You are on page 1of 17

‫‪11‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫باب الحرام بالحج و العمرة و وجوبهما على المستطيع مرة في العمر على‬
‫الفور و قول الله جل ذكره ) و أتموا الحج و العمرة لله ( قال بن تيمية رحمه الله أي‬
‫من أحرم بالحج فعليه التمام و عليه العمل عند جمهور العلماء وتعقب من قال أنها دليل على‬
‫وجوب الحج و العمرة بأن هذا خطأ ‪ ,‬أما دليل وجوب الحج قوله تعالى ) و لله على الناس حج‬
‫البيت من استطاع إليه سبيل ( آل عمران قال بن كثير و عليه العمل عند جمهور العلماء و لما‬
‫رواه المام أحمد رحمه الله قال حدثنا يزيد بن هارون حدثنا الربيع بن مسلم القرشي عن محمد‬
‫بن زياد عن أبي هريرة قال‪:‬خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "أيها الناس قد فرض‬
‫عليكم الحج فحجوا" فقال رجل أكل عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلثا فقال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم" ثم قال "ذروني ما تركتكم فإنما هلك‬
‫من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلفهم على أنبيائهم وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم‬
‫وإذا نهيتكم عن شيء فدعوه"‪ .‬و رواه مسلم عن زهير بن حرب عن يزيد بن هارون ‪ ,‬و أجمع‬
‫المسلمون على كون الحج ركنا ً من أركان السلم لما رواه الشيخان من حديث عبد الله بن عمر‬
‫رضي الله عنه أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني السلم على خمس‬
‫شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا عبده ورسوله وإقام الصلة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم‬
‫رمضان ‪ .‬أما العمرة فأجمعوا على مشرعيتها و اختلفوا في كونها واجبة كالحج أم هي مستحبة‬
‫فقال علي بن أبي طالب و عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر و زيد بن ثابت أم المؤمنين‬
‫عائشة هي واجبة كالحج و تبعهم الشافعي على الصحيح و أحمد و سعيد بن جبير و عطاء و‬
‫طاوس و مجاهد و الحسن و إسحاق بن راهويه و سفيان الثوري و الوزاعي و أبو ثور و المزني‬
‫و الناصر و أبو عبيد و اختاره البخاري و من المتقدمين العلمة بن باز و احتجوا بثلثة أحاديث‬
‫الول ما رواه أبو داود و الترمذي و صححه عن لقيط بن عامر رضي الله أنه أتى النبي صلى الله‬
‫عليه و آله و سلم و قال له إن أبي شيخ كبير ل يستطيع الحج و ل العمرة و ل الظعن قال حج‬
‫عن ابيك و اعتمر ‪ ,‬و ما رواه أحمد و بن ماجه من حديث ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها‬
‫بإسناد صحيح أنها قالت يا رسول الله هل على النساء جهاد قال عليهن جهاد ل شوكة فيه الحج و‬
‫العمرة ‪ ,‬و لفظة عليهن إنما تعني الوجوب فمن باب أولى الرجال ‪ ,‬و أيضا ً لفظ الدراقطني من‬
‫حديث جبريل عليه السلم فيها دليل على وجوب العمرة فقد روى الدراقطني عن عمر بن‬
‫الخطاب رضي الله عنه أنه قال بينما نحن جلوس عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم‬
‫جاء رجل فقال يا محمد أخبرني عن السلم قال أن تشهد أن ل إله إل الله و أن محمدا ً رسول‬
‫الله و تقيم الصلة و تؤتي الزكاة و تحج و تعتمر و تغتسل من الجنابة و تتم الوضوء و تصوم‬
‫رمضان قال فإن فعلت هذا فأنا مسلم قال نعم قال صدقت إلى آخر الحديث ثم قال الدراقطني‬
‫و هذا إسناد ثابت صحيح و هو ظاهر في وجوب الحج ‪ ,‬واحتجوا بقول الضبي بن معبد لعمر بن‬
‫الخطاب إني أسلمت حديثا ً و وجدت الحج و العمرة مكتوبين علي فأهللت بهما فقال له عمر بن‬
‫الخطاب هديت لسنة نبيك و هذا الثر رواه أبو داود و النسائي و صححه اللباني ‪ ,‬أيضا ً ما رواه‬
‫البيهقي بإسناد صحيح عن زيد بن ثابت أنه قال الحج و العمرة فريضتان ل يضرك بأيهما بدأت ‪.‬‬
‫أما ما يريه الدرقطني و الحاكم عن زيد بن ثابت مرفوعا ً الحج و العمرة فريضتان فقال عنه‬
‫الحافظ في الدراية ل يصح و المحفوظ أنه موقوفا ً ‪ ,‬و ما يرويه البيهقي أيضا ً من حديث جابر‬
‫مرفوعا ً الحج و العمرة فريضتان فيه بن لهيعه فل يصح ‪ ,‬و كذا ما يرويه الحاكم عن بن عباس‬
‫رضي الله عنهما أنه قال الحج والعمرة فريضتان على الناس كلهم إل أهل مكة فإن عمرتهم‬
‫طوافهم فليخرجوا إلى التنعيم ثم ليدخلوها فهذا ل يصح لن فيه إسماعيل بن مسلم و هو ضعيف‬
‫أفاده صاحب الدرايه ‪ .‬و خالف من قال بالوجوب المام أبو حنيفة و مالك و تبعهم شيخ السلم‬
‫بن تيمية رحمهم الله جميعا فقالوا الظهر أنها سنة مؤكدة فإن الله تعالى قال ) و لله على‬
‫الناس حج البيت ( و لم يذكر العمرة و كذا الحاديث الثابته التي تعدد فرائض السلم كحديث‬
‫‪22‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫عبد الله بن عمر مرفوعا بني السلم على خمس شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا عبده‬
‫ورسوله وإقام الصلة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ‪ ,‬و ليس فيها ذكر العمرة و يجاب‬
‫بأن هذه الحاديث عنت بذكر أركان السلم مجمل و ل يتسع المقام لتعديد فرائض السلم‬
‫فالحج ركن و العمرة فريضة و الصلة ركن و الوضوء فرض و هكذا ‪ ,‬و استدلوا أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه و آله و سلم سئل عن العمرة أواجبة فقال ل و هذا يروى من طريقين الول‬
‫طريق الحجاج عن بن المنكدر و الثاني طريق يحيى بن أيوب عن بن المغيرة ‪ ,‬أما الطريق الول‬
‫فهو عند الترمذي و بن ماجه و الداراقطني و البيهقي و أحمد و أبي يعلى و لفظ الترمذي رحمه‬
‫عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العمرة أواجبة هي قال ل وإن تعتمروا هو‬
‫أفضل ‪ ,‬و الحديث ضعيف ل تقوم به حجة فالحجاج ابن أرطاة صدوق كثير الخطأ والتدليس ولم‬
‫يحتج به الشيخان في صحيحهما وقال ابن حبان تركه ابن المبارك ويحيى القطان وابن معين اه‬
‫فالحجاج ضعيف كثير التدليس و قد عنعن و قد ضعف الحديث الدراقطني و البيهقي و تبعهم‬
‫المباركفوري شارح الترمذي و قال بن عبد البر انفرد به الحجاج بن أرطئه و ما انفرد به فل حجة‬
‫فيه أما الطريق الثاني فهو طريق يحيى بن ايوب عن محمد بن المغيرة فهو عند الدارقطني عن‬
‫جابر رضي الله عنه أنه قال قلت يا رسول الله العمرة واجبة فريضتها كفريضة الحج قال ل وأن‬
‫تعتمر خير لك ‪ ,‬قال صاحب تحفة الحوذي و عبيد الله بن المغيرة تفرد به عن أبي الزبير ‪ .‬قال‬
‫بن عبد البر و طرق هذه الحاديث كلها ل تصح و ل تقوم بمثلها حجة و روي عن أبي صالح‬
‫الحنفي أن رسول الله عليه و آله و سلم قال الحج و اجب و العمرة تطوع إل أنه منقطع و قال‬
‫الشافعي رحمه الله تعالى أما العمرة فلم يثبت فيها شئ أنها تطوع و قد روي ذلك عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم بإسناد و هو ضعيف ل تقوم بمثله حجه ‪ ,‬افاده الترمذي ‪ .‬و ل‬
‫يصح الحج و العمرة من كافر و ل أي عبادة لقوله تعالى ) لن أشركت ليحبطن عملك ( و ل‬
‫يصح من مجنون لذهاب عقله و لنه ليس من أهل العبادات و يصح الحج من مسلم و لو صغيرا ً‬
‫او عبدا ً و ل يجزء عنهما إجماعا ً نقله القاضي عياض و روى في ذلك بن أبي شيبة عن أبي الوليد‬
‫عن العمش عن أبي ظبيان عن بن عباس انه قال احفظوا عني و ل تقولوا قال بن عباس أينما‬
‫عبد حج به اهله ثم اعتق فعليه الحج و أيما صبي حج به أهله صبيا ً ثم ادرك فعليه حجة الرجل و‬
‫أيما أعرابيا ً حج أعرابيا ً ثم هاجر فعليه حجة المهاجرين ‪ ,‬قال عمرو بن علي في تحفة المحتاج و‬
‫هو ظاهر في رفعه بل قطعي اه و الحديث سنده صحيح ‪ ,‬قال القاضي عياض و ذهبت طائفة‬
‫من أهل البدع إلى منع حج الصغير اه قال النووي رادا ً على هذه الطائفة هو مردود ل يلتفت إليه‬
‫لفعل النبي صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابه و إجماع المة و قال بن عبد البر في التمهيد‬
‫أيضا ً أما القول بمنع حج الصغير فهو ل يشتغل به و ل يعرج عليه لن النبي صلى الله عليه و آله‬
‫و سلم حج بغليمة بني عبد المطلب و حج السلف بصبيانهم و قال النبي صلى الله عليه و آله و‬
‫سلم في الصبي له حج و لك أجر فسقط كل ما خالف هذا من القول و بالله التوفيق اه ‪ .‬فقد‬
‫روى البخاري و مسلم من حديث بن عباس رضي الله عنهما أن امرأة رفت إلى النبي صلى الله‬
‫عليه و آله و سلم صبيا ً فقالت أله ذا حج يا رسول الله قال نعم و لك أجر ‪ .‬و يجزئ الحج عن‬
‫المسلم البالغ الحر و لو كان ليس بمستطيع ‪ ,‬و الحج واجب على المسلم البالغ العاقل الحر‬
‫المستطيع و اختلف السلف في تفسير الستطاعة فقال عمر بن الخطاب و بن عباس و سعيد‬
‫بن جبير و مجاهد و الحسن و أبو حنيفة و الشافعي و أحمد الزاد و الراحلة قال الترمذي و‬
‫العمل به عند أكثر أهل العلم أما ما يرى عن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أنه سئل‬
‫عن الستطاعة فقال الزاد و الراحلة فل يصح قال بن المنذر ل يصح ذلك مسندا ً يقصد أنه‬
‫مرسل و هذا الحديث يروى من طريقين الول طريق سعيد بن أبي العروبة عن قتادة عن أنس‬
‫فيكون بذلك مرفوعا ً و الثاني عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن و يكون بذلك‬
‫مرسل ً قال البيهقي و الصحيح أنه مرسل ٌ أما المرفوع فما أراه إل و هما ً و أقره الحافظ فقال‬
‫الصحيح أنه مرسل و المرفوع ل أراه إل و هما و هو كلم بن المنذر ‪ .‬و لذلك لم يعتبر مالك الزاد‬
‫و الراحلة و قال إن استطاع السير و التكسب في طريقه فيلزمه الحج ‪ .‬و اختلفوا في المرأة‬
‫هل المحرم المطاوع لها شرطا ً سادسا ً أم ل فقال المام أبو حنيفة و أحمد ل بد من سفرها‬
‫‪33‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫بمحرم لما رواه الشيخين من حديث بن عباس رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه و آله و سلم يقول ل يخلون رجل بمرأة و تسافر امرأة إل و معها ذي محرم فقام‬
‫رجل فقال يار سول الله إني اكتتبت في غزوة كذا و كذا و إن امرأتي خرجت حاجة فقال اذهب‬
‫فحج مع امرأتك ‪ ,‬و قال مالك و الشافعي كما أنه إذا منعها من الصلة أو الصوم تخالفة و تصوم‬
‫و تصلي و كذلك إن منعها من الج تخرج إن وجدت الررفقة المأمونة و يجاب بأنه هل هناك أئمن‬
‫من رفقة أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و مع ذلك لم يعترها رسول الله صلى‬
‫الله عليه و آله و سلم في سفر المرأة و قال للرجل اذهب فحج مع امرأتك ‪ ,‬و أما من قال‬
‫باشترط المحرم و من قال بعدم اشتراطه فاتفقوا جميعا ً على أن الزوج أو المحرم ل يجوز له‬
‫منها من حج الفرض و اتفقوا أيضا ً أن للزوج منعها من حج النافلة نقله النووي ‪ .‬و من وجب عليه‬
‫الحج لزمه السعي فورا ً في موسم الحج و القول بوجوب الحج على الفور هو قول المام أبو‬
‫حنيفة و أحمد و بعض أصحاب الشافعي و البغداديين من أصحاب مالك ‪ ,‬أما جمهور أصحاب‬
‫الشافعي و العراقين و أكثر أهل المغرب من أصحاب مالك و الوزاعي و أبو يوسف و محمد بن‬
‫الحسن على أن الحج على التراخي ‪ .‬أما من قال أنه على الفور فاحتجوا بفعله صلى الله عليه و‬
‫آله و سلم و قالوا إن الحج فرض عام تسة أو عشرة فحج رسول الله صلى الله عليه و آله و‬
‫سلم فورا ً و إن كان قد فرض عام تسعة فلم يمنعه إل كثرة الوفود هذا العام إل أن توقيت فرض‬
‫الحج فيه خلف فقال جماعة فرض عام ثلثة و فيها نزلت آية آل عمران و استدلوا أيضا ً بأن‬
‫قصة ضمام بن ثعلبة كانت قبل عام خمسة فيما ذكره الواقدي و يجاب بأن ذكر الحج لم يرد في‬
‫الروايات الصحيحة و رجح بن القيم في الهدي أن هذه اللفظة مدرجة قال الشوكاني في النيل و‬
‫قال الحافظ و هذا القول شاذ ‪ ,‬و قيل عام ستة و استدلوا بأن قوله تعالى ) و أتموا الحج و‬
‫العمرة لله ( كانت عام ستة فدل على تقدم فرض الحج ‪ ,‬و يجاب بأن الية ل تدل على تقد‬
‫فرض الحج و إنما كان الحج و العمرة على سبيل النافلة لمن استطاع و إل فمن يقول أنه فرض‬
‫عام ثلثة أو خمسة أو ستة فكيف يفرض الحج و ل أحد من السلمين يمكنه الحج و ل العمرة إذ‬
‫أن فتح مكة كان بعد ذلك و االصحيح هو الذي ذكره شيخ السلم و تلميذه بن القيم في الهدي و‬
‫ذكره غير واحد من السلف أن فرض الحج كان عام تسعة أو عشرة لن صدر من سورة آل‬
‫عمران نزل عام تسة و فيه قدوم وفد نجران و دعوتهم إلى التوحيد و المباهلة ‪ .‬ثانيا ً استدلوا‬
‫أيضا ً بما رواه أحمد و الطبراني في الكبير عن سودة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله‬
‫عليه و آله و سلم إن أبي شيخ كبير ل يستطيع الحج قال أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيت‬
‫عنه قبل منك قالت نعم قال فالله أرحم حج عن أبيك ‪ ,‬قال هيثمي رجاله ثقات و في المعاملت‬
‫إذا كان المدين يستطيع القضاء فيلزمه القضاء على الفور فإن أخر فيحق للدائن أن يطالب‬
‫بعقوبته ‪ .‬ثالثا ُ تقدم في الصول أن الصل في أمر رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم بأنه‬
‫على الفور لنه صلى الله عليه و آله و سلم لما أمرهم عام الحديبة أن يحلوا فتأخروا فغضب‬
‫لذلك رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و فيه خلف ‪ .‬رابعا ً استدلوا بإجماع المسلمين‬
‫على كون المحصر عن حجة السلم عليه القضاء و لم ينعقد الجماع على أن المحصر عن‬
‫التطوع عليه القضاء و الصحيح أيضا ً أنه ليس عليه قضاء لنه ل دليل عليه و سيأتي تفصيله فدل‬
‫على أن سبب وضوح الدليل و ثبوت الحكم كونه لو يحج حجة السلم فكل من تلبس بهذا‬
‫السبب فعليه الحج من قابل فهل جزاء من يجهد في الوصول إلى البيت ثم يحصر أن يلزم بالحج‬
‫من قابل على الفور فدل ذلك على أنه من باب إيراده للصل و أن الصل فيمن لم يحج يلزمه‬
‫الحج من العام القادم ‪ .‬خامسا ً استدلوا بأثر عمر بن الخطاب الذي يروى بصيغ مختلفة عند بن‬
‫أبي شيبة و ابو بكر السماعيلي و سعيد بن منصور و البيهقي و كلها صحيحه ‪ .‬أما أثر عمر عند‬
‫بن أبي شيبة فبلفظ من مات و هو موسر و لم يحج فليمت على أي حال شاء يهوديا ً أو نصرانيا ً‬
‫أما لفظ أبو بكر السماعيلي و قد رواه بن كثير و صححه فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫أنه قال من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه مات يهوديا ً أو نصرانيا ‪ .‬و أما لفظ سعيد بن‬
‫ل إلى هذه المصار فينظروا إلى كل من كان عنده جدة‬ ‫منصور أنه قال لقد هممت أن ابعث رجا ً‬
‫و لم يحج فيضربوا عليهم الجزية ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين و لفظ البيهقي أنه رضي الله‬
‫‪44‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫عنه قال ليمت يهوديا ً او نصرانيا ً يقولها ثلثا ً رجل مات و لم يحج و جد لذلك سعه و خليت سبيله‬
‫قال الحافظ في التلخيص عن أثري سعيد و البيهقي أنها طرق صحيحه ‪ .‬أما من قال بأن الحج‬
‫على التراخي فاستدلوا بأنه يجوز تأخير الصلة من أول وقتها إلى آخره و كذلك يجوز قضاء أيام‬
‫من رمضان في شعبان كما كانمت تفعل أم المؤمنين عائشة و أجيب بأن هذا الستدلل فيه نظر‬
‫فإن تأخير الصلة غلى آخر و قتها و قضاء أيام من رمضافي شعبان فإن هذا التأخير يكون‬
‫بمصاحبة و قت تصح فيه العبادة أما التأخير ها هنا فيكون بمصاحبة و قت ل تصح فيه العبادة فهو‬
‫ليس يشبهه أفاده أبو الوليد في بداية المجتهد ‪ .‬و هناك من استدل بست أحاديث في وجوب‬
‫الحج على الفور لم يصح منها شئ أما الول فحديث من أراد الحج فليتعجل و هذا الحديث لم‬
‫يروى غلى من طريق الحسن بن عمرو الفقيمي عن مهران أبي صفوان فيرويه أحمد من طريق‬
‫عبد الرحمن المحاربي عن الفقيمي و يرويه أبو داود من طريق العمش عن الفقيمي و يرويه‬
‫عبد بن حميد و بن أبي شيبة و الحاكم و البيهقي من طريق أبو الوليد عن الفقيمي و زاد بن أبي‬
‫شيبة و عبد بن حميد لفظة منكم و سبب الضعف هاهنا هو الجهل بحال مهران أبي صفوان الذي‬
‫يري عن بن عباس رضي الله عنهما و قد و ثقه بن حبان إل أنه يعمل بتوثيقه هاهنا لنه من‬
‫عادته توثيق المجاهيل سئل أبو زعة الرازي عن أبي صفوان قال ل أعلمه في هذا الحديث و أبو‬
‫زرعه هذا أحد الئمة العلم و حفاظ السلم قال المام أحمد ما جاوز الجسر أفقه من إسحاق‬
‫بن راهويه و ل أحفظ من أبي زرعه ‪ .‬أما الحديث الثاني فهو حديث من أراد منكم الحج فليتعجل‬
‫فإنه قد يمرض المريض و تضل الضالة و تعرض الحاجة و هذا الحديث يروى من طريقين أما‬
‫الول فهو طريق فرات بن سليمان عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير عن بن عباس و أما‬
‫الطريق الثاني فهو طريق أبو إسرائيل عن فضيل بن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عباس أما‬
‫الطريق الول فيرويه من هذا الطريق الطبراني في الكبير و فرات بن سليمان قال فيه بن عدي‬
‫لم أر أحدا ً صرح بضعفه و أرجو أنه ل بأس به و وهم فيه بن الجوزي فظنه أنه فرات بن سليم‬
‫الذي يضعفه بن حبان إل أنه الحافظ ذكر في لسان الميزان فرات بن سليمان ثم يليه فرات بن‬
‫سليم و ذكر فيه قول بن حبان و ضعف الحافظ فرات بن سليما في لسان الميزان عندما تكلم‬
‫عن محمد بن علوان فقال و فرات بن سليمان ضعيف ‪ ,‬أما الطريق الثاني لهذا الحديث بلفظ‬
‫من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض و تضل الضالة و تعرض الحاجة فيرويه المام‬
‫أحمد من طريق أبو أحمد محمد بن عبد الله عن أبو إسرائيل و يرويه ايضا ً هو و بن ماجه من‬
‫طريق و كيع عن أبو إسرائيل و يرويه الطبراني في الكبير من طريق أبو الوليد عن أبو إسرائيل‬
‫و أبو إسرائيل هو إسماعيل بن خليفة العبسي الملئي الكوفي ضعفه غير واحد قال النسائي‬
‫ليس بثقة و قال أبو حاتم ل يحتج به و قال عبد الله بن المبارك لقد من الله على المسلمين‬
‫بسؤ حفظ أبو إسرائيل و قال مرة ضعيف و قال الشوكاني صدوق ضعيف الحفظ ‪ .‬أما الحديث‬
‫الثالث فهو حديث من ملك زادأ و راحلة تبلغه إلى بيت الله و لم يحج فل عليه أن يموت يهوديا ً‬
‫أو نصرانيا ً يرويه بهذا اللفظ الترمذي و يرويه البزار بلفظ من ملك زادا ً و راحله تبلغه فلم يحج‬
‫بيت الله يهوديا ً مات أو نصرانيا ً و هذا الحديث بلفظيه يرى عند الترمذي و البزار من طريق هلل‬
‫بن عبد الله و هو مجهول الحال و فيه الحارث و هو ضعيف و كذبه الشعبي ‪ .‬أما الحديث الرابع‬
‫فهو حديث من مات و لم يحج و لم يمنعه و جع حابس أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر فليمت‬
‫على أي الملتين شاء إما يهوديا ً و إما نصرانيا ً و هذا الحديث يرى مرفوعا ً و مرسل ً أما المرفوع‬
‫فيرويه عبد الله بن عدي عن عبد الرحمن القطامي عن أبي المهزم عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال من مات و لم يحج و لم يمنعه و جع حابس‬
‫أو حاجة ظاهرة أو سسلطان جائر فليمت على أي الملتين شاء إما يهوديا ً و إما نصرانيا ً و عبد‬
‫الرحمن القطامي قال عنه الفلس كذاب و أبي المهزم يضعف قال الحافظ في التلخيص و هما‬
‫متروكان أم المرسل فيرويه بن أبي شيبة عن أبو الحوص عن ليث عن بن سابط عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال من مات و لم يحج و لم يمنعه مرض حابس أو حاجة‬
‫ظاهرة أو سلطان جائر قليمت على أي حال شاء إما يهوديا ً او نصرانيا ً و الحديث مرسل و ليث‬
‫ضعيف ‪ .‬أما الحديث الخامس فهو حديث من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو‬
‫‪55‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫مرض حابس فمات و لم يحج فليمت إن شاء يهوديا ً و إن شاء نصرانيا ً و هذا الحديث يروى‬
‫مرفوعا ً من وطريقين و مرسل ً من طريقين قال الزيلعي في نصب الراية و الصحيح أنه مرسل‬
‫أما المرسل فالطريق الول يرويه المام أحمد عن وكيع عن الثوري عن ليث عن بن سابط عن‬
‫النبي صلى الله عليه و آله و سلم من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو مرض‬
‫حابس فمات فليمت إن شاء يهوديا ً و إن شاء نصرانيا ً و أما الطريق الثاني فيرويه أيضا ً المام‬
‫أحمد بسند أعلى من طريق إسماعيل بن عليه عن ليث عن بن سابط عن رسول الله صلى الله‬
‫عليه و آله و سلم من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو مرض حابس فمات و‬
‫لم يحج فليمت إن شاء يهوديا ً و إن شاء نصرانيا ً ‪ .‬أما المرفوع فيرويه الدارمي و البيهقي و أبو‬
‫يعلى من طريق شريك عن ليث عن بن سابط عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و‬
‫آله و سلم قال من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة أو سلطان جائر أو مرض حابس فمات و لم‬
‫يحج فليمت إن شاء يهوديا ً و إن شاء نصرانيا ً و شريك ضعيف و ليث بن أبي سليم قال عنه أبو‬
‫زرعة ل يحتج به و قال المام أحمد ضعيف الحديث جدا ً و تركه القطان و بن معين و قال النووي‬
‫عنه في تهذيب السماء اتفقوا على ضعفه و قال الذهبي في مجمع الزوائد ثقة و لكنه مدلس و‬
‫تعقبه الحافظ بأنه ل يعلم احد صرح بأنه ثقه أو وصفه بالتدليس و تعقب بأن بن شاهين ذكر في‬
‫تهذيب أسماء الثقات أن عثمان أي بن أبي شيبة قال عنه ثقة صدوق ليس بحجة ‪ .‬و عبد‬
‫الرحمن بن سابط من أصحاب بن عباس و لم يرى رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم‬
‫ذكره الذهبي في الكاشف و قال ذو المراسيل لكثرة إرساله ‪ ,‬و يرى مرفوعا ً أيضا ً من طريق‬
‫آخر عند عبد الله بن عدي أخبرنا علي حدثنا بكار حدثنا نصر بن مزاحم عن سفيان عن ليث عن‬
‫بن سابط عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم قال من لم‬
‫يمنعه من الحج مرض ول علة ظاهرة فليمت يهوديا ً أو نصرانيا ً ‪ ,‬أما نصر بن مزاحم فضعفه‬
‫الدراقطني و قال أبو حاتم متروك و قال أبو خيثمة كذابا ً و قال الجوزجاني كان زائغا ً عن الحق ‪.‬‬
‫أم الحديث السادس فهو عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال من لم‬
‫يحج و لم يحج عنه لم يقبل له عمل يوم القيامة ذكره الحافظ في الدراية و قال ذكره الواحدي‬
‫في تفسير الوسيط و إسناده ضعيف ‪ .‬فمن أحرم بالحج أو العمرة فعليه التمام و إن كانا نافلة و‬
‫أركان الحج أربعه الحرام و الوقوف بعرفة و طواف الفاضه إجماعا ً و السعي بين الصفا و‬
‫المروة عند مالك و الشافعي و أحمد و إسحاق و أبو ثور و قال أبو حنيفة رحمه الله واجب ‪ ,‬أما‬
‫أركان العمرة فالحرام و الطواف و السعي ‪ .‬و الحرام هو عقد النية إجماعا ً و اختلفوا هل‬
‫يشترط لصحة الحرام التلفظ بالتلبية أم ل على فريقين الفريق الول يصحح الحرام و الفريق‬
‫الثاني ل يصحح الحرام بدون تلبية أما الفريق الول فانقسموا إلى قولن القول الول أنها سنة و‬
‫ل يلزم من تركها شئ إل أنه فاتته الفضيلة العظيمة و بهذا القول يقول الشافعي و أحمد و أحمد‬
‫قال الحافظ وأغرب النووي فحكى عن مالك أنها سنة ويجب بتركها دم ول يعرف ذلك عندهم‬
‫وقال بن التين يريد أنها ليست من أركان الحج وإل فهي واجبة عنده و القول الثاني من الفريق‬
‫الذي يصحح إحرامه أنها واجبة و من تركها يلزمه دم و به يقول أبو حنيفة و مالك و بن هريرة‬
‫من الشافعية و به يقول بن شاس المالكي إل أنه زاد و يقوم مقامها الفعل كالتوجه على‬
‫الطريق و المشهور في مذهب الحنفية انه يقوم مقامها أي فعل و القول بوجوبها قول قوي لما‬
‫رواه الترمذي من حديث خلد بن السائب النصاري عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال جاءني جبريل فقال يا محمد مر أصحابك أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية وقال حديث‬
‫حسن صحيح ‪ ,‬و لما رواه المام أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أمرني جبريل صلى الله عليه وسلم برفع الصوت في الهلل فإنه من شعار الحج قال‬
‫الهيثمي و رجاله ثقات ‪ ,‬و الفريق الثاني من أهل العلم ل يصححون إحرامه و يقولون التلبية‬
‫ركن الحرام كما أن تكبيرة الحرام ركن في الصلة و حكاه بن عبد البر الثوري و أبو حنيفة و بن‬
‫حبيب المالكي و الزبيري الشافعي و حكاه بن المنذر عن بن عمر و طاوس و عكرمة ‪ .‬و المرأة‬
‫السنة لها ان تسمع نفسها بالتلبية إجماعا ً عن بن عبد البر ‪ ,‬و تلبية رسول الله صلى الله عليه و‬
‫آله و سلم تروى من أصح إسناد عن مالك عن نافع عن بن عمر رضي الله عنه أن تلبية رسول‬
‫‪66‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لبيك ل شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك‬
‫ل شريك لك قال وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك ‪ ,‬لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك‬
‫والرغباء إليك والعمل ‪ .‬و أوجب أهل الظاهر لفظ رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و‬
‫استحبه الجمهور و هو الظاهر فقد روى المام مسلم من حديث جابر الطويل أنه قال و رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم بين أظهرنا و عليه ينزل القرآن و هو يعرف تأويله و ما عمل به‬
‫من شئ عملنا به فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك ل شريك لك لبيك غن الحمد و النعمة لك‬
‫و الملك ل شريك لك و أهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه و آله‬
‫و سلم شيئا ً منه و لزم رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم تلبيته ‪ ,‬و الحرام من الميقات‬
‫من واجبات الحج السته خلفا ً لمن يجعله ركنا ً لصحة الحرام و الحرام يكون عند التوقيت أو‬
‫قبله فميقات أهل المدينة ذا الحليفة و ميقات الشام الجحفة و ميقات أهل نجد قرن و ميقات‬
‫أهل اليمن يلملم إجماعا ً لما رواه البخاري و مسلم من حديث بن عباس رضي الله عنهما أنه‬
‫قال وقت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لهل المدينة ذا الحليفة و لهل الشام الجحفة‬
‫و لهل نجد قرن المنازل و لهل اليمن يلملم هن لهن و لمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان‬
‫مهِل ُ ُ‬
‫ه من أهله و كذاك حتى أهل مكية ي ُِهلون منها و اتفقوا‬ ‫يريد الحج و العمرة فمن كان دونهن فَ َ‬
‫على أن إحرام العرقي من ذات عرق إحرام من الميقات لما رواه مسلم من حديث جابر بن‬
‫عبد الله رضي الله عنه أنه سئل عن المهل فقال أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه و آله و‬
‫سلم مهل أهل المدينة من ذي الحليفة و الطريق الخر الجحفة و مهل العراق من ذات عرق و‬
‫مهل أهل نجد من قرن و مهل أهل اليمن من يلملم ‪ ,‬قال المباركفوري و حديث جابر مشكوك‬
‫في رفعه و الظاهر أن توقيت ذات عرق كان بإجتهاد عمر لما رواه البخاري من حديث عبد الله‬
‫بن عمر أنه قال لما فتح هذان المصران أتو عمر بن الخطاب فقالوا يا أمير المؤمنين إن رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم حد لهل نجد قرن و هو جور عنا و إنا إن أردنا قرن شق علينا‬
‫قال فانظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق و استحب الشافعي و بن المنذر و بن عبد‬
‫البر الحرام من العقيق و هي قبيل ذات عرق لما رواه الترمذي و حسنه من حديث بن عباس‬
‫رضي الله عنه أنه قال وقت رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لهل المشرق العقيق و‬
‫لذلك قال بن عبد البر و الحرام من العقيق أولى و أحوط ‪ ,‬و اختلفوا هل الحرام من هذه‬
‫المواقيت أفضل أم من قبلها فقال فقال أبو حنيفة و الثوري و الشافعي من قبلها أفضل و قال‬
‫مالك و أحمد و إسحاق من المواقيت أفضل لنها سنة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و‬
‫هذا هو الولى ‪ ,‬أما من تخطى هذه المواقيت قصد الحج او العمرة فلم يحرم فاختلفوا فيه فقال‬
‫جماعة فسد حجه و قال جماعة عليه دم و اختلفوا إذا رجع فقال الشافعي ليس عليه دم و قال‬
‫مالك عليه دم و كذلك لو ترك ميقاته و أحرم من مكان آخر و قال أبو حنيفة ليس عليه دم إن‬
‫ترك توقته و أحرم من توقيت آخر ‪ ,‬و اختلفوا هل التوقيت الزماني هل هو أيضا ً شرط في صحة‬
‫الحرام أم ل فروى بن خزيمة في صحيحه بإسناد صحيح قال حدثنا أبو كريب حدثنا أبو خالد عن‬
‫شعبة عن الحكم عن مقسم عن بن عباس أنه قال ل يحرم بالحج إل في أشهر الحج فإن من‬
‫سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهره ‪ ,‬و هي شوال و ذو القعدة و يحرم بالحج إلى التاسع من‬
‫ذي الحجة و بهذا القول يقول جابر بن عبد الله و تبعهم عطاء و طاوس و مجاهد و الوزاعي و‬
‫أبو ثور و الشافعي على أحد قوليه و احتجوا بقول الله تعالى الحج أشهر معلومات فمن فرض‬
‫فيهن الحج ‪ ,‬فقال إذا ً ل يحرم بالحج إل فيهن و صحح الحرام في غير أشهر الحج أبو حنيفة و‬
‫مالك و كرهه و أحمد و كرهه و إسحاق و الثوري و النخعي و الليث بن سعد و احتجوا بقول الله‬
‫تعالى يسألونك عن الهلة قل هي مواقيت للناس و الحج ‪ ,‬فقالوا و مفهوم ذلك أن تكون الهلة‬
‫كلها مواقيت للناس و الهلة كلها مواقيت للحج فقيل هذا غير محتمل بل أن المفهوم أن يكون‬
‫بعض الهلة مواقيت للناس و البعض الخر مواقيت للحج و هي أشهره و أنه لو قيل هذه الجارية‬
‫لزيد و لعمرو فإنه يستحيل أن تكون كلها لزيد و كلها لعمرو بل أن بعضها لزيد و بعضها لعمرو و‬
‫أجيب عن ذلك بأن التوقيتات الزمانية تختلف عن الشياء العينية فإذا قيل شهر رمضان شهر‬
‫صوم زيد و عمرو فيستحيل أن يكون بعضه صوم لزيد و البعض الخر لصوم عمرو بل أن كله‬
‫‪77‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫صوم لزيد و كله صوم لعرو و بالله التوفيق و اتفقوا على أن العام كله يجوز فيه الحرام بالعمرة‬
‫و كره أبو حنيفة الحرام بالعمرة يوم النحر و أيام التشريق و كره مالك أكثر من عمرة في‬
‫السنة و قال أبو حنيفة و الشافعي ل كراهة في ذلك ‪ .‬واتفق جمهور العلماء على أن الغسل‬
‫للهلل سنة وأنه من أفعال المحرم حتى قال ابن نوار إن هذا الغسل للهلل ثم مالك أوكد من‬
‫غسل الجمعة وقال أهل الظاهر هو واجب وقال أبو حنيفة والثوري يجزىء منه الوضوء‬
‫باب الحصار و قول الله جل ذكره ) فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ( إختلف‬
‫ن الحصار على قولين فالقول الول أنه ل حصر إل بعدو لن قول الله‬ ‫ئ يكو ُ‬ ‫أهل العلم بأي ش ٍ‬
‫تعالى فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ‪ ,‬إنما نزل عام ستة عام الحديبية عندما منع‬
‫المشركون رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و أصحابه عن البيت فدل على أنه ل حصر‬
‫إل بعدو و هو قول بن عباس و بن عمر و أنس و به يقول إسحاق و مالك و الشافعي و أحمد و‬
‫ترتب عليه أنهم قالوا من منع بمرض أو كسر أو نحوهما إنما إحلله بالطواف و زاد مالك قال و‬
‫كذاك من أحصر بمكة إنما إحلله الطواف و أما القول الثاني أن الحصر يكون بالعدو أو المرض‬
‫أو الكسر أو نحوهما أو ضياع النفقة و به يقول بن مسعود و قال الحافظ و روى بن جرير‬
‫الطبري أن بن مسعود أفتى رجل ً لدغ بأنه محصرا و به يقول علقمة و بن الزبير و مجاهد و‬
‫عطاء و النخعي و مقاتل و الثوري و أبو حنيفة و البخاري و اختاره الشوكاني و لنه المفهوم من‬
‫قول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم فقد حل فكيف يقال بل لبد أن يتحلل و رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم يقول فقد حل ‪ ,‬فقد روى أحمد و الترمذي و النسائي و ابو داود‬
‫و بن ماجه من حديث الحجاج بن عمرو بإسناد حسن قال سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم يقول من كسر أو عرج فقد حل وعليه حجة أخرى ‪ ,‬و قيل المقصود من قول رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم فقد حل أي حل له أن يتحلل بما يتحلل به المحصر و الصحيح‬
‫أنه قد حل بمجرد النية ‪ ,‬و اتفقوا على أن الحصار بعدو يكون في الحج و العمرة نقله‬
‫ن أو أكثر فقد ُأحصر أما إن أحصر‬
‫ُ‬
‫القرطبي ‪ ,‬و من أحصر في الحج أو العمرة و قد بقى له رك ٌ‬
‫بعد تمام أركانه كأن يحصر بعد عرفة و قد طاف و سعى فعليه دم لترك الواجب و قد صح‬
‫حجه ‪ ,‬و اختلف أهل العلم في حكم الهدي للحصر فقال أبو حنيفة و الشافعي و أحمد و أشهب‬
‫يلزمه الهدي قرآن و سنة لن الله تعالى يقول فإن ُأحصرتم فما استيسر من الهدي ‪ ,‬و الصل‬
‫ب أو سنةٍ فهو للوجوب ما لم يصرفه صارف للستحباب و ل صارف هاهنا‬ ‫أنه إذا ورد أمٌر في كتا ٍ‬
‫ً‬
‫و قوله تعالى فما استيسر من الهدي ‪ ,‬إنما هو أمٌر ‪ ,‬ثانيا ما رواه البخاري و أحمد و أبو داود من‬
‫حديث المسور و مروان أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لما فرغ من قضية الكتاب قال‬
‫لصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا ‪ ,‬و خالف ذلك مالك فقال ل يلزمه الهدي إل أن يكون أحضره‬
‫و تعجب له الشوكاني في النيل ‪ ,‬و أجمعوا على أن الهدي يجزئ إذا كان شاة أو سبع بقرة أو‬
‫بدنة يشترك فيها من عليه دم واجب أو مستحب أما إن لم يجد الهدي فيصوم ثلثة أيام في الحج‬
‫و سبعة إذا رجع لما رواه مالك في موطأه عن يحيى بن سعيد عن سليمان بن يسار قصة أبي‬
‫أيوب إذ فاته الحج وذكر عن نافع عن سليمان بن يسار قصة هبار بن السود إذ فاته الحج أيضا‬
‫فأمرهما عمر بن الخطاب كل واحد منهما أن يحل بعمل عمرة ثم يحج من قابل ويهدي فمن لم‬
‫يجد صام ثلثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع و هذا قول عمر بن الخطاب في المحصر إن لم يجد‬
‫يصوم ثلثة أيام في الحج و سبعة إذا رجع و ل يعرف له من الصحابة مخالف و به يقول الشافعي‬
‫و أحمد و خالفهم أبو حنيفة بعد أن أوجب الهدي فقال فإن لم يجد ل شئ عليه و به يقول مالك ‪,‬‬
‫و أجمعوا على أن المحصر عن الفرض يلزمه القضاء من قابل و اختلفوا فيمن ُأحصر عن الندب‬
‫فقال فريق من أهل العمل لم يرد شئ صحيح يدل على أن رسول الله أمر أصحابه بالقضاء من‬
‫العام القادم قال الحافظ و جزم الشافعي أنه تخلف أقوام شهدوا الحديبية عن العمرة من العام‬
‫القادم لغير عذر و لذلك قال ل يجب القضاء لمن ُأحصر عن الندب و به يقول مالك و روايه‬
‫لحمد و خالف أبو حنيفة و هو قول لحمد فأوجب القضاء على من أحصر عن الندب و احتجوا‬
‫بعموم قوله صلى الله عليه و آله و سلم من كسر أو عرج فقد حل و عليه حجة أخرى ‪ ,‬و‬
‫المعلوم أن هذا الحديث كان في حجة الوداع و كان المسلمون لم يحجوا حج الفرض و لذلك‬
‫‪88‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫فمن فاته الحج في هذا العام لزمه الحج من قابل لن الحج على الفور ‪ .‬و من خاف أن يمنعه‬
‫ض أو نحوهما فشترط فقال اللهم إن محلي حيث حبستني فإن منع فيحل‬ ‫من البيت عدوٌ أو مر ٌ‬
‫من مكانه و ل هدي عليه و ل صيام قال القرطبي و به يقول عمر بن الخطاب و بن مسعود و‬
‫إسحاق و أحمد و أبو ثور اه لما رواه الشيخان من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها‬
‫أنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم على ضباعة بنت الزبير فقال لها لعلك‬
‫أردت الحج فقالت يا رسول الله و الله ما أجدني إل وجعة فقال لها حجي و اشترطي فقولي‬
‫اللهم إن محلي حيث حبستني و كانت تحت المقداد بن السود ‪ ,‬و خالف في ذلك أبو حنيفة و‬
‫مالك و الثوري و الهادي فقال ل ينفع الشتراط و أجابوا عن الحديث بأجوبة فقالوا هي واقعة‬
‫عين و هذا القول غير معتبر و قالوا هو منسوخ ذكره بن عباس و قال الشوكاني و نسبة القول‬
‫بنسخه إلى بن عباس ل يصح ‪ ,‬فدل على صحة الشترط و بالله التوفيق ‪.‬‬
‫باب محظورات الحرام التي تجب فيها فدية التخيير و هي خمسة و تفسير قول‬
‫الله جل ذكره ) و ل تحلقوا رؤسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا ً‬
‫ى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ( فمن أحرم فيحرم عليه الخذ‬ ‫أو به أذ ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫من شعره لقوله تعالى و ل تحلقوا رؤسكم ‪ ,‬و قياسا عليه يحرم الخذ من الظفر إجماعا ذكره‬
‫بن قدامه في المغني و صاحب شرح المقنع الكبير و يلحقه في الحكم لبس المخيط أو تغطية‬
‫الرأس أو النقاب للمرأة أو التطيب فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ) قام رجل فقال‬
‫يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الحرام فقال النبي صلى الله عليه وسلم ل‬
‫تلبسوا القميص ول السراويلت ول العمائم ول البرانس إل أن يكون أحد ليست له نعلن فليلبس‬
‫الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ول تلبسوا شيئا مسه زعفران ول الورس ول تنتقب المرأة‬
‫المحرمة ول تلبس القفازين ( رواه البخاري ‪ ,‬قال الشيخ سعيد عبد العظيم و قطع الخفين نسخ‬
‫بحديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال من لم يجد نعلين فليلبس الخفين و‬
‫من لم يجد إزارا ً فليلبس السراويل ‪ ,‬رواه الشيخان فالذي ل يجد النعلين فليلبس الخفين بل‬
‫قطع و الذي ل يجد الزار فليلبس السراويل و ل شئ عليه و للشيخ سلف في ذلك فهو قول‬
‫الشافعي و أحمد و الثوري و أبو ثور و أبو داود و خالف ذلك أبو حنيفة و مالك و قالوا كما أنه‬
‫من حلق رأسه لعذر تلزمه الفدية فمن لبس السروال لعذر تلزمه الفدية ‪ ,‬و من تطيب متعمدا ً‬
‫أو قصد شم الطيب غير جاهل فيأثم إجماعا ً و تلزمه الفديه لحديث بن عمر المتقدم فإن كان‬
‫ناسيا ً فل فديه عليه لحديث عفي لمتي عن الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه أما المرأة‬
‫المحرمة فيحرم أن أن تنتقب و ل يجوز لها أن تكشف وجهها بحضرة الرجال على أصح أقوال‬
‫العلماء فتسدل ثوبها سدل ً على وجهها تستتر به عن الرجال قال صاحب عودة الحجاب لما رواه‬
‫الحاكم عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر ) كنا نغطي و جوهنا من الرجال و كنا‬
‫نمتشط قبل ذلك في الحرام ( رواه الحاكم و صححه و وافقه الذهبي و روى أيضا ً هو و مالك‬
‫عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت ) كنا نخمر وجوهنا و نحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر‬
‫رضي الله عنها ( رواه الحاكم و صححه و وافقه الذهبي و الحديثان يدلن على أن تغطية الوجه‬
‫كان عاما ً لجميع النساء في زمن الصحابة و التابعين اه قال الشوكاني في النيل قال بن المنذر‬
‫أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط و الخفاف و أن لها أن تغطي رأسها ل وجهها فتسدل‬
‫الثوب سدل ً خفيفا ً تستتر به عن نظر الرجال اه و محظورات الحرام سبعة فمن فعل شئ من‬
‫هذه المحظورات الربعة و هي الخذ من الشعر أو الظفر أو التطيب أو تغطة الرأس للرجل و‬
‫النقاب للمرأة أو تعمد لبس المخيط فتلزمه الفدية التخييرية ) فمن كان منكم مريضا ً أو به أذ ً‬
‫ى‬
‫من مرأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ( فمن تعمد المخالفة لحقه الثم و أخرج حجه من‬
‫أن يكون مبرورا ‪ ,‬و هذه أربع محظورات من محظورات الحرام و سيأتي الحديث عن‬
‫المحظورات الباقية و التي تختلف عنها في الحكم ‪.‬‬
‫باب أنساك الحج الثلثة و قول الله جل ذكره ) فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة الى‬
‫الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فيام ثلثة أيام في الحج و سبعة إذا‬
‫رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام و اتقوا‬
‫‪99‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫الله و اعلموا أن الله شديد العقاب ( أجمع أهل العلم على مشروعية النساك الثلثة حكاه‬
‫النووي في شرح مسلم لما رواه البخاري و مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت‬
‫فمنا من أهل بعمرة و منا من أهل بحج و عمرة و منا من أهل بالحج ‪ ,‬و أنساك الحج الثلثة هي‬
‫الفراد و القران و التمتع أما الفراد فهو أن يلبي بالحج مفردا فإذا وصل مكة طاف طواف‬
‫القدوم و إن شاء سعى و إن شاء أخر السعي بعد طواف الفاضة قال في الفتح أجمعوا على أن‬
‫المفرد ل يلزمه دم اه و إن شاء أتى بعمرة بعد التحلل أما القران فهو أن يلبي بالحج و العمرة‬
‫معا أو يلبي بالعمرة ثم يدخل على تلبيته الحج قبل الطواف أما أثناء الطواف ففيه خلف أما‬
‫التمتع فهو أن يأتي بعمرة أشهر الحج ثم يتحلل ثم يلبي بالحج يوم الترويه و إن شاء أخر و قد‬
‫خالف السنة و ليس عليه شئ ثم لبى بالحج قال أبو الوليد في بداية المجتهد و اختلفوا هل يكون‬
‫متمتعا بإيقاع إحرام العمرة في أشهر الحج فقط أم يإيقاع الطواف معه ثم إن كان بإيقاع‬
‫الطواف معه فهل بإيقاعه كله أم أكثره فأبو ثور يقول ل يكون متمتعا إل بإيقاع الحرام في‬
‫أشهر الحج أما الثوري و الشافعي فيقولن إن الطواف هو أعظم أركانها فوجب أن يكون كله‬
‫في أشهر الحج و بذلك يكون متمتعا وقال أبو حنيفة إن طاف ثلثة أشواط في رمضان وأربعة‬
‫في شوال كان متمتعا وإن طاف أربعة أشواط في رمضان وثلثة في شوال لم يكن متمتعا ً و‬
‫قال مالك عمرته في الشهر الذي حل فيه اه بتصرف و فسخ الحج إلى عمره للتمتع نوعان‬
‫أحدهما فسخ الحج إلى عمرة و هو المشهور المصطلح عليه و فيه خلف فجمهور العلماء في‬
‫الصدر الول يكرهون ذلك وذهب ابن عباس إلى جوازه وبه قال أحمد وداود و ل خلف أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حض عليه و فعله أصحابه إل أن سبب الختلف هل فعل‬
‫الصحابة محمول على العموم أو على الخصوص إل أن الصل اتباع فعل الصحابة حتى يدل دليل‬
‫من كتاب الله أو سنة ثابتة على أنه خاص و أما النوع الثاني من التمتع فهو ما كان يذهب إليه‬
‫ابن الزبير من أن التمتع الذي ذكره الله تعالى هو تمتع المحصر بمرض أو عدو وذلك إذا خرج‬
‫الرجل حاجا فحبسه عدو أو أمر تعذر به عليه الحج حتى تذهب أيام الحج فيأتي البيت فيطوف‬
‫ويسعى بين الصفا والمروة ويحل ثم يتمتع بحله إلى العام المقبل ثم يحج ويهدي و قد سبق‬
‫الكلم عن الراجح فيمن فاته الحج بمرض و نحوه وعلى هذا القول ليس يكون التمتع المشهور‬
‫إجماعا ‪ ,‬أما أي هذه النساك أفضل فالخلف فيه قديم و مشهور و أقوال الصحابة فيه متعارضة‬
‫إل أنه يسهل الجمع بيهنا و من كثرة تعارض هذه القوال قال الشوكاني في النيل و قد اختلفت‬
‫النظار و تعارضة القوال اه و أسباب الخلف في تحديد أفضل هذه النساك كثيرة إل أن‬
‫أشهرها أنه يروى أنه صلى الله عليه و آله و سلم حج مفردا ً و قارنا ً و متمتعا ً ‪ .‬أما الفراد‬
‫ففضله خليفة رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أبا بكر الصديق وعمر وعثمان وجابر‬
‫وعائشة نقله بن عبد البر و اختاره مالك و أبو ثور و و عبد العزيز بن أبي سلمة و الوزاعي و‬
‫عبد الله بن الحسن هو أحد قولي الشافعي ‪ ,‬و حجتهم في ذلك ما يروى عن بن عمر و بن‬
‫عباس و جابر و عائشة رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه و آله و سلم حج مفردا أفاده‬
‫الشوكاني في النيل و ما رواه بن حزم في حجة الوداع قال حدثنا عبد الله بن ربيع حدثنا عمر‬
‫بن عبد المك حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد بن سلمة‬
‫عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫موافين هلل ذي الحجة فلما كان بذي الحليفة قال من شاء أن يهل بحج فليهل ومن شاء أن‬
‫يهل بعمرة فليهل وأما أنا فأهل بالحج فإن معي الهدي قال أبو عمر في التمهيد وهذا نص في‬
‫موضع الخلف وهو حجة من قال بالفراد وفضله و ردوا على الحاديث التي وردت أن رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم حج قارنا ً أو متمتعا ً بما قاله مالك فقد حكى محمد بن الحسن‬
‫عن مالك أنه قال إذا جاء عن النبي عليه السلم حديثان مختلفان وبلغنا أن أبا بكر وعمر عمل‬
‫بأحد الحديثين وتركا الخر كان في ذلك دللة على أن الحق فيما عمل به واحتج أيضا ً من فضل‬
‫الفراد أن الفراد الفضل أن التمتع والقران رخصة ولذلك وجب فيهما الدم ‪ ,‬و القول بأن‬
‫القران أفضل هو قول عمر و بن عمر و بن عباس و جابر و علي و أم المؤمنين عائشة و اختاره‬
‫أبو حنيفة والثوري و المزني من أصحاب الشافعي و إسحاق أفاده بن عبد البر في التمهيد و‬
‫‪1010‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫حجتهم في ذلك أن الله تعالى إختاره لنبيه صلى الله عليه و آله و سلم من بين النساك الثلثة‬
‫فدل على أنه الفضل فقد ورد أنه صلى الله عليه و آله و سلم حج قرانا ً عن جماعة من الصحابة‬
‫منهم عمر بن و ابن عمر وابن عباس و جابر وعلي و أنس و سعد بن أبي و قاص وعمران بن‬
‫حصين وأبو قتادة وسراقة بن مالك وابن أبي أوفى وأبو سعيد و عائشة وأم سلمة وحفصة أفاده‬
‫الشوكاني فقد روى البخاري رحمه الله عن عبد الله ابن عباس رضي الله عنه أنه قال عن عمر‬
‫بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بوادي العقيق أتاني الليلة‬
‫آت من ربي فقال أهل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة و ما أخرجه البخاري أيضا ً‬
‫من حديث مروان بن الحكم قال شهدت عثمان وعليا وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما‬
‫فلما رأى ذلك علي أهل بهما لبيك بعمرة وحجة وقال ما كنت لدع سنة رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم لقول أحد و ما أخرجه مسلم من حديث أنس رضي الله عنه قال سمعت النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا قال بكر فحدثت بذلك بن عمر فقال لبي‬
‫بالحج وحده فلقيت أنسا فحدثته بقول بن عمر فقال أنس ما تعدوننا إل صبيانا سمعت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا و ما أخرجه اليضا ًَ البخاري و مسلم عن مالك‬
‫عن نافع عن بن عمر عن حفصة رضي الله عنهم زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت‬
‫ثم يا رسول الله ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت من عمرتك قال إني لبدت رأسي‬
‫وقلدت هديي فل أحل حتى أنحر وقال أحمد ل أشك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان‬
‫قارنا إل أنه فضل التمتع و أجاب الفقهاء على ما يروى أنه صلى الله عليه و آله و سلم حج‬
‫مفردا بأنه ل يلزم من إهلله بالحج أن ل يكون أدخل عليه العمرة و أجابوا على من استدل بقول‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم لو استقبلت من أمري ما استدبرت لجعلتها عمرة بأنه إنما قال ذلك‬
‫تطييبا لخواطر أصحابه ولنهم كانوا يرون في الجاهليه أن العمرة في أشهر الحج من أفجر‬
‫الفجور ‪ ,‬و فضل التمتع عبد الله بن عمر وابن عباس وابن الزبير واختلف عن عائشة في التمتع‬
‫والفراد و اختاره من الفقهاء أحمد و هو أحد قولي الشافعي و حجة البعض أنه ورد أنه صلى‬
‫الله عليه و آله و سلم تمتع عن عائشة وابن عمر وعلي وعثمان وابن عباس وسعد بن أبي‬
‫وقاص أفاده الشوكاني في النيل و ورد أنه صلى الله عليه و آله و سلم تمتع عن ابن الزبير و‬
‫عمران بن حصين فقد روى أبو عيسى قال حدثنا قتيبة عن مالك بن أنس عن بن شهاب عن‬
‫محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ثم أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك بن قيس وهما‬
‫يذكران إلى الحج فقال الضحاك بن قيس ل يصنع ذلك إل من جهل أمر الله فقال سعد بئس ما‬
‫قلت يا بن أخي فقال الضحاك بن قيس فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك فقال سعد قد‬
‫صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه و قال هذا حديث صحيح و ما أخرجه‬
‫البخاري و مسلم عن الليث عن عقيل عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله أن بن عمر رضي‬
‫الله عنهما قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة إلى الحج أما المام أحمد‬
‫فاحتج بقوله صلى الله عليه وسلم لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ولجعلتها‬
‫عمرة و أجابوا على من زعم أن القران أفضل و إنما قال رسول الله صلى الله عليه و آله و‬
‫سلم ذلك تطييبا لخواطرهم أنه تغرير ل يليق نسبة مثله إلى الشارع و أن الحديث صحيح و ثابت‬
‫و ل نكارة في متنه كما يلمح الشوكاني إن القران كان بأمر من الله فكيف يقول صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم اسق الهدي ولجعلتها عمرة اه فإن هذه‬
‫الحديث يرويه البخاري و الفضل لمن لم يسق الهدي التمتع و الفضل لمن ساق الهدي القران‬
‫و إنما أمره به الله تبارك و تعالى لنه الفضل له صلى الله عليه و آله و سلم لنه كان قد ساق‬
‫الهدي و الفضل فيهما التمتع لتمنيه و هذا مذهب أحمد و هو قوي أما ما يرى عن عمر بن‬
‫الخطاب أنه كان ينهى عن المتعة فقال القرطبي في تفسيره قال جماعة من العلماء إنما كرهه‬
‫عمر لنه أحب أن يزار البيت في العام مرتين مرة في الحج ومرة في العمرة ورأى الفراد‬
‫أفضل فكان يأمر به ويميل إليه ‪ ,‬و كما ترى اضطربت القوال فتارة يرد عن عمر و أم المؤمنين‬
‫عائشة و جابر أن كل ً منهم يفضل الفراد ثم يرد أن كل ً منهم يفضل القران و يرد أن بن عمر‬
‫يفضل و بن عباس كلهما يفضل القران ثم يرد أن كلهما يفضل التمتع ‪ ,‬أما الرواية عن رسول‬
‫‪1111‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫الله صلى الله عليه و آله و سلم فورد عن أم المؤمنين عائشة و بن عمر و بن عباس أنه صلى‬
‫الله عليه و آله و سلم حج مفردا و ورد عنهم أنه حج قارنا ً و ورد عنهم أنه حج متمتعا ً أما جابر‬
‫فيرد عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم حج مفردا و يرد عنه أنه حج قارنا و ورد‬
‫عن علي و سعد بن أبي و قاص و عمران بن حصين أنه حج قارنا و ورد عنهم أيضا ً أنه حج‬
‫متمتعا ً و هذا التعارض الظاهر بين الروايات عن كيفية حج رسول الله صلى الله عليه و آله و‬
‫سلم سرعان ما يتبين أنه سربا ً و ليس تعارض بعد تدقيق النظر و بعد سماع كلم جهابذة العلماء‬
‫كشيخ السلم بن تيمية رحمه الله تعالى حيث قال ما حاصله إن التمتع عند الصحابة يتناول‬
‫القران فتحمل عليه رواية من روى أنه حج تمتعا وكل من روى الفراد قد روى أنه حج صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم تمتعا وقرانا فيتعين الحمل على القران وأنه أفرد أعمال الحج ثم فرغ منها و‬
‫أتى بعمرة أما روايات القران ل تحتمل التأويل بخلف روايات الفراد والتمتع فإنها تحتمله كما‬
‫تقدم من مرجحات القران أن رواته أكثر كما تقدم ومنها إخباره صلى الله عليه وآله وسلم بأنه‬
‫قوا‬‫فعل ذلك و منها أن الله عز وجل أمره صلى الله عليه و آله و سلم بذلك ‪ .‬و قوله تعالى )َوات ّ ُ‬
‫ديد ُ ال ْعِ َ‬ ‫َ‬
‫ب ( أي واتقوا الله بإستجابة ما أمركم به و النتهاء عما نها عنه‬ ‫قا ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫موا أ ّ‬ ‫ه َواعْل َ ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ديد ُ ال ْعِ َ‬ ‫َ‬
‫ب ( أي لمن لم‬ ‫قا ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫موا أ ّ‬ ‫و أيضا ً بإفتداء أنفسكم بالفدية لمن وجبت عليه )َواعْل َ ُ‬
‫يطع الله تعالى ‪.‬‬
‫َ‬
‫ض‬
‫فَر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬‫ما ٌ‬ ‫عُلو َ‬ ‫م ْ‬‫هٌر َ‬ ‫ش ُ‬ ‫جأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫باب الحرام في أشهر الحج أولى قال تعالى ) ال ْ َ‬
‫ج ( قال مالك شوال و ذي القعدة و ذي الحجة كلها محل للحج عموم قوله سبحانه‬ ‫ح ّ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫وتعالى ) الحج أشهر معلومات ( فوجب أن يطلق على جميع أيام ذي الحجة كما يطلق على‬
‫جميع أيام شوال وذي القعدة وقال الشافعي الشهران وتسع من ذي الحجة و قال لن أشهر‬
‫الحج هي التي ينعقد فيها الحرام بالحج لقوله تعالى ) فمن فرض فيهن الحج ( و الحج ل يفرض‬
‫بعد التاسع و قال بن عمر و بن عباس و بن الزبير و عشر ليالي من ذي الحجة و قال أبو حنيفة‬
‫و أحمد إلى اليوم العاشر لقوله تعالى في سورة التوبة ) يوم الحج الكبر ( قال بن كثير هو يوم‬
‫النحر ‪ ,‬و لقول رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في حديث بن عمر في يوم النحر ) هذا‬
‫يوم الحج الكبر ( رواه البخاري ‪ .‬و الذي يترجح عندي و العلم عند الله أنه و ثلثة عشر من ذي‬
‫َ‬
‫ج ( و رواه البخاري من‬ ‫ح ّ‬ ‫م ث ََلث َةِ أّيام ٍ ِفي ال ْ َ‬ ‫الحجة لقول الله تعالى لمن لم يجد الهدي ) فَ ِ‬
‫صَيا ُ‬
‫حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت ) لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إل لمن لم يجد‬
‫الهدي ( و ل يمكن أن يرخص رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم في صيام الثلثة أيام إل‬
‫في أيام الحج فدل ذلك على أنهن من أيام الحج و لكن ل يفرض فيهن الحج ‪ .‬و قوله تعالى‬
‫ج ( فيه دللة على أن الحرام بالحج قد يقع في أشهر الحج أو قبلها و به‬ ‫ح ّ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ض ِفيهِ ّ‬ ‫ن فََر َ‬ ‫م ْ‬ ‫)فَ َ‬
‫قال أبو حنيفة و مالك و كرهه وأحمد بن حنبل و كرهه وإسحاق بن راهويه وبه يقول إبراهيم‬
‫النخعي والثوري والليث بن سعد و لعموم قوله تعالى ) يسألونك عن الهلة قل هي مواقيت‬
‫للناس والحج ( فالهلة كلها مواقيت للحرام بالحج إل أن المستحب منها للحرام بالحج أهلة‬
‫الحج لهذه الية و لفعل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم و لما رواه ابن خزيمة في‬
‫صحيحه عن ابن عباس أنه قال‪ ) :‬فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج ( و إسناده‬
‫صحيح و جواز الحرام بالحج في غير أشهره هو خلفا ً لبن عباس وجابر و عطاء وطاوس‬
‫ومجاهد و الوزاعي والشافعي على أحد قوليه وأبو ثور ‪.‬‬
‫باب محظورات الحرام التي تجب فيها فدية الترتيب و التي ل تجب فيها فدية‬
‫ه‬
‫م ُ‬‫عل َ ْ‬
‫ر يَ ْ‬‫خي ْ ٍ‬‫ن َ‬‫م ْ‬‫عُلوا ِ‬ ‫ف َ‬‫ما ت َ ْ‬ ‫و َ‬‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫دا َ‬ ‫وَل ِ‬
‫ج َ‬ ‫سوقَ َ‬‫ف ُ‬‫وَل ُ‬ ‫ث َ‬ ‫ف َ‬ ‫فَل َر َ‬ ‫قال تعالى ) َ‬
‫ً‬
‫ه ( الرفث الجماع أو الكلم عنه بحضرة النساء و الوطء يحرم أثناء الحرام إجماعا سواء‬ ‫الل ّ ُ‬
‫أكان قبل التحلل الول أو بعده لقوله تعالى فل رفث أما من ارتكبه في الحج فعلى حالتين‬
‫الولى أن يكون قبل التحلل الول و فيها إحتمالن الول أنه إذا باشر أنزل فإن كان قبل عرفة‬
‫فقد فسد حجه إجماعا ً و يقع الفساد أيضا ً بعد عرفة قبل التحلل الول و به قال مالك و الشافعي‬
‫و أحمد خلفا ً لبي حنيفة و الثوري و على من فسد حجه القضاء و الكفارة ‪ ,‬و الفدية هي فدية‬
‫الترتيب لما روي عن بن عمر أن رجل سأله فقال إني وقعت بامرأتي ونحن محرمان فقال‪:‬‬
‫‪1212‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫) أفسدت حجك انطلق أنت وأهلك مع الناس فاقضوا ما يقضون وحل إذا حلوا فإذا كان في‬
‫العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهديا هديا فإنلم تجدا فصوما ثلثة أيام في الحج وسبعة إذا‬
‫رجعتم ( صححه اللباني ‪ ,‬وكذلك قال ابن عباس قال بن قدامه في المغني ولم نعلم لهم في‬
‫عصرهم مخالفا اه قال مالك و الشافعي و أحمد على مفسد الحج بدنه و قال أبو حنيفة إن كان‬
‫قبل الوقوف فلعيه شاة و إن كان بعده فعيه بدنه و التحلل الول هو إتيان نسكين من الرمي و‬
‫الحلق و الطواف لما رواه الشيخان عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ) أنها طيبت رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم لحرامه حين أحرم و لحله قبل أن يطوف بالبيت ( و التحلل‬
‫الكبر التيان بالنسك الثالث و الحتمال الثاني أنه إذا باشر أنزل فعليه فدية التخيير نص عليه‬
‫أحمد ‪ ,‬أما الحالة الثانية من الجماع أثناء الحرام أن يكون بعد التحلل الول و هذا ل خلف في‬
‫حرمته و وقع الخلف هل يفسد الحج كالجماع قبل التحلل الول أم ل فقال بن عباس و عطاء و‬
‫جه و تلزمه‬ ‫سد ح ْ‬ ‫عكرمة و الشعبي و ربيعة و مالك و الشافعي في أحد قوليه و أحمد ل يف ُ‬
‫الكفارة فل يلزمه قضاء و احتجوا بما أخرجه الداراقطني و البيهقي في السنن الكبرى عن بن‬
‫عباس رضي الله عنهما أن رجل أصاب من أهله قبل أن يطوف بالبيت يوم النحر فقال ينحران‬
‫جزورا بينهما وليس عليهما الحج من قابل قال اللباني صحيح و ذهب بن عمر و الحسن إلى أنه‬
‫يفسد الحج أيضا ً و أنه يجب عليه القضاء قال في المغني و به قال النخعي و الزهري و حماد اه ‪,‬‬
‫أما الكفارة فقال بن قدامة في المغني ما ملخصه قول الخرقي و أحمد أن الواجب عله شاة‬
‫وقول ابن عباس وعطاء والشعبي والشافعي وأصحاب الرأي و عكرمة وربيعة ومالك وإسحاق‬
‫عليه بدنة اه ‪ ,‬و كل ذلك عن الوطء أثناء الحرام بالحج و الوطء أثناء الحرام بالعمرة مثله‬
‫يفسد العمرة و من أفسد عمرته فعليه شاة أو صوم ثلثة أيام أو إطعام ست مساكين ‪ .‬و بهذا‬
‫يكون إنتهى الكلم عن الجماع أثناء الحرام و الذي تجب فيه فدية الترتيب كترك الواجب و هو‬
‫المحظور الخامس أما المحظور السادس و الذي ل تجب فيه فيدية و هو عقد النكاح و ل يصح‬
‫منه خلفا ً لعطاء و عكرمة لحديث عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم‬
‫قال ) ل ينكح المحرم و ل ُينكح ( رواه الترمذي و قال اللباني صحيح ‪ .‬و قوله تعالى ل فسوق ‪,‬‬
‫الفسوق هو العصيان و الجدال المخاصمة و المنازعة لكونها تثير الشر و ذلك غير مستوعب في‬
‫الحج وقت الذل لله تعالى فإن كانت المعاصي محرمة فهي أشد حرمة في ذلك الوقت و إن‬
‫كانت الطاعات واجبة او مستحبة فهي آكده أكثر في ذلك الموسم موسم الطاعة إلى الله تعالى‬
‫ه ( ندبا ً إلى الكثار من الطاعات ‪ ,‬أما المحظور‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬‫خي ْرٍ ي َعْل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫فعَُلوا ِ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫و لذلك قال ) وَ َ‬
‫ً‬
‫السابع و الخير من محظورات الحرام فهو الصيد بالضافة إلى أنه يحرم صيد مكة إجماعا أما‬
‫بالنسبة للمحرم فيحرم عليه الصيد البري الوحشي المأكول في أي مكان لقوله تعالى ) َيا أ َي َّها‬
‫َ‬
‫حك ُ ُ‬
‫م‬ ‫ن الن ّعَم ِ ي َ ْ‬ ‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫ما قَت َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ ُ‬‫جَزاٌء ِ‬ ‫دا فَ َ‬ ‫م ً‬‫مت َعَ ّ‬‫م ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ه ِ‬ ‫ن قَت َل َ ُ‬ ‫م ْ‬‫م وَ َ‬ ‫حُر ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫قت ُُلوا ال ّ‬
‫صي ْد َ وَأن ْت ُ ْ‬ ‫مُنوا َل ت َ ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مرِ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ذوقَ وََبا َ‬‫ما ل ِي َ ُ‬ ‫صَيا ً‬‫ك ِ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬
‫ن أوْ عَد ْ ُ‬ ‫كي َ‬ ‫سا ِ‬‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫فاَرةٌ ط ََعا ُ‬ ‫م هَد ًْيا َبال ِغَ ال ْك َعْب َةِ أوْ ك َ ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ب ِهِ ذ ََوا عَد ْ ٍ‬
‫قام ٍ ( المائدة ‪ . 95‬فمن قتله‬ ‫ذو ان ْت ِ َ‬ ‫زيٌز ُ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ه َوالل ّ ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫عاد َ فَي َن ْت َ ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ف وَ َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه عَ ّ‬ ‫فا الل ّ ُ‬‫عَ َ‬
‫متعمدا ً أثم و عليه فدية تخييرية و هي الجزاء أو يشتري بقيمته طعاما ً و يطعم كل مسكين نصف‬
‫صاع أو يصوم عن إطعام كل مسكين يوم أما جزاء الصيد ففي النعامة بدنة ) عمر و عثمان ( و‬
‫في الحمار الوحشي و البقرة الوحشية بقرة ) عطاء و بن عباس و الشافعي ( و في الضبع شاة‬
‫) حكم به رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم رواه أبو داود و بن ماجه قال الترمذي و‬
‫سالت عنه البخاري فصححه ( و في الغزال شاة ) عمر و علي ( و في الوبر و الضب جدي له‬
‫نصف سنة )عمر و ابنه ( و في اليربوع جفرة لها أربعة أشهر ) عمر و بن مسعود ( و في‬
‫الرانب عناق دون الجفرة ) عمر و بن عباس ( و في الحمام شاة ) عمر و عثمان (‬
‫باب التزود في الحج بما يعين على أداء العبادة و بالعمال الصالحة و قوله تعالى‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب ( روى البخاري عن بن‬ ‫ن َيا أوِلي اْلل َْبا ِ‬ ‫قو ِ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫وى َ‬ ‫ق َ‬ ‫خي َْر الّزاِد الت ّ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫دوا َ‬ ‫و ُ‬ ‫وت ََز ّ‬
‫) َ‬
‫عباس رضي الله عنهما قال ثم كان أهل اليمن يحجون ول يتزودون ويقولون نحن المتوكلون‬
‫فإذا قدموا مكة سألوا الناس فأنزل الله تعالى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ‪ ,‬و الثابت عند كل‬
‫مسلم أن الله تعالى هو الرؤف الرحيم و لذلك عندما أمر بأخذ الزاد في سفر الدنيا نبه العباد أل‬
‫‪1313‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫ينسوا زاد الخرة و أن يتذكروا أنه الهم و هو التقوى "فإن خير الزاد التقوى" وكان ذلك دائما ً‬
‫الرشاد من الله تعالى إلى عباده في غير موضع ذكر الزاد الحسي و التذكير بالزاد المعنوي‬
‫الذي ينفع في الخرة كما قال تعالى ) وريشا ولباس التقوى ذلك خير ( لما ذكر اللباس الحسي‬
‫نبه مرشدا إلى اللباس المعنوي وهو الخشوع والطاعة والتقوى وذكر أنه خير من هذا وأنفع ‪.‬‬
‫وقوله "واتقون يا أولى اللباب" يقول‪ :‬واتقوا عقابي ونكالي وعذابي لمن خالفني ولم يأتمر‬
‫بأمري يا ذوي العقول والفهام ‪.‬‬
‫ضلً‬ ‫َ‬
‫غوا ف ْ‬ ‫ن ت َب ْت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حأ ْ‬ ‫جَنا ٌ‬
‫م ُ‬‫علي ْك ْ‬‫س َ‬
‫باب جواز التجارة أثناج الحج و قول الله تعالى ) لي ْ َ‬
‫م ( عن بن عباس رضي الله عنهما قال ‪ :‬كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫الجاهلية فلما كان السلم تأثموا من التجارة فيها فأنزل الله ليس عليكم جناح ‪ ,‬رواه البخاري ‪.‬‬
‫م ( أما إذا‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫ضًل ِ‬
‫م ْ‬ ‫و نفي الجناح إذا كان الكسب حلل ً و منسوب إلى فضل الله تعالى )فَ ْ‬
‫نسب إلى حذق العبد و الوقوف مع السبب و نسيان المسبب فإن هذا هو الحرج بعينه ‪.‬‬
‫ذا‬‫فإ ِ َ‬ ‫باب يوم الحج الكبر و ما قبله من خير يوم طلعت عليه الشمس قال تعالى ) َ‬
‫ت(‬ ‫عَر َ‬
‫فا ٍ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ضت ُ ْ‬‫ف ْ‬ ‫أَ َ‬
‫ما قبل عرفة ‪:‬‬
‫ً‬
‫يوم التروية وهو يوم الثامن من ذي الحجة فأما من كان مفردا فقد أحرم من ميقاته و أما‬
‫القارن فمازال محرم و أما من تمتع بالتحلل بعد العمرة فعليه أن يحرم قبل الزوال و يستحب‬
‫له الغسل و أن يطيب جسده و أن يتحرى أل يصيب الحرام بطيب فإن أصابه فيغسله من‬
‫الطيب فورا ً و إن تركه عمدا ً فيأثم و فدية الترتيب كما سبق ‪ .‬و يندفع كل من كان حاجا ً هذا‬
‫العام سواء أكان قارنا ً أم مفردا ً أم متمتعا ً إلى منى فيصلي بها الظهر و العصر و المغرب و‬
‫العشاء يقصر الرباعية كما هو الحال طوال الحج إل أنه قبل عرفة و هو بمنى ل يجمع و كذلك‬
‫أهل مكة يقصرون لن النبي صلى الله عليه و آله و سلم لم يأمرهم بالتمام كما أمرهم عام‬
‫الفتح ثم يبيت الحجاج بمنى يوم التروية أما إن لم يبيت في منة و أحرم من مكة ثم خرج منها‬
‫إلى عرفة مباشرة بعد فجر عرفة مثل ً فهذا كرهه مالك و أحمد لمخالفته هدي رسول الله صلى‬
‫الله عليه و آله و سلم و لكن ليس عليه شئ ‪.‬‬
‫يوم عرفة ‪:‬‬
‫فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى إلى نمرة فنزل بها حتى الزوال إن تيسر له وإل فل‬
‫حرج؛ لن النزول بنمرة سنة‪ .‬فإذا زالت الشمس استمع إلى الخطبة و صلى الظهر والعصر على‬
‫ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف‬
‫والدعاء ‪ .‬ثم يتفرغ بعد الصلة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل‪ ،‬ويدعو بما أحب رافعا ً‬
‫يديه مستقبل ً القبلة ولو كان الجبل خلفه؛ لن السنة استقبال القبلة ل الجبل‪ ،‬وقد وقف النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال‪" :‬وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف " رواه مسلم من‬
‫حديث جابر ‪ ,‬وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم‪" :‬ل إله إل‬
‫الله وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"‪ .‬فإن حصل له ملل وأراد‬
‫أن يستجم بالتحدث مع أصحابه بالحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصا ً‬
‫فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسنًا‪ ،‬ثم يعود‬
‫إلى التضرع إلى الله ودعائه‪ ،‬ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء‪ ،‬فإن خير الدعاء دعاء يوم‬
‫عرفة و يظل على دعائه حتى الغروب و هو سنة خلفا ً لمن يعده من واجبات الحرام لمن وقف‬
‫نهارا ً كعطاء والثوري والشافعي و أحمد وأبو ثور و الحنفية و صحح حجه جماعة الفقهاء أما مالك‬
‫فقال إن دفع قبل الغروب ل يصح حجه فجعله ركنا ً لمن وقف نهارا ً قال المام الحجة بن عبد‬
‫البر المالكي ل نعلم أحد من علماء المصار قال بقول مالك و قال مالك و الشافعي و أحمد إن‬
‫عاد قبل الغروب فوقف حتى الغروب فليس عليه دم و قال الكوفيين و أبو ثور بل عليه دم ‪ ,‬و‬
‫الصحيح أنه يجوز الوقوف بعرفة ليل ً أو نهارا ً و لو لحظات بغير إيجاب الوقوف بليل لمن وقف‬
‫نهارا ً لحديث بن لم الطائي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى‬
‫الصلة فقلت يا رسول الله إني جئت من جبل طي أكللت راحلتي وأتعبت نفسي والله ما تركت‬
‫‪1414‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫من جبل إل وقفت عليه فهل لي من حج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) من شهد‬
‫صلتنا هذه حتى يدفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليل أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه ( قال‬
‫الترمذي هذا حديث حسن صحيح ‪ .‬و وجه الدللة في عدم اليجاب قوله صلى الله عليه و آله و‬
‫سلم ليل ً أو نهارا ً وقالوا عنه المقصود بها و نهارا ً و الرد أن العلماء أجمعوا على أن الوقوف‬
‫بعرفة ليل ً وحده يجزئ ‪.‬‬
‫الفاضة من عرفات ‪:‬‬
‫تكون بعد غروب الشمس إلى المزدلفة و يصلي بها المغرب و العشاء إل أن يخاف أن يصل بعد‬
‫خروج الوقت فإنه يصلي المغرب في وقته لما في صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله‬
‫عنه أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ) أتى المزدلفة حين الذان بالعتمة أو قريبا ً من‬
‫ذلك‪ ،‬فأمر برجل فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين‪ ،‬ثم دعا بعشائه فتعشى‪ ،‬ثم‬
‫أمر رجل فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين ( لكن إن كان محتاجا ً إلى الجمع لتعب أو قلة ماء‬
‫أو غيرهما فل بأس بالجمع وإن لم يدخل وقت العشاء‪ ،‬وإن كان يخشى أل يصل مزدلفة إل بعد‬
‫نصف الليل فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة‪ ،‬ول يجوز أن يؤخر الصلة إلى ما بعد نصف‬
‫الليل ثم يبيت بمزدلفة و يصلي بها الفجر و لم يرد أن رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم‬
‫أحيا ليلة جمع بقيام و لذلك فهو المستحب خلفا ً ليام العام فيبيت بها حتى الفجر ليتقوى على‬
‫مناسك يوم الحج الكبر و المبيت بمزدلفة ليلة الجمع هو ثاني واجب في الحج بعد الحرام من‬
‫الميقات و هو قول عطاء و الزهري و الشافعي و الثوى و احمد و إسحاق و أصحاب الرأي على‬
‫خلف علقمة و النخعي و الشعبي و حماد فقالوا من ترك المبيت فقد فاته الحج فجعلو المبيت‬
‫بالمزدلفة من أركان الحج و قال مالك ل شئ عليه فجعله مستحب و الول أرجح لحديث عائشة‬
‫أنها قالت ) أستأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة تدفع قبله وقبل‬
‫حطمة الناس وكانت امرأة ثبطة يقول القاسم والثبطة الثقيلة قال فأذن لها فخرجت قبل دفعه‬
‫وحبسنا حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه ولن أكون أستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما‬
‫استأذنته سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إلى من مفروح به ( متفق عليه و تمني أم المؤمنين ذلك‬
‫لكي ترمي الجمار قبل أن يأتي الناس و لما رواه البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما‬
‫) يقدم ضعفة أهله فيقفون ثم المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم‬
‫يرجعون قبل أن يقف المام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم منى لصلة الفجر ومنهم من يقدم‬
‫بعد ذلك فإذا قدموا رمووا الجمرة وكان بن عمر رضي الله عنهما يقول أرخص في أولئك رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ( فالضعفى يجوز لهم عدم المبيت إجماعا ً ذكره صاحب المغني‬
‫فدلت هذه الحاديث على وجوب المبيت أما كونه ركنا ً بحيث أنه من تركه فقد فسد حجه فيحتاج‬
‫إلى دليل ‪,‬‬
‫باب من استيقظ محرما ً يوم الحج الكبر فذكر الله تعالى عند المشعر الحرام و‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬
‫م َ‬‫داك ُ ْ‬‫ه َ‬‫ما َ‬ ‫واذْك ُُروهُ ك َ َ‬‫حَرام ِ َ‬‫ر ال ْ َ‬‫ع ِ‬
‫ش َ‬ ‫م ْ‬‫عن ْدَ ال ْ َ‬
‫ه ِ‬ ‫فاذْك ُُروا الل ّ َ‬‫قول الله جل ذكره ) َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫فُروا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬
‫وا ْ‬‫س َ‬ ‫ض الّنا ُ‬ ‫فا َ‬ ‫ثأ َ‬ ‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫في ُ‬ ‫مأ ِ‬ ‫ضاّلي َ‬
‫ن * ثُ ّ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ه لَ ِ‬
‫م َ‬ ‫ن َ‬
‫قب ْل ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م * ( بعد صلة الفجر من يوم النحر يقصد الناس المشعر الحرام‬ ‫حي ٌ‬‫فوٌر َر ِ‬ ‫ه َ‬
‫غ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫ً‬
‫فيوحدون الله ويكبرنه ويدعوا بما أحبوا و ذلك حتى تسفر الشمس جدا ‪ ،‬و من لم يتيسر له‬
‫الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم "وقفت هاهنا‬
‫وجمع كلها موقف" ويكون حال الذكر والدعاء مستقبل ً القبلة رافعا ً يديه قال القرطبي و أجمعوا‬
‫على أنه من وقف بجمع و لم يذكر الله تعالى أن حجه تام اه أما الوقوف فق إختلفوا فيه فقال‬
‫مجاهد و قتادة و الزهري و أبو حنيفة و إسحاق و الثوري و أحمد و أبي ثور هو من فروض الحج‬
‫و قال بن خزيمة هو ركن و قال عطاء و الوزاعي سنة و هو الراجح قال القرطبي إذا كان الذكر‬
‫و هو المعني في الية الكريمة ليس بفرض إجماعا ً و هو الصل فأولى أن يكون الوقوف ليس‬
‫بفرض ‪.‬‬
‫جمرة العقبة و ما بعدها ‪:‬‬
‫‪1515‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫إذا أسفرت الشمس قبل أن تطلع يفيض الحاج إلى منى ويسرع في وادي محسر‪ ،‬فإذا وصل‬
‫إلى منى رمى جمرة العقبة الكبرى وهي الخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة‬
‫بعد الخرى‪ ،‬كل واحدة بقدر نواة التمر تقريبًا‪ ،‬يكبر مع كل حصاة رمي الجمار مرتبا ‪ :‬حكى‬
‫صاحب البحر الجماع على و جوبه و ذلك لحديث جابر عند مسلم ) رأيت النبي صلى الله عليه و‬
‫آله و سلم يرمي الجمرة على راحلته يوم النحر ( و حديث عبد الرحمن التيمي ) أمرنا رسول‬
‫الله صلى الله عليه و آله و سلم أن نرمي الجمار بمثل حصى الخذف في حجة الوداع ( رواه‬
‫الطبراني في الكبير بسند صحيح ‪ .‬وأجمعوا على أن جمرة العقبة يوم النحر أن الوقت‬
‫المستحب لها هو من بعد طلوع الشمس إلى زوالها و أن من أخرها إلى قبل المغيب جاز ذلك‬
‫نقله بن عبد البر و أبو الوليد ‪ ,‬أما الرمي قبل الفجر فمنعه أبو حنيفة و مالك وسفيان وأحمد و‬
‫قالوا يعيد لحديث بن عباس رضي الله عنهما قدم النبي صلى الله عليه و آله و سلم ضعفة أهله‬
‫و قال ) ل ترموا جمرة العقبة حتى تطلع الشمس ( رواه الترمذي و صححه ‪ ,‬و خالف عطاء و‬
‫طاوس و الشعبي و الشافعي و قالوا ل بأس به وإن كان المستحب هو بعد طلوع الشمس لما‬
‫رواه أبو داود من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت أرسل النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت و هو صحيح إل‬
‫أنه خاص بأم سلمة لرسال رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم لها لنه كان يومها ‪ .‬أما‬
‫الرمي بعد المغيب فاختلفوا فيه فقال مالك عليه دم وقال أبو حنيفة إن رمى من الليل فل شيء‬
‫عليه وإن أخرها إلى الغد فعليه دم وقال أبو يوسف ومحمد والشافعي ل شيء عليه إن أخرها‬
‫إلى الليل أو إلى الغد وحجتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة البل في مثل‬
‫ذلك أعني أن يرموا ليل وفي حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له‬
‫السائل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رميت بعد ما أمسيت قال له ل حرج وعمدة مالك‬
‫أن ذلك الوقت المتفق عليه الذي رمى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السنة ومن‬
‫خالف سنة من سنن الحج فعليه دم على ما ورد عن ابن عباس وأخذ به الجمهور وقال مالك‬
‫ومعنى الرخصة للرعاة إنما ذلك إذا مضى يوم النحر ورموا جمرة العقبة ‪ .‬و السنة أن يكون‬
‫الذبح بعد رمي الجمرة ثم الحلق أو التقصير و هو ثالث واجب من واجبات الحج لقوله تعالى‬
‫ن‬
‫قي َ‬ ‫حل ّ ِ‬
‫م َ‬‫ن ُ‬
‫مِني َ‬‫هآ ِ‬ ‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫حَرا َ‬ ‫جد َ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫خل ُ ّ‬ ‫حقّ ل َت َد ْ ُ‬ ‫ه الّرؤَْيا ِبال ْ َ‬ ‫سول َ ُ‬‫ه َر ُ‬ ‫صد َقَ الل ّ ُ‬‫قد ْ َ‬ ‫) لَ َ‬
‫ريًبا ( الفتح ‪ ,‬و‬ ‫حا قَ ِ‬ ‫ك فَت ْ ً‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫جعَ َ‬ ‫موا فَ َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫م َ‬‫ن فَعَل ِ َ‬ ‫خاُفو َ‬ ‫ن َل ت َ َ‬ ‫ري َ‬
‫ص ِ‬ ‫ق ّ‬‫م َ‬
‫م وَ ُ‬‫سك ُ ْ‬ ‫ُرُءو َ‬
‫انعقد الجماع على أن الحلق أفضل من التقصير في الحج لما رواه الشيخين من أنه صلى الله‬
‫عليه و آله و سلم دعا للمحلقين ثلثا ً و للمقصرين مرة ‪ .‬و قال أبو حنيفة و مالك و أحمد الحلق‬
‫أو التقصير واجب و قال الشافعي بل ركن و المرأة حقها التقصير دون الحلق‪ ،‬ثم ينزل لمكة‬
‫فيطوف ويسعى للحج ‪ .‬والسنة أن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق؛‬
‫قول عائشة رضي الله عنها‪" :‬كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لحرامه قبل أن يحرم‪،‬‬
‫ولحله قبل أن يطوف بالبيت" متفق عليه ‪.‬‬
‫م‬‫ن * ثُ ّ‬ ‫ضاّلي َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫قب ْل ِ ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫داك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ما َ‬ ‫واذْك ُُروهُ ك َ َ‬ ‫باب قول الله تعالى ) َ‬
‫م ( و هذا أمر‬ ‫حي ٌ‬ ‫ه غفوٌر َر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ّ‬
‫فُروا الل َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫س َ‬‫ض الّنا ُ‬ ‫فا َ‬ ‫ث أَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫في ُ‬ ‫أَ ِ‬
‫لقريش و من دان دينها أن يذهب إلى عرفات مع الناس ثم يفيض منها إلى المزدلفة و ل يفيض‬
‫من مزدلفة كما كانوا بفعلون في الجاهلية فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت‬
‫) كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكان سائر العرب يقفون‬
‫بعرفات فلما جاء السلم أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم‬
‫يفيض منها فذلك قوله تعالى ) ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ( و هو متفق عليه ‪.‬‬
‫م ( أي فإذا أتتممت‬ ‫سك َك ُ ْ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضي ْت ُ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫باب قضاء مناسك الحج و قوله تعالى ) َ‬
‫أركان الحج و من كان قارنا ً فأتى بالطواف و السعي قبل عرفات فقد أتم أركان الحج و إن أخر‬
‫الطواف و السعي فيكون حتى الن قد أتى بركنين النبية و الوقوف بعرفة و بقى له ركنين و هما‬
‫م وَل ْي َط ّوُّفوا ِبال ْب َي ْ ِ‬
‫ت‬ ‫ذوَرهُ ْ‬ ‫م وَل ُْيوُفوا ن ُ ُ‬ ‫فث َهُ ْ‬‫ضوا ت َ َ‬ ‫ق ُ‬ ‫م ل ْي َ ْ‬ ‫طواف الفاضة إجماعا ً لقول الله تعالى )ث ُ ّ‬
‫ق ( الحج ‪ ,‬و السعي و فيه خلف فهو ركن عند مالك و الشافعي و أحمد و إسحاق و أبو ثور‬ ‫ْ‬
‫العَِتي ِ‬
‫‪1616‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫و قال أبو حنيفة هو واجب نقله النووي في شرح مسلم ‪ .‬و كما ذكرنا فمن كان مفرد أو قارنا ً‬
‫فسعى مع طواف القدوم فليس عليه سعي و إن أخره فعليه السعي بعد الطواف مع المتمتع‬
‫لقول الله تعالى ) إن الصفا و المروة من شعائر الله فمن حج البيت أو إعتمر فل جناح عليه أن‬
‫يطوف بهما ( و نفي الجناح إنما خاص بمن تحرج من السعي لن عروة لما سمع قول الله تعالى‬
‫) فل جناح عليه أن يطوف بهما ( قال هذا دليل على أن ترك الطواف جائز ثم رأى الشريعة‬
‫مطبقة على أن الطواف ل رخصة في تركه فطلب الجمع بين هذين المتعارضين فقالت له أم‬
‫المؤمنين عائشة رضي الله عنه و كانت فقيه في دين الله تعالى ليس قوله تعالى ) فل جناح‬
‫عليه أن يطوف بهما ( ليس دليل على ترك الطواف إنما يكون دليل على تركه لو كان فل جناح‬
‫عليه أل يطوف بهما فلم يأت هذا اللفظ لباحة ترك الطواف ول فيه دليل عليه وإنما جاء لفادة‬
‫إباحة الطواف لمن كان يتحرج منه في الجاهلية أو لمن كان يطوف به في الجاهلية قصدا‬
‫للصنام التي كانت فيه فأعلمهم الله سبحانه أن الطواف ليس بمحظور إذا لم يقصد الطائف‬
‫قصدا باطل قال القرطبي فإن قيل فقد روى عطاء عن ابن عباس أنه قرأ قوله تعالى ) فل جناح‬
‫عليه أل يطوف بهما ( وهي قراءة ابن مسعود ويروى أنها في مصحف أبي كذلك ويروى عن‬
‫أنس مثل هذا والجواب أن ذلك خلف ما في المصحف ول يترك ما قد ثبت في المصحف الى‬
‫قراءة ل يدري أصحت أم ل وكان عطاء يكثر الرسال عن ابن عباس اه و اعلم أن تأخير القارن‬
‫للطواف و السعي فيه خلف فقال جماعة علىالقارن طواف و سعي واحد كعبد الله بن عمر و‬
‫جابر و به قال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور ‪ .‬وقال الثوري والوزاعي وأبو حنيفة وابن أبي‬
‫ليلى على القارن طوافان وسعيان ورووا هذا عن علي وابن مسعود ‪.‬‬
‫رك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ذك ْ ِ‬‫ه كَ ِ‬ ‫فاذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫باب أيام منى ثم توديع البيت الحرام و قول الله تعالى ) َ‬
‫ة‬
‫خَر ِ‬ ‫في اْل ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫و َ‬‫في الدّن َْيا َ‬ ‫ل َرب َّنا آت َِنا ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫شدّ ِذك ًْرا َ‬ ‫و أَ َ‬ ‫آباءَك ُ َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قَنا‬‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ْ‬
‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ح َ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫ن ي َقول َرب َّنا آت َِنا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬‫ق ‪َ 200‬‬ ‫خل ٍ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫واذْكُروا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬
‫ب ‪َ 202‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ع ال ِ‬ ‫ري ُ‬ ‫س ِ‬‫ه َ‬ ‫والل ُ‬ ‫سُبوا َ‬ ‫ما ك َ‬ ‫م ّ‬‫ب ِ‬ ‫صي ٌ‬ ‫م نَ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ‪ 201‬أولئ ِك ل ُ‬ ‫ب الّنا َ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ه‬
‫علي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫خَر فل إ ِث ْ َ‬ ‫ن ت َأ ّ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن فل إ ِث ْ َ‬ ‫مي ْ ِ‬‫و َ‬ ‫في ي َ ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫تف َ‬ ‫دا ٍ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬‫م ْ‬‫في أّيام ٍ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل َ‬
‫ن ‪ ( 203‬و بعد الطواف و السعي‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬
‫شُرو َ‬ ‫ه تُ ْ‬ ‫م إ ِلي ْ ِ‬‫موا أن ّك ْ‬ ‫عل ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل َ‬ ‫قى َ‬ ‫م ِ‬ ‫لِ َ‬
‫يكون قد تحلل تحلل أكبر و يرجع إلى منى فيبيت بها و هو رابع واجب من واجبات الحج ليلتي‬
‫اليوم الحادي عشر والثاني عشر إن تعجل و إن تأخر فالثالث عشر و المبيت بمنى أيام التشريق‬
‫واجب و هو قول عمر بن الخطاب و بن عباس و عروة و إبراهيم و مجاهد و عطاء و مالك و‬
‫الشافعي و رواية لحمدو اختاره بن المنذر ‪ .‬و قال الحسن و أبو حنيفة ليس بواجب ‪ ,‬و قال‬
‫مالك إن تركه عليه دم على كل ليلة و قال الشافعي و روايه لحمد بل إن ترك الثلثة دم و من‬
‫أوجب المبيت بمنى احتج بفعله صلى الله عليه و آله و سلم و بما رواه الشيخين عن بن عباس‬
‫قال استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم أن يبيت بمكة ليالي منى من اجل‬
‫سقايته فأذن له ‪ ،‬و رمي الجمرات الثلث مرتبا ً هو خامس واجب من واجبات الحج إجماعا ً حكى‬
‫صاحب البحر و الرمي يبدأ فيه الرمي بعد الزوال خلف يوم النحر لما رواه مسلم من حديث‬
‫جابر قال ) رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة يوم النحر ضحى وأما بعد فإذا زالت‬
‫الشمس ( قال مالك و الشافعي و أحمد ول يجزئ قبل الزوال خلفا ً لعطاء و طاوس و استثنى‬
‫أبو حنيفة و إسحاق اليوم الثالث و جوزوا الرمي فيه قبل الزوال و كل ذلك مرجوح لحديث‬
‫جابر ‪ ,‬والفضل أن يذهب للرمي ماشيا ً وإن ركب فل بأس‪ ،‬فيرمي الجمرة الولى وهي أبعد‬
‫الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الخرى‪،‬‬
‫ويكبر مع كل حصاة‪ ،‬ثم يتقدم قليل ً ويدعو دعاء طويل ً بما أحب‪ ،‬فإن شق عليه طول الوقوف‬
‫والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليل ً ليحصل السنة ‪ .‬ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات‬
‫متعاقبات‪ ،‬يكبر مع كل حصاة‪ ،‬ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبل ً القبلة رافعا ً يديه ويدعو دعاء‬
‫طويل ً إن تيسر عليه وإل وقف بقدر ما يتيسر‪ ،‬ول ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لنه سنة‪ ،‬وكثير‬
‫من الناس يهمله إما جهل ً أو تهاونًا‪ ،‬وكلما أضيعت السنة كلما كان فعلها ونشرها بين الناس أؤكد‬
‫لئل تترك وتموت‪ .‬ثم يرمي جمرة العقبة الصغرى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم‬
‫‪1717‬‬ ‫* ججججج ججججج جججج‬

‫ينصرف ول يدعو بعدها‪ .‬فإذا أتم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر‪ ،‬فإن شاء تعجل ونزل من‬
‫منى‪ ،‬وإن شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلث بعد الزوال كما سبق‪،‬‬
‫والتأخر أفضل‪ ،‬ول يجب إل أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى فإنه يلزمه التأخر‬
‫حتى يرمي الجمار الثلث بعد الزوال‪ ،‬ولكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر‬
‫بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب لكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه؛ فإنه ل‬
‫يلزمه التأخر؛ لن تأخره إلى الغروب بغير اختياره‪ .‬فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج‬
‫حتى يطوف للوداع و هو سادس واجب من واجبات الحج و الخير لما رواه الشيخان عن بن‬
‫عباس ) أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إل أنه خفف عن المرأة الحائض ( أي أمر‬
‫رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت طواف الوداع إل‬
‫الحائض والنفساء فليس عليهما وداع‪ ،‬ول ينبغي أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم‬
‫وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم و طواف الوداع إنما هو آخر العهد بالبيت إذا أراد أن‬
‫يرتحل للسفر‪ ،‬إل أنه إن بقي بعد الوداع لنتظار رفقة أو تحميل رحله أو شراء حاجة في طريقه‬
‫فل حرج ول يعيد الطواف إل أن ينوي تأجيل سفره مثل أن يريد السفر في أول النهار فيطوف‬
‫ل‪ ،‬فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت ‪.‬‬ ‫للوداع‪ ،‬ثم يؤجل السفر إلى آخر النهار مث ً‬

‫تم بحمد الله ‪.‬‬

You might also like