Professional Documents
Culture Documents
لقد زود ال هذه الرض بغلف يحميها وهو عبارة عن مجال مغنطيسي قوي جداً ،فأثناء تشكل الرض
قُذفت بكميات هائلة من النيازك الحديدية التي نزلت نزولً إلى الرض واستقرت في نواة الرض عبر
المليين من السنين ،وهذا ما ساهم بإعطاء الرض هذه الميزة التي ل تتوافر في بقية الكواكب إل بشكل
ضئيل ل يكفي لحمايتها..
تتميز أرضنا بوجود مجال مغنطيسي حولها يمتد لكثر من 60ألف كيلو متر في الفضاء ،وهو موجود في
منطقة تسمى magnetosphereوهذا المجال يمنع الكثير من الجزيئات الخطرة المنبعثة من الشمس
والتي تحملها الرياح الشمسية ويردها ول يسمح لها باختراق جو الرض.
يؤكد العلماء أن الشمس تبث أكثر من ألف مليون كيلو غرام من المواد الخطرة في كل ثانية!! طبعاً جزء من
هذه المواد يقترب من الرض ويتبدد على حدود الغلف المغنطيسي للرض ،فقد زود ال تعالى هذا الغلف
بقدرة غريبة على صد الهجوم الشمسي الفتاك! هذه الجسام هي عبارة عن أشعة إلكترونية وأشعة من
البروتونات وذرات متأينة من معظم العناصر المعروفة .وتسير بسرعة أكبر من سرعة الصوت تبلغ حتى
800كيلو متر في الثانية ،وعندما تصطدم بالمجال المغنطيسي للرض يقوم بتخفيض سرعة هذه الجسيمات
إلى ما دون سرعة الصوت وإلغاء فعاليتها.
ولكن جزءاً من هذه الجسيمات يقتر حتى يصل إلى مسافة قريبة من الرض ،ولكن من رحمة ال تعالى بنا
أنه يتبدّد أيضاً مشكلً ظاهرة الشفق القطبي! وهي من أجمل الظواهر الكونية .ويعتبر المجال المغنطيسي
للرض هو القوى بين الكواكب ولول هذه الميزة لستحالت الحياة على الرض.
هناك مليين الحداث والصطدامات تتم خارج أرضنا ول نشعر بها ،والذي يدافع عنا هو هذا المجال
المغنطيسي الرائع ،فقد رصد العلماء مؤخراً صدمة عنيفة بين الرياح الشمسية الفتاكة (وهي جزيئات
مشحونة كهربائياً) وبين المجال المغنطيسي للرض أشبه بمعركة حامية ،وانتهت بتغلب هذا المجال على
رياح الشمس ،وصد هذا الهجوم عنا!!
يقول البروفسور Henrik Mouritsenأستاذ علم "العصاب الحسي" في جامعة أولدن برغ في ألمانيا:
تشير الدراسات إلى أن الطيور مزودة بأجهزة خاصة في عيونها تتصل مع خليا عصبية في الدماغ ،تمكنها
من رؤية خطوط المجال المغنطيسي للرض!
من رحمة ال تعالى أن نعمه لم تقتصر على النسان بل تشمل كل كائن حي على الرض ،فقد وجد العلماء
أن جميع الحيوانات تستفيد بطريقة أو بأخرى من هذا المجال المغنطيسي للتوجه ومعرفة المكان الذي تهاجر
أو تعود إليه ،وبالتالي فإن المجال المغنطيسي للرض هو نعمة بالنسبة للحيوانات أيضاً.
تؤكد الدراسات أن المجال المغنطيسي للرض هو نعمة عظمى لوله ما كان للحياة أن تنشأ أصلً على هذا
الكوكب ،وعندما درس العلماء بقية الكواكب في النظام الشمسي وجدوا أن معظمها ل يملك مجالً مغنطيسياً
فمثلً كوكب المريخ ليس له مجال مغنطيسي ولذلك ليس محمياً من الرياح الشمسية القاتلة فهي تقترب منه
بسهولة ولذلك ترتفع درجة الحرارة على سطحه عدة مئات من الدرجات.
يتغير اتجاه المجال المغنطيسي للرض باستمرار ،فنجد أن الشمال المغنطيسي مثلً يتحرك بمعدل 15كيلو
متر في السنة (وكالة ناسا) ،ويتأرجح ،وخلل آلف السنين (أو مليين السنين) يغير اتجاهه ،فيصبح في
الجنوب بدلً من الشمال وهكذا .وهذه الظاهرة تؤثر على الكائنات الحية على الرض وعلى الحياة العامة.
وسبب هذا الدوران هو دوران الحديد الموجود في نواة الرض باستمرار.
ويؤكد العلماء أن المجال المغنطيسي للرض في الماضي كان أقوى كثيراً من اليوم ول يزال يتناقص
باستمرار ،وقد يأتي ذلك اليوم حيث ينعدم هذا المجال ويسمح لريح الشمس باختراق غلف الرض
وملمسة البحار مما يؤدي إلى رفع درجة حرارتها وتفكك الماء إلى هيدروجين وأكسجين وهذا المزيج
يعتبر متفجراً وخطيراً ،وبعد ذلك تحدث انفجارات عنيفة .وقد نجد في كتاب ال تعالى إشارة رائعة في آيتين
سجّ َرتْ) [التكوير ]6 :ثم
يقول تبارك وتعالى في سورة التكوير يحدثنا عن أحداث يوم القيامة( :وَإِذَا الْبِحَارُ ُ
يقول بعد ذلك في السورة التالية( :وَِإذَا الْ ِبحَارُ ُفجّ َرتْ) [النفطار .]3 :ومعنى (سُجّ َرتْ) أي ارتفعت درجة
سخّنت.حرارتها وأُحميت و ُ
الليل سكناً
إن هذه الحقائق تظهر بوضوح أن الجانب المواجه للشمس يتعرض لحركة عنيفة وتفاعلت قوية بين المجال
المغنطيسي والرياح الشمسية ،ولكن الجانب المظلم من الرض نجده ساكناً هادئاً ،وهذا ما أشار إليه القرآن
حسْبَانًا َذِلكَ َتقْدِيرُ ا ْلعَزِيزِ ا ْلعَلِيمِ) [النعام:
شمْسَ وَا ْل َقمَرَ ُ
سكَنًا وَال ّ
ج َعلَ اللّ ْيلَ َ
لْصْبَاحِ وَ َ
في قوله تعالى( :فَاِلقُ ا ِ
.]96
وفي هذه الية إشارة خفية إلى التفاعلت التي تحدث أثناء النهار ويتم بنتيجتها اصطدام الجزئيات المشحونة
كهربائياً والقادمة من الشمس باتجاه الرض وتكسرها كما تتكسر المواج على الشاطئ ،تأملوا معي قوله
لْصْبَاحِ) أل تلمسوا إشارة إلى نوع من أنواع الحركة والنفلق
تعالى (فَالِقُ ا ِ
إن الشمس مسخرة لخدمتنا ولكن إذا وصلتنا كل الجزيئات التي تبثها نتيجة التفاعلت النووية التي تحدث فيها
سوف نحترق على الفور ،ولكن من رحمة ال تعالى بنا أنه خلق عدة طبقات للغلف الجوي تحيط بالرض
وتحميها من شر الشمس ،ول تسمح إل بدخول الشعة المفيدة والضرورية لنا .وكل طبقة من طبقات الغلف
الجوي لها عمل محدد يختلف عن الطبقة التي تليها.
فمثلً هناك طبقة لحجب الشعة فوق البنفسجية ،وطبقة أخرى لصد الشعة الكونية الخطيرة ،وهكذا حتى نجد
الطبقة الخيرة وهي الغلف المغنطيسي والذي جعله ال ذا طبيعة مغنطيسية ليتمكن من حرف مسار
الجزيئات المشحونة وإبعادها وضمان عدم وصولها إلى الرض إل بالكمية الضئيلة التي ل تؤدي لي
حفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَا ِتهَا
سقْفًا َم ْ
سمَاءَ َ
جعَلْنَا ال ّ
ضرر .أليس هذا ما أشار إليه القرآن في قوله تعالىَ ( :و َ
ُمعْ ِرضُونَ) [النبياء.]32 :
إن هذا المجال أيضاً يعمل مثل المرآة العاكسة التي تعكس الرياح الشمسية وترجعها وتبددها في اتجاهات
سمَاءِ ذَاتِ الرّجْعِ) [الطارق.]11 :
مختلفة ،ولذلك أقسم ال تعالى بهذه الظاهرة عندما قال( :وَال ّ
وهنا نقول لولئك الذين يردون كل شيء للطبيعة :مَن الذي علّم الرض كيف تحمي نفسها بهذا النظام
المعقد؟ ومن الذي سخّر هذه الغلفة لتحيط بالرض من كل جانب وتحفظها من خطر الشمس والنجوم
والشعة الصادرة عنها؟ أليس هو ال؟!
أمام هذه الحقائق ل نملك إل أن نقول :سبحان ال! على الرغم من كل هذه النعم إل أننا نجد من ينكر ويجحد
سمَاوَاتِ َومَا فِي الَْ ْرضِ وَأَسْ َبغَ عَلَ ْيكُمْ ِن َعمَهُ ظَاهِ َرةً
ويكفر ،يقول تعالى( :أََلمْ تَ َروْا أَنّ الَّ سَخّرَ َلكُمْ مَا فِي ال ّ
وَبَاطِ َنةً َومِنَ النّاسِ مَنْ ُيجَا ِدلُ فِي الِّ ِبغَيْرِ عِ ْلمٍ َولَ هُدًى َولَ كِتَابٍ مُنِيرٍ) [لقمان]20 :