You are on page 1of 15

‫الكتاب ‪ :‬إظهار الحق بوجوب الدفاع عن سيد الخلق‬

‫تأليف ‪ :‬أبي الفضل أحمد بن منصور بن إسماعيل قرطام الفلسطيني المالكي‬


‫األشعري‬

‫إظهار الحق‬
‫بوجوب الدفاع عن‬
‫سيد الخلق‬
‫بقلم‬
‫خادم العلم الشريف أبي الفضل‬
‫أحمد بن منصور بن اسماعيل قرطام‬
‫الفلسطيني المالكي األشعري‬
‫كان اهلل له ولوالديه ولعامة= المسلمين‬
‫بمنه وكرمه‬
‫آمين‬

‫( ‪)1/1‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬


‫الحمد هلل الذي اصطفانا لإلسالم وجعلنا من أتباع خير األنام‪ ،‬عليه من اهلل أفضل الصالة وأزكى‬
‫السالم‪ ،‬القائل فيما رواه عن ربه في الحديث القدسي‪":‬من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب" أخرجه‬
‫البخاري في كتاب الرقائق باب (‪.)38‬‬
‫والقائل كذلك‪ ":‬ال يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده أخرجه البخاري في كتاب‬
‫اإليمان باب (‪.)8‬‬
‫َج ِّل وأ َْو َكد مظاهر محبة رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم الدفاع عنه وعدم إذايته في أبويه وآله‬
‫ومن أ َ‬
‫وصحبه؛ َّ‬
‫ألن في إذايتهم إذاية له صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وفي إذايته إذاية هلل تعالى‪.‬‬
‫ومما يؤذي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ويمس من شرف نبوته وشرف نسبه القول بدخول أبويه‬
‫الشريفين جهنم والعياذ باهلل قال تعالى‪ ":‬إِ َّن الَّ ِذين يؤذُو َن اهلل ‪,‬رسولَه لَعنهم اهلل فِى الدُّنيا ‪,‬األ ِ‬
‫َخ َر ِة‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ ُ َُ ُ ُ‬ ‫َُ‬
‫َع َّد ل َُهم َع َذاباً ُّم ِهيناً " سورة األحزاب آية (‪, )57‬لسائل أن يسأل ما الفائدة من طرح هذه المسالة‬
‫‪,‬أ َ‬
‫أو التكلم فيها أصال لما فيها من خطر إفساد عقيدة العوام وإثارة االختالف في صفوف المسلمين ؟‬
‫في حين أنها مسألة لم يكلفنا اهلل بها ولم يتعبدنا بها فال يضرنا جهلها وال ينفعنا علمها ألنه لو مات‬
‫أي إنسان وهو ال يعلم هذه المسألة ال ضير عليه قطعا باتفاق= من يعتد به من أكابر علماء أهل السنة‬
‫والجماعة كاإلمام أبي حنيفة ونصه في ذلك صريح في كتابه الفقه= األكبر واإلمام مالك والشافعي‬
‫وأحمد رضى اهلل عنهم أجمعين‪ .‬أما من خالفهم من الخارجين عن الصف القائلين بعذاب أبوى النبي‬
‫ين فِى ُقلُوبِ ِهم َزي ٌغ‬ ‫َّ ِ‬
‫صلى اهلل عليه وسلم فيروجون فتنتهم لمرض في قلوبهم قال تعالى‪ ":‬فَأ ََّما الذ َ‬
‫شابهَ ِمنهُ ابتِغَ ِ ِ ِ‬
‫اء تَأ ِويلَهُ " سورة آل عمران آية (‪ )7‬وعمدتهم في ذلك‬ ‫اء الفتنَة َوابتغَ َ‬
‫َ‬ ‫َفيَتَّبِعُو َن َما تَ َ َ‬
‫حديثين من اآلحاد وهما‪:‬‬
‫حديث مسلم عن أبي هريرة مرفوعا‪ " :‬أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬استأذنت ربي أن‬
‫استغفر ألمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي"‬
‫ما رواه مسلم أن رجال قال‪ :‬يا رسول اهلل أين أبي قال‪ :‬في النار فلما قضى دعاه فقال‪ ":‬إن أبي وأباك‬
‫في النار "‬

‫( ‪)1/2‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫والمتأمل في هذين الحديثين يستطيع أن يتبين علتهما وذلك لمعارضتهما لصريح القران كقوله تعالى‪":‬‬
‫ك‬‫ك أَن لَّم يَ ُكن َّربُّ َ‬ ‫ث َر ُسوالً " سورة االسراء آية (‪ )15‬ولقوله تعالى‪َ ":‬ذلِ َ‬ ‫ِ‬
‫َو َما ُكنَا ُم َع ِّذب َ‬
‫ين َحتَّى نَ َبع َ‬
‫لم َوأَهلُ َها غَافِلُو َن " سورة األنعام آية (‪ )131‬والقوم الذين بعث فيهم سيدنا رسول‬ ‫ك ال ُق َرى بِظُ ٍ‬ ‫ُمهلِ َ‬
‫َرسلنَا إِلَي ِهم‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم والذين منهم أبويه لم يأتهم نذير قبله لصريح قوله تعالى‪َ ":‬و َما أ َ‬
‫ك ل ََعلَّ ُهم‬ ‫ك ِمن نَّ ِذي ٍر " سورة سبأ آية (‪ )44‬ولقوله تعالى‪ ":‬لِتُ ِ‬
‫نذ َر قَوماً َّما أََت ُهم ِّمن نَّ ِذي ٍر ِّمن قَبلِ َ‬ ‫قَبلَ َ‬
‫يَهتَ ُدو َن " سورة السجدة آية (‪ )3‬فمعارضة هذين الحديثين المخالفين لفظاً ومعناً لصريح القرآن الذي‬
‫هو قطعي الثبوت مع عدم إمكانية الجمع بينهما سقط االحتجاج بهما وتمسكنا بالقرآن كما هو مقرر‬
‫وحسب قواعد الشريعة قال اإلمام النووي في شرح المهذب ومتى خالف خبر اآلحاد نص القرآن أو‬
‫إجماعا وجب ترك ظاهره والقاعدة عند علماء أهل السنة والجماعة من األشاعرة والماتُريدية بل‬
‫وجميع العقالء= أن خبر اآلحاد متى عارض الكتاب والسنة المتواترة أو اإلجماع المعتبر لفظا ومعنى‬
‫مع عدم امكانية الجمع بحال سقط االستدالل به‪ ،‬وكذلك اتفقوا على العمل به في العمليات دون‬
‫االعتقاديات‪ ،‬بمعنى أن مسائل العقائد مبنية على القطعيات التي تفيد العلم اليقيني والتي يكفر منكرها‪.‬‬
‫بخالف اآلحاد الذي ال يفيد إال الظن وبالتالي ما ينبني عليه من االحكام ألن غالبه محل خالف بين‬
‫العلماء إال ما أجمعوا عليه فيرتفع فيه الخالف ألجل اإلجماع وليس لذات الدليل وهذه قاعدة قل من‬
‫يعلمها ممن ينتسبون للعلم اليوم فمن باب األولى عامة الناس‪ ،‬وهذا ال يخالف ما قلناه سابقا من أن‬
‫مسألة نجاة أبوي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بعينها ليست من المسائل العقائدية‪ .‬ولكن من‬
‫العقيدة التي يجب على كل مؤمن أن يعتقدها وال يجوز له جهلها‬

‫( ‪)1/3‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫فضالً عن إنكارها هي أن أهل الفترة ناجون وإن بدلوا وغيروا بدليل النصوص القرآنية القطعية السابقة=‬
‫الذكر وأبوي النبي صلى اهلل عليه وسلم من أهل الفترة بال خالف‪.‬‬
‫فصل‬
‫قال موالنا المنعم الفقيه األصولي المحدث المفسر النحرير واللغوي الكبير عالمة المغرب بل الدنيا‬
‫سيدي عبد اهلل بن الصديق الغماري عليه من اهلل رحمة الباري وطيب اهلل ثراه وجعلنا على خطاه في‬
‫كتابه الموسم " بالخواطر الدينية " أهل الفترة هم الذين عاشوا في زمن لم يكن فيه نبي وال رسول‬
‫بعث اليهم‪ ،‬كالعرب الذين عاشوا في الفترة والتي بين سيدنا اسماعيل ونبينا عليهما السالم وكذلك‬
‫أهل الكتاب الذين عاشوا في الفترة التي بين سيدنا عيسى ونبينا عليهما السالم والحكم فيهم عند‬
‫ِ‬
‫ث َر ُسوالً " سورة‬ ‫الجمهور أنهم ناجون ولو غيروا وبدلوا لقوله تعالى‪َ ":‬و َما ُكنَا ُم َع ِّذب َ‬
‫ين َحتَّى نَ َبع َ‬
‫بعض منها‪ ،‬وأجابوا عن تعذيب بعض أهل الفترة بأنها‬
‫االسراء آية (‪ )15‬وغيرها من األيات والتي مر ٌ‬
‫آحاد ال تقوى على معارضة= القرأن زيادة على أنها تحتمل التأويل أما من أشرك من أهل الفترة وغير‬
‫بابتداع أمور شركية مثل عمرو بن لحي وهو أول من أدخل األصنام إلى مكة فيعذب لورود نص فيه‬
‫بعينه‪ ،‬وال يُعترض علينا بالقاعدة التي تقول العبرة بعموم اللفظ ال بخصوص السبب ألن ذلك يتعارض‬
‫عمت‬
‫مع صريح القرأن فتعين أن يكون حكما خارج على غير قياس‪ .‬أما بعد البعثة المحمدية التي َّ‬
‫غالب أهل األرض جميعا فال يوجد أهل فترة ولكن قد يعترض علينا بوجود من لم تبلغه الدعوة وهو‬
‫اعتراض قد يكون صحيح فلو افترضنا وجود شخص ما في بعض مجاهل= القارة االفريقية أو غابات‬
‫أمريكا مثال لم يسمع باإلسالم وال عرف شيئا عن توحيد اهلل تعالى ولم يسمع بأن هناك نبي اسمه‬
‫محمد صلى اهلل عليه وسلم وعاش بين الغابات فإنه ناج بال شك حتى ولو اعتنق بعض الديانات‬
‫كالنصرانية مثال ذلك ألن بلوغ الدعوة شرط في توجه الخطاب التكليفى للشخص= فحيث لم تبلغه‬

‫( ‪)1/4‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الدعوة بدون تقصير منه ال يكون مكلفا‪ .‬وأما الذين ولدوا بين أبوين يهوديين أو نصرانيين وبلغتهم‬
‫دعوة النبي محمد صلى اهلل عليه وسلم بأي وجه من الوجوه فهم كفار بال نزاع بحيث لو خير أحدهم‬
‫بين اإلسالم والموت الختار الموت على اإلسالم‪ .‬انتهى بتصرف‪.‬‬
‫فصل‬
‫ين ولَو َكانُواْ أ ُْولِي قُربَى‬‫ِ‬
‫لمش ِرك َ‬
‫ِ ِ‬
‫ين َء َامنُواْ أَن يَستَغف ُرواْ ل ُ‬
‫ِ ِ َّ ِ‬
‫أما ما جاء في قوله تعالى " َما َكا َن للنَّب ِّي والذ َ‬
‫الجح ِيم" سورة التوبة آيه (‪.)113‬‬ ‫اب ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫من بَعد َما َتَبيَّ َن ل َُهم أ ََّن ُهم أ َ‬
‫َصح ُ=‬
‫فال يحتج به على أهل الفترة وذلك ألن هذه األية نزلت في أبي طالب عم الرسول صلى اهلل عليه‬
‫وسلم وال تتعلق بوالديه ال من قريب وال من بعيد وال تصريحا وال تلويحا لما هو مقرر ومعلوم‬
‫ومشهور وذلك ألن أبا طالب أدرك بعثة النبي صلى اهلل عليه وسلم وأبى أن يسلم‪ ،‬أما أبواه فلم‬
‫يدركا البعثة فأين هذا من هذا‪....‬؟ ويقوي ذلك ما رواه أبو داود والبيهقي من أن سيدنا على كرم اهلل‬
‫وجهه جاء إلى النبي صلى اهلل عليه وسلم فقال‪ ":‬إن عمك الشيخ الضال قد مات فقال‪ :‬إذهب فواره‬
‫وفي رواية‪ ":‬إن عمك الشيخ الكافر‪.‬‬
‫فصل‬
‫يجب أن يعلم بأن القاعدة العامة= المتفق عليها في كيفية إقرار الحكم الشرعي أنه ال يؤخذ من دليل‬
‫واحد غالبا بل هو نتيجة لمجموعة من الضوابط المشتركة بين االيات واألحاديث التي تبنى على بعض‬
‫القواعد األصولية والحديثية والعقائدية واللغوية التي ال غنى عنها لفهم معاني النصوص التي أُستُقرئت‬
‫وضبِطَت الشريعة الغراء من خاللها قبل النظر واصدار الحكم الشرعي ونحن بحمد اهلل وتوفيقه نبين‬ ‫ُ‬
‫بعض هذه القواعد التى ال بد منها لفهم هذين الحديثين على وفق ما اتفق عليه كبار أهل الحل والعقد‬
‫من نقاد علماء أهل السنة والجماعة= من حفاظ وأصوليين وغيرهم أن من أسباب رد الحديث‪:‬‬
‫مخالفته لصريح القرآن لفظاُ ومعنى مع عدم امكانية تأويله ليوافق القرآن بال تكلف‪.‬‬

‫( ‪)1/5‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫مخالفته لصريح العقل السليم ألن أفعال اهلل تعالى ال تخلو عن حكمة وإن كنا ال ندركها غالبا وألن‬
‫العقل شاهد من شواهد الشرع فالشرع ال يأتي إال بمجوزات العقول‪.‬‬
‫أنه ال يستدل في العقائد إال بالمتواتر أو المشهور خالفا ألبي حنيفة رضى اهلل عنه الذى يرى أنه يجوز‬
‫االستدالل بخبر األحاد في العقائد بشرط أن ال يكون له معارض من القرآن أو من السنة المتواترة أو‬
‫المشهورة‪.‬‬
‫وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ال عنده رضى اهلل عنه وال عند غيره من باب األولى ألن القاعدة‬
‫وما‬
‫عنده أن الظني ال يقوى على معارضة القطعي والقرآن عنده قطعي الثبوت ويمثل له بهذه األية‪َ ":‬‬
‫ِ‬
‫ث َر ُسوالً " سورة االسراء أية (‪ )15‬ويؤيد ذلك ما قاله األصوليون من أن " عدم‬ ‫ُكنَا ُم َع ِّذب َ‬
‫ين َحتَّى نَ َبع َ‬
‫االستفصال يؤدى إلى تعلق الحكم في عموم المقال " وهذه األية تدخل تحت هذه القاعدة " وكذلك‬
‫قولهم أيضا " األعراض في موضع البيان يفيد الحصر " وهو يتطابق مع هذه األية‪ ،‬أن كل من لم يأته‬
‫رسول ال يعذب إال ما خرج على غير قياس هذا في كيفية العمل إذا ما عارض الحديث القرأن أما إذا‬
‫ما عارض الحديث الحديث فكالمهم في هذا الباب كثير ينحصر في ثالثه قواعد عند األصوليين‬
‫والمحدثين‪:‬‬
‫إذا ما ثبت حديثان صحيحان سنداً ومتناً متعارضان في اللفظ متفقان في المعنى يجب الجمع بينهما‬
‫عمال بقاعدة " ما أمكن الجمع جمع "‬
‫إذا كان الحديث األول صحيح والثاني ضعيف يقدم الصحيح على الضعيف باجماع أهل هذا الفن‪.‬‬

‫( ‪)1/6‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫إذا كان الحديثان صحيحان ومختلفان لفظا ومعنى بمعنى ال يمكن الجمع بينهما بوجه من الوجوه‬
‫الصحيحة= فينظر الى ما هو قديم وما هو جديد فيكون القديم منسوخ والجديد ناسخ الستحالة الجمع‬
‫بينهما مع الجزم بثبوتهما والمعلوم أن السنة ال تتعارض فتعين النسخ وكان لزاما معرفة التاريخ فإن لم‬
‫يعلم القديم من الجديد وجب إسقاط العمل بكال الحديثين وتعين البحث عن دليل أخر الجتناب‬
‫الترجيح بغير مرجح وهو حرام‪ ...‬حرام‪ ....‬حرام‪ ....‬بإتفاق الجميع‪.‬‬
‫فصل‬
‫في كيفية نقد هذين الحديثين كل على حده‬
‫حديث " إستأذنت ربي أن أستغفر ألمي فلم يأذن لي واستأذنته أن أزور قبرها فأذن لي "و في‬
‫الحديث أنه صلى اهلل عليه وسلم بكى وأبكى من حوله فإن هذا الحديث ال يصح االستدالل به على‬
‫أن والدته صلى اهلل عليه وسلم في النار لعدة أمور‪-:‬‬
‫ِ‬
‫ث َر ُسوالً " سورة‬ ‫أن هذا الحديث يعارض معارضة صريحة قول اهلل تعالى‪َ ":‬و َما ُكنَا ُم َع ِّذب َ‬
‫ين َحتَّى نَ َبع َ‬
‫ك ِمن نَّ ِذي ٍر " سورة سبأ آية (‪.)44‬‬ ‫َرسلنَا إِلَي ِهم قَبلَ َ‬
‫االسراء أية (‪ )15‬وقوله تعالى‪َ ":‬و َما أ َ‬
‫أن بكائه صلى اهلل عليه وسلم على أمه ال يدل على أنها من أهل النار بأي وجه من الوجوه بدليل أنه‬
‫بكى على إبنه إبراهيم كما في الصحيحين إذ قال‪ ":‬تدمع العين ويحزن القلب وال نقول إال ما يرضي‬
‫ربنا واهلل يا إبراهيم إنا بك لمحزونون"‪.‬‬
‫إن اهلل تعالى أذن له بزيارة قبرها يدل على أنها مؤمنة وليست كافرة من أهل النار وإال لتعارض صدر‬
‫الحديث مع عجزه ناهيك أيضا أن اهلل تعالى قد نهاه أن يقوم على قبور الكفار والمنافقين بقوله عز‬
‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫من قائل‪ ":‬وال تُص ِّل َعلَى أ ٍ‬
‫وهم‬
‫وماتُواْ ُ‬ ‫ات أَبَداً وال َت ُقم َعلَى قَب ِره إَِّن ُهم َك َف ُرواْ باهلل َ‬
‫ور ُسوله َ‬ ‫نهم َّم َ‬
‫َحد ِّم ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫اس ُقو َن " آية (‪ )84‬من سورة التوبة وحاشى مقام رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يخالف أمر اهلل‬ ‫فَ ِ‬
‫تعالى ومن يظن ذلك فليس له نصيب من اإليمان في شيء‪.‬‬

‫( ‪)1/7‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫حديث أن رجال قال‪ :‬يا رسول اهلل أين أبي ؟ قال‪ :‬في النار " فلما قفى دعاه فقال‪ ":‬إن أبي وأباك في‬
‫النار " الحديث فمما يجب أن يعلم أن لهذا الحديث ثالثة طرق‪-:‬‬
‫السند األول عن طريق حماد بن سلمة عن ثابت وهي التي جاء فيها‪ :‬إن أبي وأباك في النار‪.‬‬
‫السند الثاني عن طريق معمر عن ثابت وهي خالية من ذكر " إن أبي وأباك في النار"‪.‬‬
‫السند الثالث عن طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص‬
‫وهي خالية أيضا من ذكر إن أبي وأباك في النار غير أنها تنتهي بقوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬حيث ما‬
‫مررت بقبر كافر فبشره بالنار" فالطريقه األولى في سندها ثابت وحماد بن سلمة‪ .‬أما ثابت فهو عند‬
‫بعضهم ثقة ولكن ذكره ابن عدي في الضعفاء وعلل الحديث فقال‪ ":‬إنه وقع في أحاديثه ما ينكر‪،‬‬
‫وأما حماد فقال عنه الحافظ ابن حجر العسقالني في مقدمة= " فتح الباري"‪ :‬حماد‬
‫وهذا الحديث منها َّ‬
‫بن سلمة بن دينار البصري أحد األئمة األثبات إال أنه ساء حفظه في اآلخر‪ .‬وقال السيوطي عن حماد‬
‫بن سلمة في كتابه " مسالك الحنفا في نجاة والدي المصطفى " إن حماد تكلم في حفظه ووقع في‬
‫أحاديثه مناكير ذكروا أن ربيبه دسها في كتبه وكان حماد في آخر حياته ال يحفظ فحدث بها فوهم‬
‫خرج له مسلم في اصول الدين إال من روايته عن ثابت‪.‬‬
‫فيها ومن ثم لم يخرج له البخاري شيئا وال َّ‬
‫قال الحاكم في المدخل " ما خرج مسلم لحماد إال من حديثه عن ثابت‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫( ‪)1/8‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫أما السندان الثاني والثالث ففي سند الرواية الثانية معمر عن ثابت عن أنس عوضاً عن حماد عن ثابت‬
‫والرواية الثالثة جاءت بالسند األتي فقد أخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد‬
‫عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص أن أعرابياً قال لرسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم‪ ":‬أين أبي ؟ قال‪ ":‬في النار" قال‪ ":‬فأين أبوك" قال‪ ":‬حيث ما مررت بقبر كافر فبشره بالنار "‬
‫ويُالحظ أن السند األول ذكر فيه حماد عن ثابت والسند الثاني ذكر فيه معمر عن ثابت ومن‬
‫المعروف أن معمرا أثبت من حماد بدليل أن حماداً تُكلِّم في حفظه كما سلف ولم يتكلم أحد في‬
‫استُنكر شيءٌ من‬
‫معمر‪ .‬قال السيوطي في نفس المرجع المذكور وأما معمر فلم يتكلم في حفظه وال ْ‬
‫حديثه واتفق على التخريج له الشيخان فكان لفظه أثبت أي فتكون روايته أوثق وأثبت وأقرب الى‬
‫الصحة‪ .‬وأما سند الرواية الثالثه فقد قال السيوطي في نفس المرجع " وهذا إسناد على شرط‬
‫الشيخين فتعين المصير اليه واالعتماد على هذا اللفظ وتقديمه على غيره " قلت وذلك لصحة سنده‬
‫وقوة ودقة متنه وخلوه من الشذوذ والعلة ال سيما عدم معارضته= لصريح القرآن‪.‬‬
‫فصل‬

‫( ‪)1/9‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لو فرضنا أن الحديث بالطريقة األولى ثبت وصح فيجب علينا أن نأوله بما يقبل التأويل‪ ،‬وذلك‬
‫لوجوب التأدب مع رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم فلزم تخريج الحديث عن ظاهره ولما ذكرناه‬
‫سابقاً أنه خبر أحاد يقبل األحتمال والتأويل والقاعدة تقول‪َّ ":‬‬
‫أن ما دخله اإلحتمال سقط به‬
‫االستدالل"‪ ،‬زيادة على مخالفته= لصريح القرآن وكما أشرنا اليه سابقا إال أن بعض علمائنا لم يذهبوا‬
‫إلى إسقاطه وأولوه بما يفيد أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم حينما قال‪ ":‬إن أبي وأباك في النار "‬
‫قصد بذلك عمه أبو طالب ألنه هو الذي حضر البعثة وألن في اللغة يطلق األب ويراد به العم ودليل‬
‫ال لِبنِ ِيه ما تَعب ُدو َن ِمن ب ِ‬
‫عدى‬ ‫َ‬ ‫وت إِذ قَ َ َ َ ُ‬ ‫الم ُ‬
‫وب َ‬‫ض َر يَع ُق َ‬‫اء إِذ َح َ‬
‫ذلك من القرأن قوله تعالى‪ ":‬أَم ُكنتُم ُش َه َد َ‬
‫حن لَهُ ُمسلِ ُمو َن " سورة البقرة‬ ‫ِ‬ ‫ك إِبر ِاه ِيم وإِ ِ‬ ‫ِ‬
‫سح َق إِلَهاً َواحداً ونَ ُ‬
‫يل وإِ َ‬
‫سماع َ‬ ‫َ‬ ‫قالوا نَعبُ ُد إِل ََه َ ِ‬
‫ك وإلَه َءابَائ َ َ‬
‫أية (‪ )133‬فإسماعيل ليس أبا ليعقوب فهو عمه وسماه اهلل أبا له‪.‬‬
‫قال ابن الجوزي في كتابه‪ ":‬نزهة األعين النواظر" وذكر أهل التفسير أن األب في القران على أربعة‬
‫أوجه‪:‬‬
‫وو ِرثَهُ أ ََب َواهُ "‬ ‫ِِ ِ ِ‬
‫أحدهما‪ :‬األب األدنى ومنه قوله تعالى‪َ " :‬وأُمه َوأَبيه " سورة عبس آية (‪ )35‬وقوله‪َ ":‬‬
‫سورة النساء آيه (‪.)11‬‬
‫ثانيهما‪ :‬الجد ومنه قوله تعالى‪ِ ":‬ملَّةَ أَبِي ُكم إِ َبر ِاهيم " سورة الحج آية (‪.)78‬‬
‫يل " سورة البقرة آية (‪.)133‬‬ ‫ك إِبر ِاه ِيم وإِ ِ‬‫ِ‬ ‫والثالث‪ :‬العم ومنه قوله تعالى‪ ":‬نَعبُ ُد إِل ََه َ ِ‬
‫سماع َ‬
‫َ‬ ‫ك وإلَه َءابَائ َ َ‬
‫رش "سورة يوسف آية (‪.)100‬‬ ‫الع ِ‬ ‫ِ‬
‫و الرابع‪ :‬الخالة ومنه قوله تعالى‪َ ":‬و َرفَ َع أ ََب َويه َعلَى َ‬

‫( ‪)1/10‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬
‫و من الوجه الثالث ما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره من قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬إحفظوني في‬
‫العباس فإنه بقية أبائي "مع أنه عمه وهذا الحديث " إن أبي وأباك في النار " مردود إن قلنا أن قوله فيه‬
‫أبي " هو أبوه عبد اهلل بن عبد المطلب وذلك ألن أباه عبد اهلل من أهل الفترة ألنه لم يدرك بعثته صلى‬
‫اهلل عليه وسلم قطعا وألنه من قوم لم يأتهم رسول بدليل األيات السابقه وألن لفظة األب في اللغة‬
‫وحملُها على واحد بعينه تحتاج الى قرينة والقرينة الظاهرة في‬
‫تحتمل الجد والعم واألب األدنى َ‬
‫الحديث تدل على العم وحملها على أب النبي صلى اهلل عليه وسلم فيه تهكم وهو في شرعنا ممنوع‬
‫وهذا مما فهمه اإلمام النووي رحمه اهلل في شرحه على صحيح مسلم عندما بوب له " أن من مات‬
‫على الكفر فهو في النار وال تناله شفاعة وال تنفعه قرابة المقربين" والمراد بذلك أبو طالب الذي‬
‫أدرك بعثته صلى اهلل عليه وسلم وأبى أن ينطق بالشهادة ومات على الكفر كما ذكرنا سابقاً من‬
‫كرم اهلل وجهه واإلجماع منعقد على وجوب تكفير األبي الممتنع وأنه خالد مخلد في نار‬
‫حديث علي َّ‬
‫جهنم قال سيدي أبو عبد اهلل الفاسى المالكي في كتابه مراصد المعتمد في مقاصد المعتقد‪:‬‬
‫و من يكن ذا النطق منه ما اتفق فإن يكن عجزا يكن كمن نطق‬
‫و إن يكن ذلك عن إباء فحكمه الكفر بال امتراء‬
‫و إن يكن لغفلة فكاإلبا وذا ِ‬
‫لسنة عياض نسبا‬
‫كالنطق وللجمهو ِر َ‬
‫نسب والشيخ أبي منصور‬ ‫ِ‬ ‫قيل‬
‫و َ‬
‫و هذا ينطبق على أبي طالب فقد عرض عليه رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أن يقول ال اله اال اهلل‬
‫فأبى رواه البخاري‪.‬‬
‫فصل‬
‫مما يستدل به على نجاة أبوي المصطفي صلى اهلل عليه وسلم من الكتاب والسنة‬

‫( ‪)1/11‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫ِ‬
‫ث َر ُسوالً " سورة اإلسراء أية (‪ )15‬فاآلية عامة وصريحة‬ ‫وما ُكنَّا ُم َع ِّذب َ‬
‫ين َحتَّى نَ َبع َ‬ ‫أوالً‪ :‬قوله تعالى‪َ ":‬‬
‫يعذب أحداً حتى يرسل الرسل قال األلوسي صاحب روح المعاني في تفسيره عند‬ ‫في أن اهلل تعالى ال ِّ‬
‫شرح هذه اآلية‪ ":‬وما صح وما استقام بل استحال في السنة اإللهية المبنية على الحكم البالغة أو في‬
‫قضائنا السابق أن نعذب أحداً بنوع من أنواع التعذيب دنيويا أو أُخروياً على فعل شيء أو ترك شيء‬
‫أصلياً كان أو فرعياً حتى نبعث إليه رسوالً يهدي إلى الحق ويبين الشريعة " أ هـ‪ ،‬مع وجوب العلم انه‬
‫يجوز عقالً على اهلل تعالى أن يعذب من يشاء من عبيده بذنب أو بغير ذنب مصداقاً لقوله تعالى ‪ ":‬ال‬
‫سئلُو َن " سورة األنبياء آية (‪ )23‬إال أنه سبحانه وتعالى ببالغ حكمته وكمال‬
‫وهم يُ َ‬
‫فع ُل ُ‬
‫يُسئَ ُل َع َّما يَ َ‬
‫ٍ‬
‫بحكم شرعي " ويسمى بالمستحيل‬ ‫من علينا بإبطال هذا الحكم العقلي‬
‫عدله وبمحض فضله قد َّ‬
‫الع َرضي " أى ال يعذب أحد إال بعد إرسال الرسل‪.‬‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫لت إِلَينَا َر ُسوالً‬ ‫ثانياً‪ :‬قوله تعالى‪ ":‬ولَوال أَن تُص َيب ُهم ُّمصيبَةُ بِ َما قَد َ‬
‫َّمت أَيدي ِهم َفَي ُقولُواْ َر َّبنَا لَوال أ َ‬
‫َرس َ‬
‫ين " سورة القصص آية (‪ )47‬أي أن الحامل على إرسال الرسل‬ ‫ك ونَ ُكو َن ِمن ِ ِ‬ ‫َفنَتَّبِ َع َءايَاتِ َ‬
‫المؤمن َ‬‫َ ُ‬
‫تعللهم بهذا القول واحتجاجهم به‪.‬‬
‫ث فِي أ ُِّم َها َر ُسوالً يَتلُواْ َعلَي ِهم َءايَاتِنَا " سورة القصص آية‬ ‫ك ُمهلِ َ‬
‫ك ال ُق َرى َحتَّى يَ َبع َ‬ ‫وما َكا َن َربُ ُّ‬ ‫ثالثاً‪َ ":‬‬
‫(‪ )59‬قال ابن ُج َز ْي في تفسيره " التسهيل لعلوم التنزيل " أ ُُّم القرى مكة ألنها َّأول ما خلق اهلل من‬
‫وألن فيها بيت اهلل‪ ،‬والمعنى أن اهلل أقام الحجة= على أهل القرى بأن بعث سيدنا محمد صلى‬ ‫األرض َّ‬
‫اهلل عليه وسلم في ِّأم القرى فإن كفروا أهلكهم بظلمهم بعد البيان لهم وإقامة الحجة= عليهم‪ .‬أ هـ‬

‫( ‪)1/12‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لت إِلَينَا َر ُسوالً َفنَتَّبِ َع َءايَتِ َ‬ ‫ِِ‬ ‫نهم بِ َع َذ ٍ‬


‫ك‬ ‫َرس َ‬‫اب ِّمن قَبله لََقالُواْ َر َّبنَا لَوال أ َ‬ ‫رابعاً‪ ":‬قوله تعالى‪ ":‬ولَو أَنَّا أَهلَ َك ُ‬
‫خزى " سورة طه آية (‪.)134‬‬ ‫ِ‬
‫بل أَن نَّذ َّل ونَ َ‬ ‫ِمن قَ ِ‬
‫ين " سورة الشعراء آية‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫ِ‬
‫وما ُكنَّا ظَالم َ‬
‫كرى َ‬ ‫وما أَهلَكنَا من قَريَة إال ل ََها ُمنذ ُرو َن‪ ،‬ذ َ‬ ‫خامساً‪ :‬قوله تعالى‪َ ":‬‬
‫(‪.)208،209‬‬
‫عم ُل أ ََولَم‬ ‫َّ ِ‬ ‫سادساً‪ :‬قوله تعالى‪ ":‬وهم يصطَ ِر ُخو َن فِيها ر َّبنَا أَخ ِرجنَا نَعمل ِ‬
‫صالحاً غَ َير الذى ُكنَّا نَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ‬
‫ِ‬
‫َّذير فَ ُذوقُواْ فَما لِلظَّالِ ِمين من نَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫صي ٍر " سورة فاطر آية (‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اء ُك ُم الن ُ‬ ‫ُن َع ِّمر ُكم َّما َيتَ َذ َّك ُر فيه َمن تَ َذ َّك َر َ‬
‫وج َ‬
‫‪.)37‬‬
‫نذ َر قَوماً َّما أََت ُهم ِّمن نَّ ِذي ٍر ّمن قَبلِ َ‬
‫ك‬ ‫ك لِتُ ِ‬ ‫الح ُّق ِمن َّربِّ َ‬
‫افت َراهُ بَل ُه َو َ‬ ‫سابعاً‪ :‬قوله تعالى‪ ":‬أَم َي ُقولُو َن َ‬
‫ل ََعلَّ ُهم يَهتَ ُدو َن " سورة السجدة آية(‪)3‬‬
‫اب أَنزلنَاهُ ُمبَ َار ٌك فَاتَّبِعُوهُ َّ‬ ‫ِ‬
‫رح ُمو َن‪ ،‬أَن َت ُقولُواْ إِنَّ َما أ َ‬
‫ُنزل‬ ‫وات ُقواْ ل ََعلَّ ُكم تُ َ‬ ‫وه َذا كتَ َ‬
‫ثامناً‪ :‬قوله تعالى‪َ ":‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الكتَاب َعلَى طَائَِفتَي ِن ِمن قَبلِنَا وإِن ُكنَّا َعن ِدر ِ‬
‫ِ‬
‫اب لَ ُكنَّا‬
‫ُنزل َعلَينَا الكتَ ُ‬‫لين‪ ،‬أَو َت ُقولُواْ لَو أَنَّا أ َ‬ ‫است ِهم لَغَاف َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫ورحمةٌ " سورة األنعام آية (‪)155،156،157‬‬ ‫ِ‬
‫وه ًدى َ‬ ‫اء ُكم َبِّينَةٌ ِّمن َّربِّ ُكم ُ‬
‫نهم َف َقد َج َ‬
‫أَه َدى م ُ‬
‫واآليات في هذا الباب كثيرة جداً لمن أراد أن يتبصر فعليه بكتاب اهلل الذي ال يأتيه الباطل من بين‬
‫يديه وال من خلفه‪.‬‬
‫أما ما جاء في السنة‪:‬‬

‫( ‪)1/13‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أوالً‪ :‬ما أخرجه مسلم في كتاب المناقب ما نصه‪ :‬حدَّثنا محمد بن مهران الرازي ومحمد بن عبد‬
‫الرحمن بن سهم جميعاً عن الوليد قال ابن مهران حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا األوزاعي عن أبي‬
‫عز‬ ‫عمار شدَّاد أنه سمع واثلة بن األسقع يقول‪ :‬سمعت رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم يقول‪َّ ":‬‬
‫إن اهلل َّ‬
‫وجل اصطفى كِنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشاً من كِنانة واصطفى من ٍ‬
‫قريش بني هاشم‬ ‫َّ‬
‫واصطفاني من بني هاشم " ووجه الدليل من الحديث أن اإلصطفاء يشعر بالنجاة والقرأن يشهد لذلك‬
‫اإلصطفاء ٍ‬
‫بآيات كثيرة إذ َّ‬
‫أن اهلل ال يصطفي المشركين األنجاس‪ ،‬إنما يصطفي الموحدين الطاهرين‬
‫فعبد اهلل أبي رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم إصطفاه اهلل‪.‬‬
‫ثانياً‪ :‬روى أبو نعيم في دالئل النبوة‪ ":‬أن النبي صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬لم يزل اهلل ينقلني من‬
‫مهذبا ال تنشعب شعبتان إال كنت في خيرهما " فوصف‬ ‫مصفى َّ‬‫األصالب الطيبة إلى األرحام الطاهرة َّ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم أصوله بالطاهرة والطيبة وهما صفتان منافيتان للكفر والشرك قال‬
‫س " سورة التوبة آية(‪.)28‬‬ ‫تعالى يصف المشركين‪ ":‬إِنَّ َما ُ‬
‫المش ِر ُكو َن نَ َج ُ‬
‫ثالثاً‪ :‬أخرج البخاري في باب صفة النبي صلى اهلل عليه وسلم من كتاب المناقب حدثنا قتيبة بن سعد‬
‫حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضى اهلل عنه أن رسول‬
‫اهلل صلى اهلل عليه وسلم قال‪ ":‬بعثت من خير قرون بني آدم قرنا فقرنا حتى كنت من القرن الذي‬
‫كنت فيه " ووجه الدليل من الحديث َّ‬
‫أن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم وصف القرون التي سبقته‬
‫وقرنه الذي بعث فيه بالخيرية والمراد بالقرون أهله الذين عاشوا قبله ومعه وهم أصوله وذلك بصريح‬
‫الحديث‪.‬‬
‫قال الحافظ زين الدين العراقي في مورده الهني ومولده السني‪:‬‬
‫ِ‬
‫السمه‬ ‫األمجاد صوناً‬
‫ُ‬ ‫ٍ‬
‫لمحمد ءاباءهُ‬ ‫حفظ اإلله كرامةً‬
‫أبيه ِ‬
‫وأمه‬ ‫ءادم وإلى ِ‬
‫تركوا السفاح فلم يصيبهم عارهُ من ٍ‬

‫( ‪)1/14‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫رابعاً‪ :‬ما ذكره القسطالني في كتابه المواهب اللدنية قال‪" :‬روى الزهري عن أسماء بنت رهم عن‬
‫أمها قالت‪ ":‬شهدت آمنة َّأم النَّبي صلى اهلل عليه وسلم في علتها التي ماتت بها ومحمد صلى اهلل عليه‬
‫حي ميِّت‬
‫وسلم يفع له خمس سنين عند رأسها فنظرت إلى وجهه وقالت أبيات شعر ثم قالت كل ٍّ‬
‫وكل جديد بال وكل كثير يفنى وأنا ميِّتة وذكري ٍ‬
‫باق وقد تركت خيراًَ وولدت طهراً ثم ماتت فكنَّا‬
‫الجن عليها‪ ،‬أخرج اإلمام أحمد وصححة= الحاكم من حديث العرباض ابن سارية السلمى‬
‫نسمع نوح ِّ‬
‫قال " ورؤيا أمى التى رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام وكذلك أمهات النبيين يرين "‬
‫بمعنى أى يلهمن‪.‬‬
‫أفمن كان آخر كالمه هذه الحكم الدالة على سالمة فطرته ومن يبشر بقدوم رسول اهلل صلى اهلل عليه‬
‫وسلم ومن كانت الجن تنوح عليه أسفاً على فراقه يُقال فيه أنَّه من أصحاب= النَّار‪.‬‬
‫فصل‬
‫ٍ‬
‫معجزة كانت‬ ‫روى البيهقي في كتابه دالئل النبوة بسنده المتصل إلى اإلمام الشافعي أنه قال‪ :‬ما من‬
‫لنب ٍي من األنبياء إال وكان لنبينا مثلها‪.‬‬

‫( ‪)1/15‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قال القرطبي في التذكرة‪َّ :‬‬


‫إن فضائله صلى اهلل عليه وسلم وخصائصه لم تزل تتوالى وتتابع إلى حين‬
‫مما فضَّله به وأكرمه قال‪ :‬وليس إحياؤهما وإماتتهما ممتنعا‬
‫مماته فال يمتنع أن يكون إحياءُ والديه َّ‬
‫عقالً وشرعاً فقد ورد في الكتاب العزيز إحياءُ قتيل بني اسرائيل وإخباره بقاتله وكان عيسى عليه‬
‫السالم يحيي الموتى وكذلك نبينا صلى اهلل عليه وسلم أحيى اهلل على يديه جماعة من الموتى مثل ما‬
‫علي رضي اهلل عنهما قال‪ :‬اتى رجل النبي صلى اهلل عليه وسلم فذكر أنه طرح‬
‫روي عن الحسن= بن َّ‬
‫بنَّية له في وادي كذا فانطلق معه الى الوادي وناداها باسمها‪ " :‬يا فالنة‪ ،‬أجيبي بإذن اهلل " فخرجت‬
‫إن أبويك قد أسلما‪ ،‬فإن أحببت أن أردك عليهما ؟ قالت‪ :‬ال‬ ‫وهي تقول‪ :‬لبيك وسعديك‪ :‬فقال لها‪َّ ":‬‬
‫حاجة لي فيهما وجدت اهلل خيرا منهما‪ .‬وروي عن أبي هريرة رضي اهلل عنه أن يهودية أهدت للنبي‬
‫سممتها فأكل رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم منها وأكل القوم‬
‫صلى اهلل عليه وسلم بخيبر شاةً مصلية َّ‬
‫فقال‪ ":‬ارفعوا أيديكم فإنها أخبرتني أنها مسمومة " وروى هذا الحديث جابر بن عبد اهلل رضى اهلل‬
‫عنهما وفيه‪ ":‬أخبرتني هذه الذراع " رواه أبو داود ِ‬
‫فم َّما أكرم به اهلل رسوله صلى اهلل عليه وسلم أن‬
‫وهب على يده الحياة واإلدراك حتى للجمادات الخالية من مقومات= الحياة‪ ،‬انتهى كالم القرطبي‬
‫بتصرف‪.‬‬

‫( ‪)1/16‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قلت‪ :‬وروى مسلم في كتابه الفضائل عن جابر بن سمرة قال‪ :‬قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪":‬‬
‫إني ألعرف حجراً كان يسلم علي قبل أن أبعث إني ألعرفه اآلن " وكذلك كالم الشجر رواه‬
‫الدارمي وحديث الذئب رواه أحمد وحديث العذق رواه أحمد أيضا والترمذي وكالم الجمل رواه أبو‬
‫نعيم في الدالئل وحنين الجزع رواه البخاري وشهادة الضب رواه أبو نعيم أيضا في الدالئل وشهادة‬
‫زيد بن خارجة األنصاري بعد ما مات لنبينا صلى اهلل عليه وسلم بالرسالة رواه البيهقى وإخبار الذراع‬
‫إياه بأنها مسمومة= أخرجه أبو داود في ِّ‬
‫الديِّات وغير ذلك كثير مما يصعب تتبعه في هذه العجالة= مع‬
‫التنبيه أن كالم الموتى معهود ومعروف أما كالم الشجر والحجر والجمل وغير ذلك فإنه لعمري غير‬
‫ٍ‬
‫معهود ومألوف وهلل در البوصيري حيث يقول‪:‬‬
‫إن كان موسى سقى األسباط من حجر‬
‫معنى ليس في الحجر‬
‫فإن في الكف ً‬
‫إن كان عيسى برا األعمى بدعوته‬
‫فكم براحته قد َّ‬
‫رد من بصر‬
‫فصل‬
‫في إحياء أبويه صلى اهلل عليه وسلم وإيمانهما به‬
‫أوال‪ :‬ومما ال شك فيه بأن حديث إحيائهما ضعيف عند الحفاظ وعدم حاجتنا له بذاته لإلحتجاج به‬
‫على نجاتهما بعد كل ما َّبينَّاه آنفاً ولكن ال بأس أن نورده زيادةً للفائدة وطمأنةً للقلوب ولمعرفة‬
‫ممدوح عند أهل‬
‫ٍ‬ ‫ألن كل ذلك غير‬ ‫طريقة العمل مع مثل هذه األحاديث قبل اإلسراع إلى االعتراض َّ‬
‫النظر فقد روى الطبراني بسنده عن عائشة رضى اهلل عنها أن النبي صلى اهلل عليه وسلم نزل الحجون‬
‫حزيناً أقام به ما شاء اهلل ثم رجع مسروراً قال‪ ":‬سألت ربي عز وجل فأحيى لي أمي فآمنت بي ثم‬
‫ردَّها " وروي من حديث عائشة أيضا إحياء أبويه صلى اهلل عليه وسلم حتى آمنا به‪ .‬أورده السهيلي و‬
‫مر معنا في الفصل السابق قول القرطبي إن إحياءهما ليس ممتنعا ال شرعا وال‬
‫الخطيب البغدادي وقد َّ‬
‫عقال‪.‬‬

‫( ‪)1/17‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫قلت‪ :‬بل الشواهد التي تواترت في إحياء األموات وكالم الجمادات معجزة وكرامة له صلى اهلل عليه‬
‫وسلم مع خلو الجمادات من مقومات الحياة وما كان من إحياء قتيل بني إسرائيل ونفخ الروح في‬
‫الطير لسيدنا عيسى عليه السالم وهي من الطين فتصبح طائراً حقيقياً أفبعد هذا يمتنع إحياء أبويه‬
‫لإليمان به صلى اهلل عليه وسلم فيكون ذلك زيادةً في إكرامه وتفضيله ومعجزةً من معجزاته التي أيَّده‬
‫اهلل بها وأظهرها على يديه صلى اهلل عليه وسلم‪.‬‬
‫قال اإلمام فخر الدين الرازي‪ :‬إن جميع آباء محمد صلى اهلل عليه وسلم كانوا مسلمين ومما يدل‬
‫على ذلك قوله صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬لم أزل أنقل من أصالب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات " رواه‬
‫أبو نعيم في الدالئل وقد قال تعالى‪ ":‬إِنَّ َما ُ‬
‫المش ِر ُكو َن نَ َج ٌ‬
‫س" سورة التوبة أية (‪ )28‬فوجب أن ال‬
‫يكون أحد من أجداده مشركاً فكيف بأبائه انتهى كالم الرازي‪ ،‬وقد أحسن الحافظ شمس الدين بن‬
‫ناصر الدين الدمشقي حيث قال‪:‬‬
‫فضل وكان به رؤوفا‬‫فضل على ٍ‬‫حبا اهلل النبي مزيد ٍ‬
‫ٍ‬
‫إليمان به فضالً لطيفا‬ ‫فأحيى َّأمه وكذا أباه‬
‫قدير وإن كان الحديث به ضعيفا‬
‫فسلم فالقديم بذا ٌ‬

‫( ‪)1/18‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫لعميه أبي طالب وأبي‬ ‫فاعلم أخي المؤمن َّ‬


‫إن اهلل جعل نبيَّه صلى اهلل عليه وسلم رحمةً للعالمين حتى َّ‬
‫وصمما على الكفر به حتى ماتا فقد روى مسلم عن أبي سعيد الخدري‪ :‬أن‬ ‫لهب اللذين سمعا بدعوته َّ‬
‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم ذُكِر عنده عمه أبو طالب فقال‪ ":‬لعله تنفعه= شفاعتي يوم القيامة‪،‬‬
‫ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منهما دماغه " وعن العباس بن عبد المطلب قال‪ :‬قلت‬
‫ٍ=‬ ‫فيجعل في‬
‫ٍ‬
‫بشيء فإنَّه قد كان يحوطك ويغضب لك ؟ قال‪ " :‬نعم‪ ،‬هو في‬ ‫يا رسول اهلل هل نفعت أبا طالب‬
‫ضحضاح من النار‪ ،‬ولوال أنا لكان في الدرك األسفل من النار "رواه البخاري في المناقب ومسلم في‬
‫ٍ‬
‫ألق‬
‫باب اإليمان وعن العباس أيضا أنه رأى أبا لهب في النوم بعد وفاته فسأله عن حاله فقال‪ ":‬لم َ‬
‫علي في كل يوم اثنين " رواه البخاري‬‫خيراً بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة وإنه ليخفف َّ‬
‫فهذه السنة النبوية جاءت تخبر أن اهلل تعالى جعل األول من أهون أهل النار عذابا مع أنه مخل ٌد فيها‬
‫يخفف عنه العذاب كل يوم اثنين مع أنه مخلد فيها مع أنه هناك كالم عند أهل األصول‬ ‫وأن الثاني َّ‬
‫َّ‬
‫على هذا النوع من األحاديث ولكن ليس هذا محله‪ .‬فكيف ال يكون صلى اهلل عليه وسلم رحمة‬
‫لوالديه وقد ماتا على الفطرة مع أنهما من أهل الفترة كما يعتقد جمهور األمة قال الخطيب البغدادي‬
‫في كتابه الفقيه والمتفقه= العلماء مراتب واألقوال مراتب فال عبرة بقول القائل بال بيان وال أدلة وال‬
‫َّع وأنكر وجود الشمس في ِ‬
‫رابعة النهار‪ ،‬فنرجوا أن نكون ُوفِّقنا في‬ ‫برهان وإال لصحت دعوة كل مد ٍ‬
‫الدفاع عن رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم بإظهار الحق ودحض الباطل قاطعين الطريق على كل‬
‫لجاج ومحجاج فقد قال االمام السيوطي رحمه اهلل‪:‬‬
‫َّ‬
‫هذه أدلة لو تفرد بعضها لكفى فكيف بها إذا تتألف‬
‫و بحسب من لم يرتضيها صمته أدبا ولكن أين من هو منصف‬
‫صلى اإلله على النبي محمد ما جدد الدين الحنيف محنف‬
‫خاتمة‬

‫( ‪)1/19‬‬
‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫وروح ٍ‬
‫عالية‪ ،‬فواهلل ما‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫وإنصاف‬ ‫أيها القارئ المنصف الكريم نرجوا أن تقرأ رسالتنا هذه بتمع ٍن وتبص ٍر‬
‫كتبناها إال محبة للخير وعمالً بحديث رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬من لم يهتم بشؤون‬
‫المسلمين فليس منهم" رواه الحاكم عن ابن مسعود‪.‬‬
‫وهل يوجد شيء أهم من الدفاع عن رسولنا الكريم وقد قال صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬ال يؤمن أحدكم‬
‫حتى أكون أحب اليه من والده وولده" رواه البخاري‪.‬‬
‫وقال صلى اهلل عليه وسلم‪" :‬الدين النصيحة قلنا لمن ؟ قال‪ :‬هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة المسلمين‬
‫وعامتهم" رواه مسلم في كتاب اإليمان‪ ،‬ولقد أوصانا علماؤنا وال يزالون يوصوننا بالتثبت في النقل‪،‬‬
‫غدر وخيانة‪ ،‬وقد روى اإلمام مسلم في مقدمة صحيحه بسنده‬ ‫َّ‬
‫ألن العلم أمانة وعدم التثبت فيه ٌ‬
‫المتصل البن سيرين أنه قال‪" :‬إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم" فال تغتر أخي المؤمن‬
‫يروجون خبر كفر أبوي الرسول صلى اهلل عليه وسلم ويحرمون زيارة قبره الشريف ويعتبرون‬
‫بمن َّ‬
‫ذلك شرك‪ ،‬والمنصف منهم يعتبره سفر معصية وعلى قولهم هذا ال يسلم من الشرك أو المعاصي‬
‫جميع علماء المسلمين زياده على عامتهم‪ ،‬ألن نجاة والدي المصطفى وزيارة قبره الشريف هو ما‬
‫ٍ‬
‫وتطرف‪ ،‬وذلك بما‬ ‫عليه علماء المسلمين من حنفية ومالكية وشافعية وحنابلة بعيداً عن أي تعصب‬
‫تناقلوه عن الصحابة رضوان اهلل عليهم والسلف الصالح وغيرهم من شموس هذه األمة وأعالمها‬
‫الذين قال فيهم رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ":‬ال تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق ال‬
‫يضرهم من خذلهم شيئا " رواه احمد والشيخان عن معاوية قال االمام أحمد رضى اهلل عنه إذا لم‬
‫يكونوا أهل العلم فال أدرى من هم فال تغتر واتبع ما كان من األثر وما عليه أهل الفهم من أصحاب=‬
‫الحل والعقد وأتقياء البشر وتمسك بأصحاب هذه المدارس واهجر كل من قوله دارس وتثبت‬
‫بالرواس‪:‬‬
‫باألساس كما قال اإلمام المشهور َّ‬
‫إتبع أهل الهدى على علم فأهل الهدى مثل النجوم الزواهر‬

‫( ‪)1/20‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

‫و إن أخا علم به الزيغ كامن أضر على االسالم من ألف كافر‬


‫والحمد هلل الذي هدانا لهذا وما كنَّا لنهتدي لوال أن هدانا اهلل‪ ،‬اللهم لك الحمد على نعمة اإلسالم‬
‫وما لها علينا من الفضل والجود والكرم واإلحسان الحمد هلل العليم المنَّان الشكر هلل العظيم السلطان‬
‫اللهم اختم لنا بخيرك يا رحمن اللهم اختم لنا ولوالدينا ولجميع المؤمنين بالسعادة والغفران وشفع‬
‫وأمه وآبائه الكرام‪.‬‬
‫فينا سيد ولد عدنان لدفاعنا عنه ّ‬
‫قاله بلسانه وأعاد صياغته ببنانه العبد الفقير إلى ربه المقصر بحق دينه ووطنه وأشياخه وأهله أبو‬
‫الفضل أحمد بن منصور قرطام المالكي الحنفي الشافعي الحنبلى األشعري الماتريدي األيوبي األب‬
‫الحسيني األم كان اهلل له ولمشايخه= ولوالديه ولجميع المؤمنين بمنه وفضله آمين‪.‬‬
‫غزة ‪ 14‬ربيع الثاني على الساعة الثانية بعد الظهر‬
‫من يوم الثالثاء الموافق له ‪ 25/6/2002‬رومي‪.‬‬
‫وهلل در القائل‬
‫وما من كاتب إال سيفنى‬
‫كتبت يداهُ‬
‫ْ‬ ‫الدهر ما‬
‫ويبقى َ‬
‫بكفك غير ٍ‬
‫شيء‬ ‫تكتب ِّ‬ ‫فال‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫يسرك في القيامة أن تراهُ‬
‫َ‬
‫قلم‬
‫كسبت يد الفتى ُ‬‫ْ‬ ‫أجل ما‬
‫ُّ‬
‫ب‬
‫وخير ما جمعت ي ُد الفتى ُكتُ ُ‬
‫ُ‬

‫( ‪)1/21‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــ‬

You might also like