‫محاضرة‬

‫فى تطور التربية السلمية‬

‫بقلم ‪:‬‬
‫الستاذ رجب إبراهيم إسماعيل‬

‫مبعوث الزهر الشريف‬

‫بدولة إندونسيا بمعهد سيداقري السلفى بباسروان‬
‫جاوى الشرقية‬

‫المقدمة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين الذي هدانا لهذا وما كنهها لنهتههدي لههول ان هههدانا‬
‫الله‪ .‬والصلة والسلم على اشرف المرسلين المربي الكريم الذي أدبه‬
‫ربه فأحسن تأديبه فيقول الرسول صههلى اللههه عليههه وسههلم ‪ " :‬أدبنههي‬
‫ربي فأحسن تأديبي "‬
‫وعلمه سبحانه من علمه فقال تعالى ‪" :‬علمه شههديد القههوى" )النجههم ‪:‬‬
‫‪ ,(2‬والذي أول ما نزل عليه من وحي هو أمره سبحانه وتعالى بالقراءة‬
‫فقال تعالى ‪" :‬إقرأ باسم ربك الذي خلق ‪ .‬خلههق النسههان مههن علههق"‪.‬‬
‫)العلق ‪ (2-1 :‬ووصفه ربه بقوله ‪ :‬وإنك لعلى خلق عظيههم )القلههم ‪(4 :‬‬
‫وبأدبه وخلقه أدب المتأدبين وربى صحابته علههى أحسههن الخلق فقههال‬
‫صلى الله عليه وسلم عن أصحابه ‪" :‬أصههحابي كههالنجوم بههأيهم إقتههديتم‬
‫إهتديتم"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫وكل إنسان خلقه الله تعالى على فطرة السلم الحنيههف مهيههأ لعبههادته‬
‫س ع َل َي ْهَهها‬‫ى فَط َهَر الن ّهها َ‬
‫ت اللههِ ال ّههت ِ‬
‫سههبحانه تعههالى فقههال تعههالى ‪ :‬فِط ْهَر َ‬
‫) الروم ‪ .( 30 :‬فالله تعالى انزل على نههبيه الشههرائع والحكههام وألوانهها‬
‫من التربية السلمية‪ ,‬والتشريع هذا يحقق للبشههرية المههن والسههتقرار‬
‫والسههلم والعههزة وهههذه المناهههج والشههرائع شههاملة قويمههة فههى تربيههة‬
‫النفوس وتنشئة الجيال وتكههوين المههم وبنههاء الحضههارات‪ ,‬ومهها ذاك إل‬
‫لتحويل النسانية التائهة من ظلمات الشههرك والجهالههة والفوضههي إلههى‬
‫نور التوحيد واليقين الصادق والعلم والهدى ‪.‬‬
‫والشريعة السلمية يكفيها فخرا أن شهد لها خصومها نمائها‬
‫واستمرارها وخلودها فالتربية السلمية هذه أمر له أهميته وفائدته‬
‫فهي تعود على الفرد والجماعة والشعوب‪ ,‬وبعد هذه المقدمة تعالى‬
‫معى اخي المسلم لنتكلم عن التربية السلمية ورفعتها ومكانتها وما‬
‫حققته من تطور ونجاح بفضل القرآن والسنة وبقيادة سيد الخلق‬
‫سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الهادي إلى الطريق المستقيم‪.‬‬

‫‪2‬‬
 ‫تطور التربية السلمية حتى الن‬
‫التربية السلمية تتطور من زمن إلهى زمهن وذلهك علهى طريقهة ونههج‬
‫القرآن والسنة فهما صالحان لكههل زمههن ومكههان وكههل جيههل وكههل أمههة‬
‫ففيهمهها ألههوان التربيههة السههلمية الصههالحة الههتى يصههلح بهمهها الفههرد‬
‫والجماعة فلو تتبعنا القرآن والسنة وما فيهما لصبحنا مجتمعا متماسكا‬
‫خاليا من الفرقة والتأخر‪ ,‬وهذه التربية ممتدة بامتههداد الزمنههة الثلثههة ‪:‬‬
‫الماضى والحاضر والمستقبل‪ ,‬وكل هذا متماشيا مع القرآن والسنة‪.‬‬
‫ما قاله الفلسفة عن التربية‬
‫قال فلسفة التربية السلمية الوائل عن أهميتها من الطفولههة وتعويههد‬
‫الطفههال علههى العههادات الخليقههة الحسههنة مههن الصههغر وقههديما قههالوا ‪:‬‬
‫"التعليم فى الصغر كالنقش على الحجر والتعليهم فهى الكهبر كهاالنقش‬
‫على الماء"‪ .‬وقال فلسفة التربية السههلمية الحديثههة ان الطفههل يأخههذ‬
‫الطابع الذي يلزمه طول حياته فى السنوات الخمههس الولههى‪ ,‬فمعنههى‬
‫ذلك ل بد أن تبدأ التربية الحسههنة فههى الههبيت مههن قبههل الوالههدين حههتى‬
‫يتعوّد َ الطفل على الخلق الفاضلة‪ ,‬فل يهمل البوان تربية البنههاء حههتى‬
‫ل يشبوا علههى المعاصههى وسههوء الخلههق فلههو شههب الطفههل علههى عههدم‬
‫التربية مااستطاع الوالههدان تغييرهمهها كبههارا فمهمهها نتعههب فههى تربيتهههم‬
‫صغارا وأرا حونا كبارا وكانوا من خيرة الناس ‪ ,‬وهذه التربية متوارثة‬
‫المة السلمية أمة التربية والحضارة‬
‫فهي خير أمة فى التطور التربوي ولم يكههن هههذا تقريههرا مطلقهها ولكههن‬
‫ارتبط هذا بالستمرارية فى المر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل ما‬
‫يتسع له من معنى المعروف وبك ما يتسع له من معنى المنكر المنهههي‬
‫عنه فهذا حجههر السههاس بقههدرة المههة السههلمية علههى إقامههة حضههارة‬
‫تفيض بخيراتها على المجموع البشري‪ ,‬ومن هنا نجد أن الرسول صههلى‬
‫الله عليه وسلم ربى أصحابه على القههرآن والسههنة حههتى تغلغلههت فههى‬
‫عقولهم وقلوبهم ومن هذه الداب التربوية التى أوحههى بههها القههرآن ثههم‬
‫أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم منها‪.‬‬
‫يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪" :‬من حههق الوالههد علههى ولههده أن‬
‫يحسن أدبه ويحسن اسمه"‬
‫ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪" :‬علموا أولدكم وأهليكم الخيههر‬
‫وأدبوهم"‬
‫ويقول صلى الله عليه وسلم " أكرموا أولدكم وأحسنوا أدبهم"‬

‫آداب الطعام‬
‫عن أبي حفص عمرو بن أبي سلمة عبد الله ابههن السههد ربيههب رسههول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬كنت غلما فى حجر رسول الله صههلى‬

‫‪3‬‬
‫الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش فى الصحفة فقال لي رسول اللههه‬
‫صلى الله عليه وسلم يا غلم ! سم الله وكل بيمينههك وكههل ممهها يليههك‬
‫فمازالت تلك طعمتى بعد )متفق عليه(‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬من أكل طعامهها فقههال الحمههد للههه الههذي‬
‫فَر له مهها تقههدم مههن ذنبههه‬ ‫اطعمنى هذا ورزقنيه من غير حول ول قوة غ ُ ِ‬
‫)حديث حسن(‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صههلى اللههه عليههه‬
‫وسلم ‪ :‬طعام الثنين كافى الثلثة وطعام الثلثة كافى الربعههة )متفههق‬
‫عليه(‬
‫وعن آداب الشراب‬
‫عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صههلى اللههه عليههه وسههلم كههان‬
‫يتنفس فى لشراب ثلثا )متفق عليه(‬
‫وعن الصلة‬
‫قوله تعالى ‪ :‬وأمر اهلك بالصلة واصطبر عليها )طه ‪(12 :‬‬
‫وقول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ :‬مروا أولدكم بالصلة وهم ابنههاء‬
‫سبع سنين واضربواهم عليها وهم أبناء عشرسههنين وفرقههوا بينهههم فههى‬
‫المضاجع )حديث حسن(‬
‫وآداب السلم‬
‫على الوالدين أن يعلموا أولدهم كيفيهة الكهل والشهرب والصهلة وكهل‬
‫هذا داخل البيت وإلقاء السلم على الخرين‪ ,‬فعن عبههد اللههه ابههن عمههر‬
‫بن العاص رضي اللههه عنهمهها أن رجل سههأل الرسههول صههلى اللههه عليههه‬
‫وسلم أي السلم خير ؟ قال تطعم الطعههام وتقههرأ السههلم علههى مههن‬
‫عرفت ومن لم تعهرف )متفههق عليههه(‪ ,‬وكيفيههة إلقههاء السهلم ان تقهول‬
‫ألسلم عليكم ورحمة اللههه وبركههاته وأن يلقههى الراكههب علههى الماشههي‬
‫والماشي على الجالس والقليل على الكثير تكريما لهم‪.‬‬
‫م بتحيههة فحي ّههوا بأحسههن منههها أو رد ّوْهَهها‬ ‫حي ّْيته ْ‬‫ويقههول اللههه تعههالى ‪ :‬وإذا ُ‬
‫)النساء ‪ (86 :‬ويوصى القهرآن أيضها أن الوالهدين عليهمها تربيهة البنهاء‬
‫بعههدم الههدخول عليهمهها فههى أوقههات ثلثههة وهههي ‪ :‬قبههل الفجههر‪ ,‬وعنههد‬
‫الظهيرة‪ ,‬وبعد العشاء‪ ,‬فى ههذه الوقهات يكهون الوالهدان فهى حالهة ل‬
‫يحب ان يراهما الولد فيها عند النههوم أو تخفيههف الثيههاب حههتى ل يههروا‬
‫منهما عورة‪.‬‬
‫ْ‬
‫م الههذين ملكههت أيمههانكم‬ ‫سهت َأذ ِن ْك ُ ُ‬
‫يقول الله تعالى ‪ :‬يآأيها الذين أمنههوا ل ِي َ ْ‬
‫م ثلث مرات من قبههل صههلة الفجههر وحيههن‬ ‫حُلم ِ‬
‫من ْك ُ ْ‬ ‫م ي َب ْل ُغُ ْ‬
‫وا ال ْ‬ ‫وّالذ ِي ْ َ‬
‫نل َ‬
‫تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلة العشاء )النور ‪(58 :‬‬
‫هذه الداب وغيرها من الداب الخرى المختلفة التي تسير مع الوالدين‬
‫لبناءهم من الطفولة حتى سن المراهقة وهي ما تسمى بسن الشباب‬

‫‪4‬‬
‫قبههل الههزواج وبعههدهم عههن عههدم فعههل الخلق القبيحههة وحفههظ الخلههق‬
‫الحسن لتوفر الشهوة عندهم فى هذه المرحلة‪.‬‬
‫والله تعالى ينادى المؤمنين بوقاية أنفسههم وأهليهههم مههن النههار فيقههول‬
‫تعالى ‪ :‬يآأيها الههذين أمنههوا قههوا أنفسههكم وأهليكههم نههارا وقودههها النههاس‬
‫خَلق النسههان‬ ‫والحجارة )آية التحريم ‪ ,(6 :‬وقد اقتضت حكمة الله أن ي ُ ْ‬
‫حامل معه فى تكوينه إتجاهين متضادين إتجههاه مهها تمليههه عليههه طههبيعته‬
‫المادية من شهههوات المأكههل والمشههرب والجنههس ومهها يجههرى مجراههها‬
‫واتجاه تمليه عليه تلك الطبيعة الخرى غيههر الماديههة مههن سههمو ورفعههة‬
‫وتقوى وحسن الخلق‪ ,‬فاالحالة الولى وما تسير بهه النفهس مهن اههواء‬
‫فكان ل بد من إرسال الرسل لترشد الناس إلى مهها يصههلح حههالهم فههى‬
‫دنياهم وأخراهم‪.‬‬
‫والسههنة النبويههة هههي الصههل الثههاني مههن الصههول السههلمية للتربيههة‬
‫السلمية فالقرآن مقدم وهي تالية له ففى القرأن الرشادات التربوية‬
‫المتعددة وقائد هذه التربية أول هههو الرسههول صههلى اللههه عليههه وسههلم‪,‬‬
‫فيحمل الرسول صلى الله عليههه وسههلم البههاء المسههئولية الولههى فههى‬
‫تربية الولد‪ ,‬كما ذكرنا سابقا وتعليمهم أمور دينهههم حههتى يشههبوا علههى‬
‫حب السلم وتعاليمه والبناء يتقلههدون بالبههاء‪ ,‬وقههد قيههل" فمههن شههابه‬
‫ابواه فما ظلم " ويقول الرسول صلى الله عليههه وسههلم ‪ :‬كههل مولههود‬
‫ه‪.‬‬‫سان ِ ِ‬
‫ج َ‬
‫م ّ‬
‫يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو ي ُ َ‬
‫التربية السلمية فريضة‬
‫التربية فريضة دينية وضرورة إجتماعيههة كمها قهال الرسههول صههلى اللهه‬
‫عليه وسلم ‪ :‬طلب العلههم فريضههة علههى كههل مسههلم ومسههلمة ‪ ,‬وقههال‬
‫الفقهاء "ما ل يتم الواجب إل به فهو واجههب " وعلههى هههذا فههإن التربيههة‬
‫واجبة لنها وسيلة أساسية لتطبيق الواجبههات والفههرائض الدينيههة‪ .‬وبعههد‬
‫التربية فى البيت تخرج إلى نطاق أوسع وإلى المسههجد ثههم إلههى مكههان‬
‫التعليم مههن كت ّههاب وهههذاكان معههدا لحفههظ القههرآن والحههديث والقههراءة‬
‫والكتابة والرسول صلى اللهه عليهه وسهلم كهان يعلهم أصهحابه فهى دار‬
‫الرقم ابن الرقم‪.‬‬
‫والتربية السلمية فى مصر كانت اول فههى مسههجد عمههرو ابههن العههاص‬
‫ي عام ‪) 21‬الحادي والعشرين( من الهجرة‪ ,‬فكههان أول مسههجد‬ ‫الذي ب ُن ِ َ‬
‫بني فيها فالتعليم والتربية كان فيه أول وكههان مركههزا للثقافههة ومحكمههة‬
‫للقضاء ثم مسجد أحمههد ابههن طولههون‪ ,‬وزادت الطلبههة الههذين يتعلمههون‬
‫العلوم الدينية السلمية‪ ,‬ومراحل التعليم كانت كالتي ‪:‬‬
‫المرحلة الولى ‪ :‬البتدائية ‪ ,‬تعليمها القههرآن ومبههادئ الههدين‬ ‫‪.1‬‬
‫والقراءة ودراسة اللغة العربية‬
‫‪ .2‬التربية السلمية فى العالية ‪ ,‬فى هذه المرحلة على نوعين‬
‫‪ :‬الول منهج ادبي وديني والثاني منهج علمي وادبي‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وعلى هذا الساس إلههى يومنهها هههذا يتههوارث البههاء والمعلمههون التربيههة‬
‫بمراحلها المختلفة والعمار المختلفة سههيرا علههى القههرأن والسههنة‪ ,‬ول‬
‫مههام‬ ‫َ‬
‫تزال التربية السلمية تسود المجتمع السلمي وتسههير بههه إلههى ال َ‬
‫جيل بعد جيل ‪ ,‬فالتربية تطورها موافقة القرآن والسههنة‪ .‬ونجههد أن بيههن‬
‫المربي والولد صلة وثيقة وهي كاالتي ‪:‬‬
‫تقوية الصلة بين المربي والولد‬ ‫أ‪.‬‬
‫ومن القواعههد التربويههة المجمههع عليههها لههدى علمههاء الجتمههاع والنفههس‬
‫والتربية تقوية الصلة بين المربههي والولههد ليتههم التفاعههل الههتربوي علههى‬
‫احسن وجه ويكتمل التكوين العلمي والنفس والخلقي على أنيل معنى‪,‬‬
‫ومههن هههذه الصههلت ان لتفههارق البتسههامة مههن المربههي للولههد لقههول‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ :‬تبسمك في وجه اخيههك صههدقة‪ .‬ومههن‬
‫هذه الصلت تهديه أيضا تشجيع الولههد فههى كههل أمههر يحسههنه أو دراسههة‬
‫دوا تحههآّبوْا‪ .‬ومنههها‬
‫يتفوق لها لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ :‬تهههآ ّ‬
‫ايضا استشعار الولد الهتمام به لقوله صلى لله عليه وسلم ‪ :‬من أصبح‬
‫ل يهتم بأمر المسلمين فليس منهم‪ .‬ومنها أيضا تلبية رغبة الولد لتكههون‬
‫عونا له على بره لقول الرسهول صهلى اللهه عليهه وسهلم ‪ :‬رحهم اللهه‬
‫والدا أعان وََلده على بره‪ .‬والرسول صلى الله عليه وسلم كههان المثههل‬
‫العلى فههى تطبههق هههذه الوسههائل ومنههها أيضهها إنههدماج المربههي بالولههد‬
‫والمباسطة له والتصابى له‪ ,‬فعن جههابر رضههي اللههه عنههه قههال ‪ :‬دخلههت‬
‫على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمشي على أربعة ‪ ,‬وعلى‬
‫ظهره الحسن والحسين وهو يقول "نعم الجمل جملكما ونعههم العههدلن‬
‫أنتما"‪.‬‬
‫ة واتزانهها‪,‬‬
‫ة وذكههاًء وطاقه ً‬ ‫جه ً‬ ‫َ‬
‫مزِ َ‬
‫ول شك أن الولد يختلفون فيمهها بينهههم أ ْ‬
‫فالب والمربي الحكيم هو الذي يضع الولد فى المكان المناسههب الههذي‬
‫يتفق مع ميوله وفى البيئة الملئمة التي يصهلح أن يكهون فيهها وكهذالك‬
‫فى الدراسة التي يميل إليها بطبعه وفطرته تختلههف مههن شههخص لخههر‬
‫فمنهم من يحب ويميل للطب وآخر يميل للدب وهكذا حتى يتفوق فى‬
‫ميوله وليس من السهل أن الولد ينبههغ فههى كههل علههم يحصههله أو مهادة‬
‫يدرسها ولكن من السهولة بمكان أن يتفههوق الولههد وينبههغ فههى المههواد‬
‫التي يحبها ويميل إليها ولذالك يقول الرسول صلى الله عليههه وسههلم ‪:‬‬
‫إعملوا فكل ميسر لما خلق له‪ .‬وعلههى هههذا نجههد أن التربيههة السههلمية‬
‫تربية نافعة وليست ضارة بههل متحضههرة وليسههت متخلفههة كمهها يزعمههه‬
‫البعض بل هي الصل لجميع الحضههارات إلههى يومنهها هههذا‪ ,‬وهههذا بفضههل‬
‫القرآن والسنة ومعلم النسانية سيدنا محمههد صههلى اللههه عليههه وسههلم‪,‬‬
‫ويقول الله تعالى ‪" :‬لقد كان فى رسول الله أسوة حسنة" )الحههزاب ‪:‬‬
‫‪ , (21‬ههههههذه ههههههي التربيهههههة السهههههلمية تعهههههد الجميهههههع إلهههههى‬
‫مفهومهاالسديدالرشيدالناصح‪.‬‬

‫‪6‬‬
 ‫هل التربية السلمية غير موافقة لغير المسلمين‬
‫تسمي التربية السلمية بهذ السم لن المعلم الول هههو سههيدنا محمههد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ,‬ومعنى إسلمية أي مأخوذة من الكتاب والسههنة‪,‬‬
‫والقرآن هذا هو الذي أنزله الله تعالى على نبيه الذي خلق الخلق كلهم‬
‫من أقصى الدنيا إلى غربها وشمالها إلى جنوبها مسلمها وكافرها وههذه‬
‫التربية لو نظرنا فى حقيقتها يه جائت لصههلح الفههرد والجماعههة ليعيههش‬
‫المجتمع كله مجتمعا متماسكا مترابطا فيه التراحم والتعاطف والمودة‪.‬‬
‫والتربية السلمية ليست قاصرة على أمور الدنيا والدين فقط بل تمتههد‬
‫إلى أمور الدنيا لما فيه خير يعود على الفرد والجماعة ما يصلح الكههون‬
‫من علوم نافعة للجميع وفههى السههلم شخصههيات عديههدة تطههوروا فههى‬
‫علمهم ومتبكراتهم المختلفة‪ ,‬فأصول التربية متطههورة يتطههور معلميههها‬
‫ومتعلميها وهههي لههها علقههة مههع العلههوم الخههرى مثههل العلههوم الثقافيههة‬
‫والقتصادية والسياسية وعلوم الدين وعلم النفههس والجتمههاع والتاريههخ‬
‫والفلسفة‪ ,‬والنسان ليس سليبا مثل مادة الخشب ولكنه يتقبل ويحس‬
‫ويتغيههر ويشههعر بمههن حههوله لنههه كههائن لههه مثههل الخريههن مههن مشههاعر‬
‫وأحاسيس وأغيار‪.‬‬
‫وهذه التربية ليست حضارة غافلة عن فهههم حركههة الحيههاة وأمههر الههدنيا‬
‫ولحضارة أخروية بالمعنى المعهروف إنمها حضهارة مسههاجد يهذكر فيهها‬
‫اسم اللههه وحضههارة جيههوش وفتههوح ومههدارس ومستشههفيا ودور حكمههة‬
‫وقوافل وتجارة وحضارة ادب وعلم وتأليف وحضارة وروح ومادة‪.‬‬
‫فقد يظن البعض أن السلم دين فقط ولكنه ينادى ويربي أتبههاعه علههى‬
‫معرفة الدين والدنيا فنجحوا فى الطريقين وأصههبحوا قههادة للنههاس فههى‬
‫أمري دينهم ودنياهم ومن هنانعلم علم اليقين أن أفضههل ألههوان التربيههة‬
‫هي التربية السلمية وأفضل العلوم علههى الطلق علههم الههدين لن بههه‬
‫يعرف الحلل من الحرام ومعرفة المخلوق لخالقه وإعطاء كههل إنسههان‬
‫حقهه مهن الحهترام ‪ ,‬وأعظههم مهن ذلهك قربههم مهن خهالقهم ومربيههم‬
‫واّتباعهم للرسول صلى الله عليه وسلم‪ ,‬فمعرفة النسههان ربههه أعظههم‬
‫ل مكههانه‬ ‫هذه التربية مقههررة فههى المههدارس والمعاهههد السههلمية وتحته ّ‬
‫عالية‪.‬‬
‫فالمسلمون إستطاعوا أن يصنعوا حضارة إسلمية عظيمههة إسههتطاعت‬
‫أن تحوذ العقول معرفة ووضوحا‪ ,‬ولو نظرنا فى حقيقة هههذه الحضههارة‬
‫لوجدنا ها غير مفقودة عند غير المسلمين فهم قد اعتمدوا على جههانب‬
‫واحد وهو جانب البتكههار والتكنولوجيهها وأهملههوا جانبهها مهمهها جههدا الههذي‬
‫يتربي عليه النسان منذ صغر سنه وفى مراحل حياته مع نفسه والبههاء‬
‫والخرين وهو جانب التربية السلمية وهههذه الخلق الحسههنة إذا كههانت‬
‫موجودة عند غير المسلمين فهي مأخوذة من السلم‪ ,‬والسلم ل يمنع‬
‫التفكير والعلم والبتكارات والجد والعمل ينادى بهذا كلههه وأكههثر وينهههى‬

‫‪7‬‬
‫عن العجز والكسل ولكن الجههانبين ل يسههتغنى عههن أحههدهما‪ ,‬فليحههرص‬
‫كل منا على النجاح والفوز‪ ,‬فالمسلمون فههى مشههارق الرض ومغاربههها‬
‫يسير أكثرهم على نهج السلم الحنيف‪ .‬ونحن لو تههدبربرنا فههى حقيقههة‬
‫العلماء المسلمين وغير المسلمين من تطورات لوجدنا فى المسههلمين‬
‫شخصيات كثيرة جدا تفوقوا فى العلههوم المختلفههة الههتي ليسههت علههوم‬
‫الدين فحسب‪ .‬فالله سبحانه وتعالى يعطى الدنيا لمن أحههب ول يعطههى‬
‫الدين إل لمن أحب ‪ ,‬والعباد كلهم خلق الله ومن رحمههة اللههه انههه يفتههح‬
‫على جميع خلقه من علمه وما تحضروا فيه فل يقههف عنههد إنسههان دون‬
‫إنسههان وديههن دون ديههن ول دولههة دون دولههة ول جماعههة دون جماعههة‪.‬‬
‫ولكننا ننههادى الجميههع بمسههايرة العلههم مههع الخلق حههتى نرتقههي بعلمنهها‬
‫وأخلقنا لنفوز فى داري الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وليس معنى كلمنا هذا نتعصههب ولكههن بههالحوار وعههدم النغلق ونكههون‬
‫قدوة لغيرنا فى التفاعل الحضاري البناء بما ُأعطينا مههن أخلق ورثناههها‬
‫وحضارة متنوعة فههى جميههع النههواحي وقههد يعههد بعههض المخههالفين لهههذا‬
‫المنهج التربوي بأنه جامههدا ولكههن هههذا الههرأي مخالفهها تمامهها لمهها عليههه‬
‫النسان وكل إنسههان علههى وجههه الرض فههالمور الوارثيههة متأصههلة فههى‬
‫الجميع‪ .‬وندعوالله من فضله أن نكون قدوة صههالحة لمههن بعههدنا ولمههن‬
‫نعلمهم ونربيهم واجعل هذا فى ميزانة حسناتنا ونسألك الهداية للجميههع‬
‫والحمد لله‪.‬‬

‫وفى النهاية نصيحة للمربين والبناء المتربين‪ ,‬نصيحتى للمربين من‬

‫الباء والمهات والمعلمين والمعلمات ولكل مربي أن يرفق لمن يعلمه‬
‫فالتعليم يحتاج للرفق ولين جانب حتى ل ينفر منك وكن قدوة حسنة‬
‫له حتى يتشبه بك وعّلمه مما علمت وبما أفاض الله عليك من كتاب‬
‫وسنة المصمطفى صلى الله عليه وسلم فكل عمل تعمله يأجرك الله‬
‫عليه خيرا كثيرا نصيحتى للبناء والطلب ان يلتزموا التربية السلمية‬
‫لن التربية السلمية هي سبيل النجاح والتوفيق فى الدنيا والخرة‬
‫وخاصة الشباب غضوا أبصاركم واحفظوا فروجكم واسلكوا الطريق‬
‫المستقيم فالرسول صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬فى السبعة الذين‬
‫يظلهم الله فى ظله يوم ل ظل إل ظله "شاب نشأ فى عبادة ربه"‬
‫ندعوالله للجميع التوفيق‪.‬‬

‫‪8‬‬
 ‫خاتمة‬
‫صلنا سابقا من سلسههلة تربيههة الولد فههى السههلم يتههبين لههك أخههي‬ ‫ماف ّ‬
‫المربههي بشههكل واضههح ل يقبههل الشههك واللتبههاس أن للسههلم منهجههه‬
‫الكامل وطريقته المتميههزة وأسههلوبه الفريههد فههى إعههدد الولههد اليمههاني‬
‫والخلقي وفى تكوينه النفسي والعقلي فى تربيته الجسمية والجتماعية‬
‫ليكون فى المستقبل إنسانا صالحا متوازنا‪.‬‬
‫ومن المور التي أجمع عليها علمههاء الخلق والجتمههاع ورجههال التربيههة‬
‫والتعليههم أن المربههي سههواء أكههان معلمهها أو أبهها أو مرشههدا حيههن يبههذل‬
‫قصارى جهده ويشحذ غاية اهتمامه فى تنفيذ هذا المنهج الرباني‪ ,‬فمههن‬
‫المؤكهد أن الولههد ينشههأ علههى اليمهان والتقهوى ويتههدرج علههى الفضههيلة‬
‫والخلق‪.‬‬
‫أخيرا اخي المربههي عليههك أن تأخههذ بهههذا المنهههج السههلمي فههى تربيههة‬
‫الولد واعقهد الهمههة والعههزم علهى ان تقهوم بهواجب التتنفيههذ فههى كهل‬
‫مرحلة وبكل جههانب مههن جههوانبه فإنههك إن فعلههت ذلههك فسههتجد أولدك‬
‫شموس إصلح‪ ,‬وإنى لمتفائل من هذ الجيل إذا الههتزم المسههلم عقيههدة‬
‫وعمل فإنه سيعيد سيرة الولين فى المجههد والرفعههة وليههن يصههلح أخههر‬
‫هذه المة إل بصلح أولها‪ ,‬ومن منطلقات الوصول إلى السيادة والنصر‬
‫والبدء بإصلح نفوسنا ثم القيام بإصلح أسرنا ول يحدث هذ الصلح إل‬
‫بالخذ بمنهج السلم فى التربية لن إصلح الفرد هو المنطلق الطبيعي‬
‫فى إصلح السرة ثم بالتالي ياتي بإصلح المجتمع‪.‬‬
‫ندعوا الله ان يتقبهل منها صهالح العمهال ويوفقنها للسهير علهى المنههج‬
‫القويم ويهدي أبنائنا وشياب المسلمين سبيل الهداية‪ .‬ربنا هب لنهها مههن‬
‫أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ربنا هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب‬
‫ربنا آتنا فى الدنيا حسنة وفى الخرة حسنة وقنا عذاب النار‪ .‬ربنا ‪,‬وآتنهها‬
‫ما وعدتنا على رسلك ول تخزنا يوم القيامهة اللههم اهههد بنهها وأهههدي بنها‬
‫واجعلنا سببا لمن يهتههدى أللهههم أعنهها ول تعههن علينهها وانصههرنا ول تنصههر‬
‫علينا وآثرنا ول تؤثر علينا سبحان ربك رب العههزة عمهها يصههفون وسههلم‬
‫على المرسلين والحمد لله رب العالمين والصلة والسههلم علههى خههاتم‬
‫النبياء والمرسلين والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫رجب إبراهيم إسماعيل‬

‫‪9‬‬