫الفجر وهو جنب من أهله ثم يغتسل ويصوم ‪.‬‬
‫الدليل على جواز الطلق إذا انقطع الدم ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما متفق عليه ( أنه طلق امرأته‬
‫وهي حائض على عهد رسول الله ‪ r‬فسأل عمر بن الخطاب رسول‬
‫الله ‪ r‬عن ذلك فقال رسول الله ‪r‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 122‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مرة فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن‬
‫شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر‬
‫الله أن تطلق لها النساء ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجوز جماع المرأة إذا انقطع الدم قبل أن تغتسل ؟‬
‫ن( ] البقرة ‪/‬‬ ‫ى ي َطْ ُ‬
‫هْر َ‬ ‫حت ّ َ‬‫ن َ‬‫ه ّ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬
‫قَرُبو ُ‬ ‫ل يجوز ‪ ،‬لقوله تعالى ‪َ ) :‬‬
‫‪[222‬‬
‫ث أكبر ل يحصل التطهر‬ ‫والتطهر ل يكون إل من حدث ‪ ،‬وهذا حد ٌ‬
‫منه إل بغسل‬
‫هُروا ْ ( ] المائدة ‪[6/‬‬ ‫فاطّ ّ‬
‫جُنبا ً َ‬ ‫م ُ‬ ‫وِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫لقوله تعالى ‪َ ) :‬‬
‫)فدل على أن الطهارة من الحدث الكبر ل تكون إل بالغسل (‬
‫)‪ (6‬يجوز جماع المستحاضة‬
‫) لحديث فاطمة بنت أبي جيش الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬يا‬
‫ع الصلة قال إنما‬ ‫ض فل أطهر أفأد ُ‬ ‫رسول الله إني امرأة ُاستحا ُ‬
‫ذلك عرق وليس بالحيضة ‪ ،‬فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلة فإذا‬
‫ذهبت قدرها فاغسلي عنك الدم وصلي ‪.‬‬
‫قال المام الشافعي‪ -‬رحمه الله‪ -‬في ))الم(( )‪:(50 /1‬‬
‫" لما أمر الله تعالى باعتزال الحيض‪ ،‬وأباحهن بعد الطهر‬
‫والتطهير‪ ،‬ودلت السنة على أن المستحاضة تصلي ‪ ،‬دل ذلك على‬
‫أن لزوج المستحاضة إصابتها‪ -‬إن شاء الله تعالى‪ -‬لن الله أمر‬
‫باعتزالهن وهن غير طواهر‪ ،‬وأباح أن يؤتين طواهر((‪.‬‬
‫)‪ (7‬تحريم نشر أسرار الستمتاع بين الزوجين إل لمصلحة شرعية‬
‫ويحرم على الزوج‪ -‬وكذلك على الزوجة‪ -‬نشر ما يكون بينهما من‬
‫أسرار الستمتاع‪.‬‬
‫) لحديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي‬
‫إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ‪.‬‬
‫قال المام النووي‪ -‬رحمه الله‪ -‬في " شرح صحيح مسلم " )‬
‫‪)) :(3/610‬في هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه‬
‫وبين امرأته من أمور الستمتاع‪ ،‬ووصف تفاصيل ذلك ‪ ،‬وما يجري‬
‫من المرأة فيه من قول أو فعل أو نحوه "‪.‬‬
‫ولكن يجوز نشر مثل هذه السرار لمصلحة شرعية ‪.‬‬
‫فهؤلء هن زوجات النبي صلى الله عليه وسلم يذكرن هديه صلى‬
‫الله عليه وسلم في معاشرته ‪ ،‬وتقبيله ومباشرته لهن ‪ ،‬وذلك كله‬
‫لرجحان المصلحة من ذكره‪.‬‬
‫بل أبلغ من ذلك‪:‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كانت إحدانا إذا‬
‫كانت حائضا فأراد رسول الله ‪ r‬أن يباشرها أمرها أن تتزر في‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 123‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي ‪r‬‬
‫يملك إربه ‪.‬‬
‫فدل ذلك على جواز ذكر ما يدور بين الرجل والمرأة من أسرار‬
‫الجماع للمصلحة الشرعية الراجحة من ذكرها‪.‬‬
‫وهذا ما فهمه المام النسائي‪ ،‬فذكر هذا الحديث في ))عشرة‬
‫النساء (( من ))السنن الكبرى (( ‪ ،‬وبوب له‪) :‬الرخصة في أن‬
‫يحدث الرجل بما يكون بينه وبين زوجته( ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬خامسا ً ‪:‬فوائد المعاشرة الجنسية‬

‫يقضي الزوجان يوميا ً أكثر من ست ساعات في غرفة النوم لذا‬


‫كان لبد من تخصيص زاوية للحديث عنها ‪ .‬حيث لزال كثير من‬
‫الزواج والزوجات ينظرون إلى المعاشرة الزوجية على أنها أمر‬
‫ثانوي ل يتعدى التخلص من هذه الهرمونات التي زادت نسبتها في‬
‫الدم وقد يحسبون أن فائدتها الوحيدة هي هذه الراحة النفسية‬
‫التي تعقب انتهاءها ونتيجة لتلك النظرة الخاطئة وهذا الحسبان‬
‫غير الصحيح يهمل الزوجان المعاشرة ول يمنحانها الهتمام اللزم‬
‫لها بينما الدراسات العلمية والطبية والنفسية والجسدية تؤكد أن‬
‫الثار اليجابية الناتجة عن المعاشرة الزوجية كثيرة وعظيمة وهذا‬
‫بعض تلك الثار ‪-:‬‬
‫)‪ (1‬سبب للمصالحة ‪ :‬ما أكثر ما يختلف الزوجان وما أكثر ما‬
‫يسبب هذا الختلف من قطيعة بينهما فل يحادث أحدهما الخر‬
‫ويأتي الدافع الجنسي ليذيب تلك الحواجز التي ظلت ترتفع بين‬
‫الزوجين منذ أن بدأت القطيعة فتراهما يتصالحان لتلبية هذا‬
‫الدافع ومما يعبر عن هذا حير تعبير ما قالته امرأة لزوجها الذي‬
‫طعن في السن ما عدت تصالحني كما كنت تفعل فرد عليها مات‬
‫الذي كنت أصالحك من أجله ‪.‬‬
‫)‪ (2‬صحة بدنية للزوجين ‪ :‬أوردت المجلة الطبية البريطانية دراسة‬
‫تؤكد أن الزواج الذين يكثرون من معاشرة زوجاتهم هم أطول‬
‫عمرا ً من الرجال العزاب أو الزواج القل معاشرة لزوجاتهم‬
‫در شيئا ً‬‫) العمار بيد الله ول شك في ذلك ‪ ،‬وإن الله تعالى إذا ق ّ‬
‫هيئ له السباب ( ‪ .‬ووجد الباحثون الذين درسوا الحالت الصحية‬
‫والنشطة الجنسية ل ‪ 918‬زوجا ً تتراوح أعمارهم بين ‪ 59-45‬عاما ً‬
‫أن الزواج الذين يعاشرون زوجاتهم مرتين في السبوع على‬
‫القل تنخفض لديهم حالت الوفاة المبكرة بنسبة ‪ %50‬بالمقارنة‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 124‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مع الرجال الذين يعاشرون زوجاتهم مرة في الشهر‪.‬‬
‫)‪ (3‬وسيلة صحية لنوم هانىء ‪ :‬يلجأ كثير من الذين يعانون من‬
‫الرق الى الحبوب المنومة التي زادت أنواعها وتضاعف استهلكها‬
‫وأقل أضرارها الدمان عليها بينما المعاشرة الزوجية وسيلة صحية‬
‫ل أعراض جانبية لها ومجانية للوصول إلى نوم هانىء سعيد‬
‫مريح ‪ .‬فقد أكد الطباء أن المعاشرة تفرز هرمون السيروتونين )‬
‫‪ (serotonin‬في الدم وهذا يؤدي إلى السترخاء والنوم ‪.‬‬
‫)‪ (4‬أجمل وأمتع هواية ‪ :‬الهوايات في حياتنا الدنيا كثيرة ومتعددة‬
‫لكنها جميعها أو أكثرها تحتاج نفقات مالية إضافية وأوقاتنا طويلة‬
‫لممارستها وكثيرا ً ما تكون فردية أي أنها تخص الزوج وحده أو‬
‫تخص الزوجة وحدها ومن ثم فأنها تنعكس سلبا على حياتهما‬
‫الزوجية من مثل هواية المطالعة لدى الزوج أو هواية الخياطة‬
‫والتريكو لدى النساء وتأتي المعاشرة لتكون أجمل هواية بين‬
‫الزوجين فهي ل تكلفهما مال ً ول تحتاج وقتا ً طويل ً ويشتركان‬
‫فيها معا ً ‪.‬‬
‫)‪ (5‬تكسب البشرة نعومة والوجه تألقا ‪ :‬المعاشرة الزوجية تطلق‬
‫في الجسم هرمونات منعشة تسمى المينات ) ‪ (amines‬وهذه‬
‫الهرمونات تكسب الوجه مزيدا ً من الشراق والتألق وتجعل البشرة‬
‫أنضر و أنعم وتشيع في القلب السعادة والنشراح ‪.‬‬
‫)‪ (6‬تقوية عضلت المرأة الداخلية ‪ :‬تساعد المعاشرة على تقوية‬
‫العضلت السفلية للحوض عند المرأة وهذه العضلت تضعف عادة‬
‫بعد الولدة مباشرة ومن شأن المعاشرة تنشيط هذه العضلت‬
‫وإعادتها إلى حالتها السابقة الطبيعية ‪.‬‬
‫)‪ (7‬مسكن فعال لبعض المراض ‪ :‬ثبت علميا أن المعاشرة‬
‫الزوجية تساعد على إفراز الندورقينات المهدئة للعصاب وهذا‬
‫يعنى أنها أي المعاشرة الزوجية تخفف كثيرا ً من الوجاع واللم‬
‫مثل التهاب المفاصل والصداع النصفي ‪.‬‬
‫)‪ (8‬تحول دون جمود الصلة بين الزوجين ‪ :‬يكون التواصل بين‬
‫الزوجين في القمة في أشهر الزواج الولى ثم يبدأ التواصل‬
‫بالنحدار ولول المعاشرة الزوجية التي تجدد هذا التواصل لوصلت‬
‫العلقة بين الزوجين الى الحضيض ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬سادسا ً ‪ :‬وجوب الوليمة‬

‫مسألة ‪ :‬ما الدليل على وجوب الوليمة ؟‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 125‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ول بد له من عمل وليمة بعد الدخول؛ لمر النبي ‪ r‬عبد الرحمن بن‬
‫عوف في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الثابت في الصحيحين‬
‫( قال ‪:‬لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله ‪r‬بيني وبين سعد‬
‫بن الربيع‪ ،‬فقال سعد بن الربيع‪ :‬إني أكثر النصار مال‪ ،‬فأقسم‬
‫لك نصف مالي‪ ،‬وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها‪ ،‬فإذا حلت‬
‫تزوجتها‪ ،‬قال‪ :‬فقال عبد الرحمن‪ :‬ل حاجة لي في ذلك‪ ،‬هل من‬
‫سوق فيه تجارة؟‪ .‬قال‪ :‬سوق قينقاع‪ ،‬قال‪ :‬فغدا إليه عبد‬
‫الرحمن‪ ،‬فأتى بأقط وسمن‪ ،‬قال‪ :‬ثم تابع الغدو‪ ،‬فما لبث أن جاء‬
‫عبد الرحمن عليه أثر صفرة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬تزوجت(‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪) :‬ومن(‪ .‬قال‪ :‬امرأة من النصار‪،‬‬
‫قال‪) :‬كم سقت(‪ .‬قال‪ :‬زنة نواة من ذهب‪ ،‬أو نواة من ذهب‪،‬‬
‫فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬أولم ولو بشاة(‪.‬‬
‫الشاهد ‪ :‬قوله ‪) r‬أولم ولو بشاة( والصل في المر الوجوب‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي السنة في الوليمة ؟‬
‫]*[ السنة في الوليمة‪:‬‬
‫من السنة أن ُيراعى فيها المور التية ‪:‬‬
‫)الول( أن تكون ثلثة أيام عقب الدخول ‪ :‬لنه هو المنقول عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( قال ‪:‬‬
‫))بنى رسول الله ‪r‬وسلم بامرأة‪ ،‬فأرسلني فدعوت رجال ً على‬
‫الطعام ((‬
‫)الثاني( أن يدعو الصالحين إليها‪ ،‬فقراء كانوا أو أغنياء‪:‬‬
‫للحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث أبي سعيد رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تصاحب إل مؤمنا و ل يأكل طعامك‬
‫إل تقي ‪.‬‬
‫الشاهد ‪ :‬قوله ‪ ] r‬ول يأكل طعامك إل تقي [ لن المطاعمة‬
‫توجب اللفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق عرى المداخلة‬
‫ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات‬
‫فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار إذ ل تخلو عن فساد إما بمتابعة‬
‫في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ول‬
‫يكاد فل تخطئه فتنة الغير به وليس المراد حرمان غير التقي من‬
‫الحسان لن المصطفى أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين‬
‫بل يطعمه ول يخالطه ‪ ،‬والحاصل أن مقصود الحديث كما أشار‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 126‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إليه الطيبي النهي عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه‬
‫المتقي ‪ ،‬فالمعنى ل تصاحب إل مطيعا ً ول تخالل إل تقيا ً ‪.‬‬
‫)الثالث( أن يولم بشاة أو أكثر إن وجد سعة‪:‬‬
‫)حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الثابت في الصحيحين‬
‫( قال ‪:‬لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله ‪r‬بيني وبين سعد‬
‫بن الربيع‪ ،‬فقال سعد بن الربيع‪ :‬إني أكثر النصار مال‪ ،‬فأقسم‬
‫لك نصف مالي‪ ،‬وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها‪ ،‬فإذا حلت‬
‫تزوجتها‪ ،‬قال‪ :‬فقال عبد الرحمن‪ :‬ل حاجة لي في ذلك‪ ،‬هل من‬
‫سوق فيه تجارة؟‪ .‬قال‪ :‬سوق قينقاع‪ ،‬قال‪ :‬فغدا إليه عبد‬
‫الرحمن‪ ،‬فأتى بأقط وسمن‪ ،‬قال‪ :‬ثم تابع الغدو‪ ،‬فما لبث أن جاء‬
‫عبد الرحمن عليه أثر صفرة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬تزوجت(‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪) :‬ومن(‪ .‬قال‪ :‬امرأة من النصار‪،‬‬
‫قال‪) :‬كم سقت(‪ .‬قال‪ :‬زنة نواة من ذهب‪ ،‬أو نواة من ذهب‪،‬‬
‫فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬أولم ولو بشاة(‪.‬‬
‫)حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬ما أولم‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من نسائه كمــا أولــم علــى‬
‫زينب‪ ،‬أولم بشاة‪.‬‬
‫)الرابع( جواز الوليمة بغير لحم ‪:‬‬
‫ويجوز أن تؤدى الوليمة بأي طعام تيسر‪ ،‬ولم لم يكن فيه لحم ‪:‬‬
‫)حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬أقام‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلث ليال يبنى‬
‫عليه بصفيه‪ ،‬فدعوت المسلمين إلى وليمته‪ ،‬وما كان فيها من خبز‬
‫طت‪ ،‬فألقى‬ ‫س َ‬
‫ول لحم‪ ،‬وما كان فيها إل أن أمر بلل بالنطاع فب ُ ِ‬
‫عليها التمر والقط والسمن ‪.‬‬
‫)الخامس( مشاركة الغنياء بمالهم في الوليمة‪:‬‬
‫ويستحب أن يشارك ذوو الفضل والسعة في إعدادها؛ لحديث أنس‬
‫الثابت في الصحيحين في قصة زواجه صلى الله عليه وسلم‬
‫بصفية‪:‬‬
‫)حديث أنس رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬حــتى إذا‬
‫كان بالطريق‪ ،‬جهزتها له أم سليم‪ ،‬فأهدتها له مــن الليــل‪ ،‬فأصــبح‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عروسا‪ ،‬فقال‪) :‬من كــان عنــده شــيء‬
‫فليجيء بــه(‪ .‬وبســط نطعــا‪ ،‬فجعــل الرجــل يجيــء بــالتمر‪ ،‬وجعــل‬
‫الرجــل يجيــء بالســمن‪ ،‬قــال‪ :‬وأحســبه قــد ذكــر الســويق‪ ،‬قــال‪:‬‬
‫فحاسوا حيسا‪ ،‬فكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫)السادس( تحريم تخصيص الغنياء بالدعوة‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬شر الطعام طعام الوليمة‪ ،‬يدعى لها الغنياء ويترك‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 127‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الفقراء‪ ،‬ومن ترك الدعوة فقد عصى الله تعالى ورسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫)السابع( وجوب إجابة الدعوة‪:‬‬
‫ويجب على من دعي إليها أن يحضرها‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي موسى الشعري الثابت في صحيح البخاري( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬عودوا المريض وأطعموا الجائع وفكوا العاني ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪):‬حق المسلم على المسلم خمس‪ :‬رد السلم‪ ،‬وعيادة‬
‫المريض‪ ،‬واتباع الجنائز‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬وتشميت العاطس(‪.‬‬
‫)الثامن( إجابة الدعوة ولو كان صائمًا‪:‬‬
‫) حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا‬
‫فليأكل و إن كان صائما فليدع بالبركة ‪‌ .‬‬
‫)التاسع( ترك حضور الدعوة التي فيها معصية‪:‬‬
‫فل يجوز حضور الدعوة إذا اشتملت على معصية‪ ،‬إل أن يقصد‬
‫إنكارها ومحاولة إزالتها‪ ،‬فإن ُأزيلت؛ وإل وجب الرجوع‬
‫)حديث علي رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( قال‪:‬‬
‫))صنعت طعاما ً فدعوت رسول الله ‪ ، r‬فجاء فرأى في البيت‬
‫تصاوير‪ ،‬فرجع ‪.‬‬
‫)حــديث عائشــة رضــي اللــه عنهــا الثــابت فــي الصــحيحين ( أنهــا‬
‫اشترت نمرقة فيها تصاوير‪ ،‬فلما رآها رسول الله صلى اللــه عليــه‬
‫وسلم قام على الباب فلــم يــدخل‪ ،‬فعرفــت فــي وجهــه الكراهيــة‪،‬‬
‫فقلت يا رسول اللــه أتــوب إلــى اللــه وإلــى رســوله‪ ،‬مــاذا أذنبــت؟‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وســلم‪) :‬مـا بــال هــذه النمرقــة(‪.‬‬
‫قالت‪ :‬فقلت‪ :‬اشتريتها لك لتقعد عليهــا وتوســدها‪ ،‬فقــال رســول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪) :‬إن أصــحاب هــذه الصــور يعــذبون يــوم‬
‫القيامة‪ ،‬ويقال لهم‪ :‬أحيوا ما خلقتــم‪ ،‬وقــال أن الــبيت الــذي فيــه‬
‫الصور ل تدخله الملئكة(‪.‬‬
‫)العاشر( ما يستحب لمن حضر الدعوة ‪:‬‬
‫ويستحب لمن حضر الدعوة أمران‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يدعو لصاحبها بعد الفراغ‬
‫) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن‬
‫النبي ‪ r‬جاء إلى سعد بن عبادة فجاء بخبز وزيت فأكل ثم قال‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 128‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫النبي أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم البرار وصلت عليكم‬
‫الملئكة ‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن بسر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (‬
‫قال * نزل رسول الله على أبي قال فقربنا إليه طعاما ووطبة‬
‫فأكل منها ثم أتي بتمر فكان يأكله ويلقي النوى بين إصبعيه‬
‫ويجمع السبابة والوسطى قال شعبة هو ظني وهو فيه إن شاء‬
‫الله إلقاء النوى بين الصبعين ثم أتي بشراب فشربه ثم ناوله‬
‫الذي عن يمينه قال فقال أبي وأخذ بلجام دابته ادع الله لنا فقال‬
‫اللهم بارك لهم في ما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم‬
‫المر الثاني‪ :‬الدعاء له ولزوجه بالخير والبركة‪،‬‬
‫)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (‬
‫قال‪ :‬هلك أبي‪ ،‬وترك سبع بنات أو تسع بنات‪ ،‬فتزوجت امرأة ثيبًا‪،‬‬
‫فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬تزوجت يا جابر؟‬
‫فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال‪ :‬أبكرا ً أم ثيبًا‪ ،‬قلت‪ :‬بل ثيبًا‪ ،‬قال‪ :‬فهل جارية‬
‫تلعبها وتلعبك‪ ،‬وتضاحكها وتضاحكك؟ فقلت له‪ :‬إن عبد الله هلك‬
‫وترك ]تسع أو سبع[ بنات‪ ،‬وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن‪،‬‬
‫فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫))بارك الله لك ((‪ ،‬أو قال لي خيرًا‪.‬‬
‫)حديث عائشة رضــي اللــه عنهــا الثــابت فــي الصــحيحين ( قــالت ‪:‬‬
‫تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فأتتني أمي فأدخلتني الــدار‪،‬‬
‫فإذا نسوة من النصــار فــي الــبيت‪ ،‬فقلــن‪ :‬علــى الخيــر والبركــة‪،‬‬
‫وعلى خير طائر‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫فأ النسان إذا تزوج قال بارك الله‬ ‫و الترمذي ( أن النبي كان إذا َر ّ‬
‫لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير‪، .‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬وبعض الناس يقول ما يقوله أهل الجاهلية‪» :‬بالرفاء‬
‫والبنين«‪ ،‬نسأل الله أل يعمي قلوبنا‪ ،‬يأتي لفظ عن الرسول ـ‬
‫عليه الصلة والسلم ـ خير وبركة ونعدل عنه‪ ،‬ربما ل يكون هذا‬
‫رفاء‪ ،‬فربما يحصل من الخروق أكثر من الرفاء بين الزوج والزوجة‬
‫‪ ،‬وقد تكون البنت خيرا ً من البن بكثير‪.‬‬
‫)الحادي عشر( قيام العروس على خدمة الرجال‪:‬‬
‫ول بأس من أن تقوم على خدمة المدعوين العروس نفسها إذا‬
‫كانت متسترة وأمنت الفتنة‪ ،‬لحديث سهل بن سعد التي‪:‬‬
‫)حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (‬
‫قال‪ :‬دعا أبو أسيد الساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في‬
‫عرسه‪ ،‬وكانت امرأته يومئذ خادمهم‪ ،‬وهي العروس‪ ،‬قال سهل‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 129‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫تدرون ماسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أنقعت له‬
‫تمرات من الليل‪ ،‬فلما أكل سقته إياه ‪.‬‬
‫)الثاني عشر( الغناء والضرب بالدف‪:‬‬
‫ويجوز له أن يسمح للنساء في العرس بإعلن النكاح بالضرب على‬
‫الدف فقط‪ ،‬وبالغناء المباح الذي ليس فيه وصف الجمال وذكر‬
‫الفجور‪،‬‬
‫َ‬
‫) حــديث الُرب َي ّــع بنــت معــوذ رضــي اللــه عنهــا الثــابت فــي صــحيح‬
‫البخاري ( قالت‪ :‬دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم غــداة بنــي‬
‫علــي‪ ،‬فجلــس علــى فراشــي كمجلســك منــي‪ ،‬وجويريــات يضــربن‬
‫بالدف‪ ،‬يندبن من قتـل مــن آبــائهن يــوم بــدر‪ ،‬حــتى قــالت جاريــة‪:‬‬
‫وفينا نبي يعلم ما في غد‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليــه وســلم‪) :‬ل‬
‫تقولي هكذا‪ ،‬وقولي ما كنت تقولين(‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت فــي صــحيح البخــاري ( أنهــا‬
‫زفت امرأة إلى رجل من النصار‪ ،‬فقال نبي الله صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم ‪)) :‬يا عائشة! ما كان معكم لهو‪ ،‬فإن النصار يعجبهم اللهو؟‬
‫((‬
‫)الثالث عشر( المتناع عن مخالفة الشرع‪:‬‬
‫ويجب عليه أن يمتنع من كل ما فيه مخالفة للشرع‪ ،‬وخاصة ما‬
‫اعتاده الناس في مثل هذه المناسبة‪ ،‬حتى ظن كثير منهم‪ -‬بسبب‬
‫سكوت العلماء‪ -‬أن ل بأس فيها‪ ،‬وأنا أنبه هنا على أمور هامة‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -1‬تعليق الصور‪:‬‬
‫الول‪ :‬تعليق الصور على الجدران‪ ،‬سواء كانت مجسمة أو غير‬
‫مجسمة‪ ،‬لها ظل‪ ،‬أو ل ظل لها‪ ،‬يدوية أو فوتوغرافية‪ ،‬فإن ذلك‬
‫كله ل يجوز‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها عنه الثابت في الصحيحين ( قالت‪:‬‬
‫قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر‪ ،‬وقد سترت بقرام‬
‫لي على سهوة لي فيها تماثيل‪ ،‬فلما رآه رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم هتكه وقال‪) :‬أشد الناس عذابا ً يوم القيامة الذين‬
‫يضاهون بخلق الله(‪ .‬قالت‪ :‬فجعلناه وسادة أو وسادتين‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أتاني جبريل فقال‪ :‬إني كنت أتيتك‬
‫البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إل‬
‫أنه كان على الباب تماثيل و كان في البيت قرام ستر فيه تماثيل‬
‫و كان في البيت كلب فمر برأس التمثال الذي في البيت فليقطع‬
‫فيصير كهيئة الشجرة و مر بالستر فليقطع فيجعل وسادتين‬
‫منبذتين توطئان و مر بالكلب فليخرج ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 130‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ -2‬ستر الجدران بالسجاد‪:‬‬
‫المر الثاني مما ينبغي اجتنابه‪ :‬ستر الجدار بالسجاد ونحوه‪ ،‬ولو‬
‫من غير الحرير‪ ،‬لنه سرف وزينة غير مشروعة‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها رضي الله عنه الثابت في صحيح‬
‫مسلم (‬
‫قالت‪ :‬أن النبي ‪ r‬خرج في غزاته فأخذت نمطا فسترته على‬
‫الباب فلما قدم فرأى النمط عرفت الكراهية في وجهه فجذبه‬
‫حتى هتكه أو قطعه وقال إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة‬
‫والطين قالت فقطعنا منه وسادتين وحشوتهما ليفا فلم يعب ذلك‬
‫علي ‪.‬‬
‫ولهذا كان بعض السلف يتمنع من دخول البيوت المستورة جدرها‪،‬‬
‫قال سالم بن عبد الله‪:‬‬
‫))أعرست في عهد أبي‪ ،‬فآذن أبي الناس‪ ،‬وكان أبو أيوب فيمن‬
‫آذّنا‪ ،‬وقد ستروا بيتي بنجاد أخضر‪ ،‬فأقبل أبو أيوب فدخل‪ ،‬فرآني‬
‫قائمًا‪ ،‬واطلع فرأى البيت مستترا ً بنجاد أخضر‪ ،‬فقال‪ :‬يا عبد الله!‬
‫أتسترون الجدر؟! قال‪ :‬أبي‪ - :‬واستحى‪ -‬غلبنا النساء أبا أيوب!‬
‫فقال‪ :‬من أخشى أن تغلبنه النساء فلم أخشى أن تغلبنك! ثم‬
‫قال‪ :‬ل أطعم لكم طعامًا‪ ،‬ول أدخل لكم بيتًا‪ .‬ثم خرج رحمه الله ((‬
‫الطبراني وابن عساكر ‪.‬‬
‫‪ -3‬نتف الحواجب وغيرها!‬
‫الثالث‪ :‬ما تفعله بعض النسوة من نتفهن حواجبهن حتى تكون‬
‫كالقوس أو الهلل‪ ،‬يفعلن ذلك تجمل ً بزعمهن!‬
‫وهذا مما حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعن فاعله كما‬
‫في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث ابن مسعود في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬لعن الله‬
‫الواشمات و المستوشمات و النامصات و المتنمصات و المتفلجات‬
‫للحسن المغيرات خلق الله ‪‌ .‬‬
‫) لعن الّله الواشمات ( جمع واشمة وهي التي تشم غيرها )‬
‫والمستوشمات ( جمع مستوشمة وهي التي تطلب الوشم‬
‫) والنامصات ( جمع متنمصة المتنمصات بتاء ثم نون قال في‬
‫التنقيح ‪ :‬وروى بتقدم النون على التاء ومنه قيل للمنقاش‬
‫منماص لنه ينتف وهي التي تطلب إزالة شعر الوجه والحواجب‬
‫بالمنقاش‬
‫) والمتفلجات ( بالجيم ) للحسن ( أي لجله جمع متفلجة‬
‫وهي التي تفعل الفلج في أسنانها أي تعانيه حتى ترجع المصمتة‬
‫السنان خلقة فلجاء صنعة وذلك بترقيق السنان‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 131‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) المغيرات خلق الّله ( هي صفة لزمة لمن تصنع الثلثة فل‬
‫يجوز للمرأة تغير شيء من خلقتها بزيادة ول نقص التماسا ً‬
‫للتحسن للزوج ول غيره‪.‬‬
‫‪ -4‬تدميم الظفار وإطالتها‪:‬‬
‫الرابع‪ :‬هذه العادة القبيحة الخرى التي تسربت من فاجرات أوربا‬
‫إلى كثير من المسلمات‪ ،‬وهي تدميمهن لظفارهن بالصمغ الحمر‬
‫المعروف اليوم بـ) مينيكور (‪ ،‬وإطالتهن لبعضها‪ -‬وقد يفعلها بعض‬
‫الشباب أيضًا‪ -‬فإن هذا مع ما فيه من تغير لخلق الله المستلزم‬
‫لعن فاعله كما علمت آنفًا‪ ،‬ومن التشبه بالكافرات المنهي عنه‬
‫في أحاديث كثيرة التي منها قوله صلى الله عليه وسلم ‪...)) :‬‬
‫ومن تشبه بقوم فهو منهم ((؛ فإنه أيضا ً مخالف للفطرة ﴿فطرة‬
‫الله التي فطر الناس عليها﴾‪،‬‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود (‪:‬‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من تشبه بقوم ٍ فهو منهم ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم رحمه الله تعالى ‪ :‬هذا الحديث أقل فعله‬
‫التحريم ‪.‬‬
‫) لحديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬خمس من الفطرة ‪ :‬الختان والستحداد و قص‬
‫الشارب و تقليم الظفار و نتف البط ‪.‬‬
‫ت لنا في قص‬ ‫و ّ‬
‫ق َ‬ ‫) حديث أنس الثابت في صحيح مسلم ( قال ‪ُ :‬‬
‫الشارب وتقليم الظافر ونتف البط وحلق العانة أل نترك أكثر من‬
‫أربعين ليلة (‬

‫]*[ ‪‬سابعا ً ‪ :‬وصايا إلى الزوجين‬

‫ن ذهبية أقدمها للزوجين‬ ‫حس ِ‬‫صو ُ‬ ‫هاك وصايا ذهبية صادرة عن إخل ٍ‬
‫الكريمين‬
‫قعا عسى الله‬ ‫ً‬ ‫لعلها تجد لهما في سمعهما مسمعا وفي قلبهما مو ِ‬
‫قهما إلى تنفيذها ‪:‬‬ ‫ف ْ‬
‫و ِ‬
‫أن ينفعهما بها وي ُ َ‬
‫ل‪ :‬أن يتطاوعا ويتناصحا بطاعة الله تبارك وتعالى‪ ،‬واتباع‬ ‫أو ً‬
‫أحكامه الثابتة في الكتاب والسنة‪ ،‬ول يقدما عليها تقليدا ً أو عادة‬
‫غلبت على الناس‪ ،‬أو مذهبا ً فقد قال عز وجل‪﴿ :‬وما كان لمؤمن‬
‫هم الخيرة من‬ ‫ول مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ً أن يكون ل ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 132‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلل ً مبينا ً﴾ ]الحزاب‪:‬‬
‫‪.[36‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أن يلتزم كل واحد منهما القيام بما فرض الله عليه من‬
‫ل‪ -‬أن تساوي‬ ‫الواجبات والحقوق تجاه الخر‪ ،‬فل تطلب الزوجة‪ -‬مث ً‬
‫الرجل في جميع حقوقه‪ ،‬ول يستغل الرجل ما فضله الله تعالى به‬
‫عليها من السيادة والرياسة ؛ فيظلمها‪ ،‬ويضربها بدون حق‪ ،‬فقد‬
‫قال الله عز وجل‪:‬‬
‫﴿ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله‬
‫عزيز حكيم﴾ ]البقرة‪ ،[228 :‬وقال‪:‬‬
‫ما‬
‫وب ِ َ‬‫ض َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ُ‬
‫ع ٍ‬ ‫على ب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬‫ع َ‬
‫ه بَ ْ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ساء ب ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬
‫َ‬
‫ق ّ‬ ‫﴿الّر َ‬
‫ظ‬‫ف َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫غي ْ ِ‬‫ت ل ّل ْ َ‬ ‫ظا ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫قان َِتا ٌ‬‫ت َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صال ِ َ‬‫فال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫قوا ْ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫َأن َ‬
‫ع‬
‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ظو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن َ‬
‫ف ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫شوَز ُ‬ ‫ن نُ ُ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫والل ِّتي ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬
‫عل ِّيا‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫سِبيل ً إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫غوا ْ َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن أطَ ْ‬
‫عن َك ُ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫كِبيرا﴾ ]النساء‪.[34 :‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن‬
‫ماجة ( قال قلت * يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن‬
‫تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب‬
‫الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت ‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن المقسطين عند الله على منابر من‬
‫نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في‬
‫حكمهم وأهليهم وما ولوا ‪.‬‬
‫فإذا هما عرفا ذلك وعمل ً به‪ ،‬أحياهما الله تبارك وتعالى حياة‬
‫طيبة‪ ،‬وعاشا‪ -‬ما عاشا معًا‪ -‬في هناء وسعادة‪ ،‬فقد قال عز وجل‪:‬‬
‫﴿من عمل صالحا ً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة‬
‫ولنجزينهم أجرهم أحسن ما كانوا يعملون﴾ ]النحل‪.[97 :‬‬
‫ثالثًا‪ :‬وعلى المرأة بصورة خاصة أن تطيع زوجها فيما يأمرها به‬
‫ضل الله به الرجال على‬ ‫ف ّ‬ ‫في حدود استطاعتها‪ ،‬فإن هذا مما َ‬
‫النساء كما في اليتين السابقتين‪﴿ :‬الرجال قوامون على النساء﴾‪﴿ ،‬‬
‫وللرجال عليهن درجة﴾‪ ،‬وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة مؤكدة‬
‫لهذا المعنى‪ ،‬ومبينة بوضوح ما للمرأة‪ ،‬وما عليها؛ إذا هي أطاعت‬
‫زوجها أو عصته‪ ،‬فل بد من إيراد بعضها‪ ،‬لعل‬
‫فيها تذكيرا ً لنساء زماننا‪ ،‬فقد قال تعالى‪﴿ :‬وذكر فإن الذكرى تنفع‬
‫المؤمنين﴾‪.‬‬
‫وسوف نبين ذلك بالتفصيل إن شاء الله تعالى في حقوق الزوج ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 133‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ ‬ثامنًا ‪ :‬الحقوق الزوجية‪‬‬

‫ل من الزوجين حقوقا ً وواجبات تجاه الخر حتى‬ ‫جعل الله تعالى لك ٍ‬


‫تديم المودة والرحمة بينهما ‪ ،‬وجمع هذه الحقوق في قوله تعالى‪:‬‬
‫والل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ة َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ل َ َ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ذي َ َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫) َ‬
‫م( ]سورة‪ :‬البقرة ‪ -‬الية‪[228 :‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ُ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫وجاءت السنة الثابتة الصحيحة بتفصيل حقوق الزوجين‬
‫ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫وب ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫)حديث َ‬
‫ن‬
‫عوا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خيرًا‪ ،‬فإن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أل َ وا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ك‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫غي َْر ذل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ل َي ْ َ‬ ‫دك ْ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫غي َْر‬ ‫ً‬
‫ضْربا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ة َ‬
‫َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ن في الم َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫فاه ُ‬ ‫عل َ‬ ‫ف َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫سائ ِكم‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن لك ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سِبيل‪ .‬أل إ ّ‬ ‫ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫غوا‬ ‫م فل ت َب ْ ُ‬ ‫عنك ُ‬ ‫ن أط ْ‬ ‫ح‪ .‬فإ ْ‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫طئ َ‬ ‫فل َ ُيو ِ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ُ ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫حقك ّ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫حقا‪َ .‬‬ ‫ً‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ساِئك ْ‬ ‫قا‪ .‬وِلن َ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫حق ُ‬ ‫ن‪ .‬أل و َ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َكَر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ْ‬ ‫ن ول ي َأذَ ّ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َكَر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫فُرشك ْ‬
‫هن«‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫عا ِ‬ ‫ن وط َ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫وت ِ‬ ‫س َ‬ ‫في ك ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫سُنوا إ ِل َي ْ‬ ‫ن ُتح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وهاك شيئا من التفصيل في حقوق الزوجين مبتدأ بحقوق المرأة‬ ‫ً‬
‫ثم حقوق الزوج ثم الحقوق المشتركة بين الزوجين ‪.‬‬

‫أول ً ‪ :‬حقوق الزوجة ‪‬‬ ‫‪‬‬

‫]*[ ‪‬لقد حفظ السلم للمرأة حقها بعد إذ كانت تباع وتشترى‬
‫وتورث في المجتمعات الجاهلية‪ ،‬وقد وردت في الشريعة الغراء‬
‫عدة نصوص تبين هذه الحقوق ‪ ،‬وتثبتها للمرأة ‪ ،‬ولقد اقتضت‬
‫حكمة الله سبحانه وتعالى وعلمه أن يجعل القوامة للرجال على‬
‫النساء‪ ،‬وذلك بما فضلهم به عليهن من النفقة وغيرها قال تعالى‪:‬‬
‫)الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض‬
‫وبما أنففوا من أموالهم { ]النساء‪ ..[34:‬ولكن لم يجعل سبحانه‬
‫وتعالى مثل هذه القوامة سببا ً للستهانة بحقوق النساء ‪ ،‬أو‬
‫لعضلهن إياها ‪ ،‬كما كان الحال في المجتمعات الجاهلية ‪ ،‬إن‬
‫النساء أمانات في أيديكم‪ ،‬وإن الله قد استرعاكم هذه المانات‬
‫فصونوها‪ ،‬وأحسنوا رعايتها يحسن الله إليكم ‪ ،‬وإنكم مسئولون‬
‫عنها يوم القيامة‪ ،‬هل أديتم حقوقها أم فرطتم وضّيعتم؟!‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 134‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫و بين النبي ‪ r‬قاعدة شرعية هي أن خير الناس من كان خيرا ً‬
‫لهله ‪ ،‬فكلما كان النسان أقرب إلى هذا القول كان أكثر امتثال ً‬
‫لقول النبي ‪ r‬وأكثر تأسيا ً به ‪. r‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫م لهلي‪.‬‬ ‫وأ ََنا َ‬
‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫م لَ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫» َ‬
‫وحرص سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وسلم على‬
‫حفظ هذه حقوق النساء وتأديتها إليهن على الوجه الشرعي‬
‫ة وتفصيل ‪:‬‬‫المسنون ‪ ،‬وهاك حقوق الزوجة جمل ً‬

‫ة‪:‬‬
‫]*[ ‪‬حقوق الزوجة جمل ً‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)‪ (1‬المعاشرة بالمعروف وحسن الخلق ‪.‬‬
‫)‪ (2‬المهر‬
‫)‪ (3‬القوامة عليها وتأديبها إذا خاف نشوزها‬
‫سك َْنى‬‫)‪ (4‬النفقة وال ُ‬
‫)‪ (5‬حق المبيت والمعاشرة وقضاء الوطر‬
‫)‪ (6‬التأدب في معاملتها وعدم التعرض للوجه بالضرب أو التقبيح‪:‬‬
‫)‪ (7‬عدم الهجر في غير البيت‬
‫)‪ (8‬مداراتها وملطفتها‬
‫)‪ (9‬أن يصبر عليها ويتحمل الذى منها وأن يعفو عن زلتها ‪:‬‬
‫)‪ (10‬النهي عن التماس عثرات النساء‬
‫)‪ (11‬أن يعين الزوجة في أمور الدنيا والخرة‬
‫)‪ (12‬أن يحفظها ويصونها عن كل ما يخدش دينها وشرفها‬
‫غْيرة عليها‬ ‫)‪ (13‬ال َ‬
‫)‪ (14‬أن يعلمها الخير ويأمرها به ولسيما الضروري من أمور‬
‫دينها‬
‫سَرها وأل يذكر عيبها ‪:‬‬ ‫شي ِ‬ ‫)‪ (15‬أل ي ُ ْ‬
‫ف ِ‬
‫)‪ (16‬أن يعدل بينها وبين ضرتها‬
‫)‪ (17‬أن يتعاهدها بالهدايا التي تجلب المحبة ‪:‬‬
‫)‪ (18‬أل يمنعها من زيارة أهلها‬
‫)‪ (19‬المحافظة على مالها وعدم التعرض له إل بإذنها ‪:‬‬
‫)‪ (20‬حق الخلع ‪:‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫ء من التفصيل ‪: ‬‬ ‫‪ ‬وهاك حقوق الزوجة بشي ٍ‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)‪ (1‬المعاشرة بالمعروف وحسن الخلق ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 135‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ف( )النساء‪:‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬‫ه ّ‬‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬‫ق‪َ ) :‬‬ ‫قال الله تعالى مبّينا ً هذا الح ّ‬
‫‪.(19‬‬
‫]*[ قال ابن كثير ) رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫سُنوا‬
‫ح ّ‬ ‫ف( أي‪ :‬طي ُّبوا أقوالكم لهن‪ ،‬و َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬‫عا ِ‬ ‫و َ‬‫وقوله‪َ ) :‬‬
‫أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم‪ ،‬كما تحب ذلك منها‪ ،‬فافعل أنت‬
‫ف{‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬‫ه ّ‬ ‫ذي َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬‫مث ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬
‫بها مثله‪ ،‬كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫]البقرة‪[228:‬‬
‫وكان النبي صلى الله عليه وسلم خير الناس لهله بنص السنة‬
‫الصحيحة كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫م لهلي ‪.‬‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫وأ ََنا َ‬‫ه‪َ ،‬‬ ‫م لَ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫» َ‬
‫شَرة دائم‬ ‫ع ْ‬ ‫ميل ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫‪‬وكان من أخلقه صلى الله عليه وسلم أنه َ‬
‫حك‬ ‫قته‪ ،‬وُيضا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫هم ن َ َ‬ ‫ع ُ‬‫س ُ‬‫ف بهم‪ ،‬وُيو ّ‬ ‫ب أهَله‪ ،‬وي َت َل َطّ ُ‬ ‫ع ُ‬‫ر‪ُ ،‬يدا ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫الب ِ ْ‬
‫ودّدُ إليها بذلك‬ ‫ءه‪ ،‬حتى إنه كان يسابق عائشة أم المؤمنين ي َت َ َ‬ ‫نسا َ‬
‫كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري (‬
‫أنها‪:‬كانت مع النبي في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي‬
‫فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك ‪.‬‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬كل شيء ليس من ذكر الله لهو و لعب‬
‫إل أن يكون أربعة ‪ :‬ملعبة الرجل امرأته و تأديب الرجل فرسه و‬
‫مشي الرجل بين الغرضين و تعليم الرجل السباحة ‪.‬‬
‫‪‬ومن المعاشرة بالمعروف أن يتصنع لها كما تتصنع له‪:‬‬
‫وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول‪ " :‬إني لحب أن أتزين‬
‫لمرأتي كما أحب أن تتزين لي "‪ .‬الجامع لحكام القرآن‬
‫]*[ وقال ابن سعدي رحمه الله‪:‬‬
‫"وهذا يشمل المعاشرة القولية والفعلية‪ ،‬فعلى الزوج أن يعاشر‬
‫زوجته بالمعروف‪ ،‬ويدخل في ذلك النفقة والكسوة ونحوهما‪.‬‬
‫فيجب على الزوج لزوجته المعروف من مثله لمثلها في ذلك‬
‫الزمان والمكان‪ ،‬وهذا يتفاوت بتفاوت الحوال"‪.‬‬
‫وعن جابر رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم في خطبة الوداع‪)) :‬واتقوا الله في النساء‪ ،‬فإنكم‬
‫أخذتموهن بأمان الله((‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 136‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله ‪:‬‬
‫"فيه الحث على مراعاة حق النساء والوصية بهن ومعاشرتهن‬
‫بالمعروف‪ .‬وقد جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الوصية بهن‪،‬‬
‫وبيان حقوقهن‪ ،‬والتحذير من التقصير في ذلك‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا‬
‫رضي منها آخر ‪.‬‬
‫]*[ قال الشوكاني رحمه الله ‪:‬‬
‫"فيه الرشاد إلى حسن العشرة‪ ،‬والنهي عن البغض للزوجة‬
‫خُلق من أخلقها‪ ،‬فإنها ل تخلو مع ذلك عن أمر‬ ‫بمجرد كراهة ُ‬
‫يرضاه منها‪ ،‬وإذا كانت مشتملة على المحبوب والمكروه فل ينبغي‬
‫ترجيح مقتضى الكراهة على مقتضى المحبة"‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬وليعلم أن الناس في العشرة طرفان مذمومان ‪ ،‬فمنهم‬
‫من ل تعرف الرحمة والعطف إلى قلبه سبيل ً ‪ ،‬ومنهم من يفرط‬
‫في التساهل والتسامح حتى ينفلت زمام المور من يده‪ ،‬والحق‬
‫وسط بين الغالي فيه والجافي عنه‪.‬‬
‫]*[ ‪‬وجعل العلماء المحاور التي تكون بها العشرة بــالمعروف فــي‬
‫القوال بين الزوجين في أربع أحوال‪:‬‬
‫‪‬الول‪ :‬فــي النــداء‪ ،‬إذا نــادى الــزوج الزوجــة‪ ،‬وإذا نــادت الزوجــة‬
‫زوجها‪.‬‬
‫‪‬الثاني‪ :‬في الطلب عند الحاجة‪ ،‬تطلب منه أو يطلب منها‪.‬‬
‫‪‬والثالث‪ :‬عند المحاورة‪ ،‬والكلم‪ ،‬والحديث‪ ،‬والمباسطة‪.‬‬
‫‪‬والرابع‪ :‬عند الخلف والنقاش‪.‬‬
‫الحالة الولى ‪ :‬عند النداء‪ .‬إذا نادت المرأة بعلها فــإنه ينبغــي لكــل‬
‫من الزوجين أن يحسن النداء‪ ،‬كان رسول الله صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم ينــادي أم المــؤمنين عائشــة رضــي اللــه عنهــا‪ ،‬فيقــول‪) :‬يــا‬
‫عائش!(‬
‫قال العلماء‪ :‬إن هذا اللفظ يدل على الكــرام والملطفــة‪ ،‬وحســن‬
‫عل من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لهله‪،‬‬ ‫التب ّ‬
‫فالغلظة والوحشية في النداء بأسلوب القسر والقهــر مــن الرجــل‬
‫أو بأسلوب السخرية والتهكــم مــن المــرأة تفســد المحبــة‪ ،‬وتقطــع‬
‫أواصر اللفة بين الزوج والزوجة‪...‬‬
‫ومــن الخطــاء كــذلك أن الزوجــة تختــار لزوجهــا كلمــة تنتقصــه أو‬
‫قره بها‪ ،‬وكان بعض العلماء يقول‪ :‬الفضل أل تناديه وأل يناديها‬ ‫تح ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 137‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫بالسم المجرد‪ ،‬فمن أكرم ما يكون في النداء النداء بالكنية‪ ،‬فهــذا‬
‫من أفضل ما يكون‪.‬‬
‫وقال العلماء‪ :‬إنه ما من زوج يألف ويعتاد نــداء زوجتــه بالملطفــة‬
‫إل قــابلته المــرأة بمثــل ذلــك وأحســن‪ ،‬فــإن النســاء جبلــن علــى‬
‫الملطفة‪ ،‬وجبلت على حب الدعــة والرحمــة واللفــة‪ ،‬فــإذا قابلهــا‬
‫الزوج بذلك قابلته بما هو أحسن وأفضل‪.‬‬
‫الحالة الثانية‪ :‬عند الطلــب‪ .‬إذا خــاطب الرجــل امرأتــه عنــد الطلــب‬
‫ب ل يشــعرها بالخدمــة‬ ‫وأراد منهــا أمــرًا‪ ،‬يطلــب ذلــك منهــا بأســلو ٍ‬
‫والذلل والمتهان والنتقاص‪ ،‬والمرأة إذا طلبت من بعلها شيئا ً ل‬
‫تجحفــه ول تــؤذيه ول تضــره‪ ،‬ول تختــار الكلمــات واللفــاظ الــتي‬
‫تقلقه وتزعجــه‪ ،‬فهــذا ممــا يحفــظ اللســان‪ ،‬ويعيــن علــى العشــرة‬
‫بالمعروف في الكلمات‪ ،‬وانظر إلى الحديث التي ‪ :‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في صحيح مسلم ( قالت ‪ :‬بينما رسول الله‬
‫‪ r‬في المسجد فقال يا عائشة ناوليني الثوب فقلت ‪ :‬إني حائض‬
‫فقال ‪ :‬إن حيضتك ليست في يدك فناولته ‪.‬‬
‫‪‬فانظر إلى رســول المــة صــلى اللــه عليــه وآلــه وســلم‪ ،‬يســأل‬
‫حاجته من أم المؤمنين‪ ،‬فلما اعتــذرت‪ ،‬اعتــذرت بالعــذر الشــرعي‪،‬‬
‫وما قــالت‪ :‬ل أســتطيع إبهامـًا‪ ،‬أو معللــة عــدم اســتطاعتها بشــي ٍ‬
‫ء‬
‫مجهول‪ ،‬وإنما قــالت‪ :‬إنــي حــائض‪ ،‬فبمــاذا تــأمرني؟ ومــاذا تريــد؟‬
‫وكيــف أفعــل؟ فقــال‪) :‬إن حيضــتك ليســت فــي يــدك(‪ ،‬أي إذا‬
‫ناولتينيها فإن دخول اليد ليس كدخول الكل‪.‬‬
‫الحالــة الثالثــة‪ :‬حالــة الحــديث والمباســطة‪ ،‬فل ينبغــي للمــرأة ول‬
‫ب فيــه‬ ‫ت ل يتناســ ُ‬‫ل منهما الخر في وق ـ ٍ‬ ‫دث ك ٌ‬‫ينبغي للرجل أن ُيح ّ‬
‫الحديث؛ ولذلك ذكر بعض أهل العلم أن من الذية بالقول أن تتخير‬
‫المــرأة ســاعات التعــب والنصــب لمحادثــة الــزوج‪ ،‬أو يتخيــر الــزوج‬
‫ســاعات التعــب والنصــب لمحادثــة زوجتــه‪ ،‬فهــذا كلــه ممــا يحــدث‬
‫السآمة والملل‪ ،‬ويخالف العشرة بالمعروف التي أمر الله عز وجــل‬
‫بها‪ ،‬وقالوا‪ :‬إذا باسط الرجل امرأته فليتخير أحســن اللفــاظ‪ ،‬وإذا‬
‫قص لها تخير أحسن القصص وأفضلها‪ ،‬مما يحســن وقعــه ويطيــب‬
‫أثره‪.‬‬
‫الحالة الرابعة‪ :‬عند الخصومة والنزاع‪ ،‬فمن العشــرة بــالمعروف إذا‬
‫وقع الخلف بين الرجل والمرأة أن يحدد الخلف بينه وبين امرأتــه‪،‬‬
‫د عن التعنيف والتقريع‬ ‫ب بعي ٍ‬
‫وأن يبين لها الخطأ إن أخطأت بأسلو ٍ‬
‫إذا أراد أن يقّررها‪ ،‬وبعد أن تقر وتعترف إن شــاء وبخهــا وإن شــاء‬
‫عفا عنها‪ ،‬أما أن يبادرها بالهجوم مباشرة قبل أن يبين لها خطأها‬
‫فإن هذا مما يقطع اللفة والمحبة ويمنع من العشــرة بــالمعروف؛‬
‫لنها تحس وكأنها مظلومة‪،‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 138‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬والفضــل والكمــل‪ :‬أن الرجــل إذا عتــب علــى امرأتــه شــيئا ً أن‬
‫يتلطف في بيان خطئها‪ ،‬كــان رســول اللــه صــلى اللــه عليــه وآلــه‬
‫ة‬
‫وسلم يعلم متى تكون أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهــا راضــي ً‬
‫ة عنــه قـالت‪) :‬ورب‬ ‫عنــه ومــتى تكــون ســاخطة‪ ،‬فـإن كــانت راضـي ً‬
‫محمد(‪،‬‬
‫وإن كان في نفسها شيئا ً قالت رضي اللــه عنهــا‪) :‬ورب إبراهيــم(‪،‬‬
‫فعلم عليه الصلة والسلم أنها ما اختارت الحلف‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت‪ :‬قــال‬
‫لي رسول الله صلى الله عليه وســلم‪) :‬إنــي لعلــم إذا كنــت عنــي‬
‫راضية‪ ،‬وإذا كنت علي غضبى( قالت‪ :‬فقلت‪ :‬من أين تعــرف ذلــك؟‬
‫فقال‪) :‬أما إذا كنت عني راضية‪ ،‬فإنك تقولين‪ :‬ل ورب محمــد‪ ،‬وإذا‬
‫كنت غضبى‪ ،‬قلت‪ :‬ل ورب إبراهيــم(‪ .‬قــالت‪ :‬قلــت‪ :‬أجــل واللــه يــا‬
‫رسول الله‪ ،‬ما أهجر إل اسمك ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (2‬المهر ‪:‬‬
‫وهو المال الواجب للمرأة على الرجل بالنكاح أو الوطء ‪ ،‬فهو‬
‫المال الذي يجب في عقد النكاح على الزوج لزوجته‪ ،‬ويسمى "‬
‫ة َباِذِله في النكاح‪ ،‬وهو حق خالص‬ ‫الصداق" لشعاره بصدق رغب ٍ‬
‫ة( ] النساء‪/‬‬‫حل َ ً‬
‫ن نِ ْ‬
‫ه ّ‬ ‫صدُ َ‬
‫قات ِ ِ‬ ‫ساءَ َ‬
‫وآُتوا الن ّ َ‬
‫للمرأة كما قال تعالى ‪َ ) :‬‬
‫الية ‪[4‬‬
‫والنحلة تعني الهبة؛ لن كل واحد من الزوجين يستمتع بصاحبه‪،‬‬
‫وجعل الصداق للمرأة‪ ،‬فكأنه عطية بغير عوض ‪.‬‬
‫)حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الثابت في الصحيحين‬
‫( قال ‪:‬لما قدمنا إلى المدينة آخى رسول الله ‪r‬بيني وبين سعد‬
‫بن الربيع‪ ،‬فقال سعد بن الربيع‪ :‬إني أكثر النصار مال‪ ،‬فأقسم‬
‫لك نصف مالي‪ ،‬وانظر أي زوجتي هويت نزلت لك عنها‪ ،‬فإذا حلت‬
‫تزوجتها‪ ،‬قال‪ :‬فقال عبد الرحمن‪ :‬ل حاجة لي في ذلك‪ ،‬هل من‬
‫سوق فيه تجارة؟‪ .‬قال‪ :‬سوق قينقاع‪ ،‬قال‪ :‬فغدا إليه عبد‬
‫الرحمن‪ ،‬فأتى بأقط وسمن‪ ،‬قال‪ :‬ثم تابع الغدو‪ ،‬فما لبث أن جاء‬
‫عبد الرحمن عليه أثر صفرة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬تزوجت(‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪) :‬ومن(‪ .‬قال‪ :‬امرأة من النصار‪،‬‬
‫قال‪) :‬كم سقت(‪ .‬قال‪ :‬زنة نواة من ذهب‪ ،‬أو نواة من ذهب‪،‬‬
‫فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬أولم ولو بشاة(‪.‬‬
‫]*[ قال الطبري رحمه الله ‪:‬‬
‫"يعني بذلك تعالى ذكره‪ :‬وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة‬
‫وفريضة لزمة"‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 139‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال ابن عبد البر قال ‪" :‬أجمع علماء المسلمين أنه ل يجوز له‬
‫وطء في نكاح بغير صداق دينا ً أو نقدًا"‪.‬‬
‫وهذا المهر حق للمرأة أثبته الشارع لها توثيقا ً لعقد الزواج الذي‬
‫هو أخطر العقود‪ ،‬وتأكيدا ً على مكانة المرأة‪ ،‬وشرفها‪ ،‬ودليل ً على‬
‫صدق رغبة الرجل في الرتباط بها حيث بذل لها المال الذي هو‬
‫عزيز على النفس‪ ،‬ول يبذل إل فيما هو عزيز‪ ،‬كما إنه سبب‬
‫لديمومة النكاح واستمراره‪.‬‬
‫]*[ قال الكاساني رحمه الله‪" :‬إن ملك النكاح لم يشرع لعينه‪ ،‬بل‬
‫لمقاصد ل حصول لها إل بالدوام على النكاح والقرار عليه‪ ،‬ول‬
‫يدوم إل بوجوب المهر بنفس العقد؛ لما يجري بين الزوجين من‬
‫من السباب التي تحمل الزوج على الطلق من الوحشة‬
‫والخشونة‪ ،‬فلو لم يجب المهر بنفس العقد ل يبالي الزوج عن‬
‫إزالة هذا الملك بأدنى خشونة تحدث بينهما‪ ،‬لنه ل يشق عليه‬
‫إزالته لما لم يخف لزوم المهر فل تحصل المقاصد المطلوبة من‬
‫النكاح‪ ،‬ولن مصالح النكاح ومقاصده ل تحصل إل بالموافقة‪ ،‬ول‬
‫تحصل الموافقة إل إذا كانت المرأة عزيزة مكّرمة عند الزوج‪ ،‬ول‬
‫عزة إل بانسداد طريق الوصول إليها‪ ،‬ول يكون ذلك إل بمال له‬
‫خطر عند الزوج لن ما ضاق طريق إصابته يعز في العين فيعّز به‬
‫إمساكه وما يتيسر طريق إصابته يهون في العين فيهون إمساكه‪،‬‬
‫ومتى هانت في عين الزوج تلحقها الوحشة فل تقع الموافقة ول‬
‫تحصل مقاصد النكاح‪ ،‬ولن الملك ثابت في جانبها – أي الزوجة –‬
‫إما في نفسها وإما في المتعة‪ ،‬وأحكام الملك في الحرة تشعر‬
‫بالذل والهوان‪ ،‬فل بد أن يقابله مال له خطر لينجبر الذل من حيث‬
‫المعنى ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن تيمية رحمه الله ‪:‬‬
‫"والمستحب في الصداق مع القدرة واليسار أن يكون جميع عاجله‬
‫وآجله ل يزيد على مهر أزواج النبي ول بناته‪ ،‬وكان ما بين‬
‫أربعمائة إلى خمسمائة بالدراهم الخالصة‪ ،‬نحوا من تسعة عشر‬
‫دينارا‪ ،‬فهذه سنة رسول الله من فعل ذلك فقد استن بسنة‬
‫رسول الله في الصداق‪ ...‬فمن دعته نفسه إلى أن يزيد صداق‬
‫ابنته على صداق بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواتي‬
‫هن خير خلق الله في كل فضيلة وهن أفضل نساء العالمين في‬
‫كل صفة فهو جاهل أحمق‪ .‬وكذلك صداق أمهات المؤمنين‪ .‬وهذا‬
‫مع القدرة واليسار‪ .‬فأما الفقير ونحوه فل ينبغي له أن يصدق‬
‫المرأة إل ما يقدر على وفائه من غير مشقة"‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 140‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫جدُُر الشارة إليه في موضوع المهر أنه ينبغي عدم‬ ‫‪‬تنبيه‪:‬مما ت َ ْ‬
‫المغالة في المهور وحفلت الزواج‪:‬‬
‫‪‬بوب المام مسلم رحمه الله ‪ :‬باب الصداق وجواز كونه تعليم‬
‫قرآن وخاتم حديد وغير ذلك من قليل وكثير واستحباب كونه‬
‫خمسمائة درهم لمن ل يجحف به ‪.‬‬
‫)حديث سهل بن سعد الثابت في الصحيحين ( قال ‪:‬أتت النبي‬
‫امرأة فقالت‪ :‬إنها قد وهبت نفسها لله ولرسوله ‪ ،‬فقال‪) :‬ما لي‬
‫في النساء من حاجة(‪ .‬فقال رجل‪ :‬زوجنيها‪ ،‬قال‪) :‬أعطيها ثوبا(‪.‬‬
‫قال‪ :‬ل أجد‪ ،‬قال‪) :‬أعطها ولو خاتما من حديد(‪ .‬فاعتل له‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫جت ُك َ َ‬
‫ها بما‬ ‫و ْ‬
‫)ما معك من القرآن(‪ .‬قال‪ :‬كذا وكذا‪ ،‬قال‪) :‬فقد َز َ‬
‫معك من القرآن(‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داوود (‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬خير النكاح أيسره ‪.‬‬
‫) حديث عقبة ابن عامر رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع (‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬خير الصداق أيسره ‪.‬‬
‫)حديث عمر رضي الله عنه الثابت في صحيح السنن الربعة ( أن‬
‫ق النساء فإنها لو كانت مكرمة في‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أل ل تغالوا ب ِ ُ‬
‫صدُ ِ‬
‫الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولكم بها النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ما أصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه‬
‫ول أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية ‪.‬‬
‫) حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن رضي الله عنه الثابت في‬
‫صحيح مسلم ( أنه قال سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم * كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت‬
‫كان صداقه لزواجه ثنتي عشرة أوقية ونشا قالت أتدري ما النش‬
‫قال قلت ل قالت نصف أوقية فتلك خمسمائة درهم فهذا صداق‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم لزواجه‬
‫‪‬تنبيه‪" : ‬إن التوسط والبعد عن الفراط والخيلء وحب‬
‫المظاهر‪ ،‬من أسباب السعادة الزوجية والتوفيق بإذن الله‪ ،‬وهو‬
‫أمر مطلوب من الغنياء والوجهاء قبل غيرهم؛ لنهم هم الذين‬
‫يصنعون تقاليد المجتمع‪ ،‬والخرون يتشبهون بهم"‪.‬‬
‫إن بساطة المهر‪ ،‬وحفل الزفاف‪ ،‬خطوة تحتاج إلى عزيمة صادقة‪،‬‬
‫همائهم‪.‬‬ ‫مة عالية‪ ،‬ل تبالي بأقوال سفهاء الناس ودَ ْ‬ ‫وه ّ‬
‫ف ‪ ،‬وكلهما‬ ‫ل‪ ،‬وجا ٍ‬ ‫وأكثر الناس في قضية المهر‪ ،‬طرفان‪ :‬غا ٍ‬
‫مذموم‪ ،‬فبينما نرى رجل ً ُيبالغ في التبسيط حتى يصل مهر ابنته‬
‫إلى ريال واحد‪ ،‬نجد آخر يغلو ويسرف حتى تبلغ نفقات ليلة‬
‫الزفاف ما يكفي لزيجات كثيرة‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 141‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬سُئل سعيد بن المسيب رحمه الله عن قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪) :‬خير النساء أيسرهن مهورا( فقيل له ‪ :‬كيف تكون‬
‫حسناء ورخيصة المهر ؟ فقال ‪ :‬يا هذا ‪ ،‬انظر كيف قلت أهم‬
‫يساومون في بهيمة ل تعقل أم هي بضاعة طمع صاحبها يغلب‬
‫على مطامع الناس ! ثم قرأ ‪ ) :‬هو الذي خلقكم من نفس واحدة‬
‫وجعل منها زوجها (‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (3‬القوامة عليها وتأديبها إذا خاف نشوزها ‪:‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫ض ُ‬‫ع َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه بَ ْ‬ ‫ض َ‬
‫ف ّ‬‫ما َ‬‫ء بِ َ‬‫سآ ِ‬‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬‫وا ُ‬‫ق ّ‬‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫قال تعالى‪) :‬الّر َ‬
‫َ‬ ‫مآ أ َن ْ َ‬
‫م( ]سورة‪ :‬النساء ‪[34 /‬‬ ‫ه ْ‬
‫وال ِ ِ‬‫م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫قوا ْ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫وب ِ َ‬
‫ض َ‬
‫ع ٍ‬ ‫عل َ َ‬
‫ى بَ ْ‬ ‫َ‬
‫قال ابن كثير رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫يقول تعالى } الرجال قوامون على النساء { أي ‪ :‬الرجل قّيم‬
‫على المرأة ‪ ،‬أي ‪ :‬هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا‬
‫اعوجت ‪.‬‬
‫]*[ وقد بين الجصاص وابن العربي رحمهما الله ‪:‬‬
‫المقصود بقوامة الزوج على زوجته‪ :‬بأنه قيامه عليها بالتأديب‬
‫والتدبير‪ ،‬والحفظ والصيانة‪ ،‬وتولي أمرها وإصلح حالها‪ ،‬آمرا ً ناهيا ً‬
‫لها كما يقوم الولة على الرعايا‪.‬‬
‫‪‬والقوامة أمر منطقي‪ ،‬إذ ل بد لكل كيان من قيادة تدير شؤونه‪،‬‬
‫والسرة أعظم كيان إنساني‪ ،‬فل بد لها من قائد‪ ،‬وقد حسم‬
‫القرآن هذه القضية بتولية الرجل هذه القيادة بصريح العبارة‪،‬‬
‫وعلل ذلك بأمرين‪ :‬أمر فطري وأمر كسبي‪ ,‬فالمر الفطري‪ :‬هو‬
‫التهيئة النفسية والجسمانية لتولي القيادة‪ ،‬حيث يفوق الرجل‬
‫المرأة في البنية الجسمانية والقدرة على التحمل‪ ،‬وتغلب‬
‫عقلنيته عاطفته‪ ،‬مما يجعله أقدر منها على اتخاذ القرار وتحمل‬
‫المسؤولية ‪ ،‬والمر الثاني‪ :‬تحمله للعباء المالية من مهر ونفقة‬
‫وتكاليف أخرى ألزمه الشرع بها‪ ،‬في حين لم يلزمها الشارع بأي‬
‫نفقة وإن كانت أغنى منه‪،‬‬
‫وعلى كل حال فالقوامة في السلم تكليف ل تشريف‪،‬‬
‫ومسؤولية ل وجاهة‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬وهذا حق تنازل عنه كثير من الرجال بمحض اختيارهم‪،‬‬
‫مما سبب كثيرا ً من المشكلت العاصفة باستقرار عش الزوجية‪،‬‬
‫قوامته لزوجته إسعادٌ لها‪،‬‬ ‫وقد يظن قوم أن في تنازل الرجل عن ِ‬
‫ن خاطئ ‪ ،‬ذلك لن المرأة بفطرتها تحب أن تأوي إلى ركن‬ ‫وهذا ظ ّ‬
‫تلجأ إليه‪ ،‬حتى وإن تحدثت بعض النساء أمام صويحباتها بفخر أن‬
‫زوجها يطيعها‪ ،‬ول يعصي لها أمرًا‪ ،‬مما يوحي بضعف قوامته‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 142‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عليها‪ ،‬فإنها في داخل نفسها تشعر بضعف وخلل في بنية‬
‫السرة‪.‬‬
‫وعلى العكس منها‪ ،‬تلك المرأة التي تظهر الشكوى من زوجها ذي‬
‫الشخصية القوية‪ ،‬والقوامة التامة‪ ،‬فإنها وإن باحت بذلك‪ ،‬تشعر‬
‫جبلت عليه‪.‬‬ ‫براحة توائم فطرتها‪ ،‬وسعادة تناسب ما ُ‬
‫ل يسفر عن وجه الحق فيها‬ ‫ولعلي أوضح هذه القضية بمثا ٍ‬
‫فبالمثال يتضح المقال‪ :‬إذا انفلت زماما المن في بلد ما‪ ،‬فإن‬
‫للشعب أن يفعل ما يشاء‪ ،‬لكنه ل يشعر بالستقرار النفسي‪،‬‬
‫وسيلحقه خوف مقلق‪ ،‬وجزع مؤرق من جراء ذلك‪ ،‬وقل ضد ذلك‬
‫إذا ضبطت أركان الدولة‪ ،‬وتولى زمام المور رجال أقوياء‪ ،‬مع أنه‬
‫سيضايق فريقا ً من الناس‪ ،‬إل أنهم سيشعرون باستقرار داخلي‪،‬‬
‫وراحة وأمن وهدوء بال‪.‬‬
‫ولذلك فإن تنازل الرجل عن قوامته أمر ُيشقي المرأة ول‬
‫ُيسعدها‪ ،‬وُيسبب وهنا ً في بناء السرة‪ ،‬وتقويضا ً في أركانها لنه‬
‫وا أمرهم امرأةً بنص السنة الصحيحة كما في‬ ‫ول ّ ْ‬
‫م َ‬ ‫لن ُيفلح قو ٌ‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي بكرة الثابت في صحيح البخاري( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬لن‬
‫م ولوا أمرهم امرأة ‪.‬‬ ‫يفلح قو ٌ‬
‫وأرى من أجل استقرار الحياة الزوجية أن ُتطالب المرأة زوجها‬
‫صر فيها‪.‬‬ ‫بالقيام بقوامته على السرة كما ُتطالبه بالنفقة إذا ق ّ‬
‫]*[ تأديبها إذا خاف نشوزها ‪:‬‬
‫ومها إذا‬ ‫على الزوج أن يؤدب زوجته إذا خاف نشوزها وأن يق ّ‬
‫ط به وأن يمتثل قوله‬ ‫اعوجت وأن يقوم بواجب القوامة الذي أ ُِني َ‬
‫ى‬‫عل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬‫ع َ‬ ‫ه بَ ْ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ء بِ َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬
‫َ‬
‫وا ُ‬‫ق ّ‬‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫تعالى ‪) :‬الّر َ‬
‫م( ]سورة‪ :‬النساء ‪[34 /‬‬ ‫ه ْ‬‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ْ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫مآ أ َن ْ َ‬‫وب ِ َ‬‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫بَ ْ‬
‫قال ابن كثير رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫يقول تعالى } الرجال قوامون على النساء { أي ‪ :‬الرجل قّيم‬
‫على المرأة ‪ ،‬أي ‪ :‬هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها إذا‬
‫اعوجت ‪.‬‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا ْ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ظو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ِ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شوَز ُ‬ ‫ن نُ ُ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫والل ِّتي ت َ َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫سِبيل ً إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫غوا ْ َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن أطَ ْ‬
‫عن َك ُ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬‫م َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫عل ِي ّا ً ك َِبيرًا( ]سورة‪ :‬النساء ‪ -‬الية‪[34 :‬‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫فيعظها وينصحها ويرشدها‪ ،‬والله مع النية الطيبة ييسر المر‪.‬‬
‫) وتأديب الرجل للمرأة على نشوزها يكون على ثلثة مراحل‬
‫مرتبة( ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 143‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة من غير سب ول شتم ول تقبيح ‪ ،‬فإن‬ ‫ة حسن ٍ‬ ‫‪ ‬أن يعظها موعظ ٍ‬
‫أطاعت وإل هجرها في الفراش ‪ ،‬فإن أطاعت وإل ضربها في غير‬
‫الوجه ضربا ً غيُر مبرح‪.‬‬
‫والكلم على هذه الية على ثلثة مقامات‪:‬‬
‫الول‪ :‬قوله تعالى‪ ) :‬واضربوهن ( لفظ عام ‪ ،‬وقد قيدته السنة‬
‫مي التي ‪:‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ص ال ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫بالضرب غير المبرح كما في حديث أبي ال ْ‬
‫مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫ش ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ص ال ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫)حديث أبي ال ْ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خْيرًا‪ ،‬فإ ِن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أل َ َ‬
‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ن‬
‫ن َيأِتي َ‬ ‫ك إ ِل ّ أ ْ‬ ‫غي َْر ذَل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م‪ ،‬ل َي ْ َ‬ ‫عن ْدَك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن في ال َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ة ُ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫بِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ل‪ .‬أل َ َ‬ ‫سِبي ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫غوا َ َ‬
‫علي ْ َِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أطَ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ح‪َ ،‬‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ضْرب َا ً َ‬ ‫َ‬
‫سائ ِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬‫ح ّ‬ ‫ما َ‬ ‫قا‪ ،‬فأ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ُ ْ‬ ‫ول ِن ِ َ‬ ‫قا‪َ ،‬‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ُ ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ول ي َأذَ ّ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫هو َ‬ ‫م من ت َك َْر ُ‬ ‫شك ُ ْ‬ ‫فُر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وطِئ ْ َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن في ك ِ ْ‬ ‫سُنوا إ ِل َْيه ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ن‪ .‬أل َ َ‬ ‫هو َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫ن« ‪.‬‬ ‫ه ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫وط َ َ‬ ‫َ‬
‫ح ( فهذا الضرب مما‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ضْرب َا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫الشاهد ‪َ ) :‬‬
‫يكسر النفس‪ ،‬وليس مما يكسر العظم‪ ،‬فهو ضرب تأديب‪ ،‬ل ضرب‬
‫انتقام وتشويه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ضرب المرأة للتأديب ل يكون إل بعد عدم جدوى‬
‫الموعظة والهجر لها في المضجع‪.‬‬
‫فإن الهجر في المضجع قد يؤثر في المرأة ما ل يؤثره فيها‬
‫الضرب ‪ ،‬فإنها تحس أنها غير مرغوبة من زوجها ‪ ،‬فل تنشغل إل‬
‫بالتفكير في حالها وما آل إليه‪ ،‬فتنزجر بهجره ‪ ،‬وترتدع بتركه لها‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬وجوب رفع الضرب عنها في حالة الطاعة ‪ ،‬ويدل عليه‬
‫قوله تعالى‪}:‬فإن أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً ( ثم إن النبي‬
‫نهى الرجل أن يجلد جلد العبد بدللة الحديث التي ‪:‬‬
‫)عبد الله بن زمعة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ل يجلد أحدكم امرأته جلد العبد‪ ،‬ثم يجامعها في‬
‫آخر اليوم(‪.‬‬
‫ما ً‬
‫حك ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫]*[ ‪‬وهاك صفوة المسائل في نشوز المرأة تعريفا ً َ‬
‫خل ‪:‬‬ ‫م ّ‬ ‫ر ُ‬ ‫ز غي ِ‬ ‫ً‬
‫وعلجا في إيجا ٍ‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫]*[ ‪ ‬معنى نشوز المرأة ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 144‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والنشوز )لغة( معناه الرتفاع والعلو يقال أرض ناشز يعني‬
‫مرتفعة ومنه سميت المرأة ناشزا إذا علت وارتفعت وتكبرت على‬
‫زوجها ‪.‬‬
‫والنشوز في اصطلح الشرع هو امتناع المرأة من أداء حق الزوج‬
‫أو عصيانه أو إساءة العشرة معه ‪ ،‬فكل امرأة صدر منها هذا‬
‫السلوك أو تخلقت به فهي امرأة ناشز ما لم تقلع عن ذلك أو‬
‫تصلح خلقها‬
‫]*[ قال ابن قدامة رحمه الله تعالى ‪" :‬معنى النشوز معصية‬
‫الزوج فيما فرض الله عليها من طاعته مأخوذ من النشز وهو‬
‫الرتفاع فكأنها ارتفعت وتعالت عما فرض الله عليها من طاعته"‪.‬‬
‫]*[ وقال الواحدي رحمه الله تعالى ‪ :‬النشوز هنا معصية الزوج‬
‫وهو الترفع عليه بالخلف‬
‫]*[ ‪‬مظاهر نشوز المرأة‪:‬‬
‫‪ -1‬إمتناع المرأة عن المعاشرة في الفراش ‪ ،‬وقد ورد ذم شديد‬
‫لمن فعلت ذلك )حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه‬
‫الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬إذا دعا الرجل امرأته‬
‫إلى فراشه فأبت‪ ،‬فبات غضبان عليها‪ ،‬لعنتها الملئكة حتى‬
‫تصبح(‪.‬‬
‫)فأبت( ‪ :‬امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )‬
‫غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها‬
‫الملئكة حتى تصبح ( ‪ ،‬وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب‬
‫رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ‪،‬‬
‫وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ‪ ،‬ولذلك حث‬
‫المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة ‪.‬‬
‫قال العراقي ‪ :‬وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً‬
‫عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى‬
‫فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى‬
‫يرضى عنها ‪.‬‬
‫‪ ‬فيحرم على المرأة المتناع عن زوجها إذا دعاها للفراش على‬
‫أي حالت كانت إل إذا كانت مريضة أو بها عذر شرعي من حيض أو‬
‫نفاس ول يحل لها حينئذ أن تمنعه من الستمتاع بما دون الفرج ‪،‬‬
‫ول يجوز للمرأة أن تتبرم أو تتثاقل وتتباطأ أو تطلب عوضا أو‬
‫تنفره بأي طريقة وكل ذلك يدخل في معنى النشوز ‪ ،‬والواجب‬
‫عليها أن تجيبه راضية طيبة نفسها بذلك محتسبة الجر‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 145‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ -2‬مخالفة الزوج وعصيانه فيما نهى عنه كالخروج بل إذنه وإدخال‬
‫بيته من يكرهه وزيارة من منع من زيارته وقصد الماكن التي نهى‬
‫عنها والسفر بل إذنه وقد نص الفقهاء على تحريم ذلك‬
‫)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪) :‬ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه‪ ،‬ول تأذن‬
‫في بيته إل بأذنه‪ ،‬وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي‬
‫إليه شطره(‪.‬‬
‫ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫وب ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫)حديث َ‬
‫ن‬
‫عوا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خيرًا‪ ،‬فإن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أل َ وا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ك‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫غي َْر ذل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ل َي ْ َ‬ ‫دك ْ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫غي َْر‬‫ضْربا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ضا ِ‬‫ن في الم َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫فاه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫سائ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن لك ُ ْ‬ ‫ل‪ .‬أل َ إ ّ‬ ‫سِبي ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫غوا‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ُ‬ ‫ن أط ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ح‪َ .‬‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حقا‪َ .‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬
‫طئ َ‬ ‫فل ُيو ِ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫حقك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ساِئك ْ‬ ‫قا‪ .‬وِلن َ‬ ‫َ‬
‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫حق ُ‬ ‫ن‪ .‬أل َ و َ‬ ‫هو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ن ول َ ي َأذَ ّ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫فُرشك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫هن«‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن وط َ َ‬ ‫ه ّ‬‫وت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫في ك ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ن ُتح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬

‫‪ -3‬ترك طاعة الزوج فيما أمر به وكان من المعروف كخدمته‬


‫والقيام على مصالحه وسائر حقوقه وتربية ولده ‪ ،‬والمتناع عن‬
‫الخروج معه إلى بيت آخر أو بلد أخرى آمنة ول مشقة عليها في‬
‫مصاحبته ما لم يكن قد اشترطت على الزوج في العقد عدم‬
‫إخراجها من بيتها أو بلدها إل برضاها ‪،‬‬
‫]*[ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "}الرجال قوامون‬
‫على النساء{ يعني أمراء ‪ ،‬عليها أن تطيعه فيما أمرها به من‬
‫طاعته ‪ ،‬وطاعته أن تكون محسنة لهله حافظة لماله"‪ ،‬وقال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم )إذا صلت المرأة خمسها‪,‬‬
‫وصامت شهرها‪ ,‬وحفظت فرجها‪ ,‬وأطاعت زوجها‪ ,‬قيل لها‪:‬‬
‫ادخلي الجنة من أي البواب شئت( رواه أحمد ‪.‬‬
‫والضابط في حدود طاعة الزوج ما تعارف عليه أوساط الناس‬
‫وكان شائعا بينهم ‪ ،‬ويختلف ذلك بحسب غنى الزوجين وفقرهما‬
‫والبيئة التي يعيشون فيها‪.‬‬
‫‪ -4‬سوء العشرة في معاملة الزوج والتسلط عليه باللفاظ البذيئة‬
‫وإغضابه دائما لسباب تافهة وإيذائه ‪ ،‬ويدخل في ذلك إيذاء أهل‬
‫الزوج ‪ ،‬وقد فسر ابن عباس وغيره الفاحشة في قوله تعالى )ل‬
‫تخرجوهن من بيوتهن ول يخرجن إل أن يأتين بفاحشة مبينة( بما‬
‫إذا نشزت المرأة أو بذت على أهل الرجل وآذتهم في الكلم‬
‫والفعال‪.‬‬
‫]*[ ‪‬خطورة النشوز ‪:‬‬
‫ت‪‬‬ ‫‪ « 146‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬اثنان ل تجاوز صلتهما رءوسهما ‪ :‬عبد آبق من‬
‫مواليه حتى يرجع و امرأة عصت زوجها حتى ترجع ‪.‬‬
‫)ل تجاوز صلتهما رءوسهما ( ‪:‬ل ترفع إلى الله تعالى في رفع‬
‫العمل الصالح بل أدنى شيء من الرفع أحدهما ) عبد ( يعني‬
‫قن ولو أنثى ) آبق( أي هارب ) من مواليه ( أي مالكيه إن‬
‫كانوا جماعة ومن مالكه إن كان واحدا ً فل ترفع صلته رفعا ً تاما ً )‬
‫حتى يرجع ( إن الطاعة إن هرب لغير عذر شرعي ) و ( الثاني‬
‫) امرأة عصت زوجها ( بنشوز أو غيره مما يجب عليها أن تطيعه‬
‫فل ترفع صلتها كما ذكر ) حتى ترجع ( إلى طاعته ‪ ،‬فإباقه‬
‫ونشوزها بل عذر كبيرة قالوا ‪ :‬ول يلزم من عدم القبول عدم‬
‫الصحة فالصلة الثابت في صحيحة ل يجب قضاؤها لكن ثوابها‬
‫قليل أو ل ثواب فيها أما لو أبق لعذر كخوف قتل أو فعل فاحشة‬
‫أو تكليفه على الدوام ما ل يطيقه أو عصت المرأة بمعصية كوطئه‬
‫في دبرها أو حيضها فثواب صلتهما بحاله ول طاعة لمخلوق في‬
‫معصية الخالق قال في المهذب ‪ :‬هذا الحديث يفيد أن منع‬
‫الحقوق في البدان كانت أو في الموال يوجب سخط الله ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة (‬
‫ة ل تشكر لزوجها وهي ل‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل ينظر الله إلى امرأ ٍ‬
‫تستغني عنه‪.‬‬
‫) حديث حصين بن محصن الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك ‪‌ .‬‬
‫)انظري أين أنت منه ؟ ( أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من‬
‫دة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه‬ ‫مو ّ‬
‫كافرة لعشرته وإنعامه ) فإنما هو ( أي الزوج ) جنتك ونارك‬
‫( أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار‬
‫بسخطه عليك فأحسني عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس‬
‫بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال ‪ :‬أذات زوج‬
‫أنت؟ قالت ‪ :‬نعم قال ‪ :‬كيف أنت منه؟ قالت ‪ :‬ل آلوه إل ما‬
‫عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز‬
‫كبيرة ‪.‬‬
‫]*[ ‪‬علج نشوز المرأة ‪:‬‬
‫في‬ ‫ن ِ‬
‫ه ّ‬‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬‫وا ْ‬
‫ن َ‬‫ه ّ‬ ‫ظو ُ‬ ‫ع ُ‬‫ف ِ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شوَز ُ‬ ‫ن نُ ُ‬ ‫فو َ‬‫خا ُ‬ ‫والل ِّتي ت َ َ‬‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫سِبيل ً إ ِ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫غوا ْ َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن أطَ ْ‬
‫عن َك ُ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬
‫رُبو ُ‬
‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬
‫ع َ‬
‫ج ِ‬
‫ضا ِ‬‫م َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫عل ِي ّا ً ك َِبيرًا( ]سورة‪ :‬النساء ‪ -‬الية‪[34 :‬‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 147‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫بينت الية الكريمة إجراءات علج نشوز المرأة على الترتيب‬
‫التي ‪:‬‬
‫‪ ‬الخطوة الولى ‪ :‬يبدأ بالموعظة الحسنة والنصح والرشاد‪ ،‬بأن‬
‫يعظ الزوج زوجته ويبين لها وجوب طاعته‪ ،‬وما افترضه الله عليها‬
‫وعليه من الحقوق‪ ،‬مترفقا بها تارة‪ ،‬وزاجرا ً لها أخرى بحسب‬
‫المقام والحوال‪ .‬فإن استجابت فبها ونعمت وإن لم تستجب ولم‬
‫تجدي نفعا ً انتقل إلى الخطوة الثانية‪‬‬
‫‪ ‬الخطوة الثانية الهجر في المضجع ‪:‬‬
‫فيسوغ له عند تعذر المر الول أن يهجرها في الفراش‪ ،‬إظهارا ً‬
‫لها منه بعدم الرضا عنها‪ ،‬والستياء من معاملتها‪.‬‬
‫]*[ قال ابن عباس ‪ :‬هو أن يوليها ظهره على الفراش ول يكلمها‬
‫]*[ وقال الشعبي ومجاهد ‪ :‬هو أن يهجر مضاجعتها فل يضاجعها‬
‫ع( ‪ :‬أي ل‬ ‫ج ِ‬‫ضـا ِ‬
‫م َ‬‫فـي ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬
‫هـ ّ‬‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬‫وا ْ‬ ‫‪‬تنبيه‪ :‬معنى قـوله تعـالى ) َ‬
‫ة‬
‫تجامعها في فراشك سواء نمت معهــا فــي الحجــرة أو فــي حجــر ٍ‬
‫ع(‬‫ج ِ‬ ‫ضـــا ِ‬
‫م َ‬‫فـــي ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫هـــ ّ‬
‫جُرو ُ‬
‫ه ُ‬ ‫وا ْ‬
‫أخـــرى ‪ ،‬لن اللـــه تعـــالى قـــال ‪َ ) :‬‬
‫والمضــاجع جمــع مضــجع ‪ ،‬فل يلــزم أن ينــام معهــا فــي نفــس‬
‫الفراش ‪ ،‬وقد هجر النبي ‪ r‬نساءه فلم يدخل عليهن شهرا ‪.‬‬
‫)حديث أم سلمة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬حلف أن ل يدخل على بعض أهله شهرا‪ ،‬فلما مضى تسعة‬
‫وعشرون يوما غدا عليهن أو راح‪ ،‬فقيل له‪ :‬يا نبي الله حلفت أن‬
‫ل تدخل عليهن شهرا؟‪ .‬فقال‪) :‬إن الشهر يكون تسعة وعشرين‬
‫يوما(‪.‬‬
‫رح في غير الوجه ‪:‬‬ ‫مب ّ ِ‬
‫‪ ‬الخطوة الثالثة الضرب غير ال ُ‬
‫فإن استوفى الزوج هاتين الخطوتين‪ ،‬وبذل وسعه في ذلك ولم‬
‫ينصلح المر‪ ،‬جاز له أن يضربها تأديبا ً لها مراعيا جملة أمور في‬
‫ذلك‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬أن ل يكون الضرب مبرحا‪ ،‬أي شديدا ً ‪ ،‬بل يكون على وجه‬
‫التأديب والتأنيب ضربا ً غير ذي إذاية شديدة‪ ،‬ضربا خفيفا ل يكسر‬
‫عظما ول يسم لحما ويتجنب الوجه والمقاتل ويكون في ملين‬
‫الجسم ‪.‬‬
‫]*[ قال الخلل " سألت أحمد بن يحي عن قوله )ضربا غير مبرح(‬
‫قال غير شديد "‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن عباس وعطاء‪ " :‬الضرب غير المبرح بالسواك‪،‬‬
‫ويتجنب الوجه‪ ،‬وأن ل يترك الضرب أثرا ً على الجسد"‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن ل يضربها على وجهها‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬أن ل يشتمها بالتقبيح‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 148‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫رابعا ً ‪ :‬أن يستصحب أثناء هذه المعاملة‪ ،‬أن القصد حصول‬
‫المقصود من صلح الزوجة وطاعتها زوجها‪ ،‬ل أن يكون قصده‬
‫الثأر والنتقام‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود‪.‬‬
‫سادسا ً ‪ :‬ل يجوز أن يزيد على عشر ضربات ‪.‬‬
‫)حديث عبد الله بن زمعة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪):‬ل يجلد أحدكم امرأته جلد العبد‪ ،‬ثم يجامعها في آخر اليوم(‪.‬‬
‫)حديث عبد الله بن أبي أوفى الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪) :‬ل يجلد فوق عشر جلدات إل في حد من حدود الله(‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬ليس الضرب اعتداء علي حرية المرأة ‪ ،‬ولكنه علج‬
‫والعلج انما يحتاج اليه عند الضرورة فالمرأة اذا أساءت عشرة‬
‫زوجها وركبت رأسها ‪ ،‬وسارت وراء الشيطان ‪ ،‬وبقيادته ‪ ،‬ل تكف‬
‫عن غيها وضللها فماذا يصنع الرجل ؟‬
‫‪‬وإن أمر الضرب في شريعة الله ) تعالي ( ليس ال طريقا" من‬
‫م من الدين بالضرورة أن الله تعالى ل يأمرنا‬ ‫طرق الصلح ومعلو ٌ‬
‫إل بما فيه صلحنا ‪.‬‬
‫والصل في كل ما قدمناه قوله ـ عّز من قائل ـ )الرجال قوامون‬
‫على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض‪ ،‬وبما أنفقوا من‬
‫أموالهم‪ ،‬فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله‪،‬‬
‫واللتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرون في المضاجع‬
‫واضربوهن فإن أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً إن الله كان عليا‬
‫كبيرًا( ]النساء ‪.[34:‬‬
‫ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫وب ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫)حديث َ‬
‫ن‬
‫عوا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خيرًا‪ ،‬فإن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أل َ وا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ك‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫غي َْر ذل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ل َي ْ َ‬ ‫دك ْ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫غي َْر‬ ‫ضْربا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ضا ِ‬ ‫ن في الم َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫فاه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫سائ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن لك ُ ْ‬ ‫ل‪ .‬أل َ إ ّ‬ ‫سِبي ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫غوا‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ُ‬ ‫ن أط ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ح‪َ .‬‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حقا‪َ .‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬
‫طئ َ‬ ‫فل ُيو ِ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫حقك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ساِئك ْ‬ ‫قا‪ .‬وِلن َ‬ ‫َ‬
‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫حق ُ‬ ‫ن‪ .‬أل َ و َ‬ ‫هو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ن ول َ ي َأذَ ّ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫فُرشك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫هن«‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن وط َ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫في ك ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ن ُتح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬فمتى أطاعت الزوجة‪ ،‬فليس للزوج أن يعاود ضربها أو‬
‫أن يسخر منها ويهزأ بها‪ ،‬فالله تعالى الذي أباح له تأديبها هو الذي‬
‫َ‬
‫ه‬‫ن الل ّ َ‬ ‫سِبيل ً إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫غوا َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أط َ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫أمره في قوله تعالى‪َ :‬‬
‫عل ِّيا ك َِبيًرا ]النساء‪.[34 :‬‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫‪‬أحكام المرأة الناشز‪:‬‬
‫إذا نشزت المرأة سقط عنها حقوق ل تثبت لها إل إذا تركت‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 149‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫النشوز‪:‬‬
‫‪ -1‬النفقة‪.‬‬
‫‪ -2‬السكنى والقسم لها‪.‬‬
‫]*[ قال ابن قدامة رحمه الله تعالى ‪ :‬فمتى امتنعت من فراشه‬
‫أو خرجت من منزله بغير إذنه أو امتنعت من النتقال معه إلى‬
‫مسكن مثلها أو من السفر معه فل نفقة لها ول سكنى في قول‬
‫عامة أهل العلم " ‪.‬‬
‫والصل في ذلك عند الفقهاء أن هذه الحقوق تثبت للمرأة في‬
‫مقابل استمتاع الرجل بها وتمكينه له فإذا زال زالت الحقوق ‪.‬‬
‫وما سوى ذلك فهي زوجة يثبت لها سائر الحكام من المحرمية‬
‫والرث وغير ذلك‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما معنى نشوز الرجل ؟‬
‫]*[ ‪‬معنى نشوز الرجل ‪ :‬هو أن تخاف المرأة إعراض زوجها‬
‫عنها‪ ،‬لكبر سنها‪ ،‬أو لمرض بها‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬فللمرأة أن تسقط‬
‫بعض حقوقها تسترضي زوجها إن كانت تريد أن تبقى في‬
‫عصمته‪ ،‬كما فعلت أم المؤمنين سودة رضي الله عنها‪ ،‬فإنها لما‬
‫كبرت وخشيت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسكها ول‬
‫يفارقها وتهب يومها وليلتها لعائشة رضي الله عنها‪ ،‬وذلك رغبة‬
‫منها رضي الله عنها أن تكون من زوجاته في الخرة؛ فوافق‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫]*[ ‪‬تصرف المرأة عند نشوز الزوج ‪:‬‬
‫‪‬في نشوز الرجل وإعراضه عن المرأة أرشد الكتاب والسنة‬
‫الصحيحة المرأة أن تبادر إلى المصالحة مع زوجها إن خشيت أن‬
‫يطلقها ول تنتظر حتى تقع المفارقة ‪.‬‬
‫‪‬فقد بّين الكتاب والسنة الصحيحة كيفية معالجة نشوز الرجل‬
‫عند خوف المرأة من وقوع هذا النشوز بأن رأت بوادره‪ ،‬فالقلوب‪-‬‬
‫كما قلنا‪ -‬تتقلب‪ ،‬والمشاعر تتغير‪ ،‬فإن خافت المرأة من أن تصبح‬
‫مجفوة أو أن يعرض عنها زوجها فليس هنالك حرج عليها ول على‬
‫زوجها‪ ،‬أن تتنازل له عن شيء من فرائضها المالية أو غير ذلك ؛‬
‫ءا أو كل ً من نفقتها الواجبة عليه‪ ،‬أو تترك له‬ ‫كأن تترك له جز ً‬
‫ليلتها إن كانت له زوجة أخرى يؤثرها عليها‪ ،‬وكانت هي قد فقدت‬
‫حيويتها وجمالها‪ ،‬وذلك بكامل اختيارها ورضاها‪ ،‬فذلك خير لها من‬
‫طلقها‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جن َا ْ َ‬
‫ح‬ ‫عَراضا ً َ‬
‫فل َ ُ‬ ‫شوزا ً أ ْ‬
‫و إِ ْ‬ ‫ها ن ُ ُ‬‫عل ِ َ‬ ‫من ب َ ْ‬‫ت ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫خا َ‬‫مَرأةٌ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫وإ ِ ِ‬‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ح‬ ‫س ال ّ‬ ‫ت الن ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ش ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫ضَر ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫وأ ْ‬‫خي ٌْر َ‬
‫ح َ‬ ‫صل ُ‬ ‫وال ّ‬
‫صلحا َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حا ب َي ْن َ ُ‬ ‫صل ِ َ‬‫مآ أن ي ُ ْ‬‫ه َ‬
‫علي ْ ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 150‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫خِبيرًا( ]سورة‪:‬‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ن بِ َ‬‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫قوا ْ َ‬ ‫سُنوا ْ َ‬
‫وت َت ّ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫وِإن ت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫النساء ‪ -‬الية‪[128 :‬‬
‫س الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (‬ ‫عّبا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫) حديث اب ِ‬
‫قِني‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ت‪ :‬ل َ ت ُطل ْ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬
‫ي ‪َ ،r‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن ي ُطل َ‬ ‫َ‬
‫قال ْ‬ ‫ها الّنب ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ودَةُ أ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ت َ‬ ‫شي َ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫قال ‪َ »:‬‬
‫ح َ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫ه َ‬‫علي ْ ِ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ت} َ‬ ‫فن ََزل َ ْ‬‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬‫ف َ‬‫ة‪َ ،‬‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫مي ل ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬‫وا ْ‬ ‫سك ِْني َ‬ ‫م ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫يء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫نش ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫علي ْ ِ‬‫حا َ‬‫صطل َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫خي ٌْر{ ف َ‬ ‫ح َ‬ ‫صل ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫صلحا َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حا ب َي ْن َ ُ‬‫صل ِ َ‬‫ن يُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫جائ ٌِز« ‪.‬‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر أي خير من الجفوة والعراض‬ ‫ح َ‬ ‫صل ْ ُ‬‫وال ّ‬ ‫فيقول الله تعالى‪َ :‬‬
‫والطلق‪ ،‬ثم يحث الله تعالى الرجل على الحسان إلى هذه المرأة‬
‫الراغبة فيه وقد تنازلت عن بعض حقوقها لتبقى في عصمته‪.‬‬
‫]*[ ‪‬الحكمان سبيل شرعي إذا استنفذت وسائل‬
‫الصلح ‪:‬‬
‫كما ً‬
‫ح َ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫كما ً ّ‬ ‫عُثوا ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫فاب ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫قاقَ ب َي ْن ِ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫م ِ‬ ‫فت ُ ْ‬‫خ ْ‬‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫عِليما ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫مآ إ ِ ّ‬
‫ه َ‬ ‫ه ب َي ْن َ ُ‬‫ق الل ّ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫لحا ً ي ُ َ‬
‫و ّ‬ ‫ص َ‬ ‫دآ إ ِ ْ‬
‫ري َ‬ ‫هآ ِإن ي ُ ِ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫هل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫خِبيرًا( ] النساء ‪[35 /‬‬ ‫َ‬
‫]*[ ‪‬قال ابن كثير رحمه الله ‪:‬‬
‫وقال الفقهاء‪ :‬إذا وقع الشقاق بين الزوجين‪ ،‬أسكنهما الحاكم‪،‬‬
‫إلى جانب ثقة ينظر في أمرهما ويمنع الظالم منهما من الظلم‪،‬‬
‫فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما‪ ،‬بعث الحاكم ثقة من أهل‬
‫المرأة وثقة من قوم الرجل ليجتمعا فينظرا في أمرهما ويفعل ما‬
‫فيه المصلحة مما يريانه من التفريق أو التوفيق‪ ،‬وتشوف الشارع‬
‫إلى التوفيق‪ ،‬ولهذا قال تعالى ‪ }:‬إن يريدا إصلحا ً يوفق بينهما{‬
‫)‪. (14‬‬
‫ول ينبغي للزوجين أن يصل بهما المر إلى هذه الحالة‪ ،‬فإن‬
‫مرحلة تعيين الحكمين؛ مرحلة تدل على فقدان كل الزوجين‬
‫لمعاني حسن العشرة؛ من الرحمة والمودة‪ ،‬والتغاضي عن‬
‫الهفوات‪ ،‬وإقالة العثرات‪ ،‬والعفو عن الزلت‪.‬‬
‫]*[ ‪‬دور الصهار في استمرار الحياة الزوجية‬
‫يطلق الصهر على زوج بنت الرجل وزوج أخته‪ ،‬وقد يطلق أيضا ً‬
‫على أبو امرأة الرجل‪ ،‬وأخو امرأته )‪ .(15‬وللصهار دور عظيم في‬
‫استمرار العشرة بين الزوجين‪ ،‬وأبو الزوجة ينبغي له أن يتلمس‬
‫حال ابنته مع زوجها‪ ،‬وكذلك أخو الزوجة ‪ .‬وكما مر معنا أن الحياة‬
‫الزوجية ل تستقيم على حال واحدة‪ ،‬فيوم صفاء‪ ،‬ويوم كدر‪ ،‬ويوم‬
‫رضا‪ ،‬ويوم غضب ‪ .‬فإن كانا على الحال المكروه‪ ،‬فإن على أبي‬

‫‪ . 14‬تفسير القرآن العظيم )‪(1/482‬‬


‫‪ . 15‬انظر ‪ :‬لسان العرب‪ ،‬مادة ) صهر( ) ‪(471 /4‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 151‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الزوجة أو أخيها أن يعمل جاهدا ً للقضاء على أسباب الخصومة‪،‬‬
‫وملطفة الزوج‪ ،‬ل سيما في المسائل المعتادة التي يكثر وقوعها‬
‫بين الزوجين ‪ .‬وسوف نسوق نماذج تبين دور الصهر أبي الزوجة‬
‫أو أخيها في حل بعض المشاكل والخلفات الزوجية ‪.‬‬
‫‪‬فمن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫الموقف الول ‪:‬‬
‫)حديث سهل بن سعد رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (‬
‫قال ‪ :‬جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة‪ ،‬فلم يجد‬
‫عليا ً في البيت‪ ،‬فقال‪ ) :‬أين ابن عمك ؟ (‪ .‬قالت‪ :‬كان بيني وبينه‬
‫شيء فغاضبني‪ ،‬فخرج فلم يقل عندي‪ .‬فقال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم لنسان ‪ ) :‬أنظر أين هو ؟ (‪ .‬فجاء فقال يا رسول‬
‫الله هو في المسجد راقد‪ .‬فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب‪ ،‬فجعل‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول‪ ) :‬قم أبا‬
‫تراب‪ ،‬قم أبا تراب (‬
‫‪‬وفي هذا الحديث فوائد‪ :‬فمنها سؤال أبو الزوجة عن حال ابنته‬
‫مع زوجها ‪ ،‬وفيه تسكين غضب الزوج وملطفته‪ ،‬وفيه أن‬
‫الخلفات المعتادة بين الزواج ل ينبغي أن تضخم ويؤجج نارها‪،‬‬
‫فقول فاطمة رضي الله عنها ‪ ) :‬كان بيني وبينه شيء فغاضبني(‬
‫دليل على أن سبب غضب زوجها كان بسبب أمر معتاد بين‬
‫الزواج‪ ،‬ولو كان بسبب أمر مخل بالدين أو المروءة لبينته ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬كثير من آباء الزوجات‪ ،‬أو إخوانهن‪ ،‬إذا حدث بين الزوجة‬
‫وزوجها خلف وخصام‪ ،‬فإنهم ينتصرون لبناتهم سواء كان الحق‬
‫لهن أو عليهن‪ .‬والمنهج القويم هو الصلح وملطفة الزوج‪ ،‬وهو‬
‫السبيل القوم لحياة زوجية سعيدة ‪.‬‬
‫الموقف الثاني‪:‬‬
‫موقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما علم أن بعض أزواج‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه‪ ،‬فخرج حتى أتى ابنته حفصة‬
‫فقال لها ‪ :‬أي حفصة أتغاضب إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫اليوم حتى الليل ؟ قالت‪ :‬نعم‪ ،‬فقلت ‪ :‬قد خبت وخسرت‪،‬‬
‫أفتأمنين أن يغضب الله لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فتهلكي ؟‬
‫] ثم قال لها وهو موضع الشاهد[ ‪ :‬ل تستكثري النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ول تراجعيه في شيء ول تهجريه‪ ،‬وسليني ما بدا لك‬
‫‪ ...‬الحديث )‪. (16‬‬

‫‪ . 16‬رواه البخاري )‪(5191‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 152‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬فانظر إلى حرص عمر على ابنته‪ ،‬وكونه يرغب في بقاء ابنته‬
‫تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وكذلك أبو الزوجة وأخوها‬
‫‪ ،‬ليرغب كل واحد منهما في توثيق الصلة بين ابنته وزوجها‪ ،‬ولو‬
‫بدفع شيء من المال لها لقضاء بعض حوائجها التي لم تقضى ‪.‬‬
‫ويتأكد هذا المر إن كان الزوج من أهل التدين والمانة والمروءة‪،‬‬
‫فإن مثل هذا الزوج ل ينبغي التفريط فيه ‪.‬‬
‫الموقف الثالث ‪:‬‬
‫هو من جانب الزوج؛ فعلى الزوج الدب مع أهل زوجته‪ ،‬وإكرامهم‪،‬‬
‫ومراعاة شعورهم‪ ،‬فهم قد سلموه شرفهم‪ ،‬وقطعة قلوبهم ‪ .‬فل‬
‫يقابل الحسان بالهانة والتجريح وسوء الدب ‪ .‬وسنذكر جانبا ً من‬
‫أدب علي بن أبي طالب مع صهره رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكيف راعى علي بن أبي طالب مقام رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ً‬
‫) حديث علي الثابت في الصحيحين ( قال كنت رجل َ مذاءا ‪ ،‬وكنت‬
‫أستحي أن أسال النبي‪ ‬لمكان ابنته فأمرت المقداد بن ألسود‬
‫فسأله فقال } يغسل ذكره ويتوضأ{‬
‫عِلي بن أبي طالب كان محتاجا ً لسؤال رسول الله صلى الله‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫عليه وسلم عن أمر يشكل عليه دائمًا‪ ،‬ولكنه تردد لكون بنت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عند علي بن أبي طالب فاستحيا‬
‫من ذلك ولم يباشر سؤال النبي صلى الله عليه وسلم بل جعل‬
‫ذلك عن طريق واسطة ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬يعمد بعض الزواج إلى ذكر شيء مما يكون بينه بين‬
‫وأهله‪ ،‬وذلك بمشهد من أبي الزوجة أو أخيها‪ ،‬وهذا الفعل جمع‬
‫بين أمرين مذمومين‪ ،‬الول‪ :‬ارتكاب ما نهى عنه النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم من التحدث بما يكون بين الرجل وأهله في أمر‬
‫الفراش‪ -‬وسبق بيانه‪ ،-‬والثاني‪ :‬هو جرح مشاعر أبا الزوجة أو‬
‫أخاها بذكر مثل هذه المور أمامهم ‪.‬‬
‫]*[ ‪‬الطلق آخر الحلول ‪:‬‬
‫رغب الله عز وجل عباده إلى إمساك الزوجة وعدم تطليقها حتى‬
‫شْيئا ً‬ ‫ى َأن ت َك َْر ُ‬
‫هوا ْ َ‬ ‫س َ‬
‫ع َ‬ ‫ن َ‬
‫ف َ‬ ‫ه ّ‬
‫مو ُ‬
‫هت ُ ُ‬ ‫فِإن ك َ ِ‬
‫ر ْ‬ ‫مع الكراهة‪ ،‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫خْيرا ً ك َِثيرًا(‬
‫ه َ‬
‫في ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ع َ‬
‫ج َ‬
‫وي َ ْ‬
‫َ‬
‫] النساء ‪[19 /‬‬
‫]*[ قال ابن كثير رحمه الله ‪ :‬أي فعسى أن يكون صبركم مع‬
‫إمساككم لهن وكراهتهن فيه‪ ،‬خير كثير لكم في الدنيا والخرة‪،‬‬
‫كما قال ابن عباس في هذه الية‪ :‬هو أن يعطف عليها فيرزق‬
‫منها ولدًا‪ ،‬ويكون في ذلك الولد خير كثير‪ ) ،‬حديث أبي هريرة‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 153‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا رضي منها آخر ‪.‬‬
‫‪‬معنى ] ل يفرك مؤمن مؤمنة [ _ يعني ل يبغضها _ إن كره منها‬
‫خلقا ً ل توجد امرأة إل ولها بعض المزايا‪ ،‬وفيها بعض العيوب‪ ،‬وإن‬
‫من التمس امرأة كاملة من جميع النواحي‪ ،‬فقد التمس محا ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وهب الله هذه حظا ً من الجمال وإن كان في خلقها شيء‪ ،‬ووهب‬
‫هذه حظا ً من الخلق وإن كان في جمالها شيء‪ ،‬وفاوت بين هذه‬
‫الحظوظ والقسام كما قضت بذلك مشيئته )وربك يخلق ما يشاء‬
‫ويختار ما كان لهم الخيرة( )القصص‪(68 /‬‬
‫‪‬هذه حقيقة من عرفها استراح وأراح‪ ،‬وأمكنه أن يغض عن‬
‫العيوب المحتملة بجانب المزايا‪ ،‬وأن يغفر بعض نواحي الضعف لما‬
‫يجبرها من نواحي القوة‪ ،‬وهذا هو معنى قوله )ص(‪" :‬إن كره منها‬
‫خلقا ً رضي منها غيره" وفي ذلك يقول القرآن الكريم‪:‬‬
‫)وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ً‬
‫ويجعل الله فيه خيرا ً كثيرًا( )النساء‪(19 /‬‬
‫‪‬فل ينبغي أن يطلق الزوج زوجه لكونه وجد فيها خلقا ً سيئا ً‪،‬‬
‫فإنه لو نظر إليها من جوانب أخرى لوجد فيها محاسن أخلق‪،‬‬
‫خلقية أو خلقية ‪.‬‬ ‫وجميل صفات ُ‬
‫وليعلم الزوج الذي أمسك أهله وصبر عليهم مع كراهيته لذلك‪ ،‬أنه‬
‫ن‬‫ه ّ‬‫مو ُ‬ ‫هت ُ ُ‬
‫ر ْ‬‫فِإن ك َ ِ‬ ‫موعود بنص القرآن بخير كثير‪ ،‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫خْيرا ً ك َِثيرًا( ] النساء ‪[19 /‬‬ ‫ه َ‬‫في ِ‬
‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬‫ع َ‬‫ج َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫وي َ ْ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫ى َأن ت َك َْر ُ‬
‫س َ‬‫ع َ‬‫ف َ‬ ‫َ‬
‫‪‬وإن تعذر الصبر‪ ،‬وساءت العشرة‪ ،‬فالطلق سبيل شرعي لحياة‬
‫أخرى لكل من الزوج والزوجة ‪:‬‬
‫سعا ً‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬‫ه َ‬
‫عت ِ ِ‬
‫س َ‬
‫من َ‬ ‫ه ك ُل ّ ّ‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫فّر َ‬‫وِإن ي َت َ َ‬
‫غ ِ‬‫قا ي ُ ْ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫كيمًا(‬
‫ح ِ‬‫َ‬
‫] النساء ‪[130 /‬‬
‫فيعوض الله الزوج خيرا ً منها‪ ،‬ويعوضها خيرا ً منه ‪ .‬فإمساك‬
‫ل فارق‬ ‫بمعروف أو تسريح بإحسان‪ ،‬وما أعظم جميل صفات رج ٍ‬
‫أهله فما وجدوا منه كلمة نابية‪ ،‬أو فعال ً قبيحة‪ ،‬ورحم الله رجل ً‬
‫فارق أهله وهم يذكرونه بالخير‪ ،‬ويدعون له بظهر الغيب ‪.‬‬
‫]*[ ‪‬أمر الوالدان أو أحدهما البن أن يطلق زوجته ‪:‬‬
‫خطاب في هذه المسألة ‪:‬‬ ‫ل ال ِ‬‫‪‬فص ُ‬
‫إن أمر الوالدان أو أحدهما البن أن يطلق زوجته فل يخلو من‬
‫حالين ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن يبين الوالد سببا ً شرعيا ً يقتضي طلقها وفراقها‪ ،‬مثل‬
‫أن يقول‪ :‬طلق زوجتك‪ ،‬لنها مريبة في أخلقها كأن تغازل الرجال‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 154‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أو تخرج إلى مجتمعات غير نزيهة وما أشبه ذلك ‪ .‬فطلقها في‬
‫هذا الحال يجيب والده ويطلقها‪ ،‬لنه لم يقل طلقها لهوى في‬
‫نفسه ولكن حماية لفراش ابنه من أن يكون فراشه متدنسا ً هذا‬
‫الدنس فيطلقها ‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬أن يقول الوالد لولده‪ :‬طلق زوجتك لن البن يحبها‪ ،‬فيغار‬
‫الب على محبة ولده لها‪ ،‬والم أكثر غيرة‪ ،‬فكثير من المهات إذا‬
‫رأت الولد يحب زوجته غارت جدا ً حتى تكون زوجة ابنها ضرة لها –‬
‫نسأل الله العافية‪ -‬ففي هذه الحالة ل يلزم البن أن يطلق زوجته‬
‫إذا أمره أبوه بطلقها أو أمه ولكن يداريهما ويبقي الزوجة‬
‫ويتألفهما ويقنعهما بالكلم اللين حتى يقتنعا ببقائها عنده ول‬
‫سيما إذا كان الزوجة مستقيمة في دينها وخلقها‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫سك َْنى ‪ :‬فيجب عليه يطعمها إذا طعم ويكسوها إذا‬ ‫)‪ (4‬النفقة وال ُ‬
‫اكتسى ‪:‬‬
‫بمجرد تمام عقد الزواج وتمكن الزوج من الستمتاع بالزوجة يلزم‬
‫الزوج النفاق على زوجته‪ ،‬وتوفير ما تحتاجه من مسكن وملبس ‪،‬‬
‫ف(‬‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫وت ُ ُ‬ ‫س َ‬ ‫وك ِ ْ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رْز ُ‬
‫ق ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫وُلوِد ل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ف(‬‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫وت ُ ُ‬‫س َ‬ ‫وك ِ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫رْز ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫وُلوِد ل َ ُ‬ ‫م ْ‬‫عَلى ال ْ َ‬ ‫و َ‬‫لقوله تعالى ‪َ ) :‬‬
‫)البقرة‪.(233 :‬‬
‫َ‬
‫دك ُ ْ‬ ‫سك َن ْت ُ ْ‬
‫) (‬
‫م( * )الطلق‪:‬‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫سك ُِنو ُ‬ ‫وقوله تعالى‪) :‬أ ْ‬
‫‪.(6‬‬
‫‪ :‬فمن حقوق المرأة وجوب نفقتها على زوجها وإن كانت غنية‪،‬‬
‫وهي مقدرة شرعا ً بكفايتها من الطعام واللباس والسكن على‬
‫قدر حال الزوج يسارا ً وإعسارًا‪ ،‬وهي واجبة‪،‬‬
‫]*[ قال ابن قدامة رحمه الله‪:‬‬
‫نفقة الزوجة واجبة بالكتاب والسنة والجماع‪ ،‬واحتج بقوله‬
‫ما‬
‫م ّ‬‫ق ِ‬‫ف ْ‬ ‫فل ْي ُن ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫ق ُ‬‫رْز ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫دَر َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ع ٍ‬‫س َ‬ ‫ذو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫تعالى}ل ِي ُن ْ ِ‬
‫ها{)الطلق‪،(7 :‬‬ ‫ما آَتا َ‬ ‫فسا ً إ ِّل َ‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫ه ل ي ُك َل ّ ُ‬ ‫آَتاهُ الل ّ ُ‬
‫)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن‬
‫ماجة ( قال ‪ :‬قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن‬
‫تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب‬
‫الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت ‪.‬‬
‫]*[ قال الصنعاني رحمه الله ‪:‬‬
‫"دل الحديث على وجوب نفقة الزوجة وكسوتها‪ ،‬وأن النفقة‬
‫بقدر سعته ل يكّلف فوق وسعه‪ ،‬لقوله‪)) :‬إذا طعمت(( كذا قيل‪،‬‬
‫وفي أخذه من هذا اللفظ خفاء‪ ،‬فمتى قدر على تحصيل النفقة‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 155‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وجب عليه أن ل يختص بها دون زوجته‪ ،‬ولعله مقيد بما زاد على‬
‫قدر سدّ خلته لحديث‪)) :‬ابدأ بنفسك((‪ ،‬ومثله القول في الكسوة‪.‬‬
‫وفي الحديث دليل على جواز الضرب تأديبا إل أنه منهي عن ضرب‬
‫الوجه للزوجة وغيرها‪ .‬وقوله‪)) :‬ل تقبح(( أي‪ :‬ل تسمعها ما تكره‬
‫ك الله ونحوه من الكلم الجافي‪ ،‬ومعنى قوله‪)) :‬ل‬ ‫وتقول‪ :‬قّبح ِ‬
‫تهجر إل في البيت(( أنه إذا أراد هجرها في المضجع تأديبا لها كما‬
‫ع{ ]النساء‪ [34:‬فل يهجرها‬ ‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬‫فى ٱل ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫وٱ ْ‬‫قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ولها إليها"‪.‬‬ ‫إل في البيت‪ ،‬ول يتحول إلى دار أخرى أو يح ّ‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيح أبي داوود ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت ‪.‬‬
‫وقد أجمع العلماء رحمهم الله تعالى على وجوب إنفاق الزوج على‬
‫الزوجة‪.‬‬
‫]*[ قال ابن قدامة ‪" :‬اتفق أهل العلم على وجوب نفقات‬
‫الزوجات على أزواجهن إذا كانوا بالغين ‪ ،‬إل الناشز منهن‪ ...‬وفيه‬
‫ضرب من العبرة وهو أن المرأة محبوسة على الزوج يمنعها من‬
‫التصرف والكتساب‪ ،‬فل بد من أن ينفق عليها"‪.‬‬
‫‪‬ول شك أن إنفاق الرجل على زوجته من أعظم أسباب استقرار‬
‫السرة واستدامة الزواج‪ ،‬كما إنه دليل على علو مكانة المرأة‬
‫ورفيع منزلتها‪.‬‬
‫لكن ينبغي أن يعلم أن النفقة على الزوجة والولد يكون بقدر‬
‫ذو‬ ‫ق ُ‬ ‫ف ْ‬
‫كفايتهم وأن ذلك بالمعروف‪ ،‬دليل ذلك قوله تعالى‪) :‬ل ِي ُن ْ ِ‬
‫ه ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫ف‬ ‫ما آَتاهُ الل ّ ُ‬
‫م ّ‬‫ق ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫فل ْي ُن ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫ق ُ‬‫رْز ُ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫دَر َ‬ ‫ن ُ‬
‫ق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬‫عت ِ ِ‬
‫س َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ة ِ‬‫ع ٍ‬‫س َ‬ ‫َ‬
‫سرا( ]الطلق‪[7:‬‬ ‫ً‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫س ٍ‬
‫ع ْ‬ ‫عدَ ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬
‫سي َ ْ‬
‫ها َ‬ ‫ما آَتا َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬
‫ه ن َفسا إ ِل َ‬ ‫ّ‬
‫الل ُ‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬بعض الناس يأخذه الكرم والسخاء مع الصدقاء وينسى‬
‫حق الزوجة‪ ،‬مع أن المرء يؤجر على إنفاقه في بيته أعظم من‬
‫غيره كما بينته السنة الصحيحة ومن ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت‬
‫به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي‬
‫أنفقته على أهلك ‪.‬‬
‫)حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إل أجرت‬
‫عليها‪ ،‬حتى ما تجعل في امرأتك((‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬ويجوز للمرأة أن تأخذ نفقتها ونفقة أولدها من مال‬
‫بالمعروف‪ -‬بغير إذنه‪ -‬إذا كان بخي ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫زوجها‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 156‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫أن هند بنت عتبة قالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إن أبا سفيان رجل شحيح‪،‬‬
‫وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إل ما أخذت منه‪ ،‬وهو ل يعلم‪،‬‬
‫فقال‪) :‬خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف(‪.‬‬
‫ولكن لتنتبه النساء أن قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بالمعروف((‬
‫أي في غير إسراف ول تبذير ‪ ،‬ول مجاوزة الحد ‪ ،‬بل تأخذ من ماله‬
‫نفقة مثيلتها ‪ ،‬ول تزيد كما يفعل بعض النساء اليوم من إطلق‬
‫أيديهن في أموال أزواجهن دون إذنهن بدعوى أنه بخيل ‪ ،‬فيأخذن‬
‫من ماله ما ينفقنه فيما يغضب الله من الذهاب إلى صالونات‬
‫تصفيف الشعور ‪ ،‬وصالت التجميل ‪ ،‬والتبذير في الملبس‬
‫والمشرب ‪ ،‬فهؤلء محاسبات على تعديهن على أموال أزواجهن‬
‫لغير حاجة شرعية‪ ،‬ولفسادهن هذه الموال‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬أن النفقة على الزوجات وإن كانت واجبة على الزوج؛‬
‫إل أن شريعة الله جعلت للمنفق على أهله أجرًا‪ ،‬وهذا فضل من‬
‫الله ‪ ،‬لكن حصول الجر في النفقة على الهل مرتب على‬
‫احتساب تلك النفقة‪ ،‬وابتغاء وجه الله‪ ،‬ومن أنفق على أهله ذاهل ً‬
‫عن الحتساب فقد برأت الذمة‪ ،‬وفاته أجر الحتساب للحاديث‬
‫التية ‪:‬‬
‫)حديث أبي مسعود النصاري الثابت الثابت في الصحيحين( أن‬
‫ل على أهله يحتسبها فهو له صدقة (‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ ):‬إذا أنفق الرج ُ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ ):‬ديناٌر أنفقته في سبيل الله ‪ ،‬و ديناٌر‬
‫أنفقته في رقبة ‪ ،‬و ديناٌر تصدقت به على المسلمين ‪ ،‬و ديناٌر‬
‫أنفقته على أهلك ‪ ،‬أعظمها أجرا ً الذي أنفقته على أهلك (‬
‫)حديث عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الثابت في صحيح‬
‫البخاري ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه‬
‫الله إل أجرت عليها‪ ،‬حتى ما تجعل في في امرأتك(‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬وتجب النفقة على الزوجة ولو كانت موظفة ؛ فإن‬
‫النفقة عليها هو في مقابل الستمتاع‪ ،‬فهو حق لها‪ ،‬ول ينظر في‬
‫هذه المسائل إلى ضعف دخل الزوج من عدمه ‪ .‬أما إن طابت‬
‫نفس الزوجة وتسامحت عن حقها فيما يتعلق بالنفاق عليها‪،‬‬
‫فالمر يعود إليها والحق لها ‪.‬‬
‫‪‬وإن كان عند الرجل أكثر من زوجة؛ فهو مطالب بالعدل بينهن‬
‫في النفقة‪ ،‬ول يقول هذه غنية وهذه فقيرة‪ ،‬فالجميع أزواجه ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن سعدي رحمه الله ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 157‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الصحيح الرواية التي اختارها شيخ السلم أنه يجب التسوية في‬
‫ذلك‪ ،‬لن عدم التسوية ظلم وجور ليس لجل عدم القيام بالواجب‪،‬‬
‫لن كل عدل يقدر عليه بين زوجاته فإنه واجب عليه‪ ،‬بخلف ما ل‬
‫قدرة له عليه كالوطء وتوابعه )‪. (17‬‬
‫]*[ ‪‬وتسقط نفقة الزوجة عن زوجها بعدة أسباب‪:‬‬
‫منها ما يلي ‪:‬‬
‫)‪ (1‬إذا امتنعت الزوجة من تسليم نفسها لزوجها‪ ،‬فل نفقة لها ‪.‬‬
‫)‪ (2‬وإذا سافرت لحاجتها ‪ ،‬فل نفقة لها‪ ،‬لنها قد منعت زوجها‬
‫حقه منها؛ إل أن تطيب نفسه بذلك ‪.‬‬
‫)‪ (3‬وإذا نشزت الزوجة على زوجها فل نفقة لها – أيضًا‪. -‬‬
‫)‪ (4‬المطلقة حكم النفقة عليها على التفصيل التي ‪:‬‬
‫)‪ (1‬المطلقة طلقا ً رجعيا ً يجب لها النفقة ما دامت في العدة لنها‬
‫زوجة ‪،‬‬
‫لحا(ً‬‫ص َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫في ذَل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وا إ ِ ْ‬‫ن أَرادُ َ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫ن ِ‬‫ه ّ‬ ‫ق ب َِردّ ِ‬‫ح ّ‬
‫نأ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫عولت ُ ُ‬ ‫وب ُ ُ‬‫لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫]البقرة ‪[228 /‬‬
‫ل ذلك على أنها زوجة ‪.‬‬ ‫فد ّ‬
‫)‪ (2‬والمطلقة طلقا ً بائنا ً ‪ ،‬سواء كان بينونة صغرى أم كبرى ‪ ،‬فل‬
‫نفقة لها ول سكنى إل إذا كانت حامل ً فينفق عليها حتى تضع‬
‫حملها ‪.‬‬
‫) حديث فاطمة بنت قيس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬إنما النفقة و السكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الّرجعة ‪.‬‬
‫والدليل على أن المطلقة طلقا ً بائنا ً إذا كانت حامل ً ينفق عليها‬
‫حتى تضع حملها‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ع َ‬‫ض ْ‬‫ى يَ َ‬ ‫حت ّ َ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫قوا َ‬ ‫ف ُ‬‫فأن ِ‬‫ل َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح ْ‬
‫ت َ‬ ‫ول َ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وِإن ك ُ ّ‬ ‫قوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫ه] الطلق ‪[6 /‬‬ ‫مل َ ُ‬
‫ح ْ‬
‫َ‬

‫]*[]*[]*[]*[‬

‫)‪ (5‬حق المبيت والمعاشرة وقضاء الوطر ‪:‬‬


‫فيجب على الزوج أن َيتعاهد زوجته بالجماع ويقضى وطرها كما‬
‫قضى وطره ‪ ،‬وأن ل يعجلها في ذلك‪.‬‬
‫فُيكره النزع قبل فراغها ‪ ،‬أي قبل أن ُتنزل لنه يحرمها من كمال‬
‫الستمتاع ‪ ،‬وربما يحصل لها ضررا ً إذا كان الماء متهيأ للخروج ثم‬
‫ينزع الرجل قبل إنزالها ‪ ،‬والنبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل ضرر ول ضرار ( كما‬
‫في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن النبي ‪r‬‬
‫‪ . 17‬الفتاوى السعدية ‪ .‬ص ‪117‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 158‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قال ‪ ) :‬ل ضرر ول ضرار (‬
‫أما حديث ) ثم إذا قضى حاجته فل يعجلها حتى تقضي حاجتها (‬
‫فهو ضعيف ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬الوطء واجب على الرجل‪ ،‬وهو من مقاصد الزواج الكبرى‬
‫‪،‬‬
‫]*[ قال ابن قدامة رحمه الله ‪ :‬والوطء واجب على الرجل ‪ -‬أي‬
‫تجاه زوجته‪ -‬إذا لم يكن له عذر‪ ،‬وبه قال مالك‪ .‬ومن أدلته قوله‬
‫ة{)النساء‪،(129 :‬‬ ‫عل ّ َ‬
‫ق ِ‬ ‫كال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ها َ‬ ‫ل َ‬
‫فت َذَُرو َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫ميُلوا ك ُ ّ‬
‫فل ت َ ِ‬‫تعالى} َ‬
‫قال الجصاص ‪ -‬رحمه الله‪ :‬إن عليه وطأها بقوله} َ‬
‫فت َذَُرو َ‬
‫ها‬
‫ة{ يعني ل فارغة فتتزوج ول ذات زوج إذا لم يوفها حقها‬ ‫ق ِ‬‫عل ّ َ‬ ‫كال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫من الوطء‪.‬‬
‫‪‬ويجب على الزوج أن ُيراعي حق الوطء لزوجته حتى ل يضطر‬
‫حليلته إلى الخروج عن حيائها ‪ .‬وهذا الحق من الحقوق التي يقع‬
‫الخلل في أدائها من قبل بعض الزواج ‪ ،‬فتراه في دنياه لهثا ً أو‬
‫يدمن السهرات مع الصحاب والخلن ول َيؤوب إل في ساعة‬
‫متأخرة من الليل‪ ،‬قد أرهقه التعب وأضناه اللعب‪ ،‬واستنفد ما في‬
‫جعبته من المرح واللهو مع مسامريه‪ ،‬فيدخل بل سلم ول كلم‪،‬‬
‫وطََره منها‪،‬‬ ‫در له أن يقضي َ‬ ‫ويرتمي على فراشه كالجيفة‪ ،‬ولو ُ‬
‫ق ّ‬
‫قضاه على وجه ل تشعر معه المرأة بسعادة‪ ،‬وكأنها ما بقيت في‬
‫البيت إل للكنس والطبخ والخدمة وتربية الطفال ‪ ،‬فهي في‬
‫نظره أو كما يعبر عنه واقعه معها ليست بحاجة إلى قلب يعطف‬
‫ن إليها ‪ ،‬ويروي عاطفتها‪ ،‬وُيشبع‬ ‫عليها ورجل يداعبها ويح ّ‬
‫غريزتها ‪ .‬وإذا كان الرجل ُينهى عن النهماك في العبادة لجل‬
‫إتمام هذا الحق لزوجته فكيف بإهدار الوقت وإضاعته في‬
‫السهرات العابثة والليالي اللهية؟ وكيف يتناسى أن النبي ‪r‬‬
‫يقول ‪ :‬ولهلك عليك حقا ً كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري (‬
‫قال‪ :‬آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء‪،‬‬
‫فزار سلمان أبا الدرداء‪ ،‬فرأى أم الدرداء متبذلة‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما‬
‫شأنك؟‪ .‬قالت‪ :‬أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا‪ .‬فجاء أبو‬
‫الدرداء‪ ،‬فصنع له طعاما‪ ،‬فقال‪ :‬كل‪ ،‬قال‪ :‬فإني صائم‪ ،‬قال‪ :‬ما أنا‬
‫بآكل حتى تأكل‪ ،‬قال‪ :‬فأكل‪ ،‬فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء‬
‫يقوم‪ ،‬قال‪ :‬نم‪ ،‬فنام‪ ،‬ثم ذهب يقوم‪ ،‬فقال‪ :‬نم‪ ،‬فلما كان من آخر‬
‫الليل‪ ،‬قال سلمان‪ :‬قم الن‪ ،‬فصليا‪ ،‬فقال له سلمان‪ :‬إن لربك‬
‫عليك حقا‪ ،‬ولنفسك عليك حقا‪ ،‬ولهلك عليك حقا‪ ،‬فأعط كل ذي‬
‫حق حقه‪ ،‬فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له‪ ،‬فقال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬صدق سلمان(‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 159‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في‬
‫صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ‬
‫القرآن كل ليلة فقلت بلى يا نبي الله ولم أرد بذلك إل الخير قال‬
‫فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلثة أيام قلت يا نبي الله إني‬
‫أطيق أفضل من ذلك قال فإن لزوجك عليك حقا ولزورك عليك‬
‫حقا ولجسدك عليك حقا ‪.‬‬
‫‪‬شكت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من زوجها‬
‫فأحال القضاء إلى‬
‫كعب السدي ‪ ،‬فلما جيء بالرجل قال القاضي ‪ :‬إن امرأتك‬
‫تشكوك ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬أفي طعام أو شراب ؟ !‬
‫قال ‪ :‬ل ‪.‬‬
‫فقالت المرأة‪:‬‬
‫َ‬
‫ده‬‫فراشي مسج ُ‬ ‫هى خليلي عن ِ‬ ‫أل ْ َ‬
‫ده ‪،‬‬
‫ش ُ‬ ‫ده ‪ ،‬يا أيها القاضي الحكيم أْر ِ‬ ‫م ُ‬
‫ح َ‬‫ءأ ْ‬ ‫ر النسا ِ‬ ‫ت في أم ِ‬ ‫ولس ُ‬
‫ده‬‫عب ُ ُ‬ ‫ده في مضجعي ت َ َ‬ ‫ه َ‬‫َز َ‬
‫فقال زوجها ‪:‬‬
‫إني امرؤ أذهلني ما قد نزل‬
‫جل‬ ‫ح َ‬ ‫شها وفي ال ُ‬‫فرا ِ‬ ‫جَلل ‪َ ،‬زهد ُ‬
‫ت في ِ‬ ‫ف َ‬ ‫وفي كتاب الله تخوي ٌ‬
‫في سورة النحل وفي السبع الطول‬
‫فقال كعب ‪:‬‬
‫قل ‪ ،‬إن لها عليك حقا َ يا رجل‬ ‫ع َ‬‫ع لمن َ‬ ‫تصيبها في أرب ٍ‬
‫علل ‪.‬‬ ‫ع عنك ال ِ‬ ‫ودَ ْ‬‫فأعطها ذاك َ‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬ومن كمالت قضاء الوطر تجمل الزوجين لبعضهما ‪:‬‬
‫ل من الزوجين أن يبدو جميل ً في نظر صاحبه‪،‬‬ ‫فينبغي أن يحرص ك ٌ‬
‫لئل يتنافرا‪ ،‬وليزداد قربا ً وتألفًا‪ ،‬وأعظم طيب الماء وأعظم تجمل‬
‫ن‬
‫ده َ‬ ‫النظافة‪ ،‬ولقد وصف النبي ‪ ‬أنه كان يرجل شعره‪ ،‬ويكثر َ‬
‫ح شعره‪ ،‬وأنه كان كثير الكتحال‪ ،‬وكثير الستياك‬ ‫رأسه وتسري َ‬
‫وكثير التطيب‪ ،‬لذلك لم يشم من في رسول الله ول من جسمه‬
‫رائحة تكره‪ ،‬وإذا كان التقصير غالبا ً ما يكون من الرجال‬
‫]*[ قال ابن عباس رضي الله عنهما‪ :‬إني أحب أن أتزين للمرأة ‪،‬‬
‫كما أحب أن تتزين لي؛ لن الله يقول ‪ } :‬ولهن مثل الذي عليهن‬
‫بالمعروف{ ‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (6‬التأدب في معاملتها وعدم التعرض للوجه بالضرب أو التقبيح ‪:‬‬
‫لما في ذلك من الستهانة بالمرأة‪ ،‬وتحقيرها‪ ،‬وإنزالها غير‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 160‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫المنزلة التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى لها من الحترام فينبغي‬
‫على الزوج في معاملته مع زوجته أن يكون حسن الخلق‪ ،‬هين لين‬
‫قريب سهل‪ ،‬حديثه عذب‪ ،‬كلمه حلو‪ ،‬ل يعرف السب ول الشتم ول‬
‫اللفاظ النابية ول الوجه المكفهر‪.‬‬
‫وكذلك فالتعرض للوجه بالضرب أو التقبيح مناف لما أمر به الله‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسلم في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن‬
‫ماجة ( قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن‬
‫تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب‬
‫الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت ‪.‬‬
‫وأن هذا مخالفا ً لهدي النبي ‪ r‬تقويم النساء عند النشوز ‪.‬‬
‫فالذي أمر به الله سبحانه وتعالى من ضرب النساء لتقويمهن عند‬
‫النشوز هو الضرب غير المبرح‪ ،‬لقوله تعالى‪ ) :‬واللتي تخافون‬
‫نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن‬
‫أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً إن الله كان عليا ً كبيرا ً ( ]النساء‪:‬‬
‫‪.[34‬‬
‫والكلم على هذه الية على ثلثة مقامات‪:‬‬
‫الول‪ :‬قوله تعالى‪ ) :‬واضربوهن ( لفظ عام ‪ ،‬وقد قيدته السنة‬
‫مي التي ‪:‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ص ال ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫بالضرب غير المبرح كما في حديث أبي ال ْ‬
‫مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫ش ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ص ال ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫)حديث أبي ال ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خْيرًا‪ ،‬فإ ِن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أل َ َ‬
‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ن‬
‫ن َيأِتي َ‬ ‫ك إ ِل ّ أ ْ‬ ‫غي َْر ذَل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م‪ ،‬ل َي ْ َ‬ ‫عن ْدَك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن في ال َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ة ُ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫بِ َ‬
‫عل َيهن سبي ً َ‬ ‫َ‬
‫ن ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ل‪ .‬أل َ َ‬ ‫غوا َ ْ ِ ّ َ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أطَ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ح‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مب َّر‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ضْرب َا ً َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫قا‪ ،‬فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫ول ِن ِ َ‬ ‫قا‪َ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ول ي َأذَ ّ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫هو َ‬ ‫م من ت َك َْر ُ‬ ‫شك ُ ْ‬ ‫فُر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وطِئ ْ َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫عل َيك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫ن في ك ِ ْ‬ ‫سُنوا إ ِل َْيه ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن َ ْ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ن‪ .‬أل َ َ‬ ‫هو َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫ن« ‪.‬‬ ‫ه ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫وط َ َ‬ ‫َ‬
‫ح ( فهذا الضرب مما‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ضْرب َا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫الشاهد ‪َ ) :‬‬
‫يكسر النفس‪ ،‬وليس مما يكسر العظم‪ ،‬فهو ضرب تأديب‪ ،‬ل ضرب‬
‫انتقام وتشويه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ضرب المرأة للتأديب ل يكون إل بعد عدم جدوى‬
‫الموعظة والهجر لها في المضجع‪.‬‬
‫فإن الهجر في المضجع قد يؤثر في المرأة ما ل يؤثره فيها‬
‫الضرب ‪ ،‬فإنها تحس أنها غير مرغوبة من زوجها ‪ ،‬فل تنشغل إل‬
‫بالتفكير في حالها وما آل إليه‪ ،‬فتنزجر بهجره ‪ ،‬وترتدع بتركه لها‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 161‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الثالث‪ :‬وجوب رفع الضرب عنها في حالة الطاعة ‪ ،‬ويدل عليه‬
‫قوله تعالى‪}:‬فإن أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل ً (‬
‫ثم إن النبي نهى الرجل أن يجلد جلد العبد بدللة الحديث التي ‪:‬‬
‫)عبد الله بن زمعة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ل يجلد أحدكم امرأته جلد العبد‪ ،‬ثم يجامعها في‬
‫آخر اليوم(‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (7‬عدم الهجر في غير البيت ‪:‬‬
‫هذا هو الصل في المسألة ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"ول تهجر إل في البيت "‪.‬‬
‫)حديث معاوية ابن حيدة الثابت في صحيحي أبي داوود وابن‬
‫ماجة ( قال قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال أن‬
‫تطعمها إذ طعمت وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت ول تضرب‬
‫الوجه ول تقبح ول تهجر إل في البيت ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬الصل في المسألة عدم الهجر في غير البيت ولكن‬
‫في غير البيت بحسب المصلحة المترتبة على‬ ‫يجوز هجر المرأة‬
‫ذلك‪ ،‬كما صح عن النبي ‪ r‬أنه هجر أزواجه شهرا ً في غير بيوتهن ‪.‬‬
‫)حديث أم سلمة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬حلف ل‬
‫ة وعشرون يوما ً غدا ً‬ ‫ل على بعض أهله شهرا ً ‪ ،‬فلما مضى تسع ٌ‬ ‫يدخ ُ‬
‫عليهن أوراح ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬يا نبي الله حلفت أن ل تدخل عليهن‬
‫ة وعشرين يوما ً ‪.‬‬ ‫شهرا ً ‪ ،‬قال ‪ :‬إن الشهر يكو ُ‬
‫ن تسع ً‬
‫]*[]*[]*[]*[‬

‫)‪ (8‬مداراتها وملطفتها ‪:‬‬


‫والمداراة ‪ :‬هي المجاملة والملينة لستمالة النفوس وتأليف‬
‫القلوب ‪.‬‬
‫وقد ندبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مداراة النساء‪ ،‬لما‬
‫علم منهن من تسرع ‪ ،‬وسوء تصرف في بعض المواقف ‪ ،‬فالزوج‬
‫مطلوب منه أن يداري زوجه ويستميل قلبها‪ ،‬وأن يصبر على ما‬
‫يبدر منها‪ -‬مالم يكن فيه تضييع لحق الله أو حقه‪ ،-‬والزوجة كذلك‬
‫مطالبة بحسن التبعل والطاعة في غير معصية الله‪ ،‬وبهذا وذاك‬
‫تستقيم الحياة الزوجية‪ ،‬ويسعد أهلها ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال‪) :‬استوصوا بالنساء خيرا‪ ،‬فإنهن خلقن من ضلع‪ ،‬وإن‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 162‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أعوج شيء في الضلع أعله‪ ،‬فإن ذهبت تقيمه كسرته‪ ،‬وإن تركته‬
‫لم يزل أعوج‪ ،‬فاستوصوا بالنساء(‪.‬‬
‫* وهذا الحديث يرشدنا إلى ثلثة أمور رئيسية وهي‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن الوصية بالنساء واجبة لن قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم " استوصوا " أمر ‪ ،‬والمر يقتضي الوجوب‪ ،‬ما لم ترد قرينة‬
‫تصرفه عن ذلك‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬بيان قصور النساء عن الرجال ‪ ،‬واختلف بعض‬
‫طبائعهن عن طبائع الرجال‪.‬‬
‫المر الثالث‪ :‬جواز مداراة النساء‪ ،‬والستمتاع بهن على عوجهن‪.‬‬
‫ول شك أن في هذا الحديث قاعدة أساسية في معاملة النساء‪،‬‬
‫والوصية بهن‪ ،‬عند الصحابة رضوان الله عليهم‪ -‬ومن تبعهم من‬
‫الرجال في كل عصر‪ ،‬وما دام هذا الدين قائما ‪ ،‬فإن النسان إذا‬
‫ض الطرف عن زلت النساء وأراد أن يحاسبها على كل ما‬ ‫لم يغ ّ‬
‫يصدر منها أفضى ذلك إلى كسرها وكسرها طلقها كما بينته‬
‫السنة الصحيحة في حديث مسلم التي ‪:‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على‬
‫طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت‬
‫تقيمها كسرتها وكسرها طلقها ‪.‬‬
‫ول شك أن تقويم المرأة واجب ‪ ،‬ولكن على النحو الذي ل تتضرر‬
‫به المرأة أو الرجل أو الحياة الزوجية ما دام هذا التقويم يتم‬
‫حسب الحدود الشرعية‪.‬‬
‫وأما المبالغة في التقويم‪ -‬كالتشديد عليهن كما يشدد على‬
‫الرجال‪ -‬للوصول بها إلى المرتبة العليا من التقويم بحيث ل يصدر‬
‫منها ما يدل على نقصان عقلها أو كفران عشيرها ‪ ،‬ففيه‬
‫الخاطرة بالحياة الزوجية من حيث احتمال وقوع الطلق بين‬
‫الزوجين‪ ،‬ويدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬وإن ذهبت‬
‫تقيمها كسرتها وكسرها طلقها ‪.(.‬‬
‫فإن كانت المرأة على دين وخلق كريم ‪ ،‬إل أنها يصيبهما ما يصيب‬
‫باقي النساء من التضجر‪ ،‬أو طلب ما ل يقدر الزوج عليه‪ ،‬أو التنكر‬
‫له‪ ،‬فل شك أن مثل هذه يندب المداراة معها ويستحب البقاء‬
‫عليها‪ ،‬حفاظا ً على رباط الزوجية‪ ،‬لما لها من خلق كريم ودين‬
‫متين‪.‬‬
‫* ثم إن التلطف معها ومداعبتها اقتداءا ً برسول الله ‪ r‬فقد كان‬
‫يتلطف مع أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها ويسابقها ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 163‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري (‬
‫أنها‪:‬كانت مع النبي في سفر قالت فسابقته فسبقته على رجلي‬
‫فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال هذه بتلك ‪.‬‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬كل شيء ليس من ذكر الله لهو و لعب‬
‫إل أن يكون أربعة ‪ :‬ملعبة الرجل امرأته و تأديب الرجل فرسه و‬
‫مشي الرجل بين الغرضين و تعليم الرجل السباحة ‪.‬‬
‫‪‬ووصفت أعرابية زوجها وقد مات فقالت‪ :‬والله لقد كان ضحوكا ً‬
‫إذا ولج‪ ،‬سكيتا ً إذا خرج‪ ،‬آكل ً ما وجد‪ ،‬غير سائل عما فقد‪.‬‬
‫سيرة‪ ،‬طّيب السريرة‪ ،‬سهًل رفي ً‬
‫قا‪ ،‬لي ًّنا‬ ‫م الّله رجًل محمود ال َ‬ ‫ح َ‬
‫َر ِ‬
‫ما في أمره‪ ،‬ل يكلف شططا ول يرهق‬ ‫ما بأهله حاز ً‬ ‫رؤو ً‬
‫فا ‪ ،‬رحي ً‬
‫عسًرا‪ ،‬ول يهمل في مسؤولية‪.‬‬ ‫ُ‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (9‬أن يصبر عليها ويتحمل الذى منها وأن يعفو عن زلتها ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال‪) :‬استوصوا بالنساء خيرا‪ ،‬فإنهن خلقن من ضلع‪ ،‬وإن‬
‫أعوج شيء في الضلع أعله‪ ،‬فإن ذهبت تقيمه كسرته‪ ،‬وإن تركته‬
‫لم يزل أعوج‪ ،‬فاستوصوا بالنساء(‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على‬
‫طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت‬
‫تقيمها كسرتها وكسرها طلقها ‪.‬‬
‫‪‬وهذا الحديث يرشدنا إلى ثلثة أمور رئيسية وهي‪:‬‬
‫المر الول‪ :‬أن الوصية بالنساء واجبة لن قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم " استوصوا " أمر ‪ ،‬والمر يقتضي الوجوب‪ ،‬ما لم ترد قرينة‬
‫تصرفه عن ذلك‪.‬‬
‫المر الثاني‪ :‬بيان قصور النساء عن الرجال ‪ ،‬واختلف بعض‬
‫طبائعهن عن طبائع الرجال‪.‬‬
‫المر الثالث‪ :‬الصبر على النساء وتحمل الذى منهن ‪ ،‬والستمتاع‬
‫بهن على عوجهن‪.‬‬
‫ول شك أن في هذا الحديث قاعدة أساسية في معاملة النساء‪،‬‬
‫والوصية بهن‪ ،‬عند الصحابة رضوان الله عليهم‪ -‬ومن تبعهم من‬
‫الرجال في كل عصر‪ ،‬وما دام هذا الدين قائما ‪ ،‬فإن النسان إذا‬
‫ض الطرف عن زلت النساء وأراد أن يحاسبها على كل ما‬ ‫لم يغ ّ‬
‫يصدر منها أفضى ذلك إلى كسرها وكسرها طلقها كما بينته‬
‫السنة الصحيحة في حديث مسلم التي ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 164‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬ان المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على‬
‫طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج وإن ذهبت‬
‫تقيمها كسرتها وكسرها طلقها ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه ‪ ‬إن من أفضل ما ُيعين على الصبر على النساء وتحمل‬
‫الذى منهن هذا‬
‫الحديث العظيم ‪ ،‬ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا رضى‬
‫صفو زوجها أحيانا ً فليتذكر‬ ‫عك ُّر َ‬
‫منها آخر ‪ ،‬فإذا صدر من المرأة ما ي ُ َ‬
‫دينها وعفتها وفضلها على النساء اللتي تنكرن للدب وانسلخن‬
‫سالة ثيابه وبها يسكن‬ ‫من الفضيلة ‪ ،‬ويتذكر أنها طّباخة طعامه َ‬
‫غ ّ‬
‫قلبه عن الحرام ‪ ،‬ففي هذا ما يكون عونا ً بعد الله تعالى في‬
‫الصبر عليهن وتحمل الذى منهن‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا‬
‫رضي منها آخر ‪.‬‬
‫‪‬معنى ] ل يفرك مؤمن مؤمنة [ _ يعني ل يبغضها _ إن كره منها‬
‫خلقا ً ل توجد امرأة إل ولها بعض المزايا‪ ،‬وفيها بعض العيوب‪ ،‬وإن‬
‫من التمس امرأة كاملة من جميع النواحي‪ ،‬فقد التمس محا ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وهب الله هذه حظا ً من الجمال وإن كان في خلقها شيء‪ ،‬ووهب‬
‫هذه حظا ً من الخلق وإن كان في جمالها شيء‪ ،‬وفاوت بين هذه‬
‫الحظوظ والقسام كما قضت بذلك مشيئته )وربك يخلق ما يشاء‬
‫ويختار ما كان لهم الخيرة( )القصص‪(68 /‬‬
‫‪‬هذه حقيقة من عرفها استراح وأراح‪ ،‬وأمكنه أن يغض عن‬
‫العيوب المحتملة بجانب المزايا‪ ،‬وأن يغفر بعض نواحي الضعف لما‬
‫يجبرها من نواحي القوة‪ ،‬وهذا هو معنى قوله )ص(‪" :‬إن كره منها‬
‫خلقا ً رضي منها غيره" وفي ذلك يقول القرآن الكريم‪:‬‬
‫)وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ً‬
‫ويجعل الله فيه خيرا ً كثيرًا( )النساء‪(19 /‬‬
‫طرةً في تحمل الذى من الزوجة‬ ‫]*[ وهآنذا أسوق لك قصصا ً َ‬
‫ع ِ‬
‫ة حسنة إن شاء الله تعالى في الدنيا‬ ‫وأنه سيكون له عاقب ً‬
‫ً‬
‫والخرة ‪ ،‬أسوقها لك لعلها تجد لك في سمعك مسمعا وفي قلبك‬
‫موقعا ً عسى الله أن ينفعك بها ويفقك إلى تنفيذها ‪:‬‬
‫‪‬القصة الولى ‪:‬‬
‫قد روي أن رجل ً جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو خلق زوجته‬
‫فوقف على باب عمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل‬
‫عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت ل يرد عليها فانصرف الرجل‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 165‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫راجعا ً وقال ‪ :‬إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلبته وهو أمير‬
‫المؤمنين فكيف حالي ؟ فخرج عمر فرآه موليا ً عن بابه فناداه‬
‫وقال ما حاجتك يا رجل فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك‬
‫سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت‬
‫وقلت‪ :‬إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي فقال‪:‬‬
‫عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنها طّباخة لطعامي‬
‫ضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب‬ ‫مْر ِ‬
‫سالة لثيابي ُ‬ ‫خّبازة لخبزي غ ّ‬
‫عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك‪ .‬فقال‬
‫الرجل‪ :‬يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر‪ :‬فاحتملها يا‬
‫أخي فإنما هي مدة يسيرة ‪.‬‬
‫‪‬القصة الثانية ‪:‬‬
‫حكي أن بعض الصالحين كان له أخ في الله وكان من الصالحين ‪،‬‬
‫وكان يزوره في كل سنة مرة فجاء لزيارته فطرق الباب فقالت‬
‫امرأته من ؟ فقال أخو زوجك في الله جئت لزيارته ‪ ،‬فقالت راح‬
‫عل به وفعل وجعلت تذمذم عليه ‪،‬‬ ‫ف َ‬‫مه و َ‬‫سل َ َ‬
‫يحتطب ل َردَهُ الله ول َ‬
‫فبينما هو واقف على الباب وإذا بأخيه قد أقبل من نحو الجبل‬
‫وقد حمل حزمة الحطب على ظهر أسد وهو يسوقه بين يديه فجاء‬
‫فسلم على أخيه ورحب به ودخل المنزل وأدخل الحطب وقال‬
‫للسد اذهب بارك الله فيك ثم أدخل أخاه والمرأة على حالها‬
‫تذمذم وتأخذ بلسانها وزوجها ل يرد عليها فأكل مع أخيه شيئا ثم‬
‫ودعه وانصرف وهو متعجب من صبر أخيه على تلك المرأة‬
‫‪ ‬قال فلما كان العام الثاني جاء أخوه لزيارته على عادته فطرق‬
‫الباب فقالت امرأته ‪ :‬من بالباب ؟ قال أخو زوجك فلن في الله ‪،‬‬
‫فقالت مرحبا بك وأهل وسهل اجلس فإنه سيأتي إن شاء الله بخير‬
‫وعافية ‪ ،‬قال فتعجب من لطف كلمها وأدبها ‪ ،‬إذ جاء أخوه وهو‬
‫يحمل الحطب على ظهره فتعجب أيضا لذلك فجاء فسلم عليه‬
‫ودخل الدار وأدخله وأحضرت المرأة طعاما لهما وجعلت تدعو لهما‬
‫بكلم لطيف ‪ ،‬فلما أراد أن يفارقه قال يا أخي أخبرني عما أريد‬
‫أن أسألك عنه ؟ قال وما هو يا أخي ؟ قال عام أول أتيتك‬
‫فسمعت كلم امرأة بذيئة اللسان قليلة الدب تذم كثيرا ورأيتك قد‬
‫أتيت من نحو الجبل والحطب على ظهر السد وهو مسخر بين‬
‫يديك ؟ ورأيت العام كلم المرأة لطيفا ل تذمذم ورأيتك قد أتيت‬
‫بالحطب على ظهرك فما السبب قال يا أخي توفيت تلك المرأة‬
‫الشرسة وكنت صابرا على خلقها وما يبدو منها كنت معها في‬
‫تعب وأنا أحتملها فكأن الله قد سخر لي السد الذي رأيت يحمل‬
‫عني الحطب بصبري عليها واحتمالي لها فلما توفيت تزوجت هذه‬
‫المرأة الصالحة وأنا في راحة معها فانقطع عني السد فاحتجت‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 166‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أن أحمل الحطب على ظهري لجل راحتي مع هذه المرأة المباركة‬
‫الطائعة فنسأل الله أن يرزقنا الصبر على ما يحب ويرضى إنه‬
‫جواد كريم ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (10‬النهي عن التماس عثرات النساء ‪:‬‬
‫اعلموا‪ -‬رحمنا الله وإياكم‪:-‬‬
‫أن في التماس عثرات النساء وتتبع زلتهن هدم للحياة الزوجية ‪،‬‬
‫فالمرأة خلقت من ضلع أعوج ‪ ،‬كما قال الصادق المصدوق صلى‬
‫الله عليه وسلم فل شك أن عثراتها وزلتها أكثر من الرجل ‪ ،‬وتتبع‬
‫مثل هذه العثرات والزلت يوغر صدر الزوج عليها شيئا ً فشيئا ً ‪،‬‬
‫حتى يؤدى به ذلك إلى طلقها‪.‬‬
‫وقد نهينا عن تتبع زلت النساء ‪ ،‬والتماس عثراتهن ‪ ،‬أو تخوينهن ‪،‬‬
‫ولذا نهى نهى رسول الله ‪ r‬أن يطرق الرجل أهله ليل يتخونهم أو‬
‫يلتمس عثراتهم‬
‫)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (‬
‫قال ‪ :‬نهى رسول الله ‪ r‬أن يطرق الرجل أهله ليل يتخونهم أو‬
‫يلتمس عثراتهم ‪.‬‬
‫وكذلك فطرقه لها ليل ً يكون مظنة رؤية ما ل يستحب له رؤيته‬
‫منهم ‪ ،‬ففيه من تخونهن ‪ ،‬وتلمس العثرات لهن ما يبعث إلى‬
‫نفسه استقباح بعض أمورهن ‪ ،‬أو كراهية بعض أخلقهن ‪،‬‬
‫فتضطرب بذلك حياتهما الزوجية ‪ ،‬وقد يؤدي ذلك إلى كثرة‬
‫المشاكل ‪ ،‬بل قد يصل الحد إلى الطلق‪.‬‬
‫وكذلك نهى النبي ‪ r‬عن أن يطرق الرجل أهله إذا قدم من سفره‬
‫ليل ً من أجل أن تمتشط الشعثة‪ ،‬وتستحد المغيبة‪ ،‬أي لكي تتهيأ‬
‫لزوجها بالمتشاط والتزين‪ ،‬والستحداد له ‪ ،‬فيراها في أحسن‬
‫صورة‪ ،‬وفي أجمل حلة ‪ ،‬فتبعث في نفسه السرور‪ ،‬بعد طول‬
‫التعب والرهاق الذي ناله في سفره هذا‪.‬‬
‫)حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين (‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬إذا دخلتم ليل‪ ،‬فل تدخل على أهلك‪ ،‬حتى تستحد‬
‫المغيبة ‪ ،‬وتمتشط الشعثة(‪ .‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬فعليك بالكيس الكيس(‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬ولكن من الله علينا في هذا العصر بكثير من المخترعات‬
‫علينا طرق التصال بالهل والزواج والولد ‪،‬‬ ‫التي تسهل‬
‫كالهاتف‪ ،‬والبرق ‪ ،‬والتلكس ‪ ،‬فإذا استطاع الرجل إخبار أهله‬
‫بموعد قدومه من الليل ‪ ،‬فل مانع من أن يطرقهم في هذا الوقت‬
‫من الليل ‪ ،‬لنه قد زالت علة النهي بالتصال بهم ‪ ،‬وإخبارهم‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 167‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫بموعد القدوم ‪ ،‬فليس في طرقهم في هذا الوقت ما يجعله تخونا ً‬
‫لهم‪ ،‬أو التماسا ً لعثراتهم‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (11‬أن يعين الزوجة في أمور الدنيا والخرة ‪:‬‬
‫) حديث السود بن يزيد الثابت في صحيح البخاري ( قال ‪:‬سألت‬
‫عائشة رضي الله عنها‪ :‬ما كان النبي ‪ r‬يصنع في البيت؟ قالت‪:‬‬
‫كان يكون في مهنة أهله‪ ،‬تعني خدمة أهله‪ ،‬فإذا حضرت الصلة‬
‫خرج إلى الصلة‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت‪:‬كان النبي يصلي‬
‫وأنا راقدة‪ ،‬معترضة على فراشه‪ ،‬فإذا أراد أن يوتر أيقظني‬
‫فأوترت‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت‪ :‬كان النبي إذا دخل‬
‫العشر شد مئزره‪ ،‬وأحيا ل َي َْله‪ ،‬وأيقظ أهله‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬

‫)‪ (12‬أن يحفظها ويصونها عن كل ما يخدش دينها وشرفها ‪:‬‬


‫ومن حق المرأة على الرجل أن يحفظها ويصونها من كل ما‬
‫يخدش دينها وشرفها فيمنعها من السفور والتبرج ويحول بينها‬
‫وبين الختلط بغير محارمها من الرجال لنه هو الراعي الذي‬
‫سوف ُيسأل أمام الله تعالى عن رعيته‪.‬‬
‫)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪) :‬كلكم راع ومسئول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع وهو مسئول‬
‫عن رعيته‪ ،‬والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة‬
‫في بيت زوجها راعية‪ ،‬وهي مسئولة عن رعيتها‪ ،‬والخادم في مال‬
‫سيده راع وهو مسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن‬
‫رعيته(‪.‬‬
‫) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن الله‬
‫تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى‬
‫يسأل الرجل عن أهل بيته ‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫غْيرة عليها ‪:‬‬ ‫)‪ (13‬ال َ‬
‫من أبرز حقوق الزوجة وواجبات الزوج أن يصون كرامتها ويحفظ‬
‫غار عليها‪.‬‬‫عْرضها‪ ،‬وي َ َ‬‫ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 168‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫غيرةً على زوجاتهن‬ ‫ومن المؤسف أن بعض حيوانات الغابة أكثر ِ‬
‫من بعض الرجال‪ ،‬فتراه يطلق العنان لزوجته تختلط مع الرجال‬
‫وتحادثهم‪ ،‬وتذهب للسواق وحدها‪ ،‬وقد تركب مع السائق وحده‪،‬‬
‫‪‬‬
‫‪‬عن علي )رضي الله عنه( قال‪ " :‬بلغني أن نسائكم يزاحمن‬
‫العلوج في السواق‪ ،‬أل تستحون؟ أل تغارون ؟ يترك أحدكم امرأته‬
‫تخرج بين الرجال "‪ .‬المغني‬
‫وإذا كان الحمو هو الموت كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله‬
‫عليه وسلم كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إياكم و‬
‫الدخول على النساء قالوا ‪ :‬يا رسول الّله أرأيت الحمو قال ‪:‬‬
‫الحمو الموت أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في‬
‫الستقباح والمفسدة فهو ‌‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير‪:‬‬
‫) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه‬
‫المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء‬
‫‪،‬وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر‬
‫العلة والقصد به غير ذوات المحارم ‪ ،‬ذكر الغزالي أن راهبا ً من‬
‫بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما‬
‫زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها‬
‫فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها‬
‫ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه‬
‫وحصروه فقال له الشيطان ‪ :‬اسجد لي تنج فسجد له ‪ ،‬فانظر‬
‫إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية‬
‫وجعلها عنده‬
‫)قالوا ‪ :‬يا رسول الّله أرأيت الحمو قال ‪ :‬الحمو الموت(‬
‫والحمو أخو الزوج وقريبه ‪ ،‬الحمو الموت ‪ :‬أي دخوله على زوجة‬
‫أخيه يشبه الموت في الستقباح والمفسدة فهو ‌‬
‫محرم شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه الموت لتسامح‬
‫الناس في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من المرأة وخرج هذا مخرج‬
‫قولهم السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه وكذا دخول الحمو عليها‬
‫يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلقها عند غيرة الزوج أو‬
‫برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر‬
‫إلى التهم كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة لن موقع‬
‫امتناع الرجل من النظر بشهوة لمرأة أبيه ليس كموقعه منه لمه‬
‫هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس‬
‫الشهوانية‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 169‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬تنبيه‪:‬فإذا كان هذا مع أخ الزوج ‪ ،‬فما بالنا بمن يتركون‬
‫الرجال الجانب يدخلون على نساءهم ومحارمهم دون أن يحرك‬
‫ذلك ساكنا ً فيهم من شعور بالغيرة على أعراضهم ومحارمهم ‪،‬‬
‫مدعين بذلك العفة لدى الجنسين ‪ ،‬وأقول ‪ :‬والله إنه ضعف في‬
‫الدين ‪ ،‬وقلة حيلة لدى أولئك المساكين ‪.‬‬
‫ولهذا قال تعالى محذرا ً من الدخول على النساء ‪ ) :‬وإذا‬
‫سألتموهن متاعا ً‬
‫فسألوهن من وراء حجاب ( ثم ذكر المولى جل وعل الحكمة‬
‫البالغة من ذلك فقال ‪ ) :‬ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن (‬
‫] الحزاب ‪ ، [ 53‬وحّرم السلم على المرأة أن تخرج أمام الرجال‬
‫الجانب وهي متخذة زينتها لما في ذلك من جنوح إلى الذنب‬
‫والمعصية ‪ ،‬وإقبال على الفاحشة والرذيلة ‪ ،‬واستمالة ضعاف‬
‫النفوس واليمان والتقوى للنجراف في بحر الفاحشة ‪ ،‬والوقوع‬
‫في براثن الزانيات العاهرات الداعيات إلى البعد عن عالم الخفيات‬
‫فاطر الرض والسموات ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ء‬
‫و آَبآ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫و آَبآ َئ ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫عولت ِ ِ‬ ‫ن إ ِل ّ ل ِب ُ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ن َِ‬ ‫دي َ‬ ‫ول َ ي ُب ْ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫عول َت ِ‬ ‫َ‬ ‫و أ َب َْنآئ ِ‬ ‫َ‬ ‫عول َت ِ‬
‫ه ّ‬ ‫وان ِ ِ‬ ‫خ َ‬‫ي إِ ْ‬ ‫و ب َن ِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬‫ِ‬ ‫وان ِ‬‫خ َ‬ ‫و إِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫ء بُ ُ‬ ‫و أب َْنآ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫بُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫غي ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫عي َ‬ ‫و الّتاب ِ ِ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫مان ُ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫سآئ ِ َ ِ‬ ‫و نِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وات ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫و ب َِني أ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫وَرا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫هُروا ْ َ‬ ‫م ي َظْ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫و الطّ ْ‬ ‫لأ ِ‬ ‫جا ِ‬
‫َ‬
‫ن الّر َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫وِلي ال ِْرب َ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫وا ْ إ َِلى‬ ‫وُتوب ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت ِ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن ل ِي ُ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫جل ِ ِ‬‫ن ب ِأْر ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬ ‫ء َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫الن ّ َ‬
‫َ‬
‫ن( ]سورة‪ :‬النور ‪ -‬الية‪:‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ال ْ ُ‬ ‫ميعا ً أي ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫‪[31‬‬
‫عا من شيم النفوس‬ ‫غي َْرة المباحة شر ً‬ ‫ن ال َ‬ ‫‪‬تنبيه‪ : ‬إ ّ‬
‫الكريمة ‪،‬ولكن منها ما هو محمود وما هو مذموم وهاك فصل‬
‫الخطاب في موضوع الغيرة وبيان المحمود والمذموم منها‪:‬‬
‫كبه الله في العبد من قوة روحية تحمي‬ ‫غي َْرة هي‪ :‬ما ر ّ‬ ‫‪‬وال َ‬
‫المحارم والشرف والعفاف من كل مجرم وغادر‪ ،‬والغيرة في‬
‫السلم خلق محمود‪ ،‬وجهاد مشروع؛‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزني‬
‫يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرا ً ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله ‪.‬‬
‫]*[ الغيرة صفة من صفات الله عز وجل ‪:‬‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 170‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫يا أمة محمد ما أحد أغير من الله أن يرى عبده أو أمته تزني يا أمة‬
‫محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرا ً ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬إن الله يغار وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله ‪.‬‬
‫]*[ فالمسلم يحب زوجته ‪ ،‬ويتمنى لها الخير والصلح ‪ ،‬ويكره لها‬
‫الفحش والمجون ‪ ،‬وكل ما يهون من رفعتها ومقدارها عنده ‪،‬‬
‫فغيرة الزوج على زوجته من اليمان ‪ ،‬وبها تسعد وتفخر كل زوجة‬
‫مسلمة ‪ ،‬فالغيرة المعتدلة شيء مطلوب ومهم ‪ ،‬ومن ل يغار على‬
‫أهله فهو ديوث ومطرود من رحمة الله تعالى ‪ ،‬فغيرة الرجل على‬
‫أهله أن يأتين ما حرم الله أو يخلون مع غير ذي محرم ‪ ،‬أو يتحدثن‬
‫مع أحد بخضوع في القول ‪ ..‬واجبة لحماية شرفه وصيانة عرضه ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫)إن الله يغار‪ ،‬وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله(‪.‬‬
‫والرجل الذي ل يغار على أهله ‪ ،‬ول يغضب إذا رأى زوجته‬
‫متبرجة ‪ ،‬أو رآها وهي تحدث الرجال في ميوعة أو خضوع فإنه‬
‫ديوث يقبل الفحش والسوء على أهله ‪،‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ثلثة قد حرم الله عليهم الجنة ‪ :‬مدمن الخمر و‬
‫خبث ‪.‬‬ ‫ه ال َ‬
‫العاق و الديوث الذي ُيقّر في أهل ِ‬
‫]*[ من مواقف الغيورين‪:‬‬
‫]*[ غيرة النبي ‪ r‬على النساء ‪:‬‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت ‪:‬‬
‫دخل علي رسول الله ‪ r‬وعندي رجل قاعد فاشتد ذلك عليه ورأيت‬
‫الغضب في وجهه ‪ .‬قالت ‪ :‬فقلت ‪ :‬يا رسول الله إنه أخي من‬
‫الرضاعة ‪ .‬قالت ‪ :‬فقال ‪ :‬انظرن إخوتكن من الرضاعة فإنما‬
‫الرضاعة من المجاعة ‪.‬‬
‫]*[ غيرة داود‪: ‬‬
‫كان داود ‪ u‬فيه غيرة شديدة فكان إذا خرج أغلق البواب فلم‬
‫يدخل على أهله أحد حتى يرجع ‪ .‬قال ‪ :‬فخرج ذات يوم وغلقت‬
‫الدار ‪ ،‬فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار فإذا رجل قائم وسط الدار ‪.‬‬
‫فقالت لمن في البيت ‪ :‬من أين دخل هذا الرجل والدار مغلقة ؟‬
‫والله لنفتضحن بداود ‪ .‬فجاء داود فإذا الرجل قائم في وسط الدار‬
‫‪ ،‬فقال له داود ‪ :‬من أنت ؟ قال ‪ :‬أنا الذي ل أهاب الملوك ول أمنع‬
‫من الحجاب ‪ .‬فقال داود ‪ :‬أنت والله إذن ملك الموت ‪ ،‬مرحبا ً بأمر‬
‫الله ‪ ،‬ثم مكث حتى قبضت ‪ .‬البداية والنهاية ج‪ 2 :‬ص‪17 :‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 171‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ في قصة موسى ‪ ‬مع المرأتين ‪:‬‬
‫روى ابن جرير بإسناده عن ابن عباس قال ‪  :‬قالت إحداهما يا‬
‫أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي المين ‪ . ‬قال ‪:‬‬
‫فأحفظته الغيرة أن قال ‪ :‬ل ‪ ،‬وما يدريك ما قوته وأمانته ؟ قالت ‪:‬‬
‫أما قوته فما رأيت منه حين سقى لنا لم أر رجل ً قط أقوى في‬
‫ذلك السقي منه ‪ ،‬وأما أمانته فإنه نظر حين أقبلت إليه وشخصت‬
‫له فلما علم أني امرأة صوب رأسه فلم يرفعه ولم ينظر إلي حتى‬
‫بلغته رسالتك ‪ ،‬ثم قال امشي خلفي وانعتي لي الطريق ولم‬
‫يفعل ذلك إل وهو أمين ‪ .‬فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي‬
‫قالت ‪ .‬تفسير الطبري ج‪ 20 :‬ص‪63 :‬‬
‫]*[ غيرة الصديق رضي الله عنه‪:‬‬
‫)حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في‬
‫صحيح مسلم ( أن نفرا ً من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت‬
‫عميس رضي الله عنها ‪ ،‬فدخل أبو بكر الصديق‪ ‬وهي تحته يومئذ‬
‫فرآهم فكره ذلك ‪ .‬فذكر ذلك لرسول الله ‪ r‬وقال لم أر إل خيرا ً ‪.‬‬
‫فقال رسول الله ‪ : r‬إن الله قد برأها من ذلك ‪ .‬ثم قام رسول‬
‫الله ‪ r‬على المنبر فقال ‪ :‬ل يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة‬
‫إل ومعه رجل أو اثنان ‪.‬‬
‫]*[ غيرة الفاروق رضي الله عنه ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬بينا أنا نائم رأيتني في الجنة‪ ،‬فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب‬
‫قصر‪ ،‬فقلت‪ :‬لمن هذا القصر؟ فقالوا‪ :‬لعمر بن الخطاب‪ ،‬فذكرت‬
‫غيرته‪ ،‬فوليت مدبرا(‪ .‬فبكى عمر وقال‪ :‬أعليك أغار يا رسول الله‪.‬‬
‫]*[ غيرة سعد بن عبادة رضي الله عنه‪:‬‬
‫)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال ‪ :‬لو رأيت‬
‫ح‪ ،‬فبلغ ذلك النبي‬ ‫ف ٍ‬‫ص ّ‬‫م ْ‬ ‫غي َْر ُ‬‫ف َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ه ِبال ّ‬‫ضَرب ْت ُ ُ‬‫رجل ً مع امرأتي ل َ َ‬
‫فقال‪ ) :‬أتعجبون من غيرة سعد‪ ،‬لنا أغَير منه‪ ،‬والله أغَير مني (‪.‬‬
‫)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم‬
‫ح أي ل‬ ‫ص ّ‬
‫ف ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ح( ‪ :‬صفح السيف أي عرضه ‪ ،‬ومعنى َ‬
‫غي َْر ُ‬ ‫ص ّ‬
‫ف ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫) َ‬
‫غي َْر ُ‬
‫ده ‪.‬‬‫أضربه بعرض السيف بل بح ّ‬
‫]*[ وقد قرر شيخ السلم ابن تيمية في مجموع الفتاوى ] ‪/ 6‬‬
‫‪ [ 120‬اتصاف الله تعالى بهذه الصفة ‪ ،‬والدلة على ذلك ‪ ،‬وأنها‬
‫صفة كمال ‪ ،‬كما رد على من زعم أنها انفعالت نفسية ‪.‬‬
‫)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال ‪ :‬لو رأيت‬
‫ح‪ ،‬فبلغ ذلك النبي‬ ‫ف ٍ‬‫ص ّ‬‫م ْ‬ ‫غي َْر ُ‬‫ف َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ه ِبال ّ‬‫ضَرب ْت ُ ُ‬‫رجل ً مع امرأتي ل َ َ‬
‫فقال‪ ) :‬أتعجبون من غيرة سعد‪ ،‬لنا أغَير منه‪ ،‬والله أغَير مني (‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 172‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم ‪.‬‬
‫ح أي ل‬ ‫ف ٍ‬‫ص ّ‬
‫م ْ‬ ‫ح( ‪ :‬صفح السيف أي عرضه ‪ ،‬ومعنى َ‬
‫غي َْر ُ‬ ‫ص ّ‬
‫ف ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫) َ‬
‫غي َْر ُ‬
‫ده ‪.‬‬
‫أضربه بعرض السيف بل بح ّ‬
‫غيرة ‪:‬‬
‫]*[ أنواع ال َ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪) :‬من الغيرة ما يحبه الله‪ ،‬ومنها ما يكره الله‪ ،‬فأ ّ‬
‫ما ما‬
‫ب الله فالغيرة في الريبة وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة(‬ ‫يح ّ‬
‫فالغيرة في الريبة ‪ :‬أي‪ :‬في مواطن الشك‪.‬‬
‫]*[ عن علي بن أبي طالب قال ‪ :‬الغيرة غيرتان غيرة حسنة جميلة‬
‫يصلح بها الرجل أهله ‪ ،‬وغيرة تدخله النار تحمله على القتل‬
‫فيقتل ‪ .‬رواه الضياء المقدسي في الحاديث المختارة ج‪ 2 :‬ص‪:‬‬
‫‪ 226‬وقال ‪ :‬إسناده صحيح ‪.‬‬
‫]*[ قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ :‬فالغيرة المحبوبة هي ما وافقت‬
‫غيرة الله تعالى وهذه الغيرة هي أن تنتهك محارم الله وهي أن‬
‫تؤتى الفواحش الباطنة والظاهرة ‪ .‬لكن غيرة العبد الخاصة هي‬
‫من أن يشركه الغير في أهله فغيرته من فاحشة أهله ليست‬
‫كغيرته من زنا الغير لن هذا يتعلق به وذاك ل يتعلق به إل من جهة‬
‫بغضه لمبغضة الله ولهذا كانت الغيرة الواجبة عليه هي في غيرته‬
‫على أهله وأعظم ذلك امرأته ثم أقاربه ومن هو تحت طاعته ‪،‬‬
‫ولهذا كان له إذا زنت أن يلعنها لما عليه في ذلك من الضرر‬
‫بخلف ما إذا زنا غير امرأته ‪ ،‬ولهذا يحد قاذف المرأة التي لم‬
‫يكمل عقلها ودينها إذا كان زوجها محصنا ً في أحد القولين وهو‬
‫إحدى الروايتين عن أحمد ‪.‬اهـ‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬ويجب على المسلم أن ل يغار على زوجته إل في‬
‫موطن يستحق‬
‫الغيرة ‪-‬وكذا الزوجة بدللة الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن‬
‫ما ما‬‫النبي ‪ r‬قال ‪) :‬من الغيرة ما يحبه الله‪ ،‬ومنها ما يكره الله‪ ،‬فأ ّ‬
‫ب الله فالغيرة في الريبة وأما ما يكره فالغيرة في غير ريبة(‬ ‫يح ّ‬
‫فالغيرة في الريبة ‪ :‬أي‪ :‬في مواطن الشك‪.‬‬
‫فأنت أيها الزوج المسلم قد اخترت زوجتك على أساس الدين كما‬
‫أمر الشرع فهي بإذن الله مسلمة مؤمنة عفيفة ‪ ،‬ولم يرد منها ما‬
‫يستدعي ذلك الشك وتلك الغيرة الحمقاء ‪ ،‬فل تعذب نفسك ول‬
‫تعذبها معك ‪..‬‬
‫ن حسن العشرة وأسباب السعادة ل تكون إل في اللين‬ ‫علم أ ّ‬ ‫وقد ُ‬
‫والبعد عن الظنون والوهام التي ل أساس لها‪ ،‬إن الغيرة قد‬
‫ن‪ ..‬يحمله على تأويل الكلم‬ ‫تذهب ببعض الناس إلى سوء ظ ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 173‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والشك في التصرفات‪ ،‬مما ينغص العيش ويقلق البال من غير‬
‫مستند صحيح‪.‬‬
‫‪‬ويجب على كل زوجين أن يبتعدا عن مواطن‬
‫الشبهات‪. ‬‬
‫)لحديث النعمان بن بشير الثابت في الصحيحين( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬الحلل بين و الحرام بين و بينهما مشبهات ل يعلمهن كثيٌر‬
‫من الناس فمن اتقى المشبهات استبرأ لدينه و عرضه و من وقع‬
‫ع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه أل و إن‬ ‫في الشبهات كرا ٍ‬
‫لكل ملك حمى أل و إن حمى الله تعالى في أرضه محارمه أل و إن‬
‫في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله و إذا فسدت فسد‬
‫الجسد كله أل و هي القلب ‪‌ .‬‬
‫ولذا يجب على المسلم أن يبتعد عن دور اللهو والفساد ‪ ،‬فيراه‬
‫الله حيث أمره ‪ ،‬ويفتقده حيث نهاه‪.‬‬
‫ت بالفضائل ‪،‬‬ ‫والمرأة تمنع الغيرة والريبة عن زوجها إذا تحل ْ‬
‫ت بأوامر الشرع في خروجها من بيتها ‪ ،‬وفي زيها ‪ ،‬وقولها‬ ‫والتزم ْ‬
‫شَيتها ‪ ،‬وفي سائر أخلقها‪ ،‬والرجل يدفع الغيرة عن‬ ‫م ْ‬
‫‪ ،‬وفعلها ‪ ،‬و ِ‬
‫زوجته ‪ ،‬إذا تمسك بأوامر الله‪ ،‬وانتهى عن نواهيه في كل أحواله‪.‬‬
‫والغيرة المعتدلة تحفظ العلقة الزوجية ‪ ،‬وتوفر السعادة ‪،‬‬
‫ت الغيرة )وهي‬ ‫وتقضي على كثير من المشكلت‪ ،‬أما إذا اشتد ْ‬
‫الغيرة في غير ريبة( ‪ ،‬فأصبح كل من الزوجين يشك في الخر ‪،‬‬
‫ويتمنى أن يكون شرطّيا على رفيقه ‪ ،‬يراقبه في كل أعماله ‪،‬‬
‫ويسأله عن كل صغيرة وكبيرة ‪ ،‬فهذا مما يوجد أسباب الخلف‪،‬‬
‫فتكون الغيرة مدخل ً للشيطان بين الزوجين ‪ ،‬وربما أحدث الفرقة‬
‫من هذه السبيل‪ ،‬وعلى الزوجين أن يثقا في بعضهما البعض ‪ ،‬فل‬
‫يكثرا من الظن والشك ‪ ،‬فذلك وسوسة ‪ ،‬وعليه أن يطرح عن‬
‫نفسه الظن فإنه أكذب الحديث بنص السنة الصحيحة ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال )إياكم والظن‪ ،‬فإن الظن أكذب‬
‫الحديث‪ ،‬ول تحسسوا‪ ،‬ول تجسسوا‪ ،‬ول تناجشوا‪ ،‬ول تحاسدوا‪ ،‬ول‬
‫تباغضوا‪ ،‬ول تدابروا‪ ،‬وكونوا عباد الله إخوانا(‪.‬‬
‫فطَِنة هي التي تبعد الغيرة عن زوجها ‪ ،‬فل تصف رجل‬ ‫والزوجة ال َ‬
‫أمامه ‪ ،‬ول تمدحه ول تثني عليه؛ فذلك مما يسبب غيرته ‪ ،‬وضيق‬
‫صدره ‪ ،‬مما قد يدخل التعاسة بين الزوجين ‪ ،‬بل تمتدح زوجها‬
‫وتثني عليه بما فيه من خير‪ ،‬وتعترف بفضله ‪ ،‬وعلى الزوجة أن ل‬
‫تمنع زوجها من زيارة أهله بدافع الغيرة ‪ ،‬وليكن شعارها‪ :‬من أحب‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 174‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫دا أحب من يحبه‪ .‬وهذا يساعد على استقرار الحياة الزوجية‬ ‫أح ً‬
‫ودوام المودة والقربى‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (14‬أن يعلمها الخير ويأمرها به ول سيما الضروري من أمور‬
‫دينها‪:‬‬
‫ومن حق المرأة على الرجل أن يعلمها الخير ويأمرها به ول سيما‬
‫الضروري من أمور دينها وليضع نصب عينيه أن حاجة المرأة‬
‫لصلح دينها ل يقل أهمية عن حاجتها للطعام والشراب ‪ ،‬فل‬
‫ينظر للمرأة على أنها مجرد خادم بالنهار وفراش بالليل ‪ ،‬فيجب‬
‫عليه تعليمها العلم الشرعي وما تحتاج إليه من أمور العبادات‬
‫وحثها وتشجيعها على ذلك‪،‬‬
‫ك‬‫سأ َل ُ َ‬‫ها ل َ ن َ ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫صطَب ِْر َ‬ ‫وٱ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ٰو ِ‬ ‫ك ب ِٱل ّ‬ ‫هل َ َ‬ ‫مْر أ َ ْ‬ ‫وأ ُ‬
‫قال الله تعالى‪ْ } :‬‬
‫َ‬
‫و ٰى{ ]طه‪.[132:‬‬ ‫ْ‬
‫ق‬
‫َ ِ َ ِ ّ َ‬ ‫ت‬ ‫لل‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫ٰ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫و‬
‫ك َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ن َْرُز ُ‬‫ح ُ‬ ‫رْزقا ً ن ّ ْ‬ ‫ِ‬
‫]*[ قال الطبري رحمه الله ‪:‬‬
‫"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم‪ :‬وأمر ـ يا‬
‫محمد ـ أهلك بالصلة واصطبر عليها‪ ،‬يقول‪ :‬واصطبر على القيام‬
‫بها وأدائها بحدودها أنت"‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن كثير رحمه الله ‪" :‬وأمر أهلك بالصلة‪ ،‬واصطبر‬
‫عليها أي‪ :‬استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلة‪ ،‬واصبر أنت على‬
‫فعلها"‪.‬‬
‫م َنارا ً‬ ‫هِليك ُ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬‫م َ‬‫سك ُ ْ‬ ‫قوا ْ َأن ُ‬
‫ف َ‬ ‫مُنوا ْ ُ‬ ‫ن ءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ٱل ّ ِ‬
‫َ‬
‫وقال تعالى‪ٰ } :‬يأي ّ َ‬
‫ن ٱلل ّ َ‬
‫ه‬ ‫صو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫دادٌ ل ّ ي َ ْ‬ ‫ش َ‬‫ظ ِ‬ ‫غل َ ٌ‬ ‫ة ِ‬ ‫مَلـئ ِك َ ٌ‬
‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫جاَرةُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫و ٱل ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ها ٱلّنا ُ‬ ‫قودُ َ‬ ‫و ُ‬‫َ‬
‫ن{ ]التحريم‪.[6:‬‬ ‫رو‬ ‫م‬ ‫ْ‬
‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫َ َ ُ َ ُ‬ ‫َ َ ُ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫]*[ قال الطبري رحمه الله ‪:‬‬
‫م َنارًا{ يقول‪ :‬وعلموا أهليكم من العمل بطاعة‬ ‫هِليك ُ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫"قوله‪َ } :‬‬
‫الله ما يقون به أنفسهم من النار"‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن سعدي رحمه الله ‪:‬‬
‫م َنارًا{ موصوفة بهذه الوصاف‬ ‫هِليك ُ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫قوا ْ َأن ُ‬ ‫"قوله‪ُ } :‬‬
‫الفظيعة‪ .‬ووقاية النفس بإلزامها أمر الله امتثال‪ ،‬ونهيه اجتنابا‪،‬‬
‫والتوبة عما يسخط الله‪ ،‬ويوجب العذاب‪ .‬ووقاية الهل والولد‬
‫بتأديبهم وتعليمهم وإجبارهم على أمر الله‪ .‬فل يسلم العبد إل إذا‬
‫قام بما أمر الله به في نفسه وفيمن تحت وليته وتصرفه"‪.‬‬
‫ك‬ ‫سأ َل ُ َ‬‫ها ل َ ن َ ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫صطَب ِْر َ‬ ‫وٱ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ٰو ِ‬ ‫ك ب ِٱل ّ‬ ‫هل َ َ‬ ‫مْر أ َ ْ‬ ‫وأ ُ‬
‫قال الله تعالى‪ْ } :‬‬
‫َ‬
‫و ٰى{ ]طه‪.[132:‬‬ ‫ق‬ ‫ْ‬
‫َ ِ َ ِ ّ َ‬ ‫ت‬ ‫لل‬ ‫ة‬ ‫ُ‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫ٰ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ٱ‬ ‫و‬‫ك َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ن َْرُز ُ‬‫ح ُ‬ ‫رْزقا ً ن ّ ْ‬ ‫ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 175‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال الطبري رحمه الله ‪:‬‬
‫"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم‪ :‬وأمر ـ يا‬
‫محمد ـ أهلك بالصلة واصطبر عليها‪ ،‬يقول‪ :‬واصطبر على القيام‬
‫بها وأدائها بحدودها أنت"‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن كثير رحمه الله ‪" :‬وأمر أهلك بالصلة‪ ،‬واصطبر‬
‫عليها أي‪ :‬استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلة‪ ،‬واصبر أنت على‬
‫فعلها"‪.‬‬
‫ة‬‫م ِ‬‫حك ْ َ‬‫وال ْ ِ‬‫ه َ‬‫ت الل ّ ِ‬‫ن آَيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ما ي ُت َْلى ِ‬‫ن َ‬ ‫واذْك ُْر َ‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬‬
‫]الحزاب‪[34:‬‬
‫وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها‪ ) :‬نعم‬
‫النساء نساء النصار‪ ،‬لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين (‬
‫]رواه البخاري[‪ .‬وعلى الزوج أن يتابع تعليمها القرآن الكريم‬
‫والسنة المطهرة ويشجعها ويعينها على الطاعة والعبادة‪،‬‬
‫ها ] طه‪[132:‬‬ ‫عل َي ْ َ‬‫صطَب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫هل َ َ‬
‫ك ِبال ّ‬ ‫مْر أ َ ْ‬‫وأ ُ‬
‫ْ‬
‫قال تعالى‪َ :‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫والنسائي ( أن النبي ‪ ‬قال‪ :‬رحم الله رجل ً قام من الليل‬
‫ت نضح في وجهها الماء ‪ ،‬و‬ ‫فصلى و أيقظ امرأته فصلت فإن أب ْ‬
‫جها فصلى‬ ‫رحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت و أيقظت زو َ‬
‫فإن أبى نضحت في وجهه الماء ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫ل أهله من الليل‬ ‫وابن ماجه ( أن النبي‪ ‬قال‪ :‬إذا أيقظ الرج ُ‬
‫فصليا ركعتين جميعا ً كتبا من الذاكرين الله كثيرا ً والذاكرات ‪.‬‬
‫ها‬‫قودُ َ‬ ‫م َنارا ً َ‬
‫و ُ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫هِليك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫وا ْ َأن ُ‬
‫ق َ‬ ‫مُنوا ْ ُ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫قال تعالى‪) :‬ي َأي ّ َ‬
‫ة( ]سورة‪ :‬التحريم ‪ -‬الية‪[6 :‬‬ ‫جاَر ُ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ح َ‬ ‫س َ‬‫الّنا ُ‬
‫)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪) :‬كلكم راع ومسئول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع وهو مسئول‬
‫عن رعيته‪ ،‬والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة‬
‫في بيت زوجها راعية‪ ،‬وهي مسئولة عن رعيتها‪ ،‬والخادم في مال‬
‫سيده راع وهو مسئول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن‬
‫رعيته(‪.‬‬
‫) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن الله‬
‫تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى‬
‫يسأل الرجل عن أهل بيته ‪.‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله ‪:‬‬
‫"قال العلماء‪ :‬الراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم صلح ما قام‬
‫عليه وما هو تحت نظره‪ .‬ففيه أن كل من كان تحت نظره شيء‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 176‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه‬
‫ومتعلقاته"‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪: ‬إن تعليم الزوج لزوجته الضروري من أمور دينها أهم‬
‫من النفقة والمبيت أن يعلمها الزوج أمور دينها وبخاصة إذا كانت‬
‫المرأة لم تأخذ من التعليم الشرعي ما يكفيها في أمور دينها‬
‫مل به‬‫ودنياها‪ ،‬وعلى الزوج أن يتخذ من الوسائل الشرعية ما ُيك ّ‬
‫هذا الجانب‪ ،‬والرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬كان يعلم نساءه‬
‫وج رجل ً من الصحابة امرأة على ما معه من‬ ‫أمور دينهن‪ ،‬وز ّ‬
‫القرآن‪.‬‬
‫وهذا المر تساهل فيه كثير من الزواج فالله المستعان‪.‬‬
‫]*[ قال ابن الجـوزي في أحكام النساء )‪ » : (22‬المرأة شخص‬
‫مكلف كالرجل ‪ ،‬فيجب عليها طلب علم الواجبات عليها ‪ ،‬لتكون‬
‫من أدائها على يقين‪.‬فإن لم يكن لها أب ‪ ،‬أو أخ ‪ ،‬أو زوج ‪ ،‬أو‬
‫محرم ‪ ،‬يعلمها الفرائض ‪ ،‬ويعرفها كيف تؤدي الواجبات كفاها‬
‫ذلك ‪ ،‬وإن لم تكن سألت وتعلمت ‪ ،‬فإن قدرت على امرأة تعلم‬
‫ذلك ‪ ،‬تعرفت منها ‪ ،‬وإل تعلمت من الشياخ ‪ ،‬وذوي السنان من‬
‫غير خلوة بهم ‪ ،‬وتقتصر على قدر اللزم ‪ ،‬ومتى حدثت حادثة في‬
‫دينها سألت عنها ‪ ،‬ولم تستح ‪ ،‬فإن الله ل يستحي من الحق «‬
‫ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫وقال رحمه الله في كتاب »صيد الخاطر « )‪ » : (110‬نظرت في‬
‫أحوال النساء فرأيتهن قليلت الدين ‪ ،‬عظيمات الجهل ‪ ،‬ما عندهن‬
‫من الخرة خبر ! إل من عصم الله « ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫سَرها وأل يذكر عيبها ‪:‬‬
‫شي ِ‬ ‫)‪ (15‬أل ي ُ ْ‬
‫ف ِ‬
‫أل يفشي سرها وأل يذكر عيبها إذ هو المين عليها والطالب‬
‫برعايتها والزود عنها ‪ ،‬ومن أخطر السرار أسرار الفراش ولذا‬
‫حذر النبي ‪ r‬إذاعتها ‪.‬‬
‫) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي‬
‫إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ‪.‬‬
‫) حديث أسماء بنت يزيد الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬عسى رجل يحدث بما يكون بينه و بين أهله أو عسى امرأة‬
‫تحدث بما يكون بينها و بين زوجها فل تفعلوا فإن مثل ذلك مثل‬
‫شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق فغشيها و الناس ينظرون‬
‫‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 177‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪ (16‬أن يعدل بينها وبين ضرتها ‪:‬‬
‫دد زوجها ‪ ،‬فـإن كان للرجل أكثر من‬ ‫من حقوق الزوجة التي ع ّ‬
‫زوجة وجب عليه العدل بينهن ‪ ،‬وقد علق الشارع إباحة التعدد أصل ً‬
‫مث َْنى‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬‫م ِ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫طا َ‬‫ما َ‬ ‫حوا َ‬ ‫فان ْك ِ ُ‬ ‫على العدل فقال تعالى} َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫مان ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫حدَةً أ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫دُلوا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫م أّل ت َ ْ‬ ‫فت ُ ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫وُرَبا َ‬ ‫ث َ‬ ‫وُثل َ‬ ‫َ‬
‫عولوا{)النساء‪ ، (3 :‬وقد مال كثير من المعددين وقد‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أدَْنى أل ت َ ُ‬
‫ثبت في السنة الصحيحة النكير الشديد على ذلك كما في الحديث‬
‫التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح السنن‬
‫الربعة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬من كانت له امرأتان فمال إلى‬
‫قه مائل ‪ :‬أي‬ ‫قه مائل ( معنى ش ُ‬ ‫إحداهما جاء يوم القيامة و ش ُ‬
‫أحدى جنبيه و طرفه مائل أي مفلوج ‪،‬‬
‫َ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫ء َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫دُلوا ْ ب َي ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫وا ْ أن ت َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫طي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫وَلن ت َ ْ‬ ‫والله تعالى يقول ‪َ ) :‬‬
‫حوا ْ‬ ‫صل ِ ُ‬ ‫وِإن ت ُ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ّ‬
‫عل َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫كال ُ‬ ‫ها َ‬ ‫فت َذَُرو َ‬ ‫ل َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫ل ال َ‬‫ْ‬ ‫ميُلوا ْ ك ُ ّ‬ ‫فل َ ت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صت ُ ْ‬ ‫حَر ْ‬ ‫َ‬
‫حيما( ]النساء‪[129 /‬‬ ‫ً‬ ‫فورا ّر ِ‬ ‫ً‬ ‫نغ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه كا َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫قوا َ‬ ‫ْ‬ ‫وت َت ّ ُ‬ ‫َ‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬المقصود بالعدل‪ :‬التسوية في حقوقهن التي يمكن‬
‫سم والنفقة والكسوة ‪ ،‬فيعدل‬ ‫ق ْ‬ ‫للزوج التسوية فيها بينهن ؛ من ال َ‬
‫بينهن في المأكول والمشروب والملبوس والسكنى والبيتوتة ‪،‬‬
‫وفي تهيئة مسكن لكل واحدة منهن على حدة‪ ،‬لكنه ل يطالب‬
‫بالعدل فيما ل يملك كميل القلب والمحبة ونحوها‪ ،‬لقوله‬
‫ميُلوا‬ ‫َ‬
‫فل ت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صت ُ ْ‬
‫حَر ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫دُلوا ب َي ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫عوا أ ْ‬ ‫طي ُ‬
‫ست َ ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫تعالى} َ‬
‫ة{)النساء‪ ،(129 :‬ولذلك كان رسول‬ ‫ق ِ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫كال ْ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫فت َذَُرو َ‬ ‫ل َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫كُ ّ‬
‫الله ‪ ‬يقسم بين نسائه‪ -‬أي المبيت‪ -‬فيعدل ويقول)اللهم هذا‬
‫قسمي فيما أملك فل تلمني فيما تملك ول أملك( رواه ابن حبان ‪.‬‬
‫]*[ قال المام الترمذي رحمه الله ‪ :‬فل تلمني فيما ل أملك‪ :‬يعني‬
‫الحب والمودة‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو تبرعت إحدى الزوجات بيومها إلى أخرى فهل يجوز‬
‫ذلك ؟‬
‫‪‬القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة أنه يجوز‬
‫ذلك ‪،‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كان رسول الله ‪r‬‬
‫ن خرج سهمها خرج بها معه‪،‬‬ ‫إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه‪ ،‬فأيُته ّ‬
‫ة منهن يومها وليلتها‪ ،‬غير أن سودة بنت‬ ‫م لكل امرأ ٍ‬ ‫وكان يقس ُ‬
‫زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ‪ ،‬تبتغي بذلك رضا رسول الله ‪.‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (‬
‫سك ِْني‬ ‫قِني َ‬ ‫خشَيت سودةُ أن يطلقها النبي ‪ r‬فقالت ‪) :‬ل َ ت ُطَل ّ ْ‬
‫م ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 178‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬ ‫ح َ َ‬
‫حا‬‫صل ِ َ‬‫ن يُ ْ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ه َ‬‫علي ْ ِ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ت} َ‬ ‫فن ََزل َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬‫ف َ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬‫مي ل ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر{ (‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫صل ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫صلحا َ‬‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫وكان رسول الله ‪ r‬إذا أراد السفر أقرع بين زوجاته فأيتهن خرج‬
‫سهمها خرج بها معه‪،‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كان رسول الله ‪r‬‬
‫ن خرج سهمها خرج بها معه‪،‬‬ ‫إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه‪ ،‬فأيُته ّ‬
‫ة منهن يومها وليلتها‪ ،‬غير أن سودة بنت‬ ‫م لكل امرأ ٍ‬ ‫وكان يقس ُ‬
‫زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ‪ ،‬تبتغي بذلك رضا رسول الله ‪.‬‬
‫وكان عليه الصلة والسلم يراعي العدل وهو في مرض موته‬
‫حتى أذن له زوجاته فكان في بيت عائشة‪ ،‬وكان لمعاذ بن جبل‬
‫امرأتان فإذا كان يوم هذه لم يشرب من بيت الخرى الماء‪.‬‬
‫سم ِ بين الزوجات حتى يتضح لك‬ ‫ق ْ‬ ‫وهاك صفوة المسائل في ال َ‬
‫المر وضوحا ً جليا ً ‪:‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجب على الزوج أن يساوي بين زوجاته في القسم ؟‬
‫ف( ]النساء ‪/‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬‫نعم يجب ذلك ‪ ،‬لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫‪[19‬‬
‫سم لهذه ليلة و لهذه ليلتين ‪ ،‬وحذر‬ ‫وليس من المعروف أن يق ْ‬
‫النبي ‪ r‬من الميل إلى إحدى الزوجات عن الخرى ‪،‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح السنن‬
‫الربعة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬من كانت له امرأتان فمال إلى‬
‫قه مائل ‪ :‬أي‬ ‫قه مائل ( معنى ش ُ‬ ‫إحداهما جاء يوم القيامة و ش ُ‬
‫أحدى جنبيه و طرفه مائل أي مفلوج ‪،‬‬
‫َ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫ء َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫دُلوا ْ ب َي ْ َ‬ ‫ع ِ‬‫وا ْ أن ت َ ْ‬ ‫ع َ‬
‫طي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫وَلن ت َ ْ‬ ‫والله تعالى يقول ‪َ ) :‬‬
‫حوا ْ‬ ‫صل ِ ُ‬ ‫وِإن ت ُ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ق ِ‬ ‫عل ّ َ‬‫م َ‬‫كال ْ ُ‬‫ها َ‬ ‫فت َذَُرو َ‬ ‫ل َ‬ ‫مي ْ ِ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫ميُلوا ْ ك ُ ّ‬ ‫فل َ ت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صت ُ ْ‬‫حَر ْ‬ ‫َ‬
‫حيما( ]النساء‪[129 /‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ن غفورا ّر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه كا َ‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وت َت ّقوا فإ ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫و المراد بالعدل هنا ‪ :‬في القسم و النفاق ل في المحبة لنها مما‬
‫ل يملكه (‬
‫مسألة ‪ :‬لو تبرعت إحدى الزوجات بيومها إلى أخرى فهل يجوز‬
‫ذلك ؟‬
‫‪‬القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة أنه يجوز‬
‫ذلك ‪،‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كان رسول الله ‪r‬‬
‫ن خرج سهمها خرج بها معه‪،‬‬ ‫إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه‪ ،‬فأيُته ّ‬
‫ة منهن يومها وليلتها‪ ،‬غير أن سودة بنت‬ ‫م لكل امرأ ٍ‬ ‫وكان يقس ُ‬
‫زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ‪ ،‬تبتغي بذلك رضا رسول الله ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 179‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (‬
‫سك ِْني‬ ‫قِني َ‬ ‫خشَيت سودةُ أن يطلقها النبي ‪ r‬فقالت ‪) :‬ل َ ت ُطَل ّ ْ‬
‫م ِ‬‫وأ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ح َ َ‬
‫حا‬‫صل ِ َ‬‫ن يُ ْ‬
‫ما أ ْ‬
‫ه َ‬‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ُ‬
‫جَنا َ‬ ‫فن ََزل َ ْ‬
‫ت} َ‬ ‫ل َ‬
‫ع َ‬ ‫ف َ‬
‫ف َ‬ ‫ة‪َ ،‬‬‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬
‫مي ل ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫ج َ‬‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر{ (‬
‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫صل ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫ً‬
‫صلحا َ‬‫ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬‫ب َي ْن َ ُ‬
‫مسألة ‪ :‬ما هو عماد القسم ؟‬
‫من كان عمله بالنهار ) يكون القسم بالليل (‬
‫ومن كان عمله بالليل ) يكون القسم بالنهار (‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجب القسمة للزوجة المريضة ؟‬
‫يجب على الزوج إن كان له أكثر من زوجة أن يساوي بينهن في‬
‫القسم ‪ ،‬أي في توزيع الزمن بينهن ‪ .‬فيقسم بين أزواجه بل‬
‫استثناء‪ ،‬سواء كانت مريضة أو حائضا ً أو نفساء أو غير ذلك ‪ ،‬فإن‬
‫المراد بالقسم هو حصول النس بالزوج ولو لم يحصل الوطء ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يقسم الرجل لحائض أو نفساء ؟‬
‫نعم يقسم الرجل للحائض و النفساء ‪ ،‬وإن كان ل يتمتع بالوطأ ‪،‬‬
‫سها ‪.‬‬ ‫لن القسم هو أن يأتي إليها و ينام عندها ويؤن ِ ُ‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬النفساء إذا كانت في بيت زوجها فلها القسم ‪ ،‬وأما‬
‫إذا كانت في بيت أهلها فل ُتلزمه بالقسم ول تطالبه بالقضاء على‬
‫ما فات (‬
‫مسألة ‪ :‬هل يعني القسم لزوم حصول الجماع من الزوج ؟‬
‫‪‬ول يعني القسم لزوم حصول الجماع من الزوج‪ ،‬فإن جامع بعض‬
‫أزواجه وترك بعضهم فإنه غير آثم‪ ،‬إل أن يضر ببعض أهله ‪.‬‬
‫ويحرم على الزوج أن يدخل على أحد نسائه في غير ليلتها إل‬
‫لضرورة ‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ محمد بن إبراهيم ‪ :‬إذا كانت الليلة المعينة ليلة‬
‫ضرتها فيحرم عليه أن يفعل ذلك لنه ظلم للضرة فلم يجز له إل‬
‫لضرورة ‪ .‬أما إن كان ضرورة دعت إلى أن يأتي بيتها فإن‬
‫الضرورات لها أحكامها والضرورات جنسها معروف‪ :‬كحدوث‬
‫حريق‪ ،‬أو مرض مفاجئ لها‪ ،‬أو لمن تبعها‪ ،‬وقد تكون ضرورات‬
‫دون ذلك )‪. (18‬‬
‫‪‬وأما الدخول نهارا ً على المرأة في غير ليلتها فجائز للحاجة‪،‬‬
‫لقضاء حوائج ‪ ،‬أو سؤال عن مريض ‪ ،‬أو تفقد لحوال أهل البيت ‪،‬‬
‫ونحو ذلك‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي داوود (‬
‫قالت ‪:‬‬
‫وقالت رضي الله عنها ‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ل‬
‫يفضل بعضنا على بعض في القسم من مكثه عندنا وكان قل يوم‬
‫‪ . 18‬فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم )‪(282-10/281‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 180‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إل وهو يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس‬
‫حتى يبلغ إلى التي هو يومها فيبيت عندها‪.‬‬
‫ح بأنه يجوز للزوج أن يطوف على نسائه نهارا ً‬ ‫‪‬فالحديث مصر ٌ‬
‫وأن يقبل ويفعل كل شيء إل الجماع ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو كانت امرأةٌ كبيرة في السن وقال لها زوجها إني ل‬
‫أريد أن أقسم لك ‪ ،‬فهل ُتحبين أن تبقي عندي في عصمتي بدون‬
‫قسم وإل طلقتك ‪ ،‬واختارت أن تبقى في عصمته بدون قسم ‪،‬‬
‫فهل يجوز ذلك ؟‬
‫‪‬القول الصحيح الذي دلت عليه السنة الثابتة الصحيحة أن هذا‬
‫جائز ‪:‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (‬
‫سك ِْني‬ ‫قِني َ‬ ‫خشَيت سودةُ أن يطلقها النبي ‪ r‬فقالت ‪) :‬ل َ ت ُطَل ّ ْ‬
‫م ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ح َ َ‬
‫حا‬ ‫صل ِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ُ‬
‫جَنا َ‬ ‫ت} َ‬ ‫فن ََزل َ ْ‬‫ل َ‬ ‫ع َ‬‫ف َ‬‫ف َ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬‫مي ل ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر{ (‬ ‫ح َ‬ ‫صل ُ‬‫ْ‬ ‫وال ّ‬ ‫ً‬
‫صلحا َ‬ ‫ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬‫ب َي ْن َ ُ‬
‫قرعة ؟‬ ‫مسألة ‪ :‬هل يجوز أن يبدأ بإحداهن في القسم بدون ُ‬
‫ل لها و التسوية واجبة ‪.‬‬ ‫ل يجوز إل برضاهن ‪ ،‬لن البدأ بها تفضي ٌ‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجوز أن يسافر بإحداهن بدون قرعة ؟‬
‫ل لها‬ ‫ل يجوز إل برضاهن ‪ ،‬لن السفر بإحداهن بدون قرعة تفضي ٌ‬
‫و التسوية واجبة ‪.‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كان رسول الله ‪r‬‬
‫ن خرج سهمها خرج بها معه‪،‬‬ ‫إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه‪ ،‬فأيُته ّ‬
‫ة منهن يومها وليلتها‪ ،‬غير أن سودة بنت‬ ‫م لكل امرأ ٍ‬ ‫وكان يقس ُ‬
‫زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة ‪ ،‬تبتغي بذلك رضا رسول الله ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا سافرت المرأة بغير إذن زوجها فهل لها قسم ؟‬
‫لو سافرت بغير إذنه فليس لها ) قسم ول نفقة ( لنها ناشز من‬
‫ناحية ‪ ،‬ولنها فوتت فرصة الستمتاع مختارة لذلك ‪.‬‬
‫} تنبيه { المقصود بـ) ليس لها قسم ( أي ل يلزمه القضاء إذا‬
‫رجعت من السفر لنها هي التي اختارت ذلك ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا سافرت بإذنه في حاجة خاصة بها مثل أن تزور والديها‬
‫‪ ،‬فهل لها قسم ؟‬
‫ليس لها قسم في اليام التي سافرت فيها ‪ ،‬بمعنى أنها ل تلزمه‬
‫بقضاء هذه اليام وذلك لنها اختارت ذلك بسفرها ‪ ،‬ولكن لها‬
‫النفقة ‪ ،‬لنها سافرت بإذنه ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا كان للنسان إماء كثيرة فهل يجب أن يقسم بينهن ؟‬
‫ن ‪ ،‬بل يطأ من شاء متى شاء ‪.‬‬ ‫ل يجب عليه أن يقسم بينه ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫مان ُك ُ ْ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬
‫حدَةً أ ْ‬ ‫وا ِ‬‫ف َ‬‫دُلوا ْ َ‬ ‫م أل ّ ت َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫فت ُ ْ‬‫خ ْ‬‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫عوُلوْا( )النساء ‪(3 /‬‬ ‫َ‬ ‫ذَل ِ َ َ‬
‫ى أل ّ ت َ ُ‬ ‫ك أدْن َ َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 181‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ل ذلك على أن ملك اليمين ل يجب فيه القسم وكذا أمهات‬ ‫فد ّ‬
‫الولد ل يجب القسم بينهن ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إن تزوج الرجل بكر وعنده زوجات كيف يقسم ؟‬
‫يقيم عند البكر سبعا ً ثم يقسم ‪.‬‬
‫)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬من السنة إذا تزوج‬
‫الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم‪ ،‬وإذا تزوج الثيب‬
‫على البكر أقام عندها ثلث ثم قسم‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا تزوج ثيبا ً و عنده زوجات كيف يقسم ؟‬
‫يقيم عندها ثلثة ثم يقسم ‪،‬‬
‫)حديث أنس الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬من السنة إذا تزوج‬
‫الرجل البكر على الثيب أقام عندها سبعا وقسم‪ ،‬وإذا تزوج الثيب‬
‫على البكر أقام عندها ثلث ثم قسم‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي الحكمة من الفرق بين البكر و الثيب في ذلك ؟‬
‫الحكمة في ذلك لمرين ‪:‬‬
‫) ‪ (1‬رغبة الرجل في البكر أكثر من رغبته في الثيب فأعطاه‬
‫الشارع مهلة حتى تطيب نفسه ‪.‬‬
‫) ‪ (2‬أن البكر تنفر من الرجل أكثر من نفور الثيب ‪ ،‬فجعلت هذه‬
‫المدة حتى تطمئن ول تنفر من الزوج ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬لو أحبت الزوجة الثيب أن يقيم الزوج عندها أكثر من‬
‫ثلث ‪ ،‬هل يجوز ذلك ؟‬
‫يجوز ذلك ‪ ،‬بشرط أن يقضي مثلهن لبقية الزوجات ‪ ،‬بمعنى أنه‬
‫إذا أقام عندها سبعا ً يقيم عند كل زوجة سبعا ً ‪،‬‬
‫) حديث أم سلمة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬لما‬
‫وان ‪ ،‬إن‬‫ه َ‬‫ك َ‬‫تزوجها أقام عندها ثلثا وقال ‪ :‬ليس بك على أهل ِ‬
‫ت لنسائي ‪.‬‬ ‫سبع ُ‬‫ك ّ‬‫تل ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وإن سّبع ُ‬ ‫تل ِ‬‫ت سّبع ُ‬ ‫شئ ِ‬
‫مسألة ‪ :‬ما الحكمة في أن الزوج إذا سبع للثيب سبع للباقيات ‪ ،‬مع‬
‫أن حقها ثلث فيكون الزائد على حقها أربعة أيام ؟‬
‫الحكمة أول ً ‪ :‬هي قول النبي ‪ r‬في حديث أم سلمة رضي الله‬
‫عنها ‪،‬‬
‫) حديث أم سلمة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬لما‬
‫وان ‪ ،‬إن‬ ‫ه َ‬‫ك َ‬‫تزوجها أقام عندها ثلثا وقال ‪ :‬ليس بك على أهل ِ‬
‫ت لنسائي ‪.‬‬ ‫سبع ُ‬‫ك ّ‬‫تل ِ‬ ‫ك ‪ ،‬وإن سّبع ُ‬ ‫تل ِ‬‫ت سّبع ُ‬ ‫شئ ِ‬
‫ثانيا ً ‪ :‬ولنها لما أخذت الزيادة على الخريات وكانت الخريات في‬
‫انتظار الزوج أن يأتي لهن عن قريب ‪ ،‬صار نصيبها أن حصل لها‬
‫سبع أيام ‪ ،‬ثم هي في الحقيقة ل ُتجبر على ذلك بل باختيارها فل‬
‫ظلم عليها ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 182‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬تنبيه‪:‬وقوله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ليس بك على أهلك‬
‫هوان( أي لن ينقص شيء من حقك‪ ،‬فحقك كامل غير منقوص ‪.‬‬
‫والسنة كما جاء في الحديث‪ ،‬أن الرجل يمكث عند الثيب ثلث‬
‫ليال متواليات وهذا حق لها ‪ ،‬ثم يدور على نسائه ليلة ليلة‪ ،‬أو‬
‫يمكث عندها سبع ليال متواليات‪ ،‬ثم يطوف على نسائه الخريات‬
‫سبعا ً ثم يقسم لها معهن‪ ،‬فالحق للمدخول بها إن شاءت سبعا ً‬
‫وإن شاءت ثلثًا‪ ،‬على التفصيل السابق‪ .‬وإن كان المدخول بها‬
‫بكرا ً فإن الرجل يمكث عندها سبع ليال متوالية بل قضاء‪ ،‬ثم‬
‫يقسم‪ ،‬وهو حق البكر ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬إذا مرض الرجل هل يسقط القسم ؟‬
‫‪‬إذا مرض الزوج فإن مرضه ل يسقط القسم‪ ،‬فيدور على نسائه‪،‬‬
‫ن له‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ول يمكث عند إحداهن إل إذا أِذ ّ‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري ( أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات‬
‫فيه يقول‪ ) :‬أين أنا غدا ً ؟ أين أنا غدا ً ؟ ( يريد يوم عائشة ‪ .‬فأذن‬
‫له أزواجه يكون حيث شاء‪ ،‬فكان في بيت عائشة حتى مات عندها‪.‬‬
‫‪‬فانظر رعاك الله ‪ ،‬إلى عدله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه‬
‫حتى في حال مرضه ‪ ،‬مما يدل على أن الزوج مطالب ببذل الجهد‬
‫في تحقيق العدل بين زوجاته ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (17‬أن يتعاهدها بالهدايا التي تجلب المحبة ‪:‬‬
‫فالهدية لها أثٌر بالغ في تحقيق السعادة ودوام المحبة واللفة ‪،‬‬
‫إن الهدية تذهب السخيمة‪ ،‬وتزيل البغضاء‪ ،‬ومهما كانت الهدية‬
‫بسيطة ويسيرة فإن لها من الثار النفسية ما يصعب حصره وتعدد‬
‫مزاياها‪ .‬فتهادوا تحابوا‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬تهادوا تحابوا‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (18‬أل يمنعها من زيارة أهلها ‪:‬‬
‫أن ل يمنعها من زيارة أهلها لن هذا ينافي العشرة بالمعروف إل‬
‫ي مفسدةَ كما لو علم أن أمها تفسدها عليه فهنا يجوز‬ ‫إذا خش َ‬
‫منعها من ذلك إذا كان يترتب على ذهابها إليهم مفسدة في دينها‬
‫أو في حق زوجها لن في منعها من الذهاب في هذه الحالة درءا‬
‫للمفسدة ‪ ،‬وبإمكان المرأة أن تصل أهلها بغير الذهاب إليهم في‬
‫هذه الحالة بل عن طريق المراسلة أو المكالمة الهاتفية إذا لم‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 183‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫يترتب عليها محذورا لقوله تعالى ‪} :‬فاتقوا الله ما استطعتم{ ‪،‬‬
‫والله أعلم ‪.‬‬
‫وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يفسد الزوجة على زوجها‬
‫ويخببها عليه ‪ ،‬فقد جاء في الحديث ‪ » :‬ليس منا من خبب امرأة‬
‫على زوجها « ‪ ،‬ومعناه أفسد أخلقها عليه وتسبب في نشوزها‬
‫عنه ‪ ،‬والواجب على أهل الزوجة أن يحرصوا على صلح ما بينها‬
‫وبين زوجها لن ذلك من مصلحتها ومصلحتهم ‪.‬‬
‫]*[ يجب على أم الزوجة تنصح ابنتها بما فيه مصلحتها‪ ،‬وينبغي أن‬
‫ل تتدخل في كل صغيرة وكبيرة في بيت ابنتها‪ ..‬وما يقال عن أم‬
‫الزوجة يقال أيضا ً عن أم الزوج ‪ ..‬مع الفرق في المنزلة إذ أن أم‬
‫الزوج لها من الحقوق على ابنها في بيته ما ليس لم الزوجة في‬
‫بيت ابنتها‪.‬‬
‫وإنما ذكرنا ذلك لن هناك بعض المهات ل تترك شاردة ول واردة‬
‫في بيت ابنها أو ابنتها إل وتتدخل فيها‪ ،‬بل ربما توغر صدر ابنتها‬
‫على زوجها‪ ،‬أو توغر صدر ابنها على زوجته‪ ،‬فتتسبب في تشتيت‬
‫أسرة وتفريق جمعها‪ ،‬وقد تبرأ الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫ممن سعى للفساد بين الرجل وزوجته فقال عليه أفضل الصلة‬
‫والسلم ‪" :‬ليس منا من خبب امرأة على زوجها"‪.‬‬
‫ة تريد الخير لبنتها ‪ :‬في‬ ‫وأسوق هذه القصة لتتأسى بها كل امرأ ٍ‬
‫قصة القاضي شريح ‪:‬‬
‫‪ ..‬فلما كان رأس الحول ‪ ..‬جئت من عملي ‪ ..‬وإذا بأم الزوجة في‬
‫بيتي‪..‬‬
‫فقالت )أم الزوجة( لي ‪ :‬كيف رأيت زوجتك؟ قلت‪ :‬خير زوجة ‪....‬‬
‫قالت‪ :‬يا أبا أمية‪ ..‬والله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا ً من المرأة‬
‫المدللة فأدب ما شئت أن تؤدب‪ ،‬وهذب ما شئت أن تهذب‪..‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود(‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ليس منا من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على‬
‫سيده ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬هذا ما تبين لي من حقوق المرأة على زوجها على‬
‫سبيل المثال ل‬
‫الحصر ‪ ،‬وقد بين النبي ‪ r‬قاعدة شرعية هي أن خير الناس من‬
‫كان خيرا ً لهله ‪ ،‬فكلما كان النسان أقرب إلى هذا القول كان‬
‫أكثر امتثال ً لقول النبي ‪ r‬وأكثر تأسيا ً به ‪. r‬‬
‫)حديث عائشة الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫م لهلي ‪.‬‬ ‫وأ ََنا َ‬
‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫م لَ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫» َ‬
‫)‪ (19‬المحافظة على مالها وعدم التعرض له إل بإذنها ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 184‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فقد يكون لها مال من إرث أو عطية أو راتب شهري تأخذه من‬
‫عملها‪ ،‬فاحذر التعرض له ل تصريحا ً ول تلميحا ً ول وعدا ً ول وعيدا ً‬
‫فِإن‬ ‫ة َ‬ ‫حل َ ً‬‫ن نِ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫قات ِ ِ‬ ‫صدُ َ‬ ‫ساء َ‬ ‫وآُتوا ْ الن ّ َ‬ ‫إل برضاها‪ ،‬قال الله تعالى‪َ :‬‬
‫ريئا ]النساء‪ [4:‬وقد‬ ‫ً‬ ‫م ِ‬ ‫ً‬
‫هِنيئا ّ‬ ‫فك ُلوهُ َ‬ ‫ُ‬ ‫فسا ً َ‬ ‫ه نَ ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫ء ّ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫عن َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫طِب ْ َ‬
‫كان رسول الله أمينا ً على مال زوجته خديجة فلم يأخذ إل حقه‬
‫ولم يساومها ولم يظهر الغضب والحنق حتى ترضيه بمالها! قال‬
‫تعالى محذرا ً عن أخذ المهر الذي هو مظنة الطمع وهو من مال‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫دا َ‬ ‫َ‬ ‫الزوج أص ً‬
‫ه ّ‬‫دا ُ‬‫ح َ‬‫م إِ ْ‬ ‫وآت َي ْت ُ ْ‬‫ج َ‬ ‫و ٍ‬ ‫ن َز ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ج ّ‬ ‫و ٍ‬‫ل َز ْ‬ ‫ست ِب ْ َ‬‫ما ْ‬ ‫ن أَردت ّ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ل‪َ :‬‬
‫وك َي ْ َ‬
‫ف‬ ‫مِبينا ً )‪َ (20‬‬ ‫وإ ِْثما ً ّ‬ ‫هَتانا ً َ‬ ‫ه بُ ْ‬ ‫ذون َ ُ‬ ‫خ ُ‬‫شْيئا ً أ َت َأ ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذوا ْ ِ‬
‫من ْ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫فل َ ت َأ ْ ُ‬‫طارا ً َ‬ ‫قن َ‬ ‫ِ‬
‫غِليظا ً‬ ‫ً‬ ‫من ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ميَثاقا َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫خذْ َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫م إ ِلى ب َ ْ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ضى ب َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫قدْ أ ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫ذون َ ُ‬ ‫خ ُ‬
‫ت َأ ُ‬
‫]النساء‪ .[22،21:‬فما بالك بأموال زوجتك التي تكد وتتعب‬
‫لتجمعها‪ .‬وأخذ المال منها ينافي قيامك بأمر القوامة‪ ،‬ووجوب‬
‫النفقة عليها حتى وإن كانت أغنى منك‪ ،‬وليحذر الذين يتعدون‬
‫على أموال زوجاتهم ببناء مسكن أو استثمار ثم يضع مالها باسمه‬
‫ويبدأ يستقطعه‪ ،‬فإنه مال حرام وأخذ مال بدون وجه حق‪ ،‬إل بإذن‬
‫صاحبه‪.‬‬
‫)‪ (20‬حق الخلع ‪:‬‬
‫ولنا هنا وقفة عظيمة مع موضوع الخلع فقد صار الناس فيه على‬
‫ط وتفريط ‪ ،‬والحق هو الحسنة بين‬ ‫طرفي نقيض بين إفرا ٍ‬
‫السيئتين ‪ ،‬وفصل الخطاب في موضوع الخلع من حيث جوازه‬
‫وعدمه أنه على التفصيل التي ‪ :‬‬
‫أول ً الصل في المسألة النهي عن طلب الخلع من غير بأس فقد‬
‫زجر النبي صلى الله عليه وسلم النساء عن طلب الطلق من‬
‫أزواجهن من غير بأس ‪ ،‬وعليه يحمل ‪ :‬‬
‫) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن‬
‫ة سألت زوجها طلقا ً من غير بأس فحرا ٌ‬
‫م‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬أُيما امرأ ٍ‬
‫عليها رائحة الجنة‪.‬‬
‫) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫المختلعات هن المنافقات ‪‌ .‬‬
‫) المختلعات هن المنافقات ( أي اللتي يطلبن الخلع والطلق‬
‫ن منافقات نفاقا ً عمليا ً ‪.‬‬ ‫من أزواجهن لغير عذر ه ّ‬
‫ول شك أن هذا الحديث الشريف يدل على حرمة طلب المرأة‬
‫الطلق من زوجها من غير بأس ‪ ،‬ولكن إذا ترجحت في ذلك‬
‫مصلحة شرعية‪ ،‬أو إذا ترجحت في استمرار الزواج مفسدة‬
‫شرعية‪ ،‬جاز لها أن تطلب الطلق‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 185‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫شي ًْئا إ ِل ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫ما ءات َي ْت ُ ُ‬ ‫م ّ‬‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫م َأن ت َأ ْ ُ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ول َ ي َ ِ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫فا أ َل ّ ي ُ ِ‬ ‫َأن ي َ َ‬
‫فل َ‬ ‫ه َ‬ ‫دودَ ٱلل ّ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫قي َ‬ ‫م أل ّ ي ُ ِ‬ ‫فت ُ ْ‬‫خ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫دودَ ٱلل ّ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫قي َ‬ ‫خا َ‬
‫ه{ ]البقرة‪.[229:‬‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫فت َدَ ْ‬ ‫ما ٱ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ح َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫جَنا َ‬ ‫ُ‬
‫]*[ قال ابن كثير رحمه الله ‪:‬‬
‫شي ًْئا{ أي‪ :‬ل‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫ما ءات َي ْت ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫م َأن ت َأ ْ ُ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ول َ ي َ ِ‬ ‫"وقوله‪َ } :‬‬
‫جروهن وتضّيقوا عليهن ليفتدين منكم بما‬ ‫يحل لكم أن تضا ِ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫ضُلو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫أعطيتموهن من الصدقة أو ببعضه كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة{‪ .‬فأما إن‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬‫ة ّ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن إ ِل ّ أن ي ّأِتي َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫ما آت َي ْت ُ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ِ‬ ‫هُبوا ب ِب َ ْ‬ ‫ل ِت َذْ َ‬
‫فِإن‬ ‫وهبته المرأة شيئا عن طيب نفس منها فقد قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ريًئا{‪ .‬وأما إذا تشاقق‬ ‫م ِ‬ ‫هِنيًئا ّ‬ ‫فك ُُلوهُ ُ‬ ‫سا َ‬ ‫ف ً‬ ‫ه نَ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ء ّ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫عن َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫طِب ْ َ‬
‫الزوجان ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على‬
‫معاشرته فلها أن تفتدي منه بما أعطاها‪ ،‬ول حرج عليها في بذلها‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ول َ ي َ ِ‬ ‫له‪ ،‬ول حرج عليه في قبول ذلك منها‪ ،‬ولهذا قال تعالى‪َ } :‬‬
‫د‬
‫دو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫قي َ‬ ‫فا أ َل ّ ي ُ ِ‬ ‫خا َ‬ ‫شي ًْئا إ ِل ّ َأن ي َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫ما ءات َي ْت ُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫م َأن ت َأ ْ ُ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ت‬
‫فت َدَ ْ‬ ‫ما ٱ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ح َ َ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫دودَ ٱلل ّ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫قي َ‬ ‫م أ َل ّ ي ُ ِ‬ ‫فت ُ ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ٱلل ّ ِ‬
‫ه‪ {..‬الية"‪.‬‬ ‫بِ ِ‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيح البخاري ( أن امرأة ثابت بن‬
‫قيس أتت النبي فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ثابت بن قيس‪ ،‬ما أعتب‬
‫عليه في خلق ول دين‪ ،‬ولكني أكره الكفر في السلم‪ ،‬فقال‬
‫رسول الله ‪) :‬أتردين عليه حديقته(‪ .‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال رسول الله ‪:‬‬
‫)اقبل الحديقة وطلقها تطليقة(‪.‬‬
‫‪ ‬ولن المرأةً إذا أقدمت على طلب الخلع فقد انقطعت أعذارها‬
‫ق لها عذرا ً يلتمسه لها ‪ ،‬وتكون قد أزالت نعمتها‬ ‫عند زوجها فلم يب َ‬
‫ة طلبها‬ ‫ة ‪ ،‬فوجب على زوجها أن ُيسارع في تلبي ِ‬ ‫بيدها طواعي ً‬
‫د‬
‫ه َ‬‫ة وإنجاز دون تروي ‪ ،‬ووجب عليه أن يزهدَ فيها ُز ْ‬ ‫ع بسرع ٍ‬ ‫لل ُ ْ‬
‫خل ِ‬
‫ن في القبور طالما أنها طلبت مثل هذه المور واجترئت على‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ذلك ولم ترى أن ذلك أمٌر محظور أو أنه من دواهي المور ‪ ،‬وليس‬
‫له أن يقول ربما تقصد أو ل تقصد لنها تكون ذبحت نفسها بغير‬
‫سكين ثم هي التي أدخلت نفسها هذا المضيق باختيارها‪ ،‬ومن‬
‫زرع الشوك ل يجني عنبا ‪ ،‬ومن ألقى بنفسه في النار احترق‬
‫بها ‪ ،‬وليس له أن يقول لها‪ :‬كوني بردا وسلما علي كما كنت على‬
‫إبراهيم ‪ ،‬فإذا أحرقته النار وهو يصرخ ويطلب النقاذ دون جدوى ‪،‬‬
‫كان هو الذي أحرق نفسه ‪ ،‬لنه الذي عرضها للنار بإرادته واختياره‬
‫‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 186‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬

‫‪ ‬ثانيا ً ‪:‬حقوق الزوج على زوجته‪‬‬

‫ع َ‬
‫ظم حق الزوج‪‬‬ ‫‪ِ ‬‬

‫]*[ بيان عظم حق الزوج ‪:‬‬


‫‪‬حق الزوج على الزوجة من أعظم الحقوق ‪ ،‬بل إن حقه عليها‬
‫أعظم من حقها عليه لقول الله تعالى ‪ ) :‬ولهن مثل الذي عليهن‬
‫بالمعروف وللرجال عليهن درجة ( البقرة‪.228/‬‬
‫]*[ قال الجصاص ‪:‬‬
‫أخبر الله تعالى في هذه الية أن لكل واحد من الزوجين على‬
‫صاحبه حقا ‪ ،‬وأن الزوج مختص بحق له عليها ليس لها عليه ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن العربي ‪ :‬هذا نص في أنه مفضل عليها مقدم في‬
‫حقوق النكاح فوقها ‪.‬‬
‫‪‬ودلت السنة الثابتة الصحيحة على أن حق الرجل على المرأة‬
‫ة من بحر مما ورد في ذلك ‪:‬‬ ‫ض من فيض ونقط ٌ‬ ‫عظيم وهاك غي ٌ‬
‫) حديث أبي سعيد الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬حق الزوج على زوجته أن لو كانت به قرحة فلحستها ما أدت‬
‫حقه ‪.‬‬
‫)فلحستها( ‪ :‬أي بلسانها غير متقذرة لذلك ) ما أدت حقه (‬
‫]*[ حكى البيهقي في الشعب أن أسماء بنت خارجة الفزاري لما‬
‫أراد اهداء ابنته إلى زوجها قال لها ‪ :‬يا بنية كوني لزوجك أمة‬
‫يكن لك عبدا ً ول تدني منه يملك ول تباعدي عنه فتثقلي عليه‬
‫وكوني كما قلت لمك ‪:‬‬
‫خذي العفـو مني تسـتديميول تنطقي في سـورتي حين‬
‫أغضب‬ ‫مودتي‬
‫الصـدراجتمعــا لم يلبث الحب يذهـب‬
‫إذا‬ ‫فإني رأيت الحب في‬
‫والذى‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 187‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث معاذ الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬لو تعلم‬
‫المرأة حق الزوج لم تقعد ما حضر غداؤه و عشاؤه حتى يفرغ منه‬
‫‪.‬‬
‫) لم تقعد ( أي تقف ) ما حضر غداؤه وعشاؤه ( أي مدة دوام‬
‫حضوره ) حتى يفرغ منه ( لما له عليها من الحقوق وإذا كان‬
‫هذا في حق نعمة الزوج وهي في الحقيقة من الّله تعالى فكيف‬
‫بمن ترك شكر نعمة الّله ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫د‪،‬‬‫ح ٍ‬ ‫جدَ ل ِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ن يَ ْ‬‫حدا ً أ ْ‬ ‫ت آمرا ً أ َ‬ ‫و ك ُن ْ ُ‬ ‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ل َ ْ‬
‫َ َ‬
‫ها«‪.‬‬ ‫ج َ‬ ‫و ِ‬‫جدَ ل َِز ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫مْرأةَ أ ْ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ل َ‬
‫)لمرت المرأة أن تسجد لزوجها ( فيه تعليق الشرط بالمحال لن‬
‫‪ :‬السجود لمخلوق ل يجوز وأخبر المصطفى أن ذلك ل يكون ولو‬
‫كان لجعل للمرأة في أداء حق الزوج ‪ ،‬وفيه تأكد حق الزوج وحث‬
‫على ما يجب من بره ووفاء عهده والقيام بحقه ولهن على الزواج‬
‫ما للرجال عليهن ‪.‬‬
‫ل الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة (‬ ‫جب َ ٍ‬‫ن َ‬ ‫عاِذ ب ِ‬ ‫م َ‬ ‫)حديث ُ‬
‫ه‬
‫جت ُ ُ‬
‫و َ‬ ‫ت َز ْ‬ ‫قال َ ْ‬‫في الدّن َْيا‪ .‬إ ِل ّ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫مَرأةٌ َز ْ‬ ‫ؤِذي ا ْ‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ل َ ت ُ ْ‬
‫ش َ‬
‫ك‬ ‫ل ُيو ِ‬ ‫خي ٌ‬ ‫دك دَ ِ‬ ‫عن ْ َ‬
‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫ما ُ‬ ‫ك الله‪َ ،‬‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫قات َل َ ِ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ؤِذي ِ‬ ‫ن‪ :‬ل َ ت ُ ْ‬ ‫عي ِ‬ ‫ر ال ْ ِ‬‫حو ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ك إ ِل َي َْنا«‪.‬‬ ‫ر َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫َ‬
‫ق ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫أ ْ‬
‫]*[ وبينت السنة الثابتة الصحيحة أن طاعة الزوج من موجبات‬
‫الجنة كما أن معصيته تكون سببا ً في سخط الله ولعنة الملئكة له‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت‬
‫فرجها و أطاعت زوجها قيل لها ‪ :‬ادخلي الجنة من أي أبواب‬
‫الجنة شئت ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه‬
‫فأبت‪ ،‬فبات غضبان عليها‪ ،‬لعنتها الملئكة حتى تصبح(‪.‬‬
‫)فأبت( ‪ :‬امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )‬
‫غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها‬
‫الملئكة حتى تصبح ( ‪ ،‬وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب‬
‫رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ‪،‬‬
‫وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ‪ ،‬ولذلك حث‬
‫المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة ‪.‬‬
‫قال العراقي ‪ :‬وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً‬
‫عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 188‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى‬
‫فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى‬
‫يرضى عنها ‪.‬‬
‫]*[ قال المام النووي – رحمه الله – كما في شرح مسلم )‬
‫‪(5/261‬‬
‫هذا دليل على تحريم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي‪ ،‬وليس‬
‫الحيض بعذر في المتناع‪ ،‬لن له حقا في الستمتاع بها فوق‬
‫الزار‬
‫ومعني الحديث‪ :‬أن اللعنة تستمر عليها حتى تزول المعصية لطلوع‬
‫الفجر والستغناء عنها أو توبتها ورجوعها إلى الفراش‪.‬‬
‫) حديث حصين بن محصن الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك ‪‌ .‬‬
‫)انظري أين أنت منه ؟ ( أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من‬
‫دة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه‬ ‫مو ّ‬
‫كافرة لعشرته وإنعامه ) فإنما هو ( أي الزوج ) جنتك ونارك‬
‫( أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار‬
‫بسخطه عليك فأحسني عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس‬
‫بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال ‪ :‬أذات زوج‬
‫أنت؟ قالت ‪ :‬نعم قال ‪ :‬كيف أنت منه؟ قالت ‪ :‬ل آلوه إل ما‬
‫عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز‬
‫كبيرة ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬اثنان ل تجاوز صلتهما رءوسهما ‪ :‬عبد آبق من‬
‫مواليه حتى يرجع و امرأة عصت زوجها حتى ترجع ‪.‬‬
‫)ل تجاوز صلتهما رءوسهما ( ‪:‬ل ترفع إلى الله تعالى في رفع‬
‫العمل الصالح بل أدنى شيء من الرفع أحدهما ) عبد ( يعني‬
‫قن ولو أنثى ) آبق( أي هارب ) من مواليه ( أي مالكيه إن‬
‫كانوا جماعة ومن مالكه إن كان واحدا ً فل ترفع صلته رفعا ً تاما ً )‬
‫حتى يرجع ( إن الطاعة إن هرب لغير عذر شرعي ) و ( الثاني‬
‫) امرأة عصت زوجها ( بنشوز أو غيره مما يجب عليها أن تطيعه‬
‫فل ترفع صلتها كما ذكر ) حتى ترجع ( إلى طاعته ‪ ،‬فإباقه‬
‫ونشوزها بل عذر كبيرة قالوا ‪ :‬ول يلزم من عدم القبول عدم‬
‫الصحة فالصلة الثابت في صحيحة ل يجب قضاؤها لكن ثوابها‬
‫قليل أو ل ثواب فيها أما لو أبق لعذر كخوف قتل أو فعل فاحشة‬
‫أو تكليفه على الدوام ما ل يطيقه أو عصت المرأة بمعصية كوطئه‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 189‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫في دبرها أو حيضها فثواب صلتهما بحاله ول طاعة لمخلوق في‬
‫معصية الخالق قال في المهذب ‪ :‬هذا الحديث يفيد أن منع‬
‫الحقوق في البدان كانت أو في الموال يوجب سخط الله ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة (‬
‫ة ل تشكر لزوجها وهي ل‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل ينظر الله إلى امرأ ٍ‬
‫تستغني عنه‪.‬‬
‫]*[ قال شيخ السلم ابن تيمية‪:‬‬
‫»وليس على المرأة بعد حق الله ورسوله أوجب من حق الزوج«‬
‫]مجموع الفتاوى ‪.[32/260‬‬
‫]*[ قال المام أحمد ‪-‬رحمه الله‪ -‬عن زوجته عباسة بنت الفضل‬
‫‪-‬رحمها الله‪ ،-‬أم ولده صالح‪ :‬أقامت معي أم صالح ثلثين سنة‪،‬‬
‫فما اختلفت أنا وهي في كلمة‪ .‬ثم ماتت ‪-‬رحمها الله‪] .-‬تاريخ‬
‫بغداد[‪.‬‬
‫حميد‪ :‬كن نساء المدينة إذا أردن أن نبنين بامرأة على‬ ‫]*[ قالت أم ُ‬
‫زوجها بدأن بعائشة فأدخلنها عليها‪ ،‬فتضع يدها في رأسها تدعو‬
‫لها وتأمرها بتقوى الله وحق الزوج‪.‬‬

‫ة وتفصيل‬
‫]*[ ‪‬حقوق الزوج على زوجته جمل ً‬

‫ة‪:‬‬
‫‪ ‬حقوق الزوج على زوجته جمل ً‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)‪ (1‬طاعة الزوج في غير معصية ‪:‬‬
‫)‪ (2‬حفظ غيبة الزوج في نفسها وماله ‪:‬‬
‫)‪ (3‬أن ترعى ماله وولده وتحافظ عليهما ‪:‬‬
‫)‪ (4‬أن تتزين له وأن تبتسم في وجهه ول تعبس في وجهه حتى‬
‫تصل إلى النتيجة المرجوة ] تسرك إذا أبصرت [‬
‫)‪ (5‬أن ل تصوم تطوعا ً إل بإذنه ‪:‬‬
‫)‪ (6‬أن ترضى باليسير وأن تقنع بالموجود وأن ل تكلفه من النفقة‬
‫ما ل يطيق‬
‫)‪ (7‬أل تمنع نفسها منه متى طلبها للفراش ‪:‬‬
‫)‪ (8‬و أن ل تسأل الطلق من غير بأس ‪:‬‬
‫)‪ (9‬أن تلزم بيته فل تخرج منه إل بإذنه ولو إلى المسجد ‪.‬‬
‫)‪ (10‬ومن حق الرجل على المرأة أن ل تأذن في بيته إل بإذنه ‪:‬‬
‫)‪ (11‬أن تشكر له ول تكفره ‪:‬‬
‫)‪ (12‬أن ل تنفق شيئا ً من بيتها إل بإذنه‪:‬‬
‫)‪ (13‬أن تحد عليه إذا مات أربعة أشهر وعشرا‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 190‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪ (14‬وجوب خدمة المرأة لزوجها‬
‫ة لزوجها كأنه ينظر إليها فربما وقعت في‬
‫)‪ (15‬ل تصف امرأ ٍ‬
‫قلبه ‪ ،‬ويجب ذلك عليها لنه يجب عليها أن تعمل على ما يصون‬
‫دينه ‪.‬‬
‫)‪ (16‬أن تبر أهله من والدين وأخوات ‪.‬‬
‫]*[ وإليك حقوق الرجل على زوجته بشي ٍ‬
‫ء من التفصيل لهميته‬
‫البالغة ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)‪ (1‬طاعة الزوج في غير معصية ‪:‬‬
‫من حق الرجل على المرأة أن تكون دائمة الطاعة ‪ :‬قال تعالى‪:‬‬
‫ه( ]سورة‪ :‬النساء‬ ‫ظ الل ّ ُ‬
‫ف َ‬
‫ح ِ‬
‫ما َ‬‫ب بِ َ‬ ‫ت ل ّل ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ف َ‬
‫ظا ٌ‬ ‫حا ِ‬
‫ت َ‬
‫قان َِتا ٌ‬‫ت َ‬‫حا ُ‬
‫صال ِ َ‬ ‫) َ‬
‫فال ّ‬
‫‪ -‬الية‪[34 :‬‬
‫فقد امتدح الله تعالى المرأة الصالحة بصفتين صفة يحبها الزوج‬
‫حال وجوده وهي أن تكون قانتة أي دائمة الطاعة و صفة يحبها‬
‫الزوج حال غيابه وهي أن تحفظ غيبته ‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و‬
‫تحفظ غيبتك في نفسها و مالك ‪‌ .‬‬
‫)وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك ( ومن فاز بهذه فقد وقع‬
‫على أعظم متاع الدنيا وعنها قال في التنزيل ‪ } :‬قانتات‬
‫حافظات للغيب {‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت‬
‫فرجها و أطاعت زوجها قيل لها‪ :‬ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة‬
‫شئت ‪.‬‬
‫]*[ قال الرازي رحمه الله‪:‬‬
‫إن الزوج كالمير والراعي‪ ،‬والزوجة كالمأمور والراعية‪ ،‬فيجب‬
‫على الزوج بسبب كونه أميرا ً وراعيا ً أن يقوم بحقها ومصالحها‪،‬‬
‫ويجب عليها في مقابلة ذلك إظهار النقياد والطاعة للزوج‪ .‬وقد‬
‫علق الرسول ‪ ‬دخولها الجنة بطاعة زوجها كما في الحديث التي‬
‫‪ :‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬إذا صلت المرأة خمسها و صامت شهرها و حصنت‬
‫فرجها و أطاعت زوجها قيل لها ‪ :‬ادخلي الجنة من أي أبواب‬
‫الجنة شئت ‪‌ .‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 191‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬ولقد بلغ حقه عليها في الطاعة أن يمنعها من نوافل العبادات‪،‬‬
‫ويجب عليها الطاعة كما في الحديث التي ‪ :‬‬
‫)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪) :‬ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه‪ ،‬ول تأذن‬
‫في بيته إل بأذنه‪ ،‬وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي‬
‫إليه شطره(‪.‬‬
‫والحديث يدل على تحريم صوم التطوع على المرأة بدون إذن‬
‫زوجها الحاضر‪ ،‬وسبب هذا التحريم أن للزوج حق الستمتاع بها‬
‫في كل وقت‪ ،‬وحقه واجب على الفور‪ ،‬فل يجوز لها أن تفوته‬
‫عليه بانشغالها بالنوافل‪ ،‬وعلى هذا إذا أراد الستمتاع جاز ولو‬
‫بفساد صيامها‪ ،‬وظاهر التقييد بالشاهد أنه يجوز لها أن تصوم‬
‫تطوعا ً إذا كان الزوج غائبًا‪.‬‬
‫]*[ قال ابن الجوزي رحمه الله‪:‬‬
‫حا يلئمها‪ ،‬أن تجتهد‬ ‫جا صال ً‬
‫"وينبغي للمرأة العاقلة إذا وجدت زو ً‬
‫في مرضاته‪ ،‬وتتجنب ما يؤذيه‪ ،‬فإنها متى آذته أو تعرضت لما‬
‫يكره‪ ،‬أوجب ذلك مللته‪ ،‬وبقي ذلك في نفسه‪ ،‬فربما وجد فرصته‬
‫فتركها أو آثر غيرها")‪.(19‬‬
‫ومعرفة الزوجة لما يحبه زوجها ويكرهه من القوال والعمال‬
‫فتقوم به‪ ،‬إنما هو من أركان سعادتها داخل بيتها ومما يكون عونا ً‬
‫لها بعد الله تعالى على طاعة زوجها ‪.‬‬
‫) حديث حصين بن محصن الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك ‪‌ .‬‬
‫)انظري أين أنت منه ؟ ( أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من‬
‫دة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه‬ ‫مو ّ‬
‫كافرة لعشرته وإنعامه ) فإنما هو ( أي الزوج ) جنتك ونارك‬
‫( أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار‬
‫بسخطه عليك فأحسني عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس‬
‫بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال ‪ :‬أذات زوج‬
‫أنت؟ قالت ‪ :‬نعم قال ‪ :‬كيف أنت منه؟ قالت ‪ :‬ل آلوه إل ما‬
‫عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز‬
‫كبيرة ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬اثنان ل تجاوز صلتهما رءوسهما‪ :‬عبد آبق من‬
‫مواليه حتى يرجع و امرأة عصت زوجها حتى ترجع ‪.‬‬

‫)( أحكام النساء‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 192‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬تنبيه ‪ ‬ومما يساعد المرأة على طاعة المرأة لزوجها أن تتعّرف‬
‫ب فتأتيه وما يكره فتجتنبه فإنه أحرى أن‬ ‫ح ُ‬
‫ف ما ي ُ ِ‬
‫طباع فتعر ُ‬ ‫على ِ‬
‫ة النقية ‪،‬‬
‫ك أختي المسلمة )التقي ٍ‬ ‫م بينهما ‪ ،‬وهآنذا أسوق ل ِ‬ ‫يؤد َ‬
‫ك هذه القصة المباركة‬ ‫ة الحيّية ‪ ،‬الحرةً البّية( أسوق ل ِ‬ ‫العفيف ً‬
‫ك مسمعا ً‬ ‫ك في سمع ِ‬ ‫ح القاضي وزوجته(لعلها تجد ل ِ‬ ‫ة ُ‬
‫شَري ْ ٍ‬ ‫)قص ُ‬
‫قك إلى تطبيقها‬ ‫ف ِ‬
‫ك بها ويو ِ‬ ‫قعا عسى الله أن ينفع ِ‬ ‫وفي قلبك مو ِ‬
‫دل الله به عليها البركة والرحمة‬ ‫س ِ‬
‫لن حسن تبعل المرأة لزوجها ي ُ ْ‬
‫والخير ‪.‬‬
‫ح القاضي وزوجته‪‬‬ ‫ة ُ‬
‫شَري ْ ٍ‬ ‫قص ُ‬ ‫‪‬‬
‫]*[ روي أن شريحا ً القاضي قابل الشعبي يوما ً ‪ ،‬فسأله الشعبي‬
‫عن حاله في بيته فقال له‪ :‬من عشرين عاما ً لم أر ما يغضبني من‬
‫أهلي!‬
‫قال له‪ :‬وكيف ذلك؟‬
‫قال شريح ‪ :‬من أول ليلة دخلت على امرأتي رأيت فيها حسنا ً‬
‫فاتنًا‪ ،‬وجمال ً نادرًا‪ ،‬قلت في نفسي‪ :‬سوف أتطهر وأصلي ركعتين‬
‫شكرا ً لله ‪ ،‬فلما سلمت وجدت زوجتي تصلي بصلتي وتسلم‬
‫بسلمي ‪ .‬فلما خل البيت من الصحاب والصدقاء قمت إليها‬
‫فمددت يدي نحوها ‪ ،‬فقالت‪ :‬على رسلك يا أبا أمية‪ ،‬كما أنت‪ ،‬ثم‬
‫قالت الحمد لله أحمده وأستعينه ‪ ،‬وأصلي على محمد وآله‪ ،‬أما‬
‫بعد‪ :‬إني امرأة غريبة ل علم لي بأخلقك ‪ ،‬فبين لي ما تحب فآتيه‬
‫وما تكره فأتركه‪ ،‬وقالت‪ :‬إنه كان في قومك من تتزوجه من‬
‫نسائكم ‪ ،‬وفي قومي من الرجال من هو كفء لي ‪ ،‬ولكن إذا‬
‫قضى الله أمرا ً كان مفعول ً ‪ ،‬وقد ملكت فاصنع ما أمرك به الله ‪،‬‬
‫إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ‪ ،‬أقول قولي هذا‪ ،‬وأستغفر‬
‫الله لي ولك‪.‬‬
‫قال شريح ‪ :‬فأحوجتني‪ -‬والله‪ -‬يا شعبي إلى الخطبة في ذلك‬
‫الموضع فقلت‪ :‬الحمد لله أحمده وأستعينه ‪ ،‬وأصلي على النبي‬
‫وآله وسلم‪ ،‬وبعد‪ :‬فإنك قلت كلما ً إن ثبت عليه يكن ذلك حظك ‪،‬‬
‫دعيه يكن حجة عليك ‪ .‬أحب كذا وكذا‪ ،‬وأكره كذا وكذا‪ ،‬وما‬ ‫وإن ت ّ‬
‫رأيت من حسنة فانشريها‪ ،‬وما رأيت من سيئة فاستريها‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬كيف محبتك لزيارة أهلي؟‬
‫قلت‪ :‬ما أحب أن يملني أصهاري‪.‬‬
‫فقالت‪ :‬فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك فآذن له‪ ،‬ومن تكره‬
‫فأكره؟‬
‫قلت‪ :‬بنو فلن قوم صالحون ‪ ،‬وبنو فلن قوم سوء ‪.‬‬
‫قال شريح ‪ :‬فبت معها بأنعم ليلة ‪ ،‬وعشت معها حول ً ل أرى إل ما‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 193‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أحب‪ ..‬فلما كان رأس الحول ‪ ..‬جئت من عملي ‪ ..‬وإذا بأم الزوجة‬
‫في بيتي‪..‬‬
‫فقالت )أم الزوجة( لي ‪ :‬كيف رأيت زوجتك؟ قلت‪ :‬خير زوجة ‪....‬‬
‫قالت‪ :‬يا أبا أمية‪ ..‬والله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا ً من المرأة‬
‫المدللة فأدب ما شئت أن تؤدب‪ ،‬وهذب ما شئت أن تهذب‪ ..‬قال‬
‫الزوج‪ :‬فمكثت معي عشرين عاما ً لم أعتب عليها في شيء إل مرة‬
‫وكنت لها ظالمًا‪.‬‬
‫صها على الخير في‬ ‫حر َ‬‫]*[ لله دّر هذه المرأة الصالحة ما أشدّ ِ‬
‫ة في زواجها فتتعرف على‬ ‫طباع زوجها من أول ليل ٍ‬ ‫التعرف على ِ‬
‫ما ُيحب لتأتيه وما يكره فتجتنبه لن ذلك هو السبيل الموصل إلى‬
‫ة كانت كما أرادها ربها ثم زوجها )‬ ‫طاعة زوجها لله دّرها من امرا ٍ‬
‫ة حيّية ‪ ،‬حرةً أبّية ‪ ،‬تحفظ غيبته وتصون كرامته‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ً‬‫تقي ٍ‬
‫عدّ معه لقيام ِ‬ ‫عينه على الطاعة وت ُ ِ‬ ‫من ِّية ‪ ،‬وت ُ ِ‬‫وترافقه حتى تأتيه ال َ‬
‫الساعة(‬
‫ة شعار الندية‬ ‫‪ ‬بخلف بعض النساء اللتي تنكرن للدب رافع ً‬
‫لزوجها ضاربة بمبدأ القوامة الذي أقره القرآن الكريم عرض‬
‫الحائط فهي دوما تحرص علي أن تكون صاحبة القرار في إدارة‬
‫حياتها السرية مستشعرة دائما أنها في صراع لبد أن يكون لها‬
‫الغلبة فيه متناسية أبسط قواعد طاعة الزوج والتفاهم والحوار‬
‫متمسكة بحبال الغرب مستجيبة لدعاوى المساواة العمياء‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬إن الحياة المشتركة ينبغي أن تكون مبنية على التفاهم‬
‫والتحاور والتشاور‪ ،‬ولكن القوامة ينبغي أن تكون للرجل كما قال‬
‫ء‪] ‬النساء‪.[34 :‬‬ ‫عَلى الن ّ َ‬
‫سا ِ‬ ‫ن َ‬‫مو َ‬‫وا ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ربنا تبارك وتعالى‪:‬الّر َ‬
‫جا ُ‬
‫ما‪،‬‬
‫‪‬وهناك حقيقة لبد أن تعلمها المرأة المثقفة‪ ،‬وأن تتذكرها دائ ً‬
‫ي ل يحب المرأة المسترجلة التي ترفع‬ ‫وهي أن الرجل السو ّ‬
‫صوتها على صوته‪ ،‬والتي تشاجره في كل أمر‪ ،‬وتخالفه في كل‬
‫رغبة‪ ،‬وتسارع إلى ردّ رأيه أو ما يقول‪ ،‬إن هذا الرجل ـ إن لم‬
‫ها‪ ،‬فتكون بذلك قد حرمت‬ ‫سا كار ً‬ ‫يطلقها ـ عاش معها كئيًبا عاب ً‬
‫نفسها رؤية البهجة المرحة في وجه زوجها ومعاملته‪ ،‬وحرمت‬
‫شّرد أولدها‬ ‫بيتها التمتع بالحنان الدافئ‪ ،‬وهي الخاسرة سواء ُ‬
‫مل‪ ،‬أم بقيت في بيت تعلوه‬ ‫بالطلق‪ ،‬وتحطمت نفسيتها بالتر ّ‬
‫سحب المصادمات اليومية‪ ،‬والحرائق النزاعية‪.‬‬
‫إن الزوجة الزكية هي التي ل تتخلى عن طبيعتها الرقيقة الهادئة‬
‫الطيبة‪ ،‬إنها كما صورها الحديث الشريف راعية في بيت زوجها‪،‬‬
‫تصونه‪ ،‬وترعاه‪ ،‬إذا نظر إليها زوجها سرته‪ ،‬وإن أمرها أطاعته‪،‬‬
‫وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله( ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 194‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬من أعظم أسباب اللفة بين الزوجين ‪ ،‬واستمرار‬
‫المحبة بينهما ‪ ،‬هو موافقة الزوجة لزوجها ‪ ،‬وطاعته في غير‬
‫معصية الله ‪ ،‬ومن أعظم أسباب الشقاء بين الزوجين ؛ مخالفة‬
‫الزوجة لزوجها‪ ،‬وعصيانه وترك طاعته؛ بل لو أمراها أبواها بفراق‬
‫ب غير قادح في دينه‪ ،‬فإنها ل تطيعهما في ذلك‪ ،‬بل‬ ‫زوجها لسب ٍ‬
‫طاعة زوجها أحق وأوجب‪.‬‬
‫‪‬ولتعلم المرأة المتزوجة أن طاعتها لزوجها هو تعبد لله ‪ ،‬فالله‬
‫هو الذي خلق الذكر والنثى‪ ،‬وهو –سبحانه‪ -‬الذي جعل القوامة‬
‫للرجل‪ ،‬بما أعطاه الله تعالى من المقومات الحسية والمعنوية‪،‬‬
‫والتركيب البدني‪ .‬فإذا نظرت الزوجة إلى قضية طاعة الزوج على‬
‫أنها تعبد لله‪ ،‬وطاعة له‪ ،‬سكن قلبها‪ ،‬وتلذذت بتلك الطاعة‪ ،‬وإن‬
‫نظرت من جهة أنه ل فرق بين الذكر والنثى في مسألة القوامة‬
‫والطاعة‪ ،‬لم تستقر سفينة الحياة الزوجية على قرار‪ ،‬وأوشكت‬
‫على الغرق ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬هذه الطاعة للزوج مشروطة بما ليس فيه معصية لله‬
‫عز وجل‪ ،‬فإنه إن أمرها بما فيه معصية لله عز وجل فل طاعة‬
‫له في هذا المر ‪.‬‬
‫)لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه الثابت في الصحيحين (‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ ):‬ل طاعة في معصية الله‪ ،‬إنما الطاعة في‬
‫المعروف(‪.‬‬
‫) حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح‬
‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪):‬ل طاعة لمخلوق في معصية الخالق(‬
‫]*[ قال ابن الجوزي في )أحكام النساء( )ص ‪:(81‬‬
‫))على ما ذكرنا من وجوب طاعة الزوج ‪ ،‬فل يجوز للمرأة أن‬
‫تطيعه فيما ل يحل‪ ،‬مثل أن يطلب منها الوطء في زمان الحيض‪،‬‬
‫أو في المحل المكروه‪ ،‬أو في نهار رمضان‪ ،‬أو غير ذلك من‬
‫المعاصي‪ ،‬فإنه ل طاعة لمخلوق في معصية الله تعالى ((‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (2‬حفظ غيبة الزوج في نفسها وماله ‪:‬‬
‫من حق الرجل على المرأة أن تحفظ غيبة الزوج في نفسها‬
‫ف َ‬
‫ظ‬ ‫ح ِ‬
‫ما َ‬
‫ب بِ َ‬ ‫ت ل ّل ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ف َ‬
‫ظا ٌ‬ ‫حا ِ‬‫ت َ‬ ‫ت َ‬
‫قان َِتا ٌ‬ ‫حا ُ‬
‫صال ِ َ‬ ‫وماله‪ :‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫فال ّ‬
‫ه( ]سورة‪ :‬النساء ‪ -‬الية‪[34 :‬‬ ‫الل ّ ُ‬
‫فقد امتدح الله تعالى المرأة الصالحة بصفتين صفة يحبها الزوج‬
‫حال وجوده وهي أن تكون قانتة أي دائمة الطاعة و صفة يحبها‬
‫الزوج حال غيابه وهي أن تحفظ غيبته ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 195‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ب (‪ :‬ومن طبيعة المؤمنة الصالحة ومن صفتها‬ ‫ت ل ِل ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ف َ‬
‫ظا ٌ‬ ‫حا ِ‬
‫) َ‬
‫الملزمة لها بحكم إيمانها وصلحها كذلك أن تكون حافظة لحرمة‬
‫الرباط المقدس بينها وبين زوجها في غيبته فل تبيح نفسها في‬
‫نظرة أو نبرة ما ل يباح إل له‪ ،‬بحكم أنه الشطر الخر للنفس‬
‫الواحدة‬
‫) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و‬
‫تحفظ غيبتك في نفسها و مالك ‪‌ .‬‬
‫) وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك ( ومن فاز بهذه فقد وقع‬
‫على أعظم متاع الدنيا وعنها قال في التنزيل ‪ } :‬قانتات‬
‫حافظات للغيب {‬
‫عا أيما إبداع حين سمى ما بين‬‫‪‬تنبيه‪ :‬لقد كان القرآن مبد ً‬
‫الزوج وزوجه من‬
‫خصائص وحرمات 'غيًبا' ليضفى على الحياة الزوجية مسحة من‬
‫القداسة‪ ،‬ويسبغ عليها لوًنا من الصون والمهابة‪ ،‬وتكون هذه‬
‫السرة آمنة على أسرارها حافظة لعراضها حرية بالحترام‬
‫والتقدير‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما معنى حفظ غيبة الزوج ؟‬
‫معنى حفظ غيبة الزوج ‪ :‬أي يحفظن أنفسهن عن الفاحشة‬
‫وأموال أزواجهن عن التبذير والسراف‪ ،‬ويحفظن ما بينهن وبين‬
‫أزواجهن من أسرار وخصوصيات ‪ ،‬إن عدم حفظ غيبة الزوج تقلع‬
‫جذور المحبة من قعر قلب الزوج ل محالة لنها تتعلق بأنفس‬
‫عْرضه ‪.‬‬ ‫شيء عند الزوج وهو شرفه و ِ‬
‫أن حفظ الغيب أن تحفظ الزوجة تتضمن ‪:‬‬
‫‪1‬ـ حفظ نفسها عن الفاحشة في غياب زوجها‪.‬‬
‫‪2‬ـ حفظ ما بينها وبين زوجها من أسرار وخصوصيات‪.‬‬
‫‪3‬ـ حفظ أموال زوجها عن التبذير والسراف‪.‬‬
‫ء من التفصيل ‪:‬‬
‫وإليك شرح ذلك بشي ٍ‬
‫]‪ [1‬أن تحفظ الزوجة نفسها عن الفاحشة في غياب زوجها‪:‬‬
‫حفظ الغيب عزيزتي الزوجة خاص بالزوج والزوجة ‪ ،‬فلماذا اختص‬
‫ب{‬ ‫ت ل ِل ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ف َ‬
‫ظا ٌ‬ ‫حا ِ‬
‫الله المرأة في القرآن بهذه الصفة فقال‪َ } :‬‬
‫]النساء‪ [34:‬ولم يخص الرجل بآية بأنه حافظ للغيب‪ ،‬مع أنه شريك‬
‫لها في هذا الغيب‪ ،‬ووارد أنه قد يتحدث فيه ويكشفه لغيره ؟‬
‫والجواب أنه لما كان الزوج كثير الغياب عن بيته‪ ،‬كثير السفار‬
‫جعل القرآن حفظ هذا الغيب من خصوصيات الزوجة‪ ،‬لنها‬
‫تستطيع إن أرادت أن تعبث بهذا الغيب فتمارس الفاحشة أو‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 196‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫تسرف في المال أو تهتك حجب السرار دون علم أحد‪.‬‬
‫ول شك أن هناك من الرجال من ل يحفظ الغيب كاشف للسر‪،‬‬
‫هاتك للعرض‪ ،‬ولكن تظل المرأة هي عصب هذا المر‪ ،‬لذلك بدأ‬
‫ة‬
‫الله بالمرأة عند توقيع العقوبة في هذا المر فقال‪} :‬الّزان ِي َ ُ‬
‫ة{ ]النور‪[2:‬‬‫جل ْدَ ٍ‬ ‫مائ َ َ‬
‫ة َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬‫د ِ‬‫ح ٍ‬
‫وا ِ‬‫ل َ‬‫دوا ك ُ ّ‬ ‫جل ِ ُ‬
‫فا ْ‬‫والّزاِني َ‬ ‫َ‬
‫والمرأة عزيزتي الزوجة درة مصونة في السلم لها كرامتها‬
‫ضا‬
‫وحرمتها‪ ،‬لنها الزوجة والم والمحضن النفسي والعاطفي وأي ً‬
‫التربوي‪ ،‬فإن كانت خائنة للغيب اختلطت النساب وتفككت السرة‬
‫وضاع المجتمع‪.‬‬
‫وفي زماننا نسمع ونقرأ ونشاهد من حالت الخيانة الزوجية واتخاذ‬
‫الخدن والصديق وارتكاب الفواحش على أسرة الغائبين ما يحزن‬
‫القلوب‪.‬‬
‫ضا المرأة بحفظ الغيب لن الله يعلم طبيعة المرأة‬ ‫وخص الله أي ً‬
‫ف ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫خِبيُر{ ]الملك‪[14:‬‬ ‫طي ُ‬ ‫و الل ّ ِ‬
‫ه َ‬‫و ُ‬‫ق َ‬‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫}أل ي َ ْ‬
‫]‪ [2‬أن تحفظ الزوجة وما بينها وبين زوجها من أسرار‬
‫وخصوصيات‪:‬‬
‫إن إفشاء أسرار الفراش حرام بإجماع العلماء‪.‬‬
‫وقد أورد الشوكاني في 'نيل الوطار' وجه التحريم في إفشاء أحد‬
‫الزوجين لما يقع بينهما من أمور الجماع‪ ،‬قيل‪ :‬وهذا التحريم إنما‬
‫هو في نشر أمور الستمتاع ووصف التفاصيل الراجعة إلى‬
‫الجماع‪.‬‬
‫وأما مجرد ذكر نفس الجماع فإن لم يكن فيه فائدة ول إليه حاجة‬
‫فمكروه لنه خلف المروءة أو من التكلم بما ل يعني ]]ومن حسن‬
‫إسلم المرء تركه ما ل يعنيه [‬
‫ضا ـ حتى ل يفهم البعض خطأ ـ أننا ل نعلم من‬ ‫وهذا ل يعني أي ً‬
‫أمور دنيانا ومنها الجماع وأحكامه ما ينفعنا‪ ،‬وقد يظن بعض الناس‬
‫أن الحديث عن الجماع وآدابه وحكمه مناف للوقار والورع‪،‬‬
‫والحقيقة أن ذلك ظن في غير محله‪ ،‬ذلك أن الدين لم يغادر‬
‫صغيرة ول كبيرة إل أحصاها وأحاط بها إما تفصيل ً أو إجما ً‬
‫ل‪،‬‬
‫عا من القول بل نطقت به أدلة الشرع وتكلم‬ ‫فالحديث عنه ليس بد ً‬
‫فيه علماء السلف بما يشفي ويلم‪ .‬والذي ينافي المروءة والوقار‬
‫والورع إنما هو السفاف وكثرة الكلم فيه بل داع‪.‬‬
‫وهنا نقف ونسأل متى تكشف المرأة هذا الغيب؟‬
‫الصل أن المرأة المسلمة تحفظ الغيب وتصون الحرمات وتمسك‬
‫لسانها‪ ،‬فل تكشف سًرا ول تهتك غيًبا‪ ،‬ولو إلى أقرب الناس إليها‬
‫إل‪:‬‬
‫]‪ [1‬في حالت الضرورة التي بها تقام بها الحقوق وتستبين بها‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 197‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫المور‪.‬‬
‫]‪ [2‬عند حل مشكلة من المشاكل الزوجية بغرض إيجاد الحل‬
‫المناسب ل بغرض التشهير وكشف عيوب الطرف الخر‪ ،‬ويقول‬
‫م{ ]البقرة‪.[237:‬‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫ض َ‬ ‫وا ال ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫س ُ‬‫ول ت َن ْ َ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫]‪ [3‬إذا احتاج النسان للفتيا أو العلج فله أن يتحدث عن أمر‬
‫الفراش بما تدعو إليه الحاجة‪.‬‬
‫]‪ [4‬أن تحفظ الزوجة أموال زوجها عن التبذير والسراف‪:‬‬
‫الزوجة المسلمة الحافظة للغيب تحفظ أموال زوجها عن التبذير‬
‫قت ُُروا‬ ‫ول َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ر ُ‬
‫فوا َ‬ ‫س ِ‬‫م يُ ْ‬ ‫قوا ل َ ْ‬ ‫ذا أ َن ْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ن إِ َ‬‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬‫والسراف قال تعالى‪َ } :‬‬
‫وامًا{ ]الفرقان‪ [67:‬ولقد أعجبتني وصية امرأة‬ ‫ق َ‬ ‫ك َ‬‫ن ذَل ِ َ‬‫ن ب َي ْ َ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫عوف الشيباني لبنتها قبل زواجها في قولها‪:‬وأما السابعة‬
‫والثامنة فالعناية ببيته وماله والرعاية لنفسه وعياله‪ ،‬وملك المر‬
‫في المال حسن التدبير‪.‬‬
‫ماذا تفعل الزوجة في حال بخل الزوج ؟‬
‫على الزوجة المسلمة أن تأخذ من أموال زوجها بالمعروف وما‬
‫يكفي فقط دون علمه‪ ،‬ول يعتبر هذا خيانة للمانة ‪ ،‬للحديث‬
‫التي ‪:‬‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح البخاري ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫أن هند بنت عتبة قالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إن أبا سفيان رجل شحيح‪،‬‬
‫وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إل ما أخذت منه‪ ،‬وهو ل يعلم‪،‬‬
‫فقال‪) :‬خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف(‪.‬‬
‫ولكن ليتنبه النساء أن قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬بالمعروف((‬
‫أي في غير إسراف ول تبذير ‪ ،‬ول مجاوزة الحد ‪ ،‬بل تأخذ من ماله‬
‫نفقة مثيلتها ‪ ،‬ول تزيد كما يفعل بعض النساء اليوم من إطلق‬
‫أيديهن في أموال أزواجهن دون إذنهن بدعوى أنه بخيل ‪ ،‬فيأخذن‬
‫من ماله ما ينفقنه فيما يغضب الله من الذهاب إلى صالونات‬
‫تصفيف الشعور ‪ ،‬وصالت التجميل ‪ ،‬والتبذير في الملبس‬
‫والمشرب ‪ ،‬فهؤلء محاسبات على تعديهن على أموال أزواجهن‬
‫لغير حاجة شرعية‪ ،‬ولفسادهن هذه الموال‪.‬‬
‫‪‬تنبيه ‪ ‬هناك أمران إن امتثلتهما المرأة وحافظت عليهما‬
‫ن غيبة زوجها في‬ ‫حص َ‬ ‫ضت عليهما بالنواجذ تكون قد صانت ِ‬ ‫وع ّ‬
‫نفسها وكانت جوهرةً مصونة ودَُرةً مكنونة ‪ ،‬وكانت عند زوجها في‬
‫ة‬
‫ة ووقار وسكين ٍ‬ ‫عَز ٍ‬
‫ش مع زوجها في ِ‬ ‫مَناعة ‪ ،‬وظلت تعي ُ‬ ‫نو َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫ح ْ‬‫ِ‬
‫ء ُيشبه البرار ‪ ،‬وكانت كما أرادها ربها ثم زوجها‬ ‫واستقرار ونقا ٍ‬
‫ة حيّية ‪ ،‬حرةً أبّية ‪ ،‬تحفظ غيبته وتصون كرامته‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ً‬ ‫) تقي ٍ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 198‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عدّ معه لقيام ِ‬
‫عينه على الطاعة وت ُ ِ‬
‫من ِّية ‪ ،‬وت ُ ِ‬
‫وترافقه حتى تأتيه ال َ‬
‫الساعة( وهذان المران هما ‪:‬‬
‫)‪ : (1‬أن ل تكلم رجل ً أجنبيا ً إل بإذنه‬
‫ها على زوجها‪ ،‬وسوف‬‫خب ِب ْ َ‬ ‫)‪ : (2‬وأل تسمح لح ٍ‬
‫د أن ي ُ َ‬
‫ء من التفصيل لخطورتهما‬ ‫أتكلم عنهما بشي ٍ‬

‫أول ً ‪ :‬من حفظ غيبته أل تكلم رجل ً أجنبيا ً إل بإذنه‬

‫) حديث عمرو ابن العاص رضي الله عنه الثابت في صحيح‬


‫الجامع ( أن النبي ‪ r‬نهى أن تكلم النساء إل بإذن أزواجهن ‪‌ .‬‬
‫] نهى أن تكلم النساء إل بإذن أزواجهن [ لنه مظنة الوقوع‬
‫في الفاحشة بت سويل الشيطان ‪ ،‬أل فلتحذر العاقلة ول ْت َن َْتبه‬
‫الغافلة فل تتساهل في الكلم مع‬
‫ة‬
‫ي عنها بغير إذن زوجها فربما أفضى ذلك بها إلى الهو ِ‬ ‫ل أجنب ٍ‬ ‫رج ٍ‬
‫السحيقة ‪ ،‬وربما كان ذلك سببا في هلكها في الدنيا والخرة ‪،‬‬ ‫ً‬
‫ة ل مخرج لها منها‬ ‫مها بعد ثبوتها وانزلقت في ورط ٍ‬ ‫وربما َزّلت قد ُ‬
‫عوا ْ‬ ‫َ‬
‫مُنوا ْ ل َ ت َت ّب ِ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬‫أبدا ‪ ،‬ول تنسى أن الله تعالى يقول ‪) :‬ي َأي ّ َ‬
‫مُر ِبال ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫شي ْ َ‬
‫ء‬
‫شآ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ه ي َأ ُ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬‫ن َ‬ ‫طا ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫خط ُ َ‬
‫وا ِ‬ ‫ع ُ‬
‫من ي َت ّب ِ ْ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ِ‬ ‫ت ال ّ‬‫وا ِ‬ ‫خط ُ َ‬ ‫ُ‬
‫ر( ]سورة‪ :‬النور ‪[21 :‬‬ ‫من ْك َ ِ‬‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬

‫مات‬ ‫م َ‬
‫كال ِ َ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫خ ُ‬
‫طوَر ِ‬ ‫‪‬ت َذْك ِي ُْر الت َ ِ‬
‫قَية ب ِ ُ‬
‫الَهاِتفَية ‪‬‬

‫كلم المرأة مع الرجل عن طريق الهاتف أو غيره من المور‬ ‫‪‬‬


‫العاطفية من الحب والغرام والتعلق ‪ ،‬والوصف يدعو للفتنة لها أو‬
‫بها ‪ ،‬وهو محرم ‪ ،‬وهو ول شك مقدمة الفاحشة والعياذ بالله ‪،‬‬
‫وهو من خطوات الشيطان لصطياد العفيفات الغافلت ‪ ،‬فل يزال‬
‫الذئب يلين الكلم ‪ ،‬وينسج الخيال ‪ ،‬ويكثر الوعود ‪ ،‬ويحلف اليمان‬
‫‪ ،‬حتى تقع المرأة فريسة بين يديه ‪ ،‬فيا لله كم من أعراض‬

‫‪‬‬
‫ت‬ ‫‪ « 199‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫انتهكت ‪ ،‬وكم من محارم اقترفت ‪ ،‬وكم من مصائب وآهات وآلم ‪،‬‬
‫‪.‬‬ ‫والخطوة الولى كانت اتصال عن طريق الهاتف ‪،‬‬
‫وهؤلء الذئاب الغارقون في سقامة الضمائر ولؤم السرائر وفساد‬
‫النية وسوء الطوية ‪ ،‬استحوذ عليهم الشيطان والخذلن والطغيان‬
‫دهم عن خشية الرحمن وامتثال القرآن ‪ ،‬ران على قلوبهم‬ ‫فص ّ‬
‫رب على قلبهم وسمعهم من الذنوب أقفال ‪،‬‬ ‫ض ِ‬ ‫قبائح العمال ‪ ،‬و ُ‬
‫عال‬ ‫ف َ‬ ‫ح ال ِ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫فأعمى بصرهم وبصيرتهم عن رؤية ُ‬
‫ن للرذيلة فهم ل شك كاذبون‬ ‫و َ‬ ‫ع ْ‬‫س َ‬‫وهم يستوطئون الحيلة وي َ ْ‬
‫مصانعون ينصبون المكائد والفخاخ ويدسون السم في‬ ‫مخادعون ُ‬
‫العسل ليقاع الفريسة ‪ ،‬وقد صرح بعضهم أنه يفعل ذلك تارة‬
‫للعبث ‪ ،‬وتارة لحب السيطرة والغواء ‪ ،‬وتارة للفخر بأنه أوقع‬
‫فلنة وفلنة ‪ ،‬والله المستعان ‪.‬‬
‫فيا أيتها الخت المسلمة الحذر الحذر ‪ ،‬والنجاة النجاة ‪ ،‬فإن من‬
‫أعز ما تملك المرأة شرفها وحياءها وعفتها ‪ ،‬وهذا الذئب اللئيم ل‬
‫يتورع عن ذكر فريسته بين المجالس وأنه قال لها كذا ‪ ،‬وفعل بها‬
‫كذا ‪ ،‬حتى يغدو ذكرها على لسان الفسقة مستباحا ‪ ،‬وربما‬
‫استدرجها للقاء ‪ ،‬أو سجل صوتها ‪ ،‬أو أخذ صورتها ‪ ،‬فجعل ذلك‬
‫مادة للبتزاز والتخويف والتوصل إلى ما هو أعظم ‪ ،‬عافاك الله‬
‫وصانك من كل سوء ‪.‬‬
‫وهذا الذي نذكره ليس كلما يراد منه تخويفك ‪ ،‬ولكنه إشارة إلى‬
‫عشرات القصص الواقعية التي وقعت في هذا الزمان ‪ ،‬مع انتشار‬
‫الهواتف ‪ ،‬وهي قصص محزنة مخجلة ‪ ،‬تدل على مدى قسوة هؤلء‬
‫العابثين ‪ ،‬ومدى ضعف المرأة أمام استدراجهم ومكرهم ‪ ،‬وتدل‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أبين دللة على عظمة قول ربنا سبحانه وتعالى ‪َ ) :‬يا أي ّ َ‬
‫ه‬
‫فإ ِن ّ ُ‬‫ن َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫خط ُ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن ي َت ّب ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫خط ُ َ‬ ‫عوا ُ‬ ‫مُنوا ل ت َت ّب ِ ُ‬ ‫آ َ‬
‫ْ‬
‫كى‬ ‫ما َز َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ُ ُ‬
‫ح َ‬‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ول َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ر َ‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ء َ‬ ‫شا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫مُر ِبال ْ َ‬
‫ي َأ ُ‬
‫من ْك ُم من أ َح َ‬
‫م(‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫شاءُ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫كي َ‬ ‫ه ي َُز ّ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫د أَبدا ً َ‬ ‫ْ ِ ْ َ ٍ‬ ‫ِ‬
‫النور‪ ، 21/‬فإن الكلمة في الهاتف قد تكون خطوة من خطوات‬
‫الشيطان ‪ ،‬وهكذا النظرة ‪ ،‬والبتسامة ‪ ،‬ولين الكلم ‪ ،‬يتلقفها من‬
‫في قلبه مرض ‪ ،‬ويبني عليها جبال من الوهام والظنون‬
‫والخيالت ‪ُ ،‬تنتج طمعا ً وسعيا ً ومكرا ً وتدبيرا ً في الباطل ‪،‬‬
‫قل ْب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫في َطْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬‫خ َ‬ ‫فل ت َ ْ‬ ‫قال الله تعالى ‪َ ) :‬‬
‫عُروفا ً( ] الحزاب‪[32/‬‬ ‫م ْ‬ ‫ول ً َ‬‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قل ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ض َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫َ‬
‫‪‬أي ل تلن في الكلم فيطمع الذي في قلبه فجور ‪،‬وإذا كانت‬
‫الية في حق أمهات المؤمنين رضي الله عنهن فغيرهن من باب‬
‫أولى !‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 200‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال الحافظ ابن كثير في تفسيره )‪:(7/409‬‬
‫» ومعنى هذا أنها تخاطب الجانب بكلم ليس فيه ترخيم ‪ ،‬أي ‪ :‬ل‬
‫تخاطب المرأة الجانب كما تخاطب زوجها « ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫]*[ قال المام ابن القيم في إغاثة اللهفان )‪: (1/14‬‬
‫» أمرهن أن ل يلن كلمهن كما تلين المرأة المعطية الليان في‬
‫منطقها فيطمع الذي في قلبه مرض الشهوة « ‪.‬‬
‫‪‬والمرأة ينبغي لها إذا خاطبت الجانب أن تقوي كلمها ‪ ،‬فإن‬
‫ذلك أبعد من الريبة والطمع فيها ‪،‬ول تلينه وتكسره ‪ ،‬لن ذلك‬
‫يغري بها الرجال وتكون فتنة لهم )‪. (20‬‬

‫ح يطرح نفسه – هل تخلو مكالمة هاتفية‬ ‫مل ّ ٌ‬‫ل ُ‬‫‪‬وهنا سؤا ٌ‬


‫بين شاب وشابة من الخضوع بالقول ‪ ،‬والضحك وترقيق الكلم‬
‫وتزيينه ؟! فكيف ل تكون الفتنة ‪ ،‬وكيف ل يكون التعلق ‪ ،‬وكيف ل‬
‫يطمع القلب المريض ؟!‬
‫د كل باب للفتنة السحيقة‬
‫س ِ‬
‫ة مسلمة على َ‬ ‫فلتحرص ك ُ‬
‫ل امرأ ٍ‬
‫ولتكن كما أرادها الله تعالى‬
‫ة حيّية ‪ ،‬حرةً أبّية ‪ ،‬ل يطمع فيها طامع ‪ ،‬ول‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ً‬ ‫‪ ‬تقي ً‬
‫حَماها َراِتع ‪ ،‬ليست كًل ُمَباَحا ول ِسلعًة ُمَتاَحة ‪‬‬ ‫يرتع حول ِ‬
‫ل بغير‬ ‫ة مسلمة من أن تكّلم أي رج ٍ‬ ‫ل امرأ ٍ‬ ‫‪‬تنبيه‪:‬أل فلتحذر ك ُ‬
‫إذن زوجها لنها بذلك تفتح على نفسها باب الفتنة السحيقة ‪،‬‬
‫وتغلق بابها أما رياح الفتن المتلطمة؟!‪ .‬حتى ل تكون فريسة‬
‫لهل المكر والكيد‪ ،‬الذين يتربصون بالمسلمين الدوائر ‪ ،‬حتى ل‬
‫يستعصي الداء فل ينفع دواء‬
‫مّنا ببعيد ‪،‬‬ ‫ت إليه من عواقب وخيمة ِ‬ ‫سات وما آل ْ‬ ‫عاك َ َ‬
‫م َ‬
‫‪‬وما أخبار ال ُ‬
‫مي القلوب لما آل إليه حال من‬ ‫ص ت ُدْ ِ‬
‫ص ٌ‬ ‫ق َ‬‫ك ِ‬ ‫وسأسوق إلي ِ‬
‫مت رجل ً بغير إذن زوجها ‪،‬‬ ‫وك َل ّ َ‬
‫استسهلت بفتح باب الفتنة عليها َ‬
‫فأسوق هذه القصص تذكرةً للعاقلة وتنبيها ً للغافلة وتقويما ً‬
‫للمائلة ‪:‬‬
‫ة سقطت جريحة ‪ ،‬جرحها ينـزف ‪ ،‬ودموعها تذرف‪،‬‬ ‫قصة ضحي ٍ‬
‫دل‬‫و الهامة ؛ فتب ّ‬ ‫وقلبها منكسر‪ ،‬بسبب ما فقدته من الكرامة ؛ وعل ّ‬
‫ودة الوجه؛ هل يعقل‬ ‫ة‪ ،‬مطأطئة الرأس‪ ،‬مس ّ‬ ‫ذلك ‪ ،‬فأصبحت ذليل ً‬
‫أن تكون قد سقطت من غير سبب ول مقدمات؟!‬
‫كل‪ ..‬بل إن لسقوطها بداية ‪ ،‬وهي ) قصة معاكسة(‪ ..‬رّبما ابتدأت‬
‫بابتسامة‪ ،‬أو كلمة؛ أو رقم هاتف ‪ ، ،‬عادت من بعدها ) ضحية(؛‬
‫فجنت على نفسها وعلى غيرها‪..‬‬
‫‪ ()20‬ينظر ‪ :‬مفتاح دار السعادة للمام ابن القيم )‪ (1/368‬الكلم على مرض الشهوة ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 201‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فتأمل ما يلي فإن فيه عبرة‪...‬‬
‫]*[ قد ل تتصور إحدى النساء وهي تنـزلق في مزالق المعاكسات‬
‫مع الشباب العابث ما قد يصل إليه أمرها من السوء والخطر‬
‫الجسيم‪ ،‬حيث تجد نفسها يوما ً من اليام في مأزق عظيم ل مفّر‬
‫ة ل مخرج لها منها أبدا ً ل في‬ ‫منه ول مناص ‪ ،‬ولربما تقع في ورط ٍ‬
‫الدنيا ول في الخرة ‪.‬‬
‫ورت ونظرت إلى هذه الخطوة الجريئة من جميع‬ ‫ولو أنها تص ّ‬
‫جوانبها لما أقدمت عليها؛ لن العاقبة الوخيمة ؛ والمصير والمآل‬
‫الذي تؤول إليه معروف ‪0‬‬
‫فإما فضيحة وخزي وعار يلحق بهذه المرأة وأهلها‪ ،‬وقد يصل‬
‫الحال إلى أن يقوم أهلها بقتلها ؛وهذا حدث وليس بدعا ً من‬
‫القول ؛ وإما أن يصرف عنها المعاكس نظره‪ ،‬لنه إذا حصل على‬
‫مطلوبه فإنه ليس بحاجة إلى أن يتزوج امرأة ) خائنة ( ‪ ،‬خانت‬
‫أهلها وثقتهم بها ‪0‬‬
‫ولو حدث وتزوجها فإنه مع ذلك ل يحس بطمأنينة معها‪ ،‬لنه غالبا ً‬
‫ما يعيش خائفا ً أن تكرر ذلك الفعل مع غيره؛كما قال القائل‪:‬‬
‫يأمنوه على الســرار ما عاشا‬ ‫لم به‬
‫من أطلعوه على سـّر فبـــاح‬
‫ولكن يجب أن تعرف المرأة المعاكسة ؛ أن الصل فيها أنها مرحلة‬
‫عبور‪ ،‬ووسيلة لقضاء وقت الفراغ ؛ فل تطمع بأكثر من هذا!‬
‫ورت نفسها بغير هذه المنـزلة فهي ) مخطئة( ؛ وهذا قول‬ ‫ولو تص ّ‬
‫الشباب أنفسهم الذين مّروا بهذه التجربة‪.‬‬
‫فالشاب يحتقر المرأة ‪ -‬دون أن يخبرها بذلك‪ -‬التي تأخذ رقم‬
‫هاتفه أمام الناس ‪ ،‬ل يثق بها إطلقًا‪ ،‬لنه سيسأل نفسه‪ :‬لماذا‬
‫وافقت على مبدأ التعارف ؟!‪ ،‬إذن ستوافق مستقبل ً على أن‬
‫وجا فإنه سيظل يشك‬ ‫تتعّرف على شاب آخر ؛ وحتى لو حصل وتز ّ‬
‫في سلوك زوجته ‪ ،‬ويعيد شريط ذكرياته منذ أول لقاء أو اتصال‬
‫هاتفي!!‪.‬‬
‫والحقيقة أن هناك أمرا يفعله بعض الشباب المعاكس ‪ ،‬الذين ل‬
‫يرجون الله واليوم الخر‪ ،‬وتغفل عنه النساء الساذجات ؛ لنهن ل‬
‫ُيحطن علما ً بما يراد بهن ‪ ،‬ول يعلمن بما وصل إليه هؤلء الشباب‬
‫من المكر والكيد والخديعة ‪0‬‬
‫وهذا المر الخطير هو أن بعض الشباب‪ ،‬وأثناء مكالمة الهاتفية‬
‫مع ) صديقة الغفلة ( يقوم بتسجيل شريط كاسيت بما يدور‬
‫بينهما من الحديث الغرامي والكلم الفاحش‪ ،‬بل وأحيانا يكون‬
‫فة‪ ،‬ثم‬‫الكلم من أشنع الكلم أقبحه ‪ ،‬وخاليا ً من الحياء والع ّ‬
‫يحتفظ هذا ) الوغد( بذلك الشرط معه‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 202‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كرت هذه المرأة أن ُتنهي علقتها معه‪ ،‬وأخبرته بذلك‪ ،‬أظهر‬ ‫فإذا ف ّ‬
‫ذلك الشريط وهددها به !!‬
‫وهنا تنقلب حياتها رأسا ً على عقب‪ ،‬وتصطدم بجدار الحقيقة ‪،‬‬
‫وتصحو من سباتها العميق‪ ،‬ويحيط بها الخوف والحزن من كل‬
‫ض أصابع الندم على قبيح فعلتها‪ ،‬ولكن حين ل ينفع‬ ‫جانب‪ ،‬وتع ّ‬
‫الندم ‪ ،‬فتعيش صراعا ً مريرًا‪ ،‬وهي ل تعرف كيف الخلص ؟ ‪.‬‬
‫ددها بأن يفضح أمرها‬ ‫كر بإنهاء علقتها معه‪ ،‬إل ّ ه ّ‬ ‫فما إن تف ّ‬
‫خب ُِر زوجها بالشريط‪ ،‬أو أن تبقى صديقة له لتلّبي غرائزه‬ ‫وي ُ ْ‬
‫البهيمية !! ‪.‬‬
‫وإذا أرادت التوبة‪ ،‬وترك هذا الطريق الموحش‪ ،‬والرجوع إلى الله‪،‬‬
‫والستغفار عما كان منها ؛ هددها بالشريط!!‪0‬‬
‫‪‬ومن أسوأ ما تقع فيه بعض النساء الجاهلت ‪ :‬أنها إذا تعّرفت‬
‫على أحد المعاكسين العابثين الواقعين في أعراض المسلمين‬
‫أعطته صورها أو صورت معها‪.‬‬
‫وهذه الصور ستظهر عاقبتها عليها بعد حين‪ ،‬حين تجد أن هذا‬
‫الحقير قد أمسك لها هذه الصور ممسك الذلة ‪ ،‬فما إن تفكر أدنى‬
‫تفكير بإنهاء علقتها معه إل ّ هددها بالصور التي يحتفظ بها ‪0‬‬
‫فلو أرادت أن تتوب هددها بتلك الصور ‪ ،‬فتجد أن هذه المرأة‬
‫تعاني من الصراعات النفسية التي تثور في داخلها‪ ،‬وقد أوقعت‬
‫صد لها يهددها‬ ‫نفسها في متاهة ؛ فإنها تجد أن هذا الحقير متر ّ‬
‫ما أن تستجيب لمطالبه الدنيئة ؛ أو أنه يوصل هذه‬ ‫بصوره معها ؛ إ ّ‬
‫مر حياتها‪.‬‬ ‫الصور إلى زوجها ويد ّ‬
‫ولعل هذا السفيه تطاوعه في هذا المطلب القذر نظير سكوته‪،‬‬
‫وره‪ ،‬وما إن أراد منها‬ ‫وتظن أن هذا هو الحل‪ ،‬فيزداد في غّيه وته ّ‬
‫شيئا ً إل هددها بالصور؛ وتبقى هي ترضخ لتهديده ‪ ،‬خوفا ً من أن‬
‫ينتشر أمرها‪ ،‬وتفتضح أمام الناس؛ على أن الفضيحة واقعة ل‬
‫محالة‪ ،‬طال الزمان أو قصر‪،‬‬
‫ي إلى عار ‪ ،‬ومن‬ ‫خز ٍ‬ ‫ر إلى دمار ‪ ،‬ومن ِ‬ ‫ل من دما ٍ‬ ‫‪ ‬فصارت تنتق ُ‬
‫حَرم ِ زوجها جوهرةً مصونة ‪،‬‬ ‫شَنار ‪ ،‬وبعد أن كانت في َ‬ ‫ر إلى َ‬ ‫عا ٍ‬
‫فونة ‪،‬‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬
‫ة َ‬‫ع ً‬ ‫سل َ‬‫ْ‬ ‫ة مفتونة ‪ ،‬و ِ‬ ‫حشها خائن ً‬ ‫ف ْ‬ ‫ولؤلؤةً مكنونة ‪ ،‬صارت ب ُ‬
‫ة‬
‫حرم ِ‬ ‫سي َِرةً ملعونة * وبعد أن كانت في ُ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫سيرتها بين النا ِ‬ ‫و ِ‬
‫ة متاحة‬ ‫ً‬
‫مناعة ‪ ،‬صّيرت نفسها كل مباحا ‪ ،‬وسلع ً‬ ‫َ‬
‫نو َ‬ ‫حص ٍ‬ ‫زوجها في ِ‬
‫ة واستقرار ‪،‬‬ ‫ة ووقار ‪ ،‬وسكين ٍ‬ ‫* وبعد أن كانت مع زوجها في عز ٍ‬
‫مار‬‫ت ودَ َ‬ ‫شت ُ ٍ‬‫غار ‪ ،‬وت َ َ‬ ‫ص َ‬ ‫و َ‬‫ة َ‬ ‫ه البرار ‪ ،‬صّيرت نفسها في ِذل ٍ‬ ‫ء يُ ْ‬
‫شب ِ ُ‬ ‫ونقا ٍ‬
‫ة بالقار *‬‫مطْل ِي َ ٌ‬ ‫ي وعار ‪ ،‬كأنها َ‬ ‫خز ٍ‬ ‫‪،‬و ِ‬
‫عم وتناست‬ ‫دت ما أنعم الله عليها من الن ِ َ‬ ‫ح َ‬
‫ج َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل أنها ل ّ‬ ‫‪‬والحاص ُ‬
‫ن الفتن ‪ ،‬صارت‬ ‫قت بنفسها في براث ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وأل ْ َ‬ ‫من َ ْ‬
‫مرها من ال ِ‬ ‫ما غ َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 203‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ع بأنفها‬ ‫فساء( التي تد َ‬
‫ف ُ‬ ‫خن ْ ِ‬‫علن )ال ُ‬ ‫ج ْ‬‫ن على الله تعالى من ال ِ‬ ‫أهو َ‬
‫رقت في القذارة ‪،‬‬ ‫غ ِ‬ ‫جب فقد زهدت في الطهارة و َ‬ ‫الن ََتن ‪ ،‬ول ع َ‬
‫ر والن ََتن‬ ‫قذ ِ‬ ‫غَيتها إل في مواضع ال َ‬ ‫ل الفئران تماما ً فإنها لتجد ب ُ ْ‬ ‫كحا ِ‬
‫ة‬
‫عها وسواد قلبها ورداء ِ‬ ‫ة طب ْ ِ‬‫َ‬ ‫سها ودناء ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ةن ْ‬ ‫س ِ‬ ‫خ َ‬ ‫‪ ،‬وما ذلك إل ل ِ ِ‬
‫عِلها ‪ ،‬وكان‬ ‫ف ْ‬‫سوء ِ‬ ‫ظها عن ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح َ‬ ‫مها و َ‬ ‫ص َ‬‫ع َ‬‫معدنها ‪ ،‬ولو أحبها ربها ل َ‬
‫ش‬
‫صُر به ‪ ،‬ويدها التي تبط ُ‬ ‫ع به وبصَرها التي ت ُب ْ ِ‬ ‫عها التي تسم ُ‬ ‫م َ‬
‫س ْ‬ ‫َ‬
‫عطِي َّنها ‪ ،‬ولئن‬ ‫َ‬
‫رجلها التي تمشي بها ‪ ،‬ولئن سألته لي ُ ْ‬ ‫بها و ِ‬
‫ن‬
‫ضها لسواِد قلبها فصارت أهو َ‬ ‫غ َ‬ ‫عذَّنها ‪ ،‬لكنه سبحانه أب ْ َ‬ ‫ذته ل َي ُ ِ‬ ‫سَتعا َ‬ ‫ا ْ‬
‫فها الن ََتن *‬ ‫ع بأن ِ‬‫فساء( التي تدف ُ‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫علن )ال ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫على الله تعالى من ال ِ‬
‫دها ‪ ،‬ويبذ ُ‬
‫ل‬ ‫ب إلى الله ِبو ّ‬ ‫جها يفتخُر بها ‪ ،‬ويتقَر ُ‬ ‫وبعد أن كان زو ُ‬
‫عه بها ‪ ،‬صار أشقى الناس‬ ‫ف َ‬ ‫سه من أجلها ‪ ،‬عسى الله أن ين َ‬ ‫نف َ‬
‫رها ‪ ،‬ويتبرأ إلى‬ ‫س لها ‪ ،‬وصار يختفي من ِذك ْ ِ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫جْرمها ‪ ،‬وأبغ َ‬ ‫بِ ُ‬
‫س‬
‫هر اسمه من دن ِ‬ ‫فعلها ‪ ،‬وتقّرب إلى الله بطلقها ‪ ،‬وط ّ‬ ‫الله من ِ‬
‫ها ماتت قبل ذلك ‪،‬‬ ‫فل َي ْت َ َ‬ ‫ره الدنيا كّلها من أجلها ‪َ ،‬‬ ‫القتران بها ‪ ،‬وك َ ِ‬
‫ل هالك ‪.‬‬ ‫عا ً لك ِ‬ ‫م َ‬ ‫مط ْ َ‬ ‫سها المهالك ‪ ،‬وتصيَر َ‬ ‫رد نف َ‬ ‫و ِ‬ ‫قبل أن ت ُ ْ‬
‫]*[ يجب أن تعرف كل امرأة أنها عندما تخرج من منزل أهلها أو‬
‫منزل زوجها فإنها تحمل معها شرفها وشرف أهلها… فعليها أل ّ‬
‫تفرط في هذا الكنز الثمين تحت نزوة شيطانية‪ ،‬وأن ل ُتقدم على‬
‫أي عمل يخدش هذه السمعة‪.‬‬
‫م من‬ ‫وهذه الحقيقة ليست غائبة عن الكثيرات‪ ،‬فإنه أمٌر معلو ٌ‬
‫مه‬‫عل ِ‬ ‫علم ‪ ،‬ويستوي في ِ‬ ‫الدين بالضرورة فل يحتاج إلى زيادة ِ‬
‫رّية و البدوّية ‪ ،‬فهو‬ ‫ض ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وّية ‪ ،‬وال َ‬ ‫دنّية و القَر ِ‬ ‫م َ‬ ‫مّية ‪ ،‬وال َ‬ ‫المتعلمة و ال ُ ِ‬
‫عرفان ‪ ،‬ولكن‬ ‫ج إلى برهان ول مزيد ِ‬ ‫ح البيان ول يحتا ُ‬ ‫أمٌر واض ُ‬
‫بعض النساء ممن تنكرن للدب وانسلخن من الفضيلة تتغافل أو‬
‫تتجاهل هذه الحقيقة‪ ،‬فما إن تسمع داعي الرذيلة من أهل‬
‫ل إلى الحرام والعياذ‬ ‫مي ٌ‬ ‫المعاكسات إل استجابت لهم‪ _ ،‬لن فيها َ‬
‫ت مميلت (‬ ‫بالله تعالى _ كقوله ‪ r‬في صحيح مسلم ) مائل ٍ‬
‫هما ّ ‪ ،‬وهو أنه لبد في هذا الطريق من ضحية ‪،‬‬ ‫ولكنها نسيت أمرا ً ُ‬
‫م ِ‬
‫والضحية ستكون )هي(‪ ،‬لنها ستجد الكلم المعسول الذي سمعته‬
‫من ذلك المعاكس لم يكن إل استدراجا ً لسذاجتها‪ ،‬وللحصول على‬
‫مبتغاه منها‪ ،‬فإذا أخذ ما يريده منها ألقاها‪ ،‬وقد تلوّثت سمعتها؛‬
‫ك( ُيمضغ حتى إذا ذهبت حلوته‬ ‫عل ْ َ‬
‫وهذا ليس بمستغرب‪ ،‬لن ) ال ِ‬
‫ي في أقرب صندوق قمامة؛‬ ‫ق َ‬ ‫ُأل ِ‬
‫فإنه كما قيل‪:‬‬
‫فل تظنـن أن الليــث يبتســم‬ ‫إذا رأيت نيــــوب الليـــث بارزة‬
‫فإن هذه البتسامات ل تلبث أن تتحول إلى وحشّية ‪ ،‬وتلك‬
‫ل مكانها المواجهة بالحقيقة‪ ،‬التي طالما‬ ‫الكلمات ل تمضي إل ويح ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 204‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أخفاها الرجل المحتال عن تلك المرأة ‪ ،‬حتى يبلغ منها مبلغه‪ ،‬ثم‬
‫يوّلي مدبرا ً عنها ول يع ّ‬
‫قب‪.‬‬
‫ولله دّر القائل ‪:‬‬
‫عند التقلب في أنيـابها‬ ‫إن الفاعـي وإن لنـت ملمســـها‬
‫ب‬‫العطــ ُ‬
‫‪ ‬تقول إحدى الضحايا‪:‬‬
‫)المعاكسة أدخلتني السجن‪: (..‬‬
‫دت كل شيء‪..‬؛ وقفت إحدى الضحايا لتقول‪:‬‬ ‫بعد أن فق َ‬
‫) دخلت السجن بجريمة الزنا‪ ،‬والسبب معاكسة هاتفية رفضتها‬
‫ل‪ ،‬واستجبت لها بعد إلحاح المعاكس ‪ ،‬وذلك أن زوجي يعمل‬ ‫أو ً‬
‫لوقات طويلة‪ ،‬وأحيانا ً يقضي الليل في عمله؛ وفي هذه الوقات‬
‫بدأ شخص ما بمعاكستي بالهاتف ‪0‬‬
‫كنت في البداية أرفض هذه المعاكسة‪ ،‬وأغلق الهاتف في وجهه‪،‬‬
‫ت أن أخبر زوجي ول يفهمني‬ ‫ف ُ‬ ‫ولكنه كان مصرا ً على التصال ؛ ِ‬
‫خ ْ‬
‫إذ كان بيننا بعض المشكلت؛ ونظرا ً لكوني وحيدة وإصرار‬
‫ورت المعاكسة إلى تعارف‪ ،‬ثم طلب‬ ‫المعاكس استجبت له‪ ،‬وتط ّ‬
‫لقائي خارج المنزل‪ ،‬قلت له‪ :‬ل أستطيع أن أخرج‪.‬‬
‫ولن زوجي يعمل أحيانا ً في الليل‪ ،‬هّيأت له أن يدخل المنزل‬
‫عندما ينام الجميع‪ ..‬وتكررت زياراته الليلية حتى شاهده الجيران ؛‬
‫فأبلغوا والد زوجي الذي أخبر زوجي بدوره؛ فلم يصدق في‬
‫البداية‪ ..‬حتى نصبوا لنا كمينا ً مع الشرطة التي ضبطته يخرج من‬
‫المنزل ‪ ،‬وكانت نهايتي السجن ‪0‬‬
‫بالطبع طّلقني زوجي ؛ وفقدت أسرتي وأطفالي ؛ وما كان‬
‫حصادي إل الندم ؛ ول أعرف من ألوم؟!…‬
‫نفسي؟ ؛ أم الشخص المعاكس ؟ أم الهاتف؟ ( ا هـ ‪.‬‬
‫ت به إحدى ضحايا المعاكسات‪ ،‬قد‬ ‫ح ْ‬ ‫كانت هذه الكلمات اعتراف با َ‬
‫تسبّبت معاكسة في تحطيم حياتها وضياع أسرتها‪ ،‬وفضيحتها بين‬
‫الناس‪ ،‬حتى صارت الفضيحة قرينة لسمها كلما ذكر؛ ولكن هل‬
‫انتهى الموضوع عند هذا الحد؟!‪.‬‬
‫كل‪ ،‬إن الموضوع لم ينته بعد ؛ بل زاد على ذلك وصمة العار التي‬
‫مهم التي سجنت بسبب‬ ‫عّيرون بأ ّ‬ ‫ستلحق أبناء هذه المرأة حين ي ُ َ‬
‫فعلتها النكراء ؛ ولك أن تتصور موقف هؤلء البناء حين تشير‬
‫إليهم الصابع ‪ ،‬ويلمزهم الناس بأنهم أبناء فلنة‪.!..‬‬
‫ولك أن تتصور موقف الب إذا اسودّ وجهه ‪ ،‬وطأطأ رأسه خجل ً‬
‫وِذّلة بسبب فعلة ابنته ‪0‬‬
‫در بها‬ ‫وما هو حال إخوتها إذا ذكرت قصة أختهم في المجالس‪ ،‬وتن ّ‬
‫المتكلمون؟‪0‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 205‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وما هو حال شقيقاتها وأزواجهن حين تكون هذه المرأة خالة‬
‫أولدهم؟ ‪..‬‬
‫وما هو موقف أبناء شقيقاتها إذا قيل ‪ :‬إن فلنة خالتهم‪ ،‬هل‬
‫سيطيقون ذلك أو سيضيقون بها ذرعا ً كلما ذكرت بأنها خالتهم؟‪.‬‬
‫وهو حال أبنائها وبناتها التي تسبب لهم بعد الذل والوبال‬
‫الصدمات النفسية التي ترافقهم طوال حياتهم حتى إنهم ل‬
‫يستطيعون الثقة بأي أحد فتصبح حياتهم جحيم وهآنذا لقدم لك‬
‫هذه القصة بما فيها من مأساة لتعلم كيف تسببت امرأةٌ خائنة في‬
‫ة أبنائها وبناتها ‪:‬‬
‫قو ِ‬‫ش ْ‬
‫ِ‬
‫]*[ كان هناك طبيب نفسي يعالج فتاة منذ كان عمرها سبع‬
‫سنوات‪ ،‬كانت تلك البنت قد ائتمنته على سر لم يعلمه أحد‪ ،‬وهو‬
‫أنها كانت شديدة التعلق بالم ‪ ،‬خاصة أنها البنت الوحيدة مع‬
‫أخوين يكبرانها في العمر‪ ..‬كانت طوال الوقت بجوار الم ‪،‬‬
‫ما‪.‬‬
‫ضا معها دائ ً‬
‫وتريدها أن تكون هي أي ً‬
‫لكن تلك الفتاة وجدت أن أمها تكون في غياب الب مع رجل آخر‪،‬‬
‫يتبادلن العناق والقبلت أمامها‪ ،‬ويعاملها كأنها زوجته ‪ ،‬وكانت‬
‫البنت تعتقد بأنه يضرب أمها التي تحبها وتتعلق بها‪.‬‬
‫بعد أن أمضت البنت سنوات من عمرها في العلج النفسي ‪ ،‬ما‬
‫زالت تعاني حتى الن بعد أن وصلت أمها إلى عمر الكبر من أنها ل‬
‫تستطيع أن تبرها ؛ لنها دائما تحس بأنها السبب فيما حدث لها ‪،‬‬
‫بل إنها تحس بأن أمها دائما كانت خائنة للمانة التي ائتمنها عليها‬
‫زوجها‪.‬‬
‫لم يقف الموضوع إلى هذا الحد‪ ،‬بل إن البنت بدأت تشك في‬
‫نسبها ‪ ،‬وتريد أن تقوم بعمل تحاليل لمعرفة من هو والدها‪ ،‬إل أن‬
‫طبيبها يمنعها من فعل ذلك‪.‬‬
‫ولم يقف فساد الم إلى هذا الحد بل طال البناء الذكور أيضا‪،‬‬
‫فالولد الكبير تعيش زوجته في جحيم لنه يشك فيها طوال الوقت‬
‫‪ ،‬ول يستطيع أن يعطيها المان لما كان يشاهده أمام عينيه‪ ،‬أما‬
‫الخ الصغر فقرر عدم الزواج نهائيا حتى ل يظلم معه أحدا‪.‬‬
‫كل ما ذكر‪ -‬وغيره أيضًا‪ -‬من الثار السلبية التي تجنيها المرأة‬
‫المنحرفة على غيرها‪ ،‬ولذلك فقد حرم الله –تعالى‪ -‬الزنا ودوافعه‪،‬‬
‫فقال عز من قائل‪ ":‬ول تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيل "‬
‫)سورة السراء‪ (32/‬؛‬
‫دد الوعيد كما جاء في الحديث التي ‪:‬‬ ‫وش ّ‬
‫جْندب رضي الله عنه الثابت في صحيح‬ ‫مَرة بن ُ‬‫س ُ‬
‫) حديث أبي َ‬
‫البخاري ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ " :‬رأيت الليلة رجلين أتياني‬
‫فأخرجاني إلى أرض مقدسة ‪ "...‬إلى أن قال‪ " :‬فانطلقا إلى نقب‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 206‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قد تحته نارًا‪ ،‬فإذا‬
‫مثل التنور أعله ضيق وأسفله واسع ‪ ،‬يتو ّ‬
‫ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا ‪ ،‬وإذا خمدت رجعوا فيها‪،‬‬
‫وفيها رجال ونساء عراة‪ . "...‬حتى ذكر في تمام الحديث‪ " :‬وأما‬
‫الرجال والنساء العراة الذين هم في مثل بناء التنور فإنهم الزناة‬
‫والزواني ‪ 0‬وفي رواية أخرى للبخاري ؛ ما يدل على أن ذلك‬
‫العذاب ُيصنع بهم في القبر إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫ّ‬
‫فهذه بعض نتائج الزنا‪ :‬اختلط أنساب ؛ موت فضيلة وحياء ؛ وذَلة‬
‫وانقياد للشهوة ؛ وفي الخرة عذاب أليم وجحيم ل ُيطاق؛‬
‫والكّيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت‪ ،‬والعاجز من أتبع‬
‫طه ومن‬ ‫نفسه هواها وتمّنى على الله الماني ‪ ،‬ومن يتحّر الخيَر ُيع َ‬
‫قه مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬ ‫و ّ‬
‫ق الشَر ي ُ َ‬
‫يت ِ‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال إنما العلم‬
‫بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق‬
‫الشر يوقه ‪‌ .‬‬

‫حب الرضاع وإن تفـطمه‬ ‫ب‬


‫والنفـس كالطفل إن تهمله ش ّ‬
‫ينفط‬ ‫على‬
‫‪‬والمأساة لم تنته بعد‪..‬‬
‫إن من المحزن حقا ً تلك الخبار المؤلمة التي نسمعها من حين‬
‫لخر‪ ،‬والتي تتحدث عن الخيانات الزوجية‪.‬‬
‫ومما أذهلني هذا الخبر الذي نشرته إحدى الصحف ‪ ،‬فجعلني‬
‫عاجزا ً عن تصوّره على الرغم من كثرة المشاكل والفتن التي‬
‫تعصف بالمة يمينا ً وشمال ً‪0‬‬
‫ولكن الذي جعلني في هذه الدرجة من الذهول هو قوة الخبر التي‬
‫ور الدرجة العالية من النحراف والقسوة والشذوذ التي وصل‬ ‫ُتص ّ‬
‫إليها البعض‪..‬‬
‫صحف ‪ ) :‬أن الجهزة المنية المختصة عثرت‬ ‫فقد نشرت أحدى ال ُ‬
‫على طفل رضيع اختطف منذ حوالي عشرة أيام من أحد العراس‬
‫بمنطقة )‪ ، (...‬وذلك لن الخاطفة هي صديقة لم زنت مع صديق‬
‫لها أسمر اللون‪ ،‬وهي امرأة متزوجة فحملت سفاحا‪ ،‬فلما ولدت‬
‫فوجئت بأن الصغير أسمر مثل صديقها وليس مثل زوجها‪،‬‬
‫فاتفقت مع صديقتها على استبدال الطفل!!‪..‬‬
‫وفعل ً بعد نجاح عملية الختطاف بادرت المرأتان إلى إلقاء الطفل‬
‫السمر في البحر‪ ،‬إل أنه عثر عليه وما زال حيًا‪(..‬‬
‫إلى هنا انتهى هذا الخبر‪ ،‬ولكن هل انتهت المأساة؟!‪..‬‬
‫ول ِدَ كان أبيض اللون مثل زوج المرأة‬ ‫تخّيل لو أن هذا الطفل الذي ُ‬
‫الفاسقة‪ ،‬فما هو الحال إذن؟!‪..‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 207‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫انظر إلى ما قد تفعله هذه المرأة الفاسدة اللئيمة الخائنة الثيمة‬
‫ومثيلتها‪.‬‬
‫إن الذي جعلها تلقي بذلك الطفل هو اختلف لونه عن زوجها‪ ،‬ولو‬
‫أنه جاء أبيض اللون لسكتت‪ ،‬ولوهمت ذلك الرجل بأن هذا ابنه‪.‬‬
‫مه إلى صدره ويلعبه على أنه‬ ‫فتجد الرجل يحمله ويحتضنه ويض ّ‬
‫ابنه؛ وهو ليس كذلك‪.‬‬
‫وتجده يسارع باستخراج أوراق الولدة له وينسبه إلى نفسه على‬
‫أنه فلن بن فلن؛ وهو ليس كذلك‪.‬‬
‫وتخّيل لو أن هذا الطفل كبر في بيت الزوج حتى أصبح رج ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وبعدما كبر كان عاقا ً له يسيء الدب معه ؛ويشتمه أو يركله‪ ،‬أو‬
‫ر للعجزة‪ ،‬فما هو موقف هذه الخائنة؟!‪.‬‬ ‫يلقي به في دا ٍ‬
‫هل ستخبر الزوج أنه ليس ابنه بعد صمتها الطويل؟!؛ أم ستسكت‬
‫وهي تراه يسومه سوء العذاب ؟!‪.‬‬
‫أو ماذا ستفعل لو صار هذا )اللقيط( سببا في شقاء إخوته ؟؟‪..‬‬
‫در أن هذا الرجل توفي وكان من أرباب الموال؛ فبأي حق‬ ‫ولو ُ‬
‫ق ّ‬
‫يرث هذا الطفل ويزاحم أولد الرجل الحقيقيين في ميراثهم‬
‫وكأنه أخ شرعي لهم ؛ وهو ليس له حق في الميراث؟!‪.‬‬
‫ف طويل ً وتخّيل العواقب الوخيمة التي تنتج من جرّاء هذه‬ ‫ق ْ‬ ‫بل ِ‬
‫فعلة ؛كل ذلك بسبب ماذا؟!‪..‬إن ذلك كله بسبب شهوة ركضت‬ ‫ال ِ‬
‫وراءها أولئك النسوة الفاسقات المنحرفات‪ ،‬وأولئك الفاسقون‬
‫المنحرفون الذين صاروا عبيدا ً للشهوة ؛ فظنوا أن جريمتهم‬
‫انتهت حين قضوا شهوتهم‪ ،‬ولكن الجريمة ل تزال مستمرة ؛ حتى‬
‫صار ضحيتها أطفال في دور الرعاية‪ ،‬صاروا ) لقطاء( ل يعرفون‬
‫أما ً ول أبًا؛ أو أطفال عاشوا في البيوت ؛ يظن أحدهم أنه في بيت‬
‫أبيه‪ ،‬وهو لقيط جاءت به أمه الفاسدة اللئيمة الخائنة الثيمة من‬
‫نتاج مغامراتها الطائشة مع بعض الكلب المسعورة‪ ،‬الذين تتبعوا‬
‫عورات المسلمين؛ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد‬
‫خاطب أمثال هؤلء ؛ فقال ‪:‬‬
‫)حديث أبي برزة الثابت في صحيح أبي داوود ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫يا معشر من آمن بلسانه و لم يدخل اليمان قلبه ! ل تغتابوا‬
‫المسلمين و ل تتبعوا عوراتهم ‪ ،‬فمن اتبع عوراتهم يتبع الله‬
‫عورته ‪ ،‬ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته ‪.‬‬
‫‪‬قصة المرأة مع طبيب السنان‪‬‬
‫كانت إنسانة من أسرة محترمة وعريقة‪ ،‬ومتدينة نوعا ما‪ ،‬وكانت‬
‫طوال عمرها تبحث عن المركز والمنصب‪ ،‬وتسعى لتحقيق‬
‫أهدافها وطموحاتها إلى أن وصل عمرها أول الثلثين ولم تتزوج‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 208‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وطبعا طلب منها الهل حفاظا على سمعة العائلة أن تتزوج‪،‬‬
‫وبالفعل اختارت زوجها بعقلها وإرادتها وتزوجا‪ ،‬وأثمر هذا الزواج‬
‫ولدا وبنتا‪ ،‬ولكن الزوجة ظلت مشغولة بالمنصب والوظيفة‪،‬‬
‫وأهملت نفسها وزوجها‪.‬‬
‫ط زوجها فرصة للجلوس والتحدث‬ ‫تقول تلك الزوجة‪ :‬إنها لم تع ِ‬
‫معها‪ ،‬أو الخروج معها إلى مكان ما‪ ،‬ولم يتضايق الزوج؛ بل كان‬
‫يساعدها على النجاح‪ ،‬ويشاركها تربية أبنائها‪ ،‬إلى أن أتى يوم‬
‫ذهبت الزوجة إلى طبيب السنان‪ ،‬والذي تلبسه الشيطان في ذلك‬
‫الوقت‪ ،‬وبدأ في مغازلتها مغازلة خفيفة‪ ،‬بعدها قالت‪ :‬إنها أعجبها‬
‫الكلم‪ ،‬وإنها بدأت في وضع مساحيق التجميل على وجهها‪،‬‬
‫وارتداء أجمل الملبس عند الذهاب إلى الطبيب؛ حتى يقول لها‬
‫الكثير من كلم الغزل‪.‬‬
‫وبالطبع كان يفعل هذا الشيطان كل ما تتوقعه بل أكثر‪ ،‬وبقي‬
‫الحال هكذا إلى أن فرطت في نفسها‪ ،‬وحدث ما حدث‪ ،‬وليس مرة‬
‫بل عدة مرات‪ ،‬حتى أحست بأنه من حقها أن تعيش مع من تحب‪،‬‬
‫واختلقت مشكلة مع زوجها الذي كان يعتذر لها عن أي شيء لم‬
‫يبدر منه؛ فقط من أجل أن تعود إلى المنزل‪ ،‬ويتربى أبناؤهما‬
‫بينهما‪ ،‬ولم يكن يعلم بالقطع أن زوجته قد وقعت في غرام‬
‫شخص آخر‪.‬‬
‫رفضت الزوجة الرجوع للبيت‪ ،‬ونفذت ما أرادت )وهو الطلق(‪،‬‬
‫وبعد ذلك ذهبت إلى حبيب القلب وطلبت منه أن يتزوجها‪ ،‬وكان‬
‫رد فعله ‪-‬بعد أن نهرها‪ -‬أن أخبرها أنه متزوج من سيدة محترمة ل‬
‫تفرط في نفسها ‪ ،‬ولديه منها ثلثة أبناء‪.‬‬
‫قال لها أيضا‪" :‬حتى إن لم أكن متزوجا فمن المستحيل أن أتزوج‬
‫من امرأة مثلك"‪ ..‬وقتها بدأت تحس هذه الزوجة بأنها فقدت‬
‫حياتها؛ لنها تركت أعز وأحن شخص وهو زوجها الذي لم يعلم‬
‫شيئا عما حدث‪ ،‬بل ما زال يحاول أن يعيدها إلى البيت‪ ،‬ولكنها‬
‫تقول إنها تحتقر نفسها‪ ،‬ولن تستطيع أن تستمر معه بعد ما‬
‫فعلت به‪ ،‬إل أنها ستظل تحترمه طوال عمرها بعدما أحست أنه‬
‫الحب الحقيقي الوحيد الذي كان في حياتها‪.‬‬
‫للسف أحست تلك الزوجة بذلك بعد فوات الوان ‪ ،‬لهذا بدأت في‬
‫كتابة قصتها لتكون عبرة أمام كل من تسول لها نفسها الوقوع‬
‫في هذه الخطيئة‪.‬‬
‫‪ ‬والسؤال الذي يطرح نفسه الن ‪ :‬من الذي فتح‬
‫حتال والذي هو أساس النذال ومنبع‬ ‫م ْ‬‫كس ال ُ‬ ‫عا ِ‬
‫م َ‬
‫المجال لل ُ‬
‫الرذال ؟ أليست هي المرأةُ اللئيمة الخائنة الثيمة ؟ إذ لو كانت‬
‫محتال‬‫كس ال ُ‬ ‫معا ِ‬
‫حَرةً أبّية لما استطاع ال ُ‬
‫حي ِّية ‪ُ ،‬‬‫ة َ‬
‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ً‬ ‫تقي ً‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 209‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ق عباد الله وأجرئهم على‬ ‫ل إليها ولو كان من أفس ِ‬ ‫أن يص َ‬
‫ع فيه إل بعد أن رأى منها اللين ولول أنها‬ ‫المعاصي ‪ ،‬وأنه لم يطم ُ‬
‫ألَنت الجانب ما اقترب منها أحدٌ من الجانب ‪ ،‬ول أظهروا لها‬
‫ت ممن )إذا‬ ‫ل ‪:‬أنهم لم يفترسوها إل لنها كان ْ‬ ‫خالب ‪ ،‬والحاص ُ‬ ‫الم َ‬
‫ه انتهكوها( ‪ ،‬ولو كانت غيَر ذلك ما اقترب منها‬ ‫رم الل ِ‬ ‫وا بمحا ِ‬ ‫خل ْ‬
‫شين ‪ ،‬وخانت‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫دمت اللين ‪ ،‬فعلوا بها الفع َ‬ ‫هالك ‪ ،‬فلما ق ّ‬
‫ر‬
‫عَرضت إلى سخط الجبا ِ‬ ‫سرت الدنيا والدين ‪ ،‬وت َ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫جها المين ‪ ،‬ف َ‬ ‫زو َ‬
‫ت وحين‬ ‫ل وق ٍ‬ ‫ب في ك ِ‬ ‫ب الله عليها أشدّ العذا ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ة المتين ‪َ ،‬‬ ‫ِذي القو ِ‬
‫مهين‬ ‫شتى من العذاب ال ُ‬ ‫‪ ،‬وأذاقها ألوانا ً َ‬
‫‪ ‬إلى هذه المرأة اللئيمة الخائنة الثيمة ‪ ،‬هذه المرأة التي‬
‫تسلقت جدران العفة‪ ،‬وتعرفت على شاب غريب عنها‪ ،‬ولم تراع‬
‫عند ذلك حياءً ول خجل ً قد انسلخت من فطرتها‪ ،‬وخلعت جلباب‬
‫حيائها وثوب عفتها ‪،‬‬
‫ل لها ‪:‬‬ ‫‪‬أقو ُ‬
‫ك‬ ‫ل حال ‪ ،‬ألم ت َت ُْر ْ‬ ‫ك في ك ِ‬ ‫س ِ‬‫طرت الدناءةُ على نف ِ‬ ‫سي ْ َ‬ ‫]*[ هل َ‬
‫ل‬‫ل رج ٍ‬ ‫ك من أج ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ة زو ِ‬ ‫ت كرام َ‬ ‫ك شيئا ً ُيقال ‪ ،‬يا من أهدر ِ‬ ‫ة من ِ‬ ‫خس ُ‬ ‫ال ِ‬
‫ل‬‫ث منه بك ِ‬ ‫خب َ ُ‬‫تأ ْ‬ ‫ك من الرذال ؟ وأن ِ‬ ‫فا ٍ‬ ‫خَتال ‪ ،‬أ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫وا ٍ‬ ‫خ ّ‬ ‫حتال ‪َ ،‬‬ ‫م ْ‬
‫ُ‬
‫دَر‬ ‫ت له المجال ‪ ،‬ومنحتيه السلح القّتال ‪ ،‬ليه ِ‬ ‫ك التي فتح ِ‬ ‫حال ‪ ،‬لن ّ ِ‬
‫ب الله‬ ‫ل اختيال ‪ ،‬ص ّ‬ ‫مته بك ِ‬ ‫جك بين الرجال ‪ ،‬فأهدََر كرا َ‬ ‫ة زو ِ‬ ‫كرام َ‬
‫ر انفصال ‪ ،‬وسّلط عليكما ذُل ً تتقلبون‬ ‫عليكما لعائ َِنه تترى من غي ِ‬
‫عظام أمثال الجبال ‪،‬‬ ‫ب ِ‬ ‫ل والمآل ‪ ،‬وأصابكما بمصائ ٍ‬ ‫فيه في الحا ِ‬
‫حال ‪ ،‬جزاءا ً بما انتهكتم محارمه بك ِ‬
‫ل‬ ‫م َ‬ ‫د ال ِ‬ ‫ش شدي ِ‬ ‫ودمركما ببط ٍ‬
‫ل والوبال ‪ ،‬اعلموا‬ ‫ه الخزي والنكال ‪ ،‬والذُ َ‬ ‫احتيال ‪ ،‬وألحقتم بعبد ِ‬
‫ر‬‫ة الكبي ِ‬ ‫محال ‪ ،‬فإنها سن ُ‬ ‫ةل َ‬ ‫ست َْره علني ً‬ ‫أنه من خان الله سرا ً هتك ِ‬
‫خطُُر على بال ‪ ،‬هتكا ً‬ ‫محتال هتكا ً بينا ً ل ي َ ْ‬ ‫ر ال ُ‬ ‫ست ْ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫متعال ‪ ،‬في هت ِ‬ ‫ال ُ‬
‫جدال‬ ‫ة أو ِ‬ ‫حي ْل َ ً‬ ‫ع معه ِ‬ ‫س أو إشكال ‪ ،‬ول ينف ُ‬ ‫َ‬
‫واضحا يزول معه أي لب ْ ٍ‬
‫ً‬
‫هكم في النار‪ ،‬وأن يجعل مأواكم‬ ‫كم على وجو ِ‬ ‫‪ ،‬أسأل الله أن ي َك ِب ّ ُ‬
‫دار الخزي والبوار ‪ ،‬وأن يصليكم نار جهنم وبئس القرار *‬
‫فعال ؟ هل‬ ‫ح ال ِ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫ة ٌ‬ ‫ك عن رؤي ِ‬ ‫ك سوادُ قلب ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ع َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت يا َ‬ ‫‪‬وأن ِ‬
‫ل والوبال ‪،‬‬ ‫ك في هذا الحال ؟ من الذ ِ‬ ‫ت بزوج ِ‬ ‫تعرفين ما فعل ِ‬
‫ك فوق ما يخطُر ببال أو‬ ‫ك لزوج ِ‬ ‫ل من ِ‬ ‫خزي والنكال ؟ أتى الذ ُ‬ ‫وال ِ‬
‫عال ‪،‬‬ ‫مت َ َ‬ ‫ر ال ُ‬‫ك الكبي ِ‬ ‫مك عند رب ِ‬ ‫صي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫جك َ‬ ‫يدور في الخيال ‪ ،‬فصار زو ُ‬
‫ص منك على‬ ‫عال ‪ ،‬و يقت ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ال ِ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫لو ُ‬ ‫ص منك على سوء الحا ِ‬ ‫يقت ُ‬
‫ت‬‫ص منك على أن أهدر ِ‬ ‫قّتال ‪ ،‬و يقت ُ‬ ‫ك ال َ‬ ‫م ِ‬ ‫جْر ِ‬ ‫عضال و ُ‬ ‫ك ال ِ‬ ‫ذنب ِ‬ ‫َ‬
‫ل حال ‪،‬اعلمي علم اليقين‬ ‫ذلول ً بك ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَته بين الرجال ‪ ،‬فصار َ‬ ‫كرا َ‬
‫ل والمآل *‬ ‫محال ‪ ،‬في الحا ِ‬ ‫كل َ‬ ‫ذوقين عاقبة َبغي ِ ِ‬ ‫أنك ست ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 210‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ُ‬ ‫‪‬لقد ن َ ّ‬
‫ة‬
‫دوث ً‬ ‫ح ُ‬ ‫سه بين الرجال ذليل ً ‪ ،‬وحكايَته صارت أ ْ‬ ‫ت رأ َ‬ ‫كس ِ‬
‫قِتيل ‪ ،‬فكيف بك إذا سألك الجباُر عن هذا‬ ‫ك َ‬ ‫م ِ‬ ‫جْر ِ‬ ‫قيل ‪ ،‬فكان ب ِ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫لك ِ‬
‫ل جوابا ‪،‬‬ ‫قيل ‪ ،‬فلم تجدي للسؤا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ك َ‬ ‫دي ل ِ‬ ‫ل الوبيل ‪ ،‬ثم لم تج ِ‬ ‫الفع ِ‬
‫ة أو مآبا ‪ ،‬فأسقط في‬ ‫ُ‬ ‫ب صوابا ‪ ،‬ول تملكين حينذاك توب ً‬ ‫ول للجوا ِ‬
‫ص‬
‫قت َ ُ‬ ‫ع الخصوم ‪ ،‬وي ُ ْ‬ ‫ك ‪ ،‬فعند الله تجتم ُ‬ ‫والي ْ ِ‬‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫ك من َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ك ‪ ،‬ول ين َ‬ ‫ي َدَي ْ ِ‬
‫ق‬
‫كلوم وح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حه ال َ‬ ‫جر ِ‬ ‫جك ل ُ‬ ‫من الظالم ِ للمظلوم ‪ ،‬هنالك ينتصُر زو ُ‬
‫ه المهضوم من فعلك المشئوم *‬ ‫مت ِ ِ‬ ‫را َ‬ ‫ك ِ‬
‫فسا ً‬ ‫ع اللئام ‪ ،‬يا شَر النام ‪ ،‬يا ن َ ْ‬ ‫من ْب َ َ‬ ‫ل إلى الحرام ‪ ،‬يا َ‬ ‫‪ ‬لماذا المي ُ‬
‫م على هذا الجرام ‪ ،‬ولماذا لم‬ ‫طام ‪ ،‬ولماذا القدا ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ة بل ِ‬ ‫مفلوت ً‬
‫ت‬‫لم إلى الحجام ِ عن الرزايا والثام ‪ ،‬هل سأل ِ‬ ‫ك الع ّ‬ ‫ك المل ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫و ِ‬‫يُ َ‬
‫ك‬‫واِد قلب ِ‬ ‫س َ‬ ‫ة إفهام ! أهو من َ‬ ‫ك بقي ُ‬ ‫ك عن ذلك ؟ أما زال لدي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫نف َ‬
‫ك أختام ؟ ‪،‬‬ ‫أم كان على قلب ِ ِ‬
‫قّيوم ِ الذي ل‬ ‫ي ال َ‬ ‫ح ّ‬ ‫لم ‪ ،‬ال َ‬ ‫ك الع ّ‬ ‫ة المل ِ‬ ‫ت بمراقب ِ‬ ‫هان َ ْ‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫‪ ‬يا َ‬
‫صي‬ ‫وا ِ‬ ‫خذُ ِبالن ّ َ‬ ‫ؤ َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫ب َرب ُ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ت ِ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫يغفل ول ينام ‪ ،‬كيف ن َ‬
‫ك‬
‫ست َْر ِ‬ ‫ك الله ِ‬ ‫هت ِ ُ‬ ‫سي ُ ْ‬‫ت أن الله عزيٌز ذو انتقام ‪َ ،‬‬ ‫م ِ‬ ‫عل ِ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫دام ِ ‪ ،‬أ َ‬ ‫ق َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت اليام ‪ ،‬جزاءا على هذا‬ ‫ً‬ ‫م ْ‬ ‫صَر َ‬ ‫ت السنون وان ْ َ‬ ‫مَر ْ‬ ‫ما مهما َ‬ ‫يوما َ‬ ‫ً‬
‫ع من خان ول يجعله أبدا ً‬ ‫ددُ صني َ‬ ‫س ِ‬ ‫جرام ‪ ،‬اعلمي أن الله ل ي ُ َ‬ ‫ال ْ‬
‫ن أو مكان ‪،‬‬ ‫ست َْره في أي زما ٍ‬ ‫ك ِ‬ ‫هت ِ ُ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ش في أمان و َ‬ ‫يعي ُ‬
‫ها المشين ‪،‬وكانت ممن قال‬ ‫سل َك ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫ت في الخيان ِ‬ ‫قط َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫م ْ‬ ‫‪ ‬يا َ‬
‫الله فيهم ‪:‬‬
‫ن( )وأن الله ل يهدي كيد الخائنين( ‪،‬‬ ‫خائ ِِني َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫)إ ِ ّ‬
‫حْين ‪،‬‬ ‫ق ولو بعد ِ‬ ‫هُر الح َ‬ ‫ْ‬
‫سوف ي ُظ ِ‬ ‫ن الله تعالى َ‬ ‫اعلمي علم اليقين أ ّ‬
‫ع سنين ‪،‬‬ ‫ولو َ‬
‫ض ِ‬ ‫حْين إلى ب ِ ْ‬ ‫طال ذلك ال ِ‬
‫ن‬
‫ق الخلق ‪ ،‬فيأذ ُ‬ ‫فالموعدُ ) الن حصحص الحق ( حينما يأذن خال ٌ‬
‫ة‬
‫م َ‬
‫قا َ‬ ‫س َ‬ ‫ت َ‬ ‫فت السرائر وب َدَ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫غطاء ‪ ،‬فانك َ‬ ‫ف ال ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ضاء أن ي َك ْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫لل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سَرار ‪.‬‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫عُيو ُ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هر ْ‬ ‫وظ َ َ‬ ‫سَتار َ‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هت ِك َ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫الضمائر ‪َ ،‬‬
‫ة من كتاب الله تعالى لو كتبت بماء الذهب لما‬ ‫]*[ وهنا نذكر آي ً‬
‫وفْيناها حقها لنها تحافظ على الخيار وتدفع شر الشرار ‪.‬‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫طا ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫خط ُ َ‬ ‫عوا ْ ُ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َت ّب ِ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫قال تعالى ‪) :‬ي َأي ّ َ‬
‫ْ‬
‫ر( ]سورة‪ :‬النور‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ء َ‬ ‫شآ ِ‬‫ح َ‬ ‫ف ْ‬ ‫مُر ِبال ْ َ‬ ‫ه ي َأ ُ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫وا ِ‬ ‫خط ُ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ي َت ّب ِ ْ‬
‫‪[21 :‬‬

‫محتال الذي هو‬


‫تحذيٌر إلى المعاكس ال ُ‬
‫منبع‬
‫الرذال وقدوة النذال‬ ‫ا‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 211‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ع ديني‬ ‫هذا المعاكس الذي تتبع عورات المسلمين بدون أي واز ٍ‬
‫عليه أن يعلم أن الجزاء من جنس العمل ‪ ،‬ومن تتبع عورة امرئ‬
‫مسلم تتبع الله عورته حتى يكشفها ‪.‬‬
‫محتال الفاسد المروءة والضمير‬ ‫كس ال ُ‬ ‫معا ِ‬ ‫‪‬أل فليعلم هذا ال ُ‬
‫عس أنه صّير نفسه جندٌ من جنود إبليس ‪ ،‬فلقد زاد‬ ‫الشقي الت َ ِ‬
‫غّيه وأصّر على باطله ‪ ،‬وأظهر‬ ‫فساده واستشرى وتمادى في َ‬
‫سر ل ِث ََامه وكشف عن أنيابه يلتمس‬ ‫ح َ‬ ‫قناعه و َ‬ ‫العداوة وكشف فيها ِ‬
‫ض‬
‫ب الر ِ‬ ‫العثرات ويترقب الهفوات وتناسى مراقبة ر ِ‬
‫ض إنما توعدون لت ‪ ،‬هذا‬ ‫والسماوات ‪ ،‬فورب السماوات والر ِ‬
‫م في‬ ‫س الس ّ‬ ‫خاخ وي َدُ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫مصانع الذي ينصب المكائد وال ِ‬ ‫مخادع ال ُ‬ ‫ال ُ‬
‫سيلمة ‪،‬‬ ‫م َ‬ ‫العسل لنه أروغ من ثعلب وأحقدُ من جمل وأكذب من ُ‬
‫ر أهله ‪،‬‬ ‫حما ِ‬ ‫ل من ِ‬ ‫هانة وأض ُ‬ ‫م َ‬
‫ن من ال َ‬ ‫وهو كذلك أذل من نعل وأهو ُ‬
‫ضب وأضّر من الجرب وأشُر من البرص ‪ ،‬هذا‬ ‫ق من َ‬ ‫وهو كذلك أع ّ‬
‫العتي الغوي الظالم الغاشم المتغطرس ‪ ،‬بظلمه وبطشه أورد‬
‫ر الموبقة ‪ ،‬استحوذ عليه‬ ‫نفسه المهالك وحملها على المو ِ‬
‫ّ‬
‫ده عن النابة وأملى له فوَرطه في‬ ‫كبا ً ف َ‬
‫ص ّ‬ ‫مْر َ‬ ‫الشيطان واتخذه َ‬
‫ده عن سواء السبيل‬ ‫الغرور وزين له سوء عمله فص ّ‬
‫خـــــه‬ ‫فَرا ِ‬ ‫صــار من أ ْ‬ ‫قـدْ َ‬ ‫فخـاخــه بل َ‬ ‫س في ِ‬ ‫صــادَهُ إبليـ ُ‬ ‫قد َ‬
‫مهالك‬ ‫وأورد نفســــــــه في ال َ‬ ‫عري من أبـاح ذلك‬ ‫شـــــ ْ‬‫ت ِ‬ ‫فليـ َ‬
‫ل أركانه ‪ ،‬كسر الله ظهره‬ ‫دع بنيانه ‪ ،‬وأتلفه وش ّ‬ ‫قاتله الله وص ّ‬
‫فه كَله ‪ ،‬اللهم العنه‬ ‫مر أعضائه وهتك ستره وأتل َ‬ ‫وأعمى بصره ود ّ‬
‫ضه‬‫عْر ِ‬ ‫كه يوم َ‬ ‫هل ْ‬‫وت ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل معه في قبر ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ه وت َدْ ُ‬ ‫مْره في نفس ِ‬ ‫ة ت ُدَ ِ‬‫لعن ً‬
‫على ربه ‪ ،‬اللهم اجعل الدائرةَ عليه وأصْبه بنفسه وأهله ودمْره‬
‫تدميرا ‪ ،‬اللهم أنزل عليه بأسك الذي ل ي َُرد عن القوم ِ المجرمين ‪،‬‬
‫رَز إبره ‪ ،‬حتى يكون عبرةً لمن يعتبر لئل‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م الله فيه َ‬ ‫ح َ‬‫ل َر ِ‬
‫عله‬‫ف ْ‬‫ن بِ ِ‬
‫ضال بين المسلمين ‪ ،‬ولئل يستهي ُ‬ ‫ع َ‬‫ض ال ِ‬ ‫يستشرى هذا المر ِ‬
‫شين ‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫وَلت له نفسه أن يفعل هذا الفعل ال َ‬ ‫س ّ‬‫من ِ‬
‫مهين علم اليقين أنه سيرى عاقبة ظلمه‬ ‫‪‬و ليعلم هذا الشقي ال َ‬
‫وبغيه في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬بابان معجلن‬
‫عقوبتهما في الدنيا ‪ :‬البغي و العقوق ‪‌ .‬‬
‫الشاهد ‪:‬‬
‫قوله ‪ ) r‬بابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت‬
‫فاعليها‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 212‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫م أفحش من‬ ‫) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ‬
‫خياتة‬
‫ضاّر أضَر‬‫‪‬وليضع نصب عينيه أن الجزاء من جنس العمل وأنه من َ‬
‫الله به ‪.‬‬
‫ة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪r‬‬ ‫م َ‬
‫صْر َ‬
‫)حديث أبي ِ‬
‫ضاّر أضَر الله به و من شاقّ شاقّ الله عليه ‪‌ .‬‬ ‫قال ‪ :‬من َ‬
‫) من ضاّر ( بشد الراء أي أوصل ضررا ً إلى مسلم بغير حق‬
‫)أضَر الله به الّله به ( أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في‬
‫العقبى‬
‫) ومن شاق ( بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو‬
‫غيرها‬
‫) شق الله عليه ( أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على‬ ‫ّ‬
‫فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة عليه‬
‫نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته ‪.‬‬
‫)حديث جابر في صحيح أبي داود( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ما من امرئ‬
‫ك فيه‬ ‫ه ُ‬‫ه و ي ُن ْت َ َ‬‫ض ِ‬
‫عْر ِ‬
‫ص فيه من ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ذل امرءا ً مسلما في موطن ي ُن ْت َ َ‬ ‫يخ ُ‬
‫صرِته و ما‬ ‫ب فيه ن ُ ْ‬‫ح ُ‬
‫ن يُ ِ‬
‫وط ِ ٍ‬ ‫خذََله الله تعالى في َ‬
‫م ْ‬ ‫ه إل َ‬‫مت ِ ِ‬
‫حْر َ‬‫من ُ‬
‫من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك‬
‫فيه من حرمته إل نصره الله في موطن يحب فيه نصرته ‪‌ .‬‬
‫)ما من امرئ يخذل ( بذال معجمة مضمومة قال تعالى } وإن‬
‫يخذلكم {‬
‫) امرءا ً مسلما ً ( أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ول ينصره‬
‫) في موضع ينتقص فيه من عرضه ( بكسر العين ) وينتهك‬
‫فيه من حرمته ( بأن يتكلم فيه بما ل يحل والحرمة هنا ما ل يحل‬
‫انتهاكه قال الجوهري ‪ :‬انتهك عرضه بالغ في شتمه ) إل خذله‬
‫الّله في موطن يحب فيه نصرته ( أي في موضع يكون فيه أحوج‬
‫لنصرته وهو يوم القيامة فخذلن المؤمن حرام شديد التحريم‬
‫دنيويا ً كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فل يدفعه‬
‫أو أخرويا ً كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك‬
‫) وما من أحد ينصر مسلما ً في موطن ينتقص فيه من عرضه‬
‫وينتهك فيه من حرمته إل نصره الّله في موطن يحب فيه نصرته‬
‫( وهو يوم القيامة ‪.‬‬
‫) حديث المستورد رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬من أكل برجل مسلم أكله فإن الله يطعمه مثلها من‬
‫جهنم ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم‬
‫ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة‬
‫ورياء يوم القيامة ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 213‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وتجنبـوا مـا ل يليـــق بمسلم‬ ‫عفـوا تعف نســــاؤكم في المحـرم‬
‫إن الزنــا ديــــن فإن أقرضــته كان الوفـــا من أهل بيتك‬
‫فاعلم‬
‫ً‬
‫بجــداره كنـت يا هذا لبيـبا فافهـــم ِ‬ ‫إن‬ ‫من يزنـي ُيزنـى بـه ولو‬
‫من يزنـي بألفــــــــي درهـم ِ ُيزنـى بـه بغيــر الدرهـــم ِ‬
‫‪‬يا أسوةً للمفسدين ‪ ،‬ويا قدوةً للطاغين ‪ ،‬يا أساس الفاسقين ‪،‬‬
‫عم ِ الله جاحدين ‪ ،‬والذين هم للرذائل‬ ‫م ل ِن ِ َ‬
‫ه ْ‬
‫ويا إمام الخائنين الذين ُ‬
‫قِبلين ‪،‬‬ ‫م ْ‬‫حُرمات ُ‬ ‫ك ال ُ‬
‫مدِْبرين ‪ ،‬وعلى انتها ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫ناشرين ‪ ،‬وللفضائ ِ‬
‫م‬
‫صي َ‬‫خ ِ‬ ‫ع الرذلين ‪ ،‬ويا َ‬ ‫من ْب َ َ‬ ‫مِته محرومين ‪ ،‬يا َ‬ ‫ص َ‬
‫ع ْ‬‫ولتوفيق الله و ِ‬
‫ن‬
‫جن ْدَ الشيطا ِ‬ ‫هين ‪ ،‬يا ُ‬ ‫م ِ‬ ‫عِلك ال ُ‬
‫ف ْ‬ ‫مشين و ِ‬ ‫كك ال َ‬ ‫سل َ ِ‬
‫م ْ‬
‫مين ب ِ َ‬
‫الكر ِ‬
‫ض المسلمين ‪،‬‬ ‫و مبين لعرا ِ‬ ‫س أجمعين ‪ ،‬يا عد ٌ‬ ‫اللعين ‪ ،‬يا شَر النا ِ‬
‫د‬
‫ك أش ّ‬ ‫ب علي ِ‬ ‫ة المتين ‪ ،‬وص ّ‬ ‫ر ذي القو ِ‬ ‫ط الله عليك سخ َ‬
‫ط الجبا ِ‬ ‫سل ّ َ‬‫َ‬
‫ب‬‫عذا ِ‬ ‫ً‬
‫ك ألوانا شتى من ال ُ‬ ‫ت وحين ‪ ،‬وأذاق ِ‬ ‫العذاب في كل وق ٍ‬
‫س أجمعين ‪.‬‬ ‫هين ‪ ،‬حتى تكون عبرةً للنا ِ‬ ‫م ِ‬‫ال ُ‬

‫شناعة الخيانة الزوجية‬

‫مسألة ‪ :‬إذا ارتكبت الزوجة جريمة الزنا _ والعياذ بالله _ وتبين‬


‫زوجها من زناها ‪ ،‬فهل يجب أن يطلقها زوجها ؟‬
‫إذا ارتكبت الزوجة جريمة الزنا والعياذ بالله _ والعياذ بالله _ وتبين‬
‫زوجها من زناها ‪ ،‬فإنه يجب أن يطلقها زوجها للسباب التية ‪:‬‬
‫)‪ (1‬حتى ل يكون ديوثا ً والعياذ بالله ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح الجامع ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ثلثة قد حرم الله عليهم الجنة ‪ :‬مدمن الخمر و‬
‫خبث ‪.‬‬‫ه ال َ‬‫العاق و الديوث الذي ُيقّر في أهل ِ‬
‫]*[ روي عن الحسن‪ ،‬وجابر بن عبد الله ‪ :‬أن المرأة المتزوجة إذا‬
‫زنت يفرق بينهما‪ ،‬واستحب المام أحمد مفارقتها وقال‪ ) :‬ل أرى‬
‫أن ُيمسك مثل هذه‪ ،‬فتلك ل تؤمن أن تفسد فراشه‪ ،‬وتلحق به‬
‫ولدا ً ليس منه ‪.‬‬
‫)‪ [*] (2‬ولنها بارتكابها لجريمة الزنا الشنعاء النكراء _ والعياذ‬
‫بالله _ قد قضت على العلقة الزوجية وأتلفتها وطعنتها في‬
‫ة‬
‫ة بينهما ‪ ،‬وذبحت الثق َ‬ ‫ل عظيم ‪ ،‬وقتلت المودةَ والرحم َ‬ ‫مقت ٍ‬
‫ش‬
‫بينهما بسكين البأس * فتستحيل العشرة بينهما لنها لم تخ َ‬
‫مرت‬ ‫ظه عن فعِلها‪ ،‬فد ّ‬‫ب حف َ‬ ‫ها إلى نفسها ‪ ،‬وسل َ‬ ‫وك َل َ َ‬ ‫ربها ‪َ ،‬‬
‫ف َ‬
‫جها ‪،‬‬‫ة زو ِ‬ ‫حرم َ‬
‫سها حين دنست طهارةَ بيتها ‪ ،‬وانتهكت ُ‬ ‫وأوبقت نف َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 214‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كنت غيَره من‬ ‫م ّ‬‫واستخفت بحقه ‪ ،‬وأسقطت هيبتة من عينها حين َ‬
‫صي َّرْته ذليل ً بين الناس‬ ‫و َ‬ ‫ها ‪َ ،‬‬ ‫حل ِ َ‬ ‫و ْ‬ ‫نفسها ‪ ،‬فسقطت في الرذيلة ب ِ َ‬
‫فحشها ]*[ صّيرت منزلَته بين الناس‬ ‫جْرمها‪ ،‬وصارت عارا ً عليه ب ُ‬ ‫ب ُ‬
‫ض‬ ‫ْ‬
‫ز عليه للخو ِ‬ ‫س صامت ‪ ،‬و متغام ٍ‬ ‫ق الرأ ِ‬ ‫ر ِ‬
‫مط ِ‬ ‫ق عليه ُ‬ ‫مشف ٍ‬ ‫ما بين ُ‬
‫ع لئيم‬ ‫مت ‪ ،‬وراب ٍ‬ ‫ر فيه متشا ِ‬ ‫ث حقي ٍ‬ ‫ضه متهافت ‪ ،‬وثال ٍ‬ ‫عْر ِ‬ ‫في ِ‬
‫عي لها المروءةَ لنه عن إخبار زوجها بفعلها ساكت ‪ ،‬ثم تراه‬ ‫ي َدّ ِ‬
‫مقاِبل ‪ ،‬لنه لسكوته عن إخبار زوجها قابل ‪ ،‬فصارت‬ ‫يطلب منها ال ُ‬
‫شَنار‬ ‫ر إلى َ‬ ‫ي إلى عار ‪ ،‬ومن عا ٍ‬ ‫خز ٍ‬ ‫ر إلى دمار ‪ ،‬ومن ِ‬ ‫ل من دما ٍ‬ ‫تنتق ُ‬
‫سْر شوك َُته إل بها ‪ ،‬كسر‬ ‫جرمها لنه لم ت ُك ْ َ‬ ‫‪ ،‬صار أشقى الناس ب ِ ُ‬
‫سَترها ‪،‬‬ ‫ءها ‪ ،‬وهتك ِ‬ ‫مر أعضا َ‬ ‫الله ظهرها ‪ ،‬وأعمى بصرها ‪ ،‬ود ّ‬
‫فعلها ‪ ،‬وسحقا ً لها‬ ‫ع ِ‬ ‫ً‬
‫وأخرجها من الدنيا كلها * فتعسا لها بشني ِ‬
‫ّ‬
‫مها وخيانِتها لزوجها ‪ ،‬وت َب ّا ً لها من امرأةً دنيئ ٍ‬
‫ة‬ ‫مها ولؤ ِ‬ ‫لشؤ ِ‬
‫ة‬
‫ة زوجها * وتقشعُر الفضيل ُ‬ ‫غيب َ‬ ‫ة لم تخش ربها ولم تحفظ َ‬ ‫خسيس ٍ‬
‫ة لقبحها ‪ ،‬لم تمتثل للفضيلة طاعة ‪،‬‬ ‫من فعلها ‪ ،‬واحتوتها الرزيل ُ‬
‫ة الرحمن وامتثال‬ ‫خّلت عن خشي ِ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ولها في الرزيلة باعا * * ل ّ‬
‫ن إل‬ ‫القرآن ‪ ،‬و لما جحدت معنى قوله تعالى هل جزاءُ الحسا ِ‬
‫وك ََلها الملك الدّيان إلى العصيان والخذلن واستحواِذ‬ ‫الحسان ‪َ ،‬‬
‫ل زمان * قاتلها الله‬ ‫ة عند ربها في ك ِ‬ ‫الشيطان ‪ ،‬فصارت ممقوت ً‬
‫ن مثُلها ‪ ،‬ول ُُتصا ُ‬
‫ن‬ ‫ل أركانها ‪ ،‬فل ُتؤتم ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫دع بنيانها ‪ ،‬وأتلفها و َ‬ ‫وص ّ‬
‫ة بها ‪ ،‬لعن الله كل‬ ‫ل لحظ ً‬ ‫ل البا ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫من كانت على شاك ِل َِتها ‪ ،‬ول ي ُ ْ‬
‫مْرها في نفسها وتدخل معها قبرها وتهلكها عند‬ ‫ة ت ُدَ ِ‬‫خائنة لعن ً‬
‫عرضها على ربه ‪.‬‬
‫جى‬ ‫ج ل ُير َ‬ ‫و ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫عسة التي فيه ِ‬ ‫كدة الشقية الت َ ِ‬ ‫جِبلة الن َ ِ‬ ‫]*[ هذه ال ِ‬
‫ث‬ ‫حت تبح ُ‬ ‫ن الثعالب ‪ ،‬وَرا َ‬ ‫اعتداله * لقد استبدلت بالستقامة روغا َ‬
‫عن المثالب ‪ ،‬ولول أنها ألَنت الجانب ما اقترب منها أحدٌ من‬
‫ل ‪:‬أنهم لم يفترسوها‬ ‫خالب ‪ ،‬والحاص ُ‬ ‫الجانب ‪ ،‬ول أظهروا لها الم َ‬
‫ه انتهكوها( ‪ ،‬ولو كانت‬ ‫رم الل ِ‬ ‫وا بمحا ِ‬ ‫ت ممن )إذا خل ْ‬ ‫إل لنها كان ْ‬
‫دمت اللين ‪ ،‬فعلوا بها‬ ‫غيَر ذلك ما اقترب منها هالك ‪ ،‬فلما ق ّ‬
‫سرت الدنيا والدين ‪،‬‬ ‫خ ِ‬ ‫جها المين ‪ ،‬ف َ‬ ‫شين ‪ ،‬وخانت زو َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫الفع َ‬
‫د‬
‫ب الله عليها أش ّ‬ ‫ص ّ‬ ‫ة المتين ‪َ ،‬‬ ‫ر ِذي القو ِ‬ ‫عَرضت إلى سخط الجبا ِ‬ ‫وت َ َ‬
‫شتى من العذاب‬ ‫ت وحين ‪ ،‬وأذاقها ألوانا ً َ‬ ‫ل وق ٍ‬ ‫ب في ك ِ‬ ‫العذا ِ‬
‫مهين‬ ‫ال ُ‬
‫غَرض‬ ‫ك منها َ‬ ‫ل هال ٍ‬ ‫سك ِ‬ ‫]*[ فلما خضعت بالقول أنشأت في نف ِ‬
‫ذي‬ ‫ع ال ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫في َطْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬
‫خ َ‬ ‫فَل ت َ ْ‬ ‫وتناست أن الله تعالى يقول " َ‬
‫ض"‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫حيلة ‪ ،‬وقعت‬ ‫ق النبيلة ‪ ،‬واستوطئت ال ِ‬ ‫]*[ ولما زهدت في الخل ِ‬
‫حِالك ‪ ،‬مك َّنت‬ ‫سواِد قلبها ال َ‬ ‫في الرزيلة ‪ ،‬وكان عاقبتها وبيل ومن َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 215‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫خِبيثا ً مثلها هالك ‪ ،‬مكان زوجها المالك ‪ ،‬واستغفلت‬ ‫من نفسها َ‬
‫ف زوجي‬ ‫ر ُ‬ ‫ة في نفسها ‪ :‬وكيف يع ِ‬ ‫زوجها بذلك ‪ ،‬وقالت مستخف ً‬
‫ل‬ ‫ع على ك ِ‬ ‫مطّل ِ ٌ‬ ‫ت ذلك ‪ ،‬وتناست أن رَبها ُ‬ ‫ة ت ُث ْب ِ ُ‬ ‫ذلك ؟ وليس لديه بين ٌ‬
‫مه من زوجها المالك ‪ ،‬ولو شاء‬ ‫ر ِ‬‫ذلك ‪ ،‬وهو سبحانه أغيُر على محا ِ‬
‫فِاتك ‪ ،‬أولم تعلم هي أن من خان‬ ‫شه ال َ‬ ‫مَرها ببط ِ‬ ‫ستَرها ود ّ‬ ‫ك ِ‬ ‫هت َ َ‬ ‫ل َ‬
‫ة مهما احتاط لذلك ‪ ،‬فافتضح أمُرهُ وكان‬ ‫سَرهُ علني ً‬ ‫ك ِ‬ ‫هت َ َ‬ ‫الله سرا ً َ‬
‫ست َْره هْتكا ً‬ ‫ك ِ‬ ‫هاِلك ‪ ،‬يهت ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ة الله في ك ِ‬ ‫حاِلك ‪ ،‬وهذه هي سن ُ‬ ‫مه َ‬ ‫ظل ُ‬
‫ل يخطُُر على َباِلك ‪ ،‬حتى يكون عبرةً لمن هو في طريقه سالك ‪،‬‬
‫كها‬‫ماِلك ‪ ،‬أو أنه سبحانه سيتُر ُ‬ ‫ة بل َ‬ ‫ب أن الموَر مفلوت ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫أم ت َ ْ‬
‫ة بعد ذلك ‪ ،‬حاش لله أن‬ ‫مئ ِن َ ً‬ ‫ْ‬
‫مط َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ض زوجها ثم تعي ُ‬ ‫عر َ‬ ‫س ِ‬ ‫ت ُدَن ِ ُ‬
‫ة لمحال ‪،‬‬ ‫ست َْره علني ً‬ ‫يرضى بذلك ‪ ،‬فإن من خان الله سرا ً هتك ِ‬
‫محتال هتكا ً بينا ً ل‬ ‫ر ال ُ‬ ‫ست ْ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫متعال ‪ ،‬في هت ِ‬ ‫فإنها سنة الكبيُر ال ُ‬
‫س أو إشكال ‪ ،‬ول‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يَ ْ ُ‬
‫خطُر على بال‪ ،‬هتكا واضحا يزول معه أي لب ْ ٍٍ‬
‫د‬
‫ش شدي ِ‬ ‫متعال ‪ ،‬ببط ٍ‬ ‫ه الكبيُر ال ُ‬ ‫جدال ‪ ،‬وأهلك َ ُ‬ ‫ة أو ِ‬ ‫حي ْل َ ً‬ ‫ع معه ِ‬ ‫ينف ُ‬
‫المحال‬
‫عه الله على ذلك ‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جها يقول بعدما أطل َ‬ ‫ل زو ِ‬ ‫ن حا ِ‬ ‫]*[ وكأن لسا َ‬
‫ع إلى ربه شاكيا ً باكيا ً فقد صارت أعياده أتراح‬ ‫ل وهويتضر ُ‬ ‫يقو ُ‬
‫ب وهم ٍ‬ ‫ق دؤو ٍ‬ ‫وأحزان ‪ ،‬وأفراحه هموم وأشجان وصار في قل ٍ‬
‫ل وحال ُ ُ‬
‫ه‬ ‫حور ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫هوٌر َ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل وهو َ‬ ‫ة ل تنقطع ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫حي َْر ٍ‬ ‫رو َ‬ ‫مستم ٍ‬
‫ل وهو يتقلب في هم ٍ وغم كأنما‬ ‫كي الصخور ‪ ،‬يقو ُ‬ ‫ب ي ُب ْ ِ‬ ‫كر ِ‬ ‫من ال َ‬
‫يبكي الدم ) ربي إن قوما ً استغفلوني واستخفوا بحقي وانتهكوا‬
‫ع يردعهم ‪ ،‬واستوطئوا‬ ‫ضي دون راِد ٍ‬ ‫عْر ِ‬ ‫متي وطعنوني في ِ‬ ‫حْر َ‬ ‫ُ‬
‫ة ليقعوا في الرذيلة ‪ ،‬اعتمادا منهم على أني ل أعلم بذلك ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الحيل َ‬
‫ل ذلك على علمك‬ ‫ُ‬
‫صرا ً _ وهو كذلك _ فإني أحي ُ‬ ‫فإن كان علمي قا ِ‬
‫مك‬ ‫ل ذلك على َ‬ ‫ل شيء و أحي ُ‬‫ُ‬
‫محار ِ‬ ‫غي َْرِتك على َ‬ ‫الذي أحاط بك ِ‬
‫رَز إبرة‬ ‫غ ِ‬‫م ْ‬ ‫فانتقم لي منهم ودمرهم تدميرا ً ول ترحم فيهم َ‬
‫ءهم واهتك سترهم‬ ‫مر أعضا َ‬ ‫مي أبصارهم ود ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫هورهم وأ ْ‬ ‫صم ظ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫وا ْ‬
‫دع بنيانهم وأتلفهم‬ ‫واجعل الدائرة عليهم ‪ ،‬اللهم اقُتلهم الله وص ّ‬
‫ل أركانهم ‪.‬‬ ‫وش ّ‬
‫ع اللئام ‪ ،‬يا شَر النام ‪ ،‬يا‬ ‫من ْب َ َ‬ ‫ل إلى الحرام ‪ ،‬يا َ‬ ‫]*[ لماذا المي ُ‬
‫م على هذا الجرام ‪ ،‬ولماذا‬ ‫طام ‪ ،‬ولماذا القدا ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ة بل ِ‬ ‫فسا ً مفلوت ً‬ ‫نَ ْ‬
‫ك‬ ‫س ِ‬ ‫ت نف َ‬ ‫ك إلى الحجام ِ عن الرزايا والثام ‪ ،‬هل سأل ِ‬ ‫ك رب ُ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫و ِ‬ ‫لم ي ُ َ‬
‫ك أم كان‬ ‫واِد قلب ِ‬ ‫س َ‬ ‫ة إفهام ! أهو من َ‬ ‫ك بقي ُ‬ ‫عن ذلك ؟ أما زال لدي ِ‬
‫ي‬ ‫ح ّ‬ ‫لم ‪ ،‬ال َ‬ ‫ك الع ّ‬ ‫ة المل ِ‬ ‫ت بمراقب ِ‬ ‫هان َ ْ‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك أختام ؟ ‪ ،‬يا َ‬ ‫على قلب ِ ِ‬
‫ما مهما‬ ‫ك يوما ً َ‬ ‫ست َْر ِ‬ ‫ك الله ِ‬ ‫هت ِ ُ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫قّيوم ِ الذي ل يغفل ول ينام ‪َ ،‬‬ ‫ال َ‬
‫جرام ‪ ،‬اعلمي‬ ‫ت اليام ‪ ،‬جزاءا ً على هذا ال ْ‬ ‫م ْ‬ ‫صَر َ‬ ‫ت السنون وان ْ َ‬ ‫مَر ْ‬ ‫َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 216‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ش في أمان‬ ‫ع من خان ول يجعله أبدا ً يعي ُ‬ ‫ددُ صني َ‬ ‫س ِ‬ ‫أن الله ل ي ُ َ‬
‫ن أو مكان ‪،‬‬ ‫ست َْره في أي زما ٍ‬ ‫ك ِ‬ ‫هت ِ ُ‬ ‫وسوف ي ُ ْ‬
‫ها المشين ‪ ،‬وكانت ممن‬ ‫سل َك ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫ت في الخيان ِ‬ ‫قط َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫م ْ‬ ‫]*[ يا َ‬
‫قال الله فيهم )وأن الله ل يهدي كيد الخائنين( ‪ ،‬اعلمي علم‬
‫طال ذلك‬ ‫حْين ‪ ،‬ولو َ‬ ‫ق ولو بعد ِ‬ ‫هُر الح َ‬ ‫ْ‬
‫سي ُظ ِ‬ ‫ن الله تعالى َ‬ ‫اليقين أ ّ‬
‫ع سنين ‪ ،‬فالموعدُ ) الن حصحص الحق ( عندما‬ ‫ض ِ‬ ‫حْين إلى ب ِ ْ‬ ‫ال ِ‬
‫فت‬ ‫ش َ‬ ‫غطاء ‪ ،‬فانك َ‬ ‫ف ال ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ضاء أن ي َك ْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن لل َ‬ ‫ق الخلق فيأذ ُ‬ ‫يأذن خال ٌ‬
‫َ‬
‫ت‬‫هر ْ‬ ‫وظ َ َ‬ ‫سَتار َ‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هت ِك َ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ة الضمائر ‪َ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫قا َ‬ ‫س َ‬ ‫ت َ‬ ‫السرائر وب َدَ ْ‬
‫سَرار ‪.‬‬ ‫َ‬
‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫عُيو ُ‬ ‫ال ُ‬
‫مها‬ ‫جْر ِ‬ ‫هاب ‪ ،‬وتناست أن رؤيته ل ِ ُ‬ ‫ك الو ّ‬ ‫ة المل ِ‬ ‫]*[ واستهانت بمراقب ِ‬
‫صّرت على الخيانة دون إياب ‪ ،‬وخانت زوجها‬ ‫جاب ‪ ،‬وأ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب بِ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل تُ ْ‬
‫ل باب ‪،‬‬ ‫ب من ك ِ‬ ‫ب الله عليها ألوان العذا ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫َ‬ ‫حال الغياب ‪،‬‬
‫صلها ناَر جهنم‬ ‫ف كذاب ‪ ،‬وأ ْ‬ ‫ر ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫شَرها يوم القيامة مع ك ِ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬
‫يوم يقوم الحساب *‬
‫]*[ جعلت الله أهون الناظرين إليها ‪ ،‬وهو سبحانه قادٌر عليها ‪،‬‬
‫ح‬‫ج صال ٍ‬ ‫من ََته عليها بزو ٍ‬ ‫وال َْيها ‪ ،‬وتناست ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ولو شاء لهلكها ومن َ‬
‫دلت الشكر الجزيل ‪،‬‬ ‫وال َْيها ‪ ،‬فب ّ‬ ‫ح َ‬ ‫يأوي إليها ‪ ،‬وتحتمي به دون من َ‬
‫ل الوبيل‬ ‫والعرفان بالجميل ‪ ،‬بالفع ِ‬
‫حَرم ِ زوجها جوهرةً مصونة ‪ ،‬ولؤلؤةً مكنونة‬ ‫]*[ وبعد أن كانت في َ‬
‫سيرتها بين‬ ‫فونة ‪ ،‬و ِ‬ ‫ع ُ‬‫م ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ً‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ة مفتونة ‪ ،‬و ِ‬ ‫حشها خائن ً‬ ‫ف ْ‬ ‫‪ ،‬صارت ب ُ‬
‫سي َِرةً ملعونة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س‬‫النا ِ‬
‫مناعة ‪ ،‬ص َّيرت‬ ‫نو َ‬ ‫حص ٍ‬ ‫ة زوجها في ِ‬ ‫حرم ِ‬ ‫]*[ وبعد أن كانت في ُ‬
‫ة متاحة ‪.‬‬ ‫نفسها كل ً مباحا ‪ ،‬وسلع ً‬
‫ة واستقرار ‪،‬‬ ‫ة ووقار ‪ ،‬وسكين ٍ‬ ‫]*[ وبعد أن كانت مع زوجها في عز ٍ‬
‫مار‬ ‫ت ودَ َ‬ ‫شت ُ ٍ‬ ‫غار ‪ ،‬وت َ َ‬ ‫ص َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ه البرار ‪ ،‬صّيرت نفسها في ِذل ٍ‬ ‫شب ِ ُ‬ ‫ء يُ ْ‬ ‫ونقا ٍ‬
‫ة بالقار ‪.‬‬ ‫مطْل ِي َ ٌ‬ ‫ي وعار ‪ ،‬كأنها َ‬ ‫خز ٍ‬ ‫‪،‬و ِ‬
‫عم وتناست‬ ‫دت ما أنعم الله عليها من الن ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ج َ‬ ‫ما َ‬ ‫ل أنها ل ّ‬ ‫]*[ والحاص ُ‬
‫ن الفتن ‪ ،‬صارت‬ ‫قت بنفسها في براث ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وأل ْ َ‬ ‫من َ ْ‬ ‫مرها من ال ِ‬ ‫ما غ َ‬
‫ع بأنفها‬ ‫ف ُ‬ ‫فساء( التي تد َ‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫علن )ال ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن على الله تعالى من ال ِ‬ ‫أهو َ‬
‫رقت في القذارة ‪،‬‬ ‫غ ِ‬ ‫جب فقد زهدت في الطهارة و َ‬ ‫الن ََتن ‪ ،‬ول ع َ‬
‫ر‬‫قذ ِ‬ ‫غَيتها إل في مواضع ال َ‬ ‫ل الفئران تماما ً فإنها ل تجد ب ُ ْ‬ ‫كحا ِ‬
‫عها وسواد قلبها‬ ‫ة طَب ْ ِ‬ ‫سها ودناء ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ةن ْ‬ ‫س ِ‬ ‫خ َ‬ ‫والن ََتن ‪ ،‬وما ذلك إل ل ِ ِ‬
‫عِلها ‪،‬‬ ‫ف ْ‬‫سوء ِ‬ ‫ظها عن ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح َ‬ ‫مها و َ‬ ‫ص َ‬ ‫ع َ‬ ‫ة معدنها ‪ ،‬ولو أحبها ربها ل َ‬ ‫ورداء ِ‬
‫صُر به ‪ ،‬ويدها التي‬ ‫ع به وبصَرها التي ت ُب ْ ِ‬ ‫عها التي تسم ُ‬ ‫م َ‬ ‫س ْ‬ ‫وكان َ‬
‫عطِي َّنها ‪ ،‬ولئن‬ ‫رجلها التي تمشي بها ‪ ،‬ولئن سألته ل َي ُ ْ‬ ‫ش بها و ِ‬ ‫تبط ُ‬
‫ن‬‫ضها لسواِد قلبها فصارت أهو َ‬ ‫غ َ‬ ‫عذَّنها ‪ ،‬لكنه سبحانه أب ْ َ‬ ‫ذته ل َي ُ ِ‬ ‫سَتعا َ‬ ‫ا ْ‬
‫فها الن ََتن *‬ ‫ع بأن ِ‬ ‫فساء( التي تدف ُ‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫علن )ال ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫على الله تعالى من ال ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 217‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫دها ‪،‬‬ ‫ب إلى الله ِبو ّ‬ ‫جها يفتخُر بها ‪ ،‬ويتقَر ُ‬ ‫]*[ وبعد أن كان زو ُ‬
‫عه بها ‪ ،‬صار أشقى‬ ‫ف َ‬ ‫سه من أجلها ‪ ،‬عسى الله أن ين َ‬ ‫ل نف َ‬ ‫ويبذ ُ‬
‫رها ‪،‬‬ ‫س لها ‪ ،‬وصار يختفي من ِذك ْ ِ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫جْرمها ‪ ،‬وأبغ َ‬ ‫الناس ب ِ ُ‬
‫هر اسمه‬ ‫فعلها ‪ ،‬وتقّرب إلى الله بطلقها ‪ ،‬وط ّ‬ ‫ويتبرأ إلى الله من ِ‬
‫ها ماتت‬ ‫فل َي ْت َ َ‬ ‫ره الدنيا كّلها من أجلها ‪َ ،‬‬ ‫س القتران بها ‪ ،‬وك َ ِ‬ ‫من دن ِ‬
‫ل‬‫عا ً لك ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫م َ‬ ‫سها المهالك ‪ ،‬وتصيَر َ‬ ‫رد نف َ‬ ‫و ِ‬‫قبل ذلك ‪ ،‬قبل أن ت ُ ْ‬
‫هالك *‬
‫]*[ لم تعرف للطهارة طريقا ‪ ،‬ولم تسلك للنقاء سبيل ‪ ،‬وليس‬
‫قيل ‪.‬‬ ‫ق ِ‬ ‫بينها وبين الصد ِ‬
‫د عن‬ ‫ك المحظور والبع ِ‬ ‫]*[ كم أوصاها زوجها بفعل المأمور وتر ِ‬
‫ل المور ‪ ،‬وأن‬ ‫غي ْب ََته في ك ِ‬ ‫دواهي المور ‪ ،‬وكم أوصاها أن تحفظ َ‬
‫ب وبور ‪ ،‬وما فيه‬ ‫ر ٌ‬ ‫خ ِ‬‫ن لن قلَبها َ‬ ‫عْرضه بأي محظور ‪ ،‬لك ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫شي َ‬ ‫ل تُ ِ‬
‫ث مثلها‬ ‫تك َ‬ ‫َ‬
‫خبي ٍ‬ ‫ت على الفجور ‪ ،‬مع َ‬ ‫صَر ْ‬ ‫ل ذلك وأ َ‬ ‫من نور ‪ ،‬أب َ ْ‬
‫في‬ ‫خ ِ‬ ‫ن وما ت ُ ْ‬ ‫عي ُ ِ‬‫ة ال ْ‬ ‫م خائن َ‬ ‫حقور ‪ ،‬وتناست أن الله تعالى يعل ُ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫الصدور ‪ ،‬فكيف بها إذا دخلت قبرها المحفور ‪ ،‬وما فيه من‬
‫سِئلت عن هذه‬ ‫ل والصخور ‪ ،‬ثم ُ‬ ‫الدواهي والمور ‪ ،‬تحت الجناد ِ‬
‫ف بين يدي ربها ويسألها عن هذه‬ ‫المور‪ ،‬أم كيف بها حين تق ُ‬
‫ق زوجها المقهور ‪ ،‬والذي جعلته بفعلها‬ ‫المور ‪ ،‬وما ارتكبته في ح ِ‬
‫ف أنها ما‬ ‫حور ‪ ،‬ثم لم تجد جوابا ً على هذه المور ‪ ،‬هنالك تعر ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ْ‬
‫كانت إل في غرور ‪ ،‬فتندم ندما ل يخطُر على الصدور ‪ ،‬ول ي ُكت َ ُ‬ ‫ً‬
‫د‬
‫ر من المور ‪ ،‬ل تج ُ‬ ‫ع في أي أم ٍ‬ ‫م ل ينف ُ‬ ‫بالسطور ‪ ،‬لكنه ند ٌ‬
‫ة أو مآبا ‪،‬‬ ‫ك حينذاك توب ً‬ ‫ل جوابا ‪ ،‬ول للجواب صوابا ‪ ،‬ول تمل ُ‬ ‫للسؤا ِ‬
‫م ندما ً‬ ‫وال َْيها ‪ ،‬فحينذاك تند ُ‬ ‫ح َ‬‫عها من َ‬ ‫ف ُ‬ ‫فُأسقط في ي َدَْيها ‪ ،‬ول ين َ‬
‫ل أو يدوُر في الخيال ‪ ،‬لنها بين يدي ربها الكبير‬ ‫فوقَ ما يخطُر ببا ٍ‬
‫ع بأي‬ ‫م ل َينف ُ‬ ‫مها القّتال ‪ ،‬لكنه ند ٌ‬ ‫جْر ِ‬ ‫ضال ‪ ،‬و ُ‬ ‫ع َ‬ ‫مَتعال ‪ ،‬بذنبها ال ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ع‬
‫ع الهات ‪ ،‬ول تنف ُ‬ ‫دي هنالك الحسرات ول تشف ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫حال ‪ ،‬فل ت ُ ْ‬
‫ء‬
‫ل شي ٍ‬ ‫ط بك ِ‬ ‫مه محي ٌ‬ ‫ض والسماوات ‪ ،‬لن عل َ‬ ‫حي َ ُ‬
‫ب الر ِ‬ ‫ل مع ر ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ر وآت ‪ ،‬هنالك تعلم علم اليقين أن خيانتها لزوجها هي‬ ‫ض وحاض ٍ‬ ‫ما ٍ‬
‫ض إنما توعدون‬ ‫ت والر ِ‬ ‫بئس الزاد ليوم الميعاد ‪ ،‬فورب السماوا ِ‬
‫لت ‪* ،‬‬
‫حور ‪ ،‬وك َْرَبه‬ ‫من ْ ُ‬ ‫حه َ‬ ‫جْر ِ‬‫]*[ أما زوجها المقهور فإذا رأيته وجدََته من ُ‬
‫وَزهدَ فيها زهدَ من في القبور ‪ ،‬حاُله يبكي الفؤاد‬ ‫صخور ‪َ ،‬‬ ‫كي ال ُ‬ ‫ي ُب ْ ِ‬
‫ق كرامته‬ ‫ع القلوب من ح ِ‬ ‫خل َ ُ‬ ‫فري الكباد وُيذيب الجساد ‪ ،‬حاُله ي ْ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ة‬
‫ر ٍ‬‫ح ِ‬ ‫حي ِّية ‪ُ ،‬‬ ‫ة َ‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ٍ‬ ‫ة تقي ٍ‬ ‫مح في زوج ٍ‬ ‫المسلوب ‪ ،‬عاش يطْ َ‬
‫من ِّية ‪،‬‬ ‫أبّية ‪ ،‬تحفظ غيبته وتصون كرامته وترافقه حتى تأتيه ال َ‬
‫عيُنه‬ ‫ة تُ ِ‬ ‫سه من أجلها ‪ ،‬زوج ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫ل نَ ْ‬‫ظه في نفسها ‪ ،‬ويبذ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ةت ْ‬ ‫زوج ٍ‬
‫عدّ معه لقيام ِ الساعة ‪ ،‬لكن خاب أمُله بها ‪،‬‬ ‫على الطاعة ‪ ،‬وت ُ ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 218‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ب لم يؤثر القرآن‬ ‫وادَ قلِبها ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫س َ‬ ‫قت ََله َ‬ ‫ره الدنيا من أجِلها ‪ ،‬و َ‬ ‫وك َ ِ‬
‫ة فيه ول التقوى‬ ‫ب لم تدخل الخشي ُ‬ ‫فيه ولم يعي معانيه ‪ ،‬قل ٌ‬
‫ب جحد معنى‬ ‫ب لم ي ُل َي ِْنه القرآن ولم يخش الرحمن ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫تحتويه ‪ ،‬قل ٌ‬
‫ب صار أسيَر‬ ‫قوله تعالى " هل جزاء الحسان إل الحسان" ‪ ،‬قل ٌ‬
‫ص من‬ ‫غ ُ‬ ‫العصيان والخذلن واستحواذ الشيطان ‪ ،‬صار حاُله ي ُن َ َ‬
‫ُ‬
‫ره‬
‫ب صد ِ‬ ‫ئ لهي ُ‬ ‫رها ‪ ،‬فل يهنأ بنوم ٍ كلما ذكر فعَلها ‪ ،‬ول ينطف ُ‬ ‫ِذك ْ ِ‬
‫ب في هم ٍ وغم ‪،‬‬ ‫جْرمها ‪ ،‬يتقل ُ‬ ‫ب فكُره عن ُ‬ ‫شها ‪ ،‬ول يغي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ْ‬‫من ُ‬
‫كأنما يبكي الدم ‪.‬‬
‫م حٌر حّيي يخشى‬ ‫ل مسل ٌ‬ ‫ع ل يطيقه رج ٌ‬ ‫]*[ ثم إن هذا أمٌر شني ٌ‬
‫عرضه وشرفه ‪ ،‬بل‬ ‫الله تعالى ‪ ،‬فما من مسلم إل يغاُر على ِ‬
‫ً‬
‫عرضه وشرفه أغلى عنده من حياته كما هو معلوم شرعأ وعقل ً‬ ‫و ِ‬
‫ة ويتضح هذا وضوحا ً جليا ً في )حديث أبي هريرة رضي الله‬ ‫وبداه ً‬
‫عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬من كانت له مظلم ٌ‬
‫ة‬
‫حل َْله منه اليوم قبل أن ل يكون‬ ‫عْرضه أو شيء فليت َ‬ ‫لخيه من ِ‬
‫ُ‬
‫ر مظلمته وإن لم‬ ‫خذَ منه بقد ِ‬ ‫تأ ِ‬ ‫دينارا ً ول درهما ‪ ،‬إن كان له حسنا ٌ‬
‫ملت عليه (‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫خذَ من سيئاته َ‬ ‫تكن له حسنات أ ُ ِ‬
‫دم‬‫عْرضه أو شيء [ فق ّ‬ ‫الشاهد ‪ :‬قوله ‪ ] : r‬مظلمة لخيه من ِ‬
‫العرض على كل شيء لنه أعز ما يملكه النسان وأعز من كل‬
‫شيء بل ويضحي النسان من أجله بالنفس والنفيس ويتضح ذلك‬
‫من ) حديث سعيد بن زيد رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي‬
‫داوود و الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من قتل دون أهله فهو‬
‫شهيد ‪.‬‬
‫ل الحّر‬ ‫ة الرج ِ‬ ‫عبادة رضي الله تعالى عنه قول َ‬ ‫‪‬ولذا قال سعدُ بن ُ‬
‫ي التقي النقي‬ ‫الحّيي الب ّ‬
‫ح [ أي‬ ‫ف ٍ‬ ‫ص ّ‬ ‫م ْ‬ ‫غي َْر ُ‬‫ف َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ه ِبال ّ‬ ‫ضَرب ْت ُ ُ‬‫] لو رأيت رجل ً مع امرأتي ل َ َ‬
‫ضه ‪ ،‬ول عجب فإنه النصاري سيد‬ ‫حدّ السيف ل بعر ِ‬ ‫ه بِ َ‬
‫ضَرب ْت ُ ُ‬ ‫لَ َ‬
‫الخزرج وأحد نقبائهم‪،‬‬
‫)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال ‪ :‬لو رأيت‬
‫ح‪ ،‬فبلغ ذلك النبي‬ ‫ف ٍ‬‫ص ّ‬‫م ْ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ف َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ه ِبال ّ‬ ‫رجل ً مع امرأتي ل َ َ‬
‫ضَرب ْت ُ ُ‬
‫فقال‪ ) :‬أتعجبون من غيرة سعد‪ ،‬لنا أغَير منه‪ ،‬والله أغَير مني (‪.‬‬
‫)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم‬
‫ح أي ل‬ ‫ف ٍ‬ ‫ص ّ‬ ‫م ْ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ح( ‪ :‬صفح السيف أي عرضه ‪ ،‬ومعنى َ‬ ‫ف ٍ‬‫ص ّ‬ ‫م ْ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫) َ‬
‫ده ‪.‬‬
‫أضربه بعرض السيف بل بح ّ‬
‫ن‬‫ه وفورا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ر وج ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ور حاَله من ت ّ‬ ‫]**[ وإذا كان هذا هو حال من تص ّ‬
‫ه إذا رأى رجل ً مع امرأته فكيف بمن تحقق من‬ ‫ب صدر ِ‬ ‫ه ولهي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫د ّ‬
‫هين ل‬ ‫م ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن وفع ٌ‬ ‫زناها والعياذ بالله تعالى من ذلك ‪ ،‬إنه أمٌر مشي ٌ‬
‫ل مسلم‬ ‫يتحمله رج ٌ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 219‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ ثم هل يصير الرجل رجل ً حرا ً أّبيا ً إل بهذه المشاعر النبيلة )من‬
‫غْيرةً على زوجته( ‪ ،‬وهل‬ ‫ه َ‬‫ب صدر ِ‬ ‫ه ولهي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ند ّ‬ ‫ه وفورا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ر وج ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ّ‬
‫حس ‪.‬‬ ‫ت ال ِ‬ ‫مسخا ً مي َ‬ ‫خنزيرا ً َ‬ ‫هو إذا فقد هذه المشاعر إل ِ‬
‫عفتها‬ ‫عفتها ! فإذا انسلخت المرأةُ من ِ‬ ‫ن المرأةُ إل ب ِ‬ ‫]**[ وهل ُتصا ُ‬
‫مل ولهيبا ً‬ ‫جرحا ً ل ي َن ْدَ ِ‬ ‫ق زوجها ) كسرا ً ل ينجبر و ُ‬ ‫كان ذلك في ح ِ‬
‫ة بها ول البقاء‬ ‫صوُر الرأف ُ‬ ‫طفئ ( وعلى هذا فل ُيت ّ‬ ‫ره ل ي َن ْ َ‬ ‫في صد ِ‬
‫عليها ووجب طلقها ‪.‬‬
‫)‪ (3‬ول تنسى أن الله تعالى قال في شأن هذه الجريمة الشنعاء‬
‫النكراء‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ه ِإن ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫وم ِ‬‫والي َ ْ‬ ‫ه َ‬‫ن ِبالل ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م تُ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ن الل ِ‬ ‫في ِدي ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ما َرأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫خذْك ُ ْ‬ ‫ول َ ت َأ ُ‬ ‫) َ‬
‫ر(‬ ‫خ ِ‬ ‫ال َ ِ‬
‫] النور ‪[2 /‬‬
‫ه( ‪ :‬أي ل تأخذكم بهما رقة‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫في ِدي ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ما َرأ ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫خذْك ُ ْ‬ ‫ول َ ت َأ ْ ُ‬ ‫) َ‬
‫ورحمة ‪.‬‬
‫ر( ‪ :‬هذا من باب اللهاب‬ ‫خ ِ‬ ‫وم ِ ال ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫م تُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫)إ ِ ْ‬
‫والتهييج أي إن كنتم مؤمنون حقا تصدقون بالله وباليوم الخر فل‬ ‫ً‬
‫تأخذكم شفقة بالزناة ‪ ،‬فإن جريمة الزنى النكراء أشنع من أن‬
‫تستدر العطف أو تدفع إلى الرحمة ‪.‬‬
‫‪ ‬تنبيه‪ ‬للمرأة في هذه المسألة بعد ارتكابها لجريمة الزنا‬
‫حكمين‪:‬‬ ‫الشنعاء ُ‬
‫حكمها مع زوجها و حكمها مع ربها على التفصيل التي ‪:‬‬
‫ة بها ول البقاء عليها‬ ‫صوُر الرأف ُ‬ ‫)أما حكمها مع زوجها( ‪ :‬ل ُيت ّ‬
‫ووجب طلقها للسباب السالف ذكرها ‪.‬‬
‫)وأما حكمها مع ربها( ‪ :‬حكمها حكم مرتكب الكبيرة ‪ ،‬و حكم‬
‫مرتكب الكبيرة عند أهل السنة والجماعة أنه ل يخلد في النار ما‬
‫ق للعقوبة لكنه تحت مشيئة‬ ‫دام قد مات على التوحيد ‪ ،‬وأنه مستح ٌ‬
‫الله النافذة إن شاء عفا عنه وإن شاء آخذه بذنبه ‪ ،‬لكن مآله إلى‬
‫الجنة ما دام قد مات على التوحيد ] يدخل الجنة يوما ً من اليام‬
‫أصابه قبل ذلك اليوم ما أصابه [‬
‫ك‬‫ن ذَل ِ َ‬‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فُر َ‬ ‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ك بِ ِ‬‫شَر َ‬ ‫فُر أن ي ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ه ل يَ ْ‬ ‫لقوله تعالى ‪) :‬إن الل ّ َ‬
‫ء()النساء‪ :‬من الية ‪. (48‬‬ ‫شا ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫لِ َ‬
‫مسألة ‪ :‬هل المرأة إذا ارتكبت جريمة الزنا _ والعياذ بالله _ ثم‬
‫تابت إلى الله تعالى ‪ ،‬هل يسقط حق زوجها في الخرة؟‬
‫ب في هذه المسألة ‪ :‬أن حق زوجها ل يسقط في‬ ‫ل الخطا ِ‬ ‫فص ُ‬
‫الخرة بتوبتها إلى ربها تعالى لن توبتها إلى ربها تعالى تتعلق‬
‫بحق ربها تعالى حيث أنها ارتكبت كبيرة من الكبائر وهي تحت‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 220‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مشيئة الله النافذة إن شاء عفا عنها وإن شاء آخذها بذنبها ‪ ،‬لكن‬
‫مآلها إلى الجنة ما دامت قد ماتت على التوحيد‬
‫] تدخل الجنة يوما ً من اليام أصابها قبل ذلك اليوم ما أصابها [‬
‫ن في شرفه فل يسقط أبدا لنها‬ ‫أما حق زوجها المكلوم المطعو ُ‬
‫حرمته ‪ ،‬واستخفت بحقه ‪ ،‬وأسقطت هيبتة من عينها حين‬ ‫انتهكت ُ‬
‫كنت غيَره من نفسها ‪ ،‬وطعنته في أعز ما يملكه النسان وهو‬ ‫م ّ‬ ‫َ‬
‫جْرمها ‪ ،‬وصارت عارا ً‬ ‫شرفه وعرضه * وصي َْرْته ذليل ً بين الناس ب ُ‬
‫حشها ‪ ،‬وألصقت به ذُل ً ل يزال محفورا ً في ذاكرته حتى‬ ‫ف ْ‬‫عليه ب ُ‬
‫ئ مادام حيا * صّيرت‬ ‫يموت ‪ ،‬وألهبت في صدره لهيبا ً ل ينطف ُ‬
‫س صامت ‪ ،‬و‬ ‫ق الرأ ِ‬ ‫ر ِ‬ ‫مطْ ِ‬ ‫ق عليه ُ‬ ‫مشف ٍ‬ ‫منزلَته بين الناس ما بين ُ‬
‫ر فيه‬‫ث حقي ٍ‬ ‫ضه متهافت ‪ ،‬وثال ٍ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ض في ِ‬ ‫ز عليه للخو ِ‬ ‫متغام ٍ‬
‫عي لها المروءةَ لنه عن إخبار زوجها‬ ‫ع لئيم ي َدّ ِ‬‫مت ‪ ،‬وراب ٍ‬ ‫متشا ِ‬
‫مقاِبل ‪ ،‬لنه لسكوته عن‬ ‫بفعلها ساكت ‪ ،‬ثم تراه يطلب منها ال ُ‬
‫ر إلى دمار ‪،‬‬ ‫ل من دما ٍ‬ ‫إخبار زوجها بفعلها قابل ‪ ،‬فصارت تنتق ُ‬
‫ر إلى شنار * وصار زوجها أشقى‬ ‫ي إلى عار ومن عا ٍ‬ ‫خز ٍ‬ ‫ومن ِ‬
‫سْر شوك َُته إل بها ‪ ،‬كسر الله ظهرها ‪،‬‬ ‫جرمها لنه لم ت ُك ْ َ‬ ‫الناس ب ِ ُ‬
‫ست َْرها ‪ ،‬وأخرجها من‬ ‫مر أعضاءها ‪ ،‬وهتك ِ‬ ‫وأعمى بصرها ‪ ،‬ود ّ‬
‫الدنيا كّلها ‪،‬‬
‫]*[ قال ابن القيم رحمه الله تعالى ‪ :‬ول يسقط حق الغير بالتوبة‬
‫من الفاحشة ‪ ،‬فإن التوبة وإن أسقطت حق الله ‪ ،‬فحق العبد باق ‪،‬‬
‫فإن ظلم الزوج بإفساد حليلته ‪ ،‬والجناية على فراشه أعظم من‬
‫ظلم أخذ ماله ‪ ،‬بل ل يعدل عنده إل سفك دمه!‪.‬‬
‫ة‬
‫سة لقد أورطت نفسها في ورط ٍ‬ ‫ع َ‬‫قّية الت َ ِ‬ ‫ل أن هذه الش ِ‬ ‫فالحاص ُ‬
‫ل مخرج لها منها أبدا في الدنيا والخرة على التفصيل التي ‪:‬‬
‫]*[ فأما في الدنيا ‪ :‬فإن زوجها متى تبين من جنايتها وخيانتها‬
‫س القتران‬ ‫مه من دَن َ ِ‬ ‫هر اس َ‬ ‫تقّرب إلى الله تعالى بطلقها ‪ ،‬وط ّ‬
‫ر َ‬
‫ط‬ ‫ب عليها الدعاء صّبا حتى ين َ‬
‫ف ِ‬ ‫فعلها‪ ،‬وص ّ‬ ‫بها ‪ ،‬وتبرأ إلى ربه من ِ‬
‫ة في حقه ‪.‬‬ ‫ع جناي ٍ‬ ‫ً‬
‫دها ‪ ،‬جزاءا لرتكابها لشن ِ‬ ‫عق ُ‬‫ِ‬
‫وهي كذلك لبد أن ترى عقوبة خيانتها لزوجها في الدنيا قبل‬
‫الخرة إيمانا ً وتصديقا ً بقول النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬بابان معجلن‬
‫عقوبتهما في الدنيا ‪ :‬البغي و العقوق ‪‌ .‬‬
‫الشاهد ‪:‬‬
‫قوله ‪ ) r‬بابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت‬
‫فاعليها‬
‫م أفحش من‬ ‫) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ‬
‫خيانة الزوجة لزوجها ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 221‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ وفي الخرة ‪ :‬يأخذ من حسناتها بقدر مظلمتها له ‪ ،‬فعند الله‬
‫حه‬‫جْر ِ‬
‫صل ُ‬
‫ص من الظالم ِ للمظلوم ‪ ،‬فيقت ُ‬ ‫قت َ ُ‬‫خصوم وي ُ ْ‬ ‫ع ال ُ‬
‫تجتم ُ‬
‫ق كرامته المهضوم من فعلها المشئوم ‪ ،‬وليس هناك‬ ‫المكلوم وح ِ‬
‫ة لزوجها وهنا نذكر الحديث التي ‪:‬‬ ‫ة الزوج ِ‬ ‫ة خيان ِ‬ ‫أبشع من مظلم ِ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫عْرضه أو شيء فليتحلله‬ ‫‪ r‬قال ‪) :‬من كانت له مظلمة لخيه من ِ‬
‫منه اليوم قبل أن ل يكون دينارا ً ول درهما‪ ،‬إن كان له حسنات‬
‫خذَ من سيئاته‬ ‫ر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أ ُ ِ‬ ‫خذَ منه بقد ِ‬ ‫أُ ِ‬
‫ملت عليه (‪.‬‬ ‫ح ِ‬
‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬هذه الفاحشة ل يصبر عليها ول يقرها في أهله إل‬
‫الديوث الذي يقر الخنا في أهله ‪ ،‬فهذان اثنان من الصحابة هلل‬
‫وعويمر ‪ ،‬كل منها صبر على فراق زوجته وادعى أنها زانية‬
‫ولعنها ولم يقرها أن تبقى معه وهو يعلم أنها قد فجرت‪ ،‬ولو‬
‫مرة واحدة‪ ،‬وذلك دليل على حماستهم وغيرتهم على نسائهم‪ ،‬ل‬
‫يرضى أحدهم أن يشاركه في امرأته شخص أجنبي يفسد عليه‬
‫فراشه ‪ ،‬ول يرضى أن امرأته تخونه فتدخل في بيته من ل يرضاه‪،‬‬
‫وتجلس على فراشه غيره‪ ،‬وتمكن من نفسها غير زوجها‪ ،‬فإن‬
‫ذلك حرام‪ ،‬وفعلها يعتبر خيانة لزوجها‪ ،‬وإقرار الزوج على ذلك‬
‫يعتبر دياثة وإقرارا ً للثم والحرام‪ ،‬ولم يكن الصحابة يقرون شيئا ً‬
‫من ذلك‪ .‬وهكذا أيضا ً كل غيور‪ ،‬وكل من عنده حماسة وغيرة على‬
‫محارمه ل يقر الخنا في أهله ‪.‬‬
‫وعلى هذا إذا تحقق الزوج أن الزوجة قد خانته في فراشه إن‬
‫عليه أن يفارقها وأل يكشف سترها ‪ ،‬ولكن يخبرها فيما بينه‬
‫وبينها حتى يكون ذلك عذرا ً له عندها‪ ،‬فيخبرها بأنه قد اطلع على‬
‫كذا وكذا ‪.‬‬

‫مفاسد الزنا والعياذ بالله‬

‫مسألة ‪ :‬ما هي مفاسد الزنا والعياذ بالله ؟‬


‫ذنوب ‪،‬‬ ‫م ‪ ،‬وهو من كبائـر ال ّ‬ ‫مفاسد الزنا والعياذ بالله ‪ :‬الزنا حرا ٌ‬
‫ه مع الشرك بالله والقتل في قوله‬ ‫قَرنـ ُ‬‫ل قد َ‬ ‫حتى إن الله عّز وج ّ‬
‫س‬
‫ن الّنف َ‬ ‫ه ِإلها ً آخَر ول َيقُتلو َ‬ ‫ع الل ِ‬ ‫نم َ‬ ‫دعو َ‬ ‫ن ل يَ ْ‬ ‫تعالى ‪ )) :‬والذي َ‬
‫َ‬
‫ق أثاما ً *‬ ‫ك ي َل ْ َ‬‫ل ذل َ‬
‫ن يفع ْ‬‫م ْ‬
‫ن‪،‬و َ‬ ‫ق ول ي َْزنو َ‬ ‫ه إل بالح ّ‬ ‫م الل ُ‬ ‫التي حّر َ‬
‫ن‬
‫ب وآم َ‬ ‫ن تا َ‬ ‫م ْ‬‫مهانا ً * إل َ‬ ‫خل ُدْ في ِ‬
‫ه ُ‬ ‫ة وي َ ْ‬ ‫م القيام ِ‬ ‫ب يو َ‬ ‫ه العذا ُ‬ ‫فل ُ‬ ‫ع ْ‬‫ُيضا َ‬
‫ه‬ ‫ك يبدّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫ل عمل ُ صالحا فأولئ َ‬ ‫م َ‬
‫ن الل ُ‬ ‫ت وكا َ‬ ‫ه سيئاِتهم حسنا ٍ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫غفورا ً رحيما ً (( الفرقان ‪. 70 – 68‬‬
‫ل ُيسيء للمجتمع أشدّ الساءة فهو يؤدي لختلط‬ ‫والزنا فع ٌ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 222‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫النساب ‪ ،‬وينتهي إلى خراب البيوت وهو من أكثر العوامل التي‬
‫تدفع إلى الجريمة ‪ ،‬فكم من جنين ُأجهض لنه كان ثمرةً للزنى !‬
‫سمعتها ! وكم من‬ ‫قتلت دفاعا ً عن شرف العائلة و ُ‬ ‫وكم من بنت ُ‬
‫ه أو عشيقها أو قتلهما معا ً ‪ ،‬وكم من زوجة قتلت‬ ‫ل زوجت َ ُ‬ ‫زوج َ‬
‫قت َ َ‬
‫زوجها وعشيقته أو قتلتهما معا ً انتقاما ً للخيانة الزوجية ‪.‬‬
‫]*[ وقد تحدث المام ابن القيم عن مفاسد الزنا فقال رحمه الله‬
‫تعالى ‪:‬‬
‫وَرع ‪،‬‬
‫والزنا يجمع خلل الشّر كلها ‪ ،‬من قلة الدين وذهاب ال َ‬
‫غيرة ‪ ،‬فل تجد زانيا ً معه ورع ول وفاء ول‬ ‫وفساد المروءة وقلة ال َ‬
‫غي َْرة تامة على‬ ‫صدق في حديث ول محافظة على صديق ول َ‬
‫ب بإفساد حرمة عياله ‪ ،‬ومنها سواد‬ ‫أهله ! ومن موجباته غضب الر ّ‬
‫الوجه وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت ‪ ،‬ومنها ظلمة القلب‬
‫وطمس نوره ‪ ..‬ومنها أنه يذهب حرمة فاعله ‪ ،‬ويسقط من عين‬
‫ربه ومن أعين عباده ‪ ،‬ومنها أن يسلبه أحسن السماء ويعطيه‬
‫د‬
‫ملون بض ّ‬ ‫أضدادها ‪ ،‬ومنها ضيق الصدر وحرجه ‪ ،‬فإن الزناة يعا َ‬
‫ن من طلب لذة العيش وطيبه بما حّرمه الله عليه‬ ‫قصدهم ‪ ،‬فإ ّ‬
‫عاقبه بنقيض قصده ‪ ،‬فإن ما عند الله ل ُينال إل بطاعته ‪ ،‬ولم‬
‫ط‪.‬‬‫يجعل الله معصيته سببا ً إلى خير ق ّ‬
‫]*[ والزنا يجمع خلل الشر كلها منها ما يلي ‪:‬‬
‫)‪ (1‬الزنا يجمع خلل الشر كلها من ‪ :‬قلة الدين ‪ ،‬وذهاب الورع ‪،‬‬
‫وفساد المروءة ‪ ،‬وقلة الغيرة ‪ ،‬ووأد الفضيلة‬
‫)‪ (2‬يقتل الحياء ويلبس وجه صاحبه رقعة من الصفاقة والوقاحة‬
‫)‪ (3‬سواد الوجه وظلمته ‪ ،‬وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو‬
‫للناظرين‬
‫)‪ (4‬ظلمة القلب ‪ ،‬وطمس نوره‬
‫)‪ (5‬الفقر اللزم لمرتكبيه ‪ ،‬وفي أثر يقول الله تعالى ‪ )) :‬أما‬
‫مهلك الطغاة ‪ ،‬ومفقر الزناة(‬
‫)‪ (6‬أنه يذهب حرمة فاعله ‪ ،‬ويسقطه من عين ربه وأعين عباده ‪،‬‬
‫ويسلب صاحبه اسم البر‪ ،‬والعفيف ‪ ،‬والعدل ‪ ،‬ويعطيه اسم الفاجر‬
‫‪ ،‬والفاسق ‪ ،‬والزاني ‪ ،‬والخائن‬
‫)‪ (7‬الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني ‪ ،‬وهي نظير‬
‫الوحشة التي تعلو وجهه؛ فالعفيف على وجهه حلوة ‪ ،‬وفي قلبه‬
‫أنس ‪ ،‬ومن جالسه استأنس به ‪ ،‬والزاني بالعكس من ذلك تماما ً‬
‫)‪ (8‬أن الناس ينظرون إلى الزاني بعين الريبة والخيانة ‪ ،‬ول يأمنه‬
‫أحد على حرمته وأولده‬
‫)‪ (9‬ومن أضراره الرائحة التي تفوح من الزاني ‪ ،‬يشمها كل ذي‬
‫قلب سليم ‪ ،‬تفوح من فيه ‪ ،‬ومن جسده‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 223‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪ (10‬ضيقة الصدر وحرجه ؛ فإن الزناة يعاملون بضد قصودهم ؛‬
‫فإن من طلب لذة العيش وطيبه بمعصية الله عاقبه الله بنقيض‬
‫قصده ؛ فإن ما عند الله ل ينال إل بطاعته ‪ ،‬ولم يجعل الله‬
‫معصيته سببا ً إلى خير قط‬
‫)‪ (11‬الزاني يعرض نفسه لفوات الستمتاع بالحور العين في‬
‫المساكن الطيبة في جنات عدن‬
‫)‪ (12‬الزنا يجرئ على قطيعة الرحم وعقوق الوالدين ‪ ،‬وكسب‬
‫الحرام ‪ ،‬وظلم الخلق ‪ ،‬وإضاعة الهل والعيال وربما قاد إلى‬
‫سفك الدم الحرام ‪ ،‬وربما استعان عليه بالسحر والشرك وهو‬
‫يدري أو ل يدري ؛ فهذه المعصية ل تتم إل بأنواع من المعاصي‬
‫قبلها ومعها ‪ ،‬ويتولد عنها أنواع أخرى من المعاصي بعدها ؛ فهي‬
‫محفوفة بجند من المعاصي قبلها وجند من المعاصي بعدها ‪ ،‬وهي‬
‫أجلب شيء لشر الدنيا والخرة ‪ ،‬وأمنع شيء لخير الدنيا والخرة‬
‫)‪ (13‬الزنا يذهب بكرامة الفتاة ويكسوها عارا ً ل يقف عندها ‪ ،‬بل‬
‫يتعداها إلى أسرتها ؛ حيث تدخل العار على أهلها‪ ،‬وزوجها ‪،‬‬
‫وأقاربها ‪ ،‬وتنكس به رؤوسهم بين الخلئق‬
‫)‪ (14‬أن العار الذي يلحق من قذف بالزنا أعلق من العار الذي‬
‫ينجر إلى من رمي بالكفر وأبقى ؛ إل إن التوبة من الكفر على‬
‫صدق القاذف تذهب رجسه شرعا ً ‪ ،‬وتغسل عاره عادة ‪ ،‬ول تبقي‬
‫له في قلوب الناس حطة تنزل به عن رتبة أمثاله ممن ولدوا في‬
‫السلم‪ ،‬بخلف الزنا ؛ فإن التوبة من ارتكاب فاحشته ـ وإن‬
‫طهرت صاحبها تطهيرا ً ‪ ،‬ورفعت عنه المؤاخذة بها في الخرة ـ‬
‫يبقى لها أثر في النفوس ‪ ،‬ينقص بقدره عن منزلة أمثاله ممن‬
‫ثبت لهم العفاف من أول نشأتهم‬
‫وانظر إلى المرأة ينسب إليها الزنا كيف يتجنب الزواج نكاحها‬
‫وإن ظهرت توبتها ؛ مراعاة للوصمة التي ُألصقت بعرضها سالفا ً ‪،‬‬
‫ويرغبون أن ينكحوا المشركة إذا أسلمت رغبتهم في نكاح الناشئة‬
‫في السلم ‪0‬‬
‫)‪ (15‬إذا حملت المرأة من الزنا ‪ ،‬فقتلت ولدها جمعت بين الزنا‬
‫والقتل ‪ ،‬وإذا حملته على الزوج أدخلت على أهلها وأهله أجنبيا ً‬
‫ليس منهم ‪ ،‬فورثهم ورآهم وخل بهم ‪ ،‬وانتسب إليهم وهو ليس‬
‫منهم إلى غير ذلك من مفاسد زناها‬
‫)‪ (16‬أن الزنا جناية على الولد ؛ فإن الزاني يبذر نطفته على وجه‬
‫يجعل النسمة المخلقة منها مقطوعة عن النسب إلى الباء ‪،‬‬
‫والنسب معدود من الروابط الداعية إلى التعاون والتعاضد؛ فكان‬
‫الزنا سببا ً لوجود الولد عاريا ً من العواطف التي تربطه بأدنى‬
‫قربى يأخذون بساعده إذا زلت به فعله‪ ،‬ويتقوى به اعتصابهم عند‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 224‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الحاجة إليه ‪ ،،‬كذلك فيه جناية عليه ‪ ،‬وتعريض به ؛ لنه يعيش‬
‫وضيعا ً في المة ‪ ،‬مدحورا ً من كل جانب ؛ فإن الناس يستخفون‬
‫بولد الزنا ‪ ،‬وتنكره طبائعهم ‪ ،‬ول يرون له من الهيئة الجتماعية‬
‫اعتبارا ً ؛ فما ذنب هذا المسكين ؟ وأي قلب يحتمل أن يتسبب في‬
‫هذا المصير؟!‬
‫)‪ (17‬زنا الرجل فيه إفساد المرأة المصونة وتعريضها للفساد‬
‫والتلف‬
‫)‪ (18‬الزنا يهيج العداوات ‪ ،‬ويزكي نار النتقام بين أهل المرأة‬
‫وبين الزاني ‪ ،‬ذلك أن الغيرة التي طبع عليها النسان على‬
‫محارمه تمل صدره عند مزاحمته على موطوءته ‪ ،‬فيكون ذلك‬
‫مظنة لوقوع المقاتلت وانتشار المحاربات ؛ لما يجلبه هتك‬
‫الحرمة للزوج وذوي القرابة من العار والفضيحة الكبرى ‪ ،‬ولو بلغ‬
‫الرجل أن امرأته أو إحدى محارمه قتلت كان أسهل عليه من أن‬
‫يبلغه أنها زنت ‪ ،‬وكان لسان حاله يقول ‪ :‬ليتها ماتت قبل ذلك‬
‫ل هالك ‪.‬‬ ‫قبل أن تورد نفسها المهالك وتكون مطمعا ً لك ِ‬
‫)حديث سعد بن عبادة الثابت في الصحيحين ( أنه قال ‪ :‬لو رأيت‬
‫ح‪ ،‬فبلغ ذلك النبي‬ ‫ص ّ‬
‫ف ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬
‫غي َْر ُ‬ ‫سي ْ ِ‬‫ه ِبال ّ‬ ‫رجل ً مع امرأتي ل َ َ‬
‫ضَرب ْت ُ ُ‬
‫فقال‪ ) :‬أتعجبون من غيرة سعد‪ ،‬لنا أغَير منه‪ ،‬والله أغَير مني (‪.‬‬
‫)سعد بن عبادة( هو النصاري سيد الخزرج وأحد نقبائهم‬
‫ح أي ل‬ ‫ص ّ‬
‫ف ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ح( ‪ :‬صفح السيف أي عرضه ‪ ،‬ومعنى َ‬
‫غي َْر ُ‬ ‫ص ّ‬
‫ف ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫) َ‬
‫غي َْر ُ‬
‫ده ‪.‬‬‫أضربه بعرض السيف بل بح ّ‬
‫)‪ (19‬للزنا أثر على محارم الزاني ‪ ،‬فشعور محارمه بتعاطيه هذه‬
‫الفاحشة يسقط جانبا ً من مهابتهن ـ كما مر ـ ويسهل عليهن بذل‬
‫أعراضهن ـ إن لم يكن ثوب عفافهن منسوجا ً من تربية دينية‬
‫صادقة بخلف من ينكر الزنا ويتجنبه ‪ ،‬ول يرضاه لغيره ؛ فإن هذه‬
‫السيرة تكسبه مهابة في قلوب محارمه ‪ ،‬وتساعده على أن يكون‬
‫بيته طاهرا ً عفيفا ً ‪.‬‬
‫)‪ (20‬للزنا أضرار جسيمة على الصحة يصعب علجها والسيطرة‬
‫عليها ‪ ،‬بل ربما أودت بحياة الزاني ‪ ،‬كاليدز ‪ ،‬والهربس ‪ ،‬والزهري‬
‫‪ ،‬والسيلن ‪ ،‬ونحوها‬
‫)‪ (21‬الزنا سبب لدمار المة ؛ فقد جرت سنة الله في خلقه أنه‬
‫عند ظهور الزنا يغضب الله ـ عز وجل ـ ويشتد غضبه ‪ ،‬فل بد أن‬
‫يؤثر غضبه في الرض عقوبة‬
‫]*[ قال ابن مسعود ‪ )) :‬ما ظهر الربا والزنا في قرية إل أذن الله‬
‫بإهلكها (‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح ابن ماجة( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 225‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫بالله أن تدركوهن ‪ ،‬لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا‬
‫بها إل فشا فيهم الطاعون والوجاع التي لم تكن مضت في‬
‫أسلفهم الذين مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إل أخذوا‬
‫بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ولم يمنعوا زكاة‬
‫أموالهم إل منعوا القطر من السماء ولول البهائم لم يمطروا ولم‬
‫ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إل سلط الله عليهم عدوا من‬
‫غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله‬
‫ويتخيروا مما أنزل الله إل جعل الله بأسهم بينهم ‪.‬‬
‫و فاحشة مهلكة وجريمة موبقة وفساد ل تقف جرائمه‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫)‪َ (22‬‬
‫و ضلل في الدين‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬
‫عن ْدَ حد ول تنتهي آثاره ونتائجه إلى غاية َ‬ ‫َ‬
‫ت والعراض واستهتار‬ ‫َ‬
‫ما َ‬ ‫خلق وانتهاك للحر َ‬ ‫وفساد في ال ْ‬
‫بالشرف والمروءة ‪ ،‬وداعية للبغضاء والعداوة ‪.‬‬
‫)‪ (23‬عاره يهدم البيوت الرفيعة ويطأطئ الرؤس العالية ويسود‬
‫ضا ويخرس‬ ‫الوجوه البيض ويصبغ بأسود من القار أنصع العمائم بيا ً‬
‫اللسنة البليغة ويبدل أشجع الّناس من شجاعتهم جبًنا ل يدانيه‬
‫ما وأعرقهم عّزا‬ ‫قا وأسماهم مقا ً‬ ‫جبن ويهوي بأطول الّناس أعنا ً‬
‫ر‪.‬‬‫س لها من قرا ٍ‬ ‫إلى هاوية من الذل والزدراء والحقارة ل َي ْ َ‬
‫و أقدر أنواع العار على نزع ثوب الجاه مهما تسع ونباهة الذكر‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫َ‬
‫مهما بعدت وإلباس ثوب من الخمول ينبو بالعيون عن أن تلفت‬
‫و أي الزنا لطخة سوداء‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ن في بيوتهم لفتة احترام ٍ َ‬ ‫إلى من َ‬
‫كا َ‬
‫ل صحائفه البيض وتركت العيون ل‬ ‫إذا لحقت تاريخ أسرة غمرت ك ُ ّ‬
‫كا ‪.‬‬‫دا حال ً‬
‫ت ََرى منها ِإل سوا ً‬
‫ن في قوم ل يقتصر على‬ ‫كا َ‬ ‫ذي إن َ‬ ‫و الذنب الظلوم ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫)‪َ (24‬‬
‫م‬‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬
‫شين من قارفته من نسائهم بل يمتد شينه إلى من سواها ِ‬
‫عا شيًنا يترك لهن من الثر في أعين الناظرين ما‬ ‫فيشينهن جمي ً‬
‫ذي يطول عمره طول ً‬ ‫و العار ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫يقضي على مستقبلهن النسوي َ‬
‫ه‪.‬‬‫عل َي ْ ِ‬ ‫فقاتله الله من ذنب وقاتل فا َ‬
‫]*[ ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم كل السباب المؤدية‬
‫إلى الزنا ‪ ،‬وجميع الدوافع الدافعة إليه‬
‫)حديث أبي موسى في صحيح النسائي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أيما‬
‫امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي‬
‫زانية و كل عين زانية ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير ‪:‬‬
‫)أيما امرأة استعطرت ( أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما‬
‫يظهر ريحه منه ) ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها ( أي‬
‫بقصد ذلك‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 226‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) فهي زانية ( أي كالزانية في حصول الثم وإن تفاوت لن‬
‫فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي ‪ :‬شبه خروجها من‬
‫بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا‬
‫بالزنا مبالغة وتهديدا ً وتشديدا ً عليها ) وكل عين زانية ( أي كل‬
‫عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من‬
‫الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ‬
‫بشم طيب أجنبية لن الّله إذا حرم شيئا ً زجرت الشريعة عما‬
‫يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان‬
‫ابن عمر رضي الّله عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه‬
‫حتى يبرد ‪.‬‬
‫‪‬وحذر نبي المة والرحمة من الدخول على النساء أو الختلط‬
‫لن ذلك مما قد يدفع ضعاف النفوس إلى ممارسة هذه الفاحشة‬
‫العظيمة المشينة المحرمة‬
‫)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إياكم و‬
‫الدخول على النساء قالوا ‪ :‬يا رسول الّله أرأيت الحمو قال ‪:‬‬
‫الحمو الموت أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في‬
‫الستقباح والمفسدة فهو ‌‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير‪:‬‬
‫) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه‬
‫المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء‬
‫‪،‬وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر‬
‫العلة والقصد به غير ذوات المحارم ‪ ،‬ذكر الغزالي أن راهبا ً من‬
‫بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما‬
‫زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها‬
‫فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها‬
‫ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه‬
‫وحصروه فقال له الشيطان ‪ :‬اسجد لي تنج فسجد له ‪ ،‬فانظر‬
‫إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية‬
‫وجعلها عنده‬
‫ّ‬
‫)قالوا ‪ :‬يا رسول الله أرأيت الحمو قال ‪ :‬الحمو الموت(‬
‫والحمو أخو الزوج وقريبه ‪ ،‬الحمو الموت ‪ :‬أي دخوله على زوجة‬
‫أخيه يشبه الموت في‬
‫الستقباح والمفسدة فهو محرم ‌‬
‫شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه الموت لتسامح الناس‬
‫في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من المرأة وخرج هذا مخرج قولهم‬
‫السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه وكذا دخول الحمو عليها يفضي‬
‫إلى موت الدين أو إلى موتها بطلقها عند غيرة الزوج أو برجمها‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 227‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر إلى‬
‫التهم كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة لن موقع امتناع‬
‫الرجل من النظر بشهوة لمرأة أبيه ليس كموقعه منه لمه هذا قد‬
‫استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس الشهوانية‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪:‬فإذا كان هذا مع أخ الزوج ‪ ،‬فما بالنا بمن يتركون‬
‫الرجال الجانب يدخلون على نساءهم ومحارمهم دون أن يحرك‬
‫ذلك ساكنا ً فيهم من شعور بالغيرة على أعراضهم ومحارمهم ‪،‬‬
‫مدعين بذلك العفة لدى الجنسين ‪ ،‬وأقول ‪ :‬والله إنه ضعف في‬
‫الدين ‪ ،‬وقلة حيلة لدى أولئك المساكين ‪.‬‬
‫ولهذا قال تعالى محذرا ً من الدخول على النساء ‪ ) :‬وإذا‬
‫سألتموهن متاعا ً فسألوهن من وراء حجاب ( ثم ذكر المولى جل‬
‫وعل الحكمة البالغة من ذلك فقال ‪ ) :‬ذلكم أطهر لقلوبكم‬
‫وقلوبهن ( ] الحزاب ‪ ، [ 53‬وحّرم السلم على المرأة أن تخرج‬
‫أمام الرجال الجانب وهي متخذة زينتها لما في ذلك من جنوح‬
‫إلى الذنب والمعصية ‪ ،‬وإقبال على الفاحشة والرذيلة ‪ ،‬واستمالة‬
‫ضعاف النفوس واليمان والتقوى للنجراف في بحر الفاحشة ‪،‬‬
‫والوقوع في براثن الزانيات العاهرات الداعيات إلى البعد عن عالم‬
‫الخفيات فاطر الرض والسموات ‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ء‬
‫و آَبآ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫و آَبآ َئ ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫عولت ِ ِ‬ ‫ن إ ِل ّ ل ِب ُ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ن َِ‬ ‫دي َ‬ ‫ول َ ي ُب ْ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫عول َت ِ‬ ‫َ‬ ‫و أ َب َْنآئ ِ‬ ‫َ‬ ‫عول َت ِ‬
‫ه ّ‬ ‫وان ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ي إِ ْ‬ ‫و ب َن ِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬‫ِ‬ ‫وان ِ‬ ‫خ َ‬ ‫و إِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫ء بُ ُ‬ ‫و أب َْنآ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫بُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫غي ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫عي َ‬ ‫و الّتاب ِ ِ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫مان ُ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫سآئ ِ َ ِ‬ ‫و نِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وات ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫و ب َِني أ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ُ‬
‫ت‬ ‫وَرا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫هُروا ْ َ‬ ‫م ي َظْ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫و الطّ ْ‬ ‫لأ ِ‬ ‫جا ِ‬
‫َ‬
‫ن الّر َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫وِلي ال ِْرب َ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫وا ْ إ َِلى‬ ‫وُتوب ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت ِ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن ل ِي ُ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫جل ِ ِ‬‫ن ب ِأْر ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬ ‫ء َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫الن ّ َ‬
‫َ‬
‫ن( ]سورة‪ :‬النور ‪ -‬الية‪:‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ال ْ ُ‬ ‫ميعا ً أي ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫‪[31‬‬
‫ثم أمر المولى جلت قدرته عباده الذين ل يستطيعون النكاح ول‬
‫يجدون له طريقا ً ومسلكا ً ‪ ،‬أمرهم بالعفة إلى أن يكتب الله لهم‬
‫ذلك ‪،‬‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬‫غن ِي َ ُ‬ ‫ى يُ ْ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫كاحا ً َ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن ل َ يَ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف ال ّ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ه( ]سورة‪ :‬النور ‪ -‬الية‪[33 :‬‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫‪‬وحذر الله تعالى عباده من كل ما من شأنه أن يكون ذريعة إلى‬
‫فعل فاحشة الزنا ‪ ،‬من الستر وعدم الختلط بين الرجال‬
‫والنساء ‪ ،‬وعدم التكسر في كلم النساء مع الرجال ‪ ،‬وعدم خروج‬
‫المرأة من بيتها بغير محرم لن ذلك يفضي إلى عواقب وخيمة ‪،‬‬
‫فيه فساد هذه المة ‪ ،‬وجاء الخطاب صريحا ً لمهات المؤمنين ‪،‬‬
‫وقصد به نساء المة أجمعين ‪،‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 228‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫فل َ‬ ‫ن َ‬ ‫قي ْت ُ ّ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ء إِ ِ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫د ّ‬ ‫ح ٍ‬‫ن ك َأ َ‬ ‫ست ُ ّ‬ ‫ي لَ ْ‬ ‫سآءَ الن ّب ِ ّ‬ ‫قال تعالى‪) :‬ي َن ِ َ‬
‫عُروفا ً *‬ ‫م ْ‬ ‫ول ً ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قل ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ض َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫في َطْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬‫خ َ‬ ‫تَ ْ‬
‫َ‬
‫صل َةَ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫ق ْ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ى َ‬ ‫لول َ َ‬ ‫ةا ُ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫ن ت َب َّر َ‬ ‫ج َ‬ ‫ول َ ت َب َّر ْ‬ ‫ن َ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫َ‬
‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫عن ُ‬
‫كـ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ل ِي ُذْ ِ‬ ‫ّ‬
‫ريدُ الل ُ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫ه إ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫سول ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ع َ‬‫وأ ط ِ ْ‬ ‫كـاةَ َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫وآِتي َ‬ ‫َ‬
‫هيــرا( ]الحزاب ‪[32/33‬‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫م ت َط ِ‬ ‫هَرك ْ‬ ‫وي ُط ّ‬ ‫ت َ‬ ‫ل الب َي ْ ِ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫الّر ْ‬
‫]*[والزنا من أكبر الكبائر بعد الكفر والشرك بالله وقتل النفس‬
‫التي حرم الله إل بالحق وهو محرم بكتاب الله وسنة نبيه صلى‬
‫الله عليه وسلم وإجماع المة الذي نقله كثير من أهل العلم ‪،‬‬
‫ل(‬‫سِبي ً‬ ‫سآءَ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ى إ ِن ّ ُ‬ ‫قَرُبوا ْ الّزن َ َ‬ ‫ول َ ت َ ْ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫] السراء ‪[32 /‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ول يسرق‬
‫السارق حين يسرق وهو مؤمن ول يشرب الخمر حين يشربها وهو‬
‫مؤمن ول ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم‬
‫حين ينتهبها وهو مؤمن ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ها ْ‬
‫لي َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫عب ْدُ َ‬ ‫ذا َزَنى ال َ‬ ‫الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬إ ِ َ‬
‫ْ‬
‫ه اليمان«‪.‬‬ ‫عادَ إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ة‪َ ،‬‬ ‫كالظّل ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫س ِ‬ ‫وقَ َرأ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫‪‬فجاء التحريم مواكبا ً لما تقتضيه الطبيعة البشرية ‪ ،‬ولما يسببه‬
‫الزنا من أضرار وأمراض بالغة ‪ ،‬سواءً العضوية أو النفسية أو‬
‫الجتماعية ‪ ،‬فالزنا يسبب أمراضا ً خطيرة وفتاكة بالجسم ‪ ،‬ويؤدي‬
‫إلى اضطراب المجتمعات ‪ ،‬وتفكك السر ‪ ،‬ول أدل على ذلك من‬
‫التفكك والضياع الذي تعيشه معظم السر الغربية وانحلل الحياء‬
‫بسبب اقتراف فاحشة الزنا ‪ ،‬فمجتمع ل هم له إل إشباع شهواته‬
‫الغريزية ‪ ،‬ولذاته الجنسية ‪ ،‬ذاك مجتمع فاشل هابط ساقط ‪ ،‬ول‬
‫يأمن بعضه بعضا ً لستفحال هذه الفاحشة فيهم ‪ .‬فهم معرضون‬
‫لشديد عقاب الله وأليم عذابه ‪.‬‬
‫فعند إقدام الزاني على الزنا وعند قيامه به في هذه الحالة قد‬
‫ارتفع اليمان فوق رأسه فهو بل إيمان ‪ ،‬ففي هذه الحالة انتفى‬
‫اليمان من قلبه وجوارحه حتى يترك هذه المعصية ـ عياذا بالله‬
‫من ذلك ـ فكيف إذا جاء ملك الموت لتنفيذ أمر الله وقبض‬
‫الرواح ‪ ،‬والزناة والزواني في هذه الحالة التي تغضب جبار‬
‫السموات والرض ‪ ،‬كيف سيكون المصير ؟ كيف وقد خرج اليمان‬
‫وجاء الموت ؟ على أي حال كان هذا الزاني وهذه الزانية ؟ إنهما‬
‫كانا على حال ُتغضب الله العزيز الجبار شديد العقاب ‪ ،‬فالله يمهل‬
‫للظالم ول يهمله ‪ ،‬وإذا أخذه لم ُيفلته ‪ ،‬بل يأخذه أخذ عزيز مقتدر‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 229‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ r‬قــال ‪ :‬إن اللــه‬ ‫)حديث أبي موســى فــي الصــحيحين( أن النــبي‬
‫تعالى َليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ‪.‬‬
‫) إن الّله تعــالى َليملــي ( بفتــح اللم الولــى أي ليمهــل والملء‬
‫المهال والتأخير وإطالة العمر ) للظالم ( زيادة فــي اســتدراجه‬
‫ليطــول عمــره ويكــثر ظلمــه فيــزداد عقــابه } إنمــا نملــي لهــم‬
‫ليزدادوا إثما ً { فإمهاله عين عقابه‬
‫) حتى إذا أخذه ( أي أنزل به نقمته ) لم ُيفلته ( أي لم يفلــت‬
‫منه ‪.‬‬
‫‪ ‬فهل هناك أقبح من أن يأتي رجل امرأة ل تحل له ؟ وهل هناك‬
‫أفظع من أن يضع رجل نطفته في فرج حرام ل يحل له ؟ فكيف‬
‫إذا داهم ملك الموت هؤلء الزناة ؟ كيف سيكون الخلص ؟ وأين‬
‫المهرب والملتجأ ؟ وأين الناصرون ؟ وأين المنقذون ؟ وأين‬
‫المرون بالزنا ؟ وأين شيطانهم الذي دفعهم لرتكاب تلك‬
‫الفاحشة الشنيعة ؟ إن الشيطان الذي زين لهم القيام بالزنا‬
‫وهون أمره في قلوبهم سيتخلى عنهم في ذلك الموقف العصيب‬
‫الرهيب ‪ ،‬ومن ينفع إذا جاء الموت ‪ ،‬وغرغرت الروح وبلغت‬
‫الحلقوم ‪ ،‬والله لن ينفع العاصي في تلك اللحظة أحد من الخلق‬
‫أجمعين ـ فنسأل الله أن يحسن خاتمتنا ـ‬
‫ماذا سيقول الزناة لهادم اللذات ؟ ومفرق الجماعات ؟ ماذا‬
‫سيقولون لملك الموت ؟ أيقولون أمهلنا حتى نتوب إلى الله ‪ ،‬أم‬
‫يقولون انظرنا حتى نعاهد الله أل نعود لمثل ذلك ؟ يقول الله جل‬
‫شأنه في أمثال أولئك ‪:‬‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫عل ّ َ‬‫ن * قال تعالى‪) :‬ل َ َ‬ ‫عو ِ‬ ‫ج ُ‬‫ب اْر ِ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ت َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫حدَ ُ‬ ‫جآءَ أ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ى إِ َ‬ ‫حت ّ َ‬ ‫) َ‬
‫م ب َْرَز ٌ‬
‫خ‬ ‫ه ْ‬‫وَرآئ ِ ِ‬‫من َ‬ ‫و ِ‬‫ها َ‬ ‫ُ‬
‫قآئ ِل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ها ك َل ِ َ‬ ‫ت ك َل ّ إ ِن ّ َ‬ ‫ما ت ََرك ْ ُ‬ ‫في َ‬ ‫ً‬
‫صاِلحا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن(‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫ى يَ ْ‬ ‫إ ِل َ َ‬
‫] المؤمنون ‪[100،99‬‬
‫‪ ‬أتدري ما البرزخ ؟ إنه حياة القبر وما أعده الله للزناة والزواني‬
‫فيه من ألوان العذاب التي ل يعلمها إل هو سبحانه ‪،‬‬
‫ذا‬‫ى إِ َ‬‫حت ّ َ‬ ‫ة َ‬ ‫فظ َ ً‬ ‫ح َ‬‫كم َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫وي ُْر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫وق َ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫هُر َ‬ ‫قا ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫ى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫وا ْ إ ِل َ َ‬
‫م ُردّ َ‬ ‫ن * ثُ ّ‬ ‫طو َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫م ل َ يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫سل َُنا َ‬ ‫ه ُر ُ‬ ‫فت ْ ُ‬‫و ّ‬ ‫ت تَ َ‬ ‫و ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حدَك ُ ُ‬ ‫جآءَ أ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن( ] النعام ‪[ 61/62‬‬ ‫سِبي َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ع ال َ‬ ‫سَر ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫ق أل َ ل ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫‪،‬‬
‫ن(‬‫ضآّلي َ‬ ‫وما ً َ‬ ‫ق ْ‬‫وك ُّنا َ‬ ‫وت َُنا َ‬ ‫ق َ‬ ‫ش ْ‬‫عل َي َْنا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫غل َب َ ْ‬‫قاُلوا ْ َرب َّنا َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫فإ ِّنا‬ ‫عدَْنا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫جَنا ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫]سورة‪ :‬المؤمنون ‪ -‬الية‪َ *[106 :‬رب َّنآ أ َ ْ‬
‫ن( ) المؤمنون‬ ‫مو ِ‬ ‫ول َ ت ُك َل ّ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫سُئوا ْ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫لا ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ن* َ‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫‪. ( 106/107/108‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 230‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إن هناك من العذاب مال تطيقة الجبال الراسيات ‪ ،‬فضل ً عن أن‬
‫يطيقه إنسان اكتسى لحما ً وعظما ً ‪،‬‬
‫أما كان لهؤلء أن يصبروا على طاعة الله ‪ ،‬ويصبروا عن معاص‬
‫الله ‪ ،‬ويعلموا أن من ترك شيئا ً لله عوضه الله خيرا ً منه ‪ ،‬وقد‬
‫أمروا بترك الزنا والبتعاد عنه وأوجد لهم نبيهم عليه الصلة‬
‫والسلم طريقا ً ومسلكا ً يتبعه من ل يستطيع الباءة والقدرة على‬
‫الزواج من البنين والبنات ‪ ،‬فبين نبي الرحمة والهدى معالم الدين‬
‫الحنيف لكافة المة ‪ ،‬كيف ل ؟ وقد قال الله عن نبيه صلى الله‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ع ِ‬‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َأن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّ‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جآءَك ُ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫عليه وسلم قال تعالى‪) :‬ل َ َ‬
‫م( ]سورة‪ :‬التوبة ‪-‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف ّر ِ‬ ‫ءو ٌ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫م ِبال ْ ُ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ص َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫عن ِت ّ ْ‬
‫ما َ‬ ‫َ‬
‫الية‪[128 :‬‬
‫‪ ،‬فهاهو النبي صلى الله عليه وسلم يبين الطريق المثل لمن لم‬
‫يستطع الزواج والقدرة عليه في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬كنا مع النبي ‪r‬‬
‫شبابا ل نجدُ شيئا ً فقال لنا رسول الله ‪) : r‬يا معشر الشباب‪ ،‬من‬
‫ن للفرج‪ ،‬ومن لم‬ ‫ض للبصر وأحص ُ‬ ‫استطاع الباءة فليتزوج‪ ،‬فإنه أغ ُ‬
‫يستطع فعليه بالصوم‪ ،‬فإنه له وجاء(‬
‫‪‬ثم ماذا بعد الموت ؟ أين مصير الزناة والزواني ؟‬
‫ن( ]سورة‪:‬‬ ‫عُثو َ‬ ‫وم ِ ي ُب ْ َ‬ ‫ى يَ ْ‬ ‫خ إ ِل َ َ‬ ‫م ب َْرَز ٌ‬ ‫ه ْ‬ ‫وَرآئ ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫و ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫المؤمنون ‪ -‬الية‪[100 :‬‬
‫البرزخ كما قلنا هو حياة القبر ‪ ،‬فماذا سيكون مصيرهم هناك ‪ ،‬إنه‬
‫تنور ) فرن ( أسفله واسع وأعله ضيق يوضع فيه الزناة والزواني‬
‫ويأتيهم العذاب والنار من تحتهم وهم يصرخون ويصيحون ‪ ،‬فمن‬
‫ينصرهم في ذلك الموقف العسير ؟ فل إله إل الله ‪ ،‬ول حول ول‬
‫جْرَنا من خزي الدنيا وعذاب الخرة‬ ‫قوة إل بالله ‪ .‬اللهم أ ِ‬
‫ثم كيف بالزناة والزواني يخشون الناس وليخشون الله ‪،‬‬
‫ويستحيون من الناس وليستحيون من الله ‪ ،‬ويستخفون من‬
‫الناس وليستخفون من الله ‪ .‬فتراهم يهربون إلى أماكن بعيدة‬
‫حتى ل يراهم أحد من الناس ‪ ،‬ونسوا بل تناسوا أن الله يراهم‬
‫وينظر إليهم في تلك اللحظات المشينة ‪،‬‬
‫و‬
‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫خ ُ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فو َ‬ ‫ست َ ْ‬‫قال تعالى‪) :‬ي َ ْ‬
‫مُلو َ‬
‫ن‬ ‫ع َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ه بِ َ‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ى ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ما ل َ ي َْر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إ ِذْ ي ُب َي ُّتو َ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫حيطا( ]سورة‪ :‬النساء ‪ -‬الية‪[108 :‬‬ ‫ً‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫ن(‬ ‫م ُ‬ ‫وهُ ِإن ُ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ق أن ت َ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫هأ َ‬ ‫فالل ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ون َ ُ‬
‫ش ْ‬ ‫قال تعالى‪ ) :‬أت َ ْ‬
‫]سورة‪ :‬التوبة ‪ -‬الية‪[13 :‬ولكنه اتباع الهوى والشهوات ‪ ،‬والبعد‬
‫عن خالق الرض والسموات ‪،‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 231‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عوا ْ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫صل َةَ َ‬ ‫عوا ْ ال ّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫ف أَ َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫غي ًّا( ] مريم ‪[59 /‬‬ ‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ي َل ْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫مسألة ‪ :‬ما هو الغي في قوله تعالى ‪ ) :‬فسوف يلقون غيا ً ( ؟‬
‫الغي في قوله تعالى ‪ ) :‬فسوف يلقون غيا ً ( ‪ :‬هو واٍد في جهنم‬
‫بعيد قعره ‪ ،‬فيه من ألوان العذاب مال عين رأت ول أذن سمعت‬
‫ول خطر على قلب بشر ‪ ،‬نسي أولئك أنهم سيعودون إلى الله‬
‫سبحانه وتعالى فيجازيهم بأعمالهم ‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫قال تعالى‪) :‬أ َ َ‬
‫ن(‬‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م إ ِل َي َْنا ل َ ت ُْر َ‬ ‫وأن ّك ُ ْ‬ ‫عَبثا ً َ‬ ‫م َ‬ ‫قَناك ُ ْ‬ ‫خل َ ْ‬‫ما َ‬ ‫م أن ّ َ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف َ‬
‫] المؤمنون ‪[115 /‬‬
‫هم بما عملوا ‪ ،‬فإن نسوا هم فإن‬ ‫قّرْر ُ‬ ‫هم وي ُ َ‬ ‫وأنه سبحانه سي ُذَك ّْر ُ‬
‫الله ل ينسى‬
‫ول َ‬ ‫ل َرّبي َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ب ل ّ يَ ِ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫عندَ َرّبي ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬‫عل ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قا َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫سى( ]سورة‪ :‬طه ‪ -‬الية‪ ، [52 :‬نسوا أن الله سيسجل عليهم‬ ‫َين َ‬
‫ع ال ْك َِتا ُ‬
‫ب‬ ‫ض َ‬ ‫و ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ذلك ويجدونه في صحائف أعمالهم ‪ ،‬قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ذا‬‫هـ َ‬ ‫ما ل ِ َ‬ ‫وي ْل َت ََنا َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ر ِ‬‫ج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فت ََرى ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫مُلوا ْ‬ ‫َ‬
‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫صا َ‬ ‫ح َ‬ ‫ول َ ك َِبيَرةً إ ِل ّ أ ْ‬ ‫غيَرةً َ‬ ‫ص ِ‬ ‫غاِدُر َ‬ ‫ب ل َ يُ َ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬
‫حدًا( ]سورة‪ :‬الكهف ‪ -‬الية‪،[49 :‬‬ ‫حاضرا ً ول َ يظْل ِم رب َ َ‬
‫كأ َ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫صا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ْ أ ْ‬ ‫مل ُ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ُن َب ّئ ُ ُ‬‫ميعا ً َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫عث ُ ُ‬ ‫م ي َب ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫وقال تعالى‪) :‬ي َ ْ‬
‫د( ]سورة‪ :‬المجادلة ‪ -‬الية‪:‬‬ ‫هي ٌ‬ ‫ش ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫سوهُ َ‬ ‫ون َ ُ‬‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫‪[6‬‬
‫واليات الدالة على البعث والحساب كثيرة وأن هؤلء العصاة‬
‫والبغاة سيعودون إلى الله ويحاسبون على أعمالهم الشنيعة التي‬
‫أغضبت المولى جل وعل ‪ ،‬وسيحاسبون على أفعالهم القبيحة‬
‫التي ل يرضى عنها حتى من ل يؤمن بالله ‪ ،‬فالطباع السليمة ل‬
‫ترضى مثل هذه الفاحشة التي توجب غضب الله وعقابه وسخطه‬
‫ومقته ‪ ،‬وعندما بايع النبي صلى الله عليه وسلم النساء على أل‬
‫يشركن بالله شيئا ً وليسرقن ول يزنين ‪ ،‬قالت هند بنت عتبة ‪ :‬أ َ‬
‫و‬
‫حرة ؟ تقول وبكل تعجب أو تزني الحرة يا رسول الله ؟!‪،‬‬ ‫تزني ال ُ‬
‫أي أن المرأة الحرة ل تزني أبدا ‪ ،‬ما كان نساء الصحابة رضوان‬
‫الله عليهن يصدقن أن الحرة تزني ‪ ،‬ما كن يعرفن الزنا ‪ ،‬لنه لم‬
‫يكن موجودا ً عند أهل اليمان والتقوى ‪ ،‬فصاحب الزنا يشعر بأنه‬
‫من أفسق الناس ومن أفجرهم ومن أجرم الناس على الطلق ‪،‬‬
‫جرم‬ ‫فهو أيضا ً ُيحس بوحشة وضيق في صدره من شناعة ال ُ‬
‫والفاحشة التي قام بها فيتمنى لو أن الرض تنشق وتبتلعه من‬
‫قبح ما فعل ‪ ،‬فإذا فعل فعلته التي فعل ‪ ،‬وانتهى من جرمه الذي‬ ‫ُ‬
‫ة عمله فُيحس‬ ‫س ِ‬ ‫سا َ‬ ‫خ َ‬ ‫و َ‬ ‫عمل ‪ ،‬ضاق صدره وتألم قلبه لسوء فعلته ‪َ ،‬‬
‫بقذارة ما فعل من فاحشة ) الزنا ( ويتمنى لو أنه لم يفعلها فيريد‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 232‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫التوبة والعودة والنابة إلى الله سبحانه ‪ ،‬والقلع عن تلك‬
‫المعصية ‪ ،‬ولكن يأتيه الشيطان فيهون عليه تلك المعاصي‬
‫ن قلبه بفعل تلك الذنوب العظام ‪ ،‬والكبائر‬ ‫والثام ‪ ،‬وُيطمئ ِ ُ‬
‫الجسام ‪ ،‬والموبقات المهلكات ‪ ،‬فيهلكه بفعلها ويغرقه في لجج‬
‫المعاصي والثام فيقع فريسة سهلة للشيطان ‪ ،‬فتضيق عليه‬
‫معيشته ويصبح كثير الشكوك وافر الظنون ‪ ،‬لنه يخاف أن يفعل‬
‫الناس بأهله الفاحشة كما يفعلها هو بمحارم الناس ) فكما تدين‬
‫تدان ( ‪،‬‬
‫)حديث سهل بن سعد في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال من يضمن‬
‫لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن النبي ‪r‬‬
‫سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال ‪ :‬تقوى الله وحسن‬
‫الخلق ‪ ,‬وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال الفم والفرج ‪.‬‬
‫فصاحب الزنا يعيش بصير العين أعمى القلب ‪ ،‬ومن عمي قلبه‬
‫فحياته فيها من التعاسة الشيء الكثير ‪ ،‬فهو خائف وقلق وفزع‬
‫من هول تلك المعصية فيخاف من العقوبة في الدنيا ‪ ،‬أما الخرة‬
‫فقد نسيها ونسي الخالق سبحانه فالله سوف ينساه لنه ما عرف‬
‫لله حقا ً ‪ ،‬وما ترك لله حدا ً ‪ ،‬فالجزاء من جنس العمل ‪.‬‬
‫م( ]سورة‪ :‬التوبة ‪ -‬الية‪[67 :‬‬ ‫ه ْ‬‫سي َ ُ‬
‫فن َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سوا ْ الل ّ َ‬ ‫قال تعالى‪) :‬ن َ ُ‬
‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫هأ ْ‬‫م ِذك َْر الل ّ ِ‬‫ه ْ‬
‫سا ُ‬‫فأن َ‬ ‫ن َ‬‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬
‫م ال ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫وذَ َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫قال تعالى‪) :‬ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫ن( ]سورة‪:‬‬ ‫سُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬‫ن ُ‬ ‫شي ْطا ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫حْز َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن أل َ إ ِ ّ‬ ‫طا ِ‬ ‫ب ال ّ‬‫حْز ُ‬
‫ِ‬
‫المجادلة ‪ -‬الية‪[19 :‬‬

‫تفاوت فاحشة الزنا والعياذ بالله‬

‫‪‬‬
‫تتفاوت فاحشة الزنا والعياذ بالله بحسب مفاسدها ؛ والزنا بذات‬
‫الزوج أشد من الزنا بالتي ل زوج لها ؛ لما فيه من الظلم ‪،‬‬
‫والعدوان عليه ‪ ،‬وإفساد فراشه ‪ ،‬وقد يكون هذا أشد من مجرد‬
‫الزنا أو دونه‬
‫والزنا بحليلة الجار أعظم من الزنا ببعيدة الدار ‪ ،‬لما يقترن بذلك‬
‫من أذى الجار ‪ ،‬وعدم حفظ وصية الله ورسوله‬
‫وكذلك الزنا بامرأة الغازي في سبيل الله أعظم إثما ً عند الله من‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 233‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الزنا بغيرها ‪ ،‬ولهذا يقال للغازي ‪ :‬خذ من حسنات الزاني ما شئت‬
‫وكذلك الزنا بذوات المحارم أعظم جرما ً ‪ ،‬وأشنع ‪ ،‬وأفظع ؛ فهو‬
‫الهلك بعينه‬
‫وكما تختلف درجات الزنا بحسب المزني بها ‪ ،‬فكذلك تتفاوت‬
‫درجاته بحسب الزمان والمكان ‪ ،‬والحوال ؛ فالزنا في رمضان ليل ً‬
‫أو نهارا ً أعظم إثما ً منه في غيره ‪ ،‬وكذلك في البقاع الشريفة‬
‫المفضلة هو أعظم منه فيما سواها‬
‫وأما تفاوته بحسب الفاعل ‪ :‬فالزنا من المحصن أقبح من البكر ‪،‬‬
‫ومن الشيخ أقبح من الشاب ‪ ،‬ومن العالم أقبح من الجاهل ‪ ،‬ومن‬
‫القادر على الستغناء أقبح من الفقير العاجز‬
‫وقد يقترن بالفاحشة من العشق الذي يوجب اشتغال القلب‬
‫بالمعشوق ‪ ،‬وتأليهه ‪ ،‬وتعظيمه ‪ ،‬والخضوع له ‪ ،‬والذل له ‪ ،‬وتقديم‬
‫طاعته وما يأمر به على طاعة الله ‪ ،‬ومعاداة من يعاديه ‪ ،‬وموالة‬
‫من يواليه ‪ ،‬ما قد يكون أعظم ضررا ً من مجرد‬
‫تنبيه ‪ :‬ونظرا ً للمفاسد العظيمة التي تنتج عن الزنا والعياذ بالله‬
‫ذر الشارع من مقاربة الزنا أو من الظروف والدواعي التي‬ ‫فقد ح ّ‬
‫ن‬
‫ه كا َ‬
‫يمكن أن تقود إليه ‪ ،‬فقال تعالى ‪) :‬ول َتقربوا الّزنى إ ِن ّ ُ‬
‫ة وساءَ سبيل ً (( السراء ‪ ، 32‬وجعل حواجز تحول دون‬ ‫فاحش ً‬
‫ذر من‬‫الوقوع في الفواحش ‪ ،‬فدعا إلى الزواج للمستطيع ‪ ،‬وح ّ‬
‫العقوبة الدينية والدنيوية ‪ ،‬وحض على العفة ‪ ،‬وجعل هناك عددا ً‬
‫من المراض الجنسية الخطيرة التي تصيب بصورة خاصة أولئك‬
‫الذين يرتكبون الفواحش ‪..‬‬

‫قصص وعبر لسوء عاقبة الزناة‬

‫]*[ قيل أن راهبا ً ُيسمى برصيصا ً كان يعبد الله ستين سنة ‪ ،‬وأن‬
‫الشيطان أراد أن يغويه فما استطاع ‪ ،‬فعمد الشيطان إلى امرأة‬
‫قس‬ ‫فأجنها وكان لها أخوة فقال الشيطان ‪ :‬لخوتها عليكم بهذا ال ُ‬
‫‪ ،‬فيداويها ‪ ،‬فجاءوا بها إليه فداواها وكانت عنده ‪ ،‬فبينما هو يوما ً‬
‫عندها إذ أعجبته فأتاها فحملت ‪ ،‬فعمد إليها فقتلها ‪ ،‬فجاء إخوتها‬
‫فطلبوها ‪ ،‬فقال الشيطان للراهب أنا من عمل بك هذا لنك‬
‫أتعبتني ‪ ،‬فأطعني أنقذك منهم ‪ ،‬فاسجد لي سجدة ‪ ،‬فلما سجد‬
‫له ‪ ،‬قال ‪ :‬إني برئ منك ‪ ،‬إني أخاف الله ‪ ) .‬رواها بن جرير في‬
‫تفسيره )‬
‫]*[ وفي واقعنا وفي زماننا هذا كثيٌر من مآسي الزناة‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 234‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ج ل ُيرجى اعتداله والذين‬ ‫عو ٌ‬ ‫دة الذين فيهم ِ‬ ‫والزواني) الجبلة الن َك ِ َ‬
‫ل يهناؤون ‪ ،‬ول يهدأ لهم بال ‪ ،‬ول يقر لهم حال إذا لم يرتكبوا‬
‫الفاحشة ( ‪ُ ،‬يحكى أن شابا ً سافر إلى بلد الكفر والفجور‬
‫والفسق والسفور ‪ ،‬من أجل الزنا وشرب الخمور ‪ ،‬سافر هذا‬
‫الشاب إلى تلك البلد ‪ ،‬وفي يوم من اليام وبينما هو في غرفته‬
‫ينتظر تلك العاهرة أن تأتيه ‪ ،‬إذا بها قد تأخرت عن موعدها ‪،‬‬
‫وعندما أتت ودخلت عليه غرفته ‪ ،‬شهق شهقة عالية وسجد لها ‪،‬‬
‫فكانت هذه السجدة هي السجدة الولى والخيرة في حياته ‪ ،‬لكن‬
‫لمن كانت هذه السجدة ؟ وما سببها ؟ وما نتائجها ؟‬
‫أخي الحبيب ‪ :‬إنه سوء الخاتمة ‪ ،‬أعاذنا الله من ذلك ‪.‬‬
‫أين أولئك من أولئك الرجال الذين مل اليمان بالله والخوف منه‬
‫سبحانه مل قلوبهم وجوارحهم ‪ ،‬وأين أولئك النساء عن تلكم‬
‫اللتي منعهن تقوى الله والحياء منه ‪ ،‬وخوفهن من عذاب القبر‬
‫وشدة الحساب وعظمة الوقوف بين يديه الله سبحانه ‪ ،‬كل ذلك ‪،‬‬
‫فأين الخائفون من عذاب الله وسخطه ومقته وعقابه ‪ ،‬إذ كيف‬
‫ُينعم الله على هؤلء بشتى النعم ‪ ،‬من مأكل ومشرب وملبس ‪،‬‬
‫وغير ذلك من النعم التي ل ُتعد ول ُتحصى ‪ ،‬ثم يستغلون هذه‬
‫النعم في معصية الخالق المنعم تعالى وتقدس ‪ ،‬فبدل أن يقابلوا‬
‫هذه النعم وهذا الحسان بالشكر والعرفان لله جل وعل ‪ ،‬قابلوا‬
‫ذلك كله بالكفر والعصيان وارتكاب المعاصي والثام ‪ ،‬بدلوا نعمت‬
‫الله كفرا ً وأحلوا أنفسهم دار البوار ‪ .‬أهكذا يكون جزاء هذا‬
‫الحسان ‪ ،‬فل حول ول قوة إل بالله ‪ ،‬وإنا لله وإنا إليه راجعون ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬هل يجوز لعن بعض عصاة المسلمين ؟‬
‫لعن بعض عصاة المسلمين على سبيل العموم‬
‫جاءت النصوص الشرعية بلعن أصحاب بعض المعاصي على سبيل‬
‫العموم والطلق‪ ،‬بذكر وصف المعصية‪.‬‬
‫ومما ورد في ذلك ما يلي‪:‬‬
‫عَلى ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن{ ]هود‪.[18 :‬‬ ‫مي َ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫ه َ‬‫ة الل ّ ِ‬ ‫عن َ ُ‬‫قول الله تعالى‪ }:‬أل َ ل َ ْ‬
‫ن{]آل‬ ‫عَلى ال ْ َ‬
‫كاِذِبي َ‬ ‫ه َ‬‫ة الل ّ ِ‬
‫عن َ ُ‬‫عل ل ّ ْ‬
‫ج َ‬ ‫ل َ‬
‫فن َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ن َب ْت َ ِ‬‫و قول الله تعالى‪ }:‬ث ُ ّ‬
‫عمران‪.[61 :‬‬
‫ومن السنة الصحيحة ما يلي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫)لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده(‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر –رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال )لعن الله الواصلة والمستوصلة‪ ،‬والواشمة‬
‫والمستوشمة( ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 235‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم‬
‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬لعن الله من ذبح لغير الله‪ ،‬ولعن الله من آوى‬
‫محدثًا‪ ،‬ولعن الله من لعن والديه‪ ،‬ولعن الله من غير منار الرض( ‪.‬‬
‫)‪ ) (8‬حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( قال‪ :‬لعن رسول الله ‪ ‬آكل الربا وموكله وكاتبه‬
‫وشاهديه‪ ،‬وقال‪ :‬هم سواء ‪.‬‬
‫)‪ ) (9‬حديث ابن عمر –رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي‬
‫داوود ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬لعن الله الخمر وشاربها وساقيها‪،‬‬
‫وبائعها ومبتاعها‪ ،‬وعاصرها ومعتصرها‪ ،‬وحاملها والمحمولة إليه( ‪.‬‬
‫فهذه النصوص ونحوها تدل على جواز لعن فاعل تلك المعاصي ل‬
‫على جهة التعيين للشخاص‪ ،‬بل يلعن العاصي بوصفه ل بشخصه‪،‬‬
‫ل‪ :‬لعن الله آكل الربا‪ ،‬ولعن الله السارق‪ ،‬أو أكلة الربا‬ ‫فيقال مث ً‬
‫ملعونون‪ ،‬والسارقون ملعونون‪ ،‬ولعنة الله على الظلمة‪ ،‬وعلى‬
‫الكاذبين ونحو ذلك‪.‬‬
‫}تنبيه { ‪ :‬وهذا اللعن على سبيل العموم لصحاب المعاصي التي‬
‫جاءت النصوص بلعن فاعليها ل خلف في جواز‬
‫قال المام النووي في شرحه لحديث‪" :‬لعن الله السارق" " هذا‬
‫دليل لجواز لعن غير المعين من العصاة؛ لنه لعن للجنس ل‬
‫عَلى‬ ‫َ‬
‫ه َ‬‫ة الل ّ ِ‬ ‫لمعين‪ ،‬ولعن الجنس جائز كما قال الله تعالى‪} :‬أل َ ل َ ْ‬
‫عن َ ُ‬
‫ن{‬
‫مي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية‪) :‬واللعنة تجوز مطلقا ً لمن لعنه الله‬
‫ورسوله{‬
‫اللعن العام يدل على أن من فعل تلك المعصية فهو مستحق‬
‫للعنه‪ ،‬ومعرض للعقوبة‪ ،‬فيحصل من هذا الطلق الزجر والردع‬
‫عن ارتكاب تلك المعصية‪ ،‬وهذه اللعنة العامة المذكورة في النص‬
‫قد تلحق بعض الشخاص فتكون سببا ً في عذابه ويكون معه إيمان‬
‫يمنعه من الخلود في النار‪ ،‬كما هو مذهب أهل السنة والجماعة ‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ ابن عثيمين في "القول المفيد" )‪(1/226‬‬
‫"الفرق بين لعن المعين ولعن أهل المعاصي على سبيل العموم ؛‬
‫فالول )لعن المعين( ممنوع ‪ ،‬والثاني )لعن أهل المعاصي على‬
‫سبيل العموم( جائز ‪ ،‬فإذا رأيت محدثا ‪ ،‬فل تقل لعنك الله ‪ ،‬بل‬
‫قل ‪ :‬لعنة الله على من آوى محدثا ‪ ،‬على سبيل العموم ‪ ،‬والدليل‬
‫على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صار يلعن أناسا من‬
‫المشركين من أهل الجاهلية بقوله ‪) :‬اللهم ! العن فلنا وفلنا‬
‫وفلنا ( نهي عن ذلك بقوله تعالى ‪ ) :‬ليس لك من المر شيء أو‬
‫يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ( رواه البخاري" اهـ ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 236‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫التفسير الشرعي لوقوع العصاة في جريمة‬
‫الزنا الشنعاء والعياذ بالله‬

‫مسألة ‪ :‬ما هو التفسير الشرعي لوقوع العصاة في جريمة الزنا‬


‫الشنعاء والعياذ بالله ؟‬
‫فصل الخطاب في هذه المسألة ‪:‬‬
‫]*[ أن ما يحصل من وقوع العصاة في جريمة الزنا الشنعاء‬
‫والعياذ بالله ما هو إل من سقامة الضمائر ولؤم ِ السرائر وفساِد‬
‫ة طبعهم‬ ‫خس ِ‬ ‫ء الطوية ‪ ،‬بل هو من دناءة نفوسهم و ِ‬ ‫النية وسو ِ‬
‫ة معدنهم وهوانهم على ربهم‬ ‫وسواد قلوبهم ورداء ِ‬
‫‪ ،‬إذ لو علم الله في قلوبهم خيرا ً لعصمهم من الزلل ‪ ،‬ووفقهم‬
‫خْيرا ً‬‫م َ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬
‫في ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َم ِ الل ّ ُ‬
‫لصالح العمل والله تعالى يقول‪ِ) :‬إن ي َ ْ‬
‫خْيرًا( ]النفال ‪[70 /‬‬ ‫م َ‬ ‫ؤت ِك ُ ْ‬
‫يُ ْ‬
‫قه مصداقا ً لقول‬ ‫و ّ‬‫ق الشَر ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫فإنه من يتحّر الخيَر ُيعطه ومن يت ِ‬
‫النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال إنما العلم‬
‫بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق‬
‫الشر يوقه ‪‌ .‬‬
‫ظهم بحفظه وكان‬ ‫ف َ‬ ‫ولو أحبهم الله تعالى لصاَنهم بصيانِته وح َ‬
‫سبحانه سمعهم الذي يسمعون به ويدهم التي يبطشون بها‬
‫ورجلهم التي يمشون بها مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في الحديث التي‬
‫‪) :‬حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري(‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬قال الله تعالى من عاد لي وليا ً‬
‫ء مما افترضته عليه‬ ‫ى عبدي بشي ٍ‬ ‫فقد آذنته بالحرب ‪ ،‬وما تقرب إل ّ‬
‫ي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت‬ ‫‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إل ّ‬
‫سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها‬
‫ورجله الذي يمشي بها ‪ ،‬ولئن سألني لعطينه ولئن استعاذني‬
‫ت عن شيءّ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن‬ ‫لعيذّنه ‪ ،‬وما تردد ُ‬
‫يكره الموت وأنا أكره مساءته ‪.‬‬
‫ب وبور وما فيه من‬ ‫طلع على قلبك ووجده خر ٌ‬ ‫ولكنه سبحانه لما ا ّ‬
‫لم ‪،‬‬‫ك الع ّ‬ ‫ت من عين المل ِ‬ ‫قط ِ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ل إلى الحرام ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫نور ‪ ،‬ورأى فيه ال َ‬
‫ة على هذا‬ ‫محال َ‬ ‫كل َ‬ ‫حاسب ِ‬ ‫ة للرزايا والثام ‪ ،‬ثم ي ُ َ‬ ‫ك فريس ً‬ ‫وترك َ ِ‬
‫ت‬‫صْر ِ‬ ‫ك إلى نفسك لنك ِ‬ ‫كل ِ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫الجرام ‪ ،‬فسلب حفظه عنك َ‬
‫فساء( التي تدفع‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫جعلن )ال ُ‬ ‫بسواد قلبك أهون على الله من ال ِ‬
‫غي ََتها إل في مواطن القذر والن ََتن ‪،‬‬ ‫بأنفها الن ََتن والتي ل تجد ب ُ ْ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 237‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ولو علم الله تعالى من قلبهم الصدق في النجاة من الزلل‬
‫صمهم‬ ‫جاهم من الزلل ‪ ،‬ووفقهم لصالح العمل ‪ ،‬وع َ‬ ‫لن ّ‬
‫ر‬
‫ر ومرو ِ‬ ‫لم من الرزايا والثام على مدى انصرام ِ العم ِ‬ ‫ك الع ّ‬ ‫المل ُ‬
‫اليام فإن الصدق منجاة وإن العبد إذا صدق مع الله تعالى صدقه‬
‫الله مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن‬
‫تصدق الله يصدقك ‪.‬‬
‫]*[ كان الحسن البصري إذا ذكر أهل المعاصي يقول ‪ :‬هانوا على‬
‫الله فعصوه ‪ ،‬ولو عزوا عليه لعصمهم ‪.‬‬
‫طلع الله تعالى على قلوبهم ووجد فيه صدق النية في‬ ‫‪‬فإذا ا ّ‬
‫عدم الوقوع في الفاحشة كتب الله تعالى لهم‬
‫م جنود ربك إل هو ‪ ،‬فل يتوهم إنسان أن‬ ‫النجاة ل محالة ‪ ،‬وما يعل ُ‬
‫م من عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة‬ ‫الله تعالى يعل ُ‬
‫متعال ‪ ،‬بل هو‬ ‫محال عند ربنا الكبير ال ُ‬ ‫ثم يتركه يقع فيها ‪ ،‬هذا أمٌر ُ‬
‫ن في‬ ‫فوق ما يخطر ببال أو يدور في الخيال ‪ ،‬والله ما وقع إنسا ٌ‬
‫م رُبك‬ ‫ل إلى الحرام والعياذ بالله‪ ،‬ول يظل ُ‬ ‫مي ٌ‬ ‫الحرام إل كان عنده َ‬
‫ن النسان إذا اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته‬ ‫أحدا ‪ ،‬لك ّ‬
‫ه‬
‫م ِ‬ ‫فق لها بزع ِ‬ ‫وي ُل َ ِ‬
‫تراه يقيم العذر لنفسه و يلتمس لها الدليل َ‬
‫ه ويقول ‪:‬‬ ‫ل الناس جميعا ً السبب في خطأ ِ‬ ‫م ّ‬
‫ح ِ‬ ‫التأويل ‪ ،‬ويريد أن ي ُ َ‬
‫وتي ‪ ،‬وأحيانا ً‬ ‫ق َ‬‫ش ْ‬ ‫هم السبب في َزلتي وهم الذين دفعوني إلى ِ‬
‫يلقي اللوم على القدر فيقول هو السبب في ذلك كما حصل في‬
‫وا بسارق فسأله‬ ‫عهد الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب حينما أت ْ‬
‫قدَُر‬ ‫مَلك على ذلك ؟ فقال له ‪َ :‬‬ ‫ح َ‬
‫عمر رضي الله تعالى عنه ‪ :‬ما َ‬
‫الله يا أمير المؤمنين فقال له الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب‬
‫ر الله ‪ ،‬وهكذا تجد‬ ‫د ِ‬
‫ق ِ‬‫رضي الله تعالى عنه ‪ :‬ونحن نقطع يدك ب ِ َ‬
‫ق أخطاءه‬ ‫عل ِ ُ‬ ‫النسان إذا اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته ي ُ َ‬
‫مّرة الكامنة بداخله‬ ‫خفي الحقيقة ال ُ‬ ‫ت وهمية لي ُ ْ‬ ‫على شماعا ٍ‬
‫ل‬‫مي ٌ‬ ‫ن عنده َ‬ ‫جن ْب َْيه والتي دفعته إلى الفجور وهي أ ّ‬ ‫المستقرة بين َ‬
‫ن الظن بربه تعالى كما‬ ‫س َ‬ ‫إلى الحرام والعياذ بالله ‪ ،‬فل َي َْته أ ْ‬
‫ح َ‬
‫ت به‬ ‫م ْ‬ ‫أحسن الظن بنفسه اللئيمة الخائنة الثيمة التي أهلكته وَر َ‬
‫في مستنقع الرذائل والثام ‪ ،‬لكن هيهات فإن هذا ل يغير من‬
‫ف‬
‫ضي ُ‬ ‫ن ب َِلة ‪ ،‬وي ُ ِ‬ ‫الحقيقة شيئا ً بل هو يزيد المُر سوءا ً ويزيدُ الطي ُ‬
‫عي ْب َا ً إلى عيوبه‪. ‬‬ ‫و َ‬ ‫إليه ذنبا ً إلى ذنوبه َ‬
‫ل ونساء صدقوا مع الله‬ ‫* وهآنذا أسوق لك أروع القصص في رجا ٍ‬
‫في العفاف فصدقهم ونجاهم من الزلل ووفقهم لصالح العمل ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 238‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عفاف‬
‫]*[ ‪ ‬الصدق في ال َ‬
‫‪ ‬قصة يوسف عليه السلم ‪‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ودَت ْ ُ‬ ‫ن َرا َ‬ ‫حي ْ َ‬ ‫سلم ِ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫ع ُيو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ز َ‬ ‫زي ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫مَرأ ِ‬ ‫صة ا ْ‬ ‫ق ّ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وت َأ ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫م ً‬ ‫ص َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ص َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫د ِ‬ ‫وكي ْ ِ‬‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شّر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫عاذَ ِبالل ِ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫ك‬‫عَلى ذَل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬
‫مت ََنع أ َ‬
‫ج َ‬ ‫س ْ‬ ‫خَتاَر ال ّ‬ ‫وا ْ‬ ‫ها َ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫مت ِ ََنا ِ‬ ‫شدّ ال ْ‬ ‫ماهُ فا ْ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬ ‫ظي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عو ُ‬ ‫ه ت َدْ ُ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫وك َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫شَباب ِ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل أن ّ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ت الك َ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ة َ‬ ‫غاي َ ِ‬ ‫ذا في َ‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫مال‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ذا في غاي َ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ي َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫صَر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ز َ‬ ‫زي ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫مَرأةُ َ‬ ‫هي ا ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سي ّدَت ُ ُ‬ ‫َ‬
‫فا‬ ‫و ً‬ ‫خ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫عَلى ذَل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ج َ‬ ‫س ْ‬ ‫خَتاُر ال ّ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫مت َن ِ ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫س ِ‬ ‫والّرَيا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ما َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ،‬فانظر إلى طهارة قلبه عليه السلم وصدقه‬ ‫واب ِ ِ‬ ‫جاءَ ث َ َ‬ ‫وَر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫مع الله في عدم الوقوع في الفاحشة ‪ :‬عندما دعته امرأة العزيز‬
‫إلى نفسها ‪ ،‬وهيأت له جميع الوسائل المعينة على هذا الفعل ‪،‬‬
‫وكانت على قدر من المال والجمال ‪ ،‬ولكن عندما وقر الخوف من‬
‫الله سكنات القلب والجوارح فسيكون الجواب ‪ :‬معاذ الله ( ‪ ،‬كان‬
‫هذا هو جواب يوسف عليه السلم ‪ ،‬جاء كالصاعقة ‪ ،‬لتلك المرأة ‪،‬‬
‫لم تتوقع أن يكون الرفض هو الجواب ‪ ،‬لكنه اليمان بالله واليوم‬
‫الخر ‪ ،‬وأن النسان لبد وأن يعود إلى خالقه ليجازيه على ما قدم‬
‫في دنياه ‪ ،‬والخوف من عذاب الله ‪ ،‬ومن النار وعذابها وحميمها‬
‫وزقومها ‪.‬‬
‫َ‬
‫في‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُيظل ّ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ح َي ْ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ص ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫ذا ث َب َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫خا َ‬ ‫َ‬
‫ل فقال ‪ :‬إ ِّني أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬
‫ما ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرأةٌ ذا َ‬ ‫ها ْ‬ ‫عت ْ ُ‬ ‫جل د َ َ‬ ‫ه ‪َ » :‬ر ُ‬ ‫ظِل ِ‬
‫ه«‬ ‫الل ُ‬
‫)حديث أبي هريرة رضــي اللــه عنــه الثــابت فــي الصــحيحين( أن‬
‫م‬‫ما ٌ‬ ‫ه‪ :‬إ ِ َ‬ ‫ل إ ِل ّ ظِل ّ ُ‬ ‫م ل َ ظِ ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫م الله في ظِل ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة ي ُظِل ّ ُ‬ ‫ع ٌ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪َ ):‬‬
‫َ‬
‫د‪،‬‬ ‫ج ِ‬‫ســا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عّلقٌ في ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫قل ْب ُ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ة الله‪َ ،‬‬ ‫عَبادَ ِ‬ ‫شأ في ِ ِ‬ ‫ب نَ َ‬ ‫شا ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ل‪َ ،‬‬ ‫عاِد ٌ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عْتـ ُ‬ ‫ل دَ َ‬ ‫جـ ٌ‬ ‫وَر ُ‬ ‫قـا عليـه ‪َ ،‬‬ ‫فّر َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫عل يـه َ‬ ‫َ‬ ‫عـا َ‬ ‫جَتم َ‬ ‫حاّبا فـي اللـه ا ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫جل َ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ص ـدّ َ‬ ‫جـ ٌ‬ ‫َ‬ ‫قــا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫امرأة َ‬
‫ل تَ َ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ف اللــه ‪َ ،‬‬ ‫خــا ُ‬ ‫ل إ ِن ّــي أ َ‬ ‫مــا ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫ت منص ٍ‬ ‫ذا ُ‬
‫َ‬
‫ل ذَك َـَر‬ ‫جـ ٌ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫مين ُـ ُ‬ ‫ق يَ ِ‬ ‫فـ ُ‬ ‫مــا ت ُن ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫مال ُ ُ‬ ‫ش َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َ َ‬ ‫حّتى ل ت َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫فا َ‬ ‫خ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ق ٍ‬ ‫صدَ َ‬ ‫بِ َ‬
‫ه(‬ ‫عي ْن َ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫ض ْ‬ ‫فا َ‬ ‫ف َ‬ ‫خاِليا َ‬ ‫ً‬ ‫الله َ‬
‫]*[ قال المام ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في زاد المعاد )‪» : (4/268‬‬
‫وعشق الصور إنما تبتلى به القلوب الفارغة من محبة الله تعالى‬
‫وضة بغيره عنه ‪ ,‬فإذا امتل القلب من محبة‬ ‫المعرضة عنه ‪ ,‬المتع ّ‬
‫الله والشوق إلى لقائه ‪ ,‬دفع ذلك عنه مرض عشق الصور ‪ ,‬ولهذا‬
‫قال تعالى في يوسف ‪ ﴿ :‬كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه‬
‫من عبادنا المخلصين ﴾ فدل على أن الخلص سبب لدفع العشق‬
‫وما يترتب عليه من السوء والفحشاء التي هي ثمرته ونتيجته «‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 239‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪(21‬‬
‫‪.‬‬ ‫ا‪.‬هـ‬
‫ة العزيز ‪:‬‬ ‫‪‬وقفة مع امرأ ِ‬
‫إنهــا المــرأةُ المتكلمــة الــتي هــي أكفــأ النــاس علــى الخــروج مــن‬
‫ك المواقــف فتجــد الجــواب‬ ‫الموقف كالشعرة مــن العجيــن فــي أحلـ ِ‬
‫حاضرا ً على السؤال الذي يهتف به المنظر المريب ‪ ،‬ليس هذا فحسب بل‬
‫ة عن نفسها‬ ‫سه إنسانا ً بريئا ً لتصرف التهم َ‬ ‫وت ُل ْب ِ ْ‬‫ها َ‬ ‫م َ‬‫جْر َ‬
‫تخلع ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ن أَرا َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ج ـَزآءُ َ‬‫مــا َ‬ ‫ت َ‬ ‫قــال َ ْ‬ ‫ب َ‬‫دى ال ْب َــا ِ‬ ‫ها ل َـ َ‬ ‫س ـي ّدَ َ‬ ‫في َــا َ‬ ‫وأل ْ َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب ِأ َ ْ‬
‫م( ] يوسف ‪[25 /‬‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬‫و َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫س َ‬ ‫ءا إ ِل ّ أن ي ُ ْ‬ ‫و ً‬‫س َ‬‫ك ُ‬ ‫هل ِ َ‬
‫وهنا يجب أن نحذر المسلمين مــن هــذا الســلح الفت ّــاك ومــن هــذا‬
‫مر دينــه ودنيــاه ‪ ،‬مــرض‬ ‫عضــال الــذي يفتــك بصــاحبه وُيــدَ ِ‬ ‫الــداء ال ِ‬
‫ح يض ـُر صــاحبه ويــدمره مــن ثلثــة‬ ‫)الخروج من الموقف( لنه ســل ُ‬
‫أوجه هي ‪:‬‬
‫ل( يجعل صاحبه من أجرئ النـاس علـى المعاصـي اعتمـادا ً منـه‬ ‫)أو ً‬
‫على كفاءته في الخروج من الموقف حــتى فــي أحلــك المواقــف ‪،‬‬
‫ة في‬ ‫م ً‬ ‫ُ‬
‫حتى في مواطن الريبة كما فعلت امرأة العزيز التي كانت أ ّ‬
‫م علــى معصــية اللــه تعــالى فــي‬ ‫د ُ‬‫قـ ِ‬ ‫هذا المجال ‪ ،‬ويجعل صــاحبه ي ُ ْ‬
‫الخلوات المر الذي ُيدمر نفسه ودينه ويجعل حسناته هباءا ً منثــورا ً‬
‫ولو كانت مثل جبال تهامة بيضا ً ‪ ،‬وتأمل الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫لعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال‬
‫تهامة بيضا ً فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا قال ثوبان يا رسول‬
‫الله صفهم لنا جلهم لنا أن ل نكون منهم ونحن ل نعلم قال أما‬
‫إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم‬
‫أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ‪.‬‬
‫ه ‪ :‬الحذر الحذر من المعاصي فإنها سيئة‬ ‫ه الل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫قال ابن الجوزي َر ِ‬
‫صــا ذنــوب الخلــوات فــإن‬ ‫العواقب ‪ ،‬والحذر الحذر من الذُّنوب خصو ً‬
‫ه ول ينــال لــذة‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سـب ْ َ‬ ‫عب ْــد مــن عينــه ُ‬ ‫عاَلى تســقط ال ْ َ‬ ‫المبارزة لله ت َ َ‬
‫من اليقظان فإنه ل يلتذ بهــا ‪،‬‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫فَلة ‪ ،‬فأما ال ُ‬ ‫غ ْ‬ ‫المعاصي ِإل دائم ال َ‬
‫عن ْدَ التذاذه يقف بإزائه علمه بتحريمها وحــذره مــن عقوبتهــا ‪،‬‬ ‫لنه َ‬
‫و الله فيتنغــص‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي َ‬
‫صــا‬‫قل ْــب متنغ ً‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫عيشه في حال التذاذه فإن غلبه سكر الهوى ك َــا َ‬
‫م‬‫ي ِإل لحظــة ُثــ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الطبع في شهوته فما ِ‬ ‫كا َ‬ ‫بهذه المراقبات وإن َ‬
‫ع طول‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫كاء متواصل وأسف على ما َ‬
‫كا َ‬ ‫خزي دائم وندم ملزم وب ُ َ‬

‫‪ ()21‬ينظر لزاما ً ‪ :‬المفاسد العاجلة والجلة من عشق الصور ‪ .‬في الجواب الكافي‬
‫للمام ابن القيم )ص ‪. (319‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 240‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الزمان حتى إنه لو تيقــن العفــو وقــف بــإزائه حــذار العتــاب فــأف‬
‫للذنوب ما أقبح آثارها وأسوء وأخبارها ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫)ثانيًا( أن مستخدم هذا السلح )الخروج من الموقف( يصير الكــذب‬
‫طبعا ً له ل تكلفاً لن غالب الخروج من الموقــف يكــون عــن طريــق‬
‫الكــذب ‪ ،‬ول تنســى أن الكــذب يهــدي إلــى الفجــور بنــص الســنة‬
‫الصحيحة كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث ابـن مسـعود رضـي اللـه عنـه الثـابت فـي الصـحيحين ( أن‬
‫النــبي ‪ r‬قــال ‪ ):‬إن الصــدق يهــدي إلــى الــبر وإن الــبر يهــدي إلــى‬
‫الجنة ‪ ،‬وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ً ‪ ،‬وإن الكــذب‬
‫يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ‪ ،‬وإن الرجل ليكــذب‬
‫حتى يكتب عند الله كذابا ً (‬
‫)ثالثًا( ‪ :‬أن مستخدم هذا السلح )الخروج من الموقــف( يكــون قــد‬
‫دل بالباطــل ليخــرج مــن الموقــف ‪ ،‬ول تنســى أن الجــدال‬ ‫جـ َ‬
‫ي َ‬‫أوت َ‬
‫بالباطل يفسد القلــب والــدين ويســبب الضــلل كمــا فــي الحــديث‬
‫التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي أمامة في صحيحي الترمذي وابن ماجة( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إل أوتوا الجدل ثم تل قوله‬
‫صمون ( ‌‬ ‫خ ِ‬
‫م َ‬‫تعالى ) بل هم قو ٌ‬

‫‪ ‬هند بنت عتبة رضي الله عنها ‪‬‬


‫لمعرفة معدنها النفيس والذي هو أنفس من الذهب الخالص‬
‫يكفينا ردها على رسول الله ‪ ، r‬حين سمعت منه ‪ ، r‬بنهي المرأة‬
‫عن الزنا في مبايعتهن للنساء‬
‫ة الحيّية ‪،‬‬
‫ة النقية ‪ ،‬العفيف ً‬
‫دت هند بنت عتبة بروح المرأة )التقي ٍ‬ ‫فر ّ‬
‫ة البّية(‬
‫الحر ً‬
‫قالت رضي الله عنها ‪ :‬وهل تزني الحرة يا رسول‬
‫الله ‪ ...‬؟‬
‫قالتها متعجبة !استفهام استنكاري يفيد الستنكار ‪ ،‬تقول وبكل‬
‫تعجب أو تزني الحرة يا رسول الله ؟! أي أن المرأة الحرة ل تزني‬
‫عافها المرأة في جاهليتها وحتى‬‫ة تَ َ‬
‫ح رذيل ً‬
‫ر واض ٍ‬
‫أبدا‪ ،‬تأنف باستنكا ٍ‬
‫يوم أباحت مضغ أكباد الرجال وأباحت لنفسها السجود للصنام !!‬
‫لنقف هنا وقفة مع المرأة الحرة حين تعاف الرذيلة وتبغضها قبل‬
‫أن تعتنق السلم ‪ ،‬وتصفها بالقبح والسلم بعدُ حديث عهد في‬
‫قلبها لم يبلغ بها مبلغ السابقين‪ ..‬تقوله وهي حديثة عهد بكفر‬
‫وجاهلية!! لكنها الفطرة التي لم تتلوث بالعهر والدناسة !لكنها‬
‫ل إلى الحرام كقوله ‪r‬‬‫مي ٌ‬
‫العفة التي لم يخدشها نزوة أو طيش! أو َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 241‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ت مميلت ( ‪،‬‬ ‫في صحيح مسلم ) مائل ٍ‬
‫بالله عليكم كيف حال هذه العفة بعد السلم وقد سقاها بماء‬
‫اليمان والحياء‬
‫فزادها جمال وأسبغ عليها رونقا وإجلل ‪.‬‬
‫رب بعفتها المثال وتغنى بشرفها البطال‬ ‫ض ِ‬
‫هذه من ُ‬
‫تصبر ول تدنس ذيلها وتموت ول تأكل بثدييها‬
‫‪‬والسؤال الذي يطرح نفسه الن ؟‬
‫فهل يعني هذا أن العفة تسكن قلب المرأة الحرة بغض النظر عن‬
‫كن أن تأنس لقلوب لم يسكنها اليمان‬ ‫م ِ‬
‫دينها ؟ وأن دماثة الخلق ي ُ ْ‬
‫بالله بعد ؟‬
‫الجواب ‪ :‬نعم‪ ..‬وهند بنت عتبة أصدق دليل!!!‬
‫فكيف بنا نحن المجتمع المسلم وهذه الرذيلة تنهش في أعراضنا‬
‫وتستشري نارها في ديارنا‪ ..‬حين تغرق بعض النساء من مجتمعاتنا‬
‫ة هي قبيحة في الجاهلية فكيف بها في السلم‪ .‬قاتلها‬ ‫في خصل ِ‬
‫ة المعدن فلقد‬‫ة رديئ ِ‬ ‫س خسيسة دنيئ ٍ‬ ‫ة ذات نف ٍ‬ ‫الله من امرأ ٍ‬
‫ة نهانا الله تعالى عن مجرد القتراب منها فضل ً‬ ‫انغمست في رذيل ٍ‬
‫عن النغماس فيها ‪ .‬يعلق البعض السقوط بها على شماعة‬
‫ة منهن في‬‫الفقر والظروف أو النتقام من الزوج في محاول ٍ‬
‫مّرة الكامنة بداخلها والمستقرة بين جنبيها وهي‬ ‫إخفاء الحقيقة ال ُ‬
‫ل إلى الحرام كقوله ‪r‬‬ ‫ة المعدن فيها مي ٌ‬ ‫ة رديئ ِ‬‫أنها خسيسة دنيئ ٍ‬
‫ت مميلت ( !!!‬ ‫في صحيح مسلم ) مائل ٍ‬
‫ة انغمست في هذه الخصلة الدنيئة التي تأنف منها‬ ‫وما ظنك بامرأ ٍ‬
‫الحرار النساء الجاهليات ‪ ،‬وصدق لسان العرب حين قال ‪) :‬تموت‬
‫الحرة ول تأكل بثدييها(‪ ،‬فكيف بنا ونحن نعيش في ظل مجتمعاتنا‬
‫المسلمة التي ولدنا وتربينا في أحضانها‪.‬‬

‫‪‬تنبيه‪: ‬‬
‫ة جادةً وان لم تكن صالحة أن تمكن‬‫ت تربي ً‬ ‫ع َ‬
‫قل من ت ََرب ْ‬ ‫هل ي ً ْ‬
‫غيرها من نفسها وهو ل يحل لها ؟‬
‫هل تقبل أن تكون محل للستمتاع لمن ل يجوز لها ؟‬
‫هل يمكن لمرأة أن تذبح حياءها وتهتك عفتها وتمزق دينها‬
‫‪ ‬قديما قالوا ‪ ..‬تموت الحـرة ول تأكل بثديها‬
‫أي ل تبيع جسدها وان ماتت من الجوع‬
‫فأين أولئك المفسدين من ذلك‬
‫عتبة زوجة أبي سفيان وأم معاوية‬ ‫الم يسمعوا ما قالته هند بنت ُ‬
‫وأم زوجة النبي ‪) r‬أم حبيبة( حينما بايعهن النبي صلى الله عليه‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 242‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وسلم ثم اشترط شروطا أل يفعلن كذا‬
‫وكذا ومنها قوله ول تزنين فقالت هند وهل تزني الحرة ؟؟‬
‫نعم ‪ ...‬رضي عنها تلك الشريفة التي أنكرت الزنا لمن هي حرة ‪...‬‬
‫لن الحرة ترى الزنا _ والعياذ بالله _ إهانة لعفتها بل ولدميتها‬
‫فه‬‫ضة قبل النظر عن كونه من الخبائث وإن المرأة الحرة تعا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال َ‬
‫كره فضل ً عن القتراب منه أو النغماس فيه‬ ‫عّر بدُنها من ِذ ْ‬
‫ش ِ‬‫ق َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫وان لم تكن صالحة ‪.‬‬

‫قصة الربيع بن خيثم وامرأة بارعة الجمال ‪‬‬ ‫‪‬‬


‫أمر قوم امرأة ذات جمال بارع أن تتعرض للربيع ابن خثيم لعلها‬
‫تفتنه ‪ ،‬وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم !‬
‫فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب ‪ ،‬وتطيبت بأطيب ما‬
‫قدرت عليه ‪ ،‬ثم تعرضت له حين خرج من مسجده ‪ .‬فنظر إليها‪،‬‬
‫فراعه أمرها‪ ،‬فأقبلت عليه وهي سافرة‪.‬‬
‫فقال لها الربيع ‪ :‬كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك ‪ ،‬فغيرت ما‬
‫أرى من لونك وبهجتك ؟‬
‫أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت ‪ ،‬فقطع منك حبل الوتين ؟‬
‫أم كيف بك لو سألك منكر ونكير؟‬
‫فصرخت المرأة صرخة‪ ،‬فخرت مغشيا عليها‪ ،‬فوالله لقد أفاقت ‪،‬‬
‫وبلغت من عبادة ربها ما أنها كانت يوم ماتت كأنها جذع محترق ‪.‬‬
‫‪‬تفسير موقف المجرمين الذين أرادوا افتتان الربيع ابن خيثم ‪:‬‬
‫ت َأن‬ ‫وا ِ‬‫ه َ‬‫ش َ‬‫ن ال ّ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َت ّب ِ ُ‬
‫ذي َ‬‫ريدُ ال ّ ِ‬
‫وي ُ ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ب َ‬ ‫َ‬
‫ريدُ أن ي َُتو َ‬ ‫ه يُ ِ‬‫والل ّ ُ‬
‫} َ‬
‫ما{ ) سورة النساء‪(27/‬‬ ‫ظي ً‬‫ع ِ‬ ‫مي ْل ً َ‬ ‫ميُلوا ْ َ‬ ‫تَ ِ‬
‫‪‬تنبيه‪:‬للفتتان بالمرأة شرطان متلزمان ‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن تخضع بالقول‬
‫فَل‬‫)‪ (2‬أن يكون الرجل في قلبه مرض مصداقا ً لقوله تعالى ‪َ } :‬‬
‫فا{‬ ‫عُرو ً‬‫م ْ‬‫وًل ّ‬‫ق ْ‬‫ن َ‬‫قل ْ َ‬ ‫و ُ‬
‫ض َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫في َطْ َ‬
‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬‫ع َ‬ ‫ض ْ‬
‫خ َ‬‫تَ ْ‬
‫)سورة الحزاب‪(32/‬‬
‫فالمرأةُ خضعت بالقول لكن الربيع ابن خيثم لم يكن في قلبه‬
‫مرض كحال الذين يسيل لعابهم وراء الشهوات والعياذ بالله‬
‫فحصل له النجاة لذلك ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫قصة أبو زرعة ‪‬‬ ‫‪‬‬
‫قال أبو زرعة الخيني مكرت بي امرأة فقالت يا أبا زرعة أل ترغب‬
‫في عيادة مبتلي تتفط برؤيته فقلت بلى فقالت أدخل إلى الدار‬
‫ت قصدها فقلت‬ ‫ف ُ‬ ‫عَر ْ‬ ‫فلما دخلت الدار أغلقت الباب ولم أر أحدا ف َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 243‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫اللهم سودها فاسودت فحارت وفتحت الباب فخرجت وقلت اللهم‬
‫ردها إلى حالتها فردها إلى ما كانت‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫‪ ‬قصة عطاء بن يسار ‪‬‬

‫خرج عطاء بن يسار وسليمان بن يسار حاجين من المدينة ‪،‬‬


‫ومعهم أصحاب لهم‪ ،‬حتى إذا كانوا بالبواء نزلوا منزل لهم ‪.‬‬
‫فانطلق سليمان وأصحابه لبعض حاجتهم ‪ ،‬وبقي عطاء قائما‬
‫يصلي ‪ .‬فدخلت عليه امرأة من العراب جميلة! فلما شعر بها‬
‫عطاء ظن أن لها حاجة‪ ،‬فخفف صلته ‪ ،‬فلما قض صلته ‪ .‬قال لها‬
‫‪ :‬ألك حاجة؟‬
‫قالت ‪ :‬نعم ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬ماهي ؟‬
‫قالت ‪ :‬قم ‪ .‬فأصب مني ‪ ،‬فإني قد ودقت )أي رغبت في الرجال(‬
‫ول بعل لي ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬إليك عني ‪ .‬ل تحرقيني ونفسك بالنار‪.‬‬
‫ونظر إلى امرأة جميلة‪ ،‬فجعلت تراوده عن نفسه ‪،‬وتأبى إل ما‬
‫تريد ‪ ،‬فجعل عطاء يبكي ويقول ‪ :‬ويحك ! إليك عني ‪ .‬إليك عني ‪.‬‬
‫واشتد بكاؤه ‪ ،‬فلما نظرت المرأة إليه وما دخله من البكاء والجزع‬
‫بكت المرأة لبكائه ! !‬
‫فبينما هو كذلك إذ رجع سليمان بن يسار من حاجته ‪ ،‬فلما نظر‬
‫إلى عطاء يبكي ‪ ،‬والمرأة بين يديه تبكي في ناحية البيت ‪ ،‬بكى‬
‫لبكائهما‪ ،‬ل يدري ما أبكاهما ‪.‬‬
‫وجعل أ صحابهما يأتون رجل رجل‪ ،‬كلما أتاهم رجل فرآهم يبكون‬
‫جلس يبكي لبكائهم ‪ ،‬ل يسألهم عن أمرهم حتى كثر البكاء‪ ،‬وعل‬
‫الصوت ‪.‬‬
‫فلما رأت العرابية ذلك قامت فخرجت ‪ ،‬وقام القوم فدخلوا‪،‬‬
‫فلبث سليمان بعد ذلك وهو ل يسأل أخاه عن قصة المرأة إجلل له‬
‫وهيبة ‪.‬‬
‫ثم إنهما قدما مصر لبعض حاجتهما‪ ،‬فلبثا بها ما شاء الله ‪ ،‬فبينما‬
‫عطاء ذات ليلة نائما استيقظ وهو يبكي ‪ :‬فقال سليمان ‪ :‬ما‬
‫يبكيك يا أخي ؟‬
‫قال عطاء ‪ :‬رؤيا رأيتها الليلة‪.‬‬
‫قال سليمان ‪ :‬ما هي ؟‬
‫قال عطاء ‪ :‬بشرط أن ل تخبر بها أحدا مادمت حيا ‪.‬‬
‫قال سليمان ‪ :‬لك ما شرطت ‪.‬‬
‫قال عطاء‪ :‬رأيت يوسف النبي عليه السلم في النوم ‪ ،‬فجئت‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 244‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أنظر إليه فيمن ينظر‪ ،‬فلما رأيت حسنه ‪ ،‬بكيت ‪ ،‬فنظر إلي في‬
‫الناس ‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬ما يبكيك أيها الرجل ؟‬
‫قلت ‪ :‬بأبي أنت وأمي يا نبي الله ‪ ،‬ذكرتك وامرأة العزيز‪ ،‬وما‬
‫ابتليت به من أمرها‪ ،‬وما لقيت من السجن ‪ ،‬وفرقة الشيخ‬
‫يعقوب ‪ ،‬فبكيت من ذلك ‪ ،‬وجعلت أتعجب منه ‪.‬‬
‫فقال يوسف عليه السلم ‪ :‬فهل تعجب من صاحب المرأة البدوية‬
‫بالبواء؟ فعرفت الذي أراد‪ ،‬فبكيت واستيقظت باكيا ‪.‬‬
‫فقال سليمان ‪ :‬أي أخي وما كان حال تلك المرأة ؟ فقص عليه‬
‫عطاء القصة‪ ،‬فما أخبر بها سليمان أحدا حتى مات عطاء‪ ،‬فحدث‬
‫بها امرأة من أهله ‪.‬‬

‫‪‬تنبيه‪ : ‬انظر رحمك الله كيف كان موقف عطاء بن يسار‬


‫رحمه الله لم يجترئ على معصية الله في الخلوات لنه رحمه الله‬
‫لم يكن ممن )إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ( لعلمه بشناعة‬
‫معصية الله في الخلوات ‪،‬‬
‫)حديث ثوبان رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن ماجه ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫لعلمن أقواما من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال‬
‫تهامة بيضا ً فيجعلها الله عز وجل هباء منثورا قال ثوبان يا رسول‬
‫الله صفهم لنا جلهم لنا أن ل نكون منهم ونحن ل نعلم قال أما‬
‫إنهم إخوانكم ومن جلدتكم ويأخذون من الليل كما تأخذون ولكنهم‬
‫أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها ‪.‬‬
‫ه ‪ :‬الحذر الحذر من المعاصي فإنها سيئة‬ ‫ه الل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫قال ابن الجوزي َر ِ‬
‫صــا ذنــوب الخلــوات فــإن‬ ‫العواقب ‪ ،‬والحذر الحذر من الذُّنوب خصو ً‬
‫ه ول ينــال لــذة‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سـب ْ َ‬ ‫عاَلى تســقط ال ْ َ‬
‫عب ْــد مــن عينــه ُ‬ ‫المبارزة لله ت َ َ‬
‫من اليقظان فإنه ل يلتذ بهــا ‪،‬‬ ‫ؤ ِ‬ ‫فَلة ‪ ،‬فأما ال ُ‬
‫م ْ‬ ‫غ ْ‬ ‫المعاصي ِإل دائم ال َ‬
‫عن ْدَ التذاذه يقف بإزائه علمه بتحريمها وحــذره مــن عقوبتهــا ‪،‬‬ ‫لنه َ‬
‫و الله فيتنغــص‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫فإن قويت معرفته رأى بعين علمه قرب الناهي َ‬
‫قل ْــب متنغ ً‬
‫صــا‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫عيشه في حال التذاذه فإن غلبه سكر الهوى ك َــا َ‬
‫ي ِإل لحظــة ُثــ ّ‬
‫م‬ ‫ه َ‬ ‫ن الطبع في شهوته فما ِ‬ ‫بهذه المراقبات وإن َ‬
‫كا َ‬
‫ع طول‬ ‫م َ‬‫ن َ‬ ‫كاء متواصل وأسف على ما َ‬
‫كا َ‬ ‫خزي دائم وندم ملزم وب ُ َ‬
‫الزمان حتى إنه لو تيقــن العفــو وقــف بــإزائه حــذار العتــاب فــأف‬
‫للذنوب ما أقبح آثارها وأسوء وأخبارها ‪ .‬انتهى ‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 245‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عِبدة البصرية ‪‬‬ ‫مت َ َ‬
‫قصة المرأة ال ُ‬ ‫‪‬‬
‫ب فتأبى‬ ‫َ‬
‫خط ُ‬‫كانت بعض المتعبدات البصريات جميلة وكانت ت ُ ْ‬
‫‪،‬وأنها وقعت في نفس رجل مهلبي فبلغ المهلبي أنها تريد الحج‬
‫فاشترى ثلثمائة بعير ونادى من أراد الحج فليكتر من فلن‬
‫المهلبي فاكترت منه فلما كان في بعض الطريق جاءها ليل فقال‬
‫إما أن تزوجيني نفسك وإما غير ذلك فقالت ويحك اتق الله فقال‬
‫مال ول خرجت في هذا إل من‬ ‫ج ّ‬
‫ما هو إل ما تسمعين والله ما أنا ب ِ َ‬
‫أجلك فلما خافت على نفسها قالت ويحك انظر أبقي في الرجال‬
‫أحد لم ينم قال ل‬
‫قالت عد فانظر ‪،‬‬
‫فمضى وجاء فقال ما بقي أحد إل وقد نام فقالت ويحك أنام رب‬
‫العالمين ثم شهقت شهقة وخرت ميتة‬
‫وخر المهلبي مغشيا عليه ثم قال ويحي قتلت نفسا ولم أبلغ‬
‫شهوتي فخرج هاربا‬
‫فانظر رحمك الله كيف يفعل الصدق بأهله وكيف يكون سببا ً‬ ‫‪‬‬
‫في النجاة من الزلل والتوفيق لصالح العمل ‪ ،‬وانظر إلى حال‬
‫ب إليهم من أن يقعوا‬ ‫الصادقين في حصول العفاف وأن الموت أح ُ‬
‫طلع الله تعالى على قلوبهم ووجد فيها النور‬‫في الرذيلة ‪ ،‬فلما ا ّ‬
‫ل محظور ‪،‬‬ ‫ب وبور ومن كل فع ٍ‬‫ل خرا ٍ‬
‫ه تعالى من ك ِ‬‫نجاها بفضل ِ‬
‫ونجاهم من دواهي المور ‪‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫قصة المرأة الصالحة التي تسأل عن حمام‬ ‫‪‬‬
‫منجاب ‪‬‬
‫ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الجواب الكافي "أن رجل‬
‫مام‬ ‫كان واق ً‬
‫فا بإزاء داره )باتجاهها(‪ ،‬وكان بابها يشبه باب ح ّ‬
‫صا للنساء( فمرت جارية لها منظر ‪،‬‬ ‫منجاب )حمام كان مخص ً‬
‫فقالت‪ :‬أين الطريق إلى حمام منجاب ؟ فأشار إلى بيته وقال لها‪:‬‬
‫هذا حمام منجاب‪ ،‬فدخلت الدار وهي لم تعرف أنه خدعها ودخل‬
‫وراءها‪ ،‬فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها‪ ،‬أظهرت‬
‫له البشرى والفرح باجتماعها معه ‪ ،‬وقالت له‪ :‬يصلح أن يكون معنا‬
‫ما يطيب به عيشنا وتقّر به عيوننا‪ ،‬فقال لها‪ :‬الساعة آتيك بكل ما‬
‫تريدين وتشتهين‪ ،‬وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها ‪ ،‬فأخذ ما‬
‫يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت ولم يجد لها أثر ‪.‬‬
‫فهام الرجل بها وذهبت بلبه فأكثر الذكر لها والحزن والجزع عليها‬
‫وجعل يمضي في الطرق ويقول‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 246‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬

‫ق إلى حمـام‬
‫ري ُ‬ ‫ن الطّ ِ‬
‫أي ْ َ‬ ‫ت‬
‫عَبـ ْ‬
‫مـــا وقد ت َ ِ‬
‫و ً‬
‫ةي ْ‬
‫ب قائلـ ٍ‬
‫يا ُر ّ‬
‫ب‬
‫جا ِ‬‫من ْ َ‬
‫َ‬
‫ومر من عند بيتها وهو ينشد هذا البيت وإذا بها تجاوبه من داخل‬
‫دارها وتقول بصوت سمعه‪:‬‬
‫َ‬
‫على‬ ‫فل ً َ‬ ‫ق ْ‬
‫و ُ‬‫رأ ْ‬ ‫عَلى الدا ِ‬ ‫حْرًزا َ‬
‫ها ِ‬ ‫ت بِ َ‬
‫فْر َ‬ ‫عا إذْ ظَ ِ‬
‫ري ْ ً‬
‫ســـــ ِ‬ ‫عل ْ َ‬
‫ت َ‬ ‫ج َ‬
‫َ‬
‫ب‬‫البا ِ‬
‫وُر‬
‫غُر ْ‬‫م ْ‬
‫ن َيا َ‬‫ن أي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬
‫عْر ُ‬
‫ه وال ِ‬ ‫خِلفــــ ُ‬ ‫ْنفـذَ الّرْزقُ فالّرَزاقُ ي َ ْ‬
‫ب‬ ‫جا ُ‬ ‫ي ُن ْ َ‬
‫‪ :‬انظر رحمك الله إلى هذه المرأة التي وقعت في‬ ‫‪‬‬ ‫‪‬تنبيه‬
‫ن ماجن أراد أن يقع بها ‪ ،‬ولكن لما ا ّ‬
‫طلع‬ ‫ورطة وخداع من إنسا ٍ‬
‫عفيفة الحيّية‬ ‫الله تعالى على قلب هذه المرأة التقّية النقّية ال َ‬
‫ة ووجد فيه صدق النية في عدم الوقوع في الفاحشة‬ ‫حرةُ البي ّ َ‬ ‫ال ُ‬
‫ها من هذا المأزق المهين‬ ‫جا َ‬ ‫كتب الله تعالى لها النجاة ل محالة وأن ْ َ‬
‫عرةُ من العجين ‪ ،‬والسؤال الذي يطرح نفسه ‪ :‬من‬ ‫ش ْ‬ ‫كما تخرج ال ّ‬
‫قفل ً على الباب ؟ أنه الله العلي‬ ‫قي أن يضع ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫سى هذا ال َ‬ ‫الذي أن ْ َ‬
‫م جنود ربك إل هو ‪ ،‬فل يتوهم إنسان أن الله‬ ‫الكبير ‪ ،‬وما يعل ُ‬
‫م من عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة ثم‬ ‫تعالى يعل ُ‬
‫ذب بحديث النبي ‪ ) r‬إن‬ ‫يتركه يقع فيها ‪ ،‬فمن توهم ذلك فقد ك ّ‬
‫تصدق الله يصدقك ( ‪.‬‬
‫متعال ‪ ،‬بل هو فوق ما‬ ‫محال عند ربنا الكبير ال ُ‬ ‫ن هذا أمٌر ُ‬ ‫ثم إ ّ‬
‫ن في الحرام‬ ‫يخطر ببال أو يدور في الخيال ‪ ،‬والله ما وقع إنسا ٌ‬
‫م رُبك أحدا ‪،‬‬ ‫ل إلى الحرام والعياذ بالله‪ ،‬ول يظل ُ‬ ‫مي ٌ‬ ‫إل كان عنده َ‬
‫ن النسان إذا اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته تراه‬ ‫لك ّ‬
‫ه التأويل ‪،‬‬‫م ِ‬
‫فق لها بزع ِ‬ ‫وي ُل َ ِ‬‫يقيم العذر لنفسه و يلتمس لها الدليل َ‬
‫ه ويقول ‪ :‬هم‬ ‫ل الناس جميعا ً السبب في خطأ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ح ِ‬
‫ويريد أن ي ُ َ‬
‫عِلق ذنزبه‬ ‫وتي في ُ َ‬ ‫ق َ‬‫ش ْ‬
‫السبب في َزلتي وهم الذين دفعوني إلى ِ‬
‫ت وهمية ‪ ،‬وأحيانا ً يلقي اللوم على القدر‬ ‫ومعاصيه على شماعا ٍ‬
‫فيقول هو السبب في ذلك كما حصل في عهد الخليفة الراشد‬
‫وا بسارق فسأله عمر رضي الله تعالى‬ ‫عمر ابن الخطاب حينما أت ْ‬
‫قدَُر الله يا أمير المؤمنين‬ ‫مَلك على ذلك ؟ فقال له ‪َ :‬‬ ‫ح َ‬ ‫عنه ‪ :‬ما َ‬
‫فقال له الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله تعالى عنه ‪:‬‬
‫ر الله ‪ ،‬وهكذا تجد النسان إذا اتبع هواه‬ ‫د ِ‬ ‫ونحن نقطع يدك ب ِ َ‬
‫ق ِ‬
‫مّرة الكامنة في‬ ‫خفي الحقيقة ال ُ‬ ‫وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته ي ُ ْ‬
‫نفسه المستقرة بين جنبية والتي دفعته إلى الفجور ‪ ،‬الحقيقة‬
‫ل إلى الحرام والعياذ‬ ‫مي ٌ‬ ‫التي دفعته إلى الفجور وهي أنه عنده َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 247‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن الظن بربه تعالى كما أحسن الظن بنفسه‬ ‫س َ‬ ‫بالله ‪ ،‬فل َي َْته أ ْ‬
‫ح َ‬
‫ت به في مستنقع الرذائل‬ ‫م ْ‬‫اللئيمة الخائنة الثيمة التي أهلكته وَر َ‬
‫والثام ‪ ،‬لكن هيهات فإن هذا ل يغير من الحقيقة شيئا ً بل هو يزيد‬
‫عي ْب َا ً‬ ‫ف إليه ذنبا ً إلى ذنوبه َ‬
‫و َ‬ ‫ضي ُ‬‫ن ب َِلة ‪ ،‬وي ُ ِ‬
‫المُر سوءا ً ويزيدُ الطي ُ‬
‫‪.‬‬ ‫إلى عيوبه ‪‬‬

‫د أن‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬من ِ‬


‫حفظ غيبة زوجها أل تسمح لح ٍ‬
‫يخببها على زوجها‬

‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود(‬
‫ب امرأة على زوجها أو عبدا على‬ ‫خب َّ َ‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ليس منا من َ‬
‫سيده ‪.‬‬
‫ب امرأة على زوجها( ‪ :‬التخبيب هو إفساد الزوجة على‬ ‫خب َّ َ‬‫]*[ )من َ‬
‫زوجها بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ‪ ،‬أو محاسن أجنبي‬
‫ن إليها الطلق ليتزوجها هو أو يزوجها لغيره أو غير‬ ‫س َ‬‫ح َ‬ ‫عندها أو َ‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬وإفساد المرأة علي زوجها له صور وأشكال متعددة ‪:‬‬
‫بالتعريض أو والتلميح أو التحريض‪ .‬والتعالي لظهار عجز الطرف‬
‫الخر‪ ..‬إلي غير ذلك من هذه السلوكيات وأمثالها التي تدفع‬
‫صاحبها بأنه يسعى لتعكير صفو العلقة بين المرأة وزوجها‪،‬‬
‫والتخبيب من كبائر الذنوب وفواحش العيوب لحتوائه على ثلثة‬
‫جرائم هي ] تخبيب وخائنة أعين وخيانة[ ‪.‬‬
‫]*[ وسئل شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪: -‬‬
‫عن إمام المسلمين ‪ :‬خبب امرأة على زوجها حتى فارقته وصار‬
‫صّلى خلفه ؟ وما حكمه ؟ ‪.‬‬ ‫يخلو بها ‪ ،‬فهل ي ُ َ‬
‫فأجاب ‪:‬‬
‫في المسند عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪ ) :‬ليس منا‬
‫من خبب امرأة على زوجها أو عبدا على مواليه ( فسعي الرجل‬
‫في التفريق بين المرأة وزوجها من الذنوب الشديدة ‪ ،‬وهو من‬
‫فعل السحرة ‪ ،‬وهو من أعظم فعل الشياطين ‪ ،‬ل سيما إذا كان‬
‫يخببها على زوجها ليتزوجها هو ‪ ،‬مع إصراره على الخلوة بها ‪ ،‬ول‬
‫سيما إذا دلت القرائن على غير ذلك ‪ ،‬ومثل هذا ل ينبغي أن يولى‬
‫إمامة المسلمين إل أن يتوب ‪ ،‬فان تاب الله عليه ‪ ،‬فإذا أمكن‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 248‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الصلة خلف عدل مستقيم السيرة فينبغى أن يصلى خلفه ‪ ،‬فل‬
‫هَر فجوره لغير حاجة ‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬ ‫ف من ظَ َ‬ ‫يصّلى خل َ‬
‫" مجموع الفتاوى " ) ‪( 363 / 23‬‬
‫]*[ وقال ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪: -‬‬
‫وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ‪ ،‬وتبرأ‬
‫منه ‪ ،‬وهو من أكبر الكبائر ‪ ،‬وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه فكيف بمن يسعى‬
‫بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بها ‪ ،‬وعشاق الصور‬
‫ومساعدوهم من الديثة ل يرون ذلك ذنبا ؛ فإن في طلب العاشق‬
‫وصل معشوقه ومشاركة الزوج والسيد ففي ذلك من إثم ظلم‬
‫ب عليها ‪ ،‬ول‬ ‫الغير ما لعله ل يقصر عن إثم الفاحشة إن لم ير ُ‬
‫يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة ‪ ،‬فإن التوبة وإن أسقطت‬
‫ن ظُل ْ َ‬
‫م‬ ‫حق الله فحق العبد باق ‪ ،‬له المطالبة به يوم القيامة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫من ظلمه بأخذ‬ ‫م ِ‬‫الزوج بإفساد حليلته والجناية على فراشه أعظ ُ‬
‫ماله كله ‪ ،‬ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله ‪ ،‬ول يعدل‬
‫ذلك عنده إل سفك دمه ‪ ،‬فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل‬
‫ز في سبيل الله وقف له الجاني‬ ‫الفاحشة ‪ ،‬فإن كان ذلك ح ّ ً‬
‫قا لغا ٍ‬
‫الفاعل يوم القيامة ‪ ،‬وقيل له ‪ :‬خذ من حسناته ما شئت ‪ ،‬كما‬
‫أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬فما ظنكم ؟! أي‬
‫‪ :‬فما تظنون تبقى له من حسناته ؟‪،‬‬
‫حْرمة‬ ‫) حديث بريدة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ُ :‬‬
‫نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم و ما من رجل من‬
‫القاعدين يخلف رجل من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إل‬
‫ف له يوم القيامة يأخذُ من عمله ما شاء فما ظنكم ؟‬ ‫ق َ‬ ‫و ِ‬‫ُ‬
‫ً‬
‫فإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلوم جارا ‪ ،‬أو ذا رحم محرم ‪:‬‬
‫تعدد الظلم ‪ ،‬وصار ظلما مؤكدا لقطيعة الرحم وأذى الجار ‪ ،‬ول‬
‫يدخل الجنة قاطع رحم ‪ ،‬ول من ل يأمن جاره بوائقه ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل يدخل‬
‫الجنة من ل يأمن جاره بوائقه ‪‌ .‬‬
‫" الجواب الكافي " ) ص ‪. ) 154‬‬
‫]*[ ويقول الدكتور أحمد الشرباصي ـ رحمه الله ـ من علماء‬
‫الزهر‪:‬‬
‫ج المرأة المتزوجة‪ ،‬وذلك بنص‬ ‫وا َ‬
‫ل جلله ‪َ -‬ز َ‬ ‫م الله ‪ -‬ج ّ‬ ‫حّر َ‬‫لقد َ‬
‫مات بقوله تعالى ‪:‬‬ ‫حّر َ‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬حين ذَك ََر ذلك ضمن ال ُ‬
‫م َ‬
‫ء(‬
‫سا ِ‬
‫ن الن ّ َ‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬‫صَنا ُ‬
‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬‫) َ‬
‫)النساء‪(24 :‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 249‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫خُلق ول ضمير أن‬ ‫من ليس له دين ول ُ‬ ‫ومن الكبائر التي يلجأ إليها َ‬
‫ن النسان الخبيثة إلى زوجة غيره‪ ،‬فيطمع فيها‪ ،‬ثم‬ ‫تتطّلع عي ُ‬
‫من وراء‬ ‫عا بشيطانه وشهوته‪ُ ،‬يريد ِ‬ ‫مْندف ً‬ ‫م بيت الزوجية‪ُ ،‬‬ ‫هدْ َ‬
‫ُيحاول َ‬
‫صَنه الله‬ ‫ح ّ‬ ‫ذلك أن ُيفسد الحياة الزوجية؛ وأن َيهدم بيتها الذي َ‬
‫ورسوله‪ ،‬وإنما ُيريد ذلك الثيم من وراء محاولته أن يستجيب‬
‫فة التي ل يرضى عنها الله ول رسوله ‪.‬‬ ‫ر َ‬
‫ح ِ‬ ‫من ْ َ‬
‫لشهوته ال ُ‬
‫من يفكر في ذلك الثم‪ ،‬و‬ ‫ول ندري كيف يستحق وصف السلم َ‬
‫يقدم على ارتكابه؟ إن مثل هذا النسان الدنيء ُيسيء إلى دينه‬
‫أوًل‪ ،‬وهو السلم الحنيف‪ ،‬وُيسيء إلى الزوج ثانًيا؛ لنه يسعى‬
‫في خراب بيته‪ ،‬وإفساد زوجته عليه‪ ،‬وهذا من أقبح أنواع السعي‬
‫بالفساد في الرض‪ ،‬وإهلك الحرث والنسل‪ ،‬وهو ُيسيء كذلك إلى‬
‫ضل َّلة؛ لنه يهدم بيت زواجها‪ ،‬وُيغريها حتى‬ ‫م َ‬ ‫الزوجة المسكينة ال ُ‬
‫ه الله من‬ ‫َ‬
‫صل ُ‬ ‫و َ‬
‫تستجيب له‪ ،‬وترتكب الجريمة الفاحشة‪ ،‬بقطع ما َ‬
‫ميثاق الزواج بينها وبين زوجها‪ ،‬دون أن ترى من هذا الزوج‬ ‫ِ‬
‫فّرقَ بينه وبين زوجته ‪.‬‬ ‫ن نُ َ‬
‫حه أ ْ‬ ‫فا يستدعي إصل َ‬ ‫فا‪ ،‬أو اعتسا ً‬ ‫انحرا ً‬
‫خّبب الفاسد المروءة والضمير الشقي‬ ‫م َ‬ ‫]*[ أل فليعلم هذا ال ُ‬
‫عس أنه صّير نفسه جندٌ من جنود إبليس ‪ ،‬فلقد زاد فساده‬ ‫الت َ ِ‬
‫غّيه وأصّر على باطله ‪ ،‬وأظهر العداوة‬ ‫واستشرى وتمادى في َ‬
‫سر ل ِث ََامه وكشف عن أنيابه يلتمس العثرات‬ ‫ح َ‬ ‫قناعه و َ‬ ‫وكشف فيها ِ‬
‫ض والسماوات ‪ ،‬فورب‬ ‫ب الر ِ‬ ‫ويترقب الهفوات وتناسى مراقبة ر ِ‬
‫مصانع الذي‬ ‫مخادع ال ُ‬ ‫ض إنما توعدون لت ‪ ،‬هذا ال ُ‬ ‫السماوات والر ِ‬
‫م في العسل لنه أروغ من‬ ‫س الس ّ‬ ‫خاخ وي َدُ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ينصب المكائد وال ِ‬
‫سيلمة ‪ ،‬وهو كذلك أذل من‬ ‫م َ‬ ‫ثعلب وأحقدُ من جمل وأكذب من ُ‬
‫ق من‬ ‫ر أهله ‪ ،‬وهو كذلك أع ّ‬ ‫حما ِ‬ ‫ل من ِ‬ ‫هانة وأض ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن من ال َ‬ ‫نعل وأهو ُ‬
‫ضب وأضّر من الجرب وأشُر من البرص ‪ ،‬هذا العتي الغوي الظالم‬ ‫َ‬
‫الغاشم المتغطرس ‪ ،‬بظلمه وبطشه أورد نفسه المهالك وحملها‬
‫ده‬‫ص ّ‬‫كبا ً ف َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ر الموبقة ‪ ،‬استحوذ عليه الشيطان واتخذه َ‬ ‫على المو ِ‬
‫ده‬‫طه في الغرور وزين له سوء عمله فص ّ‬ ‫عن النابة وأملى له فوَر ّ‬
‫عن سواء السبيل ‪،‬‬
‫خـــــه‬ ‫فَرا ِ‬ ‫صــار من أ ْ‬ ‫قـدْ َ‬ ‫فخـاخــه بل َ‬ ‫س في ِ‬ ‫ــادَهُ إبليـ ُ‬
‫مهالك‬ ‫عري من أبـاح ذلكوأورد نفســــــــه في ال َ‬ ‫شـــــ ْ‬ ‫ت ِ‬
‫َ‬
‫ل أركانه ‪ ،‬كسر الله ظهره‬ ‫دع بنيانه ‪ ،‬وأتلفه وش ّ‬ ‫قاتله الله وص ّ‬
‫فه كَله ‪ ،‬اللهم العنه‬ ‫مر أعضائه وهتك ستره وأتل َ‬ ‫وأعمى بصره ود ّ‬
‫ضه‬ ‫عْر ِ‬‫كه يوم َ‬ ‫هل ْ‬
‫وت ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫ل معه في قبر ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ه وت َدْ ُ‬ ‫مْره في نفس ِ‬ ‫ة ت ُدَ ِ‬ ‫لعن ً‬
‫على ربه ‪ ،‬اللهم اجعل الدائرةَ عليه وأصْبه بنفسه وأهله ودمْره‬
‫تدميرا ‪ ،‬اللهم أنزل عليه بأسك الذي ل ي َُرد عن القوم ِ المجرمين ‪،‬‬
‫رَز إبره ‪ ،‬حتى يكون عبرةً لمن يعتبر لئل‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬‫م الله فيه َ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َر ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 250‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عله‬‫ف ْ‬
‫ن بِ ِ‬‫ضال بين المسلمين ‪ ،‬ولئل يستهي ُ‬ ‫ع َ‬‫ض ال ِ‬
‫يستشرى هذا المر ِ‬
‫شين ‪.‬‬‫م ِ‬‫وَلت له نفسه أن يفعل هذا الفعل ال َ‬ ‫س ّ‬
‫من ِ‬
‫مهين علم اليقين أنه سيرى عاقبة ظلمه‬ ‫‪‬و ليعلم هذا الشقي ال َ‬
‫وبغيه في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬بابان معجلن‬
‫عقوبتهما في الدنيا ‪ :‬البغي و العقوق ‪‌ .‬‬
‫الشاهد ‪:‬‬
‫قوله ‪ ) r‬بابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت‬
‫فاعليها‬
‫م أفحش من‬ ‫) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ‬
‫خيانة المرأة لزوجها ‪.‬‬
‫ضاّر أضَر‬ ‫‪‬وليضع نصب عينيه أن الجزاء من جنس العمل وأنه من َ‬
‫الله به ‪.‬‬
‫ة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪r‬‬ ‫م َ‬‫صْر َ‬
‫)حديث أبي ِ‬
‫ضاّر أضَر الله به و من شاقّ شاقّ الله عليه ‪‌ .‬‬ ‫قال ‪ :‬من َ‬
‫ً‬
‫) من ضاّر ( بشد الراء أي أوصل ضررا إلى مسلم بغير حق‬
‫)أضَر الله به الّله به ( أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في‬
‫العقبى‬
‫) ومن شاق ( بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو‬
‫غيرها‬
‫) شق الّله عليه ( أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على‬
‫فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة عليه‬
‫نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته ‪.‬‬
‫)حديث جابر في صحيح أبي داود( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ما من امرئ‬
‫ك فيه‬ ‫ه ُ‬ ‫ه و ي ُن ْت َ َ‬‫ض ِ‬
‫عْر ِ‬
‫ص فيه من ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ذل امرءا ً مسلما في موطن ي ُن ْت َ َ‬ ‫يخ ُ‬
‫صرِته و ما‬ ‫ب فيه ن ُ ْ‬‫ح ُ‬‫ن يُ ِ‬ ‫خذَله الله تعالى في َ‬ ‫َ‬
‫وط ِ ٍ‬‫م ْ‬ ‫ه إل َ‬‫مت ِ ِ‬
‫حْر َ‬‫من ُ‬
‫من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك‬
‫فيه من حرمته إل نصره الله في موطن يحب فيه نصرته ‪‌ .‬‬
‫)ما من امرئ يخذل ( بذال معجمة مضمومة قال تعالى } وإن‬
‫يخذلكم {‬
‫) امرءا ً مسلما ً ( أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ول ينصره‬
‫) في موضع ينتقص فيه من عرضه ( بكسر العين ) وينتهك‬
‫فيه من حرمته ( بأن يتكلم فيه بما ل يحل والحرمة هنا ما ل يحل‬
‫انتهاكه قال الجوهري ‪ :‬انتهك عرضه بالغ في شتمه ) إل خذله‬
‫الّله في موطن يحب فيه نصرته ( أي في موضع يكون فيه أحوج‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 251‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫لنصرته وهو يوم القيامة فخذلن المؤمن حرام شديد التحريم‬
‫دنيويا ً كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فل يدفعه‬
‫أو أخرويا ً كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك‬
‫) وما من أحد ينصر مسلما ً في موطن ينتقص فيه من عرضه‬
‫وينتهك فيه من حرمته إل نصره الّله في موطن يحب فيه نصرته‬
‫( وهو يوم القيامة ‪.‬‬
‫) حديث المستورد رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬من أكل برجل مسلم أكله فإن الله يطعمه مثلها من‬
‫جهنم ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم‬
‫ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة‬
‫ورياء يوم القيامة ‪.‬‬
‫]*[ والمرأة التي تقبل التخبيب محرومة من توفيق الله تعالى‬
‫وعصمته إذ لو وفقها الله تعالى لعلمت أن من السعادة في الدنيا‬
‫والخرة قناعة المرأة بزوجها ؛ فل تمتد عينها إلى غيره فقد مدح‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫في ِ‬
‫الله عز وجل نساء الجنة بتلك الصفة فقال الله تعالى ‪ِ :‬‬
‫ف ( ] الرحمن‪[56 /‬‬ ‫ت الطّْر ِ‬ ‫صَرا ُ‬ ‫َ‬
‫قا ِ‬
‫قال ابن عباس ‪-‬رضي الله عنه معناها ‪ -:‬ل يرين شيئا ً في الجنة‬
‫أحسن من أزواجهن ‪..‬‬
‫]*[ والمرأة هي المسئولة عن قبولها التخبيب ‪:‬‬
‫ن ‪ ،‬فمن الحلل البين أن تحب‬ ‫ن والحرام ب َي ِ ْ‬ ‫وذلك لن الحلل ب َي ِ ْ‬
‫المرأة زوجها ‪ ،‬ومن الحرام البين أن تحب المرأة رجل غير زوجها‪،‬‬
‫تفكر فيه‪ ،‬وتنشغل به‪ ،‬وتعرض عن زوجها وشريك حياتها‪ .‬وقد‬
‫يدفعها ذلك إلى ما ل يحل شرعا من النظر والخلوة‪ ،‬واللمس ‪،‬‬
‫وقد يؤدي ذلك كله إلى ما هو أكبر وأخطر‪ ،‬وهو الفاحشة‪ ،‬أو‬
‫نيتها‪ .‬فإن لم يؤد إلى شيء من ذلك أدى إلى تشويش الخاطر‪،‬‬
‫وقلق النفس‪ ،‬وتوتر العصاب ‪ ،‬وتكدير الحياة الزوجية ‪ ،‬بل ضرورة‬
‫ول حاجة ‪ ،‬إل الميل مع الهوى‪ ،‬والهوى شر إله عبد في الرض‪.‬‬
‫ثم إن المرأة هي المسئولة عن الوصول إلى هذه النتيجة لنها هي‬
‫التي أورطت نفسها في هذه الورطة‪ ،‬وأدخلتها هذا المضيق‬
‫باختيارها‪ ،‬والذي يرمي بنفسه في النار ل يملك أن يمنع النار من‬
‫إحراقه‪ ،‬ول أن يقول لها‪ :‬كوني بردا وسلما علي كما كنت على‬
‫إبراهيم ‪ ،‬فإذا أحرقته النار وهو يصرخ ويطلب النقاذ دون جدوى‪،‬‬
‫كان هو الذي أحرق نفسه‪ ،‬لنه الذي عرضها للنار بإرادته‪.‬‬
‫م‬‫]*[ ثم إن هذه الحقيقة ليست غائبة عن الكثيرات‪ ،‬فإنه أمٌر معلو ٌ‬
‫مه‬‫عل ِ‬‫علم ‪ ،‬ويستوي في ِ‬ ‫من الدين بالضرورة فل يحتاج إلى زيادة ِ‬
‫رّية و البدوّية ‪ ،‬فهو‬ ‫ض ِ‬‫ح َ‬
‫وّية ‪ ،‬وال َ‬
‫دنّية و القَر ِ‬ ‫م َ‬
‫مّية ‪ ،‬وال َ‬ ‫المتعلمة و ال ُ ِ‬
‫عرفان ‪ ،‬ولكن‬ ‫ج إلى برهان ول مزيد ِ‬ ‫ح البيان ول يحتا ُ‬ ‫أمٌر واض ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 252‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫بعض النساء ممن تنكرن للدب وانسلخن من الفضيلة تتغافل أو‬
‫تتجاهل هذه الحقيقة‪ ،‬فما إن تسمع داعي الفتنة إل استجابت‬
‫لهم وفتحت باب الفتنة على مصرعيه ‪.‬‬
‫ة أثيمة أقول لها‬ ‫ة خائن ٍ‬ ‫س لئيم ٍ‬ ‫] * [ والمرأة بفعلها ذلك ذات نف ٍ‬
‫مّرة ‪:‬‬ ‫التي لطِْلعها على حقيقتها ال ُ‬
‫ت أيتها اللئيمة الخائنة الثيمة يا من استجبت إلى من خبّبك‬ ‫‪‬أن ِ‬
‫على زوجك وامتدت عينك اللئيمة الخائنة الثيمة إلى غير زوجك ‪،‬‬
‫ت ببصرك إلى غيره ‪ ،‬أسأل الله‬ ‫فك عليه ‪ ،‬وطمح ِ‬ ‫صري طر ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫فلم ت َ ْ‬
‫ك جزاءا ً بما امتدت إلى غير زوجك ‪ ،‬أيتها‬ ‫تعالى أن يفقأ عين ِ‬
‫مِته ‪ ،‬قاتلك‬ ‫ص َ‬ ‫ع ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة من توفيق الله تعالى َ‬ ‫سة المحروم ُ‬ ‫ع َ‬ ‫الشقية الت َ ِ‬
‫ئ‬ ‫ْ‬
‫ل أركانك ‪ ،‬ول أرى ذلك ي ُطف ُ‬ ‫ك وش ّ‬ ‫دع بنيانك ‪ ،‬وأتلف ِ‬ ‫الله وص ّ‬
‫ت في صدره‬ ‫مك ‪ ،‬فلقد ألهب ِ‬ ‫جر ُ‬ ‫ر زوجك الذي التهب من ُ‬ ‫ب صد ِ‬ ‫لهي َ‬
‫ئ ما دام حيا ‪ ،‬وألصقت به ذل ً ل يزال محفورا ً في‬ ‫لهيبا ً ل ينطف ُ‬
‫ك على الله‬ ‫ت لجرأت ِ ِ‬ ‫جب ُ‬ ‫سة ع ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ذاكرته حتى يموت ‪ ،‬أيتها الشقية الت َ ِ‬
‫مَنته‬ ‫ت ِ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك‪،‬و َ‬ ‫ك ومن حواَلي ِ‬ ‫ك ‪ ،‬ولو شاء لهلك َ ِ‬ ‫ه علي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مع حل ِ‬
‫ت‬
‫ك ‪ ،‬فبدل ِ‬ ‫والي ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ك وتحتمي به دون من َ‬ ‫ح يأوي إلي ِ‬ ‫ج صال ٍ‬ ‫ك بزو ٍ‬ ‫علي ِ‬
‫ل الوبيل *‬ ‫الشكر الجزيل والعرفان بالجميل بالفع ِ‬
‫ع والطاعة ؟ هل‬ ‫ن السم ِ‬ ‫حس ِ‬ ‫حَبة بالقناعة والمعاشرةُ ب ُ‬ ‫ص ْ‬ ‫]*[ أين ال ُ‬
‫مَباعة ؟ * وأين الوفاءُ‬ ‫ماعة ‪ ،‬الخائنة ال ُ‬ ‫سك الط ّ‬ ‫ت فيهما نف ُ‬ ‫هدَ ْ‬ ‫َز ِ‬
‫هانة ؟ *‬ ‫م َ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫وانة ‪ ،‬اللئيم ِ‬ ‫خ ّ‬ ‫ك ال َ‬‫والمانة ‪ ،‬من نفس ِ‬
‫ة زوجك‬ ‫ك لكرام ِ‬ ‫شم ِ والعيال ‪ ]،‬وأين صيان َت ُ ِ‬ ‫ح َ‬‫]*[ وأين رعايُتك لل َ‬
‫ك على بال ؟[‬ ‫بين الرجال؟ أكان ذلك من ِ‬
‫ة‬
‫خسـ ُ‬ ‫ك ال ِ‬ ‫ل حال ‪ ،‬ألم ت َت ْـُر ْ‬ ‫ك في ك ِ‬ ‫س ِ‬ ‫طرت الدناءةُ على نف ِ‬ ‫سي ْ َ‬ ‫هل َ‬
‫حتال ‪،‬‬ ‫م ْ‬‫ل ُ‬ ‫ل رج ٍ‬ ‫ك من أج ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ة زو ِ‬ ‫ت كرام َ‬ ‫ك شيئا ً ُيقال ‪ ،‬يا من أهدر ِ‬ ‫من ِ‬
‫ك‬ ‫ل حال ‪ ،‬لن ّ ِ‬ ‫ت أسوءُ منه بك ِ‬ ‫ك من الرذال ؟ وأن ِ‬ ‫فا ٍ‬ ‫خَتال ‪ ،‬أ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫وا ٍ‬ ‫خ ّ‬‫َ‬
‫ة‬‫دَر كرامـ َ‬ ‫ت لــه المجــال ‪ ،‬ومنحــتيه الســلح القت ّــال ‪ ،‬ليهـ ِ‬ ‫التي فتح ِ‬
‫ب اللــه عليكمــا‬ ‫ل اختيال ‪ ،‬ص ـ ّ‬ ‫مته بك ِ‬ ‫جك بين الرجال ‪ ،‬فأهدََر كرا َ‬ ‫زو ِ‬
‫ر انفصال ‪ ،‬وسّلط عليكما ذُل ً تتقلبون فيــه فــي‬ ‫لعائ َِنه تترى من غي ِ‬
‫عظام أمثــال الجبــال ‪ ،‬ودمركمــا‬ ‫ب ِ‬ ‫ل والمآل ‪ ،‬وأصابكما بمصائ ٍ‬ ‫الحا ِ‬
‫دكم فــي ضــلل‪ ،‬وأمركــم‬ ‫كي ـ َ‬ ‫حال ‪ ،* ،‬وصّير اللــه َ‬ ‫م َ‬ ‫د ال ِ‬ ‫ش شدي ِ‬ ‫ببط ٍ‬
‫دكم فــي ســفال ‪ ،‬وعــافيتكم‬ ‫إلى زوال‪ ،‬ونعمتكم إلى انتقــال‪ ،‬وجـ ّ‬
‫إلى شر مآل ‪ * ،‬يا منبع النذال والرذال ‪.‬‬
‫ه الخــزي‬ ‫ل احتيــال ‪ ،‬وألحقتــم بعبــد ِ‬ ‫جزاءا ً بما انتهكتم محــارمه بكـ ِ‬
‫ل والوبال ‪،‬‬ ‫والنكال ‪ ،‬والذُ َ‬
‫محال ‪ ،‬فإنها‬ ‫ةل َ‬ ‫ست َْره علني ً‬ ‫]*[ اعلموا أنه من خان الله سرا ً هتك ِ‬
‫طـُر‬ ‫خ ُ‬ ‫محتـال هتكـا ً بينـا ً ل ي َ ْ‬ ‫ر ال ُ‬ ‫سـت ْ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫متعال ‪ ،‬فـي هتـ ِ‬ ‫ر ال ُ‬ ‫ة الكبي ِ‬ ‫سن ُ‬
‫ع‬ ‫س أو إشــكال ‪ ،‬ول ينفـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫على بال ‪ ،‬هتكا واضحا يــزول معــه أي لب ْـ ٍ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 253‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫هكم فــي النــار‪،‬‬ ‫كم على وجو ِ‬ ‫جدال ‪ ،‬أسأل الله أن ي َك ِب ّ ُ‬ ‫ة أو ِ‬ ‫حي ْل َ ً‬ ‫معه ِ‬
‫وأن يجعــل مــأواكم دار الخــزي والبــوار ‪ ،‬وأن يصــليكم نــار جهنــم‬
‫وبئس القرار *‬
‫فعال ؟ يا مــن‬ ‫ح ال ِ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫ة ٌ‬ ‫ماها سوادُ قلبها عن رؤي ِ‬ ‫ع َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت يا َ‬ ‫]*[ وأن ِ‬
‫ب علــى قلبهــا وســمعها‬ ‫ر َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ران على قلبها قبائح العمال ‪ ،‬يا من ُ‬
‫ل‪،‬‬ ‫من الذُّنوب أقفا ٌ‬
‫ل والوبال ‪،‬‬ ‫ك في هذا الحال ؟ من الذ ِ‬ ‫ت بزوج ِ‬ ‫هل تعرفين ما فعل ِ‬
‫ك فوق ما يخطُر ببال أو‬ ‫ك لزوج ِ‬ ‫ل من ِ‬ ‫خزي والنكال ؟ أتى الذ ُ‬ ‫وال ِ‬
‫عال ‪،‬‬ ‫مت َ َ‬ ‫ر ال ُ‬ ‫ك الكبي ِ‬ ‫مك عند رب ِ‬ ‫صي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫جك َ‬ ‫يدور في الخيال ‪ ،‬فصار زو ُ‬
‫ص منك على‬ ‫عال ‪ ،‬و يقت ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ال ِ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫لو ُ‬ ‫ص منك على سوء الحا ِ‬ ‫يقت ُ‬
‫ت‬‫ص منك على أن أهدر ِ‬ ‫قّتال ‪ ،‬و يقت ُ‬ ‫ك ال َ‬ ‫م ِ‬ ‫جْر ِ‬ ‫عضال و ُ‬ ‫ك ال ِ‬ ‫ذنب ِ‬ ‫َ‬
‫ذوقين عاقبة‬ ‫ل حال ‪ ،‬وست ُ‬ ‫ذلول ً بك ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَته بين الرجال ‪ ،‬فصار َ‬ ‫كرا َ‬
‫سه بين الرجال‬ ‫ت رأ َ‬ ‫كس ِ‬ ‫ل والمآل * لقد ن َ ّ‬ ‫محال ‪ ،‬في الحا ِ‬ ‫كل َ‬ ‫َبغي ِ ِ‬
‫ُ‬
‫قِتيل ‪،‬‬ ‫ك َ‬ ‫م ِ‬ ‫جْر ِ‬ ‫قيل ‪ ،‬فكان ب ِ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ة لك ِ‬ ‫دوث ً‬ ‫ح ُ‬ ‫ذليل ً ‪ ،‬وحكايَته صارت أ ْ‬
‫ك‬
‫دي ل ِ‬ ‫ل الوبيل ‪ ،‬ثم لم تج ِ‬ ‫فكيف بك إذا سألك الجباُر عن هذا الفع ِ‬
‫ب صوابا ‪ ،‬ول تملكين‬ ‫ل جوابا ‪ ،‬ول للجوا ِ‬ ‫قيل ‪ ،‬فلم تجدي للسؤا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫والي ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫عك من َ‬ ‫ك ‪ ،‬ول ينف ُ‬ ‫ة أو مآبا ‪ ،‬فأسقط في ي َدَي ْ ِ‬ ‫حينذاك توب ً‬
‫ص من الظالم ِ للمظلوم ‪ ،‬هنالك‬ ‫قت َ ُ‬ ‫ع الخصوم ‪ ،‬وي ُ ْ‬ ‫فعند الله تجتم ُ‬
‫ه المهضوم من فعلك‬ ‫مت ِ ِ‬ ‫را َ‬ ‫قك ِ‬ ‫كلوم وح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حه ال َ‬ ‫جر ِ‬ ‫جك ل ُ‬ ‫ينتصُر زو ُ‬
‫المشئوم *‬
‫ع اللئام ‪ ،‬يا شَر النام ‪ ،‬يا‬ ‫من ْب َ َ‬ ‫ل إلى الحرام ‪ ،‬يا َ‬ ‫]*[ لماذا المي ُ‬
‫م على هذا الجرام ‪ ،‬ولماذا‬ ‫طام ‪ ،‬ولماذا القدا ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ة بل ِ‬ ‫فسا ً مفلوت ً‬ ‫نَ ْ‬
‫لم إلى الحجام ِ عن الرزايا والثام ‪ ،‬هل‬ ‫ك الع ّ‬ ‫ك المل ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫و ِ‬ ‫لم ي ُ َ‬
‫واِد‬ ‫س َ‬ ‫ة إفهام ! أهو من َ‬ ‫ك بقي ُ‬ ‫ك عن ذلك ؟ أما زال لدي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ت نف َ‬ ‫سأل ِ‬
‫ك أختام ؟ ‪،‬‬ ‫ك أم كان على قلب ِ ِ‬ ‫قلب ِ‬
‫قّيوم ِ الذي ل‬ ‫ي ال َ‬ ‫ح ّ‬ ‫لم ‪ ،‬ال َ‬ ‫ك الع ّ‬ ‫ة المل ِ‬ ‫ت بمراقب ِ‬ ‫هان َ ْ‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫]*[ يا َ‬
‫صي‬ ‫خذُ ِبالن ّ َ‬
‫وا ِ‬ ‫ؤ َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫ب َرب ُ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ت ِ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫يغفل ول ينام ‪ ،‬كيف ن َ‬
‫ك‬‫ست َْر ِ‬ ‫ك الله ِ‬ ‫هت ِ ُ‬ ‫سي ُ ْ‬ ‫ت أن الله عزيٌز ذو انتقام ‪َ ،‬‬ ‫م ِ‬ ‫عل ِ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫دام ِ ‪ ،‬أ َ‬ ‫ق َ‬ ‫وال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت اليام ‪ ،‬جزاءا على هذا‬ ‫ً‬ ‫م ْ‬ ‫صَر َ‬ ‫ت السنون وان ْ َ‬ ‫مَر ْ‬ ‫ما مهما َ‬ ‫يوما َ‬ ‫ً‬
‫ع من خان ول يجعله أبدا ً‬ ‫ددُ صني َ‬ ‫س ِ‬ ‫جرام ‪ ،‬اعلمي أن الله ل ي ُ َ‬ ‫ال ْ‬
‫ن أو مكان ‪،‬‬ ‫ست َْره في أي زما ٍ‬ ‫ك ِ‬ ‫هت ِ ُ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ش في أمان و َ‬ ‫يعي ُ‬
‫ها المشين ‪ ،‬وكانت ممن‬ ‫سل َك ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫ت في الخيان ِ‬ ‫قط َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫]*[ يا َ‬
‫قال الله فيهم )وأن الله ل يهدي كيد الخائنين( ‪ ،‬اعلمي علم‬
‫َ‬
‫حْين ‪ ،‬ولو طال‬ ‫ق ولو بعد ِ‬ ‫هُر الح َ‬ ‫ْ‬
‫سوف ي ُظ ِ‬ ‫ن الله تعالى َ‬ ‫اليقين أ ّ‬
‫ع سنين ‪،‬‬ ‫ض ِ‬ ‫حْين إلى ب ِ ْ‬ ‫ذلك ال ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 254‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن‬‫ق الخلق ‪ ،‬فيأذ ُ‬ ‫فالموعدُ ) الن حصحص الحق ( حينما يأذن خال ٌ‬
‫ة‬
‫م َ‬‫قا َ‬ ‫ســ َ‬ ‫ت َ‬ ‫فت الســرائر وب َ ـدَ ْ‬ ‫شـ َ‬ ‫غطــاء ‪ ،‬فانك َ‬ ‫ف ال ِ‬ ‫شـ َ‬ ‫ضــاء أن ي َك ْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫لل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سَرار ‪.‬‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫عُيو ُ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هر ْ‬ ‫وظ َ َ‬ ‫سَتار َ‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫هت ِك َ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫الضمائر ‪َ ،‬‬
‫ه ‪ ،‬وإن الله‬ ‫قط ُ‬ ‫ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ق لم ي ُ ْ‬ ‫ك با ٍ‬ ‫ك عند رب ِ ِ‬ ‫ج ِ‬‫ق زو ِ‬ ‫]*[ واعلمي أن ح ّ‬
‫ه ‪ ،‬واعلمي كذلك أن‬ ‫فل ِت ْ ُ‬ ‫تعالى ُيملي للظالم ِ حتى إذا أخذَهُ لم ي ُ ْ‬
‫ك وأنت بين‬ ‫معاد ‪ ،‬فكيف ب ِ‬ ‫ك هي بئس الزادُ ليوم ِ ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك ِلزو ِ‬ ‫خيانت ِ‬ ‫ِ‬
‫س زوجك بين‬ ‫ت رأ َ‬ ‫كس ِ‬ ‫عاد ‪ ،‬ويسألك لماذا ن َ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك يوم ال َ‬ ‫يدي رب ُ ِ‬
‫ب الجساد ‪،‬‬ ‫ذي ُ‬ ‫فري الكباد وي ُ ِ‬ ‫ه ي ُْبكي الفؤاد وي ُ ْ‬ ‫العباد ‪ ،‬فصار حال ُ ُ‬
‫سْر‬ ‫سلوب ‪ ،‬لنه لم ت ُك ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ال َ‬ ‫ق كرامت ِ‬ ‫ع القلوب من ح ِ‬ ‫صار حاُله يخل ُ‬
‫ك‬‫مر أعضائ ِ‬ ‫ك ود ّ‬ ‫ك وأعمى بصر ِ‬ ‫هَر ِ‬ ‫سَر الله ظَ ْ‬ ‫ك كَ َ‬ ‫كته إل ب ِ ِ‬ ‫شو َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫ك ك ُل َ ِ‬ ‫وأتلف ِ‬
‫ة أبّية‬ ‫ر ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫حي ِّية ‪ُ ،‬‬ ‫ة َ‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ٍ‬ ‫ة تقي ٍ‬ ‫مح في زوج ٍ‬ ‫ك يط ْ َ‬ ‫]*[ كان زوج ِ‬
‫ة‬
‫من ِّية ‪ ،‬زوج ٍ‬ ‫‪ ،‬تحفظ غيبته وتصون كرامته وترافقه حتى تأتيه ال َ‬
‫عيُنه على‬ ‫ة تُ ِ‬ ‫سه من أجلها ‪ ،‬زوج ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫ظه في نفسها ‪ ،‬ويبذ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ْ‬
‫ره‬ ‫عدّ معه لقيام ِ الساعة ‪ ،‬لكن خاب أمُله بك ‪ ،‬وك َ ِ‬ ‫الطاعة ‪ ،‬وت ُ ِ‬
‫ب لم يؤثر القرآن فيه‬ ‫وادَ قلِبك ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫س َ‬ ‫قت َله َ‬ ‫َ‬ ‫ك‪،‬و َ‬ ‫الدنيا من أجل ِ ِ‬
‫ة فيه ول التقوى تحتويه ‪،‬‬ ‫ب لم تدخل الخشي ُ‬ ‫ولم يعي معانيه ‪ ،‬قل ٌ‬
‫ب جحد معنى قوله‬ ‫ب لم ي ُل َي ِْنه القرآن ولم يخش الرحمن ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫قل ٌ‬
‫ب صار أسيَر‬ ‫تعالى " هل جزاء الحسان إل الحسان" ‪ ،‬قل ٌ‬
‫العصيان والخذلن واستحواذ الشيطان ‪،‬‬
‫فعلك ‪ ،‬ول‬ ‫هنأ ُ بنوم ٍ كلما ذكر ِ‬ ‫رك ‪ ،‬فل ي َ ْ‬ ‫من ِذك ْ ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫‪ ،‬صار حاُله ي ُن َ ّ‬
‫جْرمك ‪،‬‬ ‫ب فكُره عن ُ‬ ‫شك ‪ ،‬ول يغي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ره من ُ‬ ‫ب صد ِ‬ ‫ئ لهي ُ‬ ‫ينطف ُ‬
‫ك الحاِلك‬ ‫قت ََله سوادُ قلب ِ‬ ‫ب في هم ٍ وغم ‪ ،‬كأنما يبكي الدم * َ‬ ‫يتقل ُ‬
‫ل هالك ‪ ،‬هل أعددت لهذا‬ ‫ك مطمعا ً لك ِ‬ ‫ك المهالك ‪ ،‬وصّير ِ‬ ‫كيف أورد ِ‬
‫ة أو‬ ‫السؤال جوابا ‪ ،‬وللجواب صوابا ‪ ،‬وأنت لتملكين حينذاك توب ً‬
‫مآبا *‬
‫]*[ يا أسوةً للمفسدين ‪ ،‬ويا قدوةً للطاغين ‪ ،‬يا أساس‬
‫عم ِ الله جاحدين ‪،‬‬ ‫م ل ِن ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫الفاسقين ‪ ،‬ويا إمام الخائنين الذين ُ‬
‫ك‬‫مدِْبرين ‪ ،‬وعلى انتها ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫والذين هم للرذائل ناشرين ‪ ،‬وللفضائ ِ‬
‫ع‬
‫من ْب َ َ‬ ‫مِته محرومين ‪ ،‬يا َ‬ ‫ص َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ق الله و ِ‬ ‫قِبلين ‪ ،‬ولتوفي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حُرمات ُ‬ ‫ال ُ‬
‫هين ‪،‬‬ ‫م ِ‬ ‫عِلك ال ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫مشين و ِ‬ ‫كك ال َ‬ ‫سل َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مين ب ِ َ‬ ‫ة الكر ِ‬ ‫م َ‬ ‫صي َ‬ ‫خ ِ‬ ‫الرذلين ‪ ،‬ويا َ‬
‫و مبين‬ ‫س أجمعين ‪ ،‬يا عد ٌ‬ ‫ن اللعين ‪ ،‬يا شَر النا ِ‬ ‫جن ْدَ الشيطا ِ‬ ‫يا ُ‬
‫ة‬
‫ر ذي القو ِ‬ ‫ط الجبا ِ‬ ‫ك سخ َ‬ ‫ط الله علي ِ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ض المسلمين ‪َ ،‬‬ ‫لعرا ِ‬
‫ك‬ ‫ت وحين ‪ ،‬وأذاق ِ‬ ‫ك أشدّ العذاب في كل وق ٍ‬ ‫ب علي ِ‬ ‫المتين ‪ ،‬وص ّ‬
‫س أجمعين ‪.‬‬ ‫هين ‪ ،‬حتى تكوني عبرةً للنا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫عذا ِ‬ ‫ألوانا ً شتى من ال ُ‬
‫قين مرارةَ خيانتك‬ ‫]*[ اعلمي أيتها اللئيمة الخائنة الثيمة أنك ستذُ ِ‬
‫ذقين عاقبة‬ ‫لزوجك وامتداد عينك لغيره _ فقأ الله عينك _ ست ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 255‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫بغيك في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬بابان معجلن‬
‫عقوبتهما في الدنيا ‪ :‬البغي و العقوق ‪.‬‬
‫ة‬
‫س َ‬
‫خ ْ‬
‫ن مدى ِ‬
‫ك هذه القصة لتعلمي علم اليقي ِ‬ ‫] * [ وأسوق إلي ِ‬
‫ك بين الصالحات‬
‫دن ِ‬
‫ع َ‬
‫م ْ‬
‫ة َ‬
‫داءَ ِ‬
‫وَر َ‬
‫ك َ‬
‫ك ودناءة طبعك وسواِد قلب ِ‬‫س ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫ف ِ‬
‫القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله ‪:‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬

‫‪‬ةةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‪‬‬


‫كان الصمعي وزيرا ً للمأمون ‪ ،‬ذلك المأمون الذي كان أحد‬
‫ك في‬ ‫شياطين عصره‪ ،‬وأحد دهاة زمانه‪ ،‬وكان الصمعي عالما ً ُيش ّ‬
‫أمره‪.‬‬
‫قال الصمعي ‪ :‬كنت أرافق المأمون في قافلة صيد ترفيهية ـ‬
‫والصيد الترفيهي الذي كان يقوم به حكام بني أمية وبني العباس‬
‫حرام بنظر السلم‪ ،‬كونه تبذير وإسراف وإتلف لثروات وأموال‬
‫المسلمين ـ‪ ،‬وفي أثناء المسير أضعت القافلة لرى نفسي وحيدا ً‬
‫ملية شاهدت من بعيد خيمة‬ ‫في صحراء قاحلة‪ ،‬وبعد مسيرة تح ّ‬
‫تلوح في الفق فتحركت صوبها لجد فيها امرأة شابة جميلة‬
‫فسلمت عليها‪ ،‬وجلست في ظل خيمتها وقلت لها ‪ :‬هل لي شربة‬
‫ماء؟ فتغّير لونها وقالت‪ :‬لم اكتسب إذنا ً من زوجي في مثل هذا‬
‫دمه لك وهو‬ ‫المر ‪ ،‬وإن كان لك أن تشرب شيئا ً فهذا غدائي أق ّ‬
‫ضياح من لبن‪.‬‬
‫ت اللبن وجلست في ظل الخيمة ساعة‪،‬‬ ‫يقول الصمعي ‪ :‬شرب ُ‬
‫بعدها شاهدت فارسا ً على جمل ‪ ،‬فقامت المرأة من جلساتها‬
‫وحملت بيدها قليل ً من الماء وكأني بها تنتظر ذلك الفارس ‪.‬‬
‫نعم ‪ ،‬وصل الفارس إلى الخيمة وكان زوجها ‪ ،‬فقدمت له الماء‬
‫ليشرب ثم نزل من جمله وإذا به رجل عجوز ‪ ،‬أسود الشكل قبيح‪،‬‬
‫مت المرأة نفسها‬ ‫ه ّ‬ ‫ل ُيطاق منظره ‪ ،‬سيء الخلق والخلق ‪َ ،‬‬
‫ف َ‬
‫ق لتغسل له يديه ورجليه ووجهه ‪.‬‬ ‫ق وإبري ٍ‬
‫وجاءته بطب ٍ‬
‫بدأ زوجها بالتحجج ‪ ،‬وإثارة ما ل يثيره العاقل الفطن ‪ ،‬حيث كان‬
‫يسيء مخاطبتها‪ ،‬وتتلطف له بالردّ ‪ ،‬ولسوء خلقه لم أتحمل‬
‫الجلوس في ظل خيمته بل فضلت الجلوس في الشمس المحرقة‬
‫بعيدا ً ‪ ،‬على أن أجلس إلى خيمته واستمع إلى سوء أدبه‪.‬‬
‫وما إن تحركت حتى قامت امرأته لتوديعي ‪ ،‬حيث لم يكن هو‬
‫مهتما ً لهذا الموضوع بالمرة ‪ ،‬وعندما دنت المرأة مني قلت لها ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 256‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫م ارتباطك بهذا الشيخ العجوز‬ ‫أيها المرأة ‪ ،‬إنك شابة جميلة ‪ ،‬فل ِ َ‬
‫الذي ل يمتلك من حطام الدنيا إل ّ أخلقا ً سيئة وجمل ً هزيل ً ‪،‬‬
‫بالضافة إلى شكله القبيح؟!‪.‬‬
‫فأجابت بعد أن بان عليها المتعاض ‪ :‬أيها الرجل أتريد‬
‫اليقاع بيني وبينه‪ ،‬ألم تعلم بأن الدنيا زائلة والخرة دائمة ‪ ،‬وإنني‬
‫بعملي هذا أروم رضا الله تعالى‪ ،‬ألم تسمع قول رسول الله صلى‬
‫الله عليه وآله‪:‬‬
‫"اليمان نصفان‪ :‬نصف في الصبر‪ ،‬ونصف في الشكر"‪.‬‬
‫ملي لسوء خلقه يصل بي إلى درجات الصبر الساميات ‪،‬‬ ‫وإن تح ّ‬
‫وعليه يجب أن أشكر الباري تعالى على هذه النعمة‪ ،‬فنعمة الصبر‬
‫تحتاج إلى شكر‪ ،‬لذا سأديم خدمتي لزوجي حتى يكتمل إيماني‪.‬‬
‫هذه هي المرأة المسلمة الحقيقية ‪ ،‬ل تلك التي تنساق وراء‬
‫ر زوجها ‪ ،‬وهذا ما‬ ‫المغريات بسهولة‪ ،‬ول التي تمتد عينها إلى غي ِ‬
‫كرن للدب ‪،‬‬ ‫شاهدناه ـ مع السف ـ في بعض النساء اللواتي تن ّ‬
‫عفة والفضيلة واستوطئن الرزيلة ‪ ،‬وكان فيهن‬ ‫وانسلخن من ال ِ‬
‫ل إلى الحرام والعياذ بالله كقوله ‪ r‬في صحيح مسلم ) مائل ٍ‬
‫ت‬ ‫مي ٌ‬
‫َ‬
‫مميلت ( ‪.‬‬
‫ي أن أبين أصناف النساء في حفظهن‬ ‫] ثم أرى أنه ِلزاما ً عل ّ‬
‫لغيبة أزواجهن [‪:‬‬

‫]*[ ‪‬أصناف النساء في حفظها لغيبة زوجها‬

‫]*[ للنساء في حفظها لغيبة زوجها صنفان ل ثالث لها ‪:‬‬


‫ف نفيس وآخر خسيس (‬ ‫) صن ٌ‬
‫س من الذهب الخالص ‪،‬‬ ‫س أنف ُ‬ ‫ف نفي ٌ‬ ‫فأما الصنف الول ‪ :‬صن ٌ‬
‫ت‬
‫م ْ‬ ‫ج َ‬‫جها _ وهو حاصل من أي زوج أحيانا ً _ أل ْ َ‬ ‫ي عليها زو ُ‬ ‫س َ‬ ‫ق ِ‬ ‫مهما َ‬
‫جها أّيما حفظ‬ ‫كم ‪ ،‬وحفظت غيبة زو ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫ة ال ُ‬ ‫جام ِ الخشي ِ‬ ‫سها ب ِل ِ َ‬ ‫ف َ‬‫ن ْ‬
‫ة‬
‫ره ‪ ،‬ولم تمتد عينها إلى غير زوجها صيان ٍ‬ ‫ولم تلتفت إلى َ‬
‫غي ْ ِ‬
‫لدينها وحفظا ً لغيبة زوجها ‪ ،‬وذلك لنها تخشى ربها قبل زوجها ‪،‬‬
‫ب يخشى الرحمن ويمتثل القرآن ‪،‬‬ ‫مٌر باليمان ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫ولن قلَبها عا ِ‬
‫م‬‫س َ‬ ‫ضوان بما َ‬
‫ق َ‬ ‫ر ْ‬‫ؤه ال ِ‬ ‫مل َ ُ‬‫ب يَ ْ‬
‫عْرفان ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫ة وال ِ‬ ‫عف ِ‬ ‫ب معموٌر بال ِ‬ ‫قل ٌ‬
‫ب‬‫ن ‪ ،‬ولذةَ العبودية للرحمن ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ب ذاق حلوة ا ِ‬ ‫الرحمن ‪ ،‬قل ٌ‬
‫ف العصيان والخذلن‬ ‫ب ل يعر ُ‬ ‫ت الّنيَران ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫حا ِ‬ ‫ف َ‬‫يخشى ل َ َ‬
‫واستحواذ الشيطان ‪.‬‬
‫س‬‫زير ‪ ،‬بل أخ ّ‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫س من ال ِ‬ ‫سْيس ‪ ،‬أخ ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫صن ٌ‬ ‫صْنف الثاني ‪ِ :‬‬ ‫وأما ال ِ‬
‫ة‬
‫ك الطهار َ‬ ‫ن ‪ ،‬ت َت ُْر ُ‬ ‫فها الن َت َ ْ‬ ‫ع بأن ِ‬ ‫فساء( التي ت َدْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫خن ْ ِ‬
‫ن )ال ُ‬ ‫عل ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫من ال ِ‬
‫قير‬ ‫ح ِ‬‫ن ‪ ،‬هذا الصنف ال ْ‬ ‫ن الن َت َ ْ‬ ‫ة ومواطِ ِ‬ ‫ذار ِ‬ ‫ق ِ‬‫ها إل في ال َ‬ ‫غي َت َ َ‬
‫جدُ ب ُ ْ‬ ‫ول ت َ ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 257‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ت‬
‫ع ْ‬‫خل َ َ‬ ‫جها_ وهو حاصل من أي زوج أحيانا ً _ َ‬ ‫ي عليها زو ُ‬ ‫س َ‬ ‫ق ِ‬ ‫إذا َ‬
‫خطام ]*[ _‬ ‫زمام بل ِ‬ ‫ة ال ِ‬ ‫فُلوت َ‬ ‫م ْ‬ ‫سها ‪ ،‬وصارت َ‬ ‫ة عن نف ِ‬ ‫جام ِ الخشي ِ‬ ‫ِل ِ َ‬
‫ل إلى الحرام ول يظهر ذلك إل‬ ‫مي ْ ٌ‬ ‫وذلك لنها في الساس عندها َ‬
‫ت مميلت (‬ ‫في هذه المواطن _ كقوله ‪ r‬في صحيح مسلم ) مائل ٍ‬
‫ره ‪ ،‬وامتدت عينها‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ت إلى َ‬ ‫ف ْ‬ ‫جها ‪ ،‬والت َ َ‬ ‫ة زو ُ‬ ‫حفظ غيب َ‬ ‫‪ ،‬فلم ت َ ْ‬
‫ت إلى الحرام ‪،‬‬ ‫ف ْ‬‫و َ‬‫ش َ‬ ‫ة الخائنة الثيمة إلى غير زوجها ‪ ،‬وت َ َ‬ ‫اللئيم ِ‬
‫ن‬‫ل طريق ‪ ،‬و استبدلت بالستقامة روغا َ‬ ‫ر بك ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫ف ُ‬‫ت إلى ال ِ‬ ‫سع ْ‬ ‫و َ‬
‫ث عن المثالب ‪ ،‬ولول أنها ألَنت الجانب ما‬ ‫حت تبح ُ‬ ‫الثعالب ‪ ،‬وَرا َ‬
‫خالب ‪،‬‬ ‫اقترب منها أحدٌ من الجانب ‪ ،‬ول أظهروا لها الم َ‬
‫وا‬ ‫ت ممن )إذا خل ْ‬ ‫ل ‪ :‬أنهم لم يفترسوها إل لنها كان ْ‬ ‫والحاص ُ‬
‫ه انتهكوها( ‪ ،‬ولو كانت غيَر ذلك ما اقترب منها هالك ‪،‬‬ ‫رم الل ِ‬ ‫بمحا ِ‬
‫جها‬ ‫شين ‪ ،‬وخانت زو َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫دمت اللين ‪ ،‬فعلوا بها الفع َ‬ ‫فلما ق ّ‬
‫ر ِذي‬ ‫عَرضت إلى سخط الجبا ِ‬ ‫سرت الدنيا والدين ‪ ،‬وت َ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫المين ‪ ،‬ف َ‬
‫ت وحين ‪،‬‬ ‫ل وق ٍ‬ ‫ب في ك ِ‬ ‫ب الله عليها أشدّ العذا ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫ة المتين ‪َ ،‬‬ ‫القو ِ‬
‫مهين * فلما خضعت بالقول‬ ‫شتى من العذاب ال ُ‬ ‫وأذاقها ألوانا ً َ‬
‫غَرض وتناست أن الله تعالى‬ ‫ك منها َ‬ ‫ل هال ٍ‬ ‫سك ِ‬ ‫أنشأت في نف ِ‬
‫ض " وما‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ْ‬
‫قلب ِ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ّ‬
‫ع ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫في َط َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ِبال َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فَل ت َ ْ‬ ‫يقول " َ‬
‫ة معدنها‪،‬‬ ‫ة نفسها وسواِد قلِبها ‪ ،‬ورداء ِ‬ ‫عها ودناء ِ‬ ‫ة طَب ْ ِ‬ ‫خس ِ‬ ‫ذلك إل ل ِ ِ‬
‫قلِبها‪،‬‬ ‫ك سواِد َ‬ ‫حل َ َ‬ ‫فما أ ْ‬
‫ب وبور ‪ ،‬وما فيه من نور ‪ ،‬قلبٌ لم يؤثر القرآن فيه ولم‬ ‫ر ٌ‬ ‫خ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫قل ٌ‬
‫ب‬‫ة فيه ول التقوى تحتويه ‪ ،‬قل ٌ‬ ‫ب لم تدخل الخشي ُ‬ ‫يعي معانيه ‪ ،‬قل ٌ‬
‫ب جحد معنى قوله تعالى "‬ ‫لم ي ُل َي ِْنه القرآن ولم يخش الرحمن ‪ ،‬قل ٌ‬
‫ب صار أسيَر العصيان‬ ‫هل جزاء الحسان إل الحسان" ‪ ،‬قل ٌ‬
‫مْرها في‬ ‫ة ت ُدَ ِ‬ ‫ة لعن ً‬ ‫ل خائن ٍ‬ ‫والخذلن واستحواذ الشيطان ‪ ،‬لعن الله ك ّ‬
‫كها يوم عرضها على ربها ‪.‬‬ ‫هل ِ ْ‬ ‫نفسها ‪ ،‬وتدخل معها قبرها ‪ ،‬وت ُ ْ‬
‫عسة _ قاتلها الله _ تناست أن الله تعالى‬ ‫‪‬تنبيه‪:‬هذه الشقية الت َ ِ‬
‫عن الحرام سواء كان لها زوج أم ل ‪ ،‬وإنما‬ ‫أمرها بحفظ‬
‫جعلت عقوبة الزنى في المرأة المتزوجة أشنع عقوبة )الرجم(‬ ‫ُ‬
‫لحصول تمام النعمة على المرأة بالزواج والحصان ‪ ،‬فمن التفتت‬
‫جل‬ ‫و ٌ‬ ‫ع َ‬‫كدةٌ فيها ِ‬ ‫ة نَ ِ‬ ‫جِبل ٌ‬ ‫ل ذلك على أنها ِ‬ ‫بعد ذلك إلى الحرام د ّ‬
‫ل إلى الحرام كقوله ‪ r‬في صحيح مسلم‬ ‫مي ٌ‬ ‫ي ُْرجى اعتداله وفيها َ‬
‫خسة‬ ‫ة نفسها و ِ‬ ‫ت مميلت ( ‪ ،‬وكان ذلك دليل ً على دناء ِ‬ ‫) مائل ٍ‬
‫عدَِنها وهوانها على رِبها فصارت‬ ‫م ْ‬
‫عها وسواِد قلبها ورداءة َ‬ ‫طب ِ‬
‫فساء( التي تدفع بأنفها الن ََتن‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫جعلن )ال ُ‬ ‫أهون على الله من ال ِ‬
‫ح يأوي‬ ‫ج صال ٍ‬ ‫ة الله تعالى و تناست منته إليها بزو ٍ‬ ‫لنها كفرت بنعم ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 258‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫واليها فبدلت الشكر الجزيل والعرفان‬ ‫إليها وتحتمي به دون من ح َ‬
‫بالجميل بالفعل الوبيل ‪،‬‬
‫ريدة _ قاتلها‬ ‫م ِ‬
‫وأنت إذا أمعنت النظر في حال هذه الشيطانة ال َ‬
‫الله _ وجدت حالها أنها تناءت عن شرع الحميد المجيد وكأنها‬
‫ع جديد مصدره إبليس عليه لعنة الله فقد صّيرت نفسها‬ ‫جاءت بشر ٍ‬
‫أحد جنوده تقول فيه لزوجها بلسان حالها ‪ :‬إذا عاملتني كما أريد‬
‫ة لك وإل قمت بالخيانة مع غيرك ‪ ،‬وكأنها قاتلها الله‬ ‫مخِلص ً‬ ‫ت ُ‬ ‫صر ُ‬ ‫ِ‬
‫جعلت حفظها لنفسها عن الحرام مكافأةً لزوجها إذا عاملها كما‬
‫تريد هي بتفكيرها المذموم وعقلها المشئوم ‪ ،‬فهي ل تريد تقويما ً‬
‫زمام‬ ‫ول تفهيما ً ول تقبل تأديبا ً ول تهذيبا ‪ ،‬تريد أن تكون مفلوتة ال ِ‬
‫خطام _ فإذا قسي عليها أحيانا ً _ ذهبت إلى الحرام وكأنها‬ ‫بل ِ‬
‫شَرفه ‪،‬‬ ‫عْرضه و َ‬ ‫قبه أو تنتقم منه فتطعنه في أعز ما يملك وهو ِ‬ ‫ُتعا ِ‬
‫عسة المحرومة من‬ ‫وتناست هذه الشيطانة المريدة الشقية الت َ ِ‬
‫سدْ إل‬ ‫ف ِ‬ ‫مته أنها لم تنتقم إل من نفسها ولم ت ُ ْ‬ ‫ص َ‬ ‫ع ْ‬ ‫توفيق الله و ِ‬
‫شها قد أوقعت نفسها‬ ‫ح ِ‬ ‫هِلك إل دينها ودنياها لنها ب ِ ُ‬
‫ف ْ‬ ‫قلبها ولم ت ُ ْ‬
‫ة ل مخرج لها منها أبدا ل في الدنيا ول في الخرة على‬ ‫ً‬ ‫في ورط ٍ‬
‫التفصيل التي ‪:‬‬
‫]*[ فأما في الدنيا ‪ :‬فإن زوجها متى تبين من جنايتها وخيانتها‬
‫س القتران‬ ‫مه من دَن َ ِ‬ ‫هر اس َ‬ ‫تقّرب إلى الله تعالى بطلقها ‪ ،‬وط ّ‬
‫ط‬‫ر َ‬‫ف ِ‬ ‫ب عليها الدعاء صّبا حتى ين َ‬ ‫فعلها‪ ،‬وص ّ‬ ‫بها ‪ ،‬وتبرأ إلى ربه من ِ‬
‫ة في حقه ‪.‬‬ ‫ع جناي ٍ‬ ‫ً‬
‫دها ‪ ،‬جزاءا لرتكابها لشن ِ‬ ‫عق ُ‬ ‫ِ‬
‫وهي كذلك لبد أن ترى عقوبة خيانتها لزوجها في الدنيا قبل‬
‫الخرة إيمانا ً وتصديقا ً بقول النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬بابان معجلن‬
‫عقوبتهما في الدنيا ‪ :‬البغي و العقوق ‪‌ .‬‬
‫الشاهد ‪:‬‬
‫قوله ‪ ) r‬بابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت‬
‫فاعليها‬
‫م أفحش من‬ ‫) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ‬
‫خياتة الزوجة لزوجها ‪.‬‬
‫]*[ وفي الخرة ‪ :‬يأخذ من حسناتها بقدر مظلمتها له ‪ ،‬فعند الله‬
‫حه‬ ‫جْر ِ‬‫صل ُ‬ ‫ص من الظالم ِ للمظلوم ‪ ،‬فيقت ُ‬ ‫قت َ ُ‬‫خصوم وي ُ ْ‬ ‫ع ال ُ‬‫تجتم ُ‬
‫ق كرامته المهضوم من فعلها المشئوم ‪ ،‬وليس هناك‬ ‫المكلوم وح ِ‬
‫ة لزوجها وهنا نذكر الحديث التي ‪:‬‬ ‫ة الزوج ِ‬ ‫ة خيان ِ‬ ‫أبشع من مظلم ِ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫عْرضه أو شيء‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪) :‬من كانت له مظلمة لخيه من ِ‬
‫فليتحلله منه اليوم قبل أن ليكون دينارا ً ول درهما‪ ،‬إن كان له‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 259‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ر مظلمته وإن لم تكن له حسنات أ ُ ِ‬
‫خذَ من‬ ‫خذَ منه بقد ِ‬‫حسنات أ ُ ِ‬
‫ملت عليه (‪.‬‬ ‫ح ِ‬‫ف ُ‬‫سيئاته َ‬

‫التفسير الشرعي لمتداد عين المرأة اللئيمة إلى غير زوجها‬

‫مسألة ‪ :‬ما هو التفسير الشرعي لمتداد عين المرأة اللئيمة‬


‫الخائنة الثيمة إلى غير زوجها ؟‬
‫]*[ اعلمي أن ما حصل منك من امتداد عينك اللئيمة الخائنة‬
‫الثيمة إلى غير زوجك ما هو إل من سقامة الضمائر ولؤم ِ السرائر‬
‫خسة طبعك‬ ‫ء الطوية ‪ ،‬بل هو من دناءة نفسك و ِ‬ ‫وفساِد النية وسو ِ‬
‫ك وهوانك على ربك ‪ ،‬إذ لو علم الله في‬ ‫ة معدن ِ‬ ‫وسواد قلبك ورداء ِ‬
‫ك لصالح العمل والله تعالى‬ ‫قلبك خيرا ً لعصمك من الزلل ‪ ،‬ووفق ِ‬
‫خْيرًا( ]النفال ‪[70 /‬‬ ‫م َ‬ ‫ؤت ِك ُ ْ‬ ‫خْيرا ً ي ُ ْ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫في ُ‬ ‫عل َم ِ الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫يقول‪ِ) :‬إن ي َ ْ‬
‫قه مصداقا ً لقول‬ ‫و ّ‬ ‫ق الشَر ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫فإنه من يتحّر الخيَر ُيعطه ومن يت ِ‬
‫النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال إنما العلم‬
‫بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق‬
‫الشر يوقه ‪‌ .‬‬
‫ك بحفظه وكان‬ ‫فظ َ ِ‬ ‫ك بصيانِته وح َ‬ ‫]*[ ولو أحبك الله تعالى لصان َ ِ‬
‫ك التي تبطشين بها ‪ ،‬ورجلك‬ ‫سبحانه سمعك الذي تسمعين به ويد ِ‬
‫التي تمشين بها مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪) :‬حديث‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬قال الله تعالى من عاد لي وليا ً فقد آذنته‬
‫ء مما افترضته عليه ‪ ،‬وما‬ ‫ى عبدي بشي ٍ‬ ‫بالحرب ‪ ،‬وما تقرب إل ّ‬
‫ي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه‬ ‫يزال عبدي يتقرب إل ّ‬
‫الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله‬
‫الذي يمشي بها ‪ ،‬ولئن سألني لعطينه ولئن استعاذني لعيذّنه ‪،‬‬
‫ت عن شيءّ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره‬ ‫وما تردد ُ‬
‫الموت وأنا أكره مساءته ‪.‬‬
‫ب وبور وما فيه‬ ‫طلع على قلبك ووجده خر ٌ‬ ‫]*[ ولكنه سبحانه لما ا ّ‬
‫ك‬
‫ت من عين المل ِ‬ ‫قط ِ‬ ‫س َ‬‫َ‬ ‫ل إلى الحرام ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫من نور ‪ ،‬ورأى فيه ال َ‬
‫ة على‬ ‫محال َ‬ ‫كل َ‬ ‫حاسب ِ‬ ‫ة للرزايا والثام ‪ ،‬ثم ي ُ َ‬ ‫ك فريس ً‬ ‫لم ‪ ،‬وترك َ ِ‬ ‫الع ّ‬
‫ت‬‫صْر ِ‬‫ك إلى نفسك لنك ِ‬ ‫كل ِ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬
‫هذا الجرام ‪ ،‬فسلب حفظه عنك َ‬
‫فساء( التي تدفع‬ ‫خن ْ ِ‬ ‫جعلن )ال ُ‬ ‫بسواد قلبك أهون على الله من ال ِ‬
‫غي ََتها إل في مواطن القذر والن ََتن ‪،‬‬ ‫بأنفها الن ََتن والتي ل تجد ب ُ ْ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 260‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ ولو علم الله تعالى من قلبك الصدق في النجاة من الزلل‬
‫لم‬ ‫ك الع ّ‬ ‫ك المل ُ‬ ‫صم ِ‬ ‫ك لصالح العمل ‪ ،‬وع َ‬ ‫ك من الزلل ‪ ،‬ووفق ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫لن ّ‬
‫ر اليام فإن‬ ‫ر ومرو ِ‬ ‫من الرزايا والثام على مدى انصرام ِ العم ِ‬
‫الصدق منجاة وإن العبد إذا صدق مع الله تعالى صدقه الله‬
‫مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن‬
‫تصدق الله يصدقك ‪.‬‬
‫]*[ كان الحسن البصري إذا ذكر أهل المعاصي يقول ‪ :‬هانوا على‬
‫الله فعصوه ‪ ،‬ولو عزوا عليه لعصمهم ‪.‬‬
‫طلع الله تعالى على قلبها ووجد فيه صدق النية في‬ ‫]*[ فإذا ا ّ‬
‫عدم الوقوع في الفاحشة كتب الله تعالى لها النجاة ل محالة ‪ ،‬وما‬
‫م من‬ ‫م جنود ربك إل هو ‪ ،‬فل يتوهم إنسان أن الله تعالى يعل ُ‬ ‫يعل ُ‬
‫عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة ثم يتركه يقع فيها ‪،‬‬
‫متعال ‪ ،‬بل هو فوق ما يخطر ببال‬ ‫محال عند ربنا الكبير ال ُ‬ ‫هذا أمٌر ُ‬
‫ن في الحرام إل كان عنده‬ ‫أو يدور في الخيال ‪ ،‬والله ما وقع إنسا ٌ‬
‫ن النسان‬ ‫م رُبك أحدا ‪ ،‬لك ّ‬ ‫ل إلى الحرام والعياذ بالله‪ ،‬ول يظل ُ‬ ‫مي ٌ‬ ‫َ‬
‫إذا اتبع هواه وسار أسيرا ذليل وراء شهواته تراه يقيم العذر‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ه التأويل ‪ ،‬ويريد أن‬ ‫م ِ‬‫فق لها بزع ِ‬ ‫وي ُل َ ِ‬‫لنفسه و يلتمس لها الدليل َ‬
‫ه ويقول ‪ :‬هم السبب في‬ ‫ل الناس جميعا ً السبب في خطأ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ح ِ‬‫يُ َ‬
‫وتي ‪ ،‬وأحيانا ً يلقي اللوم على‬ ‫ق َ‬ ‫ش ْ‬ ‫َزلتي وهم الذين دفعوني إلى ِ‬
‫القدر فيقول هو السبب في ذلك كما حصل في عهد الخليفة‬
‫وا بسارق فسأله عمر رضي الله‬ ‫الراشد عمر ابن الخطاب حينما أت ْ‬
‫قدَُر الله يا أمير‬ ‫مَلك على ذلك ؟ فقال له ‪َ :‬‬ ‫ح َ‬‫تعالى عنه ‪ :‬ما َ‬
‫المؤمنين فقال له الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله‬
‫ر الله ‪ ،‬وهكذا تجد النسان إذا‬ ‫د ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫تعالى عنه ‪ :‬ونحن نقطع يدك ب ِ َ‬
‫مّرة‬ ‫خفي الحقيقة ال ُ‬ ‫اتبع هواه وسار أسيرا ً ذليل ً وراء شهواته ي ُ ْ‬
‫ل إلى الحرام والعياذ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ن عنده َ‬ ‫التي دفعته إلى الفجور وهي أ ّ‬
‫ن الظن بربه تعالى كما أحسن الظن بنفسه‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬‫بالله ‪ ،‬فل َي َْته أ ْ‬
‫ت به في مستنقع الرذائل‬ ‫م ْ‬‫اللئيمة الخائنة الثيمة التي أهلكته وَر َ‬
‫ً‬
‫والثام ‪ ،‬لكن هيهات فإن هذا ل يغير من الحقيقة شيئا بل هو يزيد‬
‫عي ْب َا ً‬ ‫و َ‬ ‫ف إليه ذنبا ً إلى ذنوبه َ‬ ‫ضي ُ‬ ‫ن ب َِلة ‪ ،‬وي ُ ِ‬ ‫المُر سوءا ً ويزيدُ الطي ُ‬
‫إلى عيوبه ‪. ‬‬
‫قبَلت‬ ‫و ِ‬ ‫‪‬مسألة ‪ :‬هل المرأة إذا كلمت رجل ً أجنبيا ً بغير إذن زوجها َ‬
‫ة زوجها ؟‬ ‫منه تخبيبا ً ‪ ،‬هل تكون قد حفظت غيب َ‬
‫الجواب ‪ :‬ل تكون هذه الشقية التعسة حفظت غيبة زوجها لسببين‬
‫؟‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 261‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أول ً ‪ :‬أنها كلمت رجل ً أجنبيا ً بغير إذن زوجها وهذا مما نهى النبي‬
‫‪ r‬عنه كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث عمرو بن العاص في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬نهى أن‬
‫تكلم النساء إل بإذن أزواجهن ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير‪:‬‬

‫) نهى أن تكلم النساء إل بإذن أزواجهن ( لنه مظنة الوقوع في‬


‫الفاحشة بتسويل الشيطان ومفهومه الجواز بإذنه وحمله الولي‬
‫العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة والكلم في‬
‫رجال غير محارم ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬أن التخبيب من أكبر الكبائر وهو يحتوي على ثلث جرائم‬
‫هي ) التخبيب وخائنة العين والخيانة(‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود(‬
‫ب امرأة على زوجها أو عبدا على‬ ‫خب َّ َ‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ليس منا من َ‬
‫سيده ‪.‬‬
‫ب امرأة على زوجها( ‪ :‬التخبيب هو إفساد الزوجة على‬ ‫َ‬
‫خب ّ َ‬
‫‪) ‬من َ‬
‫زوجها بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته ‪ ،‬أو محاسن أجنبي‬
‫ن إليها الطلق ليتزوجها هو أو يزوجها لغيره أو غير‬ ‫س َ‬
‫ح َ‬‫عندها أو َ‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬وإفساد المرأة علي زوجها له صور وأشكال متعددة ‪:‬‬
‫بالتعريض أو والتلميح أو التحريض ‪ .‬والتعالي لظهار عجز الطرف‬
‫الخر‪ ..‬إلي غير ذلك من هذه السلوكيات وأمثالها التي تدفع‬
‫صاحبها بأنه يسعى لتعكير صفو العلقة بين المرأة وزوجها ‪،‬‬
‫والتخبيب من كبائر الذنوب وفواحش العيوب لحتوائه على ثلثة‬
‫جرائم هي ] تخبيب وخائنة أعين وخيانة[ ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪: -‬‬
‫وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل ذلك ‪ ،‬وتبرأ‬
‫منه ‪ ،‬وهو من أكبر الكبائر ‪ ،‬وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قد نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه فكيف بمن يسعى‬
‫بالتفريق بينه وبين امرأته وأمته حتى يتصل بها ‪ ،‬وعشاق الصور‬
‫ومساعدوهم من الديثة ل يرون ذلك ذنبا ؛ فإن في طلب العاشق‬
‫وصل معشوقه ومشاركة الزوج والسيد ففي ذلك من إثم ظلم‬
‫ب عليها ‪ ،‬ول‬ ‫الغير ما لعله ل يقصر عن إثم الفاحشة إن لم ير ُ‬
‫يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة ‪ ،‬فإن التوبة وإن أسقطت‬
‫م‬‫ن ظُل ْ َ‬‫حق الله فحق العبد باق ‪ ،‬له المطالبة به يوم القيامة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫من ظلمه بأخذ‬ ‫م ِ‬‫الزوج بإفساد حليلته والجناية على فراشه أعظ ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 262‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ماله كله ‪ ،‬ولهذا يؤذيه ذلك أعظم مما يؤذيه بأخذ ماله ‪ ،‬ول يعدل‬
‫ذلك عنده إل سفك دمه ‪ ،‬فيا له من ظلم أعظم إثما من فعل‬
‫ز في سبيل الله وقف له الجاني‬ ‫الفاحشة ‪ ،‬فإن كان ذلك ح ّ ً‬
‫قا لغا ٍ‬
‫الفاعل يوم القيامة ‪ ،‬وقيل له ‪ :‬خذ من حسناته ما شئت ‪ ،‬كما‬
‫أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬فما ظنكم ؟! أي‬
‫‪ :‬فما تظنون تبقى له من حسناته ؟‪،‬‬
‫حْرمة‬‫) حديث بريدة الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ُ :‬‬
‫نساء المجاهدين على القاعدين كحرمة أمهاتهم و ما من رجل من‬
‫القاعدين يخلف رجل من المجاهدين في أهله فيخونه فيهم إل‬
‫ف له يوم القيامة يأخذُ من عمله ما شاء فما ظنكم ؟‬ ‫ق َ‬ ‫و ِ‬
‫ُ‬
‫‪‬فإن انضاف إلى ذلك أن يكون المظلوم جارا ً ‪ ،‬أو ذا رحم محرم ‪:‬‬
‫تعدد الظلم ‪ ،‬وصار ظلما مؤكدا لقطيعة الرحم وأذى الجار ‪ ،‬ول‬
‫يدخل الجنة قاطع رحم ‪ ،‬ول من ل يأمن جاره بوائقه ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل يدخل‬
‫الجنة من ل يأمن جاره بوائقه ‪‌ .‬‬
‫قب َِلت التخبيب وامتدت‬ ‫‪‬تنبيه‪ :‬ولعل المرأة الفاسدة الذي َ‬
‫ة‪:‬‬‫عينها اللئيمة الخائنة الثيمة إلى غير زوجها لعلها تقول مستخف ً‬
‫ة تثبت ذلك ‪ ،‬فنقول‬ ‫وكيف يعرف زوجي ذلك ؟!‪ ،‬وليس لديه بين ٌ‬
‫هذا صحيح لكنه وإن لم يكن لديه بينة لكن لديه أقوى سلح وهو‬
‫عْرضي‬ ‫م استغفلوني وتجرؤا على ِ‬ ‫تعليق الدعاء )اللهم إن كان قو ٌ‬
‫ع يردعهم اعتمادا ً منهم على أني ل أعلم‬ ‫وأهدروا كرامتي دون راد ٍ‬
‫ل ذلك على‬ ‫ُ‬
‫بذلك ‪ ،‬فإن كان علمي قاصٌر _ وهو كذلك _ فإني أحي ُ‬
‫غي َْرتك على محارمك‬ ‫ل ذلك على َ‬ ‫علمك الذي أحاط بكل شيء وُأحي ُ‬
‫فانتقم لي منهم ودمرهم تدميرا ً ول ترحم فيهم مغرز إبرة ‪،‬‬
‫واحرمهم من عافيتك في الدنيا واحرمهم من جنتك يوم القيامة ‪،‬‬
‫واجعلهم يطلبون فل يجدوه ‪ ،‬واكسر ظهورهم وأعمي أبصارهم‬
‫ل‬‫ش ّ‬
‫دع بنيانهم وأتلفهم و ِ‬ ‫مر أعضائهم ‪ ،‬اللهم اقتلهم وص ّ‬ ‫ود ّ‬
‫أركانهم واجعل الدائرةَ عليهم ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬المرأةُ إذا كانت فاسدة ارتكبت في معاملتها مع زوجها‬
‫مة ‪ ،‬وهذه الجنايات‬ ‫كأ ّ‬‫ة لهل ِ‬ ‫ة منها كافي ٌ‬ ‫ثلث جنايات ك ُ‬
‫ل جناي ٍ‬
‫هي ‪:‬‬
‫‪‬الجناية الولى ‪ :‬أنها تطيل لسانها على زوجها الذي هو أعظم‬
‫الناس حقا ً عليها‬
‫‪‬الجناية الثانية ‪ :‬إذا أراد زوجها تقويمها أو تأديبها على ذلك‬
‫ر إذنه وقبلت‬ ‫ل أخر تكلمه بغي ِ‬ ‫استنكفت واستكبرت وذهبت إلى رج ٍ‬
‫منه تخبيبا ً ‪ ،‬واستكبرت على شرع الحميد المجيد الذي يأمر بالصبر‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 263‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ع جديد مصدُره إبليس لعنه الله ‪ ،‬ولسان‬ ‫على الزوج وأتت بشر ٍ‬
‫حالها يقول ‪:‬‬
‫أيها الزوج ‪ :‬اعلم علم اليقين أنك إذا عاملتني كما أريد بدون‬
‫ة لك وإل ذهبت إلى غيرك‬ ‫ت مخلص ً‬ ‫تقويم ول تهذيب ول تأديب كن ُ‬
‫وكلمته بدون إذنك وتطلعت إليه وقبلت منه تخبيبا ً ‪ ،‬وكأن الصبر‬
‫زمام بل‬ ‫ة ال ِ‬ ‫على الزوج ليس شرعا ً ‪،‬لنها تريد أن تكون مفلوت َ‬
‫خطام ‪.‬‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫‪ ‬وكأنها قاتلها الله جعلت حفظها لنفسها عن الحرام مكافأ ً‬
‫لزوجها إذا عاملها كما تريد هي بتفكيرها المذموم وعقلها‬
‫المشئوم ‪ ،‬فهي ل تريد تقويما ً ول تفهيما ً ول تقبل تأديبا ً ول‬
‫خطام _ فإذا قسي عليها‬ ‫زمام بل ِ‬ ‫تهذيبا ‪ ،‬تريد أن تكون مفلوتة ال ِ‬
‫قبه أو تنتقم منه فتطعنه في‬ ‫أحيانا ً _ ذهبت إلى الحرام وكأنها ُتعا ِ‬
‫شَرفه ‪ ،‬وتناست هذه الشيطانة المريدة‬ ‫عْرضه و َ‬ ‫أعز ما يملك وهو ِ‬
‫مته أنها لم تنتقم‬ ‫ص َ‬
‫ع ْ‬ ‫عسة المحرومة من توفيق الله و ِ‬ ‫الشقية الت َ ِ‬
‫هِلك إل دينها ودنياها ‪،‬‬ ‫سدْ إل قلبها ولم ت ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫إل من نفسها ولم ت ُ ْ‬
‫وت نفسها بالعشيقة التي ل تريد إل كلما ً معسول ً‬ ‫فانظر كيف س ّ‬
‫لبة دون أدنى استعداد للصبر على الزوج ‪ ،‬وكأن الصبر‬ ‫أو أوقاتا ً خ َ‬
‫على الزوج الذي هو أعظم الناس حقا ً عليها ل يخطُر لها على بال‪،‬‬
‫فانظر إليها كيف جعلت زوجها ليس له وزنا ً بين الرجال وخفضت‬
‫مكانته بعد أن صانها ورفعها ‪،‬‬
‫‪‬ثم انظر إليها كيف أهدرت كرامة زوجها وصيرته ذليل ً بعد أن‬
‫أعزها ‪ ،‬وألصقت به ذُل ً ل يزال محفورا ً في ذاكرته حتى يموت ‪،‬‬
‫ئ مادام حيا‬ ‫وألهبت في صدره لهيبا ً ل ينطف ُ‬
‫س‬‫ق الرأ ِ‬ ‫ر ِ‬‫مطْ ِ‬ ‫ق عليه ُ‬ ‫مشف ٍ‬ ‫‪‬صّيرت منزلَته بين الناس ما بين ُ‬
‫ر‬
‫ث حقي ٍ‬ ‫ضه متهافت ‪ ،‬وثال ٍ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ض في ِ‬ ‫ز عليه للخو ِ‬ ‫صامت ‪ ،‬و متغام ٍ‬
‫عي لها المروءةَ لنه عن إخبار زوجها‬ ‫ع لئيم ي َدّ ِ‬ ‫مت ‪ ،‬وراب ٍ‬ ‫فيه متشا ِ‬
‫مقاِبل ‪ ،‬لنه لسكوته عن‬ ‫بفعلها ساكت ‪ ،‬ثم تراه يطلب منها ال ُ‬
‫ر إلى دمار ‪،‬‬ ‫ل من دما ٍ‬ ‫إخبار زوجها بفعلها قابل ‪ ،‬فصارت تنتق ُ‬
‫ر إلى شنار * وصار زوجها أشقى‬ ‫ي إلى عار ومن عا ٍ‬ ‫خز ٍ‬ ‫ومن ِ‬
‫سْر شوك َُته إل بها ‪ ،‬كسر الله ظهرها ‪،‬‬ ‫جرمها لنه لم ت ُك ْ َ‬ ‫الناس ب ِ ُ‬
‫ست َْرها ‪ ،‬وأخرجها من‬ ‫مر أعضاءها ‪ ،‬وهتك ِ‬ ‫وأعمى بصرها ‪ ،‬ود ّ‬
‫الدنيا كّلها ‪،‬‬
‫مها وخيانِتها‬ ‫مها ولؤ ِ‬ ‫فعلها ‪ ،‬وسحقا ً لها لشؤ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ً‬
‫‪ ‬فتعسا لها بشني ِ‬
‫ة لم تخش ربها ولم‬ ‫ة خسيس ٍ‬ ‫لزوجها ‪ ،‬وت َب ّا ً لها من امرأةً دنيئ ٍ‬
‫ة من فعلها ‪ ،‬واحتوتها‬ ‫ة زوجها * وتقشعُر الفضيل ُ‬ ‫غيب َ‬ ‫تحفظ َ‬
‫ة لقبحها ‪،‬‬ ‫الرزيل ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 264‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫خّلت‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫‪ ‬لم تمتثل للفضيلة طاعة ‪ ،‬ولها في الرزيلة باعا * * ل ّ‬
‫ة الرحمن وامتثال القرآن ‪ ،‬و لما جحدت معنى قوله‬ ‫عن خشي ِ‬
‫وك ََلها الملك الدّيان إلى‬ ‫ن إل الحسان ‪َ ،‬‬ ‫تعالى هل جزاءُ الحسا ِ‬
‫ة عند ربها‬ ‫العصيان والخذلن واستحواِذ الشيطان ‪ ،‬فصارت ممقوت ً‬
‫ل أركانها ‪،‬‬ ‫ش ّ‬ ‫دع بنيانها ‪ ،‬وأتلفها و َ‬ ‫ل زمان * قاتلها الله وص ّ‬ ‫في ك ِ‬
‫ن من كانت على شاك ِل َِتها ‪ ،‬لعن الله كل‬ ‫ن مثُلها ‪ ،‬ول ُُتصا ُ‬ ‫فل ُتؤتم ُ‬
‫مْرها في نفسها وتدخل معها قبرها وتهلكها عند‬ ‫ة ت ُدَ ِ‬ ‫خائنة لعن ً‬
‫عرضها على ربه ‪.‬‬
‫ة _ وإن لم‬ ‫ة جاد َ‬ ‫ة تربت في بيت أهلها تربي ً‬ ‫‪‬هل يخطُر ببال امرأ ٍ‬
‫تكن صالحة _ أن تتفق مع عدو زوجها علي زوجها لتقتله هما ً وغما ً‬
‫فضه ‪،‬‬ ‫ذله‪ ،‬أيرفعونه وتخ ِ‬ ‫مه ‪ ،‬أُيعزونه وت ُ ِ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫‪ ،‬أيحميه الناس وت ُ ْ‬
‫ي بالقار ‪ ،‬هل‬ ‫مطل ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ة وصغار كأنه ّ‬ ‫قدَْره وتجعله هي في ِذل ٍ‬ ‫أُيعلون َ‬
‫مث ُْلها ول‬ ‫ن ِ‬ ‫م ُ‬ ‫قَتنى ؟! ل والله بل هي امرأةٌ ل ُتؤت َ َ‬ ‫هذه امرأةٌ ت ُ ْ‬
‫ة بها ‪،‬‬ ‫ل لحظ ً‬ ‫ل البا ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫ش َ‬‫ن من كانت على شاك َِلتها ‪ ،‬بل ول ي ُ ْ‬ ‫ُتصا ُ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫على ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سَرا ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫وال ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ل الّزي ْ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫بأ ْ‬ ‫قلو ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫لا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫بأ ْ‬ ‫فقد لبست ث َِيا َ‬
‫ه ْ‬
‫ل‬ ‫ما أجحدها لقوله تعالى ) َ‬ ‫قي َ‬ ‫ها ْ َ‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫ن! َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ةا ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫عدَ ُ‬ ‫ما أب ْ َ‬ ‫ف َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ن( ‪ ،‬ولبئس ما اختارت لنفسها ِ‬ ‫سا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ن إ ِّل اْل ِ ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫جَزاء اْل ِ ْ‬ ‫َ‬
‫دع بنيانها وأتلفها‬ ‫ن ‪ ،‬قاتلها الله وص ّ‬ ‫سَرا ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫وال ُ‬‫ْ‬ ‫ي َ‬ ‫خْز ِ‬ ‫ْ‬
‫وال ِ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ْ‬
‫ال َ‬
‫ل أركانها ‪.‬‬ ‫وش ّ‬
‫‪‬الجناية الثالثة ‪:‬‬
‫أنها بعد أن أهدرت كرامة زوجها ولم تجعل له وزنا ً بين الرجال‬
‫وخفضت مكانته بعد أن صانها ورفعها ‪ ،‬و وأذلته بعد أن أعزها ‪،‬‬
‫وبعد أن صدر منها خائنة العين بامتداد عينها اللئيمة الخائنة‬
‫الثيمة إلى غير زوجها ‪ ،‬وحصل منها ذلك في شيء معلوم من‬
‫مه‬‫عل ِ‬ ‫علم ‪ ،‬ويستوي في ِ‬ ‫الدين بالضرورة فل يحتاج إلى زيادة ِ‬
‫رّية و البدوّية ‪ ،‬فهو‬ ‫ض ِ‬‫ح َ‬ ‫وّية ‪ ،‬وال َ‬ ‫دنّية و القَر ِ‬ ‫م َ‬ ‫مّية ‪ ،‬وال َ‬ ‫المتعلمة و ال ُ ِ‬
‫عرفان ‪،‬‬ ‫ج إلى برهان ول مزيد ِ‬ ‫ح البيان ول يحتا ُ‬ ‫أمٌر واض ُ‬
‫‪‬تراها بعد ذلك تخلع جريمتها لتلبسها لزوجها المكلوم وتقول‬
‫أنت الذي دفعتني إلى ذلك لنك أدبتني حين أطلت لساني عليك‬
‫وليس لك حق في القوامة أو التأديب ‪ ،‬فليتها أحسنت الظن بربها‬
‫كما أحسنت الظن بنفسها اللئيمة الخائنة الثيمة إذ لو الله من‬
‫قلبها خيرا ً لعصمها من الزلل ووفقها لصالح العمل والله تعالى‬
‫خْيرًا( ]النفال ‪[70 /‬‬ ‫م َ‬ ‫ؤت ِك ُ ْ‬‫خْيرا ً ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫في ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َم ِ الل ّ ُ‬ ‫يقول‪ِ) :‬إن ي َ ْ‬
‫ظها بحفظه وكان‬ ‫ف َ‬ ‫ولو أحبها الله تعالى لصاَنها بصيانِته وح َ‬
‫سبحانه سمعها الذي تسمع به ويدها التي تبطش بها ورجلها التي‬
‫تمشي بها مصداقا ً لقول النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪) :‬حديث أبي‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 265‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬قال الله تعالى من عاد لي وليا ً فقد آذنته‬
‫ء مما افترضته عليه ‪ ،‬وما‬ ‫ى عبدي بشي ٍ‬ ‫بالحرب ‪ ،‬وما تقرب إل ّ‬
‫ي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه‬ ‫يزال عبدي يتقرب إل ّ‬
‫الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله‬
‫الذي يمشي بها ‪ ،‬ولئن سألني لعطينه ولئن استعاذني لعيذّنه ‪،‬‬
‫ت عن شيءّ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره‬ ‫وما تردد ُ‬
‫الموت وأنا أكره مساءته ‪.‬‬
‫ب وبور وما فيه من‬ ‫طلع على قلبك ووجده خر ٌ‬ ‫ولكنه سبحانه لما ا ّ‬
‫ك الع ّ‬
‫لم ‪،‬‬ ‫ت من عين المل ِ‬ ‫قط ِ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ل إلى الحرام ِ‬ ‫مي ُ‬‫نور ‪ ،‬ورأى فيه ال َ‬
‫ة على هذا‬ ‫محال َ‬‫كل َ‬ ‫حاسب ِ‬ ‫ة للرزايا والثام ‪ ،‬ثم ي ُ َ‬ ‫ك فريس ً‬ ‫وترك َ ِ‬
‫ت‬
‫صْر ِ‬ ‫ك إلى نفسك لنك ِ‬ ‫كل ِ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬‫الجرام ‪ ،‬فسلب حفظه عنك َ‬
‫فساء( التي تدفع‬ ‫خن ْ ِ‬‫جعلن )ال ُ‬ ‫بسواد قلبك أهون على الله من ال ِ‬
‫غي ََتها إل في مواطن القذر والن ََتن ‪،‬‬ ‫بأنفها الن ََتن والتي ل تجد ب ُ ْ‬
‫جاها‬‫ولو علم الله تعالى من قلبها الصدق في النجاة من الزلل لن ّ‬
‫لم من‬ ‫ك الع ّ‬‫صمها المل ُ‬ ‫من الزلل ‪ ،‬ووفقها لصالح العمل ‪ ،‬وع َ‬
‫ر اليام فإن الصدق‬ ‫ر ومرو ِ‬ ‫الرزايا والثام على مدى انصرام ِ العم ِ‬
‫ً‬
‫منجاة وإن العبد إذا صدق مع الله تعالى صدقه الله مصداقا لقول‬
‫النبي ‪ r‬في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث شداد بن أوس في صحيح النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن‬
‫تصدق الله يصدقك ‪.‬‬
‫]*[ كان الحسن البصري إذا ذكر أهل المعاصي يقول ‪ :‬هانوا على‬
‫الله فعصوه ‪ ،‬ولو عزوا عليه لعصمهم ‪.‬‬
‫طلع الله تعالى على قلوبهم ووجد فيه صدق النية في‬ ‫‪‬فإذا ا ّ‬
‫عدم الوقوع في الفاحشة كتب الله تعالى لهم‬
‫م جنود ربك إل هو ‪ ،‬فل يتوهم إنسان أن‬ ‫النجاة ل محالة ‪ ،‬وما يعل ُ‬
‫م من عبده صدق النية في عدم الوقوع في الرذيلة‬ ‫الله تعالى يعل ُ‬
‫متعال ‪ ،‬بل هو‬ ‫محال عند ربنا الكبير ال ُ‬ ‫ثم يتركه يقع فيها ‪ ،‬هذا أمٌر ُ‬
‫ن في‬ ‫فوق ما يخطر ببال أو يدور في الخيال ‪ ،‬والله ما وقع إنسا ٌ‬
‫م رُبك‬ ‫ل إلى الحرام والعياذ بالله‪ ،‬ول يظل ُ‬ ‫مي ٌ‬‫الحرام إل كان عنده َ‬
‫أحدا ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬سوء عاقبة التخبيب‬


‫عس‬
‫خّبب الفاسد المروءة والضمير الشقي الت َ ِ‬
‫م َ‬
‫أل فليعلم هذا ال ُ‬
‫أنه صّير نفسه جندٌ من جنود إبليس ‪ ،‬فلقد زاد فساده واستشرى‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 266‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫غّيه وأصّر على باطله ‪ ،‬وأظهر العداوة وكشف فيها‬ ‫وتمادى في َ‬
‫سر ل ِث ََامه وكشف عن أنيابه يلتمس العثرات ويترقب‬ ‫ح َ‬ ‫قناعه و َ‬ ‫ِ‬
‫ض والسماوات ‪ ،‬فورب‬ ‫ب الر ِ‬ ‫الهفوات وتناسى مراقبة ر ِ‬
‫مصانع الذي‬ ‫مخادع ال ُ‬ ‫ض إنما توعدون لت ‪ ،‬هذا ال ُ‬ ‫السماوات والر ِ‬
‫م في العسل لنه أروغ من‬ ‫س الس ّ‬‫خاخ وي َدُ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ينصب المكائد وال ِ‬
‫سيلمة ‪ ،‬وهو كذلك أذل من‬ ‫م َ‬ ‫ثعلب وأحقدُ من جمل وأكذب من ُ‬
‫ق من‬ ‫ر أهله ‪ ،‬وهو كذلك أع ّ‬ ‫حما ِ‬ ‫ل من ِ‬ ‫هانة وأض ُ‬ ‫م َ‬‫ن من ال َ‬ ‫نعل وأهو ُ‬
‫ضب وأضّر من الجرب وأشُر من البرص ‪ ،‬هذا العتي الغوي الظالم‬ ‫َ‬
‫الغاشم المتغطرس ‪ ،‬بظلمه وبطشه أورد نفسه المهالك وحملها‬
‫ده‬ ‫ص ّ‬ ‫كبا ً ف َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ر الموبقة ‪ ،‬استحوذ عليه الشيطان واتخذه َ‬ ‫على المو ِ‬
‫ده‬‫طه في الغرور وزين له سوء عمله فص ّ‬ ‫عن النابة وأملى له فوَر ّ‬
‫عن سواء السبيل ‪،‬‬
‫خـــــه‬ ‫فَرا ِ‬ ‫صــار من أ ْ‬ ‫قـدْ َ‬ ‫فخـاخــه بل َ‬ ‫س في ِ‬ ‫صــادَهُ إبليـ ُ‬ ‫قد َ‬
‫مهالك‬ ‫وأورد نفســــــــه في ال َ‬ ‫عري من أبـاح ذلك‬ ‫شـــــ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫فليـ َ‬
‫ل أركانه ‪ ،‬كسر الله ظهره‬ ‫دع بنيانه ‪ ،‬وأتلفه وش ّ‬ ‫قاتله الله وص ّ‬
‫فه كله ‪ ،‬اللهم العنه‬ ‫َ‬ ‫مر أعضائه وهتك ستره وأتل َ‬ ‫وأعمى بصره ود ّ‬
‫ضه‬ ‫عْر ِ‬ ‫كه يوم َ‬ ‫هل ْ‬
‫وت ُ ْ‬‫ه َ‬ ‫ل معه في قبر ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ه وت َدْ ُ‬‫مْره في نفس ِ‬ ‫ة ت ُدَ ِ‬‫لعن ً‬
‫على ربه ‪ ،‬اللهم اجعل الدائرةَ عليه وأصْبه بنفسه وأهله ودمْره‬
‫تدميرا ‪ ،‬اللهم أنزل عليه بأسك الذي ل ي َُرد عن القوم ِ المجرمين ‪،‬‬
‫رَز إبره ‪ ،‬حتى يكون عبرةً لمن يعتبر لئل‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م الله فيه َ‬ ‫ح َ‬‫ل َر ِ‬
‫عله‬‫ف ْ‬ ‫ن بِ ِ‬‫ضال بين المسلمين ‪ ،‬ولئل يستهي ُ‬ ‫ع َ‬
‫ض ال ِ‬‫يستشرى هذا المر ِ‬
‫شين ‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫وَلت له نفسه أن يفعل هذا الفعل ال َ‬ ‫س ّ‬‫من ِ‬
‫مهين علم اليقين أنه سيرى عاقبة‬ ‫]*[ و ليعلم هذا الشقي ال َ‬
‫ظلمه وبغيه في الدنيا قبل الخرة ل محالة مصداقا ً لقول النبي ‪r‬‬
‫في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬بابان معجلن‬
‫عقوبتهما في الدنيا ‪ :‬البغي و العقوق ‪‌ .‬‬
‫الشاهد ‪:‬‬
‫قوله ‪ ) r‬بابان معجلن عقوبتهما في الدنيا ( أي قبل موت‬
‫فاعليها‬
‫م أفحش من‬ ‫) البغي ( أي مجاوزة الحد والظلم وليس هناك ظل ٌ‬
‫خياتة‬
‫ضاّر‬ ‫]*[ وليضع نصب عينيه أن الجزاء من جنس العمل وأنه من َ‬
‫أضَر الله به‪.‬‬
‫ة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪r‬‬ ‫م َ‬‫صْر َ‬ ‫)حديث أبي ِ‬
‫ضاّر أضَر الله به و من شاقّ شاقّ الله عليه ‪‌ .‬‬ ‫قال ‪ :‬من َ‬
‫) من ضاّر ( بشد الراء أي أوصل ضررا ً إلى مسلم بغير حق‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 267‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)أضَر الله به الّله به ( أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في‬
‫العقبى‬
‫) ومن شاق ( بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو‬
‫غيرها‬
‫) شق الّله عليه ( أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على‬
‫فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة عليه‬
‫نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته ‪.‬‬
‫)حديث جابر في صحيح أبي داود( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ما من امرئ‬
‫ك فيه‬ ‫ه ُ‬
‫ه و ي ُن ْت َ َ‬
‫ض ِ‬‫عْر ِ‬
‫ص فيه من ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ذل امرءا ً مسلما في موطن ي ُن ْت َ َ‬ ‫يخ ُ‬
‫صرِته و ما‬ ‫ب فيه ن ُ ْ‬‫ح ُ‬
‫ن يُ ِ‬
‫وط ِ ٍ‬ ‫خذََله الله تعالى في َ‬
‫م ْ‬ ‫ه إل َ‬
‫مت ِ ِ‬
‫حْر َ‬‫من ُ‬
‫من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك‬
‫فيه من حرمته إل نصره الله في موطن يحب فيه نصرته ‪‌ .‬‬
‫)ما من امرئ يخذل ( بذال معجمة مضمومة قال تعالى } وإن‬
‫يخذلكم {‬
‫) امرءا ً مسلما ً ( أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ول ينصره‬
‫) في موضع ينتقص فيه من عرضه ( بكسر العين ) وينتهك‬
‫فيه من حرمته ( بأن يتكلم فيه بما ل يحل والحرمة هنا ما ل يحل‬
‫انتهاكه قال الجوهري ‪ :‬انتهك عرضه بالغ في شتمه ) إل خذله‬
‫الّله في موطن يحب فيه نصرته ( أي في موضع يكون فيه أحوج‬
‫لنصرته وهو يوم القيامة فخذلن المؤمن حرام شديد التحريم‬
‫دنيويا ً كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فل يدفعه‬
‫أو أخرويا ً كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك‬
‫) وما من أحد ينصر مسلما ً في موطن ينتقص فيه من عرضه‬
‫وينتهك فيه من حرمته إل نصره الّله في موطن يحب فيه نصرته‬
‫( وهو يوم القيامة ‪.‬‬
‫) حديث المستورد رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داوود ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬من أكل برجل مسلم أكله فإن الله يطعمه مثلها من‬
‫جهنم ومن كسي ثوبا برجل مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم‬
‫ومن قام برجل مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم به مقام سمعة‬
‫ورياء يوم القيامة ‪.‬‬

‫وهآنذا أسوق لك قصصا ً تبين سوء عاقبة التخبيب لعلها تجد لك‬
‫في سمعك مسمعا ً وفي قلبك موقعا ً عسى الله أن ينفعك بها‬
‫ويفقك إلى تنفيذها ‪:‬‬
‫مسحاة ‪‬‬ ‫‪ ‬قصة صاحب ال ِ‬
‫عن عطاء بن السائب عن ميسرة قال كان رجل من بني إسرائيل‬
‫من عباد بني إسرائيل يعمل بالمسحاة وكانت له امرأة من أجمل‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 268‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نساء بني إسرائيل فبلغ جبارا من جبابرة بني إسرائيل جمالها‬
‫فأرسل إليها عجوزا فقال خببيها عليه وقولي لها ترضين أن‬
‫تكوني عند مثل هذا الذي يعمل بالمسحاة ولو كنت عندي لحليتك‬
‫بالذهب وكسوتك بالحرير وأخدمتك الخدم يعني فقالت لها‬
‫وكانت تقرب إليه فطره وتفرش له فراشا فلم تفعل وتغيرت‬
‫عليه فقال يا هنتاه ما هذا الخلق الذي ل اعرفه قالت هو ما ترى‬
‫قال فطلقها فتزوجها جبار بني إسرائيل فلما دخلت عليه وأرخيت‬
‫الستور عمي وعميت فأهوى بيده ليلمسها فجفت يده وأهوت‬
‫بيدها تلمسه فجفت يدها وصما وخرسا ونزعت منهما الشهوة‬
‫فلما أصبحا رفعت الستور فإذا هم صم عمي خرس فرفع خبرهما‬
‫إلى نبي بني إسرائيل فرفع خبرهما إلى الله تعالى فقال إني‬
‫لست أغفر لهما أبدا ظنا أن ليس بعيني ما عمل بصاحب‬
‫المسحاة ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫‪ ‬قصة أبو مسلم الخولني ‪‬‬
‫كان أبو مسلم الخولني إذا انصرف من المسجد إلى منزله كبر‬
‫على باب منزله فتكبر امرأته فإذا كان في صحن داره كبر فتجيبه‬
‫امرأته فإذا بلغ باب بيته كبر فتجيبه امرأته فانصرف ذات ليلة فكبر‬
‫عند باب داره فلم يجبه أحد فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه‬
‫أحد فلما كان في باب بيته كبر فلم يجبه أحد وكان إذا دخل بيته‬
‫أخذت امرأته رداءه ونعليه ثم أتته بطعامه‬
‫قال فدخل فإذا البيت ليس فيه سراج وإذا امرأته جالسة في‬
‫البيت منكسة تنكت بعود معها‬
‫فقال لها مالك فقالت أنت لك منزلة من معاوية وليس لنا خادم‬
‫فلو سألته فأخدمنا وأعطاك فقال اللهم من أفسد علي امرأتي‬
‫فاعم بصره ‪ ،‬قال وقد جاءتها امرأة قبل ذلك فقالت زوجك له‬
‫منزلة من معاوية فلو قلت له يسأل معاوية يخدمه ويعطيه عشتم‬
‫قال فبينا تلك المرأة جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها فقالت ما‬
‫لسراجكم طفئ قالوا ل فعرفت ذنبها فأقبلت إلى أبي مسلم‬
‫تبكي تسأله أن يدعو الله عز و جل لها يرد عليها بصرها‬
‫قال فرحمها أبو مسلم فدعا الله عز و جل لها فرد عليها بصرها ‪.‬‬

‫]*[ ‪‬فتنة النساء وكيفية النجاة منها‬

‫فتنة النساء ‪:‬‬


‫لقد أشار القرآن الكريم إلى خطر الفتتان بالمرأة فقال سبحانه‪:‬‬
‫ر‬
‫طي ِ‬ ‫و ٱل ْ َ‬
‫قن َ ٰـ ِ‬ ‫و ٱل ْب َِني َ‬
‫ن َ‬ ‫ساء َ‬
‫ن ٱلن ّ َ‬
‫م َ‬
‫ت ِ‬
‫ه ٰو ِ‬ ‫ب ٱل ّ‬
‫ش َ‬ ‫ح ّ‬‫س ُ‬
‫ن ِللّنا ِ‬
‫ُزي ّ َ‬

‫‪‬‬
‫ت‬ ‫‪ « 269‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ع ٰـم ِ‬
‫و ٱلن ْ َ‬ ‫ة َ‬‫م ِ‬
‫و َ‬
‫س ّ‬ ‫ل ٱل ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫و ٱل ْ َ‬
‫ة َ‬ ‫ض ِ‬ ‫و ٱل ْ ِ‬
‫ف ّ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ٱلذّ َ‬ ‫م َ‬‫ة ِ‬ ‫قنطََر ِ‬ ‫ٱل ْ ُ‬
‫م َ‬
‫عنده حسن ٱل ْ َ‬
‫ب ]آل‬ ‫مأ ِ‬ ‫َ‬ ‫ه ِ َ ُ ُ ْ ُ‬ ‫و ٱلل ّ ُ‬ ‫ة ٱلدّن َْيا َ‬ ‫حي َ ٰو ِ‬‫ع ٱل ْ َ‬ ‫مت َ ٰـ ُ‬
‫ك َ‬ ‫ث ٰذل ِ َ‬‫حْر ِ‬‫و ٱل ْ َ‬
‫َ‬
‫عمران‪،[14:‬‬
‫‪ ‬فقدم سبحانه النساء لن أكثر الرجال إنما دخل عليهم الخلل‬
‫من قبل هذه الشهوة‪ ،‬فمن المعلوم ِ شرعا ً أن فتنة النساء التي‬
‫هي أضّر فتنة على الرجال بنص السنة الثابت الصحيحة ‪،‬‬
‫ويؤكد هذا المعنى قوله ‪ r‬ناصحا ً ومحذرا ً في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ما تركت‬
‫بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ‪.‬‬
‫) ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ( لن المرأة‬
‫ل تأمر زوجها إل بشر ول تحثه إل على شر وأقل فسادها أن‬
‫ترغبه في الدنيا ليتهالك فيها وأي فساد أضر من هذا مع ما هنالك‬
‫من مظنة الميل بالعشق وغير ذلك من فتن وبليا ومحن يضيق‬
‫عنها نطاق الحصر ‪ ،‬قال الحبر رضي الّله عنه ‪ :‬لم يكفر من‬
‫كفر ممن مضى إل من قبل النساء وكفر من بقي من قبل النساء‬
‫‪ ،‬وأرسل بعض الخلفاء إلى الفقهاء بجوائز فقبلوها وردها‬
‫الفضيل فقالت له امرأته ‪ :‬ترد عشرة آلف وما عندنا قوت‬
‫يومنا؟ فقال ‪ :‬مثلي ومثلكم كقوم لهم بقرة يحرثون عليها فلما‬
‫هرمت ذبحوها وكذا أنتم أردتم ذبحي على كبر سني موتوا جوعا ً‬
‫قبل أن تذبحوا فضيل ً ‪ ،‬وكان سعيد بن المسيب يقول وقد أتت‬
‫عليه ثمانون سنة منها خمسون يصلي فيها الصبح بوضوء العشاء‬
‫ي من‬ ‫وهو قائم على قدميه يصلي ‪ :‬ما شيء أخوف عندي عل ّ‬
‫النساء ‪ ،‬وقيل ‪ :‬إن إبليس لما خلقت المرأة قال ‪ :‬أنت نصف‬
‫جندي وأنت موضع سري وأنت سهمي الذي أرمي بك فل أخطئ‬
‫أبدا ً ‪ ،‬وقال في الحديث بعدي لن كونهن فتنة صار بعده أظهر‬
‫وأشهر ‪‌ .‬‬
‫) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف‬
‫تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل‬
‫كانت في النساء‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن المرأة تقبل في صورة شيطان‬
‫وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن‬
‫ذلك يرد ما في نفسه‪.‬‬
‫) إن المرأة تقبل في صورة شيطان ( أي في صفته شبه‬
‫المرأة الجميلة بالشيطان في صفة الوسوسة والضلل يعني أن‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 270‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫رؤيتها تثير الشهوة وتقيم الهمة ‪ ،‬فالمراد أنها تشبه الشيطان‬
‫في دعائه إلى الشر ووسوسته وتزيينه قال الطيبي ‪ :‬جعل‬
‫صورة الشيطان ظرفا ً لقبالها مبالغة على سبيل التجريد لن‬
‫إقبالها داع للنسان إلى استراق النظر إليها كالشيطان الداعي‬
‫للشر ) وتدبر في صورة شيطان ( لن الطرف رائد القلب‬
‫فيتعلق بها عند الدبار أيضا ً بتأمل الخصر والردف وما هنالك خص‬
‫إقبالها وإدبارها مع كون رؤيتها من جميع جهاتها داعية إلى‬
‫الفساد لن الضلل فيهما أكثر وقدم القبال لكونه أشد فسادا ً‬
‫لحصول المواجهة به‬
‫) فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته ( أي استحسنها لن غاية‬
‫رؤية المتعجب منه استحسانه ) فليأت أهله ( أي فليجامع‬
‫حليلته‬
‫) فإن ذلك ( أي جماعها‬
‫) يردّ ما في نفسه ( أرشدهم إلى أن أحدهم إذا تحركت شهوته‬
‫واقع حليلته تسكينا ً لها وجمعا ً لقلبه ودفعا ً لوسوسة اللعين وهذا‬
‫من الطب النبوي المبارك ‪.‬‬
‫]*[ فالنساء حبائل الشيطان وما خل رجل بامرأة ِإل وثالثهما‬
‫الشيطان وأنهن من أضر ما على الرجل وأن لذة الرجل عندهن‬
‫ك أحد ِإل معتوه أو نحوه فإذا رأت‬ ‫ولذاتهن عنده ل يخالف في ذَل ِ َ‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫ك فما موقف َ‬ ‫المرأة شاًبا ول ثالث لهما فل يبعد أن تدعوه لذَل ِ َ‬
‫ذي يعلم خائنة العين وما‬ ‫المغفل أمام بديع السماوات والرض ال ّ ِ‬
‫تخفي الصدور ‪.‬‬
‫ذا الجاهل أنه ل يدور في خلده أن امرأته تقدم على‬ ‫ه َ‬‫ولعل جواب َ‬
‫ذا لنها معصومة قولوا له أما سمعت بقصة امرأة العزيز‬ ‫ه َ‬
‫مثل َ‬
‫حذرك وتعلم أنه ل يسلم من فتنهن ِإل عباد الله‬ ‫اقرأها لعلك تأخذ ِ‬
‫المخلصين ‪.‬‬
‫صة لعلك تفهم أن الله جل وعل لم يذكرها في‬ ‫ق ّ‬ ‫قولوا له تأمل ال ْ ِ‬
‫جال علي نسائهم من‬ ‫القرآن ِإل ليعتبر أولو البصار فيحترس الّر َ‬
‫الخدم ونحوهم ‪.‬‬
‫ن يوسف‬ ‫ظيم في مصر و َ‬
‫كا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ت ذات مركز َ‬ ‫إن امرأة العزيز كان َ ْ‬
‫ك لم تسأل عن‬ ‫ع ذَل ِ َ‬ ‫م َ‬‫سلم في بيتها كخادم لها و َ‬ ‫صلة وال ّ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫سا‬
‫شرفها وكرامتها ول شرف زوجها بل داستهما بنعل الشهوة دو ً‬
‫ل ما تستطيع من قوة وحيلة لخضاع‬ ‫ولم تتوقف في بذل ك ُ ّ‬
‫سوء‬‫ه ال ّ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫سلم ولول أن الله عصمه وصرف َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫يوسف َ‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬
‫ف َ‬‫ر َ‬‫ص ِ‬‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫والفحشاء لوصلت إلى ما تريد قال تعالى‪) :‬ك َذَل ِ َ‬
‫ن( ] يوسف ‪[24 /‬‬ ‫صي َ‬ ‫خل َ ِ‬
‫م ْ‬‫عَباِدَنا ال ْ ُ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫شآءَ إ ِن ّ ُ‬ ‫ح َ‬
‫ف ْ‬‫وال ْ َ‬ ‫وء َ َ‬
‫س َ‬‫ال ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 271‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ :‬الفتتان بالنساء له ركنان متلزمان أحدهما من المرأة‬ ‫‪‬تنبيه‬
‫ولبد أن تكون هي البادئة والثاني من الرجل ‪.‬‬
‫]*[ فأما الركن الذي من المرأة ‪ :‬فهي أن تخضع بالقول _‬
‫والعياذ بالله _‬
‫والخضوع بالقول هو أن تلين الكلم وترقق الكلم مع الرجال‬
‫الجانب ‪) ،‬والمرأة إذا ألنت الجانب اقترب منها الجانب ‪ ،‬ول‬
‫أظهروا لها المخالب ( ) ولو كانت غير ذلك ما كانت مطمعا ً لك ِ‬
‫ل‬
‫هالك (‬
‫]*[ وأما الركن الذي من الرجل ‪ :‬أن يكون الرجل مريض القلب _‬
‫ف للفجور ‪ _ ،‬والعياذ‬ ‫والعياذ بالله _ ومرض القلب هنا هو التشو ُ‬
‫فت على‬ ‫ها َ‬ ‫بالله تعالى من ذلك _ ‪ ،‬فلو كان الرجل تقيا ً نقيا لما ت َ َ‬
‫ً‬
‫ة في الدين لصان‬ ‫كل من ظهر منها اللين ‪ ،‬فلو كان عنده صلب ٌ‬
‫شين ‪،‬‬ ‫م ِ‬ ‫ل َ‬ ‫أعراض المسلمين ‪ ،‬ونأى بنفسه عن أي فع ٍ‬
‫والجدير بالذكر أن هذين الركنين مجتمعين في قوله تعالى من‬
‫ض‬
‫مَر ٌ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫في َطْ َ‬
‫م َ‬ ‫ل َ‬
‫و ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ع َ‬‫ض ْ‬‫خ َ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫سورة الحزاب‪َ ) :‬‬
‫عُروفًا(‬ ‫م ْ‬‫ول ً ّ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫قل ْ َ‬
‫و ُ‬
‫َ‬
‫] الحزاب ‪[32 /‬‬
‫ض( ‪ :‬أي مرض الشهوة ‪.‬‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬‫قل ْب ِ ِ‬‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬
‫م َ‬‫في َطْ َ‬‫‪َ )‬‬
‫‪‬وسائل حماية المجتمع من خطر هذه الفتنة‪: ‬‬
‫ق منافذ الفتنة وسدّ الذرائع التي توصل إلى‬ ‫‪‬جاء الشرع بغل ِ‬
‫الفساد مهما كان مصدرها أو حجمها ‪ ،‬وحفلت الشريعة السلمية‬
‫بالعديد من وسائل حماية المجتمع من خطر هذه الفتنة‪ ،‬تمنع‬
‫وقوعها‪ ،‬وتسد المنافذ الموصلة إليها‪ ،‬متى ما رعاها المجتمع‬
‫المسلم بقي محافظا ً على نظافته الخلقية وطهارته الحسية‬
‫والمعنوية فعليه أن يتبعها وأل يتساهل في أي خطوة لنها ستجر‬
‫عوا ْ‬ ‫َ‬
‫مُنوا ْ ل َ ت َت ّب ِ ُ‬ ‫ن ءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ٱل ّ ِ‬ ‫الخطوة التي بعدها كما قال تعالى ‪ٰ ) :‬يأي ّ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫مُر‬
‫ه ي َأ ُ‬ ‫ن َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫شي ْط ٰـ ِ‬ ‫ت ٱل ّ‬‫خطُ ٰو ِ‬
‫ع ُ‬
‫من ي َت ّب ِ ْ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫َ‬
‫شي ْط ٰـ ِ‬‫ت ٱل ّ‬ ‫خ ط ُ ٰو ِ‬
‫ُ‬
‫ر(‬ ‫و ٱل ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬ ‫شاء َ‬‫ح َ‬ ‫ب ِ ٱل ْ َ‬
‫ف ْ‬
‫]النور‪[21:‬‬
‫ة وتفصيل ‪:‬‬ ‫‪‬وإليه وسائل الحماية من فتنة النساء جمل ً‬
‫ة‪:‬‬
‫وسائل الحماية من فتنة النساء جمل ً‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)أو ً‬
‫ل( شرع الله تعالى الحجاب ونهى عن التبرج والسفور ‪:‬‬
‫)ثانيًا( جعل قرار المرأة في بيتها هو الصل ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 272‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)ثالثًا( أمر الله تعالى بالستئذان على النساء وب َّين أن الستئذان‬
‫من أجل البصر ‪:‬‬
‫)رابعًا( النهى عن إطلق البصر في المحرمات‪ ،‬والمر بغض‬
‫البصر‪:‬‬
‫)خامسًا( نهى عن الخلوة بالمرأة الجنبية ‪:‬‬
‫)سادسًا( نهى عن سفر المرأة لوحدها بل محرم ‪:‬‬
‫)سابعا ً ( عدم اختلط المرأة بالرجال ‪:‬‬
‫)ثامنًا( ل ُتكّلم النساء إل بإذن أزواجهن ‪:‬‬
‫)تاسعًا( النهي عن مصافحة النساء ‪:‬‬
‫)عاشرًا( نهى المرأة عن الخروج من منزلها متعطرة ‪:‬‬
‫)الحادي عشر( نهي المرأة عن الخضوع في القول في مخاطبة‬
‫الرجال الجانب‪:‬‬
‫وسائل الحماية من فتنة النساء تفصيل ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫ل( شرع الله تعالى الحجاب ونهى عن التبرج والسفور ‪:‬‬ ‫)أو ً‬
‫) حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي داوود ( ‪:‬أن‬
‫أسماء بنت أبي بكر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وقال يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها‬
‫إل هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه ‪.‬‬
‫ور الله‬ ‫ل من ن ّ‬ ‫ة الحجاب على نساء المؤمنين أمٌر يعلمه ك ّ‬ ‫ضي ّ ُ‬
‫فْر ِِ‬‫‪‬و َ‬
‫بصيرته وأراد هدايته ‪ ،‬بأدلة ظاهرة الدللة من الوحيين الشريفين‬
‫الكتاب والسنة الصحيحة‪ ،‬وبدللة القياس الصحيح‪ ،‬والعتبار‬
‫الرجيح للقواعد الشرعية العامة‪ ،‬ولذا جرى على موجبه عمل نساء‬
‫المؤمنين من عصر النبي ‪ r‬إلى يومنا هذا في جزيرة العرب‬
‫وغيرها من بلد المسلمين ‪،‬‬
‫ه تعالى نساء المؤمنين بفرض الحجاب عليهن‪،‬‬ ‫ولقد تعّبد الل ُ‬
‫الساتر لجميع أبدانهن وزينتهن‪ ،‬أمام الرجال الجانب عنهن‪ ،‬تعبدا ً‬
‫يثاب على فعله ويعاقب على تركه‪ ،‬ولهذا كان هتكه من الكبائر‬
‫مد إبداء‬ ‫الموبقات‪ ،‬ويجر إلى الوقوع في كبائر أخرى‪ ،‬مثل‪ :‬تع ّ‬
‫مد إبداء شيء من الزينة المكتسبة‪،‬‬ ‫شيء من البدن‪ ،‬وتع ّ‬
‫والختلط‪ ،‬وفتنة الخرين‪ ،‬إلى غير ذلك من آفات هتك الحجاب ‪.‬‬
‫فعلى نساء المؤمنين الستجابة إلى اللتزام بما افترضه الله‬
‫ة لله تعالى‪،‬‬ ‫عليهن من الحجاب والستر والعفة والحياء طاع ً‬
‫ة‬
‫ن ول مؤمن ٍ‬ ‫ن لمؤم ٍ‬ ‫وطاعة لرسوله ‪ ،r‬قال الله عز شأنه‪َ :‬‬
‫وما كا َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 273‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫م ومن‬ ‫ه أمرا ً أن ّيـكون لهم الخيَرةُ من أمره ْ‬
‫ضى الله ورسول ُ ُ‬ ‫إذا ق َ‬
‫ل ضلل ً مبينا ً‪] ‬الحزاب‪. [36 :‬‬
‫ص الله ورسوله فقدْ ض ّ‬ ‫ّيـع ِ‬
‫س نساءهم طائف من السفور أو‬ ‫‪‬ويجب على المؤمنين الذي م ّ‬
‫الحسور أو التكشف أن يتقوا الله ‪ ،‬فيحجبوا نساءهم بما أمر الله‬
‫به بالجلباب –العباءة‪ -‬والخمار‪ ،‬وأن يأخذوا بالسباب اللزمة‬
‫ن وتثبيتهن عليه‪ ،‬لما أوجبه الله على أوليائهن من القيام‬ ‫لطره ّ‬
‫الذي أساسه‪ :‬الغيرة السلمية‪ ،‬والحمّية الدينية‪ ،‬ويجب على نساء‬
‫المؤمنين الستجابة للحجاب –العباءة‪ -‬والخمار‪ ،‬طواعية لله‬
‫ولرسوله ‪ r‬وتأسيا ً بأمهات المؤمنين ونسائه‪ ،‬والله ولي الصالحين‬
‫من عباده وإمائه ‪.‬‬
‫‪‬وإليك بعض فضائل الحجاب الشرعي ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـ‬
‫ة لله تعالى ولرسوله ‪ ، r‬وقد أوجب الله تعالى‬ ‫)‪ (1‬الحجاب طاع ٌ‬
‫طاعته وطاعة رسوله ‪: r‬‬
‫مرا ً‬ ‫َ‬
‫هأ ْ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ضى الل ّ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬ ‫من َ ٍ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َأن ي َ ُ‬
‫ض ّ‬
‫ل‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ص الل َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرةُ ِ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كو َ‬
‫مِبينًا( ]سورة‪ :‬الحزاب ‪ -‬الية‪[36 :‬‬ ‫ضل َل ً ّ‬ ‫َ‬
‫ضى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬ ‫من َ ٍ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬
‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫الشاهد قوله تعالى ] َ‬
‫م[‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مرا ً َأن ي َ ُ‬ ‫ورسول ُ َ‬
‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرةُ ِ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫نل ُ‬ ‫كو َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫فأعلم الله تعالى أنه ل اختيار على ما قضاه الله ورسوله ‪.‬‬
‫ت‬
‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قل ل ّل ْ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫وقد أمر الله تعالى بالحجاب فقال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ول َ ي ُب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فظ ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن إ ِل ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ن‬‫دي َ‬ ‫ول َ ي ُب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُيوب ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫َ‬ ‫عل َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ض‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫هَر ِ‬ ‫ظَ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫و‬
‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ء بُ ُ َ‬
‫عولت ِ ِ‬ ‫و أ َب َْنآ ِ‬ ‫نأ ْ‬
‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫و أ َب َْنآئ ِ‬ ‫نأ ْ‬
‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫عول َت ِ‬ ‫ء بُ ُ‬ ‫و آَبآ ِ‬ ‫نأ ْ‬
‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫و آَبآئ ِ‬ ‫نأ ْ‬
‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫عول َت ِ‬ ‫ل ِب ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ملك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫سآ َئ ِ ِ‬ ‫و نِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وات ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫و ب َِني أ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وان ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ي إِ ْ‬ ‫و ب َن ِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وان ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫و الطّ ْ‬ ‫لأ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫وِلي ال ِْرب َ ِ‬ ‫رأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫غي ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عي َ‬ ‫و الّتاب ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫نأ‬ ‫ه ّ‬ ‫مان ُ ُ‬ ‫أي ْ َ‬
‫َ‬
‫ما‬‫م َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن ل ِي ُ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫ن ب ِأْر ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬
‫ض‬ ‫ء َ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ت الن ّ َ‬ ‫وَرا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫عل َ‬‫هُروا ْ َ‬ ‫م ي َظْ َ‬ ‫لَ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ال ْ ُ‬ ‫ميعا ً أي ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وا ْ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫وُتوب ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت ِ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ن( ]النور ‪[31 /‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫ن[‬ ‫ه ّ‬ ‫جُيوب ِ ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫الشاهد قوله تعالى ] َ‬
‫)وليضربن بخمرهن على جيوبهن( أي يسترن الرؤوس والعناق‬
‫مر جمع خمار‪ ،‬وهو ما تغطي به المرأة‬ ‫خ ُ‬ ‫والصدور بالمقانع ‪ ،‬وال ُ‬
‫رأسها‪ ،‬ومنه اختمرت المرأة ‪ ،‬والجيوب‪ :‬جمع جيب‪ ،‬وهو موضع‬
‫القطع من الدرع والقميص‪،‬‬
‫قال المفسرون‪ :‬إن نساء الجاهلية كن يسدلن خمرهن من‬
‫خلفهن‪ ،‬وكانت جيوبهن من قدام واسعة‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 274‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ء ال ْ ُ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫قل لْز َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ها الن ّب ِ‬ ‫وقال تعالى‪) :‬ي َأي ّ َ‬
‫و َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ى أن ي ُ ْ‬ ‫ك أدْن َ َ‬ ‫َ ِ ِ ِ ّ‬ ‫ن َ ْ ِ ّ ِ‬ ‫ي ُدِْني َ‬
‫حيمًا( ]سورة‪ :‬الحزاب ‪ -‬الية‪[59 :‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫)يا أيها النبي قل لزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن‬
‫من جلبيبهن( يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم‬
‫تسليما أن يأمر النساء المؤمنات المسلمات ‪ -‬خاصة أزواجه وبناته‬
‫لشرفهن ‪ -‬بأن يدنين عليهم من جلبيبهن ليتميزن عن سمات‬
‫نساء الجاهلية وسمات الماء والجلباب هو الملءة التي تشتمل بها‬
‫المرأة أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إل عينا‬
‫واحدة )ذلك أدنى( أقرب إلى )أن يعرفن( بأنهن حرائر )فل يؤذين(‬
‫بالتعرض لهن بخلف الماء فل يغطين وجوههن فكان المنافقون‬
‫يتعرضون لهن )وكان الله غفورا( لما سلف منهن لترك الستر‬
‫)رحيما( بهن إذ سترهن‬
‫)‪ (2‬الحجاب إيمان ‪:‬‬
‫قل‬ ‫و ُ‬ ‫لن الله تعالى لم يخاطب به إل المؤمنات لقوله تعالى ) َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫ول َ ي ُب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فظ ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫ت يَ ْ‬‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ّل ْ ُ‬
‫ن( ]سورة‪:‬‬ ‫ه ّ‬ ‫جُيوب ِ ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ض ِ‬‫ول ْي َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬‫هَر ِ‬ ‫ما ظَ َ‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ِ‬
‫النور ‪ -‬الية‪[31 :‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ء ال ْ ُ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫قل لْز َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ها الن ّب ِ‬ ‫وقال تعالى‪) :‬ي َأي ّ َ‬
‫و َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ى أن ي ُ ْ‬ ‫ك أدْن َ َ‬ ‫َ ِ ِ ِ ّ‬ ‫ن َ ْ ِ ّ ِ‬ ‫ي ُدِْني َ‬
‫حيما ً( ]سورة‪ :‬الحزاب ‪ -‬الية‪[59 :‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫)‪ (3‬الحجاب طهارة ‪:‬‬
‫سأُلو ُ‬ ‫َ‬ ‫مَتاعا ً َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫جا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ء ِ‬ ‫وَرآ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ذَل ِك ُ َ‬
‫ن ( ]سورة‪ :‬الحزاب ‪ -‬الية‪[53 :‬‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫قُلوب ِ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫هُر ل ِ ُ‬‫م أطْ َ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫هُر ل ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن ( ] الحزاب ‪/‬‬ ‫ه ّ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫قلوب ِك ْ‬ ‫م أط َ‬ ‫الشاهد قوله تعالى ‪) :‬ذَل ِك ْ‬
‫‪[53‬‬
‫فبين الله تعالى أن الحجاب طهارةٌ لقلوب المؤمنين والمؤمنات ‪.‬‬
‫و آية الحجاب هذه مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي‬
‫الله عنه كما‪‬ثبت ذلك في الصحيحين عنه أنه قال وافق ربي عز‬
‫وجل في ثلت قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم‬
‫مصلى فأنزل الله تعالى "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي "وقلت‬
‫يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو حجبتهن‬
‫فأنزل الله آية الحجاب وقلت لزواج النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لما تمالن عليه في الغيرة "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا‬
‫خيرا منكن "فنزلت كذلك ‪.‬‬
‫)‪ (4‬الحجاب عفة ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 275‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ء ال ْ ُ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫وب ََنات ِ َ‬‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫قل لْز َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ها الن ّب ِ‬ ‫لقوله تعالى ي َأي ّ َ‬
‫و َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ى أن ي ُ ْ‬ ‫ك أدْن َ َ‬ ‫َ ِ ِ ِ ّ‬ ‫ن َ ْ ِ ّ ِ‬ ‫ي ُدِْني َ‬
‫حيمًا( ]سورة‪ :‬الحزاب ‪ -‬الية‪[59 :‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫ه َ‬
‫غ ُ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الشاهد قوله تعالى ‪) :‬ذَل ِ َ‬
‫ن( أي ذلك‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ى أن ي ُ ْ‬ ‫ك أدْن َ َ‬
‫ن( أي‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫أحرى أن يعرفن بأنهن عفيفات بلبسهن الحجاب ‪َ ) ،‬‬
‫ل أو فعل ‪.‬‬ ‫ض لهن الفساق بأذى من قو ٍ‬ ‫ل يتعر ُ‬
‫)‪ (5‬الحجاب ستر ‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ءات ِك ُ ْ‬ ‫و َ‬‫س ْ‬ ‫ري َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م ل َِباسا ً ي ُ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫قدْ أنَزل َْنا َ‬ ‫م َ‬ ‫ي آدَ َ‬ ‫قال تعالى‪َ) :‬ياب َن ِ َ‬
‫ن(‬‫م ي َذّك ُّرو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫ه لَ َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ن آَيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫خي ٌْر ذَل ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ى ذَل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫س الت ّ ْ‬ ‫ريشا ً َ‬
‫ول َِبا ُ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫]سورة‪ :‬العراف ‪ -‬الية‪[26 :‬‬
‫]*[ قال عبد الرحمن بن أسلم ‪ :‬يتقي فيواري عورته ‪ ،‬فذاك لباس‬
‫التقوى ‪ ،‬ولذلك تجد وظيفة اللباس عند من ل يتقون الله تعالى‬
‫ول يستحون منه كعامة الغربيين مثل ً ل يتجاوز غاية الزينة‬
‫والرياش ‪ ،‬وأما المؤمنون المتقون فإنهم يحرصون على اللباس‬
‫أول ً لستر العورة التي يستحي من إظهارها ثم بعد ذلك لهم سعة‬
‫في إظهار الزينة والتجمل ‪.‬‬
‫)حديث يعلى بن أمية في صحيحي أبي داوود والنسائي( أن النبي‬
‫سّتير يحب الحياء والستر ‪ ،‬فإذا اغتسل‬ ‫ي ِ‬ ‫‪ r‬قال ‪ :‬إن الله حي ٌ‬
‫أحدكم فليستتر ‪.‬‬
‫ة شرعية لحفظ العراض‪ ،‬ودفع أسباب الّريبة‬ ‫حَراس ٌ‬ ‫)‪ (6‬الحجاب ِ‬
‫والفتنة والفساد ‪.‬‬
‫)‪ (7‬الحجاب داعية إلى توفير مكارم الخلق من العفة والحتشام‬
‫شاِئنات كالتبذل‬ ‫وث بال ّ‬ ‫والحياء والغيرة‪ ،‬والحجب لمساويها من الـَتل ّ‬
‫سفالة والفساد ‪.‬‬ ‫والتهتك وال ّ‬
‫)‪ (8‬الحجاب علمة على العفيفات ‪ :‬الحجاب علمة شرعية على‬
‫الحرائر العفيفات في عفتهن وشرفهن‪ ،‬وبعدهن عن دنس الريبة‬
‫والشك ‪ :‬ذلك أدنى أن يعرفن فل يؤذين ‪ ،‬وصلح الظاهر دليل‬
‫على صلح الباطن‪ ،‬وإن العفاف تاج المرأة‪ ،‬وما رفرفت العفة‬
‫ر إل أكسبتها الهناء ‪.‬‬ ‫على دا ٍ‬
‫)‪ (9‬الحجاب وقاية اجتماعية من الذى‪ ،‬وأمراض قلوب الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬فيقطع الطماع الفاجرة‪ ،‬ويكف العين الخائنة‪ ،‬ويدفع‬
‫أذى الرجل في عرضه‪ ،‬وأذى المرأة في عرضها ومحارمها‪ ،‬ووقاية‬
‫وِإدباب قالة السوء‪ ،‬ودََنس الريبة‬ ‫من رمي المحصنات بالفواحش‪َ ،‬‬
‫والشك‪ ،‬وغيرها من الخطرات الشيطانية ‪.‬‬
‫ولله دّر من قال ‪:‬‬
‫م‬‫ن حـرا ُ‬ ‫كة صيده ّ‬ ‫مـ ّ‬ ‫ك َظَِباء َ‬ ‫ة‬
‫ن ِبريب ٍ‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬‫حوٌر حـرائر ما َ‬ ‫ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 276‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪ (10‬الحجاب وسيلة فعالة لحفظ الحياء‪ :‬وهو مأخوذ من الحياة‪،‬‬
‫فل حياة بدونه‪ ،‬وهو خُلق يودعه الله في النفوس التي أراد‬
‫سبحانه تكريمها‪ ،‬فيبعث على الفضائل‪ ،‬ويدفع في وجوه الرذائل‪،‬‬
‫وهو من خصائص النسان‪ ،‬وخصال الفطرة‪ ،‬وخلق السلم‪،‬‬
‫والحياء شعبة من شعب اليمان‪ ،‬وهو من محمود خصال العرب‬
‫التي أقرها السلم ودعا إليها‪،‬‬
‫قال عنترة العبسي ‪:‬‬
‫دت لي جـــارتيحتى ُيواري جـارتي مأواهــــــا‬ ‫ض َ‬ ‫َ‬
‫طرفي إن ب َ َ‬ ‫وأغ ّ‬
‫فآل مفعول الحياء إلى التحلي بالفضائل‪ ،‬وإلــى ســياج رادع‪ ،‬يصــد‬
‫النفس ويزجرها عن تطورها في الرذائل ‪.‬‬
‫وما الحجاب إل وسيلة فعالة لحفظ الحياء‪ ،‬وخلع الحجاب خلع‬
‫للحياء ‪.‬‬
‫)‪ (11‬الحجاب يمنع نفوذ التبرج والسفور والختلط إلى مجتمعات‬
‫أهل السلم ‪.‬‬
‫)‪ (12‬الحجاب حصانة ضد الزنا والباحية‪ ،‬فل تكون المرأة إناءً لكل‬
‫والغ‪.‬‬
‫)‪ (13‬المرأة عورة‪ ،‬والحجاب ساتر لها‪ ،‬وهذا من التقوى‪ ،‬قال الله‬
‫تعالى ‪ :‬يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا ً يواري سوآتكم وريشا ً‬
‫ولباس التقوى ذلك خير ‪] ‬العراف‪،[26 :‬‬
‫]*[ قال عبد الرحمن بن أسلم رحمه الله تعالى في تفسير هذه‬
‫الية‪ )) :‬يتقي الله فيواري عورته‪ ،‬فذاك لباس التقوى (( ‪.‬‬
‫]*[ ‪‬شروط الحجاب الشرعي ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫ط ثمانية هي ‪:‬‬ ‫‪‬للحجاب الشرعي شرو ٌ‬
‫)‪ (1‬استيعاب جميع البدن حتى الوجه على الراجح‬
‫ة في نفسه‬ ‫)‪ (2‬أن ل يكون زين ً‬
‫)‪ (3‬أن يكون صفيقا ً ل يشف‬
‫)‪ (4‬أن يكون فضفاضا ً ل يصف ‪.‬‬
‫مبخرا ً مطيبا ً‬ ‫)‪ (5‬أن ل يكون ُ‬
‫)‪ (6‬أن ل يشبه لباس الرجال‬
‫)‪ (7‬أن ل يشبه لباس الكافرات‬
‫)‪ (8‬أن ل يكون لباس شهرة‬
‫وإليك تفصيل ذلك ‪:‬‬
‫]الشرط الول[ استيعاب جميع البدن حتى الوجه على الراجح‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 277‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ء ال ْ ُ‬ ‫سآ ِ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫قل لْز َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ها الن ّب ِ‬ ‫قال تعالى‪) :‬ي َأي ّ َ‬
‫و َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫عل َيهن من جل َبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ى أن ي ُ ْ‬ ‫ك أدْن َ َ‬ ‫َ ِ ِ ِ ّ‬ ‫ن َ ْ ِ ّ ِ‬ ‫ي ُدِْني َ‬
‫حيما ً( ]سورة‪ :‬الحزاب ‪ -‬الية‪[59 :‬‬ ‫فورا ً ّر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ء‬
‫سآ ِ‬ ‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ي ُ‬ ‫َ‬
‫ون ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َ‬ ‫وا ِ‬ ‫قل لْز َ‬ ‫ها الن ّب ِ ّ‬ ‫الشاهد قوله تعالى ]ي َأي ّ َ‬
‫ن َ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ن[‬ ‫ه ّ‬ ‫جل َِبيب ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ن ي ُدِْني َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ب أكبر من الخمار تستر به جميع بدنها حتى وجهها‬ ‫والجلباب ‪ :‬ثو ٌ‬
‫إل ما ترى به الطريق ‪.‬‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫}تنبيه{ ‪ :‬ممن قال أن المقصود بقوله تعالى ]ي ُدِْني َ‬
‫ن[ هو ستر جميع البدن حتى الوجه إل ما ترى به الطريق‬ ‫ه ّ‬ ‫جل َِبيب ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ة من الئمة منهم المام الطبري والقرطبي وابن كثير‬ ‫جمل ٌ‬
‫ي‬‫والرازي والزمخشري والنسفي وابن حبان ‪ ،‬وجلل الدين المحل ّ‬
‫وجلل الدين السيوطي والشنقيطي وعبد الرحمن بن ناصر‬
‫السعدي وغيرهم ‪.‬‬
‫َ‬
‫فظ ْ َ‬
‫ن‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫قل ل ّل ْ ُ‬ ‫و ُ‬‫و قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫هَر ِ‬ ‫ما ظَ َ‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ول َ ي ُب ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ُ‬
‫ن(‬ ‫ه ّ‬
‫جُيوب ِ ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫عل َ َ‬ ‫َ‬
‫ن[‬ ‫ه ّ‬ ‫جُيوب ِ ِ‬ ‫ى ُ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫رب ْ َ‬
‫ض ِ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫الشاهد قوله تعالى] َ‬
‫مر[ التي تغطي الرأس‬ ‫خ ُ‬ ‫قال شيخ السلم رحمه الله تعالى ‪ ] :‬ال ُ‬
‫والوجه والعنق ‪،‬والجلبيب التي تسدل من فوق الرؤوس حتى ل‬
‫يظهر من ل بسها إل العينان ‪.‬‬
‫)حديث ابن مسعود في صحيح الترمذي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬المرأة‬
‫عورة فإذا خرجت استشرفها الشيطان ‪‌ .‬‬
‫الشاهد قوله ‪] r‬المرأة عورة[ وهو قول عام يشمل جميع البدن‬
‫حتى وجهها ‪.‬‬
‫ء منها عورة حتى‬ ‫قال شيخ السلم رحمه الله تعالى ‪ :‬كل شي ٍ‬
‫ظفرها ‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ول تنتقب‬
‫قفازين(‬ ‫المرأة المحرمة ول تلبس ال ُ‬
‫ل واضح على‬ ‫الشاهد قوله ‪] r‬ول تنتقب المرأة المحرمة[ هذا دلي ٌ‬
‫لبس النقاب في غير الحرام لنه من محظورات الحرام ‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬من جر ثوبه خيلء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم‬
‫سلمة ‪ :‬يا رسول الّله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال ‪ :‬يرخين‬
‫شبرا ً قالت ‪ :‬إذن تنكشف أقدامهن قال ‪ :‬فترخيه ذراعا ً ل يزدن‬
‫عليه ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 278‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قال الشيخ ابن عثيمين حفظه الله تعالى ‪ :‬في الحديث دليل على‬
‫وجوب ستر قدم المرأة وأنه معلوم عند نساء الصحابة رضي الله‬
‫تعالى عنهم ‪ ،‬والقدم أقل فتنة من الوجه والكفين إتفاقا ً ‪ ،‬وعليه‬
‫فيجب ستر الوجه من باب أولى ‪.‬‬
‫ة في نفسه‬ ‫] الشرط الثاني[ أن ل يكون زين ً‬
‫ن‬
‫رب ْ َ‬ ‫ول ْي َ ْ‬
‫ض ِ‬ ‫ها َ‬‫من ْ َ‬
‫هَر ِ‬‫ما ظَ َ‬‫ن إ ِل ّ َ‬‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ول َ ي ُب ْ ِ‬
‫دي َ‬ ‫لقوله تعالى‪َ ) :‬‬
‫ن ( ] النور ‪[31/‬‬ ‫ه ّ‬ ‫جُيوب ِ ِ‬ ‫عل َ َ‬
‫ى ُ‬ ‫ن َ‬
‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬‫م ِ‬
‫خ ُ‬
‫بِ ُ‬
‫قال العلمة اللباني حفظه الله تعالى ‪ :‬المقصود من المر‬
‫ذ أن يكون الجلباب نفسه‬ ‫بالجلباب ستُر زينة المرأة فل يعقل حينئ ٍ‬
‫زينة ‪.‬‬
‫]*[ قال الذهبي رحمه الله تعالى ‪ :‬ومن الفعال التي لعنت المرأة‬
‫عليها أظهار زينتها كذهب أو لؤلؤ من تحت نقابها وتطيبها بطيب‬
‫كمسك إذا خرجت وكذا لبسها عند خروجها كل ما يؤدي إلى التبرج‬
‫كمصوغ براق وإزار حرير وتوسعة كم وتطويله‪ .‬وكل ذلك من‬
‫التبرج الذي يمقت الله عليه فاعله في الدنيا والخرة ولتجرأ‬
‫النساء في فعل هذه المور وغيرها من المور المحرمة أعلمنا‬
‫النبي‪ ‬كما عند البخاري‪:‬‬
‫" أطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء‪".‬‬
‫] الشرط الثالث[ ‪ :‬أن يكون صفيقا ً ل يشف ‪:‬‬
‫وذلك لن الستر ل يتحقق إل بالصفيق ‪ ،‬أما الشفاف فإنه يزيد‬
‫ة وزينة‬ ‫المرأة فتن ً‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬صنفان‬
‫ل معهم سياط كأذناب البقر يضربون‬ ‫من أهل النار لم أرهما‪ :‬رجا ٌ‬
‫هن‬‫ت رءوس ُ‬ ‫ت مميل ٌ‬ ‫ت مائل ٌ‬ ‫ت عاريا ٌ‬ ‫بها الناس ‪ ،‬و نساءٌ كاسيا ٌ‬
‫ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها‬ ‫كأسنم ِ‬
‫ليوجد من مسيرة كذا و كذا ‪‌ .‬‬
‫هن‬‫ت رءوس ُ‬ ‫ت مميل ٌ‬ ‫ت مائل ٌ‬ ‫ت عاريا ٌ‬ ‫الشاهد قوله ‪] r‬و نساءٌ كاسيا ٌ‬
‫ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها‬ ‫كأسنم ِ‬
‫ليوجد من مسيرة كذا و كذا [ ‌‬
‫) ونساء كاسيات ( في الحقيقة ) عاريات ( في المعنى‬
‫لنهن يلبسن ثيابا ً رقاقا ً يصف البشرة ‪ ،‬يسترن بعض بدنهن‬
‫ويكشفن بعضه إظهارا ً للجمال‬
‫ت( مائلت متبخترات في مشيتهن مميلت أكتافهن‬ ‫ت مميل ٌ‬ ‫) مائل ٌ‬
‫وأكفالهن ‪،‬أو مائلت للرجال مميلت قلوبهم إلى الفساد بهم بما‬
‫يبدين من زينتهن ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 279‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن رؤوسهن‬ ‫م َ‬ ‫عظ ّ ْ‬
‫) رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( أي ي ُ َ‬
‫ر والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة‬ ‫م ِ‬‫خ ُ‬
‫بال ُ‬
‫البل‬
‫ً‬
‫) ل يدخلن الجنة ( مع الفائزين السابقين أو مطلقا إن استحللن‬
‫‪.‬‬
‫] الشرط الرابع[ ‪ :‬أن يكون فضفاضا ً ل يصف ‪.‬‬
‫أي غير ضيق حتى ل يصف شيئا ً من جسمها أو يظهر أماكن الفتنه‬
‫من الجسم ‪،‬‬
‫س الضيقة يحصل‬ ‫وذلك لن الغرض من الثياب رفع الفتنة ‪ ،‬واللبا ُ‬
‫بها الفتنة لنها وإن كانت تستر لون البشرة إل أنها تصف حجم‬
‫الجسم أو بعضه ‪.‬‬
‫)حديث أسامة بن زيد في المسند( قال ‪ :‬كساني رسول الله ‪r‬‬
‫ة الكلبي فكسوتها امرأتي فقال ‪:‬‬ ‫ة مما أهداها له دحي ُ‬ ‫ة كثيف ً‬‫قبطي ً‬ ‫ُ‬
‫مْرها‬
‫قبطية ؟ قلت كسوتها امرأتي ‪ .‬فقال ‪ُ :‬‬ ‫ما لك لم تلبس ال ُ‬
‫عظامها ‪.‬‬ ‫ف أن تصف حجم ِ‬ ‫غلله فإني أخا ُ‬ ‫فلتجعل تحتها ِ‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬من أسوء ما ابتلي به كثير من النساء – هداهن الله –‬
‫لبس المرأة البنطلون فهو وإن كان يتستر العورة إل أنه يصفها‬
‫وصفا ً مهيجا ً للغرائز ومثيرا ً للشهوات‬
‫]*[ ‪‬هذا وقد وجه سؤال إلي اللجة الدائمة للفتاء برئاسة سماحة‬
‫الشيخ ‪ /‬عبد العزيز بن باز رحمه الله‪ :‬هل يجوز للمرأة أن ترتدي‬
‫بنطلون كالرجال‬
‫فكانت الجابة كما يلي ‪:‬‬
‫ليس للمرأة أن تلبس الثياب الضيقة لما في ذلك من تحديد‬
‫جسمها وذلك مثار الفتنة والغالب في البنطلون انه ضيق يحدد‬
‫أجزاء البدن التي يحيط بها ويسترها‬
‫كما انه قد يكون في لبس المرأة للبنطلون تشبه من النساء‬
‫بالرجال وقد لعن النبي ‪ ‬المتشبهات بالرجال‪.‬‬
‫]*[ ‪‬وقد سئل فضيلة الشيخ ابن جبرين في كتاب النخبة من‬
‫الفتاوى النسائية‪:‬‬
‫ما حكم لبس البنطلون للنساء عند غير أزواجهم؟‬
‫فقال الشيخ وأجاب‪:‬‬
‫ل يجوز للمرأة عند غير زوجها مثل هذه اللباس لنه يبين تفاصيل‬
‫جسمها والمرأة مأمورة أن تلبس ما يستر جميع بدنها لنها فتنة‬
‫وكل شيء يبين من جسمها يحرم لبسه عند الرجال أو النساء أو‬
‫المحارم أو غيرهم إل الزوج الذي يحل له النظر إلى جميع بدن‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 280‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫زوجته فل بأس أن تلبس عنده الرقيق أو الضيق ونحوه – والله‬
‫أعلم‬
‫] الشرط الخامس أن ل يكون مبخرا ً [ ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أيما امرأة‬
‫أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء الخرة ‪‌ .‬‬
‫( أيما امرأة أصابت بخورا ً فل تشهد معنا العشاء الخرة ‌ ( فيه‬
‫حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك‬
‫داعية شهوة الرجال ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي موسى في صحيح النسائي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أيما‬
‫امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي‬
‫زانية و كل عين زانية ‪‌ .‬‬
‫) أيما امرأة استعطرت ( أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما‬
‫يظهر ريحه منه ) ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها (‬
‫أي بقصد ذلك‬
‫) فهي زانية ( أي كالزانية في حصول الثم وإن تفاوت لن‬
‫فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي ‪ :‬شبه خروجها من‬
‫بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا‬
‫بالزنا مبالغة وتهديدا ً وتشديدا ً عليها ) وكل عين زانية ( أي كل‬
‫عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من‬
‫الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ‬
‫بشم طيب أجنبية لن الّله إذا حرم شيئا ً زجرت الشريعة عما‬
‫يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان‬
‫ابن عمر رضي الّله عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه‬
‫حتى يبرد ‪.‬‬
‫] الشرط السادس أن ل يشبه لبس الرجل [ ‪:‬‬
‫)حديث ابن عباس في صحيح البخاري( قال لعن رسول الله‬
‫‪r‬المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال ‪.‬‬
‫]*[ قال الحافظ في الفتح )‪(345 / 10‬‬
‫قال الطبري رحمه الله تعالى ‪ :‬المعني ل يجوز للرجال التشبه‬
‫بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ول العكس‪ ، .‬ثم‬
‫قال الحافظ وكذا في الكلم والمشي ‪.‬‬
‫]*[ وقال شيخ السلم في الفتاوى )‪: (22/154‬‬
‫» والمرأة المتشبهة بالرجال تكتسب من أخلقهم حتى يصير فيها‬
‫من التبرج والبروز ومشابهة الرجال ما قد يفضي ببعضهن إلى أن‬
‫تظهر بدنها كما يظهره الرجال ‪ ،‬وتطلب أن تعلو على الرجال كما‬
‫يعلو الرجال على النساء ‪ ،‬وتفعل من الفعال ما ينافي الحياء‬
‫والخفر المشروع للنساء وهذا القدر قد يحصل بمجرد‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 281‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫المشابهة‪.‬وإذا تبين أنه ل بد من أن يكون بين لباس الرجال‬
‫والنساء فرق يميز بين الرجال والنساء ‪ ،‬وأن يكون لباس النساء‬
‫فيه من الستتار والحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا‬
‫الباب « ‪.‬‬
‫‪‬وقال أيضا ً في الختيارات الفقهية )‪ (117‬عن تشبه النساء‬
‫بالرجال ‪:‬‬
‫» والصحيح ‪ :‬أنه محرم ‪ .‬وحكى بعض أصحابنا التحريم رواية‪ .‬وما‬
‫كان من لبس الرجال ‪ ،‬مثل العمامة والخف والقباء الذي للرجال‪،‬‬
‫والثياب التي تبدي مقاطع خلقها ‪ ،‬والثوب الرقيق الذي ل يستر‬
‫البشرة وغير ذلك ‪ ،‬فإن المرأة تنهى عنه ‪ ،‬وعلى وليها كأبيها‬
‫وزوجها ‪ :‬أن ينهاها عن ذلك ‪.‬وهذه العمائم التي تلبسها النساء‬
‫على رءوسهن حرام بل ريب « ‪.‬‬
‫]*[ قال المام الذهبي في كتاب » الكبائر « )ص ‪: (134‬‬
‫» فإذا لبست المرأة زي الرجال من المقالب والفرج والكمام‬
‫الضيقة ‪ ،‬فقد شابهت الرجال في لبسهم ‪ ،‬فتلحقها لعنة الله‬
‫ورسوله ‪ ،‬ولزوجها إذا أمكنها من ذلك ‪ ،‬أو رضي به ولم ينهها ‪،‬‬
‫لنه مأمور بتقويمها على طاعة الله ‪ ،‬ونهيها عن المعصية ‪ ،‬لقول‬
‫الله تعالى ‪ ﴿ :‬قوا أنفسكم وأهليكم نارا ً وقودها الناس والحجارة ﴾ ‪,‬‬
‫ولقول النبي ﷺ ‪ » :‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ‪ ،‬الرجل‬
‫)‪(22‬‬
‫راع في أهله ومسؤول عنهم يوم القيامة « متفق عليه « ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه ‪:‬هناك من النساء من تخرج عن فطرتها وتتمرد على‬
‫أنوثتها وتتشبه بالرجال فهذه المرأة ملعونة‪.‬‬
‫] الشرط السابع أن ل يشبه لبس الكافرات [ ‪:‬‬
‫مثل أن يكون قصيرا ً أو سافرا ً‬
‫)حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم( قال ‪ :‬رأى رسول الله‬
‫فرين فقال ‪:‬إن هذه من ثياب الكفار فل تلبسها‬ ‫ص َ‬‫ع ْ‬
‫م َ‬ ‫‪ r‬عل ّ‬
‫ي ثوبين ُ‬
‫‪ ،‬قلت أغسلها ؟ قال ‪ :‬ل أحرقها ‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر في صحيح أبي داود( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من تشبه‬
‫بقوم فهو منهم ‪‌ .‬‬
‫)من تشبه بقوم ( أي تزيا في ظاهره بزيهم وفي تعرفه‬
‫بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم‬
‫وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن‬
‫) فهو منهم ( قال شيخ السلم رحمه الله تعالى ‪ :‬هذا الحديث‬
‫أقل أحواله التحريم‬
‫]*[ قال المام ابن القيم في » إغاثة اللهفان « )‪: (1/364‬‬

‫‪ ()22‬ينظر كتاب جلباب المرأة المسلمة ‪ ,‬للعلمة اللباني رحمه الله )ص ‪. (141‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 282‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫» ونهى عن التشبه بأهل الكتاب وغيرهم من الكفار في مواضع‬
‫كثيرة ؛ لن المشابهة الظاهرة ذريعة إلى الموافقة الباطنة فإنه إذا‬
‫أشبه الهدي الهدي أشبه القلب القلب « ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪ ‬وقد وقع في ذلك بعض الفتيات ‪ -‬وللسف ‪ -‬محاكاة لنساء الغرب‬
‫من الكافرات في الملبس ‪ ,‬وتسريحات الشعر ‪ ,‬وأدوات التجميل‬
‫والزينة !! والمحاكاة والتقليد دليل على النهزامية والتبعية !‬
‫] الشرط الثامن أن ل يكون لبس شهرة [ ‪:‬‬
‫‪‬فكم من النساء حرصت على مثل هذه الثياب الملفتة للنظر‬
‫تحت مسمى الزياء والموضة !‬
‫)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي ‪r‬‬
‫ة ثم‬ ‫م َ‬
‫ذل ٍ‬ ‫هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ‬ ‫ب ُ‬
‫ش ْ‬ ‫قال ‪ :‬من لبس ثو َ‬
‫ب فيه النار ‪) ‌ .‬من لبس ثوب شهرة ( الشهرة ظهور الشيء‬ ‫ه ُ‬ ‫ْ‬
‫ي ُل ِ‬
‫في شنعة بحيث يشتهر به‬
‫) ألبسه الّله يوم القيامة ثوب مذلة( ثوب مذلة أي يشمله بالذل‬
‫كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع العظم بأن يصغره في‬
‫العيون ويحقره في القلوب لنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على‬
‫غيره ‪.‬‬
‫) ثم يلهب فيه النار ( عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس‬
‫العمل فأذله الّله كما عاقب من أطال ثوبه خيلء بأن خسف به‬
‫فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫]*[ قال المام ابن تيمية في الفتاوى )‪: (22/138‬‬
‫» وتكره الشهرة من الثياب وهو المترفع الخارج عن العادة‬
‫والمنخفض الخارج عن العادة فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين‬
‫المرتفع والمنخفض ‪ .‬وفي الحديث » من لبس ثوب شهرة ألبسه‬
‫الله ثوب مذلة « وخيار المور أوساطها « ‪.‬‬
‫]*[ وقال المام ابن القيم في » زاد المعاد « )‪: (1/137‬‬
‫» قال بعض السلف ‪ :‬كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب العالي‬
‫والمنخفض ‪ .‬وفي السنن عن ابن عمر يرفعه إلى النبي ‪ » : r‬من‬
‫لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة ثم تلهب فيه النار « وهذا‬
‫لنه قصد به الختيال والفخر فعاقبه الله بنقيض ذلك فأذله « ‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري )‪ » : (10/310‬وقد ورد‬
‫النهي عن الشهرة في اللباس فكل شيء صير صاحبه شهرة‬
‫فحقه أن يجتنب « ‪.‬‬
‫]*[ قال الشوكاني في نيل الوطار )‪ (111/ 2‬مختصرا ً ‪:‬‬
‫» والحديث يدل على تحريم لبس ثوب الشهرة وإذا كان اللبس‬
‫لقصد الشتهار في الناس فل فرق بين رفيع الثياب ووضيعها‬
‫والموافق لملبوس الناس والمخالف لن التحريم يدور مع‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 283‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الشتهار والمعتبر القصد وإن لم يطابق الواقع « ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هو لبس الشهرة ؟‬
‫قال ابن الثير في النهاية في غريب الحديث ) ‪ » : ( 2/515‬الشهرة‬
‫ظهور الشيء ‪ ،‬والمراد أن ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه‬
‫للوان ثيابهم فيرفع الناس إليه أبصارهم ‪ ،‬ويختال عليهم بالعجب‬
‫والتكبر «‪.‬‬
‫]*[ ‪ ‬وقد وجه سؤال لفضية الشيخ عبد الله الفوزان‪:‬‬
‫ما حكم لبس ثوب الشهرة؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫ل يجوز لمرأة مسلمة أن تختار من ألوان الثياب ما ترضي به رغبة‬
‫الدعابة ول يتعلق بضرورة اللباس أو حسنة وجماله في حدود‬
‫المباح وإنما لجل أن يرفع الرجال إليها أبصارهم وتفتن تلك‬
‫النظرات الجائعة‬
‫)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي ‪r‬‬
‫ة ثم‬ ‫م َ‬
‫ذل ٍ‬ ‫هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ‬ ‫ب ُ‬
‫ش ْ‬ ‫قال ‪ :‬من لبس ثو َ‬
‫ب فيه النار ‪‌ .‬‬
‫ه ُ‬ ‫ْ‬
‫ي ُل ِ‬
‫]*[ قال ابن الثير رحمه الله تعالى ‪ :‬ثوب الشهرة‪" :‬هو الذي إذا‬
‫لبسه النسان افتضح به وأشتهر بين الناس"‬

‫]*[ ‪‬من مشاهد الضياع في ارتداء الحجاب‬

‫‪‬ومن مشاهد الضياع في ارتداء الحجاب‪ ،‬ما يفعله بعض النساء‬


‫من وضع العباءة على كتفها ولف الطرحة على رأسها ليبدوا‬
‫قوامها ويمتشق قدها‪ ،‬ول شك أيها الخوة أن هذا الفعل فتنة‬
‫للمرأة وفتنة للرجل‪،‬‬
‫]*[ وقد أفتى الشيخ عبد الله بن جبرين بحرمة هذا الفعل‪ ،‬سئل ـ‬
‫حفظه الله ـ‪ :‬إنه انتشر بين نساء المسلمين ظاهرة خطيرة وهي‬
‫لبس بعض النساء العباءة على الكتفين وتغطية الرأس بالطرحة‬
‫والتي تكون زينة في نفسها‪ ،‬وهذه العباءة تلتصق بالجسم وتصف‬
‫الصدر وحجم العظام ويلبسن هذا اللباس موضة أو شهرة‪ ،‬ما حكم‬
‫هذا اللباس وهل هو حجاب شرعي؟ وهل ينطبق عليهن حديث‬
‫النبي ‪)) : r‬صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما‪((..‬؟‬
‫قال ـ حفظه الله ـ‪ :‬قد أمر الله النساء المؤمنات بالتستر والتحجب‬
‫ساء‬ ‫وب ََنـٰت ِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ى ُ‬ ‫َ‬
‫ون ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ك َ‬ ‫قل ل ِْزوٰ ِ‬ ‫ها ٱلن ّب ِ ّ‬‫الكامل قال ـ تعالى ـ‪ٰ :‬يأي ّ َ‬
‫ن ‪ .‬والجلباب‪ :‬هو الرداء الذي‬ ‫ه ّ‬ ‫من َ َ‬ ‫َ‬ ‫ٱل ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫جلـِٰبيب ِ ِ‬ ‫ن ِ‬‫ه ّ‬
‫ن عَلي ْ ِ‬
‫ن ي ُدِْني َ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬
‫تلتف به المرأة ويستر رأسها وجميع بدنها‪ ،‬فلبس المرأة للعباءة‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 284‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫هو من باب التستر والحتجاب الذي يقصد منه منع الغير من‬
‫فل َ ي ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫ذل ِ َ َ‬
‫ن ‪،‬‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ك أدَْنىٰ أن ي ُ ْ‬ ‫التطلع ومد النظر قال تعالى‪ٰ :‬‬
‫ول شك أن بروز رأسها ومنكبيها مما يلفت النظار نحوها‪ ،‬فإذا‬
‫لبست العباءة على الكتفين كان ذلك تشبها بالرجال‪ ،‬وكان منه‬
‫إبراز رأسها وعنقها وحجم المنكبين‪ ،‬وبيان بعض تفاصيل الجسم‬
‫كالصدر والظهر ونحوه‪ ،‬مما يكون سببا ً للفتنة وامتداد العين‬
‫نحوها وقرب أهل الذى منها ولو كانت عفيفة‪ ،‬وعلى هذا فل‬
‫يجوز للمرأة لبس العباءة فوق المنكبين لما فيه من المحذور‬
‫ويخاف دخولها في الحديث المذكور السابق ذكره‪ ،‬انتهى كلمه ـ‬
‫حفظه الله ـ‪.‬‬
‫‪‬ومن مظاهر الحجاب العصري الفاسدة المنتشرة بين كثير من‬
‫الفساد بداعي التقليد والثارة أو الجهل‪ ،‬ما يفعله كثير منهن من‬
‫إظهار العينين وجزء من الوجه وربما اكتحلت إحداهن أو وضعت‬
‫الصباغ على وجهها لتبدوا بشكل لفت ومثير‪.‬‬
‫أيها الخوة الكرام‪ ،‬إن إطلق المرأة لبصرها تنظر في الرجال‬
‫وينظرون إليها‪ ،‬لهو فتنة لها ولقلبها‪ ،‬والنساء ضعيفات سريعات‬
‫التأثر‪ ،‬فينتج عن ذلك فتنة وفساد كبير ـ أعاذنا الله وإياكم ـ‪.‬‬
‫]*[ وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين عن ما يسمى‬
‫بالنقاب وطريقة لبسه‪ ،‬ففي بداية المر كان ل يظهر إل العينان‬
‫فقط‪ ،‬ثم بدأ النقاب بالتساع شيئا فشيئا فأصبح يظهر مع العينين‬
‫جزء من الوجه مما يجلب الفتنة‪ ،‬ول سيما أن كثيرا من النساء‬
‫يكتحلن عند لبسه‪.‬‬
‫‪ ‬فأجاب فضيلته‪ :‬في وقتنا هذا ل نفتي بجوازه بل نرى منعه‬
‫وذلك لنه ذريعة إلى التوسع فيما ل يجوز‪ ،‬ولهذا لم نفت امرأة‬
‫من النساء ل قريبة ول بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا‬
‫هذه‪ ،‬بل نرى أنه يمنع منعا باتا‪ ،‬وأن على المرأة أن تتقي ربها في‬
‫هذا المر وأن ل تنتقب‪ ،‬لن ذلك يفتح باب شر ل يمكن إغلقه‪،‬‬
‫فيما بعد السواق والحدائق الماكن العامة‪.‬‬
‫‪‬ومن مظاهر التناقص في لبس الحجاب‪ ،‬أن ترى المرأة المسلمة‬
‫بلبس حجابها ولكن فوق ثوب مشقوق الجانبين أو فوق تنورة‬
‫مفتوحة من الخلف‪ ،‬وربما تلبس عباءتها فوق بنطلون يكون في‬
‫بعض الحيان ضيقا‪ ،‬أو تسير بين الرجال ورائحة الطيب تفوح‬
‫منها‪ ،‬وربما تجد امرأة قد أكملت حجابها ولمت عباءتها ولكنها‬
‫تتحدث مع صاحب المحل بصوت متكسر يطمع الرجال فيها‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 285‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ل أشعله ]أدعياء تحرير المرأة[ هو الحجاب‬ ‫‪‬تنبيه‪ :‬إن أول فتي ٍ‬
‫سِته بالسب والشتم أو بالسخرية‬ ‫والسخرية منه والنيل من لب ِ َ‬
‫م‪.‬‬
‫والذ ّ‬
‫جبات‬ ‫‪‬تقول إحدى الهالكات‪ :‬إنني ضد الحجاب ‪ ،‬لن البنات المح ّ‬
‫فن الطفال بمظهرهن الشاذ‪ ،‬وقد قررت بصفتي مدرسة‬ ‫خ ْ‬
‫يُ ِ‬
‫بالجامعة‪ ،‬أن أطرد أي طالبة محجبة في محاضرتي‪ ،‬فسوف آخذها‬
‫من يدها وأقول لها‪ :‬مكانك في الخارج‪.‬‬
‫ة يدُلف منها هؤلء‬ ‫أيها الخوة ‪ ،‬إن مسالة الحجاب ما هي إل بواب ٌ‬
‫دا بأن تلبس‬ ‫إلى النحلل من السلم بالكلية‪ ،‬فهم ل يكتفون أب ً‬
‫حا دونما حجاب؛ بل ل يكتفون حتى يعلموا أنهم‬ ‫المرأة زّيا فاض ً‬
‫مسخوا بحق حقيقة السلم من قلب المرأة المسلمة‪.‬‬
‫‪‬أيها الخوة ‪ :‬وإن المرأة متى تخّلت عن حجابها ‪ ،‬فإنها قد‬
‫دا‪ ،‬ولذلك لما علم رسول الله ضرر‬ ‫فتحت باًبا من الشر ل يقفل أب ً‬
‫النساء على الرجال كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ما تركت‬
‫بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ‪.‬‬
‫‪‬فإن المسلمة إن تبرجت بلباسها وألقت حجابها‪ ،‬إنها إن فعلت‬
‫ما‪.‬‬‫ذلك‪ ،‬فقد فاز العداء في مخططاتهم‪ ،‬وكسبوا مكسًبا عظي ً‬
‫وإن المرأة متى ما تبرجت فقد هدمت المجتمع ونشرت الرذيلة‪،‬‬
‫وأشاعت الفاحشة‪.‬‬
‫]*[ يقول سماحة الوالد الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله‬
‫تعالى ‪ :‬في رسالة له اسمها ]التبرج[ ‪ ،‬أنصح الجميع بقراءتها‪,‬‬
‫فقد بين فيها الشيخ رحمه الله البيان الشافي في حكم الحجاب‬
‫وحرمة السفور‪ ،‬يقول رحمه الله‪:‬‬
‫ة ما عمت به البلوى في كثير‬ ‫‪"‬فل يخفى على كل من له معرف ٌ‬
‫من البلدان من تبرج الكثير من النساء وسفورهن‪ ،‬وعدم تحجبهم‬
‫من الرجال‪ ،‬وإبداء الكثير من زينتهن التي حرم الله عليهن‬
‫إبداءها‪ ،‬ول شك أن ذلك من المنكرات العظيمة والمعاصي‬
‫الظاهرة‪ ،‬ومن أسباب حلول العقوبات ونزول النقمات‪ ،‬لما يترتب‬
‫على التبرج والسفور من ظهور الفواحش وارتكاب الجرائم وقلة‬
‫الحياء وعموم الفساد"‪.‬‬
‫ثم يقول رحمه الله‪" :‬فاتقوا الله أيها المسلمون‪ ،‬وخذوا على‬
‫أيدي سفهائكم وامنعوا نساءكم مما حرم الله عليهن‪ ،‬وألزموهن‬
‫التحجب والتستر واحذروا غضب الله سبحانه‪ ،‬وعظيم عقوبته‪،‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 286‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أبي بكر الصديق في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه‬
‫أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه ‪.‬‬
‫دا على دعاة الختلط ونزع الحجاب‪" :‬إن‬ ‫‪‬ويقول رحمه الله را ّ‬
‫مرة ‪ ،‬وعواقبه وخيمة‪ ,‬رغم مصادمته للنصوص‬ ‫ثمرات الختلط ُ‬
‫الشرعية التي تأمر المرأة بالقرار في بيتها‪ ،‬والقيام بالعمال‬
‫التي تخصها في بيتها ونحوه‪ ،‬ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه‬
‫الختلط من المفاسد التي ل تحصى ؛ فلينظر إلى تلك المجتمعات‬
‫ف من نفسه وتجرد للحق‬ ‫التي وقعت في هذا البلء العظيم بإنصا ٍ‬
‫عما عداه‪ ،‬فسيجد التحسر على انفلت المرأة من بيتها وتفكك‬
‫السر" ا‪.‬هـ‬
‫‪‬ونحن نقول لهؤلء الناعقين‪ :‬أي حرّية للمرأة تريدون؟!‬
‫أتريدونها أن تكون ألعوبة في يد القاصي والداني؟!‬
‫ة تطؤها القدام وتمزقها اليدي‪،‬‬ ‫ة مبذول ً‬ ‫أم تريدونها أن تكون ورق ً‬
‫ة ل يكاد يرى أحد منها شيًئا من غير‬ ‫بعد أن كانت جوهرةً مصون ً‬
‫محرمها إل بعقد صحيح؟‬
‫ي حرية في أن تكون المرأة مع الرجل جنًبا إلى جنب في كل‬ ‫أ ّ‬
‫شيء ؟!‬
‫عجًبا! ثم عجًبا!‬
‫و‬
‫‪‬لقد عرف أعداءُ السلم ما يحمله هذا الدين للمرأة من سم ّ‬
‫ل قراُر‬ ‫صلة أن الص َ‬ ‫ة وعظيم صيانة‪ ،‬علموا في مقرراته المأ ّ‬ ‫كرام ٍ‬
‫ت‬
‫المرأة في مملكة منزلها‪ ،‬في ظل سكينة وطمأنينة‪ ،‬ومحيط بيو ٍ‬
‫ة بمسؤوليتها‬ ‫و أسرة حانية‪ .‬رأوا حقوقَ المرأة مقرون ً‬ ‫ة‪ ،‬وج ّ‬ ‫مستقر ٍ‬
‫خذ‬ ‫في رعاية السرة‪ ،‬وخروجها في السلم من منزلها يؤ َ‬
‫ويماَرس من خلل الحشمة والدب‪ ،‬وُيحاط بسياج اليمان والكرامة‬
‫ن‬‫ج َ‬‫ول َ ت َب َّر ْ‬ ‫فى ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫َ‬ ‫وصيانة العرض‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫ة ٱلول َ ٰى ]الحزاب‪ ،[33:‬وبينت السنة الصحيحة أن‬ ‫هل ِي ّ ِ‬ ‫ج ٱل ْ َ‬
‫ج ٰـ ِ‬ ‫ت َب َّر َ‬
‫بيوت النساء خيٌر لهن من الخروج حتى للمسجد كما في الحديث‬
‫التي ‪:‬‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن ‪‌ .‬‬
‫ل وسيلة وسعوا بكل‬ ‫‪ ‬حينذاك ضاقوا من ذلك ذرعا ً‪ ،‬فراحوا بك ّ‬
‫رها المكين وظّلها المين‪،‬‬ ‫طريقة ليخرجوا المرأةَ من بيتها وقرا ِ‬
‫ة وواردة‪ ،‬ولهثوا لهثا ً حثيثا ً‬ ‫ن لكل شارد ٍ‬ ‫لتطلق لنفسها حينئذ العنا َ‬
‫ليحّرروها من تعاليم دينها وقيم أخلقها‪ ،‬تارةً باسم تحرير المرأة‪،‬‬
‫وتارةً باسم الحرية والمساواة‪ ،‬وتارةً باسم الرقي والتقدم‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 287‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ت ظاهرها الرحمة والخير‪ ،‬وباطُنها شّر ُيبنى‬ ‫الكاذب‪ .‬مصطلحا ٌ‬
‫ب القيم‪ ،‬وعكس المفاهيم‪ ،‬والنعتاق من كل الضوابط‬ ‫على قل ِ‬
‫ق الجتماعية‪ ،‬وبالتالي ُتقام‬ ‫رية والحقو ِ‬ ‫س ِ‬
‫والقيم والمسؤوليات ال َ‬
‫ذات والشهوات‪.‬‬ ‫ة ُتدار في أسواق المل ّ‬ ‫امرأةٌ تؤول إلى سلع ٍ‬
‫فالمرأةُ في نظر هؤلء هي المتحّررةُ من شؤون منزلها وتربية‬
‫ة اللهثة في هموم العيش والكسب ونصب‬ ‫أولدها‪ ،‬هي الراكض ُ‬
‫فت النظار وإعجاب الخرين‪ ،‬ولو كان ذلك على حساب‬ ‫العمل ول ْ‬
‫تدمير الفضيلة والخلق ‪ ،‬وتدمير السرة والقيم‪ ،‬فل هي حينئذ‬
‫ج وافية‪ ،‬ول في إقامة مجتمع‬ ‫ة‪ ،‬ول بحقوق زو ٍ‬ ‫ب ملتزم ٌ‬ ‫بطاعة ر ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ء قائم ٌ‬‫همة‪ ،‬ول بتربية نش ٍ‬ ‫مس ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫فاض ٍ‬
‫‪‬فدعواتهم تهدف لتحرير المسلمة من دينها والمروق من‬
‫ت من‬ ‫م اليمانية‪ .‬دعوا ٌ‬ ‫ئ تصادم الفطرة وتنابذ القي َ‬ ‫إسلمها‪ ،‬مباد ُ‬
‫ت منتنة‪،‬‬ ‫س فاسدة وحضارا ٍ‬ ‫ة ومقايي َ‬ ‫مهلك ٍ‬ ‫أولئك تنبثق من مباد َ‬
‫ئ ُ‬
‫تزّين الشروَر والفساد بأسماء بّراقة ومصطلحات خادعة‪ .‬وللسف‬
‫ج وفي نظره خلل ينادي‬ ‫و ٌ‬
‫ع َ‬
‫تجد من أبناء المسلمين من في فكره ِ‬
‫مس لتلك الفكار المضّللة‬ ‫ت بتلك الدعوات‪ ،‬ويتح ّ‬ ‫بأعلى صو ٍ‬
‫ً‬
‫جهات المنحرفة‪ ،‬بل ويلهج سعيا لتحقيقها وتفعيلها‪ .‬لذا تجد‬ ‫والتو ّ‬
‫مهم ُتفرز مقتا ً للصيل من أصولهم والمجيد من تراثهم‪.‬‬ ‫أقل َ‬
‫‪‬وقد قـال أحـد اليهـود قــديما ً مــن الـذين تخصصــوا وتفننــوا فـي‬
‫إفساد الشــعوب الســلمية مــاذا قــال‪ :‬إن مكســبنا فــي الشــرق ل‬
‫يمكن أن يتحقق إل إذا خلعت الفتاة المسلمة حجابها‪ ،‬فــإذا خلعــت‬
‫الفتاة المسلمة حجابها كسبنا القضية واستطعنا أن نستولي علــى‬
‫الشرق ‪.‬‬
‫‪‬وقال أحد قادة الماسون قال‪ :‬كأس وغانية يفعلن بالمة‬
‫المحمدية ما ل يفعله ألف مدفع ودبابة فأغرقوها‪ ،‬أي أمة محمد‬
‫أغرقوها في حب المادة والشهوات‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪:‬وجدير بنا هنا أن نلفت النظر إلى تعريف التبرج ثم ذكر‬
‫مساوئ التبرج حتى تجتنبه المؤمنات وتحترز منه وتفُر منه فرارها‬
‫من السد فإنه من قبائح الذنوب وفواحش العيوب ‪ ،‬ومن صفات‬
‫الجاهلية الولى التي أتى السلم لتطهير النفوس من دنسها ‪.‬‬
‫‪‬التبرج ‪ :‬هو إظهار الزينة وإبراز المرأة لمحاسنها و ما يجب أن‬
‫تستره مما تستدعي به شهوة الرجال‪.‬‬
‫‪‬تحريم التبرج‬
‫ل الكتاب والسنة والجماع على تحريم تبرج المرأة‪ ،‬وهو‬ ‫وقد د ّ‬
‫إظهارها شيئا ً من بدنها أو زينتها المكتسبة التي حّرم الله عليها‬
‫إبداءها أمام الرجال الجانب عنها‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 288‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فهو محّرم بوازع اليمان‪ ،‬ونفوذ سلطانه على قلوب أهل السلم‬
‫طواعية لله تعالى ولرسوله ‪ ،r‬وتحليا ً بالعفة والفضيلة‪ ،‬وبعدا ً عن‬
‫الرذيلة‪ ،‬وانكفافا ً عن الثم‪ ،‬واحتسابا ً للجر والثواب‪ ،‬وخوفا ً من‬
‫على نساء المسلمين أن يتقين الله‪ ،‬فينتهين عما‬ ‫ف َ‬‫أليم العقاب‪َ ،‬‬
‫نهى الله عنه ورسوله ‪ ،r‬حتى ل ُيسهمن في إدباب الفساد في‬
‫المسلمين‪ ،‬بشيوع الفواحش‪ ،‬وهدم السر والبيوت‪ ،‬وحلول الزنا‪،‬‬
‫ن سببا ً في استجلب العيون الخائنة‪ ،‬والقلوب المريضة‬ ‫وحتى ل يك ّ‬
‫إليهن‪ ،‬فَيـْأثمن وُيؤّثمن غيرهن ‪.‬‬
‫ص‬
‫‪‬والدلة على تحريم التبرج آيات من كتاب الله‪ ،‬منها آيتان ن ّ‬
‫في النهي عن التبرج‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫قول الله تعالى ‪ :‬ول تبرجن تبرج الجاهلية الولى ‪] ‬الحزاب‪:‬‬
‫‪. [33‬‬
‫وقول الله تعالى ‪ :‬والقواعد من النساء اللتي ل يرجون نكاحا ً‬
‫فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة وأن‬
‫يستعففن خير لهن والله سميع عليم ‪] ‬النور‪. [60 :‬‬
‫وآيات ضرب الحجاب وفرضه على أمهات المؤمنين ونساء‬
‫المؤمنين ونهيهن عن إبداء الزينة‪ ،‬نصوص قاطعة على تحريم‬
‫التبرج والسفور ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬صنفان‬
‫ل معهم سياط كأذناب البقر يضربون‬ ‫من أهل النار لم أرهما‪ :‬رجا ٌ‬
‫هن‬ ‫ت رءوس ُ‬‫ت مميل ٌ‬ ‫ت مائل ٌ‬ ‫ت عاريا ٌ‬ ‫بها الناس ‪ ،‬و نساءٌ كاسيا ٌ‬
‫ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها‬ ‫كأسنم ِ‬
‫ليوجد من مسيرة كذا و كذا ‪‌ .‬‬
‫هن‬‫ت رءوس ُ‬ ‫ت مميل ٌ‬ ‫ت مائل ٌ‬ ‫ت عاريا ٌ‬ ‫الشاهد قوله ‪] r‬و نساءٌ كاسيا ٌ‬
‫ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها‬ ‫كأسنم ِ‬
‫ليوجد من مسيرة كذا و كذا [ ‌‬
‫) ونساء كاسيات ( في الحقيقة ) عاريات ( في المعنى‬
‫لنهن يلبسن ثيابا ً رقاقا ً يصف البشرة ‪ ،‬يسترن بعض بدنهن‬
‫ويكشفن بعضه إظهارا ً للجمال‬
‫ت( مائلت متبخترات في مشيتهن مميلت أكتافهن‬ ‫ت مميل ٌ‬ ‫) مائل ٌ‬
‫وأكفالهن ‪،‬أو مائلت للرجال مميلت قلوبهم إلى الفساد بهم بما‬
‫يبدين من زينتهن ‪.‬‬
‫ن رؤوسهن‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫عظ ْ‬‫) رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( أي ي ُ َ‬
‫ر والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة‬ ‫م ِ‬
‫خ ُ‬
‫بال ُ‬
‫البل‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 289‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) ل يدخلن الجنة ( مع الفائزين السابقين أو مطلقا ً إن استحللن‬
‫‪.‬‬
‫وهذا نص فيه وعيد شديد‪ ،‬يدل على أن التبرج من الكبائر؛ لن‬
‫ب أو‬‫ة أو عذا ٍ‬
‫الكبيرة‪ :‬كل ذنب توعد الله عليه بنار أو غضب أو لعن ٍ‬
‫ن من الجنة‪.‬‬
‫حرما ٍ‬
‫ِ‬
‫‪‬وقد أجمع المسلمون على تحريم التبرج‪،‬‬
‫وكما حكاه العلمة الصنعاني في حاشيته ]منحة الغفار على ضوء‬
‫النهار‪ 2011 /4 :‬ـ ‪. [2012‬‬
‫‪‬وبالجماع العملي على عدم تبرج نساء المؤمنين في عصر النبي‬
‫‪ ،r‬وعلى ستر أبدانهن وزينتهن‪ ،‬حتى انحلل الدولة العثمانية في‬
‫عام ‪1342‬هـ وتوزع العالم السلمي وحلول الستعمار فيه ‪.‬‬
‫‪‬وليحذر المسلم من بدايات التبرج في محارمه‪ ،‬وذلك بالتساهل‬
‫في لباس بناته الصغيرات بأزياء لو كانت على بالغات لكانت فسقا ً‬
‫وفجورًا‪ ،‬مثل‪ :‬إلباسها القصير‪ ،‬والضيق‪ ،‬والبنطال ‪ ،‬والشفاف‬
‫الواصف لبشرتها‪ ،‬إلى غير ذلك من ألبسة أهل النار‪ ،‬كما تقدم‬
‫في الحديث الصحيح‪ ،‬وفي هذا من اللف للتبرج والسفور‪ ،‬وكسر‬
‫له الله‬ ‫حاجز النفرة‪ ،‬وزوال الحياء‪ ،‬ما ل يخفى‪ ،‬فليتق الله من و ّ‬
‫المر ‪.‬‬
‫‪‬وهاك بعض مساوئ التبرج والعياذ بالله ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫)‪ (1‬التبرج من صفات أهل النار ‪:‬‬
‫قد بين لنا رسول الله ‪ ‬مآل وعاقبة المتبرجة السافرة كما في‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬صنفان‬
‫ل معهم سياط كأذناب البقر يضربون‬ ‫من أهل النار لم أرهما‪ :‬رجا ٌ‬
‫هن‬‫ت رءوس ُ‬‫ت مميل ٌ‬‫ت مائل ٌ‬ ‫ت عاريا ٌ‬ ‫بها الناس ‪ ،‬و نساءٌ كاسيا ٌ‬
‫ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها‬ ‫كأسنم ِ‬
‫ليوجد من مسيرة كذا و كذا ‪‌ .‬‬
‫هن‬‫ت رءوس ُ‬‫ت مميل ٌ‬‫ت مائل ٌ‬‫ت عاريا ٌ‬ ‫الشاهد قوله ‪] r‬و نساءٌ كاسيا ٌ‬
‫ة الُبخت المائلة ل يدخلن الجنة و ل يجدن ريحها و إن ريحها‬ ‫كأسنم ِ‬
‫ليوجد من مسيرة كذا و كذا [ ‌‬
‫) ونساء كاسيات ( في الحقيقة ) عاريات ( في المعنى‬
‫لنهن يلبسن ثيابا ً رقاقا ً يصف البشرة ‪ ،‬يسترن بعض بدنهن‬
‫ويكشفن بعضه إظهارا ً للجمال‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 290‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ت( مائلت متبخترات في مشيتهن مميلت أكتافهن‬ ‫ت مميل ٌ‬ ‫) مائل ٌ‬
‫وأكفالهن ‪،‬أو مائلت للرجال مميلت قلوبهم إلى الفساد بهم بما‬
‫يبدين من زينتهن ‪.‬‬
‫ر‬
‫م ِ‬
‫خ ُ‬ ‫ن رؤوسهن بال ُ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫عظ ْ‬ ‫) رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ( أي ي ُ َ‬
‫والعمائم التي يلففنها على رؤوسهن حتى تشبه أسنمة البل‬
‫) ل يدخلن الجنة ( مع الفائزين السابقين أو مطلقا ً إن استحللن‬
‫‪.‬‬
‫) ول يجدن ريحها ( أي الجنة ) وإن ريحها ليوجد من مسيرة‬
‫كذا وكذا ( كناية عن خمسمائة عام أي يوجد من مسيرة‬
‫خمسمائة عام كما جاء مفسرا ً في رواية أخرى ‪.‬‬
‫‪‬أختاه يا من خلعت حجابك ولم تستحي من ربك ألست حفيدة‬
‫خديجة وعائشة وفاطمة ؟ ألست من نساء المؤمنين ؟‬
‫إذا قلت نعم فعليك أن تنصاعي لقول رب العالمين‪:‬‬
‫َ‬ ‫ق ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫ن ي ُدِْني َ‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ء ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫ون ِ َ‬
‫ك َ‬‫وب ََنات ِ َ‬‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬
‫ل ِلْز َ‬ ‫ي ُ‬‫ّ‬ ‫ها الن ّب ِ‬‫}َيا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫من جَلبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫فوًرا‬ ‫غ ُ‬‫ه َ‬‫ن الل ّ ُ‬‫كا َ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫فَل ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬‫ف َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ك أدَْنى أ ْ‬ ‫ِ ِ ّ‬ ‫ِ ْ َ‬
‫ما{ )الحزاب ‪(59‬‬ ‫حي ً‬
‫َر ِ‬
‫‪‬من خلعت حجابها خلعت معه حيائها ومن خلعت حياءها خلعت‬
‫معه إيمانها‬
‫)حديث ابن عمر في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن الحياء و‬
‫ع أحدهما رفع الخر ‪‌ .‬‬ ‫ف َ‬‫اليمان قرنا جميعا فإذا ُر ِ‬
‫ق يبعث على اجتناب القبيح ولذا قال النبي ‪r‬‬ ‫خل ُ ٌ‬ ‫‪‬تنبيه‪:‬الحياءُ ُ‬
‫إذا لم تستح فاصنع ما شئت كما في الحديث التي ‪ :‬‬
‫)حديث أبي مسعوٍد النصاري في صحيح البخاري( أن النبي ‪ r‬قال‬
‫‪ :‬إن مما أدرك الناس من كلم النبوة الولى ‪ :‬إذا لم تستح‬
‫فاصنع ما شئت ‪‌ .‬‬
‫ل الحياء أن تستحي من الله ‪:‬‬ ‫‪‬وأفض ُ‬
‫)حديث ابن مسعود في صحيح الترمذي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬استحيوا‬
‫من الله تعالى حق الحياء ‪ ،‬قلنا يا نبي الله إنا لنستحي والحمد‬
‫لله ‪ ،‬قال ‪ :‬ليس ذاك ولكن الستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ‬
‫الرأس و ما وعى والبطن و ما حوى وتذكر الموت و الِبلى و من‬
‫أراد الخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله‬
‫حق الحياء ‪‌ .‬‬
‫ة تكون قد استحت من الله تعالى‬ ‫‪‬وهل المرأة إذا كانت متبرج ً‬
‫أختاه‪ :‬اسمعي هذا الحديث وعيه جيدا وانظري أين أنت من هذا‪:‬‬
‫)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬من جر ثوبه خيلء لم ينظر الله إليه يوم القيامة فقالت أم‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 291‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫سلمة‪ :‬يا رسول الّله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال ‪ :‬يرخين‬
‫شبرا ً قالت ‪ :‬إذن تنكشف أقدامهن قال ‪ :‬فترخيه ذراعا ً ل يزدن‬
‫عليه ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ):‬الذراع يقاس من منتصف الساق(‬
‫ولعل بعض النساء تتسأل وتقول لو فعلت ذلك سيصيب ثوبي‬
‫النجاسة كما قالت أم سلمه للنبي ‪ ‬فما الجواب ؟‬
‫الجواب هو ما قاله النبي ‪ } ‬يطهره ما بعده {‬
‫) حديث أم ولد لبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الثابت في‬
‫صحيحي أبي داوود والترمذي ( أنها سألت أم سلمة فقالت إني‬
‫امرأة َأطَيل ذيلي وأمشي في المكان القذر ‪ ،‬فقالت أم سلمة ‪:‬‬
‫قال النبي ‪ } ‬يطهره ما بعده {‬
‫]*[ ‪‬يا سبحان الله ! الرسول ‪ ‬يقول لم سلمه يرخينه شبرا ً‬
‫ولكنها تقول أن النساء ل يطيقن هذا لن أقدامهن ستنكشف عند‬
‫المشي فلم ترضي أن يرخي الثوب شبرا ً يجرجر في الرض ولكن‬
‫فتيات هذا الزمان رضين بهذا الشبر ولكنه ليس شبرا ً يجرجر في‬
‫الرض ولكنه شبرا ً فوق الركبتين‬
‫بربك أي نهر تعبريـن‬ ‫لحد الركبتين تشـمريـن‬
‫َ‬
‫يزيد تقلصا حينا ً فحيـنا ً‬ ‫كأن الثوب ظل في صباح‬
‫أم لنك ربما ل تشعرين‬ ‫تظنين الرجال بل شـعور‬

‫وانظري أختاه إلى هذه المرأة السوداء‪ .‬امرأة من أهل الجنة‪.‬‬


‫تعالي لنري قصتها لنعلم شدة حيائها‬
‫)حديث عطاء ابن أبي رباح الثابت في الصحيحين( قال ‪ :‬قـال لـي‬
‫ت‬ ‫ُ‬
‫ي الله عنهما أل أريك امرأةً من أهــل الجنــة ؟ قلــ ُ‬ ‫ابن عباس رض َ‬
‫ُ‬
‫بلى ‪ ،‬قال هذه المرأةُ السوداء ‪ ،‬أتــت النــبي ‪ r‬فقــالت إنــي أصــرع‬
‫ك الجنــة وإن‬ ‫ت ولــ ِ‬
‫ت صبر ِ‬‫ع الله لي ‪ .‬قال إن شئ ِ‬ ‫وإني أتكشف فاد ُ‬
‫ك فقــالت أصــبر ‪ ،‬فقــالت إنــي أتكشــف‬ ‫ت الله أن ُيعافيـ ِ‬
‫ت دعو ُ‬
‫شئ ِ‬
‫ع الله لي أل أتكشف فدعا لها ‪.‬‬ ‫فاد ُ‬
‫‪ [*]‬سبحان الله تخاف أن يظهر شيء وجسدها وهى تعاني من‬
‫ة‬
‫ة حيّية ‪ ،‬حر ً‬ ‫ة نقية ‪ ،‬عفيف ً‬
‫مرض الصرع وهى معذورة ولكنها تقي ٍ‬
‫أبّية ‪ ،‬فطلبت من النبي ‪ ‬أن يدعو الله أل تتكشف فهي تصبر‬
‫على المرض و آلمه ولكنها ل تصبر على التكشف فما بال الذين‬
‫يكشفون عن أجسادهم بل مرض و ل صرع ‪.‬‬
‫‪‬لله درها كان همها والذي أقلقها أن تتكشف فيخرج شيئا ً من‬
‫جسدها مع أنها معذورة بالمرض ويصيبها الصرع !‬
‫هل رأيتم مثل حرص هذه المرأة على ستر جسدها وحفظ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 292‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نفسها ؟!‬
‫واليوم وللسف كم من فتاة تقوم وهى في كامل صحتها‬
‫وعافيتها بمخالفة أمر ربها ورسوله ؟!‬
‫فتكشف عن شيء من جسدها ‪،‬وتبرز مفاتنها ‪ ،‬وتعصي الله جل‬
‫وعل بنعمه عليها !‬
‫أو ليس الذي وهبها هذه النعم قادرا على أن يسلبها منها؟!‬
‫‪‬تنبيه ‪ : ‬فتذكري أخيتي دائما أن هناك جنة ونار ‪ ،‬وجزاء‬
‫وحساب ‪ ،‬فهذا مما يبعث على العمل والزهد في الدنيا ‪ ،‬وترك‬
‫الذنوب والمعاصي‪..‬‬
‫]*[ قال المام ابن القيم في » مدارج السالكين « )‪: (2/79‬‬
‫» وإذا خل القلب من ملحظة الجنة والنار ورجاء هذه والهروب من‬
‫هذه فترت عزائمه وضعفت همته ووهن باعثه‪ ،‬وكلما كان أشد‬
‫طلبا للجنة وعمل لها كان الباعث للطاعة أقوى‪ ،‬والهمة أشد‪،‬‬
‫والسعي أتم « ‪.‬‬
‫)‪ (2‬التبرج فعل الجاهلية الولي والتي نهي الله عنه‪:‬‬
‫ى(‬‫لول َ َ‬
‫ةا ُ‬‫هل ِي ّ ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫جا ِ‬ ‫ن ت َب َّر َ‬
‫ج َ‬ ‫ول َ ت َب َّر ْ‬
‫ن َ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬ ‫و َ‬
‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫]الحزاب ‪[33 /‬‬
‫ى[‬ ‫لول َ َ‬‫ةا ُ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬
‫جا ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬‫ن ت َب َّر َ‬‫ج َ‬ ‫ول َ ت َب َّر ْ‬ ‫الشاهد قوله تعالى ‪َ ] :‬‬
‫)ول تبرجن تبرج الجاهلية الولى( أي ما قبل السلم من إظهار‬
‫النساء محاسنهن للرجال ‪.‬‬
‫)حديث ابن عباس في صحيح البخاري( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أبغض‬
‫غ في السلم سنة‬ ‫حدٌ في الحرم ومبت ٍ‬ ‫مل ْ ِ‬‫الناس إلى الله ثلثة ‪ُ :‬‬
‫ئ بغير حق ليهريق دمه ‪.‬‬ ‫م امر ٍ‬ ‫بد َ‬ ‫مطّل ِ ٌ‬‫الجاهلية و ُ‬
‫غ في السلم سنة الجاهلية[‬ ‫الشاهد قوله ‪] r‬ومبت ٍ‬
‫) مبتغ ( طالب ) في السلم ( أي في دينه ) سنة الجاهلية‬
‫( أي إحياء طريقة الجاهلية ‪ ،‬ومنها التبرج والعياذ بالله ‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫]سنة الجاهلية[ ‪ :‬اسم جنس يعم جميع ما كان أهل الجاهلية‬
‫يعتمدونه ‪.‬‬
‫ة لله ورسوله ‪:‬‬ ‫)‪ (3‬التبرج معصي ٌ‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح البخاري( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬كل أمتي‬
‫يدخلون الجنة إل من أبى ‪ ،‬قيل‪ :‬ومن يأبى يا رسول الّله؟ من‬
‫أطاعني دخل الجنة و من عصاني فقد أبى ‪‌ .‬‬
‫)كل أمتي يدخلون الجنة إل من أبى ( بفتح الهمزة والموحدة‬
‫بامتناعه عن قبول الدعوى أو بتركه الطاعة التي هي سبب‬
‫لدخولها لن من ترك ما هو سبب شيء ل يوجد بغيره فقد أبى أي‬
‫امتنع ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 293‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قال ‪ ) :‬من أطاعني ( أي انقاد وأذعن لما جئت به ) دخل‬
‫الجنة ( وفاز بنعيمها البدي ‪ ،‬بين أن إسناد المتناع عن الدخول‬
‫إليهم مجاز عن المتناع لسببه وهو عصيانه بقوله ) ومن عصاني‬
‫( بعدم التصديق أو بفعل المنهي ) فقد أبى ( فله سوء‬
‫المنقلب بإبائه والموصوف بالباء إن كان كافرا ل يدخل الجنة‬
‫أصل أو مسلما ً لم يدخلها مع السابقين الولين ‪.‬‬
‫والمعنى ‪ :‬من أطاعني وتمسك بالكتاب والسنة دخل الجنة ومن‬
‫اتبع هواه وزل عن الصواب وخل عن الطريق المستقيم دخل النار‬
‫‪.‬‬
‫حقق بنص السنة الصحيحة ‪:‬‬ ‫م َ‬ ‫)‪ (4‬التبرج هل ٌ‬
‫ك ُ‬
‫)حديث فضالة بن عبيد في صحيح الدب المفرد( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫ل فارق الجماعة وعصى إمامه فمات‬ ‫ة ل تسأل عنهم ‪ :‬رج ٌ‬ ‫ثلث ٌ‬
‫جت‬ ‫ة أوعبدٌ أبق فمات ‪ ،‬وامرأةٌ غاب عنها زوجها فتبر ّ‬ ‫عاصيا ً ‪ ،‬وأم ٌ‬
‫بعده ‪ ،‬فل تسأل عنهم ‪.‬‬
‫معنى ] ل تسأل عنهم ‪ :‬أي ل تسأل عن هلكتهم[ أي هلكهم‬
‫محقق ‪ ،‬ومن بينهم المرأة المتبرحة‪.‬‬
‫]*[ وقد سئل فضيلة الشيخ محمد ابن عثيمين عن اللباس الضيق‬
‫والمفتوح للمرأة فقال‪ :‬هذا اللباس لباس أهل النار‪ ،‬كما قال‬
‫النبي ‪)) : r‬صنفان من أهل النار لم أرهما‪ ، (..‬وذكر الحديث‬
‫السابق‪ ،‬فهذه المرأة التي تلبس هذا اللباس كاسية عارية‪ ،‬لن‬
‫اللباس إذا كان ضيقا فإنه يصف حجم البدن ويبين مقاطعه‪،‬‬
‫وكذلك إذا كان مفتوحا‪ ،‬فإنه يبين ما تحته‪ ،‬لنه ينفتح‪ ،‬فل يجوز‬
‫مثل هذا اللباس‪ ،‬وقال ـ حفظه الله ـ في موضع آخر‪ :‬أرى انسياق‬
‫المسلمين وراء هذه الموضة من أنواع اللبسة التي ترد علينا من‬
‫هنا وهناك‪ ،‬وكثير منها ل يتلءم مع الزي السلمي الذي يكون فيه‬
‫الستر الكامل للمرأة‪ ،‬مثل اللبسة القصيرة أو الضيقة جدا أو‬
‫رجل المرأة‪،‬‬ ‫الخفيفة‪ ،‬ومن ذلك لبس البنطلون فإنه يصف حجم ِ‬
‫وكذلك بطنها وخاصرتها وغير ذلك‪ ،‬فلبسته تدخل تحت الحديث‬
‫الصحيح السابق‪ ،‬فنصيحتي لنساء المؤمنين ولرجالهن أن يتقوا‬
‫الله ـ عز وجل ـ‪ ،‬وأن يحرصوا على الزي السلمي الساتر وأل‬
‫يضيعوا أموالهم في اقتناء مثل هذه اللبسة‪ ،‬أما عن حكم لبس‬
‫مثل هذه الملبس عند المحارم والنساء فقال‪ :‬وأما بين المرأة‬
‫والمحارم فإنه يجب عليها أن تستر عورتها‪ ،‬والضيق ل يجوز ل عند‬
‫المحارم ول عند النساء إذا كان الضيق شديدا يبين مفاتن المرأة‬
‫انتهى كلمه ـ حفظه الله ـ‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 294‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)ثانيًا( جعل قرار المرأة في بيتها هو الصل ‪:‬‬
‫در‬ ‫ة تُ َ‬
‫ق ّ‬ ‫ة شرعية‪ ،‬وخروجها منه رخص ٌ‬ ‫‪‬قرار المرأة في بيتها عزيم ُ‬
‫بقدرها‬
‫ن في‬ ‫وقْر َ‬‫فالصل لزوم النساء البيوت‪ ،‬لقول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬الحزاب‪.[33:‬‬ ‫بُيوِتك ّ‬
‫فهو عزيمة شرعية في حقهن‪ ،‬وخروجهن من البيوت رخصة ل‬
‫تكون إل لضرورة أو حاجة‪.‬‬
‫ولهذا جاء بعدها‪ :‬ول تبرجن تبرج الجاهلية الولى ‪ ‬أي‪ :‬ل‬
‫تكثرن الخروج متجملت أو متطيبات كعادة أهل الجاهلية ‪.‬‬
‫دور عن البروز‬ ‫خ ُ‬‫جدر والـ ُ‬ ‫والمر بالقرار في البيوت حجاب لهن بالـ ُ‬
‫أمام الجانب‪ ،‬وعن الختلط‪ ،‬فإذا برزن أمام الجانب‪ ،‬وجب‬
‫عليهن الحجاب باشتمال اللباس الساتر لجميع البدن‪ ،‬والزينة‬
‫المكتسبة ‪.‬‬
‫من نظر في آيات القرآن الكريم‪ ،‬وجد أن البيوت مضافة إلى‬ ‫‪‬و َ‬
‫النساء في ثلث آيات من كتاب الله تعالى‪ ،‬مع أن البيوت للزواج‬
‫أو لوليائهن‪ ،‬وإنما حصلت هذه الضافة –والله أعلم‪ -‬مراعاة‬
‫لستمرار لزوم النساء للبيوت‪ ،‬فهي إضافة إسكان ولزوم للمسكن‬
‫والتصاق به‪ ،‬ل إضافة تمليك ‪.‬‬
‫قال الله تعالى ‪ :‬وقرن في بيوتكن ‪] ‬الحزاب‪ ، [33 :‬وقال‬
‫سبحانه‪ :‬واذكرن ما يتلى في بيوتكم من آيات الله والحكمة ‪‬‬
‫]الحزاب‪ ،[34 :‬وقال عز شأنه‪ :‬ل تخرجوهن من بيوتهن ‪‬‬
‫]الطلق‪. [1 :‬‬
‫فمن أعظم صفات المرأة الصالحة أن تكون قاّرةً في بيتها امتثال ً‬
‫لقوله تعالى ‪:‬‬
‫لول َ ٰى ]الحزاب‪:‬‬ ‫ة ٱ ْ‬‫هل ِي ّ ِ‬‫ج ٰـ ِ‬‫ج ٱل ْ َ‬ ‫ن ت َب َّر َ‬‫ج َ‬‫ول َ ت َب َّر ْ‬ ‫ن َ‬‫فى ب ُُيوت ِك ُ ّ‬‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫َ‬
‫‪[33‬‬
‫ن ‪]‬الحزاب‪:[33:‬‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫تفسير قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫]*[ قال ابن كثير رحمه الله‪:‬‬
‫ن ‪] ‬الحزاب‪ ،[33 :‬أي الزمن‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬ ‫و َ‬‫وقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫بيوتكن‪ ،‬فل تخرجن لغير حاجة‪ ،‬ومن الحوائج الشرعية الصلة في‬
‫المسجد بشرطين متلزمين هما ‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة‬
‫والطيب‬
‫)‪ (2‬أن يخرجن وهن تفلت ‪ ،‬كما في الحاديث التية‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا إماء الله مساجد الله ‪‌ .‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 295‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬أيما امرأة أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء‬
‫الخرة ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلت‬
‫‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال القرطبي رحمه الله‪ :‬قوله تعالى‪} :‬وقرن{‪ ،‬قرأ الجمهور‬
‫قرن{‪ ،‬وقرأ عاصم ونافع بفتحها‪ .‬فأما القراءة الولى فتحتمل‬ ‫}و ِ‬
‫وجهين‪:‬‬
‫قَر َيقر وقاًرا أي سكن‪،‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن يكون من الوقار ‪ ،‬تقول‪ :‬و َ‬
‫قْرن)‪.(23‬‬
‫قْر‪ ،‬وللنساء ِ‬ ‫والمر ِ‬
‫والوجه الثاني‪ :‬أن يكون من القرار‪.‬‬
‫ثم قال رحمه الله‪ :‬معنى هذه الية‪ ،‬المر بلزوم البيت‪ ،‬وإن كان‬
‫الخطاب لنساء النبي ‪ ،‬فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ‪ ،‬هذا لو‬
‫لم يرد دليل يخص جميع النساء‪ ،‬كيف والشريعة طافحة بلزوم‬
‫النساء بيوتهن‪ ،‬والنكفاف عن الخروج منها إل لضرورة‪ .‬فأمر الله‬
‫تعالى نساء النبي ‪ ‬بملزمة بيوتهن‪ ،‬وخاطبهن بذلك تشري ً‬
‫فا‬
‫لهن‪ ،‬ونهاهن عن التبرج‪.‬‬
‫ضا‪ :‬ذكر الثعلبي وغيره عن عائشة رضي الله‬ ‫ثم قال رحمه الله أي ً‬
‫عنها‪ ،‬كانت إذا قرأت هذه الية تبكي حتى تبل خمارها‪.‬‬
‫وذكر أن سودة قيل لها‪ :‬لم ل تحجين وتعتمرين كما يفعل‬
‫أخواتك؟ فقالت‪ :‬قد حججت واعتمرت‪ ،‬وأمرني الله أن أقر في‬
‫بيتي‪ .‬قال الراوي‪ :‬فو الله ما خرجت من باب حجرتها‪ ،‬حتى‬
‫أخرجت جنازتها‪ ،‬رضوان الله عليها‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬أن ل‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫ثم قال رحمه الله‪ :‬ليس المراد بحكم ‪َ ‬‬
‫ُ‬
‫دا‪ ،‬بل المر أن قد أذن لهن أن‬ ‫تتخطى النساء عتبة بيتهن أب ً‬
‫يخرجن لحوائجهن‪.‬‬
‫ولكن هذا الذن ليس بمطلق غير محدود‪ ،‬ول هو غير مقيد‬
‫بشروط‪ ،‬فليس جائًزا للنساء أن يطفن خارج بيوتهن كما شئن‪،‬‬
‫ويخالطن الرجال بحرية في المجالس والنوادي‪ ،‬وإنما مراد الشرع‬
‫بالحوائج‪ :‬هو الحاجات الحقيقية التي لبد معها للنساء من أن‬
‫يخرجن من البيوت ويعملن خارجها‪.‬‬
‫ومن الظاهر أنه ل يمكن استيعاب جميع الصور الممكنة لخروج‬
‫)( يقول الشيخ المودودي رحمه ال‪ :‬فمعنى الية إًذا‪ :‬عشن في بيــوتكن بالســكينة والوقــار‪ .‬الحجــاب ص‬ ‫‪23‬‬

‫‪.307‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 296‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫النساء وعدم خروجهن‪ ،‬في جميع الزمان‪ ،‬ول من الممكن وضع‬
‫الضوابط والحدود لكل مناسبة من تلك المناسبات‪ ،‬غير أن المرء‬
‫يستطيع أن يتفطن لروح القانون السلمي ورجحانه‪ ،‬إذا نظر‬
‫فيما قرره النبي ‪ ،‬من الضوابط لخروج المرأة من البيت في‬
‫عامة أحوال الحياة‪ ،‬وما تناول به حدود الحجاب من الزيادة‬
‫والنقص بين آونة وأخرى‪ ،‬وأن يستخرج بنفسه حدود الحجاب‬
‫للحوال الفردية والشئون الجزئية‪ ،‬وقواعد الزيادة فيها والنقص‬
‫عا للحالت والملبسات‪.‬‬ ‫منها تب ً‬
‫ومن ذلك‪ ،‬الذن في حضور المساجد وحدوده‪ ،‬وخروج النساء في‬
‫الحج والجمعة والعيدين‪ ،‬وكذلك في زيارة القبور واتباع الجنائز‪،‬‬
‫وكذلك شهودهن الحرب‪ ،‬ففي كل ذلك ضوابط وحدود‪ ،‬وفي أخرى‬
‫موانع‪.‬‬
‫ومما يستدل به على جواز خروج النساء لحاجتهن‪ ،‬ما رواه مسلم‬
‫ضرب الحجاب ـ لحاجتها‪،‬‬ ‫عن عائشة قالت‪ :‬خرجت سودة بعدما ُ‬
‫فها ـ فرآها عمر بن‬ ‫تخفى على من يعر ُ‬ ‫وكانت امرأة جسيمة ل َ‬
‫الخطاب‪ ،‬فقال‪ :‬يا سودة‪ ،‬أما والله ما تخفين علينا‪ ،‬فانظري كيف‬
‫تخرجين‪ .‬قالت‪ :‬فانكفأت راجعة‪ ،‬ورسول الله ‪ ‬في بيتي‪ ،‬وإنه‬
‫دخلت‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إني‬ ‫ف َ‬ ‫ق‪َ ،‬‬ ‫عْر ٌ‬
‫ليتعشى وفي يده َ‬
‫خرجت لبعض حاجتي‪ ،‬فقال لي عمر كذا وكذا‪ ،‬قالت‪ :‬فأوحى الله‬
‫ضعه فقال‪" :‬إنه قد ُأذن‬ ‫عْرقَ في يده ما و َ‬ ‫ن ال َ‬
‫إليه ثم ُرفع عنه وإ ّ‬
‫‪.‬‬
‫لكن أن تخرجن لحاجتكن"‬
‫‪‬والمرأة المسلمة المستقيمة على شرع الله إذا خرجت لحاجة‬
‫التزمت بالضوابط التية‪:‬‬
‫قا من قوله‬ ‫)‪ (1‬خرجت لحاجة‪ ،‬ل للهو ول لضاعة الوقات‪ ،‬انطل ً‬
‫‪.‬‬
‫‪" :‬أذن لكن في الخروج لحاجتكن‬
‫)‪ (2‬وتستأذن زوجها أو وليها قبل الخروج‪ ،‬أما المرأة التي تدخل‬
‫بيتها وتخرج في أي وقت دون مبالة بأمر الزوج‪ ،‬فهي امرأة‬
‫شقية تجلب لنفسها المشاكل والخراب‪.‬‬
‫)‪ (3‬وتستتر بحجابها الشرعي الكامل‪ ،‬فل تكون من الكاسيات‬
‫العاريات‪ ،‬اللئي يرتدين من الملبس الشفاف أو الضيق أو‬
‫المزركش‪ ،‬ول تتعطر عند خروجها‪ ،‬أو تلبس ملبس الرجال‪،‬‬
‫فالمرأة الصالحة المتدينة في منأى عن هذه الصورة السيئة‪.‬‬
‫)‪ (4‬تغض من نظرها في سيرها فل تنظر هنا أو هناك لغير حاجة‪،‬‬
‫فضل ً عن النظر للرجل الجنبي لغير حاجة‪ ،‬وإذا احتاجت إلى‬
‫محادثته‪ ،‬تتحدث إليه بما تحتاجه فقط‪ ،‬ول تلين بصوتها ول تخضع‬
‫به لئل يطمع فيها من في قلبه مرض‪.‬‬
‫)‪ (5‬تمشي متواضعة في أدب وحياء وسكينة‪ ،‬ول تتخذ خلخل ول‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 297‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫حذاء يضرب على الرض بقوة‪ ،‬فُيسمع قرع حذائها فربما وقعت‬
‫َ‬
‫ما‬
‫م َ‬ ‫عل َ َ‬
‫ن ل ِي ُ ْ‬
‫ه ّ‬
‫جل ِ ِ‬
‫ن ب ِأْر ُ‬
‫رب ْ َ‬
‫ض ِ‬
‫ول ي َ ْ‬ ‫الفتنة‪ ،‬وقد قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬النور‪.[31 :‬‬ ‫ه ّ‬‫زين َت ِ ِ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫في َ‬
‫خ ِ‬
‫يُ ْ‬
‫)‪ (6‬ول تسافر سفر يوم وليلة إل مع ذي محرم لها امتثال ً لقول‬
‫النبي ‪ ‬في الحاديث التية ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر‬ ‫ل لمرأ ٍ‬‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل يح ُ‬
‫مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (‬
‫فا على ألف قرية‪ ،‬فما رأيت‬ ‫]*[ قال ابن العربي‪ :‬لقد دخلت ني ً‬
‫ل‪ ،‬ول أعف نساء من نساء نابلس‪ ،‬التي ُرمي‬ ‫نساء أصون عيا ً‬
‫الخليل ‪ ‬بالنار فها‪ ،‬فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق‬
‫نهاًرا إل يوم الجمعة‪ ،‬فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد‬
‫منهن‪ ،‬فإذا قضيت الصلة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على‬
‫واحدة منهن إل الجمعة الخرى)‪.(24‬‬
‫]*[ ويقول الشيخ أبو العلى المودودي رحمه الله‪ :‬ويقول التابعي‬
‫والمفسر الشهير قتادة بن دعامة‪ :‬إن مقامة المرأة ومستقرها‬
‫في البيت‪ ،‬وما وضعت عنهن واجبات خارج البيت إل ليلزمن‬
‫البيوت بالسكينة والوقار‪ ،‬ويقمن بواجبات الحياة العائلية‪ ،‬أما إن‬
‫كان بهن حاجة على الخروج‪ ،‬فيجوز لهن أن يخرجن من البيت‪،‬‬
‫بشرط أن يراعين جانب العفة والحياء‪ ،‬فل يكون في لباسهن بريق‬
‫أو زخرفة أو جاذبية‪ ،‬تجذب إليهن النظار‪ ،‬ول في نفوسهن من‬
‫حرص على إظهار زينتهن‪ ،‬فيكشفن تارة عن وجوههن‪ ،‬وأخرى‬
‫عن أيديهن‪ ،‬ول في مشيتهن شيء يستهوي القلوب‪ ،‬ول يلبسن‬
‫كذلك من الحلي ما يحلو وسواسه في المسامع‪ ،‬ول يرفعن‬
‫أصواتهن بقصد أن يسمعها الناس‪ .‬نعم‪ ،‬يجوز لهن التكلم في‬
‫حاجتهن‪ ،‬ولكنه يجب أن ل يكون في كلمهن لين وخضوع‪ ،‬ول في‬
‫لهجتهن عذوبة وتشويق‪.‬‬
‫كل هذه الضوابط والحدود إن راعتها النساء‪ ،‬جاز لهن أن يخرجن‬
‫‪.‬‬
‫لحوائجهن‬
‫]*[ ‪‬وبحفظ هذا الصل تتحقق المقاصد الشرعية التية ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـ‬

‫)( الجامع لحكام القرآن للقرطبي )‪ ،(8/5450‬ط‪ .‬دار الغد العربي‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 298‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪ (1‬مراعاة ما قضت به الفطرة‪ ،‬وحال الوجود النساني‪ ،‬وشرعة‬
‫رب العالمين‪ ،‬من القسمة العادلة بين عباده من أن عمل المرأة‬
‫داخل البيت‪ ،‬وعمل الرجل خارجه‪.‬‬
‫)‪ (2‬مراعاة ما قضت به الشريعة من أن المجتمع السلمي مجتمع‬
‫فردي ‪-‬أي غير مختلط‪ -‬فللمرأة مجتمعها الخاص بها‪ ،‬وهو داخل‬
‫البيت‪ ،‬وللرجل مجتمعه الخاص به‪ ،‬وهو خارج البيت ‪.‬‬
‫)‪ (3‬قرار المرأة في عرين وظيفتها الحياتية ‪-‬البيت‪ -‬يكسبها‬
‫الوقت والشعور بأداء وظيفتها المتعددة الجوانب في البيت‪:‬‬
‫زوجة‪ ،‬وأمّـا‪ ،‬وراعية لبيت زوجها‪ ،‬ووفاء بحقوقه من سكن إليها‪،‬‬
‫وتهيئة مطعم ومشرب وملبس‪ ،‬ومربية جيل‪.‬‬
‫وقد ثبت من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن‬
‫رسول الله‪ ‬قال‪ )) :‬المرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن‬
‫رعيتها (( متفق على صحته‪.‬‬
‫)‪ (4‬قرارها في بيتها فيه وفاء بما أوجب الله عليها من الصلوات‬
‫المفروضات وغيرها‪ ،‬ولهذا فليس على المرأة واجب خارج بيتها‪،‬‬
‫فأسقط عنها التكليف بحضور الجمعة والجماعة في الصلوات‪،‬‬
‫وصار فرض الحج عليها مشروطا ً بوجود محرم لها‪.‬‬
‫) حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي‬
‫داوود ( أن النبي ‪ r‬قال لزواجه في حجة الوداع‪ )) :‬هذه ثم ظهور‬
‫الحصر (( ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن كثير رحمه الله تعالى في التفسير ‪ ) :‬يعني‪ :‬ثم‬
‫ال َْزمن ظهور الحصر ول تخرجن من البيوت ( انتهى ‪.‬‬
‫حمد شاكر رحمه الله تعالى معلقا ً على هذا‬ ‫]*[ وقال الشيخ أ ْ‬
‫الحديث في ]عمدة التفسير‪: [3/11 :‬‬
‫)) فإذا كان هذا في النهي عن الحج بعد حجة الفريضة ‪-‬على أن‬
‫الحج من أعلى القربات عند الله‪ -‬فما بالك بما يصنع النساء‬
‫المنتسبات للسلم في هذا العصر من التنقل في البلد‪ ،‬حتى‬
‫ليخرجن سافرات عاصيات ماجنات إلى بلد الكفر‪ ،‬وحدهن دون‬
‫محرم‪ ،‬أو مع زوج أو محرم كأنه ل وجود له‪ ،‬فأين الرجال؟! أين‬
‫الرجال؟!! (( انتهى ‪.‬‬
‫وأسقط عنها فريضة الجهاد‪ ،‬ولهذا فإن النبي ‪ ‬لم يعقد راية‬
‫لمرأة قط في الجهاد‪ ،‬وكذلك الخلفاء بعده‪ ،‬ول انتدبت امرأة‬
‫لقتال ول لمهمة حربية‪ ،‬بل إن الستنصار بالنساء والتكثر بهن في‬
‫الحروب دال على ضعف المة واختلل تصوراتها‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 299‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث أم سلمة رضي الله عنها الثابت في صحيح الترمذي ( أنها‬
‫قالت‪ :‬يا رسول الله! تغزو الرجال ول نغزو‪ ،‬ولنا نصف الميراث؟‬
‫فأنزل الله ‪ :‬ول تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ‪. ‬‬
‫]*[ قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعالى تعليقا ً على هذا‬
‫الحديث في ]عمدة التفسير‪ )) : [157 /3 :‬وهذا الحديث يرد على‬
‫الكذابين المفترين ‪-‬في عصرنا‪ -‬الذين يحرصون على أن تشيع‬
‫الفاحشة بين المؤمنين‪ ،‬فيخرجون المرأة عن خدرها‪ ،‬وعن صونها‬
‫وسترها الذي أمر الله به‪ ،‬فيدخلونها في نظام الجند‪ ،‬عارية الذرع‬
‫والفخاذ‪ ،‬بارزة المقدمة والمؤخرة‪ ،‬متهتكة فاجرة‪ ،‬يرمون بذلك‬
‫في الحقيقة إلى الترفيه الملعون عن الجنود الشبان المحرومين‬
‫من النساء في الجندية‪ ،‬تشبها ً بفجور اليهود والفرنج‪ ،‬عليهن‬
‫لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة (( انتهى ‪.‬‬
‫)‪ (5‬تحقيق ما أحاطها به الشرع المطهر من العمل على حفظ‬
‫كرامة المرأة وعفتها وصيانتها‪ ،‬وتقدير أدائها لعملها في وظائفها‬
‫المنـزلية ‪.‬‬
‫وبه ُيعلم أن عمل المرأة خارج البيت مشاركة للرجل في‬
‫اختصاصه‪ ،‬يقضي على هذه المقاصد أو يخل بها‪ ،‬وفيه منازعة‬
‫للرجل في وظيفته‪ ،‬وتعطيل لقيامه على المرأة‪ ،‬وهضم لحقوقه؛‬
‫إذ ل بد للرجل من العيش في عالمين‪:‬‬
‫عالم الطلب والكتساب للرزق المباح‪ ،‬والجهاد والكفاح في طلب‬
‫المعاش وبناء الحياة‪ ،‬وهذا خارج البيت‪.‬‬
‫وعالم السكينة والراحة والطمئنان‪ ،‬وهذا داخل البيت‪ ،‬وبقدر‬
‫خروج المرأة عن بيتها يحصل الخلل في عالم الرجل الداخلي‪،‬‬
‫ويفقد من الراحة والسكون ما يخل بعمله الخارجي‪ ،‬بل يثير من‬
‫المشاكل بينهما ما ينتج عنه تفكك البيوت‪ ،‬ولهذا جاء في المثل ‪) :‬‬
‫جِني والمرأة َتـْبني ( ‪.‬‬‫الـرجل ي َ ْ‬
‫ومن وراء هذا ما يحصل للمرأة من المؤثرات عليها نتيجة الختلط‬
‫بالخرين‪.‬‬
‫إن السلم دين الفطرة‪ ،‬وإن المصلحة العامة تلتقي مع الفطرة‬
‫النسانية وسعادتها؛ إذا ً فل يباح للمرأة من العمال إل ما يلتقي‬
‫مع فطرتها وطبيعتها وأنوثتها؛ لنها زوجة تحمل وتلد وُترضع‪،‬‬
‫وَربّــة بيت‪ ،‬وحاضنة أطفال‪ ،‬ومربية أجيال في مدرستهم الولى‬
‫المنـزل ‪.‬‬
‫وإذا ثبت هذا الصل من أمر النساء بالقرار في البيوت‪ ،‬فإن الله‬
‫سبحانه وتعالى حفظ لهذه البيوت حرمتها‪ ،‬وصانها عن وصول‬
‫شك أو ريبة إليها‪ ،‬ومنع أي حالة تكشف عن عوراتها‪ ،‬وذلك‬
‫بمشروعية الستئذان لدخول البيوت من أجل البصر‪ ،‬فقال سبحانه‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 300‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تدخلوا بيوتا ً غير بيوتكم حتى تستأنسوا‬
‫وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون ‪ .‬فإن لم تجدوا‬
‫فيها أحدا ً فل تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا‬
‫فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم ‪ .‬ليس عليكم جناح‬
‫ع لكم والله يعلم ما تبدون‬ ‫أن تدخلوا بيوتا ً غير مسكونة فيها متا ٌ‬
‫وما تكتمون ‪] ‬النور‪27 :‬ـ ‪. [29‬‬
‫حتى تستأنسوا ‪ :‬أي تستأذنوا‪ ،‬وتسلموا‪ ،‬فيؤذن لكم ويرد عليكم‬
‫السلم ‪.‬‬
‫وقد تواردت السنن الصحيحة بإهدار عين من اطلع في دار قوم‬
‫بغير إذنهم‪ ،‬وأن من الدب للمستأذن أن ل يقف أمام الباب‪ ،‬ولكن‬
‫عن يمينه أو شماله‪ ،‬وأن يطرق الباب طرقا ً خفيفا ً من غير‬
‫مبالغة‪ ،‬وأن يقول‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬وله تكرار الستئذان ثلثا ً ‪.‬‬
‫كل هذا لحفظ عورات المسلمين وهن في البيوت‪ ،‬فكيف بمن‬
‫ينادي بإخراجهن من البيوت متبرجات سافرات مختلطات مع‬
‫الرجال؟ فالتزموا عباد الله بما أمركم الله به ‪.‬‬
‫وإذا بدت ظاهرة خروج النساء من بيوتهن من غير ضرورة أو‬
‫حاجة‪ ،‬فهو من ضعف القيام على النساء‪ ،‬أو فقده‪ ،‬وننصح الراغب‬
‫لجة‪ ،‬التي‬ ‫في الزواج‪ ،‬بحسن الختيار‪ ،‬وأن يتقي الخّراجة الو ّ‬
‫تنتهز فرصة غيابه في أشغاله‪ ،‬للتجول في الطرقات‪ ،‬ويعرف ذلك‬
‫بطبيعة نسائها‪ ،‬ونشأة أهل بيتها ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)ثالثًا( أمر الله تعالى بالستئذان على النساء وب َّين أن الستئذان‬
‫من أجل البصر ‪:‬‬
‫)حديث عبد الله بن بسر في صحيح أبي داود( أن النبي ‪ r‬كان إذا‬
‫أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه و لكن من ركنه‬
‫اليمن أو اليسر و يقول ‪ :‬السلم عليكم السلم عليكم ‪‌ .‬‬
‫ر‬
‫ل من جح ٍ‬ ‫طلع رج ٌ‬ ‫)حديث سهل بن سعد في الصحيحين( قال ‪ :‬ا ّ‬
‫ك به رأسه فقال ‪ :‬لو أعلم‬ ‫درى يح ُ‬ ‫م ْ‬‫ر النبي ‪ r‬ومع النبي ‪ِ r‬‬ ‫في حج ِ‬
‫أنك تنظر لطعنت به في عينك إنما جعل الستئذان من أجل البصر‬
‫‪‌.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)رابعًا( النهى عن إطلق البصر في المحرمات‪ ،‬والمر بغض‬
‫البصر‪:‬‬
‫أمر الله تعالى ونبيه ‪ ‬المؤمنين بغض البصر في آيات وأحاديث‬
‫كثيرة منها ‪:‬‬
‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫ظوا‬ ‫ح َ‬‫وي َ ْ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫ر ِ‬
‫صا ِ‬
‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬
‫ضوا ِ‬ ‫غ ّ‬‫ن يَ ُ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫قال تعالى ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫م إن الله خبير بما يصنعون ‪ ] ‬النور‪[ 30/‬‬ ‫ه ْ‬
‫ج ُ‬ ‫ُ‬
‫فُرو َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 301‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫فظ ْ َ‬ ‫ح َ‬‫وي َ ْ‬‫ن َ‬‫ه ّ‬‫ر ِ‬
‫صا ِ‬‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫ض َ‬
‫ض ْ‬
‫غ ُ‬‫ت يَ ْ‬‫مَنا ِ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ُ‬
‫وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫ن ‪‬‬ ‫ه ّ‬‫ج ُ‬ ‫ُ‬
‫فُرو َ‬
‫] النور‪[ 31/‬‬
‫هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين أن يغضوا من أبصارهم‬
‫عما حرم عليهم فل ينظروا إل إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن‬
‫يغمضوا أبصارهم عن المحارم‬
‫]*[ قال القرطبي رحمه الله ‪ :‬البصر هو الباب الكبر إلى القلب‬
‫وأعمر طرق الحواس إليه وبحسب ذلك كثر السقوط من جهته‬
‫ووجب التحذير منه وغضه واجب عن جميع المحرمات وكل ما‬
‫يخشى الفتنة من أجله وفي صحيح مسلم عن جرير عن عبد الله‬
‫قال ‪ :‬سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة‬
‫فأمرني أن أصرف بصري وهذا يقوي قول من يقول إن من‬
‫للتبعيض لن النظرة الولى لتملك فل تدخل تحت خطاب تكليف ‪.‬‬
‫] وقال‪[:‬وبدأ بالغض قبل الفرج لن البصر رائد للقلب كما أن‬
‫الحمى رائدة الموت وأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال‪ :‬ألم تر‬
‫فما تألف العينان فالقلب آلف ا‪.‬هـ‬ ‫أن العين للقلب رائد‬
‫تفسير القرطبي ‪222/ 12‬‬
‫]*[ ويقول ابن القيم كذلك كما في كتابه الجواب الكافي عندما‬
‫تكلم عن الزنا فقال‪:‬‬
‫ما على‬ ‫ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل المر بغضه مقد ً‬
‫حفظ الفرج فإن كل الحوادث مبدؤها من النظر تكون نظرة – ثم‬
‫تكون خطرة – ثم خطوة – ثم خطيئة فإما اللحظات فهى رائدة‬
‫الشهوة ورسولها وحفظها أصل حفظ الفرج فمن أطلق نظرة‬
‫أورد نفسه موارد الهلك والنظر أصل عامة الحوادث التي تصيب‬
‫النسان ومن آفاته‪ .‬أنه يورث الحسرات والزفرات والحرقات‬
‫فيرى النسان ما ليس قادًرا عليه ول صابًرا عنه وهذا من أعظم‬
‫العذاب‪.‬‬
‫ف رسول‬ ‫ل َرِدي ْ َ‬ ‫)حديث ابن عباس في الصحيحين( قال كان الفض ُ‬
‫ل ينظُر إليها وتنظُر‬ ‫الله ‪ ، r‬فقدمت امرأةٌ من خثعم ‪ ،‬فجعل الفض ُ‬
‫ق الخر ‪،‬‬ ‫ف وجه الفضل إلى الش ِ‬ ‫إليه ‪ ،‬وجعل رسول الله يصر ُ‬
‫فقالت يا رسول الله ‪ :‬إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت‬
‫ج عنه ؟ قال نعم ‪ .‬وذلك‬ ‫ت على الراحلة ‪ ،‬أفأح ُ‬ ‫شيخا ً كبيرا ً ل يثب ُ‬
‫في حجة الوداع ‪.‬‬
‫كتب على ابن‬ ‫)حديث أبي هريرة في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ُ :‬‬
‫آدم نصيبه من الزنا ‪ ،‬فهو مدرك ذلك ل محالة فالعينان زناهما‬
‫النظر و الذنان زناهما الستماع و اللسان زناه الكلم و اليد زناها‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 302‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫البطش و الرجل زناها الخطا و القلب يهوى و يتمنى و يصدق ذلك‬
‫الفرج أو يكذبه ‪‌ .‬‬
‫الشاهد ‪ :‬قوله ‪] r‬فالعينان زناهما النظر[ فبدا الرسول ‪ ‬بزنى‬
‫العين لنه اصل زنى اليد والرجل والقلب والفرج وهذا الحديث من‬
‫أبين الشياء على أن العين تعصى بالنظر وان ذلك زناها ‪.‬‬
‫]*[ قال الغزالي رحمه الله تعالى ‪ :‬ونبه به على أنه ل يصل إلى‬
‫حفظ الفرج إل بحفظ العين عن النظر وحفظ القلب عن الفكرة‬
‫وحفظ البطن عن الشبهة وعن الشبع فإن هذه محركات للشهوة‬
‫ومغارسها قال عيسى عليه السلم ‪ :‬إياكم والنظر فإنه يزرع في‬
‫القلب الشهوة وكفى بها لصاحبها فتنة ثم قال الغزالي ‪ :‬وزنا‬
‫العين من كبار الصغائر وهو يؤدي إلى الكبيرة الفاحشة وهي زنا‬
‫الفرج ومن لم يقدر على غض بصره لم يقدر على حفظ دينه ‪.‬‬
‫فيض القدير ج‪ 4 :‬ص‪65 :‬‬
‫) حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي‬
‫داوود ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من كان منكن يؤمن بالله واليوم الخر‬
‫فل ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم كراهة أن يرين من‬
‫عورات الرجال ‪.‬‬
‫‪‬بل جعل الرسول غض البصر من حقوق الطريق التي تلزم كل‬
‫جالس فيها حتى ل تتخذ الطرقات ذرائع للترفه بمحاسن النساء‬
‫وتأمل مفاتن الغاديات والرائحات‪.‬‬
‫)حديث أبي سعيد في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إياكم و‬
‫الجلوس في الطرقات ‪ ،‬قالوا يا رسول الله مل لنا منها بدٌ إنها‬
‫ث فيها ‪ ،‬قال فإذا أبيتم إل المجالس فأعطوا‬ ‫مجالسنا نتحد ُ‬
‫ق الطريق ؟ قال ‪ :‬غض البصر و‬ ‫الطريق حقه ‪ ،‬قالوا وما هو ح ُ‬
‫كف الذى و رد السلم و المر بالمعروف و النهي عن المنكر‪.‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫وقد أشار النبي ‪ ‬إلى علة النهي من التعرض من الفتنة و الثم‬
‫بمرور النساء وغيرهن وقد يمتد النظر إليهن أو فكر فيهن ‪.‬‬
‫‪‌‬تنبيه‪ :‬وفي الحديث مشروعية سد الذرائع التي بنيت عليها‬
‫فروع كثير فقهية ‪ ،‬فهذه الخصال من حقوق الطريق التي ُيلزم‬
‫بها الجالس عليها ومنها غض البصر وكفه عن النظر إلى النساء‬
‫وذلك في الماكن العامة التي هي مظنة مرور العرايا والمتبرجات‬
‫فان الجلوس في مثل هذه الماكن جريمة ومنكر ولسيما إذا‬
‫اعتاده النسان فانه يفسق بذلك وهذه صرخة إنذار لمن يعتادون‬
‫الجلوس على الطرقات ويتخذون من المقاهي مجالس للتسلية‬
‫والنظر لما حرم عليه‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 303‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬وقد كان السلف الصالح أشد إيمانا وأكثر عمل ومع هذا فإنهم ل‬
‫يأمنون على أنفسهم فتنة النساء‪.‬‬
‫‪‬فكان انس يقول‪ :‬إذا مرت بك امرأة فغض عينك حتى تجاوزك‬
‫‪‬وكان الربيع ابن خثيم‪:‬‬
‫يمشى فمر به نسوه فغض بصره وأطرق حتى ظن النسوة انه‬
‫أعمى فتعوذن بالله من العمى‪.‬‬
‫‪ ‬وقال وكيع خرجنا مع الثوري في يوم عيد فقال‪ :‬إن أول ما نبدأ‬
‫به في يومنا غض أبصارنا‬
‫‪‬وخرج حسان بن أبي سنان يوم عيد ‪ :‬فلما عاد فقالت له امرأته‬
‫كم من امرأة حسناء قد رأيت؟ فقال‪ :‬والله ما نظرت إل في‬
‫إبهامي منذ خرجت من عندك إلى أن رجعت إليك‪.‬‬
‫الله اكبر إنها قلوب غفت عن الحرام فعوضها الله خيرا وأذاقها‬
‫حلوة اليمان‪.‬‬
‫أين هؤلء ممن يطلقون البصر ليل نهار‪.‬‬
‫أين هؤلء ممن يتابع مشاهد الفجور في التلفاز والفضائيات‪.‬‬
‫أين هؤلء ممن يجلسون على المقاهي والطرقات ينظرون إلى‬
‫الغاديات والرائحات‪.‬‬
‫أين هؤلء ممن يجلسون في الندية ينظرون إلى كل رائحة‬
‫وغادية‪.‬‬
‫‪‬قال الصمعي ‪ :‬رأيت جارية في الطواف كأنها مهاة فجعلت‬
‫أنظر إليها وأمل عيني من محاسنها فقالت لي ‪:‬يا هذا ما شأنك‬
‫قلت ‪:‬وما عليك من النظر فأنشأت تقول ‪:‬‬
‫لقلبك يوما أتعبتك‬ ‫وكنت متى أرسلت طرفك رائدا‬
‫المناظر‬
‫عليه ول عن بعضه أنت صابر‬ ‫رأيت الذي ل كله أنت قادر‬
‫‪‬نظر رجل إلى امرأة عفيفة فقالت ‪ :‬يا هذا غض بصرك عما ليس‬
‫لك تنفتح بصيرتك فترى ما هو لك ‪ .‬نفح الطيب للتلمساني ‪/ 5‬‬
‫‪314‬‬
‫‪‬والنظرة تفعل في القلب ما يفعل السهم في الرمية فإن لم‬
‫تقتله جرحته وهي بمنزلة الشرارة من النار ترمى في الحشيش‬
‫اليابس فإن لم يحرقه كله أحرقت بعضه كما قيل ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 304‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كل الحوادث مبدأها من النظرومعظم النار من مستصغر الشرر‬
‫كم نظرة فتكت في قلب صاحبهافتك السهام بل قوس ول وتر‬
‫في أعين الغير موقوف على الخطر‬
‫والمرء ما دام ذا عين يقلبها‬
‫ل مرحبا بسرور عاد بالضرر‬
‫يسر مقلته ما ضر مهجته‬

‫‪‬والناظر يرمي من نظره بسهام غرضها قلبه وهو ل يشعر فهو‬


‫إنما يرمي قلبه ولي من أبيات ‪:‬‬
‫أنت القتيل بما ترمي فل‬ ‫يا راميا بسهام اللحظ مجتهدا‬
‫تصب‬
‫توقـه إنـه يأتيك بالعطب ‪.‬‬ ‫وباعث الطرف يرتاد الشفاء له‬
‫روضة المحبين ج‪ 1 :‬ص‪9 :‬‬
‫مسألة ‪ :‬ماذا يصنع النسان إذا وقع نظره فجأة على ما ل يح ُ‬
‫ل له‬
‫د منه ؟‬
‫دون قص ٍ‬
‫الجواب ‪ :‬أنه يجب عليه أن يصرف بصره مباشرة بنص السنة‬
‫الصحيحة‬
‫)حديث جرير بن عبد الله البجلي في صحيح مسلم( قال‪ :‬سألت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف‬
‫بصري‪.‬‬
‫)حديث ُبريدة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪ r‬قال‬
‫لعلي يا علي ل تتبع النظرةَ النظرة فإن لك الولى وليس لك‬
‫الخرة ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬ويجب على المسلم أن يغض بصره عن بيوت الناس ‪:‬‬
‫]*[ قال ابن القيم رحمه الله تعالى ‪ :‬ومن النظر الحرام النظر‬
‫إلى العورات وهي قسمان ‪:‬عورة وراء الثياب ‪،‬وعورة وراء‬
‫البواب‪ .‬ا‪.‬هـ مدارج السالكين ج‪ 1 :‬ص‪117 :‬‬
‫]*[ وقال ابن تيمية ‪ :‬وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما‬
‫اشبهها من النظر إلى المحرمات فإنه يتناول الغض عن بيوت‬
‫الناس فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه وقد ذكر سبحانه‬
‫غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الستئذان ‪ ،‬وذلك أن البيوت‬
‫سترة كالثياب التي على البدن ‪ ،‬كما جمع بين اللباسين فى قوله‬
‫تعالى ‪ ‬والله جعل لكم مما خلق ظلل ً وجعل لكم من الجبال‬
‫أكنانا ً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم ‪‬‬
‫فكل منهما وقاية من الذى الذى يكون سموما مؤذيا كالحر‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 305‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والشمس والبرد وما يكون من بنى آدم من النظر بالعين واليد‬
‫وغير ذلك ‪ .‬ا‪.‬هـ مجموع الفتاوى ‪379 /15‬‬
‫‪‬وقد بين النبي ‪ r‬في سنته الصحيحة أنما جعل الستئذان من‬
‫أجل البصر ‪‌ .‬‬
‫ر‬
‫ل من جح ٍ‬ ‫ّ‬
‫)حديث سهل بن سعد في الصحيحين( قال ‪ :‬اطلع رج ٌ‬
‫ك به رأسه فقال ‪ :‬لو أعلم‬ ‫درى يح ُ‬ ‫ر النبي ‪ r‬ومع النبي ‪ِ r‬‬
‫م ْ‬ ‫في حج ِ‬
‫أنك تنظر لطعنت به في عينك إنما جعل الستئذان من أجل البصر‬
‫‪‌.‬‬
‫)حديث عبد الله بن بسر في صحيح أبي داود( أن النبي ‪ r‬كان إذا‬
‫أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه و لكن من ركنه‬
‫اليمن أو اليسر و يقول ‪ :‬السلم عليكم السلم عليكم ‪‌ .‬‬
‫‪‬كلمة إلى الذين ي ُطِْلقون أبصارهم ول يغضونها ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫‪‬إلى كل رجل أو امرأة نظرا إلى الحرام فليعلم الجميع ‪:‬‬
‫أن هذه النظرة ما هي إل سهم مسموم فان أصابك سهم قتلك‬
‫فكيف وان هذا السهم مسموم‪.‬‬
‫ل تظن أن هذه النظرة ستروى ظمئك فما أنت بذلك إل كالذي‬
‫يشرب ن ماء البحر فكلما ازداد شربا ازداد عطشا ويظل هكذا‬
‫حتى يقتله‪.‬‬
‫ولخطورة المر انظر إلى هذا الرجل الذي نظر إلى امرأة نصرانية‬
‫حُبها في قلبه فراودها عن نفسها فطلبت منه أن‬ ‫فأعجبته ووقع ُ‬
‫يتنصر فتنصر ومات على النصرانية ولو غض الطرف ما كان هذا‪.‬‬
‫دوُر{‬‫ص ُ‬
‫في ال ّ‬‫خ ِ‬
‫ما ت ُ ْ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫ة اْل َ ْ‬
‫عي ُ ِ‬ ‫خائ ِن َ َ‬
‫م َ‬‫عل َ ُ‬
‫‪‬ألم تسمع قوله تعالي‪} :‬ي َ ْ‬
‫]غافر‪[19/‬‬
‫]*[ قال ابن عباس في هذه الية‪ :‬هو الرجل يكون في القوم‬
‫فتمر به المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها فان رأى منهم غفلة‬
‫نظر إليها فان خاف أن يفطنوا إليه غض بصره وقد اطلع الله عز‬
‫وجل من قلبه انه يود لو نظر إلى عورتها‪.‬‬
‫]*[ سئل الجنيد بما يستعان على غض البصر؟‬
‫قال بعلمك أن نظر الله إليك اسبق إلى ما تنظر إليه‪.‬‬
‫]*[ قال المام احمد ‪:‬‬
‫خلوت ولكن قل على رقيــــب‬ ‫إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقـــــل‬
‫ول أن ما تخفي عليــــه يغيب‬ ‫ول تحسبن الله يغفل ساعـــــــة‬
‫]*[ وصدق أبو العلى المودودي حيث قال ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 306‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫من الذي يكابر في أن كل ما يحدث في الدنيا إلى هذا اليوم ول‬
‫يزال يحدث فيها من الفحشاء والفجور باعثه الول والعظم هو‬
‫فتنة النظر‪.‬‬
‫]*[ ‪‬غض البصر للنساء ‪:‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله في شرحه على مسلم )‪»: (10/96‬‬
‫الصحيح الذي عليه جمهور العلماء وأكثر الصحابة أنه يحرم على‬
‫المرأة النظر إلى الجنبي كما يحرم عليه النظر إليها لقوله تعالى‬
‫قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من‬
‫أبصارهن ولن الفتنة مشتركة « ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن الجوزي في أحكام النساء )‪:( 60‬‬
‫» وينبغي للمرأة أن تغض طرفها عن الرجال ‪ ،‬كما يؤمر الرجال‬
‫بالغض عنها ‪ ،‬وقد اختلفت الرواية عن أحمد بن حنبل ‪ -‬رحمه الله‬
‫‪ -‬فيما يجوز للمرأة أن ترى من الرجل الجنبي ‪ ،‬فروى عنه ‪ ،‬أنه‬
‫يجوز لها أن ترى منه ما ليس بعورة ‪ ،‬وروي عنه أنه يحرم عليها‬
‫أن تنظر منه ما يحرم عليه أن ينظر منها‪ .‬واعلم أن أصل العشق‬
‫إطلق البصر ‪ ،‬وكما يخاف على الرجل من ذلك يخاف على‬
‫المرأة ‪ ،‬وقد ذهب دين خلق كثير من المتعبدين بإطلق البصر وما‬
‫جلبه ‪ ،‬فليحذر من ذلك « ‪.‬‬
‫وقال أيضا ً في )‪ » : ( 43‬ومن المنكرات اطلع النساء على‬
‫الشباب إذا اجتمعوا في الدعوات لنه ل يؤمن الفتنة « )‪. (25‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)خامسًا( نهى عن الخلوة بالمرأة الجنبية ‪:‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هي الخلوة المحرمة ؟‬
‫الخلوة المحرمة ‪ :‬هي أن ينفرد رجل بامرأة أجنبية عنه ‪ ،‬في غيبة‬
‫عن أعين الناس ‪ ،‬وهي من أفعال الجاهلية وكبائر الذنوب ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬ما هو الدليل على تحريمها ؟‬
‫)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ل‬
‫ة إل مع ذي محرم ‪ ،‬فقام رجل فقال يا رسول‬ ‫يخلون رج ٌ‬
‫ل بامرأ ٍ‬
‫الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال ‪:‬‬
‫ارجع فحج مع امرأتك (‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬ل يخلون رجل بامرأة إل كان‬
‫ثالثهما الشيطان« ‪ ،‬وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد‪.‬‬

‫‪ ()25‬ينظر لزاما ً ‪ :‬أحكام النظر وغائلته وما يجني على صاحبه ‪ ,‬وفوائد غض البصر في‬
‫فتاوى ابن تيمية )‪ (15/140‬تفسير سورة النور ‪ ,‬وكتاب روضة المحبين ونزهة‬
‫المشتاقين للمام ابن القيم )ص ‪. (83‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 307‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فقوله ‪ » r‬إل كان ثالثهما الشيطان « يشمل أتقى الناس ‪،‬‬
‫ً‬
‫وأفجر الناس ‪ ،‬والشريعة ل تستثني من مثل هذه النصوص أحدا ‪.‬‬
‫فل يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء في بيت أو سيارة‬
‫أو غير ذلك ‪.‬‬
‫وهذا يعم جميع الرجال ‪ ,‬ولو كانوا صالحين أو مسنين ‪ ،‬وجميع‬
‫ن صالحات أو عجائز ‪.‬‬
‫النساء ‪ ،‬ولو ك ّ‬
‫)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إياكم و‬
‫الدخول على النساء قالوا ‪ :‬يا رسول الّله أرأيت الحمو قال ‪:‬‬
‫الحمو الموت ‪.‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير ‪:‬‬
‫) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه‬
‫المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء‬
‫‪،‬وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر‬
‫العلة والقصد به غير ذوات المحارم ‪ ،‬ذكر الغزالي أن راهبا ً من‬
‫بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما‬
‫زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها‬
‫فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها‬
‫ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه‬
‫وحصروه فقال له الشيطان ‪ :‬اسجد لي تنج فسجد له ‪ ،‬فانظر‬
‫إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية‬
‫وجعلها عنده‬
‫‪) ‬قال ‪ :‬الحمو الموت( والحمو أخو الزوج وقريبه ‪ ،‬الحمو‬
‫الموت ‪ :‬أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في الستقباح‬
‫والمفسدة فهو ‌ محرم شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر‬
‫بتشبيهه الموت لتسامح الناس في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من‬
‫المرأة وخرج هذا مخرج قولهم السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه‬
‫وكذا دخول الحمو عليها يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها‬
‫بطلقها عند غيرة الزوج أو برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك‬
‫في هذا الباب حتى منع ما يجر إلى التهم كخلوة امرأة بابن زوجها‬
‫وإن كانت جائزة لن موقع امتناع الرجل من النظر بشهوة لمرأة‬
‫أبيه ليس كموقعه منه لمه هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية‬
‫وذاك أنست به النفس الشهوانية‪.‬‬
‫]*[ قال النووي في شرحه على مسلم )‪: (14/154‬‬
‫» الحمو الموت « معناه أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع‬
‫منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير‬
‫أن ينكر عليه بخلف الجنبي «‪.‬‬
‫‪‬وقوله الحمو الموت له عدة معان منها ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 308‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أن الخلوة بالحمو قد تؤدي إلى هلك الدين إن وقعت المعصية ‪.‬‬
‫أو تؤدي إلى الموت إن وقعت الفاحشة ‪ ،‬ووجب حد الرجم ‪.‬‬
‫أو إلى هلك المرأة بفراق زوجها لها إذا حملته الغيرة على‬
‫تطليقها ‪.‬‬
‫أو المقصود احذروا الخلوة بالجنبية كما تحذرون الموت ‪.‬‬
‫أو أن الخلوة مكروهة كالموت ‪.‬‬
‫وقيل أي فليمت الحمو ول يخلو بالجنبية ‪.‬‬
‫وكل هذا من حرص الشريعة على حفظ البيوت ‪ ،‬ومنع معاول‬
‫التخريب من الوصول إليها ‪.‬‬
‫مسألة ‪ :‬بعض الناس يتذرعون بمسألة الثقة ‪ ،‬ويقولون أنا أثق‬
‫بزوجتي ‪ ،‬وأثق بأخي ‪ ،‬وابن عمي فما الجواب ؟‬
‫الجواب أن نقول ‪ :‬ل ترفعوا ثقتكم ول ترتابوا فيمن ل ريبة فيه ‪،‬‬
‫ولكن اعلموا‬
‫أنه من المعلوم شرعا ً أنه ل يخلون رجل بامرأة إل كان الشيطان‬
‫ثالثهما بنص السنة الصحيحة كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬ل يخلون رجل بامرأة إل كان‬
‫ثالثهما الشيطان« ‪ ،‬وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد‪.‬‬
‫فقوله ‪ » r‬إل كان ثالثهما الشيطان « يشمل أتقى الناس ‪،‬‬
‫وأفجر الناس ‪ ،‬والشريعة ل تستثني من مثل هذه النصوص أحدا ً ‪.‬‬
‫فل يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء في بيت أو سيارة‬
‫أو غير ذلك ‪.‬‬
‫]*[ قال شيخ السلم في الختيارات الفقهية )‪: (291‬‬
‫» وتحرم الخلوة بغير محرم ‪ ،‬ولو بحيوان يشتهي المرأة ‪ ،‬أو‬
‫تشتهيه ‪ ،‬كالقرد « )‪! (26‬‬
‫‪‬فإذا كان أهل العلم ينهون عن خلوة المرأة بحيوان يشتهيها‪،‬‬
‫فكيف بخلوتها بالخادم والسائق؟!‬
‫وقد صرح المام القرطبي في تفسير سورة الممتحنة أن الخلوة‬
‫بغير محرم من الكبائر ومن أفعال الجاهلية )‪. (27‬‬
‫ذريعة إلى الفاحشة أو‬ ‫‪‬والحكمة من تحريم الخلوة هي‪ :‬سد ال ّ‬
‫القتراب منها ‪ ,‬حتى يظل المرء واقفا ً على مسافة بعيدة قبل أن‬
‫ها{‬ ‫فَل ت َ ْ‬
‫قَرُبو َ‬ ‫ه َ‬‫دودُ الل ّ ِ‬
‫ح ُ‬
‫ك ُ‬ ‫يفضي إلى حدود الجريمة الصلية ‪} ,‬ت ِل ْ َ‬
‫]البقرة‪. [187 :‬‬

‫‪()26‬ينظر كتاب أحكام النساء لبن الجوزي )‪(33‬‬


‫‪ ()27‬انظر كتاب تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين )ص ‪ (227‬للمام ابن النحاس‬
‫رحمه الله ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 309‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)سادسًا( نهى عن سفر المرأة لوحدها بل محرم ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل يح ُ‬
‫ل لمرأ ٍ‬
‫مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (‬
‫)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ل‬
‫ة إل مع ذي محرم ‪ ،‬فقام رجل فقال يا رسول‬ ‫ل بامرأ ٍ‬ ‫يخلون رج ٌ‬
‫الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال ‪:‬‬
‫ارجع فحج مع امرأتك (‬
‫)حديث ابن عباس الثابت في صحيح مسلم ( سمعت النبي ‪r‬‬
‫يخطب يقول ل يخلون رجل بامرأة إل ومعها ذو محرم ول تسافر‬
‫المرأة إل مع ذي محرم فقام رجل فقال يا رسول الله إن امرأتي‬
‫خرجت حاجة وأني اكتتبت في غزوة كذا وكذا قال انطلق فحج مع‬
‫امرأتك (‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)سابعا ً ( عدم اختلط المرأة بالرجال ‪:‬‬
‫‪‬الختلط أمره خطير‪ ،‬وشره مستطير ‪ ،‬بل هو أصل كل بلية‬
‫ل رذية ‪:‬‬ ‫ومنبع ك ِ‬
‫حكما ً لعلك‬
‫خطاب في موضوع الختلط تعريفا ً و ُ‬ ‫ل ال ِ‬‫‪‬وإليك فص ُ‬
‫ل الصدى ويروي الغليل ‪:‬‬ ‫تجد فيه ما ي َب ِ ُ‬
‫‪‬تعريف الختلط‬
‫]*[ قال بعض العلماء‪:‬‬
‫الختلط هو اجتماع الرجال بالنساء غير المحارم في مكان واحد‬
‫يمكنهم منه التصال فيما بينهم بالنظر والشارة أو الكلم أو‬
‫البدن من غير حائل أو مانعا ً يدفع الريبة والفساد‪.‬‬
‫]*[ ‪‬خطورة الختلط ‪:‬‬
‫‪‬الختلط باب من أبواب الزنا والعياذ بالله يلج النسان من خلله‬
‫إلى هذه الفاحشة ‪ ،‬والعفة حجاب يمزقه الختلط والذي هو‬
‫بمثابة غدة سرطانية تسرى في كيان المجتمع فتوهنه وتضعفه‪.‬‬
‫‪‬جاء في بروتوكولت زعماء صهيون قولهم ‪:‬‬
‫يجب أن نعمل لتنهار الخلق في كل مكان فتسهل سيطرتنا‪ -‬وأن‬
‫فرويد منا نحن اليهود‪ -‬وسيظل يعرض العلقات الجنسية في ضوء‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 310‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫الشمس لكي ل يبقى‪ -‬عند النسان‪ -‬شيء مقدس ويصبح همه‬
‫الكبر إرواء غرائزه الجنسية وعندئذ تنهدّ الخلق"‪.‬‬
‫]*[ ‪‬نظرية فرويد الخبيثة تقول‪:‬‬
‫ب المشاعر ويقلل من فرصة الفتنة والستثارة ‪.‬‬ ‫هذّ ُ‬
‫إن الختلط ي ُ َ‬
‫‪‬ولكن‪ :‬ردا ً على هذه النظرية نقول ‪:‬‬
‫وهل تهذيب المشاعر وتقليل الفتنة والستثارة في دول الغرب‬
‫قل َ ّ‬
‫ل‬ ‫والتي تشجع على الختلط المفتوح قد هذبت! وهل الختلط َ‬
‫من فرصة الفتنة والستثارة كما يزعمون ‪ ..‬الحقيقة تثبت عكس‬
‫ذلك‪ .‬والشاهد والحصائيات على جرائم الزنا خير دليل على أن‬
‫الخلص هو عدم الختلط‪.‬‬
‫ة أن أشد الفتن على الرجال‬ ‫‪‬ومن المعلوم شرعا ً وعقل ً وبداه ً‬
‫هي فتنة النساء ولذا حذر منها النبي ‪. ‬‬
‫)حديث أسامة الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ما تركت‬
‫بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ‪.‬‬
‫‪‬ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء‬
‫]*[ قال مجاهد ‪ :‬إذا أقبلت المرأة جلس الشيطان على رأسها‬
‫فزينها لمن ينظر فإذا أدبرت جلس على عجزها فزينها لمن‬
‫ينظر ‪ .‬ا‪.‬هـ تفسير القرطبي ج‪ 12 :‬ص‪227 :‬‬
‫]*[ وقال المناوي ‪:‬ما يثق ] أي الشيطان [في صيده التقياء‬
‫بشيء من آلت الصيد وثوقه بالنساء ‪.‬‬
‫) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف‬
‫تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بنى إسرائيل‬
‫كانت في النساء ‪.‬‬
‫) حديث جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن المرأة تقبل في صورة شيطان‬
‫وتدبر في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن‬
‫ذلك يرد ما في نفسه‪.‬‬
‫‪‬ولهذا شرع لنا الدين التفريق والمباعدة بين المرأة والرجل‬
‫الجنبي عنها لكن هناك من يحاول تحطيم هذه الموانع والفواصل‬
‫بين المرأة والرجل بدعوى التقدم والحضارة أو تأثرا ً بالغرب ودعاة‬
‫الباحة مثل فرويد ‪ ،‬ونجح القوم في غياب الوعي الديني أن‬
‫يخترقوا هذه الحواجز ويزيلوا هذه الموانع فكان الختلط والذي‬
‫يبدأ في رياض الطفال مرورا ً بالمدارس والكليات وانتهاء‬
‫بالختلط في العمل‪ .‬فضل ً عن الختلط في وسائل المواصلت‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 311‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وشتى نواحي الحياة‪ .‬فأصبح الختلط ظاهرة اجتماعية مألوفة‬
‫عد تخلف ورجعية‪.‬‬ ‫وأن الدعوة إلى عدم الختلط ي ُ‬
‫عاةُ الختلط أن الله‪ ‬جبل الرجل للميل إلى النساء‬ ‫م دُ َ‬
‫عل ِ َ‬
‫ما َ‬
‫‪‬أ َ‬
‫وجبل النساء للميل إلى الرجال مع وجود في كل ً من الجنسين‬
‫ضعف ولين ومع وجود النفس المارة بالسوء ومع وجود الهوى‬
‫الذي يعمى ويصم ومع وجود الشيطان الذي يأمر بالفحشاء‬
‫والمنكر ‪ ،‬وأن الشرع الحنيف أمرنا باجتناب الفتن وأن ننأى‬
‫بنفسنا عنها وليس أن ننغمس فيها‬
‫) حديث عمران بن حصين رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي‬
‫داوود ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬من سمع بالدجال فلينأ عنه ‪ ،‬فو الله إن‬
‫الرجل ليأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فيتبعه مما يبعث به من‬
‫الشبهات‬
‫‪‬وعلى هذا فإنه يجب علينا أن نجتنب الفتن لن من زرع الشوك‬
‫ل يجني عنبا ً وأن من ألقى بنفسه في النار أحرقته وليس له أن‬
‫يقول للنار كوني بردا ً وسلما ً كما كنت على إبراهيم ‪.‬‬
‫ول شك أن الرجل الذي يأذن بخروج امرأته من غير ضرورة يكون‬
‫فاقد الغيرة ذاهب الحياء‪.‬‬
‫‪‬ومن المعلوم شرعا إن الحياء اليمان فإذا فقد المرء الحياء‬
‫يوشك أن يتبعه اليمان‬
‫)حديث ابن عمر في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن الحياء و‬
‫ع أحدهما رفع الخر ‪‌ .‬‬ ‫ف َ‬
‫اليمان قرنا جميعا فإذا ُر ِ‬
‫‪‬فالحذر الحذر يا أولياء المور من السماح للنساء بالخروج من‬
‫غير ضرورة متبرجات متعطرات حتى ننأى بأنفسنا من الدخول‬
‫فيمن حذر منهم النبي وحرم عليهم الجنة ‪،‬‬
‫‪‬واعلموا أنكم موقوفون بين يدي الله تعالى غدا ً ‪ ،‬ومسئولون‬
‫عنهن ‪،‬‬
‫)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪) :‬كلكم راع مسئول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع وهو مسئول‬
‫عن رعيته‪ ،‬والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة‬
‫في بيت زوجها راعية‪ ،‬وهي مسئولة عن رعيتها‪ ،‬والخادم في مال‬
‫سيده راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن‬
‫رعيته(‪.‬‬
‫) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن الله‬
‫تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى‬
‫يسأل الرجل عن أهل بيته ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 312‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬احذروا‪ " :‬الخلوة ‪ ،‬والختلط ‪ ،‬والتبرج " فإنها والزنى رفيقان ل‬
‫يفترقان ‪ ،‬وصنوان ل ينفصمان غالبا ً ‪.‬‬
‫‪‬واعلموا‪ :‬أن الستر والصيانة هما أعظم عون على العفاف‬
‫والحصانة ‪ ،‬وأن احترام القيود التي شرعها السلم في علقة‬
‫الجنسين هو صمام المن من الفتنة والعار ‪ ،‬والفضيحة والخزي ‪.‬‬
‫‪‬احذروا‪ :‬أجهزة الفساد السمعية منها والبصرية التي تغزوكم في‬
‫ف‬‫عقر داركم ‪ ،‬وهي تدعو نسائكم وأبناءكم إلى الفتتان ‪ ،‬وُتضع ُ‬
‫عه ‪ ،‬فكيف رؤيته؟!‬ ‫منهم اليمان ‪ ،‬وقد قيل‪ :‬حسبك من شّر سما ُ‬
‫صونوا بناتكم وزوجاتكم ول تتهاونوا فتعرضوهن للجانب ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن القيم رحمه الله عليه‪.‬‬
‫أن ولي المر يجب عليه أن يمنع اختلط الرجال بالنساء في‬
‫فَرج‪.‬‬ ‫السواق وال ُ‬
‫]*[ولله در القائل‬
‫مثل السباع تطوف‬ ‫إن الرجال الناظرين إلى النساء‬
‫ن‬‫باللحما ِ‬
‫عوض ول أثمـان‬ ‫أكلت بل ِ‬ ‫إن لم تصن تلك اللحوم أسودها‬
‫فيا أيها الرجال أنتم المسئولون بين يدي رب العلمين عن نساءكم‬
‫وما يفعلن فقد جعل الله لكم القوامة عليهن وجعل أمر تأديبهن‬
‫وتهذبين في أيديكم وأوجب عليكم إرشادهن والمحافظة عليهن‬
‫فكل وزر يقع منهن واقع على رءوسكم وانتم مؤاخذون به يوم‬
‫القيامة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هِليك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫قوا أن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫مُنوا ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫وأذكركم بقوله تعالي ‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ن‬‫صو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫شدادٌ ل ّ ي َ ْ‬‫ظ ِ‬ ‫غل ٌ‬ ‫ملئ ِك َ ٌ‬
‫ة ِ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫جاَرةُ َ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ح َ‬ ‫س َ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫قودُ َ‬ ‫و ُ‬‫َنارا ً َ‬
‫َ‬
‫ن{ )التحريم ‪(10‬‬ ‫مُرو َ‬ ‫ؤ َ‬‫ما ي ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬‫وي َ ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬‫مَر ُ‬‫ما أ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫]*[ ‪‬من صور الختلط المحرم ‪:‬‬
‫]*[ ‪‬ومن صور الختلط المحرم والتي انتشرت في المجتمع‬
‫السلمي ما يلي ‪:‬‬
‫)‪ (1‬اختلط الولد الذكور والناث بعد التمييز‪ -‬ولو كانوا أخوه‪ -‬في‬
‫المضاجع فقد أمر النبي ‪ ‬بالتفريق بينهم في المضاجع‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع‬
‫سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في‬
‫المضاجع ‪.‬‬
‫)‪ (2‬اتخاذ الخدم الرجال واختلطهم بالنساء والعكس‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 313‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)‪ (3‬استقبال المرأة أقارب زوجها الجانب أو أصدقائه في حال‬
‫ل وممازحتهم )ولو كان صاحب‬ ‫غيابه ومجالستهم والكلم معهم ب ْ‬
‫أو صديق لصبحت خلوه(‪.‬‬
‫)‪ (4‬الختلط في دور التعليم كالمدارس والجامعات والمعاهد‬
‫والدروس الخصوصية‪.‬‬
‫)‪ (5‬الختلط في وسائل المواصلت‪.‬‬
‫)‪ (6‬الختلط في الوظائف والندية والسواق والمستشفيات‪.‬‬
‫)‪ (7‬الختلط بين الجيران وفي الزيارات العائلية‪.‬‬
‫الختلط في العراس )الفراح( والحفلت‪.‬‬
‫]*[ ‪‬أدلة تحريم الختلط ‪[*]‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫ثبت تحريم الختلط بالكتاب والسنة الصحيحة بما يقطع ألسنة‬
‫الذين في قلوبهم مرض والداعين إلى الختلط ‪ ،‬وهاك فصل‬
‫الخطاب في الدلة من الوحيين الشريفيين الكتاب والسنة‬
‫الصحيحة ‪:‬‬
‫أول ً الدلة من كتاب الله تعالى ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫الدليل الول ‪:‬‬
‫َ‬
‫سأُلو ُ‬ ‫مَتاعا ً َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫جا ٍ‬ ‫ح َ‬
‫ء ِ‬‫وَرا ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫قوله تعالي ) َ‬
‫و ُ ُ‬ ‫ذَل ِك ُ َ‬
‫ن ( ]لحزاب ‪[53/‬‬ ‫ه ّ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫هُر ل ِ ُ‬ ‫م أطْ َ‬ ‫ْ‬
‫‪‬تقرر هذه الية أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع "ذلكم أطهر‬
‫لقلوبكم وقلوبهن" فل يقل أحد غير ما قال الله ‪.‬‬
‫ل يقل أحد إن الختلط وإزالة الحجب والترخص في الحديث‬
‫والنقاش والجلوس والمشاركة بين الجنسين أطهر للقلوب وأعف‬
‫للضمائر وأعون على تصريف الغريزة المكبوتة‪ ،‬وعلي إشعار‬
‫الجنسين بالدب وترقيق المشاعر والسلوك إلى آخر ما يقوله نفر‬
‫من خلق الله الضعاف الهزيل الجهال المحجوبين ‪ ،‬ل يقل أحد‬
‫شيئا من هذا والله يقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هُر‬‫م أط ْ َ‬ ‫ب ذَل ِك ُ ْ‬
‫جا ٍ‬‫ح َ‬‫ء ِ‬ ‫وَرا ِ‬‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫سأُلو ُ‬
‫ه ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫مَتاعا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫) َ‬
‫ن( ) الحزاب ‪( 53‬‬ ‫ه ّ‬ ‫و ُ ُ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫لِ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫‪ ‬فإن الله تعالى يقول هذا عن نساء النبي ‪ ‬الطاهرات أمهات‬
‫المؤمنين وعن رجال الصدر الول من صحابة رسول الله ‪ ‬ممن‬
‫ل تتطاول إليهن وإليهم العناق ‪.‬‬
‫‪‬وحين يقول الله قول ً ويقول خلق من خلقه قول ً فالقول لله‬
‫سبحانه وكل قول آخر هراء ل يردده إل من يجرؤ علي القول بأن‬
‫العبيد الفانين أعلم بالنفس البشرية من الخالق الباقي الذي خلق‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 314‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫هؤلء العبيد‪ .‬والواقع العملي الملموس يهتف بصدق الله وكذب‬
‫المدعين ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن جرير في تفسير هذه الية‪:‬‬
‫وإذا سألتم أزواج النبي ‪ ‬ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم‬
‫بأزواج متاعا ً فاسألوهن من وراء حجاب ‪ ،‬يقول ‪ :‬من وراء ستر‬
‫بينكم وبينهن ‪.‬‬
‫]*[الدليل الثاني ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫زين َت ِ ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن ل ِي ُ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫ن ب ِأْر ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬
‫ض‬ ‫قوله تعالى ‪َ }:‬‬
‫َ‬
‫ن( ] النور‪[ 31/‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ال ُ‬ ‫ميعا ً أي ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫‪‬وجه الدللة‪:‬‬
‫أنه تعالي منع النساء من الضرب بالرجل ‪ -‬وإن كان جائزا في‬
‫نفسه ‪ -‬لئل يكون سببا إلى فتنة الرجال وذلك بسماع صوت‬
‫الخلخال فيثير دواعي الشهوة عندهم فكيف برؤية وسماع المرأة‪.‬‬
‫]*[الدليل الثالث ‪:‬‬
‫ب‬
‫وا َ‬ ‫َ‬ ‫غل ّ َ‬‫و َ‬ ‫عن ن ّ ْ‬ ‫ه ال َِتي ُ‬
‫ت الب ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ها َ‬ ‫في ب َي ْت ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ودَت ْ ُ‬ ‫وَرا َ‬ ‫قوله تعالى } َ‬
‫َ‬
‫ح‬‫فل ِ ُ‬ ‫ه ل َ يُ ْ‬ ‫ي إ ِن ّ ُ‬ ‫وا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َرّبي أ ْ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫عاذَ الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫هي ْ َ‬ ‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن ( ] يوسف‪( [23/‬‬ ‫مو َ‬ ‫ّ‬
‫الظال ِ ُ‬
‫‪‬وجه الدللة‪:‬‬
‫أنه لمل حصل اختلط بين امرأة عزيز مصر وبين يوسف عليه‬
‫السلم ظهر منها ما كان كامنا فطلبت منه أن يوافقها ولكن‬
‫أدركه الله برحمته فعصمه منها وذلك في قوله تعالي‪:‬‬
‫م{)‬ ‫عِلي ُ‬ ‫ع ال َ‬ ‫مي ُ‬ ‫س ِ‬ ‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن إ ِن ّ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ه ك َي ْدَ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫صَر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َرب ّ ُ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫} َ‬
‫يوسف (‬
‫]*[ الدليل الرابع‪ :‬قوله تعالي‪:‬‬
‫َ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫كى‬ ‫ك أْز َ‬ ‫م ذَل ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫قل ل ّل ْ ُ‬ ‫} ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قل ل ّل ْ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ن )‪َ (30‬‬ ‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬‫ما ي َ ْ‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫) النور ‪( 31 ، 30‬‬ ‫ن{‬ ‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫أب ْ َ‬
‫‪‬وجه الدللة‪:‬‬
‫أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر وأمره يقتضي الوجوب‬
‫ف الشارع إل عن نظر‬ ‫ق ُ‬ ‫ثم بين تعالي أن هذا أزكي وأطهر ولم ي َ ْ‬
‫الفجأة‪.‬‬
‫)حديث جرير بن عبد الله البجلي في صحيح مسلم( قال‪ :‬سألت‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف‬
‫بصري‪.‬‬
‫)حديث ُبريدة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪ r‬قال‬
‫لعلي يا علي ل تتبع النظرةَ النظرة فإن لك الولى وليس لك‬
‫الخرة ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 315‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪ ‬وما أمر الله بغض البصر إل لن النظر إلى من يحرم النظر‬
‫إليها زنا‬
‫كتب على ابن‬ ‫)حديث أبي هريرة في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ُ :‬‬
‫آدم نصيبه من الزنا ‪ ،‬فهــو مــدرك ذلــك ل محالــة فالعينــان زناهمــا‬
‫النظر و الذنان زناهما الستماع و اللسان زناه الكلم و اليد زناهــا‬
‫البطش و الرجل زناها الخطا و القلب يهوى و يتمنى و يصدق ذلك‬
‫الفرج أو يكذبه ‪‌ .‬‬
‫الشاهد ‪ :‬قوله ‪] r‬فالعينان زناهما النظر[‬
‫)حــديث أبــي ســعيد فــي الصــحيحين( أن النــبي ‪ r‬قــال ‪ :‬إيــاكم و‬
‫الجلوس في الطرقات ‪ ،‬قالوا يا رسول الله مـل لنـا منهـا بـدٌ إنهـا‬
‫ث فيهــا ‪ ،‬قــال فــإذا أبيتــم إل المجــالس فــأعطوا‬ ‫مجالســنا نتحــد ُ‬
‫ق الطريق؟ قال ‪ :‬غض البصر و كف‬ ‫الطريق حقه ‪ ،‬قالوا وما هو ح ُ‬
‫الذى و رد السلم و المر بالمعروف و النهي عن المنكر ‪‌ .‬‬
‫ق الطريق‬ ‫الشاهد ‪ :‬قوله ‪] r‬فأعطوا الطريق حقه ‪ ،‬قالوا وما هو ح ُ‬
‫؟ قال ‪ :‬غض البصر[‬
‫) حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها الثابت في صحيح أبي‬
‫داوود ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬من كان منكن يؤمن بالله واليوم الخر‬
‫فل ترفع رأسها حتى يرفع الرجال رءوسهم كراهة أن يرين من‬
‫عورات الرجال ‪.‬‬
‫‪‬وإنما كان زنا لنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى‬
‫دخولها في قلب ناظرها فتعلق في قلبه فيسعى إلى إيقاع‬
‫الفاحشة بها‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬فإذا نهي الشارع عن النظر إليهن لما يؤدى إليه من‬
‫المفسدة وهو حاصل في الختلط فكذلك الختلط ينهي عنه لنه‬
‫وسيلة إلى مال تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو‬
‫أسوأ منه‪.‬‬
‫ومن المعروف أن المرأة عورة ويجب عليها ستر جميع بدنها لن‬
‫كشف شيء منه يؤدى إلى النظر إليها والنظر إليها يؤدى إلى‬
‫تعلق القلب بها ثم ُتبذل السباب للحصول عليها ‪.‬‬
‫]*[ الدليل الخامس‪ :‬قوله تعالي‪:‬‬
‫دوُر{ ) غافر ‪(19/‬‬ ‫ص ُ‬
‫في ال ّ‬ ‫خ ِ‬
‫ما ت ُ ْ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬‫عي ُ ِ‬‫ة ال َ ْ‬
‫خائ ِن َ َ‬
‫م َ‬‫عل َ ُ‬
‫} يَ ْ‬
‫]*[ فسرها ابن عباس‪ ‬فقال ‪:‬‬
‫هو الرجل يدخل علي أهل البيت بينهم المرأة الحسناء وتمر به‬
‫فإذا غفلوا لحظها فإذا فطنوا غض بصره عنها فإذا غفلوا لحظها‬
‫فإذا فطنوا غض وقد علم الله من قلبه أنه لو اطلع علي فرجها‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 316‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وأنه لو قدر عليها لزنى بها؛ ومن المعلوم أن عزل الرجال عن‬
‫النساء يمنع ذلك كله‪.‬‬
‫‪‬وجه الدللة‪:‬‬
‫أنه تعالي وصف العين التي تسرق النظر إلى ما ل يحل النظر‬
‫إليه من النساء بأنها خائنة فكيف بالختلط ؟!‬
‫ثانيا ً الدلة من السنة الصحيحة ‪:‬‬
‫ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ ـــ‬
‫‪‬الدليل الول‪:‬‬
‫)حديث أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما الثابت‬
‫في صحيح ابن خزيمة(‪ :‬أنها جاءت النبي ‪ ‬فقالت يا رسول الله‬
‫إني أحب الصلة معك قال قد علمت أنك تحبين الصلة معي‬
‫وصلتك في بيتك خير من صلتك في حجرتك وصلتك في حجرتك‬
‫خير من صلتك في دارك و صلتك في دارك خير من صلتك في‬
‫مسجد قومك و صلتك في مسجد قومك خير من صلتك في‬
‫مسجدي‪ .‬قال‪ :‬فأمرت فبني لها مسجد في أقصي بيت من بيوتها‬
‫وأظلمه فكانت تصلي فيه حتى ماتت "‪.‬‬
‫)حديث بن مسعود رضي الله عنه الثابت في صحيح ابن خزيمة(‪:‬‬
‫أن النبي ‪ ‬قال‪ " :‬إن أحب صله المرأة إلى الله في أشد مكان‬
‫من بيتها ظلمه "‪.‬‬
‫‪‬وجه الدللة من الحديث ‪:‬‬
‫أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها وأنه أفضل حتى من‬
‫الصلة في مسجد الرسول ‪ ‬بل ومع الرسول ‪ ،‬فلئن ُيمنع‬
‫الختلط من باب أولي ‪.‬‬
‫‪‬فانظر أيها المسلم إلى ما يرشد إليه الحبيب الناصح نساء أمته‬
‫وماذا يختار لهن فيقول بيوتهن خير لهن‪ ،‬وخير مساجد النساء‬
‫مقر بيوتهن‪ ،‬وصلتها في مخدعها خير من صلتها في مقر بيتها‪.‬‬
‫‪‬ونحن بالرغم من هذا نترك هذه التوجيهات السامية ونأذن لهن‬
‫في الخروج ل إلي الصلة في المساجد ولكن للشارع والدارة‬
‫والمحكمة والجامعة والى الشواطئ والمنتزهات‪.‬‬
‫‪‬فهل يعقل أن تمنع المرأة من الذهاب لعبادة الله تعالى في‬
‫المسجد مع تحجبها ثم يؤذن لها بالخروج عروسة عارية تخالط‬
‫الرجال وتضاحكهم‪.‬‬
‫‪‬إننا والله انقلبت أوضاعنا رأسا على عقب وذلك بإتباع أهواء‬
‫النساء وطاعتهن وبعدنا عن منهج ربنا وإرشادات رسولنا ‪. ‬‬
‫‪‬الدليل الثاني ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 317‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال خير صفوف الرجال أولها و شرها آخرها و خير‬
‫صفوف النساء آخرها و شرها أولها ‪‌ .‬‬
‫‪‬ووجه الدللة من الحديث علي منع الختلط ‪:‬‬
‫أن رسول الله ‪ ‬شرع للنساء إذا أتين إلى المسجد فإنهن‬
‫ينفصلن عن الجماعة علي حده‪.‬‬
‫ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير وما ذلك إل‬
‫لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب‬
‫بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلمهم وذم أول صفوفهن لحصول‬
‫عكس ذلك‪.‬‬
‫ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد‬
‫لفوات التقدم والقرب من المام وقربه من النساء اللتي يشغله‬
‫البال وربما أفسدت صلته وأذهبت بالخشوع‪.‬‬
‫فإذا كان في العبادة قد يحدث ففي غيرها أكبر وحاصل فمنع‬
‫لذلك الختلط والحمد لله ففي هذا الزمان النساء بمنأى عن‬
‫الرجال‪.‬‬
‫فان الصلة هي العروج الروحي للعبد فيلزمه أثناءها تمام الخشوع‬
‫والتنصل من الشواغل وكل ما يصرفه عن هذا العروج الروحي من‬
‫مفاتن وملذات الحياة‪.‬‬
‫‪‬ووجود المرأة بجنب الرجل في الصلة أعظم المفاتن وأخطر‬
‫الشواغل ولهذا أمر الشرع بتأخر صفوف النساء تحقيقا للغاية‬
‫المرادة من الصلة ومنعا للخطرات والشهوات أن تنبعث لتشغل‬ ‫ُ‬
‫المصلي وهو في أعظم المواطن ‪.‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله‪:‬‬
‫أما صفوف الرجال فهي علي عمومها فخيرها أولها أبدا وشرها‬
‫آخرها أبدا‪ ،‬أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء‬
‫اللواتي يصلين مع الرجال وإما إذا صلين متميزات ل مع الرجال‬
‫فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آخرها‪ .‬وإنما فضل آخر‬
‫صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال‬
‫ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلمهم‪......‬‬
‫ونحو ذلك‪ .‬وذم أول صفوفهن لعكس ذلك أي لكونها قريبة من‬
‫الرجال وفي ذلك من الفتن ما ل يخفي )شرح مسلم ‪(4/159‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير‪:‬‬
‫) وخير صفوف النساء آخرها ( لبعده عن مخالطة الرجال‬
‫وقربهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلمهم‬
‫ونحو ذلك‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 318‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) وشرها أولها ( لكونها بعكس ذلك قال النووي ‪ :‬وهذا على‬
‫عمومه إن صلين مع الرجال فإن تميزن فهن كالرجال خيرها أولها‬
‫وشرها آخرها ‪.‬‬
‫‪‬بل ولو أجتمع أطفال ونساء يجعل النساء خلف الطفال لن‬
‫الطفال ليسوا في الشعور الجنسي كالرجال وفتنة النساء لهم‬
‫ضعيفة أو منعدمة‪.‬‬
‫‪ -‬فقد أخرج المام مسلم من حديث أنس رضي الله عنه ‪ -‬قال‪:‬‬
‫" صليت أنا ويتم في بيتنا خلف النبي ‪ ‬وأم سليم خلفنا "‪.‬‬
‫)حديث أنس الثابت في الصحيحين( قال ‪ :‬صلى رسول الله ‪r‬‬
‫سليم خلفنا ‪.‬‬ ‫ت أن ويتيم خلفه وأم ُ‬ ‫فقم ُ‬
‫‪‬الدليل الثالث ‪:‬‬
‫) حديث أبي أسيد النصاري رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي‬
‫داوود ( أنه سمع رسول الله ‪ r‬يقول وهو خارج من المسجد وقد‬
‫اختلط الرجال مع النساء في الطريق ‪ » :‬استأخرن فإنه ليس لكن‬
‫أن تحققن الطريق ‪ ،‬عليكن بحافات الطريق « فكانت المرأة‬
‫‪.‬‬
‫تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به !‬
‫تحققن الطريق ‪ :‬أي تمشين وسط الطريق‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية )ص ‪» : (406‬‬
‫ولي المر يجب عليه أن يمنع من اختلط الرجال بالنساء في‬
‫السواق ‪ ،‬ومجامع الرجال‪ .‬فالمام مسؤول عن ذلك ‪ ،‬والفتنة به‬
‫عظيمة وقد منع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫النساء من المشي في طريق الرجال ‪ ،‬والختلط بهم في الطريق‬
‫‪ .‬فعلى ولي المر أن يقتدي به في ذلك‪.‬‬
‫]*[ قيل للمام أحمد رحمه الله ‪:‬‬
‫» الرجل يكون في السوق ‪ ،‬يبيع ويشتري ‪ ،‬فتأتيه المرأة تشتري‬
‫منه ‪ ،‬فيرى كفها ونحو ذلك ‪ ،‬فكره ذلك ‪ ،‬وقال‪ :‬كل شيء من‬
‫المرأة عورة ‪ ،‬قيل له ‪ :‬فالوجه ؟ قال ‪ :‬إذا كانت شابة ُتشتهى‬
‫فإني أكره ذلك ‪ ،‬وإن كانت عجوزا ً رجوت « )‪. (28‬‬
‫) ولفظ الكراهة عند المتقدمين يطلق على المحرم( )‪. (29‬‬
‫]*[ وقال المام ابن الجوزي رحمه الله في أحكام النساء )‪» :(42‬‬
‫ينبغي للمرأة أن تحذر من الخروج مهما أمكنها ‪ ،‬فإنها إن سلمت‬
‫في نفسها لم يسلم الناس منها‪ .‬فإذا اضطرت إلى الخروج خرجت‬
‫بإذن زوجها في هيئة رثة ‪ ،‬وجعلت طريقها في المواضع الخالية‬
‫دون الشوارع والسواق ‪ ،‬واحترزت من سماع صوتها ‪ ،‬ومشت في‬
‫جانب الطريق ل في وسطه « ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫‪()28‬ينظر كتاب أحكام النساء )‪ (10‬للمام أحمد ‪.‬‬
‫‪()29‬ينظر إعلم الموقعين)‪. (2/75‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 319‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ ‪‬فالمرأة ل يليق بها الحتكاك بالرجال والدنو منهم ولو في‬
‫دور العبادة لنها تشوش عليهم وتفسد قلوبهم‪ .‬فما بالك لو كان‬
‫هذا الختلط في غير دور العبادة وفي أماكن اللهو والفجور‪.‬‬
‫]*[ ‪‬تقريع إلى الناعقين بدعوى الختلط أقول لهم هذا كتاب الله‬
‫يدمغهم وسنة نبيه تصفعهم ‪.‬‬
‫فالله يقول ‪) :‬ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهم( ) الحزاب ‪.(53‬‬
‫وهم يقولون‪ :‬ل بأس‪ .‬ول ضير‪.‬‬
‫والله يقول ‪) :‬ذلك أزكى لهم إنه خبير بما يصنعون( )النور ‪(30‬‬
‫وهم يقولون ‪ :‬ل مانع ول حرج‬
‫‪‬والنبي ‪ ‬يقول ‪:‬‬
‫" إن الشيطان يجرى من أبن آدم مجرى الدم من العروق "‪.‬‬
‫وهم يقولون‪ :‬ل خطر للشيطان ول وجود للفتنة‪.‬‬
‫‪‬والنبي ‪ ‬يقول ‪:‬‬
‫" إياكم ومجالس الطريق إل بحقها " ‪ -‬خوفا من التعرض إلى‬
‫النساء‪.‬‬
‫وهم يقولون ‪ :‬ل بأس بمجالس البيوت بين الرجال والنساء‪.‬‬
‫‪‬والنبي ‪ ‬يقول ‪:‬‬
‫" ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء " دون تقيد بين‬
‫امرأة وأخري‬
‫وهم يقولون ‪ :‬ل وجود للضرر بالجلوس مع النساء مادامت النية‬
‫سليمة والقلب أبيض‪.‬‬
‫‪‬كيف هذا والنبي يقول أنهم فتنة فكيف نجمع بين الفاتن‬
‫والمفتون؟‬
‫وتقول ل تخف أنا قلبي أبيض‪.‬‬
‫‪‬والنبي ‪ ‬يقول كما عند مسلم ‪:‬‬
‫" اتقوا الدنيا واتقوا النساء فأن أول فتنة بنى إسرائيل كانت في‬
‫النساء "‬
‫وهم يقولون ‪ :‬المرأة نصف المجتمع ول غناء عنها في العمل‬
‫والعلنات‬
‫‪‬كيف يسلم لهم هذا والنبي أمر باتقاء النساء وهذا المر يقتضي‬
‫الوجوب فكيف يحصل المتثال مع الختلط‪.‬‬
‫]*[ ‪‬وبعد كلم رب العالمين ورسوله المين فهذه طائفة من‬
‫أقوال أهل العلم الطيبين عن الختلط‪.‬‬
‫]*[ قال الشافعي رحمه الله كما في الم ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 320‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ول أحب أن تدفن المرأة مع الرجل على حال وإن كان ضرورة ول‬
‫سبيل إلى غيرها كان الرجل أمامها وهي خلفه ويجعل بين الرجل‬
‫والمرأة في القبر حاجز من تراب‪.‬‬
‫‪‬يا الله ‪ :‬هم في القبر أموات غير أحياء ل يشعر أحدهما بالخر‬
‫ولكن ل اختلط ول تلمس بينهما حاجز من تراب فما بال طلبة‬
‫الجامعات يلصق فخذه بفخذ صديقته وهم أحياء تجري في‬
‫عروقهم الشهوة ويطلب كل واحد منهما الخر‪.‬‬
‫]*[ قال ابن القيم كما في الطرق الحكمية في السياسة الشرعية‬
‫إن رأى ولي المر أن يفسد على المرأة ‪ -‬إذا تجملت وتزينت‬
‫وخرجت ‪ -‬ثيابها بالحبر ونحوه‪ .‬فقد رخص في ذلك بعض الفقهاء و‬
‫أصاب وهذا من ادني عقوبتهن المالية وقد منع أمير المؤمنين‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه النساء من المشي في طريق‬
‫الرجال والختلط بهم في الطريق‪.‬‬
‫]*[ قال شيخ السلم ابن تيميه رحمه الله تعالي في الفتاوى‬
‫‪15/297‬‬
‫لن المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما ل يجب مثله في الرجل‬
‫ولهذا خصت بالحتجاب وترك إبداء الزينة وترك التبرج فيجب في‬
‫حقها الستئثار باللباس والبيوت ما ل يجب في حق الرجل ولن‬
‫ظهور النساء سبب الفتنة والرجال قوامون عليهن‪.‬‬
‫]*[ قال العلمة أحمد شاكر ) رحمه الله(‬
‫في الحديث الذي أخرجه المام أحمد عن أم سلمه رضي الله عنها‬
‫قالت‪:‬‬
‫" يا رسول الله تغزو الرجال ول نغزو ولنا نصف الميراث؟ فانزل‬
‫الله عز وجل ‪:‬‬
‫ض{ "‪.‬‬ ‫عَلى ب َ ْ‬
‫ع ٍ‬ ‫م َ‬‫ضك ُ ْ‬
‫ع َ‬
‫ه بَ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه بِ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ما َ‬
‫ف ّ‬ ‫وا َ‬ ‫ول َ ت َت َ َ‬
‫من ّ ْ‬ ‫} َ‬
‫ً‬
‫فقال أحمد شاكر رحمة الله عليه تعليقا على هذا الحديث ‪:‬‬
‫وهذا الحديث يرد على الكذابين المفترين في عصرنا الذين‬
‫يحرصون علي أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين فيخرجون المرأة‬
‫من خدرها وعن صونها وسترها الذي أمر الله به فيدخلونها في‬
‫نظام الجند عارية الذراع والفخاذ بارزة المقدمة والمؤخرة‬
‫متهتكة فاجرة يرمون بذلك في الحقيقة إلى الترفيه الملعون عن‬
‫الجنود الشبان المحرومين من النساء في الجندية تشبها بفجور‬
‫اليهود والفرنج عليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة‪.‬‬
‫]*[قال الدكتور صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله في كتابه‬
‫تنبيهات على أحكام تختص بالمؤمنات‪:‬‬
‫إن أعداء السلم بل أعداء النسانية اليوم من الكفار والمنافقين‬
‫الذين في قلوبهم مرض غاظهم ما نالته المرأة المسلمة من‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 321‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كرامة وعزه وصيانة في السلم لن أعداء السلم من الكفار‬
‫والمنافقين يريدون أن تكون المرأة أداة تدمير وشبك يصطادون‬
‫بها ضعاف اليمان وأصحاب الغرائز الجانحة بعد أن ُيشبعوا منها‬
‫شهواتهم المسعورة كما قال تعالي‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت أن‬ ‫وا ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ش َ‬ ‫عو َ‬
‫ن ي َت ّب ِ ُ‬ ‫ريدُ ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ب َ‬
‫ريدُ أن ي َُتو َ‬ ‫ه يُ ِ‬‫والل ّ ُ‬
‫} َ‬
‫ظيما ً{ )النساء ‪( 28‬‬ ‫ع ِ‬ ‫مي ْل ً َ‬‫ميُلوا َ‬ ‫تَ ِ‬
‫والذين في قلوبهم مرض من المسلمين يريدون من المرأة أن‬
‫تكون سلعة رخيصة في معرض أصحاب الشهوات والنزعات‬
‫الشيطانية سلعة مكشوفة أمام أعينهم يتمتعون بجمال منظرها أو‬
‫يتوصلون منها إلى ما هو أقبح من ذلك‪.‬‬
‫ولذلك حرصوا على أن تخرج من بيتها لتشارك الرجال في‬
‫أعمالهم جنبا إلى جنب أو لتخدم الرجال ممرضة في المستشفي‬
‫أو مضيفة في طائرة أو مدرسة في فصول الدراسة المختلطة أو‬
‫ممثلة في المسرح أو مغنية‪ ،‬أو مذيعة في وسائل العلم‬
‫المختلفة سافرة فاتنة بصوتها وصورتها‪.‬‬
‫واتخذت المجلت الخليعة من صور الفتيات الفاتنات العاريات‬
‫وسيلة لترويج مجلتهم وتسويقها‪.‬‬
‫واتخذ بعض التجار وبعض المصانع من هذه الصور أيضا وسيلة‬
‫لترويج بضائعهم حيث وضعوا هذه الصور في معروضاتهم‬
‫ومنتجاتهم‪.‬‬
‫وبسبب هذه الجراءات تخلت المرأة عن وظيفتها الحقيقة في‬
‫البيت مما اضطر أزواجهن إلى جلب الخادمات الجنبيات لتربية‬
‫أولدهم وتنظيم شؤون بيوتهم مما سبب كثيرا من الفتن وجلب‬
‫عظيما من الشرور ‪.‬‬
‫]*[ ويقول الشيخ الدكتور محمد إسماعيل المقدم في عوده‬
‫الحجاب‪:‬‬
‫إن الذين يتهاونون في الختلط الثم بين النساء والرجال بدعوى‬
‫أنهم ربو على الستجابة لنداء الفضيلة ورعاية الخلق مثل قوم‬
‫وضعوا كمية من البارود بجانب نار موقدة ثم ادعوا أن النفجار ل‬
‫يكون لن على البارود تحذيرا من الشتغال والحتراق إن هذا‬
‫خيال بعيد عن الواقع ومغالطة للنفس وطبيعة الحياة وأحداثها‪ .‬إن‬
‫الذين ابتدعوا الختلط يعانون الن من آثاره الوخيمة مما دعاهم‬
‫إلى الدعوة لعدم الختلط‪.‬‬
‫‪‬تحريم السباب المفضية إلى الختلط ومنها ‪:‬‬
‫)‪ (1‬تحريم الدخول على الجنبية والخلوة بها‪ ، ،‬ومنها‪ :‬خلوة‬
‫السائق‪ ،‬والخادم‪ ،‬والطبيب وغيرهم بالمرأة‪ ،‬وقد تنتقل من خلوة‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 322‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إلى أخرى‪ ،‬فيخلو بها الخادم في البيت‪ ،‬والسائق في السيارة‪،‬‬
‫والطبيب في العيادة‪ ،‬وهكذا!! ‪.‬‬
‫من المعلوم شرعا ً أنه ل يخلون رجل بامرأة إل كان الشيطان‬
‫ثالثهما بنص السنة الصحيحة كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ل‬
‫ة إل مع ذي محرم ‪ ،‬فقام رجل فقال يا رسول‬ ‫يخلون رج ٌ‬
‫ل بامرأ ٍ‬
‫الله إن امرأتي خرجت حاجة فاكتتبت في غزوة كذا وكذا قال ‪:‬‬
‫ارجع فحج مع امرأتك (‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي الترمذي‬
‫وابن ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬ل يخلون رجل بامرأة إل كان‬
‫ثالثهما الشيطان« ‪ ،‬وهذا يدل على أن تحريمه مؤكد‪.‬‬
‫فقوله ‪ » r‬إل كان ثالثهما الشيطان « يشمل أتقى الناس ‪،‬‬
‫وأفجر الناس ‪ ،‬والشريعة ل تستثني من مثل هذه النصوص أحدا ً ‪.‬‬
‫فل يحل للمرأة أن تخلو برجل أجنبي عنها سواء في بيت أو سيارة‬
‫أو غير ذلك ‪.‬‬
‫]*[ قال شيخ السلم في الختيارات الفقهية )‪: (291‬‬
‫» وتحرم الخلوة بغير محرم ‪ ،‬ولو بحيوان يشتهي المرأة ‪ ،‬أو‬
‫تشتهيه ‪ ،‬كالقرد « )‪! (30‬‬
‫‪‬فإذا كان أهل العلم ينهون عن خلوة المرأة بحيوان يشتهيها‪،‬‬
‫فكيف بخلوتها بالخادم والسائق؟!‬
‫وقد صرح المام القرطبي في تفسير سورة الممتحنة أن الخلوة‬
‫بغير محرم من الكبائر ومن أفعال الجاهلية )‪. (31‬‬
‫)‪ (2‬تحريم سفر المرأة بل محرم ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل يح ُ‬
‫ل لمرأ ٍ‬
‫مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (‬
‫(‪ (3‬تحريم دخول الرجال على النساء‪ ،‬حتى الحماء ‪-‬وهم أقارب‬
‫الزوج‪ -‬فكيف بالجلسات العائلية المختلطة‪ ،‬مع ما هن عليه من‬
‫الزينة‪ ،‬وإبراز المفاتن‪ ،‬والخضوع بالقول‪ ،‬والضحك ‪ ..‬؟!!‬
‫‪‬عن علي )رضي الله عنه( قال‪ " :‬بلغني أن نسائكم يزاحمن‬
‫العلوج في السواق‪ ،‬أل تستحون؟ أل تغارون ؟ يترك أحدكم امرأته‬
‫تخرج بين الرجال "‪ .‬المغني‬
‫‪()30‬ينظر كتاب أحكام النساء لبن الجوزي )‪(33‬‬
‫‪ ()31‬انظر كتاب تنبيه الغافلين عن أعمال الجاهلين )ص ‪ (227‬للمام ابن النحاس‬
‫رحمه الله ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 323‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وإذا كان الحمو هو الموت كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله‬
‫عليه وسلم كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث عقبة بن عامر في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إياكم و‬
‫الدخول على النساء قالوا ‪ :‬يا رسول الّله أرأيت الحمو قال ‪:‬‬
‫الحمو الموت أي دخوله على زوجة أخيه يشبه الموت في‬
‫الستقباح والمفسدة فهو ‌‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير‪:‬‬
‫) إياكم والدخول على النساء ( بالنصب على التحذير وهو تنبيه‬
‫المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول النساء‬
‫‪،‬وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالولى والنهي ظاهر‬
‫العلة والقصد به غير ذوات المحارم ‪ ،‬ذكر الغزالي أن راهبا ً من‬
‫بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما‬
‫زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها‬
‫فوقع عليها فحملت فوسوس له الن تفتضح فاقتلها وقل لهلها‬
‫ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه‬
‫وحصروه فقال له الشيطان ‪ :‬اسجد لي تنج فسجد له ‪ ،‬فانظر‬
‫إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية‬
‫وجعلها عنده‬
‫)قالوا ‪ :‬يا رسول الّله أرأيت الحمو قال ‪ :‬الحمو الموت(‬
‫والحمو أخو الزوج وقريبه ‪ ،‬الحمو الموت ‪ :‬أي دخوله على زوجة‬
‫أخيه يشبه الموت في الستقباح والمفسدة فهو ‌‬
‫محرم شديد التحريم وإنما بالغ في الزجر بتشبيهه الموت لتسامح‬
‫الناس في ذلك حتى كأنه غير أجنبي من المرأة وخرج هذا مخرج‬
‫قولهم السد الموت أي لقاؤه يقضي إليه وكذا دخول الحمو عليها‬
‫يفضي إلى موت الدين أو إلى موتها بطلقها عند غيرة الزوج أو‬
‫برجمها إن زنت معه وقد بالغ مالك في هذا الباب حتى منع ما يجر‬
‫إلى التهم كخلوة امرأة بابن زوجها وإن كانت جائزة لن موقع‬
‫امتناع الرجل من النظر بشهوة لمرأة أبيه ليس كموقعه منه لمه‬
‫هذا قد استحكمت عليه النفرة العادية وذاك أنست به النفس‬
‫الشهوانية‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪:‬فإذا كان هذا مع أخ الزوج ‪ ،‬فما بالنا بمن يتركون‬
‫الرجال الجانب يدخلون على نساءهم ومحارمهم دون أن يحرك‬
‫ذلك ساكنا ً فيهم من شعور بالغيرة على أعراضهم ومحارمهم ‪،‬‬
‫مدعين بذلك العفة لدى الجنسين ‪ ،‬وأقول ‪ :‬والله إنه ضعف في‬
‫الدين ‪ ،‬وقلة حيلة لدى أولئك المساكين ‪.‬‬
‫ن دعاة الباحية‪ ،‬لهم بدايات تبدو خفيفة‪ ،‬وهي تحمل‬ ‫‪‬تنبيه‪ : ‬إ ّ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 324‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مكايد عظيمة‪ ،‬منها في وضع لبنة الختلط‪ ،‬يبدؤون بها من رياض‬
‫الطفال‪ ،‬وفي برامج العلم‪ ،‬وركن التعارف الصحفي بين‬
‫الطفال‪ ،‬وتقديم طاقات ‪-‬وليس باقات‪ -‬الزهور من الجنسين في‬
‫الحتفالت ‪.‬‬
‫وهكذا ‪ ..‬من دواعي كسر حاجز النفرة من الختلط‪ ،‬بمثل هذه‬
‫البدايات‪ ،‬التي يستسهلها كثير من الناس ‪.‬‬
‫ل السلم في مواليهم‪ ،‬وليحسبوا خطوات السير‬ ‫فليتق الله أه ُ‬
‫في حياتهم‪ ،‬وليحفظوا ما استرعاهم الله عليه من رعاياهم‪،‬‬
‫والحذر الحذر من التفريط والستجابة لفتنة الستدراج إلى مدارج‬
‫ئ حسيب نفسه ‪.‬‬ ‫الضللة‪ ،‬وكل امر ٍ‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)ثامنًا( ل ُتكّلم النساء إل بإذن أزواجهن ‪:‬‬
‫)حديث عمرو بن العاص في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬نهى أن‬
‫تكلم النساء إل بإذن أزواجهن ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير‪:‬‬

‫) نهى أن تكلم النساء إل بإذن أزواجهن ( لنه مظنة الوقوع في‬


‫الفاحشة بتسويل الشيطان ومفهومه الجواز بإذنه وحمله الولي‬
‫العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة والكلم في‬
‫رجال غير محارم ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)تاسعًا( النهي عن مصافحة النساء ‪:‬‬
‫)حديث معقل ابن يسار في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال لن‬
‫ط من حديد خير له من أن يمس امرأة‬ ‫ُيطعن في رأس أحدكم بمخي ٍ‬
‫ل تحل له ‪‌ .‬‬
‫*معنى مخيط ‪ :‬هو ما يخاط به كالبرة والمسلة‬
‫صه لنه أصلب من غيره وأشد في الطعن وأقوى في‬ ‫من حديد ‪ :‬خ ّ‬
‫اليلم‬
‫)حديث أميمة بنت رقيقة في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إني‬
‫ل أصافح النساء ‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ اللباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة )‪: (1/448‬‬
‫» وفي الحديث وعيد شديد لمن مس امرأة ل تحل له ‪ ،‬ففيه دليل‬
‫على تحريم مصافحة النساء‪،‬لن ذلك مما يشمله المس بل شك ‪،‬‬
‫وقد بلى بها كثير من المسلمين في هذا العصر « ‪.‬‬
‫وكان رسول الله ﷺ ل يصافح النساء ‪.‬‬
‫في صحيح البخاري )‪ ( 4609‬عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪» :‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 325‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة « ‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬

‫)عاشرًا( نهى المرأة عن الخروج من منزلها متعطرة ‪:‬‬


‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أيما امرأة‬
‫أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء الخرة ‪‌ .‬‬
‫(أيما امرأة أصابت بخورا ً فل تشهد معنا العشاء الخرة ‌ ( فيه‬
‫حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك‬
‫داعية شهوة الرجال ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي موسى في صحيح النسائي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أيما‬
‫امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي‬
‫زانية و كل عين زانية ‪‌ .‬‬
‫( ]*[ قال المناوي رحمه الله ‪:‬‬
‫) فهي زانية كما في فيض القدير معلل ً لماذا وصفها النبي ‪‬‬
‫بأنها زانية لنها هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على‬
‫النظر اليها فكل من ينظر إليها فقد زني بعينية ويحصل لها إثم‬
‫ذلك لنها حملته على النظر إليها وشوشت قلبه‪ .‬أ هـ‬
‫) وكل عين زانية ( أي كل عين نظرت إلى محرم من امرأة أو‬
‫رجل فقد حصل لها حظها من الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض‬
‫المالكية من الحديث حرمة التلذذ بشم طيب أجنبية لن الّله إذا‬
‫حرم شيئا ً زجرت الشريعة عما يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ‬
‫بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي الّله عنه ينهى عن‬
‫القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد ‪.‬‬
‫‪‬ومن الخطاء كذلك‪:‬‬
‫خروج المرأة من بيتها ‪ -‬غير متعطرة‪ -‬ولكنها تحمل طفلها الذي‬
‫عطرته وهذا ل يجوز‬
‫لن كله لفت أنظار الرجال إليها بسبب الرائحة مازالت موجودة‬
‫فبقي حكم التخريج ول شك أن هذا من التحايل المذموم على‬
‫أوامر الشرع الحنيف ‪.‬‬
‫‪ ‬وقد وجه سؤال للجنة الدائمة للفتاء‪:‬‬
‫هناك حديث يمنع النساء من استعمال الطيب والروائح المعطرة‬
‫وخاصة عن الذهاب إلى المسجد فهل يجوز التطيب لتخفيف رائحة‬
‫جسدها التي ل يزيلها الصابون؟‬
‫الجواب‪ :‬الصل أنه ل يجوز للمرأة التطيب بماله رائحة عطرة إذا‬
‫أرادات الخروج من بيتها سواء كان خروجها إلى المسجد أم إلى‬
‫غيره لعموم قوله ‪ " ‬أيما امرأة أستعطرت ثم خرجت فمرت على‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 326‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قوم ليجدوا ريحها فهي زانية وكل عين زانية" رواه أحمد‬
‫والنسائي والحاكم من حديث أبي موسي رضي الله عنه‪ .‬وليس‬
‫هناك رائحة في الجسد ل يزيلها الصابون فيما نعلم حتى تحتاج‬
‫بعد اغتسالها إلى استعمال الطيب وليست المرأة أيضا ً مطالبة‬
‫بالذهاب إلى المسجد بل صلتها في بيتها خير لها من صلتها في‬
‫المسجد‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)الحادي عشر( نهي المرأة عن الخضوع في القول في مخاطبة‬
‫الرجال الجانب‪:‬‬
‫ض‬
‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ْ‬
‫قلب ِ ِ‬‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ّ‬
‫ع ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫في َط َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬
‫ق ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ِبال َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬‫قال تعالى ‪َ ):‬‬
‫عُروفًا(‬ ‫م ْ‬‫ول ً ّ‬‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قل ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫] الحزاب ‪[32 /‬‬
‫إلى غير ذلك من الداب والحدود التي ورد المر بمراعاتها‪، .‬‬
‫ولنتعاهد أنفسنا وأهلينا به‪ ،‬ففيه الخير والصلح‪ ،‬والبعد عن طرق‬
‫الشيطان وغوايته‪ .‬ولنحذر ممن حذرنا الله تعالى منهم فقال‪:‬‬
‫ت َأن‬‫ه ٰو ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ٱل ّ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َت ّب ِ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ريدُ ٱل ّ ِ‬ ‫وي ُ َِ‬ ‫م َ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫َ‬
‫ريدُ أن ي َُتو َ‬ ‫ه يُ ِ‬‫و ٱلل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫س ٰـ ُ‬
‫لن َ‬ ‫ق ٱ ِ‬ ‫خل ِ َ‬
‫و ُ‬‫م َ‬ ‫ُ‬
‫عن ْك ْ‬ ‫ف َ‬ ‫خف َ‬ ‫ّ‬ ‫ه أن ي ُ َ‬ ‫ّ‬
‫ريدُ ٱلل ُ‬ ‫ً‬
‫ظيما ي ُ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ً‬
‫مي ْل َ‬ ‫ْ‬
‫ميلوا َ‬ ‫ُ‬ ‫تَ ِ‬
‫عيفا ً ]النساء‪.[28 ،27:‬‬ ‫ض ِ‬ ‫َ‬
‫اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ‪.‬‬

‫المكافأة في الخرة لمن صان نفسه عن‬


‫الحرام في الدنيا‬

‫الذين صانوا أنفسهم عن الحرام رغم كثرة المغريات والصور‬


‫والفلم والتبرج الحادث في الشوارع والسواق والطرقات وهذه‬
‫التصالت وتطور وسائل التصالت‪ ،‬وما فيها من الجاذبية‬
‫والغراءات‪ ،‬ورغم ما في هذه المجلت والشاشات‪ ،‬ورغم ما في‬
‫هذه السبل الكثيرة للحرام الموجودة‪ ،‬هؤلء الذين صانوا أنفسهم‬
‫لم ‪ ،‬فل بد أن يكون لهم مكافأة‪.‬‬ ‫ة من الملك الع ّ‬
‫عن الحرام‪ ،‬خشي ً‬
‫وعد الله الصالحين بالزوجات الجميلت‪ ،‬كما وعد الصالحات بأنه‬
‫ليس منهن امرأة عازبة‪ ،‬ول رجل أعزب‪ ،‬كلهم في الجنة كلهم ذوو‬
‫هم‬‫جَنا ُ‬
‫و ْ‬
‫وَز ّ‬ ‫أزواج‪ ،‬من النساء ومن الرجال‪ ،‬قال تعالى‪ ):‬ك َذَل ِ َ‬
‫ك َ‬
‫ن ( ] سورة الدخان‪[ 54/‬‬
‫عي ٍ‬
‫ر ِ‬
‫حو ٍ‬
‫بِ ُ‬
‫والحور‪ :‬جمع حوراء‪ ،‬وهي المرأة الشابة الحسناء الجميلة‪ ،‬نقية‬
‫اللون والجلد لبياضها‪ ،‬شديدة بيضاء العين وسواد سوادها‪ ،‬شديدة‬
‫بياض البياض‪ ،‬وشديدة سواد السواد‪ ،‬وقد شبههن تعالى بأنهن‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 327‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن ( ] سورة‬ ‫عي ٌ‬
‫حوٌر ِ‬
‫و ُ‬
‫كأمثال اللؤلؤ المكنون‪ ،‬فقال تعالى ‪َ ):‬‬
‫الواقعة‪[22/‬‬
‫َ‬
‫ن ( ]سورة الواقعة‪، [23/‬‬ ‫ؤ ال ْ َ‬
‫مك ُْنو ِ‬ ‫ؤل ُ ِ‬
‫ل الل ّ ْ‬‫مَثا ِ‬‫قال تعالى ‪ ) :‬ك َأ ْ‬
‫واللؤلؤ المكنون هو المصون الذي لم يخرج من صدفه‪ ،‬وهو في‬
‫غاية الحسن والجمال والبهاء‪ ،‬واسمع لهذا الحديث الشريف ‪:‬‬
‫) حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري (‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪):‬ولو أن امرأةً من أهل الجنة اطلعت إلى أهل‬
‫الرض لضاءت ما بينهما‪ ،‬ولملته ريحًا‪ ،‬ولنصيفها على رأسها خير‬
‫من الدنيا وما فيها( وحسبك شهادة لجمالهن الباهر‪ ،‬وأنه بلغ‬
‫الغاية في الحسن والمنتهى في الجمال أن الله شهد بهذا فقال‪:‬‬
‫ن ( ] سورة الرحمن‪ ، [70/‬فيهن خيرات في‬ ‫سا ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ِ‬ ‫خي َْرا ٌ‬
‫ن َ‬
‫ه ّ‬
‫في ِ‬
‫) ِ‬
‫الخلقة والخلق‪ ،‬جمعن بين جمال الظاهر وجمال الباطن‪.‬‬
‫‪‬تنبيه ‪: ‬أما نساء الدنيا الصالحات القانتات الحافظات للغيب‬
‫بما حفظ الله‪ ،‬نساء‬
‫أهل الدنيا من الصائمات القانتات‪ ،‬الذاكرات لله كثيرا ً فهن أفضل‬
‫من الحور العين جمال ً وجلل ً وقدرا ً وأخلقًا‪ ،‬ومن كانت منهن‬
‫ج في الدنيا فإنها تزوج يوم القيامة في الجنة إذا‬ ‫ليست ذات زو ٍ‬
‫دخلت الجنة‪ ،‬فقد تزوج بمن لم يتزوج ومات وهو من أهل الجنة‪،‬‬
‫أو بغير ذلك مما يريده الله تعالى‪.‬‬

‫خْلقية‪‬‬
‫صفات الحور العين ال َ‬ ‫‪‬‬

‫ت‬
‫صَرا ُ‬ ‫م َ‬
‫قا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْدَ ُ‬
‫َ) ِ‬ ‫ل‪ :‬بياض البشرة وصفاؤها ‪ :‬كما قال تعالى‬ ‫أو ً‬
‫َ‬
‫ن ( ] سورة الصافات ‪[ 48،49‬‬ ‫مك ُْنو ٌ‬
‫ض ّ‬
‫ن ب َي ْ ٌ‬ ‫ن * ك َأن ّ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫عي ٌ‬ ‫الطّْر ِ‬
‫ف ِ‬
‫قال السدي‪" :‬بياض البيض حين ينزع قشره إذا نزعت القشرة‬
‫كيف ترى هذه البيضة في صفائها ولينها ونعومتها وطراوتها؟ هي‬
‫أعظم من ذلك‪ ،‬لكن يريد أن يقرب لك الصورة كي تحس أن هذا‬
‫َ‬
‫ن(‬‫مك ُْنو ٌ‬‫ض ّ‬ ‫ن ب َي ْ ٌ‬ ‫النعيم حقيقي‪ ،‬وليس نعيما ً وهميًا‪ ،‬ل‪) ،‬ك َأن ّ ُ‬
‫ه ّ‬
‫] سورة الصافات ‪ ، [ 49‬واختاره ابن جرير لقوله‪" :‬مكنون" قال‪:‬‬
‫"والقشرة العليا يمسها جناح الطائر‪ ،‬والعش وتنالها اليدي بخلف‬
‫داخلها ) تفسير ابن كثير(‬
‫وقيل‪" :‬إنه بيض النعام المكنون في الرمل‪ ،‬وهو عند العرب‬
‫أحسن ألوان البياض وقيل‪" :‬اللؤلؤ قبل أن يبرز من صدفته" هذا‬
‫البيض المكنون‪ ،‬وقيل غير ذلك‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 328‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫ن(‬‫جا ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫مْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ال َْيا ُ‬
‫قو ُ‬ ‫ه ّ‬‫وقال الله تعالى أيضا ً في وصفهن‪):‬ك َأن ّ ُ‬
‫]سورة الرحمن‪ ، [ 58/‬قال مجاهد والحسن والسدي وابن زيد‪:‬‬
‫"في صفاء الياقوت‪ ،‬وبياض المرجان‪ ،‬فالحور العين‪ ،‬بشرتهن‬
‫بيضاء صافية كالمرآة يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من‬
‫الحسن ‪ ،‬ويستدل لذلك بالحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫د منهم زوجتان‪ ،‬يرى مخ سوقهما‬ ‫قال في أهل الجنة‪):‬ولكل واح ٍ‬
‫من وراء اللحم من الحسن(‬
‫وقوله‪):‬مخ سوقهما من وراء اللحم( المخ ‪ :‬ما في داخل العظم‪،‬‬
‫والمراد وصفها بالصفاء البالغ‪ ،‬وأن ما في داخل العظم ل يستتر‬
‫باللحم والعظم والجلد‪ ،‬من رقتها ونعومتها وصفائها ما في داخل‬
‫العظم ل يستتر بالجلد‪ .‬وهذا في الداخل في غاية الجمال‪ ،‬فيراه‬
‫من خارج‪،‬‬
‫وقد فسر بعض المفسرين معنى الحور العين بالبياض وصفاء‬
‫اللون‪ ،‬قال ابن عباس‪":‬الحور في كلم العرب البيض" وكذا قال‬
‫قتادة‪" :‬الحور البيض" وقال مقاتل‪" :‬الحور بيض الوجوه" وقال‬
‫مجاهد‪" :‬الحور العين التي يحار فيهن الطرف باديا ً مخ سوقهن‬
‫من وراء ثيابهن من رقة الجلد‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬جمال العيون واتساعها‪:‬‬
‫ن( ] سورة الصافات ‪[48/‬‬ ‫عي ٌ‬‫ف ِ‬ ‫ت الطّْر ِ‬ ‫صَرا ُ‬ ‫م َ‬
‫قا ِ‬ ‫ه ْ‬
‫عن ْدَ ُ‬
‫و ِ‬
‫قال تعالى‪َ ):‬‬
‫‪ ،‬جمع عيناء وهي الواسعة العين‪ ،‬وجمعت أعينهن مع السعة‬
‫صفات الحسن والملحة‪ ،‬قال ابن القيم عند شرحه لمعنى الحور‬
‫العين‪" :‬والصحيح أن الحور مأخوذ من الحور في العين‪ ،‬وهو شدة‬
‫بياضها مع قوة سوادها‪ ،‬فهو يتضمن المرين‪ ،‬والحور في العين‬
‫ى يلتئم من حسن البياض والسواد‪ ،‬وتناسبهما" ‪ -‬هذا البؤبؤ‬ ‫معن ً‬
‫د‬
‫شديد السواد في هذه العين شديدة البياض واكتساب كل واح ٍ‬
‫منهما الحسن من الخر‪ ،‬هذا شدة السواد يكتسب حسن من شدة‬
‫البياض‪ ،‬وشدة البياض يكتسب حسن من شدة السواد‪ ،‬هذا الحسن‬
‫المركب بعضه من بعض هو بذاته جميل جدًا‪ ،‬وإذا اجتمع مع غيره‬
‫أجمل وأجمل ‪ -‬قال‪" :‬وعين حوراء إذا اشتد بياض أبيضها وسواد‬
‫أسودها‪ ،‬ول تسمى المرأة حوراء حتى يكون مع حور عينها بياض‬
‫لون الجسد‪ ،‬والعين جمع عيناء وهي عظيمة العين من النساء‪،‬‬
‫ورجل أعين إذا كان ضخم العين‪ ،‬وامرأة عيناء والجمع عين‪،‬‬
‫والصحيح أن العين اللتي جمعت أعينهن صفات الحسن والملحة‪،‬‬
‫قال مقاتل‪ :‬العين حسان العين ومن محاسن المرأة اتساع عينها‬
‫في طول‪ ،‬طول شق العين‪ ،‬وضيق العين في المرأة من العيوب‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 329‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ثالثا ً في صفات الحور العين أنهن مطهرات من النجاس والقذار‪:‬‬
‫َ‬
‫ن( ] سورة‬
‫دو َ‬
‫خال ِ ُ‬
‫ها َ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫مط َ ّ‬
‫هَرةٌ َ‬ ‫ج ّ‬
‫وا ٌ‬
‫ها أْز َ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫قال تعالى‪َ ):‬‬
‫البقرة‪[25/‬‬
‫قال عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس‪" :‬مطهرة من القذر‬
‫والذى‪ ،‬فل يحضن‪ ،‬ول يحدثن‪ ،‬ول يتنخمن"‬

‫مِنين ول‬ ‫ن ول يلدن ول ي ُ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ن ول يح ْ‬ ‫وط َ‬ ‫ن ول يتغ ّ‬ ‫قال مجاهد‪" :‬ل ي َب ُل ْ َ‬


‫ن"‬ ‫يبُزق َ‬
‫ر ومن كل‬ ‫ط وقذ ٍ‬ ‫ل وغائ ٍ‬ ‫وقال قتادة‪" :‬طهرهن الله من كل بو ٍ‬
‫مأثم"‬
‫رابعًا‪ :‬أتراب في السن‪:‬‬
‫َ‬
‫ب ( ] سورة ص‪، [52/‬‬ ‫ف أت َْرا ٌ‬ ‫ت الطّْر ِ‬ ‫صَرا ُ‬ ‫قا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عندَ ُ‬ ‫و ِ‬‫قال تعالى ‪َ ):‬‬
‫عُرًبا‬ ‫كاًرا * ُ‬ ‫َ‬
‫ن أب ْ َ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫شاء * َ‬ ‫ن ِإن َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وقال سبحانه‪ ):‬إ ِّنا أن َ‬
‫ه ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شأَنا ُ‬
‫أ َت َْراًبا(‬
‫]الواقعة‪[37-35 /‬‬
‫ن واحد‪،‬‬ ‫قال ابن عباس وسائر المفسرين‪" :‬مستويات على س ٍ‬
‫وميلٍد واحد‪ ،‬بنات ثلث وثلثين سنة" وقال مجاهد‪" :‬أتراب‪:‬‬
‫أمثال" قال إسحاق‪" :‬هن في غاية الشباب والحسن ‪.‬‬
‫وقال أبو عبيدة وأبو إسحاق‪" :‬أقران‪ ،‬أسنانهن واحدة‬
‫والمعنى من الخبار باستواء أسنانهن أنهن ليس فيهن عجائز‪ ،‬قد‬
‫فات حسنهن‪ ،‬ول ولئد ل يطقن الوطأة‬
‫خامسا ً ‪ :‬أبكار‬
‫كاًرا( ]سورة‬ ‫ن أ َب ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ف َ‬ ‫شاء * َ‬ ‫ن ِإن َ‬ ‫ه ّ‬‫شأ َْنا ُ‬ ‫قال تعالى‪) :‬إ ِّنا َأن َ‬
‫وَل‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قب ْل َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن ِإن ٌ‬ ‫ه ّ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫م ي َطْ ِ‬ ‫الواقعة ‪ ،[ 36- 35/‬وقال تعالى ‪ ):‬ل َ ْ‬
‫ن (] سورة الرحمن‪[56/‬‬ ‫جا ّ‬ ‫َ‬
‫قال المفسرون‪" :‬لم يطأهن ولم يمسهن ولم يجامعهن أحد"‬
‫وقال أبو الهيثم‪" :‬يقال للمرأة طمثت إذا أدميت بالفتضاض‬
‫والبكر أفضل من الثيب‪ ،‬وعندما يطأ الرجل حوريته في الجنة‬
‫ترجع بكرا ً مرةً ثانية‪ ،‬هذا من أعجب العجب‪،‬‬
‫سادسًا‪ :‬كواعب‬
‫ب أ َت َْراًبا (‬ ‫ع َ‬‫وا ِ‬ ‫وك َ َ‬ ‫عَناًبا * َ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫دائ ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫فاًزا * َ‬ ‫م َ‬‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬‫قال تعالى ‪ ):‬إ ِ ّ‬
‫]سورة النبأ‪[ 33-31 /‬‬
‫الكواعب‪ :‬جمع كاعب‪ ،‬وهي المرأة التي تكعب ثديها‪ ،‬وأصل‬
‫اللفظة من الستدارة‪ ،‬والمراد أن ثديهن نواهد كالرمان‪ ،‬ليست‬
‫متدلية إلى أسفل‪ ،‬ويسمين‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 330‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نواهد وكواعب‪ ،‬هذا بالنسبة للخلقة‪،‬‬

‫‪‬صفات الحور العين‬


‫خُلقية‪‬‬
‫ال ُ‬

‫ل‪ :‬قاصرات الطرف‪:‬‬ ‫أو ً‬


‫وصفهن الله تعالى بقصر الطرف في ثلثة مواضع‪،‬‬
‫وَل‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قب ْل َ ُ‬
‫س َ‬ ‫ن ِإن ٌ‬ ‫ه ّ‬ ‫م ي َطْ ِ‬
‫مث ْ ُ‬ ‫ف لَ ْ‬
‫ت الطّْر ِ‬
‫صَرا ُ‬
‫قا ِ‬‫ن َ‬‫ه ّ‬ ‫في ِ‬ ‫قال تعالى‪ِ ):‬‬
‫ت‬
‫صَرا ُ‬ ‫قا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫عن ْدَ ُ‬
‫و ِ‬‫ن ( ]سورة الرحمن ‪ ، [56/‬وقال تعالى ‪َ ):‬‬ ‫جا ّ‬‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫عندَ ُ‬ ‫و ِ‬‫ن ( ]سورة الصافات ‪ [48/‬وقال تعالى ‪َ ):‬‬ ‫عي ٌ‬
‫ف ِ‬ ‫الطْر ِ‬‫ّ‬
‫َ‬
‫ب ( ]سورة ص‪ [ 52/‬والمفسرون كلهم على‬ ‫ف أت َْرا ٌ‬ ‫ت الطّْر ِ‬ ‫صَرا ُ‬‫قا ِ‬ ‫َ‬
‫أن المعنى‪ :‬قصرن طرفهن على أزواجهن فل يطمحن إلى‬
‫غيرهم‪ ،‬ول يردن غيرهم‪ ،‬فل يرين شيئا ً أحسن في الجنة من‬
‫أزواجهن ‪ ،‬قاله ابن عباس وقتادة وعطاء الخرساني وابن زيد‪.‬‬
‫وأنت تعلم يا أيها الرجل أن من أعظم النعيم في الحياة الزوجية‬
‫أن المرأة ل ترى رجل ً أحسن من زوجها‪ ،‬وأن تكون مقتنعة به‬
‫تمام القتناع ‪ ،‬هذا متحقق تماما ً في الجنة إلى أقصى درجة‪ ،‬وقد‬
‫ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها‪" :‬والله ما أرى في الجنة شيئا ً‬
‫ي منك‪ ،‬فالحمد لله الذي‬ ‫أحسن منك‪ ،‬ول في الجنة شيء أحب إل ّ‬
‫جعلك لي‪ ،‬وجعلني لك" وقيل‪ :‬قصرن طرف أزواجهن كلهن فل‬
‫يدعهم حسنهن وجمالهن أن ينظروا إلى غيرهن ‪ ،‬فهي قصرت‬
‫طرف زوجها عليها من شدة جمالها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أنهن عربًا‪:‬‬
‫عُرًبا أ َت َْراًبا ( ]سورة الواقعة ‪ ، [ 37/‬والعروب هي‬ ‫قال تعالى ‪ُ ) :‬‬
‫المرأة المتحببة إلى بعلها بحسن لفظها‪ ،‬وحسن هيأتها ودللها‬
‫وجمالها ومحبتها‪ ،‬فهي إن تكلمت سلبت العقول‪ ،‬وود السامع أن‬
‫كلمها ل ينقضي ‪ ،‬خصوصا ً عند غنائهن بتلك الصوات الرخيمة‪،‬‬
‫والنغمات المطربة‪ ،‬وإن نظر إلى أدبها وصمتها ودلها ملت قلب‬
‫ل إلى آخر امتل ذلك‬ ‫بعلها فرحا ً وسرورًا‪ ،‬وإن برزت من مح ٍ‬
‫الموضع منها ريحا ً طيبا ً ونورًا‪ ،‬ويدخل في ذلك الغنجة عند الجماع‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 331‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫غِنجة‪ ،‬والغنج في الجارية‬ ‫قال صاحب تاج العروس‪" :‬العربة‪ :‬هي ال ُ‬
‫ل وقال في أبجد العلوم‪" :‬هي الصوات التي تصدر عن‬ ‫تكسٌر وتدل ٌ‬
‫العذارى والنساء الجميلت المهيجة للشوق‪ ،‬وهذا الغنج إن وقع‬
‫أثناء المباشرة وحال المخالطة والتقبيل وغير ذلك كان محركا ً‬
‫أقوى لقوة الوقاع " إذا ً الن هو لو قال‪ :‬الن في نساء يتصلن‬
‫بالهاتف ‪ ،‬ونساء وصوت الواحدة يسبي العقل ‪ ،‬وهذا خضوع‬
‫بالقول‪ ،‬وهذا يفسد القلب‪ ،‬وهذا يجعل النسان كالسير فنقول‪:‬‬
‫اصبر‪ ،‬اصبر عنه‪ ،‬فإنك ستسمع ما هو ألذ من هذا بكثير‪ ،‬وإنما‬
‫الدنيا ساعة فاجعلها طاعة‪ ،‬وبعد ذلك فإنما في الجنة سينسي كل‬
‫ما في الدنيا من الصبر عن المحرمات وعلى الطاعات‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬طاهرة من جميع الخلق السيئة‪:‬‬
‫َ‬
‫ن ( ]سورة‬ ‫دو َ‬‫خال ِ ُ‬
‫ها َ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫و ُ‬ ‫مط َ ّ‬
‫هَرةٌ َ‬ ‫ج ّ‬
‫وا ٌ‬
‫ها أْز َ‬
‫في َ‬
‫م ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫البقرة‪ [ 25/‬مطهرات من النجاس والقذار هذه طهارة حسية‪،‬‬
‫لكن أيضا ً مطهرات من الخلق السيئة‪.‬‬
‫قال ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪" : -‬وكذلك طهر باطنها من الخلق‬
‫السيئة والصفات المذمومة‪ ،‬وطهر لسانها من الفحش والبذاء‪،‬‬
‫وطهر طرفها من أن تطمح به إلى غير زوجها‪ ،‬وطهرت أثوابها‬
‫من أن يعرض لها دنس أو وسخ" حتى الثياب‪.‬‬

‫]*[ ‪‬ما جاء في التمتع‬


‫بالحور العين‬
‫ثم ماذا جاء من التمتع بالحور العين‪ ،‬ل شك أنه يكون بالحواس‬
‫المختلفة‪ ،‬في البصر ل يقع على أجمل منها‪ ،‬ول يطمح إلى غيرها‬
‫من جمالها‪ ،‬والكلم يلتذ بسماعه والغناء‪ ،‬وهذا الغناء من أعظم‬
‫ة َأنت ُم َ‬
‫جك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وا ُ‬
‫وأْز َ‬‫ْ َ‬ ‫جن ّ َ‬‫خُلوا ال ْ َ‬
‫النعيم من الحور العين‪ ،‬قال تعالى‪ ) :‬ادْ ُ‬
‫ن ( ]سورة الزخرف ‪ ،[70/‬هذا الدليل على أن الجنة فيها‬ ‫حب َُرو َ‬
‫تُ ْ‬
‫ن( الحبر‪:‬‬ ‫حب َُرو َ‬
‫غناء‪ ،‬وأنهن يسمعن غناء الحور العين لن قوله‪ ):‬ت ُ ْ‬
‫اللذة والسماع ‪ ،‬قال مجاهد وقتادة‪ :‬ينعمون لذة الذن بالسماع‬
‫هذا الحبور‪ ،‬وهذا النعيم‪ ،‬حبرة ‪ ،‬وقد أخبرنا رسول الله ‪ -‬صلى الله‬
‫ت جميلة عذبة‪ ،‬كما‬ ‫عليه وسلم ‪ -‬أن العين في الجنان يغنين بأصوا ٍ‬
‫رواه ابن عمر ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫ت‬‫وسلم ‪ -‬قال‪):‬إن أزواج أهل الجنة ليغنين أزواجهن بأحسن أصوا ٍ‬
‫ما سمعها أحد قط‪ ،‬إن مما يغنين‪ :‬نحن الخيرات الحسان‪ ،‬أزواج‬
‫قّرة أعيان‪ ،‬وإن مما يغنين به‪ :‬نحن الخالدات‬ ‫قوم ٍ كرام‪ ،‬ينظرن ب ُ‬
‫فل يمتنه‪ ،‬نحن المنات فل يخفنه‪ ،‬نحن المقيمات فل يضعنه(‪.‬‬
‫فيا لذة البصار إن هي أقبلت ويا لذة السماع حين تكلم ِ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 332‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أما الشم‪:‬‬
‫ح يشم منهن‪ ) ،‬لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه‬ ‫فأطيب ري ٍ‬
‫الثابت في صحيح البخاري ( أن النبي ‪ r‬قال ‪):‬ولو أن امرأةً من‬
‫أهل الجنة اطلعت إلى أهل الرض لضاءت ما بينهما‪ ،‬ولملته‬
‫ريحًا‪ ،‬ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها(‬
‫أما الملمسة فبجميع معانيها‪:‬‬
‫َ‬
‫ن ( ]سورة‬ ‫هو َ‬ ‫فاك ِ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫غ ٍ‬ ‫ش ُ‬ ‫في ُ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬ ‫ة ال ْي َ ْ‬ ‫جن ّ ِ‬‫ب ال ْ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫قال تعالى‪ ) :‬إ ِ ّ‬
‫يــس ‪[55/‬‬
‫عَلى‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫في ظَِل ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫وأْز َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما هو الشغل؟ ما معنى فاكهون؟ ) ُ‬
‫ن ( ] سورة يــس ‪ ، [56/‬قال ابن عباس وغيره‪:‬‬ ‫ؤو َ‬ ‫مت ّك ِ ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫اْل ََرائ ِ ِ‬
‫"شغلهم افتضاض البكار‬
‫ويعطى الرجل في الجنة قوة مائة‪،‬‬
‫س رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي ( أن النبي‬ ‫َ‬
‫) حديث أن َ ٍ‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫ل َيا‬ ‫ع‪ ،‬قي ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ذا وك َ َ‬ ‫وةَ ك َ َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ْ‬ ‫ع َ‬
‫ما ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫جن ّ ِ‬‫ن في ال َ‬ ‫م ُ‬ ‫مؤ ِ‬ ‫طى ال ُ‬
‫َ‬
‫َ‪» :‬ي ُ ْ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫مائ َ ٍ‬ ‫وةَ ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫طى ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ل‪ :‬ي ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ك؟ َ‬ ‫ق ذَل ِ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ل الله أ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫ح له زوجة في الدنيا تؤذيه فإنها‬ ‫ج صال ٍ‬ ‫هذه الحوراء إذا كانت لزو ٍ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ك الله‪َ ،‬‬ ‫َ‬
‫قات َل ِ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ؤِذي ِ‬ ‫تغار عليه من المؤذية هذه وتقول ‪ :‬ت ُ ْ‬
‫ك إ ِل َي َْنا‪.‬‬ ‫ر َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ل يوش َ َ‬
‫ق ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫كأ ْ‬ ‫خي ٌ ُ ِ‬ ‫دك دَ ِ‬ ‫عن ْ َ‬‫ِ‬
‫ل الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن‬ ‫جب َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫عاِذ ب ِ‬ ‫م َ‬ ‫)حديث ُ‬
‫ه‬‫جت ُ ُ‬
‫و َ‬ ‫ت َز ْ‬ ‫قال َ ْ‬‫في الدّن َْيا‪ .‬إ ِل ّ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫مَرأةٌ َز ْ‬ ‫ؤِذي ا ْ‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪»:‬ل َ ت ُ ْ‬
‫ش َ‬
‫ك‬ ‫ل ُيو ِ‬ ‫خي ٌ‬ ‫دك دَ ِ‬ ‫عن ْ َ‬‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ك الله‪َ ،‬‬ ‫قات َل َ ِ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ؤِذي ِ‬ ‫ن‪ :‬ل َ ت ُ ْ‬ ‫عي ِ‬ ‫ر ال ْ ِ‬ ‫حو ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ك إ ِلي َْنا«‪.‬‬ ‫ر َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫َ‬
‫ق ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫أ ْ‬
‫وحديثها السحر الحلل إن طال لم يمل‪:‬‬
‫وود المتحدث أنها ل توجز‪ ،‬وإن غنت فيا لذة البصار والسماع‪،‬‬
‫وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك المآنسة والمتاع‪:‬‬
‫م‬ ‫فهذا زمان المهـر فهـو المقــد ُ‬ ‫فيا خاطب الحســناء إن كنت باغيـا ً‬
‫م‬
‫فتحظى بها مـن دونهن وتنعـــ ُ‬ ‫وكن مبغضــا ً للخائنـات لحبهـــا‬
‫م‬‫تفوز بعيد الفطر والناس صـــو ُ‬ ‫وصم يومك الدنى لعّلك في غــــ ٍ‬
‫د‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (3‬من حق الرجل على المرأة أن ترعى ماله وولده وتحافظ‬
‫عليهما فالمرأة في بيت زوجها أمينة على ماله‪ ،‬وراعية وحافظة‬
‫لكل ما يودعه في البيت من متاع أو مال أو غير ذلك‪ ،‬ول يجوز لها‬
‫التصرف في ذلك إل بإذنه‪ ،‬فالمرأة راعية في بيت زوجها‪،‬‬
‫ومسئولة عن رعيتها بدللة الحديث التي ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 333‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪) :‬كلكم راع مسئول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع وهو مسئول‬
‫عن رعيته‪ ،‬والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة‬
‫في بيت زوجها راعية‪ ،‬وهي مسئولة عن رعيتها‪ ،‬والخادم في مال‬
‫سيده راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسؤول عن‬
‫رعيته(‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و‬
‫تحفظ غيبتك في نفسها و مالك ‪‌ .‬‬
‫زوجة مقتصدة غير مسرفة‪ ،‬ل تتباهى بمال زوجها إن كان غنًيا‪،‬‬
‫ول تشكو من قلته إن كان فقيًرا‪ ،‬ل تنفق المرأة شيئا من بيتها إل‬
‫بإذن زوجها وتعرف متى تنفق‪ ،‬كريمة غير بخيلة‪ ،‬مدبرة غير‬
‫مسرفة‪ ،‬راضية بقسمة الله لها في كل شيء‪ ،‬قنوعة بما رزقها‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫)لحديث أبي أمامة الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فل‬
‫وصية لوارث ول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها فقيل‬
‫يا رسول الله ول الطعام قال ذاك أفضل أموالنا ثم قال العارية‬
‫مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم‬
‫* الشاهد قوله ‪ r‬ول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها‬
‫)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪) :‬ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه‪ ،‬ول تأذن‬
‫في بيته إل بأذنه‪ ،‬وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي‬
‫إليه شطره(‪.‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله ‪:‬‬
‫"قوله صّلى الّله عليه وسّلم‪)) :‬وما أنفقت من كسبه من غير‬
‫صريح في ذلك‬ ‫ن نصف أجره له(( فمعناه‪ :‬من غير أمره ال ّ‬ ‫أمره فإ ّ‬
‫ل لهذا القدر‬ ‫ق متناو ٌ‬ ‫م ساب ٌ‬ ‫القدر المعّين‪ ,‬ويكون معها إذن عا ّ‬
‫ما‬
‫صريح وإ ّ‬‫ما بال ّ‬
‫قا إ ّ‬‫ولناه ساب ً‬‫وغيره‪ ,‬وذلك الذن اّلذي قد أ ّ‬
‫بالعرف‪ ,‬ول بدّ من هذا الّتأويل‪ ,‬لّنه صّلى الّله عليه وسّلم جعل‬
‫الجر مناصفة‪ ,‬وفي رواية أبي داود‪)) :‬فلها نصف أجره((‪ ,‬ومعلوم‬
‫أّنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ول معروف من العرف فل أجر‬
‫ن هذا كّله مفروض في‬ ‫لها‪ ,‬بل عليها وزر‪ ,‬فتعّين تأويله‪ .‬واعلم أ ّ‬
‫ر يعلم رضا المالك به في العادة‪ ,‬فإن زاد على المتعارف‬ ‫ر يسي ٍ‬‫قد ٍ‬
‫لم يجز ‪ ,‬وهذا معنى قوله صّلى الّله عليه وسّلم‪)) :‬إذا أنفقت‬
‫المرأة من طعام بيتها غير مفسدة(( فأشار صّلى الّله عليه وسّلم‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 334‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ضا‬
‫طعام أي ً‬ ‫إلى أّنه قدر يعلم رضا الّزوج به في العادة‪ ,‬ونّبه بال ّ‬
‫دنانير في‬ ‫دراهم وال ّ‬ ‫على ذلك; لّنه يسمح به في العادة بخلف ال ّ‬
‫ق أكثر الّناس‪ ,‬وفي كثير من الحوال"‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫]*[ والزوجة الصالحة تكون مدبرة في غير بخل‪ ،‬منفقة في غير‬
‫إسراف‪ ،‬قنوعة وراضية برزق الله تعالى لها ولزوجها ولسرتها‪،‬‬
‫وهذا ناشئ عندها من عدة منطلقات‪:‬‬
‫ن‬
‫ري َ‬‫مب َذّ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫أولها‪ :‬ذم الله المسرفين‪ ،‬كما في قوله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن ‪] ‬السراء‪.[27 :‬‬ ‫طي ِ‬ ‫شَيا ِ‬‫ن ال ّ‬‫وا َ‬‫خ َ‬ ‫كاُنوا إ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن إِ َ‬
‫ذا‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ثانيها‪ :‬مدح الله وثناؤه للمقتصدين‪ ،‬كما في قوله‪َ  :‬‬
‫واما ً ‪] ‬الفرقان‪:‬‬ ‫ق َ‬‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬‫ن ب َي ْ َ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫م يَ ْ‬
‫قت ُُروا َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫فوا َ‬ ‫ر ُ‬‫س ِ‬ ‫قوا ل َ ْ‬
‫م يُ ْ‬ ‫ف ُ‬‫أ َن ْ َ‬
‫‪.[67‬‬
‫ثالثها‪ :‬معرفتها بآثار السرف الذميمة‪ ،‬كالغفلة عن الله والدار‬
‫الخرة‪ ،‬والتكبر‪ ،‬وطول المل‪ ،‬وحب الدنيا‪ ،‬والعجب‪ ،‬والغرور‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬زهدها في الدنيا‪ ،‬ونفسها القنوعة التي ل تحملها على‬
‫البذخ والسرف‪.‬‬
‫لذلك فإن هذه السباب تحملها على أل تتباهى بمال زوجها إن‬
‫كان غنًيا‪ ،‬أو أن تسرف في النفاق لسيما أمام الناس‪ ،‬وأمام‬
‫النساء خاصة‪ ،‬فهي تعلم أن المال عارية زائلة‪ ،‬وقد جعلها الله‬
‫تعالى خليفة عليه ومسئولة عنه لقوله ‪" :‬وعن ماله من أين‬
‫ما قريب راحلة عن‬ ‫اكتسبه وفيم أنفقه؟"‪ ،‬فضل ً عن علمها أنها ع ّ‬
‫مخلفة وراءها المال والمتاع‪.‬‬ ‫هذه الدنيا الزائلة‪ُ ،‬‬
‫كذلك قناعتها تحملها على أل تشكو زوجها إن كان فقيًرا‪ ،‬ول‬
‫أعني بهذه القناعة البخل وقبض اليد عن النفاق‪ ،‬بل أعني‬
‫القتصاد والتدبير والنفاق في غير سرف ول مخيلة‪.‬‬
‫ومن مظاهر قناعة الزوجة الصالحة‪ ،‬ورضاها بما قسمه الله تعالى‬
‫لها ولزوجها من الرزق أنها ُتقدر طاقته المالية )وتقتصد في‬
‫ماله‪ ،‬فل تهدره بطًرا وبغير حق‪،‬‬
‫صا إذا‬ ‫ول ترهقه بطلباتها غير الضرورية من متاع الدنيا خصو ً‬
‫فاقت إمكاناته‪ ،‬فذلك يزعجه ويؤلمه؛ لنه ل يستطيع تحقيق هذه‬
‫المطالب‪ ،‬ويعز عليه أن يظهر أمام زوجته بمظهر العاجز الذي ل‬
‫يملك تنفيذ ما تطلب‪.‬‬
‫وعليها أن تصحب زوجها بالقناعة‪ ،‬فل تتطلع إلى ما عند الغير‪ ،‬ول‬
‫تحاكي أترابها من نساء القارب والجيران والمعارف في اقتناء‬
‫الكماليات‪ ،‬بل عليها أن توجه مال الله للبذل في سبيل الله عز‬
‫دا يوم القيامة()‪.(32‬‬ ‫وجل ليكون لهما رصي ً‬

‫)( عودة الحجاب )‪.(2/491‬‬ ‫‪32‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 335‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫أل فلتتق الله تعالى النساء في أزواجهن‪ ،‬ول ترهقهم من أمرهم‬
‫عسًرا‪ ،‬ويعشن مع أزواجهن بالقناعة والرضا‪ ،‬فإن القناعة سبب‬
‫السعادة‪.‬‬
‫]*[ قال بعض الصالحين‪ :‬يا ابن آدم إذا سلكت سبيل القناعة‪،‬‬
‫فأقل شيء يكفيك‪ ،‬وإل فإن الدنيا وما فيها ل تكفيك‪.‬‬
‫إن الزوجة العاقلة هي التي تنظر إلى من هي أقل منها عي ً‬
‫شا‪،‬‬
‫قا‪ ،‬فيحملها ذلك على شكر الله تعالى‪ ،‬والرضا بما‬ ‫وأضيق رز ً‬
‫قا من قوله ‪" :‬انظروا إلى‬ ‫قسمه لها‪ ،‬والقناعة بكل شيء انطل ً‬
‫من هو أسفل منكم‪ ،‬ول تنظروا إلى من هو فوقكم‪ ،‬فهو أجدر أل‬
‫‪.‬‬
‫تزدروا نعمة الله عليكم"‬
‫]*[]*[]*[]*[‬

‫)‪ (4‬ومن حق الرجل على المرأة أن تتزين له وأن تبتسم في‬


‫وجهه ‪:‬‬
‫ومن حق الرجل على المرأة أن تتزين له وأن تبتسم في وجهه ول‬
‫تعبس في وجهه حتى تصل إلى النتيجة المرجوة ] تسرك إذا‬
‫أبصرت [‬
‫مــن‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫]*[ والهتمام بالزينة جبلة وطبيعة عند المرأة قال تعالى ‪) :‬أ َ‬
‫ن( ]الزخرف‪.[18 /‬‬ ‫مِبي ٍ‬
‫غي ُْر ُ‬‫صام ِ َ‬ ‫في ال ْ ِ‬
‫خ َ‬ ‫و ِ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫حل ْي َ ِ‬
‫ة َ‬ ‫في ال ْ ِ‬‫شأ ُ ِ‬ ‫ي ُن َ ّ‬
‫علهــا لــه‬ ‫ق من تتزين له المرأة زوجهــا فــإن هــذا مــن حســن تب ُ‬ ‫وأح ُ‬
‫فه عن الحرام ‪ ،‬ولتصل إلى الغاية المنشــودة فــي قــوله ‪) r‬إن‬ ‫ع ُ‬ ‫لت ِ‬
‫نظر إليها سّرته(‪ .‬كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث عبد الله بن سلم الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬خير النساء من تسرك إذا أبصرت و تطيعك إذا أمرت و‬
‫تحفظ غيبتك في نفسها و مالك ‪‌ .‬‬
‫فعلى المرأة الصالحة أن تهتم بزينتها ورائحتها ونظافاتها‬
‫ما‬ ‫وطهارتها ‪ ،‬فالزوجة تعلم أن للزينة في قلب زوجها أثًرا عظي ً‬
‫يحببها إليه أكثر وأكثر‪ ،‬لذا يجب عليها أن تكون حريصة على ذلك‬
‫دا‪ ،‬في ملبسها‪ ،‬في رائحتها‪ ،‬في نظافتها‪ ،‬وهي تعرف‬ ‫صا شدي ً‬ ‫حر ً‬
‫ضا أن للزينة دوًرا فعال ً في إعفاف زوجها وقناعته بها والرغبة‬ ‫أي ً‬
‫فيها‪ ،‬وكذلك في دوام العشرة معها بالمعروف‪ ،‬ومتانة سياج‬
‫المودة والمحبة واللفة‪.‬‬
‫ولعل من أهم أسباب نفرة الرجل من زوجته‪ ،‬وحدوث مشاكل‬
‫بينهما‪ ،‬ما يقع منها من إهمال زينتها أمامه‪ ،‬وهو صاحب الحق‬
‫بالزينة‪ ،‬بل قد تمر بالواحدة اليام والليالي لم َتبدُ خللها بمظهر‬
‫حسن لبعلها‬
‫وهذا ل شك ظلم من الزوجة لزوجها‪ ،‬وتقصير في حقه‪ ،‬مضر‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 336‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫لسعادتها معه‪ ،‬يحمل الزوج على النصراف عنها والزهادة فيها‪،‬‬
‫لينظر إلى غيرها من النساء فيقع في الثم‪ ،‬أو ليتطلع بالزواج‬
‫بأخرى تروي عاطفته‪ ،‬وُتشبع غريزته‪ ،‬وتمل عينه‪.‬‬
‫وقد تزوج أحدهم بامرأة أخرى لهذا السبب‪ ،‬فما كان من الولى إل‬
‫أن تزينت وتجملت‪ ،‬فلما دخل الزوج عليها ظّنها امرأة أجنبية من‬
‫عظم الفوارق بين حالتيها‪ ،‬ودهش حينما رآها بهذا التألق الذي‬
‫ن أنها تفتقده‪ ،‬وأخبرها أنه ما كان ليتزوج لو كانت معه على‬ ‫ظ ّ‬
‫تلك الحال قبل ذلك‪ ،‬ولكن على نفسها جنت براقش ‪.‬‬
‫]*[ قال أبو الفرج في كتابه النساء ما معناه‪:‬‬
‫خْلقها وكمال حسنها‪ ،‬بأن‬ ‫عن المرأة تحظى عند زوجها بعد تمام َ‬
‫تكون مواظبة على الزينة والنظافة‪ ،‬عاملة بما يزيد في حسنها من‬
‫أنواع الحلي واختلف الملبس‪ ،‬ووجوه التزين بما يوافق الرجل‪،‬‬
‫ويستحسنه منها في ذلك‪ ،‬ولتحذر كل الحذر أن يقع بصر الرجل‬
‫على شيء يكرهه من وسخ‪ ،‬أو رائحة مستكرهة‪ ،‬أو تغير مستنكر‪.‬‬
‫ق‬
‫ب على المرأة‪ ،‬وح ٌ‬ ‫‪‬تنبيه ‪‬إن التزين للتزوج والتجمل له‪ ،‬واج ٌ‬
‫له‪ ،‬ل يسقط وإن مضى الشطر العظم من الحياة‪ ،‬وكم من رجل‬
‫تزوج وهو في الخمسين ويزيد بسبب إهمال زوجته لمظهرها‬
‫وهيئتها ورائحتها وزينتها‪.‬‬
‫ولعل من صور نظافة المرأة‪ :‬نظافة البدن والبشرة‪ ،‬والعناية‬
‫بنظافة السنان ورائحة الفم‪ ،‬وبتنقية العين وتكحيلها‪ ،‬وبتقليم‬
‫الظافر وتسويتها‪ ،‬وكذلك نتف البط وشعر العانة‪.‬‬
‫فهّيا يا نساء المسلمين تجملن لزواجكن‪ ،‬وتطيبن‪ ،‬واعلمن أن‬
‫ذلك خير رائد لقلب الزوج‪ ،‬ومن أفضل الطرق السهلة لطلب‬
‫رضاه‪ ،‬بل لحل المشاكل بينكما‪.‬‬
‫]*[ وعجًبا لبعض الزوجات اللئي ل يهتممن بأنفسهن وقت‬
‫الحيض‪ ،‬فل تتنظف الزوجة لزوجها أثناء الحيض‪ ،‬ول تتزين عنده‪،‬‬
‫وتظن أن الحيض معناه خصام وانفصال بين الزوجين‪.‬‬
‫أين زينة المرأة في وجهها وشعرها وثوبها ورائحتها؟!‬
‫وهل هناك تعارض بين ذلك وبين الحيض؟!‬
‫ل‪ ،‬بل كان يجب عليها أن تضاعف الهتمام بزوجها وبجمالها‬
‫وزينتها ورائحتها لتعوض الزوج حاجته‪.‬‬
‫أين أناقة الحائض‪ ،‬وطيب ريحها‪ ،‬وحسن مظهرها يا إماء الله!‬
‫]*[ ونجد مع السف كثيرا ً من النساء ل تعرف الزينة والتجمل إل ّ‬
‫عند الخروج من المنزل والزيارات والسهرات‪ ،‬والزوج نصيبه‬
‫ملبس تخرج منها رائحة الطبخ ‪ ،‬وهذا تقصير ُتلم عليه المرأة ‪،‬‬
‫بل عليها أن تقترب من قلب زوجها باللوان التي يحب والرائحة‬
‫التي يرغب ‪ ،‬فهو أحق من تتزين له ‪ ،‬فإن بعض النساء تحب‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 337‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫التزين أمام النساء ‪ ،‬نقول بتوفيق الله أن هذا قد ل يكون فيه‬
‫ن نساء صالحات ل تصف المرأة ولكن زوجك هو أحق‬ ‫غضاضة إن ك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫من تتزينين له ‪،‬‬
‫]*[ ثم أن أي زينة تريدينها راعي فيها الضوابط التالية‪:‬‬
‫* أل تكون منهيا ً عنها فــي شــرعنا وذلــك كــالنمص والتفلــج للســن‬
‫والوشم والوصل للشعر وغيرها‪.‬‬
‫* أل يكون فيها تشبه بالكفار‪.‬‬
‫* أل يكون فيها تشبه بالرجال‪.‬‬
‫* أل يكون فيها ضرر على الجسم‪.‬‬
‫* أل يترتب عليها محظور شرعي ‪ :‬فــإذا كــان ســيترتب علــى هــذه‬
‫الزينة محظور شرعي فإنها حينئذ ل تجوز‪.‬‬
‫وهذا كما لو كانت تمنع وصول الماء إلــى الجســم فتمنــع الطهــارة‬
‫وكما لو كان فيهــا إضــاعة للــوقت ‪ ،‬أو كــان فيهــا إســراف وتبــذير‬
‫وهدر للمال وكمـا لـو كـان يـؤدي اسـتعمالها إلـى الغـرور والتكـبر‬
‫وغمط الخرين ‪ ،‬وكما لــو أدى اســتعمالها إلــى تضــييع شــيء مــن‬
‫أوامر الله أو التهاون فيه كأن تؤجل صلة العشاء إلى نهاية وقتهــا‬
‫بحجة أنها ل تريد الوضوء فيزيل ما عليها من ماكياج‪.‬‬
‫وكما لو كان اللباس شهرة فإنه حينئذ يحرم بنص السنة الصحيحة‬
‫كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث ابن عمر في صحيحي أبي داوود وابن ماجة( أن النبي ‪r‬‬
‫ة ثم‬ ‫م َ‬
‫ذل ٍ‬ ‫هرة ألبسه الله يوم القيامة ثوب َ‬ ‫ش ْ‬‫ب ُ‬
‫قال ‪ :‬من لبس ثو َ‬
‫ب فيه النار ‪.‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ْ‬
‫ي ُل ِ‬
‫)من لبس ثوب شهرة ( الشهرة ظهور الشيء في شنعة بحيث‬
‫يشتهر به‬
‫) ألبسه الّله يوم القيامة ثوب مذلة( ثوب مذلة أي يشمله بالذل‬
‫كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع العظم بأن يصغره في‬
‫العيون ويحقره في القلوب لنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على‬
‫غيره ‪.‬‬
‫) ثم يلهب فيه النار ( عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس‬
‫العمل فأذله الّله كما عاقب من أطال ثوبه خيلء بأن خسف به‬
‫فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ‪.‬‬
‫‪‬وإليك أختي المسلمة هذه النصائح الذهبية حتى تكوني أنيقة‬
‫الملبس ‪:‬‬

‫]*[ ‪‬حتى تكـوني أنـيقة الملبس ‪!!..‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 338‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كثيرات من بنات حــواء يحرصــن علــى كيفيــة وضــع الماكيــاج بكــل‬
‫دقة ‪ ..‬ويبحثــن عمــا يتناســب مــع لــون بشــرتهن ونوعيتهــا ‪.‬كــذلك‬
‫بالنســبة لتســريحات الشــعر ‪ ..‬وقــد تتناســى الواحــدة منــا طريقــة‬
‫لبسها ومدى تناسق ألوانه ومقاساته ‪ ..‬فقد يكون هناك خلــل فــي‬
‫طريقة ملبسها يقلل من أناقتها ‪!! ..‬‬
‫فحتى تكتل أناقة ملبسك تجنبي التي ‪:‬‬
‫‪ -1‬ثيابك ل تطابق مقاسك ‪:‬‬
‫إن ارتداء الملبس الواسعة قد يجعلك تبــدين أكــثر امتلء ‪ ،‬كمــا أن‬
‫الملبــس الضــيقة أكــثر مــن اللزم قــد تظهــر منــاطق أو بــروزات‬
‫قبيحة ‪.‬‬
‫‪ -2‬ثياب مجعدة ‪:‬‬
‫لن تظهر أناقة ملبسك إل إذا كانت خالية من التجاعيد ‪ ،‬تجنبي هذا‬
‫الخطــأ أو اشــتري ثيابـا ً مصــنوعة مــن أقمشــة ل تتجعــد أو اجعلــي‬
‫المكواة في متناول يدك دائما ً ‪.‬‬
‫‪ -3‬التشتت في اتباع الموضة ‪:‬‬
‫ل تحاولي أن تتبعي جميع الموضات في يوم واحــد ‪ ،‬فمــن الرجــح‬
‫أن مظهرك سيبدو غير لئق في النهاية ‪.‬‬

‫‪ -4‬ل تمزجي فصلين في زي واحد ‪:‬‬


‫سوف تتعارض كل قطع الثياب مع بعضها ‪ ،‬التزمي بزي يعبر عن‬
‫فصل واحد من فصول السنة ‪.‬‬
‫‪ -5‬ظهور خطوط الملبس الداخلية ‪:‬‬
‫اختاري ملبس داخلية تطابق مقاسك ‪ ،‬أما إذا كانت تناسبك ومع‬
‫ذلك تظهر خطوط فذلك يعني أن ثيابك أضيق من اللزم ‪.‬‬
‫‪ -6‬ل تجعلي اللون البيض طاغيا ً على مظهرك ‪:‬‬
‫إن اللون يضيف إليك وزنا ً ويجعلك تبدين أكثر حجما َ مما أنت علية‬
‫لذا قللي من هذا اللون ‪ ،‬ول تفكرين أن ترتدي ملبس بيضاء‬
‫واسعة أو جوارب بيضاء داخلية إل إذا كنت ترغبين بأن تبدي أكثر‬
‫امتلء ‪.‬‬
‫‪ -7‬ارتداء تنورة أو فستان أقصر من اللزم ‪:‬‬
‫كوني مسترخية وتأكدي أن باستطاعتك الجلوس دون أن تشعري‬
‫بالقلق أو الحرج من المناطق التي سوف تظهر فيها ‪.‬‬
‫‪ -8‬ارتداء الكثير من اللوان في الوقت ذاته ‪:‬‬
‫سيجعلك ذلك تبدين مترددة ‪ ..‬اكتفي بلون إلى ثلثة ألوان ‪.‬‬
‫‪ -9‬صور عديدة ‪:‬‬
‫ل تحاولي أن تمزجي الصور مع بعضها وإل فسوف تبدين مكتظة‬
‫إذا ل تبدو صور القمشة المطبعة جيدة على الجميع ‪ ،‬وإن كنت‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 339‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ممن يبدين رائعات مهما ارتدين ‪ ،‬فاختاري صورة أو قماشا مطبعا ً‬
‫إما في القطعة العلوية أو السفلية من زيك ‪ .‬وليس في كليهما ‪.‬‬
‫‪ -10‬ارتداء الحلي غير المناسبة ‪:‬‬
‫أكملي زيك بحلي تناسب مظهرك ‪ ،‬اختاري عقد بطول مناسب‬
‫فالعقود الضيقة أو الملتفة حول العنق تظهره أكبر مما هو عليه ‪.‬‬
‫ارتداء ثياب داكنة اللون مع أحذية فاتحة اللون ‪ ،‬أو العكس‬ ‫‪-11‬‬
‫‪:‬‬
‫اجعلي ثيابك وأحذيتك من الدرجة اللون نفسها ‪ ،‬باســتثناء البيــض‬
‫والسود اللذين يتماشيان مع كل اللوان ‪.‬‬
‫ارتداء دعامات كبيرة للكتفين ‪:‬‬ ‫‪-12‬‬
‫لقد ولى زمــن هــذا الموضــة منــذ الثمانينيــات ‪ ،‬وإن قمــت بارتــداء‬
‫دعامات للكتفين فتأكدي من كونها رقيقة وغير ملحوظة ‪.‬‬

‫‪‬وإليك أيضًا نصائح ذهبية بالنسبة لللوان التي تقربك من زوجك ‪:‬‬

‫‪‬ألوان تقّربك من زوجك‪..‬وألوان تبعده عنك!‬

‫بين اللوان نحيا‪ ،‬ومنها نختار ما نميل إليه فنحب لونًا‪ ،‬ونكــره آخــر‬
‫دون معرفة السبب‪ ..‬فنحن ل نعرف أسرار كل لون ومدى ارتباطه‬
‫بشخصياتنا‪ ..‬لذلك سنساعدك على معرفة مــاذا تفضــلين لون ـا ً دون‬
‫آخر؟ وكيف تكسبين زوجك من خلل اللوان‪.‬‬
‫من أجمل الطرق لحيــاة أســرية ســعيدة أن نفهــم ذواتنــا‪ ،‬ثــم مــن‬
‫يعيش معنا لنحســن عمليــة التواصــل معهــم مــن خلل العديــد مــن‬
‫الطرق التي من أجملها فن اللــوان وكيــف يمكــن أن يكــون ســببا ً‬
‫في إضفاء لمسة من السعادة علينــا فــي حياتنــا الســرية‪ ،‬هــذا مــا‬
‫قــاله عــوض محمــد مرضــاح‪ ،‬مــدرب مهــارات الحيــاة الســرية فــي‬
‫دراسته التي أعدها بهذا الخصوص‪ ،‬وبرأيه أن اختيار المرء لللــوان‬
‫فيه دللة على وجــود ميــول معينــة لــديه‪ ،‬فــاللون يلعــب دورا ً فــي‬
‫التأثير على حالته النفسية وبمقدورنا أن نتعرف علــى طبيعــة كــل‬
‫شخصية من خلل ما تفضل من ألوان‪.‬‬
‫الحمر )لون التحكم والسيطرة(‪:‬‬
‫هو لون الشخاص الذين يتصفون بــالعزم والحيويــة الدافقــة‪ ،‬فــإن‬
‫كنت تفضــلينه فمعنــى ذلــك أنــك قويــة وشــجاعة وجــريئة وتحــبين‬
‫المغامرة والخرين‪ ،‬وأنك تتمتعين بالخيال المجنــح ‪ -‬وتميليــن إلــى‬
‫التفاؤل‪.‬‬
‫البرتقالي )لون هدوء العقل والود(‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 340‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫هو لون الشخاص الطموحين ‪ -‬فإن كنت تحــبين اللــون البرتقــالي‬
‫فأنت تعتزين بكرامتك لديك كفاءة وقدر كبير من الحساس‪ ،‬وفــي‬
‫ذات الــوقت غيــورة والنجــاح هــو مــا تســعين إليــه‪ ،‬وتحــبين لفــت‬
‫النظار وممارسة النفوذ على الخرين‪ ،‬أمــا إذا كنــت تكرهيــن هــذا‬
‫اللون فيعني ذلك أنك جدية في حياتك‪ ،‬وتحـبين العمـال العظيمــة‬
‫والشخاص غير السطحيين‪.‬‬
‫الصفر )لون التلقائية والنشاط(‪:‬‬
‫كان يدل على الغيرة والحسد‪ ..‬أما اليوم فإنه صار اللون المفضــل‬
‫للشخاص الذكياء وأصحاب التلقائية والنشاط‪ ،‬وإذا كنت تطمئنيــن‬
‫إليه فيعني هذا أنك خجولة وبحاجة إلى مســاعدة دائمــة ومشــاركة‬
‫الخريــن‪ ،‬وإن كنــت تنفريــن منــه فيعنــي أنــك عمليــة وموضــوعية‬
‫وتحبين كل شيء تنتفعين منه‪.‬‬
‫الخضر )لون التملك(‪:‬‬
‫إن كنت تحبينه فلديك حب التملك سواء للشياء الحسية أو المادية‪.‬‬
‫عاطفية تحبين خدمة الخرين والهــدوء وتحنيــن علــى كــل إنســان‪،‬‬
‫كما أنك صاحبة طبيعة لطيفة‪ ،‬وإذا كنت ل تحبينه فهــذا يعنــي أنــك‬
‫بحاجة إلى أصدقاء يكونون قريبين منك‪.‬‬
‫الزرق )لون المومة والصفاء الروحي(‪:‬‬
‫هو لون النفوس الحساسة والصادقة والقريبة إلـى اللـه وإذا كنــت‬
‫تميلين إليه في ملبسك فأنت تفتشين بشكل خــاص عــن المباهــج‬
‫الفكرية‪ ،‬وإذا كنت تكرهينه فمعنى ذلك أنك تميلين إلى الستقلل‬
‫وأن طبيعتك غير مستقرة‪.‬‬
‫البنفسجي )لون الصعوبة(‪:‬‬
‫هو لون العظمة يدل حبك له على أنك ذات شخصية صعبة غير أنــك‬
‫مثالية‪ ،‬ميالة إلى الفن والبتكار وثقتك بنفســك قويــة ‪ -‬وإذا كنــت‬
‫تكرهين هذا اللون يعني أنك بحاجة إلى إعادة الــتركيز حــتى تجــدي‬
‫ذاتك‪.‬‬
‫البني )لون القوة(‪:‬‬
‫نســاء هــذا اللــون ذوات شخصــيات حازمــة وقويــة فهــن يعتنيــن‬
‫بمظهرهن وعندهن أذواق خاصة بهن‪ ،‬كما أن إحساسهن بضــرورة‬
‫التغير قوية‪.‬‬
‫البيض ) لون العمق(‬
‫هو لون صــاحبات الفكـر الواضــح‪ ،‬المنتبهــات لكــل شــاردة وواردة‪،‬‬
‫ومحبات هذا اللــون لــديهن رغبــة عميقــة فــي أن يســتحوذن علــى‬
‫العجــاب‪ ،‬وهــن حريصــات علــى النظافــة والكارهــات لــه يكرهــن‬
‫السذاجة والمظاهر البراقة‪.‬‬
‫السود )لون الرادة(‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 341‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫يرمــز للتقاليــد ويــدل علــى احــترام النفــس ومحبــات هــذا اللــون‬
‫إرادتهــن قويــة‪ ،‬ويعرفــن كيفيــة فهــم الخريــن‪ ،‬لكنهــن غامضــات‬
‫ويــردن أن يحــترم غيرهــم حيــاتهن الخاصــة‪ ،‬وهــن يعرفــن كيــف‬
‫يحترمن حياة الخرين وكارهاته يعشقن المرح والدعابــة والطبيعــة‬
‫ول يشعرن بالملل‪ ،‬وكل شيء يثير اهتمامهن‪.‬‬

‫‪‬كيف تكسبين زوجك من خلل اللوان‬


‫السود‪:‬‬
‫لون )رائع( يعتبره مصممو الزياء )اللون الســحري( فمــن المحبــب‬
‫أن ترتديه عندما تمضــين مـع زوجــك أمسـية مختلفــة هـادئة‪ ،‬فهــذا‬
‫اللون يجعله يشعر أنك أكثر جمال ً وتشعين تألقا ً وروعة‪.‬‬
‫الحمر‪:‬‬
‫يمنحـك إحساسـا ً بالـدفء‪ ،‬وينشـط الـدورة الدمويـة ارتـديه عنـدما‬
‫تشــعرين بانخفــاض مســتويات الطاقــة بــداخلك‪ ،‬فيزيــدك حيويــة‪،‬‬
‫وينعكس في الوقت نفسه على زوجــك فيــراك أكــثر شــبابا ً ومليئة‬
‫بالطاقة الحيوية حتى وإن كنت تعديت سن ‪ 45‬عامًا‪.‬‬
‫البرتقالي‪ :‬عندما تلحظيــن علــى نفســك أو علــى زوجــك علمــات‬
‫عصبية فإن اللون البرتقــالي يســاعد كــثيرا ً فــي تعــديل المــزاج إذ‬
‫يقوي جهاز المناعة وشعور المرأة بالثقة الدائمة في نفســها ممــا‬
‫يقلل من احتمالت الشك التي تنتابها حيال زوجها‪.‬‬
‫الخضر‪:‬‬
‫احرصي على أن تضميه إلى خزانة ملبسك وارتديه عندما تشعرين‬
‫بالقلق‪ ،‬أو في حالة وجود غيمة تعكر صــفاء العلقــات بينــك ويبــن‬
‫زوجك‪ ،‬فهو يخفف من حدة هذا التوتر‪ ،‬كما يخفف مــن الحســاس‬
‫والرهاق لرتباطه بالطبيعة‪.‬‬
‫التراكواز‪:‬‬
‫ننصح دائما ً المرأة بارتدائه من حين لخر‪ ،‬فهو يساعد علــى مهــارة‬
‫التواصــل بيــن الزوجيــن واســتمرار حلقــات النقــاش بينهمــا‪ ،‬بــل‬
‫وإحساس كل منهما بالخر‪ ،‬كما أنــه يحسـن الصـحة العامــة بشـكل‬
‫مباشر‪.‬‬
‫البيض ‪:‬‬
‫يشع صفاء ونقاء ويعكس ملمحك الطفولية ويظهرك أمــام زوجــك‬
‫طيبة بريئة ل تعرف المشاكل‪.‬‬
‫الوردي‪:‬‬
‫لون شديد التأثير على الرجال فهو ينمــي المشــاعر اليجابيــة يبــن‬
‫الزوجين ويزيــد مــن الرتبــاط العــاطفي‪ ،‬وهــو لــون مــثير للنتبــاه‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 342‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ومحفز قوي للمشاعر‪ ،‬وننصح أن ترتديه المرأة عنــدما ترغــب فــي‬
‫جذب انتباه زوجها‪.‬‬
‫الزرق‪:‬‬
‫لــون الســترخاء ويخفــض درجــة حــرارة الجســم درجــتين‪ ،‬وننصــح‬
‫المرأة بارتدائه لتمضية نهاية السبوع في مكان هــادىء والــدرجات‬
‫الفاتحة منه تشعرك بأنك جزء من الفضاء والبحر مما يضفي عليــك‬
‫حالة رومانسية تنعكس فيما بعد على زوجك‪.‬‬
‫الصفر ‪:‬‬
‫عندما تحتــاجين للصــفاء الفكــري ورؤيــة الشــياء بواقعيــة وتحديــد‬
‫نقاط تميزك وإخفاقك مع أسرتك ارتدائه فهو يساعدك علــى ذلــك‬
‫لنه يخلص الجسم من السموم والشوائب‪.‬‬
‫البنفسجي‪:‬‬
‫جميل وناعم ارتديه في وقت العصر لرتباطه بالهدوء‪ .‬لكن ابتعدي‬
‫عنه إن لم يكن مزاجك مرتاحـا ً تمامـا ً لن كــثرة النظــر إليــه تحــرك‬
‫الكآبة والحزن‪.‬‬
‫الرمادي‪:‬‬
‫تجنبيه إن كنت تعانين من فتور أو بــرود فــي علقتــك مــع زوجــك‪،‬‬
‫لنه لون بارد ويزيد الفتور بين الزوجين وللتغلب علــى ذلــك عليــك‬
‫باللوان النارية لتحريك مشاعر زوجك‪.‬‬
‫يقول الدكتور المرضاح‪ :‬إن معظم أطباء علم النفس يركزون على‬
‫اللوان وعلقتها الوثيقة بالمزاج العام للنسان خاصة المرأة لنها‬
‫أكثر تقلبا ً من الرجل نتيجة ما تمر به من تغيرات بيولوجية‪ ،‬فقوة‬
‫اللون تقرز هرمونات معينة تحدث مجموعة من العمليات‬
‫الفسيولوجية‪ ،‬وهنا يشرح لماذا تسيطر اللوان المباشرة على‬
‫أفكارنا ومزاجنا وسلوكياتنا‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (5‬ومن حق الرجل على المرأة أن ل تصوم تطوعا ً إل بإذنه ‪:‬‬
‫)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪) :‬ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه‪ ،‬ول تأذن‬
‫في بيته إل بأذنه‪ ،‬وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي‬
‫إليه شطره(‪.‬‬
‫وت على الزوج كمال‬ ‫والحكمة في ذلك لن صيام التطوع قد ي ُ َ‬
‫ف ّ‬
‫الستمتاع بزوجته ويحرمه منها أثناء صيامها‪ ،‬فإن رضي به فقد‬
‫قه باختياره‪ ،‬وهذا إنما هو في الصيام النافلة دون‬ ‫أسقط ح ّ‬
‫الواجب‪.‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله ‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 343‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫"هذا محمول على صوم التطوع والمندوب الذي ليس له زمن‬
‫معين‪ ،‬وهذا النهى للتحريم صّرح به أصحابنا‪ ،‬وسببه أن الزوج له‬
‫قه فيه واجب على الفور فل‬ ‫حق الستمتاع بها في كل اليام‪ ،‬وح ّ‬
‫يفوته بتطوع ول بواجب على التراخي‪ .‬فإن قيل‪ :‬فينبغي أن يجوز‬
‫لها الصوم بغير إذنه فان أراد الستمتاع بها كان له ذلك ويفسد‬
‫صومها؟ فالجواب‪ :‬أن صومها يمنعه من الستمتاع في العادة؛ لنه‬
‫يهاب انتهاك الصوم بالفساد‪ .‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫))وزوجها شاهد(( أي‪ :‬مقيم في البلد‪ ،‬أما إذا كان مسافرا فلها‬
‫الصوم؛ لنه ل يتأتى منه الستمتاع إذا لم تكن معه"‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬فتأملوا حرص الشريعة على تحقيق اللفة بين‬
‫الزوجين‪ ،‬وسد باب النفرة بينهما ! ‪ .‬ثم تأملن أيتها النساء أدب‬
‫أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ‪،‬كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫ي‬
‫) حديث عائشة الثابت في الصحيحين ( قالت ‪ :‬كان يكون عل ّ‬
‫ع أن أقضيه إل في شعبان الشغل‬ ‫الصوم من رمضان فما أستطي ُ‬
‫من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو برسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله ‪:‬‬
‫وتعني بالشغل ‪ ،‬وبقولها في الحديث الثاني‪ ،‬فما تقدر على أن‬
‫تقضيه أن كل واحدة مهيئة نفسها لرسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬مترصدة لستمتاعه في جميع أوقاتها إن أراد ذلك ‪ ،‬ول‬
‫تدري متى يريده ولم تستأذنه في الصوم مخافة أن يأذن وقد‬
‫يكون له حاجة فيها فتفوتها عليه‪ ،‬وهذا من الدب ‪ .‬أهـ ‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (6‬ومن حق الرجل على المرأة أن ترضى باليسير وأن تقنع‬
‫بالموجود ‪:‬‬
‫ومن حق الرجل على المرأة أن ترضى باليسير وأن تقنع بالموجود‬
‫ة‬
‫ع ٍ‬‫س َ‬ ‫ذو َ‬ ‫ق ُ‬‫ف ْ‬ ‫وأن ل تكلفه من النفقة ما ل يطيق ‪.‬قال تعالى‪) :‬ل ُِين ِ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ف الل ُ‬ ‫ّ‬
‫ه ل َ ي ُك َل ُ‬ ‫مآ آَتاهُ الل ّ ُ‬‫م ّ‬
‫ق ِ‬‫ف ْ‬ ‫فل ُْين ِ‬
‫ه َ‬ ‫ق ُ‬‫رْز ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫دَر َ‬ ‫من ُ‬
‫ق ِ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬‫عت ِ ِ‬‫س َ‬
‫من َ‬ ‫ّ‬
‫سرا( ]سورة‪ :‬الطلق ‪-‬‬ ‫ً‬ ‫ر يُ ْ‬
‫س ٍ‬‫ع ْ‬ ‫عدَ ُ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سي َ ْ‬
‫ها َ‬ ‫مآ آَتا َ‬ ‫ّ‬
‫فسا إ ِل َ‬‫ً‬ ‫نَ ْ‬
‫الية‪[7 :‬‬
‫فعلى المرأة الصالحة أن ترضى باليسير وأن تقنع بالموجود تأسيا ً‬
‫ل النساء وأتقاهن لله تعالى ‪،‬‬ ‫ن أفض ُ‬ ‫ه ّ‬‫بأمهات المؤمنين اللتي ُ‬
‫صحبة ‪،‬‬ ‫ء اصطفاهن الله تعالى لنبيه ‪ r‬زواجا ً و ُ‬ ‫ك بنسا ٍ‬ ‫وما ظن ِ‬
‫ك الحديث التي لتعرفي كيف رضاهن باليسير في دنيا مآلها‬ ‫وإلي ِ‬
‫ة فيما عند الله تعالى ‪ :‬‬ ‫إلى زوال رغب ً‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 344‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( ‪ :‬أنها قالت‬
‫لعروة‪ :‬ابن أختي‪ ،‬إن كنا لننظر إلى الهلل ثلثة أهلة في شهرين‪،‬‬
‫وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬ما كان يعيشكم؟ قالت‪ :‬السودان التمر والماء‪ ،‬إل أنه قد‬
‫كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من النصار‪ ،‬كان‬
‫لهم منائح ‪ ،‬وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من‬
‫أبياتهم فيسقيناه ‪.‬‬
‫ففي هذا الحديث بيان لشدة الحال على أزواج النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬وصبرهن على ذلك ابتغاء ما عند الله‪ ،‬كما جاء في‬
‫الحديث الخر أنه يمضي الشهر والشهران ول يوقد في بيت أزواج‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم نارا ً ‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (7‬ومن حقه عليها أل تمنع نفسها منه متى طلبها للفراش ‪:‬‬

‫]*[ ما من شك أن من مقاصد الزواج الرئيسية إحصان الفرج‪،‬‬


‫وهذا ل يتم إل بجماع الرجل أهله كلما طلب؛ ولذا فإنه ل يجوز‬
‫لحدهما أن يمتنع عن الخر‪ ،‬أو يغمطه صاحبه مع القدرة عليه‪.‬‬
‫فالمرأة يجب عليها أن تلبي زوجها كلما أرادها على ذلك‪ ،‬وإن لم‬
‫يكن لديها ميل لذلك‪ ،‬إل من عذر شرعي‪ ،‬فللرجل أن يستمتع‬
‫بجسد امرأته بجماع أو بمباشرة‪ -‬بقصد قضاء الوطر‪ ،‬أو طلب‬
‫النسل‪ -‬وعليها أن تجيبه متى دعاها إلى فراشه ‪ ،‬ولخطورة هذا‬
‫المر فقد جاءت أحاديث نبوية تحذر المرأة من امتناعها عن فراش‬
‫زوجها منها ما يلي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه‬
‫فأبت‪ ،‬فبات غضبان عليها‪ ،‬لعنتها الملئكة حتى تصبح(‪.‬‬
‫)فأبت( ‪ :‬امتنعت بل عذر‬
‫) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو ) غضبان عليها ( فقد‬
‫ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم‬
‫) لعنتها الملئكة حتى تصبح ( ومعنى اللعن‪ :‬الدعاء عليها بالطرد‬
‫ن أيتها المسلمات‪ -‬ترضى لنفسها‬ ‫من رحمة الله تعالى‪ .‬ومن منك ّ‬
‫ن أيتها‬
‫أن تدعوا عليها الملئكة بالطرد من رحمة الله؟! ومن منك ّ‬
‫المسلمات تحتمل عذاب هذا الذنب الكبير يوم القيامة؟! ‪ ،‬وفيه‬
‫إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب رضاه وأن صبر الرجل على ترك‬
‫الجماع أضعف من صبر المرأة ‪ ،‬وأن أقوى المشوشات على‬
‫الرجل داعية النكاح ‪ ،‬ولذلك حث المرأة على مساعدته على كسر‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 345‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫شهوته ليفرغ فكره للعبادة ‪ .‬قال العراقي ‪ :‬وفيه أن إغضاب‬
‫المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً عليها من الكبائر وهذا إذا غضب‬
‫بحق ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى‬
‫فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى‬
‫يرضى عنها ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬وفي هذه الحاديث السابقة الرشاد إلى مساعدة الزوج‬
‫وطلب مرضاته‪ ،‬وأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر‬
‫المرأة ‪ ،‬وأن أقوى التشويشات على الرجل داعية النكاح ‪ ،‬ولذلك‬
‫حض الشارع النساء على مساعدة الرجال في ذلك‪ ،‬أو السبب فيه‬
‫الحض على التناسل‪ ،‬وفيه إشارة إلى ملزمة طاعة الله والصبر‬
‫على عبادته‪ ،‬جزاءً على مراعاته لعبده؛ حيث لم يترك شيًئا من‬
‫حقوقه إل جعل له من يقوم به‪ ،‬حتى يجعل ملئكته تلعن من‬
‫أغضب عبده بمنع شهوة من شهواته‪.‬‬
‫‪ ‬ومما يندى له الجبين أن تجد بعض النساء تمتنع عن زوجها لنها‬
‫مشغولة بعمل البيت‪ ،‬وأخرى لنه ليس لها الن رغبة‪ ،‬وثالثة لنها‬
‫استيقظت من نومها حال ً ‪ ،‬إلى آخر السباب الواهية التافهة التي‬
‫تجعل المرء أمامها يقف متعجًبا تارة‪ ،‬وحائًرا تارة أخرى؛ لذا لبد‬
‫من هذه الكلمة‪ ،‬وتلك النصيحة؛ إذ إنه ل حياء في الدين‪ ،‬والدين‬
‫النصيحة‪.‬‬
‫]*[ وإن كان ل يجوز للمرأة أن تمتنع عن زوجها إن طلبها لحاجته‪،‬‬
‫فكذلك يحرم على الرجل أن يتعمد هجر زوجته‪ ،‬فهو مأمور بأداء‬
‫حقها بقدر حاجتها وقدره‪) ...‬فإن الشريعة السمحة لم تقتصر‬
‫ضا‬
‫على مطالبة المرأة بأن تستجيب لزوجها‪ ،‬بل طالبت الرجل أي ً‬
‫ول َ ْ‬
‫ن‬ ‫أن يؤدي إليها حقها‪ ،‬ويعفها‪ ،‬ويغنيها‪ ،‬وذلك لقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ل‬‫مي ْ ِ‬‫ل ال ْ َ‬
‫ميُلوا ك ُ ّ‬ ‫م َ‬
‫فل ت َ ِ‬ ‫صت ُ ْ‬
‫حَر ْ‬
‫و َ‬‫ول َ ْ‬‫ء َ‬‫سا ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬‫دُلوا ب َي ْ َ‬‫ع ِ‬‫ن تَ ْ‬ ‫عوا أ ْ‬ ‫طي ُ‬‫ست َ ِ‬
‫تَ ْ‬
‫ة ‪] ‬النساء‪.[129 :‬‬ ‫ق ِ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫كال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ها َ‬ ‫َ‬
‫فت َذَُرو َ‬
‫قال المام أبو بكر الجصاص رحمه الله‪ :‬ويدل عليه أن عليه وطأها‬
‫ة ‪ ‬يعني‪ :‬ل فارغة فتتزوج‪ ،‬ول‬ ‫ق ِ‬‫عل ّ َ‬
‫م َ‬‫كال ْ ُ‬
‫ها َ‬
‫فت َذَُرو َ‬ ‫لقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ذات زوج إذا لم يوفها حقها من الوطء)‪.(34)(33‬‬
‫ول يخفى على أحد ما يحدث من الضطراب النفسي والجسدي‬
‫بسبب امتناع أحد الزوجين عن الخر‪ ،‬وما يحدث من المشاكل التي‬
‫تبدو من أول وهلة أنها صغيرة‪ ،‬ثم تتعاظم وذلك بسبب امتناع‬
‫المرأة عن فراش زوجها خاصة‪ .‬أل فليتق الله النساء والرجال‬
‫)( أحكام القرآن )‪.(1/274‬‬ ‫‪33‬‬

‫)( عودة الحجاب للشيخ محمد إسماعيل )‪.(2/278‬‬ ‫‪34‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 346‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ل واحد منهما حق الخر‪.‬‬ ‫وليؤِد ك ُ‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (8‬ومن حقه عليها أن ل تسأل الطلق من غير بأس ‪:‬‬
‫من جملة العلقات السرية التي اهتم السلم بتنظيمها وإرساء‬
‫القواعد الشرعية التي تحدها‪ :‬الطلق‪.‬‬
‫فل شك أن السلم جعل الطلق حل إيجابيا لفض النزاعات الزوجة‬
‫الناشئة عن عدم ائتلف الطباع والخلق ‪ ،‬ولكن لم يجعل هذا‬
‫الحل دون قيد أو شرط ‪ ،‬بل جعل له حدودا ً وقوانينا ً تنظمه بما‬
‫تقتضيه المصلحة السرية‪.‬‬
‫ومن هذه القوانين ‪ :‬النهي عن طلب المرأة الطلق من زوجها من‬
‫غير بأس‪.‬‬
‫فل شك أن السلم قد جعل الطلق خلقت المرأة عليها من حيث‬
‫غلبة العاطفة‪ ،‬ولين الجانب‪ ،‬والتسرع‪ ،‬ربما تجعلها غير حكيمة إذا‬
‫أقدمت على طلب الطلق لمجرد مشكلة عابرة ‪ ،‬أو مشادة كلمية‬
‫بينها وبين زوجها‪ ،‬خصوصا ً إذا كان لها أبناء‪.‬‬
‫فهي بذلك تحطم رباط الزوجية ‪ ،‬والوامر السرية لسبب تافه ‪،‬‬
‫غاب عن عقلها طريقة حله في شدة غضبها ‪ ،‬بالضافة إلى ما‬
‫تسببه لزوجها من ضيق وحزن بمثل هذا الطلب‪.‬‬
‫ومن أجل هذا كله فقد زجر النبي صلى الله عليه وسلم النساء‬
‫عن طلب الطلق من أزواجهن من غير بأس ‪.‬‬
‫) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن‬
‫ة سألت زوجها طلقا ً من غير بأس فحرا ٌ‬
‫م‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬أُيما امرأ ٍ‬
‫عليها رائحة الجنة‪.‬‬
‫) حديث ثوبان الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫المختلعات هن المنافقات ‪‌ .‬‬
‫) المختلعات هن المنافقات ( أي اللتي يطلبن الخلع والطلق‬
‫ن منافقات نفاقا ً عمليا ً ‪.‬‬ ‫من أزواجهن لغير عذر ه ّ‬
‫ول شك أن هذا الحديث الشريف يدل على حرمة طلب المرأة‬
‫الطلق من زوجها من غير بأس ‪ ،‬ولكن إذا ترجحت في ذلك‬
‫مصلحة شرعية‪ ،‬أو إذا ترجحت في استمرار الزواج مفسدة‬
‫شرعية‪ ،‬جاز لها أن تطلب الطلق‪.‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيح البخاري ( أن امرأة ثابت بن‬
‫قيس أتت النبي فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ثابت بن قيس‪ ،‬ما أعتب‬
‫عليه في خلق ول دين‪ ،‬ولكني أكره الكفر في السلم‪ ،‬فقال‬
‫رسول الله ‪) :‬أتردين عليه حديقته(‪ .‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال رسول الله ‪:‬‬
‫)اقبل الحديقة وطلقها تطليقة(‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 347‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فالواجب أن تحذر المسلمات من العبث بأزواجهن بطلب الطلق‬
‫منهم في غير ما بأس‪ ،‬فالزوج له حق عظيم على زوجته‪ ،‬ومن ل‬
‫تشكره ل تشكر الله‪ ،‬ومن تكفره‪ ،‬تكون من أهل النار‪ ،‬كما أخبر به‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫»أتردين عليه حديقته« ‪ ،‬والحديقة هي المهر‪ ،‬حيث كان قد أمهرها‬
‫بستانًا‪ ،‬فقالت‪ :‬نعم‪ ،‬فقال النبي لثابت‪» :‬خذ الحديقة وطلقها«‬
‫فأخذها وطلقها‪.‬‬
‫الشاهد من هذا الحديث أنها قالت‪ » :‬ما أعتب عليه في خلق ول‬
‫دين «‪،‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (9‬ومن حق الرجل على المرأة أن تلزم بيته فل تخرج منه إل‬
‫بإذنه ‪:‬‬
‫ومن حق الرجل على المرأة أن تلزم بيته فل تخرج منه إل بإذنه‬
‫ن( ]سورة‪ :‬الحزاب‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬
‫قْر َ‬‫و َ‬‫ولو إلى المسجد قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫‪ -‬الية‪[33 :‬‬
‫فمن أعظم صفات المرأة الصالحة أن تكون قاّرةً في بيتها ‪ ،‬فل‬
‫تخرج إل لحاجة‪ ،‬ل للهو ول لضاعة الوقات ‪ ،‬إذا خرجت طلبت‬
‫الذن من زوجها‪ ،‬وخرجت في لباسها الساتر‪ ،‬غير متعطرة‪ ،‬تمشي‬
‫متواضعة في أدب وحياء وسكينة‪ ،‬ل تسمع لها صوًتا في الطريق‪،‬‬
‫ول تتخذ خلخل ول حذاء مما يضرب في الرض‪.‬‬
‫من فساد أخلق المرأة‪ ،‬كثرة خروجها من بيتها‪ ،‬واختلطها‬
‫بالرجال‪ ،‬وعدم تأدبها بالداب الشرعية عند الخروج‪.‬‬
‫ن ‪]‬الحزاب‪:[33:‬‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬ ‫و َ‬
‫]*[ تفسير قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫قال ابن كثير رحمه الله‪:‬‬
‫ن ‪] ‬الحزاب‪ ،[33 :‬أي الزمن‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫بيوتكن‪ ،‬فل تخرجن لغير حاجة‪ ،‬ومن الحوائج الشرعية الصلة في‬
‫المسجد بشرطين متلزمين هما ‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن يتجنبن ما يثير الشهوة ويدعو إلى الفتنة من الزينة‬
‫والطيب‬
‫)‪ (2‬أن يخرجن وهن تفلت ‪ ،‬كما في الحاديث التية‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا إماء الله مساجد الله ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬أيما امرأة أصابت بخورا فل تشهد معنا العشاء‬
‫الخرة ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي داود( أن‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 348‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن وهن تفلت‬
‫‪.‬‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في صحيح أبي داود( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل تمنعوا نساءكم المساجد و بيوتهن خير لهن ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال القرطبي رحمه الله‪ :‬قوله تعالى‪} :‬وقرن{‪ ،‬قرأ الجمهور‬
‫قرن{‪ ،‬وقرأ عاصم ونافع بفتحها‪ .‬فأما القراءة الولى فتحتمل‬ ‫}و ِ‬
‫وجهين‪:‬‬
‫قَر َيقر وقاًرا أي سكن‪،‬‬ ‫أحدهما‪ :‬أن يكون من الوقار ‪ ،‬تقول‪ :‬و َ‬
‫قْرن)‪.(35‬‬
‫قْر‪ ،‬وللنساء ِ‬
‫والمر ِ‬
‫والوجه الثاني‪ :‬أن يكون من القرار‪.‬‬
‫ثم قال رحمه الله‪ :‬معنى هذه الية‪ ،‬المر بلزوم البيت‪ ،‬وإن كان‬
‫الخطاب لنساء النبي ‪ ،‬فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ‪ ،‬هذا لو‬
‫لم يرد دليل يخص جميع النساء‪ ،‬كيف والشريعة طافحة بلزوم‬
‫النساء بيوتهن‪ ،‬والنكفاف عن الخروج منها إل لضرورة‪ .‬فأمر الله‬
‫تعالى نساء النبي ‪ ‬بملزمة بيوتهن‪ ،‬وخاطبهن بذلك تشري ً‬
‫فا‬
‫لهن‪ ،‬ونهاهن عن التبرج‪.‬‬
‫ضا‪ :‬ذكر الثعلبي وغيره عن عائشة رضي الله‬ ‫ثم قال رحمه الله أي ً‬
‫عنها‪ ،‬كانت إذا قرأت هذه الية تبكي حتى تبل خمارها‪.‬‬
‫وذكر أن سودة قيل لها‪ :‬لم ل تحجين وتعتمرين كما يفعل‬
‫أخواتك؟ فقالت‪ :‬قد حججت واعتمرت‪ ،‬وأمرني الله أن أقر في‬
‫بيتي‪ .‬قال الراوي‪ :‬فوالله ما خرجت من باب حجرتها‪ ،‬حتى أخرجت‬
‫جنازتها‪ ،‬رضوان الله عليها‪.‬‬
‫ن ‪ ،‬أن ل‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫ثم قال رحمه الله‪ :‬ليس المراد بحكم ‪َ ‬‬
‫ُ‬
‫دا‪ ،‬بل المر أن قد أذن لهن أن‬ ‫تتخطى النساء عتبة بيتهن أب ً‬
‫يخرجن لحوائجهن‪.‬‬
‫ولكن هذا الذن ليس بمطلق غير محدود‪ ،‬ول هو غير مقيد‬
‫بشروط‪ ،‬فليس جائًزا للنساء أن يطفن خارج بيوتهن كما شئن‪،‬‬
‫ويخالطن الرجال بحرية في المجالس والنوادي‪ ،‬وإنما مراد الشرع‬
‫بالحوائج‪ :‬هو الحاجات الحقيقية التي لبد معها للنساء من أن‬
‫يخرجن من البيوت ويعملن خارجها‪.‬‬
‫ومن الظاهر أنه ل يمكن استيعاب جميع الصور الممكنة لخروج‬
‫النساء وعدم خروجهن‪ ،‬في جميع الزمان‪ ،‬ول من الممكن وضع‬
‫الضوابط والحدود لكل مناسبة من تلك المناسبات‪ ،‬غير أن المرء‬
‫يستطيع أن يتفطن لروح القانون السلمي ورجحانه‪ ،‬إذا نظر‬
‫فيما قرره النبي ‪ ،‬من الضوابط لخروج المرأة من البيت في‬
‫)( يقول الشيخ المودودي رحمه ال‪ :‬فمعنى الية إًذا‪ :‬عشن في بيــوتكن بالســكينة والوقــار‪ .‬الحجــاب ص‬ ‫‪35‬‬

‫‪.307‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 349‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫عامة أحوال الحياة‪ ،‬وما تناول به حدود الحجاب من الزيادة‬
‫والنقص بين آونة وأخرى‪ ،‬وأن يستخرج بنفسه حدود الحجاب‬
‫للحوال الفردية والشئون الجزئية‪ ،‬وقواعد الزيادة فيها والنقص‬
‫عا للحالت والملبسات)‪.(36‬‬ ‫منها تب ً‬
‫ومن ذلك‪ ،‬الذن في حضور المساجد وحدوده‪ ،‬وخروج النساء في‬
‫الحج والجمعة والعيدين‪ ،‬وكذلك في زيارة القبور واتباع الجنائز‪،‬‬
‫وكذلك شهودهن الحرب‪ ،‬ففي كل ذلك ضوابط وحدود‪ ،‬وفي أخرى‬
‫موانع‪.‬‬
‫‪‬ومما يستدل به على جواز خروج النساء لحاجتهن‪ ،‬ما رواه مسلم‬
‫ضرب الحجاب ـ لحاجتها‪،‬‬ ‫عن عائشة قالت‪ :‬خرجت سودة بعدما ُ‬
‫فها ـ فرآها عمر بن‬ ‫تخفى على من يعر ُ‬ ‫وكانت امرأة جسيمة ل َ‬
‫الخطاب‪ ،‬فقال‪ :‬يا سودة‪ ،‬أما والله ما تخفين علينا‪ ،‬فانظري كيف‬
‫تخرجين‪ .‬قالت‪ :‬فانكفأت راجعة‪ ،‬ورسول الله ‪ ‬في بيتي‪ ،‬وإنه‬
‫دخلت‪ ،‬فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إني‬ ‫ق‪َ ،‬‬
‫ف َ‬ ‫عْر ٌ‬
‫ليتعشى وفي يده َ‬
‫خرجت لبعض حاجتي‪ ،‬فقال لي عمر كذا وكذا‪ ،‬قالت‪ :‬فأوحى الله‬
‫ضعه فقال‪" :‬إنه قد ُأذن‬ ‫عْرقَ في يده ما و َ‬ ‫ن ال َ‬
‫إليه ثم ُرفع عنه وإ ّ‬
‫)‪(37‬‬
‫لكن أن تخرجن لحاجتكن" ‪.‬‬
‫والمرأة المسلمة المستقيمة على شرع الله إذا خرجت لحاجة‬
‫التزمت بالضوابط التية‪:‬‬
‫قا من قوله‬ ‫)‪ (1‬خرجت لحاجة‪ ،‬ل للهو ول لضاعة الوقات‪ ،‬انطل ً‬
‫‪" :‬أذن لكن في الخروج لحاجتكن")‪.(38‬‬
‫)‪ (2‬وتستأذن زوجها أو وليها قبل الخروج‪ ،‬أما المرأة التي تدخل‬
‫بيتها وتخرج في أي وقت دون مبالة بأمر الزوج‪ ،‬فهي امرأة‬
‫شقية تجلب لنفسها المشاكل والخراب‪.‬‬
‫)‪ (3‬وتستتر بحجابها الشرعي الكامل‪ ،‬فل تكون من الكاسيات‬
‫العاريات‪ ،‬اللئي يرتدين من الملبس الشفاف أو الضيق أو‬
‫المزركش‪ ،‬ول تتعطر عند خروجها‪ ،‬أو تلبس ملبس الرجال‪،‬‬
‫فالمرأة الصالحة المتدينة في منأى عن هذه الصورة السيئة‪.‬‬
‫)‪ (4‬تغض من نظرها في سيرها فل تنظر هنا أو هناك لغير حاجة‪،‬‬
‫فضل ً عن النظر للرجل الجنبي لغير حاجة‪ ،‬وإذا احتاجت إلى‬
‫محادثته‪ ،‬تتحدث إليه بما تحتاجه فقط‪ ،‬ول تلين بصوتها ول تخضع‬
‫به لئل يطمع فيها من في قلبه مرض‪.‬‬
‫)‪ (5‬تمشي متواضعة في أدب وحياء وسكينة‪ ،‬ول تتخذ خلخل ول‬
‫حذاء يضرب على الرض بقوة‪ ،‬فُيسمع قرع حذائها فربما وقعت‬

‫)( المصدر السابق ص ‪.309‬‬ ‫‪36‬‬

‫)( رواه مسلم ‪ ،(02170‬وعند البخاري‪ ،‬الفتح )‪.(1/249‬‬ ‫‪37‬‬

‫)( جزء من حديث أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 350‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫م َ‬‫عل َ َ‬
‫ن ل ِي ُ ْ‬
‫ه ّ‬
‫جل ِ ِ‬
‫ن ب ِأْر ُ‬
‫رب ْ َ‬
‫ض ِ‬
‫ول ي َ ْ‬ ‫الفتنة‪ ،‬وقد قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬النور‪.[31 :‬‬ ‫ه ّ‬‫زين َت ِ ِ‬‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬
‫في َ‬
‫خ ِ‬
‫يُ ْ‬
‫)‪ (6‬ول تسافر سفر يوم وليلة إل مع ذي محرم لها امتثال ً لقول‬
‫النبي ‪ ‬في الحاديث التية ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫ة تؤمن بالله و اليوم الخر تسافر‬ ‫ل لمرأ ٍ‬‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل يح ُ‬
‫مسيرة يوم ٍ وليلة إل مع ذي محرم ٍ لها (‬
‫)حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ ) :‬ل تسافر المرأةُ ثلثة أيام إل مع ذي محرم (‬
‫فا على ألف قرية‪ ،‬فما رأيت‬ ‫]*[ قال ابن العربي‪ :‬لقد دخلت ني ً‬
‫ل‪ ،‬ول أعف نساء من نساء نابلس‪ ،‬التي ُرمي‬ ‫نساء أصون عيا ً‬
‫الخليل ‪ ‬بالنار فها‪ ،‬فإني أقمت فيها فما رأيت امرأة في طريق‬
‫نهاًرا إل يوم الجمعة‪ ،‬فإنهن يخرجن إليها حتى يمتلئ المسجد‬
‫منهن‪ ،‬فإذا قضيت الصلة وانقلبن إلى منازلهن لم تقع عيني على‬
‫واحدة منهن إل الجمعة الخرى)‪.(39‬‬
‫]*[ ويقول الشيخ أبو العلى المودودي رحمه الله‪ :‬ويقول التابعي‬
‫والمفسر الشهير قتادة بن دعامة‪ :‬إن مقامة المرأة ومستقرها‬
‫في البيت‪ ،‬وما وضعت عنهن واجبات خارج البيت إل ليلزمن‬
‫البيوت بالسكينة والوقار‪ ،‬ويقمن بواجبات الحياة العائلية‪ ،‬أما إن‬
‫كان بهن حاجة على الخروج‪ ،‬فيجوز لهن أن يخرجن من البيت‪،‬‬
‫بشرط أن يراعين جانب العفة والحياء‪ ،‬فل يكون في لباسهن بريق‬
‫أو زخرفة أو جاذبية‪ ،‬تجذب إليهن النظار‪ ،‬ول في نفوسهن من‬
‫حرص على إظهار زينتهن‪ ،‬فيكشفن تارة عن وجوههن‪ ،‬وأخرى‬
‫عن أيديهن‪ ،‬ول في مشيتهن شيء يستهوي القلوب‪ ،‬ول يلبسن‬
‫كذلك من الحلي ما يحلو وسواسه في المسامع‪ ،‬ول يرفعن‬
‫أصواتهن بقصد أن يسمعها الناس‪ .‬نعم‪ ،‬يجوز لهن التكلم في‬
‫حاجتهن‪ ،‬ولكنه يجب أن ل يكون في كلمهن لين وخضوع‪ ،‬ول في‬
‫لهجتهن عذوبة وتشويق‪.‬‬
‫كل هذه الضوابط والحدود إن راعتها النساء‪ ،‬جاز لهن أن يخرجن‬
‫)‪(40‬‬
‫لحوائجهن‬

‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (10‬ومن حق الرجل على المرأة أن ل تأذن في بيته إل بإذنه ‪:‬‬

‫)( الجامع لحكام القرآن للقرطبي )‪ ،(8/5450‬ط‪ .‬دار الغد العربي‪.‬‬ ‫‪39‬‬

‫)( الحجاب ص ‪.308‬‬ ‫‪40‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 351‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫مي الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫ش ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ص ال ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫)حديث أبي ال ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خْيرًا‪ ،‬فإ ِن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬أل َ َ‬
‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ن‬
‫ن َيأِتي َ‬ ‫ك إ ِل ّ أ ْ‬ ‫غي َْر ذَل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م‪ ،‬ل َي ْ َ‬ ‫عن ْدَك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن في ال َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ة‪َ ،‬‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ة ُ‬ ‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫بِ َ‬
‫عل َيهن سبي ً َ‬ ‫َ‬
‫ن ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ل‪ .‬أل َ َ‬ ‫غوا َ ْ ِ ّ َ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أطَ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ح‪َ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫مب َّر‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫ضْرب َا ً َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫قا‪ ،‬فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫ول ِن ِ َ‬ ‫قا‪َ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ول ي َأذَ ّ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫هو َ‬ ‫م من ت َك َْر ُ‬ ‫شك ُ ْ‬ ‫فُر َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وطِئ ْ َ‬ ‫فل َ ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫عل َيك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫ن في ك ِ ْ‬ ‫سُنوا إ ِل َْيه ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن َ ْ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ن‪ .‬أل َ َ‬ ‫هو َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫ن« ‪.‬‬ ‫ه ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫وط َ َ‬ ‫َ‬
‫)حديث هريرة رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪) :‬ل يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إل بأذنه‪ ،‬ول تأذن‬
‫في بيته إل بأذنه‪ ،‬وما أنفقت من نفقة عن غير أمره فإنه يؤدي‬
‫إليه شطره(‪.‬‬
‫]*[ قال النووي رحمه الله ‪:‬‬
‫ن لحد تكرهونه في دخول بيوتكم‬ ‫"والمختار أن معناه‪ :‬أن ل يأذ ّ‬
‫والجلوس في منازلكم‪ ،‬سواء كان المأذون له رجل أجنبيا أو امرأة‬
‫أو أحدا من محارم الزوجة‪ ،‬فالنهي يتناول جميع ذلك‪ .‬وهذا حكم‬
‫المسألة عند الفقهاء أنها ل يحل لها أن تأذن لرجل أو امرأة ول‬
‫محرم ول غيره في دخول منزل الزوج إل من علمت أو ظنت أن‬
‫الزوج ل يكرهه؛ لن الصل تحريم دخول منزل النسان حتى يوجد‬
‫الذن في ذلك منه‪ ،‬أو ممن أذن له في الذن في ذلك‪ ،‬أو عرف‬
‫رضاه باطراد العرف بذلك ونحوه‪ ،‬ومتى حصل الشك في الرضا‬
‫ولم يترجح شيء ول وجدت قرينة ل يحل الدخول ول الذن والله‬
‫أعلم"‪.‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬

‫)‪ (11‬ومن حق الرجل على المرأة أن تشكر له ول تكفره ‪:‬‬


‫ظمه السلم‪ ،‬وهي‬ ‫قدَْره الذي ع ّ‬
‫فالمرأة الصالحة تعرف لزوجها َ‬
‫تقوم بحقوقه على أكمل وجه من باب أن هذه الحقوق عبادة‬
‫تتقرب بها إلى الله تعالى ‪ ،‬ل أنها حقوق مجردة‪.‬‬
‫ول شك أن من أهم أسباب المودة والسعادة بين الزوجين‪ ،‬معرفة‬
‫الزوجة عظم قدر زوجها في السلم‪ ،‬والذي على أساسه تكون‬
‫نظرتها إليه‪ ،‬ومعاملتها معه‪.‬‬
‫حميد‪ :‬كن نساء المدينة إذا أردن أن نبنين بامرأة على‬‫]*[ قالت أم ُ‬
‫زوجها بدأن بعائشة فأدخلنها عليها‪ ،‬فتضع يدها في رأسها تدعو‬
‫لها وتأمرها بتقوى الله وحق الزوج‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 352‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة بما يدل على ذلك ومنها ما يلي ‪:‬‬ ‫‪‬والسنة الصحيحة طافح ٌ‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة (‬
‫ة ل تشكر لزوجها وهي ل‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل ينظر الله إلى امرأ ٍ‬
‫تستغني عنه‪.‬‬
‫ويدلنا هذا الحديث الشريف على وجوب شكر المرأة لزوجها‬
‫المحسن إليها‪ ،‬خصوصا ً إذا كان قيامه بأمورها تصل إلى درجة عدم‬
‫الستغناء عنه‪.‬‬
‫ول يقصد بالشكر هنا مجرد الشكر باللسان‪ ،‬ثم تؤذيه بمساوئ‬
‫الفعال والخلق والخصال‪.‬‬
‫‪‬بل الشكر يقصد به هنا‪:‬‬
‫الشكر باللسان‪ ،‬وإظهار السرور والراحة بالحياة في كنفه‪،‬‬
‫والقيام على أموره وأمور ولده‪ ،‬وخدمته‪ ،‬وعدم التخلي عنه في‬
‫خل َِله‬
‫حِنه ‪ ،‬وعدم تتبع عثراته‪ ،‬وترك الساءة إليه في مواطن َ‬ ‫م َ‬
‫ِ‬
‫صوره‪ ،‬بل تجعل من نفسها متمما ً ومكمل ً له ‪ ،‬فتأمره‬ ‫َ‬
‫وَزلِلـه و ُ‬
‫ق ُ‬
‫بالمعروف عند وقوعه في المنكر ‪ ،‬وتصلح له إذا فسد عليها في‬
‫غضب أو ذلة‪ ،‬وتجيبه إذا طلبها ‪ ،‬وتستمع إليه إذا ما فضفض‬
‫إليها ‪ ،‬وتحفظه إذا أسر إليه ا‪ ،‬وتشكره إذا ما صنع لها معروفًا‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيحي أبي داوود والترمذي( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬من ل يشكر الناس ل يشكر الله ‪‌ .‬‬
‫معنى ]من ل يشكر الناس ل يشكر الله [ ‪ :‬فيها وجهان ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬من كان طبعه وعادته عدم شكر الناس على معروفهم‬
‫فإنه ل يوفق لشكر الله تعالى‬
‫والثاني ‪ :‬أن الله تعالى ل يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا‬
‫كان العبد ل يشكر الناس على إحسانهم إليه ‪.‬‬
‫‪‬ول شك أن شكر الزوج أوجب وألزم‪.‬‬
‫‪‬وأما كفران العشير‪ ،‬فقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وحذر النساء منه‪ ،‬وبين لهن عاقبة أمره‪.‬‬
‫)حديث أبي سعيد الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬خرج رسول‬
‫الله ‪ r‬في أضحى أو فطر فمّر على النساء فقال ‪ :‬يا معشر‬
‫النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار‪ ،‬فقلن وبم يا رسول‬
‫ل‬‫ت من ناقصات عق ٍ‬ ‫الله قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأي ُ‬
‫ب الرجل الحازم من إحداكن قلن ‪ :‬وما نقصان ديننا‬ ‫ودين أذهب لل ّ‬
‫وعقلنا يا رسول الله ؟ قال أليس شهادةُ المرأة مثل نصف‬
‫شهادة الرجل ؟ قلن بلى ‪ .‬قال فذلك نقصان من عقلها ‪ .‬أليس‬
‫ل ولم تصم ؟ قلن بلى ‪ .‬قال فذلك من نقصان‬ ‫إذا حاضت لم تص ّ‬
‫دينها ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 353‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وهذان الحديث صريح في النهي عن كفر المرأة لخير زوجها‪ ،‬أو‬
‫جحودها لحسن صنيعه لها ‪ ،‬فكفران النعمة من أسباب دخول‬
‫المرأة النار‪ ،‬يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم‪)) :‬فإني أريتكن‬
‫أكثر أهل النار((‪.‬‬
‫]*[ قال الحافظ رحمه الله ‪" :‬فيه تحريم كفران الحقوق‪ ،‬ووجوب‬
‫شكر المنعم"‪.‬‬
‫‪‬والواجب على كل امرأة أن تنزل زوجها من نفسها منزلة‬
‫كريمة ‪ ،‬وتتخذ له في قلبها مكانا ً عزيزا ً بما يبذله لها من حسن‬
‫المعاملة ‪ ،‬وطيب النفقة‪ ،‬والتعب على قضاء حوائجها ‪ ،‬والعناية‬
‫بها في حال مرضها‪ ،‬والدعاء لها في حياتها‪ ،‬والصلة عليها عند‬
‫موتها‪.‬‬
‫ولكن وللسف الشديد‪ ،‬فكثير من النساء ل يراعين لله في‬
‫أزواجهن حرمة ‪ ،‬ول يحفظن لهم حقا ً ‪ ،‬فإذا رأت منه ما يسوؤها‬
‫تذمرت ‪ ،‬وضاقت به وبحياته ذرعا ً ‪ ،‬وقالت له‪ :‬ما رأيت منك خيرا ً‬
‫قط‪ ،‬والله شهيد على كذبها‪ ،‬وقادر على أخذها بهذا الذنب ‪ ،‬ولكنه‬
‫سبحانه وتعالى يمهلها لعلها تتوب‪ ،‬أو يحدث بعد ذلك إصلحا‪.‬‬
‫فالواجب على كل زوجة تخشى ربها أن تعمل على إرضاء زوجها ‪،‬‬
‫وإذا رأت منه شرا ً أن تذكر خيره‪.‬‬
‫‪‬تنبيه ‪ ‬إذا فقهت المرأة معنى هذه الحاديث وقامت بها‪ ،‬فإنها‬
‫إذن لن تنظر إلى حقوق زوجها عليها على أنها حقوق مجردة أو‬
‫منفصلة عن حقوق الله‪ ،‬إذا أعطاها حقوقها أعطته‪ ،‬وإن لم‬
‫يعطها لم تعطه‪ ،‬ل بل تقوم بحقوق زوجها عليها من باب أنها‬
‫سنها وتجتهد في القيام‬ ‫قربى تتقرب بها إلى الله عز وجل ‪ ،‬فُتح ّ‬ ‫ُ‬
‫بها على أكمل وجه‪ ،‬حتى وإن قصر الزوج نفسه في بعض‬
‫حقوقها؛ لنها ترجو الفضل والثواب من الله وحده ‪.‬‬
‫)‪ (12‬ومن حق الرجل على المرأة أن ل تنفق شيئا ً من بيتها إل‬
‫بإذنه‪:‬‬
‫)لحديث أبا أمامة الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه فل‬
‫وصية لوارث ول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها فقيل‬
‫يا رسول الله ول الطعام قال ذاك أفضل أموالنا ثم قال العارية‬
‫مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم‬
‫* الشاهد قوله ‪ r‬ول تنفق المرأة شيئا من بيتها إل بإذن زوجها‬
‫)‪ (13‬ومن حق الرجل على المرأة أن تحد عليه إذا مات أربعة أشهر‬
‫وعشرا‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 354‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أم حبيبة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪:‬‬
‫) ل يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم والخر أن تحد على ميت فوق‬
‫ثلث‪ ،‬إل على زوج أربعة أشهر وعشرا(( ‪.‬‬
‫وقد وصف الله سبحانه العلقة التي بين الرجل وزوجته بالسكن‪،‬‬
‫لما يكون فيها من المودة والرحمة‪ ،‬قال تعالى‪} :‬ومن آياته أن‬
‫خلق لكم من أنفسكم أزواجا ً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة‬
‫ورحمة{ ]الروم‪[21:‬‬
‫فحري بالزوجة أن تحزن على فراق زوجها الذي كانت تسكن إليه‪،‬‬
‫والذي كان يقوم على أمرها وشؤونها‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ ‬من أفضل ما يعين المرأة على شكرها لزوجها العتراف‬
‫بفضله وأن‬
‫م عليهــا ‪ ،‬أي ‪ :‬هــو رئيســها وكبيرهــا‬ ‫تعلم علم اليقين أنه هو القي ّـ ٌ‬
‫والحاكم عليها ومؤدبها إذا اعوجت ‪ ،‬وأن يكون ذلك منها عن تمــام‬
‫الرضى والتسليم وأن تجعل الية التية نصب أعينها ‪:‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ضـ ُ‬‫ع َ‬ ‫ل الل ّ ـ ُ‬
‫ه بَ ْ‬ ‫ضـ َ‬
‫ف ّ‬‫مــا َ‬‫ء بِ َ‬‫سآ ِ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬‫ق ّ‬‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫قال تعالى‪) :‬الّر َ‬
‫َ‬ ‫مآ أ َن ْ َ‬
‫م( ]سورة‪ :‬النساء ‪[34 /‬‬ ‫ه ْ‬‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫قوا ْ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫وب ِ َ‬‫ض َ‬‫ع ٍ‬ ‫ى بَ ْ‬‫عل َ َ‬‫َ‬
‫قال ابن كثير رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫يقول تعالى } الرجال قوامــون علــى النســاء { أي ‪ :‬الرجــل قي ّــم‬
‫على المرأة ‪ ،‬أي ‪ :‬هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليهــا ومؤدبهــا إذا‬
‫اعوجت ‪.‬‬
‫) بما فضل الله بعضهم علــى بعــض (‪ :‬أي لن الرجــال أفضــل مــن‬
‫هم لن الرجــل أرجــح عقل ً وأكمــل دين ـا ً مــن‬ ‫قت ِ ِ‬‫خل ْ َ‬‫النساء في أصل ِ‬
‫ة( ]البقرة ‪، [228 /‬‬ ‫ج ٌ‬
‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ِ‬‫وِللّر َ‬ ‫المرأة ‪ ،‬ولذا قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫والرجل خير مــن المــرأة ‪ ،‬ولهــذا كــانت النبــوة مختصــة بالرجــال ‪،‬‬
‫ملك العظــم وكــذا منصــب القضــاء ‪ ،‬وغيــر ذلــك ‪ ،‬لقــوله‬ ‫وكذلك ال ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم في الحديث التي‬
‫) حديث أبي بكرة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪ " :‬لن يفلح قوم وّلوا أمرهم امرأة "‬
‫) وبما أنفقوا مــن أمــوالهم (‪ :‬أي مــن المهــور والنفقــات والكلــف‬
‫التي أوجبها الله عليهم لهن في كتابه وسنة نبيه صــلى اللــه عليــه‬
‫وسلم ‪ ،‬فالرجل أفضل من المرأة فــي نفســه ولــه الفضــل عليهــا‬
‫والفضــال فناســب أن يكــون قّيمــا ً عليهــا كمــا قــال اللــه تعــالى‬
‫ة( ]البقرة ‪[228 /‬‬ ‫ج ٌ‬ ‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ل َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬‫) َ‬
‫وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ‪ } :‬الرجال قوامــون علــى‬
‫النساء { يعنى أمراء عليهن أي ‪ :‬تطيعــه فيمــا أمرهــا اللــه بــه مــن‬
‫طاعته ‪ ،‬وطاعته أن تكون محسنة لهله حافظة لماله‪. .‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 355‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬ومما يخطئ الناس فــي فهمــه قــولهم ‪ :‬الســلم ديــن‬
‫المساواة ‪ ،‬والصحيح أن يقولوا ‪ :‬السلم دين العدل ‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫وهنــا يجــب أن نعــرف أن مــن النــاس مــن يســتعمل بــدل العــدل‬
‫المساواة وهذا خطأ ‪ ،‬ل يقــال ‪ :‬مســاواة ؛ لن المســاواة تقتضــي‬
‫عدم التفريق بينهما ‪ ،‬ومن أجل هذه الدعوة الجائرة إلى التســوية‬
‫صاروا يقولون ‪ :‬أي فرق بين الــذكر والنــثى ؟ ســووا بيــن الــذكور‬
‫والناث ‪ ،‬حتى إن الشيوعية قالت ‪ :‬أي فرق بين الحاكم والمحكوم‬
‫؟ ل يمكن أن يكون لحد سلطة على أحد حــتى بيــن الوالــد والولــد‬
‫م جّرا ً ‪.‬‬ ‫ليس للوالد سلطة على الولد ‪ ،‬وهل ّ‬
‫د مــا يســتحقه ‪ :‬زال هــذا‬ ‫لكن إذا قلنا بالعدل وهــو إعطــاء كــل أح ـ ٍ‬
‫المحذور ‪ ،‬وصارت العبارة سليمة ‪ ،‬ولهذا لم يأت في القران أبــدا ً ‪:‬‬
‫ْ‬
‫مُر‬ ‫ه ي َـأ ُ‬ ‫ن الل ّـ َ‬ ‫" إن الله يأمر بالتســوية " لكــن جــاء ‪ :‬قــال تعــالى‪) :‬إ ِ ّ‬
‫ل( ]سورة‪ :‬النحل ‪،[90 /‬‬ ‫عد ْ ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫َ‬
‫ل( ]ســورة‪:‬‬ ‫عــدْ ِ‬ ‫موا ْ ِبال ْ َ‬ ‫حك ُ ُ‬ ‫س أن ت َ ْ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م ب َي ْ َ‬ ‫مت ُ ْ‬‫حك َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫وقال تعالى‪َ ) :‬‬
‫من قال ‪ :‬إن دين الســلم ديــن‬ ‫النساء ‪،[58 /‬ـ وكذب على السلم َ‬
‫المساواة ‪ ،‬بل دين السلم دين العدل وهو الجمع بين المتســاوين‬
‫والتفريق بين المفترقين ‪.‬‬
‫من يعــرف ديــن الســلم ‪ ،‬بــل‬ ‫أما أنه دين مساواة فهذه ل يقولها َ‬
‫الذي يدلك على بطلن هذه القاعدة أن أكثر مــا جــاء فــي القــرآن‬
‫هو نفي المساواة ‪:‬‬
‫مــا‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫ن ل َ يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ِ‬‫ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وي ال ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫قال تعالى‪ُ ) :‬‬
‫ُ‬
‫ب( ]سورة‪ :‬الزمر ‪،[9 /‬‬ ‫وُلو الل َْبا ِ‬ ‫ي َت َذَك ُّر أ ْ‬
‫َ‬
‫وي‬ ‫سـت َ ِ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫هـ ْ‬ ‫م َ‬ ‫صــيُر أ ْ‬ ‫وال ْب َ ِ‬ ‫ى َ‬ ‫مـ َ‬ ‫ع َ‬ ‫وي ال ْ‬ ‫سـت َ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫هـ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قـ ْ‬ ‫وقال تعالى‪ُ ) :‬‬
‫والّنوُر( ]سورة‪ :‬الرعد ‪[16 /‬‬ ‫ت َ‬ ‫ما ُ‬ ‫الظّل ُ َ‬
‫ل‬ ‫قات َـ َ‬ ‫و َ‬ ‫ح َ‬ ‫فت ْـ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قب ْـ ِ‬‫مــن َ‬ ‫ق ِ‬ ‫فـ َ‬ ‫ن َأن َ‬ ‫مـ ْ‬ ‫منك ُــم ّ‬ ‫وي ِ‬ ‫ِ‬ ‫سـت َ‬ ‫قال تعالى‪ ) :‬ل َ ي َ ْ‬
‫عدَ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫و َ‬ ‫وك ُل ّ َ‬ ‫قات َُلوا ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫عد ُ َ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫قوا ْ ِ‬ ‫ن َأن َ‬
‫ف ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ج ً‬ ‫م دََر َ‬ ‫عظ َ ُ‬ ‫ك أَ ْ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ُ‬
‫خِبيٌر( ]سورة‪ :‬الحديد ‪[10/‬‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ى َ‬ ‫َ‬ ‫سن َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ُ‬
‫ر‬‫ضـَر ِ‬ ‫ول ِــي ال ّ‬ ‫غي ْـُر أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫مـ ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬‫قا ِ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ست َ‬ ‫قال تعالى‪) :‬ل ّ ي َ ْ‬
‫ه(‬ ‫ل الّلــ ُ‬ ‫ضــ َ‬ ‫ف ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ســ ِ‬‫ف ِ‬ ‫وأ َن ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ه ِبــأ ْ‬ ‫ل الّلــ ِ‬ ‫ســِبي ِ‬ ‫فــي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫هــ ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫]سورة‪ :‬النساء ‪،[95 /‬‬
‫ولم يأت حرف واحد في القرآن يــأمر بالمســاواة أبــدا ً إنمــا يــأمر‬
‫بالعدل ‪ ،‬وكلمة العــدل أيضــا تجــدونها مقبولــة لــدى النفــوس فأنــا‬
‫أشعر أن لي فضل ً على هذا الرجل بالعلم ‪ ،‬أو بالمال ‪ ،‬أو بــالورع ‪،‬‬
‫أو ببذل المعروف ‪ ،‬ثم ل أرضى بأن يكون مساويا ً لي أبدا ً ‪.‬‬
‫كل إنسان يعرف أن فيه غضاضة إذا قلنا بمساواة ذكر بأنثى ‪.‬‬
‫" شرح العقيدة الواسطية " ) ‪. ( 181-180 / 1‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 356‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫)‪ (14‬وجوب خدمة المرأة لزوجها ‪:‬‬
‫فيجب على المرأة خدمة زوجها في حدود استطاعتها ‪ ،‬ومما ل‬
‫شك فيها أن من أول ما يدخل في ذلك الخدمة في منزله‪ ،‬وما‬
‫يتعلق به من تربية أولده ونحو ذلك ‪.‬‬
‫) حديث حصين بن محصن الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫انظري أين أنت منه ؟ فإنما هو جنتك و نارك ‪‌ .‬‬
‫)انظري أين أنت منه ؟ ( أي في أي منزلة أنت منه أقريبة من‬
‫دة مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم متباعدة من مرامه‬ ‫مو ّ‬
‫كافرة لعشرته وإنعامه ) فإنما هو ( أي الزوج ) جنتك ونارك‬
‫( أي هو سبب لدخولك الجنة برضاه عنك وسبب لدخولك النار‬
‫بسخطه عليك فأحسني عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس‬
‫بمعصية وهذا قاله للتي جاءت تسأله عن شيء فقال ‪ :‬أذات زوج‬
‫أنت؟ قالت ‪ :‬نعم قال ‪ :‬كيف أنت منه؟ قالت ‪ :‬ل آلوه إل ما‬
‫عجزت عنه فذكره وأخذ الذهبي من هذا الحديث ونحوه أن النشوز‬
‫كبيرة ‪.‬‬
‫]*[ قال اللباني رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫"والحديث ظاهر الدللة على وجوب طاعة الزوجة لزوجها‪،‬‬
‫وخدمتها إياه في حدود استطاعها‪ ،‬ومما ل شك فيه أن من أول ما‬
‫يدخل في ذلك الخدمة في منزله وما يتعلق به من تربية أولده‪،‬‬
‫ونحو ذلك" ‪.‬‬
‫) حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه الثابت في صحيح‬
‫البخاري ( أن النبي ‪ r‬قال ‪):‬أتت النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى‪ ،‬وبلغها أنه جاءه رقيق‪،‬‬
‫فلم تصادفه‪ ،‬فذكرت لعائشة‪ ،‬فلما جاء‪ ،‬أخبرته عائشة‪ ،‬قال علي‬
‫رضي الله عنه‪ :‬فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا‪ ،‬فذهبنا نقوم‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫على مكانكما‪ ،‬فجاء‪ ،‬فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على‬
‫بطني‪ ،‬فقال‪ :‬أل أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما‬
‫مضاجعكما‪ ،‬أو أويتما إلى فراشكما‪ ،‬فسبحا ثلثا ً وثلثين‪ ،‬واحمدا‬
‫ثلثا وثلثين‪ ،‬وكبرا أربعا ً وثلثين‪ ،‬فهو خير لكما من خادم‪.‬‬
‫‪‬فأنت ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لعلي‪ :‬ل خدمة‬
‫عليها‪ ،‬وإنما هي عليك‪ ،‬وهو صلى الله عليه وسلم ل يحابي في‬
‫الحكم أحدا ً كما قال ابن القيم رضي الله عنه ‪ ،‬ومن شاء زيادة‬
‫البحث في هذه المسألة فليرجع إلى كتابه القيم ))زاد المعاد (( )‬
‫‪.( 46 -4/45‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 357‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فَيا‬ ‫وأ َل ْ َ‬
‫‪‬ولن الزوج سيدها في كتاب الله كما قال تعالى ‪َ ) :‬‬
‫ب(‬ ‫دى ال َْبا ِ‬ ‫ها ل َ َ‬ ‫سي ّدَ َ‬ ‫َ‬
‫] سورة يوسف ‪،[ 25/‬‬
‫عان َِية عنده بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلمكما في‬ ‫وهي َ‬
‫الحديث التي‪ :‬‬
‫ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫وب ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫)حديث َ‬
‫ن‬
‫عوا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خيرًا‪ ،‬فإن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أل َ وا ْ‬
‫ست َ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ك‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫غي َْر ذل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫كو َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫س تَ ْ‬ ‫م ل َي ْ َ‬ ‫دك ْ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ِ‬
‫غي َْر‬‫ضْربا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ضا ِ‬‫ن في الم َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫فاه ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫كم‬‫سائ ِ ُ‬ ‫عَلى ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫ل‪ .‬أل َ إ ّ‬ ‫سِبي ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫غوا َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ُ‬ ‫ن أط َ ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ح‪َ .‬‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫طئ َ‬ ‫فل َ ُيو ِ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫حقك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫حقا‪َ .‬‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ساِئك ْ‬ ‫قا‪ .‬وِلن َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫حق ُ‬ ‫ن‪ .‬أل َ و َ‬ ‫هو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ن ول َ ي َأذَ ّ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫فُرشك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫هن«‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن وط َ َ‬ ‫ه ّ‬‫وت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫في ك ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ن ُتح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫‪ ،‬وعلى العاني والعبد الخدمة‪ ،‬ولن ذلك هو المعروف ‪.‬‬
‫]*[ قال ابن حبيب رحمه الله ‪:‬‬
‫ي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين فاطمة‬ ‫"حكم النبي بين عل ّ‬
‫رضي الله عنها حين اشتكيا إليه الخدمة‪ ،‬فحكم على فاطمة‬
‫ي بالخدمة الظاهرة‪...‬‬ ‫بالخدمة الباطنة خدمة البيت‪ ،‬وحكم على عل ّ‬
‫والخدمة الباطنة العجين والفرش وكنس البيت واستقاء الماء‬
‫وعمل البيت كله"‪.‬‬
‫]*[ قال ابن تيمية رحمه الله ‪:‬‬
‫"فعليها أن تخدمه الخدمة المعروفة من مثلها لمثله‪ ،‬ويتنوع ذلك‬
‫بتنوع الحوال‪ ،‬فخدمة البدوية ليست كخدمة القروية‪ ،‬وخدمة‬
‫القوية ليست كخدمة الضعيفة"‪.‬‬
‫‪‬تنبيه ‪ : ‬هذا وليس فيما سبق من وجوب خدمة المرأة لزوجها‬
‫ما ينافي استحباب مشاركة الرجل لها في ذلك ‪ ،‬إذا وجد الفراغ‬
‫والوقت ‪ ،‬بل هذا من حسن المعاشرة بين الزوجين‪ ،‬للحديث‬
‫التي ‪:‬‬
‫) حديث السود بن يزيد الثابت في صحيح البخاري ( قال ‪:‬سألت‬
‫عائشة رضي الله عنها‪ :‬ما كان النبي ‪ r‬صنع في البيت؟ قالت‪:‬‬
‫كان يكون في مهنة أهله‪ ،‬فإذا سمع الذان خرج‪.‬‬
‫ق واجب له عليها‪ ،‬وهذه المسألة‬ ‫‪‬تنبيه ‪ ‬خدمة الزوجة لزوجها ح ّ‬
‫ن‬
‫وإن وقع فيها خلف بين أهل العلم‪ ،‬إل أن القول الصحيح ‪ ،‬أ ّ‬
‫خدمة الزوجة لزوجها واجبة من مثلها لمثله ‪ ،‬كما مّر في قصة‬
‫كر‪ ،‬فهي تختلف من بيت لخر‪ ،‬ومن زوج‬ ‫حصين النفة الذّ ْ‬‫عمة ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 358‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫لزوج‪ ،‬ومع ذلك نجد من النساء من ترهق زوجها‪ ،‬فتطالبه بخادمة‬
‫من يخدمها‪،‬‬ ‫مع قدرتها على القيام بشئون البيت‪ ،‬واستغنائها ع ّ‬
‫وما يدعوها لذلك إل حب المباهاة والمفاخرة والتقليد العمى‪.‬‬
‫وهذا أحد المنغصات للحياة الزوجية السعيدة ‪ ،‬لما فيه من كلفة‬
‫على الزوج ‪ ،‬وإدخال عنصر غرب ل حاجة له في البيت‪ ،‬وبقاء‬
‫الزوجة في البيت بل عمل يشغل بالها وُيوّلد في نفسها أعمال ً‬
‫س به‪.‬‬‫أخرى هي ثقل على كاهل الزوج لتمل الفراغ الذي ُتح ّ‬
‫ولعل الدهشة تصيبك حينما تسمع رجل ً يتحدث في مقابلة أجريت‬
‫معه في الذاعة‪ ،‬يحكي فيها أن مرتبه سبعة آلف ريال‪ ،‬ويسكن‬
‫في شقة مستأجرة‪ ،‬ولديه خادمتان‪ ،‬ويعلل هذا التصرف بأن‬
‫زوجته هي التي أرادت ذلك!!‬
‫وما يقال للزوجة‪ ،‬يقال للزوج‪ ،‬إذ عليه أل يكّلفها فوق طاقتها بل‬
‫يجب أن يراعي قدرتها وطاقتها على العمل‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬
‫ة لزوجها كأنه ينظر إليها ‪:‬‬ ‫)‪ (15‬ل تصف امرأ ٍ‬
‫نهى النبي ‪ r‬المرأة أن تصف المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها ‪،‬‬
‫فربما وقعت في قلبه ‪ ،‬ومن هنا نعلم أن المرأة يجب عليها أن‬
‫تعمل على صيانة دين زوجها كما هو مأمور بصيانة دينها ‪.‬‬
‫)حديث ابن مسعود الثابت في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬ل‬
‫تباشُر المرأةُ المرأةَ فتنعتها لزوجها كأنه ينظُر إليها (‬
‫‪‬تنبيه ‪ ‬وعلى المرأة كذلك أل تصف رجل أمام زوجها ‪ ،‬ول‬
‫تمدحه ول تثني‬
‫عليه؛ فذلك مما يسبب غيرته‪ ،‬وضيق صدره ‪ ، ،‬بل تمتدح زوجها‬
‫وتثني عليه بما فيه من خير‪ ،‬وتعترف بفضله وتشعره دائما ً أنه‬
‫ج‬ ‫يمل عينها وقلبها وفكرها ‪ ،‬وأن تقرر معنى قول النبي ) إن ِللّز ْ‬
‫و ِ‬
‫َ‬
‫د( وسوف أسوق لك هذه القصة عساها أن لعلها‬ ‫و لَ َ‬
‫ح ٍ‬ ‫ه َ‬‫ما ُ‬ ‫م َ‬
‫كاًنا َ‬ ‫ة َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مْرأ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫ك بها‬
‫قعا عسى الله أن ينفع ِ‬ ‫ك مسمعا ً وفي قلبك مو ِ‬ ‫ك في سمع ِ‬‫تجد ل ِ‬
‫دل الله به عليها‬
‫س ِ‬
‫قك إلى تطبيقها لن حسن تبعل المرأة لزوجها ي ُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫ويو ِ‬
‫البركة والرحمة والخير‪.‬‬
‫]*[]*[]*[]*[‬

‫)‪ (16‬أن تبر أهله من والدين وأخوات ‪:‬‬


‫]*[ ومن حقه عليها أن تبر أهله من والدين وأخوات‪ ،‬وتصل الرحم‪،‬‬
‫لُتدخل على زوجها الفرح والسرور‪ ،‬وتتقرب إلى الله تعالى بهذه‬
‫العبادة‪.‬‬
‫)إن من أدب السلم أن تؤثر الزوجة رضا زوجها على رضا نفسها‪،‬‬
‫صا والديه‪ ،‬ويتأكد هذا إذا كانت تقيم معهما‪،‬‬
‫وأن تكرم قرابته خصو ً‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 359‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وفي إكرامهم إكرام لزوجها‪ ،‬ووفاء له‪ ،‬وإحسان إليه؛ لنه مما‬
‫يفرحه‪ ،‬ويؤنسه‪ ،‬ويقوي رابطة الزوجية‪ ،‬وآصرة الرحمة والمودة‬
‫ودّ أبيه بنص السنة الصحيحة ‪.‬‬ ‫بينهما( فإن أبر البر أن يصل الرجل ُ‬
‫)حديث ابن عمر في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن أبر البر‬
‫ودّ أبيه ‪.‬‬
‫أن يصل الرجل ُ‬
‫) إن أبر البر ( المراد إن أفضل البر فأفعل التفضيل للزيادة‬
‫المطلقة‬
‫كما أنه من حسن خلق المرأة المسلمةإكرامها لهما لسيما وهما‬ ‫]*[‬
‫في سن والديهما‬
‫حديث أنس في صحيح الترمذي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ليس منا من لم‬
‫يرحم صغيرنا و يوقر كبيرنا ‪‌ .‬‬
‫]*[ قال المام المناوي رحمه الله تعالى في فيض القدير ‪:‬‬
‫) ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا ( الواو بمعنى أو‬
‫فالتحذير من كل منهما وحده فيتعين أن يعامل كل ً منهما بما يليق‬
‫به فيعطى الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه‬
‫ويعطى الكبير حقه من الشرف والتوقير‬
‫]*[ يقول الدكتور محمد الصباغ حفظه الله‪) :‬إن على الزوجة‬
‫الفاضلة أن ل تنسى منذ البداية‪ ،‬أن هذه المرأة التي قد تشعر أنها‬
‫منافسة لها في زوجها‪ ،‬هي أم هذا الزوج‪ ،‬وأنه ل يستطيع مهما‬
‫تبّلد فيه إحساس البر‪ ،‬أن يقبل إهانة توجه إليها؛ فإنها أمه التي‬
‫حملته في بطنها تسعة أشهر‪ ،‬وأمدته بالغذاء من لبنها‪ ،‬ووقفت‬
‫على الهتمام به حياتها حتى أصبح رجل ً سوًيا‪.‬‬
‫واعلمي أيتها الزوجة أن زوجك يحب أهله أكثر من أهلك‪ ،‬كما أنك‬
‫ضا تحبين أهلك أكثر من أهله‪ ،‬فاحذري أن تطعنيه بازدراء أهله‬ ‫أي ً‬
‫أو انتقاصهم أو أذيته فيهم‪ ،‬فإن ذلك يدعوه إلى النفرة منك‪.‬‬
‫إن تفريط الزوجة في احترام أهل زوجها تفريط في احترامه‪،‬‬
‫وإن لم يقابل الزوج ذلك بادئ المر بشيء‪ ،‬فلن يسلم حبه إياها‬
‫من الخدش والنقص والتكدير‪.‬‬
‫إن الرجل الذي يحب أهله‪ ،‬ويبر والديه‪ ،‬إنسان صالح فاضل‪ ،‬جدير‬
‫بأن تحترمه زوجته‪ ،‬وترجو فيه الخير(‪.‬‬
‫والزوجة التي تعتقد أنها بإيقاعها بين زوجها وبين أهله‪ ،‬ليتفرغ‬
‫لها وحدها‪ ،‬ويكون لولده وحدهم‪ ،‬امرأة ساذجة‪ ،‬تدفن رأسها في‬
‫الرمال‪ ،‬غير صالحة ول تقية‪ ،‬فيكفيها بهذا العمل معصية الله‬
‫تعالى‪ ،‬وعونها زوجها على عقوق أهله ل على برهم‪ ،‬فبئست هذه‬
‫الزوجة‪.‬‬
‫)إن عقوق الرجل والديه دمار عليه وعلى زوجته وأولده؛ لن‬
‫العقوق من المعاصي التي ُتعجل عقوبتها في الدنيا‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 360‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أنس في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬بابان معجلن‬
‫عقوبتهما في الدنيا ‪ :‬البغي و العقوق ‪‌ .‬‬
‫]*[ إن الزوجة الصالحة التي تخاف الله تعالى‪ ،‬الزوجة الطيبة‬
‫دله‬
‫الخّيرة‪ ،‬هي التي تكون عوًنا لزوجها على كل خير‪ ،‬فتنصحه وت ّ‬
‫على كل خير‪ ،‬وتوصيه بالتزام حكم الله في كل شيء‪ ،‬وتحرضه‬
‫على بره لوالديه وإكرامهما والحسان إليهما‪.‬‬
‫وهي بهذا الخلق العالي والسلوك القويم ستجد ثماره في الدنيا‬
‫والخرة إن شاء الله تعالى‪ ،‬ببر أولدها لها لسيما عندما تهرم‬
‫وتكبر‪ ،‬وفي الخرة بالجر العظيم عند الواحد القهار‪.‬‬
‫]*[ حكى المام أبو الفرج ابن الجوزي عن عابدة كانت تصلي‬
‫بالليل ل تستريح‪ ،‬وكانت تقول لزوجها‪ :‬قم ويحك إلى متى تنام؟‬
‫طال‪ ،‬إلى متى أنت في غفلتك؟ أقسمت‬ ‫قم يا غافل‪ ،‬قم يا ب ّ‬
‫عليك أل تكسب معيشتك إل من حلل‪ ،‬أقسمت عليك أن ل تدخل‬
‫النار من أجلي‪ ،‬ب ِّر أمك‪ ،‬صل رحمك‪ ،‬ل تقطعهم‪ ،‬فيقطع الله بك(‬
‫)‪.(41‬‬
‫‪‬تنبيه ‪ ‬إنه ينبغي على أم الزوجة دائما ً أن تذكر ابنتها بحقوق‬
‫زوجها عليها لن ذلك أجدر أن يؤدم بين الزوجين ولن التذكرة‬
‫وم المائل ‪ ،‬وهذا هو ما كان عليه‬ ‫تذكر العاقل وتنبه الغافل وتق ّ‬
‫نساء السلف رحمهن الله تعالى ‪ ،‬وإليك وصية جامعة لحدى نساء‬
‫ة ت ُذَك ُّر العاقلة وت ُن َّبه‬
‫السلف أوصت بها ابنتها ليلة زفافها ‪ ،‬وصي ٌ‬
‫د‬
‫ة سليم ‪ ،‬فيها فوائ ٌ‬ ‫ع قويم وتوجي ٌ‬ ‫وم المائلة ‪ ،‬فيها نف ٌ‬ ‫الغافلة وتق ّ‬
‫ق لها أن تنقش على الصدور وأن‬ ‫ح ّ‬ ‫ة ُ‬‫ع عميمة ‪ ،‬وصي ٌ‬ ‫عظيمة ومناف ٌ‬
‫تكتب بماء الذهب فاغتنمها وانشرها بين الناس فإن الدال على‬
‫الخير كفاعله ‪.‬‬

‫)( صفة الصفوة )‪.(4/437‬‬ ‫‪41‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 361‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬

‫خصال ً عشرا ً تكن لك ذخرا‬ ‫قالت الم ‪ :‬احفظي له ِ‬


‫ع‬
‫ن السمـــــ ِ‬ ‫ة بالقنـــاعة والمعاشرةُ بحس ِ‬ ‫الصحبـــــــ ُ‬
‫والطاعة‬
‫م منك إل أطيب ريــــــــح‬ ‫ول يش ّ‬‫ل تقـع عينـاه منك على قبيــح‬
‫ت طعامـــــه والتفقـد لحين منامـــــــــــه‬ ‫التعاهـــدُ لوق ِ‬
‫مك َّربـــــــــة‬‫وتنغيص حالــه ُ‬ ‫هبـــة‬
‫مل ِ‬
‫فإن حرارة الجـــوع ُ‬
‫عيالـــــــه‬
‫ة لحشمـــه و ِ‬ ‫الحتفا ُ‬
‫ظ ببيتــــه ومالــــه والرعاي ُ‬
‫مه وعياله من حسن‬ ‫ح َ‬
‫ش ِ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫ل أصــ ُ‬
‫والرعاي ُ‬
‫ل‬ ‫فإن حفظ الما ِ‬
‫التدبير‬ ‫التقديــر‬
‫ول تعصـين له أمـــــــــــرا‬ ‫شـين له ســـــــــرا‬
‫ل تف ِ‬
‫وإن عصيت أمــره أوغـــرت صدره‬
‫سَره لم تأمني‬
‫فإنك إن أفشيت ِ‬
‫غدره‬

‫ثالثا ً ‪ :‬الحقوق المشتركة بين الزوجين‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 362‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫هناك حقوق مشتركة تجب لكل واحد من الزوجين تجاه صاحبه‪،‬‬
‫ة وتفصيل ً ‪:‬‬ ‫وليست خاصة بأحدهما‪ ،‬نلخصها فيما يلي جمل ً‬
‫ة‪:‬‬ ‫]*[ ‪‬الحقوق المشتركة بين الزوجين جمل ً‬
‫)‪ (1‬إعانة بعضهما على الطاعة ‪:‬‬
‫)‪ (2‬عدم إفشاء السر‪:‬‬
‫)‪ (3‬المناصحة بينهما‪:‬‬
‫)‪ (4‬الشورى ‪:‬‬
‫)‪ (5‬صدق المودة بين الزوجين‪:‬‬
‫)‪ (6‬الواقعية في الحياة الزوجية‬
‫)‪ (7‬معرفة كل من الزوجين نفسية صاحبه ‪:‬‬
‫)‪ (8‬الولد ‪:‬‬
‫ل من الزوجين وأقاربهما ‪:‬‬ ‫يك ّ‬ ‫)‪ (9‬ب ِّر والد ْ‬
‫)‪ (10‬الوفاء بشروط العقد‪:‬‬
‫)‪ (11‬حق الستمتاع‪:‬‬
‫(‪ (12‬التوارث‪:‬‬
‫)‪ (13‬الصبر على الزلت والهفوات من بعضهما ‪.‬‬
‫]*[ ‪‬الحقوق المشتركة بين الزوجين تفصيل ً ‪:‬‬
‫)‪ (1‬إعانة بعضهما على الطاعة‪ :‬إذا كان التعاون على البر‬
‫والتقوى مطلوبا ً بين عموم المسلمين‪ ،‬فمن باب أولى بين‬
‫خصوصهم‪ ،‬وخاصة بين الزوجين‪ ،‬وقد أشاد الله بنبيه إسماعيل ‪‬‬
‫ب‬‫في ال ْك َِتا ِ‬ ‫واذْك ُْر ِ‬ ‫إذ كان يتعاهد أهله على الطاعات‪ ،‬فقال) َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫هل َ ُ‬
‫ه‬ ‫مُر أ ْ‬
‫ن ي َأ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫سول ً ن َب ِي ّا ً * َ‬
‫و َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و ْ‬‫صاِدقَ ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫ل إ ِن ّ ُ‬‫عي َ‬‫ما ِ‬‫س َ‬‫إِ ْ‬
‫ضّيا(]مريم‪[45/‬‬ ‫مْر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْدَ َرب ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬‫و َ‬‫ة َ‬ ‫والّز َ‬
‫كا ِ‬ ‫ة َ‬‫صل ِ‬ ‫ِبال ّ‬
‫هل َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ة‬
‫صل ِ‬ ‫ك ِبال ّ‬ ‫مْر أ ْ‬ ‫وأ ُ‬ ‫كما أمر الله نبيه محمد ‪ ‬بذلك فقال} َ‬
‫وى{‬ ‫ة ِللت ّ ْ‬
‫ق َ‬ ‫قب َ ُ‬‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ن َْرُز ُ‬‫ح ُ‬‫رْزقا ً ن َ ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫سأ َل ُ َ‬‫ها ل ن َ ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫صطَب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬‫َ‬
‫]طـه‪[132/‬‬
‫ومن هنا حث رسول الله ‪ ‬الزوجين على التعاون على الطاعة‬
‫كما في الحديث التي ‪ :‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫والنسائي ( أن النبي ‪ ‬قال‪ :‬رحم الله رجل ً قام من الليل‬
‫ت نضح في وجهها الماء ‪ ،‬و‬ ‫فصلى و أيقظ امرأته فصلت فإن أب ْ‬
‫جها فصلى‬ ‫رحم الله امرأةً قامت من الليل فصلت و أيقظت زو َ‬
‫فإن أبى نضحت في وجهه الماء ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 363‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي داوود‬
‫ل أهله من الليل‬ ‫وابن ماجه ( أن النبي ‪ ‬قال‪ :‬إذا أيقظ الرج ُ‬
‫فصليا ركعتين جميعا ً كتبا من الذاكرين الله كثيرا ً والذاكرات ‪.‬‬

‫)‪ (2‬عدم إفشاء السر‪:‬‬


‫كل واحد من الزوجين مطالب بكتمان ما يراه من صاحبه‪ ،‬أو‬
‫ث عليه السلم‪ ،‬ورغب فيه وبخاصة‬ ‫يسمعه منه‪ ،‬وهذا أدب عام ح ّ‬
‫ما يقع بين الزوجين‪ ،‬كما في الحاديث التية ‪:‬‬
‫) حديث أبي سعيد الخدري الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي‬
‫إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها ‪.‬‬
‫]*[ قال النووي‪:‬‬
‫"وفي هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته‬
‫من أمور الستمتاع‪ ،‬ووصف تفاصيل ذلك‪ ،‬وما يجري من المرأة‬
‫فيه من قول أو فعل ونحوه‪ ،‬فأما مجرد ذكر الجماع فإن لم تكن‬
‫فيه فائدة ول إليه حاجة فمكروه؛ لنه خلف المروءة وقد قال‬
‫صلى الله عليه وسلم ))من كان يؤمن بالله واليوم الخر فليقل‬
‫خيرا أو ليصمت((‪ ،‬وإن كان إليه حاجة أو ترتب عليه فائدة بأن ينكر‬
‫عي عليه العجز عن الجماع أو نحو ذلك‪،‬‬ ‫عليه إعراضه عنها‪ ،‬أو تد ّ‬
‫فل كراهة في ذكره‪ ،‬كما قال صلى الله عليه وسلم‪)) :‬إني لفعله‬
‫أنا وهذه((‪ ،‬وقال صلى الله عليه وسلم لبي طلحة‪)) :‬أعرستم‬
‫الليلة؟((‪ ،‬وقال لجابر‪)) :‬الكيس الكيس((‪ .‬والله أعلم" ‪.‬‬
‫) حديث أسماء بنت يزيد الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬عسى رجل يحدث بما يكون بينه و بين أهله أو عسى امرأة‬
‫تحدث بما يكون بينها و بين زوجها فل تفعلوا فإن مثل ذلك مثل‬
‫شيطان لقي شيطانة في ظهر الطريق فغشيها و الناس ينظرون‬
‫‪.‬‬
‫]*[ قال أبو الطيب آبادي‪:‬‬
‫"والحديث يدل على تحريم إفشاء أحد الزوجين لما يقع بينهما من‬
‫ن كون الفاعل لذلك بمنزلة شيطان لقي‬ ‫أمور الجماع‪ ،‬وذلك ل ّ‬
‫شيطانة فقضى حاجته منها والناس ينظرون‪ ،‬وذلك من أعظم‬
‫الدلة الدالة على تحريم نشر أحد الزوجين للسرار الواقعة بينهما‬
‫الراجعة إلى الوطء ومقدماته" ‪.‬‬
‫)‪ (3‬المناصحة بينهما‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 364‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫للتناصح وبخاصة بين الزوجين دور كبير في الرتقاء بمستوى‬
‫السرة‪ ،‬ورتق الفتوق الواقعة فيها‪ ،‬وإنارة درب السلمة من‬
‫دي في الخطأ‪ ،‬ب َي ْدَ أن كثيرا ً نما لزواج يرى من غير الطبيعي‬ ‫التر ّ‬
‫أن تؤدي المرأة دورها في نصيحة زوجها‪ ،‬وأن من السائغ والمعتاد‬
‫ن بجملة منهم إلى أن قيامها‬ ‫أن تكون من جانبه دونها‪ ،‬ويصل الظ ّ‬
‫بالنصيحة نوع من التطاول والعجرفة‪ ،‬وخدش لكرامة الرجل‪،‬‬
‫وقوامة الزوج‪ ،‬وهذا خطأ ظاهر‪ ،‬وهدم لعش الزوجية وسعادة‬
‫السرة‪.‬‬
‫)‪ (4‬الشورى ‪:‬‬
‫ً‬
‫بمعنى أن يكون التشاور وتداول الرأي قائما بين الزوجين فيما‬
‫يتعلق بشئون البيت‪ ،‬وتدبير أمر السرة‪ ،‬ومصير الولد ‪ ،‬وليس‬
‫من الحكمة في شيء أن يستبد الرجل برأيه ول يلتفت إلى‬
‫مشورة امرأته‪ ،‬ل لشيء‪ ،‬إل لنها امرأة‪ ،‬ومشورتها قدح لقوامته‬
‫عليها في نظره السقيم‪ .‬فكم من امرأة أدلت برأي صار له أكبر‬
‫الثر في استقامة أمور وصلح الحوال‪ ،‬وخير من يقتدى به في‬
‫ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يوم أن دخل على أم سلمة‬
‫غاضبا ً مما فعل أصحابه يوم الحديبية حيث أمرهم بالحلق والتحلل‬
‫فكأنهم تحرجوا وتباطؤوا‪ ،‬فأشارت عليه أم سلمة أن يحلق هو‬
‫حتى يحلقوا‪ ،‬فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم بمشورتها‪ ،‬فما‬
‫كان إل أن بادروا إلى امتثال أمره عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫)‪ (5‬صدق المودة بين الزوجين‪:‬‬
‫ل من الزوجين إلى‬ ‫مما ل تتم السعادة الزوجية إل به‪ ،‬تحبب ك ّ‬
‫صاحبه وإظهار صدق المودة‪ ،‬وتراشق الكلمات الحنونة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫أحسن ما تستقيم به أحوال الزوجين‪ ،‬وأفضل ما تبنى عليه‬
‫حياتهما‪ ،‬وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك مع‬
‫أزواجه – رضي الله عنهن – ولسنا بخير منه حتى نستنكف عما‬
‫حوَر الجنة ذكر من جميل أوصافهن كونهن‬ ‫فعله‪ ،‬ولما امتدح الله ُ‬
‫عُربا ً أ َت َْرابًا( )الواقعة‪ .(37:‬والعروب‪ :‬هي المتحببة إلى أزواجها‪.‬‬ ‫) ُ‬
‫والحياة الزوجية التي ُيفقد من قاموسها الكلمات الطيبة الجميلة‪،‬‬
‫جم السعادة فيها‪.‬‬ ‫ت أن ُ‬ ‫فل َ ْ‬‫والعبارات الدافئة حياة قد أ َ َ‬
‫ث تمي ُ‬
‫ل‬ ‫ت ما َ‬
‫ل حي ُ‬ ‫ح مال ْ‬ ‫الـريـ ُ‬
‫ن‬
‫و ٍ‬‫إذاّ‬
‫متل‬‫ئ ُ‬ ‫ودّ امر ٍ‬ ‫ول خيــــــَر في ُ‬
‫خْلق‪.‬‬ ‫خُلق غطى عيبا ً في ال َ‬ ‫ن في ال ُ‬‫س ٍ‬
‫ح ْ‬
‫وكم من ُ‬
‫)‪ (6‬الواقعية في الحياة الزوجية‬
‫فَرفة أجنحة السعادة على عش‬ ‫للواقعية نصيب وافر في َر ْ‬
‫الزوجية‪ ،‬ويمكن الحديث عنها عبر المجالت التية‪:‬‬
‫)أ( الواقعية في المهور وحفلت الزواج والهدايا‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 365‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫إن إثقال كاهل الزوج بمهر باهظ وحفلة زفاف مجحفة ل يعود‬
‫على الحياة الزوجية إل بالنكد والهم والتعب‪ ،‬لذا ل بد أن يكون‬
‫عرس موائمة لحال الزوج مناسبة لوضعه المادي‪،‬‬ ‫المهر وحفلة ال ُ‬
‫لنضمن – بإذن الله – هدوء نفسه‪ ،‬وراحة باله‪ ،‬وطمأنينة قلبه‪،‬‬
‫حتى يستقبل حياته الزوجية بانشراح ورغبة‪.‬‬
‫ومثل ذلك ُيقال‪ ،‬فيما تعارف الناس عليه من الهدايا في العراس‬
‫والمناسبات‪ .‬إذ يجب أن يكن بقدر حال الزوج‪ ،‬وليس من مصلحة‬
‫ح وتطالب بما هو أغلى ثمنا ً وأعلى قدرا ً مما ل تسمح‬ ‫المرأة أن تل ّ‬
‫ظروف الزوج المادية به‪ ،‬وكثرة ذلك مؤذنة بغياب السعادة وأفول‬
‫شمسها من عش الزوجية إن لم يصل الحد إلى أمر ل تحمد عقباه‪.‬‬
‫)ب( الواقعية في النفقة‪:‬‬
‫إن من خير ما تحّلت به المرأة المسلمة من الصفات مع زوجها‬
‫مراعاتها لطاقته وقدرته في النفقة‪ ،‬فل إلحاح في حالة العسر‪،‬‬
‫ول شراهة في وقت اليسر‪ ،‬بل تلبس لكل حالة ل َُبوسها‪ ،‬وترضى‬
‫منه باليسير‪ ،‬وشرذث ما اتصفت به المرأة الشراهة وكثرة‬
‫غضا‪ً.‬‬ ‫المطالب وهذا ل يزيدها من زوجها إل ُبعدًا‪ ،‬ول من قلبه إل ب ُ ْ‬
‫وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم أزواجه شهرا ً لما سألنه في‬
‫ها‬ ‫َ‬
‫النفقة‪ ،‬وأكثرن عليه فيها حتى أنزل الله سبحانه قوله‪َ) :‬يا أي ّ َ‬
‫ق ْ َ‬
‫ن‬‫عال َي ْ َ‬ ‫فت َ َ‬‫ها َ‬ ‫زين َت َ َ‬
‫و ِ‬
‫حَياةَ الدّن َْيا َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ردْ َ‬‫ن تُ ِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ّ‬ ‫ك إِ ْ‬‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل ِلْز َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ُالن ّب ِ ّ‬
‫ُ‬
‫سول َ ُ‬
‫ه‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ردْ َ‬‫ن ت ُ َِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ّ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫ميل ً َ‬ ‫ج ِ‬ ‫سَراحا ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫حك ُ ّ‬ ‫سّر ْ‬ ‫وأ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عك ُ ّ‬ ‫مت ّ ْ‬
‫أ َ‬
‫ظيمًا(‬ ‫جرا ً َ‬ ‫َ‬
‫ع ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫من ْك ُ ّ‬‫ت ِ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫عدّ ل ِل ْ ُ‬ ‫هأ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬‫خَرةَ َ‬ ‫داَر اْل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫خّيرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫)الحزاب‪ .(29 ،28 :‬ف َ‬
‫فاخترنه)‪.(42‬‬
‫وعلى الرجل أيضا ً أل يكون شحيحا ً على أهله‪ ،‬مقّترا ً عليهم‪ ،‬بل‬
‫ق ُ‬
‫ذو‬ ‫ف ْ‬ ‫ينفق عليهم من سعته ول يكلف الله نفسا ً إلى ما آتاها‪) ،‬ل ِي ُن ْ ِ‬
‫ه(‬ ‫ما آَتاهُ الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬‫ق ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫فل ْي ُن ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ق ُ‬‫رْز ُ‬‫ه ِ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫دَر َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عت ِ ِ‬‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ع ٍ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫)الطلق‪.(7 :‬‬
‫)ج( الواقعية في الصفات وتجنب المثالية‪:‬‬
‫ر يسير من الناس ممن‬ ‫وهذه الخصلة ل تكاد توجد إل عند نز ٍ‬
‫م بالزواج يرسم الزوجة في‬ ‫وفقهم الله‪ ،‬بينما غالبهم عندما يه َُ‬
‫ذهنه رسما ً يتواءم مع طموحاته الوهمية البعيدة عن أرض الواقع‪.‬‬
‫وكأنه يصور بيده تمثال ً لمرأة وهمية‪ ،‬مما حدا بأحد الذكياء‪ ،‬عندما‬
‫أخبره صاحبه بالصفات التي ينشدها في شريكة حياته‪ ،‬أن قال‬
‫لمحدثه‪ :‬إن المرأة التي تطلب موجودة‪ ،‬ولكن عليك أن تنتظر إلى‬
‫أن ُنبعث لن امرأة بمثل ما تذكر ل توجد إل في الجنة‪.‬‬

‫‪ - 42‬رواه مسلم )‪.(1478‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 366‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نعم إن العتدال في المطالب والصفات ل بد وأن يكون مركوزا ً‬
‫في ذهن كل من الزوجين‪ ،‬فل يفرك مؤمن مؤمنة‪ ،‬إن كره منها‬
‫خلقا رضي منها خلقا آخر كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه النصاري الثابت في صحيح‬
‫مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬ل يفرك مؤمن مؤمنه إن كره منها خلقا‬
‫رضي منها آخر ‪.‬‬
‫وتلك هي سنة الله في خلقه أل يجتمع الكمال في كل الصفات‬
‫في عامة البشر‪ ،‬فقد تكون المرأة وسطا ً في الجمال لكنها ذات‬
‫دين وخلق عظيم‪.‬‬
‫شاد الكمال مع أنفسهم وقفة تأمل ومحاسبة لوجدوا‬ ‫ولو وقف ن ُ ّ‬
‫أنهم لم ينصفوا‪ ،‬إذ غالب ما يطلبونه قد ل يكون متوافرا ً فيهم‪،‬‬
‫فكما أنك تريد فغيرك يطلب منك ما تريد وإل صار مصيُرك مصيَر‬
‫ذلك الرجل الذي ظل يطلب الزوجة المثالية في نظره ردها ً طويل ً‬
‫غيتها‬ ‫من عمره فلما وجدها وتقدم لخطبتها‪ ،‬رفضته‪ ،‬لنها لم تجد ب ُ ْ‬
‫فيه‪ ،‬فعاد بالخيبة والحرمان‪.‬‬
‫) د( الواقعية في المطالبة بالحقوق وأداء الواجبات‪:‬‬
‫ليس من حسن العشرة أن ُيكّلف الزوج امرأته شططا‪ ،‬وينهكها‬
‫ً‬
‫في تحقيق حقوقه تعبًا‪ ،‬بل عليه أن يسلك هديا ً قاصدًا‪ ،‬ويتغاضى‬
‫عن بعض حقوقه في سبيل تحقيق المهم منها‪ ،‬إحسانا ً للعشرة‪،‬‬
‫وتخفيفا ً على الزوجة‪.‬‬
‫وكذا حال المرأة مع زوجها لتستديم محبته‪ ،‬وتكسب ثقته ومودته‪.‬‬
‫والواقعية في هذا قد نبه عليها الشاعر بقوله‪:‬‬
‫وأبـق فلــم يســـتوف قـط كـريم‬ ‫فسـامح ول تسـتوف حـقك كلـه‬
‫كــل طـرفي قصــد المـور ذميـم‬ ‫ول تغل في شـيء من المر‬
‫واقتصد‬

‫)‪ :(7‬معرفة كل من الزوجين نفسية صاحبه ‪:‬‬


‫وهذه إحدى القضايا التي ل تجد من كثير من الزواج عناية مع أن‬
‫دوام العشرة ‪ ،‬وهناءة العيش ل تحصل على أتم وجوهها إل عندما‬
‫يدرك كل منهما نفسية صاحبه ومزاجه ‪ ،‬وما يحبه ويكرهه‪ ،‬وما‬
‫يرضيه ويسخطه‪ ،‬وما يقبله‪ ،‬ويرفضه‪ ،‬وهذه المور ل يتحتم‬
‫ذكي من الحال والمقال‪.‬‬ ‫طن ال ّ‬ ‫إدراكها بالسؤال‪ ،‬بل يعرفها ال َ‬
‫ف ِ‬
‫وخير ما يستشهد به على هذا لبيان أثره على حياة الزوجين قصة‬
‫شريح القاضي‪ ،‬لما تزوج بامرأة من بني تميم‪ ،‬فيقول‪ :‬لما دخلت‬ ‫ُ‬
‫عليها قمت أتوضأ‪ ،‬فتوضأت معي‪ ،‬وصليت فصلت معي‪ ،‬فلما‬
‫انتهيت من الصلة دعوت بأن تكون ناصية مباركة‪ ،‬وأن يعطيني‬
‫دت الله‪ ،‬وأثنت‪ ،‬ثم‬‫م َ‬
‫ح ِ‬
‫الله من خيرها‪ ،‬ويكفيني شّرها‪ ،‬قال‪ :‬ف َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 367‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قالت‪ :‬إنني امرأة غريبة عليك فماذا يعجبك فآتيه‪ ،‬وماذا تكره‬
‫فأجتنبه‪ ،‬قال‪ :‬فقلت‪ :‬إني أحب كذا‪ ،‬وأكره كذا‪ ،‬فقالت‪ :‬هل تحب‬
‫ض‪ ،‬وأخاف أن أمّلهم‪،‬‬ ‫أن يزورك أهلي‪ .‬فقلت‪ :‬إنني رجل قا ٍ‬
‫فقالت‪ :‬من تحب أن يزورك من جيرانك‪ ،‬فأخبرتها بذلك‪.‬‬
‫قال شريح‪ :‬فجلست مع هذه المرأة في أرغد عيش وأهنئه حتى‬
‫ت‪ :‬من‬ ‫حال الحول‪ ،‬إذ دخلت البيت فإذا بعجوز تأمر وتنهى‪ ،‬فسأل ُ‬
‫هذه؟ فقالت‪ :‬إنها أمي‪ .‬فسألته الم‪ :‬كيف أنت وزوجتك؟ فقال‬
‫لها‪ :‬خير زوجة‪ ،‬فقالت‪ :‬ما حوت البيوت شّرا ً من المدللة‪ ،‬فإذا‬
‫رابك منها ريب فعليك بالسوط‪.‬‬
‫قال شريح‪ :‬فكانت تأتينا مرة كل سنة‪ ،‬تنصح ابنتها‪ ،‬وتوصيها‪،‬‬
‫ت مع زوجتي عشرين عامًا‪ ،‬لم أغضب منها إل مرة واحدة‪،‬‬ ‫ومكث ُ‬
‫ً)‪(43‬‬
‫وكنت لها ظالما ‪.‬‬
‫لذا فمعرفة كل من الزوجين لنفسية صاحبه قضية لها أثرها في‬
‫الحياة الزوجية‪ ،‬وتجاهل هذا المر له ما بعده‪.‬‬
‫)‪ :(8‬الولد ‪:‬‬
‫من المعلوم أن من أعظم مقاصد النكاح لب الولد‪ ،‬والنجاب‪ ،‬وهذا‬
‫المقصد يتعلق به حقوق ومستلزمات‪ ،‬لها أثر في السعادة‬
‫الزوجية‪ .‬نعرض في هذه العجالة لطرف منها‪ ،‬ونبين الموقف‬
‫المثل ُتجاهها‪ .‬والله المستعان‪.‬‬
‫)‪ (1‬النجاب‪:‬‬
‫بعض الزواج يطلب من زوجته التريث في الحمل باستعمال مانع‬
‫له بعد الزواج مباشرة بحجة طلب المتعة‪ ،‬وهذا فيه ضرر بالغ على‬
‫الزوجة‪ ،‬إذ من الثابت طبي ّا ً أن استعمال الحبوب المانعة للحمل من‬
‫قبل امرأة لم يسبق لها النجاب قد يؤدي إلى عقم تحرم معه‬
‫المرأة من الولد طيلة عمرها‪.‬‬
‫ومن الزوجات من تفضل النتظار سنة أو أكثر بدعوى التأكد من‬
‫توافقها مع زوجها‪ ،‬وهذا تشاؤم بحدوث المكروه‪:‬‬
‫احذر لســـــانك أن تقــــول فتبتلىإن البـــــــلء موكل بالمنطق‬
‫وقسم من الزوجات ترفض الحمل؛ لنه يعيقها عن مواصلة‬
‫ة الزوج من رتابة حياته الزوجية معها‪،‬‬ ‫دراستها‪ ،‬مما يسّبب سآم َ‬
‫وة لديهما‪.‬‬ ‫لخلوها من مولود يجدد سعادتهما‪ ،‬ويمل عاطفة الب ّ‬
‫وبعضهن تستمرئ هذا الرفض حتى بعد الدراسة بحجة العمل‪،‬‬
‫وهي حجة عليلة خالية المضمون‪ ،‬قد تحدث الفرقة بين الزوجين‬
‫كما حدثني بذلك أحدهم عن زوجته التي امتنعت عن الحمل بحجة‬
‫الدراسة‪ ،‬وبعد إتمام الدراسة رفضت النجاب بحجة العمل‪ ،‬ويرى‬
‫ل للمشكلة إل بالطلق‪ ،‬مع أن المسلم مطالب بكثرة‬ ‫الن أنه ل ح ّ‬
‫‪ - 43‬القصة مذكورة بطولها في العقد الفريد ‪.6/92‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 368‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫النجاب – مع عدم الضرر – لن الرسول صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫مكاثر بأمته المم يوم القيامة كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫) حديث معقل بن يسار الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫النسائي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم ‪.‬‬
‫)ب( تربية الولد‪:‬‬
‫من وّلي‬ ‫‪‬من أعظم آثار الزواج‪ :‬إنجاب الولد‪ ،‬وهم أمانة عند َ‬
‫أمرهم من الوالدين أو غيرهما‪ ،‬فواجب شرعا ً أداء هذه المانة‬
‫بتربية الولد على هدي السلم‪ ،‬وتعليمهم ما يهمهم في أمور‬
‫دينهم ودنياهم‪ ،‬وأول واجب غرس عقيدة اليمان بالله وملئكته‬
‫وكتبه ورسله واليوم الخر والقدر خيره وشره‪ ،‬وتعميق التوحيد‬
‫الخالص في نفوسهم‪ ،‬حتى يخالط بشاشة قلوبهم‪ ،‬وإشاعة أركان‬
‫السلم في نفوسهم‪ ،‬والوصية بالصلة‪ ،‬وتعاهدهم بصقل‬
‫مواهبهم‪ ،‬وتنمية غرائزهم بفضائل الخلق‪ ،‬ومحاسن الداب‪،‬‬
‫وحفظهم عن قرناء السوء وأخلط الردى‪.‬‬
‫‪‬وهذه المعالم التربوية معلومة من الدين بالضرورة‪ ،‬ولهميتها‬
‫أفردها العلماء بالتصنيف‪ ،‬وتتابعوا على ذكر أحكام المواليد في‬
‫مثاني التآليف الفقهية وغيرها‪.‬‬
‫سنن النبياء‪ ،‬وأخلق الصفياء ‪.‬‬ ‫وهذه التربية من ُ‬
‫‪‬وانظر إلى هذه الموعظة الجامعة‪ ،‬والوصية النافعة‪ ،‬من لقمان‬
‫ي ل تشرك بالله إن‬ ‫لبنه‪ :‬وإذ قال لقمان لبنه وهو يعظه يا ُبن ّ‬
‫ً‬
‫الشرك لظلم عظيم‪ .‬ووصينا النسان بوالديه حملته أمه وهنا على‬
‫ي المصير‪ .‬وإن‬ ‫ن وفصاله في عامين أن اشك ُْر لي وِلوالديك إل ّ‬ ‫وه ٍ‬
‫م فل تطعهما‬ ‫ه عل ٌ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫رك بي ما ليس ل َ َ‬ ‫ش ِ‬‫جاهداك على أن ت ُ ْ‬
‫ي‬
‫ي ثم إل ّ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫من أنا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ع سبي َ‬ ‫دنيا معروفا ً وات ّب ِ ْ‬ ‫ما في ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫صاحب ْ ُ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫ة‬
‫ل حب ّ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ي إنها ِإن تك مثقا َ‬ ‫ملون ‪ .‬يا ُبن ّ‬ ‫ُ‬
‫عكم فأنبئكم بما كنُتم َتع َ‬ ‫مرج ُ‬ ‫َ‬
‫ت بها‬ ‫ض يأ ِ‬ ‫في السماء أو في الر ِ‬ ‫ة أو‬ ‫ل فتكن في صخر ٍ‬ ‫ُ‬ ‫من خرد ٍ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ف وان َ‬ ‫معرو ِ‬ ‫مْر ِبالـ َ‬ ‫صلة وأ ُ‬ ‫قم ِ ال ّ‬ ‫يأ ِ‬ ‫ف خبيٌر ‪َ .‬يا ُبن ّ‬ ‫ن الله لطي ٌ‬ ‫الله إ ّ‬
‫عْزم المور ‪ .‬ول‬ ‫من َ‬ ‫ن ذلك ِ‬ ‫كإ ّ‬ ‫عن المنكر واصِبر على ما أصاب َ َ‬
‫بك ّ‬
‫ل‬ ‫ه ل يح ّ‬ ‫ن الل َ‬ ‫ض مرحا ً إ ّ‬ ‫ش في الر ِ‬ ‫س ول تم ِ‬ ‫دك للّنا ِ‬ ‫عر خ ّ‬ ‫ص ّ‬‫تُ َ‬
‫َ‬
‫ن أنكَر‬ ‫صوت َ‬ ‫ك وا ْ‬ ‫صدْ في مشي َ‬
‫كإ ّ‬ ‫غضض من َ‬ ‫ل فخور‪ .‬واق ِ‬ ‫مختا ٍ‬ ‫ُ‬
‫ر ‪] ‬لقمان‪. [19 – 13 :‬‬ ‫ت الحمي ِ‬ ‫ت لصو ُ‬ ‫الصوا ِ‬
‫‪‬قد انتظمت هذه الموعظة من الوالد لولده أصول التربية‪،‬‬
‫وتكوين الولد‪ ،‬وهي ظاهرة لمن تأملها ‪.‬‬
‫وقال الله عز شأنه‪ :‬يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم‬
‫نارا ً ‪] ..‬التحريم‪. [6 :‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 369‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫فالولد من أبيه‪ ،‬فيشمله لفظ ‪ :‬أنفسكم ‪ ،‬والولد من الهل‬
‫فيشمله‪ :‬وأهليكم ‪ ، ‬وعن علي بن أبي طالب ‪ ‬في تفسير‬
‫هذه الية‪ ،‬أنه قال‪:‬‬
‫))علموهم وأدبوهم(( رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ]العيال‪/1 :‬‬
‫‪. [495‬‬
‫)حديث بن عمر رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين ( أن النبي‬
‫‪ r‬قال ‪) :‬كلكم راع ومسئول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع وهو مسئول‬
‫عن رعيته‪ ،‬والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة‬
‫في بيت زوجها راعية‪ ،‬وهي مسئولة عن رعيتها‪ ،‬والخادم في مال‬
‫سيده راع وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع وكلكم مسئول عن‬
‫رعيته(‪.‬‬
‫‪‬والله سائل ً كل راع عن رعيته حفظ أم ضيع ‪ ،‬والوالدان يؤثران‬
‫بل شك في تربية الولد سلبا ً أو إيجابا ً ‪.‬‬
‫) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن الله‬
‫تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى‬
‫يسأل الرجل عن أهل بيته ‪.‬‬
‫ي من هذه النصوص‪ ،‬وجوب تربية الولد على السلم‪ ،‬وأنها‬ ‫‪‬وجل ّ‬
‫أمانة في أعناق أوليائهم‪ ،‬وأنها من حق الولد على أوليائهم من‬
‫الباء والوصياء وغيرهم‪،‬‬
‫‪‬والذرية الصالحة من دعاء المؤمنين ‪:‬‬
‫كما في قول الله تعالى‪ :‬والذين يقولون ربنا ه ْ‬
‫ب لَنا من‬
‫ماما ً ‪] ‬الفرقان‪:‬‬‫ن إِ َ‬
‫جعلَنا للمّتقي َ‬ ‫ن وا ْ‬ ‫جَنا وذُّرياتنا قرةَ أعي ٍ‬‫أْزوا ِ‬
‫‪.[74‬‬
‫]*[ قال الحسن البصري رحمه الله تعالى‪:‬‬
‫) الرجل يرى زوجته وولده مطيعين لله عز وجل‪ ،‬وأي شيء أقر‬
‫لعينه من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله عز وجل ذكره ( ‪.‬‬
‫رواه ابن أبي الدنيا في كتاب ]العيال‪. [617 /2 :‬‬
‫‪‬وأنها كذلك من صالح العمال التي يتقرب بها الولدان إلى‬
‫ربهم‪ ،‬ويستمر ثوابها كاستمرار الصدقة الجارية‪،‬‬
‫كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم (أن‬
‫النبي ‪ r‬قال‪ :‬إذا مات النسان انقطع عمله إل من ثلث ‪ :‬إل من‬
‫ح يدعو له ‪.‬‬ ‫ة جارية أو علم ٍ ينتفع به أو ولدٌ صال ٌ‬ ‫صدق ٍ‬
‫ص لله تعالى‪ ،‬يحمل وزر‬ ‫‪‬وأن المفرط في هذه المانة آثم عا ٍ‬
‫معصيته أمام ربه‪ ،‬ثم أمام عباده‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 370‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫) حديث أنس الثابت في صحيح الجامع ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬إن الله‬
‫تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى‬
‫يسأل الرجل عن أهل بيته ‪.‬‬
‫]*[ قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله تعالى‪ :‬كان يقال‪:‬‬
‫إذا بلغ الغلم فلم يزوجه أبوه فأصاب فاحشة أثم الب ‪ .‬رواه ابن‬
‫أبي الدنيا في ]كتاب العيال‪. [1/172 :‬‬
‫]*[ وقال مقاتل بن محمد العتكي‪ :‬حضرت مع أبي وأخي عند أبي‬
‫إسحاق‬
‫‪-‬إبراهيم الحربي‪ ، -‬فقال إبراهيم الحربي لبي‪ :‬هؤلء أولدك؟‬
‫قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬احذر ل يرونك حيث نهاك الله فتسقط من أعينهم‬
‫‪ .‬كما في ]صفة الصفوة[ لبن الجوزي‪.‬‬
‫ف أن الناس يختلفون في طرائق التربية والتوجيه‪،‬‬ ‫‪ ‬وغير خا ٍ‬
‫وهكذا الحال مع الزوجين‪ ،‬فإنهما قد ل يتفقان على منهج واحد‬
‫في التربية‪ ،‬بسبب اختلف طبيعة الرجل عن المرأة‪ .‬إل أنه من‬
‫ن الولد وطبيعته‬ ‫المتفق عليه أن ثمة مجالت تختلف باختلف س ّ‬
‫يكون رائد التربية فيها الب‪ ،‬ومجالت أخرى يكون رائد التربية‬
‫فيها الم‪ ،‬فعلى كل من الزوجين احترام وتقدير مجال صاحبه‪،‬‬
‫سّنة الله‬ ‫قوامة للرجل ‪ُ ،‬‬ ‫وعدم التعدي عليه فيه‪ ،‬مع التسليم بأن ال ِ‬
‫التي قد حكم بين العباد‪ ،‬وهذا ل يعني – أل ْب َّتة – أن يلجأ أحدهما‬
‫إلى تخطئة الخر أمام الولد‪ ،‬وتجريحه والنيل من كرامته‪ ،‬أو‬
‫يختلف البوان في السلوب المثل لحل واقعة بين الولد‬
‫بحضورهم‪ ،‬فإن ذلك يؤدي إلى جرح عميق في نفوسهم ‪ ،‬يبقى‬
‫أثره أبد الدهر‪ ،‬وأقل ما يحصل من ذلك عقوق الولد لحدهما‪،‬‬
‫واستهانتهم بالمهزوم منهما‪ ،‬ولعلكم ُتدركون هذا جيدا ً حينما‬
‫تسمعون أن امرأة لها أربعة أبناء‪ ،‬كل منهم يملك سيارة خاصة‪ ،‬إل‬
‫أنها مع ذلك تستعمل النقل الجماعي وأحيانا ً تستقدم سائقا ً‬
‫صًا؛ لرفض أولدها خدمتها‪ .‬ومن أسباب ذلك تصرف زوجها الذي‬ ‫خا ّ‬
‫كان يقوم بإهانتها أمام أولدها‪ ،‬حتى فقدت كل مقومات التأثير‬
‫عليهم‪ ،‬فبدر منهم هذا العقوق لها‪.‬‬
‫وإذا كان للزوج ملحوظة على زوجته بشأن تربية الولد‪ ،‬فل يبدي‬
‫هذه الملحظة أمام الولد‪ ،‬ولكن إذا انفرد بها قال لها ما شاء‪،‬‬
‫ولى‪.‬‬ ‫َ‬
‫ومثل ذلك الزوجة من باب أ ْ‬
‫‪‬وهناك أمور يجب مراعتها عند تربية الولد ‪:‬‬
‫)‪ (1‬الحرص على تعويدهم على الطاعة وتحبيبهم فيها ‪ ،‬وتبغيضهم‬
‫للمعصية وتنفيرهم منها لسيما في الصغر ومن ذلك ما يلي ‪ :‬‬
‫أ ‪ -‬أمرهم بالصلة وتعويدهم عليها ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 371‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وهذا هو شأن المرسلين والصالحين قال جل وعل عن إسماعيل‬
‫ه‬
‫عندَ َرب ّ ِ‬
‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫ة َ‬ ‫والّز َ‬
‫كـا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صـل َ ِ‬‫ه ِبال ّ‬ ‫مُر أ َ ْ‬
‫هل َ ُ‬
‫ْ‬
‫ن ي َأ ُ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫عليه السلم ) َ‬
‫ضي ًّا( ] مريم ‪[55 /‬‬ ‫مْر ِ‬
‫َ‬
‫صل َ َ‬
‫ة(‬ ‫َ‬
‫قم ِ ال ّ‬ ‫يأ ِ‬ ‫وقال عن لقمان في وصيته لبنه ‪) :‬ي َب ُن َ ّ‬
‫] لقمان ‪[17 /‬‬
‫ها(‬‫عل َي ْ َ‬
‫صطَب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صل َ ِ‬ ‫ك ِبال ّ‬ ‫هل َ َ‬‫مْر أ َ ْ‬ ‫وقال جل شأنه ‪ :‬قال تعالى‪ْ ) :‬‬
‫وأ ُ‬
‫َ‬
‫] طه ‪.[132 /‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو الثابت في صحيحي أبي داوود و‬
‫الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع‬
‫سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في‬
‫المضاجع ‪.‬‬
‫ب ‪ -‬ومن ذلك تعويد البنات على اللباس والتستر والتحشم ‪.‬‬
‫]*[ قال شيخ السلم في الختيارات ‪ » :‬يجب على وليهن أن‬
‫يؤدبهن بآداب السلم ‪ ،‬فيأمرهن بأن ل يخرجن إل ساترات‬
‫لعوراتهن خشية الفتنة وتعويدا ً لهن على الخلق الفاضلة حتى ل‬
‫يكن سببا ً في انتشار الفساد ‪ ،‬ويأمرهن بالصلة في خمار ‪ ،‬ولو‬
‫صلت بدونه صحت صلتها‬
‫)حــديث عائشــة الثــابت فــي صــحيحي أبــي داوود والترمــذي ( أن‬
‫ض إل بخمار ‪.‬‬ ‫النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل يقبل الله صلة حائ ٍ‬
‫)‪ (2‬أن يكون الوالدان قدوة حسنة لولدهم ‪،‬فإن الطفل ينشأ‬
‫على ما عوده عليه أبواه ‪.‬‬
‫ودهُ أبـوه‬ ‫ُ‬
‫على ما كان ع ّ‬ ‫ن منّـا‬ ‫ئ الفتيـا ِ‬ ‫ويـنـشأ نـاش ُ‬
‫ودهُ التـدين أقربـوه‬ ‫يعـ ِ‬ ‫ى و لكن‬ ‫ومادان الفتى بحج ً‬
‫) حديث عبد الله بن عامر رضي الله عنه الثابت في صحيح أبي‬
‫داوود ( أنه قال ‪ :‬دعتني أمي يوما ورسول الله ‪ r‬قاعد في بيتنا‬
‫فقالت ‪ :‬ها تعال أعطيك فقال لها رسول الله ‪ » : r‬وما أردت أن‬
‫تعطيه ؟ « قالت ‪ :‬أعطيه تمرا ً ‪ .‬فقال لها رسول الله ‪ » :‬أما إنك‬
‫لو لم تعطيه شيئا كتبت عليك كذبة « ‪.‬‬
‫]*[ قال إبراهيم بن المام وكيع بن الجراح ‪ :‬في سير أعلم النبلء‬
‫)‪(9/149‬‬
‫كان أبي يصلي ‪ ,‬فل يبقى في دارنا أحد إل صلى ‪ ,‬حتى جارية لنا‬
‫سوداء ‪.‬‬
‫]*[ وقال عبدالوارث بن سعيد ‪:‬‬
‫علَية بابنها إسماعيل ‪ ,‬فقال ‪ :‬هذا ابني يكون معك ‪ ,‬ويأخذ‬ ‫أتتني ُ‬
‫بأخلقك ‪ ..‬كما في سير أعلم النبلء )‪ (9/115‬فكان ابنها‬
‫علَية من كبار أهل‬ ‫إسماعيل بن إبراهيم المعروف بإسماعيل بن ُ‬
‫العلم بالحديث في زمانه ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 372‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال الفضل بن عياض ‪ :‬في حلية الولياء )‪: (8/299‬‬
‫اللهم إني اجتهدت أن أؤدب عليا ً )ابنه( فلم أقدر على تأديبه ‪,‬‬
‫فأدبه أنت لي ‪.‬‬
‫فكان ابنه عليا ً من العّباد الزهاد في زمانه رحم الله الجميع ‪.‬‬
‫]*[ قال إبراهيم النخعي ‪:‬‬
‫» كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار « البخاري )‬
‫‪.(3451‬‬
‫]*[ قال ابن القيم في تحفة المودود )‪: (146‬‬
‫» ومما يحتاج إليه الطفل غاية الحتياج العتناء بأمر خلقه ‪ ،‬فإنه‬
‫ينشأ على ما عوده المربي في صغيره ‪ :‬من حرد وغضب ‪ ،‬ولجاج ‪،‬‬
‫وعجلة ‪ ،‬وخفة مع هواه ‪ ،‬وطيش ‪ ،‬وحدة ‪ ،‬وجشع ‪ ،‬فيصعب عليه‬
‫في كبره تلفي ذلك ‪ ،‬وتصير هذه الخلق صفات وهيئات راسخة‬
‫له ‪ ،‬فلو تحرز منها غاية التحرز ‪ ،‬فضحته ول بد يوما ً ما ‪ ،‬ولهذا تجد‬
‫أكثر الناس منحرفة أخلقهم ‪ ،‬وذلك من قبل التربية التي نشأ‬
‫عليها ‪ ،‬وكذلك يجب أن يجتنب الصبي إذا عقل ‪ :‬مجالس اللهو ‪،‬‬
‫والباطل ‪ ،‬والغناء ‪ ،‬وسماع الفحش ‪ ،‬والبدع ‪ ،‬ومنطق السوء ‪،‬‬
‫فإنه إذا علق بسمعه ‪ ،‬عسر عليه مفارقته في الكبر ‪ ،‬وعز على‬
‫وليه استنقاذه منه ‪ ،‬فتغيير العوائد من أصعب المور ‪ ،‬يحتاج‬
‫صاحبه إلى استجداد طبيعة ثانية ‪ ،‬والخروج عن حكم الطبيعة عسر‬
‫جدا ً « ‪.‬‬
‫]*[ قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله في حراسة الفضيلة )‪127‬‬
‫( ‪ » :‬قال الله عز شأنه ‪ ﴿ :‬يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم‬
‫نارًا‪ ﴾...‬فالولد من أبيه ‪ ،‬فيشمله لفظ ‪ ﴿ :‬أنفسكم ﴾ والولد من‬
‫الهل ‪ ،‬فيشمله ‪ ﴿ :‬وأهليكم ﴾ ‪.‬‬
‫وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في تفسير هذه الية ‪ ،‬أنه‬
‫قال ‪ » :‬علموهم وأدبوهم « رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال )‬
‫‪.(1/495‬‬
‫والذرية الصالحة من دعاء المؤمنين كما في قول الله تعالى ‪:‬‬
‫﴿ والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين‬
‫واجعلنا للمتقين إماما ً ﴾ ‪.‬‬
‫]*[ قال الحسن البصري رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫» الرجل يرى زوجته وولده مطيعين لله عز وجل وأي شيء أقر‬
‫لعينه من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله عز وجل « رواه ابن‬
‫أبي الدنيا في ) كتاب العيال ‪ (6172 :‬وفي الحديث المتفق على‬
‫صحته عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ‪ :‬سمعت رسول الله ﷺ‬
‫يقول ‪ » :‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ‪ ،‬فالرجل راع في‬
‫أهل بيته وهو مسؤول عنهم « ‪ .‬وجلي من هذه النصوص ‪ ،‬وجوب‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 373‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫تربية الولد على السلم وأنها أمانه في أعناق أوليائهم ‪ ،‬وأنها‬
‫من حق الولد على أوليائهم من الباء والوصياء وغيرهم وأنها‬
‫من صالح العمال التي يتقرب بها الوالدان إلى ربهم ويستمر‬
‫ثوابها كاستمرار الصدقة الجارية ‪ ،‬وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال ‪:‬‬
‫» إذا مات ابن آدم انقطع عمله إل من ثلث ‪ :‬علم ينتفع به ‪ ،‬أو‬
‫ولد صالح يدعو له ‪ ،‬أو صدقة جارية « وأن المفرط في هذه المانة‬
‫آثم عاص لله تعالى يحمل وزر معصيته أمام ربه ‪ ،‬ثم أمام عبادة‪.‬‬
‫وعن حميد الضبعي قال ‪ » :‬كنا نسمع أن أقواما ً سحبوهم‬
‫عيالتهم على المهالك « رواه ابن أبي الدنيا في )كتاب العيال )‬
‫‪. « (2/622‬‬
‫والله سبحانه يقول ‪ ﴿ :‬يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم‬
‫وأولدكم عدوا ً لكم فاحذروهم ‪ ﴾ ...‬ومن عدواتهم للوالدين ‪:‬‬
‫التفريط في تربيتهم ‪ ،‬لما يؤول إليه من التأثيم ‪.‬‬
‫]*[ قال قتادة بن دعامة السدوسي رحمه الله تعالى ‪:‬‬
‫» كان يقال ‪ :‬إذا بلغ الغلم فلم يزوجه أبوه فأصاب فاحشة ‪ ،‬أثم‬
‫الب « رواه ابن أبي الدنيا في كتاب العيال )‪ « (1/172‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ل من الزوجين وأقاربهما ‪:‬‬ ‫يك ّ‬‫)‪ :(9‬ب ِّر والد ْ‬
‫ل من الزوجين وأقاربهما‪ ،‬وكذا جيرانهما‪ .‬فعلى كل‬ ‫يك ّ‬ ‫ب ِّر والد ْ‬
‫من الزوجين أن يراعي حق صاحبه في والديه وأقاربه‪ ،‬وأل يذكر‬
‫أحدا ً منهم بسوء‪ ،‬فإن ذلك يوغر الصدور‪ ،‬ويجلب النفرة بين‬
‫الزوجين‪ ،‬وكم من زوج تحدث أمام حليلته بمثالب أبيها وسقطاته‬
‫من هو في جللة قدره عندها – فأحدث ذلك ألما ً في قلبها‬ ‫– وهو َ‬
‫أطفأ شمعة السعادة المضيئة في حياتها مع زوجها‪ ،‬وأشد من ذلك‬
‫الحديث عن أمها‪.‬‬
‫وإذا كان هذا في حق الزوج وله القوامة‪ ،‬فما بالك بحديث الزوجة‬
‫عن والدي زوجها بسوء‪.‬‬
‫ولسنا نلزم أحدا ً منهما بمحبة أقارب الخر‪ ،‬فالقلوب بيد الرحمن‪،‬‬
‫يصرفها كيف يشاء‪ ،‬ولكنا ُنحّتم عليه أن يحفظ لصاحبه مشاعره‪،‬‬
‫وكرامته وعرضه‪.‬‬
‫وأقارب كل من الزوجين يجب احترامهم وتقديرهم وعدم الساءة‬
‫إليهم‪ .‬أما عن علقة الزوجين بالجيران‪ ،‬فتختلف باختلف الجيران‪،‬‬
‫فينبغي عليهما تحديد إطار مسبق لعلقتهما بهم‪.‬‬
‫)‪ (10‬الوفاء بشروط العقد‪:‬‬
‫مَزني الثابت في صحيحي الترمذي وابن‬ ‫ف ال ُ‬ ‫)حديث عمرو ابن عو ٍ‬
‫ماجة ( أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬المسلمون على شروطهم إل شرطا ً‬
‫أحل حراما ً أو حرم حلل ً ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 374‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫]*[ قال الخطابي‪:‬‬
‫"قد تختلف الشروط في عقود النكاح‪ ،‬فمنها ما يجب الوفاء به‪،‬‬
‫ومنها ما ل يجب‪.‬‬
‫فأما الذي يجب الوفاء به فهو المهر والنفقة وحسن العشرة‪ ،‬وقد‬
‫ك‬‫سا ٌ‬
‫م َ‬ ‫شرط الله تعالى هذه المور لهن على الزواج بقوله‪َ } :‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫ن{ ]البقرة‪.[229:‬‬ ‫َ‬
‫س ٰـ ٍ‬
‫ح َ‬
‫ح ب ِإ ِ ْ‬‫ري ٌ‬
‫س ِ‬
‫و تَ ْ‬‫فأ ْ‬‫عُرو ٍ‬
‫م ْ‬
‫بِ َ‬
‫وأما الذي ل يلزم من الشروط فهو ما نهى النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم عن اشتراطه كقوله‪ :‬كسؤال المرأة طلق أختها لتكفأ ما‬
‫في إنائها(( ونحو ذلك من شروط الضرار ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪:‬نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد‪،‬‬
‫ول تناجشوا‪ ،‬ول يبيع الرجل على بيع أخيه‪ ،‬ول يخطب على خطبة‬
‫أخيه‪ ،‬ول تسأل المرأة طلق أختها لتكفأ ما في إنائها(‪.‬‬
‫]*[ وقال النووي‪:‬‬
‫"قال الشافعي وأكثر العلماء‪ :‬إن هذا محمول على شروط ل‬
‫تنافي مقتضى النكاح‪ ،‬بل تكون من مقتضياته ومقاصده‪ ،‬كاشتراط‬
‫العشرة بالمعروف والنفاق عليها وكسوتها وسكناها بالمعروف‪،‬‬
‫صر في شيء من حقوقها‪ ،‬وَيقسم لها كغيرها‪ ،‬وأنها ل‬ ‫وأنه ل يق ّ‬
‫تخرج من بيته إل بإذنه‪ ،‬ول تنشز عليه‪ ،‬ول تصوم تطوعا بغير إذنه‪،‬‬
‫ول تأذن في بيته إل بإذنه‪ ،‬ول تتصرف في متاعه إل برضاه ونحو‬
‫ذلك‪ .‬وأما شرط يخالف مقتضاه كشرط أن ل َيقسم لها‪ ،‬ول‬
‫يتسرى عليها‪ ،‬ول ينفق عليها‪ ،‬ول يسافر بها ونحو ذلك‪ ،‬فل يجب‬
‫ح النكاح بمهر المثل لقوله صلى‬ ‫الوفاء به‪ ،‬بل يلغو الشرط ويص ّ‬
‫الله عليه وسلم‪)) :‬كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل(( ‪.‬‬
‫)‪ (11‬حق الستمتاع‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه‬
‫فأبت‪ ،‬فبات غضبان عليها‪ ،‬لعنتها الملئكة حتى تصبح(‪.‬‬
‫)فأبت( ‪ :‬امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )‬
‫غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها‬
‫الملئكة حتى تصبح ( ‪ ،‬وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب‬
‫رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ‪،‬‬
‫وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ‪ ،‬ولذلك حث‬
‫المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 375‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫قال العراقي ‪ :‬وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً‬
‫عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى‬
‫فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى‬
‫يرضى عنها ‪.‬‬
‫) حديث أبي جحيفة رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري (‬
‫قال‪ :‬آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء‪،‬‬
‫فزار سلمان أبا الدرداء‪ ،‬فرأى أم الدرداء متبذلة‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما‬
‫شأنك؟‪ .‬قالت‪ :‬أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا‪ .‬فجاء أبو‬
‫الدرداء‪ ،‬فصنع له طعاما‪ ،‬فقال‪ :‬كل‪ ،‬قال‪ :‬فإني صائم‪ ،‬قال‪ :‬ما أنا‬
‫بآكل حتى تأكل‪ ،‬قال‪ :‬فأكل‪ ،‬فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء‬
‫يقوم‪ ،‬قال‪ :‬نم‪ ،‬فنام‪ ،‬ثم ذهب يقوم‪ ،‬فقال‪ :‬نم‪ ،‬فلما كان من آخر‬
‫الليل‪ ،‬قال سلمان‪ :‬قم الن‪ ،‬فصليا‪ ،‬فقال له سلمان‪ :‬إن لربك‬
‫عليك حقا‪ ،‬ولنفسك عليك حقا‪ ،‬ولهلك عليك حقا‪ ،‬فأعط كل ذي‬
‫حق حقه‪ ،‬فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له‪ ،‬فقال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪) :‬صدق سلمان(‪.‬‬
‫]*[ قال ابن حجر‪" :‬وفيه مشروعية تزّين المرأة لزوجها‪ ،‬وثبوت‬
‫ق المرأة على الزوج في حسن العشرة‪ ،‬وقد يؤخذ منه ثبوت‬ ‫ح ّ‬
‫حقها في الوطء لقوله‪) :‬ولهلك عليك حقا(‪ ،‬ثم قال‪) :‬وائت‬
‫أهلك(‪ ،‬وقّرره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ‪.‬‬
‫]*[ وقال ابن حزم‪" :‬وفرض على الرجل أن يجامع امرأته التي هي‬
‫زوجته‪ ،‬وأدنى ذلك مرة في كل طهر إن قدر على ذلك‪ ،‬وإل فهو‬
‫عاص لله تعالى" ‪.‬‬
‫) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في‬
‫صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ألم أخبر أنك تصوم الدهر وتقرأ‬
‫القرآن كل ليلة فقلت بلى يا نبي الله ولم أرد بذلك إل الخير قال‬
‫فإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلثة أيام قلت يا نبي الله إني‬
‫أطيق أفضل من ذلك قال فإن لزوجك عليك حقا ولزورك عليك‬
‫حقا ولجسدك عليك حقا ‪.‬‬
‫‪‬شكت امرأة إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من زوجها‬
‫فأحال القضاء إلى كعب السدي ‪ ،‬فلما جيء بالرجل قال‬
‫القاضي ‪ :‬إن امرأتك تشكوك ‪.‬‬
‫قال ‪ :‬أفي طعام أو شراب ؟ !‬
‫قال ‪ :‬ل ‪.‬‬
‫فقالت المرأة‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 376‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫َ‬
‫ده‬‫فراشي مسج ُ‬ ‫هى خليلي عن ِ‬ ‫أل ْ َ‬
‫ده ‪،‬‬ ‫ش ُ‬‫ده ‪ ،‬يا أيها القاضي الحكيم أْر ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬‫ءأ ْ‬ ‫ر النسا ِ‬ ‫ت في أم ِ‬ ‫ولس ُ‬
‫ده‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ده في مضجعي ت َ َ‬ ‫ه َ‬‫َز َ‬
‫فقال زوجها ‪:‬‬
‫إني امرؤ أذهلني ما قد نزل‬
‫جل‬ ‫ح َ‬‫شها وفي ال ُ‬ ‫فرا ِ‬‫ت في ِ‬ ‫جَلل ‪َ ،‬زهد ُ‬ ‫ف َ‬ ‫وفي كتاب الله تخوي ٌ‬
‫في سورة النحل وفي السبع الطول‬
‫فقال كعب ‪:‬‬
‫قل ‪ ،‬إن لها عليك حقا َ يا رجل‬ ‫ع َ‬ ‫ع لمن َ‬ ‫تصيبها في أرب ٍ‬
‫علل ‪.‬‬ ‫ع عنك ال ِ‬ ‫ودَ ْ‬ ‫فأعطها ذاك َ‬
‫‪‬تنبيه‪ :‬ومن حق الستمتاع التجمل لبعضهما ‪ :‬فينبغي أن‬
‫ل من الزوجين أن يبدو جميل ً في نظر صاحبه‪ ،‬لئل‬ ‫يحرص ك ٌ‬
‫يتنافرا‪ ،‬وليزداد قربا وتألفا‪ ،‬وأعظم طيب الماء وأعظم تجمل‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫ده َ‬ ‫النظافة‪ ،‬ولقد وصف النبي ‪ ‬أنه كان يرجل شعره‪ ،‬ويكثر َ‬
‫ح شعره‪ ،‬وأنه كان كثير الكتحال‪ ،‬وكثير الستياك‬ ‫رأسه وتسري َ‬
‫وكثير التطيب‪ ،‬لذلك لم يشم من في رسول الله ول من جسمه‬
‫رائحة تكره‪ ،‬وإذا كان التقصير غالبا ً ما يكون من الرجال‪ ،‬فإن ابن‬
‫عباس ‪ ‬قد حث الرجال على مقابلة التجمل بالتجمل‪ ،‬وحكى عن‬
‫ل‪ :‬إني ألبس وأتجمل لها كما أحب أن تتجمل لي‪.‬‬ ‫نفسه قائ ً‬
‫]*[ قال ابن عباس‪ :‬إني أحب أن أتزين للمرأة ‪ ،‬كما أحب أن‬
‫تتزين لي؛ لن الله يقول ‪ } :‬ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف{ ‪.‬‬
‫ح نفسه‪‬‬ ‫ل يطر ُ‬ ‫‪‬وهنا سؤا ٌ‬
‫]*[ ‪ ‬ما حدود النظر إلى عورة الزوج والزوجة ؟‬
‫‪‬فصل الخطاب في هذه المسألة ‪:‬‬
‫أنه يجوز للمرأة أن تنظر إلى جميع بدن زوجها‪ ،‬ويجوز للزوج أن‬
‫ينظر إلى بدن زوجته‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ج ِ‬‫وا ِ‬ ‫عل َ َ‬
‫ى أْز َ‬ ‫ن * إ ِل ّ َ‬
‫ظو َ‬‫ف ُ‬‫حا ِ‬‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫ج ِ‬‫فُرو ِ‬ ‫م لِ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫ن( ] المؤمنون ‪[6 ،5/‬‬ ‫مي َ‬ ‫مُلو ِ‬ ‫غي ُْر َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مان ُ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫َ‬
‫) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي‬
‫داوود والترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬احفظ عورتك إل من زوجتك‬
‫أو ما ملكت يمينك قيل ‪ :‬إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال‬
‫‪ :‬إن استطعت أن ل يرينها أحد فل يرينها قيل ‪ :‬إذا كان أحدنا‬
‫خاليا ؟ قال ‪ :‬الله أحق أن يستحيا منه من الناس ‪.‬‬
‫والحديث فيه بيان جواز اغتسال الرجل مع أهله‪ ،‬وفيه جواز نظر‬
‫الزوج إلى عورة زوجته والزوجة كذلك ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 377‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت‪:‬‬
‫))كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد‪،‬‬
‫تختلف أيدينا فيه‪(.‬‬
‫]*[ قال الحافظ ابن حجر في ))فتح الباري (( )‪:(290 /1‬‬
‫" استدل به الداودي على جواز نظر الرجل إلى عورة امرأته‬
‫وعكسه‪ ،‬ويؤيده ما رواه ابن حبان من طريق‪ :‬سليمان بن موسى‪،‬‬
‫أنه سئل عن الرجل ينظر إلى فرج امرأته ‪ ،‬فقال‪ :‬سألت عطاء‪،‬‬
‫فقال‪ :‬سألت عائشة‪ ،‬فذكر هذا الحديث بمعناه‪ ،‬وهو نص في‬
‫المسألة "‪ .‬قلت‪ :‬ويدل عليه أيضا ً حديث معاوية بن حيدة التي ‪:‬‬
‫) حديث معاوية بن حيده رضي الله عنه الثابت في صحيحي أبي‬
‫داوود والترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬احفظ عورتك إل من زوجتك‬
‫أو ما ملكت يمينك قيل ‪ :‬إذا كان القوم بعضهم في بعض ؟ قال‬
‫‪ :‬إن استطعت أنل يرينها أحد فل يرينها قيل ‪ :‬إذا كان أحدنا‬
‫خاليا ؟ قال ‪ :‬الله أحق أن يستحيا منه من الناس ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪:‬وأما ما روى عنه صلى الله عليه وسلم في أنه قال‪):‬إذا‬
‫أتى أحدكم أهله‪ ،‬فليلقى على عجزه وعجزها شيئًا‪ ،‬ول يتجردا‬
‫تجرد العيرين(( ‪ .‬فمنكر‪ ،‬ول يصح في المنع حديث‪.‬‬
‫(‪ (12‬التوارث‪:‬‬
‫ف ما ت َر َ َ‬
‫ول َدٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن لّ ُ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫ن لّ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫ك أْز ٰو ُ‬ ‫َ‬ ‫ص ُ َ‬ ‫م نِ ْ‬ ‫ول َك ُ ْ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫ها‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صي َ‬ ‫ة ُيو ِ‬ ‫صي ّ ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما ت ََرك ْ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ٱلّرب ُ ُ‬ ‫فل َك ُ ُ‬ ‫ول َدٌ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫فِإن َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫فِإن َ‬ ‫ول َدٌ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل ّك ُ ْ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫م ِإن ل ّ ْ‬ ‫ما ت ََرك ْت ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫ع ِ‬ ‫ن ٱلّرب ُ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬‫ن َ‬ ‫ٍ‬ ‫و دَي ْ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ن{‬ ‫و دَي ْ ٍ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صو َ‬ ‫ة ُتو ُ‬ ‫صي ّ ٍ‬‫و ِ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫ما ت ََرك ُْتم ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ٱلث ّ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ول َدٌ َ‬ ‫َ‬
‫]النساء‪.[12:‬‬
‫]*[ قال الطبري‪" :‬يعني بذلك جل ثناؤه‪ :‬ولكم ـ أيها الناس ـ نصف‬
‫ما ترك أزواجكم بعد وفاتهن من مال وميراث‪ ،‬إن لم يكن لهن ولد‬
‫د{ أي‪:‬‬ ‫ول َ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫فِإن َ‬ ‫يوم يحدث لهن الموت ل ذكر ول أنثى‪َ } ،‬‬
‫فإن كان لزواجكم يوم يحدث لهن الموت ولد ذكر أو أنثى‪ ،‬فلكم‬
‫د‬
‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫الربع مما تركن من مال وميراث‪ ،‬ميراثا لكم عنهن‪ِ } ،‬‬
‫ن{ يقول‪ :‬ذلكم لكم ميراثا عنهن مما يبقى‬ ‫َ‬
‫و دَي ْ ٍ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صي َ‬ ‫ة ُيو ِ‬ ‫صي ّ ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫من تركاتهن وأموالهن من بعد قضاء ديونهن التي يمتن وهي‬
‫عليهن‪ ،‬ومن بعد إنفاذ وصاياهن الجائزة إن كن أوصين بها‪.‬‬
‫فِإن‬ ‫ول َدٌ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل ّك ُ ْ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫م ِإن ل ّ ْ‬ ‫ما ت ََرك ْت ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن ٱلّرب ُ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬‫وقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫و‬‫ها أ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫صو َ‬ ‫ة ُتو ُ‬ ‫صي ّ ٍ‬‫و ِ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ما ت ََرك ُْتم ّ‬ ‫م ّ‬
‫ن ِ‬ ‫م ُ‬‫ن ٱلث ّ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ول َدٌ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫م ِإن ل ّ ْ‬ ‫ما ت ََرك ْت ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن ٱلّرب ُ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬‫ن{ يعني جل ثناؤه بقوله‪َ } :‬‬ ‫دَي ْ ٍ‬
‫د{‪ :‬ولزواجكم ـ أيها الناس ـ ربع ما تركتم بعد وفاتكم من‬ ‫ول َ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ل ّك ُ ْ‬
‫مال وميراث‪ ،‬إن حدث بأحدكم حدث الوفاة ول ولد له ذكر ول‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 378‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫د{ يقول‪ :‬فإن حدث بأحدكم حدث الموت‬ ‫ول َ ٌ‬
‫م َ‬‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫فِإن َ‬
‫كا َ‬ ‫أنثى‪َ } ،‬‬
‫ن‬‫م ُ‬ ‫ن ٱلث ّ ُ‬ ‫فل َ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫وله ولد ذكر أو أنثى‪ ،‬واحدا كان الولد أو جماعة‪َ } ،‬‬
‫ما ت ََرك ُْتم{ يقول‪ :‬فلزواجكم حينئذ من أموالكم وتركتكم التي‬ ‫م ّ‬
‫ِ‬
‫تخلفونها بعد وفاتكم الثمن من بعد قضاء ديونكم التي حدث بكم‬
‫حدث الوفاة وهي عليكم‪ ،‬ومن بعد إنفاذ وصاياكم الجائزة التي‬
‫توصون بها" ‪.‬‬
‫)‪ (13‬الصبر على الزلت والهفوات من بعضهما ‪:‬‬
‫ل بد أن يقع من الزوج هفوات وأخطاء ‪ ،‬والزوجة كذلك‪ ،‬وكثير من‬
‫الرجال ل يعترف بهفوته وزلته‪ ،‬ويعظم زلة زوجته ولو صغرت‪،‬‬
‫والمقام ليس مقام تجريح أو تأنيب؛ وإنما هو سبيل المسامحة‬
‫والملينة ‪ ،‬ما دام أن المر ليس فيه تهاون في حق الله أو حق‬
‫الزوج ‪.‬‬
‫]*[ أبي الدرداء ‪" :‬إذا رأيتني غضبا فرضني " ‪" .‬وإذا رأيتك غضبى‬
‫رضيتك وإل لم نصطحب ‪.‬‬
‫الزوجية‪ ،‬وأنها ل تستقيم على حال‪ ،‬فيوم رضا ‪ ،‬ويوم غضب‪،‬‬
‫ويوم هناء‪ ،‬ويوم جفاء ‪ .‬وما دام المر كذلك‪ ،‬فل ينبغي إطالة‬
‫أوقات الغضب والجفاء‪ ،‬والعمل من قبل الزوجين على تقصيرها‬
‫ما وجدا لذلك سبيل ً ‪.‬‬
‫‪‬وسأذكر لك موقفين للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله‬
‫تعالى عنه يوضح هذا المعنى وضوحا ً جليا ً وهو أن الرجل غالبا ً ل‬
‫ة واحدة بل أحيانا ً يصبر على زوجته وأحيانا ً يحتد‬ ‫يكون على وتير ٍ‬
‫عليها وأنه يجب على الزوجين كليهما أن يصبر على بعضهما حال‬
‫الغضب فإنه أجدُر أن ُيؤدم بينهما ‪:‬‬
‫‪‬القصة الولى ‪:‬‬
‫قد روي أن رجل ً جاء إلى عمر رضي الله عنه يشكو خلق زوجته‬
‫فوقف على باب عمر ينتظر خروجه فسمع امرأة عمر تستطيل‬
‫عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت ل يرد عليها فانصرف الرجل‬
‫راجعا ً وقال ‪ :‬إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلبته وهو أمير‬
‫المؤمنين فكيف حالي ؟ فخرج عمر فرآه موليا ً عن بابه فناداه‬
‫وقال ما حاجتك يا رجل فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك‬
‫سوء خلق امرأتي واستطالتها علي فسمعت زوجتك كذلك فرجعت‬
‫وقلت‪ :‬إذا كان حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي فقال‪:‬‬
‫عمر يا أخي إني احتملتها لحقوق لها علي إنها طّباخة لطعامي‬
‫ضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب‬ ‫مْر ِ‬
‫سالة لثيابي ُ‬ ‫خّبازة لخبزي غ ّ‬
‫عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك‪ .‬فقال‬
‫الرجل‪ :‬يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر‪ :‬فاحتملها يا‬
‫أخي فإنما هي مدة يسيرة ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 379‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ت وهذا‪،‬‬ ‫‪‬قال عمر بن الخطاب لزوجته‪" :‬يا عدوة الله‪ ،‬وفيما أن ِ‬
‫ك‬
‫بب ِ‬ ‫ع ُ‬‫ت لعبة ُيل َ‬ ‫ت تدخلين بيني وبين المسلمين‪ .‬إنما أن ِ‬ ‫ومتى كن ِ‬
‫م ت ُت َْركين‪"..‬‬‫ث ّ‬
‫ورة لبن شّبة( قال عمر ذلك حين‬ ‫)من كتاب‪ ،‬تاريخ المدينة المن ّ‬
‫أتته امرأته تسأله فيما وجد على قريبها عّياض بن غنم الذي كان‬
‫وابًا‪.‬‬
‫له على الشام ثم بلغه أنه اتخذ لنفسه حماما ً ون ّ‬ ‫عمر قد و ّ‬
‫وفي "إحياء علوم الدين للغزالي" جاء أن عمرا ً قال لزوجته‪" :‬إنما‬
‫و إل‬ ‫ء له ٌ‬‫ة مع النسا ِ‬ ‫ع الملعب ِ‬
‫ة في زاوية البيت‪ .‬وجمي ُ‬ ‫ت لعب ٌ‬ ‫أن ِ‬
‫الحراثة التي هي سبب وجود الولد‪".‬‬

‫]*[]*[]*[]*[‬

‫]*[ ‪ ‬تاسعا ً ‪ :‬علج الخلفات الزوجية‬

‫ن الحياة الزوجية مبناها على اللفة والمودة والتفاهم‪ ،‬لكن‬ ‫]*[ إ ّ‬


‫قد يقطع ذلك أمور عارضة للطبيعة البشرية ‪ ،‬وسرعان ما تزول‬
‫وتتلشى إذا عولجت بحكمة ورزانة‪ ،‬وما من زوجين إل ويحدث‬
‫بينهما ذلك ‪ ،‬فل يوجد زواج بل مشاكل وخلفات بين الزوجين ‪،‬‬
‫مهما تقاربت الطباع ‪ ،‬فالخلفات الزوجية أمر طبيعي لن تنجو منه‬
‫أي علقة زوجية مهما عظم الحب والحترام ومقدار التدين ‪...‬‬
‫وحتى البيت النبوي والذي طرفاه نبي وزوجة نبي مبشرة بالجنة‬
‫لم يسلم منها ‪ ....‬ولكن بالصبر والتحمل وتلمس العذر ‪ ،‬وتوفر‬
‫الثقة ‪ ،‬وحسن الظن بالشريك ‪ ،‬يمكن أن تزول أغلب الخلفات‬
‫ويتم التواؤم بين الزوجين ‪.‬‬
‫فقد ذهب أبو بكر – رضي الله عنه – عنه إلى بيت ابنته عائشة ذات‬
‫مرة فسمعها من خلف الباب وهي ترفع صوتها على النبي صلى‬
‫م أن‬ ‫الله عليه وسلم غاضبة منه ‪ ،‬فغضب أبو بكر غضبا ً شديدا ً وه ّ‬
‫يضربها لول أنها هربت واحتمت بظهر زوجها وحبيبها صلى الله‬
‫عليه وسلم ليحميها ‪.‬‬
‫أيضا ً اتفقت زوجاته صلى الله عليه وسلم على أن يطالبنه‬
‫بتحسين أوضاع بيوتهن ‪ ،‬وزيادة النفقة عليهن ‪ ،‬فما كان منه عليه‬
‫َ‬
‫السلم إل أن هجرهن شهرا ً كامل ً حتى نزل قوله تعالى ‪َ ﴿ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫ق ْ َ‬
‫ها﴾ ]الحزاب‪:‬‬ ‫زين َت َ َ‬
‫و ِ‬
‫حَياةَ الدّن َْيا َ‬ ‫ردْ َ‬
‫ن تُ ِ‬‫ن ك ُن ْت ُ ّ‬ ‫ج َ‬
‫ك إِ ْ‬ ‫وا ِ‬
‫ل ِلْز َ‬ ‫ي ُ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫من الية ‪. [28‬فاخترن الله ورسوله على الدنيا وزينتها ‪.‬‬
‫]*[ فل شك أن الحياة الزوجية قوامها المودة والرحمة‪ ،‬والحب‬
‫والتفاهم‪ ،‬وحسن العشرة‪ ،‬والمشاركة‪ ،‬والتعاون‪ ،‬والشياطين‬
‫ت من حيل للفساد والتفريق بين الزواج‪ ،‬فهي‬ ‫تسعى بكل ما أوتي ْ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 380‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ل ترجو الصلح ول الستقرار للمسلمين‪.‬‬
‫وأعلى الشياطين منزلة عند إبليس‪ ،‬وأقربهم إليه‪ ،‬وأدناهم منه‬
‫منزلة؛ ذلك الذي يفرق بين زوجين‪.‬‬
‫) حديث جابر رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫إن إبليس يضع عرشه على الماء‪ ،‬ثم يبعث سراياه ‪ ،‬فأدناهم منه‬
‫ت كذا وكذا‪،‬‬‫منزلة‪ :‬أعظمهم فتنة يجيء أحدهم‪ ،‬فيقول‪ :‬فعل ُ‬
‫ت شيًئا‪ .‬ثم يجيء أحدهم فيقول‪ :‬ما تركته حتى‬ ‫فيقول‪ :‬ما صنع َ‬
‫ت‪ ،‬فيلتزمه ‪.‬‬ ‫م أن َ‬‫ع َ‬
‫ت بينه وبين امرأته‪ ،‬فيدنيه منه ويقول‪ :‬ن ِ ْ‬ ‫ق ُ‬‫فّر َ‬
‫َ‬
‫]*[ معنى سراياه ‪ :‬جنوده‬
‫دا‬
‫]*[ معنى أعظمهم فتنة‪ :‬أعظمهم إغواءً وإفسا ً‬
‫]*[ معنى فيلتزمه ‪ :‬أي يحتضنه‬
‫وقال تعالى‪ ) :‬واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما‬
‫كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما‬
‫أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى‬
‫يقول إنما نحن فتنة فل تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين‬
‫المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إل بإذن الله ويتعلمون ما‬
‫يضرهم ول ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الخرة من‬
‫خلق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ( ] البقرة‪:‬‬
‫‪[102‬‬
‫فعلى كل زوجين أن يعلما أن شياطين الجن والنس لهما‬
‫بالمرصاد‪ ،‬فهم يتربصون بكل زوجين ‪ ،‬ويضمرون لهما العداوة‬
‫عدون الخلفات البسيطة مما يجعلها ذات حجم أكبر‬ ‫والبغضاء‪ ،‬فيص ّ‬
‫من أصلها‪ ،‬وربما كانت سبًبا في إحداث الفرقة بينهما‪.‬‬
‫]*[ ويجب على الزوجين أن يسرعا في علج الخلفات في بدايتها‬
‫ق‬
‫خْر ُ‬‫مهده قبل أن يستفحل المر ويتسع ال َ‬ ‫وأن ُيعالج الخطأ في َ‬
‫ع دواء ‪ ،‬وليعلما أن‬ ‫قع وقبل أن يستعصي الداءُ فل ين ْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫على الرا ِ‬
‫التواني والقعود عن حلها يعني تأصيلها وتغلغلها في جسد الحياة‬
‫ت في الحياة الزوجية؛ هزلت‬ ‫الزوجية‪ .‬وإن الخلفات إذا استشر ْ‬
‫وضعفت ومرضت‪ ،‬وربما انتهت ‪-‬ل قدر الله‪ .-‬إنها كالسوس الذي‬
‫ينخر في الساق المتين‪ ،‬فيجعله هباءً منثوًرا‪ ،‬وما أجمل أن يضع‬
‫جا‪ ،‬يتفقان عليه في مواجهة المشكلت‬ ‫الزوجان أسلوًبا أو منه ً‬
‫الزوجية؛ وذلك من أول أيام الزواج‪.‬‬
‫]*[ ومن هنا يتضح أنه ليست المشكلة في وجود " مشكلة " وإنما‬
‫المشكلة ومكمن الخطورة في ‪:‬‬
‫كيف نتصرف بشكل إيجابي لحل هذه المشكلة ؟‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 381‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫كيف يمكننا أن نقلل وقتها ‪ ،‬وأن نخرج منها كذلك دون أن نترك‬
‫أثرا ً سيئا ً يتراكم على هدم حياتنا وعش سعادتنا حتى يدفئه ؟!!‬

‫]*[ ‪ ‬كيفية علج الخلفات الزوجية‬

‫‪‬قد تهب بعض عواصف الخلف على الحياة الزوجية ‪ ،‬فتعكر على‬
‫الزوجين سعادتها وراحتها وتقضى على أواصر المودة والمحبة‬
‫بينهما ‪ ،‬وتقلب حياتها من نعيم إلى جحيم ‪ .‬ولقد أرشدنا القرآن‬
‫الكريم إلى العلج الناجح ‪ ،‬والدواء الشافي لمثل هذه الحالت‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ف ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ء بِ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ق ّ‬‫ل َ‬ ‫جا ُ‬ ‫فقال تعالى ‪ " :‬الّر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما َأن َ‬
‫ت‬‫فظا ٌ‬ ‫حا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫قان َِتا ٌ‬ ‫ت َ‬ ‫حا ُ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫فال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫وب ِ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫ظو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شوَز ُ‬ ‫ن نُ ُ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫والل ِّتي ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ظ الل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ل ّل ْ َ‬
‫غوا َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أط َ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج ِ‬‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫في ال َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬
‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫عُثوا‬ ‫فاب ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ً‬
‫عِليا ك َِبيرا )‪َ (34‬‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫سِبيل ً إ ِ ّ‬
‫قاقَ ب َي ْن ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن الل َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫ه َ‬ ‫ه ب َي ْن َ ُ‬ ‫ّ‬
‫ق الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫وف ِ‬ ‫صلحا ي ُ َ‬ ‫دا إ ِ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ها ِإن ي ُ ِ‬ ‫هل ِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حكما ّ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حكما ّ‬ ‫َ‬
‫خِبيرا ً " )النساء ‪. (35 ، 34‬‬ ‫عِليما ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫قال ابن جرير الطبري ‪ :‬نزلت هذه الية في سعد بن الربيع‬
‫وامرأته حبيبة بنت زيد ‪ ،‬وذلك أنها نشزت عليه فلطمها ‪ ،‬فأنطلق‬
‫أبوها معها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‪ :‬أفرشته‬
‫كريمتي فلطمها ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬لتقتص‬
‫من زوجها " فانصرفت مع أبيها لتقتص منه ‪ ،‬فقال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ " :‬ارجعوا هذا جبريل أتاني ‪ ،‬وانزل الله ‪" :‬‬
‫الرجال قوامون على النساء " الية فقال صلى الله عليه وسلم "‬
‫أردنا أمرا وأراد الله أمرا ‪ ،‬والذي أراد الله خير " ورفع القصاص‬
‫) تفسير الطبري ‪)5/58:‬‬
‫‪ ‬وقد قسم القران الخلف بين الزوجين إلى درجات ووضع لكل‬
‫درجة علجا مناسبا لها‪.‬‬
‫الدرجة الولى ‪-:‬‬
‫الخلفات البسيطة بين الزوجين كاختلفهما في الطباع والذوق‬
‫والمزاج ‪ ،‬وهذه الخلفات الصغيرة المتكررة بين وقت وأخر ‪ ،‬ول‬
‫تخلو منها أسرة من البشر ‪ ،‬حتى بيت الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يسلم من مثل هذه المنغصات العابرة )حديث عمر رضي‬
‫الله عنه الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬كنا معشر قريش نغلب‬
‫النساء ‪ ،‬فلما قدمنا على النصار إذ قوم تغلبهم نساؤهم فطفق‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 382‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫نساؤنا يأخذون من أدب النصار ‪ ،‬فضجت على امرأتي فراجعتني‬
‫كر أن أراجعك ؟! فوالله إن‬ ‫م ت ُن ْ ِ‬‫ت أن تراجعني ! فقالت ول ِ َ‬ ‫فأنكر ُ‬
‫أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه ‪ ،‬وإن إحداهن لتهجره‬
‫اليوم حتى الليل فأفزعني ذلك ‪ ،‬فدخلت على حفصة فقلت لها ‪:‬‬
‫أى حفصة أتغاضبن إحداكن النبي صلى الله عليه وسلم حتى الليل‬
‫؟ قالت ‪ :‬نعم ‪ .‬فقلت ‪ :‬قد خبت وخسرت )‬
‫)حديث عائشة رضي الله عنها الثابت في الصحيحين ( قالت‪ :‬قــال‬
‫لي رسول الله صلى الله عليه وســلم‪) :‬إنــي لعلــم إذا كنــت عنــي‬
‫راضية‪ ،‬وإذا كنت علي غضبى( قالت‪ :‬فقلت‪ :‬من أين تعــرف ذلــك؟‬
‫فقال‪) :‬أما إذا كنت عني راضية‪ ،‬فإنك تقولين‪ :‬ل ورب محمــد‪ ،‬وإذا‬
‫كنت غضبى‪ ،‬قلت‪ :‬ل ورب إبراهيــم(‪ .‬قــالت‪ :‬قلــت‪ :‬أجــل واللــه يــا‬
‫رسول الله‪ ،‬ما أهجر إل اسمك ‪.‬‬
‫والعلج هنا يكون بين التسامح وغض الطرف ‪ ،‬وبين الموعظة‬
‫والمغاضبة والهجر اللطيف ‪ ،‬ودعوة كل طرف أن يراجع نفسه ‪،‬‬
‫‪‬والحديث فيه استقراء النبي صلى الله عليه وسلم لحال أهله ‪،‬‬
‫ومعرفته بهم في حال الرضا‪ ،‬وفي حال الغضب ‪.‬‬
‫الدرجة الثانية ‪- :‬‬
‫إن يكون الخلف حول أمر جوهري ل يمكن التغاضي عنه أو‬
‫التسامح فيه ‪ ،‬وقد نبهت الية إلى عدة حلول لها‪:‬‬
‫)‪ (1‬النصح والرشاد ‪ ،‬حيث يلفت الزوج نظر زوجته إلى خطئها ‪،‬‬
‫ويبين لها الصواب ‪ ،‬بالقول اللين ‪ ،‬والوعظ الحسن ‪.‬‬
‫)‪ (2‬الهجر في المضاجع أي يترك الجماع ‪ ،‬مع الصد والعراض ‪،‬‬
‫قال ابن عباس يوليها ظهره ول يجامعها ‪ ،‬وقد هجر رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا حتى شاع في المدينة انه‬
‫طلقهن ‪.‬‬
‫مب َّرح [ ‪ ،‬فان لم ترتدع الزوجة‬ ‫)‪ (3‬الضرب الخفيف ] غير ال ُ‬
‫بالموعظة ول بالهجران فله أن يؤدبها بالضرب غير المبرح ضربا‬
‫ن‬‫فإ ِ ْ‬ ‫ن َ‬‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫رقيقا رحيما يؤدب ول يحطم ‪ ،‬قال تعالى ‪َ " :‬‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫عِليا ك َِبيرا )‪" (34‬‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سِبيل ً إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫غوا َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫أط َ ْ‬
‫) النساء ‪( 34/‬‬
‫‪‬تنبيه ‪:‬وقد وضع السلم قيودا وضوابط لهذا العلج حتى ربط‬
‫وبين التيان بقبائح الفعال كالفاحشة كما في‬ ‫بين الضرب‬
‫الحديث التي ‪:‬‬
‫ص الثابت في صحيحي الترمذي وابن ماجة‬ ‫و ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫وب ِ‬ ‫مر ِ‬ ‫ع ْ‬‫)حديث َ‬
‫ن‬
‫عوا ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫خيرًا‪ ،‬فإن ّ َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا بالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫( أن النبي ‪ r‬قال ‪»:‬أل َ وا ْ‬
‫ست َ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫ة‬
‫ش ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ن ي َأِتي َ‬ ‫ك‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫غي َْر ذل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو َ‬‫مل ِ ُ‬‫س تَ ْ‬ ‫م ل َي ْ َ‬ ‫دك ْ‬ ‫عن ْ َ‬‫ِ‬
‫غي َْر‬ ‫ً‬
‫ضْربا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ة َ‬
‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬‫ن في الم َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫فاه ُ‬ ‫عل َ‬ ‫ف َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 383‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫غوا عل َيهن سبي ً َ‬
‫كم‬‫سائ ِ ُ‬‫عَلى ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫ل‪ .‬أل َ إ ّ‬ ‫ْ ِ ّ َ ِ‬ ‫فل َ ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ُ‬ ‫ن أط َ ْ‬ ‫فإ ْ‬ ‫ح‪َ .‬‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫حقا‪َ .‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ح ّ‬
‫طئ َ‬ ‫فل ُيو ِ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫حقك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ساِئك ْ‬ ‫قا‪ .‬وِلن َ‬ ‫َ‬
‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫حق ُ‬ ‫ن‪ .‬أل َ و َ‬ ‫هو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ن في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ن ول َ ي َأذَ ّ‬ ‫هو َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫فُرشك ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫هن«‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫ن وط َ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬
‫س َ‬‫في ك ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ن ُتح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫]*[ قال ابن حجر ‪ " :‬إن كان لبد فليكن التأديب بالضرب اليسير‬
‫بحيث ل يحصل منه النفور التام ‪ ،‬فان اكتفى بالتهديد ونحوه كان‬
‫أفضل ‪ ،‬ومهما كان الوصول إلى الغرض باليهام ل يعدل إلى‬
‫الفعل لما في وقوع ذلك من النفرة المضادة لحسن المعاشرة‬
‫المطلوبة في الزوجة إل إذا كان في أمر يتعلق بمعصية الله تعالى‬
‫" ) فتح الباري ‪( 9/204:‬‬
‫الدرجة الثالثة ‪-:‬‬
‫إذا اشتد الخلف وعجزت كل الطرق السابقة في العلج فعلى‬
‫الحاكم إن يختار حكمين عدلين واحدا من أقرباء الزوجة والثاني‬
‫من أقرباء الزوج ليبحثا في موضوع الخلف ويحاول الصلح بين‬
‫ما‬
‫ه َ‬ ‫قاقَ ب َي ْن ِ ِ‬ ‫ش َ‬‫م ِ‬ ‫فت ُ ْ‬‫خ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫الزوجين بالطرق الحكيمة قال تعالى " َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ق الل ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫و ّ‬ ‫ً‬
‫صلحا ي ُ َ‬ ‫دا إ ِ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ها ِإن ي ُ ِ‬ ‫هل ِ َ‬ ‫ن أَ ْ‬‫م ْ‬‫كما ً ّ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬‫كما ً ّ‬ ‫ح َ‬ ‫عُثوا َ‬ ‫فاب ْ َ‬ ‫َ‬
‫خِبيرا ً " ) النساء ‪( 35/‬‬ ‫عِليما ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ما إ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ب َي ْن َ ُ‬
‫]*[ قال القرطبي ‪ :‬إن يريدا إصلحا يوفق الله بينهما " أي إن يرد‬
‫الحكمان إصلحا يوفق الله بين الزوجين وقيل إن يرد الزوجين‬
‫إصلحا وصدقا فيما اخبرا به الحكمين يوفق الله بينهما ‪ ،‬والحكمان‬
‫ل يكونان إل من أهل الرجل والمراة إذ هما أبصر بأحوال الزوجين‬
‫ويكونان من أهل العدالة وحسن النظر والبصر والفقه ‪ ،‬فان لم‬
‫يوجد من أهلهما من يصلح لذلك فيرسل من غيرهما عدلين‬
‫عالمين " ) تفسير القرطبي ‪( 5/123‬‬
‫الدرجة الرابعة ‪-:‬‬
‫أن تتسع الفجوة بين الزوجين ويقع ما تستحيل معه العشرة‬
‫وترتفع اللفة والمودة فيلجأ إلى الطلق ‪ ،‬وأخر الداء الكي كالذي‬
‫جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن‬
‫لي امرأة ل ترد يد لمس فقال صلى الله عليه وسلم طلقها‬
‫) رواه النسائي ‪( 6/170‬‬
‫وكما في حديث ابن عباس التي ‪:‬‬
‫) حديث ابن عباس الثابت في صحيح البخاري ( أن امرأة ثابت بن‬
‫قيس أتت النبي فقالت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ثابت بن قيس‪ ،‬ما أعتب‬
‫عليه في خلق ول دين‪ ،‬ولكني أكره الكفر في السلم‪ ،‬فقال‬
‫رسول الله ‪) :‬أتردين عليه حديقته(‪ .‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال رسول الله ‪:‬‬
‫)اقبل الحديقة وطلقها تطليقة(‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 384‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫والله نسال ان يحفظ بيوتنا من الشقاق والخلف وان يديم بيننا‬
‫المودة والوفاق ‪.‬‬
‫‪‬تنبيه‪ : ‬ومما يساعد الزوجين على حل المشكلت والخلفات‬
‫الزوجية قبل أن يتسع الخرق على الراقع وقبل أن يستعصي الداء‬
‫فل ينفع دواء ويحصل ذلك بأن يكون لديهم القدرة على حل‬
‫المشكلت ويتم ذلك في نظري بمراعاة المور التية ‪:‬‬
‫مة‪:‬‬‫حك ْ َ‬
‫أ‪ -‬التروي وال ِ‬
‫عندما يمعن المرء النظر في الحياة الزوجية عند عامة الناس ل‬
‫خبو نارها إلى وأخرى على إثرها‬ ‫يكاد يجد بيتا ً يسلم من مشكلة ت ْ‬
‫يتأجج ُأواُرها‪ .‬وليس هذا غريبا ً على طبائع البشر‪ ،‬حتى بيت النبوة‬
‫لم يكن بمنأى عن تلك الخلفات لكنها حكمة الله تتجلى في‬
‫وجودها‪ ،‬ليظهر للناس كيف يقف المصطفى صلى الله عليه‬
‫فى‬ ‫وسلم منها‪ ،‬فتقتدي المة به‪ ،‬وتتأسى بهديه‪ ،‬ولو شاء الله لص ّ‬
‫للمصطفى حياته من الكدر‪ ،‬ومشكلت البشر‪.‬‬
‫) حديث أنس رضي الله عنه الثابت في صحيح البخاري ( قال كان‬
‫النبي ‪ r‬عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة‬
‫فيها طعام فضربت التي النبي ‪ r‬في بيتها يد الخادم فسقطت‬
‫الصحفة فانفلقت فجمع النبي ‪ r‬فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها‬
‫الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم‬
‫حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة‬
‫الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت‬
‫التي كسرت ‪.‬‬
‫فانظر – رحمك الله – إلى هذه الناة وتلك الحكمة من هادي‬
‫البشرية في معالجة الخلفات‪ ،‬واحتواء المشكلة قبل أن تكبر‬
‫وتتعاظم‪.‬‬
‫إن من أعظم ما يجب الستمساك به عند اندلع نار الفتنة في بيت‬
‫الزوجية هو أن يطفئ المرء نارها بماء الناة والحكمة وإل فإن‬
‫هِلك الحرث والنسل والله ل يحب الفساد‪.‬‬ ‫النار قد تزداد اشتعال ً فت ُ ْ‬
‫ولقد حدث لحد الزواج خلف مع زوجته‪ ،‬أثار غضبها‪ ،‬وطلبت منه‬
‫الطلق بقوة وإلحاح‪ ،‬فأمرها أن تأتي بورقة وقلم ليكتب ما تريد‪،‬‬
‫فجاءت بهما‪ ،‬فأشار عليها أن يؤجل الكتابة إلى الغد‪ ،‬فوافقت‪،‬‬
‫وفاق بينهما‪ ،‬بعد زوال‬ ‫فما أشرقت شمس غد حتى أشرق نور ال ِ‬
‫وّتر وعلمت الزوجة أثر أناة زوجها في حل‬ ‫دة الت ّ َ‬
‫ح ّ‬
‫ورة الغضب‪ ،‬و ِ‬ ‫س ْ‬
‫َ‬
‫المشكلة وتلفيها‪.‬‬
‫ب‪ -‬التكيف ‪:‬‬
‫ونقصد به‪ :‬حمل كل من الزوجين نفسه على التأقلم مع صاحبه‬
‫ومراعاة اختلف طبيعته‪ ،‬وطريقته في التعامل‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 385‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وهذه المسألة من أخطر المشكلت التي تواجه الزوجين في بداية‬
‫الزواج‪ ،‬كما حدثني بذلك أحد المختصين‪ ،‬لن كل ً منهما قد عاش‬
‫في بيئة تختلف عن بيئة الخر وعلى منهج مغاير‪ ،‬فهل ينتظر‬
‫ل‬‫منهما أن يتوافقا في الذواق والمزجة والطبائع في غضون ليا ٍ‬
‫ل نفسه على التكيف مع صاحبه‪ ،‬خصوصا ً في‬ ‫قليلة إن لم يحمل ك ّ‬
‫بدء حياتهما‪ .‬وعندما ينعدم التكيف نسمع أن فلنا ً طلق عروسه‬
‫ليلة عرسه‪ ،‬وآخر فارقها بعد أسبوع‪ ،‬وأخرى طلبت الطلق بعد‬
‫شهر‪ ،‬وكان الجدر بهؤلء أن لو تريثوا وحملوا أنفسهم على‬
‫الختلف الطارئ في التعامل‪.‬‬
‫)ج( ضبط اللسان ‪:‬‬
‫حفظ اللسان من سيئ الكلم‪ ،‬وبذيء الحديث‪ ،‬والثرثرة أعظم‬
‫مفتاح يمتلكه المرء لغلق باب المنازعات على نفسه‪ ،‬إذ لو تأمل‬
‫العاقل في غالب منازعات الناس ‪ ،‬فضل ً عن الزوجين‪ ،‬لوجدها من‬
‫عثرات اللسن لن اللسان أمره خطير وشّره مستطير ‪،‬‬
‫ي عنه عقر ‪.‬‬ ‫خل ِ َ‬
‫ع إن ُ‬
‫ي رضي الله عنه ‪ :‬اللسان سب ْ ُ‬ ‫قال عل ّ‬
‫ة بما يحث على ضبط اللسان منها ما يلي ‪:‬‬ ‫والسنة الصحيحة طافح ٌ‬
‫)حديث عقبة بن عامر في صحيح الترمذي ( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬قلت‬
‫يا رسول الله ما النجاة ؟ قال أملك عليك لسانك وليسعك بيتك‬
‫وابك على خطيئتك ‪.‬‬
‫د في صحيح الترمذي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إذا أصبح‬ ‫)حديث أبي سعي ٍ‬
‫ابن آدم فإن العضاء كلها تكفر اللسان فتقول ‪ :‬اتق الله فينا‬
‫فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا و إن اعوججت اعوججنا ‪.‬‬
‫فُر اللسان ‪ :‬أي تذل وتخضع له وتناشده كل صباح‬ ‫*معنى ت ُك َ ّ‬
‫بالستقامة‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح البخاري( أن النبي ‪ r‬قال إن العبد‬
‫ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ل يلقي لها بال يرفعه الله بها‬
‫درجات و إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ل يلقي لها بال‬
‫يهوي بها في جهنم ‪‌ .‬‬
‫)حديث سهل بن سعد في الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال من يضمن‬
‫لي ما بين لحييه و ما بين رجليه أضمن له الجنة ‪‌ .‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( أن النبي ‪r‬‬
‫سئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال ‪ :‬تقوى الله وحسن‬
‫الخلق ‪ ,‬وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال الفم والفرج ‪.‬‬
‫)حديث معاذ في صحيحي الترمذي وابن ماجة ( قال قلت يا رسول‬
‫ل ُيدخلني الجنة ويباعدني من النار ؟ قال لقد‬ ‫الله أخبرني بعم ٍ‬
‫سألتني عن عظيم و إنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 386‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ل تشرك به شيئا و تقيم الصلة المكتوبة و تؤتي الزكاة المفروضة‬
‫و تصوم رمضان و تحج البيت ; أل أدلك على أبواب الخير ؟‬
‫الصوم جنة و الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار و‬
‫صلة الرجل في جوف الليل ; أل أخبرك برأس المر وعموده و‬
‫ذروة سنامه ؟ رأس المر السلم و عموده الصلة و ذروة سنامه‬
‫الجهاد ; أل أخبرك بملك ذلك كله ؟ كف عليك هذا ‪ -‬و أشار إلى‬
‫لسانه ‪ -‬قال ‪ :‬يا نبي الله ! و إنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال‬
‫‪ :‬ثكلتك أمك يا معاذ ! و هل يكب الناس في النار على وجوههم‬
‫إل حصائد ألسنتهم ‪.‬‬
‫قوامه أي ما يقوم به كله‬ ‫ملك ذلك ‪ِ :‬‬ ‫*معنى ِ‬
‫)حديث ابن مسعود في صحيح الترمذي( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ليس‬
‫المؤمن بالطعان و ل اللعان و ل الفاحش و ل البذيء ‪‌ .‬‬
‫نعم إن فلتات اللسان مقاتل النسان‪ ،‬وأماني الشيطان‪ ،‬وصدق‬
‫من قال‪:‬‬
‫احفظ لســـــانك أيهـا النســــان ل يلـــدغّنك إنـــه ُثعبـــان‬
‫شـجعان‬ ‫كـانت تهـــاب لقـاءَهُ ال ّ‬
‫كم في المقابر من قتيــــل لســـانه‬
‫وثالث يبّين مدى السلمة في ترك الثرثرة‪:‬‬
‫فإذا نطقت فل تكن مكثــــــارا‬ ‫ن والسكوت ســــــلمة‬ ‫الصمـت َزي ْ ٌ‬
‫ن على الكلم مــــــرارا‬ ‫فلتندم ّ‬
‫فلئن ندمت على سكوتك مــــــــرة‬
‫ولذا فعلى كل من الزوجين حفظ لسانه وبخاصة عند حدوث‬
‫وَرة الغضب‪ ،‬فمنه كلمة ومنها أخرى حتى‬ ‫س ْ‬
‫المشكلت وارتفاع َ‬
‫يقع المحذور‪.‬‬
‫د‪ -‬عدم نقل المشكلت خارج البيت ‪:‬‬
‫إن نقل المشكلة خارج نطاق البيت يعني بقاءها‪ ،‬وازدياد اشتعال‬
‫نارها‪ ،‬وخصوصا ً إذا نقلت إلى أهل أحد الزوجين‪ ،‬لنهم ل يدركون‬
‫أبعاد المشكلة وأسبابها‪ ،‬وغالبا ً ما يسمعون القضية من طرف‬
‫واحد‪ ،‬هو خصم‪ ،‬والخصم ل يسمع كلمه إل بحضور خصمه‪،‬‬
‫فيحكمون حكما ً جائرا ً أعور‪ ،‬وقد تأخذهم الحمية لنقاذ ابنهم أو‬
‫ضرمون نار العداوة والبغضاء بين الزوجين إضراما ً يذهب‬ ‫ابنتهم‪ ،‬في ُ ْ‬
‫بالبقية الباقية من أواصر المحبة بينهما‪.‬‬
‫وغالب ما يحدث من منازعات بين الزوجين إنما هي أمور طفيفة‬
‫لسباب تافهة‪ ،‬تقوم لسوء مزاج أحدهما في وقت معين أو نحو‬
‫ذلك‪ ،‬ثم ُتصور للخرين بألفاظ أضخم من حقيقة المشكلة فيظن‬
‫السامع لها الذي لم يعايشها أنها كبيرة ومستعصية‪ ،‬فتأتي على‬
‫إثر ذلك حلول شوهاء‪ ،‬يذهب ضحيتها الزوجان‪ .‬ولذلك كان من‬
‫المستحسن أن يتواصى الزوجان‪ ،‬ويتعاهدا على عدم نقل‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 387‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ش الزوجية‪ ،‬وأن يحرصا كل الحرص على أل‬ ‫مشاكلتهما خارج ع ّ‬
‫تبيت المشكلة معهما ليلة واحدة‪.‬‬
‫ضتــه‬ ‫على الذي نالك من ع ّ‬ ‫دهر فكن صــــــــابرا ً‬ ‫ضك ال ّ‬ ‫إن ع ّ‬
‫ع في رحمته‬ ‫تشتكلمن تطمـــ ُ‬ ‫إل‬ ‫ســـــك الضـــــر فل‬ ‫أو مَ ّ‬
‫هـ‪ -‬استشارة ذوي العقول وأهل الختصاص ‪:‬‬
‫م في كل ما‬ ‫حجى عامل مه ّ‬ ‫إن التشاور مع ذوي الشأن وأرباب ال ِ‬
‫يحدث من خلف بين الزوجين‪ ،‬ذلك لن غيرك يعرف من الحلول ما‬
‫فق للحل‬ ‫و ّ‬‫ف ُ‬‫ث مماثل َ‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫ل تعرفه‪ ،‬وقد يكون ممن وقع في َ‬
‫المناسب‪ .‬وعادة ما يصاب المرء حين المشكلة بضيق في الرأي‪،‬‬
‫وتعكير على صفو التفكير‪ ،‬يحتاج معه إلى الستناد إلى آراء‬
‫الخرين‪ ،‬للخلص مما هو واقع فيه‪.‬‬
‫وأعرف شاب ّا ً وقع في بيته حدث كاد ُيوِدي بالحياة الزوجية إلى أمر‬
‫محزن‪ ،‬لول أن الله وفقه لستشارة صاحب رأي من إخوانه‪،‬‬
‫فطمأنه إلى أنه ل مشكلة فيما حدث‪ ،‬إن عمل بمشورته بإذن الله‪،‬‬
‫وفعل ً انقلبت المشكلة إلى سعادة ورضا‪ ،‬وصارت الزوجة تخجل‬
‫من نفسها إذا تذكرت ما حصل منها‪ ،‬وحمد الزوج رّبه على الناة‪،‬‬
‫وضبط اللسان‪ ،‬واستشارة ذوي الشأن‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬‫هل ِ َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كما ً ِ‬ ‫ح َ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫كما ً ِ‬ ‫ح َ‬ ‫عُثوا َ‬ ‫فاب ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬‫قاقَ ب َي ْن ِ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫م ِ‬ ‫فت ُ ْ‬‫خ ْ‬‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫) َ‬
‫خِبيرًا(‬ ‫عِليما ً َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ما إ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ب َي ْن َ ُ‬‫ق الل ّ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫و ّ‬‫صلحا ً ي ُ َ‬ ‫دا إ ِ ْ‬ ‫ري َ‬‫ن يُ ِ‬ ‫إِ ْ‬
‫)النساء‪.(35:‬‬
‫و‪ -‬الرضا بالقضاء والقدر ‪:‬‬
‫إن من أعظم ثمرات اليمان بقدر الله وقضائه‪ ،‬الطمئنان إلى‬
‫عدل الله وحكمته‪ ،‬فإن أمر المؤمن كّله له خير‪ ،‬إن أصابته سراءُ‬
‫شكر فكان خيرا ً له‪ ،‬وإن أصابه ضراء صبر فكان خيرا ً له‪ ،‬والصبر‬
‫مّر القضاء دليل على قوة اليمان وهو ابتلء من الرحمن‬ ‫على ُ‬
‫لعبده‪ ،‬أيقابله بالشكر والرضا‪ ،‬أم بالكفر‪ ،‬والسخط بما قدره الله‬
‫تعالى‪ ،‬والعتراض على حكمته وتدبيره‪.‬‬
‫وليعلم الزوجان أن رضاهما بما قدر عليهما كعدم النجاب‪ ،‬أو‬
‫ضعف الولد أو تشويهه أو نحو ذلك من أسباب المشكلت‪،‬‬
‫واحتسابهما الجر عند ربهما وصبرهما على بليتهما خيٌر لهما في‬
‫ر‪ .‬وفي الخرة جنة‪،‬‬ ‫ح صد ٍ‬ ‫الدنيا والخرة‪ ،‬ففي الدنيا سعادةٌ وانشرا ُ‬
‫ورضوان من الله أكبر‪.‬‬
‫وإنه لينقضي عجبك من قوم تسمع عن أحدهم أنه هدد امرأته‬
‫بالطلق‪ ،‬لنها تنجب البنات‪ .‬وكأنه ل يدري أن أمر الولد ليس‬
‫موكول ً إليها‪ ،‬ول إلى أحد من المخلوقين‪ ،‬بل هو تقدير العزيز‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫و ُ‬ ‫و ي َُز ّ‬
‫كوَر أ ْ‬ ‫شاءُ الذّ ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬‫ب لِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫وي َ َ‬‫شاءُ إ َِناثا ً َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫العليم )ي َ َ‬
‫قيمًا( )الشورى‪ :‬اليتان ‪.(49،50‬‬ ‫ع ِ‬ ‫شاءُ َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬‫وي َ ْ‬ ‫وإ َِناثا ً َ‬‫ذُك َْرانا ً َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 388‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫وكأنه أدرى بالحكمة وأعرف بالمصلحة من ربه – جل وعل ‪ ،-‬وهذا‬
‫التصرف دليل على ضعف اليمان‪ ،‬وقلة اليقين‪.‬‬
‫وقد روت كتب الخبار أن رجل ً سخط على امرأته وهجرها لنها‬
‫ث ل ت َل ِدُ إل البنات‪ ،‬وتزوج من أخرى‪ ،‬فأنشأت أبياتا ً تقولها‬ ‫مئنا ٌ‬
‫وهي ترقص إحدى ُبنياتها وتبين أنه ل مجال للسخط عليها‪:‬‬
‫مـال أبـي حـمزة ل يأتينــــا يـظـل فـي البيــت الذي يلينا‬
‫تاللـــــه مـا ذاك فـي أيدينا‬ ‫غضبـــــان أنا ل نلدُ البنينــا‬
‫ننبــت مـا زرعـوه فينـــــا‬ ‫وإنما نحن كالرض لزارعينــــا‬
‫فأدرك الزوج خطأه‪ ،‬وعاد إلى زوجته‪ ،‬وعاشرها بالحسنى‪.‬‬
‫وقد يبتلى بعض الرجال بزوجة دميمة‪ ،‬فعليه أن يصبر على ما‬
‫َ‬
‫ه‬
‫في ِ‬‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬
‫وي َ ْ‬‫شْيئا ً َ‬ ‫هوا َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬
‫سى أ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬
‫ف َ‬ ‫ه ّ‬
‫مو ُ‬‫هت ُ ُ‬ ‫ن كَ ِ‬
‫ر ْ‬ ‫ابتلي به ) َ‬
‫فإ ِ ْ‬
‫عّير المرأة بدمامتها‪،‬‬ ‫خْيرا ً ك َِثيرًا( )النساء‪ :‬من الية ‪ .(19‬وعليه أل ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫وهو أمٌر ليس من تقدريها وخلقها‪ ،‬وقد يؤدي مثل هذا التعيير‬
‫والتنقص إلى إثارة المرأة ومحاولتها النتقام من زوجها‪ ،‬كما‬
‫نشرت جريدة الرياض قصة امرأة مصرية‪ ،‬قتلت زوجها‪ ،‬وقطعته‬
‫عدة قطع‪ ،‬لنه كان يعيرها بقبحها‪ ،‬ويهددها بالزواج عليها‪.‬‬
‫ومثل ذلك إذا أنجبت المرأة أولدا ً معوقين‪ ،‬فعليه بالرضا بالقضاء‬
‫والقدر‪ ،‬ولعل الله أراد به خيرًا‪ ،‬وإذا أحب الله عبدا ً ابتله‪ ،‬وعليه‬
‫بفعل ما يشرع من السباب لتلفي مثل ذلك‪ ،‬وقل مثل هذا إذا‬
‫أصيب أحد الزوجين بمرض أو عاهة فعلى الخر الرضا والصبر‬
‫ل‪.‬‬‫والحتساب‪ ،‬فالله ل يضيع أجر من أحسن عم ً‬
‫وعلى الزوجة أن تصبر إذا افتقر زوجها بعد غنى‪ ،‬أو ابتلي بمصيبة‬
‫ر‬
‫س ٍ‬‫ع ْ‬ ‫عدَ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه بَ ْ‬ ‫ع ُ‬‫ج َ‬‫سي َ ْ‬‫سجن والتغرب وغيرها ) َ‬ ‫من مصائب الدنيا كال ّ‬
‫سرًا( )الطلق‪ :‬من الية ‪.(7‬‬ ‫يُ ْ‬

‫]*[ ‪‬عاشرا ً ‪:‬صفات المرأة القاتلة للسعادة الزوجية‬

‫‪‬يوجد صفات قاتلة للسعادة الزوجية وإنما نذكرها لتجتنبها كل‬


‫فرارها من السد منا ما يلي ‪:‬‬
‫امرأة صالحة وتفّر منها ِ‬
‫]*[ عدم مراقبة الزوجة لله في حياتها الزوجية ويعد هذا الداء‬
‫مكمن الخطر في الحياة السرية فإذا استشعرت الزوجة منذ اليوم‬
‫الول في حياتها الزوجية بمراقبة الله والحتساب له في حسن‬
‫ل الله عليها البركة والرحمة والخير وتحولت‬‫عِلها لزوجها أسدَ َ‬
‫ت َب َ ُ‬
‫هذه الحياة لجنة عالية تسمو بأصحابها إلى أعلي عليين السعادة‬
‫وعلي العكس في حالة اختفاء هذه المراقبة تطلق الزوجة العنان‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 389‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫لشيطانها ليتلعب بحياتها كيفما شاء ليخرجها من نور السعادة‬
‫لظلمات التخبط والتعاسة‪.‬‬
‫]‪ [2‬ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة أيضا الكذب علي الزوج‬
‫فلشك أن الكذب خلق سيء وعادة خبيثة ‪ ،‬والكذابون ممقوتون‬
‫من الناس ‪ ،‬بعيدون عن الله والجنة ‪ ،‬قريبون من الشيطان و النار‬
‫‪..‬‬
‫وآفة الكذب أنه يمكن أن يصبح عادة ‪ ،‬فالكذب مرة ثم مرة يحيله‬
‫إلى عادة من الصعوبة بمكان التخلص منها ‪ ،‬ول تنسى أن الكذب‬
‫يهدي إلى الفجور بنص السنة الصحيحة كما في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث ابن مسعود رضي الله عنه الثابت في الصحيحين ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫) إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة ‪ ،‬وإن الرجل‬
‫ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا ً ‪ ،‬وإن الكذب يهدي إلى الفجور‬
‫وإن الفجور يهدي إلى النار ‪ ،‬وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند‬
‫الله كذابا ً ( *فالكذب هو السبب الرئيس لفقد الثقة بين الزوجين‬
‫واختلل المعادلة النسجامية بينهما وتفتح الباب علي مصراعيه‬
‫للشك ولعل ما سمعناه من بعض الزواج عن تحول حياتهم‬
‫الزوجية إلى جحيم بسبب الشك القاتل المترتب علي كذب زوجته‬
‫عليه خير دليل علي خطورة هذا المرض فهذا زوج يؤكد أن كذب‬
‫زوجته علية دفعه ليتتبع خطواتها ويشك في سلوكها وآخر يؤكد‬
‫أن كذب زوجته كان السبب الرئيس في طلقه لها واصفا أنه فقد‬
‫المان معها بسبب مدوامتها علي الكذب‪.‬‬
‫]‪ [2‬ومن أخطر الصفات الفاشلة القاتلة التي تدفع الزوج إلى‬
‫الهروب من حياته الزوجية حرص الزوجة علي اصطناع نقاط‬
‫الخلف والضرب علي أوتارها رافعة شعار)النكد أصل في الحياة!(‬
‫وهذه الصفة تدفع الزوجة إلى التفنن في )العكننة( علي زوجها‬
‫والحرص علي التشاجر علي أتفه السباب وإشعال نيران الخلف‬
‫هش سرعان‬ ‫ول الحياة إلى بيت َ‬
‫ح ّ‬
‫المستمر بينها وبين زوجها مما ي ُ َ‬
‫ما ينهار مع أول فرصة لهروب الزوج من نكد الزوجة‪.‬‬
‫]‪ [3‬و هذه الصفات الفاشلة القاتلة حرص المرأة علي الن ِدَّية‬
‫لزوجها ضاربة بمبدأ القوامة الذي أقره القرآن الكريم عرض‬
‫الحائط فهي دوما تحرص علي أن تكون صاحبة القرار في إدارة‬
‫حياتها السرية مستشعرة دائما أنها في صراع لبد أن يكون لها‬
‫غل ََبة فيه متناسية أبسط قواعد طاعة الزوج والتفاهم والحوار‬ ‫ال َ‬
‫متمسكة بحبال الغرب مستجيبة لدعاوى المساواة العمياء ‪.‬‬
‫]‪ [4‬و من الصفات الفاشلة القاتلة التي أدت إلى انهيار كثير من‬
‫بيوت المسلمين إهمال الزوجة في نفسها وزينتها فتتحول إلى‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 390‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫طاهية بارعة وعاملة نشيطة ومربية أطفال ل مثيل لها تمل بيتها‬
‫بالنشاط لكنها تزهد كل الزهد في مظهرها وأنوثتها معتقدة أنها‬
‫الشهيدة التي تنتحر من أجل الخريين ومتناسية أن لزوجها حقوقا‬
‫أقرها نبينا العظيم بقوله )إذا نظر إليها سرته( ونحن ل نعيب‬
‫عليها اجتهادها في خدمة بيتها وأولدها ولكن لبد من التوازن في‬
‫أداء الوجبات فهي في أمس الحاجة لستشعارها بأنوثتها ورونقها‬
‫الذي يخطف أبصار الزوج ويحميه من تبرج الجاهلية الذي امتلت‬
‫به شوارع المسلمين ويكفي أن نعلم أن الدراسات أثبتت أن ‪%8‬‬
‫من حالت الطلق في العالم العربي كان سببها إهمال الزوجة‬
‫في مظهرها وأنوثتها وان نفس السبب ترتب عليه ‪ %12‬من‬
‫حالت الزواج الثاني ‪.‬‬
‫]‪ [5‬ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة أيضا ً رفض الزوجة لفراش‬
‫عدّ من السلوكيات القاتلة‬ ‫الزوجية بصورة مباشرة أو غير مباشرة ي ُ َ‬
‫للحياة الزوجية فبعض الزوجات تناسين تحذير نبينا العظيم صلى‬
‫الله عليه وسلم لنساء أمته من هذه الجريمة التي ترتكبها بعضهن‬
‫وحذرهن من لعنات الملئكة لهن بل حثتهن الحاديث النبوية‬
‫الشريفة علي سرعة التلبية لذلك المر ولو كانت علي التنور كما‬
‫في الحاديث التية ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه الثابت في‬
‫الصحيحين ( أن النبي ‪ r‬قال ‪) :‬إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه‬
‫فأبت‪ ،‬فبات غضبان عليها‪ ،‬لعنتها الملئكة حتى تصبح(‪.‬‬
‫)فأبت( ‪ :‬امتنعت بل عذر ) فبات ( أي فبسبب ذلك بات وهو )‬
‫غضبان عليها ( فقد ارتكبت جرما ً فظيعا ً ومن ثم ) لعنتها‬
‫الملئكة حتى تصبح ( ‪ ،‬وفيه إرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب‬
‫رضاه وأن يصبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة ‪،‬‬
‫وأن أقوى المشوشات على الرجل داعية النكاح ‪ ،‬ولذلك حث‬
‫المرأة على مساعدته على كسر شهوته ليفرغ فكره للعبادة ‪.‬‬
‫قال العراقي ‪ :‬وفيه أن إغضاب المرأة لزوجها حتى يبيت ساخطا ً‬
‫عليها من الكبائر وهذا إذا غضب بحق ‪.‬‬
‫) حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في صحيح مسلم ( أن‬
‫النبي ‪ r‬قال ‪:‬والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى‬
‫فراشها فتأبي عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى‬
‫يرضى عنها ‪.‬‬
‫علي رضي الله عنه الثابت في صحيح الترمذي (‬ ‫ن َ‬ ‫َ ْ‬
‫قب ِ‬
‫) حديث طل ِ‬
‫ل زوجت َه ل ِحاجت ِه َ ْ‬
‫ت‬ ‫فل ْت َأِته‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن كان َ ْ‬ ‫ج ُ َ ْ َ ُ َ َ ِ‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪» :‬إ َ‬
‫ذا دعا الّر ُ‬
‫ر«‪.‬‬‫عَلى الت ّّنو ِ‬
‫َ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 391‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ولكن للسف تأثر بعض النساء بدعوات العلمانيين تارة واليساريين‬
‫تارة لحقها في تحديد الوقت الذي ترتضيه لهذا المر بل وصل‬
‫المر إلى أنهم وصفوا دعوة الزوجة لفراش الزوجية علي غير‬
‫رغبتها )بظاهرة اغتصاب الزوجة! ( وذلك لقلب موازين الحياة‬
‫الزوجية وإفسادها ‪ ،‬فليت شعري من أباح لها ذلك وأوردها‬
‫المهالك ‪.‬‬
‫فل بعض الزوجات عن‬ ‫غا ُ‬ ‫]‪ [6‬ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة ت َ َ‬
‫مدى أهمية العاطفة وإظهار مشاعر الحب للزوج مما يشعر كثير‬
‫من الزواج بالفراغ العاطفي الذي يحاول البعض إيجاده عند‬
‫ة ُأخرى ‪ ،‬وإن‬‫ة صالح ٍ‬ ‫غيرهن فإن كان صالحا ً وجد بديل ً في زوج ٍ‬
‫ة والعياذ بالله ‪ ،‬فلبد أن‬ ‫ة ساقط ٍ‬ ‫كان فاسقا ً وجد بديل ً في امرأ ٍ‬
‫تحرص الزوجة بين الحين والخر على إظهار مشاعرها نحو زوجها‬
‫ويتبادل كلمات الحب‪.‬‬
‫]‪ [6‬ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة إرهاق الزوج بما ل يطيق‬
‫من المطالب المادية والنغماس في الرفاهيات من السلوكيات‬
‫التي تؤدي نفور الزوج عن زوجتة خاصة في حالة قصر ذات اليد‬
‫فلبد أن يظلل بيوتنا الرضا والقناعة التي هي ك َن ٌْز ل يفنى ‪،‬‬
‫خْرقُ على الراقع‬ ‫فكثير من السر انفرط عقدها واتسع ال َ‬
‫ع دواء بسبب عدم الرضا والتطلع لما‬ ‫واستعصى الداء فلم ينف ُ‬
‫يتمتع به الغير ويكفي أن نعلم أن أكثر من ‪ %20‬من حالت الطلق‬
‫التي وقعت في العالم العربي في العوام الثلثة الماضية بسبب‬
‫عدم رضا أطراف السرة بحالتهم الواقعية وضيق ذات اليد رغم أن‬
‫هذا المر يخالف ما عاش عليه نبينا وزوجاته فها هي السيدة‬
‫عائشة تصف صبرهم علي ضيق الحال في بعض الحيان بقولها‬
‫كان يمر الهلل والهللين ول يوقد نار في بيت من بيوت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يعيشوا علي السودين التمر‬
‫والماء ضاربين للمة المثل العلى والقدوة في الرضا والقناعة‬
‫ول هذا الرضا إلي جنة صعدت بصاحبها‬ ‫ح ّ‬ ‫والتكيف مع الواقع بل ت َ َ‬
‫إلى أعلي عليين في سماوات السعادة ‪.‬‬
‫]‪ [7‬ومن هذه الصفات الفاشلة القاتلة تقديم الزوجة رغبات أهلها‬
‫وأولدها على رغبات الزوج مما يشعره بتدني مكانته عندها أل‬
‫َ‬
‫د وسوف أسوق لك‬ ‫و لَ َ‬
‫ح ٍ‬ ‫ه َ‬
‫ما ُ‬ ‫م َ‬
‫كاًنا َ‬ ‫ة َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫مْرأ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ِ‬ ‫فلتعلم المرأة أ ّ‬
‫ن ِللّز ْ‬
‫ك مسمعا ً وفي قلبك مو ِ‬
‫قعا‬ ‫ك في سمع ِ‬ ‫هذه القصة عساها أن لعلها تجد ل ِ‬
‫قك إلى تطبيقها لن حسن تبعل المرأة‬ ‫ف ِ‬
‫ك بها ويو ِ‬
‫عسى الله أن ينفع ِ‬
‫دل الله به عليها البركة والرحمة والخير‪.‬‬ ‫س ِ‬
‫لزوجها ي ُ ْ‬
‫ة في غزوة أحد )أخوها عبد الله ابن‬
‫ش مات له ثلث ٌ‬
‫ح ٍ‬
‫ج ْ‬
‫ت َ‬
‫ة ب ِن ْ ُ‬
‫من َ ُ‬
‫ح ْ‬
‫* َ‬
‫جحش وخالها حمزةُ بن عبد المطلب وزوجها ومصعب ابن عمير (‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 392‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة‬
‫من َ ُ‬
‫ح ْ‬ ‫ه ‪َ » : ‬يا َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ها َر ُ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫ج ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ة ب ِن ْ ُ‬ ‫من َ ُ‬‫ح ْ‬ ‫ه َ‬ ‫خت ُ ُ‬ ‫ت أُ ْ‬ ‫قب َل َ ْ‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫مَزةَ « ‪.‬‬ ‫ح ْ‬ ‫ك َ‬ ‫خال َ َ‬ ‫ل‪َ »:‬‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َيا َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫سِبي « ‪َ .‬‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ا ْ‬
‫هِنيًئا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫فَر الل ُ‬ ‫غ َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنا إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت ‪ :‬إ ِّنا لل ِ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫هادَةُ ‪.‬‬ ‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫وكذلك قالت عندما نعاها في أخيها ‪:‬‬
‫ل‪»:‬‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َيا َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫سِبي « ‪َ .‬‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ها َ ‪ » :‬ا ْ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ة أن ّ َ‬ ‫واي َ ٍ‬ ‫ر َ‬ ‫ِ‬ ‫في‬ ‫و ِ‬ ‫حَزَناهُ ‪َ .‬‬ ‫وأ َ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ر«‪َ .‬‬ ‫مي ْ ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫ب بن ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ص َ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف َ‬ ‫قَراهْ ‪َ ،‬‬ ‫ع ْ‬
‫د«‪.‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫ول َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫مكاًنا َ‬ ‫ة َ‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ِ‬‫ن ِللّز ْ‬ ‫ل ‪ » : ‬إِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫وا َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ت ي ُت ْ َ‬ ‫َ‬
‫ه ذكْر ُ‬ ‫َ‬ ‫سول الل ِ‬ ‫َ‬ ‫ت ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هذا « ‪ .‬قال ْ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫م قل َ‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ها ‪ » :‬ل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م قال ل َ‬ ‫َ‬ ‫ث ّ‬‫ُ‬
‫عِني ‪.‬‬ ‫فَرا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب َِني ِ‬
‫فعلى المرأة أن تعترف بمكانة زوجها وأل تتغافل عن هذا الركن‬
‫سودُ فيه الشجار‬ ‫الشديد لنه يخلق جو أسري غير صحي ي َ ُ‬
‫المستمر خاصة إذا استشعر الرجل بتدخل أم الزوجة في حياته‬
‫بصورة مستمرة مما يترتب عليه حالة من الصراع الدائم بين‬
‫الطرفين وعلى الزوجة أن تقوم بعمل المعادلة الناجحة التي‬
‫تصنع من خللها التوازن بين الطرفين بما ل يوقعها في خندق‬
‫العقوق أو عصيان الزوج‪.‬‬
‫* هذه بعض الصفات التي إذا اجتمعت في امرأة أفسدت حياتها‬
‫وحولتها إلي كائن مرفوض من زوجها الذي هو أقرب الناس إليها‬
‫س حقا ً عليها‪.‬‬ ‫وأعظم النا ِ‬

‫]*[ ‪‬الحادي عشر‪ :‬صفات المرأة التي تجلب السعادة‬


‫الزوجية‬

‫]*[ لم تخلق المرأة من رأس الرجل لئل تتعالى عليه ‪ ،‬ول من‬
‫رجله لئل يحتقرها ‪ ،‬بل استلت من ضلعه لتكون تحت جناحه ‪..‬‬
‫ك أختي‬‫وقريبة إلى قلبه فيحبها وتحبه ‪ ،‬وهآنذا أعرض إلي ِ‬
‫حرةُ البّية صفوة الصفات‬ ‫ة الحيّية ال ُ‬‫المسلمة التقية النقية العفيف ُ‬
‫الطيبة التي يحُبها الرجل في زوجته والتي تجعله ينجذب إليها‬
‫حّلت بها ملكت فؤاد زوجه‬ ‫انجذاب الحديد للمغناطيس والتي إذا ت َ َ‬
‫حالة وكانت مستقرةً في سويداء قلبه وصميم ِ فؤاده ‪ ،‬ومن‬ ‫م َ‬
‫ل َ‬
‫هذه الصفات ما يلي ‪:‬‬
‫ة ودين ‪،‬‬
‫ت عف ٍ‬ ‫]‪ [1‬من هذه الصفات الرائعة أن تكون المرأة ذا َ‬
‫تعرف ما لها فل تتجاوزه ول تتعداه وأن تستجيب لزوجها ؛ فهو‬
‫الذي له القوامة عليها يصونها ويحفظها وينفق عليها ؟ فتجب‬
‫طاعته وحفظه في نفسها وماله‪ ،‬تتقن عملها وتقوم به وتعتني‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 393‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ة في بيت‬ ‫بنفسها وبيتها‪ ،‬فهي زوجة صالحة وأم شفيقة‪ ،‬راعي ٌ‬
‫زوجها ومسئولة عن رعيتها‪ ،‬تعترف بجميل زوجها ول تتنكر‬
‫للفضل والعشرة الحسنة فقد جاء النكير الشديد على ذلك في‬
‫السنة الصحيحة كما في الحاديث التية ‪:‬‬
‫)حديث أبي سعيد الثابت في الصحيحين ( قال ‪ :‬خرج رسول الله‬
‫‪ r‬في أضحى أو فطر فمّر على النساء فقال ‪ :‬يا معشر النساء‬
‫تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار‪ ،‬فقلن وبم يا رسول الله‬
‫ل ودين‬ ‫ت من ناقصات عق ٍ‬ ‫قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأي ُ‬
‫ب الرجل الحازم من إحداكن قلن ‪ :‬وما نقصان ديننا‬ ‫أذهب لل ّ‬
‫وعقلنا يا رسول الله ؟ قال أليس شهادةُ المرأة مثل نصف‬
‫شهادة الرجل ؟ قلن بلى ‪ .‬قال فذلك نقصان من عقلها ‪ .‬أليس‬
‫ل ولم تصم ؟ قلن بلى ‪ .‬قال فذلك من نقصان‬ ‫إذا حاضت لم تص ّ‬
‫دينها ‪.‬‬
‫) حديث ابن عمر رضي الله عنهما الثابت في السلسلة الصحيحة (‬
‫ة ل تشكر لزوجها وهي ل‬ ‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬ل ينظر الله إلى امرأ ٍ‬
‫تستغني عنه‪.‬‬
‫]‪ [2‬من هذه الصفات الرائعة حنان المرأة وأنوثتها ورقتها هي‬
‫النبع الجميل الذي يذوب فيه رأس الرجل كما تذوب صخرة في‬
‫عمق الماء ‪" ....‬‬
‫ة‬
‫ة لبق ً‬ ‫ة هادئ َ‬‫]‪ [3‬من هذه الصفات الرائعة أن تكون المرأة وديع ً‬
‫فالرجل يذوب حبا ً في المرأة الوديعة الهادئة اللبقة والتي يحس‬
‫أنها " تطاوعه " و " تجري على هواه " وأن تكون أطوع له من يده‬
‫وأرق من أحلم يقظته ‪..‬‬
‫هنا يهبها الرجل قلبه وعقله ولبه وماله ومستقبله ‪" ...‬‬
‫]‪ [4‬من هذه الصفات الرائعة أن تكون المرأة حيّية فإن الحياء من‬
‫ل القربات ‪ ،‬فالحياءُ ل‬ ‫ل الصفات وأج ّ‬ ‫اليمان ‪ ،‬والحياء من أفض ِ‬
‫يأتي إل بخير ‪ ،‬والحياء قرين اليمان فإذا نزع أحدهما نزع الخر ‪.‬‬
‫ل وهو‬ ‫)حديث ابن عمر في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬مّر على رج ٍ‬
‫عه فإن الحياء من‬ ‫ظ أخاه في الحياء فقال رسول الله ‪ r‬دَ ْ‬ ‫يع ُ‬
‫اليمان ‪.‬‬
‫)حديث عمران ابن حصين في الصحيحين( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬الحياءُ‬
‫ل يأتي إل بخير ‪.‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح مسلم ( أن النبي ‪ r‬قال اليمان بضع‬
‫و سبعون شعبة فأفضلها قول ‪ :‬ل إله إل الله و أدناها إماطة‬
‫الذى عن الطريق و الحياء شعبة من اليمان ‪‌ .‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 394‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫)حديث أبي سعيد في الصحيحين( قال ‪ :‬كان رسول الله ‪ r‬أشد‬
‫حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا ً يكرهه عرفناه في‬
‫وجهه ‪.‬‬
‫)حديث أبي مسعوٍد النصاري في صحيح البخاري( أن النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬إن مما أدرك الناس من كلم النبوة الولى ‪ :‬إذا لم تستح‬
‫فاصنع ما شئت ‪‌ .‬‬
‫)حديث ابن عمر في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬إن الحياء و‬
‫ع أحدهما رفع الخر ‪‌ .‬‬ ‫ف َ‬‫اليمان قرنا جميعا فإذا ُر ِ‬
‫ل الحياء‬ ‫ق يبعث على اجتناب القبيح ‪ ،‬وأفض ُ‬ ‫خل ُ ٌ‬‫‪‬تنبيه‪ : ‬الحياءُ ُ‬
‫أن تستحي من الله ‪ ،‬ولهذا كان الحياء من أفضل الصفات التي‬
‫ء‬
‫حَيا ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬‫ه ُ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ح ُ‬ ‫صال ِ ُ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫سل َ ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كا َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫يحبها الزوج في زوجته ‪َ ،‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ؤ ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫ت نِ َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ول َ‬ ‫ميل َ‬ ‫ج ِ‬‫ق ال َ‬ ‫ِ‬ ‫خل‬‫ك ال ُ‬ ‫في ذَل ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ي بِ‬‫د َ‬ ‫ن نَ ْ‬
‫فت َ ِ‬ ‫عل َي َْنا أ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫شْيئاً أَبداً‬ ‫ها َ‬ ‫َ‬ ‫ن إِ َ‬
‫من ْ َ‬‫ة ل ي َُرى ِ‬ ‫ضُروَر ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ج ٍ‬ ‫حا َ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه ّ‬ ‫حَيائ ِ ِ‬‫ة َ‬ ‫شدّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫و ِذَراعاً ِ‬ ‫شْبراً أ ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫خَيةً ث َ ْ‬
‫وب َ َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫دا ِ‬ ‫قةً ِبال ْ ِ‬
‫ج َ‬ ‫ص َ‬ ‫لل ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫عن الّر َ‬ ‫عد ُ َ‬ ‫وت َب ْت َ ِ‬ ‫َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ة ك َذَل ِ َ‬ ‫عَباءَ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫خلِ ٍ‬ ‫ث َ‬ ‫ب َر ّ ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫ثَ ْ‬
‫قِبل‬ ‫فعلى المرأة أن تتحرى أن تكتسب هذه الصفات الرائعة وأن ت ُ ْ‬
‫عليها إقبال الظامئ على المورد العذب ولنعلم أنها إذا نجحت في‬
‫ذلك فقد نجحت في حياتها الزوجية ‪ ،‬ولتعلم المرأة أن اكتساب أي‬
‫ل ويسيُر على من صدق النية والتجأ إلى تعالى فإنه من‬ ‫خُلق سه ُ‬ ‫ُ‬
‫قه بنص السنة الصحيحة كما‬ ‫و ّ‬ ‫يتحر الخير يعطه و من يتق الشر ي ُ َ‬
‫في الحديث التي ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح الجامع( أن النبي ‪ r‬قال إنما العلم‬
‫بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق‬
‫قه ‪‌ .‬‬ ‫و ّ‬ ‫الشر ي ُ َ‬
‫ولله دّر الشاعر ‪:‬‬
‫أل بالصبـــــــر تبلغ مـا تريـد وبالتقـوى يليــن لك الحديــــــد‬
‫]‪ [5‬من هذه الصفات الرائعة أن تتحلى المرأة بالحلم وحسن‬
‫الخلق والصبر على ما تواجهه من زوجها ‪ ،‬والبشاشة والكلمة‬
‫ئ‬
‫طف ُ‬ ‫الطيبة والعفو وسعة الصدر ‪ ،‬فتكون له كالبلسم الذي ي ُ ْ‬
‫الجراح وكالماء البارد في اليوم الشديد الحر ‪ ،‬فيستمتع بحلوة‬
‫الشهد وهو يقطُُر من فمها العذب ‪ ،‬ويجد فيها الهدوء عند القلق‪،‬‬
‫والبشاشة عند الضيق ‪ ،‬فعلى الزوجة أن تتحلى بالصبر على‬
‫زوجها فتصبر على أذاه‪ ،‬وأن ل تصنع ما يغضبه أو يثيره‪ ،‬وعليها‬
‫مل عند ثورته بالهدوء ‪ ،‬وأن تتصرف بحكمة ؛ لتمتص غضبه‬ ‫أن تتج ّ‬
‫ده إلى رشده‬ ‫وت َُر ُ‬
‫]*[ ولذلك قال أحد الرجال قديما يوصي زوجته‪:‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 395‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫خذي العفـو مني تسـتديميول تنطقي في سورتي حين‬
‫أغضب‬ ‫ودَِتي‬‫م َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫غي َ ُ‬
‫م َ‬‫فإنك ل تدرين كيـــــف ال ُ‬ ‫ة‬
‫ول تنقـريني نقرك الدف مــــر ً‬
‫ب‬ ‫قل ّ ُ‬ ‫ب تُ َ‬ ‫ويأباك قلبـي والقلــــو ُ‬ ‫ول تكثـري الشـكوى فتذهب‬
‫بالهوى‬
‫ب‬‫اجتمــعا لم يلبث الحب يذه ُ‬ ‫القلب‬
‫فإني وجدت الحـب في إذا‬
‫والذى‬
‫فعلى المرأة أن تقابل غضب زوجها بالبتسامة الحانية والكلمة‬
‫الطيبة فإن الكلمة الطيبة صدقة ‪ ،‬ولها فعل السحر في نفوس‬
‫الناس؛ فهي تبني ول تهدم‪ ،‬وتصلح ول تفسد‪،‬‬
‫و إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ل يلقي لها بال يرفعه‬
‫الله بها درجات بنص السنة الصحيحة ‪:‬‬
‫)حديث أبي هريرة في صحيح البخاري( أن النبي ‪ r‬قال إن العبد‬
‫ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ل يلقي لها بال يرفعه الله بها‬
‫درجات و إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ل يلقي لها بال‬
‫يهوي بها في جهنم ‪‌ .‬‬
‫ة‬
‫ة حافظ ً‬ ‫ة قانت ً‬ ‫طا صالح ً‬‫طا ول تكثر لغ ً‬ ‫م الّله امرأة ل تطلب غل ً‬ ‫ح َ‬‫َر ِ‬
‫للغيب بما حفظ الّله‪.‬‬
‫‪‬وعلى المرأة أن تضع نصب أعينها أن الرجل ل يكون‬
‫ة واحدة لما يلقيه من مكابدة الحياة ومسئولياتها‬ ‫غالبا ً على وتير ٍ‬
‫فقد يكون بشوشا ً وأحيانا ً يعتريه بعض الضيق فعليها أن تصبر‬
‫ة يسيرة ويعود إلى بشاشته ‪،‬‬ ‫عليه وقت الضيق فما هي إل ساع ٍ‬
‫محالة من كل زوج مهما بلغت درجة صلحه‬ ‫لل َ‬‫وهذا حاص ٌ‬
‫ة الن لتعلم أن ذلك يحصل من أي زوج مهما‬ ‫وسأسوق لك قص ً‬
‫بلغت درجة صلحه ودينه وإن كان من الخلفاء الراشدين أو العلماء‬
‫الربانيين ‪:‬‬
‫ت وهذا‪،‬‬ ‫‪‬قال عمر بن الخطاب لزوجته‪" :‬يا عدوة الله‪ ،‬وفيما أن ِ‬
‫ك‬
‫بب ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ت لعبة ُيل َ‬ ‫ت تدخلين بيني وبين المسلمين‪ .‬إنما أن ِ‬ ‫ومتى كن ِ‬
‫م ت ُت َْركين‪"..‬‬ ‫ث ّ‬
‫ورة لبن شّبة( قال عمر ذلك حين‬ ‫)من كتاب‪ ،‬تاريخ المدينة المن ّ‬
‫أتته امرأته تسأله فيما وجد على قريبها عّياض بن غنم الذي كان‬
‫وابًا‪.‬‬ ‫له على الشام ثم بلغه أنه اتخذ لنفسه حماما ً ون ّ‬ ‫عمر قد و ّ‬
‫وفي "إحياء علوم الدين للغزالي" جاء أن عمرا ً قال لزوجته‪" :‬إنما‬
‫و إل‬ ‫ء له ٌ‬‫ة مع النسا ِ‬ ‫ع الملعب ِ‬‫ة في زاوية البيت‪ .‬وجمي ُ‬ ‫ت لعب ٌ‬ ‫أن ِ‬
‫الحراثة التي هي سبب وجود الولد‪".‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 396‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ه‬
‫قْر ُ‬‫ت على زوجها حال غضبه وثورته ولم ت َن ْ ُ‬ ‫صب ََر ْ‬
‫ة َ‬ ‫]*[ فلله دّر امرأ ٍ‬
‫ة ل أذوق‬ ‫قَر الديك وامتصت غضبه وتأست بنساء أهل الجنة قائل ً‬ ‫نَ ْ‬
‫غمضا ً حتى ترضى‬ ‫ُ‬
‫)حديث أبي هريرة رضي الله عنه الثابت في السلسلة الصحيحة(‬
‫أن النبي ‪ r‬قال ‪ :‬نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود‬
‫علي زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها‬
‫غمضا ً حتى ترضى ‪.‬‬ ‫وتقول ل أذوق ُ‬
‫العؤود ‪ :‬التي تعود علي زوجها بالنفع ‪.‬‬
‫ل أذوق غمضا ً ‪ :‬ل أذوق نوما ً حتى ترضى ‪.‬‬
‫والمرأة الودود هي المرأه التي ُيعهدُ منها التودد إلي زوجها‬
‫والتحبب إليه ‪ ،‬وبذل ما بوسعها من أجل مرضاته لذا تكون معروفة‬
‫باعتدال المزاج وهدوء العصاب بعيدة عن النحرافات النفسية‬
‫والعصبية تحنو علي ولدها وراعية لحق زوجها أما إذا لم تكن‬
‫ت علي زوجها وصعب قيادها‬ ‫فع ْ‬‫المرأة كذلك كثر نشوزها وتر ّ‬
‫لشراسة خلقها مما يفسد الحياة الزوجية بل ويدمرها بعد استحالة‬
‫تحقق السكن النفسي والروحي للزوج بسببها‪.‬‬
‫]*[ قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى ‪» :‬وينبغي للمرأة العاقلة إذا‬
‫حا يلئمها أن تجتهد في مرضاته‪ ،‬وتجتنب كل ما‬ ‫جا صال ً‬ ‫وجدت زو ً‬
‫يؤذيه‪ ،‬فإنها متى آذته أو تعرضت لما يكرهه أوجب ذلك مللته‪،‬‬
‫وبقي ذلك في نفسه‪ ،‬فربما وجد فرصته فتركها‪ ،‬أو آثر غيرها‪،‬‬
‫فإنه قد يجد‪ ،‬وقد ل تجد هي‪ ،‬ومعلوم أن الملل للمستحسن قد‬
‫يقع‪ ،‬فكيف للمكروه«!‬
‫‪ ‬إن المرأة الصالحة إذا نجحت في اكتساب هذه الصفات فقد‬
‫طويت من صفحات حياتها صفحات كانت ملى بالمعاناة والدموع‬ ‫ُ‬
‫والهموم والصبر والكفاح حتى طوتها يد الفرج وأعقبتها صفحة‬
‫جديدة سطورها الحب الزوجي والتفاهم والمودة والرحمة‬
‫والنسجام والراحة والسعادة بعد تحقق المل الجميل ‪.‬‬
‫ة أنه ل تكاد أسرةٌ تسلم‬ ‫‪‬تنبيه ‪ :‬إن من المعلوم عقل ً وبداه ً‬
‫من الخلفات ‪،‬‬
‫ع ل محالة والنجاح في كيفية علج هذه‬ ‫الزوجية ‪ ،‬فهو واق ٌ‬
‫ل‬‫المشكلت بشكل يضمن المحافظة على الحياة الزوجية وبشك ٍ‬
‫ة الوطائد ‪،‬‬ ‫ة القواعد مشيدةَ الركان ثابت َ‬ ‫ة بينهما راسي َ‬ ‫يجعل المود َ‬
‫غض الطرف عن معالجة الخلف في‬ ‫وينبغي على الزوج أن ل ي َ ُ‬
‫ط العقد و يستفحل المر ويتسع الخرق على‬ ‫مهده قبل أن ينفر َ‬
‫الراقع وقبل أن يستعصي الداء فل ينفع دواء ‪ ،‬وهذا هو منهج‬
‫ت‬ ‫القرآن الكريم في معالجة ما يحصل بين الزوجين من خلفا ٍ‬
‫ونشوز ‪.‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 397‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫شوَز ُ‬ ‫ن نُ ُ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫والل ِّتي ت َ َ‬ ‫ففي نشوز المرأة قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫فل َ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أط َ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج ِ‬‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ظو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫عل ِي ّا ً ك َِبيرًا( ]سورة‪ :‬النساء ‪ -‬الية‪:‬‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سِبيل ً إ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫غوا ْ َ َ‬ ‫ت َب ْ ُ‬
‫‪[34‬‬
‫فالية صريحة في أن النسان يجب عليه أن يعالج الخطأ بمجرد أن‬
‫يشعر به ول ينتظر حتى يقع النشوز بالفعل ‪.‬‬
‫* وفي نشوز الرجل وإعراضه عن المرأة أرشد الكتاب والسنة‬
‫الصحيحة المرأة أن تبادر إلى المصالحة مع زوجها إن خشيت أن‬
‫يطلقها ول تنتظر حتى تقع المفارقة ‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫مَرأ َةٌ َ‬
‫ح‬
‫جن َا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫عَراضا َ‬ ‫و إِ ْ‬ ‫شوزا أ ْ‬ ‫ها ن ُ ُ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫خا َ‬ ‫نا ْ‬ ‫وإ ِ ِ‬ ‫قال تعالى‪َ ) :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫ش ّ‬ ‫س ال ّ‬ ‫ف ُ‬ ‫ت الن ْ ُ‬ ‫ضَر ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ح َ‬ ‫صل ْ ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫صْلحا ً َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حا ب َي ْن َ ُ‬ ‫صل ِ َ‬ ‫مآ أن ي ُ ْ‬ ‫ه َ‬‫علي ْ ِ‬
‫َ َ‬
‫خِبيرًا( ]سورة‪:‬‬ ‫ن َ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫قوا ْ َ‬ ‫وت َت ّ ُ‬ ‫سُنوا ْ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫وِإن ت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫النساء ‪ -‬الية‪[128 :‬‬
‫س الثابت في صحيحي أبي داوود و الترمذي (‬ ‫عّبا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫) حديث اب ِ‬
‫ت‪ :‬ل َ ت ُطَل ّ ْ‬ ‫َ‬
‫قِني‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ي ‪َ r‬‬ ‫ها الّنب ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ي ُطَل ّ َ‬ ‫ودَةُ أ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ت َ‬ ‫شي َ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫قال ‪َ »:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫جَنا َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫ت} َ‬ ‫فن ََزل ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬‫ف َ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫مي ل ِ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫سك ِْني َ‬ ‫م ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫يء‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫حا َ‬ ‫صطل َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫خي ٌْر{ ف َ‬ ‫ح َ‬ ‫صل ُ‬ ‫وال ّ‬ ‫صلحا َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حا ب َي ْن َ ُ‬ ‫صل ِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫جائ ٌِز« ‪.‬‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬

‫رقم‬ ‫الموضـــــــوع‬
‫الصفحة‬
‫‪1‬‬
‫‪6‬‬ ‫مكانة المرأة في السلم‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 398‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫‪11‬‬ ‫تعريف النكاح‬
‫‪12‬‬ ‫مشروعية النكاح‬
‫‪14‬‬ ‫كم الن ِ َ‬
‫كاح‬ ‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫‪17‬‬ ‫الحكمة من النكاح وفوائده‬
‫‪24‬‬ ‫السس التي يقوم عليها نظام الحياة‬
‫الزوجية‬
‫‪30‬‬ ‫ُأسس اختيار الزوجة‬
‫‪59‬‬ ‫ُأسس اختيار الزوج‬
‫‪73‬‬ ‫خطبة ومسائلها‬ ‫ال ِ‬
‫‪92‬‬ ‫عقد النكاح ومسائله‬
‫‪93‬‬ ‫أركان عقد النكاح‬
‫‪93‬‬ ‫شروط صحة النكاح‬
‫‪97‬‬ ‫شروط الولي‬
‫‪98‬‬ ‫سلم الترتيب في الولي للمرأة‬
‫‪99‬‬ ‫المحرمات في النكاح‬
‫‪99‬‬ ‫أسباب التحريم‬
‫‪100‬‬ ‫الرضاع الذي يثبت به التحريم‬
‫‪100‬‬ ‫المحرمات بالمصاهرة‬
‫‪101‬‬ ‫ثانيا ُ ‪ :‬المحرمات مؤقتا ً‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 399‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫رقم‬ ‫الموضـــــــوع‬
‫الصفحة‬
‫‪103‬‬ ‫النكحة الفاسدة‬
‫‪104‬‬ ‫الشروط في النكاح‬
‫‪106‬‬ ‫أنواع الشروط‬
‫‪107‬‬ ‫العيوب في النكاح‬
‫‪110‬‬ ‫زفاف‬ ‫آداب ال ِ‬
‫‪111‬‬ ‫أوًل ‪ :‬آداب ليلة البناء بالعروس‬
‫‪114‬‬ ‫ثانيا ً ‪:‬آداب الجماع‬
‫‪124‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬أفضل أوضاع الجماع‬
‫‪125‬‬ ‫رابعا ً ‪ :‬ما يباح في الجماع وما يحرم‬
‫‪131‬‬ ‫خامسا ً ‪:‬فوائد المعاشرة الجنسية‬
‫‪136‬‬ ‫سادسا ً ‪ :‬وجوب الوليمة‬
‫‪140‬‬ ‫سابعا ً ‪ :‬وصايا إلى الزوجين‬
‫‪142‬‬ ‫ثامنًا ‪ :‬الحقوق الزوجية‬
‫‪142‬‬ ‫أول ً ‪ :‬حقوق الزوجة‬
‫‪198‬‬ ‫ثانيا ً ‪:‬حقوق الزوج على زوجته‬
‫‪199‬‬ ‫ظم حق الزوج‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬
‫‪202‬‬ ‫ة وتفصيل‬ ‫حقوق الزوج على زوجته جمل ً‬
‫‪212‬‬ ‫أول ً ‪ :‬من حفظ غيبته أل تكلم رجل ً أجنبيا ً‬
‫إل بإذنه‬
‫‪212‬‬ ‫هاِتفَية‬
‫مات ال َ‬ ‫م َ‬
‫كال ِ َ‬ ‫ة ال ُ‬ ‫خ ُ‬
‫طوَر ِ‬ ‫ت َذْك ِي ُْر الت َ ِ‬
‫قَية ب ِ ُ‬
‫‪225‬‬ ‫محتال‬ ‫تحذيٌر إلى المعاكس ال ُ‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 400‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫رقم‬ ‫الموضـــــــوع‬
‫الصفحة‬
‫‪228‬‬ ‫شناعة الخيانة الزوجية‬
‫‪236‬‬ ‫مفاسد الزنا والعياذ بالله‬
‫‪248‬‬ ‫تفاوت فاحشة الزنا والعياذ بالله‬
‫‪249‬‬ ‫قصص وعبر لسوء عاقبة الزناة‬
‫‪252‬‬ ‫التفسير الشرعي لوقوع العصاة في الزنا‬
‫‪254‬‬ ‫عفاف‬ ‫الصدق في ال َ‬
‫‪264‬‬ ‫د أن يخببها على زوجها‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬من أل تسمح لح ٍ‬
‫‪273‬‬ ‫أصناف النساء في حفظها لغيبة زوجها‬
‫‪276‬‬ ‫التفسير الشرعي لمتداد عين المرأة‬
‫اللئيمة إلى غير زوجها‬
‫‪283‬‬ ‫سوء عاقبة التخبيب‬
‫‪286‬‬ ‫فتنة النساء وكيفية النجاة منها‬
‫‪302‬‬ ‫من مشاهد الضياع في ارتداء الحجاب‬
‫‪347‬‬ ‫المكافأة في الخرة لمن صان نفسه عن‬
‫الحرام في الدنيا‬
‫‪348‬‬ ‫خْلقية‬
‫صفات الحور العين ال َ‬
‫‪351‬‬ ‫خُلقية‬‫صفات الحور العين ال ُ‬
‫‪352‬‬ ‫ما جاء في التمتع بالحور العين‬
‫‪359‬‬ ‫حتى تكـوني أنـيقة الملبس ‪!!..‬‬
‫‪361‬‬ ‫ألوان تقّربك من زوجك‪..‬وألوان تبعده‬
‫عنك!‬
‫‪363‬‬ ‫كيف تكسبين زوجك من خلل اللوان‬
‫‪385‬‬ ‫ثالثا ً ‪ :‬الحقوق المشتركة بين الزوجين‬
‫‪404‬‬ ‫تاسعا ً ‪ :‬علج الخلفات الزوجية‬
‫‪406‬‬ ‫كيفية علج الخلفات الزوجية‬
‫رقم‬ ‫الموضـــــــوع‬
‫الصفحة‬
‫‪414‬‬ ‫عاشرا ً ‪:‬صفات المرأة القاتلة للسعادة‬
‫الزوجية‬
‫‪418‬‬ ‫الحادي عشر‪ :‬صفات المرأة التي تجلب‬
‫السعادة الزوجية‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 401‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬
‫جْية‪‬‬
‫الَزوْ ِ‬ ‫ق‬
‫قو ِ‬ ‫‪ ‬ت َذ ْك ِي ُْر الب َرِّية بال ِ‬
‫ح ُ‬
‫سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أل إله إل أنت‬
‫أستغفرك وأتوب إليك‬
‫‪ ‬تم بحمد الله تعالى ومنته ‪‬‬

‫ت‪‬‬ ‫‪ « 402‬خاف ال َ‬
‫فو ْ‬ ‫ن الَمْوت »‬ ‫ن أي ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م ْ‬

You might also like