You are on page 1of 8

‫من اين اتى هدا الكون‬

‫قد يستطيع العلماء قريبا إلقاء نظرة خاطفة على بدايات الكون وذلك بدراسة التموجات‬

‫الدقيقة التي تحدثها موجات تثاقلية‪.‬‬

‫<‪ .R .R‬كالدويل> ـ <‪ .M‬كاميونكوڤسكي>‬

‫(‪1‬‬
‫(كون أملس‬

‫صغْرية) متسقة تماما‬


‫‪.‬في كون ليس فيه تغيرات في الكثافة ول موجات تثاقلية‪ ،‬تكون الخلفية الكونية للموجات الميكروية (ال ِ‬

‫مازال علماء الكون يطرحون السئلة نفسها التي طرحها راصدو النجوم الوائل عندما كانوا‬
‫يمسحون السماوات‪ .‬من أين جاء الكون؟ وهل سبقه شيء؟ وما هو هذا الشيء؟ كيف وصل‬
‫الكون إلى حالته الراهنة‪ ،‬وماذا سيكون مستقبله؟ ومع أن المنظِّرين تفكروا طويل في أصل‬
‫هذا الكون‪ ،‬فلم يكن لديهم أية طريقة لسبر لحظات الكون الولى لختبار فرضياتهم‪ ،‬إل منذ‬
‫ن في السنوات الخيرة‪ ،‬توصل الباحثون إلى طريقة لرصد الكون كما كان‬ ‫عهد قريب جدا‪ .‬لك ْ‬
‫في بداية ذلك الجزء من الثانية الولى بعد النفجار العظم‪ .‬وتتضمن هذه الطريقة النظر في‬
‫آثار الموجات التثاقلية في الخلفية الكونية للموجات الميكروية (‪ ،)CMB‬أي الشعاعات الباردة‬
‫التي تخللت الكون طوال نحو ‪ 15‬بليون سنة‪.‬‬

‫لقد أُطلقت الشعاعات ‪ CMB‬بعد نحو ‪ 500 000‬سنة من النفجار العظم‪ ،‬عندما اتحدت لول‬
‫مرة اللكترونات والپروتونات في الپلزما الكونية البدائية ـ وهي الحساء الحار والكثيف المكوّن‬
‫من الجسيمات دون الذرية التي كانت تمل الكون‪ ،‬وذلك لتكوّن ذرات الهدروجين‪ .‬ولن هذه‬
‫الشعاعات توفر لقطة سريعة للكون في ذلك الوقت‪ ،‬فقد أصبحت الوسيلة لفك رموز علم‬
‫شفت الشعاعات ‪ CMB‬عام ‪ ،1965‬وجد الباحثون أن‬ ‫الكون (الكوسمولوجيا)‪ .‬وبعد أن اكت ُ ِ‬
‫درجة حرارتها ـ وهي مقياس لشدة إشعاعات الجسم السود ـ قريبة جدا من ‪ 2.7‬درجة كلڤن‪،‬‬
‫وذلك مهما كان التجاه الذي ينظرون فيه إلى السماء‪ .‬وبكلمات أخرى‪ ،‬ظهرت هذه‬
‫الشعاعات وكأنها متناحية ‪ ،isotropic‬وهذا يشير إلى أن الكون كان متسقا (منتظما) جدا في‬
‫مراحله الولى‪ .‬ولكن في مطلع التسعينات‪ ،‬كشف ساتل سمي «مستكشف الخلفية الكونية»‬
‫‪ Cosmic Background Explorer COBE‬تغيرات ميكروية ـ جزء واحد فقط من ‪100 000‬‬
‫ـ في درجة حرارة هذه الشعاعات‪ .‬وقد وفرت هذه التغيرات دللة على وجود تكتلت ونتوءات‬
‫صغيرة في الپلزما الكونية البدائية‪ .‬وتطورت هذه التشوهات في نسق توزع كتلة المادة فيما‬
‫بعد‪ ،‬متحولة إلى بُنى كبيرة الحجوم في الكون‪ :‬المجرات‪ ،‬وحشود المجرات التي توجد حاليا‪.‬‬
‫وفي أواخر التسعينات قامت عدة مكاشيف ‪ ،detectors‬محمولة بالمناطيد ومقامة على‬
‫قواعد أرضية‪ ،‬برصد الشعاعات ‪ CMB‬بميز (فصل) ‪ resolution‬زاوي أدق من ميز‬
‫المستكشف ‪ ،COBE‬وكشفت بنى في الپلزما الكونية البدائية تمتد عبر السماء ضمن زوايا‬
‫قياساتها تقل عن درجة واحدة‪( .‬وبغية المقارنة‪ ،‬فإن القمر يقع ضمن زاوية قياسها أقل من‬
‫نصف درجة)‪ .‬وقد أشار حجم هذه البنى البدائية إلى أن هندسة الكون مسطحة [انظر‪«:‬تقرير‬
‫خاص‪ :‬ثورة في الكوسمولوجيا»‪ ،‬مجلة العلوم العدد ‪ ،)1999(11‬ص ‪ .]51‬وتنسجم هذه‬
‫الرصاد مع نظرية التضخم الكوني‪ ،‬التي تفترض وجود حقبة زمنية جرت في اللحظات القليلة‬
‫الولى بعد النفجار العظم كان فيها التمدد الكوني سريعا على نحو لفت للنظر‪ .‬وفي هذا‬
‫العام‪ ،‬تخطط الوكالة (ناسا) لطلق مسبار اللتناحي الميكروي الموجة ‪Micrwave‬‬
‫سع أرصاد ‪ CMB‬الدقيقة لتشمل السماء كلها ‪ .‬كذلك‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ Anisotropy Probe MAP‬الذي سيو ّ‬
‫فإن مركبة الفضاء پلنك ‪ ،Planck‬التابعة لهيئة الفضاء الوروبية‪ ،‬والمخطط لطلقها عام‬
‫‪ 2007‬ستعد خرائط أكثر تفصيل‪ .‬ويتوقع علماء الكون أن تكشف هذه الرصاد كنز معلومات‬
‫نفيسا عن الكون المبكر‪.‬‬

‫ويأمل الباحثون‪ ،‬بوجه خاص‪ ،‬أن يجدوا برهانا مباشرا على حقبة التضخم الكوني‪ .‬والدليل‬
‫القوى «المدفع ذو الدخان» ـ يمكن أن يكون رصد الموجات التثاقلية التضخمية‪ .‬ففي عام‬
‫‪ 1918‬تنبأ آينشتاين بوجود الموجات التثاقلية كنتيجة لنظريته في النسبية العامة‪ .‬وهذه‬
‫الموجات تشبه الموجات الكهرمغنطيسية‪ ،‬كالشعة السينية والموجات الراديوية والضوء‬
‫المرئي‪ ،‬وهي اضطرابات متنقلة للحقل الكهرمغنطيسي‪ .‬ومثلما هي الحال في الموجات‬
‫الضوئية أو الراديوية‪ ،‬يمكن للموجات التثاقلية أن تنقل معلومات وطاقة من المصادر التي‬
‫تنتجها‪ .‬إضافة إلى ذلك يمكن للموجات التثاقلية أن تتنقل من دون عوائق عبر المادة التي‬
‫تمتص جميع أشكال الشعاعات الكهرمغنطيسية‪ .‬وكما تسمح الشعة السينية للطباء بالتحديق‬
‫عبر المادة التي ل يستطيع الضوء اختراقها‪ ،‬فإن الموجات التثاقلية يجب أن تسمح للباحثين‬
‫بأن يروا ظواهر فيزيائية فلكية ل يمكن رؤيتها بطريقة أخرى‪ .‬ومع أن الموجات التثاقلية لم‬
‫تُرصد مباشرة حتى الن‪ ،‬إل أن الرصاد الفلكية أكدت أن أزواجا من أجسام عالية الكثافة‪،‬‬
‫كالنجوم النيوترونية والثقوب السوداء‪ ،‬تول ِّد هذه الموجات عندما تتخذ سبيل لولبيا بعضها باتجاه‬
‫البعض الخر‪.‬‬

‫(‪3‬‬
‫(موجات تثاقلية‬

‫مع أن الموجات التثاقلية لم ترصد مباشرة قط‪ ،‬فإن النظرية تتنبأ بأن بالمكان كشفها‪ ،‬لنها تمط وتعصر الحيز الذي تنتقل‬
‫ثم ‪ )b(.‬فإنها أول تمط الكتلة باتجاه‪ ،‬وتعصرها باتجاه يعامد التجاه الول ‪ )a(،‬خلله‪ .‬فعندما تضرب موجة كتلة كروية‬
‫والتشوهات المبيّنة هنا مكبرة جدا؛ ‪e(.‬و ‪ )d‬وتتأرجح هذه التشوهات تبعا لتردد (تواتر) الموجة ‪ )c(،‬تنعكس هذه التأثيرات‬
‫‪.‬فالموجات التثاقلية تكون عادة أضعف بكثير من أن تحدث تأثيرات يمكن قياسها‬

‫إن الپلزما‪ ،‬التي كانت تمل الكون خلل مدة الـ ‪ 500 000‬سنة الولى من وجوده‪ ،‬كانت عاتمة‬
‫للشعاع الكهرمغنطيسي‪ ،‬لن أي فوتونات منطلقة كانت تتشتت فورا في حساء الجسيمات‬
‫دون الذرية‪ .‬لهذا ل يستطيع الفلكيون رصد الشارات الكهرمغنطيسية التي سبقت تاريخ‬
‫انطلق الشعاعات ‪ .CMB‬وبالمقابل‪ ،‬فإن الموجات التثاقلية كانت قادرة على اختراق الپلزما‬
‫‪-38‬‬
‫الكونية‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن نظرية التضخم الكوني تتنبأ بأن التمدد النفجاري للكون خلل‬
‫‪ 10‬ثانية بعد النفجار العظم كان يجب أن يولّد موجات تثاقلية‪ .‬وإذا كانت النظرية صحيحة‪،‬‬
‫فإن هذه الموجات كان يجب أن تترك أصداء عبر الكون المبكر‪ ،‬وأن تترك تموجات دقيقة جدا‬
‫في الشعاعات ‪ CMB‬بعد ‪ 500 000‬سنة من ذلك‪ ،‬بحيث يمكن رصدها حاليا‪.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫موجات من التضخم الكوني‬

‫ولفهم الكيفية التي كان من الممكن فيها للتضخم الكوني أن يولّد موجات تثاقلية‪ ،‬دَع ْنَا نفح ْ‬
‫ص‬
‫نتيجة مذهلة للميكانيك الكمومي‪ :‬إن الفضاء الخالي ليس خاليا تماما‪ ،‬إذ إن أزواجا افتراضية‬
‫مر تلقائيا باستمرار‪ .‬فمبدأ هايزنبرگ في الرتياب ينص على أن كل‬ ‫من الجسيمات تتولد وتُد َّ‬
‫زوج من الجسيمات طاقته ‪ ∆E‬يمكن أن يبرز إلى حيز الوجود مدة من الزمن ∆‪ t‬قبل أن يدمر‬
‫أحدهما الخر‪ ،‬إذا تحقق الشرط ‪ ،h/2<∆E∆t‬حيث ‪ h‬هو ثابت پلنك المخفض (‪1.055xx 10-‬‬
‫‪ 34‬جول ـ ثانية)‪ .‬ولكن يجب عليك أل تقلق عندما يتعلق المر بتفاحة أو موزة افتراضية لدى‬
‫خروجهما من الفضاء الخالي‪ ،‬لن هذه الصيغة تنطبق على الجسيمات الولية فقط وليس على‬
‫التجمعات المعقدة من الذرات‪.‬‬

‫(‪5‬‬
‫(كون مشوه‬

‫ل بد أن يكون التمدد الهائل السرعة للكون‪ ،‬الذي حدث مباشرة بعد النفجار العظم‪ ،‬قد ولّد موجات تثاقلية‪ .‬ويمكن لهذه‬
‫وهذه ‪ CMB.‬الموجات أن تَمط وتَعصر الپلزما الكونية البدائية مولدة حركات في السطح الكروي الذي بث الشعاعات‬
‫الحركات تُحدث بدورها انزياحات نحو الحمر وانزياحات نحو الزرق في درجة حرارة الشعاع‪ ،‬وتستقطب الشعاعات‬
‫ويُظهر الشكل هنا تأثيرات الموجات التثاقلية الذاهبة من قطب إلى آخر بطول موجي يساوي ربع نصف قطر ‪CMB.‬‬
‫‪.‬الكرة‬

‫وأحد الجسيمات الولية التي تتأثر بهذه العملية هو الگرڤيتون‪ ،‬وهو الجسيم الكمومي للموجات‬
‫التثاقلية (المماثل للفوتون في الموجات الكهرمغنطيسية)‪ .‬فأزواج من جسيمات الگرڤيتون‬
‫الفتراضية تدخل في حيز الوجود باستمرار ثم تخرج منه‪ .‬لكن خلل مدة التضخم الكوني‪،‬‬
‫يتوقع أن تتفكك جسيمات الگرڤيتون الفتراضية بسرعة أكبر بكثير من سرعة عودتها للختفاء‬
‫في الخلء‪ .‬وهذا يعني جوهريا أن الجسيمات الفتراضية ربما تحولت إلى جسيمات حقيقية‪.‬‬
‫إضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن التمدد الهائل السرعة للكون ربما أدى إلى مط الطوال الموجية‬
‫للگرڤيتون لتتحول من أطوال ميكروية إلى ماكروية (كبرية)‪ .‬وبهذه الطريقة ربما يكون‬
‫التضخم الكوني ضخ طاقة في إنتاج الگرڤيتونات‪ ،‬مولدا طيفا من موجات تثاقلية عكست‬
‫ظروف الكون خلل اللحظات الولى التي أعقبت النفجار العظم‪ .‬وإذا كانت الموجات‬
‫التثاقلية التضخمية موجودة فعل‪ ،‬فستكون أقدم المخلفات في الكون‪ ،‬التي تولدت قبل ‪000‬‬
‫‪ 500‬سنة من انبعاث الشعاعات ‪.CMB‬‬

‫(‪6‬‬
‫(خط الزمن الكوني‬
‫خلل حقبة التضخم الكوني ـ أي التمدد الهائل للكون الذي حصل في اللحظات الولى بعد النفجار العظم ـ ولدت‬
‫السيرورات الكمومية طيفا من الموجات التثاقلية‪ .‬وقد كان لهذه الموجات صدى في الپلزما الكونية البدائية‪ ،‬محدثة تشوهات‬
‫في هذه اليام‪ CMB، ،‬التي انبعثت بعد ذلك بنحو ‪ 500 000‬سنة‪ .‬وبالقيام برصد يقظ للشعاعات ‪ CMB‬في الشعاعات‬
‫‪.‬يمكن لعلماء الكون أن يكشفوا حركات الپلزما التي أحدثتها الموجات التثاقلية التضخمية‬

‫وفي حين انحصرت الشعاعات الميكروية في الشعاعات ‪ ،CMB‬إلى حد بعيد‪ ،‬في أطوال‬
‫موجية بين مليمتر واحد وخمسة مليمترات (حيث الطول في ذروة الشدة نحو ‪ 2‬مليمتر)‪ ،‬فإن‬
‫الطوال الموجية للموجات التثاقلية التضخمية تغطي مجال أوسع‪ :‬من سنتيمتر واحد إلى ‪1023‬‬
‫كيلومتر‪ ،‬وهو حجم الكون الحالي المرصود‪ .‬تفترض نظرية التضخم الكوني أن الموجات‬
‫التثاقلية ذات الطوال الموجية الكبرى ستكون هي الكثر شدة‪ ،‬وأن قوتها تتوقف على المعدل‬
‫الذي تمدد به الكون خلل حقبة التضخم‪ .‬وهذا المعدل يتناسب طرديا مع مستوى طاقة‬
‫التضخم‪ ،‬التي تحددت بدرجة حرارة الكون عندما بدأ التضخم‪ .‬ولن الكون كان أكثر حرارة في‬
‫المراحل الزمنية البكر‪ ،‬فإن قوة الموجات التثاقلية تتوقف في النهاية على الوقت الذي بدأ‬
‫فيه التضخم‪.‬‬

‫ولسوء الحظ‪ ،‬ل يستطيع علماء الكون تحديد هذا الوقت‪ ،‬لنهم ل يعرفون بالتفصيل سبب‬
‫التضخم الكوني‪ .‬وقد وضع بعض الفيزيائيين نظرية تنص على أن التضخم بدأ عندما انفصلت‬
‫ثلثة من التآثرات الساسية ـ القوى‪ :‬الشديدة والضعيفة والكهرمغنطيسية ـ بعد خلق الكون‬
‫مباشرة‪ .‬فوفق هذه النظرية‪ ،‬كانت هذه القوى الثلث واحدة في البداية‪ ،‬ثم أصبحت متمايزة‬
‫بعد ‪ 10-38‬ثانية من النفجار العظم‪ ،‬وقد أطلق هذا الحدث‪ ،‬بطريقة أو بأخرى‪ ،‬العنان للتمدد‬
‫المفاجئ للكون‪ .‬ولو كانت هذه النظرية صحيحة‪ ،‬لكان للتضخم مدى طاقة محصور بين ‪1015‬‬
‫إلى ‪ 1016‬جيگاإلكترون ڤلط (‪( .)GeV‬جيگاإلكترون ڤلط واحد هو الطاقة التي يكتسبها پروتون‬
‫عندما يُسَّرع نتيجة هبوط في الڤلطية قدره بليون ڤلط‪ .‬وأكبر مسّرِع للجسيمات حاليا يصل‬
‫إلى طاقة ‪ ).Gev 103‬وبالمقابل‪ ،‬إذا كان التضخم قد نتج من ظاهرة فيزيائية حدثت في وقت‬
‫متأخر‪ ،‬فإن الموجات التثاقلية ستكون أضعف‪.‬‬

‫وما إن تحدث الموجات التثاقلية التضخمية خلل الجزاء الولى من الثانية بعد النفجار العظم‪،‬‬
‫حتى تواصل انتشارها إلى ما لنهاية‪ ،‬ومن ثم فإنها لتزال تنتشر عبر الكون‪ .‬لكن كيف يمكن‬
‫لعلماء الكون رصدها؟ لننظر أول كيف يلتقط مستقبِل ستيريو عادي موجة راديوية‪ .‬هذه‬
‫الموجات مكوّنة من حقول مغنطيسية وكهربائية واهتزازية تجعل اللكترونات في هوائي الجهاز‬
‫المستقبِل تتحرك جيئة وذهابا‪ .‬وتنتج حركة اللكترونات هذه تيارا كهربائيا يسجله الجهاز‬
‫المستقبل‪.‬‬

‫وبالمثل‪ ،‬تحّرِض الموجات التثاقلية مطّا وعصرا بطريقة اهتزازية للحيز الذي تنتقل الموجات‬
‫عبره‪ .‬ومن الممكن لهذه الهتزازات أن تُحدِث حركات صغيرة في مجموعة من كتل الختبار‬
‫العائمة الطليقة‪ .‬ففي أواخر الخمسينات من القرن العشرين‪ ،‬وبغية إقناع المتشككين في‬
‫الحقيقة الفيزيائية لهذه الموجات‪ ،‬قام الفيزيائي <‪ .H‬بوندي> [من ‪ King's College‬في‬
‫لندن] بوصف مكشاف افتراضي للموجات التثاقلية‪ .‬كان الجهاز المثالي المقترح حلقتين‬
‫َ‬
‫معل ّقتين تتحركان بحرية على قضيب صلب طويل‪ .‬فموجات التثاقل الواردة التي سعتها ‪h‬‬
‫وتواترها (ترددها) ؤ تجعل المسافة ‪ L‬بين الحلقتين تتقلص ثم تتمدد بالتناوب مسافة قدرها ‪h‬‬
‫‪ ،x L‬وبتواتر قدره ‪ .F‬وبهذا توفر حرارة الحتكاك‪ ،‬الناتجة من احتكاك الحلقات بالقضيب‪،‬‬
‫برهانا على أن موجات التثاقل تحمل طاقة‪.‬‬

‫(‪7‬‬
‫(أثر في الشعاعات‬

‫يصور المخطط هنا محاكاة للتغيرات ‪ CMB.‬يمكن للموجات التثاقلية التضخمية أن تترك بصمة متميزة على الشعاعات‬
‫في درجة الحرارة ولنماط الستقطاب التي يمكن أن تنتج من التشوهات المبينة في الشكل السفلي في الصفحة ‪ ،35‬وتمثل‬
‫كما تشير الخطوط المستقيمة الصغيرة إلى زاوية ‪ CMB،‬البقع الحمراء والزرقاء المناطق البرد والسخن من الشعاعات‬
‫‪.‬توجيه الستقطاب في كل بقعة من السماء‬

‫ويبني الباحثون حاليا مكاشيف للموجات التثاقلية أكثر تعقيدا‪ ،‬وهي تستخدم الليزر لتعقُّب أثر‬
‫الحركات الصغيرة جدا لكتل اختبار معلقة [انظر الطار في الصفحة ‪ .]38‬فالمسافة بين كتل‬
‫الختبار تحدد نطاقا من أطوال الموجات التي يمكن للجهاز أن يرصدها‪ .‬وأكبر المكاشيف ذات‬
‫القواعد الرضية‪ ،‬والتي تفصل بين كتل الختبار فيها مسافة ‪ 4‬كيلومترات‪ ،‬تستطيع قياس‬
‫َ‬
‫اهتزازات تحدثها موجات تثاقلية أطوالها محصورة بين ‪ 30‬و ‪ 30 000‬كيلومتر‪ .‬ويُخط ّط لمرصد‬
‫فضائي يمكن أن يكشف أطوال موجية أكبر بنحو ألف مرة‪ .‬وتقع أطوال الموجات التثاقلية‬
‫الناتجة من اندماج النجوم النيوترونية وتصادم الثقوب السوداء ضمن هذا المجال‪ ،‬ومن ثم‬
‫يمكن كشفها بوساطة هذه اللت الحديثة‪ .‬لكن الموجات التثاقلية التضخمية التي تقع ضمن‬
‫هذا المجال تكون أضعف كثيرا من أن تُولِّد اهتزازات يمكن قياسها بهذه المكاشيف‪.‬‬

‫وأقوى الموجات التثاقلية التضخمية هي تلك التي لها أكبر الطوال الموجية‪ ،‬أي التي يمكن‬
‫مقارنتها بقطر الكون المرصود حاليا‪ .‬ولكشف هذه الموجات‪ ،‬يحتاج الباحثون إلى رصد كتل‬
‫اختبار طليقة تفصلها مسافات مماثلة لقطر الكون‪ .‬ومصادفة‪ ،‬وفَّرت الطبيعة مثل هذا‬
‫الترتيب‪ :‬الپلزما الكونية البدائية التي بثت الشعاعات ‪ .CMB‬فخلل ال ‪ 500 000‬سنة بين‬
‫حقبة التضخم الكوني ووقت بث الشعاعات ‪ CMB‬كان لموجات التثاقل‪ ،‬التي لها أطوال‬
‫موجية فائقة الكبر‪ ،‬صدى عبر الكون المبكر‪ ،‬محدثة مطّا وعصرا بالتناوب للپلزما [انظر‬
‫الشكل في الصفحة المقابلة]‪ .‬وحاليا‪ ،‬يستطيع الباحثون رصد الحركات الهتزازية هذه من‬
‫خلل النظر إلى انزياحات دوپلر الطفيفة في الشعاعات ‪.CMB‬‬

‫فلو أن موجة تثاقلية كانت تمط منطقة من الپلزما باتجاهنا ـ أي باتجاه الجزء من الكون الذي‬
‫أصبح مجرتنا ـ وذلك في وقت بث الشعاع ‪ ،CMB‬لبدا الشعاع من هذه المنطقة أكثر زرقة‬
‫للراصدين‪ ،‬لن هذا الشعاع قد انزاح باتجاه الطوال الموجية القصر (ومن ثم باتجاه درجات‬
‫حرارة أكبر)‪ .‬وعلى العكس‪ ،‬إذا كانت موجة تثاقل تعصر منطقة من الپلزما بعيدا عنا عندما‬
‫كانت تبث الشعاع ‪ ،CMB‬فإن هذا الشعاع سيبدو أكثر احمرارا‪ ،‬لنه انزاح نحو أطوال موجية‬
‫أكبر (ومن ثم باتجاه درجات حرارة أقل)‪ .‬وبمسح البقع الزرقاء والحمراء في الشعاعات ‪CMB‬‬
‫ـ التي تقابل درجات حرارة إشعاع أسخن وأبرد على التوالي ـ يمكن للباحثين نظريا أن يروا‬
‫أنماط حركات الپلزما التي استحثتها الموجات التثاقلية التضخمية‪ .‬وبهذا يصبح الكون نفسه‬
‫مكشافا للموجات التثاقلية‪.‬‬
‫(‪)8‬‬
‫خصائص الستقطاب‬

‫لكن المهمة ليست بهذه البساطة‪ .‬فكما أوردنا في بداية هذه المقالة‪ ،‬فإن عدم تجانس الكتلة‬
‫في بداية الكون أحدث أيضا تغيرات في درجة حرارة الشعاعات ‪( .CMB‬فمثل‪ ،‬الحقل التثاقلي‬
‫لمناطق الپلزما الكثر كثافة كان سيولد انزياحا نحو الحمر للفوتونات التي انطلقت من تلك‬
‫المناطق‪ ،‬مسببا بعض الختلفات في درجات الحرارة التي رصدها المستكشف ‪ .)COBE‬فلو‬
‫نظر علماء الكون إلى درجة حرارة الشعاع فقط‪ ،‬لما استطاعوا معرفة أي جزء (إذا كان ثمة‬
‫من جزء) من هذه التغيرات يجب أن يُعَْزى إلى الموجات التثاقلية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن العلماء‬
‫يعرفون‪ ،‬على القل‪ ،‬أن الموجات التثاقلية لم تكن لتستطيع توليد أكثر من واحد من مئة ألف‬
‫من الختلفات في درجات الحرارة التي رصدها المستكشف ‪ COBE‬وغيره من مكاشيف‬
‫الشعاعات ‪ .CMB‬وهذه الحقيقة تضع قيودا طريفة على الظواهر الفيزيائية التي أدت إلى‬
‫حدوث التضخم الكوني‪ :‬فطاقة التضخم الكوني يجب أن تكون أقل من نحو ‪ ،Gev 1016‬ومن‬
‫ثم فإن هذا الحادث ل يمكن أن يكون قد جرى قبل ‪ 10-38‬ثانية من حدوث النفجار العظم‪.‬‬

‫(**)‬
‫صيادو الموجات‬

‫مكاشيف جديدة ستصبح جاهزة قريبا‬

‫إن الموجات التثاقلية الناتجة من السيرورات الكمومية خلل حقبة التضخم الكوني ليست على الطلق الموجات الوحيدة التي‬
‫يُعتقد بأنها ترتحل عبر الكون‪ .‬فالعديد من النظم الفيزيائية الفلكية‪ ،‬مثل النجوم الثنائية التي يدور كل منها حول الخر‪ ،‬والنجوم‬
‫النيوترونية المندمجة‪ ،‬والثقوب السوداء المتصادمة‪ ،‬يجب أن تبث أيضا موجات تثاقلية قوية‪ .‬فتبعا لنظرية النسبية العامة‪،‬‬
‫تتولد الموجات من أي نظام فيزيائي ذي حركات داخلية غير متناظرة كرويا‪ .‬ومن ثم فإن أي زوج من النجوم التي يدور كل‬
‫منها حول الخر يولّد موجات‪ ،‬إل أن النجم المنفرد ل يفعل ذلك‪.‬‬

‫والمشكلة في كشف الموجات هي أن قواها تذوي عندما تنتشر إلى الخارج‪ .‬ومع أن اندماج النجوم النيوترونية‪ ،‬وتصادم‬
‫الثقوب السوداء هما من الحداث المزلزلة الكثر عنفا في الكون‪ ،‬إل أن ما ينتج من ذلك من موجات تثاقلية يُصبح في منتهى‬
‫الضعف بعد قطعها مئات مليين السنين الضوئية إلى الرض‪ .‬فمثل‪ ،‬إن الموجات الناتجة من تصادم ثقب أسود يبعد بليون‬
‫سنة ضوئية تحدث تأرجحا في المسافة بين كتلتي اختبار معلقتين تعليقا حرا‪ ،‬مطا وعصرا على التوالي‪ ،‬بنسبة ‪ 10-21‬فقط‪ ،‬أي‬
‫واحد من بليون من التريليون‪.‬‬

‫ولقياس مثل هذا الهتزاز الضئيل‪ ،‬يُحضّر الباحثون «مرصد مقياس التداخل الليزري للموجات التثاقلية» (‪ ،)LIGO‬الذي‬
‫ق في مدينة ليڤنگستون بولية لويزيانا‪ ،‬وفي مدينة هانفورد بولية واشنطن [انظر الصورتين في اليسار]‪ .‬في‬ ‫يتألف من مَراف َ‬
‫كل موقع وُصل أنبوبان متعامدان طول كل منهما أربعة كيلومترات على شكل حرف ‪ L‬عملق‪ .‬وتنطلق حزم أشعة الليزر‬
‫داخل كل أنبوب إلى المام وإلى الوراء بين مرايا مصقولة صقل شديدا‪ .‬وبتعديل حزم الليزر بحيث تتداخل فيما بينها‪،‬‬
‫سيتمكن العلماء من تسجيل التغيرات الدقيقة في المسافات بين المرايا‪ ،‬وبهذا يقيسون اهتزازات صغيرة جدا سعتها ‪10-17‬‬
‫سنتيمتر (أي قرابة واحد من بليون من قطر ذرة الهدروجين)‪ .‬وستقارن النتائج الواردة من مدينتي ليڤنگستون وهانفورد‬
‫لزالة أية تأثيرات محلية قد تحاكي الموجات التثاقلية‪ ،‬مثل أنشطة الهتزازات الرضية‪ ،‬والضوضاء الصوتية‪ ،‬وعدم‬
‫الستقرارات الليزرية‪.‬‬

‫ويبني العلماء أيضا مكاشيف أصغر ستعمل بالترادف مع المرصد ‪ ،LIGO‬وهذا يسمح للباحثين بتثليث مصادر الموجات‬
‫التثاقلية‪ .‬ومن المثلة على هذه المراصد‪ :‬تاما ‪( TAMA‬قرب طوكيو)‪ ،‬وڤيرگو ‪( Virgo‬قرب پيزا في إيطاليا)‪ ،‬وجيو‬
‫‪( GEO‬قرب هانوڤر في ألمانيا)‪ .‬ولمراقبة الموجات التثاقلية التي لها أطوال موجية أكبر‪ ،‬تخطط ناسا ووكالة الفضاء‬
‫الوروبية لطلق الهوائي الفضائي لمقياس التداخل الليزري ‪ Laser Interferometer Space Antenna‬عام ‪.2010‬‬
‫وهذا المكشاف سوف يتألف من ثلث مركبات فضائية متطابقة تطير في تشكيلة مثلث‪ ،‬ويطلق كل منها على الخرى حزما‬
‫ليزرية بطول خمسة مليين كيلومتر‪ .‬ولسوء الحظ‪ ،‬لن يكون أي من هذه المراصد المقترحة حساسا بما يكفي لكشف الموجات‬
‫التثاقلية التضخمية‪ .‬وإشعاعات الخلفية الكونية للموجات الميكروية هي وحدها التي تستطيع كشف وجود هذه الموجات‪.‬‬

‫لكن كيف يمكن لعلماء الكون أن يمضوا إلى أبعد من هذا؟ كيف يمكن لهم أن يتجنبوا عدم‬
‫التيقن في أصل التقلبات في درجة الحرارة؟ يكمن الجواب في استقطاب الشعاعات ‪.CMB‬‬
‫فعندما يصدم الضوء سطحا بحيث يتبعثر الضوء منحرفا بزاوية قائمة تقريبا عن حزمة الضوء‬
‫الصلية‪ ،‬يصبح مستقطبا خطيا ـ أي إن موجات الضوء تصبح متجهة باتجاه محدد‪ .‬وهذا هو‬
‫التأثير الذي تستغله النظارات الشمسية المستقطبة‪ :‬فلما كان ضوءُ الشمس الذي يتبعثر من‬
‫سطح الرض مستقطبا عادة بالتجاه الفقي‪ ،‬فإن المرشحات في النظارات تخفف الوهج بصد‬
‫موجات الضوء في هذا التجاه‪ .‬والشعاعات ‪ CMB‬مستقطبة أيضا‪ .‬وقبل أن يوشك الكون‬
‫المبكر أن يصبح شفافا للشعاعات‪ ،‬تبعثرت فوتونات الشعاعات ‪ CMB‬بعيدا عن اللكترونات‬
‫في الپلزما للمرة الخيرة‪ .‬وبعض هذه الفوتونات صدمت الجسيمات بزوايا كبيرة‪ ،‬وهذا أدى‬
‫إلى استقطاب هذه الشعاعات‪.‬‬

‫إن كشف الموجات التثاقلية التضخمية ينطلق من حقيقة أن حركات الپلزما الناجمة عن هذه‬
‫الموجات ولّدت نمطا من الستقطاب مختلفا عن ذلك الذي ولّده عدم تجانس الكتلة‪ .‬والفكرة‬
‫بسيطة نسبيا؛ فالستقطاب الخطي للشعاعات ‪ CMB‬يمكن وصفه بقطع خطوط مستقيمة‬
‫تُظهر زاوية توجيه الستقطاب في كل منطقة من السماء [انظر الشكل في الصفحة ‪.]37‬‬
‫ويمكن أن تظهر هذه القطع المستقيمة أيضا في الدوّامات الدوّارة إما باتجاه دوران عقارب‬
‫الساعة‪ ،‬أو بعكس ذلك التجاه [انظر الشكل في هذه الصفحة]‪.‬‬

‫إن تحديد اتجاه الدوران في هذين النمطين الخيرين هو مفتاح الحل لمعرفة أصلهما‪ .‬فعدم‬
‫تجانس الكتلة في الپلزما الكونية البدائية ل يمكن أن يولّد أنماط استقطاب مثل هذين‬
‫النمطين‪ ،‬لن مناطق الكثافة أو التخلخل في الپلزما ل تدور باتجاه دوران عقارب الساعة أو‬
‫بعكس ذلك التجاه‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬فإن الموجات التثاقلية تتسم بهذا الدوران أو عكسه‪ :‬فهي‬
‫تنتشر إما باتجاه دوران حركة فتّاحة سدادات القناني أو بعكس ذلك التجاه‪ .‬ونمط الستقطاب‬
‫الناتج من الموجات التثاقلية سيبدو مثل تراكب عشوائي لعدة دوّامات دوّارة لها حجوم مختلفة‬
‫بعضها يقع فوق بعض‪ .‬ويصف الباحثون هذه النماط بأنها تمتلك دوّارا ‪ ،curl‬في حين أن‬
‫النماط الشعاعية‪ ،‬والتي لها شكل الحلقة الناتجة من عدم تجانس الكتلة‪ ،‬ل تمتلك دوّارات‪.‬‬

‫وحتى الراصد ذو العين الثاقبة ل يستطيع النظر إلى مخطط استقطاب‪ ،‬مثل ذلك المبين في‬
‫الصفحة ‪ ،37‬ثم يحكم بعينه المجردة ما إذا كان المخطط يحوي أي أنماط لها دوّارات‪ .‬إن‬
‫هناك امتدادا لتحليل فورييه ‪ Fourrier‬ـ وهذه تقنية رياضياتية يمكنها أن تقسم الصور إلى‬
‫سلسل من أشكال الموجات ـ يمكن استخدامه لتقسيم نمط استقطاب إلى مكوناته من‬
‫النماط التي لها دوّارات والنماط التي ليس لها دوّارات‪ .‬وهكذا فإذا استطاع علماء الكون‬
‫قياس استقطاب الشعاعات ‪ CMB‬وتحديد النسبة التي تأتي من النماط التي لها دوّارات‪،‬‬
‫فإنهم يستطيعون عندئذ حساب سعة الموجات التثاقلية التضخمية ذات الطوال الموجية‬
‫المفرطة في الطول‪ .‬ولن سعة الموجات كانت قد تحددت بطاقة التضخم‪ ،‬فإن الباحثين‬
‫سيتمكنون من إجراء قياس مباشر لمستوى هذه الطاقة‪ .‬وستساعد هذه النتيجة بدورها على‬
‫ما إذا كان توحد القوى الساسية هو الذي قدح زناد التضخم الكوني‪.‬‬ ‫الجابة عن السؤال ع ّ‬
‫تُرى‪ ،‬ما هي احتمالت كشف أنماط الدوّارات هذه؟ إن مركبة ناسا الفضائية ‪ ،MAP‬والعديد من‬
‫التجارب التي أجريت من قواعد أرضية أو محمولة على المناطيد‪ ،‬أصبحت جاهزة لقياس‬
‫الستقطاب في الشعاعات ‪ CMB‬للمرة الولى‪ ،‬غير أن اللت المستعملة لن تكون على‬
‫الرجح حساسة بالقدر الكافي لكشف مكوِّن الدوّارات الناتج من الموجات التثاقلية التضخمية؛‬
‫لكن قد يكون للتجارب اللحقة حظ أفضل‪ .‬وإذا كان التضخم الكوني قد نتج فعل من توحد‬
‫القوى‪ ،‬فإن إشارة الموجات التثاقلية التي ولّدها قد تكون من القوة بحيث يمكن أن تكشفها‬
‫مركبة پلنك الفضائية‪ ،‬مع أن جيل لحقا وأكثر حساسية من مركبات الفضاء قد يكون ضروريا‪.‬‬
‫لكن إذا كان ما قدح زناد التضخم الكوني ظواهر فيزيائية أخرى حدثت في أوقات لحقة‬
‫بطاقات أدنى‪ ،‬عندها تكون الشارة التية من الموجات التثاقلية أضعف بكثير من أن تُكشف‬
‫في المستقبل المنظور‪.‬‬

‫(‪9‬‬
‫(أنماط الستقطاب‬

‫يمكن أن يزودنا بمفاتيح مهمة لحل ألغاز تاريخ الكون المبكر‪ .‬فالتغيرات في كثافة الپلزما ‪ CMB‬إن استقطاب الشعاعات‬
‫الكونية البدائية قد تحدث أنماطا على شكل حلقات‪ ،‬وأنماطا شعاعية للستقطاب (في العلى)‪ .‬وبالمقابل‪ ،‬فإن الموجات‬
‫‪(.‬التثاقلية تنتج دوّامات تدور باتجاه دوران عقارب الساعة‪ ،‬أو بعكس ذلك التجاه (في السفل‬

‫ولما كان علماء الكون غير متيقنين من أصل التضخم الكوني‪ ،‬فإنهم غير قادرين على التنبؤ‬
‫بقوة إشارة الستقطاب الناتجة من الموجات التثاقلية التضخمية‪ .‬لكن إذا كانت هنالك فرصة‪،‬‬
‫ولو صغيرة‪ ،‬لكشف هذه الشارة فإنها تستحق أن تتابع‪ .‬إن كشف هذه الشارة لن يوفر برهانا‬
‫قاطعا على التضخم الكوني فحسب‪ ،‬لكنه سيتيح لنا أيضا فرصة غير عادية للنظر إلى الوراء‪،‬‬
‫إلى أبكر الوقات‪ ،‬أي إلى الوقت الذي حل بعد النفجار العظم بمدة ‪ 10-38‬ثانية فقط‪ .‬عندها‬
‫نستطيع أن نأمل معالجة واحد من أكثر السئلة إلحاحا على مدى العصور‪ ،‬أل وهو‪ :‬من أين أتى‬
‫هذا الكون؟‬

‫عبدال ورياغلي شبيلي ‪1‬علوم رياضية ‪2‬‬

You might also like