‫يوم األرض ومصادرة االنسان‬

‫يمكن للواحد منا ان يختزل كافة اشكال وفنون الظلم التي يمكن‬
‫ان تقع على االنسان بفعل «مصادرة االرض»‪ ،‬فعندما تصادر‬
‫االرض فانهم يصادرون كل شيء؛ تصادر الحرية‪ ،‬الكرامة‪،‬‬
‫العيش الكريم ووعاء االنتماء‪ .‬باختصار‪ ...‬انهم يصادرون االنسان‪.‬‬

‫ولكن رغم كل المعاناة التي يعانيها فلسطينيو الداخل من فعل‬

‫المؤسسات االسرائيلية من هدم للمسكن وابادة للمحاصيل وعقم‬
‫المناطق الصناعية اال اننا مصرون في المحافظة على اغلى ما‬
‫نملك وهي «هويتنا «‪ ،‬فهي في قلبي وقلبي بيد ربي ال يمكن‬
‫مصادرته‪ ،‬ولو صادروا الحياة مني فان جسدي شاهد في قبري‬
‫على هوية االرض من بعدي‪.‬‬
‫األس �ت��اذ نسيم ب��دارن��ة‬
‫رئ���ي���س ج��م��ع��ي��ة اق����رأ‬
‫ان المؤسسة االسرائيلية ما زالت تمارس معنا سياسة نفي‬
‫اآلخر من خالل التنكر لحقوقنا على ارضنا‪ ،‬و لعلمها وتيقنها‬
‫اننا المظلومون فان ممارستها معنا ترتقي الى اعتبارنا خطرا‬
‫استراتيجيا على امنها فيدب الرعب في قلوب ساستها فيزدادون‬
‫ظلما واستكبارا عن حقنا في ارضنا‪...‬‬

‫نحن في جمعية اقرا نؤكد وفق قناعاتنا اننا قادرون على ان‬
‫ننقذ انفسنا ونرفع الظلم عن كاهلنا من خالل تخليص جهازنا‬
‫التعليمي خاصة من ايدي االجهزة االمنية لنتمكن من التحكم في‬
‫هذا الجهاز اداريا ونحدد مضامينه‪ ،‬وحينها يمكن لنا ان نحمي‬
‫االرض ونمنع «مصادرة االنسان»‪ ،‬وبذالك نساهم في تطوير‬
‫قدرتنا كاقلية على العمل والفعل الجماعي واتخاذ المواقف‬
‫المصيرية التي بها نحافظ على مستقبلنا ومستقبل ابنائنا‪.‬‬

‫ان هذا الفعل الجماعي يتم من خالل لجنة متابعة حرة‬

‫تنبض باصوات جماهيرها وتعتمد على قدرات مثقفيها بكافة‬
‫تمايزاتهم‪ ،‬وحينها ستستمر صعوبة مصادرتها ومصادرة قدراتها‬
‫وقراراتها وتكون قادرة على وقف عجلة الظلم التاريخي ونكبتا‬
‫التي ما زالت مستمرة وقطع الطريق على من يتعاملون معنا‬
‫بسياسة االستعالء ومحاولة «مصادرة بيت الجماهير العربية» او‬
‫«هدمه»‪.‬‬
 ‫يوم األرض!‬
‫عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد‬ ‫األرض مصدر الحرث اإلنساني والفعل‬
‫وغيرها‪ ،‬إلقامة المزيد من المغتصبات في‬ ‫الحضاري‪ ،‬لذلك اهتم ال��ق��رآن الكريم‬
‫نطاق مخطط تهويد الجليل‪ .‬وشكل هذا‬ ‫بالتركيز على األرض كما اهتمت األحاديث‬
‫اليوم نقطة اإلنفجار بين أصحاب األرض‬ ‫والسيرة النبوية‪ ،‬وألهمية األرض في حياة‬
‫الشرعيين والمؤسسة اإلسرائيلية التي ال‬ ‫المسلم‪ ،‬ارتبطت بشكل مباشر في وجدانه‬
‫تزال ترى فينا خطرا أمنيا وديموغرافيا‪،‬‬ ‫وعقيدته لتتحول إلى كينونة دائمة الحضور‬
‫وتؤكد أن لب الصراع قائم على األرض‪.‬‬ ‫في ذاته وشخصيته‪ .‬ولذلك وردت كلمة‬
‫األرض باشتقاقاتها المختلفة في أكثر من‬
‫وكان الفتيل األول لهبة يوم األرض إصدار‬ ‫‪ 370‬موضعا [آية] في القرآن الكريم‪.‬‬
‫الشرطة امراً في ‪ 1976/2/13‬بمنع دخول‬
‫السكان أراضي منطقة المل –منطقة رقم‬ ‫إننا نعي جيداً العالقة الروحية بيننا وبين‬
‫‪ 9‬وتضم أراضي سخنين وعرابة ودير حنا‬ ‫األرض التي اكتسبت القداسة بنص الوحي‬
‫وتبلغ ‪ 60‬ألف دونم‪.-‬‬ ‫والهدي النبوي وممارسات أئمة المسلمين‬
‫منذ فجر الرسالة إلى اليوم‪ ،‬فهذه األرض‬
‫هذه المنطقة استخدمت بين السنوات‬ ‫مزجت بدماء الشهداء من الصحابة والسلف‬
‫‪ 1944-1942‬كمنطقة تدريبات عسكرية‬ ‫الصالح‪ ،‬رضوان اهلل تعالى عليهم‪.‬‬
‫للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية‬
‫الثانية مقابل أجرة للمواطنين‪.‬‬ ‫لقد بدأت مسيرة الضغط على مجتمعنا‬
‫الفلسطيني منذ النكبة والتشرد سوا ًء في‬
‫بعد ‪ 1948‬أبقت إسرائيل على نفس الوضع‬ ‫الشتات أو في الداخل الفلسطيني‪ ،‬والحكم‬
‫البريطاني‪ ،‬حيث كان يسمح للمواطنين‬ ‫العسكري وعشرات القوانين التي شرعنت‬
‫الوصول ألراضيهم لفلحها بتصاريح خاصة‪.‬‬ ‫المصادرة ومذابح كفر قاسم وقبية ومذابح‬
‫وفي ‪ 1956‬قامت السلطة بإغالق المنطقة‬ ‫عام ‪ ،1967‬وتوجتها المؤسسة اإلسرائيلية‬
‫بهدف أقامت مخططات بناء مستوطنات‬ ‫في وثيقة كينينغ سيئة الصيت‪ ،‬والتي‬
‫يهودية ضمن مشروع تهويد الجليل‪.‬‬ ‫كشف عنها في األول من آذار لعام ‪،1976‬‬
‫في مساء ي��وم اإلثنين‪1976/3/29 ،‬‬ ‫وطالبت بتهويد الجليل‪ ،‬وإق��ام��ة حزب‬
‫اقتحمت قوات الجيش اإلسرائيلي قرية‬ ‫عربي يتبنى المساواة والسالم والتضييق‬
‫عرابة العتراض مسيرة في القرية‪ ،‬وقد‬ ‫اإلقتصادي على ال��ع��رب‪ ،‬والعمل على‬
‫استشهد نتيجة االقتحام الشهيد خير محمد‬ ‫تسهيل هجرة الشباب العرب‪.‬‬
‫سليم ياسين‪ ،‬وفي الثالثين من آذار اقتحمت‬ ‫في الثالثين من آذار ‪ 1976‬قامت المؤسسة‬
‫قوات الجيش مدينة سخنين حيث استشهد‬ ‫اإلسرائيلية بقتل ستة من أبنائنا في‬
‫بنيرانهم رجا حسين أبو ريا وخديجة قاسم‬ ‫الداخل الفلسطيني بدم بارد إلحتجاجهم‬
‫شواهنة وخضر محمود خاليلة‪ ،‬ومن كفر‬ ‫على سياسة مصادرة األراضي في منطقة‬
‫كنا استشهد محسن حسن سعيد طه‪ ،‬وفي‬ ‫الشاغور‪ ،‬حيث ص��ادرت المؤسسة في‬
‫طيبة المثلث استشهد رأفت علي زهيري‬ ‫‪ 21 1976/2/29‬ألف دونم من أراضي‬
‫من مخيم نور الشمس‪.‬‬
 ‫شهداء يوم األرض‪..‬‬
‫الشهيد خير محمد سليم ياسين‪ -‬عرابة‬

‫في مساء يوم االثنين ‪ 1976/3/29‬دخلت قوات الجيش تتقدمها‬

‫مجنزرة إلى مدخل قرية عرابة‪ ،‬حيث كانت مسيرة متجهة إلى‬
‫الشارع الرئيسي‪ ،‬في هذه األثناء توغل الجنود داخل القرية في‬
‫تمام الساعة الثامنة مساء‪ ،‬واطلقوا الرصاص على المتظاهرين‪،‬‬
‫وبعد مواجهات أصيب تسعة أشخاص بينهم الشهيد خير محمد‬
‫ياسين‪ ،‬الذي استشهد على اثر جراحه‪.‬‬
‫ولد الشهيد في العام ‪ ،1953‬وانهى المرحلة الثانوية‪ ،‬وبلغ‬
‫من العمر وقت استشهاده ‪ 23‬عاما‪ .‬استشهد مساء يوم‬
‫‪ ،1976/3/29‬عشية اإلضراب العام‪.‬‬

‫الشهيد رجا حسين أبو ريا‪ -‬سخنين‬

‫في يوم الثالثين من آذار وفي الساعة الخامسة صباحا‪ ،‬دخل‬

‫الجنود إلى قرية سخنين‪ ،‬ليعلنوا منع التجول في القرية‪ ،‬وفي‬
‫حوالي الساعة التاسعة صباحا وعلى بعد مئة متر أطلق جندي‬
‫الرصاص على مجموعة من الشباب المتواجدين في الشارع‪،‬‬
‫أصيب على أثرها الشهيد رجا أبو ريا في وجهه وبالتحديد في‬
‫وجنته اليسرى‪ ،‬وقد استشهد مخلفا وراءه زوجة واربع بنات هن‪:‬‬
‫شادية‪ ،‬جليلة‪ ،‬نادية وغزالة‪ .‬ولد الشهيد في العام ‪ ،1946‬وكان‬
‫يعمل قصارا‪ ،‬واستشهد عن عمر يناهز ‪ 30‬عاما‪.‬‬

‫الشهيدة خديجة قاسم شواهنة‪ -‬سخنين‬

‫رغم منع التجول الذي فرض على قرية سخنين‪ ،‬إال أن األوالد‬
‫خرجوا لالستفسار عن صوت الرصاص في القرية‪ ،‬وكان احد‬
‫هؤالء األطفال خالد ابن التاسعة‪ ،‬وكان ذلك في الساعة السابعة‬
‫صباحا‪ ،‬طلبت االم من ابنتها خديجة بان تذهب لتبحث عنه‬
‫ووعدتها بان تلحقها‪ ،‬اصطدمت فرقة من الجنود بخديجة‬
‫شواهنة التي انحنت إلى األرض وحملت حجرا ورمته على الجندي‬
‫الذي أطلق النار عليها عن بعد أربعة أمتار لتخترق الرصاصة‬
‫صدرها وتخرج من ظهرها لترتفع روحها إلى بارئها‪ .‬ولدت‬
 ‫شهداء يوم األرض‪..‬‬
‫الشهيدة خديجة في العام ‪ ،1953‬واستشهدت في ريعان شبابها‬
‫عن عمر يناهز ‪ 23‬عاما‪.‬‬

‫الشهيد خضر عبد محمود خاليلة‪ -‬سخنين‬

‫في الساعة السابعة والنصف صباحا كان الشهيد يشرب القهوة‬

‫مع والده على شرفة المنزل‪ ،‬ولم يكن قد سمع أخبار منع التجول‪.‬‬
‫وقد استشهد خضر عندما حاول إنقاذ المعلمة آمنة التي أطلق‬
‫الجنود النار عليها وهي عائدة إلى بيتها‪ ،‬فانتشرت األخبار أن‬
‫المعلمة قد قتلت أو جرحت‪ ،‬وعندما حاول خضر نقل آمنة إلى‬
‫المستشفى أطلقت عليه النار واصيب برأسه وذراعه فتوفي على‬
‫الفور‪ .‬ولد الشهيد في العام ‪ ،1953‬واستشهد عن عمر يناهز ‪23‬‬
‫عاما‪.‬‬

‫الشهيد محسن حسن سعيد طه‪ -‬كفر كنا‬

‫دخلت قوات الشرطة قرية كفر كنا في الصباح الباكر الفشال‬

‫اإلضراب‪ ،‬وقد قامت الشرطة باستفزاز الشباب الذين بدؤوا‬
‫بالتظاهر نتيجة لذلك‪ ،‬وكان من بين هؤالء الشباب محسن ابن‬
‫الخامسة عشرة‪ .‬وفي خضم المواجهات اختبأ محسن وراء بيت‬
‫قريب‪ ،‬فلمحه أحد الجنود فاطلق على رأسه رصاصتين‪ ،‬وقام‬
‫الشباب وخال الشهيد بنقله إلى المستشفى وكان ال يزال ينزف‪،‬‬
‫فقال محسن لخاله «ارفع لي رأسي يا خالي» فرفعه واسنده على‬
‫صدره‪ ،‬وكانت تلك هي الكلمات األخيرة التي قالها الشهيد‪...‬‬

‫الشهيد رأفت علي زهيري‪ -‬مخيم نور شمس‪ ,‬استشهد في الطيبة‪.‬‬

‫الشهيد رأفت من موالد مخيم نور شمس قضاء طولكرم‪ ،‬كان‬

‫عامال يعمل في إسرائيل‪ ،‬في الثالثين من آذار حضر إلى الطيبة‬
‫لزيارة أقاربه‪ ،‬وعندما اشتدت المواجهات بين السكان وقوات‬
‫الشرطة والجيش‪ ،‬خرج رأفت ليشاركهم في نضالهم‪ ،‬واصيب‬
‫في جبينه‪ ،‬استشهد على أثرها‪ .‬ولد رأفت في العام ‪،1955‬‬
‫واستشهد عن عمر يناهز ‪ 21‬عاما‪.‬‬
 ‫شهداء يوم األرض‪..‬‬
‫الشهيدة شيخة أبو صالح‪ -‬سخنين‬

‫في ذكرى يوم األرض الـ‪ 24‬في العام ‪ ،2000‬استشهدت الحاجة‬

‫شيخة أبو صالح من سخنين وذلك اثر استنشاقها كمية من الغاز‬
‫المسيل للدموع‪ ،‬وقبل استشهادها قالت الحاجة شيخة أبو صالح‬
‫«نحن الكبار علينا أن نسير في مقدمة المظاهرة‪ ،‬فان حصلت‬
‫اشتباكات‪ ،‬جدنا بأرواحنا عن الشباب»‪ ،‬وكانت أبو صالح تشارك‬
‫في جميع المسيرات التي تنظم في مثلث يوم األرض‪ .‬توفيت‬
‫الحاجة شيخة أبو صالح عن عمر يناهز ‪ 72‬عاما‪.‬‬

‫معركة األرض لم تنته في الثالثين من آذار‪ ,‬بل هي مستمرة إلى اآلن‪ ,‬وال تزال‬
‫سياسات المصادرة تطاردنا والمخططات المختلفة تحاول خنقنا والتضييق على تطورنا‬
‫في المستقبل‪ ,‬ال بل إننا نمر بواقع ومرحلة معقدة‪ ,‬تكثر فيها التوجهات العنصرية التي‬
‫تسعى إلى نزع شرعيتنا السياسية وشرعية وجودنا وليس فقط مصادرة أرضنا‪.‬‬
‫فقضية األرض هي اكثر القضايا التي تمتزج فيها األبعاد المدنية والوطنية‪ ,‬فال يمكن‬
‫الحديث عنها مدنيا وتغييب أبعادها الوطنية‪ ,‬وفي نفس الوقت ال يمكن الحديث عنها‬
‫وطنيا وتغييب أبعادها المدنية‪.‬‬

‫ما ميز يوم األرض هو خروج الجماهير تلقائيا إلى الشوارع دون تخطيط مسبق‪ ,‬لقد‬
‫ق���ادت الجماهير نفسها‬
‫إلى الصدام مع المؤسسة‬
‫الرسمية‪ ,‬حيث وصل وعي‬
‫الخطر الداهم على األرض‬
‫اوجه في يوم األرض‪ ,‬وقد‬
‫اقتربت الجماهير العربية‬
‫في الثالثين من آذار إلى‬
‫إط���ار العصيان المدني‬
‫ال��ج��م��اع��ي‪ ,‬فتصرفت‬
‫جماهيرنا ألول مرة كشعب‬
‫منظم استوعبت فيه أبعاد‬
‫قضيتها األساسية وهي‬
‫قضية األرض‪.‬‬
 ‫أحداث يوم األرض‪..‬‬
‫لقد جاءت أحداث يوم األرض تتويجا لتحركات ونضاالت جماهيرية‬
‫طويلة تكثفت بشكل خاص في الشهور التسعة التي سبقت يوم‬
‫‪ .1976/2/29‬وهو اليوم الذي قامت فيه السلطات اإلسرائيلية‬
‫بمصادرة نحو ‪ 21‬ألف دونم من أراضي عدد من القرى العربية‬
‫في الجليل األوسط منها عرابة وسخنين ودير حنا وعرب السواعد‬
‫وغيرها لتخصيصها إلقامة المزيد من المستعمرات الصهيونية‬
‫في نطاق مخطط تهويد الجليل‪.‬‬

‫ففي ‪1975/7/29‬م عقد اجتماع في مدينة حيفا حضره مبادرون‬

‫لتنظيم حملة االحتجاج على مصادرة األراضي العربية‪ .‬وقد ضم‬
‫االجتماع عددا من رؤساء المجالس المحلية العربية وشخصيات‬
‫وطنية مختلفة من محامين وأطباء ومثقفين وعلماء دين وفالحين‪،‬‬
‫وتقرر في هذا االجتماع تشكيل لجنة المتابعة القطرية للدفاع‬
‫عن األراضي العربية‪ ،‬والتي أصبحت تعرف باسم‪ :‬لجنة الدفاع عن‬
‫األراضي العربية‪ ،‬وقد دعت هذه اللجنة إلى عقد اجتماع شعبي‬
‫موسع في مدينة الناصرة بتاريخ ‪ 1975/8/15‬وتقرر فيه الدعوة‬
‫إلى مؤتمر شعبي عام للمطالبة بوقف مصادرة األراضي‪ ،‬وصدر‬
‫عن االجتماع نداء موجه إلى الرأي العام يدعوه إلى المشاركة في‬
‫الحملة ضد سياسة مصادرة األراضي‪ ،‬ووقع على هذا النداء آالف‬
‫المواطنين وجميع الهيئات الشعبية والمجالس المحلية العربية‪.‬‬

‫وفي‪1975/10/18‬م عقد مؤتمر شعبي في الناصرة باشتراك‬

‫األلوف من األعضاء وهو أكبر مؤتمر شعبي عقده السكان العرب‬
‫منذ العام ‪ ،1948‬وقرر المؤتمر إعالن اإلضراب العام والتظاهر‬
‫أمام الكنيست إذا لم تتراجع الحكومة اإلسرائيلية عن مخططات‬
‫المصادرة وتهويد األرض‪ .‬وقد تشكلت لجان محلية للدفاع عن‬
‫األراضي العربية في التجمعات العربية‪ ،‬قامت بحمالت توعية‬
‫مكثفة حول األخطار المحدقة باألراضي العربية ومشروع تهويد‬
‫الجليل‪ .‬األمر الذي سهل عملية اإلعالن عن إضراب شامل في يوم‬
‫األرض فيما يعد‪ ،‬بسبب الجاهزية النضالية للناس‪ .‬وقد ارتبطت‬
‫عملية التوعية بقضية األرض‪ ،‬ليس كونها مصدرا للرزق فقط‪،‬‬
‫بل أيضا باعتبار األرض رمزا للوجود والبقاء‪ ،‬والقضية الوطنية‬
‫األساسية‪ .‬ففي مؤتمر شعبي عقد في سخنين في شباط من‬
‫العام ‪ ،1976‬قال توفيق زي��اد‪« :‬الدفاع عن األرض هو عمل‬
‫شرعي‪ ،‬كون األرض هي الوطن وليست مصدرا للرزق فقط‪.‬‬
‫بدون األرض‪ ،‬ال يوجد وطن‪ ،‬وال بيت‪ ،‬وال مدرسة‪ ،‬بل نتحول إلى‬
‫باحثين عن العمل‪ ،‬في القرن العشرين ال نريد أن نتحول إلى شعب‬
‫متجول» (االتحاد ‪.)1976/2/20‬‬

‫ولما ضربت الحكومة اإلسرائيلية بعرض الحائط كل مطالب‬

‫الجماهير العربية ومجالسها المحلية‪ ،‬واعلنت في تاريخ‬
‫‪ 1976/2/29‬عن مصادرة حوالي ‪ 20‬ألف دونم ضمن مخطط‬
‫تهويد الجليل‪ .‬دعت لجنة الدفاع عن األراضي إلى اجتماع موسع‬
‫في الناصرة بتاريخ ‪1976/3/6‬وح��ض��ره أكثر من ‪ 70‬مندوبا‬
‫يمثلون مختلف القرى والتجمعات العربية في المثلث والجليل‪.‬‬

‫وفي هذا االجتماع اتخذ القرار التاريخي بإعالن اإلضراب العام‬

‫يوم ‪ 30‬آذار (مارس) عام ‪ ،1976‬احتجاجا على سياسة مصادرة‬
‫األراضي ومخطط تهويد الجليل‪ .‬وعبر القرار عن إرادة الجماهير‬
‫العربية‪ ،‬عاكسا اكتشاف العرب لهويتهم الوطنية الجماعية‪ ،‬التي‬
‫حاولت المؤسسة طمسها‪ .‬ولكن السلطات اإلسرائيلية استمرت‬
‫في تنفيذ مخططها‪ ،‬ففي يوم ‪ 1976/3/19‬أصدرت وزارة المالية‬
‫اإلسرائيلية استنادا إلى قوانين الطوارئ لعام ‪ ،1945‬وقرار‬
‫الحكومة اإلسرائيلية الصادر يوم ‪ ،1976/2/29‬استمرار مخطط‬
‫المصادرة‪ ،‬معلنة أنها متجهة نحو خيار الصدام مع الجماهير‬
‫العربية‪.‬‬

‫في نفس هذه الفترة (شهر آذار‪ ،)1976،‬اعد مكتب الرفاه‬

‫االجتماعي في رئاسة الحكومة تقريرا حول أوضاع العرب الحياتية‬
‫مقارنة مع اليهود‪ ،‬وقام بإعداد التقرير طاقم بحثي برئاسة الدكتور‬
‫سامي جرايسي‪ ،‬وجرت مقارنة بين قرية المشهد وكيبوتس‬
‫«يفعات»‪ ،‬واتضح أن معدل الملكية لألرض الزراعية في القرية‬
‫العربية تصل إلى ‪ 3.3‬دونما‪ ،‬بينما تصل في البلدة اليهودية إلى‬
‫‪ 16‬دونما‪ .‬وبالنسبة الراضي البناء‪ ،‬كشف التقرير أن مساحة البناء‬
‫للفرد في الناصرة تصل إلى ‪ 178‬مترا مربعا‪ ،‬بينما في نتسريت‬ ‫* ب��وس��ت��رات قديمة ل��ذك��رى يوم‬
‫األرض ‪ -‬اص��دار اللجنة الشعبية‬
‫عيليت تصل إلى ‪ 548‬مترا مربعا للفرد الواحد‪.‬‬ ‫للدفاع عن األراضي‬
 ‫سياسة هدم البيوت‪...‬‬
‫عبر عنها الشيخ رائد صالح‪« :‬بان بيوتنا‬
‫أوتاد ترتبط بالمسجد األقصى»‪ ،‬فجميعنا‬
‫في خطر‪ ،‬لذلك‪ ،‬فالحفاظ على بيتنا هو‬
‫الحفاظ على أرضنا والذي يعني الحفاظ‬
‫على مقدساتنا وبالتالي الحفاظ على‬
‫بقائنا‪.‬‬
‫يلمس في السنوات األخيرة تصاعد في‬
‫وتيرة هدم البيوت في الداخل الفلسطيني‬
‫وذلك ضمن سياسات إسرائيلية مرسومة‬
‫الخطوات سياسيا واجتماعيا ونفسيا‪،‬‬
‫وتتساوق ه��ذه السياسة مع الدعاوى‬
‫اإلسرائيلية بتحقيق يهودية الدولة عبر‬
‫المعادلة المسمومة تجاهنا نحن السكان‬
‫الشرعيين وأصحاب الحق الشرعي على‬
‫هذه األرض‪.‬‬
‫الحكومة الحالية برئاسة نتنياهو تنوي‬
‫العمل على هدم ‪150‬ألف بيت في الداخل‬
‫الفلسطيني‪ .‬في مدينتي اللد والرملة‬
‫المعرفة بأنها م��دن مختلطة هدمت‬
‫إسرائيل في العام األخير ‪ 2009‬فقط ما‬
‫يزيد عن ألفي بيت للمواطنين العرب‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن هدم البيوت يتنافى‬
‫وك��اف��ة األع���راف واألخ�ل�اق والقوانين‬
‫اإلنسانية وقانون حق الحياة والمسكن‬
‫ومقررات األمم المتحدة المتعلقة بكرامة‬
‫اإلنسان وعلى الرغم من أن إسرائيل‬
‫قد وقعت على القانون االممي المتعلق‬
‫بحقوق األقليات إال أنها تضرب بعرض‬
‫الحائط كافة هذه المواثيق والقوانين‬
‫األممية‪.‬‬
‫إسرائيل مارست سياسة هدم البيوت من‬
‫لحظة قيامها الى اآلن ولم تتغير هذه‬
‫السياسة ولم تتبدل‪ .‬فعمر الهدم من‬
‫في عام ‪ 1895‬كتب مؤسس الصهيونية‬
‫الحديثة تيودر هيرتزل‪« :‬لدى امتالك‬
‫البالد فإننا سنجلب فائدة مادية فورية‬
‫على الدولة التي ستقبلنا‪ ،‬األراضي الخاصة‬
‫بمناطق البالد التي سيجري تسليمها لنا‬
‫ينبغي علينا أن نستلها رويداً رويداً من‬
‫أيادي أصحابها‪ ،‬والسكان الفقراء سنسعى‬
‫لنقلهم خلف الحدود بدون ضجيج عبر‬
‫ال في البلدان التي سينتقلون‬‫منحهم عم ً‬
‫إليها‪ ،‬لكن في بالدنا سنمنع عنهم إمكان‬
‫القيام ب��أي عمل‪ ،‬يجب أن يتم نقل‬
‫األراضي إلى سيطرتنا وإخراج الفقراء من‬
‫دولتنا بنعومة وحضر»‪.‬‬
‫ال يمكننا وص��ف م��ا يحدث ال��ي��وم من‬
‫استمرار هدم للبيوت ومصادرة لألراضي‬
‫إال أنها فصل من فصول نكبتنا منذ الـ‪48‬‬
‫التي ما زالت مستمرة‪ ،‬فنكبتنا تجسدت‬
‫في الماضي بمصادرة األراضي وسرقتها‬
‫تحت مسميات لقوانين غير شرعية أصال‬
‫كقانون الغائبين‪ ،‬وها هي نفس األيدي‬
‫تستمر في هدم ما تبقى من بيوت تحت‬
‫مسميات لقوانين مخالفة ألبسط حقوق‬
‫اإلنسان وهي توفير المسكن المناسب‬
‫له‪.‬‬
‫إن االستمرار بهذه السياسة التدميرية‬
‫المنهجية نابع من التعامل االستعالئي‬
‫معنا كأصحاب ارض اصالنيين‪ ،‬ويؤكد‬
‫على فهمنا الصحيح في استيعاب ما يحدث‬
‫في سياق الحرب على وجودنا‪ ،‬فقواعد‬
‫البيت ال��ذي يهّدم في الحليصة تمتد‬
‫إلى أسس البيت الذي في اللد وبقواعد‬
‫البيت ال��ذي يهدم في النقب وجميعها‬
‫مقدسة الرتباطها بقواعد األقصى‪ ،‬وكما‬
‫عمر النكبة‪ ،‬ولذلك فكل بيت يهدم في الجليل والمثلث والنقب‬
‫ومدننا الساحلية هو استمرار لنكبة شعبنا الفلسطيني‪ ،‬وكل‬
‫هذه العمليات لتحقيق الشعار الصهيوني «أرض أكثر‪ ،‬عرب‬
‫أقل»‪.‬‬

‫بروفيسور جف هلبر (مدير اللجنة اإلسرائيلية ضد هدم البيوت)‪:‬‬

‫ما يقف خلف سياسة هدم البيوت في الضفة وداخل إسرائيل‬
‫أيضاً هي سياسة االمتالك‪ ،‬بمعنى أن أرض إسرائيل وفق‬
‫الفهم اليهودي أرض إسرائيل من البحر المتوسط حتى األردن‬
‫تتبع فقط الشعب اليهودي‪ ،‬للشعب اليهودي ملكية مطلقة في‬
‫هذه األرض‪ ،‬ال يوجد عرب هنا‪ ،‬ال يوجد شعب فلسطيني‪ ،‬ال‬
‫يوجد شعب آخر‪ ،‬يمكن أن تتواجد مجموعة عرب أفراد ولكن‬
‫ليس تواجد قومي‪ ،‬ال يوجد حق للفلسطينيين في هذه األرض‪،‬‬
‫منذ ‪ 48‬السياسة هي سياسة اقتالع وطرد‪ ،‬نحن نعلم أن في‬
‫العام ‪ 1948‬تقريباً مليون فلسطيني طردوا كما في الـ ‪1967‬‬
‫وكما يجري دائماً‪ ،‬يعني إسرائيل تشجع هجرة العرب إلى خارج‬
‫إسرائيل في الضفة وأيضاً داخل إسرائيل‪ ،‬تقرير كينينغ الذي‬
‫نشرته وزارة الداخلية في السنوات السبعين أشار بالضبط إلى‬
‫هذه السياسة‪ ،‬ما يعني تضييق الحياة على العرب في السكن‬
‫والتربية والتعليم‪ ،‬في العمل حتى ال يبقى لديهم سبب ليبقوا‬
‫في البالد‪ ،‬المهم أن تهاجر الطبقة الوسطى وإذا بقي الشعب‬
‫البسيط فقط يمكن السيطرة عليه بسهولة‪ ،‬إذا هاجر المثقفون‬
‫وأصحاب األعمال سيضعف هذا الشعب الفلسطيني‪.‬‬
‫في العام الفائت هدمت وزارة الداخلية في إسرائيل ثالثة أضعاف‬
‫ما هدمت بالضفة كلها بيوت لعرب مواطنين إسرائيليين‪ ،‬يعني‬
‫‪ 866‬بيتاً هدموا في الفترة األخيرة داخل إسرائيل‪ ،‬هذه ليست‬
‫حالة واحدة أو اثنتين بل هذه سياسة واضحة‪ ،‬في اللد والرملة‬
‫ويافا هم في الواجهة والمركز‪ ،‬ففيهم يعيش عرب كثيرون‬
‫وهناك السياسة وهي سياسة أبارتهايد التمييز العنصري‪،‬‬
‫ماذا يقولون لك عندما يتشاجرون معك؟ يعني إذا لم تستطع‬
‫التخلص من الجميع ولم تستطع تنظيف البالد من العرب على‬
‫األقل قسمهم إلى جزر منعزلة عن بعضها البعض‪ ،‬ولذلك بنوا‬
‫جداراً عاز ً‬
‫ال بين اليهود والعرب في داخل الرملة واللد‪ ،‬في رأيي‬
‫في داخل هذه المدن هناك سياسة أبارتهايد تمييز عنصري‬
‫أقوى وأحدّ من تلك التي كانت في جنوب أفريقيا‪.‬‬
 ‫اخلامتة‬
‫‪ .1‬كشفت هبة يوم األرض أن الصراع يدور على األرض‪ ،‬وهو‬
‫صراع أيديولوجي وشحته المؤسسة اإلسرائيلية بوشاحات توراتية‬
‫دينية علمانية‪ ،‬وما هبة يوم األرض إال نفثات أمة مهمومة في‬
‫صراعها غير المتوازن‪.‬‬

‫‪ .2‬إن المؤسسة اإلسرائيلية في موقفها من األرض‪ ،‬وهي لب‬

‫الصراع‪ ،‬موحدة فال ثمة يمين وال يسار‪ ،‬ولعل ارتكاب الجرائم‬
‫بحقنا من قبل حزب العمل يُجلي الموقف البنغريوني الحاقد‬
‫اتجاهنا هنا كعرب وفلسطينيين‪ ،‬وهو نهج استمر به تلميذه‬
‫شارون الليكودي من بعده‪.‬‬

‫‪ .3‬ونتيجة لهذا الصراع الطويل الذي تجلى في بعض جوانبه‬

‫في هبة يوم األرض‪ ،‬فقد بنا أبناء شعبنا الفلسطيني في الداخل‬
‫والشتات متاريس منيعة من المشاعر المستحكمة في داخلهم‬
‫تؤكد الحق الشرعي لنا بالوجود على هذه األرض‪.‬‬

‫‪ .4‬وحتى تظل األرض حاضرة في ذهنيتنا ال بد لنا من ترميم‬

‫الوعي المتآكل والمتهالك عند أبنائنا من جهة‪ ،‬والعمل على إنبعاث‬
‫فردي وجمعي عبر تفعيل منظومات أخالقية تؤدي إلى إحياء البعد‬
‫العقدي والقومي في نفوسنا‪.‬‬
 ‫ٌ‬
‫رسالة مفتوحة ‪...‬‬ ‫النقب‬
‫العرب‬
‫ْ‬
‫ْ‬ ‫ضاربات في‬ ‫ّ‬
‫راسخات‬ ‫جذور‬
‫ّ‬
‫في عكا وفي حيفا وفي يافا وفي ُل ًد‬
‫أنا لي‬

‫شعر‪ :‬الشيخ رائد صالح‬ ‫رب‬ ‫الك ْ‬ ‫الفيحاء عنها لم تباعدني ُ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬
‫والرملة‬
‫رئيس احلركة االسالمية‬ ‫قب‬ ‫شموخ ُم ْذ ُح ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫املثلث في‬ ‫ُ‬
‫املرابط في‬ ‫وأنا‬
‫صبرالتحديفياجلليلبال َن َص ْب‬ ‫ومصابر َ‬
‫ٌ‬
‫واألدب‬
‫ْ‬ ‫ِ‬
‫والقدس عنواني وعنوان األصالة‬ ‫ُ‬
‫الذهب‬ ‫ْ‬ ‫هذي دياري ال أبادلها بأطنانِ‬

‫خير ُ‬
‫الك ُت ْب‬ ‫ُ‬ ‫وارث لألنبيا ِء ومصحفي‬ ‫ٌ‬ ‫أنا‬
‫صب‬ ‫الع ْ‬ ‫َ‬
‫املجد ُ‬ ‫ِ‬
‫رامت‬ ‫قائد للناس ْاذ ما‬ ‫أنا ٌ‬
‫واللقب‬
‫ْ‬ ‫زارع للخيرِ ال أبغي املناصب‬ ‫أنا ٌ‬
‫نعب‬ ‫َ‬
‫الطريد وجرحُ أقصانا ْ‬ ‫حتى وانْ ُّ‬
‫بت‬
‫واحلق دوم ٌا قد ْ‬
‫غلب‬ ‫ُّ‬ ‫ابلج‬
‫حقي ٌ‬ ‫لكنً ّ‬

‫اصدار‪:‬‬
‫تصميم واخراج‪:‬‬ ‫جمعية اقرأ ‪ -‬لدعم التعليم في الوسط العربي‬
‫‪w w w . e q r a a . c o m‬‬