You are on page 1of 260

‫‪http://www.shamela.

ws‬‬
‫تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬

‫الكتاب ‪ :‬رفقا ً بالقوارير ‪ -‬نصائح للزواج‬


‫المؤلف ‪ :‬أمة الله بنت عبد المطلب‬
‫المصدر ‪ :‬موقع مكتبة المسجد النبوي‬
‫‪www.mktaba.org‬‬
‫عدد الجزاء ‪1 :‬‬
‫]الكتاب لم يطبع بعد‪ ،‬ولكل مسلم حق‬
‫الطبع[‬

‫ـ]رفقا ً بالقوارير ‪ -‬نصائح للزواج[ـ‬


‫المؤلف ‪ :‬أمة الله بنت عبد المطلب‬
‫عدد الجزاء ‪1 :‬‬
‫]الكتاب لم يطبع بعد‪ ،‬ولكل مسلم حق الطبع[‬
‫__________‬
‫المصدر ‪ :‬موقع مكتبة المسجد النبوي‬
‫‪www.mktaba.org‬‬

‫)‪(/‬‬

‫سلسلة السعادة الزوجية علي منهج أهل السنة‬


‫والجماعة )‪(1‬‬
‫رفقا ً بالقوارير‪....‬نصائح للزواج‬

‫جمع وإعداد وترتيب ‪:‬‬


‫أمة الله بنت عبد المطلب‬
‫مشرفة المنتديات النسائية‬
‫بموقع مكتبة المسجد النبوي الشريف‬

‫حقوق الطبع مجانا ً لكل مسلم‬

‫) ‪(1/1‬‬
‫المقدمة‬

‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله‬


‫من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله‬
‫فل مضل له ومن يضلل فل هادي له وأشهد أن ل إله‬
‫إل الله وحده ل شريك له وأشهد أن محمدا عبده‬
‫ورسوله‬
‫ن إ ِّل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫موت ُ ّ‬ ‫وَل ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قات ِ ِ‬ ‫ق تُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫}َيا أي ّ َ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫ن{ آل عمران‪َ} ،102:‬يا أي ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫ْ‬
‫َ ِ َ‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫خ‬‫َ‬ ‫و‬
‫َ ٍ َ‬ ‫ة‬ ‫د‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫وا‬‫ٍ َ‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ ِ ْ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫َ ّ ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫قوا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ا‬
‫ذي‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫ساءً َ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫جاًل ك َِثيًرا َ‬ ‫ر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َز ْ‬
‫قيًبا{‬ ‫م َر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫علي ْك ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه كا َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫والْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ساءَلو َ‬ ‫تَ َ‬
‫وًل‬ ‫قوُلوا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ق ْ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫النساء‪َ} ،1:‬يا أي ّ َ‬
‫ح‬
‫صل ِ ْ‬ ‫دا * ي ُ ْ‬ ‫دي ً‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/3‬‬

‫ع الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ما{ الحزاب‪.70،71:‬‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫وًزا َ‬ ‫ف ْ‬‫فاَز َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫ة؛ ليستقّر‬ ‫ضرورات الحيا ِ‬ ‫الحياةُ الهان َِئة ضرورةٌ من َ‬
‫ة‬‫ق للعباد ِ‬ ‫غ الخل ُ‬ ‫ماء والبناء ويتفّر َ‬ ‫ل الن َ‬ ‫مع ويحص َ‬ ‫المجت َ‬
‫ن‬‫جِبلت على أن تسك َ‬ ‫ة‪ ،‬والنفس البشرّية قد ُ‬ ‫عمار ِ‬ ‫وال ِ‬
‫س أخَرى‪ ،‬لذا قال الله تعالى في‬ ‫ن إلى نف ٍ‬ ‫وتطمئ ّ‬
‫ه‬
‫ن آَيات ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة وآياته الكثيرة‪َ } :‬‬ ‫ر ِنعمه الوفير ِ‬ ‫َمعرض ذك ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع َ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِلي ْ َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬ ‫وا ً‬ ‫م أْز َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ق ل َك ُ ْ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أ ْ‬
‫وم ٍ‬ ‫ت لِ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ك لَيا ٍ‬ ‫في ذَل ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة إِ ّ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫ودّةً َ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ها‪ ،‬ولم‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬ ‫وا ً‬ ‫عم‪ ،‬أْز َ‬ ‫ن{ الّروم‪ .21:‬ن َ َ‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ن‬‫ج سك ٌ‬ ‫ن الزوا َ‬ ‫ل على أ ّ‬ ‫يقل‪ :‬لتسكنوا معها‪ ،‬فهو دلي ٌ‬
‫مّية‬‫من هنا جاءت أه ّ‬ ‫ة بال‪ .‬و ِ‬ ‫هدأة وراح ُ‬ ‫واستقرار و َ‬
‫غب الشرع‬ ‫ة بالسرة‪ ،‬فر ّ‬ ‫عناي ُ‬ ‫الزواج في السلم وال ِ‬
‫ل طريقه‪،‬‬ ‫ه وتسهي ِ‬ ‫ث على تيسير ِ‬ ‫ج وح ّ‬ ‫في الزوا ِ‬
‫ل ما‬ ‫ونهى عن ك ّ‬

‫) ‪(1/4‬‬

‫مَر‬
‫وه‪ ،‬فأ َ‬ ‫صف َ‬ ‫كر َ‬ ‫مه ويع ّ‬ ‫قف في سبيِله أو يعوق تما َ‬ ‫ي ِ‬
‫ء‬
‫سا ِ‬‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا َ‬ ‫فانك ِ ُ‬ ‫الله به في قوله‪َ } :‬‬
‫دُلوا َ‬ ‫َ‬
‫ة{‬ ‫حد َ ً‬
‫وا ِ‬‫ف َ‬ ‫ع ِ‬‫م أل ّ ت َ ْ‬ ‫خ ْ‬
‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ع َ‬
‫وُرَبا َ‬ ‫وُثل َ‬
‫ث َ‬ ‫مث َْنى َ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫النساء‪ ،3:‬وقال‪َ } :‬‬
‫ن‬‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫مى ِ‬ ‫حوا الَيا َ‬ ‫وأنك ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م‬
‫ُ ِ ْ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫غ‬‫ْ‬ ‫ي‬
‫َ َ ُ ِ ِ ْ‬ ‫ء‬ ‫را‬‫ق‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫نوا‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫كو‬ ‫م ِ ْ َ‬
‫ي‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫مائ ِك ُ ْ‬‫وإ ِ َ‬ ‫عَباِدك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ي صلى‬ ‫ن النب ّ‬ ‫ه{ النور‪ ،32:‬وفي الصحيحين أ ّ‬ ‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬‫َ‬
‫ع‬
‫الله عليه وسلم قال‪» :‬يا معشَر الشباب‪ ،‬من استطا َ‬
‫سنن‬ ‫ج من ُ‬ ‫وج« )‪ ، (1‬فالّزوا ُ‬ ‫منكم الباءةَ فليتز ّ‬
‫صالحين‪.‬‬ ‫ي ال ّ‬ ‫المرسلين وهد ِ‬
‫ة المسلمة‬ ‫عِني السلم بتكوين السر ِ‬ ‫لقد ُ‬
‫وى‬ ‫ُ‬
‫سَر أساس المجتمع الذي يق َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫حها؛ ل ّ‬ ‫واستصل ِ‬
‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ويشتدّ ب َ‬
‫سره‪ ،‬ولذا شّبه النب ّ‬ ‫سك وتراُبط أ َ‬ ‫قدر التما ُ‬
‫ن المرصوص‬ ‫صلى الله عليه وسلم المسلمين بالُبنيا ِ‬
‫الذي‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،5065‬مسلم ‪1400‬‬

‫) ‪(1/5‬‬

‫ء‪ ،‬ونهى عن‬ ‫فا ِ‬ ‫ج الك َ‬ ‫ضا )‪ ، (1‬فأمر بتزوي ِ‬ ‫يشدّ بعضه بع ً‬
‫ق‬
‫ب والسنة الحقو َ‬ ‫ل النساء )‪ ، (2‬وبّين في الكتا ِ‬ ‫عض ِ‬ ‫َ‬
‫ن استقرار البيوت‬ ‫ت بين الزوجين‪ ،‬ذلك أ ّ‬ ‫والواجبا ِ‬
‫ر الزوجين‬ ‫سر ل يكون إل ّ باستقرا ِ‬ ‫ح ال َ‬ ‫وصل َ‬
‫ء‬‫ن فاقدَ الشي ِ‬ ‫حهما في حياتهما الزوجّية‪ .‬كما أ ّ‬ ‫ونجا ِ‬
‫سين في حياتهما الزوجّية‬ ‫م التعي َ‬ ‫ل يعطيه‪ ،‬فالب وال ّ‬
‫شئا أجيال ً‬ ‫عهما شيًئا‪ ،‬فضل ً أن ين ِ‬ ‫دما لمجتم ِ‬ ‫لن يق ّ‬
‫ح‬
‫دة‪ .‬فالزواج الناج ُ‬ ‫ء والقيا َ‬ ‫حين قاِدرين على البنا ِ‬ ‫صال ِ‬
‫ديار‪،‬‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ت فهو خرا ُ‬ ‫ما خراب البيو ِ‬ ‫مع‪ ،‬أ ّ‬ ‫ح للمجت َ‬ ‫نجا ٌ‬
‫ضع‬ ‫سي َ‬ ‫ن إبلي َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم‪» :‬إ ّ‬ ‫لذا قال النب ّ‬
‫ة‬
‫عث سراياه‪ ،‬فأدناهم منه منزل ً‬ ‫شه على الماء‪ ،‬فيب َ‬ ‫عر َ‬
‫كذا‪،‬‬ ‫ت كذا و َ‬ ‫دهم فيقول‪ :‬فعل ُ‬ ‫ة‪ .‬يجيء أح ُ‬ ‫أعظمهم فتن ً‬
‫فيقول‪:‬‬
‫__________‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫)‪ (1‬البخاري ‪ 459،226،5567‬ولفظه »إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ه«‪،‬‬ ‫ع ُ‬ ‫صاب ِ َ‬ ‫كأ َ‬ ‫شب ّ َ‬‫و َ‬
‫ضا َ‬ ‫ع ً‬ ‫ه بَ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫شد ّ ب َ ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫كال ْب ُن َْيا ِ‬‫ن َ‬ ‫م ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫والنسائي ‪ ،2513‬والترمذي ‪1851‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ساءَ َ‬ ‫ذا طَل ّ ْ‬ ‫)‪ (2‬لقوله تعالى }إ ِ َ‬
‫ه ّ‬ ‫جل ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫غ َ‬ ‫فب َل ْ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫قت ُ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضُلو ُ‬
‫ن{ البقرة‪232 :‬‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬‫وا َ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ي َن ْك ِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫فَل ت َ ْ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/6‬‬
‫دهم فيقول‪ :‬ما تركُته‬ ‫م يجيء أح ُ‬ ‫ت شيًئا‪ ،‬ث ّ‬ ‫ما صنع َ‬
‫ت بينه وبين امرأِته‪ ،‬قال‪ :‬فيدنيه منه‬ ‫حتى فّرق ُ‬
‫ن إبليس‬ ‫م أنت« )‪ . (1‬وإذا كان هذا شأ َ‬ ‫ويقول‪ِ :‬نع َ‬
‫حرصوا على‬ ‫عه من المفسدين قد َ‬ ‫ن أتبا َ‬‫الرجيم ِ فإ ّ‬
‫طه عن‬ ‫مع ورواب ِ‬ ‫ر المجت َ‬ ‫ك أواص ِ‬ ‫هدم ِ هذا الكيان وتفكي ِ‬
‫دلت الطلق‬ ‫سر‪ ،‬حتى انتشَرت مع ّ‬ ‫ك ال َ‬ ‫كي ِ‬ ‫ق تف ِ‬ ‫طري ِ‬
‫وأ‪،‬‬
‫عنوسة بشكل أس َ‬ ‫عت نسبة ال ُ‬ ‫ل مخيف‪ ،‬وارت َ‬
‫ف َ‬ ‫بشك ٍ‬
‫مع‬‫ن في هذا خطًرا كبيًرا‪ ،‬ففيه تفّرق المجت َ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ول ش ّ‬
‫ة الّنساء وانتشار الفساد وَنبات‬ ‫وضياع الولِد وعنوس ُ‬
‫ب على المرّبين‬ ‫ن الواج َ‬ ‫الضغينة بين السر‪ .‬إ ّ‬
‫ة بهذا الجاِنب‪ ،‬فانتشاُر‬ ‫والمصلحين والعلمّيين العناي ُ‬
‫َ‬
‫خطر‪،‬‬ ‫ن بال َ‬‫وعها مؤذ ٍ‬ ‫عبها وتن ّ‬ ‫كلت الزوجّية وتش ّ‬ ‫المش ِ‬
‫ضلت‪.‬‬ ‫مها تدور المع ِ‬ ‫فما بين َزعَزعة البيوت وهد ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪2813‬‬

‫) ‪(1/7‬‬

‫ف من‬ ‫ن الختل َ‬ ‫ل عزيز‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ن الك َ‬ ‫إّننا نعَلم جمي ً‬


‫عا أ ّ‬
‫ة‬
‫كن أن يكونا نسخ ً‬ ‫ن الزوجين ل يم ِ‬ ‫شر‪ ،‬وأ ّ‬ ‫طبيعة الب َ‬ ‫َ‬
‫غبات والّتفكير‪،‬‬ ‫ق والّر َ‬ ‫لبعضهما في الطبائع والخل ِ‬
‫ذكٌر وأنثى‪ ،‬كما أنهما ل‬ ‫فيكفي من المفاَرقات أنهما َ‬
‫ّ‬
‫ع له متطلباته‬ ‫م ٍ‬ ‫ل مجت َ‬ ‫خ ِ‬ ‫زلين‪ ،‬بل في دا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫يعيشان من َ‬
‫خلف على بعض‬ ‫ب عواصف ال ِ‬ ‫وتأثيراته‪ِ ،‬لذا فقد ته ّ‬
‫ت حتى‬ ‫َ‬
‫سر‪ ،‬وقد يخَتلف الزوجان‪ ،‬ولم يسلم بي ٌ‬ ‫ال َ‬
‫وة على صاحبها أفضل الصلة والسلم‪،‬‬ ‫ت النب ّ‬‫بي ُ‬
‫سس على‬ ‫ت الصالح المؤ ّ‬ ‫ن البي َ‬ ‫فهذه سّنة الحياة‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫جين ما لهما وما‬ ‫عَرف فيه كل الزو َ‬ ‫التقوى والذي َ‬
‫خلف‪ ،‬بل يزيده تماس ً‬
‫كا‬ ‫ي ِ‬ ‫عليهما فإّنه ل يتأّثر بأ ّ‬
‫د‬
‫س ّ‬‫طأ وت ُ َ‬ ‫كا‪ ،‬فيصَلح الخ َ‬ ‫سبه وعًيا وإدرا ً‬ ‫وثباًتا‪ ،‬وُيك ِ‬
‫شّر للمستقبل‪.‬‬ ‫ب ال ّ‬‫أبوا ُ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫ب المشكل ِ‬ ‫فقة إلى أسبا ِ‬ ‫ة سريعة مش ِ‬ ‫وفي نظر ٍ‬
‫ة‬
‫ة من معصَية الله تعالى ومخالف ِ‬ ‫جدها نابع ً‬ ‫الزوجية ن ِ‬
‫ض‬‫حت بع ُ‬ ‫ر من شؤون النكاح‪ ،‬حتى أصب َ َ‬ ‫ره في كثي ٍ‬ ‫أم ِ‬
‫سكًنا وَرحمة‪،‬‬ ‫ن َ‬ ‫مة بدل ً من أن تكو َ‬ ‫دا وِنق َ‬ ‫الّزيجات ن َك َ ً‬

‫) ‪(1/8‬‬
‫َ‬
‫ما‬‫فب ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫صاب َك ُ ْ‬ ‫ما أ َ‬ ‫و َ‬
‫والله تعالى يقول‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ر{ الشورى‪ ،30:‬ول ش ّ‬
‫ك‬ ‫ن ك َِثي ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬‫وي َ ْ‬
‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬
‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫ض‬
‫ب البيوت‪ ،‬وقد قال بع ُ‬ ‫من أعظم ِ المصائب خرا َ‬ ‫أن ِ‬
‫ت أث ََر ذلك في داّبتي‬ ‫ت الله رأي ُ‬ ‫سلف‪) :‬إني إذا عصي ُ‬ ‫ال ّ‬
‫خُلق زوجتي(‪ ،‬قال أحدُ العلماء‪) :‬قّلت ذنوبهم‬ ‫و ُ‬
‫من أين أتوا(‪ .‬نعم‪ ،‬فمن باَرَز الله‬ ‫عَرفوها‪ ،‬وعَرفوا ِ‬ ‫ف َ‬
‫عصا الله‬ ‫من َ‬ ‫قا منه؟! و َ‬ ‫ظر توفي ً‬ ‫صي فهل ينت َ ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫بالم َ‬
‫عه؟! وكذا‬ ‫ف يطاِلب زوجَته بأن تطي َ‬ ‫طعه فكي َ‬ ‫ولم ي ِ‬
‫جنب الله فل‬ ‫صرت في َ‬ ‫ة؛ فمن ق ّ‬ ‫بالنسبة للزوج ِ‬
‫د‬
‫ة من أح ِ‬ ‫ن المعصي َ‬ ‫ما‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫تنتظر من زوجها تما ً‬
‫كه‬ ‫ق شري ِ‬ ‫صر في ح ّ‬ ‫خر أن يق ّ‬ ‫الزوجين ليست مبّرًرا لل َ‬
‫ة والعقوق‪.‬‬ ‫أو يقاب َِله بالساء ِ‬
‫ف‬
‫ت واقترا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫صل َ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م كَتضيي ِ‬ ‫و عا ّ‬ ‫صي ما ه َ‬ ‫ن المعا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬
‫دي أو‬ ‫ص بالنكاح وهو التع ّ‬ ‫و خا ّ‬ ‫المحّرمات‪ ،‬ومنها ما ه َ‬
‫ر ما‬‫قد ِ‬ ‫ق والواجبات الّزوجّية‪ ،‬فب ِ َ‬ ‫التقصيُر في الحقو ِ‬
‫ن‬
‫قع الخلفات‪ .‬إ ّ‬ ‫ط في هذه الحقوق ت َ‬ ‫يكون التفري ُ‬
‫هر‬ ‫صة وهي تضييع الحقوق لمن أش َ‬ ‫ة الخا ّ‬ ‫المعصي َ‬
‫المعاصي‬

‫) ‪(1/9‬‬

‫رها‪،‬‬ ‫ن فيها الناس وتساهلوا مع عظيم أث ِ‬ ‫و َ‬ ‫التي تها َ‬


‫ق‬
‫صرت في ح ّ‬ ‫ق زوجِته أو ق ّ‬ ‫صر في ح ّ‬ ‫من ق ّ‬ ‫وليعَلم َ‬
‫ل‬‫مع قو َ‬ ‫ل شيء‪ ،‬واس َ‬ ‫لك ّ‬ ‫ه قب َ‬ ‫صى الل َ‬ ‫ع َ‬
‫زوجها أّنه َ‬
‫ل امرأَته‬ ‫دعا الرج ُ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪» :‬إذا َ‬ ‫النب ّ‬
‫عَنتها الملئكة‬ ‫ن عليها ل َ‬ ‫ت غضبا َ‬ ‫شه فأَبت فبا َ‬ ‫إلى فرا ِ‬
‫ل‬‫حتى تصِبح« )‪ . (1‬ينبغي للزوجين أن يستحضَرا حا َ‬
‫ة لله بامتثال‬ ‫دمان طاع ً‬ ‫ء بالحقوق أنهما يق ّ‬ ‫الوفا ِ‬
‫ة‪ ،‬وقد أخب ََر‬ ‫ب يكون ذلك عباد ً‬ ‫ره‪ ،‬بل بالحتسا ِ‬ ‫أم ِ‬
‫جر حتى‬ ‫م يؤ َ‬ ‫ن المسل َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أ ّ‬ ‫النب ّ‬
‫ة‬
‫ن النفق َ‬ ‫ي امرأِته مع أ ّ‬ ‫عها في ف ّ‬ ‫ة يض ُ‬ ‫في اللقم ِ‬
‫ي صلى‬ ‫ضا أخبَر النب ّ‬ ‫ح أي ً‬ ‫ل‪ ،‬وفي الصحي ِ‬ ‫ة عليه أص ً‬ ‫واجب ٌ‬
‫ع الّرجل زوجَته أجًرا )‪(2‬‬ ‫ن في جما ِ‬ ‫الله عليه وسلم أ ّ‬
‫عة‪.‬‬ ‫ّ‬
‫ن هذا َتدعو إليه الطبي َ‬ ‫عأ ّ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،3237‬ومسلم ‪.1736‬‬
‫َ‬
‫ة«‬ ‫ق ٌ‬‫صدَ َ‬ ‫م َ‬ ‫دك ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫عأ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫في ب ُ ْ‬ ‫)‪ (2‬مسلم ‪ ،1674‬ونصه ‪ِ » :‬‬

‫) ‪(1/10‬‬
‫ولها لمن أرادَ السعادةَ الزوجّية‬ ‫م الحلول وأ ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫إ ً‬
‫ق الله تعالى وطاعُته وامتثال أمره والقيام‬ ‫م بح ّ‬ ‫القيا ُ‬
‫ق‪ ،‬فمن أراد الحياةَ الهن ِّية فليقَرأ‬ ‫جب من حقو ٍ‬ ‫بما أو َ‬
‫ُ‬
‫و أنَثى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫قو َ‬
‫رأ ْ‬‫ن ذَك ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫حا ِ‬
‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫ع ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ق سبحانه‪َ } :‬‬ ‫ل الح ّ‬
‫ة{ النحل‪97:‬‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫فل َن ُ ْ‬
‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫س الحياة ليكو َ‬ ‫َ‬
‫ن الختيار بين الطَرفين أسا ُ‬ ‫حس ُ‬ ‫ُ‬
‫ن التقصيَر‬ ‫مل والنسجام‪ ،‬إل ّ أ ّ‬ ‫وئام والتكا ُ‬ ‫وفاق وال ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ة الله فيه يجعله سب ًَبا‬ ‫معصي َ‬ ‫في هذا الجاِنب و َ‬
‫ل ل تريده‬ ‫ة على رج ٍ‬ ‫من ذلك إجباُر المرأ ِ‬ ‫ضلت‪ ،‬ف ِ‬ ‫للمع ِ‬
‫ف بالية لتزويجها على قريِبها الذي ل‬ ‫بسبب أعرا ٍ‬
‫ه الخاطب أو ماِله‪،‬‬ ‫عا من ولّيها في جا ِ‬ ‫غبه أو طم ً‬ ‫تر َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫وهذا حرام وظلم‪ ،‬فالنب ّ‬
‫كح البكر‬ ‫مر‪ ،‬ول تن َ‬ ‫كح الّيم حتى ُتستأ َ‬ ‫يقول‪» :‬ل ُتن َ‬
‫ذن« )‪(1‬‬ ‫حتى تستأ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،5136‬ومسلم ‪1419‬‬

‫) ‪(1/11‬‬

‫ن‬
‫هم مشورةَ ولّيها‪ ،‬وأن تكو َ‬ ‫جب أن تتف ّ‬ ‫ن الفتاةَ ي ِ‬ ‫إل ّ أ ّ‬
‫ط الختيار‪.‬‬ ‫المصلحة منا َ‬
‫د‬
‫ل أح ِ‬‫ب والتدليس من قب َ ِ‬ ‫ضا الكذ ُ‬ ‫ت أي ً‬ ‫ومن المخالفا ِ‬
‫م‬
‫ش وظل ٌ‬ ‫ط‪ ،‬فهذا غ ّ‬ ‫ن الوسي ِ‬ ‫م َ‬ ‫الجانبين أو ِ‬
‫مل الكاذب فيه ت َِبعَته في الدنيا قضاءً‬ ‫للمسلمين‪ ،‬يتح ّ‬
‫ء‪.‬‬
‫حساًبا وجزا ً‬ ‫ة ِ‬ ‫وفي الخر ِ‬
‫ر الدين‪ ،‬فيسأل‬ ‫م الهتمام بأمو ِ‬ ‫ء الختيار عد ُ‬ ‫من سو ِ‬ ‫و ِ‬
‫ر الدنيا‬ ‫ه وأمو ِ‬‫ل والجا ِ‬ ‫ة والما ِ‬ ‫فق عن الوظيف ِ‬ ‫غيُر المو ّ‬
‫من‬‫كن أن يؤت َ َ‬ ‫ه ورسوَله ل يم ِ‬ ‫ن من خان الل َ‬ ‫ناسًيا أ ّ‬
‫ب‬‫صرت في جن ِ‬ ‫ن من ق ّ‬ ‫سى الخاطب أ ّ‬ ‫على ابنِته‪ ،‬وين َ‬
‫سس البيت على‬ ‫جها‪ ،‬وربما يؤ ّ‬ ‫ق زو ِ‬ ‫م بح ّ‬ ‫الله فلن تقو َ‬
‫ر يوشك أن ينهار‪.‬‬ ‫جُرف ها ٍ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫هذا‪ ،‬فيكون على َ‬
‫ك‬
‫قسطا من المسؤولية في ذل ِ‬ ‫ً‬ ‫ملون ِ‬ ‫والولياءُ يتح ّ‬
‫رهم‬ ‫ل الخاطب وتقصي ِ‬ ‫ل عن حا ِ‬ ‫طهم في السؤا ِ‬ ‫لتفري ِ‬
‫ة‬
‫في أداء المان ِ‬

‫) ‪(1/12‬‬
‫فيفة ب ُِليت‬ ‫ةع ِ‬ ‫ة صالح ٍ‬ ‫ن امرأ ٍ‬ ‫مول ِّياتهم‪ ،‬فكم م ِ‬ ‫ة َ‬ ‫جه َ‬‫ِ‬
‫رف‬ ‫ِ‬ ‫ويقا‬ ‫كرات‬ ‫ِ‬ ‫المس‬ ‫رب‬ ‫َ‬ ‫يش‬ ‫أو‬ ‫لي‬ ‫ّ‬ ‫يص‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫بزو‬
‫ٍ‬
‫ب لها إل تقصير ولّيها وإهماله في‬ ‫ّ‬ ‫المحّرمات‪ ،‬ول ذن َ‬
‫َ‬
‫ل اشترط ك ّ‬
‫ل‬ ‫من رج ٍ‬ ‫ة الخاطب‪ ،‬وكم ِ‬ ‫ل عن ديان ِ‬ ‫السؤا ِ‬
‫ن كان آخَر‬ ‫ن الدي َ‬ ‫الشروط الدنيوّية في مخطوَبته ولك ّ‬
‫ة‬
‫ن زوج ً‬ ‫شف أنها ل تصُلح أن تكو َ‬ ‫اهتماماته‪ ،‬ثم يكت ِ‬
‫س‬‫ش وتدلي ٍ‬ ‫غ ّ‬ ‫ل هذا ناِتج عن ِ‬ ‫خُلقها‪ ،‬وك ّ‬ ‫ص دينها و ُ‬ ‫لنق ِ‬
‫س‬
‫ي أسا ٍ‬ ‫ون وتفريط‪ .‬والسؤال الكبير‪ :‬على أ ّ‬ ‫أو تها ُ‬
‫يكون الختيار؟‬
‫ي صلى الله‬ ‫فين عن النب ّ‬ ‫فالجواب في حديثين شري َ‬
‫قه‬‫ن دينه وخل َ‬ ‫ضو َ‬‫من َتر َ‬ ‫عليه وسلم‪» :‬إذا أتاكم َ‬
‫ة في الرض وفساد‬ ‫علوا تكن فتن ٌ‬ ‫وجوه‪ ،‬إل ّ تف َ‬ ‫فز ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫عريض« )‪ ، (1‬والثاني هو قول النب ّ‬
‫كح‬ ‫وسلم‪» :‬تن َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ ،1004‬وابن ماجه ‪ ،1957‬وحسنه‬
‫اللباني في السلسلة الصحيحة ‪1022‬‬

‫) ‪(1/13‬‬

‫سبها ولجمالها ولدينها‪،‬‬


‫المرأة لربع‪ :‬لمالها ولح َ‬
‫رَبت يداك« )‪(1‬‬
‫ت الدين ت َ ِ‬ ‫فاظ َ‬
‫فر بذا ِ‬

‫ت الشرعية فهل‬ ‫ومن افت ََتح حياَته الزوجّية بالمخالفا ِ‬


‫ب‬
‫ة أسبا ِ‬ ‫ن معرف َ‬ ‫ق من الله؟! إ ّ‬ ‫ظر التوفي َ‬ ‫ينت ِ‬
‫ل إلى تجّنبها‬ ‫ق ِ‬
‫دي بالعا ِ‬ ‫ضلت الزوجّية يؤ ّ‬ ‫المع ِ‬
‫خل‬ ‫ة إخوانه المسلمين لئل ّ يقعوا فيها‪ ،‬فتد ّ‬ ‫صح ِ‬‫ومنا َ‬
‫ي‬‫ل النب ّ‬ ‫ف لقو ِ‬‫جين مخال ٌ‬ ‫القارب في شؤون الزو َ‬
‫ء تر ُ‬
‫كه‬ ‫ن إسلم المر ِ‬ ‫حس ِ‬ ‫من ُ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ِ » :‬‬
‫سس‬ ‫ح ّ‬ ‫قد نهى الله تعالى عن الت َ َ‬ ‫ما ل يعنيه« )‪ ، (2‬و َ‬
‫ي‬
‫حمق أن يشتك َ‬ ‫ل وال ُ‬ ‫س‪ .‬كما أّنه من الجه ِ‬ ‫س ِ‬‫ج ّ‬ ‫والت َ َ‬
‫أحدُ الزوجين لقارِبه‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،5090‬ومسلم ‪1466‬‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 2239‬وقال‪ :‬غريب‪ ،‬وحسنه اللباني‬
‫لغيره في صحيح الترغيب والترهيب‪ ،‬وابن ماجه‬
‫‪ ،3966‬وحسنه النووي في الربعين‪ :‬ح ‪12‬‬

‫) ‪(1/14‬‬
‫ق وإدخا َ‬
‫ل‬ ‫ع دائرة الشقا ِ‬ ‫ن توسي َ‬ ‫قى من الخر؛ ل ّ‬ ‫ما يل َ‬
‫ءا‬
‫ساحة يزيدُ المَر سو ً‬ ‫ربين في ال ّ‬ ‫ة من المحا ِ‬ ‫مجموع ٍ‬
‫رنا ونح ّ‬
‫ل‬ ‫ظ بأسرا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ب أن نحت ِ‬ ‫ن الواج َ‬ ‫دا‪ .‬إ ّ‬ ‫وتعقي ً‬
‫ل من يصِلح‬ ‫خ ُ‬
‫ت المور ي ُدْ َ‬ ‫مشاكلنا بأنفسنا‪ ،‬فإذا تأّزم ِ‬
‫ر إل ّ وهو دائٌر في‬ ‫من أم ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما أن ل يكو َ‬ ‫سد‪ ،‬أ ّ‬‫من يف ِ‬ ‫ل َ‬
‫ن فهذا‬
‫ل لسا ٍ‬ ‫ة على ك ّ‬ ‫غيبة والنميم ُ‬ ‫ت وتدور ال ِ‬ ‫ل بي ٍ‬ ‫ك ّ‬
‫دم البيوت‪.‬‬ ‫َ‬
‫منكٌر يه ِ‬

‫ة‬
‫رّية ومسّبباتها النظر ُ‬ ‫س ِ‬
‫كلت ال َ‬ ‫ث المش ِ‬ ‫ع ِ‬‫من بوا ِ‬ ‫و ِ‬
‫م الدراك الصحيح‬ ‫صَرة للحياة الزوجّية وعد ُ‬ ‫القا ِ‬
‫مها‬‫ح الشرعّية السامية التي من أه ّ‬ ‫د النكا ِ‬‫ص ِ‬ ‫لمقا ِ‬
‫ي لبعضهما‬ ‫سكن الفطر ّ‬ ‫جين وال ّ‬ ‫ف للزو َ‬‫ل العفا ِ‬ ‫حصو ُ‬
‫ون على البّر والتقوى‬ ‫ة البيت المسِلم والتعا ُ‬ ‫وإقام ُ‬
‫ة الذّرّية الصالحة التي تعُبد الله وتطيعه‪ ،‬فإذا‬ ‫وتربي ُ‬
‫ي فلم يلتفتا إلى‬ ‫ضر الزوجان هذه المعان َ‬ ‫استح َ‬
‫دراه‬‫يق ّ‬‫صل خطأ دنيو ّ‬ ‫ر أو القصور ولو ح َ‬ ‫القشو ِ‬
‫كرا قو َ‬
‫ل الله‬ ‫قدره وتذ ّ‬

‫) ‪(1/15‬‬

‫م{ البقرة‪،237:‬‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ف ْ‬ ‫وا ال ْ َ‬ ‫س ْ‬‫ول َتن َ‬ ‫عز وجل‪َ } :‬‬


‫ي‬‫ن النب ّ‬ ‫د الزوجين فإ ّ‬ ‫صا في أح ِ‬ ‫حتى ولو كان َنق ً‬
‫قا‬‫خل ً‬‫ُ‬ ‫ها ُ‬ ‫من ْ َ‬
‫ره َ ِ‬ ‫َ‬
‫نك ِ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫من َ ً‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ك ُ‬ ‫فَر ْ‬‫يقول‪َ» :‬ل ي َ ْ‬
‫سب‬ ‫صرة لن ِ َ‬ ‫خَر« )‪ ، (1‬وكذلك النظرةُ القا ِ‬ ‫ها آ َ‬ ‫من ْ َ‬‫ي ِ‬ ‫ض َ‬ ‫َر ِ‬
‫م المقاصدَ الشرعّية هي‬ ‫ل المسل ُ‬ ‫الجمال‪ ،‬فليجع ِ‬
‫ن رجل ً‬ ‫يأ ّ‬ ‫وى عن الشعب ّ‬ ‫ف ما ُير َ‬ ‫الساس‪ ،‬ومن طري ِ‬
‫دى‬ ‫ت في إح َ‬ ‫ت بامرأة فرأي ُ‬ ‫وج ُ‬ ‫سأَله فقال‪" :‬إني تز ّ‬
‫جع مهري؟ قال‬ ‫دها وأستر ِ‬ ‫عرج أفأر ّ‬ ‫ميها أثَر َ‬ ‫قد َ َ‬
‫دها(‬ ‫وجتها لتساِبق عليها فُر ّ‬ ‫ت تز ّ‬ ‫ي‪) :‬إن كن َ‬ ‫الشعب ّ‬
‫هد في امرأِته لّنه يَرى‬ ‫س يز َ‬ ‫ض النا ِ‬ ‫فأفحمه‪ .‬وبع ُ‬
‫دي ِبنا إلى‬ ‫م‪ ،‬وهذا يؤ ّ‬ ‫َ‬
‫ل منها أو أعل َ‬ ‫و َ‬
‫غيَرها أط َ‬
‫ق‬‫شقا ِ‬ ‫ث ال ّ‬ ‫م من بواع ِ‬ ‫ب آخَر مه ّ‬ ‫سب َ ٍ‬
‫ث عن َ‬ ‫الحدي ِ‬
‫ت بين‬ ‫ب المقارنا ِ‬ ‫ل كبير للشيطان أل وهو با ُ‬ ‫خ ٍ‬‫ومد َ‬
‫ة‬
‫كرت امرأ ٌ‬ ‫طر كلما ذُ ِ‬‫ّ‬ ‫س والخوا ِ‬ ‫الزواج‪ ،‬فتبدأ الوساو ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،2672‬ل يفرك أي ‪ :‬ل يبغض‬

‫) ‪(1/16‬‬
‫خُلقها وتدبيرها تمي ًّزا‪ ،‬فيبدأ‬ ‫ن فيها أو في ُ‬ ‫وأ ّ‬
‫ب‬
‫ة‪ ،‬وهذا با ٌ‬ ‫سر‪ ،‬وكذلك المرأ ُ‬ ‫ن ويتح ّ‬ ‫ر ُ‬‫المسكين يقا ِ‬
‫خر‪.‬‬
‫ليس له آ ِ‬
‫ه‬
‫يب ِ‬ ‫صا ما بل ِ َ‬ ‫جمال‪ ،‬خصو ً‬ ‫صرة لل َ‬ ‫كذا النظرةُ القا ِ‬
‫قَنوات الفضائّية‬ ‫ة الّنظر في الفلم وال َ‬ ‫من كثر ِ‬ ‫الّزمن ِ‬
‫ه‬
‫ور أشبا ِ‬ ‫ور الّنساء الفاتنات أو ص َ‬ ‫ص َ‬ ‫لت من ُ‬ ‫والمج ّ‬
‫ضي رجل ً زوجُته لّنه‬ ‫فتَنة‪ ،‬فل ُتر ِ‬ ‫الرجال القاصدين ال ِ‬
‫جد‬‫قد أنه يو َ‬ ‫ل منها‪ ،‬أفل يعت ِ‬ ‫ة أجم َ‬ ‫يَرى في الصور ِ‬
‫ةل‬ ‫ب المقارن ِ‬ ‫من في هذه الصورة؟! إ ً‬
‫ذا با ُ‬ ‫لم ّ‬ ‫أجم ُ‬
‫م هل يجوز لمسلم ٍ يؤمن بالله واليوم الخر‬ ‫ينتهي‪ .‬ث ّ‬
‫مع في جن ِّته ويخشى ناَره‪،‬‬ ‫يعلم أنه ملقي الله ويط َ‬
‫ة‬
‫منة العفيف ِ‬ ‫ضل على امرأِته المؤ ِ‬ ‫هل يجوز له أن يف ّ‬
‫ّ‬
‫امرأةً رآها في الّتلفاز أو المجلة كافرةً أو فاسقة‪،‬‬
‫ليس له منها إل ّ حسرةُ الّنظر؟!‬

‫) ‪(1/17‬‬

‫م قيام الزوج‬ ‫ب المشكلت الزوجّية عد ُ‬ ‫ومن أسبا ِ‬


‫مه‬
‫سف في استخدا ِ‬ ‫ي أو التع ّ‬ ‫مة الشرع ّ‬ ‫بواجب القوا َ‬
‫ة ل تعني‬ ‫م َ‬
‫ن القوا َ‬ ‫ق القوامة‪ .‬إ ّ‬ ‫ة له ح ّ‬ ‫ة الزوج ِ‬ ‫أو منازع ُ‬
‫ظ والقيام‬ ‫م‪ ،‬وإّنما هي الرعاية والحف ُ‬ ‫التسّلط والظل َ‬
‫بالمصالح‪.‬‬
‫ن بما على الزوجين‬ ‫غ بيا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬
‫كم الله تعالى بأبل ِ‬ ‫لقد َ‬
‫ف{ البقرة‪:‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذي َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬‫مث ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬
‫فقال‪َ } :‬‬
‫ت القصيرة‬ ‫‪ .228‬فانظر ـ رعاك الله ـ إلى هذه الكلما ِ‬
‫ة‬
‫ن المطالب َ‬ ‫ف أي‪ :‬أ ّ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وتدّبرها‪ ،‬لقد قال‪ِ :‬بال ْ َ‬
‫ء والمحاسبة‪،‬‬ ‫بالحقوق ل تكون بالنانّية ول باللجا ِ‬
‫ة تجارة‪ .‬وقال سبحانه في‬ ‫ة حياة ل شرك ُ‬ ‫فهي شراك َ ُ‬
‫ن{‬ ‫َ‬ ‫سا ٌ‬ ‫آية أخرى‪َ } :‬‬
‫سا ٍ‬‫ح َ‬ ‫ح ب ِإ ِ ْ‬‫ري ٌ‬
‫س ِ‬ ‫و تَ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫م َ‬ ‫فإ ْ‬
‫ن‪ ،‬فهل‬ ‫ضا بإحسا ٍ‬ ‫البقرة‪ ،229 :‬حتى الفرقة أي ً‬
‫ت لصلح البيوت؟!‬ ‫ل من هذه الّتوجيها ِ‬ ‫جدون أجم َ‬ ‫ت ِ‬
‫) ‪(1/18‬‬

‫ح‬‫دعي الصل ِ‬ ‫ب القلم ِ وم ّ‬‫أليس من الولى بأربا ِ‬


‫ل هذه القضايا‬ ‫ل مث ِ‬‫عوا في ح ّ‬ ‫ي أن يس َ‬ ‫الجِتماع ّ‬
‫ي في إسعاِد البيوت‬ ‫ي النبو ّ‬ ‫ة بالهد ِ‬
‫والستنار ِ‬
‫ر‬
‫ست ِ‬
‫حجاب و َ‬ ‫ت على ال ِ‬ ‫ن الحمل ِ‬‫المسلمة‪ ،‬بدل ً من ش ّ‬
‫ن ما‬ ‫ء بأ ّ‬ ‫المرأة وتصديع البيوت والتلبيس على النسا ِ‬
‫كلة يجب حّلها وخطأ يجب‬ ‫ة أنه مش ِ‬ ‫ن فيه من صيان ٍ‬ ‫ه ّ‬
‫م‬
‫ن إلجا َ‬ ‫تغييُره؟! وغاية دعواِتهم التمّردُ والفوضى‪ .‬إ ّ‬
‫مع بأسره‪.‬‬ ‫ة المجت َ‬ ‫ي لحماي ِ‬ ‫ب شرع ّ‬ ‫ء واج ٌ‬‫هؤل ِ‬
‫خُلق‬ ‫صحيح و ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ققها إل ّ دي ٌ‬ ‫ت ل يح ّ‬ ‫ن سعادةَ البيو ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ء الحقوق‬ ‫ص على أدا ِ‬ ‫وات وحر ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫ض عن اله َ‬ ‫سميح وتغا ٍ‬
‫ل أمر عند‬ ‫دب واحتساب ك ّ‬ ‫ة وال َ‬ ‫والواجبات مع المروء ِ‬
‫ل‬ ‫لك ّ‬ ‫ة لتشم َ‬ ‫م السعاد ِ‬ ‫ب نسائ ُ‬ ‫الله تعالى‪ ،‬عند ذلك ته ّ‬
‫ب‬
‫ت الطّيبة والح ّ‬ ‫ّ‬
‫ر وترِبط المجتمع كله بالعلقا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ال َ‬
‫ن‬
‫ة أن تقصَر عي َ‬ ‫دل‪ .‬ينبغي للمرأ ِ‬ ‫والحترام المتبا َ‬
‫ل‬‫جب على الرج ِ‬ ‫علها له‪ ،‬وكذا ي ِ‬ ‫حسن تب ّ‬ ‫جها عليها ب ُ‬ ‫زو ِ‬
‫ن‬
‫عأ ّ‬ ‫سن إلى امرأِته ويكفَيها‪ .‬ولَيعلم الجمي ُ‬ ‫أن يح ِ‬
‫من‬ ‫ل المرافقة ِ‬ ‫ن طو َ‬ ‫كثرةَ المخالفة توغُر الصدوَر‪ ،‬وأ ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫كثر ِ‬

‫) ‪(1/19‬‬

‫عشرة‬ ‫ل ال ِ‬ ‫صحبة بالقناعة وجمي َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫الموافقة وطو َ‬


‫قى‬ ‫ما فإّنه ل يل َ‬ ‫ن الطاعة‪ ،‬ومن كان أشدّ احترا ً‬ ‫حس ِ‬ ‫ب ُ‬
‫ءه‪.‬‬ ‫عا الله لم يخّيب رجا َ‬ ‫ما‪ ،‬ومن د َ‬ ‫ة وإكرا ً‬ ‫إل ّ محب ّ ً‬
‫دية ول‬ ‫جين ليست دنيوّية ما ّ‬ ‫ة بين الزو َ‬ ‫ن العلق َ‬ ‫إ ّ‬
‫ة روحّية كريمة‪ ،‬حينما‬ ‫شهوانّية بهيمّية‪ ،‬إنها علق ٌ‬
‫ت‬
‫جّنا ُ‬‫تصُلح وتصدق فإنها تمتدّ إلى الحياة الخرة‪َ } ،‬‬
‫م‬ ‫خُلون َها ومن صل َح من آبائ ِهم َ‬
‫ه ْ‬ ‫ج ِ‬
‫وا ِ‬ ‫وأْز َ‬‫َ َ َ ْ َ َ ِ ْ َ ِ ْ َ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫عد ْ ٍ‬ ‫َ‬
‫نك ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫سل ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫ل َبا ٍ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫خلو َ‬ ‫ة ي َدْ ُ‬ ‫ملئ ِك ُ‬ ‫وال َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وذُّرّيات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ر{ الرعد‪،24 ،23:‬‬ ‫دا‬
‫ّ ِ‬ ‫ال‬ ‫بى‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫م‬‫ْ َ‬‫ع‬ ‫ِ‬ ‫ن‬‫ف‬‫َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫ر‬
‫َ َ ْ ْ‬‫ب‬ ‫ص‬ ‫ما‬ ‫ب‬
‫ْ ْ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬
‫ة وماتت‬ ‫ر الله عاشت كريم ً‬ ‫ُ‬
‫ست ِ‬ ‫سر في ِ‬ ‫من أ َ‬ ‫وكم ِ‬
‫كريمة‪.‬‬
‫ولقد قمت بجمع هذه الموضوعات من المواقع‬
‫السلمية التي علي منهج السلف الصالح أهل السنة‬
‫والجماعة بعد مراجعتها وإعدادها لتصل إليكم في‬
‫شكل يناسب السرة المسلمة التي تريد الستقامة‬
‫على منهج الله فتظفر بالسعادة في الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وقد تعمدت ذكر بعض‬

‫) ‪(1/20‬‬

‫الخلق الكريمة التي يجب أن تتحلى بها السرة مثل‬


‫الصبر وإصلح عيوب النفس والتي هي من سبيل‬
‫الفوز في الدارين‪.‬‬
‫وتم تمييز اليات القرآنية مع بيان رقم السورة‬
‫والية‪ ،‬وتم حذف الحاديث الضعيفة ووضع الحاديث‬
‫الصحيحة عوضا ً عنها مع تخرج كافة الحاديث والثار‬
‫واستبدال اللفاظ غير المطابقة لما ورد في دواوين‬
‫السلم بما هو وارد فيها‪ ،‬ولو كان الحديث في أحد‬
‫الصحيحين فأكتفي بذكرهما‪ ،‬وإن كان في غيرهما‬
‫فاقتصر على ذكر بعض الطرق الصحيحة وبخاصة من‬
‫السنن الربعة‪ ،‬ثم اذكر رقم الحديث حسبما ورد في‬
‫كتب السنة‪ ،‬كما وردت في المقالت بعض العبارات‬
‫بدون ذكر الدليل عليها‬

‫) ‪(1/21‬‬

‫فتم إضافة الدلة الصحيحة في الهوامش‪ ،‬فما كان‬


‫من توفيق فمن الله وحده وإن كان خطأ فمني ومن‬
‫الشيطان‪(1) .‬‬

‫أمة الله بنت عبد المطلب‬


‫مشرفة المنتديات النسائية‬
‫بموقع مكتبة المسجد النبوي الشريف‬
‫‪www.mktaba.org‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من خطبة للشيخ صالح آل طالب‪ ،‬بالمسجد‬
‫الحرام في ‪27/6/1425‬هـ )المنبر( بتصرف‬

‫) ‪(1/22‬‬

‫مقومات اختيار الزوج لزوجته )‪(1‬‬

‫تكمن أهمية الموضوع اليوم في حساسيته وكثرة‬


‫التعرض له‪ ،‬وهو وإن تجاوزه البعض في خاصة نفسه‬
‫إل أن الكثير لم يتجاوزه في ذريته أو من حيث هو‬
‫مستشار فيه ومؤتمن عليه‪.‬‬
‫وتكمن أهميته أيضا ً من حيث ما يترتب عليه في‬
‫العاجل والجل من صلح المجتمع أو فساده‪ ،‬فعن‬
‫طريقه يتكون المجتمع على أساس صحيح أو أساس‬
‫باطل‪.‬‬
‫ومن المعلوم لديكم ‪ -‬حفظكم الله ‪ -‬أن المجتمع‬
‫يتكون من السر‪ ،‬والسر تتكون من الفراد‪ ،‬كالبناء‬
‫الذي يتكون من الساس واللبنات‪ ،‬وبقدر قوة‬
‫حا‬
‫الساس وقوة اللبنات وانتظامها‪ ،‬يكون البناء صر ً‬
‫خا‪ ،‬كذلك المجتمع النساني إنما‬ ‫خا‪ ،‬وحصًنا راس ً‬‫شام ً‬
‫حا بصلح السر التي يتكون منها‪ ،‬ولهذا‬ ‫يكون صال ً‬
‫شبه النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ماجد بن عبد الرحمن الفريان بتصرف يسير‬

‫) ‪(1/23‬‬

‫المجتمع المسلم بالبنيان الذي يشد بعضه بعضا‪،‬‬


‫وبالجسد الواحد الذي يتألم كله بتألم عضو من‬
‫أعضائه‪ ،‬ولهذا عني السلم عناية تامة بتكوين‬
‫السرة المسلمة‪ ،‬واستصلحها‪ ،‬وبنائها على أسس‬
‫سليمة‪ ،‬ولما كان تكوين السرة يبدأ من اتصال الذكر‬
‫بالنثى عن طريق الزواج‪ ،‬أمر الشارع باختيار الزوج‬
‫الصالح والزوجة الصالحة‪.‬‬
‫إن الختيار السليم من الزوج لزوجته‪ ،‬وأيضا ً من قبل‬
‫الزوجة لزوجها يترتب عليه أمور كثيرة جدًا‪ ،‬لسنا‬
‫بصدد الحديث عنها‪ ،‬لكن من أهمها سلمة المجتمع‬
‫وكماله بسلمة السر وكمالها‪ ،‬فمن السر يتكون‬
‫المجتمع‪ ،‬ولم تقتصر توجيهات الشرع في هذا‬
‫الجانب على الوصية بالدين فقط‪ ،‬كل‪ ،‬بل إن الشارع‬
‫الحكيم نظر إلى كل شيء هو في صالح طرفي عقد‬
‫النكاح دينيا ً ونفسيا ً واقتصاديا ً واجتماعيًا‪ ،‬فل حجة‬
‫لزاعم أنه حريص على ابنته وتأمين مستقبلها في‬
‫تركه توجيهات الشرع الكثيرة في جانب الختيار ذلك‬
‫ص من هذا الرجل على ابنته‪،‬‬ ‫أن الشارع الحكيم أحر ُ‬
‫ولكن أكثر الناس ل يعلمون‪.‬‬

‫) ‪(1/24‬‬

‫فهذه أسس نوصي بها الزوج في اختياره لزوجته‪،‬‬


‫وأسس أخرى نوصي بها المرأة ووليها وكل من له‬
‫علقة في شأن المرأة‪ ،‬ولعلي أبادر إلى الدخول في‬
‫السس والمعايير التي يوصى بها الزوج عند اختياره‬
‫لزوجته‪ ،‬فمنها‪:‬‬
‫حّتى‬ ‫ت َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ر َ‬ ‫شَ ِ‬‫م ْ‬ ‫حوا ال ْ ُ‬ ‫وَل ت َن ْك ِ ُ‬ ‫ل‪:‬الدين‪،‬قال تعالى‪َ } :‬‬ ‫أو ً‬
‫َ‬
‫م{‬ ‫جب َت ْك ُ ْ‬
‫ع َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ة َ‬ ‫رك َ ٍ‬
‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ة َ‬ ‫من َ ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ة ُ‬‫م ٌ‬ ‫وَل َ‬ ‫ن َ‬‫م ّ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ت ِللطّي ِّبي َ‬
‫ن‬ ‫والطّي َّبا ُ‬ ‫البقرة‪ ،221 :‬وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ت{ النور‪ ،26 :‬ولقد عدد النبي صلى‬ ‫ن ِللطّي َّبا ِ‬ ‫والطّي ُّبو َ‬ ‫َ‬
‫الله عليه وسلم السباب التي تنكح المرأة لجلها ثم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬‫مْرأةُ لْرب َ ٍ‬ ‫ح ال ْ َ‬ ‫أوصى بالظفر بذات الدين فقال‪» :‬ت ُن ْك َ ُ‬
‫ن‬
‫دي ِ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫فْر ب ِ َ‬ ‫فاظْ َ‬ ‫ها‪َ ،‬‬ ‫دين ِ َ‬‫ول ِ ِ‬
‫ها َ‬ ‫مال ِ َ‬
‫ج َ‬‫ول ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫سب ِ َ‬
‫ح َ‬ ‫ول ِ َ‬‫ها َ‬ ‫مال ِ َ‬‫لِ َ‬
‫ك« )‪. (1‬‬ ‫دا َ‬ ‫ت يَ َ‬ ‫رب َ ْ‬ ‫تَ ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4700‬ومسلم ‪2661‬‬

‫) ‪(1/25‬‬

‫ومع كثرة ما في هذه الدنيا من متعة وأنس خص‬


‫النبي صلى الله عليه وسلم من بين متاعها وأنسها‬
‫ع‬
‫مَتا ٌ‬ ‫شيئا ً واحدا ً هو المرأة الصالحة فقال ‪» :‬الدّن َْيا َ‬
‫َ‬
‫ة« )‪. (1‬‬ ‫ح ُ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مْرأةُ ال ّ‬ ‫ع الدّن َْيا ال ْ َ‬ ‫مَتا ِ‬ ‫خي ُْر َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫إنه كلما عظم عقل النسان ازداد قناعة بأهمية‬
‫مر وتربية أولد‬ ‫ع ُ‬ ‫المرأة الصالحة‪ ،‬لنها والله شراكة ُ‬
‫وصيانة ديانة وحفظ أمانة‪ ،‬ل يليق أن يكون فيها غير‬
‫القوي المين صاحب الدين المتين والخلق القويم‪.‬‬
‫ومن معايير اختيار الزوجة أيضًا‪ ،‬أن تكون ودودًا‪،‬‬
‫ولودا ً ويعرف ذلك من أهل بيتها‪ ،‬وإذا تيقن أن المرأة‬
‫ل تلد بزواج سابق ونحوه فإنه ل يتزوجها إل من هو‬
‫ل إ َِلى‬ ‫ج ٌ‬ ‫جاءَ َر ُ‬ ‫ل‪َ »:‬‬ ‫قا َ‬ ‫ر َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ل بْ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫مثلها‪َ ،‬‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صب ْ ُ‬ ‫ل إ ِّني أ َ‬ ‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ها َل ت َل ِدُ أ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬
‫ج َ‬ ‫و ُ‬‫فأت ََز ّ‬ ‫ب إ ِّل أن ّ َ‬ ‫ص ٍ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫س ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ت َ‬ ‫ذا َ‬ ‫مَرأةً َ‬ ‫ا ْ‬
‫ة َ‬ ‫م أَتاهُ الّثال ِث َ َ‬ ‫َ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ها ُ‬ ‫فن َ َ‬ ‫هاهُ ث ُ ّ‬ ‫فن َ َ‬ ‫م أَتاهُ الّثان ِي َ َ‬ ‫هاهُ ث ُ ّ‬ ‫فن َ َ‬
‫م« )‪(2‬‬ ‫كاث ٌِر ب ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫فإ ِّني ُ‬ ‫دودَ َ‬ ‫و ُ‬ ‫وُلودَ ال ْ َ‬ ‫جوا ال ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ل ت ََز ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪2668‬‬
‫)‪ (2‬النسائي ‪ 3175‬وغيره‪ ،‬وصححه اللباني في‬
‫الرواء ‪1784‬‬

‫) ‪(1/26‬‬

‫د‬
‫دو ُ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫و ُ‬ ‫سائ ِك ُ ُ‬ ‫خي ُْر ن ِ َ‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪َ » :‬‬
‫ه« )‪(1‬‬ ‫ن الل ّ َ‬‫قي ْ َ‬‫ذا ات ّ َ‬
‫ة إِ َ‬
‫سي َ ُ‬
‫وا ِ‬ ‫ة ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫وات ِي َ ُ‬ ‫وُلودُ ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫فالوصية المبذولة لكل شاب أن يتزوج المرأة الودود‬
‫الولود؛ لن في ذلك تحقيقا ً لرغبة النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم في مكاثرة المم بأمته‪.‬‬
‫ومن معايير اختيار الزوجة أيضًا‪ ،‬الجمال وحسن‬
‫المظهر وهو أمر فطر الله النفوس على الرغبة فيه‪،‬‬
‫وهي رغبة شريفة ل يلم عليها النسان وجاءت‬
‫أصول الشرع مؤيدة لها‪ ،‬فالله جميل يحب الجمال‪،‬‬
‫ولم تشرع رؤية الرجل لمخطوبته إل والتأكد من‬
‫الجمال من أهم مقاصدها‪ ،‬وقال النبي صلى الله‬
‫ه ْ‬
‫ل‬ ‫عليه وسلم لرجل تزوج امرأة من النصار‪َ » :‬‬
‫َ‬
‫شي ًْئا« )‪، (2‬‬
‫ر َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن اْلن ْ َ‬ ‫عُيو ِ‬
‫في ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ت إ ِل َي ْ َ‬
‫ها َ‬ ‫ن َظَْر َ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سو ِ‬‫ل ل َِر ُ‬ ‫قي َ‬‫و» ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيهقي في السنن الكبرى ‪ ،13860‬وأورده‬
‫اللباني في الصحيحة ‪1849‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪2553‬‬

‫) ‪(1/27‬‬

‫ذا ن َظََر‬ ‫َ‬


‫سّرهُ إ ِ َ‬‫ل ال ِّتي ت َ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫خي ٌْر َ‬‫ء َ‬ ‫سا ِ‬
‫ي الن ّ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫سل ّ َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ب‬ ‫ها‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ما‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫س‬ ‫ْ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫في‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ف‬‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫خا‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫و‬ ‫ر‬‫م‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫طي‬ ‫ُ‬ ‫ت‬‫و‬
‫َ َ َ َ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫ه« )‪. (1‬‬ ‫يَ َ ُ‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ك‬
‫لكن المر الذي ينبغي أن يعلم ويتنبه إليه جيدا ً هو أن‬
‫الجمال أمر نسبي ل تترك النساء بسببه وتختلف فيه‬
‫وجهات النظر كثيرا ً كثيرًا‪ ،‬والحديث عن الجمال‬
‫يدعونا إلى ثلثة تنبيهات مهمة‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬بسبب تفاوت الناس في معيارية الجمال‬
‫فإن ما ل يعجب الهل قد يعجب الشاب‪ ،‬وما ل يعجب‬
‫الشاب قد يعجب الهل‪ ،‬وصاحب القرار هو‬
‫المتزوج‪،‬وعليه فإنا نقول‪ :‬الولى أن يكون النظر‬
‫خاصا ً بصاحب الشأن ول تتدخل النساء في الموضوع‪،‬‬
‫فكم ُتركت من فتاة جميلة صالحة بسبب نظرات‬
‫تعسفية من بعض النساء ثم يتزوج الشاب صاحب‬
‫الشأن امرأة مثل التي ترك أو أقل منها مستوى‪،‬‬
‫فلماذا ل يترك المر لرؤيته أول ً ثم رؤية أهله تبعا‪ً.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬النسائي ‪ ،3179‬وصححه اللباني في الصحيحة‬
‫‪1838‬‬

‫) ‪(1/28‬‬
‫المر الثاني‪ :‬نقول ومن الجمال شيء معنوي ل‬
‫علقة له بظاهر المرأة وشكلها بل هو كامن في‬
‫خلقها وطبعها وإليه الشارة في قول النبي صلى‬
‫وُلو ُ‬
‫د‬ ‫دودُ ال ْ َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫و ُ‬ ‫سائ ِك ُ ُ‬‫خي ُْر ن ِ َ‬
‫الله عليه وسلم ‪َ » :‬‬
‫ه« )‪ ، (1‬فهذا جمال‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ذا ات ّ َ‬
‫قي ْ َ‬ ‫ة إِ َ‬
‫سي َ ُ‬
‫وا ِ‬ ‫ة ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫وات ِي َ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م َ‬
‫في الطبيعة‪ ،‬وهو أمر معتبر جدا ً عند الرجال؛‬
‫فالرجل ل يحب المرأة المترجلة ولو كانت جميلة‪ ،‬بل‬
‫يريد المرأة الرقيقة الودود المواسية المواتية‪.‬‬
‫وكذلك الرجل ل يحب امرأة تخالفه في كل شيء‬
‫وتراغمه في أهم مزاياه وهو جانب القوامة عليها‪،‬‬
‫فهي ل تطيعه إذا أمر‪ ،‬وإذا غاب عنها لم يأمنها على‬
‫نفسها أو ماله أو ولده‪ ،‬فهذه ل يرغبها الرجل ولو‬
‫كانت جميلة بل يرغب المرأة التي تكون أقل منها‬
‫جمال ً في الشكل إذا كان يتوفر فيها الجمال المعنوي‬
‫المذكور‪ ،‬وما ذكرته لكم في الجمال المعنوي أمر‬
‫يخفى على كثير من الناس فيجب تنبيه الشباب عليه‬
‫وتعليمهم به‪ ،‬وتوضيح الموازين التي يعرفها‬
‫المجربون من الذين تزوجوا قديما ً وعرفوا‬
‫المرغوبات الحقيقة للرجال‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيهقي في السنن الكبرى ‪ ،13860‬وأورده‬
‫اللباني في الصحيحة ‪1849‬‬

‫) ‪(1/29‬‬

‫ثالث التنبيهات‪ :‬نقول فيه‪ :‬ولن طلب الجمال أمر‬


‫فطري فنقول لك يا أيها الشاب سل عن جمال‬
‫المرأة قبل أن تسأل عن دينها‪.‬‬
‫سيقول قائل‪ :‬سبحان الله يسأل عن الجمال قبل‬
‫فاظْ َ‬
‫فْر‬ ‫الدين والنبي صلى الله عليه وسلم يقول‪َ » :‬‬
‫دا َ‬
‫ك« )‪. (1‬‬ ‫ت يَ َ‬
‫رب َ ْ‬
‫ن تَ ِ‬
‫دي ِ‬
‫ت ال ّ‬ ‫بِ َ‬
‫ذا ِ‬
‫نقول نعم‪ :‬ينبغي أن يسأل عن جمال المرأة قبل‬
‫سؤاله عن دينها‪ -‬وذلك إن أراد الدين والجمال معا ‪-‬‬
‫ودليلنا في ذلك هو هذا الحديث الذي احتججت به‪،‬‬
‫فكيف احتججنا به ؟‬
‫نقول‪ :‬إن المرء الراغب في الزواج إذا سأل عن ذات‬
‫الدين فوجدها ثم سأل عن جمالها فلم يعجبه ثم‬
‫تركها بسبب الجمال‪ ،‬وهي ذات دين يكون قد وقع‬
‫في مخالفة المنهج النبوي وهو الظفر بذات الدين‪.‬‬
‫ولكن نقول له‪ :‬ابحث عن ذات الجمال والدين فإذا‬
‫ت‬
‫صلح لك جمالها فسل عن دينها جيدا فإذا كانت ذا َ‬
‫دين فتوكل على الله وخذها‪ ،‬وإن لم تكن ذات دين‬
‫فتوكل على الله ودعها إذا كنت لم ترغب فيها‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4700‬مسلم ‪2661‬‬

‫) ‪(1/30‬‬

‫ويكون المؤثر في هذه الحال هو الدين وتكون بذلك‬


‫عملت بوصية النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫قد َ‬
‫ك« وهذا هو قول‬‫دا َ‬
‫ت يَ َ‬
‫رب َ ْ‬
‫ن تَ ِ‬
‫دي ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫فاظْ َ‬
‫فْر ب ِ َ‬ ‫» َ‬
‫المام أحمد بن حنبل رحمه الله‪.‬‬
‫أيها الشاب‪ ،‬ول يستخفنك بعد وجود الجميلة غير‬
‫الدّينة من يشجعك على الزواج منها فإنك تكون بذلك‬
‫قد خالفت الوصية‪.‬‬

‫ومن معايير اختيار الزوجة أيضًا‪:‬‬


‫البكارة في المرأة إذا كان الشاب بكرا ً‬
‫وعن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫َ‬
‫ل ث َي ًّبا‬
‫ت بَ ْ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ل ب ِك ًْرا أ ْ‬
‫م ث َي ًّبا ُ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ت نَ َ‬ ‫قل ْ ُ‬‫ت ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ل»ت ََز ّ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ك« )‪ ، (1‬وفي رواية‪:‬‬ ‫عب ُ َ‬‫وت َُل ِ‬
‫ها َ‬ ‫عب ُ َ‬‫ة ت َُل ِ‬
‫ري َ ً‬‫جا ِ‬ ‫فَل َ‬ ‫ل أَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ها« )‪ ، (2‬فأوصى النبي صلى‬ ‫عاب ِ َ‬ ‫ول ِ َ‬‫ذاَرى َ‬ ‫ع َ‬ ‫ول ِل ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ما ل َ َ‬ ‫» َ‬
‫ً‬
‫الله عليه وسلم جابرا بنكاح البكر وكان شابا لم‬ ‫ً‬
‫يتزوج‪ ،‬أما الرجل المتزوج‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪1955‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪4690‬‬

‫) ‪(1/31‬‬

‫الذي يريد أن يعدد أو الشيخ الكبير الفاني فلم‬


‫يوصهم النبي بنكاح البكار إل في وصية عامة عندما‬
‫ها َ‬ ‫ب أَ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ِباْل َب ْ َ‬
‫ق‬
‫وأن ْت َ ُ‬
‫وا ً َ‬
‫ف َ‬ ‫عذ َ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫قال‪َ » :‬‬
‫ر« )‪. (1‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سي ِ‬‫ضى ِبالي َ ِ‬ ‫وأْر َ‬ ‫ما َ‬
‫حا ً‬
‫أْر َ‬

‫ومن معايير اختيار الزوجة أيضًا‪:‬‬


‫اليسر وقلة المؤونة‬
‫ه« )‪(2‬‬ ‫َ‬ ‫خي ُْر الن ّ َ‬
‫سُر ُ‬ ‫ح أي ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫كا‬ ‫قال ‪َ » :‬‬
‫َ‬
‫سيَر‬
‫وت َي ْ ِ‬ ‫خطْب َت ِ َ‬
‫ها َ‬ ‫سيَر ِ‬
‫ة ت َي ْ ِ‬
‫مْرأ ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫وقال ‪» :‬إ ِ ّ‬
‫ها« )‪. (3‬‬ ‫م َ‬‫ح ِ‬ ‫سيَر َر ِ‬ ‫وت َي ْ ِ‬
‫ها َ‬‫ق َ‬
‫دا ِ‬
‫ص َ‬
‫َ‬
‫ونهى النبي عن المغالة في صدقات النساء لن‬
‫المسألة ليست تجارة وليست بيعًا‪ ،‬ولما سئل سيد‬
‫التابعين سعيد بن المسيب رحمه الله عن‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ابن ماجه ‪ ،1851‬وحسنه اللباني في الصحيحة‬
‫‪623‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،1808‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬
‫)‪ (3‬أحمد ‪ 23338‬في مسند عائشة‬

‫) ‪(1/32‬‬

‫قوله ‪) :‬خير النساء أيسرهن مهوًرا( )‪ (1‬فقيل له‪:‬‬


‫كيف تكون حسناء ورخيصة المهر ؟ فقال‪ :‬يا هذا‪،‬‬
‫انظر كيف قلت؟ أهم يساومون في بهيمة ل‬
‫ع صاحبها يغلب على‬ ‫تعقل ؟؟ أم هي بضاعة طم ُ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ق لك ْ‬ ‫خل َ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ن آَيات ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫مطامع الناس ثم قرأ‪َ } :‬‬
‫فسك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ود ّ ً‬‫م َ‬‫م َ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬
‫وا ً‬‫م أْز َ‬ ‫أن ْ ُ ِ ْ‬
‫ن{ الروم‪،21:‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫وم ٍ ي َت َ َ‬‫ق ْ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫ك َل ََيا ٍ‬‫في ذَل ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ة إِ ّ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬
‫َ‬
‫عا‬‫ثم قال رحمه الله‪ :‬إنه إنسان مع إنسانة‪ ،‬وليس متا ً‬
‫عا‪ .‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫يطلب مبتا ً‬

‫ومن معايير اختيار الزوجة أيضا ً ‪:‬‬


‫أن يختار المرأة التي نظر إليها‬
‫حتى ولو بلغه من شأن المرأة ما بلغه‪ ،‬فإن هذا ل‬
‫يغني عن النظر‪ ،‬وليس مقصود النظر هو المعرفة‬
‫عن حالها فقط بل إنه كما قال النبي صلى‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬روى ابن حبان في صحيحه عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم »خيرهن أيسرهن صداقا« ‪ 9/342‬ح‬
‫‪ ،4034‬وقال شعيب الرناؤوط إسناده ضعيف وله‬
‫شواهد تقويه‬

‫) ‪(1/33‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما« )‪ . (1‬وعن‬ ‫م ب َي ْن َك ُ َ‬ ‫ؤد َ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫حَرى أ ْ‬ ‫الله عليه وسلم ‪» :‬أ ْ‬
‫د‬
‫ه ِ‬‫ع ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫مَرأ َةً َ‬ ‫تا ْ‬ ‫خطَب ْ ُ‬ ‫ل» َ‬ ‫قا َ‬ ‫ة َ‬ ‫عب َ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ة بْ ِ‬ ‫غيَر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫صّلى‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫صّلى الّله َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫َر ُ‬
‫ُ‬
‫فان ْظْر‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ت‪ :‬ل‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ها؟ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الّله َ‬
‫قل ُ‬ ‫ت إ ِلي ْ َ‬ ‫م‪ :‬أن َظْر َ‬ ‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫َ‬ ‫فإن ّ َ‬
‫ما« )‪(2‬‬ ‫م ب َي ْن َك ُ َ‬ ‫ؤد َ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫جدَُر أ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ها َ ِ ُ‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫صّلى الّله‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ر بْ ِ‬ ‫جاب ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ع‬
‫ست َطا َ‬ ‫نا ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫مْرأةَ َ‬ ‫م ال َ‬ ‫حدُك ُ ْ‬ ‫بأ َ‬ ‫خط َ‬ ‫ذا َ‬ ‫م‪» :‬إ ِ َ‬ ‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫َ‬
‫فل ْي َ ْ‬ ‫عوهُ إ َِلى ن ِ َ‬ ‫َ‬
‫ل« )‪(3‬‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ها َ‬ ‫ح َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬ ‫ن ي َن ْظَُر إ َِلى َ‬ ‫أ ْ‬
‫فالسنة أن ينظر الرجل إلى مخطوبته ليزيل بذلك‬
‫قدرا ً كبيرا ً من الحواجز بين المرأة وزوجها‪ ،‬ويكون‬
‫أدعى إلى الرغبة من الطرفين‪ ،‬وهذا هو المقصود‬
‫ما«‪.‬‬ ‫م ب َي ْن َك ُ َ‬ ‫ؤد َ َ‬ ‫بقوله‪» :‬ي ُ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1007‬وقال حديث حسن‪ ،‬وابن ماجه‬
‫‪ ،1855‬وصححه اللباني في صحيح ابن ماجه‬
‫)‪ (2‬النسائي ‪ ،3183‬وابن ماجه ‪ ،1856‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح ابن ماجه‬
‫)‪ (3‬أبو داود ‪ ،1783‬وحسنه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬

‫) ‪(1/34‬‬

‫وإلى أي شيء ينظر منها ؟‬


‫ذهب جمهور العلماء إلى أنه ل ينظر منها إل الوجه‬
‫والكفين‪ ،‬وذهب المام أحمد والوزاعي إلى أنه ينظر‬
‫منها ما يدعوه إلى نكاحها مما يظهر منها غالبًا‪ ،‬وهذا‬
‫هو المعمول به عند الكثر‪ ،‬وهو القوى دليل ً لقوله‬
‫طا َ َ‬
‫ن ي َن ْظَُر إ َِلى َ‬
‫ما‬ ‫عأ ْ‬ ‫ست َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫في الحديث المتقدم‪َ » :‬‬
‫فإ ِ ِ‬
‫ل« ول شك أن ما يدعوه إلى‬ ‫ع ْ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ها َ‬
‫ح َ‬ ‫عوهُ إ َِلى ن ِ َ‬
‫كا ِ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫نكاحها أمر زائد على الوجه والكفين بل ما يظهر‬
‫منها غالبا ً من الوجه والشعر والعنق وأعلى الصدر‬
‫وأطراف اليدين والقدمين من المور التي تظهر منها‬
‫غالبًا‪.‬‬
‫وهذا النظر الذي أبيح قبل العقد للحاجة والمصلحة‬
‫الراجحة له ضوابط تضبطه كيل يؤدي إلى أمور ل‬
‫تحمد عقباها‬
‫فمن هذه الضوابط‪ :‬أمن الفتنة عليهما‪.‬‬

‫) ‪(1/35‬‬
‫ومن الضوابط ثانيًا‪:‬عدم الخلوة‪ ،‬يقول النبي صلى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ة َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫مَرأ ٍ‬ ‫حدُك ُ ْ‬
‫م ِبا ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫خل ُ َ‬
‫و ّ‬ ‫الله عليه وسلم ‪َ» :‬ل ي َ ْ‬
‫ما« )‪. (1‬‬ ‫ن َثال ِث ُ ُ‬
‫ه َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا َ‬ ‫ال ّ‬
‫ومن الضوابط ثالثًا‪ :‬أن يكون الخاطب عازما ً على‬
‫الزواج‪ ،‬وقد سأل وتحرى عن كل شيء‪ ،‬فلم يبق له‬
‫إل النظر‪ ،‬أما أن يستغل ذلك بعض الشباب للطلع‬
‫على مكنونات البيوت‪ ،‬وكسر قلوب العذارى‪ ،‬فل‬
‫تنظر أيها الشباب إل بعد أن تكون عازما ً على الزواج‬
‫من هذه المرأة ولم يبق لك إل التأكد من جمالها‬
‫وتطبيق السنة في النظر إليها لنه أحرى أن يؤدم‬
‫بينكما‪.‬‬
‫تلك أسس في اختيار الزوج لزوجته تنبغي مراعاتها‬
‫من قبل الراغبين في الزواج وذويهم‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ 109‬في مسند عمر بن الخطاب‬

‫) ‪(1/36‬‬

‫مقومات اختيار الزوجة لزوجها )‪(1‬‬

‫أسس ومعايير في اختيار الزوجة لزوجها تنبغي‬


‫مراعاتها من قبل الراغبين في الزواج وذويهم‪ ،‬هذه‬
‫ل من له علقة في‬ ‫أسس نوصي بها المرأة ووليها وك ّ‬
‫شأن المرأة‪ ،‬أن تكون لهم معايير أيضا ً في قبول‬
‫المتقدم للزواج أو رده‪ ،‬وقبل الدخول فيها ل بد من‬
‫التنبيه إلى أمر مهم‪ ،‬هو أن المرأة هي الطرف‬
‫الضعف في باب النكاح‪ ،‬وذلك لمور أربعة‪:‬‬

‫أحدها‪ :‬أن المرأة تعتبر أسيرة عند الرجل بدليل قوله‪:‬‬


‫عن ْدَك ُ ْ‬
‫م« )‪(2‬‬ ‫ن ِ‬
‫وا ٌ‬
‫ع َ‬
‫ن َ‬
‫ه ّ‬
‫ما ُ‬ ‫خي ًْرا َ‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ء َ‬
‫سا ِ‬
‫صوا ِبالن ّ َ‬
‫و ُ‬
‫ست َ ْ‬
‫»ا ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ماجد بن عبد الرحمن الفريان بتصرف يسير‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 3012 ،1083‬وقال حسن صحيح‪،‬وابن‬
‫ماجه ‪ ،1841‬وحسنه اللباني في صحيح ابن ماجة‪،‬‬
‫ومعنى عوان عندكم أي‪ :‬أسيرات‪.‬‬

‫) ‪(1/37‬‬
‫جا ُ‬
‫ل‬ ‫ثانيًا‪ :‬ولن القوامة بيد الرجل لقوله تعالى‪} :‬الّر َ‬
‫ض‬
‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬
‫ض ُ‬‫ع َ‬ ‫ه بَ ْ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬
‫ف ّ‬‫ما َ‬ ‫ء بِ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫َ‬
‫م{ النساء‪34:‬‬ ‫َ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫ما أن ْ َ‬
‫ه ْ‬ ‫وال ِ ِ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ِ‬ ‫وب ِ َ‬ ‫َ‬
‫ثالثا‪ :‬ولن المرأة مرهفة المشاعر والحاسيس فهي‬ ‫ً‬
‫ل تحتمل رجل ً دنيئا ً في الصفات والخلق‪ ،‬يؤذيها في‬
‫نفسها ومشاعرها ويلوث فضاء بيتها بالبذيء من‬
‫العبارات والساقط من القول‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ولن المرأة ل تستطيع أن تبين حجتها في‬
‫الخصومة‪ ،‬فقد يظلمها ول تستطيع أن تجابهه كما‬
‫صام ِ‬‫خ َ‬ ‫في ال ْ ِ‬‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬
‫ة َ‬ ‫حل ْي َ ِ‬
‫في ال ْ ِ‬‫شأ ُ ِ‬ ‫ن ي ُن َ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫قال تعالى‪} :‬أ َ‬
‫ن{ الزخرف‪ 18:‬أي ل يستطيع أن يظهر‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫غي ُْر ُ‬ ‫َ‬
‫حجته في الخصومة‪.‬‬
‫لهذه المور الربعة التي تدل على ضعف المرأة‬
‫ينبغي لها ووليها الهتمام البالغ بأمر قبول الخاطب‬
‫أو رده‪.‬‬
‫فمن معايير اختيار الزوجة لزوجها‪:‬‬

‫) ‪(1/38‬‬

‫ل‪ :‬الدين‪:‬‬ ‫أو ً‬


‫فينبغي أن يكون صاحب ديانة‪ ،‬والمراد بذلك الزيادة‬
‫على الواجبات‪ ،‬ل ما يدخله في الدين فقط‪ ،‬قال‬
‫َ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مى ِ‬ ‫حوا اْلَيا َ‬ ‫وأن ْك ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫عَباِدك ُ ْ‬
‫غن ِ ِ‬‫ن ي َكوُنوا فقَراءَ ي ُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫مائ ِك ْ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫م{ النور‪ ،32:‬و َ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫س ٌ‬‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫والل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫و َ‬‫ض ْ‬
‫ن ت َْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫م‪» :‬إ ِ َ‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الله َ‬ ‫ّ‬ ‫الهدى َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫في الْر ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫عُلوا ت َك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫حوهُ إ ِّل ت َ ْ‬ ‫فأن ْك ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ُ َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ِدين َ ُ‬
‫د« )‪ ، (1‬فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫سا ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ضي الدين‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫كان‬ ‫من‬ ‫بتزويج‬ ‫الحديث‬ ‫هذا‬ ‫في‬
‫ق‪ ،‬وهذا يدل على أنه من كان فاسد الدين سيئ‬ ‫خل ُ ُ‬ ‫وال ُ‬
‫الخلق ل ينبغي تزويجه‪ ،‬ففيه حث على اختيار‬
‫الزواج‪ ،‬واعتبار المؤهلت الشرعية‪ ،‬وكثير من‬
‫عير هذا الجانب اهتماما عند تزويج موليته‪،‬‬ ‫الولياء ل ي ُ ِ‬
‫فل يختار لها الرجل الذي أرشد إليه الرسول‪ ،‬وإنما‬
‫دا‬‫يختار لها الرجل الذي يهواه هو‪ ،‬حتى ولو كان فاس ً‬
‫في‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ ،1004‬وابن ماجه ‪ ،1957‬وحسنه‬
‫اللباني في السلسلة الصحيحة ‪.1022‬‬
‫) ‪(1/39‬‬

‫دينه‪ ،‬سيًئا في خلقه‪ ،‬ل مصلحة للمرأة من الزواج به‪،‬‬


‫فكم سمعنا من مشاكل النساء اللتي وقعن في سوء‬
‫الختيار‬
‫‪ -‬هذه تقول‪ :‬إنها بليت بزوج ل يصلي‬
‫‪ -‬وهذه تقول‪ :‬إن زوجها يشرب المسكرات ويتعاطى‬
‫المخدرات‬
‫‪ -‬وهذه تقول‪ :‬أن زوجها أمرها بالسفور وإلقاء‬
‫الحجاب‬
‫‪ -‬وهذه تقول‪ :‬إن زوجها يستمتع بها في غير ما أحل‬
‫الله‪ ،‬يجامعها في نهار رمضان‪ ،‬أو يجامعها وهي‬
‫حائض‪ ،‬أو في غير المحل الذي أباح الله‪.‬‬
‫‪ -‬وهذه تقول‪ :‬إن زوجها ل يبيت عندها لنه يسهر مع‬
‫الفسقة‪.‬‬
‫والمسؤول عن ذلك هو وليها الذي أساء الختيار لها‪،‬‬
‫وخان أمانته عليها‪.‬‬

‫) ‪(1/40‬‬

‫ومن المعلوم أن اختيار الولي للزوج الصالح هو‬


‫اختياٌر لصلح البنت وأولدها‪ ،‬واختياره للزوج الفاسد‬
‫هو اختيار أيضا ً لفساد البنت وأولدها؛ ذلك أن تأثير‬
‫الزوج كبير‪ ،‬وهو مؤثر في تنشئة ذريته على الصلح‬
‫أو الفساد‪ ،‬وتنشئة الفاسد لذريته على الفساد أمر‬
‫ك‬ ‫ضّلوا ِ‬
‫عَبادَ َ‬ ‫م يُ ِ‬‫ه ْ‬‫ن ت َذَْر ُ‬ ‫معهود كما قال تعالى‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫ك إِ ْ‬
‫فاًرا{ نوح‪ 27:‬إذا علمت ذلك‬ ‫جًرا ك َ ّ‬ ‫دوا إ ِّل َ‬
‫فا ِ‬ ‫وَل ي َل ِ ُ‬
‫َ‬
‫ضا عن فساد‬ ‫جيدا أيها الولي فاعلم أنك مسؤول أي ً‬ ‫ً‬
‫موليتك وفساد ذريتها بسبب هذا الزوج الذي‬
‫غششتها به وأنت تعلم أن الفاسد ل يلد إل فاسدا ً‬
‫في الغلب‪ ،‬إل أن يشاء الله رب العالمين‪.‬‬
‫ومن معايير اختيار الزوج أيضا ً‬
‫الخلق الطيب‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫والطي ُّبو َ‬ ‫ن َ‬ ‫ّ‬
‫ت ِللطي ِّبي َ‬ ‫ّ‬
‫والطي َّبا ُ‬ ‫كما قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ت{ النور‪ ،26 :‬وأوصى النبي صلى الله عليه‬ ‫ِللطّي َّبا ِ‬
‫وسلم بقبول من اجتمعت فيه صفتان‬

‫) ‪(1/41‬‬
‫ه‬
‫ن ِدين َ ُ‬‫و َ‬‫ض ْ‬
‫ن ت َْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ق فقال‪» :‬إ ِ َ‬ ‫ن والخل ُ‬ ‫هما‪:‬الدي ُ‬
‫قه َ َ‬
‫ه«‪ ،‬ولما استشير النبي صلى الله عليه‬ ‫حو ُ‬ ‫فأن ْك ِ ُ‬ ‫خل ُ َ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ضّرا ٌ‬ ‫خطاب فقال عن أحدهم بأنه » َ‬ ‫وسلم في ثلثة ُ‬
‫ه« )‪. (2‬‬ ‫ق ِ‬ ‫عات ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫صاهُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ع َ‬ ‫ء« )‪َ» (1‬ل ي َ َ‬
‫ض ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِللن ّ َ‬
‫وإذا تفاوت الرجال في الصفات فل شك أن من‬
‫أقربهم منزلة إلى قلوب الناس مرضي الدين والخلق‬
‫كما أنه هو القرب منزل ً يوم القيامة من النبي صلى‬
‫صّلى الّله‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬فعن جاب َ‬
‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫رأ ّ‬ ‫َ ْ َ ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مّني‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫قَرب ِك ْ‬‫وأ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫م إ ِل ّ‬ ‫ُ‬
‫حب ّك ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل‪» :‬إ ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قا«‪(3) .‬‬ ‫خل ً‬ ‫مأ ْ‬ ‫سن َك ُ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫ةأ َ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫و َ‬ ‫سا ي َ ْ‬ ‫جل ِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪2720‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪1944‬‬
‫)‪ (3‬الترمذي ‪ 1941‬وقال حسن غريب‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في الصحيحة ‪791‬‬

‫) ‪(1/42‬‬

‫وإن الخلق الطيب هو من أبرز معالم الدين‪ ،‬ولذا‬


‫ن‬‫م ْ‬ ‫قرنه النبي صلى الله عليه وسلم به فقال‪َ » :‬‬
‫ه« وحصر النبي صلى الله عليه‬ ‫ق ُ‬‫خل ُ َ‬‫و ُ‬‫ه َ‬‫ن ِدين َ ُ‬‫و َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ت َْر َ‬
‫ن‬
‫س ُ‬ ‫وسلم البر في حسن الخلق فقال‪» :‬ال ْب ِّر ُ‬
‫ح ْ‬
‫ق« )‪ ، (1‬ويتبين بذلك أن الخلق الحسن من‬ ‫ال ْ ُ ُ‬
‫خل ِ‬
‫بدهيات الدين القويم وأساسياته‪ ،‬ولم نفرد الحديث‬
‫عن الخلق الطيب مع دخوله في الدين دخول ً أوليا ً إل‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫لن النبي صلى الله عليه وسلم أفرده فقال‪َ » :‬‬
‫ه«‪ .‬وذلك احتياطا ً منه للنساء من‬ ‫ق ُ‬‫خل ُ َ‬‫و ُ‬‫ه َ‬‫ن ِدين َ ُ‬‫و َ‬ ‫ض ْ‬ ‫ت َْر َ‬
‫النذال من الرجال الذين جبلوا على سوء الخلق‬
‫وسيء الطباع‪ ،‬فيؤذون المرأة في نفسها بالضرب‬
‫في الوجه وتقبيح صورتها ونحو ذلك مما يؤذي المرأة‬
‫جدًا‪.‬‬
‫وأمر آخر في إفراد الخلق عن الدين هو أن مفهوما ً‬
‫ب‬ ‫ب الدين هو صاح ُ‬ ‫سيئا ً منتشرا ً يقضي بأن صاح َ‬
‫الخلق مباشرة دون سؤال عن خلقه‪ ،‬والحقيقة أنه ل‬
‫تلزم بين الدين والخلق عند البعض من الناس في‬
‫هذا الزمان‪ ،‬فكان لزاما ً على كل ولي أن يسأل عن‬
‫توفر الشرطين وهما‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪،4632‬والترمذي ‪2311‬‬
‫) ‪(1/43‬‬

‫الدين والخلق ول يغني أحدهما عن الخر خاصة في‬


‫هذا الزمن الذي انتشر فيه الجهل وامتل‬
‫بالمتناقضات‪.‬‬
‫ومن معايير اختيار الزوج أيضا ً‬
‫حسن الهيئة في الرجل‬
‫كما طلب الرجل الجمال في المرأة‪ ،‬وهذا أمر أيضا ً‬
‫جبلت النساء عليه‪ ،‬وأمر الله الزواج بمراعاته وإليه‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫مث ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫الشارة في قوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ُ‬
‫ب‬
‫ح ّ‬ ‫ف{ البقرة‪ .228 :‬قال ابن عباس‪) :‬إّني أ ِ‬ ‫عُرو ِ‬‫م ْ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الّله‬ ‫ن ت َت ََزّين ِلي ; ِل َ ّ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة‪ ،‬ك َ َ‬
‫ما أ ِ‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫ن أت ََزّين ل ِل ْ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ة{ البقرة‪:‬‬ ‫ج ٌ‬
‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ل َ َ‬ ‫كره ي َ ُ‬ ‫عاَلى ِذ ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬
‫قول ‪َ } :‬‬ ‫تَ َ‬
‫‪(1) .(228‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪ ،1765‬وابن أبي حاتم ‪ ،2335‬البيهقي‬
‫‪ ،15125‬وابن أبي شيبة ‪183 / 4‬‬

‫) ‪(1/44‬‬

‫ومما يدل على أن النساء أيضا ً فطرن على الهتمام‬


‫بمظهر الرجال ما ورد في قصة حبيبة بنت سهل‬
‫عندما اختلعت من زوجها ثابت بن قيس فجاءت إلى‬
‫سول الّله َل‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم فقالت »َيا َر ُ‬
‫جاِنب‬ ‫دا ! إّني َر َ‬ ‫َ‬ ‫وَرْأسه َ‬ ‫ْ‬
‫عت َ‬ ‫ف ْ‬ ‫يء أب َ ً‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫سي َ‬ ‫مع َرأ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫يَ ْ‬
‫دا‬ ‫َ‬
‫وأ َ‬ ‫دة‪َ ،‬‬
‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فَرأْيته أ ْ‬
‫قب َ َ‬ ‫خَباء َ‬‫ال ْ ِ‬
‫وا ً‬
‫س َ‬
‫م َ‬‫ده ْ‬‫ش ّ‬ ‫ه َ‬
‫ذا ُ‬ ‫ع ّ‬
‫في ِ‬ ‫ل ِ‬
‫ها« )‪ . (1‬ولكن المر‬ ‫ج ً‬‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫قَبحه ْ‬‫وأ َ ْ‬‫مة َ‬ ‫م َ‬
‫قا َ‬ ‫صره ْ‬ ‫ق َ‬ ‫وأ َ ْ‬‫َ‬
‫الذي يجدر التنبيه عليه هنا هو أن المعيار عند النساء‬
‫يختلف عنه عند الرجال‪ ،‬فالمطلوب عندهم حسن‬
‫المظهر من تفوقه عليها في الطول والجسم ونحو‬
‫ذلك وليس المطلوب عندهم الجمال والوسامة ونحو‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ومن معايير اختيار الزوج أيضا ً ‪:‬‬
‫أن تأخذ المرأة الرجل الذي نظرت إليه‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪3798‬‬

‫) ‪(1/45‬‬
‫لن ذلك أقرب للنفوس وأحرى في التوافق كما قال‬
‫َ‬ ‫فإن ّ َ‬
‫م‬ ‫ن يُ ْ‬
‫ؤد َ َ‬ ‫جدَُر أ ْ‬
‫هأ ْ‬‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ُ ِ َ » :‬‬
‫ما« )‪ (1‬وتكون الرؤية بنفس الضوابط المتقدمة‬ ‫ب َي ْن َك ُ َ‬
‫في نظر الرجل إلى مخطوبته‪.‬‬
‫ومن المعايير أيضًا‪:‬‬
‫القدرة على تحقيق النفقة عليها وحوائجها‬
‫فالقدرة المالية معتبرة شرعًا‪ ،‬ولذلك فإن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لما استشارته فاطمة بنت‬
‫قيس في ثلثة نفر تقدموا لها عاب أحدهم بأنه‬
‫ه« )‪(2‬‬‫ل لَ ُ‬ ‫ك َل َ‬
‫ما َ‬ ‫عُلو ٌ‬‫ص ْ‬‫» ُ‬
‫ومع اعتبار القدرة المالية في النكاح إل أنها أيضا ً ل‬
‫تكون مبررا ً في ترك النكاح إل عند العجز التام كما‬
‫هي الحال في بعض أصحاب النبي‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬النسائي ‪ ،3183‬وابن ماجه ‪ ،1856‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح ابن ماجه‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪ ،2709‬والترمذي ‪،1053‬والنسائي ‪،3193‬‬
‫وأبو داود ‪1944‬‬

‫) ‪(1/46‬‬

‫صلى الله عليه وسلم الذين كانوا ل يجدون شيئا ً من‬


‫د فزوجه‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫خات َ ً‬ ‫متاع الدنيا فلم يجد أحدهم َ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم على ما معه من القرآن )‬
‫‪(1‬‬
‫ً‬
‫ومن معايير اختيار الزوج أيضا‪ :‬أن يكون قادرا على‬ ‫ً‬
‫النجاب‪ ،‬فإذا علم أن الرجل ل يولد له‪ ،‬فل تتزوجه‬
‫المرأة التي تنجب لن في هذا تفويت لوصية النبي‬
‫في المكاثرة بأمته يوم القيامة‪ ،‬ولما فيه من الضرار‬
‫بالمرأة وفطرتها‪ ،‬فكل إنسان مجبول على حب‬
‫الولد‪.‬‬
‫صّلى‬ ‫ي َ‬ ‫لى الن ّب ِ ّ‬ ‫ل إِ َ‬ ‫ج ٌ‬‫جاءَ َر ُ‬ ‫ل» َ‬ ‫قا َ‬ ‫ر َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ل بْ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫مَرأةً َ‬ ‫َ‬ ‫م فقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫س ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ت َ‬ ‫ذا َ‬ ‫تا ْ‬ ‫صب ْ ُ‬ ‫ل إ ِّني أ َ‬ ‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ُ‬
‫م أَتاهُ الّثان ِي َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ها َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها ل ت َل ِدُ أ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ل ل ثُ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ج َ‬ ‫و ُ‬ ‫فأت ََز ّ‬ ‫وإ ِن ّ َ‬‫ل َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫د‬ ‫دو‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫جوا‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ة‬
‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ل‬ ‫ّ‬
‫ثا‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫تا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ه‬ ‫ها‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫َ َ ّ ُ‬ ‫َ َ ُ ّ َ ُ‬
‫م« )‪(2‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫م َ‬ ‫م ال َ‬ ‫كاث ٌِر ب ِك ْ‬ ‫فإ ِّني ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4641‬مسلم ‪2554‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،1754‬والنسائي ‪ ،3175‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح أبي داود‬

‫) ‪(1/47‬‬

‫وهذا في حق الرجال الذين بمقدورهم الزواج من‬


‫ثانية وثالثة ورابعة إذا كانت زوجاتهم ل ينجبن فكيف‬
‫بالمرأة التي ل تعدد‪ ،‬وليس لها خياٌر آخر إل طلب‬
‫الطلق‪ ،‬فالمرأة في هذا الشرط من باب أولى لنه‬
‫ليس لها طريق إلى الولد إل بالطلق‪.‬‬
‫قد يفرط كثير من الولياء في أمر الخاطب ثم ينتج‬
‫عن ذلك تفرق أسر وتشتتها‪ ،‬فكم سمعنا وقرأنا عن‬
‫أسر تم عقد الزواج والترابط بينها ثم ل تلبث إل‬
‫اليام اليسيرة أو الشهر القليلة حتى ينحل ذلك‬
‫العقد وينقلب الترابط على تفرق؛ فترجع الفتاة على‬
‫أهلها كسيرة حسيرة ثم تجلس في انتظار الطارق‬
‫الخر‪ ،‬وقد يطول الزمن بها‪ ،‬بل قد يعزف عنها‬
‫الخطاب‪.‬‬
‫وبكل حال فلو بحثنا سبب ذلك التفرق فلربما يتحمل‬
‫الولي جزءا ً كبيرا ً منه‪ ،‬ولذا ل بد من القول بصراحة‬
‫تامة‪ :‬إن ذمة الوالد أو الولي ل تبرأ من الثم حتى‬
‫يخلص النصح لبنته وينتهج المنهج الشرعي في‬

‫) ‪(1/48‬‬

‫التعامل مع الخاطبين‪ ،‬ول بد من التنبيه في هذا‬


‫المقام على أمور مهمة باختصار لعل الله أن ييسر‬
‫الوقت الذي نبسط فيه الكلم عنها‪:‬‬
‫المر الول ‪ :‬يحصل من بعض الباء إذا تقدم الخاطب‬
‫إلى بيته أن يصم أذنيه ويغمض عينيه عن كل طارق‬
‫إل عن قريب له كائنا ً ما كان‪ ،‬صالحا ً أو طالحًا‪ ،‬تقيا ً‬
‫أو شقيًا‪ ،‬ل يهمه ذلك كله إنما همه الول والخير أن‬
‫يكون المتقدم لبنته قريبا ً في النسب وهذا والله من‬
‫الظلم كيف يجعل ابنته وقفا ً على ابن عم أو قريب‬
‫لها بغض النظر عن صلحه وحسن سيرته ؟‬
‫المر الثاني‪ :‬ل بد من استشارة الفتاة في خطيبها‬
‫وعدم إجبارها‪ ،‬فعليك أيها الولي أن تستشير ابنتك‬
‫في خطيبها‪ ،‬هذا إذا كان المتقدم مرضي السيرة‪ ،‬أما‬
‫إذا كان سيء السمعة والسيرة فل مرحبا ً به ول‬
‫كرامة‪ ،‬بل إن من تمام المسؤولية عدم استشارتها‬
‫في أمره‪ ،‬ويجب عليك أن تصرف ذلك الخاطب عنها‪.‬‬

‫) ‪(1/49‬‬

‫المر الثالث‪ :‬وقد يكون غريبا ً عند البعض ومستشنعا ً‬


‫عند آخرين‬
‫قد يترك بيت من بيوت المسلمين ل يطرقه خاطب‬
‫وقد يكون في ذلك البيت فتاة أو أكثر شاهد القول‬
‫أن تلك الفتاة قد تمكث أزمانا ً ولم يتقدم إليها أحد أو‬
‫يتقدم لها من ل يصلح فتتعذب المسكينة في داخلها‬
‫لكن الحياء يمنعها من إظهار ذلك!!! أيا ترى وفي‬
‫مثل هذه الحال هل يمكن للولي أن يقوم بشيء في‬
‫مصلحة ابنته ؟؟ وجواب ذلك نقول‪ :‬نعم ويؤجر عليه‬
‫أجرا ً عظيما ً ويثاب عليه وله سلف في ذلك‪ ،‬يمكنه أن‬
‫يقوم بالبحث عن زوج يرضاه لبنته فيذكر له ذلك أو‬
‫يوسط من يذكر له أن عنده فتاة في سن الزواج فلو‬
‫تقدمت إليها‪ ،‬فإن رغب الشاب وإل بحث عن غيره‪.‬‬
‫ول يقال‪ :‬إن هذا من العيب ونحو ذلك‪ ،‬دع عنك هذا‬
‫الكلم واستمع إلى ما قاله المام البخاري رحمه الله‬
‫عَلى‬
‫ه َ‬ ‫و أُ ْ‬
‫خت َ ُ‬
‫عرض اْلن ْسان ابن َت َ َ‬
‫هأ ْ‬‫ِ َ ِ ْ ُ‬ ‫َفي الصحيح‪َ :‬باب َ ْ ِ‬
‫ر‪ ،‬ثم ساق خبرا ً فيه أن عمر بن‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫ه ِ‬
‫أ ْ‬

‫) ‪(1/50‬‬

‫الخطاب عرض ابنته حفصة على عثمان فلم يرغب ثم‬


‫عرضها على الصديق فلم يرغب فتزوجها النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بعد ذلك فدخلت باب التشريف‪،‬‬
‫وسميت بأم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين‪(1) .‬‬
‫ولما رأى صاحب مدين ما في موسى من الصفات‬
‫الحسنة عرض عليه الزواج من إحدى ابنتيه فقال‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل إّني أ ُ‬
‫عَلى أ ْ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬ ‫هات َي ْ ِ‬‫ي َ‬‫دى اب ْن َت َ ّ‬‫ح َ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫ح َ‬‫ن أن ْك ِ َ‬ ‫ريدُ أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫قا َ ِ‬ ‫} َ‬
‫د َ‬ ‫شًرا َ‬ ‫َ‬ ‫ج َ‬ ‫ْ‬
‫ك‬ ‫عن ْ ِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ف ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬‫م ْ‬ ‫ن أت ْ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ي ِ‬‫مان ِ َ َ‬ ‫جَرِني ث َ َ‬ ‫ت َأ ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫جدُِني إ ِ ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ش ّ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ريدُ أ ْ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن{ القصص‪ ،27 :‬وقال الشيخ ابن باز رحمه‬ ‫حي َ‬‫صال ِ ِ‬
‫ال ّ‬
‫الله تعالى‪ :‬ليس من العيب أن يبحث الرجل عن زوج‬
‫صالح لبنته أو أخته‪ .‬أ‪.‬هـ‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪4728‬‬
‫) ‪(1/51‬‬

‫المر الرابع‪ :‬من براءة الذمة أن يخبر الولي الخاطب‬


‫بما يكون في تلك المخطوبة من المور التي قد تحل‬
‫عقد الزوجية إذا علم بها الزوج وذلك مثل العيب‬
‫الخلقي الواضح أو المرض الخطير ونحو ذلك‪.‬‬
‫المر الخامس‪ :‬السؤال والبحث عن حال الخاطب‪،‬‬
‫وهذا من المسؤولية بمكان عظيم‪ ،‬فبعض الولياء قد‬
‫يتقدم إلى ابنته خاطب لم يكن عنده سابق علم به‬
‫فيكتفي ببحث يسير أو معرفة عامة عن ذلك‬
‫الخاطب‪ ،‬وهذا ل يكفي في هذا المقام‪ ،‬بل عليك‬
‫أيها الولي أن تتحرى وتسأل حتى يتبين لك حاله أتم‬
‫بيان فإما أن تقبله براحة أو ترده بقناعة‪.‬‬
‫المر السادس‪ :‬يتهاون كثير من الولياء في شأن‬
‫الخاطب الذي يتهاون بالصلة بحجة أن غيره كانوا‬
‫ن الله عليهم بالهداية‪ ،‬ول ريب أن‬
‫على شاكلته ثم م ّ‬
‫هذا من تلبيس الشيطان عليهم‪ ،‬وإل فبأي وازع‬
‫يسمح الولي لنفسه أن يزوج ابنته من رجل يتهاون‬
‫بالصلة؟ فمن لم يراقب الله ويقوم بما أوجب الله‬
‫عليه فمن باب أولى أل يقوم بحقوق زوجته وأولده‪.‬‬

‫) ‪(1/52‬‬

‫صفات الزوج الصالح )‪(1‬‬


‫ن‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫ء‪َ ،‬‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم‪» :‬ا ْ‬
‫ع‬ ‫َ‬
‫ضل ِ‬ ‫فى ال ّ‬ ‫ء ِ‬ ‫ى ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ع‪َ ،‬‬ ‫ضل ٍ‬
‫ن ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫مْرأ َةَ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م ي ََز ْ‬
‫ل‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫ن ت ََرك ْت َ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫سْرت َ ُ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫قي ُ‬ ‫ت تُ ِ‬ ‫هب ْ َ‬ ‫ن ذَ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫عل َ ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫ء«‪(2) .‬‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ج‪َ ،‬‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫أيها الخوة بارك الله لكم وبارك فيكم‪ ،‬في بداية‬
‫الوصية استوصوا بالنساء خيرا‪ ،‬وفي نهايتها‬
‫استوصوا بالنساء خيرا‪.‬‬
‫َ‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ‪» :‬أَل‬
‫م ل َي ْ َ‬
‫س‬ ‫عن ْدَك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫خي ًْرا َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ح َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ش ٍ‬ ‫فا ِ‬ ‫َ‬ ‫تي‬ ‫ِ‬ ‫أ‬‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ر‬ ‫ْ َ‬ ‫ي‬ ‫غ‬ ‫ئا‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ن‬
‫ُ ّ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫كو‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫تَ ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫مب َي ّن َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫سِبيلً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫غوا َ‬ ‫فل ت َب ْ ُ‬ ‫عن َك ْ‬ ‫ن أط ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫مب َّر ٍ‬ ‫ضْرًبا غي َْر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫علي ْك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ُ ْ‬ ‫ول ِن ِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ُ ْ‬ ‫على ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن لك ُ ْ‬ ‫أَل إ ِ ّ‬
‫َ َ‬
‫ن‬ ‫فَل ُيوطِئ ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫سائ ِك ُ ْ‬ ‫عَلى ن ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو البراء التعمري‪ ،‬استفدت هذا الكلم من كتاب‬
‫الشيخ‪ :‬أبو إسلم صالح طه تبصرة النام بالحقوق‬
‫في السلم‪ .‬وكتاب الشيخ‪ :‬محمد موسى نصر النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم في بيته‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،3084‬ومسلم ‪2671‬‬

‫) ‪(1/54‬‬

‫ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وَل ي َأذَ ّ‬ ‫ن َ‬‫هو َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬
‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫شك ُ ْ‬ ‫فُر َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬
‫مأ ْ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ّ‬
‫و َ‬‫ن أَل َ‬ ‫هو َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫ن«‪ ، (1) .‬وقال صلى الله عليه‬ ‫ه ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬‫وطَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬‫س َ‬‫كِ ْ‬
‫ت‬‫مل َك َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫صَلةَ َ‬ ‫وسلم وهو في فراش الموت »ال ّ‬
‫َ‬
‫ه«‪) .‬‬
‫سان ُ ُ‬‫ها ل ِ َ‬ ‫ض بِ َ‬ ‫في ُ‬ ‫ما ي َ ِ‬‫حّتى َ‬ ‫ها َ‬ ‫قول ُ َ‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫ما َزا َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫مان ُك ُ ْ‬ ‫أي ْ َ‬
‫‪(2‬‬

‫أيها الخوة في الله وللزوجة على زوجها حقوق‬


‫كثيرة جدا منها‪:‬‬

‫أول ً ‪:‬أن يعاشرها بالمعروف‬


‫ن‬‫فإ ِ ْ‬‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬‫و َ‬ ‫استجابة لقوله تعالى } َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ع َ‬‫ج َ‬‫وي َ ْ‬ ‫شي ًْئا َ‬‫هوا َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬‫سى أ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬
‫ف َ‬ ‫ه ّ‬‫مو ُ‬ ‫هت ُ ُ‬ ‫كَ ِ‬
‫ر ْ‬
‫خي ًْرا ك َِثيًرا{ النساء‪،19 :‬ولقوله صلى الله عليه وسلم‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫هِلي« )‪(3‬‬ ‫م ِل ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫وأَنا َ‬ ‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫م ِل ْ‬ ‫م َ‬‫خي ُْرك ُ ْ‬‫‪َ »:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1083‬وقال حسن صحيخ‪ ،‬وحسنه‬
‫اللباني في صحيح سنن الترمذي‬
‫)‪ (2‬ابن ماجة ‪ ،1614‬وصححه اللباني في الرواء ‪/ 7‬‬
‫‪238‬‬
‫)‪ (3‬الترمذي ‪ 3830‬وقال حسن غريب صحيح‪ ،‬وابن‬
‫ماجه ‪ ،1967‬وصححه اللباني في الصحيحة ‪285‬‬

‫) ‪(1/55‬‬

‫والخيرية للمرأة ليست بالثاث الفاخر والمنزل الكبير‬


‫والسيارة الفاخرة!! ل‪ ،‬إنما أن تؤدي لها حقها‪.‬‬
‫فرسولنا صلى الله عليه وسلم من خير الناس‬
‫لنسائه‪ ،‬ومع ذلك كانت عائشة رضي الله عنها تنام‬
‫مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة‬
‫ضيقة‪ ،‬فكان صلى الله عليه وسلم )‪ (1‬إذا سجد‬
‫بالليل وهو يصلي غمز عائشة حتى يتمكن من أن‬
‫يسجد فإذا قام من سجوده مدت رجلها‪.‬‬
‫لقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثل أعلى‬
‫في حسن معاملة زوجاته رضي الله عنهن فتعالوا بنا‬
‫لندخل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنرى‬
‫ماذا كان يجري بين تلك الجدران المباركة‪.‬‬
‫كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس‬
‫ء‪ ،‬فقد أباح الله له أن يتزوج ما شاء من النساء )‬ ‫نسا ً‬
‫‪ ، (2‬ولم يبح الله لحد سوى نبيه صلى‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ، 639‬ومسلم ‪796‬‬
‫ج َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫حل َل َْنا ل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وا َ‬ ‫ك أْز َ‬ ‫ي إ ِّنا أ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ها الن ّب ِ‬ ‫)‪ (2‬لقوله تعالى ‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ه‬‫فاءَ الل ّ ُ‬ ‫ما أ َ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ك ِ‬ ‫مين ُ َ‬ ‫ت يَ ِ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جوَر ُ‬ ‫ُ‬
‫تأ ُ‬ ‫َ‬
‫الّلِتي آت َي ْ َ‬
‫ت‬‫وب ََنا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫خال ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫وب ََنا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫مات ِ َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ت َ‬ ‫وب ََنا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ت َ‬ ‫وب ََنا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫َ‬
‫ت‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫ك الّلِتي َ‬ ‫خاَلت ِ َ‬
‫هب َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫من َ ً‬ ‫ؤ ِ‬ ‫مَرأةً ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫جْر َ‬ ‫ها َ‬ ‫َ‬
‫ة لَ َ‬
‫ك‬ ‫ص ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫نَ ْ‬
‫خال ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ح َ‬ ‫ست َن ْك ِ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ن أَرادَ الن ّب ِ ّ‬ ‫ي إِ ْ‬ ‫ها ِللن ّب ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضَنا َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫فَر ْ‬ ‫مَنا َ‬ ‫عل ِ ْ‬ ‫قد ْ َ‬
‫َ‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ج‬
‫حَر ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫م ل ِك َي َْل ي َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مان ُ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ِ‬‫وا ِ‬ ‫أْز َ‬
‫ما{ الحزاب‪50:‬‬ ‫حي ً‬ ‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/56‬‬

‫الله عليه وسلم أن يتجاوز الربع من الحرائر‪ ،‬وقد‬


‫كان يتعامل صلى الله عليه وسلم مع زوجاته بالعدل‬
‫والنصاف ويقسم بالسوية ول يميل نحو هذه دون‬
‫تلك‪ ،‬وقد ضرب أروع المثلة للزواج في العدل بين‬
‫نسائهم‪.‬‬
‫الرجل اليوم إذا كان عنده امرأة واحدة قلما يعطيها‬
‫حقها كامل بسبب قلة الدين والغفلة والجهل وحب‬
‫الهوى وحب الذات وقلة ذات اليد وكثرة المتطلبات‬
‫المعيشية‪ ،‬فكيف إذا كان عند الرجل أربع نساء‪ ،‬ل‬
‫شك أنه أبعد ما يكون من العدل‪ ،‬إل من رحم الله‪.‬‬
‫نبينا عليه الصلة والسلم كان عنده تسع نساء‪،‬‬
‫ويقسم بينهن بالسوية في النفقة والكسوة‪ ،‬وفي‬
‫الطعام‪ ،‬وفي المبيت‪ ،‬ويقرع بينهن إذا أراد أن‬
‫يسافر‪ ،‬فأيها خرج سهمها خرجت معه‪ ،‬وكلهن‬
‫يرضين بهذه القرعة من غير اعتراض‪.‬‬
‫) ‪(1/57‬‬

‫وبلغ من معاشرته عليه الصلة والسلم لنسائه‪ ،‬أنه‬


‫كان يداعب عائشة‪ ،‬وكان يناديها يا عائش على سبيل‬
‫الترخيم والمداعبة‪ ،‬وبلغ منه عليه السلم أنه يضع‬
‫فمه في موضع فيها في الشرب من الناء‪ ،‬بل أنه‬
‫ه‬‫من ْ ُ‬‫رقُ ِ‬ ‫عت َ ِ‬‫فأ َ ْ‬‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫في ُ ْ‬
‫عْرقَ )‪َ (1‬‬ ‫خذُ ال ْ َ‬ ‫ن ي َأ ْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫» َ‬
‫ع َ‬ ‫خذُهُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ع ُ‬ ‫ض ْ‬ ‫و َ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ه َ‬ ‫م ُ‬‫ف َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫رقُ ِ‬ ‫عت َ ِ‬‫في َ ْ‬ ‫في َأ ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ه‬
‫في ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫ع َل َ ّ‬
‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫في ُ ْ‬‫ب َ‬ ‫شَرا ِ‬
‫َ‬
‫عو ِبال ّ‬ ‫وي َدْ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ِ‬ ‫عْر‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مي ِ‬
‫َ‬
‫ف ِ‬‫َ‬
‫ه‬
‫ع ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫خذُهُ َ‬ ‫فآ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ب ِ‬ ‫شَر َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫قب ْ َ‬ ‫َ‬
‫مي‬ ‫ت َ‬ ‫ع َ‬ ‫في َ ْ‬‫خذُهُ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ف ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ض ْ‬‫و َ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬‫ف َ‬ ‫ض ُ‬ ‫وي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ب ِ‬ ‫شَر ُ‬ ‫في َأ ُ‬
‫ح« )‪. (2‬‬ ‫قد َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫بل أنه عليه الصلة والسلم بلغ من تواضعه ومداعبته‬
‫أهله والتحبب إليها‪ ،‬أنه سابقها يوما في أول الزواج‬
‫فسبقته‪ ،‬ثم إنه بعدُ تسابق‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬وهو اللحم أو لحم الذراع‬
‫)‪ (2‬النسائي‪،‬وصحح اللباني إسناده في الرواء‬
‫‪1972‬‬

‫) ‪(1/58‬‬

‫معها بعدما حملت اللحم ‪ -‬يعني أصبحت سمينة ‪-‬‬


‫ك« )‪. (1‬‬ ‫ه ب ِت ِل ْ َ‬
‫ذ ِ‬‫ه ِ‬‫فسبقها عليه السلم‪ ،‬وقال لها » َ‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم يحزنه ما يحزن نساءه‪،‬‬
‫ويسره ما يسرهن‪ ،‬فلما رأى عائشة في حجة الوداع‬
‫قد حاضت ورجع الناس بحجة‪ ،‬فحزنت لذلك‪ ،‬أمر‬
‫أخاها عبد الرحمن أن يخرج بها إلى التنعيم لتأتي‬
‫بعمرة تطييبا لخاطرها )‪. (2‬‬
‫وكان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته عامل‬
‫مشاركا معينا لهله‪ ،‬ل يفعل كما يفعل كثير من‬
‫الزواج اليوم‪ ،‬بقول‪ :‬هذه زوجتي وهي مأمورة‬
‫بخدمتي ول علي‪ ،‬وإنما يجلس في بيته يضع رجل‬
‫على رجل يصدر الوامر هات كذا‪ ،‬اذهبي‪ ،‬تعالي‪،‬‬
‫افعلي كذا‪ ،‬ليس عنده شغل في البيت إل إصدار‬
‫الوامر‪ ،‬ل يتحمل شيئا من المسؤوليات ول التبعات‪.‬‬
‫__________‬
‫ي الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ض َ‬
‫ة َر ِ‬ ‫ش َ‬‫عائ ِ َ‬‫ن َ‬
‫ع ْ‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ 2214‬ونصه ‪َ » :‬‬
‫َ‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ع الن ّب ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ها أن ّ َ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫َ‬
‫مل ْ ُ‬
‫ت‬ ‫ح َ‬‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬‫ي َ‬ ‫جل َ ّ‬ ‫ر ْ‬ ‫عَلى ِ‬ ‫ه َ‬‫قت ُ ُ‬‫سب َ ْ‬‫ف َ‬‫ه َ‬ ‫قت ُ ُ‬‫ساب َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬
‫ة«‬ ‫َ‬
‫سب ْق ِ‬ ‫َ‬
‫ه ب ِت ِلك ال ّ‬‫ْ‬ ‫ذ ِ‬‫ه ِ‬
‫ل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سب َقِني فقا َ‬ ‫َ‬ ‫هف َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ساب َقت ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ّ‬
‫الل ْ‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،1459‬مسلم ‪2115‬‬

‫) ‪(1/59‬‬

‫غير أن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقول عائشة‬


‫ه« )‪ ، (1‬أو يقوم في مهنة‬ ‫ة أَ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫هن َ ِ‬
‫م ْ‬
‫في ِ‬‫ن ِ‬ ‫ن يَ ُ‬
‫كو ُ‬ ‫» َ‬
‫كا َ‬
‫أهله‪ ،‬يعني ربما قام بالعمل الممتهن‪ ،‬وقد ثبت أنه‬
‫عليه السلم كان يعين أهله‪ ،‬ول عيب على الرجل أن‬
‫يعين أهله‪ ،‬إذا دخلت بيتك ووجدت أهلك مشغولة في‬
‫عمل ما فتطلب المر منك مثل ‪ -‬أن تعد رضاعة‬
‫الحليب للبنت أو للطفل‪ ،‬ما الذي يضرك من ذلك؟ أو‬
‫أن تحضر الطعام‪ ،‬فل حرج في ذلك‪ ،‬ففي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم السوة الحسنة‪.‬‬
‫ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الكمل‬
‫والمثل في عدله بين نسائه‪ ،‬ففي البيت كان يقسم‬
‫اليام بينهن‪ ،‬ويعطي كل ذي حق حقه‪ .‬فصلوات ربي‬
‫وسلمه عليه‪.‬‬

‫ثانيا‪:‬ومن حق الزوجة على زوجها أن ُيطعمها‪،‬‬


‫ويكسوها من الحلل‪ ،‬ويؤدبها كما أمره الله إذا رأى‬
‫منها نشوزًا‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪5579 ،4944 ،635‬‬

‫) ‪(1/60‬‬

‫ت‬ ‫ذا طَ ِ‬ ‫ها إ ِ َ‬ ‫ن ت ُطْ ِ‬ ‫َ‬


‫م َ‬‫ع ْ‬ ‫م َ‬‫ع َ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم ‪» :‬أ ْ‬
‫وَل‬ ‫َ‬
‫ه َ‬‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ر ْ‬ ‫وَل ت َ ْ‬
‫ض ِ‬ ‫ت َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫و اك ْت َ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سي ْ َ‬ ‫ذا اك ْت َ َ‬ ‫ها إ ِ َ‬ ‫و َ‬‫س َ‬ ‫وت َك ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ت« )‪ ، (1‬وقال صلى الله‬ ‫ْ‬
‫في الب َي ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫جْر إ ِل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ول ت َ ْ‬‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ت ُقب ّ ْ‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ّ‬ ‫سُنوا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تُ ْ‬
‫مأ ْ‬ ‫علي ْك ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫و َ‬‫عليه وسلم »أل َ‬
‫ن« )‪. (2‬‬ ‫ه ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عا ِ‬ ‫وطَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫وت ِ ِ‬
‫س َ‬ ‫كِ ْ‬
‫وأما نشوز المرأة ‪ -‬ويا للسف أيها الخوة ففي هذه‬
‫اليام إذا نشزت المرأة لم يحسن الزوج التعامل معها‬
‫فتراه أما أن يضربها ضربا مبرحا أو أن يقوم‬
‫بتطليقها وللسف الشديد وذلك جهل منه وعدم‬
‫معرفة ‪.-‬‬
‫فتعالوا لنرى كيف عالج النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫نشوز المرأة‪ :‬كان عليه السلم رفيقا‪ ،‬لم يثبت عنه‬
‫عليه السلم أنه ضرب زوجة أو‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،1830‬وقال اللباني حسن صحيح ‪-‬‬
‫صحيح سنن أبي داود‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1083‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وابن ماجة‬
‫‪ ،1841‬وحسنه اللباني في الرواء ‪ 1997‬و ‪2030‬‬

‫) ‪(1/61‬‬

‫ل‬‫ف ِبآ ِ‬ ‫طا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫خادما أبدا‪ ،‬وقال عليه السلم يوما »ل َ َ‬
‫س ُأول َئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫ن ل َي ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا َ‬
‫َ‬
‫ن أْز َ‬ ‫كو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ساءٌ ك َِثيٌر ي َ ْ‬ ‫د نِ َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫م« )‪. (1‬‬ ‫ُ‬
‫رك ْ‬ ‫خَيا ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫وقد أباح الشرع للرجل ضرب زوجته أحيانا عند‬
‫الحاجة والضرورة‪ ،‬وبشروط وحالت خاصة‪ ،‬وعلى‬
‫مراحل‪ ،‬فل يصار ول يلجأ إلى الضرب‪ ،‬من أول مرة‪،‬‬
‫وهناك صفة لهذا الضرب وهو‪ :‬أن يكون ضربا غير‬
‫مبرح ل يكسر ول يورم ول يجرح ول يدمي‪ ،‬قال الله‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫ظو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شوَز ُ‬ ‫ن نُ ُ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫والّلِتي ت َ َ‬ ‫تعالى ‪َ } :‬‬
‫ن{ النساء‪،34 :‬‬ ‫ه ّ‬‫رُبو ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج ِ‬‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫فجعل الضرب في المرحلة الثالثة‪ ،‬وقبل الضرب أباح‬
‫الشرع للرجل أن يعلق السوط أو العصا ليرهب أهله‬
‫)‪ ، (2‬ليريهم أن العصا حاضرة‪ ،‬وأنه ممكن أن يلجأ‬
‫إليها في بعض‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،1834‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ه لَ ُ‬ ‫ت‪َ ،‬‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ل ال ْب َي ْ ِ‬ ‫ه ُ‬‫ث ي ََراهُ أ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬‫ط َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬
‫قوا ال ّ‬ ‫عل ّ ُ‬‫)‪َ » (2‬‬
‫دب« ‪.‬الطبراني في الكبير ‪ 10521‬و ‪ 10522‬و‬ ‫َ‬
‫أ َ‬
‫‪ ، 10523‬وفي الوسط ‪، 4535‬وعبد الرزاق ‪17963‬‬
‫و ‪ ،20123‬وحسنه اللباني في صحيح الجامع ‪ ،‬و»أمر‬
‫بتعليق السوط في البيت« الدب المفرد ‪1270‬‬
‫وصححه اللباني‬

‫) ‪(1/62‬‬

‫الحوال حين يقتضي المر ذلك‪.‬وقدم الوعظ‬


‫والرشاد والزجر على الضرب‪ .‬والهجر في المضجع‬
‫يكون بأن يبيت معها في الفراش ويليها ظهره‪ ،‬وهذا‬
‫أشد إيلما من الضرب خصوصا للمرأة التي اعتادت‬
‫زوجها وأحبته وتعلق قلبها به‪ ،‬فضرب النساء ليس‬
‫بطولة‪.‬‬
‫وقد حدثني أحدهم عن رجل ضرب زوجته فكان‬
‫يلكمها وكأنه في حلبة للملكمة فكانت إذا أغمي‬
‫عليها جاء برأس من البصل فيضعه على أنفها‬
‫لتستيقظ ومن ثم يعاود ضربها؛ فبئس الزوج هذا‬
‫الذي يضرب زوجته ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬ومن حق الزوجة على زوجها أن يعطيها حقها‬


‫في الفراش‪.‬‬
‫ف{‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬
‫ه ّ‬ ‫ذي َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬
‫قال الله تعالى } َ‬
‫البقرة‪ ،228 :‬قال ابن عباس رضي الله عنهما‪) :‬إّني‬
‫َ‬ ‫ما أ ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أُ ِ‬
‫ن ت َت ََزّين ِلي( )‪، (1‬‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة‪ ،‬ك َ َ‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫ن أت ََزّين ل ِل ْ َ‬‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬
‫وأ َِبي‬
‫ن َ‬
‫ما َ‬‫سل ْ َ‬‫ن َ‬ ‫م ب َي ْ َ‬‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫خى الن ّب ِ ّ‬ ‫و»آ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪ ،1765‬وابن أبي حاتم ‪ ،2335‬البيهقي‬
‫‪ ،15125‬وابن أبي شيبة ‪183 / 4‬‬

‫) ‪(1/63‬‬

‫ُ‬ ‫ء َ َ‬ ‫َ‬
‫ء‬
‫دا ِ‬ ‫م الدّْر َ‬ ‫فَرأى أ ّ‬ ‫دا ِ‬ ‫ن أَبا الدّْر َ‬ ‫ما ُ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫فَزاَر َ‬ ‫ء َ‬ ‫دا ِ‬ ‫الدّْر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ء‬
‫دا ِ‬ ‫ك أُبو الدّْر َ‬ ‫خو َ‬ ‫تأ ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫شأن ُ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ها َ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫مت َب َذّل َ ً‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عل ُ‬ ‫صن َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ء َ‬ ‫دا ِ‬ ‫جاءَ أُبو الدّْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫حا َ‬ ‫ه َ‬ ‫سل ُ‬ ‫ل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ما أَنا ِبآك ِ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫صائ ِ ٌ‬ ‫فإ ِّني َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل كُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬ ‫عا ً‬ ‫طَ َ‬
‫َ‬ ‫ن الل ّي ْ ُ‬ ‫فأ َك َ َ‬ ‫حّتى ت َأ ْك ُ َ‬
‫ء‬
‫دا ِ‬‫ب أُبو الدّْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ذَ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ما كا َ‬ ‫َ‬
‫فل ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ب يَ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م ذَ َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫فَنا َ‬ ‫م َ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ه‬‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫صل َّيا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫م اْل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ر الل ّي ْ ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫نآ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫حقاّ‬ ‫علي ْك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سك َ‬ ‫َ‬ ‫ول ِن َف ِ‬‫ْ‬ ‫حقا َ‬ ‫ّ‬ ‫علي ْك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ل َِرب ّك َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫سل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ح ّ‬ ‫طك ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫علي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫هل ِ َ‬ ‫َ‬
‫فأَتى الن ّب ِ ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ل ِذي َ‬ ‫ع ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َ‬ ‫وِل ْ‬ ‫َ‬
‫صّلى‬ ‫ّ ِ ّ َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ل‬
‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬
‫ُ َ ْ ِ َ َ َ‬‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫ن« )‪. (1‬‬ ‫ما ُ‬ ‫سل َ‬ ‫ْ‬ ‫صدَقَ َ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ُ‬ ‫ّ‬

‫رابعا‪ :‬ومن حق الزوجة على زوجها أن يحفظ سرها‬


‫عامة‪ ،‬وسر الفراش خاصة‪.‬‬
‫ّ‬
‫وهذا أيها الخوة والله ما عاد الرجل يرقب فيه إل ول‬
‫ذمة ل سيما أن الذمم قد ضعفت في هذه اليام‬
‫فترى الرجل ما أن يتزوج حتى‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪5673 ،1832‬‬

‫) ‪(1/64‬‬

‫يخبر أصدقاءه بما فعل في تلك الليلة‪ ،‬إل من رحم‬


‫ربي ول حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫شّر‬ ‫َ‬
‫نأ َ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫يقول النبي صلى الله عليه وسلم »إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ضي إ ِلى‬‫ف ِ‬ ‫ل يُ ْ‬
‫ج َ‬ ‫ة الّر ُ‬ ‫م ِ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫ة يَ ْ‬‫زل َ ً‬‫من ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬‫س ِ‬ ‫الّنا َ ِ‬
‫ها« )‪(1‬‬ ‫سّر َ‬‫شُر ِ‬ ‫م ي َن ْ ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ضي إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وت ُ ْ‬‫ه َ‬
‫مَرأت ِ ِ‬
‫ا ْ‬

‫خامسا‪ :‬الصبر على أذى النساء‪.‬‬


‫فقد كان عليه الصلة والسلم يصبر على أذى النساء‬
‫وربما كانت نساؤه يراجعنه في المر‪ ،‬وفي الحديث‬
‫ء‬
‫سا ِ‬ ‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫عن النبي صلى الله عليه وسلم »ا ْ‬
‫في‬ ‫ء ِ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ع َ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫ع َ‬ ‫ن ِ َ‬
‫ضل ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫خل ِ َ‬‫مْرأ َةَ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ ّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه لَ ْ‬‫ن ت ََرك ْت َ ُ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ه َ‬ ‫سْرت َ ُ‬‫ه كَ َ‬ ‫م ُ‬‫قي ُ‬ ‫ت تُ ِ‬‫هب ْ َ‬‫ن ذَ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫عَلهُ َ‬ ‫عأ ْ‬ ‫ال ّ َ‬
‫ضل َ ِ‬
‫ء«‪(2) .‬‬ ‫سا ِ‬‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬‫ست َ ْ‬‫فا ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ي ََز ْ‬
‫المرأة هي المرأة خلقت هكذا‪ ،‬فيها اعوجاج‪ ،‬فيها‬
‫خير وفيها شر‪ ،‬فعليك يا مسلم يا عبد الله أن‬
‫تستمتع بها وأن ترفق بها‪ ،‬إذا ابتغيت امرأة‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪2597‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،3084‬مسلم ‪2671‬‬

‫) ‪(1/65‬‬

‫كاملة الوصاف فلن تجد وهيهات هيهات‪ ،‬قال صلى‬


‫ها‬
‫من ْ َ‬ ‫ن كَ ِ‬
‫ره َ ِ‬ ‫ة إِ ْ‬
‫من َ ً‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ُ‬
‫م ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ك ُ‬ ‫الله عليه وسلم‪َ» :‬ل ي َ ْ‬
‫فَر ْ‬
‫خَر« )‪(1‬‬ ‫ها آ َ‬
‫من ْ َ‬
‫ي ِ‬
‫ض َ‬ ‫خل ُ ً‬
‫قا َر ِ‬ ‫ُ‬
‫ويحسن بنا أن نختم هذا الموضوع بما ذكره المام‬
‫ابن حزم من بيان مجمل لخلق النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬قال رحمه الله )‪) : (2‬كان رسول الله صلى‬
‫ق عظيم‪ ،‬كما وصفه ربه‬ ‫الله عليه وسلم على خل ٍ‬
‫تعالى‪ .‬وكان صلوات الله عليه وسلمه أحلم الناس‪،‬‬
‫وأشجع الناس‪ ،‬وأعدل الناس‪ ،‬وأعف الناس‪ ،‬لم تمس‬
‫قط يده امرأة ل يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون‬
‫ذات محرم ٍ منه‪ .‬وكان عليه الصلة والسلم أسخى‬
‫الناس‪ ،‬ل يثبت عنده دينار ول درهم‪ ،‬فإن فضل‪ ،‬ولم‬
‫يجد من يعطيه ويجنه الليل‪ ،‬لم يأو منزله حتى يتبرأ‬
‫منه إلى من يحتاج إليه‪ ،‬ل يأخذ مما آتاه الله تعالى إل‬
‫قوت عامه فقط‪ ،‬من أيسر ما يجد من الشعير‬
‫والتمر‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،2672‬ل يفرك أي ‪ :‬ل يبغض‬
‫)‪ (2‬جوامع السيرة ص ‪ 40‬وما بعدها‬

‫) ‪(1/66‬‬

‫ويضع سائر ذلك في سبيل الله تعالى‪ .‬ل يسأل لله‬


‫شيئا ً إل أعطاه‪ ،‬ثم يعود على قوت عامه فيؤثر منه‬
‫حتى يحتاج قبل انقضاء العام‪.‬‬
‫يخصف النعل‪ ،‬ويرقع الثوب‪ ،‬ويخدم في مهنة أهله‪،‬‬
‫ويقطع اللحم معهن‪.‬أشد الناس حياء‪ ،‬ل يثبت بصره‬
‫في وجه أحد‪ ،‬يجيب دعوة العبد والحر‪ ،‬ويقبل الهدايا‬
‫ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب‪ ،‬ويكافئ عليها‬
‫ويأكلها‪ .‬ول يقبل الصدقة ول يأكلها‪ ،‬تستعتبه المة‬
‫والمسكين‪ ،‬فيتبعها حيث دعواه‪ ،‬ول يغضب لنفسه‪،‬‬
‫ويغضب لربه‪ ،‬وينفذ الحق وإن عاد ذلك بالضرر عليه‬
‫وعلى أصحابه‪ ،‬يعصب الحجر على بطنه من الجوع‪،‬‬
‫ومرة يأكل ما وجد‪ ،‬ل يرد ما حضر‪ ،‬ول يتكلف ما لم‬
‫يحضر‪ ،‬ول يتورع عن مطعم حلل‪ ،‬إن وجد تمرا ً دون‬
‫خبز أكله‪ ،‬وإن وجد شواء أكله‪ ،‬وإن وجد خبز بر أكله‪،‬‬
‫وإن وجد حلواء أو عسل ً أكله‪ ،‬وإن وجد لبنا ً دون خبز‬
‫اكتفى به‪ ،‬وإن وجد بطيخا ً أو رطبا ً أكله‪.‬‬
‫ل يأكل متئكا ً ول على خوان‪ ،‬منديله باطن قدميه‪ ،‬لم‬
‫يشبع من خبز بر ثلثا ً تباعا ً حتى لقي الله تعالى‪،‬‬
‫ل‪ .‬يجيب الوليمة‪،‬‬ ‫إيثارا ً على نفسه‪ ،‬ل فقرًا‪ ،‬ول بخ ً‬
‫ويعود المرضى‪ ،‬ويشهد الجنائز‪ .‬يمشي وحده بين‬

‫) ‪(1/67‬‬

‫يدي أعدائه بل حارس‪ .‬أشد الناس تواضعًا‪ ،‬وأسكتهم‬


‫في غير كبر‪ ،‬وأبلغهم في غير تطويل‪ ،‬وأحسنهم‬
‫بشرًا‪ .‬ل يهوله شيء من أمور الدنيا‪ .‬ويلبس ما وجد‪،‬‬
‫فمرة شملة‪ ،‬ومرة برد حبرة يمانيًا‪ ،‬ومرة جبة صوف‪،‬‬
‫ما وجد من المباح‪ ،‬لبس خاتم فضة‪ ،‬فصه منه‪ ،‬يلبسه‬
‫في خنصره اليمن‪ ،‬وربما في اليسر‪.‬‬
‫يردف خلفه عبده أو غيره‪ .‬يركب ما أمكنه‪ ،‬مرة‬
‫فرسًا‪ ،‬ومرة بعيرًا‪ ،‬ومرة حمارًا‪ ،‬ومرة بغلة شهباء‪،‬‬
‫ومرة راجل ً حافيا ً بل رداء ول عمامة ول قلنسوة‪.‬‬
‫يعود كذلك المرضى في أقصى المدينة‪ .‬يحب الطيب‪،‬‬
‫ويكره الريح الرديئة‪ .‬يجالس الفقراء‪ ،‬ويواكل‬
‫المساكين‪ ،‬ويلزم أهل في أخلقهم‪ ،‬ويستألف أهل‬
‫الشرف بالبر لهم‪ .‬يصل ذوي رحمه من غير أن‬
‫يؤثرهم على من هو أفضل منهم‪ ،‬ل يجفو على أحد‪،‬‬
‫يقبل معذرة المعتذر‪ .‬يمزح ول يقول إل حقًا‪ ،‬يضحك‬
‫في غير قهقة‪ ،‬ويرى اللعب المباح فل ينكره‪.‬‬
‫ويسابق أهله على القدام‪ ،‬ويرفع الصوات عليه‬
‫فيصبر‪.‬‬

‫) ‪(1/68‬‬

‫له لقاح )‪ (1‬وغنم‪ ،‬يتقوت هو أهله من ألبانها‪ .‬وله‬


‫عبيد وإماء‪ ،‬ل يتفضل عليهم في مأكل ول ملبس‪ .‬ول‬
‫يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى‪ ،‬أو فيما لبد‬
‫له من صلح نفسه‪ .‬يخرج إلى بساتين أصحابه‪ ،‬ويقبل‬
‫البر اليسير‪ ،‬ويشرب النبيذ الحلو‪ .‬ول يحقر مسكينا ً‬
‫لفقره وزمانته‪ ،‬ول يهاب ملكا ً لملكه‪ ،‬يدعو هذا وهذا‬
‫إلى الله تعالى مستويًا‪.‬‬
‫ُأطعم السم‪ ،‬وسحر‪ ،‬فلم يقتل من سمه‪ ،‬ول من‬
‫ل‪ ،‬ولو وجب ذلك عليها لما‬ ‫سحره‪ ،‬إذ لم ير عليهما قت ً‬
‫تركهما‪ .‬قد جمع الله له السيرة الفاضلة‪ ،‬والسياسة‬
‫التامة‪ .‬وهو صلى الله عليه وسلم أمي ل يقرأ ول‬
‫يكتب‪ ،‬ونشأ في بلد الجهل والصحارى‪ ،‬في بلد فقر‪،‬‬
‫وذي رعية غنم‪ .‬ورباه الله تعالى محفوفا ً باللطف‪،‬‬
‫يتيما ً ل أب له‪ ،‬ول أم‪ ،‬فعلمه الله جميع محاسن‬
‫الخلق‪ ،‬والطرق الحميدة‪ .‬وأوحى إليه جل وعل‬
‫أخبار الولين والخرين‪ ،‬وما فيه النجاة والفوز في‬
‫الخرة‪ ،‬والغبطة والخلص في الدنيا‪ ،‬ولزوم الواجب‪،‬‬
‫وترك الفضول من كل شيء‪ .‬وفقنا الله تعالى‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬لقاح‪ :‬إبل‪ ،‬جمع لقحة ولقوح‬

‫) ‪(1/69‬‬
‫لطاعته عليه الصلة والسلم في أمره‪ ،‬والتأسي به‬
‫في فعله‪ ،‬إل فيما يخص به‪ ،‬آمين( ا‪.‬هـ‬

‫) ‪(1/70‬‬

‫رسالة إلى الزواج‪ ....‬فقط !! )‪(1‬‬

‫هد على الواقع؛ أن كل إنسان ينظر إلى‬ ‫م َ‬


‫شا َ‬ ‫إن من ال ُ‬
‫حقوقه في الدنيا بنظرة المتعطش اللهفان على‬
‫تحقيقها وتلبيتها‪ ،‬وهذا لن يتحقق له لن هذه فطرة‬
‫م حزن غضب‬ ‫الله تعالى في خلقه في هذه الدنيا ـ ه ّ‬
‫رضا صفاء كدر سعادة نكد ـ‪ ،‬بل ويطالب بها بكل ما‬
‫أوتي من قوة‪ ،‬وإن من أبرز المطاِلبين بحقوقهم نحو‬
‫الفريق الخر؛ هم الرجال‪.‬‬
‫فالزوج يطالب زوجته بأن تكون زوجة مثالية‪ ،‬ودودة‪،‬‬
‫عطوفة‪ ،‬مجيبة ومطيعة لوامره‪،‬متجملة متزينة‬
‫جذابة‪...‬الخ‪.‬‬
‫وفي المقابل بعض الزواج يكيلون الهانات‬
‫لزوجاتهم‪ ،‬ويضيعون الحقوق الواجبة عليهم تجاههن‪.‬‬
‫نعم للزوج حقوق واجبة على زوجته‪ ،‬ولكن أين‬
‫حقوق الزوجة عند زوجها ؟‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو فريحان جمال بن فريحان الحارثي‬

‫) ‪(1/71‬‬

‫فالزوجة تتساءل؛ الك ُّتاب يكتبون‪ ،‬والمطابع تنتج لنا‬


‫الكتب العديدة المختلفة الساليب في بيان حقوق‬
‫م‬
‫الزوج على زوجته‪ ،‬بينما نرى القليل من هذا الك ّ‬
‫الهائل من المؤلفات؛ يتكلم عن حقوق الزوجة على‬
‫زوجها‪ ،‬أوليس لنا نصيب من الحقوق فتوجه النصائح‬
‫نحو أزواجنا كي تعتدل الكفة بالنصائح والتوجيهات‬
‫ولتستقيم الحياة الزوجية وتستقر‪ ،‬مع علمنا أن‬
‫الشريعةلم ُتهمل هذا الجانب ؟!‬
‫فنقول‪ :‬بلى‪.‬إن للزوجة على زوجها حقوقا ً كثيرة‪،‬‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫مو ُ‬‫هت ُ ُ‬
‫ر ْ‬‫فِإن ك َ ِ‬
‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬‫شُرو ُ‬‫عا ِ‬‫و َ‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬‬
‫خْيرا ً ك َِثيرًا{‬ ‫ه َ‬
‫في ِ‬‫ه ِ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬‫ج َ‬ ‫شْيئا ً َ‬
‫وي َ ْ‬ ‫هوا ْ َ‬ ‫سى َأن ت َك َْر ُ‬
‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫النساء‪19:‬‬
‫قال السعدي )‪) : (1‬وهذا يشمل المعاشرة القولية‬
‫والفعلية‪ ،‬فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف‪،‬‬
‫من الصحبة الجميلة‪ ،‬وكف الذى وبذل الحسان‪،‬‬
‫وحسن المعاملة‪ ،‬ويدخل في ذلك النفقة‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬تيسير الكريم الرحمن ‪172 / 1‬‬

‫) ‪(1/72‬‬

‫والكسوة ونحوهما‪ ،‬فيجب على الزوج لزوجته‬


‫المعروف من مثله لمثلها في ذلك الزمان والمكان‪،‬‬
‫وهذا يتفاوت بتفاوت الحوال(‪.‬‬
‫َ‬
‫ن أت ََزّين‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫قال ابن عباس رضي الله عنهما‪) :‬إّني أ ِ‬
‫َ‬ ‫ما أ ُ ِ‬ ‫َ‬
‫ن الّله يقول‪:‬‬ ‫ن ت َت ََزّين ِلي ; ِل َ ّ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة ‪ ,‬كَ َ‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫ل ِل ْ َ‬
‫ف{ البقرة‪،228:‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫ذي َ َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬‫} َ‬
‫وما أحب أن أستوفي جميع حقي عليها لن الله‬
‫ة{ البقرة‪، (1) .(228:‬‬ ‫ج ٌ‬‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ل َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬ ‫يقول } َ‬
‫وأعلى من قول ابن عباس؛ قول النبي الكريم صلى‬
‫ما‬‫الله عليه وسلم في الحديث الصحيح‪ ،‬أنه سئل » َ‬
‫ذا طَ ِ‬ ‫ن ت ُطْ ِ‬ ‫َ‬ ‫حق زوج َ‬
‫ت‬‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ها إ ِ َ‬ ‫م َ‬
‫ع َ‬ ‫ل‪:‬أ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ه؟ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫دَنا َ‬ ‫ح ِ‬‫ةأ َ‬ ‫َ ّ َ ْ َ ِ‬
‫ولَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه َ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫و اكت َ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫سي ْ َ‬ ‫ذا اكت َ َ‬ ‫ها إ ِ َ‬ ‫و َ‬‫س َ‬ ‫وت َك ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ت« )‪. (2‬‬ ‫ي‬
‫َ ْ ِ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫إ‬ ‫ر‬
‫َ ْ ُ ْ ِ‬‫ج‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫و‬ ‫تُ ّ ْ َ‬
‫ح‬ ‫ب‬ ‫ق‬‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪ ،3765‬وابن أبي حاتم ‪ ،2335‬البيهقي‬
‫في السنن الكبرى ‪ ،15125‬وابن أبي شيبة ‪4/183‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،1830‬وقال اللباني حسن صحيح ‪-‬‬
‫صحيح أبي داود‬

‫) ‪(1/73‬‬

‫ضم مطالبة البعض بحقوق المرأة‪،‬وهم في‬ ‫خ َ‬‫وفي ِ‬


‫الحقيقة يطالبون بخروج المرأة في الشارع ومزاحمة‬
‫الرجال‪.‬‬
‫ونحن نقول‪ :‬ل‪ ،‬ليس هذا الذي نطالب به‪ ،‬ولكننا‬
‫نقول‪ :‬إن للمرأة ‪ -‬وأخصص هنا ‪) -‬الزوجة( حقوقا ً‬
‫مشروعة نطالب بها الزواج‪ ،‬فشتان بين تلك‬
‫المطالب وبين ما نطالب به‪.‬‬
‫وسأخاطب كل فئة من الزواج بما فيهم من اعوجاج؛‬
‫لعلهم يقيمون ذلك العوجاج كي يسعدوا في حياتهم‬
‫الزوجية‪ ،‬وسأخاطب البعض بالعقل‪ ،‬من باب قول‬
‫ن( )‪، (1‬‬ ‫ر ُ‬
‫فو َ‬ ‫ع ِ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫حدُّثوا الّنا َ‬
‫س بِ َ‬ ‫علي رضي الله عنه‪َ ) :‬‬
‫وسأتكلم بكلمات بسيطة ولن أتكلف في انتقاء‬
‫العبارات‪ ،‬كي تصل إلى القلوب‪ ،‬وأن نصل إلى الغاية‬
‫المنشودة‪ ،‬وهي التقليل والتخفيف من المشاكل‬
‫السرية التي كُثرت في هذا الزمن بسبب الجهل أو‬
‫التجاهل من الزواج بالحقوق التي عليهم نحو‬
‫زوجاتهم‪ ،‬ول نقول أن المشاكل ستنقطع؛ بل هي‬
‫الحياة الدنيا‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ 124‬وهو من كلم علي رضي الله عنه‬

‫) ‪(1/74‬‬

‫فأبدأ بذلك الرجل ‪ :‬التارك للصلة‬


‫فأقول له‪ :‬أل تستصغر نفسك إذا رأيت زوجتك وهي‬
‫تصلي؟‬
‫جهتك زوجتك وأيقظتك للصلة؛‬ ‫أل تحتقر نفسك إذا و ّ‬
‫وأنت معاند لها؟‬
‫كيف تريد السعادة في بيتك وأنت تارك لركن من‬
‫أركان السلم؟‬
‫كيف ترغب في الطمئنان في حياتك الزوجية؛ وأنت‬
‫ه عن ذكر الله؛ وإن الصلة من ذكر الله تعالى؟‬ ‫ل ٍ‬
‫كيف تريد أن تسعد بالحلل مع زوجتك ؟‬
‫ذي‬ ‫هدُ ال ّ ِ‬ ‫ع ْ‬‫والرسول صلى الله عليه وسلم يقول‪» :‬ال ْ َ‬
‫فَر« )‪(1‬‬ ‫قد ْ ك َ َ‬ ‫ف َ‬‫ها َ‬ ‫ن ت ََرك َ َ‬‫م ْ‬ ‫ف َ‬‫صَلةُ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬
‫ب َي ْن ََنا َ‬
‫ذا‬ ‫ة َ‬
‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫صل ِ‬ ‫ك ال ّ‬ ‫ّ‬
‫ك إ ِل ت َْر ُ‬ ‫شْر ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫د َ‬‫عب ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬
‫س ب َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪،‬وقال‪» :‬لي ْ َ‬
‫ك« )‪. (2‬‬ ‫شَر َ‬ ‫قد ْ أ َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ها َ‬ ‫ت ََرك َ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 2545‬وقال حسن صحيح غريب‪،‬‬
‫والنسائي ‪ ،459‬وابن ماجه ‪ ،1069‬وصححه اللباني‬
‫في صحيح الترمذي وغيره‬
‫)‪ (2‬ابن ماجه ‪ ،1070‬وصححه اللباني في صحيح‬
‫الترغيب والترهيب ‪ 565‬و ‪567‬‬

‫) ‪(1/75‬‬

‫الرجل الثاني ‪:‬صاحب السهر بالليل خارج الدار إلى‬


‫منتصف الليل وقد يمتد إلى الفجر‬
‫فأقول له‪ :‬يا من تخرج من بيتك وتطيل السهر في‬
‫لعب الورقة والشطرنج والطاولة‪ ..‬وغيرها من اللهو‬
‫المحرم كالذين يسهرون أما شاشات الفضائيات‬
‫الباحية‪ ،‬وأفلم الفيديو‪ ،‬والغاني والموسيقى‪،‬‬
‫والمسلسلت الخليعة‪ ،‬أو على المسكرات‬
‫والمخدرات‪.‬‬
‫أقول لهم اتقوا الله وراقبوه‪ ،‬أما تخشى أن يتسلط‬
‫الشيطان على زوجتك؛ فيخرجها من البيت‪...‬فتقع‬
‫في‪ ...‬ـ كما خرجت أنت ـ في ظل غيابك عن بيتك ؟!‬
‫ثم ماذا تريد الزوجة عندما خرجت من بيت والديها‬
‫إلى عش الزوجية ؟!‬

‫) ‪(1/76‬‬

‫أكانت ترغب بأن تنتقل من بين جدران بيت أهلها‬


‫إلى بين الجدران الربعة لبيتك؟!!‬
‫إنها ترغب في الدفء والحنان كما ترغب أنت في‬
‫التمتع مع الزوجة الصالحة‪.‬‬
‫فراجع نفسك قبل أن تندم ولت حين مندم؟‬

‫سفار‬‫الرجل الثالث‪ :‬ذو ال ْ‬


‫ل إجازة؛ إل وحقائبه جاهزة‪ ،‬وجواز سفرة‬ ‫فما ت َطِ ّ‬
‫شر‪ ،‬وتذكرة الطائرة في جيبه‪ ،‬يتنقل من دولة‬ ‫مؤ ّ‬
‫إلى دولة‪ ،‬إما إلى دول كافرة‪ ،‬وإما إلى دول فاسقة‪،‬‬
‫ماذا يا ُترى سبب السفر؟‬
‫أهو للعبادة؟‬
‫أو للدعوة؟‬
‫أم للبحث عن البغـ‪.........‬؟‬
‫وشرب الـ‪......‬؟‬

‫) ‪(1/77‬‬

‫كيف تجد نفسك وأنت عائد إلى زوجتك البريئة وقد‬


‫حملت مرض اليـ‪ ...‬؟‬

‫أما علمت أنك قصرت في حقها في التمتع والرسول‬


‫صلى الله عليه وسلم لم يهمل هذا الجانب حتى‬
‫ي أنه قال‪» :‬إذا‬
‫و َ‬
‫وأنت معها على الفراش فقد ُر ِ‬
‫جامع أحدكم أهله فل يعجلها حتى تقضي حاجتها كما‬
‫يحب أن يقضي حاجته« )‪ ، (1‬وإن كان الحديث ضعيف‬
‫ولكن المعنى صحيح‪ ،‬فإن المرأة لها ما للرجل من‬
‫دكم هذا الجانب‪ ،‬بسبب‬ ‫فل أح ُ‬ ‫غ ِ‬
‫متعة جنسية فل ي ُ ْ‬
‫حيائها وعدم تصريحها بذلك‪.‬‬
‫وقال العلمة السعدي رحمه الله في قوله تعالى‪:‬‬
‫ف{ البقرة‪: 228:‬‬‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذي َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫مث ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫} َ‬
‫)أي‪ :‬وللنساء على بعولتهن من الحقوق واللوازم‬
‫مثل الذي عليهن لزواجهن من الحقوق اللزمة‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ضعيف‪ ،‬قال الهيثمي في مجمع الزوائد ‪4/295‬‬
‫رواه أبو يعلى ‪ 4090‬وفيه راو لم يسم‪ ،‬وبقية رجاله‬
‫ثقات‪ ،‬وضعفه اللباني في ضعيف الجامع الصغير‬

‫) ‪(1/78‬‬

‫والمستحبة‪ .‬ومرجع الحقوق بين الزوجين يرجع إلى‬


‫المعروف‪ ،‬وهو‪ :‬العادة الجارية في ذلك البلد وذلك‬
‫الزمان من مثلها لمثله‪ ،‬ويختلف ذلك باختلف الزمنة‬
‫والمكنة‪ ،‬والحوال‪ ،‬والشخاص والعوائد‪ ... .‬وفي‬
‫هذا دليل على أن النفقة والكسوة‪ ،‬والمعاشرة‪،‬‬
‫والمسكن‪ ،‬وكذلك الوطء ‪-‬الكل يرجع إلى المعروف‪،‬‬
‫فهذا موجب العقد المطلق( )‪. (1‬‬

‫الرجل الرابع‪ :‬ذاك التاجر‬


‫الذي نهاره يركض في جمع المال‪ ،‬وبالليل ينام‬
‫كالجيفة‪ ،‬ل يرعى حقوق زوجته في الفراش‪ ،‬ول‬
‫المؤانسة في الحديث‪.‬‬
‫قال ابن كثير )‪ (2‬رحمه الله‪) :‬وكان من أخلقه صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه جميل العشرة‪ ،‬دائم البشر‪،‬‬
‫يداعب أهله ويتلطف بهم‪ ،..‬وكان‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬تيسير الكريم الرحمن ‪101 / 1‬‬
‫)‪ (2‬في تفسيره لليات من سورة النساء ‪20،21،22‬‬

‫) ‪(1/79‬‬

‫إذا صلى العشاء يدخل منزله يسمر مع أهله قليل ً‬


‫قبل أن ينام يؤانسهم بذلك(‪ .‬ا‪.‬هـ‬

‫الرجل الخامس‪ :‬الذي يخلط بين حقوق الوالدين‬


‫وبين حقوق الزوجة‬
‫فيجحف في حق الزوجة على حساب حقوقها الواجبة‬
‫لها شرعا ً أو بظلمها أحيانا ً مبررا ً ذلك الظلم؛ أنه ب ِّرا ً‬
‫بوالديه‪.‬‬
‫أقول ـ وليس هذا استعداء الزوجات على أزوجهن‪،‬‬
‫ولكنه من باب النصح والتوضيح لمن يجهل هذا المر‪،‬‬
‫أو يجعل ذلك التصرف من الشهامة والرجولة ـ‪ :‬إن‬
‫خدمة الزوجة لوالدي الزوج؛ ليست بواجبة شرعًا‪،‬‬
‫ولكنها من باب حسن العشرة الزوجية‪ ،‬ومن‬
‫مستلزمات المودة والمحبة التي تحملها لزوجها‪،‬‬
‫فلينتبه الزواج إلى هذه النقطة‪ ،‬وهي الكثر إشعال ً‬
‫للفتنة وإيغار الصدور بين الزوجين‪ ،‬حيث أنه يرى أن‬
‫خدمتها لبوية واجبة عليها ورغم أنفها‪ ،‬وما هي إل‬
‫خادمة له ولبوية‪ ،‬وهي ترى أنها مضطهدة ومظلومة‬
‫في ذلك‪ ،‬فينشب الخلف وتدب نار الفتنة بين‬
‫الزوجين‪.‬‬

‫) ‪(1/80‬‬

‫والذي يزيد "الطين ب ِّلة" هو‪ :‬أن بعض الزواج يطالب‬


‫زوجته بخدمة والديه والوقوف بجانبهما في المحن‪،‬‬
‫والتودد إليهما وتلبية طلباتهما من غير توقف ول‬
‫تمعر وجه‪ ،‬بينما هو يعامل أهلها بأسوء معاملة‬
‫وأقساها‪ ،‬بل ول يعطيها فرصة بأن تقف بجوار‬
‫والديها في أيام محنتهما وحاجتهما لبنتهم‪ ،‬ولسان‬
‫ت خرجتي من بيت أهلك‬ ‫حاله يقول‪ :‬خلص؛ أن ِ‬
‫وأصبحت ملكي ل عاد تفكرين في أهلك‪ ،‬وممكن‬
‫يكون هذا بلسان المقال من بعض الزواج‪ ،‬وكأنه‬
‫يريد أن يفصلها عن أهلها تماما‪.‬‬
‫وهذه من أقبح المواقف للزوج‪ ،‬بل هي النانية؛ بل‬
‫هي الظلم والضطهاد‪.‬‬
‫كيف تريد من زوجتك أن تخدم أبويك وتعاملهم‬
‫س مشتاقة‬‫معاملة حسنة كما ينبغي عليها؛ بنف ٍ‬
‫ك وابتغاء مرضات ربها بذلك؛ وأنت‬ ‫وتائقة لكسب ودّ َ‬
‫تقابل والديها ـ اللذان كانا السبب في اقترانك بهذه‬
‫ر‪ ،‬وربما جرحتها في أبويها‬ ‫ه مكفه ٍ‬‫الزوجة ـ بوج ٍ‬
‫بكلمة أنت ل ترضاها في حق والديك ؟؟!!‬

‫) ‪(1/81‬‬
‫ي‬
‫أضف إلى ذلك؛ أنك بتعاملك المشين مع والدَ ْ‬
‫زوجتك ومطالبتك إياها بخدمة والديك وطاعتهما؛‬
‫ضّيع على زوجتك الحتساب ـ إحتساب أجر خدمتها‬ ‫تُ َ‬
‫والتودد لبويك من الله تعالى ـ‪ ،‬حيث أنها ل تفكر في‬
‫ن غضبك‪ ،‬وتكتفي شرك‪.‬‬ ‫سك ّ ْ‬
‫ذلك بقدر ما تفكر بأن ت ُ َ‬

‫فالمطلوب من الزواج‪:‬‬
‫أن يترفقوا بنفسية زوجاتهم‪ ،‬وليعلموا أنهن بشر‬
‫مثلهم‪ ،‬يتضايقون ممن ُيسيء لهلن‪ ،‬وممن يجرح‬
‫كرامتهن‪ ،‬وكان صلى الله عليه وسلم أرفق الناس‬
‫أسوة وقدوة حسنة‪ ،‬قال ذات يوم ٍ‬ ‫َ‬
‫بالنساء ولنا فيه‬
‫ر« )‪، (1‬‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ْ‬
‫حك ِبال َ‬ ‫َ‬ ‫وي ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ق َيا أن ْ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫لحاد البل‪» :‬اْر ُ‬
‫يعني بالقوارير؛‬
‫__________‬
‫ة‬
‫ش ُ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حك َيا أن ْ َ‬ ‫وي ْ َ‬ ‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،5741‬وفي لفظ » َ‬
‫ة‬
‫ش ُ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫قا ِبال ْ َ‬ ‫و ً‬ ‫وي ْدَ َ‬
‫ك َيا أن ْ َ‬ ‫وي ْ َ‬ ‫ر« ‪َ » ،5683‬‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ُر َ‬
‫ش‬ ‫َ‬ ‫ك ِبال ْ َ‬ ‫وي ْدَ َ‬
‫ج ُ‬ ‫ر« ‪ ،5695‬وفي لفظ »َيا أن ْ َ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ُر َ‬
‫ر« ‪ ،5734‬ومسلم ‪َ» 4287‬يا‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ك ِبال َ‬ ‫ْ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ‬ ‫وي ْدَ َ‬ ‫ُر َ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫قا ِبال ْ َ‬ ‫و ً‬ ‫وي ْدَ َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ر«‪ ،‬وفي لفط »أ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫س ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ة ُر َ‬ ‫ش ُ‬ ‫أن ْ َ‬
‫ر« ‪.4289‬‬ ‫ري‬ ‫وا‬ ‫ك ِبال ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫و َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ق َ‬ ‫س ْ‬ ‫دا َ‬ ‫وي ْ ً‬ ‫ة ُر َ‬ ‫ش ُ‬ ‫أن ْ َ‬
‫َ‬
‫جوُز‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ب‪َ /‬باب َ‬ ‫وقال الحافظ في الفتح )ك َِتاب اْلدَ ِ‬
‫في‬ ‫مْنه‪ِ ) : (.ُ.‬‬ ‫ما ي ُك َْرهُ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ء َ‬ ‫دا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ز َ‬ ‫ج ِ‬ ‫والّر َ‬ ‫ر َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫سر‬ ‫ول ت َك ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وقك َ‬ ‫س ْ‬ ‫وْيدك َ‬ ‫قَتادَةَ »ُر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫شام َ‬ ‫ه َ‬ ‫واَية ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ِ‬
‫ل أُبو‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن أّيوب َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫يته‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ماد‬ ‫ح‬ ‫د‬ ‫زا‬ ‫و‬ ‫رير«‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫ْ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫َ َ َ َ ّ‬ ‫َ ِ‬
‫وَل‬‫قَتادَةَ » َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫مام َ‬ ‫ه ّ‬ ‫واَية َ‬ ‫ر َ‬ ‫في ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ساء‪َ ،‬‬ ‫عِني الن ّ َ‬ ‫ة ‪ :‬يَ ْ‬ ‫قَلب َ َ‬ ‫ِ‬
‫ساء‬ ‫فة الن ّ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض َ‬ ‫عِني َ‬ ‫قَتادَةُ ‪ :‬ي َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫رير« َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ْ‬
‫سر ال َ‬ ‫ت َك ِ‬ ‫ْ‬
‫ت ب ِذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫مي َ ْ‬ ‫س ّ‬ ‫جة ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ي الّز َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫قاُروَرة َ‬ ‫مع َ‬ ‫ج ْ‬ ‫رير َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ي ‪ :‬كّنى َ‬ ‫َ‬ ‫ز ّ‬ ‫م ِ‬ ‫هْر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ل الّرا َ‬ ‫وقا َ‬ ‫َ‬ ‫ها‪َ .‬‬ ‫في َ‬ ‫شَراب ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ست ِقَرا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِل ْ‬
‫حَركة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عفه ّ‬ ‫ض ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ّ‬ ‫ساء ِبال َ‬ ‫ْ‬
‫قت ِ ِ‬ ‫ر لِ ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫فة‬ ‫طا َ‬ ‫والل ّ َ‬ ‫قة َ‬ ‫في الّر ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫شب ّ ْ‬ ‫ساء ي ُ َ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫َ‬
‫قك‬ ‫و ِ‬ ‫س ْ‬ ‫نك َ‬ ‫َ‬ ‫ه ّ‬ ‫سق ُ‬ ‫ْ‬ ‫عَنى ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ‪ :‬ال َ‬ ‫ْ‬ ‫قي َ‬ ‫و ِ‬ ‫عف الب ِن َْية‪َ ،‬‬ ‫ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫غْيره ‪:‬‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫بل‪،‬‬ ‫ِِ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫لة‬ ‫َ‬ ‫مو‬ ‫ح‬
‫ْ َ ْ ُ‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫و‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫رير‬ ‫َ ِ‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫قّلة‬ ‫و ِ‬ ‫ضا‪َ ،‬‬ ‫ن الّر َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قَلبه ّ‬ ‫ة ا ِن ْ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫سْر َ‬ ‫ر لِ ُ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫شب ّ َ‬ ‫َ‬
‫وَل‬
‫سر َ‬ ‫ها ال ْك َ ْ‬ ‫رع إ ِل َي ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ر يُ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫كال ْ َ‬ ‫فاء‪َ ،‬‬ ‫و َ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وامه ّ‬ ‫دَ َ‬
‫شار ‪:‬‬ ‫ل بَ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ك‪َ ،‬‬ ‫عَراء ذَل ِ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫مل ْ‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫قد ْ ا ِ ْ‬ ‫و َ‬ ‫جْبر‪َ ،‬‬ ‫ْ‬
‫قَبل ال َ‬ ‫تَ ْ‬
‫رير‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫عَرب ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫سَبته َ‬ ‫كت ن ِ ْ‬ ‫حّر ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫رو إ ِ َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫ق بِ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ا ُْر ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫صّلى الّله َ‬ ‫ي َ‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫فت َك َل ّ َ‬ ‫ة‪َ :‬‬ ‫قَلب َ َ‬ ‫ل أُبو ِ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫وقك‬ ‫س ْ‬ ‫ه‪َ »:‬‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫مو َ‬ ‫عب ْت ُ ُ‬ ‫م لَ ِ‬ ‫عضك ُ ْ‬ ‫ها ب َ ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫و ت َك َل ّ َ‬ ‫ة لَ ْ‬ ‫م ٍ‬ ‫ب ِك َل ِ َ‬
‫َ‬ ‫قَلب َ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ه ِ‬ ‫ة ِل ْ‬ ‫ه أُبو ِ‬ ‫قال َ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫وِد ّ‬ ‫دا ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ر« َ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫ضة ال ْ َ‬ ‫عاَر َ‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬ ‫ن الت ّك َّلف َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ده ْ‬ ‫عن ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَراق ل ِ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫َ‬
‫شْرط‬ ‫ن َ‬ ‫ه ن َظََر إ َِلى أ ّ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫ي ‪ :‬لَ َ‬ ‫مان ِ ّ‬ ‫ل ال ْك َْر َ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫ل‪َ .‬‬ ‫ِبال َْباطِ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫س ب َي ْ َ‬ ‫ول َي ْ َ‬ ‫جل ِّيا‪َ ،‬‬ ‫شَبه َ‬ ‫جه ال ّ‬ ‫و ْ‬ ‫كون َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫عاَرة أ ْ‬ ‫ست ِ َ‬ ‫اِل ْ‬
‫ما‬ ‫ث َ‬ ‫جه ِللت ّ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ذاته َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شِبي ِ‬ ‫و ْ‬ ‫مْرأة َ‬ ‫وال َ‬ ‫قاُروَرة َ‬
‫َ‬
‫مة‬ ‫سَل َ‬ ‫وال ّ‬ ‫سن َ‬ ‫ح ْ‬ ‫غاَية ال ْ ُ‬ ‫في َ‬ ‫ه ك ََلم ِ‬ ‫ق أن ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫هر‪ ،‬ل َك ِ ْ‬ ‫ظا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫جه‬ ‫و ْ‬ ‫جَلء َ‬ ‫كون َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫عاَرة أ ْ‬ ‫ست ِ َ‬ ‫في اِل ْ‬ ‫وَل ي َل َْزم ِ‬ ‫عْيب؛ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫صل ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫جلء ال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫في ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ل ي َك ْ ِ‬ ‫ما‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫ذاته َ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫شَبه ِ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مل أ ْ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ك‪َ .‬‬ ‫هَنا ك َذَل ِ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫صَلة‪َ ،‬‬ ‫حا ِ‬ ‫قَراِئن ال ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مْثل‬ ‫َ‬ ‫قَلب َ َ‬ ‫َ‬ ‫كون َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عاَرة ِ‬ ‫ست ِ َ‬ ‫ه اِل ْ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫صدَ أِبي ِ‬ ‫ق َ‬
‫و‬ ‫ول َ ْ‬ ‫غة‪َ ،‬‬ ‫في ال ْب ََل َ‬ ‫م ِ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫صّلى الّله َ‬ ‫سول الّله َ‬ ‫َر ُ‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ها‪َ .‬‬ ‫مو َ‬ ‫عب ْت ُ ُ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫غة ل َ ُ‬ ‫ن َل ب ََل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫غْيره ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫صدََر ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ة‪ُ .‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قال ُ‬ ‫س َ‬ ‫ولي ْ َ‬ ‫قلت ‪َ :‬‬ ‫قلب َ َ‬ ‫ب أِبي ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫و اللِئق ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫عَباَرة‬ ‫في ال ْ ِ‬ ‫طع ِ‬ ‫ن ي َت َن َ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫مَراد َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫دا َ‬ ‫عي ً‬ ‫ي بَ ِ‬ ‫وِد ّ‬ ‫دا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫هْزل‪.‬‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫يء ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫مل َ‬ ‫شت َ ِ‬ ‫فاظ ال ِّتي ت َ ْ‬ ‫جّنب اْلل ْ َ‬ ‫وي َت َ َ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫ب‬ ‫حا‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫وس‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫بن‬ ‫داد‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ول‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ريب‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬
‫عل َيه‪ ّ ،‬أ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫َ َ ُ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫رت‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ها‪،‬‬ ‫ِ َ‬ ‫ب‬ ‫بث‬ ‫ع‬
‫ِ ِ َ ِ ُ َ ٍ َ ْ َ‬ ‫ن‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫نا‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ئ‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫غَل ِ ِ‬
‫ه‬ ‫م‬ ‫لِ ُ‬
‫ي‪.‬‬ ‫والطّب ََران ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫مد َ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫وقه‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ي‪َ :‬‬ ‫خ ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫س ْ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ود َ‬ ‫س َ‬ ‫شة أ ْ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫طاب ِ َّ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫سن‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قي َ‬ ‫و ِ‬ ‫طاَيا‪َ .‬‬ ‫فق ِبال ْ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫مَرهُ أ ْ‬ ‫فأ َ‬ ‫عْنف‪َ ،‬‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫داء َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ء َ‬ ‫ْ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ساء ال ُ‬ ‫مع الن ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ره َ أ ْ‬ ‫فك ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫وت ِبال ُ‬ ‫ص ْ‬ ‫ال ّ‬
‫عف‬ ‫ض ْ‬ ‫ه َ‬ ‫شب ّ َ‬ ‫ف َ‬ ‫فوس‪َ ،‬‬ ‫ن الن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حّرك ِ‬ ‫وت ي ُ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫سن ال ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ُ‬
‫في‬ ‫ر ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن ِبالق َ‬ ‫ه ّ‬ ‫في ِ‬ ‫وت ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫عة ت َأِثير ال ّ‬ ‫سْر َ‬ ‫و ُ‬ ‫ن َ‬ ‫عَزاِئمه ّ‬ ‫َ‬
‫ها‪.‬‬ ‫سر إ ِلي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫عة الك ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫سْر َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ية‬ ‫ِ َ َ‬ ‫نا‬ ‫ك‬ ‫رير‬ ‫وا‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪:‬‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫با‬ ‫طال‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫بن‬ ‫و َ َ َ ِْ‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫مَر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ذ‪ ،‬فأ َ‬ ‫حين َئ ِ ٍ‬ ‫ساق ِ‬ ‫على ال ِِبل الِتي ت ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ساء اللِتي ك ّ‬ ‫الن ّ َ‬
‫رع‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫حاِدي ِبالّر ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫س ِ‬ ‫حّتى ت ُ ْ‬ ‫ث ال ِِبل َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫داء ِلن ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫في ال ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫فإ َ َ‬
‫ذا‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫قوط‪َ ،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ساء ال ّ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫من َ‬ ‫ؤ َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ت لَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫سَر َ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫َ ِ‬
‫ُ‬
‫ذا‬ ‫ه َ‬ ‫و َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫قا َ‬ ‫قوط‪َ ،‬‬ ‫س ُ‬ ‫ساء ال ّ‬ ‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫دا أ ِ‬ ‫وي ْ ً‬ ‫ت ُر َ‬ ‫ش ْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫يء‬ ‫سَرع َ‬ ‫َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ش ْ‬ ‫رير أ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫عة؛ ِل ّ‬ ‫دي َ‬ ‫عاَرة الب َ ِ‬
‫َ‬
‫ست ِ َ‬ ‫ن اِل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫فق‬ ‫عَلى الّر ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ال ْك َِناَية ِ‬ ‫فادَ ْ‬ ‫فأ َ‬ ‫سيًرا‪َ ،‬‬ ‫ت َك ْ ِ‬
‫ق‬
‫ف ْ‬ ‫ل ا ُْر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫قة ل َ ْ‬ ‫قي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫فدْهُ ال ْ َ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫سْير َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ء ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫ء‪.‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫َ‬
‫غْير‬ ‫ه َ‬ ‫شّبه ب ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫عاَرة ِل ّ‬ ‫ست ِ َ‬ ‫ي اِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ي‪ِ :‬‬ ‫طيب ِ ّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫سر‬ ‫فظ الك ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ول ْ‬ ‫َ‬ ‫قال ِّية‪َ ،‬‬ ‫م َ‬ ‫حال ِّية ل َ‬ ‫َ‬ ‫ريَنة َ‬ ‫ق ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫مذْكور‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫ني‬ ‫ثا‬ ‫ّ‬ ‫بال‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫يد‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫بو‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ز‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫شيح‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ِ ّ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫تَ ْ ِ‬ ‫ر‬
‫رير‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫عَزاِئمه ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫ر لِ َ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ساء ِبال ْ َ‬ ‫ه الن ّ َ‬ ‫شب ّ َ‬ ‫َ‬
‫ذي‬ ‫شيد ال ِ‬‫ّ‬ ‫ن الن ّ ِ‬ ‫ماعه ّ‬ ‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ش َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫سر‪َ ،‬‬ ‫ها الك ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫رع إ ِلي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫س ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ه‬ ‫ف َ‬ ‫ف‪َ ،‬‬ ‫مَرهُ ِبال ْك َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫قع ب ِ ُ ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫َ‬
‫شب ّ َ‬ ‫فأ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ق ْلوب ِ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫دو ب ِ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫في‬ ‫ر ِ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫في ِ‬ ‫وت ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ة ت َأِثير ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫سْر َ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫عَزاِئمه ّ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ذا الّثاِني َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَياض َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ج َ‬ ‫وَر ّ‬ ‫ها‪َ .‬‬ ‫سر إ ِل َي ْ َ‬ ‫سَراع ال ْك َ ْ‬ ‫إِ ْ‬
‫ه ك ََلم‬ ‫َ‬
‫عل َي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ذي ي َدُ ّ‬ ‫و ال ّ ِ‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ال ْك ََلم‪َ ،‬‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫شَبه ب ِ َ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عب ْ ُ‬‫م يَ ِ‬ ‫رل ْ‬ ‫َ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سقوط ِبالك ْ‬ ‫ُ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫عب َّر َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫وإ ِل فل ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫قلب َ َ‬ ‫َ‬ ‫أ َِبي ِ‬
‫حد‪.‬‬ ‫َ‬
‫أ َ‬
‫َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫مَري ْ ِ‬ ‫هم " اْل ْ‬ ‫ف َِ‬ ‫م ْ‬ ‫في " ال ْ ُ‬ ‫ي ِ‬ ‫قْرطُب ِ ّ‬ ‫وَز ال ْ ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن‪،‬‬ ‫جلده ّ‬ ‫ّ‬ ‫دم ت َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ة ت َأّثره ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫سْر َ‬ ‫ر لِ ُ‬ ‫ري ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫ن ِبالق َ‬ ‫ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫شب ّ َ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قوط أ ْ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫سْر َ‬ ‫سْير ب ِ ُ‬ ‫ث ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫خا َ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫شئ َ‬ ‫ضطَِراب الّنا ِ‬ ‫واِل ْ‬ ‫كة َ‬ ‫حَر َ‬ ‫ن ك َث َْرة ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫الت ّأّلم ِ‬
‫ن ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫شيد‪.‬‬ ‫ماع الن ّ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫فت َْنة ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬‫ف َ‬ ‫خا َ‬ ‫و َ‬ ‫عة‪ ،‬أ ْ‬ ‫سْر َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ذا‬ ‫ه َ‬‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ك أد ْ َ‬ ‫ول ِذَل ِ َ‬ ‫ي الّثاِني‪َ ،‬‬ ‫ر ّ‬ ‫ِ‬ ‫خا‬ ‫عن ْدَ الب ُ َ‬ ‫جح ِ‬ ‫والّرا ِ‬ ‫قْلت ‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫عَنى‬ ‫م ْ‬ ‫ريدَ ال ْ َ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ريض "‪َ ،‬‬ ‫عا ِ‬ ‫م َ‬ ‫في " َباب ال ْ َ‬ ‫ديث ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫في ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ريض‪ (.‬ا‪.‬هـ فتح الباري‬ ‫ع ِ‬
‫رير ت َ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫ول ل َ ْ‬ ‫اْل ّ‬
‫) ‪(1/82‬‬

‫النساء ـ شبههن بالقوارير لضعفهن ـ‪ ،‬فل ُْيجرب‬


‫ها‬‫الزواج حسن التعامل مع أهل زوجاتهم‪ ،‬وليعطِ َ‬
‫فرصة لقضاء حوائج والديها أو بعضها‪ ،‬ولُيظهر الّلين‬
‫والتودد لوالديها؛ فإن الزوجة تتفانى في خدمة‬
‫زوجها ووالديه إن رأت ذلك من زوجها‪ ،‬ول تنظروا‬
‫إلى الشواذّ من النساء الّلتي يقابلن الحسنة‬
‫بالسيئة‪ ،‬ثم بعد هذا؛ لينظر الزوج الفرق‪ ،‬فسيجد‬
‫الراحة النفسية قد عادت إليه‪ ،‬وامتلء بيته بالسعادة‪.‬‬

‫الرجل السادس‪ :‬الداعية إلى الله‬


‫الذي يجوب البلد طول ً وعرضًا؛ في محاضرات‬
‫ودروس‪ ،‬وقد يمتد ذلك إلى برامج ومواعيد مع‬
‫القنوات الفضائية‪ ،‬وإذا جاءت الفرصة لدخوله‬
‫المنزل؛ انشغل مع "النترنت"وكتابة البحوث‪،‬‬
‫والتأليف‪.‬‬

‫) ‪(1/85‬‬

‫هذه من فروض الكفايات‪ ،‬ويترك واجباته نحو زوجته‪،‬‬


‫وينطبق عليه المثل الشعبي "كالشمعة تحرق نفسها‬
‫وتنير لغيرها الطريق"‪.‬‬
‫)جاءت امرأة إلى عمر فقالت ‪ :‬زوجي يقوم الليل‬
‫ويصوم النهار‪ ،‬قال ‪ :‬أفتأمريني أن أمنعه قيام الليل‬
‫وصيام النهار ؟ فانطلقت‪ ،‬ثم عاودته بعد ذلك‪،‬‬
‫فقالت له مثل ذلك‪ ،‬ورد عليها مثل قوله الول‪.‬‬
‫فقال له كعب بن سور ‪ :‬يا أمير المؤمنين ! إن لها‬
‫حقا‪ ،‬قال ‪ :‬وما حقها ؟ قال ‪ :‬أحل الله له أربعا‪،‬‬
‫فاجعل لها واحدة من الربع‪ ،‬لها في كل أربع ليال‬
‫ليلة‪ ،‬وفي أربعة أيام يوما‪ ،‬قال ‪ :‬فدعا عمر زوجها‪،‬‬
‫وأمره أن يبيت معها من كل أربع ليال ليلة‪ ،‬ويفطر‬
‫من كل أربعة أيام يوما( )‪. (1‬‬

‫الرجل السابع ‪:‬شرس الخلق‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬عبد الرزاق ‪12588‬‬

‫) ‪(1/86‬‬

‫غضب الوجه مع زوجته‪ .‬ومع الخرين؛ أدب وسماحة‪،‬‬


‫وانبساط في الوجه مع البشاشة‪ ،‬وهذه الصفة رأيتها‬
‫سكين ـ‬ ‫في بعض العوام‪ ،‬والمثقفين‪ ،‬والمتن ّ‬
‫د سواء‪.‬‬ ‫المستقيمين ـ على ح ٍ‬
‫فالواجب أن تكون دماثة أخلقهم مع زوجاتهم أعلى‬
‫وأفضل من أن تكون مع الخرين‪ ،‬ولنا في رسول‬
‫الله أسوة حسنة‪ ،‬وهو الذي يقول ـ مخاطبا ً عثمان‬
‫شاك ُ ْ‬
‫م‬ ‫خ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫و ٌ‬ ‫س َ‬ ‫يأ ْ‬
‫ُ‬
‫ف ّ‬
‫ك ِ‬ ‫ما ل َ َ‬ ‫َ‬
‫بن مطعون ـ‪» :‬أ َ‬
‫ه ل ََنا« )‪ ، (1‬وقد قال عن نفسه‬ ‫ل ِل ّه َ‬
‫دوِد ِ‬‫ح ُ‬ ‫م لِ ُ‬ ‫فظَك ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وأَنا‬ ‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫م ِل ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪َ » :‬‬
‫هِلي« )‪(2‬‬ ‫م ِل َ ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫رُبوا‬ ‫ض ِ‬ ‫م ‪» :‬ل ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫مُر إ َِلى َر ُ‬ ‫ع َ‬ ‫جاءَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ماءَ الل ّ ِ‬ ‫إِ َ‬
‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫في‬ ‫ص ِ‬ ‫خ َ‬ ‫فَر ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫على أْز َ‬ ‫ساءُ َ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫ل ذَئ ِْر َ‬ ‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫بآ‬ ‫ف‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫طا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫ض‬
‫ْ ِ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ ِ َ ُ ِ‬ ‫َ ْ ِ ِ ّ‬
‫ساءٌ ك َِثيٌر‬ ‫نِ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبراني في الكبير ‪ ،8240‬وعبد الرزاق ‪10375‬‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 3830‬وقال حسن غريب صحيح‪ ،‬وابن‬
‫ماجه ‪ ،1967‬وصححه اللباني في الصحيحة ‪285‬‬

‫) ‪(1/87‬‬

‫َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫و َ‬‫ه َ‬‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫ل الن ّب ِ‬ ‫ف َ‬
‫قا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫ج ُ‬‫وا َ‬
‫ن أْز َ‬ ‫ش ُ‬
‫كو َ‬ ‫يَ ْ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ساءٌ كِثيٌر ي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫لَ َ‬
‫ن لي ْ َ‬‫ه ّ‬‫ج ُ‬‫وا َ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫شكو َ‬ ‫د نِ َ‬
‫م ٍ‬‫ح ّ‬
‫م َ‬‫ل ُ‬‫ف ِبآ ِ‬ ‫قدْ طا َ‬
‫م« )‪. (1‬‬‫رك ُ ْ‬‫خَيا ِ‬ ‫ُأول َئ ِ َ‬
‫ك بِ ِ‬
‫خلقه وتودده لزواجه صلى الله عليه‬ ‫ومن دماثة ُ‬
‫وسلم أنه عليه الصلة والسلم جميل العشرة دائم‬
‫البشر يضاحك نساءه حتى إنه كان يسابق عائشة أم‬
‫المؤمنين رضي الله عنها يتودد إليها بذلك‪.‬‬

‫الرجل الثامن‪ :‬ذاك الذي ي ُن َّزل النصوص في غير‬


‫مواضعها‬
‫أو يستغل النصوص التي تنصره ويتشبث بها من غير‬
‫أن يراعي مصالح الغير‪ ،‬أضرب أمثلة كي يتضح ما‬
‫ت‪ ،‬يستغل بعض الزواج قوله صلى الله عليه‬ ‫صد ُ‬‫ق َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫فل ْت َأت ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫جت ِ ِ‬
‫حا َ‬
‫ه لِ َ‬
‫جت َ ُ‬
‫و َ‬
‫عا َز ْ‬ ‫ج ُ‬
‫ل دَ َ‬ ‫ذا الّر ُ‬ ‫وسلم ‪» :‬إ ِ َ‬
‫ر« )‪ ، (2‬وقوله عليه الصلة والسلم‪:‬‬ ‫عَلى الت ّّنو ِ‬ ‫ت َ‬‫كان َ ْ‬ ‫َ‬
‫ذا‬‫»إ ِ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،1834‬وابن ماجه ‪ ،1975‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح أبي داود‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1080‬وقال حسن غريب‪ ،‬وصحح‬
‫اللباني إسناده في الصحيحة ‪1202‬‬

‫) ‪(1/88‬‬

‫َ‬ ‫فراشه َ َ‬ ‫َ‬


‫ها‬ ‫جيءَ ل َ َ‬
‫عن َت ْ َ‬ ‫ن تَ ِ‬
‫تأ ْ‬‫فأب َ ْ‬ ‫ه إ َِلى ِ َ ِ ِ‬‫مَرأت َ ُ‬ ‫ج ُ‬
‫لا ْ‬ ‫عا الّر ُ‬ ‫دَ َ‬
‫ح« )‪. (1‬‬‫صب ِ َ‬ ‫حّتى ت ُ ْ‬‫ة َ‬‫مَلئ ِك َ ُ‬
‫ال ْ َ‬
‫وهذه أحاديث ل شك في صحتها‪ ،‬وتذكيره لزوجته بها‬
‫شي طيب بل ومطلوب‪ ،‬وعلى الزوجة مراعاة حق‬
‫زوجها في ذلك؛ بل يجب عليها شرعًا‪ ،‬ولكن مراعاة‬
‫المصلحة من جهة الزوج في مطالبته زوجته في‬
‫ذلك؛ أمٌر مطلوب‪ ،‬فالزوجة كما أسلفنا بشر‪ .‬فأحيانا ً‬
‫تكون في نفسية ل تساعدها لتلبية رغبتك في أي‬
‫وقت‪ ،‬أو في الوقت الذي طلبتها فيه‪ ،‬فممكن تكون‬
‫امرأة حامل‪ ،‬ففي فترة الحمل الزوجة تمر بظروف‬
‫م على‬ ‫وأحوال ل يحس بها الزوج‪ ،‬فقد يحملها الوح ُ‬
‫كره زوجها والقتراب منها بل ويصل المر إلى‬
‫كراهة رائحته من على بعد‪ ،‬ففي هذه الحال يجب‬
‫على الزوج مراعاة هذا‪ ،‬والصبر والحتساب‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4794،2998‬ومسلم ‪2596 ،2594‬‬
‫) ‪(1/89‬‬

‫وممكن أن تكون الزوجة سمعت بمشكلة عند أهلها أو‬


‫أتاها خبر مفزع من جهة أهلها؛ فهي قلقة من ذلك‬
‫ول تريد أن تشغلك به معها فانعكس ذلك على‬
‫نفسّيتها وتصرفاتها‪.‬‬
‫وممكن أن تكون متعبة من عمل البيت‪ ،‬أو مريضة‬
‫وفي نفس الوقت ل تحب أن تشعرك بما فيها رغبة‬
‫منها على محافظة شعورك‪ ،‬ومحبة فيك‪ ،‬أو تكون‬
‫منشغلة بأطفالها إما لمرض أحدهم أو العناية بهم‪،‬‬
‫فماذا تقدم رغبتك أم رعاية أطفالها الصغار الذين‬
‫هم أمانة عندها وعندك أيضا ً ؟ !!!‬
‫ل شك أنها ستكون في حرج وحالة نفسية سيئة؛‬
‫فتأتيك راغمة ومن غير استمتاع ول راحة ـ وكأنها‬
‫ن لم تراع موقفها وتصبر‪.‬‬ ‫دمية بين يديك ـ إ ْ‬
‫ن منصفين في حق نسائنا‪ ،‬ومعترفين؛ بأن‬ ‫ول ْن َك ُ ْ‬
‫ن ـ إل الشاذة‬‫النساء غالبا ً والغلب‪ ،‬إن لم أقل كُله ّ‬
‫ن ـ؛ يتقربن إلى أزواجهن في مسألة الفراش‪،‬‬ ‫منه ّ‬
‫ن في سبب ذلك التقرب على ثلثة طوائف‪:‬‬ ‫وه ّ‬
‫) ‪(1/90‬‬

‫ة‬
‫الطائفة الولى‪ :‬تتقرب لزوجها في الفراش؛ طاع ً‬
‫لله تعالى ـ تعبدا ً ـ‪ ،‬محتسبة الجر منه جل جلله‪،‬‬
‫د‬
‫بإرضاء زوجها بقضاء وطره‪ ،‬وغض بصره‪ ،‬ورجاء ول ٍ‬
‫صالح‪.‬‬
‫الطائفة الثانية‪ :‬تتقرب لزوجها في الفراش؛ رغبة‬
‫في الستمتاع ل غير‪.‬‬
‫الطائفة الثالثة‪ :‬تتقرب لزوجها في الفراش؛ كي‬
‫تحجبه من أن ينظر إلى غيرها‪َ ،‬‬
‫غي َْرةً منها عليه فقط‪.‬‬
‫لولى جمعت فأوعت‪.‬‬ ‫ولشك أن ا ُ‬

‫والخلصة‪:‬‬
‫على الزواج أن يراعوا المصالح‪ ،‬ومشاعر زوجاتهن‬
‫في انتقاء الوقت لقضاء الوطر‪ ،‬وخاصة من لديه‬
‫أولد كبار‪ ،‬فإن الزوجة تخجل وتتحرج من أولدها ـ‬
‫َ‬
‫ذكورا ً أو إناثا ـ لو رأ ْ‬
‫وها وهي مبتلة الرأس‪.‬‬
‫الرجل التاسع‪ :‬ذاك الذي ل ُيقيم لزوجته وزنا ً أمام‬
‫أولدها‬

‫) ‪(1/91‬‬

‫أو أمام أهله‪ ،‬أو أمام أهلها‪ ،‬فهو يحتقرها‪ ،‬ويزدريها‪،‬‬


‫وإذا تكلمت أسكتها‪ ،‬وإذا أمرت أولدها أو أدبتهم؛‬
‫زجرها أمامهم‪ ،‬بل ويصل ببعض الرجال إلى أن‬
‫يتجاهل زوجته في البيت؛ فليس لها رأي ول ُتلبى‬
‫طلباتها سواء خاصة بها أو ما يتعلق بأولدهما‪،‬‬
‫ويجعل اهتمامه بالولد مقدما ً عليها‪ ،‬بل ويجعل‬
‫أولدها يستمرؤون عصيانها وإهمالها‪ ،‬والضرب‬
‫بأوامرها صفحًا‪ ،‬وهذا هو عين العقوق‪ ،‬فمن ذا الذي‬
‫أعانهم على ذلك غيرك أيها الزوج الكريم ؟‬
‫والبعض يزيد من سوء المعاملة أمام أهله‪ ،‬وكأنه يريد‬
‫أن يقول لهم‪ :‬أنا رجل والحرمة؛ مالها عندي رأي ول‬
‫كلمة‪.‬‬
‫والبعض يهينها أمام أهلها‪ ،‬وكأنه يقول لها‪ :‬أيش‬
‫أهلك يسوون لي؛ أنا أتحداهم ؟! وهذا مما يجعل‬
‫العلقة تسوء بين الزوجين‪ ،‬وتدب بينهما كراهية‬
‫الستمرار في العلقة الزوجية وقد تسبب هذه المور‬
‫إلى تفكيك السرة وتفرقها في النهاية‪.‬‬
‫فعلى الزواج أن يتقوا الله تعالى ويعرفوا لنساء‬
‫ن وأن يتحّلوا باحترام نسائهم وخاصة أمام‬‫قدره ّ‬
‫الولد‪ ،‬بالنسبة أمام أهله‪ ،‬فليست‬

‫) ‪(1/92‬‬

‫ري أهلك أنك صاحب‬ ‫الرجولة والقوامة في أن ت ُ ِ‬


‫الكلمة والسلطان في بيتك وعلى زوجتك؛ بسوء‬
‫معاملتك لها وإهدار كرامتها وشخصّيتها واحتقارها‪،‬‬
‫فانتبهوا أيها الرجال‪ ،‬ولتكن الحكمة ضالة المؤمن‪،‬‬
‫وأما أمام أهلها‪ ،‬فأريهم منك حسن العشرة لبنتهم‪،‬‬
‫فإنهم يفرحون بذلك منك‪ ،‬بل وُيعينونك بتوجيهها‬
‫والتأكيد عليها بطاعتك وكسب رضاك‪ ،‬ولو لم تخرج‬
‫من عندهم إل بهذا؛ فأنت في مكسب كبير‪ ،‬وزد على‬
‫ذلك أنك ستكسب زيادة محبة زوجتك لك وينعكس‬
‫ذلك التصرف الحميد منك إلى أن تحترمك وتحترم‬
‫كلمتك أمام أهلك‪ ،‬بل وتحترم أهلك لحترامك مشاعر‬
‫أهلها‪.‬‬

‫الرجل العاشر‪ :‬ذاك الذي يمنع زوجته من تعلم العلوم‬


‫الشرعية في المعاهد الشرعية المتخصصة‪.‬‬
‫مين علينا شيء !!ولو طلبته أن‬ ‫وحجته‪ :‬كل يوم ُتحّر ِ‬
‫تلتحق بمعهد الحاسب اللي‪ ،‬أو اللغة النجليزية‪ ،‬أو‬
‫التجميل وغيرها؛ لخذها بيده في الحال‪ ،.‬وذلك لنه‬
‫ل يريدها أن ُتعلمه الجائز والمحظور شرعًا‪ ،‬فقد‬

‫) ‪(1/93‬‬

‫يكون هو ممن يتعاطى شرب الدخان‪ ،‬أو الشيشة‪ ،‬أو‬


‫دش(‬ ‫ممن أباح لنفسه جلب الطبق الفضائي )ال ّ‬
‫للنظر إلى القنوات الفضائية الهابطة‪ ،‬وهي ـ أي‬
‫الزوجة المستقيمة ـ في كل هذا تبين له الحكم‬
‫الشرعي بعدم جواز ذلك‪ ،‬فيعتبر الزوج الفاضل؛ أن‬
‫هذا تشدد ورجعية وتزمت‪ ،‬ويعتبره مضايقة لحريته‬
‫في بيته‪ ،‬فيقول‪ :‬الحل منعها‪ ،‬وكأنه يردد المثل‬
‫ده واستريح"‪،‬‬ ‫س ّ‬
‫القائل‪" :‬الباب اللي يجيك منه ريح؛ ُ‬
‫وهذا المثل ل ينطبق على مثل هذا الوضع وهذه‬
‫الحال‪ ،‬بل مثل هذه الزوجة يجب على الزوج؛ التمسك‬
‫بها والعض عليها بالنواجذ‪ ،‬فإنها هي المرأة التي‬
‫ندب إليها النبي صلى الله عليه وسلم بالزواج منها‬
‫حيث قال عليه الصلة والسلم في الحديث الصحيح‬
‫دا َ‬
‫ك« )‪(1‬‬ ‫ت يَ َ‬
‫رب َ ْ‬
‫ن تَ ِ‬
‫دي ِ‬
‫ت ال ّ‬
‫ذا ِ‬ ‫فاظْ َ‬
‫فْر ب ِ َ‬ ‫» َ‬

‫م َ‬
‫قّتر الشحيح على أهل‬ ‫الرجل الحادي عشر‪ :‬ذاك ال ُ‬
‫بيته في النفاق‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4700‬مسلم ‪2661‬‬

‫) ‪(1/94‬‬

‫سع الله عليه في الرزق وقصر النفاق على‬ ‫الذي و ّ‬


‫زوجته‪.‬‬
‫من‬‫و َ‬
‫م الله البخل والشح فقال تعالى‪َ } :‬‬ ‫نقول لقد ذ ّ‬
‫ُ‬
‫ن{ الحشر‪،9:‬‬ ‫حو َ‬
‫فل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ه ُ‬
‫ك ُ‬‫ول َئ ِ َ‬‫فأ ْ‬ ‫ه َ‬
‫س ِ‬
‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬‫ش ّ‬‫ُيوقَ ُ‬
‫التغابن‪16:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ل ‪) :‬كْنت أطوف ِبالب َي ْ ِ‬ ‫ي‪َ ،‬‬
‫قا َ‬ ‫د ّ‬‫س ِ‬ ‫هّياج ال َ‬ ‫ن أِبي ال ْ َ‬ ‫ع ْ‬
‫َ‬
‫َ َ‬
‫زيد‬ ‫سي‪َ ،‬ل ي َ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫قِني ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫قول ‪ :‬الل ّ ُ‬ ‫جًل ي َ ُ‬ ‫فَرأْيت َر ُ‬
‫سي‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬ ‫ش ّ‬‫ت ُ‬ ‫قي َ ْ‬‫و ِ‬‫ذا ُ‬ ‫ل إ ِّني إ ِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫ه‪َ ،‬‬‫قْلت ل َ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ك‪َ ،‬‬ ‫عَلى ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عْبد‬
‫جل َ‬ ‫ذا الّر ُ‬ ‫شي ًْئا‪َ ،‬‬
‫وإ ِ َ‬ ‫عل َ‬ ‫ف َ‬‫مأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬‫ن‪َ ،‬‬ ‫م أْز ِ‬ ‫ول َ ْ‬
‫رق‪َ ،‬‬ ‫س ِ‬‫مأ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫وف( )‪. (1‬‬ ‫ع ْ‬ ‫من ْبن َ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫يقول الشيخ محمد المين الشنقيطي )‪ (2‬رحمه‬
‫الله ‪) :‬ومجيء الحس على القرض الحسن هنا بعد‬
‫قضية الزوجية والولد وتوقي الشح يشعر بأن‬
‫النفاق على الولد والزوجة إنما هو من باب القرض‬
‫ما َ‬
‫ذا‬ ‫ك َ‬ ‫سأُلون َ َ‬
‫الحسن مع الله كما في قوله تعالى‪} :‬ي َ ْ‬
‫ن‬‫وال ِدَي ْ ِ‬ ‫فل ِل ْ َ‬ ‫ر َ‬‫خي ْ ٍ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫قُتم ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫مآ َأن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬‫ن ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ُين ِ‬
‫ن{ البقرة‪ 215:‬وأقرب القربين بعد‬ ‫قَرِبي َ‬ ‫وال ّ ْ‬ ‫َ‬
‫الوالدين هم‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪ ،26248‬وابن عساكر ‪35/294‬‬
‫)‪ (2‬أضواء البيان في تفسير الية ‪ 17‬من سورة‬
‫التغابن‬

‫) ‪(1/95‬‬

‫الولد والزوجة‪ ،‬وفي الحديث في الحث على النفاق‬


‫ُ‬
‫ت‬‫جْر َ‬ ‫ه إ ِّل أ ِ‬ ‫ه الل ّ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫ها َ‬ ‫غي ب ِ َ‬ ‫ة ت َب ْت َ ِ‬ ‫ق ً‬ ‫ف َ‬ ‫ق نَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن ت ُن ْ ِ‬‫ك لَ ْ‬ ‫»إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ك« )‪ ( (1‬ا‪.‬هـ‬ ‫مَرأت ِ َ‬ ‫فم ِ ا ْ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ما ت َ ْ‬‫حّتى َ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫وكان من صفاته و أخلقه صلى الله عليه وسلم أنه‬
‫جميل العشرة لنسائه يتلطف بهن ويوسعهن نفقته‪،‬‬
‫وفي الحديث عند مسلم وغيره‪ ،‬قال رسول الله‬
‫ل‬ ‫ج ُ‬
‫ه الّر ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ر ي ُن ْ ِ‬ ‫ل ِديَنا ٍ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم »أ َ ْ‬
‫عَلى‬ ‫ل َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه الّر ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫وِديَناٌر ي ُن ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عَيال ِ ِ‬ ‫عَلى ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف ُ‬‫ِديَناٌر ي ُن ْ ِ‬
‫في‬ ‫ه ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ّ‬
‫حاب ِ ِ‬‫ص َ‬ ‫على أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ق ُ‬ ‫وِديَناٌر ي ُن ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ه ِ‬ ‫داب ّت ِ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وب َدَأ ِبال ْ ِ‬ ‫قَلب َ َ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ .‬قلت‪:‬‬ ‫عَيا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ل أُبو ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ه« )‪َ (2‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫لنه صلى الله عليه وسلم ل يختار لمته إل الفضل‪.‬‬

‫الرجل الثاني عشر‪ :‬الذي يأتي أهله كالبهيمة‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪54‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪ ،1660‬وابن ماجه ‪2750‬‬

‫) ‪(1/96‬‬
‫شاها من غير مقدمات للجماع‪ ،‬ويقول ابن القيم )‬ ‫غ ّ‬ ‫يت َ‬
‫‪: (1‬‬
‫ة المرأة‪،‬‬‫جماع ملعب ُ‬ ‫مه على ال ِ‬ ‫ما ينبغى تقدي ُ ُ‬ ‫)وم ّ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ص ِلسانها‪ ،‬وكان رسول الله َ‬ ‫وتقبيلها‪ ،‬وم ّ‬ ‫ُ‬
‫قبُلها(‪ ،‬وروى أبو داود ‪:‬‬ ‫ب أهله‪ ،‬وي ُ َ‬ ‫م‪ُ ،‬يلع ُ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫ص‬
‫ة‪ ،‬ويم ّ‬ ‫م »كان ُيقب ّ ُ‬
‫ل عائش َ‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫أنه َ‬
‫ص اللسان" ضعفه‬ ‫ساَنها« )‪ . (2‬قلت‪ :‬حديث "م ّ‬ ‫لِ َ‬
‫اللباني‪ ،‬ولكن ل يعني أن ذلك ممنوع شرعًا‪ ،‬بل هو‬
‫ت النهي عن ذلك‪.‬‬ ‫من الستمتاع المباح؛ ما لم يأ ِ‬

‫دم من السفر على أهله‬ ‫ق ُ‬‫الرجل الثالث عشر‪ :‬الذي ي ْ‬


‫ليل ً بغت ً‬
‫ة‬
‫من غير أن يشعرهم بقدومه‪ ،‬لن ذلك الفعل ل‬
‫تستحبه الزوجة‪ ،‬فهي تحب أن تستقبل زوجها في‬
‫ل وأجمل منظر وفي أبها حلة مما‬ ‫أحس حا ٍ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬زاد المعاد ‪253 / 4‬‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫ي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قا َ‬‫)‪ (2‬أبو داود ‪ 2038‬وقال ‪َ :‬‬
‫عَراب ِ ّ‬
‫ن ال ْ‬‫ل اب ْ ُ‬
‫ح‪ ،‬وقال الحافظ في الفتح ‪:‬‬ ‫حي ٍ‬
‫ص ِ‬ ‫سَنادُ ل َي ْ َ‬
‫س بِ َ‬ ‫اْل ِ ْ‬
‫ف‪ ،‬وضعفه اللباني في ضعيف سنن‬ ‫عي ٌ‬ ‫ض ِ‬
‫سَنادُهُ َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫أبي داود‬

‫) ‪(1/97‬‬

‫يبعث المحبة والشوق منه إليها‪ ،‬ول تريد أن يرى منها‬


‫زوجها ما تستعف نفسه منها‪ ،‬وقد راع ذلك الشارع‬
‫َ‬
‫حدُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫مأ َ‬ ‫د َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫الحكيم قال صلى الله عليه وسلم ‪» :‬إ ِ َ‬
‫ة‬
‫غيب َ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫حدّ ال ْ ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫حّتى ت َ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ه طُُرو ً‬ ‫هل َ ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ْ‬
‫فَل ي َأت ِي َ ّ‬ ‫ل َي ًْل َ‬
‫ة« )‪ . (1‬وهذه من الحقوق المهجورة‬ ‫عث َ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ط ال ّ‬ ‫ش َ‬ ‫مت َ ِ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫َ‬
‫تجاه الزوجة‪.‬‬
‫َ‬
‫ن الت ّأّني‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه دَِلي ٌ‬
‫س ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫على أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫في ِ‬ ‫قال الصنعاني )‪ِ ) : (2‬‬
‫ه‬
‫صول ِ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫قب ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫عُروا ب ِ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫حّتى ي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫عَلى أ َ ْ‬ ‫قاِدم ِ َ‬ ‫ل ِل ْ َ‬
‫ب‬ ‫غا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َ‬ ‫هي َْئا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ذُك َِر ِ‬ ‫ع لِ َ‬ ‫س ُ‬‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ب َِز َ‬
‫ر‬ ‫ة ال ّ‬ ‫َ‬ ‫مت ِ َ‬ ‫َ‬
‫ع ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫وإ َِزال ِ‬ ‫ط‪َ ،‬‬ ‫شا ِ‬ ‫ن اِل ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫ه ّ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ها‪،‬‬ ‫من ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن إَزال َت ُ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت ال ِّتي ي َ ْ‬ ‫حّل ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مث ًَل ِ‬ ‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫َ‬
‫عَلى أ ْ‬
‫ة‬
‫سب َ ٍ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫هي ْئ َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ل ِئ َّل ي َ ْ‬ ‫وذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫طي ُ‬
‫ل‬ ‫فًرا ي ُ ِ‬ ‫س َ‬ ‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫سا‬ ‫َ‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫د‬ ‫را‬
‫ُ ّ َ ُ َ ُ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ن‪،‬‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ج‬
‫ّ ْ ُ‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ه صلى الله عليه وسلم في‬ ‫ول ُ‬ ‫ُ‬ ‫هق ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ما دَل ل ُ‬ ‫ةك َ‬ ‫َ‬ ‫غي ْب َ َ‬ ‫ْ‬
‫ه ال َ‬ ‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫رواية البخاري‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4845‬ومسلم ‪ 3557‬واللفظ له‬
‫)‪ (2‬سبل السلم شرح حديث ‪955‬‬

‫) ‪(1/98‬‬

‫ه ل َي ًْل«(‪.‬‬ ‫فَل ي َطُْرقْ أ َ ْ‬


‫هل َ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫غي ْب َ َ‬ ‫حدُك ُ ْ‬
‫طا َ َ‬
‫لأ َ‬ ‫ذا أ َ َ‬
‫)‪»: (1‬إ ِ َ‬
‫ا‪.‬هـ‪ ،‬فعلى الزوج أن يخبر زوجته بقدومه بالوسائل‬
‫المتاحة‪ ،‬كي تتأهب له وتتزين‪.‬‬

‫الرجل الرابع عشر‪:‬‬


‫ذلك الرجل الذي تتزّين له زوجته في خلوتهما بما‬
‫ترى أنها َتقُر عين زوجها به من زينة وحسن منظر ـ‬
‫سواء ملبس نوم بجميع أنواعها وأشكالها‪ ،‬أو مكياج‬
‫ـ‪ ،‬فُتفاجأ الزوجة برفض ذلك من زوجها؛ بل ويصفها‬
‫بأنها كصويحبات اللهو الساقطات ـ اللتي يشاهدها‬
‫في الشاشات‪ ،‬أو قد يكون شاهدها من قبل إن كان‬
‫اليوم هو من المستقيمين ـ‪ ،.‬فالواجب عليك أيها‬
‫الزوج الكريم أن تستمتع بزوجتك الصالحة والتي تريد‬
‫أن تملئ عينيك كي ل تحتاج إلى أن تنظر إلى الحرام‬
‫بحسرة‪.‬‬
‫وقد كن نساء السلف يفعلن ذلك‪ ،‬بل ونساء النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فعلنه ـ أعني التزين ـ‪ ،‬فهذه‬
‫صديقة بنت الصديق رضي الله‬ ‫عائشة أم المؤمنين ال ّ‬
‫عن أبيها وعنها؛ تقص قصتها مع الزينة فتقول‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪4843‬‬

‫) ‪(1/99‬‬

‫فَرَأى‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬


‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ي َر ُ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫ل َ‬‫خ َ‬ ‫»د َ َ‬
‫ة‬
‫ش ُ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ذا َيا َ‬ ‫ه َ‬‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬
‫ق َ‬ ‫ر ٍ‬ ‫و ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ت ِ‬ ‫خا ٍ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ي َ‬‫في ي َدَ ّ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ل أت ُ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫دي َ‬
‫ؤ ّ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫ن لك َيا َر ُ‬ ‫ن أت ََزي ّ ُ‬ ‫ه ّ‬‫عت ُ ُ‬‫صن َ ْ‬
‫ت َ‬ ‫قل ُ‬
‫ن‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫َز َ‬
‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫سب ُ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ُ‬ ‫شاءَ الل ُ‬ ‫و َ‬ ‫تلأ ْ‬ ‫قل ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫كات َ ُ‬
‫ر« )‪. (1‬‬ ‫الّنا ِ‬
‫أخي الكريم !‬
‫ن كان هناك ما تكرهه على زوجتك أو تلحظ عليها‬ ‫إ ْ‬
‫شيئًا؛ فوجهها بالحسنى ول ُتعنف‪ ،‬ولك في رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة‪ .‬فخاتمة‬
‫الحديث السابق فيه التوجيه من الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم فتقول عائشة رضي الله عنها قال‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫ن َز َ‬
‫كات َ ُ‬ ‫دي َ‬‫ؤ ّ‬‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪» :‬أ َت ُ َ‬
‫َ‬
‫ر« )‬ ‫ن الّنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫سب ُ ِ‬
‫ح ْ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫ل ُ‬ ‫ه‪َ ،‬‬
‫قا َ‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬
‫ما َ‬ ‫ت َل أ ْ‬
‫و َ‬ ‫قل ْ ُ‬
‫ُ‬
‫‪. (2‬‬
‫فرويدكم أيها الرجال بالقوارير‪ ،‬وتأدبوا بالدب‬
‫النبوي تفلحوا وتسعدوا‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،1338‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬
‫)‪ (2‬نفس الحديث السابق‬

‫) ‪(1/100‬‬

‫الرجل الخامس عشر‪:‬‬


‫الرجل الطيب النفس مع أهله بدرجة كبيرة حتى‬
‫وصل المر به إلى أنه ارتكب وتلبس بصفة ل ُيحمد‬
‫عليها‪ ،‬وهي‪ :‬أنه ضعيف الشخصية في بيته وعلى‬
‫ل على الغارب"‪ ،‬فهي‬ ‫زوجته بالذات‪ ،‬فـ"ت ََر َ‬
‫ك الحب َ‬
‫التي تروح وتغدو به‪ ،‬وُتسّيره على كيفها‪ ،‬فهو كاللة‬
‫مسير وليس بمخير؛ فقدَ القوامة التي مّلكه الله‬
‫إياها‪ ،‬وانفلت الزمام منه‪ ،‬وأسند المر غير أهله‪،‬‬
‫فأصبحت الزوجة هي المرة والناهية في البيت على‬
‫الولد وعلى الزوج‪ ،‬فلما حصل ذلك ماذا عسى أن‬
‫يكون حال السرة ؟!!‬
‫ل شك ـ في الغالب ـ أنها ستتردى العلقة؛ حيث أنه‬
‫سيطالب باسترجاع ما فقده من القوامة والقيادة‪،‬‬
‫وفي المقابل سيجد المقاومة والمعاندة من الزوجة‬
‫المتسلطة التي فرحت بشخصية زوجها الضعيفة‬
‫واستغلتها‪ ،‬فهي لن تتخلى عن حب السيطرة بتلك‬
‫دب المشاكل بين‬ ‫السهولة؛ فينشب الخلف وت ُ‬
‫قد السعادة والراحة النفسية و الدفء‬ ‫الزوجين‪ ،‬فُتف َ‬
‫في ذلك البيت‪ ،‬والسبب هو؛ ذلك الرجل الذي ترك‬
‫الزمام‬

‫) ‪(1/101‬‬

‫لزوجته والتي هي أضعف في التدبير والحكمة‬


‫وتصريف المور من الرجل ـ وهذا الغالب على النساء‬
‫وليس كلهن‪ ،‬لنه يوجد فيهن من تعدل عشرات‬
‫الرجال في الحكمة ورجاحة عقلها ـ‪.‬‬
‫ول تفهم أيها الزوج من هذه النقطة؛ أني أدعوك‬
‫للغلظة والشدة وسوء الخلق والمعاملة مع زوجتك‪،‬‬
‫ط قبل هذه؛ بالتحلي باللين‬ ‫فقد دعوتك في نقا ٍ‬
‫وحسن العشرة‪ ،‬فكن أخي الكريم بين هذا وذاك‪،‬‬
‫سر" وقد تكون‬ ‫صر‪ ،‬ول قاسيا ً فُتك َ‬
‫ن لينا ً فُتع َ‬
‫فـ"ل تك ْ‬
‫صر‪...،‬‬
‫أنت الفاعل فيكون المثل هكذا "‪..‬فَتع ِ‬
‫سر"‪.‬‬
‫فَتك ِ‬

‫صل من‬ ‫الرجل السادس عشر‪ :‬ذاك الرجل الذي تن ّ‬


‫المسئولية‪ ،‬وأحالها على زوجته‬
‫فهي التي تدير شئون المنزل‪ ،‬وهي التي تتابع‬
‫الولد ذكورا ً وإناثا ً في المدارس‪ ،‬زهي التي تدبر‬
‫نفسها في الذهاب إلى أي مكان احتاجت إليه ـ ول‬
‫ق‬
‫مة فر ٍ‬‫أقول‪ :‬المكان الذي ترغبه ـ وعنيت بهذا‪ ،‬أن ث ّ‬
‫بين ما تحتاج إليه وبين ما ترغبه‪ ،‬فهو ل يوصلها‬
‫للمستشفى مث ً‬
‫ل‪ ،‬أو لزيارة‬

‫) ‪(1/102‬‬

‫أهلها‪ ،‬ولوازم البيت ـ بمجاميعها ـ يترك لها التصرف‬


‫في الذهاب بأي وسيلة ومع من !!‬
‫بمعنى أنه رجل ل يحب أن يرتبط بمسئوليته تجاه‬
‫البيت‪ ،‬وذلك رغبة منه في التفرغ لملذاته وشهواته؛‬
‫حتى ل ُيسأل عما يفعل ـ ولسان حاله يقول‪ :‬خليت‬
‫لك الحبل؛ فل تقلقيني جيب وجيب‪ ،‬ول أين كنت؟‬
‫وأين رحت؟ وليش تأخرت؟ وأين ِذيك العازة؟ـ‪.‬‬
‫فطريقته في ترك زوجته تخرج ـ من دونه ـ لحاجتها‬
‫أو لغير حاجتها؛ فتقابل الرجال في السواق‬
‫والمحلت التجارية‪ ،‬والمستشفيات‪ ،‬والمدارس‪،‬‬
‫وركوبها في سيارات الجرة؛ قد يعرض المرأة للزلل‬
‫والوقوع في حبائل الشيطان‪ ،‬وخاصة في استغلل‬
‫ن ل خلق لهم‪ ،‬فتصبح‬ ‫م ْ‬
‫قَبل َ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬
‫وضعها الضعيف ِ‬
‫فريسة سهلة‪ ،‬ولقمة سائغة للرذيلة ـ والعياذ بالله ـ‪.‬‬
‫ذاته؛ غير‬‫والسبب ذاك الرجل الذي يسعى وراء مل ّ‬
‫مبالي في أهل بيته‪.‬‬

‫) ‪(1/103‬‬
‫قَبل‬‫ن ِ‬
‫م ْ‬
‫وفي الوقت نفسه؛ ُتقاَبل هذه الزوجة ِ‬
‫ن يهنئونها على هذا الزوج الذي أعطاها‬ ‫النساء؛ بأنه ّ‬
‫الحرية ولم يكبتها ـ زعموا ـ‪.‬‬
‫ما دروا أن المسكينة متورطة مع شبح باسم الزوج‪،‬‬
‫أذاقها المّرْين‪.‬‬

‫الرجل السابع عشر‪:‬‬


‫ذاك الذي يهدد زوجته بالزواج أو الطلق إن لم‬
‫تفعلي كذا وكذا‪ ،‬إذلل ً لها‪.‬‬
‫أقول أخي الكريم‪:‬‬
‫الطلق جعله الله بيد الرجل لنه صاحب القوامة‬
‫ل‪ ،‬والضابط لنفسه عند الغضب ووقت‬ ‫والرجح عق ً‬
‫العاطفة؛ فل تستعمله سلحا ً ُتذل به زوجتك وأم‬
‫عيالك؛ حتى وإن كنت تريد ذلك من باب التأديب لها؛‬
‫فل ينبغي لك فعل ذلك‪ ،‬فالمرأة لها كرامة وعزة‬
‫نفس‪ ،‬ولها مكانتها في السلم والمجتمع‪ ،‬واعلم أن‬
‫الطلق ل مزح فيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫والطَّل ُ‬
‫ق‬ ‫ح َ‬ ‫جدّ الن ّ َ‬
‫كا ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫هْزل ُ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫و َ‬‫جدّ َ‬
‫ن ِ‬
‫ه ّ‬‫جدّ ُ‬ ‫‪» :‬ث ََل ٌ‬
‫ث ِ‬
‫) ‪(1/104‬‬

‫ة ل تستقيم إل‬ ‫ة« )‪ ، (1‬ثم إنه ل خير في امرأ ٍ‬ ‫ع ُ‬


‫ج َ‬
‫والّر ْ‬
‫َ‬
‫بالتهديد بالضّرة‪ ،‬وإن أردت الزواج أخي الكريم؛ فل‬
‫داع أن تلعب بأعصاب زوجتك‪ ،‬أو تختلق العذار ـ بأنها‬
‫خلق السيئ كذا وكذا ـ‪.‬‬ ‫كذا وكذا‪ ،‬وفيها من ال ُ‬
‫ر في عقلك‪،‬‬ ‫غ ٍ‬
‫ص َ‬
‫هذا يعتبر من ضعف شخصيتك‪ ،‬و ِ‬
‫فالله سبحانه وتعالى سهل لك المر بأن أباح لك‬
‫م المراوغة والتشبث بالوهام‬ ‫مثنى وثلث ورباع‪ ،‬فل ِ َ‬
‫والفتراءات على زوجتك وهي مما اتهمتها به بريئة‪،‬‬
‫ولو كان ما ذكرته من تعليل؛ صحيح‪ .‬فل ينبغي أن‬
‫هر بك‬ ‫ُتظهر ذلك عنها‪ ،‬كما أنه ينبغي لها أن ل ت ُ َ‬
‫ش ّ‬
‫سوء خلقك‪.‬‬
‫ومن صيغ التهديد في العصر الحديث؛ ما يسمونه‬
‫بـ"زواج المسيار"‪ ،‬الذي أصبح لعبة ـ أعني زواج‬
‫المسيار ـ بأيدي بعض الرجال‪ ،‬فقد وجدوا فيه‬
‫التنفيس لشباع شهواتهم من غير أن ينظروا في‬
‫عاقبة المور الوخيمة‪ ،‬حيث أن معظم من يتزوج‬
‫بهذه الطريقة؛ يكون سرا ً‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1104‬وقال حسن غريب‪ ،‬وأبو داود‬
‫‪ ،1875‬وحسنه اللباني في صحيح أبي داود‬

‫) ‪(1/105‬‬

‫وفي الخفاء وقد يتزوج في الشهر ويطلق مرارًا‪،‬‬


‫وأنا أعرف بعض من فعل ذلك‪ ،‬لنه لم يكلفه شيئًا‪،‬‬
‫وهو في نفس الوقت عاجز من أن يفتح له بيت آخر‬
‫لزوجة ثانية‪ .‬فأقول‪ :‬هل هذا هو العلج الصحيح لحل‬
‫المشكلة بينك وبين زوجتك ؟!‬
‫فاتقوا الله أيها الرجال وحافظوا على النسل‪ ،‬كما‬
‫أوصي نفسي وإياكم بالمحافظة على الزوجة‬
‫الصالحة‪ ،‬بل والصبر على التي قد يكون فيها سوء‬
‫خلق آخر كما‬ ‫خلق وترضى منها ُ‬ ‫خلق‪ ،‬فقد تكره فيها ُ‬
‫ة‬
‫من َ ً‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬
‫ن ُ‬
‫م ٌ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ك ُ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم ‪َ» :‬ل ي َ ْ‬
‫فَر ْ‬
‫خَر« )‪. (1‬‬ ‫ها آ َ‬
‫من ْ َ‬
‫ي ِ‬
‫ض َ‬ ‫خل ُ ً‬
‫قا َر ِ‬ ‫ها ُ‬
‫من ْ َ‬ ‫ن كَ ِ‬
‫ره َ ِ‬ ‫إِ ْ‬

‫الرجل الثامن عشر‪ :‬ذاك الرجل الذي يضايق زوجته‬


‫بعد زواجه من الثانية‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،2672‬ل يفرك أي ‪ :‬ل يبغض‬

‫) ‪(1/106‬‬

‫فل أدري هل ذلك منه كي تطفش منه زوجته وأم‬


‫عياله وتتنازل عن ليلتها؛ تعبا منه ومن هذرمته‪ ،‬أو‬
‫شرته؛ كي تزيد المشاكل‬ ‫هو تكريهها منه ومن ع ْ‬
‫ويصل إلى الحل الذي يرده ـ وهو الطلق ـ‪ ،‬فيتعذر‬
‫ي‬‫غصت عل ّ‬ ‫أمام المجتمع المحيط به؛ أنها هي التي ن ّ‬
‫الحياة‪ ،‬ففراقها ذلك الحين أولى‪ ،‬وقد ل يطلقها‬
‫ذّل ً لها لنها ـ المسكينة ـ‪ ،‬تتحمل كل ما‬‫م ِ‬
‫ولكن يبقى ُ‬
‫يأتيها كي تبقى بجوار أطفالها‪.‬‬
‫صلة؛ أن يتقي الله‬ ‫فنصيحتي لكل زوج فيه هذه الخ ْ‬
‫تعالى وليعلم أن الله تعالى حّرم الظلم على نفسه‬
‫سي‬ ‫وجعله بيننا محرمًا‪ ،‬كما جاء في الحديث القد ّ‬
‫المشهور‪(1) .‬‬
‫وقد أحسن من قال‪:‬‬
‫ة على النفس من‬ ‫وظلم ذوي القربى أشد مضاض ً‬
‫حسام المهند‬ ‫وقع ال ُ‬
‫__________‬
‫ن‬
‫ع ْ‬‫وى َ‬ ‫ما َر َ‬‫في َ‬‫م ِ‬‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫)‪ (1‬قال الن ّب ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫م ُ‬‫حّر ْ‬ ‫عَباِدي إ ِّني َ‬ ‫ل »َيا ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫عالى أن ّ ُ‬ ‫وت َ َ‬
‫ك َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه ت ََباَر َ‬
‫ظال َ ُ‬
‫موا«‬ ‫فَل ت َ َ‬ ‫ما َ‬‫حّر ً‬‫م َ‬‫م ُ‬‫ه ب َي ْن َك ُ ْ‬‫عل ْت ُ ُ‬
‫ج َ‬‫و َ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬‫عَلى ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫الظّل ْ َ‬
‫رواه مسلم ‪4674‬‬

‫) ‪(1/107‬‬

‫الرجل التاسع عشر‪ :‬ذاك الذي جعل الخرين هم‬


‫الذين يقودونه في الحياة‪ ،‬ويوجهونه‬
‫وذلك بأن اتخذ من أصدقائه أو بعضهم صناديقا ً‬
‫لسرار بيته‪ ،‬فما تكون من صغيرة ول كبيرة إل‬
‫وينثرها لصديقه أو زميله؛ رجاء أن يجد حل ً أو توجيها ً‬
‫منهم‪ ،‬حتى وصل الحال إلى أن أولده يحتاجون‬
‫لشفاعة زملئه لهم عنده ـ أعني به "والدهم" ـ‪،‬‬
‫ومنهم من يجعل أخواته يتدخلن في حياته ومشاكل‬
‫بيته؛ بأن يفشي لهن كل ما يحدث داخل أسرته من‬
‫قضايا‪ ،‬وبهذا يهمش زوجته ويقدم عليها غيرها‪،‬‬
‫وكأنها من سقط المتاع‪.‬‬
‫فنقول لهذا الصنف من الرجال‪ :‬احفظ شخصيتك‬
‫وكرامة أهلك ـ أم أولدك ـ‪ ،‬ومكانة أولدك‪ ،‬وشاركهم‬
‫في الحلول والرأي‪ ،‬وافتح لهم قلبك‪ ،‬وكن في نفس‬
‫الوقت ذو حزم ٍ وقوة في اتخاذ القرار ـ بحكمة ـ‪ ،‬ول‬
‫تخرج أسرار بيتك لحد مهما كانت مكانته منك‪.‬‬
‫وما أحسن من قال‪:‬‬

‫) ‪(1/108‬‬

‫إذا ضاق صدر المرء بسر نفسه فصدر الذي يستوعب‬


‫السر أضيق‪.‬‬

‫الرجل العشرون‪ :‬ذاك الذي أطلق العنان لزوجته‬


‫وبناته‪.‬‬
‫فهن يخرجن من البيت متى شاءوا‪ ،‬وكيفما شاءوا‪،‬‬
‫ومع من شاءوا من غير رقيب ول متابع‪ ،‬فهن ـ أعني‬
‫زوجته وبناته ـ إذا خرجن تجدهن متبرجات‪،‬‬
‫متعطرات‪ ،‬وقد يمتد مكوثهن خارج البيت إلى بعد‬
‫منتصف الليل بل إلى الفجر‪ ،‬مرة بحجة عند بنات‬
‫مْلكة أو‬
‫خالي أو بنات عمي أو زميلتي أو في حفلة ٍ‬
‫زواج ويشتد الخطب لو كانت في قصور أفراح أو‬
‫استراحات‪.‬‬
‫وبهذا الهمال وهذا التساهل؛ فسدت بعض السر‪،‬‬
‫لنها لم تجد من يقول لها أين تذهبين‪ ،‬وليش هذا‬
‫اللبس ـ القصير أو العريان ـ‪ ،‬وليش تأخرت‪ ،‬وأين‬
‫كنت‪ ،‬ومع من ركبتي؟‬
‫قد يقول هذا الصنف من الرجال أو بعضهم‪ :‬أنا أثق‬
‫في زوجتي وبناتي‪ ،‬وهن يعرفن الخطأ من الصح‪،‬‬
‫فلماذا أخونهن ؟‬

‫) ‪(1/109‬‬

‫ون أهل بيتك ـ‬ ‫نقول‪ :‬أخطأت الطريق‪ ،‬نحن لم نقل خ ّ‬


‫والعياذ بالله ـ‪ ،‬ولكن الرقابة والمتابعة والمحافظة‬
‫على أهل بيتك أمر واجب وحتمي عليك‪ ،‬والغيرة أمر‬
‫فطري وجاء السلم وأكدها‪.‬‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ل‪َ » :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ة َ‬ ‫غيَر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫وقد جاء في الحديث الصحيح َ‬
‫مَرأِتي ل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ضَرب ْت ُ ُ‬ ‫عا ْ‬ ‫م َ‬ ‫جًل َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫و َرأي ْ ُ‬ ‫عَبادَةَ ل َ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫عد ُ ب ْ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ك َر ُ‬ ‫غ ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫فب َل َ‬ ‫ح َ‬ ‫ص َ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬ ‫ف ٍَ‬ ‫م ْ‬ ‫غي َْر ُ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ِبال ّ‬
‫ه َلَنا‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫د َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫س ْ‬‫ة َ‬ ‫غي َْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫جُبو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل أت َ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حّر َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة الل ِ‬ ‫ل غي َْر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬‫مّني َ‬ ‫ه أغي َُر ِ‬ ‫والل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫أغي َُر ِ‬
‫ن« )‪(1‬‬ ‫ما ب َطَ َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫هَر ِ‬ ‫ما ظَ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف َ‬‫ال ْ َ‬
‫وإن من الفواحش أن تترك نساءك يلبسن القصير‪،‬‬
‫والشفاف‪ ،‬والمفتوح الجانبين أو من المام‪ ،‬أو‬
‫مكشوفة الظهر أو البطن أو اليدين كاملة ـ بحجة‬
‫الموضة ـ‪.‬‬
‫فاتقوا الله عباد الله في المانة التي بين أيديكم‬
‫وحافظوا عليها يقول النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سُئو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫وك ُل ّك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫م َرا ٍ‬ ‫»أَل ك ُل ّك ُ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪6866‬‬

‫) ‪(1/110‬‬

‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سُئو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫فاْل ِ َ‬‫ه َ‬
‫س َرا ٍ‬ ‫على َ الّنا ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫َر ِ‬
‫ن‬‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سُئو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ب َي ْت ِ ِ‬‫ه ِ‬‫عَلى أ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َرا ٍ‬ ‫ج ُ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫َر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫د ِ‬‫ول َ ِ‬‫و َ‬‫ها َ‬ ‫ج َ‬ ‫و ِ‬ ‫ت َز ْ‬ ‫ل ب َي ْ ِ‬ ‫ه ِ‬‫عَلى أ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫عي َ ٌ‬
‫مْرأةُ َرا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫َر ِ‬
‫ه‬
‫د ِ‬
‫سي ّ ِ‬‫ل َ‬ ‫ما ِ‬ ‫على َ‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬
‫سُئول ٌ‬
‫ل َرا ٍ‬ ‫ج ِ‬ ‫عب ْدُ الّر ُ‬
‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ة َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ع ْ‬
‫ل َ‬‫سُئو ٌ‬
‫م ْ‬
‫م َ‬‫وك ُل ّك ُ ْ‬
‫ع َ‬
‫م َرا ٍ‬ ‫ه أ ََل َ‬
‫فك ُل ّك ُ ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ل َ‬‫سُئو ٌ‬‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬
‫َ‬
‫ه« )‪. (1‬‬ ‫ت‬ ‫ي‬‫ع‬
‫َ ِ ّ ِ ِ‬‫ر‬
‫وأقول هنا عبارة قد ل تعجب البعض‪ ،‬ولكني قلت في‬
‫المقدمة‪ :‬أني سأخاطب بعض الناس في رسالتي‬
‫هذه بما يفهمونه ـ قصدي إيصال المر إليهم عبر‬
‫أسلوب المجالس العامة ـ‪ ،‬فأقول‪ :‬لو ذهبت للجزار‪،‬‬
‫ووجدت لحمتين معلقتين‪ ،‬واحدة مكشوفة وحولها‬
‫لخرى مغطاة ومحافظ عليها‪ ،‬أيهما‬ ‫الذباب‪ ،‬وا ُ‬
‫تشتري وتقبلها لنفسك ؟؟!!‬
‫الجواب‪ :‬متروك لمن ترك نساءه عرضة لعين البار‬
‫والفاجر‪.‬‬

‫ليس أحد من الرجال معصوم غير النبياء على نبينا‬


‫محمد وعليهم أفضل الصلة وأتم التسليم‪ ،‬فكل واحد‬
‫خصلة أو اثنتين أو أكثر أو أقل‪ ،‬ولكن‬ ‫منا فيه ِ‬
‫الطامة؛ الذي جمعها أو جّلها‪ ،‬فعلينا جميعا ً التناصح‬
‫فيما‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪6605‬‬

‫) ‪(1/111‬‬

‫ة«‬‫ح ُ‬‫صي َ‬‫ن الن ّ ِ‬ ‫دي ُ‬ ‫بيننا لقوله صلى الله عليه وسلم ‪» :‬ال ّ‬
‫)‪ ، (1‬ول شك أن الرجل منا ل يستطيع تقييم نفسه‬
‫بنفسه‪ ،‬ول أن يرى اعوجاج وخطأ نفسه‪ ،‬ولهذا لبد‬
‫من أن ينكر عليك الغير حتى تعرف ما لك وما عليك‬
‫ومصداق ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ن« )‪ ، (2‬فمن وجد فيه من هذه‬ ‫م ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫مْرآةُ ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ُ‬‫ؤ ِ‬ ‫»ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫فق لمعرفتها وليعزم‬ ‫و ّ‬ ‫الخصال فليحمد الله على أنه ُ‬
‫على التخلص منها‪ ،‬ولنتمثل بقول عمر بن الخطاب‬
‫عُيوِبى( )‬ ‫ى ُ‬ ‫دى إ ِل َ ّ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ه َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫رضي الله عنه‪َ) :‬ر ِ‬
‫‪. (3‬‬
‫وأقول‪ :‬عليكم أيها الرجال بوصية النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم تفلحوا وتسعدوا في الدارين حيث يقول‬
‫خي ًْرا‬
‫ء َ‬‫سا ِ‬ ‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪» :‬ا ْ‬
‫في‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ن ِ َ‬ ‫خل ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫ع َ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫ق َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،82‬والنسائي ‪ ،4126‬وأبو داود ‪،4293‬‬
‫والترمذي ‪ 1849‬وقال حسن صحيح‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،4272‬وحسنه اللباني في الصحيحة‬
‫‪926‬‬
‫)‪ (3‬الدارمي ‪674‬‬

‫) ‪(1/112‬‬

‫ه لَ ْ‬
‫م‬ ‫ن ت ََرك ْت َ ُ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ه كَ َ‬
‫سْرت َ ُ‬ ‫م ُ‬‫قي ُ‬‫ت تُ ِ‬ ‫ن ذَ َ‬
‫هب ْ َ‬ ‫عَلهُ َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫ع أَ ْ‬ ‫ال ّ َ‬
‫ضل َ ِ‬
‫خي ًْرا« )‪(1‬‬ ‫ء َ‬‫سا ِ‬‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬
‫ست َ ْ‬‫فا ْ‬‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ع َ‬
‫لأ ْ‬ ‫ي ََز ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4787‬ومسلم ‪2671‬‬

‫) ‪(1/113‬‬

‫استوصوا بالنساء خيراً )‪(1‬‬


‫صوا‬‫و ُ‬‫ست َ ْ‬
‫السؤال ‪ :‬امرأة تسأل وتقول‪ :‬في الحديث »ا ْ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬
‫ع َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫وإ ِ ّ‬‫ع َ‬ ‫ن ِ َ‬
‫ضل ٍ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫خل ِ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫خي ًْرا َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫ه‪ «..‬الرجاء توضيح معنى الحديث مع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عل ُ‬ ‫عأ ْ‬ ‫ضل ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫عَل ُ‬‫عأ ْ‬ ‫في ال ّ َ‬
‫ضل ِ‬ ‫ء ِ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫توضيح‪» :‬أ ْ‬
‫الجواب ‪ :‬هذا الحديث صحيح رواه الشيخان في‬
‫الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫خي ًْرا« )‪ (2‬هذا أمر للزواج والباء‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬
‫»ا ْ‬
‫والخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيرا وأن‬
‫يحسنوا إليهن وأن ل يظلموهن وأن يعطوهن‬
‫حقوقهن‪ ،‬هذا واجب على الرجال من الباء والخوة‬
‫والزواج وغيرهم أن يتقوا الله في النساء ويعطوهن‬
‫صوا‬‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬
‫حقوقهن هذا هو الواجب ولهذا قال‪» :‬ا ْ‬
‫خي ًْرا«‪.‬‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬للشيخ بن باز رحمه الله‪ ،‬مجموع فتاوى ومقالت‬
‫متنوعة ج ‪21‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،4787‬ومسلم ‪2671‬‬

‫) ‪(1/114‬‬

‫وينبغي أل يمنع من ذلك كونهن قد يسئن إلى‬


‫أزواجهن وإلى أقاربهن بألسنتهن أو بغير ذلك من‬
‫التصرفات التي ل تناسب لنهن خلقن من ضلع كما‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ج َ‬
‫ش ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ع َ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪َ » :‬‬
‫ه«‪.‬‬‫عَل ُ‬‫ع أَ ْ‬ ‫في ال ّ َ‬
‫ضل ِ‬ ‫ِ‬
‫ومعلوم أن أعله مما يلي منبت الضلع فإن الضلع‬
‫يكون فيه اعوجاج‪ ،‬هذا هو المعروف‪ ،‬والمعنى أنه ل‬
‫بد أن يكون في تصرفاتها شيء من العوج والنقص‪،‬‬
‫ولهذا ثبت في الحديث الخر في الصحيحين عن‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫م ْ‬
‫ت ِ‬ ‫ما َرأي ْ ُ‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪َ » :‬‬
‫ن‬‫م ْ‬
‫زم ِ ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫حا ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب ل ِل ُ ّ‬
‫ب الّر ُ‬ ‫ن أ َذْ َ‬
‫ه َ‬ ‫وِدي ٍ‬‫ل َ‬‫ق ٍ‬ ‫ع ْ‬
‫ت َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫َنا ِ‬
‫ن« )‪. (1‬‬ ‫داك ُ ّ‬
‫ح َ‬ ‫إِ ْ‬
‫وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم نقص العقل‬
‫بأن شهادة المرأتين تعدل شهادة الرجل وذلك من‬
‫نقص العقل والحفظ‪ ،‬وفسر نقص الدين بأنها تمكث‬
‫اليام والليالي ل تصلي يعني من أجل الحيض وهكذا‬
‫النفاس‪ ،‬وهذا النقص كتبه الله عليهن ول إثم عليهن‬
‫فيه‪ ،‬ولكنه‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،293‬مسلم ‪114‬‬

‫) ‪(1/115‬‬

‫نقص واقع ل يجوز إنكاره‪ ،‬كما ل يجوز إنكار كون‬


‫الرجال في الجملة أكمل عقل ً ودين ًَا‪ ،‬ول ينافي ذلك‬
‫وجود نساء طيبات خير من بعض الرجال؛ لن‬
‫التفضيل يتعلق بتفضيل جنس الرجال على جنس‬
‫النساء‪ ،‬ول يمنع أن يوجد في أفراد النساء من هو‬
‫أفضل من أفراد الرجال علما ً ودينا ً كما هو الواقع‪.‬‬
‫فيجب على المرأة أن تعترف بذلك وأن تصدق النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فيما قال‪ ،‬وأن تقف عند حدها‪،‬‬
‫وأن تسأل الله التوفيق‪ ،‬وأن تجتهد في الخير‪ ،‬أما أن‬
‫تحاول مخالفة الشريعة فيما بين الله ورسوله فهذا‬
‫غلط قبيح‪ ،‬ومنكر عظيم‪ ،‬ل يجوز لها فعله‪ ،‬والله‬
‫المستعان‪.‬‬

‫) ‪(1/116‬‬

‫إلى أين بأخلقنا ؟؟؟ )‪(1‬‬

‫إن سلفنا الصالح قد عرفوا حسن الخلق بتعاريف‬


‫ب واحد فقد ذكر‬‫كثيرة و لكنها تصب كلها في مص ّ‬
‫المام ابن رجب رحمه الله أقوال بعض الئمة في‬
‫حكم )‪: (2‬‬ ‫تعريفه فقال في كتابه جامع العلوم وال ِ‬
‫م والبذلة‬‫ن الخلق ‪ :‬الكر ُ‬ ‫حس ُ‬ ‫عن الحسن قال ‪ُ :‬‬
‫ط الوجه‪،‬‬ ‫ل‪ .‬وعن ابن المبارك قال ‪ :‬بس ُ‬ ‫والحتما ُ‬
‫ف الذى‪ .‬وقال المام أحمد ‪:‬‬ ‫ل المعروف‪ ،‬وك ّ‬ ‫وبذ ُ‬
‫ل ما‬‫ن تحتم َ‬ ‫د‪،‬وأ ْ‬‫حت ّ‬
‫ب ول ت ْ‬
‫ض َ‬‫ن ل َتغ َ‬‫ن الخلق أ ْ‬‫حس ُ‬ ‫ُ‬
‫ن من الناس‪.‬‬ ‫يكو ُ‬
‫جماعه ‪ -‬أي حسن‬ ‫قال ابن القيم رحمه الله )‪ : (3‬و ِ‬
‫الخلق ‪ -‬أمران ‪ :‬بذل المعروف قول وفعل‪ ،‬وكف‬
‫ل‪ ،‬وهو إنما‬ ‫الذى قول وفع ً‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مجموع من عدة مشاركات‬
‫)‪ (2‬في شرح الحديث الثامن عشر‬
‫)‪ (3‬في حاشيته على سنن أبي داود‬

‫) ‪(1/117‬‬

‫يقوم على أركان خمسة ‪ :‬العلم والجود والصبر‬


‫وطيب العود وصحة السلم‪.‬‬
‫وقال رحمه الله )‪) : (1‬جمع النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق؛ لن تقوى الله‬
‫تصلح ما بين العبد وبين ربه‪ ،‬وحسن الخلق يصلح ما‬
‫بينه وبين خلقه‪ ،‬فتقوى الله توجب له محبة الله‪،‬‬
‫وحسن الخلق يدعو إلى محبته(‪.‬‬

‫أحاديث في حسن الخلق‬


‫صلى‬ ‫ّ‬ ‫ي َ‬‫ف الّنب ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ه عنها في َ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬‫ة َر ِ‬ ‫ش ُ‬ ‫عائ ِ َ‬‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫وَل‬ ‫شا َ‬ ‫ح ً‬ ‫ف ّ‬ ‫وَل ُ‬
‫مت َ َ‬ ‫شا َ‬ ‫ح ً‬ ‫ن َ‬
‫فا ِ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫م ‪» :‬ل َ ْ‬ ‫سل ّ ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه علي ِ‬ ‫الل ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫سي ّئ َ َ‬ ‫سي ّئ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ولك ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫زي ِبال ّ‬ ‫ج ِ‬‫ول ي َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫وا ِ‬
‫س َ‬ ‫في ال ْ‬ ‫خاًبا ِ‬ ‫ص ّ‬ ‫َ‬
‫ح« )‪. (2‬‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫َ َ ْ ُ‬ ‫ص‬ ‫ي‬‫و‬ ‫فو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫يَ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الفوائد ‪75‬‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1939‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/118‬‬

‫ي الكريم ِ صلى الله عليه وسلم‬ ‫ي العرب ّ‬ ‫ق النب ّ‬ ‫ن ُ ُ‬


‫خل ِ‬ ‫م ْ‬
‫و ِ‬‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫وي ُؤدُّبنا‪َ » :‬‬‫منا َ‬ ‫ّ‬
‫عل ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫صلةُ والسل ُ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ه علي ِ‬ ‫َ‬
‫ما قال ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫و َ‬
‫ه يَ ْ‬
‫عاهُ الل ُ‬‫فذَهُ دَ َ‬ ‫ن ي ُن َ ّ‬
‫عأ ْ‬ ‫طي ُ‬‫ست َ ِ‬
‫و يَ ْ‬‫ه َ‬‫و ُ‬
‫ه َ‬ ‫غي ْظ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك َظَ َ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫عَلى ُر ُ‬
‫في أ ّ‬ ‫خي َّره ِ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ق َ‬ ‫خلئ ِ ِ‬ ‫ؤو ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ال ِ‬
‫ء« )‪ . (1‬قال عليه الصلة والسلم ‪:‬‬ ‫شا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ر َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫وى الل ّ ِ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫ق َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫س ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫ل الّنا َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ما ي ُدْ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫»أك ْث َ ِ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ق« )‪ ، (2‬وقال صلى الله عليه وسلم‪َ » :‬‬ ‫خل ُ‬‫ال ْ ُ‬
‫ِ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ّ‬
‫ق َ‬ ‫خل ِ‬
‫سن ال ْ ُ ُ‬
‫ح ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق ُ‬‫ن أ َث ْ َ‬ ‫ميَزا ِ‬ ‫في ال ْ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ء ُيو َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫وم ِ‬ ‫ص ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ح ِ‬‫صا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ج َ‬‫ه دََر َ‬ ‫غ بِ ِ‬ ‫ق ل َي َب ْل ُ ُ‬ ‫خل ِ‬
‫سن ال ْ ُ ُ‬
‫ح ْ ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫ة« )‪ . (3‬وعدّ النبي‬ ‫صل ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪،15084 ،15066‬والترمذي ‪2417 ،1944‬‬
‫وقال حسن غريب‪ ،‬وأبو داود ‪ ،4147‬وحسنه اللباني‬
‫في صحيح أبي داود‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1927‬وقال صحيح غريب‪ ،‬وقال‬
‫اللباني حسن السناد ‪ -‬صحيح الترمذي‬
‫)‪ (3‬الترمذي ‪ 1926‬وقال حديث غريب‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/119‬‬

‫صلى الّله عليه وسلم حسن الخلق من كمال اليمان‪،‬‬


‫َ‬
‫ماًنا‬ ‫ن ِإي َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫فقال عليه الصلة والسلم‪» :‬أك ْ َ‬
‫قا« )‪. (1‬‬ ‫خل ُ ً‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫سن ُ ُ‬
‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫وعليك بقول رسول الّله صلى الّله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ب ال َ ْ‬ ‫فعهم ِللّناس‪َ ،‬‬ ‫»أ َحب الّناس إَلى الل ّ َ‬
‫ل‬
‫ما ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ح ّ‬ ‫وأ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ه أن ْ َ َ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ْ‬
‫و ت َك ِ‬ ‫م‪ ،‬أ ْ‬ ‫سل ِ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫على ُ‬ ‫ه َ‬ ‫خل ُ‬ ‫ر ت ُدْ ِ‬‫سُرو ٍ‬ ‫ه ُ‬ ‫إ َِلى الل ِ‬
‫ّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫و ت ُطَْردُ َ‬ ‫َ‬ ‫و تَ ْ‬ ‫ك ُرب ً َ‬
‫ول ْ‬ ‫عا‪َ ،‬‬ ‫جو ً‬ ‫ه ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ه ِديًنا‪ ،‬أ ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ضي َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ة‪ ،‬أ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫ف‬
‫عت َك ِ َ‬ ‫نأ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب إ ِل ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ةأ َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫حا َ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِلي ِ‬ ‫عأ ٍ‬ ‫م َ‬
‫ي َ‬ ‫ش َ‬ ‫م ِ‬ ‫أ ْ‬
‫هًرا« )‪. (2‬‬ ‫ش ْ‬ ‫ة‪َ -‬‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫جدَ ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عِني َ‬ ‫د ‪ -‬يَ ْ‬ ‫ج ِ‬
‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ة«‬ ‫ق ٌ‬‫صد َ َ‬ ‫ة َ‬ ‫ّ‬
‫ة الطي ّب َ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫والكل ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم ‪َ » :‬‬
‫ة« )‪. (4‬‬ ‫ق ٌ‬ ‫صد َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫خي َ‬ ‫ه أَ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م َ‬ ‫س ُ‬
‫)‪ ، (3‬وقال »ت َب َ ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،7095‬أبو داود ‪ ،4062‬والترمذي ‪1082‬‬
‫وقال حسن صحيح‪ ،‬وكذا اللباني في صحيح الترمذي‬
‫)‪ (2‬الطبراني في الكبير ‪ ،665‬وكذا في الوسط‬
‫‪،6204‬وابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج ح ‪،36‬‬
‫وحسنه اللباني في صحيح الجامع‬
‫)‪ (3‬البخاري ‪ ،2767‬مسلم ‪1677‬‬
‫)‪ (4‬الترمذي ‪ 1879‬وقال حسن غريب‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‬
‫) ‪(1/120‬‬

‫من فوائد حسن الخلق ‪:‬‬


‫‪ -‬حسن الخلق من أفضل ما يقرب العبد إلى الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫‪ -‬ذا أحسن العبد خلقه مع الناس أحبه الله والناس‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق يألف الناس ويألفه الناس‪.‬‬
‫‪ -‬ل يكرم العبد نفسه بمثل حسن الخلق ول يهينها‬
‫بمثل سوئه‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق سبب في رفع الدرجات وعلو الهمم‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق سبب في حب رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم والقرب منه يوم القيامة‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق يدل على سماحة النفس وكرم الطبع‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق يحول العدو إلى الصديق‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق سبب لعفو الله وجالب لغفرانه‪.‬‬
‫‪ -‬يمحو الله بحسن الخلق السيئات‪.‬‬
‫‪ -‬يدرك المرء بحسن خلقه درجة الصائم القائم‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق من أكثر ما يدخل الناس الجنة‪.‬‬
‫‪ -‬حسن الخلق يجعل صاحبه ممن ثقلت موازينه يوم‬
‫القيامة‪.‬‬

‫) ‪(1/121‬‬

‫‪ -‬حسن الخلق يحرم جسد صاحبه على النار‪.‬‬


‫‪ -‬حسن الخلق يصلح ما بين النسان وبين الناس‪.‬‬
‫‪ -‬وبالخلق الحسن يكثر المصافون ويقل المعادون‪.‬‬

‫مجالت حسن الخُلق‬


‫حسن الخلق يكون مع الله كما يكون مع الناس‪ ،‬فأما‬
‫حسن الخلق مع الله فيكون بالرضا بحكمه شرعا‬
‫وقدرا‪ ،‬وتلقي ذلك بالنشراح وعدم التضجر‪ ،‬فإذا قدر‬
‫الله على المسلم شيئا يكرهه رضي بذلك واستسلم‬
‫َ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ة إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ‬‫صيب َ ٍ‬
‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬‫ب ِ‬‫صا َ‬ ‫ما أ َ‬ ‫كما قال تعالى } َ‬
‫ه{ التغابن‪ ،11:‬قال علقمة‪:‬‬ ‫ْ‬
‫قلب َ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫عْند الله‪،‬‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫علم أن ّ َ‬ ‫صيَبة‪ ،‬في َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫صيب ُ‬ ‫جل ت ُ ِ‬ ‫و الّر ُ‬ ‫ه َ‬‫) ُ‬
‫ضى( )‪(1‬‬ ‫وي َْر َ‬ ‫َ‬
‫سلم ذَل ِك َ‬ ‫ّ‬ ‫في ُ َ‬‫َ‬
‫خلق مع الله طاعة أوامره‬ ‫كما أن من حسن ال ُ‬
‫هج بحمده والثناء عليه وشكره‬ ‫واجتناب نواهيه‪ ،‬والل َ‬
‫على نعمه الظاهرة والباطنة‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪26496‬‬

‫) ‪(1/122‬‬

‫خلق فيكون بما تقدم من‬ ‫خلق مع ال َ‬ ‫وأما حسن ال ُ‬


‫تعريف حسن الخلق‪ ،‬ولذلك فقد جمع الله عز وجل‬
‫حسن الخلق في آية هي جماع الخلق في سورة‬
‫فو ْ‬
‫ف‬ ‫مْر ِبال ْ ُ‬
‫عْر ِ‬ ‫وأ ُ‬ ‫ذ ال ْ َ‬
‫ع ْ َ َ‬ ‫خ ِ‬
‫العراف قال تعالى ‪ُ } :‬‬
‫ن{ العراف‪.199:‬‬ ‫هِلي َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫جا ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ض َ‬
‫ر ْ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫َ‬

‫وسائل عملية لتحسين الخلق‬


‫أخي الكريم بعدما تقدم نذكر بعض الوسائل العملية‬
‫في تحسين الخلق ونعني بها المور التي إن فعلها‬
‫النسان تحسنت أخلقه‪ ،‬فمن كانت هذه الصفات فيه‬
‫فليحمد الله وليحافظ عليها‪ ،‬ومن كان يفتقد شيئا‬
‫منها فليحاول شيئا فشيئا كما مّر بك ‪ -‬أخي الكريم ‪-‬‬
‫أن الصفات الحميدة يمكن اكتسابها بالممارسة‬
‫ود‪ ،‬ول شك أن هذا المر ليس بالمر السهل بل‬ ‫التع ّ‬
‫ل بد فيه من المجاهدة كما قال ابن القيم رحمه الله‬
‫)‪) : (1‬إن أصعب ما على الطبيعة النسانية تغيير‬
‫الخلق التي‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مدارج السالكين ‪ - 311 / 2‬منزلة الخلق‬

‫) ‪(1/123‬‬

‫طبعت النفوس عليها وأصحاب الرياضات الصعبة‬


‫والمجاهدات الشاقة إنما عملوا عليها ولم يظفر‬
‫أكثرهم بتبديلها لكن النفس اشتغلت بتلك الرياضات‬
‫عن ظهور سلطانها فإذا جاء سلطان تلك الخلق‬
‫وبرز‪ ،‬كسر جيوش الرياضة وشتتها واستولى على‬
‫مملكة الطبع(‪.‬‬
‫ويعني بقوله )سلطان الخلق( الدين والسلم حيث‬
‫قال في موضع آخر )‪) : (1‬وأما صحة السلم فهو‬
‫جماع ذلك والمصحح لكل خلق حسن فإنه بحسب قوة‬
‫إيمانه وتصديقه بالجزاء وحسن موعود الله وثوابه‬
‫يسهل عليه تحمل ذلك له التصاف به(‪.‬‬
‫‪ - 1‬ضبط اللسان فيبتعد المسلم عن السب والشتائم‬
‫والسخرية واللمز بالناس‪.‬‬
‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫فكل َ‬ ‫ة‪َ #‬‬ ‫َ‬ ‫من َ‬ ‫فل َينطِ َ‬‫َ‬
‫سوءا ٌ‬
‫ك َ‬ ‫سوأ ٍ‬
‫ن بِ َ‬
‫ك الِلسا ُ‬ ‫قن ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫س ُ‬ ‫س أل ُ‬ ‫وِللنا ِ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬حاشية ابن القيم على سنن أبي داود‬

‫) ‪(1/124‬‬

‫ن‬ ‫و ُ‬ ‫معاِئبا ً ‪َ #‬‬ ‫دت إ َِلي َ‬ ‫َ‬ ‫عينا َ‬


‫عي ُ‬ ‫قل يا َ‬ ‫دعها َ‬ ‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك ِإن أب َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن )‪(1‬‬ ‫ي‬ ‫أع‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫للنا‬ ‫ِ‬
‫ُ ُ‬ ‫ِ‬
‫ولو حصل من الناس سب لك وأذّية فاعتبر هذا‬
‫امتحان لك لختبار صبرك وتحملك‪ ،‬فكن من‬
‫ولَ‬‫الصابرين الذين أثنى الله عليهم بقوله جل ذكره } َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ة اد ْ َ‬ ‫سي ّئ َ ُ‬ ‫وَل ال ّ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫م* َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬‫ول ِ ّ‬
‫ه َ‬ ‫وةٌ كأن ّ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬
‫ذي ب َي ْن َك َ‬ ‫ذا ال ِ‬
‫م{‬ ‫ح ّ‬ ‫ها إ ِّل ُ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬ ‫ها إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫ي ُل َ ّ‬
‫ظي ٍ‬ ‫ع ِ‬ ‫ظ َ‬ ‫ذو َ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬
‫صب َُروا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قا َ‬
‫فصلت ‪ .34،35‬مع أنه ل تثريب عليك أن ترد بقدر ما‬
‫اعتدي عليك به لكن العفو والصبر هو أكمل وأجر‬
‫فا وأ َصل َح َ َ‬
‫ه‬
‫جُر ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ع َ َ ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫فاعله على الله قال تعالى } َ‬
‫صب ََر‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ه{ الشورى ‪ ،40‬وقال سبحانه } َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ر{ الشورى ‪44‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫غ َ‬ ‫و َ‬
‫مو ِ‬ ‫عْزم ِ ال ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫كل ِ‬ ‫فَر إ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيات للشافعي ‪ -‬بحر الطويل‬

‫) ‪(1/125‬‬

‫‪ - 2‬عند الغضب‪ ،‬وهي أشد ما يقع فيه الناس‪ ،‬فحالة‬


‫كن نفسه‪ ،‬فمن‬ ‫الغضب حالة هيجان فيحاول أن ُيس ّ‬
‫ذلك ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬أن يذكر الله ويستعيذ به من الشيطان الرجيم‬
‫ي‬
‫عن ْ َدَ الن ّب ِ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫جَل ِ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ست َ ّ‬ ‫فقد جاء في الصحيحين ‪» :‬ا ْ‬
‫ما‬‫ه َ‬‫حد ُ ُ‬‫وأ َ‬ ‫س َ‬ ‫جلو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫عن ْدَهُ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫صلى‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ه فقا َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ج ُ‬‫و ْ‬‫مّر َ‬ ‫ح َ‬‫ضًبا قدْ ا ْ‬ ‫َ‬ ‫غ َ‬ ‫م ْ‬‫ه ُ‬ ‫حب َ ُ‬
‫صا ِ‬ ‫ب َ‬ ‫س ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ها لذَ َ‬ ‫قال َ‬ ‫و َ‬ ‫ةل ْ‬ ‫م ً‬ ‫َ‬
‫م كل ِ َ‬ ‫عل ُ‬ ‫م إ ِّني ل ْ‬ ‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫م« )‪(1‬‬ ‫جي ِ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫عوذُ ِبالل ّ ِ‬ ‫ل أَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫جد ُ ل َ ْ‬‫ما ي َ ِ‬ ‫َ‬
‫ب ‪ -‬أن يغير الحالة التي هو عليها وقت الغضب فإن‬
‫كان قائما جلس وإن كان جالسا اضطجع كما جاء‬
‫التوجيه من النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك‪ ،‬أو‬
‫يغير المكان الذي فيه وقت الغضب‪.‬‬
‫ج ‪ -‬أن يتذكر ما يؤول إليه الغضب من الندم‬
‫ُ‬
‫هدمت‪ ،‬وأسر‬ ‫والخسارة والهم والغم‪ ،‬فكم من بيوت ُ‬
‫طعت كل ذلك بسبب لحظة غضب !!‬ ‫ق ّ‬
‫شّتت وعلقات ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،3040 ،5650‬ومسلم ‪4725،4726‬‬

‫) ‪(1/126‬‬

‫قبح صورته حال الغضب من‬ ‫د‪ -‬أن يتذكر الغاضب ُ‬


‫انتفاخ الوداج وبحلقة العينين واحمرار الوجه‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬أن يتذكر ثواب العفو والصفح فمن ذلك قول‬
‫و‬
‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ظا َ‬ ‫غي ْ ً‬‫م َ‬ ‫ن ك َظَ َ‬ ‫م ْ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪َ » :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ءو ِ‬ ‫على ُر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ّ‬
‫و َ‬ ‫عّز َ‬‫ه َ‬ ‫عاهُ الل ّ ُ‬
‫فذَهُ دَ َ‬‫ن ي ُن ْ ِ‬‫عَلى أ ْ‬ ‫قاِدٌر َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫عي ِ‬‫ر ال ْ ِ‬‫حو ِ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫خي َّرهُ الل ّ ُ‬‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ة َ‬
‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬‫و َ‬‫ق يَ ْ‬ ‫ال ْ َ َ‬
‫خلئ ِ ِ‬
‫ء« )‪. (1‬‬ ‫شا َ‬‫ما َ‬ ‫َ‬

‫‪ - 3‬ومن الوسائل العملية في تحسين الخلق محبة‬


‫الخير للناس‪ ،‬ومعاملتهم كما تحب أن يعاملوك؛ قال‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ح َ‬ ‫حَز َ‬ ‫ن ي َُز ْ‬‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪َ » :‬‬
‫ة َ ْ‬
‫وم ِ‬‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫و يُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫من ِي ّت ُ ُ‬
‫ه َ‬ ‫فل ْت َأت ِ ِ‬ ‫جن ّ َ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫خ َ‬
‫وي ُدْ َ‬ ‫َ‬
‫ه« )‪(2‬‬ ‫َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ؤَتى إ ِلي ْ ِ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ل‬
‫ِ َ َ‬‫و‬ ‫ر‬ ‫خ‬
‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،4147‬وابن ماجه ‪ ،4176‬وحسنه‬
‫اللباني في صحيح أبي داود‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪3431‬‬

‫) ‪(1/127‬‬

‫‪ - 4‬طلقة الوجه مع الناس فيقابلهم بوجه مبتسم‬


‫غير عبوس‪ ،‬فإن هذا من المعروف قال صلى الله‬
‫شيًئا ول َ َ‬
‫ن‬
‫وأ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ف َ ْ‬
‫عُرو ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫قَر ّ‬ ‫ح ِ‬‫عليه وسلم »َل ت َ ْ‬
‫ق« )‪ ، (1‬كما أن هذه البتسامة‬ ‫ج ٍ َ ْ‬
‫ه طل ٍ‬ ‫و ْ‬
‫ك بِ َ‬‫خا َ‬‫قى أ َ َ‬ ‫ت َل ْ َ‬
‫في‬‫ك ِ‬ ‫م َ‬‫س ُ‬
‫من الصدقة قال صلى الله عليه وسلم »ت َب َ ّ‬
‫ة« )‪. (2‬‬ ‫ق ٌ‬‫صدَ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك لَ َ‬‫خي َ‬ ‫ه أَ ِ‬
‫ج ِ‬‫و ْ‬ ‫َ‬

‫وبعد ‪ -‬أخي القارئ الكريم ‪ -‬فهذا ما تيسر جمعه‬


‫حول موضوع الخلق وقد عرفت أنه ضرورة شرعية‬
‫اجتماعية؛ لكن يبقى كلمات عابرة وحبر على ورق ما‬
‫لم يصادف همة العظماء وعزم الرجال ليستفاد منه‬
‫سن أخلقنا كما‬‫في الواقع أسأل الله تعالى أن ُيح ّ‬
‫خلقنا وأن يعيينا على أنفسنا‪ ،‬وأن يتولنا‬‫سن ُ‬‫ح ّ‬
‫برحمته‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،4760‬والترمذي ‪ 1893‬وقال حسن صحيح‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1879‬وقال حسن غريب‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/128‬‬

‫ذهبيات السعادة الزوجية )‪(1‬‬

‫هل أغمضت عينيك يوما‪ ،‬ووضعت كفيك خلف رأسك‪،‬‬


‫وسرحت في عالم الخيال‪ ،‬وقلت لنفسك هل هذا‬
‫ممكن؟‬
‫هل قلتها وأنت تحلم بأقصى درجات السعادة‬
‫الزوجية‪ ،‬ووجدت نفسك تستبعد تحقيق الحلم‪،‬‬
‫فاكتفيت به وعشته بديل عن واقع اعتبرته مفروضا‬
‫عليك؟‬
‫إذا كنت غارقا في دنيا الخيال الزوجي السعيد فإن‬
‫الخبير السري الجتماعي‪ ،‬ورئيس تحرير مجلة النور‬
‫الكويتية قدم ملحقا أسريا بعنوان ‪):‬مؤمنة( يرشدك‬
‫إلى واقع أحلى‪ ،‬وأيسر‪ ،‬وأكثر أجرا‪ ،‬فيقول‪:‬‬
‫السعادة الزوجية تتأتى من خلل أمور بسيطة‪ ،‬وهي‬
‫ليست مقتصرة على الرجال‪ ،‬بل النساء أيضا مع‬
‫اختلفات بسيطة بعضها‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ركن المرأة المسلمة‬

‫) ‪(1/129‬‬

‫تطبيقه سهل والبعض الخر صعب‪ ،‬ويحتاج لجهد‬


‫ومثابرة‪ ،‬واحتمال طويل‪ ،‬ولكي تصبح هذه النصائح‬
‫طبعا وخلقا‪ ،‬بعضها أكثر أهمية وهذه الهمية تختلف‬
‫من شخص لخر‪ ،‬وهذه النصائح إنما أتت من سيد‬
‫المرسلين‪ ،‬فلماذا ل ندور حول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم زوجا‪ ،‬كما يدور التربويون والعسكريون حول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قائدا‪ ،‬ومعلما؟‬
‫فهو الول في كل شيء‪ ،‬يظهر ذلك في حياته صلى‬
‫الله عليه وسلم مع زوجاته مارسها وطبقها‪ ،‬وكانت‬
‫له خلقا‪ ،‬والن في البحاث العالمية يصلون إلى ما‬
‫فعله الرسول صلى الله عليه وسلم منذ ألف‬
‫وأربعمائة عام‪ ،‬وهذه الذهبيات هي بمثابة نصائح‬
‫للرجال‪.‬‬
‫أسمعها كلمة طيبة‪ ،‬فالكلمة الطيبة تكفي دون باقي‬
‫الذهبيات يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ة‬
‫م ٍ‬‫فب ِك َل ِ َ‬
‫جد ْ َ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة َ‬
‫ف َ‬ ‫مَر ٍ‬
‫ق تَ ْ‬
‫ش ّ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و بِ ِ‬ ‫قوا الّناَر َ‬ ‫»ات ّ ُ‬
‫ة« )‪. (1‬‬ ‫طَي ّب َ ٍ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،6078‬ومسلم ‪1689‬‬

‫) ‪(1/130‬‬

‫إحدى المؤسسات المريكية في نيويورك قامت‬


‫بإجراء دراسة استفتائية واستطلع للرأي لعدد‬
‫‪ 14000‬زوج وزوجة لمن مضى عليهم خمس سنوات‪،‬‬
‫وسنهم من ‪ 45 - 25‬سن النضج فطرحت عليهم‬
‫سؤال ‪:‬اذكر ثلثة أسباب تراها ضرورية للسعادة‬
‫الزوجية ؟‬
‫فكانت غالبية الجابات هي أهمية التعبير عن الحب‬
‫والعاطفة والمشاركة الوجدانية بين الحين والخر‪.‬‬
‫والسلم أباح الكذب في المشاعر والعواطف لحديث‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم )‪ (1‬فلم يرخص الكذب‬
‫إل في ثلث منها‪ :‬الرجل يحدث امرأته‪ ،‬والمرأة‬
‫تحدث زوجها‪.‬‬
‫ويضيف ‪ :‬لي تجربة شخصية استطلعت فيها رأي‬
‫نساء متزوجات عن رأيهن في أزواجهن عندما يكون‬
‫الزوج في يوم إجازته‪ ،‬ويطلب منها فنجان شاي أو‬
‫قهوة وهي تقوم بكل شيء‪ ،‬ول يفكر في أن‬
‫يساعدها في‬
‫__________‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ع‬
‫م ْ‬
‫س َ‬‫مأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ت‪َ »:‬‬ ‫قال َ ْ‬‫ة َ‬ ‫ع ْ‬
‫قب َ َ‬ ‫ت ُ‬ ‫م ك ُل ُْثوم ٍ ب ِن ْ ِ‬ ‫هأ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫)‪َ (1‬‬
‫في ث ََل ٍ‬
‫ث‬ ‫ب إ ِّل ِ‬ ‫س كَ ِ‬
‫ذ ٌ‬ ‫ل الّنا ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫ص ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ي َُر ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه‬
‫مَرأت َ ُ‬ ‫لا ْ‬ ‫ج ِ‬
‫ث الّر ُ‬ ‫دي ُ‬‫ح ِ‬‫و َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ح ب َي ْ َ‬‫صل ُ‬ ‫وال ِ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫حْر ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ها « مسلم ‪4717‬‬ ‫ج َ‬‫و َ‬‫ة َز ْ‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫ث ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫) ‪(1/131‬‬

‫أي شيء‪ ،‬فمنهن من وصفته بالناني‪ ،‬ومنهن من‬


‫قالت أنا لست امرأة فوق العادة "سوبر"‪.‬‬
‫‪-‬استمع لزوجتك ولشكواها‪ ،‬واهتم بها ول تنصرف‬
‫عنها‪ ،‬وخصص نصف ساعة لتحدثك فيها زوجتك‪،‬‬
‫فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة ‪» :‬إ ِّني‬
‫ضَبى‬ ‫غ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫عل َ َ ّ‬‫ت َ‬ ‫ذا ك ُن ْ ِ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫ضي َ ً‬ ‫عّني َرا ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ذا ك ُن ْ ِ‬ ‫م إِ َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫َل َ ْ‬
‫َ‬
‫ت‬‫ذا ك ُن ْ ِ‬ ‫ما إ ِ َ‬ ‫لأ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫ف ذَل ِ َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬‫ن تَ ْ‬ ‫ن أي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ذا ك ُن ْ ِ‬ ‫وإ ِ َ‬‫د َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ُ‬ ‫وَر ّ‬ ‫نل َ‬ ‫َ‬ ‫قوِلي َ‬ ‫ك تَ ُ‬ ‫فإ ِن ّ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ضي َ ً‬ ‫عّني َرا ِ‬ ‫َ‬
‫م«‪(1) .‬‬ ‫هي َ‬ ‫ب إ ِب َْرا ِ‬ ‫وَر ّ‬ ‫ت َل َ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ضَبى ُ‬ ‫غ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫ي َ‬ ‫َ‬ ‫ة َ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فب َك ْ‬ ‫هوِد ّ‬ ‫ت يَ ُ‬ ‫ت ب ِن ْ ُ‬ ‫قال ْ‬ ‫ص َ‬‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫في ّ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫غ َ‬ ‫و »ب َل َ‬
‫كي‬ ‫ي ت َب ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ها الن ّب ِ ّ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫فد َ َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ة إ ِّني ب ِن ْ ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت ِلي َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫كي ِ‬ ‫ما ي ُب ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ك َلب ْن َ ُ‬
‫ة‬ ‫م إ ِن ّ ِ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ي َ‬ ‫هوِد ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ك‬ ‫م ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ي َ‬ ‫ن َب ِ ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4827‬ومسلم ‪4469‬‬

‫) ‪(1/132‬‬

‫قي‬ ‫قا َ‬
‫ل ات ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ثُ ّ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫خُر َ‬ ‫ف َ‬‫م تَ ْ‬‫في َ‬‫ف ِ‬‫ي َ‬ ‫ت ن َب ِ ّ‬
‫ح َ‬‫ك ل َت َ ْ‬ ‫وإ ِن ّ ِ‬
‫ي َ‬ ‫ل َن َب ِ ّ‬
‫ة« )‪. (1‬‬ ‫ص ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه َيا َ‬‫الل ّ َ‬
‫فل تستهن في الستماع إلى زوجتك‪ ،‬وقلل من‬
‫المقاطعة لزوجتك أثناء الستماع إليها‪.‬‬
‫‪-‬احترم خصوصيتها‪ :‬فإذا وجدتها تريد وقتا لحالها‬
‫فساعدها على ذلك‪ ،‬ول تتابعها‪ ،‬فحالتها النفسية‬
‫تختلف من يوم لخر‪.‬‬
‫‪ -‬ل تتردد في العتذار إليها‪ :‬ول تقل هذا ينقص من‬
‫مهابتي‪ ،‬فإذا أخطأت ل بأس من العتذار والمشكلة‬
‫الصرار على القسوة والكلمة الجارحة‪ ،‬فكلمة‬
‫العتذار تغلق الباب أمام إبليس اللعين‪ ،‬والله سبحانه‬
‫َ‬
‫ه‬
‫وب َي ْن َ ُ‬
‫ك َ‬ ‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫ن َ‬
‫فإ ِ َ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬‫ع ِبال ِّتي ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫يقول ‪} :‬ادْ َ‬
‫َ‬
‫م{ فصلت‪34:‬‬ ‫مي ٌ‬‫ح ِ‬ ‫ي َ‬‫ول ِ ّ‬‫ه َ‬ ‫وةٌ ك َأن ّ ُ‬‫دا َ‬‫ع َ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 3829‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‪ ،‬وأحمد ‪11943‬‬

‫) ‪(1/133‬‬
‫‪-‬كن مغلوبا لزوجتك‪ ،‬وتبسم لها‪ ،‬وأدخل شيئا من‬
‫المرح في حوارك معها‪.‬‬
‫‪-‬احرص على الحلل‪ :‬فالحلل له شأن كبير‪ ،‬فإن‬
‫العبد ليرى أثر الذنب في تعثر دابته وزوجته‪.‬‬
‫‪-‬كن تاجرا‪ :‬فكل ما تنفقه عليها‪ ،‬وعلى أولدك هو‬
‫تجارة مع الله‪ ،‬وأعظم أجرا من النفقة على الرملة‬
‫والمسكين وفي سبيل الله‪ ،‬وفي بضع أحدكم صدقة‬
‫فكم من أجر وثواب وحسنات تتأتى من وراء ذلك‪.‬‬

‫انتبه !‬
‫لقد اكتشفوا في الغرب أن ‪ % 70‬من حالت الطلق‬
‫تتم أيام حيض الزوجة في الستة أيام الولى‪ ،‬فتهيأ‬
‫ليام دورة زوجتك‪ ،‬واستعد لحالة غير طبيعية منها‪،‬‬
‫واصبر عليها‪ ،‬فلقد عافاها الله من الصلة أيام‬
‫الدورة‪ ،‬فعافها أنت من طلباتك وجدالتك‪ ،‬وتذكر‬
‫نهيه صلى الله عليه وسلم عن الطلق في أيام‬
‫الحيض‪.‬‬

‫) ‪(1/134‬‬

‫سو َ‬
‫ل‬ ‫ت َر ُ‬ ‫م ُ‬ ‫خدَ ْ‬ ‫‪-‬قلل من اللوم‪ :‬قال أنس بن مالك ‪َ » :‬‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سِني َ‬ ‫شَر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫هّل‬ ‫ُ‬
‫و َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ت كَ َ‬ ‫عل ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ء لِ َ‬‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل ِلي ل ِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫وَل َ‬ ‫ط َ‬ ‫ق ّ‬ ‫فا َ‬ ‫ِلي أ ّ‬
‫ذا« )‪ ، (1‬فزوجتك أولى من الخادم في‬ ‫ت كَ َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫تقليل اللوم لها‪.‬‬
‫قط( )‪ ، (2‬فل‬ ‫ّ‬ ‫ريم َ‬ ‫َ‬
‫صى ك ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ست َ ْ‬‫ما ا ِ ْ‬ ‫‪ -‬تغافل وتغاضى‪َ ) :‬‬
‫تحاول أن تعرف كل شيء‪ ،‬الحسن البصري يقول‪:‬‬
‫)مازال التغافل من فعل الكرام(‪ ،‬ول تكره زوجتك ‪:‬‬
‫َ‬
‫خي ًْرا ك َِثيًرا{‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬‫شي ًْئا َ‬ ‫هوا َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬‫سى أ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬‫} َ‬
‫النساء‪ 19:‬ونزلت الية في الزوجات‪.‬‬
‫‪-‬وأخيرًا‪ ..‬ل تنس أن تدعو لزوجتك لينشرح صدرها‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،4269‬والدارمي ‪63‬‬
‫)‪ (2‬رواه ابن مردويه من كلم علي رضي الله عنه ‪-‬‬
‫كنز العمال ‪ 4677‬بلفظ ‪) :‬ما استقصى كريم قط‪ ،‬إن‬
‫ض{‬‫ع ٍ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫ه َ‬‫ض ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ف بَ ْ‬ ‫عّر َ‬ ‫الله تعالى يقول‪َ } :‬‬
‫التحريم‪(3:‬‬
‫) ‪(1/135‬‬

‫أيها الزوج إن سعادتكما الزوجية تبدأ منك أنت )‪(1‬‬

‫عزيزي الزوج‪ ..‬ليست نصائحنا وإرشاداتنا نوجهها‬


‫للزوجة فقط وكأنها هي المخطئة دائما‪ ،‬وهي من‬
‫يجب أن يتعلم ويتدرب لكي تجلب لك السعادة‪ ،‬واعلم‬
‫أيها الزوج أن سعادتكما الزوجية تبدأ منك أنت‪،‬‬
‫فالمرأة إذا أحست بحنان وحب زوجها واحترامه لها‬
‫وهبته كل ما تملك‪ ،‬ووفرت له كل سبل السعادة‪.‬‬
‫واعلم أنها ليست أداة متعة فقط‪ ،‬وإنما هي إنسانة‬
‫لها مشاعر وأحاسيس ورغبات وميول‪ ..‬استمع لها‬
‫وحاورها‪ ،‬وخذ برأيها لتشعرها بدورها كشريكة حياة‪،‬‬
‫فأنتما نصفان يكمل أحدكما الخر‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الملتقي العلمي‬

‫) ‪(1/136‬‬

‫إليك بعض النصائح في حسن معاشرة الزوجة ‪:‬‬

‫‪ -‬كثير من الزواج يردد عبارات الحب والحنان في‬


‫اليام الولى من الزواج فقط‪ ،‬ثم تبدأ هذه العبارات‬
‫بالتلشي بين رتابة اليام وروتين الحياة‪ ،‬تعامل معها‬
‫وكأنك تراها لول مرة‪ ،‬وجدد الحب بينك وبينها‪ ،‬وردد‬
‫كلمة "أحبك"‪ ،‬فكلمة أحبك لها وقع السحر في أذن‬
‫الزوجة‪ ،‬وُيفضل أن تقولها وأنت تعبر عن حبك‬
‫بالبتسامة والنظرة الحنونة‪ ،‬فكلمات الغزل بسيطة‬
‫لن تكلفك أي شيء‪ ،‬لكن تطرب لها زوجتك وتغنيها‬
‫عن أجمل الهدايا وعن كنوز العالم أجمع‪.‬‬
‫‪ -‬تذكر أيها الزوج بأن زوجتك هي أقرب النساء إليك‪،‬‬
‫ولن تكون هناك امرأة أخرى يتعلق قلبها بك مثل‬
‫زوجتك‪ ،‬فحافظ عليها كما تحافظ على نفسك‪.‬‬
‫‪-‬‬

‫) ‪(1/137‬‬
‫ليست هناك زوجة خالية من العيوب‪ ،‬لكن الرجل‬
‫الذكي هو الذي يتمتع بمزايا تجعله يحاول التعديل‬
‫في هذه العيوب وبطريقة غير مباشرة لكي ل يجرح‬
‫مشاعر زوجته‪.‬‬
‫‪ -‬ل تسفه آراء زوجتك ول تحتقرها فهي إنسانة مثلك‬
‫تحس وتشعر‪ .‬امتدحها دائما وكن لطيفا معها‪،‬‬
‫واشكرها على كل عمل تقدمه لك‪ ،‬وستجد أنها‬
‫ستغمرك بحبها وعطفها وحنانها وتخدمك بكل قناعة‬
‫ورضا‪.‬‬
‫دل سلوكك من حين لخر‪ ،‬فليس المطلوب فقط‬ ‫‪-‬ع ّ‬
‫أن تقوم زوجتك بتعديل سلوكها‪ ،‬وتستمر أنت‬
‫متشبثا بما أنت عليه‪ ،‬وتجنب ما يثير غيظ زوجتك ولو‬
‫كان مزاحا‪.‬‬
‫‪ -‬ل تفرض على زوجتك اهتماماتك الشخصية‬
‫المتعلقة بثقافتك أو تخصصك واحترم اختصاصها‬
‫أيضا‪.‬‬
‫‪ -‬إن الزوجة تحب دائما أن تفتخر بزوجها فل تخيب‬
‫ظنها‪ ،‬وكن دائما محل إعجابها بجدك ونشاطك من‬
‫أجل إسعادها وإسعاد أطفالك‪.‬‬

‫) ‪(1/138‬‬

‫‪ -‬حاول أن ل تنسى أن تجلب لها الهدية المناسبة‬


‫مشفوعة بكلمات رقيقة ودافئة‪.‬‬
‫‪ -‬ل تتردد أو تخجل من مساعدة زوجتك في العمال‬
‫المنزلية‪ ،‬وليس ذلك انتقاصا لرجولتك‪ ،‬وإنما من باب‬
‫الذوق والعطف على الزوجة‪.‬‬
‫‪ -‬حاول أن تنسى هموم العمل ومتاعبك عندما تدخل‬
‫البيت لكي ل تجعل بيتك مكانا لنثر الهموم والمتاعب‪.‬‬
‫‪ -‬تأنق لزوجتك وتجمل لها‪ ،‬واهتم بنفسك‪ ،‬فالناقة‬
‫ليست للمرأة فقط‪ ،‬فمن حق الزوجة أن تراك نظيفا‬
‫أنيقا‪.‬‬
‫‪ -‬الصدق والصراحة من السس المهمة لبناء السعادة‬
‫الزوجية‪ ،‬فامنح زوجتك ثقتك وتعامل معها بصراحة‬
‫تامة‪.‬‬
‫كرها من حين‬ ‫‪ -‬إياك أن تثير غيرة زوجتك‪ ،‬بأن تذ ّ‬
‫لخر أنك مقدم على الزواج من أخرى‪ ،‬أو تبدي‬
‫إعجابك بإحدى النساء‪ ،‬فإن ذلك يجرح قلبها‪ ،‬ويثير‬
‫في نفسها الوساوس والمخاوف والظنون‪،‬‬
‫) ‪(1/139‬‬

‫وكثيرا ما تظهر تلك المشاعر بأعراض جسدية‬


‫مختلفة من صداع وآلم‪.‬‬
‫‪ -‬ل تجعلها تغار من عملك بانشغالك به أكثر من‬
‫اللزم‪ ،‬ول تجعله يستأثر بكل وقتك‪ ،‬وخاصة في‬
‫إجازة السبوع‪ ،‬فل تحرمها منك في وقت الجازة‬
‫سواء كان ذلك في البيت أم خارجه‪ ،‬حتى ل تشعر‬
‫بالملل والسآمة‪.‬‬
‫‪ -‬اجلسا معا‪ ،‬وتذكرا أول لقاء لكما‪ ،‬واللحظات الحلوة‬
‫التي جمعت بينكما‪.‬‬
‫‪ -‬ابتعد عن النانية والجفاف في معاملة زوجتك‪.‬‬

‫) ‪(1/140‬‬

‫المعاشرة الحسنة )‪(1‬‬

‫سؤال ‪ :‬زوجي يفرق بين المعاملة بيني وبين أخوته‬


‫وأمه‪ ،‬ودائما ً أشعر أن حواجز بيني وبينه‪ ،‬فما حكم‬
‫معاملته تلك؟‬
‫الجواب ‪ :‬أما الرجل فعليه أن يقدم أمه على زوجته‬
‫ل‪،‬‬‫يقدم رغبة أمه‪ ،‬وأن يبرها على زوجته هذا أو ً‬
‫والمر الثاني ‪ :‬ل يعني ذلك أن يهمل الرجل زوجته‬
‫وإن أثقل واجب في دين الله‪ ،‬أن يعطي النسان كل‬
‫ذي حق حقه‪ ،‬أن يعطي زوجته حقها‪ ،‬وأمه حقها‪،‬‬
‫وهكذا‪....‬‬
‫فالواجب على الرجل أن يحسن معاملة الزوجة‬
‫والزوجة ل تقاد بالعقل ومخطىء من ناقش زوجته‬
‫وأراد أن يقودها من خلل الحجة والبرهان قال الله‬
‫صام ِ َ‬
‫غي ُْر‬ ‫خ َ‬‫في ال ْ ِ‬
‫و ِ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫حل ْي َ ِ‬
‫ة َ‬ ‫شأ ُ ِ‬
‫في ال ْ ِ‬ ‫ن ي ُن َ ّ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫تعالى }أ َ‬
‫ن{ الزخرف ‪ ،18‬فالمرأة عاطفتها غالية وعقلها‬ ‫مِبي ٍ‬
‫ُ‬
‫مغلوب بالنسبة إلى عاطفتها ولذا لما قال النبي‬
‫ل‬
‫ق ٍ‬ ‫ع ْ‬‫ت َ‬ ‫صا ِ‬‫ق َ‬‫عليه الصلة والسلم عن النساء أنهن »َنا ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان‬

‫) ‪(1/141‬‬
‫وِدين« )‪ (1‬المراد ‪ :‬أن عواطفهن أغلب من عقولهن‪،‬‬ ‫َ‬
‫ول يمنع أن توجد امرأة عقلها أرجح من عقل‬
‫الرجال‪ ،‬فقبل نحو مئة وخمسين سنة كان الناس في‬
‫ليبيا يرجعون إلى امرأة فقيهة بزت الرجال‪ ،‬كانت‬
‫تسمى "وقاية" وكانوا يقولون في معضلت‬
‫المسائل‪ :‬اذهبوا إلى وقاية فإن عصابتها خير من‬
‫عمائمنا‪ ،‬والمرأة تقاد من خلل العاطفة والكلم‬
‫الطيب فقد قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما‬
‫و‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫حل ْي َ ِ‬
‫ة َ‬ ‫شأ ُ ِ‬
‫في ال ْ ِ‬ ‫ن ي ُن َ ّ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫في تفسير قوله تعالى ‪} :‬أ َ‬
‫ن{ الزخرف‪ 18:‬قال‪) :‬يقدر‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫صام ِ َ‬
‫غي ُْر ُ‬ ‫في ال ْ ِ‬
‫خ َ‬ ‫ِ‬
‫الرجل أن يجعل كل حجة تذكرها المرأة أن يجعلها‬
‫عليها(‪ ،‬لنها في الخصام غير مبين فهي بحاجة إلى‬
‫الكلم الطيب وأن تمل مشاعرها ولذا جوز الشرع أن‬
‫يكذب عليها فيما ل يضيع لها حقًا‪ ،‬وهذا هو سر‬
‫التعامل مع النساء‪ ،‬أن تحسس المرأة أنك بحاجة‬
‫إليها‪ ،‬وأنها سدت ما تريد من أمور منها‪ ،‬فحينئذ ل‬
‫يوجد من هو أسعد منها‪ ،‬فهذه طبيعة المرأة‪.‬فخطأ‬
‫من هذا الزوج أن يشعرها بهذا الشعور وأن يهمل‬
‫مشاعرها لكن مع هذا‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،293‬ومسلم ‪114‬‬

‫) ‪(1/142‬‬

‫عليه أن يقدم أمه على زوجته وأن يعطي كل ذي حق‬


‫حقه‪ ،‬دون أن يشعرها بهذا الشعور‪ ،‬فل يشعرها أن‬
‫لها ندا ً من أم له أو أخت له‪ ،‬لكن يشعرها أنه ل‬
‫يستغني عنها‪ ،‬وأنها هي التي تمل عواطفه وهي‬
‫المقدمة عنده‪.‬‬
‫ن‬‫ه ّ‬
‫شُرو ُ‬
‫عا ِ‬‫و َ‬
‫وأمرنا ربنا أن نحسن معاشرة النساء } َ‬
‫ف{ النساء‪ ،19:‬وقال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ِبال ْ َ‬
‫ن« )‪ (1‬أي‬ ‫وا ٌ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫ما ُ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫خي ًْرا َ‬‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا ِبالن ّ َ‬‫و ُ‬
‫ست َ ْ‬‫»ا ْ‬
‫أسيرات محبوسات‪ ،‬المرأة أسيرة محبوسة عندك‬
‫ه« )‪. (2‬‬ ‫م ِل َ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫فأحسن إليها‪ ،‬و» َ‬
‫إن أزعجك شيء من المرأة غيبه عن لسانك وغيبه‬
‫عن مشاعرك وعقلك‪ ،‬وعن النبي صلى الله عليه‬
‫ن‬
‫ة إِ ْ‬ ‫من َ ً‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ن ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ك ُ‬ ‫فَر ْ‬ ‫وسلم قال‪َ» :‬ل ي َ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1038‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وابن ماجة‬
‫‪ ،1083‬وحسنه اللباني في صحيح الترمذي‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 3830‬وقال حسن غريب صحيح‪ ،‬وابن‬
‫ماجه ‪ ،1967‬وصححه اللباني في الصحيحة ‪285‬‬

‫) ‪(1/143‬‬

‫خَر« )‪ ، (1‬فل يجعل‬


‫ها آ َ‬
‫من ْ َ‬
‫ي ِ‬
‫ض َ‬ ‫خل ُ ً‬
‫قا َر ِ‬ ‫ها ُ‬‫من ْ َ‬ ‫كَ ِ‬
‫ره َ ِ‬
‫الشيء الناقص فيها هو وديدنه وبين عينيه وعلى‬
‫لسانه‪ ،‬فلن يسعد وتشتد معه المور ويبقى النكد‬
‫يحيط به‪ ،‬نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحب‬
‫ويرضى‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،2672‬ل يفرك أي ‪ :‬ل يبغض‬

‫) ‪(1/144‬‬

‫هنيئا لك بهذه الزوجة )‪(1‬‬

‫ارتوت من نهر الحب الصادق والحنان المتدفق‪،‬‬


‫فأورقت حبا ً على حب وصفاءً على صفاء‪ .‬لما أقبل‬
‫العيد أرادت أن تكتسي حلة ملبس فوق حلة اليمان‬
‫فقالت لزوجها‪ :‬لبد أن تذهب معي‪ ،‬فلن أذهب بدون‬
‫محرم‪ ،‬ل أريد رجل ً غيرك يسمع صوتي! وأدنت على‬
‫وجهها حجابا ً سميكا ً مستجيبة لمر الله عز وجل‪،‬‬
‫متبعة في ذلك أمهات المؤمنين‪ ،‬فحرمت على الرجل‬
‫الجنبي أن يرى منها ظفرا ً أو خصلة شعر‪ ،‬وقالت‪:‬‬
‫هي حل لك‪ ،‬حرام عليهم‪ .‬سارت بجواره خائفة وجلة‬
‫أن تقع عليها أعين الرجال ونظراتهم! ولما خرجت‬
‫من السوق فإذا العرق يتساقط من جبينها الوضاء‪،‬‬
‫فقال وهو يتمنى أن يمسح تلك القطرات بيده‪ :‬تلك‬
‫يا زوجتي حبات الحياء خرجت! ولو انهملت مرة بعد‬
‫أخرى‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬قافلة سحاب‬

‫) ‪(1/145‬‬
‫وتطاولت بها اليام لجدبت وغارت فل تنحدر! أما‬
‫رأيت الحياء كيف يسقط مرة تلو الخرى فل يبقى‬
‫منه إل ما يواري السوء! وحين أقبل النهار بساعاته‬
‫الطويلة لتستقبل الزوج العائد مختبئة خلف الباب‪،‬‬
‫مرحبة بأجمل عبارات الشوق‪ ،‬وكأن الحبيب عائد من‬
‫سفر سنوات وليس فراق ساعات! وأدنت له من‬
‫المأكل والمشرب ما لذ وطاب‪ .‬حدا بها الشوق لتبوح‬
‫مكنون النفس بكلمات تقدمها ابتسامة صادقة‬
‫لتلمس قلبه قبل أذنيه‪ ..‬وعندما استقر به المقام‬
‫جلست بين يديه تتلهف كلمة يقولها أو همسة من‬
‫طرف لتجيب بنعم! تنتقل نظراتها إلى ما يجب‪..‬‬
‫ولما تعثر صغيرهما وهو يجري بخطوات صغيرة أزجت‬
‫التربية دعاءً مسموعًا‪ :‬هذا يا زوجي أعده لمة محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم ليكون علما ً من أعلمها وداعية‬
‫من دعاتها‪ ،‬أقر الله عينك به شهيدا ً في سبيل الله‬
‫مقبل ً غير مدبر! سابق الفرح الب سنوات قادمة‪،‬‬
‫فإذا به يرى الدعاء حقيقة والمنية راية يرفعها‬
‫الصغير علما ً وجهادًا‪ ..‬ل تسل عن الفرحة وكأنها‬
‫أهدته‬

‫) ‪(1/146‬‬

‫كنوز الدنيا بهذا المل المشرق‪ .‬ولما أدركهما السكن‬


‫في ليل هادئ كانت له حورية عذبة الكلمة طيبة‬
‫الرائحة! إن نظر إليها أعاد وكرر فل يمل‪ ،‬وإن تحدثت‬
‫فنعم الحديث عذوبة ورقة‪ ،‬وتمنت على زوجها أن‬
‫يختم يومه بقراءة جزء من القرآن‪ ،‬فناولته المصحف‬
‫وقالت‪ :‬لعلك تراجع حفظي فقد تفلت القرآن مني‪.‬‬
‫فكان لها ذلك‪ ،‬وحين جن الليل وأظلم قامت قبل‬
‫إشراقة الفجر إلى مصلها فكبرت وأطالت القراءة‬
‫وأتبعتها بركوع ثم سجود طويل‪ ،‬وكان يسمع الدعاء‬
‫فخصته قبل نفسها ورفعت حاجته قبل حاجتها حتى‬
‫سلمت يمنة ويسرة ثم التفتت إليه وقالت‪ :‬أريد أن‬
‫سنة ولو مرة واحدة ونضحت ماء قليل ً‬ ‫أطبق ال ُ‬
‫مسحته على عجل بيدها حتى ل يقع على وجهه‬
‫فيؤذيه ونادته للصلة فنهض وهو يسمعها الدعاء‪:‬‬
‫جعلك الله زوجتي في الجنة! هنيئا ً لك أيها الزوج‬
‫هذه المرأة الولود الودود‪ ،‬هنيئا ً لك امرأة عفيفة ليس‬
‫لغيرك فيها نصيب‪ ،‬وهنيئا ً لمرأة أسلمت قلبها لله‬
‫عز وجل وتعبدت ذلك طاعة وقربة! إنها‬

‫) ‪(1/147‬‬

‫امرأة ليست ضربا ً من الخيال بل هي في كثير من‬


‫البيوت العامرة بالطاعة واليمان‪ ..‬لقد صفت القلوب‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ووقر اليمان وقرت العين فكانت الحياة الطيبة‪َ }.‬‬
‫ل صال ِحا من ذَك َر أ َ ُ‬
‫ه‬ ‫فل َن ُ ْ‬
‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫ن َ‬
‫م ٌ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫و ُ‬
‫ه َ‬ ‫و أن َْثى َ‬
‫و ُ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫م َ َ ً ِ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا‬ ‫ما َ‬‫ن َ‬ ‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬‫ه ْ‬
‫جَر ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫زي َن ّ ُ‬ ‫ول َن َ ْ‬
‫ج ِ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬
‫ة َ‬ ‫َ‬
‫ن{ النحل‪97:‬‬ ‫ُ‬
‫ملو َ‬‫ع َ‬‫يَ ْ‬

‫) ‪(1/148‬‬

‫وصايا لسعاد الزوجة )‪(1‬‬


‫أثن على زوجتك عندما تقوم بعمل يستحق الثناء‪،‬‬
‫شك ُْر‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫فالرسول صلى الله عليه وسلم قال‪َ » :‬‬
‫شك ُْر الل ّ َ‬
‫ه« )‪. (2‬‬ ‫م يَ ْ‬‫س لَ ْ‬
‫الّنا َ‬
‫توقف عن توجيه التجريح والتوبيخ‪ ،‬ول تقارنها بمن‬
‫تعرف من قريباتك اللتي تعجب بهن‪ ،‬وتريد أن‬
‫تتخذهن مثل ً عليا تجري في أذيالهن‪ ،‬وتلهث في‬
‫أعقابهن‪.‬‬
‫أنصت إلى زوجتك باهتمام‪ ،‬فإن ذلك يخّلصها مما قد‬
‫يأتي عليها من هموم‪ ..‬ولكن هناك من النساء من ل‬
‫تستطيع التوقف عن الكلم‪ ،‬أو تصب كلمها على ذكر‬
‫أهلك وأقربائك‪ ،‬فعليك حينئذ أن تعالج المر بحكمة‬
‫وموعظة حسنة‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلمة علي منهج السلف الصالح‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1787‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني لغيره في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/149‬‬

‫وازن ‪ -‬أخي الزوج ‪ -‬بين حبك لزوجتك وحبك لوالديك‬


‫وأهلك‪ ،‬فل يطغى جانب على جانب‪ ،‬ول يسيطر حب‬
‫على حساب آخر‪ ..‬فأعط كل ذي حق حقه بالحسنى‬
‫والقسطاس المستقيم‪.‬‬
‫كن لزوجتك كما تحب أن تكون لك في كل ميادين‬
‫الحياة‪ ،‬فإنها تحب منك ما تحبه أنت منها‪ ...‬قال ابن‬
‫َ‬ ‫ما أ ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عباس‪) :‬إّني أ ُ ِ‬
‫ن‬
‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ة‪ ،‬ك َ َ‬‫مْرأ ِ‬ ‫ن أت ََزّين ل ِل ْ َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬ ‫قول ‪َ } :‬‬ ‫كره ي َ ُ‬ ‫عاَلى ِذ ْ‬ ‫ن الّله ت َ َ‬ ‫ت َت ََزّين ِلي ; ِل َ ّ‬
‫ة{ البقرة‪(1) .(228:‬‬ ‫ج ٌ‬
‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ساعد زوجتك في بعض أعمالها المنزلية‪ ،‬فلقد بلغ‬
‫من حسن معاشرة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لنسائه التبرع بمساعدتهن في واجباتهن المنزلية‪.‬‬
‫و» َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬
‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة َ‬‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬‫ت َ‬ ‫سأل ْ ُ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪ ،1765‬وابن أبي حاتم ‪ ،2335‬البيهقي‬
‫‪ ،15125‬وابن أبي شيبة ‪183 / 4‬‬

‫) ‪(1/150‬‬

‫عِني‬‫ه تَ ْ‬‫هل ِ ِ‬‫ة أَ ْ‬


‫هن َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬‫كو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬‫كا َ‬ ‫ت َ‬‫قال َ ْ‬‫ه َ‬ ‫في ب َي ْت ِ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫صن َ ُ‬‫يَ ْ‬
‫ة« )‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ه َ‬ ‫َ‬
‫صل ِ‬ ‫ج إ ِلى ال ّ‬ ‫خَر َ‬ ‫صل ة ُ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضَر ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ذا َ‬ ‫هل ِ ِ‬
‫ةأ ْ‬ ‫م َ‬‫خد ْ َ‬ ‫ِ‬
‫‪. (1‬‬
‫غض الطرف عن بعض نقائص زوجتك‪ ،‬وتذكر ما لها‬
‫من محاسن ومكارم فهذه تغطي النقص‪ ،‬لقول النبي‬
‫ن‬
‫ة إِ ْ‬‫من َ ً‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬
‫ن ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ك ُ‬‫فَر ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪َ» :‬ل ي َ ْ‬
‫خَر« )‪ ، (2‬وفي المثل‬ ‫ها آ َ‬ ‫من ْ َ‬‫ي ِ‬‫ض َ‬ ‫قا َر ِ‬ ‫خل ُ ً‬ ‫ها ُ‬ ‫من ْ َ‬
‫ره َ ِ‬ ‫كَ ِ‬
‫يقولون ‪ :‬التغاضي تسعة أعشار المعيشة‪.‬‬
‫كن مستقيما ً في حياتك تكن هي كذلك‪ ،‬وحذار أن‬
‫تمد عينيك إلى ما ل يحل لك سواء في طريق أو‬
‫شاشة تلفاز‪ ،‬وما أسوأ ما أتت به الفضائيات من‬
‫مشاكل زوجية‪.‬‬
‫ً‬
‫ل تذكرها بعيوب صدرت منها سابقا في مواقف‬
‫معينة‪ ،‬ول تعيرها بتلك الخطاء والمواقف‪ ،‬وخاصة‬
‫أمام الخرين‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪5579 ،4944 ،635‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪ ،2672‬ل يفرك أي ‪ :‬ل يبغض‬

‫) ‪(1/151‬‬

‫امنح زوجتك الثقة بنفسها‪ ،‬ول تجعلها تابعة تدور في‬


‫مجرتك‪ ،‬وخادمة تنفذ أوامرك‪ .‬بل شجعها على أن‬
‫يكون لها كيانها وتفكيرها‪ ..‬استشرها في كل أمورك‪،‬‬
‫وحاورها ولكن بالتي هي أحسن‪ .‬خذ بقرارها عندما‬
‫تعلم أنه الصوب‪ ،‬وأخبرها بذلك‪ .‬وإن خالفتها الرأي‬
‫فاصرفها إلى رأيك بلطف ولباقة‪.‬‬

‫) ‪(1/152‬‬

‫نصائح للسعادة الزوجية )‪(1‬‬


‫عزيزتي الزوجة ‪:‬‬
‫ً‬
‫انتبهي لطبيعة زوجك‪ ..‬وافهمي نفسيته جيدا حتى‬
‫تستقر حياتكما وتنعما بالرضا والسعادة‪..‬‬
‫‪ -‬ل تقارني نفسك به‪ ،‬فهو مختلف عنك‪.‬‬
‫‪ -‬ل تقتحمي عزلته‪ ،‬لنه يفضل أن ينعزل عن‬
‫الخرين‪ ،‬إذا كانت لديه مشكلة يحاول حلها‪.‬‬
‫‪ -‬ل تستفزينه‪ ،‬فهو بطبيعته حاد الطباع‪،‬عصبي‬
‫المزاج‪ ،‬ينفذ صبره بسرعة‪.‬‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬منقول بتصرف‬

‫) ‪(1/153‬‬

‫‪ -‬ل تتوقعي منه أن يقوم بما ترغبين في أن يقوم‬


‫به‪ ،‬لنه ل يفكر بأسلوبك نفسه‪.‬‬
‫‪ -‬ل تفرضي أسلوبك أو تفكيرك عليه‪ ،‬لنه يغضب إذا‬
‫شعر بنديتك له‪.‬‬
‫‪ -‬ل تثقلي عليه بالحديث‪ ،‬فهو ل يحب المرأة‬
‫الثرثارة‪.‬‬
‫‪ -‬ل تنتظري أن يقول لك آسف‪ ،‬لنه ل يحب العتذار‪،‬‬
‫وإن أراد فإنه يتبع طرقا ً أخري غير مباشرة في‬
‫التعبير عن ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ل تشعريه بعدم حاجتك إليه‪ ،‬حتى ل تفقدي عطاءه‬
‫ورعايته لك‪ .‬ل تسمعيه كلما ً ل يرضي عنه‪ ،‬لن هذا‬
‫يؤذيه ويعكر صفو مزاجه‪.‬‬
‫‪ -‬ل تقللي من قيمة ما يقوم به من أجلك ومن أجل‬
‫أولدكما حتى ل تفقديه‪.‬‬

‫) ‪(1/154‬‬
‫‪ -‬ل تنتقديه أمام أهله وأصدقائه‪ ،‬لنه يشعر بأنك‬
‫تنتقمين من رجولته‪.‬‬
‫‪ -‬ل تلحي عليه في السؤال عند خروجه‪ ،‬فهو يرغب‬
‫في أن يكون كالطائر الحر‪.‬‬
‫‪ -‬ل تنفريه منك أثناء المعاشرة الزوجية حتى ل يبحث‬
‫عن المتعة في مكان آخر‪.‬‬
‫‪ -‬ل تنشري أسرار حياتكما‪ ،‬لن الرجل بطبيعته كتوم‪.‬‬
‫‪ -‬ل تزيدي من طلباتك‪ ،‬فهو يحب الزوجة القنوع‪.‬‬
‫‪ -‬ل تشعريه بأنك أفضل منه حتى ل تفقدي حبه‬
‫واحترامه‪.‬‬
‫‪ -‬ل تقللي من حبك وحنانك له فإن هذا يشعره‬
‫بالرضا‪.‬‬
‫‪ -‬ل تنتظريه دائما ً أن يكون المبادر‪ ،‬فإن كرم الزوج‬
‫في ردود أفعاله‪.‬‬

‫) ‪(1/155‬‬

‫‪ -‬ل تهتمي بأولدك علي حساب اهتمامك به‪ ،‬فهو‬


‫يحب أن يكون مصدر الهتمام والرعاية طوال وجوده‬
‫بالبيت‪.‬‬

‫عزيزي الزوج ‪:‬‬


‫زوجتك بحكم تكوينها تتصرف وتفكر بطريقة مختلفة‬
‫عنك‪ ..‬وحتى تفهم نفسيتها وتكسب ودها‪ ..‬فهذه ‪19‬‬
‫ل‪ ..‬ابتعد عنها بقدر المكان‪.‬‬
‫‪ -1‬ل تفترض أنها تتصرف كما تتصرف أنت لنها‬
‫تختلف عنك‪.‬‬
‫‪ -2‬ل تهملها وامنحها الحب والعطف والمان‪ ،‬لنها‬
‫بطبيعتها تحتاج إليه‪.‬‬
‫‪ -3‬ل تستهن بشكواها‪ ،‬فهي تبحث حتى عن مجرد‬
‫التأييد العاطفي والمعنوي‪.‬‬

‫) ‪(1/156‬‬

‫ن لخر‪،‬‬
‫‪ -4‬ل تبخل عليها بالهدايا والخروج من حي ٍ‬
‫فهي ل تحب الزوج البخيل‪.‬‬
‫‪ -5‬ل تتذمر من زيارة أهلها‪ ،‬لنك بذلك تفقد حبها‪،‬‬
‫فالمرأة أكثر ارتباطا ً بأهلها‪.‬‬
‫ن لخر‪،‬‬‫‪ -6‬ل تغفل عن إبراز غيرتك عليها من حي ٍ‬
‫فهذا يرضي أنوثتها‪.‬‬
‫ل صريح‪ ،‬فهي ل تحب النقد‪.‬‬ ‫‪ -7‬ل تظهر عيوبها بشك ٍ‬
‫‪ -8‬ل تنصرف عنها‪ ،‬لن المرأة تحب من يستمع لها‪.‬‬
‫ء علي المرأة الخيانة‬
‫‪ -9‬ل تخنها‪ ..‬فإن أصعب شي ٍ‬
‫الزوجية‪.‬‬
‫‪ -10‬ل تستهزئ بها أو بمشاعرها لنها كائن رقيق ل‬
‫يتحمل التجريح‪.‬‬

‫) ‪(1/157‬‬

‫‪ -11‬ل تنس ما تطلبه منك‪ ،‬فهذا يولد إحساسا ً لديها‬


‫بأنها ل قيمة لها لديك‪.‬‬
‫‪ -12‬ل تخذلها‪ ،‬فهي بحاجة دائمة إلي شخص تثق به‬
‫وتعتمد عليه حتى تشعر بالراحة‪.‬‬
‫‪ -13‬ل تهمل في واجباتك والتزاماتك السرية‪،‬‬
‫فتحقيق هذا يشعرها بحبك لها‪.‬‬
‫‪ -14‬ل تستخف باقتراحاتها لحل المشاكل التي‬
‫تواجهكما‪ ،‬فهذا يشعرها بعدم أهميتها‪.‬‬
‫‪ -15‬ل تتوقع منها أن تحل المشاكل بطريقة عقلنية‬
‫ومنطقية‪ ،‬لنها أكثر ميل ً إلي استخدام العاطفة‪.‬‬
‫‪ -16‬ل تتدخل كثيرا ً في شؤون البيت‪ ،‬وامنحها الثقة‪،‬‬
‫فإن هذا يشعرها بأنها ملكة متوجة داخل منزلها‪.‬‬

‫) ‪(1/158‬‬

‫‪ -17‬ل تغفل عن امتداحها‪،‬وتغزل في ملبسها وزينتها‬


‫وطبخها حتى في ترتيب المنزل‪ ،‬فهذا يرضي أنوثتها‪.‬‬
‫‪ -18‬ل تنس أن المرأة تمر بظروف نفسية صعبة‬
‫)الولدة ‪ -‬الحمل ‪ -‬الطمث(‪ ،‬ولبد أن تراعي‬
‫مشاعرها أثناء تلك الفترات‪.‬‬
‫‪ -19‬ل تحد كثيرا ً من حريتها الشخصية‪ ،‬خاصة في‬
‫علقاتها الجتماعية‪ ،‬فهي بطبيعتها اجتماعية تحب‬
‫الصداقات الكثيرة‪.‬‬

‫) ‪(1/159‬‬

‫وعاشروهن بالمعروف‪....‬هام لجميع الزواج )‪(1‬‬


‫إن الله عز وجل خلق لنا من هذه الدنيا أزواجا ً نسكن‬
‫إليها‪ ،‬وجعل المودة والرحمة دوحة نستظل بها‪،‬‬
‫ورغبة في تجديد ما تقادم من المعلومات‪ ،‬وتذكير من‬
‫غفل من الخوان والخوات‪ ،‬فإن الحقوق الزوجية‬
‫عظيمة ويترتب عليها أمور مهمة قال الله تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫سى أن‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬
‫ف َ‬ ‫ه ّ‬‫مو ُ‬
‫هت ُ ُ‬ ‫فِإن ك َ ِ‬
‫ر ْ‬ ‫ف َ‬‫عُرو ِ‬‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬‫ه ّ‬‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬‫و َ‬
‫} َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫خْيرا ك َِثيرا{ النساء‪.19:‬‬ ‫ه َ‬
‫في ِ‬
‫ه ِ‬ ‫ّ‬ ‫ع َ‬
‫ل الل ُ‬ ‫ج َ‬‫وي َ ْ‬ ‫ً‬
‫شْيئا َ‬ ‫ْ‬
‫هوا َ‬ ‫ت َك َْر ُ‬
‫وهذه المرأة ‪ -‬أخي المسلم ‪ -‬التي تحت يدك أمانه‬
‫عندك‪ ،‬ومسؤول عنها يوم القيامة‪ ،‬هل أديت حقوقها‬
‫أم فرطت وضّيعت؟!‬

‫ومن أهم حقوقها ما يلي‪:‬‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬دار البر بالرياض بتصرف يسير‬

‫) ‪(1/160‬‬

‫ل‪ :‬الوصية بالنساء خيرا ً امتثال ً لقول الله تعالى‪:‬‬ ‫أو ً‬


‫ف‪ ،‬وقول الرسول صلى الله‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫خ‬‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ه‬
‫ِ ُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫را‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫سا‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫بال‬ ‫ِ‬ ‫صوا‬ ‫و‬‫َ‬
‫ْ ْ ُ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫»ا‬ ‫‪:‬‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬
‫ت‬ ‫ب‬‫ه‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ج َ‬
‫ش‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ن ِ َ‬
‫َ ْ َ‬ ‫ّ ِ ْ ُ ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫ع َ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫صوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ي ََز ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬‫ج فا ْ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫هل ْ‬ ‫ن ت ََركت َ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫ه َ‬ ‫سْرت َ ُ‬ ‫هك َ‬ ‫م ُ‬‫قي ُ‬ ‫تُ ِ‬
‫ج‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫حّر ُ‬ ‫م إ ِّني أ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫خي ًْرا« )‪ . (1‬وعنه أنه قال‪» :‬الل ُ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫َ‬
‫ة« )‪. (2‬‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ن ال ْي َِتيم ِ َ‬ ‫في ْ ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬

‫ثانيًا‪ :‬إعطاؤها حقوقها وعدم بخسها‪ ،‬فعن معاوية‬


‫القشيري قال‪» :‬ما حق زوج َ‬
‫ل صلى‬ ‫قا َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫دَنا َ‬‫ح ِ‬ ‫ةأ َ‬ ‫َ َ ّ َ ْ َ ِ‬
‫ها إ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫سو َ‬ ‫ْ‬
‫وت َك ُ‬ ‫ت َ‬‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ذا ط ِ‬ ‫ها إ ِ َ‬‫م َ‬ ‫ع ُ‬‫الله عليه وسلم ت ُطْ ِ‬
‫في‬‫جْر إ ِّل ِ‬ ‫ه ُ‬‫وَل ت َ ْ‬ ‫ح َ‬‫قب ّ ْ‬‫وَل ت ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ج َ‬
‫و ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬‫ر ْ‬ ‫وَل ت َ ْ‬
‫ض ِ‬ ‫ت َ‬‫سي ْ َ‬‫اك ْت َ َ‬
‫ت« )‪ . (3‬وبعض الناس يأخذه الكرم والسخاء مع‬ ‫ال ْب َي ْ ِ‬
‫الصدقاء‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4787‬ومسلم ‪2671‬‬
‫)‪ (2‬أحمد ‪،9289‬وابن ماجه ‪ ،3668‬وحسن اللباني‬
‫إسناده في الصحيحة ‪1015‬‬
‫)‪ (3‬أحمد ‪ ،19171‬وأبو داود ‪ ،1830‬وقال اللباني‬
‫حسن صحيح في صحيح أبي داود‬

‫) ‪(1/161‬‬
‫وينسى حق الزوجة‪ ،‬مع أن المرء يؤجر على إنفاقه‬
‫في بيته أعظم من غيره‪ ،‬كما روى ذلك أبو هريرة أن‬
‫ه‬
‫قت َ ُ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ِ» :‬ديَناٌر أ َن ْ َ‬
‫ف ْ‬
‫وِديَناٌر‬ ‫ة َ‬
‫قب َ ٍ‬ ‫في َر َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ف ْ‬
‫قت َ ُ‬ ‫وِديَناٌر أ َن ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫عَلى أ ْ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫هل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قت َ ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫وِديَناٌر أن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كي ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫صد ّ ْ‬ ‫تَ َ‬
‫َ‬
‫عَلى أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ك« )‪ ، (1‬وآخرون‬ ‫هل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قت َ ُ‬ ‫ف ْ‬‫ذي أن ْ َ‬ ‫جًرا ال ّ ِ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫م َ‬‫عظَ ُ‬
‫اتخذوا ضرب زوجاتهم مهنة لهم فل يرفع يده عنها‪،‬‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ُ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ما َ‬ ‫وعائشة رضي الله عنها تقول‪َ » :‬‬
‫وَل‬ ‫َ‬
‫مَرأةً َ‬ ‫وَل ا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫د ِ‬
‫ط ب ِي َ ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫شي ًْئا َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫خادما إّل أ َ‬
‫ه« )‪ . (2‬والرسول‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫جا‬ ‫ُ َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ً ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫صلى الله عليه وسلم هو القدوة والمثل‪ .‬وآخرون‬
‫اتخذوا الهجر عذرا ً وطريقا ً لي سبب حتى وإن كان‬
‫تافهًا‪ ،‬وربما هجر المسكينة شهورا ً ل يكلمها ول‬
‫يؤانسها‪ ،‬وقد تكون غريبة عن أهلها أو شابة صغيرة‬
‫يخشى على عقلها من الوحدة والوحشة‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،9736‬مسلم ‪1661‬‬
‫)‪ (2‬أحمد ‪ ،22906‬مسلم ‪،4296‬والدارمي ‪2273‬‬

‫) ‪(1/162‬‬

‫ثالثًا‪ :‬تعليمها العلم الشرعي وما تحتاج إليه من أمور‬


‫العبادات وحثها وتشجيعها على ذلك‪ ،‬يقول الله‬
‫ت الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن آَيا ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ما ي ُت َْلى ِ‬ ‫ن َ‬ ‫واذْك ُْر َ‬ ‫تعالى‪َ } :‬‬
‫ة{ الحزاب‪ ،34:‬وقالت أم المؤمنين عائشة‬ ‫م ِ‬‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫صا‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫عم الن ّساءُ ن ِساءُ اْل َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫»‬ ‫أبيها‪:‬‬ ‫وعن‬ ‫عنها‬ ‫الله‬ ‫رضي‬
‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن« )‪. (1‬‬ ‫ّ ِ‬ ‫دي‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ق ْ َ ِ‬‫ن‬ ‫ه‬ ‫ف ّ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫حَياءُ أ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ع ُ‬‫من َ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫وعلى الزوج أن يتابع تعليمها القرآن الكريم والسنة‬
‫المطهرة ويشجعها ويعينها على الطاعة والعبادة‪،‬‬
‫ها{‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫صطَب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ك ِبال ّ‬ ‫هل َ َ‬ ‫مْر أ َ ْ‬ ‫وأ ُ‬
‫قال تعالى‪ْ } :‬‬
‫َ‬
‫صلى‬‫ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫ّ‬
‫ن اللي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قا َ‬ ‫جل َ‬ ‫ً‬ ‫ه َر ُ‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫طه‪ ،132:‬قال ‪َ» :‬ر ِ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫ق َ‬ ‫وأ َي ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫ماءَ َر ِ‬ ‫ها ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫جَِ‬ ‫و ْ‬‫في َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ت نَ َ‬ ‫ن أب َ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫مَرأت َ ُ‬ ‫ظا ْ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ج َ‬ ‫و َ‬‫ت َز ْ‬ ‫وأي ْقظ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫صل ْ‬ ‫لف َ‬ ‫ن اللي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرأةً قا َ‬ ‫ها ْ‬ ‫الل ُ‬
‫ء« )‪(2‬‬ ‫ما َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ال َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬ ‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ض َ‬‫ن أَبى ن َ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،500‬وأبو داود ‪ ،270‬وابن ماجه ‪634‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،1113‬والنسائي ‪ ،1592‬وابن ماجه‬
‫‪ ،1326‬وقال اللباني حسن صحيح في صحيح أبي‬
‫داود‬

‫) ‪(1/163‬‬

‫رابعًا‪ :‬معاملتها المعاملة الحسنة والمحافظة على‬


‫ن‬‫ه ّ‬‫شُرو ُ‬‫عا ِ‬
‫و َ‬
‫شعورها وتطييب خاطرها‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ف{‬‫عُرو ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ومن أهم المور التي انتشرت في أوساط بعض‬
‫السر المسلمة من المخالفات في تلك المعاملة‬
‫الحسنة التي ُأمرنا بها‪ :‬بذاءة اللسان‪ ،‬وتقبيح المرأة‬
‫خلقًا‪ ،‬أو التأفف من أهلها وذكر نقائصهم‪،‬‬ ‫ة أو ُ‬‫خلق ً‬ ‫ِ‬
‫وكذلك سب المرأة وشتمها ومناداتها بالسماء‬
‫واللقاب القبيحة‪ ،‬ومن ذلك إظهار النفور‬
‫والشمئزاز منها‪.‬‬
‫ومن ذلك أيضا ً تجريحها بذكر محاسن نساء أخر‪،‬‬
‫وأنهن أجمل وأفضل‪ ،‬فإن ذلك يكدر خاطرها في أمر‬
‫ليس لها يد فيه‪.‬‬
‫ومن المحافظة على شعورها وإكرامها‪ ،‬مناداتها‬
‫بأحب السماء إليها‪ ،‬وإلقاء السلم عليها حين دخول‬
‫المنزل‪ ،‬والتودد إليها بالهدية والكلمة الطيبة‪ ،‬ومن‬
‫حسن الخلق وطيب العشرة عدم تصيد أخطائها‬
‫ومتابعة زلتها‪ ،‬بل العفو والصفح والتغاضي خاصة‬
‫في أمور تجتهد فيها‬

‫) ‪(1/164‬‬

‫مل في حديث الرسول صلى الله‬ ‫وقد ل توفق‪ .‬وتأ ّ‬


‫خل ُ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫م ُ‬
‫ه ْ‬
‫سن ُ ُ‬
‫ح َ‬
‫ماًنا أ ْ‬
‫ن ِإي َ‬‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ل ال ْ ُ‬‫م ُ‬ ‫عليه وسلم ‪» :‬أك ْ َ‬
‫قا« )‪. (1‬‬ ‫خل ُ ً‬
‫م ُ‬ ‫ه ْ‬‫سائ ِ ِ‬‫م ل ِن ِ َ‬ ‫خَياُرك ُ ْ‬ ‫خَياُرك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫و ِ‬
‫َ‬

‫خامسًا‪ :‬المحافظة عليها من الفساد ومن مواطن‬


‫الشبه‪ ،‬وإظهار الغيرة عليها‪ ،‬وحثها على القرار في‬
‫البيت‪ ،‬وإبعادها عن رفيقات السوء‪ ،‬والحرص على أن‬
‫ل تذهب إلى السواق بكثرة وإن ذهبت فاذهب معها‪،‬‬
‫وأن ل تدعها تسافر بدون محرم‪ ،‬واستشعر أن هذه‬
‫أمانة عندك مسؤول عنها يوم القيامة كما قال‬
‫وك ُل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ع َ‬ ‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪» :‬ك ُل ّك ُ ْ‬
‫م َرا ٍ‬
‫ه« )‪(2‬‬
‫عي ّت ِ ِ‬
‫ن َر ِ‬
‫ع ْ‬ ‫سُئو ٌ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫سادسًا‪ :‬إعفافها وتلبية حاجاتها‪ ،‬فإن ذلك يحفظها‬
‫ويغنيها عن التطلع إلى غيرك‪ ،‬واحرص على إشباع‬
‫حاجاتها العاطفية بالكلمة الطيبة‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1082‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وأحمد ‪،7095‬‬
‫وحسنه اللباني في الصحيحة ‪284‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪6605‬‬

‫) ‪(1/165‬‬

‫والثناء الحميد‪ ،‬واقتطع من وقتك لها‪ ،‬واجعل لبيتك‬


‫نصيبا ً من بشاشتك‪ ،‬ودماثة خلقك‪ ،‬روى عبد الله بن‬
‫د‬
‫عب ْ َ‬ ‫عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال‪َ» :‬يا َ‬
‫ت‬‫قل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م الل ّي ْ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫وت َ ُ‬ ‫هاَر َ‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫صو ُ‬ ‫ك تَ ُ‬ ‫خب َْر أ َن ّ َ‬ ‫م أُ ْ‬ ‫ه أل َ ْ‬
‫الل ّ َ‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م‬‫ق ْ‬ ‫و ُ‬ ‫فطِْر َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫فل ت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ب ََلى َيا َر ُ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫ك َ‬ ‫عي ْن ِ َ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫د َ‬ ‫س ِ‬‫ج َ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫َ‬
‫قا« )‪ . (1‬وفي‬ ‫ح ّ‬ ‫علي ْك َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫رك َ‬ ‫َ‬ ‫و ِ‬ ‫ن ل َِز ْ‬ ‫وإ ِ ّ‬‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫علي ْك َ‬ ‫َ‬ ‫جك َ‬ ‫َ‬ ‫و ِ‬ ‫ل َِز ْ‬
‫ع‬
‫ض ِ‬ ‫في ب ُ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم‪َ » :‬‬
‫َ‬ ‫ل الل ّ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫وت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ش ْ‬ ‫حدَُنا َ‬ ‫ه أَيأِتي أ َ‬ ‫ِ‬ ‫سو َ‬ ‫قاُلوا َيا َر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ق ٌ‬‫صدَ َ‬ ‫م َ‬ ‫دك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫أ َ‬
‫قا َ َ َ‬ ‫َ‬
‫حَرام ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ها ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ض َ‬ ‫و َ‬ ‫و َ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ل أَرأي ْت ُ ْ‬ ‫جٌر َ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ها‬ ‫ع‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ن‬ ‫كا‬‫َ‬ ‫أَ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ ِ ِ َ ِ ْ ٌ‬
‫كان ل َ َ‬
‫جًرا« )‪. (2‬‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ َ ُ‬

‫سابعًا‪ :‬التأسي بخير الزواج في مؤانسة الزوجة‬


‫وحسن العشرة وإدخال السرور على قلبها‪ ،‬روى‬
‫عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪1839‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪1674‬‬

‫) ‪(1/166‬‬

‫ْ‬
‫ل‬‫ج ِ‬‫ب الّر ُ‬‫ة ت َأِدي ِ‬ ‫في ث ََلث َ ٍ‬ ‫و إ ِّل ِ‬ ‫س الل ّ ْ‬
‫ه ُ‬ ‫وسلم قال‪» :‬ل َي ْ َ‬
‫ه« )‪. (1‬‬ ‫ه بِ َ‬ ‫َ‬ ‫مَل َ‬ ‫َ‬
‫ون َب ْل ِ ِ‬ ‫ه َ‬
‫س ِ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬ ‫مي ِ ِ‬
‫وَر ْ‬
‫ه َ‬ ‫مَرأت َ ُ‬‫ها ْ‬
‫عب َت ِ ِ‬ ‫و ُ‬
‫ه َ‬
‫س ُ‬
‫فَر َ‬
‫ومن أحق منك بحسن الخلق وطيب المعشر‪ ،‬ممن‬
‫تخدمك وتطبخ لك‪ ،‬وتنظف ثوبك‪ ،‬وتفرح بدخولك‪،‬‬
‫وتربي أبناءك‪ ،‬وتقوم بشؤونك طوال حياتك؟! ولنا‬
‫في رسول الله أسوة حسنة‪ ،‬فقد كان عليه الصلة‬
‫والسلم يسابق عائشة )‪ (2‬؛ إدخال ً للسرور على‬
‫ش )‪ (3‬؛ تقربا ً إلى قلبها‪ ،‬وكان‬
‫قلبها‪ ،‬ويناديها بيا عائ ُ‬
‫عليه الصلة والسلم يؤانسها بالحديث ويروي لها‬
‫بعض القصص‪ ،‬ويشاور زوجاته في بعض المور مثلما‬
‫شاور أم سلمة في صلح الحديبية )‪(4‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،16662‬والنسائي ‪ ،3522‬وابن ماجه‬
‫‪ ،2801‬وانظر السلسلة الصحيحة لللباني ‪315‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪2214‬‬
‫)‪ (3‬البخاري ‪ ،3484‬ومسلم ‪ ،1619‬والنسائي ‪،3901‬‬
‫والدارمي ‪2694‬‬
‫)‪ (4‬البخاري ‪ ،2529‬وأحمد ‪18166 ،18152‬‬

‫) ‪(1/167‬‬

‫ثامنًا‪ :‬تح ّ‬
‫مل أذاها والصبر عليها‪ ،‬فإن طول الحياة‬
‫وكثرة أمور الدنيا لبد أن توجد على الشخص ما‬
‫يبغض عليه من زوجه‪ ،‬كأي إنسان خلق الله فيه‬
‫الضعف والقصور‪ .‬فيجب تحمل الذى إل أن يكون في‬
‫أمر الخرة‪ :‬من تأخر الصلة‪ ،‬أو ترك الصيام‪ ،‬فهذا‬
‫أمر ل ُيحتمل‪ ،‬ولكن المراد ما يعترض طريق الزوج‬
‫وخاصة اليام التي تكون فيها الزوجة مضطربة‪ ،‬وتمر‬
‫بظرف شهري معروف‪ ،‬وقد كان نساء النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يراجعنه‪ ،‬ويقع منهن تصرفات‬
‫تستوجب الحلم والعفو‪.‬‬

‫تاسعًا‪ :‬المحافظة على مالها وعدم التعرض له إل‬


‫بإذنها‪ ،‬فقد يكون لها مال من إرث أو عطية أو راتب‬
‫شهري تأخذه من عملها‪ ،‬فاحذر التعرض له ل تصريحا ً‬
‫ول تلميحا ً ول وعدا ً ول وعيدا ً إل برضاها‪ ،‬قال الله‬
‫م‬‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫ة َ‬
‫فِإن طِب ْ َ‬ ‫حل َ ً‬‫ن نِ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫صدُ َ‬
‫قات ِ ِ‬ ‫ساء َ‬ ‫وآُتوا ْ الن ّ َ‬ ‫تعالى ‪َ } :‬‬
‫ريئا{ النساء‪،4:‬‬ ‫ً‬ ‫م ِ‬ ‫ً‬
‫هِنيئا ّ‬ ‫ُ‬
‫فكلوهُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫فسا َ‬ ‫ه نَ ْ‬‫من ْ ُ‬
‫ء ّ‬‫ي ٍ‬ ‫عن َ‬
‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمينا ً على‬
‫مال زوجته خديجة فلم يأخذ إل حقه ولم يساومها‬
‫ولم يظهر الغضب والحنق حتى ترضيه بمالها! قال‬
‫تعالى محذرا ً عن أخذ المهر‬

‫) ‪(1/168‬‬
‫ل‪:‬‬‫الذي هو مظنة الطمع وهو من مال الزوج أص ً‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫دا َ‬ ‫َ‬
‫ه ّ‬‫دا ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م إِ ْ‬‫وآت َي ْت ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و ٍ‬ ‫ن َز ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ج ّ‬
‫ٍ‬ ‫و‬
‫ل َز ْ‬ ‫ست ِب ْ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ن أَردت ّ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫} َ‬
‫وإ ِْثما ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫هَتانا ً َ‬ ‫ه بُ ْ‬‫ذون َ ُ‬ ‫خ ُ‬‫شْيئا ً أت َأ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬‫ذوا ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫فل َ ت َأ ُ‬ ‫طارا ً َ‬ ‫قن َ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫قد ْ أ ْ‬ ‫و َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ع ٍ‬ ‫م إ ِلى ب َ ْ‬ ‫ضك ْ‬ ‫ع ُ‬‫ضى ب َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ذون َ ُ‬ ‫ف ت َأ ُ‬ ‫وكي ْ َ‬ ‫مِبينا * َ‬
‫وأ َ‬
‫ّ‬
‫غِليظًا{ النساء‪ .20،21:‬فما بالك‬ ‫ميَثاقا ً َ‬ ‫ّ‬ ‫كم‬‫ُ‬ ‫من‬‫َ ِ‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بأموال زوجتك‪ ،‬فأخذ المال منها ينافي قيامك بأمر‬
‫القوامة‪ ،‬ووجوب النفقة عليها حتى وإن كانت أغنى‬
‫منك‪ ،‬وليحذر الذين يتعدون على أموال زوجاتهم ببناء‬
‫مسكن أو استثمار ثم يضع مالها باسمه ويبدأ‬
‫يستقطعه‪ ،‬فإنه مال حرام وأخذ مال بدون وجه حق‪،‬‬
‫إل بإذن صاحبه‪.‬‬

‫دد زوجها‪ ،‬العدل‬ ‫عاشرًا‪ :‬من حقوق الزوجة التي ع ّ‬


‫بين الزوجات في البقاء والمكث مع كل زوجة‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬
‫والتسوية في المبيت والنفقة‪ ،‬قال تعالى‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ْ‬
‫ن{ النحل‪ .90:‬وقد مال كثير من‬ ‫سا ِ‬
‫ح َ‬
‫وال ِ ْ‬
‫ل َ‬ ‫مُر ِبال ْ َ‬
‫عد ْ ِ‬ ‫ي َأ ُ‬
‫المعددين‪ ،‬والرسول صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫ت لَ ُ‬
‫ه‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫» َ‬
‫) ‪(1/169‬‬

‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ق ُ‬‫ش ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫جاءَ ي َ ْ‬ ‫ما َ‬‫ه َ‬‫دا ُ‬‫ح َ‬‫ل إ َِلى إ ِ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬
‫مَرأَتا ِ‬ ‫ا ْ‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ل« )‪، (1‬و» َ‬ ‫مائ ِ ٌ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م َ‬‫ه ُ‬ ‫س ْ‬‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫ه فأي ّت ُ ُ‬ ‫سائ ِ ِ‬
‫ن نِ َ‬ ‫ع ب َي ْ َ‬‫سفًرا أقَر َ‬ ‫إ ِذا أَرادَ َ‬
‫ه« )‪ ، (2‬وكان عليه الصلة والسلم‬ ‫ع ُ‬
‫م َ‬ ‫ها َ‬ ‫ج بِ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫َ‬
‫يراعي العدل وهو في مرض موته حتى أذن له‬
‫زوجاته فكان في بيت عائشة )‪(3‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،1821‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،2404‬ومسلم ‪4974‬‬
‫)‪ (3‬البخاري ‪ ،4095،4816‬وأحمد ‪22974‬‬

‫) ‪(1/170‬‬

‫من وسائل علج الختلف بين الزوجين )‪(1‬‬

‫أخي المسلم‪ ،‬أختي المسلمة‪:‬‬


‫حينما تظهر أمارات الخلف وبوادر النشوز أو‬
‫الشقاق فليس الطلق أو التهديد به هو العلج‪.‬‬
‫إن من أهم ما يطلب في المعالجة الصبر والتحمل‬
‫ومعرفة الختلف في المدارك والعقول والتفاوت‬
‫في الطباع مع ضرورة التسامح و التغاضي عن كثير‬
‫من المور‪،‬ول تكون المصلحة والخير دائما ً فيما يحب‬
‫ويشتهي بل قد يكون الخير فيما ل يحب ويشتهي ‪:‬‬
‫ن‬
‫ه ّ‬
‫مو ُ‬
‫هت ُ ُ‬
‫ر ْ‬‫ن كَ ِ‬ ‫ف َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫عُرو ِ‬‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬
‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬
‫عا ِ‬‫قال تعالى } َ‬
‫َ‬
‫خي ًْرا‬‫ه َ‬‫في ِ‬ ‫ه ِ‬‫ل الل ّ ُ‬
‫ع َ‬‫ج َ‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫وي َ ْ‬ ‫هوا َ‬‫ن ت َك َْر ُ‬
‫سى أ ْ‬
‫ع َ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو حميد الفلسي‪ ،‬منقول من كتاب )رسالة إلى‬
‫العروسين( وفتاوى الزواج ومعاشرة النساء‬

‫) ‪(1/171‬‬

‫ك َِثيًرا{ النساء‪ ،19:‬ولكن حينما يبدو الخلل ويظهر‬


‫ل‬
‫في الواصر تحلل‪ ،‬ويبدو من المرأة نشوز وتعا ٍ‬
‫على طبيعتها وتوجه إلى الخروج عن وظيفتها حيث‬
‫تظهر مبادئ النفرة‪ ،‬ويتكشف التقصير في حقوق‬
‫الزوج والتنكر لفضائل البعل‪ ،‬فعلج هذا في السلم‬
‫صريح ليس فيه ذكر للطلق ل بالتصريح ول بالتلميح‪.‬‬
‫والّلِتي‬ ‫يقول الله سبحانه في محكم التنزيل } َ‬
‫ع‬
‫ج ِ‬
‫ضا ِ‬
‫م َ‬‫في ال ْ َ‬‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُرو ُ‬‫ه ُ‬
‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫ظو ُ‬‫ع ُ‬ ‫ف ِ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫شوَز ُ‬‫ن نُ ُ‬
‫فو َ‬ ‫خا ُ‬
‫تَ َ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سِبيل{‬ ‫ن َ‬‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬‫غوا َ‬ ‫فل ت َب ْ ُ‬ ‫م َ‬‫عن َك ُ ْ‬‫ن أط ْ‬ ‫ن َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫ه ّ‬
‫رُبو ُ‬
‫ض ِ‬‫وا ْ‬‫َ‬
‫النساء‪ ،34:‬يكون العلج بالوعظ والتوجيه وبيان‬
‫الخطأ والتذكير بالحقوق‪ ،‬والتخويف من غضب الله‬
‫ومقته‪ ،‬مع سلوك مسلك الكياسة والناة ترغيبا و‬
‫ترهيبا وقد يكون الهجر في المضجع والصدود مقابل‬
‫للتعالي و النشوز‪ ،‬ولحظوا أنه هجر في المضجع‬
‫البيت وليس أمام السرة أو البناء أو الغرباء‪،‬وليس‬
‫التشهير أو الذلل أو كشف‬

‫) ‪(1/172‬‬

‫السرار والستار‪ ،‬ولكنه مقابلة للنشوز والتعالي‬


‫يهجر وصدود يقود إلى التضامن والتساوي‪.‬‬
‫وقد تكون المعالجة بالقصد إلى شيء من القسوة‬
‫والخشونة‪ ،‬فهناك أجناس من الناس ل تغني في‬
‫تقويمهم العشرة الحسنه والمناصحة اللطيفة‪ ،‬إنهم‬
‫أجناس قد يبطرهم التلطف والحلم فإذا لحت‬
‫القسوة سكن الجامح وهدأ المهتاج‪.‬‬
‫نعم قد يكون اللجوء إلى شيء من العنف دواءً ناجعا ً‬
‫ولماذا ل يلجأ إليه وقد حصل التنكر للوظيفة‬
‫والخروج عن الطبيعة ؟‬
‫ومن المعلوم لدى كل عاقل أن القسوة إذا كانت‬
‫تعيد للبيت نظامه وتماسكه‪ ،‬وترد للعائلة ألفتها‬
‫ومودتها فهو خير من الطلق والفراق بل مراء‪ ،‬إنه‬
‫علج إيجابي تأدبيي معنوي ليس للتشفي ول للنتقام‬
‫وإنما يستنزل به ما نشر‪ ،‬ويقوم به ما اضرب‪ .‬وإذا‬
‫خافت‬

‫) ‪(1/173‬‬

‫الزوجة الجفوة والعراض من زوجها فإن القرآن‬


‫ت‬
‫ف ْ‬ ‫خا َ‬ ‫مَرأ َةٌ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫الكريم يرشد إلى العلج بقوله ‪} :‬وإ ِ ِ‬
‫َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫َ‬
‫حا‬‫صل ِ َ‬‫ن يُ ْ‬‫ما أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫فَل ُ‬
‫جَنا َ‬ ‫ضا َ‬
‫عَرا ً‬
‫و إِ ْ‬ ‫شوًزا أ ْ‬ ‫ها ن ُ ُ‬‫عل ِ َ‬
‫ن بَ ْ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫خي ٌْر{ النساء‪.128:‬‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫صل ُ‬ ‫وال ّ‬
‫حا َ‬ ‫ْ‬
‫صل ً‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬
‫ب َي ْن َ ُ‬
‫العلج بالصلح والمصالحة وليس بالطلق ول بالفسخ‪،‬‬
‫وقد يكون بالتنازل عن بعض الحقوق المالية أو‬
‫خْير‬‫ح َ‬ ‫صل ْ ُ‬‫وال ّ‬ ‫الشخصية محافظة على عقد النكاح ‪َ } :‬‬
‫ٌ{الصلح خير من الشقاق والجفوة والنشوز والطلق‪.‬‬
‫هذا عرض سريع و تذكير موجز بجانب من جوانب‬
‫الفقه في دين الله والسير على أحكامه‪ ،‬فأين منه‬
‫المسلمون ؟‬
‫أين تحكيم الحكمين في الشقاق بين الزوجين ؟ لماذا‬
‫ينصرف المصلحون عن هذا العلج‪ ،‬هل هو زهد في‬
‫إصلح ذات أو هو رغبة في تشتيت السرة وتفريق‬
‫الولد ؟ إنك ل ترى إل سفها ً وجورًا‪،‬وبعدا ً‬

‫) ‪(1/174‬‬

‫عن الخوف من الله ومراقبته‪ ،‬وهجرا ً لكثير من‬


‫أحكامه وتلعبا ً في حدوده‪.‬‬

‫) ‪(1/175‬‬

‫أيضا )‪(1‬‬
‫ً‬ ‫افهمي زوجك‪...‬وليفهمك هو‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وعلي آله وسلم ‪:‬‬
‫في‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫خَياُر ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬‫جا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬
‫خَياُر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عاِد ُ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫»الّنا ُ‬
‫هوا« )‪ ، (2‬وقال سبحانه وتعالى ‪} :‬ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫ق ُ‬‫ف ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫سَلم ِ إ ِ َ‬ ‫اْل ِ ْ‬
‫م َ‬ ‫صطَ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ظال ِ ٌ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ف ِ‬‫عَباِدَنا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫في َْنا ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫وَرث َْنا ال ْك َِتا َ‬ ‫أ ْ‬
‫ن‬‫ت ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫ق ِبال ْ َ‬ ‫ساب ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬‫و ِ‬‫صد ٌ َ‬ ‫قت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫س ِ‬
‫ف ِ‬ ‫ل ّن َ ْ‬
‫ل ال ْك َِبيُر{ فاطر‪ ،32:‬وقال‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ت‬
‫ما ُ‬ ‫ول الظّل ُ َ‬ ‫صيُر َ‬ ‫وال ْب َ ِ‬ ‫مى َ‬ ‫ع َ‬‫وي ال َ ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫سبحانه ‪َ } :‬‬
‫ول‬ ‫َ‬ ‫ول ال ْ َ‬ ‫ول الظّ ّ‬
‫حَياء َ‬ ‫وي ال ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫حُروُر َ‬ ‫ل َ‬ ‫ول الّنوُر َ‬ ‫َ‬
‫ت{ فاطر‪22 - 19:‬‬ ‫َ‬
‫وا ُ‬‫م َ‬ ‫ال ْ‬
‫ل يمكن للحياة أن تسير على وتيرة واحدة بين الرجل‬
‫والمرأة مهما كان الحب وارف الظلل عليهم‪ ،‬لن‬
‫شؤون الحياة التي يواجهها كل‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ركن المرأة العربية بتصرف‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،3131‬ومسلم ‪4588‬‬

‫) ‪(1/176‬‬

‫واحد تجعل مزاجه في بعض الحيان متعكرا منكدا‪،‬‬


‫فتراه ل يحتمل أي شيء و يثور غضبه لتفه‬
‫السباب‪.‬‬
‫وهذه مسألة طبيعية‪ ،‬فالختلف بين المزجة‬
‫والطبائع يترك دائما مسافة للشكالت في الحياة‪..‬‬
‫من هنا فإن الناس الذين خلقوا من طينة واحدة ل‬
‫يتمتعون بمزاج واحد ونفسية واحدة‪ ..‬كما أن التربية‬
‫التي يتلقاها كل واحد في بيته ومدرسته وحارته‪ ،‬بين‬
‫أهله وجيرانه تجعل هناك مساحات جديدة من‬
‫الختلف بين طبائع الناس‪ ،‬لذا ترى بعضهم هادئا‬
‫ًمتسامحا ً وقورا ‪ ،‬والخر عصبيًا‪ ،‬والثالث نشيطا‬
‫ًمتحمسا والخر بليدا فاترا ‪ ،‬هذا يتأمل بعمق و ذاك‬
‫يعمل بنشاط و حيوية‪ ..‬وهذا يحب بدون حساب‪،‬‬
‫وذاك يكره‪ ..‬وهكذا تمتلئ الحياة بنماذج مختلفة‪..‬‬
‫وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بالمعادن‪ ..‬فكما‬
‫في المعادن ذهب وفضة ورصاص ونحاس فإن في‬
‫الناس من يشابه الذهب أو يساوى أو ما هو أقل‬
‫منه‪ ..‬وقد تكتشف المرأة أن زوجها الذي اقترنت به‬
‫يتكون من خليط من المعادن‪ ،‬فهو أحيانا كالذهب‬
‫لمعة وغلء وقيمة‪ ،‬وقد يصبح من التنك باهتا‬
‫ورخيصا‪ ..‬فإذا كانت المرأة عارفة تفاصيل‬
‫) ‪(1/177‬‬

‫تكوينه وقادرة على التعامل مع هذه التفاصيل كل‬


‫واحدة حسب ظهورها فإنها ستجد نفسها في خضم‬
‫مشاكل ل أول لها ول آخر‪ ..‬لذا فإن من أهم‬
‫الخطوات التي يفترض في المرأة المسلمة أن‬
‫تتخذها في هذا التجاه أن تعرف زوجها وتفهمه‪.‬‬
‫تعرف مكونات معدنه‪ ،‬ومتى يظهر الذهب على حياته‬
‫ومتى يظهر التنك‪ ،‬متى يكون ظالما ً لنفسه ومتى‬
‫يكون مقتصدًا‪ ،‬ومتى يكون سابقا ً بالخيرات حريصا ً‬
‫على الدين‪ ..‬متى يتهاون ومتى يتشدد‪ ..‬ماذا يحب‬
‫وماذا يكره‪ .‬ما الذي يغضبه وما الذي يرضيه ما حقه‬
‫عليها وما حقها عليه‪ ..‬متى يمكنها أن تخاطبه باللين‬
‫ومتى يحتاج المر إلى الشدة‪ ..‬فإذا عرفت المرأة‬
‫مداخل نفسية زوجها ومخارجها والمؤثرات التي تؤثر‬
‫فيها‪ ،‬استطاعت أن تسير حياتها معه بشكل يحفظ‬
‫لحياتها الستمرار ويجنبها الصطدام والمشاكل التي‬
‫ل تؤدي إل إلى دمار حياتهما‪ ..‬هذا من جانب‪ .‬أما‬
‫الجانب الخر فإن الرجل‪ ،‬النصف الخر‪ ،‬يجب أن‬
‫يمتلك ذات المعرفة عن نصفه الول‪ ..‬ولننا نطالب‬
‫المرأة بكل هذه المعرفة فنحن نفترض أننا يجب أن‬
‫نطالب الرجل بمعرفة مقابله‪ .‬فيعرف هو أيضا ً‬
‫نفسيتها‪ ،‬وماضي تربيتها في بيتها ومدرستها‪ ،‬يعرف‬

‫) ‪(1/178‬‬

‫رغباتها ومطالبها‪ ،‬يعرف ما الذي يؤذيها ويزعجها‬


‫ويؤثر على أعصابها وما هو معدنها ومكوناته‪.‬‬
‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي‬ ‫مث ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫يقول تعالى في محكم تنزيله ‪َ } :‬‬
‫ف{ البقرة‪ ،228 :‬فبمقدار ما يجب أن‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫تفهم المرأة زوجها وتتعاون معه لتحقيق ما يريد من‬
‫رغبات وميول وطموحات يجب عليه هو الخر أن‬
‫يفهم زوجته ويتعاون معها لتحقيق طموحاتها‬
‫ورغباتها‪ ،‬وأن ل يسمح لنفسه أن يطغى عليها‬
‫ويهضم حقوقها تحت أي ذريعة كانت‪.‬‬
‫و عليك أختي المسلمة أن تدخلي إلى روح زوجك‬
‫وعقله وتدخلي إلى وعيه أن التي تعيش معه إنسانة‬
‫كاملة لها حقوق ومطالب ونزعات وطموحات‪ ،‬وأن‬
‫الحياة ل تكون هانئة وسعيدة طالما أهمل أحد‬
‫الطرفين مطالب الخر ورغباته‪.‬‬
‫عليك أن تفهمي زوجك فهما ً عميقا ً شام ً‬
‫ل‪ ،‬وأن‬
‫تفهميه نفسك وشخصيتك فهما ً عميقا ً شام ً‬
‫ل‪،‬‬
‫وتذكريه دائما ً كلما نسي شيئا ً أو تجاهله‪ ،‬والفهم‬
‫والتفهم منهج أساسي وضروري لبناء حياة إنسانية‬
‫يتعاون فيها الطرفان لتحقيق الطموحات المنشودة‬
‫لكليهما في حياتهما‪.‬‬

‫) ‪(1/179‬‬

‫ليست كل البيوت تبنى على الحب‪ ،‬كما قال الفاروق‬


‫عمر رضي الله عنه‪ ،‬فأين الرعاية والتفاهم ؟ أين‬
‫حدود الله التي يقف عندها المسلمين والمسلمات‬
‫ويتحاكمون إليها ؟‬
‫مو َ‬
‫ك‬ ‫حك ّ ُ‬‫ى يُ َ‬
‫حت ّ َ‬‫ن َ‬‫مُنو َ‬ ‫ك ل َ يُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وَرب ّ َ‬‫فل َ َ‬ ‫يقول سبحانه ‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫دوا ْ ِ‬
‫ما‬‫م ّ‬
‫جا ّ‬ ‫حَر ً‬‫م َ‬‫ه ْ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬‫في أن ُ‬ ‫ج ُ‬‫م ل َ يَ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬‫ه ْ‬
‫جَر ب َي ْن َ ُ‬‫ش َ‬‫ما َ‬ ‫في َ‬
‫ِ‬
‫ما{ النساء‪65:‬‬ ‫سِلي ً‬‫موا ْ ت َ ْ‬‫سل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬‫ت َ‬‫ضي ْ َ‬‫ق َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/180‬‬

‫ادفعي زوجك نحو النجاح )‪(1‬‬

‫يقولون‪" :‬وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة" هل‬


‫ما أن تكوني تلك المرأة العظيمة التي تجعل‬ ‫فكرت يو ً‬
‫من زوجها رجل ً عظي ً‬
‫ما؟‬
‫كثيرات يتمنين ذلك‪ ،‬لكن فئة قليلة منهن من سعين‬
‫لتحقيق تلك المنية الغالية بشكل عملي‪ ،‬ونحن نأخذ‬
‫بيدك على طريق النجاح لك ولزوجك عبر السطور‬
‫القادمة‬
‫ونقدم لك أسرار النجاح‪ ،‬وما هو دورك المنتظر‬
‫لتيسير تلك السرار أمام زوجك ‪:‬‬

‫ما باستحضار النية الصالحة في‬


‫‪ -1‬ذكرى زوجك دائ ً‬
‫كل عمل‪ ،‬ول تدفعيه لشيء فوق طاقته‪ ،‬فيلجأ‬
‫لطريق حرام‪ ،‬أو فيه شبهة لتلبية طلبك‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الشبكة السلمية‬
‫) ‪(1/181‬‬

‫ما له كوصية تلك المرأة الصالحة‬ ‫ولتكن وصيتك دائ ً‬


‫التي قالت لزوجها‪) :‬اتق الله فينا‪ ،‬ول تطعمنا إل‬
‫ل‪ ،‬فإننا نصبر على الجوع في الدنيا‪ ،‬ول نصبر‬ ‫حل ً‬
‫على النار في الخرة(‪.‬‬
‫‪ -2‬اقتربي من الواقعية في وضع الهداف‪ ،‬فإذا رأيت‬
‫أن زوجك يضع أهدا ً‬
‫فا خيالية فاجذبيه إلى الواقعية‬
‫برفق وهدوء‪ ،‬واتبعي المرحلية في وضع الهداف‬
‫وتحقيقها‪ ،‬فالهدف الكبير يمكن أن ينقسم إلى عدة‬
‫أهداف جزئية‪ ،‬كلما تحقق هدف منها كوني عوًنا‬
‫لزوجك على تحقيق الثاني وهكذا‪ ،‬ول تتعجلي في‬
‫تحقيق تلك الهداف‪ ،‬ول تترددي في التنازل عن‬
‫بعض الشياء التي تريدينها لنفسك في سبيل مصلحة‬
‫السرة‪.‬‬
‫‪ -3‬طالما حدد النسان أهدافه‪ ،‬لبد من التخطيط‬
‫السليم المنضبط لتحقيق تلك الهداف‪ ،‬ويحتاج‬
‫التخطيط السليم إلى المعرفة التامة بالعمل‪ ،‬فعليك‬
‫ذا توفير الجو الملئم للزوج لمساعدته على إنجاز‬ ‫إ ً‬
‫مهمة التخطيط للعمل‪ ،‬وهو هادئ النفس‪ ،‬مرتاح‬
‫البال‪ ،‬ساعديه في حصر كل ما يحتاج إليه لنجاز‬
‫العمل الذي يقوم به‪ ،‬وشاركيه في وضع خطة‬
‫خمسية مثل يتم فيها إنجاز شيء مهم للسرة كل‬
‫خمس سنوات‪.‬‬

‫) ‪(1/182‬‬

‫‪ -4‬أمر الله سبحانه وتعالى بإحسان العمل وإتقانه‬


‫فى كل الظروف والحوال‪ ،‬وقد قال الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم‪» :‬إن الله يحب إذا عمل أحدكم عمل ً‬
‫أن يتقنه« )‪ ، (1‬فساعدي زوجك على التقان‪،‬‬
‫وشجعيه على ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬اكسبي زوجك الثقة بالنفس‪ ،‬فامتدحي فيه‬
‫الصفات الحسنة‪ ،‬وذكريه بنجاحاته السابقة التي‬
‫حققها في حياتك معه‪ ،‬أو قبل زواجكما‪ ،‬اكتشفي‬
‫مواهبه‪ ،‬فكثير من الناس ل يدرك حقيقة مواهبه‪،‬‬
‫ويدله عليها الخرون‪ ،‬شاركيه في الوقوف على‬
‫سلبياته ومحاولة مناقشتها وعلجها؛ لنك أقرب‬
‫الناس إليه‪ ،‬ول تنسى أن تبدى له النصيحة في ثوب‬
‫جميل رقيق‪.‬‬
‫دا عن أن الوقت هو الحياة‪ ،‬وحسن‬‫‪ -6‬ل تغفلي أب ً‬
‫استغلل الوقت مهمة أكيدة من مهماتك‪ ،‬ومما يعينك‬
‫على ذلك تحديد الزيارات للقارب‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬حسنه اللباني في صحيح الجامع‪ ،‬البيهقي في‬
‫شعب اليمان ‪ 5083‬بلفظ »الله يحب من العامل إذا‬
‫عمل أن يحسن«‬

‫) ‪(1/183‬‬

‫ف‪ ،‬وعدم اتخاذها مجال ً‬ ‫والصحاب قبلها بوقت كا ٍ‬


‫لضاعة الوقت‪ ،‬ومحاولة حل المشاكل الداخلية‬
‫للسرة مثل مشكلت الولد البسيطة دون إضاعة‬
‫وقت الزوج في مثل هذه المور‪ ،‬يمكنك أن تقومي‬
‫ذر هو فيها‬ ‫ببعض العباء التي يقوم بها الزوج إذا تع ّ‬
‫مثل شراء احتياجات المنزل حتى توفري له الوقت‬
‫لستئناف عمله أو للراحة‪ ،‬واستبدلي الوقات‬
‫المهدرة في المكالمات الهاتفية‪ ،‬ومشاهدة التلفاز‬
‫بمساعدة زوجك قد استطاعتك‪.‬‬
‫‪ -7‬إن أي نجاح في الدنيا مبتور إذا لم يتصل بفعل‬
‫الخيرات‪ ،‬ول نعنى الفروض التي فرضها الله تعالى‬
‫علينا‪ ،‬فأمرها مفروغ منه‪ ،‬بل نعنى ما يتقرب به‬
‫النسان المسلم من النوافل والصدقات وأعمال البر‪،‬‬
‫وُيقر علماء النفس حتى الغربيين ما لفعل الخيرات‬
‫من أثر عظيم على النفس يدفعها للنجاح؛ حيث يترك‬
‫فعل الخيرات في النفس راحة واطمئناًنا‪ ،‬وسعادة ل‬
‫عا )))حنوًنا(((‬‫يعادلها أي أثر‪ ،‬لذا ادفعي زوجك دف ً‬
‫نحو كل الخيرات‪.‬‬

‫) ‪(1/184‬‬

‫‪ -8‬كثير من الناس يسعى في مجالت عديدة‪ ،‬ويعمل‬


‫أعمال ً كثيرة لكنها ل تكون ذات قيمة فيضيع وقته‬
‫هباء لسبب بسيط هو أنه لم يمض في تلك العمال‬
‫حتى النهاية‪ ،‬إن هناك أعمال ً كثيرة‪ ،‬إما أن تكون‬
‫كاملة أو ل تكون‪ ،‬من أجل ذلك ساعدي زوجك على‬
‫أن يكون من أصحاب النفس الطويل بعدم اللحاح‬
‫عليه بطلباتك التي تفوق قدرته‪ ،‬فيضطر لترك عمله‬
‫للنتقال إلى آخر دون أن يحقق شيًئا فيه‪ ،‬فيفقد‬
‫التفوق في كليهما‪.‬‬
‫دا من العقبات والعراقيل‪ ،‬ولكن‬ ‫‪ -9‬ل تخلو الحياة أب ً‬
‫ما على‬ ‫العقل الواعي السائر نحو النجاح يعتمد دائ ً‬
‫همة عالية تدفعه لتخطى العقبات‪ ،‬والصبر عند‬
‫الملمات‪ ،‬وهذا سيد الخلق عليه الصلة والسلم‬
‫قم َ َ‬ ‫َ‬
‫وَرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫ذْر * َ‬ ‫فأن ْ ِ‬ ‫ها ال ْ ُ‬
‫مدّث ُّر * ُ ْ‬ ‫ل‪َ} :‬يا أي ّ َ‬ ‫يخاطبه ربه قائ ً‬
‫ن‬ ‫وَل ت َ ْ‬
‫من ُ ْ‬ ‫جْر * َ‬
‫ه ُ‬ ‫جَز َ‬
‫فا ْ‬ ‫والّر ْ‬ ‫هْر * َ‬ ‫فطَ ّ‬ ‫فك َب ّْر * َ‬
‫وث َِياب َ َ‬
‫ك َ‬ ‫َ‬
‫ست َك ْث ُِر{ المدثر‪ ،5-1:‬إنها دعوة لنفض غبار النوم‪،‬‬ ‫تَ ْ‬
‫وخوض معترك الحياة لعمار الكون‪ ،‬ولكي يكون‬
‫زوجك عالي الهمة يجب أن تكوني أنت كذلك أول‪ً.‬‬

‫) ‪(1/185‬‬

‫‪ -10‬اعلمي أن النسان ل يحتاج في حياته شيًئا أكثر‬


‫من الصبر‪ ،‬وفى الحديث عن رسول الله صلى الله‬
‫ج‬‫فَر َ‬‫ن ال َ‬
‫ر‪ ،‬وأ ّ‬
‫صب ِ‬
‫ع ال ّ‬
‫م َ‬
‫صَر َ‬
‫ن الن ّ ْ‬
‫مأ ّ‬ ‫عليه وسلم‪» :‬واعل َ ْ‬
‫ر« )‪ ، (1‬فالصبر هو السبيل‬ ‫س ِ‬
‫ع ْ‬‫ع ال ُ‬ ‫نم َ‬ ‫ع الك َْر ِ‬
‫ب‪ ،‬وأ ّ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫إلى الغاية المنشودة‪ ،‬ول يقصد بالصبر احتمال‬
‫الشدائد فحسب‪ ،‬بل هو الصبر الجميل الذي ل‬
‫تصاحبه الشكوى إل لله‪ ،‬ول يخالطه الجزع والسخط‪،‬‬
‫ما بالرضا بالقضاء والثقة فيما عند‬ ‫صبر يقترن دائ ً‬
‫الله‪ ،‬وأنه خير وأبقى‪.‬‬
‫‪ -11‬نجاح فاشل !‬
‫أخيًرا‪ ،‬يجب أن توقني بالحقيقة التي تقول ليس كل‬
‫الناجحين سعداء‪ ،‬بل هناك ناجحون نظنهم في قمة‬
‫السعادة‪ ،‬وهم تعساء يتمنون زوال تلك النجاحات‪،‬‬
‫فالنجاح الذي يأتي على صحة النسان الجسمية‬
‫والنفسية‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ابن أبي عاصم في السنة ‪ ،315‬وصححه اللباني‬
‫في ظلل الجنة‪ ،‬وكذا البيهقي في شعب اليمان‬
‫‪ ،9645 ،9644‬وانظر الحديث التاسع عشر في جامع‬
‫العلوم والحكم‬

‫) ‪(1/186‬‬
‫والخلقية هو في الحقيقة نجاح مدمر‪ ،‬والفشل خير‬
‫منه‪ ،‬فاحذري من دفع زوجك للنجاح في أمر يعانى‬
‫منه أكثر من معاناته في الفشل‬

‫إن الحياة توازن بين أشياء عديدة‪ ،‬الخلل بشيء‬


‫منها يدفع الحياة نحو الكدر والفشل والخسارة‪ ،‬ذلك‬
‫التوازن لن يوضحه أروع ول أجمل من حديث رسولنا‬
‫قا‬‫ح ّ‬‫ك َ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫ن ل َِرب ّ َ‬
‫الحبيب صلى الله عليه وسلم‪» :‬إ ِ ّ‬
‫ل ِذي‬ ‫ُ‬
‫طك ّ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫وِل َ ْ‬
‫هل ِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ول ِن َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َ‬ ‫قا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ك َ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫ه« )‪. (1‬‬ ‫ّ‬
‫ق‬ ‫ح‬
‫َ ّ َ ُ‬ ‫ق‬ ‫ح‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪5673 ،1832‬‬

‫) ‪(1/187‬‬

‫الحقوق الزوجية )‪(1‬‬

‫إن السلم قد وضع حقوقا ً على الزوجين‪ ،‬وهذه‬


‫الحقوق منها ما هو مشترك بين الزوجين‪ ،‬ومنها ما‬
‫هو حق للزوج على زوجته‪ ،‬ومنها ما هو حق للزوجة‬
‫على زوجها‪ ،.‬وإن الحياة الزوجية بحقوقها وواجباتها‬
‫والتزاماتها لتمثل بناءً ضخما ً جميل ً يعجب الناس‬
‫منظره‪،‬وإن أي نقص في أي حق من الحقوق‬
‫الزوجية سواء كان حقا ً مشتركا ً أو خاصا ً يسبب شرخا ً‬
‫عظيما ً في بناء السرة المسلمة‪ ،‬وليت هذا النقص ‪-‬‬
‫أيها الخوة ‪ -‬يعود أثره على الزوجين فقط‪ ،‬بل إن‬
‫أي تقصير أو نقص في واحد من هذه الحقوق وخاصة‬
‫الحقوق الظاهرة التي يراها البناء والبنات سيكون‬
‫أثره على البناء والبنات جميعا ً على حد سواء‪ ،‬فإن‬
‫الولد سواءً كان ابنا ً أو بنتًا‪ ،‬إذا كان يصبح ويمسي‬
‫على شجار وخلف بين أبويه‪ ،‬وترى البنت‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬السرة والمجتمع‬

‫) ‪(1/188‬‬

‫أمها ل تقوم بحق والدها حق القيام ويرى البن أباه‬


‫ل يقوم بحق أمه حق القيام‪ .‬ل شك أن هذا سيورث‬
‫عندهما تصورا ً خاطئا ً وسيئا ً ويجعل الب والم في‬
‫قفص التهام دائما ً من قبل البن أو البنت‪ ،‬وإن‬
‫الزوجين إذا التزما منهج السلم الكامل في الحقوق‬
‫الزوجية عاشا في ظلل الزوجية الوارف سعداء‬
‫آمنين‪ .‬ل تعكرهما أحزان المشاكل؛ ول تقلقهما‬
‫حادثات الليالي‪.‬‬
‫والحقوق الزوجية ثلثة أنواع‪:‬‬
‫‪ - 1‬حق الزوجة على زوجها‪.‬‬
‫‪ - 2‬حق الزوج على زوجته‪.‬‬
‫‪ - 3‬حقوق مشتركة بينهما‪.‬‬

‫) ‪(1/189‬‬

‫حقوق الزوجة ‪:‬‬


‫‪ - 1‬الحق الول‪ :‬توفية مهرها كامل ً‬
‫ة{‬ ‫حل َ ً‬ ‫ن نِ ْ‬ ‫صد ُ َ‬ ‫امتثال ً لقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ه ّ‬‫قات ِ ِ‬ ‫ساءَ َ‬ ‫وآُتوا الن ّ َ‬ ‫َ‬
‫النساء‪ ،4:‬فل يجوز للزوج ول لغيره من أب أو أخ أن‬
‫ن‬
‫ع ْ‬‫م َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬‫ن طِب ْ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫يأخذ من مهرها شيئا ً إل برضاها } َ‬
‫ريًئا{ النساء‪4:‬‬ ‫م ِ‬ ‫هِنيًئا َ‬ ‫فك ُُلوهُ َ‬ ‫سا َ‬ ‫ف ً‬ ‫ه نَ ْ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ء ِ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫‪ - 2‬الحق الثاني‪ :‬النفاق عليها‪:‬‬
‫وهذه النفقة تتناول نفقة الطعام والكسوة‪ ،‬والعلج‬
‫والسكن لقوله‪ :‬وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن‬
‫بالمعروف‪.‬‬
‫‪ - 3‬الحق الثالث‪ :‬وقايتها من النار‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ف َ‬ ‫قوا أن ْ ُ‬ ‫مُنوا ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫امتثال ً لقوله تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫م َناًرا{ التحريم‪ ،6:‬قال علي رضي الله عنه‬ ‫هِليك ُ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫م َناًرا{‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫لي‬‫ِ‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫فسك ُم وأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫قوا أ َ‬
‫ُ‬ ‫}‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫قوله‬ ‫في‬
‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬
‫م( )‪ . (1‬أ‪.‬هـ‪ ،.‬وكذلك يخبر أهله‬ ‫ه ْ‬‫وأ َدُّبو ُ‬‫م‪َ ،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫مو ُ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫) َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪26693‬‬

‫) ‪(1/190‬‬

‫ها{‬‫عل َي ْ َ‬
‫صطَب ِْر َ‬
‫وا ْ‬ ‫صَل ِ‬
‫ة َ‬ ‫ك ِبال ّ‬ ‫مْر أ َ ْ‬
‫هل َ َ‬ ‫بوقت الصلة} ْ‬
‫وأ ُ‬
‫َ‬
‫طه‪ ،132:‬وإذا كان الزوج ل يستطيع تعليم امرأته‬
‫فلييسر لها أسباب التعليم‪ ،‬أعني بالتعلم تعلم أحكام‬
‫الدين‪ ،‬ومعرفة ما أوجب الله عليها ومعرفة ما نهاها‬
‫الله عنه‪ ،.‬لكن المصيبة إذا كان الزوج نفسه واقع‬
‫في الحرام؛ فهي الطامة الكبرى‪ ،‬لن الرجل قدوة‬
‫أهل بيته‪ ،‬والقدوة من أخطر وسائل التربية‪.‬‬
‫عن فضيل بن عياض )‪ ، (1‬قال‪) :‬رأى مالك بن دينار‬
‫رجل ً يسيء صلته‪ ،‬فقال‪ :‬ما أرحمني بعياله‪ ،‬فقيل‬
‫له‪ :‬يا أبا يحيى يسيء هذا صلته وترحم عياله‪ ،‬قال‪:‬‬
‫إنه كبيرهم ومنه يتعلمون(‪.‬‬
‫ومن المصيبة أيضا ً ومن النقص العظيم أن ُينزل‬
‫الرجل نفسه في غير منزلتها اللئقة بها‪ ،‬فإن الله‬
‫تعالى جعل للرجال القوامة على النساء‪ ،‬ومن شأنه‬
‫متبوعا ً ل َتابعًا‪.‬‬
‫مطيعًا‪َ ،‬‬
‫مطاعا ً ل ُ‬
‫أن يكون ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أورده أبو نعيم في حلية الولياء قال حدثنا أبو‬
‫محمد بن حيان‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر الوراق‬
‫ببغداد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبو إسحاق الحشاش‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫أبو بلل الشعري‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا فضيل بن عياض‬
‫فذكره‬

‫) ‪(1/191‬‬

‫وما المرء إل حيث يجعل نفسه فإن شاء أعلها وإن‬


‫فل‬‫شاء س ّ‬
‫وقد استشرى داء تسلط المرأة وطغيانها في‬
‫أوساطنا بسبب التقليد تارة‪ ،‬وبسبب ضعف شخصية‬
‫الزوج أو التدليل الزائد تارة أخرى‪ ،‬وهو من أخطر‬
‫ء‪ ،‬فالكلمة الولى والخيرة بيد‬‫المور وأكثرها إيذا ً‬
‫المرأة‪ ،‬والزوج مجرد منفذ لهذه الوامر‪ ،‬ومن أجل‬
‫ذلك تجد في صفات بعض المسلمين اليوم الميوعة‬
‫والضعف والنهزامية واللمبالة‪.‬‬
‫‪ - 4‬الحق الرابع‪ :‬أن يغار عليها في دينها وعرضها‬
‫إن الغيرة أخص صفات الرجل الشهم الكريم‪ ،‬وإن‬
‫تمكنها منه يدل دللة فعلية على رسوخه في مقام‬
‫الرجولة الحقة والشريفة‪ ،‬وليست الغيرة تعني سوء‬
‫الظن بالمرأة والتفتيش عنها وراء كل جريمة دون‬
‫ريبة‪.‬‬

‫) ‪(1/192‬‬

‫ة‬
‫غي َْر ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ِ » :‬‬
‫غي َْرةُ‬‫فال ْ َ‬‫ب َ‬ ‫حب الل ّه ومن ْها ما يك ْره الل ّه َ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫ما َ‬
‫فأ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ ِ َ َ َ َ ُ‬ ‫ما ي ُ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ة« )‪(1‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ريب َ ٍ‬ ‫ر ِ‬ ‫في غي ْ ِ‬ ‫غي َْرةُ ِ‬
‫ما ي َكَرهُ فال َ‬
‫ما َ‬
‫وأ ّ‬‫ة َ‬
‫في الّريب َ ِ‬ ‫ِ‬
‫وقد نظم السلم أمر الغيرة بمنهج قويم‪:‬‬
‫‪ -‬أن يأمرها بالحجاب حين الخروج من البيت‪.‬‬
‫‪ -‬أن تغض بصرها عن الرجال الجانب‪.‬‬
‫‪ -‬أل تبدي زينتها إل للزوج أو المحارم‪.‬‬
‫‪ -‬أل تخالط الرجال الجانب ولو أذن بذلك زوجها‪.‬‬
‫‪ -‬أن ل يعرضها للفتنة كأن يطيل غيابه عنها‪ ،‬أو‬
‫يشتري لها تسجيلت الخنا والفحش‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ابن ماجه ‪ 1986‬وغيره‪،‬و صححه اللباني ‪ -‬الرواء‬
‫‪1999‬‬

‫) ‪(1/193‬‬

‫‪ - 5‬الحق الخامس‪ :‬وهو من أعظم حقوقها‪:‬‬


‫المعاشرة بالمعروف‪ ،‬والمعاشرة بالمعروف تكون‬
‫بالتالي‪:‬‬
‫َ‬
‫ماًنا‬
‫ن ِإي َ‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ل ال ْ ُ‬‫م ُ‬ ‫‪ -‬حسن الخلق معها فإن »أك ْ َ‬
‫خل ُ ً‬ ‫خل ُ ً‬ ‫َ‬
‫قا« )‪(1‬‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬
‫سائ ِ ِ‬‫م ل ِن ِ َ‬‫خَياُرك ُ ْ‬‫م ِ‬‫خَياُرك ُ ْ‬
‫و ِ‬
‫قا َ‬ ‫م ُ‬
‫ه ْ‬
‫سن ُ ُ‬
‫ح َ‬
‫أ ْ‬
‫‪ -‬فمن حسن الخلق أن تحترم رأيها وأن ل تهينها‬
‫سواء بحضرة أحد أم ل‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حسن الخلق إذا صدر منك الخطأ أن تعتذر منها‬
‫كما تحب أنت أن نعتذر منك إذا أخطأت عليك‪ ،‬وهذا ل‬
‫يغض من شخصك أبدًا‪ ،‬بل يزيدك مكانة ومحبة عندها‪.‬‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1082‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وأحمد ‪،7095‬‬
‫وحسنه اللباني في الصحيحة ‪284‬‬

‫) ‪(1/194‬‬

‫‪ -‬ومن المعاشرة بالمعروف التوسيع بالنفقة عليها‬


‫وعلى عيالها‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها استشارتها في أمور البيت وخطبة البنات‪،‬‬
‫وقد أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بإشارة أم سلمة‬
‫يوم الحديبية )‪. (1‬‬
‫‪ -‬ومنها‪ :‬أن يكرمها بما يرضيها‪ ،‬ومن ذلك أن يكرمها‬
‫ق أمامها‬
‫في أهلها عن طريق الثناء عليهم بح ٍ‬
‫ومبادلتهم الزيارات ودعوتهم في المناسبات‪.‬‬
‫‪ -‬ومنها أن يمازحها ويلطفها‪ ،‬ويدع لها فرصا ً لما‬
‫يحلو لها من مرح ومزاح‪ ،‬وأن يكون وجهه طلقا ً‬
‫بشوشًا‪ ،‬وأن إذا رآها متزينة له لبسة لباسا ً جديدا ً أن‬
‫يمدحها ويبين لها إعجابه فيها‪ ،‬فإن النساء يعجبهن‬
‫المدح‪.‬‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،2529‬وأحمد ‪18166 ،18152‬‬

‫) ‪(1/195‬‬

‫‪ -‬ومنها التغاضي وعدم تعقب المور صغيرها‬


‫وكبيرها‪ ،‬وعدم التوبيخ والتعنيف في كل شيء‪ ،.‬فعن‬
‫فا‬‫ل ِلي أ ُ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ما َ‬ ‫أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم » َ‬
‫ذا«‬ ‫ت كَ َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫هّل َ‬ ‫و َ‬‫ذا َ‬ ‫ت كَ َ‬ ‫عل ْ َ‬‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ء لِ َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل ِلي ل ِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫وَل َ‬ ‫ط َ‬ ‫ق ّ‬ ‫َ‬
‫)‪. (1‬‬
‫‪ -‬ومن المعاشرة بالمعروف‪ :‬أن يتزين لها كما يحب‬
‫ف{‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذي َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول َ ُ‬‫أن تتزين له‪َ } ،‬‬
‫البقرة‪228:‬‬
‫‪ -‬ومنها أن يشاركها في خدمة بيتها إن وجد فراغًا‪،.‬‬
‫و» َ‬
‫م‬‫سل ّ َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫ن الن ّب ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة َ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫سأل ْ ُ‬ ‫َ‬
‫عِني‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬
‫ه تَ ْ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫هن َ ِ‬ ‫م ْ‬
‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ي َكو ُ‬ ‫ت كا َ‬ ‫قال ْ‬ ‫في ب َي ْت ِ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫صن َ ُ‬‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ة« )‬ ‫صَل ِ‬ ‫ج إ َِلى ال ّ‬ ‫خَر َ‬ ‫صَلةُ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضَر ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ه َ‬ ‫هل ِ ِ‬
‫ةأ ْ‬ ‫م َ‬‫خد ْ َ‬‫ِ‬
‫‪. (2‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،4269‬والدارمي ‪63‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪5579 ،4944 ،635‬‬

‫) ‪(1/196‬‬

‫تلكم كانت أهم الحقوق التي يجب أن تقوم بها الزوج‬


‫تجاه زوجته كما أمر السلم‪.‬‬

‫حقوق الزوج ‪:‬‬


‫‪ - 1‬الحق الول‪ :‬طاعته بالمعروف‪ :‬على المرأة خاصة‬
‫أن تطيع زوجها فيما يأمرها به في حدود استطاعتها‪،‬‬
‫وهذه الطاعة أمر طبيعي تقتضيه الحياة المشتركة‬
‫بين الزوج والزوجة‪ ،‬ول شك أن طاعة المرأة لزوجها‬
‫يحفظ كيان السرة من التصدع والنهيار‪ ،.‬وتبعث‬
‫إلى محبة الزوج القلبية لزوجته‪ ،‬وتعمق رابطة‬
‫التآلف والمودة بين أعضاء السرة‪.‬‬
‫) ‪(1/197‬‬

‫عن أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫ها‬
‫هَر َ‬
‫ش ْ‬ ‫ت َ‬ ‫م ْ‬ ‫صا َ‬
‫و َ‬‫ها َ‬
‫س َ‬‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫مْرأ َةُ َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫صل ّ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وسلم ‪» :‬إ ِ َ‬
‫َ‬
‫خِلي‬ ‫ها ادْ ُ‬‫ل لَ َ‬‫قي َ‬
‫ها ِ‬‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ت َز ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫طا َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ج َ‬ ‫فْر َ‬ ‫ت َ‬‫فظَ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت« )‪. (1‬‬ ‫شئ ْ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫جن ّ ِ‬‫ب ال َ‬ ‫وا ِ‬‫ي أب ْ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬‫ة ِ‬
‫جن ّ َ‬
‫ال َ‬
‫ولتعلم المرأة المسلمة أن الصرار على مخالفة‬
‫الزوج يوغر صدره‪ ،‬ويجرح كرامته‪ ،‬ويسيء إلى‬
‫قوامته‪ ،‬والمرأة المسلمة الصالحة إذا أغضبت زوجها‬
‫يوما ً من اليام فإنها سرعان ما تبادر إلى إرضائه‬
‫وتطييب خاطره‪ ،‬والعتذار إليه مما صدر منها‪ .‬ول‬
‫تنتظره حتى يبدأها بالعتذار‪.‬‬

‫‪ - 2‬الحق الثاني‪ :‬المحافظة على عرضه وماله‪ :‬قال‬


‫فظَ‬‫ح ِ‬
‫ما َ‬
‫ب بِ َ‬ ‫ت ل ِل ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ف َ‬
‫ظا ٌ‬ ‫حا ِ‬
‫ت َ‬ ‫ت َ‬
‫قان َِتا ٌ‬ ‫حا ُ‬
‫صال ِ َ‬
‫فال ّ‬‫تعالى‪َ } :‬‬
‫ه{ النساء‪ ،34:‬وحفظها للغيب أن تحفظه في ماله‬ ‫الل ّ ُ‬
‫وعرضه‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،1573‬والطبراني في الوسط ‪،9050‬‬
‫وقال اللباني حسن لغيره ‪ -‬صحيح الترغيب‬
‫والترهيب‬

‫) ‪(1/198‬‬

‫‪ - 3‬الحق الثالث‪ :‬مراعاة كرامته وشعوره‪ :‬فل يرى‬


‫منها في البيت إل ما يحب‪ ،‬ول يسمع منها إل ما‬
‫يرضى‪ ،‬ول يستشعر منها إل ما ُيفرح‪.‬‬
‫والزوج في الحقيقة إذا لم يجد في بيته الزوجة‬
‫النيقة النظيفة اللطيفة ذات البسمة الصادقة‪،‬‬
‫والحديث الصادق‪ ،‬والخلق العالية‪ ،‬واليد الحانية‬
‫والرحيمة فأين يجد ذلك؟ وأشقى الناس من رأى‬
‫الشقاء في بيته وهو بين أهله وأولده‪ ،‬وأسعد الناس‬
‫من رأى السعادة في بيته وهو بين أهله وأولده‪.‬‬
‫‪ - 4‬الحق الرابع‪ :‬قيامها بحق الزوج وتدبير المنزل‬
‫وتربية الولد‪.‬‬
‫‪ - 5‬الحق الخامس‪ :‬قيامها ببر أهل زوجها‪ :‬وهذه من‬
‫أعظم الحقوق على الزوجة‪ ،‬وهي أقرب الطرق‬
‫لكسب قلب الزوج‪ ،‬فالزوج يحب من امرأته أن تقوم‬
‫بحق والديه‪ ،‬وحق إخوانه وأخواته‪ ،‬ومعاملتهم‬
‫المعاملة الحسنة‪ ،‬فإن ذلك يفرح الزوج ويؤنسه‪،‬‬
‫ويقوي رابطة الزوجية‪.‬‬

‫) ‪(1/199‬‬

‫‪ - 6‬الحق السادس‪ :‬أل تخرج من بيته إل بإذنه‪ ،‬حتى‬


‫ولو كان الذهاب إلى أهلها‪.‬‬
‫‪ - 7‬الحق السابع‪ :‬أن تشكر له ما يجلب لها من طعام‬
‫وشراب وثياب وغير ذلك مما هو في قدرته‪ .‬وتدعو‬
‫له بالعوض والخلف ول تكفر نعمته عليها‪.‬‬
‫‪ - 8‬الحق الثامن‪ :‬ومن حقه عليها أل تطالبه مما وراء‬
‫الحاجة وما هو فوق طاقته‪ ،‬فترهقه من أمره عسرا ً‬
‫بل عليها أن تتحلى بالقناعة والرضى بما قسم الله‬
‫لها من الخير‪.‬‬
‫تلكم أهم الحقوق التي تجب على الزوجة مراعاتها‬
‫والقيام بها‪.‬‬

‫أما الحقوق المشتركة بين الزوجين فأجملها‪:‬‬

‫‪ - 1‬التعاون على جلب السرور ودفع الشر والحزن ما‬


‫أمكن‪.‬‬

‫) ‪(1/200‬‬

‫‪ - 2‬التعاون على طاعة الله والتذكير بتقوى الله‪.‬‬


‫‪ - 3‬استشعارهما بالمسؤولية المشتركة في بناء‬
‫السرة وتربية الولد‪.‬‬
‫‪ - 4‬إل يفشي أحدهما سر صاحبه‪ ،‬وأل يذكر قرينه‬
‫بسوء بين الناس سواءً كان الشخص قريبا ً أم بعيدا‬
‫ً‪،‬حتى والديك أو والديها فإن المشاكل البيتية تحل‬
‫بسهولة ويسّر ما لم تخرج المشكلة خارج البيت حينها‬
‫يصعب حلها وتتعقد أكثر وأكثر‪.‬‬
‫س‬ ‫َ‬
‫نأ َ‬
‫نا ِ‬ ‫َ‬
‫شّر ال ّ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬إ ِ ّ‬
‫ه‬
‫مَرأت ِ ِ‬ ‫ضي إ َِلى ا ْ‬‫ف ِ‬ ‫ل يُ ْ‬‫ج َ‬
‫ة الّر ُ‬‫م ِ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫ة يَ ْ‬‫زل َ ً‬‫من ْ ِ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ِ‬
‫ها« )‪. (1‬‬ ‫سّر َ‬‫شُر ِ‬ ‫م ي َن ْ ُ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫َ‬
‫ضي إ ِلي ْ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫وت ُ ْ‬ ‫َ‬

‫تلكم أيها الزواج أبرز معالم المنهج الذي رسمه‬


‫السلم في حقوق الزوجين‪.‬‬
‫وأؤكد لكم أنكم إذا التزمتموه في حياتكم الزوجية‬
‫تطبيقا ً وتنفيذًا‪ ،‬كانت المحبة رائدكم‪ ،‬والتعاون‬
‫سبيلكم‪ ،‬وإرضاء الله سبحانه‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،2598 ،2597‬وأبو داود ‪4227‬‬

‫) ‪(1/201‬‬

‫وتعالى غايتكم‪ ،.‬وتربية أولدكم على السلم هدفا ً‬


‫أساسيا ً من إهدائكم‪ ،‬بل عاش الواحد منكم مع زوجه‬
‫في الحياة كنفس واحدة في التصافي والتفاهم‬
‫والمودة‪.‬‬
‫ُ‬
‫على أني أذكر الخوة جميعا ً أن الله تعالى أبى أن‬
‫تكون هذه الدنيا كاملة في لذتها وفرحها ومتعتها‬
‫وزينتها‪ ،‬فلبد أن يحصل شيء ما من الكدر والضيق‪،‬‬
‫ولعل من حكمة الله تعالى في ذلك أن يتذكر المسلم‬
‫بنقصان نعيم الدنيا و كمال نعيم الخرة‪.‬‬
‫والله أسأل أن يوفق الزوجين على القيام‬
‫بحقوقهما‪ .‬عسى أن يعيشا معا ً في ظل الزوجية‬
‫الوارف آمنين مطمئنين سعداء مكرمين‪.‬‬

‫) ‪(1/202‬‬

‫حُبها ؟ )‪(1‬‬
‫مل زوجة ل ت ُ ِ‬
‫كيف ُتعا ِ‬

‫سِبيًل{ النساء‪،34 :‬‬ ‫غوا َ َ‬ ‫فَل ت َب ْ ُ‬ ‫َ‬


‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عن َك ُ ْ‬ ‫ن أطَ ْ‬ ‫} َ‬
‫فإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫م{ البقرة ‪:‬‬‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫هوا َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫سى أ ْ‬ ‫ع َ‬‫و َ‬ ‫} َ‬
‫‪ ،216‬وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫هِلي« )‪(2‬‬ ‫م ِل َ ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬‫وأ ََنا َ‬‫ه َ‬‫هل ِ ِ‬ ‫م ِل َ ْ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫م َ‬‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫» َ‬
‫قال أنس ‪» :‬قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم‬
‫من خيبر فلما فتح الله عليه الحصن ذكر له جمال‬
‫صفية بنت حي وقد قتل زوجها وكانت عروسا‬
‫فاصطفاها رسول الله صلي الله عليه وسلم لنفسه‪،‬‬
‫فخرج بها حتى بلغا سد الصهباء فبني بها ثم صنع‬
‫حيسا في نطع ثم قال رسول الله صلي الله عليه‬
‫وسلم ‪ ":‬آذن من حولك " فكانت وليمة رسول الله‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البرق‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 3830‬وقال حسن غريب صحيح‪،‬وابن‬
‫ماجه ‪ ،1967‬وصححه اللباني في الصحيحة ‪285‬‬

‫) ‪(1/203‬‬

‫صلي الله عليه وسلم علي صفية ثم خرجنا إلي‬


‫المدينة فرأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم‬
‫يحوي لها وراءه بعباءة ثم يجلس عند بعيره فيضع‬
‫ركبته‪ ،‬فتضع صفية رجلها علي ركبته حتى تركب«‪.‬‬
‫» َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫ن الن ّب ِ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫ة َ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫سأل ْ ُ‬ ‫َ‬
‫عِني‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه تَ ْ‬ ‫هل ِ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫هن َ ِ‬‫م ْ‬‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن ي َكو ُ‬ ‫ت كا َ‬ ‫ه قال ْ‬ ‫في ب َي ْت ِ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ة« )‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫صل ِ‬ ‫ج إ ِلى ال ّ‬ ‫خَر َ‬‫صل ة ُ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ضَر ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ذا َ‬ ‫هل ِ ِ‬‫ةأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خد ْ َ‬ ‫ِ‬
‫‪ ، (1‬وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم »َل‬
‫ها‬ ‫من ْ َ‬
‫ي ِ‬ ‫ض َ‬ ‫قا َر ِ‬ ‫خل ُ ً‬‫ها ُ‬ ‫من ْ َ‬
‫ره َ ِ‬ ‫ن كَ ِ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫من َ ً‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ك ُ‬ ‫فَر ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫خَر« )‪(2‬‬ ‫آ َ‬
‫إن اعتقاد كل من الزوجين بوجوب طلب السعادة‬
‫الكاملة من الخر هو سبب لكثر المتاعب‬
‫والمشكلت‪ ،‬والغريب أن كثيرا من الزواج أناني‬
‫يطلب السعادة لنفسه دون أن يفكر بمنحها لرفيقته‬
‫ناسيا أن العطاء سعادة ل تقل عن الخذ‪ ،‬فما أسعد‬
‫الزوجة أو الزوج الذي يتحلي بالصبر والحتمال‪ .‬فإن‬
‫في الحياة الزوجية عقبات وصخورا قد‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪5579 ،4944 ،635‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪ ،2672‬ل يفرك أي ‪ :‬ل يبغض‬

‫) ‪(1/204‬‬

‫تعترض لكل من الزوجين في كثير من الحيان‪ ،‬ففي‬


‫الصبر التذليل لكل ذلك أما الطيش ففيه كل الخطر‬
‫وسرعان ما يهدد السرة بالنحلل والتصدع‪.‬‬
‫إن الرسول صلي الله عليه وسلم في الحديث الخير‬
‫يوجه كل من الزوجين إلي التساهل ما دام ممكنا فإذا‬
‫ابغض كل من الخر صفة جاءت صفة أو صفات أخرى‬
‫تشفع لصاحبها‪ .‬وبذلك يصير الوفاق ويتم الوئام‬
‫وتسلم السرة‪.‬‬
‫قال ابن الجوزي )‪) : (1‬شكا لي رجل من بغضه‬
‫لزوجته‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما أقدر على فراقها‪ ،‬لمور‪ ،‬منها‪:‬‬
‫كثرة دينها علي‪ ،‬وصبري قليل‪ ،‬ول أكاد أسلم من‬
‫فلتات لساني في الشكوى‪ ،‬وفي كلمات تعلم بغضي‬
‫لها‪.‬فقلت له‪ :‬هذا ل ينفع‪ ،‬وإنما تؤتى البيوت من‬
‫أبوابها! فينبغي أن تخلو بنفسك‪ ،‬فتعلم أنها إنما‬
‫سلطت عليك بذنوبك‪ ،‬فتبالغ في العتذار‬
‫والتوبة‪.‬فأما التضجر والذى لها‪ ،‬فما ينفع‪ ،‬كما قال‬
‫الحسن بن الحجاج‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬صيد الخاطر ص ‪404‬‬

‫) ‪(1/205‬‬

‫)‪ : (1‬عقوبة من الله لكم‪ ،‬فل تقابلوا عقوبته‬


‫بالسيف‪ ،‬وقابلوها بالستغفار‪ ،‬واعلم أنك في مقام‬
‫َ‬
‫شي ًْئا‬
‫هوا َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬
‫سى أ ْ‬
‫ع َ‬ ‫مبتًلى ولك أجر بالصبر‪َ } ،‬‬
‫و َ‬
‫م{ البقرة‪ ! 216:‬فعامل الله سبحانه‬ ‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬‫و َ‬‫ه َ‬‫و ُ‬‫َ‬
‫بالصبر على ما قضى‪ ،‬واسأله الفرج‪ ،‬فإذا جمعت بين‬
‫الستغفار وبين التوبة من الذنوب والصبر على‬
‫القضاء وسؤال الفرج‪ ،‬حصلت ثلثة فنون من العبادة‬
‫تثاب على كل منها‪ ،‬ول تضيع الزمان بشيء ل ينفع‪،‬‬
‫س َ‬
‫ك‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ول تحتل ظاّنا منك أنك تدفع ما قدر‪َ } ،‬‬
‫و{ النعام‪ (17:‬ا‪.‬هـ‬ ‫ه َ‬‫ه إ ِّل ُ‬
‫ف لَ ُ‬
‫ش َ‬ ‫فل َ‬
‫كا ِ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬‫الل ّ ُ‬

‫إخوتي في الله ‪..‬‬


‫»رفقا بالقوارير«‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو السري السلمي‪ ،‬الخراساني الواعظ البليغ‬
‫الصالح‪ .‬كان عديم النظير في الوعظ والتذكير‪ ،‬وفاته‬
‫في حدود المائتين‪.‬‬

‫) ‪(1/206‬‬

‫كان الحسن البصري رحمة الله عليه يقول ‪) :‬زوج‬


‫ابنتك صاحب الدين فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها ل‬
‫يظلمها(‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫ت َر ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬‫س ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و عن أم كلثوم بنت عقبة قالت ‪َ » :‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫ص ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫م ي َُر ّ‬‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ث َ‬ ‫في ث ََل ٍ‬ ‫ب إ ِّل ِ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ال ْك َ ِ‬
‫َ‬
‫ل َل أ ُ‬
‫س‬‫ن الّنا ِ‬ ‫ح ب َي ْ َ‬‫صل ِ ُ‬ ‫ل يُ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫كاِذًبا الّر ُ‬ ‫عدّهُ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫سل ّ َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫قو ُ‬
‫ل‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫والّر ُ‬ ‫َ‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ص‬
‫ِ ْ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬‫ه‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ري‬‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫و‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫يَ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ث‬
‫حد ّ ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫مْرأةُ ت ُ َ‬ ‫ه َ‬
‫مَرأت َ ُ‬
‫ثا ْ‬
‫حد ّ ُ‬ ‫ج ُ‬
‫ل يُ َ‬ ‫والّر ُ‬
‫ب َ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حْر ِ‬ ‫ِ‬
‫ها« )‪(1‬‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬
‫َز ْ‬
‫وجواز الكذب هنا بين الزوجين يكون في تظاهر كل‬
‫منهما للخر بالحب في حال عدم ميل أحدهما للخر‪،‬‬
‫وذلك من أجل تسيير سفينة المنزل ولعل هذا الميل‬
‫المتصنع ينقلب إلي حب حقيقي بعد ذلك وقد جاء‬
‫بالحديث الصحيح ‪ :‬إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم‬
‫بالتحلم ومن يبتغي الخير يلقه‪ ،‬ومن يتقي الشر‬
‫يوقه ول يجوز الكذب في غير هذه الحال لن‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،4275‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‪ ،‬الحديث عند أحمد ‪26015‬‬

‫) ‪(1/207‬‬

‫الله مطلع سبحانه وتعالي وما عدا ذلك فينبغي أن‬


‫يسود الصدق بينهما و إل زالت الثقة و التي يتعذر‬
‫الحياة بدونها‪ ،‬لذلك أخاطبك أيها الزوج الذي ل تحب‬
‫زوجتك أن تتنازل عن أنانيتك من أجل مستقبل‬
‫أسرتك وخاصة إذا كانت زوجتك تحبك وتقوم لك بكل‬
‫حقوقك‬

‫وأخيرا‪..‬‬
‫ف{‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬‫} َ‬
‫النساء ‪19 :‬‬
‫صوا‬‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »ا ْ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫ع َ‬ ‫ن ِ َ‬
‫ضل ٍ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ق َ‬ ‫خل ِ ْ‬‫ن ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫خي ًْرا َ‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫ه‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ذَ َ‬ ‫عل ه ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ت ََركت َ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سْرت َ ُ‬ ‫هك َ‬ ‫م ُ‬ ‫قي ُ‬ ‫ت تُ ِ‬ ‫هب ْ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫عأ ْ‬ ‫ضلَ ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ِ‬
‫خي ًْرا« )‪ . (1‬وفي‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬
‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫م ي ََز ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫ن ِ َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫ضل ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫خل ِ َ‬‫مْرأةَ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫بعض روايات هذا الحديث »إ ِ ّ‬
‫م لَ َ‬
‫ك‬ ‫قي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4787‬ومسلم ‪2671‬‬

‫) ‪(1/208‬‬

‫ها‬
‫وب ِ َ‬‫ها َ‬‫ت بِ َ‬
‫ع َ‬ ‫مت َ ْ‬‫ست َ ْ‬
‫ها ا ْ‬ ‫ت بِ َ‬‫ع َ‬‫مت َ ْ‬
‫ست َ ْ‬‫نا ْ‬ ‫ة َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫ق ٍ‬ ‫ري َ‬‫عَلى طَ ِ‬ ‫َ‬
‫ها« )‬ ‫ق َ‬‫ها طََل ُ‬ ‫سُر َ‬ ‫وك َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ها ك َ َ‬
‫سْرت َ َ‬ ‫م َ‬‫قي ُ‬
‫ت تُ ِ‬ ‫هب ْ َ‬‫ن ذَ َ‬‫وإ ِ ْ‬
‫ج َ‬
‫و ٌ‬
‫ع َ‬ ‫ِ‬
‫‪(1‬‬
‫وقد يقول قائل ‪ :‬ولماذا خلق الله المرأة علي هذا‬
‫الحال ؟‬
‫سبحانه وتعالي له في خلقه شئون ولكن الله سبحانه‬
‫وتعالي أوكل للمرأة وظائف ومهمات حساسة‬
‫كالحمل والرضاعة والتربية‪ ،‬فأودع فيها صفات و‬
‫مواهب تتناسب مع هذه الوظائف والمهمات التي‬
‫تختلف مع كثير من صفات الرجال‪ ،‬فيراها غريبة عنه‬
‫فهو إن كان واعيا قبل بالمر الواقع وتمتع بزوجته‬
‫في حدود فطرتها و إن كان غير واع حاول أن يصنع‬
‫تمثال مع ما يتناسب مع نفسيته وطبيعته من حيث‬
‫التفكير والدراك فيفشل ويحس بالخيبة و ربما هدم‬
‫بيته وهو في هذه الحالة قد جني علي نفسه أول لنه‬
‫يطلب المستحيل الذي صوره الحديث النبوي ببراعة‬
‫شديدة‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪2670‬‬

‫) ‪(1/209‬‬

‫تظل المرأة محافظة علي معالم الطفولة ل في‬


‫جسمها فحسب بل في طبعها وحالتها النفسية وهي‬
‫لو اختلفت وجوه شبهها عن الطفل كثيرا لما‬
‫استطاعت أن تكون أما صالحة فهي تفهم متطلبات‬
‫الطفل بسبب شعورها الطفولي‪ ،‬بينما يبتعد الرجل‬
‫عن عقليه ومحيط الطفل بسب تطوره الذهني‪،‬أما‬
‫هي فتبقي كالطفل تستوعب أكثر مما تكون خلفه‪،‬‬
‫حنانها يزيد علي تفكيرها‪ ،‬وحدسها يقظ أكثر من‬
‫حياتها الذهنية إذ هي مكونة لتتحمل وتقاسي أكثر‬
‫مما تتصرف قابلة للخضوع أكثر من السيطرة‪ ،‬وفي‬
‫هذه الطبيعة الخاصة بالمرأة متعة للرجل وجمال‬
‫وراحة‪.‬‬

‫) ‪(1/210‬‬

‫ه جميع النساء )‪(1‬‬


‫هذا الرجل تكره ُ‬

‫الرجل الذي تكرهه جميع النساء هو أحد هؤلء ‪:‬‬


‫‪ -1‬الذي ل يغض بصره عن النساء‪ :‬يسترق النظر إلى‬
‫حرمات الخرين دونما احترام لزوجه‪ ..‬فتجد عينيه‬
‫تدور في محاجرهما بحثا عن النساء وهو يجالسها‪..‬أو‬
‫يلحقهن في السواق ويقيم العلقات معهن تحت‬
‫شعار )الرجل حامل لعيبه( وفي حماية مجتمع يبرر‬
‫للرجل جرائمه المخلة بالشرف والداب العامة‪.‬‬
‫‪ -2‬الشكاك‪ :‬الذي يقتفي أثر كل شيء لعله يصل إلى‬
‫ما يصدق ظنه ويدور في عقله‪..‬‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬ناصح ‪..‬نقلته بتصرف‬

‫) ‪(1/211‬‬

‫حتى يكاد يحسب النفاس على زوجه‪ ..‬ويدمر البيت‬


‫بسبب شكه‪..‬‬
‫‪ -3‬الغيور ‪ :‬الذي يغار غيرة نارية غير محمودة تحرقه‬
‫وتحرق زوجه معه‪ ..‬وتهدم البيت وتشرد لطفال‪..‬‬
‫رغم أنه ل يوجد ما يدعو لذلك‪..‬‬
‫‪ -4‬المزواج‪ :‬الذي يستبدل النساء استبداله ملبسه‬
‫وسقط متاعه‪ ..‬دون اعتبار لنسانية زوجته‬
‫ومشاعرها‪ ..‬ضاربا عرض الحائط بأسرته‪..‬‬
‫والتزاماته‪..‬‬
‫ً‬
‫‪ -5‬البخيل‪ :‬الذي يحبس ماله ويعدده‪ ..‬حارما نفسه و‬
‫أولده من لذة الحياة ومتع الدنيا‪ ..‬خوفا ً من مستقبل‬
‫لن يعشه‪...‬فما ذكر الزمان بخيل ً استمتع بماله!!‬
‫‪ -6‬المنان‪ :‬الذي يعطي فيعود بالمن والذى على من‬
‫ينفق أو يعطي‪ ..‬وبئس الرجل هو الذي يعير الناس‬
‫بما أعطاهم وأنفقه عليهم‪..‬‬
‫‪ -7‬ضعيف الشخصية‪ :‬الذي يسلم قياده للمرأة من أم‬
‫إلى زوجة دون رقابة‬
‫‪ -8‬فالرجل قوام وحينما يتنازل عن ذلك ل يستحق‬
‫شرف الرجولة‪..‬‬

‫) ‪(1/212‬‬

‫‪ -9‬غير جدير بالمسؤلية‪ :‬ل يعتمد عليه‪ ..‬يعدك‬


‫بالتنفيذ وهو عاجز عن تحمل مسؤوليات ما وعد به‪..‬‬
‫تاركا من هم في مسؤوليته للضياع وفتن الشارع‪..‬‬
‫‪ -10‬خائن العهد‪ :‬الذي يعدك بالشيء ويعود عنه‪..‬‬
‫مرتدا بذلك عن سيرة الرجال المحترمين‪ ..‬وكم‬
‫أبكاني فقدي رجل كان وعده سيفا قاطعا ل عودة‬
‫عنه إل بالموت‪..‬‬
‫‪ -11‬الخبيث المنافق‪ :‬الذي يبطن ما ل يعلن‪ ..‬ويصور‬
‫نفسه في أحسن صورة وهو أسوء الرجال‪.‬‬
‫‪ -12‬النمام‪ ..‬المغتاب‪ :‬الذي يمشي بين الناس‬
‫بالنميمة ويغتاب صحبه‪ ..‬بل ويجالس النساء مستمتعا ً‬
‫بنميمتهن غير البريئة‪ ..‬مساهما في نشرها‪..‬‬
‫‪ -13‬الناعم المترف‪ :‬الذي يتشبه بالنساء في رقتهن‬
‫وميوعتهن‪ ..‬فتجده مسخا ل يستحق الحترام‪ ..‬بل هو‬
‫مخنث‪ ،‬ل يستحق حتى النظر إليه‪..‬‬
‫‪ -14‬المهمل ‪ :‬الذي يهمل في هيئته الشخصية‪..‬‬
‫فتجده قذرا وغير مرتب بحجة أن الهتمام بذلك من‬
‫شأن المرأة وحدها!!!! ول يلتفت‬

‫) ‪(1/213‬‬

‫ن‬
‫لكلم رسولنا الكريم صلوات الله وسلمه عليه »إ ِ ّ‬
‫ما َ‬
‫ل« )‪. (1‬‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫مي ٌ‬
‫ل يُ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫‪ -15‬الديوث ‪ :‬الذي يقبل بالدنس في بيته‪ ..‬وانحراف‬
‫زوجه تحت أي ظرف أو مسمى‪ ..‬واأسفي على ذكور‬
‫اكتفوا بهذه الصفة‪ ..‬وابتعدوا عن فضائل الرجل‬
‫العظيمة‪...‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،131‬أحمد ‪3600‬‬

‫) ‪(1/214‬‬

‫من يكسب قلب زوجته )‪(1‬‬


‫إن هناك أسباب وعوامل تعين الزوج للفوز بحب‬
‫زوجته وكسبها دائمًا‪ ..‬وهذا بل شك يساعد في تقليل‬
‫العوامل السلبية المسببة في نشوء المشاكل‬
‫والخلفات الزوجية‪.‬‬
‫ونعد هنا أسباب لليضاح وليس للحصر‪:‬‬
‫‪ - 1‬ينبغي على الزوج التعرف على ما تحبه زوجته‪،‬‬
‫والحرص على تحقيق ذلك وإظهاره‪ .‬وبالمقابل‬
‫البتعاد عما تكرهه الزوجة من تصرفات وأخلق‪.‬‬
‫وقابلها دائما ً بكل جميل‪ .‬وأجمل شئ هو القتداء‬
‫بهدي وخلق سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬المرأة‬

‫) ‪(1/215‬‬

‫‪ - 2‬حاول دائما ً تجنب أسباب الخلف‪ ..‬فكن رجل‬


‫سياسة يحسن التعامل من أجل المصالح المشتركة‪.‬‬
‫ودائما ً اعمل بقول المام الليث بن سعد‪ ،‬حيث يقول‪:‬‬
‫أحب أن أعامل الناس على قدري!! فانظر ما هو‬
‫قدرك وتعامل به‪ ،‬فل تظهر المهانة أو الترفع على‬
‫شريكتك بل ارفعها دائما ً واجعلها تحس أنها أهم‬
‫إنسانة في الوجود بالنسبة لك‪ .‬من هنا سوف تكسب‬
‫ولن تخسر أبدًا‪.‬‬
‫‪ - 3‬ليحرص الزوج على قول الطيب من الكلم‪ .‬فل‬
‫تضرب الوجه ول تقبح‪ .‬كما أوصى بذلك رسول الله‪،‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬وحتى إن كنت في منتهى‬
‫غضبك تجنب تقبيح زوجتك وشريكة دربك في الحياة‪.‬‬
‫لن هذا سوف يجرح نفسها ويؤذيها‪ ..‬وأعظم من‬
‫ذلك أنك تخالف أمر نبيك وحبيبك محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬

‫) ‪(1/216‬‬

‫‪ - 4‬تعود الستماع منها ومشاركتها أحزانها كما‬


‫تشاركها أفراحها‪ .‬خذ بمشورتها في بعض جوانب‬
‫الحياة التي تخصكم كشركاء‪ .‬وهنا أنصح كل واحد منا‬
‫أن يقرأ حديث أم زرع الذي روته أمنا عائشة رضي‬
‫الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومع‬
‫طول الحديث‪ ،‬كان الحبيب محمد يستمع‪ ..‬بل يستمع‬
‫إليها بكل عناية وأدب صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ - 5‬الزينة‪ ..‬أخي الزوج تزين لزوجتك كما تحب أن‬
‫تتزين هي لك‪ .‬أكثر من الطيب‪ ،‬عود نفسك على‬
‫السواك‪ ،‬وأحسن من تصفيف شعرك‪ ..‬ل تعتقد أن‬
‫هذا الفعل شئ جديد وبدعا ً من القول‪ .‬ل‪ ..‬بل كان‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وذلك بعض صحابته‬
‫رضي الله عنهم يتزينون لزوجاتهم‪.‬‬
‫‪ - 6‬في كل يوم‪ ..‬احرص على أن تظهر وتتصرف مع‬
‫زوجتك وكأن هذا اليوم‪ ..‬هو أول يوم في زواجكما‪.‬‬
‫) ‪(1/217‬‬

‫من أسرار السعادة الزوجية لمن رامها وابتغاها )‪(1‬‬

‫ل ينظر السلم للزواج باعتباره ارتباطا ً بين جنسين‬


‫فحسب‪ ،‬وإنما يعتبره علقة متينة وشراكه وثيقة ل‬
‫تنفصم عراها تجمع بين متعاقدين لبناء أسرة‬
‫متماسكة تربطها روابط الرحم‪ ،‬ومن ثم فقد أكد أن‬
‫ن‬ ‫قوامها الوداد والتراحم والتعايش‪} .‬ومن آ َيات ِ َ‬
‫هأ ْ‬ ‫َ ِ ْ َ ِ‬
‫فسك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع َ‬‫ج َ‬‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬‫وا ً‬
‫م أْز َ‬‫ن أن ْ ُ ِ ْ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ق ل َك ُ ْ‬‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫ت لِ َ‬ ‫َ‬
‫ك َلَيا ٍ‬ ‫في ذَل ِ َ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫وم ٍ‬‫ق ْ‬ ‫ن ِ‬‫ة إِ ّ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬
‫ودّةً َ‬
‫م َ‬ ‫م َ‬
‫ن{ الروم‪21:‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ومثلما أن هناك عوامل وأسبابا ً يمكن أن تساهم في‬
‫تعكير صفو هذه العلقة‪ ،‬وربما تؤدي إلى هدمها‪،‬‬
‫فكذلك ثمة عوامل وأسباب يمكن أن تقوي هذه‬
‫العلقة وتزيد من متانتها وتساعد على غرس وتنمية‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البرق‬

‫) ‪(1/218‬‬

‫السعادة الزوجية والمحافظة عليها بين الزوجين‪،‬‬


‫ولعلنا نحاول أن نصل معا ً إلى أهم تلك السباب‬
‫متمثلة في النقاط التالية‪:‬‬

‫‪ - 1‬التدين الراشد‪:‬‬
‫اللتزام بأوامر الله عز وجل والكثار من ذكره والبعد‬
‫عن معاصيه‪ ،‬به تنشرح النفوس وتطمئن القلوب‪.‬‬
‫قُلوب{ الرعد‪28:‬‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ه ت َطْ َ‬
‫مئ ِ ّ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫}أَل ب ِ ِ‬
‫ذك ْ ِ‬
‫وحينما نقول‪ :‬إن التدين ينبغي أن يكون راشدا ً فليس‬
‫من أجل استتباب الحياة الزوجية فقط‪ ،‬بل الحياة‬
‫كلها‪ ،‬بمعنى أن يكون التدين شامل ً عاما‪ ،‬يشمل كافة‬
‫مناحي الحياة اليومية‪ ،‬فالعبادات والقربات من‬
‫الدين‪ ،‬وحسن التعامل مع الخرين من الدين‪ ،‬وصلة‬
‫الرحم‪ ،‬والبتسامة‪ ،‬وأداء الواجبات والحقوق للناس‪،‬‬
‫فكلها من أمور الدين‪ ،‬كما لبد أن‬

‫) ‪(1/219‬‬
‫يكون التدين متوازنا ً فليس من الفقه التوسع في‬
‫النوافل مع إهمال حقوق الزوج أو رغباته أو العكس‪،‬‬
‫ولذلك ل يشرع للمرأة صيام النفل إل بإذن زوجها‪.‬‬
‫والشيطان قرين الغافلين عن الله وشرعه‪ ،‬وهو من‬
‫أهم العوامل المفضية لغرس الكراهية وبث البغضاء‬
‫بين الزوجين وله في ذلك طرق ووسائل شتى وحيل‬
‫وحبائل عديدة‪ ،‬بل إن أدنى أعوان إبليس إليه منزلة‬
‫هو ذلك الذي يعمد إلى التفريق بين الزواج ويفلح‬
‫في إيقاع الطلق بينهم‪ ،‬قال رسول الله صلى الله‬
‫م‬‫ء ثُ ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ش ُ‬‫عْر َ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ُ‬ ‫س يَ َ‬ ‫ن إ ِب ِْلي َ‬‫عليه وسلم ‪» :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫فأ َدَْنا ُ‬
‫جيءُ‬ ‫ة يَ ِ‬‫فت ْن َ ً‬‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫م ُ‬ ‫عظَ ُ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫زل َ ً‬
‫من ْ ِ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬‫م ِ‬‫ه ْ‬ ‫سَراَياهُ َ‬‫ث َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ي َب ْ َ‬
‫شي ًْئا‬ ‫ت َ‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬‫ذا َ‬ ‫َ‬
‫وك َ‬ ‫َ‬
‫تك َ‬ ‫ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬‫في َ ُ‬
‫م َ‬ ‫َ‬
‫ع َ‬ ‫صن َ ْ‬‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫ذا َ‬ ‫عل ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ْ‬
‫حد ُ ُ‬ ‫أ َ‬
‫جيءُ‬ ‫ل ثُ ّ‬
‫م يَ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/220‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مَرأت ِ ِ‬
‫نا ْ‬
‫وب َي ْ َ‬
‫ه َ‬
‫ت ب َي ْن َ ُ‬ ‫فّر ْ‬
‫ق ُ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ت ََرك ْت ُ ُ‬‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫حد ُ ُ‬
‫أ َ‬
‫ت« )‪. (1‬‬ ‫َ‬ ‫قو ُ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫م أن ْ َ‬
‫ع َ‬
‫ل نِ ْ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬‫ه ِ‬
‫في ُدِْني ِ‬

‫‪ - 2‬البعد عن الروتين وضرورة التجديد ‪:‬‬


‫فالنسان بطبعه يحب التجديد في كل أمر من أمور‬
‫دنياه‪ ،‬والروتين أحد أسباب الملل وجلب الكآبة‪ ،‬لذلك‬
‫ينبغي على الزوج والزوجة أن يضفيا على حياتهما‬
‫نوعا ً من التغيير وأل يعكفا على نمط واحد‪ ،‬كأن‬
‫تجتهد الزوجة في تغيير زينتها بما يناسبها‪ ،‬أو تتعلم‬
‫نوعا ً جديدا ً من الطعمة والمشهيات فتضيفه إلى‬
‫مائدتهما‪ ،‬وعليها كذلك من وقت لخر أن تغير من‬
‫صورة بيتها بنقل الثاث وتحويره من مكان إلى آخر‪،‬‬
‫والزوج مطالب كذلك بأن يكسر الروتين بوسائل‬
‫كثيرة منها على سبيل المثال‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪5032‬‬

‫) ‪(1/221‬‬

‫الخروج مع أهله للترويح عن النفس من خلل‬


‫الرحلت المشروعة من دون إفراط ول تفريط‪.‬‬

‫‪ - 3‬غض الطرف عن بعض الهفوات واجب الزوجين ‪:‬‬


‫فالكمال ليس من سمة البشر‪ ،‬بل الصل في البشر‬
‫الخطأ والزلل‪ ،‬ولذلك فمن الحق والعدل أن يغض‬
‫الزوج والزوجة طرفهما عن الخطاء الصغيرة‬
‫والهفوات العابرة‪ ،‬كما قال رسول الله صلى الله‬
‫ها‬
‫من ْ َ‬ ‫ن كَ ِ‬
‫ره َ ِ‬ ‫ة إِ ْ‬
‫من َ ً‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ُ‬
‫م ٌ‬
‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫فَر ْ‬
‫ك ُ‬ ‫عليه وسلم‪َ» :‬ل ي َ ْ‬
‫خَر« )‪(1‬‬ ‫ها آ َ‬ ‫من ْ َ‬
‫ي ِ‬
‫ض َ‬ ‫خل ُ ً‬
‫قا َر ِ‬ ‫ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،2672‬ل يفرك أي ‪ :‬ل يبغض‬

‫) ‪(1/222‬‬

‫‪ - 4‬الملطفة من أسباب دوام المحبة ‪:‬‬


‫فعلى كل من الزوج والزوجة أن يحرص كل واحد‬
‫على ملطفة الخر وملعبته والمزاح معه‪ .‬فقد كان‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه برغم جديته وشدته‬
‫يقول‪) :‬ينبغي للرجل أن يكون في أهله كالصبي فإن‬
‫ل(‪.‬‬‫كان في القوم كان رج ً‬
‫ي‬ ‫ها َ‬ ‫َ‬
‫ع الن ّب ِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫وروت عائشة رضي الله عنها‪» :‬أن ّ َ‬
‫ه‬
‫قت ُ ُ‬ ‫ساب َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ف ٍ‬‫س َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫سل ّ َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫قت ُ ُ‬ ‫ساب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ّ‬
‫ت الل ْ‬ ‫مل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ح َ‬
‫ما َ‬ ‫َ‬
‫فل ّ‬ ‫ي َ‬ ‫َ‬
‫جل ّ‬ ‫ر ْ‬
‫على ِ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫سب َ ْ‬
‫قت ُ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ة« )‪(1‬‬ ‫ق ِ‬‫سب ْ َ‬ ‫ك ال ّ‬‫ه ب ِت ِل ْ َ‬‫ذ ِ‬‫ه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫قِني َ‬ ‫سب َ َ‬‫ف َ‬ ‫َ‬

‫‪ - 5‬احتواء المشاكل الطارئة وسرعة معالجتها ‪:‬‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪2214‬‬

‫) ‪(1/223‬‬

‫ومعالجتها أول ً بأول وعدم الهروب منها‪ ،‬فإن‬


‫تراكمها وتطورها يقود إلى نتائج غير محمودة‬
‫العواقب‪ ،‬ويجب أل يسيطر اليأس على أحد الزوجين‬
‫أو كليهما باستحالة الحل‪ ،‬فلكل مشكلة حل ولكل‬
‫خلف علج‪ ،‬وليحرص الزوجان على المحافظة على‬
‫أسرار حياتهما الزوجية وذلك من خلل الثنائية في‬
‫طرق المشاكل والتفاق على الحل وأل يوسعا دوائر‬
‫الخلف بإدخال أطراف أخرى لئل تتسرب السرار‬
‫وتتطور المشكلة‪ ،‬وإن كان لبد من مشاركة طرف‬
‫آخر فليكن الوسطاء من أهل العقل والتجربة‬
‫والحكمة والصلح وممن يحفظون أسرار البيوت‪.‬‬
‫‪ - 6‬تبادل الهدايا تغرس المحبة في النفوس ‪:‬‬
‫تبادل الهدايا بين الزواج لسيما هدايا الزوج للزوجة‪،‬‬
‫إحدى أسباب غرس المحبة بينهما‪ .‬قال رسول الله‬
‫وا‬
‫هادَ ْ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪» :‬ت َ َ‬
‫) ‪(1/224‬‬

‫حاّبوا« )‪ . (1‬فالهدية هي تعبير عن المودة وهي‬


‫تَ َ‬
‫كسر لجمود ورتابة العلقات النسانية فإن كانت مثل‬
‫هذه الهدايا تفعل فعلها وسط الصدقاء والمعارف‪.‬‬
‫فإن تأثيرها وسط الزواج أكثر فاعلية وأعظم أثرًا‪.‬‬
‫ول يشترط أن تكون الهدايا من تلك المقتنيات‬
‫الثمينة الفاخرة‪ ،‬لن الغرض من الهدية هو إظهار‬
‫مشاعر الود واللفة في المقام الول‪ ،‬وذلك يتحقق‬
‫بأي مستوى من القيمة المادية للهدية‪ ،‬ولكن عن‬
‫كانت الهدية من النوع الثمين فإن ذلك من أسباب‬
‫مضاعفة السعادة وزيادة المودة‪.‬‬

‫‪ - 7‬الغيرة المحمودة تؤثر على العلقة ‪:‬‬


‫مع عدم المبالغة في الغيرة بل تكون باعتدال وروية‪،‬‬
‫وهي بذلك تكون مؤشرا ً على محبة كل من الطرفين‬
‫للخر وعدم تفريطه فيه أو‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري في الدب المفرد ‪ ،612‬وحسن إسناده‬
‫اللباني في الرواء ‪1601‬‬

‫) ‪(1/225‬‬

‫السماح بالنيل منه بشكل غير مشروع‪ ،‬فيجب على‬


‫الزوج أن يعتدل في هذا الشأن‪ ،‬ول يبلغ إساءة الظن‬
‫والتعنت وتجسس البواطن‪ ،‬فقد نهى رسول الله‬
‫ن‬
‫صلى الله عليه وسلم عن تتبع عورات النساء‪» :‬إ ِ ّ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ض الل ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫ما ي َب ْ ُ‬‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬
‫و ِ‬
‫ل َ‬ ‫ج ّ‬ ‫و َ‬ ‫عّز َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫غي َْر ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ما‬
‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬‫و ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ّ‬‫و َ‬‫عّز َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ب الل ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫ء َ‬ ‫َ‬
‫خي َل ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ّ‬ ‫و َ‬ ‫عّز َ‬ ‫َ‬
‫عّز‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ّ‬
‫ب الل ُ‬ ‫ح ّ‬‫غي َْرةُ الِتي ي ُ ِ‬ ‫ما ال َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫و َ‬ ‫عّز َ‬ ‫ه َ‬ ‫ض الل ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫ي َب ْ ُ‬
‫َ‬
‫ض الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫غ ُ‬ ‫غي َْرةُ ال ِّتي ي َب ْ ُ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫في الّريب َ ِ‬ ‫غي َْرةُ ِ‬ ‫فال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ّ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ة« )‪ (1‬لن ذلك من سوء‬ ‫ريب َ ٍ‬ ‫ر ِ‬ ‫َ‬
‫في غي ْ ِ‬ ‫غي َْرةُ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل فال َ‬ ‫َ‬ ‫ج ّ‬ ‫و َ‬ ‫عّز َ‬ ‫َ‬
‫الظن الذي نهانا الله تعالى عنه‪ ،‬فإن بعض الظن إثم‪.‬‬
‫ويحكى أن سليمان عليه السلم قال لبنه ‪) :‬ل تكثر‬
‫الغيرة على أهلك‪ ،‬ولم تر منها سوءًا؛ فترمي بالشر‬
‫من أجلك‪ ،‬وإن كانت‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬النسائي ‪ ،2511‬وأحمد ‪ ،22630‬وحسنه اللباني‬
‫في الرواء ‪1099‬‬

‫) ‪(1/226‬‬

‫منه بريئة( )‪ ، (1‬وأما الغيرة التي تكون في محلها‬


‫فهي مطلوبة شرعا ً ولبد منها‪ ،‬فقد قال رسول الله‬
‫ن‬
‫وإ ِ ّ‬
‫غاُر َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يَ َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم في الحديث‪» :‬إ ِ ّ‬
‫غاُر‪(2) «..‬‬
‫ن يَ َ‬
‫م َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫فالمطلوب إذا ً هو العتدال بحيث يغار الزوج في‬
‫المواطن التي تجب فيها الغيرة‪ ،‬وُيمسك فيما عدا‬
‫ذلك من غير ضعف ول تنطع‪.‬‬

‫‪ - 8‬العقلنية في الطلبات‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو نعيم في الحلية ‪ 71 / 3‬حدثنا سليمان بن‬
‫أحمد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أحمد بن عبد الوهاب‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫أبو المغيرة‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا الوزاعي‪ ،‬قال‪ :‬حدثني يحيى‬
‫بن أبي كثير قال‪ :‬قال سليمان لبنه‪ ،‬وكذا البيهقي‬
‫في شعب اليمان ‪ ، 842‬وابن عساكر في تاريخ‬
‫دمشق ‪22/285‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪ ،44959‬والترمذي ‪ 1088‬وقال حسن‬
‫غريب‬

‫) ‪(1/227‬‬

‫بحيث ل تكلف الزوجة زوجها بطلبات ترهق ميزانيته‬


‫أو وقته أو صحته وتضيف عليه أعباء جديدة خاصة إن‬
‫لم يكن قادرا ً على توفيرها‪ ،‬وكذلك الزوج مطالب هو‬
‫أيضا ً أل يحمل زوجته ما ل تطيق من أعباء وتكاليف‪،‬‬
‫سواء كان ذلك في التعامل أو المسؤوليات أو غيره‪.‬‬
‫سا إ ِّل‬ ‫ف الل ّ ُ‬
‫ه نَ ْ‬
‫ف ً‬ ‫قال تعالى في محكم تنزيله‪َ} :‬ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫ها{ البقرة‪286:‬‬
‫ع َ‬
‫س َ‬
‫و ْ‬
‫ُ‬

‫‪ - 9‬الحترام المتبادل يزيد في الود والمحبة‪:‬‬


‫ينبغي على الزوجة أن تحترم زوجها‪ ،‬وأن تعترف له‬
‫بالقوامة‪ ،‬وعدم منازعته في الختصاصات التي يجب‬
‫أن ينفرد بها‪ .‬وإنزاله منزلته التي أنزله الله إياها‪،‬‬
‫من كونه رب السرة وسيدها وحاميها والمسؤول‬
‫الول عنها‪ ،‬وإذا أرادت الزوجة أن تشاركه الرأي في‬
‫بعض اختصاصاته فيجب أن يتم ذلك بتلطف ولباقة‬
‫واختيار الوقت والزمان المناسبين‬

‫) ‪(1/228‬‬

‫لمناقشة مثل هذه القضايا وطرح الفكار‪ ،‬على أل‬


‫تصر الزوجة على رأيها أو موقفها إن وجدت منه‬
‫تمنعًا‪ ،‬بل عليها أن تؤجل المر حتى تسنح الفرصة‬
‫ويتهيأ بذلك المناخ لمناسب لمعاودة الطرح‪.‬‬

‫‪ - 10‬التشاور وتبادل الرأي ‪:‬‬


‫ويتم ذلك من خلل عقد جلسات عائلية داخل المنزل‬
‫من وقت لخر يتشاور فيها الزوجان عما يجب عمله‬
‫في المور المهمة في حياتهما المشتركة‪ ،‬ويتم من‬
‫خلل ذلك تقويم تجاربهما الماضية والتخطيط‬
‫للمستقبل‪ .‬وذلك عبر رؤية مشتركة‪ .‬فإن القرارات‬
‫إذا ُأخذت باتفاق لشك أنها أفضل من نظيراتها‬
‫الفردية‪.‬‬

‫‪ - 11‬ضبط النفس وعدم التنابز ‪:‬‬

‫) ‪(1/229‬‬

‫يجب ضبط النفس عند وقوع الخلفات بين الزوجين‪،‬‬


‫والبعد عن استخدم العبارات الجارحة أو انتهاج‬
‫السلوك المؤذي بين الزوجين‪ .‬كأن يعير الزوج زوجته‬
‫بنقص فيها‪ ،‬أو أن تخدش الزوجة زوجها بنقائصه‪،‬‬
‫خاصة إن كانت تلك النقائص مما ل يؤثر في الدين‬
‫والخلق أو يجرح الستقامة والسلوك‪ ،‬وفي ذلك يجب‬
‫أن يكون النقد أو التوجيه بأسلوب رقيق تلميحا ً ل‬
‫تصريحا ً ثم المصارحة بأسلوب المشفق الودود‪،‬‬
‫وليس هناك أي مبرر مثل ً لكي يعيب الزوج على‬
‫الزوجة عدم إتقانها لفن الطبخ‪ ،‬بل عليه بدل ذلك أن‬
‫يحضر لها الكتب المتخصصة في هذا الشأن‪ .‬ومن‬
‫الممكن أن يوجهها بعبارات لئقة كأن يقول لها لو‬
‫فعلت ذلك لكان خيرا ً ولو امتنعت عن ذلك لكان‬
‫أفضل‪ ،‬فرسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ً ما‬
‫كان يصحح الخطاء تلميحا ً ل تصريحا ً فكان يقول » َ‬
‫ما‬
‫م« )‪ ، (1‬وكذلك أيضا ً ما عاب طعاما ً قط‪،‬‬‫وا ٍ‬ ‫ل أَ ْ‬
‫ق َ‬ ‫َبا ُ‬
‫فالنتقاد الحاد‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬انظر مثل ً ‪ :‬البخاري ‪ ،708 ،436‬ومسلم ‪،2487‬‬
‫والنسائي ‪ ،938‬والترمذي ‪ ،2050‬وأبو داود ‪،779‬‬
‫وابن ماجه ‪2007‬‬

‫) ‪(1/230‬‬

‫والهجوم الصارخ من الممكن أن يقود إلى التعنت‬


‫ويؤدي إلى العزة بالثم‪.‬‬

‫‪ - 12‬القناعة بمبدأ الخصوصية بين الزوجين‪:‬‬


‫عدم السماح للغير )خاصة القربين( بالتدخل في‬
‫الحياة الزوجية وتناول المور الخاصة بالزوجين‪.‬‬
‫فأغلب هذه التدخلت ل تأتي بخير‪ ،‬فأهل الزوجة‬
‫غالبا ً ما يتدخلون لصالح ابنتهم وكذلك فأهل الزوج‬
‫يتدخلون لمناصرة ابنهم‪ ،‬المر الذي يعمل على إيجاد‬
‫المشاكل وتأزمها بين الزوجين‪ .‬وكثيرا ً من الخلفات‬
‫الزوجية إنما تنجم بسبب تدخلت القارب في‬
‫الشئون الزوجية‪ ،‬فحياة الزوجين هي ملك لهما فقط‬
‫ل ينبغي أن ُتعكر صفوها التدخلت الخارجية مهما‬
‫كانت درجة القرابة‪.‬‬

‫) ‪(1/231‬‬

‫‪ - 13‬العدل ‪:‬‬
‫إذا كان الرجل متزوجا ً أكثر من واحدة فيجب عليه‬
‫الجتهاد أن يعدل بين أزواجه‪ ،‬وأل يفضل إحداهما أو‬
‫إحداهن دون غيرها‪ ،‬فالشعور بالظلم من قبل‬
‫الزوجة سيولد مشاكل ولربما يكون سببا ً في هدم‬
‫العلقة الزوجية‪.‬‬
‫كما انه ليس من الحكمة في شيء أن يبوح الزوج‬
‫بحبه وتقديره لحدى زوجاته دون غيرها من نسائه‬
‫في وجود الضرة‪ ،‬ول أن يتكلم عن محاسن وإيجابيات‬
‫إحداهما في وجود الخرى حتى وإن كان صادقا ً‬
‫ومحقا ً في ذلك‪.‬‬
‫فطَِرت عليها النساء ولم يسلم‬‫فالغيرة ُتعد طبيعة ُ‬
‫منها حتى أمهات المؤمنين من زوجات رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فعائشة‬

‫) ‪(1/232‬‬

‫كانت تغار من خديجة رضي الله عنهما برغم أنها لم‬


‫تدركها‪ ،‬وكانت تنكر على رسول الله صلى الله عليه‬
‫ه‬ ‫قدْ أ َب ْدَل َ َ‬
‫ك الل ّ ُ‬ ‫وسلم مدحه وثناءه عليها‪ ،‬فتقول‪َ ) :‬‬
‫ها( )‪ ، (1‬فإن كان هذا هو شأن عائشة مع‬ ‫من ْ َ‬
‫خي ًْرا ِ‬
‫َ‬
‫خديجة رضي الله عنهما‪ ،‬فكيف يكون الحال بالنسبة‬
‫لمن عداها من النساء؟!‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬وهو من كلم السيدة عائشة رضي الله عنها‪،‬‬
‫البخاري ‪ ،3536‬ومسلم ‪4467‬‬

‫) ‪(1/233‬‬

‫همسات لكل زوج حتي ُيرضي زوجته‬

‫ك‪...‬‬
‫همسات‪ ...‬في أذن زوج ِ‬

‫أيها الزوج‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا تكلفك يا عبد الله البسمة في وجه زوجك عند‬
‫دخولك على زوجتك كي تنال الجر من الله؟‬
‫‪ -‬ماذا تكلفك طلقة الوجه عند رؤيتك أهلك وأولدك؟‬
‫‪ -‬هل يضيرك ويرهقك يا عبد الله أن تقبل على‬
‫زوجتك تقبلها وتلعبها وأنت داخل عليها؟‬
‫ي‬
‫‪ -‬وهل يشق عليك أن ترفع لقمة وتضعها في ف ّ‬
‫امرأتك حتى تنال الثواب؟‬
‫ما‬
‫‪ -‬هل من العسير أن تدخل البيت فتلقي السلم تا ّ‬
‫ل‪ :‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته حتى تنال‬ ‫كام ً‬
‫ثلثين حسنة؟‬
‫‪-‬‬

‫) ‪(1/234‬‬
‫ماذا عليك إذا تكلمت كلمة طيبة ترضي بها زوجتك‬
‫ولو تكلفت فيها‪ ،‬وإن كان فيها شيء من الكذب‬
‫قو ُ‬
‫ل‬ ‫وي َ ُ‬‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ح ب َي ْ َ‬‫صل ِ ُ‬‫ذي ي ُ ْ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫ذا ُ‬‫س ال ْك َ ّ‬‫المباح؟ »ل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫م ّ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫ص ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ع ي َُر ّ‬‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫خي ًْرا‪َ ،‬‬ ‫مي َ‬ ‫وي َن ْ ِ‬
‫خي ًْرا َ‬‫َ‬
‫ن‬
‫ح ب َي ْ َ‬ ‫صَل ُ‬ ‫واْل ِ ْ‬
‫ب َ‬ ‫حْر ُ‬ ‫ث ال ْ َ‬ ‫في ث ََل ٍ‬ ‫ب إ ِّل ِ‬ ‫ذ ٌ‬ ‫س كَ ِ‬ ‫ل الّنا ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ها« )‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫مْرأ ِ‬‫ث ال ْ َ‬ ‫دي ُ‬ ‫ح ِ‬
‫و َ‬‫ه َ‬ ‫مَرأت َ ُ‬ ‫لا ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ث الّر ُ‬ ‫دي ُ‬
‫ح ِ‬‫و َ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا ِ‬
‫‪(1‬‬
‫‪ -‬ل أظن أنك ترهق وتتعب إذا قلت لزوجتك عند‬
‫ً‬
‫دخولك‪ :‬يا حبيبتي منذ خروجي من عندك صباحا إلى‬
‫ي عام‪..‬‬ ‫الن وكأنه قد مّر عل ّ‬
‫‪ -‬سل عن زوجتك عند دخولك عليها وسل عن‬
‫أحوالها‪.‬‬
‫‪ -‬هل سترهق يا عبد الله إذا دعوت وقلت‪ :‬اللهم‬
‫أصلح لي زوجي وبارك لي فيها؟‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،4717‬والبخاري في الدب المفرد ‪397‬‬

‫) ‪(1/235‬‬

‫الكلمة الطيبة صدقة‪.‬‬ ‫‪-‬‬


‫م في وجهها صدقة‪.‬‬ ‫ه وتبس ٌ‬
‫طلقة وج ٍ‬ ‫‪-‬‬
‫إلقاء السلم فيه حسنات‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مصافحة يدها فيها وضع للخطايا‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ع فيه أجر‪.‬‬‫جما ٌ‬ ‫‪-‬‬

‫ك‪...‬‬
‫وأنت أيتها الزوجة‪ :‬همسة في أذن ِ‬

‫أيتها الزوجة‪:‬‬
‫‪ -‬هل ُيضيرك أن تقابلي زوجك عند دخوله بوجه طلق‬
‫مبتسم؟‬

‫) ‪(1/236‬‬

‫ك أن تمسحي الغبار عن وجهه ورأسه‬ ‫‪ -‬هل يشق علي ِ‬


‫وثوبه وُتقبليه؟‬
‫ت عند دخوله فلم‬‫‪ -‬أظنك لن ترهقي إذا انتظر ِ‬
‫تجلسي حتى يجلس!!‬
‫‪ -‬ما أخاله عسيرا ً عليك أن تقولي له‪ :‬حمدا لله علي‬
‫ً‬
‫ق إلى قدومك‪ ،‬مرحبا ً بك‬ ‫سلمتك‪ ..‬نحن في شو ٍ‬
‫وأه ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -‬تجملي لزوجك ‪ -‬واحتسبي ذلك عند الله فإن الله‬
‫جميل يحب الجمال ‪ -‬تطيبي ‪ -‬اكتحلي‬
‫ك من‬ ‫ك ثم إيا ِ‬
‫‪ -‬البسي ثيابك لستقبال زوجك‪ ،‬إيا ِ‬
‫البؤس والتباؤس‪.‬‬
‫‪ -‬ل تصغي ول تستمعي إلى مخبب مفسد يخببك‬
‫ويفسدك على زوجك‪.‬‬

‫) ‪(1/237‬‬

‫‪ -‬ل تكوني دائما ً مهمومة حزينة بل تعوذي بالله من‬


‫الهم والحزن والعجز والكسل‪.‬‬
‫ك الذي في قلبه‬‫‪ -‬ل تخضعي لرجل بالقول فيطمع في ِ‬
‫مرض ويظن بك السوء‪.‬‬
‫‪ -‬كوني منشرحة الصدر هادئة البال ذاكرة لله على‬
‫كل حال‪.‬‬
‫وني على زوجك ما يحل به من متاعب وآلم‬ ‫ه ّ‬
‫‪َ -‬‬
‫ومصائب وأحزان‪.‬‬
‫مريه ببر أمه وأبيه‪.‬‬ ‫‪ُ -‬‬
‫) ‪(1/238‬‬

‫‪ -‬أحسني تربية أولدك واملئي البيت تسبيحا ً وتهليل ً‬


‫وتمجيدا ً وتكبيرا ً وتحميدًا‪ ،‬وأكثري من تلوة القرآن‬
‫وخاصة سورة البقرة فإنها تطرد الشيطان )كما ورد‬
‫في الحديث الصحيح( )‪. (1‬‬
‫‪ -‬انزعي من بيتك التصاوير وآلت اللهو والطرب‬
‫والفساد‪.‬‬
‫‪ -‬أيقظي زوجك لصلة الليل وحثيه على صيام‬
‫التطوع وذكريه بفضل النفاق ول تمنعيه من صلة‬
‫الرحام‪.‬‬
‫‪ -‬أكثري من الستغفار لنفسك وله ولوالديك ولعموم‬
‫دعي الله بصلح الذرية وصلح النية‬ ‫المسلمين‪ ،‬وا ْ‬
‫وخيري الدنيا والخرة‪،‬‬
‫__________‬
‫قرأ ُ‬
‫ت ال ّ ِ‬
‫ذي ت ُ ْ َ‬ ‫ن ال ْب َي ْ ِ‬
‫م ْ‬
‫فُر ِ‬
‫ن ي َن ْ ِ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫)‪ (1‬ونصه »إ ِ ّ‬
‫ة« رواه مسلم ‪ ،1300‬والترمذي‬ ‫قَر ِ‬‫سوَرةُ ال ْب َ َ‬
‫ه ُ‬
‫في ِ‬
‫ِ‬
‫‪ 2802‬وقال حسن صحيح‬
‫) ‪(1/239‬‬

‫حين فيه‪،‬‬
‫واعلمي أن ربك سميع الدعاء يحب المل ّ‬
‫َ‬
‫م{ غافر‪60:‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫ج ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫ل َرب ّك ُ ُ‬
‫م اد ْ ُ‬ ‫و َ‬
‫قا َ‬ ‫} َ‬
‫وأخيرًا‪..‬أسأل الله تعالي أن يدخلنا جنات تجري من‬
‫تحتها النهار‪.‬‬

‫) ‪(1/240‬‬

‫تذكير الرجال بعدم إهمال نسائهم وذراريهم ممن‬


‫جعلهم الله تحت أيديهم وعدم النشغال عنهم )‪(1‬‬

‫أخي الكريم حفظك الله ورعاك وعلى الخير و سدد‬


‫خطاك‬
‫أخي الكريم اعلم علمك الله أن الستقامة على كتاب‬
‫الله وسنة رسوله ليست بالمر الهين‬
‫بل معناها ‪ :‬أن نستقيم في أقوالنا وأفعالنا كلها لله‬
‫تعالى‬
‫وليس معناها أن أتدين في ظاهري دون باطني‬
‫بل أخي الظاهر عنوان الباطن‬
‫َ‬
‫د‬
‫س ِ‬
‫ج َ‬ ‫في ال ْ َ‬‫ن ِ‬ ‫وقد قال صلى الله عليه وسلم ‪» :‬أَل َ‬
‫وإ ِ ّ‬
‫د‬
‫س َ‬
‫ف َ‬ ‫ت َ‬
‫سد َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ذا َ‬
‫وإ ِ َ‬ ‫سدُ ك ُل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ج َ‬‫ح ال ْ َ‬ ‫صل َ َ‬
‫ت َ‬ ‫ح ْ‬‫صل َ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬
‫غ ً‬‫ض َ‬
‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ب« )‪. (2‬‬ ‫قل ُ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬
‫و ِ‬‫ه أل َ‬ ‫سدُ ك ُل ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ال َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬السرة والمجتمع‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،50‬مسلم ‪2996‬‬

‫) ‪(1/241‬‬

‫أخي الكريم ‪ :‬أنه مما ينبغي لنا مراعاته فيما بيننا أن‬
‫نهتم كثيرا بأنفسنا التي بين جنبينا وذلك بأمرين ‪:‬‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫في ِ‬
‫ث ِ‬
‫ع ْ‬‫واب ْ َ‬
‫التعليم والتزكية وقد قال تعالى ‪َ} :‬رب َّنا َ‬
‫ب‬‫م ال ْك َِتا َ‬‫ه ُ‬‫م ُ‬‫عل ّ ُ‬
‫وي ُ َ‬
‫ك َ‬ ‫م آَيات ِ َ‬ ‫ه ْ‬
‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬
‫م ي َت ُْلو َ‬
‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬‫سول ً ِ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬
‫م{ البقرة‪:‬‬ ‫كي ُ‬‫ح ِ‬‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ت ال ْ َ‬
‫ع ِ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬
‫ه ْ‬
‫كي ِ‬‫وي َُز ّ‬‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫حك ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪ ،129‬فهما أمران بهما فلح أنفسنا عند ربنا إن شاء‬
‫الله‪.‬‬
‫وكما أننا نهتم بتهذيب أنفسنا والقيام بحقوقها فبين‬
‫أيدينا أهلونا وأولدنا وكما قيل أكبادنا تمشي على‬
‫الرض لبد أن نحسن عشرتهم وأن نتقي الله فيهم‬
‫وكم وكم هم هولء الذين يخلفون أولدا لهم‬
‫وزوجات خلفهم وللسف هم آخر اهتماماتهم ل‬
‫يرفعون لهم رأسا أبدا ول يهتمون بشؤونهم ول‬
‫يقيمون على مصالحهم وهم في آخر الركب عندهم‬
‫وللسف الكبير تجد رب السرة وللسف قد اهتم‬
‫بنفسه فقط وقام به إن فعل ذلك حقا فاهتم‬
‫بتقصير ثيابه وإعفاء لحيته وتطيبه جزاه الله خيرا‬
‫وقد يتعدى المر إلى أن يخرج خارج بيته ويهتم‬
‫بدعوة الناس إلى الله تطبيقا لمر الله في الدعوة‬
‫ويبذل قصارى جهده في ذلك جزاه الله خيرا ولكن‬
‫نقول ولمن أخي تركت أهل بيتك ؟ زوجك الحبيبة‬
‫وأم أولدك‬

‫) ‪(1/242‬‬

‫المحبة لك حقا وأولدك‪،‬من يهتم بهم بعدك ولمن‬


‫تركتهم أخي الكريم ؟ وهل كان نبينا صلى الله عليه‬
‫وسلم كذلك ؟ وهل أوصانا بذلك ؟‪.‬‬

‫لماذا الذين يتدينون اليوم بهذا المستوى من‬


‫التفكير ؟ أو قل التدبير ؟ أين نحن من تعاليم القرآن‬
‫والسنة حقا وصدقا ؟ أمرنا والله مع أهلونا عجيب‬
‫غريب وحالنا يرثى إلى لله أليست المسؤولية ملقاة‬
‫على عواتقنا ؟ ومن يهتم بهم إن لم نقم بهذه‬
‫المسؤولية العظيمة ؟ إن النطلقة الصحيحة تبدأ‬
‫بالبيت حقيقة ل بالخارج كما هو واقع اليوم ل والله‬
‫إنها بداية خاطئة ‪ ،‬وقد ل يكتب لها الستمرار لن ما‬
‫بني على باطل فهو باطل‪.‬‬
‫إن ما وهبنا الله من الزواج والولد إنما هو رزق منه‬
‫تعالى ونعمة عظيمة ما أجلها والله وما أعظمها‪ .‬كم‬
‫من الناس قد حرموا ذلك الرزق وتلك النعمة قال‬
‫فسك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ع َ‬
‫ج َ‬‫و َ‬ ‫واجا ً َ‬ ‫م أْز َ‬ ‫ن أن ْ ُ ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫ج َ‬
‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫تعالى ‪َ } :‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ن الطي َّبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُ ْ‬
‫وَرَز َ‬
‫فدَةً َ‬ ‫ح َ‬‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ب َِني َ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن أْز َ‬‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ن{ النحل‪:‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫م ي َك ْ ُ‬‫ه ْ‬
‫ه ُ‬ ‫ت الل ّ ِ‬‫م ِ‬ ‫ع َ‬‫وب ِن ِ ْ‬
‫ن َ‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫ل يُ ْ‬ ‫فِبال َْباطِ ِ‬ ‫أَ َ‬
‫‪ ،72‬وسبحان الله مع ما قد‬

‫) ‪(1/243‬‬
‫يحصل منهم من العداء لنا أحيانا إل أن الله يأمرنا‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫بالصفح والعفو عنهم قال تعالى ‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫آمُنوا إن من أ َزواجك ُم َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫حذَُرو ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫وا ً ل َك ُ ْ‬ ‫عد ُ ّ‬‫م َ‬ ‫ولِدك ُ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ِ ّ ِ ْ ْ َ ِ ْ َ‬ ‫َ‬
‫م{‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬‫ّ‬ ‫فُروا َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫غ ِ‬ ‫وت َ ْ‬‫حوا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ص َ‬ ‫وت َ ْ‬
‫فوا َ‬ ‫ع ُ‬‫ن تَ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫التغابن‪14:‬‬
‫فكم هي تلك النعمة الغالية أخي الكريم التي سبغها‬
‫الله علينا ولنكن على حذر عظيم من عدم شكر نعم‬
‫ة‬
‫م َ‬ ‫ع َ‬‫دوا ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫الله التي ل تعد علينا ول تحصى } َ‬
‫م{ النحل‪ ،18:‬أو ل‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ها إ ِ ّ‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬‫ه ل تُ ْ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫نقوم بها كما أمرنا الله تعالى أول نغير ما بأنفسنا‬
‫من التعامل مع تلك النعم من السيء إلى التعامل‬
‫الحسن الذي أمرنا الله به حذار حذار أخي في الله‬
‫فإن المر حينئذ جد خطير والخطب جد جلل يقول‬
‫غيرا ً ن ِعم ً َ‬ ‫ربنا تعالى ‪} :‬ذَل ِ َ َ‬
‫ها‬
‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫ة أن ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫م َ ّ‬ ‫ك ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬
‫فسهم َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫مي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫ما ب ِأن ْ ُ ِ ِ ْ َ‬ ‫غي ُّروا َ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫م{ النفال‪.53:‬‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫َ‬
‫كلنا والله مسؤول أمام ربنا تعالى‪ ،‬ووالله لنسأل عن‬
‫عشرتنا مع أهلينا وأولدنا‪ ،‬فاتق الله يا عبد الله في‬
‫أهل بيتك قبل أن تنتقل في دعوتك واهتماماتك لمن‬
‫شيَرت َ َ‬
‫ك‬ ‫حولك إن الله تعالى يقول لنبيه ‪َ } :‬‬
‫ع ِ‬ ‫ذْر َ‬ ‫وأن ْ ِ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/244‬‬

‫ن{ الشعراء‪ ،214:‬وهو خطاب لنا جميعا فهل‬ ‫قَرِبي َ‬ ‫اْل َ ْ‬


‫نحن فعل قمنا بحق لك المسؤولية التي ألقاها الله‬
‫على كواهلنا ؟‬
‫ع‬
‫م َرا ٍ‬ ‫ه صلى الله عليه وسلم )‪» (1‬ك ُل ّك ُ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫قال َر ُ‬
‫ن‬ ‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سُئو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫ْ‬ ‫سُئو ٌ‬ ‫وك ُل ّك ُ ْ‬
‫م َرا ٍ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه ال ِ َ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬
‫في أ َ‬
‫ن َر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫ْ َ ّ ِ‬ ‫ي‬‫ع‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ل‬ ‫ٌ‬ ‫ئو‬ ‫ُ‬ ‫س‬ ‫م‬
‫ِ َ َ َ ْ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬‫َ ٍ‬ ‫را‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫وال‬
‫َ ّ ِ َ ّ ُ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ر‬
‫ها‬‫عي ّت ِ َ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬
‫سئول ٌ‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫ها َ‬ ‫ج َ‬ ‫و ِ‬ ‫ت َز ْ‬ ‫في ب َي ْ ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫عي َ ٌ‬ ‫مْرأ َةُ َرا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ه َ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫ئو‬ ‫ُ‬ ‫س‬‫َ َ ْ‬‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫را‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬
‫في مال أ َ‬ ‫ََ ٍ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫بي‬
‫َ ِ ِ ِ‬ ‫َ ٍ ِ‬ ‫ع‬ ‫را‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ج‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫ر‬ ‫وال‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ت‬‫َ َ ِ ْ ُ‬‫ب‬‫س‬ ‫ح‬ ‫و‬
‫ه«‪.‬‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سُئو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫سُئو ٌ‬
‫م َرا ٍ‬ ‫وكلك ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫عب ْ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫»‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫الله‬ ‫صلى‬ ‫ه‬
‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬
‫َ ُ ِ‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫وقال‬
‫ش‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫غا‬ ‫ه الل ّ ُ َ ِ ّ ً َ ُ ُ َ ْ َ َ ُ ُ َ ُ َ‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫مو‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫مو‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫عي ِ‬ ‫ست َْر ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ة« )‪. (2‬‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ه إ ِّل َ‬ ‫عي ّت ِ ِ‬ ‫ل َِر ِ‬
‫وإني والله أعجب أشد العجب من حالنا ننشط كثيرا‬
‫جدا خارج بيوتنا في تعليم الناس وأولدهم وأهليهم‬
‫ثم نعود بيوتنا ونقابل الولد‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪2371‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪ ،203‬والدارمي ‪2852‬‬

‫) ‪(1/245‬‬

‫فنصرخ في وجهه ونقابل البنت فنعبس في وجهها‬


‫وهم ينادوننا أبي أبي وتنتظرنا زوجاتنا بفارغ الصبر‬
‫حتى يعود الب الكبير والمقدم عندهم وفي حياتهم‬
‫وإذا بهم يصدمون فيه وتخيب ظنونهم بعد طول‬
‫انتظار له ل يكلم ول يتكلم ما به ؟ فيه عبوس وفيه‬
‫غضب ول حول ول قوة إل بالله وهو تعب يريد الراحة‬
‫ولكن سرعان ما تتبدل هذه المور وبسرعة إذا علم‬
‫أن طارقا من أصحابه طرق الباب وإذا به شخصا آخر‬
‫غير ذلك الول فسبحان الله ! ألست يا أخي قبل‬
‫قليل أنت متعب ألست قبل قليل كنت عابسا ؟ ألم‬
‫تكن قبل قليل مجهدا ؟ لم تغيرت فجأة ؟ ما الذي‬
‫حصل أخي الكريم ؟ وكأنك نشطت من عقال‪.‬‬
‫إنها العلئق بينك وبين زوجك وأهل بيتك تركتها بل‬
‫وأهملتها حتى بردت بل وتكاد تكون قد تجمدت أل‬
‫تخشى أخي أن تنظر بعد ذلك لزوجك فل تجدها‬
‫بجانبك ؟ أل تخشى أنها تنحرف عن الجادة فتتعلق‬
‫بغيرك ل قدر الله وكله بسبب من ؟ ألست أنت‬
‫السبب الرئيسي في حرمانها من لذتها ؟ أتذكر ما‬
‫كان بينكما من ود ورحمة بداية زواجكما ؟ أين هي‬
‫الن ؟‬

‫) ‪(1/246‬‬

‫ومذ تعلقها بك وتلقك بها أيضا أين هذا كله أخي في‬
‫الله ؟ راجع نفسك يا عبد الله وانظر من أين بدأ‬
‫الخلل وأصلح أصلحك الله قبل أن يكون يوم ل تجد‬
‫فيه لك أي تقبل ول حتى مكانة أدرك نفسك وحياتك‬
‫فإنها ولشك قد وصلت فعل لمرحلة الخطر‬
‫كم شكى من شخص عانى من مثل تلك الحالة مع‬
‫أهله كان يسافر كثيرا ويترك أهله وكان أهله يمنعونه‬
‫من كثرة السفريات بكل ما أوتوا من الوسائل كانت‬
‫زوجه متعلقة به جدا ولكنه أكثر من سفرياته هنا‬
‫وهناك ومر زمان لم تعد زوجه تبالي بسفره بل مر‬
‫عليه وقت أصبحت تساعده على السفر فبدأ الزوج‬
‫يشك بها واكتشف فيما بعد أن زوجه وقعت في‬
‫الخيانة فعل أتدري ما هو سببها ؟ أنه زوجها‬
‫وباعترافه عاش أياما شديدة عصفت به وبحياته كلها‬
‫وآخرها تفككت السرة تفككا عجيبا وتغيرت المور‬
‫وتبدلت وحصل الفراق بين الزوجين وحصل الشتات‬
‫للولد ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫أتريد أخي في الله أن تكون حياتك مآلها إلى هذا‬
‫الذي سمعت ؟ أل تتذكر رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم وحياته مع زوجاته إن كنت‬

‫) ‪(1/247‬‬

‫صادقا فعل في تمسكك وإني أتساءل هل إخواني‬


‫التمسك يكون في جوانب فقط من دين الله ؟‬
‫والجوانب الخرى مهملة ؟ هل هذه حياة سعيدة ؟‬
‫كرك يا عبد الله بنعم الله عليك ببعض الحاديث في‬ ‫أ ُذَ ّ‬
‫حسن العشرة لعلك تؤوب وتتفكر في حالك وتدرك‬
‫نفسك قبل فوات الوان وقبل أن يأتي يوم ل ينفع‬
‫فيه مال ول بنون فيتعلق بك زوجك وأبناؤك‬
‫يحاسبوك على ما مضى من حياتك معهم فارع‬
‫سمعك لعل الله أن ينجيك مما أنت فيه‬
‫ع‬
‫مَتا ٌ‬
‫ه صلى الله عليه وسلم »الدّن َْيا َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬‫سو َ‬ ‫ل َر ُ‬‫قا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ة« )‪. (1‬‬
‫ح ُ‬
‫صال ِ َ‬ ‫ع الدّن َْيا ال ْ َ‬
‫مْرأةُ ال ّ‬ ‫مَتا ِ‬
‫خي ُْر َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫أرأيت النعمة الكبرى التي أنت فيها فغيرك لم يجد‬
‫تلك النعمة وأنت والحمد لله تخوض فيها فهل‬
‫تشكرها أو ل؟‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪2668‬‬

‫) ‪(1/248‬‬

‫مْرأ َةَ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫ه صلى الله عليه وسلم »إ ِ ّ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ن ت ََرك ْت َ َ‬
‫ها‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ها َ‬ ‫ها ك َ َ‬
‫سْرت َ َ‬ ‫م َ‬‫قي ُ‬
‫ت تُ ِ‬
‫هب ْ َ‬ ‫ذا ذَ َ‬‫ع إِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضل ِ‬ ‫كال ّ‬
‫ج« )‪. (1‬‬ ‫و ٌ‬‫ع َ‬‫ها ِ‬‫في َ‬‫و ِ‬‫ها َ‬ ‫ت بِ َ‬‫ع َ‬‫مت َ ْ‬‫ست َ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فيه وصاية بالنساء وفيها حث على الصبر عليهن فلو‬
‫كرهت شيئا منها فستحب جوانب كثيرة فيها فل‬
‫تقبحها دوما وتهزأ بها أو تعرض عنها وتهملها فتكون‬
‫ظالما‪.‬‬
‫والله تعالى حّرم الظلم على نفسه وعلى عباده‪،‬‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ع ِ‬ ‫وى َ‬ ‫ما َر َ‬ ‫في َ‬ ‫ى صلى الله عليه وسلم ِ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ت الظّل ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫حّر ْ‬ ‫عَباِدي إ ِّني َ‬ ‫ل »َيا ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫عاَلى أن ّ ُ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ت ََباَر َ‬
‫موا َيا‬ ‫ظال َ ُ‬ ‫فَل ت َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫حّر ً‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫عل ْت ُ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫عَلى ن َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫م َيا‬ ‫دك ُ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫دوِني أ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫هدَي ْت ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل إ ِّل َ‬ ‫ضا ّ‬ ‫م َ‬ ‫عَباِدي ك ُل ّك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫موِني‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ع ُ‬ ‫ست َط ِ‬ ‫ه فا ْ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن أط َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع إ ِل َ‬ ‫جائ ِ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫عَباِدي كلك ْ‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫وت ُ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫م ْ‬‫ر إ ِل َ‬ ‫ّ‬ ‫عا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫عَباِدي ك ُلك ُ ْ‬ ‫م َيا ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫أ ُط ِ‬
‫ْ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ن ِبالل ّي ْ ِ‬ ‫خطُِئو َ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عَباِدي إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫م َيا ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫سوِني أك ْ ُ‬ ‫ست َك ْ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫فُروِني أ ْ‬ ‫عا َ‬ ‫َ‬
‫وأَنا أ ْ‬ ‫َ‬
‫فْر‬ ‫غ ِ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫فُر الذُّنو َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ها ِ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫رو‬ ‫ّ‬ ‫ض‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫ري‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫غوا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ب‬
‫ْ ْ‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬
‫ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫دي‬ ‫َ ِ‬ ‫با‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫لَ ْ َ‬
‫يا‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬
‫َ‬ ‫عبادي ل َ َ‬
‫خَرك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وآ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ول َك ُ ْ‬ ‫نأ ّ‬ ‫وأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫عوِني َيا ِ َ ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫فت َن ْ َ‬ ‫عي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫غوا ن َ ْ‬ ‫ت َب ْل ُ ُ‬
‫م‬ ‫جن ّك ُ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫وإ ِن ْ َ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪4674‬‬

‫) ‪(1/249‬‬

‫في‬ ‫ك ِ‬ ‫ما َزادَ ذَل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫قى َ‬ ‫عَلى أ َت ْ َ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫وإ ِن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫خَرك ُ ْ‬ ‫وآ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ول َك ُ ْ‬ ‫نأ ّ‬ ‫وأ ّ‬ ‫عَباِدي ل َ ْ‬ ‫شي ًْئا َيا ِ‬ ‫كي َ‬ ‫مل ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ك‬‫ص ذَل ِ َ‬ ‫ما ن َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ر َ‬ ‫َ‬
‫على أ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ق َ‬ ‫د َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫قل ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ف َ‬ ‫م كاُنوا َ‬ ‫جن ّك ْ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫وآ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫دي‬ ‫با‬ ‫ع‬ ‫يا‬ ‫ئا‬‫ً‬ ‫ي‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫كي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ْ َ ِ َ ْ‬ ‫ْ ّ ّ‬ ‫َ ِ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ ْ ُ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سألوِني‬ ‫دف َ‬ ‫َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫د َ‬ ‫عي ٍ‬ ‫ص ِ‬ ‫في َ‬ ‫موا ِ‬ ‫م قا ُ‬ ‫َ‬ ‫جن ّك ْ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫وإ ِن ْ َ‬ ‫َ‬
‫دي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فأ َ‬ ‫َ‬
‫عن ْ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ّ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫ُ َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫س‬‫ِ َ ٍ َ ْ‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫سا‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ْ ُ‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫ع‬‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ما‬ ‫عَباِدي إ ِن ّ َ‬ ‫حَر َيا ِ‬ ‫خل الب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫خي َط إ ِذا أدْ ِ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ص ال ِ‬ ‫ما ي َن ْق ُ‬ ‫ُ‬ ‫إ ِّل ك َ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي أَ ْ‬
‫د‬
‫ج َ‬
‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ها َ‬ ‫م إ ِّيا َ‬ ‫فيك ُ ْ‬ ‫و ّ‬ ‫مأ َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ها ل َك ُ ْ‬ ‫صي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫مال ُك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ه َ‬ ‫ِ‬
‫ن إ ِلّ‬ ‫م ّ‬ ‫فل ي َلو َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫غي َْر ذَل ِ َ‬ ‫جد َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫مدْ الل َ‬ ‫ح َ‬ ‫فلي َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫خي ًْرا َ‬ ‫َ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬
‫وانظر عشرة الرجال للنساء وانظر حال نبيك مع‬
‫ت )‪(1‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫زوجه عائشة رضي الله عنها‪ ،‬ف َ‬
‫ن َل‬ ‫َ‬ ‫مَرأ َةً َ‬
‫نأ ْ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫عا َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫هد ْ َ‬ ‫عا َ‬ ‫فت َ َ‬ ‫شَرةَ ا ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫دى َ‬ ‫ح َ‬ ‫س إِ ْ‬ ‫جل َ َ‬ ‫» َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شي ًْئا‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫وا ِ‬ ‫ر أْز َ‬ ‫ِ‬ ‫خَبا‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م َ‬ ‫ي َك ْت ُ ْ‬
‫ل َل‬ ‫ْ‬ ‫ث َ َ‬ ‫ُ‬
‫جب َ ٍ‬ ‫س َ‬ ‫على َرأ ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ُ‬ ‫جي ل َ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ت اْلوَلى َز ْ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ق ُ‬ ‫في ُن ْت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مي ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫وَل َ‬ ‫قى َ‬ ‫في ُْرت َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ٍ‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4790‬مسلم ‪4481‬‬

‫) ‪(1/250‬‬
‫َ‬ ‫خا ُ َ‬ ‫خب ََرهُ إ ِّني أ َ َ‬ ‫جي َل أ َب ُ ّ‬
‫ن َل أذََر ُ‬
‫ه‬ ‫فأ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫ت الّثان ِي َ ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ن أذْك ُْرهُ أذْك ُْر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جَر ُ‬ ‫وب ُ َ‬ ‫جَرهُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫وإ ِ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ق أطَل ّ ْ‬ ‫ن أن ْطِ ْ‬ ‫ق إِ ْ‬ ‫شن ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫جي ال ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫ت الّثال ِث َ ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫عل ّ ْ‬
‫ق‬ ‫تأ َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫وَل‬ ‫قّر َ‬ ‫وَل ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ة َل َ‬ ‫م َ‬ ‫ها َ‬ ‫ل تِ َ‬ ‫جي ك َل َي ْ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ت الّراب ِ َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫م َ‬ ‫سآ َ‬ ‫وَل َ‬ ‫ة َ‬ ‫ف َ‬ ‫خا َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ولَ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سد َ َ‬ ‫جأ ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫هد َ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫جي إ ِ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫قال ْ‬
‫د‬ ‫سأ ُ‬ ‫َ‬
‫ه َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ل َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ف‬‫شت َ ّ‬ ‫با ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫ن أك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر َ‬ ‫ش ِ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫لل ّ‬ ‫جي إ ِ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ساِد َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫قال ْ‬
‫ث‬ ‫م الب َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬ ‫ف ل ِي َ ْ‬ ‫ج الك َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ول ُيول ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫ع الت َ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ضط َ‬ ‫َ‬ ‫نا ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ء‬
‫دا ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عَياَياءُ طَباقاءُ كل َ‬ ‫و َ‬ ‫جي غَياَياءُ أ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ساب ِ َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫قال ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫ع كل ل ِ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫فل ِ‬ ‫و َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ش ّ‬ ‫داءٌ َ‬ ‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫َ‬
‫ح‬ ‫ري ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫والّري ُ‬ ‫ب َ‬ ‫س أْرن َ ٍ‬ ‫م ّ‬ ‫س َ‬ ‫م ّ‬ ‫جي ال ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫من َ ُ‬ ‫ت الّثا ِ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫َزْرن َ ٍ‬
‫م‬‫ظي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫جاِد َ‬ ‫ل الن ّ َ‬ ‫وي ُ‬ ‫َ‬
‫ماِد ط ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ع ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫في ُ‬ ‫جي َر ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َز ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫س َ‬ ‫ت الّتا ِ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن الّناِد‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ب ال ْب َي ْ ِ‬ ‫ري ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ماِد َ‬ ‫الّر َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ك َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫مال ِ ٌ‬ ‫جي َ‬ ‫و ِ‬ ‫شَرةُ َز ْ‬ ‫عا ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫قِليَل ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫مَبا‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫ل ك َِثيَرا ُ‬ ‫ه إ ِب ِ ٌ‬ ‫ك لَ ُ‬ ‫ذَل ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫حاِدي َ َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫وال ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ر أي ْ َ‬ ‫ه ِ‬ ‫مْز َ‬ ‫ت ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع ْ‬
‫حل ِ ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ع أَنا َ‬ ‫ما أُبو َزْر ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫جي أُبو َزْر ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫شَرةَ َز ْ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/251‬‬

‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ت إ ِل َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ج َ‬ ‫فب َ ِ‬ ‫حِني َ‬ ‫ج َ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫ي َ‬ ‫ضد َ ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫حم ٍ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫مَل َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ي َ‬ ‫ّ‬ ‫أ ُذُن َ‬
‫ل‬
‫ه ِ‬ ‫في أ َ ْ‬ ‫عل َِني ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ف َ‬ ‫ق َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ة بِ ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫غن َي ْ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫في أ َ ْ‬ ‫جدَِني ِ‬ ‫و َ‬ ‫سي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫ح‬ ‫فل أ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫َ‬
‫عن ْدَهُ أ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫قب ّ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫من َ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫س َ‬ ‫دائ ِ ٍ‬ ‫و َ‬ ‫ط َ‬ ‫طي ٍ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫هي ٍ‬ ‫صَ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ما أ ّ‬ ‫عف َ‬ ‫م أِبي َزْر َ ٍ‬ ‫حأ ّ‬ ‫ب فأت َقن ّ ُ‬ ‫وأشَر ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صب ّ ُ‬ ‫وأْرقدُ فأت َ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ع َ‬ ‫ها َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف َ‬ ‫ن أِبي َزْر ٍ‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫سا ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫وب َي ْت ُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫دا ٌ‬ ‫ها َر َ‬ ‫م َ‬ ‫عكو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫أِبي ََزْر ٍ‬
‫ع‬
‫ه ِذَرا ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫شب ِ ُ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫شطْب َ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ض َ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ن أِبي َزْر ٍ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫ع أِبي َ‬ ‫و ُ‬ ‫ع طَ ْ‬ ‫ت أِبي َزْر ٍ‬ ‫ما ب ِن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ع َ‬ ‫ت أِبي َزْر ٍ‬ ‫ة ب ِن ْ ُ‬ ‫فَر ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫غي ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ة أِبي‬ ‫ري َ ُ‬ ‫جا ِ‬ ‫ها َ‬ ‫جاَرت ِ َ‬ ‫ظ َ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫سائ ِ َ‬ ‫لء ُ ك ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ها َ‬ ‫م َ‬ ‫عأ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫وطَ ْ‬ ‫َ‬
‫ث‬‫ق ُ‬ ‫وَل ت ُن َ ّ‬ ‫ثا‬ ‫ً‬ ‫ثي‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫دي‬ ‫ح‬ ‫ث‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ز‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫جا‬ ‫ما‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ز‬
‫َ‬ ‫َ ِ َ َ ْ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َُ ْ ٍ‬ ‫َ َ ِ َ ُ ِ‬ ‫َ ْ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬‫ج أُبو َزْر ٍ‬ ‫خَر َ‬ ‫ت َ‬ ‫شا قال ْ‬ ‫شي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫مل ب َي ْت ََنا ت َ ْ‬ ‫ول ت َ ْ‬ ‫قيًثا َ‬ ‫ميَرت ََنا ت َن ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫ها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫نل َ‬ ‫دا ِ‬ ‫ول َ‬ ‫ها َ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫مَرأةً َ‬ ‫يا ْ‬ ‫ق َ‬ ‫فل ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب تُ ْ‬ ‫وطا ُ‬ ‫وال ْ‬ ‫َ‬
‫قِني‬ ‫فطَل ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫ر‬
‫ْ َ ْ ِ َ َ َ ِ ِ ْ َ ْ ِ َ ْ ِ َ ِ ُ ّ َ َ ْ ِ‬ ‫ب‬ ‫ها‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫با‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫كا‬‫َ‬
‫َ‬
‫خ َ‬
‫ذ‬ ‫وأ َ‬ ‫رّيا َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ب َ‬ ‫رّيا َرك ِ َ‬ ‫س َِ‬ ‫جًل َ‬ ‫عدَهُ َر ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫فن َك َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫ح َ‬ ‫ون َك َ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خطّيا وأ َ‬
‫ح ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫را‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ني‬ ‫ِ‬ ‫طا‬ ‫ع‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫و‬
‫ِ ّ َ‬ ‫يا‬ ‫ر‬ ‫ث‬ ‫ما‬ ‫ّ َ ً‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ح‬ ‫ّ َ َ َ‬‫را‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬
‫ت فل ْ‬ ‫ك قال ْ‬ ‫هل ِ‬ ‫ري أ ْ‬ ‫مي ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م َزْر ٍ‬ ‫ل كِلي أ ّ‬ ‫جا َ‬ ‫و ً‬ ‫َز ْ‬
‫ع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫تك ّ‬ ‫ُ‬
‫ة أِبي َزْر ٍ‬ ‫غَر آن ِي َ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫غأ ْ‬ ‫ما ب َل َ‬ ‫ه َ‬ ‫عطاِني ِ‬ ‫ءأ ْ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬‫ة َ‬
‫ش ُ‬ ‫عائ ِ َ‬‫ت َ‬‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ع«‪.‬‬ ‫م َزْر ٍ‬
‫ع ِل ّ‬ ‫ك ك َأِبي َزْر ٍ‬ ‫ت لَ ِ‬‫ك ُن ْ ُ‬
‫) ‪(1/252‬‬

‫تلك نصيحتي لنفسي أول ً ثم لك يا عبد الله أن‬


‫تتدارك أخطاءك في حياتك وبالذات مع شريكة حياتك‬
‫وأم أولدك ثم أبناؤك فبهم فابدأ إن كنت صادقا في‬
‫استقامتك وعاشرهم بالمعروف كما أمرك الله وإياك‬
‫إياك والهمال والنشغال عنهم دون أن تعطيهم‬
‫حقوقهم فسيسألك الله عنهم فما عساك تقول ؟‬

‫) ‪(1/253‬‬

‫صفات الزوج المثالي )‪(1‬‬

‫‪ -‬يتميز الزوج المثالي بالصدق والصراحة منذ الوهلة‬


‫الولى‪ ،‬فل يخفي على المرأة شيئا عند الخطبة‪.‬‬
‫‪ -‬هو تقي ‪ -‬نقي ‪ -‬ورع يخاف الله ويخشاه في السر‬
‫والعلن‪ ،‬فل يخاطب زوجه إل سلما ول يعاملها إل‬
‫إكراما ول يطعمها ويكسوها إل حلل‪.‬‬
‫‪ -‬هو الذي يجعل مقياس اختياره الدين والخلق فنراه‬
‫يهتم بما في جوهر المرأة قبل مظهرها‪.‬‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬قافلة المواقع‬

‫) ‪(1/254‬‬

‫‪ -‬هو الذي يكون منطقيا في متطلباته فل يرهق‬


‫زوجه بالعمل داخل البيت وخارجه‪ ،‬فإذا اتفق معها‬
‫على العمل خارج البيت عليه أن يساعدها في أعمال‬
‫المنزل‪.‬‬
‫‪ -‬هو الذي يمتلك الحكمة والمقدرة على فض‬
‫المنازعات ول يفتش بيديه عن المشكلت المدفونة‪.‬‬
‫‪ -‬يهتم بمظهره ونظافته الداخلية والخارجية ويعرف‬
‫أن هذا واجب ديني عليه وليس هذا أمرا خاصا بالمرأة‬
‫متعلقا بها‪.‬‬
‫‪ -‬يحب النظام فيقسم ساعات يومه بين عمله وزوجه‬
‫وأولده‪ ،‬ويسهم في تربية الولد والستذكار لهم‪،‬‬
‫فليست المرأة وحدها المسؤولة عن ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ل يكثر السفر من غير زوجه وأولده بل داع‪ ،‬فإن‬
‫اضطره عمل إلى السفر لفترات طويلة أصر على أن‬
‫يصحب عائلته‪.‬‬

‫) ‪(1/255‬‬

‫‪ -‬يساعد زوجه على الستعداد ليوم الميعاد فيحثها‬


‫على حضور مجالس الذكر‪ ،‬ويساعدها على ذلك‬
‫ويذلل لها كل الصعاب‪.‬‬
‫‪ -‬يثق في زوجه وفي عفتها وأخلقها فل يسيء‬
‫الظن بها لتفه السباب‪ ،‬ول يجعل الشك أساس‬
‫المعاملة‪.‬‬
‫‪ -‬يحفظ أسرار الزوجية فل يتحدث بشيء منها‬
‫فتنتهبه السماع والقوال‪.‬‬
‫‪ -‬يبتعد عن ضرب زوجه أو سبها أو شتمها‪.‬‬
‫‪ -‬ينفق على زوجه وأولده من غير إسراف ول تقتير‪.‬‬
‫‪ -‬يحسن الحديث مع زوجته بأسلوب رقيق مهذب‬
‫فالكلمة الطيبة لها أثر في النفس‪ ،‬كما يحسن‬
‫الستماع إلى حديثها ويقدر رأيها‪.‬‬

‫) ‪(1/256‬‬

‫أنت يا من حديثه وديدنه التعدد ! )‪(1‬‬

‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت ديدنك استفزاز الزوجة‪،‬‬


‫وتهديدها في كل مناسبة‪ ،‬ومن دون مناسبة !‬
‫سأتزوج عليك‪ ،‬سأفتح بيًتا آخر !‬
‫فتعيش الضعيفة بين الغيرة‪ ،‬والقلق‪ ،‬والضطراب‬
‫النفسي‪ ،‬وبين المحافظة على تلك المملكة التي‬
‫أسستها لك ولولدك‪ ،‬وأنت ل هم لك إل أن تشفي‬
‫غليلك بالعبث بتلك العصاب والدموع والقلب‬
‫الضعيف !‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تستغل طيبة تلك السر‬
‫العفيفة التي تفضل من يظهر عليه سمات‬
‫الصالحين‪ ،‬أو تستغل فقرها‪ ،‬أو حرصها على الستر‬
‫والعفاف‪ ،‬فتتقدم وفي نيتك إشباع رغبة‪ ،‬ومتى ما‬
‫انتهيت‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬السرة والمجتمع‬

‫) ‪(1/257‬‬

‫منها‪ ،‬تذكرت الولى‪ ،‬وما سيحصل لو علمت بما‬


‫فعلت !فتندم على مراهقتك باصطناع أتفه‬
‫المشكلت لتفارق تلك المسكينة‪ ،‬فتصبح مطلقة !‬
‫ما‪ ،‬فتنهي بعبثك‬ ‫ولم يمضي على زواجك بها أيا ً‬
‫الطفولي مستقبلها‪ ،‬فل ُيعرف سبب طلقها‬
‫المستعجل ! ويظن أن بها عيب‪ ،‬وما علموا أن العيب‬
‫في جرأتك على أعراض المسلمين !‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت قد أتخذت من تلك‬
‫الرخص والفتاوى المشبوهة لدعاة ‪ -‬الوجبات‬
‫جا لك‪ ،‬وأصبح التعدد‬ ‫السريعة ‪) -‬افعل ول حرج !( منه ً‬
‫ت ما أنزل الله تعالى بها من‬ ‫عندك يؤصل بتأصيل ٍ‬
‫سلطان‪ ،‬ولم يفتي بها أحد من أهل الثقة واليمان‪،‬‬
‫فأصبحت ‪ -‬للسف ‪ -‬تمارس المتعة‪ ،‬بأسماء سنية‬
‫شرعية !بل للسف أصبح بعضهم يصطاف سنوًيا في‬
‫بلدان معروفة لينافس أهل الفساد والفساد‪،‬‬
‫وليتفاخر عند أقرانه بإنه عدد بأكثر من واحدة من‬
‫تلك الدولة فترة إجازته الصيفية‪ ،‬وما علم المسكين‬
‫كم هي جرأته على شرع الله تعالى !؟‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تثير غيرة الولى في كل‬
‫مناسبة‪ ،‬أو تتفنن في إهانة كرامتها أمام الثانية‪ ،‬أو‬
‫تعيير إحداهن لترضي الخرى‪ ،‬أو‬

‫) ‪(1/258‬‬

‫تصطنع تلك المشاكل التافهة مع إحداهن لتحرمها‬


‫من النفقة‪ ،‬والمبيت‪ ،‬وتهديه للخرى‪ ،‬وبغطاء شرعي‬
‫أسميته الهجر !‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تعبث بتلك التوكيلت‬
‫الشرعية الممنحوة لك من إحداهن لدارة أموالها‬
‫وممتلكاتها‪ ،‬فتغتصب تلك الحقوق لتعطيه للخرى‪ ،‬أو‬
‫تجبر إحداهن أن تتقبل عيش الخرى معها في‬
‫ممتلكاتها‪ ،‬وإذا عارضت هددت بنقل الموال‬
‫والممتلكات لحسابك الخاص‪ ،‬فتخيرها بين فقدان‬
‫عا‪ ،‬أو أن ترضى بغصبك للحقوق‬ ‫الرزق والطلق م ً‬
‫المر الواقع !‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تحرم الثانية حقها‬
‫الشرعي في المومة‪ ،‬وأن هذا الحق يحرم عليها‬
‫النقاش فيه‪ ،‬وإن ناقشتك بذلك‪ ،‬وذكرتك بالله ‪ -‬عز‬
‫وجل ‪ -‬وبحقوقها هددتها بالطلق !وكأن الزواج‬
‫الشرعي عندك هو الفراش‪ ،‬وأما الذرية فقد أكتفيت‬
‫بما عند الولى‪ ،‬وعلى الثانية أن تترك فطرتها من‬
‫أجل راحتك النفسية وهدوء بيتك!‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تستر زواجك بها ! أو أن‬
‫عا ! وتحرم على نفسك وعليها‬ ‫تظهر إرتباطها بك شر ً‬
‫الحق في المبيت عندها ! وكل ذلك‬

‫) ‪(1/259‬‬

‫فا من معرفة الولى وأهلها‪ ،‬فمن كانت هذه‬ ‫خو ً‬


‫شروطه !هل تعتقد ‪ -‬يا من زوجتها له ‪ -‬أنه سيسمح‬
‫لها بالنجاب ؟أو أن نيته صادقة بالستمرار معها‪،‬‬
‫وهو يخشى مواجهة الولى !‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت حينما تعدد تسقط حقوق‬
‫الولى‪ ،‬فل نفقة‪ ،‬ول مبيت‪ ،‬ول نزهة‪ ،‬ول سؤال‪،‬‬
‫وهي وحدها من يتحمل مسؤولية بيتك المهمل‪،‬‬
‫وتربية أولدك ! وكل ما تريده بعد ذلك طعام الولى‬
‫وفراش الثانية‪.‬‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تقدم على التعدد‪ ،‬وتعرف‬
‫بقناعة نفسك أنك ضعيف الشخصية أمام الولى‪،‬‬
‫فتهرب من نقصك بالزواج من الثانية‪ ،‬فإذا ما عرفت‬
‫الولى حقيقة أمرك هددتك بطلب الطلق‪ ،‬وأخذ‬
‫الولد‪ ،‬فتهرب مرة ثانية منها بتطليق الثاني لترضي‬
‫الولى‪ ،‬فماذا أستفدت ؟ هل وازنت بين المفاسد‬
‫والمصالح ؟ ماذا سيكون مصير الثانية ؟ وقد تخليت‬
‫عنها لسفاهة فعلك وعقلك‪ ،‬فأصبحت بنظر المجتمع‬
‫مطلقة بل سبب !وماذا سيكون موقف الولى‪ ،‬وقد‬
‫هربت منها مرتين ؟وماذا ستكون نظرة أولدك لك‪،‬‬
‫وهم يرون قوة شخصيتك ؟ ومن‬

‫) ‪(1/260‬‬
‫كانت هذه شخصيته‪ ،‬فعلى ولي الثانية أن يطلب منه‬
‫رضى الولى ‪ -‬وهذا مستحيل ‪ ،-‬أو أن يضع على‬
‫ظهره مؤخر ل يرحمه‪ ،‬ول يستطيع الفكاك منه‪،‬‬
‫ليعلم خطورة القدام على أمر ل ُيحسن التصرف‬
‫فيه‪ ،‬أو ليس كفؤا ً له !‬

‫وأنت يا من تزكي من يريد التعدد ‪:‬‬

‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تزكي هذا وذاك‪ ،‬وتعلم‬


‫أن هدفه من التعدد زيادة أرصدته بالمصارف من‬
‫الموال والسهم‪ ،‬أو اتخاذه التعدد وسيلة لسداد‬
‫ديونه المتراكمة‪ ،‬أو لتحسين وضعه القتصادي !‬
‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تزكي هذا وذاك‪ ،‬وتعلم‬
‫ء أن يعيش مع واحدة‪ ،‬فكيف بثانية‪،‬‬ ‫أنه ليس بكفى ٍ‬
‫وذلك إما لعقوقه‪ ،‬أو ظلمه‪ ،‬أو عدم إنصافه‪ ،‬أبو‬
‫بخله‪ ،‬أو ضعف شخصيته‪ ،‬أو سرقته واغتصابه أموال‬
‫وممتلكات الولى !‬

‫) ‪(1/261‬‬

‫أل تتقي الله تعالى ! وأنت تزكي هذا وذاك‪ ،‬وتعلم‬


‫أنه ممن اتخذ من التعدد‪ ،‬وسلية للعبث بأعراض‬
‫المسلمين‪ ،‬فتجده يصطنع المشاكل التافهة ليتخلص‬
‫دا‪ ،‬وكأن المرأة‬
‫من هذه وتلك‪ ،‬يتزوج اليوم ويطلق غ ً‬
‫عنده قطعة أثاث في بيته ومكتبه‪ ،‬أو مركبة في‬
‫شارعه يبدلها متى ما استحسن مزايا غيرها !‬

‫وأنتم يا من مجالسكم حديث التعدد ‪:‬‬


‫أل تتقون الله تعالى ! وأنتم تضيعون تلك الوقات‬
‫الثمينة بالتفاخر بكشف أستار البيوت والزوجات في‬
‫ما بينكم‪ ،‬وبالتباهي بكيفية إيذاء الصابرات‪ ،‬وبالتفنن‬
‫بتحريض وإفساد إخوانكم على نسائهن !فكم بيًتا آمًنا‬
‫خربتم وأفسدتم ؟ وكم زوجة سعيدة طلقت‬
‫بسببكم ؟ وكم ضاع من الولد لتحدياتكم الطفولية ؟‬
‫وكأن الرجل ‪ -‬عندكم ‪ -‬ل يكتمل إل بالتعدد !أمن أجل‬
‫هذا كانت مجالس الرجال !‬

‫وفي الختام نقول ‪:‬‬


‫) ‪(1/262‬‬

‫ماذا لو كانت تلك الضعيفة المسكينة أختك‪ ،‬أو ابنتك‪،‬‬


‫أو من محارمك‪ ...‬هل سترضى لها ذلك ؟‬

‫) ‪(1/263‬‬

‫تعدد الزوجات بين الظلم والعدل )‪(1‬‬


‫م‬ ‫ُ‬
‫ب لك ْ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫ما طا َ‬ ‫حوا َ‬ ‫فان ْك ِ ُ‬‫قال تعالى في كتابه العزيز‪َ } :‬‬
‫دُلوا‬ ‫َ‬
‫ع ِ‬‫م أّل ت َ ْ‬ ‫خ ْ‬
‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ع َ‬
‫وُرَبا َ‬
‫ث َ‬ ‫وث َُل َ‬
‫مث َْنى َ‬
‫ء َ‬‫سا ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬‫م َ‬ ‫ِ‬
‫م{ النساء‪ ،3:‬عندما أباح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مان ُك ْ‬
‫ت أي ْ َ‬
‫ملك ْ‬ ‫ما َ‬‫و َ‬‫حدَةً أ ْ‬ ‫وا ِ‬‫ف َ‬
‫الله عز وجل للرجل الزيادة على واحدة قّيد ذلك‬
‫بالعدل‬
‫ومن الناس من يحتاج إلى التعدد فيتزوج اثنتين أو‬
‫ه المتنوعة‪،‬‬ ‫م ُ‬ ‫حك َ‬ ‫ثلثا أو أربعا‪ ،‬والتعدد مشروع‪ ،‬وله ِ‬
‫وفوائده المتعددة‪ ،‬لكن المصيبة أن يحيف الزوج في‬
‫معاملته لزوجاته‪ ،‬فل يلزم العدل ول يقوم بما أوجب‬
‫الله عليه‪ ،‬فالرجل راع في أسرته وهو مسؤول عن‬
‫رعيته‪ ،‬وسياسة الراعي وعدله في رعيته هو الحد‬
‫الفاصل بين فطنته وحماقته‪ ،‬فإذا ترك الرجل العدل‬
‫بين زوجاته ثارت المشكلت وثارت الخلفات‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الفرقان‬

‫) ‪(1/264‬‬

‫أنواع ظلم الزوج لزوجته‬


‫وأنواع الظلم الواقع على الزوجات عديدة وأشكالها‬
‫متنوعة عند من ابتعد عن نور الهداية‪ ،‬ومنها هجر‬
‫الرجل إحدى زوجاته لخلف يسير دون أن يسبق هذا‬
‫الهجر تحذير‪ ،‬وقد ل يقتصر في هجره على مجرد‬
‫التأديب والتأنيب‪ ،‬بل يتجه في هجره إلى الضرار‬
‫بالزوجة‪ ،‬ثم لو قامت زوجة أخرى من زوجاته بمثل‬
‫ما قامت به تلك التي هجرها لغض الطرف عنها‪ ،‬ولم‬
‫يفعل معها ما فعل مع الولى‪ ،‬فتراه يقسو مع‬
‫الواحدة ويضعف أمام الخرى‪.‬‬
‫وكذلك نرى الظلم في ترك العدل في المبيت‪ ،‬فقد‬
‫يبيت بعض الزواج عند بعض الزوجات أكثر مما يبيت‬
‫عند الخرى‪ ،‬وقد يمكث الوقت الطويل عند إحداهن‬
‫ول يأتي عند الخرى إل لمامًا‪ ،‬وقد يدعها شهورا ً‬
‫وربما أعواما ً وربما علقها دون أن يطلقها‪ ،‬أو‬
‫يعاشرها بالمعروف‪.‬‬

‫) ‪(1/265‬‬

‫يجب على الزوج أن يساوي بين زوجاته في المبيت‪،‬‬


‫فإذا بات عند إحدى زوجاته ليلة بات عند غيرها مثلها‪،‬‬
‫فكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم‬
‫بين زوجاته‪ ،‬فعن عائشة رضي الله عنها أن رسول‬
‫ه‬
‫ض ِ‬ ‫مَر ِ‬ ‫في َ‬ ‫ل ِ‬ ‫سأ َ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم )‪َ » (1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أ ََنا َ‬ ‫قو ُ َ‬
‫م‬‫و َ‬ ‫ريدُ ي َ ْ‬ ‫دا ي ُ ِ‬ ‫غ ً‬ ‫ن أَنا َ‬ ‫دا أي ْ َ‬ ‫غ ً‬ ‫ل أي ْ َ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫في ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫في ب َي ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫شاءَ َ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫ه أْز َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فأِذ َ‬ ‫ة َ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ْ‬ ‫ة َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ها َ‬ ‫عائ ِ َ‬
‫وم ِ‬ ‫في الي َ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ت َ‬ ‫قال ْ‬ ‫عن ْدَ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ما َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ة َ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫قب َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫في ب َي ِْتي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫عل َ ّ‬ ‫دوُر َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫خال َ َ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫قي ث ُ ّ‬ ‫ري ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ري ُ‬ ‫ط ِ‬ ‫و َ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬‫س ْ‬ ‫و َ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫ن نَ ْ‬ ‫ه ل َب َي ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫َرأ َ‬
‫َ‬
‫وا ٌ‬
‫ك‬ ‫س َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ر َ‬ ‫ن أِبي ب َك ْ ٍ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫عب ْدُ الّر ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ت دَ َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ه َر ُ‬ ‫فن َظََر إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ست َ ّ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬ ‫وا َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫عب ْدَ الّر ْ‬ ‫ك َيا َ‬
‫َ‬
‫س َ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫عطِِني َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫تل ُ‬ ‫قل ُ‬
‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو َ‬ ‫ه َر ُ‬ ‫عطَي ْت ُ ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫غت ُ ُ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫ض ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫طاِني ِ‬ ‫ع َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫َ‬
‫ست َن ِدٌ إ َِلى‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ست َ ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ري« وقال الحافظ‬ ‫َ ْ ِ‬‫د‬ ‫ص‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4095‬ومسلم ‪4473‬‬

‫) ‪(1/266‬‬

‫قط‬ ‫س ُ‬‫ن يَ ْ‬
‫ه ّ‬ ‫سم ل َ ُ‬ ‫ق ْ‬‫ابن حجر في شرح الحديث )‪) : (1‬ال ْ َ‬
‫ك ل ِل ِّتي ُ‬‫ن ت ِل ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ك‪َ َ ،‬‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫ن أّيامه ّ‬ ‫هب ْ َ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫فك َأن ّ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫في ذَل ِ َ‬‫ن ِ‬‫ه ّ‬ ‫ب ِإ ِذْن ِ ِ‬
‫ها(‪.‬‬
‫في ب َْيت َ‬ ‫ِ‬
‫وفي صورة أخرى لظلم الرجل غير العادل نراه‬
‫يصطحب إحدى زوجاته في أسفاره دون أن يكون‬
‫لغيرها نصيب‪ ،‬فإذا أراد السفر ورغب أن تصحبه‬
‫إحدى زوجاته‪ ،‬فلبد أن يرضين كلهن‪ ،‬وإل فالقرعة‬
‫بينهن‪ ،‬ومثالنا على ذلك فعل النبي الكريم صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫»كان إذا أراد سفرا ً أقرع بين نسائه« )‪. (2‬‬
‫وأكثر ما يلحظ في سلوك الزوج غير العادل هو‬
‫المبالغة في الهتمام بالزوجة الجديدة‪ ،‬وربما كان‬
‫ذلك على مسمع من الخرى بما يزيد في إغاظتها‬
‫واشتداد غيرتها‪ ،‬دون أية مراعاة لمشاعرها‪ ،‬وذلك‬
‫من الخطأ والجهل‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬فتح الباري ح ‪4816‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،2404‬ومسلم ‪4974‬‬

‫) ‪(1/267‬‬

‫وكذلك نرى أن الزوج غير العادل يميل في الهبة‬


‫لحدى زوجاته الكثير من أمواله‪ ،‬ويحنو كثيرا ً على‬
‫أولده منها‪ ،‬بينما يهمل الخرى ويحرمها مما يعطيه‬
‫لغيرها‪ ،‬وقد يقسو على أولده منها‪ ،‬إذ لبد من‬
‫العدل في النفقة والكسوة والعطية وغيرها‪ ،‬فيعدل‬
‫بينهن من كل جهة وبكل ما استطاع وبكل ما يليق‬
‫بكل منهن دون تفضيل إحداهن على الخرى‪ ،‬فإذا‬
‫وفى لكل واحدة منهن كسوتها ونفقتها واليواء إليها‬
‫لم يضره ما زاد على ذلك‪.‬‬
‫ولجل ذلك كله‪ ،‬ولرفع الضيم عن الزوجة من ظلم‬
‫شرط الدين السلمي في إباحة‬ ‫الزوج غير العادل َ‬
‫التعدد إمكان القدرة على النفقة‪ ،‬والقيام بأعباء‬
‫الزوجية كاملة‪ ،‬وقيده بقيد‪ ،‬هو ضرورة العدل في‬
‫المعيشة والمعاشرة‪ ،‬إذ قال تعالى في كتابه العزيز‪:‬‬
‫دُلوا َ‬ ‫َ‬
‫ة{ النساء‪ .3:‬وبهذا‬‫حد َ ً‬
‫وا ِ‬
‫ف َ‬ ‫م أّل ت َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫خ ْ‬
‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫} َ‬
‫فإ ِ ْ‬
‫الشرط والقيد تصان الحياة الزوجية من الفوضى‬
‫والختلل‪ ،‬ومن الجور والظلم وتحفظ كرامة المرأة‬
‫حتى ل تتعرض للمهانة بدون ضرورة ملحة واحتياط‬
‫كامل‪.‬‬

‫) ‪(1/268‬‬

‫العدل مشروط بالستطاعة والعدل المشروط هنا هو‬


‫العدل المادي في المعاشرة والمعاملة والنفقة وفي‬
‫كل ما يمكن تحقيق العدل فيه‪ ،‬ويدخل تحت طاقة‬
‫النسان وإرادته بحيث ل تبخس زوجة حقها ول تؤثر‬
‫واحدة دون الخرى بشيء‪.‬‬
‫أما فيما يتعلق بالمشاعر والقلوب وأحاسيس‬
‫النفوس فذلك خارج عن إرادة النسان واستطاعته‪،‬‬
‫ول يطالبه بالعدل فيه أحد‪ ،‬وإلى هذا المعنى جاءت‬
‫َ‬
‫ن‬
‫عوا أ ْ‬ ‫طي ُ‬
‫ست َ ِ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫الشارة في قول الله تعالى‪َ } :‬‬
‫ل‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫ميُلوا ك ُ ّ‬‫فَل ت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صت ُ ْ‬
‫حَر ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ء َ‬‫سا ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫دُلوا ب َي ْ َ‬
‫ع ِ‬‫تَ ْ‬
‫ة{ النساء‪ ،129:‬ومع أن نبي‬ ‫ق ِ‬ ‫ّ‬
‫عل َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ها كال ُ‬ ‫فت َذَُرو َ‬‫َ‬
‫السلم صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين نسائه‬
‫كأرفع ما يكون وأنبل ما يكون‪ ،‬إل أنه مع ذلك كان‬
‫يحب السيدة عائشة رضي الله عنها أكثر منهن‪،‬‬
‫فرسول الله صلى الله عليه وسلم عدل بينهن في‬
‫كل شيء‪ ،‬أما المحبة القلبية والميل النفسي فهذا‬
‫من الله‪ ،‬ول يملك فيهما شيئًا‪.‬‬

‫) ‪(1/269‬‬

‫والعدل الذي نفيت استطاعته في هذه الية هو‬


‫العدل المعنوي المتمثل في المحبة والميل النفسي‪،‬‬
‫دُلوا‬ ‫َ‬
‫ع ِ‬ ‫ن تَ ْ‬
‫عوا أ ْ‬ ‫طي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫لذلك يقول سبحانه تعالى‪َ } :‬‬
‫فت َذَُرو َ‬
‫ها‬ ‫ل َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل ال َ‬ ‫ُ‬
‫ميلوا ك ّ‬ ‫ُ‬ ‫فَل ت َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫صت ُ ْ‬‫حَر ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫فوًرا‬ ‫غ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫قوا َ‬ ‫وت َت ّ ُ‬ ‫حوا َ‬ ‫صل ِ ُ‬‫ن تُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ة َ‬ ‫ق ِ‬‫عل ّ َ‬‫م َ‬‫كال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ما{ النساء‪ ،129:‬وبهذا قرن الشرع العدل في‬ ‫حي ً‬ ‫َر ِ‬
‫ل{ أي أنكم‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل ال َ‬ ‫ُ‬
‫ميلوا ك ّ‬ ‫ُ‬ ‫فل ت َ ِ‬ ‫َ‬ ‫الية الكريمة بقوله‪َ } :‬‬
‫إذا لم تستطيعوا تحقيق العدل بالمحبة والميل‬
‫النفسي فل تتركوا من تكون في درجة أقل من هذه‬
‫المحبة كالمعلقة‪ ،‬بل اعدلوا بينهن في كل شيء‪،‬‬
‫وحاولوا قدر الستطاعة في المحبة أيضَا‪ .‬والرسول‬
‫الكريم صلى الله عليه وسلم بين أن الرجل إذا مال‬
‫لحدى زوجتيه أثم‪ ،‬وعوقب في الدار الخرة‪ ،‬حيث‬
‫َ‬
‫جاءَ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫دا ُ‬ ‫ح َ‬‫ل إ َِلى إ ِ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫مَرأَتا ِ‬ ‫ها ْ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫قال‪َ » :‬‬
‫ل« )‪ ، (1‬والزوج الذي يعرف‬ ‫مائ ِ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ش ّ‬
‫ق ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬‫يَ ْ‬
‫واجباته الدينية تجاه زوجاته‪ ،‬على وعي تام بأهمية‬
‫العدل بينهن‪ ،‬وإذا كان العدل بين الزوجات قد فرض‬
‫على الزوج كأمر واجب القيام به فما ذلك إل لن‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،1821‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬

‫) ‪(1/270‬‬

‫المسؤولية والتبعة يتحملها الرجل‪ ،‬الذي هو راع في‬


‫بيته‪ ،‬والمسؤول عن رعيته‪ ،‬كما أنه قد افترض فيه‬
‫أنه أبعد نظرا ً وأوسع أفقًا‪ ،‬والزوج العاقل هو الذي‬
‫يقوم بالعدل بين زوجاته‪ ،‬ويحاول دائما ً التوفيق‪،‬‬
‫حتى يتهيأ لفراد السرة أجواء المان والحماية‬
‫والستقرار والمودة‪ ،‬وليكونوا أعضاء أسوياء داخل‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫) ‪(1/271‬‬

‫حكم من أنكر جواز تعدد الزوجات )‪(1‬‬

‫سؤال ‪ :‬بعض النساء يفضلن العادات الجتماعية في‬


‫أوروبا أو في الغرب عمومًا‪ ،‬أو في البلد غير‬
‫السلمية‪ ،‬ويقلن في ذلك‪ :‬إن تعدد الزوجة ممنوع‪،‬‬
‫وهنا مثل ً في الحكم الشرعي يباح تعدد الزوجة‪ ،‬فما‬
‫الحكم في إلصاق هذه التهمة في السلم؟‬
‫الجواب ‪ :‬من كره تعدد الزوجات وزعم أن عدم التعدد‬
‫هو أفضل هو كافر ومرتد عن السلم‪ ،‬لنه ‪-‬نعوذ‬
‫بالله‪ -‬منكر لحكم الله وكاره لما شرع الله؛ والله‬
‫ه‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫هوا َ‬ ‫م كَ ِ‬
‫ر ُ‬ ‫ه ْ‬
‫يقول سبحانه‪} :‬ذَل ِ َ َ‬
‫ك ب ِأن ّ ُ‬
‫م{ محمد‪ ،9:‬من كره ما أنزل الله حبط‬ ‫مال َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ط أَ ْ‬
‫ع َ‬ ‫حب َ َ‬ ‫َ َ‬
‫فأ ْ‬
‫عمله؛ فالذي يكره تعدد الزوجات ويرى أن الشريعة‬
‫قد ظلمت؛ أو أن حكم الله في هذا‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من موقع الشيخ بن باز رحمه الله‬

‫) ‪(1/272‬‬

‫ناقص أو مو طيب‪ ،‬أو أن ما يفعلونه في بلد‬


‫النصارى من الوحدة أن هذا أولى وأفضل‪،‬هذا كله‬
‫ردة على السلم ‪-‬نعوذ بالله‪ -‬كالذي يقول إن فرض‬
‫الصلة ما هو مناسب؛ لو ترك الناس بدون صلة كان‬
‫أحسن أو بدون صيام أحسن‪ ،‬أو بدون زكاة يكون‬
‫أحسن؛ من قال هذا فهو كافر؛ من قال أن عدم‬
‫الصلة أولى أو عدم الصيام أولى أو عدم الزكاة‬
‫أولى‪ ،‬أو عدم الحج أولى كان كافرًا؛ وهكذا لو قال‪:‬‬
‫ل بأس أن يحكم بغير الشريعة‪ ،‬يجوز‪ ،‬ولو قال حكم‬
‫الشريعة أفضل‪ ،‬لكن إذا قال إن الحكم بغير ما أنزل‬
‫الله جائز أو إنه حسن‪ ،‬كل هذا ردة عن السلم نعوذ‬
‫بال؛ فالحاصل أن من كره ما أنزل الله وما شرعه‬
‫الله فهو مرتد؛ وهكذا من أحب أو رضي بما حرم الله‬
‫وقال إنه طيب وأنه مناسب كالزنا والسرقة يكون‬
‫كافرا ً أيضًا‪ ،‬نسأل الله العافية‪.‬‬

‫) ‪(1/273‬‬

‫حث العقلء على التحلي بمكارم الخلق )‪(1‬‬

‫اعلموا ‪ -‬بارك الله فيكم ‪ -‬أن مكارم الخلق صفة‬


‫النبياء والصديقين والصالحين‪ ،‬وأن الخلق السيئة‬
‫هي الممحقات المهلكات التي تردي بصاحبها إلى‬
‫أسفل الدرجات؛ لذلك بعث الله نبينا محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم ليتمم مكارم الخلق وصالحها‪ ،‬فقال‬
‫ُ‬
‫ح‬
‫صال ِ َ‬
‫م َ‬
‫م َ‬ ‫عث ْ ُ‬
‫ت ِلت َ ّ‬ ‫ما ب ُ ِ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪» :‬إ ِن ّ َ‬
‫اْل َ ْ‬
‫خَل ِ‬
‫ق« )‪(2‬‬
‫وقد ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته إلى‬
‫حسن الخلق‪ ،‬وأخبر أن الخلق الحسنة هي من تمام‬
‫إيمان العبد وكماله‪ ،‬فقال عليه‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أم أمامة الثرية‪ ،‬موقع المام الجري‬
‫)‪ (2‬أحمد ‪ ،8595‬والبخاري في الدب المفرد ‪280‬‬
‫وصححه اللباني في صحيح الدب المفرد‬

‫) ‪(1/274‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫سن ُ ُ‬‫ح َ‬‫ماًنا أ ْ‬
‫ن ِإي َ‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ل ال ْ ُ‬ ‫الصلة والسلم »أك ْ َ‬
‫م ُ‬
‫قا« )‪ ، (1‬فلن يكمل إيمان العبد حتى يحسن‬ ‫خل ُ ً‬
‫ُ‬
‫خلقه‪.‬‬
‫فإن أراد العبد أن يصل إلى هذه الدرجة العالية وهي‬
‫كمال اليمان‪ ،‬فعليه أن يجتهد ويصرف همته في‬
‫اكتساب كل خلق كريم‪ ،‬وأن يبعد عن كل خلق سيء‬
‫مكروه؛ وعليه في ذلك أن يقتدي برسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم فلقد كان من أحسن الناس خلقًا‪،‬‬
‫وأتقاهم لله وأعلمهم به‪.‬‬
‫ن الله على عبده ورسوله صلى الله عليه‬ ‫فقد م ّ‬
‫وسلم بتوفيقه إلى مكارم الخلق فقال تعالى مثنيا‬
‫م{‬ ‫عَلى ُ ُ‬ ‫ك لَ َ‬
‫وإ ِن ّ َ‬‫عليه مظهرا ً نعمته لديه‪َ } :‬‬
‫ظي ٍ‬‫ع ِ‬ ‫ق َ‬‫خل ٍ‬
‫القلم ‪4:‬؛ وحاصل خلقه العظيم‪ ،‬ما فسرته به أم‬
‫المؤمنين عائشة رضي الله عنها لمن سألها عنه وهو‬
‫ن‬
‫ع ْ‬‫ن أ َن ْب ِِئيِني َ‬‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫ُ‬
‫سعد بن هشام قال‪َ» :‬يا أ ّ‬
‫َ‬
‫ت‬
‫س َ‬‫ت أل َ ْ‬
‫قال َ ْ‬
‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سو ِ‬
‫ق َر ُ‬ ‫ُ ُ‬
‫خل ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪،4062‬والترمذي ‪ 1082‬وقال حسن‬
‫صحيح‪ ،‬وكذا اللباني في صحيح أبي داود‬

‫) ‪(1/275‬‬

‫صّلى‬
‫ه َ‬‫ي الل ّ ِ‬ ‫خل ُ َ‬
‫ق ن َب ِ ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ت َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫قال َ ْ‬
‫ت ب ََلى َ‬ ‫قل ْ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫قْرآ َ‬ ‫قَرأ ُ ال ْ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن«‪(1) .‬‬ ‫قْرآ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬
‫كا َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫)وما أشبه ذلك من اليات الدالت على اتصافه صلى‬
‫الله عليه وسلم بمكارم الخلق‪ ،‬واليات الحاثات‬
‫على كل خلق جميل فكان له منها‪ ،‬أكملها وأجلها‪،‬‬
‫وهو في كل خصلة منها‪ ،‬في الذروة العليا‪ .‬فكان‬
‫سهل لينا‪ ،‬قريبا من الناس‪ ،‬مجيبا لدعوة من دعاه‪،‬‬
‫قاضيا لحاجة من استقضاه‪ ،‬جابرا لقلب من سأله‪ ،‬ل‬
‫يحرمه‪ ،‬ول يرده خائبا‪ .‬وإذا أراد أصحابه منه أمرا‬
‫وافقهم عليه‪ ،‬وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور‪،‬‬
‫وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم‪ ،‬بل يشاورهم‬
‫ويؤامرهم وكان يقبل من محسنهم‪ ،‬ويعفو عن‬
‫مسيئهم‪ ،‬ولم يكن يعاشر جليسا‪ ،‬إل أتم عشرة‬
‫وأحسنها‪ .‬فكان ل يعبس في وجهه‪ ،‬ول يغلظ عليه‬
‫في مقاله‪ ،‬ول يطوي‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪1233‬‬

‫) ‪(1/276‬‬

‫عنه بشره‪ ،‬ول يمسك عليه فلتات لسانه‪ ،‬ول يؤاخذه‬


‫بما يصدر منه من جفوة‪ ،‬بل يحسن إليه غاية‬
‫الحسان ويحتمله غاية الحتمال( )‪. (1‬‬
‫فعلينا أن نتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ن ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫كا َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ونلزم مكارم الخلق‪ ،‬قال‪-‬عز وجل‪} :-‬ل َ َ‬
‫في رسول الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫جو الل ّ َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬
‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫وة ٌ َ‬ ‫س َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫وذَك ََر الل ّ َ‬ ‫َ‬
‫م اْل ِ‬
‫ه ك َِثيًرا{ الحزاب‪.21:‬‬ ‫خَر َ‬ ‫وال ْي َ ْ‬
‫و َ‬ ‫َ‬
‫ي به أن‬ ‫فمن لزم مكارم الخلق ومحاسنها‪ ،‬فإنه حر ّ‬
‫يفوز ببيت في أعلى الجنة‪ ،‬قال صلى الله عليه‬
‫ك‬‫ن ت ََر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬‫جن ّ ِ‬‫ض ال ْ َ‬‫في َرب َ ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫م ب ِب َي ْ ٍ‬ ‫عي ٌ‬‫وسلم ‪» :‬أ ََنا َز ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫ط ال ْ َ‬
‫جن ّ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وب ِب َي ْ ٍ‬‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫مَراءَ َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ة‬
‫جن ّ ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫في أ َ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫وب ِب َي ْ ٍ‬‫حا َ‬ ‫ز ً‬‫ما ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ذ َ‬ ‫ك ال ْك َ ِ‬ ‫ت ََر َ‬
‫ه« )‪(2‬‬ ‫ق ُ‬ ‫خل ُ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫لِ َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫ن أك ْث َ ِ‬
‫ر َ‬ ‫ع ْ‬‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫سئ ِ َ‬‫‪ُ »-‬‬
‫ق‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ل تَ ْ‬‫قا َ‬ ‫ف َ‬
‫ة َ‬ ‫ْ‬ ‫خ ُ‬
‫خل ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬
‫ه َ‬ ‫وى الل ِ‬ ‫ق َ‬ ‫جن ّ َ‬‫س ال َ‬ ‫ل الّنا َ‬
‫َ‬
‫ي ُدْ ِ‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ف َ‬ ‫س الّناَر َ‬ ‫ل الّنا َ‬ ‫خ ُ‬
‫ما ي ُدْ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ن أك ْث َ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬تفسير السعدي )تفسير سورة القلم(‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،4167‬وحسنه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬

‫) ‪(1/277‬‬

‫ج« )‪ ، (1‬لن تقوى الله تصلح ما بين العبد‬ ‫فْر ُ‬ ‫وال ْ َ‬


‫م َ‬‫ف ُ‬‫ال ْ َ‬
‫ه؛‬
‫ق ِ‬‫وبين ربه‪ ،‬وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خل ِ‬
‫فتقوى الله توجب له محبة الله تعالى وحسن الخلق‬
‫يدعو الناس إلى محبته‪.‬‬
‫وإذا كان حسن الخلق يدخل صاحبه الجنة‪ ،‬فإنه أيضا‬
‫يرفع منزلة العبد إلى درجة الصائم القائم‪ ،‬يقول‬
‫ر ُ‬
‫ك‬ ‫ن ل َي ُدْ ِ‬
‫م َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪» :‬إ ِ ّ‬
‫م« )‪(2‬‬ ‫صائ ِم ِ ال ْ َ‬
‫قائ ِ ِ‬ ‫ة ال ّ‬
‫ج َ‬
‫ه دََر َ‬ ‫خل ُ ِ‬
‫ق ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫بِ ُ‬
‫فيا ترى ما هو السر في وصول من كانت أخلقه‬
‫حسنة إلى درجة من قائم الليل وصائم النهار؟‬
‫فالسر يكمن في أن صاحب الخلق الحسن أعطي هذا‬
‫الفضل العظيم‪ ،‬لن الصائم في النهار والمصلي في‬
‫الليل يجاهدان أنفسهما في مخالفة شهواتهم؛ وأما‬
‫من يحسن خلقه مع الناس مع اختلف طبائعهم‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1927‬وقال صحيح غريب وحسنه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‪ ،‬وابن ماجة ‪،4236‬‬
‫وأحمد ‪8734‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،4165‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬

‫) ‪(1/278‬‬

‫وأخلقهم فكأنه يجاهد نفوسا ً كثيرة‪ ،‬فأدرك ما أدركه‬


‫الصائم القائم‪ ،‬فاستويا في الدرجة‪.‬‬
‫ي به أيضا أن يكون من أحب عباد الله إلى‬ ‫وحر ّ‬
‫ه ؟‪َ ،‬‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قالوا ‪َ :‬‬
‫الله‪َ »: ،‬‬
‫ه إ ِلى الل ِ‬
‫عَباِد الل ِ‬
‫ب ِ‬
‫ح ّ‬
‫نأ َ‬‫م ْ‬
‫ف َ‬
‫قا« )‪(1‬‬ ‫خل ُ ً‬‫م ُ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬‫سن ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬أ ْ‬
‫‪-‬ويكون كذلك من أحب الناس وأقربهم مجلسا ً من‬
‫النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬يوم القيامة‪ ،‬قال عليه‬
‫مّني‬‫م ِ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫قَرب ِك ُ ْ‬ ‫ي َ‬‫م إ ِل َ ّ‬‫حب ّك ُ ْ‬ ‫نأ َ‬
‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫الصلة والسلم ‪»:‬إ ِ ّ‬
‫خَل ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫قا« )‪(2‬‬ ‫مأ ْ‬ ‫سن َك ُ ْ‬ ‫حا ِ‬ ‫ةأ َ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫و َ‬‫سا ي َ ْ‬ ‫جل ِ ً‬‫م ْ‬‫َ‬
‫ي به أيضا أن يثقل ميزانه يوم القيامة‪ ،‬قال عليه‬ ‫وحر ّ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫يءٌ أث ْ َ‬ ‫ما َ‬
‫م ِ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ميَزا ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫الصلة والسلم‪َ »:‬‬
‫ن« )‪(3‬‬ ‫ن ُ ُ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫س ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ق َ‬ ‫خل ٍ‬ ‫م ْ‬‫ة ِ‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫و َ‬‫يَ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبراني ‪ ،473‬وصححه اللباني في السلسلة‬
‫الصحيحة ‪432‬‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1941‬وقال حسن غريب‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح سنن الترمذي‬
‫)‪ (3‬الترمذي ‪1925‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/279‬‬

‫مر الديار‪،‬‬ ‫وأيضا مكارم الخلق تزيد في العمار وتع ّ‬


‫ن‬
‫س ُ‬ ‫ح ْ‬‫و ُ‬ ‫حم ِ َ‬ ‫ة الّر ِ‬ ‫صل َ ُ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ِ »:‬‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫زي َ‬
‫وي َ ِ‬‫ن الدَّياَر َ‬ ‫مَرا ِ‬
‫ع ُ‬
‫ر يَ ْ‬
‫وا ِ‬ ‫ن ال ْ ِ‬
‫ج َ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫و ُ‬‫ق َ‬ ‫خل ِ‬
‫ال ْ ُ ُ‬
‫ر« )‪(1‬‬ ‫ما ِ‬‫ع َ‬ ‫اْل َ ْ‬
‫فإذا عرفنا هذا الفضل العظيم والجر الكبير الذي‬
‫يناله من كانت أخلقه حسنة‪ ،‬كان لزاما ً علينا تزكية‬
‫د‬
‫ق ْ‬‫نفوسنا وتهذيب أخلقنا‪ ،‬مصداقا ً لقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ها{ الشمس‪9:‬؛ وإهمال تهذيبها هو‬ ‫ن َز ّ‬
‫كا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ها{‬ ‫سا َ‬ ‫ن دَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َ‬ ‫خا َ‬ ‫و َ‬
‫قدْ َ‬ ‫المراد من قوله تعالى ‪َ } :‬‬
‫الشمس‪10 :‬‬
‫وقبل أن نذكر كيفية ترويض النفس‪ ،‬وتهذيب‬
‫أخلقها‪ ،‬يحسن بنا أن نشير إلى سؤال مهم‪ ،‬وهو‪:‬‬
‫هل الخلق جبّلية في النسان )أي غريزة وطبع فيه(‬
‫أم أنها مكتسبة )يكتسبها بالتخلق والقتداء بغيره(؟‬
‫‪ -‬اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في حقيقة‬
‫الخلق‪ ،‬فذهب بعضهم إلى أنه غريزة‪ ،‬وذهب آخرون‬
‫بأنه مكتسب‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،24098‬وصحح اللباني إسناده في‬
‫الصحيحة ‪519‬‬
‫) ‪(1/280‬‬

‫‪ -‬والقول الكاشف للغطاء عن ذلك‪-‬والله أعلم‪ :-‬أن‬


‫من الخلق ما يكون في بعض الناس غريزة وطبعا‬
‫جبليًا‪ ،‬ومنه ما يكون مكتسب بالتخلق وترويض‬
‫النفس على محاسن الخلق‪.‬‬
‫‪ -‬ودليل ذلك‪ :‬قول النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬لذاك‬
‫ن‬ ‫ك َ ّ‬ ‫في َ‬
‫َ‬ ‫خل َت َي ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫الصحابي وهو‪-‬الشج بن قيس‪» :-‬إ ِ ّ‬
‫ق‬
‫خل ُ‬‫ّ‬ ‫ه أَنا أت َ َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ل َيا َر ُ‬ ‫قا َ‬‫واْل ََناةُ َ‬ ‫م َ‬ ‫حل ْ ُ‬‫ه ال ْ ِ‬ ‫ما الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫جب َل َ‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ل بَ ْ‬‫قا َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫ه َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫جب َلِني َ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫بِ ِ‬
‫ما الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫عَلى َ ّ‬
‫خلت َي ْ ِ‬ ‫جب َل َِني َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ه« )‪(1‬‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫‪ -‬ففي هذا دليل على أن الخلق منها ما هو جبلة‬
‫في النسان أي أن الله خلقه وفطره عليها‪.‬‬
‫ؤال‬ ‫س َ‬ ‫فت َْرِديده ال ّ‬ ‫‪ -‬قال الحافظ ابن حجر )‪َ : (2‬‬
‫َ‬
‫ما‬‫و َ‬ ‫ي‪َ ،‬‬ ‫جب ِل ِ ّ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬
‫ما ُ‬ ‫خُلق َ‬ ‫في ال ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫عر ب ِأ ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ريره َ‬ ‫ق ِ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫َ‬
‫سب‪.‬اهـ‬ ‫مكت َ َ‬‫ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،4548‬وحسنه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬
‫)‪ (2‬فتح الباري ‪ 10/459‬ح ‪5575‬‬

‫) ‪(1/281‬‬

‫‪-‬ومنها ما يكون كسبي يحصل بمجاهدة النفس‬


‫وتهذيبها على الخلق الحسنة‪.‬‬
‫ما‬
‫‪ -‬ودليل ذلك‪ :‬قول النبي صلى الله عليه وسلم ‪»:‬إ ِن ّ َ‬
‫خي َْر‬ ‫حّرى ال ْ َ‬ ‫ن ي َت َ َ‬‫م ْ‬‫م‪َ ،‬‬ ‫حل ِ‬
‫م ِبالت ّ َ ّ‬ ‫حل ْ ُ‬ ‫ما ال ْ ِ‬ ‫وإ ِن ّ َ‬
‫م‪َ ،‬‬ ‫عل ِ‬
‫م ِبالت ّ َ ّ‬ ‫عل ْ ُ‬
‫ال ْ ِ‬
‫ه« )‪(1‬‬ ‫ق ُ‬ ‫شّر ُيو َ‬ ‫ق ال ّ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ه‪َ ،‬‬ ‫عطَ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫‪ -‬ونقل النووي )‪ (2‬عن القاضي عياض قوله‪:‬‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ما ي ُك ْت َ َ‬
‫س ُ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬‫و ِ‬‫ريَزة‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫و َ‬
‫غ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫حيح أ ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫) َ‬
‫َ‬
‫م(‪.‬اهـ‬ ‫عل َ ُ‬
‫هأ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه‪َ .‬‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫داء ب ِ َ‬ ‫قت ِ َ‬‫واِل ْ‬ ‫ق َ‬ ‫خل ِ‬
‫ِبالت ّ َ ّ‬
‫وحاصل القول أن الخلق قابلة للتغيير‪ ،‬فلو كانت ل‬
‫تقبل التغيير لبطلت المواعظ والوصايا والتأديبات؛‬
‫وكيف ل تقبل التغيير ونرى خلق البهيمة يمكن‬
‫وض وتنقاد‪،‬‬ ‫تغييره‪ ،‬فالوحوش تستأنس‪ ،‬والفرس تر ّ‬
‫وكلب الصيد يعّلم‪ ،‬وكل ذلك تغيير للخلق؛ إل أن‬
‫بعض‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبراتي في الكبير ‪، 1763‬و الخطيب في تاريخ‬
‫بغداد ‪ - 442/ 6‬وحسن اللباني سنده في الصحيحة‬
‫‪342‬‬
‫)‪ (2‬شرح صحيح مسلم ‪ 15/79‬ح ‪4285‬‬

‫) ‪(1/282‬‬

‫النفوس سريعة النقياد للصلح‪ ،‬وبعضها مستصعبة‪،‬‬


‫لن أصعب ما على الطبيعة النسانية تغيير الخلق‬
‫التي طبعت النفوس عليها‪.‬‬

‫بيان الطريقة العملية لصلح النفس وتهذيب أخلقها‬


‫‪:‬‬
‫مثال النفس في علجها بمحو الرذائل والخلق‬
‫الرديئة عنها وجلب الفضائل والخلق الجميلة إليها‪،‬‬
‫مثال البدن في علجه بمحو المراض عنه وكسب‬
‫الصحة له وجلبها إليه‪ ،‬وقد ذكر بعض العلماء بعض‬
‫الطرق العملية لتهذيب الخلق وإصلح النفس‪،‬‬
‫اخترت منها طريقة قد ل تستصعبها النفس البشرية‬
‫ول تحتاج إلى كبير مجاهدة وعناء‪ ،‬وتكون بتوفيق الله‬
‫تعالى أيسر من التفتيش عن مساوئ الخلق في‬
‫النفس وإزالتها‪ ،‬وهي طريقة ذكرها ابن قيم الجوزية‬
‫)‪ (1‬قال ‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مدارج السالكين ‪2/313‬‬

‫) ‪(1/283‬‬

‫)سألت يوما َ شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله عن‬


‫هذه المسألة وقطع الفات والشتغال بتنقية الطريق‬
‫وبتنظيفها فقال لي جملة كلمه‪ :‬النفس مثل‬
‫الباطوس وهو‪ -‬جب القذر‪ -‬كلما نبشته ظهر وخرج‬
‫ولكن إن أمكنك أن تسقف عليه وتعبره وتجوزه‬
‫فافعل‪ ،‬ول تشتغل بنبشه فإنك لن تصل إلى قراره‬
‫وكلما نبشت شيئا ظهر غيره‪ ،‬فقلت‪ :‬سألت عن هذه‬
‫المسألة بعض الشيوخ فقال لي‪ :‬مثال آفات النفس‬
‫مثال الحيات والعقارب التي في طريق المسافر فإن‬
‫أقبل على تفتيش الطريق عنها والشتغال بقتلها‬
‫انقطع ولم يمكنه السفر قط‪ ،‬ولكن لتكن همتك‬
‫المسير والعراض عنها وعدم اللتفات إليها فإذا‬
‫عرض لك فيها ما يعوقك عن المسير فاقتله ثم امض‬
‫على سيرك‪ .‬فاستحسن شيخ السلم ذلك جدا وأثنى‬
‫على قائله( اهـ‬
‫وعليه فكل من أراد تهذيب نفسه واكتساب الخلق‬
‫الحسنة‪ ،‬فل يشتغل بالبحث عن الخلق المذمومة‬
‫الموجودة فيه‪ ،‬لنه كلما بحث عن‬

‫) ‪(1/284‬‬

‫خلق ذميم‪ ،‬ظهر له آخر‪ ،‬وهذا المسلك صعب على‬


‫النفس وربما ل يوصله إلى الثمرة المرجوة؛‬
‫والطريق السلم هو أنه كلما عرض عليه خلق ذميم‬
‫في حياته اليومية يجاهد نفسه في التخّلص منه في‬
‫ل«‬‫ج ّ‬‫و َ‬
‫عّز َ‬ ‫في الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ه ِ‬‫س ُ‬ ‫هد َ ن َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫جا َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫هد ُ َ‬
‫جا ِ‬ ‫حينه‪ ،‬و»ال ْ ُ‬
‫م َ‬
‫)‪ (1‬كما قال عليه الصلة والسلم‬
‫ن‬
‫‪-‬مثال ذلك‪ :‬لو أن مسلم رأى أن الله‪-‬عز وجل‪ -‬م ّ‬
‫على أخيه المسلم بالبيت الواسع والمركب الهنيء‪،‬‬
‫فعرض له في نفسه الحسد‪ ،‬فتمني زوالها عنه فذلك‬
‫حرام وهو الحسد المذموم؛ فهنا مباشرة يجاهد‬
‫نفسه بإزالته في حينه كما أشار ابن القيم عند سرده‬
‫للجواب )فإذا عرض لك فيها ما يعوقك عن المسير‬
‫فاقتله ثم امض على سيرك(‪ ،‬فإن أزاله حمد الله‬
‫على توفيقه لتزكية نفسه؛ وهكذا كلما عرض له خلق‬
‫ذميم‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبراني في الكبير ‪ ،15192‬وابن حبان ‪4706‬‬
‫)ابن بلبان(‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الجامع‬

‫) ‪(1/285‬‬

‫تنبيه‬
‫وأشير إلى أنه ل بد لتهذيب أخلقنا وتحسينها‪ ،‬من‬
‫الرجوع في ذلك إلى الشرع؛ " لن تزكية النفوس‬
‫مسّلم إلى الرسل وإنما بعثهم الله لهذه التزكية‬
‫وولهم إياها وجعلها على أيديهم دعوة وتعليما ً وبيانا ً‬
‫وإرشادًا‪ ،‬فهم المبعوثون لعلج نفوس المم قال‬
‫م ي َت ُْلو‬ ‫سوًل ِ‬ ‫ُ‬
‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫في اْل ّ‬
‫مّيي َ‬ ‫ث ِ‬
‫ع َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ذي ب َ َ‬ ‫ه َ‬
‫تعالى‪ُ } :‬‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ة َ‬ ‫م َ‬‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬‫ب َ‬‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫كي ِ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م آ ََيات ِ ِ‬‫ه ْ‬ ‫َ َ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ن{ الجمعة‪2:‬‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫ضَل ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل لَ ِ‬ ‫قب ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫َ‬
‫م ي َت ُْلو‬ ‫َ‬
‫من ْك ُ ْ‬ ‫سوًل ِ‬ ‫م َر ُ‬ ‫فيك ُ ْ‬ ‫سل َْنا ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫‪-‬وقال تعالى‪} :‬ك َ َ‬
‫وال ْ ِ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫عل َي ْك ُ َ‬
‫ة‬
‫م َ‬‫حك ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫كيك ُ ْ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫م آَيات َِنا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ البقرة‪151 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫كوُنوا ت َ ْ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫عل ّ ُ‬
‫وي ُ َ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/286‬‬

‫وتزكية النفوس أصعب من علج البدان وأشد فمن‬


‫زكى نفسه بالرياضة والمجاهدة والخلوة التي لم‬
‫يجئ بها الرسل‪ ،‬فهو كالمريض الذي يعالج نفسه‬
‫برأيه‪ ،‬وأين يقع رأيه من معرفة الطبيب؛ فالرسل‬
‫هم أطباء القلوب‪ ،‬فل سبيل إلى تزكية النفس‬
‫وإصلحها إل من طريقهم وعلى أيديهم وبمحض‬
‫النقياد والتسليم لهم والله المستعان‪(1) .‬‬
‫فمن التزم طريق الرسل عليهم السلم في تزكية‬
‫نفسه وإصلحها‪ ،‬فإن أخلقه ستكون موزونة بميزان‬
‫الشرع‬

‫طريقة اكتساب الخلق المحمودة‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬مدارج السالكين ‪2/315‬‬

‫) ‪(1/287‬‬

‫اكتساب هذه الخلق المحمودة بالمجاهدة والرياضة‬


‫وأعني به حمل النفس على العمال التي يقتضيها‬
‫الخلق المطلوب‪ .‬فمن أراد مثل ً أن يحصل لنفسه‬
‫خلق الجود‪-‬الكرم‪ -‬فطريقه أن يتكلف تعاطي فعل‬
‫الجواد الكريم وهو بذل المال‪ ،‬فل يزال يطالب نفسه‬
‫ويواظب عليه تكلفا ً مجاهدا ً نفسه فيه حتى يصير‬
‫ذلك طبعا ً ويتيسر عليه فيصير به جوادًا‪ ،‬وكذا من أراد‬
‫أن يحصل لنفسه خلق التواضع وقد غلب عليه الكبر‬
‫فطريقه أن يواظب على أفعال المتواضعين مدة‬
‫مديدة وهو فيها مجاهد نفسه ومتكلف إلى أن يصير‬
‫سر عليه‪ .‬وجميع الخلق‬ ‫ذلك خلقا ً له وطبعا ً فيتي ّ‬
‫المحمودة شرعا ً تحصل بهذا الطريق‪ ،‬وغايته أن يصير‬
‫الفعل الصادر منه لذيذا ً فالسخي هو الذي يستلذ بذل‬
‫المال الذي يبذله دون الذي يبذله عن كراهة‪،‬‬
‫والمتواضع هو الذي يستلذ التواضع‪ ،‬ولن ترسخ‬
‫الخلق الدينية في النفس‪ ،‬ما لم تتعود النفس جميع‬
‫العادات الحسنة وما لم تترك جميعا الفعال السيئة‪،‬‬
‫وما لم تواظب عليه مواظبة من يشتاق إلى‬

‫) ‪(1/288‬‬

‫الفعال الجميلة ويتنعم بها‪ ،‬ويكره الفعال القبيحة‬


‫ويتألم بها‪ ،‬ولنتذكر بعد هذا كله رأس المر وملكه‪،‬‬
‫وهو دعاء الله‪-‬عز وجل‪ -‬بتوفيقنا وهداية أنفسنا إلى‬
‫أحسن الخلق وصرف عنها كل خلق سيء‪-‬إنه‬
‫الموفق لذلك والقادر عليه‪ ،‬ولندعوه بدعاء رسول‬
‫ن اْل َ ْ‬
‫خَل ِ‬
‫ق‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫دِني ِل َ ْ‬
‫ه ِ‬‫وا ْ‬‫الله صلى الله عليه وسلم ‪َ »:‬‬
‫َ‬
‫ها لَ‬‫سي ّئ َ َ‬
‫عّني َ‬ ‫ف َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ص ِ‬‫وا ْ‬
‫ت َ‬ ‫ها إ ِّل أن ْ َ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫دي ِل َ ْ‬
‫ح َ‬ ‫َل ي َ ْ‬
‫ه ِ‬
‫َ‬
‫ت« )‪(1‬‬ ‫ها إ ِّل أن ْ َ‬ ‫سي ّئ َ َ‬‫عّني َ‬ ‫ف َ‬
‫ر ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫يَ ْ‬

‫الخلق المذمومة‬

‫آفات اللسان‬
‫إن آفات اللسان أسرع الفات بالنسان للوقوع في‬
‫الهلك والخسران؛ لذلك قبل ذكرها ل بد من التذكير‬
‫بأصل مهم وهو ‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،1290‬والترمذي ‪ 3343‬وقال حسن‬
‫صحيح‪ ،‬وأبو داود ‪649‬‬

‫) ‪(1/289‬‬

‫وجوب حفظ اللسان‬


‫فلقد أنعم الله عز وجل على النسان بنعمة السمع‬
‫والبصار والفئدة‪ ،‬وشق للعبد الفم في أحسن‬
‫موضع وأودعه اللسان الذي هو أحد آياته الدالة على‬
‫عظمة الخالق جل وعل ولطائف صنعه‬
‫فاللسان من نعم الله عز وجل العظيمة‪ ،‬فهو‬
‫المترجم عما حواه قلب العبد وعقله‪ ،‬وهو الحد‬
‫الفاصل بين اليمان والكفر‪ ،‬فل يتبّين إيمان العبد إل‬
‫بشهادة اللسان‪ ،‬ومن هنا ندرك حكمة الله البالغة من‬
‫خلق اللسان وهي ذكر الله تعالى‪ ،‬وتلوة القرآن‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬وإرشاد الناس‬
‫إلى معرفة دينهم‬
‫‪ -‬فإذا استعملناه لغير ما خلق له كفرنا نعمة الله‬
‫فينا‪ ،‬لن اللسان أعظم آلة للشيطان في إضلل بني‬
‫آدم‪ ،‬فمن أطلقه ساقه إلى شفا جرف هار فانهار به‬
‫في نار جهنم‪-‬والعياذ بالله‪ ،‬ولهذا لما سأل الصحابي‬
‫الجليل معاذ بن جبل رضي الله عنه النبي صلى الله‬
‫خل ُِني‬ ‫ل ي ُدْ ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫خب ِْرِني ب ِ َ‬‫ه أَ ْ‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫عليه وسلم »َيا َر ُ‬
‫سأل ْت َِني َ‬ ‫َ‬ ‫ر قال ‪ :‬ل َ َ‬
‫ن‬‫ع ْ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ْ‬‫عدُِني َ‬ ‫وي َُبا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬
‫عب ُدُ الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ه تَ ْ‬‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سَرهُ الل ّ ُ‬ ‫ن يَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫سيٌر َ‬ ‫ه ل َي َ ِ‬‫وإ ِن ّ ُ‬
‫ظيم ٍ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫م‬‫قي ُ‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫وت ُ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫ول ت ُ ْ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/290‬‬

‫م‬ ‫ت ثُ ّ‬ ‫ج ال ْب َي ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫وت َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫م َر َ‬ ‫صو ُ‬ ‫وت َ ُ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫ؤِتي الّز َ‬ ‫وت ُ ْ‬ ‫صَلةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ة‬
‫ق ُ‬ ‫صد َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل أل أدُل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫وال ّ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫و ُ‬‫ص ْ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫وا ِ‬ ‫على أب ْ َ‬ ‫ك َ‬
‫ل‬
‫ج ِ‬ ‫صَلةُ الّر ُ‬ ‫و َ‬ ‫ماءُ الّناَر َ‬ ‫ئ ال ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ي ُطْ ِ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫طيئ َ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ئ ال ْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ت ُطْ ِ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُنوب ُ ُ‬ ‫فى ُ‬ ‫جا َ‬ ‫م ت ََل }ت َت َ َ‬ ‫ل ثُ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ل أَل أ ْ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ك ب َِرأ ِ‬ ‫خب ُِر َ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن{ ث ُ ّ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫غ يَ ْ‬ ‫حّتى ب َل َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫سو َ‬ ‫ت ب ََلى َيا َر ُ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ِ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫و ِ‬ ‫وِذْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫موِد ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ر ك ُل ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫اْل ْ‬
‫َ‬ ‫قا َ ْ‬
‫ة‬
‫و ُ‬ ‫وِذْر َ‬ ‫صَلةُ َ‬ ‫مودُهُ ال ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫سَل ُ‬ ‫ر اْل ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫س اْل ْ‬
‫م‬ ‫ل َرأ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫قل ْ ُ‬
‫ت‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ك ُل ّ ِ‬ ‫ك ذَل ِ َ‬ ‫مَل ِ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫خب ُِر َ‬ ‫ل أ ََل أ ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫هادُ ث ُ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫سَنا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ذا‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْك َ‬ ‫َ‬ ‫ف َ‬ ‫لك ّ‬ ‫ُ‬ ‫ه قا َ‬ ‫َ‬ ‫سان ِ ِ‬ ‫خذَ ب ِل ِ َ‬ ‫ه فأ َ‬ ‫َ‬ ‫ي الل ِ‬ ‫ب ََلى َيا ن َب ِ ّ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ما ن َت َك َل ّ ُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ذو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ؤا َ‬ ‫م َ‬ ‫وإ ِّنا ل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ِ‬ ‫ت َُيا ن َب ِ ّ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫عَلى‬ ‫ر َ‬ ‫في الّنا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ب الّنا َ‬ ‫ل ي َك ُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫و َ‬ ‫عاذُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك َيا ُ‬ ‫م َ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ث َك ِل َت ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م« )‪(1‬‬ ‫ه ْ‬ ‫سن َت ِ ِ‬ ‫صائ ِدُ أل ْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ُ‬
‫‪-‬فظاهر حديث معاذ رضي الله عنه أن اللسان قد‬
‫يكون سببا في دخول النسان النار؛ بل ورد ما يدل‬
‫على أن أكثر ما يدخل الناس النار النطق بألسنتهم؛‬
‫ن‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫فقد » ُ‬
‫َ‬
‫خ ُ‬
‫ل‬ ‫ما ي ُدْ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫أك ْث َ ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 2541‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي وابن ماجه ‪3963‬‬

‫) ‪(1/291‬‬

‫سئ ِ َ‬
‫ل‬ ‫و ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ال ْ ُ ُ‬ ‫وى الل ّ ِ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫قا َ‬‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫س ال ْ َ‬
‫خل ِ‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫ق َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫الّنا َ‬
‫َ‬
‫ج« )‬‫فْر ُ‬‫وال ْ َ‬‫م َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ف َ‬
‫قا َ‬ ‫س الّناَر َ‬‫ل الّنا َ‬ ‫خ ُ‬‫ما ي ُدْ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ن أك ْث َ ِ‬
‫ع ْ‬
‫َ‬
‫‪(1‬‬
‫وهذا يدل على أن أعظم البلء على المرء في الدنيا‬
‫لسانه‪ ،‬فإن أكثر المعاصي منه‪ ،‬لقوله‪-‬عليه الصلة‬
‫ه« )‪ ، (2‬فمن‬ ‫سان ِ ِ‬ ‫في ل ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن آد َ َ‬ ‫والسلم»أ َك ْث َُر َ َ‬
‫خطاَيا اب ِ‬
‫وقي شر اللسان والفرج وقى أعظم الشر‬
‫ولهذا كان النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬يوصي‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫الصحابة بالصمت ويحث عليه‪ ،‬فكان يقول‪َ »:‬‬
‫جا« )‪(3‬‬ ‫ت نَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ص َ‬‫َ‬
‫قالَ‬ ‫ف َ‬‫م َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ي إ ِلى الن ّب ِ ّ‬ ‫عَراب ِ ّ‬‫جاءَ أ ْ‬ ‫و» َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ل لئ ِ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫ة َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ْ‬
‫خلِني ال َ‬ ‫ُ‬ ‫مل ي ُدْ ِ‬ ‫ً‬ ‫ع َ‬‫مِني َ‬ ‫ّ‬
‫عل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫سأل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ال َ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫قد ْ أ ْ‬ ‫ةل َ‬ ‫خطب َ َ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫صْر َ‬‫ق َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ك ُن ْ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1937‬وقال صحيح غريب‪،‬و ابن ماجه‬
‫‪ - 4246‬وحسنه اللباني في الصحيحة ‪977‬‬
‫)‪ (2‬الطبراني في الكبير ‪ ،10294‬والبيهقي في‬
‫شعب اليمان ‪ ،4729‬وحسنه اللباني في الصحيحة‬
‫‪534‬‬
‫)‪ (3‬الترمذي ‪ 2425‬وقال غريب‪ ،‬والدارمي‬
‫‪،2769‬وأحمد ‪ ،6193‬وصححه اللباني في الصحيحة‬
‫‪536‬‬

‫) ‪(1/292‬‬

‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو َ‬ ‫ل َيا َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬‫قب َ َ‬ ‫ك الّر َ‬ ‫ف ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫ق الن ّ َ‬ ‫عت ِ ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫عت ْق الن ّسم َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫فّر َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫ن ِ َ‬ ‫ل َل إ ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ة َ‬ ‫حد َ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫سَتا ب ِ َ‬ ‫ول َي ْ َ‬ ‫أ َ‬
‫قب َ‬
‫ة‬ ‫ح ُ‬ ‫من ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫ق َ‬ ‫عت ْ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ك الّر َ َ ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫و َ‬ ‫ها َ‬ ‫ق َ‬ ‫عت ْ ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫ق‬
‫م ت ُطِ ْ‬ ‫نل ْ‬ ‫َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ّ‬
‫حم ِ الظال ِم ِ َ‬ ‫على ِذي الّر ِ‬ ‫َ‬ ‫يء ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫ف َ‬ ‫كو ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫عم ال ْجائ ِع واسق الظّمآن ْ‬ ‫ك َ َ‬
‫ف‬‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مْر ِبال ْ َ‬ ‫وأ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َ َ ْ ِ‬ ‫فأطْ ِ ْ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ك إ ِّل ِ‬ ‫سان َ َ‬ ‫ف لِ َ‬ ‫فك ُ ّ‬ ‫ك َ‬ ‫ق ذَل ِ َ‬ ‫م ت ُطِ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫فإ ِ ْ‬ ‫ر َ‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َ‬ ‫وان ْ َ‬ ‫َ‬
‫ر« )‪(1‬‬ ‫ْ ِ‬ ‫ي‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫م‬ ‫ك لَ ْ‬ ‫وقال أيضا لمعاذ بن جبل رضي الله عنه ‪»:‬إ ِن ّ َ‬
‫عل َي ْ َ‬ ‫ذا ت َك َل ّمت ك ُت ِب ل َ َ َ‬
‫ك« )‬ ‫و َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ت‪َ ،‬‬ ‫سك َ ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ما َ‬ ‫سال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫ت ََز ْ‬
‫‪(2‬‬
‫ت َيا‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال‪ُ »:‬‬
‫عل َي ْ َ‬ ‫قا َ َ‬
‫ك‬ ‫سان َ َ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫س ْ‬ ‫م ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫جاةُ ؟ َ‬ ‫ما الن ّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫ك« )‪(3‬‬ ‫طيئ َت ِ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ك َ‬ ‫واب ْ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ك ب َي ْت ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫س ْ‬ ‫ول ْي َ َ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،17902‬والبيهقي في شعب اليمان‬
‫‪ ،4166‬وصححه اللباني في صحيح الترغيب‬
‫والترهيب‬
‫)‪ (2‬الطبراني في الكبير ‪ ،16561‬وصححه اللباني‬
‫في صحيح الجامع‬
‫)‪ (3‬الترمذي ‪ 2330‬وقال حسن‪ ،‬وصححه اللباني في‬
‫صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/293‬‬

‫ت َيا‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫وعن سفيان بن عبد الله الثقفي قال‪ُ »:‬‬


‫ي الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫عت َ ِ‬ ‫ر أَ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫م‬ ‫َ‬
‫حدّث ِْني ب ِأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬
‫عل َ ّ‬
‫ي‬ ‫ف َ‬ ‫خا ُ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫و ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫قل ْ ُ‬‫م ُ‬ ‫ق ْ‬‫ست َ ِ‬ ‫ما ْ‬
‫َ‬
‫ثُ ّ‬
‫ذا« )‪(1‬‬ ‫ه َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ثُ ّ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫خذَ ب ِل ِ َ‬ ‫فأ َ‬ ‫َ‬
‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬‫ن يُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪َ »:‬‬
‫َ‬ ‫فل ْي َ ُ‬ ‫وم ِ اْل ِ‬
‫ت « )‪(2‬‬ ‫م ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫و ل ِي َ ْ‬ ‫خي ًْرا أ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪»:‬إ ِ َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫ن آد َ َ‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫صب َ َ‬‫ذا أ ْ‬
‫فيَنا‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫ق الل َ‬ ‫ل ات ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫فت َ ُ‬ ‫ن )‪َ (3‬‬ ‫سا َ‬ ‫فُر الل ّ َ‬ ‫ها ت ُك َ ّ‬ ‫ضاءَ ك ُل ّ َ‬ ‫ع َ‬ ‫اْل َ ْ‬
‫ت‬ ‫ج َ‬ ‫ج ْ‬‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫نا ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫مَنا َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ست َ َ‬ ‫تا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ق ْ‬‫ست َ َ‬‫نا ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬‫ك َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫َ‬
‫جَنا« )‪(4‬‬ ‫ج ْ‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬ ‫ا ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 2334‬وقال حسن صحيح‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‪ ،‬وابن ماجه ‪،3962‬‬
‫والدارمي ‪2767‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪5559‬‬
‫فُر اللسان معناه‪ :‬تتذلل له وتتواضع له‪.‬‬ ‫)‪ (3‬ت ُك َ ّ‬
‫)‪ (4‬الترمذي ‪ ،2331‬وحسنه اللباني في صحيح‬
‫الترمذي‬

‫) ‪(1/294‬‬

‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪»:‬ليس شيء من الجسد‬


‫إل يشكو إلى الله اللسان على حدته« )‪(1‬‬
‫وهذا يدل على أن لسان المرء إذا استقام استقامت‬
‫سائر الجوارح وصلحت جميع أعماله؛ وإذا اعوج لسانه‬
‫اعوجت سائر جوارحه وفسد سائر عمله‪ ،‬ولذلك قال‬
‫حّتى‬ ‫د َ‬ ‫عب ْ ٍ‬
‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪َ»:‬ل ي َ ْ‬
‫ه‬
‫سان ُ ُ‬
‫م لِ َ‬ ‫قي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫حّتى ي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ُ ُ‬‫م َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ست َ ِ‬‫وَل ي َ ْ‬ ‫ه َ‬‫قل ْب ُ ُ‬‫م َ‬ ‫قي َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه«‪(2) .‬‬ ‫وائ ِ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫خ ُ‬ ‫وَل ي َدْ ُ‬
‫ق ُ‬ ‫جاُرهُ ب َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ُ‬‫ة ل ي َأ َ‬ ‫جن ّ َ‬
‫ل ال َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫َ‬
‫عَلى‬‫جَنى َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫إ‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ر‬ ‫مي‬ ‫ل ال ْحسن )‪) : (3‬الل ّسان أ َ‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫و‬
‫َ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َ ُ ِ ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫‪َ -‬‬
‫ت(‬ ‫ع ّ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫شي ًْئا َ‬ ‫ء َ‬ ‫َ‬
‫اْل ْ‬
‫ف ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ت‪َ ،‬‬ ‫جن َ ْ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ع َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيهقي في الشعب ‪ ،4741‬وابن أبي الدنيا في‬
‫الصمت ‪ ،13‬و أبو يعلى ‪ ،5‬وصحح إسناده اللباني‬
‫في السلسة الصحيحة ‪535‬‬
‫)‪ (2‬أحمد ‪ ،12575‬وابن أبي الدنيا في الصمت ‪ ،9‬و‬
‫حسنه اللباني في الصحيحة ‪2841‬‬
‫ة اْل َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫َ‬
‫في ِذك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ب) ِ‬
‫دا ِ‬ ‫م ِ‬
‫ظو َ‬ ‫ح َ‬‫شْر ِ‬ ‫ذاءَ اْلل َْبا ِ‬
‫ب لِ َ‬ ‫غ َ‬
‫)‪ِ (3‬‬
‫ن(‬
‫سا ِ‬ ‫ّ‬
‫ت الل َ‬ ‫فا ِ‬ ‫نآ َ‬‫م ْ‬‫ف ِ‬ ‫طََر ٍ‬
‫) ‪(1/295‬‬

‫ف اللسان‬ ‫فدلت هذه الحاديث المستفيضة على أن ك ّ‬


‫وحبسه هو المطلوب‪ ،‬فإن نطق به في الخير سلم‬
‫وفاز في الخرة‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليه‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫جلي ْ ِ‬‫ر ْ‬‫ن ِ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬
‫و َ‬‫ه َ‬ ‫حي َي ْ ِ‬‫ن لَ ْ‬
‫ما ب َي ْ َ‬‫ن ِلي َ‬ ‫م ْ‬
‫ض َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫وسلم » َ‬
‫ة« )‪(1‬‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ْ‬
‫ه ال َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫م ْ‬‫ض َ‬‫أَ ْ‬
‫وإن أطلقه في الشر خاب وخسر في الخرة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫َ‬
‫س‬
‫ل الّنا َ‬ ‫خ ُ‬‫ما ي ُدْ ِ‬ ‫ر َ‬‫ن أك ْث َ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل صلى الله عليه وسلم َ‬ ‫سئ ِ َ‬‫» ُ‬
‫ج« )‪ ، (2‬وعلى إثر هذه‬ ‫وال ْ َ‬
‫فْر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫الّناَر َ‬
‫التوصيات النبوية الثمينة‪ ،‬كان السلف رضوان الله‬
‫عليهم أشد الناس خوفا من شر اللسان‪ ،‬وهذه‬
‫آثارهم تدل على حالهم‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪5993‬‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 1937‬وقال صحيح غريب‪،‬و ابن ماجه‬
‫‪ - 4246‬وحسنه اللباني في الصحيحة ‪977‬‬

‫) ‪(1/296‬‬

‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫عَلى أِبي ب َك ْ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫خ َ‬ ‫ب دَ َ‬ ‫طا ِ‬ ‫خ ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫مَر ب ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فثبت )أ ّ‬
‫فَر الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫غ َ‬‫ه َ‬ ‫م ْ‬ ‫مُر َ‬ ‫ع َ‬‫ه ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫سان َ ُ‬‫جب ِذُ ل ِ َ‬ ‫و يَ ْ‬‫ه َ‬‫و ُ‬ ‫ق َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ص ّ‬‫ال ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لَ َ‬
‫د( )‪(1‬‬ ‫ر َ‬‫وا ِ‬ ‫م َ‬‫وَردَِني ال َ‬ ‫ذا أ ْ‬ ‫ه َ‬‫ن َ‬ ‫ر إِ ّ‬ ‫ل أُبو ب َك ْ ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫ك َ‬
‫والل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ) َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‬‫و ُ‬‫ح َ‬‫يء ٌ أ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ه الْر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ْ‬‫عَلى َ‬ ‫ما َ‬ ‫و‪َ ،‬‬ ‫ه َ‬‫ه ِإل ُ‬ ‫ذي ل إ ِل َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن( )‪(2‬‬ ‫سا ٍ‬ ‫ن لِ َ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫إ َِلى ُ‬
‫ج ٍ‬ ‫س ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫طو ِ‬
‫وعنه أيضا أنه )لبى على الصفا‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يا لسان‬
‫قل خيرا تغنم أو اصمت تسلم من قبل أن تندم‪،‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا أبا عبد الرحمن هذا شيء تقوله أو سمعته‬
‫قال ‪ :‬ل‪ ،‬بل‪ ،‬سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫ه« )‬ ‫سان ِ ِ‬ ‫في ل ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن آد َ َ‬ ‫ن أ َك ْث ََر َ َ‬
‫خطايا اب ْ ِ‬ ‫وسلم‪ ،‬يقول ‪» :‬إ ّ‬
‫‪ ( (3‬وُيحكى أن رجل ً نظر إلى‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الموطأ ‪ ،1567‬وابن أبي الدنيا في الورع‬
‫‪،92‬والبيهقي في الشعب ‪ ،4741‬وصححه اللباني‬
‫في صحيح الترغيب والترهيب‬
‫)‪ (2‬الطبراني في الكبير ‪ ، 8657‬وصححه اللباني‬
‫في صحيح الترغيب والترهيب‬
‫)‪ (3‬البيهقي في شعب اليمان ‪ ،4729‬وحسنه‬
‫اللباني في صحيح الجامع‬

‫) ‪(1/297‬‬

‫رجل مكثار فقال‪) :‬يا هذا ويحك إنما تملي كتابا إلى‬
‫ربك يقرأ على رؤوس الشهاد يوم الشدائد والهوال‬
‫وأنت عطشان عريان جوعان فانظر ماذا تملي(‬
‫إذن فخطر اللسان عظيم عظم ما يجنيه على صاحبه‬
‫من الويلت والمفاسد عاجل وآجل‪ ،‬لذلك ينبغي على‬
‫المسلم الحريص أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق‪،‬‬
‫فإن ظهرت فيه مصلحة تكلم وال أمسك‪ ،‬فإن النجاة‬
‫كل النجاة في حفظه وحبسه إل من خير‬
‫ساِنه‬ ‫ه أ َن ْ َ‬
‫شدَ ب ِل ِ َ‬
‫َ‬
‫ي‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬أن ّ ُ‬ ‫عل ِ ّ‬‫ن َ‬ ‫يع ِ‬ ‫و َ‬ ‫وُر ِ‬ ‫َ‬
‫على‬ ‫من َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن القو َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫وأد ِ‬ ‫ه‪َ #‬‬ ‫وقت ِ ِ‬ ‫ر َ‬‫ل في غي ِ‬ ‫فل ُتكث َِر ّ‬
‫ل‬‫عق ِ‬ ‫ن ِلل َ‬ ‫مزي ّ ِ‬‫ت ال ُ‬ ‫صم ِ‬ ‫ال َ‬
‫مرءُ‬‫ت ال َ‬ ‫س َيمو ُ‬ ‫وَلي َ‬ ‫ه‪َ #‬‬ ‫ة ِبلسان ِ ِ‬ ‫عثَر ٍ‬
‫من َ‬ ‫فتى ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫َيمو ُ‬
‫ل‬‫ة الّرج ِ‬ ‫عثَر ِ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫ل ت ََبرا‬
‫ه ِبالّرج ِ‬ ‫عثَرت ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه‪َ #‬‬ ‫س ِ‬ ‫ه َترمي ب َِرأ ِ‬ ‫من في ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فعثَرت ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫مه ِ‬ ‫على َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/298‬‬

‫وحاصل القول أنه ل ينجي من شر اللسان إل أن‬


‫يقيد بلجام الشرع‪ ،‬فل يتكلم إل فيما ينتفع به في‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬من ذكر الله تعالى‪ ،‬وتلوة القرآن‪،‬‬
‫وأمر بمعروف أو نهي عن منكر‪ ،‬وغير ذلك مما فيه‬
‫خير في عاجله وآجله‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫م إ ِل َ‬‫ه ْ‬ ‫وا ُ‬ ‫ج َ‬
‫ن نَ ْ‬
‫م ْ‬‫ر ِ‬ ‫َ‬
‫في كِثي ٍ‬ ‫خي َْر ِ‬ ‫قال الله تعالى ‪َ} :‬ل َ‬
‫صَل‬ ‫َ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬‫س َ‬ ‫ِ‬ ‫ن الّنا‬ ‫ح ب َي ْ َ‬ ‫ٍ‬ ‫و إِ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫صد َ َ ٍ‬‫مَر ب ِ َ‬ ‫أ َ‬
‫ؤِتي َ‬
‫جًرا‬ ‫هأ ْ‬ ‫ف نُ ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫ضا ِ‬‫مْر َ‬
‫غاءَ َ‬‫ك اب ْت ِ َ‬‫ل ذَل ِ َ‬‫ع ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ف َ‬
‫ما{ النساء‪114:‬‬ ‫ظي ً‬‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/299‬‬

‫مواجهة فتنة النساء )‪(1‬‬

‫السؤال‪:‬‬
‫ما‬
‫قرأت قول النبي صلى الله عليه وسلم )‪َ » : (2‬‬
‫ء«‪.‬‬
‫سا ِ‬
‫ن الن ّ َ‬
‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫جا ِ‬‫عَلى الّر َ‬ ‫ة أَ َ‬
‫ضّر َ‬ ‫فت ْن َ ً‬
‫دي ِ‬
‫ع ِ‬ ‫ت ََرك ْ ُ‬
‫ت بَ ْ‬
‫سؤالي كيف لي أن أنجو بنفسي من هذه الفتنة‪ ،‬وأنا‬
‫أراها في كل مكان ‪ :‬الشارع‪ ..‬التلفاز‪ ..‬النترنت‪..‬‬
‫العمل‪..‬‬
‫الجواب‪:‬‬
‫الحمد لله‪ ،‬فإن الله خلق النسان في دار ابتلء‬
‫وامتحان‪ ،‬وجعل الجنة مقرا ً لوليائه وأحبابه ‪ -‬الذين‬
‫يؤثرون رضاه على رضى أنفسهم‪ ،‬وطاعته على‬
‫راحة أبدانهم ‪ -‬وجعل النار مستقرا ً لمن عصاه من‬
‫عباده‪ ،‬وآثر هوى النفس على رضى الرب سبحانه‬
‫ة ال ِّتي‬ ‫ك ال ْ َ‬
‫جن ّ ُ‬ ‫وتعالى‪ ،‬قال تعالى ‪} :‬ت ِل ْ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬قافلة المواقع‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،5096‬ومسلم ‪2740‬‬

‫) ‪(1/300‬‬

‫قّيا{ مريم‪ ،63:‬وقال ‪:‬‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫عَباِدَنا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫ر ُ‬ ‫ُنو ِ‬


‫وى *‬ ‫ْ‬ ‫هى الن ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ه َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫ون َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م َرب ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫} َ‬
‫وى{ النازعات‪ ،41-40:‬وقال عن‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مأ َ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ِ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫فإ ِ ّ‬
‫صَل َ‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫خل َ َ‬ ‫أهل النار} َ‬
‫عوا ال ّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫فأ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ف َ‬
‫غّيا{ مريم‪ 59:‬وقال‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ي َل ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫َ‬
‫ذوا آَياِتي‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫وات ّ َ‬ ‫روا‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ما‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ؤ‬‫ُ‬ ‫زا‬ ‫ج‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫}‬ ‫‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ َ َ ّ ُ ِ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬
‫غى‬‫ن طَ َ‬ ‫َ‬ ‫وا{ الكهف‪ ،106:‬وقال ‪َ } :‬‬
‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬ ‫هُز ً‬ ‫سِلي ُ‬ ‫وُر ُ‬ ‫َ‬
‫وى{‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫حي‬
‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫إ‬‫ف‬ ‫َ‬ ‫*‬ ‫يا‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫يا‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫* وآ َ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫النازعات‪.39 -37:‬‬
‫فعلى المسلم أن يجاهد نفسه في عبادة الله‪،‬‬
‫والبتعاد عما يغضب الله‪ ،‬فإن الله ل يضيع أجر من‬
‫سب ُل ََنا‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي َن ّ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫فيَنا ل َن َ ْ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫أحسن عمل ‪َ } :‬‬
‫ن{ العنكبوت‪69:‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫وإن من الفتن التي ابتلينا بها فتنة النساء بنص كلم‬
‫دي‬ ‫ع ِ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫ما ت ََرك ْ ُ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪َ » :‬‬
‫ء« )‪(1‬‬‫سا ِ‬
‫ن الن ّ َ‬
‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫عَلى الّر َ‬
‫جا ِ‬ ‫ة أَ َ‬
‫ضّر َ‬ ‫فت ْن َ ً‬
‫ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪،4706‬ومسلم ‪،2741‬والترمذي ‪2781‬‬
‫وصححه‪ ،‬وابن ماجه ‪3998‬‬

‫) ‪(1/301‬‬

‫وهذه بعض الطرق التي تعين على تجنب هذه الفتنة‬


‫نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين‪.‬‬
‫‪ -1‬اليمان بالله عز وجل ‪:‬‬
‫إن اليمان بالله والخوف من الله صمام المان‬
‫والعاصم للعبد من مواقعة الحرام والنسياق وراء‬
‫شهوة عارضة‪.‬‬
‫فالمؤمن إذا تربى على مراقبة الله ومطالعة أسرار‬
‫أسمائه وصفاته كالعليم والسميع والبصير والرقيب‬
‫والشهيد والحسيب والحفيظ والمحيط‪ ،‬أثمر ذلك‬
‫خوفا ً منه سبحانه في السر والعلن‪ ،‬وانتهاءً عن‬
‫معصية الله‪ ،‬وصدودا ً عن داعي الشهوة الذي يؤز‬
‫كثيرا ً من العباد إلى الحرام أزّا‪.‬‬

‫‪ -2‬غض البصر عن المحرمات ‪:‬‬


‫إن النظر يثمر في القلب خواطر سيئة رديئة ثم‬
‫تتطور تلك الخواطر إلى فكرة ثم إلى شهوة وهو‬
‫بيت القصيد ثم إلى إرادة فعزيمة ففعل للحرام ول‬
‫بد‪ ..‬وتأمل في هذه الية التي ربطت بين أول‬
‫خطوات‬

‫) ‪(1/302‬‬

‫ضوا‬ ‫غ ّ‬‫ن يَ ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫م ْ‬


‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫ق ْ‬‫الحرام وآخرها يقول تعالى ‪ُ } :‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك أْز َ‬ ‫م ذَل ِ َ‬ ‫ظوا ُ‬‫ف ُ‬
‫ح َ‬ ‫َ‬
‫م إِ ّ‬‫ه ْ‬‫كى ل ُ‬ ‫ه ْ‬
‫ج ُ‬
‫فُرو َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫ر ِ‬‫صا ِ‬
‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬‫ِ‬
‫ن{ النور‪.30:‬‬ ‫عو َ‬‫صن َ ُ‬‫ما ي َ ْ‬
‫خِبيٌر ب ِ َ‬
‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫يقول ابن كثير‪) :‬هذا أمر الله تعالى لعباده المؤمنين‬
‫أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم فل ينظروا‬
‫إل إلى ما أباح لهم النظر إليه وأن يغضوا أبصارهم‬
‫عن المحارم‪ ،‬فإن اتفق أن وقع البصر على محرم‬
‫من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعا(‪.‬‬

‫‪ -3‬مدافعة الخواطر ‪:‬‬


‫إن الخاطرة السيئة في القلب خطر‪ ..‬ومتى انساق‬
‫م‬‫ه ّ‬ ‫ة‪َ ،‬‬
‫ف َ‬ ‫العبد معها ولم يدافعها تطورت إلى فكر ٍ‬
‫ل للحرام‪ ..‬فحذار من‬ ‫ة فإقدام ٍ وفع ٍ‬
‫ة‪ ،‬فعزيم ٍ‬
‫وإراد ٍ‬
‫السترسال مع الخطرة بل الواجب مدافعتها‬
‫ومزاحمتها بالخواطر الطيبة‪ ،‬فالعلج إذا ً هو مدافعة‬
‫الخطرات‪ ،‬وإشغال النفس بالفكر فيما ينفعها‪.‬‬

‫‪ -4‬النكاح ‪:‬‬

‫) ‪(1/303‬‬

‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ه بن مسعود قال ‪َ :‬‬ ‫د الل ّ ِ‬ ‫عب ْ ِ‬
‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ع ِ‬
‫طا َ‬‫ست َ َ‬
‫نا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َ‬ ‫شَبا ِ‬ ‫شَر ال ّ‬‫ع َ‬‫م ْ‬‫م ‪َ» :‬يا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫هل ُ‬ ‫وم ِ َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ص ْ‬
‫ه ِبال ّ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ع َ‬ ‫ست َطِ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫َ‬
‫نل ْ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬
‫ج َ‬
‫و ْ‬ ‫ْ‬
‫فلي َت ََز ّ‬ ‫الَباءَةَ َ‬ ‫ْ‬
‫ء« )‪(1‬‬ ‫جا ٌ‬ ‫و َ‬ ‫ِ‬

‫‪ -5‬الصيام لمن لم يستطع الزواج‬


‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ع َ‬
‫ف َ‬ ‫ست َطِ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬
‫للحديث السابق وفيه ‪َ » :‬‬
‫ء«‬
‫جا ٌ‬
‫و َ‬ ‫ه لَ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫وم ِ َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ص ْ‬
‫ِبال ّ‬
‫وقال القرطبي ‪ :‬كلما قل الكل ضعفت الشهوة‪،‬‬
‫وكلما ضعفت الشهوة قلت المعاصي اهـ‪.‬‬

‫‪ -6‬البعد عن رفقاء السوء ‪:‬‬


‫ن‬ ‫ل َ َ‬
‫ج ُ‬
‫على ِدي ِ‬ ‫يقول النبي صلى الله عليه وسلم ‪» :‬الّر ُ‬
‫َ‬
‫خال ِ ُ‬
‫ل« )‪(2‬‬ ‫ن يُ َ‬
‫م ْ‬
‫م َ‬ ‫فل ْي َن ْظُْر أ َ‬
‫حدُك ُ ْ‬ ‫ه َ‬
‫خِليل ِ ِ‬
‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪5065‬‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪،4193‬وحسنه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‪ ،‬والترمذي ‪ 2300‬وقال حسن غريب‬

‫) ‪(1/304‬‬

‫‪ -7‬البعد عن أماكن الفتن‬


‫فل يخفى أننا نعيش اليوم في مجتمع قد ملئ بالفتن‬
‫‪-‬إعلنات من جميع الشكال ‪ -‬مجلت ‪ -‬معاكسات في‬
‫السواق ‪ -‬فضائيات ‪-‬إنترنت‪ ...‬الخ‪ ،‬فعليك بالفرار‬
‫منها جميعا ليسلم لك دينك‪.‬‬

‫‪ -8‬ل تجعلوا بيوتكم قبورا ‪:‬‬


‫اجعل من بيتك مذكرا لك بالطاعة ل بالمعصية‪ ،‬فإن‬
‫ارتباط الغرفة بالمعصية مثل يجعل العبد يقع في‬
‫المعصية مرارًا‪ ،‬إذ إنه كلما دخلها تذكر المعصية فلعله‬
‫يستثار فيقع المحظور فليجعل من غرفته ومن بيته‬

‫) ‪(1/305‬‬

‫مذكرا للطاعة فإذا دخل رأى المصحف الذي يقرأ منه‬


‫وتذكر قيامه بالليل لله وسننه الرواتب التي أداها‬
‫في هذه الحجرة‪ ،‬إن تكثير الطاعات في بيتك يربطه‬
‫في نفسك بالخير وبفعل الخير فتستزيد من ذلك‬
‫ويقل ورود المعصية على ذهنك‪ ،‬ويخف نداء الشهوة‪.‬‬

‫‪ -9‬الحرص على استغلل الوقت في طاعة الله عز‬


‫وجل ‪:‬‬
‫إن الوقت نعمة عظيمة من نعم الله على العبد‪ ،‬لكن‬
‫ن‬
‫ن اب ْ ِ‬
‫ع ْ‬ ‫المغبون فيها ومنقوص الحظ منها كثير ف َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬‫قا َ‬‫ل‪َ :‬‬ ‫ما َ‬
‫قا َ‬ ‫ه َ‬‫عن ْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬‫ض َ‬ ‫س َر ِ‬ ‫عّبا ٍ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ك َِثيٌر ِ‬ ‫ه َ‬‫في ِ‬
‫ن ِ‬
‫غُبو ٌ‬‫م ْ‬
‫ن َ‬ ‫مَتا ِ‬ ‫ع َ‬
‫م ‪» :‬ن ِ ْ‬ ‫سل ّ َ‬‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫غ« )‪(1‬‬ ‫فَرا ُ‬ ‫ْ‬
‫وال َ‬ ‫ة َ‬‫ح ُ‬
‫ص ّ‬‫ال ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ، 5933‬والترمذي ‪ ،2226‬وابن ماجة‬
‫‪4160‬‬

‫) ‪(1/306‬‬

‫‪ - 10‬تذكر نعيم الخرة ‪ :‬ومن أخصها في هذا المقام‬


‫تذكر الحور العين وأوصافهن التي أعدها الله لمن‬
‫صبر عن معاصيه بما يعين المسلم على الزهد في‬
‫هذا الفاني المحرم الذي ل يورث إل الندم‬
‫والحسرات‪.‬‬

‫) ‪(1/307‬‬

‫أخلق للمسلم يتحلى بها في حياته‬

‫الصبر‬
‫الصبر من حيث الجملة واجب‪ ،‬ويدل لذلك‪:‬‬
‫ها‬ ‫َ‬
‫أ ‪ -‬أمر الله به في غير ما آية قال تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ع‬‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صَل ِ‬
‫ة إِ ّ‬ ‫وال ّ‬‫ر َ‬ ‫صب ْ ِ‬
‫عيُنوا ِبال ّ‬ ‫ست َ ِ‬‫مُنوا ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫صاب ُِروا{ آل‬ ‫و َ‬‫صب ُِروا َ‬‫ن{ البقرة‪} 153:‬ا ْ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬‫ال ّ‬
‫عمران‪.200:‬‬
‫م‬
‫ه ُ‬ ‫وّلو ُ‬ ‫فَل ت ُ َ‬ ‫ب ‪ -‬نهيه عن ضده كما في قوله } َ‬
‫م{‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫وَل ت ُب ْطُِلوا أ َ ْ‬ ‫اْلدَْباَر{ النفال‪ 15:‬وقوله } َ‬
‫َ‬
‫حَزُنوا{ آل عمران‪139:‬‬ ‫وَل ت َ ْ‬ ‫هُنوا َ‬‫ول ت َ ِ‬
‫محمد‪َ َ } 33:‬‬
‫ُ‬
‫ج ْ‬
‫ل‬ ‫ع ِ‬
‫ست َ ْ‬ ‫وَل ت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬
‫عْزم ِ ِ‬ ‫صب ََر أوُلو ال ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫} َ‬
‫م{الحقاف‪.35:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫ج ‪ -‬أن الله رتب عليه خيري الدنيا والخرة وما كان‬
‫كذلك كان تحصيله واجبًا‪ ،‬أما من حيث التفصيل‬
‫فحكمه بحسب المصبور عنه أو عليه‪ ،‬فهو واجب على‬
‫الواجبات وواجب عن المحرمات‪ ،‬وهو مستحب عن‬
‫المكروهات‪ ،‬ومكروه عن المستحبات‪ ،‬ومستحب على‬
‫المستحبات‪،‬‬

‫) ‪(1/308‬‬

‫ومكروه على المكروهات‪ ،‬ومما يدل على أن الصبر‬


‫قُبوا‬ ‫عا ِ‬‫ف َ‬‫م َ‬ ‫عا َ‬
‫قب ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قد ل يكون لزما ً قوله تعالى } َ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ن{‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬‫خي ٌْر ِلل ّ‬ ‫و َ‬ ‫م لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ول َئ ِ ْ‬
‫ه َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫قب ْت ُ ْ‬‫عو ِ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل َ‬‫مث ْ ِ‬‫بِ ِ‬
‫النحل‪ ،126:‬فالصبر عن مقابلة السيئة بمثلها ليس‬
‫واجبا ً بل مندوبا ً إليه‪.‬‬
‫وقد أمر الله المؤمنين بالصبر والمصابرة والمرابطة‬
‫وَراب ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طوا‬ ‫صاب ُِروا َ‬ ‫و َ‬‫صب ُِروا َ‬ ‫مُنوا ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫فقال‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ن{ آل عمران‪ ،200:‬وصيغة‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه لَ َ‬‫قوا الل ّ َ‬‫وات ّ ُ‬‫َ‬
‫المصابرة تفيد المفاعلة من الجانبين‪ ،‬والمعنى هنا‪:‬‬
‫مغالبة العداء في الصبر‪ ،‬فإذا كنا نصبر على حقنا‪،‬‬
‫فإن المشركين يصبرون على باطلهم؛ فل بد أن‬
‫نغلبهم بمصابرتنا‪ ،‬ثم أمرنا بالمرابطة على تلك‬
‫المصابرة والثبات عليها لنحقق موعود الله ونظفر‬
‫بالفلح‪ ،‬فانتقلت الية بالمر من الدنى إلى العلى‬
‫فالصبر مع نفسك‪ ،‬والمصابرة بينك وبين عدوك‬
‫والمرابطة‪ :‬الثبات وإعداد العدة‪ ،‬وكما أن الرباط‬
‫لزوم الثغر لئل يهجم منه العدو فكذلك الرباط أيضا ً‬
‫لزوم ثغر القلب لئل يهجم منه الشيطان فيملكه أو‬
‫يخربه أو يناله بأذى‪ .‬وعليه فقد يصبر العبد ول‬
‫) ‪(1/309‬‬

‫يصابر‪ ،‬وقد يصابر ول يرابط‪ ،‬وقد يصبر ويصابر‬


‫ويرابط من غير تعبد بالتقوى‪ ،‬فأخبر سبحانه أن ملك‬
‫ذلك كله بالتقوى‪.‬‬
‫د ‪ -‬درجاته‪:‬‬
‫الصبر نوعان‪ ،‬بدني ونفسي وكل منهما قسمان‪:‬‬
‫اختياري واضطراري‪ ،‬فصارت أربعة‪:‬‬
‫‪ - 1‬بدني اختياري‪ ،‬كتعاطي العمال الشاقة‪.‬‬
‫‪ - 2‬بدني اضطراري كالصبر على ألم الضرب‪.‬‬
‫‪ - 3‬نفسي اختياري كصبر النفس عن فعل ما ل‬
‫يحسن فعله شرعا ً ول عق ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -4‬نفسي اضطراري كصبر النفس عن فقدان‬
‫محبوبها الذي حيل بينها وبينه‪.‬‬
‫والصبر الختياري أكمل من الضطراري‪ ،‬فإن‬
‫الضطراري يشترك فيه الناس ويتأتى ممن ل يتأتى‬
‫منه الصبر الختياري‪ ،‬ولذلك كان صبر يوسف على‬
‫مطاوعة امرأة العزيز وصبره على ما ناله من السجن‬
‫أعظم من صبره على ما ناله من إخوته لما ألقوه في‬
‫الجب وفرقوا بينه وبين أبويه‪،‬‬

‫) ‪(1/310‬‬

‫وباعوه بيع العبد‪ ،‬ومن الصبر الختياري صبره على‬


‫العز والتمكين الذي أورثه الله إياه فجعله مسخرا ً‬
‫لطاعة الله ولم ينقله ذلك إلى الكبر والبطر‪ ،‬وكذلك‬
‫كان صبر نوح والخليل وموسى الكليم والمسيح‬
‫ومحمد صلى الله عليه وسلم فإن صبرهم كان على‬
‫الدعوة إلى الله ومجاهدة أعداء الله ولهذا سموا‬
‫أولي العزم‪ ،‬وأمر الله رسوله أن يصبر كصبرهم‬
‫ُ‬
‫ل{ الحقاف‪:‬‬ ‫س ِ‬‫ن الّر ُ‬‫م َ‬ ‫صب ََر أوُلو ال ْ َ‬
‫عْزم ِ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬
‫فا ْ‬‫} َ‬
‫‪ 35‬ونهاه عن أن يتشبه بصاحب الحوت حيث لم يصبر‬
‫وَل‬
‫ك َ‬‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬
‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫فخرج مغاضبا ً قبل أن يؤذن له } َ‬
‫فا ْ‬
‫ت{ القلم‪ 48:‬ولهذا دارت قصة‬ ‫حو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬‫ن كَ َ‬ ‫ت َك ُ ْ‬
‫الشفاعة يوم القيامة على أولي العزم حتى ردوها‬
‫إلى خيرهم وأفضلهم وأصبرهم‪.‬‬
‫واعلم أن الصبر المتعلق بالتكليف وهو صبر إما على‬
‫الطاعة أو عن المعصية أفضل من الصبر على مر‬
‫القدر فإن هذا الخير يأتي به البر والفاجر والمؤمن‬
‫والكافر فلبد لكل أحد من الصبر على القدر اختيارا ً‬
‫أو اضطرارًا‪ ،‬أما الصبر على الوامر وعن النواهي‬
‫فهو صبر أتباع الرسل‪ ،‬والصبر على الوامر أفضل‬
‫من الصبر عن النواهي لن فعل‬

‫) ‪(1/311‬‬

‫المأمور أحب إلى الله من ترك المحظور والصبر على‬


‫أحب المرين أفضل وأعلى‬

‫‪ - 2‬فضائل الصبر في القرآن الكريم‪:‬‬


‫حديث القرآن عن فضائل الصبر كثير جدًا‪ ،‬وهذه‬
‫العجالة ل تستوعب كل ما ورد في ذلك لكن نجتزىء‬
‫منه بما يلي‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪ -1‬علق الله الفلح به في قوله‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ن{‬‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ُ‬
‫علك ْ‬ ‫ّ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬‫طوا َ‬ ‫وَراب ِ ُ‬ ‫صاب ُِروا َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ُِروا َ‬ ‫ا ْ‬
‫آل عمران‪200:‬‬
‫‪ -2‬الخبار عن مضاعفة أجر الصابرين على غيره‪:‬‬
‫صب َُروا{ القصص‪54:‬‬ ‫َ‬ ‫ك يُ ْ‬ ‫}ُأول َئ ِ َ‬
‫ما َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫مّرت َي ْ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جَر ُ‬‫نأ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ؤت َ ْ‬
‫ب{‬ ‫َ‬ ‫و ّ‬
‫سا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جَر ُ‬
‫نأ ْ‬ ‫صاب ُِرو َ‬ ‫فى ال ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫وقال‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫الزمر‪.10:‬‬
‫علَنا‬ ‫ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫‪ -3‬تعليق المامة في الدين به وباليقين‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا ب ِآَيات َِنا‬ ‫و َ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫رَنا ل َ ّ‬ ‫م ِ‬‫ن ب ِأ ْ‬‫دو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ة يَ ْ‬ ‫م ً‬ ‫م أئ ِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ِ‬
‫ن{ السجدة‪.24:‬‬ ‫قُنو َ‬ ‫ُيو ِ‬
‫رين‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫‪ -4‬ظفرهم بمعية الله لهم‪} :‬إ ِ ّ‬
‫َ{البقرة‪،153:‬النفال‪.46:‬‬

‫) ‪(1/312‬‬

‫ك‬‫‪ -5‬أنه جمع لهم ثلثة أمور لم تجمع لغيرهم‪ُ} :‬أول َئ ِ َ‬


‫م‬
‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وُأول َئ ِ َ‬‫ة َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫َ َ‬
‫ن{ البقرة‪.157:‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫‪ -6‬أنه جعل الصبر عونا ً وعدة‪ ،‬وأمر بالستعانة به ‪:‬‬
‫ة{ البقرة‪.145:‬‬ ‫صَل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ر َ‬ ‫صب ْ ِ‬
‫عيُنوا ِبال ّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫} َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫‪ -7‬أنه علق النصر بالصبر والتقوى فقال‪} :‬ب َلى إ ِ ْ‬
‫ْ‬
‫م َرب ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ددْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ه َ‬
‫ذا ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ر ِ‬‫و ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وي َأُتوك ُ ْ‬ ‫قوا َ‬ ‫وت َت ّ ُ‬‫صب ُِروا َ‬ ‫تَ ْ‬
‫مَلئ ِك َ ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ آل عمران‪.125:‬‬ ‫مي َ‬ ‫و ِ‬ ‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ة آَل ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫‪ -8‬أنه تعالى جعل الصبر والتقوى جنة عظيمة من‬
‫كيد العدو ومكره فما استجن العبد بأعظم منهما‪:‬‬
‫م{ آل عمران‪:‬‬ ‫ه ْ‬‫م ك َي ْدُ ُ‬ ‫ضّرك ُ ْ‬ ‫قوا َل ي َ ُ‬ ‫وت َت ّ ُ‬
‫صب ُِروا َ‬ ‫ن تَ ْ‬‫وإ ِ ْ‬
‫} َ‬
‫‪.120‬‬
‫‪ -9‬أن الملئكة تسلم في الجنة على المؤمنين‬
‫ب*‬ ‫ن كُ ّ‬
‫ل َبا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫خُلو َ‬ ‫مَلئ ِك َ ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ة ي َدْ ُ‬ ‫بصبرهم } َ‬
‫ر{ الرعد‪:‬‬ ‫دا ِ‬
‫قَبى ال ّ‬ ‫ع ْ‬‫م ُ‬ ‫ع َ‬‫فن ِ ْ‬‫م َ‬ ‫صب َْرت ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م َ‬‫سَل ٌ‬ ‫َ‬
‫‪.24-23‬‬

‫) ‪(1/313‬‬

‫‪ -10‬أنه سبحانه رتب المغفرة والجر الكبير على‬


‫صب َُروا‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫الصبر والعمل الصالح فقال‪} :‬إ ِّل ال ّ ِ‬
‫فرةٌ َ‬ ‫ت ُأول َئ ِ َ‬
‫جٌر ك َِبيٌر{ هود‪:‬‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫غ ِ َ‬ ‫م ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ك لَ ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫‪.11‬‬
‫‪ -11‬أنه سبحانه جعل الصبر على المصائب من عزم‬
‫المور‪ :‬أي مما يعزم من المور التي إنما يعزم على‬
‫عْزم ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك لَ ِ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫فَر إ ِ ّ‬ ‫غ َ‬‫و َ‬‫صب ََر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ َ‬‫أجلها وأشرفها‪َ } :‬‬
‫ُ‬
‫ر{ الشورى‪.43:‬‬ ‫مو ِ‬ ‫اْل ُ‬
‫ب‬
‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫‪ -12‬أنه سبحانه جعل محبته للصابرين‪َ } :‬‬
‫ن{ آل عمران‪.146-‬‬ ‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫‪ -13‬أنه تعالى قال عن خصال الخير‪ :‬إنه ل يلقاها إل‬
‫ها‬‫قا َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬‫و َ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬‫و َ‬ ‫الصابرون‪َ } :‬‬
‫م{ فصلت‪.35:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫إ ِّل ُ‬
‫ظي ٍ‬ ‫ع ِ‬ ‫ظ َ‬ ‫ذو َ‬
‫‪ -14‬أنه سبحانه أخبر أنما ينتفع بآياته ويتعظ بها‬
‫ر‬‫صّبا ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ت ل ِك ُ ّ‬ ‫ك َل ََيا ٍ‬ ‫في ذَل ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫الصبار الشكور‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ر{ إبراهيم‪ ،5:‬لقمان‪ ،31:‬سبأ‪ ،19:‬الشورى‪.33:‬‬ ‫كو ٍ‬ ‫ش ُ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/314‬‬

‫‪ -15‬أنه سبحانه أثنى على عبده أيوب أجل الثناء‬


‫ه‬ ‫م ال ْ َ‬
‫عب ْدُ إ ِن ّ ُ‬ ‫ع َ‬
‫صاب ًِرا ن ِ ْ‬‫جدَْناهُ َ‬ ‫و َ‬
‫وأجمله لصبره فقال‪} :‬إ ِّنا َ‬
‫ب{ ص‪ ،44:‬فمن لم يصبر فبئس العبد هو‪.‬‬ ‫َ‬
‫وا ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫‪ -16‬أنه حكم بالخسران التام على كل من لم يؤمن‬
‫ويعمل الصالحات ولم يكن من أهل الحق والصبر‪:‬‬
‫َ‬ ‫ر * إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫ن لَ ِ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫س ٍ‬‫خ ْ‬ ‫في ُ‬ ‫سا َ‬ ‫ن اْل ِن ْ َ‬‫ر * إِ ّ‬‫ص ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ع ْ‬ ‫} َ‬
‫ر{‬‫صب ْ ِ‬‫وا ِبال ّ‬ ‫ص ْ‬‫وا َ‬ ‫وت َ َ‬
‫ق َ‬‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫وا ِبال َ‬‫ص ْ‬ ‫وا َ‬‫وت َ َ‬‫ت َ‬ ‫حا ِ‬‫صال ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ملوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫العصر‪ ، .3-1:‬قال المام الشافعي‪) :‬لو فكر الناس‬
‫كلهم في هذه الية لوسعتهم‪ ،‬وذلك أن العبد كماله‬
‫في تكميل قوتيه‪ :‬قوة العلم‪ ،‬وقوة العمل‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫اليمان والعمل الصالح وكما هو محتاج لتكميل نفسه‬
‫فهو محتاج لتكميل غيره‪ ،‬وهو التواصي بالحق‪،‬‬
‫وقاعدة ذلك وساقه إنما يقوم بالصبر(‪.‬‬
‫‪ -17‬أنه سبحانه خص أهل الميمنة بأنهم أهل الصبر‬
‫والمرحمة الذين قامت بهم هاتان الخصلتان ووصوا‬
‫َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫مُنوا‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬‫كا َ‬ ‫بهما غيرهم فقال تعالى‪} :‬ث ُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب‬‫حا ُ‬‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ة * أولئ ِ َ‬ ‫م ِ‬‫ح َ‬‫مْر َ‬‫وا ِبال ْ َ‬
‫ص ْ‬
‫وا َ‬
‫وت َ َ‬
‫ر َ‬
‫صب ْ ِ‬
‫وا ِبال ّ‬
‫ص ْ‬ ‫وا َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫َ‬
‫ة{ البلد‪.19-18:‬‬ ‫من َ ِ‬
‫مي ْ َ‬‫ال َ‬‫ْ‬

‫) ‪(1/315‬‬

‫‪ -18‬أنه تبارك وتعالى قرن الصبر بمقامات اليمان‬


‫وأركان السلم وقيم السلم ومثله العليا‪ ،‬فقرنه‬
‫ة{ البقرة‪45:‬‬ ‫صَل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ر َ‬ ‫صب ْ ِ‬‫عيُنوا ِبال ّ‬ ‫ست َ ِ‬‫وا ْ‬ ‫بالصلة } َ‬
‫صب َُروا‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫وقرنه بالعمال الصالحة عموما }إ ِل ال ِ‬
‫ق‬
‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫مُلوا{ هود‪ ،11:‬وجعله قرين التقوى }ن ّ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫في ذَل ِكَ‬ ‫ن ِ‬ ‫صب ِْر{ يوسف‪ ،90:‬وقرين الشكر }إ ِ ّ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ر{ إبراهيم‪ ،5:‬لقمان‪ ،31:‬سبأ‪:‬‬ ‫كو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ش‬ ‫ر‬ ‫با‬ ‫ص‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ َ ٍ ِ‬
‫ل‬ ‫ت‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ٍ‬ ‫َ ّ ٍ‬
‫ق‬‫ح ّ‬ ‫وا ِبال ْ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫وا َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫‪ ،19‬الشورى‪ ،33:‬وقرين الحق } َ‬
‫ر{ العصر‪ ،3:‬وقرين المرحمة‬ ‫صب ْ ِ‬ ‫وا ِبال ّ‬ ‫ص ْ‬ ‫وا َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫َ‬
‫ة{ البلد‪،17:‬‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫ّ ْ ِ َ َ َ َ ْ ِ َ ْ َ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫وا‬ ‫ص‬ ‫وا‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫بال‬ ‫وا‬
‫َ َ َ َ ْ ِ‬ ‫ص‬ ‫وا‬ ‫ت‬‫و‬ ‫}‬
‫ن{‬ ‫قُنو َ‬ ‫وكاُنوا ب ِآَيات َِنا ُيو ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صب َُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫وقرين اليقين }ل ّ‬
‫ن{‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مِلي َ‬ ‫عا ِ‬ ‫جُر ال َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ع َ‬‫السجدة‪ ،24:‬وقرين التوكل }ن ِ ْ‬
‫ن{‬ ‫وك ُّلو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫على َرب ّ ِ‬
‫و َ َ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫العنكبوت‪} ،58:‬ال ّ ِ‬
‫النحل‪ ،42:‬العنكبوت‪ ،59:‬وقرين التسبيح والستغفار‬
‫د‬
‫م ِ‬‫ح ْ‬‫ح بِ َ‬ ‫سب ّ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫فْر ل ِذَن ْب ِ َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬‫ه َ‬ ‫عدَ الل ّ ِ‬ ‫و ْ‬ ‫ن َ‬ ‫صب ِْر إ ِ ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫} َ‬
‫ر{ غافر‪ ،55:‬وقرنه بالجهاد‬ ‫كا ِ‬ ‫واْل ِب ْ َ‬ ‫ي َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫ك ِبال ْ َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫ن{‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫م َ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫عل َ َ‬ ‫حّتى ن َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫} َ‬
‫محمد‪.31:‬‬

‫) ‪(1/316‬‬

‫ن‬
‫زي َ ّ‬ ‫ول َن َ ْ‬
‫ج ِ‬ ‫‪ - 19‬إيجاب الجزاء لهم بأحسن أعمالهم } َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{ النحل‪:‬‬ ‫مُلو َ‬‫ع َ‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ن َ‬
‫س ِ‬
‫ح َ‬
‫م ب ِأ ْ‬
‫ه ْ‬
‫جَر ُ‬
‫صب َُروا أ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪.96‬‬
‫وبعد‪ ،‬فهذا غيض من فيض في باب فضائل الصبر‬
‫ولول الطالة لسترسلنا في ذكر تلك الفضائل‬
‫والمنازل‪ ،‬ولعل فيما ذكر عبرة ودافع على الصبر‬
‫فالله المستعان‪.‬‬
‫‪ - 3‬مجالت الصبر في القرآن الكريم‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الصبر على بلء الدنيا‪:‬‬
‫لقد أخبرنا الله تعالى بطبيعة الحياة الدنيا‪ ،‬وأنها‬
‫قَنا‬ ‫خل َ ْ‬
‫قدْ َ‬ ‫خلقت ممزوجة بالبلء والفتن فقال‪} :‬ل َ َ‬
‫د{ البلد‪ 4:‬أي مشقة وعناء‪ ،‬وأقسم‬ ‫في ك َب َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬ ‫اْل ِن ْ َ‬
‫ف‬‫و ِ‬ ‫خ ْ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ون ّك ُ ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬ ‫على ذلك بقوله‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫واْلن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬‫وب َ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫والث ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ق ٍ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫جو ِ‬ ‫وال ْ ُ‬‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ّ‬
‫قالوا إ ِّنا ل ِل ِ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ِ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬‫ال ّ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن * أولئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صل َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫علي ْ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬
‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنا إ ِلي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ البقرة‪ 157-155:‬وإذا‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ه ُ‬‫وأولئ ِك ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ح َ‬‫وَر ْ‬ ‫َ‬
‫أطلق الصبر فل يكاد ينصرف إلى غيره عند كثير من‬
‫الناس‪.‬‬

‫) ‪(1/317‬‬

‫ب ‪ -‬الصبر على مشتهيات النفس‪:‬‬


‫وهو ما يسمى بالسراء فإن الصبر عليها أشد من‬
‫الصبر على الضراء‪ ،‬قال بعضهم‪ :‬البلء يصبر عليه‬
‫ديق‪ ،‬وقال عبد‬ ‫ص ّ‬ ‫المؤمن والعافية ل يصبر عليها إل ِ‬
‫الرحمن بن عوف‪) :‬ابتلينا بالضراء فصبرنا‪ ،‬وابتلينا‬
‫بالسراء فلم نصبر(‪ .‬إن المؤمن مطالب بأن ل يطلق‬
‫لنفسه العنان في الجري وراء شهواتها لئل يخرجه‬
‫ذلك إلى البطر والطغيان وإهمال حق الله تعالى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫فيما آتاه وبسط له‪ ،‬قال تعالى‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫َل ت ُل ْهك ُ َ‬
‫ع ْ‬
‫ل‬ ‫ف َ‬‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ع ْ‬ ‫وَلدُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫وَل أ ْ‬ ‫م َ‬‫وال ُك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ن{ المنافقون‪.9:‬‬ ‫سُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬ ‫فُأولئ ِك ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َ‬ ‫ذَل ِ َ‬

‫ويمكن أن نجمل حاجة النسان إلى الصبر في هذا‬


‫النوع بأربعة أمور ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن ل يركن إليها‪ ،‬ول يغتر بها‪ ،‬ول تحمله على‬
‫البطر والشر والفرح المذموم الذي ل يحب الله‬
‫أهله‪.‬‬

‫) ‪(1/318‬‬

‫‪ -2‬أن ل ينهمك في نيلها ويبالغ في استقصائها‪،‬‬


‫فإنها تنقلب إلى أضدادها‪ ،‬فمن بالغ في الكل‬
‫والشرب والجماع انقلب ذلك إلى ضده‪ ،‬وحرم الكل‬
‫والشرب والجماع‪.‬‬
‫‪ -3‬أن يصبر على أداء حق الله تعالى فيها‪ ،‬ول يضيعه‬
‫فيسلبها‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يصبر عن صرفها في الحرام‪ ،‬فل يمكن نفسه‬
‫من كل ما تريده منها‪ ،‬فإنها توقعه في الحرام‪ ،‬فإن‬
‫احترز كل الحتراز أوقعته في المكروه‪ ،‬ول يصبر‬
‫على السراء إل الصديقون وإنما كان الصبر على‬
‫السراء شديدا ً لنه مقرون بالقدرة‪ ،‬والجائع عند غيبة‬
‫الطعام أقدر منه على الصبر عند حضوره‪.‬‬
‫ومما يدخل في هذا النوع من الصبر‪ ،‬الصبر عن‬
‫التطلع إلى مابيد الخرين من الدنيا‪ ،‬والصبر عن‬
‫الغترار بما ينعمون به من مال وبنين قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ع لَ ُ‬ ‫ر ُ‬
‫سا ِ‬ ‫ن * نُ َ‬ ‫وب َِني َ‬
‫ل َ‬ ‫ما ٍ‬‫ن َ‬‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ه ْ‬‫مدّ ُ‬ ‫ما ن ُ ِ‬ ‫ن أن ّ َ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬‫}ي َ ْ‬
‫ن{ المؤمنون‪ 56-55:‬وقد‬ ‫عُرو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫ل َل ي َ ْ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن ذلك‬
‫ك إَلى ما مت ّعَنا ب َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬‫جا ِ‬ ‫وا ً‬ ‫ه أْز َ‬‫ِ ِ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫عي ْن َي ْ َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مد ّ ّ‬ ‫وَل ت َ ُ‬ ‫بقوله‪َ } :‬‬
‫خي ٌْر‬‫ك َ‬ ‫رْزقُ َرب ّ َ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬
‫في ِ‬
‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ة الدّن َْيا ل ِن َ ْ‬
‫فت ِن َ ُ‬ ‫حَيا ِ‬‫هَرةَ ال ْ َ‬ ‫َز ْ‬
‫قى{ طه‪،131:‬‬ ‫وأ َب ْ َ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/319‬‬

‫فالمؤمن من يعتز بنعمة الهداية ويعلم أنما هم فيه‬


‫من الدنيا ظل زائل وعارية مستردة ول يبالي‬
‫بمظاهر الفخامة التي يتبجح بها الطغاة‪ ،‬لقد قال‬
‫الذين يريدون الحياة الدنيا لما رأوا قارون في زينته‬
‫ح ّ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ُ‬
‫م{‬ ‫ظي ٍ‬ ‫ع ِ‬ ‫ظ َ‬ ‫ذو َ‬ ‫ن إ ِن ّ ُ‬
‫قاُرو ُ‬‫ي َ‬‫ما أوت ِ َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬‫ت ل ََنا ِ‬ ‫}َيا ل َي ْ َ‬
‫وي ْل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫القصص‪ ،79:‬أما أهل العلم واليمان فقالوا‪َ } :‬‬
‫ها إ ِلّ‬ ‫وَل ي ُل َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ب الل ّ ِ‬
‫قا َ‬ ‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬
‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫م َ‬‫نآ َ‬ ‫م ْ‬‫خي ٌْر ل ِ َ‬
‫ه َ‬ ‫وا ُ‬‫ثَ َ‬
‫ن{ القصص‪.80:‬‬ ‫صاب ُِرو َ‬ ‫ال ّ‬

‫ج ‪ -‬الصبر على طاعة الله تعالى‪:‬‬


‫إن الصبر على طاعة الله أعظم مجالت الصبر وهو‬
‫لذلك أشدها على النفوس وقد جاءت صيغة المر‬
‫ب‬
‫بالصبر على الطاعة مغايرة لغيرها فقال تعالى‪َ} :‬ر ّ‬
‫صطَب ِْر‬ ‫وا ْ‬‫عب ُدْهُ َ‬‫فا ْ‬‫ما َ‬‫ه َ‬‫ما ب َي ْن َ ُ‬‫و َ‬
‫ض َ‬ ‫ِ‬ ‫واْل َْر‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫ْ‬
‫مْر‬
‫وأ ُ‬ ‫مّيا{ مريم‪ ،65:‬وقال‪َ } :‬‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬‫عل َ ُ‬ ‫ل تَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ه َ‬ ‫عَبادَت ِ ِ‬ ‫لِ ِ‬
‫ن‬ ‫رْز ً‬ ‫ُ‬
‫سأل َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫هل َ‬‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫قا ن َ ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ها ل ن َ ْ‬ ‫علي ْ َ‬ ‫صطب ِْر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ة َ‬ ‫صل ِ‬ ‫ك ِبال ّ‬
‫وى{ طه‪ ،132:‬فاستخدم صيغة‬ ‫ق َ‬ ‫ة ِللت ّ ْ‬ ‫قب َ ُ‬ ‫عا ِ‬‫وال ْ َ‬‫ك َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن َْرُز ُ‬
‫الفتعال وهو يدل على المبالغة في الفعل إذ زيادة‬
‫المبنى‬

‫) ‪(1/320‬‬

‫تدل على زيادة المعنى‪ ،‬وما ذاك إل لمشقة مجاهدة‬


‫النفوس على القيام بحق العبودية في كل الحوال‪.‬‬

‫واعلم أن الصبر على الطاعة له ثلث أحوال‪:‬‬


‫‪ -1‬قبل الطاعة‪ ،‬بتصحيح النية والصبر على شوائب‬
‫الرياء‪ ،‬وعقد العزم على الوفاء ولعل هذا يظهر سر‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫تقديم الصبر على العمل الصالح في قوله‪} :‬إ ِّل ال ّ ِ‬
‫فرةٌ َ‬ ‫ت ُأول َئ ِ َ‬
‫جٌر‬
‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫غ ِ َ‬
‫م ْ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫ك لَ ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫َ‬
‫ك َِبيٌر{ هود‪.11:‬‬
‫‪ -2‬حال الطاعة بأن ل يغفل عن الله فيها‪ ،‬ول‬
‫يتكاسل عن تحقيق آدابها وسننها‪ ،‬ولعله المراد‬
‫و َ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫على َرب ّ ِ‬ ‫صب َُروا َ‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫مِلي َ‬
‫عا ِ‬ ‫جُر ال ْ َ‬‫مأ ْ‬ ‫ع َ‬‫بقوله‪} :‬ن ِ ْ‬
‫ن{ العنكبوت‪ 59-58:‬صبروا إلى تمام العمل‪.‬‬ ‫وك ُّلو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫‪ -3‬بعد الفراغ منها فيصبر على عدم إفشائها‬
‫والمراءاة والعجاب بها‪ ،‬وترك ما يبطلها قال تعالى‪:‬‬
‫م{ محمد‪ ،33:‬وقال‪َ} :‬ل ت ُب ْطُِلوا‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫وَل ت ُب ْطُِلوا أ َ ْ‬ ‫} َ‬
‫َ‬
‫واْل َ‬
‫ذى{ البقرة‪264:‬‬ ‫ن َ‬‫م ّ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫قات ِك ُ ْ‬
‫صد َ َ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/321‬‬

‫د ‪ -‬الصبر على مشاق الدعوة إلى الله‪:‬‬


‫غير خاف عليك ضرورة صبر الداعية على ما يلقيه‬
‫في دعوته‪ ،‬فإنه يأتي الناس بما ل يشتهونه ول‬
‫يألفونه‪ ،‬وبما يخالف ما وجدوا عليه آباءهم‪ ،‬فلذلك‬
‫يقاومون الدعوة بكل ما أوتوا من قوة‪ ،‬ويوصلون‬
‫الذى بالداعية ما استطاعوا إلى ذلك سبي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -‬إن اعراضهم عن الدعوة يحتاج إلى صبر كصبر نوح‬
‫الذي بقي في قومه يدعوهم ألف سنة إل خمسين‬
‫مي‬ ‫و ِ‬ ‫ت َ‬
‫ق ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ع ْ‬‫عاما ً )‪ ، (1‬وحكى الله عنه قوله‪} :‬إ ِّني دَ َ‬
‫وإ ِّني ك ُل ّ َ‬
‫ما‬ ‫فَراًرا * َ‬ ‫عاِئي إ ِّل ِ‬ ‫م دُ َ‬
‫ه ْ‬ ‫زد ْ ُ‬‫م يَ ِ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫هاًرا * َ‬ ‫ون َ َ‬ ‫ل َي ًْل َ‬
‫في آ َ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ذان ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫عُلوا أ َ‬
‫صاب ِ َ‬ ‫ج َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫فَر ل َ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ل ِت َ ْ‬‫ه ْ‬ ‫وت ُ ُ‬‫ع ْ‬
‫دَ َ‬
‫ست ِك َْباًرا{ نوح‪:‬‬ ‫َ‬
‫ست َك ْب َُروا ا ْ‬ ‫وا ْ‬
‫صّروا َ‬ ‫وأ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا ث َِياب َ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ست َ ْ‬‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫‪.7-5‬‬
‫‪ -‬وما يحيكه المغرضون من مؤامرات الكيد التي تؤذي‬
‫الداعية في أهله ونفسه وماله تحتاج إلى صبر‪ ،‬وهذا‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫و ّ‬‫ما أكده الله تعالى بقوله‪}:‬ل َت ُب ْل َ ُ‬
‫__________‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م أل َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫حا إ ِلى َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ول َ َ‬
‫ه ْ‬
‫في ِ‬
‫ث ِ‬
‫فلب ِ َ‬ ‫م ِ‬‫و ِ‬‫ق ْ‬ ‫سلَنا ُنو ً‬ ‫قدْ أْر َ‬ ‫)‪َ } (1‬‬
‫ما{ العنكبوت‪14:‬‬ ‫عا ً‬‫ن َ‬ ‫سي َ‬‫م ِ‬ ‫ة إ ِّل َ‬
‫خ ْ‬ ‫سن َ ٍ‬
‫َ‬
‫) ‪(1/322‬‬

‫ُ‬ ‫وأ َن ْ ُ‬ ‫َ‬


‫ب‬ ‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ول َت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫صب ُِروا‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ذى ك َِثيًرا َ‬ ‫كوا أ َ ً‬ ‫شَر ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫قب ْل ِك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ر{ آل عمران‪،186:‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن ذَل ِك ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مو ِ‬ ‫عْزم ِ ال ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وت َت ّقوا فإ ِ ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫قولو َ‬ ‫ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ر‬ ‫ب‬
‫َ ْ ِ ْ‬ ‫ص‬ ‫وا‬ ‫}‬ ‫بقوله‪:‬‬ ‫رسوله‬ ‫الله‬ ‫أمر‬ ‫وقد‬
‫ميًل{ المزمل‪ ،10:‬وقد أجمع‬ ‫ج ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جْر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫على‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫صب َِر ّ‬ ‫ولن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫النبياء على رد أذى أقوامهم بالصبر } َ‬
‫وك ُّلو َ‬ ‫َ‬
‫ن{ إبراهيم‪:‬‬ ‫مت َ َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫وك ّ ِ‬ ‫فل ْي َت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫موَنا َ‬ ‫ما آذَي ْت ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫على َ‬ ‫َ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫َ‬
‫ن قب ْل ِك ف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫ولقدْ كذب َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪َ } ،12‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫ما ِ‬ ‫ل ل ِكل ِ َ‬ ‫مب َدّ َ‬ ‫ول ُ‬ ‫صُرَنا َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫حّتى أَتا ُ‬ ‫ذوا َ‬ ‫وأو ُ‬ ‫ك ُذُّبوا َ‬
‫ه{ النعام‪ ،34:‬وسحرة فرعون لما وقر اليمان‬ ‫الل ّ ِ‬
‫في قلوبهم قابلوا تهديده بالقتل والصلب بقولهم‬
‫مّنا إّل أ َ ْ َ‬
‫مّنا‬ ‫نآ َ‬ ‫ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ما ت َن ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن* َ‬ ‫قل ُِبو َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫}إ ِّنا إ َِلى َرب َّنا ُ‬
‫فَنا‬ ‫و ّ‬ ‫وت َ َ‬ ‫صب ًْرا َ‬ ‫عل َي َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫جاءَت َْنا َرب َّنا أ َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َرب َّنا ل َ ّ‬ ‫ب ِآ ََيا ِ‬
‫ن{ العراف‪.126-125:‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫‪ -‬إن طول الطريق‪ ،‬واستبطاء النصر يحتاج إلى صبر‪،‬‬
‫وصبر حار شديد ولذا خوطب المؤمنون في القرآن‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ما ي َأت ِك ْ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫خُلوا ال ْ َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫بقوله تعالى‪} :‬أ ْ‬
‫ْ‬
‫ضّراءُ‬ ‫وال ّ‬ ‫ساءُ َ‬ ‫م ال ْب َأ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ست ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م َ‬ ‫قب ْل ِك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫مث َ ُ‬ ‫َ‬
‫مَتى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ه َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ِ‬ ‫سول َ‬ ‫حّتى ي َقول الّر ُ‬ ‫زلوا َ‬ ‫وُزل ِ‬ ‫َ‬
‫ب{ البقرة‪ ،214:‬وقوله‪:‬‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫صَر الل ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ه أل إ ِ ّ‬ ‫صُر الل ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫وظَّنوا أن ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْئ َ َ‬ ‫ذا ا ْ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫} َ‬

‫) ‪(1/323‬‬

‫ْ‬
‫وَل ي َُردّ ب َأ ُ‬
‫سَنا‬ ‫ن نَ َ‬
‫شاءُ َ‬ ‫م ْ‬
‫ي َ‬
‫ج َ‬ ‫صُرَنا َ‬
‫فن ُ ّ‬ ‫م نَ ْ‬‫ه ْ‬‫جاءَ ُ‬
‫ذُبوا َ‬ ‫قد ْ ك ُ ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ يوسف‪.110:‬‬ ‫مي َ‬‫ر ِ‬
‫ج ِ‬‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫وم ِ ال ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬

‫هـ الصبر حين البأس ‪:‬‬


‫أي الصبر في الحرب وعند لقاء العدو والتحام‬
‫م شرط للنصر‪ ،‬والفرار كبيرة‪،‬‬ ‫الصفوف‪ ،‬فالصبر ث َ ّ‬
‫وقد أثنى الله تعالى على الصابرين في ساعة القتال‬
‫ْ‬
‫ء{ أي‬ ‫سا ِ‬ ‫في ال ْب َأ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫فقال في آية البر‪َ } :‬‬
‫س أول َئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫حي َ ْ‬
‫ن الب َأ ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ء{ أي المرض‪َ } ،‬‬ ‫ضّرا ِ‬
‫ُ‬
‫وال ّ‬ ‫الفقر } َ‬
‫ن{ البقرة‪177:‬‬ ‫قو َ‬ ‫مت ّ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫وأول َئ ِ َ‬ ‫قوا َ‬ ‫صد َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذا‬‫مُنوا إ ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫ويوجبه على عباده بقوله‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ن*‬‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه ك َِثيًرا ل َ َ‬ ‫واذْك ُُروا الل ّ َ‬ ‫فاث ْب ُُتوا َ‬ ‫ة َ‬ ‫فئ َ ً‬‫م ِ‬ ‫قيت ُ ْ‬ ‫لَ ِ‬
‫َ‬
‫ب‬
‫ه َ‬ ‫وت َذْ َ‬ ‫شُلوا َ‬ ‫ف َ‬ ‫فت َ ْ‬
‫عوا َ‬ ‫وَل ت ََناَز ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ النفال‪-45 :‬‬ ‫ري‬
‫ّ ِ ِ َ‬ ‫ب‬ ‫صا‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫َ َ َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫روا‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫وا‬
‫ِ ُ ْ َ ْ ِ ُ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ري‬
‫‪.46‬‬
‫وعندما تضطرب أمور المعركة‪ ،‬وينفرط عقدها تكون‬
‫الحاجة إلى الصبر أعظم وأشد كما حدث في أحد‬
‫حين انكشف المسلمون وشاع أن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قتل‪ ،‬انجفل فريق من المسلمين‬
‫منهزمين‪،‬‬

‫) ‪(1/324‬‬

‫وصبر آخرون فنزل من القرآن إشادة بمن صبروا‪،‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫خُلوا ال ْ َ‬ ‫ن ت َدْ ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫وإنكار على أولئك‪} :‬أ ْ‬
‫ن{ آل‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫عل َ َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫عل َم ِ الل ّ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫عمران‪ ،142:‬ثم ل يعذرهم في فرارهم وانهزامهم‬
‫ن‬‫فإ ِ ْ‬ ‫ل أَ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ه الّر ُ‬ ‫قب ْل ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو ٌ‬ ‫مدٌ إ ِّل َر ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ما ُ‬ ‫} َ‬
‫عَلى‬ ‫َ‬
‫عَلى أ ْ‬ ‫َ‬
‫ب َ‬ ‫قل ِ ْ‬ ‫ن ي َن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫قاب ِك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫قل َب ْت ُ ْ‬ ‫ل ان ْ َ‬ ‫قت ِ َ‬ ‫و ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ّ‬
‫زي الل ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫شي ًْئا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ضّر الل َ‬ ‫ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫فل ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫قب َي ْ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫قات َ َ‬
‫ل‬ ‫ي َ‬ ‫ن ن َب ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وك َأي ّ ْ‬ ‫آل عمران‪ ..144:‬إلى أن قال‪َ } :‬‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ن ك َِثيٌر َ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫هُنوا ل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫رب ّّيو َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ن{ آل‬ ‫ّ ِ ِ َ‬ ‫ري‬ ‫ب‬ ‫صا‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫نوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ما‬ ‫َ َ‬‫و‬ ‫فوا‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫ُ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫ما‬ ‫َ َ‬ ‫و‬
‫عمران‪146:‬‬
‫وقد حدثنا عن الثلة المؤمنة مع طالوت عندما‬
‫انتصرت لما اعتصمت بالصبر‪ ،‬وقد اختبر طالوت من‬
‫ر‪ {..‬البقرة‪249:‬‬ ‫ه ٍ‬ ‫م ب ِن َ َ‬ ‫مب ْت َِليك ُ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫معه بقوله‪} :‬إ ِ ّ‬
‫فصبر ثلة مؤمنة على ترك الشرب من النهر إل غرفة‬
‫قاُلوا َل‬ ‫َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫وَزهُ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫باليد } َ‬
‫ن‬ ‫ن ي َظُّنو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫جُنوِد ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫جاُلو َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة ل ََنا ال ْي َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫طا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ة ك َِثيَر ً‬
‫ة‬ ‫فئ َ ً‬ ‫ت ِ‬ ‫غل َب َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫قِليل َ ٍ‬ ‫ة َ‬ ‫فئ َ ٍ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه كَ ْ‬ ‫قو الل ّ ِ‬ ‫مَل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫أن ّ ُ‬
‫ت‬ ‫جاُلو َ‬ ‫ما ب ََرُزوا ل ِ َ‬ ‫ول َ ّ‬ ‫ن* َ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ب ِإ ِذْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مَنا‬ ‫دا َ‬ ‫ق َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫وث َب ّ ْ‬ ‫صب ًْرا َ‬ ‫عل َي َْنا َ‬ ‫غ َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫قاُلوا َرب َّنا أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫جُنوِد ِ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫و‬ ‫ق‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ُ ْ‬ ‫ص‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫وا‬
‫ْ ِ‬ ‫َ‬
‫) ‪(1/325‬‬
‫ن{ البقرة‪ ،250-249:‬لقد سألوا الله حين‬ ‫ري َ‬
‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ال ْ َ‬
‫كا ِ‬
‫غ{‪ ،‬إذ هم بحاجة إلى صبر‬ ‫ر ْ‬
‫ف ِ‬‫اللقاء صبرًا‪ ،‬فقالوا }أ َ ْ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه{ البقرة‪:‬‬ ‫م ب ِإ ِذْ ِ‬
‫ه ْ‬
‫مو ُ‬
‫هَز ُ‬‫ف َ‬‫كثير‪ ،‬وكانت النتيجة } َ‬
‫‪251‬‬

‫و ‪ -‬الصبر في مجال العلقات النسانية‪:‬‬


‫ً‬
‫ل تستقيم الحياة مع الناس إل بالصبر بدءا بأقرب من‬
‫يعاشرك وهي الزوجة وانتهاءً بأبعد الناس عنك‪ ،‬وقد‬
‫قال الله تعالى مبينا ً ما ينبغي أن يتحلى به الزوج من‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬‫صبر في مواجهة مشاكل الزوجية‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫شي ًْئا‬ ‫هوا َ‬ ‫ن ت َك َْر ُ‬ ‫سى أ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬
‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫هت ُ ُ‬‫ر ْ‬ ‫ن كَ ِ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫خي ًْرا ك َِثيًرا{ النساء‪ ،19:‬أي فاصبروا‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫فعاقبة الصبر حميدة‪ ،‬ويوصي الله عباده بالصبر على‬
‫ما يلقونه من الناس من ضر‪ ،‬وأن ل يقابلوا السيئة‬
‫ع‬ ‫ة اد ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫وَل ال ّ‬
‫سي ّئ َ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ُ‬‫ح َ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫وَل ت َ ْ‬
‫ست َ‬ ‫بمثلها فيقول‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وةٌ ك َأن ّ ُ‬
‫ه‬ ‫دا َ‬ ‫ع َ‬
‫ه َ‬ ‫وب َي ْن َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ذي ب َي ْن َ َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫فإ ِ َ‬‫ن َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ِبال ِّتي ِ‬
‫ها‬‫قا َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬ ‫و َ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬ ‫و َ‬ ‫م* َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ول ِ ّ‬ ‫َ‬
‫م{ فصلت‪.35-34:‬‬ ‫ظي‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ظ‬‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ذو‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫إِ ّ‬
‫ٍ‬
‫) ‪(1/326‬‬

‫ومما ُينظم في هذا العقد صبر التلميذ على التعلم‬


‫والمعلم‪ ،‬وهذا ما حدثنا عنه في القرآن عندما ذهب‬
‫موسى إلى الخضر ليعلمه مما علمه الله‪ ،‬قال له‬
‫الخضر إما لن الله أخبره بالحقيقة أو تهييجا ً على‬
‫ف‬‫وك َي ْ َ‬
‫صب ًْرا * َ‬
‫ي َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ِ‬‫ع َ‬
‫طي َ‬
‫ست َ ِ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫ك لَ ْ‬‫الصبر ‪-‬قال‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫خب ًْرا{ الكهف‪،68-67:‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ح ْ‬
‫ط بِ ِ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫عَلى َ‬
‫صب ُِر َ‬
‫تَ ْ‬
‫شاءَ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ن َ‬
‫جدُِني إ ِ ْ‬‫ست َ ِ‬
‫فتعهد موسى بالصبر ‪ -‬قال‪َ } :‬‬
‫صاب ًِرا{ الكهف‪...69:‬‬ ‫َ‬

‫‪ -4‬السباب المعينة على الصبر‪:‬‬

‫أ ‪ -‬المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا‪:‬‬


‫إن من عرف طبيعة الدنيا وما جبلت عليه من الكدر‬
‫والمشقة والعناء هان عليه ما يبتلى به فيها لنه وقع‬
‫في أمر يتوقعه‪ ،‬والشيء من معدنه ل يستغرب‪ ،‬وقد‬
‫ن‬ ‫قَنا اْل ِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫عرفنا الله بهذه الحقيقة فقال‪} :‬ل َ َ‬
‫قدْ َ‬
‫د{ البلد‪ ،4:‬أي في مشقة وعناء‪ ،‬وقال‪َ} :‬يا‬ ‫في ك َب َ ٍ‬
‫ِ‬
‫مَل ِ‬ ‫ح إ َِلى َرب ّ َ‬ ‫َ‬
‫ه{‬
‫قي ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ك ك َدْ ً‬
‫حا َ‬ ‫ك َ‬
‫كاِد ٌ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬ ‫ها اْل ِن ْ َ‬
‫سا ُ‬ ‫أي ّ َ‬
‫النشقاق‪ ،6:‬وبين جل جلله أنها‬

‫) ‪(1/327‬‬

‫ن‬‫ل تدوم على حال بل يوم لك ويوم عليك }إ ِ ْ‬


‫َ‬
‫ك اْلّيا ُ‬
‫م‬ ‫وت ِل ْ َ‬ ‫مث ْل ُ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ح ِ‬ ‫قْر ٌ‬‫م َ‬
‫و َ‬ ‫س ال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫م ّ‬‫قد ْ َ‬‫ف َ‬‫ح َ‬‫قْر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫يَ ْ‬
‫س{ آل عمران‪ .140:‬إن من ل يعرف‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ها ب َي ْ َ‬ ‫ول ُ َ‬‫دا ِ‬‫نُ َ‬
‫هذه الحقيقة سيفاجأ بوقائع الحداث تصب على‬
‫رأسه صبا ً فيظن أنه الوحيد من بين بني النسان‬
‫الذي يصاب بذلك لشؤمه وسوء حظه‪ ،‬ولذلك يبادر‬
‫بعضهم بالجهاز على نفسه بالنتحار‪ ،‬لنه ما علم أن‬
‫لكل فرحة ترحة وما كان ضحك إل كان بعده بكاء‪ ،‬وما‬
‫ملئ بيت حبرة إل ملىء عبرة‪ ،‬وما عبت دار من‬
‫َ‬
‫السرور إل عبت من الحزن‪) ،‬وأنه لو فّتش العالم لم‬
‫ى‪ ،‬إما بفوات محبوب‪ ،‬أو حصول‬ ‫ير فيهم إل مبتل ً‬
‫ل‪ ،‬إن‬ ‫ل زائ ٍ‬ ‫م نوم أو كظ ّ‬ ‫ن شروَر الدنيا أحل ُ‬ ‫مكروه‪ ،‬وأ ّ‬
‫ت يومًا‪ ،‬ساء ْ‬
‫ت‬ ‫سّر ْ‬ ‫ت كثيرًا‪ ،‬وإن َ‬ ‫ل‪ ،‬أبك ْ‬ ‫ت قلي ً‬ ‫أضحك ْ‬
‫ل‪. (1) (...‬‬ ‫ل‪ ،‬منعت طوي ً‬ ‫ت قلي ً‬ ‫مّتع ْ‬‫دهرًا‪ ،‬وإن َ‬

‫ب ‪ -‬معرفتك بأنك وما بيدك ملك لله تعالى ومرجعك‬


‫إليه‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من كلم ابن القيم في زاد المعاد ‪4/190‬‬

‫) ‪(1/328‬‬

‫ه{ النحل‪،53:‬‬‫ن الل ّ ِ‬


‫م َ‬ ‫ة َ‬
‫ف ِ‬ ‫م ٍ‬‫ع َ‬‫ن نِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ب ِك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫قال تعالى‪َ } :‬‬
‫وقد علمنا في كتاب ربنا أن نقول عند حلول‬
‫ن{ البقرة‪.156:‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫المصائب‪} :‬إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬
‫يقول ابن القيم‪) (1) :‬هذه الكلمة من أبلغ علج‬
‫المصاب‪ ،‬وأنفعه له في عاجلته وآجلته‪ ،‬فأنها تتضمن‬
‫أصلين عظيمين إذا تحقق العبد بمعرفتهما تسلى عن‬
‫مصيبته‪.‬‬
‫أحدهما‪ :‬أن العبد وأهله وماله ملك لله عز وجل‬
‫حقيقة‪ ،‬وقد جعله عند العبد عارية‪ ،‬فإذا أخذه منه‪،‬‬
‫فهو كالمعير يأخذ متاعه من المستعير‪ ،‬وأيضا فإنه‬
‫ن‪ :‬عدم قبله‪ ،‬وعدم بعده‪ ،‬وملك العبد‬ ‫دمي ِ‬ ‫ع َ‬
‫محفوف ب ِ َ‬
‫له متعة معارة في زمن يسير‪ ،‬وأيضا فإنه ليس الذي‬
‫ة‪ ،‬ول هو‬
‫أوجده من عدمه‪ ،‬حتى يكون ملكه حقيق ً‬
‫الذي يحفظه من الفات بعد وجوده‪ ،‬ول يبقى عليه‬
‫وجوده‪ ،‬فليس له فيه تأثير‪ ،‬ول ملك حقيقي‪ ،‬وأيضا‬
‫فإنه متصرف فيه‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬زاد المعاد ‪189 / 4‬‬

‫) ‪(1/329‬‬

‫بالمر تصرف العبد المأمور المنهي‪ ،‬ل تصرف‬


‫الملك‪ ،‬ولهذا ل يباح له من التصرفات فيه إل ما‬
‫وافق أمر مالكه الحقيقي‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن مصير العبد ومرجعه إلى الله موله‬
‫الحق‪ ،‬ول بد أن يخلف الدنيا وراء ظهره‪ ،‬ويجيء ربه‬
‫فردا ً كما خلقه أول مرة بل أهل ول مال ول عشيرة‪،‬‬
‫ولكن بالحسنات والسيئات‪ ،‬فإذا كانت هذه بداية العبد‬
‫وله ونهايته‪ ،‬فكيف يفرح بموجود‪ ،‬أو يأسى‬ ‫خ ّ‬
‫وما ُ‬
‫على مفقود‪ ،‬ففكره في مبدئه ومعاده من أعظم‬
‫علج هذا الداء‪ ،‬ففكره في مبدئه ومعاده أعظم علج‬
‫هذا الداء(‬
‫َ‬
‫ما‬
‫ه َ‬‫ول َ ُ‬
‫خذ َ َ‬‫ما أ َ‬ ‫ه َ‬‫ن ل ِل ّ ِ‬‫ولذلك يقال عند تعزية المصاب »إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ب« )‬ ‫س ْ‬‫حت َ ِ‬‫ول ْت َ ْ‬‫صب ِْر َ‬ ‫فل ْت َ ْ‬
‫مى َ‬
‫س ّ‬
‫م َ‬
‫ل ُ‬
‫ج ٍ‬
‫عن ْدَهُ ب ِأ َ‬ ‫وك ُ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫طى َ‬ ‫ع َ‬
‫‪. (1‬‬
‫وقد أدركت أم سليم هذا المعنى عندما توفي ابنها‪،‬‬
‫فلما جاء أبوه أبو طلحة يسأل عنه قالت‪ :‬قد هدأت‬
‫نفسه‪ ،‬وأرجو أن يكون قد استراح )تعني الموت‪ ،‬وقد‬
‫ظن أنها تريد النوم لمجيء العافية( وكانت قد هيأت‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،1204‬ومسلم ‪1531‬‬

‫) ‪(1/330‬‬

‫نفسها لزوجها فتعرضت له فأصاب منها فلما أراد‬


‫الخروج لصلة الفجر‪ ،‬قالت له‪ :‬يا أبا طلحة‪ ،‬أرأيت لو‬
‫أن قوما ً أعاروا أهل بيت عارية‪ ،‬فطلبوا عاريتهم‪،‬‬
‫ألهم أن يمنعوهم؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬إن العارية مؤداة إلى‬
‫أهلها‪ ،‬فقالت‪ :‬إن الله أعارنا فلنا ً ثم أخذه منه‬
‫فاسترجع‪ ...‬إلى آخر القصة )‪. (1‬‬
‫ج ‪ -‬اليقين بحسن الجزاء عند الله تعالى‪ :‬أن مما‬
‫يرغب النسان في العمل‪ ،‬ويزيده ثباتا ً فيه علمه‬
‫بحسن جزائه في الخرة ول نجد في القرآن شيئا ً‬
‫م‬‫ع َ‬‫ضخم جزاؤه وعظم أجره مثل الصبر فيقول }ن ِ ْ‬
‫َ‬
‫ن{‬ ‫وك ُّلو َ‬ ‫م ي َت َ َ‬ ‫ه ْ‬‫على َرب ّ ِ‬
‫و َ َ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مِلي َ‬ ‫عا ِ‬ ‫جُر ال ْ َ‬ ‫أ ْ‬
‫العنكبوت‪ ،59-58:‬ويقول مبينا ً أن الصابرين يجزون‬
‫ق‬
‫ه َبا ٍ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫فد ُ َ‬‫م ي َن ْ َ‬ ‫عن ْدَك ُ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫بأحسن ما عملوا‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كاُنوا‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬
‫م ب ِأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جَر ُ‬ ‫صب َُروا أ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫زي َ ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫ول َن َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ النحل‪ ،96:‬ويصرح بأن أجرهم غير معدود‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬‫صاب ُِرو َ‬ ‫فى ال ّ‬ ‫و ّ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ول محدود فيقول‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬والقصة في البخاري ‪1218‬‬

‫) ‪(1/331‬‬

‫ب{ الزمر‪ ،10:‬وقد ذُ ّ‬


‫كر المؤمنون‬ ‫َ‬
‫سا ٍ‬
‫ح َ‬
‫ر ِ‬
‫غي ْ ِ‬
‫م بِ َ‬
‫ه ْ‬
‫جَر ُ‬
‫أ ْ‬
‫بهذه الحقيقة في الكلمة التي أمروا أن يقولوها عند‬
‫ن{ البقرة‪:‬‬
‫عو َ‬‫ج ُ‬ ‫وإ ِّنا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه َرا ِ‬ ‫حلول المصائب‪} :‬إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫‪ ،156‬فيتذكرون أنهم سيرجعون إلى الله فيجزيهم‬
‫على عملهم وصبرهم أحسن الجزاء وأوفاه‪.‬‬

‫د ‪ -‬الثقة بحصول الفرج‪:‬‬


‫إن يقين العبد بأن النصر مقرون بالصبر وأن الفرج‬
‫آت بعد الكرب وأن مع العسر يسرا ً يقويه على الصبر‬
‫على ما يلقيه‪ ،‬وقد كثرت اليات الدالة على هذا‬
‫المعنى لما له من أثر في مزيد التحمل والثبات‪ ،‬قال‬
‫سًرا{‬‫ر يُ ْ‬‫س ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬
‫سًرا * إ ِ ّ‬ ‫ر يُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫ع ْ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬
‫فإ ِ ّ‬‫تعالى‪َ } :‬‬
‫ن( )‬
‫سَري ْ ِ‬
‫سر ي ُ ْ‬ ‫ع ْ‬‫غِلب ُ‬ ‫الشرح‪ ،6-5:‬قال بعضهم‪) :‬ل َ ْ‬
‫ن يَ ْ‬
‫‪ (1‬يقصد بذلك أن العسر ورد معرفة في الموضعين‬
‫والمعرفة إذا كررت في الجملة ل تفيد التعدد بخلف‬
‫النكرة وهي التي ورد به اليسر في الموضعين‪ ،‬فإذا‬
‫قلت‪ :‬جاء الرجل‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬وهو من كلم عمر بن الخطاب كما في الموطأ‬
‫‪ ،854‬والطبري ‪6692‬‬

‫) ‪(1/332‬‬
‫وأكرمت الرجل‪ ،‬كان الرجل في المواطنين واحدًا‪،‬‬
‫ل‪ ،‬كان المقصود‬ ‫ل وأكرمت رج ً‬ ‫وإذا قلت‪ :‬جاء رج ٌ‬
‫رجلين‪ .‬وقد جعل العسر في اليتين مع العسر ل‬
‫بعده أو عقبه لينبه إلى قرب تحققه بعده حتى كأنه‬
‫معه ولينبه أيضا ً إلى أن كل عسر مقرون بيسر وأكثر‬
‫فما من مصيبة يبتلى بها عبد إل ولله فيه إلطاف بأن‬
‫لم يجعلها على نحو أعظم أو أكبر أو أطول مما هي‬
‫عليه‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد تكرر في القرآن المر بالصبر مقرونا بالتذكير‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫عدَ الل ِ‬ ‫و ْ‬‫بأن وعد الله حق ل يتخلف أبدا ً قال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن‬
‫صب ِْر إ ِ ّ‬
‫فا ْ‬ ‫د{ الزمر‪ ،20:‬وقال } َ‬ ‫عا َ‬ ‫ه ال ْ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫َل ي ُ ْ‬
‫خل ِ ُ‬
‫ن{ الروم‪:‬‬ ‫قُنو َ‬ ‫ن َل ُيو ِ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫فن ّ َ‬
‫خ ّ‬
‫ست َ ِ‬‫وَل ي َ ْ‬ ‫ق َ‬‫ح ّ‬ ‫ه َ‬‫عدَ الل ّ ِ‬‫و ْ‬‫َ‬
‫‪،60‬إن اشتداد الزمة في سنن الله تعني قرب انبلج‬
‫الفجر وظهور طلئع النصر كما قيل‪:‬‬
‫ة تنفرجي ‪ #‬قد آذن ليلك بالبلج )‪(1‬‬ ‫اشتدي أزم ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من قصيدة لبي الفضل التوزري المعروف بابن‬
‫النحوي‬

‫) ‪(1/333‬‬

‫ولهذا نجد يعقوب يكون أمله في العثور على يوسف‬


‫ل‬‫مي ٌ‬ ‫ج ِ‬‫صب ٌْر َ‬ ‫ف َ‬‫أشد عندما أخذ ابنه الثاني فيقول‪َ } :‬‬
‫عا{ يوسف‪ ،83:‬وقال‬ ‫ْ‬ ‫عسى الل ّ َ‬
‫مي ً‬ ‫ج ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ن ي َأت ِي َِني ب ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫هُبوا َ‬ ‫ي اذ ْ َ‬
‫خي ِ‬‫وأ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ُيو ُ‬ ‫م ْ‬
‫سوا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫لبنائه }َيا ب َن ِ ّ‬
‫ه إ ِلّ‬ ‫ّ‬
‫ح الل ِ‬ ‫َ‬
‫ه ل ي َي ْئ َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫وَل ت َي ْئ َ ُ‬
‫و ِ‬‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬‫س ِ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬
‫ح الل ِ‬ ‫و ِ‬‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سوا ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ يوسف‪.87:‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م الكا ِ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫الق ْ‬‫ْ‬

‫هـ ‪ -‬الستعانة بالله‪:‬‬


‫مما يعين المبتلى على الصبر أن يستعين بالله تعالى‬
‫ويلجأ إلى حماه فيشعر بمعيته سبحانه وأنه في‬
‫حمايته ورعايته‪ ،‬ومن كان في حمى ربه فلن يضام‬
‫ولذا قال موسى لقومه بعد أن هددهم فرعون بما‬
‫ض ل ِل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ن اْلْر َ‬ ‫صب ُِروا إ ِ ّ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬‫عيُنوا ِبالل ّ ِ‬‫ست َ ِ‬
‫هددهم به }ا ْ‬
‫ن{‬‫قي َ‬ ‫ة ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫قب َ ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫عا ِ‬ ‫ه َ‬‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫شاءُ ِ‬ ‫ن يَ َ‬
‫م ْ‬ ‫رث ُ َ‬
‫ها َ‬ ‫ُيو ِ‬
‫العراف‪.128:‬‬
‫إذا لم يكن عون من الله للفتى فأكثر ما يجني عليه‬
‫اجتهاده‬
‫ولعل حاجة الصابرين إلى الستعانة بالله تعالى‬
‫والتوكل عليه هي بعض أسرار اقتران الصبر بالتوكل‬
‫َ‬
‫ن*‬
‫مِلي َ‬ ‫جُر ال ْ َ‬
‫عا ِ‬ ‫مأ ْ‬‫ع َ‬
‫على الله في آيات كثيرة كقوله }ن ِ ْ‬
‫ن{ العنكبوت‪-58:‬‬ ‫وك ُّلو َ‬
‫م ي َت َ َ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ َ‬
‫على َرب ّ ِ‬ ‫صب َُروا َ‬
‫ن َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫) ‪(1/334‬‬

‫َ‬
‫موَنا‬ ‫عَلى َ‬
‫ما آذَي ْت ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ول َن َ ْ‬
‫صب َِر ّ‬ ‫‪ ،59‬وقوله عن رسله‪َ } :‬‬
‫ن{ إبراهيم‪.12:‬‬ ‫وك ُّلو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫مت َ َ‬ ‫فل ْي َت َ َ‬
‫وك ّ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬

‫و ‪ -‬القتداء بأهل الصبر‪:‬‬


‫إن التأمل في سير الصابرين يعطي النسان شحنة‬
‫دافعة على الصبر‪ ،‬ومن هنا ندرك سر حرص القرآن‬
‫المكي على ذكر صبر النبياء على ما لقوه من‬
‫ص‬
‫ق ّ‬ ‫وك ُّل ن َ ُ‬ ‫أممهم وهذا ما صرح الله به في قوله‪َ } :‬‬
‫في‬ ‫ك ِ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫و َ‬‫ك َ‬ ‫ؤادَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫ما ن ُث َب ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫س ِ‬ ‫ء الّر ُ‬ ‫ن أ َن َْبا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن{ هود‪،120:‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وِذك َْرى ل ِل ْ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫عظَ ٌ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ذ ِ‬‫ه ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫على‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫قب ْل ِك َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫س ٌ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫ُ‬
‫قدْ كذّب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫وقال الله‪َ } :‬‬
‫َ‬ ‫وُأو ُ‬
‫ت‬ ‫ما ِ‬ ‫ل ل ِك َل ِ َ‬ ‫مب َدّ َ‬ ‫وَل ُ‬ ‫صُرَنا َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫حّتى أَتا ُ‬ ‫ذوا َ‬ ‫ما ك ُذُّبوا َ‬ ‫َ‬
‫ن{ النعام‪ ،34:‬وجاء‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ْ‬
‫ن ن َب َإ ِ ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫جاءَك ِ‬ ‫ولقدْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫الل ِ‬
‫المر صريحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫ً‬
‫صب ََر ُأوُلو‬ ‫ما َ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫بالقتداء بالصابرين قبله‪َ } :‬‬
‫م{ الحقاف‪،35:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وَل ت َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫عْزم ِ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫وحين نزل البلء بأصحاب رسول الله صلى الله عليه‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫وسلم جاءهم التذكير ببلء من كان قبلهم‪} :‬أ َ‬
‫م َل ي ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫فت َُنو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬‫مّنا َ‬ ‫قوُلوا آ َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫كوا أ ْ‬ ‫ن ي ُت َْر ُ‬ ‫سأ ْ‬ ‫الّنا ُ‬
‫) ‪(1/335‬‬

‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫عل َ َ‬‫فل َي َ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قب ْل ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫فت َّنا ال ّ ِ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫َ‬
‫ن{ العنكبوت‪ ،3-2:‬وقال لهم‪:‬‬ ‫ن الكاِذِبي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م ّ‬ ‫عل َ‬ ‫َ‬ ‫ولي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫قوا َ‬ ‫صد َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫لوا‬ ‫ُ‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫}أ َ‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫حّتى‬ ‫زلوا َ‬ ‫وُزل ِ‬ ‫ضّراءُ َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ساءُ َ‬ ‫م الب َأ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ست ْ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن قب ْل ِك ْ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫قو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ه أل إ ِ ّ‬ ‫صُر الل ِ‬ ‫مَتى ن َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ل الّر ُ‬
‫ب{ البقرة‪.214:‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫صَر الل ِ‬ ‫نَ ْ‬

‫ز ‪ -‬اليمان بقدر الله‪:‬‬


‫إن إيمان العبد بقدر الله النافذ واستسلمه له أكبر‬
‫عون على تجشم مصاعب المصائب‪ ،‬وعلم العبد بأن‬
‫ما أصابه لم يكن ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه لم يكن ليصيبه‬
‫ما‬
‫برد من اليقين يصب على فؤاده‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬‬
‫في‬‫م إ ِّل ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫في أ َن ْ ُ‬ ‫وَل ِ‬ ‫ض َ‬
‫ْ َ‬
‫في َ الْر ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫صيب َ ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫صا َ‬‫أ َ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫سيٌر *‬ ‫ه يَ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ها إ ِ ّ‬ ‫ن ن َب َْرأ َ‬‫لأ ْ‬ ‫ن َ‬
‫قب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬‫ك َِتا ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م{‬ ‫ُ‬
‫ما آَتاك ْ‬ ‫حوا ب ِ َ‬ ‫فَر ُ‬‫ول ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫فات َك ْ‬ ‫ما َ‬ ‫على َ‬ ‫وا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ل ِك َي َْل ت َأ َ‬
‫الحديد‪ ،23-22:‬وركون المؤمن إلى قدر الله في مثل‬
‫هذا المقام واحتجاجه به أمر ل غبار عليه لنه إحالة‬
‫على القدر فيما ل اختيار للعبد فيه‪.‬‬

‫) ‪(1/336‬‬

‫واعلم أن الجزع والهلع والتبرم والضيق ليرد من‬


‫قدر الله شيئا ً فلبد من الصبر أول المر لئل يحرم‬
‫العبد من المثوبة ولئن لم يصبر أول الصدمة فسيصبر‬
‫بعد ذاك رغم أنفه ول أجر له‪ ،‬قال حكيم‪) :‬العاقل‬
‫يفعل في أول يوم من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد‬
‫السبعة أيام(‪.‬‬
‫إن المبالغة في التشكي والتبرم ل يغير من الواقع‬
‫شيئا ً بل يزيد النفس هما ً وكمدا ً ولهذا قال الله‬
‫ك‬ ‫حُزن ُ َ‬ ‫ه ل َي َ ْ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫قدْ ن َ ْ‬ ‫لرسوله صلى الله عليه وسلم‪َ } :‬‬
‫ن ب ِآ ََيا ِ‬
‫ت‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫ك َ‬ ‫م َل ي ُك َذُّبون َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ذي ي َ ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫صب َُروا‬ ‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫س ٌ‬ ‫ت ُر ُ‬ ‫قدْ ك ُذّب َ ْ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫دو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫مب َدّ َ‬
‫ل‬ ‫وَل ُ‬ ‫صُرَنا َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫حّتى أَتا ُ‬ ‫ذوا َ‬ ‫وأو ُ‬ ‫ما ك ُذُّبوا َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ن* َ‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ْ‬
‫ن ن َب َإ ِ ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ت الل ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل ِك َل ِ َ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫قا ِ‬ ‫ف ً‬ ‫ي نَ َ‬ ‫غ َ‬ ‫ن ت َب ْت َ ِ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫نا ْ‬ ‫م َ‬
‫فإ ِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫عَرا ُ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫ك َب َُر َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫شاءَ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ة َ‬ ‫م ب ِآي َ ٍ‬ ‫ه ْ‬ ‫فت َأت ِي َ ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫سل ّ ً‬ ‫و ُ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫الْر ِ‬
‫ن{‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫فَل ت َ ُ‬ ‫دى َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬
‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫لَ َ‬
‫النعام‪ ،35-33:‬فأزال الوحشة عن قلب الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم في أول آية بأن تكذيبهم ليس‬
‫للرسول وإنما هو لله تعالى‪ ،‬ثم عزاه في الثانية‬
‫وسله بما حدث لرسل الله فصبروا‪ ،‬ثم قال له‪ :‬إن‬
‫شق عليك إعراضهم وذهبت نفسك عليهم حسرات‬
‫وضاق صدرك فليس‬

‫) ‪(1/337‬‬

‫لك إل الصبر‪ ،‬وإل فافعل ما بدا لك فإن استطعت أن‬


‫تبتغي نفقا ً في الرض تهرب منه أو سلما ً في‬
‫السماء‪ ،‬تصعد عليه فدونك فافعل‪.‬‬
‫الفات المعيقة عن الصبر‪:‬‬

‫ق‬
‫خل ِ َ‬
‫‪ -1‬الستعجال‪ :‬النفس موكولة بحب العاجل } ُ‬
‫ل{ النبياء‪ ،37:‬فإذا أبطأ على‬ ‫ج ٍ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫سا ُ‬ ‫اْل ِن ْ َ‬
‫النسان ما يريد نفد صبره وضاق صدره واستعجل‬
‫قطف الثمرة قبل أوانها فل هو ظفر بثمرة طيبة ول‬
‫هو أتم المسير‪ ،‬ولهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله‬
‫ُ‬
‫ل‬‫س ِ‬
‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫صب ََر أوُلو ال ْ َ‬
‫عْزم ِ ِ‬ ‫صب ِْر ك َ َ‬
‫ما َ‬ ‫فا ْ‬ ‫عليه وسلم‪َ } :‬‬
‫م{ الحقاف‪ ،35:‬أي العذاب فإن له‬ ‫ه ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ج ْ‬‫ع ِ‬ ‫وَل ت َ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫َ‬
‫يوما ً موعودًا‪.‬‬
‫لقد باءت بعض الدعوات بالفشل ولم تؤت ثمرتها‬
‫المرجوة بعلة الستعجال‪ ،‬ولو أنهم صبروا لكان خيرا ً‬
‫لهم‪ ،‬ثار بعضهم على الطغيان ولما يقم على ساقه‬
‫ويشتد عوده وتكتمل آلته وتنضج دعوته وتمتد قاعدته‬
‫فقضي على الدعوة ووئد الداعية وذهب الثنان في‬
‫خبر كان‪ ،‬والحديث‬

‫) ‪(1/338‬‬

‫عن الستعجال أطول من هذا ولكن في الشارة‬


‫للبيب ما يغني عن العبارة‪.‬‬

‫‪ -2‬الغضب ‪ :‬قد يرى الداعية من المدعوين ما ل يليق‬


‫فيستفزه الغضب فيدفعه إلى ما ل يحسن به مما‬
‫يسيء إلى الدعوة ويلصق بجبين حاملها وصمة عار‬
‫تبقى الدهر كله‪ ،‬ولهذا حذر الله رسوله من مغبة‬
‫الغضب بأن ل يقع فيما وقع فيه يونس فقال‪:‬‬
‫ت{ القلم‪:‬‬ ‫حو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬‫ح ِ‬ ‫صا ِ‬‫ن كَ َ‬ ‫وَل ت َك ُ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫حك ْم ِ َرب ّ َ‬ ‫صب ِْر ل ِ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫} َ‬
‫‪ 48‬لقد فرغ صبره فضاق صدره فغادرهم غاضبا ً قبل‬
‫أن يأذن الله له ظنا ً منه أن الله لن يضيق عليه فضيق‬
‫ن إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫ذا الّنو ِ‬ ‫و َ‬ ‫الله عليه بأن جعله في بطن الحوت ‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫في‬ ‫دى ِ‬ ‫فَنا َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫دَر َ‬ ‫ق ِ‬‫ن نَ ْ‬‫ن لَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫فظَ ّ‬ ‫ضًبا َ‬ ‫غا ِ‬ ‫م َ‬
‫ب ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ذَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك إ ِّني ك ُن ْ ُ‬ ‫حان َ َ‬‫سب ْ َ‬‫ت ُ‬ ‫ه إ ِّل أن ْ َ‬‫ن َل إ ِل َ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫الظّل ُ َ‬
‫جب َْنا ل َ ُ‬
‫ه‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬‫ن{ النبياء‪ ،87:‬فتاب الله عليه‪َ } :‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ال ّ‬
‫م{ النبياء‪.88:‬‬ ‫غ ّ‬‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬ ‫ون َ ّ‬
‫َ‬
‫) ‪(1/339‬‬
‫‪ -3‬اليأس ‪ :‬أعظم عوائق الصبر وهو الذي حذر‬
‫يعقوب أبناءه من الوقوع فيه مع تكرار البحث عن‬
‫ف‬‫س َ‬ ‫ن ُيو ُ‬ ‫م ْ‬ ‫سوا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫هُبوا َ‬ ‫ي اذ ْ َ‬ ‫يوسف وأخيه }َيا ب َن ِ ّ‬
‫ح‬‫و ِ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل ي َي ْئ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫ّ‬
‫ح الل ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سوا ِ‬ ‫وَل ت َي ْئ َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫خي ِ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫َ‬
‫ن{ يوسف‪ ،87:‬وهو الذي‬ ‫َ‬ ‫رو‬ ‫ِ ُ‬‫ف‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫م‬‫ْ ُ‬‫و‬ ‫َ‬
‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫إ‬
‫ِ ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬
‫حرص القرآن على دفعه عن أنفس المؤمنين فبذر‬
‫م‬ ‫المل في صدورهم‪} :‬وَل ت َهُنوا وَل ت َحزُنوا َ‬
‫وأن ْت ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫َ‬
‫ح فق ْ‬ ‫َ‬ ‫م قْر ٌ‬ ‫َ‬ ‫سك ْ‬‫ُ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ن * إِ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫و َ‬ ‫عل َ ْ‬ ‫اْل َ ْ‬
‫َ‬
‫س{‬‫ن الّنا ِ‬ ‫ها ب َي ْ َ‬ ‫ول ُ َ‬ ‫دا ِ‬ ‫م نُ َ‬ ‫ك اْلّيا ُ‬ ‫وت ِل ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مث ْل ُ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫قْر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫س ال ْ َ‬ ‫م ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫عوا إ ِلى‬ ‫وت َدْ ُ‬ ‫َ‬ ‫نوا‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫}‬ ‫لهم‪:‬‬ ‫وقال‬ ‫‪،‬‬ ‫‪139‬‬ ‫عمران‪:‬‬ ‫آل‬
‫ِ‬ ‫السل ْم َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫ن ي َت َِرك ْ‬ ‫ول ْ‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫عك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫عل َ ْ‬ ‫م اْل َ ْ‬ ‫وأن ْت ُ ُ‬ ‫ّ ِ َ‬
‫م{ محمد‪ ،35:‬إن إضاءة شعلة المل دواء‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫أَ ْ‬
‫اليأس وهذا ما ذكرت به اليات المؤمنين وهو ما ذكر‬
‫ن‬
‫صب ُِروا إ ِ ّ‬ ‫وا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عيُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫به موسى قومه فقال‪} :‬ا ْ‬
‫ْ‬ ‫ض ل ِل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫قب َ ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال َ‬ ‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫شاءُ ِ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ها َ‬ ‫رث ُ َ‬ ‫ه ُيو ِ‬ ‫اْلْر َ‬
‫ن{ العراف‪ ،128:‬ولما شكا خباب إلى رسول‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ما يلقيه من أذى قريش‬
‫قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن ذكره‬
‫ن الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫م ّ‬ ‫ه ل َي ُت ِ ّ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫مصاب الصالحين في المم قبله‪َ » :‬‬
‫َ‬
‫سيَر‬ ‫حّتى ي َ ِ‬ ‫مَر َ‬ ‫ذا اْل ْ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/340‬‬

‫ف إ ِّل الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫خا ُ‬‫ما ي َ َ‬‫ت َ‬ ‫مو َ‬ ‫ضَر ُ‬ ‫ح ْ‬‫و َ‬‫عاءَ َ‬‫صن ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬
‫ب َ‬ ‫الّراك ِ ُ‬
‫ن« )‪. (1‬‬ ‫ُ‬
‫جلو َ‬ ‫ع َ‬
‫م تَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ولك ِن ّك ْ‬‫ه َ‬‫م ِ‬ ‫َ‬
‫على غن َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫والذّئ ْ َ‬‫عاَلى َ‬ ‫تَ َ‬

‫‪ - 4‬نماذج للصابرين‪:‬‬
‫ضرب لنا في القرآن نماذج رائعة تجسدت فيهم‬ ‫لقد ُ‬
‫حقيقة الصبر‪ ،‬واستحقوا أن يذكروا بصبرهم فيقتدى‬
‫بهم الصابرون‪ ،‬وسنختار في هذه العجالة ثلثة منها‬
‫يتمثل في كل واحد منها لون من الصبر‪.‬‬

‫أ ‪ -‬الصبر على طاعة الله‪:‬‬


‫في قصة إبراهيم وإسماعيل التي حكاها الله لنا‬
‫ب إ َِلى َرّبي‬ ‫ه ٌ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ل إ ِّني َ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬‫بقوله عن إبراهيم‪َ } :‬‬
‫ه‬
‫شْرَنا ُ‬ ‫فب َ ّ‬ ‫ن* َ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِلي ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ن * َر ّ‬ ‫دي ِ‬‫ه ِ‬
‫سي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ي إ ِّني‬
‫ل َيا ب ُن َ ّ‬‫قا َ‬‫ي َ‬ ‫ع َ‬ ‫س ْ‬‫ه ال ّ‬‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫غ َ‬ ‫َ‬
‫ما ب َل َ‬ ‫َ‬
‫فل ّ‬ ‫حِليم ٍ * َ‬ ‫غلم ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫بِ ُ‬
‫مَنام ِ‬‫في ال ْ َ‬ ‫أ ََرى ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،2278‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‪ ،‬وأحمد ‪ ،25959‬وأخرجه البخاري مختصرا‬

‫) ‪(1/341‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫مُر‬
‫ؤ َ‬‫ما ت ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫تا ْ‬
‫ف َ‬ ‫ل َيا أب َ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ذا ت ََرى َ‬ ‫ما َ‬ ‫فان ْظُْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫ح َ‬ ‫أّني أذْب َ ُ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫سل َ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫ن* َ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫جدُِني إ ِ ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫صدّق َ‬ ‫م * قد ْ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ن َيا إ ِب َْرا ِ‬ ‫وَنادَي َْناهُ أ ْ‬ ‫ن* َ‬ ‫جِبي ِ‬ ‫ه ل ِل َ‬ ‫وت َل ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫و الب َلءُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫*‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ني‬‫ِ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫زي‬ ‫ِ‬ ‫ج‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫يا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ؤ‬ ‫ر‬‫ّ‬ ‫ال‬
‫في‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫َ َ َ َ َ ْ ِ ِ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫نا‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫م‬ ‫ظي‬ ‫ع‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ذ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫نا‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫َ‬
‫ف‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫ن‬‫ال ْ ُ ِ ُ‬
‫بي‬ ‫م‬
‫َ َ ْ َ ُ ِ ِ ْ ٍ َ ِ ٍ‬
‫زي‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫م * ك َذَل ِ َ‬ ‫هي َ‬‫عَلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫م َ‬ ‫سَل ٌ‬ ‫ن* َ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫اْل َ ِ‬
‫ن{ الصافات‪-99:‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫عَباِدَنا ال ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن * إ ِن ّ ُ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪.111‬‬
‫من أيهما تعجب من الب الذي رأى في المنام أنه‬
‫يذبح ابنه أم من البن الذي يستسلم لمر الله‬
‫طواعية واختيارًا‪ ،‬لقد كان البن وحيد إبراهيم ولم‬
‫يأته إل على كبر فما ظنك بتعلق الب بابنه‪ ،‬إنه تعلق‬
‫ل يوصف‪ ،‬ولكن تعلقه بالله أعظم وطاعته لله فوق‬
‫كل ذلك‪ ،‬لقد حطم إبراهيم كل نداءات الرض لما جاء‬
‫المر من السماء‪ ،‬وضرب للناس أروع المثال في‬
‫الطاعة‪ ،‬ولقد كان الوحي في هذه المرة رؤيا فلم‬
‫يتأولها إبراهيم لصالحه بدافع من غريزة البوة‪،‬‬
‫ولكنه امتثل وعرض على ابنه ما رأى عرضا ً في غاية‬
‫اليجاز والسهولة ولكنه يتضمن أمرا ً في غاية‬
‫الخطورة‪ ،‬ولم يكن البن صغيرا ً بحيث لم ير الب من‬
‫جدواه ما يجعله‬

‫) ‪(1/342‬‬

‫شديد التعلق به والعتماد عليه‪ ،‬ولكنه بلغ مع أبيه‬


‫السعي فاصبح فتى مفتول العضلت‪ ،‬قوي الساعد‪،‬‬
‫وكانت إجابة البن محيرة حقًا‪ ،‬لقد حسم الموقف‬
‫بجملتين قالهما لبيه خلدهما التاريخ له‪ ،‬وكانتا سببا ً‬
‫س‬
‫ري َ‬ ‫وإ ِدْ ِ‬
‫ل َ‬ ‫عي َ‬‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫في تدوين اسمه في الصابرين‪َ } :‬‬
‫ن{ النبياء‪ ،95:‬قال‬ ‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬‫ن ال ّ‬‫م َ‬‫ل ِ‬ ‫ل كُ ّ‬
‫ف ِ‬‫ذا ال ْك ِ ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫شاءَ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫تا ْ‬ ‫َ‬
‫جدُِني إ ِ ْ‬‫ست َ ِ‬
‫مُر َ‬‫ؤ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ف َ‬ ‫إسماعيل‪َ} :‬يا أب َ ِ‬
‫ن{ الصافات‪ ،102:‬أي ل تأخذ رأيي‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬
‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ول تنتظر مشورتي بل نفذ ما أمرت به‪ ،‬ثم ل ينسى‬
‫أن يستمد العون من الله على حاله بالصبر فهو ل‬
‫يعتمد على قوته وشدة جلده بل يسأله من ربه‪،‬‬
‫وصدقا وأسلم الوالد ولده‪ ،‬وتله أبوه للجبين‪ ،‬وتهيأ‬
‫للذبح وجاءت البشرى عند ذاك بعد أن حقق البتلء‬
‫م‪ {..‬الصافات‪.104:‬‬ ‫َ‬
‫هي ُ‬
‫ن َيا إ ِب َْرا ِ‬
‫وَنادَي َْناهُ أ ْ‬
‫ثمرته } َ‬

‫ب ‪ -‬الصبر عن معصية الله‪:‬‬


‫ً‬
‫وأبرز المثلة وأشدها وضوحا صبر يوسف عليه‬
‫السلم على مراودة امرأة العزيز‪ ،‬لقد كان الصبر‬
‫ظهير يوسف في محنته التي ابتلي بها‬

‫) ‪(1/343‬‬

‫اضطرارا ً واختيارا ً وكشف عن هذا حين عثر إخوته‬


‫عل َي َْنا‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫م ّ‬‫قدْ َ‬‫خي َ‬ ‫ذا أ َ ِ‬
‫ه َ‬ ‫و َ‬
‫ف َ‬
‫س ُ‬ ‫َ‬
‫عليه فقال‪} :‬أَنا ُيو ُ‬
‫فإن الل ّه َل يضي َ‬
‫ن{‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جَر ال ْ ُ‬‫عأ ْ‬‫ُ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫صب ِْر َ ِ ّ‬
‫وي َ ْ‬
‫ق َ‬
‫ن ي َت ّ ِ‬
‫م ْ‬
‫ه َ‬
‫إ ِن ّ ُ‬
‫يوسف‪ ،90:‬لقد رفض كل العروض والغراءات وخرج‬
‫من الفتنة بإيمانه وصبره‪ ،‬وكان صبره هذا أرقى من‬
‫صبر أبيه يعقوب على الفراق وأرقى من صبر أيوب‬
‫على ما بلي به لن صبرهما كان اضطراريا ً ل حيلة‬
‫لهما في رفعه ول دفعه بينما كان صبر يوسف‬
‫اختيارا ً وحين تملك فلم يتكبر ولم يطغ صبرا ً‬
‫اختياريًا‪ ،‬يقول ابن القيم نقل ً عن شيخه ابن تيمية‬
‫رحمهما الله‪) (1) :‬كان صبر يوسف عن مطاوعة‬
‫امرأة العزيز على شأنها أكمل من صبره على إلقاء‬
‫إخوته له في الجب وبيعه وتفريقهم بينه وبين أبيه‪،‬‬
‫فإن هذه أمور جرت عليه بغير اختياره ل كسب له‬
‫فيها‪ ،‬ليس للعبد فيها حيلة غير الصبر‪ ،‬وأما صبره‬
‫عن المعصية فصبر اختيار ورضا‪ ،‬ومحاربة للنفس‪،‬‬
‫ولسيما مع السباب التي تقوى معها دواعي‬
‫الموافقة‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مدارج السالكين ‪2/156‬‬

‫) ‪(1/344‬‬

‫‪ -1‬فإنه كان شابًا‪ ،‬وداعية الشباب إليها قوية‪.‬‬


‫‪ -2‬وعزبا ً ليس معه ما يعوضه ويرد شهوته‪.‬‬
‫‪ -3‬وغريبًا‪ ،‬والغريب ل يستحي في بلد غربته مما‬
‫يستحي فيه بين أصحابه ومعارفه وأهله‪.‬‬
‫‪ -4‬ومملوكًا‪ ،‬والمملوك أيضا ً ليس وازعه كوازع الحر‪.‬‬
‫‪ -5‬والمرأة جميلة وذات منصب‪ ،‬وهي سيدته‪.‬‬
‫‪ -6‬وقد غاب الرقيب‪.‬‬
‫‪ -7‬وهي الداعية إلى نفسها والحريصة على ذلك أشد‬
‫الحرص‪.‬‬
‫‪ -8‬وتوعدته إن لم يفعل بالسجن والصغار‪.‬‬
‫ومع هذه الدواعي كلها صبر اختياريا ً وإيثارا لما عند‬
‫ً‬
‫الله‪ ،‬وأين هذا من صبره في الجب على ما ليس من‬
‫كسبه( ا هـ‪.‬‬
‫لقد ضحى بدنياه من أجل دينه‪ ،‬وبحريته من أجل‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ح ّ‬‫نأ َ‬ ‫ج ُ‬‫س ْ‬‫ب ال ّ‬‫عقيدته‪ ،‬وقال قولته المشهورة‪َ} :‬ر ّ‬
‫َ‬
‫ب‬
‫ص ُ‬‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫َ‬
‫عّني كي ْدَ ُ‬‫ف َ‬
‫ر ْ‬ ‫وإ ِّل ت َ ْ‬
‫ص ِ‬ ‫عون َِني إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬
‫م ّ‬
‫ي ِ‬
‫ّ‬ ‫إ ِل َ‬
‫إل َيهن َ‬
‫ن{ يوسف‪ ،33:‬ولما أفرج‬ ‫هِلي َ‬‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫وأك ُ ْ‬
‫ِ ْ ِ ّ َ‬
‫عنه من السجن الطويل واستدعي لمقابلة الملك‪ ،‬لم‬
‫يستفزه هذا الخبر بل‬

‫) ‪(1/345‬‬

‫طلب التحقيق في القضية حتى تظهر براءته على‬


‫المل وحدث ذلك فعل ً وعند ذلك ازداد إعجاب الملك به‬
‫سي{ يوسف‪،54:‬‬ ‫ه ل ِن َ ْ‬ ‫فقال‪} :‬ائ ُْتوِني ب َ‬
‫ف ِ‬ ‫ص ُ‬‫خل ِ ْ‬‫ست َ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫ه{‪ ،‬فقط‬ ‫وكان في المرة الولى قال }ائ ُْتوِني ب ِ ِ‬
‫َ‬
‫ن{ يوسف‪:‬‬ ‫مي ٌ‬
‫نأ ِ‬ ‫كي ٌ‬
‫م ِ‬‫م ل َدَي َْنا َ‬‫و َ‬‫ك ال ْي َ ْ‬‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫ه َ‬
‫قا َ‬ ‫ما ك َل ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫فل َ ّ‬
‫} َ‬
‫‪.54‬‬

‫ج ‪ -‬الصبر على أقدار الله المؤلمة‪:‬‬


‫إن أشهر من يقرن اسمه بهذا اللون من الصبر نبي‬
‫الله أيوب عليه السلم‪ ،‬لقد أصابه ضر عظيم في‬
‫بدنه وأهله وماله فصبر‪ ،‬فخلد ذكره في القرآن فقال‬
‫ه أ َّني‬ ‫دى َرب ّ ُ‬ ‫ب إ ِذْ َنا َ‬
‫َ‬
‫عب ْدََنا أّيو َ‬ ‫واذْك ُْر َ‬ ‫الله تعالى‪َ } :‬‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫ك َ‬ ‫جل ِ َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ض بِ ِ‬ ‫ُ‬
‫ب * اْرك ْ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ع َ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬‫ص ٍ‬ ‫ن ب ِن ُ ْ‬‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ه‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫نا‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫*‬ ‫ب‬ ‫را‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫با‬ ‫ل‬‫ٌ‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫غ‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ُ ْ ُ َ ِ ُ ْ َ َ ُ ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫َ ِ ٌ َ‬ ‫ُ َ َ‬
‫غًثا‬
‫ض ْ‬‫دك ِ‬ ‫َ‬ ‫خذْ ب ِي َ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ب* َ‬ ‫وِذكَرى ِلوِلي اللَبا ِ‬ ‫مّنا َ‬‫ة ِ‬ ‫م ً‬‫ح َ‬‫َر ْ‬
‫ه‬‫عب ْدُ إ ِن ّ ُ‬ ‫ْ‬
‫م ال َ‬ ‫ع َ‬ ‫صاب ًِرا ن ِ ْ‬ ‫جدَْناهُ َ‬ ‫و َ‬ ‫ث إ ِّنا َ‬ ‫حن َ ْ‬‫ول ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬‫ب بِ ِ‬ ‫ر ْ‬‫ض ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ب{ ص‪ ،44-41:‬لقد ذكر له من ألوان التكريم‬ ‫َ‬
‫وا ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫وأوسمة الشرف ما هو جدير بمثله لعظيم صبره‬

‫) ‪(1/346‬‬
‫فأولهما تكريمه بتخليد ذكره ومباهاة الله به عند‬
‫رسوله محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫عب ْدََنا{‪ ،‬حيث أضافه إليه‪،‬‬ ‫وثانيه‪ :‬تكريمه بقوله } َ‬
‫والعبودية من أشرف أوصاف النسان التي يتحلى بها‬
‫وثالثها‪ :‬عندما استجاب نداءه وكشف ضره ووهب له‬
‫أهله ومثلهم معهم‬
‫ورابعها‪ :‬حينما جعل له مخرجا من يمين حلفه على‬‫ً‬
‫امرأته فكرمت وكرم بما يخلصه من مأزق الحنث‪،‬‬
‫وكانت خاتمة ذلك هذا الوسام من الشرف العريض‬
‫ب{‪ ،‬فوصفه‬ ‫}إّنا وجدَناه صابرا ن ِعم ال ْعبد إن ّ َ‬
‫وا ٌ‬ ‫هأ ّ‬ ‫َ ْ ُ ِ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ِ ً‬ ‫ِ‬
‫بالصبر حتى قرن الصبر بأيوب فل يذكر إل وهو معه‪،‬‬
‫ثم قال‪ :‬نعم العبد فكانت شهادة من الله بتمام‬
‫عبوديته‪ ،‬ثم ختم ذلك بقوله إنه أواب‪ ،‬والواب‪:‬‬
‫المبالغ في شدة رجوعه إلى الله تعالى‪.‬‬
‫وقد ذكر الله تعالى صبره في موطن آخر فقال‪:‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ضر َ‬ ‫}وأ َيوب إذْ َنادى رب َ‬
‫ح ُ‬‫ت أْر َ‬ ‫وأن ْ َ‬ ‫ي ال ّ ّ َ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ه أّني َ‬ ‫َ ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ّ َ ِ‬
‫ضّر‬
‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ب ِ ِ‬‫شفَنا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ه فك َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫جب َْنا ل ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫َ‬
‫ن * فا ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫الّرا ِ‬
‫وِذك َْرى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وآ َت َي َْناهُ أ ْ‬
‫دَنا َ‬‫عن ْ ِ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ِ‬ ‫م ً‬ ‫ح َ‬ ‫م َر ْ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫مث ْل ُ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬‫هل ُ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫دي َ‬‫عاب ِ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل ِل َ‬
‫) ‪(1/347‬‬

‫ن{‬‫ري َ‬
‫صاب ِ ِ‬‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫ل كُ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫ف ِ‬‫ذا ال ْك ِ ْ‬
‫و َ‬
‫س َ‬
‫ري َ‬‫وإ ِدْ ِ‬
‫ل َ‬‫عي َ‬
‫ما ِ‬
‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫النبياء‪ ،85-83:‬لقد كان نداء أيوب في ضرائه غاية‬
‫في اللطف والدب ولذا كانت الجابة آية في التمام‬
‫والكمال‪ ،‬لقد نادى ربه ولم يسأله شيئا ً بعينه من‬
‫الهل والعافية وذكر ربه بما هو أهله وبما اتصف به‬
‫ن{‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ضر َ‬ ‫}رب َ‬
‫مي َ‬‫ح ِ‬
‫م الّرا ِ‬‫ح ُ‬
‫ت أْر َ‬ ‫وأن ْ َ‬‫ي ال ّ ّ َ‬
‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬‫ه أّني َ‬ ‫َ ّ ُ‬
‫فاستجاب له دعاءه فكشف عنه الضر ورد عليه الهل‬
‫ومثلهم معهم وجعله ذكرى للعابدين وإماما ً من‬
‫الصابرين‪.‬‬
‫جعلني الله وإياك منهم وحشرنا معهم وآجرنا‬
‫بأجرهم إنه ولي ذلك والقادر عليه‪...‬‬

‫) ‪(1/348‬‬

‫ثمرات الصبر )‪(1‬‬

‫ل‪ ،‬والتنزه‬
‫ق جمي ٍ‬ ‫ل ُ ُ‬
‫الصبر هو‪ :‬الساس الكبر لك ّ‬
‫خل ٍ‬
‫خُلق رذيل‪ ،‬وهو حبس النفس على ما تكره‪،‬‬ ‫ل ُ‬‫من ك ّ‬
‫وعلى خلف مرادها طلًبا لرضى الله وثوابه‪ ،‬ويدخل‬
‫فيه الصبر على طاعة الله‪ ،‬وعن معصيته‪ ،‬وعلى‬
‫أقدار الله المؤلمة‪ .‬فل تتم هذه المور الثلثة التي‬
‫تجمع الدين كّله إل بالصبر‪.‬‬
‫صا الطاعات الشاقة‪ ،‬كالجهاد في‬ ‫فالطاعات خصو ً‬
‫سبيل الله‪ ،‬والعبادات المستمرة كطلب العلم‪،‬‬
‫والمداومة على القوال النافعة‪ ،‬والفعال النافعة ل‬
‫تتم إل بالصبر عليها‪ ،‬وتمرين النفس على الستمرار‬
‫عليها وملزمتها ومرابطتها‪ ،‬وإذا ضعف الصبر ضعفت‬
‫هذه الفعال‪ ،‬وربما انقطعت‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬فتح الرحيم الملك العّلم في علم العقائد‬
‫والتوحيد والخلق والحكام المستنبطة من القرآن‬
‫للشيخ‪ :‬عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله‬

‫) ‪(1/349‬‬

‫صا المعاصي‬ ‫ف النفس عن المعاصي وخصو ً‬ ‫وكذلك ك ّ‬


‫ي إليها‪ ،‬ل يتم الترك إل‬‫ع قو ّ‬ ‫التي في النفس دا ٍ‬
‫مل‬‫بالصبر والمصابرة على مخالفة الهوى وتح ّ‬
‫مرارته‪.‬‬
‫وكذلك المصائب حين تنزل بالعبد ويريد أن يقابلها‬
‫د لله على ذلك ل يتم ذلك إل‬ ‫بالرضى والشكر والحم ِ‬
‫بالصبر واحتساب الجر‪ ،‬ومتى مّرن العبد نفسه على‬
‫د‬
‫مل المشاق والمصاعب‪ ،‬وج ّ‬ ‫طنها على تح ّ‬ ‫الصبر وو ّ‬
‫واجتهد في تكميل ذلك‪ ،‬صار عاقبته الفلح و النجاح‪،‬‬
‫ل من جدّ في أمر تطلبه واستصحب الصبر إل ّ فاز‬ ‫وق ّ‬
‫بالظفر‪.‬‬
‫ن‬
‫وقد أمر الله بالصبر وأثنى على الصابرين‪ ،‬وأخبر أ ّ‬
‫لهم المنازل العالية والكرامات الغالية في آيات كثيرة‬
‫فون أجرهم بغير حساب‪.‬‬ ‫من القرآن‪ ،‬وأخبر أّنهم يو ّ‬
‫هل على العبد مشقة‬ ‫ق يس ّ‬ ‫سُبك من خل ٍ‬‫ح ْ‬‫و َ‬

‫) ‪(1/350‬‬

‫ون عليه ترك ما تهواه النفوس من‬ ‫الطاعات‪ ،‬ويه ّ‬


‫المخالفات‪ ،‬ويسّليه عن المصيبات‪ ،‬وي ُ ِ‬
‫مدّ الخلق‬
‫الجميلة كّلها‪ ،‬ويكون لها كالساس للبنيان‪.‬‬
‫م العبد ما في الطاعات من الخيرات العاجلة‬ ‫عل ِ َ‬
‫مَتى َ‬‫و َ‬
‫والجلة‪ ،‬وما في المعاصي من الضرار العاجلة و‬
‫الجلة‪ ،‬وما في الصبر على المصائب من الثواب‬
‫هل الصبر على النفس‪،‬‬ ‫س ُ‬‫الجزيل والجر الجميل‪َ ،‬‬
‫وربما أتت به منقادة مستحلية لثمراته‪ .‬وإذا كان أهل‬
‫الدنيا يهون عليهم الصبر على المشقات العظيمة‬
‫لتحصيل حطامها‪ ،‬فكيف ل يهون على المؤمن‬
‫فق الصبر على ما يحبه الله لحصول ثمراته‪،‬‬ ‫المو ّ‬
‫صا في صبره كان الله معه‪،‬‬ ‫ومتى صبر العبد لله مخل ً‬
‫ن الله مع الصابرين بالعون والتوفيق والتأييد‬ ‫فإ ّ‬
‫والتسديد‪.‬‬

‫) ‪(1/351‬‬

‫خلق العفو والصفح )‪(1‬‬

‫ة‬
‫سه من نزع ِ‬ ‫و نف ِ‬ ‫خل ّ‬‫شش و ُ‬ ‫ر المرء من الغ َ‬ ‫سلمة صد ِ‬
‫مة‬
‫س َ‬‫ظها لهي ِ‬ ‫في لحظو ِ‬ ‫ش ّ‬‫النتصار للّنفس والت َ‬
‫سد‪،‬‬ ‫ل فيه ول ح َ‬ ‫المؤمن الصالح الهّين الل ّّين الذي ل غ ّ‬
‫ن الحياةَ داُر ممّر‬ ‫قه‪ ،‬ويعلم أ ّ‬ ‫ق الخرين على ح ّ‬ ‫يؤثر ح ّ‬
‫ة الدنيا في مفهومه إن‬ ‫مقّر؛ إذ ما حاج ُ‬ ‫ست دار َ‬ ‫ولي َ‬
‫ش المرء‬‫ة عي ِ‬ ‫ة إلى الخرة؛ بل ما قيم ُ‬ ‫صل َ ً‬‫كن مو ِ‬ ‫لم ت ُ‬
‫ب الذات‬ ‫على هذه البسيطة وهو َيكن ُِز في قلبه ح ّ‬
‫كد‬‫رُز بين الحين والخر ما يؤ ّ‬ ‫ظة و ُيف ِ‬ ‫فظا َ‬ ‫غلظة وال َ‬ ‫وال ِ‬
‫عطنه؟!‬ ‫َ‬ ‫وةَ قلِبه وضيق َ‬ ‫قس َ‬ ‫من خلِله َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الشيخ سعود بن إبراهيم الشريم ‪ -‬من خطبة في‬
‫المسجد الحرام بتاريخ ‪ 20/3/1426‬هـ بإختصار‪.‬‬

‫) ‪(1/352‬‬

‫ر العّزة وسُبلها‬ ‫حثون عن مصاد ِ‬ ‫ما أكث ََر الذين يب َ‬


‫غ‬ ‫ّ‬
‫ة وَيسرةً والتطلع إلى الصطبا ِ‬ ‫والتنقيب عنها يمن ً‬
‫جهدُ في تحصيلها‪ ،‬مع‬ ‫َ‬
‫ء منها مهما بلغ ال َ‬ ‫بها أو بشي ٍ‬
‫ما من‬ ‫ة مصدًرا عظي ً‬ ‫م َ‬
‫نث ّ‬ ‫ضروبها‪ ،‬غيَر أ ّ‬ ‫وع ُ‬ ‫كثَرِتها وتن ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ل الّناس مع سهولِته وقلة‬ ‫ر العّزة يغفل عنه ج ّ‬ ‫مصاد ِ‬
‫ل؛‬
‫ل ول َرج ٍ‬ ‫ب عليه بخي ٍ‬ ‫ة في تحصيله دون إجل ٍ‬ ‫المؤون ِ‬
‫س عن‬ ‫م النف ِ‬ ‫ة الرادة وز ّ‬ ‫و ِ‬‫حه شيءٌ من ق ّ‬ ‫إنما مفتا ُ‬
‫قها‪ ،‬يتمّثل هذا‬ ‫ل حقو ِ‬ ‫ءك ّ‬ ‫اسِتتمام ِ حظوظها واستيفا ِ‬
‫ذات‬ ‫ل حظوظ ال ّ‬ ‫فَية القلب من شواغ ِ‬ ‫ح في تص ِ‬ ‫المفتا ُ‬
‫ء‪.‬‬
‫ب الخذ دون العطا ِ‬ ‫وح ّ‬
‫ب‬
‫ج المرء با َ‬ ‫ُ‬
‫كن تحصيلها في ولو ِ‬ ‫متها يم ِ‬ ‫هذه العّزةُ بر ّ‬
‫ب النفس‬ ‫طي ُ‬‫صفح والتسامح والمغفرة‪ ،‬ف ِ‬ ‫العفو وال ّ‬
‫ة العثرة‬ ‫قبول العتذار وإقال ُ‬ ‫ن بالخرين و َ‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫وحس ُ‬
‫م‬
‫عدّ من أه ّ‬ ‫ل ذلك ي َ‬ ‫و عن الناس ك ّ‬ ‫كظم الغيظ والعف ُ‬ ‫و َ‬
‫مل المسلمين مع‬ ‫ض عليه السلم في تعا ُ‬ ‫ما ح ّ‬
‫ق بأن‬‫فته فهو خلي ٌ‬ ‫من كانت هذه ص َ‬ ‫ضهم البعض‪ .‬و َ‬ ‫بع ِ‬
‫ي صلى الله‬ ‫ن النب ّ‬ ‫ن من أهل العّزة والرفعة؛ ل ّ‬ ‫يكو َ‬
‫ة من‬ ‫صت صدق ٌ‬ ‫ق َ‬ ‫عليه وسلم قال‪» :‬ما ن َ‬

‫) ‪(1/353‬‬

‫ع أحدٌ‬ ‫ض َ‬ ‫عّزا‪ ،‬وما توا َ‬ ‫و إل ّ ِ‬ ‫دا بعف ٍ‬ ‫ل‪ ،‬وما زاد الله عب ً‬ ‫ما ٍ‬
‫ي العزة‪،‬‬ ‫عّزة يا باغ َ‬ ‫ذه هي ال ِ‬ ‫عه« )‪ ، (1‬فه ِ‬ ‫ه إل رف َ‬ ‫لل ِ‬
‫دها‪.‬‬ ‫ش ُ‬ ‫وهذه هي الّرفعة يا من تن ُ‬
‫عّزة في الدنيا والخرة‪ ،‬كيف ل وقد وعد‬ ‫رفعة و ِ‬ ‫إنها ِ‬
‫من‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬ ‫غ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عوا إ َِلى َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫فين بها بقوِله‪َ } :‬‬ ‫الله المّتص ِ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬‫ت ل ِل ْ ُ‬ ‫عد ّ ْ‬‫ضأ ِ‬ ‫والْر ُ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ُ‬ ‫م َ‬‫س َ‬‫ها ال ّ‬ ‫ض َ‬ ‫عْر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ ٍ‬‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ّرب ّك ُ ْ‬
‫غي ْ َ‬
‫ظ‬ ‫ن ال َ‬ ‫مي َ‬ ‫كاظِ ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ء َ‬ ‫ضّرا ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ء َ‬ ‫سّرا ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ن ُين ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن{ آل‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫س َ‬‫ن الّنا ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫في َ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫عمران‪.134 ،133:‬‬
‫ملون‬ ‫ع ِ‬ ‫ظ ـ عباد الله ـ هم الذين ل ي ُ ْ‬ ‫ن الغي َ‬ ‫ظمو َ‬ ‫والكا ِ‬
‫فون عنهم شّرهم‪،‬‬ ‫ضَبهم في الناس‪ ،‬بل يك ّ‬ ‫غ َ‬
‫ما العافون عن‬ ‫سبون ذلك عند الله عز وجل‪ ،‬أ ّ‬ ‫ويحت ِ‬
‫مهم في أنفسهم‪،‬‬ ‫من ظل َ‬ ‫نع ّ‬ ‫الناس فهم الذين يعفو َ‬
‫د‪ .‬ومن كانت‬ ‫دة على أح ٍ‬ ‫ج َ‬ ‫فسهم مو ِ‬ ‫قى في أن ِ‬ ‫فل يب َ‬
‫ة الله‬ ‫شر بمحب ّ ِ‬ ‫هذه سجّيته فليب ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪2588‬‬

‫) ‪(1/354‬‬

‫ب‬
‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬‫ت الحسان‪َ } ،‬‬ ‫ما من مقاما ِ‬ ‫غ مقا ً‬‫له حيث بل َ َ‬
‫من أحسن فقد‬ ‫ن َ‬
‫ن{ آل عمران‪ .134:‬أل إ ّ‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬‫ال ُ‬
‫ة‬
‫حم َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫فر له ورحمه‪} ،‬إ ِ ّ‬ ‫أحّبه الله‪ ،‬ومن أحّبه الله غ َ‬
‫ن{ العراف‪.56:‬‬ ‫سِني َ‬
‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫ن ال ُ‬‫م َ‬
‫ب ّ‬ ‫ري ٌ‬
‫ق ِ‬‫ه َ‬‫الل ّ ِ‬
‫حلم والناة‬ ‫وي ال ِ‬‫قَياء ذ ِ‬‫شعار الصالحين الن ِ‬ ‫العفو ِ‬
‫ر‬‫ع إيثا ٍ‬ ‫ق نو ُ‬‫ل عن الح ّ‬ ‫ن التناز َ‬ ‫والّنفس الرضّية؛ ل ّ‬
‫ة‬
‫و ٍ‬ ‫فذ بق ّ‬ ‫ي ين ُ‬‫ي تق ّ‬ ‫ق نق ّ‬ ‫طل ُ ُ‬
‫خل ٍ‬ ‫ل على العاجل وبس ٍ‬ ‫للج ِ‬
‫شغاف قلوب الخرين‪ ،‬فل يمِلكون أمامه إل إبداءَ‬ ‫إلى ِ‬
‫ل وإكبار لمن هذه صفُته وهذا ديدَُنه‪.‬‬ ‫ة إجل ٍ‬ ‫نظر ِ‬
‫ر الهّين؛ إذ له في‬ ‫ن العفو عن الخرين ليس بالم ِ‬ ‫إ ّ‬
‫ب‬‫ةح ّ‬ ‫م التغّلب عليه إل ّ بمصارع ِ‬ ‫ل ل يت ِ ّ‬ ‫س ِثق ٌ‬‫الّنف ِ‬
‫ء‬
‫النتصار والنتقام ِ للنفس‪ ،‬ول يكون ذلك إل للقويا ِ‬
‫صوا على حظوظ الّنفس ورغباتها وإن‬ ‫الذين استع َ‬
‫ؤه لقوله تعالى‪:‬‬ ‫قا لهم يجوُز لهم إمضا ُ‬ ‫كانت ح ّ‬
‫ما َ َ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ل{‬ ‫سِبي ٍ‬
‫من َ‬ ‫هم ّ‬‫علي ْ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عدَ ظُل ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫صَر ب َ ْ‬‫ن انت َ َ‬‫م ِ‬ ‫ول َ َ‬
‫} َ‬
‫ن التنازل عن‬ ‫الشورى‪ ،41:‬غيَر أ ّ‬

‫) ‪(1/355‬‬

‫ز‬
‫ل على تجاو ِ‬ ‫ة النفس عن إنفاِذه لهو دلي ٌ‬ ‫ق وملك َ‬ ‫الح ّ‬
‫من هنا يأتي التمّيز والبراز‬ ‫خرق العادات‪ .‬و ِ‬ ‫فو َ‬ ‫المألو ِ‬
‫ك‬‫مل ِ ُ‬‫ذي ي َ ْ‬ ‫ح»ال ّ ِ‬ ‫شديد الممدو ُ‬ ‫عموم‪ ،‬وهذا هو ال ّ‬ ‫عن ال ُ‬
‫حين وغيرهما عن‬ ‫ب« كما في الصحي َ‬ ‫ض ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ْ‬
‫عن ْدَ ال َ‬ ‫ه ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫نَ ْ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم )‪ ، (1‬وقد أخرج المام‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫ل النب ّ‬ ‫مد في مسنده قو َ‬ ‫أح َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫فذَهُ دَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫ً‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عاهُ الل ُ‬ ‫ن ي ُن ْ ِ‬ ‫على أ ْ‬ ‫قاِدٌر َ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫غي ْظا َ‬ ‫ن كظ َ‬ ‫م ْ‬ ‫» َ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ءوس ال ْ َ َ‬ ‫عَلى ُر ُ‬ ‫عاَلى َ‬ ‫ت ََباَر َ‬
‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫خي َّرهُ ِ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ق َ‬ ‫خلئ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وت َ َ‬ ‫ك َ‬
‫ء«‪(2) .‬‬ ‫شا َ‬ ‫ر َ‬ ‫حو ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مين على التخّلق‬ ‫ضت المسل ِ‬ ‫ن شريعَتنا الغّراء يوم ح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ق‬‫ض في نطا ٍ‬ ‫صر هذا الح ّ‬ ‫وز لم تق ِ‬ ‫ق العفو والتجا ُ‬ ‫بخل ِ‬
‫عا‬
‫س ً‬ ‫ت المَر فيه مو ّ‬ ‫قة‪ ،‬بل جعل ِ‬ ‫َ‬
‫ضيق أو دائرة مغل َ‬
‫م‬
‫عا ّ‬‫مل ال َ‬ ‫ن الّتعا ُ‬ ‫ب كثيرةً من شؤو ِ‬ ‫ل جوان َ‬ ‫م َ‬ ‫ليش َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،5649‬ومسلم ‪.4723‬‬
‫)‪ (2‬أحمد ‪ ،15084‬وأبو داود ‪ ،4147‬والترمذي ‪2493‬‬
‫وقال حسن غريب‪ ،‬وابن ماجه ‪ ،4176‬وحسنه‬
‫اللباني صحيح أبي داود‬

‫) ‪(1/356‬‬

‫ض من الشارع الحكيم للقيادة‬ ‫ص‪ ،‬فلقد جاء الح ّ‬ ‫والخا ّ‬


‫ن تمّثل القيادَ ِ‬
‫ة‬ ‫ل الولية العظمى بذلك؛ ل ّ‬ ‫كبرى وأه ِ‬ ‫ال ُ‬
‫د‬
‫مح أمارةٌ من أمارات القائ ِ‬ ‫و والتسا ُ‬ ‫بسيما العف ِ‬
‫ح كما أمَر الله نبّيه صلى الله عليه وسلم في‬ ‫الناج ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْ‬
‫ع ِ‬
‫ض َ‬ ‫ر ْ‬
‫ع ِ‬
‫وأ ْ‬‫ف َ‬
‫عْر ِ‬
‫مْر ِبال ُ‬
‫وأ ُ‬ ‫و َ‬
‫ف َ‬ ‫ذ ال َ‬
‫خ ِ‬
‫قوِله‪ُ } :‬‬
‫وز‬ ‫ن{ العراف‪ ،199:‬والعفو هنا هو التجا ُ‬ ‫هِلي َ‬ ‫جا ِ‬ ‫ال َ‬
‫ما‬ ‫فب ِ َ‬‫د التفسيَرين‪ ،‬وكما في قوله تعالى‪َ } :‬‬ ‫على أح ِ‬
‫ب‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ظ ال َ‬ ‫غِلي َ‬ ‫ظا َ‬ ‫ف ً‬ ‫ت َ‬ ‫كن َ‬ ‫و ُ‬ ‫ول َ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫ه ِلن َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫َر ْ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫فْر ل ُ‬‫َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫لن َ‬
‫ر{ آل عمران‪.195:‬‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫م ِ‬ ‫في ال ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫وْر ُ‬ ‫شا ِ‬ ‫َ‬
‫قصاص‬ ‫دماء وال ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ضا إلى أبوا ِ‬ ‫ض أي ً‬ ‫دى الح ّ‬ ‫ولقد تع ّ‬
‫ه{‬ ‫ّ‬
‫فاَرةٌ ل ُ‬ ‫و كَ ّ‬ ‫ه َ‬‫ف ُ‬ ‫ه َ‬ ‫صدّقَ ب ِ ِ‬ ‫من ت َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫كما في قوِله تعالى‪َ } :‬‬
‫ضا إلى الّزوجين في‬ ‫ض أي ً‬ ‫المائدة‪ ،54:‬كما تعدى الح ّ‬
‫ل الدخول حيث قال‬ ‫ة الصداق في الطلق قب َ‬ ‫مسأل ِ‬
‫د‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫من َ‬ ‫ّ‬
‫وِإن طل ْ‬ ‫َ‬
‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫م ّ‬ ‫ل أن ت َ َ‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫قت ُ ُ‬ ‫سبحانه‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م إ ِل ّ أن ي َ ْ‬ ‫ضت ُ ْ‬ ‫فَر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ُ‬ ‫فن ِ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ض ً‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ضت ُ ْ‬ ‫فَر ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫قَر ُ‬ ‫فوا أ ْ‬ ‫ع ُ‬‫وأن ت َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫كا ِ‬ ‫قدَةُ الن ّ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫د ِ‬ ‫ذي ب ِي َ ِ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫و يَ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫و قد‬ ‫ض على العف ِ‬ ‫ن الح ّ‬ ‫وى{ البقرة‪ ،237:‬بل إ ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ِللت ّ ْ‬
‫دى‬ ‫تع ّ‬

‫) ‪(1/357‬‬

‫ءهم ومدايناتهم‪ ،‬فقد‬ ‫ص تباُيع الناس وشرا َ‬ ‫إلى ما يخ ّ‬


‫ما‬ ‫قا َ‬ ‫نأ َ‬ ‫َ‬
‫سل ِ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪َ » :‬‬
‫ن‬
‫داي ِ ُ‬ ‫جٌر ي ُ َ‬ ‫ن َتا ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه« )‪ ، (1‬وقال ‪َ » :‬‬ ‫عث َْرت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫قال َ ُ‬ ‫أَ َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ع ّ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫وُزوا َ‬ ‫جا َ‬ ‫ه تَ َ‬ ‫فت َْيان ِ ِ‬ ‫ل لِ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫سًرا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬‫ذا َرأى ُ‬ ‫فإ ِ َ‬‫س َ‬ ‫الّنا َ‬
‫الل ّ َ‬
‫ه« )‪.(2‬‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫وَز الل ّ ُ‬ ‫جا َ‬‫فت َ َ‬‫عّنا َ‬ ‫وَز َ‬ ‫جا َ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫و في التعام ِ‬ ‫ض على العف ِ‬ ‫مة تأكيدٌ على عموم الح ّ‬ ‫وث ّ‬
‫ي صلى‬ ‫ل الرجل الذي جاء إلى النب ّ‬ ‫مع الخرين بسؤا ِ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫هك ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫الله عليه وسلم فقال‪َ» :‬يا َر ُ‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫فل ّ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫م َ‬ ‫ص َ‬
‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ال ْك َل َ‬
‫َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫عادَ َ‬ ‫م أَ َ‬ ‫ت ثُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ص َ‬‫ف َ‬ ‫خاِدم ِ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ة«‬ ‫مّر ً‬ ‫ن َ‬ ‫عي َ‬ ‫سب ْ ِ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫في ك ُ ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫فوا َ‬ ‫ع ُ‬ ‫لا ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ة َ‬ ‫في الّثال ِث َ ِ‬ ‫ِ‬
‫)‪(3‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،3001‬وابن ماجه ‪ ، 2190‬وصححه‬
‫اللباني في إرواء الغليل ‪1334‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪1936‬‬
‫)‪ (3‬أبو داود ‪ ،4496‬والترمذي ‪ 1872‬وقال حسن‬
‫غريب‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/358‬‬

‫ة والضعف‪ ،‬بل إنه‬ ‫ضي الذّل ّ َ‬ ‫ن العفو والتجاوز ل يقت ِ‬


‫فإ ّ‬
‫َ‬
‫ن وغلَبة الهوى‪ ،‬ل سّيما إذا‬ ‫مة الشجاعة والمتنا ِ‬ ‫ق ّ‬
‫وب‬ ‫دَرة على النتصار‪ ،‬فقد ب ّ‬ ‫و عند المق ِ‬ ‫كان العف ُ‬
‫ر من‬ ‫با عن النتصا ِ‬ ‫ي رحمه الله في صحيحه با ً‬ ‫البخار ّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ي ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫م الب َ ْ‬
‫ه ُ‬‫صاب َ ُ‬‫ذا أ َ‬ ‫ن إِ َ‬
‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬
‫الظالم لقوله تعالى‪َ } :‬‬
‫ي‬
‫‪ ،39‬وذكَر عن إبراهيم النخع ّ‬ ‫َ‬ ‫ن{ الشورى‪:‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫َينت َ ِ‬
‫وا( )‬ ‫ع َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ست َذَّلوا َ‬
‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫كاُنوا ي َك َْر ُ‬ ‫قوله‪َ ) :‬‬
‫ف ْ‬ ‫قدَُروا َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫هو َ‬
‫ن علي رضي الله تعالى عنهما‪:‬‬ ‫‪ ، (1‬قال الحسن ب ُ‬
‫ُ‬
‫ن رجل ً شَتمني في أذني هذه واعتذر في أذني‬ ‫)لو أ ّ‬
‫ت عذَره( )‪ ، (2‬وقال جعفُر الصاِدق رحمه‬ ‫الخَرى لقِبل ُ‬
‫ي من‬ ‫ب إل ّ‬ ‫و عشرين مّرةً أح ّ‬ ‫م على العف ِ‬ ‫الله‪) :‬لن أند َ‬
‫دم على العقوبة مرة واحدة( )‪ ، (3‬وقال‬ ‫أن َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري تعليقا ‪ :‬كتاب المظالم والغصب ‪ /‬باب‬ ‫ً‬
‫النتصار من الظالم‬
‫)‪ (2‬انظر‪ :‬الداب الشرعية لبن مفلح ‪1/319‬‬
‫)‪ (3‬انظر‪ :‬أدب المجالسة لبن عبد البر ص ‪116‬‬

‫) ‪(1/359‬‬

‫ل‬ ‫ج ٌ‬ ‫ك َر ُ‬ ‫ذا أ ََتا َ‬ ‫ن عياض رحمه الله )‪) : (1‬إ ِ َ‬ ‫الفضيل ب ُ‬


‫و‬ ‫ع ْ‬ ‫ْ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫جل‪َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫كو إ ِل َي ْ َ‬ ‫ش ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫خي‪ ،‬ا ْ‬ ‫ل‪َ :‬يا أ ِ‬ ‫ك َر ُ‬
‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ع‬‫ج ْ‬ ‫فاْر ِ‬ ‫وِإل َ‬ ‫صَر َ‬ ‫ن ت َن ْت َ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ت تُ ْ‬ ‫ن ك ُن ْ َ‬ ‫وى‪ ،‬إ ِ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ب ِللت ّ ْ‬ ‫قَر ُ‬
‫فا َ‬
‫صل َ َ‬
‫ح‬ ‫وأ ْ‬ ‫ع َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫ع‪َ ،‬‬ ‫س ٌ‬ ‫وا ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه َبا ٌ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫و‪َ ،‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫إ َِلى َبا ِ‬
‫عَلى ِ‬ ‫َ َ‬
‫ه‬
‫ش ِ‬ ‫فَرا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ي ََنا ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫جُرهُ َ‬ ‫فأ ْ‬
‫ُ‬
‫موَر(‪.‬‬ ‫ب اْل ُ‬ ‫قل ّ ُ‬ ‫ر يُ َ‬ ‫صا ِ‬‫ب اِلن ْت ِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل‪َ ،‬‬ ‫ِبالل ّي ْ ِ‬
‫ة ما ل يمكن‬ ‫ن بعض الناس قد بلغ من القسو ِ‬ ‫ثم إ ّ‬
‫ن في حياته‬ ‫وز عنه‪ ،‬ل ترو َ‬ ‫و لحد أو يتجا َ‬ ‫معها أن يعف َ‬
‫ن أمثاَله‬ ‫في‪ ،‬ليس إل‪ .‬تروَنه وترو َ‬ ‫إل ّ النتقام والتش ّ‬
‫ظر‬ ‫قدر ل ُينت َ َ‬ ‫وه‪ ،‬وإذا َ‬ ‫صح ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ء إذا تغّيم لم ُير َ‬ ‫كمَثل سما ٍ‬
‫ي‪،‬‬‫ي‪ ،‬ول يرضيه العذُر الجل ّ‬ ‫م الخف ّ‬ ‫ضُبه الجر ُ‬ ‫عفوه‪ ،‬يغ ِ‬
‫ل الرمح‪،‬‬ ‫ق من ظ ّ‬ ‫ب وهو أضي ُ‬ ‫حتى إّنه ليَرى الذن َ‬
‫ضح النهار‪ .‬تروَنه ذا‬ ‫ن من و َ‬ ‫ر وهو أبي َ ُ‬ ‫مى عن العذ ِ‬ ‫ويع َ‬
‫ط ويضطرب‪،‬‬ ‫ل فيشت ّ‬ ‫مع بإحداهما القو َ‬ ‫ُ‬
‫أذنين يس َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬رواه ابن أبي حاتم عند تفسير قوله تعالى ‪:‬‬
‫فَر{ الشورى‪ 42:‬وأورده ابن كثير‬ ‫غ َ‬‫و َ‬ ‫صب ََر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َ َ‬‫} َ‬
‫في تفسيره‬

‫) ‪(1/360‬‬
‫ة وبرهان‪.‬‬ ‫ج ٌ‬ ‫ب عن الخَرى العذَر ولو كان له ح ّ‬ ‫ويحج ُ‬
‫و عقِله‪ ،‬وقد استولى عليه‬ ‫من هذه حاُله فهو عد ّ‬ ‫و َ‬
‫و إلى القبيح‬ ‫ن بالعف ِ‬ ‫فه عن الحس ِ‬ ‫وى فصر َ‬ ‫سلطان اله َ‬
‫ما‬‫في‪ ،‬تقول عائشة رضي الله تعالى عنها‪َ » :‬‬ ‫بالّتش ّ‬
‫ق ّ‬
‫ط‬ ‫شي ًْئا َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫هد َ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ما إ ِل أ ْ‬ ‫خاِد ً‬ ‫ول َ‬ ‫مَرأةً َ‬ ‫ول ا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫د ِ‬‫ب ِي َ ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫قط َ‬ ‫ّ‬ ‫يء ٌ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ِني َ‬
‫ه إ ِل أ ْ‬ ‫حب ِ ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ق َ‬ ‫في َن ْت َ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫جل« )‪(1‬‬ ‫ّ‬ ‫و َ‬ ‫عّز َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫م ل ِل ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ه في َن ْت َ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫رم ِ الل ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫يء ٌ ِ‬ ‫هك ش ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي ُن ْت َ َ‬
‫‪.‬‬
‫و‬
‫ن العف َ‬ ‫ق‪ ،‬ولك ّ‬ ‫ن النتصاَر للنفس من الظلم ِ لح ّ‬ ‫أل إ ّ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ها َ‬ ‫مث ْل ُ َ‬
‫ة ّ‬ ‫سي ّئ َ ٌ‬ ‫ة َ‬ ‫سي ّئ َ ٍ‬ ‫جَزاءُ َ‬ ‫و َ‬‫ل والّتقوى‪َ } ،‬‬ ‫هو الكما ُ‬
‫ب ال ّ‬ ‫َ‬ ‫فا َ‬
‫ن{‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ل َ يُ ِ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫جُرهُ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صل َ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ع َ َ‬ ‫َ‬
‫الشورى‪.40:‬‬
‫وز لم يكن‬ ‫و والتجا ُ‬ ‫ض الشريعة على العف ِ‬ ‫إن تحضي َ‬
‫ن‬‫ر دون الباطن‪ ،‬بل إ ّ‬ ‫صًرا على العفو في الظاه ِ‬ ‫مقت ِ‬
‫ن‬‫م الظاهر والباط َ‬ ‫ضع ّ‬ ‫التحضي َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،4296‬وأحمد ‪22906‬‬

‫) ‪(1/361‬‬

‫ظ العفو‪ ،‬وأطلق على‬ ‫عا‪ ،‬فأطلق على الظاهر لف َ‬ ‫م ً‬


‫ب‬
‫و والصفح بينهما تقاُر ٌ‬ ‫صفح‪ ،‬والعف ُ‬ ‫ن لفظ ال ّ‬ ‫الباط ِ‬
‫ن الصفح‬ ‫ح أبلغ من العفو؛ ل ّ‬ ‫ن الصف َ‬ ‫في الجملة‪ ،‬إل ّ أ ّ‬
‫ما‬
‫ب بالكلية واعتباره كأن لم يكن‪ ،‬أ ّ‬ ‫تجاوٌز عن الذن ِ‬
‫ن‬‫العفو فإّنه يقتضي إسقاط اللوم الظاهر دو َ‬ ‫َ‬
‫مر الله نبّيه صلى الله عليه وسلم به‬ ‫الباطن‪ ،‬ولذا أ َ‬
‫ل{ الحجر‪ ،85:‬وهو‬ ‫مي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح ال َ‬‫ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ص َ‬ ‫في قوِله‪َ } :‬‬
‫ف ِ‬ ‫فا ْ‬
‫الذي ل عتاب معه‪.‬‬
‫ع‬‫ر الصفح والجم ِ‬ ‫فرةً في ذك ِ‬ ‫ضا ِ‬ ‫ت اليات مت َ‬ ‫وقد جاء ِ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫بينه وبين العفو كما في قوِله تعالى‪َ } :‬‬
‫ن{ المائدة‪ ،13:‬وقوله ‪:‬‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ح إِ ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ص َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ه{ البقرة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫حّتى ي َأت ِ ْ َ‬ ‫حوا َ‬ ‫صف ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫عفوا َ‬ ‫}فا ْ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫منك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ولوا ال َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ول َ ي َأت َ ِ‬ ‫‪ ،109‬وقوله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ُ‬ ‫ة َأن ي ُ ْ‬
‫ن‬
‫كي َ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫قْرَبى َ‬ ‫وِلي ال ُ‬ ‫ؤُتوا أ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫س َ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫حوا أل َ‬ ‫ص َ‬ ‫ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ف ُ‬ ‫ولي َ ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫ولي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُ‬ ‫َ‬
‫م{ التوبة‪:‬‬ ‫حي‬ ‫ر‬ ‫ر‬ ‫فو‬ ‫ُ‬ ‫غ‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫غ‬ ‫ي‬ ‫أن‬‫َ‬ ‫ن‬
‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫تُ ّ َ‬
‫بو‬ ‫ح‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مُنوا إ ِ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪ ،22‬وقوله سبحانه‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫أ َزواجك ُم َ‬
‫وا ل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫عد ُ ً‬ ‫م َ‬ ‫ولِدك ُ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ْ َ ِ ْ َ‬
‫) ‪(1/362‬‬

‫ه‬‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫فُروا َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫حوا َ‬ ‫ف ُ‬‫ص َ‬ ‫وت َ ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫ع ُ‬‫وِإن ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫حذَُر َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫م{ التغابن‪.14:‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫غ ُ‬‫َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫ق النب ّ‬ ‫صفح هما خل ُ ُ‬ ‫العفو وال ّ‬
‫ب‬‫مرون المقَتدون؟! أين من يغاِلبهم ح ّ‬ ‫فأين المش ّ‬
‫ُ‬
‫النتصار والنتقام؟! أين هم من خلق سّيد‬
‫سلين ؟!‬ ‫المر َ‬
‫ل الله‬ ‫سئ َِلت عائشة رضي الله عنها عن خلق رسو ِ‬
‫ُ‬
‫َ‬
‫م ي َك ُ ْ‬
‫ن‬ ‫قا ل َ ْ‬ ‫خل ُ ً‬‫س ُ‬ ‫نا ِ‬ ‫ن ال ّ‬‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫في أهله فقالت‪َ » :‬‬
‫وَل ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ز ُ‬
‫ئ‬ ‫ج ِ‬ ‫ق َ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫خاًبا ِباْل ْ‬ ‫س ّ‬ ‫وَل َ‬ ‫شا َ‬ ‫ح ً‬ ‫مت َ َ‬
‫ف ّ‬ ‫وَل ُ‬ ‫شا َ‬ ‫ح ً‬ ‫فا ِ‬ ‫َ‬
‫ح« )‪ (1‬والحديث‬ ‫ص َ‬
‫ف ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬‫ن يَ ْ‬‫ول َك ِ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫مث ْل َ َ‬‫ة ِ‬ ‫سي ّئ َ ِ‬‫ِبال ّ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫قى ل ِل ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وأب ْ َ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ه َ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫أصله في الصحيحين‪َ } .‬‬
‫مُنوا‬ ‫آ َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،24797‬الترمذي ‪ 1939‬وقال حسن صحيح‪،‬‬
‫وصححه اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/363‬‬

‫ن ك ََبائ َِر ال ِث ْم ِ‬‫جت َن ُِبو َ‬


‫ن يَ ْ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن َ‬ ‫وك ُّلو َ‬
‫م ي َت َ َ‬
‫ه ْ‬
‫على َرب ّ ِ‬
‫و َ َ‬
‫َ‬
‫ن{ الشورى‪،36:‬‬ ‫فُرو َ‬‫غ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ضُبوا ُ‬ ‫َ‬
‫ما غ ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬‫ش َ‬‫ح َ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫والف َ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪.37‬‬

‫) ‪(1/364‬‬

‫الرحمة والرحماء )‪(1‬‬

‫هذه قصة من قصص النبي صلى الله عليه وسلم‬


‫حفظها أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر وأرضاه‪،‬‬
‫وجعل أعالي الفردوس مسكنه ومثواه‪ ،‬حافظ‬
‫الصحابة‪ ،‬وعالم من علمائهم‪ ،‬حفظ هذه القصة‬
‫العظيمة التي إذا تأملها المسلم وجد فيها عبرة‬
‫جليلة كريمة حفظها وأرضاه من رسول الله‪ ،‬أخبر‬
‫بها صلوات الله وسلمه عليه‪ ،‬والله شهيد مطلع‬
‫دا‪ ،‬وكفى بالله حسيًبا‪.‬‬
‫عليها‪ ،‬وكفى بالله شهي ً‬
‫حاصل هذه القصة الصحيحة التي ثبتت بأصح السانيد‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم )‪ (2‬أن امرأة‬
‫كانت عاصية بعيدة عن‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬خطبة للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي‬
‫في مسجد قباء )المنبر( باختصار‬
‫)‪ (2‬القصة في البخاري ‪ ،3208‬ومسلم ‪،4163‬وأحمد‬
‫ة‬
‫ف ب َِرك ِي ّ ٍ‬
‫طي ُ‬‫ب يُ ِ‬ ‫ما ك َل ْ ٌ‬‫‪ ،10178‬ولفظ البخاري ‪» :‬ب َي ْن َ َ‬
‫َ‬
‫سَراِئي َ‬
‫ل‬ ‫غاَيا ب َِني إ ِ ْ‬
‫ن بَ َ‬ ‫م ْ‬
‫ي ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫ه بَ ِ‬ ‫عطَ ُ‬
‫ش إ ِذْ َرأت ْ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫قت ُل ُ ُ‬ ‫َ‬
‫كادَ ي َ ْ‬
‫ه«‬ ‫فَر ل َ َ‬
‫ها ب ِ ِ‬ ‫غ ِ‬
‫ف ُ‬‫ه َ‬ ‫س َ‬
‫قت ْ ُ‬ ‫ها َ‬
‫ف َ‬ ‫ق َ‬ ‫مو َ‬ ‫ت ُ‬ ‫ع ْ‬‫فن ََز َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/365‬‬

‫الله سبحانه وتعالى خرجت ذات يوم فبينما هي تسير‬


‫في الطريق إذ رأت ذلك الكلب الذي اكتوى بالظمأ‬
‫والعطش‪ ،‬رأت كلًبا معذًبا قد أنهكه العطش والظمأ‬
‫وقد وقف على بئر من الماء ل يدري كيف يشرب‪،‬‬
‫يلهث الثرى من شدة الظمأ والعطش‪ ،‬فلما رأته تلك‬
‫المرأة العاصية أشفقت عليه ورحمته‪ ،‬فنزلت إلى‬
‫البئر وملت خفها من الماء ثم سقت ذلك الكلب‬
‫وأطفأت ظمأه وعطشه‪ ،‬فنظر الله إلى رحمتها بهذا‬
‫المخلوق فشكر لها معروفها فغفر ذنوبها‪.‬‬
‫بشربة ماء غفرت ذنوبها‪ ،‬وبشربة ماء سترت عيوبها‪،‬‬
‫وبشربة ماء رضي عنها ربها‪ ،‬إنها الرحمة التي‬
‫أسكنها الله القلوب‪ ،‬فرج بها الغموم والهموم عن‬
‫كل مهموم ومنكوب‪ ،‬إنها الرحمة التي يرحم الله بها‬
‫الرحماء‪،‬‬

‫) ‪(1/366‬‬

‫ويفتح بها أبواب البركات والخيرات من السماء‪ ،‬بعث‬


‫بها سيد الولين والخرين كما قال في كتاب المبين‬
‫َ‬
‫ن{ النبياء‪ ،107 :‬هي‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ة ل ِل ْ َ‬
‫م ً‬ ‫ك إ ِّل َر ْ‬
‫ح َ‬ ‫سل َْنا َ‬
‫ما أْر َ‬
‫و َ‬
‫} َ‬
‫شعار المسلمين ودثار الخيار والصالحين وشأن‬
‫الموفقين المسددين‪ ،‬كم فرج الله بها من هموم‪ ،‬كم‬
‫أزال الله بها من غموم‪ ،‬إنها الرحمة التي إذا أسكنها‬
‫الله في قلبك فتح بها أبواب الخير في وجهك‪،‬‬
‫وسددك وألهمك وأرشدك وكنت من المحسنين‪.‬‬
‫الرحمة عباد الله أحوج من يكون إليها أقرب الناس‬
‫إليك‪ ،‬من هم أحوج الناس إلى رحمتك وشفقتك‬
‫وإحسانك وبرك؟ أحق الناس برحمتك الوالدان‪ :‬الم‬
‫والب‪ ،‬ما أحوجهما إلى الرحمة‪ ،‬فارحمهما ول‬
‫تعذبهما‪ ،‬وسامحهما ول تؤاخذهما ول ُتهنهما‬
‫ب‬‫ل َر ّ‬ ‫و ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ة َ‬
‫م ِ‬
‫ح َ‬
‫ن الّر ْ‬
‫م َ‬ ‫ح الذّ ّ‬
‫ل ِ‬ ‫جَنا َ‬
‫ما َ‬ ‫ض لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ف ْ‬ ‫خ ِ‬‫وا ْ‬‫} َ‬
‫غيًرا{ السراء‪ ،24 :‬يحتاجان‬ ‫ص ِ‬
‫ما َرب َّياِني َ‬ ‫َ‬
‫ما ك َ‬‫ه َ‬‫م ُ‬‫ح ْ‬
‫اْر َ‬
‫إلى رحمتك خاصة عند المشيب والكبر‪ ،‬إذا خارت‬
‫قواهما وصار البياض في شعورهما‪ ،‬والتهبت‬
‫بالحاسيس مشاعرهما فهما عند ذلك أحوج ما‬

‫) ‪(1/367‬‬

‫يكونان إلى عطفك ورحمتك وحلمك‪ ،‬يحتاج الوالدان‬


‫إلى رحمة الولد وهم بين القبور‪ ،‬ينتظران البعث‬
‫بعد النشور‪ ،‬فما أحوجهما اليوم إلى دعوة صالحة‬
‫منك‪ ،‬ترفعهما إلى الله جل جلله أن يفسح لهما في‬
‫قبريهما فقد صارا غرباء سفر ل ُينتظرون‪ ،‬ورهناء‬
‫ذنوب ل ُيفكون ول يطلقون‪ ،‬فارفع الكف الصادقة‬
‫إلى الله أن يرحمهما‪.‬‬
‫أحوج الناس إلى رحمتك أولدك أبناؤك وبناتك‪،‬‬
‫وزوجتك‪ ،‬وإخوانك وأخواتك وسائر القربين‪ ،‬أحوج‬
‫الناس إلى رحمتك البناء والبنات‪ ،‬عن أنس وأرضاه‬
‫قال ‪» :‬كان أرحم الناس بالعيال و الصبيان« )‪، (1‬‬
‫قّبل الحسن فقال له رجل‪ :‬إني لي عشرة من الولد‬
‫ما قبلت‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬قال اللباني في السلسلة الصحيحة ‪2095‬رواه‬
‫الرئيس عثمان بن محمد أبو عمرو في حديثه‪،‬‬
‫وإسناده صحيح‬

‫) ‪(1/368‬‬

‫ك لَ َ‬
‫ك‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫واحدا منهم‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم ‪» :‬أ َ َ‬
‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ة«‪(1) .‬‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ح َ‬‫ن قلب ِك الّر ْ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫ع الل ُ‬ ‫ن ن ََز َ‬ ‫أ ْ‬
‫ولما دعي صلوات الله وسلمه عليه وقد حضر الموت‬
‫لبنه إبراهيم فاضت عيناه بالدموع‪ ،‬فقيل‪ :‬ما هذا يا‬
‫ة‬
‫م ٌ‬‫ح َ‬ ‫ه َر ْ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ه ِ‬‫رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم‪َ » :‬‬
‫ه‬
‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ح ُ‬
‫ما ي َْر َ‬
‫وإ ِن ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬
‫ب ِ‬ ‫قُلو ِ‬‫في ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ها الل ّ ُ‬ ‫عل َ َ‬
‫ج َ‬‫َ‬
‫ء«‪ ، (2) .‬الولد يحتاجون إلى العطف‬ ‫ما َ‬‫ح َ‬ ‫الّر َ‬
‫والحسان‪ ،‬يحتاجون منك إلى البر والحنان‪ ،‬فارحمهم‬
‫برحمة الله جل وعل‪.‬‬
‫أحوج الناس إلى رحمتك من قلدك الله أمره من‬
‫العمال والمستضعفين والمستخدمين‪ ،‬قال صلى الله‬
‫ت‬‫ح َ‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ج َ‬‫م َ‬ ‫ول ُك ُ ْ‬‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫وان ُك ُ ْ‬ ‫خ َ‬‫عليه وسلم ‪» :‬إ ِ ْ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬
‫ما ي َأك ُ‬
‫ل‬ ‫م ّ‬‫ه ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫فلي ُط ِ‬ ‫ه َ‬ ‫د ِ‬‫ت يَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫خوهُ ت َ ْ‬ ‫نأ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬‫م َ‬ ‫ديك ُ ْ‬ ‫أي ْ ِ‬
‫ن‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫غل ِب ُ ُ‬‫ما ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫فو ُ‬ ‫وَل ت ُك َل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ما ي َل ْب َ ُ‬‫م ّ‬
‫ه ِ‬ ‫ول ْي ُل ْب ِ ْ‬
‫س ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫مو ُ‬ ‫ْ‬
‫كلفت ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،5539‬وأحمد ‪ ،23156‬والبخاري في‬
‫الدب المفرد ‪90،91‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،1204‬ومسلم ‪1531‬‬

‫) ‪(1/369‬‬

‫م« )‪ ، (1‬فأحسنوا إليهم‪ ،‬أحسنوا إلى أمثال‬ ‫ه ْ‬ ‫فأ َ ِ‬


‫عيُنو ُ‬ ‫َ‬
‫هؤلء من المستضعفين‪ ،‬واجبروا خواطرهم طلًبا‬
‫لرحمة الله رب العالمين‪ ،‬أحوج الناس إلى رحمتك‬
‫من قلدك الله أمره من الموظفين والمستخدمين‬
‫فارحمهم ووسع عليهم‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫ه« )‬ ‫فاْر ُ‬
‫م َ‬ ‫فَر َ‬
‫شي ًْئا َ‬
‫مِتي َ‬ ‫»من ول ِي من أ َم ُ‬
‫ق بِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ق بِ ِ‬
‫ف َ‬ ‫رأ ّ‬‫َ ْ َ َ ِ ْ ْ ِ‬
‫‪ ، (2‬فمن أراد أن تصيبه دعوة النبي صلى الله عليه‬
‫ما من الله جل وعل فليوسع على‬ ‫وسلم فيكون مرحو ً‬
‫من قلده الله أمره فمن رحمة هؤلء أن يوسع‬
‫النسان صدره لمن ُيسيء منهم ولمن يعتدي عليه‬
‫من هؤلء‪ ،‬فالعفو والصفح عن الزلت وستر‬
‫الخطيئات شأن أهل المكرمات والرحمات‪.‬‬
‫أحوج الناس إلى رحمتك الضعفاء والفقراء‪ ،‬فمن‬
‫شعائر السلم العظيمة إطعام الطعام والحسان إلى‬
‫الرامل واليتام والتوسيع عليهم‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،29‬وأحمد ‪20461‬‬
‫)‪ (2‬مسلم ‪ 3407‬وأحمد ‪23201‬‬

‫) ‪(1/370‬‬

‫طلًبا لرحمة الله الملك العلم قال صلى الله عليه‬


‫َ‬
‫د‬
‫ه ِ‬
‫جا ِ‬ ‫م َ‬ ‫كال ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫كي ِ‬ ‫س ِ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ة َ‬‫مل َ ِ‬
‫عَلى اْلْر َ‬ ‫عي َ‬ ‫سا ِ‬ ‫وسلم ‪» :‬ال ّ‬
‫م الل ّي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل« )‬ ‫قو ُ‬‫وي َ ُ‬‫هاَر َ‬‫م الن ّ َ‬‫صو ُ‬ ‫كال ّ ِ‬
‫ذي ي َ ُ‬ ‫و َ‬
‫هأ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫سِبي ِ‬
‫في َ‬
‫ِ‬
‫‪ ، (1‬الذي يطعم الرملة ويدخل السرور عليها ويرحم‬
‫ُبعد زوجها عنها حين يكون لها كزوجها إحساًنا وحناًنا‬
‫كالصائم الذي ل يفطر من صيامه‪ ،‬والقائم الذي ل‬
‫يفتر من قيامه‪ ،‬فهنيًئا ثم هنيًئا لمثال هؤلء‬
‫الرحماء‪.‬‬
‫أحوج الناس إلى رحمتك الفقراء‪ ،‬فلعل القليل من‬
‫المال تكفكف به دموعهم وتجبر به كسر قلوبهم‪،‬‬
‫يكفكف الله به نار جنهم عنك يوم القيامة قال صلى‬
‫ة« )‪، (2‬‬
‫مَر ٍ‬
‫ق تَ ْ‬
‫ش ّ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و بِ ِ‬ ‫الله عليه وسلم ‪» :‬ات ّ ُ‬
‫قوا الّناَر َ‬
‫وفي الصحيح عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها‬
‫وأرضاها قالت‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،5547‬ومسلم ‪5295‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،1328‬ومسلم ‪1688‬‬

‫) ‪(1/371‬‬

‫ها ث ََل َ‬ ‫ل ابن َت َين ل َها َ َ‬


‫ث‬ ‫مت ُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫فأطْ َ‬ ‫م ُ ْ ْ ِ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫كين َ ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جاءَت ِْني ِ‬ ‫» َ‬
‫َ‬
‫ت إ ِلى‬ ‫وَر َ‬ ‫ُ‬
‫تك ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬
‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مَرةً َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫حد َ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫عط ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫مَرا ٍ‬ ‫تَ َ‬
‫ْ‬
‫ة‬
‫مَر َ‬‫ت الت ّ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ش ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ها َ‬ ‫ها اب ْن ََتا َ‬ ‫مت ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ست َطْ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫ها َ‬ ‫مَرةً ل ِت َأك ُل َ َ‬ ‫ها ت َ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ها‬ ‫ْ‬ ‫جب َِني َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫شأن ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما فأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ها ب َي ْن َ ُ‬ ‫ن ت َأكل َ‬ ‫ريدُ أ ْ‬ ‫ت تُ ِ‬ ‫الِتي كان َ ْ‬
‫ه‬
‫علي ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫ت ل َِر ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫صن َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت ال ّ ِ‬ ‫فذَك َْر ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫عت َ َ‬
‫ق َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ها ال ْ َ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫ب لَ َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫قد ْ أ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫ر« )‪. (1‬‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫بِ َ‬
‫الصدقات والحسان إلى المؤمنين والمؤمنات من‬
‫أعظم المور التي ُتفرج بها الغموم والكربات والله‬
‫في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه‪.‬‬
‫ما‬ ‫عباد الله‪ :‬وتعظم حاجة المسلم إذا كان مظلو ً‬
‫ل‪ ،‬فعند ذلك يجب عليك نصره‪ ،‬وتجب عليك‬ ‫مخذو ً‬
‫معونته‪ ،‬ويجب عليك أن ُتمدّ له يد المساعدة لله جل‬
‫جلله‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،4764‬وأحمد ‪23470‬‬

‫) ‪(1/372‬‬

‫عباد الله‪ :‬وهؤلء إخوانكم المسلمين وأخواتكم‬


‫المسلمات يعانون ظلم الكافرين والكافرات‪ ،‬ها هم‬
‫عباد الله تحت هدير المدافع والرصاص‪ ،‬ل يعلم كيف‬
‫تمر عليهم الساعات واللحظات إل الله جل جلله وقع‬
‫عليهم ذلك في ظلم واضطهاد لم يكن له من مثيل‬
‫على مرأى ومسمع من الجليل والحقير‪.‬‬
‫عباد الله‪ ،‬ها هم اليوم تسفك لهم الدماء وتقطع لهم‬
‫الشلء والعضاء ول يعلم بحالهم إل الله فاطر‬
‫الرض والسماء‪ ،‬وقفوا اليوم ـ عباد الله ـ ينتظرون‬
‫منكم العون والمساعدة‪ ،‬ينتظرون منكم أن تغيثوهم‬
‫بعد الله جل جلله‪ ،‬فأنفقوا ينفق الله عليكم‪ ،‬وما‬
‫يدريك فلعل هذا القليل من المال تداوي به جرح‬
‫مسلم أو تفرج به كرب مسلم فيفرج الله عنك كربة‬
‫من كرب يوم القيامة‪ ،‬وما يدريك فلعل هذا القليل‬
‫من المال يكفكف الله به دمعة اليتيم ويجبر به‬
‫هُبوا‬
‫الرملة‪ ،‬فاحتسبوا عباد الله ُ‬

‫) ‪(1/373‬‬

‫لنجدة إخوانكم ونصرتهم لله وفي الله‪ ،‬وها هي ـ‬


‫عباد الله ـ قد يسرت السباب لمعونتهم ومساعدتهم‬
‫فاحتسبوا البذل لوجه الله‪.‬‬
‫عباد الله‪ :‬ومن صفات الحي القيوم الذي ل تأخذه‬
‫سنة ول نوم أنه أرحم الراحمين يرحم سبحانه‬
‫وتعالى عباده رحمة عامة فيشملهم بها أجمعين‬
‫ويرحم رحمة خاصة بعباده المؤمنين‪ ،‬يرحم سبحانه‬
‫عباده فيرحم المعذبين فيزيل عنهم العذاب‪،‬‬
‫ب‪ ،‬يرحم ربك‬‫د وصوا ٍ‬‫والضالين فيهديهم إلى رش ٍ‬
‫المذنبين فيغفر ذنوبهم ويستر عيوبهم ويقيل عثرات‬
‫النادمين ويجود بإحسانه على التائبين‪.‬‬
‫ما أحوجنا ـ عباد الله ـ إلى رحمة الله جل جلله بنا‪،‬‬
‫فكم لله علينا من نعمة ل تعد ول تحصى‪ ،‬ومنن ل‬
‫تكافأ ول تجزى‪ ،‬ولكننا إذا نظرنا إلى أعمالنا نشكو‬
‫إلى الله عظيم تقصيرنا‪ ،‬ما أحوجنا إلى رحمة يغفر‬
‫بها ذنوبنا ويستر بها عيوبنا‪ ،‬ويفرج عنها بها كروبنا‪،‬‬
‫فأكثروا ـ عباد الله ـ من‬

‫) ‪(1/374‬‬

‫سؤال الرحمة فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم‬


‫عِني‬ ‫واْر َ‬
‫ف ْ‬ ‫جب ُْرِني َ‬
‫وا ْ‬
‫مِني َ‬
‫ح ْ‬
‫واْر َ‬
‫فْر ِلي َ‬ ‫با ْ‬
‫غ ِ‬ ‫يقول‪َ» :‬ر ّ‬
‫دِني« )‪ (1‬وكان يسأل الله الرحمة في‬ ‫ه ِ‬
‫وا ْ‬
‫قِني َ‬‫واْرُز ْ‬
‫َ‬
‫أكثر من دعاء‪ ،‬وكان يستعيذ برحمة الله من عذابه‪،‬‬
‫نسأل الله عز وجل من واسع رحمته وأن يشملكم‬
‫بعظيم حلمه وعفوه‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،334‬والترمذي ‪ ،262‬وابن ماجه‬
‫‪،888‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/375‬‬

‫ل تتجسس‪..‬التجسس في الميزان الشرعي )‪(1‬‬

‫إن التجسس عمل وضيع نهى الله ‪-‬عز وجل‪ -‬عنه‬


‫لسباب‪ ،‬منها أنه تتبع للعورات‪ ،‬وفضح لسرار‬
‫الناس‪ ،‬ومن تتبع عورة المسلم فضحه الله ولو في‬
‫جوف بيته‪..‬‬
‫والتجسس‪ :‬هو تتبع عورات الناس وهم في خلواتهم‪،‬‬
‫إما بالنظر إليهم وهم ل يشعرون‪ ،‬وإما باستراق‬
‫السمع وهم ل يعلمون‪ .‬وإما بالطلع على مكتوباتهم‬
‫ووثائقهم وأسرارهم وما يخفونه عن أعين الناس‬
‫دون إذن منهم‪ .‬وقد نهى السلم عن التجسس على‬
‫المسلمين‪ ،‬ما داموا ظاهري الستقامة غير مجاهرين‬
‫بمعاصيهم‪ ،‬وكان ما يخفونه من أمورهم من السلوك‬
‫الشخصي الذي يخصهم ول يتعلق بكيد للمسلمين‪.‬‬
‫والتجسس مما يولد في المجتمع الحقاد‪ ،‬ويورث‬
‫العداوات والبغضاء‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬السرة والمجتمع‬

‫) ‪(1/376‬‬

‫إذ يشعر المتجسس عليه بأنه مشكوك بأمره غير‬


‫موثوق‪ .‬وهما يكشفان عورات الناس‪ ،‬ويتسببان‬
‫بإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا‪ .‬وسوف نلقي‬
‫الضوء على هذا الموضوع من خلل التي‪:‬‬
‫ل‪ :‬التجسس اصطلحًا‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫قال ابن الثير‪) :‬التجسس‪ :‬التفتيش عن بواطن‬
‫المور وأكثر ما يقال في الشر(‪(1) .‬‬
‫وذُك َِر في معنى التجسس‪) :‬هو أن تتبع عين أخيك‬
‫فتطلع على سره( )‪(2‬‬
‫وقيل‪) :‬هو أن يتتبع النسان أخاه ليطلع على عوراته‬
‫سواء كان ذلك عن طريق مباشر بأن يذهب هو‬
‫بنفسه يتجسس‪ ،‬أو كان عن طريق اللت المستخدمة‬
‫في حفظ الصوت أو غير ذلك فهو محرم(‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬النهاية ‪1/272‬‬
‫)‪ (2‬الدر المنثور للسيوطي ‪7/567‬‬

‫) ‪(1/377‬‬

‫ثانيًا‪ :‬الفرق بين التجسس والتحسس‪:‬‬


‫أكثر العلماء يقولون بوجود الفرق بينهما‬
‫قال ابن كثير )‪) : (1‬التجسس غالبا ً يطلق في الشر‬
‫ومنه الجاسوس‪ ،‬وأما التحسس فيكون غالبا ً في‬
‫الخير‪ ،‬كما قال عز وجل إخبارا ً عن يعقوب أنه قال‪:‬‬
‫ول َ‬‫ه َ‬ ‫خي ِ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬‫من ُيو ُ‬ ‫سوا ْ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫فت َ َ‬ ‫هُبوا ْ َ‬ ‫ي اذ ْ َ‬ ‫يا ب َن ِ ّ‬ ‫} َ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ح الل ِ‬ ‫و ِ‬‫من ّر ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ل َ ي َي ْأ ُ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬‫ح الل ِ‬ ‫و ِ‬‫من ّر ْ‬ ‫سوا ِ‬ ‫ت َي ْأ ُ‬
‫ن{ يوسف‪ .87:‬وقد يستعمل كل‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫منهما في الشر‪ ،‬كما ثبت في الصحيح أن رسول الله‬
‫وَل‬ ‫سوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫صلى الله عليه وسلم قال )‪َ» : (2‬ل ت َ َ‬
‫وَل‬
‫ضوا َ‬ ‫غ ُ‬ ‫وَل ت ََبا َ‬ ‫دوا َ‬ ‫س ُ‬
‫حا َ‬ ‫وَل ت َ َ‬ ‫شوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫وَل ت ََنا َ‬ ‫سوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫تَ َ‬
‫واًنا«(‪.‬‬ ‫خ َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ّ‬
‫عَبادَ الل ِ‬ ‫وكوُنوا ِ‬ ‫ُ‬ ‫داب َُروا َ‬ ‫تَ َ‬
‫ء( طََلب‬ ‫حا ِ‬ ‫سس )ِبال ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫والت ّ َ‬‫وقال القرطبي )‪َ ) : (3‬‬
‫ها‪.‬‬‫عن ْ َ‬‫حث َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫خَبار َ‬ ‫اْل َ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ابن كثير ‪4/213‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،5604‬ومسلم ‪ ،4646‬وأحمد ‪7520‬‬
‫)‪ (3‬القرطبي ‪16/218‬‬

‫) ‪(1/378‬‬

‫ل‪:‬‬‫قي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫من ْ ُ‬‫و ِ‬ ‫حث‪َ ،‬‬ ‫و ال ْب َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م( ُ‬ ‫ِ‬ ‫جي‬ ‫سس )ِبال ْ ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ن الت ّ َ‬ ‫ل ‪ :‬إِ ّ‬ ‫قي َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫مور‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫حث‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫كا‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫سوس‬ ‫جا‬ ‫جل‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ُ‬
‫سه‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫وا ّ‬ ‫ح َ‬‫ض َ‬ ‫ع ِ‬ ‫سان ب ِب َ ْ‬ ‫ه ال ِن ْ َ‬ ‫ما أدَْرك ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ء‪ُ :‬‬ ‫حا ِ‬ ‫وِبال َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫ء ت َطلبه ل ِن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫في ال َ‬ ‫و َ‬
‫ه‪،‬‬
‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫ه ِبال َ‬ ‫فْرق ‪ :‬أن ّ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول َثا ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫َ‬
‫علب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ه ث َْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ي‬‫غ‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ً‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫كون‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫جي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫با‬ ‫و‬
‫ُ‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ِ ِ ِ ْ َ‬
‫عَرف‪.‬‬ ‫ول أ َ ْ‬ ‫َ‬
‫واْل ّ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ي تَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫و ِ‬‫ها‪َ ،‬‬ ‫عن ْ َ‬‫صت َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫ست َ‬ ‫س ْ‬ ‫ج ّ‬ ‫وت َ َ‬‫خَبار َ‬ ‫ست ال ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫سوس(‪.‬‬ ‫جا ُ‬ ‫ال ْ َ‬

‫ثالثًا‪ -:‬النصوص الشرعية الواردة في ذم التجسس‪:‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫جت َن ُِبوا ك َِثيًرا ِ‬ ‫مُنوا ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫قال تعالى ‪َ} :‬يا أي ّ َ‬
‫ب‬‫غت َ ْ‬‫وَل ي َ ْ‬ ‫سوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫وَل ت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن إ ِث ْ ٌ‬ ‫ض الظّ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫الظّ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مي ًْتا‬‫ه َ‬ ‫خي ِ‬ ‫مأ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل لَ ْ‬ ‫ن ي َأك ُ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫حدُك ُ ْ‬ ‫بأ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ضا أي ُ ِ‬ ‫ع ً‬ ‫م بَ ْ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫م{ الحجرات‪:‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ه تَ ّ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫ّ‬
‫قوا الل َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫موهُ َ‬ ‫هت ُ ُ‬ ‫ر ْ‬ ‫َ‬
‫فك ِ‬ ‫َ‬
‫‪12‬‬
‫وَل‬ ‫قول ‪َ :‬‬ ‫سوا{ ي َ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫وَل ت َ َ‬ ‫قال ابن جرير‪) :‬قوله‪َ } :‬‬
‫سَراِئره‪ ،‬لَ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫حث َ‬ ‫ول ي َب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫عض‪َ ،‬‬ ‫وَرة ب َ ْ‬ ‫ع ْ‬‫م َ‬ ‫عضك ُ ْ‬ ‫ي َت َت َّبع ب َ ْ‬
‫سَراِئره‪.‬‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫مون َ ُ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ما َل ت َ ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/379‬‬

‫َ‬
‫ن ي َت َت َّبع‬ ‫من أ ْ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هى الّله ال ْ ُ‬ ‫ثم ذكر أثر ابن عباس‪ :‬ن َ َ‬
‫من )‪. (1‬‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وَرات ال ْ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫سيس ؟‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ‬
‫ج ِ‬ ‫و الت ّ ْ‬ ‫سس أ ْ‬ ‫ج ّ‬ ‫ما الت ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ت َدُْرو َ‬ ‫دة ‪َ :‬‬ ‫قَتا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫سّره )‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫على ِ‬ ‫خيك ل ِت َطِلع َ‬ ‫عْيب أ ِ‬ ‫غي َ‬ ‫و ت َب ْت َ ِ‬ ‫ن ت َت َْبع‪ ،‬أ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫‪.( (2‬‬
‫ن‬‫ذو َ‬ ‫ؤ ُ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وال ِ‬ ‫ومن الدلة‪ :‬قول الله عز وجل } َ‬
‫مُلوا‬‫حت َ َ‬ ‫دا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف َ‬ ‫سُبوا َ‬ ‫ما اك ْت َ َ‬ ‫ر َ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مِبيًنا{ دلت الية على حرمة أذية‬ ‫ما ّ‬ ‫وإ ِث ْ ً‬‫هَتاًنا َ‬ ‫بُ ْ‬
‫المؤمنين والمؤمنات ومن الذية تتبع عوراتهم‬
‫والتجسس عليهم‪..‬‬
‫َ‬
‫ه‪،‬‬
‫حوط ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫من‪َ ،‬‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذى ال ْ ُ‬ ‫وأ َ‬ ‫م َ‬ ‫قال قتادة ‪ :‬إ ِّياك ُ ْ‬
‫ه )‪. (3‬‬ ‫ضب ل َ ُ‬ ‫غ َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫خَبال ً‬ ‫ّ‬
‫م إ ِل َ‬ ‫ُ‬
‫دوك ْ‬ ‫ما َزا ُ‬ ‫فيكم ّ‬ ‫ُ‬ ‫جوا ِ‬‫ْ‬ ‫خَر ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫وقال تعالى ‪} :‬ل ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫عو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫س ّ‬‫م َ‬ ‫ُ‬
‫فيك ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫فت ْن َ َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ُ‬
‫غون َك ُ‬ ‫م ي َب ْ ُ‬ ‫خل َل َك ُ ْ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫ض ُ‬
‫و َ‬ ‫ول ْ‬
‫ن{ سورة‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م ِبال ّ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبري ‪24576‬‬
‫)‪ (2‬الطبري ‪24578‬‬
‫)‪ (3‬الطبري ‪21860‬‬

‫) ‪(1/380‬‬

‫فيك ُ ْ‬
‫م‬ ‫و ِ‬
‫التوبة‪ .47:‬قال مجاهد في قوله تعالى ‪َ } :‬‬
‫م{‪ :‬وفيكم محبون لهم يؤدون إليهم ما‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫عو َ‬
‫ما ُ‬
‫س ّ‬
‫َ‬
‫يسمعون منكم‪ ،‬وهم الجواسيس‪(1) .‬‬
‫وقد وردت أحاديث شريفة تدل على حرمة التجسس‪،‬‬
‫فمنها‪:‬‬
‫أ ‪ -‬عن أبي هريرة ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫َ‬
‫ث‬‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ن أك ْذَ ُ‬ ‫ن الظّ ّ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫والظّ ّ‬ ‫م َ‬ ‫وسلم )‪» : (2‬إ ِّياك ُ ْ‬
‫واًنا«‬ ‫خ َ‬ ‫كوُنوا إ ِ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ضوا َ‬ ‫غ ُ‬ ‫وَل ت ََبا َ‬ ‫سوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫وَل ت َ َ‬ ‫سوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫وَل ت َ َ‬ ‫َ‬
‫ب ‪ -‬عن أبي برزة السلمي‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ول ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سان ِ ِ‬ ‫ن ب ِل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ْ‬ ‫شَر َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ْ‬‫الله عليه وسلم )‪َ» : (3‬يا َ‬
‫عوا‬ ‫وَل ت َت ّب ِ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫غَتاُبوا ال ْ ُ‬ ‫ه َل ت َ ْ‬ ‫قل ْب َ ُ‬‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫لي َ‬ ‫لا ِْ‬ ‫خ ْ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫وَرت َ ُ‬ ‫ع ْ‬‫ه َ‬ ‫ع الل ّ ُ‬ ‫م ي َت ّب ِ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫وَرات ِ ِ‬‫ع ْ‬
‫ع َ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وَرات ِ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ه«‬‫في ب َي ْت ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ح ُ‬‫ض ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫وَرت َ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ع الل ُ‬ ‫ي َت ّب ِ ْ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬تفسير البغوي ‪56 / 4‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،4747‬ومسلم ‪4646‬‬
‫)‪ (3‬أحمد ‪ ،18940‬وأبو داود ‪ ،4236‬وقال اللباني‬
‫حسن صحيح في صحيح أبي داود‬

‫) ‪(1/381‬‬

‫ج‪ -‬وعن معاوية رضي الله عنه قال‪ :‬سمعت رسول‬


‫ت‬
‫ع َ‬
‫ن ات ّب َ ْ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم يقول )‪» : (1‬إ ِن ّ َ‬
‫ك إِ ْ‬
‫هم«‪.‬‬ ‫سد َ ُ‬ ‫ن تُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س أَ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫تأ ْ‬‫و ك ِدْ َ‬
‫مأ ْ‬‫ه ْ‬
‫سدْت َ ُ‬
‫ف َ‬ ‫ت الّنا ِ‬
‫وَرا ِ‬
‫ع ْ‬
‫َ‬

‫رابعًا‪ :‬من الثار وأقوال العلماء الواردة في ذم‬


‫التجسس‪:‬‬
‫د‬ ‫قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه )‪» : (2‬إ ِّنا َ‬
‫ق ْ‬
‫خذْ ِبه«‪.‬‬ ‫يءٌ ن َأ ْ ُ‬ ‫هْر ل ََنا َ‬
‫ش ْ‬ ‫ن ي َظْ َ‬ ‫ول َك ِ ْ‬
‫ن إِ ْ‬ ‫س َ‬
‫س ِ‬
‫ج ّ‬‫ن الت ّ َ‬
‫ع ْ‬
‫هيَنا َ‬
‫نُ ِ‬
‫شعب‬ ‫قال أبو حاتم البستي )‪) : (3‬التجسس من ُ‬
‫النفاق‪ ،‬كما أن حسن الظن من شعب اليمان‪،‬‬
‫والعاقل يحسن الظن بإخوانه‪ ،‬وينفرد بغمومه‬
‫وأحزانه‪ ،‬كما أن الجاهل يسئ الظن بإخوانه‪ ،‬ول‬
‫يفكر في جناياته وأشجانه(‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،4244‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‬
‫)‪ (2‬أبو داود ‪ ،4246‬وقال اللباني صحيح السناد في‬
‫صحيح أبي داود‬
‫)‪ (3‬روضة العقلء ص ‪.212‬‬

‫) ‪(1/382‬‬

‫خامسًا‪ :‬أضرار التجسس‪:‬‬


‫‪ -1‬التجسس دليل على ضعف اليمان وفساد الخلق‪.‬‬
‫‪ -2‬وهو دليل دناءة النفس وخستها‪.‬‬
‫‪ -3‬يوغر الصدور ويورث الفجور‪.‬‬
‫‪ -4‬يؤدي إلى فساد الحياة وكشف العورات‪.‬‬
‫‪ -5‬يستحق صاحبه غضب الله ودخول النار‪ ،‬والعياذ‬
‫بالله تعالى‪.‬‬

‫فائدة‪:‬‬
‫ن‬‫ع ْ‬‫هي َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ست َث َْنى ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫قال الحافظ ابن حجر )‪َ ) (1‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫فس ِ‬ ‫قاذ ن َ ْ‬ ‫َ‬
‫قا إ ِلى إ ِن ْ َ‬ ‫ري ً‬ ‫ِ‬ ‫ن طَ‬ ‫عي ّ َ‬‫و تَ َ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫سس َ‬ ‫ج ّ‬ ‫الت ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫قُتل ُ‬‫ص ل ِي َ ْ‬
‫خ ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫خل ب ِ َ‬ ‫فلًنا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫قة ب ِأ ّ‬ ‫خِبر ث ِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫مث َل ك َأ ْ‬ ‫هلك َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صوَرة‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ذ ِ‬‫ه ِ‬ ‫في َ‬ ‫شَرع ِ‬ ‫في ُ ْ‬ ‫ها‪َ ،‬‬ ‫ي بِ َ‬ ‫ة ل ِي َْزن ِ َ‬
‫مَرأ ٍ‬ ‫و ِبا ْ‬ ‫ما‪ ،‬أ ْ‬ ‫ظُل ْ ً‬
‫ست ِدَْراكه‪،‬‬ ‫وات ا ِ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫حذًَرا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫حث َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫سس َ‬ ‫ج ّ‬ ‫الت ّ َ‬
‫َ‬
‫ي‬
‫وْرِد ّ‬ ‫ما َ‬ ‫طان ِّية ل ِل ْ َ‬ ‫سل ْ َ‬ ‫كام ال ّ‬ ‫ح َ‬‫ن اْل ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ي َ‬ ‫و ّ‬ ‫و ِ‬‫ه الن ّ َ‬ ‫قل َ ُ‬ ‫نَ َ‬
‫ه(‪.‬‬ ‫جادَ ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬فتح الباري في شرح حديث رقم ‪5604‬‬

‫) ‪(1/383‬‬

‫السرة وقواعد السلوك العائلي‬

‫السرة وقواعد السلوك العائلي )‪(1‬‬


‫السرة تلك اللبنة التي تشكل أساس المجتمع‪،‬‬
‫وتتكون من أفراد تقوم بينهم علقات دائمة‪ ،‬تكاد‬
‫تكون أكثر العلقات النسانية أهمية‪.‬‬
‫لذا كان لبد من قواعد السلوك تحكم هذه العلقات‬
‫وتنظمها‪ ،‬حتى تكون على خير ما يرام وتؤتي أكلها‪،‬‬
‫ممثل ً في صبغ الحياة السرية بالنسجام والتعاون‬
‫التامين‪ ،‬والعلقات السرية بين الزوجين من جهة‪،‬‬
‫والباء والبناء من جهة ثانية‪ ،‬والبناء بعضهم ببعض‬
‫من جهة ثالثة‪.‬‬

‫سلوك الزوج‪:‬‬
‫‪ -1‬ليس من العيب ‪-‬بل إن من الدب‪ -‬أن يشارك‬
‫الزوج في العتناء بشؤونه الخاصة كإصلح الثوب أو‬
‫نحو ذلك‪.‬‬

‫) ‪(1/384‬‬
‫‪ -2‬من اللئق أل يقتصر الرجل على خدمة نفسه‪،‬‬
‫فالزوجة تقوم بأعباء المنزل الكثيرة‪ ،‬إذن فمن الدب‬
‫أن يمد الزوج يد المساعدة لزوجته في المنزل في‬
‫حالت الحاجة‪ ،‬كالمرض والولدة وما شابه ذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬الزوج المثالي هو من يتعاون مع زوجته بحسن‬
‫المعاشرة وحسن الخلق‪ ،‬بكل ما في اللفظين من‬
‫معنى‪ ،‬بل أن أفضل الزواج معاملة لزوجاتهم هم‬
‫أفضل الناس في نظر السلم‪ ،‬وهذه المعاشرة‬
‫بالمعروف يجب أن تتسم بها الحياة الزوجية حتى عند‬
‫الطلق‪.‬‬
‫‪ -4‬ينبغي الحذر من اتصاف العلقة بين الزوجين‬
‫بالجدية القاتلة! فإن اتصاف الحياة العائلية بالصبغة‬
‫العسكرية يعد سببا ً من أسباب الفشل‪ ،‬ونذير سوء‪.‬‬
‫‪ -5‬من لطف الزوج وحسن خلقه تلبية طلبات زوجته‬
‫إذا لم تكن ممنوعة شرعًا‪ ،‬والسراف أكل ً وشربا ً‬
‫ولبسا ً في مقدمة الممنوعات الشرعية‪.‬‬
‫‪ -6‬يجدر بالزوج تخصيص وقت للهو المباح مع زوجته‪.‬‬

‫) ‪(1/385‬‬

‫‪ -7‬العلقة بين الزوجين يجب أن تكون ذات صبغة‬


‫خاصة‪ ،‬ول يمكن أن تكون كذلك‪ ،‬إل إذا بادر الزوجان‬
‫إلى تحطيم الحواجز‪ ،‬بينهما‪ ،‬فل يتحرج الزوج أن‬
‫يشرب من الكأس التي شربت منها زوجته مث ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -8‬ليس هناك إنسان كامل‪ ،‬فقد يرى الزوج في‬
‫زوجته خصال ً ل تنسجم مع مزاجه وطبيعته‪ ،‬فإن‬
‫كانت هذه الخصال ل تتعارض مع أصول الشريعة أو‬
‫طاعة الزوج وحقوقه‪ ،‬فعليه حينئذ أل يحاول تغيير‬
‫شخصيتها لتتفق مع مزاجه‪ ،‬وعليه أن يتذكر دائما ً أن‬
‫لكل من الزوجين شخصية تختلف عن شخصية الخر‪،‬‬
‫وأن يتذكر أيضا ً أنه إن كان في زوجته صفات ل‬
‫تعجبه‪ ،‬فإن فيها صفات أخرى ل بد أن تعجبه‪.‬‬
‫‪ -9‬ل يكن رمضان عائقا ً في طريق ملطفة زوجتك‬
‫كتقبيلها إذا كنت متمكنا ً من نفسك‪ ،‬إذ إن الممنوع‬
‫في نهار رمضان هو الجماع فقط‪.‬‬
‫‪ -10‬ل تتبع أخطاء زوجتك وتحصيها عليها‪ ،‬فإن كثرة‬
‫اللوم والعتاب يفسد العلقة بينكما ويهدد الحياة‬
‫الزوجية‪ ،‬فتغافل عن يسير زلة زوجتك وأقل عثراتها‪.‬‬
‫) ‪(1/386‬‬

‫‪ -11‬ل تتردد إذا كنت مقتدرا ً أن تحسن لزوجتك في‬


‫الكسوة والطعام‪ ،‬وأن تكون كريما ً في النفاق عليها‬
‫بحدود إمكانيتك‪.‬‬
‫‪ -12‬ل تتهاون في وضع حد لرتكاب أي مخالفة‬
‫شرعية في المنزل أو خارجه ترتكبها الزوجة‪ ،‬وقد‬
‫يكون هذا هو السبب المهم الموجب لغضبك‪ ،‬فل‬
‫تنفعل لي سبب‪.‬‬
‫‪ -13‬ما سبق ل يعني أن تتسيب المور نتيجة‬
‫للمرونة‪ ،‬فكلما شعرت أن المر قد يتسيب‪ ،‬وازن‬
‫ذلك بنوع من الجدية والحزم‪ ،‬دون أن تكون فيها‬
‫غلطة أو قسوة‪.‬‬
‫‪ -14‬المرأة هي سيدة المنزل المسؤولة عنه‪ ،‬فل‬
‫تحاول أن تتدخل في أمور ل تدخل في دائرة‬
‫اختصاصك ومسؤولياتك كالطعام أو ترتيب المنزل‪.‬‬
‫‪ -15‬احذر أن تعاقب زوجتك أو تعاتبها على خطأ‬
‫ارتكبته بحضور الخرين‪ ،‬ولو كانوا أبناءك‪ ،‬فإن ذلك‬
‫أمر ينافي اللياقة‪ ،‬ويؤدي إلى إيغار الصدور‪.‬‬

‫) ‪(1/387‬‬

‫‪ -16‬إذا اضطررت لنزال عقوبة بزوجتك‪ ،‬فليكن ذلك‬


‫هو هجرك لها في الفراش‪ ،‬ول تهجر إل في البيت‬
‫وجنب السباب والشتائم والضرب ووصفها بالقبح‪،‬‬
‫فتلك المور ل تليق بالزوج الناجح‪.‬‬
‫‪ -17‬غيرتك على زوجتك أمر محمود يدل على حبك‬
‫لها‪ ،‬ولكن شريطة إل تبالغ في هذه الغيرة‪ ،‬فتقلب‬
‫عندها أمر مذمومًا‪.‬‬
‫‪ -18‬دخول المنزل‪ :‬ل تفاجئ أهلك بغتة‪ ،‬وادخل‬
‫عليهم على علم منهم ثم سلم عليهم‪ ،‬واسأل عنهم‬
‫وعن أحوالهم‪ ،‬ول تنس أن تذكر الله عز وجل عند‬
‫دخولك المنزل‪.‬‬
‫‪ -19‬احذر نشر السرار المتعلقة بالوقاع‪ ،‬فذلك أمر‬
‫محظور وحرام‪.‬‬
‫‪ -20‬حافظ على نظافة فمك وطيب رائحته باستمرار‪.‬‬
‫‪ -21‬ل تعني القوامة أن تغتسل ما فضلك الله به‬
‫عليها فتضرها أو تظلمها‪.‬‬
‫‪ -22‬احترامك لهل زوجتك وإكرامك لهم احترام‬
‫وإكرام لها‪ ،‬حتى بعد وفاتها‪ ،‬شريطة أل يصاحب ذلك‬
‫محظور شرعي كاختلط أو خلوة‪.‬‬

‫) ‪(1/388‬‬

‫‪ -23‬كثرة المزاح تقود إلى قلة الهيبة وعدم الحترام‪،‬‬


‫فل تكثر المزاح مع زوجتك‪.‬‬
‫‪ -24‬تذكر أن الوفاء‪ ،‬بالشروط التي تعهدت بها‬
‫لزوجتك في عقد زواجكما أمر في غاية الهمية‬
‫والضرورة‪ ،‬فل تهمل ذلك بعد الزواج‪.‬‬
‫‪ -25‬إذا خاطبت زوجتك أو عاتبتها أو تحدثت معها‪،‬‬
‫فاختر اللطف والطيب من اللفاظ والعبارات‪ ،‬ول‬
‫تعاتبها أمام الخرين أو أمام أولدك‪.‬‬
‫‪ -26‬ليس لك أن تطلب من زوجتك العمل خارج‬
‫المنزل أو النفاق عليك من مالها‪.‬‬
‫‪ -27‬ل تكلف زوجتك ما ل تطيق من العمال‪ ،‬وخذ‬
‫في عين العتبار بيئتها التي نشأت فيها‪ ،‬فخدمة‬
‫البدوية ليست كخدمة القروية‪ ،‬وخدمة القوية‬
‫واستعدادها ليست كخدمة الضعيفة‪.‬‬
‫‪ -28‬ليس في وجوب خدمة المرأة لزوجها ما ينافي‬
‫مشاركة الرجل لها في ذلك‪ ،‬إذا وجد الفراغ‪ ،‬بل إن‬
‫ذلك من حسن المعاشرة بين الزوجين‪.‬‬

‫) ‪(1/389‬‬

‫السرة وقواعد السلوك العائلي )‪(2‬‬


‫لسرة تلك اللبنة التي ُتشكل أساس المجتمع‪،‬‬ ‫ا ُ‬
‫ت دائمة‪ ،‬تكاد‬ ‫وتتكون من أفراد تقوم بينهم علقا ٌ‬
‫تكون أكثر العلقات النسانّية أهمّية‪ ،‬لذا كان ل بد من‬
‫ظمها‪ ،‬حتى‬ ‫م هذه العلقات وُتن ّ‬ ‫سلوك َتحك ُ ُ‬ ‫قواعد لل ّ‬
‫ُ‬
‫ر ما ُيرام وتؤتي أكلها‪ ،‬متمثل ً في صبغ‬ ‫تكون على خي ِ‬
‫الحياة السرّية بالنسجام والّتعاون والّتأمين‪،‬‬
‫والعلقات السرّية علقات بين الزوجين من جهة‪،‬‬
‫والباء والبناء من جهة ثانية‪ ،‬والبناء بعضهم ببعض‬
‫من جهة ثالثة‪.‬‬

‫سلوك الّزوجة‪:‬‬
‫ح العلقة الّزوجّية إذا‬
‫‪ -1‬من المستحيل أن َيتحقق َنجا ُ‬
‫عال ً فيها مهما كان‬‫لم تلعب الّزوجة دورا ً إيجابيا ً ف ّ‬
‫ة‪-‬‬
‫ة الصالح ُ‬‫الّزوج مثالي ّا ً ورائعًا‪ ،‬فانتبهي ‪-‬أّيتها الزوج ُ‬
‫ملي مسؤولّياتك‪ ،‬فعليك يعتمد َنجاح‬ ‫لهذا المر وَتح ّ‬
‫السرة أو فشلها‪.‬‬

‫) ‪(1/390‬‬

‫‪ -2‬إذا أردت أن تصومي تطوعا ً فل تفعلي ذلك قبل‬


‫أن تستأذني زوجك‪ ،‬فإن لم يأذن لك‪ ،‬فليس من حقك‬
‫صوم‪.‬‬‫ذ ال ّ‬
‫حينئ ٍ‬
‫‪ -3‬إذا لم يرغب زوجك بدخول أحد أقاربه أو أقاربك‬
‫أو الجيران أو غيرهم من الّناس‪ ،‬فل تأذني بدخول‬
‫ذلك الشخص منزلك‪.‬‬
‫قمت على خدمته تقّربت من‬ ‫‪ -4‬كلما اعتنيت بزوجك و ُ‬
‫قلبه‪ ،‬فمعظم الزواج يرون في خدمة زوجاتهم لهم‬
‫مظهرا ً من مظاهر الحب‪ ،‬فل ُتهملي واجباتك َنحوه‪،‬‬
‫وتنبهي لما يطلبه منك‪.‬‬
‫‪ -5‬اعلمي أن لقدرة زوجك المادية حدودًا‪ ،‬فارضي‬
‫منه باليسير ول ُتكلفيه ما ل ُيطيق‪ ،‬فتطالبيه بما هو‬
‫فوق طاقته‪ ،‬فتوقعيه وتوقعي السرة كلها في‬
‫ن‬
‫ديون‪ ،‬حتى لو كان زوجك من كبار الغنياء‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ال ّ‬
‫السراف في الّلباس والثاث أمر مكروه بغيض ل‬
‫يليق القدام عليه بسّيدة عاقلة‪ ،‬والفئة الوحيدة من‬
‫الناس التي تودّ شراء كل ما تشتهيه هم الطفال!!‬
‫‪ -6‬استقبلي زوجك عند عودته من العمل بابتسامة‪،‬‬
‫طرة‪،‬‬‫متزّينة له في شعرك ولباسك ومظهرك ومتع ّ‬
‫مل ً بالغراض فخذي عنه وساعديه‪.‬‬‫مح ّ‬
‫وإذا كان ُ‬
‫) ‪(1/391‬‬

‫‪ -7‬ل َتعرضي عليه مشاكلك ومشاكل الولد فورًا‪ ،‬أو‬


‫ن هموم العمل والثارات التي‬ ‫تبدئي بالشكوى‪ ،‬فإ ّ‬
‫تعّرض لها طيلة النهار تكفيه‪ ،‬فإن جئت لتكملي‬
‫مل النتائج إذا ثار‬
‫مسلسل متاعبه‪ ،‬فعليك وحدك َتح ّ‬
‫فري الجو الذي َيحتاجه رج ٌ‬
‫ل‬ ‫زوجك‪ ،‬لذا عليك أن تو ّ‬
‫يعمل وقتا ً طويل ً في مجتمع مليء بالمشكلت‬
‫والّتناقضات والعجائب كمجتمعنا‪.‬‬
‫‪ -8‬ناقشي مشكلتك مع زوجك على انفراد دون‬
‫حضور أحد من الولد أو الهل والصدقاء‪.‬‬
‫‪ -9‬إحترامك وإكرامك لهل زوجك إحترام لزوجك‬
‫وإكرام له‪.‬‬
‫‪ -10‬انتبهي باستمرار لنظافة أسنانك وطيب رائحة‬
‫فمك‪ ،‬وحافظي عليهما باستمرار‪.‬‬
‫ملي مسؤولّياتك‬ ‫‪ -11‬أنت سّيدة المنزل وراعيته فتح ّ‬
‫بأمانة وحافظي على أثاث البيت ومحتوياته‪،‬‬
‫واعتمدي العتدال والتوفير أساسا ً للمصروف‪.‬‬
‫ق منحه الله تعالى للّرجل‬‫ق القوامة ح ّ‬‫نح ّ‬ ‫‪ -12‬إ ّ‬
‫عليك‪ ،‬فل تطالبي بالمساواة كمثل ما تطالب به‬
‫دي إليك‬ ‫المرأة الغربّية‪ ،‬ولكن طالبي بالعدل وان تؤ ّ‬
‫حقوقك التي أعطاك الله‪.‬‬

‫) ‪(1/392‬‬

‫‪ -13‬ل تكثري الخروج من المنزل ول تغادريه في‬


‫حالة اعتراض زوجك على ذلك‪.‬‬
‫دثي مع غريب أو أجنبي إل أن يأذن لك‬ ‫‪ -14‬ل تتح ّ‬
‫زوجك وبالشروط الشرعّية المعروفة‪.‬‬
‫سوق أو للّزيارة فل‬‫‪ -15‬إذا خرجت مع زوجك لل ّ‬
‫سير‪.‬‬ ‫تتقدمي عليه بال ّ‬
‫‪ -16‬احذري نشر السرار المتعلقة بالجماع فإن في‬
‫م كبيٌر‪.‬‬
‫ذلك إث ٌ‬
‫‪ -17‬ل تكثري الكلم والّنقاش مع زوجك إذا لم‬
‫تلمسي منه رغبة بالحوار أو الحديث‪ ،‬وَتجّنبي عادة‬
‫الّرد عليه‪ ،‬فتلك عادة سّيئة‪.‬‬
‫‪ -18‬إذا تكلم زوجك فأحسني الستماع إليه‪.‬‬
‫ة‬
‫‪ -19‬في حالة غياب زوجك عنك‪ ،‬كوني اكثر محافظ ً‬
‫ة له وأولده ومنزله‪.‬‬ ‫على نفسك ورعاي ً‬
‫‪ -20‬حاولي أل يراك زوجك إل ِبمظهر جميل وثوبك‬
‫نظيف ومزّينة دائمًا‪.‬‬

‫) ‪(1/393‬‬

‫‪ -21‬ل تترددي في إظهار محبّتك لزوجك‪ ،‬فهذا مما‬


‫ده للبيت والسرة في وقت كثرت فيه‬ ‫ُيقّربه لك ويش ّ‬
‫الغراءات خارج المنزل‪.‬‬
‫‪ -22‬قابلي ما ينفق زوجك عليك وعلى المنزل‬
‫عرفان ل بالجحود والّنكران‪.‬‬
‫بالشكر وال ِ‬
‫‪ -23‬إذا استفسر أحد أصدقاء زوجك عن زوجك‪ ،‬فل‬
‫ضروري‬ ‫تطيلي الكلم معه‪ ،‬واقتصري على إجابة ال ّ‬
‫من أسئلته‪.‬‬
‫‪ -24‬ليس لك أن ُتعيري أحدا ً شيئا ً من المنزل إل‬
‫بموافقة زوجك‪.‬‬
‫‪ -25‬إذا أقسم عليك زوجك أن تفعلي شيئًا‪ ،‬فليس‬
‫من المشروع أل تبّري قسمه‪.‬‬
‫‪ -26‬إّياك أن تهجري فراش زوجك مهما كانت‬
‫السباب التي َتجعلك ُتقدمين على ذلك‪.‬‬
‫سّنة‪،‬‬
‫ة على دلئل من الكتاب وال ّ‬ ‫ة مبني ّ ٌ‬
‫هذه قواعدٌ عام ٌ‬
‫ل‪ ،‬وطّبقتها المرأة‪ ،‬كان ذلك سبيل ً‬ ‫إذا وعاها الرج ُ‬
‫سها‬ ‫ُ‬
‫ة‪ ،‬وأسا ُ‬
‫مها المحب ّ ُ‬
‫لبناء أسرة صالحة‪ ،‬قوا ُ‬
‫ة‪.‬‬
‫سعاد ُ‬
‫ال ّ‬
‫) ‪(1/394‬‬

‫واجبات الزوجين لبناء السرة السلمية السعيدة‬


‫في غالب الحيان عندما أقرأ عن دور الزوجين‪ ،‬أجد‬
‫ملون المرأة سبب نجاح أو فشل‬ ‫إخوتنا المسلمين يح ّ‬
‫السرة‪ ،‬حتى أن بعض الخوة يقصرون دور الرجل‬
‫على النفقة ويرون أن على الزوجة الهتمام‬
‫بالباقي‪ ،‬الزوجة وحدها هي التي يجب أن تسعى‬
‫لحسن تربية البناء وراحة الزوج والبناء‪ ،‬ما قد يغيب‬
‫عن ذهن البعض هو أن تعلق الولد بأمه يقابله تعلق‬
‫البنت بوالدها‪ ،‬أيضا الولد الذكور في أغلب الحيان‬
‫هم في حاجة إلى رجل لردعهم عن الخطأ‪ ،‬وكما‬
‫الرجل في حاجة إلى حنان زوجته وهو بين أهله فما‬
‫بالك بالمرأة وهي بعيدة عن أهلها‪ ،‬وفي مقابل هذه‬
‫المسؤولية التي يسعى الجميع إلى أن يحملها إياها‬
‫نجد إخوتنا يقولون إن على المرأة أن تسلم أمرها‬
‫لزوجها‪ ،‬وقد سمعت مؤخرا ً إحدى الخوات من هذا‬
‫الرأي تقول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد‬
‫َ‬ ‫ح ٍ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مْرأةَ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫د َل َ‬
‫مْر ُ‬ ‫جدَ ِل َ َ‬
‫س ُ‬
‫ن يَ ْ‬
‫دا أ ْ‬
‫ح ً‬
‫مًرا أ َ‬
‫تآ ِ‬ ‫و ك ُن ْ ُ‬‫قال‪» :‬ل َ ْ‬
‫ها«‬ ‫َ‬
‫ج َ‬
‫و ِ‬‫جدَ ل َِز ْ‬ ‫س ُ‬
‫ن تَ ْ‬
‫أ ْ‬

‫) ‪(1/395‬‬

‫)‪ ، (1‬فهل هذا الحديث صحيح أم ضعيف؟ وهل أن‬


‫الحديث القائل بأن معظم سكان النار هم نساء‪ ،‬مع‬
‫ما نفعله من تقّرب من الله‪ ،‬الذي يفوق تقرب‬
‫الرجال في العديد من البلدان؟‬
‫علما ً إن مهمة الرجل والمرأة في هذه الحياة واحدة‬
‫ووظيفتهما مشتركة‪ ،‬وكل منهما يقوم بواجبه حسب‬
‫تكوينه الجسمي والعقلي والعاطفي‪ ....‬وما فطره‬
‫الله ‪-‬تعالى‪ -‬عليه وما وهبه من خصائص‪ ،‬فمهمة‬
‫المرأة داخلية أكثر منها في الخارج‪ ،‬ومهمة الرجل‬
‫خارجية أكثر منها في الداخل‪ ،‬وبذلك يتم بناء السرة‬
‫على أكمل وجه وأحسن حال‪.‬‬
‫فالزوجة تتحمل المسؤولية الكبرى في رعاية البيت‬
‫وتربية البناء وخاصة في المرحلة الولى من أعمار‬
‫البناء‪ ،‬وبقيامها بواجباتها الدينية والجتماعية تجاه‬
‫بيتها وأولدها وزوجها تنال رضا الله ‪-‬تعالى‪ -‬ورضا‬
‫__________‬
‫ب‪،‬‬‫ري ٌ‬ ‫غ ِ‬‫ن َ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ث َ‬ ‫دي ٌ‬ ‫ح ِ‬‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1079‬وقال َ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫وصححه اللباني في صحيح الجامع ‪ ،5294‬و َ‬
‫ث‬ ‫في الن ّيل بعد ذك ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ال ّ‬
‫دي ِ‬‫ح ِ‬ ‫عَنى َ‬ ‫م ْ‬ ‫في َ‬ ‫ث ِ‬ ‫حاِدي َ‬ ‫رأ َ‬ ‫ْ ِ َ ْ َ ِ ِ‬ ‫ي ِ‬ ‫كان ِ ّ‬ ‫ش ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َِبي ُ‬
‫ه لَ ْ‬
‫و‬ ‫في أن ّ ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫حاِدي ُ‬ ‫هأ َ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ه‪َ :‬‬ ‫فظُ ُ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬‫هَري َْرةَ َ‬
‫َ‬
‫د‬
‫ه ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ها ي َ ْ‬ ‫ج َ‬‫و ِ‬ ‫ة ل َِز ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫ه الّز ْ‬ ‫مْرت ب ِ ِ‬ ‫ر َل َ‬ ‫ش ٍ‬ ‫جودُ ل ِب َ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫صل ُ َ‬‫َ‬
‫هى‪.‬‬ ‫ضا ا ِن ْت َ َ‬ ‫ع ً‬ ‫ها ب َ ْ‬ ‫ض َ‬
‫ع ُ‬ ‫وي ب َ ْ‬ ‫َ‬
‫وي ُق ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ها ل ِب َ ْ‬‫ض َ‬ ‫ع ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫) ‪(1/396‬‬

‫الناس ودخول الجنة‪ ،‬وعلى الزوج أن يوفر لزوجته‬


‫ولسرته ما تحتاج له ماديا ً ومعنويًا‪.‬‬
‫وعليه أن يقوم بواجبه في تربية البناء وتعليمهم‪،‬‬
‫وبقيامه بتلك الواجبات يستحق نفس الجزاء الذي‬
‫تستحقه المرأة‪ ،‬ولذلك فإن كل الزوجين مكمل‬
‫لصاحبه‪ ،‬واختلفهما اختلف تنوع وتكامل وليس‬
‫اختلف تضاد وتناقض‪ ،‬وما يوجد من الصراع والجدل‬
‫حول وظيفة المرأة ووظيفة الرجل في الثقافات‬
‫الخرى مرفوض في ثقافة السلم‪ ،‬فالمسؤولية‬
‫العامة تقع على عاتق كل منهما‪ ،‬والمسؤولية الخاصة‬
‫تختلف باختلف تكوين كل منهما الفطري ‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫و أنَثى‬ ‫رأ ْ‬
‫َ‬ ‫من ذَك َ ٍ‬ ‫حا ّ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬‫ع ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫قال الله تعالى‪َ } :‬‬
‫هم‬ ‫جَر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫زي َن ّ ُ‬
‫ج ِ‬‫ول َن َ ْ‬
‫ة َ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬‫فل َن ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ن{ النحل‪ ،97:‬وقال تعالى ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ملو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ب ِأ ْ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال َ‬‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ول ُ‬ ‫} َ‬
‫م{ البقرة‪.228:‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ُ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ع ِ‬‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫دََر َ‬
‫وبذلك تكون الدارة العامة في السرة للزوج‪ ،‬وهو ما‬
‫يفسر لنا قول النبي صلى الله عليه وسلم‪» :‬ل َ ْ‬
‫و ك ُن ْ ُ‬
‫ت‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫جدَ ِل َ َ‬
‫ح ٍ‬ ‫س ُ‬
‫ن يَ ْ‬
‫دا أ ْ‬
‫ح ً‬
‫مًرا أ َ‬
‫آ ِ‬

‫) ‪(1/397‬‬

‫َ َ‬ ‫َ‬
‫ها« )‪ ، (1‬وهو حديث‬‫ج َ‬
‫و ِ‬
‫جدَ ل َِز ْ‬
‫س ُ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫ت ال ْ َ‬
‫مْرأةَ أ ْ‬ ‫مْر ُ‬‫َل َ‬
‫ححه كثير من أهل العلم‪ ،‬والحديث يفيد وجوب‬ ‫ص ّ‬
‫طاعة الزوجة لزوجها بالمعروف واحترامها له إذا كان‬
‫يقوم بواجباته‪ ،‬وبذلك تستقر السرة ويسعد أفرادها‪.‬‬

‫واجبات السرة ووظائفها‬


‫تضطلع السرة بمسؤوليات أساسية على جانب كبير‬
‫من الهمية‪ .‬وإن أدنى تقصير في أداء هذه‬
‫دي ‪-‬ول شك‪ -‬إلى حدوث خلل‬ ‫المسؤوليات ليؤ ّ‬
‫اجتماعي وإنساني وإلى عواقب وخيمة تدفع ثمنه‬
‫ي الجريمة والدمان‬ ‫الجيال المتعاقبة وإلى تفش ّ‬
‫ن أحدٌ أن مسألة النجاب‬ ‫على المخدرات‪..‬ول يحسب ّ‬
‫أمر ذو أهمية ثانوية‪ ،‬فهو الوسيلة التي تحفظ النوع‬
‫البشري من النقراض وهو الذي يرفد المجتمع‬
‫دى انخفاض النجاب في بعض‬ ‫بالدماء الشاّبة‪ ،‬وقد أ ّ‬
‫البلدان الصناعية الكبرى إلى نشوء مخاوف‬
‫__________‬
‫ب‪،‬‬‫ري ٌ‬ ‫ن َ‬
‫غ ِ‬ ‫س ٌ‬
‫ح َ‬
‫ث َ‬
‫دي ٌ‬
‫ح ِ‬‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 1079‬وقال َ‬
‫وصححه اللباني في صحيح الجامع ‪5294‬‬

‫) ‪(1/398‬‬

‫جدّّية من أن تصبح بعض هذه البلدان ‪-‬في بحر عقدين‬


‫ف‬
‫مة "هرمة" تفتقر إلى عدد كا ٍ‬ ‫أو ثلثة من الزمن‪ -‬أ ّ‬
‫دد عجلة الصناعة‬ ‫من الشباب‪ ،‬وهو المر الذي يه ّ‬
‫والقتصاد والبحث العلمي والدارة والنتاج بالتوقف‪.‬‬
‫ولبد للعائلة من الشراف الكامل على تربية‬
‫فالسرة مسؤولة عن عملية التنشئة‬ ‫أطفالها‪‍ :‬‬
‫ّ‬
‫الجتماعية التي يتعلم الطفل من خللها خبرات‬
‫الثقافة وقواعدها في صورة تؤهله فيما بعد لمزيد‬
‫كنه من المشاركة التفاعلية مع‬ ‫من الكتساب‪ ،‬وُتم ّ‬
‫غيره من أعضاء المجتمع"‪ ،‬و‪" :‬إن حرمان الطفل من‬
‫ة وقلقا ً‬ ‫أبيه ‪-‬مؤقتا ً أو بصورة دائمة‪ -‬يثير فيه كآب ً‬
‫مقرونين بشعور الثم والضغينة‪ ،‬ومزاجا ً عاتيا ً‬
‫متمّردًا‪ ،‬وخورا ً في النفس وفقدانا ً لحسن العطف‬
‫العائلي‪.‬‬
‫وقد ُلوحظ )في معاهد الطفال( أنه إذا كانت صحة‬
‫الطفل البدنية‪ ،‬ونموه العضلي‪ ،‬وضبط دوافعه‬
‫الرادية تتفتح وتزدهر بصورة متناسقة في تلك‬
‫دي من جهة‬‫ديه قد يؤ ّ‬
‫ن وال َ‬
‫المعاهد‪ ،‬فإن انفصاله ع ُ‬
‫) ‪(1/399‬‬

‫أخرى إلى ظهور بعض المعايب كصعوبة النطق‪،‬‬


‫سه‬
‫وح ّ‬ ‫كن العادات السيئة منه‪ ،‬وصعوبة نم ّ‬ ‫وتم ّ‬
‫العاطفي‪.‬‬
‫أما الواجبات الخرى للسرة فهي‪:‬‬
‫‪ -1‬إعداد الولد للمشاركة في حياة المجتمع‬
‫ه وعاداته‪.‬‬
‫م ِ‬
‫قي َ ِ‬
‫والتعّرف على ِ‬
‫‪ -2‬إمدادهم بالوسائل التي تهيئ لهم ذواتهم داخل‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫‪ -3‬توفير الستقرار والمن والحماية والحنو على‬
‫الطفال‪.‬‬
‫ففي الدين يجد الشباب المان والطمئنان والسلمة‬
‫النفسية في الحاضر والمستقبل‪ ،‬وعلينا أن نعلم‬
‫بأننا سوف نخسر أنفسنا عندما ننكر تراثنا وشخصيتنا‬
‫السلمية أو نبتعد عنها بدل ً من أن نحاول إثباتها‪.‬‬
‫فالدين إحدى الدعامات الرئيسية التي يرتكز عليها‬
‫الكيان النفسي لي إنسان‪ ،‬وهذه الدعامة تقيه من‬
‫الهّزات التي قد تعتريه في‬

‫) ‪(1/400‬‬

‫صراعه مع ظروف الحياة المتقّلبة‪ ،‬هذا فضل ً عن أنه‬


‫يمنحه قناعة ورضا بما قسم الله ‪-‬تعالى‪ -‬له من رزق‬
‫وصحة‪.‬‬
‫س‬
‫وقد أرسى السلم الحنيف نظام السرة على أس ٍ‬
‫راسخة تستجيب لمتطلبات الحياة وتتواءم مع حاجات‬
‫الناس وسلوكهم‪ ،‬وقد شاء الله تعالى أن تقوم‬
‫س الحياة العائلية ونواتها الولى‪-‬‬ ‫الزوجية ‪-‬وهي أ ّ‬
‫دة والرحمة‪ ،‬قال تعالى في‬ ‫على أساس من المو ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ق ل َك ُ ْ‬‫خل َ َ‬‫ن َ‬‫هأ ْ‬ ‫ن آَيات ِ ِ‬ ‫م ْ‬‫و ِ‬
‫محكم كتابه العزيز‪َ } :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فسك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ة{‬‫ود ّ ً‬‫م َ‬
‫م َ‬ ‫ع َ‬
‫ل ب َي ْن َك ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِلي ْ َ‬
‫جا ل ِت َ ْ‬
‫وا ً‬ ‫أن ْ ُ ِ ْ‬
‫م أْز َ‬
‫الروم‪21 :‬‬
‫قال الراغب )‪ُ) : (1‬يقال لكل واحد من القرينين من‬
‫الذكر والنثى من الحيوانات المتزاوجة‪ :‬زوج‪ ،‬ولكل‬
‫ع َ‬
‫ل‬ ‫ج َ‬ ‫قرينين فيها وفي غيرها‪ :‬زوج‪ ،‬قال تعالى ‪َ } :‬‬
‫ف َ‬
‫واْل ُن َْثى{ القيامة‪،39:‬‬
‫ن الذّك ََر َ‬
‫جي ْ ِ‬
‫و َ‬
‫ه الّز ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مفرادت غريب القرآن ص ‪ 215‬وما بعدها‬
‫باختصار‬

‫) ‪(1/401‬‬

‫َ‬
‫ة{ البقرة‪:‬‬ ‫جن ّ َ‬‫ك ال ْ َ‬ ‫ج َ‬‫و ُ‬
‫وَز ْ‬‫ت َ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫وقال‪} :‬ا ْ‬
‫‪،35‬العراف‪ ،19:‬وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات‪،‬‬
‫وجمع الزوج أزواج(‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سك ُُنوا‬
‫جا ل ِت َ ْ‬‫وا ً‬
‫م أْز َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أن ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬‫ق ل َك ُ ْ‬
‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫فقوله‪} :‬أ ْ‬
‫ها{ الروم‪ 21:‬أي خلق لجلكم ‪-‬أو لينفعكم‪ -‬من‬ ‫إ ِل َي ْ َ‬
‫جنسكم فكل واحد منهما ناقص في نفسه مفتقر‬
‫إلى الخر‪ ،‬ولهذا النقص والفتقار يتحرك الواحد‬
‫منهما إلى الخر‪ ،‬حتى إذا اتصل به سكن إليه؛ لن‬
‫كل ناقص مشتاق إلى كماله وكل مفتقر مائل إلى ما‬
‫ل من‬ ‫دع في ك ّ‬ ‫يزيل فقره‪ ،‬وهذا هو الشبق المو َ‬
‫ة{‬ ‫م ً‬‫ح َ‬
‫وَر ْ‬‫ودّةً َ‬ ‫م َ‬‫م َ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫هذين القرينين‪ ،‬وقوله‪َ } :‬‬
‫دة كأنها الحب الظاهر أثره في مقام‬ ‫الروم‪ 21:‬المو ّ‬
‫دة إلى الحب كنسبة الخضوع‬ ‫العمل فنسبة المو ّ‬
‫الظاهر أثره في مقام العمل إلى الخشوع الذي هو‬
‫تأّثر نفساني عن العظمة والكبرياء‪ ،‬والرحمة نوع تأث ّ ٍ‬
‫ر‬
‫نفساني عن مشاهدة حرمان المحروم عن الكمال‬
‫وحاجته إلى رفع نقيصته يدعو الراحم إلى إنجائه من‬
‫الحرمان ورفع نقصه‪.‬‬

‫) ‪(1/402‬‬

‫دة والرحمة المجتمع المنزلي‪،‬‬ ‫ل موارد المو ّ‬‫ج ّ‬


‫ومن أ َ‬
‫دة والمحبة وهما معا ً‬
‫جين يتلزمان بالمو ّ‬ ‫فإن الزو َ‬
‫‪-‬وخاصة الزوجة‪ -‬يرحمان الصغار من الولد في‬
‫حفظهم وحراستهم وتغذيتهم وكسوتهم وإيوائهم‬
‫وتربيتهم‪ ،‬ولول هذه الرحمة لنقطع النسل ولم‬
‫يعش النوع قط‪.‬‬
‫ويحرص السلم كل الحرص على أن يجعل السرة‬
‫المسلمة أنموذجا ً رفيعا ً ومثال ً يحتذى به بما ُيمّثله من‬
‫عناصر الريادة والقيادة الصالحة في المجتمع‬
‫النساني‪ ،‬قال ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬في وصف عباده‬
‫َ‬
‫جَنا‬
‫وا ِ‬
‫ن أْز َ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ه ْ‬‫ن َرب َّنا َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬‫ذي َ‬ ‫الصالحين‪} :‬ال ّ ِ‬
‫ما{ الفرقان‪:‬‬ ‫ما ً‬‫ن إِ َ‬‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬‫عل َْنا ل ِل ْ ُ‬‫ج َ‬‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عي ُ ٍ‬‫قّرةَ أ َ ْ‬
‫وذُّرّيات َِنا ُ‬
‫َ‬
‫‪.74‬‬
‫ومرادهم بكون أزواجهم وذرياتهم قّرة أعين لهم‪ ،‬أن‬
‫يسّروهم بطاعة الله والتجّنب عن معصيته‪ ،‬فل حاجة‬
‫لهم في غير ذلك ول إربة‪ ،‬وهم أهل حق ل يتبعون‬
‫ما{ أي‬ ‫ما ً‬ ‫ن إِ َ‬
‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬‫عل َْنا ل ِل ْ ُ‬
‫ج َ‬‫وا ْ‬‫الهوى‪ ،‬وقوله‪َ } :‬‬
‫متسابقين إلى الخيرات سابقين إلى رحمتك فيتبعنا‬
‫ن‬‫غيرنا من المتقين‪ ،‬وكأ ّ‬

‫) ‪(1/403‬‬

‫دما ً على غيرهم من‬ ‫المراد أن يكونوا صفا ً واحدا ً متق ّ‬


‫المّتقين ولذا جيء بالمام بلفظ الفراد‪.‬‬
‫وهكذا نجد أن نظام السرة الذي شّرعه مبني على‬
‫أساس الحرص الشديد على تأمين السعادة للسرة‪،‬‬
‫وعلى تمتين أسس تماسكها وترابطها من الناحية‬
‫النفسية والجتماعية والجسدية كيما ينعم كل فرد‬
‫من أفرادها بالحب والحنان والدعة والستقرار‬
‫والتفاهم والتكافل‪.‬‬
‫والدولة السلمية مكّلفة أن تعنى أعظم العناية‬
‫سر وحياطتها وتوفير ضمانات الستقرار‬ ‫ُ‬
‫بإنشاء ال َ‬
‫لها‪ ،‬وتعالج ما تلده الظروف القتصادية والثقافية‬
‫عم هي مسؤولة عن‬ ‫سها‪ ،‬ن َ َ‬
‫والسياسية من آثار تم ّ‬
‫ذلك مسؤوليتها عن التموين والتعليم والدفاع وما‬
‫أشبه هذه الغراض التي ل يمكن تركها للفراد‪ ،‬لنها‬
‫من صميم عمل الدولة‪.‬‬

‫) ‪(1/404‬‬

‫الوسائل العلمية ]المؤثرة[ لتربية البناء )‪(1‬‬

‫علينا أن نقف لنذكر كيف نحقق الجوانب السابقة‪،‬‬


‫ولتطبيق ما ذكرنا فإن هناك عدة وسائل تعرف‬
‫بوسائل التربية المؤثرة وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬التربية بالقدوة‪ :‬فالطفل حين يجد من أبويه‬
‫ومربيه القدوة الصالحة فإنه يتشرب مبادئ الخير‬
‫والتربية بالقدوة تكون بقدوة البوين‪ ،‬وقدوة الرفقة‬
‫الصالحة‪ ،‬وقدوة المعلم‪ ،‬وقدوة الخ الكبر‪.‬‬
‫‪ -2‬التربية بالعادة‪ :‬إذا توفر للطفل عامل التربية‬
‫وعامل البيئة مع الفطرة السليمة المولود بها فإن‬
‫ذلك له أثره الطيب ونشأته النشأة الصحيحة والتربية‬
‫بالعادة تكون بالتقليد والتعويد‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مركز المام اللباني‬

‫) ‪(1/405‬‬

‫‪ -3‬التربية بالملحظة‪ :‬ويقصد بها أن يلحظ الوالدين‬


‫ابنائهما ويراقبا حركاتهم وسكناتهم‪ ،‬فإذا أخطأوا‬
‫فا شكروا لهم صنيعهم‪.‬‬ ‫أرشدوهم‪ ،‬وإذا فعلوا معرو ً‬
‫‪ -4‬التربية بالمثوبة‪ :‬اللين والرحمة والرفق هي‬
‫الصل في معاملة البناء‪ ،‬ولكن في حال الخطأ فل‬
‫بد من استعمال العقوبة الغير مهينة ليكون الولد‬
‫ضا من التدرج في‬ ‫متزنا نفسًيا وانفعالًيا‪ ،‬ول بد أي ً‬
‫العقوبة‪ ،.‬وتأتي حكمة المربى في استعمال أساليب‬
‫العقوبة واختيار الصلح منها‪ ،‬فهذه الوسائل تتفاوت‬
‫جا‪،‬‬
‫بتفاوت البناء ذكاءً وثقافة وحساسية ومزا ً‬
‫فمنهم من تكفيه الشارة البعيدة ويرتجف لها قلبه‪،‬‬
‫ومنهم من ل يردعه ذلك ! ومنهم من يصلحه الهجر‪،‬‬
‫ومنهم من ينفعه التأنيب‪ ،‬ومنهم من ل بد من تقريب‬
‫العصا منه حتى يراها على مقربة فينزجر‪.‬‬
‫ويجب على الوالدين تجنب الضرب ل سيما في حالة‬
‫الغضب الشديد مخافة إلحاق الضرر والذى‪ ،‬وإذا رأى‬
‫الوالد انصلح حال ولده‬

‫) ‪(1/406‬‬

‫بعد العقوبة فعليه أن ينبسط له ويتلطف معه ويبش‬


‫في وجهه ويشعره أنه ما قصد من العقوبة إل‬
‫صلحه‪.‬‬

‫نصائح ذهبية‪..‬للسعادة السرية‬


‫بمقدار دقة كل الزوجين في حسن اختيار شريك‬
‫الحياة يتحقق في النسل الثار التربوية الصالحة‬
‫للوراثة ويعصم من آثارها السيئة ‪-‬بإذن الله تعالى‪-‬‬
‫وتجنيب السرة الكثير مما يظهر لدى الطفال من‬
‫صفات وراثية سيئة‪.‬‬
‫الرؤية المشتركة في تربية البناء تستلزم من‬
‫الزوجين التعرف على طبيعة المرحلة العمرية‬
‫الموجود فيها البن ونوع هذا البن لن كل مرحلة‬
‫عمرية لها خصائصها ومميزاتها التي تميزها عن‬
‫غيرها‪ ،‬ولها ‪-‬أيضًا‪ -‬مطالبها التي تختلف عن غيرها‬
‫من المراحل‪ ،‬فمثل ً مرحلة الطفولة لها خصائص‬
‫ومطالب تختلف عن مرحلة المراهقة‪ ،‬وكذلك الولد‬
‫يختلف عن البنت في الخصائص ومراحل النمو‪ ،‬ومن‬
‫حسن رعاية الزوجين‬

‫) ‪(1/407‬‬

‫للبناء التعرف على ما ذكرنا لتحقيق التربية‬


‫المنشودة والصحة النفسية للبناء والبنات‪ ،‬يجب على‬
‫الباء النتباه الى ما يصدر عنهم من أقوال وأفعال‬
‫أمام البناء‪ ،‬بالسكينة والمودة والتراحم يشيع‬
‫الستقرار النفسي؛ فتكون الزوجة قرة عين لزوجها‪،‬‬
‫كما يكون الزوج قرة عين لزوجته‪.‬‬
‫أما المودة‪ :‬فهي شعور متبادل بالحب يجعل العلقة‬
‫قائمة على الرضاء والسعادة‪..‬‬
‫أما الرحمة‪ :‬هي أساس الخلق العظيمة في الرجال‬
‫والنساء على حد سواء‪،‬فعندما تقوم البيوت على الود‬
‫المتصل‪ ،‬والتراحم الحاني فإن الزواج يكون أشرف‬
‫النعم‪ ،‬وأبركها أثًرا‪.‬‬
‫استقرار البيوت واستمرارها راسخة ل تتأثر بريح‬
‫عاتية ول تتزعزع لظروف مفاجئة تهز البنيان وتعود‬
‫الركان مبناها على أمرين اثنين هما‪ :‬التفاهم‬
‫والحب؛ والحب هو سبيل التفاهم‪.‬‬
‫ذا‪ :‬تفاهم وحب = بيت سعيد مستقر‪..‬‬ ‫إ ً‬

‫) ‪(1/408‬‬

‫فمن أحب زوجته وعاشرها بالمعروف يكون له ذرية‬


‫صالحة تنشأ في دفء العلقة الحميمة بين أبوين‬
‫متحابين متراحمين‪ ،‬في إطار أسري قوي البنيان‬
‫ع متين الركان‪.‬‬
‫ومجتم ً‬
‫موقع السرة في السلم‬
‫ة" للمجتمع الذي نحيى فيه‪.‬‬ ‫ُتعتبر السرة بمثابة "نوا ٍ‬
‫إذ أنها أصغر "وحدة" اجتماعية تمارس دورها بين‬
‫الوحدات الجتماعية الخرى‪.‬‬
‫ولئن كانت السرة أصغر الوحدات الجتماعية حجما ً‬
‫فما هي بأصغرها معنى ول بأ ّ‬
‫قلها أهمية‪ ،‬فهي‬
‫الساس والقاعدة الصلبة التي تتولى النشأة الولى‬
‫للولد وتقوم بتربيتهم وتعليمهم‪ ،‬وإعدادهم كيما‬
‫يضطلعوا بالمسؤوليات التي تقع على عاتقهم‬
‫ل‪ .‬وليست السرة سوى "مؤسسة إنسانية"‬ ‫مستقب ً‬
‫تقوم على أكتاف شخصين هما الرجل والمرأة‪.‬‬

‫) ‪(1/409‬‬

‫حة في ذات كل‬ ‫وهذه المؤسسة تشبع رغبات مل ّ‬


‫منهما‪ ،‬وهي‪ :‬رغبة الجنس‪ ،‬ورغبة الدارة‪ ،‬ورغبة‬
‫التربية‪ ،‬ورغبة المومة‪ ،‬ورغبة الّبوة‪ .‬وهي تدفع كل‬
‫فرد من أفرادها إلى القيام بواجباته دون إرغام‪ ،‬بعد‬
‫أن تشبع فيهم كافة الرغبات النسانية‪ ،‬فيقوم‬
‫البوان فيها بتدريس أصول الحياة وكيفية العشرة‪،‬‬
‫لفراد المجتمع ورجال المستقبل‪ ،‬وهم الولد‪.‬‬
‫وما من نظام يستطيع أن يلغي السرة بشكل نهائي‬
‫ي نظام عاجز عن مقاومة الرغبات التي تشبعها‬ ‫لن أ ّ‬
‫صلة في أعماق كل إنسان‪.‬‬ ‫السرة‪ ،‬وهي رغبات متأ ّ‬
‫ولهذا فإن النظمة التي ألغت السرة عادت‬
‫فأوجدتها على شكل أوسع‪ .‬فالنظام الشيوعي مثل ً‬
‫ألغى السرة التي تتألف من )رجل( و )امرأة(‬
‫و)أولد(‪ ،‬ولكنه أقام المزارع الجماعية التي تتكون‬
‫دة أولد(‪.‬‬‫دة نساء( و)ع ّ‬‫دة رجال( و )ع ّ‬
‫من )ع ّ‬
‫) ‪(1/410‬‬

‫ل مشكلتها )على عكس‬ ‫هذه المزارع عاجزة عن ح ّ‬


‫ل مشكلتها‬ ‫الخلية الحّية التي تقوم بإنماء نفسها وح ّ‬
‫خل الدولة لح ّ‬
‫ل‬ ‫خل أجنبي(‪ ،‬فكانت بحاجة إلى تد ّ‬‫بل تد ّ‬
‫تلك المشكلت‪ .‬واَلمَزارع الجماعية ذات مفعول‬
‫رجعي‪ ..‬بينما نجد أن السرة ترتفع بالنسان إلى‬
‫مستواه كإنسان ‪-‬ذي حياة منتظمة‪.-‬‬
‫دم على إلغاء السرة‬ ‫ق ِ‬‫أما الُنظم الغربية فإنها لم ت ُ ْ‬
‫ظم كبديل‬‫دمته هذه الن ُ ُ‬‫ن ما ق ّ‬ ‫عن سابق تخطيط‪ ،‬وإ ّ‬
‫للسرة لم يكن إل ّ النحلل‪ ،‬والميوعة التي أسفرت‬
‫عنها حركات الهيبيز والبيتلز والبانك‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫م الجتماع السرة بأنها رابطة اجتماعية‬ ‫ويعّرف عل ُ‬
‫تتكون من زوج وزوجة وأطفالهما‪ ،‬وتشمل الجدود‬
‫والحفاد وبعض القارب‪ ،‬على أن يكونوا مشتركين‬
‫في معيشة واحدة‪ ،.‬ويرى أحد الباحثين )‪ (1‬أن الزواج‬
‫الذي ل تصحبه ذرية ل يكون أسرة‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬علي عبد الواحد وافي‪ ،‬في كتابه )السرة‬
‫والمجتمع(‬

‫) ‪(1/411‬‬

‫السرة هي إحدى العوامل الساسية في بيان الكيان‬


‫التربوي وإيجاد عملية التطبيع الجتماعي وتشكيل‬
‫شخصية الطفل‪ ،‬وإكسابه العادات التي تبقى ملزمة‬
‫له طول حياته‪ ،‬فهي البذرة الولى في تكوين النمو‬
‫الفردي وبناء الشخصية وفي تقويم السلوك الفردي‪،‬‬
‫وبعث الحياة‪ ،‬والطمأنينة في نفس الطفل‪ .‬فمنها‬
‫يتعّلم اللغة ويكتسب ال ِ‬
‫قَيم الحميدة‪ ،‬وإليها يعود‬
‫الفضل في تعّلم النسان لصول الجتماع‪ ،‬وقواعد‬
‫الداب والخلق‪.‬‬

‫) ‪(1/412‬‬

‫مكارم الخلق )‪(1‬‬

‫ت رسو َ‬
‫ل‬ ‫ه عنه‪ ،‬قال‪ :‬لقي ُ‬ ‫ر رضي الل ُ‬ ‫ن عام ٍ‬ ‫ةب ِ‬ ‫عقب َ‬ ‫عن ُ‬
‫ن‬‫ة بْ َ‬‫قب َ ُ‬‫ع ْ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال لي‪َ» :‬يا ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ع ّ‬
‫ف َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬
‫ك َ‬ ‫حَر َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬‫ط َ‬ ‫ع ِ‬‫وأ َ ْ‬
‫ك َ‬‫ع َ‬‫قطَ َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫عا ِ‬ ‫َ‬
‫مك« )‪(2‬‬ ‫ظل َ‬‫َ‬ ‫َ‬
‫من أعظم ِ التوجيهات‪،‬‬ ‫ف ِ‬ ‫ي الشري ُ‬ ‫ه النبو ّ‬ ‫هذا التوجي ُ‬
‫ن فيه إرشادا ً لمعالي‬ ‫وأجّلها‪ ،‬وأرفعها؛ ذلكم أ ّ‬
‫ل في‬ ‫سجايا والصفات‪ ،‬والتقاب ُ ُ‬ ‫الخلق‪ ،‬وأكمل ال ّ‬
‫المعنى والمبنى ‪-‬بين الية والحديث‪ -‬ظاهٌر؛ حتى في‬
‫ة التوجيه والمر‪:‬‬ ‫ثلث ِي ّ ِ‬
‫ع ُتقاَبل بالعفو‪ ...‬وإعطاء المحروم‬ ‫ة القاط ِ‬ ‫صل َ ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫ل بالمعروف‪ ...‬والعفو عن الظالم ُيقاَبل‬‫تقاب َ ُ‬
‫بالعراض‪...‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬علي بن حسن الحلبي‬
‫)‪ (2‬أحمد ‪ ،16810‬وانظر السلسلة الصحيحة لللباني‬
‫‪891‬‬

‫) ‪(1/413‬‬

‫ل ما رواه المام البخاري )‪ (1‬عن وهب بن‬ ‫وما أجم َ‬


‫ل على‬ ‫ت عبد الله بن الزبير يقو ُ‬ ‫كيسان‪ ،‬قال‪) :‬سمع ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫فو ْ‬
‫ن‬
‫ع َِ‬
‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬‫وأ ْ‬‫ف َ‬‫عْر ِ‬‫مْر ِبال ُ‬
‫وأ ُ‬‫ع ْ َ َ‬‫ذ ال ْ َ‬
‫خ ِ‬
‫المنبر‪ُ } :‬‬
‫مَر بها أن‬ ‫ه! ما أ َ‬ ‫ن{ العراف‪ ،199:‬قال‪) :‬والل ِ‬ ‫هِلي َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جا ِ‬
‫ذها منهم ما‬ ‫خ ُ‬ ‫ه! ل ُ‬ ‫من أخلق الناس‪ .‬والل ِ‬ ‫خذَ إل ِ‬ ‫ؤ َ‬ ‫تُ ْ‬
‫صحبُتهم(‪.‬‬
‫ضه‬‫ن القّيم )‪) : (2‬ليس المرادُ إعرا َ‬ ‫وقال المام اب ُ‬
‫ّ‬
‫من ل علم عنده؛ فل ُيعلمه‪ ،‬ول ُيرشده‪ ،‬وإّنما المراد‬ ‫ع ّ‬
‫من جهل عليه؛ فل ُيقابله‪ ،‬ول‬ ‫إعراضه عن جهل َ‬
‫ُيعاتبه(‪.‬‬
‫ن هذه الية‬ ‫ً‬
‫ن القّيم أيضا )‪) : (3‬أ ّ‬ ‫وقد ذكر المام اب ُ‬
‫م الخلق(‪.‬‬ ‫جمعت للنبي صلى الله عليه وسلم مكار َ‬
‫ن‬
‫وقال المام أبو هلل العسكري )‪) : (4‬وأنت ترى أ ّ‬
‫في العفو صَلة القاطعين‪ ،‬والصفح عن الظالمين‪،‬‬
‫وإعطاء المانعين‪ ،‬وفي المر‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،4367‬والدب المفرد ‪244‬‬
‫)‪ (2‬مفتاح دار السعادة ‪1/344‬‬
‫)‪ (3‬مدارج السالكين ‪2/305‬‬
‫)‪ (4‬كتاب الصناعتين ص ‪132‬‬

‫) ‪(1/414‬‬

‫صَلة الرحم‪ ،‬وصون اللسان‬ ‫بالمعروف تقوى الله‪ ،‬و ِ‬


‫حُرمات‪ ،‬والّتبّرؤ من‬ ‫ض الطرف عن ال ُ‬ ‫من الكذب‪ ،‬وغ ّ‬
‫ل قبيح‪ ،‬لنه ل يجوز أن يأمر بالمعروف؛ وهو يلبس‬ ‫ك ّ‬
‫ً‬
‫شيئا من المنكر(‪(1) .‬‬
‫مها‬
‫ر َ‬
‫صة مكا ِ‬ ‫م في )الخلق( ‪-‬وبخا ّ‬ ‫ن الكل ُ‬
‫وحتى ل يكو َ‬
‫ُ‬
‫العلّية‪ -‬نظري ًّا؛ أذك ُُر ‪-‬وأذك ُّر‪ -‬بما رواه البخاري )‪ (2‬عن‬
‫ن‬
‫عيْينة ب ُ‬
‫م ُ‬‫د َ‬ ‫ابن عباس‪-‬رضي الله عنهما‪ ،-‬قال‪َ » :‬‬
‫ق ِ‬
‫قْيس‬ ‫حّر بن َ‬ ‫حذيفة‪ ،‬فنَزل على ابن أخيه ال ُ‬ ‫صن بن ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ِ‬
‫قّراءُ‬ ‫مُر‪ -‬وكان ال ُ‬ ‫ع َ‬‫‪-‬وكان من الّنفر الذين ُيدنيهم ُ‬
‫هول ً كانوا أو‬ ‫مشاورَته ‪-‬ك ُ ُ‬ ‫عمر‪ ،‬و ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ب مجال ِ‬ ‫أصحا َ‬
‫ه‬
‫وج ٌ‬ ‫ن أخي لك َ‬ ‫ه‪ :‬يا اب َ‬ ‫عي َْينة لبن أخي ِ‬ ‫شّبانًا‪ .-‬فقال ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ن لي عليه‪ ،‬قال‪ :‬سأستأِذ ُ‬ ‫عن ْدَ هذا المير‪ ،‬فاستأِذ ْ‬ ‫ِ‬
‫ة‪،‬‬‫عيْين َ‬
‫حّر ل ُ‬‫ن ال ُ‬ ‫ن عباس‪ :‬فاستأذَ َ‬ ‫لك عليه‪ ،.‬قال اب ُ‬
‫ن‬
‫ي يا اب َ‬ ‫ه ْ‬‫ل عليه‪ ،‬قال‪ِ :‬‬ ‫دخ َ‬‫ما َ‬‫مر‪ ،‬فل ّ‬ ‫هع َ‬ ‫نل ُ‬ ‫فأِذ َ‬
‫ل‪ ،‬ول‬ ‫ه ما ُتعطينا الجْز َ‬ ‫ب‪ ،‬فوالل ِ‬ ‫الخ ّ‬
‫طا ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬انظر فضل الله الصمد ‪1/334‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪4642‬‬

‫) ‪(1/415‬‬

‫م به‪ ،‬فقال له‬ ‫مُر حتى ه ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ض َ‬


‫غ ِ‬ ‫ف َ‬‫دل! َ‬ ‫م بيننا بالع ْ‬ ‫تحك ُ ُ‬
‫ن الله ‪-‬تعالى‪ -‬قال لن َب ِّيه‬ ‫حّر‪ :‬يا أميَر المؤمنين! إ ّ‬ ‫ال ُ‬
‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ع ْ‬ ‫ْ‬
‫عْر ِ‬ ‫مْر ِبال ُ‬‫وأ ُ‬‫و َ‬‫ف َ‬ ‫ذ ال َ‬ ‫خ ِ‬‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ُ } :-‬‬
‫ن هذا من‬ ‫ن{ العراف‪ ،199:‬وإ ّ‬ ‫هِلي َ‬
‫جا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬
‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬‫وأ َ ْ‬
‫َ‬
‫ن تلها عليه‪ ،‬وكان‬ ‫مُر حي َ‬ ‫ع َ‬ ‫وَزها ُ‬ ‫ه ما جا َ‬ ‫الجاهلين‪ .‬والل ِ‬
‫ب الله«‪.‬‬ ‫كتا ِ‬ ‫قافا ً ِ‬
‫عن ْدَ ِ‬ ‫و ّ‬
‫قاف؟!‬ ‫من و ّ‬ ‫فهل ِ‬
‫ئ صدُرهُ بالنصاف؟!‬ ‫مل َ‬ ‫ُ‬
‫م العِتساف؟!‬ ‫وفاَرقَ الظل َ‬
‫) ‪(1/416‬‬

‫نصيحة من القلب إلي الزواج )‪(1‬‬

‫ضرب‬ ‫وزوا ما شَرع الله لكم من ال ّ‬ ‫أّيها الزواج‪ ،‬ل تتجا َ‬


‫ل النشوز إلى ما حّرم عليكم من‬ ‫ر المبّرح حا َ‬ ‫غي ِ‬
‫وع‪،‬‬‫جلد المر ّ‬
‫جع وال َ‬
‫ء المو ِ‬ ‫ضرب المفظع والعتدا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ي‬
‫ن عواقَبه وخيمة وأضراره جسيمة‪ ،‬وفي البخار ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫م قال‪» :‬ل يجِلد أحدكم‬ ‫ي صلى الله عليه وسل َ‬ ‫ن النب ّ‬ ‫أ ّ‬
‫امرأَته جلدَ العبد‪ ،‬ثم يجامعها في آخر اليوم« )‪(2‬‬
‫د رسول الله‪ ،‬فطاف الّنساء‬ ‫ل على عه ِ‬ ‫وز رجا ٌ‬ ‫لقد تجا َ‬
‫ن‪ ،‬فقال‬ ‫ب من أزواجه ّ‬ ‫ل رسول الله يشتكين الضر َ‬ ‫بآ ِ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪» :‬لقد طاف بآل‬
‫من أزواجهن‪ ،‬ليس أولئك‬ ‫د نساء كثير يشتكين ِ‬ ‫م ٍ‬
‫مح ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من خطبة للشيخ صلح بن محمد البدير بالمسجد‬
‫النبوي بتاريخ ‪ 1424 /11/5‬باختصار‪.‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،5204‬ومسلم ‪ 2855‬بنحوه‪.‬‬

‫) ‪(1/417‬‬

‫بخياركم« )‪ ، (1‬وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه‬


‫ن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪» :‬ول‬ ‫أ ّ‬
‫ه ول تقّبح« )‪ ، (2‬فويل للظالم‪ ،‬ويل‬ ‫ب الوج َ‬
‫تضر ِ‬
‫ص المظالم‪.‬‬ ‫للظالم يوم اقتصا ِ‬
‫ج المنزل من‬ ‫مر خار َ‬
‫ن السهَر والس َ‬ ‫أّيها الزواج‪ ،‬إ ّ‬
‫غص على الّزوجة حياَتها‪،‬‬ ‫مثيرات القلق والرق‪ ،‬ين ّ‬
‫ويزعزع ويزلزل استقراَرها‪ ،‬وَيضيع بسببه الولد‬
‫ة‬
‫فلذةُ الكباد وثمرة الفؤاد‪ ،‬حّتى يصيروا فريس ً‬
‫ن هذا الّزمان‪ ،‬فاحذروا هذا‬ ‫لوحوش الظلم وفت ِ‬
‫السهَر واجتنبوه ول تقربوه‪.‬‬
‫ن ظهوَر المعاصي والمخالفات وانتشاَر‬ ‫أّيها الزواج‪ ،‬إ ّ‬
‫المنكرات في كثير من البيوتات من أعظم أسباب‬
‫شقاء والشقاق وثاَرت‬ ‫ب ال ّ‬‫خراِبها ودمارها‪ ،‬ولقد د ّ‬
‫ك والحيرة بين كثير‬ ‫ثائرة الغيرة واشتعلت نيران الش ّ‬
‫من‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،2146‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‪ ،‬والنسائي في الكبرى ‪ ،9167‬وابن ماجه ‪،1985‬‬
‫والدارمي ‪2219‬‬
‫)‪ (2‬أحمد ‪ ،4/447‬وأبو داود‪ ،‬وابن ماجه ‪،1850‬‬
‫والنسائي في الكبرى ‪ ،9171‬وصححه اللباني في‬
‫الرواء ‪2033‬‬

‫) ‪(1/418‬‬

‫دق والشّر‬ ‫ر المح ِ‬ ‫الزواج بسبب طَبق القنوات الخط ِ‬


‫غب عنها‬ ‫المطبق‪ ،‬فحين رأى غيَرها ورأت غيَره ر ِ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫س ُ‬‫ف َ‬ ‫ن َأن ُ‬‫وَلك ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ما ظَل َ َ‬
‫م ُ‬ ‫و َ‬‫وزهدت فيه‪َ } ،‬‬
‫ي‬‫ن{ آل عمران‪ ،117:‬نعوذ بالله من الخز ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ي َظْل ِ ُ‬
‫والعار ومن فعل يقّرب إلى النار‪.‬‬
‫ما يستوجب‬ ‫هروا بيوتكم م ّ‬ ‫فاّتقوا الله عبادَ الله‪ ،‬وط ّ‬
‫من ي َ َ‬
‫شاء‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ه يُ ِ‬‫ن الل ّ َ‬‫قل إ ِ ّ‬ ‫ة والطرد والبعاد‪ُ } ،‬‬ ‫اللعن َ‬
‫ب{ الرعد‪.27:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أَنا َ‬ ‫م ْ‬
‫ه َ‬
‫دى إ ِلي ْ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وي َ ْ‬
‫َ‬
‫طبع ولطافة‬ ‫قة َ‬ ‫ة أجيال بر ّ‬‫ب المرأةُ مربي َ‬ ‫أل فلتذه ِ‬
‫دا‬
‫ما وقائ ً‬‫وا ً‬
‫ب الرجل ق ّ‬ ‫ه ِ‬
‫ء عاطفة‪ ،‬وليذ َ‬ ‫س وذكا ِ‬‫ح ّ‬
‫ب‬
‫فكر وسلمة تقدير وتدبير‪ ،‬وليذه ِ‬ ‫ة بأس وجللة ِ‬ ‫و ِ‬‫بق ّ‬
‫ل‬
‫سك بالدين وفع ٍ‬ ‫ل تم ّ‬ ‫ة كريمة في ظ ّ‬ ‫الثنان إلى حيا ٍ‬
‫ن على البر‬ ‫ب للمحرمات وتعاو ٍ‬ ‫للواجبات واجتنا ٍ‬
‫والتقوى‪» ،‬ورحم الله رجل ً قام من الليل فصّلى‪ ،‬ث ّ‬
‫م‬
‫أيقظ امرأته فصّلت‪ ،‬فإن أبت نضح في وجهها الماء‪،‬‬
‫م أيقظت‬ ‫حم الله امرأةً قامت من الليل فصّلت‪ ،‬ث ّ‬ ‫ور ِ‬
‫زوجها فصلى‪ ،‬فإن أبى نضحت في وجهه الماء« )‬ ‫ّ‬
‫‪. (1‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،2/250‬وأبو داود ‪ 1113‬وصححه اللباني‬
‫في صحيح أبي داود‪ ،‬والنسائي ‪ ،1592‬وابن ماجه‬
‫‪1326‬‬

‫) ‪(1/419‬‬

‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ح ْ‬
‫قَنا ب ِ ِ‬ ‫ن أل ْ َ‬‫ما ٍ‬ ‫هم ب ِِإي َ‬‫م ذُّري ّت ُ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫عت ْ ُ‬‫وات ّب َ َ‬‫مُنوا ْ َ‬ ‫ن ءا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫} َ‬
‫ىء ك ُ ّ‬ ‫من َ‬ ‫َ‬
‫ما أل َت َْنا ُ‬
‫رىء‬ ‫م ِ‬‫لا ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫مل ِ ِ‬
‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذُّري ّت َ ُ‬
‫ن{ الطور‪.21:‬‬ ‫هي ٌ‬ ‫ب َر َ‬ ‫س َ‬ ‫ما ك َ َ‬ ‫بِ َ‬
‫ددون! اتقوا الله واعدلوا بين أزواجكم‪،‬‬ ‫أّيها المع ّ‬
‫ن‬
‫ن ومأكله ّ‬ ‫ن وملبسه ّ‬ ‫ن في مسكنه ّ‬ ‫دلوا بينه ّ‬ ‫اع ِ‬
‫ذروا الجوَر‬ ‫ن‪ ،‬واح َ‬ ‫ت عنده ّ‬ ‫ن والمبي ِ‬ ‫ة عليه ّ‬ ‫ونفق ٍ‬
‫والحيف‪ ،‬فإّنه من أسباب العذاب وموجبات العقاب‪،‬‬
‫د‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ‪» :‬إذا كانت عن َ‬ ‫يقول النب ّ‬
‫دل بينهما جاءَ يوم القيامة‬ ‫الرجل امرأتان فلم يع ِ‬
‫قه ساقط« )‪ ، (1‬و»كان رسول الله صلى الله‬ ‫وش ّ‬
‫ن‬
‫عليه وسلم إذا أراد سفًرا أقرع بين نساِئه‪ ،‬فأيته ّ‬
‫سم بين‬ ‫مها خرج بها معه« )‪ . (2‬وكان يق ِ‬ ‫خرج سه ُ‬
‫دل بينهن‪.‬‬ ‫نسائه ويع ِ‬
‫دلوا بينهن‪ ،‬وراعوا ما يحصل بينهن من الغيرة‬ ‫اع ِ‬
‫التي ل يقدرن على دفعها‪ ،‬ول سبيل لهن إلى رفعها‬
‫ب والطبع‪،‬‬ ‫ومنعها‪ ،‬غيرةٌ تغّير القل َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،471 ،2/347‬وأبو داود ‪ ،2133‬والترمذي‬
‫‪ 1141‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي‪،‬‬
‫والنسائي ‪ ،3942‬وابن ماجه ‪ ،1969‬وقال الحافظ‬
‫في البلوغ ‪ :1085‬إسناده صحيح‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،2594‬ومسلم ‪.2770‬‬
‫) ‪(1/420‬‬

‫وتهّيج الغضب وتقِلب الوضع‪ ،‬فتعاملوا بالعقل‬


‫ب السوء وعم َ‬
‫ل‬ ‫ة السوء وصاح َ‬ ‫ذروا قال َ‬ ‫حكمة‪ ،‬واح َ‬ ‫وال ِ‬
‫َ‬
‫م‬‫عل ّك ُ ْ‬
‫ن لَ َ‬
‫مُنو َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫ميعا ً أي ّ َ‬
‫ج ِ‬ ‫وُتوُبوا ْ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫السوء‪َ } ،‬‬
‫ن{ النور‪.31:‬‬ ‫حو َ‬ ‫تُ ْ‬
‫فل ِ ُ‬

‫) ‪(1/421‬‬

‫نصيحة من القلب إلي الزواج )‪(1) (2‬‬

‫إن من أسباب سعادة الزوجين قيام كل منهما بما‬


‫يجب عليه نحو صاحبه‪ ،‬فقيام الزوج بالواجب عليه‪،‬‬
‫وقيام المرأة بالواجب عليها‪ ،‬يكفل للبيت السعادة‬
‫والهناء بتوفيق من الله‪.‬‬
‫والله جل وعل في كتابه العزيز قد بين للزوجين‬
‫مث ْ ُ‬
‫ل‬ ‫ن ِ‬ ‫ول َ ُ‬
‫ه ّ‬ ‫الواجب على كل منهما فقال تعالى ‪َ } :‬‬
‫ف{ البقرة‪ ،228:‬فأخبر تعالى‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ن بال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫ذى َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫أن للزوجة حقا ً كما أن عليها واجبًا‪ ،‬وللزوج حق كما‬
‫أن عليه واجبًا‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من خطبة للشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل‬
‫الشيخ في جامع المام تركي بن عبد الله بعنوان‬
‫الحقوق الزوجية بتاريخ ‪ 18/11/1422‬هـ بإختصار‬

‫) ‪(1/422‬‬

‫فالحق الواجب على الزوج نحو امرأته النفاق عليها‪،‬‬


‫ف الذى‪ ،‬حسن‬ ‫كسوتها‪ ،‬التعامل معها بالمعروف‪ ،‬ك ّ‬
‫العشرة‪ ،‬وقد سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫»ما حق امرأة الرجل عليه؟ قال‪ :‬أن تطعمها إذا‬
‫طمعت‪ ،‬وتكسوها إذا اكتسيت‪ ،‬ول تضرب الوجه‪ ،‬ول‬
‫تقّبح‪ ،‬ول تهجر إل في الفراش« )‪. (1‬‬
‫ل‪ :‬أمره أن يطعمها إذا طعم‪،‬‬ ‫فهذه خمس خصال‪ :‬أو ً‬
‫فر لها الكسوة‪ ،‬ثم‬ ‫فيوفر لها الطعام‪ ،‬وأمره أن يو ّ‬
‫نهاه عن ضربها في الوجه‪ ،‬لن الضرب في الوجه‬
‫فيه إهانة وإذلل‪ ،‬ووجه النسان أشرف أعضائه‬
‫الظاهرة‪ ،‬فل يجوز تشويهه بضربه‪ ،‬ويمكن الدب في‬
‫غير ذلك‪ ،‬ونهاه أن يقّبح أي‪ :‬أن يقول كلمة قبيحة‪،‬‬
‫ك الله أو غيره من اللفاظ‬‫نحو‪ :‬قّبح ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،4/447‬وأبو داود‪ ،‬وابن ماجه ‪،1850‬‬
‫والنسائي في الكبرى ‪،9171‬وصححه اللباني في‬
‫الرواء ‪2033‬‬

‫) ‪(1/423‬‬

‫البذيئة‪ ،‬فإن اللفاظ السيئة تجرح القلب أعظم من‬


‫عَباِدي‬ ‫ل لِ ِ‬ ‫ق ْ‬‫و ُ‬ ‫الضرب‪ ،‬ولذا يقول الله جل وعل‪َ } :‬‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬‫غ ب َي ْن َ ُ‬ ‫ن ي َن َْز ُ‬ ‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬‫قوُلوا ال ِّتي ِ‬ ‫يَ ُ‬
‫مِبيًنا{ السراء‪،53:‬‬ ‫وا ُ‬ ‫عد ُ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن ل ِْل ِن ْ َ‬ ‫كا َ‬‫ن َ‬ ‫طا َ‬‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ونهاه عن الهجران إل في الفراش‪ ،‬بمعنى‪ :‬إذا أراد‬
‫جرها بترك المبيت معها‪ ،‬وأما هجٌر بترك‬ ‫جرها ه َ‬ ‫ه ْ‬
‫الكلم والمحادثة فهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فبقاؤها معه من دون حديث صاحبهما للخر‬
‫يزيد في الجفاء‪ ،‬ويبعد كل ً منهما عن الخر‪ ،‬فإن‬
‫الحاديث الودية مما ُيكسب القلب محبة ومودة من‬
‫كل منهما لصاحبه‪ ،‬وأما إذا دخل وخرج‪ ،‬ل يكلمها ول‬
‫ل‪ ،‬ول ُيسمعها قو ً‬
‫ل‪،‬‬ ‫يلتفت إليها‪ ،‬ل يسمع منها قو ً‬
‫فهذا أمر نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لنه‬
‫ل منهما عن‬ ‫دعا ً في الحياة الزوجية‪ ،‬وبعد ك ٍ‬ ‫يحدث تص ّ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫شُرو ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫و َ‬ ‫الخر‪ ،‬والله تعالى يقول أيضًا‪َ } :‬‬
‫ساء‬ ‫م الن ّ َ‬ ‫قت ُ ُ‬ ‫ذا طَل ّ ْ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ف{ النساء‪ ،19:‬وقال‪َ } :‬‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫بال ْ َ‬
‫َ‬ ‫غن أ َجل َهن َ َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫حو ُ‬ ‫سّر ُ‬ ‫و َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ن بِ َ‬ ‫ه ّ‬‫كو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫فب َل َ ْ َ َ ُ ّ‬ ‫َ‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫دوا ْ َ‬ ‫عت َ ُ‬ ‫ضَراًرا ل ّت َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫كو ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ول َ ت ُ ْ‬‫ف َ‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫بِ َ‬
‫) ‪(1/424‬‬

‫ت الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ذوا ْ آَيا ِ‬ ‫ول َ ت َت ّ ِ‬
‫خ ُ‬ ‫ه َ‬‫س ُ‬
‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫قدْ ظَل َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ذال ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬‫يَ ْ‬
‫هُزوًا{ البقرة‪ ،231:‬فانظر إلى أن ربنا جل وعل‬ ‫ُ‬
‫أرشد الزوج إذا طلق المرأة‪ ،‬وأراد العود إليها‪ ،‬فليكن‬
‫م‬ ‫ذا طَل ّ ْ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫س ُ‬ ‫بقصد الصلح‪َ َ }،‬‬
‫قت ُ ُ‬ ‫ف{‪َ } ،‬‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬‫ن بِ َ‬
‫ه ّ‬ ‫كو ُ‬ ‫م ِ‬ ‫فأ ْ‬
‫َ‬
‫ن{ أي‪ :‬قاربن انقطاع العدة‪،‬‬ ‫ه ّ‬ ‫جل َ ُ‬‫نأ َ‬ ‫غ َ‬ ‫فب َل َ ْ‬ ‫ساء َ‬ ‫الن ّ َ‬
‫ف{ بمعنى‪ :‬استرجعوها لتكون‬ ‫ُ‬ ‫} َ َ‬
‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬‫ن بِ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫سكو ُ‬ ‫م ِ‬‫فأ ْ‬
‫الرجعة بالمعروف أي‪ :‬ناويا ً العشرة بالمعروف‪ ،‬ل‬
‫َ‬
‫ن‬‫ه ّ‬ ‫حو ُ‬ ‫سّر ُ‬‫و َ‬ ‫جاعل ً الرجعة سببا ً للعذاب واللم‪} ،‬أ ْ‬
‫ف{ فدعها تنقضي عدتها‪ ،‬ولعل الله أن‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬‫بِ َ‬
‫يعوضها خيرا ً ويعوضك خيرًا‪ ،‬وأما إمساك لجل‬
‫الضرار والظلم والعدوان‪ ،‬فهذا نهى الله عنه بقوله‪:‬‬
‫دوْا{ أي‪ :‬ل تمسكوهن‬ ‫ضَراًرا ل ّت َ ْ‬
‫عت َ ُ‬ ‫ن ِ‬
‫ه ّ‬ ‫س ُ‬
‫كو ُ‬ ‫ول َ ت ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫} َ‬
‫ً‬
‫وتراجعوا المرأة ضرارا لجل أن تعتدي عليها‪ ،‬أو أن‬
‫تظلمها وتسيء إليها‪ ،‬فذاك محرم في شريعة‬
‫ل للرجل‬ ‫السلم‪ ،‬والعدوان قد نهى الله عنه‪ ،‬ول يح ّ‬
‫أن يعتدي عليها باليذاء والضرار‪ ،‬فذاك أمر ل يليق‬
‫بالمسلم السامع والمطيع لله ورسوله‪.‬‬

‫) ‪(1/425‬‬

‫ونبينا صلى الله عليه وسلم قد أرشد الزواج أيضًا‪،‬‬


‫أرشد الزوج إلى المعاملة الحسنة مع المرأة‪،‬‬
‫فأخبرهم صلى الله عليه وسلم أن من كمال اليمان‬
‫حسن الخلق‪ ،‬فقال ‪» :‬أكمل المؤمنين إيمان أحسنهم‬
‫خلقًا‪ ،‬وخيركم خيركم لنسائه« )‪ ، (1‬فإن حسن‬
‫ل على كمال اليمان وقوته‪،‬‬ ‫الخلق وحسن التعامل يد ّ‬
‫وسوء العشرة وسوء المعاملة وعدم الوفاء يدل على‬
‫نقص في اليمان‪ ،‬ولذا قال نبينا صلى الله عليه‬
‫وسلم‪» :‬أكمل المؤمنين إيمانا ً أحسنهم خلقًا«‪ ،‬ثم‬
‫قال‪» :‬وخيركم خيركم لنسائه«‪ ،‬وخير الناس من كان‬
‫خيره لنسائه‪ ،‬التعامل الحسن‪ ،‬والقيام بالواجب‪،‬‬
‫در صفو العشرة وينغصها‪.‬‬ ‫والبعد عن كل ما يك ّ‬
‫ويبين صلى الله عليه وسلم في موضع آخر أن الرجل‬
‫يجب أن يكون المستحمل للخطاء‪ ،‬ويجب أن يكون‬
‫الصبر والتحمل من أخلقه‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،2/250‬والترمذي ‪ 1162‬وقال حديث حسن‬
‫صحيح‪ ،‬وصححه اللباني في الصحيحة ‪284‬‬

‫) ‪(1/426‬‬

‫ل‪ ،‬والمرأة ضعيفة‪ ،‬وقد‬‫فهو أقوى من المرأة تحم ً‬


‫ل الرجل وصبره هو‬ ‫م ُ‬‫يكون منها الخطأ‪ ،‬لكن تح ّ‬
‫المطلوب منه‪ ،‬فإنه القّيم عليها‪ ،‬وما دام القيم فل‬
‫بد من صبر وتحمل‪ ،‬فيقول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫»ل يفرك مؤمن مؤمنة‪ ،‬إن كره منها خلقا ً رضي منها‬
‫آخر« )‪ ، (1‬ل يبغضها ويكرهها فإن أخلقها قد يكون‬
‫فيها خلق غير مناسب‪ ،‬ولكنها تشتمل على خلق‬
‫طيب أيضًا‪ ،‬وهكذا حال النسان‪ ،‬فالكمال في‬
‫المخلوق غير ممكن‪ ،‬ل من الرجل ول من المرأة‪،‬‬
‫فإن كرهت منها خلقا من الخلق فل بد أن ترتضي‬
‫منها خلقا غيره‪ ،‬وأما إذا كنت تعاتب على كل نقص‪،‬‬
‫وتريد الكمال في كل الحوال‪ ،‬فذاك طلب‬
‫المستحيل‪ ،‬ومن كثر عتابه ق ّ‬
‫ل أصحابه‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪1469‬‬

‫) ‪(1/427‬‬

‫ويبين صلى الله عليه وسلم أيضا ً ذلك بوضوح جلي‬


‫م‬‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫فيقول فيما ترويه عائشة رضي الله عنها‪َ » :‬‬
‫هِلي« )‪ ، (1‬فنبينا محمد‬ ‫م ِل َ ْ‬ ‫وأ ََنا َ‬
‫خي ُْرك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م ِل َ ْ‬
‫هل ِ ِ‬ ‫خي ُْرك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ً‬
‫صلى الله عليه وسلم خير الناس لهله‪ ،‬صبرا وتحمل‬
‫وإكراما ً ومعاملة بالحسنى‪ ،‬آلى شهرا ً منهن لما‬
‫حصل منهن ما حصل‪ ،‬ومع هذا كان يعاملهن‬
‫بالحسنى صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وتخبر عائشة لما‬
‫ن‬
‫كو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫سئلت‪ :‬ماذا كان يفعل في بيته؟ قالت‪َ » :‬‬
‫كا َ‬
‫هِله « )‪ ، (2‬فهو من أحسن الناس خلقًا‪،‬‬ ‫ة أَ ْ‬‫هن َ ِ‬
‫م ْ‬‫في ِ‬ ‫ِ‬
‫وأحسنهم تعامل ً صلوات الله وسلمه عليه أبدا ً دائما ً‬
‫إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وهو صلى الله عليه وسلم أرشد الزواج إلى أمر‬
‫عظيم‪ ،‬وهو أن المرأة من طبيعتها الضعف وقلة‬
‫القيام بالواجب المطلوب‪ ،‬إن من‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 3830‬وقال حسن غريب صحيح‪ ،‬وابن‬
‫ماجه ‪ ،1967‬وصححه اللباني في الصحيحة ‪285‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪4944 ،676‬‬

‫) ‪(1/428‬‬

‫طبيعتها الضعف فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬


‫ن‬‫وإ ِ ّ‬
‫ع َ‬ ‫ن ِ َ‬ ‫خل ِ ْ‬ ‫خي ًْرا َ‬
‫ضل ٍ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬
‫َ‬
‫ء َ‬‫سا ِ‬‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬‫»ا ْ‬
‫ه‬
‫سْرت َ ُ‬‫ه كَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫قي ُ‬‫ت تُ ِ‬ ‫ن ذَ َ‬
‫هب ْ َ‬ ‫عَلهُ َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫عأ ْ‬ ‫في ال ّ َ‬
‫ضل ِ‬ ‫ء ِ‬ ‫ي ٍ‬‫ْ‬ ‫ج َ‬
‫ش‬ ‫و َ‬ ‫ع َ‬‫أَ ْ‬
‫خي ًْرا« )‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬ ‫صوا ِبالن ّ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬
‫ع َ‬‫ل أَ ْ‬ ‫م ي ََز ْ‬‫ه لَ ْ‬‫ن ت ََرك ْت َ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫َ‬
‫فت نظره إلى تركيبة‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫أنه‬ ‫للرجل‬ ‫توجيه‬ ‫فهذا‬ ‫‪،‬‬ ‫(‬ ‫‪1‬‬
‫المرأة الضعيفة‪ ،‬وربما يكون منها سوءٌ في شيء من‬
‫الخلق‪ ،‬أو قلة قيام بواجب‪ ،‬فل تنظر إليها إل نظر‬
‫من يعرف وضعها وحالها‪ ،‬وأنك إذا أردت أن تقيم‬
‫العوجاج فإن ذلك يستحيل عليك‪.‬‬
‫وأخبر صلى الله عليه وسلم يبين أيضا ً أن المرأة‬
‫خلقت من ضلع )‪ ، (2‬وأنها ل تستقيم لك على‬
‫ود نفسك على الصبر والتحمل‬ ‫طريقة واحدة‪ ،‬إذا تع ّ‬
‫وعدم الضجر مما عسى أن تجده من بعض أخلقها‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ 3331‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ‪1468‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،3084‬ومسلم ‪2671‬‬

‫) ‪(1/429‬‬

‫لتنتظم الحياة الزوجية‪ ،‬ويتربى الطفال في حضن‬


‫البوين‪ ،‬في محبة ومودة وقيام بالواجب‪.‬‬

‫) ‪(1/430‬‬

‫نصيحة من القلب إلي الزواج )‪(1) (3‬‬

‫أيها الزوج !‬
‫زوجتك هي حاملة أولدك‪ ،‬وراعية أموالك‪ ،‬وحافظة‬
‫أسرارك‪ .‬اخفض الجناح معها‪ ،‬وأظهر البشاشة لها‪،‬‬
‫فالبتسامة تحيي النفوس وتمحو ضغائن الصدور‪،‬‬
‫والثناء على الزوجات في الملبس والمأكل والزينة‬
‫جاذب لفئدتهن‪ ،‬وقد أباح السلم الكذب مع الزوجة‬
‫لزيادة المودة لها‪ .‬والهدية بين الزوجين مفتاح‬
‫للقلوب‪ ،‬تنبئ عن محبة وسرور‪ ،‬والتبسط معها ونبذ‬
‫الغموض والكبرياء من سيما الحياة السعيدة‪ ،‬يقول‬
‫عمر بن‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من خطبة للشبخ عبد المحسن بن محمد القاسم‬
‫بالمسجد النبوي بتاريخ ‪9/5/1423‬هـ بإختصار‪.‬‬

‫) ‪(1/431‬‬

‫الخطاب رضي الله عنه‪) :‬ينبغي للرجل أن يكون في‬


‫أهله كالصبي ـ أي في النس والسهولة ـ فإن كان‬
‫في القوم كان رج ً‬
‫ل( )‪. (1‬‬
‫وكن زوجا ً مستقيما ً في حياتك تكن هي بإذن الله‬
‫أقوم‪ ،‬ول تمدن عينيك إلى ما ل يحل لك‪ ،‬فالمعصية‬
‫شؤم في بيت الزوجية‪ ،‬ومشاهدة الفضائيات يقّبح‬
‫جمال الزوجة عند زوجها‪ ،‬وينقص قدر زوجها عندها‪،‬‬
‫فتتباعد القلوب‪ ،‬وتنقص المحبة‪ ،‬وتضمحل المودة‪،‬‬
‫ويبدأ الشقاق‪ ،‬ول أسلم من الخلص منها‪ .‬وكن‬
‫لزوجتك كما تحب أن تكون هي لك في كل ميادين‬
‫الحياة‪ ،‬فإنها تحب منك كما تحب منها‪ ،‬يقول ابن‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عباس رضي الله عنهما‪) :‬إّني أ ُ ِ‬
‫ة‪,‬‬
‫مْرأ ِ‬ ‫ن أت ََزّين ل ِل ْ َ‬
‫بأ ْ‬‫ح ّ‬
‫َ‬ ‫ما أ ُ ِ‬
‫ن ت َت ََزّين ِلي( )‪ ، (2‬واستمع إلى نقد‬ ‫بأ ْ‬‫ح ّ‬ ‫كَ َ‬
‫زوجتك بصدر رحب وبشاشة خلق‪ ،‬فقد كان نساء‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يراجعنه في الرأي فل‬
‫يغضب منهن‪ ،‬ومن علو النفس أن ل يأخذ الزوج من‬
‫مال زوجته شيئا ً إل برضاها‪ ،‬فمالها ملك‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيهقي في الشعب ‪6/292‬‬
‫)‪ (2‬الطبري ‪ ،3765‬وابن أبي حاتم ‪ ،2335‬البيهقي‬
‫في السنن الكبرى ‪ ،15125‬وابن أبي شيبة ‪4/183‬‬

‫) ‪(1/432‬‬

‫لها‪ ،‬وأحسن إليها بالنفقة بالمعروف ول تبخل عليها‪،‬‬


‫وتذكر أن زوجتك تود الحديث معك في جميع شؤونها‬
‫عد إلى‬ ‫ع لها سمعك‪ ،‬فهذا من كمال الدب‪ ،‬ول ت ُ‬ ‫فأر ِ‬
‫دارك كالح الوجه عابس المحّيا‪ ،‬فأولدك بحاجة إلى‬
‫عطفك وقربك وحديثك‪ ،‬فألن لهم جانبك‪ ،‬وانشر بين‬
‫يديهم أبوتك‪ ،‬ودعهم يفرحون بتوجيهك وحسن‬
‫إنصاتك‪ ،‬فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم »إذا‬
‫حًبا ِباب ْن َِتي‪ ،‬ثم يجلسها‬
‫مْر َ‬
‫رأى ابنته فاطمة قال لها‪َ :‬‬
‫و على أهل البيت‬ ‫عن يمينه أو شماله« )‪ . (1‬والحن ّ‬
‫شموخ في الرجولة‪ ،‬يقول البراء رضي الله عنه‪:‬‬
‫)دخلت مع أبي بكر رضي الله عنه على أهله فإذا‬
‫ابنته عائشة مضجعة قد أصابتها حمى‪ ،‬فرأيت أباها‬
‫أبا بكر يقبل خدها ويقول‪ :‬كيف أنت يا بنية؟( )‪. (2‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أخرجه مسلم ‪ ،2450‬وهو أيضا عند البخاري‬
‫‪3426‬‬
‫)‪ (2‬أخرجه البخاري ‪3704‬‬
‫) ‪(1/433‬‬

‫ة‬
‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫والقيام بأعباء المنزل من شيم الوفياء‪َ ،‬‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ُ‬
‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت َ‬ ‫سئ ِل ْ ُ‬‫ت‪ُ »:‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫ن ال ْب َ َ‬‫م ْ‬
‫شًرا ِ‬ ‫ن بَ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫في ب َي ْت ِ ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫َ‬
‫ه« )‪. (1‬‬ ‫س ُ‬
‫ف َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫خد ُ ُ‬‫وي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫شات َ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ُ‬
‫حل ُ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫وب َ ُ‬‫فِلي ث َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫والكرم بالنفقة على أهل بيتك أفضل البذل‪ ،‬ول‬
‫يطغى بقاؤك عند أصحابك على حقوق أولدك‪،‬‬
‫كر زوجتك بعيوب بدرت منها‪،‬‬ ‫فأهلك أحق بك‪ ،‬ول تذ ّ‬
‫ول تلمزها بتلك الزلت والمعايب‪ ،‬واخف مشاكل‬
‫الزوجين عن البناء‪ ،‬ففي إظهارها تأثير على التربية‬
‫واحترام الوالدين‪ ،‬والغضب أساس الشحناء‪ ،‬وما بينك‬
‫وبين زوجتك أسمى أن تدنسه لحظه غضب عارمة‪.‬‬
‫وآثر السكوت على سخط المقال‪ ،‬والعفو عن الزلت‬
‫أقرب إلى العقل والتقوى‪ ،‬يقول عمر بن الخطاب‬
‫رضي الله عنه‪) :‬النساء عورة‪ ،‬فاستروهن بالبيوت‪،‬‬
‫داووا ضعفهن بالسكوت(‪.‬‬ ‫و َ‬
‫ُ‬
‫إن حق الزوجة على الزوج عظيم‪ ،‬أسرت بالعقود‬
‫وأوِثقت بالعهود‪ .‬الزوجات يكرمهن الكريم‪ ،‬ويعلي‬
‫شأنهن العظيم‪ ،‬تقول عائشة‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪24998‬‬

‫) ‪(1/434‬‬

‫سل ّ َ‬
‫م‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫رضي الله عنها‪َ » :‬‬
‫َ‬
‫ضاءً ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫ع َ‬ ‫ها أ ْ‬ ‫ع َ‬‫قطّ ُ‬ ‫م يُ َ‬
‫شاةَ ث ُ ّ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫ما ذَب َ َ‬‫وُرب ّ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ي ُك ْث ُِر ِذك َْر َ‬
‫َ‬
‫م ي َك ُ ْ‬
‫ن‬ ‫ه لَ ْ‬‫ه ك َأن ّ ُ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫قل ْ ُ‬‫ما ُ‬ ‫فُرب ّ َ‬‫ة َ‬ ‫ج َ‬‫دي َ‬ ‫خ ِ‬‫ق َ‬ ‫دائ ِ ِ‬ ‫ص َ‬‫في َ‬ ‫ها ِ‬ ‫عث ُ َ‬
‫ي َب ْ َ‬
‫ة!!« )‪. (1‬‬ ‫ج ُ‬ ‫َ‬
‫مَرأةٌ إ ِّل َ‬
‫دي َ‬‫خ ِ‬ ‫في الدّن َْيا ا ْ‬ ‫ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪3607‬‬

‫) ‪(1/435‬‬

‫‪ 17‬فائدة لـ ‪ :‬غض البصر )‪(1‬‬

‫‪ -1‬تخليص القلب من ألم الحسرة‪.‬‬


‫‪ -2‬أنه يورث نورا ً وإشراقا ً في القلب يظهر في‬
‫العين والوجه والجوارح وإطلق البصر يورث ظلمة‬
‫في الوجه والجوارح‪.‬‬
‫‪ -3‬أنه يورث صحة الفراسة‪.‬‬
‫‪ -4‬أنه يفتح له طرق العلم وأبوابه ويسهل عليه‬
‫أسبابه وذلك بسبب نور القلب‪.‬‬
‫‪ -5‬أنه يورث القلب ثباتا ً وشجاعة فيجعل له سلطان‬
‫الحجة‪.‬‬
‫‪ -6‬أنه يورث القلب سرورا ً وفرحا ً وانشراحا ً أعظم‬
‫من اللذة والسرور الحاصل بالنظر‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬لمزيد من التفصيل في هذه الفوائد ُيراجع ‪:‬‬
‫روض المحبين ونزهة المشتاقين‪ ،‬الداء والدواء‪.‬‬
‫كلهما لبن قيم الجوزية‬

‫) ‪(1/436‬‬

‫‪ -7‬أنه يخلص القلب من أسر الشهوة‪.‬‬


‫‪ -8‬أنه يسد عنه بابا ً من أبواب جهنم‪.‬‬
‫‪ -9‬أنه يقوي عقله ويزيده ويثبته‪.‬‬
‫سكر الشهوة ورقدة الغفلة‪.‬‬ ‫‪ -10‬يخلص القلب من ُ‬
‫‪ -11‬أنه امتثال لمر الله الذي هو غاية سعادة العبد‬
‫في معاشه ومعاده‪.‬‬
‫‪ -12‬أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي‬
‫لعل فيه هلكه إلى قلبه‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -13‬أنه يورث القلب أنسا بالله وجمعه عليه‪.‬‬
‫‪ -14‬أنه يقوي القلب ويفرحه‪.‬‬
‫‪ -15‬أنه يسد على الشيطان مدخله إلى القلب‪.‬‬
‫‪ -16‬أنه يفرغ القلب للفكرة في مصالحه والشتغال‬
‫بها‪.‬‬
‫‪ -17‬أن بين العين والقلب منفذا ً وطريقا ً يوجب‬
‫انتقال أحدهما إلى الخر وأن يصلح بصلحه ويفسد‬
‫بفساده‪.‬‬

‫) ‪(1/437‬‬

‫غض بصرك‬

‫تجفيف المنابع جملة ينبغي أن نقف عندها قليًل في‬


‫رحلتنا مع علج طغيان الشهوة أخي الشاب‪ ،‬فإذا‬
‫جففنا منابع المعصية وقطعنا الطرق المؤدية إليها؛‬
‫سيكون من الصعب أو من المستحيل أن نقع فيها؛‬
‫لن الوقاية خير من العلج‪ ،‬وأهم منبعين للشهوة‪:‬‬
‫هما إطلق البصر‪ ،‬والسترسال مع الخواطر‪.‬‬
‫والبصر هو باب القلب الول‪ ،‬وأقرب الحواس إليه؛‬
‫ولذا أراد الله أن ُيحكم النسان رقابته على هذا‬
‫الممر‪ ،‬ويفحص ما يدخل منه؛ لنه سرعان ما يدخل‬
‫إلى القلب‪ ،‬والعين التي صبرت عن الحرام؛ ُيكتب لها‬
‫دا يوم القيامة؛‬ ‫السعادة والفرح‪ ،‬ول تعرف الدمع أب ً‬
‫ةل‬ ‫فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪َ» :‬ثلث َ ٌ‬
‫ن‬‫عي ْ ٌ‬
‫و َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬‫سِبي ِ‬
‫في َ‬ ‫ت ِ‬ ‫س ْ‬‫حَر َ‬‫ن َ‬ ‫عي ْ ٌ‬
‫م الّناَر‪َ :‬‬ ‫ه ُ‬ ‫ت ََرى أ َ ْ‬
‫عي ُن ُ ُ‬
‫ه« )‬ ‫رم ِ الل ّ ِ‬ ‫حا ِ‬
‫م َ‬
‫ن َ‬‫ع ْ‬ ‫ت َ‬‫ض ْ‬
‫غ ّ‬‫ن َ‬ ‫عي ْ ٌ‬
‫و َ‬‫ه‪َ ،‬‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫خ ْ‬
‫شي َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫ب َك َ ْ‬
‫‪(1‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الطبراني في الكبير ‪ ،16347‬وصححه اللباني‬
‫لغيره في الصحيحة ‪2673‬‬

‫) ‪(1/438‬‬

‫ضا ـ أيها الشاب ـ إذا غضضت بصرك؛ فإن‬ ‫وأي ً‬


‫الرسول صلى الله عليه وسلم يضمن لك الجنة؛ فعن‬
‫عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫سّتا ِ‬ ‫مُنوا ِلي ِ‬ ‫ض َ‬‫الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ا ْ‬
‫َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫و ُ‬
‫فوا‬ ‫وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫حدّث ْت ُ ْ‬ ‫قوا إ ِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫صد ُ ُ‬ ‫ةا ْ‬ ‫جن ّ َ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬‫م ْ‬ ‫ض َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫ف ِ‬
‫ف ُ‬ ‫عدت ُم َ‬
‫جك ُ ْ‬
‫م‬ ‫فُرو َ‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ح َ‬‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫من ْت ُ ْ‬‫ؤت ُ ِ‬‫ذا ا ْ‬ ‫دوا إ ِ َ‬ ‫وأ ّ‬‫و َ ْ ْ َ‬ ‫ذا َ‬ ‫إِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م« )‪(1‬‬ ‫دي َك ُ ْ‬
‫فوا أي ْ ِ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫م َ‬ ‫صاَرك ُ ْ‬ ‫ضوا أب ْ َ‬ ‫غ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ 21695‬وغيره‪ ،‬وقال اللباني صحيح لغيره‬
‫في الصحيحة ‪1470‬‬

‫) ‪(1/439‬‬

‫كيف تعرف عيوب نفسك؟ )‪(1‬‬

‫اعلم رحمك الله أن الله تعالى اذا أراد بعبد خيرا‬


‫صره بعيوب نفسه فمن كانت له بصيرة لم تخف‬ ‫ب ّ‬
‫عليه عيوبه واذا عرف العيوب أمكنه العلج ولكن أكثر‬
‫الناس جاهلون بعيوبهم يرى أحدهم القذي في عين‬
‫أخيه ول يرى الجذع في عينه فمن أراد الوقوف على‬
‫عيب نفسه فله في ذلك أربع طرق‪..‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬من كتاب مختصر منهاج القاصدين لبن قدامة‬
‫)رياضة النفس وتهذيب الخلق ومعالجة أمراض‬
‫القلوب ‪ /‬الفصل الثالث في علمات مرض القلب‬
‫وعوده إلى الصحة ( بتصرف واختصار‬

‫) ‪(1/440‬‬

‫الطريقة الولى ‪ :‬أن تجلس بين يدي شيخ بصير‬


‫بعيوب النفس يعرفه عيوب نفسه وطرق علجها‬
‫وهذا قد عز في هذا الزمان وجوده فمن وقع به فقد‬
‫وقع بالطبيب الحاذق فل ينبغى أن يفارقه‪.‬‬

‫الطريقة الثانية ‪ :‬أن يطلب صديقا صدوقا بصيرا‬


‫متدينا وينصبه رقيبا على نفسه لينبهه على المكروه‬
‫من أخلقه وأفعاله‪ ،‬وقد كان أمير المؤمنين عمر بن‬
‫دى‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ه َ‬ ‫م ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ح َ‬
‫الخطاب رضي الله عنه يقول‪َ) :‬ر ِ‬
‫عُيوِبى( )‪ ، (1‬وسأل سليمان رضي الله عنه لما‬ ‫إ ِل َ ّ‬
‫ى ُ‬
‫قدم عليه عن عيوبه فقال سمعت أنك جمعت بين‬
‫إدامين على مائدة وأن لك حلتين حلة بالليل وحلة‬
‫بالنهار فقال هل بلغك غير هذا قال ل قال أما هذا‬
‫فقد كفيتها‪ .‬وكان عمر رضي الله عنه يسأل حذيفة ‪:‬‬
‫هل أنا من المنافقين؟ )‪(2‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الدارمي ‪674‬‬
‫)‪ (2‬البحر الزخار ‪ 2505‬ونصه ‪ :‬عن حذيفة رضي الله‬
‫عنه قال ‪ :‬دعي عمر ‪ ،‬لجنازة ‪ ،‬فخرج فيها أو يريدها‬
‫فتعلقت به فقلت ‪ :‬اجلس يا أمير المؤمنين ‪ ،‬فإنه‬
‫من أولئك ‪ ،‬فقال ‪ » :‬نشدتك الله أنا منهم « ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫» ل ول أبرئ أحدا بعدك « ‪ ،‬ومصنف ابن أبي شيبة‬
‫‪38545‬‬

‫) ‪(1/441‬‬

‫وقد عز في هذا الزمان وجود صديق على هذه الصفة‬


‫لنه قل في الصدقاء من يترك المداهنة فيخبر‬
‫بالغيب أو يترك الحسد فل يزيد على قدر الواجب‪،‬‬
‫وقد كان السلف يحبون من ينبههم على عيوبهم‬
‫ونحن الن في الغالب أبغض الناس إلينا من يعرفنا‬
‫عيوبنا‪ .‬وهذا دليل على ضعف اليمان فان الخلق‬
‫السيئة كالعقارب ولو أن منبها نبهنا على أن تحت‬
‫ثوب أحدنا عقربا لتقلدنا له منه واشتغلنا بقتلها‬
‫والخلق الرديئة أعظم ضررا من العقرب على ما ل‬
‫يخفى‪.‬‬

‫الطريقة الثالثة‪ :‬أن يستفيد معرفة عيوب نفسه من‬


‫سنة أعدائه فإن عين السخط تبدي المساوئ‬ ‫أل ْ ِ‬
‫وانتفاع النسان بعدو مشاجر يذكر عيوبه أكثر من‬
‫انتفاعه بصديق مداهن يخفي عنه عيوبه‪.‬‬

‫) ‪(1/442‬‬

‫الطريق الرابعة ‪ :‬أن يخالط الناس فكل ما يراه‬


‫مذموما فيما بينهم يجتنبه‪.‬‬

‫) ‪(1/443‬‬

‫فنون المعاتبة‪ ..‬ومعالجة الخطاء )‪(1‬‬

‫العتاب والمعاتبة‪ ،‬من آكد ما يبقي المودة وُيشعر‬


‫بالرحمة والقرب واللفة‪ ،‬ولذلك نجد في القرآن‬
‫الكريم كيف أن الله جل وتعالى كان يعاتب أنبيائه‬
‫ورسله وعباده الصالحين‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬
‫م‪! {..‬التوبة‪َ} ،43:‬يا أي ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت لَ ُ‬‫م أِذن ْ َ‬ ‫عن ْ َ‬
‫ك لِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫فا الل ّ ُ‬‫ع َ‬‫} َ‬
‫ه لَ َ‬ ‫َ‬
‫ك‪!! {..‬التحريم‪،1:‬‬ ‫ل الل ّ ُ‬‫ح ّ‬ ‫ما أ َ‬ ‫م َ‬‫حّر ُ‬ ‫م تُ َ‬ ‫ي لِ َ‬
‫الن ّب ِ ّ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ري َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عل ُ‬ ‫كل َ‬ ‫ما ي ُدْ ِ‬
‫و َ‬
‫مى * َ‬
‫ع َ‬‫جاءَهُ ال ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ولى * أ ْ‬ ‫وت َ َ‬‫س َ‬ ‫عب َ َ‬ ‫} َ‬
‫كى{ عبس‪!! 3-1:‬‬ ‫ي َّز ّ‬
‫وحين نتأمل نصوص السيرة النبوية نجد أيضا ً كيف أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحرص المة‬
‫على المة‪ ،‬فكان يعاتب‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬السعادة السرية بتصرف‪.‬‬

‫) ‪(1/444‬‬
‫فوا )‬ ‫خل ّ ُ‬‫ويعتب‪..‬اقرأ إن شئت قصة الثلثة الذين ُ‬
‫م‬‫ع َ‬ ‫‪.. (1‬واقرأ في قوله صلى الله عليه وسلم »ن ِ ْ‬
‫ل« )‪ (2‬وهكذا‪..‬‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ه لَ ْ‬ ‫عب ْدُ الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ُ‬ ‫الّر ُ‬
‫والذي يشد النتباه ويلفت النظر‪ ،‬سمو الدب في‬
‫آيات المعاتبة والعتاب‪..‬وتقرأ في طّيات نصوص‬
‫السنة شدة الحرص والرحمة بالمة من خلل همسات‬
‫العتاب ومواقفه‪..‬وبمثل هذا يبقى العتاب أسمى ما‬
‫يكون حين يؤلف القلوب‪ ،‬ويرتق الفتق في رحمة‬
‫وإشفاق‪..‬‬
‫__________‬
‫ت‬‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫ذا َ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫فوا َ‬ ‫خل ّ ُ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ّ ِ‬‫عَلى الث َّلث َ ِ‬ ‫و َ‬‫)‪َ } (1‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م أن ْ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫و َ‬‫ت َ‬ ‫حب َ ْ‬ ‫ما َر ُ‬ ‫ض بِ َ‬ ‫م الْر ُ‬ ‫ه ُ‬
‫ِ‬ ‫عل َي ْ‬
‫َ‬
‫ب َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫م َتا َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ه إ ِّل إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جأ ِ‬ ‫مل ْ َ‬‫ن َل َ‬ ‫وظَّنوا أ ْ‬ ‫َ‬
‫حيم{ التوبة‪،118:‬‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫و الت ّ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬‫ل ِي َُتوُبوا إ ِ ّ‬
‫والقصة بتمامها في الصحيحين البخاري ‪،4066‬‬
‫ومسلم ‪4973‬‬
‫)‪ (2‬البيهقي في السنن الكبرى ‪4826‬‬

‫) ‪(1/445‬‬

‫ومن هنا وجب على المتحابين بجلل الله أن يرقوا‬


‫بمعاتباتهم‪ ،‬وأن تسموا بهم روح اليمان فتتعانق‬
‫الرواح طهرا وحبا ً وهي تبلسم بعضها بعضا لتداوي‬
‫جراحها بيد الشفاق والعطف والرحمة‪..‬‬
‫تلكم هي الروح السامية بسمو اليمان‪..‬‬
‫تلكم هي الروح التي تأسرك بشفافيتها‪..‬‬
‫مزن في سمائها‪..‬‬ ‫الروح الطاهرة طهر ال ُ‬
‫الروح التي تجذبك إليها بلطف‪..‬‬
‫وتدفع عنك الذى بحرص‪..‬‬
‫تخرج منها الكلمة فتسمع روحك همسها قبل أذنك‪..‬‬
‫كأني بها وهي تناغي وتترنم ‪:‬‬
‫حديث الروح للرواح يسري ‪ #‬فتدركه القلوب بلعناء‬

‫) ‪(1/446‬‬

‫هتفت به فطار بل جناح ‪ #‬وشق أنينه صدر الفضاء‬


‫ومعدنه ترابي ولكن ‪ #‬جرت في لفظه لغة السماء‬
‫فحّلق في ربى الفلك حتى ‪ #‬أهاج العالم العلى‬
‫بكائي )‪(1‬‬
‫إنها ليست معاتبة‪ ..‬بل هي همسات الروح للروح‪.‬‬
‫فهل بلغنا مبلغ الخوة التي يغبطنا عليها النبياء‬
‫ما تزل‬ ‫والشهداء والصالحون )‪ (2‬؟! أم أن نفوسنا ل ّ‬
‫ترابّية الصل والطموح ؟! وفي سبيل أن نخطو‬
‫خطوة نحو السمو‪..‬وحتى نعيش إخلء أوفياء أصفياء‬
‫أنقياء‪..‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيات لمحمد إقبال‬
‫صلى‬‫ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫ع ُ‬‫م ْ‬‫س ِ‬‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل َ‬ ‫جب َ ٍ‬
‫ن َ‬ ‫عاذُ ب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫)‪» (2‬عن ُ‬
‫ن‬‫حاّبو َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ْ‬
‫ل ال ُ‬ ‫ج ّ‬‫و َ‬‫عّز َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ُ‬ ‫قا َ‬‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ن‬ ‫م الن ّب ِّيو َ‬‫ه ْ‬‫غب ِطُ ُ‬‫ر يَ ْ‬ ‫ن ُنو ٍ‬‫م ْ‬ ‫مَناب ُِر ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جَلِلي ل َ ُ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ء« الترمذي ‪ 2312‬وقال حسن صحيح‬ ‫دا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫وصححه اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/447‬‬

‫الولى ‪ :‬كثرة اللوم في الغالب ل يأتي بخير‪..‬‬


‫لكن ليس كل اللوم !!‪ ،‬وإنما كثرة اللوم والعتاب‪،‬‬
‫غض عليك العدو‪..‬‬ ‫فإنها تنفر منك الصديق‪ ،‬وتب ّ‬
‫ه‬
‫ض ما في ِ‬‫عن َبع ِ‬‫و َ‬
‫ه‪َ #‬‬ ‫ق ِ‬
‫صدي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫عيَنه َ‬ ‫مض َ‬ ‫غ ّ‬
‫من ل ي ُ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ت‬‫عا‬ ‫و‬
‫َ َ َ ِ ُ‬ ‫وه‬ ‫مت‬ ‫يَ ُ‬
‫ول َيسَلم له اّلهَر‬
‫جدها َ‬‫ة ‪ #‬يَ ِ‬ ‫عثَر ٍ‬
‫ل َ‬‫هدا ً ك ُ ّ‬ ‫من ي َت َت َّبع جا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ب )‪(1‬‬ ‫ُ‬ ‫ح‬
‫ِ‬ ‫صا‬ ‫َ‬
‫ثق تماما أن لحظة كدر في عتاب قد تفسد عليك‬ ‫ً‬
‫أخوة دهر ! وتسرع في عتاب‪ ..‬يفّرق عليك رأس‬
‫المال‪..‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيات لكثير عزة‬

‫) ‪(1/448‬‬

‫ت‬
‫م ُ‬‫خدَ ْ‬ ‫واسمع للخادم الصغير أنس وهو يقول ‪َ » :‬‬
‫ل ِلي‬‫قا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ف َ‬‫ن َ‬ ‫سِني َ‬ ‫شَر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ُالن ّب ِ ّ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ول ل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عت َ ُ‬‫صن َ ْ‬
‫م َ‬‫ه لِ َ‬‫عت ُ ُ‬
‫صن َ ْ‬‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫قط َ‬‫ّ‬ ‫ف َ‬ ‫أ ّ‬
‫ه« )‪ !! (1‬هذا وهو صغير مظنة وقوع‬ ‫م ت ََرك ْت َ ُ‬ ‫ت ََرك ْت ُ ُ‬
‫ه لِ َ‬
‫الخطأ منه أعظم من مظنتها في كبير واع !!‬

‫الثانية ‪ :‬ل تطلب من الخرين عدم الخطأ‪ ..‬وإنما‬


‫اطلب منهم أن ل يستمروا في الخطأ إذا علموه‪.‬‬
‫م‬ ‫ب الل ّ ُ‬
‫ه ب ِك ُ ْ‬ ‫ه َ‬‫م ت ُذْن ُِبوا ل َذَ َ‬‫و لَ ْ‬
‫ه لَ ْ‬
‫د ِ‬‫سي ب ِي َ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ذي ن َ ْ‬ ‫وال ّ ِ‬‫» َ‬
‫م« )‬
‫ه ْ‬ ‫فُر ل َ ُ‬‫غ ِ‬ ‫ه َ‬
‫في َ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫فُرو َ‬ ‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫ن َ‬
‫في َ ْ‬ ‫وم ٍ ي ُذْن ُِبو َ‬‫ق ْ‬ ‫جاءَ ب ِ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫َ‬
‫ّ‬
‫‪ . (2‬تلكم هي سنة الله‪..‬ولتتجلى في خلقه معاني‬
‫أسمائه وصفاته‪..‬‬
‫وهكذا ينبغي أن نقبل الخرين‪ ..‬على أنهم بشر‬
‫يخطئون‪..‬‬

‫اقبل أخاك ببعضه ‪ #‬قد ُيقبل المعروف نزرا !‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬رواه الترمذي ‪ ،1938‬والحديث في البخاري‬
‫‪ ،5578‬وأبو داود ‪4144‬‬
‫)‪ (2‬رواه أحمد ‪ ،309 / 2‬ومسلم ‪2749‬‬

‫) ‪(1/449‬‬

‫واقبل أخاك فإنه ‪ #‬إن ساء عصرا ً سّر عصرا ً‬

‫فإنك إن لم تكن كذلك أوشكت أن تشق على الناس‬


‫أو تهلك نفسك‪..‬‬

‫ما تركته ‪ #‬وجّربت أقواما ً بكيت‬


‫و فل ّ‬
‫عتبت على عمر ٍ‬
‫على عمرو! )‪(1‬‬

‫الثالثة ‪ :‬أزل الغشاوة عن عيني المخطئ‪!.‬‬


‫حين ترى الخطأ‪ ..‬ل تتشنج‪ ..‬أو تنقلب حماليق عينك‪،‬‬
‫أو يتعكر صفو مزاجك‪ ..‬تمهل قد يكون المخطئ‬
‫غطت على عينيه غشاوة الخطأ أو المعصية‪ ..‬فل‬
‫تستعجل في ذم أو تقبيح‪ ..‬بل ابذل جهدك في إزالة‬
‫الغشاوة عن عين المخطئ‪..‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬المستطرف في كل فن مستظرف )باب في‬
‫المثال السائرة ‪ -‬فصل في المثال من الشعر(‬

‫) ‪(1/450‬‬

‫َ‬
‫ل‬ ‫ف َ‬
‫قا َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬‫صّلى الل ّ ُ‬‫ي َ‬ ‫شاّبا أَتى الن ّب ِ ّ‬ ‫فًتى َ‬ ‫ن َ‬ ‫»إ ِ ّ‬
‫ن ِلي ِبالّزَنا‬ ‫ه ائ ْذَ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫ه‬
‫م ْ‬ ‫ه َ‬
‫م ْ‬‫قاُلوا َ‬‫جُروهُ َ‬ ‫فَز َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫م َ‬‫و ُ‬ ‫ق ْ‬‫ل ال ْ َ‬
‫قب َ َ‬‫فأ َ ْ‬
‫َ‬
‫ريًبا‬ ‫ق ِ‬‫ه َ‬‫من ْ ُ‬
‫فدََنا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ادْن ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫س‬‫جل َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ه ِل ّ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫أ َت ُ ِ‬ ‫ل‬‫قا َ‬ ‫َ‬
‫داءَ َ‬
‫ك‬ ‫ف َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َِني الل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫َل َ‬ ‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫هات ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِل ّ‬ ‫حّبون َ ُ‬ ‫س يُ ِ‬ ‫وَل الّنا ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ه ِلب ْن َت ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫أ ُ ِ ّ ُ‬
‫ب‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ف‬ ‫ل‬
‫داءَ َ‬
‫ك‬ ‫ف َ‬ ‫عل َِني الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ج َ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ه َيا َر ُ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫َل َ‬ ‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫ه ل ِب ََنات ِ ِ‬ ‫حّبون َ ُ‬ ‫س يُ ِ‬ ‫وَل الّنا ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫خت ِكَ‬ ‫حب ّه ِل ُْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫أفت ُ ِ ُ‬ ‫ل‬
‫ك‬‫داءَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َِني الل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫َل َ‬ ‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫وات ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ه ِل َ َ‬ ‫حّبون َ ُ‬ ‫س يُ ِ‬ ‫وَل الّنا ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫مت ِكَ‬ ‫ع ّ‬ ‫ه لِ َ‬ ‫حب ّ ُ‬‫أ َفت ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/451‬‬

‫ك‬‫داءَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َِني الل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫ل َل َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬


‫م‬ ‫ه ْ‬‫مات ِ ِ‬ ‫ع ّ‬ ‫ه لِ َ‬ ‫حّبون َ ُ‬ ‫س يُ ِ‬ ‫وَل الّنا ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫خال َت ِ َ‬
‫ك‬ ‫ه لِ َ‬ ‫لأ َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫حب ّ ُ‬‫فت ُ ِ‬
‫ك‬ ‫داءَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه ِ‬ ‫عل َِني الل ّ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ِ‬ ‫ل َل َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ه لِ َ َ‬ ‫وَل الّنا ُ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫خالت ِ ِ‬ ‫حّبون َ ُ‬ ‫س يُ ِ‬ ‫ل َ‬
‫وطَ ّ‬
‫هْر‬ ‫فْر ذَن ْب َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ما ْ‬
‫غ ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ع ي َدَهُ َ‬ ‫ض َ‬‫و َ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ج ُ‬ ‫فْر َ‬ ‫ن َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب َ ُ‬ ‫َ‬
‫ء« )‪(1‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ت إ َِلى َ‬ ‫ف ُ‬ ‫فَتى ي َل ْت َ ِ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫عدُ ذَل ِ َ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ي َك ُ ْ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫َ‬
‫بأبي وأمي أنت يا رسول الله‪ ..‬ما أشد حلمك مع‬
‫شدة حرصك وتسّلط السفهاء عليك‪..‬‬

‫الرابعة ‪ :‬اختر الكلمات اللطيفة في العتاب‬


‫والمعاتبة‪..‬‬
‫ل تقّبح‪ ،‬أو تسب أو تشتم‪..‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أخرجه أحمد ‪ 21185‬واللفظ له‪ ،‬والطبرانى في‬
‫الكبير ‪ ،7660 ،7577‬وقال الهيثمى )‪ (1/129‬رجاله‬
‫رجال الصحيح‪ ،‬وقال العراقي )المغني عن حمل‬
‫السفار ‪ (2251‬إسناد جيد رجاله رجال الصحيح‬

‫) ‪(1/452‬‬

‫وَل‬
‫ش َ‬
‫ح ِ‬ ‫وَل ال ْ َ‬
‫فا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫وَل الل ّ ّ‬
‫عا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ِبالطّ ّ‬
‫عا ِ‬ ‫م ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫س ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫»ل َي ْ َ‬
‫ء« )‪(1‬‬ ‫ذي ِ‬‫ال ْب َ ِ‬
‫ة« )‪(2‬‬ ‫صدَ َ‬
‫ق ٌ‬ ‫ة َ‬ ‫ة الطّي ّب َ ُ‬‫م ُ‬ ‫وال ْك َل ِ َ‬
‫وفي الحديث الصحيح » َ‬
‫فكيف تراها تكون هذه الكلمة طيبة ؟!‬
‫بعبارات التلوم والذم والشتم وجرح المشاعر ؟!!‬
‫أم ترى أن للكلمات أنوار إذا برقت بروقها أنارت‬
‫فؤاد المستمع !‬

‫الخامسة ‪ :‬اترك الجدال‪..‬‬


‫في عتابك ل تجادل‪ ..‬لنك بالجدال قد تخسر النتيجة‬
‫وقد تكون أنت المحق‪..‬‬
‫ثم إن المجادل قد يربط الحق بكرامته‪ ،‬فيدافع عن‬
‫كرامته ل عن الحق‪ ..‬وهنا تكون القاضية !‬
‫ق‪ ..‬ول المودة بقية‪..‬‬ ‫ُ‬
‫فل الحق أح ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،3839‬الترمذي ‪ 1900‬وقال حسن غريب‪،‬‬
‫وصححه اللباني‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،2767‬مسلم ‪1677‬‬

‫) ‪(1/453‬‬

‫في‬ ‫ت ِ‬ ‫م ب ِب َي ْ ٍ‬ ‫عي ٌ‬‫وقد جاء في الحديث الصحيح »أ ََنا َز ِ‬


‫في‬
‫ت ِ‬ ‫وب ِب َي ْ ٍ‬
‫قا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫مَراءَ َ‬ ‫ك ال ْ ِ‬‫ن ت ََر َ‬
‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫جن ّ ِ‬‫ض ال ْ َ‬ ‫َرب َ ِ‬
‫ت‬‫وب ِب َي ْ ٍ‬
‫حا َ‬ ‫ز ً‬ ‫ما ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫ن َ‬‫وإ ِ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ذ َ‬‫ك ال ْك َ ِ‬ ‫ن ت ََر َ‬
‫م ْ‬ ‫ة لِ َ‬ ‫جن ّ ِ‬‫ط ال ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ه« )‪(1‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خلق ُ‬ ‫ن ُ‬‫س َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬‫جن ّ ِ‬ ‫على ال َ‬ ‫في أ ْ‬ ‫ِ‬

‫السادسة ‪ :‬ضع نفسك موضع المخطئ‪ ..‬ثم فكر في‬


‫الحل !‬
‫لنه ل يكفي منك أن تنتقد وتعاتب‪..‬‬
‫بل لبد مع العتاب بلسمًا‪..‬‬
‫وانظر كيف أن منهج القرآن ليس هو الزجر دون‬
‫بيان طريق النصر والظفر‪..‬‬
‫قال تعالى ‪َ } :‬‬
‫م الّرَبا{ البقرة‪:‬‬
‫حّر َ‬
‫و َ‬ ‫ه ال ْب َي ْ َ‬
‫ع َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ح ّ‬
‫وأ َ‬
‫َ‬
‫‪275‬‬
‫يأمر عباده المؤمنين بغض البصار عن الحرمات ثم‬
‫قب بالندب والحث على الزواج والنكاح من‬ ‫يع ّ‬
‫المؤمنات‪..‬‬
‫وهكذا‪..‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،4167‬وحسنه اللباني في الصحيحة‬
‫‪273‬‬
‫) ‪(1/454‬‬

‫فبدل أن تعاتب‪ ،‬ولو سمت عبارتك‪ ..‬أردفها بحل‪ ..‬أو‬


‫فكرة !‬
‫ما ي َِلي َ‬
‫ك« )‪(1‬‬ ‫م ّ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫ل ِ‬ ‫مين ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫وك ُ ْ‬
‫ل ب ِي َ ِ‬ ‫م الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫س ّ‬ ‫غَل ُ‬
‫م َ‬ ‫»َيا ُ‬

‫السابعة ‪ :‬ما كان الرفق في شيء إل زانه‪..‬‬


‫ق« )‪(2‬‬ ‫ف َ‬ ‫ب الّر ْ‬‫ح ّ‬
‫ق يُ ِ‬
‫في ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َر ِ‬ ‫»إ ِ ّ‬
‫ق« )‪(3‬‬ ‫ر ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه َ‬
‫ف ٍ‬ ‫ه بِ ِ‬
‫في ِ‬
‫غلوا ِ‬ ‫و ِ‬‫فأ ْ‬ ‫مِتي ٌ‬
‫ن َ‬ ‫دي َ‬
‫ذا ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫»إ ِ ّ‬

‫الثامنة ‪ :‬دع الخرين يتوصلون لفكرتك‪ ..‬واجعل‬


‫المخطئ يكتشف خطاه بنفسه‪ ،‬ثم هو يكتشف الحل‬
‫بنفسه‪.‬‬
‫ُيذكر أن رجل ً في الهند كان يعادي إمام الدعوة محمد‬
‫بن عبد الوهاب عداءً شديدًا‪ ،‬ويحارب كتبه ومؤلفاته‬
‫ويحذر منها‪..‬فاحتال احد‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخارى ‪ ،4957‬ومسلم ‪3767‬‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،6415‬مسلم ‪4697‬‬
‫)‪ (3‬أحمد ‪ ،12579‬قال الهيثمي ‪ :‬ورجاله موثقون إل‬
‫أن خلف بن مهران لم يدرك أنسًا‪ ،‬وحسنه اللباني‬
‫في صحيح الجامع ‪2246‬‬

‫) ‪(1/455‬‬

‫الفضلء حيلة‪ ..‬غّير بها اسم الشيخ من ‪ :‬محمد بن‬


‫عبد الوهاب‪ ،‬إلى ‪ :‬محمد بن سليمان التميمي‪..‬‬
‫ما‬
‫وأهدى جملة كتب الشيخ لهذا العالم الهندي‪ ،‬فل ّ‬
‫قرأها أعجب بها‪ ،‬ووجدت في قلبه قبول وأثرا‬
‫حسنًا‪ ..‬فأعلمه هذه الحكيم أن هذه الكتب من‬
‫مؤلفات إمام الدعوة محمد بن عبد الوهاب‪ ..‬فما كان‬
‫من هذا العالم الهندي إل أن جثى على ركبتيه من‬
‫البكاء والحسرة واللم على ما كان منه من عداء‬
‫للمام‪ ..‬فصار من أكثر الناس دعوة وتوزيعا ونشرا‬
‫لكتب إمام الدعوة في محيطه‪.‬‬

‫التاسعة ‪ :‬عندما تعاتب‪..‬اذكر جوانب الصواب‪..‬‬


‫اشعر المخطئ )المعاتب( بالنصاف‪ ،‬فإن ذكرك‬
‫محاسنه وجوانب الشراق فيه يجعله أدعى لقبول‬
‫النصح والحق‪ ،‬وأبقى للمودة بينكما‪..‬‬
‫اقرأ في هذا الثر في عتابه صلى الله عليه وسلم‬
‫صّلي‬
‫ن يُ َ‬
‫كا َ‬ ‫ه لَ ْ‬
‫و َ‬ ‫عب ْدُ الل ّ ِ‬ ‫ج ُ‬
‫ل َ‬ ‫م الّر ُ‬
‫ع َ‬
‫لعبد الله بقوله ‪» :‬ن ِ ْ‬
‫ل« )‪(1‬‬‫ن الل ّي ْ ِ‬
‫م ْ‬
‫ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،1054‬ومسلم ‪4528‬‬

‫) ‪(1/456‬‬

‫يالله‪ ..‬ما أعظمك يا رسول الله‪ ،‬وما أعظم أدبك‬


‫وسكون نفسك ورفعتها‪..‬‬

‫العاشرة ‪ :‬ل تفتش عن الخطاء الخفّية‪..‬‬


‫وعامل الناس بحسن النية‪..‬‬
‫فإنك إن ذهبت تتبع عورات المسلمين أهلكتهم‪،‬‬
‫وأوشكت ‪ -‬بله ‪ -‬أن تفضح نفسك‪..‬‬
‫حّتى‬
‫ه َ‬‫وَرت َ ُ‬
‫ع ْ‬
‫ه َ‬‫ب الل ّ ُ‬
‫سل ِم ِ طَل َ َ‬ ‫ه ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وَرةَ أ َ ِ‬
‫خي ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن طَل َ َ‬
‫ب َ‬ ‫م ْ‬‫» َ‬
‫ه« )‪!! (1‬‬ ‫في ب َي ْت ِ ِ‬‫ه ِ‬ ‫ح ُ‬
‫ض َ‬‫ف َ‬‫يَ ْ‬

‫الحادية عشر ‪ :‬استفسر عن الخطأ مع إحسان الظن‬


‫والتثبت !‬
‫إنك بهذا تشعره بالحترام والتقدير‪ ..‬كأن تقول ‪:‬‬
‫زعموا أنك فعلت !!‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أحمد ‪ ،21368‬وقال الهيثمى في مجمع الزوائد )‬
‫‪ : (8/87‬رجاله رجال الصحيح غير ميمون بن عجلن‬
‫وهو ثقة‬

‫) ‪(1/457‬‬

‫واسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو‬


‫ث ب َل َ َ‬
‫غِني‬ ‫دي ٌ‬
‫ح ِ‬
‫ما َ‬
‫يخطب في النصار بقوله ‪َ » :‬‬
‫م ؟!« )‪(1‬‬‫عن ْك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ل تعاتب‪ ..‬قبل أن تستفسر عن الخطأ‪ ..‬لعل له‬
‫عذرا‪ ..‬أو مخرجًا‪ ..‬أو كرها ً !!‬

‫الثانية عشر ‪ :‬امدح على قليل الصواب يكثر من‬


‫الممدوح الصواب‪..‬‬
‫لحظ النفس الطاهرة البريئة‪..‬‬
‫نفس الطفل التي لم تشبها شائبة الغل والحقد‬
‫وحب الذات‪..‬‬
‫حين تمدحه على عمل صغير‪..‬تراه يبذل لن ينجز لك‬
‫الجليل !!‬
‫وع السبع المفترس في باحات‬ ‫وانظر لذلك الذي ط ّ‬
‫وضه وهو السبع الذي ل يعقل ول‬ ‫العروض‪ ..‬كيف ر ّ‬
‫يفهم‪..‬‬
‫كل ذلك بمدح القليل والتشجيع عليه‪..‬‬
‫بين إخوانك امدح على قليل الصواب يكثر من‬
‫الممدوح الصواب‪!..‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،3992،3986‬ومسلم ‪1756 ،1753‬‬

‫) ‪(1/458‬‬

‫الثالثة عشر ‪ :‬تذكر أن الكلمة القاسية في العتاب‬


‫تقابلها كلمة طيبة تؤثر أكثر من الكلمة القاسية‪.‬‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫ن إِ ّ‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫يأ ْ‬ ‫قوُلوا ال ِّتي ِ‬
‫ه َ‬ ‫عَباِدي ي َ ُ‬‫ل لِ ِ‬ ‫ق ْ‬‫و ُ‬
‫} َ‬
‫م{ السراء‪53:‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ي َن َْز ُ‬
‫غ ب َي ْن َ ُ‬
‫عند الصينين مثل يقول ‪ :‬نقطة عسل تصيد من‬
‫الذباب ما ل يصيده برميل من العلقم !!‬

‫الرابعة عشر ‪ :‬تذكر‪ ...‬أن الناس يتعاملون بعواطفهم‬


‫أكثر من عقولهم !!‬
‫فامزج خطابك بعاطفة الحنو والقرب والشفاق‬
‫والحرص‪..‬‬
‫َ‬
‫ما ي َِليك« )‪(1‬‬
‫م ّ‬
‫ل ِ‬ ‫ُ‬
‫وك ْ‬ ‫َ‬
‫مين ِك َ‬
‫ل ب ِي َ ِ‬ ‫ُ‬
‫وك ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫م الل َ‬
‫س ّ‬
‫م َ‬‫غَل ُ‬
‫»َيا ُ‬

‫الخامسة عشر ‪ :‬اعط الخطأ حجمه‪..‬‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬البخارى ‪ ،4957‬ومسلم ‪3767‬‬

‫) ‪(1/459‬‬

‫قر عظيم‪..‬‬‫ظم حقير‪..‬ول تح ّ‬ ‫فل تع ّ‬


‫ظم الحقير توغر الصدر‪..‬‬‫فإنك حين تع ّ‬
‫قر العظيم تفسد المر‪..‬‬ ‫وحين تح ّ‬
‫السادسة عشر ‪ :‬ابن الثقة في نفس المخطئ‪..‬‬
‫ليكون أقدر على مواجهة الخطأ وإصلحه‪.‬‬

‫السابعة عشر ‪ :‬ل تعّير‪!!..‬‬


‫المسلم يحب الله‪ ،‬ويحب طاعة الله‪ ،‬وهو كذلك يبغض‬
‫معصية الله ومن يقارفها؛ فالمؤمن يمتلك قلبا ً‬
‫مرهفا ونفسا ً جّياشة ل تملك الحياء مع من يجترىء‬
‫على محارم الله‪ ،‬فالحب في الله والبغض في الله‬
‫من أوثق عرى اليمان ‪ ،‬لكن من الناس من يشتط‬
‫فبدل ً من بغضه للمعصية وصاحبها‪ ،‬يعّير المذنب‬
‫ويتعالى عليه!‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫بأ ّ‬ ‫جن ْدَ ٍ‬‫ن ُ‬ ‫ع ْ‬
‫جاء في الحديث َ‬
‫َ‬
‫فُر الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه َل ي َ ْ‬
‫غ ِ‬ ‫والل ّ ِ‬‫ل َ‬‫قا َ‬ ‫جًل َ‬ ‫ن َر ُ‬‫ثأ ّ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫م» َ‬ ‫سل ّ َ‬‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫َ‬
‫ن َ‬
‫ذا‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬‫قا َ‬ ‫عاَلى َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه تَ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬
‫ن َ‬ ‫فَل ٍ‬ ‫لِ ُ‬

‫) ‪(1/460‬‬

‫ت‬ ‫قد ْ َ‬
‫غ َ‬
‫فْر ُ‬ ‫فإ ِّني َ‬ ‫فَل ٍ‬
‫ن َ‬ ‫فَر ل ِ ُ‬ ‫ن َل أ َ ْ‬
‫غ ِ‬ ‫َ‬
‫يأ ْ‬ ‫ذي ي َت َأ َّلى َ‬
‫عل َ ّ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫مل َ َ‬ ‫َ‬
‫ك« )‪(1‬‬ ‫ع َ‬ ‫ت َ‬ ‫حب َطْ ُ‬
‫وأ ْ‬‫ن َ‬ ‫فَل ٍ‬ ‫لِ ُ‬
‫مر أبو الدرداء على رجل قد أصاب ذنبا وكانوا يسبونه‬
‫فقال‪) :‬أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا‬
‫مستخرجيه قالوا بلى قال فل تسبوا أخاكم واحمدوا‬
‫الله الذي عافاكم قالوا أفل تبغضه قال إنما أبغض‬
‫عمله فإذا تركه فهو أخي(‪(2) .‬‬
‫فمتى تسمو نفوسنا لتبلغ ما بلغه أولئك الطهار‪..‬‬
‫أخي‪..‬‬
‫هبني أسأت كما زعمت ‪ #‬فأين عاطفة الخوة‬
‫وة ؟! )‬ ‫ت ‪ #‬فأين فضلك والمر ّ‬ ‫ت كما أسأ ُ‬ ‫أو إن أسأ َ‬
‫‪(3‬‬
‫بوركت وسددت ووفقت‪...‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪4753‬‬
‫)‪ (2‬تاريخ دمشق ‪ ،47/177‬وحلية الولياء ‪1/225‬‬
‫)‪ (3‬البيات للبرش‬

‫) ‪(1/461‬‬

‫أدب الحوار والمناقشة والجدل )‪(1‬‬


‫‪ -1‬عدم إلجاء المناقش والمحاور إلى العتراف‬
‫الفوري بخطئه‪.‬‬
‫‪ -2‬عليك أن تعطيه الفرصة للتراجع عن الرأي‬
‫الخاطئ‪.‬‬
‫‪ -3‬عليك أن تؤسس نقاشك على ما تتفقان عليه‪.‬‬
‫ووافقه على بعض آرائه ‪ -‬جدل‪ -‬إن جاز لك ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬عليك أن تختار ألفاظك التي توجهها إليه وكن‬
‫ذب ومنضبط في ذلك‪.‬‬ ‫مه ّ‬
‫وا‬
‫‪ -5‬أعطه فرصة للتفكير‪-‬إن كان غير مكابر‪-‬لن ج ّ‬
‫ن بالتوتر ويصعب على كل مّنا أن ُيخ َ‬
‫ذل‬ ‫الجدل مشحو ٌٌ‬
‫أمام المجموع‪.‬‬
‫عل‪.‬وضبط العصاب أثناء‬ ‫‪ -6‬عليك بالهدوء المفت َ َ‬
‫حوار‪-‬ولو استثارك الخر‪-‬عمد‪-‬لختبار أعصابك‪ ،‬ول‬ ‫ال ِ‬
‫تتعالى على من تناقشه ولو كان‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬محمد عقيل الخطيب رحمه الله‬

‫) ‪(1/462‬‬

‫الحق معك وكانت الحجة بجانبك فالتواضع له دوره‬


‫في شدّ وجذب الجمهور من الحاضرين إليك وأخذهم‬
‫بآرائك‪.‬‬
‫‪ -7‬تجنب الحكام الجاهزة التي ل تقدر على التصرف‬
‫بألفاظها ومعانيها وقت إجراء الحوار فأنت لست‬
‫ض تفرض أحكامك بالقوة والعنف‪-‬‬ ‫بحاكم جائر ول قا ٍ‬
‫وقصص النبياء مليئة بالحوار الهادئ والجدل المثمر‬
‫البّناء‪.‬‬
‫‪ -8‬يمكنك أن تستبدل بالمر القتراح كقولك ‪-‬مثل‪-‬‬
‫‪:‬إذا لم تقتنع بكلمي فارجع إلى مصدر كذا وكذا‪ ،‬أو‬
‫خبرتهم‪- .‬ول‬ ‫شاور من يعجبك رأيهم وتثق بعلمهم و ِ‬
‫صب إل للحق‪.-‬‬ ‫تتع ّ‬
‫كملوا الفصاح‬ ‫‪ -9‬الستماع والنصات للخرين حتى ي ُ ْ‬
‫عن فكرتهم ثم الك َّر عليها بالنقد والتفنيد‪-‬وإن كان‬
‫خر مكابرا أو صاحب هوى‪ -‬إذْ ل بدّ من إجراء حوار‬ ‫ال َ‬
‫ده إلى الصواب‬ ‫مع كل ذي فكرة تحاول مجادلته ور ّ‬
‫حتى يزول الغبش وتنجلي الفكرة وتتضح الحجة‬
‫ويبدو الموقف جليا واستمسك دائما بقول الله تعالى‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫م إِ ْ‬ ‫هان َك ُ ْ‬
‫هاُتوا ب ُْر َ‬ ‫ق ْ‬
‫ل َ‬ ‫في محكم كتابه‪ُ } :‬‬
‫عن ْدَك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬‫ن{ البقرة ‪ ،:111‬النمل‪ُ } ،64:‬‬ ‫قي َ‬
‫صاِد ِ‬
‫َ‬
‫) ‪(1/463‬‬

‫َ‬
‫م‬
‫ن أن ْت ُ ْ‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫ن إ ِّل الظّ ّ‬
‫ن َ‬ ‫عو َ‬ ‫جوهُ ل ََنا إ ِ ْ‬
‫ن ت َت ّب ِ ُ‬ ‫ر ُ‬
‫خ ِ‬ ‫عل ْم ٍ َ‬
‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن{ النعام‪ 148:‬سواء كان هذا الدليل‬ ‫صو َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫ّ‬
‫إ ِل ت َ ْ‬
‫عقليا أم كان نقلي وسمعي‪.‬‬
‫‪ -10‬إياك ثم إياك أن تجادل للغَلب والنتصار والفوز‬
‫والظفر فإن ذلك محبط للعمل مدمر للجر والثواب‬
‫ن علمك والدعوة إليه والجهاد في‬ ‫جالب للمقت وليك ْ‬
‫د‬
‫سبيل توضيحه لله ومن أجل الله ثم لظهار الحق ور ّ‬
‫الباطل ودمغه فإذا هو زاهق‬

‫) ‪(1/464‬‬

‫وصفة إيمانية لتجاوز الكروب والنكبات )‪(1‬‬

‫الدنيا طبعت على كدر فل يكاد يمر بالمرء ساعات‬


‫سعادة إل وأعقبها ما يكدرها ويذهب صفوها‪ ،‬هذه‬
‫هي طبيعة الدنيا‪ ،‬فالمرء يتعرض فيها للمشكلت‬
‫وتنتابه الهموم والغموم ويجد الضيق والحرج لكن أمر‬
‫سر الله له ما يزيل عنه همومه‬‫المؤمن عجيب· فقد ي ّ‬
‫وغمومه ويشرح صدره ويبدله بعد الضيق سعادة‬
‫وفرحًا‪ ،‬فإذا رجعنا لديننا الحنيف وجدنا فيه العلج‬
‫الناجع لهذه المضايقات··‬

‫منغصات ومكدرات )‪(2‬‬


‫__________‬
‫)‪ (1‬الدعوة ‪ ،‬بتصرف يسير‬
‫)‪ (2‬الشيخ عبد الرحمن بن علي العسكر المستشار‬
‫في وزارة الشؤون السلمية إمام وخطيب جامع عبد‬
‫الله بن عمر بالرياض‬

‫) ‪(1/465‬‬

‫إن الحياة الدنيا مليئة بالمحن والمصائب والبليا‬


‫والشدائد ل تثبت على حال فهي دائمة التغّير‬
‫ول َ‬ ‫قب ْل َ َ‬
‫سل َْنا َ‬ ‫ة من َ َ‬
‫سل َِنا َ‬
‫من ّر ُ‬‫ك ِ‬ ‫قدْ أْر َ‬ ‫سن ّ َ َ‬‫والتحول } ُ‬
‫ول ُ َ‬
‫ها‬ ‫دا ِ‬‫م نُ َ‬
‫ك الّيا ُ‬‫وت ِل ْ َ‬
‫ل{ السراء‪َ } 77 :‬‬ ‫وي ً‬
‫ح ِ‬ ‫سن ّت َِنا ت َ ْ‬
‫جد ُ ل ِ ُ‬‫تَ ِ‬
‫س{ آل عمران‪ 140 :‬فالحياة ل تدوم سعيدة‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫ناعمة للشخص منذ ولدته إلى وفاته‪ ،‬بل تمر به‬
‫منغصات ومكدرات‪ ،‬كما أنها ل تدوم ناغصة ومكدرة‬
‫للشخص‪ ،‬بل يمر به من السعادة وتيسير المور ما‬
‫ينسيه متاعبه وهمومه·‬
‫وقل أن تجد فردا ً في هذه الحياة سالما ً من المشاكل‬
‫أو المصائب أو المحن إل ما شاء الله‪ ،‬فهذا مصاب‬
‫بالعلل والسقام البدنية وهذا مصاب بعقوق البناء‪،‬‬
‫وهذا مصاب بسوء خلق زوجته‪ ،‬أو امرأة بسوء خلق‬
‫زوجها‪ ،‬وذاك مصاب بجيران سوء نغصوا عليه عيشه‬
‫وتاجر مصاب بكساد تجارته أو تعرضه للخسارة وآخر‬
‫مهموم بسبب فقره وقلة ذات يده‪ ،‬وآخر يكد ويجتهد‬
‫ول يصل إلى مبتغاه‪ ،‬في سلسلة من اللم‬
‫والمشاكل التي ل تعد‪ ،‬التي قد تستولي على بعض‬
‫الناس حتى تراه يمشي وهو يحدث نفسه‪ ،‬ل يأتيه‬
‫نوم بليل ول يلين له جنب·‬

‫) ‪(1/466‬‬

‫إن ُبعد الناس عن ربهم سبحانه وتعالى وضعف‬


‫توحيدهم وتوكلهم عليه سبحانه؛ من أكبر ما يجعلهم‬
‫في مثل تلك الحزان والمواجع يقول الله سبحانه‪:‬‬
‫شُرهُ‬‫ح ُ‬
‫ون َ ْ‬ ‫ضن ً‬
‫كا َ‬ ‫ة َ‬ ‫عي َ‬
‫ش ً‬ ‫م ِ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫عن ِذك ْ ِ‬
‫ري َ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫} َ‬
‫مى{ طه‪124:‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ع َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬
‫قَيا َ‬
‫م ال ِ‬ ‫و َ‬ ‫يَ ْ‬
‫إن القلب إذا فقد ما خلق له من معرفة الله ومحبته‬
‫وتوحيده والسرور به والبتهاج بحبه والتوكل عليه‬
‫والرضا به والحب فيه والبغض فيه والموالة فيه‬
‫والمعاداة فيه ودوام ذكره متى فقد أن تكون محبة‬
‫الله ورسوله أحب إليه مما سواه وأرجى له من كل‬
‫شيء‪ ،‬بل ل نعيم له ول لذة ول سرور إل بذلك‪ ،‬وهذه‬
‫المور للقلب بمنزلة الغذاء للجسد فإذا فقد الجسد‬
‫غذاءه وصحته فالهموم والحزان مسارعة إليه من‬
‫كل صوب·‬

‫ذنوب ومعاص تجثم على القلب‬


‫إن الذنوب والمعاصي قد تجتمع على العبد حتى‬
‫تجعل على قلبه مثل الران فيكون عرضة لي عارض‬
‫عَلى‬
‫ن َ‬ ‫كما قال سبحانه‪} :‬ك َّل ب َ ْ‬
‫ل َرا َ‬

‫) ‪(1/467‬‬
‫ن{ المطففين‪ ،14:‬وإن من‬ ‫سُبو َ‬ ‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬
‫أكبر ما أوجد عند الناس الهم والحزن تعلقهم‬
‫بالسباب المادية الدنيوية ونسيان السباب المعنوية‪،‬‬
‫فالرزق بيد الله ل بيد أحد‪ ،‬والعبد مأمور ببذل‬
‫السبب‪ ،‬والضر والنفع بيد الخالق سبحانه‪،‬واعلم أن‬
‫ن‬ ‫خطَأ َ َ‬
‫ك لَ ْ‬
‫م ي َك ُ ْ‬ ‫ما أ َ ْ‬
‫و َ‬ ‫خطِئ َ َ‬
‫ك َ‬ ‫ن ل ِي ُ ْ‬ ‫ك لَ ْ‬
‫م ي َك ُ ْ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫َ‬
‫ما أ َ‬ ‫» َ‬
‫ك« )‪ ، (1‬فمتى ما ربط النسان قضاء حاجته‬ ‫صيب َ َ‬ ‫ل ِي ُ ِ‬
‫بالمخلوق حتى إذا لم تتحقق تضجر وتحسر هو في‬
‫الحقيقة لم يعلم أن هذه السباب مقدرة بتقدير الله‬
‫سبحانه قبل أن يخلق الخلق·‬
‫إن من يتأمل في واقع الناس في هذا الوقت ويرى‬
‫ما يتعرضون فيه من أمور قد تنغص عليهم حياتهم‬
‫وما يقابلون ذلك من اللوم والتحسر كله من عدم‬
‫معرفتهم للعلج الذي جعله كاشفا ً للغم ومزيل ً للهم‪،‬‬
‫لو تمسك به النسان فلن يجد الهم والحزن إليه‬
‫طريقًا·‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،4077‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‪ ،‬وابن ماجة ‪ ،74‬وأحمد ‪20607‬‬

‫) ‪(1/468‬‬

‫التوكل على الله‬


‫إن التوكل على الله سبحانه وتعالى وربط المور به‬
‫ل من أعظم مزيلت الهموم والغموم‪ ،‬فمن‬ ‫عّز وج ّ‬
‫توكل على الله هدأ قلبه من كل ضائقة ولم يتحسر‬
‫من ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ؤ ِ‬‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬‫على شيء فاته‪ ،‬يقول سبحانه‪َ } :‬‬
‫ه{ التغابن‪ ،11:‬وقرأ عكرمة ومالك بن دينار‬ ‫قل ْب َ ُ‬‫د َ‬ ‫ه ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫على الل ِ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ّ ْ‬ ‫من ي َت َ َ‬ ‫و َ‬
‫ه(‪َ } ،‬‬ ‫ْ‬
‫قلب َ ُ‬‫د َ‬ ‫ه ِ‬‫ه يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫من ِبالل ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫) َ‬
‫ه{ الطلق‪ ،3:‬ويقول صلى الله عليه‬ ‫سب ُ ُ‬‫ح ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن ما أخطَأ َ‬
‫ك‪ ،‬وما‬ ‫صيب َ َ‬ ‫كن ل ِي ُ ِ‬ ‫ك لم ي َ ُ‬ ‫مأ ّ‬ ‫وسلم‪» :‬واعل َ ْ‬
‫ر‪،‬‬‫صب ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬‫صَر َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ك‪ ،‬واعل َ ْ‬ ‫كن لُيخطِئ َ َ‬ ‫ك لم ي َ ُ‬ ‫أصاب َ َ‬
‫ر ُيسرًا« )‪(1‬‬ ‫س ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ع ال ُ‬‫نم َ‬ ‫ب‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ع الك َْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫فَر َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫وأ ّ‬

‫لزوم الستغفار‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيهقي في شعب اليمان ‪،9645 ،9644 ،1089‬‬
‫وكذا رواه أحمد ‪ ،2666‬السنة لبن أبي عاصم ‪،315‬‬
‫وصححه اللباني في ظلل الجنة‪،‬والطبراني في‬
‫الكبير ‪ ،11080‬والحاكم ‪ ،6365‬ومسند عبد بن حميد‬
‫‪ ،638‬وأبو نعيم في الحلية‬

‫) ‪(1/469‬‬

‫التوبة إلى الله من الذنوب والمعاصي والكثار من‬


‫العبادات ودوام الستغفار مما يبعد النسان من‬
‫منغصات الحياة‪ ،‬فقد قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫عيُنوا ْ‬ ‫ل َ َ‬
‫ست َ ِ‬
‫وا ْ‬ ‫صَلة« )‪َ } ، (1‬‬ ‫حَنا ِبال ّ‬ ‫ر ْ‬ ‫فأ ِ‬ ‫م َيا ب َِل ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫» ُ‬
‫ن{‬‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ها ل َك َِبيَرةٌ إ ِل ّ َ‬ ‫وإ ِن ّ َ‬ ‫ة َ‬ ‫صل َ ِ‬‫وال ّ‬ ‫ر َ‬‫صب ْ ِ‬‫ِبال ّ‬
‫فاًرا *‬ ‫غ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬
‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬‫تا ْ‬ ‫قل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫البقرة‪َ } ،45:‬‬
‫َ‬ ‫عل َي ْ ُ‬
‫ن‬‫وب َِني َ‬
‫ل َ‬ ‫وا ٍ‬‫م َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫ددْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬‫وي ُ ْ‬
‫مدَْراًرا * َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ماء َ‬ ‫س َ‬‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ي ُْر ِ‬
‫هاًرا{ نوح‪.12 :‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫م أن ْ َ‬ ‫عل لك ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬‫ت َ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫عل لك ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫َ‬
‫إن من أعظم ما يزيل عن المهموم همه وعن‬
‫المحزون حزنه العتبار بقصص النبياء والمرسلين‬
‫فهم مع أنهم أنبياء الله ورسله لم تكن حياتهم خالية‬
‫من النكبات والمصائب‪ ،‬فقد أصابهم من المور‬
‫الجالبة للهموم الشيء الكثير‪ ،‬لكن لتمسكهم بربهم‬
‫واتصالهم به وشدة توكلهم عليه لم تؤّثر فيهم هذه‬
‫قه ابنه ومنهم من عصته‬ ‫المصائب شيئًا‪ ،‬فمنهم من ع ّ‬
‫زوجته ومنهم من آذاه أبوه وقومه ومنهم من ابتلي‬
‫بالمراض‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو داود ‪ ،4334‬وصححه اللباني في صحيح أبي‬
‫داود‪ ،‬وأحمد ‪22072‬‬

‫) ‪(1/470‬‬

‫ومنهم من طرد ولكنهم صبروا واحتسبوا ولم‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫م َ‬
‫ق ْ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ل َ‬‫س ُ‬
‫س الّر ُ‬ ‫ست َي ْأ َ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬
‫ذا ا ْ‬ ‫يتضجروا‪َ } ،‬‬
‫شاء{ يوسف‪،110:‬‬ ‫من ن ّ َ‬‫ي َ‬ ‫ج َ‬ ‫صُرَنا َ‬
‫فن ُ ّ‬ ‫م نَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫ذُبوا ْ َ‬
‫جاء ُ‬ ‫كُ ِ‬
‫فكيف بالنسان وهو شخص عادي؟!!‬

‫دعوات المكروب‬
‫إن المؤمن الحق متى ما استشعر ما ينتظره من جزاء‬
‫صبره على المحن والشدائد هانت عليه محنه‬
‫وشدائده‪ ،‬ولقد مّثل النبي صلى الله عليه وسلم ما‬
‫يصيب المؤمن في هذه الدنيا بأسهل شيء وهي‬
‫فر بها عنه من‬ ‫الشوكة يشاكها العبد بأن الله يك ّ‬
‫الخطايا·‬
‫إن المؤمن إذا اشتدت به الهموم وضاق عليه أمره‬
‫فعليه باللجوء إلى الله تعالى وسؤاله تفريج الكروب‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫وكشف الهموم والغموم‪ ،‬فلقد » َ‬
‫كا َ‬
‫ذا ك َرب َ‬
‫مت ِ َ‬
‫ك‬ ‫ح َ‬
‫م ب َِر ْ‬
‫قّيو ُ‬ ‫ي َيا َ‬‫ح ّ‬ ‫ل َيا َ‬ ‫مٌر َ‬
‫قا َ‬ ‫هأ ْ‬‫َ َ ُ‬ ‫سل ّ َ‬
‫م إِ َ‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/471‬‬

‫م‬
‫خد ُ ُ‬ ‫ت أَ ْ‬ ‫ث« )‪ ، (1‬وعن أنس أنه قال‪» :‬ك ُن ْ ُ‬ ‫غي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫فك ُن ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ما ن ََز َ‬ ‫م ك ُل ّ َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ّ‬‫ن ال َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫عوذُ ب ِ َ‬ ‫م إ ِّني أ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ل‪ :‬الل ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ه ي ُك ْث ُِر أ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫أ ْ‬
‫ن‬ ‫و َ َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫وال ْب ُ ْ‬ ‫وال ْك َ َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ع الدّي ْ ِ‬ ‫ضل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫جب ْ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫س ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن َ‬ ‫حَز ِ‬ ‫َ‬
‫ل« )‪(2‬‬ ‫جا ِ‬ ‫ة الّر َ‬ ‫وغلب َ ِ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫إن الكروب إذا تناهت فقد آذنت بالنفراج‪ ،‬وإن العسر‬
‫إذا اشتد فقد قرب اليسر‪ ،‬فإن مع العسر يسرا إن‬
‫عَلى‬ ‫و َ‬‫مع العسر يسرا‪ ،‬وتأملوا قول الله سبحانه‪َ } :‬‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫ت َ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫حّتى إ ِ َ‬ ‫فوا ْ َ‬ ‫خل ّ ُ‬ ‫ة ال ّ ِ‬ ‫الث ّل َث َ ِ‬
‫ض بِ َ‬ ‫م الْر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫علي ْ َ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫جأ ِ‬ ‫مل ْ َ‬ ‫وظَّنوا ْ أن ل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م أن ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫حب َ ْ‬ ‫َر ُ‬
‫ب‬‫وا ُ‬ ‫و الت ّ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ْ‬
‫م ل ِي َُتوُبوا إ ِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫َ‬
‫ه إ ِل ّ إ ِلي ْ ِ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫م َتا َ‬
‫م{ التوبة‪118:‬‬ ‫حي ُ‬ ‫الّر ِ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الترمذي ‪ 3446‬وقال غريب‪ ،‬وحسنه اللباني في‬
‫صحيح الترمذي‬
‫)‪ (2‬البخاري ‪ ،5886 ،5005 ،2679‬والنسائي ‪5358‬‬

‫) ‪(1/472‬‬

‫الصدقاء‬
‫إن كان هناك من علج في تخفيف ما يصيب المرء‬
‫من نكد الحياة وعسر المور وتقلب الدهر فإنه‬
‫الفضاء على صاحب صادق يحزن لحزنك ويفرح‬
‫لفرحك‪ ،‬الصاحب الذي يحفظك إذا غبت ويقويك إذا‬
‫ضعفت‪ ،‬وليس عيبا ً أن ينتقي النسان له صاحبًا‪ ،‬فقد‬
‫ري *‬ ‫صدْ ِ‬ ‫ح ِلي َ‬ ‫شَر ْ‬‫با ْ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫قال الله عن موسى‪َ } :‬‬
‫َ‬
‫هوا‬ ‫ق ُ‬‫ف َ‬ ‫ساِني * ي َ ْ‬ ‫من ل ّ َ‬ ‫قدَةً ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل ُ‬ ‫حل ُ ْ‬‫وا ْ‬‫ري * َ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫سْر ِلي أ ْ‬ ‫وي َ ّ‬ ‫َ‬
‫خي *‬ ‫َ ِ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫ها‬ ‫*‬ ‫لي‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫را‬ ‫زي‬ ‫و‬ ‫لي‬ ‫ّ‬ ‫عل‬ ‫ج‬ ‫وا‬ ‫*‬ ‫لي‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫َ ُ‬ ‫َ ِ ً ّ ْ ْ ِ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ْ ِ‬
‫حكَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ا ْ‬
‫سب ّ َ‬ ‫ي نُ َ‬‫ري * ك ْ‬ ‫م ِ‬ ‫في أ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫رك ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ري * َ‬ ‫ه أْز ِ‬ ‫شدُدْ ب ِ ِ‬
‫صيًرا{ طه‪-25:‬‬ ‫ت ب َِنا ب َ ِ‬ ‫ك كن َ‬ ‫ُ‬ ‫ك كِثيًرا * إ ِن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ون َذْكَر َ‬ ‫ك َِثيًرا * َ‬
‫‪ ،35‬و نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يزور أبا‬
‫بكر الصديق في مكة في اليوم أكثر من مرة يبث إليه‬
‫همه ويشكو إليه غمه·‬

‫) ‪(1/473‬‬

‫ة ‪ #‬يواسيك أو يسليك‬
‫ول بدّ من شكوى إلى ذي مروء ٍ‬
‫جع )‪(1‬‬
‫أو يتو ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيات لبن نباته المصري ‪ -‬الطويل‬

‫) ‪(1/474‬‬

‫كيف تحصل السعادة )‪(1‬‬

‫إننا كثيرا ً ما نسمع ممن حولنا سواء كان من أقاربنا‬


‫أو أصدقائنا من يقول أحس بضيق في صدري‪ ،‬وأحس‬
‫بالملل والهم فتجده يحاول أن يبحث عن حل لهذه‬
‫المشكلة وكثيرا ً ما يخطئ الباحث عن الحل لماذا؟!‬
‫لن الحلول عادة تكون مرتبطة بدنياه التي يعيشها‬
‫فيظن أنه إذا ملك المال والسيارة والمنزل الفخم؛‬
‫أصبح سعيدًا!! مع أن السعادة ل تحصل بهذه المور؛‬
‫إنما تحصل بطاعة الله تعالى·‬

‫القناعة‬
‫ولست أرى السعادة جمع مال ‪ #‬ولكن التقي هو‬
‫السعيد‬
‫د‬ ‫ً‬
‫و تقوى الله خير الّزاد ذخرا ‪ #‬وعند الله للتقى مزي ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬قاسم بن صديق الطوهري عضو هيئة التحقيق‬
‫والدعاء العام إمام مسجد محمد الراجحي بالرياض‬
‫)‪ (2‬البيات للحطيئة‬

‫) ‪(1/475‬‬

‫عن ِذك ْ ِ‬
‫ري‬ ‫ض َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫عَر َ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬
‫والله سبحانه وتعالى يقول‪َ } :‬‬
‫كا{ طه‪ ،124:‬فإذا أردنا أن نعالج‬ ‫ضن ً‬
‫ة َ‬ ‫عي َ‬
‫ش ً‬ ‫م ِ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ ّ‬
‫هذه الظاهرة فل بد من أمور‪ ،‬أقتصر على بعض‬
‫منها‪:‬‬

‫من‬ ‫و َ‬ ‫‪ -1‬اليمان بالله والعمل الصالح‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬‬


‫م ْ‬ ‫ل من الصال ِحات من ذَك َر أ َ ُ‬
‫ن‬‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫و ُ‬
‫ه َ‬‫و ُ‬‫و أنَثى َ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ّ َ َ ِ‬ ‫م ْ ِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ُ‬
‫جّنة{ النساء‪124:‬‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خُلو َ‬ ‫ك ي َدْ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬‫فأ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫‪ -2‬الكثار من ذكر الله تعالى قال تعالى‪} :‬ال ّ ِ‬
‫قُلوبهم بذك ْر الل ّ َ‬
‫ن‬‫مئ ِ ّ‬‫ه ت َطْ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬
‫ذك ْ ِ‬‫ه أل َ ب ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ن ُ‬‫مئ ِ ّ‬‫وت َطْ َ‬‫مُنوا ْ َ‬ ‫آ َ‬
‫ب{ الرعد‪28:‬‬ ‫قلو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫‪ -3‬تذكر الموت وقصر المل؛ لن من كان همه الخرة‬
‫نسي الدنيا ولم يلتفت إليها·‬
‫‪ -4‬القناعة‪ ،‬فمن رزق القناعة‪ ،‬رزق السعادة‪ ،‬ولذلك‬
‫َ‬
‫ف َ‬
‫ل‬ ‫س َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫يقول صلى الله عليه وسلم ‪» :‬ان ْظُُروا إ َِلى َ‬
‫م‬‫قك ُ ْ‬‫و َ‬ ‫ف ْ‬‫و َ‬
‫ه َ‬‫ن ُ‬
‫م ْ‬‫وَل ت َن ْظُُروا إ َِلى َ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬

‫) ‪(1/476‬‬

‫َ‬ ‫فه َ‬
‫ه« )‪ ، (1‬وجاء في‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬‫ن َل ت َْزدَُروا ن ِ ْ‬‫جدَُر أ ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫َ‬
‫فى‬ ‫عا ً‬ ‫م َ‬
‫ه ُ‬ ‫سْرب ِ ِ‬‫في ِ‬ ‫مًنا ِ‬ ‫مآ ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬‫صب َ َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫حديث آخر‪َ » :‬‬
‫ه الدّن َْيا« )‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْدَهُ ُ‬
‫تل ُ‬ ‫حيَز ْ‬
‫ما ِ‬‫فكأن ّ َ‬ ‫م ِ‬ ‫و ِ‬‫ت يَ ْ‬‫قو ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫د ِ‬
‫س ِ‬
‫ج َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫‪. (2‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،5264‬والترمذي ‪ 2437‬وصححه‪ ،‬وابن‬
‫ماجه ‪.4132‬‬
‫)‪ (2‬الترمذي ‪ 2268‬وقال حسن غريب‪ ،‬وابن ماجه‬
‫‪ ،4131‬وحسنه اللباني ‪ -‬الصحيحة ‪2318‬‬

‫) ‪(1/477‬‬

‫السعادة في ثلث )‪(1‬‬

‫الحياة السعيدة مطلب كل إنسان‪ ،‬لها يسعى ومن‬


‫أجلها يكد ويقرع البواب ويسلك السباب ويستهين‬
‫بالصعاب·‬
‫ول تزال السعادة للنسان وإن طال عمره ودنا أجله‬
‫أعز مطلوب وأغلى مرغوب‪ ،‬تستشرفه النفوس مهما‬
‫ع بطبعه في تحصيل‬ ‫شاخت‪ ،‬والنسان حارث سا ٍ‬
‫منافعه‪ ،‬كثير الهم لما يطلبه أو مما يحاذره·‬
‫وليس عيبا ً في النسان أن يطلب السعاة أو يحرص‬
‫على أسبابها فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫ن‬
‫م ُ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪» :‬ال ْ ُ‬
‫خير َ‬
‫في‬
‫و ِ‬‫ف َ‬ ‫عي ِ‬ ‫ض ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م ِ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫ح ّ‬
‫وأ َ‬
‫ي َ ْ ٌ َ‬ ‫و ّ‬‫ق ِ‬‫ال ْ َ‬
‫خي ٌْر‬‫ل َ‬‫كُ ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الدعوة‬

‫) ‪(1/478‬‬

‫ن‬‫وإ ِ ْ‬
‫جْز َ‬ ‫ع َ‬ ‫وَل ت َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫وا ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما ي َن ْ َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ص َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫وك َ َ‬
‫ذا‬ ‫ذا َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ت َ‬
‫كا َ‬ ‫عل ْ ُ‬‫ف َ‬‫و أّني َ‬ ‫ل لَ ْ‬ ‫ق ْ‬‫فَل ت َ ُ‬ ‫يء ٌ َ‬‫ش ْ‬ ‫ك َ‬ ‫صاب َ َ‬ ‫أ َ‬
‫ل‬‫م َ‬ ‫ع َ‬‫ح َ‬ ‫فت َ ُ‬‫و تَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫فإ ِ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ع َ‬‫ف َ‬ ‫شاءَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫قدَُر الل ّ ِ‬ ‫ل َ‬‫ق ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ول َك ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن« )‪(1‬‬ ‫َ‬
‫الشي ْطا ِ‬ ‫ّ‬
‫وإنما العيب أن يحرص النسان على ما يضره لجهله‬
‫دا أن فيما يسعى إليه‬ ‫وسوء ظنه وتقديره‪ ،‬معتق ً‬
‫السعادة والحق أن ما سعى إليه وحرص عليه هو عين‬
‫الشقاء وإن تضمن متعا ً عاجلة‪ ،‬فيكون كمن يطلب‬
‫الشفاء في مخدر يظن أن فيه دواءه‪ ،‬وأكثر الناس‬
‫هذه حاله يطلب السعادة ولكن ل يعرف أي طريق‬
‫يسلك ول أي باب يقرع ويقف إما حائرا ً أو يخبط‬
‫خبط عشواء حتى يأتي اليوم الذي يقول فيه‪َ} :‬رب َّنا‬
‫ن{ المؤمنون‪:‬‬ ‫ضاّلي َ‬ ‫ما َ‬ ‫و ً‬‫ق ْ‬ ‫وك ُّنا َ‬ ‫وت َُنا َ‬ ‫ق َ‬ ‫ش ْ‬‫عل َي َْنا ِ‬
‫ت َ‬ ‫غل َب َ ْ‬
‫َ‬
‫‪106‬‬
‫إن من الناس من يطلب السعادة في المال‪،‬ومنهم‬
‫من يطلبها في الجاه والسلطان‪ ،‬ومنهم من يراها‬
‫في شهوات البطن والفرج‪ ،‬ومنهم من‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬مسلم ‪ ،4816‬وابن ماجه ‪4158 ،79‬‬

‫) ‪(1/479‬‬

‫يظنها في السياحة والسفار‪ ،‬وإن كل ذلك إل ّ متاع‬


‫ب‬‫ح ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫الحياة الدنيا‪ ،‬قال الله تعالى‪ُ} :‬زي ّ َ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫قنطَر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ر ال ُ‬ ‫طي ِ‬‫قَنا ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫وال ْب َِني َ‬ ‫ساء َ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫عام ِ‬ ‫والن ْ َ‬ ‫ة َ‬‫م ِ‬ ‫و َ‬‫س ّ‬‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫وال ْ َ‬‫ة َ‬‫ض ِ‬‫ف ّ‬‫وال ْ ِ‬
‫ب َ‬ ‫ه ِ‬‫ن الذّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫س ُ‬‫ح ْ‬ ‫عندَهُ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫ّ‬
‫والل ُ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ْ‬
‫ع ال َ‬‫مَتا ُ‬ ‫َ‬
‫ث ذَل ِك َ‬ ‫حْر ِ‬ ‫ْ‬
‫وال َ‬ ‫َ‬
‫ب{ آل عمران‪14 :‬‬ ‫ا َ ِ‬
‫مآ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫ولما تباين سعي الناس وراء السعادة لزم أن نسأل‬
‫سؤال ً مهمًا‪ ،‬وهو كيف يعرف العبد أنه حصل على‬
‫السعادة‪ ،‬وما هي العلمات والمارات التي تميز‬
‫السعيد من الشقي؟‬
‫لن كثيرا ً من الناس يجهد وينصب ويظن أنه في‬
‫الطريق الصحيح ثم يخيب آخر المر ظنه‪ ،‬فبعد الجهد‬
‫والتعب والنصب كثير ممن طلب السعادة في تلك‬
‫المسالك بلسان الحال أو المقال الفشل في‬
‫الوصول إلى السعادة وأيقنوا أن تلك المتع الوقتية‬
‫وإن أسعدت حينا فكثيرا ً ما كانت عقباها إلى الندم‪،‬‬
‫أو كانت كلفتها من جيوش الهم والنصب التي ل‬
‫يقوم لها ما قدمته لهم‪ ،‬والسبب أنهم ما ضبطوها‬
‫بما يكفل لهم السعادة الحقيقية·‬

‫) ‪(1/480‬‬

‫وإذا أردت أن تعلم علمات السير الصحيح في طريق‬


‫السعداء فتأمل قول المام ابن القيم رحمه الله‬
‫يقول )‪) : (1‬من علمات السعادة والفلح أن العبد‬
‫كلما زيد في علمه زيد في تواضعه ورحمته وكلما‪،‬‬
‫زيد في عمره نقص من حرصه‪ ،‬وكلما زيد في ماله‬
‫زيد في سخائه وبذله‪ ،‬وكلما زيد في قدره وجاهه زيد‬
‫في قربه من الناس وقضاء حوائجهم والتواضع لهم‪،‬‬
‫وعلمات الشقاوة أنه كلما زيد في علمه زيد في‬
‫كبره وتيهه‪ ،‬وكلما زيد في عمله زيد في فخره‬
‫واحتقاره للناس وحسن ظنه بنفسه‪ ،‬وكلما زيد في‬
‫عمره زيد في حرصه‪ ،‬وكلما زيد في ماله زيد في‬
‫بخله وإمساكه‪ ،‬وكلما زيد في قدره وجاهه زيد في‬
‫كبره وتيهه‪ ،‬وهذه المور ابتلء من الله وامتحان‬
‫يبتلي بها عباده فيسعد بها أقوام ويشفى بها أقوام(‬
‫·‬
‫فجماع ما ذكره المام أن السعيد هو الذي كلما زيد‬
‫نعما ً أحدثت تلكم النعم عمل ً قلبيا ً تنبعث عنه الجوارح‬
‫بعمل ظاهر·‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الفوائد‬

‫) ‪(1/481‬‬

‫وقال ابن القيم رحمه الله أيضا )‪) : (1‬إذا أنعم عليه‬
‫شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر فإن هذه‬
‫المور الثلثة عنوان سعادة العبد وعلمة فلحه في‬
‫دنياه وأخراه ول ينفك عبد عنها أبدا فإن العبد دائم‬
‫التقلب بين هذه الطباق الثلث(‬
‫وهذا الذي ذكره ابن القيم يشمل من زيد في النعم‬
‫ومن انتقص منها فالسعيد الشاكر عند الزيادة‪،‬‬
‫والصابر عند ذهابها‪ ،‬المستخدم لها فيما يرضي الله‬
‫وذلك من الشكر‪ ،‬المقلع عن استخدام النعم في‬
‫معصيته‪ ،‬الواب التائب من سائر الذنوب التي ل‬
‫يحبها الله تعالى ول يرضاها وإن أحدثت متعة وقتية‬
‫أو لذة فانية·‬
‫وقال أيضا ً )‪) : (2‬محبة العلم من علمات السعادة‪،‬‬
‫وبغض العلم من علمات الشقاوة‪ ،‬وهذا كله إنما هو‬
‫في علم الرسل الذي‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬الوابل الصيب ص ‪11‬‬
‫)‪ (2‬مفتاح دار السعادة ‪1/261‬‬

‫) ‪(1/482‬‬

‫جاؤوا به وورثوه للمة ل في كل ما يسمى علمًا‪،‬‬


‫وأيضا ً فإن محبة العلم تحمل على تعلمه واتباعه‬
‫وذلك هو الدين‪ ،‬وبغضه ينهى عن تعلمه واتباعه(·‬
‫فعلى الجميع بعد أن ُبينت أمارات السعادة بيانا ً‬
‫شافيا ً بما خط هذا العالم الجليل أن يقف وقفة‬
‫صادقة مع النفس ويتأمل هل يسير في طريق صحيح‬
‫يكفل له السعادة أم أن ما يرآه سراب يحسبه‬
‫الظمآن ماء؟‬

‫) ‪(1/483‬‬

‫ل تحزن أيها المبتلى! )‪(1‬‬

‫أخي أيها المبتلى !‬


‫اسمح لي أن أذكرك عسى أن تطيب نفسك بهذه‬
‫الذكرى‪ ،‬ولن أقول لك شيئا ً أنت تجهله بل هو معلوم‬
‫ف عليك‪.‬‬‫لديك‪ ،‬وليس بخا ٍ‬
‫أخي مهما تعاظم معك الداء فإن مآله إلى زوال‪،‬‬
‫َ‬
‫ب{؟!‬‫ري ْ ٍ‬ ‫ح بِ َ‬
‫ق ِ‬ ‫صب ْ ُ‬ ‫ومهما اشتد سواد الليل؛ }أل َي ْ َ‬
‫س ال ّ‬
‫هود‪ 81:‬بلى؛ وربي إنه لقريب! أي أخي‪:‬‬
‫ولرب نازلة يضيق بها الفتى ‪ #‬ذرعا ً وعند الله منها‬
‫المخرج‬
‫كملت فلما استحكمت حلقاتها ‪ #‬فرجت وكان أظنها‬
‫ل تفرج )‪(2‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬المنبر السلمي‬
‫)‪ (2‬البيات لبراهيم بن العباس الصولي‬

‫) ‪(1/484‬‬

‫وانظر ـ رحمك الله ـ فيمن حولك من الناس ستجد‬


‫فيهم من هو أعظم بلءً مما أنت فيه‪ ،‬وانظر وقل ّ ْ‬
‫ب‬
‫نظرك فسترى‪ ،‬وسترى ما ل يقوم له بصرك من‬
‫أدواء الناس‪ ،‬وبلياهم‪.‬‬
‫فإن لم تجد في نفسك من اليمان الباعث على‬
‫الصبر والحتساب ـ وظني بك أنك نعم المؤمن‬
‫ون عليك‬‫الصابر المحتسب إن شاء الله ـ ما يه ّ‬
‫ء‪.‬‬
‫مصيبتك؛ فاجعل أدواء الناس لك دوا ً‬
‫أنزل أدواء الناس‪ ،‬وبلياهم‪ ،‬ومصائبهم‪ ،‬وأمراضهم‬
‫على بليتك‪ ،‬ومصيبتك‪ ،‬ومرضك؛ يخف ويهون وقد‬
‫يتلشى ويزول ـ إن شاء الله ـ فمن نظر إلى مصيبة‬
‫ن مصيبته‪ ،‬واقرأ في كتب الغابرين تجد‬ ‫و َ‬
‫ها َ‬
‫غيره ت َ َ‬
‫مصائب الناس مسطورة‪ ،‬وفي التاريخ مزبورة‪.‬‬
‫واقرأ القرآن‪ ،‬اقرأ خير كتاب في ذلك‪ ،‬سيحدثك عن‬
‫أمراض عباد الله الصالحين‪ ،‬وعن محن المقربين‪،‬‬
‫وشكاوى العابدين‪.‬‬
‫فذا أيوب؛ كم عانى من المرض؟ ولله صبره ما‬
‫أجمله! أي قلب عامر باليمان يحمل بين جنبيه! ل‬
‫تقل لي ‪ :‬قلب نبي؛ فأقول لك ‪ :‬نعم‬

‫) ‪(1/485‬‬

‫م كما ت َأ َْلم‪ ،‬ويحس كما تحس‪،‬‬ ‫ْ‬


‫نبي ولكنه بشر ي َأل َ ُ‬
‫ويحزن‪ ،‬ويغتم‪ ،‬ويصيبه ويعرض له من الدواء‪،‬‬
‫ء‪،‬‬
‫خرين‪ ،‬بل هو في ذلك أشد بل ً‬ ‫والرزاء ما يعرض لل َ‬
‫وأعظم امتحانا ً من غيره‪.‬‬
‫وهذا يونس عليه السلم ويالها من شدة‪ ،‬وكربة‪ ،‬وجد‬
‫نفسه فيها! لم يجد بشر نفسه فيها قبله‪ ،‬حيث‬
‫حبسه الله في بطن الحوت‪ ،‬فأسقمه البلء‪ ،‬قال‬
‫م{ الصافات‪،145:‬‬ ‫قي ْ ٌ‬‫س ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ء َ‬ ‫فن َب َذَْناهُ ِبال ْ َ‬
‫عَرآ ِ‬ ‫تعالى ‪َ } :‬‬
‫نعم أسقمه السجن‪ ،‬وأمرضه‪ ،‬حتى عاد جسمه رخوا ً‬
‫لّينا ً ل يقوى حتى على القيام‪ ،‬من الذي ما ساء قط‪،‬‬
‫وما خص الرجال بالبلء دون النساء؛ فللنساء من‬
‫البلء نصيب أيضًا‪.‬‬
‫فهذه مريم العذراء البتول رميت عن قوس الفك‬
‫بسهام الريبة‪ ،‬وتهمة الزنا؛ وهي الصبية العذراء‬
‫العفيفة‪ ،‬الضعيفة التي ل تملك حيلة‪ ،‬ول تستطيع‬
‫ل‪ ،‬حتى تمنت الموت على الحياة ولم يكن هذا‬ ‫سبي ً‬
‫الذي كان‪ ،‬وهي المؤمنة التي تعلم أنه اختيار الله‪،‬‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫ل َ‬ ‫ت َ‬
‫قب ْ َ‬ ‫وقدره‪ ،‬ومشيئته‪ ،‬فقالت ‪َ} :‬يا ل َي ْت َِني ِ‬
‫م ّ‬
‫سي ًّا{ مريم‪ 23:‬والنسي المنسي هو‬ ‫سي َا ً ّ‬
‫من ْ ِ‬ ‫ت نَ ْ‬‫وك ُن ْ ُ‬
‫َ‬
‫اللبن الذي ترك حتى تغير طعمه ومذاقه‪ ،‬تتمنى أن‬
‫لو كانت لبنا ً ترك‬

‫) ‪(1/486‬‬

‫وأهمل على هذا البلء الذي اصطفاها الله له‪ ،‬ومع‬


‫هذه الحسرات‪ ،‬وما يظهر في كلمها وشكواها من‬
‫ضعف وعجز‪ ،‬إل أنها صبرت لهذا المر‪ ،‬وقامت به‬
‫فماذا كان ؟ وما قيل لها؟ وكيف كانت عاقبة أمرها؟‬
‫َ‬
‫حَزِني{ مريم‪:‬‬ ‫ها أّل ت َ ْ‬‫حت ِ َ‬‫ن تَ ْ‬‫م ْ‬‫ها ِ‬ ‫دا َ‬ ‫قال تعالى ‪َ } :‬‬
‫فَنا َ‬
‫حَزِني{‬ ‫‪ ،24‬وكم كانت بحاجة إلى أن يقال لها ‪َ} :‬ل ت َ ْ‬
‫حزن‪ ،‬فكم‬ ‫فقد كانت حقا ً حزينة‪ ،‬ول شك أن البلء ي ُ ْ‬
‫من مريض أحزنه المرض؛ بحاجة أن يقال له ‪َ) :‬ل‬
‫ن(‪ ،‬وكم من حزين‬ ‫حَز ْ‬ ‫ن(‪ ،‬ودواؤه أن له ‪َ) :‬ل ت َ ْ‬ ‫حَز ْ‬
‫تَ ْ‬
‫بسبب مصيبة أو كربة‪ ،‬أو شدة؛ ولذلك عندما اشتد‬
‫الطلب من قريش لرسول الله صلى الله عليه وعلى‬
‫آله وسلم ولبي بكر رضي الله عنه عند الهجرة‪ ،‬حتى‬
‫كاد أن يدركهم الطلب‪ ،‬فقام بعض كفار قريش على‬
‫باب الغار‪ ،‬وأخذ أبو بكر ينظر أقدامهم وهم ل يرونه‬
‫فحزن رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله‬
‫عليه وعلى آله وسلم بلسان الواثق بربه‪ ،‬ووعده‪،‬‬
‫عَنا{ التوبة‪،40:‬‬ ‫م َ‬‫ه َ‬‫ن الل َ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫حَز ْ‬‫ونصره وتأييده ‪َ} :‬ل ت َ ْ‬
‫فنزلت بعدُ السكينة‪.‬‬

‫) ‪(1/487‬‬
‫والحزن في أمر كهذا طبيعة بشرية! فالنفوس‬
‫السوية تحزن‪ ،‬وكيف ل ؟ وهذا نبينا صلى الله عليه‬
‫وعلى آله وسلم يحزن لموت عمه أبي طالب‪ ،‬ويحزن‬
‫لموت خديجة حتى سمي ذلك العام بعام الحزن‪.‬‬
‫ويحزن أيضا ً صلى الله عليه وعلى آله وسلم لموت‬
‫ن‬‫حَز ُ‬ ‫ب يَ ْ‬‫قل ْ َ‬‫وال ْ َ‬‫ع َ‬ ‫م ُ‬‫ن ت َدْ َ‬‫عي ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫ابنه إبراهيم فيقول »إ ِ ّ‬
‫م‬
‫هي ُ‬‫ك َيا إ ِب َْرا ِ‬ ‫ق َ‬‫فَرا ِ‬ ‫وإ ِّنا ب ِ ِ‬
‫ضى َرب َّنا َ‬ ‫ل إ ِّل َ‬
‫ما ي َْر َ‬ ‫وَل ن َ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫َ‬
‫ن« )‪. (1‬‬ ‫حُزوُنو َ‬ ‫م ْ‬‫لَ َ‬
‫فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم‬
‫تدمع عينه‪ ،‬ويحزن قلبه وهو من هو في منزلته؛‬
‫فكيف إذا كانت امرأة‪ ،‬وشابة عذراء‪ ،‬وليس هذا فقط‬
‫بل وتنسب إلى بيت صلح ودين وأرومة‪ ،‬بل وكانت‬
‫عاكفة‪ ،‬عابدة اشتهرت بالصلح‪ ،‬والخير والدين؛ ثم‬
‫تأتي بولد ول يعرف لها نكاح!‬
‫أفل يحزن قلبها؟ أفل تدمع عيناها؟ بلى يحزن! بلى‬
‫سي َا ً‬
‫ت نَ ْ‬‫وك ُن ْ ُ‬‫ذا َ‬ ‫ه َ‬
‫ل َ‬ ‫قب ْ َ‬‫ت َ‬ ‫م ّ‬‫تدمع! أفل تقول ‪َ} :‬يا ل َي ْت َِني ِ‬
‫جب ِل ّ ٌ‬
‫ة‪،‬‬ ‫سي ًّا{ مريم‪ 23:‬فهذا ِ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫ّ‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البخاري ‪ ،1220‬ومسلم ‪ ،4279‬وأبو داود ‪2719‬‬

‫) ‪(1/488‬‬

‫وفطرة‪ ،‬ولكن ل ينبغي الستسلم للحزن‪ ،‬وإذكاء‬


‫الهم بهم آخر بل الواجب هو القيام‪ ،‬فعلى المرء أن‬
‫ك‬ ‫ل َرب ّ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫يستمدّ من الله العون‪ .‬قال تعالى ‪َ } :‬‬
‫ري ًّا{ مريم‪ ،24:‬سريا ً ‪ :‬أي ‪ :‬جدول ً جاريا‪ً.‬‬ ‫س ِ‬ ‫ك َ‬‫حت َ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫جن ِي ّا ً *‬ ‫ك ُرطَب َا ً َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ط َ‬ ‫ق َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ة تُ َ‬ ‫خل َ ِ‬‫ع الن ّ ْ‬ ‫جذ ْ ِ‬‫ك بِ ِ‬‫هّزي إ ِل َي ْ ِ‬‫و ُ‬ ‫} َ‬
‫حدا ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن الب َ َ‬ ‫ً‬
‫عْينا َ‬ ‫و َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫رأ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما ت ََري ِ ّ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫قّري َ‬ ‫شَرِبي َ‬ ‫فكِلي َ‬
‫ُ‬
‫م‬‫و َ‬ ‫م ال ْي َ ْ‬ ‫ن أك َل ّ َ‬ ‫فل َ ْ‬‫وما ً َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت ِللّر ْ‬ ‫وِلي إ ِّني ن َذَْر ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫سيًا{ مريم‪.26-25:‬‬ ‫إ ِن ْ ِ‬
‫فكم كانت مريم بحاجة إلى هذا المدد؛ وأن تسمع‬
‫مثل هذه الكلمات لتشد وتربط على قلبها؛ وتعلم أن‬
‫الله معها‪ ،‬وأنه ليس بتاركها‪ ،‬فتنزلت عليها السكينة‪،‬‬
‫وغشيتها الرحمة‪ ،‬وكفاها الله ما أهمها‪.‬‬
‫وذاك إبراهيم عليه السلم ول يخفى عليك ما كان‬
‫من أمره وهو الفتى الصغير الضعيف الذي ل حول له‬
‫ول قوة مع قومه‪ ،‬وكيف رمي في النار؟ وكيف أنجاه‬
‫ص عليك من القرآن في هذا الباب‬ ‫ق ّ‬ ‫ت أَ ُ‬ ‫خذ ْ ُ‬‫الله؟ ولو أ َ َ‬
‫قطَِران من هول البلء‪،‬‬ ‫قار وال َ‬ ‫لصار اللبن الحليب كال َ‬
‫ت صفحات القرآن فستجد في‬‫قل ّب ْ َ‬
‫عظَم ِ الداء‪ ،‬ولو َ‬
‫و ِ‬
‫الذكر الحكيم ما يهون عليك مصيبتك‪ ،‬ويكون لك‬
‫بلسما ً وشفا ً‬
‫ء‪.‬‬

‫) ‪(1/489‬‬

‫نعم أخي؛ ودعني أقص عليك من واقع الناس الذي‬


‫هبا ً ‪:‬‬ ‫سمًا‪ ،‬ولحزنك ُ‬
‫مذْ ِ‬ ‫عايشته ما قد يكون لجراحك ب َل ْ َ‬
‫هذه امرأة طريحة الفراش ظلت خمس سنوات ـ ول‬
‫زالت ـ طريحة الفراش ل تتحرك‪ ..‬ل شيء فيها‬
‫يتحرك سوى الرأس والعينين فقد عطل المرض كل‬
‫عضو فيها فل حراك اليوم‪.‬‬
‫هدّهُ المرض‪ ،‬وأفناه الداء‪ ،‬تهاوى تحت شدته‪،‬‬ ‫جسد َ‬
‫ً‬
‫وسقط تحت سطوته فجعله حطاما ل يرجى صلحه‪،‬‬
‫أو ينتظر برؤه‪.‬‬
‫ضر‪ ،‬ولو رأيتها رأيت‬ ‫حت َ َ‬‫م ْ‬ ‫لو أبصرتها أبصرت هشيم ال ُ‬
‫د‬
‫هو ٌ‬ ‫م ْ‬
‫ش ُ‬ ‫ن َ‬ ‫حْز ِ‬ ‫من ْظَُر ال ُ‬
‫ْ‬ ‫ف َ‬ ‫الحزن أمامك ماث ً‬
‫ل‪َ ) :‬‬
‫ها(‪ ،‬بقايا نفس كانت بشرًا! ل تملك حتى أن‬ ‫ر َ‬‫من ْظَ ِ‬
‫بِ َ‬
‫ن‪ ،‬وبعض النين رحمة! حتى اللسان أبكمه المرض‪،‬‬ ‫ت َئ ِ ّ‬
‫وأخرسه البلء‪ ،‬فل تسمع إل همهمة كهمهمة الخرس‬
‫البكم الذين ل يتكلمون‪.‬‬
‫يقول لي زوجها ‪ :‬أنا أقوم على خدمتها أغسلها‪،‬‬
‫وأنظفها ول أسمح لحد أن يقوم بهذا عني‪ ،‬زوجتي‬
‫منذ خمسة وعشرين عامًا‪ ،‬ليس لدينا أولد‪ ،‬مرضت‬
‫قبل خمس سنوات‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬

‫) ‪(1/490‬‬

‫بالله عليك كيف ترى نفس هذه المرأة؟ أي نفس‬


‫نفسها؟ لها عينان تبصران‪ ،‬وعقل يعي‪ ،‬ونفس‬
‫تتمنى وترجو كيف تراها من الداخل وهي ترى‬
‫الصحاء‪ ،‬المعافين في أبدانهم‪،‬كيف يقومون؟ وكيف‬
‫يتحركون؟ وهي طريحة الفراش‪ ،‬ل تقوى أن تحرك‬
‫في بدنها ذرة‪.‬‬
‫ألن يوسوس لها شيطانها بسوء حظها العاثر؟ !ألن‬
‫تندب نفسها؟ أليست هذه حياة؟ بلى حياة؛ ولكنها‬
‫مريرة؟ فأي حياة هذه؟‬
‫ألن تذمها بقول الشاعر ‪:‬‬
‫يا موت ُزْر إن الحياة مريرة ‪ #‬يا نفس ويحك إن‬
‫حظك عاثر )‪(1‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬البيت لبي العلء المعري‬

‫) ‪(1/491‬‬

‫أم كيف هو الزوج الذي يحمل أعباء امرأة ليست‬


‫بالطفل الصغير! وأنا أعجب والله منه في شيئين ‪:‬‬
‫في صبره على خدمة زوجه! وفي وفائه لها!‬

‫وهذه طفلة صغيرة‪ ،..‬تشكو تضخم الرأس‪ ،‬عندما‬


‫أبصرت رأسها هالني منظره‪ ،‬واستعظمت ضخامته‪،‬‬
‫وحجمه‪ ،‬رأس ضخم ل كالرؤوس‪ ،‬لو وضع على أضخم‬
‫جثة بشرية لستضخمه الناس؛ فكيف وهو على جثة‬
‫صغيرة ل يتجاوز عمرها السنوات‪ ،‬والبنت طريحة‬
‫الفراش مذ ولدت ورأسها يزداد كل يوم ضخامة إلى‬
‫ء‪ ،‬عجز‬
‫اليوم الذي رأيتها فيه‪ ،‬ول يجدون لها دوا ً‬
‫الطبيب بطبه‪ ،‬وماذا صنع الدواء؟ ل شيء لم يستطع‬
‫حتى أن يوقف تضخم الرأس! والرأس كل يوم في‬
‫زيادة‪.‬‬
‫ظنوا دائها مسًا! وليس بمس‪.‬‬
‫ظنوه سحرًا! وما هو بسحر‬
‫ظنوه عينًا! وليس بعين‪.‬‬
‫فماذا يكون إذن؟‬

‫) ‪(1/492‬‬

‫هذا علمه إلى الله‪.‬‬


‫والصغيرة طريحة الفراش‪ ،‬ل أحد يضمها‪ ،‬أو يشمها‪،‬‬
‫ول أحد يحملها أو يحركها‪ ،‬ـ ونفس صغيرة كهذه‬
‫تحتاج شيئا ً كهذا كحاجتها إلى الطعام والشراب ـ‬
‫ومن ذا سيحملها؟! ل أحد يقوى‪ ،‬فرأسها سيكسر‬
‫ت‪ ،‬أو حملت‪.‬‬
‫حّرك ْ‬
‫رقبتها ويدقها إن ُ‬
‫ي نفس معذبة باكية بين جنبي‬‫بالله عليك يا أخي؛ أ ّ‬
‫هذا الصغيرة؟ وأي قلب حزين قلب أمها؟ تصور بالله‬
‫عليك حاول وقولي ‪:‬كيف ستدخل الراحة نفسها؟ أم‬
‫كيف تسكن الطمأنينة قلبها‪ ،‬وطفلتها الصغيرة هذا‬
‫حالها؟وأنت تعرف قلب الم الرؤوف الرحيم‪ ،‬الودود‬
‫الحنون‪.‬‬
‫فإن كنت يا أخي تملك عينا ً تبكي بها على ما أصابك‬
‫ف‬ ‫فك َ ْ‬
‫فك ِ ْ‬ ‫ففي دنيا الناس من ل عين له يبكي بها‪َ ،‬‬
‫ع َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫مو َ‬
‫دُ ُ‬
‫أي أخي ! إن بالناس من المصائب ما ليس بك‪ ،‬فأنزل‬
‫مصائبهم على مصيبتك تهون! وأنزل على ما تشتكي‬
‫ما يشتكون! كم في هذه الدنيا من النفوس المعذبة؟‬
‫كم وكم؟؟ فمن لها؟ من للعيون الباكية؟‬

‫) ‪(1/493‬‬

‫فاصبر أي أخي؛ صبر الكريم؛ فإن الله أرحم بك من‬


‫نفسك التي بين جنبيك‪ ،‬واعلم أنك لن تزداد بالصبر‬
‫عند الله إل رفعة‪ ،‬وإيمانًا‪ ،‬ودينًا‪ ،‬ومنزلة‪.‬‬
‫واعلم أيضا ً أن الله يصلي على الصابرين‬
‫المسترجعين من أهل البلء ولهم رحماته‪ ،‬قال تعالى‬
‫‪} :‬ال ّذين إ َ َ‬
‫وإ ِّنا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫قاُلوا إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ة َ‬
‫صيب َ ٌ‬
‫م ِ‬
‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫ِ َ ِ‬
‫ة‬‫م ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ت ِ‬ ‫وا ٌ‬‫صل َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن * أولئ ِك َ‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬‫َرا ِ‬
‫ن{ البقرة‪157-156:‬‬ ‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫وُأول َئ ِ َ‬
‫َ‬

‫أي أخي!‬
‫ض‬
‫ه بع َ‬
‫قد ينعم الله بالبلوى وإن عظمت ‪ #‬ويبتلي الل ُ‬
‫القوم ِ بالنعم‬
‫ً‬
‫فلعل بلءك نعمة وإن كان عظيما ‪ #‬فحسبك الله في‬
‫كل لك الله‬

‫لما أدخل إبراهيم التيمي سجن الحجاج رأى قوما‬


‫مقرنين في سلسل‪ ،‬إذا قاموا قاموا معا‪ ،‬وإذا قعدوا‬
‫قعدوا معا‪ ،‬فقال ‪ :‬يا أهل بلء الله في نعمته‪ ،‬ويا‬
‫أهل نعمة الله في بلئه‪ ،‬إن الله عز وجل قد رآكم‬
‫أهل‬

‫) ‪(1/494‬‬

‫ليبتليكم‪ ،‬فأروه أهل للصبر‪ ،‬فقالوا ‪ :‬من أنت رحمك‬


‫الله ؟ قال ‪ :‬أنا ممن يتوقع من البلء مثل ما أنتم‬
‫عليه‪ ،‬فقال أهل السجن‪ :‬ما نحب أنا خرجنا )‪(1‬‬
‫وأنا أقول لك ـ يا أخي ـ يا ذا بلء الله في نعمته‪ ،‬ويا‬
‫ره‬ ‫ذا نعمة الله في بلئه‪ ،‬إن الله رآك أهل ً ليبتليك َ َ‬
‫فأ ِ‬
‫أهل ً للصبر‪.‬‬
‫صَل َ‬
‫ة‬ ‫قم ِ ال ّ‬‫ي أَ ِ‬
‫قال لقمان لبنه وهو يعظه ‪َ} :‬يا ب ُن َ ّ‬ ‫ْ‬
‫ما‬‫عَلى َ‬ ‫صب ِْر َ‬
‫وا ْ‬ ‫ر َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫ه َ‬‫وان ْ َ‬‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬‫م ْ‬‫مْر ِبال ْ َ‬
‫وأ ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر{ لقمان‪.17:‬‬ ‫مو ِ‬ ‫عْزم ِ ال ُ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن ذَل ِك ِ‬‫صاب َك إ ِ ّ‬ ‫أ َ‬
‫واحتسب ـ أي أخي ـ عند الله مصيبتك‪ ،‬وقل ‪ :‬يا‬
‫نفس صبرا ً لعل الجنة على هذا البلء عقباك‪(2) .‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬ابن أبي الدنيا في الفرج بعد الشدة ‪56‬‬
‫)‪ (2‬من مقدمة مواساة العليل‪.‬‬

‫) ‪(1/495‬‬

‫للبليا نهايات معلومة الوقت عند الله عز وجل فلبد‬


‫للمبتلي من الصبر إلى أن ينقضي أوان البلء )‪(1‬‬

‫للبلء نهايات معلومة الوقت عند الله عز وجل‪ ،‬فل بد‬


‫للمبتلى من الصبر إلى أن ينقضي أوان البلء‪ ،‬فإن‬
‫تقلقل قبل الوقت‪ ،‬لم ينفع التقلقل‪ ،‬كما أن المادة‬
‫إذا انحدرت إلى عضو‪ ،‬فإنها لن ترجع‪ ،‬فل بد من‬
‫الصبر إلى حين البطالة‪.‬‬
‫فاستعجال زوال البلء مع تقدير مدته ل ينفع؛‬
‫عا‪ ،‬ول ينفع‬‫فالواجب الصبر‪ ،‬وإن كان الدعاء مشرو ً‬
‫إل به‪ ،‬إل أنه ل ينبغي للداعي أن يستعجل‪ ،‬بل يتعبد‬
‫بالصبر والدعاء‪ ،‬والتسليم إلى الحكيم‪ ،‬ويقطع المواد‬
‫التي كانت سبًبا للبلء‪ ،‬فإن غالب البلء أن يكون‬
‫عقوبة‪ .‬فأما المستعجل‪ ،‬فمزاحم للمدبر‪ ،‬وليس هذا‬
‫مقام العبودية؛ وإنما المقام العلى هو الرضا‪،‬‬
‫والصبر هو اللزم‪ ،‬والتلجي بكثرة الدعاء نعم‬
‫المعتمدة‪،‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬صيد الخاطر ‪ -‬لبن الجوزي ص ‪170‬‬

‫) ‪(1/496‬‬

‫والعتراض حرام‪ ،‬والستعجال مزاحمة للتدبير‪،‬‬


‫فافهم هذه الشياء‪ ،‬فإنها تهون البلء(‪.‬اهـ‬

‫العافية والشكر )‪(1‬‬


‫عن عمر بن السكن‪ :‬كنت عند سفيان بن عيينة‪،‬‬
‫فقام إليه رجل من أهل بغداد فقال‪ :‬يا أبا محمد‪،‬‬
‫أخبرني عن قول مطرف‪ :‬لن أعافي فأشكر أحب‬
‫إلي من أن أبتلى فأصبر‪ ،‬أهو أحب إليك أم قول أخيه‬
‫أبي العلء‪ :‬اللهم رضيت لنفسي ما رضيت لي ؟ قال‪:‬‬
‫فسكت عنه سكتة ثم قال‪ :‬قول مطرف أحب إلي‪،‬‬
‫فقال الرجل‪ :‬كيف وقد رضي هذا لنفسه ما رضيه‬
‫الله له ؟ فقال سفيان‪ :‬إني قرأت القرآن فوجدت‬
‫صفة سليمان ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬مع العافية التي كان‬
‫ب{ ص‪ ،30:‬ووجدت صفة‬ ‫فيها ‪} :‬ن ِعم ال ْعبد إن ّ َ‬
‫وا ٌ‬
‫هأ ّ‬‫َ ْ ُ ِ ُ‬ ‫ْ َ‬
‫م‬
‫ع َ‬
‫أيوب ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬مع البلء الذي كان فيه‪} :‬ن ِ ْ‬
‫ب{ ص‪ ،44:‬فاستوت الصفتان وهذا‬ ‫ال ْعبد إن ّ َ‬
‫وا ٌ‬
‫هأ ّ‬ ‫َ ْ ُ ِ ُ‬
‫معافى‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬تهذيب الكمال ‪ -‬ترجمة سفيان بن عيينة‪.‬‬

‫) ‪(1/497‬‬

‫وهذا مبتلى‪ ،‬فوجدت الشكر قد قام مقام الصبر‪،‬‬


‫فلما اعتدل كانت العافية مع الشكر أحب إلي من‬
‫البلء مع الصبر‪.‬‬

‫أسباب تأخر الشفاء )‪(1‬‬


‫قد تبتلى بالسحر؛ فتدعو الّله‪ ،‬فيصرفه عنك‪ ،‬وقد ل؛‬
‫فتعالجه بالقرآن؛ فيصرفه الّله عنك‪ ،‬وقد ل؛ فتسعى‬
‫في استخراجه من بطنك‪ ،‬أو من بطن الرض سّيان‪،‬‬
‫وتهدى إليه فتنفث عليه؛ وينتهي كيد صانعيه‪.‬‬
‫وقد ل تهدى إليه‪ ،‬ول ينتهي كيد صانعيه‪ ،‬وتبقى‬
‫عمرك متورطا ً فيه!‬
‫وهذا لسباب ثلثة فيما أعلم‪:‬‬

‫__________‬
‫)‪ (1‬الجنة من الجنة‪.‬‬

‫) ‪(1/498‬‬

‫وب؛ فهو عقوبة‪،‬‬ ‫ح ْ‬


‫‪ - 1‬أنه لكثرة ذنوب‪ ،‬وإسراف ُ‬
‫فانتبه‪ ،‬واستيقظ‪ ،‬وأعلن التوبة‪.‬‬
‫‪ - 2‬أو أنت عند الّله محبوب‪ ،‬فهو مثوبة! أقصد ما‬
‫يؤول إليه أمرك عند الّله بعد صبرك؛ أنه الثواب‪،‬‬
‫والجزاء الحسن‪ ،‬فإن الّله يريد أن يرفعك به الدرجات‬
‫في الجنات‪.‬‬
‫‪ - 3‬أنه عقوبة‪ ،‬تؤول إن شاء الّله إلى مثوبة؛ وذلك‬
‫أنك على خير‪ ،‬وطاعة ولكن لك بقايا سيئات الّله‬
‫يعلمها‪ ،‬فأراد أن يعاقبك بها في الدنيا ويطهرك‪،‬‬
‫وينقيك منها كما ينقى الثوب البيض من الدنس‪.‬‬
‫من‬
‫ب َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ي أَ ْ‬
‫مان ِ ّ‬
‫َ‬
‫ول أ َ‬‫كم َ‬ ‫مان ِي ّ ُ‬ ‫َ‬
‫س ب ِأ ِ‬‫قال تعالى‪َ} :‬لي َ‬
‫ول َ‬‫ول ِي ّا ً َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ه ِ‬‫جد ْ ل َ ُ‬ ‫ول َ ي َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫سوءا ً ي ُ ْ‬
‫جَز ب ِ ِ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ْ‬
‫ع َ‬
‫يَ ْ‬
‫صيرًا{ ‪.‬‬‫نَ ِ‬

‫) ‪(1/499‬‬

‫الجزاء من جنس العمل )‪(1‬‬


‫ل ينبغي للمؤمن أن ينزعج من مرض أو نزول موت‪،‬‬
‫وإن كان الطبع ل يملك‪ ،‬إل أنه ينبغي له التصبر مهما‬
‫أمكن‪ :‬ما لطلب الجر بما يعاني‪ ،‬أو لبيان أثر الرضا‬
‫بالقضاء‪ ،‬وما هي إل لحظات ثم تنقضي‪.‬‬
‫وليتفكر المعافى من المرض في الساعات التي كان‬
‫يقلق فيها‪ :‬أين هي في زمان العافية؟! ذهب البلء‪،‬‬
‫وحصل الثواب‪ ،‬كما تذهب حلوة اللذات المحرمة‪،‬‬
‫ويبقى الوزر‪ ،‬ويمضي زمان التسخط بالقدار‪،‬‬
‫ويبقى العتاب‪.‬‬
‫وهل الموت إل آلم تزيد‪ ،‬فتعجز النفس عن حملها‪،‬‬
‫فتذهب؟! فليتصور المريض وجود الراحة بعد رحيل‬
‫النفس‪ ،‬وقد هان ما يلقى‪ ،‬كما يتصور العافية بعد‬
‫شرب الشربة المرة‪.‬‬
‫ول ينبغي أن يقع جزع بذكر البلى‪ ،‬فإن ذلك شأن‬
‫المركب‪ ،‬أما الراكب‪ ،‬ففي الجنة أو النار‪ ،‬وإنما ينبغي‬
‫أن يقع الهتمام الكلي بما يزيد في‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬صيد الخاطر لبن الجوزي ص ‪289‬‬

‫) ‪(1/500‬‬

‫درجات الفضائل‪ ،‬قبل نزول المعوق عنها‪ ،‬فالسعيد‬


‫من وفق لغتنام العافية‪ ،‬ثم يختار تحصيل الفضل‬
‫فالفضل في زمن الغتنام‪.‬‬
‫وليعلم أن زيادة المنازل في الجنة على قدر التزيد‬
‫من الفضائل هاهنا‪ ،‬والعمر قصير‪ ،‬والفضائل كثيرة‪،‬‬
‫فليبالغ في البدار‪ ،‬فيا طول راحة التعب! ويا فرحة‬
‫المغموم! ويا سرور المحزون! ومتى تخايل دوام‬
‫اللذة في الجنة من غير منغص ول قاطع‪ ،‬هان عليه‬
‫كل بلء وشدة‪ .‬ا‪.‬هـ‬

‫اذهب فأنا معك )‪(1‬‬


‫قيل ‪ :‬قال الصبر ‪ :‬يا رب خلقت من كل شيء زوجين‬
‫اثنين وخلقتني وحيدًا! ‪ ...‬قال الله له ‪ :‬اذهب فأنا‬
‫معك‪.‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬أبو عبيد العمروني ‪ :‬خاطرة إيمانية‪.‬‬

‫) ‪(1/501‬‬

‫فيا قليل الصبر‪ ،‬يا رضيع الجزع؛ أهانت معية الله‬


‫للصابرين عليك؟! رضيت الجزع قرينا ً فبئس القرين‪،‬‬
‫امتحنك الله بما ل تعجز عنه حمل ً فلم يجد لك عزمًا‪.‬‬
‫يا فقير الصبر استغن بمعية الله للصابرين عن غنى‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫الجزع للمفلسين فإن الله يقول ‪} :‬إ ِ ّ‬
‫ن{ البقرة‪ ،153:‬والنفال‪.46:‬‬ ‫ري َ‬
‫صاب ِ ِ‬
‫ال ّ‬
‫) ‪(1/502‬‬

‫درة غالية ‪ :‬ابتعد عن كل ما يحزنك‪ ،‬واحرص على ما‬


‫يسرك! )‪(1‬‬

‫قال الشيخ العلمة ابن عثيمين )‪(2‬‬


‫ن الشرع يأمرنا بالبتعاد عنه‪،‬‬ ‫دث الندم فإ ّ‬ ‫ح ِ‬‫كل ما ي ُ ْ‬
‫ولهذا أيضا أصول منها‪ :‬أن الله سبحانه وتعالى قال ‪:‬‬
‫َ‬
‫ول َي ْ َ‬
‫س‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫حُز َ‬
‫ن ل ِي َ ْ‬
‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬‫وى ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ما الن ّ ْ‬ ‫}إ ِن ّ َ‬
‫ه{ المجادلة‪ ،10:‬والله تعالى‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫شي ًْئا إ ِّل ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ضاّر ِ‬ ‫بِ َ‬
‫إنما أخبرنا بذلك من أجل أن نتجنب هذا الشيء‪ ،‬ليس‬
‫مجرد إخبار أن الشيطان يريد إحزاننا‪ ،‬ل؛ المراد ‪ :‬أن‬
‫نبتعد عن كل ما يحزن‪ ،‬و لهذا قال النبي صلى الله‬
‫ن ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ث َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫ن الّثال ِ ِ‬ ‫دو َ‬‫ن ُ‬ ‫جى اث َْنا ِ‬ ‫عليه وسلم ‪َ» :‬ل ي َت ََنا َ‬
‫ه« )‪ (3‬؛ فكل ما يجلب الحزن للنسان فهو‬ ‫زن ُ ُ‬‫ح ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫منهي عنه‪ ،‬ثانيا‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ (1‬المنبر السلمي‬
‫)‪ (2‬شرح بلوغ المرام ‪ -‬كتاب البيوع‪.‬‬
‫ح ‪ ،2751‬وصححه‬
‫حي ٌ‬
‫ص ِ‬
‫ن َ‬
‫س ٌ‬
‫ح َ‬
‫)‪ (3‬الترمذي وقال َ‬
‫اللباني في صحيح الترمذي‬

‫) ‪(1/503‬‬

‫أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر من رأى رؤيا‬


‫يكرهها أن يتفل عن يساره ثلث مرات‪ ،‬ويستعيذ‬
‫بالله من شرها ومن شر الشيطان‪ ،‬وينقلب إلى جنبه‬
‫الثاني‪ ،‬ول يخبر بها أحدا‪ ،‬ويتوضأ ويصلي‪ ،‬كل هذا‬
‫من أجل أن يطرد النسان عنه هذه الهموم التي تأتي‬
‫بها هذه المراض‪ ،‬ولهذا قال الصحابة ‪) :‬لقد كنا نرى‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫الرؤيا فنمرض منها‪ ،‬فلما حدَّثنا رسو ُ‬
‫عليه وسلم بهذا الحديث؛ يعني‪ :‬استراحوا‪ ،‬ولم يبق‬
‫لهم هم(‪ ،‬فكل شيء يجلب الهم والحزن والغم فإن‬
‫الشارع يريد منا أن نتجنبه‪ ،‬ولهذا قال الله تعالى ‪:‬‬
‫وَل‬
‫سوقَ َ‬ ‫وَل ُ‬
‫ف ُ‬ ‫ث َ‬ ‫فَل َر َ‬
‫ف َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه ّ‬
‫في ِ‬‫ض ِ‬ ‫فَر َ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ف َ‬‫} َ‬
‫ج{ البقرة‪ ،171:‬لن الجدال يجعل‬ ‫ح ّ‬‫في ال ْ َ‬‫ل ِ‬ ‫دا َ‬‫ج َ‬‫ِ‬
‫فك ُْرهُ من أجل المجادلة‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ويتغير‬ ‫يحتمي‬ ‫الفرد‬
‫سيحصل له هم ويلهيه عن العبادة‪.‬‬
‫المهم اجعل هذه نصب عينيك دائما؛أي ‪ :‬أن الله عز‬
‫وجل يريد منك أن تكون دائما مسرورا بعيدا عن‬
‫الحزن‪ ،‬والنسان في الحقيقة له ثلث حالت ‪ :‬حالة‬
‫ماضية‪ ،‬وحالة حاضرة‪ ،‬وحالة مستقبلة‬

‫) ‪(1/504‬‬

‫الماضية ‪ :‬يتناساها النسان وما فيها من الهموم؛‬


‫لنها انتهت بما هي عليه إن كانت مصيبة فقل ‪:‬‬
‫ها« )‬ ‫من ْ َ‬ ‫خي ًْرا ِ‬ ‫ف ِلي َ‬ ‫خل ِ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬‫صيب َِتي َ‬ ‫م ِ‬ ‫في ُ‬ ‫جْرِني ِ‬ ‫ْ‬
‫مأ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫»الل ّ ُ‬
‫‪ ، (1‬وتناسى‪ ،‬ولهذا نهى عن النياحة‪ ،‬لماذا ؟ لنها‬
‫تجدد الحزان وتذكر بها‪.‬‬
‫المستقبلة ‪ :‬علمها عند الله عز وجل‪،‬اعتمد على الله‪،‬‬
‫وإذا جاءتك المور فاضرب لها الحل‪ ،‬لكن الشيء‬
‫الذي أمرك الشارع بالستعداد له فاستعد له‪.‬‬
‫__________‬
‫ة‬‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سل َ‬ ‫م َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫)‪ (1‬روى مسلم في صحيحه ‪» : 1525‬أ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫سل ّ َ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫سو َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫أن ّ َ‬
‫َ‬
‫مَرهُ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما أ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫في َ ُ‬
‫ة َ‬ ‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬‫ه ُ‬‫صيب ُ ُ‬‫سل ِم ٍ ت ُ ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ْ‬
‫جْرِني‬ ‫مأ ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن{ البقرة‪ 156:‬الل ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬
‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنا إ ِل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫}إ ِّنا ل ِل ّ ِ‬
‫ه لَ ُ‬
‫ه‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ها إ ِّل أ َ ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫خي ًْرا ِ‬ ‫ف ِلي َ‬ ‫خل ِ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫صيب َِتي َ‬ ‫م ِ‬ ‫في ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫تأ ّ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫م َ‬‫سل َ َ‬ ‫ت أُبو َ‬ ‫ما َ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬‫ت َ‬ ‫قال َ ْ‬
‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬‫خي ًْرا ِ‬ ‫َ‬
‫جَر إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها َ‬ ‫ت َ‬ ‫ل ب َي ْ ٍ‬‫و ُ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫م َ‬‫سل َ َ‬ ‫ن أِبي َ‬ ‫م ْ‬‫خي ٌْر ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ها‬‫قل ْت ُ َ‬ ‫م إ ِّني ُ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫َر ُ‬
‫م‪«..‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫ه َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو َ‬ ‫ه ِلي َر ُ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫َ‬

‫) ‪(1/505‬‬

‫والحال الحاضرة هي ‪ :‬التي بإمكانك معالجتها‪ ،‬حاول‬


‫أن تبتعد عن كل شيء يجلب الهم و الحزن والغم‪،‬‬
‫لتكون دائما مستريحا منشرح الصدر‪ ،‬مقبل على الله‬
‫وعلى عبادته وعلى شؤونك الدنيوية والخروية‪ ،‬فإذا‬
‫جربت هذا استرحت؛ أما إن أتعبت نفسك مما مضى‪،‬‬
‫أو بالهتمام بالمستقبل على وجه لم يأذن به الشرع‪،‬‬
‫فاعلم أنك ستتعب ويفوتك خير كثير‪.‬‬

‫وأخيرا ً أيها الزوج‪..‬ننصحك بقراءة كتاب النكاح من‬


‫كتاب صحيح البخاري‪ ،‬فهو مفيد نافع إن شاء الله‬
‫تعالى‪.‬‬

‫والحمد لله رب العالمين‬

‫) ‪(1/506‬‬

You might also like