You are on page 1of 203

‫سورة الحقاف‬

‫تفسير سورة الحقاف‬


‫مكية وآياتها خمس وثلثون‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬

‫‪3-1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حكِي مِ * مَا خَلَ ْقنَا‬
‫ن اللّ هِ ا ْل َعزِيزِ ا ْل َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬حـمَ * تَنزِيلُ ا ْل ِكتَا بِ ِم َ‬
‫عمّآ أُنذِرُو ْا ُم ْعرِضُونَ }‪.‬‬
‫سمًى وَاّلذِينَ كَ َفرُواْ َ‬
‫ل بِا ْلحَقّ وََأجَلٍ ّم َ‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْضَ َومَا َب ْي َنهُمَآ ِإ ّ‬
‫ال ّ‬
‫قد تقدّم بيانُنا في معنى قوله‪ :‬حم‪َ .‬ت ْنزِيلُ الكِتابِ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع‪.‬‬
‫َقـ يقول تعالى ذكره‪ :‬مـا أحدثنـا‬
‫ل بالح ّ‬
‫ْضـ وَمـا َب ْي َنهُمـا إ ّ‬
‫ت والر َ‬
‫السـمَوَا ِ‬
‫وقوله‪ :‬مـا خَلَقْنـا ّ‬
‫السموات والرض فأوجدناهما خلقا مصنوعا‪ ,‬وما بينهما من أصناف العالم إل بالح قّ‪ ,‬يعني‪:‬‬
‫إل لقامة الحقّ والعدل في الخلق‪.‬‬
‫سمّى يقول‪ :‬وإلّ بأجل لكل ذلك معلوم عنده يفنيه إذا هو بلغه‪ ,‬ويعدمه بعد أن‬
‫ل مُ َ‬
‫وقوله‪ :‬وأجَ ٍ‬
‫كان موجودا بإيجاده إياه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَاّلذِين َـ كَ َفرُوا عَمّا ُأ ْن ِذرُوا ُمعْ ِرضُون َـ يقول تعالى ذكره‪ :‬والذيـن جحدوا وحدانيـة ال‬
‫عن إنذار ال إياهم معرضون‪ ,‬ل يتعظون به‪ ,‬ول يتفكرون فيعتبرون‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن مِن دُو نِ الّل ِه َأرُونِي مَاذَا خَلَقُو ْا مِ نَ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬قُلْ َأرََأ ْيتُ مْ مّا َتدْعُو َ‬
‫ب مّن َقبْلِ هَ ـذَآ أَ ْو َأثَارَ ٍة مّ نْ عِلْ ٍم إِن كُنتُ مْ‬
‫سمَاوَاتِ ا ْئتُونِي ِب ِكتَا ٍ‬
‫شرْ كٌ فِي ال ّ‬
‫الرْ ضِ أَ مْ َلهُ مْ ِ‬
‫صَا ِدقِينَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قل يا مح مد لهؤلء المشرك ين بال من قو مك‪ :‬أرأي تم أي ها القوم الَل هة‬
‫والوثان التي تعبدون من دون ال‪ ,‬أروني أيّ شيء خلقوا من الرض‪ ,‬فإن ربي خلق الرض‬
‫كلها‪ ,‬فدعوتموها من أجل خلقها ما خلقت من ذلك آلهة وأربابا‪ ,‬فيكون لكم بذلك في عبادتكم‬
‫إياها حجة‪ ,‬فإن من حجتي على عبادتي إلهي‪ ,‬وإفرادي له اللوهة‪ ,‬أنه خلق الرض فابتدعها‬
‫من غير أصل‪.‬‬
‫سمَوَاتِ يقول تعالى ذكره‪ :‬أم لَلهت كم ال تي تعبدون ها أي ها الناس‬
‫ك فِي ال ّ‬
‫شرْ ٌ‬
‫وقوله‪ :‬أ مْ َلهُ مْ ِ‬
‫شرك مع ال في السموات السبع‪ ,‬فيكون لكم أيضا بذلك حجة في عبادتكموها‪ ,‬فإن من حجتي‬
‫ل ما سواه‪.‬‬
‫على إفرادي العبادة لربي‪ ,‬أنه ل شريك له في خلقها‪ ,‬وأنه المنفرد بخلقها دون ك ّ‬
‫وقوله‪ :‬ا ْئتُونِي ِبكِتا بٍ مِ نْ َقبَلِ َهذَا يقول تعالى ذكره‪ :‬بكتاب جاء من عنـد ال مـن قبـل هذا‬
‫القرآن الذي أُنزل عل يّ‪ ,‬بأن ما تعبدون من الَلهة والوثان خلقوا من الرض شيئا‪ ,‬أو أن لهم‬
‫مع ال شر كا في ال سموات‪ ,‬فيكون ذلك ح جة ل كم على عبادت كم إيا ها‪ ,‬لن ها إذا صحّ ل ها ذلك‬
‫صحت لها الشركة في النّعم التي أنتم فيها‪ ,‬ووجب لها عليكم الشكر‪ ,‬واستحقت منكم الخدمة‪,‬‬
‫لن ذلك ل يقدر أن يخلقه إل ال‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬أ ْو أثارةٍ مِ نْ عِلْ ٍم اختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء الحجاز والعراق أوْ‬
‫أثار ٍة من علم باللف‪ ,‬بمع نى‪ :‬أو ائتوني ببق ية من علم‪ .‬ورُوي عن أبي عبد الرح من ال سلميّ‬
‫أنـه كان يقرأه «أوْ أ َثرَ ٍة مـن علم»‪ ,‬بمعنـى‪ :‬أو خاصـة مـن علم أوتيتموه‪ ,‬وأوثرتـم بـه على‬
‫ْمـ باللف‪ ,‬لجماع قرّاء المصـار‬
‫ِنـ عِل ٍ‬
‫غيركـم‪ ,‬والقراءة التـي ل أسـتجيز غيرهـا أوْ أثارَ ٍة م ْ‬
‫عليها‪.‬‬
‫واختلف أ هل التأو يل في تأويل ها‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬معناه‪ :‬أو ائتو ني بعلم بأن آلهت كم خََل قت من‬
‫الرض شيئا‪ ,‬وأن ل ها شر كا في ال سموات من ق بل الخ طّ الذي تخطو نه في الرض‪ ,‬فإن كم‬
‫معشر العرب أهل عيافة وزجر وكهانة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24145‬ـ حدثنا بشر بن آدم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن صفوان بن سليم‪ ,‬عن‬
‫أبي سلمة‪ ,‬عن ابن عباس أوْ أثارَ ٍة مِنْ عِ ْلمٍ قال‪ :‬خط كان يخطه العرب في الرض‪.‬‬
‫‪24146‬ـ حدثنا أبو كُ َريْب‪ ,‬قال‪ :‬قال أبو بكر‪ :‬يعني ابن عياش‪ :‬الخط‪ :‬هو العيافة‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬أو خاصة من علم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24147‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة أ ْو أثارَةٍ ِم نْ عِلْ مٍ‬
‫قال‪ :‬أو خاصة من علم‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة أ ْو أثارَةٍ ِم نْ عِلْ مٍ قال‪ :‬أي خاصة‬
‫من علم‪.‬‬
‫حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن الحسين‪ ,‬عن قتادة أوْ‬
‫أثارَ ٍة مِنْ عِ ْل ٍم قال‪ :‬خاصة من علم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬أو علم تُثيرونه فتستخرجونه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24148‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬في قوله‪ :‬أوْ‬
‫أثارَ ٍة مِنْ عِ ْل ٍم قال‪ :‬أثارة شيء يستخرجونه ِفطْرة‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬أو تأثرون ذلك علما عن أحد ممن قبلكم؟ ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24149‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد أوْ أثارَ ٍة مِ نْ عِلْ مٍ‬
‫قال‪ :‬أحد يأثر علما‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬أو ببينة من المر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24150‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس أوْ أثارَ ٍة مِنْ عِ ْلمٍ يقول‪ :‬ببينة من المر‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬ببقية من علم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24151‬ـ حدثنا أبو كُريب‪ ,‬قال‪ :‬سُئل أبو بكر‪ ,‬يعني ابن عياش عن أثارَةٍ ِم نْ عِلْ مٍ قال‪ :‬بقية‬
‫من علم‪.‬‬
‫وأولى القوال فـي ذلك بالصـواب قول مـن قال‪ :‬الثارة‪ :‬البقيـة مـن علم‪ ,‬لن ذلك هـو‬
‫المعروف من كلم العرب‪ ,‬وهي مصدر من قول القائل‪ :‬أثر الشيء أثارة‪ ,‬مثل سمج سماجة‪,‬‬
‫وقبح قباحة‪ ,‬كما قال راعي البل‪:‬‬
‫وذاتِ أثار ٍة أكَلَتْ عََليْها َنبَاتا فِي أكِمتِهِ قَفَارَا‬
‫يع ني‪ :‬وذات بق ية من ش حم‪ ,‬فأ ما من قرأه أوْ أثَر ٍة فإ نه جعله أثرة من ال ثر‪ ,‬ك ما ق يل‪ :‬قترة‬
‫و غبرة‪ .‬و قد ذُ كر عن بعض هم أ نه قرأه «أ ْو أثْرةٍ» ب سكون الثاء‪ ,‬م ثل الرج فة والخط فة‪ ,‬وإذا‬
‫و جه ذلك إلى ما قل نا ف يه من أ نه بق ية من علم‪ ,‬جاز أن تكون تلك البق ية من علم ال خط‪ ,‬و من‬
‫علم ا ستثير من كُ تب الوّل ين‪ ,‬و من خا صة علم كانوا أوثروا به‪ .‬و قد رُوي عن ر سول ال‬
‫صلى ال عل يه و سلم في ذلك خبر بأ نه تأوّله أ نه بمع نى ال خط‪ ,‬سنذكره إن شاء ال تعالى‪,‬‬
‫فتأويل الكلم إذن‪ :‬ائتوني أيها القوم بكتاب من قبل هذا الكتاب‪ ,‬بتحقيق ما سألتكم تحقيقه من‬
‫الحجة على دعواكم ما تدّعون لَلهتكم‪ ,‬أو ببقية من علم يوصل بها إلى علم صحة ما تقولون‬
‫ن ُك ْنتُمْ صا ِدقِين في دعواكم لها ما تدّعون‪ ,‬فإن الدعوى إذا لم يكن معها حجة لم تُغنِ‬
‫من ذلك إ ْ‬
‫عن المدّعي شيئا‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ب لَ هُ إَِلىَ‬
‫ستَجِي ُ‬
‫ن اللّ ِه مَن لّ يَ ْ‬
‫ن َأضَلّ ِممّن َيدْعُو مِن دُو ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ومَ ْ‬
‫يَ ْومِ ا ْل ِقيَامَةِ وَ ُهمْ عَن دُعَآ ِئ ِهمْ غَافِلُونَ }‪.‬‬
‫ل من ع بد يد عو من دون ال آل هة ل ت ستجيب له إلى يوم‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وأ يّ ع بد أض ّ‬
‫القيامة‪ :‬يقول‪ :‬ل تُجيب دعاءه أبدا‪ ,‬لنها حجر أو خشب أو نحو ذلك‪.‬‬
‫ن دُعائهِ مْ غافِلُون يقول تعالى ذكره‪ :‬وآلهتهم التي يدعونهم عن دعائهم إياهم‬
‫ع ْ‬
‫وقوله‪ :‬وهُ مْ َ‬
‫في غفلة‪ ,‬لن ها ل ت سمع ول تن طق‪ ,‬ول تع قل‪ .‬وإن ما ع نى بو صفها بالغفلة‪ ,‬تمثيل ها بالن سان‬
‫الساهي عما يقال له‪ ,‬إذ كانت ل تفهم مما يقال لها شيئا‪ ,‬كما ل يفهم الغافل عن الشيء ما غفل‬
‫عنه‪ .‬وإنما هذا توبيخ من ال لهؤلء المشركين لسوء رأيهم‪ ,‬وقُبح اختيارهم في عبادتهم‪ ,‬من‬
‫ل يع قل شيئا ول يف هم‪ ,‬وترك هم عبادة من جم يع ما ب هم من نعم ته‪ ,‬و من به ا ستغاثتهم عند ما‬
‫ينزل ب هم من الحوائج والم صائب‪ .‬وق يل‪ :‬من ل ي ستجيب له‪ ,‬فأخرج ذ كر الَل هة و هي جماد‬
‫مخرج ذ كر ب ني آدم‪ ,‬و من له الختيار والتمي يز‪ ,‬إذ كا نت قد مثلت ها عبدت ها بالملوك والمراء‬
‫التي تخدم في خدمتهم إياها‪ ,‬فأجرى الكلم في ذلك على نحو ما كان جاريا فيه عندهم‪.‬‬

‫‪7-6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عدَآءً َوكَانُو ْا ِب ِعبَا َد ِتهِ مْ كَا ِفرِي نَ‬
‫شرَ النّا سُ كَانُو ْا َلهُ ْم أَ ْ‬
‫حِ‬‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَِإذَا ُ‬
‫حرٌ ّمبِينٌ }‪.‬‬
‫سْ‬‫حقّ َلمّا جَآءَ ُهمْ هَـذَا ِ‬
‫ن كَ َفرُو ْا لِ ْل َ‬
‫* وَِإذَا ُتتَْلىَ عََل ْي ِهمْ آيَا ُتنَا َب ّينَاتٍ قَالَ اّلذِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وإذا جُمـع الناس يوم القيامـة لموقـف الحسـاب‪ ,‬كانـت هذه الَلهـة التـي‬
‫يدعون ها في الدن يا ل هم أعداء‪ ,‬لن هم ي تبرّأون من هم وكانُوا بعِبادِتهِ مْ كافِرِ ين يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫وكانت آلتهم التي يعبدونها في الدنيا بعبادتهم جاحدين‪ ,‬لنهم يقولون يوم القيامة‪ :‬ما أمرناهم‬
‫بعبادتنا‪ ,‬ول شعرنا بعبادتهم إيانا‪ ,‬تبرأنا إليك منهم يا ربنا‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَإذَا ُتتْلَى عََل ْيهِ مْ آياتُ نا َبيّنا تٍ يقول تعالى ذكره‪ :‬وإذا يقرأ على هؤلء المشرك ين بال‬
‫من قومك آياتنا‪ ,‬يعني حججنا التي احتججناها عليهم‪ ,‬فيما أنزلناه من كتابنا على محمد صلى‬
‫ال عليـه وسـلم بيّناتٍـ يعنـي واضحات نيرات قالَ اّلذِينَـ كَ َفرُوا ل ْلحَقّـ لَمّا جاءَهُم ْـ يقول تعالى‬
‫ذكره‪ :‬قال الذين جحدوا وحدانية ال‪ ,‬وكذّبوا رسوله للح قّ لما جاءهم من عند ال‪ ,‬فأنزل على‬
‫ن يعنون هذا القرآن خداع يخدعنا‪ ,‬ويأخذ بقلوب من‬
‫حرٌ ُمبِي ٌ‬
‫سْ‬‫رسوله صلى ال عليه وسلم َهذَا ِ‬
‫سمعه فعل السحر مبين‪ :‬يقول‪ :‬يُبين لمن تأمله ممن سمعه أنه سحر مبين‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫شيْئا‬
‫ن اللّهِ َ‬
‫ن افْ َت َر ْيتُ ُه فَلَ َتمِْلكُونَ لِي مِ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ{ :‬أمْ يَقُولُونَ ا ْف َترَا ُه قُلْ ِإ ِ‬
‫شهِيدا َب ْينِي َو َب ْي َن ُكمْ وَ ُهوَ ا ْلغَفُورُ ال ّرحِيمُ }‪.‬‬
‫هُ َو أَعَْلمُ ِبمَا تُفِيضُونَ فِي ِه كَ َفىَ ِبهِ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أم يقولون هؤلء المشركون بال مـن قريـش‪ ,‬افترى محمـد هذا القرآن‪,‬‬
‫ن لي‬
‫فاختل قه وتخرّ صه كذ با‪ ,‬قل ل هم يا مح مد إن افتري ته وتخرّ صته على ال كذ با فَل َتمِْلكُو َ‬
‫يقول‪ :‬فل تغنون عني من ال إن عاقبني على افترائي إياه‪ ,‬وتخرّصي عليه شيئا‪ ,‬ول تقدرون‬
‫أن تدفعوا عني سوءا إن أصابني به‪.‬‬
‫ن فِيه يقول‪ :‬ربي أعلم من كلّ شيء سواه بما تقولون بينكم في‬
‫وقوله‪ :‬هُوَ أعْلَ مُ ِبمَا تُفِيضُو َ‬
‫هذا القرآن والهاء من قوله‪ :‬تُفِيضُونَ فِي ِه من ذكر القرآن‪.‬‬
‫ن فِي ِه قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في معنى قوله‪ :‬تُفِيضُو َ‬
‫‪24152‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪ :‬إذْ‬
‫ن فِي ِه قال‪ :‬تقولون‪.‬‬
‫تُفِيضُو َ‬
‫شهِيدا َب ْينِي َو َب ْينَكمْ يقول‪ :‬كفى بال شاهدا عليّ وعليكم بما تقولون من تكذيبكم‬
‫وقوله‪ :‬كَفَى بِ ِه َ‬
‫لي فيما جئتكم به من عند ال الغفور الرحيم لهم‪ ,‬بأن ل يعذبهم عليها بعد توبتهم منها‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل ِبكُمْ‬
‫ن الرّسُلِ َومَآ َأ ْدرِي مَا يُ ْفعَلُ بِي َو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قُلْ مَا كُنتُ ِبدْعا ّم َ‬
‫ل َنذِيرٌ ّمبِينٌ }‪.‬‬
‫حىَ إَِليّ َومَآ َأ َناْ ِإ ّ‬
‫ن َأ ّتبِعُ ِإلّ مَا يُو َ‬
‫إِ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬قل يا محمد لمشركي قومك من قريش‬
‫ن الرّ سُل يعني‪ :‬ما كنت أوّل رسل ال التي أرسلها إلى خلقه‪ ,‬قد كان من قبلي‬
‫ما ُكنْ تُ ِبدْعا مِ َ‬
‫له رسل كثيرة أُرسلت إلى أمم قبلكم يقال منه‪ :‬هو بدع في هذا المر‪ ,‬وبديع فيه‪ ,‬إذا كان فيه‬
‫ي بن زيد‪.‬‬
‫أوّل‪ .‬ومن البدع قول عد ّ‬
‫س ُعدِ‬
‫ت مِنْ َب ْعدِ ُب ْؤسَي وأ ْ‬
‫عرَ ْ‬
‫حوَادِثَ َت ْع َترِيرِجالً َ‬
‫ع مِنْ َ‬
‫فَل أنا ِبدْ ٌ‬
‫ومن البديع قول الحوص‪:‬‬
‫جهْلٌ أ َت ْيتِ ِه ِب َبدِيعِ‬
‫ظرِينيليسَ َ‬
‫ت فقُلْتُ ا ْن ُ‬
‫خرَتْ فانْ َتمَ ْ‬
‫َف َ‬
‫يعني بأوّل‪ ,‬يقال‪ :‬هو بدع من قوم أبداع‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24153‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ن ال ّرسُلِ يقول‪ :‬لست بأوّل الرسل‪.‬‬
‫ت ِبدْعا مِ َ‬
‫قوله‪ :‬ما ُكنْ ُ‬
‫حدث ني مح مد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع مي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن ا بن‬
‫عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَما ُكنْتُ ِبدْعا ِمنَ ال ّرسُلِ قال‪ :‬يقول‪ :‬ما كنت أوّل رسول أُرسل‪.‬‬
‫‪24154‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬ما ُكنْ تُ‬
‫ن ال ّرسُلِ قال‪ :‬ما كنت أوّلهم‪.‬‬
‫ِبدْعا مِ َ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الوهاب بن معاوية‪ ,‬عن أ بي هبيرة‪ ,‬قال‪ :‬سألت‬
‫‪ 24155‬ـ حدثنا ا بن ُ‬
‫ن ال ّرسُلِ قال‪ :‬أي قد كانت قبلي رسل‪.‬‬
‫ت ِبدْعا مِ َ‬
‫قتادة قُلْ ما ُكنْ ُ‬
‫ن الرّسُلِ‬
‫ت ِبدْعا مِ َ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬قُلْ ما ُكنْ ُ‬
‫يقول‪ :‬أي إن الرسل قد كانت قبلي‪.‬‬
‫ن الرّسُلِ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ِ :‬بدْعا ِم َ‬
‫قال‪ :‬قد كانت قبله رسل‪.‬‬
‫ل بِي وَل ِبكُ مْ اختلف أهل التأويل في تأويله‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬عني به‬
‫وقوله‪ :‬وَما أ ْدرِي ما يُ ْفعَ ُ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وقيل له‪ :‬قل للمؤمنين بك ما أدري ما يفعل بي ول بكم يوم‬
‫القيا مة‪ ,‬وإلم ن صير هنالك‪ ,‬قالوا ثم ب ين ال ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم وللمؤمن ين به‬
‫خرَ‬
‫حالهم في الَخرة‪ ,‬فقيل له إنّا َف َتحْنا لَ كَ َفتْحا ُمبِينا‪ِ .‬ل َيغْ ِفرَ لَ كَ الّل هُ ما َت َقدّ َم مِ نْ َذ ْنبِ كَ وَما تَأ ّ‬
‫ع ْنهُ مْ‬
‫ن فِي ها َو ُيكَ ّفرَ َ‬
‫حتِ ها النهارُ خاِلدِي َ‬
‫جرِي ِم نْ َت ْ‬
‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫ت َ‬
‫ل المُ ْؤ ِمنِي نَ وَالمُ ْؤمِنا ِ‬
‫وقال‪ِ :‬ل ُيدْخِ َ‬
‫سيّئا ِت ِهمْ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫َ‬
‫‪ 24156‬ـ حدث نا عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ن َذ ْنبِ كَ وَ ما‬
‫ك اللّ هُ ما تَ َقدّ مَ مِ ْ‬
‫قوله‪ :‬وَ ما أ ْدرِي ما يُ ْفعَلُ بِي وَل ِبكُ مْ فأنزل ال ب عد هذا ِل َيغْ ِفرَ لَ َ‬
‫تَأخّرَ‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬عن الحسين‪ ,‬عن يزيد‪ ,‬عن عكرمة‬
‫‪ 24157‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن أ ّتبِ عُ إلّ ما‬
‫ل بِي وَل ِبكُ مْ‪ ,‬إ ْ‬
‫والح سن الب صري قال‪ :‬قال في حم الحقاف وَ ما أ ْدرِي ما يُ ْفعَ ُ‬
‫ن فنسختها الَية التي في سورة الفتح إنّا فَ َتحْنا لَ كَ َفتْحا ُمبِينا‬
‫ل َنذِيرٌ ُمبِي ٌ‬
‫يُوحَى إل يّ وَما أنا إ ّ‬
‫ِل َيغْ ِفرَ لَ كَ الّل هُ‪ ...‬الَية‪ ,‬فخرج نبيّ ال صلى ال عليه وسلم حين نزلت هذه الَية‪ ,‬فبشرهم بأنه‬
‫غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر‪ ,‬فقال له رجال من المؤمنين‪ :‬هنيئا لك يا نبيّ ال‪ ,‬قد علمنا‬
‫ن بأنّ‬
‫ل في سورة الحزاب‪ ,‬فقال‪َ :‬و َبشّرِ ال ُم ْؤ ِمنِي َ‬
‫ما يفعل بك‪ ,‬فماذا يُفعل بنا؟ فأنزل ال عزّ وج ّ‬
‫حتِهـا النهارُ‬
‫جنّاتٍـ َتجْرِي مِن ْـ َت ْ‬
‫َلهُم ْـ مِنَـ اللّهِـ فَضْلً كَبيرا وقال ِل ُي ْدخِلَ ال ُم ْؤ ِمنِينَـ وَالمُ ْؤمِناتِـ َ‬
‫ن وَال ُمنَافِقاتِ‬
‫عظِيما‪َ ,‬و ُي َعذّبَ المُنافِقِي َ‬
‫ع ْندَ اللّ ِه فَوْزا َ‬
‫سيّئاتهِ ْم وكان ذلكَ ِ‬
‫ع ْنهُمْ َ‬
‫خاِلدِينَ فِيها‪َ ,‬و ُيكَ ّفرَ َ‬
‫شرِكينَ وَال ُمشْركاتِ الظّانّينَ باللّهِ‪ ...‬الَية‪ ,‬فبين ال ما يفعل به وبهم‪.‬‬
‫وَال ُم ْ‬
‫ل بِي وَل‬
‫‪24158‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَما أ ْدرِي ما يُ َفعَ ُ‬
‫ك َفتْحا‬
‫ِبكُ مْ ثم دري أو علم من ال صلى ال عليه وسلم بعد ذلك ما يفعل به‪ ,‬يقول إنّا َف َتحْنا لَ َ‬
‫ُمبِينا ِل َيغْ ِف َر َلكَ اللّ ُه ما تَ َق ّدمَ ِمنْ َذ ْن ِبكَ وَما تَأخّرَ‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬وَما أ ْدرِي ما‬
‫يُ ْفعَلُ بِي وَل ِب ُكمْ قال‪ :‬قد بين له أنه قد غفر من ذنبه ما تقدّم وما تأخر‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ذلك أ مر من ال جلّ ثناؤه نبيه عل يه ال صلة وال سلم أن يقوله للمشرك ين‬
‫من قومه ويعلم أنه ل يدري إلم يصير أمره وأمرهم في الدنيا‪ ,‬أيصير أمره معهم أن يقتلوه أو‬
‫يخرجوه من بينهم‪ ,‬أو يؤمنوا به فيتبعوه‪ ,‬وأمرهم إلى الهلك‪ ,‬كما أهلكت المم المكذّبة رسلها‬
‫من قبلهم أو إلى التصديق له فيما جاءهم به من عند ال‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن وا ضح‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو ب كر الهذل يّ‪ ,‬عن‬
‫‪ 24159‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫ل بِي وَل ِبكُمْ فقال‪ :‬أما في الَخرة فمعاذ ال‪ ,‬قد علم أنه في‬
‫الحسن‪ ,‬في قوله‪ :‬وَما أ ْدرِي ما يُ ْفعَ ُ‬
‫الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل‪ ,‬ولكن قال‪ :‬وما أدري ما يفعل بي ول بكم في الدنيا‪ ,‬أخرج‬
‫كما أخرجت النبياء قبلي أو أُقتل كما قُتلت النبياء من قبلي‪ ,‬ول أدري ما يُفْعل بي ول بكم‪,‬‬
‫أم تي المكذّ بة‪ ,‬أم أمتي المصدّقة‪ ,‬أم أم تي المرم ية بالحجارة من السماء قذفا‪ ,‬أم مخ سوف بها‬
‫خسفا‪ ,‬ثم أوحي إليه‪ :‬وَإ ْذ قُلْنا لَكَ إنّ َر ّبكَ أحاطَ بالنّاسِ يقول‪ :‬أحطت لك بالعرب أن ل يقتلوك‪,‬‬
‫ظ ِهرَ هُ‬
‫ق ِليُ ْ‬
‫ن الحَ ّ‬
‫فعرف أنه ل يُقتل‪ ,‬ثم أنزل ال عزّ وجلّ‪ُ :‬هوَ اّلذِي أرْ سَلَ رَ سُولَ ُه بال ُهدَى َودِي ِ‬
‫شهِيدا يقول‪ :‬أشهد لك على نفسه أنه سيُظهر دينك على الديان‪ ,‬ثم‬
‫على الدّين كُلّ هِ‪َ ,‬وكَفَى باللّ هٍ َ‬
‫ن فأخبره‬
‫ت فِيهِمْ‪ ,‬وَما كا نَ الّلهُ ُم َع ّذ َبهُمْ وَهُ ْم يَسْ َتغْ ِفرُو َ‬
‫ن الّلهُ ِل ُي َع ّذ َبهُمْ وأنْ َ‬
‫قال له في أمته‪ :‬وَما كا َ‬
‫ال ما يصنع به‪ ,‬وما يصنع بأمته‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬وما أدري ما يفترض عل يّ وعليكم‪ ,‬أو ينزل من حكم‪ ,‬وليس‬
‫يعني ما أدري ما يفعل بي ول بكم غدا في المعاد من ثواب ال من أطاعه‪ ,‬وعقابه من كذّبه‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬إنمـا أمـر أن يقول هذا فـي أمـر كان ينتظره مـن قِبَل ال عزّ وجلّ فـي غيـر‬
‫الثواب والعقاب‪.‬‬
‫وأولى القوال فـي ذلك بالصـحة وأشبههـا بمـا دلّ عليـه التنزيـل‪ ,‬القول الذي قاله الحسـن‬
‫البصري‪ ,‬الذي رواه عنه أبو بكر ال ُهذَليّ‪.‬‬
‫وإن ما قل نا ذلك أول ها بال صواب لن الخطاب من مبتدإ هذه ال سورة إلى هذه الَ ية‪ ,‬وال خبر‬
‫خرج من ال عزّ وجلّ خطا با للمشرك ين و خبرا عن هم‪ ,‬وتوبي خا ل هم‪ ,‬واحتجا جا من ال تعالى‬
‫ذكره لنبيه صلى ال عليه وسلم عليهم‪ .‬فإذا كان ذلك كذلك‪ ,‬فمعلوم أن هذه الَية أيضا سبيلها‬
‫سبيل ما قبل ها و ما بعد ها في أن ها احتجاج علي هم‪ ,‬وتوب يخ ل هم‪ ,‬أو خبر عن هم‪ .‬وإذا كان ذلك‬
‫كذلك‪ ,‬فمحال أن يقال للنبيّ صلى ال عليه وسلم‪ :‬قل للمشركين ما أدري ما يُفعل بي ول بكم‬
‫ل في تنزيله ووح يه إل يه متتاب عة بأن المشرك ين في النار‬
‫في الَخرة‪ ,‬وآيات كتاب ال عزّ وج ّ‬
‫مخلدون‪ ,‬والمؤمنون به في الجنان منعمون‪ ,‬وبذلك يرهبهم مرّة‪ ,‬ويرغبهم أخرى‪ ,‬ولو قال لهم‬
‫ذلك‪ ,‬لقالوا له‪ :‬فعلم نتبعك إذن وأنت ل تدري إلى أ يّ حال تصير غدا في القيامة‪ ,‬إلى خفض‬
‫ودعة‪ ,‬أم إلى شدّة وعذاب وإنما اتباعنا إياك إن اتبعناك‪ ,‬وتصديقنا بما تدعونا إليه‪ ,‬رغبة في‬
‫نِعمة‪ ,‬وكرامة نصيبها‪ ,‬أو رهبة من عقوبة‪ ,‬وعذاب نهرب منه‪ ,‬ولكن ذلك كما قال الحسن‪ ,‬ثم‬
‫بين ال لنبيه صلى ال عليه وسلم ما هو فاعل به‪ ,‬وبمن كذّب بما جاء به من قومه وغيرهم‪.‬‬
‫ن أ ّتبِ عُ إلّ ما يُوحَى إل يّ يقول تعالى ذكره‪ :‬قل ل هم ما أت بع في ما آمر كم به‪ ,‬وفي ما‬
‫وقوله‪ :‬إ ْ‬
‫أفعله من فعل إل وحي ال الذي يوحيه إل يّ‪ ,‬وَما أنا إلّ َنذِيرٌ ُمبِي نٌ يقول‪ :‬وما أنا لكم إل نذير‪,‬‬
‫أنذركم عقاب ال على كفركم به مبين‪ :‬يقول‪ :‬قد أبان لكم إنذاره‪ ,‬وأظهر لكم دعاءه إلى ما فيه‬
‫نصيحتكم‪ ,‬يقول‪ :‬فكذلك أنا‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫شهِدَ شَا ِهدٌ مّن‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قُلْ َأرََأ ْيتُ مْ إِن كَا نَ ِم نْ عِندِ الّل هِ َو َك َفرْتُ مْ بِ هِ َو َ‬
‫ل َي ْهدِي ا ْلقَ ْومَ الظّاِلمِينَ }‪.‬‬
‫س َت ْك َبرْ ُتمْ ِإنّ الّلهَ َ‬
‫َب ِنيَ ِإسْرَائِيلَ عََلىَ ِمثْلِ ِه فَآمَنَ وَا ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قل يا مح مد لهؤلء المشرك ين القائل ين لهذا القرآن ل ما جاء هم هذا سحر‬
‫ع ْندِ الّلهِ أنزله عليّ وكَ َف ْرتُمْ أنتم بِ هِ يقول‪ :‬وكذّبتم‬
‫ن كا نَ هذا القرآن مِ نْ ِ‬
‫مبين أرأ ْيتُمْ أيها القوم إ ْ‬
‫أنتم به‪.‬‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ مِن ْـ بَنـي إسـْرائِيلَ عَلى ِمثْلِه ِـ اختلف أهـل التأويـل فـي تأويـل ذلك‪ ,‬فقال‬
‫وقوله‪َ :‬و َ‬
‫بعضهم‪ :‬معناه‪ :‬وشهد شاهد من بني إسرائيل‪ ,‬وهو موسى بن عمران عليه السلم على مثله‪,‬‬
‫يعني على مثل القرآن‪ ,‬قالوا‪ :‬ومثل القرآن الذي شهد عليه موسى بالتصديق التوراة‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪24160‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الوهاب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا داود‪ ,‬عن عامر‪ ,‬عن مسروق‬
‫ش ِهدَ شاهِ ٌد مِ نْ بَني إ سْرائِيلَ عَلى ِمثْلِ هِ فخاصم به الذين كفروا من أهل مكة‪,‬‬
‫في هذه الَية‪ :‬و َ‬
‫التوراة مثل القرآن‪ ,‬وموسى مثل محمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ل أرأ ْيتُ ْم إ نْ‬
‫حدث ني محمد بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬سُئل داود‪ ,‬عن قوله‪ :‬قُ ْ‬
‫كانَ ِمنْ ع ْن ِد اللّ ِه وكَ َف ْر ُتمْ بِهِ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال داود‪ ,‬قال عامر‪ ,‬قال مسروق‪ :‬وال ما نزلت في عبد‬
‫ال بن سلم‪ ,‬ما نزلت إل بمكة‪ ,‬وما أسلم عبد ال إل بالمدينة‪ ,‬ولكنها خصومة خاصم محمد‬
‫ش ِهدَ‬
‫ن ع ْندِ الّل هِ وكَ َف ْرتُ مْ بِ ِه و َ‬
‫ن مِ ْ‬
‫صلى ال عليه وسلم بها قومه‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت قُلْ أرأيْتُ مْ إ نْ كا َ‬
‫شاهِ ٌد مِن ْـ بَنـي إسـْرائِيلَ عَلى ِمثْلِهِـ فآمَنَـ وَاس ْـَت ْكبَ ْر ُتمْ قال‪ :‬فالتوراة مثـل القرآن‪ ,‬وموسـى مثـل‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فآمنوا بالتورَاة وبرسولهم‪ ,‬وكفرتم‪.‬‬
‫‪ 24161‬ـ حدث نا أ بو ُكرَ يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن إدر يس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت داود بن أ بي ه ند‪ ,‬عن‬
‫الشعبيّ‪ ,‬قال‪ :‬أناس يزعمون أن شاهدا من بني إسرائيل على مثله عبد ال بن سلم‪ ,‬وإنما أسلم‬
‫عبد ال بن سلم بالمدينة وقد أخبرني مسروق أن آل حم‪ ,‬إنما نزلت بمكة‪ ,‬وإنما كانت محاجة‬
‫ن ع ْندِ الّلهِ يعني القرآن وكَ َف ْرتُمْ ِبهِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم قومه‪ ,‬فقال‪ :‬أرأ ْيتُمْ إنْ كا َ‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ مِ نْ بَ ني إسـْرائِيلَ عَلى ِمثْلِهِـ فآمَ نَ موسـى ومح مد عليه ما الصـلة وال سلم على‬
‫وَ‬
‫الفرقان‪.‬‬
‫حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬عن داود‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪ :‬إن ناسا يزعمون‬
‫أن الشاهـد على مثله‪ :‬عبـد ال بـن سـلم‪ ,‬وأنـا أعلم بذلك‪ ,‬وإنمـا أسـلم عبـد ال بالمدينـة‪ ,‬وقـد‬
‫أ خبرني م سروق أن آل حم إن ما نزلت بم كة‪ ,‬وإن ما كا نت محا جة ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫ن بَني إ سْرائِيلَ‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ ِم ْ‬
‫ن ع ْندِ الّل ِه يعني الفرقان و َ‬
‫ن كا نَ مِ ْ‬
‫ل أرأ ْيتُ ْم إ ْ‬
‫وسلم لقومه‪ ,‬فقال‪ :‬قُ ْ‬
‫ِهـ فمثـل التوراة الفرقان‪ ,‬التوراة شهـد عليهـا موسـى‪ ,‬ومحمـد على الفرقان صـلى ال‬
‫عَلى ِمثْل ِ‬
‫عليهما وسلم‪.‬‬
‫حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا داود‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬عن مسروق‪ ,‬في قوله‬
‫ن ع ْندِ الّل ِه الَ ية‪ ,‬قال‪ :‬كان إ سلم ا بن سلم بالمدي نة ونزلت هذه ال سورة‬
‫ن مِ ْ‬
‫قُلْ أرأ ْيتُ مْ إ نْ كا َ‬
‫بمكة إنما كانت خصومة بين محمد عليه الصلة والسلم وبين قومه‪ ,‬فقال‪ :‬قُلْ أرأ ْيتُ مْ إ نْ كا نَ‬
‫ش ِهدَ شاهِ ٌد مِن ْـ بَنـي إ سْرائِيلَ عَلى ِمثْلِ هِ قال‪ :‬التوراة مثـل الفرقان‪,‬‬
‫مِن ْـ ع ْن ِد اللّ هِ وكَ َف ْرتُ مْ بِ هِ و َ‬
‫وموسى مثل محمد‪ ,‬فآمن به واستكبرتم‪ ,‬ثم قال‪ :‬آمن هذا الذي من بني إسرائيل بنبيه وكتابه‪,‬‬
‫واستكبرتم أنتم‪ ,‬فكذّبتم أنتم نبيكم وكتابكم‪ ,‬إنّ ال ل ي ْهدِي‪ ...‬إلى قوله‪ :‬هَذا إ ْفكٌ قَدِيمٌ‪.‬‬
‫ش ِه َد شاهِدٌ ِم نْ بَني إ سْرائِيلَ عَلى ِمثِْل هِ عبد ال بن سلم‪ ,‬قالوا‪:‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عنى بقوله‪ :‬و َ‬
‫ومعنـى الكلم وشهـد شاهـد مـن بنـي إسـرائيل على مثـل هذا القرآن بالتصـديق‪ .‬قالوا‪ :‬ومثـل‬
‫القرآن التوراة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24162‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن يوسف ال ّتنّيسي‪ ,‬قال‪ :‬سمعت مالك بن أنس‬
‫يحدّث عن أبي النضر‪ ,‬عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬ما سمعت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يقول لحد يم شي على الرض إنه من أهل الج نة إل لعبد ال بن سلم‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ ِمنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى ِمثْلِهِ‪.‬‬
‫قال‪ :‬وفيه نزلت و َ‬
‫صدَائي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو داود الطيالسي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعيب‬
‫‪ 24163‬ـ حدثنا الحسين بن عل يّ ال ّ‬
‫بن صفوان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الملك بن عمير‪ ,‬أن محمد بن يوسف بن عبد ال بن سلم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫س َت ْك َبرْتُم‪.‬‬
‫ن ع ْن ِد اللّهِ‪ ....‬إلى قوله‪ :‬فآمَن وا ْ‬
‫قال عبد ال‪ :‬أنزل فيّ قُلْ أرأ ْيتُمْ إنْ كانَ مِ ْ‬
‫ي بن سعد بن م سروق الكند يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو مح مد يح يى بن يعلى‪ ,‬عن ع بد‬
‫حدث ني عل ّ‬
‫ش ِهدَ‬
‫الملك بن عمير‪ ,‬عن ابن أخي عبد ال بن سلم‪ ,‬قال‪ :‬قال عبد ال بن سلم‪ :‬نزلت ف يّ و َ‬
‫ن ال ل يهْدِي ال َقوْم الظّالمِينَ‪.‬‬
‫س َت ْكبَ ْر ُتمْ إ ّ‬
‫شاهِ ٌد مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى ِمثْلِهِ فآمَن وا ْ‬
‫‪ 24164‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن مِ نْ ع ْندِ اللّ هِ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال‪ :‬كان رجل من أهل الكتاب آمن‬
‫ن كا َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬قُلْ أرأ ْيتُ مْ إ ْ‬
‫بمح مد صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فقال‪ :‬إ نا نجده في التوراة‪ ,‬وكان أف ضل ر جل من هم‪ ,‬وأعلم هم‬
‫حكُ مْ َب ْينِي َو َب ْي َنكُ مْ‬
‫ن َي ْ‬
‫بالكتاب‪ ,‬فخاصمت اليهود النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪« :‬أتَ ْرضَوْ نَ أ ْ‬
‫شهَ ُد أنّي‬
‫ع ْبدُ الّل ِه بْ نُ سَلم»؟ «أ ُت ْؤ ِمنُو نَ»؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ,‬فأرسل إلى عبد ال بن سلم‪ ,‬فقال‪« :‬أ َت ْ‬
‫َ‬
‫رَسُولُ الّلهِ مَكتُوبا فِي الّت ْورَاةِ وال ْنجِيلِ»‪ ,‬قال‪ :‬نعم‪ ,‬فأعرضت اليهود‪ ,‬وأسلم عبد ال بن سلم‪,‬‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ مِن ْـ بَنـي إسـْرائِيلَ عَلى ِمثْلِه ِـ فآمَن َـ وَاس ْـَت ْك َبرْ ُتمْ‬
‫فهـو الذي قال ال جلّ ثناؤه عنـه‪ :‬و َ‬
‫يقول‪ :‬فآمن عبد ال بن سلم‪.‬‬
‫‪24165‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ش ِهدَ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬و َ‬
‫شاهِ ٌد مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى ِمثْلِهِ قال‪ :‬عبد ال بن سلم‪.‬‬
‫ن مِ نْ ع ْندِ‬
‫ن كا َ‬
‫‪ 24166‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة قُلْ أرأ ْيتُ مْ إ ْ‬
‫اللّ هِ‪ ...‬الَ ية‪ ,‬ك نا نحدّث أ نه ع بد ال بن سلم آ من بكتاب ال وبر سوله وبال سلم‪ ,‬وكان من‬
‫أحبار اليهود‪.‬‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ مِنْ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬و َ‬
‫بَني إسْرائِيلَ عَلى ِمثْلِهِ؟ قال‪ :‬هو عبد ال بن سلم‪.‬‬
‫‪ 24167‬ـ حُدثت عن الحسين قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ مِ نْ بَ ني إ سْرائِيلَ عَلى ِمثْلِ ِه الشا هد‪ :‬ع بد ال بن سلم‪ ,‬وكان من‬
‫يقول في قوله‪ :‬و َ‬
‫الحبار مـن علماء بنـي إسـرائيل‪ ,‬وبعـث رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم إلى اليهود‪ ,‬فأتوه‪,‬‬
‫عنْدكُ مْ في الّتوْراةِ»؟ قالوا‪ :‬ل نعلم ما‬
‫ل اللّ هِ تجدُو َننِي َم ْكتُوبا ِ‬
‫فسألهم فقال‪« :‬أ َتعَْلمُون أنّي ر سُو ُ‬
‫ن سَلم ع ْن َدكُ مْ»؟ قالوا‪ :‬عالم نا‬
‫ع ْبدُ اللّ هِ ْب ُ‬
‫ي رجُل َ‬
‫تقول‪ ,‬وإ نا ب ما جئت به كافرون‪ ,‬فقال‪« :‬أ ّ‬
‫وخيرنا‪ ,‬قال‪« :‬أ َترْضوْن ب ِه َب ْينِي َو َب ْي َنكُ مْ»؟ قالوا‪ :‬نعم‪ ,‬فأرسل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫إلى عبد ال بن سلم‪ ,‬فجاءه فقال‪« :‬ما شَها َدتُ كَ يا بْ نَ سَلم»؟ قال‪ :‬أشهد أنك رسول ال‪ ,‬وأن‬
‫س َت ْكبَ ْر ُتمْ‪.‬‬
‫كتابك جاء من عند ال‪ ,‬فآمن وكفروا‪ ,‬يقول ال تبارك وتعالى فآمَنَ وَا ْ‬
‫‪ 24168‬ـ حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عوف‪ ,‬عن الحسن‪,‬‬
‫قال‪ :‬بلغني أنه لما أراد عبد ال بن سلم أن يسلم قال‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬قد علمت اليهود أني من‬
‫علمائهم‪ ,‬وأن أبي كان من علمائهم‪ ,‬وإني أشهد أنك رسول ال‪ ,‬وأنهم يجدونك مكتوبا عندهم‬
‫في التوراة‪ ,‬فأر سل إلى فلن وفلن‪ ,‬و من سماه من اليهود‪ ,‬وأخبئ ني في بي تك‪ ,‬و سلهم ع ني‪,‬‬
‫وعن أبي‪ ,‬فإنهم سيحدّثونك أني أعلمهم‪ ,‬وأن أبي من أعلمهم‪ ,‬وإني سأخرج إليهم‪ ,‬فأشهد أنك‬
‫ر سول ال‪ ,‬وأن هم يجدو نك مكتو با عند هم في التوراة‪ ,‬وأ نك بُع ثت بالهدى ود ين الح قّ‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فف عل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فخبأه في بي ته وأر سل إلى اليهود‪ ,‬فدخلوا عل يه‪ ,‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ما عبد ال بن سلم فيكم»؟ قالوا‪ :‬أعلمنا نفسا‪ .‬وأعلمنا أبا‪.‬‬
‫ن أ سَْلمَ تُ سْلِمُونَ»؟ قالوا‪ :‬ل يسلم‪ ,‬ثلث مرار‪,‬‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬أرأ ْيتُ مْ إ ْ‬
‫فدعاه فخرج‪ ,‬ثم قال‪ :‬أش هد أ نك ر سول ال‪ ,‬وأن هم يجدو نك مكتو با عند هم في التوراة‪ ,‬وأ نك‬
‫بُع ثت بالهدى ود ين الح قّ‪ ,‬فقالت اليهود‪ :‬ما ك نا نخشاك على هذا يا ع بد ال بن سلم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ش ِهدَ‬
‫ن ع ْندِ الّل ِه وكَ َف ْرتُ مْ ِب ِه و َ‬
‫ن كا نَ مِ ْ‬
‫ل أرأ ْيتُ ْم إ ْ‬
‫ل في ذلك قُ ْ‬
‫فخرجوا كفارا‪ ,‬فأنزل ال عزّ وج ّ‬
‫س َت ْكبَ ْر ُتمْ‪.‬‬
‫شاهِ ٌد مِنْ بَني إسْرائِيلَ عَلى ِمثْلِهِ‪ ,‬فآمَنَ وا ْ‬
‫ش ِه َد شاهِدٌ ِم نْ‬
‫‪ 24169‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬و َ‬
‫س َتكْ َب ْرتُم قال‪ :‬هذا عبد ال بن سلم‪ ,‬شهد أن رسول ال صلى‬
‫بَني إ سْرائِيلَ عَلى ِمثْلِ هِ فآمَ نَ وَا ْ‬
‫ال عليه وسلم وكتابه حقّ‪ ,‬وهو في التوراة حقّ‪ ,‬فآمن واستكبرتم‪.‬‬
‫‪ 24170‬ـ حدث ني أ بو شرحب يل الحم صي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو المغيرة‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا صفوان بن‬
‫عمرو‪ ,‬عن ع بد الرح من بن جُبير بن نف ير‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن عوف بن مالك الشج عي‪ ,‬قال‪:‬‬
‫انطلق ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم وأ نا م عه‪ ,‬ح تى دخل نا كني سة اليهود بالمدي نة يوم ع يد ل هم‪,‬‬
‫فكرهوا دخولنا عليهم‪ ,‬فقال لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم «يا َم ْعشَرَ ال َيهُودِ ِإرُوني ا ْثنَي‬
‫ل َيهُودِيّ َتحْتَ‬
‫عنْ كُ ّ‬
‫حبِطُ اللّهُ َ‬
‫ن مَحمّدا رَسُولُ الّلهِ‪ُ ,‬ي ْ‬
‫شهَدُونَ إّنهُ ل إلَ َه إلّ هُو‪ ,‬وأ ّ‬
‫شرَ َرجُلً َي ْ‬
‫عَ‬‫َ‬
‫غضِب عََليْ هِ»‪ ,‬قال‪ :‬فأسكتوا فما أجابه منهم أحد‪ ,‬ثم ثلّث فلم يجبه‬
‫أدِي ِم ال سّما ِء ال َغضَ بَ اّلذِي َ‬
‫أحد‪ ,‬فانصرف وأنا معه‪ ,‬حتى إذا كدنا أن نخرج نادى رجل من خلفنا‪ :‬كما أنت يا محمد‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ي ر جل تَعلموني فيكم يا معشر اليهود‪ ,‬قالوا‪ :‬وال ما نعلم أنه كان‬
‫فأقبل‪ ,‬فقال ذلك الر جل‪ :‬أ ّ‬
‫فينا رجل أعلم بكتاب ال‪ ,‬ول أفقه منك‪ ,‬ول من أبيك‪ ,‬ول من جدّك قبل أبيك‪ ,‬قال‪ :‬فإني أشهد‬
‫ي صلى ال عل يه و سلم الذي تجدو نه في التوراة والنج يل‪ ,‬قالوا كذ بت‪ ,‬ثم ردّوا‬
‫بال أ نه ال نب ّ‬
‫ل قَوَْلكُ مْ‪ ,‬أما‬
‫ن نَ ْقبَ َ‬
‫عليه قوله وقالوا له شرّا‪ ,‬فقال لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬ك َذ ْبتُ مْ لَ ْ‬
‫ن نَ ْقبَلَ قَوَْلكُم»‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ن َك ّذ ْبتُمُوهُ َوقُ ْلتُ ْم ما قُ ْلتُمْ‪ ,‬فَلَ ْ‬
‫خ ْيرِ ما أ ْث َن ْيتُم‪ ,‬وأمّا إ ْذ آمَ َ‬
‫ن ال َ‬
‫آنفا َف َت ْثنُونَ عََل ْيهِ مِ َ‬
‫فخرجنا ونحن ثلثة‪ :‬رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وأنا‪ ,‬وعبد ال بن سلم‪ ,‬فأنزل ال فيه‪:‬‬
‫ن ع ْندِ الّلهِ‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫ن مِ ْ‬
‫قُلْ أرأ ْيتُمْ إنْ كا َ‬
‫والصواب من القول في ذلك عندنا أن الذي قاله مسروق في تأويل ذلك أشبه بظاهر التنزيل‪,‬‬
‫ن بَني إسْرائِيلَ عَلى ِمثْلِ ِه في‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ مِ ْ‬
‫ن كانَ ِمنْ ع ْن ِد اللّ ِه وكَ َف ْر ُتمْ بِ ِه و َ‬
‫لن قوله‪ :‬قُلْ أرأ ْي ُتمْ إ ْ‬
‫سياق توبيخ ال تعالى ذكره مشركي قريش‪ ,‬واحتجاجا عليهم لنبيه صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وهذه‬
‫الَ ية نظيرة سائر الَيات قبل ها‪ ,‬ولم ي جر ل هل الكتاب ول لليهود ق بل ذلك ذ كر‪ ,‬فتو جه هذه‬
‫ل على ان صراف الكلم عن ق صص الذ ين تقدّم ال خبر عن هم‬
‫الَ ية إلى أن ها في هم نزلت‪ ,‬ول د ّ‬
‫معنى‪ ,‬غير أن الخبار قد وردت عن جماعة من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم بأن‬
‫ذلك عنى به عبد ال بن سلم وعليه أكثر أهل التأويل‪ ,‬وهم كانوا أعلم بمعاني القرآن‪ ,‬والسبب‬
‫الذي ف يه نزل‪ ,‬و ما أر يد به‪ ,‬فتأو يل الكلم إذ كان ذلك كذلك‪ ,‬وش هد ع بد ال بن سلم‪ ,‬و هو‬
‫الشاهـد مـن بنـي إسـرائيل على مثله‪ ,‬يعنـي على مثـل القرآن‪ ,‬وهـو التوراة‪ ,‬وذلك شهادتـه أن‬
‫محمدا مكتوب في التوراة أنه نبيّ تجده اليهود مكتوبا عندهم في التوراة‪ ,‬كما هو مكتوب في‬
‫القرآن أنه نبيّ‪.‬‬
‫س َت ْك َب ْرتُمْ يقول‪ :‬فآمن عبد ال بن سلم‪ ,‬وصدّق بمحمد صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫وقوله‪ :‬فآمَ نَ وَا ْ‬
‫وب ما جاء به من ع ند ال‪ ,‬وا ستكبرتم أن تم على اليمان ب ما آ من به ع بد ال بن سلم مع شر‬
‫ن اللّ هَ ل َي ْهدِي القَوْ مَ الظّاِلمِي نَ يقول‪ :‬إن ال ل يوفّق ل صابة الح قّ‪ ,‬وهدى الطر يق‬
‫اليهود إ ّ‬
‫المستقيم‪ ,‬القوم الكافرين الذين ظلموا أنفسهم بإيجابهم لها سخط ال بكفرهم به‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سبَقُونَآ إَِليْ هِ‬
‫خيْرا مّا َ‬
‫ن آ َمنُواْ َل ْو كَا نَ َ‬
‫ل اّلذِي نَ كَ َفرُو ْا لِّلذِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬وقَا َ‬
‫سيَقُولُونَ هَـذَآ ِإ ْفكٌ َقدِيمٌ }‪.‬‬
‫وَِإ ْذ َلمْ َي ْه َتدُواْ بِ ِه َف َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وقال الذين جحدوا نبوّة محمد صلى ال عليه وسلم من يهود بني إسرائيل‬
‫للذين آمنوا به‪ ,‬لو كان تصديقكم محمدا على ما جاءكم به خيرا‪ ,‬ما سبقتمونا إلى التصديق به‪,‬‬
‫ش ِه َد شاهِدٌ ِم نْ بَني إ سْرائِيلَ عَلى ِمثِْل هِ أنه معن يّ به‬
‫وهذا التأويل على مذهب من تأوّل قوله‪ :‬و َ‬
‫عبد ال بن سلم‪ ,‬فأما على تأويل من تأوّل أنه عُني به مشركو قريش‪ ,‬فإنه ينبغي أن يوجه‬
‫سبَقُونا إَل ْي ِه أ نه عُنِي به مشر كو‬
‫خيْرا ما َ‬
‫ن َ‬
‫ن آ َمنُوا لَ ْو كا َ‬
‫تأو يل قوله‪ :‬وَقالَ اّلذِ ين كَ َفرُوا لِّلذِي َ‬
‫ِنـ‬
‫ش ِهدَ شا ِهدٌ م ْ‬
‫قريـش وكذلك كان يتأوّله قتادة‪ ,‬وفـي تأويله إياه كذلك ترك منـه تأويله‪ ,‬قوله‪ :‬و َ‬
‫بَني إسْرائِيلَ عَلى ِمثْلِ ِه أنه معنيّ به عبد ال بن سلم‪ .‬ذكر الرواية عنه بذلك‪:‬‬
‫‪ 24171‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وَقالَ اّلذِي نَ َك َفرُوا‬
‫سبَقُونا إَليْ هِ قال‪ :‬قال ذاك أناس من المشركين‪ :‬نحن أعزّ‪ ,‬ونحن‪,‬‬
‫خيْرا ما َ‬
‫ن َ‬
‫لِّلذِي نَ آ َمنُوا َلوْ كا َ‬
‫ونحن‪ ,‬فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلن وفلن‪ ,‬فإن ال يختصّ برحمته من يشاء‪.‬‬
‫ن كَ َفرُوا لِّلذِي نَ آ َمنُوا َلوْ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَقالَ اّلذِي َ‬
‫سبَقُونا إَل ْي ِه قال‪ :‬قد قال ذلك قائلون من الناس‪ ,‬كانوا أعزّ من هم في الجاهل ية‪,‬‬
‫خيْرا ما َ‬
‫ن َ‬
‫كا َ‬
‫ص ال برحمته من يشاء‪,‬‬
‫قالوا‪ :‬وال لو كان هذا خيرا ما سبقنا إليه بنو فلن وب نو فلن‪ ,‬يخت ّ‬
‫ويكرم ال برحمته من يشاء‪ ,‬تبارك وتعالى‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَإ ْذ لَ مْ َي ْه َتدُوا بِ هِ يقول تعالى ذكره‪ :‬وإذ لم يبصروا بمح مد وب ما جاء به من ع ند ال‬
‫سيَقُولُونَ َهذَا إفْ كٌ َقدِي مٌ يقول‪ :‬ف سيقولون هذا القرآن‬
‫من الهدى‪ ,‬فيرشدوا به الطر يق الم ستقيم فَ َ‬
‫الذي جاء به مح مد صلى ال عل يه و سلم أكاذيب من أخبار الوّل ين قدي مة‪ ,‬ك ما قال جل ثناؤه‬
‫ن ا ْك َت َتبَها َف ِهيَ ُتمَْلىَ عََل ْيهِ ُب ْكرَ ًة وأصِيلً‪.‬‬
‫مخِبرا عنهم‪ ,‬وَقالُوا أساطِيرُ الوّلِي َ‬
‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ص ّدقٌ‬
‫حمَةً وَهَـذَا ِكتَا بٌ مّ َ‬
‫سىَ ِإمَاما َو َر ْ‬
‫ب مُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ومِن َقبْلِ ِه ِكتَا ُ‬
‫سنِينَ }‪.‬‬
‫حِ‬‫ن ظََلمُواْ َو ُبشْ َرىَ لِ ْل ُم ْ‬
‫ع َر ِبيّا ّليُن ِذرَ اّلذِي َ‬
‫ّلسَانا َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬و من ق بل هذا الكتاب‪ ,‬كتاب موسـى‪ ,‬و هو التوراة‪ ,‬إما ما لب ني إ سرائيل‬
‫يأتمون به‪ ,‬ورح مة ل هم أنزلناه علي هم‪ .‬وخرج الكلم مخرج ال خبر عن الكتاب بغ ير ذ كر تمام‬
‫الخـبر اكتفاءً بدللة الكلم على تمامـه وتمامـه‪ :‬ومـن قبله كتاب موسـى إمامـا ورحمـة أنزلناه‬
‫عليه‪ ,‬وهذا كتاب أنزلناه لسانا عربيا‪.‬‬
‫اختلف في تأو يل ذلك‪ ,‬و في المع نى النا صب لِ سانا عَربِيّا أ هل العرب ية‪ ,‬فقال ب عض نحو يي‬
‫الب صرة‪ :‬ن صب الل سان والعر بي‪ ,‬ل نه من صفة الكتاب‪ ,‬فانت صب على الحال‪ ,‬أو على ف عل‬
‫مض مر‪ ,‬كأ نه قال‪ :‬أع ني ل سانا عرب يا‪ .‬قال‪ :‬وقال بعض هم على م صدق ج عل الكتاب م صدق‬
‫اللسان‪ ,‬فعلى قول من جعل اللسان نصبا على الحال‪ ,‬وجعله من صفة الكتاب‪ ,‬ينبغي أن يكون‬
‫تأويل الكلم‪ ,‬وهذا كتاب بلسان عربيّ مصدّق التوراة كتاب موسى‪ ,‬بأن محمدا ل رسول‪ ,‬وأن‬
‫ما جاء به من ع ند ال ح قّ‪ .‬وأ ما القول الثا ني الذي حكيناه عن بعض هم‪ ,‬أ نه ج عل النا صب‬
‫لل سان م صدّق‪ ,‬فقول ل مع نى له‪ ,‬لن ذلك ي صير إذا يؤوّل كذلك إلى أن الذي ي صدق القرآن‬
‫نفسه‪ ,‬ول معنى لن يقال‪ :‬وهذا كتاب يصدّق نفسه‪ ,‬لن اللسان العرب يّ هو هذا الكتاب‪ ,‬إل أن‬
‫يجعل اللسان العرب يّ محمدا عليه الصلة والسلم‪ ,‬ويوجه تأويله إلى‪ :‬وهذا كتاب وهو القرآن‬
‫يصدّق محمدا‪ ,‬وهو اللسان العربيّ‪ ,‬فيكون ذلك وجها من التأويل‪.‬‬
‫ع َر ِبيّا من نعت الكتاب‪ ,‬وإنما نُصب لنه أريد به‪:‬‬
‫وقال بعض نحويي الكوفة‪ :‬قوله‪ :‬لِسانا َ‬
‫وهذا كتاب يصدّق التوراة والنجيل لسانا عربيا‪ ,‬فخرج لسانا عربيا من يصدّق‪ ,‬لنه فعل‪ ,‬كما‬
‫تقول‪ :‬مررت برجل يقوم محسنا‪ ,‬ومررت برجل قائم محسنا‪ ,‬قال‪ :‬ولو رفع لسان عرب يّ جاز‬
‫على النعت للكتاب‪.‬‬
‫وقد ذُكر أن ذلك في قراءة ابن مسعود «وهذا كتاب مصدّق لما بين يديه لسانا عربيا» فعلى‬
‫ع َربِيّا من وجه ين‪ :‬أحده ما على ما بيّ نت من أن‬
‫هذه القراءة يتو جه الن صب في قوله‪ :‬لِ سانا َ‬
‫يكون اللسان خارجا من قوله ُمصَ ّدقٌ والَخر‪ :‬أن يكون قطعا من الهاء التي في بين يديه‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أن يكون منصوبا على أنه حال مما في مصدّق من ذكر‬
‫الكتاب‪ ,‬لن قوله‪ :‬مَصـدّقٌ فعـل‪ ,‬فتأويـل الكلم إذ كان ذلك كذلك‪ :‬وهذا القرآن يصـدق كتاب‬
‫موسى بأن محمدا نبي مرسل لسانا عربيا‪.‬‬
‫وقوله‪ِ :‬ل ُي ْنذِرّ اّلذِيـن ظََلمُوا يقول‪ :‬لينذر هذا الكتاب الذي أنزلناه إلى محمـد عليـه الصـلة‬
‫والسلم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم بال بعبادتهم غيره‪.‬‬
‫سنِين يقول‪ :‬وهو بشرى للذين أطاعوا ال فأحسنوا في إيمانهم وطاعتهم‬
‫وقوله‪ :‬و ُبشْرى ل ْل ُمحْ ِ‬
‫إياه فـي الدنيـا‪ ,‬فحسـن الجزاء من ال لهـم فـي الَخرة على طاعتهـم إياه‪ .‬وفـي قوله‪ :‬و ُبشْرى‬
‫وجهان مـن العراب‪ :‬الرفـع على العطـف على الكتاب بمعنـى‪ :‬وهذا كتاب مصـدّق وبشرى‬
‫للمح سنين‪ .‬والن صب على مع نى‪ :‬لينذر الذ ين ظلموا ويب شر‪ ,‬فإذا ج عل مكان يب شر وبُشرى أو‬
‫وبشارة‪ ,‬نصبت كما تقول أتيتك لزورك وكرامة لك‪ ,‬وقضا ًء لحقك‪ ,‬بمعنى لزورك وأكرمك‪,‬‬
‫وأقضي حقك‪ ,‬فتنصب الكرامة والقضاء بمعنى مضمر‪.‬‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة ِل ُي ْنذِرَ فقرأ ذلك عامـة قرّاء الحجاز «ِل ُت ْنذِرَ» بالتاء بمعنـى‪ :‬لتنذر‬
‫أنت يا محمد‪ ,‬وقرأته عامة قرّاء العراق بالياء بمعنى‪ :‬لينذر الكتاب‪ ,‬وبأ يّ القراءتين قرأ ذلك‬
‫القارىء فمصيب‪.‬‬

‫‪14-13‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خوْ فٌ عََل ْيهِ مْ َولَ‬
‫ستَقَامُواْ فَلَ َ‬
‫ن قَالُواْ َربّنَا الّل ُه ثُ مّ ا ْ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ّ‬
‫جزَآءً ِبمَا كَانُواْ َي ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫جّنةِ خَاِلدِينَ فِيهَا َ‬
‫ك َأصْحَابُ ا ْل َ‬
‫ن * ُأوْلَـئِ َ‬
‫ح َزنُو َ‬
‫ُهمْ َي ْ‬
‫ستَقامُوا على تصديقهم بذلك‬
‫ن قالُوا َربّنا الّل ُه الذي ل إله غيره ثُمّ ا ْ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إ ّ‬
‫ِمـ مـن فزع يوم القيامـة‬
‫ْفـ عََل ْيه ْ‬
‫فلم يخلطوه بشرك‪ ,‬ولم يخالفوا ال فـي أمره ونهيـه فَل خَو ٌ‬
‫ن على ما خلفوا وراءهم بعد مماتهم‪.‬‬
‫ح َزنُو َ‬
‫وأهواله وَل ُهمْ َي ْ‬
‫جّنةِ يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذ ين قالوا هذا القول‪ ,‬واستقاموا أ هل‬
‫وقوله‪ :‬أُوَلئِ كَ أ صَحابُ ال َ‬
‫جزَاءً بمَا كانُوا َي ْعمَلُو نَ يقول‪ :‬ثوابا منا لهم‬
‫الجنة وسكانها خاِلدِي نَ فِيها يقول‪ :‬ماكثين فيها أبدا َ‬
‫آتيناهم ذلك على أعمالهم الصالحة التي كانوا في الدنيا يعملونها‪.‬‬
‫‪15‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ضعَتْ هُ‬
‫حمََلتْ ُه ُأمّ ُه ُكرْها َو َو َ‬
‫ن بِوَاِل َديْ هِ ِإحْ سَانا َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَوَ صّ ْينَا الِن سَا َ‬
‫عنِ يَ أَ نْ‬
‫ب أَ ْوزِ ْ‬
‫سنَ ًة قَالَ رَ ّ‬
‫ن َ‬
‫شدّ هُ َوبَلَ غَ َأ ْر َبعِي َ‬
‫حّتىَ ِإذَا بَلَ َغ َأ ُ‬
‫شهْرا َ‬
‫ن َ‬
‫لثُو َ‬
‫حمْلُ هُ َوفِ صَالُهُ ثَ َ‬
‫ُكرْها َو َ‬
‫عمَلَ صَالِحا َت ْرضَا هُ وَأَ صْلِحْ لِي فِي ذُ ّر ّيتِ يَ‬
‫أَشكُرَ ِن ْع َمتَ كَ اّلتِ يَ َأ ْن َعمْ تَ عَلَ يّ وَعََلىَ وَاِلدَ يّ وَأَ نْ َأ ْ‬
‫ن ا ْل ُمسِْلمِينَ }‪.‬‬
‫ِإنّي ُتبْتُ إَِل ْيكَ وَِإنّي مِ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وو صينا ا بن آدم بوالد يه الح سن في صحبته إياه ما أيام حياته ما‪ ,‬والبرّ‬
‫بهما في حياتهما وبعد مماتهما‪.‬‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬إح سانا فقرأ ته عا مة قرّاء المدي نة والب صرة «حُ سْنا» بض مّ‬
‫الحاء على التأويل الذي وصفت‪ .‬وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة إحْسانا باللف‪ ,‬بمعنى‪ :‬ووصيناه‬
‫بالحسان إليهما‪ ,‬وبأ يّ ذلك قرأ القارىء فمصيب‪ ,‬لتقارب معاني ذلك‪ ,‬واستفاضة القراءة بكل‬
‫واحدة منهما في القرّاء‪.‬‬
‫حمََلتْ ُه ُأمّ هُ ُكرْها َو َوضَ َعتْ هُ ُكرْها يقول تعالى ذكره‪ :‬وو صينا النسان بوالديه إح سانا‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫برّا به ما‪ ,‬لما كان منهما إل يه حملً ووليدا وناشئا‪ ,‬ثم وصف جلّ ثناؤه ما لد يه من نع مة أ مه‪,‬‬
‫وما لقت منه في حال حمله ووضعه‪ ,‬ونبهه على الواجب لها عليه من البرّ‪ ,‬واستحقاقها عليه‬
‫ض َعتْ هُ‬
‫حمََلتْ ُه ُأمّ ُه يع ني في بطن ها كر ها‪ ,‬يع ني مش قة‪ ,‬وَ َو َ‬
‫من الكرا مة وجم يل ال صحبة‪ ,‬فقال‪َ :‬‬
‫ُكرْها يقول‪ :‬وولدته كرها يعني مشقة‪ .‬كما‪:‬‬
‫ض َعتْ هُ‬
‫حمََلتْ ُه ُأمّ هُ ُكرْها وَ َو َ‬
‫‪ 24172‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َ‬
‫ُكرْها يقول‪ :‬حملته مشقة‪ ,‬ووضعته مشقة‪.‬‬
‫‪24173‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة والحسن‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ض َعتْهُ ُكرْها قال‪ :‬حملته في مشقة‪ ,‬ووضعته في مشقة‪.‬‬
‫حمََلتْهُ ُأ ّمهُ ُكرْها وَ َو َ‬
‫َ‬
‫‪24174‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫حمََلتْ هُ ُأ ّم هُ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬‬
‫ُكرْها قال‪ :‬مشقة عليها‪.‬‬
‫واختل فت القرّاء فـي قراءة قوله‪ُ :‬كرْ ها فقرأ ته عامـة قراء المدينـة والبصـرة « َكرْهـا» بف تح‬
‫الكاف‪ .‬وقرأته عامة قرّاء الكوفة ُكرْها بضمها‪ ,‬وقد بيّنت اختلف المختلفين في ذلك قبل إذا‬
‫فتح وإذا ضمّ في سورة البقرة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع‪.‬‬
‫وال صواب من القول في ذلك عندي أنه ما قراءتان معروفتان‪ ,‬متقارب تا المع نى‪ ,‬فبأيته ما قرأ‬
‫القارىء فمصيب‪.‬‬
‫شهْرا يقول تعالى ذكره‪ :‬وحمـل أمـه إياه جنينـا فـي بطنهـا‪,‬‬
‫حمْلُهُـ وفِصـالُهُ ثَلثُون َـ َ‬
‫وقوله‪ :‬و َ‬
‫وفصالها إياه من الرضاع‪ ,‬وفطمها إياه‪ ,‬شرب اللبن ثلثون شهرا‪.‬‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة قوله‪َ :‬وفِصـَالُهُ‪ ,‬فقرأ ذلك عامـة قرّاء المصـار غيـر الحسـن‬
‫حمْلُهُ َوفِصَالُهُ بمعنى‪ :‬فاصلته أمه فصالً ومفاصلة‪ .‬وذُكر عن الحسن البصري أنه‬
‫البصري‪ :‬و َ‬
‫حمْلُ ُه َوفَصْلُهُ» بفتح الفاء بغير ألف‪ ,‬بمعنى‪ :‬وفصل أمه إياه‪.‬‬
‫كان يقرأه‪« :‬و َ‬
‫والصواب من القول في ذلك عندنا‪ ,‬ما عليه قرّاء المصار‪ ,‬لجماع الحجة من القرّاء عليه‪,‬‬
‫وشذوذ ما خالفه‪.‬‬
‫شدّ ُه اختلف أهل التأويل في مبلغ حدّ ذلك من السنين‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬هو‬
‫وقوله‪ :‬حتى إذَا بَلَ غَ أ ُ‬
‫ثلث وثلثون سنة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24175‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عبد ال بن عثمان بن خثيم‪,‬‬
‫عن مجا هد‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬قال‪ :‬أشدّه‪ :‬ثلث وثلثون سنة‪ ,‬وا ستواؤه أربعون سنة‪ ,‬والعذر‬
‫الذي أعذر ال فيه إلى ابن آدم ستون‪.‬‬
‫‪24176‬ـ حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة حتى إذَا بَلَغَ‬
‫شدّهُ قال‪ :‬ثلثا وثلثين‪.‬‬
‫أُ‬
‫وقال آخرون‪ :‬هو بلوغ الحلم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24177‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا مجالد‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪:‬‬
‫الشدّ‪ :‬الحلم إذا كتبت له الحسنات‪ ,‬وكتبت عليه السيئات‪.‬‬
‫و قد بيّ نا في ما م ضى الشدّ ج مع شدّ‪ ,‬وأ نه تنا هي قوّ ته وا ستوائه‪ .‬وإذا كان ذلك كذلك‪ ,‬كان‬
‫الثلث والثلثون به أشبه من الحلم‪ ,‬لن المرء ل يبلغ في حال حُلمه كمال قواه‪ ,‬ونهاية شدّته‪,‬‬
‫فإن العرب إذا ذكرت مثل هذا من الكلم‪ ,‬فعطفت ببعض على بعض جعلت كل الوقتين قريبا‬
‫ن َربّكَ َيعْلَمُ أنّكَ َتقُومُ أدنى مِنْ ثُُلثَي الّليْل َونِصْفَهُ ول‬
‫أحدهما من صاحبه‪ ,‬كما قال جلّ ثناؤه‪ :‬إ ّ‬
‫تكاد تقول أ نا أعلم أ نك تقوم قري با من ساعة من الل يل وكله‪ ,‬ول أخذت قليلً من مال أو كله‪,‬‬
‫ول كن تقول‪ :‬أخذت عا مة مالي أو كله‪ ,‬فكذلك ذلك في قوله‪ :‬ح تى إذَا بَلَ َغ أشُدّ ُه َوبَلَ غَ أ ْر َبعِي نَ‬
‫سنَ ًة ل ش كّ أن ن سق الربع ين على الثلث والثلث ين أح سن وأش به‪ ,‬إذ كان يُراد بذلك تقر يب‬
‫َ‬
‫أحدهما من الَخر من النسق على الخمس عشرة أو الثمان عشرة‪.‬‬
‫سنَةً ذلك ح ين تكاملت ح جة ال عل يه‪ ,‬و سير ع نه جهالة شبا به وعرف‬
‫ن َ‬
‫وقوله‪َ :‬وبَلَ َغ أ ْربَعِي َ‬
‫الواجب ل من الحقّ في برّ والديه‪ .‬كما‪:‬‬
‫سنَةً و قد‬
‫‪ 24178‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة َوبَلَ َغ أ ْر َبعِي نَ َ‬
‫مضى من سيء عمله‪.‬‬
‫سنَةً‪ ,‬قالَ‬
‫ن َ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة َوبَلَ َغ أ ْر َبعِي َ‬
‫ن وقد مضى من سيء عمله ما مضى‪.‬‬
‫ن ال ُمسِْلمِي َ‬
‫عنِي حتى بلغ مِ َ‬
‫رَبّ أ ْوزِ ْ‬
‫ش ُكرَ ِن ْع َمتَ كَ اّلتِي أ ْن َعمْ تَ عَل يّ َوعَلى وَاِلدَ يّ يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫عنِي أ نْ أ ْ‬
‫وقوله‪ :‬قالَ رَ بّ أ ْوزِ ْ‬
‫قال هذا النسـان الذي هداه ال لرشده‪ ,‬وعرف حقّـ ال عليـه فيمـا ألزمـه مـن برّ والديـه رَبّـ‬
‫ش ُكرَ ِن ْع َمتَك َـ يقول‪ :‬أغرنـي بشكـر نعمتـك التـي أنعمـت عليّـ فـي تعريفـك إياي‬
‫أ ْوزِعْنِي أن ْـ أ ْ‬
‫توحيدك وهدايتـك لي للقرار بذلك‪ ,‬والعمـل بطاعتـك وَعَلىَ وَاِلدَيّـ مـن قبلي‪ ,‬وغيـر ذلك مـن‬
‫نعمك علينا‪ ,‬وألهمني ذلك‪ .‬وأصله من وزعت الرجل على كذا‪ :‬إذا دفعته عليه‪ .‬وكان ابن زيد‬
‫يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫عنِي أ نْ‬
‫‪ 24179‬ـ حدثني به يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬أ ْوزِ ْ‬
‫شكُرَ ِن ْع َمتَ كَ قال‪ :‬اجعلني أشكر نعمتك‪ ,‬وهذا الذي قاله ابن ز يد في قوله‪ :‬ر بّ أ ْوزِعْنِي وإن‬
‫أْ‬
‫كان يؤول إليه معنى الكلمة‪ ,‬فليس بمعنى اليزاع على الصحة‪.‬‬
‫ل صَالِحا َترْضَا هُ يقول تعالى ذكره‪ :‬أوزع ني أن أع مل صالحا من العمال‬
‫ن أعمَ َ‬
‫وقوله‪ :‬وأ ْ‬
‫التي ترضاها‪ ,‬وذلك العمل بطاعته وطاعة رسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأصْلِحْ لي في ُذرّ ّيتِي يقول‪ :‬وأصلح لي أموري في ذرّيتي الذين وهبتهم‪ ,‬بأن تجعلهم‬
‫هداة لليمان بك‪ ,‬واتباع مرضا تك‪ ,‬والع مل بطاع تك‪ ,‬فو صاه جلّ ثناؤه بالبرّ بالَباء والمهات‬
‫والبنين والبنات‪ .‬وذُكر أن هذه الَية نزلت في أبي بكر الصدّيق رضي ال عنه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬إنّي ُتبْ تُ إَليْ كَ وَإنّي مِ نَ المُ سِْلمِينَ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذا النسان‪ :‬إنّي‬
‫ن المُ سِْلمِينَ‬
‫ت إَليْ كَ يقول‪ :‬ت بت من ذنو بي ال تي سلفت م ني في سالف أيا مي إل يك وَإنّي مِ َ‬
‫ُتبْ ُ‬
‫يقول‪ :‬وإني من الخاضعين لك بالطاعة‪ ,‬المستسلمين لمرك ونهيك‪ ,‬المنقادين لحكمك‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عمِلُواْ َو َن َتجَا َوزُ عَن‬
‫ع ْنهُ مْ َأحْ سَنَ مَا َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪ُ{ :‬أوْلَ ـ ِئكَ اّلذِي نَ َنتَ َقبّلُ َ‬
‫عدُونَ }‪.‬‬
‫ص ْدقِ اّلذِي كَانُواْ يُو َ‬
‫عدَ ال ّ‬
‫جّنةِ وَ ْ‬
‫ي َأصْحَابِ ا ْل َ‬
‫س ّيئَا ِت ِهمْ فِ َ‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذين هذه الصفة صفتهم‪ ,‬هم الذين يتُقبل عنهم أحسن ما عملوا في‬
‫سيّئا ِتهِم يقول‪ :‬وي صفح‬
‫ع نْ َ‬
‫الدن يا من صالحات العمال‪ ,‬فيجازيهم به‪ ,‬ويثيبهم عليه َو َيتَجا َوزُ َ‬
‫جنّ ِة يقول‪:‬‬
‫ل هم عن سيئات أعمال هم ال تي عملو ها في الدن يا‪ ,‬فل يعاقب هم علي ها في أ صحَابِ ال َ‬
‫نفعل ذلك بهم فعلنا مثل ذلك في أصحاب الجنة وأهلها الذين هم أهلها‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24180‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر بن سليمان‪ ,‬عن الحكم بن أبان‪ ,‬عن‬
‫الغطر يف‪ ,‬عن جابر بن ز يد‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬عن ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم عن الروح‬
‫ت حَ سَن ٌة وَ سّعَ اللّ هُ‬
‫ن بَقيَ ْ‬
‫ص َب ْعضُها ب َبعْض فإ ْ‬
‫سيّئاته‪ ,‬فَيُ ُقتَ ّ‬
‫المين‪ ,‬قال‪« :‬يُ ْؤ َتىَ ِبحَ سَناتِ ال َعبْد وَ َ‬
‫جنّةِ» قال‪ :‬فدخلتُ على يزداد‪ ,‬فحدّث بمثل هذا الحديث‪ ,‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فإن ذهبت الحسنة؟‬
‫لَ ُه في ال َ‬
‫سيّئاتِ ِهمْ‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫عنْ َ‬
‫عمِلُوا َو َنتَجا َوزُ َ‬
‫ن ما َ‬
‫حسَ َ‬
‫ع ْن ُهمْ أ ْ‬
‫قال‪ :‬أُوَل ِئكَ اّلذِينَ َنتَ َقبّلُ َ‬
‫‪ 24181‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن ليث‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬دعا أبو بكر عمر‬
‫رضـي ال عنهمـا‪ ,‬فقال له‪ :‬إنـي أوصـيك بوصـية أن تحفظهـا‪ :‬إن ل فـي الليـل حقـا ل يقبله‬
‫بالنهار‪ ,‬وبالنهار ح قا ل يقبله بالل يل‪ ,‬إ نه ل يس ل حد نافلة ح تى يؤدّي الفري ضة‪ ,‬إ نه إن ما ثقُلت‬
‫موازين من ثقُلَت موازينه يوم القيامة باتباعهم الح قّ في الدنيا‪ ,‬وثقُل ذلك عليهم‪ ,‬وح قّ لميزان‬
‫ل يوضع فيه إل الحقّ أن يثقل‪ ,‬وخفّت موازين من خفّت موازينه يوم القيامة‪ ,‬لتباعهم الباطل‬
‫ق لميزان ل يو ضع ف يه إل البا طل أن ي خف‪ ,‬ألم تر أن ال ذ كر‬
‫في الدن يا‪ ,‬وخف ته علي هم‪ ,‬وح ّ‬
‫أهل الجنة بأحسن أعمالهم‪ ,‬فيقول قائل‪ :‬أين يبلغ عملي من عمل هؤلء‪ ,‬وذلك أن ال عزّ وجلّ‬
‫تجاوز عن أسوإ أعمالهم فلم يبده‪ ,‬ألم تر أن ال ذكر أهل النار بأسوإ أعمالهم حتى يقول قائل‪:‬‬
‫ل أنزل‬
‫ل من هؤلء‪ ,‬وذلك بأن ال ردّ عليهم أحسن أعمالهم‪ ,‬ألم تر أن ال عزّ وج ّ‬
‫أنا خير عم ً‬
‫آ ية الشدّة ع ند آ ية الرخاء‪ ,‬وآ ية الرخاء ع ند آ ية الشدّة‪ ,‬ليكون المؤ من راغ با راه با‪ ,‬لئل يُل قي‬
‫بيده إلى التهلكة‪ ,‬ول يتمنى على ال أمنية يتمنى على ال فيها غير الحقّ‪.‬‬
‫عمِلُوا َو َنتَجا َو ُز فقرأ ذلك عا مة قرّاء‬
‫ن ما َ‬
‫ع ْنهُ مْ أحْ سَ َ‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله‪َ :‬نتَ َقبّلُ َ‬
‫المدينـة والبصـرة وبعـض قرّاء الكوفـة « ُيتَ َقبّلُ‪َ ,‬و ُيتَجا َوزُ» بضـم الياء منهمـا‪ ,‬على مـا لم يسـمّ‬
‫فاعله‪ ,‬ور فع «أحْ سَنُ»‪ .‬وقرأ ذلك عا مة قراء الكو فة َنتَ َقبّلُ‪ ,‬و َنتَجا َوزُ بالنون وفتح ها‪ ,‬ون صب‬
‫أحسـنَ على معنـى إخبار ال جلّ ثناؤه عـن نفسـه أنـه يفعـل ذلك بهـم‪ ,‬وردّا للكلم على قوله‪:‬‬
‫صيْنا النْسانَ ونحن نتقبل منهم أحسن ما عملوا ونتجاوز‪ ,‬وهما قراءتان معروفتان صحيحتا‬
‫َو َو ّ‬
‫المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب‪.‬‬
‫عدُون يقول‪ :‬وعدهم ال هذا الوعد‪ ,‬وعد الح قّ ل شك فيه‬
‫صدْقِ اّلذِي كانُوا يُو َ‬
‫عدَ ال ّ‬
‫وقوله‪َ :‬و ْ‬
‫عدَ ال صّ ْدقِ ل نه‬
‫أ نه مو فَ ل هم به‪ ,‬الذي كانوا إياه في الدن يا يعد هم ال تعالى‪ ,‬ون صب قوله‪َ :‬و ْ‬
‫سيّئا ِتهِم‪ ,‬وإن ما أخرج من‬
‫ن َ‬
‫عمِلُوا َو َيتَجا َوزُ عَ ْ‬
‫ع ْنهُ مْ أحْ سَنَ ما َ‬
‫م صدر خارج من قوله‪َ :‬يتَ َقبّلُ َ‬
‫ع ْنهُم ْـ َو َيتَجا َوزُ وعـد مـن ال لهـم‪ ,‬فقال‪ :‬وعـد‬
‫هذا الكلم مصـدر وعـد وعدا‪ ,‬لن قوله‪َ :‬يتَ َقبّلُ َ‬
‫الصدق‪ ,‬على ذلك المعنى‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خرَ جَ َو َقدْ خَلَ تِ‬
‫ن ُأ ْ‬
‫ل لِوَاِل َديْ هِ أُ فّ ّلكُمَآ َأ َتعِدَا ِننِ يَ َأ ْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَاّلذِي قَا َ‬
‫ل أَ سَاطِيرُ‬
‫ل مَا هَـذَآ ِإ ّ‬
‫عدَ اللّ ِه حَ قّ َفيَقُو ُ‬
‫ن إِ نّ َو ْ‬
‫ك آمِ ْ‬
‫ن اللّ هَ َويْلَ َ‬
‫ستَغ ِثيَا ِ‬
‫ن مِن َقبْلِي وَ ُهمَا يَ ْ‬
‫الْ ُقرُو ُ‬
‫الوّلِينَ }‪.‬‬
‫وهذا نعـت مـن ال تعالى ذكره نعـت ضالّ بـه كافـر‪ ,‬وبوالديـه عاقـّ‪ ,‬وهمـا مجتهدان فـي‬
‫نصـيحته ودعائه إلى ال‪ ,‬فل يزيده دعاؤهمـا إياه إلى الحقـّ‪ ,‬ونصـيحتهما له إل عتوّا وتمرّدا‬
‫ْهـ أن دعواه إلى اليمان بال‪,‬‬
‫على ال‪ ,‬وتماديـا فـي جهله‪ ,‬يقول ال جلّ ثناؤه وَاّلذِي قالَ لِوَاِل َدي ِ‬
‫والقرار ببعث ال خلقه من قبورهم‪ ,‬ومجازاته إياهم بأعمالهم أُ فَ َلكُما يقول‪ :‬قذرا لكما ونتنا‬
‫خرَجَ يقول أتعدانني أن أخرج من قبري من بعد فنائي وبلئي فيه حيا‪ .‬كما‪:‬‬
‫ن ُأ ْ‬
‫أ َت ِعدَا ِننِي أ ْ‬
‫خرَ جَ أن‬
‫ن ُأ ْ‬
‫‪ 24182‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة أ َت ِعدَانِنِي أ ْ‬
‫أُبعَث بعد الموت‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬أ َت ِعدَانِنِي أ نْ‬
‫خرَجَ قال‪ :‬يعني البعث بعد الموت‪.‬‬
‫ُأ ْ‬
‫‪ 24183‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ف َلكُما أ َت ِعدَا ِننِي‪ ...‬إلى آخر الَية قال‪ :‬الذي قال هذا ابن‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله وَاّلذِي قال ِلوَاِل َديْ ِه أُ َ‬
‫خرَجَ‪ :‬أتعدانني أن أُبعث بعد الموت‪.‬‬
‫لبي بكر رضي ال عنه‪ ,‬قال‪ :‬أ َت ِعدَانِنِي أنْ ُأ ْ‬
‫‪ 24184‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هوذة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عوف‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬في قوله‪ :‬وَاّلذِي‬
‫ج قال‪ :‬هو الكافر الفاجر العاقّ لوالديه‪ ,‬المكذب بالبعث‪.‬‬
‫خرَ َ‬
‫قالَ لِوَاِل َديْ ِه ُأفَ َلكُما أ َت ِعدَا ِننِي أنْ ُأ ْ‬
‫‪ 24185‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬ثم نعت عبد سوء‬
‫عاقا لوالديه فاجرا فقال‪ :‬وَاّلذِي قالَ ِلوَاِل َديْ ِه ُأفَ َلكُما‪ ...‬إلى قوله‪ :‬أساطِيرُ الوّلِينَ‪.‬‬
‫ن مِ نْ َقبْلِي يقول‪ :‬أتعدان ني أن أب عث‪ ,‬و قد م ضت قرون من ال مم‬
‫وقوله‪َ :‬و َقدْ خَلَ تِ ال ُقرُو ُ‬
‫قبلي‪ ,‬فهلكوا‪ ,‬فلم يبعث منهم أحدا‪ ,‬ولو كنت مبعوثا بعد وفاتي كما تقولن‪ ,‬لكان قد بُعث من‬
‫ّهـ يقول تعالى ذكره‪ :‬ووالداه يسـتصرخان ال عليـه‪,‬‬
‫َسـَتغِيثانِ الل ِ‬
‫هلك قبلي مـن القرون وهُمَا ي ْ‬
‫ويستغيثانه عليه أن يؤمن بال‪ ,‬ويق ّر بالبعث ويقولن له‪ :‬ويْلَك آمن‪ ,‬أي صدّق بوعد ال‪ ,‬وأقرّ‬
‫أ نك مبعوث من ب عد وفا تك‪ ,‬إن و عد ال الذي و عد خل قه أ نه باعث هم من قبور هم‪ ,‬ومخرج هم‬
‫من ها إلى مو قف الح ساب لمجازات هم بأعمال هم ح قّ ل ش كّ ف يه‪ ,‬فيقول عد ّو ال مجي با لوالد يه‪,‬‬
‫وردّا عليهما نصيحتهما‪ ,‬وتكذيبا بوعد ال‪ :‬ما هذا الذي تقولن لي وتدعواني إليه من التصديق‬
‫بأني مبعوث من بعد وفاتي من قبري‪ ,‬إل ما سطره الوّلون من الناس من الباطيل‪ ,‬فكتبوه‪,‬‬
‫فأصبتماه أنتما فصدّقتما‪.‬‬

‫‪19-18‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل فِ يَ ُأمَ مٍ قَ ْد خَلَ تْ مِن َقبِْلهِ مْ‬
‫ك اّلذِي نَ حَ قّ عََل ْيهِ مُ ا ْلقَوْ ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ{ :‬أوْلَـئِ َ‬
‫عمَاَلهُ مْ وَهُ مْ لَ‬
‫عمِلُواْ وَِليُ َو ّف َيهُ مْ َأ ْ‬
‫ت مّمّا َ‬
‫ن * وَِلكُلّ َد َرجَا ٌ‬
‫سرِي َ‬
‫س ِإ ّنهُ مْ كَانُو ْا خَا ِ‬
‫ن ا ْلجِ نّ وَالِن ِ‬
‫مّ َ‬
‫ُيظْلَمُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذين هذه الصفة صفتهم‪ ,‬الذين وجب عليهم عذاب ال‪ ,‬وحلّت بهم‬
‫عقوب ته و سخطه‪ ,‬فيمـن حلّ به عذاب ال على مثـل الذي حلّ بهؤلء من ال مم الذيـن مضوا‬
‫ن والنس‪ ,‬الذين كذّبوا رسل ال‪ ,‬وعتوا عن أمر ربهم‪.‬‬
‫قبلهم من الج ّ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّنهُم ْـ كانُوا خاسـِرينَ يقول تعالى ذكره‪ :‬إنهـم كانوا المغبونيـن بـبيعهم الهدى بالضلل‬
‫والنعيم بالعقاب‪.‬‬
‫‪ 24186‬ـ حدث نا مح مد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا معاذ بن هشام‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بي‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن‬
‫ِمـ ال َقوْلُ ف ِي أُم َم َقدْ‬
‫َقـ عََل ْيه ُ‬
‫ِينـ ح ّ‬
‫ِكـ اّلذ َ‬
‫الجنـ ل يموتون‪ ,‬قال قتادة‪ :‬فقلت أُوَلئ َ‬
‫ّ‬ ‫الحسـن‪ ,‬قال‪:‬‬
‫خَلَت‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫عمِلُوا يقول تعالى ذكره‪ :‬ولكلّ هؤلء الفريقين‪ :‬فريق اليمان بال‬
‫ل َدرَجا تٌ ِممّا َ‬
‫وقوله‪ :‬وَِلكُ َ‬
‫واليوم الَخر‪ ,‬والبرّ بالوالدين‪ ,‬وفريق الكفر بال واليوم الَخر‪ ,‬وعقوق الوالدين اللذين وصف‬
‫ل في هذه الَيات منازل ومراتب عند ال يوم القيامة‪ ,‬مما عملوا‪ ,‬يعني من‬
‫صفتهم ربنا عزّ وج ّ‬
‫عملهم الذي عملوه في الدنيا من صالح وحسن وسيىء يجازيهم ال به‪ .‬وقد‪:‬‬
‫‪ 24187‬ـ حدث ني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ا بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَِلكُلّ َدرَجا تٌ‬
‫عمِلُوا قال‪ :‬درج أ هل النار يذ هب سفالً‪ ,‬ودرج أ هل الج نة يذ هب علوّا وَِليُ َو ّف َيهُ مْ أعماَلهُ مْ‬
‫مِمّا َ‬
‫يقول جلّ ثناؤه‪ :‬وليعطي جميعهم أجور أعمالهم التي عملوها في الدنيا‪ ,‬المحسن منهم بإحسانه‬
‫ما و عد ال من الكرا مة‪ ,‬والم سيء من هم بإ ساءته ما أعدّه من الجزاء وَهُ ْم ل ُيظَْلمُو نَ يقول‪:‬‬
‫وجميع هم ل يظلمون‪ :‬ل يجازي الم سيء من هم إل عقو بة على ذن به‪ ,‬ل على ما لم يع مل‪ ,‬ول‬
‫ب إحسانه‪.‬‬
‫يحمل عليه ذنب غيره‪ ,‬ول يبخس المحسن منهم ثوا َ‬

‫‪20‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ط ّيبَا ِتكُ مْ فِي‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬ويَوْ َم ُيعْرَ ضُ اّلذِي نَ كَ َفرُواْ عَلَى النّارِ َأذْ َه ْبتُ مْ َ‬
‫س َت ْكبِرُونَ فِي الرْ ضِ ِب َغ ْيرِ‬
‫ن ِبمَا كُنتُ مْ تَ ْ‬
‫عذَا بَ ا ْلهُو ِ‬
‫س َت ْم َت ْعتُ ْم ِبهَا فَا ْليَوْ َم ُتجْزَ ْو نَ َ‬
‫حيَاتِكُ مُ ال ّد ْنيَا وَا ْ‬
‫َ‬
‫حقّ َو ِبمَا كُن ُتمْ تَ ْفسُقُونَ }‪.‬‬
‫ا ْل َ‬
‫طيّبا ِتكُ مْ فِي‬
‫ن كَ َفرُوا بال عَلى النّارِ يقال ل هم‪ :‬أذْ َه ْبتُ مْ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪َ :‬ويَوْ مَ ُي ْعرَ ضُ اّلذِي َ‬
‫س َت ْم َت ْعتُ ْم بِها فيها‪ .‬كما‪:‬‬
‫حَياتِ ُكمُ ال ّدنْيا‪ ,‬وَا ْ‬
‫ض اّلذِي نَ‬
‫‪ 24188‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬ويَوْ مَ ُي ْعرَ ُ‬
‫ْسـقُونَ تعلمون وال إن أقوامـا يَسـْترطون‬
‫ُمـ تَف ُ‬
‫كَ َفرُوا على النّا ِر قرأ يزيـد حتـى بلغ َوبِم َا ُك ْنت ْ‬
‫ح سناتهم‪ .‬ا ستبقى ر جل طيبا ته إن ا ستطاع‪ ,‬ول قوّة إل بال‪ .‬ذُ كر أن ع مر بن الخطاب كان‬
‫يقول‪ :‬لو شئت كنت أطيبكم طعاما‪ ,‬وألينكم لباسا‪ ,‬ولكني أستبقي طيباتي‪ .‬وذُكر لنا أنه لما قدم‬
‫الشأم‪ ,‬صُـنِع له طعام لم يـر قبله مثله‪ ,‬قال‪ :‬هذا لنـا‪ ,‬فمـا لفقراء المسـلمين الذيـن ماتوا وهـم ل‬
‫يشبعون من خ بز الشع ير؟ قال خالد بن الول يد‪ :‬ل هم الج نة‪ ,‬فاغرور قت عي نا ع مر‪ ,‬وقال‪ :‬لئن‬
‫كان حظنا في الحُطام‪ ,‬وذهبوا قال أبو جعفر‪ :‬فيما أرى أنا بالجنة‪ ,‬لقد باينونا بونا بعيدا‪.‬‬
‫‪ 24189‬ـ وذُكر لنا‪ .‬أن نبيّ ال صلى ال عليه وسلم دخل على أهل ال صّفة مكانا يجتمع فيه‬
‫لدَم‪ ,‬ما يجدون لها رقاعا‪ ,‬قال‪« :‬أنتم اليوم خير‪ ,‬أو يَوم‬
‫فقراء المسلمين‪ ,‬وهم َيرْقعون ثيابهم با َ‬
‫يغدو أحدكم في حلة‪ ,‬ويروح في أُخرى‪ ,‬ويغدي عليه بجفنة‪ ,‬ويُراح عليه بأخرى‪ ,‬ويستر بيته‬
‫كما تستر الكعبة»‪ .‬قالوا‪ :‬نحن يومئذٍ خير‪ ,‬قال‪« :‬بل أنتم اليوم خير»‪.‬‬
‫‪ 24190‬ـ حدثنا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا صاحب ل نا‬
‫عـن أبـي هريرة‪ ,‬قال‪« :‬إنمـا كان طعامنـا مـع النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم السـودين‪ :‬الماء‪,‬‬
‫والتمر‪ ,‬وال ما كنا نرى سمراءكم هذه‪ ,‬ول ندري ما هي»‪.‬‬
‫‪ 24191‬ـ قال‪ :‬ثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أبي بردة بن عبد ال بن قيس الشعر يّ‪ ,‬عن أبيه‪,‬‬
‫قال‪ :‬أي بن يّ لو شهدتْنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ونحن مع نبينا إذا أصابتنا السماء‪,‬‬
‫حسبت أن ريحنا ريح الضأن‪ ,‬إنما كان لباسنا الصوف‪.‬‬
‫‪ 24192‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ‬
‫ن ُيرِيدُ الحَيا َة ال ّدنْ يا َوزِينَتَها‬
‫ن كا َ‬
‫طيّبا ِتكُ مْ فِي حَيا ِتكُ ُم ال ّدنْ يا‪ ...‬إلى آخر الَ ية‪ ,‬ثم قرأ َم ْ‬
‫أذْ َه ْبتُ مْ َ‬
‫لخِرَ ِة َن ِزدْ لَ ُه فِي‬
‫ثاَ‬
‫ن ُيرِي ُد حَرْ َ‬
‫نُوَ فّ إَل ْيهِ مْ أعماَلهُ مْ فِي ها‪ ,‬وَهُ ْم فِي ها ل ُي ْبخَ سُونَ‪ ,‬وقرأ َم نْ كا َ‬
‫عجّلْنا َلهُ فِيها ما نَشاءُ‬
‫ن كانَ ُيرِيدُ العاجِلَةَ َ‬
‫حرْثَ ال ّدنْيا نُ ْؤتِ ِه ِمنْها‪ ,‬وقرأ مَ ْ‬
‫ن ُيرِيدُ َ‬
‫حرْثِهِ‪َ ,‬ومَنْ كا َ‬
‫َ‬
‫ن نُرِيدُ‪ ...‬إلى آخر الَية‪ ,‬وقال‪ :‬هؤلء الذين أذهبوا طيّباتهم في حياتهم الدنيا‪.‬‬
‫ِلمَ ْ‬
‫طيّبا ِتكُ مْ‪ ,‬فقرأ ته عا مة قرّاء الم صار أذْ َه ْبتُ مْ بغ ير‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬أذْ َه ْبتُ مْ َ‬
‫اسـتفهام‪ ,‬سـوى أبـي جعفـر القارىء‪ ,‬فإنـه قرأه بالسـتفهام‪ ,‬والعرب تسـتفهم بالتوبيـخ‪ ,‬وتترك‬
‫ال ستفهام ف يه‪ ,‬فتقول‪ :‬أذه بت ففعلت كذا وكذا‪ ,‬وذه بت ففعلت وفعلت‪ .‬وأع جب القراءت ين إل يّ‬
‫ترك الستفهام فيه‪ ,‬لجماع الحجة من القرّاء عليه‪ ,‬ولنه أفصح اللغتين‪.‬‬
‫عذَا بَ الهُو نِ يقول تعالى ذكره‪ :‬يقال ل هم‪ :‬فاليوم أي ها الكافرون الذ ين‬
‫جزَ ْو نَ َ‬
‫وقوله فا ْليَوْ مَ ُت ْ‬
‫أذهبوا طيبات هم في حيات هم الدن يا تجزون‪ :‬أي تثابون عذاب الهون‪ ,‬يع ني عذاب الهوان‪ ,‬وذلك‬
‫عذاب النار الذي يهينهم‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24193‬ـ حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحرث‪,‬‬
‫ن قال‪:‬‬
‫ب الهُو ِ‬
‫عذَا َ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد َ‬
‫ن فِي الرْضِ ب َغ ْيرِ الحَقّ يقول‪ :‬بما كنتم تتكبرون في الدنيا على ظهر‬
‫س َتكْ ِبرُو َ‬
‫الهوان ِبمَا ُك ْنتُمْ تَ ْ‬
‫الرض على ربكـم‪ ,‬فتأبون أن تخلصـوا له العبادة‪ ,‬وأن تذعنوا لمره ونهيـه بغيـر الحقـّ‪ ,‬أي‬
‫بغ ير ما أباح ل كم رب كم‪ ,‬وأذن ل كم به وبِ ما ُك ْنتُ مْ تَفْ سُقُونَ يقول‪ :‬ب ما كن تم في ها تخالفون طاع ته‬
‫فتعصُونه‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ت ال ّنذُرُ مِن‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَا ْذكُرْ َأخَا عَادٍ ِإ ْذ أَنذَرَ قَ ْو َم هُ بِالحْقَا فِ َو َقدْ خَلَ ِ‬
‫عظِيمٍ }‪.‬‬
‫ب يَ ْومٍ َ‬
‫عذَا َ‬
‫ل اللّ َه ِإّنيَ َأخَافُ عََل ْي ُكمْ َ‬
‫ل َت ْع ُبدُوَاْ ِإ ّ‬
‫َبيْنِ َي َديْهِ َو ِمنْ خَلْ ِفهِ َأ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬واذكر يا محمد لقومك الرّادّين عليك ما‬
‫ل بهم‬
‫جئتهم به من الحقّ هود أخا عاد‪ ,‬فإن ال بعثك إليهم كالذي بعثه إلى عاد‪ ,‬فخوّفهم أن يح ّ‬
‫من نقمة ال على كفرهم ما حلّ بهم إذ كذّبوا رسولنا هودا إليهم‪ ,‬إذ أنذر قومه عادا بالحقاف‪.‬‬
‫والحقاف‪ :‬جمـع حقـف وهـو مـن الرمـل مـا اسـتطال‪ ,‬ولم يبلغ أن يكون جبلً‪ ,‬وإياه عنـى‬
‫العشى‪:‬‬
‫جهَ أ ْقتَما‬
‫خرِيقُ شَمالٍ َي ْت ُركُ ال َو ْ‬
‫فَباتَ إلى أرْطا ِة حِ ْقفٍ تَلُ ّف ُه َ‬
‫واختلف أهل التأويل في الموضع الذي به هذه الحقاف‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬هي جبل بالشام‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24194‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ :‬وَا ْذ ُكرْ أخا عا ٍد إذْ أ ْن َذرَ قَ ْومَ ُه بالحْقافِ قال‪ :‬الحقاف‪ :‬جبل بالشام‪.‬‬
‫‪ 24195‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله إذْ أ ْن َذرَ قَ ْومَ ُه بالحْقافِ جبل يسمى الحقاف‪.‬‬
‫ن عمان و َمهْرة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هي واد بي ُ‬
‫‪ 24196‬ـ حدثني محمد بن سعد قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫َهـ بالحْقاف ِـ قال‪ :‬فقال‪ :‬الحقاف الذي أنذر هود قومـه‬
‫ابـن عباس وَا ْذ ُكرْ أخـا عادٍ إ ْذ أ ْنذَرَ قَ ْوم ُ‬
‫واد بين عمان ومهرة‪.‬‬
‫حمَيـد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سـلمة‪ ,‬عـن ابـن إسـحاق‪ ,‬قال‪ :‬كانـت منازل عاد‬
‫‪24197‬ــ حدثنـا ابـن ُ‬
‫حضْ َرمَوْت‪ ,‬فاليمن‬
‫وجماعتهم‪ ,‬حيث بعث ال إليهم هودا الحقاف‪ :‬الرمل فيما بين عُمان إلى َ‬
‫كله‪ ,‬وكانوا مع ذلك قد َفشْوا في الرض كلها‪ ,‬قهروا أهلها بفضل قوّتهم التي آتاهم ال‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هي أرض‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24198‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن‬
‫مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬الحقاف‪ :‬الرض‪.‬‬
‫‪ 24199‬ـ حدث ني مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى‪ ,‬عن ا بن أ بي‬
‫نجيح‪ ,‬عن مجاهد إذْ َأ ْن َذرَ قَ ْومَهُ بالحْقاف قال‪ :‬حشاف أو كلمة تشبهها‪ ,‬قال أبو موسى‪ :‬يقولون‬
‫مستحشف‪.‬‬
‫‪ 24200‬ـ حدثني الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪,‬‬
‫سمَى‪.‬‬
‫حْ‬‫ف حِشاف من ِ‬
‫عن مجاهد إذْ َأ ْن َذرَ قَ ْومَ ُه بالحْقا ِ‬
‫شحْر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هي رمال ُمشْرفة على البحر بال ّ‬
‫‪ 24201‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَا ْذ ُكرْ أخا عادٍ إذْ‬
‫أ ْنذَرَ قَ ْو َم ُه بالحْقا فِ ذُكر لنا أن عادا كانوا حيا باليمن أهل ر مل مشرفين على البحر بأرض‬
‫شحْر‪.‬‬
‫يقال لها ال ّ‬
‫حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله وَا ْذ ُكرْ أخا‬
‫عادٍ إ ْذ أ ْنذَرَ قَ ْو َم ُه بالحْقا فِ قال‪ :‬بَلغَ نا أن هم كانوا على أرض يقال ل ها الشّ حر‪ ,‬مشرف ين على‬
‫البحر‪ ,‬وكانوا أهل رمل‪.‬‬
‫حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا عمرو بن الحارث‪ ,‬عن سعيد بن أ بي‬
‫شحْر‪.‬‬
‫هلل‪ ,‬عن عمرو بن عبد ال‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬أنه قال‪ :‬كان مساكن عاد بال ّ‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصواب أن يقال‪ :‬إن ال تبارك وتعالى أخبر أن عادا أنذرهم أخوهم‬
‫هود بالحقاف‪ ,‬والحقاف ما وصفت من الرمال المستطيلة المشرفة‪ ,‬كما قال العجّاج‪:‬‬
‫بات إلى أرْطا ِة حِ ْقفٍ أحْقَفا‬
‫وكما‪:‬‬
‫‪ 24202‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَا ْذ ُكرْ أخا عادٍ‬
‫إذْ أ ْن َذرَ قَ ْومَ ُه بالحْقا فِ قال‪ :‬الحقاف‪ :‬الر مل الذي يكون كهيئة الج بل تدعوه العرب الح قف‪,‬‬
‫ول يكون أحقافا إل من الرمل‪ ,‬قال‪ :‬وأخو عاد هود‪ .‬وجائز أن يكون ذلك جبلً بالشأم‪ .‬وجائز‬
‫أن يكون واديا بين عمان وحضرموت‪ .‬وجائز أن يكون الشحر وليس في العلم به أداء فرض‪,‬‬
‫ول في الج هل به تضي يع وا جب‪ ,‬وأ ين كان ف صفته ما و صفنا من أن هم كانوا قو ما منازل هم‬
‫الرمال المستعلية المستطيلة‪.‬‬
‫ل اللّ َه يقول تعالى ذكره‪ :‬و قد‬
‫ل َت ْع ُبدُوا إ ّ‬
‫ن بَ ين َي َديْ هِ َو ِم نْ خَلْ ِف هِ أ ّ‬
‫ت ال ّنذُورُ مِ ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و َقدْ خَلَ ِ‬
‫ن بَين َيدَيْ ِه يعني‪ :‬من قبل هود ومن خلفه‪ ,‬يعني‪ :‬ومن بعد هود‪.‬‬
‫مضت الرسل بإنذار أممها مِ ْ‬
‫ل َت ْعبُدُوا إلّ‬
‫ن َب ْعدِ هِ»‪ ,‬أ ّ‬
‫ن بَ ين َي َديْ ِه َومِ ْ‬
‫ت ال ّنذُ ُر مِ ْ‬
‫و قد ذُ كر أن ذلك في قراءة ع بد ال « َو َقدْ خَلَ ِ‬
‫ّهـ يقول‪ :‬ل تشركوا مـع ال شيئا فـي عبادتكـم إياه‪ ,‬ولكـن أخلصـوا له العبادة‪ ,‬وأفردوا له‬
‫الل َ‬
‫اللو هة‪ ,‬إ نه ل إله غيره‪ ,‬وكانوا في ما ذُ كر أ هل أوثان يعبدون ها من دون ال‪ .‬وبن حو الذي قل نا‬
‫في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24203‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ت ال ّن ُذرُ مِ نْ بَ ين َي َديْ هِ َومِ نْ خَلْ ِف ِه ألّ َت ْع ُبدُوا إلّ اللّ َه قال‪ :‬لن يب عث ال‬
‫يقول في قوله‪َ :‬و َقدْ خَلَ ِ‬
‫ل إل بأن يعبد ال‪.‬‬
‫رسو ً‬
‫عظِي مٍ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هود لقومه‪ :‬إني‬
‫ب يَوْ مٍ َ‬
‫عذَا َ‬
‫وقوله‪ :‬إنّي أخا فُ عََل ْيكُ مْ َ‬
‫أخاف عليكم أيها القوم بعبادتكم غير ال عذاب ال في يوم عظيم وذلك يوم يعظم هوله‪ ,‬وهو‬
‫يوم القيامة‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ت مِ نَ‬
‫ن آِل َهتِنَا َف ْأتِنَا بِمَا َتعِدُنَآ إِن كُن َ‬
‫ج ْئتَنَا ِل َت ْأ ِفكَنَا عَ ْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬قَالُوَ ْا َأ ِ‬
‫الصّا ِدقِينَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قالت عاد لهود‪ ,‬إذ قال لهم ل تعبدوا إل ال‪ :‬إني أخاف عليكم عذاب يوم‬
‫عظ يم‪ ,‬أجئت نا يا هود لت صرفنا عن عبادة آلهت نا إلى عبادة ما تدعو نا إل يه‪ ,‬وإلى اتبا عك على‬
‫قولك‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ع نْ‬
‫ج ْئتَنَا ِلتَأ ِفكَ نا َ‬
‫‪ 24204‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬أ ِ‬
‫صبَرْنا عََليْ ها قال‪ :‬تضل نا وتزيل نا‬
‫ن آِل َهتِ نا لَوْل أن َ‬
‫ن كادَ َل ُيضِلّ نا عَ ْ‬
‫آِل َهتِ نا قال‪ :‬لتزيل نا‪ ,‬وقرأ إ ْ‬
‫ن ُكنْ تَ من أهل الصدق في‬
‫وتأفكنا َف ْأتِنا ِبمَا َت ِعدُنا من العذاب على عبادتنا ما نعبد من الَلهة إ ْ‬
‫قوله وعدَاته‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قَالَ ِإ ّنمَا ا ْلعِلْ مُ عِندَ اللّ هِ وَُأبَّل ُغكُ مْ مّآ ُأرْ سِلْتُ‬
‫جهَلُونَ }‪.‬‬
‫بِهِ وَلَـ ِكّنيَ َأرَاكُمْ قَوْما َت ْ‬
‫عدُكم به من عذاب ال‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قال هود لقومه عاد‪ :‬إ ّنمَا العِلْ مُ بوقت مجيء ما أ ِ‬
‫على كفركم به عند ال‪ ,‬ل أعلم من ذلك إل ما علمني وُأبَّل َغكُ مْ ما ُأرْ سِلْتُ بِ هِ يقول‪ :‬وإنما أنا‬
‫جهَلُو نَ‬
‫ر سول إلي كم من ال‪ ,‬مبلغ أبلغ كم عنه ما أر سلني به من الر سالة وََلكِنّي أرَاكُ مْ قَوْ ما َت ْ‬
‫موا ضع حظوظ أنف سكم‪ ,‬فل تعرفون ما علي ها من المضرّة بعبادت كم غ ير ال‪ ,‬و في ا ستعجال‬
‫عذابه‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬فَلَمّا رَأَوْهُـ عَارِضا مّس ْـتَ ْقبِلَ أَ ْو ِد َي ِتهِم ْـ قَالُواْ هَــذَا عَارِضٌـ‬
‫ب أَلِيمٌ }‪.‬‬
‫عذَا ٌ‬
‫ستَ ْعجَ ْلتُم بِ ِه رِيحٌ فِيهَا َ‬
‫ط ُرنَا بَلْ ُهوَ مَا ا ْ‬
‫ّممْ ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬فلما جاءهم عذاب ال الذي استعجلوه‪ ,‬فرأوه سحابا عارضا في ناحية من‬
‫ستَ ْقبِلَ أ ْو ِد َي ِتهِ مْ والعرب ت سمي ال سحاب الذي ُيرَى في ب عض أقطار ال سماء‬
‫نوا حي ال سماء مُ ْ‬
‫عشيا‪ ,‬ثم يصبح من الغد قد استوى‪ ,‬وحبا بعضه إلى بعض عارضا‪ ,‬وذلك لعرضه في بعض‬
‫أرجاء السماء حين نشأ‪ ,‬كما قال العشى‪:‬‬
‫شعَلُ‬
‫يا مَنْ َيرَى عارِضا َقدْ بِتّ أ ْرمُ ُقهُكأ ّنمَا ا ْل َب ْرقُ في حافاتِ ِه ال ّ‬
‫ض ِم ْمطِرُ نا ظ نا من هم برؤيت هم إياه أن غي ثا قد أتا هم يَحيون به‪ ,‬فقالوا‪ :‬هذا‬
‫قالُوا َهذَا عارِ ٌ‬
‫الذي كان هودٌ يعدنا‪ ,‬وهو الغيث‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24205‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬فََلمّا رأَ ْو ُه عارِضا‬
‫ستَ ْقبِلَ أ ْو ِد َي ِتهِمْ‪ ...‬الَية‪ ,‬وذُكر لنا أنهم حبس عنهم المطر زمانا‪ ,‬فلما رأوا العذاب مقبلً‪ ,‬قالُوا‬
‫مُ ْ‬
‫طرُ نا‪ .‬وذُ كر ل نا أن هم قالوا‪ :‬كذب هود كذب هود فل ما خرج نبيّ ال صلى ال‬
‫ض ُممْ ِ‬
‫َهذَا عارِ ٌ‬
‫ب ألِيمٌ‪.‬‬
‫ستَ ْعجَ ْل ُتمْ بِ ِه رِيحٌ فِيها عَذا ٌ‬
‫عليه وسلم فشامه‪ ,‬قال‪ :‬بَلْ ُهوَ ما ا ْ‬
‫‪ 24206‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬ساق ال السحابة السوداء‬
‫ال تي اختار َقيْلُ ا بن ع نز ب ما في ها من النق مة إلى عاد‪ ,‬ح تى تخرج علي هم من واد ل هم يقال له‬
‫طرُنَا‪ :‬يقول ال عزّ وجلّ‪ :‬بَلْ ُهوَ مَا‬
‫المغيـث‪ ,‬فلمـا رأوهـا اسـتبشروا‪ ,‬وقَالُوا َهذَا عارِضٌـ ُم ْم ِ‬
‫ب ألِيمٌ‪.‬‬
‫عذَا ٌ‬
‫س َتعْجَ ْل ُتمْ بِ ِه رِيحٌ فِيهَا َ‬
‫اْ‬
‫ستَ ْعجَ ْل ُتمْ بِ ِه يقول تعالى ذكره م خبرا عن ق يل نبيه صلى ال عل يه و سلم‬
‫وقوله‪ :‬بَلْ ُهوَ ما ا ْ‬
‫هود لقو مه ل ما قالوا له ع ند رؤيت هم عارض العذاب‪ ,‬قد عرض ل هم في ال سماء هذا عارض‬
‫ممطرنا نحيا به‪ ,‬ما هو بعارض غيث‪ ,‬ولكنه عارض عذاب لكم‪ ,‬بل هو ما استعجلتم به‪ :‬أي‬
‫ب ألِيمٌ‪.‬‬
‫هو العذاب الذي استعجلتم به‪ ,‬فقلتم‪ :‬ا ْئتِنا ِبمَا َت ِعدُنا إنْ ُكنْتَ مِنَ الصّا ِدقِينَ رِيحٌ فِيها عَذا ٌ‬
‫س َت ْعجَلْتمْ بِ هِ كأنه قيل‪ :‬بل هو ريح فيها عذاب أليم‪.‬‬
‫والريح مكرّرة على ما في قوله‪ُ :‬هوَ ما ا ْ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24207‬ـ حدث نا مح مد بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن أ بي‬
‫إسحاق‪ ,‬عن عمرو بن ميمون‪ ,‬قال‪ :‬كان هود جلدا في قومه‪ ,‬وإ نه كان قاعدا في قومه‪ ,‬فجاء‬
‫ب ألِي مٌ‬
‫س َت ْعجَلْتمْ بِ ِه رِي حٌ فِي ها عَذا ٌ‬
‫ل هُ َو ما ا ْ‬
‫سحاب مكفهرّ‪ ,‬فقالوا هذا عارض ممطر نا فقال‪ :‬بَ ْ‬
‫قال‪ :‬فجاءت ريح فجعلت تلقي الفسطاط‪ ,‬وتجيء بالرجل الغائب فتلقيه‪.‬‬
‫‪ 24208‬ـ حدث ني يح يى بن إبراه يم الم سعوديّ‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن جدّه‪ ,‬قال‪ :‬قال‬
‫سليمان‪ ,‬حدثنا أبو إسحاق‪ ,‬عن عمرو بن ميمون‪ ,‬قال‪ :‬لقد كانت الريح تحمل الظعينة فترفعها‬
‫حتى تُرى كأنها جرادة‪.‬‬
‫‪ 24209‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ستَقِبلَ أوْد َي ِتهِ مْ‪ ...‬إلى آ خر الَ ية‪ ,‬قال‪ :‬هي الر يح إذا‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬فَلَمّا رأَ ْو ُه عارِ ضا مُ ْ‬
‫أثارت سحابا‪ ,‬قَالُوا‪ :‬هَذا عارِضٌ ُم ْمطِرُنا‪ ,‬فقال نبيهم‪ :‬بل ريح فيها عذاب أليم‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل مَسـَا ِك ُنهُمْ‬
‫ل ُيرَىَ ِإ ّ‬
‫شيْءٍ ِبَأ ْمرِ َربّهَا َفأْص ْـَبحُواْ َ‬
‫القول فــي تأوي ـل قوله تعالى‪ُ { :‬ت َد ّمرُ كُلّ َ‬
‫ج ِرمِينَ }‪.‬‬
‫َكذَِلكَ َنجْزِي الْ َق ْومَ ا ْل ُم ْ‬
‫وقوله ُت َد ّمرُ كُلّ شَ يء بَأ ْمرِ َربّهَا‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬تخرّب كلّ ش يء‪ ,‬وتر مي بع ضه على‬
‫بعض فتهلكه‪ ,‬كما قال جرير‪:‬‬
‫ظهْرا َف َد ّمرَهُمْ دَمارا‬
‫وكانَ َل ُك ْم َك َبكْرِ َثمُو َد َلمّارَغا ُ‬
‫صرْعى هَلكَى‪.‬‬
‫يعني بقوله‪ :‬دمرهم‪ :‬ألقى بعضهم على بعض َ‬
‫وإن ما ع نى بقوله‪ُ :‬ت ّدمّ ُر كُلّ شيْءٍ بأ ْمرِ رَب ها م ما أر سلت بهل كه‪ ,‬لن ها لم تد مر هودا و من‬
‫كان آمن به‪.‬‬
‫‪24210‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا طلق‪ ,‬عن زائدة‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن المنهال‪ ,‬عن سعيد‬
‫بن جبير‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬قال‪ :‬ما أر سل ال على عادٍ من الر يح إل قدر خات مي هذا‪ ,‬فنزع‬
‫خاتمه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فَأ صْ َبحُوا ل ُيرَى إلّ مَساكِ ُن ُهمْ يقول‪ :‬فأصبح قوم هود وقد هلكوا وفنوا‪ ,‬فل يُرى في‬
‫بلدهم شيء إل مساكنهم التي كانوا يسكنونها‪.‬‬
‫ل مَ سا ِكنُ ُهمْ فقرأ ذلك عا مة قرّاء المدي نة‬
‫صبَحُوا ل ُيرَى إ ّ‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله فأ ْ‬
‫ل مَسـا ِكنُ ُهمْ» بالتاء نصـبا‪ ,‬بمعنـى‪ :‬فأصـبحوا ل ترى أنـت يـا محمـد إل‬
‫والبصـرة «ل ُترَى إ ّ‬
‫ل مَسـا ِك ُن ُهمْ بالياء فـي يُرى‪ ,‬ورفـع المسـاكن‪,‬‬
‫مسـاكنهم وقرأ ذلك عامـة قرّاء الكوفـة ل يُرَى إ ّ‬
‫بمعنى‪ :‬ما وصفت قبل أنه ل يرى في بلدهم شيء إل مساكنهم‪ .‬وروى الحسن البصري «ل‬
‫ُترَى» بالتاء‪ ,‬وبأ يّ القراءت ين اللت ين ذكرت من قراءة أ هل المدي نة والكو فة قرأ ذلك القارىء‬
‫فم صيب و هو القراءة بر فع الم ساكن إذا قُرىء قوله يُرَى بالياء وضم ها وبن صب الم ساكن إذا‬
‫قُرىء قوله‪َ « :‬ترَى» بالتاء وفتحها‪ ,‬وأما التي حُكيت عن الحسن‪ ,‬فهي قبيحة في العربية وإن‬
‫كانت جائزة‪ ,‬وإنما قبحت لن العرب تذكّر الفعال التي قبل إل‪ ,‬وإن كانت السماء التي بعدها‬
‫أ سماء إناث‪ ,‬فتقول‪ :‬ما قام إل أخ تك‪ ,‬ما جاء ني إل جاري تك‪ ,‬ول يكادون يقولون‪ :‬ما جاءت ني‬
‫إل جاريتك‪ ,‬وذلك أن المحذوف قبل إل أحد‪ ,‬أو شيء واحد‪ ,‬وشيء يذكر فعلهما العرب‪ ,‬وإن‬
‫ن أ حد فأكر مه‪ ,‬ول يقولون‪ :‬إن جاء تك‪ ,‬وكان الفرّاء‬
‫ع نى به ما المؤ نث‪ ,‬فتقول‪ :‬إن جاءك منه ّ‬
‫يجيزها على الستكراه‪ ,‬ويذكر أن المفضل أنشده‪:‬‬
‫ت ذاكَ َم َعدّ أ ْكرَمَا‬
‫وَنارُنا َل ْم تُ َر نارا ِمثْلُهاقَدْ عَِلمَ ْ‬
‫فأنث فعل مثل لنه للنار‪ ,‬قال‪ :‬وأجود الكلم أن تقول‪ :‬ما رؤي مثلها‪.‬‬
‫جزِي القَوْ مَ المجرِمي نَ يقول تعالى ذكره‪ :‬ك ما جزي نا عادا بكفر هم بال من‬
‫وقوله‪ :‬و َكذَل كَ َن ْ‬
‫العقاب في عاجل الدنيا‪ ,‬فأهلكناهم بعذابنا‪ ,‬كذلك نجزي القوم الكافرين بال من خلقنا‪ ,‬إذ تمادوا‬
‫طغَوا على ربهم‪.‬‬
‫في غيهم و َ‬

‫‪26‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سمْعا وََأبْ صَارا‬
‫جعَ ْلنَا َلهُ مْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَلَ َقدْ َم ّكنَاهُ مْ فِيمَآ إِن ّم ّكنّاكُ مْ فِي هِ َو َ‬
‫حدُو نَ بِآيَا تِ اللّ هِ‬
‫جَ‬‫شيْءٍ ِإ ْذ كَانُواْ َي ْ‬
‫ل َأبْ صَارُهُمْ َولَ َأ ْف ِئ َدتُهُ مْ مّن َ‬
‫س ْم ُع ُهمْ َو َ‬
‫ع ْنهُ مْ َ‬
‫غ َنىَ َ‬
‫وََأ ْف ِئدَةً َفمَآ أَ ْ‬
‫ستَ ْه ِزئُونَ }‪.‬‬
‫َوحَاقَ بِه مّا كَانُو ْا بِ ِه َي ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لكفار قريـش‪ :‬ولقـد مكّنـا أيهـا القوم عادا الذيـن أهلكناهـم بكفرهـم فيمـا لم‬
‫نمكنكم فيه من الدنيا‪ ,‬وأعطيناهم منها الذي لم نعطكم منهم من كثرة الموال‪ ,‬وبسطة الجسام‪,‬‬
‫وشدّة البدان‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24211‬ـ حدث ني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫قوله‪ :‬وَلَ َقدْ َم ّكنّا ُهمْ فِيما إنْ َم ّكنّا ُكمْ فِيهِ يقول‪ :‬لم نمكنكم‪.‬‬
‫‪24212‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَلَ َقدْ َم َكنّاهُمْ فِيما إنْ‬
‫َم ّكنّا ُكمْ فِيهِ‪ :‬أنبأكم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم‪.‬‬
‫سمْعا يسمعون به مواعظ ربهم‪ ,‬وأبصارا يبصرون بها حجج ال‪ ,‬وأفئدة‬
‫جعَلْنا َلهُ مْ َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َ‬
‫ن شَيْءٍ‬
‫سمْ ُع ُهمْ وَل أبْ صَارُ ُهمْ وَل أ ْفئِ َد ُتهُ مْ م ْ‬
‫ع ْنهُ ْم َ‬
‫يعقلون ب ها ما يضرّ هم وينفع هم فَمَا أغْنَى َ‬
‫يقول‪ :‬فلم ينفعهم ما أعطاهم من السمع والبصر والفؤاد إذ لم يستعملوها فيما أعطوها له‪ ,‬ولم‬
‫حدُونَ‬
‫جَ‬‫يعملوها فيما ينجيهم من عقاب ال‪ ,‬ولكنهم استعملوها فيما يقرّبهم من سخطه إذْ كانُوا َي ْ‬
‫بآياتِ الّل ِه يقول‪ :‬إذ كانوا يكذّبون بحجج ال وهم رُسله‪ ,‬وينكرون نبوّتهم وَحاقَ ِبهِمْ ما كانُوا بِهِ‬
‫ستَ ْهزِئون يقول‪ :‬وعاد علي هم ما ا ستهزأوا به‪ ,‬ونزل ب هم ما سخروا به‪ ,‬فا ستعجلوا به من‬
‫يَ ْ‬
‫ل بكم من العذاب على‬
‫ل ثناؤه لقريش‪ ,‬يقول لهم‪ :‬فاحذروا أن يح ّ‬
‫العذاب‪ ,‬وهذا وعيد من ال ج ّ‬
‫كفركم بال وتكذيبكم رسله‪ ,‬ما حلّ بعاد‪ ,‬وبادروا بالتوبة قبل النقمة‪.‬‬

‫‪28-27‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ليَا تِ َلعَّلهُ مْ‬
‫ن الْ ُق َرىَ وَ صَ ّر ْفنَا ا َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَلَ َقدْ أَهَْلكْنَا مَا حَوَْلكُ مْ ّم َ‬
‫ع ْنهُ مْ َوذَلِ كَ ِإ ْف ُكهُ مْ‬
‫ن ا ّتخَذُو ْا مِن دُو نِ الّل ِه قُ ْربَانا آِلهَ َة بَلْ ضَلّواْ َ‬
‫صرَهُمُ اّلذِي َ‬
‫ل نَ َ‬
‫ن * فَلَ ْو َ‬
‫جعُو َ‬
‫َيرْ ِ‬
‫َومَا كَانُو ْا يَ ْف َترُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره لكفار قريش محذّرهم بأسه وسطوته‪ ,‬أن يحلّ بهم على كفرهم وََل َقدْ أهَْلكْنا‬
‫حجْرِ ثمود وأرض سدوم ومأرب ونحوها‪ ,‬فأنذرنا أهلها‬
‫أيها القوم من ال ُقرَى ما حول قريتكم‪ ,‬ك ِ‬
‫بال َمثُلت‪ ,‬وخرّبنا ديارها‪ ,‬فجعلناها خاوية على عروشها‪.‬‬
‫َياتـ يقول‪ :‬ووعظناهـم بأنواع العظات‪ ,‬وذكرناهـم بضروب مـن الذّك ْر‬
‫َصـ ّرفْنا ال ِ‬
‫وقوله‪ :‬و َ‬
‫والح جج‪ ,‬وبيّ نا ل هم ذلك‪ .‬ك ما‪ 24213 :‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن‬
‫صرّفْنا الَياتِ قال بيّناها َلعَّلهُمْ َي ْرجِعُونَ يقول ليرجعوا عما كانوا عليه مقيمين‬
‫زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَ َ‬
‫من الكفر بال وآياته‪ .‬وفي الكلم متروك ترك ذكره استغناء بدللة الكلم عليه‪ ,‬وهو‪ :‬فأبوا إل‬
‫القا مة على كفر هم‪ ,‬والتمادي في غي هم‪ ,‬فأهلكنا هم‪ ,‬فلن ين صرهم م نا نا صر يقول جلّ ثناؤه‪:‬‬
‫فلول نصر هؤلء الذين أهلكناهم من المم الخالية قبلهم أوثانهم وآلهتهم التي اتخذوا عبادتها‬
‫قربانا يتقرّبون بها فيما زعموا إلى ربهم منا إذ جاءهم بأسنا‪ ,‬فتنقذهم من عذابنا إن كانت تشفع‬
‫لهـم عنـد ربهـم كمـا يزعمون‪ ,‬وهذا احتجاج مـن ال لنـبيه محمـد صـلى ال عليـه وسـلم على‬
‫مُشركي قومه‪ ,‬يقول لهم‪ :‬لو كانت آلهتكم التي تعبدون من دون ال تغني عنكم شيئا‪ ,‬أو تنفعكم‬
‫ع ند ال ك ما تزعمون أن كم إن ما تعبدون ها‪ ,‬لتقرّب كم إلى ال زل فى‪ ,‬لغ نت ع من كان قبل كم من‬
‫المم التي أهلكتها بعبادتهم إياها‪ ,‬فدفعت عنها العذاب إذا نزل‪ ,‬أو لشفعت لهم عند ربهم‪ ,‬فقد‬
‫كانوا من عبادتها على مثل الذي عليه أنتم‪ ,‬ولكنها ضرّتهم ولم تنفعهم‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬بل‬
‫ضلوا عن هم يقول‪ :‬بل تركت هم آلهت هم ال تي كانوا يعبدون ها‪ ,‬فأخذت غ ير طريق هم‪ ,‬لن عبدت ها‬
‫هل كت‪ ,‬وكا نت هي حجارة أو نحا سا‪ ,‬فلم ي صبها ما أ صابها ودعو ها‪ ,‬فلم تجب هم‪ ,‬ولم تغث هم‪,‬‬
‫وذلك ضللها عنهم‪ ,‬وذلك إفكهم‪ ,‬يقول عزّ وجلّ هذه الَلهة التي ضلّت عن هؤلء الذين كانوا‬
‫يعبدونها من دون ال عند نزول بأس ال بهم‪ ,‬وفي حال طمعهم فيها أن تغيثهم‪ ,‬فخذلتهم‪ ,‬هو‬
‫إفكهـم‪ :‬يقول‪ :‬هـو كذبهـم الذي كانوا يكذّبون‪ ,‬ويقولون هؤلء آلهتنـا ومـا كانوا يفترون‪ ,‬يقول‪:‬‬
‫و هو الذي كانوا يفترون‪ ,‬فيقولون‪ :‬هي تقرّب نا إلى ال زُل فى‪ ,‬و هي شفعاؤ نا ع ند ال‪ .‬وأخرج‬
‫الكلم مخرج الف عل‪ ,‬والمعن يّ المفعول به‪ ,‬فق يل‪ :‬وذلك إفك هم‪ ,‬والمعن يّ ف يه‪ :‬المأفوك به لن‬
‫ال فك إن ما هو ف عل الَ فك‪ ,‬والَل هة مأفوك ب ها‪ .‬و قد م ضى البيان عن نظائر ذلك ق بل‪ ,‬قال‪:‬‬
‫وكذلك قوله‪ :‬وَما كانُوا يَ ْف َترُونَ‪.‬‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله َوذَلك إفْ ُكهُ مْ فقرأ ته عا مة قرّاء الم صار‪ :‬وذلك إفك هم بك سر‬
‫اللف و سكون الفاء و ضم الكاف بالمع نى الذي بيّ نا‪ .‬ورُوي عن ا بن عباس ر ضي ال عنه ما‬
‫في ذلك ما‪:‬‬
‫‪ 24214‬ـ حدث ني أح مد بن يو سف‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا القا سم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا هش يم‪ ,‬عن عوف‪ ,‬ع من‬
‫حدثه‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬أنه كان يقرأها « َوذَلِ كَ َأ ْفكَهُ مْ» يعني بفتح اللف والكاف وقال‪ :‬أضلهم‪.‬‬
‫فمن قرأ القراءة الولى التي عليها قرّاء المصار‪ ,‬فالهاء والميم في موضع خفض‪ .‬ومن قرأ‬
‫هذه القراءة التي ذكرناها عن ابن عباس فالهاء والميم في موضع نصب‪ ,‬وذلك أن معنى الكلم‬
‫على ذلك‪ ,‬وذلك صرفهم عن اليمان بال‪.‬‬
‫والصواب من القراءة في ذلك عندنا‪ ,‬القراءة التي عليها قرأة المصار لجماع الحجة عليها‪.‬‬

‫‪29‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن الْ ُقرْآن َـ فَلَمّا‬
‫َسـَت ِمعُو َ‬
‫ِنـ ي ْ‬
‫ّنـ ا ْلج ّ‬
‫صـ َرفْنَآ إَِليْك َـ نَفَرا م َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬وَِإذْ َ‬
‫ى قَ ْو ِمهِم مّنذِرِينَ }‪.‬‬
‫ضيَ وَّلوْاْ إَِل َ‬
‫صتُو ْا فََلمّا قُ ِ‬
‫حضَرُوهُ قَالُوَ ْا أَن ِ‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره مقرّ عا كفار قريش بكفرهم بما آمنت به الج نّ وَإذْ صَ َرفْنا إَليْ كَ يا محمد‬
‫ن ال ُقرْآ نَ ذكر أنهم صرفوا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم بالحادث‬
‫س َت ِمعُو َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫جّ‬‫نَفَرا مِ نَ ال ِ‬
‫الذي حدث من َرجْمهم بالشهب‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن زياد‪ ,‬عن سعيد بن جُبير‪ ,‬قال‪:‬‬
‫‪ 24215‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن تستمع‪ ,‬فلما ُرجِموا قالوا‪ :‬إن هذا الذي حدث في السماء لِشيء حدث في الرض‪,‬‬
‫كانت الج ّ‬
‫فذهبوا يطلبون حتى رأوا النبيّ صلى ال عليه وسلم خارجا من سوق عكاظ يصلي بأصحابه‬
‫الفجر‪ ,‬فذهبوا إلى قومهم‪.‬‬
‫‪ 24216‬ـ حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن أيوب‪ ,‬عن سعيد‬
‫حرِست‬
‫حرِست السماء‪ ,‬فقال الشيطان‪ :‬ما ُ‬
‫بن جُبير‪ ,‬قال‪« :‬لما بعث النبيّ صلى ال عليه وسلم ُ‬
‫إل ل مر قد حدث في الرض فب عث سراياه في الرض‪ ,‬فوجدوا ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‬
‫قائ ما ي صلي صلة الف جر بأ صحابه ب َنخْلة‪ ,‬و هو يقرأ‪ ,‬فا ستمعوا ح تى إذا فرغ وَّلوْا إلى قَ ْو ِمهِ مْ‬
‫ستَقِيمٍ»‪.‬‬
‫ُم ْنذِرِينَ‪ ...‬إلى قوله ُم ْ‬
‫‪ 24217‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن ال ُقرْآ نَ‪ ....‬إلى آخر الَية‪ ,‬قال‪ :‬لم‬
‫س َت ِمعُو َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫ن الجِ ّ‬
‫ص َرفْنا إَليْ كَ نَفَرا ِم َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَإذْ َ‬
‫تكن السماء تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وكانوا يقعدون مقا عد‬
‫للسـمع فلمـا بعـث ال محمدا صـلى ال عليـه وسـلم حرسـت السـماء حرسـا شديدا‪ ,‬و ُرجِمـت‬
‫ض أ مْ أرَادَ ِبهِ مْ َربّهُ مْ رَشَدا‬
‫ن فِي الرْ ِ‬
‫شرّ ُأرِيدَ ِب َم ْ‬
‫الشياط ين‪ ,‬فأنكروا ذلك‪ ,‬وقالوا‪ :‬ل َن ْدرِي َأ َ‬
‫فقال إبليـس‪ :‬لقـد حدث فـي الرض حدث‪ ,‬واجتمعـت إليـه الجنـّ‪ ,‬فقال‪ :‬تفرّقوا فـي الرض‪,‬‬
‫فأخبروني ما هذا الخبر الذي حدث في السماء‪ ,‬وكان أوّل بعث ركب من أهل نصيبين‪ ,‬وهي‬
‫أشراف الجنّ وساداتهم‪ ,‬فبعثهم إلى تهامة‪ ,‬فاندفعوا حتى بلغوا الوادي‪ ,‬وادي نخلة‪ ,‬فوجدوا نبيّ‬
‫ال صلى ال عل يه و سلم ي صلي صلة الغداة بب طن نخلة‪ ,‬فا ستمعوا فل ما سمعوه يتلو القرآن‪,‬‬
‫ي ال صلى ال عليه وسلم علم أنهم استمعوا إليه وهو يقرأ القرآن‬
‫قالوا‪ :‬أنصتوا‪ ,‬ولم يكن نب ّ‬
‫فلما قضي ولوا إلى قومهم منذرين‪.‬‬
‫ن فقال‬
‫صرَفْنا إَليْ كَ نَفَرا ِم نَ الجِ ّ‬
‫واختلف أ هل التأو يل في مبلغ عدد الن فر الذ ين قال ال وَإذْ َ‬
‫بعضهم‪ :‬كانوا سبعة نفر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24218‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الحميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا النضر بن عربيّ‪ ,‬عن عكرمة‪,‬‬
‫ن ال ُقرْآ نَ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال‪ :‬كانوا سبعة نفر‬
‫س َت ِمعُو َ‬
‫ن الجِ نّ يَ ْ‬
‫ك نَفَرا مِ َ‬
‫ص َرفْنا إَليْ َ‬
‫عن ابن عباس وَإذْ َ‬
‫من أهل نصيبين‪ ,‬فجعلهم رسول ال صلى ال عليه وسلم رسلً إلى قومهم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل كانوا تسعة‪ .‬نفر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫صرَفْنا إَليْكَ‬
‫‪24219‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن زِرّ وَإذْ َ‬
‫ن قال‪ :‬كانوا تسعة نفر فيهم زَوْبعة‪.‬‬
‫ن الجِ ّ‬
‫نَفَرا مِ َ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن ز ّر بن حبيش‪,‬‬
‫حضَرُو هُ قال‪ :‬كانوا ت سعة‬
‫قال‪ :‬أنزل على ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم و هو بب طن نخلة‪ ,‬فَلَمّا َ‬
‫أحدهم زَ ْو َبعَة‪.‬‬
‫ن الذين صرفهم ال إلى رسوله‬
‫ضرُو ُه يقول‪ :‬فلما حضر هؤلء النفر من الج ّ‬
‫وقوله‪ :‬فََلمّا حَ َ‬
‫نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫واختلف أهـل العلم فـي صـفة حضورهـم رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬فقال بعضهـم‪:‬‬
‫حضروا رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬يتعرّفون المـر الذي حدث مـن قبله مـا حدث فـي‬
‫السماء‪ ,‬ورسول ال صلى ال عليه وسلم ل يشعر بمكانهم‪ ,‬كما قد ذكرنا عن ابن عباس قبل‪.‬‬
‫وكما‪:‬‬
‫‪ 24220‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا هوذة‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عوف‪ ,‬عن الح سن‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإذْ‬
‫ن قال‪ :‬ما ش عر ب هم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ح تى جاؤوا‪,‬‬
‫ج ّ‬
‫صرَفْنا إَليْ كَ نَفَرا مِ نَ ال ِ‬
‫َ‬
‫ل إليهِ فيهم‪ ,‬وأخبر عنهم‪.‬‬
‫فأوحى ال عزّ وج ّ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل أ مر نبيّ ال صلى ال عل يه و سلم أن يقرأ علي هم القرآن‪ ,‬وأن هم جمعوا له‬
‫بعد أن تقدّم ال إليه بإنذارهم‪ ,‬وأمره بقراءة القرآن عليهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫صرَفْنا إَليْ كَ‬
‫‪ 24221‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَإ ْذ َ‬
‫ن ال ُقرْآ نَ قال‪ :‬ذ كر ل نا أن هم صرفُوا إل يه من ِن ْينَوَى‪ ,‬قال‪ :‬فإن نبيّ ال‬
‫س َت ِمعُو َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫ج ّ‬
‫نَفَرا مِ نَ ال ِ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬قال‪« :‬إني أمرت أن أقرأ القرآن على الج نّ‪ ,‬فأيكم يتبعني»؟ فأطرقوا‪ ,‬ثم‬
‫استتبعهم فأطرقوا‪ ,‬ثم استتبعهم الثالثة فأطرقوا‪ ,‬فقال رجل‪ :‬يا رسول ال إنك لذو بدئه‪ ,‬فاتبعه‬
‫عبد ال بن مسعود‪ ,‬فدخل رسول ال صلى ال عليه وسلم شعبا يقال له شعب الحجون‪ .‬قال‪:‬‬
‫وخ طّ نبيّ ال صلى ال عليه وسلم على عبد ال خطا ليثبته به‪ ,‬قال‪ :‬فجعلت تهوي بي وأرى‬
‫أمثال النسور تمشي في دفوفها‪ ,‬وسمعت لغطا شديدا‪ ,‬حتى خفت على نبيّ ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ,‬ثم تل القرآن فلما رجع نبيّ ال قلت‪ :‬يا نبيّ ال ما اللغط الذي سمعت؟ قال‪« :‬اجتمعوا‬
‫إل يّ في قت يل كان بين هم‪ ,‬فقُ ضي بين هم بالح قّ»‪ .‬وذُ كر ل نا أن ا بن م سعود ل ما َقدِم الكو فة رأى‬
‫شيوخا شُمطا من الزّط‪ ,‬فراعوه‪ ,‬قال‪ :‬من هؤلء؟ قالوا‪ :‬هؤلء نفر من العاجم‪ ,‬قال‪ :‬ما رأيت‬
‫للذين قرأ عليهم النبيّ صلى ال عليه وسلم السلم من الجنّ شبها أدنى من هؤلء‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬أن نبيّ ال صلى ال‬
‫عليه وسلم ذهب وابن مسعود ليلة دعا الجنّ‪ ,‬فخطّ النبيّ صلى ال عليه وسلم على ابن مسعود‬
‫خطا‪ ,‬ثم قال له‪« :‬ل تخرج منه»‪ .‬ثم ذهب النبيّ صلى ال عليه وسلم إلى الج نّ‪ ,‬فقرأ عليهم‬
‫القرآن‪ ,‬ثم ر جع إلى ا بن م سعود فقال‪ « :‬هل رأ يت شيئا»؟ قال‪ :‬سمعت لغَ طا شديدا‪ ,‬قال‪ :‬إن‬
‫ن تدارأت في قتيل قُتل بينها‪ ,‬ف ُقضِي بينهم بالحقّ‪ ,‬وسألوه الزاد‪ ,‬فقال‪« :‬كل عظم لكم عرق‪,‬‬
‫الج ّ‬
‫ل روث لكم خُضْرة»‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول ال تقذّرها الناس علينا‪ ,‬فنهى النبيّ صلى ال عليه‬
‫وك ّ‬
‫وسـلم أن يسـتنجى بأحدهمـا فلمـا قدم ابـن مسـعود الكوفـة رأى الزّطـّ‪ ,‬وهـم قوم طوال سـود‪,‬‬
‫صرِفوا‬
‫ظهَرُوا؟ فقيل له‪ :‬إن هؤلء قوم من الزّطّ‪ ,‬فقال ما أشبههم بالنفر الذين ُ‬
‫فأفزعوه‪ ,‬فقال‪ :‬أ َ‬
‫إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 24222‬ـ قال‪ :‬ثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ .‬عن يحيى بن أبي كثير‪ ,‬عن عبد ال بن عمرو بن‬
‫غَيلن الثقف يّ أنه قال لبن م سعود‪ :‬حُدثت أنك كنت مع رسول ال صلى ال عليه وسلم ليلة‬
‫وفد الجنّ‪ ,‬قال‪ :‬أجَل‪ ,‬قال‪ :‬فكيف كان؟ فذكر الحديث كله‪ .‬و ُذكِر أن النبيّ صلى ال عليه وسلم‬
‫خطّ عليه خطا وقال‪« :‬ل تبرح منها»‪ ,‬فذكر أن مثل العجاجة السوداء غشيت رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فذُعِر ثلث مرّات‪ ,‬حتى إذا كان قريبا من الصبح‪ ,‬أتاني رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقال‪« :‬أ ِنمْ تَ»؟ قلت‪ :‬ل وال‪ ,‬ولقد هممت مرارا أن أستغيث بالناس حتى سمعتك‬
‫تقرع هم بع صاك تقول‪« :‬اجل سوا»‪ ,‬قال‪« :‬لو خرج تَ لم آ من أن يختط فك بعض هم»‪ ,‬ثم قال‪:‬‬
‫« هل رأ يت شيئا؟» قال‪ :‬ن عم رأ يت رجالً سودا م ستشعري ثياب ب يض‪ ,‬قال‪« :‬أولئك ج نّ‬
‫ن صيبين‪ ,‬سألوني المتاع‪ ,‬والمتاع الزاد‪ ,‬فمتعت هم بكلّ ع ظم حائل أو بعرة أو رو ثة»‪ ,‬فقلت‪ :‬يا‬
‫حمَ ُه يَوْ مَ ُأكِل‪,‬‬
‫جدُوا عََل ْي ِه َل ْ‬
‫عظْما إلّ َو َ‬
‫جدُوا َ‬
‫رسول ال‪ ,‬وما يغني ذلك عنهم؟ قال‪« :‬إ ّنهُ مْ لَ نْ َي ِ‬
‫ج مِ نَ الخَل ِء ب َعظْ مٍ وَل‬
‫خرَ َ‬
‫حدٌ ِم ْنكُ مْ إذَا َ‬
‫س َتنْ ِقيَنّ أ َ‬
‫حبّها يَوْ مَ ُأكِلَ تْ‪ ,‬فَل يَ ْ‬
‫جدُوا فِيها َ‬
‫وَل رَ ْوثَ ًة إلّ َو َ‬
‫َبعْرَ ٍة وَل رَ ْوثَةٍ»‪.‬‬
‫‪ 24223‬ـ حدثني محمد بن عبد ال بن عبد الحكم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أبو زُرْعة وهب بن راشد‪,‬‬
‫قال‪ :‬قال يونس‪ ,‬قال ابن شهاب‪ :‬أخبرني أبو عثمان بن شبة الخزاعي‪ ,‬وكان من أهل الشام أن‬
‫ابن مسعود قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم لصحابه وهو بمكة‪« :‬مَنْ َأحَبّ م ْنكُ ْم أ نْ‬
‫ضرَ أ ْمرَ الج نّ الّليَْلةَ فَ ْليَ ْفعَلْ»‪ .‬فلم يحضر منهم أحد غيري‪ ,‬قال‪ :‬فانطلقنا حتى إذا كنا بأعلى‬
‫َيحْ ُ‬
‫م كة‪ ,‬خ طّ لي برجله خ طا‪ ,‬ثم أمر ني أن أجلس ف يه‪ ,‬ثم انطلق حتى قام فافت تح القرآن‪ ,‬فغشي ته‬
‫أ سودة كبيرة حالت بي ني وبي نه ح تى ما أ سمع صوته‪ ,‬ثم طفقوا يتقطعون م ثل ق طع ال سحاب‬
‫ذاهبين‪ ,‬حتى بقي منهم رهط‪ ,‬ففرغ رسول ال صلى ال عليه وسلم مع الفجر‪ ,‬فانطلق متبرّزا‪,‬‬
‫ثم أتاني فقال‪« :‬ما َفعَلَ الرّهْطُ»؟ قلت‪ :‬هم أولئك يا رسول ال‪ ,‬فأخذ عظما أو روثا أو جمجمة‬
‫فأعطاهم إياه زادا‪ ,‬ثم نهى أن يستطيب أحد بعظم أو روث‪.‬‬
‫حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمي عبد ال بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني‬
‫يونس‪ ,‬عن ابن شهاب‪ ,‬عن أبي عثمان بن شبة الخزاعي‪ ,‬وكان من أهل الشأم‪ ,‬أن عبد ال بن‬
‫مسعود قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فذكر مثله سواء‪ ,‬إل أنه قال‪ :‬فأعطاهم روثا‬
‫أو عظما زادا‪ ,‬ولم يذكر الجمجمة‪.‬‬
‫‪ 24224‬ـ حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني يونس‪ ,‬عن‬
‫الزهر يّ‪ ,‬عن عب يد ال بن ع بد ال‪ ,‬أن ا بن م سعود‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫حجُونِ»‪.‬‬
‫ن ُربُعا بال َ‬
‫ت الّليْلَ َة أقْرأُ عَلى الجِ ّ‬
‫وسلم يقول‪« :‬بِ ّ‬
‫واختلفوا في الموضع الذي تل عليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم فيه القرآن‪ ,‬فقال عبد‬
‫ال بن مسعود قرأ عليهم بالحَجون‪ ,‬وقد ذكرنا الرواية عنه بذلك‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬قرأ عليهم بنخلة‪ ,‬وقد ذكرنا بعض من قال ذلك‪ ,‬ونذكر من لم نذكره‪.‬‬
‫‪ 24225‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا خلد‪ ,‬عن زهير بن معاوية‪ ,‬عن جابر الجعفي‪ ,‬عن‬
‫عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس أن النفر الذين أتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم من ج نّ نصيبين‬
‫أتوه وهو بنخلة‪.‬‬
‫‪ 24226‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫صرَفْنا إَليْ كَ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد وَإذْ َ‬
‫ن قال‪ :‬لقيهم بنخلة ليلتئذ‪.‬‬
‫ن الجِ ّ‬
‫نَفَرا مِ َ‬
‫صتُوا يقول تعالى ذكره‪ :‬فلما حضروا القرآن ورسول ال صلى‬
‫حضَرُو ُه قالُوا أنْ ِ‬
‫وقوله‪ :‬فََلمّا َ‬
‫ال عليه وسلم يقرأ‪ ,‬قال بعضهم لبعض‪ :‬أنصتوا لنستمع القرآن‪ .‬كما‪:‬‬
‫ضرُو هُ‬
‫‪ 24227‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن زِرّ فََلمّا حَ َ‬
‫صتُوا قالوا‪ :‬صَهْ‪.‬‬
‫قالُوا أ ْن ِ‬
‫ح َبيْش‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثنا أبو أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن ِزرّ بن ُ‬
‫حضَرُو هُ‬
‫‪ 24228‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬فََلمّا َ‬
‫صتُوا قد علم القوم أنهم لن يعقلوا حتى ينصتوا‪.‬‬
‫قالُوا أ ْن ِ‬
‫ِيـ يقول‪ :‬فلمـا فرغ رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم مـن القراءة وتلوة‬
‫وقوله‪ :‬فَلَم ّا ُقض َ‬
‫القرآن‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24229‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ا بن عباس‪ ,‬فَلَمّا قُضِ يَ يقول‪ :‬فل ما فرغ من ال صلة وَلّوْا إلى قَ ْو ِمهِ مْ ُم ْنذِرِي نَ‪ .‬وقوله‪ :‬وَلّوْا إلى‬
‫قَ ْو ِم ِهمْ ُم ْنذِرِينَ يقول‪ :‬انصرفوا منذرين عذاب ال على الكفر به‪.‬‬
‫وذُكر عن ابن عباس أن رسول ال صلى ال عليه وسلم جعلهم رسلً إلى قومهم‪.‬‬
‫حمّان يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الن ضر‪ ,‬عن‬
‫‪ 24230‬ـ حدث نا بذلك أ بو كُرَ يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الحم يد ال ِ‬
‫عكرمـة‪ ,‬عـن ابـن عباس‪ .‬وهذا القول خلف القول الذي رُوي عنـه أنـه قال‪ :‬لم يكـن نـبيّ ال‬
‫صلى ال عليه وسلم علم أنهم استمعوا إليه وهو يقرأ القرآن‪ ,‬لنه محال أن يرسلهم إلى آخرين‬
‫إل بعد علمه بمكانهم‪ ,‬إل أن يقال‪ :‬لم يعلم بمكانهم في حال استماعهم للقرآن‪ ,‬ثم علم بعد قبل‬
‫انصرافهم إلى قومهم‪ ,‬فأرسلهم رسلً حينئذٍ إلى قومهم‪ ,‬وليس ذلك في الخبر الذي روي‪.‬‬

‫‪30‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫صدّقا ّلمَا‬
‫سىَ مُ َ‬
‫س ِم ْعنَا ِكتَابا أُنزِلَ مِن َب ْعدِ مُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قَالُو ْا يَقَ ْو َمنَآ ِإنّا َ‬
‫ستَقِيمٍ }‪.‬‬
‫ى طَرِيقٍ ّم ْ‬
‫حقّ وَإَِل َ‬
‫ي إِلَى ا ْل َ‬
‫َبيْنَ َي َديْ ِه َي ْهدِ َ‬
‫يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلء الذين صُرفوا إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫من الجن لقومهم لما انصرفوا إليهم من عند رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا قَ ْومَنا من الجنّ‬
‫ن َي َديْ هِ يقول‪ :‬يصدّق ما قبله من كتب‬
‫س ِمعْنا كِتابا ُأ ْنزِلَ مِ نْ َب ْعدِ كتاب مُو سَى مُ صَدّقا ِلمَا َب َي َ‬
‫إنّا َ‬
‫ال التي أنزلها على َرسُله‪.‬‬
‫طرِي قٍ‬
‫وقوله‪َ :‬ي ْهدِي إلى الحَ قّ يقول‪ :‬ير شد إلى ال صواب‪ ,‬ويدلّ على ما ف يه ل ر ضا وَإلى َ‬
‫ستَقِيمٍ يقول‪ :‬وإلى طريق ل اعوجاج فيه‪ ,‬وهو السلم‪ .‬وكان قتادة يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫ُم ْ‬
‫س ِمعْنا كِتابا ُأ ْنزِلَ‬
‫‪ 24231‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد عن قتادة أنه قرأ قالُوا يا قَ ْومَنا إنّا َ‬
‫طرِي قٍ مُ سْتَقِيمٍ فقال‪ :‬ما أ سرع ما‬
‫صدّقا لِمَا بَي نَ َي َديْ هِ َي ْهدِي إلى الحَ قّ وَإلى َ‬
‫ن َب ْعدِ مُو سَى مُ َ‬
‫مِ ْ‬
‫صرِفوا إليه من نينوي‪.‬‬
‫عقل القوم‪ ,‬ذُكر لنا أنهم ُ‬

‫‪32-31‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬يَ َق ْومَنَآ َأجِيبُواْ دَاعِ يَ اللّ هِ وَآ ِمنُواْ ِب هِ َيغْ ِفرْ َلكُ مْ مّن ُذنُو ِبكُ مْ‬
‫ب أَلِي مٍ * وَمَن لّ ُيجِ بْ دَاعِ يَ الّل ِه فَلَيْ سَ ِب ُم ْعجِ ٍز فِي الرْ ضَ وََليْ سَ لَ ُه مِن‬
‫عذَا ٍ‬
‫ج ْركُ مْ مّ نْ َ‬
‫َو ُي ِ‬
‫دُونِ ِه أَوِْليَآ ُء أُوْلَـ ِئكَ فِي ضَلَلٍ ّمبِينٍ }‪.‬‬
‫ن أجِيبُوا دَاعِ يَ الّل هِ‬
‫ن يا قَ ْومَنا من الج ّ‬
‫يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلء النفر من الج ّ‬
‫قالوا‪ :‬أجيبوا ر سول ال محمدا إلى ما يدعو كم إل يه من طا عة ال وآ ِمنُوا بِ هِ يقول‪ :‬و صدّقوه‬
‫في ما جاء كم به وقو مه من أ مر ال ونه يه‪ ,‬وغ ير ذلك م ما دعا كم إلى الت صديق به َيغْ ِفرْ َلكُ مْ‬
‫يقول‪ :‬يتغمد لكم ربكم من ذنوبكم فيسترها لكم ول يفضحكم بها في الَخرة بعقوبته إياكم عليها‬
‫عذَا بٍ إلِي مٍ يقول‪ :‬وينقذ كم من عذاب مو جع إذا أن تم تب تم من ذنوب كم‪ ,‬وأنب تم من‬
‫ج ْركُ ْم مِ نْ َ‬
‫و ُي ِ‬
‫كفركم إلى اليمان بال وبداعيه‪.‬‬
‫جزٍ فِي الرْ ضِ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل‬
‫وقوله‪َ :‬و َم نْ ل ُيجِ بْ دَاعِ يَ الّل هِ فََليْ سَ ِب ُم ْع ِ‬
‫هؤلء الن فر لقوم هم‪ :‬ومن ل ي جب أيّها القوم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم محمدا‪ ,‬وداع يه‬
‫جزٍ فِي الرْ ضِ يقول‪ :‬فل يس‬
‫إلى ما بع ثه بالدعاء إل يه من توحيده‪ ,‬والع مل بطاع ته فََليْ سَ ِب ُم ْع ِ‬
‫بمعجز ربه بهربه‪ ,‬إذا أراد عقوبته على تكذيبه داعيه‪ ,‬وتركه تصديقه وإن ذهب في الرض‬
‫س لَ هُ مِ نْ دُونِ هِ أوْلِياءُ يقول‪ :‬وليس لمن لم‬
‫هاربا‪ ,‬لنه حيث كان فهو في سلطانه وقبضته وََليْ َ‬
‫ي جب دا عي ال من دون ر به نُ صراء ين صرونه من ال إذا عاق به ر به على كفره به وتكذي به‬
‫داعيه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬أُوَلئِكَـ فِي ضَللٍ ُمبِينٍـ يقول‪ :‬هؤلء الذيـن لم يجيبوا داعـي ال فيصـدّقوا بـه‪ ,‬وبمـا‬
‫دعاهم إليه من توحيد ال‪ ,‬والعمل بطاعته في جور عن قصد السبيل‪ ,‬وأخذ على غير استقامة‪,‬‬
‫مبين‪ :‬يقول‪ :‬يبين لمن تأمله أنه ضلل‪ ,‬وأخذ على غير قصد‪.‬‬
‫‪33‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ت وَالرْ ضِ وَلَ ْم َيعْ يَ‬
‫سمَاوَا ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ{ :‬أوَلَ مْ َيرَوْاْ َأ نّ الّل هَ اّلذِي خَلَ قَ ال ّ‬
‫شيْءٍ َقدِيرٌ }‪.‬‬
‫ل َ‬
‫حيِـيَ ا ْل َم ْو َتىَ بََلىَ ِإنّهُ عََلىَ كُ ّ‬
‫ِبخَلْ ِقهِنّ ِبقَادِرٍ عََلىَ أَن ُي ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أو لم ينظر هؤلء المنكرون إحياء ال خلقه من بعد وفاتهم‪ ,‬وبعثه إياهم‬
‫من قبورهم بعد بلئهم‪ ,‬القائلون لَبائهم وأمهاتهم أفَ لكما أتعدانني أن أخرج وقد خلَت القرون‬
‫من قبلي فلم يبعثوا بأبصار قلوبهم‪ ,‬فيروا ويعلموا أن ال الذي خلق السموات السبع والرض‪,‬‬
‫ن وإحداثه نّ بِقا ِدرٍ على أ نْ‬
‫ن من غير ش يء‪ ,‬ولم يعي بإنشائه نّ‪ ,‬فيعجز عن اختراعه ّ‬
‫فابتدعه ّ‬
‫حيِي ال َم ْوتَى فيخرجهم من بعد بلئهم في قبورهم أحياء كهيئتهم قبل وفاتهم‪.‬‬
‫ُي ْ‬
‫واختلف أ هل العرب ية في و جه دخول الباء في قوله‪ :‬بِقا ِدرٍ فقال ب عض نحويي الب صرة‪ :‬هذه‬
‫ن وقال بعض نحويي الكوفة‪ :‬دخلت هذه‬
‫الباء كالباء في قوله‪ :‬كَفَى باللّ هِ وهو مثل َت ْنبُ تُ بالدّهْ ِ‬
‫الباء للمَ قال‪ :‬والعرب تدخلها مع الجحود إذا كانت رافعة لما قبلها‪ ,‬وتدخلها إذا وقع عليها فعل‬
‫ن أ نك بقائم‪ ,‬و ما ك نت بقائم‪ ,‬فإذا خل عت‬
‫يحتاج إلى ا سمين م ثل قولك‪ :‬ما أظ نك بقائم‪ ,‬و ما أظ ّ‬
‫الباء نصبت الذي كانت تعمل فيه‪ ,‬بما تعمل فيه من الفعل‪ ,‬قال‪ :‬ولو ألقيت الباء من قادر في‬
‫هذا الموضع رفع‪ ,‬لنه خبر لن‪ ,‬قال‪ :‬وأنشدني بعضهم‪:‬‬
‫ن المُسيّبِ ُم ْنتَهاها‬
‫حكِيمُ ب ُ‬
‫جعَتْ بخا ِئبَةٍ رِكاٌب َ‬
‫َفمَا َر َ‬
‫فأدخل الباء في فعل لو ألقيت منه نصب بالفعل ل بالباء‪ ,‬يقاس على هذا ما أشبهه‪.‬‬
‫وقال ب عض من أن كر قول الب صريّ الذي ذكر نا قوله‪ :‬هذه الباء دخلت للج حد‪ ,‬لن المجحود‬
‫حيِي المَ ْوتَى» قال‪:‬‬
‫في المعنى وإن كان قد حال بينهما بأ نّ «أ َو لَ مْ َيرَوْا أ نّ الّل َه قادِرٌ على أ نْ ُي ْ‬
‫فأنّ اسم َيرَوْا وما بعدها في صلتها‪ ,‬ول تدخل فيه الباء‪ ,‬ولكن معناه جحد‪ ,‬فدخلت للمعنى‪.‬‬
‫وحُكـي عـن البصـريّ أنـه كان يأبـى إدخال إلّ‪ ,‬وأن النحوييـن مـن أهـل الكوفـة يجيزونـه‪,‬‬
‫ويقولون‪ :‬ما ظننت أن زيدا إل قائما‪ ,‬وما ظننت أن زيدا بعالم‪ .‬وينشد‪:‬‬
‫ل زِيادا‬
‫ع ّميّةٍ إ ّ‬
‫ت ِم ْن ُه ْمعَلى َ‬
‫وََلسْتُ بِحاِلفٍ لَوََلدْ ُ‬
‫قال‪ :‬فأدخل إل بعد جواب اليمين‪ ,‬قال‪ :‬فأما «كَفَى بِالّل هِ»‪ ,‬فهذه لم تدخل إل لمعنى صحيح‪,‬‬
‫ت بالدهن فأجمعوا على أنها صلة‪ .‬وأشبه‬
‫ظرُ فَ بزيد‪ .‬قال‪ :‬وأما َت ْنبُ ُ‬
‫وهي للتعجّب‪ ,‬كما تقول ل َ‬
‫القوال في ذلك بال صواب قول من قال‪ :‬دخلت الباء في قوله بقا ِدرٍ للجَحْد‪ ,‬ل ما ذكر نا لقائلي‬
‫ذلك من العِلل‪.‬‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة قوله‪ :‬بِقا ِدرٍ فقرأ ذلك عامـة قرّاء المصـار‪ ,‬عـن أبـي إسـحاق‬
‫حدِر يّ والعرج بِقادِرٍ وهي الصحيحة عندنا لجماع قرّاء المصار عليها‪ .‬وأما الَخرون‬
‫جْ‬‫وال َ‬
‫الذ ين ذكرت هم فإن هم في ما ذُ كر عن هم كانوا يقرأون ذلك «يقدر» بالياء‪ .‬و قد ذُ كر أ نه في قراءة‬
‫ض قَا ِدرٌ» بغير باء‪ ,‬ففي ذلك حجة لمن‬
‫لرْ َ‬
‫سمَواتِ وَا َ‬
‫ن اللّ َه اّلذِي خَلَقَ ال ّ‬
‫عبد ال بن مسعود «أ ّ‬
‫شيْ ٍء قَدِيرٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬بلى‪ ,‬يقدر‬
‫ـ عَلى كُلّ َ‬
‫قرأه «بقا ِدرٍ» بالباء واللف‪ .‬وقوله‪ :‬بَلى إنّه ُ‬
‫ل شيء شاء خلقه‪,‬‬
‫الذي خلق السموات والرض على إحياء الموتى‪ :‬أي الذي خلق ذلك على ك ّ‬
‫وأراد فعله‪ ,‬ذو قدرة ل يعجزه ش يء أراده‪ ,‬ول يُعي يه ش يء أراد فعله‪ ,‬فيعي يه إنشاء الخلق ب عد‬
‫الفناء‪ ,‬لن من عجز عن ذلك فضعيف‪ ,‬فل ينبغي أن يكون إلها من كان عما أراد ضعيفا‪.‬‬

‫‪34‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س هَ ـذَا بِا ْلحَ قّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬ويَوْ َم ُيعْرَ ضُ اّلذِي نَ كَ َفرُواْ عََلىَ النّارِ أََليْ َ‬
‫قَالُواْ بََلىَ َو َربّنَا قَالَ َفذُوقُو ْا ا ْل َعذَابَ ِبمَا كُن ُتمْ َتكْ ُفرُونَ }‪.‬‬
‫ـم‬
‫ـث‪ ,‬وثواب ال عباده على أعمالهـ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ويوم يعرض هؤلء المكذّبون بالبعـ‬
‫ال صالحة‪ ,‬وعقا به إيا هم على أعمال هم ال سيئة‪ ,‬على النار‪ ,‬نار جه نم‪ ,‬يقال ل هم حينئذٍ‪ :‬أل يس هذا‬
‫العذاب الذي تعذّبونـه اليوم‪ ,‬وقـد كنتـم تكذّبون بـه فـي الدنيـا بالحقـّ‪ ,‬توبيخـا مـن ال لهـم على‬
‫تكذيب هم به‪ ,‬كان في الدن يا قالُوا بَلى َو َربّ نا يقول‪ :‬فيج يب هؤلء الكفرة من فور هم بذلك‪ ,‬بأن‬
‫ق وال قال‪ :‬فَذُوقُوا ال َعذَا بَ بِمَا ُك ْنتُ مْ َتكْ ُفرُو نَ يقول‪ :‬فقال ل هم المقرّر بذلك‪:‬‬
‫يقولوا بلى هو الح ّ‬
‫فذوقوا عذاب النار الَن بما كنتم تجحدونه في الدنيا‪ ,‬وتنكرونه‪ ,‬وتأبَون القرار إذا دُعيتم إلى‬
‫التصديق به‪.‬‬

‫‪35‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س َت ْعجِل ّلهُ مْ‬
‫ن الرّ سُلِ َولَ تَ ْ‬
‫صبَ َر أُوْلُواْ ا ْل َعزْ مِ مِ َ‬
‫ص ِبرْ َكمَا َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬فَا ْ‬
‫لغٌ َفهَلْ ُيهَْلكُ ِإلّ ا ْلقَ ْومُ ا ْلفَاسِقُونَ }‪.‬‬
‫عةً مّن ّنهَارٍ بَ َ‬
‫ن َلمْ يَ ْل َبثُوَ ْا ِإلّ سَا َ‬
‫عدُو َ‬
‫ن مَا يُو َ‬
‫َكَأ ّنهُمْ َي ْومَ َيرَوْ َ‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬مثب ته على المض يّ ل ما قلّده من عبْءِ‬
‫الر سالة‪ ,‬وث قل أحمال النبوّة صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬وآمره بالئت ساء في العزم على النفوذ لذلك‬
‫بأولي العزم من قبله من ر سله الذ ين صبروا على عظ يم ما َلقُوا ف يه من قوم هم من المكاره‪,‬‬
‫ص ِبرْ يا محمد على ما أصابك في ال من أذى مكذّبيك‬
‫ونالهم فيه منهم من الذى والشدائد فا ْ‬
‫صبَرَ أُولُوا ال َعزْ مِ على القيام بأ مر ال‪ ,‬والنتهاء‬
‫من قو مك الذ ين أر سلناك إلي هم بالنذار كمَا َ‬
‫إلى طاع ته من ر سله الذ ين لم ينه هم عن النفوذ لمره‪ ,‬ما نال هم ف يه من شدّة‪ .‬وق يل‪ :‬إن أولي‬
‫العزم من هم‪ ,‬كانوا الذ ين ام ُتحِنوا في ذات ال في الدن يا بالمِحَن‪ ,‬فلم تزد هم الم حن إل جدّا في‬
‫أمر ال‪ ,‬كنوح وإبراهيم وموسى ومن أشبههم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24232‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ثوا بة بن م سعود‪ ,‬عن عطاء‬
‫ن الرّ سُلِ نوح وإبراه يم ومو سى وعي سى‬
‫صبَ َر أُولُو ال َعزْ مِ ِم َ‬
‫ص ِبرْ كمَا َ‬
‫الخُرا سانيّ‪ ,‬أ نه قال فا ْ‬
‫ومحمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫صبَرَ أُولُو‬
‫ص ِبرْ كمَا َ‬
‫‪ 24233‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة فا ْ‬
‫ال َعزْمِ ِمنَ ال ّرسُلِ كنا نحدّث أن إبراهيم كان منهم‪.‬‬
‫وكان ابن زيد يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫صبِرْ كمَا‬
‫‪ 24234‬ـ حدثني به يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فا ْ‬
‫ل إل كان ذا‬
‫ن الرّ سُلِ قال‪ :‬كلّ الر سل كانوا أولي عزم لم يت خذ ال ر سو ً‬
‫ص َبرَ أُولُو ال َعزْ مِ ِم َ‬
‫َ‬
‫عزم‪ ,‬فاصبر كما صبروا‪.‬‬
‫‪ 24235‬ـ حدث نا ا بن سنان القزّاز‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد ال بن رجاء‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا إ سرائيل‪ ,‬عن‬
‫ل قال‪ :‬سماه ال من‬
‫ن الرّسُ ِ‬
‫ص َبرَ أُولُو ال َعزْمِ مِ َ‬
‫سالم‪ ,‬عن سعيد بن جُبير‪ ,‬في قوله‪ :‬فاصْ ِبرْ كمَا َ‬
‫شدّته العزم‪.‬‬
‫ستَ ْعجِلْ َلهُ مْ يقول‪ :‬ول ت ستعجل علي هم بالعذاب‪ ,‬يقول‪ :‬ل تع جل بم سألتك ر بك‬
‫وقوله‪ :‬وَل تَ ْ‬
‫ن نَهارٍ‬
‫ل ساعَ ًة مِ ْ‬
‫ن لَ مْ يَ ْل َبثُوا إ ّ‬
‫عدُو َ‬
‫ذلك لهم فإن ذلك نازل بهم ل محالة كأ ّنهُ مْ يو مَ َيرَ ْو نَ ما يُو َ‬
‫يقول‪ :‬كأن هم يوم يرون عذاب ال الذي يعد هم أ نه منزله ب هم‪ ,‬لم يلبثوا في الدن يا إل ساعة من‬
‫نهار‪ ,‬ل نه ين سيهم شدّة ما ينزل ب هم من عذا به‪ ,‬قدر ما كانوا في الدن يا لبثوا‪ ,‬ومبلغ ما في ها‬
‫سنِينَ؟ قالُوا َل ِبثْ نا‬
‫ع َددَ ِ‬
‫ل َل ِب ْثتُ مْ فِي الرْ ضِ َ‬
‫مكثوا من ال سنين والشهور‪ ,‬ك ما قال جلّ ثناؤه‪ :‬قا َ‬
‫سأَلِ العادّينَ‪.‬‬
‫ض يَ ْومٍ‪ ,‬فا ْ‬
‫يَوْما أوْ َبعْ َ‬
‫وقوله‪ :‬بَلغٌ فِيهِ وجهان‪ :‬أحدهما أن يكون معناه‪ :‬لم يلبثوا إل ساعة من نهار ذلك لبث بلغ‪,‬‬
‫بمع نى‪ :‬ذلك بلغ ل هم في الدن يا إلى أجل هم‪ ,‬ثم حذ فت ذلك ل بث‪ ,‬و هي مرادة في الكلم اكتفاء‬
‫بدللة ما ذكر من الكلم عليها‪ .‬والَخر‪ :‬أن يكون معناه‪ :‬هذا القرآن والتذكير بلغ لهم وكفاية‪,‬‬
‫إن فكّروا واعتبروا فتذكروا‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬فهـل يهلك ال بعذابـه إذا أنزله إل‬
‫الفاسـقُو َ‬
‫ِ‬ ‫ْمـ‬
‫َكـ إلّ القَو ُ‬
‫وقوله‪َ :‬فهَلْ ُيهْل ُ‬
‫القوم الذين خالفوا أمره‪ ,‬وخرجوا عن طاعته وكفروا به‪ .‬ومعنى الكلم‪ :‬وما يهلك ال إل القوم‬
‫الفاسقين‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24236‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪َ :‬فهَلْ ُيهْلَ كُ إلّ‬
‫القَوْ ُم الفا سِقُونَ َتعَلّموا ما يهلك على ال إل هالك ولى ال سلم ظهرَه أو منا فق صدّق بل سانه‬
‫ع ْبدٍ ِم نْ ُأمّتِي هَ مّ‬
‫وخالف بعمله‪ .‬ذُ كر ل نا أن نبيّ ال صلى ال عل يه و سلم كان يقول‪« :‬أيّمَا َ‬
‫ع ْبدٍ هَ ّم ب سَ ّيئَ ٍة لَ مْ ُت ْكتَ بْ عََليْ هِ‪,‬‬
‫شرَ أمْثاِلهَا‪ .‬وأ ّيمَا َ‬
‫عْ‬‫ت لَ هُ َ‬
‫عمِلها ُك ِتبَ ْ‬
‫ِبحَ سَنَ ٍة ُك ِتبَ تْ َل هُ وَاحدَةٌ‪ ,‬وَإ نْ َ‬
‫حدَةً‪ُ ,‬ثمّ كانَ َي ْت َبعُها‪ ,‬و َي ْمحُوها اللّهُ وَل َيهِْلكُ إلّ هاِلكٌ»‪.‬‬
‫س ّيئَةً وَا ِ‬
‫عمِلَها ُك ِتبَتْ َ‬
‫فإنْ َ‬

‫سورة محمد‬
‫مدنية‬
‫وآياتها ثمان وثلثون‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬
‫‪2-1‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ُمـ *‬
‫عمَاَله ْ‬
‫ّهـ َأضَلّ أَ ْ‬
‫سـبِيلِ الل ِ‬
‫َصـدّواْ عَن َ‬
‫ِينـ كَ َفرُواْ و َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬اّلذ َ‬
‫ع ْنهُ مْ‬
‫حمّدٍ وَهُ َو ا ْلحَ قّ مِن ّر ّبهِ مْ كَ ّفرَ َ‬
‫ى ُم َ‬
‫عمِلُو ْا ال صّاِلحَاتِ وَآ َمنُو ْا بِمَا ُنزّلَ عََل َ‬
‫ن آ َمنُواْ َو َ‬
‫وَاّلذِي َ‬
‫ح بَاَلهُمْ }‪.‬‬
‫س ّيئَا ِت ِهمْ وََأصْلَ َ‬
‫َ‬
‫قال أ بو جع فر‪ :‬يقول تعالى ذكره‪ :‬الذ ين جحدوا توح يد ال وعبدوا غيره و صدّوا من أراد‬
‫عبادتَه والقرار بوحدانيتـه‪ ,‬وتصـديق نـبيه محمـد صـلى ال عليـه وسـلم عـن الذي أراد مـن‬
‫َهمـ يقول‪ :‬جعـل ال أعمالهـم ضللً على غيـر هدى‬
‫السـلم والقرار والتصـديق أضَلّ أعمال ْ‬
‫وغيـر رشاد‪ ,‬لنهـا عملت فـي سـبيل الشيطان وهـي على غيـر اسـتقامة وَاّلذِين َـ آ َمنُوا وَعمِلُوا‬
‫الصـّالِحاتِ يقول تعالى ذكره‪ :‬والذ ين صـدّقوا ال وعملوا بطاع ته‪ ,‬واتبعوا أمره ونهيـه وآ َمنُوا‬
‫ح ّمدٍ يقول‪ :‬وصـدّقوا بالكتاب الذي أنزل ال على محمـد وَ ُهوَ الحَقّـ مِن ْـ َر ّبهِم ْـ‬
‫بِمَا ُنزّلَ على ُم َ‬
‫سيّئا ِتهِمْ يقول‪ :‬محا ال عنهم بفعلهم ذلك سيىء ما عملوا من العمال‪ ,‬فلم يؤاخذهم‬
‫ع ْنهُ مْ َ‬
‫كَ ّفرَ َ‬
‫ح باَلهُ مْ يقول‪ :‬وأ صلح شأن هم وحال هم في الدن يا ع ند أوليائه‪ ,‬و في‬
‫به‪ ,‬ولم يعاقب هم عل يه وأ صْلَ َ‬
‫الَخرة بأن أورثهم نعيم البد والخلود الدائم في جنانه‪.‬‬
‫وذُ كر أ نه ع نى بقوله‪ :‬اّلذِي نَ كَ َفرُوا‪ ...‬ال ية أ هل م كة‪ ,‬وَاّلذِي نَ آ َمنُوا وَعمِلُوا ال صّالحِاتِ‪...‬‬
‫الية‪ ,‬أهل المدينة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24237‬ـ حدث ني إ سحاق بن و هب الوا سطي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عب يد ال بن مو سى‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا‬
‫ن كَ َفرُوا‬
‫إ سرائيل‪ ,‬عن أ بي يح يى القتات‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬عن ع بد ال بن عباس‪ ,‬في قوله‪ :‬اّلذِي َ‬
‫ن آ َمنُوا وَعمِلُوا الصّالِحاتِ قال‪ :‬النصار‪.‬‬
‫سبِيلِ اللّ ِه قال‪ :‬نزلت في أهل مكة وَاّلذِي َ‬
‫ن َ‬
‫صدّوا عَ ْ‬
‫َو َ‬
‫ح باَلهُمْ قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في معنى قوله‪ :‬وأصْلَ َ‬
‫‪ 24238‬ـ حدث ني إ سحاق بن و هب الوا سطي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عب يد ال بن مو سى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا‬
‫إسرائيل‪ ,‬عن أبي يحيى القتات‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬عن عبد ال بن عباس وأصْلَحَ باَل ُهمْ قال‪ :‬أمرهم‪.‬‬
‫‪24239‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ح باَلهُمْ قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد وأصْلَ َ‬
‫شأنهم‪.‬‬
‫‪ 24240‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وأ صْلَحَ باَلهُ مْ قال‪ :‬أصلح‬
‫حالهم‪.‬‬
‫حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وأ صْلَحَ باَلهُ مْ‬
‫قال‪ :‬حالهم‪.‬‬
‫‪24241‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وأصْلَحَ باَلهُمْ قال‬
‫حالهـم‪ .‬والبال‪ :‬كالمصـدر مثـل الشأن ل يعرف منـه فعـل‪ ,‬ول تكاد العرب تجمعـه إل فـي‬
‫ضرورة شعر‪ ,‬فإذا جمعوه قالوا بالت‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن آ َمنُو ْا ا ّت َبعُواْ‬
‫ن كَ َفرُواْ ا ّت َبعُو ْا ا ْلبَاطِلَ وََأ نّ اّلذِي َ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬ذَلِ كَ ِبأَ ّ‬
‫ب اللّ ُه لِلنّاسِ َأ ْمثَاَل ُهمْ }‪.‬‬
‫حقّ مِن رّ ّب ِهمْ َكذَِلكَ َيضْرِ ُ‬
‫ا ْل َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الذي فعلنا بهذين الفريقين من إضللنا أعمال الكافرين‪ ,‬وتكفيرنا عن‬
‫ل فريـق منهـم على فعله‪ .‬أمـا الكافرون فأضللنـا‬
‫الذيـن آمنوا وعملوا الصـالحات‪ ,‬جزاء منـا لك ّ‬
‫أعمالهم‪ ,‬وجعلناها على غير استقامة وهدى‪ ,‬بأنهم اتبعوا الشيطان فأطاعوه‪ ,‬وهو الباطل‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪24250‬حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة‪ ,‬وعباس بن محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حجاج بن محمد‪,‬‬
‫ن اّلذِي نَ كَ َفرُوا ا ّت َبعُوا الباطِلَ‬
‫جرَ يج‪ :‬أ خبرني خالد أ نه سمع مجاهدا يقول ذل كَ بأ ّ‬
‫قال‪ :‬قال ا بن ُ‬
‫قال‪ :‬البا طل‪ :‬الشيطان‪ .‬وأما المؤمنون فكفّرنا عنهم سيئاتهم‪ ,‬وأصلحنا لهم حال هم بأنهم اتبعوا‬
‫الح قّ الذي جاءهم من ربهم‪ ,‬وهو محمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وما جاءهم به من عند ربه من‬
‫ب اللّهُ للنّاسِ أمْثاَلهُمْ يقول عزّ وجلّ‪ :‬كما بينت لكم أيها الناس فعلي‬
‫ضرِ ُ‬
‫النور والبرهان َكذَلكَ َي ْ‬
‫ل قوم مـن‬
‫بفريـق الكفـر واليمان‪ ,‬كذلك نمثـل للناس المثال‪ ,‬ونشبـه لهـم الشباه‪ ,‬فنلحـق بك ّ‬
‫المثال أشكالً‪.‬‬
‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫حّتىَ ِإذَآ َأ ْثخَنتُمُوهُ مْ‬
‫ن كَ َفرُواْ َفضَرْ بَ ال ّرقَا بِ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬فِإذَا لَقِيتُ مُ اّلذِي َ‬
‫صرَ‬
‫ل ْنتَ َ‬
‫ب أَ ْوزَارَهَا ذَلِ كَ وََل ْو َيشَآ ُء اللّ هُ َ‬
‫حرْ ُ‬
‫حّتىَ تَضَ عَ ا ْل َ‬
‫ق فَإِمّا مَنّا َب ْعدُ وَإِمّا ِفدَآ ًء َ‬
‫شدّو ْا الْ َوثَا َ‬
‫فَ ُ‬
‫عمَاَل ُهمْ }‪.‬‬
‫ل أَ ْ‬
‫سبِيلِ الّلهِ فَلَن يُضِ ّ‬
‫ن ُقتِلُواْ فِي َ‬
‫ضكُمْ ِب َبعْضٍ وَاّلذِي َ‬
‫ِم ْنهُمْ وَلَـكِن ّل َيبُْلوَ َب ْع َ‬
‫ن كَ َفرُوا بال ور سوله من أ هل‬
‫يقول تعالى ذكره لفريق اليمان به وبر سوله‪ :‬فَإذَا لَ ِقيُت مُ اّلذِي َ‬
‫الحرب‪ ,‬فاضربوا رقابهم‪.‬‬
‫خنْ ُتمُوهُ مْ َفشُدّوا الوَثا قَ يقول‪ :‬ح تى إذا غلبتمو هم وقهر تم من لم تضربوا‬
‫وقوله‪ :‬ح تى إذَا أ ْث َ‬
‫شدّوا الوَثا قَ يقول‪ :‬فشدّو هم في الوثاق كيل يقتلو كم‪,‬‬
‫رقب ته من هم‪ ,‬ف صاروا في أيدي كم أ سرى فَ ُ‬
‫فيهربوا منكم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فإمّا مَنّا َب ْعدُ وإمّا ِفدَاءً يقول‪ :‬فإذا أ سرتموهم ب عد الثخان‪ ,‬فإ ما أن تمنوا علي هم ب عد‬
‫ذلك بإطلق كم إيا هم من ال سر‪ ,‬وتحررو هم بغ ير عوض ول فد ية‪ ,‬وإ ما أن يفادو كم فداء بأن‬
‫يعطوكم من أنفسهم عوضا حتى تطلقوهم‪ ,‬وتخلوا لهم السبيل‪.‬‬
‫شدّوا الوَثا قَ‪ ,‬فإمّا مَنّا َب ْعدُ وَإمّا فِداءً فقال‬
‫خ ْن ُتمُوهُ مْ َف ُ‬
‫واختلف أ هل العلم في قوله‪ :‬ح تى إذَا أ ْث َ‬
‫ج ْد ُتمُوهُم وقوله فإمّا َتثْ َق َف ّنهُ مْ في‬
‫حيْ ثُ َو َ‬
‫ن َ‬
‫بعض هم‪ :‬هو من سوخ ن سخه قوله‪ :‬فا ْقتُلُوا ال ُمشْرِكي َ‬
‫ن خَلْ ِف ُهمْ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حرْب َفشَ ّردْ ِب ِهمْ مِ ْ‬
‫ال َ‬
‫جرَيج أنه‬
‫حمَيد وابن عيسى الدامغان يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن المبارك‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫‪ 24242‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫حيْثُ وَج ْدتُمو ُهمْ‪.‬‬
‫ن َ‬
‫شرِكِي َ‬
‫كان يقول‪ ,‬في قوله‪ :‬فإمّا َمنّا َب ْعدُ وَإمّا فِداءً نسخها قوله‪ :‬فاقْتُلوا الم ْ‬
‫‪24243‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن السديّ فإمّا َمنّا َب ْعدُ‬
‫ج ْد ُتمُو ُهمْ‪.‬‬
‫حيْثُ َو َ‬
‫ن َ‬
‫شرِكي َ‬
‫وَإمّا فِدا ًء قال‪ :‬نسخها فا ْقتُلُوا ال ُم ْ‬
‫‪24244‬ـ حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة فإمّا َمنّا َب ْعدُ‬
‫ن خَلْ َف ُهمْ‪.‬‬
‫حرْبِ َفشَ ّردْ ِب ِهمْ مَ ْ‬
‫وَإمّا فِدا ًء نسخها قوله‪ :‬فإمّا َتثْقَ َف ّن ُهمْ فِي ال َ‬
‫ن كَ َفرُوا إلى‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬فإذَا لَ ِقيُت مُ الّذي َ‬
‫قوله‪ :‬وَإمّا ِفدَاءً كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم‪ ,‬فإذا أسروا منهم أسيرا‪ ,‬فليس لهم إل‬
‫حرْ بِ َفشَ ّردْ ِبهِ مْ‬
‫أن يُفادوه‪ ,‬أو يمنوا عليه‪ ,‬ثم ير سلوه‪ ,‬فنسخ ذلك بعد قوله‪ :‬فإمّا َتثْقَ َف ّنهُ مْ فِي ال َ‬
‫ن خَلْ َف ُهمْ‪ :‬أي عظ بهم من سواهم من الناس لعلهم يذّكرون‪.‬‬
‫مَ ْ‬
‫‪ 24245‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن عبد الكريم الجزري‪,‬‬
‫قال‪ :‬كتب إلى أبي بكر رضي ال عنه في أسير أُسر‪ ,‬فذكر أنهم التمسوه بفداء كذا وكذا‪ ,‬فقال‬
‫ب إليّ من كذا وكذا‪.‬‬
‫أبو بكر‪ :‬اقتلوه‪ ,‬لقتلُ رجل من المشركين‪ ,‬أح ّ‬
‫‪ 24246‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن كَ َفرُوا َفضَرْبَ الرّقا بِ‪ ...‬إلى آخر الية‪ ,‬قال‪ :‬الفداء منسوخ‪,‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬فإذَا لَ ِقيُت مُ اّلذِي َ‬
‫صدٍ قال‪ :‬فلم يبق لحد من المشركين عهد ول‬
‫حرُمُ‪ ...‬إلى كُلّ َمرْ َ‬
‫خ الشْ ُهرُ ال ُ‬
‫نسختها‪ :‬فإذَا انْسَلَ َ‬
‫حرمة بعد براءة‪ ,‬وانسلخ الشهر الحَرم‪.‬‬
‫‪ 24247‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ُمـ‬
‫شهُ ُر الحُر ُ‬
‫ْسـلَخَ ال ْ‬
‫يقول فـي قوله‪ :‬فإمّا مَنّا َب ْعدُ وَإمّا فِدا ًء هذا منسـوخ‪ ,‬نسـخه قوله‪ :‬فإذَا ان َ‬
‫ج ْد ُتمُو ُهمْ فلم يبق لحد من المشركين عهد ول ذمة بعد براءة‪.‬‬
‫حيْثُ َو َ‬
‫ش ِركِينَ َ‬
‫فا ْقتُلُوا ال ُم ْ‬
‫وقال آخرون‪ :‬هي محكمة وليست بمنسوخة‪ ,‬وقالوا‪ :‬ل يجوز قتل السير‪ ,‬وإنما يجوز الم نّ‬
‫عليه والفداء‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24248‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عتاب سهل بن حماد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا خالد بن جعفر‪,‬‬
‫ل يقتله‪ ,‬فقال ا بن ع مر‪ :‬ل يس‬
‫عن الح سن‪ ,‬قال‪ :‬أ تى الحجاج بأ سارى‪ ,‬فد فع إلى ا بن ع مر رج ً‬
‫خنْ ُتمُوهُ مْ َفشُدّوا الوَثا قَ‪ ,‬فإمّا مَنّا َب ْعدُ وَإمّا فِدا ًء قال‪:‬‬
‫ل ح تى إذَا أ ْث َ‬
‫بهذا أُمر نا‪ ,‬قال ال عزّ وج ّ‬
‫البكا بين يديه فقال الحسن‪ :‬لو كان هذا وأصحابه لبتدروا إليهم‪.‬‬
‫جرَيج‪ ,‬عن‬
‫‪24249‬ـ حدثنا ابن حميد وابن عيسى الدامغانيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن المبارك‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫عطاء أنه كان يكره قتل المشرك صبرا‪ ,‬قال‪ :‬ويتلو هذه الية فإمّا َمنّا َب ْعدُ وَإمّا فِداءً‪.‬‬
‫‪ 24250‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪ :‬ل تقتل‬
‫الُسارى إل في الحرب يهيب بهم العدوّ‪.‬‬
‫‪24251‬ـ قال‪ :‬ثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬كان عمر بن عبد العزيز يفديهم الرجل بالرجل‪,‬‬
‫وكان الحسن يكره أن يفادي بالمال‪.‬‬
‫‪ 24252‬ـ قال‪ :‬ثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن رجل من أهل الشأم ممن كان يحرس عمر بن‬
‫عبد العزيز‪ ,‬وهو من بني أسد‪ ,‬قال‪ :‬ما رأيت عمر رحمه ال قتل أسيرا إل واحدا من الترك‬
‫كان جيـء بأسـارى مـن الترك‪ ,‬فأمـر بهـم أن يُسـترقوا‪ ,‬فقال رجـل ممـن جاء بهـم‪ :‬يـا أميـر‬
‫المؤمنين‪ ,‬لو كنت رأيت هذا لحدهم وهو يقتل المسلمين لكثر بكاؤك عليهم‪ ,‬فقال عمر‪ :‬فدونك‬
‫فاقتله‪ ,‬فقام إليه فقتله‪.‬‬
‫والصواب من القول عندنا في ذلك أن هذه الية محكمة غير منسوخة‪ ,‬وذلك أن صفة الناسخ‬
‫والمنسوخ ما قد بيّنا في غير موضع في كتابنا إنه ما لم يجز اجتماع حكميهما في حال واحدة‪,‬‬
‫أو ما قا مت الح جة بأن أحده ما نا سخ الَ خر‪ ,‬وغ ير م ستنكر أن يكون ج عل الخيار في الم نّ‬
‫والفداء والق تل إلى الر سول صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬وإلى القائم ين بعده بأ مر ال مة‪ ,‬وإن لم ي كن‬
‫الق تل مذكورا في هذه ال ية‪ ,‬ل نه قد أذن بقتل هم في آ ية أخرى‪ ,‬وذلك قوله‪ :‬فَا ْقتُلُوا ال ُمشْركِي نَ‬
‫ج ْدتُمُوهُ مْ‪ ....‬الية‪ ,‬بل ذلك كذلك‪ ,‬لن رسول ال صلى ال عليه وسلم كذلك كان يفعل‬
‫حيْ ثُ َو َ‬
‫َ‬
‫ن على بعض‪ ,‬مثل‬
‫فيمن صار أسيرا في يده من أهل الحرب‪ ,‬فيقتل بعضا‪ ,‬ويفادي ببعض‪ ,‬ويم ّ‬
‫يوم بدر ق تل عق بة بن أ بي ُمعَيْط و قد أُ تي به أ سيرا‪ ,‬وق تل ب ني ُقرَي ظة‪ ,‬و قد نزلوا على ح كم‬
‫ن علي هم قادر‪ ,‬وفادى بجما عة أ سارى‬
‫سعد‪ ,‬و صاروا في يده سلِما‪ ,‬و هو على فدائ هم‪ ,‬والم ّ‬
‫المشرك ين الذ ين أُ سروا ببدر‪ ,‬وم نّ على ثما مة بن أثال الحنف يّ‪ ,‬و هو أ سير في يده‪ ,‬ولم يزل‬
‫ذلك ثاب تا من سيره في أهل الحرب من لدن أذن ال له بحربهم‪ ,‬إلى أن قب ضه إليه صلى ال‬
‫ل ثناؤه في هذه الية المنّ والفداء في السارى‪ ,‬فخصّ‬
‫عليه وسلم دائما ذلك فيهم‪ ,‬وإنما ذكر ج ّ‬
‫ذكرهما فيها‪ ,‬لن المر بقتلهما والذن منه بذلك قد كان تقدم في سائر آي تنزيله مكرّرا‪ ,‬فأعلم‬
‫نبيه صلى ال عليه وسلم بما ذكر في هذه الية من المنّ والفداء ماله فيهم مع القتل‪.‬‬
‫ْبـ أ ْوزَارَهـا يقول تعالى ذكره‪ :‬فإذا لقيتـم الذيـن كفروا فاضربوا‬
‫حر ُ‬‫َعـ ا ْل َ‬
‫وقوله‪ :‬حتـى َتض َ‬
‫رقابهم‪ ,‬وافعلوا بأسراهم ما بيّنت لكم‪ ,‬حتى تضع الحرب آثامها وأثقال أهلها‪ ,‬المشركين بال‬
‫بأن يتوبوا إلى ال مـن شركهـم‪ ,‬فيؤمنوا بـه وبرسـوله‪ ,‬ويطيعوه فـي أمره ونهيـه‪ ,‬فذلك وضـع‬
‫حرْ بُ أ ْوزَارَها والمعنى‪ :‬حتى تلقي الحرب أوزار أهلها‪.‬‬
‫الحرب أوزارها‪ ,‬وقيل‪ :‬حتى َتضَ عَ ا ْل َ‬
‫وق يل‪ :‬مع نى ذلك‪ :‬ح تى ي ضع المحارب أوزاره‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال أ هل التأو يل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24253‬ــ حدثنـي محمـد بـن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا أبـو عاصـم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا عيسـى‪ :‬وحدثنـي‬
‫الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪:‬‬
‫ل يهود يّ ون صرانيّ‬
‫ح تى َتضَ َع الحَرْ بُ أ ْوزَارَ ها قال‪ :‬ح تى يخرج عي سى ا بن مر يم‪ ,‬في سلم ك ّ‬
‫وصـاحب ملة‪ ,‬وتأمـن الشاة مـن الذئب‪ ,‬ول تقرض فأرة جِرابـا‪ ,‬وتذهـب العداوة مـن الشياء‬
‫كلهـا‪ ,‬ذلك ظهور السـلم على الديـن كله‪ ,‬وينعـم الرجـل المسـلم حتـى تقطـر رجله دمـا إذا‬
‫وضعها‪.‬‬
‫حرْ بُ‬
‫‪ 24254‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬حتى َتضَ عَ ا ْل َ‬
‫أ ْوزَارَها حتى ل يكون شرك‪.‬‬
‫حرْبُـ‬
‫حدثنـا ابـن عبـد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ابـن ثور‪ ,‬عـن معمـر‪ ,‬عـن قتادة حتـى َتضَع َـ ا ْل َ‬
‫أ ْوزَارَها قال‪ :‬حتى ل يكون شرك‪.‬‬
‫عنِي بالحرب في هذا الموضع‪ :‬المحاربون‪.‬‬
‫ذكر من قال‪ُ :‬‬
‫حرْبُ‬
‫‪24255‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور عن معمر‪ ,‬عن قتادة حتى َتضَعَ ا ْل َ‬
‫أ ْوزَارَها قال الحرب‪ :‬من كان يقاتلهم سماهم حربا‪.‬‬
‫ـ يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الذي أمرتكـم بـه أيهـا‬
‫ـرَ ِم ْنهُم ْ‬
‫ـ ل ْنتَص َ‬
‫ـ وََل ْو يَشا ُء اللّه ُ‬
‫وقوله‪ :‬ذلك َ‬
‫المؤمنون من قتل المشركين إذا لقيتموهم في حرب‪ ,‬وشدّهم وثاقا بعد قهرهم‪ ,‬وأسرهم‪ ,‬والم نّ‬
‫الحقـ الذي ألزمكـم ربكـم ولو يشاء ربكـم‪ ,‬ويريـد‬
‫ّ‬ ‫ْبـ أ ْوزَارَهـا هـو‬
‫حر ُ‬‫َعـ ا ْل َ‬
‫والفداء حتـى َتض َ‬
‫لنت صر من هؤلء المشرك ين الذ ين ب ين هذا الح كم في هم بعقو بة م نه ل هم عاجلة‪ ,‬وكفا كم ذلك‬
‫كله‪ ,‬ولك نه تعالى ذكره كره النت صار من هم‪ ,‬وعقوبت هم عاجلً إل بأيدي كم أي ها المؤمنون ِل َيبْلُوَ‬
‫ضكُ مْ ِب َبعْ ضٍ يقول‪ :‬ليختبركم بهم‪ ,‬فيعلم المجاهدين منكم والصابرين‪ ,‬ويبلوهم بكم‪ ,‬فيعاقب‬
‫َبعْ َ‬
‫بأيدي كم من شاء من هم‪ ,‬ويت عظ من شاء من هم ب من أهلك بأيدي كم من شاء من هم ح تى ين يب إلى‬
‫الحقّ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24256‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَلَ ْو يَشاءُ الّل هُ ل ْنتَ صَرَ‬
‫ِم ْنهُمْ إي وال بجنوده الكثيرة كلّ خلقه له جند‪ ,‬ولو سلط أضعف خلقه لكان جندا‪.‬‬
‫سـبِيلِ اللّهـِ» اختلفـت القرّاء فـي قراءة ذلك‪ ,‬فقرأتـه عامـة قرّاء‬
‫ِينـ قاتَلُوا فِي َ‬
‫وقوله‪« :‬وَاّلذ َ‬
‫الحجاز والكو فة «وَاّلذِي نَ قاتَلُوا» بمع نى‪ :‬حاربوا المشرك ين‪ ,‬وجاهدو هم‪ ,‬باللف وكان الح سن‬
‫البصـري فيمـا ذُكـر عنـه يقرأه ُقتّلُوا بضـم القاف وتشديـد التاء‪ ,‬بمعنـى‪ :‬أنـه قتلهـم المشركون‬
‫بعضهـم ب عد بعـض‪ ,‬غ ير أ نه لم يسـمّ الفاعلون‪ .‬وذُ كر عن الجحدريّـ عاصـم أ نه كان يقرأه‬
‫ن قَتَلُوا» بف تح القاف وتخف يف التاء‪ ,‬بمع نى‪ :‬والذ ين قتلوا المشركون بال‪ .‬وكان أ بو‬
‫«وَاّلذِي َ‬
‫عمرو يقرأه ُقتِلُوا بضم القاف وتخفيف التاء بمعنى‪ :‬والذين قتلهم المشركون‪ ,‬ثم أسقط الفاعلين‪,‬‬
‫فجعلهم لم يسمّ فاعل ذلك بهم‪.‬‬
‫ن قاتَلُوا» لتفاق الحجة من القرّاء‪ ,‬وإن كان‬
‫وأولى القراءات بالصواب قراءة من قرأه «وَاّلذِي َ‬
‫لجميعها وجوه مفهومة‪.‬‬
‫وإذ كان ذلك أولى القراءات عندنـا بالصـواب‪ ,‬فتأويـل الكلم‪ :‬والذيـن قاتلوا منكـم أيهـا‬
‫المؤمنون أعداء ال من الكفار في د ين ال‪ ,‬و في ن صرة ما ب عث به ر سوله محمدا صلى ال‬
‫عليـه وسـلم مـن الهدى‪ ,‬فجاهدوهـم فـي ذلك فَلَن ْـ ُيضِلّ أعماَلهُم ْـ فلن يجعـل ال أعمالهـم التـي‬
‫عملوها في الدن يا ضللً عليهم كما أضلّ أعمال الكافر ين‪ .‬وذُكر أن هذه ال ية عُنِي بها أ هل‬
‫أُحد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫سبِيلِ الّل هِ‬
‫ن ُقتِلُوا فِي َ‬
‫‪ 24257‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَاّلذِي َ‬
‫فَلَ نْ ُيضِلّ أعماَلهُ مْ ذُكر لنا أن هذه الية أُنزلت يوم أُحد ورسول ال صلى ال عليه وسلم في‬
‫ل ُهبَلْ‪ ,‬فنادى‬
‫الشّعْـب‪ ,‬وقـد فَشَـت فيهـم الجراحات والقتـل‪ ,‬وقـد نادى المشركون يومئذٍ‪ :‬أُعْ ُ‬
‫عزّى‪ ,‬ول‬
‫المسـلمون‪ :‬ال أعلى وأجلّ‪ ,‬فنادى المشركون‪ :‬يوم بيوم‪ ,‬إن الحرب سـجال‪ ,‬إن لنـا ُ‬
‫ختَلِفَةٌ‪,‬‬
‫عزّى لكم‪ ,‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬اللّ هُ َموْلنا وَل َموْلَى َلكْ مُ‪ .‬إ نّ ال َقتْلَى ُم ْ‬
‫ُ‬
‫أمّا َقتْلنا فَأحْياءٌ ُي ْرزَقُونَ‪ ,‬وأمّا َقتْل ُكمْ فَفِي النّارِ ُي َع ّذبُونَ»‪.‬‬
‫سبِيلِ الّلهِ‬
‫ن ُقتِلُوا فِي َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وَاّلذِي َ‬
‫فَلَنْ ُيضِلّ أعماَلهُمْ قال‪ :‬الذين قُتلوا يوم أُحد‪.‬‬

‫‪7-5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ع ّرفَهَا َلهُ مْ *‬
‫جنّةَ َ‬
‫ح بَاَلهُ مْ * َو ُي ْدخُِلهُ مُ ا ْل َ‬
‫سيَ ْهدِي ِهمْ َويُ صْلِ ُ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫ن آ َمنُوَ ْا إِن تَنصُرُو ْا اللّ َه يَنصُ ْر ُكمْ َو ُي َثبّتْ َأ ْقدَا َم ُكمْ }‪.‬‬
‫َيَأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬سيوفق ال تعالى ذكره للعمل بما يرضي ويح بّ‪ ,‬هؤلء الذين قاتلوا في‬
‫ع ّرفَ ها َلهُ مْ‬
‫جنّةَ َ‬
‫ح باَلهُ مْ‪ :‬وي صلح أمر هم وحال هم في الدن يا والَخرة َو ُي ْدخِلُهُ مُ ال َ‬
‫سبيله‪َ ,‬ويُ صْلِ ُ‬
‫يقول‪ :‬ويُدخلهم ال جنته عرّفها‪ ,‬يقول‪ :‬عرّفها وبيّنها لهم‪ ,‬حتى إن الرجل ليأتي منزله منها إذا‬
‫شكِلُ عليه ذلك‪ .‬كما‪:‬‬
‫دخلها كما كان يأتي منزله في الدنيا‪ ,‬ل ُي ْ‬
‫‪ 24258‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أبي سعيد‬
‫خدْر يّ‪ ,‬قال‪ :‬إذا نجّى ال المؤمن ين من النار حُب سوا على قنطرة ب ين الج نة والنار‪ ,‬فاقت صّ‬
‫ال ُ‬
‫بعضهم من بعض مظالم كثيرة كانت بينهم في الدنيا‪ ,‬ثم يُؤذن لهم بالدخول في الجنة‪ ,‬قال‪ :‬فما‬
‫ل بمنزله في الدنيا منه بمنزله في الجنة حين يدخلها‪.‬‬
‫كان المؤمن بأد ّ‬
‫عرّفَ ها َلهُ مْ‬
‫جنّةَ َ‬
‫حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله َو ُيدْخُِلهُ ُم ال َ‬
‫قال‪ :‬أي منازلهم فيها‪.‬‬
‫‪24259‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء جميعـا‪ ,‬عـن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عـن مجاهـد‪ ,‬فـي قوله‪:‬‬
‫عرّفَهـا َلهُم ْـ قال‪ :‬يهتدي أهلهـا إلى بيوتهـم ومسـاكنهم‪ ,‬وحيـث قسـم ال لهـم ل‬
‫جنّةَ َ‬
‫َو ُي ْدخُِلهُم ُـ ال َ‬
‫يخطئون‪ ,‬كأنهم سكانها منذ خلقوا ل يستدلون عليها أحدا‪.‬‬
‫جنّةَ‬
‫‪ 24260‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬و ُي ْدخِلُهُ مُ ال َ‬
‫ع ّرفَها َلهُ ْم قال‪ :‬بلغنا عن غير واحد قال‪ :‬يدخل أهل الجنة الجنة‪ ,‬ولهم أعرف بمنازلهم فيها‬
‫َ‬
‫من منازلهم في الدنيا التي يختلفون إليها في عمر الدنيا قال‪ :‬فتلك قول ال جلّ ثناؤه َو ُي ْدخُِلهُ مُ‬
‫عرّفَها َل ُهمْ‪.‬‬
‫جنّةَ َ‬
‫ال َ‬
‫ص ْركُمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا‬
‫صرُوا الّل َه َينْ ُ‬
‫ن َتنْ ُ‬
‫ن آ َمنُوا إ ْ‬
‫وقوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ال ورسوله‪ ,‬إن تنصروا ال ينصركم بنصركم رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم على أعدائه‬
‫من أهل الكفر به وجهادكم إياهم معه لتكون كلمته العُليا ينصركم عليهم‪ ,‬ويظفركم بهم‪ ,‬فإنه‬
‫ناصر دينه وأولياءه‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24261‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إ نْ َتنْ صُرُوا اللّ هَ‬
‫صرْك ْم لنه حقّ على ال أن يعطي من سأله‪ ,‬وينصر من نصره‪.‬‬
‫َينْ ُ‬
‫ت أقْدَا َمكُ مْ يقول‪ :‬ويقوّكم عليهم‪ ,‬ويجرّئكم‪ ,‬حتى ل تولوا عنهم‪ ,‬وإن كثر عددهم‪,‬‬
‫وقوله‪َ :‬و ُي َثبّ ْ‬
‫وقلّ عددكم‪.‬‬

‫‪9-8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عمَاَلهُم ْـ * ذَلِك َـ ِبَأ ّنهُم ْـ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬وَاّلذِين َـ كَ َفرُواْ َف َتعْسـا ّلهُم ْـ وََأضَلّ َأ ْ‬
‫عمَاَل ُهمْ }‪.‬‬
‫ح َبطَ أَ ْ‬
‫ل اللّ ُه فََأ ْ‬
‫َكرِهُواْ مَآ أَنزَ َ‬
‫ُمـ يقول‪ :‬فخزيـا لهـم وشقاء‬
‫ِينـ كَ َفرُوا بال‪ ,‬فجحدوا توحيده َف َتعْسـا َله ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وَاّلذ َ‬
‫وبلء‪ .‬كما‪:‬‬
‫ن كَ َفرُوا‬
‫‪ 24262‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَاّلذِي َ‬
‫َفتَعْسا َل ُهمْ قال‪ :‬شقاء لهم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأضَلّ أعماَلهُمْ يقول وجعل أعمالهم معمولة على غير هدى ول استقامة‪ ,‬لنها عملت‬
‫في طاعة الشيطان‪ ,‬ل في طاعة الرحمن‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24263‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وأضَلّ أعماَلهُ مْ‬
‫قال‪ :‬الضللة التي أضلهم ال لم يهدهم كما هَدى الَخرين‪ ,‬فإن الضللة التي أخبرك ال‪ :‬يضلّ‬
‫ل أعماَلهُ مْ‬
‫من يشاء‪ ,‬ويهدي من يشاء قال‪ :‬وهؤلء م من ج عل عمله ضللً‪ ,‬وردّ قوله‪ :‬وأضَ ّ‬
‫على قوله‪َ :‬فتَعْسا َل ُهمْ وهو فعل ماض‪ ,‬والتعس اسم‪ ,‬لن التعس وإن كان اسما ففي معنى الفعل‬
‫ل ما ف يه من مع نى الدعاء‪ ,‬ف هو بمع نى‪ :‬أتع سهم ال‪ ,‬فلذلك صلح ردّ أضلّ عل يه‪ ,‬لن الدعاء‬
‫خنْ ُتمُوهُ مْ َفشُدّوا الوَثا قَ مردودة على أمر‬
‫يجري مجرى المر والنهي‪ ,‬وكذلك قوله‪ :‬حتى إذَا أ ْث َ‬
‫مضمر ناصب لضرب‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذلك َـ بأنّهُم كَرِهُوا مـا أ ْنزَلَ اللّهُـ يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الذي فعلنـا بهـم مـن التعاس‬
‫وإضلل العمال من أجل أنهم كرهوا كتابنا الذي أنزلناه إلى نبينا محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫وسخطوه‪ ,‬فكذّبوا به‪ ,‬وقالوا‪ :‬هو سحر مبين‪.‬‬
‫حبَ طَ أعماَلهُ مْ يقول‪ :‬فأبطل أعمالهم التي عملوها في الدنيا‪ ,‬وذلك عبادتهم الَلهة‪ ,‬لم‬
‫وقوله‪َ :‬فأَ ْ‬
‫ينفع هم ال ب ها في الدن يا ول في الَخرة‪ ,‬بل أوبق هم ب ها‪ ,‬فأ صلهم سعيرا‪ ,‬وهذا ح كم ال جلّ‬
‫جلله في جميع من كفر به من أجناس المم‪ ,‬كما قال قتادة‪.‬‬
‫‪ 24264‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة في قوله‪َ :‬ف َتعْسا‬
‫َل ُهمْ قال‪ :‬هي عامة للكفار‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن مِن‬
‫ظرُواْ َكيْفَ كَانَ عَا ِقبَةُ اّلذِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ{ :‬أفَلَمْ يَسِيرُو ْا فِي الرْضِ َفيَن ُ‬
‫َقبْلِ ِهمْ َد ّمرَ اللّهُ عََل ْي ِهمْ وَلِ ْلكَا ِفرِينَ َأ ْمثَاُلهَا }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أفلم يَ سِر هؤلء المكذّبون محمدا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬المنكرو ما أنزلنا‬
‫عليه من الكتاب في الرض سفرا‪ ,‬وإنما هذا توبيخ من ال لهم‪ ,‬لنهم قد كانوا يسافرون إلى‬
‫ل ال‬
‫حجْ ِر ثمود‪ ,‬ويرون في سفرهم إلى الي من ما أح ّ‬
‫الشام‪ ,‬فيرون نق مة ال ال تي أحلّ ها بأ هل َ‬
‫سبَأ‪ ,‬فقال لنبيه عليه الصلة والسلم وللمؤمنين به‪ :‬أفلم يسِر هؤلء المشركون سفرا في البلد‬
‫بَ‬
‫فينظروا كيف كان عاق بة تكذ يب الذين من قبلهم من المم المكذّ بة رسلها الرّادّة نصائحها ألم‬
‫نهلكها فندمّر عليها منازلها ونخرّبها‪ ,‬فيتعظوا بذلك‪ ,‬ويحذروا أن يفعل ال ذلك بهم في تكذيبهم‬
‫إياه‪ ,‬فينيبوا إلى طاعـة ال فـي تصـديقك‪ ,‬ثـم توعّدهـم جلّ ثناؤه‪ ,‬وأخـبرهم إن هـم أقاموا على‬
‫تكذيبهـم رسـوله‪ ,‬أنـه ُمحِلّ بهـم مـن العذاب مـا أح ّل بالذيـن كانوا مـن قبلهـم مـن المـم‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫وللْكافِرِ ين أمْثالهَا يقول‪ :‬وللكافر ين من قر يش المكذ بي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم من‬
‫العذاب العا جل‪ ,‬أمثال عاق بة تكذ يب ال مم الذ ين كانوا من قبل هم ر سلهم على تكذيب هم ر سوله‬
‫محمدا صلى ال عليه وسلم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24265‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء جميعـا‪ ,‬عـن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عـن مجاهـد‪ ,‬فـي قوله‪:‬‬
‫وللْكافرِين أمْثالهَا قال‪ :‬مثل ما ُدمَرت به القرون الولى وعيد من ال لهم‪.‬‬

‫‪12-11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل مَوَْلىَ َلهُ مْ‬
‫ن ا ْلكَا ِفرِي نَ َ‬
‫ن اللّ َه مَوْلَى اّلذِي نَ آ َمنُواْ وَأَ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬ذَلِ كَ ِبأَ ّ‬
‫ح ِتهَا ال ْنهَارُ وَاّلذِي نَ َك َفرُواْ‬
‫جرِي مِن َت ْ‬
‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫ت َ‬
‫عمِلُواْ ال صّالِحَا ِ‬
‫ن آ َمنُواْ وَ َ‬
‫ن اللّ هَ ُي ْدخِلُ اّلذِي َ‬
‫* ِإ ّ‬
‫ن َكمَا َت ْأكُلُ ال ْنعَامُ وَالنّارُ َمثْوًى ّل ُهمْ }‪.‬‬
‫َي َت َمتّعُونَ َو َي ْأكُلُو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الف عل الذي فعل نا بهذ ين الفريق ين‪ :‬فر يق اليمان‪ ,‬وفر يق الك فر‪ ,‬من‬
‫نُ صرتنا فر يق اليمان بال‪ ,‬وتثبيت نا أقدامِ هم‪ ,‬وتدمير نا على فر يق الك فر بأ نّ ال مَوْلى اّلذِ ين‬
‫ي من آمن به‪ ,‬وأطاع رسوله‪ .‬كما‪:‬‬
‫آ َمنُوا يقول‪ :‬من أجل أن ال ول ّ‬
‫‪24266‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬ذلك بأنّ‬
‫ال مَوْلى اّلذِين آ َمنُوا قال‪ :‬وليهم‪.‬‬
‫ن ال ولِ يّ اّلذِ ين آ َمنُوا» و«أن» ال تي في‬
‫و قد ذُ كر ل نا أن ذلك في قراءة ع بد ال «ذلك بأ ّ‬
‫المائدة التي هي في مصاحفنا إ ّنمَا وِل ّي ُكمُ الّلهُ ورسُوُلهُ‪« :‬إ ّنمَا َموْلكُ ُم اللّهُ» في قراءته‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأنّ الكا ِفرِين ل َموْلى ل ُهمْ يقول‪ :‬وبأن الكافرين بال ل وليّ لهم‪ ,‬ول ناصر‪.‬‬
‫حتِهـا النهَارُ يقول‬
‫ِنـ ت ْ‬
‫ّاتـ َتجْرِي م ْ‬
‫جن ٍ‬ ‫إنـ ال ُي ْدخِلُ اّلذِيـن آ َمنُوا وعمِلُوا الصـّالِحاتِ َ‬
‫وقوله‪ّ :‬‬
‫تعالى ذكره‪ :‬إن ال له اللو هة ال تي ل تنب غي لغيره‪ ,‬يُد خل الذ ين آمنوا بال وبر سوله ب ساتين‬
‫تجري من تحت أشجارها النهار‪ ,‬يفعل ذلك بهم تكرمة على إيمانهم به وبرسوله‪.‬‬
‫ْعامـ يقول جـل ثناؤه‪ :‬والذيـن جحدوا‬
‫ُونـ كمَا َت ْأكُلُ الن ُ‬
‫ُونـ وَي ْأكُل َ‬
‫وقوله‪ :‬واّلذِيـن كَ َفرُوا َي َت َم ّتع َ‬
‫توحيـد ال‪ ,‬وكذّبوا رسـوله صـلى ال عليـه وسـلم يتمتعون فـي هذه الدنيـا بحطامهـا ورياشهـا‬
‫وزينتها الفانية الدارسة‪ ,‬ويأكلون فيها غير مفكّرين في المعاد‪ ,‬ول معتبرين بما وضع ال لخلقه‬
‫من الح جج المؤدّ ية ل هم إلى علم توح يد ال ومعر فة صدق ر سله‪ ,‬فمثل هم في أكل هم ما يأكلون‬
‫فيها من غير علم منهم بذلك‪ ,‬وغير معرفة‪ ,‬مثل النعام من البهائم المسخرة التي ل همة لها‬
‫ل ثناؤه‪ :‬والنار نار جهنـم مسـكن لهـم‪,‬‬
‫ُمـ يقول ج ّ‬
‫إل فـي العتلف دون غيره والنّا ُر َمثْوًى َله ْ‬
‫ومأوى‪ ,‬إليها يصيرون من بعد مماتهم‪.‬‬
‫‪13‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫جتْ كَ‬
‫خ َر َ‬
‫شدّ قُوّ ًة مّن َق ْريَتِ كَ اّلتِ يَ َأ ْ‬
‫ي َأ َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬و َكأَيّن مّن َقرْيَ ٍة هِ َ‬
‫صرَ َل ُهمْ }‪.‬‬
‫أَهَْل ْكنَاهُمْ فَلَ نَا ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬و كم يا مح مد من قر ية هي أشدّ قوّة من قري تك‪ ,‬يقول أهل ها أشدّ بأ سا‪,‬‬
‫وأك ثر جم عا‪ ,‬وأعدّ عديدا من أ هل قري تك‪ ,‬و هي م كة‪ ,‬وأخرج ال خبر عن القر ية‪ ,‬والمراد به‬
‫أهلها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24267‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وكَأيّنْ ِمنْ َق ْريَةٍ هِيَ‬
‫خ َرجَ ْتكَ أهَْلكْنا ُهمْ قال‪ :‬هي مكة‪.‬‬
‫ن قَ ْر َي ِتكَ الّتي أ ْ‬
‫شدّ قُوّ ًة مِ ْ‬
‫أَ‬
‫ن َقرْيَةٍ‬
‫ن مِ ْ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة في قوله وكَأيّ ْ‬
‫ن قَ ْر َي ِتكَ قال‪ :‬قريته مكة‪.‬‬
‫شدّ قُوّ ًة مِ ْ‬
‫ِهيَ أ َ‬
‫‪ 24268‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر بن سليمان‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن حبيش‪ ,‬عن‬
‫عكر مة‪ ,‬عن ا بن عباس أن نبيّ ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬ل ما خرج من م كة إلى الغار‪ ,‬أراه‬
‫ت أحَ بّ بِلدِ الّل هِ إل يّ‪ ,‬فَلَوْ أ نّ‬
‫ب بِلدِ الّل هِ إلى الّل هِ‪ ,‬وأنْ ِ‬
‫قال‪ :‬الت فت إلى م كة‪ ,‬فقال‪« :‬أنْ تِ أحَ ّ‬
‫ع َتىَ العْدا ِء مَنْ عَتا على اللّ ِه في حَ َرمِهِ‪ ,‬أ ْو َقتَلَ غيرَ‬
‫خرُجْ ِم ْنكِ‪ ,‬فَأ ْ‬
‫ال ُمشْركِينَ َل ْم ُيخْ ِرجُوني َل ْم أ ْ‬
‫ِنـ‬
‫شدّ قُ ّو ًة م ْ‬
‫ِيـ أ َ‬
‫ِنـ َق ْريَةٍ ه َ‬
‫ّنـ م ْ‬
‫ل الجاهِِليّةِ»‪ ,‬فأنزل ال تبارك وتعالى‪ :‬وكَأي ْ‬
‫قاتِلِهـِ‪ ,‬أ ْو َقتَلَ ب ُذحُو ِ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬أخرج تك‪ ,‬فأخرج ال خبر عن‬
‫جتْ كَ أهَْلكْناهُ مْ فَل نا صِ َر َلهُ مْ وقال ج ّ‬
‫خ َر َ‬
‫قَ ْر َيتِ كَ الّ تي أ ْ‬
‫القرية‪ ,‬فلذلك أنّث‪ ,‬ثم قال‪ :‬أهلكناهم‪ ,‬لن المعنى في قوله أخرجتك‪ ,‬ما وصفت من أنه أريد به‬
‫أهل القرية‪ ,‬فأخرج الخبر مرّة على اللفظ‪ ,‬ومرّة على المعنى‪.‬‬
‫صرَ َلهُ مْ ف يه وجهان من التأو يل‪ :‬أحده ما أن يكون معناه‪ ,‬وإن كان قد ن صب‬
‫وقوله‪ :‬فَل نا ِ‬
‫الناصـر بالتـبرئة‪ ,‬فلم يكـن لهـم ناصـر‪ ,‬وذلك أن العرب قـد تضمـر كان أحيانـا فـي م ثل هذا‪.‬‬
‫والَخر أن يكون معناه‪ :‬فل ناصر لهم الَن من عذاب ال ينصرهم‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عمَِل هِ‬
‫ن لَ هُ سُوَءُ َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ{ :‬أفَمَن كَا نَ عََلىَ َب ّينَةٍ مّن ّربّ ِه كَمَن ُزيّ َ‬
‫وَا ّت َبعُوَ ْا أَهْوَاءَ ُهمْ }‪.‬‬
‫ن أ مر رَبّ ِه والعلم بوحداني ته‪ ,‬ف هو‬
‫ن على برهان وح جة وبيان مِ ْ‬
‫ن كَا َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪َ :‬أ َفمَ ْ‬
‫يعبده على بصيرة منه‪ ,‬بأن له ربّا يجازيه على طاعته إياه الجنة‪ ,‬وعلى إساءته ومعصيته إياه‬
‫عمَلِ ِه يقول‪ :‬ك من ح سّن له الشيطان قب يح عمله و سيئته‪ ,‬فأراه جميلً‪,‬‬
‫ن لَه سُوءُ َ‬
‫النار‪ ,‬كمَ نْ ُزيّ َ‬
‫فهو على العمل به مقيم‪ ,‬وا ّت َبعُوا أ ْهوَاءَهُمْ واتبعوا ما دعتهم إليه أنفسهم من معصية ال‪ ,‬وعبادة‬
‫الوثان مـن غيـر أن يكون عندهـم بمـا يعملون مـن ذلك برهان وحجـة‪ .‬وقيـل‪ :‬إن الذي عُنـي‬
‫ن ُزيّنَ‬
‫عنِي بقوله‪ :‬كمَ ْ‬
‫ن َربّهِ نبينا عليه الصلة والسلم‪ ,‬وإن الذي ُ‬
‫ن على َب ّينَ ٍة مِ ْ‬
‫بقوله‪ :‬أفمَنْ كا َ‬
‫عمَِلهِ هم المشركون‪.‬‬
‫لَ ُه سُوءُ َ‬
‫‪15‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫غ ْيرِ آ سِنٍ‬
‫ن فِيهَآ َأ ْنهَارٌ مّن مّآءٍ َ‬
‫ع َد ا ْل ُمتّقُو َ‬
‫جّنةِ اّلتِي وُ ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ّ { :‬مثَلُ ا ْل َ‬
‫ل مّ صَفّى وََلهُ مْ‬
‫خ ْمرٍ ّلذّ ٍة لّلشّا ِربِي نَ وََأ ْنهَارٌ مّ نْ عَ سَ ٍ‬
‫ط ْعمُ هُ وََأ ْنهَارٌ مّ نْ َ‬
‫ن لّ مْ َي َت َغّيرْ َ‬
‫وََأ ْنهَارٌ مّن ّلبَ ٍ‬
‫حمِيما فَ َقطّ َع َأ ْمعَآءَهُمْ‬
‫ن هُ َو خَاِلدٌ فِي النّارِ وَسُقُو ْا مَآءً َ‬
‫ل ال ّثمَرَاتِ َو َمغْ ِفرَةٌ مّن رّ ّبهِ ْم َكمَ ْ‬
‫فِيهَا مِن كُ ّ‬
‫}‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬صفة الج نة ال تي وعد ها المتقون‪ ,‬و هم الذ ين اتقوا في الدن يا عقا به بأداء‬
‫ن يقول تعالى ذكره في هذه الجنة التي‪:‬‬
‫ن ماءٍ غَيرِ آ سِ ٍ‬
‫فرائضه‪ ,‬واجتناب معاصيه فِيهَا أنهَارٌ ِم ْ‬
‫ن ماء هذه البئر‪ :‬إذا تغيرت ريح مائها‬
‫ذكرها أنهار من ماء غير متغير الريح‪ ,‬يقال منه‪ :‬قد أَسِ َ‬
‫فأنتنت‪ ,‬فهو يأْسَن أَسَنا‪ ,‬وكذلك يُقال للرجل إذا أصابته ريح منتنة‪ :‬قد أَسِن فهو يأْسَن‪ .‬وأما إذا‬
‫َأجَن الماء وتغير‪ ,‬فإنه يقال له‪ :‬أ سِن فهو يأ سَن‪ ,‬ويأسِن أسونا‪ ,‬وماء آسن‪ .‬وبنحو الذي قلنا في‬
‫سنٍ قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫معنى قوله مِنْ ماءٍ غَيرِ آ ِ‬
‫‪24269‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫ن يقول‪ :‬غير متغير‪.‬‬
‫قوله‪ :‬فِيها أنهارٌ ِمنْ ما ٍء غيرِ آسِ ٍ‬
‫‪ 24270‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬أنهارٌ‬
‫سنٍ قال‪ :‬من ماء غير ُمنْتن‪.‬‬
‫ن ماءٍ غيرِ آ ِ‬
‫مِ ْ‬
‫‪ 24271‬ـ حدث ني عي سى بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا إبراه يم بن مح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا م صعب بن‬
‫سـلم‪ ,‬عـن سـعد بـن طريـف‪ ,‬قال‪ :‬سـألت أبـا إسـحاق عـن ماءٍ غيرِ آس ِـنٍ قال‪ :‬سـألت عنهـا‬
‫الحارث‪ ,‬فحدثني أن الماء الذي غير آسن تسنيم‪ ,‬قال‪ :‬بلغني أنه ل تمسه يد‪ ,‬وأنه يجيء الماء‬
‫هكذا حتى يدخل في فيه‪.‬‬
‫ط ْعمُ ُه يقول تعالى ذكره‪ :‬وفيها أنهار من لبن لم يتغير طعمه‬
‫ن لَمْ َي َت َغيّرْ َ‬
‫ن لَب ٍ‬
‫وقوله‪ :‬وأنهارٌ مِ ْ‬
‫لنـه لم يحلب مـن حيوان فيتغيـر طعمـه بالخروج مـن الضروع‪ ,‬ولكنـه خلقـه ال ابتداء فـي‬
‫النهار‪ ,‬فهو بهيئته لم يتغير عما خلقه عليه‪.‬‬
‫ِينـ يقول‪ :‬وفيهـا أنهار مـن خمـر لذة للشاربيـن يلتذّون‬
‫خ ْمرٍ َلذّةٍ للشّا ِرب َ‬
‫ِنـ َ‬
‫وقوله‪ :‬وأنهارٌ م ْ‬
‫بشربها‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24272‬ـ حدث ني عي سى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا إبراه يم بن مح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا م صعب‪ ,‬عن سعد بن‬
‫طر يف‪ ,‬قال‪ :‬سألت عن ها الحارث‪ ,‬فقال‪ :‬لم تد سه المجوس‪ ,‬ولم ين فخ ف يه الشيطان‪ ,‬ولم تؤذ ها‬
‫شمس‪ ,‬ولكنها فَوْحاء‪ ,‬قال‪ :‬قلت لعكرِمة‪ :‬ما الفوحاء‪ :‬قال‪ :‬الصفراء‪ .‬وكما‪:‬‬
‫‪24273‬ـ حدثني سعد بن عبد ال بن عبد الحكم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حفص بن عمر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحكم‬
‫ط ْعمُ هُ قال‪ :‬لم يحلب‪ ,‬وخُفِ ضت اللذّة على‬
‫ن لَ بن لَ مْ َي َت َغيّرْ َ‬
‫بن أبان‪ ,‬عن عكرِ مة‪ ,‬في قوله‪ :‬مِ ْ‬
‫النعت للخمر‪ ,‬ولو جاءت رفعا على النعت للنهار جاز‪ ,‬أو نصبا على يتلذّذ بها لذّة‪ ,‬كما يقال‪:‬‬
‫هذا لك ه بة‪ .‬كان جائزا فأ ما القراءة فل أ ستجيزها في ها إل خف ضا لجماع الح جة من القرّاء‬
‫عليها‪.‬‬
‫ل مُ صَفّى يقول‪ :‬وفيها أنهار من عسل قد صُفّي من القَذى‪ ,‬وما يكون‬
‫وقوله‪ :‬وأنهارٌ مِ نْ عَ سَ ٍ‬
‫في عسل أهل الدنيا قبل التصفية‪ ,‬وإنما أعلم تعالى ذكره عباده بوصفه ذلك العسل بأنه مصفى‬
‫أ نه خلق في النهار ابتداء سائلً جار يا سيل الماء والل بن المخلوق ين في ها‪ ,‬ف هو من أ جل ذلك‬
‫م صّفى‪ ,‬قد صفاه ال من القذاء التي تكون في عسل أهل الدنيا الذي ل يصفو من القذاء إل‬
‫بعد التصفية‪ ,‬لنه كان في شمع فصُفي منه‪.‬‬
‫ن كُلّ ال ّث َمرَا تِ يقول تعالى ذكره‪ :‬ولهؤلء المتقين في هذه الجنة من هذه‬
‫وقوله‪ :‬وَلهُ مْ فِيها مِ ْ‬
‫ن َر ّبهِ مْ يقول‪ :‬وعفو‬
‫النهار التي ذكرنا من جميع الثمرات التي تكون على الشجار َو َمغْ ِفرَةٌ ِم ْ‬
‫من ال لهم عن ذنوبهم التي أذنبوها في الدنيا‪ ,‬ثم تابوا منها‪ ,‬وصَ ْفحٌ منه لهم عن العقوبة عليها‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬كمَن ْـ هُ َو خاِلدٌ فـي النّارِ يقول تعالى ذكره‪ :‬أمّن هو فـي هذه الجنـة التـي صـفتها مـا‬
‫و صفنا‪ ,‬ك من هو خالد في النار‪ .‬وابُتدىء الكلم ب صفة الج نة‪ ,‬فق يل‪ :‬م ثل الج نة ال تي وُ عد‬
‫ن ُهوَ‬
‫المتقون‪ ,‬ولم ي قل‪ :‬أمّن هو في الج نة‪ .‬ثم قيل بعد انقضاء الخبر عن الج نة وصفتها كمَ ْ‬
‫خاِلدٌ في النّارِ‪ .‬وإنما قيل ذلك كذلك‪ ,‬استغناء بمعرفة السامع مع نى الكلم‪ ,‬ولدللة قوله‪ :‬كمَ نْ‬
‫ع َد ال ُمتّقُونَ‪.‬‬
‫جنّةِ التي وُ ِ‬
‫ل ال َ‬
‫هُ َو خاِلدٌ في النّارِ على معنى قوله‪َ :‬مثَ ُ‬
‫حمِي ما يقول تعالى ذكره‪ :‬و سُقي هؤلء الذ ين هم خلود في النار ماء قد‬
‫وقوله‪ :‬وَ سُقُوا ما ًء َ‬
‫انتهى حرّه فقطع ذلك الماء من شدّة حرّه أمعاءهم‪ .‬كما‪:‬‬
‫حيْوة بن شُريح الحِمصِيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫‪24274‬ـ حدثني محمد بن خلف العَ سْقلنيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا َ‬
‫بقية‪ ,‬عن صفوان بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬ثني عبيد ال بن بشر‪ ,‬عن أبي أُمامة الباهلي‪ ,‬عن رسول‬
‫جرّعُ ُه قال‪ُ « :‬ي َقرّ بُ إَليْ ِه َف َيتَ َكرّهُ هُ‪,‬‬
‫صدِيدٍ َي َت َ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم في قوله‪َ :‬ويُ سْقَى مِ نْ ما ٍء َ‬
‫ن ُدبُرِهِ»‪.‬‬
‫خرُجَ مِ ْ‬
‫شرِبَ َقطّعَ أمْعاءَ ُه حتى َي ْ‬
‫ت فَرْ َوةُ رأْسِهِ‪ ,‬فإذا َ‬
‫جهَهُ‪َ ,‬و َوقَعَ ْ‬
‫فإذَا ُأ ْدنَى ِمنْ ُه شَوَى َو ْ‬
‫ْسـ‬
‫ُمـ يقول ال عزّ وجلّ َيشْوِي ال ُوجُوهـَ‪ِ ,‬بئ َ‬
‫ّعـ أمْعاءَه ْ‬
‫حمِيمـا‪ ,‬فَ َقط َ‬
‫َسـقُوا ما ًء َ‬
‫قال‪ :‬يقول ال و ُ‬
‫ت ُمرْتَفَقا‪.‬‬
‫الشّرَابُ وَساءَ ْ‬

‫‪16‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خ َرجُو ْا مِ نْ عِندِ كَ قَالُواْ‬
‫حّتىَ ِإذَا َ‬
‫س َتمِعُ إَِليْ كَ َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬و ِم ْنهُ مْ مّن يَ ْ‬
‫طبَعَ الّلهُ عََلىَ قُلُو ِب ِهمْ وَا ّت َبعُوَاْ أَ ْهوَآءَ ُهمْ }‪.‬‬
‫لِّلذِينَ أُوتُو ْا ا ْلعِ ْلمَ مَاذَا قَالَ آنِفا ُأوْلَـ ِئكَ اّلذِينَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬و من هؤلء الكفار يا مح مد من يَ سْ َتمِع إَِليْ كَ و هو المنافِق‪ ,‬في ستمع ما‬
‫تقول فل يعيه ول يفهمه‪ ,‬تهاونا منه بما تتلو عليه من كتاب ربك‪ ,‬وتغافلً عما تقوله‪ ,‬وتدعو‬
‫ع ْندِ كَ قالوا إعل ما من هم ل من ح ضر مع هم مجلسك من‬
‫إل يه من اليمان‪ ,‬حَتّى ِإذَا خَ َرجَوُا مِ نْ ِ‬
‫أ هل العلم بكتاب ال‪ ,‬وتلو تك علي هم ما تلوت‪ ,‬وقِيلك ل هم ما قلت إن هم لن يُ صْغوا أ سماعهم‬
‫لقولك وتلوتك ماذَا قالَ لنا محمد آنِفا؟ وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫س َتمِعُ‬
‫‪ 24275‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬و ِم ْنهُ مْ مَ نْ يَ ْ‬
‫ع ْندِك هؤلء المنافقون‪ ,‬دخل رجلن‪ :‬رجل ممن عقل عن ال وانتفع‬
‫خ َرجُوا مِنْ ِ‬
‫حتّى ِإذَا َ‬
‫إَليْكَ َ‬
‫ب ما سمع ور جل لم يع قل عن ال‪ ,‬فلم ينت فع ب ما سمع‪ ,‬كان يقال‪ :‬الناس ثل ثة‪ :‬ف سامع عا مل‪,‬‬
‫وسامع غافل‪ ,‬وسامع تارك‪.‬‬
‫س َتمِعُ إَليْ كَ‬
‫ن يَ ْ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة َو ِم ْنهُ مْ مَ ْ‬
‫قال‪ :‬هم المنافقون‪ .‬وكان يقال‪ :‬الناس ثلثة‪ :‬سامع فعامل‪ ,‬وسامع فغافل‪ ,‬وسامع فتارك‪.‬‬
‫‪ 24276‬ـ حدث نا أ بو كُرَ يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن آدم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شر يك‪ ,‬عن عثمان أ بي‬
‫خ َرجُوا‬
‫حتّى ِإذَا َ‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫اليقظان‪ ,‬عن يحيى بن الجزّار‪ ,‬أو سعيد بن ُ‬
‫سئِل‪.‬‬
‫سئِلت فيمن ُ‬
‫ن أُوتُوا العِ ْلمَ ماذَا قالَ آنِفا قال ابن عباس‪ :‬أنا منهم‪ ,‬وقد ُ‬
‫ع ْن ِدكَ قالُوا لّلذِي َ‬
‫مِنْ ِ‬
‫س َتمِعُ‬
‫ن يَ ْ‬
‫‪ 24277‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله‪َ :‬و ِم ْنهُ مْ مَ ْ‬
‫ع ْندِ كَ‪ ...‬إلى آ خر ال ية‪ ,‬قال‪ :‬هؤلء المنافقون‪ ,‬والذ ين أُوتُوا العلم‪:‬‬
‫خ َرجُوا مِ نْ ِ‬
‫إَليْ كَ حَتّى ِإذَا َ‬
‫الصحابة رضي ال عنهم‪.‬‬
‫طبَ عَ اللّ هُ على قُلُو ِبهِ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذ ين هذه صفتهم هم‬
‫وقوله‪ :‬أُوَلئِ كَ اّلذِي نَ َ‬
‫القوم الذ ين خ تم ال على قلوب هم‪ ,‬ف هم ل يهتدون للح قّ الذي ب عث ال به ر سوله عل يه ال صلة‬
‫ُمـ يقول‪ :‬ورفضوا أمـر ال‪ ,‬واتبعوا مـا دعتهـم إليـه أنفسـهم‪ ,‬فهـم ل‬
‫والسـلم‪ ,‬وا ّت َبعُوا أ ْهوَاءَه ْ‬
‫ل ثناؤه بين صفة هؤلء المنافقين وبين‬
‫يرجعون مما هم عليه إلى حقيقة ول برهان‪ ,‬وسوّى ج ّ‬
‫المشركين‪ ,‬في أن جميعهم إنما يتبعون فيما هم عليه من فراقهم دين ال‪ ,‬الذي ابتعث به محمدا‬
‫طبَ عَ الّل ُه على قُلُو ِبهِ مْ‬
‫صلى ال عل يه و سلم أهواء هم‪ ,‬فقال في هؤلء المنافق ين‪ :‬أُوَلئِ كَ اّلذِي نَ َ‬
‫عمَلِ هِ‪ ,‬وا ّت َبعُوا‬
‫ن ُزيّ نَ َل هُ سُوءُ َ‬
‫وَا ّت َبعُوا أهْوَاءَهُ مْ وقال في أ هل الك فر به من أ هل الشرك‪َ ,‬كمَ ْ‬
‫أَهْوَاءَ ُهمْ‪.‬‬

‫‪18-17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ظرُو نَ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَاّلذِي نَ ا ْه َتدَوْ ْا زَادَهُ مْ ُهدًى وَآتَاهُ مْ تَ ُقوَاهُ مْ * َفهَلْ يَن ُ‬
‫طهَا َفأَ ّنىَ َل ُهمْ ِإذَا جَآ َء ْتهُمْ ِذ ْكرَا ُهمْ }‪.‬‬
‫عةَ أَن َت ْأ ِت َيهُ ْم َب ْغتَةً فَ َقدْ جَآ َء َأشْرَا ُ‬
‫ِإلّ السّا َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وأما الذين وفّقهم ال لتباع الح قّ‪ ,‬وشرح صدورهم لليمان به وبرسوله‬
‫من الذين استمعوا إليك يا محمد‪ ,‬فإن ما تلوته عليهم‪ ,‬وسمعوه منك زَادَهُ مْ هُدىً يقول‪ :‬زادهم‬
‫ال بذلك إيمانا إلى إيمانهم‪ ,‬وبيانا لحقيقة ما جئتهم به من عند ال إلى البيان الذي كان عندهم‪.‬‬
‫وقد ذُكر أن الذي تل عليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم من القرآن‪ ,‬فقال أهل النفاق منهم‬
‫لهل اليمان‪ ,‬ماذا قال آنفا‪ ,‬وزاد ال أهل الهدى منهم هدىً‪ ,‬كان بعض ما أنزل ال من القرآن‬
‫ينسخ بعض ما قد كان الحكم مضى به قبل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24278‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن ا ْهتَدوْا زَادَهُ مْ هُدىً وآتاهُ ْم تَقْوَاهُ مْ قال‪ :‬لما أنزل ال القرآن آمنوا به‪,‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَاّلذِي َ‬
‫فكان هدى‪ ,‬فلما تبين الناسخ والمنسوخ زادهم هدى‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وآتاهُ مْ تَ ْقوَاهُ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬وأعطى ال هؤلء المهتدين تقواهم‪ ,‬وذلك استعماله‬
‫إياهم تقواهم إياه‪.‬‬
‫شرَاطُهـا يقول تعالى ذكره‪ :‬فهـل‬
‫ُمـ َب ْغتَ ًة فَ َقدْ جاءَ أ ْ‬
‫أنـ َت ْأ ِت َيه ْ‬
‫ُونـ إلّ السـّاعَةَ ْ‬
‫وقوله‪َ :‬فهَلْ َي ْنظُر َ‬
‫ين ظر هؤلء المكذّبون بآيات ال من أ هل الك فر والنفاق إل ال ساعة ال تي و عد ال خل قه بعث هم‬
‫فيهـا مـن قبورهـم أحياء‪ ,‬أن تجيئهـم فجأة ل يشعرون بمجيئهـا‪ .‬والمعنـى‪ :‬هـل ينظرون إل‬
‫ل أ نْ في مو ضع ن صب بالردّ على‬
‫ال ساعة‪ ,‬هل ينظرون إل أن تأتي هم بغ تة‪ .‬وأ نْ من قوله‪ :‬إ ّ‬
‫ن َت ْأ ِت َيهُمْ ونصب تأ ِتيَهم بها قراءة أهل الكوفة‪ .‬وقد‪:‬‬
‫الساعة‪ ,‬وعلى فتح اللف من أ ْ‬
‫‪24279‬ــ حُد ثت عن الفرّاء‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـي أ بو جع فر الرّؤاسـيّ‪ ,‬قال‪ :‬قلت لبـي عمرو بن‬
‫شرَاطُ ها قال‪ :‬جواب الجزاء‪ ,‬قال‪ :‬قلت‪ :‬إن ها إن‬
‫العلء‪ :‬ما هذه الفاء ال تي في قوله‪ :‬فَ َقدْ جاءَ أ ْ‬
‫ن َت ْأ ِتهِ مْ» قال الفرّاء‪ :‬فظننت أنه أخذها عن أهل مكة‪,‬‬
‫تأتيهم‪ ,‬قال‪ :‬فقال‪ :‬معاذ ال‪ ,‬إنما هي «إ ْ‬
‫لنه عليهم قرأ‪ ,‬قال الفرّاء‪ :‬وهي أيضا في بعض مصاحف الكوفيين بسنة واحدة «تَأ ِتهِ مْ» ولم‬
‫يقرأ بها أحد منهم‪.‬‬
‫وتأويـل الكلم على قراءة مـن قرأ ذلك بكسـر ألف «إن» وجزم «تأتهـم» فهـل ينظرون إل‬
‫عةَ‪ ,‬ثم ُيبْتدأ‬
‫ل ال سّا َ‬
‫الساعة؟ فيجعل الخبر عن انتظار هؤلء الكفار الساعة متناهيا عند قوله‪ :‬إ ّ‬
‫الكلم فيقال‪ :‬إن تأت هم ال ساعة بغ تة ف قد جاء أشراط ها‪ ,‬فتكون الفاء من قوله‪ :‬فَ َقدْ جاءَ بجواب‬
‫الجزاء‪.‬‬
‫شرَاطُهـا يقول‪ :‬فقـد جاء هؤلء الكافريـن بال السـاعة وأدلتهـا ومقدّماتهـا‪,‬‬
‫وقوله‪ :‬فَ َقدْ جاءَ أ ْ‬
‫شرَط‪ ,‬كما قال جرير‪:‬‬
‫وواحد الشراط‪َ :‬‬
‫ن ُمهُورُا‬
‫ش َرطِ ال ِمعْزَى لهُ ّ‬
‫شرَطَ ال ِم ْعزَى مُهورَ نِسائ ِهمْوفي ُ‬
‫َترَى َ‬
‫و ُيرَوى‪« :‬ترى قَزَم ال ِم ْعزَى»‪ ,‬يقال منه‪ :‬أشرط فلن نف سَه‪ :‬إذا علمها بعلمة‪ ,‬كما قال أوس‬
‫بن حجر‪:‬‬
‫صمٌوألْقَى بأسْبابٍ لَهُ َو َت َوكّل‬
‫فَأشْ َرطَ فِيها نَ ْفسَهُ وَهْ َو ُم ْع ِ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24280‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫شرَاطُها يعني‪ :‬أشراط الساعة‪.‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬فَ َقدْ جا َء أ ْ‬
‫ظرُو نَ إلّ‬
‫‪ 24281‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬فهَلْ َي ْن ُ‬
‫ن َت ْأ ِتيَ ُهمْ َب ْغتَ ًة قد دنت الساعة ودنا من ال فراغ العباد‪.‬‬
‫السّاعَةَ أ ْ‬
‫شرَاطُها‬
‫‪24282‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فَ َقدْ جاءَ أ ْ‬
‫قال‪ :‬أشراطها‪ :‬آياتها‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فأنى َلهُ مْ إذَا جآ َء ْتهُ مْ ِذكْراهُ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬فمن أ يّ وجه لهؤلء المكذّبين بآيات‬
‫ال ذكرى ما قد ضيّعوا وفرّطوا فيه من طاعة ال إذا جاءتهم الساعة‪ ,‬يقول‪ :‬ليس ذلك بوقت‬
‫ينفع هم التذ كر والندم‪ ,‬ل نه و قت مجازاة ل و قت ا ستعتاب ول ا ستعمال‪ .‬وبن حو الذي قل نا في‬
‫ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24283‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬فأنّى َلهُمْ إذَا جا َء ْتهُم‬
‫ِذكْرا ُهمْ يقول‪ :‬إذا جاءتهم الساعة أنى لهم أن يتذكروا ويعرفوا ويعقلوا؟‬
‫حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة فأنى َلهُمْ إذَا جا َء ْتهُمْ‬
‫ِذكْرَا ُهمْ قال‪ :‬أنى لهم أن يتذكروا أو يتوبوا إذا جاءتهم الساعة‪.‬‬
‫‪ 24284‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬فأنّى َلهُ مْ إذَا‬
‫جا َء ْتهُ ْم ِذكْرَاهُ مْ قال‪ :‬الساعة‪ ,‬ل ينفعهم عند الساعة ذكراهم‪ ,‬والذكرى في موضع رفع بقوله‪:‬‬
‫فأنّى َل ُهمْ لن تأويل الكلم‪ :‬فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ِينـ‬
‫ِكـ وَلِ ْل ُم ْؤ ِمن َ‬
‫َاسـَتغْفِرْ ِلذَنب َ‬
‫ّهـ و ْ‬
‫ّهـ لَ إِلَــَه إِل الل ُ‬
‫َمـ َأن ُ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬فَاعْل ْ‬
‫وَا ْل ُم ْؤ ِمنَاتِ وَالّلهُ َيعَْلمُ ُمتَقَّل َب ُكمْ َو َمثْوَا ُكمْ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ :‬فاعلم يا مح مد أ نه ل معبود تنب غي أو‬
‫ل ش يء‪,‬‬
‫ت صلح له اللو هة‪ ,‬ويجوز لك وللخلق عباد ته‪ ,‬إل ال الذي هو خالق الخلق‪ ,‬ومالك ك ّ‬
‫س َتغْ ِفرْ ِل َذ ْنبِكَ وسل ربك غفران سالف ذنوبك وحادثها‪ ,‬وذنوب‬
‫يدين له بالربوبية كلّ ما دونه وَا ْ‬
‫أهل اليمان بك من الرجال والنساء وَاللّ هُ َيعْلَ مُ ُمتَقَّل َبكُ مْ َو َمثْوَاكُم يقول‪ :‬فإن ال يعلم متصرّفكم‬
‫في ما تت صرّفون ف يه في يقظت كم من العمال‪ ,‬ومثوا كم إذا ثوي تم في مضاجع كم للنوم ليلً‪ ,‬ل‬
‫يخفى عليه شيء من ذلك‪ ,‬وهو مجازيكم على جميع ذلك‪ .‬وقد‪:‬‬

‫‪ 24285‬ـ حدثنا أبو كُريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا إبراهيم بن سليمان‪ ,‬عن‬
‫عا صم الحول‪ ,‬عن ع بد ال بن سـرجس‪ ,‬قال‪ :‬أكلت مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪,‬‬
‫فقلت‪ :‬غ فر ال لك يا ر سول ال‪ ,‬فقال ر جل من القوم‪ :‬أ ستغفر لك يا ر سول ال‪ ,‬قال‪َ « :‬نعَ مْ‬
‫س َتغْ ِفرْ ِل َذ ْن ِبكَ ول ْل ُم ْؤ ِمنِينَ وَالمُ ْؤمِناتِ‪.‬‬
‫وَلكَ»‪ ,‬ثم قرأ وَا ْ‬

‫‪21-20‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫َتـ سـُو َرةٌ‬
‫َتـ سـُورَةٌ َفِإذَآ أُنزِل ْ‬
‫ِينـ آ َمنُواْ َل ْولَ ُنزّل ْ‬
‫ل اّلذ َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪َ { :‬ويَقُو ُ‬
‫ن إَِليْ كَ َنظَرَ ا ْل َم ْغشِ يّ عََل ْي هِ ِم نَ‬
‫ظرُو َ‬
‫ت اّلذِي نَ فِي قُلُو ِبهِ مْ ّمرَ ضٌ يَن ُ‬
‫ل رَأَيْ َ‬
‫ح َكمَةٌ َو ُذكِرَ فِيهَا الْ ِقتَا ُ‬
‫ّم ْ‬
‫خيْرا ّل ُهمْ }‪.‬‬
‫صدَقُو ْا اللّ َه َلكَانَ َ‬
‫عزَمَ ال ْمرُ فَلَ ْو َ‬
‫ف فَِإذَا َ‬
‫ل ّمعْرُو ٌ‬
‫عةٌ َوقَوْ ٌ‬
‫ت َفأَوَْلىَ َل ُهمْ * طَا َ‬
‫ا ْلمَوْ ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ويقول الذين صدّقوا ال ورسوله‪ :‬هل نزلت سورة من ال تأمرنا بجهاد‬
‫حكَمَ ٌة يعني‪ :‬أنها محكمة بالبيان والفرائض‪ .‬وذُكر أن‬
‫أعداء ال من الكفار فإذَا ُأ ْنزِلَ تْ سُورَ ٌة ُم ْ‬
‫ح َدثَةٌ»‪.‬‬
‫ذلك في قراءة عبد ال «فإذَا ُأ ْنزِلَتْ سُور ٌة ُم ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و ُذ ِكرَ فِي ها القِتالُ يقول‪ :‬وذُ كر في ها ال مر بقتال المشرك ين‪ .‬وكان قتادة يقول في ذلك‬
‫ما‪:‬‬
‫ن آ َمنُوا‬
‫‪24286‬ـ حدثني بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬ويَقُولُ اّلذِي َ‬
‫ل قال‪ :‬كلّ سورة ذُ كر في ها الجهاد‬
‫ح َكمَةٌ َو ُذ ِكرَ فِي ها القِتا ُ‬
‫لَوْل ُنزّلَ تْ سُورَ ٌة فإذَا ُأ ْنزِلَ تْ سُورَةٌ ُم ْ‬
‫فهي محكمة‪ ,‬وهي أشدّ القرآن على المنافقين‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪َ :‬و ُذكِرَ فِي ها القِتالُ قال‪:‬‬
‫كل سورة ذُكر فيها القتال فهي محكمة‪.‬‬
‫ن في قُلُو ِبهِمْ َمرَضٌ يقول‪ :‬رأيت الذين في قلوبهم شك في دين ال وضعف‬
‫وقوله‪ :‬رأيْتَ اّلذِي َ‬
‫ن المَوْ تِ‪ ,‬خوفا أن تغزيهم وتأمرهم بالجهاد مع‬
‫ظرَ ال َم ْغشِ يّ عََليْ ِه مِ َ‬
‫ن إَِليْ كَ يا محمد‪َ ,‬ن َ‬
‫ظرُو َ‬
‫َينْ ُ‬
‫المسلمين‪ ,‬فهم خوفا من ذلك وتجبنا عن لقاء العد ّو ينظرون إليك نظر المغش يّ عليه الذي قد‬
‫ت من خوف الموت‪ ,‬وكان هذا فعل أهل النفاق‪ .‬كالذي‪:‬‬
‫صرع‪ .‬وإنما عنى بقوله‪ :‬مِنَ ال َموْ ِ‬
‫ن إَليْ كَ‬
‫ظرُو َ‬
‫‪ 24287‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ا بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬ي ْن ُ‬
‫ن المَ ْو تِ قال‪ :‬هؤلء المنافقون طبع ال على قلوبهم‪ ,‬فل يفقهون ما يقول‬
‫َنظَرَ ال َم ْغشِ يّ عََل ْي هِ مِ َ‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬فأَوْلَى َل ُهمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬فأولى لهؤلء الذين في قلوبهم مرض‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فأوْلَى َل ُهمْ وعيد توعّد ال به هؤلء المنافقين‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24288‬ـ حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة َفأَوْلَى َلهُ مْ‬
‫قال‪ :‬هذه وعيد‪ ,‬فأولى لهم‪ ,‬ثم انقطع الكلم فقال‪ :‬طَاعَ ٌة وقَ ْولٌ َم ْعرُوفٌ‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬فأَوْلَى َلهُ مْ قال‪ :‬وعيد كما‬
‫تسمعون‪.‬‬
‫ل َم ْعرُو فٌ وهذا خبر من ال تعالى ذكره عن قيل هؤلء المنافقين من قبل‬
‫وقوله‪ :‬طاعَةٌ َوقَوْ ٌ‬
‫أن تنزل سورة محك مة‪ ,‬ويذ كر في ها القتال‪ ,‬وأن هم إذا ق يل ل هم‪ :‬إن ال مفترض علي كم الجهاد‪,‬‬
‫ت سُورَ ٌة وفُرض القتال في ها علي هم‪ ,‬فش قّ‬
‫قالوا‪ :‬سمع وطا عة‪ ,‬فقال ال عزّ وجلّ ل هم إذَا أنْزلَ ْ‬
‫ل َم ْعرُوفٌ قبل وجوب الفرض عليكم‪ ,‬فإذا عزم المر كرهتموه‬
‫ذلك عليهم‪ ,‬وكرهوه طاعَةٌ َوقَوْ ٌ‬
‫وشقّ عليكم‪.‬‬
‫عةٌ‬
‫ُوفـ مرفوع بمضمـر‪ ,‬وهـو قولكـم قبـل نزول فرض القتال طا َ‬
‫ل َم ْعر ٌ‬
‫وقوله‪ :‬طاعَةٌ َوقَوْ ٌ‬
‫ل َم ْعرُوفٌ‪.‬‬
‫َوقَوْ ٌ‬
‫‪ 24289‬ـ ورُوي عن ا بن عباس بإ سناد غيرِ مرت ضى أ نه قال‪ :‬قال ال تعالى‪ :‬فَأَوْلَى َلهُ مْ ثم‬
‫ل َم ْعرُو فٌ فعلى هذا القول تمام الوعيد فأولى‪ ,‬ثم يستأنف بعد‪,‬‬
‫قال للذين آمنوا منهم طاعَةٌ َوقَوْ ٌ‬
‫ل َم ْعرُوفٌ فتكون الطاعة مرفوعة بقوله‪ :‬لهم‪.‬‬
‫فيقال لهم طاعَةٌ َوقَوْ ٌ‬
‫وكان مجاهد يقول في ذلك كما‪:‬‬
‫‪24290‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫عةٌ َوقَوْلٌ‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد طا َ‬
‫ف قال‪ :‬أمر ال بذلك المنافقين‪.‬‬
‫َمعْرُو ٌ‬
‫عزَ مَ المْرُ يقول‪ :‬فإذا و جب القتال وجاء أ مر ال بفرض ذلك كرهتموه‪ .‬وبن حو‬
‫وقوله‪ :‬فإذَا َ‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24291‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫عزَ مَ المْرُ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد فإذَا َ‬
‫قال‪ :‬إذا ج ّد المر‪ ,‬هكذا‪.‬‬
‫قال‪ :‬مح مد بن عمرو في حدي ثه‪ ,‬عن أ بي عا صم‪ ,‬وقال الحارث في حدي ثه‪ ,‬عن الح سن‬
‫يقول‪ :‬جدّ المر‪.‬‬
‫خيْرا َلهُمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬فلو صدقوا ال ما وعدوه قبل نزول‬
‫صدَقُوا اللّهَ لَكانَ َ‬
‫وقوله‪ :‬فَلَوْ َ‬
‫ال سورة بالقتال بقول هم‪ :‬إذ ق يل ل هم‪ :‬إن ال سيأمركم بالقتال طا عة‪ ,‬فَ َوفّوا له بذلك‪ ,‬لكان خيرا‬
‫لهم في عاجل دنياهم‪ ,‬وآجل معادهم‪ .‬كما‪:‬‬
‫عزَ مَ ال ْمرُ يقول‪:‬‬
‫‪ 24292‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة فإذَا َ‬
‫طواعية ال ورسوله‪ ,‬وقول معروف عند حقائق المور خير لهم‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة يقول‪ :‬طا عة ال وقول‬
‫بالمعروف عند حقائق المور خير لهم‪.‬‬

‫‪23-22‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫طعُوَاْ‬
‫ْضـ َوتُ َق ّ‬
‫ْسـدُواْ فِي الر ِ‬
‫ُمـ أَن تُف ِ‬
‫َسـْي ُتمْ إِن تَوَّل ْيت ْ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪َ { :‬فهَلْ ع َ‬
‫ع َمىَ َأ ْبصَارَ ُهمْ }‪.‬‬
‫َأ ْرحَا َم ُكمْ * َأوْلَـ ِئكَ اّلذِينَ َل َع َن ُهمُ الّلهُ َفَأصَ ّم ُهمْ وَأَ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لهؤلء الذين وصف أنهم إذا نزلت سورة محكمة‪ ,‬وذُكر فيها القتال نظروا‬
‫س ْي ُتمْ أيها القوم‪ ,‬يقول‪ :‬فلعلكم إن‬
‫إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم نظر المغش يّ عليه َفهَلْ عَ َ‬
‫توليتم عن تنزيل ال جلّ ثناؤه‪ ,‬وفارقتم أحكام كتابه‪ ,‬وأدبرتم عن محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫سدُوا فِي الرْضِ يقول‪ :‬أن تعصوا ال في الرض‪ ,‬فتكفروا به‪ ,‬وتسفكوا‬
‫ن تُفْ ِ‬
‫وعما جاءكم به أ ْ‬
‫طعُوا أرْحا َمكُ مْ وتعودوا لما كنتم عليه في جاهليتكم من التشتت والتفرّق بعد ما‬
‫فيها الدماء َوتُ َق ّ‬
‫قد جمعكم ال بالسلم‪ ,‬وألّف به بين قلوبكم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫س ْيتُمْ إ نْ‬
‫‪ 24293‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬فهَلْ عَ َ‬
‫تَوَّل ْيتُ مْ‪ ...‬الية‪ .‬يقول‪ :‬فهل عسيتم كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب ال‪ ,‬ألم يسفكوا الدم‬
‫عصَوا الرحمن‪.‬‬
‫الحرام‪ ,‬وقطّعوا الرحام‪ ,‬و َ‬
‫س ْي ُتمْ إ نْ‬
‫‪ 24294‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة َفهَلْ عَ َ‬
‫طعُوا أرْحا َم ُكمْ قال‪ :‬فعلوا‪.‬‬
‫سدُوا فِي الرْضِ َوتُ َق ّ‬
‫ن تُ ْف ِ‬
‫تَوَّل ْي ُتمْ أ ْ‬
‫‪ 24295‬ـ حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي مريم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا محمد‬
‫بن جعفر وسليمان بن بلل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا معاوية بن أبي المزرّد المديني‪ ,‬عن سعيد بن يسار‪,‬‬
‫عن أبي هريرة‪ ,‬عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪« :‬خَلَقَ اللّ ُه الخَلْقَ‪ ,‬فََلمّا فَرغ ِم ْنهُمْ‬
‫ِنـ ال َقطِيعَةِ‪ ,‬قالَ‪ :‬أَفمَا‬
‫ِكـ م َ‬
‫َقامـ العا ِئذِ ب َ‬
‫حمَنـِ» فَقالَ مَهـْ‪ :‬فَقالَتـْ‪َ :‬هذَا م ُ‬
‫ِمـ ِبحَقْ ِو ال ّر ْ‬
‫َتـ ال ّرح ُ‬
‫َتعَلّق ِ‬
‫ن َقطَ َعكِ‪ ,‬وأصِلَ مَنْ َوصََلكِ؟ قالَتْ‪َ :‬ن َعمْ‪ ,‬قالَ‪ :‬فَذلكِ َلكِ‪.‬‬
‫ضيْنَ أنْ أ ْقطَعَ مَ ْ‬
‫َترْ َ‬
‫سدُوا فِي‬
‫ن تَوَّل ْيتُ مْ أ نْ تُفْ ِ‬
‫س ْيتُ ْم إ ْ‬
‫قال سليمان في حديثه‪ :‬قال أبو هريرة‪ :‬اقرأوا إن شئتم َفهَلْ عَ َ‬
‫طعُوا أرْحا َمكُ مْ وقد تأوّله بعضهم‪ :‬فهل عسيتم إن توليتم أمور الناس أن تفسدوا في‬
‫الرْ ضِ وتُ َق ّ‬
‫الرض بمعنـى الوليـة‪ ,‬وأجمعـت القرّاء غيـر نافعٍـ على فتـح السـين مـن عَسـَيتم‪ ,‬وكان نافـع‬
‫عسِيتم»‪.‬‬
‫يكسرها « َ‬
‫وال صواب عند نا قراءة ذلك بف تح ال سين لجماع الح جة من القرّاء علي ها‪ ,‬وأ نه لم ي سمع في‬
‫سىَ أخوك يقوم‪ ,‬بكسر السين وفتح الياء ولو كان صوابا كسرها إذا اتصل بها مكنيّ‪,‬‬
‫الكلم‪ :‬عَ ِ‬
‫جاءت بالك سر مع غير المكن يّ‪ ,‬وفي إجماع هم على فتح ها مع ال سم الظا هر‪ ,‬الدل يل الوا ضح‬
‫على أنها كذلك مع المكن يّ‪ ,‬وإن التي تَلِي عسيتم مكسورة‪ ,‬وهي حرف جزاء‪ ,‬و«أن» التي مع‬
‫تفسدوا في موضع نصيب بعسيتم‪.‬‬
‫ّهـ يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذيـن يفعلون هذا‪ ,‬يعنـي الذيـن‬
‫ُمـ الل ُ‬
‫ِينـ َل َع َنه ُ‬
‫ِكـ اّلذ َ‬
‫وقوله‪ :‬أُوَلئ َ‬
‫يفسدون ويقطعون الرحام الذين لعنهم ال‪ ,‬فأبعدهم من رحمته فأصمهم‪ ,‬يقول‪ :‬فسلبهم فَهْ مَ ما‬
‫عمَى أبْصَارَ ُهمْ يقول‪ :‬وسلبهم عقولهم‪ ,‬فل يتبيّنون‬
‫يسمعون بآذانهم من مواعظ ال في تنزيله وأ ْ‬
‫حُجج ال‪ ,‬ول يتذكّرون ما يرون من عبره وأدلته‪.‬‬

‫‪25-24‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن اّلذِي نَ‬
‫ن الْ ُقرْآ نَ أَ مْ عََلىَ قُلُو بٍ َأقْفَالُهَآ * إِ ّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ{ :‬أفَلَ َي َت َدبّرُو َ‬
‫ش ْيطَانُ سَ ّولَ َل ُهمْ وََأمَْلىَ َل ُهمْ }‪.‬‬
‫ى َأ ْدبَارِ ِهمْ مّن َب ْعدِ مَا َت َبيّنَ َل ُه ُم ا ْل ُهدَى ال ّ‬
‫ا ْرتَدّواْ عََل َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أفل يتدبر هؤلء المنافقون مواعـظ ال التـي يعظهـم بهـا فـي آي القرآن‬
‫الذي أنزله على نبيه عل يه ال صلة وال سلم‪ ,‬ويتفكّرون في حُج جه ال تي بيّن ها ل هم في تنزيله‬
‫فيعلموا ب ها خ طأ ما هم عل يه مقيمون أ مْ عَلى قُلُو بٍ أقْفالُهَا يقول‪ :‬أم أق فل ال على قلوب هم فل‬
‫يعقلون ما أنزل ال في كتابه من المواعظ وال ِعبَر‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذ كر من قال ذلك‪ 24296 :‬ـ حدثنا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪:‬‬
‫ب أقْفالُهَا إذا وال يجدون في القرآن زاجرا عن مع صية ال‪,‬‬
‫ن أ مْ عَلى قُلُو ٍ‬
‫ن القُرآ َ‬
‫أفَل َي َتدَ ّبرُو َ‬
‫لو تدبره القوم فعقلوه‪ ,‬ولكنهم أخذوا بالمتشابه فهلكوا عند ذلك‪.‬‬
‫‪24297‬ـ حدثنا إسماعيل بن حفص اليلي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ ,‬عن ثور بن يزيد‪ ,‬عن‬
‫خالد بن مَعدان‪ ,‬قال‪ :‬ما من آدم يّ إل وله أربع أعين‪ :‬عينان في رأسه لدنياه‪ ,‬وما يصلحه من‬
‫معيشته‪ ,‬وعينان في قلبه لدينه‪ ,‬وما وعد ال من الغيب‪ ,‬فإذا أراد ال بعبدٍ خيرا أبصرت عيناه‬
‫طمَس عليهما‪ ,‬فذلك قوله‪ :‬أمْ عَلى قُلُوبٍ أقْفاُلهَا‪.‬‬
‫اللتان في قلبه‪ ,‬وإذا أراد ال به غير ذلك َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ثور بن يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا خالد بن‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫معدان‪ ,‬قال‪ :‬ما من الناس أحد إل وله أربع أعين‪ ,‬عينان في وجهه لمعيشته‪ ,‬وعينان في قلبه‪,‬‬
‫و ما من أ حد إل وله شيطان متب طن فقار ظهره‪ ,‬عا طف عن قه على عن قه‪ ,‬فا غر فاه إلى ثمرة‬
‫قل به‪ ,‬فإذا أراد ال بعبدٍ خيرا أب صرت عيناه اللتان في قل به ما و عد ال من الغ يب‪ ,‬فع مل به‪,‬‬
‫ب أقْفاُلهَا‪.‬‬
‫وهما غيب‪ ,‬فعمل بالغيب‪ ,‬وإذا أراد ال بعبد شرّا تركه‪ ,‬ثم قرأ أمْ عَلى قُلُو ٍ‬
‫حدثنا ابن حُميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحكم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو‪ ,‬عن ثور‪ ,‬عن خالد بن َمعَدان بنحوه‪,‬‬
‫إل أنه قال‪ :‬ترك القلب على ما فيه‪.‬‬
‫‪24298‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حماد بن زيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫ن ال ُقرْآن أمْ‬
‫هشام بن عروة‪ ,‬عن أبيه قال‪ :‬تل رسول ال صلى ال عليه وسلم يوما أفَل َي َت َدبّرُو َ‬
‫ب أقْفالُها فقال شاب من أهل اليمن‪ :‬بل عليها أقفالها‪ ,‬حتى يكون ال عزّ وجلّ يفتحها‬
‫عَلى قُلُو ٍ‬
‫أو يفرجها‪ ,‬فما زال الشاب في نفس عمر رضي ال عنه حتى ولي فاستعان به‪.‬‬
‫ن اّلذِي نَ ا ْر َتدّوا عَلى أدْبارِهِ ْم مِ نْ َب ْعدِ ما َت َبيّ نَ َلهُ مُ ال ُهدَى يقول ال عزّ وجلّ إن الذين‬
‫وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫رجعوا القهقرى على أعقابهـم كفارا بال مـن بعـد مـا تـبين لهـم الحقّـ وقصـد السـبيل‪ ,‬فعرفوا‬
‫واضح الحجة‪ ,‬ثم آثروا الضلل على الهدى عنادا لمر ال تعالى ذكره من بعد العلم‪ .‬كما‪:‬‬
‫ن اّلذِي نَ ا ْر َتدّوا‬
‫‪ 24299‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إ ّ‬
‫عَلى أدْبارِهِمْ مِنْ َب ْعدِ ما َت َبيّنَ َلهُمُ ال ُهدَى هم أعداء ال أهل الكتاب‪ ,‬يعرفون بعث محمد نبيّ ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وأصحابه عندهم‪ ,‬ثم يكفرون به‪.‬‬
‫ن َب ْعدِ ما َت َبيّ نَ‬
‫‪ 24300‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ِم ْ‬
‫َل ُهمُ ال ُهدَى إنهم يجدونه مكتوبا عندهم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عنى بذلك أهل النفاق‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24301‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن اّلذِينَ ا ْر َتدّوا على أدْبارِهِمْ‪ ...‬إلى قوله فَأحْ َبطَ أعماَل ُهمْ هم أهل النفاق‪.‬‬
‫يقول في قوله إ ّ‬
‫‪ 24302‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫سرَارَ ُهمْ هم أهل النفاق‪ .‬وهذه الصفة‬
‫ن ا ْرتَدّوا على أدْبارِهِ مْ‪ ...‬إلى إ ْ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬إ ّ‬
‫ل أخبر أن ردّتهم‬
‫بصفة أهل النفاق عندنا‪ ,‬أشبه منها بصفة أهل الكتاب‪ ,‬وذلك أن ال عزّ وج ّ‬
‫لمْرِ ولو كا نت من صفة أ هل‬
‫ضاَ‬
‫س ُنطِي ُعكُم في َبعْ ِ‬
‫ن َكرِهُوا‪ ,‬ما َنزّلَ الّل ُه َ‬
‫كا نت بقيل هم لِّلذِي َ‬
‫الكتاب‪ ,‬لكان في وصفهم بتكذيب محمد صلى ال عليه وسلم الكفاية من الخبر عنهم بأنهم إنما‬
‫ارتدّوا من أجل قيلهم ما قالوا‪.‬‬
‫ل َلهُ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬الشيطان ز ين ل هم ارتداد هم على أدبار هم‪ ,‬من‬
‫شيْطا نُ سَوّ َ‬
‫وقوله‪ :‬ال ّ‬
‫بعد ما تبين لهم الهدى‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ل َلهُمْ‬
‫ن سَوّ َ‬
‫شيْطا ُ‬
‫‪24303‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ال ّ‬
‫وأمْلَى َل ُهمْ يقول‪ :‬زين لهم‪.‬‬
‫سوّلَ َل ُهمْ يقول‪ :‬زين لهم‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َ‬
‫وقوله‪ :‬وأمْلَى َلهُ مْ يقول‪ :‬ومدّ ال ل هم في آجال هم مُلوة من الد هر‪ ,‬ومع نى الكلم‪ :‬الشيطان‬
‫سوّل لهم‪ ,‬وال أملى لهم‪.‬‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة ذلك‪ ,‬فقرأتـه عامـة قرّاء الحجاز والكوفـة وأمْلَى َلهُم ْـ بفتـح اللف‬
‫منها بمعنى‪ :‬وأملى ال لهم‪ .‬وقرأ ذلك بعض أهل المدينة والبصرة «وُأمْلِ يَ َلهُ مْ» على وجه ما‬
‫لم يسمّ فاعله‪ .‬وقرأ مجاهد فيما ذُكر عنه «وُأمْلِي» بضم اللف وإرسال الياء على وجه الخبر‬
‫من ال جلّ ثناؤه عن نفسه أنه يفعل ذلك بهم‪.‬‬
‫وأولى هذه القراءات بال صواب‪ ,‬ال تي علي ها عا مة قرّاء الحجاز والكو فة من ف تح اللف في‬
‫ذلك‪ ,‬لنها القراءة المستفيضة في قَرَأ َة المصار‪ ,‬وإن كان يجمعها مذهب تتقارب معانيها فيه‪.‬‬
‫‪26‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سنُطِي ُع ُك ْم فِي‬
‫ن َكرِهُواْ مَا َنزّلَ اللّ ُه َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬ذَلِ كَ ِبَأ ّنهُ مْ قَالُواْ لِّلذِي َ‬
‫َبعْضِ ال ْمرِ وَاللّ ُه َيعْلَ ُم ِإسْرَارَ ُهمْ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أملى ال لهؤلء المنافقين وتركهم‪ ,‬والشيطان سول لهم‪ ,‬فلم يوفقهم للهدى‬
‫ن َكرِهُوا ما َنزّلَ الّل ُه من ال مر بقتال أ هل الشرك به من المنافق ين‪:‬‬
‫من أ جل أن هم قَالُوا لِّلذِي َ‬
‫ل ْمرِ الذي هو خلف ل مر ال تبارك وتعالى‪ ,‬وأ مر ر سوله صلى ال‬
‫س ُنطِي ُع ُكمْ في َبعْ ضِ ا َ‬
‫َ‬
‫عليه وسلم‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24304‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة ذل كَ بأ ّنهُ مْ قالُوا لّلذِي نَ‬
‫سرَارَهُمْ يقول تعالى‬
‫ض المْ ِر فهؤلء المنافقون وَالّلهُ َيعْلَمُ إ ْ‬
‫سنُطِي ُعكُمْ فِي َبعْ ِ‬
‫ل اللّ ُه َ‬
‫َكرِهُوا ما َنزّ َ‬
‫ذكره‪ :‬وال يعلم إسرار هذين الحزبين المتظاهرين من أهل النفاق‪ ,‬على خلف أمر ال وأمر‬
‫رسوله‪ ,‬إذ يتسارّون فيما بينهم بالكفر بال ومعصية الرسول‪ ,‬ول يخفى عليه ذلك ول غيره من‬
‫المور كلها‪.‬‬
‫سرَارُهُمْ» بف تح‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأ ته عا مة قرّاء أ هل المدي نة والب صرة «أ ْ‬
‫سرَارَ ُهمْ بكسر اللف‬
‫اللف من أسرارهم على وجه جماع سرّ‪ .‬وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة إ ْ‬
‫على أنه مصدر من أسررت إسرارا‪.‬‬
‫وال صواب من القول في ذلك عند نا أنه ما قراءتان معروفتان صحيحتا المع نى‪ ,‬فبأيته ما قرأ‬
‫القارىء فمصيب‪.‬‬
‫‪28-27‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫لئِكَ ُة َيضْ ِربُو نَ ُوجُو َههُ مْ وََأ ْدبَارَهُ مْ *‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬ف َكيْ فَ ِإذَا تَ َو ّف ْتهُ ُم ا ْلمَ َ‬
‫عمَاَل ُهمْ }‪.‬‬
‫ح َبطَ أَ ْ‬
‫خطَ اللّ َه َوكَرِهُو ْا ِرضْوَانَ ُه فََأ ْ‬
‫سَ‬‫ذَِلكَ ِبَأ ّنهُمُ ا ّت َبعُو ْا مَآ َأ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وال يعلم إسـرار هؤلء المنافقيـن‪ ,‬فكيـف ل يعلم حالهـم إذا توفتهـم‬
‫الملئكة‪ ,‬وهم يضربون وجوههم وأدبارهم‪ ,‬يقول‪ :‬فحالهم أيضا ل يخفى عليه في ذلك الوقت‬
‫ويعني بالدبار‪ :‬العجاز‪ ,‬وقد ذكرنا الرواية في ذلك فيما مضى قبل‪.‬‬
‫خطَ الّل ُه يقول تعالى ذكره‪ :‬تف عل الملئ كة هذا الذي و صفت‬
‫سَ‬‫وقوله‪ :‬ذَل كَ بأ ّنهُ ْم ا ّت َبعُوا ما أ ْ‬
‫بهؤلء المنافقين من أجل أنهم اتبعوا ما أسخط ال‪ ,‬فأغضبه عليهم من طاعة الشيطان و َكرِهُوا‬
‫رِضْوَا َنهُ يقول‪ :‬وكرهوا ما يرضيه عنهم من قتال الكفار به‪ ,‬بعد ما افترضه عليهم‪.‬‬
‫حبَ طَ أعماَلهُ مْ يقول‪ :‬فأب طل ال ثواب أعمال هم وأذه به‪ ,‬لن ها عملت في غ ير رضاه‬
‫وقوله‪ :‬فأَ ْ‬
‫ول محبته‪ ,‬فبطلت‪ ,‬ولم تنفع عاملها‪.‬‬

‫‪30-29‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ّهـ‬
‫ِجـ الل ُ‬
‫خر َ‬‫َضـ أَن لّن ُي ْ‬
‫ِمـ ّمر ٌ‬
‫ِينـ فِي قُلُو ِبه ْ‬
‫ب اّلذ َ‬
‫َسـ َ‬
‫َمـ ح ِ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬أ ْ‬
‫َمـ‬
‫ّهـ َيعْل ُ‬
‫ْنـ الْ َقوْلِ وَالل ُ‬
‫ُمـ فِي َلح ِ‬
‫ُمـ فََلعَ َر ْفتَهُم بِسـِيمَاهُمْ وََل َت ْعرِ َف ّنه ْ‬
‫ُمـ * وََلوْ َنشَآ ُء لرَ ْينَا َكه ْ‬
‫ضغَا َنه ْ‬
‫َأ ْ‬
‫عمَاَل ُكمْ }‪.‬‬
‫أَ ْ‬
‫ك في دين هم‪ ,‬وض عف في‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أح سب هؤلء المنافقون الذ ين في قلوب هم ش ّ‬
‫الحقـ أن لن يُخرج ال مـا فـي قلوبهـم مـن الضغان على‬
‫ّ‬ ‫يقينهـم‪ ,‬فهـم حيارَى فـي معرفـة‬
‫ل َريْنا َكهُمْ يقول‬
‫المؤمنين‪ ,‬فيبديه لهم ويظهره‪ ,‬حتى يعرفوا نفاقهم‪ ,‬وحيرتهم في دينهم وَلَ ْو نَشا ُء َ‬
‫تعالى ذكره‪ :‬ولو نشاء يا محمد لعرّفناك هؤلء المنافقين حتى تعرفهم من قول القائل‪ :‬سأريك‬
‫ما أصنع‪ ,‬بمعنى سأعلمك‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فََلعَ َر ْفتَهُ مْ بِ سِيماهُمْ يقول‪ :‬فلتعرفن هم بعلمات النفاق الظاهرة من هم في فحوى كلم هم‪,‬‬
‫وظاهر أفعالهم‪ ,‬ثم إن ال تعالى ذكره عرّفه إياهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24305‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ج اللّ ُه أضْغا َنهُ مْ‪ ...‬إلى آ خر‬
‫ن ُيخْرِ َ‬
‫ن لَ ْ‬
‫ضأ ْ‬
‫ن فِي قُلُو ِبهِ مْ َمرَ ٌ‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬أ مْ حَ سِبَ اّلذِي َ‬
‫حدٍ ِم ْنهُ مْ ما تَ‬
‫ال ية‪ ,‬قال‪ :‬هم أ هل النفاق‪ ,‬و قد عرّ فه إيا هم في براءة‪ ,‬فقال‪ :‬وَل تُ صَلّ عَلى أ َ‬
‫عدُوّا‪.‬‬
‫ن تُقاتِلُوا مَعي َ‬
‫خرُجُوا مَعي أبَدا وَلَ ْ‬
‫ن َت ْ‬
‫أبَدا‪ ,‬وَل تَ ُقمْ على َقبْرِهِ‪ ,‬وقال‪ :‬قُلْ لَ ْ‬
‫‪ 24306‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ب اّلذِي نَ فِي قُلُو ِبهِ مْ َمرَ ضٌ‪ ...‬ال ية‪ ,‬هم أ هل النفاق فََلعَ َر ْفتَهُ مْ بِ سِيماهُمْ‬
‫يقول في قوله‪ :‬أ مْ حَ سِ َ‬
‫حدٍ ِم ْن ُهمْ ماتَ‬
‫ل فعرّفه ال إياهم في سورة براءة‪ ,‬فقال‪ :‬وَل ُتصَلّ عَلى أ َ‬
‫وََل َت ْعرِ َف ّن ُهمْ فِي َلحْن القَوْ ِ‬
‫عدُوّا‪.‬‬
‫ن تُقاتِلُوا مَعي َ‬
‫ن َتنْ ُفرُوا مَعيَ أبَدا وَلَ ْ‬
‫ل لَ ْ‬
‫أبَدا‪ ,‬وقال قُ ْ‬
‫ب اّلذِي نَ‬
‫‪ 24307‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬أ مْ حَ سِ َ‬
‫ج اللّ ُه أضْغا َنهُ مْ قال‪ :‬هؤلء المنافقون‪ ,‬قال‪ :‬والذي أ سروا من‬
‫ن ُيخْرِ َ‬
‫ن لَ ْ‬
‫ضأ ْ‬
‫فِي قُلُو ِبهِ مْ َمرَ ٌ‬
‫النفاق هو الكفر‪.‬‬
‫لرَيْنا َكهُ ْم فَلَ َعرَ ْف َتهُ مْ‬
‫‪ 24308‬ـ قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وََل ْو نَشا ُء َ‬
‫بِسـيماهُمْ قال‪ :‬هؤلء المنافقون‪ ,‬قال‪ :‬و قد أراه ال إياهـم‪ ,‬وأمـر ب هم أن يخرجوا من الم سجد‪,‬‬
‫سكُوا بل إله إل ال فل ما أبوا إل أن تم سكوا بل إله إل ال حُقِ نت دماؤ هم‪,‬‬
‫قال‪ :‬فأبَوا إل أن َتمَ ّ‬
‫ونكحوا ونوكحوا بها‪.‬‬
‫ن هؤلء المنافقين في معنى قولهم ونحوه‪.‬‬
‫ل يقول‪ :‬ولتعرف ّ‬
‫ن القَوْ ِ‬
‫وقوله‪ :‬وََل َت ْع ِرفَ ّن ُهمْ فِي َلحْ ٍ‬
‫ن ال َقوْلِ‬
‫حِ‬‫‪ 24309‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فِي َل ْ‬
‫قال قولهم‪ :‬واللّ ُه َيعْلَمُ أعماَلكُمْ ل يخفى عليه العامل منكم بطاعته‪ ,‬والمخالف ذلك‪ ,‬وهو مجازي‬
‫جميعكم عليها‪.‬‬
‫‪32-31‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ُمـ وَالصـّابِرِينَ َو َنبْلُوَ‬
‫ِينـ مِنك ْ‬
‫َمـ ا ْل ُمجَاهِد َ‬
‫حّتىَ َنعْل َ‬
‫ُمـ َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬وََل َنبْلُ َو ّنك ْ‬
‫سبِيلِ الّل هِ َوشَآقّواْ الرّ سُولَ مِن َب ْعدِ مَا َت َبيّ نَ َلهُ مُ ا ْل ُه َدىَ‬
‫صدّواْ عَن َ‬
‫ن كَ َفرُواْ وَ َ‬
‫خبَا َركُ مْ * إِ نّ اّلذِي َ‬
‫َأ ْ‬
‫عمَاَلهُمْ }‪.‬‬
‫حبِطُ َأ ْ‬
‫س ُي ْ‬
‫شيْئا َو َ‬
‫لَن َيضُرّو ْا اللّ َه َ‬
‫يقول تعالى ذكره ل هل اليمان به من أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم وََل َنبْلُ َو ّنكُ مْ‬
‫ُمـ يقول‪ :‬حتـى يعلم حزبـي‬
‫ِينـ ِم ْنك ْ‬
‫َمـ المُجا ِهد َ‬
‫أيهـا المؤمنون بالقتـل‪ ,‬وجهاد أعداء ال حتـى َنعْل َ‬
‫وأوليائي أ هل الجهاد في ال من كم‪ ,‬وأ هل ال صبر على قتال أعدائه‪ ,‬فيظ هر ذلك ل هم‪ ,‬ويعرف‬
‫ذوو الب صائر من كم في دي نه من ذوي الش كّ والحَيرة ف يه وأ هل اليمان من أ هل النفاق ونبلو‬
‫أخباركم‪ ,‬فنعرف الصادق منكم من الكاذب‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24310‬ـ حدث ني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاوية‪ ,‬عن علي‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫شيْءٍ مِن ْـ الخَوْف والجُوع ِـ‬
‫قوله‪ :‬حتـى َنعْلَم َـ المُجاهِدين َـ ِم ْنكُم ْـ وَالصـّا ِبرِينَ‪ ,‬وقوله‪ :‬وََل َنبْلُ َو ّنكُم ْـ ِب َ‬
‫ونحـو هذا قال‪ :‬أخـبر ال سـبحانه المؤمنيـن أن الدنيـا دار بلء‪ ,‬وأنـه مبتليهـم فيهـا‪ ,‬وأمرهـم‬
‫بال صبر‪ ,‬وبشّر هم فقال‪َ :‬وبَشّر ال صّا ِبرِينَ‪ ,‬ثم أ خبرهم أ نه هكذا ف عل بأ نبيائه‪ ,‬و صفوته لتط يب‬
‫ضرّاءُ َوزُ ْلزِلُوا‪ ,‬فالبأسـاء‪ :‬الفقـر‪ ,‬والضرّاء‪ :‬السـقم‪ ,‬وزُلزلوا‬
‫أنفسـهم‪ ,‬فقال‪ :‬مَس ّـْتهُ ُم البأْسـاءُ وَال ّ‬
‫بالفتن وأذى الناس إياهم‪.‬‬
‫‪ 24311‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله‪ :‬وََل َنبْلُ َو ّنكُ مْ حتى‬
‫ن قال‪ :‬نخ تبركم‪ ,‬البلوى‪ :‬الختبار‪ .‬وقرأ الم أحَ سِبَ النّا سُ أ نْ‬
‫ن ِم ْنكُ مْ وَال صّابِرِي َ‬
‫َنعْلَ مَ المُجا ِهدِي َ‬
‫ن مِنْ َقبِْل ِهمْ‪ ...‬الية‪.‬‬
‫ن يَقُولُوا آ َمنّا وَ ُه ْم ل يُ ْف َتنُونَ قال‪ :‬ل يختبرون وَلَ َقدْ َف َتنّا اّلذِي َ‬
‫ُيتْ َركُوا أ ْ‬
‫ُمـ وَالصـّابِرِينَ َو َنبْلُوَ‬
‫ِينـ ِم ْنك ْ‬
‫َمـ المُجا ِهد َ‬
‫ُمـ حتـى َنعْل َ‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة قوله‪ :‬وََل َنبْلُ َو ّنك ْ‬
‫أخْبا َركُ مْ‪ ,‬فقرأ ذلك عا مة قرّاء الم صار بالنون نبلو ونعلم‪ ,‬ونبلو على و جه ال خبر من ال جلّ‬
‫جلله عـن نفسـه‪ ,‬سـوى عاصـم فإنـه قرأ جميـع ذلك بالياء والنون هـي القراءة عندنـا لجماع‬
‫الحجة من القرّاء عليها‪ ,‬وإن كان للخرى وجه صحيح‪.‬‬
‫سبِيلِ الّل هِ يقول تعالى ذكره‪ :‬إن الذين جحدوا توحيد ال‪,‬‬
‫ع نْ َ‬
‫ن اّلذِي نَ كَ َفرُوا وَ صَدّوا َ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫ن َلهُمُ ال ُهدَى يقول‪:‬‬
‫ن َب ْعدِ ما َت َبيّ َ‬
‫ل مِ ْ‬
‫وصدّوا الناس عن دينه الذي ابتعث به رسله وَشاقّوا الرّسُو َ‬
‫وخالفوا رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فحاربوه وآذَوه من بعد ما علموا أنه نبيّ مبعوث‪,‬‬
‫ورسول مرسل‪ ,‬وعرفوا الطريق الواضح بمعرفته‪ ,‬وأنه ل رسول‪.‬‬
‫شيْئا لن ال بالغ أمره‪ ,‬وناصـر رسـوله‪ ,‬ومُظهره على مـن عاداه‬
‫ّهـ َ‬
‫َنـ َيضُرّوا الل َ‬
‫وقوله‪ :‬ل ْ‬
‫ح ِبطُ أعماَلهُ مْ يقول‪ :‬و سيذهب أعمال هم ال تي عملو ها في الدن يا فل ينفع هم ب ها في‬
‫س ُي ْ‬
‫وخال فه و َ‬
‫الدنيا ول الَخرة‪ ,‬ويبطلها إل مما يضرّهم‪.‬‬

‫‪34-33‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل َولَ ُت ْبطِلُوَاْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأيّهَا اّلذِي نَ آ َمُنوَاْ َأطِيعُو ْا اللّ هَ وََأطِيعُواْ الرّ سُو َ‬
‫سبِيلِ الّلهِ ُثمّ مَاتُواْ وَ ُه ْم كُفّارٌ فَلَن َيغْ ِفرَ الّلهُ َل ُهمْ }‪.‬‬
‫صدّواْ عَن َ‬
‫ن كَ َفرُواْ َو َ‬
‫عمَاَل ُكمْ * ِإنّ اّلذِي َ‬
‫أَ ْ‬
‫ل في أمرهما‬
‫ن آ َمنُوا بال ورسوله أطِيعُوا اللّ َه وأطِيعُوا الرّسُو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ونهيهما وَل َتبْطِلُوا أعماَلكُ مْ يقول‪ :‬ول تبطلوا بمعصيتكم إياهما‪ ,‬وكفركم بربكم ثواب أعمالكم‬
‫فإن الك فر بال يح بط ال سالف من الع مل ال صالح‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال أ هل التأو يل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24312‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا‬
‫أطِيعُوا ال وأطِيعُوا الرّ سُولَ وَل ُت ْبطِلُوا أعماَلكُ مْ‪ ....‬الية‪ ,‬من استطاع منكم أن ل يبطل عملً‬
‫صـالحا عمله بعمـل سـيىء فليفعـل‪ ,‬ول قوّة إل بال‪ ,‬فإن الخيـر ينسـخ الشرّ‪ ,‬وإن الشرّ ينسـخ‬
‫الخير‪ ,‬وإن ملك العمال خواتيمها‪.‬‬
‫سبِيلِ اللّهِ ثُمّ ماتُوا وَهُمْ كُفّارٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬إن الذين‬
‫صدّوا عَنْ َ‬
‫وقوله‪ :‬إنّ اّلذِينَ كَ َفرُوا وَ َ‬
‫أنكروا توحيد ال‪ ,‬وصدّوا من أراد اليمان بال وبرسوله عن ذلك‪ ,‬ففتنوهم عنه‪ ,‬وحالوا بينهم‬
‫وب ين ما أرادوا من ذلك‪ ,‬ثم ماتوا و هم كفار‪ :‬يقول‪ :‬ثم ماتوا و هم على ذلك من كفر هم فَلَ نْ‬
‫َيغْ ِفرَ اللّ هُ َلهُ مْ يقول‪ :‬فلن يع فو ال ع ما صنع من ذلك‪ ,‬ولك نه يعاق به عل يه‪ ,‬ويفض حه به على‬
‫رؤوس الشهاد‪.‬‬
‫‪35‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫عوَاْ إِلَى ال سّ ْلمِ وَأَنتُ مُ العَْلوْ نَ وَاللّ هُ َم َعكُ مْ وَلَن‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬فَلَ َت ِهنُواْ َو َتدْ ُ‬
‫عمَاَل ُكمْ }‪.‬‬
‫َيتِ َر ُكمْ أَ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬فل تضعفوا أيها المؤمنون بال عن جهاد المشرك ين وتجبُنوا عن قتال هم‪.‬‬
‫كما‪:‬‬
‫‪24313‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد فَل َت ِهنُوا قال‪ :‬ل‬
‫تضعفوا‪.‬‬
‫‪ 24314‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬فَل َت ِهنُوا ل‬
‫تضعف أنت‪.‬‬
‫ـ يقول‪ :‬ل تضعفوا عنهـم وتدعوهـم إلى الصـلح‬
‫ـ العَْلوْن َ‬
‫ـلْمِ وأ ْنتُم ُ‬
‫وقوله‪َ :‬و َتدْعُوا إلى الس ّ‬
‫والمسالمة‪ ,‬وأنتم القاهرون لهم والعالون عليهم وَاللّ ُه َم َعكُمْ يقول‪ :‬وال معكم بالنصر لكم عليهم‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ ,‬غير أنهم اختلفوا في معنى قوله‪ :‬وأ ْنتُ مُ الَعْلَ ْو نَ‬
‫فقال بعضهم‪ :‬معناه‪ :‬وأنتم أولى بال منهم‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬مثل الذي قلنا فيه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪,‬‬
‫ن أنتم أولى بال منهم‪.‬‬
‫وقال معنى قوله‪ :‬وأ ْن ُتمُ العَْلوْ َ‬
‫‪24315‬ـ حدثني أحمد بن المقدام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبي يحدّث‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في‬
‫قوله‪ :‬فَل َت ِهنُوا َو َتدْعُوا إلى السّلْمِ قال‪ :‬أي ل تكونوا أولى الطائفتين تصرع‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة فَل َت ِهنُوا َو َتدْعُوا إلى السَّلمِ قال‪ :‬ل‬
‫تكونوا أولى الطائفت ين صرعت ل صاحبتها‪ ,‬ودعت ها إلى المواد عة‪ ,‬وأن تم أولى بال من هم وال‬
‫معكم‪.‬‬
‫حدث نا ابـن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ا بن ثور‪ ,‬عن معمـر‪ ,‬عن قتادة فَل َت ِهنُوا َو َتدْعُوا إلى‬
‫ال سَّلمِ قال‪ :‬ل تكونوا أولى الطائفت ين صرعت إلى صاحبتها وأ ْنتُ مُ العَْلوْ نَ قال‪ :‬يقول‪ :‬وأن تم‬
‫أولى بال منهم ذكر من قال معنى قوله‪ :‬وأ ْن ُتمُ العْلَ ْونَ‪ :‬أنتم الغالبون العزّ منهم‪.‬‬
‫‪24316‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬وأ ْنتُ مُ‬
‫العْلَ ْونَ قال‪ :‬الغالبون مثل يوم أُحد‪ ,‬تكون عليهم الدائرة‪.‬‬
‫‪ 24317‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله فَل َت ِهنُوا َو َتدْعُوا‬
‫ن قال‪ :‬هذا من سوخ‪ ,‬قال‪ :‬ن سخه القتال والجهاد‪ ,‬يقول‪ :‬ل تض عف أ نت‬
‫لعْلَوْ َ‬
‫إلى ال سَّلمِ وأنُت مُ ا َ‬
‫وتدعو هم أ نت إلى ال سلم وأ نت العلى‪ ,‬قال‪ :‬وهذا ح ين كا نت العهود والهد نة في ما بي نه وب ين‬
‫المشركين قبل أن يكون القتال‪ ,‬يقول‪ :‬ل تهن فتضعف‪ ,‬فيرى أنك تدعوه إلى السلم وأنت فوقه‪,‬‬
‫وأعزّ م نه وأ ْنتُ مُ الَعَْلوْ نَ أن تم أعزّ من هم‪ ,‬ثم جاء القتال ب عد فن سخ هذا أج مع‪ ,‬فأمره بجهاد هم‬
‫والغلظة عليهم‪ .‬وقد قيل‪ :‬عنى بقوله‪ :‬وأ ْنتُمُ الَعَْلوْنَ وأنتم الغالبون آخر المر‪ ,‬وإن غلبوكم في‬
‫بعض الوقات‪ ,‬وقهروكم في بعض الحروب‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فَل َت ِهنُوا جزم بالنهـي‪ ,‬وفـي قوله َو َتدْعُوا وجهان‪ :‬أحدهمـا الجزم على العطـف على‬
‫تهنوا‪ ,‬فيكون معنى الكلم‪ :‬فل تهنوا ول تدعوا إلى السلم‪ ,‬والَخر النصب على الصرف‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وََل نْ َي ِت َركُ مْ أعماَلكُ مْ يقول‪ :‬ولن يظلم كم أجور أعمال كم فينق صكم ثواب ها‪ ,‬من قول هم‪:‬‬
‫وترت الرجـل إذا قتلت له قتيلً‪ ,‬فأخذت له مالً غصـبا‪ .‬وبنحـو الذي قلنـا فـي ذلك قال أهـل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24318‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله يقول‪ :‬وََلنْ َي ِت َر ُكمْ أعماَل ُكمْ يقول‪ :‬لن يظلمكم أجور أعمالكم‪.‬‬
‫‪24319‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَلَ نْ‬
‫َيتِ َر ُكمْ أعماَل ُكمْ قال‪ :‬لن ينقصكم‪.‬‬
‫ن َي ِت َركُمْ أعماَلكُمْ‪ :‬أي لن‬
‫‪24320‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَلَ ْ‬
‫يظلمكم أعمالكم‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫ن َيتِ َركُ مْ‬
‫‪ 24321‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد في قوله‪ :‬وَلَ ْ‬
‫أعماَل ُكمْ قال‪ :‬لن يظلمكم‪ ,‬أعمالكم ذلك يتركم‪.‬‬
‫‪ 24322‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن َيتِ َر ُكمْ أعماَل ُكمْ قال‪ :‬لن يظلمكم أعمالكم‪.‬‬
‫يقول في قوله‪ :‬وَلَ ْ‬

‫‪37-36‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ُمـ‬
‫ِبـ وََلهْوٌ وَإِن تُ ْؤ ِمنُواْ َو َتتّقُو ْا يُ ْؤ ِتك ْ‬
‫حيَا ُة ال ّدنْي َا َلع ٌ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪ِ{ :‬إنّم َا ا ْل َ‬
‫ج َأضْغَا َن ُكمْ }‪.‬‬
‫سأَ ْل ُكمُوهَا َف ُيحْ ِفكُمْ َت ْبخَلُو ْا َو ُيخْرِ ْ‬
‫ل َيسْأَ ْل ُكمْ َأمْوَاَل ُكمْ * إِن َي ْ‬
‫ُأجُو َر ُكمْ َو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬حاضا عباده المؤمنين على جهاد أعدائه‪ ,‬والنفقة في سبيله‪ ,‬وبذل مهجتهم‬
‫في قتال أ هل الك فر به‪ :‬قاتلوا أي ها المؤمنون أعداء ال وأعداء كم من أ هل الك فر‪ ,‬ول تدع كم‬
‫الرغبة في الحياة إلى ترك قتالهم‪ ,‬فإنما الحياة الدنيا ل عب ولهو‪ ,‬إل ما كان منها ل من عمل‬
‫ل فيذهب ويندرس فيمرّ‪,‬‬
‫في سبيله‪ ,‬وطلب رضاه‪ .‬فأما ما عدا ذلك فإنما هو لعب ولهو‪ ,‬يضمح ّ‬
‫ن تُ ْؤمِنوا َو َتتّقُوا يُ ْؤ ِتكُ مْ أجُو َركُ مْ يقول‪ :‬وإن تعملوا في‬
‫أو إثم يبقى على صاحبه عاره وخزيه وَإ ْ‬
‫هذه الدنيا التي ما كان فيها مما هو لها‪ ,‬فلعب ولهو‪ ,‬فتؤمنوا به وتتقوه بأداء فرائضه‪ ,‬واجتناب‬
‫معاصـيه‪ ,‬وهـو الذي يبقـى لكـم منهـا‪ ,‬ول يبطـل بطول اللهـو واللعـب‪ ,‬ثـم يؤتكـم ربكـم عليـه‬
‫أجور كم‪ ,‬فيعوّض كم م نه ما هو خ ير ل كم م نه يوم فقر كم‪ ,‬وحاجت كم إلى أعمال كم وَل يَ سأ ْلكُمْ‬
‫أمْوَاَلكُم ْـ يقول‪ :‬ول يسـألكم ربكـم أموالكـم‪ ,‬ولكنـه يكلفكـم توحيده‪ ,‬وخلع مـا سـواه مـن النداد‪,‬‬
‫وإفراد اللو هة والطا عة له إن يسـألكموها‪ :‬يقول جلّ ثناؤه‪ :‬إن ي سألكم ربكـم أموالكـم فيحفكـم‬
‫ح عليكم بطلبها منكم فيلحف‪ ,‬تبخلوا‪ :‬يقول‪ :‬تبخلوا بها وتمنعوها‬
‫يقول‪ :‬فيجهدكم بالمسألة‪ ,‬ويل ّ‬
‫إياه‪ ,‬ضنا منكم بها‪ ,‬ولكنه علم ذلك منكم‪ ,‬ومن ضيق أنفسكم فلم يسألكموها‪.‬‬
‫ل ثناؤه لو سـألكم أموالكـم بمسـألته ذلك منكـم‬
‫ُمـ يقول‪ :‬ويخرج ج ّ‬
‫ِجـ أضْغا َنك ْ‬
‫خر ْ‬‫وقوله‪ :‬و ُي ْ‬
‫أضغانكم قال‪ :‬قد علم ال أن في مسألته المال خروج الضغان‪.‬‬
‫‪ 24323‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬فيُحْ ِفكُ مْ َت ْبخَلُوا‬
‫قال‪ :‬الحفاء‪ :‬أن تأخذ كلّ شيء بيديك‪.‬‬
‫‪38‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سبِيلِ اللّ هِ َفمِنكُم مّن‬
‫ن ِلتُنفِقُو ْا فِي َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬هَا أَنتُ مْ هَ ـ ُؤلَ ِء ُتدْعَ ْو َ‬
‫غ ْي َركُمْ‬
‫ل قَوْما َ‬
‫س َتبْدِ ْ‬
‫سهِ وَاللّهُ ا ْل َغنِيّ وَأَنتُمُ الْفُ َقرَآءُ وَإِن َتتَوَّلوْاْ يَ ْ‬
‫َي ْبخَلُ َومَن َي ْبخَلْ َفِإنّمَا َي ْبخَلُ عَن نّفْ ِ‬
‫ُثمّ لَ َيكُو ُنوَاْ َأ ْمثَاَلكُم }‪.‬‬
‫سبِيلِ اللّ هِ يقول‪:‬‬
‫ن ِل ُتنْفِقُوا فِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره للمؤمن ين‪ :‬ها أ ْنتُ مْ أي ها الناس هَؤُل ِء ُتدْعَ ْو َ‬
‫ن َي ْبخَلُ بالنفقة فيه‪ ,‬وأدخلت «ها»‬
‫تدعون إلى النفقة في جهاد أعداء ال ونُصرة دينه فمِ ْنكُ مْ مَ ْ‬
‫في موضعين‪ ,‬لن العرب إذا أرادت التقريب جعلت المكن يّ بين «ها» وبين «ذا»‪ ,‬فقالت‪ :‬ها‬
‫أنت ذا قائما‪ ,‬لن التقريب جواب الكلم‪ ,‬فربما أعادت «ها» مع «ذا»‪ ,‬وربما اجتزأت بالولى‪,‬‬
‫وقد حُذفت الثانية‪ ,‬ول يقدّمون أنتم قبل «ها»‪ ,‬لن ها جواب فل تقرب بها بعد الكلمة‪.‬‬
‫وقال بعض نحويي البصرة‪ :‬جعل التنبيه في موضعين للتوكيد‪.‬‬
‫سهِ يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن يب خل بالنفقة في سبيل ال‪,‬‬
‫ع نْ نَفْ ِ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم نْ َي ْبخَلْ فإ ّنمَا َي ْبخَلُ َ‬
‫فإنما يبخل عن بخل نفسه‪ ,‬لن نفسه لو كانت جوادا لم تبخل بالنفقة في سبيل ال‪ ,‬ولكن كانت‬
‫تجود بها وَاللّ ُه ال َغنِ يّ وأ ْنتُ مُ ال ُف َقرَاءُ يقول تعالى ذكره‪ :‬ول حاجة ل أيها الناس إلى أموالكم ول‬
‫نفقات كم‪ ,‬ل نه الغن يّ عن خل قه والخلق الفقراء إل يه‪ ,‬وأن تم من خل قه‪ ,‬فأن تم الفقراء إل يه‪ ,‬وإن ما‬
‫حض كم على النف قة في سبيله‪ ,‬ليُك سبكم بذلك الجز يل من ثوا به‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24324‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬ها أ ْنتُ ْم هَؤُلءِ‬
‫ن نَفْ سِهِ وَالّل ُه ال َغنِ يّ وأ ْنتُ مُ‬
‫ل فإ ّنمَا َي ْبخَلُ عَ ْ‬
‫سبِيلِ اللّ هِ َف ِم ْنكُمْ مَ نْ َي ْبخَلُ َومَ نْ َي ْبخَ ْ‬
‫ن َل ُتنْفِقُوا فِي َ‬
‫ُتدْعَ ْو َ‬
‫الفُ َقرَا ُء قال‪ :‬ليس بال تعالى ذكره إليكم حاجة وأنتم أحوج إليه‪.‬‬
‫غ ْي َركُ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬وإن تتولوا أيها الناس‬
‫ن َتتَوَلّوْا يَ سْ َت ْبدِلْ قَوْما َ‬
‫وقوله تعالى ذكره‪ :‬وَإ ْ‬
‫س َت ْبدِلْ قَوْما‬
‫عن هذا الدين الذي جاءكم به محمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فترتدّوا راجعين عنه يَ ْ‬
‫غ ْي َركُمْ يقول‪ :‬يهلككم ثم يجيء بقوم آخرين غيركم بدلً منكم يصدّقون به‪ ,‬ويعملون بشرائعه ثُمّ‬
‫َ‬
‫ل يكُونُوا أمْثاَلكُ مْ يقول‪ :‬ثم ل يبخلوا ب ما أُمروا به من النف قة في سبيل ال‪ ,‬ول يضيعون شيئا‬
‫من حدود دين هم‪ ,‬ولكن هم يقومون بذلك كله على ما يُؤمرون به‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫س َت ْبدِلْ قَوْما‬
‫ن َتتَوَّلوْا يَ ْ‬
‫‪ 24325‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَإ ْ‬
‫غ ْي َركُمْ يقول‪ :‬إن توليتم عن كتابي وطاعتي أستبدل قوما غيركم‪ .‬قادر وال ربنا على ذلك على‬
‫َ‬
‫أن يهلكهم‪ ,‬ويأتي من بعدهم من هو خير منهم‪.‬‬
‫ن َتتَوَّلوْا يَ سْ َت ْبدِلْ قَوْما‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وَإ ْ‬
‫غ ْي َر ُكمْ قال‪ :‬إن تولوا عن طاعة ال‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 24326‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ نْ َتتَوَّلوْا‬
‫غ ْي َركُمْ‪.‬‬
‫ستَ ْبدِلْ قَوْما َ‬
‫َي ْ‬
‫وذُكر أنه عنى بقوله‪َ :‬يسْ َت ْبدِلْ قَوْما غَي َركُمْ‪ :‬العجم من عجم فارس‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24327‬ـ حدثنا ابن َبزِيع البغدادي أبو سعيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا إسحاق بن منصور‪ ,‬عن مسلم بن‬
‫خالد‪ ,‬عن العلء بن عبد الرحمن‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬قال‪ :‬لما نزلت وَإنْ َت َتوَلّوْا يَسْ َت ْبدِلْ‬
‫غ ْي َركُ مْ ثُ مّ ل يكُونُوا أمْثاَلكُ مْ كان سَلْمان إلى جنب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقالوا‪:‬‬
‫قَوْما َ‬
‫ي صلى ال عليه‬
‫يا رسول ال من هؤلء القوم الذين إن تولينا استُبدِلوا بنا‪ ,‬قال‪ :‬فضرب النب ّ‬
‫ن َتعَلّ قَ بال ّثرَيّا‬
‫ن الدّي َ‬
‫و سلم على من كب سلمان‪ ,‬فقال‪« :‬مِ نْ َهذَا َوقَ ْومِ هِ‪ ,‬وَاّلذِي نَفْ سِي ِب َيدِ هِ َلوْ أ ّ‬
‫ن أهْل فارِسِ»‪.‬‬
‫لَناَلتْهُ رِجالٌ مِ ْ‬
‫حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬أ خبرني م سلم بن خالد‪ ,‬عن العلء بن ع بد‬
‫الرحمن‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة أن رسول ال صلى ال عليه وسلم تل هذه الية وَإنْ َتتَوَّلوْا‬
‫ُمـ قالُوا‪ :‬يـا رسـول ال مـن هؤلء الذيـن إن تولّينـا‬
‫ُمـ ل يكُونُوا أمْثاَلك ْ‬
‫غ ْي َركُمـْ‪ ,‬ث ّ‬
‫َسـَت ْبدِلْ قَوْمـا َ‬
‫ي ْ‬
‫ن الدّي نُ‬
‫ا ستبدلوا ب نا‪ ,‬ثم ل يكونوا أمثال نا‪ ,‬فضرب على ف خذ سلمان قال‪َ « :‬هذَا َوقَ ْومُ هُ‪ ,‬وََلوْ كا َ‬
‫ن ال ُفرْسِ»‪.‬‬
‫ع ْندَ ال ّث َريّا َلتَناوَلَ ُه رِجالٌ مِ َ‬
‫ِ‬
‫حدثنا أحمد بن الحسن الترمذ يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن الوليد ال َعدَني‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مسلم بن‬
‫خالد‪ ,‬عن العلء‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬قال‪ :‬نزلت هذه الية وسلمان الفارسيّ إلى جنب‬
‫غ ْيرَكُمْ ثُمّ ل َيكُونُوا‬
‫س َت ْبدِلْ قَوْما َ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم تحكّ ركبته ركبته وَإنْ َتتَوَّلوْا يَ ْ‬
‫أمْثاَلكُم قالوا‪ :‬يا رسول ال ومن الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم ل يكونوا أمثالنا‪ ,‬قال‪ :‬فضرب‬
‫فخذ سلمان ثم قال‪َ « :‬هذَا َوقَ ْو ُمهُ»‪.‬‬
‫‪24328‬ـ وقال‪ :‬مجاهد في ذلك ما حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫عيسى وحدثني الحارث قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن‬
‫مجاهد َيسْ َت ْبدِلْ قَوْما غَي َركُمْ من شاء‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هم أهل اليمن‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24329‬ـ حدث ني مح مد بن عوف الطائ يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو المغيرة‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا صفوان بن‬
‫عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا را شد بن سعد وع بد الرح من بن جُبير وشر يح بن عب يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ نْ‬
‫غ ْي َر ُكمْ ُثمّ ل يكُونُوا أمْثاَل ُكمْ قال‪ :‬أهل اليمن‪.‬‬
‫ل قَوْما َ‬
‫س َتبْدِ ْ‬
‫َتتَوَلّوْا َي ْ‬
‫سورة الفتح‬
‫مدنية‬
‫وآياتها تسع وعشرون‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬
‫‪3-1‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ك اللّ ُه مَا تَ َقدّ مَ مِن ذَنبِ كَ‬
‫حنَا لَ كَ َفتْحا ّمبِينا * ّل َيغْ ِفرَ لَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إنّا َف َت ْ‬
‫عزِيزا }‪.‬‬
‫ص َركَ اللّ ُه َنصْرا َ‬
‫ستَقِيما * َويَن ُ‬
‫خرَ َو ُيتِ ّم ِن ْعمَتَهُ عََل ْيكَ َو َي ْه ِد َيكَ صِرَاطا ّم ْ‬
‫َومَا َتَأ ّ‬
‫ك َفتْحا ُمبِينا يقول‪ :‬إنا‬
‫يعني بقوله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم إنّا َف َتحْنا لَ َ‬
‫حكمنا لك يا محمد حكما لمن سمعه أو بلغه على من خالفك وناصبك من كفار قومك‪ ,‬وقضينا‬
‫لك عليهم بالنصر والظفر‪ ,‬لتشكر ربك‪ ,‬وتحمده على نعمته بقضائه لك عليهم‪ ,‬وفتحه ما فتح‬
‫لك‪ ,‬ولتسبحه وتستغفره‪ ,‬فيغفر لك بفعالك ذلك ربك‪ ,‬ما تقدّم من ذنبك قبل فتحه لك ما فتح‪ ,‬وما‬
‫تأخّر بعد فتحه لك ذلك ما شكرته واستغفرته‪.‬‬
‫صرُ اللّ هِ‬
‫ل إذَا جا َء نَ ْ‬
‫وإن ما اختر نا هذا القول ف ـي تأوي ـل هذه ال ية لدللة قول ال عزّ وج ّ‬
‫س َتغْ ِفرْ ُه إنّ هُ كا نَ َتوّابا‬
‫ح ْمدِ َربّ كَ وَا ْ‬
‫سبّحْ ِب َ‬
‫س َي ْدخُلُو نَ فِي دِي نِ الّل ِه أفْوَاجا‪ ,‬فَ َ‬
‫ت النّا َ‬
‫وَال َفتْح‪ ,‬ورأيْ َ‬
‫على صـحته‪ ,‬إذ أمره تعالى ذكره أن يسـبح بحمـد ربـه إذا جاءه نصـر ال وفتـح مكـة‪ ,‬وأن‬
‫يسـتغفره‪ ,‬وأعلمـه أنـه توّاب على مـن فعـل ذلك‪ ,‬ففـي ذلك بيان واضـح أن قوله تعالى ذكره‪:‬‬
‫ل ثناؤه نبيه عل يه ال صلة‬
‫خرَ إن ما هو خبر من ال ج ّ‬
‫ن َذ ْنبِ كَ وَ ما َتَأ ّ‬
‫َل َيغْ ِفرَ لَ كَ ال ما تَ َقدّ مَ مِ ْ‬
‫وال سلم عن جزائه له على شكره له‪ ,‬على النع مة ال تي أن عم ب ها عل يه من إظهاره له ما ف تح‪,‬‬
‫لن جزاء ال تعالى عباده على أعمالهم دون غيرها‪.‬‬
‫وبعد ففي صحة الخبر عنه صلى ال عليه وسلم أنه كان يقوم حتى ترِم قدماه‪ ,‬فقيل له‪ :‬يا‬
‫عبْدا‬
‫ُونـ َ‬
‫رسـول ال تفعـل هذا وقـد غفـر لك مـا تقدّم مـن ذنبـك ومـا تأخـر؟ فقال‪« :‬أفَل أك ُ‬
‫شكُورا؟»‪ ,‬الدللة الواض حة على أن الذي قلنا من ذلك هو الصحيح من القول‪ ,‬وأن ال تبارك‬
‫َ‬
‫وتعالى‪ ,‬إن ما و عد نبيه محمدا صلى ال عل يه و سلم غفران ذنو به المتقد مة‪ ,‬ف تح ما ف تح عل يه‪,‬‬
‫وبعده على شكره له‪ ,‬على نعمـه التـي أنعمهـا عليـه‪ .‬وكذلك كان يقول صـلى ال عليـه وسـلم‪:‬‬
‫ل يَوْ ٍم ِمئَةَ َمرّةٍ» ولو كان القول في ذلك أنه من خبر ال‬
‫س َتغْ ِفرُ اللّ هَ وأتُو بُ إَل ْي ِه فِي كُ ّ‬
‫«إنّي لَ ْ‬
‫تعالى نبيه أنه قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر على غير الوجه الذي ذكرنا‪ ,‬لم يكن لمره‬
‫إياه بال ستغفار ب عد هذه ال ية‪ ,‬ول ل ستغفار نبيّ ال صلى ال عل يه و سلم ر به جلّ جلله من‬
‫ذنوبه بعدها معنى يعقل‪ ,‬إذ الستغفار معناه‪ :‬طلب العبد من ربه عزّ وجلّ غفران ذنوبه‪ ,‬فإذا‬
‫لم يكن ذنوب تغفر لم يكن لمسألته إياه غفرانها معنى‪ ,‬لنه من المحال أن يقال‪ :‬اللهمّ اغفر لي‬
‫ذنبا لم أعمله‪ .‬وقد تأوّل ذلك بعضهم بمعنى‪ :‬ليغفر لك ما تقدّم من ذنبك قبل الرسالة‪ ,‬وما تأخر‬
‫خرَ‪ .‬وأما‬
‫ن َذ ْنبِ كَ وَما تَأ ّ‬
‫إلى الوقت الذي قال‪ :‬إنّا َف َتحْنا لَ كَ َفتْحا ُمبِينا ِل َيغْ ِف َر لَ كَ الّل ُه ما تَ َقدّ مَ ِم ْ‬
‫ل ثناؤه نبيه صلى ال عل يه و سلم هذه العدة على شكره إياه عل يه‪ ,‬فإ نه‬
‫الف تح الذي و عد ال ج ّ‬
‫فيما ذُكر الهدنة التي جرت بين رسول ال صلى ال عليه وسلم وبين مشركي قريش بالحديبية‪.‬‬
‫وذُكر أن هذه السورة أُنزلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم منصرفة عن الحديبية بعد‬
‫الهدنة التي جرَت بينه وبين قومه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في معنى قوله‪ :‬إنّا َف َتحْنا لَكَ َفتْحا ُمبِينا قال‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24330‬ـ حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪:‬‬
‫ك َفتْحا ُمبِينا قال‪ :‬قضينا لك قضا ًء مبينا‪.‬‬
‫إنّا َف َتحْنا َل َ‬
‫حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إنّا َف َتحْ نا لَ كَ َفتْ حا ُمبِي نا‬
‫والفتح‪ :‬القضاء‪.‬‬
‫ذ كر الروا ية ع من قال‪ :‬هذه ال سورة نزلت على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم في الو قت‬
‫الذي ذكرت‪:‬‬
‫‪24331‬ـ حدثنا حميد بن مسعدة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بشر بن المفضل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا داود‪ ,‬عن عامر إنّا‬
‫ك فَتْحا ُمبِينا قال‪ :‬الحديبية‪.‬‬
‫َفتَحْنا َل َ‬
‫‪24332‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول ال‪ :‬إنّا‬
‫ك فَتْحا ُمبِينا قال‪ :‬نحرُه بالحديبية وحَلْقُه‪.‬‬
‫َفتَحْنا َل َ‬
‫‪24333‬ـ حدثنا محمد بن عبد ال بن بزيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو بحر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫جا مع بن شدّاد‪ ,‬عن ع بد الرح من بن أ بي علق مة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ع بد ال بن م سعود يقول‪ :‬ل ما‬
‫أقبلنا من الحُديبية أعرسنا فنمنا‪ ,‬فلم نستيقظ إل بالشمس قد طلعت‪ ,‬فاستيقظنا ورسول ال صلى‬
‫ال عل يه و سلم نائم‪ ,‬قال‪ :‬فقل نا أيقظوه‪ ,‬فا ستيقظ ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فقال‪« :‬ا ْفعَلُوا‬
‫كمَا ُك ْنتُ ْم تَ ْفعَلُو نَ‪ ,‬فكذلك من نام أو ن سي» قال‪ :‬وفقد نا نا قة ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪,‬‬
‫فوجدنا ها قد تعلّق خطام ها بشجرة‪ ,‬فأتي ته ب ها‪ ,‬فر كب فبي نا ن حن ن سير‪ ,‬إذ أتاه الو حي‪ ,‬قال‪:‬‬
‫وكان إذا أتاه اشتدّ عليه فلما سري عنه أخبرنا أنه أُنزل عليه‪ :‬إنّا َف َتحْنا َلكَ َفتْحا ُمبِينا‪.‬‬
‫‪ 24334‬ـ حدثنا أحمد بن المقدام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبي يحدّث عن قتادة‪ ,‬عن‬
‫أنس بن مالك‪ ,‬قال‪ :‬لما رجعنا من غزوة الحديبية‪ ,‬وقد حيل بيننا وبين نسكنا‪ ,‬قال‪ :‬فنحن بين‬
‫الحزن والكآ بة‪ ,‬قال‪ :‬فأنزل ال عزّ وجلّ‪ :‬إنّا َف َتحْ نا لَ كَ َفتْ حا ُمبِي نا ِل َيغْ ِفرَ لَ كَ الّل هُ ما َت َقدّ َم مِ نْ‬
‫ستَقِيما‪ ,‬أو ك ما شاء ال‪ ,‬فقال نبيّ ال‬
‫خرَ‪َ ,‬و ُيتِ مّ ِن ْع َمتَ هُ عََليْ كَ‪ ,‬و َي ْه ِديَ كَ صِرَاطا مُ ْ‬
‫َذ ْنبِ كَ وَ ما تَأ ّ‬
‫جمِيعا»‪.‬‬
‫ي مِنَ ال ّدنْيا َ‬
‫ي آيَ ٌة أحَبّ إل ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪« :‬لَ َق ْد ُأ ْنزِلَتْ عَل ّ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عد يّ‪ ,‬عن سعيد بن أبي عروبة‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أنس‬
‫ك َفتْحا ُمبِينا قال‪ :‬نزلت على النبيّ صلى ال عليه وسلم مرجعه‬
‫بن مالك‪ ,‬في قوله‪ :‬إنّا َف َتحْنا لَ َ‬
‫من الحديب ية‪ ,‬و قد ح يل بين هم وب ين ن سكهم‪ ,‬فن حر الهدي بالحديب ية‪ ,‬وأ صحابه مخال طو الكآ بة‬
‫ك فَتْحا ُمبِينا‪.‬‬
‫جمِيعا»‪ ,‬فَقَرأ إنّا َفتَحْنا لَ َ‬
‫والحزن‪ ,‬فقال‪« :‬لَ َقدْ ُأ ْنزِلَ تْ عَل يّ آيَ ٌة أحَ بّ إل يّ مِ نَ ال ّدنْيا َ‬
‫عزِيزا فقال أصحابه هنيئا لك يا رسول‬
‫خرَ‪ ...‬إلى قوله‪َ :‬‬
‫ِل َيغْ ِفرَ لَكَ الّلهُ ما تَ َقدّمَ مِ نْ َذ ْنبِكَ وَما تَأ ّ‬
‫ال قد ب ين ال ل نا ماذا يف عل بك‪ ,‬فماذا يف عل ب نا‪ ,‬فأنزل ال هذه ال ية بعد ها ِل ُي ْدخِلَ ال ُم ْؤ ِمنِي نَ‬
‫ع ْندَ الّل هِ فَوْزا‬
‫ن فِيها‪ ...‬إلى قوله‪ :‬وكا نَ ذل كَ ِ‬
‫حتِها النهارَ خاِلدِي َ‬
‫جرِي مِ نْ َت ْ‬
‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫وَال ُم ْؤمِنات َ‬
‫عظِيما‪.‬‬
‫َ‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أ بو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا همام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا قتادة‪ ,‬عن أنس‪ ,‬قال‪:‬‬
‫أُنزلت هذه الية‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أنس بنحوه‪ ,‬غير أنه قال في‬
‫حديثه‪ :‬فَقال رجل من القوم‪ :‬هنيئا لك مريئا يا رسول ال‪ ,‬وقال أيضا‪ :‬فبين ال ماذا يفعل بنبيه‬
‫عليه الصلة والسلم‪ ,‬وماذا يفعل بهم‪.‬‬
‫‪24335‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪« :‬نزلت على‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم ِل َيغْ ِف َر لَكَ اللّ ُه ما تَ َقدّمَ ِمنْ َذ ْنبِكَ وَما تَأخّرَ مرجعه من الحديبية‪ ,‬فقال‬
‫ي آيَ ٌة أحَبّ إليّ ِممّا عَلى الرْضِ»‪ ,‬ثم قرأها عليهم‪,‬‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬لَ َق ْد َنزَلَتْ عَل ّ‬
‫فقالوا‪ :‬هنيئا مريئا يا نبيّ ال‪ ,‬قد بين ال تعالى ذكره لك ماذا يفعل بك‪ ,‬فماذا يفعل بنا؟ فنزلت‬
‫عظِيما»‪.‬‬
‫حتِها النهارُ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬فَوْزا َ‬
‫ن َت ْ‬
‫ت َتجْرِي مِ ْ‬
‫جنّا ٍ‬
‫عليه‪ِ :‬ل ُي ْدخِلَ ال ُم ْؤ ِمنِينَ وَالمُ ْؤمِناتِ َ‬

‫‪ 24336‬ـ حدث نا ا بن بشار وا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن‬
‫ك َفتْحا ُمبِينا ِل َيغْ ِفرَ لَ كَ الّل ُه ما َت َقدّ مَ مِ نْ‬
‫قتادة‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬قال‪ :‬لما نزلت هذه الية إنّا َف َتحْنا لَ َ‬
‫ستَقِيما قالوا‪ :‬هنيئا مريئا لك يا رسول ال‪,‬‬
‫صرَاطا ُم ْ‬
‫خرَ‪َ ,‬و ُي ِتمّ ِن ْع َمتَهُ عََل ْيكَ‪ ,‬و َي ْه ِد َيكَ ِ‬
‫َذ ْنبِكَ وَما تَأ ّ‬
‫ِينـ فِيهـا‪,‬‬
‫حتِهـا النهارُ خاِلد َ‬
‫جرِي مِن ْـ َت ْ‬
‫ّاتـ َت ْ‬
‫جن ٍ‬ ‫ِناتـ َ‬
‫فماذا لنـا؟ فنزلت ِل ُي ْدخِلَ المُ ْؤ ِمنِين َـ وَالمُ ْؤم ِ‬
‫سيّئا ِت ِهمْ‪.‬‬
‫ع ْن ُهمْ َ‬
‫َو ُيكَ ّفرَ َ‬
‫حدث نا مح مد بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت قتادة‬
‫يحدّث عن أنس في هذه الية إنّا َف َتحْنا َلكَ َفتْحا ُمبِينا قال‪ :‬الحديبية‪.‬‬
‫‪ 24337‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن حماد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عوانة‪ ,‬عن العمش‪,‬‬
‫عن أبي سفيان‪ ,‬عن جابر قال‪ :‬ما كنا نع ّد فتح مكة إل يوم الحديبية‪.‬‬
‫‪24338‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يعلى بن عبيد‪ ,‬عن عبد العزيز بن سياه‪ ,‬عن حبيب بن‬
‫أ بي ثا بت‪ ,‬عن أ بي وائل‪ ,‬قال‪ :‬تكلم سهل بن حن يف يوم صفّين‪ ,‬فقال‪ :‬يا أي ها الناس اتهموا‬
‫أنف سكم‪ ,‬ل قد رأيت نا يوم الحديب ية‪ ,‬يع ني ال صلح الذي كان ب ين ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫وبين المشركين‪ ,‬ولو نرى قتالً لقاتلنا‪ ,‬فجاء عمر إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬يا‬
‫ر سول ال‪ ,‬أل سنا على ح قّ و هم على با طل؟ أل يس قتل نا في الج نة وقتل هم في النار؟ قال‪:‬‬
‫«بَلى»‪ ,‬قال‪ :‬فف يم نُعطَى الدن ية في دين نا‪ ,‬ونر جع ولمّا يح كم ال بين نا وبين هم؟ فقال‪ « :‬يا بْ نَ‬
‫ض ّيعَنِي أبَدا»‪ ,‬قال‪ :‬فرجع وهو متغيظ‪ ,‬فلم يصبر حتى أتى أبا‬
‫ن ُي َ‬
‫ل ال‪ ,‬وَلَ ْ‬
‫خطّا بِ‪ ,‬إنّي رَ سُو ُ‬
‫ال َ‬
‫بكر‪ ,‬فقال‪ :‬يا أبا بكر ألسنا على حقّ وهم على باطل؟ أليس قتلنا في الجنة‪ ,‬وقتلهم في النار؟‬
‫قال‪ :‬بلى‪ ,‬قال‪ :‬فف يم نعطَى الدن ية في دين نا‪ ,‬ونر جع ولمّا يح كم ال بين نا وبين هم؟ فقال‪ :‬يا بن‬
‫الخطاب إنه رسول ال‪ ,‬لن يضيعه ال أبدا‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت سورة الفتح‪ ,‬فأرسل رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم إلى عمر‪ ,‬فأقرأه إياها‪ ,‬فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬أ َو َفتْح هو؟ قال‪َ « :‬ن َعمْ»‪.‬‬
‫حدثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن جدّه‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن‬
‫أبي سفيان عن جابر‪ ,‬قال‪ :‬ما كنا نعد الفتح إل يوم الحديبية‪.‬‬
‫‪ 24339‬ـ حدثنا ابن وكيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬عن إسرائيل‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن البراء‪ ,‬قال‪:‬‬
‫تعدّون أنتـم الفتـح فتـح مكـة‪ ,‬وقـد كان فتـح مكـة فتحـا‪ ,‬ونحـن نعدّ الفتـح بيعـة الرضوان يوم‬
‫الحديبية‪ ,‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم خمس عشرة مِئة‪ ,‬والحديبية‪ :‬بئر‪.‬‬
‫‪24340‬ـ حدثني موسى بن سهل الرملي‪ ,‬حدثنا محمد بن عيسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ُمجَمع بن يعقوب‬
‫النصاريّ‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبي يحدّث عن عمه عبد الرحمن بن يزيد‪ ,‬عن عمه مجمّع بن جارية‬
‫النصاريّ‪ ,‬وكان أحد القرّاء الذين قرأوا القرآن‪ ,‬قال‪ :‬شهدنا الحديبية مع رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فلما انصرفنا عنها‪ ,‬إذا الناس يهزّون الباعر‪ ,‬فقال بعض الناس لبعض‪ :‬ما للناس‪,‬‬
‫قالوا‪ :‬أُوحِي إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم إنّا َف َتحْنا لَ كَ َفتْحا ُمبِينا‪َ ,‬ل َيغْ ِفرَ لَ كَ الّل ُه فقال‬
‫ح هو يا رسول ال؟ قال‪َ « :‬نعَمْ»‪« ,‬وَاّلذِي َنفْسِي ِب َيدِ ِه إنّ ُه لَ َفتْحٌ»‪ ,‬قال‪ :‬فقُسّمَت خيبر‬
‫رجل‪ :‬أوَ فت ٌ‬
‫على أهل الحديبية‪ ,‬لم يدخل معهم فيها أحد إل من شهد الحديبية‪ ,‬وكان الجيش ألفا وخمس مئة‪,‬‬
‫فيهم ثلث مئة فارس‪ ,‬فقسمها رسول ال صلى ال عليه وسلم على ثمانية عشر سهما‪ ,‬فأعطى‬
‫الفارس سهمين‪ ,‬وأعطى الراجل سهما‪.‬‬
‫‪24341‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪ :‬نزلت إنّا َف َتحْنا لَكَ‬
‫َفتْ حا ُمبِي نا بالحديب ية‪ ,‬وأ صاب في تلك الغزوة ما لم ي صبه في غزوة‪ ,‬أ صاب أن بُو يع بي عة‬
‫الرضوان‪ ,‬وغُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر‪ ,‬وظهرت الروم على فارس‪ ,‬وبلغ ال َه ْدىُ َمحِله‪,‬‬
‫وأُطعموا نخل خيبر‪ ,‬وفرح المؤمنون بتصديق النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وبظهور الروم على‬
‫فارس‪.‬‬
‫ك بإظهاره إياك على عدوّك‪ ,‬ورفعه ذكرك في الدنيا‪ ,‬وغفرانه‬
‫وقوله تعالى‪َ :‬و ُيتِ مّ ِن ْع َمتَ هُ عََليْ َ‬
‫ستَقِيما يقول‪ :‬ويرشدك طريقك من الدين ل اعوجاج فيه‪,‬‬
‫صرَاطا مُ ْ‬
‫ذنوبك في الَخرة و َي ْه ِديَ كَ ِ‬
‫عزِيزا يقول‪ :‬وين صرك على سائر أعدائك‪,‬‬
‫ي ستقيم بك إلى ر ضا ر بك َو َينْ صُ َركَ الّل ُه نَ صْرا َ‬
‫و من ناوأك ن صرا‪ ,‬ل يغل به غالب‪ ,‬ول يدف عه دا فع‪ ,‬للبأس الذي يؤيدك ال به‪ ,‬وبالظ فر الذي‬
‫يمدّك به‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ب ا ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ ِل َي ْزدَادُوَاْ إِيمَانا‬
‫سكِينَ َة فِي قُلُو ِ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ اّلذِ يَ أَنزَلَ ال ّ‬
‫حكِيما }‪.‬‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْضِ َوكَانَ الّلهُ عَلِيما َ‬
‫جنُو ُد ال ّ‬
‫مّعَ إِيمَا ِنهِمْ وَلِّلهِ ُ‬
‫ـ ال أنزل السـكون‬
‫ـ المُ ْؤ ِمنِين َ‬
‫ـكِينَةَ فِـي قُلُوب ِ‬
‫ل ذكره بقوله‪ :‬هُ َو اّلذِي أ ْنزَلَ الس ّ‬
‫يعنـي ج ّ‬
‫والطمأني نة في قلوب المؤمن ين بال ور سوله إلى اليمان‪ ,‬والح قّ الذي بع ثك ال به يا مح مد‪.‬‬
‫و قد م ضى ذ كر اختلف أ هل التأو يل في مع نى ال سكينة ق بل‪ ,‬وال صحيح من القول في ذلك‬
‫بالشواهد المغنية‪ ,‬عن إعادتها في هذا الموضع‪.‬‬
‫ـ يقول‪ :‬ليزدادوا بتصـديقهم بمـا جدّد ال مـن الفرائض التـي‬
‫ـ إيما ِنهِم ْ‬
‫ِل َي ْزدَادُوا إيمانـا مَع َ‬
‫ألزمهمو ها‪ ,‬ال تي لم ت كن ل هم لز مة إيما نا مع إيمان هم‪ ,‬يقول‪ :‬ليزدادوا إلى أيمان هم بالفرائض‬
‫التي كانت لهم لزمة قبل ذلك‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24342‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫ِينـ قال‪ :‬السـكينة‪ :‬الرحمـة ِل َي ْزدَادُوا إيمَانـا مَع َـ‬
‫قوله‪ُ :‬هوَ اّلذِي أ ْنزَلَ الس ّـكِينَ َة فِي قُلُوب ِـ المُ ْؤ ِمن َ‬
‫إيمانِهِ مْ قال‪ :‬إن ال جلّ ثناؤه ب عث نبيه محمدا صلى ال عل يه و سلم بشهادة أن ل إله إل ال‪,‬‬
‫فلما صدّقوا بها زادهم الصلة‪ ,‬فلما صدّقوا بها زادهم الصيام‪ ,‬فلما صدّقوا به زادهم الزكاة‪,‬‬
‫ت َلكُ مْ د َي َنكُ مْ وأ ْت َممْ تُ عََل ْيكُ مْ‬
‫فلما صدّقوا بها زادهم الح جّ‪ ,‬ثم أكمل لهم دينهم‪ ,‬فقال اليَوْ َم أكمَلْ ُ‬
‫ِن ْع َمتِي قال ابن عباس‪ :‬فأوثق إيمان أهل الرض وأهل السموات وأصدقه وأكمله شهادة أن ل‬
‫إله إل ال‪.‬‬
‫ـ يقول تعالى ذكره‪ :‬ول جنود السـموات والرض‬
‫ت والرْض ِ‬
‫ـمَوَا ِ‬
‫جنُودُ الس ّ‬
‫ـ ُ‬
‫وقوله‪ :‬ولِلّه ِ‬
‫حكِيما يقول تعالى ذكره‪ :‬ولم يزل ال‬
‫ن اللّ هُ عَلِيما َ‬
‫أنصار ينتقم بهم ممن يشاء من أعدائه وكا َ‬
‫ذا علم بما هو كائن قبل كونه‪ ,‬وما خلقه عاملوه‪ ,‬حكيما في تدبيره‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ح ِتهَا ال ْنهَارُ‬
‫جرِي مِن َت ْ‬
‫جنّاتٍ َت ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ّ{ :‬ل ُي ْدخِلَ ا ْل ُم ْؤ ِمنِي نَ وَا ْلمُ ْؤ ِمنَاتِ َ‬
‫عظِيما }‪.‬‬
‫ن ذَِلكَ عِندَ الّل ِه فَوْزا َ‬
‫س ّيئَا ِتهِمْ َوكَا َ‬
‫ع ْنهُمْ َ‬
‫ن فِيهَا َو ُيكَ ّفرَ َ‬
‫خَاِلدِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إنا فتحنا لك فتحا مبينا‪ ,‬لتشكر ربك‪ ,‬وتحمده على ذلك‪ ,‬فيغفر لك ما تقدّم‬
‫من ذن بك و ما تأ خر‪ ,‬وليح مد رب هم المؤمنون بال‪ ,‬ويشكروه على إنعا مه علي هم ب ما أن عم به‬
‫علي هم من الف تح الذي فت حه‪ ,‬وقضاه بينهم وب ين أعدائ هم من المشرك ين‪ ,‬بإظهاره إيا هم علي هم‪,‬‬
‫فيدخلهم بذلك جنات تجري من تحتها النهار‪ ,‬ماكثين فيها إلى غير نهاية وليكفر عنهم سيىء‬
‫أعمالهم بالحسنات التي يعملونها شكرا منهم لربهم على ما قضى لهم‪ ,‬وأنعم عليهم به وكا نَ‬
‫عظِيمـا يقول تعالى ذكره‪ :‬وكان مـا وعدهـم ال بـه مـن هذه العدة‪ ,‬وذلك‬
‫ّهـ فَوْزا َ‬
‫ع ْندَ الل ِ‬
‫ذلكـ ِ‬
‫َ‬
‫إدخالهم جنات تجري من تحتها النهار‪ ,‬وتكفيره سيئاتهم بحسنات أعمالهم التي يعملونها عند‬
‫عظِيما يقول‪ :‬ظفرا منهم بما كانوا تأمّلوه ويسعون له‪ ,‬ونجاة مما كانوا يحذرونه‬
‫ال لهم فَوْزا َ‬
‫من عذاب ال عظيما‪ .‬وقد تقدّم ذكر الرواية أن هذه الية نزلت لما قال المؤمنون لرسول ال‬
‫ل إنّا َف َتحْنا لَكَ َفتْحا ُمبِينا‪ِ .‬ل َيغْ ِفرَ لَكَ الّلهُ ما‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬أو تل عليهم قول ال عزّ وج ّ‬
‫خرَ هذا لك يا رسول ال‪ ,‬فماذا لنا؟ تبيينا من ال لهم ما هو فاعل بهم‪.‬‬
‫ن َذ ْنبِكَ وَما تَأ ّ‬
‫تَ َق ّدمَ مِ ْ‬
‫‪ 24343‬ـ حدثنا عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫ع ُنهُم ْـ‬
‫حتِهـا النهارُ‪ ...‬إلى قوله‪َ :‬و ُيكَ ّفرَ َ‬
‫جرِي مِن ْـ َت ْ‬
‫جنّاتٍـ َت ْ‬
‫قوله‪ِ :‬ليُدخِلَ ال ُم ْؤ ِمنِينَـ وَالمُ ْؤمِناتِـ َ‬
‫سيّئا ِت ِهمْ فأعلم ال سبحانه نبيه عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫َ‬
‫وقوله‪ِ :‬ل ُي ْدخِلَ المُ ْؤ ِمنِينَـ وَال ُم ْؤمِنات ِـ على اللم مـن قوله‪ِ :‬ل َيغْ َفرِ لَكَـ اللّهُـ مـا تَ َقدّم َـ مِن ْـ َذ ْنبِكَـ‬
‫ك فَتْ حا ُمبِي نا ِل َيغْ ِفرَ لَ كَ الّل هُ‪ ,‬إ نا فتح نا لك ليد خل المؤمن ين‬
‫بتأو يل تكر ير الكلم إنّا َفتَحْ نا لَ َ‬
‫والمؤمنات جنات تجري من تحتها النهار‪ ,‬ولذلك لم تدخل الواو التي تدخل في الكلم للعطف‪,‬‬
‫فلم يقل‪ :‬وليدخل المؤمنين‪.‬‬

‫‪7-6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫َاتـ‬
‫شرِك ِ‬
‫ِينـ وَا ْل ُم ْ‬
‫ش ِرك َ‬
‫َاتـ وَا ْل ُم ْ‬
‫ِينـ وَا ْل ُمنَافِق ِ‬
‫ّبـ ا ْل ُمنَافِق َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪َ { :‬و ُي َعذ َ‬
‫ج َهنّمَ وَسَآءَتْ‬
‫عدّ َلهُمْ َ‬
‫غضِبَ الّلهُ عََل ْيهِمْ وََل َع َنهُمْ وََأ َ‬
‫ن بِاللّ ِه ظَنّ السّ ْوءِ عََل ْيهِمْ دَآ ِئرَ ُة السّوْءِ َو َ‬
‫الظّآنّي َ‬
‫حكِيما }‪.‬‬
‫عزِيزا َ‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْضِ َوكَانَ الّلهُ َ‬
‫جنُو ُد ال ّ‬
‫َمصِيرا * وَلِّلهِ ُ‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ :‬إ نا فتح نا لك فت حا مبي نا ليغ فر لك ال‪,‬‬
‫وليدخـل المؤمنيـن والمؤمنات جنات تجري مـن تحتهـا النهار‪ ,‬وليعذّب المنافقيـن والمنافقات‪,‬‬
‫بفتـح ال لك يـا محمـد‪ ,‬مـا فتـح لك مـن نصـرك على مشركـي قريـش‪ ,‬فيكبتوا لذلك ويحزنوا‪,‬‬
‫ويخ يب رجاؤ هم الذي كانوا يرجون من رؤيتهـم في أ هل اليمان بك من الض عف والو هن‬
‫ِينـ‬
‫ي النار والخلود فيهـا فـي آجـل الَخرة وَال ُمشْ ِرك َ‬
‫والتولي عنـك فـي عاجـل الدنيـا‪ ,‬وصـل ّ‬
‫ن باللّ ِه أ نه لن ين صرك‪,‬‬
‫شرِكا تِ يقول‪ :‬وليعذّب كذلك أي ضا المشرك ين والمشركات الظّانّي َ‬
‫وَال ُم ْ‬
‫وأ هل اليمان بك على أعدائك‪ ,‬ولن يظ هر كلم ته فيجعل ها العل يا على كل مة الكافر ين به‪ ,‬وذلك‬
‫كان ال سوء من ظنونهـم التـي ذكرهـا ال فـي هذا المو ضع‪ ,‬يقول تعالى ذكره‪ :‬على المنافقيـن‬
‫الظنـ دائرة السـوء‪ ,‬يعنـي دائرة العذاب‬
‫ّ‬ ‫والمنافقات‪ ,‬والمشركيـن والمشركات الذيـن ظنوا هذا‬
‫تدور عليهم به‪.‬‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة ذلك‪ ,‬فقرأتـه عامـة قرّاء الكوفـة دائِرَ ُة السّـوْ ِء بفتـح السـين‪ .‬وقرأ‬
‫بعض قرّاء البصرة «دا ِئرَ ُة السّوءِ» بضم السين‪ .‬وكان الفرّاء يقول‪ :‬الفتح أفشى في السين قال‪:‬‬
‫وقل ما تقول العرب دائرة ال سّوء ب ضم ال سين‪ ,‬والف تح في ال سين أع جب إل يّ من ال ضم‪ ,‬لن‬
‫العرب تقول‪ :‬هو رجل سَوْء‪ ,‬بفتح السين ول تقول‪ :‬هو رجل سُوء‪.‬‬
‫غضِ بَ الّل هُ عََليْه مْ يقول‪ :‬ونال هم ال بغضب م نه‪ ,‬ولعن هم‪ :‬يقول‪ :‬وأبعد هم فأقصاهم‬
‫وقوله‪َ :‬و َ‬
‫ت مَ صِيرا يقول‪:‬‬
‫ج َهنّ مَ يقول‪ :‬وأع ّد لهم جهنم يصلونها يوم القيامة وَساءَ ْ‬
‫عدّ َلهُ مْ َ‬
‫من رحمته وأ َ‬
‫وساءت جهنم منزلً يصير إليه هؤلء المنافقون والمنافقات‪ ,‬والمشركون والمشركات‪.‬‬
‫ت والرْ ضِ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬ول جنود السموات والرض أنصارا‬
‫سمَوَا ِ‬
‫جنُودُ ال ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَلِّل ِه ُ‬
‫ّهـ‬
‫وكانـ الل ُ‬
‫َ‬ ‫على أعدائه‪ ,‬إن أمرهـم بإهلكهـم أهلكوهـم‪ ,‬وسـارعوا إلى ذلك بالطاعـة منهـم له‬
‫حكِيما يقول تعالى ذكره‪ :‬ولم يزل ال ذا عزّة‪ ,‬ل يغلبه غالب‪ ,‬ول يمتنع عليه مما أراده‬
‫عَزيزا َ‬
‫به ممتنع‪ ,‬لعظم سلطانه وقدرته‪ ,‬حكيم في تدبيره خلقه‪.‬‬

‫‪9-8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ك شَاهِدا َو ُم َبشّرا َو َنذِيرا * ّلتُ ْؤ ِمنُواْ بِاللّ هِ َورَ سُوِلهِ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬إِنّآ َأرْ سَ ْلنَا َ‬
‫َو ُت َع ّزرُوهُ َوتُ َو ّقرُوهُ َو ُتسَ ّبحُوهُ ُب ْكرَةً وََأصِيلً }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬إنّا أرْ سَلْناكَ يا محمد شاهِدا على أمتك‬
‫بما أجابوك فيما دعوَتهم إليه‪ ,‬مما أرسلتك به إليهم من الرسالة‪ ,‬و ُم َبشّرا لهم بالجنة إن أجابوك‬
‫إلى ما دعوتهم إليه من الدين القيّم‪ ,‬ونذيرا لهم عذاب ال إن هم توّلوْا عما جئتهم به من عند‬
‫ربك‪.‬‬
‫س ّبحُو ِه فقرأ‬
‫ثم اختل فت القرّاء في قراءة قوله‪ِ :‬لُت ْؤ ِمنُوا بالّل هِ َورَ سُوِلهِ َو ُت َعزّرُو هُ َوُت َوقّرُو هُ َوتُ َ‬
‫جم يع ذلك عا مة قرّاء الم صار خل أ بي جع فر المد ني وأ بي عمرو بن العلء‪ ,‬بالتاء ِلُت ْؤ ِمنُوا‪,‬‬
‫و ُت َع ّزرُوهـُ‪َ ,‬وتُ َو ّقرُوهـُ‪َ ,‬وتُس َـّبحُو ُه بمعنـى‪ :‬لتؤمنوا بال ورسـوله أنتـم أيهـا الناس‪ .‬وقرأ ذلك أبـو‬
‫س ّبحُوهُ» بمع نى‪ :‬إ نا أر سلناك‬
‫جع فر وأ بو عمرو كله بالياء «ِليُ ْؤ ِمنُوا‪ ,‬و ُي َعزّرُو هُ‪ ,‬ويُ َو ّقرُو هُ‪ ,‬ويُ َ‬
‫شاهدا إلى الخلق ليؤمنوا بال ورسوله ويعزّروه‪.‬‬
‫وال صواب من القول في ذلك‪ :‬إن يقال‪ :‬إنه ما قراءتان معروفتان صحيحتا المع نى‪ ,‬فبأيته ما‬
‫قرأ القارىء فمصيب‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24344‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إنّا أرْ سَلْناكَ شاهِدا‬
‫َو ُم َبشّرا َو َنذِيرا يقول‪ :‬شاهدا على أمته على أنه قد بلغهم ومبشرا بالجنة لمن أطاع ال‪ ,‬ونذيرا‬
‫من النار‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬و ُت َع ّزرُوهُـ َوُت َوقّرُوهُـ اختلف أهـل التأويـل فـي تأويله‪ ,‬فقال بعضهـم‪ :‬تجلّوه‪ ,‬وتعظموه‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24345‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس َو ُيعَ ّزرُوهُ يعني‪ :‬الجلل َويُ َو ّقرُو ُه يعني‪ :‬التعظيم‪.‬‬
‫‪ 24346‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله‪َ :‬و ُيعَ ّزرُو ُه َويُ َوقّرُو ُه كل هذا تعظيم وإجلل‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬مع نى قوله‪َ :‬و ُي َع ّزرُو هُ‪ :‬وين صروه‪ ,‬ومع نى َويُ َو ّقرُو هُ ويفخموه‪ .‬ذ كر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪24347‬ــ حدث نا بشـر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا يزيـد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سـعيد‪ ,‬عن قتادة َو ُي َع ّزرُو هُ‪ :‬ينصـروه‬
‫َو ُي َوقّرُوهُ أمر ال بتسويده وتفخيمه‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪َ :‬و ُي َعزّرُو ُه قال‪:‬‬
‫ينصروه‪ ,‬ويوقروه‪ :‬أي ليعظموه‪.‬‬
‫ضبَع يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حرم يّ‪ ,‬عن شعبة‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬جعفر بن‬
‫‪ 24348‬ـ حدثني أبو هريرة ال ّ‬
‫أبي وحشية‪ ,‬عن عكرِمة َو ُي َع ّزرُو ُه قال‪ :‬يقاتلون معه بالسيف‪.‬‬
‫حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬ثني هشيم‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬عن عكرِمة‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫حدثني أحمد بن الوليد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عثمان بن عمر‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬عن عكرِمة‪,‬‬
‫بنحوه‪.‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى ومحمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬عن‬
‫عكرِمة‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬معنى ذلك‪ :‬ويعظموه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24349‬ــ حدثنـي يونـس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنـا ابـن وهـب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابـن زيـد‪ ,‬فـي قوله‪َ :‬و ُي َع ّزرُوهُـ‬
‫َو ُي َوقّرُوهُ قال‪ :‬الطاعة ل‪.‬‬
‫وهذه القوال متقاربات المعنـى‪ ,‬وإن اختلفـت ألفاظ أهلهـا بهـا‪ .‬ومعنـى التعزيـر فـي هذا‬
‫الموضع‪ :‬التقوية بالنّصرة والمعونة‪ ,‬ول يكون ذلك إل بالطاعة والتعظيم والجلل‪.‬‬
‫وقد بيّنا معنى ذلك بشواهده فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع‪.‬‬
‫فأما التوقير‪ :‬فهو التعظيم والجلل والتفخيم‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬وتُسَـبّحُو ُه ُبكْرَ ًة وأصـِيلً يقول‪ :‬وتصـلوا له يعنـي ل بالغدوات والعشيات‪ .‬والهاء فـي‬
‫ُسـّبحُوهُ مـن ذكـر ال وحده دون الرسـول‪ .‬وقـد ذُكـر أن ذلك فـي بعـض القراءات‪:‬‬
‫قوله‪َ :‬وت َ‬
‫« َو ُيسَ ّبحُوا اللّ َه ُب ْكرَةً وأصِيلً»‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫س ّبحُو ُه ُب ْكرَةً وأ صِيلً»‬
‫‪ 24350‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة « َويُ َ‬
‫في بعض القراءة «ويسبّحوا ال بكرة وأصيلً»‪.‬‬
‫حدثنـا ابـن عبـد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ابـن ثور‪ ,‬عـن معمـر‪ ,‬عـن قتادة فـي بعـض الحروف‬
‫« َو ُيسَ ّبحُوا اللّ َه ُب ْكرَةً وَأصِيلً»‪.‬‬
‫‪ 24351‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫س ّبحُو ُه ُبكْرَ ًة وأصِيلً» يقول‪ :‬يسبحون ال رجع إلى نفسه‪.‬‬
‫يقول في قوله‪َ « :‬و ُي َ‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن اللّهَ َي ُد اللّهِ فَوْقَ َأ ْيدِيهِمْ َفمَن‬
‫ن ُيبَايِعُونَكَ ِإ ّنمَا ُيبَايِعُو َ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ّ‬
‫عظِيما }‪.‬‬
‫ن أَ ْو َفىَ ِبمَا عَا َهدَ عََليْ ِه اللّ َه َفسَيُ ْؤتِيهِ َأجْرا َ‬
‫ّنكَثَ َفِإ ّنمَا يَنكُثُ عََلىَ َن ْفسِهِ َومَ ْ‬
‫َكـ بالحديبيـة مـن‬
‫ِينـ يُبا ِيعُون َ‬
‫إنـ اّلذ َ‬
‫يقول تعالى ذكره لنـبيه محمـد صـلى ال عليـه وسـلم‪ّ :‬‬
‫أصـحابك على أن ل يفرّوا عنـد لقاء العدوّ‪ ,‬ول يولّوهـم الدبار إنّمَا يُبا ِيعُونَـ اللّهَـ يقول‪ :‬إنمـا‬
‫يبايعون ببيعتهم إياك ال‪ ,‬لن ال ض من ل هم الج نة بوفائ هم له بذلك‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك‬
‫قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24352‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد قوله‪ :‬إ نّ اّلذِي نَ‬
‫ك قال‪ :‬يوم الحديبية‪.‬‬
‫يُبايِعُو َن َ‬
‫ن اّلذِي نَ يُبا ِيعُونَ كَ‬
‫‪ 24353‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إ ّ‬
‫إنّمَا يُبا ِيعُو نَ الّل َه َيدُ الّل ِه فَوْ قَ أ ْيدِيهِ مْ َفمَ نْ َنكَ ثَ فإنّمَا َي ْنكُ ثُ عَلى نَفْ سِهِ و هم الذ ين بايعوا يوم‬
‫الحديبية‪.‬‬
‫و في قوله‪َ :‬يدُ الّل ِه فَوْ قَ أ ْيدِيهِ مْ وجهان من التأو يل‪ :‬أحده ما‪ :‬يد ال فوق أيدي هم ع ند البي عة‪,‬‬
‫لنهـم كانوا يبايعون ال بـبيعتهم نـبيه صـلى ال عليـه وسـلم والَخـر‪ :‬قوّة ال فوق قوّتهـم فـي‬
‫نُ صرة ر سوله صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬لن هم إن ما بايعوا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم على‬
‫نُصرته على العدوّ‪.‬‬
‫ث فإنّمَا َي ْنكُ ثُ على نَفْ سِ ِه يقول تعالى ذكره‪ :‬ف من ن كث بيع ته إياك يا مح مد‪,‬‬
‫وقوله‪َ :‬فمَ نْ َنكَ َ‬
‫ونقض ها فلم ين صرك على أعدائك‪ ,‬وخالف ما و عد ر به فإنّمَا َي ْنكُ ثُ عَلى نَفْ سِهِ يقول‪ :‬فإن ما‬
‫ين قض بيع ته‪ ,‬ل نه بفعله ذلك يخرج م من وعده ال الج نة بوفائه بالبي عة‪ ,‬فلم يضرّ بنك ثه غ ير‬
‫نفسه‪ ,‬ولم ينكث إل عليها‪ ,‬فأما رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فإن ال تبارك وتعالى ناصره‬
‫على أعدائه‪ ,‬نكث الناكث منهم‪ ,‬أو وفى ببيعته‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬و َم نْ أوْفَى ِبمَا عا َهدَ عََليْ هُ الّل هَ‪ ...‬ال ية‪ ,‬يقول تعالى ذكره‪ :‬و من أو فى بما عا هد ال‬
‫عل يه من ال صبر ع ند لقاء العد ّو في سبيل ال ونُ صرة نبيه صلى ال عل يه و سلم على أعدائه‬
‫عظِيمـا يقول‪ :‬فسـيعطيه ال ثوابـا عظيمـا‪ ,‬وذلك أن يُدخله الجنـة جزاءً له على‬
‫َسـيُ ْؤتِي ِه أجْرا َ‬
‫ف َ‬
‫وفائه ب ما عا هد عل يه ال‪ ,‬وو ثق لر سوله على ال صبر م عه ع ند البأس بالمؤكدة من اليمان‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عظِيما وهي‬
‫‪24354‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة فَسَي ْؤتِيهِ أجْرا َ‬
‫الجنة‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫شغََلتْنَآ َأمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا‬
‫ب َ‬
‫عرَا ِ‬
‫ل لَ كَ ا ْل ُمخَلّفُو نَ ِم نَ ال ْ‬
‫سيَقُو ُ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫ن َأرَادَ ِبكُ مْ‬
‫شيْئا إِ ْ‬
‫ن الّل هِ َ‬
‫س فِي قُلُو ِبهِ ْم قُلْ َفمَن َيمْلِ كُ َلكُ مْ مّ َ‬
‫س َنتِ ِهمْ مّا َليْ َ‬
‫س َتغْ ِفرْ َلنَا يَقُولُو نَ ِبأَلْ ِ‬
‫فَا ْ‬
‫خبِيرا }‪.‬‬
‫ن َ‬
‫ن اللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُو َ‬
‫ضَرّا َأوْ َأرَادَ ِب ُكمْ نَفْعا بَلْ كَا َ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬سيقول لك يا محمد الذين خلفهم ال في‬
‫أهلي هم عن صحبتك‪ ,‬والخروج م عك في سفرك الذي سافرت‪ ,‬وم سيرك الذي سرت إلى م كة‬
‫معتمرا‪ ,‬زائرا بيـت ال الحرام إذا انصـرفت إليهـم‪ ,‬فعاتبتهـم على التخلف عنـك‪ ,‬شغلتنـا عـن‬
‫الخروج معك معالجة أموالنا‪ ,‬وإصلح معايشنا وأهلونا‪ ,‬فاستغفر لنا ربنا لتخلّفنا عنك‪ ,‬قال ال‬
‫جلّ ثناؤه مكذّب هم في قيل هم ذلك‪ :‬يقول هؤلء العراب المخلّفون ع نك بأل سنتهم ما ل يس في‬
‫قلوبهم‪ ,‬وذلك مسألتهم رسول ال صلى ال عليه وسلم الستغفار لهم‪ ,‬يقول‪ :‬يسألونه بغير توبة‬
‫منهم ول ندم على ما سلف منهم من معصية ال في تخلفهم عن صحبة رسول ال صلى ال‬
‫شيْئا يقول تعالى ذكره ل نبيه‪ :‬قل لهؤلء‬
‫ن اللّ هِ َ‬
‫عل يه و سلم والم سير م عه قُلْ َفمَ نْ َيمْلِ كُ َلكُ مْ ِم َ‬
‫العراب الذين يسألونك أن تستغفر لهم لتخلفهم عنك‪ :‬إن أنا استغفرت لكم أيها القوم‪ ,‬ثم أراد‬
‫ال هلككم أو هلك أموالكم وأهليكم‪ ,‬أو أراد بكم نفعا بتثميره أموالكم وإصلحه لكم أهلي كم‪,‬‬
‫ف من ذا الذي يقدر على د فع ما أراد ال ب كم من خ ير أو شرّ‪ ,‬وال ل يعازّه أ حد‪ ,‬ول يغال به‬
‫غالب‪.‬‬
‫ن اللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُو نَ خَبيرا يقول تعالى ذكره‪ :‬ما المر كما يظ نّ هؤلء المنافقون‬
‫وقوله‪ :‬بلَ كا َ‬
‫من العراب أن ال ل يعلم ما هم علي ها منطوون من النفاق‪ ,‬بل لم يزل ال ب ما يعملون من‬
‫خير وشرّ خبيرا‪ ,‬ل يخفى عليه شيء من أعمال خلقه‪ ,‬سرّها وعلنيتها‪ ,‬وهو محصيها عليهم‬
‫حتى يجازيهم بها‪ ,‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم فيما ذُكر عنه حين أراد المسير إلى‬
‫مكة عام الحُديبية معتمرا استنفر العرب ومن حول مدينته من أهل البوادي والعراب ليخرجوا‬
‫معه حذرا من قومه قريش أن يعرضوا له الحرب‪ ,‬أو يصدّوه عن البيت‪ ,‬وأحرم هو صلى ال‬
‫عل يه و سلم بالعمرة‪ ,‬و ساق م عه الهدي‪ ,‬ليعلم الناس أ نه ل ير يد حر با‪ ,‬فتثا قل ع نه كث ير من‬
‫ن مِ نَ‬
‫سيَقُول لَ كَ ال ُمخَلّفُو َ‬
‫العراب‪ ,‬وتخلّفوا خل فه ف هم الذ ين عَنَى ال تبارك وتعالى بقوله‪َ :‬‬
‫شغََلتْنا أمْوَالُنا وأهْلُونا‪ ...‬الية‪.‬‬
‫عرَابِ َ‬
‫ال ْ‬
‫سيَر رسول ال صلى ال عليه وسلم ومغازيه‪ ,‬منهم ابن‬
‫وكالذي قلنا في ذلك قال أهل العلم ب ِ‬
‫إسحاق‪.‬‬
‫‪24355‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة عن ابن إسحاق بذلك‪.‬‬
‫‪ 24356‬ـ حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫سيَقُولُ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫شغََلتْنا أمْوَالُنا وأهْلُونا قال‪ :‬أعراب المدينة‪ :‬جهينة ومزينة‪ ,‬استتبعهم‬
‫عرَاب َ‬
‫ن مِنَ ال ْ‬
‫لَكَ ال ُمخَلّفُو َ‬
‫لخروجه إلى مكة‪ ,‬قالوا‪ :‬نذهب معه إلى قوم قد جاؤوه‪ ,‬فقتلوا أصحابه فنقاتلهم فاعتلوا بالشغل‪.‬‬
‫ضرّا فقرأته قرّاء المدينة والبصرة وبعض قرّاء‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬إنْ أرَادَ ِبكُمْ َ‬
‫الكوفة ضَرّا بفتح الضاد‪ ,‬بمعنى‪ :‬الضرّ الذي هو خلف النفع‪ .‬وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين‬
‫ضرّا» بضم الضاد‪ ,‬بمعنى البؤس والسّقم‪.‬‬
‫« ُ‬
‫وأعجب القراءتين إل يّ الفتح في الضاد في هذا الموضع بقوله‪ :‬أ ْو أرَادَ ِبكُ مْ نَفْعا‪ ,‬فمعلوم أن‬
‫خلف النفع الضرّ‪ ,‬وإن كانت الخرى صحيحا معناها‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن إَِلىَ أَهْلِيهِ مْ َأبَدا‬
‫ل وَا ْلمُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫ب الرّ سُو ُ‬
‫ظنَ ْنتُ مْ أَن لّن يَنقَلِ َ‬
‫ل َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬بَ ْ‬
‫ن السّوْءِ َوكُن ُتمْ قَوْما بُورا }‪.‬‬
‫ظنَنتُمْ ظَ ّ‬
‫ن ذَِلكَ فِي قُلُو ِبكُمْ َو َ‬
‫َو ُزيّ َ‬
‫يقول تعالى ذكره لهؤلء العراب المعتذريـن إلى رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم عنـد‬
‫شغََلتْنا أمْوَالُنا وأهْلُونا ما تخلفتم خلف رسول ال صلى ال‬
‫منصرَفه من سفره إليهم بقولهم‪َ :‬‬
‫عليه وسلم حين شخص عنكم‪ ,‬وقعدتم عن صحبته من أجل شغلكم بأموالكم وأهليكم‪ ,‬بل تخلفتم‬
‫بعده فـي منازلكـم‪ ,‬ظنـا منكـم أن رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم ومـن معـه مـن أصـحابه‬
‫سيهلكون‪ ,‬فل يرجعون إليكم أبدا باستئصال العدوّ إياهم وزيّن ذلك في قلوبكم‪ ,‬وحسّن الشيطان‬
‫ظ َن ْنتُ مْ‬
‫ذلك في قلوب كم‪ ,‬و صححه عند كم حتى ح سُن عند كم التخلف عنه‪ ,‬فقعد تم عن صحبته َو َ‬
‫ظَنّ السّ ْوءِ يقول‪ :‬وظننتم أن ال لن ينصر محمدا صلى ال عليه وسلم وأصحابه المؤمنين على‬
‫أعدائهم‪ ,‬وأن العدوّ سيقهرونهم ويغلبونهم فيقتلونهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ك ال ُمخَلّفُونَ‬
‫سيَقُولُ لَ َ‬
‫‪24357‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬‬
‫عرَابِ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬و ُك ْنتُمْ قَوْما بُورا قال‪ :‬ظنوا بنبيّ ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه‬
‫ن الَ ْ‬
‫مِ َ‬
‫أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك‪ ,‬وأنهم سيهلكون‪ ,‬فذلك الذي خلفهم عن نبيّ ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬و ُك ْنتُ ْم قَوْ ما بُورا يقول‪ :‬وكن تم قو ما هَلْ كى ل ي صلحون لش يء من ال خبر‪ .‬وق يل‪ :‬إن‬
‫البور في لغة أذرعات‪ :‬الفاسد فأما عند العرب فإنه ل شيء‪ .‬ومنه قول أبي الدرداء‪ :‬فأصبح‬
‫ما جمعوا بُورا أي ذاهبا قد صار باطلً ل شيء منه ومنه قول حسّان بن ثابت‪:‬‬
‫شرِ البُورِ‬
‫سبِيلَ ال َم ْع َ‬
‫ل مِن نُوك القُلوب وق ْد َي ْهدِي الَلهُ َ‬
‫ل َينْفَعُ الطّو ُ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدثنـا بشـر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا يزيـد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سـعيد‪ ,‬عـن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬و ُك ْنتُم ْـ قَوْمـا بُورا قال‪:‬‬
‫فاسدين‪.‬‬
‫‪ 24358‬ـ وحدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬و ُك ْنتُ مْ قَوْ ما‬
‫بُورا قال‪ :‬البور الذي ليس فيه من الخير شيء‪.‬‬
‫‪24359‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬و ُك ْنتُمْ قَوْما‬
‫بُورا قال‪ :‬هالكين‪.‬‬

‫‪14-13‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سعِيرا *‬
‫ع َت ْدنَا لِ ْلكَا ِفرِي نَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ومَن لّ ْم يُ ْؤمِن بِالّل هِ َورَ سُوِلهِ َفِإنّآ أَ ْ‬
‫غفُورا ّرحِيما }‪.‬‬
‫ن اللّهُ َ‬
‫ب مَن َيشَآءُ َوكَا َ‬
‫سمَا َوتِ وَالرْضِ َيغْ ِفرُ ِلمَن َيشَآءُ َو ُي َعذّ ُ‬
‫ك ال ّ‬
‫وَلِّلهِ مُ ْل ُ‬
‫يقول تعالى ذكره لهؤلء المنافق ين من العراب‪ ,‬و من لم يؤ من أي ها العراب بال ور سوله‬
‫من كم و من غير كم‪ ,‬في صدّقه على ما أ خبر به‪ ,‬ويقرّ ب ما جاء به من الح قّ من ع ند ر به‪ ,‬فإ نا‬
‫أعددنا لهم جميعا سعيرا من النار تستعر عليهم في جهنم إذا وردوها يوم القيامة يقال من ذلك‪:‬‬
‫سعرت النار‪ :‬إذا أوقدت ها‪ ,‬فأ نا أ سعرها سعرا ويقال‪ :‬سعرتها أي ضا إذا حرّكت ها‪ .‬وإن ما ق يل‬
‫لل ِمسْعر ِمسْعر‪ ,‬لنه يحرّك به النار‪ ,‬ومنه قولهم‪ :‬إنه ل ِمسْعر حرب‪ :‬يراد به موقدها ومهيجها‪.‬‬
‫ت والرْ ضِ يقول تعالى ذكره‪ :‬ول سلطان ال سموات والرض‪ ,‬فل‬
‫سمَوَا ِ‬
‫ك ال ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَلِّل ِه مُلْ ُ‬
‫أحد يقدر أيها المنافقون على دف عه عما أراد بكم من تعذيب على نفاقكم إن أصررتم عليه أو‬
‫ل ثناؤه ح ثّ‬
‫من عه من عفوه عن كم إن ع فا‪ ,‬إن أن تم تب تم من نفاق كم وكفر كم‪ ,‬وهذا من ال ج ّ‬
‫لهؤلء العراب المتخلفين عن رسول ال صلى ال عليه وسلم على التوبة والمراجعة إلى أمر‬
‫ال في طاعة رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ,‬يقول لهم‪ :‬بادروا بالتوبة من تخلفكم عن رسول ال‬
‫ن اللّ هُ غَفُورا رَحِيما يقول‪ :‬ولم يزل ال ذا عفو‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فإن ال يغفر للتائبين وكا َ‬
‫عن عقو بة التائب ين إل يه من ذنوب هم ومعا صيهم من عباده‪ ,‬وذا رح مة ب هم أن يعاقب هم على‬
‫ذنوبهم بعد توبتهم منها‪.‬‬

‫‪15‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خذُوهَا ذَرُونَا‬
‫ل ا ْل ُمخَلّفُو نَ ِإذَا انطَلَ ْقتُ ْم إَِلىَ َمغَانِ مَ ِل َت ْأ ُ‬
‫سيَقُو ُ‬
‫القول فــي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫سدُو َننَا‬
‫ل َتحْ ُ‬
‫سيَقُولُونَ بَ ْ‬
‫ل فَ َ‬
‫ل اللّهُ مِن قَبْ ُ‬
‫ن أَن ُي َبدّلُواْ كَلَمَ اللّهِ قُل لّن َت ّت ِبعُونَا َكذَِلكُمْ قَا َ‬
‫َن ّت ِبعْكُمْ ُيرِيدُو َ‬
‫ن ِإلّ قَلِيلً }‪.‬‬
‫بَلْ كَانُو ْا لَ يَ ْف َقهُو َ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬سيقول يا محمد المخلفون في أهليهم عن‬
‫صحبتك إذا سرت معتمرا تريد بيت ال الحرام‪ ,‬إذا انطلقت أنت ومن صحبك في سفرك ذلك‬
‫خذُو ها وذلك ما كان ال و عد أ هل الحديب ية من‬
‫إلى ما أفاء ال عل يك وعلي هم من الغني مة ِلتَأ ُ‬
‫ن ُي َبدّلُوا كَل مَ الّل هِ يقول‪:‬‬
‫نأ ْ‬
‫غنائم خيبر ذَرُوَنا َن ّتبِ ْعكُم إلى خيبر‪ ,‬فشهد معك قتال أهلها ُيرِيدُو َ‬
‫يريدون أن يغيروا وعـد ال الذي وعـد أهـل الحديبيـة‪ ,‬وذلك أن ال جعـل غنائم خيـبر لهـم‪,‬‬
‫ووعدهم ذلك عوضا من غنائم أهل مكة إذا انصرفوا عنهم على صلح‪ ,‬ولم يصيبوا منهم شيئا‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24360‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬رجع‪ ,‬يعني‬
‫رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم عـن مكـة‪ ,‬فوعده ال مغانـم كثيرة‪ ,‬فعجلت له خيـبر‪ ,‬فقال‬
‫المخلّفون َذرُو نا َن ّت ِبعْكُم ُيرِيُدو نَ أن ُي َبدّلُوا كَل مَ اللّ هِ و هي المغا نم ليأخذو ها‪ ,‬ال تي قال ال جلّ‬
‫خذُوها وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد‪.‬‬
‫ثناؤه‪ :‬إذَا ا ْنطَلَ ْق ُتمْ إلى مَغا ِنمَ لِت ْأ ُ‬
‫‪24361‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن رجل من أصحابه‪ ,‬عن‬
‫مقسم قال‪ :‬لما وعدهم ال أن يفتح عليهم خيبر‪ ,‬وكان ال قد وعدها من شهد الحديبية لم يعط‬
‫ن أن ُي َبدّلُوا‬
‫أحدا غير هم من ها شيئا‪ ,‬فل ما علم المنافقون أن ها الغني مة قالوا‪ :‬ذَرُو نا َن ّت ِبعْكُم ُي ِريُدو َ‬
‫كَلمَ اللّهِ يقول‪ :‬ما وعدهم‪.‬‬
‫ن إذَا‬
‫سيَقُولُ ال ُمخَلّفُو َ‬
‫‪ 24362‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة َ‬
‫ا ْنطَلَ ْقتُ مْ‪ ....‬الية‪ ,‬وهم الذين تخلفوا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم من الحديبية‪ .‬ذُكر لنا‬
‫أن المشرك ين ل ما صدّوا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم من الحديب ية عن الم سجد الحرام‬
‫والهدي‪ ,‬قال المقداد‪ :‬يا نبيّ ال‪ ,‬إنا وال ل نقول كالمل من بني إسرائيل إذ قالوا لنبيهم‪ :‬اذْهَبْ‬
‫عدُونَ ولكن نقول‪ :‬اذهب أنت وربك فقاتل إنا معكما مقاتلون فلما‬
‫أنْتَ َو َربّكَ فَقاتِل إنّا هاهُنا قا ِ‬
‫سمع ذلك أ صحاب نبيّ ال صلى ال عل يه و سلم تبايعوا على ما قال فل ما رأى ذلك نبيّ ال‬
‫صلى ال عليه وسلم صالح قريشا‪ ,‬ورجع من عامة ذلك‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل عنى بقوله‪ُ :‬يرِيدُو نَ أ نْ ُي َبدّلُوا كَلمَ اللّ ِه إرادتهم الخروج مع نبيّ ال صلى‬
‫خ ُرجُوا َمعِيَ أبَدا وَلَنْ تُقاتِلُوا َمعِي‬
‫ال عليه وسلم في غزوه‪ ,‬وقد قال ال تبارك وتعالى فَقُلْ لَنْ َت ْ‬
‫عدُوّا‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫َ‬
‫ل ال ُمخَلّفُونَ‬
‫سيَقُو ُ‬
‫‪24363‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫ل حين رجع من غزوه‪,‬‬
‫إذَا ا ْنطَلَ ْقتُ مْ إلى مَغانِ مَ لِت ْأخُذُوها َذرُونا َن ّت ِب ْعكُ مْ‪ ...‬الية‪ ,‬قال ال عزّ وج ّ‬
‫عدُوّا‪ ...‬الية يريدون أن يبدّلوا‬
‫ن تُقاتِلُوا َمعِيَ َ‬
‫خ ُرجُوا مَعيَ أبَدا وَلَ ْ‬
‫ن َت ْ‬
‫ج فقل لَ ْ‬
‫خرُو ِ‬
‫ك لُل ُ‬
‫ستَأذنَ ُو َ‬
‫فَا ْ‬
‫كلم ال‪ :‬أرادوا أن يغيروا كلم ال الذي قال لنبيه صلى ال عليه وسلم ويخرجوا معه‪ ,‬وأبى‬
‫ال ذلك عليهم ونبيه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫خرُوج‪ ,‬فَقُلْ لَ نْ‬
‫ك ل ْل ُ‬
‫وهذا الذي قاله ا بن ز يد قول ل و جه له‪ ,‬لن قول ال عزّ وجلّ فا سْت ْأذَنُو َ‬
‫عدُوّا إنمـا نزَل على رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫َعيـ َ‬
‫َنـ تُقاتِلُوا م َ‬
‫ِيـ أبَدا ول ْ‬
‫َتخْ ُرجُوا َمع َ‬
‫عنِي به الذين تخلّفوا عنه حين توجه إلى تبوك لغزو الروم‪ ,‬ول اختلف‬
‫ُمنْ صَ َرفَه من تَبوك‪ ,‬و ُ‬
‫بين أهل العلم بمغازي رسول ال صلى ال عليه وسلم أن تبوك كانت بعد فتح خيبر وبعد فتح‬
‫مكة أيضا‪ ,‬فكيف يجوز أن يكون المر على ما وصفنا معنيا بقول ال‪ُ :‬ي ِريُدونَ أن ُي َبدّلُوا كَلمَ‬
‫اللّ هِ و هو خبر عن المتخلف ين عن الم سير مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬إذ ش خص‬
‫معتمرا ير يد الب يت‪ ,‬ف صدّه المشركون عن الب يت‪ ,‬الذ ين تخلّفوا ع نه في غزوة تبوك‪ ,‬وغزوة‬
‫تبوك لم ت كن كا نت يوم نزلت هذه ال ية‪ ,‬ول كان أُوحِ يَ إلى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫ع ُدوّا‪.‬‬
‫خ ُرجُوا مَعي أبَدا وََلنْ تُقاتِلُوا َم ِعيَ َ‬
‫ج فَقُلْ َلنْ َت ْ‬
‫خرُو ِ‬
‫قوله‪ :‬فاسْت ْأ َذنُوكَ ل ْل ُ‬
‫فإذ كان ذلك كذلك‪ ,‬فالصواب من القول في ذلك‪ :‬ما قاله مجاهد وقتادة على ما قد بيّنا‪.‬‬
‫ّهـ فقرأ ذلك عامـة قرّاء المدينـة‬
‫َلمـ الل ِ‬
‫ُدونـ أن ُي َبدّلُوا ك َ‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة قوله‪ُ :‬ي ِري َ‬
‫والبصـرة‪ ,‬وبعـض قرّاء الكوفـة كَلَمَـ ال على وجـه المصـدر‪ ,‬بإثبات اللف‪ .‬وقرأ ذلك عامـة‬
‫قرّاء الكو فة «كَلِ مَ اللّ هِ» بغ ير ألف‪ ,‬بمع نى ج مع كل مة‪ ,‬وه ما عند نا قراءتان م ستفيضتان في‬
‫ت إلى قراءته باللف‬
‫قراءة المصار‪ ,‬متقاربتا المع نى‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارىء فم صيب‪ ,‬وإن كن ُ‬
‫َأمْيل‪.‬‬
‫ل يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه‬
‫ن قَبْ ُ‬
‫ن َت ّت ِبعُو نا َكذَِلكُ مْ قالَ اللّ ُه مِ ْ‬
‫وقوله‪ :‬قُلْ لَ ْ‬
‫و سلم‪ :‬قل لهؤلء المخلف ين عن الم سير م عك يا مح مد‪ :‬لن تتبعو نا إلى خ يبر إذا أرد نا ال سير‬
‫إلي هم لقتال هم َكذَِلكُ مْ قالَ الّل هُ ِم نْ قَبلُ يقول‪ :‬هكذا قال ال ل نا من ق بل َم ْرجِع نا إلي كم‪ ,‬إن غني مة‬
‫خيبر لمن شهد الحديبية معنا‪ ,‬ولستم ممن شهدها‪ ,‬فليس لكم أن َتتّبعونا إلى خيبر‪ ,‬لن غنيمتها‬
‫لغيركم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24364‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬كذَِلكُ مْ قالَ الّل هُ مِ نْ‬
‫َقبْلُ أي إن ما جعلت الغني مة ل هل الجهاد‪ ,‬وإن ما كا نت غني مة خ يبر ل من شهـد الحديب ية ل يس‬
‫لغيرهم فيها نصيب‪.‬‬
‫سدُونَنا أن نصيب معكم مغنما إن نحن شهدنا معكم‪ ,‬فلذلك تمنعوننا‬
‫ن بَلْ َتحْ ُ‬
‫سيَقُولُو َ‬
‫وقوله‪ :‬فَ َ‬
‫من الخروج معكم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن بَلْ‬
‫سيَقُولُو َ‬
‫‪ 24365‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬فَ َ‬
‫حسُدونَنا أن نصيب معكم غنائم‪.‬‬
‫َت ْ‬
‫ل قَلِيلً يقول تعالى ذكره ل نبيه صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬بَلْ كانُوا ل يَ ْف َقهُو نَ إ ّ‬
‫ما المر كما يقول هؤلء المنافقون من العراب من أنكم إنما تمنعونهم من اتباعكم حسدا منكم‬
‫لهم على أن يصيبوا معكم من العد ّو مغنما‪ ,‬بل كانوا ل يفقهون عن ال ما لهم وعليهم من أمر‬
‫ل يسيرا‪ ,‬ولو عقلوا ذلك ما قالوا لرسول ال والمؤمنين به‪ ,‬وقد أخبروهم عن ال‬
‫الدين إل قلي ً‬
‫تعالى ذكره أنه حرمهم غنائم خيبر‪ ,‬إنما تمنعوننا من صحبتكم إليها لنكم تحسدوننا‪.‬‬

‫‪16‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن إَِلىَ قَوْ مٍ ُأوْلِي َبأْ سٍ‬
‫عوْ َ‬
‫س ُتدْ َ‬
‫عرَا بِ َ‬
‫ن مِ نَ ال ْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬قُل لّ ْل ُمخَلّفِي َ‬
‫شدِيدٍ تُقَاتِلُو َنهُ مْ َأ ْو يُ سْلِمُونَ َفإِن ُتطِيعُو ْا يُ ْؤ ِتكُ مُ الّل هُ َأجْرا حَ سَنا وَإِن َت َتوَلّوْ ْا كَمَا تَوَّل ْيتُ مْ مّن َقبْلُ‬
‫َ‬
‫عذَابا أَلِيما }‪.‬‬
‫ُي َعذّ ْب ُكمْ َ‬
‫ب عن‬
‫عرَا ِ‬
‫ن الْ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬قُلْ يا محمد ل ْل ُمخَلّفِي نَ ِم َ‬
‫شدِيدٍ‪.‬‬
‫س ُتدْعَ ْونَ إلَى قتال قَ ْومٍ أُولي َبأْسٍ في القتال َ‬
‫المسير معك‪َ ,‬‬
‫واختلف أهـل التأويـل فـي هؤلء الذيـن أخـبر ال عزّ وجلّ عنهـم أن هؤلء المخلفيـن مـن‬
‫عوْن إلى قتالهم‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬هم أهل فارس‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫العراب ُيدْ َ‬
‫‪24366‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن محمد بن إسحاق‪ ,‬عن عبد ال بن أبي نجيح‪,‬‬
‫شدِيدٍ أهل فارس‪.‬‬
‫س َ‬
‫عن عطاء بن أبي رباح‪ ,‬عن ابن عباس أُولي بأْ ٍ‬
‫‪ 24367‬ـ حدث نا إ سماعيل بن مو سى الفزار يّ‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا داود بن الزبرقان‪ ,‬عن ثا بت‬
‫شدِيدٍ قال‪ :‬فارس‬
‫ن إلى قَوْمٍ أُولي َبأْسٍ َ‬
‫عوْ َ‬
‫ستُدْ َ‬
‫ال ُبنَانيّ‪ ,‬عن عبد الرحمن بن أبي ليلى‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫والروم‪.‬‬
‫‪24368‬ـ قال‪ :‬أخبرنا داود‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬قال الح سن‪ ,‬في‬
‫شدِيدٍ قال‪ :‬هم فارس والروم‪.‬‬
‫س ُتدْعَ ْونَ إلى قَ ْومٍ أُولي َبأْسٍ َ‬
‫قوله‪َ :‬‬
‫‪ 24369‬ـ حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬أُولي َبأْ سٍ‬
‫شدِيدٍ قال‪ :‬هم فارس‪.‬‬
‫َ‬
‫شدِيدٍ‬
‫ن إلى قَوْ ٍم أُولي َبأْ سٍ َ‬
‫عوْ َ‬
‫س ُتدْ َ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َ‬
‫قال‪ :‬قال الحسن‪ :‬دُعُوا إلى فارس والروم‪.‬‬
‫س ُتدْعَ ْونَ إلى قَوْمٍ‬
‫‪24370‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫شدِيدٍ قال‪ :‬فارس والروم‪.‬‬
‫س َ‬
‫أُولي َبأْ ٍ‬
‫وقال آخرون‪ :‬هم هَوازن بحُنين‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24371‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أبو بشر‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫شدِيدٍ قال‪ :‬هوازن‪.‬‬
‫ن إلى قَ ْومٍ أُولي َبأْسٍ َ‬
‫س ُتدْعَوْ َ‬
‫جبير وعكرمة‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫شدِيدٍ قال‪ :‬هوازن وثقيف‪.‬‬
‫س َ‬
‫س ُتدْعَ ْونَ إلى قَ ْو ٍم أُولي َبأْ ٍ‬
‫جبَير وعكرِمة في هذه الية َ‬
‫ُ‬
‫شدِيدٍ‬
‫‪ 24372‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة أُولي َبأْ سٍ َ‬
‫غطَفان يوم حُنين‪.‬‬
‫ن قال‪ :‬هي هَوازن و َ‬
‫تُقاتِلُو َن ُهمْ أ ْو ُيسِْلمُو َ‬
‫س ُتدْعَ ْونَ‬
‫ب َ‬
‫عرَا ِ‬
‫ن الَ ْ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة قُلْ ل ْل ُمخَلّفِينَ ِم َ‬
‫شدِيدٍ فدُعُوا يوم حُنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن الجابة ورغب‬
‫إلى قَوْ ٍم أُولي َبأْ سٍ َ‬
‫في الجهاد‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هم بنو حنيفة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫شدِيدٍ‬
‫‪ 24373‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن الزهري أُولي َبأْ سٍ َ‬
‫قال بنو حنيفة مع ُمسَيلمة الكذّاب‪.‬‬
‫‪ 24374‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن هشيم‪ ,‬عن أبي‬
‫بشر‪ ,‬عن سعيد بن جُبير وعكرِمة أنهما كانا فيه هوازن وبني حنيفة‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬لم تأت هذه الية بعد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24375‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن الزهري‪ ,‬عن أ بي‬
‫شدِيدٍ لم تأت هذه الية‪.‬‬
‫ن إلى قَ ْومٍ أُولي َبأْسٍ َ‬
‫س ُتدْعَوْ َ‬
‫هريرة َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬هم الروم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24376‬ـ حدثني محمد بن عوف‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو المغيرة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا صفوان بن عمرو‪ ,‬قال‪:‬‬
‫شدِيدٍ قال‪ :‬الروم‪.‬‬
‫حدثنا الفرج بن محمد الكلعي‪ ,‬عن كعب‪ ,‬قال‪ :‬أُولي َبأْسٍ َ‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصواب أن يقال‪ :‬إن ال تعالى ذكره أخبر عن هؤلء المخلّفين من‬
‫العراب أنهم سيدعون إلى قتال قوم أولي بأس في القتال‪ ,‬ونجدة في الحروب‪ ,‬ولم يوضع لنا‬
‫الدليل من خبر ول عقل على أن المعنيّ بذلك هوازن‪ ,‬ول بنو حنيفة ول فارس ول الروم‪ ,‬ول‬
‫أعيان بأعيانهـم‪ ,‬وجائز أن يكون عنـى بذلك بعـض هذه الجناس‪ ,‬وجائز أن يكون عُن ِي بهـم‬
‫ح مـن أن يُقال كمـا قال ال جلّ ثناؤه‪ :‬إنهـم سـيدعون إلى قوم أولي‬
‫غيرهـم‪ ,‬ول قول فيـه أصـ ّ‬
‫بأس شديد‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره للمخلّف ين من العراب‪ :‬تقاتلون هؤلء الذ ين‬
‫وقوله‪ :‬تُقاتِلُو َنهُ مْ أ ْو يُ سِْلمُو َ‬
‫تُدعون إلى قتالهم‪ ,‬أو يسلمون من غير حرب ول قتال‪.‬‬
‫و قد ذُ كر أن ذلك في ب عض القراءات «تُقاتِلُو َنهُ مْ أوْ يُ سْلمُوا»‪ ,‬وعلى هذه القراءة وإن كا نت‬
‫على خلف م صاحف أ هل الم صار‪ ,‬وخل فا ل ما عل يه الح جة من القرّاء‪ ,‬وغ ير جائز عندي‬
‫القراءة بها لذلك تأويل ذلك‪ :‬تقاتلونهم أبدا إل أن يسلموا‪ ,‬أو حتى يسلموا‪.‬‬
‫ن ُتطِيعُوا يُ ْؤتِكُم اللّ هُ أجْرا حَ سَنا يقول تعالى ذكره فإن تطيعوا ال في إجابت كم إياه‬
‫وقوله‪ :‬فإ ْ‬
‫إذا دعا كم إلى قتال هؤلء القوم الولي البأس الشد يد‪ ,‬فتجيبوا إلى قتال هم والجهاد مع المؤمن ين‬
‫يُ ْؤ ِتكُم اللّ ُه أجْرا حَسَنا يقول‪ :‬يعطكم ال على إجابتكم إياه إلى حربهم الجنة‪ ,‬وهي الجر الحسن‬
‫وَإن ْـ َتتَوَلّوْا كمَا تَوَّل ْيتُم ْـ مِن ْـ قَبْلُ يقول‪ :‬وإن تع صوا ربكـم فتدبروا عن طاع ته وتخالفوا أمره‪,‬‬
‫ن َقبْلُ يقول‪ :‬كما عصيتموه‬
‫فتتركوا قتال الولي البأس الشديد إذا دُعيتم إلى قتالهم كمَا تَوَّل ْيتُ مْ مِ ْ‬
‫في أمره إيا كم بالم سير مع ر سول ال صلى ال عل يه و سلم إلى م كة‪ ,‬من ق بل أن تُدعَوا إلى‬
‫عذَابا ألِيما يعني‪ :‬وجيعا‪ ,‬وذلك عذاب النار على عصيانكم‬
‫قتال أولي البأس الشديد ُي َعذّ ْبكُ مُ الّل هُ َ‬
‫إياه‪ ,‬وترككم جهادهم وقتالهم مع المؤمنين‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حرَ جٌ َولَ عَلَى‬
‫عرَ جِ َ‬
‫حرَ جٌ َولَ عَلَى ال ْ‬
‫ع َمىَ َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪ّ{ :‬ليْ سَ عَلَى ال ْ‬
‫ل ُي َعذّبْ هُ‬
‫ح ِتهَا ال ْنهَارُ َومَن َيتَوَ ّ‬
‫جرِي مِن َت ْ‬
‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫حرَ جٌ َومَن ُيطِ عِ الّل هَ َورَ سُولَ ُه ُي ْدخِلْ ُه َ‬
‫ا ْل َمرِي ضِ َ‬
‫عذَابا أَلِيما }‪.‬‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ل يس على الع مى من كم أي ها الناس ض يق‪ ,‬ول على العرج ض يق‪ ,‬ول‬
‫على المريـض ضيـق أن يتخلفوا عـن الجهاد مـع المؤمنيـن‪ ,‬وشهود الحرب معهـم إذا هـم لقوا‬
‫عدوّهم‪ ,‬للعلل التي بهم‪ ,‬والسباب التي تمنعهم من شهودها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عمَى‬
‫‪24377‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة َليْسَ على ال ْ‬
‫حرَجٌ قال‪ :‬هذا كله في الجهاد‪.‬‬
‫حرَجٌ وَل على ال َمرِيضِ َ‬
‫عرَجِ َ‬
‫حرَجٌ وَل على ال ْ‬
‫َ‬
‫‪ 24378‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬ثُ مّ عذر ال أ هل‬
‫حرَجٌـ وَل على ال َمرِيضِـ‬
‫عرَجِـ َ‬
‫حرَجٌـ وَل على ال ْ‬
‫العذر مـن الناس‪ ,‬فقال‪َ :‬ليْسَـ على العْمَى َ‬
‫حرَجٌ‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 24379‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪َ :‬ليْ سَ على‬
‫حرَجٌ قال‪ :‬في الجهاد في سبيل ال‪.‬‬
‫حرَجٌ وَل على ال َمرِيضِ َ‬
‫عرَجِ َ‬
‫حرَجٌ وَل على ال ْ‬
‫عمَى َ‬
‫ال ْ‬
‫‪ 24380‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫عمَى حَرَجٌ‪ ...‬الية‪ ,‬يعني في القتال‪.‬‬
‫س على ال ْ‬
‫يقول في قوله‪َ :‬ليْ َ‬
‫حتِها النهارُ يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن‬
‫ن َت ْ‬
‫جرِي مِ ْ‬
‫جنّاتٍ َت ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و َمنْ ُيطِعِ الّلهَ َورَسُوَل ُه ُيدْخِلْ ُه َ‬
‫يُط عِ ال ورسوله فيجيب إلى حرب أعداء ال من أهل الشرك‪ ,‬وإلى القتال مع المؤمنين ابتغاء‬
‫وجـه ال إذا دعـي إلى ذلك‪ ,‬يُدخله ال يوم القيامـة جنّات تجري مـن تحتهـا النهار َومَن ْـ َيتَوَلّ‬
‫يقول‪ :‬و من ي عص ال ور سوله‪ ,‬فيتخلّف عن قتال أ هل الشرك بال إذا د عي إل يه‪ ,‬ولم ي ستجب‬
‫لدعاء ال ورسوله يعذّبه عذابا موجعا‪ ,‬وذلك عذاب جهنم يوم القيامة‪).‬‬

‫‪19-18‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫جرَةِ َفعَلِمَ‬
‫شَ‬‫ك َتحْتَ ال ّ‬
‫ن ا ْلمُ ْؤ ِمنِينَ ِإ ْذ ُيبَايِعُونَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬لّ َق ْد رَضِيَ الّلهُ عَ ِ‬
‫خذُونَهَا َوكَان الّل هُ‬
‫سكِينَةَ عََل ْيهِ مْ وََأثَا َبهُ مْ َفتْحا َقرِيبا * َو َمغَانِ مَ َكثِيرَةً َي ْأ ُ‬
‫مَا فِي قُلُو ِبهِ مْ فَأنزَلَ ال ّ‬
‫حكِيما }‪.‬‬
‫عزِيزا َ‬
‫َ‬
‫جرَةِ يع ني‬
‫شَ‬‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ل قد ر ضي ال يا مح مد عن المؤمن ين إذْ يُبا ِيعُونَ كَ تحْ تَ ال ّ‬
‫بي عة أ صحاب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ر سول ال بالحديب ية ح ين بايعوه على مناجزة‬
‫قر يش الحرب‪ ,‬وعلى أن ل يفرّوا‪ ,‬ول يولو هم الدبر ت حت الشجرة‪ ,‬وكا نت بيعت هم إياه هنالك‬
‫فيما ذكر تحت شجرة‪.‬‬
‫وكان سبب هذه البي عة ما ق يل‪ :‬إن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم كان أر سل عثمان بن‬
‫ن أنه‬
‫عفان رضي ال عنه برسالته إلى المل من قريش‪ ,‬فأبطأ عثمان عليه بعض البطاء‪ ,‬فظ ّ‬
‫قد قتل‪ ,‬فدعا أصحابه إلى تجديد البيعة على حربهم على ما وصفت‪ ,‬فبايعوه على ذلك‪ ,‬وهذه‬
‫البيعة التي تسمى بيعة الرضوان‪ ,‬وكان الذين بايعوه هذه البيعة فيما ذُكر في قول بعضهم‪ :‬ألفا‬
‫وأربـع مئة‪ ,‬وفـي قول بعضهـم‪ :‬ألفـا وخمـس مئة‪ ,‬وفـي قول بعضهـم‪ :‬ألفـا وثلث مئة‪ .‬ذكـر‬
‫الرواية بما وصفنا من سبب هذه البيعة‪:‬‬
‫‪24381‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن محمد بن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬ثني بعض أهل العلم‬
‫أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم د عا خراش بن أم ية الخزا عي‪ ,‬فبع ثه إلى قر يش بم كة‪,‬‬
‫وحمله على ج مل له يقال له الثعلب‪ ,‬ليبلغ أشراف هم ع نه ما جاء له‪ ,‬وذلك ح ين نزل الحديب ية‪,‬‬
‫فعقروا به ج مل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬وأرادوا قتله‪ ,‬فمن عه الحاب يش فخلوا سبيله‪,‬‬
‫حتى أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 24382‬ـ قال‪ :‬ثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬فحدث ني من ل أتهم‪ ,‬عن عكرِ مة مولى ابن‬
‫عباس‪ :‬أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم د عا ع مر بن الخطاب ليبع ثه إلى م كة‪ ,‬فيبلغ ع نه‬
‫أشراف قر يش ما جاء له‪ ,‬فقال‪ :‬يا ر سول ال إ ني أخاف قري شا على نف سي‪ ,‬ول يس بم كة من‬
‫بني عديّ بن كعب أحد يمنعني‪ ,‬وقد عرفت قريش عداوتي إياها‪ ,‬وغلظتي عليهم‪ ,‬ولكني أدلك‬
‫على ر جل هو أعزّ ب ها م ني عثمان بن عفان‪ ,‬فد عا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم عثمان‪,‬‬
‫فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب‪ ,‬وإنما جاء زائرا لهذا البيت‪,‬‬
‫معظما لحرمته‪ ,‬فخرج عثمان إلى مكة‪ ,‬فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة أو قبل‬
‫أن يدخلها‪ ,‬فنزل عن دابته‪ ,‬فحمله بين يديه‪ ,‬ثم ردفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش‪ ,‬فبلغهم عن رسول ال صلى‬
‫ال عل يه و سلم ما أر سله به‪ ,‬فقالوا لعثمان ح ين فرغ من ر سالة ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫و سلم‪ :‬إن شئت أن تطوف بالب يت ف طف به‪ ,‬قال‪ :‬ما ك نت لف عل ح تى يطوف به ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فاحتبسته قريش عندها‪ ,‬فبلغ رسول ال صلى ال عليه وسلم والمسلمين‬
‫أن عثمان قد قُتل‪.‬‬
‫‪ 24383‬ـ قال‪ :‬ثنا سلمة‪ ,‬عن محمد بن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬فحدثني عبد ال بن أبي بكر أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم حين بلغه أن عثمان قد قتل‪ ,‬قال‪« :‬ل َن ْبرَ حُ حتى نُناجِ َز القَوْ مَ»‪ ,‬ودعا‬
‫الناس إلى البي عة‪ ,‬فكا نت بي عة الرضوان ت حت الشجرة‪ ,‬فكان الناس يقولون‪ :‬بايع هم ر سول ال‬
‫صلى ال عل يه و سلم على الموت فكان جابر بن ع بد ال يقول‪ :‬إن ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم لم يبايعنا على الموت‪ ,‬ولكنه بايعنا على أن ل نفر‪ ,‬فبايع رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫الناس‪ ,‬ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها إل الجد بن قيس أخو بني سلمة‪ ,‬كان جابر‬
‫بن عبد ال يقول‪ :‬لكأني أنظر إليه لصقا بإبط ناقته‪ ,‬قد اختبأ إليها‪ ,‬يستتر بها من الناس‪ ,‬ثم‬
‫أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن الذي ذُكر من أمر عثمان باطل‪.‬‬
‫‪ 24384‬ـ حدثنا محمد بن عمارة السديّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا موسى‬
‫بن عبيدة‪ ,‬عن إياس بن سلمة‪ ,‬قال‪ :‬قال سلمة‪ :‬بين ما ن حن قائلون ز من الحديب ية‪ ,‬نادى منادي‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أيها الناس البيعة البيعة‪ ,‬نزل روح القدس صلوات ال عليه‪,‬‬
‫قال‪ :‬فثر نا إلى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬و هو ت حت شجرة سمرة‪ ,‬قال‪ :‬فبايعناه‪ ,‬وذلك‬
‫جرَةِ‪.‬‬
‫شَ‬‫ك َتحْتَ ال ّ‬
‫عنِ ال ُم ْؤ ِمنِينَ إ ْذ يُبا ِيعُو َن َ‬
‫ضيَ اللّهُ َ‬
‫قول ال‪ :‬لَ َق ْد رَ ِ‬
‫‪ 24385‬ـ حدثنا عبد الحميد بن بيان اليشكري‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن يزيد‪ ,‬عن إسماعيل‪ ,‬عن‬
‫عامر‪ ,‬قال‪ :‬كان أوّل من بايع بيعة الرضوان رجل من بني أسد يقال له أبو سنان بن وهب‪.‬‬
‫‪24386‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن حماد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا همام‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن سعيد‬
‫حزْن‪ ,‬وكان م من با يع ت حت الشجرة‪ ,‬فأتينا ها من قا بل‪,‬‬
‫بن الم سيب‪ ,‬قال‪ :‬كان جد يّ يقال له َ‬
‫فعُميّت علينا‪.‬‬
‫‪ 24387‬ـ حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن حماد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن‬
‫ج أنه بل غه أن الناس بايعوا ر سول‬
‫و هب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني عمرو بن الحارث‪ ,‬عن بُك ير بن الش ّ‬
‫ال صـلى ال عليـه وسـلم على الموت‪ ,‬فقال رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪« :‬عَلَى مـا‬
‫طعْ ُتمْ»‪ .‬والشجرة التي بُويع تحتها بفج نحو مكة‪ ,‬وزعموا أن عمر بن الخطاب رضي ال‬
‫س َت َ‬
‫ا ْ‬
‫عنه مرّ بذلك المكان بعد أن ذهبت الشجرة‪ ,‬فقال‪ :‬أين كانت‪ ,‬فجعل بعضهم يقول هنا‪ ,‬وبعضهم‬
‫سمُرة إما ذهب‬
‫يقول‪ :‬ههنا‪ ,‬فلما كثر اختلفهم قال‪ :‬سيروا هذا التكلف فذهبت الشجرة وكانت َ‬
‫بها سيل‪ ,‬وإما شيء سوى ذلك‪ .‬ذكر عدد الذين بايعوا هذه البيعة‪:‬‬
‫وقد ذكرنا اختلف المختلفين في عددهم‪ ,‬ونذكر الروايات عن قائلي المقالت التي ذكرناها‬
‫إن شاء ال تعالى‪ .‬ذكر من قال‪ :‬عددهم ألف وأربع مئة‪:‬‬
‫‪ 24388‬ـ حدث ني يح يى بن إبراه يم الم سعودي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن جده‪ ,‬عن‬
‫الع مش‪ ,‬عن أ بي سفيان عن جابر‪ ,‬قال‪ :‬ك نا يوم الحُديب ية أل فا وأر بع مئة‪ ,‬فبايع نا ر سول ال‬
‫صـلى ال عليـه وسـلم على أن ل نفرّ‪ ,‬ولم نبايعـه على الموت‪ ,‬قال‪ :‬فبايعناه كلنـا إل الجدّ بـن‬
‫قيس اختبأ تحت إبط ناقته‪.‬‬
‫‪24389‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬أخبرني القاسم بن عبد ال‬
‫بن عمرو‪ ,‬عن محمد بن المنكدر‪ ,‬عن جابر بن عبد ال «أنهم كانوا يوم الحُديبية أربع عشرة‬
‫مئة‪ ,‬فبايعنا رسول ال صلى ال عليه وسلم وعمر آخذ بيده تحت الشجرة‪ ,‬وهي سمرة‪ ,‬فبايعنا‬
‫غ ير الجدّ بن ق يس الن صاريّ‪ ,‬اخت بأ ت حت إ بط بعيره‪ ,‬قال جابر‪ :‬بايع نا ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم على أن ل نفرّ ولم نبايعه على الموت»‪.‬‬
‫حدثنـا يوسـف بـن موسـى القطان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا هشام بـن عبـد الملك وسـعيد بـن شرحبيـل‬
‫المصري‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ليث بن سعد المصري‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو الزبير‪ ,‬عن جابر‪ ,‬قال‪ :‬كنا يوم‬
‫الحديبية ألفا وأربع مئة‪ ,‬فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة‪ ,‬فبايعناه على أن ل‬
‫نفرّ‪ ,‬ولم نبايعه على الموت‪ ,‬يعني النبيّ صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 24390‬ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عد يّ‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن‬
‫سـعيد بـن المسـيب‪ ,‬أنـه قيـل له‪ :‬إن جابر بـن عبـد ال يقول‪ :‬إن أصـحاب الشجرة كانوا ألفـا‬
‫وخمس مئة‪ ,‬قال سعيد‪ :‬نسي جابر هو قال لي كانوا ألفا وأربع مئة‪.‬‬
‫حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬ث ني مح مد بن إ سحاق‪ ,‬عن الع مش‪ ,‬عن أ بي‬
‫سفيان‪ ,‬عن جابر قال‪ :‬كنا أصحاب الحُديبية أربع عشرة مئة‪.‬‬
‫ذكر من قال‪ :‬كان عدتهم ألفا وخمس مئة وخمسة وعشرين‪:‬‬
‫‪ 24391‬ـ حدثنا محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫شجَرَ ِة قال‪ :‬كان أهل البيعة تحت‬
‫ت ال ّ‬
‫ك َتحْ َ‬
‫ن إذْ يُبا ِيعُونَ َ‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫ع ِ‬
‫ابن عباس لَ َقدْ َرضِ يَ الّل هُ َ‬
‫الشجرة ألفا وخمس مئة وخمسة وعشرين‪.‬‬
‫‪24392‬ـ حدثني بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬الذين بايعوا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم تحت الشجرة‪ ,‬فجعلت لهم مغانم خيبر كانوا يومئذ خمس عشرة مئة‪,‬‬
‫وبايعوا على أن ل يفرّوا عنه‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪ :‬كانوا ألفا وثلث مئة‪:‬‬
‫‪ 24393‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن عمرو بن مرّة‪ ,‬قال‪:‬‬
‫سمعت عبد ال بن أبي أوفى يقول‪ :‬كانوا يوم الشجرة ألفا وثلث مئة‪ ,‬وكانت أسلم يومئذ من‬
‫المهاجرين‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬فعَلِ مَ ما في قُلُو ِبهِم يقول تعالى ذكره‪ :‬فعلم ربك يا محمد ما في قلوب المؤمنين من‬
‫أصحابك إذ يبايعونك تحت الشجرة‪ ,‬من صدق النية‪ ,‬والوفاء بما يبايعونك عليه‪ ,‬والصبر معك‬
‫ِمـ يقول‪ :‬فأنزل الطمأنينـة‪ ,‬والثبات على مـا هـم عليـه مـن دينهـم وحُسـن‬
‫السـكِينَةَ عََل ْيه ْ‬
‫فأَ ْنزَل ّ‬
‫ب صيرتهم بالح قّ الذي هدا هم ال له‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال أ هل التأو يل‪ .‬ذ كر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 24394‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله فَعَلِ مَ ما في قُلُو ِبهِم‪,‬‬
‫سكِينَةَ عََل ْي ِهمْ‪ :‬أي الصبر والوقار‪.‬‬
‫فأ ْنزَلَ ال ّ‬
‫وقوله‪ :‬وأثا َبهُ مْ َفتْ حا َقرِي با يقول‪ :‬وعوّض هم في العا جل م ما رجوا الظ فر به من غنائم أ هل‬
‫مكة بقتالهم أهلها فتحا قريبا‪ ,‬وذلك فيما قيل‪ :‬فتح خيبر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24395‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬عن ابن‬
‫أبي ليلى وأثا َب ُهمْ َفتْحا قَرِيبا قال‪ :‬خيبر‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وأثا َبهُ ْم فَتْحا َقرِيبا وهي خيبر‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وأثا َبهُ مْ َفتْحا َقرِيبا‬
‫قال‪ :‬بلغني أنها خيبر‪.‬‬
‫ِمـ َكثِيرَ ًة ي ْأخُذُوَنهـا يقول تعالى ذكره‪ :‬وأثاب ال هؤلء الذيـن بايعوا رسـول ال‬
‫وقوله‪َ :‬ومَغان َ‬
‫صلى ال عليه وسلم تحت الشجرة‪ ,‬مع ما أكرمهم به من رضاه عنهم‪ ,‬وإنزاله السكينة عليهم‪,‬‬
‫وإثاب ته إيا هم فت حا قري با‪ ,‬م عه مغا نم كثيرة يأخذون ها من أموال يهود خ يبر‪ ,‬فإن ال ج عل ذلك‬
‫خاصة لهل بيعة الرضوان دون غيرهم‪.‬‬
‫حكِي ما يقول‪ :‬وكان ال ذا عزّة في انتقا مه م من انت قم من أعدائه‪,‬‬
‫عزِيزا َ‬
‫وقوله‪ :‬وكا نَ الّل هُ َ‬
‫حكيما في تدبيره خلقه وتصريفه إياهم فيما شاء من قضائه‪.‬‬

‫‪21-20‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ع َدكُ مُ اللّ ُه َمغَانِ َم َكثِيرَ ًة َت ْأخُذُونَهَا فَ َعجّلَ َلكُ مْ هَ ـذِهِ َوكَ فّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَ َ‬
‫خ َرىَ لَ مْ تَ ْق ِدرُواْ عََل ْيهَا‬
‫ن آيَ ًة لّ ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ َو َي ْه ِد َيكُ ْم صِرَاطا مّ سْتَقِيما * وَُأ ْ‬
‫ع ْنكُ مْ وَِل َتكُو َ‬
‫ي النّا سِ َ‬
‫َأ ْيدِ َ‬
‫شيْءٍ َقدِيرا }‪.‬‬
‫ل َ‬
‫ن اللّهُ عََلىَ كُ ّ‬
‫قَ ْد َأحَاطَ الّلهُ ِبهَا َوكَا َ‬
‫خذُونَها‪.‬‬
‫ع َدكُمُ الّل ُه أيها القوم مَغا ِنمَ َكثِيرَةً ت ْأ ُ‬
‫يقول تعالى ذكره لهل بيعة الرضوان‪َ :‬و َ‬
‫اختلف أهل التأويل في هذه المغانم التي ذكر ال أنه وعدها هؤلء القوم أيّ المغانم هي‪ ,‬فقال‬
‫بعض هم‪ :‬هي كل مغنم غنمها ال المؤمن ين به من أموال أهل الشرك من لدن أنزل هذه ال ية‬
‫على لسان نبيه صلى ال عليه وسلم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24396‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ع َدكُمُ اللّهُ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬و َ‬
‫خذُونَها قال‪ :‬المغانم الكثيرة التي وعدوا‪ :‬ما يأخذونها إلى اليوم‪.‬‬
‫مَغانِمَ كَثيرَةً َت ْأ ُ‬
‫وعلى هذا التأو يل يحت مل الكلم أن يكون مرادا بالمغا نم الثان ية المغان مَ الولى‪ ,‬ويكون معناه‬
‫ع ند ذلك‪ ,‬فأثاب هم فت حا قري با‪ ,‬ومغا نم كثيرة يأخذون ها‪ ,‬وعد كم ال أي ها القوم هذه المغا نم ال تي‬
‫تأخذونها‪ ,‬وأنتم إليها واصلون عدة‪ ,‬فجعل لكم الفتح القريب من فتح خيبر‪ .‬ويُحتمل أن تكون‬
‫الثان ية غ ير الولى‪ ,‬وتكون الولى من غنائم خ يبر‪ ,‬والغنائم الثان ية ال تي وعدهمو ها من غنائم‬
‫سائر أهل الشرك سواهم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هذه المغانم التي وعد ال هؤلء القوم هي مغانم خيبر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ع َدكُمُ اللّ ُه مَغانِمَ‬
‫‪24397‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَ َ‬
‫خذُونَها قال‪ :‬يوم خيبر‪ ,‬قال‪ :‬كان أبي يقول ذلك‪.‬‬
‫َكثِيرَ ًة َت ْأ ُ‬
‫ل َلكُ مْ َهذِ ِه اختلف أ هل التأو يل في ال تي عجلت ل هم‪ ,‬فقال جما عة‪ :‬غنائم خ يبر‬
‫وقوله‪َ :‬فعَجّ َ‬
‫والمؤخرة سائر فتوح المسلمين بعد ذلك الوقت إلى قيام الساعة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24398‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد َف َعجّلَ َلكُ مْ َهذِ هِ‬
‫قال‪ :‬عجل لكم خيبر‪.‬‬
‫‪24399‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬ف َعجّلَ َلكُمْ َه ِذهِ وهي‬
‫خيبر‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ع نى بذلك ال صلح الذي كان ب ين ر سول ال صلى ال عل يه و سلم وب ين‬
‫قريش‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24400‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس َف َعجّلَ َل ُكمْ َهذِ ِه قال‪ :‬الصلح‪.‬‬
‫وأولى القوال في تأويل ذلك بالصواب ما قاله مجاهد‪ ,‬وهو أن الذي أثابهم ال من مسيرهم‬
‫ذلك مع الفتح القريب المغانم الكثيرة من مغانم خيبر‪ ,‬وذلك أن المسلمين لم يغنموا بعد الحديبية‬
‫غني مة‪ ,‬ولم يفتحوا فت حا أقرب من بيعت هم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم بالحديب ية إلي ها من‬
‫فتح خيبر وغنائمها‪.‬‬
‫ع َدكُ مُ اللّ ُه مَغانِ مَ َكثِيرَ ًة فهي سائر المغانم التي غنمهموها ال بعد خيبر‪ ,‬كغنائم‬
‫وأما قوله‪ :‬وَ َ‬
‫هوازن‪ ,‬وغطفان‪ ,‬وفارس‪ ,‬والروم‪.‬‬
‫وإنمـا قلنـا ذلك كذلك دون غنائم خيـبر‪ ,‬لن ال أخـبر أنـه عجّل لهـم هذه التـي أثابهـم مـن‬
‫مسيرهم الذي ساروه مع رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى مكة‪ ,‬ولما علم من صحة نيتهم‬
‫في قتال أهل ها‪ ,‬إذ بايعوا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬على أن ل يفرّوا ع نه‪ ,‬ول ش كّ أن‬
‫التي عجّلت لهم غير التي لم تُعجّل لهم‪.‬‬
‫وكفـ ال أيدي‬
‫ّ‬ ‫ُمـ يقول تعالى ذكره لهـل بيعـة الرضوان‪:‬‬
‫ع ْنك ْ‬
‫ّاسـ َ‬
‫ِيـ الن ِ‬
‫َفـ أ ْيد َ‬
‫وقوله‪ :‬وك ّ‬
‫المشركين عنكم‪.‬‬
‫ثم اختلف أهل التأويل في الذين كفّت أيديهم عنهم من هم؟ فقال بعضهم‪ :‬هم اليهود ك فّ ال‬
‫أيديهم عن عيال الذين ساروا من المدينة مع رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى مكة‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫ع ْنكُ مْ‪:‬‬
‫‪ 24401‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وكَ فّ أ ْيدِ يَ النّا سِ َ‬
‫عن بيوتهم‪ ,‬وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا إلى الحديبية وإلى خيبر‪ ,‬وكانت خيبر في ذلك‬
‫الوجه‪.‬‬
‫ف أ ْيدِي‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬وكَ ّ‬
‫ع ْن ُكمْ قال‪ :‬كفّ أيدي الناس عن عيالهم بالمدينة‪.‬‬
‫النّاس َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل عنى بذلك أيدي قريش إذ حبسهم ال عنهم‪ ,‬فلم يقدروا له على مكروه‪.‬‬
‫والذي قاله قتادة في ذلك عندي أشبه بتأويل الية‪ ,‬وذلك أن كفّ ال أيدي المشركين من أهل‬
‫ع ْنكُمْ وأ ْي ِد َيكُم‬
‫مكة عن أهل الحُديبية قد ذكره ال بعد هذه الية في قوله‪ :‬وَ ُهوَ اّلذِي كَفّ أ ْي ِد َيهُمْ َ‬
‫ع ْنكُ مْ‬
‫ع ْنهُ ْم ِببَطْن َمكّ َة فعلم بذلك أن الك فّ الذي ذكره ال تعالى في قوله‪ :‬وكَ فّ أ ْيدِ يِ النّا سِ َ‬
‫َ‬
‫ع ْنهُ مْ‬
‫ع ْنكُ مْ‪ ,‬وأ ْي ِد َيكُ مْ َ‬
‫غ ير الك فّ الذي ذ كر ال ب عد هذه ال ية في قوله‪ :‬وَ ُه َو اّلذِي كَ فّ أ ْي ِديَهُم َ‬
‫ِببَطْن َمكّةَ‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَِل َتكُو نَ آ َي ًة ل ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ يقول‪ :‬وليكون ك فه تعالى ذكره أيدي هم عن عيال هم آ ية و عبرة‬
‫للمؤمنين به فيعلموا أن ال هو المتولي حياطتهم وكلءتهم في مشهدهم ومغيبهم‪ ,‬ويتقوا ال في‬
‫أنفسهم وأموالهم وأهليهم بالحفظ وحُسن الولية ما كانوا مقيمين على طاعته‪ ,‬منتهين إلى أمره‬
‫ونهيه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن آيَةً‬
‫‪ 24402‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة وَِل َتكُو َ‬
‫ستَقِيما‬
‫صرَاطا مُ ْ‬
‫لِ ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ يقول‪ :‬وذلك آ ية للمؤمن ين‪ ,‬ك فّ أيدي الناس عن عيال هم و َي ْه ِديَكُ مْ ِ‬
‫يقول‪ :‬وي سدّدكم أي ها المؤمنون طري قا واض حا ل اعوجاج ف يه‪ ,‬ف يبينه ل كم‪ ,‬و هو أن تثقوا في‬
‫أموركم كلها بربكم‪ ,‬فتتوكلوا عليه في جميعها‪ ,‬ليحوطكم حياطته إياكم في مسيركم إلى مكة مع‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم في أنف سكم وأهلي كم وأموال كم‪ ,‬ف قد رأي تم أ ثر ف عل ال ب كم‪ ,‬إذ‬
‫وثقتم في مسيركم هذا‪.‬‬
‫خرَى لم تَ ْقدِروا علي ها َقدْ أحا طَ اللّ ُه بِهَا يقول تعالى ذكره ووعد كم أي ها القوم رب كم‬
‫وقوله‪ :‬وُأ ْ‬
‫فتح بلدة أخرى لم تقدروا على فتحها‪ ,‬قد أحاط ال بها لكم حتى يفتحها لكم‪.‬‬
‫واختلف أهـل التأويـل فـي هذه البلدة الخرى‪ ,‬والقريـة الخرى التـي وعدهـم فتحهـا‪ ,‬التـي‬
‫أخبرهم أنه محيط بها‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬هي أرض فارس والروم‪ ,‬وما يفتحه المسلمون من البلد‬
‫إلى قيام الساعة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24403‬ـ حدثنا ابن المثنى‪,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن مهد يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن سِماك‬
‫خرَى لم تَ ْق ِدرُوا عََليْها فارس والروم‪.‬‬
‫الحنفيّ‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ابن عباس يقول‪ :‬وُأ ْ‬
‫‪24404‬ـ قال‪ :‬ثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬عن ابن أبي ليلى أنه قال في‬
‫خرَى َلمْ تَ ْق ِدرُوا عََليْها قال‪ :‬فارس والروم‪.‬‬
‫هذه الية‪ :‬وُأ ْ‬
‫حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا زيد بن حباب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة بن‬
‫الحَجاج‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬عن عبد الرحمن بن أبي ليلى مثله‪.‬‬
‫خرَى لَ مْ تَ ْق ِدرُوا‬
‫‪ 24405‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وُأ ْ‬
‫حدّث عن الحسن‪ ,‬قال‪ :‬هي فارس والروم‪.‬‬
‫عََليْها َقدْ أحاطَ اللّ ُه بِها قال‪ُ :‬‬
‫‪24406‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫خرَى لَ مْ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬وُأ ْ‬
‫تَ ْق ِدرُوا عََليْها ما فتحوا حتى اليوم‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى‪,‬‬
‫خرَى َلمْ تَ ْق ِدرُوا عََليْها قال‪ :‬فارس والروم‪.‬‬
‫في قوله‪ :‬وُأ ْ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هي خيبر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24407‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫خرَى َل ْم تَ ْق ِدرُوا عََليْها‪ ...‬الية‪ ,‬قال‪ :‬هي خيبر‪.‬‬
‫ابن عباس وُأ ْ‬
‫‪ 24408‬ـ حُد ثت عن الح سين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أ با معاذ‪ ,‬يقول‪ :‬أخبر نا عب يد بن سليمان‪ ,‬قال‪:‬‬
‫خرَى لَ ْم تَ ْق ِدرُوا عََليْها َقدْ أحا طَ الّل ُه بِها يعني خيبر‪ ,‬بعثهم‬
‫سمعت الضحاك‪ ,‬يقول في قوله‪ :‬وُأ ْ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم يومئذٍ‪ ,‬فقال‪« :‬ل ُت َمثّلُوا وَل َتغُلّوا‪ ,‬وَل تَ ْقتُلُوا وَلِيدا»‪.‬‬
‫خرَى لَ مْ‬
‫‪ 24409‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وُأ ْ‬
‫تَ ْق ِدرُوا عََليْها َقدْ أحا طَ الّل ُه بِها قال‪ :‬خيبر‪ ,‬قال‪ :‬لم يكونوا يذكرونها ول يرجونها حتى أخبرهم‬
‫ال بها‪.‬‬
‫خرَى لَ ْم تَ ْقدِرُوا عََليْها يعني‬
‫‪ 24410‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق وُأ ْ‬
‫أهل خيبر‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هي مكة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫خرَى لَمْ تَ ْق ِدرُوا عََليْها َقدْ‬
‫‪24411‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وُأ ْ‬
‫ط اللّ ُه بِها كنا نحدّث أنها مكة‪.‬‬
‫أحا َ‬
‫خرَى لَ مْ تَ ْق ِدرُوا عََليْها‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وُأ ْ‬
‫قال‪ :‬بلغنا أنها مكة‪.‬‬
‫وهذا القول الذي قاله قتادة أشبه بما دلّ عليه ظاهر التنزيل‪ ,‬وذلك أن ال أخبر هؤلء الذين‬
‫بايعوا رسول ال صلى ال عليه وسلم تحت الشجرة‪ ,‬أنه محيط بقرية لم يقدروا عليها‪ ,‬ومعقولٌ‬
‫أنه ل يقال لقوم لم يقدروا على هذه المدينة‪ ,‬إل أن يكونوا قد راموها فتعذّرت عليهم‪ ,‬فأما وهم‬
‫لم يروموها فتتعذّر عليهم فل يقال‪ :‬إنهم لم يقدروا عليها‪.‬‬
‫فإذ كان ذلك كذلك‪ ,‬وكان معلوما أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لم يقصد قبل نزول هذه‬
‫ال ية عل يه خ يبر لحرب‪ ,‬ول و جه إلي ها لقتال أهل ها جي شا ول سـرية‪ ,‬علم أن المعن يّ بقوله‪:‬‬
‫خرَى لَ ْم تَ ْق ِدرُوا عََليْها غيرها‪ ,‬وأنها هي التي قد عالجها ورامها‪ ,‬فتعذّرت فكانت مكة وأهلها‬
‫وُأ ْ‬
‫كذلك‪ ,‬وأخبر ال تعالى ذكره نبيه صلى ال عليه وسلم والمؤمنين أنه أحاط بها وبأهلها‪ ,‬وأنه‬
‫ل ما يشاء من الشياء ذا قُدرة‪ ,‬ل يتعذّر عليه شيء شاءه‪.‬‬
‫فاتحها عليهم‪ ,‬وكان ال على ك ّ‬

‫‪23-22‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫جدُو نَ وَِليّا َولَ‬
‫ن ك َفرُواْ َلوَلّوُ ْا ال ْدبَارَ ثُ مّ لَ َي ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَلَ ْو قَاتََلكُ مُ اّلذِي َ‬
‫سنّ ِة اللّ ِه َت ْبدِيلً }‪.‬‬
‫جدَ ِل ُ‬
‫ت مِن قَبْلُ وَلَن َت ِ‬
‫سنّةَ الّلهِ اّلتِي َقدْ خَلَ ْ‬
‫َنصِيرا * ُ‬
‫يقول تعالى ذكره للمؤمن ين به من أ هل بي عة الرضوان‪ :‬وََل ْو قاتَلَكُم اّلذِي نَ كَ َفرُوا بال أي ها‬
‫المؤمنون بمكة َلوَلّوُا الدْبارَ يقول‪ :‬لنهزموا عنكم‪ ,‬فولوكم أعجازهم‪ ,‬وكذلك يفعل المنهزم من‬
‫ن وَِليّا وَل نَصِيرا يقول‪ :‬ثم ل يجد هؤلء الكفار المنهزمون عنكم‪,‬‬
‫قرنه في الحرب ثُمّ ل يَجدُو َ‬
‫المولو كم الدبار‪ ,‬ول يا يوالي هم على حرب كم‪ ,‬ول ن صيرا ين صرهم علي كم‪ ,‬لن ال تعالى ذكره‬
‫صرُهُ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ب اللّ ُه نا ِ‬
‫حزْ ٌ‬
‫معكم‪ ,‬ولن ُيغْلَ بَ ِ‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 24412‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة قوله‪ :‬وَلَ ْو قاتَلَكُ مُ اّلذِ ين‬
‫لدْبار يعني كفار قريش‪ ,‬قال ال‪ :‬ثم ل يجدون وليا ول نصيرا ينصرهم من ال‪.‬‬
‫كَ َفرُوا َلوَلّوُا ا َ‬
‫ت مِ نْ َقبْلُ يقول تعالى ذكره‪ :‬لو قاتلكم هؤلء الكفار من قريش‪,‬‬
‫سنّ َة اللّ هِ التي َقدْ خَلَ ْ‬
‫وقوله‪ُ :‬‬
‫لخذلهم ال حتى يهزمهم عنكم خذلنه أمثالهم من أهل الكفر به‪ ,‬الذين قاتلوا أولياءه من المم‬
‫الذيـن مضوا قبلهـم‪ .‬وأخرج قوله‪ :‬سُـنّ َة اللّهِـ نصـبا مـن غيـر لفظـه‪ ,‬وذلك أن فـي قوله‪َ :‬لوَلّوُا‬
‫سنّةَ الّل هِ‬
‫الدْبارَ ثُ مّ ل يَجدُو نَ وَِليّا وَل نَ صِيرا معنى سننت فيهم الهزيمة والخذلن‪ ,‬فلذلك قيل‪ُ :‬‬
‫مصدرا من معنى الكلم ل من لفظه‪ ,‬وقد يجوز أن تكون تفسيرا لما قبلها من الكلم‪.‬‬
‫سنّ ِة اللّ ِه َت ْبدِيلً يقول جلّ ثناؤه لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬ولن تجد يا‬
‫جدَ ِل ُ‬
‫وقوله‪ :‬وََلنْ َت ِ‬
‫محمد لسنة ال التي سنها في خلقه تغييرا‪ ,‬بل ذلك دائم للحسان جزاءه من الحسان‪ ,‬وللساءة‬
‫والكفر العقاب والنكال‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عنْهُم ِب َبطْ نِ َمكّ َة مِن‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَهُ َو اّلذِي كَ فّ َأ ْي ِد َيهُ مْ عَنكُ مْ وََأ ْيدِ َيكُ مْ َ‬
‫ن َبصِيرا }‪.‬‬
‫ن اللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُو َ‬
‫ن َأظْ َفرَ ُكمْ عََل ْيهِمْ َوكَا َ‬
‫َب ْعدِ أَ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لر سوله صلى ال عل يه و سلم‪ :‬والذ ين بايعوا الرضوان‪ ,‬و هو الذي كف‬
‫ع ْنكُ ْم يعني أن ال كفّ أيدي المشركين الذين كانوا خرجوا على عسكر رسول ال صلى‬
‫أ ْي ِديَهُمْ َ‬
‫غ ّرتَهُمْ ليصيبوا منهم‪ ,‬فبعث رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬بالحديبية يلتمسون ِ‬
‫فأتى بهم أسرى‪ ,‬فخلى عنهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ومن عليهم ولم يقتلهم فقال ال‬
‫للمؤمنين‪ :‬وهو الذي ك فّ أيدي هؤلء المشركين عنكم‪ ,‬وأيديكم عنهم ببطن مكة‪ ,‬من بعد أن‬
‫أظفركم عليهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الَثار ذكر الرواية بذلك‪:‬‬
‫ي بن الحسن بن شقيق‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبي يقول‪ :‬أخبرنا الحسين‬
‫‪ 24413‬ـ حدثنا محمد بن عل ّ‬
‫بن واقد‪ ,‬قال‪ :‬ثني ثابت البناني‪ ,‬عن عبد ال بن مغفل‪ ,‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان‬
‫حدَيبية‪ ,‬وعلى ظهره غصن من أغصان الشجرة فرفعتها عن ظهره‪,‬‬
‫جالسا في أصل شجرة بال ُ‬
‫وعل يّ بن أبي طالب رضي ال عنه بين يديه وسهيل بن عمرو‪ ,‬وهو صاحب المشركين‪ ,‬فقال‬
‫سهَيل بيده‪,‬‬
‫حمَن الرّحِي مِ»‪ ,‬فأمسك ُ‬
‫سمِ الّل هِ ال ّر ْ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لعل يّ‪« :‬ا ْكتُ بْ بِ ْ‬
‫فقال‪ :‬ما نعرف الرح من‪ ,‬اك تب في قضيت نا ما نعرف‪ .‬فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫س ِمكَ الّلهُم»‪ ,‬فكتب‪ ,‬فقال‪« :‬هذا ما صالح محمد رسول ال أهل مكة»‪ ,‬وفأمسك سُهيل‬
‫«ا ْكتُبْ با ْ‬
‫بيده‪ ,‬فقال‪ :‬لقد ظلمناك إن كنت رسولً‪ ,‬اكتب في قضيتنا ما نعرف قال‪« :‬اكتب هذا ما صالح‬
‫عل يه مح مد بن ع بد ال بن ع بد المطلب وأ نا ر سول ال»‪ ,‬فخرج علي نا ثلثون شا با علي هم‬
‫السلح‪ ,‬فثاروا في وجوهنا‪ ,‬فدعا عليهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأخذ ال بأبصارهم‪,‬‬
‫جتُ مْ فِي أمان أحَد»‪,‬‬
‫ل خَ َر ْ‬
‫فقمنا إليهم فأخذناهم‪ ,‬فقال لهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬هَ ْ‬
‫ن َب ْعدِ‬
‫ع ْنهُ مْ ِب َبطْ نِ َمكّ َة م ْ‬
‫ع ْنكُ مْ وأ ْي ِد َيكُ مْ َ‬
‫قال‪ :‬فخلى عنهم‪ ,‬قال‪ :‬فأنزل ال وَهُ َو اّلذِي كَ فّ أ ْي ِديَهُم َ‬
‫ن أظْ َفرَ ُكمْ عََل ْيهِمْ‪.‬‬
‫أْ‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسين بن واقد‪ ,‬عن ثابت‪ ,‬عن‬
‫عبد ال بن مغفل‪ ,‬قال‪ :‬كنا مع النبيّ صلى ال عليه وسلم بالحُديبية في أصل الشجرة التي قال‬
‫ال في القرآن‪ ,‬وكان غ صن من أغ صان تلك الشجرة على ظ هر ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪,‬‬
‫فرفعته عن ظهره‪ ,‬ثم ذكر نحو حديث محمد بن عليّ‪ ,‬عن أبيه‪.‬‬
‫‪ 24414‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن محمد بن إسحاق قال‪ :‬ثني من ل أتهم‪ .‬عن‬
‫عكرِ مة‪ ,‬مولى ا بن عباس‪ ,‬أن قري شا كانوا بعثوا أربع ين رجلً من هم أو خم سين‪ ,‬وأمرو هم أن‬
‫يطيفوا بعسكر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ليصيبوا من أصحابه أحدا‪ ,‬فأخذوا أخذا‪ ,‬فأُتي‬
‫بهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وخلى سبيلهم‪ ,‬وقد كانوا رموا في عسكر رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم بالحجارة والنبل‪ .‬قال ابن حميد‪ ,‬قال سلمة‪ ,‬قال ابن إسحاق‪ :‬ففي ذلك قال‪ :‬وَ ُهوَ‬
‫ع ْن ُهمْ‪ ...‬الية‪.‬‬
‫ع ْنكُمْ وأ ْي ِد َيكُمْ َ‬
‫اّلذِي َكفّ أ ْي ِديَ ُهمْ َ‬
‫‪24415‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬أقبل معتمرا‬
‫نبي ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأخذ أصحابه ناسا من أهل الحرم غافلين‪ ,‬فأرسلهم النبيّ صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فذلك الظفار ببطن مكة‪.‬‬
‫‪ 24416‬ـ حدثنا محمد بن سنان القزّاز‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال ابن عائشة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حماد بن‬
‫سلمة‪ ,‬عن ثا بت‪ ,‬عن أ نس بن مالك أن ثمان ين رجلً من أ هل م كة‪ ,‬هبطوا على ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم وأصحابه من جبل التنعيم عند صلة الفجر ليقتلوهم‪ ,‬فأخذهم رسول ال‬
‫ع ْنهُ مْ‪ ...‬إلى آخر‬
‫ع ْنكُ مْ وأ ْي ِد َيكُ مْ َ‬
‫صلى ال عليه وسلم فأعتقهم‪ ,‬فأنزل ال وَهُ َو اّلذِي كَ فّ أ ْي ِد َيهُ مْ َ‬
‫الية‪.‬‬
‫وكان قتادة يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫‪ 24417‬ـ حدثنا به بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَهُ َو اّلذِي كَ فّ‬
‫ع ْنهُ مْ‪ ...‬ال ية‪ ,‬قال‪ :‬ب طن م كة الحديب ية يقال له ر هم‪ :‬اطلع الثن ية من‬
‫ع ْنكُ مْ وأ ْي ِد َيكُ مْ َ‬
‫أ ْي ِديَهُ مْ َ‬
‫الحديبيـة‪ ,‬فرماه المشركون بسـهم فقتلوه‪ ,‬فبعـث رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم خيلً‪ ,‬فأتوه‬
‫باثني عشر فارسا من الكفار‪ ,‬فقال لهم نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬هل لكم عليّ عهد؟ هل‬
‫ُمـ‬
‫ع ْنك ْ‬
‫َفـ أ ْيدِيَهُم َ‬
‫عليـ ذمـة»‪ ,‬قالوا‪ :‬ل فأرسـلهم‪ ,‬فأنزل ال فـي ذلك القرآن وَ ُه َو اّلذِي ك ّ‬
‫ّ‬ ‫لكـم‬
‫ن َبصِيرا‪.‬‬
‫ع ْن ُهمْ‪ ...‬إلى قوله‪ِ :‬بمَا َت ْعمَلُو َ‬
‫وأ ْي ِد َي ُكمْ َ‬
‫وقال آخرون في ذلك ما‪:‬‬
‫‪ 24418‬ـ حدثنا به ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يعقوب ال ُقمّ يّ‪ ,‬عن جعفر‪ ,‬عن ابن أبزي‪ ,‬قال‪ :‬لما‬
‫خرج ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم بالهدي‪ ,‬وانت هى إلى ذي الحلي فة‪ ,‬قال له ع مر‪ :‬يا نبيّ ال‪,‬‬
‫تدخل على قوم لك حرب بغير سلح ول كراع‪ ,‬قال‪ :‬فبعث إلى المدينة فلم يدع بها كراعا ول‬
‫سلحا إل حمله فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل‪ ,‬فسار حتى أتى منى‪ ,‬فنزل بمنى‪ ,‬فأتاه عينه‬
‫أن عكرِمة بن أبي جهل قد خرج علينا في خمس مئة‪ ,‬فقال لخالد بن الوليد‪« :‬يا خالد هذا ابن‬
‫عمك قد أتاك في الخيل»‪ ,‬فقال خالد‪ :‬أنا سيف ال وسيف ر سوله‪ ,‬فيومئذٍ سُمي سيف ال‪ ,‬يا‬
‫رسول ال‪ ,‬ارم بي حيث شئت‪ ,‬فبعثه على خيل‪ ,‬فلقي عكرِمة في الشّعب فهزمه حتى أدخله‬
‫حيطان مكة‪ ,‬ثم عاد في الثانية فهزمه حتى أدخله حيطان مكة‪ ,‬ثم عاد في الثالثة حتى أدخله‬
‫عذَابا أليما قال‪:‬‬
‫ع ْنهُ مْ‪ ...‬إلى قوله َ‬
‫ع ْنكُ مْ وأ ْي ِد َيكُ مْ َ‬
‫حيطان مكة‪ ,‬فأنزل ال وَهُ َو الّذي كَ فّ أ ْي ِد َيهُ مْ َ‬
‫فك فّ ال ال نبيّ عن هم من ب عد أن أظفره علي هم لبقا يا من الم سلمين كانوا بقوا في ها من ب عد أن‬
‫أظفره عليهم كراهية أن تطأهم الخيل بغير علم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وكا نَ الّل ُه ِبمَا َت ْعمَلُو نَ بَ صِيرا يقول تعالى ذكره‪ :‬وكان ال بأعمالكم وأعمالهم بصيرا‬
‫ل يخفى عليه منها شيء‪.‬‬

‫‪25‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حرَامِـ وَا ْل َهدْيَـ‬
‫جدِ ا ْل َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬هُمُـ اّلذِينَـ كَ َفرُواْ وَصَـدّو ُكمْ عَنِـ ا ْلمَس ْـ ِ‬
‫َم ْعكُوفا أَن َيبْلُ غَ َمحِّل هُ وََل ْولَ ِرجَالٌ مّ ْؤ ِمنُو نَ َونِ سَآءٌ مّ ْؤ ِمنَا تٌ لّ مْ َتعَْلمُوهُ ْم أَن َتطَئُوهُ مْ َفتُ صِيبَكمْ‬
‫عذَابا‬
‫ن كَ َفرُو ْا ِم ْنهُ مْ َ‬
‫ح َمتِ ِه مَن َيشَآءُ َلوْ َت َزيّلُو ْا َل َع ّذبْنَا اّلذِي َ‬
‫ّم ْنهُ مْ ّم َعرّةٌ ِب َغ ْيرِ عِلْ مٍ ّل ُي ْدخِلَ الّل ُه فِي َر ْ‬
‫أَلِيما }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء المشركون من قر يش هم الذ ين جحدوا توح يد ال‪ ,‬و صدّوكم أي ها‬
‫المؤمنون بال عن دخول الم سجد الحرام‪ ,‬و صدّوا الهَدي معكو فا‪ :‬يقول‪ :‬محبو سا عن أن يبلغ‬
‫َمحِلّه‪ .‬فمو ضع «أن» ن صب لتعل قه إن شئت بمعكوف‪ ,‬وإن شئت ب صدّوا‪ .‬وكان ب عض نحو يي‬
‫البصرة يقول في ذلك‪ :‬وصدّوا الهدي معكوفا كراهية أن يبلغ محله‪.‬‬
‫ن َيبْلُ غَ َمحِلّ ُه أن يبلغ محلّ نحره‪ ,‬وذلك دخول الحرم‪ ,‬والمو ضع‬
‫وع نى بقوله تعالى ذكره‪ :‬أ ْ‬
‫ل نحره‪ ,‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم ساق معه حين خرج إلى‬
‫الذي إذا صار إليه ح ّ‬
‫مكة في سَفرته تلك سبعين بدنة‪.‬‬
‫‪ 24419‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬ثني محمد بن إسحاق‪ ,‬عن محمد بن مسلم‬
‫الزهري‪ ,‬عن عروة بن الزبير‪ ,‬عن المِ سْوَر بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدّثاه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫خرج ر سول ال صلى ال عل يه و سلم عام الحُديب ية ير يد زيارة الب يت‪ ,‬ل ير يد قتالً‪ ,‬و ساق‬
‫ل بدنة عن عشرة‪.‬‬
‫الهَدي معه سبعين بدنة وكان الناس سبعَ مئة رجل‪ ,‬فكانت ك ّ‬
‫حرَام‪ ,‬وَال َهدْ يَ‬
‫وبن حو الذي قل نا في مع نى قوله‪ :‬هُ مُ اّلذِي نَ َك َفرُوا وَ صَدّو ُك ْم عَن المَ سْجدِ ال َ‬
‫ن َيبْلُغَ َمحِلّ ُه قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫َم ْعكُوفا أ ْ‬
‫ن كَ َفرُوا‬
‫‪ 24420‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬هُ مُ اّلذِي َ‬
‫ن َيبْلُ غَ َمحِلّ ُه وأقبل نبيّ ال صلى‬
‫حرَا مِ وال َهدْ يَ َم ْعكُوفا‪ :‬أي محبوسا أ ْ‬
‫وَ صَدوكْم عَن المَ سْجدِ ا ْل َ‬
‫ال عليـه وسـلم وأصـحابه معتمريـن فـي ذي القعدة‪ ,‬ومعهـم الهدي‪ ,‬حتـى إذا كانوا بالحُديبيـة‪,‬‬
‫صدّهم المشركون‪ ,‬فصالحهم نبيّ صلى ال عليه وسلم صلى ال عليه وسلم على أن يرجع من‬
‫عا مه ذلك‪ ,‬ثم ير جع من العام المق بل‪ ,‬فيكون بم كة ثلث ليال‪ ,‬ول يدخل ها إل ب سلح الرا كب‪,‬‬
‫ول يخرج بأ حد من أهل ها‪ ,‬فنحروا الهدي‪ ,‬وحلقوا‪ ,‬وق صّروا‪ ,‬ح تى إذا كان من العام المق بل‪,‬‬
‫أق بل نبيّ صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه ح تى دخلوا م كة معتمر ين في ذي القعدة‪ ,‬فأقام ب ها‬
‫ثلث ليال‪ ,‬وكان المشركون قد فجروا عل يه ح ين ردّوه‪ ,‬فأق صه ال من هم فأدخله م كة في ذلك‬
‫ت قِصَاصٌ‪.‬‬
‫حرُما ُ‬
‫حرَامِ وال ُ‬
‫ش ْهرِ ال َ‬
‫حرَامُ بال ّ‬
‫ش ْهرُ ا ْل َ‬
‫الشهر الذي كانوا ردّوه فيه‪ ,‬فأنزل ال ال ّ‬
‫‪ 24421‬ـ حدثني محمد بن عمارة السديّ وأحمد بن منصور الرمادي‪ ,‬واللفظ لبن عمارة‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا عبيد ال بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا موسى بن عبيدة‪ ,‬عن إياس بن سلمة بن الكوع‪,‬‬
‫سهَيل بن عمرو‪ ,‬وحويطب بن عبد ال ُعزّى‪ ,‬وحفص بن فلن إلى‬
‫عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬بعثت قريش ُ‬
‫سهَيل بن‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم ليصالحوه فلما رآهم رسول ال صلى ال عليه وسلم فيهم ُ‬
‫عمرو‪ ,‬قال‪« :‬قـد سـهّل ال لكـم مـن أمركـم‪ ,‬القوم ماتّون إليكـم بأرحامهـم وسـائلوكم الصـلح‪,‬‬
‫فابعثوا الهَدي‪ ,‬وأظهروا التلبية‪ ,‬لعلّ ذلك يلين قلوبهم»‪ ,‬فلبوا من نواحي العسكر حتى ارتجّت‬
‫أصواتهم بالتّلبية‪ ,‬فجاؤوا فسألوه الصلح قال‪ :‬فبينما الناس قد توادعوا وفي المسلمين ناس من‬
‫المشركين‪ ,‬قال‪ :‬فقيل به أبو سفيان قال‪ :‬وإذا الوادي يسيل بالرجال قال‪ :‬قال إياس‪ ,‬قال سلمة‪:‬‬
‫فجئت ب ستة من المشرك ين مت سلحين أ سوقهم‪ ,‬ل يملكون لنف سهم نف عا ول ضرّا‪ ,‬فأت يت ب هم‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فلم يسلب ولم يقتل وعفا قال‪ :‬فشددنا على من في أيدي المشركين‬
‫م نا‪ ,‬ف ما ترك نا في أيدي هم م نا رجلً إل ا ستنقذناه قال‪ :‬وغلب نا على من في أيدي نا من هم ثم إن‬
‫سهَيل بن عمرو‪ ,‬وحويطبا‪ ,‬فولوا صلحهم‪ ,‬وبعث النبيّ صلى ال عليه وسلم عليا‬
‫قريشا بعثوا ُ‬
‫في صلحه فك تب عل يّ بين هم‪ :‬ب سم ال الرح من الرح يم‪ ,‬هذا ما صالح عل يه مح مد ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم قريشا‪ ,‬صالحهم على أنه ل إهلل ول امتلل‪ ,‬وعلى أنه من َقدِم مكة من‬
‫أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم حاجا أو معتمرا‪ ,‬أو يبتغي من فضل ال‪ ,‬فهو آمن على‬
‫دمه وماله ومن َقدِم المدينة من قريش مجتازا إلى مصر أو إلى الشام يبتغي من فضل ال‪ ,‬فهو‬
‫آمن على دمه وماله وعلى أنه من جاء محمدا صلى ال عليه وسلم من قريش فهو إليهم َردّ‪,‬‬
‫ومن جاءهم من أصحاب محمد فهو لهم‪ .‬فاشتدّ ذلك على المسلمين‪ ,‬فقال رسول ال صلى ال‬
‫ن جاءَهُ مْ ِمنّا فَأ ْبعَدَ ُه الّل هُ‪َ ,‬ومَ نْ جاءَنا ِم ْنهُ مْ َف َردَدْناه إَل ْيهِ مْ فَعَلِ مَ الّل هُ ال سْلمَ مِ نْ‬
‫عليه وسلم‪« :‬مَ ْ‬
‫خرَجا»‪ .‬فصالحوه على أنه يعتمر في عام قابل في هذا الشهر‪ ,‬ل يدخل علينا‬
‫جعَلَ َل ُه َم ْ‬
‫نَفْ سِهِ‪َ ,‬‬
‫بخ يل ول سلح‪ ,‬إل ما يح مل الم سافر في قِرا به‪ ,‬يثوي في نا ثلث ليال‪ ,‬وعلى أن هذا ال َهدْي‬
‫حيث ما حب سناه محّله ل يقد مه علي نا‪ .‬فقال ل هم ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪« :‬نَحْن نَ سُوقُهُ‬
‫وأ ْن ُتمْ َترُدونَ ُوجُوهَهُ»‪ ,‬فسار رسول ال مع الهدي وسار الناس‪.‬‬
‫‪ 24422‬ـ حدثني محمد بن عمارة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا موسى‪ ,‬قال‪:‬‬
‫أخبرني أبو ُمرّة مولى أمّ هانىء‪ ,‬عن ابن عمر‪ ,‬قال‪« :‬كان الهدي دون الجبال التي تطلع على‬
‫ي صلى ال عليه وسلم الهدي‬
‫وادي الثنية عرض له المشركون‪ ,‬فردّوا وجوهه قال‪ :‬فنحر النب ّ‬
‫حين حبسوه‪ ,‬وهي الحُديبية‪ ,‬وحلق‪ ,‬وتأ سّى به أُناس حين رأوه حلق‪ ,‬وتربّص آخرون‪ ,‬فقالوا‪:‬‬
‫ّهـ ال ُمحَلّقِينـَ»‪ ,‬قيـل‪:‬‬
‫ِمـ الل ُ‬
‫لعلنـا نطوف بالبيـت‪ ,‬فقال رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪َ « :‬رح َ‬
‫والمقصرين‪ ,‬قال‪َ « :‬رحِ َم اللّ ُه ال ُمحَلّقِينَ»‪ ,‬قيل‪ :‬والمقصرين‪ ,‬قال‪« :‬والمُ َقصّرِينَ»‪.‬‬
‫‪ 24423‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحكم بن بشير‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمر بن َذرّ الهمداني‪ ,‬عن‬
‫مجا هد أن النبيّ صلى ال عل يه وسلم اعتمر ثلث عمر‪ ,‬كلها في ذي القعدة‪ ,‬يرجع في كلها‬
‫إلى المدي نة‪ ,‬من ها العمرة ال تي صدّ في ها الهدي‪ ,‬فنحره في محله‪ ,‬ع ند الشجرة‪ ,‬وشارطوه أن‬
‫يأ تي في العام المق بل معتمرا‪ ,‬فيد خل م كة‪ ,‬فيطوف بالب يت ثل ثة أيام‪ ,‬ثم يخرج‪ ,‬ول يحب سون‬
‫ع نه أحدا قدم م عه‪ ,‬ول يخرج من م كة بأ حد كان في ها ق بل قدو مه من الم سلمين فل ما كان من‬
‫العام المق بل د خل م كة‪ ,‬فأقام ب ها ثل ثا يطوف بالب يت فل ما كان اليوم الثالث قري با من الظ هر‪,‬‬
‫أر سلوا إل يه‪ :‬إن قو مك قد آذا هم مقا مك‪ ,‬فنُودي في الناس‪ :‬ل تغرب الش مس وفي ها أ حد من‬
‫المسلمين قَدم مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪24424‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬عن عروة بن‬
‫الزبير‪ ,‬عن المسور بن مخرمة‪ ,‬قال‪ :‬خرج النبيّ صلى ال عليه وسلم زمن الحُديبية في بضع‬
‫عشرة مئة من أصحابه‪ ,‬حتى إذا كانوا بذي الحَُليْفة قلّد الهدي وأشعره‪ ,‬وأحرم بالعمرة‪ ,‬وبعث‬
‫بين يديه عينا له من خُزاعة يخبره عن قريش‪ ,‬وسار النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬حتى إذا كان‬
‫بغدير الشطاط قريبا من ُقعَيقعان‪ ,‬أتاه عينه الخزاع يّ‪ ,‬فقال‪ :‬إني تركت كعب بن لؤ يّ وعامر‬
‫بن لؤ يّ قد جمعوا لك الحابيش‪ ,‬وجمعوا لك جموعا‪ ,‬وهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت‪ ,‬فقال‬
‫رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪« :‬أشِيرُوا عَليـّ‪ ,‬أ َترَوْنَـ أن ْـ َنمِيلَ على ذَرَارِي هَؤُل ِء اّلذِينَـ‬
‫طعَ ها اللّ هُ؟ أ مْ‬
‫عنُ قا َق َ‬
‫ن لحّوا تَك نْ ُ‬
‫حزُونِ ين وإ ْ‬
‫ن َم ْ‬
‫ن َق َعدُوا َق َعدُوا َم ْوتُورِي َ‬
‫أعانُوهُ مْ َفنُ صِيبَ ُهمْ‪ ,‬فإ ْ‬
‫عنْ ُه قاتَلْناهُ؟» فقام أبو بكر رضي ال عنه فقال‪ :‬يا رسول ال‪:‬‬
‫صدّنا َ‬
‫ن أنّا نَؤُمّ ال َبيْتَ‪ ,‬فمَنْ َ‬
‫َترَوْ َ‬
‫إنا لم نأت لقتال أحد‪ ,‬ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫«فَر ّوحُوا إذًا» وكان أبو هريرة يقول‪ :‬ما رأيت أحدا قطّ كان أكثر مُشاورة لصحابه من النبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق‪ ,‬قال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫خذُوا ذَا تَ ال ْيمِي نِ»‪ ,‬فوال ما ش عر ب هم‬
‫ن خاِلدَ ب نَ الوَلِي ِد بالغَمِ يم في خَيْل لِ ُق َريْ شٍ طَلِيعَةً‪ ,‬ف ُ‬
‫«إ ّ‬
‫خالد حتـى إذا هـو بُقْترة الجيـش‪ ,‬فانطلق يركـض نذيرا لقريـش‪ ,‬وسـار النـبيّ صـلى ال عليـه‬
‫ل حَل‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫وسلم‪ ,‬حتى إذا كان بالثنية التي يُهبْط عليهم منها‪ ,‬بركت به راحلته فقال الناس‪ :‬حَ ْ‬
‫ما حَلْ؟ فقالوا‪ :‬خَلَ تِ القَ صْواء‪ ,‬فقال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪ « :‬ما خَلَ تْ وَ ما ذَا كَ لَهَا‬
‫ن بها‬
‫ظمُو َ‬
‫خطّةً ُي َع ّ‬
‫حبَ سَها حابِ سُ الفِيلِ»‪ ,‬ثم قال‪« :‬واّلذِي نَفْ سِي ِب َيدِ هِ ل يَسألُونِي ُ‬
‫بخُلُ قٍ‪ ,‬وَل ِكنّها َ‬
‫ط ْي ُتهُم إيّاها»‪ ,‬ثم ُزجِرت فوثبت فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحُديبية على‬
‫عَ‬‫ت اللّ ِه إلّ أ ْ‬
‫حرُما ِ‬
‫ُ‬
‫ث مد قل يل الماء‪ ,‬إن ما ي تبرّضه الناس تبرّ ضا‪ ,‬فلم يل بث الناس أن نزحوه‪ ,‬فشُكِي إلى ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم العطش‪ ,‬فنزع سهما من كنانته‪ ,‬ثم أمرهم أن يجعلوه فيه‪ ,‬فوال ما زال‬
‫يجيش لهم بالرّيّ حتى صدروا عنه‪ ,‬فبينما هم كذلك جاء ُبدَيل بن ورقاء الخزاعي في نفر من‬
‫خُزاعة‪ ,‬وكانوا عَيبة نصح رسول ال صلى ال عليه وسلم من أهل تهامة‪ ,‬فقال‪ :‬إني تركت‬
‫كعـب بـن لُؤَيـّ‪ ,‬وعامـر بـن لُؤَيـّ‪ ,‬قـد نزلوا أعداد مياه الحُديبيـة معهـم العوْذ المطافيـل‪ ,‬وهـم‬
‫حدٍ‪ ,‬وََلكِنّا‬
‫مقاتلوك وصادّوك عن الب يت‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عل يه وسلم‪« :‬إنّا لَ مْ نأْ تِ ِلقِتال َأ َ‬
‫حرْ بُ‪ ,‬وَأضَرّ تْ بِه مْ‪ ,‬فإ نْ شاؤوُا ما َددْناهُ مْ ُمدّةً‪ ,‬و ُيخْلُوا‬
‫جئْنا ُم ْع َت ِمرِي نَ‪ ,‬وإ نّ ُق َريْشا َقدْ َن َه َكتْهُ مُ ال َ‬
‫ِ‬
‫جمّوا‬
‫ل فَ َقدْ َ‬
‫ل فِي ِه النّا سُ َفعَلُوا‪ ,‬وَإ ّ‬
‫ظ َهرْ فإ نْ شاؤوا أن َي ْدخُلُوا فِي ما َدخَ َ‬
‫ن النّا سِ‪ ,‬فإ نْ أ ْ‬
‫َبيْنِي َوبَي َ‬
‫لقُاتَِل ّنهُم ْـ عَلى أ ْمرِي َهذَا حتـى َتنْ َف ِردَ سـالِ َفتِي‪ ,‬أ ْو َل ُينْ ِفذَن اللّهُـ‬
‫وَإن ْـ هُم ْـ َأ َبوْا فَوَالّذي نَفْسـي ِب َيدِهِـ َ‬
‫أ ْمرَ هُ» فقال بد يل‪ :‬سنبلغهم ما تقول‪ ,‬فانطلق ح تى أ تى قري شا‪ ,‬فقال‪ :‬إ نا جئنا كم من ع ند هذا‬
‫الرجل‪ ,‬وسمعناه يقول قولً فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا قال سفهاؤهم‪ :‬ل حاجة لنا في أن‬
‫تحدّث نا ع نه بش يء‪ ,‬وقال ذوو الرأي منهـم هات مـا سمعته يقول‪ :‬قال سـمعته يقول كذا وكذا‪,‬‬
‫فحدثهم بما قال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقام عُروة بن مسعود الثقفي‪ ,‬فقال‪ :‬أ يْ قوم‪ ,‬ألستم‬
‫بالولد؟ قالوا‪ :‬بلى أو لسـت بالوالد؟ قالوا‪ :‬بلى قال‪ :‬فهـل أنتـم تتهمونـي؟ قالوا‪ :‬ل قال‪ :‬ألسـتم‬
‫تعلمون أ ني ا ستنفرت أ هل عكاظ‪ ,‬فل ما بلحوا عل يّ جئت كم بأهلي وَولدِي و من أطاع ني؟ قالوا‪:‬‬
‫بلى قال‪ :‬فإن هذا الرجل قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها‪ ,‬ودعوني آته فقالوا‪ :‬ائته‪ ,‬فأتاه‪,‬‬
‫فجعل يكلم النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم نحوا من مقالته لبُديل‬
‫فقال عروة عنـد ذلك‪ :‬أي مح مد‪ ,‬أرأيـت إن ا ستأصلت قو مك‪ ,‬ف هل سـمعت بأ حد مـن العرب‬
‫اجتاح أصله قبلك ‪0‬وإن تكن الخرى فوال إني لرى وجوها وأوباشا من الناس خليقا أن يفرّوا‬
‫ص بظر اللت‪ ,‬والل تُ‪ :‬طاغية ثقيف الذي كانوا يعبدون‪ ,‬أنحن‬
‫ويدعوك‪ ,‬فقال أبو بكر‪ :‬ام صَ ْ‬
‫نفرّ وندعه؟ فقال‪ :‬من هذا؟ فقالوا‪ :‬أبو بكر‪ ,‬فقال‪ :‬أما والذي نفسي بيده لول يد كانت لك عندي‬
‫لم أجزك بها لجبتك وجعل يكلم النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فكلما كلمه أخذ بلحيته‪ ,‬والمغيرة‬
‫بن شعبة قائم على رأس النبيّ صلى ال عل يه وسلم ومعه السيف‪ ,‬وعليه المغفر فكلما أهوى‬
‫عروة إلى لح ية ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬ضرب يده بن صل ال سيف‪ ,‬وقال‪ :‬أخّر يدك‬
‫غ َدرُ أو ل ست أ سعى‬
‫عن لحي ته‪ ,‬فر فع رأ سه فقال‪ :‬من هذا؟ قالوا‪ :‬المغيرة بن شع بة‪ ,‬قال‪ :‬أي ُ‬
‫في غدر تك‪ .‬وكان المُغيرة بن شع بة صحب قو ما في الجاهل ية‪ ,‬فقتل هم وأ خذ أموال هم‪ ,‬ثم جاء‬
‫غ ْدرٍ ل‬
‫ل فإنّه مالُ َ‬
‫فأ سلم‪ ,‬فقال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪« :‬أمّا ال سْل ُم فَ َقدْ قَبِلْنا هُ‪ ,‬وأمّا المَا ُ‬
‫حاجَةَ لَ نا فِي هِ»‪ .‬وإن عُروة ج عل ير مق أ صحاب ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم بعي نه‪ ,‬فوال إن‬
‫تنخم النبيّ صلى ال عليه وسلم نخامة إل وقعت في ك فّ رجل منهم‪ ,‬فدلك بها وجهه وجلده‪,‬‬
‫وإذا أمرهـم ابتدروا أمره‪ ,‬وإذا توضـأ كادوا يقتتلون على وَضوئه‪ ,‬وإذا تكلم خفضوا أصـواتهم‬
‫عنده‪ ,‬ومـا يحدّون النظـر إليـه تعظيمـا له‪ ,‬فرجـع عروة إلى أصـحابه‪ ,‬فقال‪ :‬أي قوم‪ ,‬وال لقـد‬
‫ط يعظ مه‬
‫وفدت على الملوك‪ ,‬ووفدت على قي صر وك سرى والنجاش يّ‪ ,‬وال ما رأ يت مَلِ كا ق ّ‬
‫أ صحابه ما يع ظم أ صحاب مح مد محمدا وال إن تن خم نخا مة إل وق عت في ك فّ ر جل من هم‬
‫فدلك ب ها وج هه وجلده‪ ,‬وإذا أمر هم ابتدروا أمره‪ ,‬وإذا تو ضأ كادوا يقتتلون على وَضوئه‪ ,‬وإذا‬
‫تكلموا عنده خفضوا أصواتهم‪ ,‬وما يحدّون النظر إليه تعظيما له‪ ,‬وإنه قد عرض عليكم خطة‬
‫رشد فاقبلوها‪.‬‬
‫فقال ر جل من كنا نة‪ :‬دعو ني آ ته‪ ,‬فقالوا‪ :‬ائ ته فل ما أشرف على ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‬
‫وأصحابه‪ ,‬قال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬هذَا فُل نٌ‪ ,‬وهو من قوم يعظمون البدن‪ ,‬فابعثوها‬
‫له»‪ ,‬فبعثت له‪ ,‬واستقبله قوم يلبون فلما رأى ذلك قال سبحان ال‪ ,‬ما ينبغي لهؤلء أن يصدوا‬
‫عن البيت‪ ,‬فقام رجل منهم يقال له ِمكْرز بن حفص‪ ,‬فقال‪ :‬دعوني آته‪ ,‬فقالوا ائته‪ ,‬فلما أشرف‬
‫على ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه‪ ,‬قال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪َ « :‬هذَا ِم ْكرِز بْ نُ‬
‫جرٌ» فجاء فجعل يكلم النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فبينما هو يكلمه‪ ,‬إذ جاء‬
‫حَفْصٍ‪ ,‬وَ ُهوَ َرجُلٌ فا ِ‬
‫سهَيل‪ ,‬قال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫سهَيل بن عمرو‪ ,‬قال أيوب‪ ,‬قال عكرِمة‪ :‬إنه لما جاء ُ‬
‫ُ‬
‫«قد سهل لكم من أمركم»‪ .‬قال الزهري‪ .‬فجاء سهيل بن عمرو‪ ,‬فقال‪ :‬هات نكتب بيننا وبينك‬
‫ن ال ّرحِيمِ»‪ ,‬فقال‪ :‬ما‬
‫حمَ ِ‬
‫كتابا فدعا الكاتب فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬ا ْكتُبْ‪ِ :‬بسْمِ الّل ِه ال ّر ْ‬
‫الرح من؟ فوال ما أدري ما هو‪ ,‬ول كن اك تب‪ :‬با سمك الل هم ك ما ك نت تك تب‪ ,‬فقال الم سلمون‪:‬‬
‫س ِمكَ‬
‫وال ل نكتب ها إل ب سم ال الرح من الرح يم‪ ,‬فقال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪« :‬ا ْكتُ بْ‪ :‬با ْ‬
‫ل االلّ هِ»‪ ,‬فقال سهيل‪ :‬وال لو كنا نعلم‬
‫حمّدٌ رَ سُو ُ‬
‫الّلهُ مّ» ثم قال‪« :‬ا ْكتُ بْ‪َ :‬هذَا ما قاضَى عََليْ ِه ُم َ‬
‫أنك رسول ال ما صددناك عن البيت‪ ,‬ول قاتلناك‪ ,‬ولكن اكتب‪ :‬محمد بن عبد ال‪ ,‬فقال النبيّ‬
‫ع ْب ِد اللّ هِ»‬
‫ح ّمدُ بْ نُ َ‬
‫ن ا ْكتُ بْ ُم َ‬
‫ن َك ّذ ْبتُمُوني‪ ,‬وَلكِ ِ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪« :‬وَاللّ ِه إنّي َلرَ سُولُ الّل هِ وَإ ْ‬
‫ُمـ‬
‫ط ْي ُته ْ‬
‫عَ‬‫ّهـ إلّ أ ْ‬
‫ُماتـ الل ِ‬
‫حر ِ‬ ‫ُونـ بِهـا ُ‬
‫ظم َ‬ ‫ّهـ ل يَسـأَلُوني خُطّ ًة ُي َع ّ‬
‫قال الزهري‪ :‬وذلك لقوله‪« :‬وَالل ِ‬
‫إيّا ها» فقال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪« :‬عَلى أ نْ ُتخَلّوا َب ْينَ نا َوبَي نَ ال َبيْ تِ‪ ,‬فَ َنطُو فُ بِ هِ» قال‬
‫سُهيل‪ :‬وال ل تتحدّث العرب أُنا ُأخِذنا ضغطة‪ ,‬ولكن لك من العام المقبل‪ ,‬فكتب فقال سهيل‪,‬‬
‫وعلى أنه ل يأتيك منا ر جل وإن كان على دينك إل ردد ته إلينا‪ ,‬فقال المسلمون‪ :‬سبحان ال‪,‬‬
‫جنْدل بن سُهيل بن‬
‫وك يف ُي َردّ إلى المشرك ين و قد جاء م سلما؟ فبين ما هم كذلك‪ ,‬إذا جاء أ بو َ‬
‫عمرو يو سُف في قيوده‪ ,‬قد خرج من أسفل م كة حتى رمى بنفسه ب ين أظهر الم سلمين‪ ,‬فقال‬
‫سهيل‪ :‬هذا يا مح مد أوّل من أقاض يك عل يه أن تردّه إلي نا‪ ,‬فقال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫« َفَأجِرْهُ لي»‪ ,‬فقال‪ :‬ما أنا بمجيره لك‪ ,‬قال‪« :‬بلى فافعل»‪ ,‬قال‪ :‬ما أنا بفاعل قال صاحبه ِمكْرزٍ‬
‫وسهيل إلى جنبه‪ :‬قد أجرناه لك فقال أبو جندل أي معاشر المسلمين‪ ,‬أأُردّ إلى المشرك ين وقد‬
‫عذّب عذابا شديدا في ال‪.‬‬
‫جئتُ مسلما؟ أل ترون ما قد لقيت؟ كان قد ُ‬
‫قال ع مر بن الخطاب‪ :‬وال ما شك كت م نذ أ سلمت إل يومئذٍ‪ ,‬فأت يت ال نبيّ صلى ال عل يه‬
‫و سلم‪ ,‬فقلت‪ :‬أل سنا على الح قّ وعدوّ نا على البا طل؟ قال‪« :‬بلى»‪ ,‬قلت‪ :‬فلِم نعطَى الدن ية في‬
‫ت أَعْصِيهِ وَهُ َو ناصِري»‪ ,‬قلت‪ :‬ألست تحدّثنا أنا سنأتي‬
‫ل اللّ هِ‪ ,‬وَلَ سْ ُ‬
‫ديننا إذن؟ قال‪« :‬إنّي رَ سُو ُ‬
‫ك آتِي هِ‬
‫الب يت‪ ,‬فنطوف به؟ قال‪« :‬بَلى»‪ ,‬قال‪« :‬فأخبر تك أ نك تأت يه العام»؟ قلت‪ :‬ل قال‪« :‬فإنّ َ‬
‫ف به» قال‪ :‬ثم أتيت أبا بكر‪ ,‬فقلت‪ :‬أليس هذا نبيّ ال حقا؟ قال‪ :‬بلى‪ ,‬قلت‪ :‬ألسنا على‬
‫َو ُم َتطَوّ ٌ‬
‫الح قّ وعدوّنا على الباطل؟ قال‪ :‬بلى‪ ,‬قلت‪ :‬فلم نعطَى الدنية في ديننا إذا؟ قال أيها الرجل إنه‬
‫ر سول ال‪ ,‬ول يس يع صِي ر به‪ ,‬فا ستمسك بغرزه ح تى تموت‪ ,‬فوال إ نه لعلى الح قّ قلت‪ :‬أو‬
‫ليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال‪ :‬بلى‪ ,‬أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قال‪ :‬ل‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فإنك آتيه ومتطوّف به‪ .‬قال الزُهري‪ :‬قال عمر‪ :‬فعملت لذلك أعمالً فلما فرغ من قصته‪ ,‬قال‬
‫حرُوا ثُ مّ احْلِقُوا»‪ ,‬قال‪ :‬فوال ما قام منا رجل‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم لصحابه‪« :‬قُومُوا فا ْن َ‬
‫حتى قال ذلك ثلث مرّات فلما لم يقم منهم أحد‪ ,‬قام فدخل على أ مّ سلمة‪ ,‬فذكر لها ما لقي من‬
‫الناس‪ ,‬فقالت أ مّ سلمة‪ :‬يا رسول ال أتح بّ ذلك؟ اخرج‪ ,‬ثم ل تكلم أحدا منهم كلمة حتى تنحرُ‬
‫ُب ْدنَك‪ ,‬وتدعو حالقك فيحلقك‪ ,‬فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة‪ ,‬حتى نحر بدنه‪ ,‬ودعا حالقه‬
‫فحل قه فل ما رأوا ذلك قاموا فنحروا‪ ,‬وجعل بعض هم يحلق بع ضا‪ ,‬ح تى كاد بعض هم يق تل بع ضا‬
‫ن آ َمنُوا إذَا جا َءكُ مُ ال ُم ْؤمِنا تُ‬
‫غما ثم جاءه نسوة مؤمنات‪ ,‬فأنزل ال عزّ وجلّ عليه‪ :‬يا َأيّها اّلذِي َ‬
‫مُهاجِرَاتٍـ حتـى بلغ بعِصـَم الكَوَا ِفرِ قال‪ :‬فطلق عمـر يومئذ امرأتيـن كانتـا له فـي الشرك قال‪:‬‬
‫فنها هم أن يردوه نّ‪ ,‬وأمر هم أن يردّوا ال صداق حينئذٍ قال ر جل للزهر يّ‪ :‬أ من أ جل الفروج؟‬
‫قال‪ :‬ن عم‪ ,‬فتزوّج إحداه ما معاو ية بن أ بي سفيان‪ ,‬والخرى صفوان بن أم ية‪ ,‬ثم ر جع ال نبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم إلى المدينة‪ ,‬فجاءه أبو بصير‪ ,‬رجل من قريش‪ ,‬وهو مسلم‪ ,‬فأرسل في‬
‫طل به رجلن‪ ,‬فقال‪ :‬الع هد الذي جعلت ل نا‪ ,‬فدف عه إلى الرجل ين‪ ,‬فخر جا به‪ ,‬ح تى إذا بل غا ذا‬
‫الحليفة‪ ,‬فنزلوا يأكلون من تمر لهم‪ ,‬فقال أبو بصير لحد الرجلين‪ :‬وال إني لرى سيفك هذا يا‬
‫فلن جيدا‪ ,‬فا ستله الَ خر فقال‪ :‬وال إ نه لج يد‪ ,‬ل قد جر بت به وجر بت فقال أ بو ب صير‪ :‬أر ني‬
‫أنظر إليه فأمكنه منه‪ ,‬فضربه به حتى برد وفرّ الَخر حتى أتى المدينة‪ ,‬فدخل المسجد يعدو‪,‬‬
‫فقال النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم‪« :‬رأى َهذَا ذُعْرا»‪ ,‬فقال‪ :‬وال قتـل صـاحبي‪ ,‬وإنـي وال‬
‫لمقتول‪ ,‬فجاء أبو بصير فقال‪ :‬قد وال أوفى ال ذمتك ورددتني إليهم‪ ,‬ثم أغاثني ال منهم‪ ,‬فقال‬
‫حدٌ» فلما سمع عرف أنه سيردّه‬
‫ن لَ ُه أ َ‬
‫سعَ ُر حَرْب لَ ْو كا َ‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬ويْلُ امّ ِه مِ ْ‬
‫إلي هم قال‪ :‬فخرج ح تى أ تى سيف الب حر‪ ,‬وتفلّت أ بو جندل بن سهيل بن عمرو‪ ,‬فل حق بأ بي‬
‫ب صير‪ ,‬فج عل ل يخرج من قر يش ر جل قد أ سلم إل ل حق بأ بي ب صير‪ ,‬ح تى اجتم عت من هم‬
‫ع صابة‪ ,‬فوال ما ي سمعون بع ير خر جت لقر يش إلى الشأم إل اعترضوا ل هم فقتلو هم‪ ,‬وأخذوا‬
‫أموالهم‪ ,‬فأرسلت قريش إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم يناشدونه ال والرحم لما أرسل إليهم‪,‬‬
‫ع ْنهُ مْ حتى بلغ حميَةَ الجَاهِليّةِ‬
‫ع ْنكُ مْ وأ ْي ِد َيكُ مْ َ‬
‫ف أ ْيدِ َيهُ مْ َ‬
‫فمن أتاه فهو آمن فأنزل ال وَهُ َو اّلذِي كَ ّ‬
‫وكانت حميتهم أنهم لم يقرّوا أنه نبيّ‪ ,‬ولم يقرّوا ببسم ال الرحمن الرحيم‪ ,‬وحالوا بينهم وبين‬
‫البيت‪.‬‬
‫‪ 24425‬ـ حدث ني يعقوب بن إبراه يم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن سعيد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد ال بن‬
‫المبارك‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا مع مر‪ ,‬عن الزهر يّ‪ ,‬عن عروة‪ ,‬عن الم سور بن مخر مة‪ ,‬ومروان بن‬
‫الحكم‪ ,‬قال‪ :‬خرج رسول ال صلى ال عليه وسلم زمن الحُديبية في بضع عشرة مئة‪ ,‬ثم ذكر‬
‫نحوه‪ ,‬إل أ نه قال في حدي ثه‪ ,‬قال الزهر يّ‪ ,‬فحدث ني القا سم بن مح مد‪ ,‬أن ع مر بن الخطاب‬
‫رضي ال عنه قال‪ :‬فأتيت النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقلت‪ :‬ألست برسول ال صلى ال عليه‬
‫ل ال صلى‬
‫وسلم؟ قال‪« :‬بَلى»‪ ,‬قال أيضا‪ :‬وخرج أبو بصير والذين أسلموا من الذين َردّ رسو ُ‬
‫ال عليـه وسـلم حتـى لحقوا بالسـاحل على طريـق عيـر قريـش‪ ,‬فقتلوا مـن فيهـا مـن الكفار‬
‫وتغنّمو ها فل ما رأى ذلك كفار قر يش‪ ,‬رك بٍ ن فر من هم إلى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪,‬‬
‫ن نقتل وتُنهب أموالُنا‪ ,‬وإنا نسألك أن تدخل هؤلء في‬
‫فقالوا له‪ :‬إنها ل تغني مدتك شيئا‪ ,‬ونح ُ‬
‫الذين أسلموا منا في صلحك وتمنعهم‪ ,‬وتحجز عنا قتالهم‪ ,‬ففعل ذلك رسول ال صلى ال عليه‬
‫ع ْنهُ مْ‪ ,‬ثم ساق الحد يث إلى آخره‪ ,‬نحو‬
‫ع ْنكُ مْ وأ ْي ِد َيكُ مْ َ‬
‫وسلم‪ ,‬فأنزل ال‪ :‬وَ ُهوَ اّلذِي كَ فّ أ ْي ِد َيهُ مْ َ‬
‫حديث ابن عبد العلى‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهريّ‪,‬‬
‫عن عروة بن الزب ير‪ ,‬عن الم سور بن مخر مة‪ ,‬ومروان بن الح كم أنه ما حدّثاه‪ ,‬قال‪ :‬خرج‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم عام الحُديبية‪ ,‬يريد زيارة البيت‪ ,‬ل يريد قتالً‪ ,‬وساق معه هديه‬
‫سبعين بد نة‪ ,‬ح تى إذا كان بع سفان لق يه ب شر بن سفيان الك عبيّ‪ ,‬فقال له‪ :‬يا ر سول ال هذه‬
‫قر يش قد سمعت بم سيرك‪ ,‬فخرجوا مع هم العوذُ المطافيلُ قد لب سوا جلود النمور‪ ,‬ونزلوا بذي‬
‫طوى يعاهدون ال‪ ,‬ل تدخلها عليهم أبدا‪ ,‬وهذا خالد بن الوليد في خيلهم‪ ,‬قد قدموها إلى كراع‬
‫حرْبُ‪ ,‬ماذَا عََليْهمْ َل ْو خَلّوا‬
‫الغميم قال‪ :‬فقال صلى ال عليه وسلم‪« :‬يا َويْحَ ُق َريْشٍ لَ َق ْد أهَْل َك ْتهُمُ ال َ‬
‫ظهَ َرنِي الّلهُ عََل ْيهِم َدخَلُوا‬
‫نأ ْ‬
‫ن ذلكَ اّلذِي أرَادُوا‪ ,‬وَإ ْ‬
‫ن هُمْ أصابُونِي كا َ‬
‫ن سا ِئرِ ال َعرَب فإ ْ‬
‫َب ْينِي َو َب َي َ‬
‫خرِي نَ» ثم ذكر نحو حديث معمر بزيادات فيه كثيرة‪ ,‬على حديث معمر تركت‬
‫في ال سْلمِ دَا ِ‬
‫ذكرها‪.‬‬
‫‪24426‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪« :‬وال َهدْيَ َم ْعكُوفا‬
‫أن ْـ َيبْلُغَـ محِلّهـُ» قال‪ :‬كان الهدي بذي طوى‪ ,‬والحُديبيـة خارجـة مـن الحرم‪ ,‬نزلهـا رسـول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم حين غَوّرت قريش عليه الماء‪.‬‬
‫طئُوهُ مْ َفتُ صِي َبكُم ِم ْنهُ مْ َم َعرّةٌ‬
‫وقوله‪ :‬وََلوْل رِجالٌ مُ ْؤ ِمنُو نَ َونِ ساءٌ ُم ْؤمِنا تَ لَ مْ َتعَْلمُوهُ مْ أ نْ َت ُ‬
‫بغَيرِ عِلْ ٍم يقول تعالى ذكره‪ :‬ولول رجال من أ هل اليمان ون ساء من هم أي ها المؤمنون بال أن‬
‫تطئوهم بخيلكم ورجلكم لم تعلموهم بمكة‪ ,‬وقد حبسهم المشركون بها عنكم‪ ,‬فل يستطيعون من‬
‫أجل ذلك الخروج إليكم فتقتلوهم‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪24427‬ــ حدثنـا بشـر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا يزيـد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سـعيد‪ ,‬عـن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَلَوْل رِجالٌ‬
‫ْمـ هذا حيـن ردّ محمـد صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫ُونـ َونِسـاءٌ مُؤمِناتـٌ‪ ...‬حتـى بلغ ِبغَيرِ عِل ٍ‬
‫مُ ْؤ ِمن َ‬
‫وأصـحابه أن يدخلوا مكـة‪ ,‬فكان بهـا رجال مؤمنون ونسـاء مؤمنات‪ ,‬فكره ال أن يؤذوا أو‬
‫يوطئوا بغير علم‪ ,‬فتصيبكم منهم معرّة بغير علم‪.‬‬
‫واختلف أ هل التأو يل في المعرة ال تي عنا ها ال في هذا المو ضع‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬ع نى ب ها‬
‫الثم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24428‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وََلوْل رِجالٌ‬
‫طئُوهُ مْ َفتُ صِي َبكُ ْم ِم ْنهُ مْ َم َعرّةٌ بغَيرِ عِلْ مٍ قال‪ :‬إثم بغير‬
‫ن َت َ‬
‫مُ ْؤ ِمنُو نَ َونِساءٌ مُ ْؤمِنا تٌ لَ ْم َتعَْلمُوهُ مْ أ ْ‬
‫علم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عنى بها غرم الدية‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24429‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق َفتُ صِي َب ُكمْ ِم ْنهُ مْ َم َعرّ ٌة بغَيرِ عِلْ مٍ‬
‫فتخرجوا ديته‪ ,‬فأما إثم فلم يحسبه عليهم‪ .‬والمعرّة‪ :‬هي المفعلة من العرّ‪ ,‬وهو الجرب‪ .‬وإنما‬
‫المعنى‪ :‬فتصيبكم من قبلهم معرّة تعرّون بها‪ ,‬يلزمكم من أجلها كفّارة قتل الخطأ‪ ,‬وذلك عتق‬
‫رقبة مؤمنة‪ ,‬من أطاق ذلك‪ ,‬ومن لم يطق فصيام شهرين‪.‬‬
‫وإنمـا اخترت هذا القول دون القول الذي قاله ابـن إسـحاق‪ ,‬لن ال إنمـا أوجـب على قاتـل‬
‫المؤ من في دار الحرب إذا لم ي كن ها جر من ها‪ ,‬ولم ي كن قاتله علم إيما نه الكفارة دون الد ية‪,‬‬
‫ع ُدوَ َلكُ مْ و ُهوَ ُم ْؤمِ نٌ‪َ ,‬ف َتحْرِيرُ ر َقبَ ٍة مُ ْؤ ِمنَةٍ» لم يو جب على قاتله خ طأ‬
‫ن قَوْم َ‬
‫فقال‪ :‬وإ نْ كا نَ ِم ْ‬
‫طئُوهُ مْ في موضع‬
‫ديته‪ ,‬فلذلك قلنا‪ :‬عنى بالمعرّة في هذا الموضع الكفارة‪ ,‬وأن من قوله‪ :‬أ نْ َت َ‬
‫رفـع ردّا على الرجال‪ ,‬لن معنـى الكلم‪ :‬ولول أن تطئوا رجالً مؤمنيـن ونسـاء مؤمنات لم‬
‫تعلموهم‪ ,‬فتصيبكم منهم معرّة بغير علم لذن ال لكم أيها المؤمنون في دخول مكة‪ ,‬ولكنه حال‬
‫ن يَشاءُ يقول‪ :‬ليد خل في ال سلم من أ هل م كة من‬
‫ح َمتِ هِ مَ ْ‬
‫بين كم وب ين ذلك ِل ُي ْدخِلَ اللّ هُ في رَ ْ‬
‫يشاء قبل أن تدخلوها‪ ,‬وحذف جواب لول استغناء بدللة الكلم عليه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬لَ ْو َت َزيّلوا يقول‪ :‬لو تميـز الذيـن فـي مشركـي مكـة مـن الرجال المؤمنيـن والنسـاء‬
‫ن كَ َفرُوا ِم ْنهُم‬
‫المؤمنات الذين لم تعلموهم منهم‪ ,‬ففارقوهم وخرجوا من بين أظهرهم َل َع ّذبْنا اّلذِي َ‬
‫عذَابا ألِيما يقول‪ :‬لقتلنا من بقي فيها بالسيف‪ ,‬أو لهلكناهم ببعض ما يؤلمهم من عذابنا العاجل‪.‬‬
‫َ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24430‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬لَ ْو َت َزيّلُوا‪ ...‬الية‪,‬‬
‫إن ال يدفع بالمؤمنين عن الكفار‪.‬‬
‫‪ 24431‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ـ يعنـي أهـل مكـة كان فيهـم مؤمنون‬
‫ـ َك َفرُوا ِم ْنهُم ْ‬
‫يقول فـي قوله لَ ْو َت َزيّلُوا َل َع ّذبْنـا اّلذِين َ‬
‫م ستضعفون‪ :‬يقول ال لول أولئك الم ستضعفون لو قد تزيّلوا‪ ,‬لعذّب نا الذ ين كفروا من هم عذا با‬
‫أليما‪.‬‬
‫‪ 24432‬ـ حدث نا يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬لَ ْو َت َزيّلُوا لو‬
‫تفرّقوا‪ ,‬فتفرّق المؤمن من الكافر‪ ,‬لعذّبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ح ِميّ َة ا ْلجَاهِِليّةِ‬
‫ح ِميّةَ َ‬
‫ِمـ ا ْل َ‬
‫ِينـ كَ َفرُواْ ف ِي قُلُو ِبه ُ‬
‫ل اّلذ َ‬
‫جعَ َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪ِ{ :‬إذْ َ‬
‫سكِي َنتَهُ عََلىَ رَ سُولِهِ َوعَلَى ا ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ وَأَ ْل َز َمهُ مْ كَِلمَ َة التّقْ َوىَ َوكَانُوَاْ َأحَ قّ بِهَا وَأَهْلَهَا‬
‫َفأَنزَلَ الّل هُ َ‬
‫شيْءٍ عَلِيما }‪.‬‬
‫ن اللّ ُه ِبكُلّ َ‬
‫َوكَا َ‬
‫ح ِميّ َة الجاهِِليّ ِة ح ين ج عل‬
‫ح ِميّةَ َ‬
‫جعَلَ اّلذِي نَ َك َفرُوا فِي قُلُوبِهِم ا ْل َ‬
‫يع ني تعالى ذكره بقوله‪ :‬إذْ َ‬
‫سـُهيل بـن عمرو فـي قلبـه الحميـة‪ ,‬فامتنـع أن يكتـب فـي كتاب المقاضاة الذي كتـب بيـن يدي‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم والمشرك ين‪ :‬ب سم ال الرح من الرح يم‪ ,‬وأن يك تب ف يه‪ :‬مح مد‬
‫ر سول ال‪ ,‬وامت نع هو وقو مه من دخول ر سول ال صلى ال عل يه و سلم عا مه ذلك‪ .‬وبن حو‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24433‬ـ حدثنا ا بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن الزهر يّ‪ ,‬قال‪:‬‬
‫كا نت حميت هم ال تي ذ كر ال‪ ,‬إذ ج عل الذ ين كفروا في قلوب هم الحم ية‪ ,‬حم ية الجاهل ية‪ ,‬أن هم لم‬
‫يقرّوا «بسم ال الرحمن الرحيم» وحالوا بينهم وبين البيت‪.‬‬
‫حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن سعيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن المبارك‪ ,‬عن‬
‫معمر‪ ,‬عن الزهري بنحوه‪.‬‬
‫‪ 24434‬ـ حدث ني عمرو بن مح مد العثما ني‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا إ سماعيل بن أ بي أو يس‪ ,‬قال‪ :‬ث ني‬
‫أخي‪ ,‬عن سليمان‪ ,‬عن يحيى بن سعيد‪ ,‬عن ابن شهاب‪ ,‬عن سعيد بن المسيب‪ ,‬أن أبا هريرة‬
‫س حتى َيقُولُوا ل إلَ َه إلّ‬
‫أخبره أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬أ ِمرْ تُ أ نْ أُقاتِلَ النّا َ‬
‫اللّ هُ‪َ ,‬فمَ نْ قال ل إلَه إلّ الّل ُه فَ َقدْ عَ صَمَ ِمنّي مالَ ُه َونَفْ سَ ُه إلّ ِبحَ ّق هِ َوحِسابُ ُه على ال»‪ .‬وأنزل ال‬
‫ستَ ْك ِبرُون وقال ال‪:‬‬
‫ل اللّ ُه يَ ْ‬
‫ل َلهُ مْ ل إَل هَ إ ّ‬
‫في كتابه‪ ,‬فذكر قوما استكبروا فقال‪ :‬إ ّنهُ مْ كانُوا إذَا قِي َ‬
‫سكِي َنتَهُ عَلى ر سَوُلِهِ َوعَلى‬
‫ل اللّ هُ َ‬
‫ح ِميّ َة الجاهِلِيّة فأنْزَ َ‬
‫ح ِميّةَ َ‬
‫جعَلَ اّلذِي نَ َك َفرُوا فِي قُلُو ِبهِ مُ ا ْل َ‬
‫إذْ َ‬
‫المُ ْؤمِني نَ وأ ْل َز َمهُ ْم كَِلمَةَ التّ ْقوَى وكانُوا أحَ قّ بِ ها وأهْلَ ها و هي ل إله إل ال مح مد ر سول ال‪,‬‬
‫استكبر عنها المشركون يوم الحُديبية‪ ,‬يوم كاتبهم رسول ال صلى ال عليه وسلم على قضية‬
‫المدّة‪.‬‬
‫جعَلَ اّلذِي نَ َك َفرُوا من صلة قوله‪ :‬لعذّب نا‪ .‬وتأو يل الكلم‪ :‬لعذّب نا الذ ين‬
‫و «إذ» من قوله‪ :‬إذْ َ‬
‫كفروا من هم عذا با ألي ما‪ ,‬ح ين ج عل الذ ين كفروا في قلوب هم الحم ية‪ ,‬والحم ية فعيلة من قول‬
‫القائل‪ :‬حمى فلن أنفه حمية ومحمية ومنه قول المتلمس‪:‬‬
‫ن ُي َكشّما‬
‫ع ْرضُ ُه ْمكَذا الرأس َيحْمي أنْفَهُ أ ْ‬
‫ع ْرضِي ِ‬
‫أل إ ّننِي ِم ْنهُمْ وَ ِ‬
‫ح ِميّةَ الجاهِِليّ ِة لن الذي فعلوا من ذلك كان جمي عه من‬
‫يع ني بقوله‪« :‬يح مي»‪ :‬يم نع‪ .‬وقال َ‬
‫أخلق أهل الكفر‪ ,‬ولم يكن شيء منه مما أذن ال لهم به‪ ,‬ول أحد من رسله‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬فأَ ْنزَلَ اللّهُـ س َـكِي َنتَهُ عَلى رَسـُولِهِ وَعلى المُ ْؤ ِمنِين َـ يقول تعالى ذكره فأنزل ال الصـبر‬
‫والطمأنينة والوقار على رسوله وعلى المؤمنين‪ ,‬إذ حمى الذين كفروا حمية الجاهلية‪ ,‬ومنعوهم‬
‫من الطواف بالب يت‪ ,‬وأبوا أن يكتبوا في الكتاب بي نه وبين هم ب سم ال الرح من الرح يم‪ ,‬ومح مد‬
‫رسـول ال وأ ْل َز َمهُم ْـ كَِل َمةَ التّ ْقوَى يقال‪ :‬ألزمهـم قول ل إله إل ال التـي يتقون بهـا النار‪ ,‬وأليـم‬
‫العذاب‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل على اختلف في ذلك منهم‪ ,‬ورُوي به الخبر‬
‫عن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ .‬ذ كر قائلي ذلك ب ما قل نا ف يه‪ ,‬وال خبر الذي ذكرناه عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫‪ 24435‬ـ حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان بن حبيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن‬
‫ثور بن أبي فاختة‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن الطفيل‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬سمع رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫ل اللّهُ»‪.‬‬
‫وأ ْل َز َم ُهمْ كَلمَةَ الّتقْوَى قال‪« :‬ل إَلهَ إ ّ‬
‫‪24436‬ـ حدثني محمد بن خالد بن خداش ال َع َتكِيّ‪ ,‬قال‪ :‬سمعت سالما‪ ,‬سمع شعبة‪ ,‬سمعَ سَلَمة‬
‫بن ُكهَيل‪ ,‬سمعِ عبَايَة‪ ,‬سمع عليا رضي ال عنه في قوله‪ :‬وأ ْل َز َمهُمْ كَِلمَةَ الّتقْوَى قال‪ :‬ل إله إل‬
‫ال‪.‬‬
‫حدثني ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى وعبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن سلمة‪ ,‬عن عباية‬
‫بن رب عي‪ ,‬عن عل يّ ر ضي ال ع نه‪ ,‬في قوله‪ :‬وأ ْل َز َمهُ مْ كَِلمَ َة التّ ْقوَى قال‪ :‬ل إله إلّ ال‪ ,‬وال‬
‫أكبر‪.‬‬
‫حدثني محمد بن عيسى الدامغاني‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن المبارك‪ ,‬عن سفيان وشعبة‪ ,‬عن سلمة بن‬
‫ل ال‪ ,‬وال أكبر‪.‬‬
‫كهيل‪ ,‬عن رجل‪ ,‬عن عليّ رضي ال عنه قال‪ :‬ل إله إ ّ‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وهب بن جرير‪ ,‬عن شعبة‪ ,‬عن سلمة‪ ,‬عن عبايه‪ ,‬عن رجل‬
‫من بني تميم عن عليّ رضي ال عنه وأ ْل َز َمهُمْ كَِلمَ َة التّ ْقوَى قال‪ :‬ل إله إلّ ال‪.‬‬
‫‪ 24437‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫قوله‪ :‬وأ ْل َزمَهُ مْ كَِلمَ َة التّقْوَى يقول‪ :‬شهادة أن ل إله إلّ ال‪ ,‬فهي كلمة التقوى‪ ,‬يقول‪ :‬فهي رأس‬
‫التقوى‪.‬‬
‫‪ 24438‬ـ حدثنا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مح مد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫إسحاق يحدّث عن عمرو بن ميمون أنه كان يقول في هذه الية وأ ْل َز َمهُم كَِلمَ َة التّ ْقوَى قال‪ :‬ل‬
‫إله إلّ ال‪.‬‬
‫حدثني محمد بن عيسى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ا بن المبارك‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني سفيان‪ ,‬عن أبي إسحاق‪,‬‬
‫عن عمرو بن ميمون‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن عمرو‬
‫بن ميمون وأَ ْل َز َمهَ ْم كَِلمَةَ التّ ْقوَى قال‪ :‬ل إله إلّ ال‪.‬‬
‫ل ال‪.‬‬
‫‪24439‬ـ قال‪ :‬ثنا سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد وأ ْل َز َمهُمْ كَِل َمةَ التّ ْقوَى وقال‪ :‬ل إله إ ّ‬
‫‪ 24440‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة وأ ْل َز َمهُ مْ كَِل َمةَ التّ ْقوَى‬
‫وهي‪ :‬شهادة أن ل إله إل ال‪.‬‬
‫‪ 24441‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وأ ْل َز َمهُ مْ كَِلمَةَ‬
‫التّقْوَى قال‪ :‬هي ل إله إلّ ال‪.‬‬
‫‪ 24442‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ل ال‪.‬‬
‫يقول في قوله وأ ْل َز َم ُهمْ كَِلمَ َة التّقْوَى هي ل إله إ ّ‬
‫‪24443‬ـ حدثني سعد بن عبد ال بن عبد الحكم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حفص بن عمر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحكم‬
‫ل ال‪.‬‬
‫بن أبان‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬في قوله‪ :‬وأ ْل َز َمهُ ْم كَِلمَةَ التّ ْقوَى قال‪ :‬شهادة أن ل إله إ ّ‬
‫‪ 24444‬ـ حدثني ابن البرق يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو بن أبي سلمة‪ ,‬عن سعيد بن عبد العزيز‪ ,‬عن‬
‫عطاء الخراسانيّ وأ ْل َز َمهُمْ كَِل َمةَ التّ ْقوَى قال‪ :‬ل إله إلّ ال محمد رسول ال‪.‬‬
‫‪24445‬ـ حدثني الصواريّ محمد بن إسماعيل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن سوار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‬
‫بن عيينة‪ ,‬عن يزيد بن أبي خالد المكي‪ ,‬عن عل يّ الزد يّ‪ ,‬قال‪ :‬كنت مع ابن عمر بين مكة‬
‫ل ال‪ ,‬وال أكبر‪ ,‬فقال‪ :‬هي هي‪ ,‬فقلت‪ :‬ما هي؟‬
‫ومنى بالمأزمين‪ ,‬فسمع الناس يقولون‪ :‬ل إله إ ّ‬
‫حقّ بِها وَأَهَْلهَا‪.‬‬
‫قال‪ :‬وأ ْلزَ َم ُهمْ كَِلمَ َة التّقْوَى الخلص وكَانُوا َأ َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل‪ :‬هي كلمة التقوى‪ ,‬الخلص‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جرَيج‪ ,‬عن‬
‫‪ 24446‬ـ حدثني عل يّ بن الحسين الزد يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن يمان‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫مجاهد وأ ْل َز َمهُ ْم كَِلمَةً التّ ْقوَى قال‪ :‬الخلص‪.‬‬
‫حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى‪ ,‬وحدثني الحارث‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد كَِلمَ َة التّقْوَى كل مة‬
‫الخلص‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هي قوله‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24447‬ـ حدث ني مح مد بن عي سى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن المبارك‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن الزهر يّ‪ ,‬في‬
‫قوله‪ :‬وأ ْل َزمَ ُهمْ كَِلمَ َة التّقْوَى قال‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هـي قول ل إله إلّ ال وحده ل شريـك له‪ ,‬له الملك وله الحمـد‪ ,‬وهـو على كـل‬
‫شيء قدير‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24448‬ـ حدثنا أبو ُكرّيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن جُرَيج‪ ,‬عن مجاهد وعطاء‬
‫وأ ْل َز َمهُ مْ كَِلمَةَ الّتقْوَى قال‪ :‬أحدهما الخلص‪ ,‬وقال الَخر‪ :‬كلمة التقوى‪ :‬ل إله إلّ ال وحده ل‬
‫ل شيء قدير‪.‬‬
‫شريك له له المُلك وله الحمد‪ ,‬وهو على ك ّ‬
‫وقوله‪ :‬وكانُوا أحَقّـ بِهـا وأهْلَهـا يقول تعالى ذكره‪ :‬وكان رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪:‬‬
‫والمؤمنون أح قّ بكل مة التقوى من المشرك ين وأهل ها‪ :‬يقول‪ :‬وكان ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم والمؤمنون أهل كلمة التقوى دون المشركين‪ .‬وذُكر أنها في قراءة عبد ال «وكانُوا أهْلَها‬
‫حقّ بِها»‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وأ َ‬
‫‪ 24449‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة وكانُوا َأحَ قّ ب ها وأهْلَ ها‬
‫ل ال‪ ,‬وأن محمدا عبده‬
‫وكان المسلمون أحقّ بها‪ ,‬وكانوا أهلها‪ :‬أي التوحيد‪ ,‬وشهادة أن ل إله إ ّ‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫شيْءٍ عَلِيما يقول تعالى ذكره‪ :‬ولم يزل ال بكل شيء ذا علم‪ ,‬ل يخفى‬
‫وقوله‪ :‬وكانَ الّل ُه بكُلّ َ‬
‫عليه شيء هو كائن‪ ,‬ولعلمه أيها الناس بما يحدث من دخولكم مكة وبها رجال مؤمنون‪ ,‬ونساء‬
‫مؤمنات لم تعلموهم‪ ,‬لم يأذن لكم بدخولكم مكة في سفرتكم هذه‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حرَا مَ‬
‫جدَ ا ْل َ‬
‫سِ‬‫ق َل َتدْخُلُ نّ ا ْلمَ ْ‬
‫ص َدقَ اللّ هُ رَ سُوَل ُه الرّ ْؤيَا بِا ْلحَ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬لّ َق ْد َ‬
‫جعَلَ مِن دُو نِ‬
‫ن َفعَلِ مَ مَا لَ ْم َتعَْلمُواْ َف َ‬
‫ن لَ َتخَافُو َ‬
‫س ُكمْ َومُقَ صّرِي َ‬
‫ن رُءُو َ‬
‫ن ُمحَلّقِي َ‬
‫إِن شَآءَ الّل ُه آ ِمنِي َ‬
‫ذَِلكَ َفتْحا َقرِيبا }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬لقد صدق ال رسوله محمدا رؤياه التي أراها إياه أنه يدخل هو وأصحابه‬
‫بيت ال الحرام آمنين‪ ,‬ل يخافون أهل الشرك‪ ,‬مق صّرا بعضهم رأسه‪ ,‬ومحلّقا بعضهم‪ .‬وبنحو‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24450‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن قال‬
‫ن شاءَ الّل ِه آ ِمنِي َ‬
‫حرَا مَ إ ْ‬
‫جدَ ا ْل َ‬
‫صدَقَ الّل ُه رَ سُوَلهُ الرّؤْيا بالحَ قّ َل َت ْدخُلُ نّ المَ سْ ِ‬
‫ابن عباس لَ َقدْ َ‬
‫هو دخول محمد صلى ال عليه وسلم البيت والمؤمنون‪ ,‬محلقين رؤوسهم ومقصرين‪.‬‬
‫‪24451‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬الرّؤْيا‬
‫ي بالحدُيبية أنه يدخل مكة وأصحابه محلقين‪ ,‬فقال أصحابه حين نحر بالحُديبية‪:‬‬
‫بالحَقّ قال‪ُ :‬أرِ َ‬
‫أين رؤيا محمد صلى ال عليه وسلم؟‬
‫صدَقَ الّل ُه رَ سُوَلهُ‬
‫‪ 24452‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة لَ َق ْد َ‬
‫الرّؤْيا بالحَ قّ قال‪ :‬رأى رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه يطوف بالبيت وأصحابه‪ ,‬فصدّق‬
‫سجِ َد الحَرَام إنْ شا َء اللّ ُه آ ِمنِينَ‪ ...‬حتى بلغ ل تَخافُونَ‪.‬‬
‫ن ال َم ّ‬
‫ال رؤياه‪ ,‬فقال‪َ :‬ل َت ْدخُلُ ّ‬
‫‪ 24453‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬لَ َقدْ‬
‫ق قال‪ُ :‬أرِ يَ في المنام أنهم يدخلون المسجد الحرام‪ ,‬وأنهم آمنون‬
‫ص َدقَ اللّ هُ رَ سُوَل ُه الرّؤْيا بالحَ ّ‬
‫َ‬
‫محلّقين رؤوسهم ومقصّرين‪.‬‬
‫صدَقَ الّل هُ‬
‫‪ 24454‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬لَ َقدْ َ‬
‫رَسُوَل ُه الرّؤْيا بالحَقّ‪ ..‬إلى آخر الية‪ .‬قال‪ :‬قال لهم النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬إنّي قَدْ رأيْتُ‬
‫صرِينَ» فلما نزل بالحُديبية ولم يدخل ذلك‬
‫س ُكمْ َومُقَ ّ‬
‫حرَام ُمحَلّقِي نَ رُؤُو َ‬
‫سجِدَ ال َ‬
‫ستَ ْدخُلُونَ المَ ْ‬
‫أ ّنكُ مْ َ‬
‫العام طعن المنافقون في ذلك‪ ,‬فقالوا‪ :‬أ ين رؤياه؟ فقال ال لَ َقدْ صَ َدقَ الّل ُه رَ سُولَ ُه الرّؤْيا بالحَ قّ‬
‫ن ذلك‪.‬‬
‫فقرأ حتى بلغ َو ُم َقصّرِينَ ل تَخافُونَ إني لم أره يدخلها هذا العام‪ ,‬وليكون ّ‬
‫ص َدقَ اللّ هُ رَ سُوَل ُه الرّؤْ يا‬
‫‪ 24455‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سلمة‪ ,‬عن ا بن إ سحاق لَ َق ْد َ‬
‫ن شاءَ الّل ُه آ ِمنِي نَ لرؤ يا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ال تي ُأ ِريَ ها أ نه‬
‫بالحَ قّ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬إ ْ‬
‫سيدخل مكة آمنا ل يخاف‪ ,‬يقول‪ :‬محلقين ومقصرين ل تخافون‪.‬‬
‫َمـ َتعَْلمُوا يقول تعالى ذكره‪ :‬فعلم ال جلّ ثناؤه مـا لم تعلموا‪ ,‬وذلك علمـه‬
‫ِمـ مـا ل ْ‬
‫وقوله‪َ :‬فعَل َ‬
‫تعالى ذكره بما بمكة من الرجال والنساء المؤمنين‪ ,‬الذين لم يعلمهم المؤمنون‪ ,‬ولو دخلوها في‬
‫ذلك العام لوطئو هم بالخ يل والرّ جل‪ ,‬فأ صابتهم من هم معرّة بغ ير علم‪ ,‬فردّ هم ال عن م كة من‬
‫أجل ذلك وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24456‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬فعَلِمَ ما لَمْ َتعْلمُوا‬
‫قال‪ :‬ردّه لمكان من ب ين أظهر هم من المؤمن ين والمؤمنات‪ ,‬وأخره ليد خل ال في رحم ته من‬
‫يشاء من يريد أن يهديه‪.‬‬
‫ن دُون ذل كَ َفتْحا َقرِيبا اختلف أهل التأويل في الفتح القريب‪ ,‬الذي جعله ال‬
‫ل مِ ْ‬
‫وقوله‪ :‬فجَعَ َ‬
‫للمؤمن ين دون دخولهم المسجد الحرام محلّقين رؤوسهم ومق صّرين‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬هو ال صلح‬
‫الذي جرى بين رسول ال صلى ال عليه وسلم وبين مشركي قريش‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24457‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ن دُو نِ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬مِ ْ‬
‫ذلكَ َفتْحا َقرِيبا قال‪ :‬النحر بالحُديبية‪ ,‬ورجعوا فافتتحوا خَيبر‪ ,‬ثم اعتمر بعد ذلك‪ ,‬فكان تصديق‬
‫رؤياه في السنة القابلة‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن الزهر يّ‪ ,‬قوله‪ :‬فجعَلَ مِ نْ‬
‫‪ 24458‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن ذل كَ َفتْحا قَرِيبا يعني‪ :‬صلح الحُديبية‪ ,‬وما فتح في السلم فتح كان أعظم منه‪ ,‬إنما كان‬
‫دُو ِ‬
‫القتال ح يث الت قى الناس فل ما كا نت الهد نة وض عت الحرب‪ ,‬وأ من الناس كل هم بعض هم بع ضا‪,‬‬
‫فالتقوا فتفاوضوا في الحد يث والمناز عة‪ ,‬فلم يكلم أ حد بال سلم يع قل شيئا إل د خل ف يه‪ ,‬فل قد‬
‫دخل في تينك السنتين في السلم مثل من كان في السلم قبل ذلك وأكثر‪.‬‬
‫ن ذل كَ َفتْحا قَرِيبا‬
‫ن دُو ِ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق فجعَلَ مِ ْ‬
‫‪ 24459‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫قال‪ :‬صلح الحُديبية‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عنى بالفتح القريب في هذا الموضع‪ :‬فتح خيبر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جعَلَ مِ نْ دُو نِ‬
‫‪ 24460‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬ف َ‬
‫ذلك َـ َفتْحـا َقرِيبـا قال‪ :‬خيـبر حيـن رجعوا مـن الحُديبيـة‪ ,‬فتحهـا ال عليهـم‪ ,‬فقسـمها على أهـل‬
‫الحديبية كلهم إل رجلً واحدا من النصار‪ ,‬يقال له‪ :‬أبو دجانة سماك بن خرشة‪ ,‬كان قد شهد‬
‫الحُديبية وغاب عن خَيبر‪.‬‬
‫وأولى القوال في ذلك بال صواب أن يقال‪ :‬إن ال أ خبر أ نه ج عل لر سوله والذ ين كانوا م عه‬
‫مـن أهـل بيعـة الرضوان فتحـا قريبـا مـن دون دخولهـم المسـجد الحرام‪ ,‬ودون تصـديقه رؤيـا‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم وكان صلح الحُديب ية وف تح خ يبر دون ذلك‪ ,‬ولم يخ صص ال‬
‫تعالى ذكره خبره ذلك عن ف تح من ذلك دون ف تح‪ ,‬بل ع مّ ذلك‪ ,‬وذلك كله ف تح جعله ال من‬
‫دون ذلك‪.‬‬
‫والصواب أن يعم كما عمه‪ ,‬فيقال‪ :‬جعل ال من دون تصديقه رؤيا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسـلم بدخوله وأصـحابه المسـجد الحرام محلّقيـن رؤوسـهم ومقصـّرين‪ ,‬ل يخافون المشركيـن‬
‫صلح الحُديبية وفتح خيبر‪.‬‬

‫‪29-28‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ظ ِهرَ هُ عَلَى‬
‫ق ِليُ ْ‬
‫ن ا ْلحَ ّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ اّلذِ يَ َأرْ سَلَ رَ سُولَ ُه بِا ْل ُهدَىَ َودِي ِ‬
‫حمَآءُ َب ْي َنهُ مْ‬
‫شدّآءُ عَلَى ا ْلكُفّارِ ُر َ‬
‫ح ّمدٌ رّ سُولُ الّل هِ وَاّلذِي نَ َم َع هُ َأ ِ‬
‫شهِيدا * ّم َ‬
‫الدّي نِ كُّل هِ َوكَ َفىَ بِاللّ ِه َ‬
‫سجُو ِد ذَلِ كَ‬
‫ن َأ َثرِ ال ّ‬
‫ن الّل هِ َو ِرضْوَانا سِيمَا ُهمْ فِي ُوجُو ِههِ ْم مّ ْ‬
‫سجّدا َي ْب َتغُو نَ َفضْلً مّ َ‬
‫َترَاهُ مْ ُركّعا ُ‬
‫ى سُوقِهِ‬
‫ستَ َوىَ عََل َ‬
‫شطْأَ هُ فَآزَرَ ُه فَا سْ َتغَْلظَ فَا ْ‬
‫خرَ جَ َ‬
‫َمثَُلهُ مْ فِي الّت ْورَاةِ َو َمثَُلهُ مْ فِي الِنجِيلِ َك َزرْ عٍ َأ ْ‬
‫ت ِمنْهُم ّمغْ ِفرَةً وََأجْرا‬
‫عمِلُو ْا ال صّاِلحَا ِ‬
‫عدَ الّل ُه اّلذِي نَ آ َمنُو ْا وَ َ‬
‫ع ِل َيغِي ظَ ِبهِ مُ ا ْلكُفّارَ وَ َ‬
‫ُي ْعجِ بُ ال ّزرّا َ‬
‫عظِيما }‪.‬‬
‫َ‬
‫َقـ الذي أرسـل رسـوله‬
‫ِينـ الح ّ‬
‫ْسـلَ رَسـُولَ ُه بال ُهدَى َود ِ‬
‫يعنـي تعالى ذكره بقوله‪ُ :‬هوَ اّلذِي أر َ‬
‫محمدا صلى ال عليه وسلم بالبيان الواضح‪َ ,‬ودِين الحَق‪ ,‬وهو السلم الذي أرسله داعيا خلقه‬
‫ظهِرَ هُ عَلى الدّي نِ كُّل هِ يقول‪ :‬ليب طل به الملل كل ها‪ ,‬ح تى ل يكون د ين سواه‪ ,‬وذلك كان‬
‫إل يه ِل ُي ْ‬
‫كذلك حتى ينزل عيسى ابن مريم‪ ,‬فيقتل الدجال‪ ,‬فحينئذٍ تبطل الديان كلها‪ ,‬غير‪ ,‬دين ال الذي‬
‫بعث به محمدا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ويظهر السلم على الديان كلها‪.‬‬
‫ل ثناؤه ل نبيه صلى ال عل يه و سلم‪ :‬أشهدك يا مح مد ر بك‬
‫شهِيدا يقول ج ّ‬
‫وقوله‪ :‬وكَفَى باللّ هِ َ‬
‫شهِيدا يقول‪ :‬وحسبك به شاهدا‪ .‬وبنحو‬
‫على نفسه‪ ,‬أنه سيظهر الدين الذي بعثك به وكَفَى باللّ هِ َ‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24461‬ـ حدث نا ا بن حُم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن وا ضح‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو ب كر الهُذل يّ‪ ,‬عن‬
‫شهِيدا يقول‪:‬‬
‫ظهِرَ ُه على الدّي نِ كُّل ِه وكَفَى َ‬
‫الحسن هُ َو اّلذِي أرْ سَلَ رَ سُوَل ُه بالهُدَى َودِين الحَ قّ ل ُي ْ‬
‫ظهِر دينك على الدين كله‪ ,‬وهذا إعلم من ال تعالى نبيه صلى ال‬
‫أشهد لك على نفسه أنه س ُي ْ‬
‫عل يه وسلم‪ ,‬والذين كرهوا الصلح يوم الحُديب ية من أصحابه‪ ,‬أن ال فا تح عليهم م كة وغير ها‬
‫من البلدان‪ ,‬مسليهم بذلك عما نالهم من الكآبة والحزن‪ ,‬بانصرافهم عن مكة قبل دخولهموها‪,‬‬
‫وقبل طوافهم بالبيت‪,‬‬
‫ُمـ يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫شدّاءُ على الكُفّارِ ُرحَماءُ َب ْي َنه ْ‬
‫َهـ أ ِ‬
‫ّهـ وَاّلذِيـن َمع ُ‬
‫ل الل ِ‬
‫ح ّمدٌ رَسـُو ُ‬
‫وقوله‪ُ :‬م َ‬
‫مح مد ر سول ال وأتبا عه من أ صحابه الذ ين هم م عه على دي نه‪ ,‬أشدّاء على الكفار‪ ,‬غلي ظة‬
‫عليهم قلوبهم‪ ,‬قليلة بهم رحمت هم ُرحَماءُ َب ْي َنهُ مْ يقول‪ :‬رقي قة قلوب بعضهم لب عض‪ ,‬لي نة أنفسهم‬
‫لهم‪ ,‬هينة عليهم لهم‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24462‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ُرحَماءُ َب ْي َنهُ مْ ألقى ال في‬
‫سجّدا يقول‪ :‬ترا هم رك عا أحيا نا ل في صلتهم‬
‫قلوب هم الرح مة‪ ,‬بعض هم لب عض َترَاهُ مْ ُركّ عا ُ‬
‫ن فَضْلً مِ نَ الّل ِه يقول‪ :‬يلتم سون بركوع هم و سجودهم وشدّت هم على الكفار‬
‫سجدا أحيا نا يبتغُو َ‬
‫ورح مة بعض هم بع ضا‪ ,‬فضلً من ال‪ ,‬وذلك رحم ته إيا هم‪ ,‬بأن يتف ضل علي هم‪ ,‬فيُدخل هم جن ته‬
‫َو ِرضْوَانا يقول‪ :‬وأن يرضى عنهم ربهم‪.‬‬
‫سجُودِ يقول‪ :‬علمتهم في وجوههم من أثر السجود في‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫وقوله‪ :‬سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِههِمْ مِ َ‬
‫صلتهم‪ .‬ثم اختلف أهل التأويل في السيما الذي عناه ال في هذا الموضع‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬ذلك‬
‫عل مة يجعل ها ال في وجوه المؤمن ين يوم القيا مة‪ ,‬يعرفون ب ها ل ما كان من سجودهم له في‬
‫الدينا‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24463‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫سجُودِ قال‪ :‬صلتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة‪.‬‬
‫ابن عباس سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِه ِهمْ ِمنْ أ َثرِ ال ّ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال العتكي‪ ,‬عن خالد‬
‫‪24464‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫الحنفي‪ ,‬قوله‪ :‬سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِههِ مْ ِم نْ أ َثرِ السجُو ِد قال‪ :‬يعرف ذلك يوم القيامة في وجوههم‬
‫من أثر سجودهم في الدنيا‪ ,‬وهو كقوله‪َ :‬تعْ ِرفُ فِي ُوجُو ِه ِهمْ َنضْرَ َة ال ّنعِيمِ‪.‬‬
‫‪ 24465‬ـ حدث ني عب يد بن أ سباط بن مح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بي‪ ,‬عن فض يل بن مروزق‪ ,‬عن‬
‫سجُودِ قال‪ :‬مواضع السجود من وجوههم يوم‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫عطية‪ ,‬في قوله‪ :‬سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِههِ مْ مِ ْ‬
‫القيامة أشد وجوههم بياضا‪.‬‬
‫حدثنا محمد بن عمارة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن فضيل‪ ,‬عن فضيل‪,‬‬
‫عن عطية‪ ,‬بنحوه‪.‬‬
‫حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن فضيل‪ ,‬عن فضيل‪ ,‬عن عطية‪ ,‬بنحوه‪.‬‬
‫حدثنا مجاهد بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا فضيل‪ ,‬عن عطية‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫‪ 24466‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر‪ ,‬قال‪ :‬سمعت شبيبا يقول عن مقاتل بن‬
‫سجُو ِد قال‪ :‬النور يوم القيامة‪.‬‬
‫حيان‪ ,‬قال‪ :‬سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِه ِهمْ مِنْ أ َثرِ ال ّ‬
‫‪24467‬ـ حدثنا ابن سنان القزاز‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هارون بن إسماعيل‪ ,‬قال‪ :‬قال عليّ بن المبارك‪:‬‬
‫سجُودِ قال‪ :‬بياضا في‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫سمعت غير واحد عن الحسن‪ ,‬في قوله‪ :‬سِيماهُمْ فِي ُوجُو ِههِ مْ م ْ‬
‫وجوههم يوم القيامة‪.‬‬
‫سمْته وخشوعه‪ ,‬وعنى بذلك أنه يرى من ذلك عليهم‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ذلك سيما السلم و َ‬
‫في الدنيا ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24468‬ـ حدثنا علي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫حسَن‪.‬‬
‫سمُت ال َ‬
‫قوله‪ :‬سِيماهُ ْم فِي ُوجُو ِه ِهمْ قال‪ :‬ال ّ‬
‫‪ 24469‬ـ قال‪ :‬ث نا مجا هد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الح سن بن عُمارة‪ ,‬عن الح كم‪ ,‬عن‬
‫سجُودِ قال‪ :‬أما إنه ليس بالذي‬
‫ن أثَ ِر ال ّ‬
‫مجاهد‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في قوله‪ :‬سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِههِمْ مِ ْ‬
‫سمْته وخشوعه‪.‬‬
‫سحْنته و َ‬
‫َترَوْن‪ ,‬ولكنه سيما السلم و َ‬
‫‪ 24470‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عامر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن حميد العرج‪ ,‬عن‬
‫سجُو ِد قال‪ :‬الخشوع والتواضع‪.‬‬
‫مجاهد سِيما ُهمْ في ُوجُو ِه ِهمْ مِنْ أ َثرِ ال ّ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مؤمل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن حميد العرج‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫ن أ َثرِ‬
‫قال‪ :‬ثنا أبو عامر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد سِيماهُ ْم فِي ُوجُو ِه ِهمْ مِ ْ‬
‫سجُودِ قال‪ :‬الخشوع‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫‪ 24471‬ـ حدث نا مح مد بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬عن شع بة‪ ,‬عن الح كم‪ ,‬عن‬
‫سجُودِ قال‪ :‬السّحنْة‪.‬‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫مجاهد‪ ,‬في هذه الية سِيماهُمْ فِي ُوجُو ِه ِهمْ مِ ْ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬سِيما ُهمْ فِي‬
‫‪ 24472‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫سجُو ِد قال‪ :‬هو الخشوع‪ ,‬فقلت‪ :‬هو أثر السجود‪ ,‬فقال‪ :‬إنه يكون بين عينيه‬
‫ُوجُو ِههِ مْ مِ نْ أ َثرِ ال ّ‬
‫مثل ركبة ال َعنْز‪ ,‬وهو كما شاء ال‪.‬‬
‫سهَر‪ ,‬الذي يظهر في الوجه مثل‬
‫وقال آخرون‪ :‬ذلك أثر يكون في وجوه المصلين‪ ,‬مثل أثر ال ّ‬
‫الكَلَف والتهيج والصفرة‪ ,‬وما أشبه ذلك مما يظهره السهر والتعب في الوجه‪ ,‬ووجهوا التأويل‬
‫في ذلك إلى أنه سيما في الدنيا‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24473‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن رجل‪ ,‬عن الحسن سِيما ُهمْ‬
‫سجُو ِد قال‪ :‬الصفرة‪.‬‬
‫في وجُوُ ِه ِهمْ ِمنْ أ َثرِ ال ّ‬
‫‪ 24474‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا المعت مر‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬قال‪ :‬ز عم الش يخ الذي كان‬
‫سهَر يُرى في وجوههم‪.‬‬
‫سجُودِ فزعم أنه ال ّ‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫ص في عُسر‪ ,‬وقرأ سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِه ِهمْ مِ ْ‬
‫يق ّ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يعقوب ال ُقمّ يّ‪ ,‬عن ح فص‪ ,‬عن شَمِر بن عَط ية‪ ,‬في‬
‫‪ 24475‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫قوله‪ :‬سِيماهُ ْم فِي ُوجُو ِه ِهمْ قال‪ :‬تهيّج في الوجه من سهر الليل‪.‬‬
‫طهّور‪ .‬ذكـر مـن قال‬
‫وقال آخرون‪ :‬ذلك آثار ترى فـي الوجـه مـن َثرَى الرض‪ ,‬أو َندَى ال ّ‬
‫ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪:‬‬
‫‪24476‬ـ حدثنا حَوْثرة بن محمد المِنقري‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حماد بن مسعدة وحدثنا ابن ُ‬
‫حدثنا جرير جميعا عن ثعلبة بن سهيل‪ ,‬عن جعفر بن أبي المُغيرة‪ ,‬عن سعيد بن جُبير‪ ,‬في‬
‫طهُور‪.‬‬
‫سجُودِ قال‪ :‬ثَرى الرض‪ ,‬ونَدى ال ّ‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫قوله‪ :‬سِيماهُ ْم فِي ُوجُو ِه ِهمْ مِ ْ‬
‫‪24477‬ــ حدثنـا ابـن سـنان القزّاز‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا هارون بـن إسـماعيل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا عليّـ بن‬
‫المبارك‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مالك بن دينار‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عكرِ مة يقول‪ :‬سِيما ُهمْ فِي ُوجُو ِههِ مْ ِم نْ أ َثرِ‬
‫سجُودِ قال‪ :‬هو أثر التراب‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫وأولى القوال فـي ذلك بالصـواب أن يقال‪ :‬إن ال تعالى ذكره أخبرنـا أن سـيما هؤلء القوم‬
‫الذين وصف صفتهم في وجوههم من أثر السجود‪ ,‬ولم يخ صّ ذلك على وقت دون وقت‪ .‬وإذ‬
‫كان ذلك كذلك‪ ,‬فذلك على كلّ الوقات‪ ,‬فكان سـيماهم الذي كانوا يعرفون بـه فـي الدنيـا أثـر‬
‫ال سلم‪ ,‬وذلك خشو عه وهد يه وزهده و سمته‪ ,‬وآثار أداء فرائ ضه وتطوّ عه‪ ,‬و في الَخرة ما‬
‫أخبر أنهم يعرفون به‪ ,‬وذلك الغرّة في الوجه والتحجيل في اليدي والرجل من أثر الوضوء‪,‬‬
‫وبياض الوجوه من أثر السجود‪ .‬وبنحو الذي قلنا في معنى السيما قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24478‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة سِيماهُمْ فِي ُوجُو ِههِ مْ مِ نْ‬
‫سجُودِ يقول‪ :‬علمتهم أو أعلمتهم الصلة‪.‬‬
‫أ َثرِ ال ّ‬
‫وقوله‪ :‬ذلكَ َمثََلهُمْ فِي الّت ْورَاةِ يقول‪ :‬هذه الصفة التي وصفت لكم من صفة أتباع محمد صلى‬
‫ال عليه وسلم الذين معه صفتهم في التوراة‪.‬‬
‫شطْأَ هُ يقول‪ :‬وصفتهم في إنجيل عيسى صفة زرع‬
‫خرَ جَ َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َمثَُلهُ ْم في النجِيلِ َكزَرْع أ ْ‬
‫أخرج شطأه‪ ,‬وهو فراخه‪ ,‬يقال منه‪ :‬قد أشطأ الزرع‪ :‬إذا فرّخ فهو يشطىء إشطاء‪ ,‬وإنما مثلهم‬
‫بالزرع المشطىء‪ ,‬لنهم ابتدأوا في الدخول في السلم‪ ,‬وهم عدد قليلون‪ ,‬ثم جعلوا يتزايدون‪,‬‬
‫ويدخل فيه الجماعة بعدهم‪ ,‬ثم الجماعة بعد الجماعة‪ ,‬حتى كثر عددهم‪ ,‬كما يحدث في أصل‬
‫الزرع الفرخ منه‪ ,‬ثم الفرخ بعده حتى يكثر وينمى‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24479‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ابن عباس‪,‬‬
‫ن َمعَ هُ أ صحابه مثل هم‪ ,‬يع ني نعت هم مكتو با في التوراة والنج يل‬
‫ل اللّ هِ وَاّلذِي َ‬
‫ح ّمدٌ رَ سُو ُ‬
‫قوله‪ُ :‬م َ‬
‫قبل أن يخلق السموات والرض‪.‬‬
‫ح ّمدٌ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬عن الضحاك ُم َ‬
‫‪ 24480‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫شدّاءُ على الكُفّارِ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬ذل كَ َمثَُلهُ مْ فِي الّت ْورَاةِ ثم قال‪َ :‬و َمثَلهُ مْ‬
‫رَ سُولُ الّل هِ وَاّلذِي نَ َمعَ ُه أ ِ‬
‫طأَهُ‪ ...‬الية‪.‬‬
‫ش ْ‬
‫خرَجَ َ‬
‫في النجيل َك َز ْرعَ أ ْ‬
‫‪ 24481‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ذلك َمثَُلهُ مْ فِي التّ ْورَاةِ‪ :‬أي‬
‫طأَ هُ فهذا م ثل أ صحاب ر سول ال‬
‫ج شَ ْ‬
‫خرَ َ‬
‫هذا الم ثل في التوراة َو َمثَُلهُ مْ فِي النجِيلِ َك َزرْ عٍ أ ْ‬
‫صلى ال عليه وسلم في النجيل‪.‬‬
‫‪24482‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬سِيما ُهمْ‬
‫خرَ جَ‬
‫سجُو ِد قال ذل كَ َمثَُلهُ مْ فِي التّ ْورَاةِ َو َمثَُلهُ مْ فِي النجِيلِ َكزَرْ عٍ أ ْ‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫فِي ُوجُو ِههِ مْ ِم ْ‬
‫شطأَهُ‪.‬‬
‫‪ 24483‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ك َمثَُلهُ مْ فِي التّ ْورَاة يع ني ال سيما في‬
‫سجُودِ ذل َ‬
‫ن أ َثرِ ال ّ‬
‫يقول في قوله‪ :‬سيماهُ ْم فِي ُوجُو ِههِ مْ مِ ْ‬
‫الوجوه مثلهـم فـي التوراة‪ ,‬وليـس ب َمثَلهـم فـي النجيـل‪ ,‬ثـم قال عزّ وجلّ‪َ :‬و َمثَُلهُم ْـ فِي النجِيلِ‬
‫شطْأهُ‪ ...‬الية‪ ,‬هذا مثلهم في النجيل‪.‬‬
‫خرَجَ َ‬
‫َكزَ ْرعٍ أ ْ‬
‫‪ 24484‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬سِيما ُهمْ فِي‬
‫طأَهُ‪.‬‬
‫ش ْ‬
‫خرَجَ َ‬
‫سجُو ِد ذلكَ َمثَُل ُهمْ فِي الّت ْورَاةِ َو َمثَُل ُهمْ فِي النجِيلِ َك َز ْرعٍ أ ْ‬
‫ُوجُو ِه ِهمْ مِنْ أ َثرِ ال ّ‬
‫‪ 24485‬ـ حدث نا عمرو بن ع بد الحم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مروان بن معاو ية‪ ,‬عن جُوَ يبر‪ ,‬عن‬
‫ن َمعَهُ‪ ...‬الية‪ ,‬قال‪ :‬هذا مثلهم في التوراة‪ ,‬ومثل‬
‫ل اللّهِ وَاّلذِي َ‬
‫ح ّمدٌ رَسُو ُ‬
‫الضحاك في قول ال‪ُ :‬م َ‬
‫شطْأهُ فآزَرَهُ الية‪.‬‬
‫خرَجَ َ‬
‫آخر في النجيل َكزَ ْرعٍ أ ْ‬
‫وقال آخرون‪ :‬هذان ال َمثَلن في التوراة والنجيل مثلهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24486‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪ :‬ذل كَ‬
‫َمثَُلهُمْ فِي الّت ْورَاةِ والنجيل واحد‪.‬‬
‫وأولى القول ين في ذلك بال صواب قول من قال‪ :‬مثل هم في التوراة‪ ,‬غ ير مثَل هم في النج يل‪,‬‬
‫ك َمثَُلهُ مْ فِي التّ ْورَا ِة وذلك أن القول لو كان‬
‫وإن الخبر عن مَثلهم في التوراة متنا هٍ عند قوله‪ :‬ذل َ‬
‫ك ما قال مجا هد من أن مثل هم في التوراة والنج يل وا حد‪ ,‬لكان التنز يل‪ :‬ومثل هم في النج يل‪,‬‬
‫وكزرع أخرج شطأه‪ ,‬فكان تمثيل هم بالزرع معطو فا على قوله‪ :‬سِيماهُمْ فِي ُوجُو ِههِ مْ مِ نْ أ َثرِ‬
‫سجُودِ حتى يكون ذلك خبرا عن أن ذلك مَثلهم في التوراة والنجيل‪ ,‬وفي مجيء الكلم بغير‬
‫ال ّ‬
‫واو في قوله‪َ :‬كزَرْ عٍ دل يل بَيّن على صحة ما قُل نا‪ ,‬وأن قول هم َو َمثَُلهُ مْ فِي النجِيلِ خبر مبتدأ‬
‫خرَ جَ‬
‫عن صفتهم ال تي هي في النج يل دون ما في التوراة من ها‪ .‬وبن حو الذي قل نا في قوله أ ْ‬
‫طأَ ُه قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫شَ ْ‬
‫‪ 24487‬ـ حدث ني يح يى بن إبراه يم الم سعوديّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن جدّه‪ ,‬عن‬
‫الع مش‪ ,‬عن خيث مة‪ ,‬قال‪ :‬بي نا ع بد ال يقرىء رجلً ع ند غروب الش مس‪ ,‬إذ مرّ بهذه ال ية‬
‫طأَهُ قال‪ :‬أنتم الزرع‪ ,‬وقد دنا حصادكم‪.‬‬
‫ش ْ‬
‫خرَجَ َ‬
‫َكزَ ْرعٍ أ ْ‬
‫‪ 24488‬ـ قال‪ :‬ثنا يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬عن حُميد الطويل‪ ,‬قال‪ :‬قرأ أنس‬
‫طأَ ُه فآ َزرَهُ قال‪ :‬تدرون ما شطأه؟ قال‪ :‬نباته‪.‬‬
‫ج شَ ْ‬
‫خرَ َ‬
‫بن مالك‪َ :‬كزَ ْرعٍ أ ْ‬
‫‪ 24489‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫شطْأَ ُه قال‪ :‬سنبله‬
‫خرَ جَ َ‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬ذل كَ َمثَُلهُ ْم فِي الّت ْورَاةِ َو َمثَُلهُ ْم فِي النجِيلِ َك َزرْ عٍ أ ْ‬
‫حين يتسلع نباته عن حباته‪.‬‬
‫‪24490‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َو َمثَُلهُ مْ فِي النجيلِ َك َزرْ عٍ‬
‫شطْأ ُه قال‪ :‬هذا م ثل أ صحاب مح مد صلى ال عل يه و سلم في النج يل‪ ,‬ق يل ل هم‪ :‬إ نه‬
‫خرَ جَ َ‬
‫أْ‬
‫سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع‪ ,‬منهم قوم يأمرون بالمعروف‪ ,‬وينهوّن عن المنكر‪.‬‬

‫‪ 24491‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة والزهر يّ َك َزرْ عٍ‬
‫شطْأَ ُه قال‪ :‬أخرج نباته‪.‬‬
‫خرَجَ َ‬
‫َأ ْ‬
‫‪ 24492‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫طأَ ُه يع ني‪ :‬أصحاب محمد صلى ال عليه‬
‫ش ْ‬
‫ع أخْرَ جَ َ‬
‫ل َكزَرْ ٍ‬
‫يقول في قوله‪َ :‬و َمثَُلهُ مْ فِي ال ْنجِي ِ‬
‫وسلم‪ ,‬يكونون قليلً‪ ,‬ثم يزدادون ويكثرون ويستغلظون‪.‬‬
‫خرَ جَ‬
‫‪ 24493‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن ز يد‪ ,‬في قوله‪َ :‬كزَرْ عٍ َأ ْ‬
‫طأَ ُه أولده‪ ,‬ثم كثرت أولده‪.‬‬
‫شَ ْ‬
‫‪24494‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪َ :‬كزَرْ عٍ‬
‫شطْأَ ُه قال‪ :‬ما يخرج بجنب الحقلة فيتمّ وينمى‪.‬‬
‫خرَجَ َ‬
‫َأ ْ‬
‫وقوله‪ :‬فآزرَهُـ يقول‪ :‬فقوّاه‪ :‬أي قوّى الزرعَـ شطأه وأعانـه‪ ,‬و هو مـن المؤازرة التـي بمعنـى‬
‫س َتغْلَظَ يقول‪ :‬فغلظ الزرع فا سْتَوَى على سُوقِهِ وال سوق‪ :‬ج مع ساق‪ ,‬و ساق الزرع‬
‫المعاو نة فا ْ‬
‫والشجر‪ :‬حاملته‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24495‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬فآ َزرَ هُ يقول‪ :‬نباته مع التفافه حين يسنبل ذل كَ َمثَُلهُ مْ فِي التّ ْورَاةِ َو َمثَُلهُ مْ فِي ال ْنجِيلِ‬
‫ف هو م ثل ضر به ل هل الكتاب إذا خرج قوم ينبتون ك ما ين بت الزرع فيبلغ في هم ر جل يأمرون‬
‫بالمعروف‪ ,‬وينهون عن المنكر‪ ,‬ثم يغلظون‪ ,‬فهم أولئك الذين كانوا معهم‪ .‬وهو مَثل ضربه ال‬
‫لمحمد صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬بعث ال صلى ال عليه وسلم وحده‪ ,‬ثم اجتمع إليه ناس قليل‬
‫يؤمنون به‪ ,‬ثم يكون القليل كثيرا‪ ,‬ويستغلظون‪ ,‬ويغيظ ال بهم الكفار‪.‬‬
‫‪24496‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله فآزَرَ هُ‬
‫قال‪ :‬فشدّه وأعانه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬عَلى سُوقِهِ قال‪ :‬أصوله‪.‬‬
‫‪ 24497‬ـ حدثني ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة والزهري فآ َزرَ هُ‬
‫ستَوَى عَلى سُوقِهِ يقول‪ :‬فتلحق‪.‬‬
‫س َتغْلَظ فا ْ‬
‫فا ْ‬
‫‪24498‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فآزَرَ ُه اجتمع ذلك‬
‫فالتفـ قال‪ :‬وكذلك المؤمنون خرجوا وهـم قليـل ضعفاء‪ ,‬فلم يزل ال يزيـد فيهـم‪ ,‬ويؤيدهـم‬
‫ّ‬
‫بالسلم‪ ,‬كما أيّد هذا الزرع بأولده‪ ,‬فآزره‪ ,‬فكان مثلً للمؤمنين‪.‬‬
‫‪ 24499‬ـ حدث ني عمرو بن ع بد الحم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مروان بن معاو ية‪ ,‬عن جُوَ يبر‪ ,‬عن‬
‫ب برّ ُنثِرَ متفرّ قا‪,‬‬
‫ستَوَى عَلى سُوقِ ِه يقول‪ :‬ح ّ‬
‫شطْأَ ُه فآ َزرَ ُه فا سْ َتغَْلظَ فا ْ‬
‫خرَ جَ َ‬
‫الضحاك َك َزرْ عٍ َأ ْ‬
‫ل واحدة منها‪ ,‬حتى استغلظ فاستوى على سوقه قال‪ :‬يقول‪:‬‬
‫ل حبة واحدة‪ ,‬ثم أنبتت ك ّ‬
‫فتنبت ك ّ‬
‫كان أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم قليلً‪ ,‬ثم كثروا‪ ,‬ثم استغلظوا ِل َيغِيظَ ال ِب ِهمُ الكُفّارَ‪.‬‬
‫وقوله‪ُ :‬ي ْعجِ بُ ال ّزرّا عَ ِل َيغِي ظَ ِبهِ مُ الكُفّارَ يقول تعالى ذكره‪ :‬يع جب هذا الزر عُ الذي ا ستغلظ‬
‫فا ستوى على سوقه في تما مه وحُ سن نبا ته‪ ,‬وبلو غه وانتهائه الذ ين زرعوه ِل َيغِي ظَ ِبهِ مُ الكُفّارَ‬
‫يقول‪ :‬فكذلك مَ ثل مح مد صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه‪ ,‬واجتماع عدد هم ح تى كثروا ونموا‪,‬‬
‫ِمـ ال ُكفّا ِر فدلّ ذلك‬
‫ِيظـ ِبه ُ‬
‫ل ثناؤه صـفته‪ ,‬ثـم قال‪ِ :‬ل َيغ َ‬
‫وغلظ أمرهـم كهذا الزرع الذي وصـف ج ّ‬
‫على متروك من الكلم‪ ,‬و هو أن ال تعالى ف عل ذلك بمح مد صلى ال عل يه و سلم وأ صحابه‬
‫ليغيظ بهم الكفار‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24500‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ـ الكُفّارَ يقول ال‪ :‬مثلهـم كمثـل زرع أخرج شطأه فآزَره‪ ,‬فاسـتغلظ‪,‬‬
‫ـ ِبهِم ُ‬
‫ابـن عباس‪ِ :‬ل َيغِيظ َ‬
‫فاستوى على سوقه‪ ,‬حتى بلغ أحسن النبات‪ُ ,‬ي ْعجِب الزرّاع من كثرته‪ ,‬وحُسن نباته‪.‬‬
‫‪ 24501‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ُ :‬ي ْعجِ بُ الزرّاع‬
‫قال‪ :‬يعجب الزرّاع حُسنه ِل َيغِيظَ ِب ِهمُ الكُفّارَ بالمؤمنين‪ ,‬لكثرتهم‪ ,‬فهذا مثلهم في النجيل‪.‬‬
‫عظِيما يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫ت ِم ْنهُ مْ َمغْ ِفرَةً وأجْرا َ‬
‫ن آ َمنُوا وعَملُوا ال صّالِحا ِ‬
‫عدَ الّل ُه اّلذِي َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َ‬
‫عمِلُوا ال صّالِحاتِ يقول‪ :‬وعملوا ب ما أمر هم ال به من‬
‫و عد ال الذ ين صدّقوا ال ور سوله و َ‬
‫فرائضه التي أوجبها عليهم‪.‬‬
‫وقوله‪ِ :‬م ْنهُ ْم يع ني‪ :‬من الش طء الذي أخر جه الزرع‪ ,‬و هم الداخلون فِي ال سلم ب عد الزرع‬
‫الذي وصف ربنا تبارك وتعالى صفته‪ .‬والهاء والميم في قوله ِم ْنهُمْ عائدة على معنى الشطء ل‬
‫على لف ظه‪ ,‬ولذلك ج مع فق يل‪« :‬من هم»‪ ,‬ولم ي قل «م نه»‪ .‬وإن ما ج مع الش طء ل نه أر يد به من‬
‫يدخل في دين محمد صلى ال عليه وسلم إلى يوم القيامة بعد الجماعة الذين وصف ال صفتهم‬
‫سجّدا‪.‬‬
‫بقوله‪ :‬وَاّلذِين َمعَ ُه أشِدّاءُ عَلى ال ُكفّا ِر رُحَماءُ َب ْي َن ُهمْ َترَاهُم ُركّعا ُ‬
‫وقوله َو َمغْ ِفرَ ًة يع ني‪ :‬عفوا ع ما م ضى من ذنوب هم‪ ,‬و سيىء أعمال هم بح سنها‪ .‬وقوله‪ :‬وأجْرا‬
‫عَظيما يعني‪ :‬وثوابا جزيلً‪ ,‬وذلك الجنة‪.‬‬
‫سورة الحجرات‬
‫سورة الحجرات مدنية‬
‫وآياتها ثماني عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬
‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ل تُ َق ّدمُو ْا َبيْنَ َي َديِ الّلهِ َورَسُوِلهِ وَاتّقُواْ الّلهَ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ َ‬
‫سمِيعٌ عَلِيمٌ }‪.‬‬
‫ن اللّ َه َ‬
‫إِ ّ‬
‫يع ني تعالى ذكره بقوله‪ :‬يا أيّ ها اّلذِي نَ آ َمنُوا‪ :‬يا أي ها الذ ين أقروا بوحدان ية ال‪ ,‬وبنبوّة نبيه‬
‫مح مد صلى ال عل يه و سلم ل تُ َق ّدمُوا بَي نَ َيدَي الّل هَ َورَ سُوِلهِ يقول‪ :‬ل تعجلوا بقضاء أ مر في‬
‫حروبكم أو دينكم‪ ,‬قبل أن يقضي ال لكم فيه ورسوله‪ ,‬فتقضوا بخلف أمر ال وأمر رسوله‪,‬‬
‫محك يّ عن العرب فلن يقدّم ب ين يدي إما مه‪ ,‬بمع نى يع جل بال مر والن هي دو نه‪ .‬وبن حو الذي‬
‫قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم بالبيان عن معناه ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24502‬ـ حدث نا عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ن َيدَي اللّهِ َو َرسُوِلهِ يقول‪ :‬ل تقولوا خلف الكتاب والسنة‪.‬‬
‫قوله‪ :‬ل تُ َقدّموا بي َ‬
‫‪ 24503‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن َيدَي اللّ ِه ورَ سُولِهِ‪ ...‬الَية قال‪ُ :‬نهُوا أن‬
‫ن آ َمنُوا ل تُ َق ّدمُوا بَي َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬في قوله يا أيّها اّلذِي َ‬
‫يتكلموا بين يدي كلمه‪.‬‬
‫‪24504‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬يا أيّها‬
‫ّهـ َورَسـُوِلهِ قال‪ :‬ل تفتاتوا على رسـول ال صـلى ال عليـه‬
‫َينـ َيدَي الل ِ‬
‫ِينـ آ َمنُوا ل تُ َق ّدمُوا ب َ‬
‫اّلذ َ‬
‫وسلم بشيء حتى يقضيه ال على لسانه‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا ل‬
‫‪ 24505‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة يا أيّ ها الّذي َ‬
‫تُ َق ّدمُوا بَي نَ َيدَي اللّ ِه َورَ سُوِلهِ ذُكر لنا أن ناسا كانوا يقولون‪ :‬لو أنزل في كذا لوضع كذا وكذا‪,‬‬
‫ل ذلك‪ ,‬وقدم فيه‪.‬‬
‫قال‪ :‬فكره ال عزّ وج ّ‬
‫‪ 24506‬ـ وقال‪ :‬الحسن‪ :‬أناس من المسلمين ذبحوا قبل صلة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يوم النحر‪ ,‬فأمرهم نبيّ ال صلى ال عليه وسلم أن يعيدوا ذبحا آخر‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله يا أيّ ها اّلذِي نَ‬
‫ن َيدَي اللّ هِ َورَ سُوِلهِ قال‪ :‬إن أُنا سا كانوا يقولون‪ :‬لو أنزل في كذا‪ ,‬لو أنزل‬
‫آ َمنُوا ل تُ َق ّدمُوا بَي َ‬
‫في كذا‪ ,‬وقال الحسن‪ :‬هم قوم نحروا قبل أن يصلي النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأمرهم النبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم أن يعيدوا الذبح‪.‬‬
‫‪ 24507‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن َيدَ يِ اللّ هِ َورَ سُولِ ِه يعني بذلك في القتال‪ ,‬وكان‬
‫ن آ َمنُوا ل تُ َق ّدمُوا بَي َ‬
‫يقول في قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫من أمورهم ل يصلح أن ُي ْقضَى إل بأمره ما كان من شرائع دينهم‪.‬‬
‫ل ثناؤه‪ :‬يا أيّها‬
‫‪24508‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله ج ّ‬
‫ن َيدَي اللّهِ َو َرسُوِلهِ قال‪ :‬ل تقطعوا المر دون ال ورسوله‪.‬‬
‫اّلذِينَ آ َمنُوا ل تُ َق ّدمُوا بَي َ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان يا أيّ ها اّلذِي نَ آ َمنُوا ل تُ َق ّدمُوا بَي نَ‬
‫‪ 24509‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫ّهـ َورَسـُولِ ِه قال‪ :‬ل تقضوا أمرا دون رسـول ال‪ ,‬وبضـم التاء مـن قوله‪ :‬ل تُ َق ّدمُوا قرأ‬
‫َيدَي الل ِ‬
‫قرّاء المصار‪ ,‬وهي القراءة التي ل أستجيز القراءة بخلفها‪ ,‬لجماع الحجة من القرّاء عليها‪,‬‬
‫وقد حكي عن العرب قدّمت في كذا‪ ,‬وتقدّمت في كذا‪ ,‬فعلى هذه اللغة لو كان قيل‪« :‬ل تَ َق ّدمُوا»‬
‫بفتح التاء كان جائزا‪.‬‬
‫سمِيعٌ عَلِي مٌ يقول‪ :‬وخافوا ال أيها الذين آمنوا في قولكم‪ ,‬أن تقولوا‬
‫ن اللّ َه َ‬
‫وقوله‪ :‬وَاتّقُوا الّل َه إ ّ‬
‫مـا لم يأذن لكـم بـه ال ول رسـوله‪ ,‬وفـي غيـر ذلك مـن أموركـم‪ ,‬وراقبوه‪ ,‬إن ال سـميع لمـا‬
‫تقولون‪ ,‬عليم بما تريدون بقولكم إذا قلتم‪ ,‬ل يخفى عليه شيء من ضمائر صدوركم‪ ,‬وغير ذلك‬
‫من أموركم وأمور غيركم‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل َترْ َفعُوَ ْا أَصْوَا َتكُ ْم فَوْقَ صَوْتِ ال ّنبِيّ َولَ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأ ّيهَا اّلذِي نَ آ َمنُواْ َ‬
‫ش ُعرُونَ }‪.‬‬
‫عمَاُلكُمْ وَأَن ُتمْ لَ َت ْ‬
‫ح َبطَ َأ ْ‬
‫ض ُكمْ ِل َبعْضٍ أَن َت ْ‬
‫ج ْهرِ َبعْ ِ‬
‫ل َك َ‬
‫جهَرُو ْا لَ ُه بِالْقَوْ ِ‬
‫َت ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ورسوله‪ ,‬ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت رسول‬
‫ْضـ‬
‫ُمـ ِل َبع ٍ‬
‫ضك ْ‬‫جهْرِ َب ْع ِ‬
‫ل َك َ‬
‫َهـ بالقَوْ ِ‬
‫ج َهرُوا ل ُ‬
‫ال تتجهموه بالكلم‪ ,‬وتغلظون له فـي الخطاب وَل ت ْ‬
‫يقول‪ :‬ول تنادوه كما ينادي بعضكم بعضا‪ :‬يا محمد‪ ,‬يا محمد‪ ,‬يا نبيّ ال‪ ,‬يا نبي ال‪ ,‬يا رسول‬
‫ال‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24510‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَل‬
‫ل لينا يا رسول ال‪.‬‬
‫ض ُكمْ ِل َبعْضٍ‪ ,‬قال ل تنادُوه نداء‪ ,‬ولكن قو ً‬
‫ج ْهرِ َبعْ ِ‬
‫ل َك َ‬
‫جهَرُوا لَ ُه بالقَوْ ِ‬
‫َت ْ‬
‫ج َهرُوا َل هُ‬
‫‪ 24511‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَل َت ْ‬
‫ـ كانوا يجهرون له بالكلم‪ ,‬ويرفعون أصـواتهم‪ ,‬فوعظهـم ال‪,‬‬
‫ـ ِل َبعْض ٍ‬
‫ضكُم ْ‬
‫جهْرِ َب ْع ِ‬
‫ل َك َ‬
‫بالقَوْ ِ‬
‫ونهاهم عن ذلك‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬كانوا يرفعون‪ ,‬ويجهرون‬
‫عند النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فوعظوا‪ ,‬ونهوا عن ذلك‪.‬‬
‫‪ 24512‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫جعَلُوا دُعاءَ‬
‫صـ ْوتِ ال ّنبِيـّ‪ ...‬الَيـة‪ ,‬هـو كقوله‪ :‬ل َت ْ‬
‫ْقـ َ‬
‫أصـوَا َت ُكمْ فَو َ‬
‫يقول فـي قوله‪ :‬ل َترْ َفعُوا ْ‬
‫ضكُ مْ َبعْضا نهاهم ال أن ينادوه كما ينادي بعضهم بعضا وأمرهم أن‬
‫ل َب ْينَكُ مْ َكدُعاءِ َب ْع ِ‬
‫الرّ سُو ِ‬
‫يشرّفوه ويعظّموه‪ ,‬ويدعوه إذا دعوه باسم النبوّة‪.‬‬
‫‪ 24513‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا زيد بن حباب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو ثابت بن ثابت قيس بن‬
‫الشماس‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي إسماعيل بن محمد بن ثابت بن شماس‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬لما نزلت هذه‬
‫ل قال‪ :‬قعد ثابت في الطريق‬
‫ج َهرُوا لَ ُه بالقَوْ ِ‬
‫ت ال ّنبِ يّ وَل َت ْ‬
‫الَية ل َترْ َفعُوا أ صْوَا َت ُكمْ فَوْ قَ صَوْ ِ‬
‫يبكي‪ ,‬قال‪ :‬فمرّ به عاصم بن عديّ من بني العَجلن‪ ,‬فقال‪ :‬ما يُبكيك يا ثابت؟ قال‪ :‬لهذه الَية‪,‬‬
‫أتخوّف أن تكون نزلت فيّ‪ ,‬وأنا صيّت رفيع الصوت قال‪ :‬فمضى عاصم بن عديّ إلى رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬قال‪ :‬وغلبه البكاء‪ ,‬قال‪ :‬فأتى امرأته جميلة ابنة عبد ال بن أُب يّ ابن‬
‫سلول‪ ,‬فقال لها‪ :‬إذا دخل تُ بيت فرسي‪ ,‬فشدّى على الضبة بمسمار‪ ,‬فضربته بمسمار حتى إذا‬
‫خرج عطفه وقال‪ :‬ل أخرج حتى يتوفاني ال‪ ,‬أو يرضى عني رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫عهُ لي» فجاء‬
‫ب فادْ ُ‬
‫قال‪ :‬وأتى عاصم رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخبره خبره‪ ,‬فقال‪« :‬اذْهَ ْ‬
‫عاصـم إلى المكان‪ ,‬فلم يجده‪ ,‬فجاء إلى أهله‪ ,‬فوجده فـي بيـت الفرس‪ ,‬فقال له‪ :‬إن رسـول ال‬
‫صلى ال عل يه و سلم يدعوك‪ ,‬فقال‪ :‬اك سر الضّ بة‪ ,‬قال‪ :‬فخر جا فأت يا نبيّ ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪ ,‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ما ُي ْبكِيكَ يا ثابِتُ»؟ فقال‪ :‬أنا صيّت‪ ,‬وأتخوّف‬
‫ل فقال‬
‫ج َهرُوا َل ُه القَو ِ‬
‫أن تكون هذه الَية نزلت ف يّ ل َترْفَعوا أ صْوَا َتكُ ْم فَوْ قَ صَوْتِ ال ّنبِ يّ وَل َت ْ‬
‫ِيشـ حَميدا‪ ,‬وتَ ْقتَلَ شَهيدا‪َ ,‬و َت ْدخُلَ‬
‫أنـ َتع َ‬
‫له رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪« :‬أمـا َترْض َى ْ‬
‫جنّةَ»؟ فقال‪ :‬رضيت ببُشرى ال ورسوله‪ ,‬ل أرفع صوتي أبدا على رسول ال‪ ,‬فأنزل ال إ نّ‬
‫ال َ‬
‫ن اللّ ُه قُلُو َب ُهمْ للتّقْوَى‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫ك اّلذِينَ ا ْم َتحَ َ‬
‫ل اللّ ِه أُوَل ِئ َ‬
‫ع ْندَ َرسُو ِ‬
‫ن أصوَا َت ُهمْ ِ‬
‫اّلذِينَ َي ُغضّو َ‬
‫‪ 24514‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يعقوب‪ ,‬عن ح فص‪ ,‬عن ش مر بن عط ية‪ ,‬قال‪ :‬جاء‬
‫ثابت بن قيس بن الشماس إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو محزون‪ ,‬فقال‪« :‬يا ثابت‬
‫حبِط عملي يا أيّها اّلذِين آ َمنُوا‬
‫ما الذي أرى بك»؟ فقال‪ :‬آية قرأتها الليلة‪ ,‬فأخشى أن يكون قد َ‬
‫ل َت ْرفَعُوا أصْوا َت ُكمْ فَوْقَ صَوْتٍ ال ّنبِيّ وكان في أُذنه صمم‪ ,‬فقال‪ :‬يا نبيّ ال أخشى أن أكون قد‬
‫رفعت صوتي‪ ,‬وجهرت لك بالقول‪ ,‬وأن أكون قد حبط عملي‪ ,‬وأنا ل أشعر‪ :‬فقال النبيّ صلى‬
‫جنّةِ»‪.‬‬
‫ن أهْلِ ال َ‬
‫ض َنشِيطا فإ ّنكَ مِ ْ‬
‫ش على الرْ ِ‬
‫ال عليه وسلم‪« :‬امْ ِ‬
‫‪ 24515‬ـ حدث ني يعقوب بن إبراه يم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن عل يه‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أيوب‪ ,‬عن عكرِ مة‪,‬‬
‫ن آ َمنُوا ل َترْ َفعُوا أصْوَا َت ُكمْ فَ ْوقَ صَ ْوتِ ال ّن ِبيّ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال ثابت بن‬
‫قال‪ :‬لما نزلت‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ي صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وأجهر له بالقول‪ ,‬فأنا من‬
‫قيس‪ :‬فأنا كنت أرفع صوتي فوق صوت النب ّ‬
‫أ هل النار‪ ,‬فق عد في بي ته‪ ,‬فتفقده ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬و سأل عنه‪ ,‬فقال ر جل‪ :‬إ نه‬
‫ن لك عل مه‪ ,‬فقال‪« :‬ن عم»‪ ,‬فأتاه فقال‪ :‬إن ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫لجاري‪ ,‬ولئن شئت لعلم ّ‬
‫ن آ َمنُوا ل َت ْر َفعُوا أ صْوَا َت ُكمْ فَوْ قَ‬
‫وسلم قد تفقدك‪ ,‬وسأل عنك‪ ,‬فقال‪ :‬نزلت هذه الَية يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ت ال ّنبِ يّ‪ ...‬الَ ية وأ نا ك نت أر فع صوتي فوق صوت ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪,‬‬
‫صَوْ ِ‬
‫وأجهر له بالقول‪ ,‬فأنا من أهل النار‪ ,‬فرجع إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فأخبره‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫جنّةِ» فلما كان يوم اليمامة انهزم الناس‪ ,‬فقال‪« :‬أ فّ لهؤلء وما يعبدون‪,‬‬
‫ل هُ َو مِ نْ أ ْهلِ ال َ‬
‫«بَ ْ‬
‫وأ فّ لهؤلء وما يصنعون»‪ ,‬يا معشر النصار خلوا لي بشيء لعلي أصلى بحرّها ساعة قال‪:‬‬
‫ورجل قائم على ثلمة‪ ,‬فقتل و ُقتِل‪.‬‬
‫‪ 24516‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزّهر يّ‪ ,‬أن ثابت بن‬
‫ق يس بن شماس‪ ,‬قال‪ :‬ل ما نزلت ل َترْ َفعُوا أ صْوَا َت ُكمْ فَوْ قَ صَ ْوتِ ال ّنبِ يّ قال‪ :‬يا نبيّ ال‪ ,‬ل قد‬
‫خشيت أن أكون قد هلكت‪ ,‬نهانا ال أن نرفع أصواتنا فوق صوتك‪ ,‬وإني امرؤ جهير الصوت‪,‬‬
‫خيَلء‬
‫ب أن أُحمد ونهى ال عن ال ُ‬
‫ونهى ال المرء أن يح بّ أن يُحمد بما لم يفعل‪ ,‬فأجدني أح ّ‬
‫وأجدني أح بّ الجمال قال‪ :‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬يا ثابِ تُ أما َت ْرضَى أ نْ‬
‫جنّةَ؟» فعاش حميدا‪ ,‬وقُتل شهيدا يوم ُمسَيلمة‪.‬‬
‫شهِيدا‪َ ,‬و َت ْدخُلَ ال َ‬
‫ل َ‬
‫حمِيدا‪َ ,‬وتُ ْقتَ َ‬
‫تَعيشَ َ‬
‫ي بن سهل‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مؤ مل‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا نا فع بن ع مر بن جُميْل‬
‫‪ 24517‬ـ حدث ني عل ّ‬
‫ي صلى‬
‫الجمحي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبن أبي مليكة‪ ,‬عن الزبير‪ ,‬قال‪« :‬قدم وفد أراه قال تميم‪ ,‬على النب ّ‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬من هم القرع بن حابس‪ ,‬فكلم أبو بكر النبيّ صلى ال عل يه وسلم أن يستعمله‬
‫على قو مه‪ ,‬قال‪ :‬فقال ع مر‪ :‬ل تف عل يا ر سول ال‪ ,‬قال‪ :‬فتكل ما ح تى ارتف عت أ صواتهما ع ند‬
‫ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬قال‪ :‬فقال أ بو ب كر لع مر‪ :‬ما أردت إل خل في‪ ,‬قال‪ :‬ما أردت‬
‫ن آمَنوا ل َت ْرفَعوا أ صْوَا َتكُمْ فَوْ قَ صَوْتِ ال ّنبِ يّ‪ ...‬إلى‬
‫خل فك‪ .‬قال‪ :‬ونزل القرآن‪ :‬يا أيّ ها اّلذِي َ‬
‫سمِعَ النبيّ صلى‬
‫عظِيمٌ قال‪ :‬فما حدّث عمر النبيّ صلى ال عليه وسلم بعد ذلك‪َ ,‬فيُ ْ‬
‫جرٌ َ‬
‫قوله‪ :‬وَأ ْ‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬قال‪ :‬وما ذكر ابن الزبير جدّه‪ ,‬يعني أبا بكر‪.‬‬
‫حبَ طَ أعماُلكُ مْ يقول‪ :‬أن ل تح بط أعمال كم فتذ هب باطلة ل ثواب ل كم علي ها‪ ,‬ول‬
‫وقوله‪ :‬أ نْ َت ْ‬
‫جزاء برفعكم أصواتكم فوق صوت نبيكم‪ ,‬وجهركم له بالقول كجهر بعضكم لبعض‪.‬‬
‫وقد اختلف أهل العربية في معنى ذلك‪ ,‬فقال بعض نجوّيي الكوفة‪ :‬معناه‪ :‬ل تحبط أعمالكم‪.‬‬
‫حبَ طْ‬
‫قال‪ :‬وفيه الجزم والرفع إذا وض عت «ل» مكان «أن»‪ .‬قال‪ :‬وهي في قراءة عبد ال « َف َت ْ‬
‫أعماُلكُ مْ» و هو دل يل على جواز الجزم‪ ,‬وقال ب عض نحو يي الب صرة‪ :‬قال‪ :‬أن تح بط أعمال كم‪:‬‬
‫أي مخافة أن تحبط أعمالكم وقد يقال‪ :‬أسند الحائط أن يميل‪.‬‬
‫ن يقول‪ :‬وأنتم ل تعلمونً ول تدورن‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأ ْن ُتمْ ل َتشْ ُعرُو َ‬
‫‪3‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن َيغُضّو نَ أَ صْوَا َت ُهمْ عِندَ رَ سُولِ الّل هِ ُأوْلَـ ِئكَ اّلذِي نَ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إ نّ اّلذِي َ‬
‫عظِيمٌ }‪.‬‬
‫جرٌ َ‬
‫ا ْم َتحَنَ الّلهُ قُلُو َب ُهمْ لِلتّ ْق َوىَ َلهُم ّمغْ ِفرَةٌ وََأ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إن الذين يكفون رفع أصواتهم عند رسول ال‪ ,‬وأصل الغ ضّ‪ :‬الك فّ في‬
‫ض البصر‪ ,‬وهو كفه عن النظر‪ ,‬كما قال جرير‪:‬‬
‫لين‪ .‬ومنه‪ :‬غ ّ‬
‫ن ُن َميْ ٍرفَل َكعْبا بََلغْتَ وَل كِلبا‬
‫ط ْرفَ إ ّنكَ مِ ْ‬
‫َفغُضّ ال ّ‬
‫ُمـ للتّقْوى يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذيـن يغضون‬
‫ّهـ قُلُو َبه ْ‬
‫َنـ الل ُ‬
‫ِينـ ا ْم َتح َ‬
‫ِكـ اّلذ َ‬
‫وقوله‪ :‬أُوَلئ َ‬
‫أ صواتهم ع ند ر سول ال‪ ,‬هم الذ ين اخ تبر ال قلوب هم بامتحا نه إيا ها‪ ,‬فا صطفاها وأخل صها‬
‫للتقوى‪ ,‬يعني لتقائه بأداء طاعته‪ ,‬واجتناب معاصيه‪ ,‬كما يمتحن الذهب بالنار‪ ,‬فيخلص جيدها‪,‬‬
‫ويبطل خبثها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24518‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬ا ْم َتحَ نَ الّلهُ‬
‫قُلُو َب ُهمْ قال‪ :‬أخلص‪.‬‬
‫‪ 24519‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬ا ْم َتحَ نَ‬
‫اللّ ُه قُلُو َب ُهمْ قال‪ :‬أخلص ال قلوبهم فيما أحبّ‪.‬‬
‫جرٌ‬
‫وقوله‪َ :‬لهُ مْ َمغْ ِفرَةٌ يقول‪ :‬ل هم من ال ع فو عن ذنوب هم ال سالفة‪ ,‬و صفح م نه عن ها ل هم وَأ ْ‬
‫عظِيمٌ يقول‪ :‬وثواب جزيل‪ ,‬وهو الجنة‪.‬‬
‫َ‬
‫‪5-4‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ل َيعْقِلُو نَ *‬
‫ت َأ ْكثَرُهُ مْ َ‬
‫حجُرَا ِ‬
‫ك مِن َورَآ ِء ا ْل ُ‬
‫ن ُينَادُونَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ{ :‬إ نّ اّلذِي َ‬
‫خيْرا ّل ُهمْ وَالّلهُ غَفُو ٌر رّحِيمٌ }‪.‬‬
‫ن َ‬
‫خرُجَ إَِل ْي ِهمْ َلكَا َ‬
‫حّتىَ َت ْ‬
‫ص َبرُواْ َ‬
‫وََلوْ َأ ّن ُهمْ َ‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ :‬إن الذ ين ينادو نك يا مح مد من وراء‬
‫حجْرات‪,‬‬
‫حجُرات و ُ‬
‫حجَر‪ ,‬ثم تجمع الحجر فيقال‪َ :‬‬
‫حجراتكِ‪ ,‬والحجرات‪ :‬جمع حجرة‪ ,‬والثلث‪ُ :‬‬
‫ل جمع كان من ثلثة إلى عشرة‬
‫حجَرات بفتح الجيم‪ ,‬وكذلك ك ّ‬
‫وقد تجمع بعض العرب الحجر‪َ :‬‬
‫على ُفعَلٍ يجمعونه على فعَلت بفتح ثانيه‪ ,‬والرفع أفصح وأجود ومنه قول الشاعر‪:‬‬
‫ت‬
‫حجُرَا ُ‬
‫ت بِها ال ُ‬
‫عبّادٌ كَفِيئا ِلدَارِمبَلى‪ ,‬وَلبْيا ٍ‬
‫أما كانَ َ‬
‫يقول‪ :‬بلى ولبني هاشم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأ ْك َثرُهُ مْ ل َيعْقِلُون يقول‪ :‬أكثر هم جهال بد ين ال‪ ,‬واللزم ل هم من ح قك وتعظي مك‪.‬‬
‫وذُكر أن هذه الَية والتي بعدها نزلت في قوم من العراب جاؤوا ينادون رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم من وراء حجراته‪ :‬يا محمد اخرج إلينا‪ .‬ذكر الرواية بذلك‪:‬‬
‫‪ 24520‬ـ حدثنا أبو عمار المروزي‪ ,‬والحسن بن الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الفضل بن موسى‪ ,‬عن‬
‫جرَات‬
‫حُ‬‫ك مِ نْ َورَاءِ ال ُ‬
‫ن يُنادُونَ َ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫الحسين بن واقد‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن البراء في قوله‪ :‬إ ّ‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬يا محمد إنْ حمدي زين‪ ,‬وإن ذمّي شين‪,‬‬
‫ك اللّ ُه تَبا َركَ و َتعَالى»‪.‬‬
‫فقال‪« :‬ذَا َ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن وا ضح‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الح سين‪ ,‬عن أ بي إ سحاق‪ ,‬عن‬
‫حدث نا ا بن ُ‬
‫البراء بمثله‪ ,‬إل أنه قال‪ :‬ذاكم ال عزّ وجلّ‪.‬‬
‫‪ 24521‬ـ حدثنا الحسن بن عرفة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر بن سليمان التيمي‪ ,‬قال‪ :‬سمعت داود‬
‫الطّفاوي يقول‪ :‬سمعت أ با م سلم البجلي يحدّث عن ز يد بن أر قم‪ ,‬قال‪ :‬جاء أناس من العرب‬
‫إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬انطلقوا بنا إلى هذا الرجل‪ ,‬فإن يكن نبيا‬
‫ي صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫فنحن أسعد الناس به‪ ,‬وإن يكن ملِكا نعش في جناحه قال‪ :‬فأتيت النب ّ‬
‫فأخبرته بذلك‪ ,‬قال‪ :‬ثم جاؤوا إلى حجر النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فجعلوا ينادونه‪ .‬يا محمد‪,‬‬
‫ت أ ْكثَرُهُ مْ ل‬
‫جرَا ِ‬
‫حُ‬‫فأنزل ال على نبيه صلى ال عل يه و سلم‪ :‬إ نّ اّلذِي نَ يُنادُونَ كَ مِ نْ َورَاءِ ال ُ‬
‫ك يا َز ْيدُ‪َ ,‬قدْ صَ ّدقَ اللّهُ‬
‫صدّقَ الّل ُه قَوْلَ َ‬
‫َيعْقِلُون قال‪ :‬فأخذ نبيّ ال بأذني فمدّها‪ ,‬فجعل يقول‪َ « :‬قدْ َ‬
‫قَوَْلكَ يا َز ْيدُ»‪.‬‬
‫‪ 24522‬ـ حدث نا الح سن بن أ بي يح يى المقد مي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عفان‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا وُهَ يب‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدثنا موسى بن عقبة‪ ,‬عن أبي سَلَمة‪ ,‬قال‪ :‬ثني القرع بن حابس التميميّ أنه أتى النبيّ صلى‬
‫شيْن فخرج إليه النبيّ صلى‬
‫ن شتمي َ‬
‫ن مدحي َزيْن‪ ,‬وإ ّ‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فناداه‪ ,‬فقال‪ :‬يا محمد إ ّ‬
‫جرَا تِ‪...‬‬
‫حُ‬‫ن اّلذِي نَ يُنادُونَ كَ ِم نْ َورَاء ال ُ‬
‫ك اللّ هُ» فأنزل ال إ ّ‬
‫ال عل يه و سلم فقال‪َ « :‬ويْلَ كَ ذل َ‬
‫الَية‪.‬‬
‫‪24523‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬إ نّ اّلذِي نَ‬
‫جرَاتِ‪ :‬أعراب بني تميم‪.‬‬
‫حُ‬‫ك مِنْ َورَاءِ ال ُ‬
‫يُنادُو َن َ‬
‫‪24524‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة أن رجلً جاء إلى‬
‫حجَر‪ ,‬فقال‪ :‬يا محمد إ نْ مدحي زين‪ ,‬وإ نّ شتمي‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فناداه من وراء ال ُ‬
‫ك ذل كَ الّل ُه فأنزل ال إ نّ اّلذِي نَ يُنادُونَ كَ‬
‫شيْن فخرج إليه النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪َ « :‬ويْلَ َ‬
‫َ‬
‫جرَاتِ أ ْك َثرُ ُهمْ ل َيعْقِلُونَ‪.‬‬
‫حُ‬‫مِنْ َورَاءِ ال ُ‬
‫‪24525‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة قوله‪ :‬إنّ اّلذِينَ يُنادُو َنكَ مِنْ‬
‫حجُرَا تِ‪ ...‬الَية‪ ,‬ذُكر لنا أن رجلً جعل ينادي يا نبيّ ال يا محمد‪ ,‬فخرج إليه النبيّ‬
‫َورَا ِء ال ُ‬
‫شيْن‪ ,‬فقال نبيّ‬
‫ن ذمّه ل َ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪« :‬ما شأنُ كَ»؟ فقال‪ :‬وال إ نّ حمده لزين‪ ,‬وإ ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪« :‬ذَا ُكمُ الّلهُ»‪ ,‬فأدبر الرجل‪ ,‬وذُكر لنا أن الرجل كان شاعرا‪.‬‬
‫‪24526‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي عمرة‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫بشـر بـن غالب ولَبيـد بـن عُطارد‪ ,‬أو بشـر بـن عُطارد ولبيـد بـن غالب‪ ,‬وهمـا عنـد الحجاج‬
‫ك مِ نْ‬
‫ن يُنادُونَ َ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫جالسان‪ ,‬يقول بشر بن غالب للبيد بن عطارد نزلت في قومك بني تميم إ ّ‬
‫جبَ ير‪ ,‬فقال‪ :‬أ ما إ نه لو علم بآ خر الَ ية‪ ,‬أجا به‪َ :‬ي ُمنّون‬
‫حجُرَا تِ فذكرت ذلك ل سعيد بن ُ‬
‫َورَا ِء ال ُ‬
‫عََل ْيكَ أنْ أسَْلمُوا قالوا‪ :‬أسلمنا‪ ,‬ولم يقاتلك بنو أسد‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن المبارك بن فضالة‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪« :‬أتى‬
‫‪24527‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫أعراب يّ إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم من وراء حجرته‪ ,‬فقال‪ :‬يا محمد‪ ,‬يا محمد فخرج إليه‬
‫ن مد حي لز ين‪ ,‬وأن ذمّي لش ين‪,‬‬
‫ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم فقال‪« :‬مالَ كَ مالَ كَ»‪ ,‬فقال‪ :‬تعلم أ ْ‬
‫ن آ َمنُوا ل َترْ َفعُوا أ صْوَا َت ُكمْ‬
‫فقال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪« :‬ذَاكُ مُ اللّ هُ»‪ ,‬فنزلت يا أيّ ها اّلذِي َ‬
‫ت ال ّنبِيّ»‪.‬‬
‫فَوقَ صَوْ ِ‬
‫حجُرَاتِ فقرأته قرّاء المصار بضمّ الحاء والجيم‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله‪ِ :‬منْ َورَا ِء ال ُ‬
‫حجُرات‪ ,‬سوى أبي جعفر القارىء‪ ,‬فإنه قرأ بضم الحاء وفتح الجيم على ما وصفت من‬
‫من ال ُ‬
‫حجَرات‪.‬‬
‫حجَر‪ُ :‬‬
‫حجَر‪ ,‬ثم جمع ال ُ‬
‫حجْرة ُ‬
‫جمع ال ُ‬
‫والصواب من القراءة عندنا الضم في الحرفين كليهما لما وصفت قبل‪.‬‬
‫خيْرا لهُ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬ولو أن هؤلء‬
‫ن َ‬
‫ص َبرُوا ح تى َتخْرُ جَ إَل ْيهِ مْ لَكا َ‬
‫وقوله‪ :‬وََلوْ أ ّنهُ مْ َ‬
‫الذ ين ينادو نك يا مح مد من وراء الحجرات صبروا فلم ينادوك ح تى تخرج إليهم إذا خر جت‪,‬‬
‫لكان خيرا لهم عند ال‪ ,‬لن ال قد أمرهم بتوقيرك وتعظيمك‪ ,‬فهم بتركهم نداءك تاركون ما قد‬
‫نهاهم ال عنه‪ ,‬واللّهُ غَفُو ٌر رَحِي ٌم يقول تعالى ذكره‪ :‬ال ذو عفو عمن ناداك من وراء الحجاب‪,‬‬
‫إن هـو تاب مـن معصـية ال بندائك كذلك‪ ,‬وراجـع أمـر ال فـي ذلك وفـي غيره رحيـم بـه أن‬
‫يعاقبه على ذنبه ذلك من بعد توبته منه‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ق ِب َنبَإٍ َف َت َب ّينُوَاْ أَن تُ صِيببُواْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأيّهَا اّلذِي نَ آ َمُنوَاْ إِن جَآ َءكُ مْ فَا سِ ُ‬
‫ى مَا َفعَ ْلتُمْ نَا ِدمِينَ }‪.‬‬
‫صبِحُواْ عََل َ‬
‫جهَالَةٍ َفُت ْ‬
‫قَ ْومَا ِب َ‬
‫سقٌ ِب َنبَإٍ عن قوم َف َت َب ّينُوا‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ورسوله إنْ جا َء ُكمْ فا ِ‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة قوله‪َ :‬ف َت َب ّينُوا فقرأ ذلك عامـة قرّاء أهـل المدينـة « َف َت َث ّبتُوا» بالثاء‪,‬‬
‫وذُ كر أن ها في م صحف ع بد ال منقو طة بالثاء‪ .‬وقرأ ذلك ب عض القرّاء ف تبيّنوا بالباء‪ ,‬بمع نى‪:‬‬
‫أمهلوا حتى تعرفوا صحته‪ ,‬ل تعجلوا بقبوله‪ ,‬وكذلك معنى « َف َت َث ّبتُوا»‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارىء‬
‫فم صيب‪ .‬وذُ كر أن هذه الَ ية نزلت في الول يد بن عق بة بن أ بي ُمعَ يط‪ .‬ذ كر ال سبب الذي من‬
‫أجله قيل ذلك‪:‬‬
‫‪24528‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جعفر بن عون‪ ,‬عن موسى بن عبيدة‪ ,‬عن ثابت موْلى‬
‫أ مّ سلمة‪ ,‬عن أ مّ سلمة‪ ,‬قالت‪ :‬ب عث ر سول ال صلى ال عل يه و سلم رجلً في صدقات ب ني‬
‫المصطلق بعد الوقعة‪ ,‬فسمع بذلك القوم‪ ,‬فتلقوه يعظمون أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫قال‪ :‬فحدّثه الشيطان أنهم يريدون قتله‪ ,‬قالت‪ :‬فرجع إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫إن بني المصطلق قد منعوا صدقاتهم‪ ,‬فغضب رسول ال صلى ال عليه وسلم والمسلمون قال‪:‬‬
‫فبلغ القوم رجو عه قال‪ :‬فأتوا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ف صفوا له ح ين صلى الظ هر‬
‫فقالوا‪ :‬نعوذ بال من سخط ال وسخط ر سوله بعثت إلي نا رجلً م صدّقا‪ ,‬فسررنا بذلك‪ ,‬وقرّت‬
‫به أعيننا‪ ,‬ثم إنه رجع من بعض الطريق‪ ,‬فخشينا أن يكون ذلك غضبا من ال ومن رسوله‪ ,‬فلم‬
‫ن جا َءكُ مْ‬
‫يزالوا يكلمونه حتى جاء بلل‪ ,‬وأذّن بصلة العصر قال‪ :‬ونزلت يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا إ ْ‬
‫صبِحُوا على ما َفعَ ْلتُمْ نا ِدمِينَ‪.‬‬
‫ن ُتصِيبُوا قَوْما ِبجَهالَةٍ َفُت ْ‬
‫سقٌ ِب َن َبإٍ َفتَ َب ّينُوا أ ْ‬
‫فا ِ‬
‫‪ 24529‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫سقٌ ِب َنبَإٍ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال‪ :‬كان رسول ال صلى‬
‫ن آ َمنُوا إ نْ جا َءكُ مْ فا ِ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ال عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط‪ ,‬ثم أحد بني عمرو بن أمية‪ ,‬ثم أحد بني أبي‬
‫معيط إلى بني المصطلق‪ ,‬ليأخذ منهم الصدقات‪ ,‬وإنه لما أتّاهم الخبر فرحوا‪ ,‬وخرجوا ِل َيتَلقّوْا‬
‫ر سول ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬وإ نه ل ما حدّث الول يد أن هم خرجوا يتلقو نه‪ ,‬ر جع إلى‬
‫ر سول ال صـلى ال عل يه وسـلم‪ ,‬فقال‪ :‬يـا ر سول ال إن بنـي المصـطلق قـد منعوا الصـدقة‪,‬‬
‫فغ ضب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم غض با شديدا‪ ,‬فبين ما هو يحدّث نف سه أن يغزو هم‪ ,‬إذ‬
‫أتاه الوفد‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬إنا حدّثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق‪ ,‬وإنا خشينا أن‬
‫يكون إنمـا ردّه كتاب جاءه منـك لغضـب غضبتـه علينـا‪ ,‬وإنـا نعوذ بال مـن غضبـه وغضـب‬
‫ق ِبنَبإٍ َف َت َب ّينُوا أ نْ‬
‫رسوله‪ ,‬فأنزل ال عذرهم في الكتاب‪ ,‬فقال يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا إ نْ جا َءكُ مْ فا سِ ٌ‬
‫صبِحُوا على ما َفعَ ْلتُمْ نا ِدمِينَ‪.‬‬
‫ُتصِيبُوا قَوْما ِبجَهالَةٍ َفُت ْ‬
‫‪24530‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد في قوله‪ :‬إ نْ‬
‫سقٌ ِب َن َبإٍ قال‪ :‬الوليد بن عقبة بن أبي معيط‪ ,‬بعثه نبيّ ال صلى ال عليه وسلم إلى بني‬
‫جا َءكُمْ فا ِ‬
‫المصـطلق‪ ,‬ليصـدّقهم‪ ,‬فتلقوه بالهديـة فرجـع إلى محمـد صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬فقال‪ :‬إن بنـي‬
‫المصطلق جمعت لتقاتلك‪.‬‬
‫‪ 24531‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا‬
‫إنْ جا َء ُكمْ فاسِقٌ ِب َن َبإٍ‪ ...‬حتى بلغ ِبجَهالَةٍ وهو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة‪ ,‬بعثه نبيّ ال صلى‬
‫ال عليه وسلم مصدّقا إلى بني المصطلق‪ ,‬فلما أبصروه أقبلوا نحوه‪ ,‬فهابهم‪ ,‬فرجع إلى رسول‬
‫ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فأ خبره أن هم قد ارتدّوا عن ال سلم‪ ,‬فب عث نبيّ ال صلى ال عل يه‬
‫و سلم خالد بن الول يد‪ ,‬وأمره أن يتثبّت ول يع جل‪ ,‬فانطلق ح تى أتا هم ليلً‪ ,‬فب عث عيو نه فل ما‬
‫جاؤوا أ خبروا خالدا أن هم م ستمسكون بال سلم‪ ,‬و سمعوا أذان هم و صلتهم‪ ,‬فل ما أ صبحوا أتا هم‬
‫خالد‪ ,‬فرأى الذي يعجبه‪ ,‬فرجع إلى نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأخبره الخبر‪ ,‬فأنزل ال عزّ‬
‫شيْطانِ»‪.‬‬
‫ل ما تسمعون‪ ,‬فكان نبيّ ال يقول‪« :‬ال ّت َبيّنُ ِمنَ الّلهِ‪ ,‬وال َعجَلَ ُة مِنَ ال ّ‬
‫وج ّ‬
‫ن آ َمنُوا إ نْ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة يا أيّ ها اّلذِي َ‬
‫سقٌ ِب َن َبإٍ فذكر نحوه‪.‬‬
‫جاء ُكمْ فا ِ‬
‫‪24532‬ــ حدثنـا محمـد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرحمـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سفيان‪ ,‬عن هلل‬
‫الوزّان‪ ,‬عن ابن أبي ليلى‪ ,‬في قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا إنْ جاءكُمْ فاسِقٌ ِب َنبَإ َف َت َب ّينُوا قال‪ :‬نزلت‬
‫في الوليد بن عقبة بن أبي معيط‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬عن هلل النصاري‪ ,‬عن عبد‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ُ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫سقٌ ِب َن َبإٍ قال‪ :‬نزلت في الوليد بن عقبة حين أُرسل إلى بني‬
‫ن جا َءكُ مْ فا ِ‬
‫الرحمن ابن أبي لَيلى إ ْ‬
‫المصطلق‪.‬‬
‫‪ 24533‬ـ قال‪ :‬ث نا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن إ سحاق‪ ,‬عن يز يد بن رومان‪ ,‬أن ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلمهم‪ ,‬الوليد بن أبي معيط فلما سمعوا به‬
‫ركبوا إليه فلما سمع بهم خافهم فرجع إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأخبره أن القوم قد‬
‫همّوا بقتله‪ ,‬ومنعوا ما ِقبَلهم من صدقاتهم‪ ,‬فأكثر المسلمون في ذكر غزوهم حتى ه ّم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بأن يغزوهم‪ ,‬فبينما هم في ذلك قَدِم وفدهم على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا رسول ال سمعنا برسولك حين بعثته إلينا‪ ,‬فخرجنا إليه لنكرمه‪ ,‬ولنؤدّي إليه‬
‫ما قبلنا من الصدقة‪ ,‬فاستم ّر راجعا‪ ,‬فبلغنا أنه يزعم لرسول ال صلى ال عليه وسلم أنا خرجنا‬
‫إليه لنقاتله‪ ,‬ووال ما خرجنا لذلك فأنزل ال في الوليد بن عقبة وفيهم‪ :‬يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا إ نْ‬
‫سقٌ ِب َن َبإٍ‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫جا َء ُكمْ فا ِ‬
‫‪ 24534‬ـ قال‪ :‬ب عث ر سول ال صلى ال عل يه و سلم رجلً من أ صحابه إلى قوم ي صدقهم‪,‬‬
‫فأتاهـم الرجـل‪ ,‬وكان بينـه وبينهـم إحنـة فـي الجاهليـة فلمـا أتاهـم رحبوا بـه‪ ,‬وأقرّوا بالزكاة‪,‬‬
‫وأعطوا ما عليهم من الحقّ‪ ,‬فرجع الرجل إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬يا رسول‬
‫ال‪ ,‬م نع ب نو فلن ال صدقة‪ ,‬ورَجعوا عن ال سلم‪ ,‬فغ ضب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪,‬‬
‫وبعث إليهم فأتوْه فقال‪« :‬أ َم َن ْعتُمُ الزّكاةَ‪َ ,‬وطَ َردْتمْ رَسُولي؟» فقالوا‪ :‬وال ما فعلنا‪ ,‬وإنا لنعلم أنك‬
‫ر سول ال‪ ,‬ول بدّ ل نا‪ ,‬ول منع نا ح قّ ال في أموال نا‪ ,‬فلم ي صدقهم ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم‪ ,‬فأنزل ال هذه الَية‪ ,‬فعذرهم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬أنْ ُتصِيبُوا قَوْما ِبجَهالَ ٍة يقول تعالى ذكره‪ :‬فتبيّنوا لئل تصيبوا قوما برآء مما قُذفوا به‬
‫ص ِبحُوا على ما فَعَ ْلتُ ْم نا ِدمِي نَ يقول‪ :‬فتندموا على إصابتكم إياهم بالجناية‬
‫بجناية بجهالة منكم َفتُ ْ‬
‫التي تصيبونهم بها‪.‬‬

‫‪8-7‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن ال ْمرِ‬
‫ن فِيكُ ْم رَسُولَ الّل ِه َلوْ ُيطِي ُعكُمْ فِي َكثِيرٍ مّ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَآعَْل ُموَاْ َأ ّ‬
‫صيَانَ‬
‫حبّ بَ إَِل ْيكُ مُ الِيمَا نَ َو َزيّنَ ُه فِي قُلُو ِبكُ مْ َو َكرّ َه إَِل ْيكُ مُ ا ْلكُ ْفرَ وَالْفُ سُوقَ وَا ْلعِ ْ‬
‫َل َع ِنتّ مْ وَلَـكِنّ الّل َه َ‬
‫حكِيمٌ }‪.‬‬
‫ن اللّهِ َو ِن ْعمَةً وَالّلهُ عَلِيمٌ َ‬
‫ن * َفضْلً مّ َ‬
‫شدُو َ‬
‫أُوْلَـ ِئكَ ُهمُ الرّا ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬لصـحاب نـبيّ ال صـلى ال عليـه وسـلم‪ :‬واعلموا أيهـا المؤمنون بال‬
‫ّهـ فاتقوا ال أن تقولوا الباطـل‪ ,‬وتفتروا الكذب‪ ,‬فإن ال يخـبره‬
‫ل الل ِ‬
‫ُمـ رَسـُو َ‬
‫أنـ فِيك ْ‬
‫ورسـوله‪ّ ,‬‬
‫أخباركم‪ ,‬ويعرّفه أنباءكم‪ ,‬ويقوّمه على الصواب في أموره‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬لَ ْو ُيطِي ُعكُ مْ فِي َكثِيرٍ ِم نَ ال ْمرِ َل َع ِنتّ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬لو كان ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يعمل في المور بآرائكم ويقبل منكم ما تقولون له فيطيعكم َل َع ِنتّمْ يقول‪ :‬لنالكم عنت‪,‬‬
‫يعني الشدّة والمشقة في كثير من المور بطاعته إياكم لو أطاعكم لنه كان يخطىء في أفعاله‬
‫ك ما لو ق بل من الول يد بن عق بة قوله في ب ني الم صطلق‪ :‬إن هم قد ارتدّوا‪ ,‬ومنعوا ال صدقة‪,‬‬
‫وجمعوا الجموع لغزو المسلمين‪ ,‬فغزاهم فقتل منهم‪ ,‬وأصاب من دمائهم وأموالهم كان قد قتل‪,‬‬
‫وقتلتم من ل يحلّ له ول لكم قتله‪ ,‬وأخذ وأخذتم من المال ما ل يحلّ له ولكم أخذه من أموال‬
‫حبّب َـ إَل ْيكُم ُـ اليمان َـ بال ورسـوله‪ ,‬فأنتـم‬
‫قوم مسـلمين‪ ,‬فنالكـم مـن ال بذلك عنـت وََلكِنّـ اللّه َـ َ‬
‫تطيعون رسـول ال‪ ,‬وتأتمون بـه فيقيكـم ال بذلك مـن العنـت مـا لو لم تطيعوه وتتبعوه‪ ,‬وكان‬
‫يطيعكم لنالكم وأصابكم‪.‬‬
‫ُمـ الكُ ْفرَ بال‬
‫ّهـ إَل ْيك ُ‬
‫ُمـ يقول‪ :‬وحسـن اليمان فـي قلوبكـم فآمنتـم و َكر َ‬
‫َهـ فِي قُلُو ِبك ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و َز ّين ُ‬
‫وَالفُ سُوقَ يع ني الكذب‪ ,‬والعِ صْيانَ يع ني ركوب ما ن هى ال ع نه في خلف أ مر ر سول ال‬
‫شدُو نَ يقول‪ :‬هؤلء الذين حبّب ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وتضييع ما أمر ال به أُوَلئِ كَ هُ مُ الرّا ِ‬
‫إلي هم اليمان‪ ,‬وزيّ نه في قلوب هم‪ ,‬وكرّه إلي هم الك فر والف سوق والع صيان أولئك هم الراشدون‬
‫السالكون طريق الحقّ‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فَضْلً ِم نَ الّل هِ َو ِن ْعمَةً يقول‪ :‬ول كن ال حبّب إلي كم اليمان‪ ,‬وأن عم علي كم هذه النع مة‬
‫حكِي مٌ يقول‪ :‬وال ذو علم‬
‫ال تي عدّ ها فضلً م نه‪ ,‬وإح سانا ونع مة م نه أنعم ها علي كم وَالّل هُ عَلِي مٌ َ‬
‫بالمحسن منكم من المسيء‪ ,‬ومن هو لنعم ال وفضله أهل‪ ,‬ومن هو لذلك غير أهل‪ ,‬وحكم ٍة في‬
‫تدبيره خلقه‪ ,‬وصرفه إياهم فيما شاء من قضائه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله‪ :‬وَاعَْلمُوا أ نّ‬
‫ل اللّ ِه لَ ْو ُيطِي ُعكُم فِي َكثِيرٍ ِمنَ ال ْمرِ َل َع ِن ّتمْ قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫فِي ُكمْ َرسُو َ‬
‫‪ 24535‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَاعَْلمُوا أ نّ فِيكُ مْ رَ سُولَ‬
‫اللّ هِ‪ ...‬ح تى بلغ َل َع ِنتّ مْ هؤلء أ صحاب نبيّ ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬لو أطاع هم نبيّ ال في‬
‫كثير من المر لعنتم‪ ,‬فأنتم وال أسخف رأيا‪ ,‬وأطيش عقولً‪ ,‬اتهم رجل رأيه‪ ,‬وانتصح كتاب‬
‫ال‪ ,‬فإن كتاب ال ثقة لمن أخذ به‪ ,‬وانتهى إليه‪ ,‬وإن ما سوى كتاب ال تغرير‪.‬‬
‫حدثنا ا بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬قال‪ :‬قال مع مر‪ ,‬تل قتادة لَ ْو ُيطِي ُعكُ مْ فِي َكثِيرٍ‬
‫ن ال ْمرِ َل َع ِنتّ مْ قال‪ :‬فأن تم أسخف رأيا وأطيش أحل ما‪ ,,‬فات هم ر جل رأ يه‪ ,‬وانت صح كتاب ال‬
‫مِ َ‬
‫ن قالوا‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ب إَل ْي ُكمُ اليمَا َ‬
‫حبّ َ‬
‫ن ال َ‬
‫وكذلك كما قلنا أيضا في تأويل قوله‪ :‬وََلكِ ّ‬
‫حبّ بَ إَل ْيكُ مُ‬
‫‪ 24536‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫اليمَا نَ َوزَ ّينَ ُه فِي قُلُو ِبكُ ْم قال‪ :‬حببه إليهم وح سّنه في قلوبهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله‬
‫ن فَضْلً ِم نَ الّل هِ َو ِن ْعمَةً قالوا أي ضا‪.‬‬
‫شدُو َ‬
‫و َكرّ َه إَل ْيكُ مُ الكُ ْفرَ والفُ سُوقَ وَالعِ صْيانَ أوَلئِ كَ هُ مُ الرّا ِ‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24537‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬و َكرّهَ اَل ْيكُمُ الكُ ْفرَ‬
‫والفُ سُوقَ قال‪ :‬الكذب والعصيان قال‪ :‬عصيان النبيّ صلى ال عليه وسلم أُوَلئِ كَ هُم الرّاشدو نَ‬
‫من أ ين كان هذا؟ قال‪ :‬ف ضل من ال ونع مة قال‪ :‬والمنافقون سماهم ال أجمع ين في القرآن‬
‫الكاذبين قال‪ :‬والفاسق‪ :‬الكاذب في كتاب ال كله‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن ا ْلمُ ْؤ ِمنِي نَ ا ْق َتتَلُو ْا َفأَصِْلحُواْ َب ْي َن ُهمَا َفإِن َبغَتْ‬
‫ن مِ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَإِن طَآئِ َفتَا ِ‬
‫حتّىَ َت ِفيَءَ إَِلىَ َأ ْمرِ اللّهِـ َفإِن فَآءَ تْ َفأَ صِْلحُواْ َب ْي َنهُمَا‬
‫لخْ َرىَ فَقَاتِلُو ْا الّتِي َتبْغِي َ‬
‫ىاُ‬
‫حدَاهُمَا عََل َ‬
‫ِإ ْ‬
‫ن اللّ َه ُيحِبّ ا ْل ُم ْقسِطِينَ }‪.‬‬
‫بِا ْلعَدْلِ وََأ ْقسِطُوَ ْا إِ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وإن طائفتان مـن أهـل اليمان اقتتلوا‪ ,‬فأصـلحوا أيهـا المؤمنون بينهمـا‬
‫بالدعاء إلى ح كم كتاب ال‪ ,‬والر ضا ب ما ف يه له ما وعليه ما‪ ,‬وذلك هو ال صلح بينه ما بالعدل‬
‫خرَى يقول‪ :‬فإن أبَت إحدى هاتين الطائفتين الجابة إلى حكم كتاب‬
‫لْ‬‫حدَاهُما عَلى ا ُ‬
‫فإ نْ َبغَ تْ إ ْ‬
‫ال له‪ ,‬وعل يه وتعدّت ما ج عل ال عدلً ب ين خل قه‪ ,‬وأجا بت الخرى منه ما فَقاتِلُوا الّتِي َتبْغِي‬
‫ّهـ يقول‪ :‬حتـى‬
‫يقول‪ :‬فقاتلوا التـي تعتدي‪ ,‬وتأبـى الجابـة إلى حكـم ال حتـى تَفِي َء إلى أ ْمرِ الل ِ‬
‫ت فأَ صِْلحُوا َب ْي َنهُما بال َعدْلِ يقول‪ :‬فإن‬
‫ترجع إلى حكم ال الذي حكم في كتابه بين خلقه فإ نْ فاءَ ْ‬
‫رج عت الباغ ية ب عد قتال كم إيا هم إلى الر ضا بح كم ال في كتا به‪ ,‬فأ صلحوا بين ها وب ين الطائ فة‬
‫الخرى التي قاتلتها بالعدل‪ :‬يعني بالنصاف بينهما‪ ,‬وذلك حكم ال في كتابه الذي جعله عدلً‬
‫بين خلقه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24538‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫خرَى فَقاتِلُوا‬
‫لُ‬‫حدَاهُما على ا ُ‬
‫ن َبغَت إ ْ‬
‫ن مِ نَ المُ ْؤ ِمنِي نَ ا ْق َتتَلُوا فأصْلِحُوا َب ْي َنهُما فإ ْ‬
‫قوله‪ :‬وَإ نْ طائِفَتا ِ‬
‫ي صلى ال عليه وسلم والمؤمنين‬
‫اّلتِي َت ْبغِي حتى تَفِي َء إلى أ ْمرِ اللّ هِ فإن ال سبحانه أمر النب ّ‬
‫إذا اقتتلت طائفتان من المؤمن ين أن يدعو هم إلى ح كم ال‪ ,‬وين صف بعض هم من ب عض‪ ,‬فإن‬
‫أجابوا حكم فيهم بكتاب ال‪ ,‬حتى ينصف المظلوم من الظالم‪ ,‬فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغٍ‪,‬‬
‫فحقّ على إمام المؤمنين أن يجاهدهم ويقاتلهم‪ ,‬حتى يفيئوا إلى أمر ال‪ ,‬ويقرّوا بحكم ال‪.‬‬
‫ن مِ نَ‬
‫‪ 24539‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله‪ :‬وَإ نْ طائِفَتا ِ‬
‫ن اقْ َتتَلُوا‪ ...‬إلى آخر الَية‪ ,‬قال‪ :‬هذا أمر من ال أمر به الوُلة كهيئة ما تكون العصبة‬
‫المُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫ب ين الناس‪ ,‬وأمر هم أن ي صلحوا بينه ما‪ ,‬فإن أبوْا قا تل الفئة الباغ ية‪ ,‬ح تى تر جع إلى أ مر ال‪,‬‬
‫فإذا رجعت أصلحوا بينهما‪ ,‬وأخبروهم أن المؤمنين إخوة‪ ,‬فأصلحوا بين أخويكم قال‪ :‬ول يقاتل‬
‫الفئة الباغية إل المام‪.‬‬
‫وذُكر أن هذه الَية نزلت في طائفتين من الوس والخزرج اقتتلتا في بعض ما تنازعتا فيه‪,‬‬
‫مما سأذكره إن شاء ال تعالى‪ .‬ذكر الرواية بذلك‪:‬‬
‫‪ 24540‬ـ حدثني محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا معتمر بن سليمان‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أنس‪,‬‬
‫قال‪ :‬قيل للنبيّ صلى ال عليه وسلم‪ :‬لو أتيت عبد ال بن أُبيّ‪ ,‬قال‪ :‬فانطلق إليه وركب حمارا‪,‬‬
‫وانطلق المسلمون‪ ,‬وهي أرض سبخة فلما أتاه رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬إليك عني‪,‬‬
‫فوال ل قد آذا ني ن تن حمارك‪ ,‬فقال ر جل من الن صار‪ :‬وال لن تن حمار ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أطيب ريحا منك‪ ,‬قال‪ :‬فغضب لعبد ال بن أُب يّ رجل من قومه قال‪ :‬فغضب لكل‬
‫وا حد منه ما أ صحابه‪ ,‬قال‪ :‬فكان بين هم ضرب بالجر يد واليدي والنعال‪ ,‬فبلغ نا أ نه نزلت في هم‬
‫وَإنْ طائِفَتانِ ِمنَ ال ُم ْؤ ِمنِينَ ا ْق َتتَلُوا فَأصْلِحُوا َب ْي َنهُما‪.‬‬
‫‪ 24541‬ـ حدثني أبو حُ صَين عبد ال بن أحمد بن يونس‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبثر‪ ,‬قال‪ :‬ثني حصين‪,‬‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِي نَ ا ْق َتتَلُوا فَأَ صِْلحُوا َب ْي َنهُمَا قال‪ :‬رجلن اقتتل‬
‫ن مِ ْ‬
‫ن طائِفَتا ِ‬
‫عن أبي مالك في قوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫فغضب لذا قومه‪ ,‬ولذا قومه‪ ,‬فاجتمعوا حتى اضّربوا بالنعال حتى كاد يكون بينهم قتال‪ ,‬فأنزل‬
‫ال هذه الَية‪.‬‬
‫ن مِ نَ‬
‫ن طائِفَتا ِ‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن حصين‪ ,‬عن أبي مالك‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫ن اقْ َتتَلُوا قال‪ :‬كان بينهم قتال بغير سلح‪.‬‬
‫المُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫‪24542‬ـ حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا حصين‪ ,‬عن أبي مالك‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإن‬
‫ن اقْ َتتَلُوا فأَ صِْلحُوا َب ْينَهُ ما قال‪ :‬كا نا حي ين من أحياء الن صار‪ ,‬كان بينه ما‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫ن مِ َ‬
‫طائِفَتا ِ‬
‫تنازع بغير سلح‪.‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا جر ير‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن سعيد بن جُبير‪ ,‬عن ا بن‬
‫‪ 24543‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِي نَ ا ْق َتتَلُوا فأَ صِْلحُوا َب ْي َنهُ ما قال‪ :‬كان قتال هم بالنعال‬
‫ن مِ َ‬
‫ن طائِفَتا ِ‬
‫عباس‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫والعصيّ‪ ,‬فأمرهم أن يصلحوا بينهم‪.‬‬
‫‪24544‬ــ قال‪ :‬ثنـا مهران‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا المُبارك بـن َفضَالة‪ ,‬عـن الحسـن وَإن ْـ طائِفَتانِـ مِنَـ‬
‫المُ ْؤ ِمنِين اقْ َتتَلُوا قال‪ :‬كانت تكون الخصومة بين الحيين‪ ,‬فيدعوهم إلى الحكم‪ ,‬فيأَبْون أن يجيبوا‬
‫خرَى‬
‫لْ‬‫حدَاهُما على ا ُ‬
‫ن َبغَ تْ إ ْ‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِين ا ْق َتتَلُوا فأَ صِْلحُوا َب ْينَهُما فإ ْ‬
‫ن طائِفَتا نِ ِم َ‬
‫فأنزل ال‪ :‬وَإ ْ‬
‫فَقاتِلُوا الّتي َت ْبغِي حتى تَفِي َء إلى أ ْمرِ اللّ ِه يقول‪ :‬ادفعوهم إلى الحكم‪ ,‬فكان قتالهم الدفع‪.‬‬
‫‪ 24545‬ـ قال‪ :‬ث نا مهران‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن ال سديّ وَإ نْ طائِفَتا نِ ِم نَ ال ُم ْؤ ِمنِي نَ ا ْق َتتَلُوا‬
‫فأَ صْلِحوا َب ْي َنهُما قال‪ :‬كانت امرأة من النصار يقال لها أم زيد‪ ,‬تحت رجل‪ ,‬فكان بينها وبين‬
‫زوجها شيء‪ ,‬فرقاها إلى علية‪ ,‬فقال لهم‪ :‬احفظوا‪ ,‬فبلغ ذلك قومها‪ ,‬فجاؤوا وجاء قومه‪ ,‬فاقتتلوا‬
‫باليدي والنعال فبلغ ذلك النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬فجاء ليصـلح بينهـم‪ ,‬فنزل القرآن وَإن ْـ‬
‫خرَى قال‪ :‬تب غي‪ :‬ل‬
‫لْ‬‫ن المُ ْؤ ِمنِي نَ ا ْق َتتَلُوا فأَ صِْلحُوا َب ْينَهُ ما فإ نْ َبغَ تْ إحْداهُ ما على ا ُ‬
‫طائِفَتا نِ ِم َ‬
‫ترضى بصلح رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬أو بقضاء رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪24546‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء جميعـا‪ ,‬عـن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عـن مجاهـد‪ ,‬قوله‪ :‬وَإن ْـ‬
‫ن اقْ َتتَلُوا قال‪ :‬الوس والخزرج اقتتلوا بالعصيّ بينهم‪.‬‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫ن مِ َ‬
‫طائِفَتا ِ‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِي نَ‬
‫ن مِ َ‬
‫ن طائِفَتا ِ‬
‫‪ 24547‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَإ ْ‬
‫ا ْقتَتَلُوا‪ ...‬الَية‪ ,‬الَية‪ ,‬ذُكر لنا أنها نزلت في رجلين من النصار كانت بينهما مدارأة في ح قّ‬
‫بينه ما‪ ,‬فقال أحده ما للَ خر‪ :‬لَخذ نه عنوة لكثرة عشير ته‪ ,‬وأن الَ خر دعاه ليحاك مه إلى نبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأبى أن يتبعه‪ ,‬فلم يزل المر حتى تدافعوا‪ ,‬وحتى تناول بعضهم بعضا‬
‫باليدي والنعال‪ ,‬ولم يكن قتال بالسيوف‪ ,‬فأمر ال أن تُقاتل حتى تفيء إلى أمر ال‪ ,‬كتاب ال‪,‬‬
‫وإلى حكم نبيه صلى ال عليه وسلم وليست كما تأوّلها أهل الشبهات‪ ,‬وأهل البدع‪ ,‬وأهل الفراء‬
‫على ال وعلى كتابه‪ ,‬أنه المؤمن يحلّ لك قتله‪ ,‬فوال لقد عظّم ال حُرمة المؤمن حتى نهاك أن‬
‫خوَةٌ‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫تظنّ بأخيك إل خيرا‪ ,‬فقال‪ :‬إنّما المُ ْؤ ِمنُونَ إ ْ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬أن قوما من المسلمين‬
‫ن المُ ْؤ ِمنِي نَ‬
‫ن طائِفَتا نِ ِم َ‬
‫كان بين هم تنازع ح تى اضطربوا بالنعال واليدي‪ ,‬فأنزل ال في هم وَإ ْ‬
‫ا ْقتَتَلُوا قال قتادة‪ :‬كان رجلن بينهمـا حقـّ‪ ,‬فتدارآ فيـه‪ ,‬فقال أحدهمـا‪ :‬لَخذنّـه عنوة‪ ,‬لكثرة‬
‫عشير ته وقال الَ خر‪ :‬بي ني وبي نك ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فتناز عا ح تى كان بينه ما‬
‫ضرب بالنعال واليدي‪.‬‬
‫‪ 24548‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع بد ال بن‬
‫ن اقْ َتتَلُوا فأَ صِْلحُوا َب ْي َنهُ ما‪,‬‬
‫ن مِ نَ ال ُم ْؤ ِمنِي َ‬
‫عباس‪ ,‬قال‪ :‬قال ز يد‪ ,‬في قول ال تعالى‪ :‬وَإ نْ طائِفَتا ِ‬
‫وذلك الرجلن يقتتلن مـن أهـل السـلم‪ ,‬أو النفـر والنفـر‪ ,‬أو القبيـل والقـبيلة فأمـر ال أئمـة‬
‫المسلمين أن يقضوا بينهم بالحقّ الذي أنزله في كتابه‪ :‬إما القصاص والقود‪ ,‬وإمّا العقل والعير‪,‬‬
‫خرَى ب عد ذلك كان الم سلمون مع المظلوم على الظالم‪,‬‬
‫لْ‬‫حدَاهُ ما على ا ُ‬
‫وإمّا الع فو‪ ,‬فإ نْ َبغَ تْ إ ْ‬
‫حتى يفيء إلى أمر ال‪ ,‬ويرضى به‪.‬‬
‫‪24549‬ـ حدثنا ابن البرقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي مريم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا نافع بن يزيد‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا‬
‫جرَ يج‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ا بن شهاب وغيره‪ :‬يز يد في الحد يث بعض هم على ب عض‪ ,‬قال‪ :‬جلس‬
‫ا بن ُ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم في مجلس فيه عبد ال بن رواحة‪ ,‬وعبد ال بن أُبيّ ابن سلول‪:‬‬
‫فلما ذهب رسول ال صلى ال عليه وسلم قال عبد ال بن أبيّ ابن سلول‪ :‬لقد آذانا بول حماره‪,‬‬
‫و سدّ علي نا الروح‪ ,‬وكان بي نه وب ين ا بن روا حة ش يء ح تى خرجوا بال سلح‪ ,‬فأ تى ر سول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأتاهم‪ ,‬فحجز بينهم‪ ,‬فلذلك يقول عبد ال بن أُبيّ‪:‬‬
‫ك اّلذِينَ ُتصَا ِرعُ‬
‫عَ‬‫خصْ َمكَ جاهدا ُتظَلّمْ َو َيصْرَ ْ‬
‫ك َ‬
‫مَتى ما َي ُكنْ مَوْل َ‬
‫قال‪ :‬فأنزلت فيهم هذه الَية وَإنْ طائِفَتانِ ِمنَ ال ُم ْؤ ِمنِينَ ا ْق َتتَلُوا‪.‬‬
‫سطُوا يقول تعالى ذكره‪ :‬واعدلوا أي ها المؤمنون في حكم كم بين من حكم تم بينهم‬
‫وقوله‪ :‬وَأقْ ِ‬
‫ن اللّ َه ُيحِبّ ال ُمقْسِطِينَ يقول‪ :‬إن ال يحبّ‬
‫بأن ل تتجاوزوا في أحكامكم حكم ال وحكم رسوله إ ّ‬
‫العادلين في أحكامهم‪ ,‬القاضين بين خلقه بالقسط‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن َأخَ َو ْيكُ مْ وَاتّقُو ْا اللّ َه َلعَّلكُ مْ‬
‫ن ِإخْ َوةٌ َفأَ صِْلحُواْ َبيْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ّنمَا ا ْلمُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫حمُونَ }‪.‬‬
‫ُترْ َ‬
‫خ َو ْيكُ مْ إذا‬
‫ن إخْ َوةٌ في الد ين فأَ صْلِحُوا بَي نَ أ َ‬
‫يقول تعالى ذكره ل هل اليمان به إنّمَا المُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫اقتتل بأن تحملوهما على حكم ال وحكم رسوله‪ .‬ومعنى الخوين في هذا الموضع‪ :‬كل مقتتلين‬
‫مـن أهـل اليمان‪ ,‬وبالتثنيـة قرأ ذلك قرّاء المصـار‪ .‬وذُكـر عـن ابـن سـيرين أنـه قرأ «بيـن‬
‫إخوانكم» بالنون على مذهب الجمع‪ ,‬وذلك من جهة العربية صحيح‪ ,‬غير أنه خلف لما عليه‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬وخافوا ال‬
‫قرّاء الم صار‪ ,‬فل أح بّ القراءة ب ها وَاتّقُوا اللّ هَ َلعَّلكُ مْ ُت ْرحَمُو َ‬
‫أيها الناس بأداء فرائضه عليكم في الصلح بين المقتتلين من أهل اليمان بالعدل‪ ,‬وفي غير‬
‫ذلك من فرائضه‪ ,‬واجتناب معاصيه‪ ,‬ليرحمكم ربكم‪ ,‬فيصفح لكم عن سالف إجرامكم إذا أنتم‬
‫أطعتموه‪ ,‬واتبعتم أمره ونهيه‪ ,‬واتقيتموه بطاعته‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سىَ أَن َيكُونُواْ‬
‫سخَرْ قَوْ ٌم مّن قَوْ مٍ عَ َ‬
‫ل يَ ْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأيّهَا اّلذِي نَ آ َمنُواْ َ‬
‫ل َتنَابَزُو ْا بِاللْقَابِ‬
‫س ُكمْ َو َ‬
‫ل تَ ْلمِزُوَ ْا أَن ُف َ‬
‫خيْرا ّم ْنهُنّ َو َ‬
‫سىَ أَن َيكُنّ َ‬
‫عَ‬‫خيْرا ّم ْنهُمْ َولَ ِنسَآءٌ مّن ّنسَآءٍ َ‬
‫َ‬
‫ب فَأُوْلَـ ِئكَ ُه ُم الظّالِمُونَ }‪.‬‬
‫سمُ الْ ُفسُوقُ َب ْعدَ الَيمَانِ َومَن ّلمْ َيتُ ْ‬
‫ِبئْسَ ال ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أي ها الذ ين صدّقوا ال ور سوله‪ ,‬ل يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمن ين‬
‫ن نِساءٍ يقول‪:‬‬
‫خيْرا ِم ْنهُ مْ يقول‪ :‬المهزوء منهم خير من الهازئين وَل نِساءٌ ِم ْ‬
‫ن َيكُونُوا َ‬
‫عَ سَى أ ْ‬
‫ن خيرا من الهازئات‪.‬‬
‫ول يهزأ نساء مؤمنات من نساء مؤمنات‪ ,‬عسى المهزوء منهنّ أن يك ْ‬
‫واختلف أهل التأويل في السخرية التي نهى ال عنها المؤمنين في هذه الَية‪ ,‬فقال بعضهم‪:‬‬
‫هي سخرية الغنيّ من الفقير‪ُ ,‬نهِي أن يُسخر من الفقير لفقره‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24550‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫سخَرْ قَوْ مٌ ِم نْ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد ل يَ ْ‬
‫قَوْ مٍ قال‪ :‬ل يهزأ قوم بقوم أن ي سأل ر جل فق ير غن يا‪ ,‬أو فقيرا‪ ,‬وإن تف ضل ر جل عل يه بش يء‬
‫فل يستهزىء به‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ذلك نهي من ال من ستر عليه من أهل اليمان أن يسخر ممن كشف في‬
‫الدنيا ستره منهم ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24551‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬يا أيّ ها اّلذِي نَ‬
‫خيْرا‬
‫خيْرا ِم ْنهُمْ وَل نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسَى أنْ َيكُنّ َ‬
‫خرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أنْ َيكُونُوا َ‬
‫آ َمنُوا ل يَسْ َ‬
‫ن قال‪ :‬ربما عثر على المرء عند خطيئته عسى أن يكونوا خيرا منهم‪ ,‬وإن كان ظهر على‬
‫ِم ْنهُ ّ‬
‫عثرته هذه‪ ,‬وسترت أنت على عثرتك‪ ,‬لعلّ هذه التي ظهرت خير له في الَخرة عند ال‪ ,‬وهذه‬
‫التي سترت أنت عليها ش ّر لك‪ ,‬ما يدريك لعله ما يغفر لك قال‪ :‬فنُهي الرجل عن ذلك‪ ,‬فقال‪ :‬ل‬
‫خيْرا ِم ْنهُ ْم وقال في النساء مثل ذلك‪.‬‬
‫ن َيكُونُوا َ‬
‫عسَى أ ْ‬
‫سخَرْ قَ ْومٌ ِمنْ قَ ْومٍ َ‬
‫َي ْ‬
‫عمـ بنهيـه المؤمنيـن عـن أن يسـخر‬
‫والصـواب مـن القول فـي ذلك عندي أن يقال‪ :‬إن ال ّ‬
‫بعض هم من ب عض جم يع معا ني ال سخرية‪ ,‬فل يحلّ لمؤ من أن ي سخر من مؤ من ل لفقره‪ ,‬ول‬
‫لذنب ركبه‪ ,‬ول لغير ذلك‪.‬‬
‫ُسـكُمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬ول يغتـب بعضكـم بعضـا أيهـا المؤمنون‪ ,‬ول‬
‫وقوله‪ :‬وَل تَ ْلمِزُوا أنْف َ‬
‫س ُكمْ فجعل اللمز أخاه لمزا نفسه‪ ,‬لن المؤمنين‬
‫يطعن بعضكم على بعض وقال‪ :‬ل تَ ْل ِمزُوا أ ْنفُ َ‬
‫كرجل واحد فيما يلزم بعضهم لبعض من تحسين أمره‪ ,‬وطلب صلحه‪ ,‬ومحبته الخير‪ .‬ولذلك‬
‫ش َتكَى‬
‫ح ِد إذَا ا ْ‬
‫سدِ الوَا ِ‬
‫ن كالجَ َ‬
‫رُوي الخبر عن رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال‪« :‬المُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫سهَر»‪ .‬وهذا نظ ير قوله‪ :‬يا أيّ ها اّلذِي نَ آ َمنُوا ل‬
‫سدِهِ بالحُمّى وال ّ‬
‫عضْ ٌو َتدَاعَى لَ هُ سائِرُ جَ َ‬
‫ِمنْ هُ ُ‬
‫س ُكمْ بمعنى‪ :‬ول‬
‫ن َترَا ضٍ ِم ْنكُمْ وَل تَ ْقتُلُوا أنْفُ َ‬
‫َت ْأكُلُوا أ ْموَاِلكُمْ َب ْي َنكُمُ بالباطِلِ إلّ أ نْ َتكُو نَ تِجارَةً عَ ْ‬
‫يقتل بعضكم بعضا‪ .‬وبنحو الذي قلنا في معنى ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24552‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَل‬
‫س ُكمْ قال‪ :‬ل تطعنوا‪.‬‬
‫تَ ْلمِزُوا أنْ ُف َ‬
‫س ُكمْ‬
‫‪ 24553‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَل تَ ْل ِمزُوا أنْفُ َ‬
‫يقول‪ :‬ول يطعن بعضكم على بعض‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫‪ 24554‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫س ُكمْ يقول‪ :‬ل يطعن بعضكم على بعض‪.‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَل تَلْمزُوا أنْ ُف َ‬
‫قوله‪ :‬وَل تَنا َبزُوا باللْقاب يقول‪ :‬ول تداعوا باللقاب والنبـز واللقـب بمعنـى واحـد‪ ,‬يُجمـع‬
‫النبز‪ :‬أنبازا‪ ,‬واللقب‪ :‬ألقابا‪.‬‬
‫واختلف أ هل التأو يل في اللقاب ال تي ن هى ال عن التنا بز ب ها في هذه الَ ية‪ ,‬فقال بعض هم‪:‬‬
‫ع نى ب ها اللقاب ال تي يكره الن بز ب ها الملقّب‪ ,‬وقالوا‪ :‬إن ما نزلت هذه الَ ية في قوم كا نت ل هم‬
‫أ سماء في الجاهل ية‪ ,‬فل ما أ سلموا نهوا أن يد عو بعض هم بع ضا ب ما يكره من أ سمائه ال تي كان‬
‫يدعى بها في الجاهلية‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24555‬ـ حدثنا حميد بن مسعدة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بشر بن المفضل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا داود‪ ,‬عن عامر‪,‬‬
‫قال‪ :‬قال أبو جبيرة بن الضحاك‪ :‬فينا نزلت هذه الَية في بني سلمة‪ ,‬قدِم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬وما منا رجل إل وله اسمان أو ثلثة‪ ,‬فكان إذا دعا الرجل بالسم‪ ,‬قلنا‪ :‬يا رسول‬
‫ال إنه يغضب من هذا‪ ,‬فنزلت هذه الَية وَل تَنا َبزُوا باللْقاب‪ ...‬الَية كلها‪.‬‬
‫حدث ني مح مد بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الوهاب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا داود‪ ,‬عن عا مر‪ ,‬عن أ بي‬
‫جبَيرة بن الضحاك‪ ,‬قال‪ :‬كان أهل الجاهلية يسمون الرجل بالسماء‪ ,‬فدعا النبيّ صلى ال عليه‬
‫ُ‬
‫و سلم رجلً با سم من تلك ال سماء‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا ر سول ال إ نه يغ ضب من هذا‪ ,‬فأنزل ال وَل‬
‫ق َب ْعدَ اليمَانِ‪.‬‬
‫سمُ ال ُفسُو ُ‬
‫تَنابَزُوا باللْقابِ ِبئْسَ ال ْ‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا داود‪ ,‬عن عا مر‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بو‬
‫جبَيرة بن الضحاك‪ ,‬فذكر عن النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬نحوه‪.‬‬
‫ُ‬
‫حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عُليَة‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا داود عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبو جبيرة بن‬
‫الضحاك‪ ,‬قال‪ :‬نزلت في ب ني سلمة وَل تَنابَزُوا باللْقا بِ قال‪ :‬قَدِم ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫وسلم وليس منا رجل إل وله اسمان أو ثلثة‪ ,‬فكان يدعو الرجل‪ ,‬فتقول أمه‪ :‬إنه يغضب من‬
‫هذا‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت وَل تَنابَزُوا باللْقا بِ‪ .‬وقال مرّة‪ :‬كان إذا د عا با سم من هذا‪ ,‬ق يل‪ :‬يا ر سول‬
‫ال إنه يغضب من هذا‪ ,‬فنزلت الَية‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ذلك قول الر جل الم سلم للر جل الم سلم‪ :‬يا فا سق‪ ,‬يا زا ني‪ .‬ذ كر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 24556‬ـ حدثنا هناد بن السريّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو الحوص‪ ,‬عن حصين‪ ,‬قال‪ :‬سألت عكرِمة‪,‬‬
‫عن قول ال وَل تَنابَزُوا باللْقابِ قال‪ :‬هو قول الرجل للرجل‪ :‬يا منافق‪ ,‬يا كافر‪.‬‬
‫حدثنا يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا حصين‪ ,‬عن عكرِمة‪ ,‬في قوله وَل‬
‫تَنابَزُوا باللْقابِ قال‪ :‬هو قول الرجل للرجل‪ :‬يا فاسق‪ ,‬يا منافق‪.‬‬
‫حدثنـا ابـن حميـد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا مهران‪ ,‬عـن سـفيان‪ ,‬عـن حصـين‪ ,‬عـن عكرِمـة وَل تَنابَزُوا‬
‫باللْقابِ قال‪ :‬يا فاسق‪ ,‬يا كافر‪.‬‬
‫‪24557‬ــ قال‪ :‬ثنـا مهران‪ ,‬عـن سـفيان‪ ,‬عـن خصـيف‪ ,‬عـن مجاهـد أو عكرِمـة وَل تَنا َبزُوا‬
‫باللْقابِ قال‪ :‬يقول الرجل للرجل‪ :‬يا فاسق‪ ,‬يا كافر‪.‬‬
‫‪24558‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬وَل تَنا َبزُوا‬
‫باللْقابِ قال‪ :‬دُعي رجل بالكفر وهو مسلم‪.‬‬
‫‪24559‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَل تَنا َبزُوا باللْقابِ‬
‫يقول للرجل‪ :‬ل تقل لخيك المسلم‪ :‬ذاك فاسق‪ ,‬ذاك منافق‪ ,‬نهى ال المسلم عن ذلك وقدّم فيه‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وَل تَنابَزُوا باللْقاب يقول‪:‬‬
‫ن لخيه المسلم‪ :‬يا فاسق‪ ,‬يا منافق‪.‬‬
‫ل يقول ّ‬
‫‪ 24560‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَل تَنا َبزُوا‬
‫باللقابِ قال‪ :‬تسميته بالعمال السيئة بعد السلم زان فاسق‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ذلك تسمية الرجل الرجل بالكفر بعد السلم‪ ,‬وبالفسوق والعمال القبيحة‬
‫بعد التوبة ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24561‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫سمُ الفُ سُوقُ َب ْعدَ اليمَا نِ‪ ...‬الَ ية‪ ,‬قال‪ :‬التنا بز باللقاب‬
‫س ال ْ‬
‫ا بن عباس وَل تَنا َبزُوا باللْقاب ِبئْ َ‬
‫أن يكون الر جل ع مل ال سيئات ثم تاب من ها‪ ,‬ورا جع الح قّ‪ ,‬فن هى ال أن يُعيّر ب ما سلف من‬
‫عمله‪.‬‬
‫‪ 24562‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬قال‪ :‬قال الح سن‪ :‬كان‬
‫اليهودي والنصرانيّ يسلم‪ ,‬فيلقب‪ ,‬فيقال له‪ :‬يا يهوديّ‪ ,‬يا نصراني‪ ,‬فنهوا عن ذلك‪.‬‬
‫والذي هـو أولى القوال فـي تأويـل ذلك عندي بالصـواب أن يقال‪ :‬إن ال تعالى ذكره نهـى‬
‫المؤمنين أن يتنابزوا باللقاب والتنابز باللقاب‪ :‬هو دعاء المرء صاحبه بما يكرهه من اسم أو‬
‫صفة‪ ,‬وع ّم ال بنه يه ذلك‪ ,‬ولم يخ صص به ب عض اللقاب دون ب عض‪ ,‬فغ ير جائز ل حد من‬
‫المسلمين أن ينبز أخاه باسم يكرهه‪ ,‬أو صفة يكرهها‪ .‬وإذا كان ذلك كذلك صحّت القوال التي‬
‫قالها أهل التأويل في ذلك التي ذكرناها كلها‪ ,‬ولم يكن بعض ذلك أولى بالصواب من بعض‪,‬‬
‫لن كلّ ذلك مما نهى ال المسلمين أن ينبز بعضهم بعضا‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن فعل ما نهينا عنه‪ ,‬وتقدّم على‬
‫سمُ الفُسُوقُ َب ْعدَ اليمَا ِ‬
‫وقوله‪ِ :‬بئْسَ الِ ْ‬
‫معصيتنا بعد إيمانه‪ ,‬فسخر من المؤمنين‪ ,‬ولمز أخاه المؤمن‪ ,‬ونبزه باللقاب‪ ,‬فهو فاسق ِبئْ سَ‬
‫الِ سْمْ الفُ سُوقُ َب ْعدَ اليمَا نِ يقول‪ :‬فل تفعلوا فت ستحقوا إن فعلتموه أن ت سموا ف ساقا‪ ,‬بئس ال سم‬
‫لسْمُ ال ُفسُوقُ عليه‪.‬‬
‫ساِ‬
‫الفسوق‪ ,‬وترك ذكر ما وصفنا من الكلم‪ ,‬اكتفاء بدللة قوله‪ِ :‬بئْ َ‬
‫وكان ابن زيديقول في ذلك ما‪:‬‬
‫‪ 24563‬ـ حدث نا به يو نس بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬وقرأ‬
‫ن قال‪ :‬بئس السم الفسوق حين تسميه بالفسق بعد السلم‪ ,‬وهو‬
‫سمُ الفُ سُوقُ َب ْعدَ اليمَا ِ‬
‫ِبئْ سَ الِ ْ‬
‫على ال سلم‪ .‬قال‪ :‬وأ هل هذا الرأي هم المعتزلة‪ ,‬قالوا‪ :‬ل نكفره ك ما كفره أ هل الهواء‪ ,‬ول‬
‫نقول له مؤ من‪ ,‬ك ما قالت الجما عة‪ ,‬ولك نا ن سميه با سمه إن كان سارقا ف هو سارق‪ ,‬وإن كان‬
‫خائنـا سـموه خائنـا وإن كان زانيـا سـموه زانيـا قال‪ :‬فاعتزلوا الفريقيـن أهـل الهواء وأهـل‬
‫الجماعة‪ ,‬فل بقول هؤلء قالوا‪ ,‬ول بقول هؤلء‪ ,‬فسموا بذلك المعتزلة‪.‬‬
‫س الِ سْمُ الفُ سُوقُ َب ْعدَ اليمَا نِ إلى من َد عي فا سقا‪ ,‬وهو تائب‬
‫فو جه ابن ز يد تأويل قوله‪ِ :‬بئْ َ‬
‫من ف سقه‪ ,‬فبئس ال سم ذلك له من أ سمائه‪ ..‬وغ ير ذلك من التأو يل أولى بالكلم‪ ,‬وذلك أن ال‬
‫تقدّم بالن هي ع ما تقدّم بالن هي ع نه في أوّل هذه الَ ية‪ ,‬فالذي هو أولى أن يختم ها بالوع يد ل من‬
‫تقدّم على بغيه‪ ,‬أو بقبيح ركوبه ما ركب مما نهى عنه‪ ,‬ل أن يخبر عن قُبح ما كان التائب أتاه‬
‫قبل توبته‪ ,‬إذ كانت الَية لم تفتتح بالخبر عن ركوبه ما كان ركب قبل التوبة من القبيح‪ ,‬فيختم‬
‫آخرها بالوعيد عليه أو بالقبيح‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن لم يتب من نبزه أخاه بما‬
‫ب َفأُوَلئِ كَ هُ مُ الظّاِلمُو َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم نْ لَ مْ َيتُ ْ‬
‫نهى ال عن نبزه به من اللقاب‪ ,‬أو لمزه إياه‪ ,‬أو سخرتيه منه‪ ,‬فأولئك هم الذين ظلموا أنفسهم‪,‬‬
‫فأكسبوها عقاب ال بركوبهم ما نهاهم عنه‪.‬‬
‫وكان ابن زيد يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫‪ 24564‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله َومَ نْ لَ مْ َيتُ بْ‬
‫ن قال‪ :‬ومن لم يتب من ذلك الفسوق فأولئك هم الظالمون‪.‬‬
‫فأُوَل ِئكَ ُهمُ الظّاِلمُو َ‬
‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن ِإ ْثمٌ‬
‫ن َبعْضَ الظّ ّ‬
‫ن إِ ّ‬
‫ج َت ِنبُو ْا َكثِيرا ّمنَ الظّ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ ا ْ‬
‫ح ُدكُمْ أَن َي ْأكُلَ َلحْمَ َأخِي ِه َميْتا َفكَرِ ْه ُتمُوهُ وَاتّقُو ْا اللّهَ‬
‫ل َي ْغتَب ّب ْعضُكُم َبعْضا َأ ُيحِبّ َأ َ‬
‫سسُواْ َو َ‬
‫ل َتجَ ّ‬
‫َو َ‬
‫ب ّرحِيمٌ }‪.‬‬
‫ن اللّ َه تَوّا ٌ‬
‫إِ ّ‬
‫ن بالمؤمن ين‪,‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أي ها الذ ين صدّقوا ال ور سوله‪ ,‬ل تقربوا كثيرا من الظ ّ‬
‫ن ولم يقل‪:‬‬
‫ن الظّ ّ‬
‫ج َت ِنبُوا َكثِيرا مِ َ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬ا ْ‬
‫وذلك أن تظنوا سوءا‪ ,‬فإن الظا نّ غير مح قّ‪ ,‬وقال ج ّ‬
‫س ِم ْع ُتمُو ُه ظَ نّ‬
‫ن بعضهم ببعض الخير‪ ,‬فقال‪َ :‬لوْل إذْ َ‬
‫الظ نّ كله‪ ,‬إذ كان قد أذِن للمؤمنين أن يظ ّ‬
‫ل ثناؤه للمؤمن ين أن يظ نّ‬
‫ن فأذن ال ج ّ‬
‫خيْرا وَقالُوا َهذَا إفْ كٌ ُمبِي ٌ‬
‫سهِمْ َ‬
‫المُؤْمنُو نَ وَال ُم ْؤمِنا تَ بُأنْفُ ِ‬
‫بعضهم ببعض الخير وأن يقولوه‪ ,‬وإن لم يكونوا من قيله فيهم على يقين‪ .‬وبنحو الذي قلنا في‬
‫معنى ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24565‬ـ حدث ني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ن بالمؤمن شرّا‪.‬‬
‫ن الظّنّ يقول‪ :‬نهى ال المؤمن أن يظ ّ‬
‫ج َت ِنبُوا َكثِيرا مِ َ‬
‫ن آ َمنُوا ا ْ‬
‫قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ن إثْمٌ يقول‪ :‬إن ظ نّ المؤمن بالمؤمن الشرّ ل الخير إثم‪ ,‬لن ال قد نهاه‬
‫ن َبعْ ضَ الظّ ّ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫عنه‪ ,‬ففعل ما نهى ال عنه إثم‪.‬‬
‫سسُوا يقول‪ :‬ول يتت بع بعض كم عورة ب عض‪ ,‬ول يب حث عن سرائره‪ ,‬يبت غي‬
‫وقوله‪ :‬وَل َتجَ ّ‬
‫بذلك الظهور على عيو به‪ ,‬ول كن اقنعوا ب ما ظ هر ل كم من أمره‪ ,‬و به فاحمدوا أو ذموا‪ ,‬ل على‬
‫ما ل تعلمونه من سرائره‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24566‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫سسُوا يقول‪ :‬نهى ال المؤمن أن يتتبع عورات المؤمن‪.‬‬
‫جّ‬‫قوله‪ :‬وَل َت َ‬
‫‪24567‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء جميعـا‪ ,‬عـن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عـن مجاهـد‪ ,‬قوله‪ :‬وَل‬
‫جسّسُوا قال‪ :‬خذوا ما ظهر لكم ودعوا ما ستر ال‪.‬‬
‫َت َ‬
‫‪ 24568‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا‬
‫ن إثْ مٌ وَل َتجَ سّسُوا هل تدرون ما التجسس أو التجسيس؟‬
‫ض الظّ ّ‬
‫ن َبعْ َ‬
‫ج َت ِنبُوا َكثِيرا مِ نَ الظّ نّ إ ّ‬
‫اْ‬
‫هو أن تتبع‪ ,‬أو تبتغي عيب أخيك لتطلع على سرّه‪.‬‬
‫سسُوا قال‪ :‬البحث‪.‬‬
‫جّ‬‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان وَل َت َ‬
‫‪24569‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫‪ 24570‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬يا أيّ ها اّلذِي نَ‬
‫ن إثْ مٌ وَل َتجَ سّسُوا قال‪ :‬حتى أنظر في ذلك وأسأل‬
‫ض الظّ ّ‬
‫ن َبعْ َ‬
‫ن الظّ نّ إ ّ‬
‫ج َتنِبُوا َكثِيرا مِ َ‬
‫آ َمنُوا ا ْ‬
‫حقـ هـو‪ ,‬أم باطـل؟ قال‪ :‬فسـماه ال تجسـسا‪ ,‬قال‪ :‬يتجسـس كمـا يتجسـس‬
‫عنـه‪ ,‬حتـى أعرف ّ‬
‫الكلب‪,‬‬
‫ضكُ مْ َبعْضا وقوله‪ :‬ول يغتب بعضكم بعضا يقول‪:‬‬
‫ب َبعْ ُ‬
‫وقرأ قول ال‪ :‬وَل َتجَ سّسُوا وَل َي ْغتَ ْ‬
‫ول يقل بعضكم في بعض بظهر الغيب ما يكره المقول فيه ذلك أن يقال له في وجهه‪ .‬وبنحو‬
‫الذي قلنا في ذلك جاء الثر عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وقال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪ ,‬والثر عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫‪ 24571‬ـ حدث ني يز يد بن مخلد الوا سطيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا خالد بن ع بد ال الطحان‪ ,‬عن ع بد‬
‫الرحمن بن إسحاق‪ ,‬عن العلء بن عبد الرحمن‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬قال‪ :‬سُئل رسول‬
‫ن تَقُولَ لخِي كَ ما فِي هِ‪ ,‬فإ نْ ُكنْ تَ صَادِقا فَ َقدِ‬
‫ال صلى ال عل يه وسلم عن الغي بة‪ ,‬فقال‪« :‬هُ َو أ ْ‬
‫ت كاذِبا فَ َقدْ َب َهتّهُ»‪.‬‬
‫غ َت ْبتَه‪ ,‬وَإنْ ُكنْ َ‬
‫اْ‬
‫حدثنا محمد بن عبد ال بن بزيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بشر بن المفضل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن‬
‫إسحاق‪ ,‬عن العلء بن عبد الرحمن‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬عن النبي صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫بنحوه‪.‬‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت العلء يحدّث‪,‬‬
‫ن ما الْغ ّيبَةُ»؟ قال‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬عن النبيّ صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬هَلْ َت ْدرُو َ‬
‫قالوا ال ورسوله أعلم قال‪ِ « :‬ذ ْكرُكَ أخاكَ ِبمَا َليْسَ فِيهِ»‪ ,‬قال‪ :‬أرأيت إن كان في أخي ما أقول‬
‫ن فِي ِه ما تَقُولُ فَ َق ْد َب َهتّهُ»‪.‬‬
‫ن َلمْ َيكُ ْ‬
‫غ َت ْبتَهُ‪ ,‬وَإ ْ‬
‫ل فَقَد ا ْ‬
‫له قال‪« :‬إنْ كان فِي ِه ما تَقُو ُ‬
‫‪ 24572‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد بن الربيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن العباس‪ ,‬عن‬
‫رجل سمع ابن عمر يقول‪ :‬إذا ذكرت الرجل بما فيه‪ ,‬فقد اغتبته‪ ,‬وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد‬
‫َب َهتّه‪ .‬وقال شعبة مرّة أخرى‪ :‬وإذا ذكرته بما ليس فيه‪ ,‬فهي ِفرْية قال أبو موسى‪ :‬هو عباس‬
‫الجَريريّ‪:‬‬
‫‪24573‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عديّ‪ ,‬عن شعبة‪ ,‬عن سليمان‪ ,‬عن عبد ال بن‬
‫مرّة‪ ,‬عن مسروق قال‪ :‬إذا ذكرت الرجل بأسوإ ما فيه فقد اغتبته‪ ,‬وإذا ذكرته بما ليس فيه فقد‬
‫بَهتَه‪.‬‬
‫حدثنـا ابـن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا عبـد الرحمـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سـفيان‪ ,‬عـن العمـش‪ ,‬عـن أبـي‬
‫الضحى‪ ,‬عن مسروق‪ ,‬قال‪ :‬إذا قلت في الرجل أسوأ ما فيه فقد اغتبته‪ ,‬وإذا قلت ما ليس فيه‬
‫فقد بَهتَه‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمر بن عبيد‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي الضحى‪ ,‬عن مسروق‪,‬‬
‫قال الغيبة‪ :‬أن يقول للرجل أسوأ ما يعلم فيه‪ ,‬والبهتان‪ :‬أن يقول ما ليس فيه‪.‬‬
‫‪24574‬ـ حدثنا يونس بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني معاوية بن صالح‪,‬‬
‫عن كثير بن الحارث‪ ,‬عن القاسم‪ ,‬مولى معاوية‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ابن أ مّ عبد يقول‪ :‬ما التقم أحد‬
‫لقمة أشرّ من اغتياب المؤمن‪ ,‬إن قال فيه ما يعلم فقد اغتابه‪ ,‬وإن قال فيه ما ل يعلم فقد َب َهتَه‪.‬‬
‫حدثنا أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن مسلم‪ ,‬عن مسروق‪ ,‬قال‪ :‬إذا‬
‫ذكرت الرجل بما فيه فقد اغتبته‪ ,‬وإذا ذكرته بما ليس فيه فذلك البهتان‪.‬‬
‫‪24575‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر‪ ,‬قال‪ :‬سمعت يونس‪ ,‬عن الحسن أنه قال‬
‫في الغيبة‪ :‬أن تذكر من أخيك ما تعلم فيه من مساوىء أعماله‪ ,‬فإذا ذكرته بما ليس فيه فذلك‬
‫البهتان‪.‬‬
‫‪24576‬ــ حدث نا ابـن أبـي الشوارب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا عبـد الوا حد بن زياد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سليمان‬
‫الشيبانيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حسان بن المخارق أن امرأة دخلت على عائشة فلما قامت لتخرج أشارت‬
‫عائشة بيدها إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬أي أنها قصيرة‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫غ َت ْبتِيها»‪.‬‬
‫«ا ْ‬
‫‪ 24577‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬لو‬
‫مرّ بك أقطع‪ ,‬فقلت‪ :‬ذاك القطع‪ ,‬كانت منك غيبة قال‪ :‬وسمعت معاوية بن قرة يقول ذلك‪.‬‬
‫‪24578‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت معاوية‬
‫بن قُرة يقول‪ :‬لو مرّ بك ر جل أق طع‪ ,‬فقلت له‪ :‬إ نه أق طع ك نت قد اغتب ته‪ ,‬قال‪ :‬فذكرت ذلك‬
‫لبي إسحاق الهمداني فقال‪ :‬صدق‪.‬‬
‫‪ 24579‬ـ حدثني جابر بن الكرد يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي أويس‪ ,‬قال‪ :‬ثني أخي أبو بكر‪ ,‬عن‬
‫حماد بن أبي حميد‪ ,‬عن موسى بن وردان‪ ,‬عن أبي هريرة أن رجلً قام عند رسول ال صلى‬
‫ال عل يه و سلم‪ ,‬فرأوا في قيا مه عجزا‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا ر سول ال ما أع جز فل نا‪ ,‬فقال ر سول ال‬
‫غ َت ْب ُتمُوه»‪.‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪« :‬أكَ ْل ُتمْ أخا ُكمْ وَا ْ‬
‫‪24580‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عثمان بن سعيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حبان بن علي العنزيّ عن‬
‫مثنى بن صباح‪ ,‬عن عمرو بن شعيب‪ ,‬عن معاذ بن جبل‪ ,‬قال‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال‬
‫عل يه و سلم‪ ,‬فذ كر القوم رجلً‪ ,‬فقالوا‪ :‬ما يأ كل إل ما أط عم‪ ,‬و ما ير حل إل ما ر حل له‪ ,‬و ما‬
‫غ َت ْبتُ مْ أخاكُ مْ»‪ ,‬فقالوا يا رسول ال وغيبته أن‬
‫أضعفه فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ا ْ‬
‫عنْ أخِي ُكمْ ما فِيهِ»‪.‬‬
‫ح ّدثُوا َ‬
‫س ِبكُمْ أنْ ُت َ‬
‫حْ‬‫نحدّث بما فيه؟ قال‪« :‬ب َ‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا خالد بن محمد‪ ,‬عن محمد بن جعفر‪ ,‬عن العلء‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن كا نَ فِي هِ‬
‫ت أخا كَ ِبمَا َي ْكرَ هُ فإ ْ‬
‫أبي هريرة قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬إذَا َذكَرْ َ‬
‫ل فَ َقدْ َب َهتّهُ»‪.‬‬
‫ن فِيهِ ما تَقُو ُ‬
‫ن َلمْ َيكُ ْ‬
‫غ َت ْبتَهُ‪ ,‬وَإ ْ‬
‫ما تَقُولُ فَ َقدِ ا ْ‬
‫‪ 24581‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬كنا نحدّث أن الغيبة‬
‫أن تذكر أخاك بما يشينه‪ ,‬وتعيبه بما فيه‪ ,‬وإن كذبت عليه فذلك البهتان‪.‬‬
‫حمَ أخِي ِه َميْتا َف َكرِ ْه ُتمُو ُه يقول تعالى ذكره للمؤمنين أيحبّ أحدكم‬
‫ن ي ْأكُلَ َل ْ‬
‫ح ُدكُمْ أ ْ‬
‫بأَ‬
‫وقوله َأ ُيحِ ّ‬
‫أي ها القوم أن يأ كل ل حم أخ يه ب عد مما ته مي تا‪ ,‬فإن لم تحبوا ذلك وكرهتموه‪ ,‬لن ال حرّم ذلك‬
‫عليكم‪ ,‬فكذلك ل تحبوا أن تغتابوه في حياته‪ ,‬فاكرهوا غيبته حيا‪ ,‬كما كرهتم لحمه ميتا‪ ,‬فإن ال‬
‫حرّم غيبته حيا‪ ,‬كما حرّم أكل لحمه ميتا‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24582‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫حدُكُمْ أ نْ ي ْأكُلَ َلحْمَ أخِي هِ َميْتا قال‪ :‬حرّم ال على المؤمن‬
‫بأَ‬
‫ضكُ ْم َبعْضا َأ ُيحِ ّ‬
‫قوله‪ :‬وَل َي ْغتَبْ َبعْ ُ‬
‫أن يغتاب المؤمن بشيء‪ ,‬كما حرّم ال َميْتة‪.‬‬
‫‪24583‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫حدُكُ مْ أ نْ‬
‫بأَ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪َ :‬أ ُيحِ ّ‬
‫حمَ أخِي ِه َميْتا قالوا‪ :‬نكره ذلك‪ ,‬قال‪ :‬فكذلك فاتقوا ال‪.‬‬
‫ي ْأكُلَ َل ْ‬
‫ل َلحْمَ‬
‫ح ُدكُمْ أنْ ي ْأكُ َ‬
‫بأَ‬
‫‪24584‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪َ :‬أ ُيحِ ّ‬
‫أخِي هِ َميْ تا َف َكرِ ْهتُمُو هُ يقول‪ :‬ك ما أ نت كاره لو وجدت جي فة مدوّدة أن تأ كل من ها‪ ,‬فكذلك فاكره‬
‫غِيبته وهو حيّ‪.‬‬
‫ب َرحِيمٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬فاتقوا ال أيها الناس‪ ,‬فخافوا عقوبته‬
‫ن اللّهَ تَوّا ٌ‬
‫وقوله‪ :‬وَاتّقُوا الّل َه إ ّ‬
‫ن أحدكم بأخيه المؤمن ظ نّ السوء‪ ,‬وتتبع عوراته‪ ,‬والتجسس‬
‫بانتهائكم عما نهاكم عنه من ظ ّ‬
‫عما ستر عنه من أمره‪ ,‬واغتيابه بما يكرهه‪ ,‬تريدون به شينه وعيبه‪ ,‬وغير ذلك من المور‬
‫ب َرحِيمٌ يقول‪ :‬إن ال راجع لعبده إلى ما يحبه إذا رجع العبد‬
‫ن اللّهَ َتوّا ٌ‬
‫التي نهاكم عنها ربكم إ ّ‬
‫لربه إلى ما يحبه منه‪ ,‬رحيم به بأن يعاقبه على ذنب أذنبه بعد توبته منه‪.‬‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله‪َ :‬لحْ مَ أخِي هِ َميْ تا فقرأ ته عا مة قرّاء المدي نة بالتثق يل « َميّ تا»‪,‬‬
‫وقرأ ته عا مة قرّاء الكو فة والب صرة َميْ تا بالتخف يف‪ ,‬وه ما قراءتان عند نا معروفتان متقارب تا‬
‫المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫شعُوبا‬
‫جعَ ْلنَاكُ مْ ُ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأيّهَا النّا سُ إِنّا خَلَ ْقنَاكُم مّن َذ َكرٍ وَُأ ْن َثىَ َو َ‬
‫خبِيرٌ }‪.‬‬
‫ن اللّهَ عَلِيمٌ َ‬
‫ن َأكْ َر َم ُكمْ عَندَ الّل ِه َأتْقَاكُ ْم إِ ّ‬
‫َو َقبَآئِلَ ِل َتعَا َرفُوَ ْا إِ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أي ها الناس إ نا أنشأ نا خلق كم من ماء ذ كر من الرجال‪ ,‬وماء أن ثى من‬
‫النساء وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24585‬ـ حدثنا أبو هشام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا عثمان بن السود‪ ,‬عن‬
‫مجا هد‪ ,‬قال‪ :‬خلق ال الولد من ماء الر جل وماء المرأة‪ ,‬و قد قال تبارك وتعالى يا أيّ ها النّا سُ‬
‫ن َذكَرٍ وُأ ْنثَى‪.‬‬
‫إنّا خَلَقْنا ُكمْ مِ ْ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عثمان بن ال سود‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬إنّا‬
‫حدث نا ا بن ُ‬
‫خَلَ ْقنَاكُ ْم مِنْ َذ َكرٍ وُأ ْنثَى قال‪ :‬ما خلق ال الولد إل من نطفة الرجل والمرأة جميعا‪ ,‬لن ال يقول‬
‫خَلَقْناك ْم مِنْ ذ َكرٍ وُأ ْنثَى‪.‬‬
‫شعُو با َوقَبائِلَ ِلتَعارَفُوا يقول‪ :‬وجعلنا كم متنا سبين‪ ,‬فبعض كم ينا سب بع ضا‬
‫جعَلْناكُ مْ ُ‬
‫وقوله‪َ :‬و َ‬
‫نسـبا بعيدا‪ ,‬وبعضكـم يناسـب بعضـا نسـبا قريبـا فالمناسـب النسـب البعيـد مـن لم ينسـبه أهـل‬
‫الشعوب‪ ,‬وذلك إذا ق يل للر جل من العرب‪ :‬من أ يّ ش عب أ نت؟ قال‪ :‬أ نا من م ضر‪ ,‬أو من‬
‫ربيعة‪ .‬وأما أهل المناسبة القريبة أهل القبائل‪ ,‬وهم كتميم من مضر‪ ,‬وبكر من ربيعة‪ ,‬وأقرب‬
‫شعْب قول ابن أحمر‬
‫القبائل الفخاذ وهما كشيبان من بكر ودارم من تميم‪ ,‬ونحو ذلك‪ ,‬ومن ال ّ‬
‫الباهلي‪:‬‬
‫طرَبا‬
‫خوْلنَ أ ْو َم ْذحِجٍ هاجُوا لَ ُه َ‬
‫س ْعدِ ال َعشِيرَةِ أ ْو َ‬
‫شعْبِ َهمْدانَ أ ْو َ‬
‫مِن َ‬
‫شعُوبا َوقَبائِلَ قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جعَلْناكُ ْم ُ‬
‫وبنحو الذي قلنا في معنى قوله‪َ :‬و َ‬
‫‪ 24586‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بكر بن عياش‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو حُصين‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫جمّاع‪ ,‬والقبائل‪ :‬البطون‪.‬‬
‫ل قال‪ :‬الشعوب‪ :‬ال ُ‬
‫شعُوبا َوقَبائِ َ‬
‫جبير‪ ,‬عن ابن عباس َوجَعلْنا ُكمْ ُ‬
‫جبَير‪,‬‬
‫حدثنا خلد بن أسلم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو بكر بن عياش‪ ,‬عن أبي حصين‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫جمّاع‪ .‬قال خلد‪ ,‬قال أ بو‬
‫ل قال‪ :‬الشعوب‪ :‬ال ُ‬
‫شعُو با َوقَبائِ َ‬
‫جعَلْناكُ مْ ُ‬
‫عن ا بن عباس‪ ,‬في قوله‪َ :‬و َ‬
‫بكر‪ :‬القبائل العظام‪ ,‬مثل بني تميم‪ ,‬والقبائل‪ :‬الفخاذ‪.‬‬
‫‪ 24587‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عطية‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا إسرائيل‪ ,‬عن أبي حصين‪ ,‬عن‬
‫شعُوبا َوقَبائِلَ قال‪ :‬الشعوب‪ :‬الجمهور‪ ,‬والقبائل‪ :‬الفخاذ‪.‬‬
‫جبَير َوجَعلْنا ُكمْ ُ‬
‫سعيد بن ُ‬
‫‪24588‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫شعُوبا قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ُ :‬‬
‫النسب البعيد‪َ .‬وقَبائِلَ دون ذلك‪.‬‬
‫شعُو با َو َقبَائِلَ‬
‫جعَلْناكُ مْ ُ‬
‫‪ 24589‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة َو َ‬
‫قال‪ :‬الشعوب‪ :‬النسب البعيد‪ ,‬والقبائل كقوله‪ :‬فلن من بني فلن‪ ,‬وفلن من بني فلن‪.‬‬
‫شعُو با‬
‫جعَلْناكُ مْ ُ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة َو َ‬
‫قال‪ :‬هو النسب البعيد‪ .‬قال‪ :‬والقبائل‪ :‬كما تسمعه يقال‪ :‬فلن من بني فلن‪.‬‬
‫‪ 24590‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫شعُوبا قال‪ :‬أما الشعوب‪ :‬فالنسب البعيد‪.‬‬
‫جعَلْنا ُكمْ ُ‬
‫يقول في قوله‪َ :‬و َ‬
‫وقال بعضهم‪ :‬الشعوب‪ :‬الفخاذ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24591‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن أبي حصين‪ ,‬عن‬
‫شعُوبا َوقَبائِلَ قال‪ :‬الشعوب‪ :‬الفخاذ‪ ,‬والقبائل‪ :‬القبائل‪.‬‬
‫جعَلْنا ُكمْ ُ‬
‫سعيد بن جُبير َو َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬الشعوب‪ :‬البطون‪ ,‬والقبائل‪ :‬الفخاذ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24592‬ـ حدثني يحيى بن طلحة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو بكر بن عياش‪ ,‬عن أبي حصين‪ ,‬عن سعيد‬
‫شعُوبـا َوقَبائِلَ قال‪ :‬الشعوب‪ :‬البطون‪ ,‬والقبائل‪ :‬الفخاذ‬
‫ُمـ ُ‬
‫جعَلْناك ْ‬
‫بـن جُبير‪ ,‬عـن ابـن عباس َو َ‬
‫الكبار‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬الشعوب‪ :‬النساب‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدث ني مح مد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ث نى أ بي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع مي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن ا بن‬
‫شعُوبا َوقَبائِلَ قال‪ :‬الشعوب‪ :‬النساب‪.‬‬
‫جعَلْنا ُكمْ ُ‬
‫عباس‪َ :‬و َ‬
‫وقوله‪ِ :‬لتَعا َرفُوا يقول‪ :‬ليعرف بعض كم بع ضا في الن سب‪ ,‬يقول تعالى ذكره‪ :‬إن ما جعل نا هذه‬
‫الشعوب والقبائل لكم أيها الناس‪ ,‬ليعرف بعضكم بعضا في قرب القرابة منه وبعده‪ ,‬ل لفضيلة‬
‫لكم في ذلك‪ ,‬وقُر بة تقرّبكم إلى ال‪ ,‬بل أكرمكم عند ال أتقا كم‪ .‬وبن حو الذي قلنا في ذلك قال‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24593‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد َوقَبائِلَ ِلتَعا َرفُوا‬
‫قال‪ :‬جعلنا هذا لتعارفوا‪ ,‬فلن بن فلن من كذا وكذا‪.‬‬
‫ع ْندَ اللّ ِه أتْقاكُمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬إن أكرمكم أيها الناس عند ربكم‪ ,‬أشدّكم‬
‫ن أ ْك َرمَكُمْ ِ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫اتقاء له بأداء فرائضه واجتناب معاصيه‪ ,‬ل أعظمكم بيتا ول أكثركم عشيرة‪.‬‬
‫‪ 24594‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني ابن لهيعة‪ ,‬عن الحارث بن يزيد‪,‬‬
‫لدَمَ‬
‫عن عليّ بن رباح‪ ,‬عن عقبة بن عامر‪ ,‬عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬النّاسُ َ‬
‫ن أنْسا ِبكُمْ َيوْمَ القِيامَةِ‪ ,‬إن‬
‫ن أحْسا ِب ُكمْ وَل عَ ْ‬
‫عْ‬‫حوّاءَ َكطَفّ الصّاعِ لَمْ يَملوه‪ ,‬إنّ الّل َه ل يسأُل ُكمْ َ‬
‫َو َ‬
‫ع ْن َد اللّ ِه أتْقا ُكمْ»‪.‬‬
‫أ ْكرَ َم ُكمْ ِ‬
‫‪24595‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني ابن لهيعة‪ ,‬عن الحارث بن يزيد عن‬
‫ن أنْسا َب ُكمْ َهذِه‬
‫عل يّ بن رباح‪ ,‬عن عقبة بن عامر‪ ,‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬إ ّ‬
‫حدٍ على أحَد َفضْلٌ‬
‫لَ‬‫حدٍ‪ ,‬وإ ّنمَا أ ْنتُ مْ وََلدُ آدَ مَ طَ فّ ال صّاعِ لَ مْ تملوه‪َ ,‬ليْ سَ َ‬
‫َليْ سَتْ ِبمَسابّ عَلى أ َ‬
‫حسْبُ ال ّرجُل أنْ َيكُونَ فاحِشا َب ِذيّا َبخِيلً جَبانا»‪.‬‬
‫ح َ‬
‫ل صالِ ٍ‬
‫عمَ ٍ‬
‫إلّ ِب َديْنٍ أوْ َ‬
‫جرَيج‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عطاء‬
‫‪24596‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫ع ْندَ الّل ِه أتْقاكُ مْ‬
‫ن أكْ َر َمكُ مْ ِ‬
‫ن الناس‪ :‬الذن كله‪ ,‬وقال‪ :‬إ ّ‬
‫يقول‪ :‬قال ابن عباس‪ :‬ثلث آيات جحده ّ‬
‫وقال الناس أكرمكم‪ :‬أعظمكم بيتا وقال عطاء‪ :‬نسيت الثالثة‪.‬‬
‫خبِي ٌر يقول تعالى ذكره‪ :‬إن ال أيهـا الناس ذو علم بأتقاكـم عنـد ال‬
‫ِيمـ َ‬
‫ّهـ عَل ٌ‬
‫إنـ الل َ‬
‫وقوله‪ّ :‬‬
‫وأكرمكم عنده‪ ,‬ذو خبرة بكم وبمصالحكم‪ ,‬وغير ذلك من أموركم‪ ,‬ل تخفى عليه خافية‪.‬‬

‫‪14‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ب آ َمنّا قُل لّمْ ُت ْؤ ِمنُواْ وَلَـكِن قُولُوَ ْا أَسَْلمْنَا وََلمّا‬
‫عرَا ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قَالَتِ ال ْ‬
‫غفُورٌ‬
‫ن اللّ هَ َ‬
‫شيْئا إِ ّ‬
‫عمَاِلكُ مْ َ‬
‫ن أَ ْ‬
‫َي ْدخُلِ الِيمَا نُ فِي قُلُو ِبكُ مْ وَإِن ُتطِيعُواْ الّل هَ َورَ سُولَ ُه لَ يَِل ْتكُ مْ مّ ْ‬
‫ّرحِيمٌ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قالت العراب‪ :‬صدّقنا بال ورسوله‪ ,‬فنحن مؤمنون‪ ,‬قال ال لنبيه محمد‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬قل يا محمد لهم لَ مْ ُت ْؤ ِمنُوا ولستم مؤمنين وََلكِ نْ قُولُوا أ سَْلمْنا‪ .‬وذُكر أن‬
‫هذه الَية نزلت في أعراب من بني أسد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24597‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬قالَ تِ‬
‫عرَابُ آ َمنّا قال‪ :‬أعراب بني أسد بن خُزيمة‪.‬‬
‫الَ ْ‬
‫واختلفت أهل التأويل في السبب الذي من أجله قيل للنبيّ صلى ال عليه وسلم‪ :‬قل لهؤلء‬
‫العراب‪ :‬قولوا أ سلمنا‪ ,‬ول تقولوا آم نا‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬إن ما أ مر ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‬
‫بذلك‪ ,‬لن القوم كانوا صدّقوا بألسنتهم‪ ,‬ولم يصدّقوا قولهم بفعلهم‪ ,‬فقيل لهم‪ :‬قولوا أسلمنا‪ ,‬لن‬
‫السلم قول‪ ,‬واليمان قول وعمل ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عرَاب‬
‫‪24598‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري قالَتِ الَ ْ‬
‫ن قُولُوا أسَْلمْنا قال‪ :‬إن السلم‪ :‬الكلمة‪ ,‬واليمان‪ :‬العمل‪.‬‬
‫آ َمنّا قُلْ َلمْ ُت ْؤ ِمنُوا وََلكِ ْ‬
‫‪ 24599‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬وأ خبرني الزهر يّ‪ ,‬عن‬
‫عامر بن سعد‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬أعطى النبيّ صلى ال عليه وسلم رجالً‪ ,‬ولم يعط رجلً منهم‬
‫شيئا‪ ,‬فقال سعد‪ :‬يا رسول ال أعطيت فلنا وفلنا‪ ,‬ولم تُعط فلنا شيئا‪ ,‬وهو مؤمن‪ ,‬فقال النبيّ‬
‫ي صلى ال عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫صلى ال عليه وسلم‪« :‬أ ْو مُ سِْلمٌ»؟ حتى أعادها سعد ثلثا‪ ,‬والنب ّ‬
‫ب إل يّ‬
‫ن هُ َو أحَ ّ‬
‫ع مَ ْ‬
‫«أوْ مُ سْلِمٌ»‪ ,‬ثم قال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم «إنّي أُعْطِي رِجالً وَأدَ ُ‬
‫ن ُي َكبّوا فِي النّارِ عَلى ُوجُو ِه ِهمْ»‪.‬‬
‫شيْئا مَخافَةَ أ ْ‬
‫عطِي ِه َ‬
‫ِم ْنهُمْ‪ ,‬ل أُ ْ‬
‫عرَا بُ‬
‫‪ 24600‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬قَال تِ ال ْ‬
‫ل لَ مْ ُت ْؤ ِمنُوا قال‪ :‬لم ي صدّقوا إيمان هم بأعمال هم‪ ,‬فردّ ال ذلك علي هم قُلْ لَ مْ تُ ْؤ ِمنُوا وََلكِ نْ‬
‫آمَنّا قُ ْ‬
‫قُولُوا أ سَْلمْنا‪ ,‬وأ خبرهم أن المؤمن ين الذ ين آمنوا بال ور سوله ثم لم يرتابوا‪ ,‬وجاهدوا بأموال هم‬
‫وأنفسهم في سبيل ال‪ ,‬أولئك هم الصادقون‪ ,‬صدّقوا إيمانهم بأعمالهم فمن قال منهم‪ :‬أنا مؤمن‬
‫فقد صدق قال‪ :‬وأما من انتحل اليمان بالكلم ولم يعمل فقد كذب‪ ,‬وليس بصادق‪.‬‬
‫ن قُولُوا‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن مُغيرة‪ ,‬عن إبراهيم وََلكِ ْ‬
‫‪24601‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫أسَْلمْنا قال‪ :‬هو السلم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬إن ما أ مر ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم بق يل ذلك ل هم‪ ,‬لن هم أرادوا أن يت سموا‬
‫بأسماء المهاجرين قبل أن يهاجروا‪ ,‬فأعلمهم ال أن لهم أسماء العراب‪ ,‬ل أسماء المهاجرين‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24602‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثنى أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ب آ َمنّا‪ ...‬الَية‪ ,‬وذلك أنهم أرادوا أن يت سَمّوا باسم الهجرة‪ ,‬ول‬
‫عرَا ُ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬قالَ تِ ال ْ‬
‫يتسَمّوا بأسمائهم التي سماهم ال‪ ,‬وكان ذلك في أوّل الهجرة قبل أن تنزل المواريث لهم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬قيل لهم ذلك لنهم منوا على رسول ال صلى ال عليه وسلم بإسلمهم‪ ,‬فقال‬
‫ال لنبيه صلى ال عليه وسلم‪ :‬قل لهم لم تؤمنوا‪ ,‬ولكن استسلمتم خوف السباء والقتل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫ب آ َمنّا‬
‫عرَا ُ‬
‫‪24603‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬قالَ تِ ال ْ‬
‫قُلْ لَم ْـ تُ ْؤ ِمنُوا ولعمري مـا عمـت هذه الَيـة العراب‪ ,‬إن مـن العراب مـن يؤمـن بال واليوم‬
‫الَ خر‪ ,‬ول كن إن ما أُنزلت في ح يّ من أحياء العراب امتنوا بإ سلمهم على نبيّ ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقالوا‪ :‬أسلمنا‪ ,‬ولم نقاتلك‪ ,‬كما قاتلك بنو فلن وبنو فلن‪ ,‬فقال ال‪ :‬ل تقولوا آمنا‪,‬‬
‫ولكن قولوا أسلمنا حتى بلغ في قلوبكم‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة لَ مْ تُ ْؤ ِمنُوا وََلكِ نْ‬
‫ـمْنا قال‪ :‬لم تعمّـ هذه الَيـة العراب‪ ,‬إن مـن العراب مـن يؤمـن بال واليوم الَخـر‪,‬‬
‫قُولُوا أس َْل‬
‫ويتخذ ما ينفق قربات عند ال‪ ,‬ولكنها في طوائف من العراب‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن رَباح‪ ,‬عن أبي معروف‪ ,‬عن‬
‫‪ 24604‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن قُولُوا أسَْلمْنا قال‪ :‬استسلمنا لخوف السباء‬
‫ب آ َمنّا قُلْ َلمْ ُت ْؤ ِمنُوا وََلكِ ْ‬
‫عرَا ُ‬
‫جبَير قالَت ال ْ‬
‫سعيد بن ُ‬
‫والقتل‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن رجل‪ ,‬عن مجاهد قُولُوا أسَْلمْنا‬
‫‪24605‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫قال‪ :‬استسلمنا‪.‬‬
‫‪ 24606‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬وقرأ قول ال قُلْ لَ مْ تُ ْؤ ِمنُوا‬
‫ن قُولُوا أ سَْلمْنا ا ستسلمنا‪ :‬دخل نا في ال سلم‪ ,‬وترك نا المحار بة والقتال بقول هم‪ :‬ل إله إلّ ال‪,‬‬
‫وََلكِ ْ‬
‫ل اللّ هُ‪,‬‬
‫ن أُقاتِلَ النّا سَ حتى يَقُولُوا ل إلَ هَ إ ّ‬
‫وقال قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ُ« :‬أ ِمرْ تُ أ ْ‬
‫ل ِبحَقّها َوحِسا ُب ُهمْ على الّلهِ»‪.‬‬
‫صمُوا ِمنّي دِماءَ ُهمْ وأمْوَاَل ُهمْ إ ّ‬
‫ع َ‬
‫ل اللّهُ‪َ ,‬‬
‫فإذا قالُوا ل إَلهَ إ ّ‬
‫وأولى القوال بالصواب في تأويل ذلك القول الذي ذكرناه عن الزهريّ وهو أن ال تقدّم إلى‬
‫هؤلء العراب الذ ين دخلوا في الملة إقرارا من هم بالقول‪ ,‬ولم يحققوا قول هم بعمل هم أن يقولوا‬
‫بالطلق آمنا دون تقييد قولهم بذلك بأن يقولوا آمنا بال ورسوله‪ ,‬ولكن أمرهم أن يقولوا القول‬
‫الذي ل يش كل على سامعيه والذي قائله ف يه مح قّ‪ ,‬و هو أن يقولوا أ سلمنا‪ ,‬بمع نى‪ :‬دخل نا في‬
‫الملة والموال‪ ,‬والشهادة الحقّ‪.‬‬
‫ُمـ يقول تعالى ذكره‪ :‬ولمـا يدخـل العلم بشرائع اليمان‪,‬‬
‫َانـ فِي قُلُو ِبك ْ‬
‫قوله‪ :‬وَلمّا َي ْدخُلِ اليم ُ‬
‫وحقائق معانيه في قلوبكم‪.‬‬
‫ن ُتطِيعُوا ال َورَ سُوَلهُ ل يَِل ْتكُ مْ أعماِلكُ مْ شَيئا يقول تعالى ذكره‪ :‬ل نبيه مح مد صلى‬
‫وقوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬قل لهؤلء العراب القائلين آمنا ولما يدخل اليمان في قلوبهم‪ ,‬إن تطيعوا ال‬
‫ورسوله أيها القوم‪ ,‬فتأتمروا لمره وأمر رسوله‪ ,‬وتعملوا بما فرض عليكم‪ ,‬وتنتهوا عما نهاكم‬
‫شيْئا يقول‪ :‬ل يظلمكم من أجور أعمالكم شيئا ول ينقصكم من ثوابها‬
‫ن أعماِلكُمْ َ‬
‫عنه‪ ,‬ل يَِل ْتكُمْ مِ ْ‬
‫شيئا‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24607‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬ل يَِل ْتكُ مْ ل‬
‫ينقصكم‪.‬‬
‫ن أعماِلكُ مْ‬
‫‪ 24608‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله ل يَِل ْتكُ مْ مِ ْ‬
‫شيْئا يقول‪ :‬لن يظلمكم من أعمالكم شيئا‪.‬‬
‫َ‬
‫ن ُتطِيعُوا اللّ هَ‬
‫‪ 24609‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد في وَإ ْ‬
‫َورَ سُوَل ُه قال‪ :‬إن تصدقوا إيمانكم بأعمالكم يقبل ذلك منكم‪ .‬وقرأت قرّاء المصار ل يَِل ْتكُ مْ مِ نْ‬
‫أعماِلكُم بغير همز ول ألف‪ ,‬سوى أبي عمرو‪ ,‬فإنه قرأ ذلك «ل يأََل ْتكُ مْ» بألف اعتبارا منه في‬
‫شيْ ٍء ف من قال‪ :‬ألت‪ ,‬قال‪ :‬يألت‪ .‬وأ ما الَخرون فإن هم‬
‫عمَلِه ْم مِ نْ َ‬
‫ذلك بقوله‪ :‬وَ ما أَل ْتنَاهُ مْ ِم نْ َ‬
‫جعلوا ذلك من لت يليت‪ ,‬كما قال رُؤب ُة بن العجاج‪:‬‬
‫سرَاها َليْتُ‬
‫ن ُ‬
‫س َريْتُوَل ْم يَِل ْتنِي عَ ْ‬
‫وََليْلَ ٍة ذَاتِ َندًى َ‬
‫وال صواب من القراءة عند نا في ذلك‪ ,‬ما عل يه قرّاء المدي نة والكو فة ل يَِل ْتكُ مْ بغ ير ألف ول‬
‫همز‪ ,‬على لغة من قال‪ :‬لت يليت‪ ,‬لعلتين‪ :‬إحداهما‪ :‬إجماع الحجة من القرّاء عليها‪ .‬والثانية‬
‫أنها في المصحف بغير ألف‪ ,‬ول تسقط الهمزة في مثل هذا الموضع‪ ,‬لنها ساكنة‪ ,‬والهمزة إذا‬
‫سكنت ثبتت‪ ,‬كما يقال‪ :‬تأمرون وتأكلون‪ ,‬وإنما تسقط إذا سكن ما قبلها‪ ,‬ول يحمل حرف في‬
‫القرآن إذا أ تى بل غة على آ خر جاء بل غة خلف ها إذا كا نت اللغتان معروفت ين في كلم العرب‪.‬‬
‫وقد ذكرنا أن ألت ولت لغتان معروفتان من كلمهم‪.‬‬
‫غفُورٌ َرحِيمٌـ يقول تعالى ذكره‪ :‬إن ال ذو عفـو أيهـا العراب لمـن أطاعـه‪,‬‬
‫وقوله‪ :‬إنّـ اللّه َـ َ‬
‫وتاب إل يه من سالف ذنو به‪ ,‬فأطيعوه‪ ,‬وانتهوا إلى أمره ونهيه‪ ,‬يغ فر لكم ذنوب كم‪ ,‬رح يم بخل قه‬
‫التائبين إليه أن يعاقبهم بعد توبتهم من ذنوبهم على ما تابوا منه‪ ,‬فتوبوا إليه يرحمكم‪ .‬كما‪:‬‬
‫ن اللّ هَ غَفُورٌ َرحِيمٌ غفور‬
‫‪24610‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة إ ّ‬
‫ك يزيد‪ ,‬رحيم بعباده‪.‬‬
‫للذنوب الكثيرة أو الكبيرة‪ ,‬ش ّ‬

‫‪15‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪ِ{ :‬إنّمَا ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَـ اّلذِينَـ آ َمنُو ْا بِاللّهِـ َورَسـُولِ ِه ثُمّـ لَم ْـ َي ْرتَابُواْ‬
‫سبِيلِ اللّ ِه أُوْلَـ ِئكَ ُه ُم الصّا ِدقُونَ }‪.‬‬
‫س ِهمْ فِي َ‬
‫َوجَا َهدُو ْا ِبَأمْوَاِل ِهمْ وَأَن ُف ِ‬
‫يقول تعالى ذكره للعراب الذ ين قالوا آم نا ول ما يد خل اليمان في قلوب هم‪ :‬إن ما المؤمنون‬
‫أيها القوم الذين صدّقوا ال ورسوله‪ ,‬ثم لم يرتابوا‪ ,‬يقول‪ :‬ثم لم يشكوا في وحدانية ال‪ ,‬ول في‬
‫نبوّة نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وألزم نفسه طاعة ال وطاعة رسوله‪ ,‬والعمل بما وجب عليه‬
‫سبِيلِ الّل هِ‬
‫سهِمْ فِي َ‬
‫من فرائض ال بغير ش كّ منه في وجوب ذلك عليه وَجا َهدُوا بأمْوَاِلهِ مْ وأنْفُ ِ‬
‫يقول‪ :‬جاهدوا المشركين بإنفاق أموالهم‪ ,‬وبذل ُم َهجِهم في جهاد هم‪ ,‬على ما أمرهم ال به من‬
‫جهادهم‪ ,‬وذلك سبيله لتكون كلمة ال العليا‪ ,‬وكلمة الذين كفروا السفَلى‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬أُوَلئِ كَ هُ مُ ال صّادِقُونَ يقول‪ :‬هؤلء الذ ين يفعلون ذلك هم ال صادقون في قول هم‪ :‬إ نا‬
‫مؤمنون‪ ,‬ل من د خل في الملة خوف ال سيف ليح قن د مه وماله‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24611‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬أُوَلئِ كَ هُ مُ‬
‫ن قال‪ :‬صدّقوا إيمانهم بأعمالهم‪.‬‬
‫الصّادِقو َ‬
‫‪16‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سمَاوَاتِ َومَا فِي‬
‫ن اللّ هَ ِبدِي ِنكُ مْ وَاللّ هُ َيعْلَمُ مَا فِي ال ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قُلْ َأ ُتعَّلمُو َ‬
‫شيْءٍ عَلِيمٌ }‪.‬‬
‫الرْضِ وَالّل ُه ِبكُلّ َ‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ :‬قل يا مح مد لهؤلء العراب القائل ين‬
‫آمنا ولمّا يدخل اليمان في قلوبهم‪ :‬أ ُتعَّلمُو نَ الّل هَ أيها القوم بدينكم‪ ,‬يعني بطاعتكم ربكم وَاللّ هُ‬
‫سمَوَاتِ ومَا فِي الرْ ضِ يقول‪ :‬وال الذي تعلّمونه أنكم مؤمنون‪ ,‬عَلّم جميع ما‬
‫َيعْلَ مُ ما في ال ّ‬
‫في السموات السبع والرضين السبع‪ ,‬ل يخفى عليه منه شيء‪ ,‬فكيف تعلمونه بدينكم‪ ,‬والذي‬
‫أنتم عليه من اليمان‪ ,‬وهو ل يخفى عليه خافية‪ ,‬في سماء ول أرض‪ ,‬فيخفى عليه ما أنتم عليه‬
‫ل شَيْءٍ عَلِي مٌ يقول‪ :‬وال بكلّ ما كان‪ ,‬و ما هو كائن‪ ,‬وب ما يكون ذو علم‪.‬‬
‫من الد ين وَاللّ هُ ِبكُ ّ‬
‫وإن ما هذا تقدّم من ال إلى هؤلء العراب بالن هي‪ ,‬عن أن يكذّبوا ويقولوا غ ير الذي هم عل يه‬
‫في دين هم‪ .‬يقول‪ :‬ال مح يط بكلّ ش يء عالم به‪ ,‬فاحذروا أن تقولوا خلف ما يعلم من ضمائر‬
‫صدوركم‪ ,‬فينالكم عقوبته‪ ,‬فإنه ل يخفى عليه شيء‪.‬‬

‫‪17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل َم ُكمْ بَلِ الّل هُ‬
‫ن أَ سَْلمُواْ قُل لّ َت ُمنّواْ عَلَ يّ إِ سْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ي ُمنّو نَ عََليْ كَ أَ ْ‬
‫ن ُك ْن ُتمْ صَا ِدقِينَ }‪.‬‬
‫ن إِ ُ‬
‫ن هَداكُ ْم لِلِيمَا ِ‬
‫َيمُنّ عََل ْي ُكمْ أَ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬يم نّ عليك هؤلء العراب يا محمد أن‬
‫ل َم ُكمْ بَلِ الّلهُ َيمُنّ عََل ْيكُمْ أنْ َهدَاكُمْ لليمَانِ يقول‪ :‬بل ال يمن عليكم‬
‫أسلموا قُلْ ل َت ُمنّوا عَليّ إسْ َ‬
‫ن ُك ْنتُ مْ صَادِقِينَ يقول‪ :‬إن كن تم صادقين في قول كم‬
‫أي ها القوم أن وفق كم لليمان به وبر سوله إ ْ‬
‫ي بإسلمكم‪.‬‬
‫ن عليكم بأن هداكم له‪ ,‬فل تمنوا عل ّ‬
‫آمنا‪ ,‬فإن ال هو الذي م ّ‬
‫وذُكر أن هؤلء العراب من بني أسد‪ ,‬امتنوا على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقالوا‪:‬‬
‫آمنا من غير قتال‪ ,‬ولم نقاتلك كما قاتلك غيرنا‪ ,‬فأنزل ال فيهم هذه الَيات‪ :‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24612‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬عن‬
‫ن ْأسَْلمُوا أهم بنو أسد؟ قال‪ :‬قد قيل ذلك‪.‬‬
‫جبَير في هذه الَية َي ُمنّونَ عََل ْيكَ أ ْ‬
‫سعيد بن ُ‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سهل بن يوسف‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬قال‪ :‬قلت‬
‫ن أسَْلمُوا أهم بنو أسد؟ قال‪ :‬يزعمون ذاك‪.‬‬
‫جبَير ي ُمنّونَ عََل ْيكَ أ ْ‬
‫لسعيد بن ُ‬
‫‪24613‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي عمرة‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫بشر بن غالب ولبيد بن عطارد‪ ,‬أو بشر بن عطارد‪ ,‬ولبيد بن غالب عند الحجاج جالسين‪ ,‬فقال‬
‫جرَاتِ‬
‫حُ‬‫ن يُنا ُدنَكَ مِ نْ َورَا ِء ال ُ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫بشر بن غالب للبيد بن عطارد‪ :‬نزلت في قومك بني تميم إ ّ‬
‫فذكرت ذلك لسعيد بن جُبير‪ ,‬فقال‪ :‬إنه لو علم بآخر الَية أجابه َي ُمنّو نَ عَ ْليَ كَ أ نْ أ سَْلمُوا قالوا‬
‫أسلمنا ولم نقاتلك بنو أسد‪.‬‬
‫‪24614‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ل َت ُمنّوا أنا أسلمنا‬
‫ل لهم‬
‫بغير قتال لم نقاتلك كما قاتلك بنو فلن وبنو فلن‪ ,‬فقال ال لنبيه صلى ال عليه وسلم‪ :‬قُ ْ‬
‫ل َت ُمنّوا عَليّ إسْل َم ُكمْ بَلِ الّلهُ َي ُمنّ عََل ْيكُمْ أنْ َهدَا ُكمْ لليمَانِ‪.‬‬
‫‪ 24615‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬ي ُمنّو نَ عََليْ كَ أ نْ‬
‫أسَْلمُوا قُلْ ل َت ُمنّوا عَليّ إسْل َم ُكمْ قال‪ :‬فهذه الَيات نزلت في العراب‪.‬‬

‫‪18‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سمَاوَاتِ وَالرْ ضِ وَاللّ ُه بَ صِيرٌ بِمَا‬
‫غيْ بَ ال ّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إ نّ الّل هَ َيعْلَ مُ َ‬
‫َت ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إن ال أيهـا العراب ل يخفـى عليـه الصـادق منكـم مـن الكاذب‪ ,‬ومـن‬
‫الداخل منكم في ملة السلم رغبة فيه‪ ,‬ومن الداخل فيه رهبة من رسولنا محمد صلى ال عليه‬
‫و سلم وجنده‪ ,‬فل تعلمو نا دين كم وضمائر صـدوركم‪ ,‬فإن ال يعلم ما تك نه ضمائر صـدوركم‪,‬‬
‫وتحدّثون به أنفسكم‪ ,‬ويعلم ما غاب عنكم‪ ,‬فاستسرّ في خبايا السموات والرض‪ ,‬ل يخفى عليه‬
‫ن يقول‪ :‬وال ذو ب صر بأعمال كم ال تي تعملون ها‪ ,‬أجهرا‬
‫ش يء من ذلك والّل هُ بَ صِيرٌ بِ ما َت ْعمَلُو َ‬
‫تعملون أم سرّا‪ ,‬طاعة تعملون أو معصية؟ وهو مجازيكم على جميع ذلك‪ ,‬إن خيرا فخير‪ ,‬وإن‬
‫شرّا فشرّ وكُفُؤه‪.‬‬
‫ن أ سَْلمْوا في موضع نصب بوقوع يمنون عليها‪ ,‬وذكر أن ذلك‬
‫ن في قوله‪َ :‬ي ُمنّوا عََليْ كَ أ ْ‬
‫وإ ْ‬
‫في قراءة عبد ال « َي ُمنّونَ عََل ْيكَ إسْل َم ُهمْ»‪ ,‬وذلك دليل على صحة ما قلنا‪ ,‬ولو قيل‪ :‬هي نصب‬
‫بمعنى‪ :‬يمنون عليك لن أسلموا‪ ,‬لكان وجها يتجه‪ .‬وقال بعض أهل العربية‪ :‬هي في موضع‬
‫خفض‪ .‬بمعنى‪ :‬لن أسلموا‪.‬‬
‫وأما أن التي في قوله‪ :‬بَلِ الّل هُ َي ُم نّ عََل ْيكُ مْ أ نْ َهدَاكُ مْ فإنها في موضع نصب بسقوط الصلة‬
‫لن معنى الكلم‪ :‬بل ال يمنّ عليكم بأن هداكم لليمان‪.‬‬

‫سورة ق‬
‫سورة ق مكية‬
‫وآياتها خمس وأربعون‬
‫بِسم ال الرحمَن الرحيم‬
‫‪2-1‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫جبُوَ ْا أَن جَآءَهُمْ مّن ِذرٌ ّم ْنهُمْ فَقَالَ‬
‫عِ‬‫ن ا ْل َمجِيدِ * بَلْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قَ وَالْ ُقرْآ ِ‬
‫عجِيبٌ }‪.‬‬
‫شيْءٌ َ‬
‫ن هَـذَا َ‬
‫ا ْلكَا ِفرُو َ‬
‫اختلف أهل التأويل في قوله‪ :‬ق‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬هو اسم من أسماء ال تعالى أُقسم به ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫ي بن داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ابن‬
‫‪ 24616‬ـ حدثني عل ّ‬
‫عباس في قوله‪ :‬ق و ن وأشباه هذا‪ ,‬فإنه قسم أقسمه ال‪ ,‬وهو اسم من أسماء ال‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هو اسم من أسماء القرآن‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24617‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله ق قال‪:‬‬
‫اسم من أسماء القرآن‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬ق اسم الجبل المحيط بالرض‪ ,‬وقد تقدّم بياننا في تأويل حروف المعجم التي‬
‫في أوائل سور القرآن بما فيه الكفاية عن إعادته في هذا الموضع‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَالقُرآنِ ال َمجِيدِ يقول‪ :‬والقرآن الكريم‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24618‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن يمان‪ ,‬عن أشعث بن إسحاق‪ ,‬عن جعفر بن‬
‫جبَير ق والقرآن ال َمجِيدِ قال‪ :‬الكريم‪.‬‬
‫أبي المغيرة‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫واختلف أ هل العرب ية في مو ضع جواب هذا الق سم‪ ,‬فقال ب عض نحوّ يي الب صرة ق والقُرآ نِ‬
‫ال َمجِي ِد قسم على قوله‪ :‬قَدْ عَِلمْنا ما َتنْقُ صُ الرْ ضُ ِم ْنهُ مْ وقال بعض نحوّيي أهل الكوفة‪ :‬فيها‬
‫المعنى الذي أقسم به‪ ,‬وقال‪ :‬ذكر أنها قضى وال‪ ,‬وقال‪ :‬يقال‪ :‬إن قاف جبل محيط بالرض‪,‬‬
‫فإن يكن كذلك فكأنه في موضع رفع‪ :‬أي هو قاف وال قال‪ :‬وكان ينبغي لرفعه أن يظهر لنه‬
‫اسم وليس بهجاء قال‪ :‬ولعلّ القاف وحدها ذكرت من اسمه‪ ,‬كما قال الشاعر‪:‬‬
‫(قُلْت لهَا قِفِي َلنَا قالَتْ قافْ )‬
‫ذُكرت القاف إرادة القاف من الوقف‪ :‬أي إني واقفة‪.‬‬
‫وهذا القول الثاني عندنا أولى القولين بالصواب‪ ,‬لنه ل يعرف في أجوبة اليمان قد‪ ,‬وإنما‬
‫تجاب اليمان إذا أجيبت بأحد الحروف الربعة‪ :‬اللم‪ ,‬وإن‪ ,‬وما‪ ,‬ول‪ ,‬أو بترك جوابها فيكون‬
‫ساقطا‪.‬‬
‫ن جاءَهُ ْم ُم ْنذِرٌ ِم ْنهُمْ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم ما‬
‫جبُوا أ ْ‬
‫عِ‬‫وقوله‪ :‬بَلْ َ‬
‫كذّبك يا محمد مشركو قومك أن ل يكونوا عالمين بأنك صادق مح قّ‪ ,‬ولكنهم كذّبوا تعجبا من‬
‫أن جاء هم منذر ينذر هم عقاب ال من هم‪ ,‬يع ني بشرا من هم من ب ني آدم‪ ,‬ولم يأت هم مَلك بر سالة‬
‫ِيبـ يقول تعالى ذكره‪ :‬فقال المكذّبون بال‬
‫عج ٌ‬ ‫شيْءٌ َ‬
‫ُونـ َهذَا َ‬
‫ل الكا ِفر َ‬
‫مـن عنـد ال وقوله‪ :‬فَقا َ‬
‫عجِي بٌ‪ :‬أي مج يء ر جل منا من بني آدم‬
‫ور سوله من قريش إذ جاءهم منذر منهم َهذَا شَيْءٌ َ‬
‫ن َمعَهُ َنذِيرا‪.‬‬
‫ل ُأ ْنزِلَ إَليْ ِه مََلكٌ َف َيكُو َ‬
‫برسالة ال إلينا‪ ,‬هَ ّ‬

‫‪4-3‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬أَِإذَا ِم ْتنَا َو ُكنّا ُترَابا ذَلِ كَ َرجْ عُ َبعِيدٌ * َقدْ عَِل ْمنَا مَا تَنقُ صُ‬
‫ب حَفِيظٌ }‪.‬‬
‫الرْضَ ِم ْن ُهمْ َوعِن َدنَا ِكتَا ٌ‬
‫يقول القائل‪ :‬لم يجر للبعث ذكر‪ ,‬فيخبر عن هؤلء القوم بكفرهم ما دعوا إليه من ذلك‪ ,‬فما‬
‫وجه الخبر عنهم بإنكارهم ما لم يدعوا إليه‪ ,‬وجوابهم عما لم يُسألوا عنه‪ .‬قيل‪ :‬قد اختلف أهل‬
‫العربية في ذلك‪ ,‬فنذكر ما قالوا في ذلك‪ ,‬ثم نتبعه البيان إن شاء ال تعالى‪ ,‬فقال في ذلك بعض‬
‫نحوّ يي الب صرة قال‪ :‬أئذا ِمتْ نا وكُنّا ُترَا با ذَل كَ َرجْ عٌ َبعِيدٌ‪ ,‬لم يذ كر أ نه را جع‪ ,‬وذلك وال أعلم‬
‫لنه كان على جواب‪ ,‬كأنه قيل لهم‪ :‬إنكم ترجعون‪ ,‬فقالوا‪ :‬أ ِئذَا متنا و ُكنّا ُترَابا ذَل كَ َرجْ عٌ َبعِيدٌ‬
‫وقال بعض نحوّيي الكوفة قوله‪ :‬أ ِئذَا متْنا و ُكنّا ُترَابا كلم لم يظهر قبله‪ ,‬ما يكون هذا جوابا له‪,‬‬
‫ولكن معناه مضمر‪ ,‬إنما كان وال أعلم‪ :‬ق والقرآن المجيد َل ُتبْعث نّ بعد الموت‪ ,‬فقالوا‪ :‬أئذَا كنا‬
‫ترابا بُعثنا؟ جحدوا البعث‪ ,‬ثم قالوا‪ :‬ذَلِ كَ َرجْ عٌ َبعِيدٌ جحدوه أصلً‪ ,‬قوله‪َ :‬بعِيدٌ كما تقول للرجل‬
‫يخطىء في الم سألة‪ ,‬ل قد ذه بت مذه با بعيدا من ال صواب‪ :‬أي أخطأت‪ .‬وال صواب من القول‬
‫في ذلك عند نا‪ ,‬أن في هذا الكلم مترو كا ا ستغني بدللة ما ذُ كر عل يه من ذكره‪ ,‬وذلك أن ال‬
‫دلّ ب خبره عن تكذ يب هؤلء المشرك ين الذ ين ابتدأ هذه ال سورة بال خبر عن تكذيب هم ر سوله‬
‫شيْءٌ‬
‫ن َهذَا َ‬
‫ن جاءَهُ مْ ُم ْن ِذرٌ ِم ْنهُ ْم فَقالَ الكا ِفرُو َ‬
‫جبُوا أ ْ‬
‫عِ‬‫محمدا صلى ال عل يه و سلم بقوله‪ :‬بَلْ َ‬
‫ب على وعيده إيا هم على تكذيبهـم محمدا صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فكأ نه قال ل هم‪ :‬إذ قالوا‬
‫عجِي ٌ‬
‫َ‬
‫عجِيبٌ ستعلمون أيها القوم إذا‬
‫شيْءٌ َ‬
‫منكرين رسالة ال رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم َهذَا َ‬
‫أنتم بُعثتم يوم القيامة ما يكون حالكم في تكذيبكم محمدا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وإنكاركم نبوّته‪,‬‬
‫فقالوا مج يبين ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أ ِئذَا ِمتْ نا وكُنّا تُرا با نعلم ذلك‪ ,‬ونرى ما تعد نا‬
‫على تكذيبك ذل كَ َرجْ ٌع َبعِيدٌ‪ :‬أي أن ذلك غير كائن‪ ,‬ولسنا راجعين أحياء بعد مماتنا‪ ,‬فاستغني‬
‫َجيبـ مـن ذكـر مـا‬
‫ٌ‬ ‫ُمـ فقال الكافرون َهذَا شَيْءٌ ع‬
‫ُمـ ُم ْن ِذرٌ ِم ْنه ْ‬
‫أنـ جاءَه ْ‬
‫جبُوا ْ‬
‫عِ‬‫بدللة قوله‪ :‬بَلْ َ‬
‫ذكرت من الخبر عن وعيدهم‪ .‬وفيما‪:‬‬
‫‪ 24619‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول قي قوله‪ :‬أ ِئذَا متْ نا وكُنّا ُترَا با ذل كَ َرجْ عٌ َبعِيدٌ قالوا‪ :‬ك يف يحيي نا ال‪ ,‬و قد صرنا عظا ما‬
‫ورفاتا‪ ,‬وضللنا في الرض‪ ,‬دللة على صحة ما قلنا من أنهم أنكروا البعث إذا توعّدوا به‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬قدْ عَِلمْ نا ما َتنْ ُق صُ الرْ ضُ ِم ْنهُ مُ يقول تعالى ذكره‪ :‬قد علم نا ما تأ كل الرض من‬
‫أجسامهم بعد مماتهم‪ ,‬وعندنا كتاب بما تأكل الرض وتفني من أجسامهم‪ ,‬ولهم كتاب مكتوب‬
‫مع علمنا بذلك‪ ,‬حافظ لذلك كله‪ ,‬وسماه ال تعالى حفيظا‪ ,‬لنه ل يدرس ما كتب فيه‪ ,‬ول يتغير‬
‫ول يتبدل‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24620‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ُمـ يقول‪ :‬مـا تأكـل الرض مـن لحومهـم‬
‫ْضـ ِم ْنه ْ‬
‫ُصـ الر ُ‬
‫ابـن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬قَدْ عَِلمْنـا مـا َتنْق ُ‬
‫وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم‪.‬‬
‫‪24621‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬ما َتنْقُ صُ‬
‫الرْضُ ِم ْن ُهمْ قال‪ :‬من عظامهم‪.‬‬
‫‪ 24622‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪َ :‬قدْ عَِلمْ نا ما‬
‫ض ِم ْنهُمُ يقول‪ :‬ما تأكل الرض منهم‪.‬‬
‫َتنْقُصُ الرْ ُ‬
‫حدثنـا ابـن عبـد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ابـن ثور‪ ,‬عـن معمـر‪ ,‬عـن قتادة َقدْ عَِلمْنـا مـا َتنْقُصُـ‬
‫الرْضُـ ِم ْنهُ مْ قال‪ :‬يعنـي الموت‪ ,‬يقول‪ :‬من يموت منهـم‪ ,‬أو قال‪ :‬مـا تأكـل الرض منهـم إذا‬
‫ماتوا‪.‬‬
‫‪ 24623‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ص الرْضُ ِم ْنهُمْ يقول‪ :‬ما أكلت الرض منهم ونحن عالمون به‪,‬‬
‫يقول‪ ,‬قال ال َقدْ عَِلمْنا ما َتنْقُ ُ‬
‫وهم عندي مع علمي فيهم في كتاب حفيظ‪.‬‬

‫‪6-5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ج * َأفَلَ مْ‬
‫ي َأمْ ٍر مّرِي ٍ‬
‫ل َك ّذبُواْ بِا ْلحَ قّ لَمّا جَآءَهُ مْ َفهُ مْ فِ َ‬
‫القول فــي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬بَ ْ‬
‫سمَآءِ فَ ْو َق ُهمْ َكيْفَ َب َن ْينَاهَا َوزَ ّينّاهَا َومَا َلهَا مِن فُرُوجٍ }‪.‬‬
‫ظرُوَ ْا إِلَى ال ّ‬
‫يَن ُ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ما أ صاب هؤلء المشركون القائلون أ ِئذَا ِمتْ نا وكُنّا ُترَا با ذَلِ كَ َرجْ عٌ َبعِيدٌ‬
‫حقّ‪ ,‬وهو القرآن َلمّا جَاءَ ُهمْ من ال‪ .‬كالذي‪:‬‬
‫ل َك ّذبُوا بال َ‬
‫في قيلهم هذا بَ ْ‬
‫‪24624‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة بَلْ َك ّذبُوا بالحَقّ َلمّا جاءَهُمْ‬
‫أي كذّبوا بالقرآن َفهُ مْ فِي أ ْمرٍ َمرِي جٍ يقول‪ :‬فهم في أمر مختلط عليهم ملتبس‪ ,‬ل يعرفون حقه‬
‫من باطله‪( ,‬يقال) قد مرج أمر الناس إذا اختلط وأهمل‪.‬‬
‫و قد اختل فت عبارات أ هل التأو يل في تأويل ها‪ ,‬وإن كا نت متقاربات المعا ني‪ ,‬فقال بعض هم‪:‬‬
‫معناها‪ :‬فهم في أمر منكر وقال‪ :‬المريج‪ :‬هو الشيء المنكر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24625‬ـ حدث ني مح مد بن خالد بن خداش‪ ,‬قال‪ :‬ث ني سلم بن قُتي بة‪ ,‬عن و هب بن حبيب‬
‫الَمد يّ‪ ,‬عن أ بي حمزة‪ ,‬عن ا بن عباس أ نه سُئل عن قوله‪ :‬أ ْمرٍ َمرِي جٍ قال‪ :‬المر يج‪ :‬الش يء‬
‫المنكر أما سمعت قول الشاعر‪:‬‬
‫فَجالَتْ وا ْل َت َمسَتْ ب ِه حَشاهَا َفخَرّ كأنّ ُه خُوطٌ َمرِيج‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬في أمر مختلف‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24626‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫قوله فِي أمْ ٍر مَرِيجٍ يقول‪ :‬مختلف‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معناه‪ :‬في أمر ضللة‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24627‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ج قال‪ :‬هم في أمر ضللة‪.‬‬
‫ابن عباس َف ُهمْ في أمْ ٍر مَرِي ٍ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معناه‪ :‬في أمر مُلْتبِس‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24628‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن يمان‪ ,‬عن أشعث بن إسحاق‪ ,‬عن جعفر بن‬
‫جبَير‪ ,‬في قوله‪َ :‬فهُمْ فِي أ ْمرٍ َمرِيجٍ قال‪ :‬مُ ْل َتبِسٍ‪.‬‬
‫أبي المغيرة‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫‪ 24629‬ـ حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬أ ْمرٍ َمرِي جٍ‬
‫قال‪ :‬ملتبس‪.‬‬
‫‪ 24630‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬فهُ مْ فِي أ ْمرٍ َمرِي جٍ‬
‫ملتبس عليهم أمره‪.‬‬
‫‪24631‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬والتبس عليه دينه‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هو المختلط‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24632‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فِي أ ْمرٍ َمرِي جٍ‬
‫قال‪ :‬المريج‪ :‬المختلط‪.‬‬
‫وإنما قلت‪ :‬هذه العبارات وإن اختلفت ألفاظها فهي في المعنى متقاربات‪ ,‬لن الشيء مختلف‬
‫ملتبـس‪ ,‬معناه مشكـل‪ .‬وإذا كان كذلك كان منكرا‪ ,‬لن المعروف واضـح بيـن‪ ,‬وإذا كان غيـر‬
‫معروف كان ل شكّ ضللة‪ ,‬لن الهدى بيّن ل لبس فيه‪.‬‬
‫ْفـ َب َنيْناهـا يقول تعالى ذكره‪ :‬أفلم ينظـر هؤلء‬
‫ُمـ َكي َ‬
‫َمـ يَنظُرُوا إلى السـّماء فَ ْو َقه ْ‬
‫وقوله‪ :‬أفَل ْ‬
‫المكذّبون بالبعث بعد الموت المُنكرون قُدرتنا على إحيائهم بعد بلئهم إلى ال سّماءِ فَ ْو َقهُ مْ َكيْف‬
‫ن فُرُوج يعني‪ :‬وما لها من صدوع‬
‫َب َنيْناها فسوّيناها سقفا محفوظا‪ ,‬وزيناها بالنجوم وَما َلهَا ِم ْ‬
‫وفُتوق‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24633‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ن ُفرُو جٍ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬مِ ْ‬
‫شقّ‪.‬‬
‫قال‪َ :‬‬
‫‪ 24634‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَمَا لَهَا مِ نْ‬
‫ج قلت له‪ ,‬يعني ابن زيد‪ :‬الفروج‪ :‬الشيء المتبرىء بعضه من بعض‪ ,‬قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫فُرُو ٍ‬

‫‪8-7‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سيَ وَأَن َب ْتنَا فِيهَا مِن كُلّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَالرْ ضَ َم َد ْدنَاهَا وَأَلْ َق ْينَا فِيهَا رَوَا ِ‬
‫ع ْبدٍ ّمنِيبٍ }‪.‬‬
‫صرَةً َو ِذ ْكرَىَ ِلكُلّ َ‬
‫ج َبهِيجٍ * َتبْ ِ‬
‫زَوْ ٍ‬
‫ض َمدَدْنا ها يقول‪ :‬والرض ب سطناها وألْ َقيْ نا فِي ها رَوَا سِيَ يقول‪ :‬وجعل نا في ها‬
‫وقوله‪ :‬والرْ َ‬
‫ج َبهِي جٍ يقول تعالى ذكره‪ :‬وأنبتنا في‬
‫ل زَوْ ٍ‬
‫جبالً ثوابت‪ ,‬رست في الرض‪ ,‬وأ ْن َبتْنا فِيها مِ نْ كُ ّ‬
‫الرض من كلّ نوع من نبات حسن‪ ,‬وهو البهيج‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24635‬ـ حدثنا عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية بن صالح‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ابن‬
‫عباس‪ ,‬قوله‪َ :‬بهِيجٍ يقول‪ :‬حسن‪.‬‬
‫سيَ‬
‫‪24636‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وأَ ْل َقيْنا فِيها رَوَا ِ‬
‫ل زَوْجٍ َبهِيج‪ :‬أي من كلّ زوج حسن‪.‬‬
‫ن كُ ّ‬
‫والرواسي الجبال وَأ ْن َبتْنا فيها مِ ْ‬
‫‪ 24637‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قلت ل بن ز يد البه يج‪ :‬هو الح سن‬
‫المن ظر؟ قال ن عم‪ :‬وقوله َتبْ صِرَ ًة يقول‪ :‬فعل نا ذلك تب صرة ل كم أي ها الناس بن صركم ب ها قدرة‬
‫ع ْبدٍ ُمنِي بٍ يقول‪ :‬وتذكيرا من ال عظم ته و سلطانه‪ ,‬وتنبي ها‬
‫رب كم على ما يشاء‪َ ,‬و ِذكْرَى ِلكُلّ َ‬
‫ع ْب ٍد ُمنِي بٍ يقول‪ :‬ل كل ع بد ر جع إلى اليمان بال‪ ,‬والع مل بطاع ته‪ .‬وبن حو‬
‫على وحداني ته ِلكُلّ َ‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24638‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة قوله‪َ :‬تبْصِرَة نعمة من ال‬
‫ع ْبدٍ ُمنِيبٍ‪ :‬أي مقبل بقلبه إلى ال‪.‬‬
‫يبصرها العباد َو ِذ ْكرَى ِلكُلّ َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪َ :‬تبْصِرَةً َو ِذ ْكرَى‬
‫قال‪ :‬تبصرة من ال‪.‬‬
‫‪24639‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪َ :‬تبْ صِرَةً‬
‫قال‪ :‬بصيرة‪.‬‬
‫حمَيد قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جابر‪ ,‬عن عطاء ومجاهد ِلكُلّ‬
‫‪ 24640‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ب قال مجيب‪.‬‬
‫ع ْبدٍ ُمنِي ٍ‬
‫َ‬

‫‪11-9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫َبـ‬
‫ّاتـ َوح ّ‬
‫جن ٍ‬ ‫ِهـ َ‬
‫السـمَآءِ مَآ ًء ّمبَارَكا َفأَنبَتْنَا ب ِ‬
‫ِنـ ّ‬‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪َ { :‬و َنزّلْنَا م َ‬
‫ـ‬
‫ـ بَ ْلدَ ًة ّميْتا َكذَلِك َ‬
‫ح َييْنَـا بِه ِ‬
‫ـ ّنضِيدٌ * ّرزْقا لّ ْل ِعبَادِ وََأ ْ‬
‫ت لّهَـا طَلْع ٌ‬
‫ـقَا ٍ‬
‫ل بَاس ِ‬
‫ا ْلحَصـِيدِ * وَال ّنخْ َ‬
‫خرُوجُ }‪.‬‬
‫ا ْل ُ‬
‫ن ال سّما ِء ماءً مطرا مبار كا‪ ,‬فأنبت نا به ب ساتين أشجارا‪ ,‬وح بّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪َ :‬ونَزّلْ نا مِ َ‬
‫الزرع المحصود من البرّ والشعير‪ ,‬وسائر أنواع الحبوب‪ .‬كما‪:‬‬
‫ب الحَ صِيدِ هذا البرّ‬
‫‪ 24641‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة َوحَ ّ‬
‫والشعير‪.‬‬
‫حدثني ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة َوحَ بّ ا ْلحَ صِيدِ قال‪ :‬هو‬
‫البرّ والشعير‪.‬‬
‫‪24642‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد َوحَ بّ الحَ صِيدِ‬
‫قال‪ :‬الحِنطة‪.‬‬
‫وكان بعض أهل العربية يقول في قوله‪ :‬وحَبّ ا ْلحَصِيدِ الحبّ هو الحصيد‪ ,‬وهو مما أضيف‬
‫حقّ اليَقِينِ‪.‬‬
‫ن َهذَا َلهُ َو َ‬
‫إلى نفسه مثل قوله‪ :‬إ ّ‬
‫ل با سِقاتٍ يقول‪ :‬وأنبت نا بالماء الذي أنزل نا من ال سماء الن خل طوالً‪ ,‬والبا سق‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬وال ّنخْ َ‬
‫هو الطويل يقال للجبل الطويل‪ :‬جبل باسق‪ ,‬كما قال أبو نوفل لبن ُهبَيرة‪:‬‬
‫ن بِ َفضِْل ِه ْمبَسَقَتْ عَلى َقيْسٍ َفزَارَ ْه‬
‫يا بْنَ اّلذِي َ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24643‬ـ حدث ني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو صالح قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن علي‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫قوله‪ :‬باسِقاتٍ يقول‪ :‬طوال‪.‬‬
‫حدث ني مح مد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع مي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن ا بن‬
‫عباس‪ ,‬قوله وال ّنخْلَ باسِقاتٍ قال‪ :‬النخل الطوال‪.‬‬
‫‪ 24644‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن إسماعيل بن أبي خالد‪ ,‬عن عبد‬
‫ت قال‪ :‬بُسوقها‪ :‬طولها في إقامة‪.‬‬
‫ل باسِقا ٍ‬
‫ال بن شدّاد في قوله‪ :‬وال ّنخْ َ‬
‫‪ 24645‬ـ حدث نا هناد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو الحوص‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن عكرِ مة‪ ,‬في قوله‪ :‬وال ّنخْلَ‬
‫باسِقاتٍ الباسقات‪ :‬الطوال‪.‬‬
‫‪24646‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬با سِقاتٍ‬
‫قال‪ :‬الطوال‪.‬‬
‫ل با سِقاتٍ قال‪:‬‬
‫‪ 24647‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة وال ّنخْ ِ‬
‫بسوقها طولها‪.‬‬
‫ل باسِقاتٍ قال‪ :‬يعني‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وال ّنخْ َ‬
‫طولها‪.‬‬
‫ل با سِقاتٍ‬
‫‪ 24648‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله وال ّنخْ َ‬
‫قال‪ :‬البسوق‪ :‬الطول‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬لَهَا طَلْ عٌ َنضِيدٌ يقول‪ :‬لهذا الن خل البا سقات طلع و هو الكُ ُفرّي‪ ,‬نض يد‪ :‬يقول‪ :‬منضود‬
‫بعضه على بعض متراكب‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24649‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس َلهَا طَلْ ٌع نَضِيدٌ قال‪ :‬يقول بعضه على بعض‪.‬‬
‫‪24650‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬نضِيدٌ قال‪:‬‬
‫المنضّد‪.‬‬
‫‪ 24651‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة لَهَا طَلْ عٌ َنضِيدٌ‬
‫يقول‪ :‬بعضه على بعض‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َلهَا طَلْ عٌ َنضِيدٌ ينضد بعضه على‬
‫بعض‪.‬‬
‫ـ‬
‫وقوله‪ :‬رِزْقـا ل ْلعِبادِ يقول‪ :‬أنبتنـا بهذا الماء الذي أنزلناه مـن السـماء هذه الجنات‪ ,‬والحب ّ‬
‫والنخل قوتا للعباد‪ ,‬بعضها غذاء‪ ,‬وبعضها فاكهة ومتاعا‪.‬‬
‫ح َييْ نا بِ ِه بَ ْلدَ ًة َميْ تا يقول تعالى ذكره وأحيي نا بهذا الماء الذي أنزلناه من ال سماء بلدة‬
‫وقوله‪ :‬وَأ ْ‬
‫ميتا قد أجدبت وقحطت‪ ,‬فل زرع فيها ول نبت‪.‬‬
‫خرُو جُ يقول تعالى ذكره‪ :‬ك ما أنبت نا بهذا الماء هذه الرض المي تة‪ ,‬فأحيينا ها‬
‫وقوله‪َ :‬كذَل كَ ال ُ‬
‫به‪ ,‬فأخرجنا نباتها وزرعها‪ ,‬كذلك نخرجكم يوم القيامة أحياء من قبوركم من بعد بلئكم فيها‬
‫بما ينزل عليها من الماء‪.‬‬

‫‪14-12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫صحَابُ الرّ سّ َو َثمُو ُد * وَعَادٌ‬
‫ح وَأَ ْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬ك ّذبَ تْ َقبْلَهُ مْ قَوْ مُ نُو ٍ‬
‫ل َكذّبَ ال ّرسُلَ َفحَقّ وَعِيدِ }‪.‬‬
‫ب ال ْيكَةِ َوقَ ْومُ ّتبّعٍ كُ ّ‬
‫صحَا ُ‬
‫ن لُوطٍ * وََأ ْ‬
‫َو ِفرْعَ ْونُ وَِإخْوَا ُ‬
‫يقول تعالى ذكره كذّب تْ ق بل هؤلء المشرك ين الذ ين كذّبوا محمدا صلى ال عل يه و سلم من‬
‫قومه قَوْ مُ نو حٍ وأصحْابُ الرّ سّ وقد مضى ذكرنا قبل أمر أصحاب الر سّ‪ ,‬وأنهم قوم ر سّوا‬
‫نبيهم في بئر‪.‬‬
‫‪24652‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبي بكر‪ ,‬عن عكرِمة بذلك‪.‬‬
‫‪ 24653‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله‪ :‬أصْحابُ الرّسّ والرس‪ :‬بئر قُتل فيها صاحب يس‪.‬‬
‫‪24654‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬أ صْحابُ‬
‫الرّسّ قال‪ :‬بئر‪.‬‬
‫‪24655‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا عمرو بن الحارث‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫أ بي هلل‪ ,‬عن عمرو بن ع بد ال‪ ,‬عن قتادة أ نه قال‪ :‬إن أ صحاب الي كة‪ ,‬والي كة‪ :‬الش جر‬
‫س كان تا أمت ين‪ ,‬فب عث ال إلي هم نب يا واحدا شعي با‪ ,‬وعذّبه ما ال بعذاب ين‬
‫الملت فّ‪ ,‬وأ صحاب الرّ ّ‬
‫خوَا نُ لُو طٍ وأ صْحابُ ال ْيكَةِ وهم قوم شعيب‪ ,‬وقد مضى خبرهم قبل‬
‫و َثمُودُ وعَادٌ َو ِفرْعُ ْو نُ وَإ ْ‬
‫َوقَ ْومُ ُتبّعٍ‪.‬‬
‫وكان قوم ُتبّ ٍع أهل أوثان يعبدونها‪ ,‬فيما‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪.‬‬
‫‪24656‬ـ حدثنا به ابن ُ‬
‫وكان من خبره وخبر قومه ما‪:‬‬
‫حدَير‪ ,‬عن‬
‫‪ 24657‬ـ حدثنا به مجاهد بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا عمران بن ُ‬
‫أ بي مجلز‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬أ نه سأل ع بد ال بن سلم‪ ,‬عن تُبّع ما كان؟ فقال‪ :‬إن تب عا كان‬
‫رجلً من العرب‪ ,‬وإنه ظهر على الناس‪ ,‬فاختار فِتية من الخيار فاستبطنهم واستدخلهم‪ ,‬حتى‬
‫أخذ منهم وبايعهم‪ ,‬وإن قومه استكبروا ذلك وقالوا‪ :‬قد ترك دينكم‪ ,‬وبايع الفِتية فلما فشا ذلك‪,‬‬
‫حرِق الكاذب‪ ,‬وينجـو منهـا الصـادق‪ ,‬ففعلوا‪ ,‬فعلق‬
‫قال للفتيـة‪ ,‬فقال الفتيـة‪ :‬بيننـا وبينهـم النار ُت ْ‬
‫الفتيـة مصـاحفهم فـي أعناقهِم‪ ,‬ثـم غدوا إلى النار‪ ,‬فلمـا ذهبوا أن يدخلوهـا‪ ,‬سـفعت النار فـي‬
‫وجوههم‪ ,‬فنكصوا عنها‪ ,‬فقال لهم تبّع‪ :‬لتدخلنها فلما دخلوها أفرجت عنهم حتى قطعوها‪ ,‬وأنه‬
‫قال لقو مه ادخلو ها فل ما ذهبوا يدخلونها سفعت النار وجوه هم‪ ,‬فنك صوا عن ها‪ ,‬فقال ل هم تُبّع‪:‬‬
‫لتدخلنها‪ ,‬فلما دخلوها أفرجت عنهم‪ ,‬حتى إذا توسطوا أحاطت بهم‪ ,‬فأحرقتهم‪ ,‬فأسلم تُبع‪ ,‬وكان‬
‫ُتبّع رجلً صالحا‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي‬
‫‪ 24658‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫مالك القرظي‪ ,‬قال‪ :‬سمعت إبراهيم بن محمد القرظي‪ ,‬قال‪ :‬سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة‬
‫حمْيَر بي نه وب ين ذلك‪ ,‬وقالوا ل‬
‫بن ع بد ال يحدّث أن تب عا ل ما د نا من الي من ليدخل ها‪ ,‬حالت ِ‬
‫تدخلها علينا‪ ,‬وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه‪ ,‬وقال‪ :‬إنه دين خير من دينكم‪ ,‬قالوا‪ :‬فحاكمنا‬
‫إلى النار‪ ,‬قال ن عم‪ ,‬قال‪ :‬وكا نت في الي من في ما يز عم أ هل الي من نار تح كم في ما بين هم في ما‬
‫يختلفون فيـه‪ ,‬تأكـل الظالم ول تضرّ المظلوم فلمـا قالوا ذلك لتبّع‪ ,‬قال‪ :‬أنصـفتم‪ ,‬فخرج قومـه‬
‫بأوثان هم‪ ,‬و ما يتقرّبون به في دين هم قال‪ :‬خرج ال حبران بم صاحفهما في أعناقه ما متقلديه ما‪,‬‬
‫ح تى قعدوا للنار ع ند مخرج ها ال تي تخرج م نه‪ ,‬فخر جت النار إلي هم فل ما أقبلت نحو هم حادوا‬
‫عنها وهابوها‪ ,‬فرموهم من حضرهم من الناس‪ ,‬وأمروهم بالصبر لها‪ ,‬فصبروا حتى غشيتهم‬
‫حمْيَر وخرج ال حبران بم صاحفهما‬
‫فأكلت الوثان و ما قرّبوا مع ها‪ ,‬و من ح مل ذلك من رجال ِ‬
‫ح ْميَر‪ ,‬عند ذلك على دينه‪ ,‬فمن هنالك وغير‬
‫في أعناقهما‪ ,‬تعرق جباههما لم تضرّهما‪ ,‬فأطبقت ِ‬
‫ذلك كان أصل اليهودية باليمن‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق عن بعض أصحابه أن الحَبرين‪,‬‬
‫‪24659‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ح ْميَر‪ ,‬إنما اتبعوا النار ليردّوها‪ ,‬وقالوا‪ :‬من ردّها فهو أولى بالح قّ فدنا‬
‫ومن خرج معهما من ِ‬
‫منهم رجال من حمير بأوثانهم ليردّوها‪ ,‬فدنت منهم لتأكلهم‪ ,‬فحادوا فلم يستطيعوا ردّها‪ ,‬ودنا‬
‫من ها ال حبران ب عد ذلك وجعل يتلوان التوراة‪ ,‬وتن كص ح تى ردّا ها إلى مخرج ها الذي خر جت‬
‫م نه‪ ,‬فأطب قت ع ند ذلك على دينه ما‪ ,‬وكان رئام بي تا ل هم يعظمو نه‪ ,‬وينحرون عنده‪ ,‬ويكلمون‬
‫م نه‪ ,‬إذ كانوا على شرك هم‪ ,‬فقال ال حبران لتبّع إن ما هو شيطان يعين هم ويل عب ب هم‪ ,‬فخلّ بين نا‬
‫وبينه‪ ,‬قال‪ :‬فشأنكما به فاستخرجا منه فيما يزعم أهل اليمن كلبا أسود‪ ,‬فذبحاه‪ ,‬ثم هدما ذلك‬
‫البيت‪ ,‬فبقاياه اليوم باليمن كما ذُكر لي‪.‬‬
‫‪ 24660‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن لهي عة‪ ,‬عن عمرو بن جابر‬
‫الحضرم يّ‪ ,‬حدثه قال‪ :‬سمعت سهل بن سعد الساعدي‪ ,‬يحدّث عن النبي صلى ال عليه وسلم‬
‫أنه قال‪« :‬ل تَ ْل َعنُوا ُتبّعا فإنّهُ كانَ َقدْ أسَْلمَ»‪.‬‬
‫‪24661‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني ابن لهيعة‪ ,‬عن الحارث بن يزيد‬
‫أن شعيـب بـن زرعـة المعافريـّ‪ ,‬حدثـه‪ ,‬قال‪ :‬سـمعت عبـد ال بـن عمرو بـن العاص وقال له‬
‫ح ْميَر تزعم أن تبعا منهم‪ ,‬فقال‪ :‬نعم والذي نفسي بيده‪ ,‬وإنه في العرب كالنف بين‬
‫رجل‪ :‬إن ِ‬
‫العينين‪ ,‬وقد كان منهم سبعون ملكا‪.‬‬
‫ع ِيدِ يقول تعالى ذكره‪ :‬كلّ هؤلء الذ ين ذكرنا هم كذّبوا ر سل‬
‫ل فَحَق وَ َ‬
‫وقوله‪ :‬كُلّ َكذّب الرّ سُ َ‬
‫ال الذ ين أر سلهم َفحَ قّ َوعِ يد يقول‪ :‬فو جب ل هم الوع يد الذي وعدنا هم على كفر هم بال‪ ,‬و حل‬
‫ل ثناؤه ما و صف في هذه الَ ية من إحلله عقوب ته‬
‫ب هم العذاب والنق مة‪ .‬وإن ما و صف رب نا ج ّ‬
‫بهؤلء المكذّبين الرسل ترهيبا منه بذلك مشركي قريش وإعلما منه لهم أنهم إن لم ينيبوا من‬
‫ل ب هم من العذاب‪ ,‬م ثل الذي أحلّ ب هم‪.‬‬
‫تكذيب هم ر سوله محمدا صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬أ نه مح ّ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24662‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬فحَقّ وَعِيدِ‬
‫قال‪ :‬ما أهلكوا به تخويفا لهؤلء‪.‬‬

‫‪16-15‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫جدِي ٍد * وَلَ َقدْ‬
‫ن خَ ْلقٍ َ‬
‫ل ُهمْ فِي َلبْسٍ مّ ْ‬
‫ل بَ ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ{ :‬أ َف َعيِينَا بِا ْلخَ ْلقِ الوّ ِ‬
‫ل الْ َورِيدِ }‪.‬‬
‫حبْ ِ‬
‫ب إَِليْ ِه مِنْ َ‬
‫ن َأقْرَ ُ‬
‫س بِ ِه نَ ْفسُهُ َو َنحْ ُ‬
‫خَلَ ْقنَا الِنسَانَ َو َنعَْلمُ مَا تُ َوسْوِ ُ‬
‫ك رَجْعٌ َبعِيدٌ يقول لهم‬
‫وهذا تقريع من ال لمشركي قريش الذين قالوا‪ :‬أ ِئذَا ِم ْتنَا و ُكنّا ُترَابا ذَلِ َ‬
‫جلّ ثناؤه‪ :‬أفعيينا بابتداع الخلق الوّل الذي خلقناه‪ ,‬ولم يكن شيئا فنعيا بإعادتهم خلقا جديدا بعد‬
‫بلئهم في التراب‪ ,‬وبعد فنائهم يقول‪ :‬ليس يعيينا ذلك‪ ,‬بل نحن عليه قادرون‪ .‬وبنحو الذي قلنا‬
‫في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24663‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ل يقول‪ :‬لم يعينا الخلق الوّل‪.‬‬
‫قوله‪ :‬أ َف َعيِينا بالخَ ْلقِ الوّ ِ‬
‫‪24664‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬أ َفعَيِي نا‬
‫بالخَلْقِ الوّلِ يقول‪ :‬أفعيي علينا حين أنشأناكم خلقا جديدا‪ ,‬فتمتروا بالبعث‪.‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عطاء بن ال سائب‪ ,‬عن أ بي‬
‫‪ 24665‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫ل قال‪ :‬إنا خلقناكم‪.‬‬
‫ميسرة أ َفعَيِينا بالخَ ْلقِ الوّ ِ‬
‫ك هؤلء المشركون المكذّبون‬
‫جدِيدٍ يقول تعالى ذكره‪ :‬ما يش ّ‬
‫ن خَلْقٍ َ‬
‫وقوله‪ :‬بَلْ هُمْ فِي َلبْسٍ مِ ْ‬
‫بالب عث أ نا لم ن عي بالخلق الوّل‪ ,‬ولكن هم في ش كّ من قُدرت نا على أن نخلق هم خل قا جديدا ب عد‬
‫فنائهم‪ ,‬وبَلئهم في قبورهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24666‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫جدِيدٍ؟ يقول‪ :‬في شكّ من البعث‪.‬‬
‫ن خَ ْلقٍ َ‬
‫ل ُهمْ في َلبْسٍ مِ ْ‬
‫قوله‪ :‬بَ ْ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عطاء بن ال سائب‪ ,‬عن أ بي‬
‫‪ 24667‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫جدِيدٍ قال‪ :‬أن يخلقوا من بعد الموت‪.‬‬
‫ن خَ ْلقٍ َ‬
‫س قال‪ :‬الكفار مِ ْ‬
‫ميسرة بَلْ ُهمْ فِي َلبْ ٍ‬
‫ل هُمْ فِي َلبْسٍ‪ :‬أي‬
‫‪24668‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬بَ ْ‬
‫شكّ والخلق الجديد‪ :‬البعث بعد الموت‪ ,‬فصار الناس فيه رجلين‪ :‬مكذّب‪ ,‬ومصدّق‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله فِي َلبْ سٍ ِم نْ‬
‫جدِيدٍ قال‪ :‬البعث من بعد الموت‪.‬‬
‫خَ ْلقٍ َ‬
‫س بِ ِه نَفْ سُهُ يقول تعالى ذكره‪ :‬ولقد خلقنا النسان‬
‫وقوله‪ :‬وََل َقدْ خَلَقْنا النْسانَ َو َنعْلَ مُ ما تُوَ سْوِ ُ‬
‫حبْلِ‬
‫ن َ‬
‫ن أ ْقرَ بُ إَل ْي ِه مِ ْ‬
‫ونعلم ما تحدّث به نف سه‪ ,‬فل يخ فى علي نا سرائره وضمائر قل به و َنحْ ُ‬
‫ال َورِيدِ يقول‪ :‬ون حن أقرب للن سان من ح بل العا تق والور يد‪ :‬عرق ب ين الحلقوم والعلباو ين‪,‬‬
‫والحبل‪ :‬هو الوريد‪ ,‬فأضيف إلى نفسه لختلف لفظ اسميه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24669‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫حبْلِ ال َورِيدِ يقول‪ :‬عرق العنق‪.‬‬
‫ن َ‬
‫حنُ أ ْقرَبُ إَليْ ِه مِ ْ‬
‫قوله‪ :‬و َن ْ‬
‫‪24670‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫حبْلِ ال َورِيدِ قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد َ‬
‫الذي يكون في الحلق‪.‬‬
‫حبْلٍ ال َورِيدِ فقال بعض هم‪:‬‬
‫ن َ‬
‫ن أ ْقرَ بُ إَليْ ِه مِ ْ‬
‫و قد اختلف أ هل العرب ية في مع نى قوله‪ :‬و َنحْ ُ‬
‫ح نُ َأ ْقرَ بُ‬
‫معناه‪ :‬نحن أملك به‪ ,‬وأقرب إليه في المقدرة عليه‪ .‬وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬و َن ْ‬
‫حبْلِ ال َورِيد بالعلم بما تُ َوسْوس به نفسه‪.‬‬
‫إَليْ ِه مِنْ َ‬

‫‪18-17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل قَعِيدٌ * مّا يَلْفِظُ‬
‫شمَا ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إذْ َيتَلَقّى ا ْل ُمتَلَ ّقيَانِ عَنِ ا ْل َيمِينِ وَعَ ِ‬
‫عتِيدٌ }‪.‬‬
‫ل َل َديْهِ َرقِيبٌ َ‬
‫مِن قَوْلٍ ِإ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ونحـن أقرب إلى النسـان مـن وريـد حلقـه‪ ,‬حيـن يتلقـى الملَكان‪ ,‬وهمـا‬
‫عنِ الشّمالِ َقعِيد وقيل‪ :‬عنى بالقعيد‪ :‬الرصد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن ال َيمِينِ وَ َ‬
‫المتلقيان عَ ِ‬
‫‪24671‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬قعِيدٌ قال‪:‬‬
‫رَصَد‪.‬‬
‫واختلف أ هل العرب ية في و جه توح يد قع يد‪ ,‬و قد ذُ كر من ق بل متلقيان‪ ,‬فقال ب عض نحو يي‬
‫ع نِ الشّمالِ َقعِيدٌ ولم يقل‪ :‬عن اليمين قعيد‪ ,‬وعن الشمال قعيد‪ ,‬أي‬
‫ن ال َيمِي نِ وَ َ‬
‫البصرة‪ :‬قيل‪ :‬عَ ِ‬
‫طبْ نَ‬
‫جكُمْ طِفْلً ثم استغنى بالواحد عن الجمع‪ ,‬كما قال‪ :‬فإ نْ ِ‬
‫خ ِر ْ‬
‫أحدهما‪ ,‬ثم استغنى‪ ,‬كما قال‪ُ :‬ن ْ‬
‫شيْءٍ ِم ْن هُ نَفْسا‪ .‬وقال بعض نحويي الكوفة َقعِيدٌ يريد‪ :‬قعودا عن اليمين وعن الشمال‪,‬‬
‫ع نْ َ‬
‫َلكُ مْ َ‬
‫َبـ‬
‫لر ّ‬‫فجعـل فعيـل جمعـا‪ ,‬كمـا يجعـل الرسـول للقوم وللثنيـن‪ ,‬قال ال عزّ وجلّ‪ :‬إنـا رَسـُو ُ‬
‫العاَلمِينَ لموسى وأخيه‪ ,‬وقال الشاعر‪:‬‬
‫خ ْيرُ الرّسُولِ أعَْل ُم ُهمْ ِب َنوَاحي الخَبرْ‬
‫أَِل ْكنِي إَليْها َو َ‬
‫فج عل الر سول للج مع‪ ,‬فهذا و جه وإن شئت جعلت القع يد واحدا اكتفاء به من صاحبه‪ ,‬ك ما‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ختَِلفُ‬
‫ض والرّأيُ ُم ْ‬
‫ع ْن َدكَ رَا ٍ‬
‫ع ْندَنا وأنْتَ ِبمَا ِ‬
‫ن ِبمَا ِ‬
‫َنحْ ُ‬
‫ومنه قول ال َفرَزدق‪:‬‬
‫غدُورِ‬
‫ض ِمنْتُ ِل َمنْ أتانِي ما جَنىوأَبى فَكانَ و ُكنْتُ غَيرَ َ‬
‫إنّي َ‬
‫عتِيدٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬ما يلفظ‬
‫ل إلّ َل َد ْي هِ َرقِي بٌ َ‬
‫ظ مِ نْ قَوْ ٍ‬
‫غدُو َريْن‪ .‬وقوله‪ :‬ما يَلْفِ ُ‬
‫ولم ي قل‪َ :‬‬
‫الن سان من من قول فيتكلم به‪ ,‬إل عند ما يل فظ به من قول رق يب عَت يد‪ ,‬يع ني حا فظ يحف ظه‪,‬‬
‫عتيد ُم َعدّ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24672‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن‬
‫مجاهد عن اليمين َوعَ نِ الشّمالِ َقعِيدٌ قال‪ :‬عن اليمين الذي يكتب الحسنات‪ ,‬وعن الشمال الذي‬
‫يكتب السيئات‪.‬‬
‫‪ 24673‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن الع مش‪ ,‬عن‬
‫ن الشّمالِ َقعِي ٌد قال‪ :‬صاحب اليمين‬
‫ن ال َيمِي نِ َوعَ ِ‬
‫عِ‬‫إبراهيم التيم يّ‪ ,‬في قوله‪ :‬إذْ َيتَلَقّى ال ُمتَلَقّيا نِ َ‬
‫أمير أو أمين على صاحب الشمال‪ ,‬فإذا عمل العبد سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال‪:‬‬
‫أمسك لعله يتوب‪.‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا حكام‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عمرو‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن مجا هد إذ َيتَلَقّى‬
‫حدث نا ا بن ُ‬
‫ع نِ الشّمالِ َقعِيدٌ قال ملك عن يمي نه‪ ,‬وآ خر عن ي ساره‪ ,‬فأ ما الذي عن‬
‫ن ال َيمِي نِ وَ َ‬
‫ال ُمتَلَقّيا نِ ع ِ‬
‫يمينه فيكتب الخير‪ ,‬وأما الذي عن شماله فيكتب الشرّ‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬مع كل إنسان مَلكان‪ :‬ملك عن يمينه‪ ,‬وملك‬
‫عن يساره قال‪ :‬فأما الذي عن يمينه‪ ,‬فيكتب الخير‪ ,‬وأما الذي عن يساره فيكتب الشرّ‪.‬‬
‫‪ 24674‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫عتِيدٌ قال‪ :‬جعل ال على‬
‫س بِ ِه نَ ْفسُهُ‪ ...‬إلى َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَلَ َق ْد خَلَقْنا النْسانَ َو َنعَْلمُ ما تُ َوسْوِ ُ‬
‫ابن آدم حافظين في الليل‪ ,‬وحافظين في النهار‪ ,‬يحفظان عليه عمله‪ ,‬ويكتبان أثره‪.‬‬
‫‪ 24675‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إذْ َيتَلَقّى ال ُمتَلَقّيا نِ‬
‫ل أي ما يتكلم به‬
‫عتِيدٌ قال الحسن وقتادة ما يَلْ ِفظُ مِنْ قَوْ ٍ‬
‫ن الشّمالِ َقعِيدٌ‪ ,‬حتى بلغ َ‬
‫ن ال َيمِينِ َوعَ ِ‬
‫عِ‬‫َ‬
‫من شيء إل كتب عليه‪ .‬وكان عكرِمة يقول‪ :‬إنما ذلك في الخير والش ّر يكتبان عليه‪.‬‬
‫‪ 24676‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬تل الحسن‬
‫ل قَعِيدٌ قال‪ :‬فقال‪ :‬يـا ابـن آدم بُسـِطت لك صـحيفة‪ ,‬ووكـل بـك ملَكان‬
‫عَن ِـ ال َيمِين ِـ َوعَن ِـ الشّما ِ‬
‫كريمان‪ ,‬أحدهما عن يمينك‪ ,‬والَخر عن شمالك فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك وأما الذي‬
‫عن شمالك فيحفـظ سيئاتك‪ ,‬فاع مل ب ما شئت أقلل أو أكثـر‪ ,‬حتـى إذا م تّ طو يت صـحيفتك‪,‬‬
‫ن أَ ْل َزمْنا هُ‬
‫ل إنْسا ٍ‬
‫فجعلت في عنقك معك في قبرك‪ ,‬حتى تخرج يوم القيامة‪ ,‬فعند ذلك يقول‪ :‬وكُ ّ‬
‫عدَل وال عليك من جعلك حسيب نفسك‪.‬‬
‫حسِيبا َ‬
‫عنُقِهِ‪ ...‬حتى بلغ َ‬
‫طا ِئرَ ُه فِي ُ‬
‫ع نِ‬
‫ح َميْد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد عَ نِ ال َيمِي نِ وَ َ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫الشّمالِ َقعِيدٌ قال‪ :‬كاتب الحسنات عن يمينه‪ ,‬وكاتب السيئات عن شماله‪.‬‬
‫‪24677‬ــ قال‪ :‬ثنـا مهران‪ ,‬عـن سـفيان‪ ,‬قال‪ :‬بلغنـي أن كاتـب الحسـنات أميـر على كاتـب‬
‫السيئات‪ ,‬فإذا أذنب قال له‪ :‬ل تعجل لعله يستغفر‪.‬‬
‫ن قَوْلٍ‬
‫‪24678‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬ما يَلْفِظُ مِ ْ‬
‫ل ما لفظ به‪ ,‬وهو معه رقيب‪.‬‬
‫عتِيدٌ قال‪ :‬جعل معه من يكتب ك ّ‬
‫إلّ َل َديْ ِه رَقِيبٌ َ‬
‫‪ 24679‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني عمرو بن الحارث‪ ,‬عن هشام‬
‫الحمصي‪ ,‬أنه بلغه أن الرجل إذا عمل سيئة قال كاتب اليمين لصاحب الشمال‪ :‬اكتب‪ ,‬فيقول‪:‬‬
‫ل بل أنت اكتب‪ ,‬فيمتنعان‪ ,‬فينادي مناد‪ :‬يا صاحب الشمال اكتب ما ترك صاحب اليمين‪.‬‬
‫‪20-19‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ت ِمنْ ُه َتحِيدُ *‬
‫ت بِا ْلحَ قّ ذَلِ كَ مَا كُن َ‬
‫س ْكرَةُ ا ْل َموْ ِ‬
‫ت َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬وجَاءَ ْ‬
‫َونُ ِفخَ فِي الصّورِ ذَِلكَ َي ْومَ الْ َوعِيدِ }‪.‬‬
‫ت بالحَ قّ وجهان من التأويل‪ ,‬أحدهما‪ :‬وجاءت سكرة الموت‬
‫س ْكرَةُ ال َموْ ِ‬
‫وفي قوله‪ :‬وَجاءَ تْ َ‬
‫و هي شدّ ته وغلب ته على ف هم الن سان‪ ,‬كال سكرة من النوم أو الشراب بالح قّ من أ مر الَخرة‪,‬‬
‫فتبينه النسان حتى تثبته وعرفه‪ .‬والثاني‪ :‬وجاءت سكرة الموت بحقيقة الموت‪.‬‬
‫سكْرَ ُة الحَقّ بالمَوْتِ»‪.‬‬
‫ت َ‬
‫وقد ذُكر عن أبي بكر الصدّيق رضي ال عنه أنه كان يقرأ «وَجاءَ ْ‬
‫ذكر الرواية بذلك‪:‬‬
‫‪ 24680‬ـ حدثنا محمد بن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن واصل‪,‬‬
‫عن أبي وائل‪ ,‬قال‪ :‬لما كان أبو بكر رضي ال عنه يقضي‪ ,‬قالت عائشة رضي ال عنها هذا‪,‬‬
‫كما قال الشاعر‪:‬‬
‫صدْ ُر‬
‫حشْ َرجَتْ َيوْما َوضَاقَ بِها ال ّ‬
‫إذَا َ‬
‫س ْكرَةُ‬
‫ت َ‬
‫فقال أ بو ب كر ر ضي ال ع نه‪ :‬ل تقولي ذلك‪ ,‬ولك نه ك ما قال ال عزّ وجلّ‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫ت ِمنْ ُه َتحِيدُ‪ .‬وقد ذُ كر أن ذلك كذلك في قراءة ا بن م سعود‪ .‬ولقراءة‬
‫المَوْ تِ بالحَ قّ ذل كَ ما ُكنْ َ‬
‫من قرأ ذلك كذلك من التأويل وجهان‪::‬‬
‫الحقـ هـو ال تعالى ذكره‪ .‬والثانـي‪ :‬أن تكون‬
‫ّ‬ ‫أحدهمـا‪ :‬وجاءت سـكرة ال بالموت‪ ,‬فيكون‬
‫ن هذَا لهُ َو حَ قّ ال َيقِي نِ‪ .‬ويكون تأويل الكلم‪:‬‬
‫السكرة هي الموت أُضيفت إلى نفسها‪ ,‬كما قيل‪ :‬إ ّ‬
‫وجاءت السكر ُة الحقّ بالموت‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذل كَ ما ُكنْ تَ ِمنْ هُ َتحِيدُ يقول‪ :‬هذه السكرة التي جاءتك أيها النسان بالح قّ هو الشيء‬
‫الذي كنت تهرب منه‪ ,‬وعنه تروغ‪.‬‬
‫خ فِي ال صّورِ ذل كَ َيوْ مُ الوَعِي ِد قد تقدّم بياننا عن معنى ال صّور‪ ,‬وكيف النّفخ فيه‬
‫وقوله‪َ :‬ونُ ِف َ‬
‫بذكر اختلف المختلفين‪ .‬والذي هو أولى القوال عندنا فيه بالصواب‪ ,‬بما أغنى عن إعادته في‬
‫هذا الموضع‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذل كَ َيوْ مُ الوَعِيدِ يقول‪ :‬هذا اليوم الذي ين فخ ف يه هو يوم الوع يد الذي وعده ال الكفار‬
‫أن يعذّبهم فيه‪.‬‬
‫‪22-21‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ت فِي غَفَْلةٍ‬
‫شهِيدٌ * لّ َقدْ كُن َ‬
‫ل نَفْ سٍ ّم َعهَا سَآ ِئقٌ َو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬وجَآءَ تْ كُ ّ‬
‫حدِيدٌ }‪.‬‬
‫غطَآ َءكَ َف َبصَ ُركَ ا ْليَ ْو َم َ‬
‫ن هَـذَا فَ َكشَ ْفنَا عَنكَ ِ‬
‫مّ ْ‬
‫ل نفس ربها‪ ,‬معها سائق يسوقها إلى ال‪,‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وجاءت يوم ينفخ في الصور ك ّ‬
‫وشهيد يشهد عليها بما في الدنيا من خير أو شرّ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن إسماعيل بن أبي خالد‪ ,‬عن يحيى بن رافع‬
‫‪24681‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫شهِيدٌ‬
‫مولى لثقيف‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عثمان بن عفان رضي ال عنه يخطب‪ ,‬فقرأ هذه الَية سا ِئقٌ و َ‬
‫قال‪ :‬سائق يسوقها إلى ال‪ ,‬وشاهد يشهد عليها بما عملت‪.‬‬
‫‪ 24682‬ـ قال‪ :‬ثنا حكام‪ ,‬عن إسماعيل‪ ,‬عن أبي عيسى‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عثمان بن عفان رضي‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬ال سائق ي سوقها إلى‬
‫ل نَفْ سٍ َمعَ ها سا ِئقٌ و َ‬
‫ت كُ ّ‬
‫ال ع نه يخ طب‪ ,‬فقرأ هذه الَ ية وَجاءَ ْ‬
‫أمر ال‪ ,‬والشهيد يشهد عليها بما عملت‪.‬‬
‫‪ 24683‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫شهِي ٌد قال‪ :‬ال سائق من الملئ كة‪ ,‬والشه يد‪:‬‬
‫س َمعَ ها سائِقٌ َو َ‬
‫ت كُلّ نَفْ ٍ‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫شاهد عليه من نفسه‪.‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن مهران‪ ,‬عن خ صِيف‪ ,‬عن مجا هد سا ِئقٌ‬
‫‪ 24684‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫شهِيدٌ سائق يسوقها إلى أمر ال‪ ,‬وشاهد يشهد عليها بما عملت‪.‬‬
‫وَ‬
‫حدث ني مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى وحدث ني الحارث‪ ,‬قال‪:‬‬
‫شهِيدٌ سائق‬
‫حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد سائِقٌ و َ‬
‫يسوقها إلى أمر ال‪ ,‬وشاهد يشهد عليها بما عملت‪.‬‬
‫‪ 24685‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن نج يح‪ ,‬عن مجا هد في قول ال سائِقٌ‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬المَلكان‪ :‬كاتب‪ ,‬وشهيد‪.‬‬
‫وَ‬
‫ت كُلّ نَفْ سٍ‬
‫‪ 24686‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬سائق يسوقها إلى ربها‪ ,‬وشاهد يشهد عليها بعملها‪.‬‬
‫َمعَها سا ِئقٌ و َ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سليمان بن حرب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو هلل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا قتادة‪ ,‬في‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬سائق يسوقها إلى حسابها‪ ,‬وشاهد يشهد عليها‬
‫ت كُلّ نَفْ سٍ َمعَها سا ِئقٌ و َ‬
‫قوله‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫بما عملت‪.‬‬
‫‪ 24687‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن الح سن َمعَ ها سائِقٌ‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬سائق يسوقها‪ ,‬وشاهد يشهد عليها بعملها‪.‬‬
‫وَ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن أ بي جع فر‪ ,‬عن الرب يع بن أ نس سا ِئقٌ‬
‫‪ 24688‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬سائق يسوقها‪ ,‬وشاهد يشهد عليها بعملها‪.‬‬
‫وَ‬
‫‪24689‬ــ وحُدثـت عـن الحسـين‪ ,‬قال‪ :‬سـمعت أبـا معاذ يقول‪ :‬أخبرنـا عبيـد‪ ,‬قال‪ :‬سـمعت‬
‫شهِيدٌ السائق من الملئكة‪ ,‬والشاهد من‬
‫س َمعَها سائِقٌ و َ‬
‫ت كُلّ نَفْ ٍ‬
‫الضحاك يقول في قوله‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫أنفسهم‪ :‬اليدي‪ ,‬والرجل‪ ,‬والملئكة أيضا شهداء عليهم‪.‬‬
‫شهِيدٌ قال‪:‬‬
‫‪24690‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله سا ِئقٌ و َ‬
‫مَلك ُوكّل به يحصي عليه عمله‪ ,‬ومَلك يسوقه إلى محشره حتى يوافي محشره يوم القيامة‪.‬‬
‫واختلف أ هل التأو يل في المعن يّ بهذه الَيات فقال بعض هم‪ :‬ع نى ب ها ال نبيّ صلى ال عل يه‬
‫ل أحد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عنِي بها ك ّ‬
‫وسلم‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬عنى أهل الشرك‪ ,‬وقال بعضهم‪ُ :‬‬
‫‪ 24691‬ـ حدث ني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ا بن وهب قال‪ :‬ثني يعقوب بن عبد الرح من الزهر يّ‪,‬‬
‫سكْرَ ُة المَوْ تِ بالحَ قّ‪ ...‬الَية‪ ,‬إلى قوله‪ :‬سائِقٌ‬
‫ت َ‬
‫قال‪ :‬سألت زيدبن أسلم‪ ,‬عن قوله ال‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫وشَهيدٌ‪ ,‬فقلت له‪ :‬مـن يُراد بهذا؟ فقال رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬فقلت له رسـول ال؟‬
‫جدَ كَ ضَالّ َف َهدَى قال‪ :‬ثم سألت‬
‫فقال‪ :‬ما تن كر؟ قال ال عزّ وجلّ‪ :‬ألَ مْ يَجدْ كَ َيتِي ما فآوَى َو َو َ‬
‫صالح بن كيسان عنها‪ ,‬فقال لي‪ :‬هل سألت أحدا؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ,‬قد سألت عنها زيدبن أسلم‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫ما قال لك؟ فقلت‪ :‬بل ت خبرني ما تقول‪ ,‬فقال‪ :‬لخبر نك برأ يي الذي عل يه رأ يي‪ ,‬فأ خبرني ما‬
‫قال لك؟ قلت‪ :‬قال‪ :‬يُراد بهذا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬وما علم زيد؟ وال ما سنّ‬
‫عالية‪ ,‬ول لسان فصيح‪ ,‬ول معرفة بكلم العرب‪ ,‬إنما يُراد بهذا الكافر‪ .‬ثم قال‪ :‬اقرأ ما بعدها‬
‫يدلك على ذلك‪ ,‬قال‪ :‬ثم سألت حسين بن عبد ال بن عبيد ال بن عباس‪ ,‬فقال لي مثل ما قال‬
‫صالح‪ :‬هل سألت أحدا فأخبرني به؟ قلت‪ :‬إني قد سألت زيد بن أسلم وصالح بن كيسان‪ ,‬فقال‬
‫لي‪ :‬ما قال لك؟ قلت‪ :‬بل ت خبرني بقولك‪ ,‬قال‪ :‬لخبر نك بقولي‪ ,‬فأ خبرته بالذي قال لي‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ك ما ُكنْتَ ِمنْ هُ‬
‫ت بالحَقّ ذل َ‬
‫س ْكرَةُ ال َموْ ِ‬
‫ت َ‬
‫أخالفهما جميعا‪ ,‬يريد بها البرّ والفاجر‪ ,‬قال ال‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫حدِيدٌ قال‪ :‬فانك شف الغطاء عن البرّ والفا جر‪ ,‬فرأى‬
‫عنْ كَ غِطاءَ كَ َفبَ صَرُك اليَوْ َم َ‬
‫َتحِي ُد فَ َكشَفْ نا َ‬
‫كلّ ما يصير إليه‪.‬‬
‫‪ 24692‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫شهِيدٌ يعني المشركين‪.‬‬
‫ل نَفْسٍ َمعَها سا ِئقٌ و َ‬
‫يقول في قوله‪ :‬وَجاءَتْ كُ ّ‬
‫وأولى القوال في ذلك عندي بال صواب قول من قال‪ :‬ع نى ب ها البرّ والفا جر‪ ,‬لن ال أت بع‬
‫س بِ هِ َنفْ سُه والن سان في هذا المو ضع‬
‫هذه الَيات قوله‪ :‬وَلَ َقدْ خَلَقْ نا النْ سانَ َو َنعْلَ مُ ما ُتوَ سْوِ ُ‬
‫بمع نى‪ :‬الناس كل هم‪ ,‬غ ير مخ صوص من هم ب عض دون ب عض‪ .‬فمعلوم إذا كان ذلك كذلك أن‬
‫س ْكرَةُ ال َموْ تِ بالحَ قّ وجاء تك أي ها الن سان سكرة الموت بالح قّ ذل كَ ما‬
‫ت َ‬
‫مع نى قوله‪ :‬وَجاءَ ْ‬
‫ُكنْتَ ِمنْ ُه َتحِيدٌ وإذا كان ذلك كذلك كانت بينةٌ صحة ما قلنا‪.‬‬
‫ن َهذَا يقول تعالى ذكره‪ :‬يقال له‪ :‬لقد كنت في غفلة من هذا الذي‬
‫وقوله‪ :‬لَ َقدْ ُكنْتَ فِي غَفَْلةٍ ِم ْ‬
‫عنْكَـ غطاءَ كَ يقول‪ :‬فجلي نا ذلك لك‪,‬‬
‫عاينـت اليوم أي ها النسـان مـن الهوال والشدائد َف َكشَفْنـا َ‬
‫وأظهرناه لعين يك‪ ,‬ح تى رأي ته وعاين ته‪ ,‬فزالت الغفلة ع نك‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال أ هل‬
‫التأويـل‪ ,‬وإن اختلفوا فـي المقول ذلك له‪ ,‬فقال بعضهـم‪ :‬المقول ذلك له الكافـر‪ .‬وقال آخرون‪:‬‬
‫هو نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪ .‬وقال آخرون‪ :‬هو جميع الخلق من الج نّ والنس‪ .‬ذكر من‬
‫قال‪ :‬هو الكافر‪.‬‬
‫‪ 24693‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ع ْنكَ غِطا َءكَ وذلك الكافر‪.‬‬
‫غفْلَ ٍة مِنْ َهذَا َفكَشَفْنا َ‬
‫قوله‪ :‬لَ َق ْد ُكنْتَ فِي َ‬
‫‪24694‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪َ :‬فكَشَفْ نا‬
‫ع ْنكَ غِطا َءكَ قال‪ :‬للكافر يوم القيامة‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 24695‬ـ حدث نا ا بن حُميَد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان فَ َكشَفْ نا عَنْك غِطاءَ كَ قال‪ :‬في‬
‫الكافر‪ .‬ذكر من قال‪ :‬هو نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ت فِي غَفَْلةٍ‬
‫‪24696‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬لَ َقدْ ُكنْ َ‬
‫ن َهذَا قال‪ :‬هذا ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬قال‪ :‬ل قد ك نت في غفلة من هذا ال مر يا‬
‫مِ ْ‬
‫حدِيدٌ‪.‬‬
‫ع ْنكَ غِطا َءكَ َف َبصَ ُركَ اليَ ْو َم َ‬
‫محمد‪ ,‬كنت مع القوم في جاهليتهم فَ َكشَفْنا َ‬
‫وعلى هذا التأويل الذي قاله ابن زيد يجب أن يكون هذا الكلم خطابا من ال لرسوله صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه كان في غفلة في الجاهلية من هذا الدين الذي بعثه به‪ ,‬فكشف عنه غطاءه‬
‫الذي كان عليـه فـي الجاهليـة‪ ,‬فنفـذ بصـره باليمان وتـبيّنه حتـى تقررّ ذلك عنده‪ ,‬فصـار حادّ‬
‫البصر به‪ .‬ذكر من قال‪ :‬هو جميع الخلق من الجنّ والنس‪.‬‬
‫‪ 24697‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني يعقوب بن عبد الرحمن الزهر يّ‪,‬‬
‫قال‪ :‬سألت عن ذلك الحسين بن عبد ال بن عبيد ال بن عباس‪ ,‬فقال‪ :‬يريد به البرّ والفاجر‪,‬‬
‫ل ما‬
‫حدِيدٌ قال‪ :‬و ُكشِف الغطاء عن البرّ والفاجر‪ ,‬فرأى ك ّ‬
‫غطَاءَ كَ َفبَ صَ ُركُ ال َيوْ مَ َ‬
‫عنْ كَ ِ‬
‫َفكَشَفْنا َ‬
‫عنْ كَ غِطاءَ كَ قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫يصير إليه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في معنى قوله‪َ :‬ف َكشَفْنا َ‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24698‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ع ْنكَ غِطا َءكَ قال‪ :‬الحياة بعد الموت‪.‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬فَ َكشَفْنا َ‬
‫‪ 24699‬ـ حدثنا ب شر قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬ل َقدْ ُكنْ تَ فِي غَفْلَةٍ‬
‫ك قال‪ :‬عاين الَخرة‪.‬‬
‫ع ْنكَ غِطا َء َ‬
‫ن َهذَا َفكَشَفْنا َ‬
‫مِ ْ‬
‫حدِيدٌ يقول‪ :‬فأنت اليوم نافذ البصر‪ ,‬عالم بما ك نت عنه في الدنيا في‬
‫وقوله‪َ :‬فبَ صَ ُركَ اليَوْ مَ َ‬
‫غفلة‪ ,‬و هو من قول هم‪ :‬فلن ب صير بهذا ال مر‪ :‬إذا كان ذا علم به‪ ,‬وله بهذا ال مر ب صر‪ :‬أي‬
‫علم‪.‬‬
‫حدِيدٌ لسان الميزان‪ ,‬وأحسبه أراد‬
‫وقد رُوي عن الضحاك إنه قال‪ :‬معنى ذلك َفبَ صَ ُركَ اليَوْ مَ َ‬
‫بذلك أن معرفته وعلمه بما أسلف في الدنيا شاهد عدل عليه‪ ,‬فشبّه بصره بذلك بلسان الميزان‬
‫الحقـ فـي الوزن‪ ,‬ويعرف مبلغـه الواجـب لهله عمـا زاد على ذلك أو نقـص‪,‬‬
‫ّ‬ ‫الذي يعدل بـه‬
‫فكذلك علم من وافى القيامة بما اكتسب في الدنيا شاهد عليه كلسان الميزان‪.‬‬

‫‪25-23‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل كَفّارٍ‬
‫ج َهنّ مَ كُ ّ‬
‫عتِيدٌ * أَلْ ِقيَا فِي َ‬
‫ل قَرِينُ ُه هَـذَا مَا َلدَ يّ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬وقَا َ‬
‫خيْرِ ُم ْع َتدٍ ّمرِيبٍ }‪.‬‬
‫عنِيدٍ * ّمنّاعٍ لّ ْل َ‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وقال قريـن هذا النسـان الذي جاء بـه يوم القيامـة معـه سـائق وشهيـد‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24700‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَقالَ َقرِينُ ُه َهذَا ما َلدَ يّ‬
‫عتِيدٌ الملك‪.‬‬
‫َ‬
‫ل قَرِينُ ُه َهذَا‬
‫‪ 24701‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وقَا َ‬
‫س َمعَ ها‬
‫ل نَفْ ٍ‬
‫عتِيدٌ‪ ...‬إلى آ خر الَ ية‪ ,‬قال‪ :‬هذا سائقه الذي وُكّل به‪ ,‬وقرأ وَجاءَ تْ كُ ّ‬
‫ما َلدَ يّ َ‬
‫سائِقٌ َوشَهيدٌ‪.‬‬
‫عتِيدٌ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قِيل قَرينِ هذا النسان عند موافاته ربه‬
‫وقوله‪َ :‬هذَا ما َلدَيّ َ‬
‫ي عت يد‪ :‬يقول‪ :‬هذا الذي هو عندي معدّ محفوظ‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك‬
‫به‪ ,‬ر بّ هذا ما لد ّ‬
‫قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عتِيدٌقال‪:‬‬
‫حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪َ :‬هذَا ما َلدَ يّ َ‬
‫والعتيد‪ :‬الذي قد أخذه‪ ,‬وجاء به السائق والحافظ معه جميعا‪.‬‬
‫عنِيدٍ فيه متروك استغنى بدللة الظاهر عليه منه‪ ,‬وهو‪ :‬يقال‬
‫ج َهنّ مَ كُلّ كَفّارٍ َ‬
‫وقوله‪ :‬أَلْقِيا فِي َ‬
‫ألقيـا فـي جهنـم‪ ,‬أو قال تعالى‪ :‬ألقيـا‪ ,‬فأخرج المـر للقريـن‪ ,‬وهـو بلفـظ واحـد مخرج خطاب‬
‫الثن ين‪ .‬و في ذلك وجهان من التأو يل‪ :‬أحده ما‪ :‬أن يكون القر ين بمع نى الثن ين‪ ,‬كالر سول‪,‬‬
‫ج َهنّ مَ إلى‬
‫وال سم الذي يكون بل فظ الوا حد في الوا حد‪ ,‬والتثن ية والج مع‪ ,‬فردّ قوله‪ :‬أَ ْلقِ يا في َ‬
‫المع نى‪ .‬والثا ني‪ :‬أن يكون ك ما كان ب عض أ هل العرب ية يقول‪ ,‬و هو أن العرب تأ مر الوا حد‬
‫سمِعها من‬
‫والجما عة ب ما تأ مر به الثن ين‪ ,‬فتقول للرجل ويلك أرحل ها وازجرا ها‪ ,‬وذ كر أنه َ‬
‫العرب قال‪ :‬وأنشدني بعضهم‪:‬‬
‫ج َتزّ شيحا‬
‫ت لصَاحِبي ل َتحْبسانابن ْزعِ ُأصُولهِ وا ْ‬
‫فَقُلْ ُ‬
‫وقال‪ :‬وأنشدني أبو ثروان‪:‬‬
‫عرْضا ُم َمنّعا‬
‫حمِ ِ‬
‫ن َتزْجُرانِي يا بْنَ عَقّانَ أ ْن َزجِرْوَإنْ َتدَعانِي أ ْ‬
‫فإ ْ‬
‫قال‪ :‬فيروي أن ذلك من هم أن الر جل أد نى أعوا نه في إبله وغن مه اثنان‪ ,‬وكذلك الرف قة أد نى‬
‫ما تكون ثلثة‪ ,‬فجرى كلم الواحد على صاحبيه‪ ,‬وقال‪ :‬أل ترى الشعراء أكثر قيلً يا صاحبيّ‬
‫يا خليليّ‪ ,‬وقال امرؤ القَيس‪:‬‬
‫ب‬
‫ج ْن َد ِبنُقَضّ لُباناتِ الفُؤَا ِد ال ُمعَذّ ِ‬
‫خَلِيَليّ ُمرّا بِي على ُأمّ ُ‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫طيّبِ‬
‫ن ّلمْ َت َ‬
‫طيْبا وَإ ْ‬
‫جدْتُ بِها ِ‬
‫جئْتُ طارِفا َو َ‬
‫أَل ْم تَ َر أنّي كُلّما ِ‬
‫فرجع إلى الواحد‪ ,‬وأوّل الكلم اثنان قال‪ :‬وأنشدني بعضهم‪:‬‬
‫ظرَا‪:‬أنارٌ ُترَى ِمنْ ذِي أبا َنيْنِ َأ ْم َبرْقا‬
‫خَلِيَليّ قُوما في عَطالَةَ فانْ ُ‬
‫وبعضهم يروي‪ :‬أنارا نرى‪.‬‬
‫عنِي ٍد يعني‪ :‬كل جاحد وحدانية ال عنيد‪ ,‬وهو العاند عن الحقّ وسبيل الهدى‪.‬‬
‫كُلّ كَفّارٍ َ‬
‫خيْ ِر كان قتادة يقول في الخير في هذا الموضع‪ :‬هو الزكاة المفروضة‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬منّاعٍ ل ْل َ‬
‫‪24702‬ـ حدثنا بذلك بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪.‬‬
‫ل حقّ وجب ل‪ ,‬أو لَدمي في ماله‪ ,‬والخير في هذا‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أنه ك ّ‬
‫الموضع هو المال‪.‬‬
‫وإن ما قل نا ذلك هو ال صواب من القول‪ ,‬لن ال تعالى ذكره ع مّ بقوله مناع للخ ير ع نه أ نه‬
‫يمنع الخير ولم يخصص منه شيئا دون شيء‪ ,‬فذلك على كلّ خير يمكن منعه طالبه‪.‬‬
‫وقوله‪ُ :‬م ْع َتدٍ يقول‪ :‬معتـد على الناس بلسـانه بالبذاء والفحـش فـي المنطـق‪ ,‬وبيده بالسـطوة‬
‫والبطش ظلما‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24703‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ :‬معتد في منطقه وسيرته‬
‫وأمره‪.‬‬
‫وقوله‪ُ :‬مرِيبٍ يعني‪ :‬شاكّ في وحدانية ال وقُدرته على ما يشاء‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪24704‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ُ :‬مرِيبٌ‪ :‬أي شاكّ‪.‬‬

‫‪26‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫شدِيدِ }‪.‬‬
‫خرَ َفأَلْ ِقيَاهُ فِي ا ْل َعذَابِ ال ّ‬
‫جعَلَ مَ َع اللّ ِه إِلَـها آ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬اّلذِي َ‬
‫شدِيدِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬الذي أشرك بال فعبد معه معبودا آخر من خلقه فأَلْقِيا ُه فِي ال َعذَابِ ال ّ‬
‫يقول‪ :‬فألقياه في عذاب جهنم الشديد‪.‬‬
‫‪28-27‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ل َبعِيدٍ *‬
‫ن فِي ضَلَ ٍ‬
‫ط َغيْتُ ُه وَلَـكِن كَا َ‬
‫القول ف ـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قَالَ قرِينُ ُه َر ّبنَا مَآ َأ ْ‬
‫خ َتصِمُو ْا َل َديّ َوقَدْ َق ّدمْتُ إَِل ْيكُم بِالْ َوعِيدِ }‪.‬‬
‫قَالَ لَ َت ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قال قرين هذا النسان الكفّار المنّاع للخير‪ ,‬وهو شيطانه الذي كان موكلً‬
‫به في الدنيا‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24705‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ط َغ ْيتُ ُه قال‪ :‬قرينه شيطانه‪.‬‬
‫ل قَرِينُهُ َربّنا ما أ ْ‬
‫ابن عباس قوله‪ :‬قا َ‬
‫‪24706‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬قالَ قَرِينُ هُ‬
‫قال‪ :‬الشيطان ُقيّض له‪.‬‬
‫ل مَ عَ الّل هِ‬
‫جعَ َ‬
‫‪ 24707‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬اّلذِي َ‬
‫ط َغ ْيتُ ُه قال‪ :‬قرينه الشيطان‪.‬‬
‫خرَ هو المشرك قالَ قَرِينُ ُه رَبّنا ما أ ْ‬
‫إلَها آ َ‬
‫طغَ ْيتُ هُ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة قالَ قَرِينُ ُه َربّنا ما أ ْ‬
‫قال‪ :‬قرينه‪ :‬الشيطان‪.‬‬
‫‪ 24708‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ط َغيْتُ ُه قال‪ :‬قرينه‪ :‬شيطانه‪.‬‬
‫يقول في قوله‪ :‬قالَ َقرِينُ ُه َربّنا ما أ ْ‬
‫‪ 24709‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬قالَ َقرِينُ ُه رَبّنا‬
‫ط َغ ْيتُهُ قال‪ :‬قرينه من الجنّ‪ :‬ربنا ما أطغيته‪ ,‬تبرأ منه‪.‬‬
‫ما أ ْ‬
‫طغَ ْيتُ ُه يقول‪ :‬ما أ نا جعل ته طاغ يا متعدّ يا إلى ما ل يس له‪ ,‬وإن ما يع ني بذلك‬
‫وقوله‪َ :‬ربّ نا ما أ ْ‬
‫ن فِي ضَللٍ َبعِيدٍ يقول‪ :‬ولكن كان في طريق جائر عن سبيل الهدى جورا‬
‫الكفر بال وََل ِك نْ كا َ‬
‫بعيدا‪ .‬وإن ما أ خبر تعالى ذكره هذا ال خبر‪ ,‬عن قول قر ين الكا فر له يوم القيا مة‪ ,‬إعل ما م نه‬
‫عباده‪ ,‬تبرأ بعضهم من بعض يوم القيامة‪ .‬كما‪:‬‬
‫طغَ ْيتُ هُ‬
‫‪ 24710‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬ربّنا ما أ ْ‬
‫قال‪ :‬تبرأ منه‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24711‬ـ حدث ني عبد ال بن أ بي زياد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد ال بن أبي ب كر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا جع فر‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عمران يقول في قوله‪َ :‬ربّنا ما أطْ َغ ْيتُ ُه تبرأ منه‪.‬‬
‫صمُوا َلدَ يّ يقول تعالى ذكره‪ :‬قال ال لهؤلء المشركين الذين وصف صفتهم‪,‬‬
‫ختَ ِ‬
‫وقوله‪ :‬ل َت ْ‬
‫صمُوا َلدَ يّ اليوم َوقَ ْد قَ ّدمْ تُ إَل ْيكُ مْ في الدنيا قبل اختصامكم‬
‫ختَ ِ‬
‫وصفة قرنائهم من الشياطين ل َت ْ‬
‫هذا‪ ,‬بالوع يد ل من ك فر بي‪ ,‬وع صاني‪ ,‬وخالف أمري ون هي فـي ك تبي‪ ,‬وعلى أل سن ر سلي‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24712‬ـ حدثني عبد ال بن أبي زياد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن أبي بكر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جع فر‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عمران يقول في قوله‪َ :‬و َقدْ َق ّدمْتُ إَل ْي ُكمْ بالوَعِيدِ قال‪ :‬بالقرآن‪.‬‬
‫‪24713‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫صمُوا َل َديّ قال‪ :‬إنهم اعتذروا بغير عذر‪ ,‬فأبطل ال حجتهم‪ ,‬وردّ عليهم قولهم‪.‬‬
‫ختَ ِ‬
‫قوله‪ :‬ل َت ْ‬
‫صمُوا َلدَيّ‬
‫ختَ ِ‬
‫‪24714‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬ل َت ْ‬
‫َو َقدْ َق ّدمْتُ إَل ْي ُكمْ بالوَعِي ِد قال‪ :‬يقول‪ :‬قد أمرتكم ونهيتكم‪ ,‬قال‪ :‬هذا ابن آدم وقرينه من الجن‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن أبي جعفر‪ ,‬عن الربيع‪ ,‬قال‪ :‬قلت لبي العالية ل‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫صمُوا َلدَ يّ َو َقدْ َق ّدمْ تُ إَل ْيكُ مْ بالوَعِيدِ قال أ بو جع فر الطبريّ‪ :‬أح سبه قال‪ :‬هم أ هل الشرك‪,‬‬
‫ختَ ِ‬
‫َت ْ‬
‫ن فهم أهل القبلة‪.‬‬
‫صمُو َ‬
‫خ َت ِ‬
‫ع ْندَ َربّ ُكمْ َت ْ‬
‫وقال في آية أخرى ُثمّ إ ّن ُكمْ يَ ْومَ القِيامَةِ ِ‬

‫‪30-29‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ج َهنّمَ‬
‫ل ِل َ‬
‫ل َلدَيّ َومَآ َأ َناْ ِبظَلّمٍ لّ ْل َعبِيدِ * يَوْمَ َنقُو ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬مَا ُي َبدّلُ ا ْلقَوْ ُ‬
‫هَلِ ا ْمتَلتِ َوتَقُولُ َهلْ مِن ّمزِيدٍ }‪.‬‬
‫ن يوم القيامة‪ ,‬إذ تبرأ بعضهم‬
‫يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله للمشركين وقرنائهم من الج ّ‬
‫جنّةِ وَالنّا سِ‬
‫ن ال ِ‬
‫ج َهنّ مَ مِ َ‬
‫ن َ‬
‫لمْلَ ّ‬
‫من بعض‪ :‬ما يغير القول الذي قلته لكم في الدنيا‪ ,‬وهو قوله َ‬
‫أج َمعِينَ‪ ,‬ول قضائي الذي قضيته فيهم فيها‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪24715‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬ما ُي َبدّلُ‬
‫القَ ْولُ َل َديّ قد قضيت ما أنا قاض‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حكام‪ ,‬عن عنبسة‪ ,‬عن محمد بن عبد الرحمن‪ ,‬عن القاسم بن‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫أبي بزّة‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬ما ُي َبدّلُ ال َقوْلُ َل َديّ قال‪ :‬قد قضيت ما أنا قاض‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَ ما أ نا ِبظَلّ مٍ ل ْل َعبِيدِ يقول‪ :‬ول أ نا بمعا قب أحدا من خل قي بجرم غيره‪ ,‬ول حا مل‬
‫على أحد منهم ذنب غيره فمعذّبه به‪.‬‬
‫ج َهنّمَ هَلْ ا ْمتَلْتِ وذلك يوم‬
‫ج َهنّمَ يقول‪ :‬وما أنا بظلم للعبيد في يَوْمَ نَقُولُ ل َ‬
‫وقوله‪ :‬يَوْمَ نَقُولُ ِل َ‬
‫ل ا ْمتَلْ تِ؟ لما سبق‬
‫القيامة‪ ,‬ويوم نقول من صلة ظلّم‪ .‬وقال تعالى ذكره لجهنم يوم القيامة‪ :‬هَ ِ‬
‫جنّة والناس أجمعين‪.‬‬
‫من وعده إياها بأنه يملها من ال ِ‬
‫ن مَزِيدٍ فإن أ هل التأو يل اختلفوا فـي تأويله‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬معناه‪ :‬ما من‬
‫ل مِ ْ‬
‫وأ ما قوله‪ :‬هَ ْ‬
‫مزيـد‪ .‬قالوا‪ :‬وإنمـا يقول ال لهـا‪ :‬هـل امتلت بعـد أن يضـع قدمـه فيهـا‪ ,‬فينزوي بعضهـا إلى‬
‫بعض‪ ,‬وتقول‪ :‬ق طِ ق طِ‪ ,‬من تضايقها فإذا قال لها وقد صارت كذلك‪ :‬هل امتلت؟ قالت حينئذ‪:‬‬
‫هل من مزيد‪ :‬أي ما من مزيد‪ ,‬لشدّة امتلئها‪ ,‬وتضايق بعضها إلى بعض‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24716‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ِنـ َمزِيدٍ قال ابـن عباس‪ :‬إن ال‬
‫لم ْ‬‫ل هَ ْ‬
‫ْتـ َوتَقُو ُ‬
‫ل ا ْمتَل ِ‬
‫ّمـ هَ ِ‬
‫ج َهن َ‬
‫ْمـ نَقُولُ ِل َ‬
‫ابـن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يَو َ‬
‫ن فل ما ب عث الناس‬
‫جنّةِ والنّا سِ أجَمعِي َ‬
‫ن ال ِ‬
‫ج َهنّ مَ مِ َ‬
‫لمْلَ نّ َ‬
‫الملك تبارك وتعالى قد سبقت كلم ته َ‬
‫وأحضروا‪ ,‬وسيق أعداء ال إلى النار زمرا‪ ,‬جعلوا يقتحمون في جهنم فوجا فوجا‪ ,‬ل يلقى في‬
‫جنّة والناس‬
‫جهنم شيء إل ذهب فيها‪ ,‬ول يملها شيء‪ ,‬قالت‪ :‬ألستَ قد أقسمت لتملني من ال ِ‬
‫أجمع ين؟ فو ضع قد مه‪ ,‬فقالت ح ين و ضع قد مه في ها‪ :‬قدِ قدِ‪ ,‬فإ ني قد امتلت‪ ,‬فل يس لي مز يد‪,‬‬
‫ت م سّ ما وُضع عليها‪ ,‬فتضايقت حين جَعل عليها ما جعل‪,‬‬
‫جدَ ْ‬
‫ولم يكن يملها شيء‪ ,‬حتى َو َ‬
‫فامتلت فما فيها موضع إبرة‪.‬‬
‫‪24717‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬وتَقُولُ َهلْ‬
‫ن مَزِيدٍ قال‪ :‬وعدها ال ليملنها‪ ,‬فقال‪ :‬هل وفيتكِ؟ قالت‪ :‬وهل من مَسلكٍ‪.‬‬
‫مِ ْ‬
‫حُد ثت عن الح سين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أ با معاذ‪ ,‬يقول‪ :‬أخبر نا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك يقول‬
‫ن َمزِيدٍ كان ابن عباس يقول‪ :‬إن ال الملك‪,‬‬
‫ل مِ ْ‬
‫ج َهنّمَ َهلِ ا ْمتَلْتِ وتَقُولُ هَ ْ‬
‫ل ِل َ‬
‫في قوله‪ :‬يَوْمَ َنقُو ُ‬
‫ج َهنّ مَ ل يلقى فيها شيء إل ذهب فيها‪ ,‬ل يملها شيء‪ ,‬حتى إذا لم‬
‫ن َ‬
‫لمْلَ ّ‬
‫قد سبقت منه كلمة َ‬
‫ب فوضع قدمه عليها‪ ,‬ثم قال لها‪:‬‬
‫يبق من أهلها أحد إل دخلها‪ ,‬وهي ل يملها شيء‪ ,‬أتاها الر ّ‬
‫ط ق طِ قد امتلت‪ ,‬ملتني من الج نّ والنس فليس ف يّ مزيد قال‬
‫ت يا جهنم؟ فتقول‪ :‬ق ِ‬
‫هل امتل ِ‬
‫ا بن عباس‪ :‬ولم ي كن يمل ها ش يء ح تى وجدت م سّ قدم ال تعالى ذكره‪ ,‬فتضاي قت‪ ,‬ف ما في ها‬
‫موضع إبرة‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬زدني‪ ,‬إنما هو هل من مزيد‪ ,‬بمعنى الستزادة‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن وا ضح‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الح سين بن ثا بت‪ ,‬عن‬
‫‪ 24718‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫أنس‪ ,‬قال‪ :‬يلقى في جهنم وتقول‪ :‬هل من مزيد ثلثا‪ ,‬حتى يضع قدمه فيها‪ ,‬فينزوي بعضها‬
‫إلى بعض‪ ,‬فتقول‪ :‬قطِ قطِ‪ ,‬ثلثا‪.‬‬
‫ج َهنّ مَ‬
‫ل ِل َ‬
‫‪ 24719‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬يوْ مَ نَقُو ُ‬
‫ن َمزِي ٍد لن ها قد امتلت‪ ,‬و هل من مز يد‪ :‬هل ب قي أ حد؟ قال‪ :‬هذان‬
‫ل مِ ْ‬
‫ل هَ ْ‬
‫هَلِ ا ْمتَلْ تِ َوتَقُو ُ‬
‫الوجهان في هذا‪ ,‬وال أعلم‪ ,‬قال‪ :‬قالوا هذا وهذا‪.‬‬
‫وأولى القول ين في ذلك عندي بال صواب قول من قال‪ :‬هو بمع نى ال ستزادة‪ ,‬هل من ش يء‬
‫أزداده؟‬
‫وإنما قلنا ذلك أولى القولين بالصواب لصحة الخبر عن رسول ال صلى ال عليه وسلم بما‪:‬‬
‫‪ 24720‬ـ حدثني أحمد بن المقدام العجلي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاو يّ‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ن يَوْمُ‬
‫حدثنا أيوب‪ ,‬عن محمد‪ ,‬عن أبي هُريرة‪ ,‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬إذَا كا َ‬
‫ن َمزِيدٍ‪ ,‬حتى يَضَعَ عََليْها‬
‫ل هَلْ ِم ْ‬
‫شيْئا‪َ ,‬ويُ ْلقِي فِي النّارِ‪ ,‬تَقُو ُ‬
‫ن خَلْقِ هِ َ‬
‫القِيامَةِ‪ ,‬لَ مْ َيظْلِ مِ الّل ُه أحَدا مِ ْ‬
‫قَ َدمَهُ‪َ ,‬فهُنالكَ َيمْلُها‪َ ,‬و ُيزْوَي َب ْعضُها إلى َبعْضٍ َوتَقُولُ‪َ :‬قطْ قَطْ»‪.‬‬
‫‪ 24721‬ـ حدثنا أحمد بن المقدام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المعتمر بن سليمان‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبي يحدّث عن‬
‫قتادة‪ ,‬عن أنس‪ ,‬قال‪ :‬ما تزال جهنم تقول‪ :‬هل من مزيد؟ حتى يضع ال عليها قدمه‪ ,‬فتقول‪ :‬قدِ‬
‫قدِ‪ ,‬وما يزال في الجنة فضل حتى ينشىء ال خلقا‪ ,‬فيُسكنه فضول الجنة‪.‬‬
‫‪ 24722‬ـ حدث ني يعقوب بن إبراه يم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن عل ية‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا أيوب وهشام بن‬
‫حسان‪ ,‬عن محمد بن سيرين‪ ,‬عن أبي هُريرة‪ ,‬قال‪ :‬اختصمت الجنة والنار‪ ,‬فقالت الجنة‪ :‬ما‬
‫لي إن ما يدخل ني فقراء الناس و سقطهم وقالت النار‪ :‬ما لي إن ما يدخل ني الجبارون والمت كبرون‪,‬‬
‫ل واحدة منكما‬
‫فقال‪ :‬أنت رحمتي أصيب بك من أشاء‪ ,‬وأنت عذابي أصيب بك من أشاء‪ ,‬ولك ّ‬
‫ملؤها‪ .‬فأما الجنة فإن ال ينشىء لها من خلقه ما شاء‪ .‬وأما النار فيُلقون فيها وتقول‪ :‬هل من‬
‫مزيد؟ ويلقون فيها وتقول هل من مزيد‪ ,‬حتى يضع فيها قدمه‪ ,‬فهناك تمل‪ ,‬ويزوي بعضها إلى‬
‫بعض‪ ,‬وتقول‪ :‬قط‪ ,‬قط‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن ثور‪ ,‬عن محمد بن سيرين‪ ,‬عن‬
‫جنّةُ‪ :‬مالي ل‬
‫جنّةُ والنّارُ‪ ,‬فَقالَ تِ ال َ‬
‫ت ال َ‬
‫ح َتجّ ِ‬
‫أ بي هريرة أن ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم قال‪« :‬ا ْ‬
‫جبّارُو نَ وال ُم َت َكّبرُو نَ؟ فَقالَ للنّارِ‪:‬‬
‫ت النّارُ‪ :‬مالي ل َي ْدخُلُنِي إلّ ال َ‬
‫َي ْدخُلُنِي إل فُقَرَا ُء النّا سِ؟ وَقال ِ‬
‫حدَةٍ‬
‫ن أشاءُ‪ ,‬وَِلكُلّ وَا ِ‬
‫ب بِ كِ مَ ْ‬
‫حمَتِي أُ صِي ُ‬
‫جنّةِ‪ :‬أنْ تِ َر ْ‬
‫ل ل ْل َ‬
‫ن أشاءُ وَقا َ‬
‫ب بِ كِ مَ ْ‬
‫عذَابِي أُ صِي ُ‬
‫أنْ تِ َ‬
‫ل ُينْشى ُء َلهَا ما شاء وأمّا النّا َر فَيُلْ ُقوْ نَ فِيها َوتَقُولُ‪ :‬هَلْ‬
‫عزّ َوجَ ّ‬
‫ن ال َ‬
‫جنّ ُة فإ ّ‬
‫ِم ْنكُما مِلْؤُها فأمّا ال َ‬
‫ن مَزِيدٍ‪ ,‬حتى َيضَعَ َق َدمَهُ فِيها‪ ,‬هُنالكَ َت ْمتَلِىء‪َ ,‬ويَنزْوِي َب ْعضُها إلى َبعْضٍ‪َ ,‬وتَقُولُ‪ :‬قَطْ‪َ ,‬قطْ»‪.‬‬
‫مِ ْ‬
‫‪24723‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أنس‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫ج َهنّ مُ يُلْقَى فِي ها َوتَقُولُ‪ :‬هَلْ ِم نْ مَزيدٍ ح تى َيضَ عَ رَ بّ‬
‫ال صلى ال عل يه و سلم‪« :‬ل َتزَالُ َ‬
‫جنّةِ‬
‫ن قَ َدمَ هُ‪ ,‬ف َينْزَوي َبعْضُها إلى َبعْ ضٍ َوتَقُولُ‪َ :‬قدْ‪َ ,‬قدْ‪ِ ,‬بعِزّتِك و َك َرمِ كَ‪ ,‬وَل َيزَالُ فِي ال َ‬
‫العاَلمِي َ‬
‫جّنةِ»‪.‬‬
‫س ِك َن ُهمْ فَضْلَ ال َ‬
‫فَضْلٌ حتى ُينْشىءَ الّلهُ َلهَا خَلْقا َفيُ ْ‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد ال صمد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أبان العطار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا قتادة‪ ,‬عن‬
‫ن َمزِيدٍ حتى َيضَ عَ‬
‫ل مِ ْ‬
‫ج َهنّ مُ تَقُول هَ ْ‬
‫أنس‪ ,‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬قال‪« :‬ل َتزَالُ َ‬
‫جنّةِ‬
‫ل فِي ال َ‬
‫رَبّ العاَلمِينَ فِيها َق َدمَه‪َ ,‬ف َينْزَوِي َبعْضُها إلى َبعْض‪َ ,‬فتَقُولُ‪ِ :‬ب ِعزّتِكَ قَطْ‪ ,‬قَطْ وَما َيزَا ُ‬
‫جنّةِ»‪.‬‬
‫س ِكنَه في َفضْلِ ال َ‬
‫فَضْلٌ حتى ُي ْنشِىءَ الّلهُ خَلْقا َفيُ ْ‬
‫قال‪ :‬ث نا عمرو بن عا صم الكل بي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا المعت مر‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا قتادة‪ ,‬عن‬
‫أنس‪ ,‬قال‪ :‬ما تزال جهنم تقول‪ :‬هل من مزيد‪ ,‬فذكر نحوه غير أنه قال‪ :‬أو كما قال‪.‬‬
‫حدثنا زياد بن أيوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن‬
‫َتـ النّارُ‪َ :‬ي ْدخُلُن ِي‬
‫جنّةُ والنّارُ‪ ,‬فَقال ِ‬
‫ّتـ ال َ‬
‫ح َتج ِ‬
‫أنـس‪ ,‬عـن النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬قال‪« :‬ا ْ‬
‫عزّ َوجَلّ إلى‬
‫ّهـ َ‬
‫ن فأَوْحَى الل ُ‬
‫جنّةُ‪َ :‬ي ْدخُلُن ِي الفُ َقرَاءُ وَالمَسـاكِي ُ‬
‫َتـ ال َ‬
‫ُونـ وَقال ِ‬
‫ُونـ وال ُم َت َكبّر َ‬
‫جبّار َ‬
‫ال َ‬
‫ب بِ كِ مَن أشاءُ‪,‬‬
‫عذَابِي أُ صِي ُ‬
‫ن أشاءُ وأَ ْوحَى إلى النّارِ‪ :‬أنْ تِ َ‬
‫ك مَ ْ‬
‫ح َمتِي أُ صِيبُ بِ ِ‬
‫جنّة‪ :‬أنْ تِ َر ْ‬
‫ال َ‬
‫ل مِ نْ َمزِيدٍ؟ ح تى َيضَ عَ َقدَمَ ُه فِي ها‪ ,‬فتَقُولُ‪ :‬قَ طْ‬
‫حدَ ٍة ِم ْنكُ ما مِلْؤُ ها فأمّا النّارُ َفتَقُولُ‪ :‬هَ ْ‬
‫وَِلكُلّ وَا ِ‬
‫ل مِ نْ َمزِيدٍ» دليل واضح‬
‫ج َهنّ مُ تَقُولُ هَ ْ‬
‫ل َ‬
‫قَ طْ»‪ .‬ف في قول النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬ل تَزَا ُ‬
‫على أن ذلك بمعنى الستزادة ل بمعنى النفي‪ ,‬لن قوله‪« :‬ل تزال» دليل على اتصال قول بعد‬
‫قول‪.‬‬

‫‪33-31‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عدُو نَ ِلكُلّ‬
‫غ ْيرَ َبعِيدٍ * هَـذَا مَا تُو َ‬
‫جنّةُ لِ ْل ُمتّقِي نَ َ‬
‫ت ا ْل َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَُأزْلِفَ ِ‬
‫ب ّمنِيبٍ }‪.‬‬
‫حمَـنَ بِا ْل َغيْبِ َوجَآءَ بِقَلْ ٍ‬
‫شيَ ال ّر ْ‬
‫خِ‬‫ب حَفِيظٍ * مّنْ َ‬
‫أَوّا ٍ‬
‫جنّ ُة ل ْل ُمتّقِي نَ غَيرَ َبعِيدٍ وأُدن يت الج نة وقرّ بت للذ ين اتقوا‬
‫يع ني تعالى ذكره بقوله‪ :‬وُأزْلِفَ تِ ال َ‬
‫ربهـم‪ ,‬فخافوا عقوبتـه بأداء فرائضـه‪ ,‬واجتناب معاصـيه‪ .‬وبنحـو الذي قلنـا فـي ذلك قال أهـل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جّنةُ‬
‫‪ 24724‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وُأزْلِفَ تِ ال َ‬
‫ل ْل ُمتّقِينَ يقول‪ :‬وأدنيت غَيرَ َبعِيدٍ‪.‬‬
‫ـ يقول‪ :‬قال لهـم‪ :‬هذا الذي توعدون أيهـا المتقون‪ ,‬أن تدخلوهـا‬
‫عدُون َ‬
‫وقوله‪َ :‬هذَا مـا تُو َ‬
‫ب يعني‪ :‬لكل راجع من معصية ال إلى طاعته‪ ,‬تائب من ذنوبه‪.‬‬
‫وتسكنوها وقوله‪ِ :‬لكُلّ أوّا ٍ‬
‫وقد اختلف أهل التأويل في معنى ذلك‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬هو المسبح‪ ,‬وقال بعضهم‪ :‬هو التائب‪,‬‬
‫وقد ذكرنا اختلفهم في ذلك فيما مضى بما أغني عن إعادته‪ ,‬غير أنا نذكر في هذا الموضع‬
‫ما لم نذكره هنالك‪.‬‬
‫‪ 24725‬ـ حدثني سليمان بن عبد الجبار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن الصلت‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو كدينة‪,‬‬
‫ب قال‪ :‬لك ّل مسبّح‪.‬‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس ِلكُلّ أوّا ٍ‬
‫عن عطاء‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن مسلم العور‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪:‬‬
‫‪24726‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫الوّاب‪ :‬المسبح‪.‬‬
‫‪ 24727‬ـ حدثنا الحسن بن عرفة‪ ,‬قال‪ :‬ثني يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪,‬‬
‫ب حَفِيظٍ قال‪ :‬هو الذاكر ال في الخلء‪.‬‬
‫عن الحكم بن عُتيبة في قول ال‪ِ :‬لكُلّ أوّا ٍ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن يونس بن خباب‪ ,‬عن مجاهد‬
‫‪ 24728‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ظ قال‪ :‬الذي يذكر ذنوبه فيستغفر منها‪.‬‬
‫حفِي ٍ‬
‫ِلكُلّ أوّابٍ َ‬
‫عدُونَ ِلكُلّ‬
‫‪24729‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬هذَا ما تُو َ‬
‫أوّابٍ‪.‬‬
‫‪ 24730‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن خارجة‪ ,‬عن عيسى الحناط‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪ :‬هو الذي يذكر‬
‫ذنوبه في خلء فيستغفر منها حَفِيظٍ‪ :‬أي مطيع ل كثير الصلة‪.‬‬
‫حفِيظٍ‬
‫‪24731‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ِ :‬لكُلّ أوّابٍ َ‬
‫قال‪ :‬الوّاب‪ :‬التوّاب الذي يؤوب إلى طاعة ال ويرجع إليها‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن يونس بن خباب في قوله‪ِ :‬لكُلّ‬
‫‪24732‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ب حَفِيظٍ قال‪ :‬الرجل يذكر ذنوبه‪ ,‬فيستغفر ال لها‪.‬‬
‫أوّا ٍ‬
‫وقوله‪ :‬حَفِي ظٍ اختلف أهل التأويل في تأويله‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬حفظ ذنوبه حتى تاب منها‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن أبي سنان‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن التميمي‪,‬‬
‫‪ 24733‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫قال‪ :‬سألت ابن عباس‪ ,‬عن الوّاب الحفيظ‪ ,‬قال‪ :‬حفظ ذنوبه حتى رجع عنها‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬معناه‪ :‬أنه حفيظ على فرائض ال وما ائتمنه عليه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حفِي ظٍ قال‪ :‬حف يظ ل ما‬
‫‪ 24734‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة َ‬
‫استودعه ال من حقه ونعمته‪.‬‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصواب أن يقال‪ :‬إن ال تعالى ذكره وصف هذا التائب الوّاب بأنه‬
‫حف يظ‪ ,‬ولم يخ صّ به على ح فظ نوع من أنواع الطاعات دون نوع‪ ,‬فالوا جب أن يع مّ ك ما ع مّ‬
‫جلّ ثناؤه‪ ,‬فيقال‪ :‬هو حفيظ لكلّ ما قرّ به إلى ربه من الفرائض والطاعات والذنوب التي سلَفت‬
‫منه للتوبة منها والستغفار‪.‬‬
‫ن بالغَيْ بِ يقول‪ :‬من خاف ال في الدن يا من ق بل أن يلقاه‪ ,‬فأطا عه‪,‬‬
‫حمَ َ‬
‫خشِ يَ ال ّر ْ‬
‫ن َ‬
‫وقوله‪ :‬مَ ْ‬
‫واتبع أمره‪.‬‬
‫ل في قوله‪ِ :‬لكُلّ‬
‫خشِ يَ وجهان من العراب‪ :‬الخ فض على إتبا عه ك ّ‬
‫ن َ‬
‫و في مَن في قوله‪ :‬مَ ْ‬
‫ب والر فع على ال ستئناف‪ ,‬و هو مراد به الجزاء من خ شي الرح من بالغ يب‪ ,‬ق يل له اد خل‬
‫أوّا ٍ‬
‫الج نة فيكون حينئذ قوله‪ :‬ا ْدخُلُو ها بِ سَلمٍ جوا با للجزاء أض مر قبله القول‪ ,‬وج عل فعلً للجم يع‪,‬‬
‫لن مَن قد تكون في مذهب الجميع‪.‬‬
‫ب ُمنِي بٍ يقول‪ :‬وجاء ال بقلب تائب من ذنوبه‪ ,‬راجع مما يكرهه ال إلى ما‬
‫وقوله‪ :‬وَجا َء بِقَلْ ٍ‬
‫يرضيه‪ .‬كما‪:‬‬
‫ب ُمنِي بٍ‪:‬‬
‫‪ 24735‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَجا َء بِقَلْ ٍ‬
‫أي منيب إلى ربه مُقْبل‪.‬‬

‫‪36-34‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن فِيهَا‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬ا ْدخُلُوهَا بِ سَلَمٍ ذَلِ كَ َيوْ مُ اُلخُلُو ِد * لَهُم مّا َيشَآءُو َ‬
‫ل م ِن‬
‫لدِ هَ ْ‬
‫شدّ ِمنْه ُم َبطْشا َفنَ ّقبُواْ ف ِي ا ْلبِ َ‬
‫ُمـ َأ َ‬
‫ْنـ ه ْ‬
‫ُمـ م ّن َقر ٍ‬
‫َمـ أَهَْلكْن َا َقبَْله ْ‬
‫وََل َديْن َا َمزِيدٌ * َوك ْ‬
‫ّمحِيصٍ }‪.‬‬
‫يعني تعالى ذكره بقوله‪ :‬ا ْدخُلُوها بِسَلمٍ ادخلوا هذه الجنة بأمان من الهمّ والغضب والعذاب‪,‬‬
‫وما كنتم تَلقَونه في الدنيا من المكاره‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪24736‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬ا ْدخُلُوها بِسَل ٍم قال‪:‬‬
‫سَلِموا من عذاب ال‪ ,‬وسلّم عليهم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذل كَ يَوْ ُم الخُلُودِ يقول‪ :‬هذا الذي وصفت لكم أيها الناس صفته من إدخالي الجنة من‬
‫أدخله‪ ,‬هو يوم دخول الناس الجنة‪ ,‬ماكثين فيها إلى غير نهاية‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24737‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة ذل كَ يَوْ ُم الخُلُودِ خلدوا‬
‫ظعُنون‪ ,‬و َن ِعمُوا فل يبأسون‪.‬‬
‫وال‪ ,‬فل يموتون‪ ,‬وأقاموا فل َي ْ‬
‫وقوله‪َ :‬لهُ مْ ما يَشاءُو نَ فِيها يقول‪ :‬لهؤلء المتقين ما يريدون في هذه الجنة التي أُزلفت لهم‬
‫من كل ما تشتهيه نفوسهم‪ ,‬وتلذّه عيونهم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وََل َديْ نا َمزِيدٌ يقول‪ :‬وعند نا ل هم على ما أعطينا هم من هذه الكرا مة ال تي و صف جلّ‬
‫ثناؤه صفتها مز يد يزيد هم إياه‪ .‬وق يل‪ :‬إن ذلك المز يد‪ :‬الن ظر إلى ال جلّ ثناؤه‪ .‬ذ كر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 24738‬ـ حدثني أحمد بن سُهيل الواسطي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا قُرةُ بن عيسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا النضر بن‬
‫عرب يّ جده‪ ,‬عن أنس‪ ,‬إن ال عزّ وجلّ إذا أسكن أهل الجنة الجنة‪ ,‬وأهل النار النار‪ ,‬هبط إلى‬
‫حجُ با من نور ثم وُض عت منابر‬
‫حجُ با من لؤلؤ‪ ,‬و ُ‬
‫َمرْج من الج نة أف يح‪ ,‬فمدّ بي نه وب ين خل قه ُ‬
‫س ُررُ النور وكراسيّ النور‪ ,‬ثم ُأذِن لرجل على ال عزّ وجلّ بين يديه أمثال الجبال من‬
‫النور و ُ‬
‫ي تسبيح الملئكة معه‪ ,‬و صَفْق أجنحتهم فم ّد أهل الجنة أعناقهم‪ ,‬فقيل‪ :‬من هذا‬
‫سمَع دَو ّ‬
‫النور يُ ْ‬
‫الذي قـد ُأذِن له على ال؟ فقيـل‪ :‬هذا المجعول بيده‪ ,‬وال ُمعَلّم السـماء‪ ,‬والذي أُمرت الملئكـة‬
‫فسـجدت له‪ ,‬والذي له أبيحـت الجنـة‪ ,‬آدم عليـه السـلم‪ ,‬قـد ُأذِن له على ال تعالى قال‪ :‬يؤذَن‬
‫ي تسبيح الملئكة معه‪ ,‬و صَفُق أجنحتهم‬
‫لرجل آخر بين يديه أمثال الجبال من النور‪ ,‬يُ سْمع دَوِ ّ‬
‫فمدّ أهـل الجنـة أعناقهـم‪ ,‬فقيـل‪ :‬مـن هذا الذي قـد ُأذِن له على ال؟ فقيـل‪ :‬هذا الذي اتخذه ال‬
‫خليلً‪ ,‬وج عل عل يه النار َبرْدا و سلما‪ ,‬إبراه يم قد ُأذِن له على ال‪ .‬قال‪ :‬ثم ُأذِن لر جل آ خر‬
‫صفْق أجنحتهم فمدّ‬
‫على ال‪ ,‬بين يديه أمثال الجبال من النور ُيسْمَع َد ِويّ تسبيح الملئكة معه‪ ,‬و َ‬
‫أهـل الجنـة أعناقهـم‪ ,‬فقيـل‪ :‬مـن هذا الذي قـد أُذن له على ال؟ فقيـل‪ :‬هذا الذي اصـطفاه ال‬
‫بر سالته وقرّ به نج يا‪ ,‬وكلّ مه (كل ما) مو سى عل يه ال سلم‪ ,‬قد ُأذِن له على ال‪ .‬قال‪ :‬ثم يُؤذن‬
‫ل جميع مواكب النبيين قبله‪ ,‬بين يديه أمثال الجبال‪( ,‬من النور) يسمع دَوِ يّ‬
‫لرجل آخر معه مث ُ‬
‫ت سبيح الملئ كة م عه‪ ,‬و صَفْق أجنحت هم فمدّ أ هل الج نة أعناق هم‪ ,‬فق يل‪ :‬من هذا الذي قد ُأذِن له‬
‫على ال؟ فقيل‪ :‬هذا أوّل شافع‪ ,‬وأوّل مشفّع‪ ,‬وأكثر الناس واردة‪ ,‬وسيد ولد آدم وأوّل من تنشقّ‬
‫عن ذُؤابت يه الرض‪ ,‬و صاحب لواء الح مد‪ ,‬أح مد صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬قد ُأذِن له على ال‪.‬‬
‫سـرُر النور والشهداء على كراسـيّ‬
‫قال‪ :‬فجلس النـبيون على منابر النور‪( ,‬والصـدّيقون على ُ‬
‫النور) وجلس سائر الناس على ُكثْبان المسك الذفر البيض‪ ,‬ثم ناداهم الر بّ تعالى من وارء‬
‫ـي‪ ,‬انهضوا إلى عبادي‪,‬‬
‫ـا ملئكتـ‬
‫ـي ووفدي‪ .‬يـ‬
‫ـا بعبادي وزوّاري وجيرانـ‬
‫ـب‪َ :‬م ْرحَبـ‬
‫الحُجـ‬
‫فأطعموهم‪ .‬قال‪ :‬فقرّبت إليهم من لحوم طير‪ ,‬كأنها البُخت ل ريش لها ول عظم‪ ,‬فأكلوا‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ب من وراء الحجاب‪ :‬مرح با بعبادي وزوّاري وجيرا ني ووفدي‪ ,‬أكلوا ا سقوهم‪.‬‬
‫ثم نادا هم الر ّ‬
‫قال‪ :‬فنهض إليهم غلمان كأنهم اللؤلؤ المكنون بأباريق الذهب والفضة بأشربة مختلفة لذيذة‪ ,‬لذة‬
‫صدّعون عن ها ول ُي ْنزَفون ثم نادا هم الر بّ من وراء الحُ جب‪ :‬مرح با‬
‫آخر ها كلذّة أوّل ها‪ ,‬ل يُ َ‬
‫بعبادي وزوّاري وجيرانـي ووفدي‪ ,‬أكلوا وشربوا‪َ ,‬فكّهوهـم‪ .‬قال‪ :‬فيقرّب إليهـم على أطباق‬
‫سمّى ال‪ ,‬أشدّ بياضا من اللبن‪ ,‬وأطيب عذوبة من‬
‫مكلّلة بالياقوت والمرجان ومن ال ّرطَب الذي َ‬
‫الربـ مـن وراء الحُجُب‪ :‬مرحبـا بعبادي وزوّاري وجيرانـي‬
‫ّ‬ ‫العسـل‪ .‬قال‪ :‬فأكلوا ثـم ناداهـم‬
‫ووفدي‪ ,‬أكلوا وشربوا‪ ,‬و ُفكّهوا اكسوهم قال ففتحت لهم ثمار الجنة بحلل مصقولة بنور الرحمن‬
‫الربـ تبارك وتعالى مـن وراء الحجـب‪ :‬مرحبـا بعبادي وزوّاري‬
‫ّ‬ ‫فأُلبسـوها‪ .‬قال‪ :‬ثـم ناداهـم‬
‫طيّبوهـم‪ .‬قال‪ :‬فهاجـت عليهـم ريـح يقال لهـا‬
‫وجيرانـي ووفدي أكلوا وشربوا و ُفكّهوا وكُسـُوا َ‬
‫ال ُمثِيرة‪ ,‬بأباريق المسك (البيض) الذفر‪ ,‬فنفحت على وجوههم من غير غُبار ول قَتام‪ .‬قال‪:‬‬
‫ل من وراء الحُ جب‪ :‬مرح با بعبادي وزوّاري وجيرا ني ووفدي‪ ,‬أكلوا‬
‫ثم نادا هم الر بّ عزّ وج ّ‬
‫إليـ قال‪ :‬فذلك انتهاء‬
‫لتجلينـ لهـم حتـى ينظروا ّ‬
‫ّ‬ ‫طيّبوا‪ ,‬وعزّتـي‬
‫وشربوا وفكهوا‪ ,‬وكسـوا و ُ‬
‫ب عزّ وجلّ‪ ,‬ثم قال‪ :‬ال سلم علي كم عبادي‪ ,‬انظروا‬
‫العطاء وف ضل المز يد قال‪ :‬فتجلى ل هم الر ّ‬
‫إل يّ فقد رضيت عنكم‪ .‬قال‪ :‬فتداعت قصور الجنة وشجرها‪ ,‬سبحانك أربع مرّات‪ ,‬وخرّ القوم‬
‫سجدا قال‪ :‬فنادا هم الر بّ تبارك وتعالى‪ :‬عبادي ارفعوا رؤو سكم فإن ها لي ست بدار ع مل‪ ,‬ول‬
‫دار نَصَب إنما هي دار جزاء وثواب‪ ,‬وعزّتي وجللي ما خلقتها إل من أجلكم‪ ,‬وما من ساعة‬
‫ذكرتموني فيها في دار الدنيا‪ ,‬إل ذكرتكم فوق عرشي‪.‬‬
‫‪ 24739‬ـ حدثنا عل يّ بن الح سين بن أبجر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمر بن يونس اليمامي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫جه ضم بن ع بد ال بن أ بي الطف يل قال‪ :‬ث ني أ بو طي بة‪ ,‬عن معاو ية العب سيّ‪ ,‬عن عثمان بن‬
‫جبْرِيلُ عََليْ هِ‬
‫عميـر‪ ,‬عن أ نس بن مالك‪ ,‬قال‪ :‬قال رسـول ال صلى ال عل يه وسـلم‪« :‬أتانِي ِ‬
‫ج ُمعَةُ‪,‬‬
‫ج ْبرِيلُ ما َه ِذ هِ؟ قالَ‪َ :‬هذِ ِه ال ُ‬
‫ال سّلمُ وفِي كَفّ هِ ِمرْآةٌ َب ْيضَاءُ‪ ,‬فِي ها ُن ْكتَ ٌة سَ ْودَا ُء فَقُلْ تُ‪ :‬يا ِ‬
‫ع ْندَنا‪,‬‬
‫ليّا مِ ِ‬
‫س ّيدُ ا َ‬
‫ج ُمعَةِ وَ ُه َو َ‬
‫س ْودَاءُ فِي ها؟ قالَ‪ :‬هِ يَ ال سّاعَ ُة تَقُو مُ َيوْ مَ ال ُ‬
‫قُلْ تُ‪ :‬فَمَا َهذِ هِ ال ّن ْكتَ ُة ال ّ‬
‫ن َربّ كَ تَبارَ كَ َوتَعالى‬
‫ن يَوْ مَ ال َمزِيدِ قالَ‪ :‬إ ّ‬
‫خرَ ِة يَوْ مَ ال َمزِيدِ قُلْ تُ‪ :‬وَلِ مَ َتدْعُو َ‬
‫لِ‬‫ن َندْعُو هُ فِي ا َ‬
‫و َنحْ ُ‬
‫ن على ُكرْ سِيّهِ‪,‬‬
‫ج ُمعَ ِة َنزَلَ مِ نْ عِّليّي َ‬
‫سكٍ أ ْبيَ ضَ‪ ,‬فإذَا كا نَ يَوْ مُ ال ُ‬
‫ن مِ ْ‬
‫ح مِ ْ‬
‫جنّةِ وَادِيا أ ْفيَ َ‬
‫خذَ فِي ال َ‬
‫ا ّت َ‬
‫جنّ ِة حتى‬
‫سيّ ِبمَنا ِبرَ مِ نْ نُورٍ‪ ,‬ثُ مّ جا َء ال ّن ِبيّو نَ حتى َيجْلِ سُوا عََليْها ثُ مّ َتجِيءُ أ ْهلُ ال َ‬
‫ثُ مّ حَ فّ ال ُكرْ ِ‬
‫جهِ هِ وَ ُه َو يَقُولُ‪ :‬أ نا اّلذِي‬
‫ظرُوا إلى َو ْ‬
‫ل ح تى َينْ ُ‬
‫عزّ َوجَ ّ‬
‫َيجْلِ سُوا على ال ُكثُ بِ َف َي َتجَلّى َلهُ ْم رَ ّبهُ مْ َ‬
‫ل َكرَامَتِي‪ ,‬فَ سَلُونِي‪َ ,‬فيَ سأَلُونَ ُه الرّضَا‪ ,‬فَيَقُولُ‪:‬‬
‫عدَتِي‪ ,‬وأ ْت َممْ تُ عََل ْيكُ مْ ِن ْعمَتِي‪َ ,‬فهَذَا مَح ّ‬
‫صدَ ْق ُت ُكمْ ِ‬
‫َ‬
‫ع ْندَ‬
‫غ َب ُتهُ مْ‪َ ,‬فيُ ْفتَ حُ َلهُ مْ ِ‬
‫رضَا يَ أحَّلكُ مْ دَارِي وأ نا لَكُم َكرَامَتِي‪ ,‬سَلُونِي‪َ ,‬فيَ سألُونَ ُه ح تى َت ْن َتهِ يَ رَ ْ‬
‫شرٍ‪ ,‬إلى مِ ْقدَارِ ُمنْ صَ َرفِ النّا سِ‬
‫خطَرَ على قَلْ بِ َب َ‬
‫س ِمعَتْ‪ ,‬وَل َ‬
‫ن َ‬
‫ذل كَ ما ل ع ين رأَ تْ‪ ,‬وَل ُأذُ ٌ‬
‫جنّ ِة إلى‬
‫ل ال َ‬
‫ش َهدَاءُ‪َ ,‬و َت ْرجِ عُ أهْ ُ‬
‫ن وال ّ‬
‫صدّيقُو َ‬
‫سيّ ِه َفيَ صْ َعدُ َمعَ هُ ال ّ‬
‫صعَ َد على ُكرْ ِ‬
‫ج ُمعُة حتى يَ ْ‬
‫ن ال ُ‬
‫مِ َ‬
‫غ َرفْها‬
‫خضْرَاءَ‪ِ ,‬منْها ُ‬
‫ح ْمرَاءَ‪ ,‬أوْ َز َب ْرجَدَ ًة َ‬
‫غ َر ِفهِ مْ ُدرّةً َب ْيضَاءَ‪ ,‬ل َنظْ مَ فِيها وَل فَ صْمَ‪ ,‬أوْ ياقُوتَ ًة َ‬
‫ُ‬
‫ج ُمعَةِ‪ِ ,‬ل َي ْزدَادُوا ِم ْن هُ َكرَامَةً‪ ,‬وَِل َي ْزدَادُوا َنظَرا‬
‫شيْءٍ أحْ َو جَ ِم ْنهُ مْ إلى َيوْ مِ ال ُ‬
‫وأ ْبوَابُ ها‪ ,‬فَلَيْ سُوا إلى َ‬
‫عيَ َي ْومَ ال َمزِيدِ»‪.‬‬
‫ج ِههِ‪ ,‬وَِلذَلكَ دُ ِ‬
‫إلى َو ْ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن ليث بن أبي سليم‪ ,‬عن عثمان بن عمير‪ ,‬عن أنس‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫بن مالك‪ ,‬عن النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬نحو حديث عليّ بن الحسين‪.‬‬
‫حدث نا الرب يع بن سليمان‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سد بن مو سى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يعقوب بن إبراه يم‪ ,‬عن‬
‫صالح بن حيان عن أبي ُبرَيدة‪ ,‬عن أنس بن مالك‪ ,‬عن النبيّ صلى ال عليه وسلم بنحوه‪.‬‬
‫‪ 24740‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن عون‪ ,‬عن محمد‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا‪ ,‬أو قال‪ :‬قالوا‪ :‬إن أدنـى أهـل الجنـة منزلة‪ ,‬الذي يقال له تمنـّ‪ ,‬ويذكّره أصـحابه‬
‫فيتم نى‪ ,‬ويذكره أ صحابه فيقال له ذلك ومثله م عه‪ .‬قال‪ :‬قال ا بن ع مر‪ :‬ذلك لك وعشرة أمثاله‪,‬‬
‫وعند ال مزيد‪.‬‬
‫‪ 24741‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا عمرو بن الحارث أن درّاجا أبا‬
‫سمْح‪ ,‬حدثه عن أبي الهَيثم‪ ,‬عن أبي سعيد الخُدر يّ‪ ,‬أنه قال عن رسول ال صلى ال عليه‬
‫ال ّ‬
‫ل ثُ مّ َت ْأتِي هِ امْرأتُ هُ َفتَضْر بُ على‬
‫ل أ نْ َي َتحَوّ َ‬
‫سنَ ًة قَبْ َ‬
‫ن َ‬
‫س ْبعِي َ‬
‫جنّ ِة َل َي ّتكِيءُ َ‬
‫ن ال ّرجُلَ فِي ال َ‬
‫وسلم‪« :‬إ ّ‬
‫خدّهـا أص ْـفَى مِن ْـ ال ِمرْآةِ‪ ,‬وإنّـ أدْنَى لُؤُْلؤَةٍ عََليْهـا َلُتضِي ُء مـا بَينَـ‬
‫جهَهُـ فِي َ‬
‫َم ْن ِكبَيْهـِ‪َ ,‬ف َي ْنظُرُ َو ْ‬
‫ن أنْ تِ؟ َفتَقُولُ‪ :‬أ نا مِ نَ ال َمزِيدِ وَإّن هُ‬
‫ال َمشْرِ قِ وَال َم ْغرِب‪َ ,‬فتُ سَّلمُ عََليْ هِ‪ ,‬فَي ُردّ ال سّلمَ‪َ ,‬ويَ سألُها مَ ْ‬
‫ن طُوبى َف َينْ ُفذُها بَصَرُ ُه حتى َيرَى مُخّ ساقِها مِنْ‬
‫ن ثَوْبا أدْناها ِمثْلُ ال ّنعْمانِ ِم ْ‬
‫س ْبعُو َ‬
‫َل َيكُونَ عََليْها َ‬
‫ن ال َمشْ ِرقِ وَال َم ْغرِبِ»‪.‬‬
‫ن التّيجانِ‪ ,‬وَإنّ أ ْدنَى لُؤلُ َؤةٍ فِيها َلُتضِي ُء ما بَي َ‬
‫َورَا ِء ذلكَ‪ ,‬وَإنّ عََليْها مِ َ‬
‫ن قَرْ نٍ يقول تعالى ذكره‪ :‬وكثيرا أهلكنا قبل هؤلء المشركين من‬
‫وقوله‪ :‬وكَ مْ أهَْلكْنا َقبَْلهُ مْ ِم ْ‬
‫خرَقُوا‬
‫شدّ من قريش الذين كذّبوا محمدا َبطْشا َفنّقُبوا في البِلدِ يقول‪َ :‬ف َ‬
‫قريش من القرون‪ ,‬هُ ْم أ َ‬
‫البلدَ فساروا فيها‪ ,‬فطافوا وتوغّلوا إلى القاصي منها قال امرؤ القَيس‪:‬‬
‫ت مِنَ ال َغنِيمَ ِة باليابِ‬
‫ت فِي الَفاقِ حتّى َرضِي ُ‬
‫ل َقدْ نَ ّقبْ ُ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24742‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس َفنَ ّقبُوا فِي‬
‫البِلدِ قال‪ :‬أثّروا‪.‬‬
‫‪24743‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪َ :‬فنَ ّقبُوا‬
‫فِي البِل ِد قال‪ :‬يقول‪ :‬عملوا في البلد ذاك النقْب‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬هَلْ ِم نْ َمحِي صٍ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬فهل كان لهم بتنقبهم في البلد من معدل عن الموت‬
‫و َمنْ جي من الهلك إذ جاء هم أمر نا‪ .‬وأضمرت كان في هذا المو ضع‪ ,‬ك ما أضمرت في قوله‬
‫جتْك أهَْلكْناهُ مْ فَل نا صِ َر َلهُ مْ بمعنى‪ :‬فلم يكن‬
‫خ َر َ‬
‫ن قَ ْر َيتِ كَ التي أ ْ‬
‫شدّ قُوّ ًة مِ ْ‬
‫ن قَ ْريَ ٍة هِ يَ أ َ‬
‫ن مِ ْ‬
‫وكَأيّ ْ‬
‫لهم ناصر عند إهلكهم‪ .‬وقرأت القرّاء قوله َفنَ ّقبُوا بالتشديد وفتح القاف على وجه الخبر عنهم‪.‬‬
‫وذُكر عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ ذلك « َفنَ ِقبُوا» بكسر القاف على وجه التهديد والوعيد‪:‬‬
‫أي طوّفوا في البلد‪ ,‬وتردّدوا فيها‪ ,‬فإنكم لن تفوتونا بأنفسكم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله‬
‫ن َمحِيصٍ قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫مِ ْ‬
‫‪ 24744‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة وكَ مْ أهَْلكْ نا َقبَْلهُ ْم مِ نْ‬
‫ن َمحِيصٍ قد حاص الفَجرة فوجدوا أمر ال ُم ّتبِعا‪.‬‬
‫ل مِ ْ‬
‫قَرْنٍ‪ ...‬حتى بلغ هَ ْ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬فنَ ّقبُوا فِي البِلدِ هَلْ‬
‫ن َمحِيصٍ قال‪ :‬حاص أعداء ال‪ ,‬فوجدوا أمر ال لهم ُم ْدرِكا‪.‬‬
‫مِ ْ‬
‫‪ 24745‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬هَلْ ِم نْ َمحِي صٍ‬
‫قال‪ :‬هل من منجي‪.‬‬

‫‪37‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سمْعَ وَ ُهوَ‬
‫ن لَ ُه قَلْ بٌ َأوْ أَلْقَى ال ّ‬
‫القول ف ـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إ نّ فِي ذَلِ كَ َل ِذ ْكرَىَ ِلمَن كَا َ‬
‫شهِيدٌ }‪.‬‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إن في إهلك نا القرون ال تي أهلكنا ها من ق بل قر يش َل ِذ ْكرَى ُي َتذَكّر ب ها‬
‫ب يعني‪ :‬لمن كان له عقل من هذه المة‪ ,‬فينتهي عن الفعل الذي كانوا يفعلونه‬
‫ن كا نَ َل هُ قَلْ ٌ‬
‫ِلمَ ْ‬
‫ل بهم مثل الذي حلّ بهم من العذاب‪ .‬وبنحو الذي قلنا في‬
‫من كفرهم بربهم‪ ,‬خوفا من أن يح ّ‬
‫ذلك قال أ هل التأو يل‪ .‬ذ كر من قال ذلك‪ 24746 :‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا‬
‫ن لَ هُ قَلْ بٌ‪ :‬أي من هذه ال مة‪ ,‬يع ني بذلك‬
‫ك َل ِذكْرَى ِلمَ نْ كا َ‬
‫ن فِي ذل َ‬
‫سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إ ّ‬
‫ب الحيّ‪.‬‬
‫القلب‪ :‬القل َ‬
‫ب قال‪ :‬من‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ِلمَنْ كانَ َل ُه قَلْ ٌ‬
‫كان له قلب من هذه المة‪.‬‬
‫ن كانَ َل ُه قَلْبٌ‬
‫‪24747‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ِ :‬لمَ ْ‬
‫قال‪ :‬قلب يعقل ما قد سمع من الحاديث التي ضرب ال بها من عصاه من المم‪ .‬والقلب في‬
‫هذا المو ضع‪ :‬الع قل‪ .‬و هو من قول هم‪ :‬ما لفلن قلب‪ ,‬و ما قل به م عه‪ :‬أي ما عقله م عه‪ .‬وأ ين‬
‫ذهب قلبك؟ يعني أين ذهب عقلك‪.‬‬
‫شهِيدٌ يقول‪ :‬أو أصـغى لخبارنـا إياه عـن هذه القرون التـي‬
‫ـمْعَ وَهُ َو َ‬
‫وقوله‪ :‬أ ْو ألْقَـى الس ّ‬
‫أهلكنا ها ب سمعه‪ ,‬في سمع ال خبر عن هم‪ ,‬ك يف فعل نا ب هم ح ين كفروا برب هم‪ ,‬وع صوْا ر سله وَهُوَ‬
‫شهِيدٌ يقول‪ :‬وهو متفهم لما يخبرُ به عنهم شاهد له بقلبه‪ ,‬غير غافل عنه ول ساه‪ .‬وبنحو الذي‬
‫َ‬
‫قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ ,‬وإن اختلفت ألفاظهم فيه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24748‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫شهِيدٌ يقول‪ :‬إن‬
‫سمْعَ وَهُ َو َ‬
‫ك َل ِذكْرَى ِلمَ نْ كا نَ َل ُه قَلْ بٌ أ ْو أَلْقَى ال ّ‬
‫ن فِي ذل َ‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬إ ّ‬
‫استمع الذكر وشهد أمره‪ ,‬قال في ذلك‪ :‬يجزيه إن عقله‪.‬‬
‫‪24749‬ــ حدثنـي محمـد بـن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا أبـو عاصـم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا عيسـى‪ :‬وحدثنـي‬
‫الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬أوْ‬
‫سمْعَ قال‪ :‬وهو ل يحدّث نفسه‪ ,‬شاهد القلب‪.‬‬
‫ألْقَى ال ّ‬
‫‪24750‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ‪ ,‬يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫شهِي ٌد قال‪ :‬العرب تقول‪ :‬ألقـى فلن سـمعه‪ :‬أي اسـتمع‬
‫السـمْعَ وَهُ َو َ‬
‫يقول فـي قوله‪ :‬أ ْو أَلْق َى ّ‬
‫بأذنيه‪ ,‬وهو شاهد‪ ,‬يقول‪ :‬غير غائب‪.‬‬
‫ن كانَ َلهُ قَلْبٌ‬
‫ن فِي ذَلكَ َل ِذ ْكرَى ِلمَ ْ‬
‫‪24751‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان إ ّ‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬يسمع ما يقول‪ ,‬وقلبه في غير ما يسمع‪.‬‬
‫سمْعَ وَهُ َو َ‬
‫أ ْو ألْقَى ال ّ‬
‫وقال آخرون‪ :‬عنى بالشهيد في هذا الموضع‪ :‬الشهادة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫شهِيدٌ‬
‫سمْعَ وَهُ َو َ‬
‫‪ 24752‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة أ ْو أَلْقَى ال ّ‬
‫يعني بذلك أهل الكتاب‪ ,‬وهو شهيد على ما يقرأ في كتاب ال من بعث محمد صلى ال عليه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫شهِيدٌ‬
‫سمْعَ وَ ُهوَ َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة أ ْو أَلْقَى ال ّ‬
‫على ما في يده من كتاب ال أنه يجد النبي صلى ال عليه وسلم مكتوبا‪.‬‬
‫‪24753‬ـ قال‪ :‬ثنا ابن ثور‪ ,‬قال‪ :‬قال معمر‪ ,‬وقال الحسن‪ :‬هو منافق استمع القول ولم ينتفع‪.‬‬
‫‪ 24754‬ـ حدث نا أح مد بن هشام‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عب يد ال بن مو سى‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا إ سرائيل‪ ,‬عن‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬المؤ من ي سمع القرآن‪ ,‬و هو‬
‫سمْعَ وَ ُهوَ َ‬
‫ال سديّ‪ ,‬عن أ بي صالح في قوله‪ :‬أ ْو أَلْقَى ال ّ‬
‫شهيد على ذلك‪.‬‬
‫سمْعَ‬
‫‪ 24755‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬أ ْو أَلْقَى ال ّ‬
‫شهِيدٌ قال‪ :‬أل قى ال سمع ي سمع ما قد كان م ما لم يعا ين من الحاد يث عن ال مم ال تي قد‬
‫وَ ُهوَ َ‬
‫مضت‪ ,‬كيف عذّبهم ال وصنع بهم حين عَصوا رسله‪.‬‬

‫‪38‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ستّ ِة َأيّامٍ َومَا‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْ ضَ َومَا َب ْينَ ُهمَا فِي ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَلَ َقدْ خَلَ ْقنَا ال ّ‬
‫سنَا مِن ّلغُوبٍ }‪.‬‬
‫َم ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ولقد خلقنا السموات السبع والرض وما بينهما من الخلئق في ستة أيام‪,‬‬
‫وما مسّنا من إعياء‪ .‬كما‪:‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن أ بي سنان‪ ,‬عن أ بي ب كر‪ ,‬قال‪ :‬جاءت‬
‫‪ 24756‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫اليهود إلى النبيّ صلى ال عل يه وسلم‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا مح مد أخبر نا ما خلق ال من الخلق في هذه‬
‫ل ْث َنيْ نِ‪َ ,‬وخَلَ قَ الجِبالَ يَوْ مَ الثّلثاءِ‪َ ,‬وخَلَ قَ‬
‫حدِ وَا ِ‬
‫اليام ال ستة؟ فقال‪« :‬خَلَ قَ الّل ُه الرْ ضَ َيوْ مَ ال َ‬
‫سمَوَاتِ وَالمَل ِئكَةَ َيوْ مَ‬
‫خرَابَ ها يَوْ مَ ال ْربِعاءِ‪َ ,‬وخَلَ قَ ال ّ‬
‫عمْران ها َو َ‬
‫المَدائِ نَ والَقْوَا تَ والنهارَ و ُ‬
‫ث السّاعاتِ الَجالَ‪ ,‬وفي‬
‫ج ُمعَةِ‪َ ,‬وخَلَقَ فِي أوّلِ الثّل ِ‬
‫ن يَوْمِ ال ُ‬
‫ث ساعاتٍ‪ ,‬ي ْعنِي مِ ْ‬
‫خمِيس إلى ثَل ِ‬
‫ال َ‬
‫الثّا ِنيَةِ الَفَة‪ ,‬و في الثّاِلثَةِ آدَ مَ‪ ,‬قالوا‪ :‬صدقت إن أتم مت‪ ,‬فعرف ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم ما‬
‫ص ِبرْ عَلى ما يَقُولُونَ»‪.‬‬
‫ن ُلغُوب فا ْ‬
‫يريدون‪ ,‬فغضب‪ ,‬فأنزل ال وَما َمسّنا مِ ْ‬
‫ب قال‪ :‬من سآمة‪.‬‬
‫ن ُلغُو ٍ‬
‫‪24757‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان وَما َمسّنا مِ ْ‬
‫‪ 24758‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫قوله‪ :‬وَما َمسّنا مِنْ ُلغُوبٍ يقول‪ :‬من إزحاف‪.‬‬
‫‪ 24759‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه عن‬
‫ب يقول‪ :‬وما مسنا من َنصَب‪.‬‬
‫ن ُلغُو ٍ‬
‫ابن عباس‪ :‬وَما َمسّنا مِ ْ‬
‫‪24760‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬وَما مَ سّنا‬
‫ب قال‪ :‬نصب‪.‬‬
‫ن ُلغُو ٍ‬
‫مِ ْ‬
‫سمَوَاتِ‬
‫‪24761‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَلَ َقدْ خََلقْنا ال ّ‬
‫والرْ ضَ‪ ...‬الَية‪ ,‬أكذب ال اليهود والنصارى وأهل الفري على ال‪ ,‬وذلك أنهم قالوا‪ :‬إن ال‬
‫خلق ال سموات والرض في ستة أيام‪ ,‬ثم ا ستراح يوم ال سابع‪ ,‬وذلك عند هم يوم ال سبت‪ ,‬و هم‬
‫يسمونه يوم الراحة‪.‬‬
‫ب قالت‬
‫ن َلغُو ٍ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬مِ ْ‬
‫اليهود‪ :‬إن ال خلق ال سموات والرض في ستة أيام‪ ,‬ففرغ من الخلق يوم الجم عة‪ ,‬وا ستراح‬
‫يوم السبت‪ ,‬فأكذبهم ال‪ ,‬وقال‪ :‬ما َمسّنا مِنْ ُلغُوبٍ‪.‬‬
‫‪ 24762‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ل ألف سنة‬
‫ستّ ِة أيّا مٍ كان مقدار ك ّ‬
‫سمَوَاتِ والرْ ضَ وَما َب ْي َنهُما فِي ِ‬
‫يقول في قوله‪ :‬وَلَ َقدْ خَلَقْنا ال ّ‬
‫مما تعدّون‪.‬‬
‫‪ 24763‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَما مَ سّنا من‬
‫ب قال‪ :‬لم َي َمسّنا في ذلك عناء‪ ,‬ذلك اللغوب‪.‬‬
‫ُلغُو ٍ‬

‫‪40-39‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ُوعـ‬
‫ل طُل ِ‬
‫ّكـ قَبْ َ‬
‫ح ْمدِ َرب َ‬
‫ح ِب َ‬
‫َسـبّ ْ‬
‫ُونـ و َ‬
‫ى م َا يَقُول َ‬
‫َاصـِبرْ عََل َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬ف ْ‬
‫سجُودِ }‪.‬‬
‫س ّبحْهُ وََأ ْدبَارَ ال ّ‬
‫ن الّليْلِ َف َ‬
‫ب * َومِ َ‬
‫شمْسِ َو َقبْلَ ا ْل ُغرُو ِ‬
‫ال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ :‬فا صبر يا مح مد على ما يقول هؤلء‬
‫ّكـ َقبْلَ‬
‫ح ْمدِ َرب َ‬
‫َسـبّحْ ِب َ‬
‫اليهود‪ ,‬ومـا يفترون على ال‪ ,‬ويكذبون عليـه‪ ,‬فإن ال لهـم بالمِرصـاد و َ‬
‫ل بح مد ربك صلة الصبح قبل طلوع الشمس وصلة العصر ق بل‬
‫شمْ سِ يقول‪ :‬وص ّ‬
‫طُلُو عِ ال ّ‬
‫الغروب‪ .‬كما‪:‬‬
‫ح ْمدِ َربّ كَ َقبْلَ‬
‫سبّحْ ِب َ‬
‫‪ 24764‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَ َ‬
‫شمْسِ لصلة الفجر‪ ,‬وقبل غروبها‪ :‬العصر‪.‬‬
‫طُلُوعِ ال ّ‬
‫حمْ ِد رَبّكَ‬
‫ح ِب َ‬
‫سبّ ْ‬
‫‪24765‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَ َ‬
‫شمْسِ َو َقبْلَ ال ُغرُوبِ قبل طلوع الشمس‪ :‬الصبح‪ ,‬وقبل الغروب‪ :‬العصر‪.‬‬
‫قبلَ طُلُوعِ ال ّ‬
‫وقوله‪َ :‬ومِن َـ اللّيْل فَس َـّبحْ ُه اختلف أهـل التأويـل فـي التسـبيح الذي أُمـر بـه مـن الليـل‪ ,‬فقال‬
‫بعضهم‪ :‬عنى به صلة ال َعتَمة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن الّليْلِ قال‪:‬‬
‫‪ 24766‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬ومِ َ‬
‫ال َعتَمة‪.‬‬
‫ي وقت صلى‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هي الصلة بالليل في أ ّ‬
‫‪ 24767‬ـ حدث ني مح مد بن عمارة ال سدي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عب يد ال بن مو سى‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا‬
‫س ّبحْ ُه قال‪ :‬من الليل كله‪.‬‬
‫ل فَ َ‬
‫إسرائيل‪ ,‬عن أبي يحيى‪ ,‬عن مجاهد َو ِمنَ الّليْ ِ‬
‫ن الّليْلِ‬
‫والقول الذي قاله مجاهد في ذلك أقرب إلى الصواب‪ ,‬وذلك أن ال جلّ ثناؤه قال‪َ :‬ومَ ِ‬
‫حدّ وق تا من الل يل دون و قت‪ .‬وإذا كان ذلك كذلك كان على جم يع ساعات الل يل‪.‬‬
‫س ّبحْهُ فلم َي ُ‬
‫فَ َ‬
‫وإذا كان المر في ذلك على ما وصفنا‪ ,‬فهو بأن يكون أمرا بصلة المغرب والعشاء‪ ,‬أشبه منه‬
‫بأن يكون أمرا بصلة ال َعتَمة‪ ,‬لنهما يصلّيان ليلً‪.‬‬
‫سجُودِ يقول‪ :‬يقول‪ :‬سبح بحمد ربك أدبار السجود من صلتك‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأدْبارَ ال ّ‬
‫واختلف أهـل التأويـل فـي معنـى التسـبيح الذي أمـر ال نـبيه أن يسـبحه أدبار السـجود‪ ,‬فقال‬
‫بعض هم‪ :‬عُنِي به ال صلة‪ ,‬قالوا‪ :‬وه ما الركعتان اللتان ي صليان ب عد صلة المغرب‪ .‬ذ كر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حكام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عنبسة‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن الحارث‪,‬‬
‫‪24768‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫قال‪ :‬سألت عليا‪ ,‬عن أدبار السجود‪ ,‬فقال‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫جرَ يج‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قال‪ :‬قال عل يّ‬
‫حدث ني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن عُلَ ية‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ُ‬
‫سجُودِ‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫رضي ال عنه‪ :‬أدْبارَ ال ّ‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مصعب بن سلم‪ ,‬عن الجلح‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن الحارث‪,‬‬
‫سجُودِ‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫قال‪ :‬سمعت عليا رضي ال عنه يقول‪ :‬أدْبارَ ال ّ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن الحارث‪,‬‬
‫سجُودِ قال‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫عن عليّ رضي ال عنه‪ ,‬في قوله‪ :‬وأدْبارَ ال ّ‬
‫‪ 24769‬ـ قال‪ :‬حدثنا ثنا يحيى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن الحارث‪ ,‬عن عاصم‬
‫سجُودِ‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫بن ضمرة‪ ,‬عن الحسن بن عليّ رضي ال عنهما‪ ,‬قال‪ :‬أدْبارَ ال ّ‬
‫‪24770‬ـ حدثني عليّ بن سهل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مؤمل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حماد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عليّ بن زيد‪,‬‬
‫عن أوس بن خالد‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬قال‪ :‬أدبار السجود‪ :‬ركعتان بعد صلة المغرب‪.‬‬
‫‪ 24771‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن علوان بن أ بي‬
‫سجُودِ الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫مالك‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪ :‬أدْبارَ ال ّ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جابر‪ ,‬عن عكرِمة‪ ,‬عن ابن‬
‫‪ 24772‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫سجُودِ‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫عباس وإبراهيم بن مهاجر‪ ,‬عن مجاهد أدْبا َر ال ّ‬
‫‪ 24773‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن إبراه يم بن‬
‫مهاجر‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫‪ 24774‬ـ حدثنا ا بن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شع بة‪ ,‬عن إبراه يم بن‬
‫ُومـ قال‪:‬‬
‫السـجُودِ وَإ ْدبَارَ ال ّنج ِ‬
‫َسـّبحْهُ وأدْبارَ ّ‬
‫ِنـ الّليْلِ ف َ‬
‫مهاجـر‪ ,‬عـن إبراهيـم فـي هذه الَيـة َوم َ‬
‫الركعتان ق بل ال صبح‪ ,‬والركعتان ب عد المغرب‪ ,‬قال شع بة‪ :‬ل أدري أيته ما أدبار ال سجود‪ ,‬ول‬
‫أدري أيتهما إدبار النجوم‪.‬‬
‫حدث ني مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى وحدث ني الحارث‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪ :‬وأدْبارَ‬
‫سجُودِ قال‪ :‬كان مجاهد يقول‪ :‬ركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫‪ 24775‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫سجُودِ قال‪ :‬هما السجدتان بعد صلة المغرب‪.‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وأدْبارَ ال ّ‬
‫‪ 24776‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو فضيل‪ ,‬عن رشدين بن كُرَيب‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن ابن‬
‫ن َب ْعدَ ال َم ْغرِب أدْبارَ‬
‫عبّاس َر ْكعَتا ِ‬
‫عباس‪ ,‬قال‪ :‬قال لي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬يا ا ْبنَ َ‬
‫سجُود»‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫حدثني محمد بن عبد ال بن عبد الحكم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أبو زرعة‪ ,‬وهبة ال بن راشد‪ ,‬قال‪:‬‬
‫أخبر نا حيوة بن شر يح‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا أ بو صخر‪ ,‬أ نه سمع أ با معاو ية البجلي من أ هل الكو فة‬
‫يقول‪ :‬سمعت أبا الصهباء البكر يّ يقول‪ :‬سألت عل يّ بن أبي طالب رضي ال عنه عن أدْبارَ‬
‫سجُودِ قال‪ :‬هما ركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫‪ 24777‬ـ حدث ني سعيد بن عمرو ال سكوني‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا بق ية‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا جر ير‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا‬
‫حمير بن يزيد الرحبي‪ ,‬عن ُكرَيب بن يزيد الرحبي قال‪ :‬وكان جبير بن نفير يمشي إليه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫كان إذا صلى الركعتين قبل الفجر‪ ,‬والركعتين بعد المغرب أخ فّ‪ ,‬وف سّر إدبار النجوم‪ ,‬وأدبار‬
‫السجود‪.‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن عي سى بن يز يد‪ ,‬عن أ بي إ سحاق الهمدا ني‪ ,‬عن‬
‫حدث نا ا بن ُ‬
‫سجُودِ‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫الحسن وأدْبارَ ال ّ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حكام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عنبسة‪ ,‬عن المغُيرة‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫سجُودِ‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫يقال‪ :‬أدْبارَ ال ّ‬
‫سجُودِ‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثنا عنبسة‪ ,‬عن إبراهيم بن مهاجر‪ ,‬عن مجاهد وأدْبارَ ال ّ‬
‫قال‪ :‬ثنا جرير‪ ,‬عن عطاء‪ ,‬قال‪ :‬قال عليّ‪ :‬أدبار السجود‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫‪ 24778‬ـ حدثنا ابن البرّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو بن أبي سلمة‪ ,‬قال‪ :‬سُئل الوزاع يّ عن الركعتين‬
‫سجُودِ‪.‬‬
‫س ّبحْ ُه وأدْبارَ ال ّ‬
‫بعد المغرب‪ ,‬قال‪ :‬هما في كتاب ال فَ َ‬
‫حمَيد‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬عن عليّ رضي ال عنه‪,‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عديّ‪ ,‬عن ُ‬
‫سجُودِ قال‪ :‬الركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫في قوله‪ :‬وأدْبارَ ال ّ‬
‫سجُودِ‬
‫‪ 24779‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة وأدْبارَ ال ّ‬
‫قال‪ :‬ركعتان بعد المغرب‪.‬‬
‫السـجُودِ‪ :‬التسـبيح فـي أدبار الصـلوات المكتوبات‪ ,‬دون‬
‫وقال آخرون‪ :‬عنـى بقوله وأدْبارَ ّ‬
‫الصلة بعدها‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24780‬ـ حدث ني يعقوب بن إبراه يم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن عل ية‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن‬
‫سجُودِ قال‪ :‬هو التسبيح بعد الصلة‪.‬‬
‫سبّحْ ُه وأدْبارَ ال ّ‬
‫مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن عباس في َف َ‬
‫‪24781‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬وأدْبارَ‬
‫سجُودِ قال‪ :‬كان ابن عباس يقول‪ :‬التسبيح‪ .‬قال ابن عمرو‪ :‬في حديثه في إثر الصلوات كلها‪.‬‬
‫ال ّ‬
‫وقال الحارث في حديثه في دُبر الصلة كلها‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هي النوافل في أدبار المكتوبات‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24782‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يونس بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن‬
‫سجُودِ‪ :‬النوافل‪.‬‬
‫زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وأدْبارَ ال ّ‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصحة‪ ,‬قول من قال‪ :‬هما الركعتان بعد المغرب‪ ,‬لجماع الحجة من‬
‫أهل التأويل على ذلك‪ ,‬ولول ما ذكرت من إجماعها عليه‪ ,‬لرأيت أن القول في ذلك ما قاله ابن‬
‫زيد‪ ,‬لن ال جلّ ثناؤه لم يخصص بذلك صلة دون صلة‪ ,‬بل ع ّم أدبار الصلوات كلها‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫ي به‪ :‬دبر صلة دون صلة‪ ,‬حجة يجب التسليم لها من خبر‬
‫وأدبار السجود‪ ,‬ولم تقم بأنه معن ّ‬
‫ول عقل‪.‬‬
‫سجُودِ فقرأ ته عا مة قرّاء الحجاز والكو فة‪ ,‬سوى‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬وأدْبارَ ال ّ‬
‫السـجُودِ» بكسـر اللف‪ ,‬على أنـه مصـدر أدبر يُدبر إدبارا‪ .‬وقرأه‬
‫عاصـم والكسـائيّ «وإدْبارَ ّ‬
‫عاصم والكسائيّ وأبو عمرو وأدْبارَ بفتح اللف على مذهب جمع دبر وأدبار‪.‬‬
‫والصواب عندي الفتح على جمع دبر‪.‬‬

‫‪42-41‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س َمعُونَ‬
‫ستَمِ ْع يَوْ مَ ُينَادِ ا ْل ُمنَادِ مِن ّمكَا نٍ َقرِي بٍ * َيوْ مَ يَ ْ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَا ْ‬
‫خرُوجِ }‪.‬‬
‫حقّ ذَِلكَ يَ ْومُ ا ْل ُ‬
‫صيْحَ َة بِا ْل َ‬
‫ال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬واستمع يا محمد صيحة يوم القيامة‪ ,‬يوم‬
‫ينادي بها منادينا من موضع قريب‪ .‬وذُكر أنه ينادي بها من صخرة بيت المقدس‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪24783‬ـ حدثني عليّ بن سهل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ ,‬عن سعيد بن بشر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن‬
‫ن قَرِيبٍ قال مَلك قائم على صخرة بيت المقدس‬
‫س َتمِعْ يَوْمَ يُنادِي المُنادِي ِمنْ مَكا ٍ‬
‫كعب‪ ,‬قال‪ :‬وَا ْ‬
‫ينادِي‪ :‬أيتها العظام البالية والوصال المتقطعة إن ال يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء‪.‬‬
‫س َتمِعْ َيوْ مَ يُنادِي المُنادِي‬
‫‪ 24784‬ـ حدثنا بشر قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد عن قتادة وَا ْ‬
‫ن مَكانٍ َقرِيب قال‪ :‬كنا نحدّث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة‪ ,‬وهي أوسط الرض‪.‬‬
‫مِ ْ‬
‫حدّثنا أن كعبا قال‪ :‬هي أقرب الرض إلى السماء بثمانية عشر ميلً‪.‬‬
‫‪24785‬ـ و ُ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة يَوْ مَ يُنادِي المُنادِي مِ نْ‬
‫مَكانٍ َقرِيب قال‪ :‬بلغني أنه ينادي من الصخرة التي في بيت المقدس‪.‬‬
‫‪ 24786‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن َقرِيب قال‪ :‬هي الصيحة‪.‬‬
‫س َتمِعْ يَ ْو َم يُنادِي المُنادِي مِنْ مَكا ٍ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَا ْ‬
‫ي بن سهل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ ,‬قال‪ :‬ثني بعض أصحابنا‪ ,‬عن‬
‫‪ 24787‬ـ حدثني عل ّ‬
‫الغرّ‪ ,‬عن م سلم بن حيان‪ ,‬عن ا بن بُريدة‪ ,‬عن أب يه بريدة‪ ,‬قال‪ :‬مَلك قائم على صخرة ب يت‬
‫المقدس‪ ,‬واضـع أصـبعيه فـي أُذنيـه ينادي‪ ,‬قال‪ :‬قلتـُ‪ :‬بماذا ينادي؟ قال‪ :‬يقول يـا أيهـا الناس‬
‫جرَادٌ ُم ْن َتشِرٌ‪.‬‬
‫هلموا إلى الحساب قال‪ :‬فيقبلون كما قال ال كأنّ ُهمْ َ‬
‫ص ْيحَةَ بالحَ قّ يقول تعالى ذكره‪ :‬يوم يسمع الخلئق صيحة البعث من‬
‫ن ال ّ‬
‫س َمعُو َ‬
‫وقوله‪ :‬يَوْ مَ يَ ْ‬
‫القبور بالحقّ‪ ,‬يعني بالمر بالجابة ل إلى موقف الحساب‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذلكَ يَ ْو ُم الخُرُوجِ يقول تعالى ذكره‪ :‬يوم خروج أهل القبور من قبورهم‪.‬‬

‫‪44-43‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حيِــي َو ُنمِيتُـ وَإَِليْنَا ا ْلمَصـِيرُ * يَوْمَـ َتشَقّقُـ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬إِنّا َنحْنُـ ُن ْ‬
‫حشْرٌ عََل ْينَا َيسِيرٌ }‪.‬‬
‫ك َ‬
‫سرَاعا ذَِل َ‬
‫ع ْن ُهمْ ِ‬
‫الرْضُ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إنا نحن نُحيي الموتى ونميت الحياء‪ ,‬وإلينا مصير جميعهم يوم القيامة‬
‫سرَاعا يقول جلّ ثناؤه وإلينا مصيرهم يوم تشقّق الرض‪ ,‬فاليوم من‬
‫ع ْنهُ مْ ِ‬
‫يَوْ مَ َتشَقّ قُ الرْ ضُ َ‬
‫صلة مصير‪.‬‬
‫سرَاعا ونُصبت سراعا على‬
‫ع ْنهُ مْ يقول‪ :‬تصدّع الرض عنهم‪ .‬وقوله ِ‬
‫وقوله‪َ :‬تشَقّ قُ الرْ ضُ َ‬
‫الحال مـن الهاء والميـم فـي قوله عنهـم‪ .‬والمعنـى‪ :‬يوم تشقّق الرض عنهـم فيخرجون منهـا‬
‫ع ْن ُهمْ على ذلك من ذكره‪.‬‬
‫سراعا‪ ,‬فاكتفى بدللة قوله‪َ :‬ي ْومَ َتشَ ّققُ الرْضُ َ‬
‫شرٌ عََليْنا َيسِيرٌ يقول‪ :‬جمعهم ذلك جمع في موقف الحساب‪ ,‬علينا يسير سهل‪.‬‬
‫حْ‬‫وقوله‪ :‬ذلكَ َ‬
‫‪45‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫جبّارٍ َف َذكّ ْر بِالْ ُقرْآ نِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ّ { :‬نحْ نُ َأعْلَ مُ ِبمَا يَقُولُو نَ َومَآ أَن تَ عََل ْيهِ مْ ِب َ‬
‫مَن َيخَافُ وَعِيدِ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ن حن يا محمد أعلم بما يقول هؤلء المشركون بال من فِريتهم على ال‪,‬‬
‫جبّارٍ يقول‪ :‬و ما‬
‫وتكذيب هم بآيا ته‪ ,‬وإنكار هم قُدرة ال على الب عث ب عد الموت وَ ما أنْ تَ عََل ْيهِ ْم ِب َ‬
‫أنت عليهم بمسلط‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪24788‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد وَ ما أنْ تَ عََل ْيهِ مْ‬
‫جبّارٍ قال‪ :‬ل تتجبر عليهم‪.‬‬
‫ِب َ‬
‫‪ 24789‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَ ما أنْ تَ عََل ْيهِ مْ‬
‫جبّارٍ فإن ال عزّ وجلّ كره الجبر ية‪ ,‬ون هى عن ها‪ ,‬وقدّم في ها‪ .‬وقال الفرّاء‪ :‬و ضع الجبار في‬
‫ِب َ‬
‫موضع السلطان من الجبرية وقال‪ :‬أنشدني المفضل‪:‬‬
‫ن دِينا‬
‫ن النّاسُ إل َنحْ ُ‬
‫شدَتْ َم َعدّوكا َ‬
‫حَ‬‫ن إذْ َ‬
‫حزْ ِ‬
‫َويَ ْومَ ال َ‬
‫ص َبحْنا الجَ ْوفَ ألْفا ُمعَْلمِينا‬
‫حتّى َ‬
‫جبّارِ َ‬
‫ع ْزمَةَ ال َ‬
‫صيْنا َ‬
‫ع َ‬
‫َ‬
‫ويروى‪« :‬الجوف» وقال‪ :‬أراد بالجبار‪ :‬المنذر لوَليته‪.‬‬
‫جبُرَهم على السلم‪ ,‬إنما بعثت‬
‫جبّارٍ لم تُبعث لت ْ‬
‫قال‪ :‬وقيل‪ :‬إن معنى قوله‪ :‬وَما أنْ تَ عََل ْيهِ مْ ِب َ‬
‫خرِج‪,‬‬
‫مذكّرا‪ ,‬فذكّر‪ .‬وقال‪ :‬العرب ل تقول فعال من أفعلت‪ ,‬ل يقولون‪ :‬هذا خراج‪ ,‬يريدون‪ُ :‬م ْ‬
‫ول يقولون‪ :‬دخَال‪ ,‬يريدون‪ُ :‬مدْخِـل‪ ,‬إنمـا يقولون‪ :‬فعال‪ ,‬مـن فعلت ويقولون‪ :‬خراج‪ ,‬مـن‬
‫خر جت ودخال‪ :‬من دخلت وقتّال‪ ,‬من قتلت‪ .‬قال‪ :‬و قد قالت العرب في حرف وا حد‪ :‬درّاك‪,‬‬
‫من أدركت‪ ,‬وهو شاذّ‪.‬‬
‫قال‪ :‬فإن قلت الجبار على هذا المعنى‪ ,‬فهو وجه‪ .‬قال‪ :‬وقد سمعت بعض العرب يقول‪ :‬جبره‬
‫على المر‪ ,‬يريد‪ :‬أجبره‪ ,‬فالجبار من هذه اللغة صحيح‪ ,‬يراد به‪ :‬يقهرهم ويجبرهم‪.‬‬
‫َخافـ وَعِيدِ يقول تعالى ذكره‪ :‬فذكـر يـا محمـد بهذا القرآن الذي‬
‫ُ‬ ‫َنـ ي‬
‫ُرآنـ م ْ‬
‫وقوله‪َ :‬فذَ ّكرْ بالق ِ‬
‫أنزلته إليه من يخاف الوعيد الذي أوعدته من عصاني وخالف أمري‪.‬‬
‫‪ 24790‬ـ حدث ني ن صر بن ع بد الرح من الود يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا حكام الرازي‪ ,‬عن أيوب‪ ,‬عن‬
‫ن مَ نْ‬
‫عمرو الملئي‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬قال‪ :‬قالوا يا ر سول ال لو خوّفت نا؟ فنزلت َف َذ ّكرْ بال ُقرْآ ِ‬
‫يَخافُ وَعِيدِ‪.‬‬
‫‪24791‬ـ حدثنا ابن حُميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حكام‪ ,‬عن أيوب بن سيار أبي عبد الرحمن‪ ,‬عن عمرو‬
‫بن قيس‪ ,‬قال‪ :‬قالوا‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬لو ذكّرتنا‪ ,‬فذكر مثله‪.‬‬

‫سورة الذاريات‬
‫سورة الذاريات مكية‬
‫وآياتها ستون‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬
‫‪6-1‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ت ُيسْرا *‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَالذّا ِريَاتِ َذرْوا * فَا ْلحَامِلَتِ ِوقْرا * فَا ْلجَا ِريَا ِ‬
‫ن لَوَاقِعٌ }‪.‬‬
‫ن َلصَا ِدقٌ * وَِإنّ الدّي َ‬
‫عدُو َ‬
‫سمَاتِ َأمْرا * ِإ ّنمَا تُو َ‬
‫فَالْمُ َق ّ‬
‫يقول تعالى ذكره وَالذّارِياتــِ َذرْوا يقول‪ :‬والرياح التــي تذرو التراب ذروا‪ ,‬يقال‪ :‬ذرت‬
‫الريح التراب وأذرت‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24792‬ـ حدثنا هنّاد بن ال سّريّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو الحوص‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن خالد بن عُرعرة‪,‬‬
‫ي رضي ال عنه‪ ,‬فقال‪ :‬ما الذاريات ذروا‪ ,‬فقال‪ :‬هي الريح‪.‬‬
‫قال‪ :‬قام رجل إلى عل ّ‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مح مد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شعبة‪ ,‬عن سِماك‪ ,‬قال‪ :‬سمعت‬
‫خالد بن عرعرة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عليا رضي ال عنه وقد خرج إلى الرحْبة‪ ,‬وعليه ُبرْدان‪ ,‬فقالوا‪:‬‬
‫لو أن رجلً سـأل وسـمع القوم‪ ,‬قال‪ :‬فقام ابـن الكوّاء‪ ,‬فقال‪ :‬مـا الذاريات َذرْوا؟ فقال‪ :‬هـي‬
‫الرياح‪.‬‬
‫حدثني محمد بن عبد ال بن عبيد الهللي ومحمد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن خالد بن‬
‫جبَير بن‬
‫عثمة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو الحويرث‪ ,‬عن محمد بن ُ‬
‫مطعم‪ ,‬أخبره‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عليا رضي ال عنه يخطب الناس‪ ,‬فقام عبد ال بن الكوّاء‪ ,‬فقال‪ :‬يا‬
‫أمير المؤمنين‪ ,‬أخبرني عن قول ال تبارك وتعالى‪ :‬وَالذّارِياتِ َذرْوا قال‪ :‬هي الرياح‪.‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن أبي الطفيل‪,‬‬
‫قال‪ :‬سُئل عليّ بن أبي طالب‪ ,‬رضي ال عنه‪ ,‬عن الذاريات َذرْوا‪ ,‬فقال‪ :‬الريح‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن أبي الطّفيل‪,‬‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫عن عليّ وَالذّارِياتِ َذرْوا قال‪ :‬الريح‪.‬‬
‫حدّثنا عن سماك‪ ,‬عن خالد بن عرعرة‪ ,‬قال‪ :‬سألت عليا رضي ال عنه عن‬
‫قال‪ :‬مهران‪ُ ,‬‬
‫وَالذّارِياتِ َذرْوا فقال‪ :‬الريح‪.‬‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن القا سم بن أ بي َبزّة‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعت أ با الطف يل‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عل يا ر ضي ال ع نه ع نه يقول‪ :‬ل ت سألوني عن كتاب‬
‫ناطق‪ ,‬ول سنة ماضية‪ ,‬إل حدّثتكم‪ ,‬فسأله ابن الكوّاء عن الذاريات‪ ,‬فقال‪ :‬هي الرياح‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا طلق‪ ,‬عن زائدة‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن عل يّ بن ربيعة‪ ,‬قال‪ :‬سأل‬
‫ابن الكوّاء عليا رضي ال عنه‪ ,‬فقال‪ :‬وَالذّارِياتِ َذرْوا قال‪ :‬هي الريح‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جر ير‪ ,‬عن عبد ال بن رفيع‪ ,‬عن أبي الطفيل‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫الكوّاء لعلي رضي ال عنه‪ :‬ما الذاريات َذرْوا؟ قال‪ :‬الريح‪.‬‬
‫حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني يحيى بن أيوب‪ ,‬عن أبي صخرة‪ ,‬عن أبي‬
‫معاوية البجل يّ‪ ,‬عن أبي الصهباء البكر يّ‪ ,‬عن عل يّ بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ,‬قال‪ :‬وهو‬
‫على الم نبر ل ي سألني أ حد عن آية من كتاب ال إل أ خبرته‪ ,‬فقام ا بن الكوّاء‪ ,‬وأراد أن ي سأله‬
‫ع ما سأل ع نه صبيغٌ ع مر بن الخطاب ر ضي ال ع نه‪ ,‬فقال‪ :‬ما الذاريات ذروا؟ قال عل يّ‪:‬‬
‫الرياح‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬أن رجلً سأل عليا عن الذاريات‪,‬‬
‫فقال‪ :‬هي الرياح‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن و هب بن ع بد ال‪ ,‬عن أ بي‬
‫الطفيل‪ ,‬قال سأل ابن الكوّاء عليا‪ ,‬فقال‪ :‬ما الذاريات ذروا؟ قال‪ :‬الرياح‪.‬‬
‫‪ 24793‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَالذّارِيا تِ َذرْوا‬
‫قال‪ :‬كان ابن عباس يقول‪ :‬هي الرياح‪.‬‬
‫‪24794‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء جميعـا‪ ,‬عـن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عـن مجاهـد‪ ,‬فـي قوله‪:‬‬
‫وَالذّارِياتِ قال‪ :‬الرياح‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فالْحامِلتِ ِوقْرا يقول‪ :‬فالسحاب التي تحمل وقرها من الماء‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فالجارِيا تِ يُ سْرا يقول‪ :‬فال سفن ال تي تجري في البحار سهلً ي سيرا فالمُقَ سّماتِ أمْرا‬
‫يقول‪ :‬فالملئكة التي تقسم أمر ال في خلقه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24795‬ـ حدث نا هناد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو الحوص‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن خالد بن عرعرة‪ ,‬قال‪ :‬قام‬
‫ي رضي ال عنه‪ ,‬فقال‪ :‬ما الجاريات يسرا؟ قال‪ :‬هي السفن قال‪ :‬فما الحاملت‬
‫رجل إلى عل ّ‬
‫وقرا؟ قال‪ :‬هي السحاب قال‪ :‬فما المقسمات أمرا؟ قال‪ :‬هم الملئكة‪.‬‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مح مد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شعبة‪ ,‬عن سِماك‪ ,‬قال‪ :‬سمعت‬
‫خالد بن عرعرة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عل يا ر ضي ال ع نه‪ .‬وق يل له‪ :‬ما الحاملت وقرا؟ قال‪ :‬هي‬
‫السـحاب قال‪ :‬فمـا الجاريات يُسـرا؟ قال‪ :‬هـي السـفن قال‪ :‬فمـا المقسـّمات أمرا؟ قال‪ :‬هـي‬
‫الملئكة‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن خالد بن عرعرة‪ ,‬عن عليّ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫بنحوه‪.‬‬
‫حدثني محمد بن عبد ال بن عبيد ال الهللي ومحمد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن خالد‬
‫جبَير بن مطعم‬
‫بن عثمة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا موسى الزمعي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبو الحُوَيرث‪ ,‬عن محمد بن ُ‬
‫أخبره‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عليا يخطب الناس‪ ,‬فقام عبد ال بن الكوّاء فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ,‬أخبرني‬
‫ِياتـ يُسـْرا قال‪ :‬هـي‬
‫ِلتـ ِوقْرا قال‪ :‬هـي السـحاب فالجار ِ‬
‫عـن قول ال تبارك وتعالى‪ :‬فالْحام ِ‬
‫السفن فالمُ َقسّمات أمْرا قال‪ :‬الملئكة‪.‬‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن القا سم بن أ بي بزّة‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا الطفيل‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عليا رضي ال عنه‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن عبد العزيز بن رفيع‪ ,‬عن أبي الطفيل‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫الكوّاء لعليّ‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن و هب بن ع بد ال‪ ,‬عن أ بي‬
‫الطّفيل‪ ,‬قال‪ :‬شهدت عليا رضي ال عنه‪ ,‬وقام إليه ابن الكوّاء‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫حدث نا أ بو ُكرَ يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا طَلْق بن غنام‪ ,‬عن زائدة‪ ,‬عن عا صم‪ ,‬عن عل يّ بن ربي عة‪,‬‬
‫قال‪ :‬سأل ابن الكوّاء عليا‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني يحيى بن أيوب‪ ,‬عن أبي صخر‪ ,‬عن أبي‬
‫معاوية البجليّ‪ ,‬عن أبي الصهباء البكريّ‪ ,‬عن عليّ بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ,‬نحوه‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬أن رجلً سأل عليا‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن أبي الطفيل‪,‬‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫عن عليّ مثله‪.‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن أبي الطفيل‪,‬‬
‫قال‪ :‬سُئل فذكر مثله‪.‬‬
‫‪ 24796‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ت أمْرا قال‪ :‬الملئكة‪.‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬فالْحامِلتِ ِوقْرا قال‪ :‬السحاب‪ ,‬قوله‪ :‬فالمُ َقسّما ِ‬
‫‪24797‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد فالْحامِل تِ ِوقْرا‬
‫قال‪ :‬السحاب تحمل المطر‪ ,‬فالجارِيا تِ يُ سْرا قال‪ :‬السفن فالمُقَ سّماتِ أمْرا قال‪ :‬الملئكة ينزلها‬
‫بأمره على من يشاء‪.‬‬
‫عدُو نَ لَ صَا ِدقٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬إن الذي توعدون أيها الناس من قيام الساعة‪,‬‬
‫قوله‪ :‬أ ّنمَا تُو َ‬
‫وبعث الموتى من قبورهم لصادق‪ ,‬يقول‪ :‬لكائن ح قّ يقين‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24798‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء جميعـا‪ ,‬عـن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عـن مجاهـد‪ ,‬قوله‪ :‬إنّمَا‬
‫ن الدّي نَ َلوَاقِ عٌ يقول‪ :‬وإن‬
‫عدُو نَ لَ صَا ِدقٌ والمع نى‪ :‬ل صدق‪ ,‬فو ضع ال سم مكان الم صدر وَإ ّ‬
‫تُو َ‬
‫الحساب والثواب والعقاب لواجب‪ ,‬وال مجازٍ عباده بأعمالهم‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدث ني مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى وحدث ني الحارث‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬وَإنّ الدّينَ َلوَاقِعٌ‬
‫قال‪ :‬الحساب‪.‬‬
‫عدُو نَ‬
‫‪ 24799‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إنّمَا تُو َ‬
‫ن َلوَاقِعٌ وذلك يوم القيامة‪ ,‬يوم يُدان الناس فيه بأعمالهم‪.‬‬
‫َلصَا ِدقٌ وَإنّ الدّي َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ :‬وَإنّ الدّينَ َلوَاقِعٌ قال‪ :‬يوم‬
‫يدين ال العباد بأعمالهم‪.‬‬
‫‪24800‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ نّ الدّي نَ َلوَاقِ عٌ‬
‫قال‪ :‬لكائن‪.‬‬

‫‪9-7‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ختَلِ فٍ * ُي ْؤفَ كُ‬
‫ل ّم ْ‬
‫حبُ كِ * ِإ ّنكُ مْ لَفِي قَوْ ٍ‬
‫سمَآ ِء ذَا تِ ا ْل ُ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَال ّ‬
‫ن ُأ ِفكَ }‪.‬‬
‫عنْ ُه مَ ْ‬
‫َ‬
‫حبُكـِ‪ :‬ذات الطرائق‪,‬‬
‫َاتـ ال ُ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬والسـماء ذات الخَلْق الحسـن‪ .‬وعنـى بقوله‪ :‬ذ ِ‬
‫ح ُبكُه‪ ,‬وهو جمع حِباك وحَبيكة يقال لتكسير الشعرة الجعدة‪ :‬حُبك وللرملة‬
‫وتكسير كل شيء‪ُ :‬‬
‫حبُك ومنه قول الراجز‪:‬‬
‫إذا مرّت بها الريح الساكنة‪ ,‬والماء القائم‪ ,‬والدرع من الحديد لها‪ُ :‬‬
‫شيِها حِباكُ‬
‫طنْ ِفسَ ًة فِي َو ْ‬
‫كأ ّنمَا جَلَّلهَا الحَوّا ُك ِ‬
‫ق وال ّدرَاكُ )‬
‫(أذْهَبها الخُفُو ُ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ ,‬وإن اختلفت ألفاظ قائليه فيه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عبَثْر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا‬
‫‪ 24801‬ـ حدث ني أ بو ح صين ع بد ال بن أح مد بن يو نس‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا َ‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬ذات الخَلْق الحسن‪.‬‬
‫ت ال ُ‬
‫حصين‪ ,‬عن عكرِمة‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬والسّماءِ ذَا ِ‬
‫حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن عطاء بن ال سائب‪ ,‬عن‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬حُسنها واستواؤها‪.‬‬
‫ت ال ُ‬
‫سعيد بن جُبير عن ابن عباس وَالسّماءِ ذَا ِ‬
‫جبَ ير‬
‫‪ 24802‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا حكام‪ ,‬عن عمرو‪ ,‬عن عطاء‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬حبكها‪ :‬حسنها واستواؤها‪.‬‬
‫ت ال ُ‬
‫والسّماءِ ذَا ِ‬
‫‪ 24803‬ـ قال‪ :‬ثنا حكام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو‪ ,‬عن عمر بن سعيد بن مسروق أخي سفيان‪ ,‬عن‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬ذات الزينة‪.‬‬
‫ت ال ُ‬
‫جبَير والسّماءِ ذَا ِ‬
‫خصيف‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫‪ 24804‬ـ حدث نا مح مد بن ع بد ال بن بز يع‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ب شر بن المف ضل‪ ,‬عن عوف‪ ,‬عن‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬حبكت بالخلق الحسن‪ ,‬حبكت بالنجوم‪.‬‬
‫ت ال ُ‬
‫الحسن‪ ,‬قوله‪ :‬والسّماءِ ذَا ِ‬
‫حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا هوذة‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عوف‪ ,‬عن الح سن‪ ,‬في قوله‪ :‬وال سّما ِء ذَا تِ‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬حبكت بالخلق الحسن‪ ,‬حبكت بالنجوم‪.‬‬
‫ال ُ‬
‫حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عثمان بن الهي ثم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عوف‪ ,‬عن الح سن‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ح ِبكَت بالنجوم‪.‬‬
‫حسَن‪ُ ,‬‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬ذات الخَلْق ال َ‬
‫ت ال ُ‬
‫والسّماءِ ذَا ِ‬
‫حدَيـر‪ ,‬قال‪ :‬سـُئل‬
‫‪24805‬ــ حدثنـي يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ابـن عليـة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا عمران بـن ُ‬
‫حبُ كِ قال‪ :‬ذات الخلْق الح سن‪ ,‬ألم تر إلى الن ساج إذا ن سج‬
‫عكرِ مة‪ ,‬عن قوله‪ :‬وال سّماءِ ذَا تِ ال ُ‬
‫الثوب قال‪ :‬ما أحسن ما حبكه‪.‬‬
‫‪ 24806‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عُلَية‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أيوب‪ ,‬عن أبي قِلبة‪,‬‬
‫ن مِنْ‬
‫عن رجل من أصحاب النبيّ صلى ال عليه وسلم عن النبي صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬إ ّ‬
‫ح ُبكٌ» يعني بالحبك‪ :‬الجعودة‪.‬‬
‫ح ُبكٌ ُ‬
‫ن رأسَ ُه مِنْ َورَائ ِه ُ‬
‫َورَا ِئ ُكمْ ال َكذّابّ ال ُمضِلّ‪ ,‬وَإ ّ‬
‫جبَير‪,‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عطاء بن السائب‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬استواؤها‪ :‬حسنها‪.‬‬
‫ت ال ُ‬
‫عن ابن عباس والسّماءِ ذَا ِ‬
‫حبُ كِ قال‪:‬‬
‫ي بن جعفر‪ ,‬عن الربيع بن أنس وال سّما ِء ذَا تِ ال ُ‬
‫‪ 24807‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن عل ّ‬
‫ذات الخلْق الحسن‪.‬‬
‫حبُكها نجومها‪ .‬وكان ابن عباس يقول‪:‬‬
‫‪ 24808‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ُ :‬‬
‫ح ُبكِ ذات الخَلْق الحَسن‪.‬‬
‫ا ْل ُ‬
‫‪ 24809‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وال سّماءِ ذَا تِ‬
‫ح ُبكِ‪ :‬أي ذات الخَلْق الحسن‪ .‬وكان الحسن يقول‪ :‬حبكها‪ :‬نجومها‪.‬‬
‫ال ُ‬
‫حبُك قال‪ :‬ذات‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة ذَاتِ ا ْل ُ‬
‫حسَن‪.‬‬
‫الخَلْق ال َ‬
‫‪24810‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬وال سّماءِ‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬المتقن البنيان‪.‬‬
‫ذَاتِ ال ُ‬
‫‪ 24811‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫حبُ كِ يقول‪ :‬ذات الزينة‪ ,‬ويقال أيضا‪ :‬حبكها مثل حبك الرمل‪,‬‬
‫يقول في قوله‪ :‬وال سّما ِء ذَا تِ ال ُ‬
‫ومثل حبك الدرع‪ ,‬ومثل حبك الماء إذا ضربته الريح‪ ,‬فنسجته طرائق‪.‬‬
‫حبُكِ قال‪:‬‬
‫ت ا ْل ُ‬
‫‪24812‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬ذَا ِ‬
‫شدَادا‪.‬‬
‫سبْعا ِ‬
‫شدّت‪ .‬وقرأ قول ال تبارك وتعالى‪َ :‬و َب َنيْنا فَ ْو َق ُكمْ َ‬
‫ح ِبكَت ُ‬
‫الشدة ُ‬
‫حدث ني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬قوله‪:‬‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬ذات الخَلْق الحسن ويقال‪ :‬ذات الزينة‪.‬‬
‫ت ا ْل ُ‬
‫والسّماءِ ذَا ِ‬
‫وقيل‪ :‬عنى بذلك السماء السابعة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24813‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمران‬
‫القطان‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن سالم بن أبي الجعد‪ ,‬عن معدان بن أبي طلحة‪ ,‬عن عمرو البكال يّ‪ ,‬عن‬
‫ح ُبكِ قال‪ :‬السماء السابعة‪.‬‬
‫ت ا ْل ُ‬
‫عبد ال بن عمرو والسّماءِ ذَا ِ‬
‫حدث ني القا سم بن بش ير بن معروف‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عمران القطان‪ ,‬عن‬
‫قتادة‪ ,‬عن سالم بن أبي الجعد‪ ,‬عن معدان‪ ,‬عن عمرو البكاليّ‪ ,‬هكذا قال القاسم‪ ,‬عن عبد ال بن‬
‫عمرو نحوه‪.‬‬
‫ختَلِ فٍ يقول‪ :‬إن كم أي ها الناس ل في قول مختلف في هذا القرآن‪ ,‬ف من‬
‫ل ُم ْ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّنكُ مْ لَفِي قَوْ ٍ‬
‫مصدّق به ومكذّب‪ .‬كما‪:‬‬
‫‪ 24814‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة إ ّنكُ مْ لَفِي قَوْلٍ‬
‫ختَلِفٍ قال‪ :‬مصدّق بهذا القرآن ومكذّب‪.‬‬
‫ُم ْ‬
‫‪ 24815‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ا بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬إ ّنكُ مْ لَفِي قَوْلٍ‬
‫ختَلِ فٍ قال‪ :‬يتخرّ صون يقولون‪ :‬هذا سحر‪ ,‬ويقولون‪ :‬هذا أ ساطير‪ ,‬فبأ يّ قول هم يؤ خذ‪ ,‬ق تل‬
‫ُم ْ‬
‫الخرّاصون هذا الرجل‪ ,‬ل بدّ له من أن يكون فيه أحد هؤلء‪ ,‬فما لكم ل تأخذون أحد هؤلء‪,‬‬
‫و قد رميتموه بأقاو يل ش تى‪ ,‬فبأ يّ هذا القول تأخذون‪ ,‬هذا الر جل الَن ف هو قول مختلف‪ .‬قال‪:‬‬
‫فذ كر أ نه تخرّص من هم ل يس ل هم بذلك علم قالوا‪ :‬ف ما م نع هذا القرآن أن ينزل بالل سان الذي‬
‫نزلت به الك تب من قبلك‪ ,‬فقال ال‪ :‬أعجم يّ وعرب يّ؟ لو جعل نا هذا القرآن أعجم يا لقل تم ن حن‬
‫عرب وهذا القرآن أأعجميّ‪ ,‬فكيف يجتمعان‪.‬‬
‫ع ْنهُ َمنْ َأ ِفكَ يقول‪ :‬يصرف عن اليمان بهذا القرآن من صرف‪ ,‬ويدفع عنه من‬
‫وقوله‪ :‬يُ ْؤ َفكُ َ‬
‫حرَمه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ُيدْفع‪ ,‬ف ُي ْ‬
‫‪24816‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫عنْ هُ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬يُ ْؤفَ كُ َ‬
‫ن ُأفِكَ قال ابن عمرو في حديثه‪ :‬يوفى‪ ,‬أو يُ ْؤفَن‪ ,‬أو كلمة تشبهها‪ .‬وقال الحارث‪ :‬يُ ْؤفَن‪ ,‬بغير‬
‫مَ ْ‬
‫شك‪.‬‬
‫‪24817‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن الحسن ُي ْؤفَكُ‬
‫ن ُأ ِفكَ قال‪ :‬يُصرف عنه من صُرف‪.‬‬
‫عنْ ُه مَ ْ‬
‫َ‬
‫ن ُأفِ كَ‬
‫عنْ ُه مَ ْ‬
‫‪ 24818‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة ُي ْؤفَ كُ َ‬
‫فالمأفوك عنه اليوم‪ ,‬يعني كتابَ ال‪.‬‬
‫ع ْن هُ َم نْ‬
‫‪ 24819‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬يُ ْؤفَ كُ َ‬
‫ُأ ِفكَ قال‪ :‬يُ ْؤفَك عنه المشركون‪.‬‬
‫‪13-10‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سأَلُونَ‬
‫غ ْمرَ ٍة سَاهُونَ * يَ ْ‬
‫ن هُ مْ فِي َ‬
‫ن * اّلذِي َ‬
‫خرّا صُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ { :‬قتِلَ ا ْل َ‬
‫ن * يَ ْو َم ُهمْ عَلَى النّارِ ُي ْف َتنُونَ }‪.‬‬
‫َأيّانَ َي ْومُ الدّي ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ُ :‬لعِن المتكهنون الذين يتخرّصون الكذب والباطل فيتظننونه‪.‬‬
‫عنَي به المرتابون‪.‬‬
‫خرّا صُونَ فقال بعضهم‪ُ :‬‬
‫عنُوا بقوله ُقتِلَ ال َ‬
‫واختلف أهل التأويل في الذين ُ‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24820‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫خرّاصُونَ يقول‪ :‬لعن المُرتابون‪.‬‬
‫قوله‪ُ :‬قتِلَ ال َ‬
‫وقال آخرون في ذلك بالذي قلنا فيه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24821‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن قال‪ :‬الكهنة‪.‬‬
‫خرّاصُو َ‬
‫ل ال َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬قُتِ َ‬
‫‪24822‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫خرّا صُونَ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد ُقتِلَ ال َ‬
‫قال‪ :‬الذين يتخرّصون الكذب كقوله في عبس ُقتِلَ النْسانُ‪ ,‬وقد حدثني كل واحد منهما بالسناد‬
‫ن قال‪ :‬الذين يقولون‪ :‬ل ُن ْبعَث ول يُوقِنون‪.‬‬
‫خرّاصُو َ‬
‫ل ال َ‬
‫الذي ذكرت عنه‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬قُتِ َ‬
‫خرّا صُونَ‪ :‬أ هل‬
‫‪ 24823‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة ُقتِلَ ال َ‬
‫الظنون‪.‬‬
‫خرّا صُونَ‬
‫‪ 24824‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ُ :‬قتِلَ ال َ‬
‫قال‪ :‬القوم الذ ين كانوا يتخرّ صون الكذب على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬قالت طائ فة‪:‬‬
‫إنما هو ساحر‪ ,‬والذي جاء به سحر‪ .‬وقالت طائفة‪ :‬إنما هو شاعر‪ ,‬والذي جاء به شعر وقالت‬
‫طائ فة‪ :‬إن ما هو كا هن‪ ,‬والذي جاء به كها نة وقالت طائ فة أ ساطِيرُ الوّلِي نَ ا ْك َت َتبَ ها َفهِ يَ ُتمْلَى‬
‫عََليْ ِه ُب ْكرَةً وأصِيلً يتخرّصون على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬الذين هم في غمرة الضللة وغَلَبتها‬
‫غ ْمرَ ٍة ساهُو َ‬
‫ن هُ مْ فِي َ‬
‫وقوله‪ :‬وَاّلذِي َ‬
‫ق الذي ب عث ال به محمدا صلى ال عل يه و سلم ساهون‪ ,‬قد َلهُوا‬
‫علي هم متمادون‪ ,‬و عن الح ّ‬
‫عنه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وإن اختلفت ألفاظهم في البيان عنه‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24825‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫غ ْمرَ ٍة ساهُونَ يقول‪ :‬في ضللتهم يتمادَون‪.‬‬
‫ن ُهمْ فِي َ‬
‫قوله‪ :‬اّلذِي َ‬
‫‪ 24826‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫غ ْمرَةٍ ساهُونَ قال‪ :‬في غفلة لهون‪.‬‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬اّلذِينَ ُهمْ فِي َ‬
‫غ ْمرَ ٍة ساهُونَ‬
‫ن هُمْ فِي َ‬
‫‪24827‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة اّلذِي َ‬
‫يقول‪ :‬في غمرة وشُبهة‪.‬‬
‫غ ْمرَةٍ ساهُونَ قال‪ :‬في غفلة‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان َ‬
‫‪24828‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫غ ْمرَةٍ ساهُونَ‬
‫‪24829‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فِي َ‬
‫قال‪ :‬ساهون ع ما أتا هم‪ ,‬وع ما نزل علي هم‪ ,‬وع ما أمر هم ال تبارك وتعالى‪ ,‬وقرأ قول ال جلّ‬
‫ن َهذَا‪ ...‬الَ ية‪ ,‬وقال‪ :‬أل ترى الش يء إذا أخذ ته ثم غمر ته في‬
‫غ ْمرَ ٍة مِ ْ‬
‫ثناؤه بَلْ قُلُو ُبهُ مْ فِي َ‬
‫الماء‪.‬‬
‫‪ 24830‬ـ حدثني الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪,‬‬
‫غ ْمرَ ٍة ساهُونَ‪ :‬قلبه في كِنانة‪.‬‬
‫عن مجاهد فِي َ‬
‫ن أيّا نَ َيوْ مُ الدّي نِ؟ يقول تعالى ذكره‪ :‬ي سأل هؤلء الخرّا صون الذ ين و صف‬
‫وقوله‪ :‬يَ سأَلُو َ‬
‫صفتهم متى يوم المجازاة والحساب‪ ,‬ويوم ُيدِينُ ال العباد بأعمالهم‪ .‬كما‪:‬‬
‫ن يَوْ مُ الدّي نِ‬
‫‪ 24831‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬أيّا َ‬
‫قال‪ :‬الذين كانوا يجحدون أنهم يُدانون‪ ,‬أو يُبعثون‪.‬‬
‫‪24832‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬يَ سأَلُونَ‬
‫ن قال‪ :‬يقولون‪ :‬متى يوم الدين‪ ,‬أو يكون يوم الدين‪.‬‬
‫أيّانَ َي ْومُ الدّي ِ‬
‫وقوله‪ :‬يَ ْومَ ُه ْم على النّارِ يُ ْف َتنُونَ يقول تعالى ذكره‪ :‬يوم هم على نار جهنم يفتنون‪.‬‬
‫ن في هذا المو ضع‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬ع نى به أن هم‬
‫واختلف أ هل التأو يل في مع نى قوله يُ ْف َتنُو َ‬
‫يعذّبون بالحراق بالنار‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24833‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫قوله‪ :‬يَ ْو َم ُهمْ على النّارِ ُي ْف َتنُونَ يقول‪ :‬يعذّبون‪.‬‬
‫‪ 24834‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن قال‪ :‬فتنتهم أنهم سألوا عن‬
‫ن يَوْ مَ هُ ْم على النّارِ يُ ْف َتنُو َ‬
‫ن يَوْ ُم الدّي ِ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يَسأَلُونَ أيّا َ‬
‫ن فقالوا حين وقفوا‪:‬‬
‫س َت ْعجِلُو َ‬
‫يوم الدين وهم موقوفون على النار ذُوقُوا ِف ْت َن َتكُمْ َهذَا اّلذِي ُك ْنتُمْ ِب ِه تَ ْ‬
‫يَا َويَْلنَا َهذَا يَ ْومُ الدّينِ‪ ,‬وقال ال تبارك وتعالى َهذَا يَ ْو ُم ال َفصْلِ اّلذِي ُك ْن ُتمْ بِ ِه ُت َكذّبُونَ‪.‬‬
‫‪24835‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ن قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد قوله‪ :‬يُ ْف َتنُو َ‬
‫كما يفتن الذهب في النار‪.‬‬
‫‪24836‬ـ حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬ثني هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا حصين‪ ,‬عن عكرِمة‪ ,‬في قوله‪َ :‬يوْمَ هُمْ‬
‫ن قال‪ :‬يعذّبون في النار يحرقون فيها‪ ,‬ألم تر أن الذهب إذا ألقي في النار قيل‬
‫عَلى النّارِ يُ ْف َتنُو َ‬
‫فتن‪.‬‬
‫حدث ني سليمان بن ع بد الجبار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن ال صلت‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو كدي نة‪ ,‬عن‬
‫ن قال‪ :‬يعذّبون‪.‬‬
‫حصين‪ ,‬عن عكرِمة يَ ْو َم ُهمْ على النّارِ يُ ْف َتنُو َ‬
‫حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا فضيل بن عياض‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد‬
‫يَ ْومَ ُه ْم على النّارِ يُ ْف َتنُونَ يقول‪ُ :‬ي ْنضَجون بالنار‪.‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن الح صين‪ ,‬عن عكرِ مة يَوْ مَ هُ ْم على‬
‫حدث نا ا بن ُ‬
‫ن قال‪ :‬يحرقون‪.‬‬
‫النّا ِر يُ ْف َتنُو َ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان يَوْ َم هُ مْ على النّارِ يُ ْف َتنُو نَ يقول‪:‬‬
‫‪ 24837‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫يحرقون‪.‬‬
‫‪ 24838‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في يَ ْومَ ُه ْم على النّارِ يُ ْف َتنُونَ قال‪ :‬يطبخون‪ ,‬كما يفتن الذهب بالنار‪.‬‬
‫‪ 24839‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬يَوْ مَ هُ ْم على‬
‫ن قال‪ :‬يحرقون بالنار‪.‬‬
‫النّا ِر يُ ْف َتنُو َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد َيوْمَ هُمْ على النّا ِر يُ ْف َتنُونَ قال‪:‬‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫يحرقون‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل عنى بذلك أنهم يكذبون‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24840‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن يكذّبون كل هذا‬
‫يقول في قوله‪ :‬يَوْ َم هُ مْ على النّارِ ُي ْف َتنُو نَ يقول‪ :‬يطبخون‪ ,‬ويقال أي ضا يُ ْف َتنُو َ‬
‫يقال‪.‬‬
‫واختلف أ هل العرب ية في و جه ن صب اليوم في قوله‪ :‬يَوْ مَ هُ مْ على النّارِ يُ ْف َتنُو نَ فقال ب عض‬
‫نحويي البصرة‪ :‬نصبت على الوقت والمعنى في أيّانَ َيوْمُ الدّينِ‪ :‬أي متى يوم الدين‪ ,‬فقيل لهم‪:‬‬
‫في َي ْومَ ُهمْ على النّارِ يُ ْف َتنُونَ‪ ,‬لن ذلك اليوم يوم طويل فيه الحساب‪ ,‬وفيه فتنتهم على النار‪.‬‬
‫وقال ب عض نحو يي الكو فة‪ :‬إن ما ن صبت َيوْ مَ هُ مْ ل نك أضف ته إلى شيئ ين‪ ,‬وإذا أض يف اليوم‬
‫والليلة إلى ا سم له ف عل‪ ,‬وارتف عا ن صب اليوم‪ ,‬وإن كان في مو ضع خ فض أو ر فع إذا أض يف‬
‫ل أو إذا كان كذلك‪ ,‬ورف عه في مو ضع الر فع‪ ,‬وخف ضه في مو ضع الخ فض‬
‫إلى فَعَل أو يَ ْفعَ ُ‬
‫ن فرفع يومُ‪ ,‬لكان وجها‪ ,‬ولم يقرأ به أحد من القرّاء‪.‬‬
‫يجوز‪ :‬فلو قيل يَ ْو َم ُهمْ على النّارِ يُ ْف َتنُو َ‬
‫ن ل نه إضا فة غ ير مح ضة فن صبّ‪,‬‬
‫وقال آ خر من هم‪ :‬إن ها ن صب يَوْ مَ هُ ْم على النّارِ يُ ْف َتنُو َ‬
‫والتأويـل رفـع‪ ,‬ولو رفـع لجاز لنـك تقول‪ :‬متـى يومـك؟ فتقول‪ :‬يوم الخميـس‪ ,‬ويوم الجمعـة‪,‬‬
‫والرفع الوجه‪ ,‬لنه اسم قابل اسما فهذا الوجه‪.‬‬
‫ن قول من قال‪ :‬يعذّبون‬
‫وأولى القول ين بال صواب في تأو يل قوله‪ :‬يَوْ َم هُ مْ على النّارِ يُ ْف َتنُو َ‬
‫بالحراق‪ ,‬لن الفت نة أ صلها الختبار‪ ,‬وإن ما يقال‪ :‬فت نت الذ هب بالنار‪ :‬إذا طبخت ها ب ها لتعرف‬
‫ُونـ يحرقون بهـا كمـا يحرق الذهـب بهـا‪ ,‬وأمـا‬
‫ُمـ على النّارِ يُ ْف َتن َ‬
‫ْمـ ه ْ‬
‫جودتهـا‪ ,‬فكذلك قوله‪َ :‬يو َ‬
‫النصب في اليوم فلنها إضافة غير محضة على ما وصفنا من قول قائل ذلك‪.‬‬

‫‪16-14‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن ا ْل ُمتّقِي نَ‬
‫ستَ ْعجِلُونَ * إِ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬ذُوقُو ْا ِف ْتنَ َتكُ مْ هَـذَا اّلذِي كُنتُ مْ بِ ِه تَ ْ‬
‫سنِينَ }‪.‬‬
‫ك ُمحْ ِ‬
‫خذِينَ مَآ آتَا ُهمْ َر ّب ُهمْ ِإ ّن ُهمْ كَانُواْ َقبْلَ ذَِل َ‬
‫ن* آِ‬
‫عيُو ٍ‬
‫جنّاتٍ َو ُ‬
‫فِي َ‬
‫يعنـي تعالى ذكره بقوله‪ :‬ذُوقُوا ِف ْت َنتَكُم ْـ يقال لهـم‪ :‬ذوقوا فتنتكـم وترك يقال لهـم لدللة الكلم‬
‫عليها‪.‬‬
‫ويعني بقوله‪ِ :‬ف ْت َنتَكُمْ‪ :‬عذابكم وحريقكم‪ .‬واختلف أهل التأويل في ذلك‪ ,‬فقال بعضهم بالذي قلنا‬
‫فيه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24841‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ِ :‬فتْ َن َتكُمْ قال‪:‬‬
‫حريقكم‪.‬‬
‫‪24842‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ذُوقُوا ِف ْت َن َتكُمْ‪ :‬ذوقوا عذابكم‬
‫ستَ ْعجِلُونَ‪.‬‬
‫َهذَا اّلذِي ُك ْن ُتمْ بِ ِه َت ْ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬ذُوقُوا ِف ْتنَ َتكُ مْ‬
‫يقول‪ :‬يوم يعذّبون‪ ,‬فيقول‪ :‬ذوقوا عذابكم‪.‬‬
‫‪ 24843‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله‪ :‬ذُوقُوا ِف ْتنَ َت ُكمْ يقول‪ :‬حريقكم‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان ذُوقُوا ِف ْت َن َتكُمْ يقول‪ :‬احتراقكم‪.‬‬
‫‪24844‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫‪24845‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬ذُوقُوا ِف ْت َنتَ ُكمْ قال‪:‬‬
‫ذوقوا عذابكم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عنى بذلك‪ :‬ذوقوا تعذيبكم أو كذبكم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24846‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬ذُوقُوا ِف ْت َن َتكُمْ يقول‪ :‬تكذيبكم‪.‬‬
‫‪ 24847‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله‪ :‬ذُوقُوا ِف ْتنَ َت ُكمْ يقول‪ :‬حريقكم‪ ,‬ويقال‪ :‬كذبكم‪.‬‬
‫َهـ‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬يقال لهـم‪ :‬هذا العذاب الذي تُوفّ ْون ُ‬
‫َسـَت ْعجِلُو َ‬
‫ِهـ ت ْ‬
‫ُمـ ب ِ‬
‫وقوله‪َ :‬هذَا اّلذِي ُك ْنت ْ‬
‫اليوم‪ ,‬هو العذاب الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا‪.‬‬
‫عيُو نٍ يقول تعالى ذكره‪ :‬إن الذين اتقوا ال بطاعته‪ ,‬واجتناب‬
‫جنّا تٍ وَ ُ‬
‫ن فِي َ‬
‫وقوله‪ :‬إ نّ ال ُمتّقِي َ‬
‫معاصيه في الدنيا في بساتين وعيون ما ٍء في الَخرة‪.‬‬
‫ن ما آتاهُ مْ َر ّبهُ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬عاملين ما أمرهم به ربهم مؤدّين فرائضه‪.‬‬
‫خذِي َ‬
‫وقوله‪ :‬آ ِ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبي عمر‪ ,‬عن مسلم البطين‪,‬‬
‫‪ 24848‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫خذِينَ ما آتا ُهمْ َربّ ُهمْ قال‪ :‬الفرائض‪.‬‬
‫عن ابن عباس‪ ,‬في قوله‪ :‬آ ِ‬
‫ن يقول‪ :‬إنهـم كانوا قبـل أن يفرض عليهـم الفرائض‬
‫ـنِي َ‬
‫ـ ُمحْس ِ‬
‫ـ كانُوا َقبْلَ ذلك َ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّنهُم ْ‬
‫محسنين‪ ,‬يقول‪ :‬كانوا ل قبل ذلك مطيعين‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبي عمر‪ ,‬عن مسلم البطين‪,‬‬
‫‪ 24849‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫سنِينَ قال‪ :‬قبل الفرائض محسنين يعملون‪.‬‬
‫حِ‬‫عن ابن عباس إ ّنهُ ْم كانُوا َقبْلَ ذلكَ ُم ْ‬

‫‪19-17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ُمـ‬
‫ِالسـحَارِ ه ْ‬
‫ْ‬ ‫ُونـ * َوب‬
‫جع َ‬ ‫ل م َا َي ْه َ‬
‫ل م ّن الّليْ ِ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬كَانُو ْا قَلِي ً‬
‫حرُومِ }‪.‬‬
‫حقّ لّلسّآئِلِ وَا ْل َم ْ‬
‫ستَغْ ِفرُونَ * َو ِفيَ َأمْوَاِل ِهمْ َ‬
‫َي ْ‬
‫جعُو نَ قال بعض هم‪ :‬معناه‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫اختلف أ هل التأو يل في تأو يل قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫كانوا قليل من الليل ل يهجعون‪ ,‬وقالوا‪« :‬ما» بمعنى الجحد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24850‬ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي‪ ,‬عن سعيد‬
‫ن قال‪ :‬يتيقظون‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫بن أ بي عرو بة‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أ نس بن مالك كانُوا قَلِيلً مِ نَ الّليْ ِ‬
‫يصلون ما بين هاتين الصلتين‪ ,‬ما بين المغرب والعشاء‪.‬‬
‫حدثني زريق بن الشحب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الوهاب بن عطاء‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪,‬‬
‫عن أنس‪ ,‬بنحوه‪.‬‬
‫‪ 24851‬ـ حدثنا ابن بشار وابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بكير بن أبي السمط‪,‬‬
‫ن قال‪ :‬كانوا ل ينامون‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫عن قتادة‪ ,‬عن محمد بن عل يّ‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً ِم نَ الّليْ ِ‬
‫حتى يصلوا العتمة‪.‬‬
‫‪ 24852‬ـ قال‪ :‬ثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن مطرف‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا‬
‫ن قال‪ :‬قلّ ليلة أتت عليهم إل صلوا فيها‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫ل مِنَ الّليْ ِ‬
‫قَلِي ً‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬قال مطرف بن عبد ال في‬
‫ل ليلة تأ تي عليهم ل ي صلون في ها ال‪ .‬إما من أوّل ها‪,‬‬
‫جعُو نَ ق ّ‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫ل مِ َ‬
‫قوله‪ :‬كانُوا قَلِي ً‬
‫وإما من وسطها‪.‬‬
‫‪ 24853‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي ليلى‪ ,‬عن المنهال‪ ,‬عن‬
‫ن قال لم يكن يمضي عليهم ليلة‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫ن الّليْ ِ‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫سعيد بن ُ‬
‫إل يأخذون منها ولو شيئا‪.‬‬
‫‪ 24854‬ـ قال‪ :‬ثنا ا بن يمان‪ ,‬عن أبي جع فر الرازي‪ ,‬عن الربيع بن أنس‪ ,‬عن أبي العال ية‪,‬‬
‫قال‪ :‬كانوا يصيبون فيها حظا‪.‬‬
‫ي بن سعيد الكند يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حفص بن عاصم‪ ,‬عن أبي العالية‪ ,‬في‬
‫‪ 24855‬ـ حدثني عل ّ‬
‫ن قال‪ :‬ل ينامون بين المغرب والعشاء‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫ل مِنَ الّليْ ِ‬
‫قوله‪ :‬كانُوا قَلِي ً‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حكام ومهران‪ ,‬عن أبي جعفر‪ ,‬عن الربيع كانُوا قَلِيلً‬
‫‪ 24856‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫جعُونَ قال‪ :‬كانوا يصيبون من الليل حظا‪.‬‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫مِ َ‬
‫حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬عن سعيد بن أبي عروبة‪ ,‬عن مطرّف‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا‬
‫ن قال‪ :‬قلّ ليلة أتت عليهم هجعوها كلها‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫ل مِنَ الّليْ ِ‬
‫قَلِي ً‬
‫‪ 24857‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة كانُوا قَلِيلً ِم نَ‬
‫جعُونَ قال‪ :‬كان لهم قليل من الليل ما يهجعون‪ ,‬كانوا يصلونه‪.‬‬
‫الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫‪ 24858‬ـ حدث ني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن عل ية‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ا بن أ بي نج يح‪ ,‬يقول في قوله‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬كانوا قليلً ما ينامون ليلة حتى الصباح‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫‪24859‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا‬
‫ن قال‪ :‬قليل ما يرقدون ليلة حتى الصباح ل يتهجدون‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫ل مِنَ الّليْ ِ‬
‫قَلِي ً‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل مع نى ذلك‪ :‬كانوا قليلً من الل يل يهجعون‪ ,‬ووجهوا ما ال تي في قوله‪ :‬ما‬
‫ن إلى أنها صلة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جعُو َ‬
‫َي ْه َ‬
‫‪24860‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬قال الحسن‪ :‬كابدوا قيام الليل‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬كان الحسن يقول‪ :‬ل ينامون‬
‫منه إل قليلً‪.‬‬
‫حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬عن بعض أصحابنا‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬ل ينامون من الليل إل أقله‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫‪ 24861‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الوهاب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عوف‪ ,‬عن سعيد بن أ بي‬
‫جعُونَ قال‪ :‬قلّ ليلة أتت عليهم هجوعا‪.‬‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫الحسن‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫‪ 24862‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬قال‬
‫جعُونَ قال‪ :‬كانوا ل ينامون إل قليلً‪.‬‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫الحنف بن قيس‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫‪ 24863‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحكم بن عطية‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬لست من أهل هذه‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫قال الحنف بن قَيس‪ ,‬وقرأ هذه الَية كانُوا قَلِيلً ِم نَ الّليْ ِ‬
‫الَية‪.‬‬
‫حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن أ بي عد يّ‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن الح سن‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬قيام الليل‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫‪ 24864‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن يونس‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪:‬‬
‫نشطوا فمدّوا إلى السحر‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن يونس بن عبيد‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪ :‬مدّوا‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫في الصلة ونشطوا‪ ,‬حتى كان الستغفار بسحر‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سعيد بن أبي عروبة‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن الحسن قال‪ :‬كانوا ل ينامون من‬
‫الليل إل قليلً‪.‬‬
‫ل مِ نَ‬
‫‪ 24865‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا قَلِي ً‬
‫جعُو نَ قال‪ :‬كان الح سن والزهري يقولن‪ :‬كانوا كثيرا من الل يل ما ي صلون‪ .‬و قد‬
‫الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫يجوز أن تكون ما على هذا التأويل في موضع رفع‪ ,‬ويكون تأويل الكلم‪ :‬كانوا قليلً من الليل‬
‫هجوع هم وأ ما من ج عل ما صلة‪ ,‬فإ نه ل مو ضع ل ها ويكون تأو يل الكلم على مذه به كانوا‬
‫يهجعون قليل الليل‪ ,‬وإذا كانت ما صلة كان القليل منصوبا بيهجعون‪.‬‬
‫ل ما‬
‫ح َميْد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور عن إبراهيم كانُوا قَلِيلً مِنَ الّليْ ِ‬
‫‪24866‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن قال‪ :‬ما ينامون‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫َي ْه َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬كانوا يصلون العتمة‪ ,‬وعلى هذا التأويل ما في معنى الجحد‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24867‬ـ حدث نا ا بن بشار وا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن‬
‫ن قال‪ :‬قال رجل من أهل مكة‪ :‬سماه قتادة‪ ,‬قال‪:‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً ِمنَ الّليْ ِ‬
‫صلة العتمة‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬كان هؤلء المحسنون قبل أن تفرض عليهم الفرائض قليلً من‬
‫ن الّليْلِ‬
‫سنِين كانوا قليلً مستأنف بقوله‪ :‬مِ َ‬
‫الناس‪ ,‬وقالوا الكلم بعد قوله إ ّنهُ مْ كانُوا َقبْلَ ذل كَ ُمحْ ِ‬
‫ن فالواجب أن تكون ما على هذا التأويل بمعنى الجحد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جعُو َ‬
‫ما َي ْه َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬عن الضحاك‪ ,‬في‬
‫‪ 24868‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن الّليْلِ‬
‫جعُونَ يقول‪ :‬إن المحسنين كانوا قليلً‪ ,‬ثم ابتدىء فقيل مِ َ‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫ل مِ َ‬
‫قوله‪ :‬كانُوا قَلِي ً‬
‫صدّيقُونَ‬
‫ن آ َمنُوا باللّ هِ َورُ سُلِ ِه أُوَلئِ كَ هُ ُم ال ّ‬
‫ن كما قال‪ :‬وَاّلذِي َ‬
‫س َتغْ ِفرُو َ‬
‫ن وبال سْحارِ هُ ْم يَ ْ‬
‫جعُو َ‬
‫ما َي ْه َ‬
‫جرُهُمْ َونُورُ ُهمْ‪.‬‬
‫ع ْندَ َر ّب ِهمْ َل ُهمْ أ ْ‬
‫شهَدَاءُ ِ‬
‫ثم قال‪ :‬وال ّ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن الزبير‪ ,‬عن الضحاك بن‬
‫ن قال‪ :‬كانوا من الناس قليلً‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫مزاحم كانُوا قَلِيلً مِنَ الّليْ ِ‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن الزبير بن عد يّ‪ ,‬عن الضحاك بن‬
‫جعُونَ قال‪ :‬كانوا قليلً من الناس من يفعل ذلك‪.‬‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫مزاحم‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن الزب ير بن عد يّ‪ ,‬عن الضحاك بن‬
‫حدث نا ا بن ُ‬
‫ن قال‪ :‬كانوا قليلً من الناس إذ ذاك‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫مزاحم كانُوا قَلِيلً مِنَ الّليْ ِ‬
‫حُد ثت عن الح سين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أ با معاذ يقول‪ :‬أخبر نا عب يد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك يقول‬
‫عيُونـٍ‪ ...‬إلى‬
‫ّاتـ وَ ُ‬
‫جن ٍ‬ ‫ِينـ ف ِي َ‬
‫ُونـ قال ال‪ :‬إن ال ُمتّق َ‬
‫جع َ‬ ‫ل مـا َي ْه َ‬
‫ِنـ الّليْ ِ‬
‫فـي قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً م َ‬
‫ن الّليْلِ ما‬
‫ن كانوا قليلً‪ ,‬يقول‪ :‬المحسنون كانوا قليلً‪ ,‬هذه مفصولة‪ ,‬ثم استأنف فقال‪ :‬مِ َ‬
‫ُمحْ سِنِي َ‬
‫جعُونَ‪.‬‬
‫َي ْه َ‬
‫ن فإنه يع ني‪ :‬ينامون‪ ,‬والهجوع‪ :‬النوم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أ هل‬
‫وأما قوله‪َ :‬ي ْهجَعُو َ‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24869‬ـ حدث ني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‬
‫جعُونَ يقول‪ :‬ينامون‪.‬‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫كانُوا قَلِيلً مِ َ‬
‫‪ 24870‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن‬
‫ن قال‪ :‬ينامون‪.‬‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫إبراهيم كانُوا قَلِيلً مِنَ الّليْ ِ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫‪ 24871‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ‪ ,‬يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫جعُونَ الهجوع‪ :‬النوم‪.‬‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫يقول في قوله‪ :‬مِ َ‬
‫‪ 24872‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً مِ نَ‬
‫جعُو نَ قال‪ :‬كانوا قليلً ما ينامون من الل يل‪ ,‬قال‪ :‬ذاك اله جع‪ .‬قال‪ :‬والعرب تقول‪:‬‬
‫الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫إذا سافرت اه جع ب نا قليلً‪ .‬قال‪ :‬وقال ر جل من ب ني تم يم ل بي‪ :‬يا أ با أُ سامة صفة ل أجد ها‬
‫ن ون حن وال قليلً من‬
‫جعُو َ‬
‫ل ما َي ْه َ‬
‫في نا‪ ,‬ذ كر ال تبارك وتعالى قو ما فقال‪ :‬كانُوا قَلِيلً مِ نَ الّليْ ِ‬
‫الليل ما نقوم قال‪ :‬فقال أبي طُوَبى لمن رقد إذا نعس وأتقى ال إذا استيقظ‪.‬‬
‫جعُو نَ قول من قال‪ :‬كانوا‬
‫ن الّليْلِ ما َي ْه َ‬
‫وأولى القوال بالصحة في تأويل قوله‪ :‬كانُوا قَلِيلً ِم َ‬
‫ل مـن الليـل هجوعهـم‪ ,‬لن ال تبارك وتعالى وصـفهم بذلك مدحـا لهـم‪ ,‬وأثنـى عليهـم بـه‪,‬‬
‫قلي ً‬
‫فوصفهم بكثرة العمل‪ ,‬وسهر الليل‪ ,‬ومكابدته فيما يقرّبهم منه ويرضيه عنهم أولى وأشبه من‬
‫وصفهم من قلة العمل‪ ,‬وكثرة النوم‪ ,‬مع أن الذي اخترنا في ذلك هو أغلب المعاني على ظاهر‬
‫التنزيل‪.‬‬
‫ن اختلف أهـل التأويـل فـي تأويله‪ ,‬فقال بعضهـم‪ :‬معناه‪:‬‬
‫َسـَتغْ ِفرُو َ‬
‫ُمـ ي ْ‬
‫وقوله‪ :‬وَبالسـْحارِ ه ْ‬
‫وبالسحار يصلون‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24873‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ـَتغْفِرُونَ يقول‪ :‬يقومون فيصـلون‪ ,‬يقول‪ :‬كانوا يقومون‬
‫ـ يَس ْ‬
‫يقول فـي قوله‪ :‬وَبالسـْحارِ هُم ْ‬
‫ن ثُُلثَ يِ الّليْلِ‬
‫وينامون‪ ,‬كما قال ال لمحمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬إ نّ َربّ كَ َيعْلَ مُ أنّ كَ تَقُو مُ أ ْدنَى مِ ْ‬
‫َونِ صْفَهُ فهذا نوم‪ ,‬وهذا قيام وَطائِفَ ٌة مِ نَ اّلذِي نَ َمعَ كَ كذلك يقومون ثل ثا ون صفا وثلث ين‪ :‬يقول‪:‬‬
‫ينامون ويقومون‪.‬‬
‫‪24874‬ـ حدثنا ابن حَميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جبلة بن سحيم‪ ,‬عن ابن عمر‪,‬‬
‫س َتغْفِرُونَ قال‪ :‬يصلون‪.‬‬
‫قوله‪ :‬وَبالسَحارِ ُهمْ َي ْ‬
‫‪24875‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد وَبال سَحارِ هُ مْ‬
‫ستَغْ ِفرُونَ قال‪ :‬يصلون‪.‬‬
‫َي ْ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل عنى بذلك أنهم أخروا الستغفار من ذنوبهم إلى السحر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن يونس بن عبيد‪ ,‬عن الحسن‪,‬‬
‫‪ 24876‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫قال‪ :‬مدّوا في الصلة و َنشِطوا‪ ,‬حتى كان الستغفار بسحر‪.‬‬
‫‪ 24877‬ـ حدث نا يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَبال سَحارِ هُ مْ‬
‫ستَغْ ِفرُونَ قال‪ :‬هم المؤمنون‪ ,‬قال‪ :‬وبلغنا أن نبيّ ال صلى ال عليه وسلم يعقوب حين سألوه‬
‫يَ ْ‬
‫س َتغْ ِفرُ َلكُ مْ َربّي قال‪ :‬قال بعض أهل‬
‫ل سَ ْوفَ أ ْ‬
‫أن يستغفر لهم قالوا يا أبانا اس ْتغَ ِفرْ لَنا ُذنُوبَنا قا َ‬
‫العلم‪ :‬إ نه أخرّ ال ستغفار إلى ال سحر‪ .‬قال‪ :‬وذ كر ب عض أ هل العلم أن ال ساعة ال تي تف تح في ها‬
‫أبواب الجنة‪ :‬السحر‪.‬‬
‫‪ 24878‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ا بن ز يد يقول‪ :‬ال سحر‪ :‬هو‬
‫السدس الخير من الليل‪.‬‬
‫حرُو مِ يقول تعالى ذكره‪ :‬و في أموال هؤلء المح سنين‬
‫وقوله‪ :‬وفِي أمْوَاِلهِ مْ حَ قّ لل سّائِلِ وال َم ْ‬
‫الذ ين و صف صفتهم ح قّ ل سائلهم المحتاج إلى ما في أيدي هم والمحروم‪ .‬وبن حو الذي قل نا في‬
‫مع نى ال سائل‪ ,‬قال أ هل التأو يل‪ ,‬و هم في مع نى المحروم مختلفون‪ ,‬ف من قائل‪ :‬هو المحارَف‬
‫الذي ليس له في السلم سهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أ بي إ سحاق‪ ,‬عن ق يس بن‬
‫‪ 24879‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫كركم‪ ,‬عن ابن عباس سألته عن السائل والمحروم‪ ,‬قال‪ :‬السائل‪ :‬الذي يسأل الناس‪ ,‬والمحروم‪:‬‬
‫الذي ليس له في السلم سهم وهو محارَف‪.‬‬
‫حدث ني مح مد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع مي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه عن ا بن‬
‫حرُومِ قال‪ :‬المحروم‪ :‬المحارف‪.‬‬
‫حقّ للسّائِلِ وال َم ْ‬
‫عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وفِي أمْوَالهمْ َ‬
‫حدثنا سهل بن موسى الرازي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬عن إسرائيل‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن قيس‬
‫بن كركم‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬السائل‪ :‬السائل‪ .‬والمحروم‪ :‬المحارف الذي ليس له في السلم‬
‫سهم‪.‬‬
‫حدثنا سهل بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن قيس بن كركم‪,‬‬
‫عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬المحروم‪ :‬المحارف الذي ليس له في السلم سهم‪.‬‬
‫حمَيد بن مسعدة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد بن زريع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة عن أبي إسحاق‪ ,‬عن‬
‫حدثنا ُ‬
‫قيـس بـن كركـم‪ ,‬عـن ابـن عباس فـي هذه الَيـة للسـّائِلِ وال َمحْرُومِـ قال‪ :‬السـائل‪ :‬الذي يسـأل‪,‬‬
‫والمحروم‪ :‬المحارَف‪.‬‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أ با إ سحاق‬
‫يحدّث عن قيس بن كركم‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬بنحوه‪.‬‬
‫‪ 24880‬ـ حدث ني مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى‪ ,‬عن ا بن أ بي‬
‫نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول‪ :‬ال تبارك وتعالى‪ :‬المحروم‪ ,‬قال‪ :‬المحارف‪.‬‬
‫وحدث ني الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪,‬‬
‫مثله‪.‬‬
‫‪ 24881‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله‪ :‬وَال َمحْرُو مِ‪ :‬هو الر جل المحارف الذي ل يكون له مال إل ذ هب‪ ,‬ق ضى ال له‬
‫ذلك‪.‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن قيس بن‬
‫حرُو ِم قال‪ :‬السائل‪ :‬الذي يسأل‪ ,‬والمحروم‪:‬‬
‫كركم‪ ,‬قال‪ :‬سألت ابن عباس عن قوله‪ :‬للسائل وَال َم ْ‬
‫المحارف الذي ليس له في السلم سهم‪.‬‬
‫‪24882‬ـ حدثني محمد بن عمرو المقدمي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا قريش بن أنس‪ ,‬عن سليمان‪ ,‬عن قتادة‪,‬‬
‫عن سعيد بن المسيب‪ :‬المحروم‪ :‬المحارَف‪.‬‬
‫‪ 24883‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن‬
‫إبراهيم‪ ,‬قال في المحروم‪ :‬هو المحارف الذي ليس له أحد يعطف عليه‪ ,‬أو يعطيه شيئا‪.‬‬
‫‪ 24884‬ـ حدثني ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬ثني وهب بن جرير‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن‬
‫أبي قِلبة‪ ,‬قال‪ :‬جاء سيل باليمامة‪ ,‬فذهب بمال رجل‪ ,‬فقال رجل من أصحاب النبيّ صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬هذا المحروم‪.‬‬
‫‪ 24885‬ـ حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أيوب‪ ,‬عن نافع‪ ,‬قال‪ :‬المحروم‪:‬‬
‫المحارف‪.‬‬
‫حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬ث ني م سلم بن خالد‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن‬
‫مجاهد‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬المحروم‪ :‬المحارف‪.‬‬
‫حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا حجاج‪ ,‬عن الوليد بن العيزار عن‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس أنه قال‪ :‬المحروم‪ :‬هو المحارف‪.‬‬
‫سعيد بن ُ‬
‫‪ 24886‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن أبي بشر‪ ,‬قال‪ :‬سألت سعيد بن‬
‫جبَير‪ ,‬عن المحروم‪ ,‬فلم يقل فيه شيئا‪ ,‬فقال عطاء‪ :‬هو المحدود المحارف‪.‬‬
‫ُ‬
‫ومن قائل‪ :‬هو المتعفف الذي ل يسأل الناس شيئا‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حدثنا يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬أ خبرني نافع بن يز يد‪ ,‬عن عمرو بن الحارث‪,‬‬
‫عن بكير بن الشجّ‪ ,‬عن سعيد بن المسيب‪ ,‬أنه سُئل عن المحروم فقال‪ :‬المحارف‪.‬‬
‫‪ 24887‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وفي أمْوَالِه مْ حَ قّ‬
‫حرُو مِ هذان فقيرا أهل السلم‪ ,‬سائل يسأل في كفّه‪ ,‬وفقير متعفّف‪ ,‬ولكليهما عليك‬
‫لل سَائل وَال َم ْ‬
‫حقّ يا ابن آدم‪.‬‬
‫‪ 24888‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري لل سّائلِ‬
‫حرُومِ قال‪ :‬السائل‪ :‬الذي يسأل‪ ,‬والمحروم‪ :‬المتعفف الذي ل يسأل‪.‬‬
‫وَال َم ْ‬
‫‪ 24889‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬قال‪ :‬قال معمر‪ ,‬وحدثني الزهر يّ‪ ,‬أن‬
‫ـ والكْلَةُ‬
‫ـ ال ّت ْمرَةُ وال ّت ْمرَتان ِ‬
‫ن اّلذِي َترُدّه ُ‬
‫ـ المِسـْكي ُ‬
‫النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم قال‪َ« :‬ليْس َ‬
‫ِهـ‬
‫َمـ بِحاجَت ِ‬
‫جدُ غِنًى‪ ,‬وَل ُيعْل ُ‬
‫والكْلَتانـِ»‪ ,‬قالوا فمـن المسـكين يـا رسـول ال؟ قال‪« :‬اّلذِي ل َي ِ‬
‫حرُومُ»‪.‬‬
‫صدّقُ عََليْ ِه فَذلكَ ال َم ْ‬
‫َفيُ َت َ‬
‫‪ 24890‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫حرُومِ قال‪ :‬السائل الذي يسأل بكفه‪ ,‬والمحروم‪ :‬المتعفف‪ ,‬ولكليهما عليك حقّ يا ابن‬
‫للسّائِل وال َم ْ‬
‫آدم‪.‬‬
‫وقائل‪ :‬هو الذي ل سهم له في الغنيمة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24891‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن قيس بن مسلم‪ ,‬عن‬
‫الح سن بن مح مد‪ ,‬إن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ب عث سرية‪ ,‬فغنموا‪ ,‬فجاء قوم يشهدون‬
‫حرُومِ‪.‬‬
‫حقّ للسّائِلِ وَال َم ْ‬
‫الغنيمة‪ ,‬فنزلت هذه الَية‪ :‬وفِي أمْوَاِل ِهمْ َ‬
‫حدث نا أ بو ُكرَ يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن أ بي زائدة‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ق يس بن م سلم الجدلي‪ ,‬عن‬
‫الحسـن بـن محمـد‪ ,‬قال‪ :‬بعثـت سـرية فغنموا‪ ,‬ثـم جاء قوم مـن بعدهـم‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت للسـّائِل‬
‫حرُومِ‪.‬‬
‫وَال َم ْ‬
‫‪ 24892‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬عن‬
‫إبراهيم أن أُنا سا قدموا على عل يّ ر ضي ال ع نه الكو فة بعد وق عة الج مل‪ ,‬فقال‪ :‬اق سموا لهم‪,‬‬
‫قال‪ :‬هذا المحروم‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو نعيم‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن قيس بن مسلم‪ ,‬عن الحسن بن محمد‬
‫أن قومـا فـي زمان النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم أصـابوا غنيمـة‪ ,‬فجاء قوم بعـد‪ ,‬فنزلت وفِي‬
‫حقّ للسّائِلِ وَال َمحْرُومِ‪.‬‬
‫أمْوَاِل ِهمْ َ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا حكام‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عمرو‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن إبراه يم‪,‬‬
‫‪ 24893‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫قال‪ :‬المحروم‪ :‬الذي ل فيء له في السلم‪ ,‬وهو محارف من الناس‪.‬‬
‫حرُو مِ قال‪ :‬المحروم‪ :‬الذي ل‬
‫قال‪ :‬ثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬قوله‪ :‬للّسائِلِ وَال َم ْ‬
‫يجري عليه شيء من الفيء‪ ,‬وهو محارف من الناس‪.‬‬
‫وقائل‪ :‬هو الذي ل ينمى له مال‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24894‬ـ حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬عن حصين‪ ,‬قال‪ :‬سألت عكرِمة‪ ,‬عن‬
‫السائل والمحروم؟ قال‪ :‬السائل‪ :‬الذي يسألك‪ ,‬والمحروم‪ :‬الذي ل ينمى له مال‪.‬‬
‫وقائل‪ :‬هو الذي قد ذهب ثمره وزرعه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24895‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وفِي أ ْموَاِلهِمْ حَقّ‬
‫ُمـ مـا َتحْ ُرثُون أأنْت ُم‬
‫ُومـ قال‪ :‬المحروم‪ :‬المصـاب ثمره وزرعـه‪ ,‬وقرأ أفرأ ْيت ْ‬
‫للسـّائِلِ وال َمحْر ِ‬
‫حرُومُونَ‪.‬‬
‫ن َم ْ‬
‫ن بَلْ َنحْ ُ‬
‫حرُومُونَ وقال أصحاب الجنة‪ :‬إنّا َلضَالّو َ‬
‫ن َم ْ‬
‫َتزْرَعُونَ ُه حتى بلغ بَلْ َنحْ ُ‬
‫‪ 24896‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني عبد ال بن عياش‪ ,‬قال‪ :‬قال زيد‬
‫حرُو مِ قال‪ :‬ليس ذلك بالزكاة‪ ,‬ولكن ذلك مما‬
‫بن أسلم في قوله‪َ :‬وفِي أمْوَاِلهِ مْ حَ قّ لل سّائِلِ وَال َم ْ‬
‫ينفقون من أموالهم بعد إخراج الزكاة‪ ,‬والمحروم‪ :‬الذي يُصاب زرعه أو ثمره أو نسل ماشيته‪,‬‬
‫فيكون له ح قّ على من لم يصبه ذلك من المسلمين‪ ,‬كما قال لصحاب الجنة حين أهلك جنتهم‬
‫ن بَلْ‬
‫ن إنّا َل َم ْغرَمُو َ‬
‫جعَلْنا ُه حُطا ما فَظَ ْلتُ مْ تَ َف ّكهُو َ‬
‫حرُومُو نَ وقال أي ضا‪َ :‬ل ْو نَشا ُء ل َ‬
‫ن َم ْ‬
‫ل َنحْ ُ‬
‫قالُوا بَ ْ‬
‫حرُومُونَ‪.‬‬
‫َنحْنُ َم ْ‬
‫وكان الشعبيّ يقول في ذلك ما‪.‬‬
‫‪ 24897‬ـ حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ا بن علية‪ ,‬عن ابن عون‪ ,‬قال‪ :‬قال الشعبيّ‪ :‬أعياني أن‬
‫أعلم ما المحروم‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حُرم الرزق واحتاج‪ ,‬وقد يكون ذلك بذهاب‬
‫ماله وثمره‪ ,‬فصار ممن حرمه ال ذلك‪ ,‬وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة‪ ,‬ويكون بأنه ل‬
‫سهم له في الغني مة لغيب ته عن الوق عة‪ ,‬فل قول في ذلك أولى بال صواب من أن تع مّ‪ ,‬ك ما قال‬
‫حرُومِ‪.‬‬
‫حقّ للسّائِلِ وَال َم ْ‬
‫جلّ ثناؤه‪ :‬وفي أمْوَاِل ِهمْ َ‬

‫‪22-20‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫صرُونَ‬
‫سكُمْ َأفَلَ ُتبْ ِ‬
‫ي أَنفُ ِ‬
‫ن * َوفِ َ‬
‫ض آيَا تٌ لّ ْلمُوقِنِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬وفِي الرْ ِ‬
‫عدُونَ }‪.‬‬
‫سمَآ ِء رِ ْز ُقكُمْ َومَا تُو َ‬
‫* َوفِي ال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وفـي الرض ع ِبر وعظات لهـل اليقيـن بحقيقـة مـا عاينوا ورأوا إذا‬
‫ساروا فيها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24898‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬وفي‬
‫ت ل ْلمُو ِقنِينَ قال‪ :‬يقول‪ :‬معتبر لمن اعتبر‪.‬‬
‫الرْضِ آيا ٌ‬
‫‪ 24899‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وفي الرْ ضِ آيا تٌ‬
‫ل ْلمُو ِقنِينَ إذا سار في أرض ال رأى عِبرا وآيات عظاما‪.‬‬
‫ن اختلف أ هل التأو يل في تأو يل ذلك‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬مع نى‬
‫صرُو َ‬
‫س ُكمْ أفَل ُتبْ ِ‬
‫وقوله‪ :‬و في أنْفُ ِ‬
‫ذلك‪ :‬وفي سبيل الخلء والبول في أنفسكم عِبرة لكم‪ ,‬ودليل لكم على ربكم‪ ,‬أفل تبصرون إلى‬
‫ذلك منكم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جرَيج‪ ,‬عن‬
‫‪ 24900‬ـ حدثنا أحمد بن عبد الصمد النصاريّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو أُسامة‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫ْصـرُونَ قال‪ :‬سـبيل الغائط‬
‫ُسـُكمْ أفَل ُتب ِ‬
‫ابـن المرتفـع‪ ,‬قال‪ :‬سـمعت ابـن الزّبيـر يقول‪ :‬وفـي أنْف ِ‬
‫والبول‪.‬‬
‫جرَيج‪ ,‬عن محمد بن المرتفع‪ ,‬عن‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫س ُكمْ أفَل ُت ْبصِرُونَ قال‪ :‬سبيل الخلء والبول‪.‬‬
‫عبد ال بن الزّبير وفي أنْ ُف ِ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬وفي تسوية ال تبارك وتعالى مفاصل أبدانكم وجوارحكم دللة‬
‫لكم على أن خلقتم لعبادته‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫س ُكمْ أفَل‬
‫‪ 24901‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وفي أنْفُ ِ‬
‫شرٌ َت ْن َتشِرُونَ‬
‫ن ُترَابٍ ثُمّ إذَا أ ْنتُمْ َب َ‬
‫ن خَلَ َقكُمْ مِ ْ‬
‫صرُونَ‪ ,‬وقرأ قول ال تبارك وتعالى َو ِمنْ آياتِ ِه أ ْ‬
‫ُتبْ ِ‬
‫قال‪ :‬وفينـا آيات كثيرة‪ ,‬هذا السـمع والبصـر واللسـان والقلب‪ ,‬ل يدري أحـد مـا هـو أسـود أو‬
‫أحمر‪ ,‬وهذا الكلم الذي يتلجلج به‪ ,‬وهذا القلب أ يّ شيء هو‪ ,‬إنما هو مضغة في جوفه‪ ,‬يجعل‬
‫ال فيه العقل‪ ,‬أفيدري أحد ما ذاك العقل‪ ,‬وما صفته‪ ,‬وكيف هو؟‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك أن يقال‪ :‬معنى ذلك‪ :‬وفي أنفسكم أيضا أيها الناس آيات وعِبر‬
‫تدلّ كم على وحدان ية صانعكم‪ ,‬وأ نه ل إله ل كم سواه‪ ,‬إذ كان ل ش يء يقدر على أن يخلق م ثل‬
‫ن يقول‪ :‬أفل تنظرون فـي ذلك فتتفكروا فيـه‪ ,‬فتعلموا حقيقـة وحدانيـة‬
‫خلقـه إياكـم أفَل ُتبْص ِـرُو َ‬
‫خالقكم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وفي ال سّماءِ ِرزْ ُقكُ مْ يقول تعالى ذكره‪ :‬وفي السماء‪ :‬المطر والثلج اللذان بهما تخرج‬
‫الرض رزق كم‪ ,‬وقوت كم من الطعام والثمار وغ ير ذلك‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال ب عض‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جوَ يبر‪ ,‬عن‬
‫‪ 24902‬ـ حدث ني مح مد بن ع بد ال بن بز يع‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الن ضر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ُ‬
‫الضحاك‪ ,‬في قوله‪ :‬وفي السّماءِ ِرزْ ُق ُكمْ قال‪ :‬المطر‪.‬‬
‫‪24903‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬عن أشعث‪ ,‬عن جعفر‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬الثلج‪ ,‬وكلّ عين ذائبة من الثلج ل تنقص‪.‬‬
‫عدُو َ‬
‫وفي السماءِ ِرزْ ُق ُكمْ وَما تُو َ‬
‫‪ 24904‬ـ حدثنا يونس بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن عبد الكريم‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حرَمونه بخطاياكم وأعمالكم‪.‬‬
‫في السحاب فيه وال رزقكم‪ ,‬ولكنكم ُت ْ‬
‫‪24905‬ـ قال‪ :‬أخبرنا سفيان‪ ,‬عن إسماعيل بن أمية‪ ,‬قال‪ :‬أحسبه أو غيره أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم سمع رجلً ومطروا‪ ,‬يقول‪ :‬ومطرنا ببعض عثانين السد‪ ,‬فقال‪َ « :‬ك َذبْتَ‪ ,‬بَلْ ُهوَ‬
‫رِ ْزقُ الّلهِ»‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن مجاهد وفي السّما ِء رِ ْز ُقكُمْ وَما‬
‫‪24906‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن قال‪ :‬رزقكم المطر‪.‬‬
‫عدُو َ‬
‫تُو َ‬
‫‪24907‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان وفي السّماءِ ِرزْ ُق ُكمْ قال‪ :‬رزقكم المطر‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بـل معنـى ذلك‪ :‬ومـن عنـد ال الذي فـي السـماء رزقكـم‪ ,‬وممـن تأوّله كذلك‬
‫واصل الحدب‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هارون بن المُغيرة من أهل الرأي‪ ,‬عن سفيان الثوري‪,‬‬
‫‪ 24908‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن فقال‪ :‬أل إن رز قي في‬
‫عدُو َ‬
‫قال‪ :‬قرأ وا صل الحدب هذه الَ ية و في ال سّما ِء رِ ْز ُقكُ مْ وَ ما تُو َ‬
‫السماء وأنا أطلبه في الرض‪ ,‬فدخل خرِبة فمكث ثلثا ل يصيب شيئا‪ ,‬فلما كان اليوم الثالث‬
‫إذا هو دوخلّة رطب‪ ,‬وكان له أخ أحسن نية منه‪ ,‬فدخل معه‪ ,‬فصارتا دوخلّتين‪ ,‬فلم يزل ذلك‬
‫دأبهما حتى فرّق الموت بينهما‪.‬‬
‫عدُو نَ فقال بعضهم‪ :‬معنى ذلك‪ :‬وما توعدون‬
‫واختلف أ هل التأويل في تأويل‪ ,‬قوله‪ :‬وَما تُو َ‬
‫من خير‪ ,‬أو شرّ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬وما‬
‫عدُو َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن مجاهد وَما تُو َ‬
‫‪ 24909‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫توعدون من خير أو شرّ‪.‬‬
‫حدثني الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد وفي‬
‫عدُونَ يقول‪ :‬الجنة في السماء‪ ,‬وما توعدون من خير أو شرّ‪.‬‬
‫السّماءِ ِرزْ ُق ُكمْ وَما تُو َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬وما توعدون من الجنة والنار‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24910‬ـ حدث ني مح مد بن ع بد ال بن بز يع‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الن ضر‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا جو يبر‪ ,‬عن‬
‫عدُونَ قال‪ :‬الجنة والنار‪.‬‬
‫الضحاك‪ ,‬في قوله‪ :‬وَما تُو َ‬
‫عدُونَ من الجنة‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان وَما تُو َ‬
‫‪24911‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫وأولى القول ين بال صواب في ذلك عندي‪ ,‬القول الذي قاله مجا هد‪ ,‬لن ال ع ّم ال خبر بقوله‪:‬‬
‫عدُو نَ عن كلّ ما وعد نا من خ ير أو شرّ‪ ,‬ولم يخ صص بذلك بع ضا دون ب عض‪ ,‬ف هو‬
‫وَ ما تُو َ‬
‫على عمومه كما عمه ال جلّ ثناؤه‪.‬‬

‫‪23‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل مَآ َأ ّن ُكمْ تَنطِقُونَ }‪.‬‬
‫حقّ ّمثْ َ‬
‫سمَآءِ وَالرْضِ ِإّنهُ َل َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬فَ َورَبّ ال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره مقسما لخلقه بنفسه‪ :‬فوربّ السماء والرض‪ ,‬إن الذي قلت لكم أيها الناس‪:‬‬
‫إن في السماء رزقكم وما توعدون لحقّ‪ ,‬كما حقّ أنكم تنطقون‪ .‬وقد‪:‬‬
‫‪ 24912‬ـ حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عد يّ‪ ,‬عن عوف‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ل ما أ ّنكُمْ َت ْنطِقُونَ قال‪ :‬بلغني أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫ب السّماءِ والرْضِ إّن ُه َلحَقّ ِمثْ َ‬
‫فَ َورَ ّ‬
‫وسلم قال‪« :‬قاتل ال أقواما أقسم لهم ربهم بنفسه فلم يصدّقوه» وقال الفرّاء‪ :‬للجمع بين «ما»‬
‫و«إ نّ» في هذا المو ضع وجهان‪ :‬أحده ما‪ :‬أن يكون ذلك نظ ير ج مع العرب ب ين الشيئ ين من‬
‫السماء والدوات‪ ,‬كقول الشاعر في السماء‪:‬‬
‫ن إذَا ُه ُميَهابُ اللّئامُ حَلْ َقةَ الباب َقعْ َقعُوا‬
‫لئِي اّلذِي َ‬
‫ِمنَ النّ َفرِ ال ّ‬
‫فجمع بين اللئي والذين‪ ,‬وأحدهما مجزيء من الَخر وكقول الَخر في الدوات‪:‬‬
‫جرْبِ‬
‫ت ِبهِكالْيَ ْو ِم طالِيَ َأ ْي ُنقٍ ُ‬
‫سمِعْ ُ‬
‫ن رأيْتُ وَل َ‬
‫ما إ ْ‬
‫فجمع بين «ما» وبين «إن»‪ ,‬وهما جحدان يجزيء أحدهما من الَخر‪ .‬وأما الَخر‪ :‬فهو لو‬
‫أن ذلك أفرد بما‪ ,‬لكان خبرا عن أنه ح قّ ل كذب‪ ,‬وليس ذلك المعن يّ به‪ .‬وإنما أُر يد به‪ :‬إ نه‬
‫ق منطقك‪ ,‬معناه‪ :‬أحقّ هو أم كذب‪ ,‬وأن‬
‫لحقّ كما حقّ أن الَدميّ ناطق‪ .‬أل ترى أن قولك‪ :‬أح ّ‬
‫قولك أ حق أ نك تن طق معناه لل ستثبات ل لغيره‪ ,‬فأدخلت «أن» ليفرّق ب ها ب ين المعني ين‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فهذا أعجب الوجهين إليّ‪.‬‬
‫ل ما‬
‫ل ما أ ّنكُ مْ فقرأ ذلك عا مة قرّاء المدي نة والب صرة ِمثْ َ‬
‫واختل فت القرّاء في قراءة قوله‪ِ :‬مثْ َ‬
‫ن صبا بمع نى‪ :‬إ نه لح قّ ح قا يقي نا كأن هم وجهو ها إلى مذ هب الم صدر‪ .‬و قد يجوز أن يكون‬
‫ن صبها من أ جل أن العرب تن صبها إذا رف عت ب ها ال سم‪ ,‬فتقول‪ :‬م ثل من ع بد ال‪ ,‬وع بد ال‬
‫مثلك‪ ,‬وأ نت مثلُه‪ ,‬ومثَل ُه رف عا ون صبا‪ .‬و قد يجوز أن يكون ن صبها على مذ هب الم صدر‪ ,‬إ نه‬
‫ل ما أ ّنكُ مْ» على‬
‫لح قّ كنطق كم‪ .‬وقرأ ذلك عا مة قرّاء الكو فة‪ ,‬وب عض أ هل الب صرة رف عا « ِمثْ ُ‬
‫وجه النعت للحقّ‪.‬‬
‫وال صواب من القول في ذلك عندي أنه ما قراءتان م ستفيضتان في قرأة الم صار‪ ,‬متقارب تا‬
‫المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب‪.‬‬

‫‪26-24‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن * ِإذْ َدخَلُواْ عََليْهِ‬
‫ف ِإبْرَاهِيمَ ا ْل ُم ْك َرمِي َ‬
‫ضيْ ِ‬
‫حدِيثُ َ‬
‫ل َأتَاكَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬هَ ْ‬
‫سمِينٍ }‪.‬‬
‫ن * َفرَاغَ إَِلىَ أَهِْلهِ َفجَآءَ ِب ِعجْلٍ َ‬
‫لمٌ قَ ْومٌ مّن َكرُو َ‬
‫فَقَالُواْ سَلَما قَالَ سَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬ي خبره أ نه محلّ ب من تمادى في غ يه‪,‬‬
‫ل ب من قبل هم من ال مم الخال ية‪ ,‬ومذكرا‬
‫وأ صرّ على كفره‪ ,‬فلم ي تب م نه من كفار قو مه‪ ,‬ما أح ّ‬
‫قو مه من قر يش بإخباره إيا هم أخبار هم وق صصهم‪ ,‬و ما ف عل ب هم‪ ,‬هل أتاك يا مح مد حد يث‬
‫ضيف إبراهيم خليل الرحمن المكرمين‪.‬‬
‫ن أن إبراهيم عليه السلم وسارّة خدماهم بأنفسهما‪.‬‬
‫يعني بقوله‪ :‬ال ُمكْ َرمِي َ‬
‫ن كما‪:‬‬
‫وقيل‪ :‬إنما قيل ال ُم ْكرَمِي َ‬
‫‪24913‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ضيْ فُ‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪َ :‬‬
‫إ ْبرَاهِيمَ ال ُم ْك َرمِينَ قال‪ :‬أكرمهم إبراهيم‪ ,‬وأمر أهله لهم بالعجل حينئذ‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬إذْ َدخَلُوا عََليْهِـ يقول‪ :‬حيـن دخـل ضيـف إبراهيـم عليـه‪ ,‬فقالوا له سـلما‪ :‬أي أسـلموا‬
‫إسلما‪ ,‬قال سلم‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة‪ ,‬قال‪ :‬سَلمٌ باللف بمعنى‬
‫قال‪ :‬إبراهيم لهم سلم عليكم‪ .‬وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة «سِ ْلمٌ» بغير ألف‪ ,‬بمعنى‪ ,‬قال‪ :‬أنتم‬
‫سلم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬قَ ْومٌ ُم ْن َكرُونَ يقول‪ :‬قوم ل نعرفكم‪ ,‬ورفع «قوم منكرون» باضمار أنتم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فَرَا غَ إلى أهِْل هِ يقول‪ :‬عدل إلى أهله ورجع‪ .‬وكان الفرّاء يقول‪ :‬الروغ وإن كان على‬
‫هذا المع نى فإ نه ل ين طق به ح تى يكون صاحبه مخف يا ذها به أو مجيئه‪ ,‬وقال‪ :‬أل ترى أ نك‬
‫تقول قد راغ أهل مكة وأنت تريد رجعوا أو صدروا‪ ,‬فلو أخفى راجع رجوعه حسنت فيه راغ‬
‫ويروغ‪.‬‬
‫سمِينٍ يقول‪ :‬فجاء ضيفَه بعجل سمين قد أنضجه شيّا‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فَجا َء ِب ِعجْلٍ َ‬
‫‪24914‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬فَرَاغَ إلى أهِْل ِه فَجاءَ‬
‫سمِينٍ قال‪ :‬كان عامة مال نبيّ ال إبراهيم عليه السلم البقر‪.‬‬
‫ِب ِعجْلٍ َ‬

‫‪29-27‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س ِم ْنهُ مْ خِيفَ ًة قَالُواْ لَ‬
‫ل َت ْأكُلُو نَ * َفأَ ْوجَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬فَ َق ّربَ ُه إَِل ْيهِ مْ قَالَ َأ َ‬
‫عجُوزٌ عَقِيمٌ }‪.‬‬
‫ج َههَا َوقَالَتْ َ‬
‫صكّتْ َو ْ‬
‫صرّةٍ َف َ‬
‫شرُو ُه ِبغُلَمٍ عَلَي ٍم * فََأ ْقبَلَتِ ا ْمرََأتُهُ فِي َ‬
‫َتخَفْ َو َب ّ‬
‫ل أل َت ْأكُلُونَ؟ وفي الكلم متروك استغني بدللة الظاهر عليه منه وهو‬
‫وقوله‪ :‬فَ َقرّبهُ إَل ْيهِ ْم قا َ‬
‫فقرّبـه إليهـم‪ ,‬فأمسـكوا عـن أكله‪ ,‬فقال‪ :‬أل تأكلون؟ فأوجـس منهـم‪ ,‬يقول‪ :‬فأوجـس فـي نفسـه‬
‫إبراه يم من ضي فه خي فة وأضمر ها قالُوا ل َتخَ فْ َوبَشرُو هُ بغُل مٍ عَلِي مٍ يع ني‪ :‬بإ سحاق‪ ,‬وقال‪:‬‬
‫عليـم بمعنـى عالم إذا كـبر‪ ,‬وذكـر الفراء أن بعـض المشيخـة كان يقول‪ :‬إذا كان للعلم منتظرا‬
‫ق يل‪ :‬إ نه لعالم عن قل يل وغا ية‪ ,‬و في ال سيد سائد‪ ,‬والكر يم كارم‪ .‬قال‪ :‬والذي قال ح سن‪ .‬قال‪:‬‬
‫وهذا أيضا كلم عرب يّ حسن قد قاله ال في عليم وحكيم وميت‪ .‬وروي عن مجاهد في قوله‪:‬‬
‫بغُل ٍم عليمٍ ما‪:‬‬
‫‪24915‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ِ :‬بغُل مٍ‬
‫عَلِيمٍ قال‪ :‬إسماعيل‪.‬‬
‫وإنما قلت‪ :‬عنى به إسحاق‪ ,‬لن البشارة كانت بالولد من سارّة‪ ,‬وإسماعيل لهاجرَ ل لسارّة‪.‬‬
‫ت امْرأتُ ُه فِي صَرّ ٍة يع ني‪ :‬سارّة‪ ,‬ول يس ذلك إقبال نقلة من مو ضع إلى مو ضع‪,‬‬
‫قوله‪ :‬فَأقْبَلَ ِ‬
‫ول تحوّل من مكان إلى مكان‪ ,‬وإن ما هو كقول القائل‪ :‬أق بل يشتم ني‪ ,‬بمع نى‪ :‬أ خذ في شت مي‪.‬‬
‫صرّ ٍة يعني‪ :‬في صيحة‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أ هل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫وقوله‪ :‬فِي َ‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 24916‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫قوله‪ :‬فِي صَرّ ٍة يقول‪ :‬في صيحة‪.‬‬
‫حدث ني مح مد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع مي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن ا بن‬
‫جهَها يعني بالصرّة‪ :‬الصيحة‪.‬‬
‫صكّتْ َو ْ‬
‫صرّةٍ َف َ‬
‫عباس‪ ,‬قوله‪ :‬فأَ ْقبَلَتِ امْرأتُ ُه فِي َ‬
‫‪24917‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫صرّةٍ قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أبي نج يح‪ ,‬عن مجا هد فِي َ‬
‫صيحة‪.‬‬
‫‪ 24918‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬فأَ ْقبَلَ تِ امْرأتُ ُه فِي‬
‫صَرّةٍ‪ :‬أي أقبلت في رنة‪.‬‬
‫صرّةٍ قال‪:‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫أقبلت ترنَ‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن العلء بن عبد الكريم اليامي‪,‬‬
‫‪ 24919‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫صرّ ٍة قال‪ :‬في صيحة‪.‬‬
‫عن ابن سابَط‪ ,‬قوله‪ :‬فأَ ْقبَلَتِ امْرأتُ ُه فِي َ‬
‫‪ 24920‬ـ حدثنا يونس‪,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فأَ ْقبَلَ تِ امْرأتُ ُه فِي‬
‫صَرّ ٍة قال‪ :‬الصرّة‪ :‬الصيحة‪.‬‬
‫‪ 24921‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال سمعت الضحاك‬
‫يقول فـي قوله‪ :‬فِي ص َـرّ ٍة يعنـي‪ :‬صـيحة‪ .‬وقـد قال بعضهـم‪ :‬إنّـ تلك الصـيحة أوّه مقصـورة‬
‫اللف‪.‬‬
‫جهَ ها اختلف أ هل التأو يل في مع نى صكها‪ ,‬والمو ضع الذي ضرب ته من‬
‫صكّتْ َو ْ‬
‫وقوله‪ :‬فَ َ‬
‫طمِها إياه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وجهها‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬معنى صكها وجهها‪َ :‬ل ْ‬
‫‪ 24922‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫جهَها يقول‪َ :‬لطَمت‪.‬‬
‫قوله‪َ :‬فصَكّتْ َو ْ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ضربت بيدها جبهتها تعجبا‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 24923‬ـ حدث ني مو سى بن هارون‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عمرو بن حماد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سباط‪ ,‬عن‬
‫السديّ‪ ,‬قال‪ :‬لما َبشّر جبريل سارَة بإسحاق‪ ,‬ومن وراء إسحاق يعقوب‪ ,‬ضربت جبهتها عجبا‪,‬‬
‫جهَها‪.‬‬
‫صكّتْ َو ْ‬
‫فذلك قوله‪ :‬فَ َ‬
‫‪24924‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫صكّتْ‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء جمي عا‪ ,‬عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬قوله‪ :‬فَ َ‬
‫جهَها قال‪ :‬جبهتها‪.‬‬
‫َو ْ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن العلء بن عبد الكريم اليام يّ‪,‬‬
‫‪24925‬ـ حدثني ابن ُ‬
‫جهَها قال‪ :‬قالت هكذا وضرب سفيان بيده على جبهته‪.‬‬
‫صكّتْ َو ْ‬
‫عن ابن سابَط‪ ,‬قوله‪ :‬فَ َ‬
‫جهَها وضعت يدها على جبهتها تعجبا‪ ,‬والصكّ‬
‫صكّتْ َو ْ‬
‫‪24926‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران عن سفيان فَ َ‬
‫عنـد العرب‪ :‬هـو الضرب‪ .‬وقـد قيـل‪ :‬إن صـكها وجههـا‪ ,‬أن جمعـت أصـابعها‪ ,‬فضربـت بهـا‬
‫عجُوزٌ عَقِيمٌـ يقول‪ :‬وقالت‪ :‬أتلد وحذفـت أتلد لدللة الكلم عليـه‪ ,‬وبضميـر أتلد‬
‫جبهتهـا وَقالَت ْـ َ‬
‫رفعت عجوز عقيم‪ ,‬وعنى بالعقيم‪ :‬التي ل تلد‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪24927‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سليمان‪ ,‬أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن مشاش‪ ,‬قال‪:‬‬
‫عجُوزٌ عَقِيمٌ قال‪ :‬ل تلد‪.‬‬
‫سمعت الضحاك يقول في قوله‪َ :‬‬
‫حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا رجل من أهل خراسان من الزد‪,‬‬
‫يكنى أبا ساسان‪ ,‬قال‪ :‬سألت الضحاك‪ ,‬عن قوله‪ :‬عَقِيمٌ قال‪ :‬التي ليس لها ولد‪.‬‬

You might also like