You are on page 1of 165

‫سورة المجادلة‬

‫مدنية‬
‫وآياتها اثنتان وعشرون‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬
‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ش َت ِكيَ إِلَى الّلهِ‬
‫جهَا َو َت ْ‬
‫سمِعَ الّل ُه قَوْلَ اّلتِي ُتجَادُِلكَ فِي زَ ْو ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قَدْ َ‬
‫سمِيعٌ َبصِيرٌ }‪.‬‬
‫ن اللّ َه َ‬
‫سمَعُ َتحَا ُو َركُمآ إِ ّ‬
‫وَالّلهُ َي ْ‬
‫ل الّتي تجادُلكَ‬
‫سمِعَ الّلهُ يا محمد قَوْ َ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪َ :‬قدْ َ‬
‫فِي َز ْوجِها والتي كانت تجادل رسول ال صلى ال عليه وسلم في زوجها امرأة من النصار‪.‬‬
‫واختلف أهل العلم في نسبها واسمها‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬خولة بنت ثعلبة‪ ,‬وقال بعضهم‪ :‬اسمها‬
‫خُوَيلة بنت ثعلبة‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬هي خويلة بنت خويلد‪ .‬وقال آخرون‪ :‬هي خويلة بنت الصامت‪ .‬وقال‬
‫آخرون‪ :‬هي خويلة ابنة الدليج وكانت مجادلتها رسول ال صلى ال عليه وسلم في زوجها‪,‬‬
‫ي كظهر‬
‫ت عل ّ‬
‫وزوجها أوس بن الصامت‪ ,‬مراجعتها إياه في أمره‪ ,‬وما كان من قوله لها‪ :‬أن ِ‬
‫أمي‪ .‬ومحاورتها إياه في ذلك‪ ,‬وبذلك قال أهل التأويل‪ ,‬وتظاهرت به الرواية‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪ ,‬والَثار الواردة به‪:‬‬
‫‪26087‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫العالية يقول‪ :‬إن خويلة ابنة الدليج أتت النبيّ صلى ال عليه وسلم وعائشة تغسل شقّ رأسه‪,‬‬
‫فقالت‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬طالت صحبتي مع زوجي‪ ,‬ونفضت له بطني‪ ,‬وظا َهرَ مني فقال رسول‬
‫ح ُرمْتِ عََليْهِ» فقالت‪ :‬أشكو إلى ال فاقتي‪ ,‬ثم قالت‪ :‬يا رسول ال‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬‬
‫ح ُرمْتِ عََل ْيهِ»‬
‫طالت صحبتي‪ ,‬ونفضت له بطني‪ ,‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬‬
‫فجعل إذا قال لها‪« :‬حرمت عليه»‪ ,‬هتفت وقالت‪ :‬أشكو إلى ال فاقتي‪ ,‬قال‪ :‬فنزل الوحي‪ ,‬وقد‬
‫قامت عائشة تغسل شقّ رأسه الَخر‪ ,‬فأومأت إليها عائشة أن اسكتي‪ ,‬قالت‪ :‬وكان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي أخذه مثل السبات‪ ,‬فلما قضي الوحي‪ ,‬قال‪« :‬ادْعي‬
‫سمِعَ ال قَوْلَ اّلتِي تجادُِلكَ فِي‬
‫جكِ»‪َ ,‬فتَلها عََل ْيهِ رسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ :‬قدْ َ‬
‫زَ ْو َ‬
‫سمَع تَحا ُو َركُما‪ ...‬إلى قوله‪ :‬واّلذِين يُظاهِرُونَ ِمنْ نِسائهِمْ ُثمّ‬
‫شتَكي إلى الّلهِ واللّ ُه َي ْ‬
‫زَ ْوجِها َو َت ْ‬
‫حرِيرُ َر َقبَةٍ ِمنْ َقبْلِ أن َيتَماسّا أ َتسْ َتطَيعُ َرقَبَةً؟ قال‪ :‬ل‪ ,‬قال‪:‬‬
‫َيعُودُونَ ِلمَا قالُوا‪ :‬أي يرجع فيه فَ َت ْ‬
‫ن قال‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬إني إذا لم آكل في اليوم ثلث مرّات‬
‫ش ْه َريْنِ ُمتَتا ِبعَيْ ِ‬
‫جدْ َفصِيامُ َ‬
‫َفمَنْ َلمْ َي ِ‬
‫ط ِعمَ‬
‫ستَطيعُ أنْ ُت ْ‬
‫سكِينا قال‪« :‬أ َت ْ‬
‫ن ِم ْ‬
‫ستّي َ‬
‫طعَامُ ِ‬
‫س َتطِعْ فإ ْ‬
‫خشيت أن يعشو بصري قال‪َ :‬فمَنْ َلمْ َي ْ‬
‫سكِينا؟» قال‪ :‬ل يا رسول ال إل أن تعينني‪ ,‬فأعانه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ستّينَ ِم ْ‬
‫ِ‬
‫فأطعم‪.‬‬
‫‪26088‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ .,‬قال‪ :‬ذُكر لنا أن خويلة‬
‫ابنة ثعلبة‪ ,‬وكان زوجها أوس بن الصامت قد ظاهر منها‪ ,‬فجاءت تشتكي إلى رسول ال صلى‬
‫ق عظمي فأنزل ال فيها ما‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فقالت‪ :‬ظاهر مني زوجي حين كبر سني‪ ,‬ور ّ‬
‫غفُورٌ‬
‫شتَكي إلى الّل ِه فقرأ حتى بلغ َلعَفُوّ َ‬
‫ل اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها َو َت ْ‬
‫سمِعَ ال قَوْ َ‬
‫تسمعون‪ :‬قَ ْد َ‬
‫ن ِلمَا قالُوا يريد أن يغشى بعد قوله ذلك‪ ,‬فدعاه رسول‬
‫ن نِسائِ ِهمْ ُثمّ َيعُودُو َ‬
‫ن يُظاهرُونَ مِ ْ‬
‫وَاّلذِي َ‬
‫ح ّررَ ُمحَرّرا؟ قال‪ :‬مالي بذلك يدان‪ ,‬أو قال‪:‬‬
‫ستَطِيعُ أنْ ت َ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم فقال له‪« :‬أ َت ْ‬
‫ش ْه َريْن ُم َتتَا ِب َعيْنِ؟» قال‪ :‬ل وال إنه إذا أخطأه المأكل كل‬
‫ستَطِيعُ أنْ َتصُومَ َ‬
‫ل أجد‪ ,‬قال‪« :‬أ َت ْ‬
‫سكِينا؟» قال‪ :‬ل وال‪ ,‬إل أن تعينني‬
‫ستّينَ ِم ْ‬
‫ط ِعمَ ِ‬
‫ستَطِيعُ أنْ ُت ْ‬
‫يوم مرارا يكلّ بصره‪ ,‬قال‪« :‬أ َت ْ‬
‫منك بعون وصلة‪ .‬قال بشر‪ ,‬قال يزيد‪ :‬يعني دعاء فأعانه رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بخمسة عشر صاعا‪ ,‬فجمع ال له‪ ,‬وال غفور رحيم‪.‬‬
‫سمِعَ ال‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة في قوله‪َ :‬قدْ َ‬
‫سمَع تَحا ُو َركُما قال‪ :‬ذاك أوس بن‬
‫قَوْلَ اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها َو َتشْتَكي إلى الّلهِ واللّ ُه َي ْ‬
‫الصامت ظاهر من امرأته خويلة ابنة ثعلبة قالت‪ :‬يا رسول كبر سني‪ ,‬ورق عظمي‪ ,‬وظاهر‬
‫ن ِلمَا قالُوا يريد‬
‫ن نِسائِهمْ‪ ...‬إلى قوله ُثمّ َيعُودُو َ‬
‫ن يُظاهِرُونَ مِ ْ‬
‫مني زوجي‪ ,‬قال‪ :‬فأنزل ال‪ :‬اّلذِي َ‬
‫ن َيتَماسّا فدعاه إليه نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ن َقبْلِ أ ْ‬
‫حرِيرُ َر َقبَةٍ مِ ْ‬
‫أن يغشى بعد قوله َف َت ْ‬
‫ش ْهرَيْن ْمتَتابِعينَ؟ قال‪ :‬إنه‬
‫ن َتصُومَ َ‬
‫ستَطِيعُ أنْ ُت ْع ِتقَ َرقَبَةً؟ قال‪ :‬ل قال‪ :‬أ َف َتسْ َتطِيعُ أ ْ‬
‫ل َت ْ‬
‫فقال‪ :‬هَ ْ‬
‫سكِينا؟ قال‪:‬‬
‫ستّينَ ِم ْ‬
‫ط ِعمَ ِ‬
‫ستَطَيعُ أنْ ْت ُ‬
‫ل بصره قال‪ :‬أ َت ْ‬
‫إذا أخطأه أن يأكل كلّ يوم ثلث مرّات يك ّ‬
‫ل‪ ,‬إل أن يعينني فيه رسول ال صلى ال عليه وسلم بعون وصلة‪ ,‬فأعانه رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم بخمسة عشر صاعا‪ ,‬وجمع ال له أمره‪ ,‬وال غفور رحيم‪.‬‬
‫‪26089‬ـ حدثنا أبو كريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال بن موسى‪ ,‬عن أبي حمزة‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬عن‬
‫حرُمت في‬
‫ي كظهر أمي َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬كان الرجل إذا قال لمرأته في الجاهلية‪ :‬أنت عل ّ‬
‫السلم‪ ,‬فكان أوّل من ظاهر في السلم أوس بن الصامت‪ ,‬وكانت تحته ابنة عمّ له يقال لها‬
‫ح ُرمْتِ عليّ‪ ,‬وقالت له‬
‫خوَيلد وظاهر منها‪ ,‬فأُسْ ِقطَ في يديه وقال‪ :‬ما أراكِ إل قد َ‬
‫خويلة بنت ُ‬
‫مثلَ ذلك‪ ,‬قال‪ :‬فانطلقي إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬فأتت رسول ال صلى ال‬
‫خ َويْلَة ما أمرْنا فِي أ ْم ِركِ‬
‫ت عنده ماشطة تمشطُ رأسه‪ ,‬فأخبرته‪ ,‬فقال‪« :‬يا ُ‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فوجد ْ‬
‫شرِي»‪ ,‬قالت‪:‬‬
‫خ َويْلَةُ أ ْب ِ‬
‫ِبشَيْءٍ»‪ ,‬فأنزل ال على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪« :‬يا ُ‬
‫سمِعَ ال قَ ْولَ اّلتِي تجادُِلكَ فِي‬
‫خيرا‪ ,‬قال‪ :‬فقرأ عليها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ :‬قدْ َ‬
‫حرِي ُر رَ َقبَ ٍة مِنْ َقبْلِ أنُ َيتَماسّا قالت‪ :‬وأيّ رقبة لنا‪,‬‬
‫شتَكي إلى الّلهِ‪ ...‬إلى قوله‪َ :‬فتَ ْ‬
‫زَ ْوجِها َو َت ْ‬
‫ن ُمتَتا ِبعَين قالت‪ :‬وال لول أنه يشرب‬
‫شهْ َريْ ِ‬
‫جدْ فَصِيام َ‬
‫ن َلمْ َي ِ‬
‫وال ما يجد رقبة غيري‪ ,‬قال‪َ :‬فمَ ْ‬
‫سكِينا قالت‪ :‬من أين؟‬
‫ن ِم ْ‬
‫ستّي َ‬
‫ن لم يَس َتطِعْ فإطعامُ ِ‬
‫في اليوم ثلث مرّات لذهب بصره‪ ,‬قال‪ :‬فَمَ ْ‬
‫ما هي إل أكلة إلى مثلها‪ ,‬قال‪ :‬فرعاه بشطر َوسْق ثلثين صاعا وال َوسْق ستون صاعا فقال‪:‬‬
‫سكِينا وَِل ُيرَاجِ ْعكِ»‪.‬‬
‫ن ِم ْ‬
‫ستّي َ‬
‫طعِ ْم ِ‬
‫«ِل ُي ْ‬
‫‪26090‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫شتَكي إلى الّلهِ‪ ...‬إلى قوله‪:‬‬
‫ل اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها َو َت ْ‬
‫سمِ َع ال قَوْ َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬قَدْ َ‬
‫سكِينا‪ ,‬وذلك أن خولة بنت الصامت امرأة من النصار ظاهر منها زوجها‪,‬‬
‫ن ِم ْ‬
‫ستّي َ‬
‫فإطْعا ُم ِ‬
‫ي مثل ظهر أمي‪ ,‬فأتت رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالت‪ :‬إن زوجي كان‬
‫فقال‪ :‬أنت عل ّ‬
‫تزوّجني‪ ,‬وأنا أحَبّ‪ ,‬حتى إذا كبرت ودخلت في السنّ قال‪ :‬أنت عليّ مثل ظهر أمي‪ ,‬فتركني‬
‫إلى غير أحد‪ ,‬فإن كنت تجد لي رُخصة يا رسول ال َت ْنعَشني وإياه بها فحدّثني بها‪ ,‬فقال‬
‫ن ا ْرجِعي إلى‬
‫شيْءٍ حتى الَنَ‪ ,‬وََلكِ ْ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ما ُأ ِمرْتُ فِي شأ ِنكِ ِب َ‬
‫ن شاءَ الّلهُ» فرجعت إلى بيتها‪ ,‬وأنزل ال على رسوله‬
‫غ ِممْهُ عََل ْيكِ إ ْ‬
‫شيْءٍ ل أ ْ‬
‫ن أُو َمرْ ِب َ‬
‫َب ْي ِتكِ‪ ,‬فإ ْ‬
‫سمِعَ ال قَوْلَ اّلتِي تجادُِلكَ فِي‬
‫صلى ال عليه وسلم في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها‪ :‬قَدْ َ‬
‫ب إليمٌ فأرسل رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى زوجها‬
‫عذَا ٌ‬
‫زَ ْوجِها‪ ...‬إلى قوله‪ :‬وَللكافِرِينَ َ‬
‫فلما أتاه قال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ما أ َردْتَ إلى َيمِي ِنكَ اّلتِي أ ْقسَمْتَ عََليْها؟»‬
‫ن ُت ْع ِتقَ رَ َقبَةً؟»‬
‫ل َتسْتَطيعُ أ ْ‬
‫فقال‪ :‬وهل لها كفّارة؟ فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬هَ ْ‬
‫قال‪ :‬إذا يذهب مالي كله‪ ,‬الرقبة غالية وأنا قليل المال‪ ,‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ش ْه َريْنِ ُمتَتا ِبعَين؟» قال‪ :‬ل وال لول أني آكل في اليوم ثلث مرّات‬
‫ستَطيعُ أنْ َتصُومَ َ‬
‫« َفهَلْ َت ْ‬
‫سكِينا؟‬
‫ن ِم ْ‬
‫ستّي َ‬
‫طعِمَ ِ‬
‫ن ُت ْ‬
‫ل َتسْتَطيعُ أ ْ‬
‫لكلّ بصري‪ ,‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬هَ ْ‬
‫قال‪ :‬ل وال إل أن تعينني على ذلك بعون وصلة‪ ,‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬إنّي‬
‫شرَ صَاعا‪ ,‬وأنا دَاعٍ َلكَ بال َب َركَةِ» فأصلح ذلك بينهما‪.‬‬
‫عَ‬‫خ ْمسَةَ َ‬
‫ُمعِينُكَ ِب َ‬
‫قال‪ :‬وجعل فيه تحرير رقبة لمن كان مُوسرا ل يكفر عنه إل تحرير رقبة إذا كان موسرا‬
‫من قبل أن يتماسا‪ ,‬فإن لم يكن موسرا فصيام شهرين متتابعين‪ ,‬ل يصلح له إل الصوم إذا كان‬
‫معسرا‪ ,‬إل أن ل يستطيع‪ ,‬فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا‪ ,‬وذلك كله قبل الجماع‪.‬‬
‫‪26091‬ـ حدثنا ابن حَميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن أبي معشر المدني‪ ,‬عن محمد بن كعب‬
‫القرظيّ‪ ,‬قال‪ :‬كانت خولة ابنة ثعلبة تحت أوس بن الصامت‪ ,‬وكان رجلً به لمم‪ ,‬فقال في‬
‫بعض هجراته‪ :‬أنت عليّ كظهر أمي‪ ,‬ثم ندم على ما قال‪ ,‬فقال لها‪ :‬ما أظنك إل قد حرمتِ‬
‫عليّ قالت‪ :‬ل تقل ذلك‪ ,‬فوال ما أحبّ ال طلقا‪ .‬قالت‪ :‬أئت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فسله‪ ,‬فقال‪ :‬إني أجدني أستحي منه أن أسأله عن هذا‪ ,‬فقالت‪ :‬فدعني أن أسأله‪ ,‬فقال لها‪ :‬سليه‬
‫ي ال إن أوس بن الصامت أبو ولدي‪,‬‬
‫فجاءت إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقالت‪ :‬يا نب ّ‬
‫ب الناس إليّ‪ ,‬قد قال كلمة‪ ,‬والذي أنزل عليك الكتاب ما ذكر طلقا‪ ,‬قال‪ :‬أنت عليّ كظهر‬
‫وأح ّ‬
‫ح ُرمْتِ عََل ْيهِ»‪ ,‬قالت‪ :‬ل تقل ذلك با‬
‫أمي‪ ,‬فقال النبي صلى ال عليه وسلم‪« :‬ما أرَاكِ إلّ َقدْ َ‬
‫نبيّ ال‪ ,‬وال ما ذكر طلقا فرادت النبي صلى ال عليه وسلم مرارا‪ ,‬ثم قالت‪ :‬اللهم إنّي أشكو‬
‫اليوم شدّة حالي ووحدتي‪ ,‬وما يشقّ عليّ من فراقه‪ ,‬اللهم فأنزل على لسان نبيك‪ ,‬فلم َت ِرمْ‬
‫شتَكي إلى الّلهِ إلى أن ذكر‬
‫ل اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها َو َت ْ‬
‫سمِ َع ال قَوْ َ‬
‫مكانها حتى أنزل ال قَدْ َ‬
‫صمْ‬
‫ع ِتقْ رَقَبةً»‪ ,‬فقال ل أجد‪ ,‬فقال‪ُ « :‬‬
‫الكفارات‪ ,‬فدعاه النبيّ صلى ال عليه وسلم فقال‪« :‬أ ْ‬
‫ستّينَ‬
‫ن ُمتَتا ِبعَين» قال‪ :‬ل أستطيع‪ ,‬إني لصوم اليوم الواحد فيشقّ عليّ قال‪« :‬أطعمْ ِ‬
‫شهْ َريْ ِ‬
‫َ‬
‫سكْينا؟» قال‪ :‬أما هذا َف َن َعمْ‪.‬‬
‫ِم ْ‬
‫سمِعَ ال‬
‫‪26092‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر عن أبي إسحاق َقدْ َ‬
‫قَوْلَ اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها قال نزلت في امرأة اسمها خولة‪ ,‬وقال عكرمة اسمها خويلة‪ ,‬ابنة‬
‫ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت جاءت النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقالت‪ :‬إن زوجها جعلها‬
‫ل قَ ْد حَ ُرمْتِ عََليْهِ»‪ ,‬وهو حينئذ‬
‫عليه كظهر أمه‪ ,‬فقال النبي صلى ال عليه وسلم‪« :‬ما أرَاكِ إ ّ‬
‫ح ُرمْتِ عََليْهِ»‪,‬‬
‫ي ال‪ ,‬فقال‪« :‬ما أرَاكِ إلّ َقدْ َ‬
‫يغسل رأسه‪ ,‬فقالت‪ :‬انظر جُعلت فداك يا نب ّ‬
‫فقالت‪ :‬انظر في شأني يا رسول ال‪ ,‬فجعلت تجادله‪ ,‬ثم حوّل رأسه ليغسله‪ ,‬فتحوّلت من‬
‫الجانب الَخر‪ ,‬فقالت‪ :‬انظر جعلني ال فداك يا نبيّ ال‪ ,‬فقالت الغاسلة‪ :‬أقصري حديثك‬
‫ومخاطبتك يا خويلة‪ ,‬أما ترين وجه رسول ال صلى ال عليه وسلم متربدا ليوحى إليه؟ فأنزل‬
‫ن ِلمَا قالُوا قال قتادة‪:‬‬
‫سمِعَ ال قَوْلَ اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها‪ ...‬حتى بلغ ُثمّ َيعُودو َ‬
‫ال‪َ :‬قدْ َ‬
‫خبِيرٌ قال أيوب‪:‬‬
‫حرِيرُ َرقَبَةٍ‪ ...‬حتى بلغ ِبمَا َت ْعمَلُونَ َ‬
‫فحرمها‪ ,‬ثم يريد أن يعود لها فيطأها َف َت ْ‬
‫أحسبه ذكره عن عكرمة‪ ,‬أن الرجل قال‪ :‬يا نبيّ ال ما أجد رقبة‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه‬
‫ن مِنْ َقبْلِ أنْ َيتَماسّا فقال‪ :‬وال‬
‫ن ُم َتتَا ِبعَي ِ‬
‫شهْ َريْ ِ‬
‫وسلم‪« :‬ما أنا ِبزَا ِئدِك»‪ ,‬فأنزل ال عليه‪ :‬صِيامُ َ‬
‫يا نبيّ ال ما أطيق الصوم‪ ,‬إني إذا لم آكل في اليوم كذا وكذا أكلة لقيت ولقيت‪ ,‬فجعل يشكو‬
‫سكِينا‪.‬‬
‫س َتطِعْ فَإطْعامُ سِتينَ ِم ْ‬
‫إليه‪ ,‬فقال‪« :‬ما أنا ِبزَا ِئدِكَ»‪ ,‬فنزلت‪َ :‬فمَنْ َلمْ َي ْ‬
‫‪26093‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن‬
‫أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله ال عزّ وجلّ‪ :‬اّلتِي تُجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها قال‪ :‬تجادل محمدا‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فهي تشتكي إلى ال عند كبره وكبرها حتى انتفض وانتفض رحمها‪.‬‬
‫حدثني الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في‬
‫قوله ال اّلتِي تُجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها قال‪ :‬محمدا في زوجها قد ظاهر منها‪ ,‬وهي تشتكي إلى ال‪,‬‬
‫ثم ذكر سائر الحديث نحوه‪.‬‬
‫‪26094‬ـ حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبان العطار‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ي تسألني عن‬
‫حدثنا هشام بن عروة‪ ,‬عن عروة‪ ,‬أنه كتب إلى عبد الملك بن مروان‪ :‬كتبت إل ّ‬
‫خويلة ابنة أوس بن الصامت‪ ,‬وإنها ليست بابنة أوس بن الصامت‪ ,‬ولكنها امرأة أوس‪ ,‬وكان‬
‫أوس امرأ به لمم‪ ,‬وكان إذا اشتدّ به لممه تظاهر منها‪ ,‬وإذا ذهب عنه لممه لم يقل من ذلك‬
‫شيئا‪ ,‬فجاءت رسول ال صلى ال عليه وسلم تستفتيه وتشتكي إلى ال‪ ,‬فأنزل ال ما سمعت‪,‬‬
‫وذلك شأنهما‪.‬‬
‫‪26095‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وهب بن جرير‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬قال‪ :‬سمعت محمد بن‬
‫إسحاق‪ ,‬يحدّث عن معمر بن عبد ال‪ ,‬عن يوسف بن عبد ال بن سلم‪ ,‬قال‪ :‬حدثتني خويلة‬
‫امرأة أوس بن الصامت قالت‪ :‬كان بيني وبينه شيء‪ ,‬تعنى زوجها‪ ,‬فقال‪ :‬أنت عليّ كظهر‬
‫أمي‪ ,‬ثم خرج إلى نادي قومه‪ ,‬ثم رجع فراودني عن نفسي‪ ,‬فقالت‪ :‬كل والذي نفسي بيده حتى‬
‫ينتهي أمري وأمرك إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فيقضي فيّ وفيك أمره‪ ,‬وكان شيخا‬
‫كبيرا رقيقا‪ ,‬فغلبته بما تغلب به المرأة القوية الرجل الضعيف‪ ,‬ثم خرجت إلى جارة لها‪,‬‬
‫فاستعارت ثيابها‪ ,‬فأتت رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى جلست بين يديه‪ ,‬فذكرت له أمره‪,‬‬
‫فما برحت حتى أنزل الوحي على رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ثم قالت‪ :‬ل يقدر على ذلك‪,‬‬
‫قال‪« :‬إنا سنعينه على ذلك بفرق من تمر» قلت‪ :‬وأنا أعينه بفرق آخر‪ ,‬فأطعم ستين مسكينا‪.‬‬
‫‪26096‬ـ حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن تميم‪ ,‬عن عروة‪ ,‬عن‬
‫عائشة قالت‪ :‬الحمد ل الذي وسع سمعه الصوات‪ ,‬لقد جاءت المجادلة إلى رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬وأنا في ناحية البيت تشكو زوجها ما أسمع ما تقول‪ ,‬فأنزل ال عزّ وجل‪َ :‬قدْ‬
‫شتَكي إلى اللّهِ‪ ...‬إلى آخر الية‪.‬‬
‫ك فِي زَ ْوجِها َو َت ْ‬
‫ل اّلتِي تجادِلُ َ‬
‫سمِعَ ال قَوْ َ‬
‫َ‬
‫حدثني عيسى بن عثمان الرملي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن عيسى‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن تميم بن‬
‫سلمة‪ ,‬عن عروة‪ ,‬عن عائشة‪ ,‬قالت‪ :‬تبارك الذي وسع سمعه الصوات كلها‪ ,‬إن المرأة لتناجي‬
‫سمِعَ‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم أسمع بعض كلمها‪ ,‬ويخفى عليّ بعض كلمها‪ ,‬إذ أنزل ال َقدْ َ‬
‫ل اّلتِي تجادِلُكَ فِي زَ ْوجِها‪.‬‬
‫ال قَوْ َ‬
‫‪26097‬ـ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن جده‪ ,‬عن‬
‫العمش‪ ,‬عن تميم بن سلمة‪ ,‬عن عروة بن الزبير‪ ,‬قال‪ :‬قالت عائشة‪ :‬تبارك الذي وسع سمعه‬
‫كلّ شيء‪ ,‬إني لسمع كلم خولة ابنة ثعلبة‪ ,‬ويخفى عليّ بعضه‪ ,‬وهي تشتكي زوجها إلى‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وهي تقول‪ :‬يا رسول ال أكل شبابي‪ ,‬ونثرت له بطني‪ ,‬حتى‬
‫إذا كبر سني‪ ,‬وانقطع ولدي‪ ,‬ظاهر مني‪ ,‬اللهمّ إني أشكو إليك‪ ,‬قال‪ :‬فما برحت حتى نزل‬
‫ل اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها قال‪ :‬زوجها أوس‬
‫سمِعَ ال قَوْ َ‬
‫جبريل عليه السلم بهؤلء الَيات قَ ْد َ‬
‫بن الصامت‪.‬‬
‫حدثنا ابن وكيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن تميم بن سلمة‪ ,‬عن عروة‪ ,‬عن‬
‫عائشة‪ ,‬قالت‪ :‬الحمد ال الذي وسع سمعه الصوات‪ ,‬إن خولة تشتكي زوجها إلى رسول ال‬
‫سمِعَ ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فيخفى عليّ أحيانا بعض ما تقول‪ ,‬قالت‪ :‬فأنزل ال عزّ وجلّ َقدْ َ‬
‫قَوْلَ اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها َو َتشْتَكي إلى الّلهِ‪.‬‬
‫‪26098‬ـ حدثنا الربيع بن سليمان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسد بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حماد بن سلمة‪ ,‬عن‬
‫هشام بن عروة‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن عائشة‪ ,‬أن جميلة كانت امرأة أوس بن الصامت‪ ,‬وكان أمرأ به‬
‫ل آية الظهار‪.‬‬
‫لمم‪ ,‬وكان إذا اشتد به لممه ظاهر من امرأته‪ ,‬فأنزل ال عزّ وج ّ‬
‫‪26099‬ـ حدثني يحيى بن بشر القرقساني‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العزيز بن عبد الرحمن الموي‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا خَصيف‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬كان ظهار الجاهلية طلقا‪ ,‬فأول من‬
‫ظاهر في السلم أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت من امرأته الخزرجية‪ ,‬وهي خولة‬
‫بنت ثعلبة بن مالك فلما ظاهر منها حسبت أن يكون ذلك طلقا‪ ,‬فأتت به نبيّ ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقالت‪ :‬يا رسول ال إن أوسا ظاهر مني‪ ,‬وإنّا إن افترقنا هلكنا‪ ,‬وقد نثرت بطني‬
‫منه‪ ,‬وقدمت صحبته فهي تشكو ذلك وتبكي‪ ,‬ولم يكن جاء في ذلك شيء‪ ,‬فأنزل ال عزّ وجلّ‪:‬‬
‫ب ألِيمٌ فدعاه رسول ال‬
‫عذَا ٌ‬
‫ل اّلتِي تجادُِلكَ فِي زَ ْوجِها‪ ...‬إلى قوله‪ :‬وَللْكافِرينَ َ‬
‫سمِعَ ال قَوْ َ‬
‫قَ ْد َ‬
‫صلى ال عليه وسلم فقال‪« :‬أ َت ْقدِرُ عَلى َر َقبَةٍ ُتعْتقُها؟» فقال‪ :‬ل وال يا رسول ال‪ ,‬ما أقدر‬
‫عليها‪ ,‬فجمع له رسول ال صلى ال عليه وسلم حتى أعتق عنه‪ ,‬ثم راجع أهله‪.‬‬
‫ل التِي تُحاوُِلكَ فِي زَ ْوجِها»‪.‬‬
‫سمِعَ اللّ ُه قَوْ َ‬
‫وذُكر أن ذلك في قراءة عبد ال بن مسعود‪َ « :‬قدْ َ‬
‫شتَكي إلى اللّ ِه يقول‪ :‬وتشتكي المجادلة ما لديها من الهمّ بظهار زوجها منها إلى‬
‫وقوله‪َ :‬و َت ْ‬
‫سمَعُ تَحا ُو َركُما يعني تحاور رسول ال صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫ال وتسأله الفرج وَالّلهُ َي ْ‬
‫سمِيعٌ َبصِيرٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬إن ال سميع لما يتجاوبانه‬
‫والمجادلة خولة ابنة ثعلبة إنّ الّلهَ َ‬
‫ويتحاورانه‪ ,‬وغير ذلك من كلم خلقه‪ ,‬بصير بما يعلمون‪ ,‬ويعمل جميع عباده‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن ُأ ّمهَاتُ ُهمْ ِإلّ‬
‫ن ُيظَاهِرُونَ مِن ُكمْ مّن ّنسَآئِ ِهمْ مّا ُهنّ ُأ ّمهَا ِت ِهمْ إِ ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬اّلذِي َ‬
‫ن اللّ َه َلعَفُوّ غَفُورٌ }‪.‬‬
‫ن الْ َقوْلِ َوزُورا وَإِ ّ‬
‫لئِي وََل ْد َن ُهمْ وَِإ ّن ُهمْ َليَقُولُونَ مُنكَرا مّ َ‬
‫ال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬الذين يحرّمون نساءهم على أنفسهم تحريم ال عليهم ظهور أمهاتهم‪,‬‬
‫فيقولون لهنّ‪ :‬أنتن علينا كظهور أمهاتنا‪ ,‬وذلك كان طلق الرجل امرأته في الجاهلية‪ .‬كذلك‪:‬‬
‫‪26100‬ـ حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أيوب‪ ,‬عن أبي قلبة‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫الظهار طلقا في الجاهلية‪ ,‬الذي إذا تكلم به أحدهم لم يرجع في امرأته أبدا‪ ,‬فأنزل ال عزّ‬
‫ل فيه ما أنزل‪.‬‬
‫وج ّ‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء المدينة سوى نافع‪ ,‬وعامة قرّاء الكوفة خل‬
‫عاصم‪َ « :‬يظّا َهرُونَ» بفتح الياء وتشديد الظاء وإثبات اللف‪ ,‬وكذلك قرأوا الخرى بمعنى‬
‫يتظاهرون‪ ,‬ثم أدغمت التاء في الظاء فصارتا ظاء مشدّدة‪ .‬وذكر أنها في قراءة أُبي‪:‬‬
‫« َيتَظاهَرُونَ» وذلك تصحيح لهذه القراءة وتقوية لها وقرأ ذلك نافع وأبو عمرو وكذلك بفتح‬
‫ظهّرونَ»‪ .‬وقرأ ذلك عاصم‪ :‬يُظا ِهرُونَ‬
‫الياء وتشديد الظاء‪ ,‬غير أنهما قرآه بغير ألف‪َ « :‬ي ّ‬
‫بتخفيف الظاء وضم الياء وإثبات اللف‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أن كلّ هذه القراءات متقاربات المعاني‪ .‬وأما‬
‫ظ ّهرُونَ» فهو من تظهّر فهو يتظهّر‪ ,‬ثم‬
‫« َيظّاهَرُونَ» فهو من تظاهر‪ ,‬فهو يتظاهر‪ .‬وأما « َي ّ‬
‫أدغمت التاء في الظاء فقيل‪ :‬يظّهر‪ .‬وأما يُظاهِرُونَ فهو من ظاهر يظاهر‪ ,‬فبأية هذه القراءات‬
‫الثلث قرأ ذلك القارىء فمصيب‪.‬‬
‫ن بأمهاتهم‪ ,‬فيقولوا‬
‫ن أمّها ِتهِمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬ما نساؤهم اللئي يُظاهرن منه ّ‬
‫وقوله‪ :‬ما هُ ّ‬
‫ن لهم حلل‪.‬‬
‫لهنّ‪ :‬أنتن علينا كظهر أمهاتنا‪ ,‬بل ه ّ‬
‫ل اللّئي وََل ْد َن ُهمْ ل اللئي قالوا لهنّ ذلك‪.‬‬
‫ن ُأمّهاتُ ُهمْ إ ّ‬
‫وقوله‪ :‬إ ْ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬وإن الرجال ليقولون منكرا‬
‫ن ال َقوْلِ َوزُورا يقول ج ّ‬
‫وقوله‪ :‬وإ ّن ُهمْ َليَقُولُونَ ُم ْنكَرا مِ َ‬
‫من القول الذي ل تُعرف صحته وزورا‪ :‬يعني كذبا‪ ,‬كما‪:‬‬
‫ن ال َقوْلِ‬
‫‪26101‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ُم ْنكَرا مِ ْ‬
‫َوزُورا قال‪ :‬الزور‪ :‬الكذب وَإنّ الّلهَ َلعَ ُفوّ غَفُورٌ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬إن ال لذو عفو وصفح عن‬
‫ذنوب عباده إذا تابوا منها وأنابوا‪ ,‬غفور لهم أن يعاقبهم عليها بعد التوبة‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حرِيرُ‬
‫ن ِلمَا قَالُو ْا فَ َت ْ‬
‫ن ُيظَاهِرُونَ مِن ّنسَآ ِئهِمْ ُث ّم َيعُودُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَاّلذِي َ‬
‫خبِيرٌ }‪.‬‬
‫ن بِهِ وَالّلهُ ِبمَا َت ْعمَلُونَ َ‬
‫عظُو َ‬
‫ل أَن َي َتمَآسّا ذَِل ُكمْ تُو َ‬
‫رَ َقبَ ٍة مّن قَبْ ِ‬
‫ن علينا كظهور أمهاتنا‪.‬‬
‫يقول جلّ ثناؤه‪ :‬والذين يقولون لنسائهم‪ :‬أنت ّ‬
‫وقوله‪ُ :‬ثمّ َيعُودُونَ لمَا قالُوا اختلف أهل العلم في معنى العود لما قال المظاهر‪ ,‬فقال بعضهم‪:‬‬
‫هو الرجوع في تحريم ما حرّم على نفسه من زوجته التي كانت له حللً قبل تظاهره‪ ,‬فيحلها‬
‫بعد تحريمه إياها على نفسه بعزمه على غشيانها ووطئها‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن لِما‬
‫‪26102‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ُثمّ َيعُودُو َ‬
‫قالُوا قال‪ :‬يريد أن يغشى بعد قوله‪.‬‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ُثمّ َيعُودُونَ لِما قالُوا قال‪:‬‬
‫حرّمها‪ ,‬ثم يريد أن يعود لها فيطأها‪.‬‬
‫وقال آخرون نحو هذا القول‪ ,‬إل أنهم قالوا‪ :‬إمساكه إياها بعد تظهيره منها‪ ,‬وتركه فراقها‬
‫عزَم على الوطء أو لم يعزم‪ .‬وكان أبو العالية يقول‪ :‬معنى قوله‪ِ :‬لمَا قالُوا‪:‬‬
‫عود منه لما قال‪َ ,‬‬
‫فيما قالوا‪.‬‬
‫‪26103‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬ثني عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا داود‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا العالية‬
‫ن لِما قالُوا‪ :‬أي يرجع فيه‪.‬‬
‫يقول في قوله‪ُ :‬ثمّ َيعُودُو َ‬
‫واختلف أهل العربية في معنى ذلك‪ ,‬فقال بعض نحويي البصرة في ذلك المعنى‪ :‬فتحرير‬
‫رقبة من قبل أن يتماسا‪ ,‬فمن لم يجد فصيام‪ ,‬فإطعام ستين مسكينا‪ ,‬ثم يعودون لما قالوا إنا ل‬
‫نفعله فيفعلونه هذا الظهار‪ ,‬يقول‪ :‬هي عليّ كظهر أمي‪ ,‬وما أشبه هذا من الكلم‪ ,‬فإذا أعتق‬
‫رقبة أو أطعم ستين مسكينا عاد لما قد قال‪ :‬هو عليّ حرام يفعله‪ .‬وكأن قائل هذا القول كان‬
‫يرى أن هذا من المقدّم الذي معناه التأخير‪.‬‬
‫ن لِما قالُوا يصلح فيها في العربية‪ :‬ثم يعودون إلى ما‬
‫وقال بعض نحويي الكوفة ُثمّ َيعُودُو َ‬
‫قالوا‪ ,‬وفيما قالوا‪ ,‬يريدون النكاح‪ ,‬يريد‪ :‬يرجعون عما قالوا‪ ,‬وفي نقض ما قالوا‪ ,‬قال‪ :‬ويجوز‬
‫في العربية أن تقول‪ :‬إن عاد لما فعل‪ ,‬تريد إن فعل مرّة أخرى‪ ,‬ويجوز إن عاد لما فعل‪ :‬إن‬
‫نقض ما فعل‪ ,‬وهو كما تقول‪ :‬حلف أن يضربك‪ ,‬فيكون معناه‪ :‬حلف ل يضربك‪ ,‬وحلف‬
‫ليضربنك‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال‪ :‬معنى اللم في قوله ِلمَا قالُوا بمعنى إلى أو في‪,‬‬
‫لن معنى الكلم‪ :‬ثم يعودون لنقض ما قالوا من التحريم فيحللونه‪ .‬وإن قيل معناه‪ :‬ثم يعودون‬
‫ل ذلك عود له‪ ,‬فتأويل الكلم‪ :‬ثم‬
‫إلى تحليل ما حرّموا‪ ,‬أو في تحليل ما حرّموا فصواب‪ ,‬لن ك ّ‬
‫يعودون لتحليل ما حرّموا على أنفسهم مما أحله ال لهم‪.‬‬
‫حرِي ُر رَ َقبَ ٍة مِنْ َقبْلِ أنْ َيمَاسّا يقول‪ :‬فعليه تحرير رقبة‪ ,‬يعني عتق رقبة عبد أو‬
‫وقوله‪َ :‬فتَ ْ‬
‫س الرجل المظاهر امرأته التي ظاهر منها أو تماسه‪.‬‬
‫أمة‪ ,‬من قبل أن يما ّ‬
‫ن مِنْ‬
‫ن طَلّ ْق ُتمُوهُ ّ‬
‫واختلف في المعنى بالمسيس في هذا الموضع نظير اختلفهم في قوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫ن وقد ذكرنا ذلك هنالك‪ .‬وسنذكر بعض ما لم نذكره هنالك‪:‬‬
‫ن َت َمسّوهُ ّ‬
‫َقبْلِ أ ْ‬
‫‪26104‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫ن مِنْ نِسا ِئ ِهمْ ُثمّ َيعُودُونَ ِلمَا قالُوا فهو الرجل يقول لمرأته‪ :‬أنت عليّ‬
‫قوله‪ :‬وَاّلذِينَ ُيظَا ِهرُو َ‬
‫كظهر أمي فإذا قال ذلك‪ ,‬فليس يحلّ له أن يقربها بنكاح ول غيره حتى يكفر عن يمينه بعتق‬
‫رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا والمسّ‪ :‬النكاح فمن لم يستطع‬
‫ي كظهر أمي إن فعلت كذا وكذا‪ ,‬فليس يقع في‬
‫فإطعام ستين مسكينا وإن هو قال لها‪ :‬أنت عل ّ‬
‫ذلك طهار حتى يحنث‪ ,‬فإن حنث فل يقربها حتى يكفّر‪ ,‬ول يقع في الظهار طلق‪.‬‬
‫‪26105‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عديّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أشعث‪ ,‬عن الحسن أنه كان‬
‫ل يرى بأسا أن يغشى المظاهِرُ دون الفرج‪.‬‬
‫‪26106‬ـ حدثنا عليّ بن سهل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا زيد‪ ,‬قال‪ :‬قال سفيان‪ :‬إنما المظاهرة عن الجماع‬
‫ولم ير بأسا أن يقضي حاجته دون الفرج أو فوق الفرج‪ ,‬أو حيث يشاء‪ ,‬أو يباشر‪.‬‬
‫ل معاني المسيس‪ ,‬وقالوا‪ :‬الية على العموم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عني بذلك ك ّ‬
‫‪26107‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وهيب‪ ,‬عن يونس‪ ,‬قال‪ :‬بلغني‬
‫عن الحسن أنه كره للمظاهر المسيس‪.‬‬
‫عظُونَ ِبهِ يقول تعالى ذكره‪ :‬أوجب ربكم ذلك عليكم عظة لكم تتعظون به‪,‬‬
‫وقوله‪ :‬ذَِل ُكمْ تُو َ‬
‫خبُيرٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬وال بأعمالكم التي‬
‫ن َ‬
‫فتنتهون عن الظهار وقول الزور واللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُو َ‬
‫تعلمونها أيها الناس ذو خبرة ل يخفى عليه شيء منها‪ ,‬وهو مجازيكم عليها‪ ,‬فانتهوا عن قول‬
‫المنكر والزور‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ش ْه َريْنِ ُم َتتَا ِب َعيْنِ مِن َقبْلِ أَن َي َتمَآسّا َفمَن‬
‫صيَامُ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬فمَن ّل ْم َيجِ ْد فَ ِ‬
‫ب أَلِيمٌ‬
‫عذَا ٌ‬
‫حدُو ُد اللّهِ وَلِ ْلكَافِرِينَ َ‬
‫ن ِمسْكِينا ذَِلكَ ِلُت ْؤ ِمنُواْ بِاللّ ِه َورَسُوِلهِ َوتِ ْلكَ ُ‬
‫ستّي َ‬
‫طعَامُ ِ‬
‫ستَطِعْ َفِإ ْ‬
‫ّلمْ َي ْ‬
‫}‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬فمن لم يجد منكم ممن ظاهر من امرأته رقبة يحرّرها‪ ,‬فعليه صيام‬
‫شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا والشهران المتتابعان هما اللذان ل فصل بينهما بإفطار في‬
‫نهار شيء منهما إل من عذر‪ ,‬فإنه إذا كان الفطار بالعذر ففيه اختلف بين أهل العلم‪ ,‬فقال‬
‫بعضهم‪ :‬إذا كان إفطاره لعذر فزال العذر بنى على ما مضى من الصوم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل يستأنف‪ ,‬لن من أفطر بعذر أو غير عذر لم يتابع صوم شهرين‪ .‬ذكر من‬
‫قال‪ :‬إذا أفطر بعذر وزال العذر بنى وكان متابعا‪:‬‬
‫‪26108‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عديّ وعبد العلى‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن سعيد‬
‫بن المسيب أنه قال في رجلٍ صام من كفارة الظهار‪ ,‬أو كفارة القتل‪ ,‬ومرِضَ فأفطر‪ ,‬أو أفطر‬
‫من عذر‪ ,‬قال‪ :‬عليه أن يقضيَ يوما مكان يوم‪ ,‬ول يستقبل صومه‪.‬‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عديّ‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن سعيد بن المسيب‪ ,‬بمثله‪.‬‬
‫‪26109‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى‪ ,‬عن ابن أبي عروبة‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫المسيب في المظاهر الذي عليه صوم شهرين متتابعين‪ ,‬فصام شهرا‪ ,‬ثم أفطر‪ ,‬قال‪ :‬يتمّ ما‬
‫بقي‪.‬‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬عن سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن الحسن وسعيد بن‬
‫المسيب في رجل صام من كفارة الظهار شهرا أو أكثر ثم مرض‪ ,‬قال‪ :‬يعتدّ بما مضى إذا‬
‫كان له عذر‪.‬‬
‫‪26110‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سالم بن نوح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمر بن عامر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن‬
‫الحسن في الرجل يكون عليه الصوم في قتل أو نذر أو ظهار‪ ,‬فصام بعضه ثم أفطر‪ ,‬قال‪ :‬إن‬
‫كان معذورا فإنه يقضي‪.‬‬
‫‪26111‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬عن هشام‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪ :‬إن أفطر من‬
‫عذر أتمّ‪ ,‬وإن كان من غير عذر استأنف‪.‬‬
‫‪26112‬ـ حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن حجاج‪ ,‬عن عطاء‪ ,‬قال‪ :‬من كان عليه صوم‬
‫شهرين متتابعين فمرض فأفطر‪ ,‬قال‪ :‬يقضي ما بقي عليه‪.‬‬
‫جرَيج‪ ,‬عن عطاء بن أبي‬
‫‪26113‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني ابن ُ‬
‫ن أن الليل قد دخل عليه في‬
‫رباح وعمرو بن دينار في الرجل يفطر في اليوم الغيم‪ ,‬يظ ّ‬
‫الشهرين المتتابعين أنه ل يزيد على أن يبدّله‪ ,‬ول يستأنف شهرين آخرين‪.‬‬
‫‪26114‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي زائدة‪ ,‬عن عبد الملك‪ ,‬عن عطاء قال‪ :‬إن‬
‫جامع المعتكف وقد بقي عليه أيام من اعتكافه قال‪ :‬يتمّ ما بقي‪ ,‬والمظاهر كذلك‪.‬‬
‫جرَيج‪ ,‬عن‬
‫‪26115‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫عطاء‪ ,‬قال‪ :‬إذا كان شيئا ابتلي به بنى على صومه‪ ,‬وإذا كان شيئا هو فعله استأنف‪ ,‬قال‪:‬‬
‫سفيان‪ :‬هذا معناه‪.‬‬
‫‪26116‬ـ حدثنا عبد الحميد بن بيان‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا محمد بن يزيد‪ ,‬عن إسماعيل‪ ,‬عن عامر في‬
‫رجل ظاهر‪ ,‬فصام شهرين متتابعين إل يومين ثم مرض‪ ,‬قال‪ :‬يتمّ ما بقي‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت إسماعيل عن الشعبيّ بنحوه‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب ويعقوب قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن إسماعيل‪ ,‬عن الشعبي في رجل عليه صيام‬
‫شهرين متتابعين‪ ,‬فصام فمرض فأفطر‪ ,‬قال‪ :‬يقضي ول يستأنف‪.‬‬
‫ذكر من قال‪ :‬يستقبل من أفطر بعذر أو غير عذر‪:‬‬
‫‪26117‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن‬
‫إبراهيم في رجل عليه صيام شهرين متتابعين فأفطر‪ ,‬قال‪ :‬يستأنف‪ ,‬والمرأة إذا حاضت‬
‫فأفطرت تقضي‪.‬‬
‫حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬إذا مرض فأفطر استأنف‪,‬‬
‫يعني من كان عليه صوم شهرين متتابعين فمرض فأفطر‪.‬‬
‫‪26118‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن جابر‪ ,‬عن أبي جعفر‪ ,‬قال‪ :‬يستأنف‪.‬‬
‫وأولى القولين عندنا بالصواب قول من قال‪ :‬يبني المفطر بعذر‪ ,‬ويستقبل المفطر بغير عذر‪,‬‬
‫لجماع الجميع على أن المرأة إذا حاضت في صومها الشهرين المتتابعين بعذر‪ ,‬فمثله‪ ,‬لن‬
‫إفطار الحائض بسبب حيضها بعذر كان من قِبل ال‪ ,‬فكلّ عذر كان من قبل ال فمثله‪.‬‬
‫سكِينا يقول تعالى ذكره‪ :‬فمن لم يستطع منهم الصيام‬
‫ستّينَ ِم ْ‬
‫س َتطِعْ فإطْعام ِ‬
‫وقوله‪َ :‬فمَنْ َلمْ َي ْ‬
‫فعليه إطعام ستين مسكينا‪ .‬وقد بيّنا وجه الطعام في الكفارات فيما مضى قبل‪ ,‬فأغنى ذلك عن‬
‫إعادته‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذَلكَ ِلتُو ْء ِمنُوا باللّ ِه َورَسُوِلهِ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬هذا الذي فرضتُ على من ظاهر منكم‬
‫ما فرضت في حال القدرة على الرقبة‪ ,‬ثم خففت عنه مع العجز بالصوم‪ ,‬ومع فقد الستطاعة‬
‫على الصوم بالطعام‪ ,‬وإنما فعلته كي تقرّ الناس بتوحيد ال ورسالة الرسول محمد صلى ال‬
‫حدُودُ ال يقول‬
‫عليه وسلم‪ ,‬ويصدّقوا بذلك‪ ,‬ويعملوا به‪ ,‬وينتهوا عن قول الزور والكذب َوتِ ْلكَ ُ‬
‫تعالى ذكره‪ :‬وهذه الحدود التي حدّها ال لكم‪ ,‬والفروض التي بينها لكم حدود ال فل تتعدّوها‬
‫أيها الناس وَللْكا ِفرِينَ بها‪ ,‬وهم جاحدو هذه الحدود وغيرها من فرائض ال أن تكون من عند‬
‫ب ألِيمٌ يقول‪ :‬عذاب مؤلم‪.‬‬
‫عذَا ٌ‬
‫ال َ‬

‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن مِن قَبِْل ِهمْ‬
‫ن اللّهَ َو َرسُوَلهُ ُك ِبتُو ْا َكمَا ُكبِتَ اّلذِي َ‬
‫ن ُيحَآدّو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬إِنّ اّلذِي َ‬
‫عذَابٌ ّمهِينٌ }‪.‬‬
‫َو َقدْ أَنزَ ْلنَآ آيَاتٍ َب ّينَاتٍ وَلِ ْلكَافِرِينَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إن الذين يخالفون ال في حدوده وفرائضه‪ ,‬فيجعلون حدودا غير حدوده‪,‬‬
‫وذلك هو المحادّة ل ولرسوله‪ ,‬وأما قتادة فإنه كان يقول في معنى ذلك ما‪:‬‬
‫ن اّلذِينَ يُحادّونَ‬
‫‪26119‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إ ّ‬
‫ال َورَسُوَلهُ يقول‪ :‬يعادون ال ورسوله‪.‬‬
‫ن قَبِْل ِهمْ فإنه يعني‪ :‬غيظوا وأخزوا كما غيظ الذين من‬
‫ن مِ ْ‬
‫وأما قوله‪ُ :‬ك ِبتُوا كمَا ُكبِتَ اّلذِي َ‬
‫قبلهم من المم الذين حادّوا ال ورسوله‪ ,‬وخزُوا‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن مِنْ‬
‫‪26120‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ُك ِبتُوا كمَا ُكبِتَ اّلذِي َ‬
‫َقبْلِ ِهمْ خُزوا كما خزي الذين من قبلهم‪.‬‬
‫وكان بعض أهل العلم بكلم العرب يقول‪ :‬معنى ُك ِبتُوا أهلكوا‪.‬‬
‫ن قَبِْل ِه ْم يريد من‬
‫ن مِ ْ‬
‫وقال آخر منهم‪ :‬يقول‪ :‬معناه غيظوا وأخزوا يوم الخندق كمَا ُكبِتَ اّلذِي َ‬
‫قاتل النبياء من قبلهم‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬و َقدْ أ ْنزَلْنا آياتٍ َبيّناتٍ يقول‪ :‬وقد أنزلنا دللت مفصلت‪ ,‬وعلمات محكمات تدلّ‬
‫على حقائق حدود ال‪.‬‬
‫ب ُمهِينٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬ولجاحدي تلك الَيات البيّنات التي أنزلناها‬
‫عذَا ٌ‬
‫وقوله‪ :‬واللْكا ِفرِينَ َ‬
‫على رسولنا محمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ومنكريها عذاب يوم القيامة مهين‪ :‬يعني مذلّ في‬
‫جهنم‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عمِلُوَ ْا َأحْصَا ُه اللّهُ َو َنسُوهُ‬
‫جمِيعا َف ُي َن ّبئُ ُهمْ ِبمَا َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬يَ ْومَ َي ْب َع ُثهُمُ الّلهُ َ‬
‫شهِيدٌ }‪.‬‬
‫شيْ ٍء َ‬
‫وَالّلهُ عََلىَ كُلّ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وللكافرين عذاب معين في يوم يبعثهم ال جميعا‪ ,‬وذلك يَ ْو َم َي ْبعَ ُث ُهمْ الّلهُ‬
‫حصَا ُه اللّهُ َو َنسُوهُ يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫عمِلُوا أ ْ‬
‫جمِيعا من قبورهم لموقف القيامة َفيُ َن ّب ُئ ُهمْ ال ِبمَا َ‬
‫َ‬
‫ل شيء شهيد‬
‫أحصى ال ما عملوا‪ ,‬فعدّه عليهم‪ ,‬وأثبته وحفظه‪ ,‬ونسيه عاملوه وال على ك ّ‬
‫ل شَيْء عملوه وغير ذلك من أمر خلقه شهيد يعني شاهد يعلمه‬
‫يقول‪ :‬وَاللّ ُه جلّ ثناؤه على كُ ّ‬
‫ويحيط به فل يغرب عنه شيء منه‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سمَاوَاتِ َومَا فِي الرْضِ مَا َيكُونُ‬
‫ن اللّ َه َيعَْلمُ مَا فِي ال ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬أََلمْ َترَ أَ ّ‬
‫سهُمْ َولَ َأ ْد َنىَ مِن ذَِلكَ َولَ َأ ْك َثرَ ِإلّ ُهوَ‬
‫خ ْمسَ ٍة ِإلّ ُهوَ سَا ِد ُ‬
‫لثَ ٍة ِإلّ ُهوَ رَا ِب ُعهُمْ َولَ َ‬
‫مِن ّنجْ َوىَ ثَ َ‬
‫شيْءٍ عَلِيمٌ }‪.‬‬
‫عمِلُو ْا يَ ْو َم الْ ِقيَامَةِ ِإنّ الّل َه ِبكُلّ َ‬
‫َم َعهُمْ َأ ْينَ مَا كَانُواْ ُثمّ ُي َن ّب ُئهُم ِبمَا َ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬ألم تنظر يا محمد بعين قبلك فترى أنّ‬
‫سمَوَاتِ وَما فِي الرْضِ من شيء‪ ,‬ل يخفى عليه صغير ذلك وكبيره يقول‬
‫اللّ َه َيعَْلمُ ما فِي ال ّ‬
‫جلّ ثناؤه‪ :‬فكيف يخفى على من كانت هذه صفته أعمال هؤلء الكافرين وعصيانهم ربهم‪ ,‬ثم‬
‫وصف جلّ ثناؤه قربه من عباده وسماعه نجواهم‪ ,‬وما يكتمونه الناس من أحاديثهم‪ ,‬فيتحدثونه‬
‫ن َنجْوَى ثَلثَ ٍة من خلقه إلّ ُه َو رَا ِب ُع ُهمْ يسمع سرّهم ونجواهم‪ ,‬ل‬
‫سرّا بينهم‪ ,‬فقال‪ :‬ما َيكُونُ مِ ْ‬
‫خ ْمسَ ٍة إلّ ُهوَ سا ِدسُ ُهمْ يقول‪ :‬ول يكون من نجوى خمسة‬
‫يخفى عليه شيء من أسرارهم وَل َ‬
‫ل هُوَ‬
‫ل من ثلثة وَل أ ْك َثرَ من خمسة إ ّ‬
‫ن ذلكَ يقول‪ :‬ول أق ّ‬
‫إل هو سادسهم كذلك وَل أ ْدنَى مِ ْ‬
‫َم َعهُمْ إذا تناجوا أ ْينَما كانُوا يقول‪ :‬في أيّ موضع ومكان كانوا‪.‬‬
‫وعنى بقوله هُو رَابِ ُع ُهمْ بمعنى أنه مشاهدهم بعلمه‪ ,‬وهو على عرشه‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26121‬ـ حدثني عبد ال بن أبي زياد‪ ,‬قال‪ :‬ثني نصر بن ميمون المضروب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بكير‬
‫بن معروف‪ ,‬عن مقاتل بن حيان‪ ,‬عن الضحاك‪ ,‬في قول ما َيكُونُ ِمنْ َنجْوَى ثَلثَةٍ‪ ...‬إلى قوله‬
‫ن اللّهَ‬
‫عمِلُوا يَ ْو َم القِيامَة إ ّ‬
‫هُ َو َم َعهُ ْم قال‪ :‬هو فوق العرش وعلمه معهم أ ْينَما كانُوا ُثمّ ُي َن ّب ُئ ُهمْ ِبمَا َ‬
‫شيْءٍ عَلِيمٌ‪.‬‬
‫ِبكُلّ َ‬
‫عمِلُوا يَ ْومَ القِيامَةِ يقول تعالى ذكره‪ :‬ثم يخبر هؤلء المتناجين وغيرهم‬
‫وقوله‪ُ :‬ثمّ ُي َن ّب ُئهُمْ ِبمَا َ‬
‫شيْءٍ عَلِيمٌ يقول‪ :‬إن ال‬
‫ن الّلهَ ِبكُلّ َ‬
‫بما عملوا من عمل مما يحبه و يسخطه يوم القيامة إ ّ‬
‫بنجواهم وأسرارهم‪ ,‬وسرائر أعمالهم‪ ,‬وغير ذلك من أمورهم وأمور عباده عليم‪.‬‬
‫ن َنجْوَى ثَلثَ ٍة فقرأت قرّاء المصار ذلك ما‬
‫ن مِ ْ‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬ما َيكُو ُ‬
‫ن َنجْوَى بالياء‪ ,‬خل أبي جعفر القارىء‪ ,‬فإنه قرأه‪« :‬ما َتكُونُ» بالتاء‪ .‬والياء هي‬
‫ن مِ ْ‬
‫َيكُو ُ‬
‫الصواب في ذلك‪ ,‬لجماع الحجة عليها‪ ,‬ولصحتها في العربية‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عنْهُ‬
‫ن ِلمَا ُنهُواْ َ‬
‫ن ال ّنجْ َوىَ ُثمّ َيعُودُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬أََلمْ َترَ إِلَى اّلذِينَ ُنهُواْ عَ ِ‬
‫ك بِهِ الّلهُ َويَقُولُونَ‬
‫حيّ َ‬
‫حيّ ْوكَ ِبمَا َل ْم ُي َ‬
‫ك َ‬
‫ل وَِإذَا جَآءُو َ‬
‫صيَ ِة الرّسُو ِ‬
‫ن َو َمعْ ِ‬
‫لثْمِ وَا ْل ُعدْوَا ِ‬
‫ن بِا ِ‬
‫َو َي َتنَاجَوْ َ‬
‫ج َهنّمُ َيصْلَ ْو َنهَا َف ِبئْسَ ا ْل َمصِيرُ }‪.‬‬
‫س ُبهُ ْم َ‬
‫حْ‬‫سهِمْ َل ْولَ ُي َع ّذ ُبنَا اللّ ُه ِبمَا نَقُولُ َ‬
‫فِيَ أَن ُف ِ‬
‫ن ال ّنجْوَى من‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬أَل ْم تَ َر إلى اّلذِينَ ُنهُوا عَ ِ‬
‫ل إياهم عنها‪ ,‬ويتناجون بينهم بالثم والعدوان ومعصية‬
‫اليهود ُثمّ يَعودُون فقد نهى ال عزّ وج ّ‬
‫الرسول‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬

‫‪26122‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى‪ ,‬وحدثني‬
‫الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‬
‫ن ُنهُوا عَن ال ّنجْوَى قال‪ :‬اليهود‪.‬‬
‫أَلمْ َترَ إلى اّلذِي َ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬ثم يرجعون إلى ما نهوا عنه من النجوى‬
‫ع ْنهُ يقول ج ّ‬
‫ن ِلمَا ُنهُوا َ‬
‫قوله‪ُ :‬ثمّ َيعُودُو َ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬ويتناجون بما حرّم ال عليهم من‬
‫ل يقول ج ّ‬
‫صيَ ِة الرّسُو ِ‬
‫ن َو َمعْ ِ‬
‫ن بالثْمِ وال ُعدْوَا ِ‬
‫َو َيتَناجُو َ‬
‫الفواحش والعدوان‪ ,‬وذلك خلف أمر ال ومعصية الرسول محمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله‪َ :‬و َيتَناجَ ْونَ فقرأت ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض‬
‫الكوفيين والبصريين َو َيتَناجَ ْونَ على مثال يتفاعلون‪ ,‬وكان يحيى وحمزة والعمش يقرأون‬
‫ج ْيتُمْ ولم يقل‪ :‬إذا‬
‫ل الذين قرأوه‪َ :‬ي َتنَاجَوْنَ بقوله‪ :‬إذَا َتنَا َ‬
‫« َو َي ْنتَجُونَ» على مثال يفتعلون‪ .‬واعت ّ‬
‫انتجيتم‪.‬‬
‫ح ّيكَ ِبهِ الّلهُ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه‬
‫حّي ْوكَ ِبمَا َلمْ ُي َ‬
‫وقوله‪ :‬وَإذا جاءُوكَ َ‬
‫ل ثناؤه صفتهم‪,‬‬
‫وسلم‪ :‬وإذا جاءك يا محمد هؤلء الذين نهوا عن النجوى‪ ,‬الذين وصف ال ج ّ‬
‫حيوك بغير التحية التي جعلها ال لك تحية‪ ,‬وكانت تحيتهم التي كانوا يحيونه بها التي أخبر ال‬
‫أنه لم يحيه بها فيما جاءت به الخبار‪ ,‬أنهم كانوا يقولون‪ :‬السام عليك‪ .‬ذكر الرواية الواردة‬
‫بذلك‪:‬‬
‫حمَيد وابن وكيع قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي الضحى‪ ,‬عن‬
‫‪26123‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫مسروق‪ ,‬عن عائشة قالت‪ :‬جاء ناس من اليهود إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقالوا‪ :‬السام‬
‫عليك يا أبا القاسم‪ ,‬فقلت‪ :‬السام عليكم‪ ,‬وفعل ال بكم وفعل‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫«يا عا ِئشَةُ إنّ الّلهَ ل ُيحِبّ ال ُفحْشَ»‪ ,‬فقلت‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬ألست ترى ما يقولون؟ فقال‪« :‬أََلسْتِ‬
‫ك ِبمَا‬
‫حيّ ْو َ‬
‫َترَ ْي َننِي أ ُردّ عََل ْي ِهمْ ما يَقُولُونَ؟ أقُول‪ :‬عََل ْي ُكمْ» وهذه الية في ذلك نزلت وإذَا جاءوكَ َ‬
‫ج َهنّم يَصْلَ ْونَها َف ِبئْسَ‬
‫س ُب ُهمْ َ‬
‫حْ‬‫ن فِي أ ْن ُفسِهمْ َلوْل ُي َع ّذبُنا ال ِبمَا نَقُول‪َ ,‬‬
‫ح ّيكَ بِ ِه ال َويَقُولُو َ‬
‫َلمْ ُي َ‬
‫ال َمصِيرِ‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي الضحى‪ ,‬عن‬
‫مسروق‪ ,‬عن عائشة قالت‪ :‬كان اليهود يأتون النبيّ صلى ال عليه وسلم فيقولون‪ :‬السام عليكم‪,‬‬
‫غضَبُ ال فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬إنّ‬
‫فيقول‪« :‬عََليْكمْ» قالت عائشة‪ :‬السام عليكم و َ‬
‫ب الفاحِشَ ال ُمتَ َفحّشَ»‪ ,‬قالت‪ :‬إنهم يقولون‪ :‬السام عليكم‪ ,‬قال‪« :‬إنّي أقُول‪ :‬عََل ْي ُكمْ»‪,‬‬
‫اللّ َه ل يحِ ّ‬
‫ي صلى ال عليه‬
‫ح ّيكَ ِبهِ ال قال‪ :‬فإن اليهود يأتون النب ّ‬
‫حّي ْوكَ ِبمَا َلمْ ُي َ‬
‫فنزلت‪ :‬وإذَا جاءوكَ َ‬
‫وسلم‪ ,‬فيقولون‪ :‬السام عليكم‪.‬‬
‫‪26124‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي‬
‫ح ّيكَ بِ ِه اللّ ُه قال‪ :‬كانت اليهود يأتون النبيّ‬
‫ك ِبمَا َلمْ ُي َ‬
‫حيّ ْو َ‬
‫الضحى‪ ,‬عن مسروق وإذَا جاءوكَ َ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فيقولون‪ :‬السام عليكم‪.‬‬
‫‪26125‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ح ّيكَ بِ ِه اللّهُ‪ ...‬إلى َف ِبئْسَ ال َمصِيرُ قال‪ :‬كان‬
‫ك ِبمَا َلمْ ُي َ‬
‫حيّ ْو َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله وإذَا جاءوكَ َ‬
‫ج َهنّم‬
‫سبُ ُهمْ َ‬
‫حْ‬‫المنافقون يقولون لرسول ال صلى ال عليه وسلم إذا حيوه‪ :‬سام عليكم‪ ,‬فقال ال َ‬
‫َيصْلَ ْونَها فَ ِبئْسَ ال َمصِير‪.‬‬
‫‪26126‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬وإذَا‬
‫ح ّيكَ ِبهِ الّلهُ قال‪ :‬يقولون‪ :‬سام عليكم‪ ,‬قال‪ :‬هم أيضا يهود‪.‬‬
‫حيّ ْوكَ ِبمَا َلمْ ُي َ‬
‫ك َ‬
‫جاءو َ‬

‫حيّ ْوكَ‬
‫‪26127‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله َ‬
‫ح ّيكَ بِ ِه ال قال‪ :‬اليهود كانت تقول‪ :‬سام عليكم‪.‬‬
‫ِبمَا َلمْ ُي َ‬
‫‪26128‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري أن عائشة‬
‫ل يا‬
‫فطنت إلى قولهم‪ ,‬فقالت‪ :‬وعليكم السامة واللعنة‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬مهْ ً‬
‫ن اللّ َه يحِبّ ال ّرفْقَ في ال ْمرِ كُلّهِ»‪ ,‬فقالت‪ :‬يا نبيّ ال ألم تسمع ما يقولون؟ قال‪« :‬أفَلَمْ‬
‫عا ِئشَة إ ّ‬
‫سمَعي ما أردّ عََل ْي ِهمْ؟ أقُول‪ :‬عََل ْي ُكمْ»‪.‬‬
‫َت ْ‬
‫ن نبيّ‬
‫‪26129‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أنس بن مالك أ ّ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بينما هو جالس مع أصحابه‪ ,‬إذ أتى عليهم يهوديّ‪ ,‬فسلم عليهم‪ ,‬فردّوا‬
‫ل َتدْرُونَ ما قالَ؟» قالوا‪ :‬سلّم يا رسول ال‪ ,‬قال‪:‬‬
‫عليه‪ ,‬فقال نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬هَ ْ‬
‫ل قالَ‪ :‬س ْأمٌ عََل ْي ُكمْ‪ ,‬أي تسأمون دينكم»‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬أقُلْت سأَمٌ‬
‫«بَ ْ‬
‫ل الكِتابِ فَقُولُوا‬
‫ن أهْ ِ‬
‫حدٌ مِ ْ‬
‫عََل ْي ُكمْ؟» قال‪ :‬نعم‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬إذَا سَّلمَ عََل ْي ُكمْ أ َ‬
‫َوعََل ْيكَ»‪ :‬أي عليك ما قلت‪.‬‬
‫‪26130‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وإذَا جاءوكَ‬
‫ك بِهِ الّل ُه قال‪ :‬هؤلء يهود‪ ,‬جاء ثلثة نفر منهم إلى باب النبيّ صلى ال عليه‬
‫حيّ َ‬
‫حيّ ْوكَ ِبمَا َل ْم ُي َ‬
‫َ‬
‫وسلم‪ ,‬فتناجوا ساعة‪ ,‬ثم استأذن أحدهم‪ ,‬فأذن له النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬السام عليكم‪,‬‬
‫ث قال ابن زيد‪ :‬السام‪ :‬الموت‪.‬‬
‫فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬عََل ْيكَ»‪ُ ,‬ثمّ الثاني‪ُ ,‬ثمّ الثّالِ ُ‬
‫سهِ ْم لَوْل ُي َع ّذبُنا اللّ ُه ِبمَا نَقُولُ يقول جل ثناؤه‪ :‬ويقول‬
‫ن فِي أنْ ُف ِ‬
‫ل ثناؤه‪َ :‬ويَقُولُو َ‬
‫وقوله ج ّ‬
‫محيوك بهذه التحية من اليهود‪ :‬هل يعاقبنا ال بما نقول لمحمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فيعجل‬
‫عقوبته لنا على ذلك‪ ,‬يقول ال‪ :‬حسبْ قائلي ذلك يا محمد جهنم‪ ,‬وكفاهم بها يصلونها يوم‬
‫القيامة‪ ,‬فبئس المصير جهنم‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل ْثمِ وَا ْل ُعدْوَانِ‬
‫جيْ ُتمْ فَلَ َت َتنَاجَوْاْ بِا ِ‬
‫ن آ َمنُوَ ْا ِإذَا َتنَا َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫شرُونَ }‪.‬‬
‫حَ‬‫صيَةِ ال ّرسُولِ َو َتنَاجَوْ ْا بِا ْلبِرّ وَالتّقْ َوىَ وَاتّقُواْ الّلهَ اّل ِذيَ إَِل ْيهِ ُت ْ‬
‫َو َم ْع ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ورسوله إذَا تَناجَ ْي ُت ْم بينكم فَل َتتَناجَوْا بالثْمِ‬
‫صيَ ِة ال ّرسُولِ وَ لكن َتنَاجَوْا با ْلبِرّ يعني طاعة ال وما يقرّبكم منه والتّقْوَى يقول‪:‬‬
‫وَال ُعدْوَانِ َو َمعْ ِ‬
‫حشَرونَ يقول‪:‬‬
‫وباتقائه بأداء ما كلّفكم من فرائضه واجتناب معاصيه وَاتّقُوا اللّ َه اّلذِي إَليْ ِه ُت ْ‬
‫وخافوا ال الذي إليه مصيركم‪ ,‬وعنده مجتمعكم في تضييع فرائضه‪ ,‬والتقدّم على معاصيه أن‬
‫يعاقبكم عليه عند مصيركم إليه‪.‬‬
‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن اّلذِينَ آ َمنُواْ وََليْسَ ِبضَآرّهِمْ‬
‫ن ِل َيحْزُ َ‬
‫شيْطَا ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫ج َوىَ مِ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{:‬إ ّنمَا ال ّن ْ‬
‫ل ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ }‪.‬‬
‫ل ِبِإذْنِ الّلهِ وَعَلَى اللّ ِه فَلْ َيتَ َوكّ ِ‬
‫شيْئا ِإ ّ‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إنما المناجاة من الشيطان‪ ,‬ثم اختلف أهل العلم في النجوى التي أخبر ال‬
‫عنِي بذلك مناجاة المنافقين بعضهم بعضا‪ .‬ذكر‬
‫أنها من الشيطان‪ ,‬أيّ ذلك هو‪ ,‬فقال بعضهم‪ُ :‬‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫جوَى مِن‬
‫‪26131‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إ ّنمَا ال ّن ْ‬
‫ن اّلذِينَ آ َمنُوا كان المنافقون يتناجون بينهم‪ ,‬وكان ذلك يغيظ المؤمنين‪ ,‬ويكبر‬
‫شيْطان ِل َيحْزُ َ‬
‫ال ّ‬
‫س بِضَارّ ِهمْ‬
‫ن آ َمنُوا وََليْ َ‬
‫حزُنَ اّلذِي َ‬
‫شيْطان ِل َي ْ‬
‫عليهم‪ ,‬فأنزل ال في ذلك القرآن إ ّنمَا ال ّنجْوَى مِن ال ّ‬
‫شيْئا‪ ...‬الية‪.‬‬
‫َ‬
‫وقال آخرون بما‪:‬‬
‫‪26132‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ إ ّنمَا‬
‫ل بإذْنِ الّلهِ قال‪ :‬كان الرجل‬
‫شيْئا إ ّ‬
‫س بِضَارّهِ ْم َ‬
‫ن آ َمنُوا وََليْ َ‬
‫حزُنَ اّلذِي َ‬
‫ن ِل َي ْ‬
‫شيْطا ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫ال ّنجْوَى مِ َ‬
‫يأتي رسول ال صلى ال عليه وسلم يسأله الحاجة ليرى الناس أنه قد ناجى رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬قال‪ :‬وكان النبيّ صلى ال عليه وسلم ل يمنع ذلك من أحد‪ .‬قال‪ :‬والرض‬
‫يومئذ حرب على أهل هذا البلد‪ ,‬وكان إبليس يأتي القوم فيقول لهم‪ :‬إنما يتناجون في أمور قد‬
‫ن اّلذِينَ‬
‫حزُ َ‬
‫شيْطانِ ِل َي ْ‬
‫ن ال ّ‬
‫حضرت‪ ,‬وجموع قد جمعت لكم وأشياء‪ ,‬فقال ال‪ :‬إ ّنمَا ال ّنجْوَى مِ َ‬
‫آ َمنُوا‪ ...‬إلى آخر الية‪.‬‬
‫‪26133‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬كان المسلمون إذا رأوا‬
‫ن اّلذِينَ آ َمنُوا‪.‬‬
‫حزُ َ‬
‫شيْطانِ ِل َي ْ‬
‫المنافقين خلوا يتناجون‪ ,‬يشقّ عليهم‪ ,‬فنزلت إ ّنمَا ال ّنجْوَى مِنَ ال ّ‬
‫عنِي بذلك أحلم النوم التي يراها النسان في نومه فتحزنه‪ .‬ذكر من قال‬
‫وقال آخرون‪ُ :‬‬
‫ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن داود البلخي‪ ,‬قال‪ :‬سئل عطية‪ ,‬وأنا أسمع‬
‫‪26134‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫جوَى مِنَ‬
‫الرؤيا‪ ,‬فقال‪ :‬الرؤيا على ثلث منازل‪ ,‬فمنها وسوسة الشيطان‪ ,‬فذلك قوله إ ّنمَا ال ّن ْ‬
‫ن ومنها ما يحدّث نفسه بالنهار فيراه بالليل ومنها كالخذ باليد‪.‬‬
‫شيْطَا ِ‬
‫ال ّ‬
‫عنِي به مناجاة المنافقين بعضهم بعضا بالثم‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصواب قول من قال‪ُ :‬‬
‫ج ْيتُمْ فَل َتتَناجَوْا بالثْم وال ُعدْوَانِ‬
‫ل ثناؤه تقدم بالنهي عنها بقوله إذَا تَنا َ‬
‫والعدوان‪ ,‬وذلك أن ال ج ّ‬
‫ل ثم عما في ذلك من المكروه على أهل اليمان‪ ,‬وعن سبب نهيه إياهم عنه‪,‬‬
‫صيَةِ ال ّرسُو ِ‬
‫َو َم ْع ِ‬
‫ن اّلذِينَ آ َمنُوا فبين بذلك إذ كان النهي عن رؤية المرء في‬
‫ن ِل َيحْزُ َ‬
‫شيْطا ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫جوَى مِ َ‬
‫فقال‪ :‬إ ّنمَا ال ّن ْ‬
‫منامه كان كذلك‪ ,‬وكان عقيب نهيه عن النجوى بصفة أنه من صفة ما نهى عنه‪.‬‬
‫ل بإذْنِ الّلهِ يقول تعالى ذكره‪ :‬وليس التناجي بضارّ المؤمنين‬
‫شيْئا إ ّ‬
‫س ِبضَارّ ِهمْ َ‬
‫وقوله‪ :‬وََليْ َ‬
‫شيئا إل بإذن ال‪ ,‬يعني بقضاء ال و َقدَره‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬وعلى ال فليتوكل في أمورهم أهل‬
‫ل المُو ْء ِمنُو َ‬
‫وقوله وَعَلى اللّ ِه فَ ْليَتَ َوكّ ِ‬
‫اليمان به‪ ,‬ول يحزنوا من تناجي المنافقين ومن يكيدهم بذلك‪ ,‬وأن تناجيهم غير ضارّهم إذا‬
‫حفظهم ربهم‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س فَا ْفسَحُواْ‬
‫سحُو ْا فِي ا ْل َمجَالِ ِ‬
‫ن آ َمنُو ْا ِإذَا قِيلَ َل ُكمْ تَ َف ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫ن أُوتُواْ ا ْلعِ ْل َم دَ َرجَاتٍ‬
‫شزُواْ َي ْرفَعِ اللّ ُه اّلذِينَ آ َمنُواْ مِن ُكمْ وَاّلذِي َ‬
‫شزُو ْا فَان ُ‬
‫يَ ْفسَحِ الّل ُه َل ُكمْ وَِإذَا قِيلَ ان ُ‬
‫خبِيرٌ }‪.‬‬
‫وَالّلهُ ِبمَا َت ْعمَلُونَ َ‬
‫سحُوا فِي المَجالِسِ يعني‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ورسوله إذَا قِيلَ َل ُكمْ تَ َف ّ‬
‫سحُوا توسعوا من قولهم مكان فسيح إذا كان واسعا‪.‬‬
‫بقوله تف ّ‬
‫واختلف أهل التأويل في المجلس الذي أمر ال المؤمنين بالتفسح فيه‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬ذلك كان‬
‫مجلس النبيّ صلى ال عليه وسلم خاصة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26135‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى‪ ,‬عن ابن أبي‬
‫سحُوا فِي المجالس قال‪ :‬مجلس النبيّ صلى ال عليه وسلم كان يقال‬
‫نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬تَ َف ّ‬
‫ذاك خاصة‪.‬‬
‫حدثنا الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫‪26136‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا‬
‫سحُوا فِي المجالس‪ ...‬الية‪ ,‬كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلً ضنّوا بمجلسهم عند‬
‫إذَا قِيلَ َل ُكمْ تَ َف ّ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض‪.‬‬
‫‪26137‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫سحُوا فِي المجالس قال‪ :‬كان هذا للنبيّ صلى ال عليه وسلم ومن‬
‫يقول‪ ,‬في قوله‪ :‬إذَا قِيلَ َل ُك ْم تَ َف ّ‬
‫ل رجل منكم مجلسا من النبيّ صلى ال عليه‬
‫حوله خاصة يقول‪ :‬استوسعوا حتى يصيب ك ّ‬
‫وسلم‪ ,‬وهي أيضا مقاعد للقتال‪.‬‬
‫سحُوا فِي‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله تَ َف ّ‬
‫ال َمجْلِسِ قال‪ :‬كان الناس يتنافسون في مجلس النبيّ صلى ال عليه وسلم فقيل لهم‪ :‬إذَا قِيلَ َل ُكمْ‬
‫سحُوا‪.‬‬
‫سحُوا فِي ال َمجْلِس فافْ َ‬
‫تَ َف ّ‬
‫‪26138‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال‪ :‬إذَا قِيلَ َل ُكمْ‬
‫سحُوا يَ ْفسَحِ الّلهُ َل ُك ْم قال‪ :‬هذا مجلس رسول ال صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫سحُوا فِي المَجالِس فافْ َ‬
‫تَ َف ّ‬
‫ل أحد منهم بقربه من رسول ال‬
‫كان الرجل يأتي فيقول‪ :‬افسحوا لي رحمكم ال‪ ,‬فيضنّ ك ّ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأمرهم ال بذلك‪ ,‬ورأى أنه خير لهم‪.‬‬
‫عنِي بذلك في مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ُ‬
‫‪26139‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫سحِ الّلهُ َل ُكمْ قال‪ :‬ذلك‬
‫سحُوا فِي المجالس يَ ْف َ‬
‫ن آ َمنُوا إذَا قِيلَ َل ُكمْ تَ َف ّ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫في مجلس القتال‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك أن يقال‪ :‬إن ال تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يتفسحوا في‬
‫المجلس‪ ,‬ولم يخصص بذلك مجلس النبيّ صلى ال عليه وسلم دون مجلس القتال‪ ,‬وكل‬
‫الموضعين يقال له مجلس‪ ,‬فذلك على جميع المجالس من مجالس رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ومجالس القتال‪.‬‬
‫سحُوا فِي المجْلِسِ» على‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء المصار‪« :‬تَ َف ّ‬
‫التوحيد غير الحسن البصري وعاصم‪ ,‬فإنهما قرآ ذلك فِي المَجالِسِ على الجماع‪ .‬وبالتوحيد‬
‫قراءة ذلك عندنا لجماع الحجة من القرّاء عليه‪.‬‬
‫سحِ الّلهُ َل ُكمْ يقول‪ :‬يوسع ال منازلكم في الجنة وإذَا قِيلَ‬
‫سحُوا يقول‪ :‬فوسعوا يَ ْف َ‬
‫وقوله‪ :‬فا ْف َ‬
‫شزُوا يقول تعالى ذكره‪ :‬وإذا قيل ارتفعوا‪ ,‬وإنما يُراد بذلك‪ :‬وإذا قيل لكم قوموا إلى‬
‫ا ْنشُزُوا فانْ ُ‬
‫قتال عدوّ‪ ,‬أو صلة‪ ,‬أو عمل خير‪ ,‬أو تفرّقوا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقوموا‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26140‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫خبِيرٌ قال‪ :‬إذا قيل‪ :‬انشزوا فانشزوا‬
‫ن َ‬
‫شزُوا فا ْنشُزُوا إلى وَالّل ُه ِبمَا َت ْعمَلو َ‬
‫ابن عباس وَإذَا قِيلَ ا ْن ُ‬
‫إلى الخير والصلة‪.‬‬
‫‪26141‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬فا ْنشُزُوا‬
‫قال‪ :‬إلى ك ّل خير‪ ,‬قتال عدّو‪ ,‬أو أمر بالمعروف‪ ,‬أو حقّ ما كان‪.‬‬
‫شزُوا‬
‫‪26142‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَإذَا قِيلَ ا ْن ُ‬
‫شزُوا يقول‪ :‬إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا‪ .‬وقال الحسن‪ :‬هذا كله في الغزو‪.‬‬
‫فا ْن ُ‬
‫‪26143‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫شزُوا كان إذا نودي للصلة تثاقل رجال‪ ,‬فأمرهم ال إذا‬
‫شزُوا فانْ ُ‬
‫يقول في قوله‪ :‬وَإذَا قِيلَ ا ْن ُ‬
‫نودي للصلة أن يرتفعوا إليها‪ ,‬يقوموا إليها‪.‬‬
‫شزُوا‬
‫‪26144‬ـ وحدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله وَإذَا قِيلَ ا ْن ُ‬
‫شزُوا قال‪ :‬انشزوا عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬قال‪ :‬هذا في بيته إذا قيل انشزوا‪,‬‬
‫فا ْن ُ‬
‫ل رجل منهم أن يكون آخر‬
‫فارتفعوا عن النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فإن له حوائج‪ ,‬فأحبّ ك ّ‬
‫شزُوا‪.‬‬
‫ل ا ْنشُزُوا فا ْن ُ‬
‫عهده برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬وَإذَا قِي َ‬
‫ل أمر المؤمنين إذا قيل لهم انشزوا‪,‬‬
‫وإنما اخترت التأويل الذي قلت في ذلك‪ ,‬لن ال عزّ وج ّ‬
‫أن ينشزوا‪ ,‬فعمّ بذلك المر جميع معاني النشوز من الخيرات‪ ,‬فذلك على عمومه حتى يخصه‬
‫ما يجب التسليم له‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء المدينة فا ْنشُزُوا بضم الشين‪ ,‬وقرأ ذلك عامة‬
‫قرّاء الكوفة والبصرة بكسرها‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان‪ ,‬ولغتان مشهورتان بمنزلة يعكُفون‬
‫ويعكِفون‪ ,‬ويعرُشون ويعرشون‪ ,‬فبأيّ القراءتين قرأ القارىء فمصيب‪.‬‬
‫ن أُوتُوا العِلْم َدرَجاتٍ يقول تعالى ذكره‪ :‬يرفع ال‬
‫ن آ َمنُوا ِم ْن ُكمْ وَاّلذِي َ‬
‫وقوله‪َ :‬يرْفَعِ الّلهُ اّلذِي َ‬
‫المؤمنين منكم أيها القوم بطاعتهم ربهم فما أمرهم به من التفسح في المجلس إذا قيل لهم‬
‫تفسحوا‪ ,‬أو بنشوزهم إلى الخيرات إذا قيل لهم انشزوا إليها‪ ,‬ويرفع ال الذين أوتوا العلم من‬
‫أهل اليمان على المؤمنين الذين يؤتوا العلم بفضل علمهم درجات‪ ,‬إذا عملوا بما أمروا به‪,‬‬
‫كما‪:‬‬
‫‪26145‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬ي ْرفَعِ اللّ ُه اّلذِينَ‬
‫ت إن بالعلم لهله فضلً‪ ,‬وإن له على أهله حقا‪ ,‬ولعمري‬
‫آ َمنُوا ِم ْنكُمْ وَاّلذِينَ أُوتُوا العِلْم َدرَجا ٍ‬
‫للحقّ عليك أيها العالم فضل‪ ,‬وال معطى كل ذي فضل فضله‪.‬‬
‫شخّير يقول‪ :‬فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة‪ ,‬وخير‬
‫وكان مطرف بن عبد ال بن ال ّ‬
‫دينكم الورع‪.‬‬
‫وكان عبد ال بن مطرف يقول‪ :‬إنك لتلقى الرجلين أحدهما أكثر صوما وصلة وصدقة‪,‬‬
‫والَخر أفضل منه بونا بعيدا‪ ,‬قيل له‪ :‬وكيف ذاك؟ فقال‪ :‬هو أشدّهما ورعا ل عن محارمه‪.‬‬
‫‪26146‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله َيرْفَعِ الّلهُ اّلذِينَ‬
‫ت في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به‪.‬‬
‫آ َمنُوا ِم ْنكُمْ وَاّلذِينَ أُوتُوا العِلْم َدرَجا ٍ‬
‫خبِيرٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬وال بأعمالكم أيها الناس ذو خبرة‪ ,‬ل‬
‫وقوله‪ :‬والّلهُ ِبمَا َت ْعمَلُونَ َ‬
‫يخفى عليه المطيع منكم ربه من العاصي‪ ,‬وهو مجاز جميعكم بعمله المحسن بإحسانه‪,‬‬
‫والمسيىء بالذي هو أهله‪ ,‬أو يعفو‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن َي َديْ َنجْوَا ُكمْ‬
‫ل فَ َق ّدمُواْ َبيْ َ‬
‫ج ْيتُمُ ال ّرسُو َ‬
‫ن آ َمنُو ْا ِإذَا نَا َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫جدُو ْا َفإِنّ الّلهَ غَفُو ٌر رّحِيمٌ }‪.‬‬
‫ط َهرُ َفإِن ّلمْ َت ِ‬
‫خيْ ٌر ّل ُكمْ وََأ ْ‬
‫صَ َدقَ ًة ذَِلكَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ياأيها الذين صدقوا ال ورسوله‪ ,‬إذا ناجيتم رسول ال‪ ,‬فقدّموا أمام‬
‫خيْرٌ َل ُكمْ يقول‪ :‬وتقديمكم الصدقة‬
‫ك َ‬
‫نجواكم صدقة تتصدّقون بها على أهل المسكنة والحاجة ذَل َ‬
‫طهَرُ لقلوبكم من المآثم‪.‬‬
‫أمام نجواكم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬خير لكم عند ال وأ ْ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26147‬ـ حدثني محمد بن عمر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬فَ َق ّدمُوا‬
‫ص َدقَةً قال‪ُ :‬نهُوا عن مناجاة النبيّ صلى ال عليه وسلم حتى يتصدّقوا‪ ,‬فلم‬
‫بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫يناجه إل عليّ بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ,‬قدّم دينارا فتصدّق به‪ ,‬ثم أنزلت الرّخصة في‬
‫ذلك‪.‬‬
‫‪26148‬ـ حدثنا محمد بن عبيد بن محمد المحاربي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المطلب بن زياد‪ ,‬عن ليث‪,‬‬
‫عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬قال عليّ رضي ال عنه‪ :‬إن في كتاب ال عزّ وجلّ لَية ما عمل بها أحد‬
‫ي َنجْوَا ُكمْ‬
‫ن َيدَ ْ‬
‫ل فَ َقدّمُوا بَي َ‬
‫جيْ ُتمُ ال ّرسُو َ‬
‫ن آ َمنُوا إذَا نا َ‬
‫قبلي‪ ,‬ول يعمل بها أحد بعدي‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫صَ َدقَة قال‪ :‬فُرضت‪ ,‬ثم نُسخت‪.‬‬
‫حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو أسامة‪ ,‬عن شبل بن عباد‪ ,‬عن‬
‫ن َيدَيْ‬
‫ل فَ َقدّمُوا بَي َ‬
‫جيْ ُتمُ ال ّرسُو َ‬
‫ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا إذَا نا َ‬
‫صدَقَة قال‪ :‬نهوا عن مناجاة النبيّ صلى ال عليه وسلم حتى يتصدّقوا‪ ,‬فلم يناجه إل‬
‫َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫عليّ بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ,‬قدّم دينارا صدقةً تصدّق به‪ ,‬ثم أنزلت الرخصة‪.‬‬
‫حدثنا أبو كريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ليثا‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬قال عليّ‬
‫رضي ال عنه‪ :‬آية من كتاب ال لم يعمل بها أحد قبلي‪ ,‬ول يعمل بها أحد بعدي‪ ,‬كان عندي‬
‫ي صلى ال عليه وسلم تصدقت بدرهم‪,‬‬
‫دينار فصرفته بعشرة دراهم‪ ,‬فكنت إذا جئت إلى النب ّ‬
‫ل فَ َق ّدمُوا بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُكمْ‬
‫ج ْي ُتمُ الرّسُو َ‬
‫ن آ َمنُوا إذَا نا َ‬
‫فنسخت فلم يعمل بها أحد قبلي يا أيّها اّلذِي َ‬
‫صَ َدقَة‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا إذَا‬
‫‪26149‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة يا أيّها اّلذِي َ‬
‫جوَا ُكمْ صَ َدقَ ًة قال‪ :‬سأل الناس رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ن َيدَيْ َن ْ‬
‫ل فَ َقدّمُوا بَي َ‬
‫جيْ ُتمُ ال ّرسُو َ‬
‫نا َ‬
‫حتى أحفوه بالمسألة‪ ,‬فوعظهم ال بهذه الية‪ .‬وكان الرجل تكون له الحاجة إلى نبيّ ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فل يستطيع أن يقضيها حتى يقدّم بين يديه صدقة‪ ,‬فاشتد ذلك عليهم‪ ,‬فأنزل ال‬
‫غفُورٌ َرحِيمٌ‪.‬‬
‫ن اللّهَ َ‬
‫جدُوا فإ ّ‬
‫ن َلمْ َت ِ‬
‫عزّ وجل الرخصة بعد ذلك فإ ْ‬
‫ل فَ َق ّدمُوا‬
‫ج ْي ُتمُ الرّسُو َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة إذَا نا َ‬
‫ص َدقَةً قال‪ :‬إنها منسوخة ما كانت إل ساعة من نهار‪.‬‬
‫بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫‪26150‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫صدَقَةً‪ ...‬إلى‬
‫ي َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫ن َيدَ ْ‬
‫ل فَ َقدّمُوا بَي َ‬
‫جيْ ُتمُ ال ّرسُو َ‬
‫ن آ َمنُوا إذَا نا َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ن بين يدي النجوى صدقة‪ ,‬فلما نزلت الزكاة‬
‫فإنّ الّلهَ غَفُورٌ َرحِيمٌ قال‪ :‬كان المسلمون يق ّدمُو َ‬
‫نُسخ هذا‪.‬‬
‫‪26151‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪,‬‬
‫ص َدقَةً وذاك أن المسلمين أكثروا المسائل على رسول ال صلى‬
‫قوله‪ :‬فَ َق ّدمُوا بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫ال عليه وسلم حتى شقوا عليه‪ ,‬فأراد ال أن يخفف عن نبيه فلما قال ذلك صبر كثير من‬
‫الناس‪ ,‬وكفوا عن المسألة‪ ,‬فأنزل ال بعد هذا فإذَا َلمْ َت ْفعَلُوا وَتابَ الّلهُ عََل ْي ُكمْ فأَقِيمُوا الصّلةَ‬
‫وآتُوا الزّكا َة فوسّع ال عليهم‪ ,‬ولم يضيق‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عثمان بن أبي المغيرة‪ ,‬عن‬
‫‪26152‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫سالم بن أبي الجعد‪ ,‬عن عليّ بن علقمة النماريّ‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬قال‪ :‬قال النبيّ صلى ال عليه‬
‫ف دِينارٍ؟» قال‪« :‬ما َترَى؟» قال‪:‬‬
‫وسلم‪« :‬ما َترَى؟ دِينارٌ؟» قال‪ :‬ل يطيقون‪ ,‬قال‪ِ « :‬نصْ ُ‬
‫ك َلزَهِيدٌ» قال عليّ رضي ال عنه‪ :‬فبي خفف‬
‫شعيرة‪ ,‬فقال له النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬إ ّن َ‬
‫ص َدقَةً فنزلت أأشْفَ ْق ُتمْ أنْ‬
‫ج ْي ُتمُ الرّسُولَ فَ َق ّدمُوا بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫ال عن هذه المة‪ ,‬وقوله‪ :‬إذَا نا َ‬
‫صدَقاتٍ‪.‬‬
‫تُق ّدمُوا بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫‪26153‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ‬
‫صدَقَ ًة لئل يناجي أهل الباطل رسول ال‬
‫ن َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫ل فَ َق ّدمُوا بَي َ‬
‫ج ْيتُمُ ال ّرسُو َ‬
‫آ َمنُوا إذَا نا َ‬
‫شقّ ذلك على أهل الحقّ‪ ,‬قالوا‪ :‬يا رسول ال ما نستطيع ذلك ول‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬في ُ‬
‫ب اللّهُ‬
‫ن تُق ّدمُوا بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُك ْم صَدَقاتٍ فإ ْذ َلمْ تَ ْفعَلُوا وَتا َ‬
‫نطيقه‪ ,‬فقال ال عزّ وجلّ‪ :‬أأشْفَ ْق ُتمْ أ ْ‬
‫ن أ َمرَ بِصدَقَةٍ أوْ‬
‫جوَا ُهمْ‪ ,‬إلّ مَ ْ‬
‫خ ْيرَ في َكثِي ٍر مِنْ َن ْ‬
‫عََل ْي ُكمْ فأقِيمُوا الصّلَةَ وآتُوا الزّكا َة وقال‪ :‬ل َ‬
‫ن النّاسِ‪ ,‬من جاء يناجيك في هذا فاقبل مناجاته‪ ,‬ومن جاء يناجيك في‬
‫َمعْرُوفٍ أ ْو إصْلحٍ َبيْ َ‬
‫غير هذا فاقطع أنت ذاك عنه ل تناجه‪ .‬قال‪ :‬وكان المنافقون ربما ناجوا فيما ل حاجة لهم فيه‪,‬‬
‫ن بالثْم‬
‫عنْهُ َو َيتَناجَوْ َ‬
‫جوَى ُثمّ َيعُودُونَ ِلمَا ُنهُوا َ‬
‫عنِ ال ّن ْ‬
‫فقال ال عزّ وجلّ‪ :‬أَلمْ َترَ إلى اّلذِينَ َنهُوا َ‬
‫صيَ ِة ال ّرسُولِ قال‪ :‬لن الخبيث يدخل في ذلك‪.‬‬
‫وال ُعدْوَانِ َو َمعْ ِ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬عن الحسين‪ ,‬عن يزيد‪ ,‬عن عكرمة‬
‫‪26154‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫جوَا ُكمْ صَ َدقَة‬
‫ن َيدَيْ َن ْ‬
‫ل فَ َقدّمُوا بَي َ‬
‫جيْ ُتمُ ال ّرسُو َ‬
‫والحسن البصري قال‪ :‬قال في المجادلة‪ :‬إذَا نا َ‬
‫ط َهرُ فإنْ َلمْ تَجدُوا فإنّ الّلهَ غَفُورٌ َرحِيمٌ فنسختها الية التي بعدها‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫خ ْيرٌ َل ُكمْ وأ ْ‬
‫ذلكَ َ‬
‫ب اللّهُ عََل ْي ُكمْ فأقِيمُوا الصّلة وآتُوا‬
‫صدَقاتٍ فإذْ َل ْم تَ ْفعَلُوا وَتا َ‬
‫ن تُق ّدمُوا بَينَ َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫أأشْفَ ْق ُتمْ أ ْ‬
‫خبِيرٌ ِبمَا َت ْعمَلُونَ‪.‬‬
‫الزّكا َة وأطِيعُوا اللّهَ َو َرسُوَلهُ وَالُ َ‬
‫جدُوا يقول تعالى ذكره‪ :‬فإن لم تجدوا ما تتص ّدقُون به أمام مناجاتكم رسول‬
‫وقوله‪ :‬فإنْ َلمْ َت ِ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم فإنّ الّلهَ غَفُو ٌر َرحِيمٌ يقول‪ :‬فإن ال ذو عفو عن ذنوبكم إذا تبتم منها‪,‬‬
‫رحيم بكم أن يعاقبكم عليها بعد التوبة‪ ,‬وغير مؤاخذكم بمناجاتكم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم قبل أن تقدّموا بين يدي نجواكم إياه صدقة‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫صدَقَاتٍ َفِإذْ َلمْ تَ ْفعَلُواْ َوتَابَ‬
‫ن َي َديْ َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬أََأشْفَ ْق ُتمْ أَن تُ َق ّدمُواْ َبيْ َ‬
‫خبِيرٌ ِبمَا َت ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫اللّهُ عََل ْي ُكمْ َفأَقِيمُو ْا الصّلَةَ وَآتُو ْا ال ّزكَاةَ وََأطِيعُو ْا اللّ َه َورَسُوَلهُ وَاللّ ُه َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أشقّ عليكم وخشيتم أيها المؤمنون بأن تقدموا بين يدي نجواكم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم صدقات الفاقة‪ ,‬وأصل الشفاق في كلم العرب‪ :‬الخوف والحذر‪ ,‬ومعناه‬
‫في هذا الموضع‪ :‬أخشيتم بتقديم الصدقة الفاقة والفقر‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26155‬ـ حدثني محمد بن عمر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد أأشْفَ ْق ُت ْم قال‪ :‬شقّ‬
‫ضعَتْ عنكم‪ ,‬وأمروا بمناجاة رسول ال صلى ال عليه وسلم بغير‬
‫عليكم تقديم الصدقة‪ ,‬فقد ُو ِ‬
‫صدقة حين شقّ عليهم ذلك‪.‬‬
‫حدثني موسى بن عبد الرحمن المسروقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو أُسامة‪ ,‬عن شبل بن عباد المكّي‪,‬‬
‫عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫ن َيدَيْ‬
‫‪26156‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة أأشْفَ ْق ُتمْ أنْ تُق ّدمُوا بَي َ‬
‫صدَقاتٍ فإذْ َلمْ تَ ْفعَلُوا وَتابَ الّلهُ عََل ْيكُ ْم فأقِيمُوا الصّلة وآتُوا الزّكا َة فريضتان واجبتان‬
‫َنجْوَا ُكمْ َ‬
‫ل رجعة لحد فيهما‪ ,‬فنسخت هذه الية ما كان قبلها من أمر الصدقة في النجوى‪.‬‬
‫ب اللّهُ عََل ْي ُكمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬فإذ لم تقدّموا بين يدي نجواكم‬
‫وقوله‪ :‬فإذْ َل ْم تَ ْفعَلُوا وَتا َ‬
‫صدقات‪ ,‬ورزقكم ال التوبة من ترككم ذلك‪ ,‬فأدّوا فرائض ال التي أوجبها عليكم‪ ,‬ولم يضعها‬
‫عنكم من الصلة والزكاة‪ ,‬وأطيعوا ال ورسوله‪ ,‬فيما أمركم به‪ ,‬وفيما نهاكم عنه‪.‬‬
‫ل ثناؤه‪ :‬وال ذو خبرة وعلم بأعمالكم‪ ,‬وهو محصيها عليكم‬
‫خبِيرٌ ِبمَا َت ْعمَلونَ يقول ج ّ‬
‫وَالّلهُ َ‬
‫ليجازيكم بها‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫غضِبَ اللّهُ عََل ْيهِم مّا هُم مّنكُمْ َولَ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬أََلمْ َترَ إِلَى اّلذِينَ َتوَلّوْ ْا قَوْما َ‬
‫ِم ْنهُمْ َو َيحْلِفُونَ عَلَى ا ْل َكذِبِ وَ ُهمْ َيعَْلمُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬ألم تنظر بعين قلبك يا محمد‪ ,‬فترى إلى‬
‫القوم الذين‪ .‬تولّوْا قوما غضب ال عليهم‪ ,‬وهم المنافقون تولّوا اليهود وناصحوهم‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26157‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬أَل ْم َترَ إلى اّلذِينَ‬
‫غضِبَ الّلهُ عََل ْيهِمْ إلى آخر الية‪ ,‬قال‪ :‬هم المنافقون تولّوا اليهود وناصحوهم‪.‬‬
‫تَوَّلوْا قَوْما َ‬
‫غضِبَ ال‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة تَوَّلوْا قَوْما َ‬
‫عََل ْي ِهمْ قال‪ :‬هم اليهود تولهم المنافقون‪.‬‬
‫‪26158‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ أَلمْ‬
‫غضِبَ اللّهُ عََل ْي ِهمْ ما ُهمْ ِم ْنكُمْ وَل ِم ْن ُهمْ قال‪ :‬هؤلء كفرة أهل الكتاب‬
‫ن تَوَلّوْا قَوْما َ‬
‫َترَ إلى اّلذِي َ‬
‫ن نافَقُوا يَقُولُونَ‬
‫اليهود والذين تولوهم المنافقون تولوا اليهود‪ ,‬وقرأ قول ال‪ :‬أَلمْ َترَ إلى اّلذِي َ‬
‫ن ذلكَ ل‬
‫شهَدُ إ ّن ُهمْ لَكا ِذبُونَ لئن كا َ‬
‫ل الكِتابِ حتى بلغ وَاللّ ُه َي ْ‬
‫ن أهْ ِ‬
‫لخْوَا ِن ِهمُ اّلذِينَ كَ َفرُوا مِ ْ‬
‫يَ ْفعَلُونَ وقال‪ :‬هؤلء المنافقون قالوا‪ :‬ل ندع حلفاءنا وموالينا يكونوا معا لنصرتنا وعزّنا‪ ,‬ومن‬
‫ن يأتِي بال َفتْحِ أ ْو أمْ ٍر مِنْ‬
‫يدفع عنا نخشى أن تصيبنا دائرة‪ ,‬فقال ال عزّ وجلّ‪ :‬فَ َعسَى اللّهُ أ ْ‬
‫ج ُدرِ قال‪ :‬ل يَبرزون‪.‬‬
‫ن اللّ ِه وقرأ حتى بلغ‪ :‬أ ْو مِنْ َورَاءِ ُ‬
‫صدُورِ ِهمْ مِ َ‬
‫ع ْندِ ِه حتى بلغ‪ :‬فِي ُ‬
‫ِ‬
‫قوله‪ :‬ما ُهمْ ِم ْنكُ ْم يقول تعالى ذكره‪ :‬ما هؤلء الذين تولّوا هؤلء القوم الذين غضب ال‬
‫عليهم‪ ,‬منكم يعني‪ :‬من أهل دينكم وملتكم‪ ,‬ول منهم ول هم من اليهود الذين غضب ال عليهم‪,‬‬
‫ل ثناؤه لنهم منافقون إذا لقوا اليهود‪ ,‬قالوا أنّا َمعَكمْ إنّما نَحنُ‬
‫وإنما وصفهم بذلك منكم ج ّ‬
‫ستَهزئون وَإذا لَقُوا الذّين آ َمنُوا قَالوَا آ َمنّا‪.‬‬
‫ُم ْ‬
‫وقوله و َيحْلِفُونَ على ال َكذِبِ وَ ُهمْ َيعَْلمُونَ يقول تعالى ذكره‪ :‬ويحلفون على الكذب‪ ,‬وذلك‬
‫قولهم لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬نشهد إنك لرسول ال وهم كاذبون غير مصدّقين به‪,‬‬
‫ن المُنا ِفيِنَ لَكا ِذبُونَ وقد ُذكِر أن هذه الية‬
‫ش َهدُ إ ّ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬وَاللّ ُه َي ْ‬
‫ول مؤمنين به‪ ,‬كما قال ج ّ‬
‫نزلت في رجل منهم عاتبه رسول ال صلى ال عليه وسلم على أمر بلغه عنه‪ ,‬فحلف كذبا‪.‬‬
‫ذكر الخبر الذي رُوي بذلك‪:‬‬
‫‪26159‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬ي ْدخُلُ عََل ْي ُكمْ َرجُلٌ‬
‫سعيد بن ُ‬
‫شيْطانٍ»‪ ,‬قال‪ :‬فدخل رجل أزرق‪ ,‬فقال له‪« :‬عل َم تسبني أو‬
‫شيْطانٍ‪ ,‬أو ب َعيْ َنيْ َ‬
‫ن َ‬
‫ظرُ ب َعيْ ِ‬
‫َينْ ُ‬
‫تشتمني؟» قال‪ :‬فجعل يحلف‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت هذه الية التي في المجادلة‪ :‬وَيحْلِفُونَ على ال َكذِبِ‬
‫وَ َهمْ َيعَْلمُونَ والية الخرى‪.‬‬

‫‪16-15‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خذْوَاْ‬
‫شدِيدا ِإ ّن ُهمْ سَآ َء مَا كَانُواْ َي ْعمَلُونَ * ا ّت َ‬
‫عذَابا َ‬
‫عدّ الّلهُ َل ُهمْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬أَ َ‬
‫ب ّمهِينٌ }‪.‬‬
‫عذَا ٌ‬
‫سبِيلِ الّلهِ فََل ُهمْ َ‬
‫صدّواْ عَن َ‬
‫جنّ ًة فَ َ‬
‫َأ ْيمَانَ ُهمْ ُ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أع ّد ال لهؤلء المنافقين الذين توّلوُا اليهود عذابا في الَخرة شديدا إ ّن ُهمْ‬
‫ن في الدنيا بغشهم المسلمين‪ .‬ونصحهم لعدائهم من اليهود‪.‬‬
‫ما كانُوا َي ْعمَلُو َ‬
‫جنّةً يقول جلّ ثناؤه‪ :‬جعلوا حلفهم وأيمانهم جنة يسجنون بها من القتل‬
‫خذُوا أيما َن ُهمْ ُ‬
‫وقوله‪ :‬ا ّت َ‬
‫ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم وذراريهم‪ ,‬وذلك أنهم إذا اطلع منهم على النفاق‪ ,‬حلفوا‬
‫سبِيلِ الّلهِ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬فصدّوا بأيمانهم التي اتخذوها‬
‫عنْ َ‬
‫للمؤمنين بال إنهم لمنهم َفصَدّوا َ‬
‫جنة المؤمنين عن سبيل ال فيهم‪ ,‬وذلك أنهم كفرة‪ ,‬وحكم ال وسبيله في أهل الكفر به من أهل‬
‫الكتاب القتل‪ ,‬أو أخذ الجزية‪ ,‬وفي عبدة الوثان القتل‪ ,‬فالمنافقون يصدّون المؤمنين عن سبيل‬
‫ال فيهم بأيمانهم إنهم مؤمنون‪ ,‬وإنهم منهم‪ ,‬فيحولون بذلك بينهم وبين قتلهم‪ ,‬ويمتنعون به مما‬
‫يمتنع منه أهل اليمان بال‪.‬‬
‫ب ُمهِينٌ يقول‪ :‬فلهم عذاب ُمذِلّ لهم في النار‪.‬‬
‫عذَا ٌ‬
‫وقوله فََل ُهمْ َ‬

‫‪17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫شيْئا أُوْلَـ ِئكَ‬
‫ن اللّ ِه َ‬
‫لدُ ُهمْ مّ َ‬
‫ل أَ ْو َ‬
‫ع ْنهُمْ َأ ْموَاُل ُهمْ َو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬لّن ُت ْغ ِنيَ َ‬
‫ب النّارِ ُه ْم فِيهَا خَاِلدُونَ }‪.‬‬
‫صحَا ُ‬
‫َأ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬لن تغني عن هؤلء المنافقين يوم القيامة أموالهم‪ ,‬فيفتدوا بها من عذاب‬
‫ك أصحَابُ النّارِ‬
‫ال المهين لهم ول أولدهم‪ ,‬فينصرونهم ويستنقذونهم من ال إذا عاقبهم أُوَل ِئ َ‬
‫يقول‪ :‬هؤلء الذين تولوا قوما غضب ال عليهم‪ ,‬وهم المنافقون أصحاب النار‪ ,‬يعني أهلها‬
‫الذين هم فيها خالدون‪ ,‬يقول‪ :‬هم في النار ماكثون إلى غير نهاية‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سبُونَ‬
‫حَ‬‫ن َل ُكمْ َو َي ْ‬
‫جمِيعا َف َيحْلِفُونَ َلهُ َكمَا َيحْلِفُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬يَ ْومَ َي ْب َع ُثهُمُ الّلهِ َ‬
‫ل ِإ ّن ُهمْ ُهمُ ا ْلكَا ِذبُونَ }‪.‬‬
‫شيْءٍ َأ َ‬
‫َأ ّن ُهمْ عََلىَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذين ذكرهم هم أصحاب النار‪ ,‬يوم يبعثهم ال جميعا‪ ,‬فيوم من‬
‫جمِيعا من قبورهم أحياء كهيئاتهم قبل مماتهم‪,‬‬
‫صلة أصحاب النار‪ .‬وعُني بقوله يَ ْو َم َي ْبعَ ُث ُهمْ الّلهُ َ‬
‫فيحلفون له كما يحلفون لكم كاذبين مبطلين فيها‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26160‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ن لَ ُه قال‪ :‬إن المنافق حلف له يوم القيامة كما حلف لوليائه في الدنيا‪.‬‬
‫َفيَحْلِفُو َ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬يَ ْومَ َي ْب َع ُث ُهمُ اللّهُ‬
‫جمِيعا‪ ...‬الية‪ ,‬وال حالفَ المنافقون ربهم يوم القيامة‪ ,‬كما حالفوا أولياءه في الدنيا‪.‬‬
‫َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن سماك بن حرب البكري‪ ,‬عن‬
‫‪26161‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ص عنه الظلّ‪,‬‬
‫ل حجرة قد كاد يَقْلِ ُ‬
‫جبَير‪ ,‬قال‪ :‬كان النبيّ صلى ال عليه وسلم في ظ ّ‬
‫سعيد بن ُ‬
‫شيْطانٍ فَل ُتكَّلمُوهُ» فلم يلبث أن جاء‪ ,‬فاطلع فإذا‬
‫فقال‪« :‬إنّ ُه سَي ْأتِي ُكمْ َرجُلٌ‪ ,‬أو َيطْلُعُ َرجُلٌ ب َعيْنِ َ‬
‫شتُ ُمنِي أنْتَ َوفُلنٌ َوفُلنٌ»؟ قال‪ :‬فذهب فدعا أصحابه‪ ,‬فحلفوا ما‬
‫رجل أزرق‪ ,‬فقال له‪« :‬عَلمَ َت ْ‬
‫شيْءٍ أل‬
‫ن أ ّن ُهمْ على َ‬
‫سبُو َ‬
‫حَ‬‫ن لَ ُه كمَا َيحْلِفُونَ َل ُكمْ وَي ْ‬
‫جمِيعا َف َيحْلِفُو َ‬
‫فعلوا‪ ,‬فنزلت‪ :‬يَ ْو َم َي ْب َعثُ ُهمْ الّلهُ َ‬
‫إ ّن ُهمْ ُهمُ الكاذبُونَ‪.‬‬
‫ن أ ّن ُهمْ على شَيْءٍ يقول‪ :‬ويظنون أنهم في أيمانهم وحلفهم بال كاذبين على‬
‫سبُو َ‬
‫حَ‬‫وقوله‪ :‬وَي ْ‬
‫ن فيما يحلفون عليه‪.‬‬
‫شيء من الحقّ‪ ,‬إل إ ّن ُهمْ ُهمُ الكا ِذبُو َ‬

‫‪19‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حزْبُ‬
‫ن َفأَنسَا ُهمْ ِذكْرَ الّل ِه أُوْلَـ ِئكَ ِ‬
‫شيْطَا ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬اسْ َتحْ َوذَ عََل ْي ِهمُ ال ّ‬
‫سرُونَ }‪.‬‬
‫ش ْيطَانِ ُهمُ الخَا ِ‬
‫حزْبَ ال ّ‬
‫ن ِ‬
‫ن َألَ إِ ّ‬
‫شيْطَا ِ‬
‫ال ّ‬
‫ن غلب عليهم الشيطان فأنْسا ُهمْ ِذ ْكرَ اللّهِ‬
‫شيْطا ُ‬
‫س َتحْ َوذَ عََل ْي ِهمُ ال ّ‬
‫يعني تعالى ذكره بقوله‪ :‬ا ْ‬
‫ن ُهمُ الخاسِرُونَ يقول‪ :‬أل إن‬
‫شيْطا ِ‬
‫حزْبَ ال ّ‬
‫ن ِ‬
‫ن يعني جنده وأتباعه أل إ ّ‬
‫شيْطا ِ‬
‫ب ال ّ‬
‫حزْ ُ‬
‫أُوَل ِئكَ ِ‬
‫جند الشيطان وأتباعه هم الهالكون المغبونون في صَفْ َق ِت ِهمْ‪.‬‬
‫‪21-20‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن * َكتَبَ‬
‫ك فِي الذَلّي َ‬
‫ن اللّهَ َو َرسُوَلهُ ُأوْلَـئِ َ‬
‫ن ُيحَآدّو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬إِنّ اّلذِي َ‬
‫عزِيزٌ }‪.‬‬
‫ن َأ َناْ َورُسُِليَ ِإنّ الّلهَ قَ ِويّ َ‬
‫اللّهُ لغِْلبَ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إن الذين يخالفون ال ورسوله في حدوده‪ ,‬وفيما فرض عليهم من‬
‫فرائضه فيعادونه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن يُحادّونَ الّلهَ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫‪26162‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة إ ّ‬
‫َو َرسُولَ ُه يقول‪ :‬يعادون ال ورسوله‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬بنحوه‪.‬‬
‫‪26163‬ـ حدثني محمد بن عمر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬يُحادّونَ ال‬
‫َو َرسُولَ ُه قال‪ :‬يعادون‪ .‬يشاقّون‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬هؤلء الذين يحادّون ال ورسوله في أهل الذلة‪,‬‬
‫لذّلِي َ‬
‫ك فِي ا َ‬
‫وقوله‪ :‬أُولَئ َ‬
‫لن الغلبة ل ورسوله‪.‬‬
‫ن أنا ورسلي‬
‫لغِْلبَنّ أنا َو ُرسُلِي يقول‪ :‬قضى ال وخطّ في أمّ الكتاب‪ ,‬لغلب ّ‬
‫وقوله‪َ :‬كتَبَ الّلهُ َ‬
‫مَن حادّني وشاقّني‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن أنا‬
‫‪26164‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله َكتَبَ الّل ُه لَغِْلبَ ّ‬
‫َو ُرسُلِي‪ ...‬الية‪ ,‬قال‪ :‬كتب ال كتابا وأمضاه‪.‬‬
‫عزِيزٌ يقول‪ :‬إن ال جلّ ثناؤه ذو قوّة وقدرة على كلّ من حادّه‪ ,‬ورسوله‬
‫ن اللّ َه قَ ِويّ َ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫أن يهلكه‪ ,‬ذو عزّة فل يقدر أحد أن ينتصر منه إذا هو أهلك وليه‪ ,‬أو عاقبه‪ ,‬أو أصابه في‬
‫نفسه بسوء‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن حَآدّ اللّهَ‬
‫ن مَ ْ‬
‫خرِ ُيوَآدّو َ‬
‫لِ‬‫ن بِاللّهِ وَا ْليَ ْومِ ا َ‬
‫جدُ قَوْما يُ ْؤ ِمنُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬لّ َت ِ‬
‫عشِي َر َتهُمْ ُأوْلَـ ِئكَ َكتَبَ فِي قُلُو ِب ِهمُ الِيمَانَ‬
‫َو َرسُولَ ُه وَلَ ْو كَانُوَاْ آبَآءَ ُه ْم أَ ْو َأ ْبنَآءَ ُهمْ أَ ْو ِإخْوَا َن ُهمْ أَوْ َ‬
‫ع ْن ُهمْ‬
‫ن فِيهَا َرضِيَ الّلهُ َ‬
‫ح ِتهَا ال ْنهَارُ خَاِلدِي َ‬
‫ت َتجْرِي مِن َت ْ‬
‫جنّا ٍ‬
‫ح ّمنْهُ َو ُي ْدخُِلهُمْ َ‬
‫وََأ ّيدَ ُهمْ ِبرُو ٍ‬
‫حزْبَ اللّ ِه ُهمُ ا ْلمُفِْلحُونَ }‪.‬‬
‫ن ِ‬
‫ل إِ ّ‬
‫حزْبُ الّلهِ َأ َ‬
‫عنْ ُه أُوْلَـ ِئكَ ِ‬
‫َو َرضُواْ َ‬
‫خرِ يُوَادّونَ َمنْ حادّ الّلهَ‬
‫لِ‬‫جدُ قَوْما يُو ْء ِمنُونَ باللّهِ وَال َي ْومِ ا َ‬
‫يعني جلّ ثناؤه بقوله‪ :‬ل َت ِ‬
‫َو َرسُولَ ُه ل تجد يا محمد قوما يصدّقون ال‪ ,‬ويقرّون باليوم الَخر يوادّون من حادّ ال ورسوله‬
‫وشاقّهما وخالف أمر ال ونهيه وَلَ ْو كانُوا آباءَ ُهمْ يقول‪ :‬ولو كان الذين حادّوا ال ورسوله‬
‫عشِيرَ َت ُهمْ وإنما أخبر ال جلّ ثناؤه نبيه عليه الصلة والسلم‬
‫خوَا َنهُمْ أوْ َ‬
‫آباءهم أوْ أبْناءَ ُهمْ أوْ إ ْ‬
‫بهذه الية «ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب ال عليهم» ليسوا من أهل اليمان بال ول‬
‫باليوم الَخر‪ ,‬فلذلك تولّوُا الذين تولّوْهم من اليهود‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫جدُ قَوْما‬
‫‪26165‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬ل َت ِ‬
‫ن حا ّد اللّهَ َو َرسُولَ ُه ل تجد يا محمد قوما يؤمنون بال‬
‫ن مَ ْ‬
‫خرِ يُوَادّو َ‬
‫لِ‬‫يُو ْء ِمنُونَ بالّلهِ وَاليَ ْومِ ا َ‬
‫واليوم الَخر‪ ,‬يوادّون من حادّ ال ورسوله‪ :‬أي من عادى الّلهَ ورسولَه‪.‬‬
‫ل ثناؤه‪ :‬هؤلء الذين ل يوادّون من حادّ ال‬
‫ن يقول ج ّ‬
‫ك َكتَبَ فِي قُلُو ِب ِهمُ اليمَا َ‬
‫وقوله‪ :‬أُوَل ِئ َ‬
‫ورسوله ولو كانوا آباءهم‪ ,‬أو أبناءهم‪ ,‬أو إخوانهم‪ ,‬أو عشيرتهم‪ ,‬كتب ال في قلوبهم اليمان‪.‬‬
‫عنِي بذلك‪ :‬قضى لقلوبهم اليمان‪ ,‬ففي بمعنى اللم‪ ,‬وأخبر تعالى ذكره أنه كتب في‬
‫وإنما ُ‬
‫قلوبهم اليمان لهم‪ ,‬وذلك لمّا كان اليمان بالقلوب‪ ,‬وكان معلوما بالخبر عن القلوب أن المراد‬
‫ن ذكر أهلها‪.‬‬
‫به أهلها‪ ,‬اجتزى بذكرها مِ ْ‬
‫جرِي مِنْ‬
‫جنّاتٍ َت ْ‬
‫ح ِمنْهُ يقول‪ :‬وقوّاهم بِبرْهان منه ونور وهدى َو ُي ْدخِلُ ُهمْ َ‬
‫وقوله‪ :‬وأ ّيدَ ُهمْ ِبرُو ٍ‬
‫حتِها النهارُ يقول‪ :‬ويدخلهم بساتين تجري من تحت أشجارها النهار خاِلدِينَ فِيها يقول‪:‬‬
‫َت ْ‬
‫ع ْنهُ في الَخرة بإدخاله إياهم‬
‫ع ْن ُهمُ بطاعتهم إياه في الدنيا َورَضُوا َ‬
‫ضيَ اللّهُ َ‬
‫ماكثين فيها أبدا رِ ِ‬
‫حزْبَ الّلهِ يقول‪:‬‬
‫ن ِ‬
‫حزْبُ الّلهِ يقول‪ :‬أولئك الذين هذه صفتهم جند ال وأولياؤه أل إ ّ‬
‫الجنةَ أُوَل ِئكَ ِ‬
‫أل إن جند ال وأولياءه ُه ُم المُفْلِحون يقول‪ :‬هم الباقون ال ُم ْنجَحون بإدراكهم ما طلبوا‪ ,‬والتمسوا‬
‫ببيعتهم في الدنيا‪ ,‬وطاعتهم ربهم‪.‬‬
‫سورة الحشر‬
‫مدنية‬
‫وآياتها أربع وعشرون‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪:‬‬
‫حكِيمُ }‪.‬‬
‫سمَاوَاتِ َومَا فِي الرْضِ وَهُ َو ا ْل َعزِيزُ ا ْل َ‬
‫ح لِلّ ِه مَا فِي ال ّ‬
‫سبّ َ‬
‫{َ‬
‫يعني بقوله جل ثناؤه سبح ل صلى ل وسجد له ما في السموات وما في الرض من خلقه‬
‫وهو العزيز الحكيم يقول وهو العزيز في انتقامه ممن انتقم من خلقه على معصيتهم إياه الحكيم‬
‫في تدبيره إياهم‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪:‬‬
‫خ ُرجُواْ‬
‫ظنَن ُتمْ أَن َي ْ‬
‫حشْرِ مَا َ‬
‫ل ا ْل َ‬
‫ب مِن ِديَارِ ِهمْ لوّ ِ‬
‫ن أَهْلِ ا ْل ِكتَا ِ‬
‫ج اّلذِينَ كَ َفرُو ْا مِ ْ‬
‫خرَ َ‬
‫{ ُهوَ اّل ِذيَ َأ ْ‬
‫سبُواْ َو َقذَفَ فِي قُلُو ِب ِهمُ الرّعْبَ‬
‫ح َت ِ‬
‫حيْثُ َلمْ َي ْ‬
‫ن َ‬
‫حصُو ُنهُم مّنَ الّل ِه فََأتَا ُهمُ اللّ ُه مِ ْ‬
‫ظنّوَ ْا َأ ّن ُهمْ مّانِ َع ُت ُهمْ ُ‬
‫َو َ‬
‫ع َتبِرُو ْا َيأُوْلِي ال ْبصَارِ }‪.‬‬
‫ن فَا ْ‬
‫ُيخْ ِربُونَ ُبيُو َت ُهمْ ِبَأ ْيدِيهِمْ وََأ ْيدِي ا ْلمُ ْؤ ِمنِي َ‬
‫ب مِنْ ِديَارِ ِهمْ لوّلِ‬
‫ن أهْلِ الكِتا ِ‬
‫ن كَفَروا مِ ْ‬
‫خرَجَ اّلذِي َ‬
‫يعني تعالى ذكره بقوله‪ُ :‬هوَ اّلذِي أ ْ‬
‫حشْرِ ال الذي أخرج الذين جحدوا نبوّة محمد صلى ال عليه وسلم من أهل الكتاب‪ ,‬وهم‬
‫ا ْل َ‬
‫يهود بني النضير من ديارهم‪ ,‬وذلك خروجهم عن منازلهم ودورهم‪ ,‬حين صالحوا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم على أن يؤمنهم على دمائهم ونسائهم وذراريهم‪ ,‬وعلى أن لهم ما أقلّت‬
‫البل من أموالهم‪ ,‬ويخلو له دورهم‪ ,‬وسائر أموالهم‪ ,‬فأجابهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫إلى ذلك‪ ,‬فخرجوا من ديارهم‪ ,‬فمنهم من خرج إلى الشام‪ ,‬ومنهم من خرج إلى خيبر‪ ,‬فذلك‬
‫حشْر‪.‬‬
‫ب مِنْ دِيار ِهمْ لوّل ا ْل َ‬
‫ن أهْلِ الكِتا ِ‬
‫ج اّلذِينَ كَفَروا مِ ْ‬
‫خرَ َ‬
‫قول ال عزّ وجلّ ُهوَ اّلذِي أ ْ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26166‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول ال عزّ‬
‫شرِ قال‪ :‬النضير حتى‬
‫حْ‬‫ن كَفَروا مِنْ أ ْهلِ الكِتابِ ِمنْ ِديَارِهِمْ لوّلِ ا ْل َ‬
‫خرَجَ اّلذِي َ‬
‫وجلّ‪ُ :‬هوَ اّلذِي أ ْ‬
‫قوله وَِل ُيخْزيَ الفاسِقِينَ‪ .‬ذكر ما بين ذلك كله فيهم‪:‬‬
‫خرَجَ اّلذِينَ‬
‫‪26167‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة هُ َو اّلذِي أ ْ‬
‫شرِ قيل‪ :‬الشام‪ ,‬وهم بنو النضير حيّ من اليهود‪,‬‬
‫حْ‬‫ن ِديَارِهِمْ لوّلِ ا ْل َ‬
‫ل الكِتابِ مِ ْ‬
‫كَفَروا ِمنْ أهْ ِ‬
‫جعَه من أحد‪.‬‬
‫فأجلهم نبيّ ال صلى ال عليه وسلم من المدينة إلى خيبر‪َ ,‬م ْر ِ‬
‫حشْرِ‬
‫ن دِيارِ ِهمْ لَوّل ا ْل َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري مِ ْ‬
‫ي صلى ال عليه وسلم حتى صالحهم على الجلء‪ ,‬فأجلهم إلى‬
‫قال‪ :‬هم بنو النضير قاتلهم النب ّ‬
‫الشام‪ ,‬وعلى أن لهم ما أقلت البل من شيء إل الحلقة‪ ,‬والحلقة‪ :‬السلح‪ ,‬كانوا من سبط لم‬
‫ل قد كتب عليهم الجلء‪ ,‬ولول ذلك عذبهم في الدنيا‬
‫يصبهم جلء فيما مضى‪ ,‬وكان ال عزّ وج ّ‬
‫بالقتل والسباء‪.‬‬
‫خرَجَ‬
‫‪26168‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ُ :‬هوَ اّلذِي أ ْ‬
‫حشْ ِر قال‪ :‬هؤلء النضير حين أجلهم رسول‬
‫ل ا ْل َ‬
‫ن ِديَارِ ِهمْ لوّ ِ‬
‫ل الكِتابِ مِ ْ‬
‫ن أهْ ِ‬
‫اّلذِينَ كَفَروا مِ ْ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪26169‬ـ حدثنا ابن حَميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة بن الفضل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إسحاق‪ ,‬عن يزيد بن‬
‫رومان‪ ,‬قال‪ :‬نزلت في بني النضير سورة الحشر بأسرها‪ ,‬يذكر فيها ما أصابهم ال عزّ وجل‬
‫به من نقمته‪ ,‬وما سلط عليهم به رسول ال صلى ال عليه وسلم وما عمل به فيهم‪ ,‬فقال‪ُ :‬هوَ‬
‫شرِ‪ ...‬الَيات‪.‬‬
‫حْ‬‫ل ا ْل َ‬
‫ن ِديَارِ ِهمْ لوّ ِ‬
‫ل الكِتابِ مِ ْ‬
‫ن أهْ ِ‬
‫خرَجَ اّلذِينَ َكفَروا مِ ْ‬
‫اّلذِي أ ْ‬
‫حشْرِ يقول تعالى ذكره‪ :‬لوّل الجمع في الدنيا‪ ,‬وذلك حشرهم إلى أرض‬
‫ل ا ْل َ‬
‫وقوله‪ :‬لَوّ ِ‬
‫الشام‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26170‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري‪ ,‬قوله لَوّلِ‬
‫حشْرِ قال‪ :‬كان جلؤهم أوّل الحشر في الدنيا إلى الشام‪.‬‬
‫ا ْل َ‬
‫‪26171‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ :‬تجيء نار من‬
‫حشُر الناس إلى مغاربها‪ ,‬فتبيت معهم حيث باتُوا‪ ,‬وتَقِيل معهم حيث قالوا‪,‬‬
‫مَشرِق الرض‪َ ,‬ت ْ‬
‫وتأكل من َتخَلّف‪.‬‬
‫‪26172‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عديّ‪ ,‬عن عوف‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪ :‬بلغني أن‬
‫حشْرِ‪ ,‬وَإنّا‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم لما أجلى بني النضير‪ ,‬قال‪« :‬امْضوا َف َهذَا أوّل ال َ‬
‫عَلى ال َثرِ»‪.‬‬
‫شرِ‬
‫حْ‬‫لوّلِ ال َ‬
‫‪26173‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫ب آ َمنُوا ِبمَا‬
‫ن أوتُوا الكِتا َ‬
‫قال‪ :‬الشام حين ردّهم إلى الشام‪ ,‬وقرأ قول ال عزّ وجلّ‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫طمِسَ ُوجُوها فَنرُدّها على أدْبارِها قال‪ :‬من حيث جاءت‪,‬‬
‫صدّقا ِلمَا َم َعكُمْ ِمنْ َقبْلِ أنْ َن ْ‬
‫َنزّلْنا َم َ‬
‫أدبارها أن رجعت إلى الشام‪ ,‬من حيث جاءت ردّوا إليه‪.‬‬
‫خ ُرجُوا يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب رسول ال صلى ال‬
‫ظ َن ْنتُمْ أنْ ي ْ‬
‫وقوله‪ :‬ما َ‬
‫عليه وسلم‪ :‬ما ظننتم أن يخرج هؤلء الذين أخرجهم ال من ديارهم من أهل الكتاب من‬
‫ن القوم فيما ذكر أن عبد‬
‫ن اللّ ِه وإنما ظ ّ‬
‫حصُونُهمْ مِ َ‬
‫ظنّوا أ ّن ُهمْ ما ِن َعتُ ُهمْ ُ‬
‫مساكنهم ومنازلهم‪َ ,‬و َ‬
‫ال بن أُبي وجماعة من المنافقين بعثوا إليهم لما حصرهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫يأمرونهم بالثبات في حصونهم‪ ,‬ويعدونهم النصر‪ ,‬كما‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن يزيد بن رومان‪ ,‬أن رهطا‬
‫‪26174‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫من بني عوف ابن الخزرج منهم عبد ال بن أُبي ابن سلول ووديعة ومالك ابنا نوفل وسويد‬
‫وداعس‪ ,‬بعثوا إلى بني النضير أن اثبتوا وتمنّعوا‪ ,‬فإنا لن نسلمكم‪ ,‬وإن قوتلتم قاتلنا معكم‪ ,‬وإن‬
‫خرجتم خرجنا معكم‪ ,‬فتربصوا لذلك من نصرهم‪ ,‬فلم يفعلوا‪ ,‬وكانوا قد تحصنوا في الحصون‬
‫من رسول ال صلى ال عليه وسلم حين نزل بهم‪.‬‬
‫سبُوا يقول تعالى ذكره‪ :‬فأتاهم أمر ال من حيث لم‬
‫حتَ ِ‬
‫حيْثُ َل ْم َي ْ‬
‫ن َ‬
‫وقوله‪ :‬فأتا ُهمُ الّلهُ مِ ْ‬
‫يحتسبوا أنه يأتيهم‪ ,‬وذلك المر الذي أتاهم من ال حيث لم يحتسبوا‪ ,‬قذف في قلوبهم الرعب‬
‫ف في قُلُو ِب ِهمُ‬
‫بنزول رسول ال صلى ال عليه وسلم بهم في أصحابه‪ ,‬يقول جلّ ثناؤه‪َ :‬و َقذَ َ‬
‫الرّعُبَ‪.‬‬
‫ن ُبيُو َت ُهمْ بني‬
‫خ ِربُو َ‬
‫خرِبُونَ ُبيُو َتهُمْ بأ ْيدِي ِهمْ وأ ْيدِي المُو ْء ِمنِينَ يعني جلّ ثناؤه بقوله‪ُ :‬ي ْ‬
‫وقوله‪ُ :‬ي ْ‬
‫النضير من اليهود‪ ,‬وأنهم يخربون مساكنهم‪ ,‬وذلك أنهم كانوا ينظرون إلى الخشبة فيما ذُكر في‬
‫منازلهم مما يستحسنونه‪ ,‬أو العمود أو الباب‪ ,‬فينزعون ذلك منها بأيديهم وأيدي المؤمنين‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن ُبيُو َت ُهمْ‬
‫خ ِربُو َ‬
‫‪26175‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ُ :‬ي ْ‬
‫بأيْدِي ِهمْ وأ ْيدِي المُو ْء ِمنِينَ جعلوا يخربونها من أجوافها‪ ,‬وجعل المؤمنون يخربون من ظاهرها‪.‬‬
‫‪26176‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزّهريّ‪ ,‬قال‪ :‬لما‬
‫صالحوا النبيّ صلى ال عليه وسلم كانوا ل يعجبهم خشبة إل أخذوها‪ ,‬فكان ذلك خرابها‪ .‬وقال‬
‫قتادة‪ :‬كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها‪ ,‬وتخربها اليهود من داخلها‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن يزيد بن رومان‪ ,‬قال‪:‬‬
‫‪26177‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫احتملوا من أموالهم‪ ,‬يعني بني النضير‪ ,‬ما استقلت به البل‪ ,‬فكان الرجل منهم يهدم بيته عن‬
‫ن ُبيُو َت ُهمْ بأ ْيدِي ِهمْ‬
‫نجاف بابه‪ ,‬فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به‪ ,‬قال‪ :‬فذلك قوله‪ُ :‬يخْربُو َ‬
‫وأ ْيدِي المُو ْء ِمنِينَ وذلك هدمهم بيوتهم عن نُجف أبوابهم إذا احتملوها‪.‬‬
‫‪26178‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬هؤلء النضير‪ ,‬صالحهم النبيّ صلى ال عليه‬
‫ُيخْ ِربُونَ ُبيُو َت ُهمْ بأ ْيدِيهِمْ وأ ْيدِي المُو ْء ِمنِي َ‬
‫وسلم على ما حملت البل‪ ,‬فجعلوا يقلعوا الوتاد يخربون بيوتهم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬إنما قيل ذلك كذلك‪ ,‬لنهم كانوا يخربون بيوتهم ليبنوا بنقضها ما هدم‬
‫المسلمون من حصونهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26179‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ع َتبِرُوا يا أُولي ال ْبصَارِ قال‪:‬‬
‫ن فا ْ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ُ :‬يخْ ِربُونَ ُبيُو َت ُهمْ بأ ْيدِيهِمْ وأ ْيدِي المُو ْء ِمنِي َ‬
‫يعني بني النضير‪ ,‬جعل المسلمون كلما هدموا شيئا من حصونهم جعلوا ينقضون بيوتهم‬
‫ويخربونها‪ ,‬ثم يبنون ما يخرب المسلمون‪ ,‬فذلك هلكهم‪.‬‬
‫‪26180‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬أخبرنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن ُبيُو َت ُهمْ بأ ْيدِي ِهمْ وأ ْيدِي المُو ْء ِمنِينَ يعني أهل النضير جعل المسلمون‬
‫خ ِربُو َ‬
‫يقول في قوله‪ُ :‬ي ْ‬
‫كلما هدموا من حصنهم جعلوا ينقضون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين‪ ,‬ثم يبنون ما خرّب‬
‫المسلمون‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء الحجاز والمدينة والعراق سوى أبي‬
‫ن بتخفيف الراء‪ ,‬بمعنى يخرجون منها ويتركونها معطلة خرابا‪ ,‬وكان أبو‬
‫خ ِربُو َ‬
‫عمرو‪ُ :‬ي ْ‬
‫عمرو يقرأ ذلك «يخرّبون» بالتشديد في الراء بمعنى يهدّمون بيوتهم‪ .‬وقد ذكر عن أبي عبد‬
‫الرحمن السلمي والحسن البصري أنهما كانا يقرآن ذلك نحو قراءة أبي عمرو‪ .‬وكان أبو‬
‫عمرو فيما ذكر عنه يزعم أنه إنما اختار التشديد في الراء لما ذكرت من أن الخراب‪ :‬إنما‬
‫هو ترك ذلك خرابا بغير ساكن‪ ,‬وإن بني النضير لم يتركوا منازلهم‪ ,‬فيرتحلواعنها‪ ,‬ولكنهم‬
‫خربّوبها بالنقض والهدم‪ ,‬وذلك ل يكون فيما قال إل بالتشديد‪.‬‬
‫عتَبرُا يا أولي البصا ِر يقول تعالى ذكره‪ :‬فاتعظوا يا معشر ذوي الفهام بما أحلّ‬
‫وقوله‪ :‬فا ْ‬
‫ال بهؤلء اليهود الذين قذف ال في قلوبهم الرعب‪ ,‬وهم في حصونهم من نقمته‪ ,‬واعلموا أن‬
‫ل من نقمته به نظير الذي أحلّ ببني‬
‫ال ولّى من واله‪ ,‬وناصر رسوله على كلّ من ناوأه‪ ,‬ومح ّ‬
‫النضير‪ .‬وإنما عنى بالبصار في هذا الموضع أبصار القلوب‪ ,‬وذلك أن العتبار بها يكون‬
‫دون البصار بالعيون‪.‬‬

‫‪6-3‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل أَن َكتَبَ اللّهُ عََل ْي ِهمُ ا ْلجَلَ َء َل َع ّذ َبهُمْ فِي ال ّد ْنيَا وََل ُهمْ فِي‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَلَ ْو َ‬
‫شدِي ُد ا ْلعِقَابِ *‬
‫ن اللّ َه َ‬
‫ك ِبَأنّ ُهمْ شَآقّواْ الّلهَ َو َرسُولَهُ َومَن ُيشَآقّ الّل َه فَإِ ّ‬
‫ب النّارِ * ذَِل َ‬
‫عذَا ُ‬
‫لخِرَةِ َ‬
‫اَ‬
‫خزِيَ ا ْلفَاسِقِينَ * َومَآ َأفَآءَ‬
‫مَا َقطَ ْع ُتمْ مّن لّينَ ٍة أَ ْو َترَ ْك ُتمُوهَا قَآ ِئمَةً عََلىَ ُأصُوِلهَا َف ِبِإذْنِ الّلهِ وَِل ُي ْ‬
‫ى مَن‬
‫ن اللّ َه ُيسَّلطُ رُسُلَهُ عََل َ‬
‫ل ِركَابٍ وَلَـكِ ّ‬
‫خيْلٍ َو َ‬
‫ن َ‬
‫اللّهُ عََلىَ َرسُوِلهِ ِم ْن ُهمْ َفمَآ أَ ْوجَ ْف ُتمْ عََليْ ِه مِ ْ‬
‫ل شَيْ ٍء َقدِيرٌ }‬
‫َيشَآءُ وَالّلهُ عََلىَ كُ ّ‬
‫‪26181‬ـ حدثنا ابن حَميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬ثني محمد بن إسحاق‪ ,‬عن يزيد بن رومان‬
‫خيْلٍ وَل رِكابٍ وََلكِنّ ال‬
‫ن َ‬
‫ج ْف ُتمْ عََليْ ِه مِ ْ‬
‫وَما أفا َء ال على رَسُوِلهِ ِم ْن ُهمْ يعني بني النضير َفمَا أ ْو َ‬
‫شيْ ٍء قَدِيرٌ‪.‬‬
‫ُيسَلّط ُرسُلَه على َمنْ يَشاءُ وَال على كُلّ َ‬
‫‪26182‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال حدثنا ورقاء جمعيا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد في قوله َفمَا أ ْوجَ ْف ُتمْ‬
‫خيْلٍ وَل رِكابٍ قال‪ :‬يذكر ربهم أنه نصرهم‪ ,‬وكفاهم بغير كراع‪ ,‬ول عدّة في قريظة‬
‫ن َ‬
‫عََليْ ِه مِ ْ‬
‫وخيبر‪ ,‬ما أفاء ال على رسوله من قريظة‪ ,‬جعلها لمهاجرة قريش‪.‬‬
‫‪26183‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن ال‬
‫خيْلٍ وَل رِكابٍ وََلكِ ّ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله وَما أفاءَ ال على َرسُولِ ِه ِم ْن ُهمْ َفمَا أ ْوجَ ْف ُتمْ عََليْ ِه مِنْ َ‬
‫شيْ ٍء قَدِيرٌ قال‪ :‬أمر ال عزّ وج ّل نبيه بالسير إلى‬
‫ُيسَلّط ُرسُلَه على َمنْ يَشاءُ وَال على كُلّ َ‬
‫قريظة والنضير وليس للمسلمين يومئذ كثير خيل ول ركاب فجعل ما أصاب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم يحكم فيه ما أراد‪ ,‬ولم يكن يومئذ خيل ول ركاب يوجف بها‪ .‬قال‪ :‬واليجاف‪:‬‬
‫أن يوضعوا السير وهي لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فكان من ذلك خيبر وَفدَك و ُقرًى‬
‫عرَبيةً‪ ,‬وأمر ال رسوله أن يعد لينبع‪ ,‬فأتاها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فاحتواها كلها‪,‬‬
‫َ‬
‫ن أهْل‬
‫فقال ناس‪ :‬هل قسّمها‪ ,‬فأنزل ال عزّ وجلّ عذره‪ ,‬فقال‪ :‬ما أفاءَ الّل ُه على َرسُولِ ِه مِ ْ‬
‫ل ثم قال‪ :‬وَما آتا ُكمُ الرّسُولُ‬
‫سبِي ِ‬
‫ن ال ّ‬
‫ال ُقرَى فَلِلّهِ ولل ّرسُولِ وَِلذِي ال ُقرْبى وَاليتَامَى وَالمَساكِينِ وَابْ ِ‬
‫عنْ ُه فا ْنتَهُوا‪ ...‬الية‪.‬‬
‫َفخُذُوهُ وَما نَها ُكمْ َ‬
‫‪26184‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫خيْلٍ وَل رِكابٍ يعني يوم ُقرَيظة‪.‬‬
‫ن َ‬
‫يقول‪ ,‬في قوله‪َ :‬فمَا أ ْوجَ ْف ُتمْ عََليْ ِه مِ ْ‬
‫ن يَشاء أعلمك أنه كما سلّط محمدا صلى ال عليه وسلم‬
‫وقوله‪ :‬وََل ِكنّ الّلهَ ُيسَّلطُ ُرسُلَهُ على مَ ْ‬
‫جفِ المسلمون‬
‫ل ثناؤه أن ما أفاء ال عليه من أموال لم يُو ِ‬
‫على بني النضير‪ ,‬يخبر بذلك ج ّ‬
‫بالخيل والركاب‪ ,‬من العداء مما صالحوه عليه له خاصة يعمل فيه بما يرى‪ .‬يقول‪ :‬فمحمد‬
‫صلى ال عليه وسلم إنما صار إليه أموال بني النضير بالصلح إل عنوة‪ ,,‬فتقع فيها القسمة‬
‫شيْ ٍء قَدِيرٌ يقول‪ :‬وال على كلّ شيء أراده ذو قدرة ل يَعجزه شيء‪ ,‬وبقُدرته‬
‫وَاللّه على كُلّ َ‬
‫على ما يشاء سلّط نبيه محمدا صلى ال عليه وسلم على ما سلط عليه من أموال بني النضير‪,‬‬
‫فحازه عليهم‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل الْ ُق َرىَ فَلِلّهِ وَلِل ّرسُولِ‬
‫ن أَهْ ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬مّآ َأفَآ َء اللّهُ عََلىَ َرسُوِلهِ مِ ْ‬
‫غ ِنيَآءِ مِن ُكمْ َومَآ آتَا ُكمُ‬
‫ن دُولَ ًة َبيْنَ ال ْ‬
‫ل َيكُو َ‬
‫سبِيلِ َكيْ َ‬
‫ن ال ّ‬
‫وَِلذِي الْ ُق ْر َبىَ وَا ْل َيتَا َمىَ وَا ْل َمسَاكِينِ وَابْ ِ‬
‫شدِيدُ ا ْلعِقَابِ }‪.‬‬
‫عنْهُ فَان َتهُواْ وَاتّقُو ْا الّلهَ ِإنّ الّلهَ َ‬
‫خذُوهُ َومَا َنهَا ُكمْ َ‬
‫الرّسُولُ َف ُ‬
‫ن أهْلِ ال ُقرَى الذي ردّ ال عزّ وجلّ على‬
‫يعني بقوله جلّ ثناؤه‪ :‬ما أفاءَ الّلهُ على َرسُولِه مِ ْ‬
‫رسوله من أموال مشركي القرى‪.‬‬
‫واختلف أهل العلم في الذي عني بهذه الية من اللوان‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬عني بذلك الجزية‬
‫والخراج‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26185‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن أيوب‪ ,‬عن عكرمة بن‬
‫خالد‪ ,‬عن مالك بن أوس بن الحدثان‪ ,‬قال‪ :‬قرأ عمر بن الخطاب رضي ال عنه‪ :‬إ ّنمَا‬
‫حكِيمٌ ثم قال‪ :‬هذه لهؤلء‪ ,‬ثم قال‪ :‬وَاعَْلمُوا أ ّنمَا‬
‫الصّدَقاتُ للْ ُف َقرَاءِ وَالمَساكِينِ حتى بلغ عَلِيمٌ َ‬
‫خ ْمسَ ُه ولل ّرسُول وَِلذِي ال ُق ْربَى‪ ...‬الية‪ ,‬ثم قال‪ :‬هذه الية لهؤلء‪ ,‬ثم‬
‫شيْءٍ فأنّ لِّلهِ ُ‬
‫ن َ‬
‫غ ِن ْم ُتمْ مِ ْ‬
‫َ‬
‫ن َتبَوّءوا الدّارَ واّلذِينَ‬
‫ن أهْلِ ال ُقرَى حتى بلغ للْفُقَراءِ واّلذِي َ‬
‫قرأ‪ :‬ما أفاءَ الّلهُ على َرسُولِه مِ ْ‬
‫ن َبعْدِ ُهمْ ثم قال‪ :‬استوعبت هذه الية المسلمين عامة‪ ,‬فليس أحد إل له حق‪ ,‬ثم قال‪:‬‬
‫جاءوا مِ ْ‬
‫ح ُمرَه نصيبُه‪ ,‬لم يعرق فيها جبينه‪.‬‬
‫لئن عشت ليأتين الراعي وهو يسير ُ‬
‫‪26186‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا معمر في قوله‪ :‬ما أفاءَ الّلهُ‬
‫ل ال ُقرَى حتى بلغني أنها الجزية‪ ,‬والخراج‪ :‬خَراج أهل القرى‪.‬‬
‫ن أهْ ِ‬
‫على َرسُولِه مِ ْ‬
‫وقال آخرون‪ :‬عني بذلك الغنيمة التي يصيبها المسلمون من عدوّهم من أهل الحرب بالقتال‬
‫عنوة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن يزيد بن رومان ما أفا َء اللّهُ‬
‫‪26187‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ل ال ُقرَى فَلِلّهِ وَلِل ّرسُولِ ما يوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب‪ ,‬وفتح‬
‫ن أهْ ِ‬
‫على َرسُولِه مِ ْ‬
‫ن دُولَةً‬
‫سبِيلِ َكيْل َيكُو َ‬
‫بالحرب عنوة‪ ,‬فَلِلّ ِه ولل ّرسُولِ وَِلذِي ال ُق ْربَى وا ْليَتامَى والمَساكِينِ وَا ْبنِ ال ّ‬
‫عنْه فا ْنتَهُوا قال‪ :‬هذا قسم آخر فِيما‬
‫ل َفخُذُوهُ وَما نَها ُكمْ َ‬
‫غنِياءِ ِم ْن ُكمْ وَما آتا ُكمُ ال ّرسُو َ‬
‫بَينَ ال ْ‬
‫أصيب بالحرب بين المسلمين على ما وضعه ال عليه‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عني بذلك الغنيمة التي أوجف عليها المسلمون بالخيل والركاب‪ ,‬وأخذت‬
‫بالغلبة‪ ,‬وقالوا كانت الغنائم في بدوّ السلم لهؤلء الذين سماهم ال في هذه الَيات دون‬
‫المرجفين عليها‪ ,‬ثم نسخ ذلك بالية التي في سورة النفال‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26188‬ـ حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في‬
‫ل ال ُقرَى فَلِلّهِ ولل ّرسُولِ وَِلذِي ال ُق ْربَى وا ْليَتامَى والمَساكِينِ‬
‫ن أهْ ِ‬
‫قوله‪ :‬ما أفا َء اللّ ُه على َرسُولِه مِ ْ‬
‫سبِيلِ قال‪ :‬كان الفيء في هؤلء‪ ,‬ثم نسخ ذلك في سورة النفال‪ ,‬فقال‪ :‬وَاعَْلمُوا أنّما‬
‫ن ال ّ‬
‫وَابْ ِ‬
‫سبِيلِ‬
‫ن ال ّ‬
‫خ ُمسَ ُه ولل ّرسُولِ وَِلذِي ال ُق ْربَى وا ْليَتامَى والمَساكِينِ وَابْ ِ‬
‫شيْءٍ فأنّ لِّلهِ ُ‬
‫ن َ‬
‫غ ِن ْم ُتمْ مِ ْ‬
‫َ‬
‫فنسخت هذه ما كان قبلها في سورة النفال‪ ,‬وجعل الخمس لمن كان له الفيء في سورة‬
‫الحشر‪ ,‬وكانت الغنيمة تقسم خمسة أخماس‪ ,‬فأربعة أخماس لمن قاتل عليها‪ ,‬ويقسم الخمس‬
‫الباقي على خمسة أخماس‪ ,‬فخمس ل وللرسول‪ ,‬وخمس لقرابة رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫في حياته‪ ,‬وخمس لليتامى‪ ,‬وخمس للمساكين‪ ,‬وخمس لبن السبيل فلما قضى رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وجه أبو بكر وعمر رضي ال عنهما هذين السهمين‪ :‬سهم رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬وسهم قرابته‪ ,‬فحمل عليه في سبيل ال صدقة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬عني بذلك‪ :‬ما صالح عليه أهل الحرب المسلمين من أموالهم‪ ,‬وقالوا قوله ما‬
‫ل ال ُقرَى فَلِلّ ِه ولل ّرسُولِ‪ ...‬الَيات‪ ,‬بيان قسم المال الذي ذكره ال‬
‫أفاءَ اللّ ُه على رَسُولِه ِمنْ أهْ ِ‬
‫في الية التي قبل هذه الية‪ ,‬وذلك قوله‪ :‬ما أفاءَ الّلهُ على َرسُولِه ِم ْن ُهمْ َفمَا أ ْوجَ ْف ُتمْ عََليْهِ ِمنْ‬
‫خيْل وَل رِكاب وهذا قول كان يقوله بعض المتفقهة من المتأخرين‪.‬‬
‫َ‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أن هذه الية حكمها غير حكم الية التي قبلها‪ ,‬وذلك أن‬
‫الية التي قبلها مال جعله ال عزّ وجلّ لرسوله صلى ال عليه وسلم خاصة دون غيره‪ ,‬لم‬
‫يجعل فيه لحد نصيبا‪ ,‬وبذلك جاء الثر عن عمر بن الخطاب رضي ال عنه‪.‬‬
‫‪26189‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري‪ ,‬عن مالك بن‬
‫أوس بن الحدثان‪ ,‬قال‪ :‬أرسل إليّ عمر بن الخطاب رضي ال عنه‪ ,‬فدخلت عليه‪ ,‬فقال‪ :‬إنه قد‬
‫حضر أهل أبيات من قومك وإنا قد أمرنا لهم برضخ‪ ,‬فاقسمه بينهم‪ ,‬فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫مر بذلك غيري‪ ,‬قال‪ :‬اقبضه أيها المرء فبينا أنا كذلك‪ ,‬إذ جاء يرفأ موله‪ ,‬فقال‪ :‬عبد الرحمن‬
‫بن عوف‪ ,‬والزبير‪ ,‬وعثمان‪ ,‬وسعد يستأذنون‪ ,‬فقال‪ :‬ائذن لهم ثم مكث ساعة‪ ,‬ثم جاء فقال‪ :‬هذا‬
‫عليّ والعباس يستأذنان‪ ,‬فقال‪ :‬ائذن لهما فلما دخل العباس قال‪ :‬يا أمير المؤمنين اقض بيني‬
‫وبين هذا الغادر الخائن الفاجر‪ ,‬وهما جاءا يختصمان فيما أفاء ال على رسوله من أعمال بني‬
‫ل واحد منهما من صاحبه‪ ,‬فقد‬
‫النضير‪ ,‬فقال القوم‪ :‬اقض بينهما يا أمير المؤمنين‪ ,‬وأرح ك ّ‬
‫طالت خصومتهما‪ ,‬فقال‪ :‬أنشدكم ال الذي بإذنه تقوم السموات والرض‪ ,‬أتعلمون أن رسول‬
‫صدَقَةٌ» قالوا‪ :‬قد قال ذلك ثم قال لهما‪:‬‬
‫ث ما َت َركْنَا ُه َ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قال‪« :‬ل نُورَ ُ‬
‫أتعلمان أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ذلك؟ قال‪ :‬نعم قال‪ :‬فسأخبركم بهذا الفيء إن‬
‫ص نبيه صلى ال عليه وسلم بشيء لم يعطه غيره‪ ,‬فقال‪ :‬وَما أفاءَ الّلهُ على َرسُولِ ِه ِم ْنهُمْ‬
‫ال خ ّ‬
‫خيْل وَل رِكاب فكانت هذه لرسول ال صلى ال عليه وسلم خاصة‪ ,‬فوال‬
‫َفمَا أ ْوجَ ْف ُتمْ عََليْهِ ِمنْ َ‬
‫ما احتازها دونكم‪ ,‬ول استأثر بها دونكم‪ ,‬ولقد قسمها عليكم حتى بقي منها هذا المال‪ ,‬فكان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم ينفق على أهله منه سنتهم‪ ,‬ثم يجعل ما بقي في مال ال‪.‬‬
‫فإذَا كانت هذه الية التي قبلها مضت‪ ,‬وذكر المال الذي خصّ ال به رسوله صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ,‬ولم يجعل لحد معه شيئا‪ ,‬وكانت هذه الية خبرا عن المال الذي جعله ال لصناف‬
‫شتى‪ ,‬كان معلوما بذلك أن المال الذي جعله لصناف من خلقه غير المال الذي جعله للنبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم خاصة‪ ,‬ولم يجعل له شريكا‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَلِذي ال ُقرْبى يقول‪ :‬ولذي قرابة رسول ال صلى ال عليه وسلم من بني هاشم وبني‬
‫المطلب واليتامى‪ ,‬وهم أهل الحاجة من أطفال المسلمين الذين ل مال لهم والمساكين‪ :‬وهم‬
‫الجامعون فاقة وذلّ المسئلة وابن السبيل‪ :‬وهم المنقطع بهم من المسافرين في غير معصية ال‬
‫عزّ وجلّ‪.‬‬
‫وقد ذكرنا الرواية التي جاءت عن أهل التأويل بتأويل ذلك فيما مضى من كتابنا‪.‬‬
‫غنِيا ِء ِم ْنكُمْ يقول جلّ ثناؤه‪ .‬وجعلنا ما أفاء ال على رسوله‬
‫وقوله‪َ :‬كيْل َيكُونَ دُوَلةً بَينَ ال ْ‬
‫من أهل القرى لهذه الصناف‪ ,‬كيل يكون ذلك الفيء دُولة يتداوله الغنياء منكم بينهم‪ ,‬يصرفه‬
‫سبُل الخير‪ ,‬فيجعلون ذلك حيث شاءوا‪,‬‬
‫هذا مرّة في حاجات نفسه‪ ,‬وهذا مرّة في أبواب البرّ و ُ‬
‫ولكننا سننا فيه سنة ل تُغير ول تُبدّل‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء المصار سوى أبي جعفر القارىء َكيْل‬
‫ن دُوَلةً نصبا على ما وصفت من المعنى‪ ,‬وأن في يكون ذكر الفيء‪ .‬وقوله‪ :‬دُولَ ًة نصب‬
‫َيكُو َ‬
‫خبر يكون‪ ,‬وقر ذلك أبو جعفر القارىء‪َ « :‬كيْل َيكُونَ دُوَلةٌ» على رفع الدولة مرفوعة بيكون‪,‬‬
‫والخبر قوله‪ :‬بين الغنياء منكم وبض ّم الدال من دُولة قرأ جميع قرّاء المصار‪ ,‬غير أنه حُكي‬
‫عن أبي عبد الرحمن الفتح فيها‪.‬‬
‫وقد اختلف أهل المعرفة بكلم العرب في معنى ذلك‪ ,‬إذا ضمت الدال أو فُتحت‪ ,‬فقال بعض‬
‫الكوفيين‪ :‬معنى ذلك‪ :‬إذا فتحت الدولة وتكون للجيش يهزم هذا هذا‪ ,‬ثم يهزم الهازم‪ ,‬فيقال‪ :‬قد‬
‫رجعت الدولة على هؤلء قال‪ :‬والدولة برفع الدال في الملك والسنين التي تغير وتبدّل على‬
‫الدهر‪ ,‬فتلك الدولة والدول‪ .‬وقال بعضهم‪ :‬فرق ما بين الضمّ والفتح أن الدولة‪ :‬هي اسم الشيء‬
‫الذي يتداول بعينه‪ ,‬والدولة الفعل‪.‬‬
‫والقراءة التي ل أستجيز غيرها في ذلك‪َ :‬كيْل َيكْونَ بالياء دُولَ ًة بضم الدال ونصب الدولة‬
‫على المعنى الذي ذكرت في ذلك لجماع الحجة عليه‪ ,‬والفرق بين الدّولة والدّولة بضم الدال‬
‫وفتحها ما ذكرت عن الكوفيّ في ذلك‪.‬‬
‫ل َفخُذُو ُه يقول تعالى ذكره‪ :‬وما أعطاكم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وقوله‪ :‬وَما آتاكُمُ ال ّرسُو ُ‬
‫عنْ ُه من الغَلول وغيره من المور فا ْنتَهُوا‬
‫وسلم مما أفاء عليه من أهل القرى فخذوه وَما نهاكُمْ َ‬
‫وكان بعض أهل العلم يقول نحو قولنا في ذلك غير أنه كان يوجه معنى قوله َومَا آتا ُكمُ‬
‫خذُو ُه إلى ما آتاكم من الغنائم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫الرّسُولُ ف ُ‬
‫‪26190‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عديّ‪ ,‬عن عوف‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬في قوله‪َ :‬ومَا‬
‫ع ْنهُ فا ْن َتهُوا قال‪ :‬يؤتيهم الغنائم ويمنعهم الغلول‪.‬‬
‫خذُوهُ وَما نَها ُكمْ َ‬
‫لفُ‬
‫آتا ُكمُ الرّسُو ُ‬
‫وقوله‪ :‬وَاتّقُوا الّلهَ يقول‪ :‬وخافوا ال‪ ,‬واحذروا عقابه في خلفكم على رسوله بالتقدّم على ما‬
‫شدِيدُ العِقابِ يقول‪ :‬إن ال شديد عقابه لمن عاقبه من أهل‬
‫ن ال َ‬
‫نهاكم عنه‪ ,‬ومعصيتكم إياه إ ّ‬
‫معصيته لرسوله صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن ُأخْ ِرجُو ْا مِن ِديَارِ ِهمْ وََأ ْموَاِل ِهمْ‬
‫ن اّلذِي َ‬
‫جرِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬لِلْ ُف َقرَآءِ ا ْل ُمهَا ِ‬
‫ن الّلهَ َورَسُوَلهُ ُأوْلَـ ِئكَ ُهمُ الصّادِقُونَ }‪.‬‬
‫صرُو َ‬
‫ن اللّهِ َو ِرضْوَانا َويَن ُ‬
‫ن فَضْلً مّ َ‬
‫َي ْب َتغُو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬كيل يكون ما أفاء ال على رسوله دُولة بين الغنياء منكم‪ ,‬ولكن يكون‬
‫للفقراء المهاجرين‪ .‬وقيل‪ :‬عُني بالمهاجرين‪ :‬مهاجرة قريش‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26191‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد ما أفا َء اللّ ُه على‬
‫رَسُوِل ِه من قريظة جعلها لمهاجرة قريش‪.‬‬
‫جبَير‪ ,‬وسعيد بن عبد‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يعقوب‪ ,‬عن جعفر‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫‪26192‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫الرحمن بن أبزى‪ ,‬قال‪ :‬كان ناس من المهاجرين لحدهم الدار والزوجة والعبد والناقة يحجّ‬
‫عليها ويغزو‪ ,‬فنسبهم ال إلى أنهم فقراء‪ ,‬وجعل لهم سهما في الزكاة‪.‬‬
‫‪26193‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله للْ ُفقَراءِ المُهاجِرِينَ‬
‫خ ِرجُوا مِنْ دِيارِ ِهمْ‪ ...‬إلى قوله أوَل ِئكَ ُهمُ الصّادِقُونَ قال‪ :‬هؤلء المهاجرون تركوا‬
‫اّلذِينَ ُأ ُ‬
‫الديار والموال والهلين والعشائر‪ ,‬خرجوا حبا ل ولرسوله‪ ,‬واختاروا السلم على ما فيه من‬
‫الشدّة‪ ,‬حتى لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من الجوع‪,‬‬
‫وكان الرجل يتخذ الحفيرة في الشتاء ماله دثار غيرها‪.‬‬
‫ن اللّهِ َو ِرضْوَانا موضع‬
‫ن دِيارِ ِهمْ وأ ْموَاِل ِهمْ‪ ,‬وقوله‪َ :‬ي ْبتَغُونَ َفضْلً مِ ْ‬
‫خ ِرجُوا مِ ْ‬
‫وقوله‪ :‬اّلذِينَ أ ْ‬
‫ن اللّهَ َو َرسُولَ ُه يقول‪ :‬وينصرون دين‬
‫صرُو َ‬
‫يبتغون نصب‪ ,‬لنه في موضع الحال وقوله‪َ :‬و َي ْن ُ‬
‫ال الذي بعث به رسوله محمدا صلى ال عليه وسلم‪ .‬وقوله‪ :‬أوَل ِئكَ ُهمُ الصّادِقُونَ يقول‪ :‬هؤلء‬
‫الذين وصف صفتهم من الفقراء المهاجرين هم الصادقون فيما يقولون‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن هَاجَرَ‬
‫ن مَ ْ‬
‫حبّو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَاّلذِينَ َتبَ ّوءُوا الدّارَ وَالِيمَانَ مِن َقبِْل ِهمْ ُي ِ‬
‫خصَاصَةٌ‬
‫س ِهمْ وَلَ ْو كَانَ ِب ِهمْ َ‬
‫صدُورِ ِهمْ حَاجَةً ّممّآ أُوتُواْ َو ُي ْؤ ِثرُونَ عََلىَ أَن ُف ِ‬
‫ل َيجِدُونَ فِي ُ‬
‫إَِل ْي ِهمْ َو َ‬
‫ق شُحّ نَ ْفسِ ِه َفأُوْلَـ ِئكَ ُهمُ ا ْلمُفِْلحُونَ }‪.‬‬
‫َومَن يُو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وَاّلذِينَ َتبَوّءوا الدّا َر واليمَانَ يقول‪ :‬اتخذوا المدينة مدينة الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فابتنوها منازل‪ ,‬وَاليمَانَ بال ورسوله ِمنْ َقبِْل ِهمْ يعني‪ :‬من قبل المهاجرين‪,‬‬
‫عنِي بذلك النصار‬
‫ن هاجَرَ إَل ْي ِهمْ‪ :‬يحبون من ترك منزله‪ ,‬وانتقل إليهم من غيرهم‪ ,‬و ُ‬
‫ن مَ ْ‬
‫حبّو َ‬
‫ُي ِ‬
‫يحبون المهاجرين‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26194‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَاّلذِينَ‬
‫ن َقبْلِ ِهمْ قال‪ :‬النصار نعت‪ .‬قال محمد بن عمرو‪ :‬سفاطة أنفسهم‪.‬‬
‫ن مِ ْ‬
‫َتبَوّءوا الدّارَ وَاليمَا َ‬
‫وقال الحارث‪ :‬سخاوة أنفسهم عند ما روى عنهم من ذلك‪ ,‬وإيثارهم إياهم ولم يصب النصار‬
‫من ذلك الفيء شيء‪.‬‬
‫ن َتبَوّءوا الدّارَ‬
‫‪26195‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَاّلذِي َ‬
‫صدُورِهِ ْم حاجَةً ِممّا أُوتُوا يقول‪:‬‬
‫جدُونَ فِي ُ‬
‫ن هاجَرَ إَل ْي ِهمْ‪ ,‬وَل َي ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫حبّو َ‬
‫ن مِنْ َقبِْل ِهمْ ُي ِ‬
‫وَاليمَا َ‬
‫ي من النصار‪ ,‬أسلموا في ديارهم‪ ,‬فابتنوا المساجد والمسجد‪ ,‬قبل‬
‫مما أعطوا إخوانهم هذا الح ّ‬
‫قدوم النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأحسن ال عليهم الثناء في ذلك وهاتان الطائفتان الوّلتان من‬
‫هذه الية‪ ,‬أخذتا بفضلهما‪ ,‬ومضتا على َمهَلهما‪ ,‬وأثبت ال حظهما في الفيء‪.‬‬
‫‪26196‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله ال عزّ وجلّ‪:‬‬
‫حبّونَ قال‪ :‬هؤلء النصار يحبون من هاجر إليهم من‬
‫ن َقبِْلهِمْ ُي ِ‬
‫ن َتبَوّءوا الدّارَ وَاليمَانَ مِ ْ‬
‫وَاّلذِي َ‬
‫المهاجرين‪.‬‬
‫ل ثناؤه‪ :‬ول يجد الذين تبوّءوا‬
‫صدُورِ ِهمْ حاجَ ًة ِممّا أُوتُوا يقول ج ّ‬
‫ن فِي ُ‬
‫جدُو َ‬
‫وقوله‪ :‬وَل َي ِ‬
‫الدار من قبلهم‪ ,‬وهم النصار في صدورهم حاجة‪ ,‬يعني حسدا مما أوتوا‪ ,‬يعني مما أوتي‬
‫المهاجرين من الفيء‪ ,‬وذلك لما ذُكر لنا من أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قسم أموال بني‬
‫النضير بين المهاجرين الوّلين دون النصار‪ ,‬إل رجلين من النصار‪ ,‬أعطاهما لفقرهما‪,‬‬
‫وإنما فعل ذلك لرسول ال صلى ال عليه وسلم خاصة‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬ثني محمد بن إسحاق‪ ,‬عن عبد ال بن أبي‬
‫‪26197‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن بني النضير خَلّوا الموال لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فكانت النضير‬
‫بكر‪ ,‬أنه حدّث أ ّ‬
‫لرسول ال صلى ال عليه وسلم خاصة يضعها حيث يشاء‪ ,‬فقسمها رسول ال صلى ال عليه‬
‫حنَيف وأبا دُجانة سِماك بن‬
‫وسلم على المهاجرين الوّلين دون النصار‪ ,‬إل أن سهل بن ُ‬
‫خرَشة ذكرا فقرا‪ ,‬فأعطاهما رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫َ‬
‫ن فِي‬
‫جدُو َ‬
‫‪26198‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَل َي ِ‬
‫ل بني النضير بعضُ من‬
‫صُدُورِ ِهمْ حاجَ ًة ِممّا ُأتُوا المهاجرون‪ .‬قال‪ ,‬وتكلم في ذلك يعني أموا َ‬
‫تكلّم من النصار‪ ,‬فعاتبهم ال عزّ وجلّ في ذلك فقال‪ :‬وَما أفاءَ اللّ ُه على رَسُوِلهِ ِم ْن ُهمْ َفمَا‬
‫ل شَيْ ٍء َقدِيرٌ‬
‫ن يَشاءُ وَالّلهُ على كُ ّ‬
‫خيْلٍ وَل رِكابٍ وََل ِكنّ الّلهَ ُيسَّلطُ ُرسُلَهُ عَلى مَ ْ‬
‫ن َ‬
‫أ ْوجَ ْف ُتمْ عََليْ ِه مِ ْ‬
‫خوَا َن ُكمْ قَدْ َت َركُوا المْوَالَ والولد‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم لهم‪« :‬إنّ إ ْ‬
‫غ ْيرَ‬
‫خ َرجُوا إَل ْيكُمْ» فقالوا‪ :‬أموالنا بينهم قطائع‪ ,‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬أوَ َ‬
‫َو َ‬
‫ن ال َعمَلَ َف َتكْفُون ُهمْ َوتُقاسِمُو َن ُهمْ‬
‫ذَِلكَ؟» قالوا‪ :‬وما ذلك يا رسول ال؟ قال‪ُ « :‬همْ قَ ْومٌ ل َيعْ ِرفُو َ‬
‫ال ّثمَرَ»‪ ,‬فقالوا‪ :‬نعم يا رسول ال‪.‬‬
‫صدُورِ ِهمْ حاجَةً ِممّا أُوتُوا قال أهل التأويل‪ .‬ذكر‬
‫جدُونَ فِي ُ‬
‫وبنحو الذي قلنا في قوله وَل َي ِ‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26199‬ـ حدثنا محمد بن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سليمان أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن أبي‬
‫صدُورِ ِهمْ حاجَةً ِممّا أوتُوا قال‪ :‬الحسد‪.‬‬
‫جدُونَ فِي ُ‬
‫رجاء‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬في قوله وَل َي ِ‬
‫صدُورِ ِهمْ قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬ثنا عبد الصمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن أبي رجاء‪ ,‬عن الحسن حاجَ ًة فِي ُ‬
‫حسدا في صدورهم‪.‬‬
‫حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أبو رجاء عن الحسن‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫سهِمْ يقول تعالى ذكر‪ :‬وهو يصف النصار الذين تب ّوءُوا الدار‬
‫ن على أ ْن ُف ِ‬
‫وقوله‪َ :‬ويُو ْء ِثرُو َ‬
‫واليمان من قبل المهاجرين َويُو ْء ِثرُونَ على أنْ ُفسِهمْ يقول‪ :‬ويعطون المهاجرين أموالهم إيثارا‬
‫ن ِبهِ ْم خَصَاصَةٌ يقول‪ :‬ولو كان بهم حاجة وفاقة إلى ما آثروا به‬
‫لهم بها على أنفسهم وَلَ ْو كَا َ‬
‫ل ما تخلّلته ببصرك‬
‫من أموالهم على أنفسهم‪ .‬والخَصاصة مصدر‪ ,‬وهي أيضا اسم‪ ,‬وهو ك ّ‬
‫كالكوّة والفرجة في الحائط‪ ,‬تجمع خَصاصات وخِصاص‪ ,‬كمال قال الراجز‪:‬‬
‫َقدْ عَِلمَ المَقاتِلتُ َهجّا‬
‫خصَاصٍ َلمْجا‬
‫والنّاظراتُ ِمنْ َ‬
‫ل ْو ِريَنْها دُلَجا أوْ ُم ْنجَا‬
‫َ‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26200‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن فضيل‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن أبي حازم‪ ,‬عن أبي هريرة‪,‬‬
‫قال‪ :‬جاء رجل إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم ليضيفه‪ ,‬فلم يكن عنده ما يضيفه‪ ,‬فقال‪« :‬أل‬
‫حمَ ُه اللّهُ؟» فقام رجل من النصار يقال له أبو طلحة‪ ,‬فانطلق به إلى‬
‫رجلٌ يضيفُ هذا َر ِ‬
‫رحله‪ ,‬فقال لمرأته‪ :‬أكرمي ضيفَ رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬نوّمي الصبية‪ ,‬وأطفئي‬
‫المصباح وأريه بأنك تأكلين معه واتركيه لضيف رسول ال صلى ال عليه وسلم ففعلت فنزلت‬
‫خصَاصَةٌ‪.‬‬
‫س ِهمْ وَلَ ْو كانَ ِب ِهمْ َ‬
‫ن على أنْ ُف ِ‬
‫َويُو ْء ِثرُو َ‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬عن فضيل‪ ,‬عن غزوان‪ ,‬عن أبي حازم‪ ,‬عن أبي‬
‫هريرة‪ ,‬أن رجلً من النصار بات به ضيف‪ ,‬فلم يكن عند إل قوته وقوت صبيانه‪ ,‬فقال‬
‫لمرأته‪َ :‬نوّمي الصّبْية وأطفئي المصباح‪ ,‬وقرّبي للضيف ما عندك‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت هذه الية‬
‫ق شُحّ نَ ْفسِهِ‪.‬‬
‫ن يُو َ‬
‫َومَ ْ‬
‫ح في‬
‫ن في الجنة‪ .‬والش ّ‬
‫ن المخّلدُو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬من وقاه ال شحّ نفسه فأُوَل ِئكَ ُهمُ المُفِْلحُو َ‬
‫كلم العرب‪ :‬البخل‪ ,‬ومنع الفضل من المال ومنه قول عمرو بن كلثوم‪:‬‬
‫حزَ الشّحيحَ إذَا ُأ ِمرّ ْتعََليْ ِه ِلمَالِهِ فِيها مُهينا‬
‫َترَى الّل ِ‬
‫يعني بالشحيح‪ :‬البخيل‪ ,‬يقال‪ :‬إنه لشحيح بين الشحّ والشحّ‪ ,‬وفيه شحة شديدة وشحاحة‪ .‬وأما‬
‫ح في هذا الموضع إنما هو أكل أموال الناس بغير حقّ‪.‬‬
‫العلماء فإنهم يرون أن الش ّ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا المسعودي‪ ,‬عن أشعث‪,‬‬
‫‪26201‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫عن أبي الشعثاء‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬أتى رجل ابن مسعود فقال‪ :‬إني أخاف أن أكون قد هلكت‪,‬‬
‫ح نَ ْفسِ ِه وأنا رجل شحيح ل يكاد يخرج من‬
‫ن يُوقَ شُ ّ‬
‫قال‪ :‬وما ذاك؟ قال‪ :‬أسمع ال يقول‪َ :‬ومَ ْ‬
‫ح أن تأكل مال أخيك ظلما‪,‬‬
‫ح الذي ذكر ال في القرآن‪ ,‬إنما الش ّ‬
‫يدي شيء‪ ,‬قال‪ :‬ليس ذاك بالش ّ‬
‫ذلك البخل‪ ,‬وبئس الشيء البخل‪.‬‬
‫‪26202‬ـ حدثني يحيى بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن جده‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن‬
‫جامع‪ ,‬عن السود بن هلل قال‪ :‬جاء رجل إلى عبد ال بن مسعود‪ ,‬فقال يا أبا عبد الرحمن‪,‬‬
‫ح نَ ْفسِ ِه َفأُوَل ِئكَ ُهمُ المُفِْلحُونَ وال ما‬
‫ن يُوقَ شُ ّ‬
‫إني أخشى أن تكون أصابتني هذه الية َومَ ْ‬
‫ح أن تأكل مال أخيك بغير حقه‪ ,‬ولكن‬
‫أعطي شيئا أستطيع منعه‪ ,‬قال‪ :‬ليس ذلك بالشحّ‪ ,‬إنما الش ّ‬
‫ذلك البخل‪.‬‬
‫‪26203‬ـ حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى وعبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن‬
‫جبَير‪ ,‬عن أبي الهياج السدي‪ ,‬قال‪ :‬كنت أطوف بالبيت‪,‬‬
‫طارق بن عبد الرحمن‪ ,‬عن سعيد بن ُ‬
‫فرأيت رجلً يقول‪ :‬اللهمّ قني شحّ نفسي‪ ,‬ل يزيد على ذلك‪ ,‬فقلت له‪ ,‬فقال‪ :‬إني إذا وقيت شحّ‬
‫نفسي لم أسرق‪ ,‬ولم أزن‪ ,‬ولم أفعل شيئا‪ ,‬وإذا الرجل عبد الرحمن بن عوف‪.‬‬
‫‪26204‬ـ حدثني محمد بن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫إسماعيل بن عياش‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مجمع بن جارية النصاري‪ ,‬عن عمه يزيد بن جارية‬
‫ن الشّحّ َمنْ‬
‫النصاري‪ ,‬عن أنس بن مالك‪ ,‬عن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪َ « :‬برِىءَ مِ َ‬
‫عطَى في النّا ِئبَةِ»‪.‬‬
‫ضيْفَ‪ ,‬وأ ْ‬
‫أدّى الزّكاةَ‪َ ,‬وقَرَى ال ّ‬
‫‪26205‬ـ حدثني محمد بن عبد ال بن عبد الحكم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا زياد بن يونس أبو سلمة‪ ,‬عن‬
‫نافع بن عمر المكي‪ ,‬عن ابن أبي مليكة‪ ,‬عن عبد ال بن عمر‪ ,‬قال‪ :‬إن نجوت من ثلث‬
‫ن أنبيك فيهنّ‪ ,‬قال‪ :‬أخرج المال العظيم‪,‬‬
‫طمعت أن أنجو‪ .‬قال عبد ال بن صفوان ما ه ّ‬
‫فأخرجه ضرارا‪ ,‬ثم أقول‪ :‬أقرض ربي هذه الليلة‪ ,‬ثم تعود نفسي فيه حتى أعيده من حيث‬
‫أخرجته‪ ,‬وإن نجوت من شأن عثمان‪ ,‬قال ابن صفوان‪ :‬أما عثمان فقُتل يوم قُتل‪ ,‬وأنت تحبّ‬
‫قتله وترضاه‪ ,‬فأنت ممن قتله وأما أنت فرجل لم يقك ال شحّ نفسك‪ ,‬قال‪ :‬صدقت‪.‬‬
‫‪26206‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ‪:‬‬
‫ق شُحّ نَ ْفسِ ِه قال‪ :‬من وقى شحّ نفسه فلم يأخذ من الحرام شيئا‪ ,‬ولم يقربه‪ ,‬ولم يدعه‬
‫ن يُو َ‬
‫َومَ ْ‬
‫الشحّ أن يحبس من الحلل شيئا‪ ,‬فهو من المفلحين‪ ,‬كما قال ال عزّ وجلّ‪.‬‬
‫ح نَ ْفسِهِ‬
‫ن يُوقَ شُ ّ‬
‫وحدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬ومَ ْ‬
‫قال‪ :‬من لم يأخذ شيئا لشيء نهاه ال عزّ وجلّ عنه‪ ,‬ولم يدعه الشحّ على أن يمنع شيئا من‬
‫شيء أمره ال به‪ ,‬فقد وقاه ال شحّ نفسه‪ ,‬فهو من المفلحين‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫لخْوَا ِننَا‬
‫ن َر ّبنَا اغْ ِفرْ َلنَا َو ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَاّلذِينَ جَآءُوا مِن َب ْعدِ ِهمْ يَقُولُو َ‬
‫ف رّحِيمٌ }‪.‬‬
‫ل لّّلذِينَ آ َمنُواْ َر ّبنَآ ِإ ّنكَ رَءُو ٌ‬
‫جعَلْ فِي قُلُو ِبنَا غِ ّ‬
‫ل َت ْ‬
‫سبَقُونَا بِالِيمَانِ َو َ‬
‫اّلذِينَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬والذين جاءوا من بعد الذين تبوّءوا الدار واليمان من قبل المهاجرين‬
‫سبَقُونا باليمَان مِنَ النصار‪ .‬وعنى بالذين‬
‫ن َ‬
‫لخْوَانِنا اّلذِي َ‬
‫ن َربّنا اغْ ِفرْ لَنا و ِ‬
‫الوّلين يَقُولُو َ‬
‫جاءوا من بعدهم المهاجرون أنهم يستغفرون لخوانهم من النصار‪.‬‬
‫ل لّلذِينَ آ َمنُوا يعني غمرا وضغنا‪ .‬وقيل‪ :‬عني بالذين جاءوا‬
‫جعَلْ فِي قُلُوبِنا غَ ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَل َت ْ‬
‫من بعدهم‪ :‬الذين أسلموا من بعد الذين تبوّءوا الدار‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26207‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬واّلذِينَ‬
‫ن َبعْدِ ِهمْ قال‪ :‬الذين أسلموا نعتوا أيضا‪.‬‬
‫جاءوا مِ ْ‬
‫‪26208‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬ثم ذكر ال الطائفة‬
‫ك َرحِيمٌ إنما‬
‫ن رَبّنا اغْ ِفرْ لَنا وَلخْوَانِنا حتى بلغ إ ّن َ‬
‫ن َب ْعدِهِمْ َيقُولُو َ‬
‫ن جاءوا مِ ْ‬
‫الثالثة‪ ,‬فقال‪ :‬واّلذِي َ‬
‫أمروا أن يستغفروا لصحاب النبيّ صلى ال عليه وسلم ولم يؤمروا بسببهم‪.‬‬
‫وذُكر لنا أن غلما لحاطب بن أبي بلتعة جاء نبيّ ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا نبيّ ال‬
‫ليدخلنّ حاطب في حيّ النار‪ ,‬قال‪« :‬كذبت إنه شهد بدرا والحُديبية» وذُكر لنا أن عمر بن‬
‫الخطاب رضي ال عنه أغلظ لرجل من أهل بدر‪ ,‬فقال نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬وَما‬
‫شهَدا اطّلَعَ الّلهُ فِي ِه إلى أهْلِهِ‪ ,‬فأشْ َهدَ مَل ِئ َكتَ ُه إنُي قَدْ َرضِيتُ عَنْ‬
‫شهِدَ َم ْ‬
‫ع َمرُ َلعَلّ ُه قَ ْد َ‬
‫ُيدْريكَ يا ُ‬
‫عِبادي هَؤلء‪ ,‬فَ ْل َيعْلَمُوا ما شاءُوا» فما زال بعضُنا منقبضا من أهل بدر‪ ,‬هائبا لهم‪ ,‬وكان عمر‬
‫رضي ال عنه يقول‪ :‬وإلى أهل بدر تهالك المتهالكون‪ ,‬وهذا الحيّ من النصار‪ ,‬أحسن ال‬
‫عليهم الثناء‪.‬‬
‫جعَلْ فِي‬
‫‪26209‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال‪ :‬وَل َت ْ‬
‫ل لحد من أهل دينك‪.‬‬
‫ل لِّلذِينَ آ َمنُوا قال‪ :‬ل تورث قلوبنا غ ً‬
‫قُلُوبِنا غ ّ‬
‫‪26210‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن قيس بن مسلم‪ ,‬عن‬
‫ن ا ّت َبعُو ُهمْ بإحْسانٍ‬
‫ابن أبي ليلى‪ ,‬قال‪ :‬كان الناس على ثلث منازل‪ :‬المهاجرون الوّلون وَاّلذِي َ‬
‫جعَلْ فِي‬
‫سبَقُونا باليمَانِ وَل َت ْ‬
‫خوَانِنا اّلذِينَ َ‬
‫غ ِفرْ لَنا ول ْ‬
‫ن َب ْعدِهِمْ يَقُولُونَ َربّنا ا ْ‬
‫ن جاءُوا مِ ْ‬
‫وَاّلذِي َ‬
‫ل ثناؤه مخبرا عن قيل الذين جاءوا من‬
‫ف َرحِيمٌ يقول ج ّ‬
‫ل لِّلذِينَ آ َمنُوا َربّنا إ ّنكَ رَءُو ٌ‬
‫قُلُوبِنا غِ ّ‬
‫ل لحد من أهل اليمان بك يا‬
‫بعد الذين تبوّءوا الدار واليمان أنهم قالوا‪ :‬ل تجعل في قلوبنا غ ً‬
‫ربنا‪.‬‬
‫ك رَءُوفٌ َرحِيمٌ يقول‪ :‬إنك ذو رأفة بخلقك‪ ,‬وذو رحمة بمن تاب واستغفر من ذنوبه‪.‬‬
‫قوله‪ :‬إ ّن َ‬

‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫لخْوَا ِن ِهمُ اّلذِينَ َك َفرُواْ مِنْ‬
‫ن ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬أََلمْ َترَ إِلَى اّلذِينَ نَافَقُو ْا يَقُولُو َ‬
‫ص َرنّ ُكمْ وَاللّهُ‬
‫ل نُطِيعُ في ُكمْ َأحَدا َأبَدا وَإِن قُوتِ ْلتُ ْم َلنَن ُ‬
‫ن َم َع ُكمْ َو َ‬
‫خرُجَ ّ‬
‫ج ُتمْ َل َن ْ‬
‫خ ِر ْ‬
‫ب َلئِنْ ُأ ْ‬
‫أَهْلِ ا ْل ِكتَا ِ‬
‫شهَدُ ِإ ّن ُهمْ َلكَا ِذبُونَ }‪.‬‬
‫َي ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬ألم تنظر بعين قلبك يا محمد‪ ,‬فترى إلى‬
‫سوَيد وداعس‬
‫الذين نافقوا وهم فيما ذُكر عبد ال بن أبيّ ابن سلول‪ ,‬ووديعة‪ ,‬ومالك ابنا نوفل و ُ‬
‫َبعَثوا إلى بني النضير حين نزل بهم رسول ال صلى ال عليه وسلم للحرب أن اثبتُوا وتمنّعوا‪,‬‬
‫فإنا لن نسلمكم‪ ,‬وإن قوتلتم قاتلنا معكم‪ ,‬وإن خرجتم‪ ,‬خرجنا معكم‪ ,‬فتربصوا لذلك من نصرهم‪,‬‬
‫فلم يفعلوا‪ ,‬وقذف ال في قلوبهم الرعب‪ ,‬فسألوا رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يجليهم‪,‬‬
‫ويكفّ عن دمائهم على أن لهم ما حملت البل من أموالهم إل الحلقة‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن إسحاق‪ ,‬عن يزيد بن‬
‫‪26211‬ـ حدثنا بذلك ابن ُ‬
‫رُومان‪.‬‬
‫وقال مجاهد في ذلك ما‪:‬‬
‫‪26212‬ـ حدثني به محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني‬
‫الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في‬
‫قوله‪ :‬أَلمْ َترَ إلى اّلذِينَ نافَقُوا قال‪ :‬عبد ال بن أُبيّ ابن سلول‪ ,‬ورفاعة أو رافعة بن تابوت‪.‬‬
‫ظيّ‪.‬‬
‫وقال الحارث‪ :‬رفاعة بن تابوت‪ ,‬ولم يشكّ فيه‪ ,‬وعبد ال بن َنبْتل‪ ,‬وأوس بن َق ْي ِ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن محمد بن إسحاق‪ ,‬عن محمد بن أبي محمد‪,‬‬
‫‪26213‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ن نافَقُوا يعني عبد ال‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قوله أَلمْ َترَ إلى اّلذِي َ‬
‫عن عكرمة‪ ,‬أو عن سعيد بن ُ‬
‫بن أُبيّ ابن سلول وأصحابه‪ ,‬ومن كان منهم على مثل أمرهم‪.‬‬
‫ل الكِتابِ يعني بني النضير‪ ,‬كما‪:‬‬
‫ن كَ َفرُوا ِمنْ أهْ ِ‬
‫وقوله‪ :‬يَقُولُون لخْوَا ِن ِهمُ اّلذِي َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن محمد بن أبي محمد‪ ,‬عن‬
‫‪26214‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ل الكِتابِ‬
‫ن كَ َفرُوا مِنْ أهْ ِ‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس يَقُولُونَ لخْوَا ِن ِهمُ اّلذِي َ‬
‫عكرمة‪ ,‬أو عن سعيد بن ُ‬
‫يعني‪ :‬بني النضير‪.‬‬
‫خ ُرجَنّ َم َع ُكمْ يقول‪ :‬لئن أخرجتم من دياركم ومنازلكم‪ ,‬وُأجْليتم عنها‬
‫ج ُتمْ َل َن ْ‬
‫خرِ ْ‬
‫ن ُأ ْ‬
‫وقوله‪َ :‬لئِ ْ‬
‫ن معكم‪ ,‬فنُجلى عن منازلنا وديارنا معكم‪.‬‬
‫لنخ ُرجَ ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَل ُنطِي ُع فِ ُي ُكمْ أحَدا أبَدا يقول‪ :‬ول نطيع أحدا سألنا خذلنكم‪ ,‬وترك نصرتكم‪ ,‬ولكنا‬
‫ن قُوتِ ْل ُتمْ َل َن ْنصُ َر ّنكُمْ يقول‪ :‬وإن قاتلكم محمد صلى ال عليه وسلم ومن معه‬
‫نكون معكم وََلئِ ْ‬
‫لننصرنّكم معشرَ النضير عليهم‪.‬‬
‫ش َهدُ إ ّن ُهمْ لَكا ِذبُونَ يقول‪ :‬وال يشهد إن هؤلء المنافقين الذين وعدوا بني‬
‫وقوله‪ :‬والّلهُ َي ْ‬
‫عدُوهم من‬
‫النضير النصرة على محمد صلى ال عليه وسلم َلكَا ِذبُونَ في وعدهم إياهم مَا َو َ‬
‫ذلك‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫صرُو َن ُهمْ‬
‫ل يَن ُ‬
‫ل َيخْ ُرجُونَ َم َع ُهمْ وََلئِن قُوتِلُواْ َ‬
‫خ ِرجُواْ َ‬
‫ن ُأ ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ{ :‬لئِ ْ‬
‫ن ال ْدبَارَ ُث ّم لَ يُنصَرُونَ }‪.‬‬
‫وََلئِن ّنصَرُو ُه ْم َليُوَلّ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬لئن أُخرج بنو النضير من ديارهم‪ ,‬فَأجْلوا عنها ل يخرج معهم المنافقون‬
‫الذين وعدوهم الخروج من ديارهم‪ ,‬ولئن قاتلهم محمد صلى ال عليه وسلم ل ينصرهم‬
‫المنافقون الذين وعدوهم النصر‪ ,‬ولئن نصر المنافقون بني النضير ليوّلنّ الدبار منهزمين عن‬
‫صرُونَ يقول‪ :‬ثم ل‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم وأصحابه هاربين منهم‪ ,‬قد خذلوهم ُثمّ ل ُي ْن َ‬
‫ينصر ال بني النضير على محمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وأصحابه بل يخذلهم‪.‬‬
‫‪14-13‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن اللّ ِه ذَِلكَ ِبَأ ّنهُمْ قَ ْو ٌم لّ‬
‫صدُورِ ِهمْ مّ َ‬
‫شدّ رَ ْهبَةً فِي ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬لن ُتمْ َأ َ‬
‫شدِيدٌ‬
‫س ُهمْ َب ْي َن ُهمْ َ‬
‫ج ُدرٍ َبأْ ُ‬
‫صنَ ٍة أَ ْو مِن َورَآ ِء ُ‬
‫ل فِي ُقرًى ّمحَ ّ‬
‫جمِيعا ِإ ّ‬
‫يَفْ َقهُونَ * لَ يُقَاتِلُو َنكُ ْم َ‬
‫شّتىَ ذَِلكَ ِبَأ ّن ُهمْ قَ ْومٌ لّ َيعْقِلُونَ }‪.‬‬
‫جمِيعا َوقُلُو ُب ُهمْ َ‬
‫حسَ ُب ُهمْ َ‬
‫َت ْ‬
‫يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬لنتم أيها‬
‫المؤمنون أشدّ رهبة في صدور اليهود من بني النضير من ال‪ :‬يقول‪ :‬هم يرهبونهم أشدّ من‬
‫رهبتهم من ال ذَلكَ بأ ّن ُهمْ قَ ْومٌ ل يَفْ َقهُونَ يقول تعالى ذكره‪ :‬هذه الرهبة التي لكم في صدور‬
‫هؤلء اليهود التي هي أشد من رهبتهم من ال من أجل أنهم قوم ل يفقهون‪ ,‬قدر عظمة ال‪,‬‬
‫فهم لذلك يستخفّون بمعاصيه‪ ,‬ول يرهبون عقابه قدر رهبته منكم‪.‬‬
‫صنَةٍ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬ل يقاتلكم هؤلء اليهود بني‬
‫ل فِي ُقرًى ُمحَ ّ‬
‫جمِيعا إ ّ‬
‫وقوله‪ :‬ل يُقاتِلُو َن ُكمْ َ‬
‫ج ُدرٍ‬
‫النضير مجتمعين إل في قرى محصنة بالحصون‪ ,‬ل يبرزون لكم بالبراز‪ ,‬أوْ ِمنْ َورَاءِ ُ‬
‫يقول‪ :‬أو من خلف حيطان‪.‬‬
‫ج ُدرٍ على‬
‫واختلف القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء الكوفة والمدينة أوْ ِمنْ َورَاءِ ُ‬
‫جدَارٍ» على التوحيد‬
‫الجماع بمعنى الحيطان‪ .‬وقرأه بعض قرّاء مكة والبصرة‪ِ « :‬منْ َورَاءِ ِ‬
‫بمعنى الحائط‪.‬‬
‫والصواب من القول عندي في ذلك أنهما قراءاتان معروفتان صحيحتا المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ‬
‫القارىء فمصيب‪.‬‬
‫شدِيدٌ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬عداوة بعض هؤلء الكفار من اليهود بعضا شديدة‬
‫وقوله‪ :‬ب ْأسُ ُهمْ َب ْي َن ُهمْ َ‬
‫جمِيعا يعني المنافقين وأهل الكتاب‪ ,‬يقول‪ :‬تظنهم مؤتلفين مجتمعة كلمتهم‪َ ,‬وقُلُو ُب ُهمْ‬
‫حسَ ُب ُهمْ َ‬
‫َت ْ‬
‫شتّى يقول‪ :‬وقلوبهم مختلفة لمعاداة بعضهم بعضا‪.‬‬
‫َ‬
‫وقوله‪ :‬ذَِلكَ بأ ّنهُ ْم قَ ْومٌ ل َيعْقِلُونَ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬هذا الذي وصفت لكم من أمر هؤلء اليهود‬
‫والمنافقين‪ ,‬وذلك تشتيت أهوائهم‪ ,‬ومعاداة بعضهم بعضا من أجل أنهم قوم ل يعقلون ما فيه‬
‫الحظّ لهم مما فيه عليهم البخس والنقص‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫جمِيعا‬
‫‪26215‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬ل يُقاتِلُو َن ُكمْ َ‬
‫شتّى ذَلكَ‬
‫جمِيعا َوقُلُو ُب ُهمْ َ‬
‫س ُب ُهمْ َ‬
‫حَ‬‫شدِيدٌ َت ْ‬
‫سهُمْ َب ْي َن ُهمْ َ‬
‫ج ُدرٍ ب ْأ ُ‬
‫صنَةٍ أوْ ِمنْ َورَاءِ ُ‬
‫ح ّ‬
‫إلّ فِي قُرًى ُم َ‬
‫بأ ّنهُمْ قَ ْو ٌم ل َيعْقِلُونَ قال‪ :‬تجد أهل الباطل مختلفة شهادتهم‪ ,‬مختلفة أهواؤهم‪ ,‬مختلفة أعمالهم‪,‬‬
‫وهم مجتمعون في عداوة أهل الحقّ‪.‬‬
‫‪26216‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫حسَ ُب ُهمْ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬ت ْ‬
‫شتّى قال‪ :‬المنافقون يخالف دينهم دين النضير‪.‬‬
‫جمِيعا َوقُلُو ُب ُهمْ َ‬
‫َ‬
‫جمِيعا‬
‫حسَ ُب ُهمْ َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ليث‪ ,‬عن مجاهد َت ْ‬
‫‪26217‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫شتّى قال‪ :‬هم المنافقون وأهل الكتاب‪.‬‬
‫َوقُلُو ُب ُهمْ َ‬
‫‪26218‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬مثل ذلك‪.‬‬
‫جمِيعا‬
‫س ُبهُمْ َ‬
‫حَ‬‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن خصيف‪ ,‬عن مجاهد َت ْ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫شتّى قال‪ :‬المشركون وأهل الكتاب‪.‬‬
‫َوقُلُو ُب ُهمْ َ‬
‫وذُكر أنها في قراءة عبد ال‪َ :‬وقُلُو ُب ُهمْ أشَتّ» بمعنى‪ :‬أشدّ تشتتا‪ :‬أي أشدّ اختلفا‪.‬‬

‫‪16-15‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عذَابٌ‬
‫ن مِن َقبْلِ ِهمْ َقرِيبا ذَاقُواْ َوبَالَ َأ ْمرِ ِهمْ وََل ُهمْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ك َمثَلِ اّلذِي َ‬
‫شيْطَانِ ِإ ْذ قَالَ لِلِنسَانِ اكْ ُفرْ فََلمّا كَ َفرَ قَالَ ِإنّي َب ِريَءٌ مّنكَ ِإّنيَ َأخَافُ الّلهَ رَبّ‬
‫ل ال ّ‬
‫أَلِيمٌ * َك َمثَ ِ‬
‫ا ْلعَاَلمِينَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬مثل هؤلء اليهود من بني النضير والمنافقين فيما ال صانع بهم من‬
‫ن قَبِْل ِهمْ يقول‪ :‬كشبههم‪.‬‬
‫ن مِ ْ‬
‫إحلل عقوبته بهم َكمَثلِ اّلذِي َ‬
‫واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بالذين من قبلهم‪ ,‬فقال بعضم‪ :‬عني بذلك بنو َق ْينُقاع‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن محمد بن أبي محمد‪ ,‬عن‬
‫‪26219‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫جبَير‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قوله َك َمثَلِ اّلذِينَ ِمنْ َقبِْل ِهمْ قَرِيبا ذَاقُوا وَبالَ أ ْمرِ ِهمْ‬
‫عكرمة أو سعيد بن ُ‬
‫عذَابٌ ألِيمٌ يعني بني َق ْينُقاع‪.‬‬
‫وَل ُهمْ َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬عُني بذلك مشركو قريش ببدر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26220‬ـ حدثني محمد بن عمر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد في قوله‪َ :‬ك َمثَلِ‬
‫اّلذِينَ ِمنْ َقبِْلهِ ْم قَرِيبا ذَاقُوا وَبالَ أ ْمرِهِ ْم قال‪ :‬كفار قريش‪.‬‬
‫ل مثل هؤلء الكفار من أهل الكتاب مما‬
‫وأولى القوال بالصواب أن يقال‪ :‬إن ال عزّ وج ّ‬
‫هو مذيقهم من نكاله بالذين من قبلهم من مكذّبي رسوله صلى ال عليه وسلم‪ ,‬الذين أهلكهم‬
‫ل أولئك قد ذاقوا وبال‬
‫بسخطه‪ ,‬وأمر بني قينقاعٍ ووقعة بدر‪ ,‬كانا قبل جلء بني النضير‪ ,‬وك ّ‬
‫ل ذائق‬
‫أمرهم‪ ,‬ولم يخصص ال عزّ وج ّل منهم بعضا في تمثيل هؤلء بهم دون بعض‪ ,‬وك ّ‬
‫عنُوا به من المثل‪.‬‬
‫وبال أمره‪ ,‬فمن قربت مدته منهم قبلهم‪ ,‬فهم ممثلون بهم فيما ُ‬
‫وقوله‪ :‬ذَاقُو وَبالَ أ ْمرِ ِهمْ يقول‪ :‬نالهم عقاب ال على كفرهم به‪.‬‬
‫عذَابٌ ألِيمٌ يقول‪ :‬ولهم في الَخرة مع ما نالهم في الدنيا من الخزي عذاب أليم‪,‬‬
‫وقوله‪ :‬وَل ُهمْ َ‬
‫يعني‪ :‬موجع‪.‬‬
‫ن إذْ قالَ للنْسانِ ا ْك ُفرْ فََلمّا َك َفرَ قال إنّي َبرِي ٌء ِم ْنكَ إنّي أخافُ اللّ َه رَبّ‬
‫شيْطا ِ‬
‫وقوله‪َ :‬كمَثلِ ال ّ‬
‫العَالمِينَ يقول تعالى ذكره‪ :‬مثل هؤلء المنافقين الذين وعدوا اليهود من النضيرة النضرة‪ ,‬إن‬
‫قوتلوا‪ ,‬أو الخروج معهم إن أُخرجوا‪ ,‬ومثل النضير في غرورهم إياهم بإخلفهم الوعد‪,‬‬
‫وإسلمهم إياهم عند شدّة حاجتهم إليهم‪ ,‬وإلى نُصرتهم إياهم‪ ,‬كمثل الشيطان الذي غرّ إنْسانا‪,‬‬
‫ووعده على اتباعه وكفره بال‪ ,‬النصرة عند الحاجة إليه‪ ,‬فكفر بال واتبعه وأطاعه‪ ,‬فلما احتاج‬
‫إلى نُصرته أسلمه وتبرأ منه‪ ,‬وقال له‪ :‬إني أخاف ال ربّ العالمين في نُصرتك‪.‬‬
‫ن اكْ ُفرْ هو إنسان‬
‫ل للنْسا ِ‬
‫وقد اختلف أهل التأويل في النسان الذي قال ال جلّ ثناؤه إ ْذ قا َ‬
‫عنِي بذلك إنسان بعينه‪ .‬ذكر‬
‫بعينه‪ ,‬أم أريد به المثل لمن فعل الشيطان ذلك به‪ ,‬فقال بعضهم‪ُ :‬‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26221‬ـ حدثنا خلد بن أسلم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا النضر بن شميل‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا شعبة‪ ,‬عن أبي‬
‫إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عبد ال بن نهيك‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عليا رضي ال عنه يقول‪ :‬إن راهبا تعبّد‬
‫ستين سنة‪ ,‬وإن الشيطان أرداه فأعياه‪ ,‬فعمد إلى امرأة فأجنها‪ ,‬ولها إخوة‪ ,‬فقال لخوتها‪ :‬عليكم‬
‫س فيداويها‪ ,‬فجاءوا بها‪ ,‬قال‪ :‬فداواها‪ ,‬وكانت عنده‪ ,‬فبينما هو يوما عندها إذ أعجبته‪,‬‬
‫بهذا الق ّ‬
‫فأتاها فحملت‪ ,‬فعمد إليها فقتلها‪ ,‬فجاء إخوتها‪ ,‬فقال الشيطان للراهب‪ :‬أنا صاحبك‪ ,‬إنك‬
‫أعييتني‪ ,‬أنا صنعت بك هذا فأطعني أنجك مما صنعتُ بك‪ ,‬اسجد لي سجدة‪ ,‬فسجد له فلما سجد‬
‫ل للنْسانِ‬
‫ش ْيطَانِ إ ْذ قا َ‬
‫ب العالمين فذلك قوله‪ :‬ك َمثَلِ ال ّ‬
‫له قال‪ :‬إني بريء منك إني أخاف ال ر ّ‬
‫اكُ ُفرْ فََلمّا كَ َفرَ قالَ إنّي َبرِيءٌ ِم ْنكَ إنّي أخافُ اللّ َه رَبّ العاَلمِينَ‪.‬‬
‫‪26222‬ـ حدثني يحيى بن إبراهيم المسعودي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن جده‪ ,‬عن‬
‫العمش‪ ,‬عن عمارة‪ ,‬عن عبد الرحمن بن زيد‪ ,‬عن عبد ال بن مسعود في هذه الية ك َمثَلِ‬
‫ك إنّي أخافُ الّل َه رَبّ العاَلمِينَ قال‪:‬‬
‫ن إذْ قالَ للنْسانِ اكُ ُفرْ فََلمّا كَ َفرَ قالَ إنّي بَرِيءٌ ِم ْن َ‬
‫شيْطَا ِ‬
‫ال ّ‬
‫كانت امرأة ترعى الغنم‪ ,‬وكان لها أربعة إخوة‪ ,‬وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فنزل الراهب ففجر بها‪ ,‬فحملت‪ ,‬فأتاه الشيطان‪ ,‬فقال له اقتلها ثم ادفعها‪ ,‬فإنك رجل مصدّق‬
‫يسمع كلمك‪ ,‬فقتلها ثم دفنها قال‪ :‬فأتى الشيطان إخوتها في المنام‪ ,‬فقال لهم‪ :‬إن الراهب‬
‫صاحب الصومعة فجر بأختكم فلما أحبلها قتلها‪ ,‬ثم دفنها في مكان كذا وكذا‪ ,‬فلما أصبحوا قال‬
‫رجل منهم‪ :‬وال لقد رأيت البارحة رؤيا وما أدري أقصها عليكم أم أترك؟ قالوا‪ :‬ل‪ ,‬بل قُصّها‬
‫علينا قال‪ :‬فقصها‪ ,‬فقال الَخر‪ :‬وأنا وال لقد رأيت ذلك قالوا‪ :‬فما هذا إل لشيء‪ ,‬فانطلقوا‬
‫فاستعدَوْا مَِل َكهُم على ذلك الراهب‪ ,‬فأتَوه فأنزلوه‪ ,‬ثم انطلقوا به‪ ,‬فلقيه الشيطان فقال‪ :‬إني أنا‬
‫الذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنا أنجيك مما أوقعتك فيه‬
‫قال‪ :‬فسجد له فلما َأتَوا به ملكَهم تبرأ منه‪ ,‬وُأخِذ فقتل‪.‬‬
‫‪26223‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن قال عبد ال‬
‫ن إذْ قالَ للنْسانِ اكُ ُفرْ‪ ...‬إلى َوذَلكَ جزا ُء الظّالِمِي َ‬
‫شيْطَا ِ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬ك َمثَلِ ال ّ‬
‫ل أرض‬
‫بن عباس‪ :‬كان راهب من بني إسرائيل يعبد ال فيحسن عبادته‪ ,‬وكان يُؤتى من ك ّ‬
‫فيُسئل عن الفقه‪ ,‬وكان عالما‪ ,‬وإن ثلثة إخوة كانت لهم أخت حسنة من أحسن الناس‪ ,‬وإنهم‬
‫أرادوا أن يسافروا‪ ,‬فكبر عليهم أن يخلفوها ضائعة‪ ,‬فجعلوا يأتمرون ما يفعلون بها فقال‬
‫أحدهم‪ :‬أدلكم على من تتركونها عنده؟ قالوا‪ :‬من هو؟ قال‪ :‬راهب بني إسرائيل‪ ,‬إن ماتت قام‬
‫عليها‪ .‬وإن عاشت حفظها حتى ترجعوا إليه فعمدوا إليه فقالوا‪ :‬إنا نريد السفر‪ ,‬ول نجد أحدا‬
‫أوثق في أنفسنا‪ ,‬ول أحفظ لما وُّليَ منك لما جعل عندك‪ ,‬فإن رأيت أن نجعل أختنا عندك فإنها‬
‫ضائعة شديدة الوجع‪ ,‬فإن ماتت فقم عليها‪ ,‬وإن عاشت فأصلح إليها حتى نرجع‪ ,‬فقال‪ :‬أكفيكم‬
‫إن شاء ال فانطلقوا فقام عليها فداواها حتى َبرَأت‪ ,‬وعاد إليها حسنها‪ ,‬فاطلع إليها فوجدها‬
‫متصنعة‪ ,‬فلم يزل به الشيطان يزين له أن يقع عليها حتى وقع عليها‪ ,‬فحملت‪ ,‬ثم ندمه الشيطان‬
‫فزين له قتلها قال‪ :‬إن لم تقتلها افتضحت وعرف شبهك في الولد‪ ,‬فلم يكن لك معذرة‪ ,‬فلم يزل‬
‫به حتى قتلها‪ ,‬فلما قدم إخوتها سألوه ما فعلت؟ قال‪ :‬ماتت فدفنتها‪ ,‬قالوا‪ :‬قد أحسنت‪ ,‬ثم جعلوا‬
‫يرون في المنام‪ ,‬ويخبرون أن الراهب هو قتلها‪ ,‬وأنها تحت شجرة كذا وكذا‪ ,‬فعمدوا إلى‬
‫الشجرة فوجدوها تحتها قد قتلت‪ ,‬فعمدوا إليه فأخذوه‪ ,‬فقال له الشيطان‪ :‬أنا زيّنت لك الزنا‬
‫وقتلها بعد الزنا‪ ,‬فهل لك أن أنجيك؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬قال‪ :‬أفتطيعني؟ قال‪ :‬نعم قال‪ :‬فاسجد لي سجدة‬
‫ن اكُ ُفرْ فََلمّا كَ َفرَ قالَ إنّي َبرِيءٌ‬
‫ل للنْسا ِ‬
‫ش ْيطَانِ إ ْذ قا َ‬
‫واحدة‪ ,‬فسجد له ثم قتل‪ ,‬فذلك قوله ك َمثَلِ ال ّ‬
‫ِم ْنكَ الية‪.‬‬
‫‪26224‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن ابن طاوس‪ ,‬عن أبيه‬
‫قال‪ :‬كان رجل من بني إسرائيل عابدا‪ ,‬وكان ربما داوى المجانين‪ ,‬فكانت امرأة جميلة‪ ,‬فأخذها‬
‫الجنون‪ ,‬فجيء بها إليه‪ ,‬فتركت عنده‪ ,‬فأعجبته‪ ,‬فوقع عليها فحملت‪ ,‬فجاءه الشيطان فقال‪ :‬إن‬
‫عُلم بهذا افتضحت‪ ,‬فاقتلها وادفنها في بيتك‪ ,‬فقتلها ودفنها‪ ,‬فجاء أهلها بعد ذلك بزمان يسألونه‪,‬‬
‫فقال‪ :‬ماتت‪ ,‬فلم يتهموه لصلحه فيهم‪ ,‬فجاءهم الشيطان فقال‪ :‬إنها لم تمت‪ ,‬ولكنه وقع عليها‬
‫فقتلها ودفنها في بيته في مكان كذا وكذا‪ ,‬فجاء أهلها‪ ,‬فقالوا‪ :‬ما نتهمك‪ ,‬فأخبرنا أين دفنتها‪,‬‬
‫ومن كان معك‪ ,‬فوجدوها حيث دفنها‪ ,‬فأُخذ وسُجن‪ ,‬فجاءه الشيطان فقال‪ :‬إن كنت تريد أن‬
‫أخرجك مما أنت فيه فتخرج منه‪ ,‬فاكفر بال‪ ,‬فأطاع الشيطان‪ ,‬وكفر بال‪ ,‬فأُخذ وقتل‪ ,‬فتبرأ‬
‫ن إذْ قالَ للنْسانِ اكُ ُفرْ‬
‫شيْطَا ِ‬
‫الشيطان منه حينئذ‪ .‬قال‪ :‬فما أعلم هذه الية إل نزلت فيه ك َمثَلِ ال ّ‬
‫فََلمّا َك َفرَ قالَ إنّي َبرِي ٌء ِم ْنكَ إنّي أخافُ اللّ َه رَبّ العاَلمِينَ‪.‬‬
‫ضرِب للنضير في غرور‬
‫عنِي بذلك الناس كلهم‪ ,‬وقالوا‪ :‬إنما هذا مثل ُ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ُ‬
‫المنافقين إياهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26225‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ش ْيطَانِ إذْ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد َك َمثَلِ ال ّ‬
‫ن اكْ ُفرُ عامّة الناس‪.‬‬
‫قالَ للنْسا ِ‬

‫‪18-17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫جزَآءُ‬
‫ن فِيهَا َوذَِلكَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬فكَانَ عَاقِ َب َت ُهمَآ َأ ّن ُهمَا فِي النّارِ خَاِلدِي َ‬
‫خبِيرٌ ِبمَا‬
‫ت ِل َغدٍ وَاتّقُواْ الّلهَ ِإنّ الّل َه َ‬
‫ظرْ نَفْسٌ مّا قَ ّدمَ ْ‬
‫ن آ َمنُو ْا اتّقُو ْا اللّهَ وَ ْلتَن ُ‬
‫ن * َيَأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫الظّالِمِي َ‬
‫َت ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬فكان عُقبى أمر الشيطان والنسان الذي أطاعه‪ ,‬فكفر بال أنهما خالدان‬
‫جزَاءُ الظّاِلمِينَ يقول‪ :‬وذلك ثواب اليهود من النضير والمنافقين‬
‫في النار ماكثان فيها أبدا َوذَلكَ َ‬
‫ل كافر بال ظالم لنفسه على كفره به أنهم في النار مخلّدون‪.‬‬
‫الذين وعدوهم النصرة‪ ,‬وك ّ‬
‫ن فِيها فقال بعض نحويي البصرة‪ :‬نصب‬
‫واختلف أهل العربية في وجه نصب قوله‪ :‬خاِلدَيْ ِ‬
‫على الحال‪ ,‬وفي النار خبر قال‪ :‬ولو كان في الكلم لكان الرفع أجود في «خالدين» قال‪:‬‬
‫وليس قولهم‪ :‬إذا جئت مرّتين فهو نصب لشيء‪ ,‬إنما فيها توكيد جئت بها أو لم تجىء بها فهو‬
‫سواء‪ ,‬إل أن العرب كثيرا ما تجعله حالً إذا كان فيها للتوكيد وما أشبهه في غير مكان قال‪:‬‬
‫ن فِيها‪ .‬وقال بعض نحويي‬
‫ج َهنّمَ خاِلدِي َ‬
‫ش ِركِينَ فِي نارِ َ‬
‫ل الكِتابِ وَال ُم ْ‬
‫ن أهْ ِ‬
‫ن اّلذِينَ كَ َفرُوا مِ ْ‬
‫إّ‬
‫ن عا ِق َب َتهُمَا أ ّنهُما في النّارِ خاِل َديْنِ في النّارِ» قال‪:‬‬
‫الكوفة‪ :‬في قراءة عبد ال بن مسعود‪َ « :‬فكَا َ‬
‫وفي أنهما في النار خالدين فيها نصب قال‪ :‬ول أشتهي الرفع وإن كان يجوز‪ ,‬فإذا رأيت الفعل‬
‫بين صفتين قد عادت إحداهما على موضع الخرى نصبت‪ ,‬فهذا من ذلك قال‪ :‬ومثله في‬
‫الكلم قولك‪ :‬مررت برجل على نابِه متحملً به ومثله قول الشاعر‪:‬‬
‫حرُ‬
‫شرِقا ِبهِ الّلبّاتُ وال ّن ْ‬
‫والزّعْ َفرَانُ عَلى تَرائِبها َ‬
‫لن الترائب هي اللبات ها هنا‪ ,‬فعادت الصفة باسمها الذي وقعت عليه‪ ,‬فإذا اختلفت الصفتان‬
‫حسْن‪ ,‬من ذلك قولك‪ :‬عبد ال في الدار راغب فيك‪ ,‬أل ترى أن‬
‫جاز الرفع والنصب على ُ‬
‫«في» التي في الدار مخالفة لفي التي تكون في الرغبة قال‪ :‬والحجة ما يُعرف به النصف من‬
‫الرفع أن ل ترى الصفة الَخرة تتقدم قبل الولى أل ترى أنك تقول‪ :‬هذا أخوك في يده درهم‬
‫قابضا عليه‪ ,‬فلو قلت‪ :‬هذا أخوك قابضا عليه في يده درهم لم يجز‪ ,‬إل ترى أنك تقول‪ :‬هذا‬
‫رجل قائم إلى زيد في يده درهم‪ ,‬فهذا يدل على أن المنصوب إذا امتنع تقديم الَخر‪ ,‬ويدل على‬
‫الرفع إذا سهل تقديم الَخر‪.‬‬
‫وقوله يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا اتّقُوا الّل َه يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ووحدوه‪ ,‬اتقوا‬
‫ال بأداء فرائضه‪ ,‬واجتناب معاصيه‪.‬‬
‫س ما َق ّدمَتْ ِل َغدٍ يقول‪ :‬ولينظر أحدكم ما قدّم ليوم القيامة من العمال‪ ,‬أمن‬
‫وقوله وَ ْل َت ْنظُرْ نَفْ ٌ‬
‫الصالحات التي تنجيه أم من السيئات التي توبقه؟‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26226‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬اتّقُوا اللّهَ وَ ْل َت ْنظُرْ‬
‫نَفْسٌ ما قَ ّدمَتْ ِل َغدٍ‪ :‬ما زال ربكم يقرّب الساعة حتى جعلها كغد‪ ,‬وغدٌ يوم القيامة‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ما َقدّمتْ ِل َغدٍ يعني يوم‬
‫القيامة‪.‬‬
‫‪26227‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله‪ :‬ما َقدّمتْ ِلغَد يعني يوم القيامة‪.‬‬
‫‪26228‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬وقرأ قول ال عزّ وجلّ‬
‫ظرْ نَفْسٌ ما قَ ّدمَتْ ِل َغ ٍد يعني يوم القيامة الخير والشرّ قال‪ :‬والمس في الدنيا‪ ,‬وغ ٌد في‬
‫وَ ْل َت ْن ُ‬
‫الَخرة‪ ,‬وقرأ‪ :‬كأنْ َلمْ َت ْغنَ بالمْسِ قال‪ :‬كأن لم تكن في الدنيا‪.‬‬
‫خبِيرٌ ِبمَا‬
‫ن اللّ َه َ‬
‫وقوله‪ :‬وَاتّقُوا ال يقول‪ :‬وخافوا ال بأداء فرائضه‪ ,‬واجتناب معاصيه إ ّ‬
‫َتعَْلمُونَ يقول‪ :‬إن ال ذو خبرة وعلم بأعمالكم خيرها وشرّها‪ ,‬ل يخفى عليه منها شيء‪ ,‬وهو‬
‫مجازيكم على جميعها‪.‬‬

‫‪19‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س ُهمْ أُولَـ ِئكَ ُهمُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َتكُونُواْ كَاّلذِينَ َنسُو ْا اللّ َه َفأَنسَا ُهمْ أَن ُف َ‬
‫الْفَاسِقُونَ }‪.‬‬
‫س ُهمْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ول تكونوا كالذين تركوا أداء حقّ ال الذي أوجبه عليهم فأنْسا ُهمْ أنْ ُف َ‬
‫يقول‪ :‬فأنساهم ال حظوظ أنفسهم من الخيرات‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫س ُهمْ قال‪َ :‬نسُوا‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان َنسُوا الّلهَ فأنْسا ُهمْ أنْ ُف َ‬
‫‪26229‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫حقّ ال‪ ,‬فأنساهم أنفسهم قال‪ :‬حظّ أنفسهم‪.‬‬
‫ك ُهمُ الفاسقون يقول جل ثناؤه‪ :‬هؤلء الذين نسوا ال‪ ,‬هم الفاسقون‪ ,‬يعني‬
‫وقوله‪ :‬أُولَئ َ‬
‫الخارجون من طاعة ال إلى معصيته‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫جّنةِ‬
‫جنّ ِة َأصْحَابُ ا ْل َ‬
‫صحَابُ ا ْل َ‬
‫ب النّارِ وََأ ْ‬
‫ي َأصْحَا ُ‬
‫ل َيسْتَ ِو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫ُهمُ الْفَآ ِئزُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ل يعتدل أهل النار وأهل الجنة‪ ,‬أهل الجنة هم الفائزون‪ ,‬يعني أنهم‬
‫المُدرِكون ما طلبوا وأرادوا‪ ,‬الناجون مما حذروا‪.‬‬

‫‪21‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫صدّعا مّنْ‬
‫جبَلٍ ّلرََأ ْيتَهُ خَاشِعا ّمتَ َ‬
‫ى َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ{ :‬لوْ أَنزَ ْلنَا هَـذَا الْ ُقرْآنَ عََل َ‬
‫شيَةِ الّلهِ َوتِ ْلكَ ال ْمثَالُ َنضْ ِر ُبهَا لِلنّاسِ َلعَّل ُهمْ َيتَ َف ّكرُونَ }‪.‬‬
‫خْ‬‫َ‬
‫شيَةِ الّلهِ يقول جلّ ثناؤه‪:‬‬
‫خْ‬‫صدّعا مِن َ‬
‫جبَل لرأ ْيتَ ُه خاشِعا ُم َت َ‬
‫وقوله‪َ :‬لوْ أ ْنزَلْنا َهذَا القُرآنَ عَلَى َ‬
‫لو أنزلنا هذا القرآن على جبل‪ ,‬وهو حجر‪ ,‬لرأيته يا محمد خاشعا يقول‪ :‬متذللً‪ ,‬متصدعا من‬
‫خشية ال على قساوته‪ ,‬حذرا من أن ل يؤدّي حقّ ال المفترض عليه في تعظيم القرآن‪ ,‬وقد‬
‫أنزل على ابن آدم وهو بحقه مستخفٌ‪ ,‬وعنه‪ ,‬عما فيه من ال ِعبَر والذكر‪ُ ,‬معْرض‪ ,‬كأن لم‬
‫يسمعها‪ ,‬كأن في أذنيه َوقْرا‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26230‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫شيَ ِة اللّهِ‪ ...‬إلى‬
‫خْ‬‫صدّعا مِن َ‬
‫ل لرأيْتَ ُه خاشِعا ُمتَ َ‬
‫جبَ ٍ‬
‫ابن عباس قوله‪ :‬لَ ْو أ ْنزَلْنا َهذَا القُرآنَ عَلَى َ‬
‫ن قال‪ :‬يقول‪ :‬لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدع وخشع‬
‫قوله‪َ :‬لعَّل ُهمْ َيتَ َف ّكرُو َ‬
‫من ثقله ومن خشية ال‪ ,‬فأمر ال عز وجل الناس إذا نزل عليهم القرآن‪ ,‬أن يأخذوه بالخشية‬
‫س َلعَّلهُمْ َيتَ َف ّكرُونَ‪.‬‬
‫ضرِبُ الّلهُ ال ْمثَال للنّا ِ‬
‫ك يَ ْ‬
‫الشديدة والتخشع‪ ,‬قال‪ :‬كذَلِ َ‬
‫‪26231‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬لوْ أ ْنزَلْنا َهذَا القُرآنَ‬
‫شيَ ِة اللّهِ‪ ...‬الية‪ ,‬يعذر ال الجبل الصمّ‪ ,‬ولم يعذر‬
‫خْ‬‫صدّعا مِن َ‬
‫جبَل لرأيْتَ ُه خاشِعا ُمتَ َ‬
‫عَلَى َ‬
‫شقيّ ابن آدم‪ ,‬هل رأيتم أحدا قطّ تصدّعت جوانحه من خشية ال؟‪.‬‬
‫ضرُبها للنّاسِ يقول تعالى ذكره‪ :‬وهذه الشياء نشبهها للناس‪ ,‬وذلك تعريفه‬
‫ل نَ ْ‬
‫ك المْثا ُ‬
‫َوتِل َ‬
‫جلّ ثناؤه إياهم أن الجبال أشدّ تعظيما لحقه منهم مع قساوتها وصلبتها‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬لعَّل ُهمْ َيتَ َف ّكرُونَ يقول‪ :‬يضرب ال لهم هذه المثال ليتفكروا فيها‪ ,‬فينيبوا‪ ,‬وينقادوا‬
‫للحق‪.‬‬

‫‪22‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫شهَادَ ِة هُوَ‬
‫ل هُوَ عَاِلمُ ا ْل َغيْبِ وَال ّ‬
‫ل إِلَـهَ ِإ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ الّلهُ اّلذِي َ‬
‫ن ال ّرحِيمُ }‪.‬‬
‫ال ّرحْمَـ ُ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬الذي يتصدع من خشيته الجبل أيها الناس‪ ,‬هو المعبود الذي ل تنبغي‬
‫س هُوَ‬
‫العبادة واللوهية إل له‪ ,‬عالم غيب السموات والرض‪ ,‬وشاهد ما فيهما مما يرى ويح ّ‬
‫ن ال ّرحِيمُ يقول‪ :‬هو رحمن الدنيا والَخرة‪ ,‬رحيم بأهل اليمان به‪.‬‬
‫ال ّرحْمَ ُ‬
‫‪23‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫لمُ ا ْلمُ ْؤ ِمنُ‬
‫ل هُ َو ا ْلمَِلكُ الْ ُقدّوسُ السّ َ‬
‫ل إِلَـهَ ِإ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ الّلهُ اّلذِي َ‬
‫عمّا ُيشْ ِركُونَ }‪.‬‬
‫ن اللّهِ َ‬
‫سبْحَا َ‬
‫جبّارُ ا ْل ُم َت َكّبرُ ُ‬
‫ا ْل ُم َه ْيمِنُ ا ْل َعزِيزُ ا ْل َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هو المعبود الذي ل تصلح العبادة إل له‪ ,‬الملك الذي ل ملك فوقه‪ ,‬ول‬
‫شيء إل دونه‪ ,‬القدّوس‪ ,‬قيل‪ :‬هو المبارك‪ .‬وقد بيّنت فيما مضى قبل معنى التقديس بشواهده‪,‬‬
‫عنِي به المبارك‪:‬‬
‫وذكرت اختلف المختلفين فيه بما أغنى عن إعادته‪ .‬ذكر من قال‪ُ :‬‬
‫‪26232‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ال ُقدّوسُ‪ :‬أي المبارك‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬السلمُ يقول‪ :‬هو الذي يسلم خلقه من ظلمه‪ ,‬وهو اسم من أسمائه‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26233‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة السّلمُ‪ :‬ال‬
‫السلم‪.‬‬
‫ح َميْد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبيد ال‪ ,‬يعني ال َعتَكي‪,‬‬
‫‪26234‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫عن جابر بن زيد قوله‪ :‬السّلمُ قال‪ :‬هو ال‪.‬‬
‫وقد ذكرت الرواية فيما مضى‪ ,‬وبيّنت معناه بشواهده‪ ,‬فأغنى ذلك عن إعادته‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫المُو ْء ِمنُ يعني بالمؤمن‪ :‬الذي يؤمن خلقه من ظلمه‪ .‬وكان قتادة يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫‪26235‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة المُو ْءمِنُ أمن بقوله أنه‬
‫حقّ‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة المُو ْء ِمنُ أمن بقوله أنه‬
‫حقّ‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جُوَيبر عن الضحاك المُو ْءمِنُ‬
‫‪26236‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫قال‪ :‬المصدق‪.‬‬
‫‪26237‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله المُو ْء ِمنُ قال‪:‬‬
‫ب الكريم لهم بإيمانهم‬
‫المؤمن‪ :‬المصدّق الموقن‪ ,‬آمن الناس بربهم فسماهم مؤمنين‪ ,‬وآمن الر ّ‬
‫صدّقهم أن يسمى بذلك السم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ال ُم َه ْيمِنُ اختلف أهل التأويل في تأويله‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬المهيمن‪ :‬الشهيد‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪26238‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫قوله‪ :‬ال ُم َه ْيمَنُ قال‪ :‬الشهيد‪ ,‬وقال مرّة أخرى‪ :‬المين‪.‬‬
‫‪26239‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬ال ُم َه ْيمِنُ‬
‫قال‪ :‬الشهيد‪.‬‬
‫ن قال‪ :‬أنزل‬
‫‪26240‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬ال ُم َه ْيمِ ُ‬
‫ل كتابا فشهد عليه‪.‬‬
‫ال عزّ وج ّ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ال ُم َه ْيمِنُ قال‪ :‬الشهيد‬
‫عليه‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬المهيمن‪ :‬المين‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جُويبر‪ ,‬عن الضحاك ال ُم َه ْيمِنُ‪:‬‬
‫‪26241‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫المين‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬ال ُم َه ْيمِنُ‪ :‬المصدّق‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ن قال‪:‬‬
‫‪26242‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬ال ُم َه ْيمِ ُ‬
‫المصدّق لكلّ ما حدّث‪ ,‬وقرأ‪َ :‬و ُم َه ْيمِنا عََليْ ِه قال‪ :‬فالقرآن مصدّق على ما قبله من الكتب‪ ,‬وال‬
‫مصدّق في كلّ ما حدّث عما مضى من الدنيا‪ ,‬وما بقي‪ ,‬وما حدّث عن الَخرة‪.‬‬
‫وقد بيّنت أولى هذه القوال بالصواب فيما مضى قبل في سورة المائدة بالعلل الدالة على‬
‫صحته‪ ,‬فأغنى عن إعادته في هذا الموضع‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ال َعزِيزُ‪ :‬الشديد في انتقامه ممن انتقم من أعدائه‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26243‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ال َعزِيزُ أي في نقمته إذا‬
‫انتقم‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ال َعزِيزُ في نقمته إذا انتقم‪.‬‬
‫جبّارُ يعني‪ :‬المصلح أمور خلقه‪ ,‬المصرفهم فيما فيه صلحهم‪ .‬وكان قتادة يقول‪ :‬جبر‬
‫وقوله‪ :‬ال َ‬
‫خلقه على ما يشاء من أمره‪.‬‬
‫ج َبرَ‬
‫جبّارُ قال‪َ :‬‬
‫‪26244‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ال َ‬
‫خلقه على ما يشاء‪.‬‬
‫ل شرّ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عنِي به أنه تكبر عن ك ّ‬
‫وقوله‪ :‬ال ُم َت َكبّرُ قيل‪ُ :‬‬
‫‪26245‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ال ُم َت َكبّرُ قال‪ :‬تكبر عن كلّ‬
‫شر‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫‪26246‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أبو رجاء‪ ,‬قال‪ :‬ثني‬
‫رجل‪ ,‬عن جابر بن زيد‪ ,‬قال‪ :‬إن اسم ال العظم هو ال‪ ,‬ألم تسمع يقول‪ُ :‬هوَ الّلهُ اّلذِي ل إلَهَ‬
‫ل هُ َو المَِلكُ ال ُقدّوس‬
‫حمَنُ ال ّرحِيمُ هُ َو اللّ ُه اّلذِي ل إَلهَ إ ّ‬
‫إلّ ُهوَ عاِل ُم ال َغيْب والشّهادَ ِة هُ َو ال ّر ْ‬
‫عمّا ُيشْ ِركُونَ يقول‪ :‬تنزيها ل‬
‫سبْحانَ الّلهِ َ‬
‫جبّارُ المتكبرُ ُ‬
‫ن ال ُم َه ْيمِنُ العَزيزُ ال َ‬
‫السّل ُم المُو ْءمِ ُ‬
‫وتبرئة له عن شرك المشركين به‪.‬‬

‫‪24‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ى ُيسَبّحُ‬
‫سنَ َ‬
‫حْ‬‫سمَآءُ ا ْل ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ الّلهُ ا ْلخَاِلقُ ا ْلبَارِىءُ ا ْل ُمصَ ّورُ لَ ُه ال ْ‬
‫حكِيمُ }‪.‬‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْضِ وَهُ َو ا ْل َعزِيزُ ا ْل َ‬
‫لَ ُه مَا فِي ال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هو المعبود الخالق‪ ,‬الذي ل معبود تصلح له العبادة غيره‪ ,‬ول خالق‬
‫سواه‪ ,‬البارىء الذي برأ الخلق‪ ,‬فأوجدهم بقدرته‪ ,‬المصوّر خلقه كيف شاء‪ ,‬وكيف يشاء‪.‬‬
‫سنَى يقول تعالى ذكره‪ :‬ل السماء الحسنى‪ ,‬وهي هذه السماء التي‬
‫حْ‬‫وقوله‪ :‬لَ ُه السْماءُ ا ْل ُ‬
‫سمَوَاتِ والرْضِ يقول‪:‬‬
‫سبّحُ َلهُ ما في ال ّ‬
‫سمى ال بها نفسه‪ ,‬التي ذكرها في هاتين الَيتين ُي َ‬
‫يسبح له جميع ما في السموات والرض‪ ,‬ويسجد له طوعا وكرها وَهُ َو ال َعزِيزُ يقول‪ :‬وهو‬
‫حكِيمُ في تدبيره خلقه‪ ,‬وصرفهم فيما فيه صلحهم‪.‬‬
‫الشديد النتقام من أعدائه ا ْل َ‬

‫سورة الممتحنة‬
‫مدنية‬
‫وآياتها ثلث عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬

‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عدُ ّو ُك ْم أَوِْليَآ َء تُلْقُونَ إَِل ْي ِهمْ‬
‫عدُوّي وَ َ‬
‫خذُواْ َ‬
‫ن آ َمنُو ْا لَ َت ّت ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫ق ُيخْ ِرجُونَ ال ّرسُولَ وَِإيّا ُكمْ أَن تُ ْؤ ِمنُو ْا بِاللّ ِه َربّ ُكمْ إِن كُن ُتمْ‬
‫ن ا ْلحَ ّ‬
‫بِا ْلمَ َودّةِ َو َقدْ كَ َفرُو ْا ِبمَا جَآ َء ُكمْ مّ َ‬
‫سبِيلِي وَا ْب ِتغَآءَ َمرْضَاتِي ُتسِرّونَ إَِل ْي ِهمْ بِا ْلمَ َودّ ِة وََأ َناْ أَعَْلمُ ِبمَآ َأخْ َف ْيتُمْ َومَآ َأعْلَن ُتمْ‬
‫جهَادا فِي َ‬
‫ج ُتمْ ِ‬
‫خرَ ْ‬
‫َ‬
‫سبِيلِ }‪.‬‬
‫َومَن يَ ْفعَلْ ُه مِن ُكمْ فَ َقدْ ضَلّ سَوَآءَ ال ّ‬
‫قال أبو جعفر‪ :‬يقول‪ :‬تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول ال صلى ال عليه‬
‫ع ُد ّو ُكمْ أوْليا َء يعني أنصارا‪.‬‬
‫ع ُدوّي من المشركين وَ َ‬
‫وسلم‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا ل َت ّتخِذُوا َ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬تلقون إليهم مودّتكم إياه‪ .‬ودخول الباء في قوله‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬تُلْقُونَ إَليْهمْ بالمَ َودّة يقول ج ّ‬
‫بالمَ َودّةِ وسقوطها سواء‪ ,‬نظير قول القائل‪ :‬أريد بأن تذهب‪ ,‬وأريد أن تذهب سواء‪ ,‬وكقوله‪:‬‬
‫ن ُي ِردْ فِيهِ بإلْحادٍ ِبظُلْ ٍم والمعنى‪ :‬ومن يرد فيه إلحادا بظلم ومن ذلك قول الشاعر‪:‬‬
‫َومَ ْ‬
‫ع ْندَ الزَا ِء َنهِيمُ‬
‫ح لَهُ ِ‬
‫شرْبِ َهزّ َلهَا ا ْل َعصَاشَحِي ٌ‬
‫فََلمّا َرجَتْ بال ّ‬
‫بمعنى‪ :‬فلما رجت الشربَ‪.‬‬
‫حقّ يقول‪ :‬وقد كفر هؤلء المشركون الذين نهيتكم أن تتخذوهم‬
‫ن ال َ‬
‫وقد كَ َفرُوا ِبمَا جا َء ُكمْ مِ َ‬
‫أولياء بما جاءكم من عند ال من الحقّ‪ ,‬وذلك كفرهم بال ورسوله وكتابه الذي أنزله على‬
‫رسوله‪.‬‬
‫ن تُو ْء ِمنُوا بالّلهِ َر ّب ُكمْ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬يخرجون رسول ال‬
‫خرِجُونَ ال ّرسُولَ وَإيّا ُكمْ أ ْ‬
‫وقوله‪َ :‬ي ْ‬
‫صلى ال عليه وسلم وإياكم‪ ,‬بمعنى‪ :‬ويخرجونكم أيضا من دياركم وأرضكم‪ ,‬وذلك مشركي‬
‫قريش رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه من مكة‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬أن تُو ْء ِمنُوا باللّ ِه َر ّبكُمْ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬يخرجون الرسول وإياكم من دياركم‪ ,‬لن‬
‫آمنتم بال‪.‬‬
‫سبِيلي وَا ْبتِغا َء َمرْضَاتِي من المؤخر الذي معناه التقديم‪,‬‬
‫ج ُتمْ جِهادا فِي َ‬
‫ن ُك ْنتُ ْم خَ َر ْ‬
‫وقوله‪ :‬إ ْ‬
‫ووجه الكلم‪ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تتخذوا عدوّي وعدوّكم أولياء تلقون إليهم بالمودّة وقد‬
‫كفروا بما جاءكم من الحقّ إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي‪ ,‬وابتغاء مرضاتي يخرجون‬
‫ج ُتمْ جِهادا فِي‬
‫خ َر ْ‬
‫ن ُك ْنتُمْ َ‬
‫الرسول وإياكم أن تؤمنوا بال ربكم‪ .‬ويعني بقوله تعالى ذكره‪ :‬إ ْ‬
‫سبِيلي‪ :‬إن كنتم خرجتم من دياركم‪ ,‬فهاجرتم منها إلى مهاجرَكم للجهاد في طريقي الذي‬
‫َ‬
‫شرعته لكم‪ ,‬وديني الذي أمرتكم به‪ .‬والتماس مرضاتي‪.‬‬
‫وقوله‪ُ :‬تسِرّونَ إَل ْي ِهمْ بالمَ َو ّدةَ يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ :‬تسرّون أيها المؤمنون بالمودّة إلى المشركين بال وأنا أعَْلمُ ِبمَا أخْ َف ْي ُتمْ يقول‪ :‬وأنا‬
‫أعلم منكم بما أخفى بعضكم من بعض‪ ,‬فأسره منه وَما أعَْل ْن ُتمْ يقول‪ :‬وأعلم أيضا منكم ما أعلنه‬
‫ن يَ ْفعَلْ ُه ِم ْنكُ ْم فَ َقدْ ضَلّ سَوَاء السّبيلِ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬ومن يسرّ منكم إلى‬
‫بعضكم لبعض َومَ ْ‬
‫المشركين بالمودّة أيها المؤمنون فقد ضلّ‪ :‬يقول‪ :‬فقد جار عن قصد السبيل التي جعلها ال‬
‫طريقا إلى الجنة ومحجة إليها‪.‬‬
‫وذُكر أن هذه الَيات من أوّل هذه السورة نزلت في شأن حاطب بن أبي بَلتعة‪ ,‬وكان كتب‬
‫إلى ُقرَيش بمكة يطلعهم على أمر كان رسول ال صلى ال عليه وسلم قد أخفاه عنهم‪ ,‬وبذلك‬
‫جاءت الَثار والرواية عن جماعة من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم وغيرهم‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26247‬ـ حدثني عبيد بن إسماعيل الهباريّ‪ ,‬والفضل بن الصباح قال‪ :‬حدثنا سفيان بن عيينة‪,‬‬
‫عن عمرو بن دينار عن حسن بن محمد بن عليّ‪ ,‬أخبرني عبيد ال بن أبي رافع‪ ,‬قال‪ :‬سمعت‬
‫عليا رضي ال عنه يقول‪ :‬بعثني رسول ال صلى ال عليه وسلم أنا والزّبير بن العوّام‬
‫والمقداد قال الفضل قال سفيان‪ :‬نفر من المهاجرين فقال‪« :‬انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ‪,‬‬
‫فإن بها ظعينة معها كتاب‪ ,‬فخذوه منها» فانطلقنا تتعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة‪,‬‬
‫فوجدنا امرأة‪ ,‬فقلنا‪ :‬أخرجي الكتاب‪ ,‬قالت‪ :‬ليس معي كتاب‪ ,‬قلنا‪ :‬لتخرجنّ الكتاب‪ ,‬أو لنلقينّ‬
‫الثياب‪ ,‬فأخرجته من عِقَاصها‪ ,‬وأخذنا الكتاب فانطلقنا به إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫فإذا فيه‪ :‬من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة‪ ,‬يخبرهم ببعض أمر رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬يا حاطِبُ ما َهذَا؟» قال‪ :‬يا رسول ال ل‬
‫ي كنت امرأ ملصقا في قريش‪ ,‬ولم يكن لي فيهم قرابة‪ ,‬وكان من معك من المهاجرين‬
‫تعجل عل ّ‬
‫لهم قرابات‪ ,‬يحمون أهليهم بمكة‪ ,‬فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب أن أتخذ فيها يدا يحمون بها‬
‫قرابتي‪ ,‬وما فعلت ذلك كفرا ول ارتدادا عن ديني‪ ,‬ول رضا بالكفر بعد السلم‪ ,‬فقال رسول‬
‫ص َدقَ ُكمْ» فقال عمر‪ :‬يا رسول ال دعني أضرب عنق هذا‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬قدْ َ‬
‫عمَلُوا ما‬
‫ل اللّ َه َقدِ اطّلَعَ على أهْلِ َب ْدرِ فَقال‪ :‬ا ْ‬
‫شهِدَ َبدْرا‪ ,‬وَما ُي ْدرِيكَ َلعَ ّ‬
‫المنافق‪ ,‬فقال‪« :‬إنّ ُه قَ ْد َ‬
‫شِئتُمْ فَ َقدْ غَ َفرْتُ َل ُكمْ» زاد الفضل في حديثه‪ ,‬قال سفيان‪ :‬ونزلت فيه يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا ل‬
‫حدَهُ‪.‬‬
‫عدُ ّو ُكمْ أوْلِياءَ‪ ...‬إلى قوله حتّى تُو ْء ِمنُوا باللّهِ َو ْ‬
‫ع ُدوّي َو َ‬
‫َت ّتخِذُوا َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن أبي سنان سعيد بن سنان‪ ,‬عن عمرو بن مرّة‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫الجملي‪ ,‬عن أبي البختري الطائي‪ ,‬عن الحارث‪ ,‬عن عليّ رضي ال عنه قال‪ :‬لما أردا النبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم أن يأتي مكة‪ ,‬أسرّ إلى ناس من أصحابه أنه يريد مكة‪ .‬فيهم حاطب بن‬
‫أبي بلتعة‪ ,‬وأفشى في الناس أنه يريد خيبر‪ ,‬فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة أن النبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم يريدكم‪ ,‬قال‪ :‬فبعثني النبيّ صلى ال عليه وسلم وأبا مرثد وليس منا رجل‬
‫ستَلْقَ ْونَ بِها امْرأةً َو َمعَها كِتاب‪ ,‬فَخذُوهُ ِمنْها‬
‫إل وعنده فرس‪ ,‬فقال‪ :‬ا ْئتُوا رَ ْوضَةَ خاخ‪ ,‬فإ ّن ُكمْ َ‬
‫فانطلقنا حتى رأيناها بالمكان الذي ذكر النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقلنا‪ :‬هاتي الكتاب‪ ,‬فقالت‪:‬‬
‫ما معي كتاب‪ ,‬فوضعنا متاعها وفتشنا‪ ,‬فلم نجده في متاعها‪ ,‬فقال أبو مرثد‪ :‬لعله أن ل يكون‬
‫معها‪ ,‬فقلت‪ :‬ما كذَب النبيّ صلى ال عليه وسلم ول كذبَ‪ ,‬فقلنا‪ :‬أخرجي الكتاب‪ ,‬وإل عريناك‬
‫حجْزَتها‪ ,‬وقال حبيب‪ :‬أخرجته من قبلها فأتينا به النبيّ صلى‬
‫قال عمرو بن مرّة‪ :‬فأخرجته من ُ‬
‫ال عليه وسلم فإذا الكتاب‪ :‬من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة‪ ,‬فقام عمر فقال‪ :‬خان ال‬
‫ش ِهدَ َبدْرا؟» قال‪:‬‬
‫ورسوله‪ ,‬ائذن لي أضرب عنقه‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬ألْيسَ َقدْ َ‬
‫ل اللّ َه قَدِ اطّلَعَ‬
‫بلى‪ ,‬ولكنه قد نكث وظاهر أعداءك عليك‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬فََلعَ ّ‬
‫ش ْئتُمْ»‪ ,‬ففاضت عينا عمر وقال‪ :‬ال ورسوله أعلم‪ ,‬فأرسل إلى‬
‫عمَلُوا ما ِ‬
‫عَلى أهْل َب ْدرٍ‪ ,‬فَقالَ‪ :‬ا ْ‬
‫حاطب‪ ,‬فقال‪« :‬ما حملك على ما صنعت؟» فقال‪ :‬يا نبيّ ال إني كنت امرأ ملصقا في قريش‪,‬‬
‫وكان لي بها أهل ومال‪ ,‬ولم يكن من أصحابك أحد إل وله بمكة من يمنع أهله وماله‪ ,‬فكتبت‬
‫صدَقَ‬
‫ي صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬‬
‫إليهم بذلك‪ ,‬وال يا نبيّ ال إني لمؤمن بال وبرسوله‪ ,‬فقال النب ّ‬
‫خيْرا»‪ ,‬فقال حبيب بن أبي ثابت‪ :‬فأنزل ال عزّ‬
‫ن أبي بَ ْل َتعَةَ‪ ,‬فَل تَقُولُوا لِحاطِبَ إلّ َ‬
‫ب بْ ُ‬
‫حاطِ ُ‬
‫ع ُد ّو ُكمْ‪ ...‬الية‪.‬‬
‫عدُوّي وَ َ‬
‫خذُوا َ‬
‫ن آ َمنُوا ل َت ّت ِ‬
‫وجلّ‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال حدثنا عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن ابن‬
‫عدُ ّو ُكمْ أوْلِياء تُلْقُونَ إَل ْي ِهمْ بالمَ َودّةِ‪ ...‬إلى‬
‫عدُوّي وَ َ‬
‫خذُوا َ‬
‫ن آ َمنُوا ل َت ّت ِ‬
‫عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫آخر الية‪ ,‬نزلت في رجل كان مع النبيّ صلى ال عليه وسلم بالمدينة من قريش‪ ,‬كتب إلى‬
‫أهله وعشيرته بمكة‪ ,‬يخبرهم وينذرهم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم سائر إليهم‪ ,‬فأخبر‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم بصحيفته‪ ,‬فبعث إليها عليّ بن أبي طالب رضي ال عنه‪ ,‬فأتاه‬
‫بها‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬ثني محمد بن إسحاق‪ ,‬عن محمد بن جعفر‬
‫‪26248‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫بن الزّبير‪ ,‬عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا‪ ,‬قالوا‪ :‬لما أجمع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم السير إلى مكة كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم من المر في السير إليهم‪ ,‬ثم أعطاه امرأة يزعم محمد بن‬
‫جعْلً‪,‬‬
‫جعفر أنها من مزينة‪ ,‬وزعم غيره أنها سارة مولة لبعض بني عبد المطلب وجعل لها ُ‬
‫على أن تبلغه قريشا‪ ,‬فجعلته في رأسها‪ .‬ثم فتلت عليه قرونها‪ ,‬ثم خرجت‪ .‬وأتى رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب‪ ,‬فبعث عليّ بن أبي طالب والزّبير بن‬
‫ح ّذرُهُمْ‬
‫ب َمعَها حاطِبٌ بكِتاب إلى قُ َريْش ُي َ‬
‫العوّام رضي ال عنهما‪ ,‬فقال‪« :‬أدرِكا امْرأةً َقدْ َكتَ َ‬
‫ج َت َمعْنا َلهُ فِي أ ْمرِ ِهمْ»‪ ,‬فخرجا حتى أدركا بالحليفة‪ ,‬حليفة ابن أبي أحمد فاستنزلها‬
‫ما َقدِ ا ْ‬
‫فالتمسا في رحلها‪ ,‬فلم يجدا شيئا‪ ,‬فقال لها عليّ بن أبي طالب رضي ال عنه‪ :‬إني أحلف بال‬
‫ما ُكذِبَ رسول ال صلى ال عليه وسلم ول ُكذِبنا‪ ,‬ولتخ ِرجِنّ إليّ هذا الكتاب‪ ,‬أو لنكشفنك فلما‬
‫رأت الجدّ منه‪ ,‬قالت‪ :‬أعرض عني‪ ,‬فأعرض عنها‪ ,‬فحلّت قرون رأسها‪ ,‬فاستخرجت الكتاب‬
‫فدفعته إليه فجاء به إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فدعا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حمََلكَ على َهذَا؟» فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬أما وال إني لمؤمن بال‬
‫حاطبا‪ ,‬فقال‪« :‬يا حاطب ما َ‬
‫ورسوله‪ ,‬ما غيرت ول بدّلت‪ ,‬ولكني كنت امرأ في القوم ليس لي أصل ول عشيرة‪ ,‬وكان لي‬
‫بين أظهرهم أهل وولد‪ ,‬فصانعتهم عليه‪ ,‬فقال عمر بن الخطاب رضي ال عنه‪ :‬دعني يا‬
‫رسول ال فلضرب عنقه‪ ,‬فإن الرجل قد نافق‪ ,‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬وَما‬
‫شئْتم فَ َقدْ غَ َفرْتُ‬
‫عمَلُوا ما ِ‬
‫ع َمرُ َلعَلّ ال قَدِ اطّلَ َع على أصحَاب َب ْدرٍ يَ ْو َم َبدْرٍ فَقالَ‪ :‬ا ْ‬
‫ُيدْرِيكَ يا ُ‬
‫عدُ ّو ُكمْ أوْلِياءَ‪ ...‬إلى‬
‫عدُوّي َو َ‬
‫خذُوا َ‬
‫َل ُكمْ» فأنزل ال عزّ وجلّ في حاطب يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا ل َت ّت ِ‬
‫ك أ َنبْنا‪ ...‬إلى آخر القصة‪.‬‬
‫قوله وَإَل ْي َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري‪ ,‬عن عروة قال‪ :‬لما‬
‫عدُ ّو ُكمْ أوْلِيا َء في حاطب بن أبي بلتعة‪ ,‬كتب إلى‬
‫عدُوّي َو َ‬
‫خذُوا َ‬
‫نزلت‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا ل َت ّت ِ‬
‫كفار قريش كتابا ينصح لهم فيه‪ ,‬فأطلع ال نبيه عليه الصلة والسلم على ذلك‪ ,‬فأرسل عليا‬
‫ن َكذَا و َكذَا‪ ,‬فأ َتيَا بكِتاب َمعَها»‪ ,‬فانطلقا حتى‬
‫ن امْرأةً ِبمَكا ِ‬
‫ستَجدَ ِ‬
‫والزّبير‪ ,‬فقال‪« :‬اذْهَبا فإ ّنكُما َ‬
‫أدركاها‪ ,‬فقال‪ :‬الكتاب الذي معك‪ ,‬قالت‪ :‬ليس معي كتاب‪ ,‬فقال‪ :‬وال ل ندع معك شيئا إل‬
‫فتّشناه‪ ,‬أو تخرجينه‪ ,‬قالت‪ :‬أولستم مسلمين؟ قال‪ :‬بلى‪ ,‬ولكن النبيّ صلى ال عليه وسلم أخبرنا‬
‫أن معك كتابا قد أيقنت أنفسنا أنه معك فلما رأت جدّهما أخرجت كتابا من بين قرونها‪ ,‬فذهبا‬
‫به إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فإذا فيه‪ :‬من حاطب بن أبي بلتعة إلى كفار قريش‪ ,‬فدعاه‬
‫حمََلكَ على‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم فقال‪« :‬أنْت َك َتبْت َهذَا الكِتاب؟» قال‪ :‬نعم‪ ,‬قال‪« :‬ما َ‬
‫ذَلكَ؟» قال‪ :‬أما وال ما ارتبت في ال منذ أسلمت‪ ,‬ولكني كنت امرأ غريبا فيكم أيّها الحيّ من‬
‫قريش‪ ,‬وكان لي بمكة مال وبنون‪ ,‬فأردت أن أدفع بذلك عنهم‪ ,‬فقال عمر رضي ال عنه‪ :‬ائذن‬
‫خطّاب‪ ,‬وما‬
‫ل يا بْن ال َ‬
‫لي يا رسول ال فأضرب عنقه‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬مهْ ً‬
‫ش ْئ ُتمْ فأنّي غافِرٌ َل ُكمْ» قال الزهري‪ :‬فيه‬
‫عمَلُوا ما ِ‬
‫ل َب ْدرٍ فَقالَ ا ْ‬
‫ُيدْرِيكَ َلعَل ال َقدِ اطّلَع إلى أهْ ِ‬
‫نزلت حتى غَفُورٌ َرحِيمٌ‪.‬‬
‫‪26249‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول ال ل‬
‫ن بَصِيرٌ في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة‪,‬‬
‫عدُ ّو ُكمْ أوْلِياءَ‪ ...‬إلى قوله بِما َت ْعمَلُو َ‬
‫ع ُدوّي َو َ‬
‫َت ّتخِذُوا َ‬
‫ومن معه كفار قريش يحذرهم‪.‬‬
‫‪26250‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا‬
‫سبِيلِ‪ :‬ذُكر لنا أن حاطبا كتب إلى أهل‬
‫ع ُد ّو ُكمْ أوْلِياءَ‪ ...‬حتى بلغ سَوَاء ال ّ‬
‫عدُوّي وَ َ‬
‫خذُوا َ‬
‫ل َت ّت ِ‬
‫مكة يخبرهم سير النبيّ صلى ال عليه وسلم إليهم زمن الحديبية‪ ,‬فأطلع ال عزّ وجلّ نبيه عليه‬
‫الصلة والسلم على ذلك‪ ,‬وذُكر لنا أنهم وجدوا الكتاب مع امرأة في قرن من رأسها‪ ,‬فدعاه‬
‫ت في‬
‫ش َككْ ُ‬
‫صنَعْتَ؟» قال‪ :‬وال ما َ‬
‫حمََلكَ على الذِي َ‬
‫نبيّ ال صلى ال عليه وسلم فقال‪« :‬ما َ‬
‫أمر ال‪ ,‬ول ارتددت فيه‪ ,‬ولكن لي هناك أهلً ومالً‪ ,‬فأردت مصانعة قريش على أهلي ومالي‪.‬‬
‫وذُكر لنا أنه كان حليفا لقريش لم يكن من أنفسهم‪ ,‬فأنزل ال عزّ وجلّ في ذلك القرآن‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫س َن َتهُمْ بالسّوءِ وَ َودّوا لَ ْو َتكْ ُفرُونَ‪.‬‬
‫سطُوا إَل ْي ُكمْ أ ْي ِد َيهُمْ وأ ْل ِ‬
‫ن َيثْقَفُو ُكمْ يكُونُوا َل ُكمْ أعْدا ًء و َي ْب ِ‬
‫إْ‬

‫‪3-2‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س َن َتهُمْ‬
‫عدَآءً َو َي ْبسُطُوَ ْا إَِل ْي ُكمْ َأ ْي ِد َيهُمْ وَأَ ْل ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬إِن َيثْ َقفُو ُكمْ َيكُونُواْ َل ُكمْ َأ ْ‬
‫ل َب ْينَ ُكمْ وَاللّ ُه ِبمَا‬
‫ل ُد ُكمْ يَ ْو َم الْ ِقيَامَةِ يَ ْفصِ ُ‬
‫ل أَ ْو َ‬
‫بِالسّوَءِ وَ َودّواْ َلوْ َتكْ ُفرُونَ * لَن تَن َف َع ُكمْ َأ ْرحَا ُم ُكمْ َو َ‬
‫ن َبصِيرٌ }‪.‬‬
‫َت ْعمَلُو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إن يثقفكم هؤلء الذين تسرّون أيها المؤمنون إليهم بالمودّة‪ ,‬يكونوا لكم‬
‫سنَ َت ُهمْ بالسّوءِ‪.‬‬
‫سطُوا إَل ْي ُكمْ أ ْي ِد َي ُهمْ بالقتال وأ ْل ِ‬
‫حربا وأعداء َو َي ْب ُ‬
‫وقوله‪َ :‬و َودّوا لَ ْو َتكْ ُفرُونَ يقول‪ :‬وتمنوا لكم أن تكفروا بربكم‪ ,‬فتكونوا على مثل الذي هم‬
‫عليه‪.‬‬
‫ن َتنْ َف َع ُكمْ أرْحا ُم ُكمْ وَل أوْل ُد ُكمْ يَ ْومَ القِيامَةِ يقول تعالى ذكره‪ :‬ل يدعونكم أرحامكم‬
‫وقوله‪ :‬لَ ْ‬
‫وقراباتكم وأولدكم إلى الكفر بال‪ ,‬واتخاذ أعدائه أولياء تلقون إليهم بالمودّة‪ .‬فإنه لن تنفعكم‬
‫أرحامكم ول أولدكم عند ال يوم القيامة‪ ,‬فتدفع عنكم عذاب ال يومئذ‪ ,‬إن أنتم عصيتموه في‬
‫الدنيا‪ ,‬وكفرتم به‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬يَ ْفصِلُ َب ْي َن ُكمْ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬يفصل ربكم أيها المؤمنون بينكم يوم القيامة بأن يدخل‬
‫أهل طاعته الجنة‪ ,‬وأهل معاصيه والكفر به النار‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء المدينة ومكة والبصرة‪« :‬يُ ْفصَلُ َب ْي َن ُكمْ»‬
‫بضم الياء وتخفيف الصاد وفتحها‪ ,‬على ما لم يسمّ فاعله‪ .‬وقرأه عامة قرّاء الكوفة خل عاصم‬
‫بضم الياء وتشديد الصاد وكسرها بمعنى‪ :‬يفصل ال بينكم أيها القوم‪ .‬وقرأه عاصم بفتح الياء‬
‫وتخفيف الصاد وكسرها‪ ,‬بمعنى يفصل ال بينكم‪ .‬وقرأ بعض قرّاء الشام « ُي َفصّلُ» بضم الياء‬
‫وفتح الصاد وتشديدها على وجه ما لم يسم فاعله‪.‬‬
‫وهذه القراءات متقاربات المعاني صحيحات في العراب‪ ,‬فبأيتها قرأ القارىء فمصيب‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬والّلهُ ِبمَا َت ْعمَلونَ َبصِيرٌ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬وال بأعمالكم أيها الناس ذو علم وبصر‪ ,‬ل‬
‫يخفى عليه منها شيء‪ ,‬هو بجميعها محيط‪ ,‬وهو مجازيكم بها إن خيرا فخير‪ ,‬وإن شرّا فشرّ‪,‬‬
‫فاتقوا ال في أنفُسكم واحذروه‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن َمعَهُ ِإ ْذ قَالُواْ‬
‫سنَةٌ ِفيَ ِإ ْبرَاهِيمَ وَاّلذِي َ‬
‫حَ‬‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬قدْ كَانَتْ َل ُك ْم ُأسْوَ ٌة َ‬
‫ن اللّ ِه كَ َف ْرنَا ِب ُكمْ َو َبدَا َب ْي َننَا َو َب ْينَ ُكمُ ا ْل َعدَا َوةُ‬
‫ن مِن دُو ِ‬
‫لِقَ ْو ِم ِهمْ ِإنّا ُبرَءآؤ ْا ّم ْنكُمْ َو ِممّا َت ْع ُبدُو َ‬
‫ك َلكَ مِنَ‬
‫س َتغْ ِفرَنّ َلكَ َومَآ َأمِْل ُ‬
‫ل قَوْلَ ِإ ْبرَاهِيمَ لبِيهِ ل ْ‬
‫ح َدهُ ِإ ّ‬
‫حّتىَ تُ ْؤ ِمنُواْ بِاللّهِ َو ْ‬
‫وَا ْل َب ْغضَآءُ َأبَدا َ‬
‫اللّ ِه مِن شَيْ ٍء ّر ّبنَا عََل ْيكَ تَ َوكّ ْلنَا وَإَِل ْيكَ َأ َن ْبنَا وَإَِل ْيكَ ا ْل َمصِيرُ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬قد كان لكم أيها‬
‫المؤمنون أُسوة حسنة‪ :‬يقول‪ :‬قدوة حسنة في إبراهيم خليل الرحمن‪ ,‬تقتدون به‪ ,‬والذين معه من‬
‫أنبياء ال‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26251‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قول ال عزّ وجل‪ :‬قَدْ‬
‫ن َمعَ ُه قال‪ :‬الذين معه النبياء‪.‬‬
‫سنَ ٌة في إبراهِيمُ وَاّلذِي َ‬
‫حَ‬‫كانَتْ َل ُكمْ ُأسْ َوةٌ َ‬
‫ن الّلهِ يقول‪ :‬حين قالوا لقومهم‬
‫ن دُو ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫وقوله‪ :‬إذْ قالُوا لِقَ ْو ِم ِهمْ إنّا بُرآ ُء ِم ْن ُكمْ َو ِممّا َت ْع ُبدُو َ‬
‫الذين كفروا بال‪ ,‬وعبدوا الطاغوت‪ :‬أيها القوم إنا برآء منكم‪ ,‬ومن الذين تعبدون من دون ال‬
‫من الَلهة والنداد‪.‬‬
‫حدَ ُه يقول جلّ‬
‫وقوله‪ :‬كَ َفرْنا ِب ُكمْ َو َبدَا َب ْينَنا َو َب ْينَ ُكمْ ال َعدَوَاةُ وال َبغْضَا ُء أبَدا حتى تُو ْء ِمنُوا باللّهِ َو ْ‬
‫ثناؤه مخبرا عن قيل أنبيائه لقومهم الكفرة‪ :‬كفرنا بكم‪ ,‬أنكرنا ما كنتم عليه من الكفر بال‬
‫وجحدنا عبادتكم ما تعبدون من دون ال أن تكون حقا‪ ,‬وظهر بيننا وبينكم العدواة والبغضاء‬
‫أبدا على كفركم بال‪ ,‬وعبادتكم ما سواه‪ ,‬ول صلح بيننا ول هوادة‪ ,‬حتى تؤمنوا بال وحده‪,‬‬
‫يقول‪ :‬حتى تصدّقوا بال وحده‪ ,‬فتوحدوه‪ ,‬وتفردوه بالعبادة‪.‬‬
‫شيْءٍ يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫ن َ‬
‫ن ال مِ ْ‬
‫ك مِ ْ‬
‫ن َلكَ وَما أمِْلكُ َل َ‬
‫س َتغْفِرَ ّ‬
‫لْ‬‫لبِي ِه َ‬
‫ل إ ْبرَاهِيمَ َ‬
‫وقوله‪ :‬إلّ قَوْ َ‬
‫قد كانت لكم أُسوة حسنة في إبراهيم والذين معه في هذه المور التي ذكرناها من مباينة الكفار‬
‫ن َلكَ فإنه ل أسوة لكم فيه في‬
‫ستَغْ ِفرَ ّ‬
‫لْ‬‫ومعاداتهم‪ ,‬وترك موالتهم إل في قول إبراهيم لبيه َ‬
‫ذلك‪ ,‬لن ذلك كان من إبراهيم لبيه عن موعدة وعدها إياه قبل أن يتبين له أنه عد ّو ال فلما‬
‫تبين له أنه عدّو ل تبرأ منه‪ .‬يقول تعالى ذكره‪ :‬فكذلك أنتم أيها المؤمنون بال‪ ,‬فتبرّءوا من‬
‫أعداء ال من المشركين به ول تتخذوا منهم أولياء يؤمنوا بال وحده ويتبرّءوا عن عبادة ما‬
‫سواه وأظهروا لهم العداوة والبغضاء‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪26252‬ـ حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫ل قَوْلَ إ ْبرَاهِيمَ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد إ ّ‬
‫لبِيهِ قال‪ُ :‬نهُوا أن يتأسّوْا باستغفار إبراهيم لبيه‪ ,‬فيستغفروا للمشركين‪.‬‬
‫َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبي جعفر‪ ,‬عن مطرّف الحارثي‪ ,‬عن‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫س َتغْ ِفرَنّ َلكَ يقول‪ :‬في كلّ أمر أسوة‪ ,‬إل‬
‫لْ‬‫سنَ ٌة فِي إ ْبرَاهِيمَ‪ ...‬إلى قوله َ‬
‫حَ‬‫مجاهد‪ُ :‬أسْ َوةٌ َ‬
‫الستغفار لبيه‪.‬‬
‫‪26253‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬قدْ كانَتْ َل ُك ْم ُأسْوَةٌ‬
‫ك فل‬
‫س َتغْ ِفرَنّ َل َ‬
‫ل شيء‪ ,‬ما خل قوله لبيه‪ :‬ل ْ‬
‫سنَةٌ فِي إ ْبرَاهِيمَ‪ ...‬الية‪ ,‬ائتسوا به في ك ّ‬
‫حَ‬‫َ‬
‫تأتسوا بذلك منه‪ ,‬فإنها كانت عن موعدة وعدها إياه‪.‬‬
‫ل إ ْبرَاهِيمَ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله إلّ قَوْ َ‬
‫لبِيهِ يقول‪ :‬ل تأسوا بذلك فإنه كان عليه موعدا‪ ,‬وتأسوا بأمره كله‪.‬‬
‫َ‬
‫‪26254‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ‪ :‬قَدْ‬
‫ن َلكَ قال‪ :‬يقول‪ :‬ليس لكم‬
‫لسْ َتغْ ِفرَ ّ‬
‫لبِي ِه َ‬
‫ل قَوْلَ إ ْبرَاهِيمَ َ‬
‫سنَةٌ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬إ ّ‬
‫حَ‬‫كانَتْ َل ُكمْ ُأسْ َوةٌ َ‬
‫في هذا أُسوة‪.‬‬
‫شيْءٍ يقول‪ :‬وما أدفع عنك من ال من عقوبة‪ ,‬إن ال‬
‫ك مِنَ الّلهِ ِمنْ َ‬
‫ويعني بقوله‪ :‬وَما أمِْلكُ َل َ‬
‫غنِي عنك منه شيئا‪.‬‬
‫عاقبك على كفرك به‪ ,‬ول ُأ ُ‬
‫وقوله‪َ :‬ربّنا عََل ْيكَ تَ َوكّلْنا يقول جلّ ثناؤه مخبرا عن قيل إبراهيم وأنبيائه صلوات ال عليهم‪:‬‬
‫ب وترضى وَإَل ْيكَ‬
‫َربّنَا عََل ْيكَ تَ َوكّلْنا وَإَل ْيكَ أ ْنبْنا يعني‪ :‬وإليك رجعنا بالتوبة مما تكره إلى ما تح ّ‬
‫ال َمصِيرُ يقول‪ :‬وإليك مصيرنا ومرجعنا يوم تبعثنا من قبورنا‪ ,‬وتحشرنا في القيامة إلى موقف‬
‫ال َعرْض‪.‬‬

‫‪6-5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن كَ َفرُواْ وَاغْ ِفرْ َلنَا َر ّبنَآ ِإ ّنكَ أَنتَ‬
‫جعَ ْلنَا ِف ْتنَةً لّّلذِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬ر ّبنَا لَ َت ْ‬
‫خرَ َومَن َيتَوَلّ‬
‫لِ‬‫سنَ ٌة ّلمَن كَانَ َي ْرجُو اللّهَ وَا ْل َي ْومَ ا َ‬
‫حَ‬‫ن َل ُكمْ فِي ِهمْ ُأسْ َوةٌ َ‬
‫حكِيمُ * َل َقدْ كَا َ‬
‫ا ْل َعزِيزُ ا ْل َ‬
‫حمِيدُ }‪.‬‬
‫َفإِنّ الّلهَ ُهوَ ا ْل َغ ِنيّ ا ْل َ‬
‫يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل إبراهيم خليله والذين معه‪ :‬يا ربّنا ل تجعلنا فتنة للذين‬
‫كفروا بك فجحدوا وحدانيتك‪ ,‬وعبدوا غيرك‪ ,‬بأن تسلطهم علينا‪ ,‬فيروا أنهم على حقّ‪ ,‬وأنا‬
‫على باطل‪ ,‬فتجعلنا بذلك فتنة لهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪26255‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬ل‬
‫جعَلْنا ِف ْتنَ ًة لّلذِينَ كَ َفرُوا قال ل تعذّبنا بأيديهم‪ ,‬ول بعذاب من عندك‪ ,‬فيقولوا‪ :‬لو كان هؤلء‬
‫َت ْ‬
‫على حقّ ما أصابهم هذا‪.‬‬
‫جعَلْنا ِف ْتنَةً‬
‫‪26256‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬ربّنا ل َت ْ‬
‫لّلذِينَ كَ َفرُوا قال‪ :‬يقول‪ :‬ل تظهرهم علينا فيَ ْفتَتنوا بذلك‪ .‬يرون أنهم إنما ظهروا علينا لحقّ هم‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪26257‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪,‬‬
‫جعَلْنا ِف ْتنَ ًة لّلذِينَ كَ َفرُوا يقول‪ :‬ل تسلّطْهم علينا فيفتنونا‪.‬‬
‫قوله‪ :‬ل َت ْ‬
‫ت ال َعزِيزُ‬
‫وقوله‪ :‬وَاغُ ِفرْ لَنا َربّنا يقول‪ :‬واستر علينا ذنوبنا بعفوك لنا عنها يا ربنا‪ ,‬إ ّنكَ أنْ َ‬
‫حكِيمُ يعني الشديد النتقام ممن انتقم منه‪ ,‬الحكيم‪ :‬يقول الحكيم في تدبيره خلقه‪ ,‬وصرفه إياهم‬
‫ا ْل َ‬
‫فيما فيه صلحهم‪.‬‬
‫سنَ ٌة يقول تعالى ذكره لقد كان لكم أيها المؤمنون قدوة حسنة في‬
‫حَ‬‫ن َل ُكمْ ُأسْ َوةٌ َ‬
‫وقوله‪ :‬لَ َقدْ كا َ‬
‫ن كانَ َي ْرجُو اللّهَ‬
‫الذين ذكرهم إبراهيم والذين معه من النبياء صلوات ال عليهم والرسل ِلمَ ْ‬
‫خرَ يقول‪ :‬لمن كان منكم يرجو لقاء ال‪ ,‬وثواب ال‪ ,‬والنجاة في اليوم الَخر‪.‬‬
‫لِ‬‫وَال َي ْومَ ا َ‬
‫حمِيدُ يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن يتول عما أمره ال به‬
‫ن اللّ َه ُهوَ ال َغ ِنيّ ا ْل َ‬
‫ل فإ ّ‬
‫ن َيتَوَ ّ‬
‫وقوله َومَ ْ‬
‫وندبه إليه منكم ومن غيركم‪ ,‬فأعرض عنه وأدبر مستكبرا‪ ,‬ووالى أعداء ال‪ ,‬وألقى أليهم‬
‫بالمودّة‪ ,‬فإن ال هو الغنيّ عن إيمانه به‪ ,‬وطاعته إياه‪ ,‬وعن جميع خلقه‪ ,‬الحميد عند أهل‬
‫المعرفة بأياديه‪ ,‬وآلئه عندهم‪.‬‬

‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن اّلذِينَ عَا َديْتُم ّم ْنهُم مّ َو ّدةً وَاللّهُ‬
‫جعَلَ َب ْي َنكُمْ َو َبيْ َ‬
‫عسَى اللّ ُه أَن َي ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬‬
‫قَدِيرٌ وَالّلهُ غَفُورٌ ّرحِيمٌ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬عسى ال أيها المؤمنون أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم من أعدائي‬
‫من مشركي قريش مودّة‪ ,‬ففعل ال ذلك بهم‪ ,‬بأن أسلم كثير منهم‪ ,‬فصاروا لهم أولياء وأحزابا‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عسَى اللّهُ أنْ‬
‫‪26258‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪َ :‬‬
‫ن اّلذِينَ عا َد ْي ُتمْ ِم ْن ُهمْ مَ َودّ ًة قال‪ :‬هؤلء المشركون قد فعل‪ ,‬قد أدخلهم في السلم‬
‫جعَلَ َب ْي َنكُمْ َو َبيْ َ‬
‫َي ْ‬
‫وجعل بينهم مودّة حين كان السلم حين الفتح‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬واللّه َقدِيرٌ يقول‪ :‬وال ذو قدرة على أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم من المشركين‬
‫مودّة وَالّلهُ غَفُورٌ َرحِيمٌ يقول‪ :‬وال غفور لخطيئة من ألقى إلى المشركين بالمودّة إذا تاب منها‪,‬‬
‫رحيم بهم أن يعذّبهم بعد توبتهم منها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫جعَلَ‬
‫ن َي ْ‬
‫عسَى اللّهُ أ ْ‬
‫‪26259‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة قوله‪َ :‬‬
‫ن عا َد ْي ُتمْ ِم ْن ُهمْ مَ َودّةً والّلهُ َقدِيرٌ على ذلك والّلهُ غَفُورٌ َرحِيمٌ يغفر الذنوب‬
‫َب ْي َنكُمْ َو َبيْنَ اّلذِي َ‬
‫الكثيرة‪ ,‬رحيم بعباده‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خ ِرجُو ُكمْ‬
‫ن اّلذِينَ َل ْم يُقَاتِلُو ُكمْ فِي الدّينِ وََلمْ ُي ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬لّ َي ْنهَا ُكمُ الّلهُ عَ ِ‬
‫سطِينَ }‪.‬‬
‫سطُوَ ْا إَِل ْيهِمْ ِإنّ الّل َه ُيحِبّ ا ْلمُ ْق ِ‬
‫مّن ِديَا ِر ُكمْ أَن َتبَرّو ُهمْ َوتُ ْق ِ‬
‫خرِجو ُكمْ‬
‫ن من أهل مكة وَلم ُي ْ‬
‫ن َلمْ يُقاتِلُو ُك ْم فِي الدّي ِ‬
‫عنِ اّلذِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ل َينْها ُكمُ اللّهُ َ‬
‫سطُوا إَل ْيهِمْ يقول‪ :‬وتعدلوا فيهم بإحسانكم إليهم‪ ,‬وبرّكم بهم‪.‬‬
‫ن تَبرّو ُهمْ َوتُ ْق ِ‬
‫ن دِيا ِر ُكمْ أ ْ‬
‫مِ ْ‬
‫عنُوا بهذه الية‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬عُني بها‪ :‬الذين كانوا آمنوا‬
‫واختلف أهل التأويل في الذين ُ‬
‫بمكة ولم يهاجروا‪ ,‬فأذن ال للمؤمنين ببرّهم والحسان إليهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26260‬ـ حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬ل‬
‫َينْها ُكمْ الّلهُ عَن اّلذِينَ لَم ُيقَاتِلُوكُم فِي الدّينِ أن تستغفروا لهم‪ ,‬و وتبروّهم وتقسطوا إليهم قال‪:‬‬
‫وهم الذين آمنوا بمكة ولم يهاجروا‪.‬‬
‫ن لم يهاجر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عنِي بها من غير أهل مكة مَ ْ‬
‫وقال آخرون‪ُ :‬‬
‫‪26261‬ـ حدثني محمد بن إبراهيم النماطيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هارون بن معروف‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بشر‬
‫بن السري‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مصعب بن ثابت‪ ,‬عن عمه عامر بن عبد ال بن الزبير‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫نزلت في أسماء بنت أبي بكر‪ ,‬وكانت لها أمّ في الجاهلية يقال لها قُتَيلة ابنة عبد العُزى‪ ,‬فأتتها‬
‫صنَاب وأقط وَسمْن‪ ,‬فقالت‪ :‬ل أقبل لك هدية‪ ,‬ول تدخلي عليّ حتى يأذن رسول ال‬
‫بهدايا و ِ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فذكرت ذلك عائشة لرسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأنزل ال ل َينْها ُكمْ‬
‫سطِينَ‪.‬‬
‫ن َلمْ يُقاتِلُو ُكمْ فِي الدّينِ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬المُ ْق ِ‬
‫عنِ اّلذِي َ‬
‫اللّهُ َ‬
‫قال‪ :‬ثنا إبراهيم بن الحجاج‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن المبارك‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مصعب بن ثابت‪,‬‬
‫ت ُقتَيلة بنت عبد العُزى بن سعد من بني‬
‫عن عامر بن عبد ال بن الزبير‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪َ :‬قدِم ْ‬
‫حسْل على ابنتها أسماء بنت أبي بكر‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫مالك بن ِ‬
‫عنِي بها من مشركي مكة من لم يقاتل المؤمنين‪ ,‬ولم يخرجوهم من‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ُ‬
‫ديارهم قال‪ :‬ونسخ ال ذلك بعدُ بالمر بقتالهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26262‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ :‬وسألته عن قول ال عزّ‬
‫وجلّ‪ :‬ل َينْها ُكمُ اللّهُ‪ ...‬الية‪ ,‬فقال‪ :‬هذا قد نسخ‪َ ,‬نسَخه‪ ,‬القتال‪ ,‬أمروا أن يرجعوا إليهم‬
‫بالسيوف‪ ,‬ويجاهدوهم بها‪ ,‬يضربونهم‪ ,‬وضرب ال لهم أجل أربعة أشهر‪ ,‬إما المذابحة‪ ,‬وإما‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪26263‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله ل َينْها ُكمُ‬
‫حيْثُ َوجَد ُتمُو ُهمْ‪.‬‬
‫اللّهُ‪ ...‬الية‪ ,‬قال‪ :‬نسختها ا ْقتُلُوا ال ُمشْرِكينَ َ‬
‫عنِي بذلك‪ :‬ل ينهاكم ال عن الذين لم‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصواب قول من قال‪ُ :‬‬
‫يقاتلوكم في الدين‪ ,‬من جميع أصناف الملل والديان أن تبرّوهم وتصلوهم‪ ,‬وتقسطوا إليهم‪ ,‬إن‬
‫ن دِيا ِر ُكمْ جميع من كان ذلك‬
‫خ ِرجُوكمْ مِ ْ‬
‫ن َلمْ يُقاتلُو ُكمْ فِي الدّينِ وَلمْ ُي ْ‬
‫ل عمّ بقوله اّلذِي َ‬
‫ال عزّ وج ّ‬
‫صفته‪ ,‬فلم يخصُصْ به بعضا دون بعض‪ ,‬ول معنى لقول من قال‪ :‬ذلك منسوخ‪ ,‬لن برّ‬
‫المؤمن من أهل الحرب ممن بينه وبينه قرابة نسب‪ ,‬أو ممن ل قرابة بينه وبينه ولنسب غير‬
‫محرّم ول منهى عنه إذا لم يكن في ذلك دللة له‪ ,‬أو لهل الحرب على عورة لهل السلم‪,‬‬
‫أو تقوية لهم بكُراع أو سلح‪ .‬قد بين صحة ما قلنا في ذلك‪ ,‬الخبر الذي ذكرناه عن ابن الزبير‬
‫في قصة أسماء وأمها‪.‬‬
‫ب المنصفين الذين ينصفون الناس‪,‬‬
‫سطِينَ يقول‪ :‬إن ال يح ّ‬
‫ن اللّ ُه ُيحِبّ المُ ْق ِ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫ويعطونهم الحقّ والعدل من أنفسهم‪ ,‬فيبرّون من برّهم‪ ,‬و ُيحْسنون إلى من أحسن إليهم‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن وََأخْ َرجُوكُم مّن‬
‫ن قَاتَلُو ُكمْ فِي الدّي ِ‬
‫عنِ اّلذِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{:‬إ ّنمَا َي ْنهَا ُكمُ اللّهُ َ‬
‫جكُمْ أَن َتوَلّوْ ُهمْ َومَن َيتَوَّل ُهمْ َفأُوْلَـ ِئكَ ُهمُ الظّاِلمُونَ }‪.‬‬
‫خرَا ِ‬
‫ِديَا ِر ُكمْ َوظَا َهرُواْ عََلىَ ِإ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إ ّنمَا َي ْنهَاكُ ُم اللّ ُه أيها المؤمنون عَن اّلذِينَ قاتَلُو ُكمْ فِي الدّين من كفار أهل‬
‫جكُمْ أنْ َتوَلّوْ ُهمْ يقول‪ :‬وعاونوا من أخرجكم‬
‫خرَا ِ‬
‫ن دِيا ِر ُكمْ َوظَا ِهرُوا على إ ْ‬
‫خ َرجُو ُكمْ مِ ْ‬
‫مكة وأ ْ‬
‫ن َيتَوَّل ُهمْ يقول‪ :‬ومن‬
‫من دياركم على إخراجكم أن تولوهم‪ ,‬فتكونوا لهم أولياء ونصراء َومَ ْ‬
‫ن يقول‪ :‬فأولئك هم الذين تولوا غير الذي‬
‫يجعلهم منكم أو من غيركم أولياء فأُوَل ِئكَ ُهمُ الظّاِلمُو َ‬
‫يجوز لهم أن يتولوهم‪ ,‬ووضعوا وليتهم في غير موضعها‪ ,‬وخالفوا أمر ال في ذلك‪ .‬وبنحو‬
‫ن قَاتَلُو ُكمْ فِي الدّين قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫الذي قلنا في معنى قوله اّلذِي َ‬
‫‪26264‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد إ ّنمَا َينْها ُكمُ اللّهُ‬
‫ن قَاتَلُو ُكمْ فِي الدّين قال‪ :‬كفار أهل مكة‪.‬‬
‫عَن اّلذِي َ‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حنُوهُنّ‬
‫جرَاتٍ فَامْ َت ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ :‬يَأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ ِإذَا جَآ َء ُكمُ ا ْلمُ ْؤ ِمنَاتُ ُمهَا ِ‬
‫ن حِلّ ّل ُهمْ َولَ ُهمْ‬
‫جعُو ُهنّ إِلَى ا ْل ُكفّا ِر لَ هُ ّ‬
‫ت فَلَ َترْ ِ‬
‫ن مُ ْؤ ِمنَا ٍ‬
‫اللّ ُه أَعَْلمُ ِبإِيمَا ِنهِنّ َفإِنْ عَِل ْم ُتمُوهُ ّ‬
‫سكُواْ‬
‫ن ِإذَآ آ َت ْي ُتمُو ُهنّ ُأجُورَهُنّ َولَ ُت ْم ِ‬
‫جنَاحَ عََل ْي ُكمْ أَن تَن ِكحُوهُ ّ‬
‫ل ُ‬
‫ن َلهُنّ وَآتُوهُم مّآ أَن َفقُواْ َو َ‬
‫َيحِلّو َ‬
‫حكِيمٌ }‪.‬‬
‫ح ُكمُ َب ْي َن ُكمْ وَالّلهُ عَلِيمٌ َ‬
‫ح ْكمُ الّلهِ َي ْ‬
‫سأَلُو ْا مَآ أَنفَقُواْ ذَِل ُكمْ ُ‬
‫سأَلُواْ مَآ أَنفَ ْق ُتمْ وَ ْل َي ْ‬
‫صمِ ا ْلكَوَا ِفرِ وَا ْ‬
‫ِبعِ َ‬
‫يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا‬
‫حنُوهُن وكانت محنة‬
‫ت من دار الكفر إلى دار السلم فا ْم َت ِ‬
‫إذَا جا َء ُكمُ النساء المُو ْءمِناتُ مُهاجِرا ٍ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إياهن إذا َقدِمن مهاجرات‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26265‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يونس بن بكير‪ ,‬عن قيس بن الربيع‪ ,‬عن الغ ّر بن‬
‫الصباح‪ ,‬عن خليفة بن حصين‪ ,‬عن أبي نصر السديّ‪ ,‬قال‪ :‬سُئل ابن عباس‪ :‬كيف كان‬
‫ن بال ما خرجت من بغض‬
‫امتحان رسول ال صلى ال عليه وسلم النساء؟ قال‪ :‬كان يمتحنه ّ‬
‫زوج‪ ,‬وبال ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض‪ ,‬وبال ما خرجت التماس دنيا‪ ,‬وبال ما‬
‫خرجت إل حبا ل ورسوله‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن بن عطية‪ ,‬عن قيس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا الغر بن الصباح‪,‬‬
‫ن آ َمنُوا إذَا جا َء ُكمُ‬
‫عن خليفة بن حصين‪ ,‬عن أبي نصر‪ ,‬عن ابن عباس في يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ت مُهاجِراتٍ فا ْم َتحِنُو ُهنّ قال كانت المرأة إذا أتت رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫المُو ْءمِنا ُ‬
‫حلفها بال ما خرجت‪ ...‬ثم ذكر نحوه‪.‬‬
‫‪26266‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬أن عائشة‬
‫قالت‪ :‬ما كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يمتحن المؤمنات إل بالية‪ ,‬قال ال‪ :‬إذَا جا َءكَ‬
‫شيْئا ول‪ ,‬ول‪.‬‬
‫ن باللّ ِه َ‬
‫شرِكْ َ‬
‫ن ل ُي ْ‬
‫ت يُبا ِي ْع َنكَ على أ ْ‬
‫المُو ْءمِنا ُ‬
‫‪26267‬ـ حدثني يونس بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني يونس‪ ,‬عن ابن‬
‫شهاب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني عروة بن الزبير‪ ,‬أن عائشة زوج النبيّ صلى ال عليه وسلم قالت‪ :‬كانت‬
‫المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم يمتحنّ بقول ال‪ :‬يا أيّها ال ّن ِبيّ إذَا‬
‫جا َءكَ المُو ْءمِناتُ يُبا ِيعْ َنكَ‪ ...‬إلى آخر الية‪ ,‬قالت عائشة‪ :‬فمن أقرّ بهذا من المؤمنات‪ ,‬فقد أقرّ‬
‫بالمحبة‪ ,‬فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهنّ قال لهنّ‪« :‬انطلقن‬
‫فقد بايعتكن»‪ ,‬ول وال ما مست يد رسول ال صلى ال عليه وسلم يد امرأة قطّ‪ ,‬غير أنه‬
‫ن بالكلم قالت عائشة‪ :‬وال ما أخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم على النساء قطّ‪ ,‬إل‬
‫بايعه ّ‬
‫بما أمره ال عزّ وجلّ‪ ,‬وكان يقول لهنّ إذا أخذ عليهن «قد بايعتكنّ كلما»‪.‬‬
‫‪26268‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫حكِيم‬
‫ت مُهاجِراتٍ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬عَلِيمٌ َ‬
‫ن آ َمنُوا إذَا جا َء ُكمُ المُو ْءمِنا ُ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫كان امتحانهنّ أن يشهدن أن ل إله إل ال‪ ,‬وأن محمدا عبده ورسوله‪.‬‬
‫‪26269‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫حنُوهُنّ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬فا ْم َت ِ‬
‫ن غضب على أزواجهنّ‪ ,‬أو سخطة‪ ,‬أو غيره‪ ,‬ولم‬
‫ن فإن كان جاء به ّ‬
‫قال‪ :‬سلوهنّ ما جاء به ّ‬
‫ن إلى أزواجهنّ‪.‬‬
‫يؤمنّ‪ ,‬فارجعوه ّ‬
‫حنُو ُهنّ كانت محنتهنّ‬
‫‪26270‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة فامْ َت ِ‬
‫حرْصٌ عليه»‪,‬‬
‫ب السلم وأهله‪ ,‬و ِ‬
‫ن إلّ ح ّ‬
‫ن النشوز‪ ,‬وما أخرجك ّ‬
‫أن يستحلفن بال «ما أخرجك ّ‬
‫فإذا قلن ذلك قُبل ذلك منهنّ‪.‬‬
‫ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله فا ْم َتحِنُو ُهنّ قال‪:‬‬
‫يحلفن ما خرجن إل رغبة في السلم‪ ,‬وحبا ل ورسوله‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبيه أو عكرمة إذَا جا َء ُكمُ‬
‫‪26271‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ب ال‪ ,‬ول جاء بك عشق رجل‬
‫جرَاتٍ فا ْم َتحِنُو ُهنّ قال‪ :‬يقال‪ :‬ما جاء بك إل ح ّ‬
‫ت مُها ِ‬
‫المُو ْءمِنا ُ‬
‫حنُوهُنّ‪.‬‬
‫منا‪ ,‬ول فرارا من زوجك‪ ,‬فذلك قوله فامْ َت ِ‬
‫‪26272‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ :‬كانت المرأة من المشركين‬
‫ن إلى محمد صلى ال‬
‫إذا غضبت على زوجها‪ ,‬وكان بينه وبينها كلم‪ ,‬قالت‪ :‬وال لهاجر ّ‬
‫حنُوهُنّ إن كان‬
‫عليه وسلم وأصحابه‪ ,‬فقال ال عزّ وجلّ‪ :‬إذَا جا َء ُكمُ المُو ْءمِنات مُهاجِرات فا ْم َت ِ‬
‫الغضب أتى بها فردّوها‪ ,‬وإن كان السلم أتى بها فل تردّوها‪.‬‬
‫‪26273‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمرو بن الحارث‪ ,‬عن بكير بن‬
‫جكِ إل الدين‪.‬‬
‫خ ِر ْ‬
‫الشجّ‪ ,‬قال‪ :‬كان امتحانهنّ إنه لم ُي ْ‬
‫وقوله‪ :‬اللّهُ أعَْل ُم بإيمَا ِنهِنّ يقول‪ :‬ال أعلم بإيمان من جاء من النساء مهاجرات إليكم‪.‬‬
‫ن إلى الكُفّارِ يقول‪ :‬فإن أقررن عند المحنة بما‬
‫جعُوهُ ّ‬
‫ن مُو ْءمِناتٍ فَل َت ْر ِ‬
‫وقوله‪ :‬فإنْ عَِل ْم ُتمُوهُ ّ‬
‫يصحّ به عقد اليمان لهنّ‪ ,‬والدخول في السلم‪ ,‬فل تردّوهنْ عن ذلك إلى الكفار‪ .‬وإنما قيل‬
‫ذلك للمؤمنين‪ ,‬لن العهد كان جرى بين رسول ال صلى ال عليه وسلم وبين مشركي قريش‬
‫في صلح الحديبية أن يردّ المسلمون إلى المشركين من جاءهم مسلما‪ ,‬فأبطل ذلك الشرط في‬
‫ح ذلك عندهم مما‬
‫ن المسلمون مؤمنات‪ ,‬وص ّ‬
‫النساء إذا جئن مؤمنات مهاجرات فامتحنّ‪ ,‬فوجده ّ‬
‫ن إلى المشركين إذا علم أنهنّ مؤمنات‪ .‬وقال جل ثناؤه لهم‪:‬‬
‫قد ذكرنا قبل‪ ,‬وأمروا أن ل يردّوه ّ‬
‫ن َلهُنّ يقول‪ :‬ل‬
‫ل َل ُهمْ وَل ُهمْ َيحِلّو ُ‬
‫ن حِ ّ‬
‫ن إلى الكُفّار لهُ ّ‬
‫جعُوهُ ّ‬
‫َفإِنْ عَِل ْم ُتمُو ُهنّ مُو ْءمِناتٍ فَل َت ْر ِ‬
‫ل للكفار ول الكفار يحلون للمؤمنات‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك جاءت الَثار‪ .‬ذكر‬
‫المؤمنات ح ّ‬
‫بعض ما رُوي في ذلك من الثر‪:‬‬

‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن محمد بن إسحاق‪ ,‬عن الزهري‪ ,‬قال‪ :‬دخلت‬
‫‪26274‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫عرْوة بن الزّبير‪ ,‬وهو يكتب كتابا إلى ابن أبي هُنيد صاحب الوليد بن عبد الملك‪ ,‬وكتب‬
‫على ُ‬
‫حكِيمٌ‬
‫جرَاتٍ‪ ...‬إلى قوله وَالّلهُ عَلِيمٌ َ‬
‫ت مُها ِ‬
‫إليه يسأله عن قول ال عزّ وجلّ‪ :‬إذَا جا َء ُكمُ المُو ْءمِنا ُ‬
‫عرْوة بن الزّبير‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان صالح قريشا عام الحديبية‬
‫وكتب إليه ُ‬
‫على أن يردّ عليهم من جاء بغير إذن وليه فلما هاجر النساء إلى رسول ال صلى ال عليه‬
‫ن محنة السلم‪ ,‬فعرفوا‬
‫وسلم وإلى السلم‪ ,‬أبى ال أن ُي ْردَدْن إلى المشركين‪ ,‬إذا هنّ ا ْمتَح ّ‬
‫أنهنّ إنما جئن رغبة فيه‪.‬‬
‫وقوله وآتُو ُه ْم ما أنْفَقُوا يقول جلّ ثناؤه‪ :‬وأعطوا المشركين الذين جاءكم نساؤهم مؤمنات إذا‬
‫ن إليهم ما أنفقوا في نكاحهم إياهنّ من الصداق‪ .‬وبنحو الذي‬
‫علمتموهنّ مؤمنات‪ ,‬فلم ترجعوه ّ‬
‫قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26275‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫حكِيمٌ‬
‫جرَاتٍ‪ ...‬إلى قوله عَلِيمٌ َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا إذَا جا َء ُكمُ المُو ْءمِناتُ مُها ِ‬
‫ن أن يشهدن أن ل إله إل ال وأن محمدا عبده ورسوله‪ ,‬فإذا علموا أن ذلك‬
‫قال‪ :‬كان امتحانه ّ‬
‫ن إلى الكفار‪ ,‬وأعطى بعلها من الكفار الذين عقد لهم رسول ال صلى‬
‫حقّ منهنّ لم يرجعوه ّ‬
‫ال عليه وسلم صداقه الذي أصدقها‪.‬‬
‫‪26276‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬وإذا فررن من أصحاب النبي صلى ال عليه وسلم إلى‬
‫المشركين الذين بينهم وبين نبي ال صلى ال عليه وسلم عهد جميعا عن ابن أبي نجيح عن‬
‫ن صدقاتهن‪.‬‬
‫مجاهد وآتُوهُم ما أنْفَقُوا وآتُوا أزواجه ّ‬
‫‪26277‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا‬
‫حكِيمٌ هذا‬
‫ن اللّهُ أعَْلمُ بإيمَا ِنهِن حتى بلغ وَالّلهُ عَلِيمٌ َ‬
‫حنُوهُ ّ‬
‫ت فا ْم َت ِ‬
‫إذَا جا َء ُكمُ المُو ْءمِناتُ مُهاجِرَا ٍ‬
‫ل بين أهل الهدى وأهل الضللة كنّ إذا فررن من المشركين الذي بينهم‬
‫حكم حكمه عزّ وج ّ‬
‫وبين نبيّ ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه عهد إلى أصحاب نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ن من المشركين الذي بينهم وبين نبيّ ال صلى ال‬
‫ن إلى أزواجه ّ‬
‫فتزوّجوهنّ بعثوا مهوره ّ‬
‫عليه وسلم عهد وإذا فررن من أصحاب نبيّ ال صلى ال عليه وسلم إلى المشركين الذين‬
‫بينهم وبين نبيّ ال صلى ال عليه وسلم عهد بعثوا بمهورهنّ إلى أزواجهنّ من أصحاب نبيّ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪26278‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬قال‪ :‬نزلت‬
‫عليه وهو بأسفل الحديبية‪ ,‬وكان النبيّ صلى ال عليه وسلم صالحهم أنه من أتاه منهم ردّه‬
‫إليهم فلما جاءه النساء نزلت عليه هذه الية‪ ,‬وأمره أن يردّ الصداق إلى أزواجهن حكم على‬
‫المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين أن يردّوا الصداق إلى أزواجهنّ فقال وَل‬
‫ُت ْمسِكُوا ِب ِعصَمِ ال َكوَافِرِ‪.‬‬
‫‪26279‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن كان نبيّ ال صلى ال عليه وسلم عاهد من‬
‫حنُو ُهنّ الّلهُ أعَْلمُ بإيمَانِه ّ‬
‫يقول في قوله‪ :‬فا ْمتَ ِ‬
‫المشركين ومن أهل الكتاب‪ ,‬فعاهدهم وعاهدوه‪ ,‬وكان في الشرط أن يردّوا الموال والنساء‪,‬‬
‫فكان نبيّ ال إذا فاته أحد من أزواج المؤمنين‪ ,‬فلحق بالمعاهدة تاركا لدينه مختارا للشرك‪ ,‬ردّ‬
‫على زوجها ما أنفق عليها‪ ,‬وإذا لحق بنبيّ ال صلى ال عليه وسلم أحد من أزواج المشركين‬
‫امتحنها نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فسألها‪« :‬ما أخرجك من قومك؟» فإن وجدها خرجت‬
‫تريد السلم قبلها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬ور ّد على زوجها ما أنفق عليها‪ ,‬وإن‬
‫وجدت فرّت من زوجها إلى آخر بينها وبينه قرابة‪ ,‬وهي متمسكة بالشرك ردّها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إلى زوجها من المشركين‪.‬‬
‫‪26280‬ـ حدثني يونس بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله يا‬
‫حنُو ُهنّ‪ ...‬الية كلها‪ ,‬قال‪ :‬لما هادن‬
‫جرَاتٍ فا ْمتَ ِ‬
‫أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا إذَا جا َء ُكمُ المُو ْءمِناتُ مُها ِ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم المشركين كان في الشرط الذي شُرط‪ :‬أن تردّ إلينا من أتاك‬
‫منا‪ ,‬ونردّ إليك من أتانا منكم‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪َ « :‬منْ أتانا ِم ْن ُكمْ فَن ُردّ ُه إَل ْي ُكمُ‪,‬‬
‫ن أتا ُكمْ ِمنّا فاخْتارَ الكُ ْفرَ على اليمَانِ فَل حاجَ َة لَنا فِيهِمْ» قال‪ :‬فأبى ال ذلك للنبيّ صلى ال‬
‫َومَ ْ‬
‫جرَاتٍ‬
‫عليه وسلم في النساء‪ ,‬ولم يأبه للرجال‪ ,‬فقال ال عزّ وجلّ‪ :‬إذَا جا َء ُكمُ المُو ْءمِناتُ مُها ِ‬
‫حنُوهُنّ‪ ...‬إلى قوله وآتُو ُهمْ ما أنْفَقُوا أزواجهنّ‪.‬‬
‫فا ْم َت ِ‬
‫‪26281‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني عمرو بن الحارث‪ ,‬عن بكير بن‬
‫الشجّ‪ ,‬قال كان بين رسول ال صلى ال عليه وسلم والمشركين هدنة فيمن فرّ من النساء‪ ,‬فإذا‬
‫فرّت المشركة أعطى المسلمون زوجها نفقته عليها وكان المسلمون يفعلون وكان إذا لم يعط‬
‫هؤلء ول هؤلء أخرج المسلمون للمسلم الذي ذهبت امرأته نفقتها‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَل جُناحَ عََل ْي ُكمْ أنْ َت ْن ِكحُو ُهنّ إذَا آ َت ْي ُتمُو ُهنّ ُأجُورَهُنّ يقول تعالى ذكره‪ :‬ول حرج‬
‫عليكم أيها المؤمنون أن تنكحوا هؤلء المهاجرات اللتي لحقن بكم من دار الحرب مفارقات‬
‫ن مؤمنات إذا أنتم أعطيتموهنّ‬
‫لزواجهنّ‪ ,‬وإن كان لهنّ أزواج في دار الحرب إذا علمتموه ّ‬
‫أجورهن‪ ,‬ويعني بالجور‪ :‬الصّدقات‪ .‬وكان قتادة يقول‪ :‬كنّ إذا فررن من المشركين الذين‬
‫بينهم وبين نبيّ ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه عهد إلى أصحاب نبيّ ال صلى ال عليه‬
‫ن من المشركين الذين بينهم وبين أصحاب نبيّ‬
‫ن إلى أزواجه ّ‬
‫وسلم فتزوّجوهنّ‪ ,‬بعثوا بمهوره ّ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم عهد‪.‬‬
‫‪26282‬ـ حدثنا بذلك بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪.‬‬
‫حبِسن عنهم وإن هم ردّوا المسلمين‬
‫ن إليهم إذا ُ‬
‫وكان الزهريّ يقول‪ :‬إنما أمر ال بردّ صداقه ُ‬
‫على صداق من حبسوا عنهم من نسائهم‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن الزهريّ‪.‬‬
‫‪26283‬ـ حدثنا بذلك ابن ُ‬
‫‪26284‬ـ حدثني يونس‪ ,‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَل جُناحَ عََل ْي ُكمْ أنْ‬
‫ن ولها زوج ثمّ‪ ,‬لنه فرق بينهما السلم إذا استبرأتن أرحامهنّ‪.‬‬
‫َت ْن ِكحُوهُ ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَل ُت ْمسِكُوا ِب ِعصَم ال َكوَافِرِ يقول جلّ ثناؤه للمؤمنين به من أصحاب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ :‬ل تمسكوا إيها المؤمنون بحبال النساء الكوافر وأسبابهنّ‪ ,‬والكوافر‪ :‬جمع‬
‫كافرة‪ ,‬والعصم‪ :‬جمع عصمة‪ ,‬وهي ما اعتصم به من العقد والسبب‪ ,‬وهذا نهي من ال‬
‫للمؤمنين عن القدام على نكاح النساء المشركات من أهل الوثان‪ ,‬وأمر لهم بفراقهنّ‪ .‬وبنحو‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26285‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن سعيد القطان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال‬
‫بن المبارك‪ ,‬قال أخبرنا معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬عن عروة‪ ,‬عن المسور بن مخرمة ومروان بن‬
‫ي صلى ال عليه وسلم جاءه نسوة مؤمنات بعد أن كتب كتاب القضية بينه وبين‬
‫الحكم أن النب ّ‬
‫صمِ الكَوَا ِفرِ‬
‫جرَاتٍ حتى بلغ ب ِع َ‬
‫قريش‪ ,‬فأنزل ال‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا إذا جا َء ُكمُ المُو ْءمِنات مُها ِ‬
‫فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له بالشرك‪ ,‬فتزوّج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والخرى‬
‫صفوان بن أمية‪.‬‬
‫‪26286‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني يونس‪ ,‬عن ابن شهاب‪ ,‬قال‪:‬‬
‫بلغنا أن آية المحنة التي مادّ فيها رسول ال صلى ال عليه وسلم كفار قريش من أجل العهد‬
‫الذي كان بين كفار قريش وبين النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فكان النبيّ صلى ال عليه وسلم‬
‫ن كفار للعهد الذي‬
‫يردّ إلى كفار قريش ما أنفقوا على نسائهم اللتي يسلمن ويهاجرن‪ ,‬وبعولته ّ‬
‫كان بين النبيّ صلى ال عليه وسلم وبينهم‪ ,‬ولو كانوا حربا ليست بينهم وبين النبيّ صلى ال‬
‫عليه وسلم مدّة وعقد لم يردّ عليهم شيئا مما أنفقوا‪ ,‬وحكم ال للمؤمنين على أهل المدّة من‬
‫ن آ َمنُوا إذا جا َء ُكمُ المُو ْءمِنات مُهاجِرَاتٍ حتى بلغ وَالّلهُ‬
‫الكفار بمثل ذلك‪ ,‬قال ال‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ل امرأة كافرة كانت تحت رجل منهم‪ ,‬فطلق‬
‫حكِي ٌم فطلق المؤمنون حين أنزلت هذه الية ك ّ‬
‫عَلِيمٌ ِ‬
‫عمر بن الخطاب رضي ال عنه امرأته ابنة أبي أُمية بن المغيرة من بني مخزوم فتزوّجها‬
‫معاوية بن أبي سفيان‪ ,‬وابنة جرول من خزاعة‪ ,‬فتزوّجها أبو جهم بن حذافة ال َعدَ ِويّ‪ ,‬وجعل‬
‫ال ذلك حكما حكم به بين المؤمنين والمشركين في هذه المدة التي كانت‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن محمد بن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬وقال الزهريّ‪ :‬لما‬
‫‪26287‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫سكُوا ِب ِعصَم‬
‫نزلت هذه الية يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا إذا جا َء ُكمُ المُو ْءمِنات‪ ...‬إلى قوله‪ :‬وَل ُت ْم ِ‬
‫الكَوَا ِفرِ كان ممن طلق عمر بن الخطاب رضي ال عنه امرأته قريبة ابنة أبي أمية بن‬
‫المغيرة‪ ,‬فتزوجها بعده معاوية بن أبي سفيان‪ ,‬وهما على شركهما بمكة وأم كلثوم ابنة جرول‬
‫الخزاعية أم عبد ال بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حُذافة بن غانم رجل من قومه‪ ,‬وهما على‬
‫شركهما وطلحة بن عبيد ال بن عثمان بن عمرو التيمي كانت عنده أروى بنت ربيعة بن‬
‫الحارث بن عبد المطلب‪ ,‬ففرّق بينهما السلم حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر‪,‬‬
‫وكان طلحة قد هاجر وهي بمكة على دين قومها‪ ,‬ثم تزوّجها في السلم بعد طلحة خالد بن‬
‫سعيد بن العاص بن أُمية بن عبد شمس‪ .‬وكان ممن فرّ إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫من نساء الكفار ممن لم يكن بينه وبين رسول ال صلى ال عليه وسلم عهد فحبسها وزوّجها‬
‫رجلً من المسلمين أميمة بنت بشر النصارية‪ ,‬ثم إحدى نساء بني أمية بن زيد من أوس ال‪,‬‬
‫كانت عند ثابت بن الدحداحة‪ ,‬ففرّت منه‪ ,‬وهو يومئذ كافر إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫فزوّجها رسول ال صلى ال عليه وسلم سهل بن حنيف أحد بني عمرو بن عوف‪ ,‬فولدت عبد‬
‫ال بن سهل‪.‬‬
‫حدثني ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬قال ال‪ :‬وَل ُت ْمسِكُوا‬
‫ِبعِصَم الكَوَا ِفرِ قال‪ :‬الزهريّ‪ :‬فطلق عمر امرأتين كانتا له بمكة‪.‬‬
‫‪26288‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫سكُوا ِب ِعصَم‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد وَل ُت ْم ِ‬
‫الكَوَا ِفرِ قال‪ :‬أصحاب محمد أُمروا بطلق نسائهم كوافر بمكة‪ ,‬قعدن مع الكفار‪.‬‬
‫سكُوا ِبعِصَم‬
‫‪26289‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَل ُت ْم ِ‬
‫الكَوَا ِفرِ مشركات العرب اللتي يأبين السلم أُمر أن ُيخَلّى سبِيلُهن‪.‬‬
‫سكُوا‬
‫‪26290‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَل ُت ْم ِ‬
‫ِبعِصَم الكَوَا ِفرِ إذا كفرت المرأة فل تمسكوها‪ ,‬خلوها‪ ,‬وقعت الفرقة بينها وبين زوجها حين‬
‫كفرت‪.‬‬
‫سكُوا فقرأ ذلك عامة قرّاء الحجاز والمدينة والكوفة‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله وَل ُت ْم ِ‬
‫سكُوا» بتشديدها‪ ,‬وذكر أنها‬
‫سكُوا بتخفيف السين‪ .‬وقرأ ذلك أبو عمرو «ولَ ُت ْم ِ‬
‫والشأم‪ ,‬وَل ُت ْم ِ‬
‫قراءة الحسن‪ ,‬واعتبر من قرأ ذلك بالتخفيف‪ ,‬وإمساك بمعروف‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان‪ ,‬ولغتان مشهورتان‪ ,‬محكى عن العرب‬
‫أمسكت به ومسكت‪ ,‬وتمسّكت به‪.‬‬
‫سئَلُوا ما أنْفَقُوا يقول تعالى ذكره لزواج اللواتي لحقن من‬
‫سئَلُوا ما أنْفَ ْق ُتمْ وَ ْل َي ْ‬
‫وقوله‪ :‬وَا ْ‬
‫المؤمنين من دار السلم بالمشركين إلى مكة من كفار قريش‪ :‬واسئلوا أيها المؤمنون الذين‬
‫ذهبت أزواجهم فلحقن بالمشركين ما أنفقتم على أزواجكم اللواتي لحقن بهم من الصداق من‬
‫تزوّجهن منهم‪ ,‬وليسئلكم المشركون منهم الذين لحق بكم أزواجهم مؤمنات إذا تزوّجن فيكم من‬
‫تزوّجها منكم ما أنفقوا عليهنّ من الصداق‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪26291‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني يونس‪ ,‬عن ابن شهاب‪ ,‬قال‪ :‬أقر‬
‫المؤمنون بحكم ال‪ ,‬وأدّوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم‪ ,‬وأبى‬
‫المشركون أن يقرّوا بحكم ال فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين‪.‬‬
‫‪26292‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول ال‪:‬‬
‫سئَلُوا ما أنْفَقوا قال‪ :‬ما ذهب من أزواج أصحاب محمد صلى ال عليه‬
‫سئَلُوا ما أنْفَ ْق ُتمْ وَلْي ْ‬
‫وَا ْ‬
‫وسلم إلى الكفار‪ ,‬فليعطهم الكفار صدقاتهنّ‪ ,‬وليمسكوهن‪ ,‬وما ذهب من أزواج الكفار إلى‬
‫ي صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فمثل ذلك في صلح كان بين محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫أصحاب النب ّ‬
‫وبين قريش‪.‬‬
‫حكُمُ َب ْي َن ُكمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الحكم الذي حكمت بينكم من أمركم‬
‫حكْ ُم اللّ ِه َي ْ‬
‫وقوله‪ :‬ذَِل ُكمْ ُ‬
‫أيها المؤمنون بمسألة المشركين‪ ,‬وما أنفقتم على أزواجكم اللتي لحقن بهم وأمرهم بمسألتكم‬
‫مثل ذلك في أزواجهن اللتي لحقن بكم‪ ,‬حكم ال بينكم فل تعتدوه‪ ,‬فإنه الحقّ الذي ل يسمع‬
‫غيره‪ ,‬فانتهى المؤمنون من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم فيما ذُكر إلى أمر ال‬
‫وحكمه‪ ,‬وامتنع المشركون منه وطالبوا الوفاء بالشروط التي كانوا شارطوها بينهم في ذلك‬
‫الصلح‪ ,‬وبذلك جاءت الَثار والخبار عن أهل السير وغيرهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26293‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬قال‪ :‬أما‬
‫المؤمنون فأقرّوا بحكم ال‪ ,‬وأما المشركون فأبوا أن يقرّوا‪ ,‬فأنزل ال عزّ وجلّ‪ :‬وَإنْ فا َتكُمْ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ‪ ...‬الية‪.‬‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫شيْءٌ مِ ْ‬
‫َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬عن الزهري‪ ,‬قال‪ :‬قال ال‪:‬‬
‫‪26294‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫حكْمُ الّل ِه يحكم بينكم‪ ,‬فأمسك رسول ال صلى ال عليه وسلم النساء‪ ,‬وردّه الرجال‪ ,‬وسأل‬
‫ذَِلكُ ْم ُ‬
‫الذي أمره ال أن يسأل من صدقات النساء من حبسوا منهنّ‪ ,‬وأن يردّوا عليهم مثل الذي‬
‫يردّون عليهم إن هم فعلوا‪ ,‬ولول الذي حكم ال به من هذا الحكم ردّ رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم النساء‪ ,‬كما ردّ الرجال‪ ,‬ولول الهدنة والعهد الذي كان بينه وبين قريش يوم الحديبية‬
‫أمسك النساء ولم يرد إليهم صداقا‪ ,‬وكذلك يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد‪.‬‬
‫ل ثناؤه‪ :‬وال ذو علم بما يصلح خلقه وغير ذلك من المور‪,‬‬
‫حكِيمٌ يقول ج ّ‬
‫قوله‪ :‬وَاللّهُ عَلِيمٌ َ‬
‫حكيم في تدبيره إياهم‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ج ُكمْ إِلَى ا ْلكُفّارِ َفعَاقَ ْب ُتمْ فَآتُواْ اّلذِينَ‬
‫شيْءٌ ّمنْ َأزْوَا ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬وَإِن فَاتَ ُكمْ َ‬
‫ج ُهمْ ّمثْلَ مَآ أَنفَقُو ْا وَاتّقُو ْا اللّ َه اّل ِذيَ أَن ُتمْ بِ ِه مُ ْؤ ِمنُونَ }‪.‬‬
‫ذَ َهبَتْ َأزْوَا ُ‬
‫يقول جلّ ثناؤه للمؤمنين من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وَإنْ فَا َتكُ ْم أيها‬
‫ج ُكمْ إلَى ال ُكفّا ِر فلحق بهم‪.‬‬
‫شيْءٌ ِمنْ أزْوا ِ‬
‫المؤمنون َ‬
‫عنُوا بقوله إلى الكُفّارِ من هم؟ فقال بعضهم‪ :‬هم الكفار‬
‫واختلف أهل التأويل في الكفار الذين ُ‬
‫الذين لم يكن بينهم وبين رسول ال صلى ال عليه وسلم عهد‪ ,‬قالوا‪ :‬ومعنى الكلم‪ :‬وإن فاتكم‬
‫شيء من أزواجكم‪ ,‬إلى من ليس بينكم وبينهم عهد من الكفار‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26295‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإنْ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ الذين ليس بينكم وبينهم عهد‪.‬‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫شيْءٌ مِ ْ‬
‫فَا َت ُكمْ َ‬
‫شيْءٌ مِنْ‬
‫‪26296‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَإنْ فَا َت ُكمْ َ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ إذا فررن من أصحاب النبيّ صلى ال عليه وسلم إلى كفار ليس بينهم‬
‫أزْوَا ِ‬
‫وبين رسول ال صلى ال عليه وسلم عهد‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن مجاهد وَإنْ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ قال‪ :‬لم يكن بينهم عهد‪.‬‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫شيْءٌ مِ ْ‬
‫فَا َت ُكمْ َ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هم كفار قريش الذي كانوا أهل هدنة‪ ,‬وذلك قول الزهريّ‪.‬‬
‫‪26297‬ـ حدثني بذلك يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني يونس عنه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فَعا َق ْبتُمْ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء المصار فَعا َقبْ ُتمْ باللف على‬
‫مثال فاعلتم‪ ,‬بمعنى‪ :‬أصبتم منهم عقبى‪ .‬وقرأه حميد العرج فيما ذُكر عنه‪َ « :‬فعَ ّق ْب ُتمْ» على‬
‫خ ّدكَ للنّاسِ‬
‫ص ّعرْ َ‬
‫مثال فعّلتم مشددة القاف‪ ,‬وهما في اختلف اللفاظ بهما نظير قوله‪ :‬وَل تُ َ‬
‫عرْ مع تقارب معانيهما‪.‬‬
‫و ُتصَا ِ‬
‫قال أبو جعفر‪ :‬وأولى القراءتين عندي بالصواب في ذلك قراءة من قرأ فَعا َق ْبتُمْ باللف‬
‫لجماع الحجة من القرّاء عليه‪.‬‬
‫ج ُهمْ ِمثْلَ ما أنْفَقُوا يقول‪ :‬فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم منكم‬
‫ن ذَ َهبَتْ أزْوَا ُ‬
‫وقوله‪ :‬فآتُوا اّلذِي َ‬
‫إلى الكفار مثل ما أنفقوا عليهنّ من الصداق‪.‬‬
‫واختلف أهل التأويل في المال الذي أمر أن يعطى منه الذي ذهبت زوجته إلى المشركين‪,‬‬
‫فقال بعضهم‪ :‬أُمروا أن يعطوهم صداق من لحق بهم من نساء المشركين‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26298‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني يونس‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬قال‪ :‬أقرّ‬
‫المؤمنون بحكم ال‪ ,‬وأدّوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم‪ ,‬وأبى‬
‫المشركون أن يقرّوا بحكم ال فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين‪ ,‬فقال ال للمؤمنين‪:‬‬
‫جهُ ْم ِمثْلَ ما أنْفَقُوا وَاتّقُوا‬
‫ت أزْوَا ُ‬
‫جكُمْ إلى الكُفّارِ فَعا َق ْبتُمْ فآتُوا اّلذِينَ ذَ َهبَ ْ‬
‫شيْ ٌء مِنْ أ ْزوَا ِ‬
‫وَإنْ فَا َتكُمْ َ‬
‫اللّ َه اّلذِي أ ْن ُتمْ بِ ِه مُو ْء ِمنُونَ فلو أنها ذهبت بعد هذه الية امرأة من أزواج المؤمنين إلى‬
‫المشركين‪ ,‬ردّ المؤمنون إلى زوجها النفقة التي أنفق عليها من العقب الذي بأيديهم‪ ,‬الذي أمروا‬
‫أن يردّوه على المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهم اللتي آمن وهاجرن‪ ,‬ثم ردّوا‬
‫إلى المشركين فضلً إن كان بقي لهم‪ .‬والعقب‪ :‬ما كان بأيدي المؤمنين من صداق نساء الكفار‬
‫حين آمنّ وهاجرن‪.‬‬
‫‪26299‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬قال‪ :‬أنزل ال‬
‫جهُ ْم ِمثْلَ ما أنْفَقُوا فأمر‬
‫ت أزْوَا ُ‬
‫جكُمْ إلى الكُفّارِ فَعا َق ْبتُمْ فآتُوا اّلذِينَ ذَ َهبَ ْ‬
‫شيْ ٌء مِنْ أ ْزوَا ِ‬
‫وَإنْ فَا َتكُمْ َ‬
‫ال المؤمنين أن يردّوا الصداق إذا ذهبت امرأة من المسلمين ولها زوج أن يردّ إليه المسلمون‬
‫صداق امرأته من صداق إن كان في أيديهم مما أمروا أن يردوا إلى المشركين‪..‬‬
‫وقال آخرون‪ .‬بل أُمروا أن يعطوه من الغنيمة أو الفيء‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26300‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫جهُمْ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ فَعا َق ْبتُمْ فآتُوا اّلذِينَ ذَ َهبَتْ أ ْزوَا ُ‬
‫شيْ ٌء مِنْ أزْوَا ِ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَإنْ فَا َتكُمْ َ‬
‫ن يعني‪ :‬إن لحقت امرأة رجل من المهاجرين‬
‫ِمثْلَ ما أنْ َفقُوا واتّقُوا الّلهَ اّلذِي أ ْن ُتمْ ِبهِ مُو ْء ِمنُو َ‬
‫بالكفار‪ ,‬أمر له رسول ال صلى ال عليه وسلم أن يعطى من الغنيمة مثل ما أنفق‪.‬‬
‫‪26301‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن‬
‫مجاهد‪ ,‬إنهم كانوا أُمروا أن يردّوا عليهم من الغنيمة‪ .‬وكان مجاهد يقرأ‪ :‬فَعا َق ْب ُتمْ‪.‬‬
‫‪26302‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد فَعا َق ْب ُتمْ يقول‪:‬‬
‫جهُ ْم ِمثْلَ ما أنْفَقُوا صدقاتهنّ عوضا‪.‬‬
‫ت أزْوَا ُ‬
‫أصبتم مغنما من قريش أو غيرهم فآتُوا اّلذِينَ ذَ َهبَ ْ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حبيب بن أبي ثابت‪ ,‬عن مجاهد وَإنْ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ قال‪ :‬من لم يكن بينهم وبينهم عهد‪ ,‬فذهبت امرأة إلى‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫شيْءٌ مِ ْ‬
‫فَا َت ُكمْ َ‬
‫ج ُهمْ ِمثْلَ‬
‫ن ذَ َهبَتْ أزْوَا ُ‬
‫المشركين‪ ,‬فيدفع إلى زوجها مهر مثلها فَعا َق ْبتُمْ فأصبتم غنيمة فآتُوا اّلذِي َ‬
‫ما أنْفَقُوا وَاتّقُوا الّلهَ قال‪ :‬مهر مثلها يُدفع إلى زوجها‪.‬‬
‫شيْءٌ ِمنْ‬
‫ن فَاتَ ُكمْ َ‬
‫‪26303‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫ن إذا فررن من‬
‫ل ما أنْفَقُوا وَاتّقُوا اللّ َه ك ّ‬
‫ج ُهمْ ِمثْ َ‬
‫ن ذَ َهبَتْ أزْوَا ُ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ فآتُوا اّلذِي َ‬
‫أزْوَا ِ‬
‫ي صلى ال عليه وسلم إلى الكفار ليس بينهم وبين نبيّ ال عهد‪ ,‬فأصاب أصحاب‬
‫أصحاب النب ّ‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم غنيمة‪ ,‬أعطى زوجها ما ساق إليها من جميع الغنيمة‪ ,‬ثم‬
‫يقتسمون غنيمتهم‪.‬‬
‫‪26304‬ـ حدثني أحمد بن يوسف‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا القاسم‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الكسائي يخبر عن زائدة‪,‬‬
‫عن العمش‪ ,‬عن مسلم‪ ,‬عن مسروق أنه قرأها فَعا َقبْ ُتمْ وفسّرها فغنمتم‪.‬‬
‫‪26305‬ـ حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا القاسم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫فَعا َق ْبتُمْ قال‪ :‬غنمتم‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬عن ابن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬سألنا الزهريّ‪ ,‬عن هذه‬
‫‪26306‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ‪ .‬الية‪ ,‬قال‪ :‬يقول‪ :‬إن فات أحدا‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫الية وقول ال فيها‪ :‬وَإنْ فَا َت ُكمْ شَيْ ٌء مِ ْ‬
‫منكم أهله إلى الكفار‪ ,‬ولم تأتكم امرأة تأخذون لها مثل الذي يأخذون منكم‪ ,‬فعوّضوه من فيء‬
‫إن أصبتموه‪.‬‬
‫وقال آخرون في ذلك ما‪:‬‬
‫ن فَا َت ُكمْ‬
‫‪26307‬ـ حدثني به يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ فَعا َق ْب ُتمْ قال‪ :‬خرجت امرأة من أهل السلم إلى المشركين‪ ,‬ولم‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫شيْءٌ مِ ْ‬
‫َ‬
‫عقْبتكم قد أتتكم‪ ,‬فقال ال وَإنْ‬
‫يخرج غيرها‪ .‬قال‪ :‬فأتت امرأة من المشركين‪ ,‬فقال القوم‪ :‬هذه ُ‬
‫ج ُكمْ إلى الكُفّارِ فَعا َق ْب ُتمْ‪ :‬أمسكتم الذي جاءكم منهم من أجل الذي لكم‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫شيْءٌ مِ ْ‬
‫فَا َت ُكمْ َ‬
‫ل ما أنْفَقُوا ثم أخبرهم ال أنه ل جناح عليهم إذا فعلوا الذي‬
‫جهُمْ ِمثْ َ‬
‫عندهمفآتُوا اّلذِينَ ذَ َهبَتْ أ ْزوَا ُ‬
‫ن إذا استبرىء رحمها‪ ,‬قال‪ :‬فدعا رسول ال صلى ال عليه وسلم الذي ذهبت‬
‫فعلوا أن ينكحوه ّ‬
‫امرأته إلى الكفار‪ ,‬فقال لهذه التي أتت من عند المشركين‪ :‬هذا زوج التي ذهبت أزوجكه؟‬
‫فقالت‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬عذر ال زوجة هذا أن تف ّر منه‪ ,‬ل وال مالي به حاجة‪ ,‬فدعا البختري‬
‫رجلً جسيما‪ ,‬قال‪ :‬هذا؟ قالت‪ :‬نعم‪ ,‬وهي ممن جاء من مكة‪.‬‬
‫ل في هذه الية المؤمنين أن‬
‫وأولى القوال في ذلك بالصواب أن يقال‪ :‬أمر ال عزّ وج ّ‬
‫عقْبى‪,‬‬
‫يعطوا من فرّت زوجته من المؤمنين إلى أهل الكفر إذا هم كانت لهم على أهل الكفر ُ‬
‫إما بغنيمة يصيبونها منهم‪ ,‬أو بلحاق نساء بعضهم بهم‪ ,‬مثل الذي أنفقوا على الفارّة منهم إليهم‪,‬‬
‫ولم يخصص إيتاءهم ذلك من مال دون مال‪ ,‬فعليهم أن يعطوهم ذلك من كلّ الموال التي‬
‫ذكرناها‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬واتّقُوا الّل َه اّلذِي أ ْنتُمْ ِبهِ مُو ْء ِمنُونَ يقول‪ :‬وخافوا ال الذي أنتم به مصدّقون أيها‬
‫المؤمنون فاتقوه بأداء فرائضه‪ ,‬واجتناب معاصيه‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل ُيشْ ِركْنَ‬
‫ك ا ْلمُ ْؤ ِمنَاتُ ُيبَا ِي ْع َنكَ عََلىَ أَن ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَ ّيهَا ال ّن ِبيّ ِإذَا جَآ َء َ‬
‫ن َأ ْيدِيهِنّ‬
‫ن ِب ُب ُهتَانٍ يَ ْف َترِينَهُ َبيْ َ‬
‫ل َي ْأتِي َ‬
‫لدَهُنّ َو َ‬
‫ن أَ ْو َ‬
‫ل يَ ْقتُلْ َ‬
‫ل َيزْنِينَ َو َ‬
‫سرِقْنَ َو َ‬
‫شيْئا َولَ َي ْ‬
‫بِاللّهِ َ‬
‫ن الّلهَ ِإنّ الّلهَ غَفُو ٌر رّحِيمٌ }‪.‬‬
‫س َتغْ ِفرْ َلهُ ّ‬
‫وََأ ْرجُِلهِنّ َولَ َي ْعصِي َنكَ فِي َم ْعرُوفٍ َفبَا ِيعْهُنّ وَا ْ‬
‫ي إذَا جاءَك المُو ْءمِناتُ بال‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا أيّها ال ّنبِ ّ‬
‫ن وَل ي ْأتِينَ ِب ُبهْتان‬
‫شيْئا وَل َيسْ ِرقْنَ وَل َي ْزنِينَ وَل يَ ْقتُلْنَ أوْلدَهُ ّ‬
‫ش ِركُنَ باللّ ِه َ‬
‫ن ل ُي ْ‬
‫يُبايِ ْع َنكَ على أ ْ‬
‫ن أ ْيدِيهِن وأ ْرجُُلهِنّ يقول‪ :‬ول يأتين بكذب يكذبنه في مولود يوجد بين أيديهنّ‬
‫يَ ْف َترِينَ ُه بَي َ‬
‫ن غير أولدهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال‬
‫وأرجلهنّ‪ .‬وإنما معنى الكلم‪ :‬ول يلحقن بأزواجه ّ‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26308‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪,‬‬
‫ن غير أولدهم‪.‬‬
‫قوله‪ :‬وَل ي ْأتِينَ ِب ُبهْتان يَ ْف َترِينَ ُه بَينَ أ ْيدِيهِن وأ ْرجُُلهِنّ يقول‪ :‬ل يلحقن بأزواجه ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَل َيعْصِي َنكَ فِي َمعْرُوفٍ يقول‪ :‬ول يعصينك يا محمد في معروف من أمر ال عزّ‬
‫ن أن ل يعصين رسول ال صلى‬
‫ل تأمرهنّ به‪ .‬وذُكر أن ذلك المعروف الذي شرط عليه ّ‬
‫وج ّ‬
‫ال عليه وسلم فيه هو النياحة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26309‬ـ حدثنا عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪,‬‬
‫قوله‪ :‬وَل َي ْعصِينكَ فِي َم ْعرُوفٍ يقول‪ :‬ل يُنحْن‪.‬‬
‫‪26310‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد ال بن المبارك‪ ,‬عن‬
‫سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن سالم بن أبي الجعد‪ ,‬وَل َيعْصِينكَ فِي َمعْرُوفٍ‪ ,‬قال‪ :‬النوح‪.‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن سالم بن أبي‬
‫الجعد‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن سالم‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫‪26311‬ـ حدثنا محمد بن عبيد المحاربيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا موسى بن عمير‪ ,‬عن أبي صالح‪ ,‬في‬
‫قوله‪ :‬وَل َي ْعصِينكَ فِي َم ْعرُوفٍ قال‪ :‬في نياحة‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن سالم بن أبي الجعد وَل‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫ف قال‪ :‬النوح‪.‬‬
‫َيعْصِينكَ فِي َمعْرُو ٍ‬
‫‪26312‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن زيد بن أسلم وَل َي ْعصِينكَ فِي َم ْعرُوفٍ قال‪ :‬ل‬
‫ن ويلً‪ ,‬ول ينشدن شعرا‪.‬‬
‫يخدشن وجها‪ ,‬ول يشققن جيبا‪ ,‬ول يدعو ّ‬
‫‪26313‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬كانت محنة النساء أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب‬
‫رضي ال عنه فقال‪ :‬قل لهنّ‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم يبايعكنّ على أن ل تشركن‬
‫بال شيئا‪ ,‬وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة رحمة ال عليه متنكرة في‬
‫النساء‪ ,‬فقالت‪ :‬إني إن أتكلم يعرفني‪ ,‬وإن عرفني قتلني‪ ,‬وإنما تنكرت فرقا من رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فسكت النسوة اللتي مع هند‪ ,‬وأبين أن يتكلمن قالت هند وهي متنكرة‪:‬‬
‫وكيف يقبل من النساء شيئا لم يقبله من الرجال؟ فنظر إليها رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ل َلهُنّ وَل َيسْ ِرقْنَ»‪ ,‬قالت هند‪ :‬وال إني لصيب من أبى سفيان الهات وما‬
‫وقال لعمر‪« :‬قُ ْ‬
‫ن لي أم ل‪ ,‬قال أبو سفيان‪ :‬ما أصبت من شيء مضى‪ ,‬أو قد بقي‪ ,‬فهو لك حلل‪,‬‬
‫أدري أيحله ّ‬
‫فضحك رسول ال صلى ال عليه وسلم وعرفها‪ ,‬فدعاها فأتته‪ ,‬فأخذت بيده‪ ,‬فعاذت به‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫ت ِه ْندٌ»‪ ,‬فقالت‪ :‬عفا ال عما سلف‪ ,‬فصرف عنها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫«أنْ ِ‬
‫حرّةُ» قال‪ :‬وَل‬
‫وَل َيزْنِينَ فقالت‪ :‬يا رسول ال وهل تزني الحرّة؟ قال‪« :‬ل وال ما َت ْزنِي ال ُ‬
‫يَ ْقتُلْنَ أوْلدَهُنّ‪ ,‬قالت هند‪ :‬أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر قال‪ :‬وَل ي ْأتِينَ ِب ُبهْتان يَ ْف َترِينَهُ‬
‫ن أن ينحن‪ ,‬وكان أهل الجاهلية‬
‫ك فِي َم ْعرُوفٍ قال‪ :‬منعه ّ‬
‫بَينَ أ ْيدِيهِن وأ ْرجُُلهِنّ وَل َي ْعصِين َ‬
‫خ ِدشْن الوجوه‪ ,‬ويقطّعن الشعور‪ ,‬ويدعون بالثّبور والويل‪.‬‬
‫يمزّقن الثياب َو َي ْ‬
‫‪26314‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة يا أيّها ال ّن ِبيّ إذَا جا َءكَ‬
‫ن ذُكر لنا أن نبيّ ال صلى ال عليه وسلم أخذ عليهنّ يومئذ‬
‫ت يُبا ِي ْع َنكَ حتى بلغ فَبا ِيعْهُ ّ‬
‫المُو ْءمِنا ُ‬
‫حرَما»‪ ,‬فقال عبد الرحمن بن عوف‪ :‬يا نبيّ ال‬
‫النياحة‪« ,‬ول تحدّثن الرجال‪ ,‬إل رجلً منكنّ َم ْ‬
‫إن لنا أضيافا‪ ,‬وإنا نغيب عن نسائنا قال‪ :‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪َ« :‬ليْسَ أُوَل ِئكَ‬
‫ع َنيْتُ»‪.‬‬
‫َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وَل َيعْصِينكَ فِي َم ْعرُوفٍ‬
‫قال‪ :‬هو النوح ُأخِذ عليهنّ ل ينحن‪ ,‬ول يخلُونّ بحديث الرجال إل مع ذي َمحْرم قال‪ :‬فقال‬
‫عبد الرحمن بن عوف‪ :‬إنا نغيب ويكون لنا أضياف قال‪« :‬ليس أولئك عنيت»‪.‬‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سليمان‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أبو هلل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا قتادة‪ ,‬في قوله وَل‬
‫ف قال‪ :‬ل يحدثن رجلً‪.‬‬
‫َيعْصِينكَ فِي َمعْرُو ٍ‬
‫‪26315‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني ابن عياش‪ ,‬عن سليمان بن سليمان‪,‬‬
‫عن عمرو بن شعيب‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن جدّه‪ ,‬قال‪ :‬جاءت أُميمة بنت رقيقة إلى النبيّ صلى ال‬
‫عليه وسلم تبايعه على السلم فقال لها النبي صلى ال عليه وسلم‪« :‬أُبا ِي ُعكِ على أنْ ل‬
‫ن َي َد ْيكِ‬
‫سرِقي‪ ,‬وَل َت ْزنِي‪ ,‬وَل َت ْقتُلِي وََلدَك‪ ,‬وَل ت ْأتِي ِب ُبهْتان تَ ْف َترِينَهُ بَي َ‬
‫شيْئا‪ ,‬وَل َت ْ‬
‫ُتشْرِكي باللّ ِه َ‬
‫َو ِرجَْل ْيكِ‪ ,‬وَل َتنُوحي وَل تبّرجي َتبّرجَ الجاهِِليّ ِة الُولى»‪.‬‬
‫‪26316‬ـ حدثنا ابن حُميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن محمد بن المنكدر‪ ,‬عن أُميمة‬
‫طعْتُنّ‬
‫س َت َ‬
‫بنت رقيقة‪ ,‬قالت‪ :‬جاءت نسوة إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم يبايعنه‪ ,‬فقال‪« :‬فِيما ا ْ‬
‫وأطَ ْقتُنّ»‪ ,‬فقلنا‪ :‬ال ورسوله أرحم بنا منا بأنفسنا‪.‬‬
‫حدثنا محمد بن عبد ال بن عبد الحكم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبي وشعيب بن الليث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا خالد‬
‫بن يزيد‪ ,‬عن ابن أبي هلل‪ ,‬عن ابن المنكدر أن أُميمة أخبرته أنها دخلت على رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم في نسوة‪ ,‬فقلن‪ :‬يا رسول ال ابسط يدك نصافحك‪ ,‬فقال‪« :‬إنّي ل أُصافِحُ‬
‫خذُ عََل ْي ُكمّ»‪ ,‬فأخذ علينا حتى بلغ‪ :‬وَل َي ْعصِينكَ فِي َم ْعرُوفٍ فقال‪« :‬فِيما أطَ ْقتُنّ‬
‫النّساءَ‪ ,‬وََل ِكنْ سآ ُ‬
‫طعْتُنّ» فقلن‪ :‬ال ورسوله أرحم بنا من أنفسنا‪.‬‬
‫س َت َ‬
‫وَا ْ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هارون‪ ,‬عن عمرو‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن ابن سيرين‪ ,‬عن‬
‫‪26317‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫أمّ عطية النصارية‪ ,‬قالت‪ :‬كان فيما اشترط علينا من المعروف حين بايعنا أن ل ننوح‪ ,‬فقالت‬
‫امرأة من بني فلن‪ :‬إن بني فلن أسعدوني‪ ,‬فل حتى أجزيهم‪ ,‬فانطلقت فأسعدتهم‪ ,‬ثم جاءت‬
‫فبايعت قال‪ :‬فما وفى منهن غيرها وغير أ ّم سليم ابنة ملحان أمّ أنس بن مالك‪.‬‬
‫‪26318‬ـ حدثنا أبو كريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو نعيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو بن فروخ القتات‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدثنا مصعب بن نوح النصاري‪ ,‬قال‪« :‬أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬قالت‪ :‬فأتيته لبايعه‪ ,‬فأخذ علينا فيما أخذ ول تُنحنَ‪ ,‬فقالت عجوز‪ :‬يا نبيّ ال‬
‫إن ناسا قد كانوا أسعدوني على مصائب أصابتني‪ ,‬وإنهم قد أصابتهم مصيبة‪ ,‬فأنا أريد أن‬
‫أسعدهم قال‪« :‬فانْطَلِقي فَكا ِفئِيهمْ» ثم إنها أتت فبايعته‪ ,‬قال‪« :‬هو المعروف الذي قال ال»‪ :‬وَل‬
‫َيعْصِينكَ فِي َمعْرُوفٍ‪.‬‬
‫‪26319‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا وكيع‪ ,‬عن يزيد‪ ,‬مولى الصهباء‪ ,‬عن شهر بن حوشب‪,‬‬
‫ف قال‪:‬‬
‫عن أم سلمة عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬في قوله وَل َيعْصِينكَ فِي َمعْرُو ٍ‬
‫«النوح»‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن إسحاق‪ ,‬عن محمد بن المنكدر‪,‬‬
‫عن أُميمة بنت رقيقة التيمية‪ ,‬قالت‪ :‬بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم في نسوة من‬
‫المسلمين‪ ,‬فقلنا له‪ :‬جئناك يا رسول ال نبايعك على أن ل نشرك بال شيئا‪ ,‬ول نسرق‪ ,‬ول‬
‫نزني‪ ,‬ول نقتل أولدنا‪ ,‬ول نأتيَ ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا‪ ,‬ول نعصيك في معروف‬
‫ستَطعتنّ وأطقتنّ»‪ ,‬فقلنا‪ :‬ال ورسوله أرحم بنا‬
‫فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬فيما ا ْ‬
‫ن فَ َقدْ با َي ْع ُتكُنّ‪ ,‬إنّما قَوْلِي لم َئةِ امْرأ ٍة كَقَوْلي‬
‫من أنفسنا‪ ,‬فقلنا‪ :‬بايعنا يا رسول ال‪ ,‬فقال‪« :‬اذْ َهبْ َ‬
‫لمْرأ ٍة وَاحدَةِ»‪ ,‬وما صافح رسول ال صلى ال عليه وسلم منا أحدا‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يونس بن بكير‪ ,‬عن عيسى بن عبد ال التيمي‪ ,‬عن محمد بن‬
‫المنكدر‪ ,‬عن أُميمة بنت رقيقة خالة فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬قال‪ :‬سمعتها‬
‫تقول‪ :‬بايعنا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأخذ علينا أن ل نشرك بال شيئا‪ ,‬فذكر مثل‬
‫حديث محمد بن إسحاق‪.‬‬
‫حدثنا محمد بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن محمد بن المنكدر‪,‬‬
‫عن أُميمة بنت رقيقة‪ ,‬قالت‪ :‬أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم في نساء نبايعه‪ ,‬قالت‪ :‬فأخذ‬
‫شيْئا‪ ...‬الية‪ ,‬ثم قال‪« :‬فيما‬
‫ش ِركْنَ باللّ َه َ‬
‫ن ل ُي ْ‬
‫علينا النبيّ صلى ال عليه وسلم بما في القرآن أ ْ‬
‫ح النّساءَ ما قَوْلي‬
‫ط ْعتُنّ وأطَ ْقتُنّ» فقلنا‪ :‬يا رسول ال أل تصافحنا؟ فقال‪« :‬إنّي ل أُصافِ ُ‬
‫ستَ َ‬
‫اْ‬
‫ل كَقَوْلي ِل ِم َئةِ امْرأةٍ»‪.‬‬
‫لمرأ ٍة وَاحدَةِ إ ّ‬
‫حدثنا ابن عبد الرحيم البرقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو بن أبي سلمة‪ ,‬عن زُهير‪ ,‬عن موسى بن‬
‫عقبة‪ ,‬عن محمد بن المنكدر‪ ,‬عن أُميمة بنت رقيقة‪ ,‬عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بنحوه‪.‬‬
‫‪26320‬ـ حُدثت ‪ ,‬عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن في البيعة أن يتبعن‬
‫يقول في قوله وَل َيعْصِينكَ فِي َمعْرُوفٍ والمعروف‪ :‬ما اشترط عليه ّ‬
‫أمره‪.‬‬
‫‪26321‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال‪ :‬وَل َي ْعصِينكَ‬
‫فِي َم ْعرُوفٍ فقال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم نبيه وخيرته من خلقه ثم لم يستحلّ له‬
‫أمور أمر إل بشرط لم يقل‪ :‬ول يعصينك ويترك حتى قال‪ :‬في معروف‪ :‬فكيف ينبغي لحد أن‬
‫يُطاع في غير معروف وقد اشترط ال هذا على نبيه‪ ,‬قال‪ :‬فالمعروف كلّ معروف أمرهنّ به‬
‫ن أن ل يعصين‪.‬‬
‫في المور كلها وينبغي له ّ‬
‫‪26322‬ـ حدثنا محمد بن سنان القزاز‪ ,‬حدثنا إسحاق بن إدريس‪ ,‬حدثنا إسحاق بن عثمان بن‬
‫يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬ثني إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية‪ ,‬عن جدته أمّ عطية‪ ,‬قالت‪ :‬لما قدم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم المدينة‪ ,‬جمع بين نساء النصار في بيت‪ ,‬ثم أرسل إلينا عمر‬
‫بن الخطاب‪ ,‬فقام على الباب فسلم علينا‪ ,‬فرددن‪ ,‬أو فرددنا عليه‪ ,‬ثم قال‪ :‬أنا رسول رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم إليكنّ‪ ,‬قالت‪ :‬فقلنا مرحبا برسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وبرسول‬
‫رسول ال‪ ,‬فقال‪ :‬تبايعن على أن ل تشركن بال شيئا‪ ,‬ول تسرقن‪ ,‬ول تزنين‪ ,‬قالت‪ :‬قلنا نعم‬
‫قال‪ :‬فمدّ يده من خارج الباب أو البيت‪ ,‬ومددنا أيدينا من داخل البيت‪ ,‬ثم قال‪ :‬اللهمّ اشهد‬
‫قالت‪ :‬وأمرنا في العيدين أن نخرج فيه الحيض والعواتق‪ ,‬ول جمعة علينا‪ ,‬ونهانا عن اتباع‬
‫الجنازة‪ ,‬قال إسماعيل‪ :‬فسألت جدتي عن قول ال وَل َي ْعصِينكَ فِي َم ْعرُوفٍ قالت‪ :‬النياحة‪.‬‬
‫‪26323‬ـ حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو بن أبي سلمة‪ ,‬عن زهير‪,‬‬
‫ف قال‪ :‬ل يخلوا الرجل بامرأة‪.‬‬
‫في قول ال‪ :‬وَل َيعْصِينكَ فِي َمعْرُو ٍ‬
‫وقوله‪ :‬فَبا ِي ْعهُنّ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على هذه الشروط‪ ,‬فبايعهن‪,‬‬
‫ن عنها‪,‬‬
‫ن بعفوه له ّ‬
‫ن ال أن يصفح عن ذنوبهنّ‪ ,‬ويسترها عليه ّ‬
‫ن اللّ َه يقول‪ :‬سل له ّ‬
‫س َتغْ ِفرْ َلهُ ّ‬
‫وَا ْ‬
‫ن اللّهَ غَفُورٌ َرحِيمٌ يقول‪ :‬إن ال ذو ستر على ذنوب من تاب إليه من ذنوبه أن يعذّبه عليها‬
‫إّ‬
‫بعد توبته منها‪.‬‬

‫‪13‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫غضِبَ الّلهُ عََل ْي ِهمْ قَدْ َي ِئسُواْ‬
‫ن آ َمنُو ْا لَ َتتَوَّلوْاْ قوْما َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫صحَابِ الْ ُقبُورِ }‪.‬‬
‫لخِرَ ِة َكمَا َيئِسَ ا ْلكُفّارُ ِمنْ َأ ْ‬
‫ناَ‬
‫مِ َ‬
‫يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ‬
‫س الكُفّارُ مِنْ‬
‫خرَة كَما َيئِ َ‬
‫لِ‬‫ناَ‬
‫غضِبَ الّلهُ عََل ْي ِهمْ من اليهود َقدْ َي ِئسُوا مِ َ‬
‫آ َمنُوا ل َتتَوَّلوْا قَوْما َ‬
‫ب ال ُقبُورِ‪.‬‬
‫أصحَا ِ‬
‫ن أصحَابِ‬
‫خرَة كَما َيئِسَ الكُفّارُ مِ ْ‬
‫لِ‬‫واختلف أهل التأويل في تأويل قوله‪َ :‬قدْ َي ِئسُوا مِنَ ا َ‬
‫ال ُقبُورِ فقال بعضهم‪ :‬معنى ذلك‪ :‬قد يئس هؤلء القوم الذين غضب ال عليهم من اليهود من‬
‫ثواب ال في الَخرة‪ ,‬وأن يُبعثوا‪ ,‬كما يئس الكفار الحياء من أمواتهم الذين هم في القبور أن‬
‫يرجعوا إليهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26324‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫غضِبَ الّلهُ عََل ْيهِمْ‪ ...‬الية‪ ,‬يعني من مات‬
‫ن آ َمنُوا ل َتتَوَّلوْا قَوْما َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫من الذين كفروا‪ ,‬فقد يئس الحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم‪ ,‬أو يبعثهم ال‪.‬‬
‫‪26325‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن منصور بن‬
‫ن أصحَابِ‬
‫خرَة كَما َيئِسَ الكُفّارُ مِ ْ‬
‫لِ‬‫زاذان‪ ,‬عن الحسين أنه قال في هذه الية‪َ :‬قدْ َي ِئسُوا مِنَ ا َ‬
‫ال ُقبُورِ قال‪ :‬الكفار الحياء قد يئسوا من الموات‪.‬‬
‫‪26326‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬قَدْ‬
‫خرَة يقول‪ :‬يئسوا أن يُبعثوا كما يئس الكفار أن ترجع إليهم أصحاب القبور الذين‬
‫لِ‬‫ناَ‬
‫َي ِئسُوا مِ َ‬
‫ماتوا‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا ل َتتَوَّلوْا‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫خرَةِ‪ ...‬الية‪ ,‬الكافر ل يرجو لقاء ميته ول أجره‪.‬‬
‫لِ‬‫ب اللّهُ عََل ْي ِهمْ َقدْ َي ِئسُوا ِمنَ ا َ‬
‫غضِ َ‬
‫قَوْما َ‬
‫‪26327‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ب ال ُقبُورِ يقول‪ :‬من مات من‬
‫ن أصحَا ِ‬
‫خرَة‪ ,‬كَما َيئِسَ الكُفّارُ مِ ْ‬
‫لِ‬‫يقول في قوله‪َ :‬قدْ َي ِئسُوا ِمنَ ا َ‬
‫الذين كفروا فقد يئس الحياء منهم أن يرجعوا إليهم‪ ,‬أو يبعثهم ال‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬قد يئسوا من الَخرة أن يرحمهم ال فيها‪ ,‬ويغفر لهم‪ ,‬كما يئس‬
‫الكفار الذي هم أصحاب قبور قد ماتوا وصاروا إلى القبور من رحمة ال وعفوه عنهم في‬
‫الَخرة‪ ,‬لنهم قد أيقنوا بعذاب ال لهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26328‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬عن شعبة‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬عن مجاهد‪,‬‬
‫ن أصحَابِ ال ُقبُورِ قال‪ :‬أصحاب القبور‬
‫خرَة كَما َيئِسَ الكُفّارُ مِ ْ‬
‫لِ‬‫في هذه الية‪َ :‬قدْ َي ِئسُوا مِنَ ا َ‬
‫الذين في القبور قد يئسوا من الَخرة‪.‬‬
‫حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله َقدْ َيئِسُوا مِنَ‬
‫لخِرَة كَما َيئِسَ الكُفّارُ ِمنْ أصحَابِ ال ُقبُورِ قال‪ :‬من ثواب الَخرة حين تَبين لهم عملهن‪,‬‬
‫اَ‬
‫وعاينوا النار‪.‬‬
‫‪26329‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن عكرمة أنه‬
‫خرَة‪ ...‬الية‪ ,‬قال‪ :‬أصحاب القبور قد يئسوا من الَخرة‪.‬‬
‫لِ‬‫قال في هذه الية‪َ :‬قدْ َي ِئسُوا مِنَ ا َ‬
‫‪26330‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬قال الكلبي‪ :‬قد يئسوا‬
‫من الَخرة‪ ,‬يعني اليهود والنصارى‪ ,‬يقول‪ :‬قد يئسوا من ثواب الَخرة وكرامتها‪ ,‬كما يئس‬
‫الكفار الذي قد ماتوا فهم في القبور من الجنة حين رأوا مقعدهم من النار‪.‬‬
‫‪26331‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال‪ :‬ل َتتَوَلّوْا‬
‫قَوْما‪ ...‬الية‪ ,‬قال‪ :‬قد يئس هؤلء الكفار من أن تكون لهم آخرة‪ ,‬كما يئس الكفار الذين ماتوا‬
‫الذين في القبور من أن تكون لهم آخرة‪ ,‬لما عاينوا من أمر الَخرة‪ ,‬فكما يئس أولئك الكفار‪,‬‬
‫كذلك يئس هؤلء الكفار قال‪ :‬والقوم الذين غضب ال عليهم‪ ,‬يهودهم الذين يئسوا من أن تكون‬
‫لهم آخرة‪ ,‬كما يئس الكفار قبلهم من أصحاب القبور‪ ,‬لنهم قد علموا كتاب ال وأقاموا على‬
‫الكفر به‪ ,‬وما صنعوا وقد علموا‪.‬‬
‫خرَةِ‪...‬‬
‫لِ‬‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬في قوله‪َ :‬ي ِئسُوا مِنَ ا َ‬
‫‪26332‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫الية‪ ,‬قال‪ :‬قد يئسوا أن يكون لهم ثواب الَخرة‪ ,‬كما يئس من في القبور من الكفار من الخير‪,‬‬
‫حين عاينوا العذاب والهوان‪.‬‬
‫وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال‪ :‬قد يئس هؤلء الذين غضب ال عليهم‬
‫من اليهود من ثواب ال لهم في الَخرة‪ ,‬وكرامته لكفرهم وتكذيبهم رسوله محمدا صلى ال‬
‫عليه وسلم على علم منهم بأنه ل نبيّ‪ ,‬كما يئس الكفار منهم الذين مضوا قبلهم فهلكوا‪,‬‬
‫فصاروا أصحاب القبور‪ ,‬وهم على مثل الذي هؤلء عليه من تكذيبهم عيسى صلوات ال عليه‬
‫وغيره من الرسل‪ ,‬من ثواب ال وكرامته إياهم‪.‬‬
‫وإنما قلنا‪ :‬ذلك أولى القولين بتأويل الية‪ ,‬لن الموات قد يئسوا من رجوعهم إلى الدنيا‪ ,‬أو‬
‫أن يُبعثوا قبل قيام الساعة المؤمنون والكفار‪ ,‬فل وجه لن يخصّ بذلك الخبر عن الكفار‪ ,‬وقد‬
‫شركهم في الياس من ذلك المؤمنون‪.‬‬

‫سورة الصف‬
‫سورة الصف مدنية‬
‫وآياتها أربع عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيم‬

‫‪3-1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سمَاوَاتِ َومَا فِي الرْضِ وَهُ َو ا ْل َعزِيزُ‬
‫ح لِلّ ِه مَا فِي ال ّ‬
‫سبّ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬‬
‫ن * َك ُبرَ مَقْتا عِندَ الّلهِ أَن تَقُولُو ْا مَا لَ‬
‫ن مَا لَ تَ ْفعَلُو َ‬
‫حكِيمُ * َيَأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ ِل َم تَقُولُو َ‬
‫ا ْل َ‬
‫تَ ْفعَلُونَ }‪.‬‬
‫ض من الخلق‪ ,‬مُذعنين له‬
‫ت السبع وَما فِي الرْ ِ‬
‫سمَوَا ِ‬
‫سبّحَ لِّلهِ ما فِي ال ّ‬
‫يقول جلّ ثناؤه‪َ :‬‬
‫حكِيمُ في‬
‫باللوهة والربوبية وَ ُه َو العَزِيزُ في نقمته ممن عصاه منهم‪ ,‬فكفر به‪ ,‬وخالف أمره ا ْل َ‬
‫تدبيره إياهم‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫ن ما ل تَ ْفعَلُو َ‬
‫ن آ َمنُوا ِلمَ تَقُولُو َ‬
‫وقوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫صدّقوا ال ورسوله‪ ,‬لم تقولون القول الذي ل تصدّقونه بالعمل‪ ,‬فأعمالكم مخالفة أقوالكم َك ُبرَ‬
‫ن تَقُولُوا ما ل تَ ْفعَلُونَ يقول‪ :‬عظم مقتا عند ربكم قولكم ما ل تفعلون‪.‬‬
‫ع ْن َد اللّهِ أ ْ‬
‫مَقْتا ِ‬
‫واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله ُأنْزلت هذه الية‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬أُنزلت توبيخا‬
‫من ال لقوم من المؤمنين‪ ,‬تمنوا معرفة أفضل العمال‪ ,‬فعرّفهم ال إياه‪ ,‬فلما عرفوا قصروا‪,‬‬
‫فعوتبوا بهذه الية‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26333‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫ن آ َمنُوا ِلمَ تَقُولُونَ ما ل تَ ْفعَلُونَ قال‪ :‬كان ناس من المؤمنين قبل أن يُفرض‬
‫قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫الجهاد يقولون‪ :‬لوددنا أن ال دلنا على أحبّ العمال إليه‪ ,‬فنعمل به‪ ,‬فأخبر ال نبيه أن أحبّ‬
‫العمال إليه إيمان بال ل شكّ فيه‪ ,‬وجهاد أهل معصيته الذين خالفوا اليمان ولم يقرّوا به فلما‬
‫ق عليهم أمره‪ ,‬فقال ال‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا ِلمَ‬
‫نزل الجهاد‪ ,‬كره ذلك أُناس من المؤمنين‪ ,‬وش ّ‬
‫ن ما ل َت ْفعَلُونَ‪.‬‬
‫تَقُولُو َ‬
‫حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن ابن‬
‫ن تَقُولُوا ما ل‬
‫ع ْندَ اللّهِ أ ْ‬
‫ن َك ُبرَ مَقْتا ِ‬
‫ن ما ل تَ ْفعَلُو َ‬
‫ن آ َمنُوا ِلمَ تَقُولُو َ‬
‫عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫تَ ْفعَلُونَ قال‪ :‬كان قوم يقولون‪ :‬وال لو أنا نعلم ما أحبّ العمال إلى ال لعملناه‪ ,‬فأنزل ال على‬
‫ن َكبُ َر مَقْتا‪ ...‬إلى قوله‬
‫ن ما ل تَ ْفعَلُو َ‬
‫نبيه صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا ِل َم تَقُولُو َ‬
‫ُبنْيانٌ َمرْصُوصٌ فدلهم على أحبّ العمال إليه‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن محمد بن جحادة‪ ,‬عن أبي‬
‫‪26334‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ب إلى ال وأفضل‪ ,‬فنزلت‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا‬
‫صالح‪ ,‬قال‪ :‬قالوا‪ :‬لو كنا نعلم أيّ العمال أح ّ‬
‫عذَابٍ ألِيمٍ فكرهوا‪ ,‬فنزلت‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا ِلمَ تَقُولُونَ ما‬
‫هَلْ أدُّل ُكمْ على ِتجَارَ ٍة ُت ْنجِيكُمْ ِمنْ َ‬
‫ل تَ ْفعَلُونَ‪.‬‬
‫‪26335‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول ال ِلمَ‬
‫ص فيما بين ذلك في نفر من النصار فيهم عبد ال‬
‫ن ما ل َت ْفعَلُونَ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬مَ ْرصُو ٌ‬
‫تَقُولُو َ‬
‫ب إلى ال لعملنا بها حتى نموت‪ ,‬فأنزل‬
‫بن رواحة‪ ,‬قالوا في مجلس‪ :‬لو نعلم أيّ العمال أح ّ‬
‫ال هذا فيهم‪ ,‬فقال عبد ال بن رواحة‪ :‬ل أزال حبيسا في سبيل ال حتى أموت‪ ,‬فقُتل شهيدا‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل نزلت هذه الية في توبيخ قوم من أصحاب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ,‬كان أحدهم يفتخر بالفعل من أفعال الخير التي لم يفعلها‪ ,‬فيقول فعلت كذا وكذا‪ ,‬فعذلهم‬
‫ال على افتخارهم بما لم يفعلوا كذبا‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26336‬ـ حدثنا محمد بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ِ :‬لمَ‬
‫ن قال‪ :‬بلغني أنها كانت في الجهاد‪ ,‬كان الرجل يقول‪ :‬قاتلت وفعلت‪ ,‬ولم‬
‫ن ما ل َت ْفعَلُو َ‬
‫تَقُولُو َ‬
‫يكن فعل‪ ,‬فوعظهم ال في ذلك أشدّ الموعظة‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا ِلمَ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ع ْندَ الّل ِه وكانت رجال تخبر في‬
‫ن يؤذنهم ويعلمهم كما تسمعون َكبُ َر مَقْتا ِ‬
‫ن ما ل َت ْفعَلُو َ‬
‫تَقُولُو َ‬
‫ن آ َمنُوا‬
‫القتال بشيء لم يفعلوه ولم يبلغوه‪ ,‬فوعظهم ال في ذلك موعظة بليغة‪ ,‬فقال‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ن َمرْصُوصٌ‪.‬‬
‫ن ما ل تَ ْفعَلُونَ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬كأ ّنهُمْ ُبنْيا ٌ‬
‫ِلمَ تَقُولُو َ‬
‫‪26337‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن أنزل ال هذا في الرجل يقول في القتال ما لم يفعله من‬
‫يقول في قوله‪ِ :‬لمَ تَقُولُونَ ما ل تَ ْفعَلُو َ‬
‫ع ْندَ الّلهِ أنْ تَقُولُوا ما ل تَ ْفعَلُونَ‪.‬‬
‫الضرب والطعن والقتل قال ال‪َ :‬ك ُبرَ مَقْتا ِ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هذا توبيخ من ال لقوم من المنافقين‪ ,‬كانوا َي ِعدُونَ المؤمنين النصر وهم‬
‫كاذبون‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ع ْندَ‬
‫‪26338‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال‪َ :‬ك ُبرَ مَقْتا ِ‬
‫ن يقول للنبي صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ :‬لو خرجتم خرجنا‬
‫ن تَقُولُوا ما ل تَ ْفعَلُو َ‬
‫اللّهِ أ ْ‬
‫ن تَقُولُوا ما ل تَ ْفعَلُونَ‪.‬‬
‫ع ْندَ اللّهِ أ ْ‬
‫معكم‪ ,‬وكنا في نصركم‪ ,‬وفى‪ ,‬وفى‪ ,‬فأخبرهم أنه َك ُبرَ مَقْتا ِ‬
‫وأولى هذه القوال بتأويل الية قول من قال‪ :‬عنى بها الذين قالوا‪ :‬لو عرفنا أحبّ العمال‬
‫إلى ال لعملنا به‪ ,‬ثم قصروا في العمل بعدما عرفوا‪.‬‬
‫ل ثناؤه خاطب بها المؤمنين‪ ,‬فقال‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ‬
‫وإنما قلنا‪ :‬هذا القول أولى بها‪ ,‬لن ال ج ّ‬
‫آ َمنُوا ولو كانت نزلت في المنافقين لم يسموْا‪ ,‬ولم يوصفوا باليمان‪ ,‬ولو كانوا وصفوا أنفسهم‬
‫بفعل ما لم يكونوا فعلوه‪ ,‬كانوا قد تعمدوا قيل الكذب‪ ,‬ولم يكن ذلك صفة القوم‪ ,‬ولكنهم عندي‬
‫أمّلوا بقولهم‪ :‬لو علمنا أحبّ العمال إلى ال عملناه أنهم لو علموا بذلك عملوه فلما علموا‬
‫ضعفت قوى قوم منهم‪ ,‬عن القيام بما أملوا القيام به قبل العلم‪ ,‬وقوي آخرون فقاموا به‪ ,‬وكان‬
‫لهم الفضل والشرف‪.‬‬
‫واختلفت أهل العربية في معنى ذلك‪ ,‬وفي وجه نصب قوله‪َ :‬ك ُبرَ مَقْتا فقال بعض نحويي‬
‫ع ْندَ الّلهِ‪ :‬أي كبر مقتكم مقتا‪ ,‬ثم قال‪ :‬أنْ تَقُولُوا ما ل تَ ْفعَلُونَ‪ :‬أذى‬
‫البصرة‪ :‬قال‪َ :‬ك ُبرَ مَقْتا ِ‬
‫ن آ َمنُوا ِلمَ تَقُولُونَ ما ل تَ ْفعَلُونَ‪ :‬كان‬
‫قولكم‪ .‬وقال بعض نحويي الكوفة‪ :‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫المسلمون يقولون‪ :‬لو نعلم أيّ العمال أحبّ إلى ال لتيناه‪ ,‬ولو ذهبت فيه أنفسنا وأموالنا فلما‬
‫كان يوم أُحد‪ ,‬نزلوا عن النبيّ صلى ال عليه وسلم حتى شُجّ‪ ,‬وكُسرت رباعيته‪ ,‬فقال‪ِ :‬لمَ‬
‫ع ْندَ الّلهِ كبر ذلك مقتا‪ :‬أي فأن في موضع رفع‪ ,‬لن‬
‫ن ما ل َت ْفعَلُونَ‪ ,‬ثم قال‪َ :‬ك ُبرَ مَقْتا ِ‬
‫تَقُولُو َ‬
‫كبر كقوله‪ :‬بئس رجلً أخوك‪.‬‬
‫ض ِمرَ في كبر اسم يكون مرفوعا‪.‬‬
‫ع ْندَ اّلذِينَ آ َمنُوا‪ُ ,‬أ ْ‬
‫ع ْن َد اللّهِ َو ِ‬
‫وقوله‪َ :‬ك ُبرَ مَقْتا ِ‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أن قوله مَقْتا منصوب على التفسير‪ ,‬كقول القائل‪ :‬كبر‬
‫قولً هذا القول‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سبِيلِ ِه صَفّا َكَأ ّنهُم ُب ْنيَانٌ‬
‫ب اّلذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إنّ الّلهَ ُيحِ ّ‬
‫ّمرْصُوصٌ }‪.‬‬
‫ن اللّ َه أيها‬
‫ب العمال إلى ال لعملناه حتى نموت‪ :‬إ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره للقائلين‪ :‬لو علمنا أح ّ‬
‫سبِيلِهِ كأنهم‪ ,‬يعني في طريقه ودينه الذي دعا إليه صَفّا يعني بذلك‬
‫ن فِي َ‬
‫ن يُقاتِلُو َ‬
‫القوم ُيحِبّ اّلذِي َ‬
‫أنهم يقاتلون أعداء ال مصطفين‪.‬‬
‫ص يقول‪ :‬يقاتلون في سبيل ال صفا مصطفا‪ ,‬كأنهم في‬
‫وقوله‪ :‬كأ ّنهُمْ ُبنْيان َمرْصُو ٌ‬
‫اصطفافهم هنالك حيطان مبنية قد رصّ‪ ,‬فأحكم وأتقن‪ ,‬فل يغادر منه شيئا‪ ,‬وكان بعضهم‬
‫يقول‪ :‬بني بالرصاص‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ب اّلذِينَ‬
‫‪26339‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إنّ الّلهَ ُيحِ ّ‬
‫سبِيلِهِ صَفّا كأ ّنهُم ُبنْيانٌ َم ْرصُوصٌ ألم تر إلى صاحب البنيان كيف ل يحبّ أن‬
‫ن فِي َ‬
‫يُقاتِلُو َ‬
‫يخلف بنيانه‪ ,‬كذلك تبارك وتعالى ل يختلف أمره‪ ,‬وإن ال وصف المؤمنين في قتالهم وصفهم‬
‫في صلتهم‪ ,‬فعليكم بأمر ال فإنه عصمة لمن أخذ به‪.‬‬
‫ب اّلذِينَ يُقاتِلُونَ‬
‫ن الّلهَ ُيحِ ّ‬
‫‪26340‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد إ ّ‬
‫ن َمرْصُوصٌ قال‪ :‬والذين صدّقوا قولهم بأعمالهم هؤلء قال‪ :‬وهؤلء‬
‫سبِيلِ ِه صَفّا كأ ّنهُم ُبنْيا ٌ‬
‫فِي َ‬
‫لم يصدّقوا قولهم بالعمال لما خرج النبيّ صلى ال عليه وسلم نكصوا عنه وتخلّفوا‪.‬‬
‫سبِيلِ ِه صَفّا ليدلّ‬
‫ن فِي َ‬
‫ب اّلذِينَ يُقاتِلُو َ‬
‫وكان بعض أهل العلم يقول‪ :‬إنما قال ال إنّ الّلهَ ُيحِ ّ‬
‫على أن القتال راجل أحبّ إليه من القتال فارسا‪ ,‬لن الفرسان ل يصطفون‪ ,‬وإنما تصطف‬
‫الرجالة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26341‬ـ حدثني سعيد بن عمرو السكوني‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بقية بن الوليد‪ ,‬عن أبي بكر ابن أبي‬
‫مريم‪ ,‬عن يحيى بن جابر الطائي‪ ,‬عن أبي بحرية‪ ,‬قال‪ :‬كانوا يكرهون القتال على الخيل‪,‬‬
‫سبِيلِ ِه صَفّا كأ ّنهُم‬
‫ن فِي َ‬
‫ب اّلذِينَ يُقاتِلُو َ‬
‫ويستحبون القتال على الرض‪ ,‬لقول ال‪ :‬إنّ الّلهَ ُيحِ ّ‬
‫ُبنْيانٌ َمرْصُوصٌ قال‪ :‬وكان أبو بحرية يقول‪ :‬إذا رأيتموني التفتّ في الصفّ‪ ,‬فجئوا في لحيي‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن َأنّي‬
‫سىَ لِ َق ْومِ ِه يَقَ ْو ِم ِلمَ تُ ْؤذُو َننِي َوقَد ّتعَْلمُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَِإذْ قَالَ مُو َ‬
‫رَسُولُ الّلهِ إَِل ْي ُكمْ فََلمّا زَاغُوَ ْا َأزَاغَ اللّ ُه قُلُو َب ُهمْ وَالّل ُه لَ َي ْهدِي الْقَ ْو َم الْفَاسِقِينَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬واذكر يا محمد إذْ قالَ مُوسَى بن عمران‬
‫لِقَ ْو ِمهِ يا قَوْم ِلمَ تُو ْءذُو َننِي َو َقدْ َتعَْلمُونَ حقا أنُى َرسُولُ الّلهُ إَل ْي ُكمْ‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فََلمّا زَاغُوا أزَاغَ اللّ ُه قُلُو َب ُهمْ يقول‪ :‬فلما عدلوا وجاروا عن قصد السبيل أزاغ ال‬
‫قلوبهم‪ :‬يقول‪ :‬أمال ال قلوبهم عنه وقد‪:‬‬
‫‪26342‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا العوّام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو‬
‫غالب‪ ,‬عن أبي أمامة في قوله‪ :‬فََلمّا زَاغُوا أزَاغَ اللّ ُه قُلُو َب ُهمْ قال‪ :‬هم الخوارج‪.‬‬
‫وَالّلهُ ل َي ْهدِي القَ ْو َم الفاسِقِينَ يقول‪ :‬وال ل يوفّق لصابة الحقّ القوم الذين اختاروا الكفر‬
‫على اليمان‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سرَائِيلَ ِإنّي َرسُولُ الّلهِ‬
‫ن َم ْريَمَ َي َبنِي ِإ ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَِإذْ قَالَ عِيسَى ابْ ُ‬
‫ح َمدُ فََلمّا جَاءَهُم‬
‫سمُهُ َأ ْ‬
‫ن َيدَيّ ِمنَ الّت ْورَاةِ َو ُم َبشّرا ِب َرسُولٍ َي ْأتِي مِن َب ْعدِي ا ْ‬
‫صدّقا ّلمَا َبيْ َ‬
‫إَِل ْيكُم مّ َ‬
‫سحْ ٌر ّمبِينٌ }‪.‬‬
‫بِا ْل َبيّنَاتِ قَالُو ْا هَـذَا ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬واذكر أيضا يا محمد إذْ قالَ عِيسَى ابنُ َم ْر َيمَ لقومه من بني إسرائيل يا‬
‫ن َيدَيّ ِمنَ الّت ْورَاةِ التي أُنزلت على موسى‬
‫ل اللّ ِه إَل ْي ُكمْ ُمصَدّقا ِلمَا بَي ِ‬
‫َبنِي إسْرائِيلَ إنّي َرسُو ُ‬
‫ح َمدُ‪.‬‬
‫سمُ ُه أ ْ‬
‫ن َب ْعدِي ا ْ‬
‫َو ُم َبشّرا أبشركم ِبرَسُولٍ يأتي مِ ْ‬
‫‪26343‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني معاوية بن صالح‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫سويد‪ ,‬عن عبد العلى بن هلل السلميّ‪ ,‬عن عرباض بن سارية‪ ,‬قال سمعت رسول ال صلى‬
‫جدِلٌ فِي طِي َنتِهِ‪,‬‬
‫ن آ َدمَ َل ُم ْن َ‬
‫ع ْندَ الّلهِ َم ْكتُوبٌ لخَا ِتمُ ال ّن ِبيّينَ‪ ,‬وَإ ّ‬
‫ال عليه وسلم يقول‪« :‬إنّي ِ‬
‫ل ذَلكَ‪َ :‬دعْ َوةُ أبي إ ْبرَاهِيمَ‪َ ,‬و ِبشَارَةُ عِيسَى بِي‪ ,‬وَالرّوءْيا التي رأتْ ُأمّي‪ ,‬وكَذلكَ‬
‫خبِ ُر ُكمْ بأوّ ِ‬
‫وسُأ ْ‬
‫خرَجَ ِمنْها نُورٌ أضَاءَتْ ِمنْ ُه قُصُو ُر الشّام»‪.‬‬
‫ض َع ْتنِي أّنهُ َ‬
‫ن أنّها رأتْ حِينَ َو َ‬
‫ُأمّهاتُ ال ّن ِبيّينَ‪َ ,‬ي َريْ َ‬
‫فََلمّا جاءَ ُهمْ بال َبيّناتِ يقول‪ :‬فلما جاءهم أحمد بالبينات‪ ,‬وهي الدللت التي آتاه ال حججا على‬
‫سحْرٌ ُمبِينٌ يقول‪ :‬ما أتى به غير أنني ساحر‪.‬‬
‫نبوّته قالُوا َهذَا ِ‬
‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫عىَ إِلَى‬
‫ن ا ْفتَ َرىَ عَلَى اللّ ِه ا ْل َكذِبَ وَهُ َو ُيدْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ومَنْ َأظَْلمُ ِممّ ِ‬
‫لسْلَمِ وَاللّ ُه لَ َي ْهدِي الْ َق ْومَ الظّاِلمِينَ }‪.‬‬
‫اِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن أشدّ ظلما وعدوانا ممن اختلق على ال الكذب‪ ,‬وهو قول قائلهم‬
‫للنبيّ صلى ال عليه وسلم‪ :‬هو ساحر ولما جاء به سحر‪ ,‬فكذلك افتراؤه على ال الكذب وهو‬
‫يُدعى إلى السلم يقول‪ :‬إذا دعي إلى الدخول في السلم‪ ,‬قال على ال الكذب‪ ,‬وافترى عليه‬
‫ل َي ْهدِي القَ ْومَ الظّاِلمِينَ يقول‪ :‬وال ل يوفّق القوم الذين ظلموا أنفسهم بكفرهم به‬
‫الباطل وَالّلهُ َ‬
‫لصابة الحقّ‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن ِل ُيطْ ِفئُواْ نُورَ اللّ ِه ِبأَفْوَا ِه ِهمْ وَالّلهُ ُم ِتمّ نُورِ ِه وَلَ ْو َكرِهَ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ { :‬يرِيدُو َ‬
‫ا ْلكَا ِفرُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يريد هؤلء القائلون لمحمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬هذا ساحر مبين ِليُطْ ِفئُوا‬
‫نُورَ الّلهِ بأفْوَا ِه ِهمْ يقول‪ :‬يريدون ليبطلوا الحقّ الذي بعث ال به محمدا صلى ال عليه وسلم‬
‫بأفواههم يعني بقولهم إنه ساحر‪ ,‬وما جاء به سحر‪ ,‬وَاللّ ُه ُم ِتمّ نُورِهِ يقول‪ :‬ال معلن الحقّ‪,‬‬
‫ومظهر دينه‪ ,‬وناصر محمدا عليه الصلة والسلم على من عاداه‪ ,‬فذلك إتمام نوره‪ ,‬وعنى‬
‫عنِي به القرآن‪.‬‬
‫بالنور في هذا الموضع السلم‪ .‬وكان ابن زيد يقول‪ُ :‬‬
‫‪26344‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ِ :‬ل ُيطْ ِفئُوا نُورَ الّلهِ‬
‫بأفْوَا ِه ِهمْ قال‪ :‬نور القرآن‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله تعالى‪ :‬وَاللّ ُه ُمتِ ّم نورِ ِه فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة‬
‫وبعض الكوفيين‪ُ « :‬م ِتمّ نُورَهُ» بالنصب‪ .‬وقرأه بعض قرّاء مكة وعامة قرّاء الكوفة ُم ِتمّبغير‬
‫تنوين نورِه خفضا‪ ,‬وهما قراءتان معروفتان متقاربتا المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب‬
‫عندنا‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وََلوْ َكرِ َه الكافِرُونَ يقول‪ :‬وال مظهر دينه‪ ,‬ناصر رسوله‪ ,‬ولو كره الكافرون بال‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ظ ِهرَهُ عَلَى‬
‫ق ِليُ ْ‬
‫ن ا ْلحَ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ اّل ِذيَ َأ ْرسَلَ َرسُولَ ُه بِا ْل ُهدَىَ َودِي ِ‬
‫ن }‪ .‬يقول تعالى ذكره‪ :‬ال الذي أرسل رسوله محمدا بالهدى‬
‫ش ِركُو َ‬
‫الدّينِ كُّلهِ وَلَ ْو َكرِهَ ا ْل ُم ْ‬
‫ق يعني‪ :‬وبدين ال‪ ,‬وهو السلم‪.‬‬
‫ودين الحقّ‪ ,‬يعني ببيان الحقّ ودين الح ّ‬
‫ن كُلّه يقول‪ :‬ليظهر دينه الحقّ الذي أرسل به رسوله على كلّ دين‬
‫ظهِرَ ُه على الدّي ِ‬
‫وقوله‪ِ :‬ل ُي ْ‬
‫سواه‪ ,‬وذلك عند نزول عيسى ابن مريم‪ ,‬وحين تصير الملة واحدة‪ ,‬فل يكون دين غير‬
‫السلم‪ ,‬كما‪:‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبي المقدام ثابت بن هرمز‪,‬‬
‫‪26345‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ظ ِهرَهُ على الدّينِ كُلّه قال‪ :‬خروج عيسى ابن مريم‪.‬‬
‫عن أبي هريرة ِل َي ْ‬
‫ظ ِهرَهُ على الدّين كُلّهِ والصواب عندنا من‬
‫وقد ذكرنا اختلف المختلفين في معنى قوله َليُ ْ‬
‫القول في ذلك بعلله فيما مضى‪ ,‬بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع‪ .‬وقد‪:‬‬
‫‪26346‬ـ حدثني عبد الحميد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا السود بن العلء‪ ,‬عن أبي سلمة بن عبد‬
‫ب الّليْلُ‬
‫الرحمن‪ ,‬عن عائشة قالت‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وسلم كان يقول‪« :‬ل َيذْهَ ُ‬
‫ن حين أنزل‬
‫والنّهارُ حتى ُت ْع َبدَ اللّتُ وال ُعزّى» فقالت عائشة‪ :‬وال يا رسول ال إن كنت لظ ّ‬
‫ن كُلّه‪ ...‬الية‪ ,‬أن ذلك سيكون‬
‫ظ ِهرَهُ على الدّي ِ‬
‫حقّ ِل ُي ْ‬
‫ال ُهوَ اّلذِي أ ْرسَلَ َرسُولَ ُه بال ُهدَى َودِينِ ال َ‬
‫ن كانَ فِي قَ ْلبِهِ‬
‫ط ّيبَةً‪َ ,‬ف َيتَ َوفّى مَ ْ‬
‫س َيكُونُ ِمنْ ذلكَ ما شاءَ اللّهُ‪ُ ,‬ثمّ َي ْبعَثُ الّلهُ رِيحا َ‬
‫تاما‪ ,‬فقال‪« :‬إنّهُ َ‬
‫خ ْيرَ فِيهِ‪َ ,‬ف َي ْرجِعُونَ إلى دِينِ آبائِهمْ»‪.‬‬
‫نل َ‬
‫خ ْيرٍ‪َ ,‬ف َيبْقَى مَ ْ‬
‫ل مَنْ َ‬
‫خرْدَ ٍ‬
‫ن َ‬
‫حبّ ٍة مِ ْ‬
‫ِمثْقالُ َ‬
‫‪11-10‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫عذَابٍ‬
‫ى ِتجَارَ ٍة تُنجِيكُم مّنْ َ‬
‫ل َأدُلّكمْ عََل َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ هَ ْ‬
‫خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن كُن ُتمْ‬
‫سكُمْ ذَِل ُكمْ َ‬
‫سبِيلِ اللّ ِه ِبَأمْوَاِل ُكمْ وَأَن ُف ِ‬
‫ن بِاللّهِ َو َرسُولِهِ َو ُتجَا ِهدُونَ فِي َ‬
‫أَلِيمٍ * ُت ْؤ ِمنُو َ‬
‫َتعَْلمُونَ }‪.‬‬
‫عذَابٍ ألِيمٍ موجع‪,‬‬
‫ل أدُّلكُمْ على تِجارَةٍ ُت ْنجِي ُكمْ مِنْ َ‬
‫ن آ َمنُوا هَ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ل ثناؤه ما تلك التجارة التي تنجينا من العذاب الليم‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫وذلك عذاب جهنم ثم بين لنا ج ّ‬
‫تُو ْء ِمنُونَ بالّلهِ َورَسُوِل ِه محمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا بوصفهم‬
‫ن باللّهِ َو َرسُولِهِ‪ ,‬وقد قيل لهم‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫فإن قال قائل‪ :‬وكيف قيل‪ :‬تُو ْء ِمنُو َ‬
‫ن آ َمنُوا آ ِمنُوا بال وقد مضى‬
‫باليمان؟ فإن الجواب في ذلك نظير جوابنا في قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫البيان عن ذلك في موضعه بما أغنى عن إعادته‪.‬‬
‫سكُمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬وتجاهدون في دين ال‪,‬‬
‫سبِيل اللّ ِه بأمْوَاِل ُكمْ وأ ْن ُف ِ‬
‫ن فِي َ‬
‫وقوله‪َ :‬وتُجا ِهدُو َ‬
‫خيْرٌ َل ُكمْ يقول‪ :‬إيمانكم بال ورسوله‪ ,‬وجهادكم‬
‫وطريقه الذي شرعه لكم بأموالكم وأنفسكم ذَِل ُكمْ َ‬
‫ن مضارّ‬
‫ن ُك ْن ُتمْ َتعَْلمُو َ‬
‫خ ْيرٌ َل ُكمْ من تضييع ذلك والتفريط إ ْ‬
‫في سبيل ال بأموالكم وأنفسكم َ‬
‫الشياء ومنافعها‪ .‬وذُكر أن ذلك في قراءة عبد ال‪« :‬آ ِمنُوا باللّهِ» على وجه المر‪ ,‬وبيّنت‬
‫ن باللّهِ ولم يقل‪ :‬أن‬
‫ل أدُّل ُكمْ على تِجارَةٍ ُت ْنجِي ُكمْ وفسّرت بقوله‪ :‬تُو ْء ِمنُو َ‬
‫التجارة من قوله‪ :‬هَ ْ‬
‫تؤمنوا‪ ,‬لن العرب إذا فسرت السم بفعل تثبت في تفسيره أن أحيانا‪ ,‬وتطرحها أحيانا‪ ,‬فتقول‬
‫للرجل‪ :‬هل لك في خير تقوم بنا إلى فلن فنعوده؟ هل لك في خير أن تقوم إلى فلن فنعوده؟‪,‬‬
‫ظرِ النْسانُ إلى طَعامِهِ‬
‫بأن وبطرحها‪ .‬ومما جاء في الوجهين على الوجهين جميعا قوله‪ :‬فَ ْل َينْ ُ‬
‫أنّا وإنا فالفتح في أنا لغة من أدخل في يقوم أن من قولهم‪ :‬هل لك في خير أن تقوم‪ ,‬والكسر‬
‫ظرْ َكيْفَ كانَ عا ِقبَ ُة َم ْكرِهِمْ أنّا َدمّرْنا ُهمْ وإنا‬
‫فيها لغة من يُلقي أن من تقوم ومنه قوله‪ :‬فا ْن ُ‬
‫دمرناهم‪ ,‬على ما بيّنا‪.‬‬
‫‪26347‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا‬
‫ل عليها المؤمنين‪ ,‬لتلهف عليها‬
‫هَلْ أدُّل ُكمْ على تِجارَ ٍة ُت ْنجِيكُمْ‪ ...‬الية‪ ,‬فلول أن ال بينها‪ ,‬ود ّ‬
‫رجال أن يكونوا يعلمونها‪ ,‬حتى يضنوا بها وقد دلكم ال عليها‪ ,‬وأعلمكم إياها فقال‪ :‬تُو ْء ِمنُونَ‬
‫ن ُك ْن ُتمْ َتعَْلمُونَ‪.‬‬
‫خ ْيرٌ َل ُكمْ إ ْ‬
‫سكُمْ ذَِل ُكمْ َ‬
‫سبِيلِ اللّ ِه بأمْوَاِل ُكمْ وأ ْن ُف ِ‬
‫ن فِي َ‬
‫باللّهِ َو َرسُولِ ِه وتُجا ِهدُو َ‬
‫ل أدُّلكُمْ‬
‫‪26348‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬تل قتادة‪ :‬هَ ْ‬
‫ل اللّ ِه قال‪ :‬الحمد‬
‫سبِي ِ‬
‫ن فِي َ‬
‫ن باللّهِ َو َرسُولِ ِه وتُجا ِهدُو َ‬
‫ب أليمٍ تُو ْء ِمنُو َ‬
‫عذَا ٍ‬
‫على تجارَ ٍة ُت ْنجِي ُكمْ مِنْ َ‬
‫ل الذي بينها‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ح ِتهَا ال ْنهَارُ‬
‫ت َتجْرِي مِن َت ْ‬
‫جنّا ٍ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬يغْ ِفرْ َل ُكمْ ُذنُو َب ُكمْ َو ُي ْدخِ ْلكُمْ َ‬
‫ن ذَِلكَ الْ َف ْوزُ ا ْل َعظِيمُ }‪.‬‬
‫عدْ ٍ‬
‫جنّاتِ َ‬
‫ط ّيبَ ًة فِي َ‬
‫َو َمسَاكِنَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يستر عليكم ربكم ذنوبكم إذا أنتم فعلتم ذلك فيصفح عنكم ويعفو َو ُي ْدخِلْ ُكمْ‬
‫حتِها النهارُ يقول‪ :‬ويُدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها النهار‬
‫جرِي ِمنْ َت ْ‬
‫جنّاتٍ َت ْ‬
‫َ‬
‫ن يعني في بساتين إقامة‪ ,‬ل‬
‫عدْ ٍ‬
‫جنّاتِ َ‬
‫ط ّيبَةً يقول‪ :‬ويُدخلكم أيضا مساكن طيبة فِي َ‬
‫َومَساكِنَ َ‬
‫ظعن عنها‪.‬‬
‫ك الفَ ْو ُز العَظِيمُ يقول‪ :‬ذلك النجاء العظيم من نكال الَخرة وأهوالها‪.‬‬
‫وقوله ذل َ‬

‫‪14-13‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ح قَرِيبٌ َو َبشّرِ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ‬
‫صرٌ مّن اللّهِ َو َفتْ ٌ‬
‫حبّو َنهَا َن ْ‬
‫خرَىَ ُت ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَُأ ْ‬
‫ن آ َمنُو ْا كُونُوَ ْا أَنصَارَ الّلهِ َكمَا قَالَ عِيسَى ا ْبنُ َم ْر َيمَ لِ ْلحَوَا ِريّينَ َمنْ َأّنصَا ِريَ إِلَى‬
‫* َيَأ ّيهَا اّلذِي َ‬
‫سرَائِيلَ َوكَ َفرَت طّآئِ َفةٌ َفَأ ّي ْدنَا اّلذِينَ‬
‫ن أَنصَارُ الّلهِ فَآ َمنَت طّآئِفَةٌ مّن َب ِنيَ ِإ ْ‬
‫ن َنحْ ُ‬
‫اللّ ِه قَالَ ا ْلحَوَا ِريّو َ‬
‫عدُوّ ِهمْ َفَأصْ َبحُو ْا ظَاهِرِينَ }‪.‬‬
‫آ َمنُواْ عََلىَ َ‬
‫خرَى فقال بعض نحوييّ البصرة‪ :‬معنى ذلك‪:‬‬
‫اختلف أهل العربية فيما نعتت به قوله وُأ ْ‬
‫وتجارة أخرى‪ ,‬فعلى هذا القول يجب أن يكون أخرى في موضع خفض عطفا به على قوله‪:‬‬
‫عذَابٍ ألِيمِ وقد يحتمل أن يكون رفعا على البتداء‪ .‬وكان‬
‫هَلْ أدُّل ُكمْ على ِتجَارَ ٍة ُت ْنجِيكُمْ ِمنْ َ‬
‫بعض نحويي الكوفة يقول‪ :‬هي في موضع رفع‪ .‬أي ولكم أخرى في العاجل مع ثواب الَخرة‪,‬‬
‫ثم قال‪ :‬نصر من ال مفسرا للخرى‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي القول الثاني‪ ,‬وهو أنه معنّي به‪ :‬ولكم أخرى تحبونها‪,‬‬
‫ب مبين عن أن قوله وأُخرى في موضع رفع‪ ,‬ولو كان جاء‬
‫ح قَرِي ٌ‬
‫ن اللّ ِه و َفتْ ٌ‬
‫صرٌ مِ َ‬
‫لن قوله نَ ْ‬
‫خرَى عطفا على قوله ِتجَارَةٍ‪ ,‬فيكون تأويل الكلم حينئذ لو‬
‫ذلك خفضا حسن أن يجعل قوله وُأ ْ‬
‫قرىء ذلك خفضا‪ ,‬وعلى خلة أخرى تحبونها‪ ,‬فمعنى الكلم إذا كان المر كما وصفت‪ :‬هل‬
‫أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم‪ ,‬تؤمنون بال ورسوله‪ ,‬يغفر لكم ذنوبكم‪ ,‬ويدخلكم‬
‫جنات تجري من تحتها النهار‪ ,‬ولكم خلة أخرى سوى ذلك في الدنيا تحبونها‪ :‬نصر من ال‬
‫لكم على أعدائكم‪ ,‬وفتح قريب يعجله لكم‪.‬‬
‫شرِ المُو ْء ِمنِينَ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬وبشر يا محمد المؤمنين‬
‫َو َب ّ‬
‫بنصر ال إياهم على عدّوهم‪ ,‬وفتح عاجل لهم‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا كُونُوا أ ْنصَارَ الّلهِ اختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامة قرّاء‬
‫وقوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي َ‬
‫المدينة والبصرة‪« :‬كُونُوا أ ْنصَارا للّهِ» بتنوين النصار‪ .‬وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة بإضافة‬
‫النصار إلى ال‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى‪ ,‬فبأيتهما قرأ‬
‫القارىء فمصيب‪ ,‬ومعنى الكلم‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ورسوله‪ ,‬كونوا أنصار ال‪ ,‬كما قال‬
‫ن أ ْنصَاري إلى الّلهِ‪ ,‬يعني من أنصاري منكم إلى نصرة ال لي‪.‬‬
‫عيسى ابن مريم للحواريين‪ :‬مَ ْ‬
‫وكان قتادة يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫ن آ َمنُوا‬
‫‪26349‬ـ حدثني به بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة يا أيّها اّلذِي َ‬
‫ن مَنْ أ ْنصَارِي إلى اللّ ِه قال ا ْلحَوَا ِريّونَ‬
‫كُونُوا أ ْنصَارَ الّلهِ كما قال عيسَى ابنُ َم ْر َيمَ ل ْلحَوَا ِريّي َ‬
‫َنحْنُ أ ْنصَارُ اللّ ِه قال‪ :‬قد كانت ل أنصار من هذه المة تجاهد على كتابه وحقه‪ .‬وذُكر لنا أنه‬
‫بايعه ليلة العقبة اثنان وسبعون رجلً من النصار‪ ,‬ذُكر لنا أن بعضهم قال‪ :‬هل تدرون علم‬
‫تبايعون هذا الرجل؟ إنكم تبايعون على محاربة العرب كلها أو يُسلموا‪ .‬وذُكر لنا أن رجلً قال‪:‬‬
‫ش ِركُوا به شيئا‪,‬‬
‫ن تَعبدوه‪ ,‬ول ُت ْ‬
‫ط لربيّ أَ ْ‬
‫شتَ ِر ُ‬
‫يا نبيّ ال اشترط لربك ولنفسك ما شئت‪ ,‬قال‪ُ :‬أ ْ‬
‫سكُم وأبناءَكم» قالوا‪ :‬فإذا فعلنا ذلك فما لنا يا نبيّ‬
‫وَأشْترطُ لنفسي أن تمنَعوني مما َم َن ْعتُم منه أنف َ‬
‫ال؟ قال‪« :‬لكم النصر في الدنيا‪ ,‬والجنة في الَخرة»‪ ,‬ففعلوا‪ ,‬ففعل ال‪.‬‬
‫‪26350‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬تل قتادة كُونُوا أ ْنصَارَ‬
‫ن أ ْنصَارِي إلى الّلهِ قال‪ :‬قد كان ذلك بحمد ال‪ ,‬جاءه‬
‫ن مَ ْ‬
‫حوَا ِريّي َ‬
‫ن َم ْريَمَ ل ْل َ‬
‫اللّ ِه كمَا قالَ عِيسَى ابْ ُ‬
‫سبعون رجلً‪ ,‬فبايعوه عند العقبة‪ ,‬فنصروه وآوَوْه حتى أظهر ال دينه قالوا‪ :‬ولم يسمّ حيّ من‬
‫السماء اسما لم يكن لهم قبل ذلك غيرهم‪.‬‬
‫‪26351‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ :‬إن الحواريين‬
‫كلهم من قريش‪ :‬أبو بكر‪ ,‬وعمر‪ ,‬وعليّ‪ ,‬وحمزة‪ ,‬وجعفر‪ ,‬وأبو عُبيدة‪ ,‬وعثمان بن مظعون‪,‬‬
‫وعبد الرحمن بن عوف‪ ,‬وسعد بن أبي وقاص‪ ,‬وعثمان‪ ,‬وطلحة بن عبيد ال‪ ,‬والزبير بن‬
‫العوّام‪.‬‬
‫‪26352‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني‬
‫الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول‬
‫ال‪َ :‬منْ أ ْنصَارِي إلى الّل ِه قال‪ :‬من يتبعني إلى ال‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ميسرة‪ ,‬عن المنهال بن عمرو‪,‬‬
‫‪26353‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫سمّوا لبياض ثيابهم كانوا‬
‫جبَير‪ ,‬قال‪ :‬سئل ابن عباس عن الحواريين‪ ,‬قال‪ُ :‬‬
‫عن سعيد بن ُ‬
‫صيادي السمك‪.‬‬
‫‪26354‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫يقول في قوله‪ :‬الحواريون‪ :‬هم الغسالون بالنبطية يقال للغسال‪ :‬حوارى‪ ,‬وقد تقدم بياننا في‬
‫معنى الحوارى بشواهده واختلف المختلفين فيه قبل فيما مضى‪ ,‬فأغنى عن إعادته‪.‬‬
‫ن أ ْنصَارُ الّلهِ يقول‪ :‬قالوا‪ :‬نحن أنصار ال على ما بعث به أنبياءه‬
‫ن َنحْ ُ‬
‫وقوله‪ :‬قالَ ا ْلحَوَا ِريّو َ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬فآمنت طائفة‬
‫سرَائِيلَ وكَ َفرَتْ طائِفَ ٌة يقول ج ّ‬
‫ن َبنِي إ ْ‬
‫ت طائِ َفةٌ مِ ْ‬
‫من الحقّ‪ .‬وقوله‪ :‬فآ َمنَ ْ‬
‫من بني إسرائيل بعيسى‪ ,‬وكفرت طائفة منهم به‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26355‬ـ حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن المنهال‪ ,‬عن سعيد بن‬
‫جُبير‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬قال‪ :‬لما أراد ال أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وهم‬
‫في بيت اثنا عشر رجلً من عين في البيت ورأسه يقطر ماء قال‪ :‬فقال‪ :‬إن منكم من سيكفر‬
‫بي اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن بي قال‪ :‬ثم قال‪ :‬أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني‪ ,‬ويكون‬
‫معي في درجتي؟ قال‪ :‬فقام شاب من أحدثهم سنا‪ ,‬قال‪ :‬فقال أنا‪ ,‬فقال له‪ :‬اجلس ثم أعاد عليهم‪,‬‬
‫فقام الشاب‪ ,‬فقال أنا قال‪ :‬نعم أنت ذاك فأُلقى عليه شبه عيسى‪ ,‬ورفع عيسى من رَ ْوزَنة في‬
‫البيت إلى السماء قال‪ :‬وجاء الطلب من اليهود‪ ,‬وأخذوا شبهه‪ .‬فقتلوه وصلبوه‪ ,‬وكفر به‬
‫بعضهم اثنتي عشرة مرّة بعد أن آمن به‪ ,‬فتفرّقوا ثلث فرق‪ ,‬فقالت فرقة‪ :‬كان ال فينا ما شاء‪,‬‬
‫ثم صعد إلى السماء‪ ,‬وهؤلء اليعقوبية‪ .‬وقالت فرقة‪ :‬كان فينا ابن ال ما شاء ال‪ ,‬ثم رفعه‬
‫إليه‪ ,‬وهؤلء النسطورية‪ .‬وقالت فرقة‪ .‬كان فينا عبد ال ورسوله ما شاء ال‪ ,‬ثم رفعه ال إليه‪,‬‬
‫وهؤلء المسلمون‪ ,‬فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة‪ ,‬فقتلوها‪ ,‬فلم يزل السلم‬
‫طامسا حتى بعث ال محمدا صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فآمنت طائفة من بني إسرائيل‪ ,‬وكفرت‬
‫طائفة‪ ,‬يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى‪ ,‬والطائفة التي آمنت في‬
‫زمن عيسى‪ ,‬فأيدنا الذين آمنوا على عدوّهم‪ ,‬فأصبحوا ظاهرين في إظهار محمد على دينهم‬
‫دين الكفار‪ ,‬فأصبحوا ظاهرين‪.‬‬
‫عدُوّ ِهمْ يقول‪ :‬فقوّينا الذين آمنوا من الطائفتين من بني‬
‫ن آ َمنُوا على َ‬
‫وقوله‪ :‬فأ ّيدْنا اّلذِي َ‬
‫إسرائيل على عدوّهم‪ ,‬الذي كفروا منهم بمحمد صلى ال عليه وسلم لتصديقه إياهم‪ ,‬أن عيسى‬
‫عبد ال ورسوله‪ ,‬وتكذيبه من قال هو إله‪ ,‬ومن قال‪ :‬هو ابن ال تعالى ذكره‪ ,‬فأصبحوا‬
‫ظاهرين‪ ,‬فأصبحت الطائفة المؤمنون ظاهرين على عدوّهم الكافرين منهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في‬
‫ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26356‬ـ حدثني محمد بن عبد ال الهللي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬عن عيسى‪ ,‬عن ابن أبي‬
‫عدُوّ ِه ْم قال‪ :‬قوّينا‪.‬‬
‫نجيح‪ ,‬عن مجاهد فأ ّيدْنا اّلذِينَ آ َمنُوا على َ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن إبراهيم فآ َمنَتْ‬
‫‪26357‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫ت طائِ َفةٌ قال‪ :‬لما بعث ال محمدا‪ ,‬ونزل تصديق من آمن بعيسى‪,‬‬
‫ل وكَ َفرَ ْ‬
‫سرَائِي َ‬
‫طائِ َفةٌ ِمنْ َبنِي إ ْ‬
‫أصبحت حجة من آمن به ظاهرة‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا على‬
‫‪26358‬ـ قال‪ :‬ثنا جرير‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬في قوله فأ ّيدْنا اّلذِي َ‬
‫ص َبحُوا ظا ِهرِينَ قال‪ :‬أيدوا بمحمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فصدّقهم‪ ,‬وأخبر بحجتهم‪.‬‬
‫عدُوّ ِه ْم فأ ْ‬
‫َ‬
‫ص َبحُوا‬
‫حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن مغيرة‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬في قوله‪ :‬فأ ْ‬
‫ن قال‪ :‬أصبحت حجة من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد صلى ال عليه وسلم كلمة‬
‫ظاهِرِي َ‬
‫ال وروحه‪.‬‬
‫‪26359‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ص َبحُوا ظا ِهرِينَ من آمن مع عيسى صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫فأ ْ‬

‫سورة الجمعة‬
‫سورة الجمعة مدنية‬
‫وآياتها إحدى عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيـم‬

‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ك الْ ُقدّو سِ‬
‫سمَاوَاتِ َومَا فِي الرْ ضِ ا ْلمَلِ ِ‬
‫ح لِلّ ِه مَا فِي ال ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬يُ سَبّ ُ‬
‫حكِيمِ }‪.‬‬
‫ا ْل َعزِيزِ ا ْل َ‬
‫ل ما في الرض ين من خل قه‪,‬‬
‫ل ما في ال سموات ال سبع‪ ,‬وك ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ي سبح ل ك ّ‬
‫ويعظ مه طو عا وكر ها المَلِ كِ ال ُقدّو سِ الذي له ملك الدن يا والَخرة و سلطانهما‪ ,‬النا فذ أمره في‬
‫ال سموات والرض و ما فيه ما‪ ,‬القدّوس‪ :‬و هو الطا هر من كلّ ما يض يف إل يه المشركون به‪,‬‬
‫حكِيمِ في‬
‫ويصفونه به مما ليس من صفاته المبارك ال َعزِيزِ يعني الشديد في انتقامه من أعدائه ا ْل َ‬
‫تدبيره خلقه‪ ,‬وتصريفه إياهم فيما هو أعلم به من مصالحهم‪.‬‬
‫‪2‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ل ّم ْنهُ مْ َيتْلُو عََل ْيهِ مْ آيَاتِ هِ‬
‫ن رَ سُو ً‬
‫ل ّميّي َ‬
‫ث فِي ا ُ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ اّلذِي َبعَ َ‬
‫ح ْكمَةَ وَإِن كَانُو ْا مِن َقبْلُ لَفِي ضَلَلٍ ّمبِينٍ }‪.‬‬
‫َو ُي َزكّيهِمْ َو ُيعَّل ُمهُمُ ا ْل ِكتَابَ وَا ْل ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ال الذي ب عث في المي ين ر سولً من هم‪ ,‬فقوله هو كنا ية من ا سم ال‪,‬‬
‫والميون‪ :‬هم العرب‪ .‬وقد بيّنا فيما مضى المعنى الذي من أجله قيل للم يّ أم يّ‪ .‬وبنحو الذي‬
‫قلنا في الميين في هذا الموضع قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26360‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن ليث‪ ,‬عن مجاهد‪,‬‬
‫ل ِم ْنهُ ْم قال‪ :‬العرب‪.‬‬
‫ن رَسُو ً‬
‫ل ّميّي َ‬
‫ث فِي ا ُ‬
‫قال‪ُ :‬هوَ اّلذِي َبعَ َ‬
‫‪ 26361‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬سمعت سفيان الثور يّ يحدّث ل أعلمه‬
‫ل ّميّينَ َرسُولً ِم ْن ُهمْ َيتْلُو عََل ْي ِهمْ آياتِهِ‪ :‬العرب‪.‬‬
‫إل عن مجاهد أنه قال‪ :‬هُ َو اّلذِي َبعَثَ فِي ا ُ‬
‫ل ّميّي نَ‬
‫‪ 26362‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة هُ َو اّلذِي َبعَ ثَ فِي ا ُ‬
‫ل ِم ْنهُ مْ قال كان هذا الح يّ من العرب أمة أ ّميّة‪ ,‬ليس فيها كتاب يقرؤونه‪ ,‬فبعث ال نبيه‬
‫رَ سُو ً‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم رحمة وهُدى يهديهم به‪.‬‬
‫ل ّميّي نَ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة هُ َو اّلذِي َبعَثَ فِي ا ُ‬
‫ل ِم ْن ُهمْ قال‪ :‬كانت هذه المة ا ّميّة ل يقرؤون كتابا‪.‬‬
‫رَسُو ً‬
‫‪ 26363‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ُ :‬هوَ اّلذِي َبعَ ثَ‬
‫ن رَسُولً ِم ْنهُمْ قال‪ :‬إنما سميت أمة محمد صلى ال عليه وسلم الميين‪ ,‬لنه لم ينزّل‬
‫ل ّميّي َ‬
‫فِي ا ُ‬
‫عليهم كتابا‪.‬‬
‫ل ثناؤه رَ سُولً ِم ْنهُ مْ يع ني من المي ين وإن ما قال من هم‪ ,‬لن محمدا صلى ال عل يه‬
‫وقال ج ّ‬
‫وسلم كان أ ّميّا‪ ,‬وظهر من العرب‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬يتْلُو عََل ْيهِ مْ آيا ِت هِ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬يقرأ على هؤلء المي ين آيات ال ال تي أنزل ها عل يه‬
‫َو ُي َزكّيهِمْ يقول‪ :‬ويطهرهم من دنس الكفر‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬و ُيعَّل ُمهُ مُ الكِتا بَ يقول‪ :‬ويعلم هم كتاب ال‪ ,‬و ما ف يه من أ مر ال ونه يه‪ ,‬وشرائع دي نه‬
‫وَالْح ْكمَ َة يعني بالحكمة‪ :‬السنن‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ح ْكمَةَ‬
‫‪ 26364‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َو ُيعَّل ُمهُ ُم الكِتا بَ وَا ْل ِ‬
‫أي السنة‪.‬‬
‫‪ 26365‬ـ حدث نا يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬قال‪َ :‬و ُي َزكّيهِ مْ َو ُيعَّل ُمهُ مُ‬
‫ح ْكمَ َة أيضـا كمـا علم هؤلء يزكيهـم بالكتاب والعمال الصـالحة‪ ,‬ويعلمهـم الكتاب‬
‫ِتابـ وَا ْل ِ‬
‫الك َ‬
‫ِينـ‬
‫ِنـ المُهاجِر َ‬
‫ُونـ م َ‬
‫والحكمـة كمـا صـنع بالوّليـن‪ ,‬وقرأ قول ال عزّ وجلّ‪ :‬والسـّابقُونَ الوّل َ‬
‫ن م من ب قي من أ هل ال سلم إلى أن تقوم ال ساعة‪ ,‬قال‪ :‬و قد‬
‫والنْ صَارِ وَاّلذِي نَ ا ّت َبعُوهُ ْم بإحْ سا ٍ‬
‫ِنـ‬
‫ِكـ المُ َق ّربُونـَ‪ ,‬وقال‪ :‬ثُّلةٌ م َ‬
‫ن أُوَلئ َ‬
‫جعـل ال فيهـم سـابقين‪ ,‬وقرأ قول ال عزّ وجلّ‪ :‬والسـّابِقُو َ‬
‫لخِرينَـ فثلة مـن الوّليـن سـابقون‪ ,‬وقليـل السـابقون مـن الَخريـن‪ ,‬وقرأ‪:‬‬
‫الوّلِيـن َوقَلِيلٌ مِنَـ ا َ‬
‫ن أيضا‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ن ما أصحَابُ ال َيمِي نِ‪ ...‬حتى بلغ ثُلّ ٌة مِ نَ الوّلِينَ‪َ ,‬وثُلّ ٌة مِنَ الَخرِي َ‬
‫ب ال َيمِي ِ‬
‫وأصحَا ُ‬
‫ن رَبّنا‬
‫ن َب ْعدِهِ مْ يَقُولُو َ‬
‫والسابقون من الوّلين أكثروهم من الَخرين قليل‪ ,‬وقرأ وَاّلذِي نَ جاءُوا ِم ْ‬
‫سبَقُونا باليمَا نِ‪ ...‬الَ ية‪ ,‬قال‪ :‬هؤلء من أ هل ال سلم إلى أن تقوم‬
‫ن َ‬
‫اغْ ِف ْر لَ نا ولخْوَانِ نا اّلذِي َ‬
‫الساعة‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬و قد كان هؤلء الميون من‬
‫ن َقبْلُ لَفِي ضَللٍ ُمبِي ٍ‬
‫وقوله‪ :‬وَإ نْ كانُوا مِ ْ‬
‫جوْر عن ق صد ال سبيل‪ ,‬وأ خذ على غ ير هدى ُمبِ ين‬
‫ل من هم في َ‬
‫ق بل أن يب عث ال في هم ر سو ً‬
‫يقول‪ :‬يبين لمن تأمله أنه ضلل وجَوْر عن الحقّ وطريق الرشد‪.‬‬

‫‪4-3‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حكِي مُ * ذَلِ كَ‬
‫ن ِم ْنهُ مْ لَمّا يَ ْلحَقُو ْا ِبهِ مْ وَ ُه َو ا ْلعَزِيزُ ا ْل َ‬
‫خرِي َ‬
‫القول ف ـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَآ َ‬
‫فَضْلُ الّلهِ ُي ْؤتِي ِه مَن َيشَآءُ وَالّلهُ ذُو الْ َفضْلِ ا ْل َعظِيمِ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬و هو الذي ب عث في المي ين ر سول من هم‪ ,‬و في آخر ين من هم ل ما يلحقوا‬
‫بهم فآخرون في موضع خفض عطفا على الميين‪.‬‬
‫ن ِم ْنهُ مْ‪ ,‬فقال بعض هم‪ :‬عُنِي بذلك الع جم‪ .‬ذ كر من‬
‫خرِي َ‬
‫و قد اختلف في الذ ين عُنوا بقوله‪ :‬وآ َ‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26366‬ـ حدث ني يعقوب بن إبراه يم‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ا بن عل ية‪ ,‬عن ل يث‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫ن ِم ْنهُمْ َلمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِ ْم قال‪ :‬هم العاجم‪.‬‬
‫خرِي َ‬
‫وآ َ‬
‫حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا فضيل بن طل حة‪ ,‬عن ليث‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في‬
‫خرِينَ ِم ْن ُهمْ َلمّا يَ ْلحَقُوا ِب ِهمْ قال‪ :‬هم العاجم‪.‬‬
‫قوله‪ :‬وآ َ‬
‫خرِي نَ ِم ْنهُ مْ َلمّا يَ ْلحَقُوا‬
‫حدثنا أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬عن ليث‪ ,‬عن مجاهد وآ َ‬
‫ِب ِهمْ قال‪ :‬العاجم‪.‬‬
‫خرِي نَ ِم ْنهُ مْ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن ليث‪ ,‬عن مجاهد وآ َ‬
‫َلمّا يَ ْلحَقُوا ِب ِهمْ قال‪ :‬العاجم‪.‬‬
‫حدثني يونس قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬سمعت سفيان الثور يّ ل أعلمه إل عن مجاهد‪:‬‬
‫ن ِم ْنهُمْ َلمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِ ْم قال‪ :‬العجم‪.‬‬
‫خرِي َ‬
‫وآ َ‬
‫‪ 26367‬ـ حدثني محمد بن إسحاق‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن معين‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشام بن يوسف‪,‬‬
‫عن عبد الرحمن بن عمر بن عبد الرحمن بن العاص‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن جدّه‪ ,‬عن ابن عمر‪ ,‬أنه‬
‫ح لِلّ ِه ما في‬
‫سبّ ُ‬
‫قال‪ :‬له‪ :‬أ ما إن سورة الجم عة أنزلت في نا وفي كم في قتل كم الكذّاب‪ ,‬ثم قرأ‪ :‬يُ َ‬
‫ن ِم ْنهُ ْم َلمّا يَ ْلحَقُوا ِب ِهمْ قال‪ :‬فأنتم هم‪.‬‬
‫خرِي َ‬
‫سمَوَاتِ وَما في الرْض‪ .‬حتى بلغ وآ َ‬
‫ال ّ‬
‫ن ِم ْنهُ مْ لَمّا‬
‫خرِي َ‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ل يث‪ ,‬عن مجا هد وآ َ‬
‫حدث نا ا بن ُ‬
‫يَ ْلحَقُوا ِب ِهمْ قال‪ :‬العاجم‪.‬‬
‫‪ 26368‬ـ حدث ني مح مد بن مع مر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا مر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد العز يز وحدث ني‬
‫يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب قال‪ :‬أخبرني سليمان بن بلل‪ ,‬جميعا عن ثور بن زيد‪ ,‬عن أبي‬
‫الغ يث‪ ,‬عن أ بي هريرة‪ ,‬قال‪ :‬ك نا جلو سا ع ند ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فنزلت عل يه سورة‬
‫خرِي نَ ِم ْنهُ مْ َلمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِ مْ قال ر جل‪ :‬من هؤلء يا ر سول ال؟ قال‪ :‬فلم‬
‫الجمعة‪ ,‬فلما قرأ‪ :‬وآ َ‬
‫يراجعـه النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم حتـى سـأله مرّة أو مرّتيـن أو ثلثـا‪ ,‬قال‪ :‬وفينـا سـلمان‬
‫الفارسيّ‪ ,‬فوضع النبيّ صلى ال عليه وسلم يده على سلمان فقال‪َ« :‬لوْ كا نَ اليمَا نُ ع ْندَ ال ّث َريّا‬
‫لَنالَهُ رِجالٌ ِمنْ هَولءِ»‪.‬‬
‫حدث ني أحمد بن ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ع مي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سليمان بن بلل المدنّي‪ ,‬عن‬
‫ثور بن زيد‪ ,‬عن سالم أبي الغيث‪ ,‬عن أبي هريرة‪ ,‬قال‪« :‬كنا جلوسا عند رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬إنما عُني بذلك جميع من دخل في السلم من بعد النبيّ صلى ال عليه وسلم‬
‫كائنا من كان إلى يوم القيامة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26369‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد في قول ال‪:‬‬
‫ن ِم ْنهُمْ َلمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِ ْم قال‪ :‬من ردف السلم من الناس كلهم‪.‬‬
‫خرِي َ‬
‫وآ َ‬
‫‪ 26370‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ‪:‬‬
‫ل من كان بعد النبيّ صلى ال عليه وسلم إلى يوم‬
‫ن ِم ْنهُ مْ َلمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِ ْم قال‪ :‬هؤلء ك ّ‬
‫خرِي َ‬
‫وآ َ‬
‫القيامة‪ ,‬كلّ من دخل في السلم من العرب والعجم‪.‬‬
‫ل لحق لحق بالذين كانوا‬
‫وأولى القولين في ذلك بالصواب عندي قول من قال‪ :‬غُني بذلك ك ّ‬
‫ي الجناس لن ال عزّ وجلّ ع مّ بقوله‪:‬‬
‫صحبوا النبيّ صلى ال عليه وسلم في إسلمهم من أ ّ‬
‫خرِي نَ ِم ْنهُ مْ لَمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِ ْم كلّ ل حق ب هم من آخر ين‪ ,‬ولم يخ صص من هم نو عا دون نوع‪,‬‬
‫وآ َ‬
‫فكلّ لحق بهم فهو من الَخرين الذي لم يكونوا في عداد الوّلين الذين كان رسول ال صلى‬
‫ال عليـه وسـلم يتلو عليهـم آيات ال وقوله‪ :‬لَمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِم ْـ يقول‪ :‬لم يجيئوا بعـد وسـيجيئون‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26371‬ـ حدث ني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ا بن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله‪َ :‬لمّا يَ ْلحَقُوا ِبهِ مْ‬
‫يقول‪ :‬لم يأتوا بعد‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَ ُهوَ ال َعزِيزُ الْحكِ يم يقول‪ :‬وال العز يز في انتقا مه م من ك فر به من هم‪ ,‬الحك يم في‬
‫تدبيره خلقه‪.‬‬
‫ِيهـ مِن يَشاءُ يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الذي فعـل تعالى ذكره مـن‬
‫ّهـ يُو ْءت ِ‬
‫ذلكـ َفضْلُ الل ِ‬
‫َ‬ ‫وقوله‪:‬‬
‫بعث ته في المي ين من العرب‪ ,‬و في آخر ين ر سولً من هم يتلو علي هم آيا ته‪ ,‬ويف عل سائر ما‬
‫و صف‪ ,‬ف ضل ال‪ ,‬تف ضل به على هؤلء دون غير هم يُؤتي هِ َم نْ يَشاءُ يقول‪ :‬يؤ تي فضله ذلك‬
‫من يشاء من خلقه‪ ,‬ل يستحقّ الذمّ ممن حرمه ال إياه‪ ,‬لنه لم يمنعه حقا كان له قبله ول ظلمه‬
‫ن هُو له أهل‪ ,‬فأود عه إياه‪ ,‬وجلعه عنده‪ .‬وبنحو الذي‬
‫في صرفه عنه إلى غيره‪ ,‬ولكنه علم مَ ْ‬
‫قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26372‬ـ حدثنا ابن سنان القزاز‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى‪ ,‬عن شبيب‪ ,‬عن‬
‫عكرمـة‪ ,‬عـن ابـن عباس فـي‪ :‬ذلكَـ َفضْلُ اللّهِـ يُو ْءتِيهِـ مَن ْـ يَشا ُء قال‪ :‬الفضـل‪ :‬الديـن وال ذُو‬
‫ال َفضْلِ ال َعظِي مِ يقول‪ :‬ال ذو الف ضل على عباده‪ ,‬المح سن من هم والم سيىء‪ ,‬والذ ين ب عث في هم‬
‫ل ذي فضل عنده‪.‬‬
‫ل فضل ك ّ‬
‫الرسول منهم وغيرهم‪ ,‬العظيم الذي يق ّ‬

‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حمِلُ‬
‫حمَارِ َي ْ‬
‫حمِلُوهَا َك َمثَلِ ا ْل ِ‬
‫حمّلُو ْا التّ ْورَا َة ثُ مّ لَ مْ َي ْ‬
‫ن ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬مثَلُ اّلذِي َ‬
‫ن َك ّذبُواْ بِآيَاتِ الّلهِ وَاللّ ُه لَ َي ْهدِي الْ َق ْومَ الظّاِلمِينَ }‪.‬‬
‫َأسْفَارا ِبئْسَ َمثَلُ الْ َق ْومِ اّلذِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬م ثل الذ ين أوتوا التوراة من اليهود والن صارى‪ ,‬فحملوا الع مل ب ها ثُ مّ لَ مْ‬
‫حمِلُوها يقول‪ :‬ثم لم يعملوا بما فيها‪ ,‬وكذّبوا بمحمد صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وقد أمروا باليمان‬
‫َي ْ‬
‫به فيها واتباعه والتصديق به َك َمثَلِ ا ْلحِمارِ يحمِلُ أسْفارا يقول‪ :‬كمثل الحمار يحمل على ظهره‬
‫كتبا من كتب العلم‪ ,‬ل ينتفع بها‪ ,‬ول يعقل ما فيها‪ ,‬فكلك الذين أوتوا التوراة التي فيها بيان أمر‬
‫محمد صلى ال عليه وسلم مثلهم إذا لم ينتفعوا بما فيها‪ ,‬كمثل الحمار الذي يحمل أسفارا فيها‬
‫علم‪ ,‬فهو ل يعقلها ول ينتفع بها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26373‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫حمِلُ أ سْفارا قال‪:‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬في قوله‪َ :‬ي ْ‬
‫يحمل كتبا ل يدري ما فيها‪ ,‬وليعقلها‪.‬‬
‫حمّلُوا التّوْراة ثُمّ‬
‫ل اّلذِينَ ُ‬
‫‪26374‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َمثَ ُ‬
‫حمِلُ أسْفارا قال‪ :‬يحمل كتابا ل يدري ماذا عليه‪ ,‬ول ماذا فيه‪.‬‬
‫ل ا ْلحِمارِ ي ْ‬
‫حمِلُوها َك َمثَ ِ‬
‫َلمْ َي ْ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله َك َمثَلِ ا ْلحِمارِ‬
‫حمِلُ أسْفارا قال‪ :‬كمثل الحمار الذي يحمل كتبا‪ ,‬ل يدري ما على ظهره‪.‬‬
‫يْ‬
‫‪ 26375‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ل أ سْفارا كت با‪ ,‬والكتاب بالنبط ية ي سمى سِفْرا ضرب ال هذا‬
‫حمِ ُ‬
‫يقول في قوله‪َ :‬ك َمثَلِ ا ْلحِمارِ ي ْ‬
‫مثلً للذين أعطوا التوراة ثم كفروا‪.‬‬
‫‪ 26376‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ل أ سْفارا والسفار‪:‬‬
‫حمِ ُ‬
‫حمِلُوها َك َمثَلِ ا ْلحِمارِ ي ْ‬
‫حمّلُوا الّتوْراةَ ثُمّ لَ ْم َي ْ‬
‫ن ُ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪َ :‬مثَلُ اّلذِي َ‬
‫الكتب‪ ,‬فجعل ال مثل الذي يقرأ الكتاب ول يتبع ما فيه‪ ,‬كمثل الحمار يحمل كتاب ال الثقيل‪,‬‬
‫ن َك ّذبُوا بآياتِ الّلهِ‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫ل يدري ما فيه‪ ,‬ثم قال‪ِ :‬بئْسَ َمثَلُ ال َقوْم اّلذِي َ‬
‫‪ 26377‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال‪َ :‬ك َمثَلِ ا ْلحِمارِ‬
‫حمِلُ أسْفارا قال‪ :‬السفارُ‪ :‬التوراة التي يحملها الحمار على ظهره‪ ,‬كما تحمل المصاحف على‬
‫يْ‬
‫الدواب‪ ,‬كمثـل الرجـل يسـافر فيحمـل مصـحفه‪ ,‬قال‪ :‬فل ينتفـع الحمارُ بهـا حيـن يحملهـا على‬
‫ظهره‪ ,‬كذلك لم ينتفع هؤلء بها حين لم يعلموا بها وقد أوتوها‪ ,‬كما لم ينتفع بها هذا وهي على‬
‫ظهره‪.‬‬
‫‪ 26378‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ عن ابن عباس في‬
‫حمِلُ أسْفارا يقول‪ :‬كتبا‪ .‬والسفار‪ :‬جمع سفر‪ ,‬وهي الكتاب العظام‪.‬‬
‫قوله َك َمثَلِ ا ْلحِمارِ ي ْ‬
‫ت اللّ هِ يقول‪ :‬بئس هذا الم ثل‪ ,‬م ثل القوم الذ ين كذّبوا‬
‫ن َك ّذبُوا بآيا ِ‬
‫وقوله‪ِ :‬بئْ سَ مثلُ القَوْ مِ اّلذِي َ‬
‫بآيات ال‪ ,‬يع ني بأدل ته وحج جه والّل ُه ل َي ْهدِي ال َقوْ مَ الظّاِلمِي نَ يقول تعالى ذكره‪ :‬وال ل يوفّق‬
‫القوم الذين ظلموا أنفسهم‪ ,‬فكفروا بآيات ربهم‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن هَادُوَاْ إِن زَع ْمتُ مْ َأ ّنكُ مْ َأوِْليَآءُ لِّل هِ مِن دُو نِ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬قُلْ َيَأيّهَا اّلذِي َ‬
‫النّاسِ َف َتمَنّوُ ْا ا ْلمَ ْوتَ إِن كُن ُتمْ صَا ِدقِينَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬قل يا محمد لليهود‪ :‬يا أيّها اّلذِي نَ هادُوا‬
‫ن في قيلكم‪ ,‬إنكم‬
‫ن النّاسِ سواكم َف َت ّمنُوا ال َموْتَ إ نْ ُك ْنتُمْ صَادِقِي َ‬
‫ع ْمتُمْ أ ّنكُمْ أوْلِيا ُء لِلّ ِه مِ نْ دُو ِ‬
‫ن زَ َ‬
‫إْ‬
‫أولياء ل من دون الناس‪ ,‬فإن ال ل يعذّب أولياءه‪ ,‬بل يكرمهم وينعمهم‪ ,‬وإن كنتم محقين فيما‬
‫تقولون فتمنوا الموت لتسـتريحوا مـن كرب الدنيـا وهمومهـا وغمومهـا‪ ,‬وتصـيروا إلى روح‬
‫الجنان ونعيمها بالموت‪.‬‬
‫‪ 26379‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬قُلْ يا أيّها اّلذِي نَ‬
‫هادُوا قل يا أيها الذين تابوا‪ :‬لليهود‪ ,‬قال موسى‪ :‬إنّا ُهدْنا إَل ْيكَ‪ :‬إنا تبنا إليك‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬ولَ َي َت َمنّونَ ُه َأبَدا ِبمَا َق ّدمَتْ َأيْديهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظّاِلمِينَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬وَل َي َت َمنّ ْونَ ُه أبَدا يقول‪ :‬ول يتمنى اليهود‬
‫الموت أبدا ِبمَا قَ ّدمَتْ أ ْيدِيهِمْ يعني‪ :‬بما اكتسبوا في هذه الدنيا من الَثام‪ ,‬واجترحوا من السيئات‬
‫وَالّلهُ عَلِيمٌ بالظّاِلمِينَ يقول‪ :‬وال ذو علم بمن ظلم من خلقه نفسه‪ ,‬فأوبقها بكفره بال‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن ِمنْ هُ َفِإنّ ُه مُلَقِيكُ مْ ثُ مّ ُترَدّو نَ إَِلىَ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬قُلْ ِإ نّ ا ْل َموْ تَ اّلذِي تَ ِفرّو َ‬
‫شهَادَةِ َف ُي َن ّبئُكُم ِبمَا كُن ُتمْ َت ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫عَاِلمِ ا ْل َغيْبِ وَال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره لنـبيه محمـد صـلى ال عليـه وسـلم‪ :‬قُلْ يـا محمـد لليهود إنّـ المَوْتَـ اّلذِي‬
‫ن إلى عال مِ ال َغيْ بِ‬
‫ن ِمنْ ُه فتكرهو نه‪ ,‬وتأبون أن تتمنوه فإنّ هُ مُلقِيكُ مْ ونازل ب كم ثُ مّ َت ُردّو َ‬
‫تَ ِفرّو َ‬
‫والشّهادَةِ ثـم يردّكـم ربكـم مـن بعـد مماتكـم إلى عالم الغيـب والشهادة‪ ,‬عالم غيـب السـموات‬
‫والرض والشهادة‪ :‬يعني وما شهد فظهر لرأي العين‪ ,‬ولم يغب عن أبصار الناظرين‪.‬‬
‫‪ 26380‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬تل قتادة‪ :‬ثُ مّ ُت َردّو نَ‬
‫ل ابن آدم بالموت ل أعلمه إل رفعه‪.‬‬
‫ب والشّهادَةِ فقال‪ :‬إن ال أذ ّ‬
‫إلى عالمِ ال َغيْ ِ‬
‫َف ُينَ ّب ُئكُ مْ ِبمَا ُك ْنتُ مْ َت ْعمَلُو نَ يقول‪ :‬فيخبركم حينئذ ما كنتم في الدنيا تعملون من العمال‪ ,‬سيئها‬
‫وحسنها‪ ,‬لنه محيط بجميعها‪ ,‬ثم يجازيكم على ذلك المحسن بإحسانه‪ ,‬والمسيء بما هو أهله‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سعَوْاْ‬
‫ج ُمعَ ِة فَا ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأ ّيهَا اّلذِي نَ آ َمُنوَاْ ِإذَا نُودِ يَ لِل صّلَ ِة مِن َيوْ مِ ا ْل ُ‬
‫خ ْيرٌ ّل ُكمْ إِن كُنتُمْ َتعَْلمُونَ }‪.‬‬
‫إَِلىَ ِذ ْكرِ اللّهِ َو َذرُو ْا ا ْل َبيْعَ ذَِل ُكمْ َ‬
‫يقول تعالى ذكره للمؤمنين به من عباده‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ورسوله إذَا نُودِيَ للصّلةِ‬
‫ج ْمعَ ِة وذلك هو النداء‪ ,‬ينادى بالدعاء إلى صلة الجمعة عند قعود المام على المنبر‬
‫ن يَوْ مِ ال ُ‬
‫مِ ْ‬
‫سعَوْا إلى ِذ ْكرِ اللّ هِ يقول‪ :‬فامضوا‬
‫للخط بة ومع نى الكلم‪ :‬إذا نودي لل صلة من يوم الجم عة فا ْ‬
‫إلى ذكر ال‪ ,‬واعملوا له وأصل السعي في هذا الموضع العمل‪ ,‬وقد ذكرنا الشواهد على ذلك‬
‫فيما مضى قبل‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26381‬ـ حدث نا الح سن بن عر فة‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا إ سماعيل بن عياش‪ ,‬عن شُ َرحْب يل بن م سلم‬
‫الخَوْلنيّ‪ ,‬في قول ال‪ :‬فاسْعَوْا إلى ِذ ْكرِ اللّ ُه قال‪ :‬فاسعوا في العمل‪ ,‬وليس السعي في المشي‪.‬‬
‫‪ 26382‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا‬
‫فاسـعَوْا إلى ِذ ْكرِ ال والسـعي يـا بـن آدم أن تسـعى بقلبـك‬
‫ج ُمعَ ِة ْ‬
‫ِنـ يَوْم ال ُ‬
‫ِيـ للَصـّل ِة م ْ‬
‫إذَا نُود َ‬
‫وعملك‪ ,‬وهو المضي إليها‪.‬‬
‫‪ 26383‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن أبي عدّي‪ ,‬عن شعبة‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني مغيرة‪ ,‬عن‬
‫سعَوْا قال‪ :‬أ ما إ نه أقرؤ نا وأعلم نا‬
‫إبراه يم أ نه ق يل لع مر ر ضي ال ع نه‪ :‬إن أُبيّا يقرؤ ها‪ :‬فا ْ‬
‫بالمنسوخ وإنما هي «فامضوا»‪.‬‬
‫‪26384‬ـ حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا سفيان‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬عن سالم‪ ,‬عن‬
‫أبيه‪ ,‬قال‪ :‬ما سمعت عمر يقرؤها قطّ إلّ فامضوا‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حنظلة‪ ,‬عن سالم بن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫عمر رضي ال عنه يقرؤها‪« :‬فا ْمضُوا إلى ِذ ْكرِ الّلهِ»‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن حنظلة‪ ,‬عن سالم بن عبد ال أن عمر‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫بن الخطاب قرأها‪ :‬فامضوا‪.‬‬
‫حدث ني يو نس بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا حنظلة بن أ بي سفيان‬
‫الجمح يّ‪ ,‬أ نه سمع سالم بن ع بد ال يحدّث عن أب يه‪ ,‬أ نه سمع ع مر بن الخطاب يقرأ‪« :‬إذَا‬
‫ج ْمعَ ِة فا ْمضُوا إلى ِذكْرِ الّلهِ»‪.‬‬
‫نُو ِديَ للصّل ِة مِنْ َي ْومِ ال ُ‬
‫قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني يونس‪ ,‬عن ابن شهاب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني سالم بن عبد ال‬
‫بن عمر‪ ,‬أن عبد ال قال‪ :‬لقد توفى ال عمر رضي ال عنه‪ ,‬وما يقرأ هذه الَية التي ذكر ال‬
‫ج ْمعَةِ إل «فامضوا» إلى ذكر ال‪.‬‬
‫ن يَ ْو ِم ال ُ‬
‫فيها الجمعة‪ :‬يا أيّها اّلذِينَ آ َمنُوا إذَا نُو ِديَ للصّلةِ مِ ْ‬
‫‪26385‬ـ حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا معاوية‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬كان عبد ال‬
‫يقرؤها‪« :‬فامْضُوا إلى ِذ ْكرِ اللّهِ» ويقول‪ :‬لو قرأتها فاسعوا‪ ,‬لسعيت حتى يسقط ردائي‪.‬‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عدّي‪ ,‬عن شعبة‪ ,‬عن سليمان‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬قال عبد‬
‫ال‪ :‬لو كان السعي لسعيت حتى يسقط ردائي‪ ,‬قال‪ :‬ولكنها‪« :‬فامْضُوا إلى ِذ ْكرِ اللّهِ» قال‪ :‬هكذا‬
‫كان يقرؤها‪.‬‬
‫ي بن الحسين الزدي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن يمان الزدي‪ ,‬عن أبي جعفر‬
‫‪ 26386‬ـ حدثني عل ّ‬
‫الرازي‪ ,‬عن الربيع عن أبي العالية أنه كان يقرؤها‪« :‬فامْضُوا إلى ِذ ْكرِ الّلهِ»‪.‬‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو جعفر‪ ,‬عن الربيع‪ ,‬عن أبي العالية‪,‬‬
‫أنه قرأها‪« :‬فا ْمضُوا إلى ِذكْ ِر اللّهِ»‪.‬‬
‫جرَيج‪ ,‬عن عطاء‪ ,‬قال‪:‬‬
‫‪26387‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ابن ُ‬
‫هي للحرار‪.‬‬
‫‪ 26388‬ـ حدث نا أ بو ُكرَ يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن يمان‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن من صور عن ر جل‪ ,‬عن‬
‫مسروق‪ ,‬قال‪ :‬عند الوقت‪.‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن ر جل‪ ,‬عن‬
‫‪ 26389‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫مسروق إذَا نُو ِديَ للصّل ِة قال‪ :‬عند الوقت‪.‬‬
‫‪26390‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جابر‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬هو‬
‫عند العزمة عند الخطبة‪ ,‬عند الذكر‪.‬‬
‫حدث ني مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى وحدث ني الحارث‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله إذَا نُودِ يَ‬
‫ج ُمعَةِ قال‪ :‬النداء عند الذكر عزيمة‪.‬‬
‫ن يَ ْو ِم ال ُ‬
‫للصّلةِ مِ ْ‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جابر‪ ,‬عن مجاهد إذَا نُودِيَ للصّل ِة مِنْ‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫ج ُمعَ ِة قال‪ :‬العزمة عند الذكر عند الخطبة‪.‬‬
‫يَ ْومِ ال ُ‬
‫قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان عن المُغيرة والعمش‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬عن ابن مسعود‪ ,‬قال‪ :‬لو‬
‫سعَوْا لسعيت حتى يسقط ردائي‪ ,‬وكان يقرؤها‪« :‬فا ْمضُوا إلى ِذكْرِ الّلهِ»‪.‬‬
‫قرأتها فا ْ‬
‫قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عطاء بن السائب‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬عن ابن مسعود قال‪ :‬قرأها‬
‫فا ْمضُوا‪.‬‬
‫سعَوْا‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أبي حيان‪ ,‬عن عكرمة فا ْ‬
‫‪26391‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫إلى ِذكْر اللّ ِه قال‪ :‬السعي‪ :‬العمل‪.‬‬
‫‪ 26392‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ :‬وسألته عن قول ال‪ :‬إذَا‬
‫سعَوْا إلى ِذكْرِ الّل ِه قال‪ :‬إذا سمعتم الداعي الوّل‪ ,‬فأجيبوا إلى‬
‫ج ُمعَ ِة فا ْ‬
‫نُودِ يَ لل صّل ِة مِ نْ َيوْ مِ ال ُ‬
‫ذلك وأ سرعوا ول تبطئوا قال‪ :‬ولم ي كن في زمان ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم أذان إل أذانان‪:‬‬
‫أذان حين يجلس على المنبر‪ ,‬وأذان حين تُقام الصلة قال‪ :‬وهذا الَخر شيء أحدثه الناس بعد‬
‫ل له البيـع إذا سـمع النداء الذي يكون بيـن يدي المام إذا قعـد على المنـبر وقرأ‬
‫قال‪ :‬ل يح ّ‬
‫سعَوْا إلى ِذ ْكرِ الّلهِ َو َذرُوا ال َبيْعَ قال‪ :‬ولم يأمرهم يذرون شيئا غيره‪ ,‬حرّم البيع ثم أذن لهم فيه‬
‫فا ْ‬
‫إذا فرغوا من الصلة‪ ,‬قال‪ :‬والسعي أن يُسرع إليها‪ ,‬أن يُقبِل إليها‪.‬‬
‫‪26393‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ :‬إن في حرف ابن‬
‫ج ُمعَةِ فا ْمضُوا إلى ِذ ْكرِ الّلهِ»‪.‬‬
‫مسعود «إذَا نُو ِديَ للصّلةِ ِمنْ َي ْومِ ال ُ‬
‫‪ 26394‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫شتّى‪.‬‬
‫س ْع َيكُمْ َل َ‬
‫ن َ‬
‫سعَوْا إلى ِذ ْكرِ اللّ ِه السعي‪ :‬هو العمل‪ ,‬قال ال‪ :‬إ ّ‬
‫يقول في قوله فا ْ‬
‫ـ يقول‪ :‬ودعوا البيـع والشراء إذا نودي للصـلة عنـد الخطبـة‪ .‬وكان‬
‫وقوله‪َ :‬و َذرُوا ال َبيْع َ‬
‫الضحاك يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫‪ 26395‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جُوَيبر‪ ,‬عن الضحاك‪ ,‬قال‪:‬‬
‫إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء‪.‬‬
‫حدثنا ابن حُميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جُوَيبر‪ ,‬عن الضحاك إذَا نُودِيَ للصّلةِ‬
‫ج ُمعَ ِة قال‪ :‬إذا زالت الشمس حرم البيع والشراء‪.‬‬
‫ن يَ ْومِ ال ُ‬
‫مِ ْ‬
‫‪26396‬ــ حدثنـا مهران‪ ,‬عـن سـفيان‪ ,‬عـن إسـماعيل السـديّ‪ ,‬عـن أبـي مالك‪ ,‬قال‪ :‬كان قوم‬
‫يجلسـون فـي بقيـع الزبيـر‪ ,‬فيشترون ويـبيعون إذا نودي للصـلة يوم الجمعـة‪ ,‬ول يقومون‪,‬‬
‫ج ُمعَةِ‪.‬‬
‫ن يَ ْومِ ال ُ‬
‫فنزلت‪ :‬إذَا نُو ِديَ للصّل ِة مِ ْ‬
‫وأما الذكر الذي أمر ال تبارك وتعالى بالسعي إليه عباده المؤمنين‪ ,‬فإنه موعظة المام في‬
‫خطبته فيما قيل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جابر‪ ,‬عن مجا هد إذَا نُودِ يَ‬
‫‪ 26397‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫ج ُمعَةِ قال‪ :‬العزمة عند الذكر عند الخطبة‪.‬‬
‫ن يَ ْو ِم ال ُ‬
‫للصّلةِ مِ ْ‬
‫‪ 26398‬ـ حدث نا ع بد ال بن مح مد الحن في‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عبدان‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ع بد ال‪ ,‬قال‪:‬‬
‫أخبرنا من صور ر جل من أ هل الكوفة‪ ,‬عن موسى بن أبي كثير‪ ,‬أنه سمع سعيد بن المسيب‬
‫سعَوْا إلى ِذ ْكرِ اللّ هِ قال‪ :‬ف هي موع ظة المام فإذا‬
‫ج ُمعَةِ فا ْ‬
‫ن يَوْ مِ ال ُ‬
‫يقول‪ :‬إذَا نُودِ يَ لل صّلةِ ِم ْ‬
‫قضيت الصلة بعد‪.‬‬
‫ن ُك ْنتُ مْ َتعَْلمُو نَ يقول‪ :‬سعيكم إذا نودي لل صلة من يوم الجم عة إلى‬
‫خيْرٌ َلكُ ْم إ ْ‬
‫وقوله‪ :‬ذَِلكُ مْ َ‬
‫ذكـر ال‪ ,‬وترك الب يع خ ير ل كم من الب يع والشراء في ذلك الو قت‪ ,‬إن كنتـم تعلمون م صالح‬
‫أنفسكم ومضارّها‪.‬‬
‫ج ُمعَةِ‬
‫ج ُمعَ ِة فقرأت ذلك عامـة قرّاء المصـار‪ :‬ال ُ‬
‫ِنـ يَوْم ال ُ‬
‫واختلفـت القرّاء فـي قراءة قوله‪ :‬م ْ‬
‫بضم الميم والجيم‪ ,‬خل العمش فإنه قرأها بتخفيف الميم‪.‬‬
‫والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء المصار لجماع الحجة من القرّاء عليه‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫شرُواْ فِي الرْضِ وَا ْب َتغُواْ مِن فَضْلِ‬
‫ضيَتِ الصّلَ ُة فَان َت ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬فِإذَا قُ ِ‬
‫اللّهِ وَا ْذ ُكرُو ْا اللّ َه َكثِيرا ّلعَّل ُكمْ تُفِْلحُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬فإذا قُض يت صلة الجم عة يوم الجم عة‪ ,‬فانتشروا في الرض إن شئ تم‪,‬‬
‫ذلك رخصة من ال لكم في ذلك‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26399‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا حصين‪ ,‬عن مجاهد أنه‬
‫شرُوا فِي الرْضِ‪.‬‬
‫ت الصّلةُ فا ْنتَ ِ‬
‫قال‪ :‬هي رخصة‪ ,‬يعني قوله‪ :‬فإذَا ُقضِيَ ِ‬
‫‪ 26400‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫شرُوا فِي الرْضِ قال‪ :‬هذا إذن من ال‪ ,‬فمن شاء خرج‪,‬‬
‫ضيَتِ الصّل ُة فانْ َت ِ‬
‫يقول في قوله‪ :‬فإذَا قُ ِ‬
‫ومن شاء جلس‪.‬‬
‫‪ 26401‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ :‬أذن ال لهم إذا فرغوا من‬
‫شرُوا فِي الرْضِ وَا ْب َتغُوا ِمنْ َفضْلِ اللّ ِه فقد أحللته لكم‪.‬‬
‫ضيَتِ الصّل ُة فانْ َت ِ‬
‫الصلة‪ ,‬فإذَا قُ ِ‬
‫ن فَضْلِ الّلهِ‪ .‬ذُكر عن النبيّ صلى ال عليه وسلم في تأويل ذلك ما‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬وَا ْب َتغُوا مِ ْ‬
‫‪ 26402‬ـ حدث ني العباس بن أ بي طالب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عل يّ بن المعا فى بن يعقوب المو صليّ‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا أبو عامر الصائغ من الموصل‪ ,‬عن أبي خلف‪ ,‬عن أنس‪ ,‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ن فَضْلِ الّل هِ قال‪:‬‬
‫ضيَ تِ ال صّلةُ فا ْن َتشِرُوا فِي الرْ ضِ وَا ْب َتغُوا مِ ْ‬
‫ال عل يه و سلم في قوله فإذَا ُق ِ‬
‫خ فِي اللّهِ»‪.‬‬
‫حضُورُ جَنازَةٍ‪َ ,‬وزِيارَ ُة أ ٍ‬
‫ب ْدنُيا‪ ,‬وََلكِنْ عِيادَ ُة َمرِيضٍ‪َ ,‬و ُ‬
‫«َليْسَ ِلطَلَ ِ‬
‫ن فَضْلِ الّل هِ أن يكون معنيا به‪ :‬والتمسوا من فضل ال الذي بيده‬
‫وقد يحتمل قوله‪ :‬وَا ْب َتغُوا مِ ْ‬
‫مفاتيح خزائنه لدنياكم وآخرتكم‪.‬‬
‫ن يقول‪ :‬واذكروا ال بالح مد له‪ ,‬والش كر على ما أن عم‬
‫وقوله‪ :‬وَا ْذ ُكرُوا ال َكثِيرا َلعَّلكُ مْ تُفِْلحُو َ‬
‫به عليكم من التوفيق لداء فرائضه‪ ,‬لتفلحوا‪ ,‬فتدركوا طلباتكم عند ربكم‪ ,‬وتصلوا إلى الخلد في‬
‫جناته‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَِإذَا رَأَوْ ْا ِتجَارَ ًة أَ ْو َلهْوا ان َفضّوَاْ إَِل ْيهَا َو َت َركُو كَ قَآئِما قُلْ مَا‬
‫خ ْيرُ الرّازِقِينَ }‪.‬‬
‫ن الّلهْوِ َو ِمنَ ال ّتجَارَةِ وَاللّ ُه َ‬
‫خ ْيرٌ مّ َ‬
‫عِندَ الّلهِ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وإذا رأى المؤمنون ع ير تجارة أو لهوا انْ َفضّوا إَليْ ها يع ني أ سرعوا إلى‬
‫ك قائ ما يقول لل نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪ :‬وتركوك يا مح مد قائ ما على الم نبر‬
‫التجارة َوتَركُو َ‬
‫وذلك أن التجارة التي رأوها فانف ضّ القوم إليها‪ ,‬وتركوا النبيّ صلى ال عليه وسلم قائما كانت‬
‫زيتا قدم به دحية بن خليفة من الشام‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حمَ يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن إ سماعيل ال سديّ‪ ,‬عن أ بي‬
‫‪ 26403‬ـ حدث نا ا بن ُ‬
‫مالك‪ ,‬قال‪ :‬قدم دحية بن خليفة بتجارة زيت من الشام‪ ,‬والنبيّ صلى ال عليه وسلم يخطب يوم‬
‫الجمعة‪ ,‬فلما رأوه قاموا إليه بالبقيع خشوا أن يسبقوا إليه‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ َلهْوا‬
‫انْ َفضّوا إَليْها َو َت َركُوكَ قائما‪.‬‬
‫‪ 26404‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن يمان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬عن قرة إذَا‬
‫ج ُمعَ ِة قال‪ :‬جاء دحية الكلبي بتجارة والنبيّ صلى ال عليه وسلم قائم‬
‫ن يَوْ مِ ال ُ‬
‫ي لل صّل ِة مِ ْ‬
‫نُودِ َ‬
‫فـي ال صلة يوم الجم عة‪ ,‬فتركوا ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم وخرجوا إل يه‪ ,‬فنزلت وَإذَا رَأَوْا‬
‫تِجارَةً أ ْو َلهْوا انْ َفضّوا إَليْها َو َت َركُوكَ قائما حتى ختم السورة‪.‬‬
‫‪ 26405‬ـ حدث ني أ بو ح صين ع بد ال بن أح مد بن يو نس‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عب ثر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا‬
‫حصين‪ ,‬عن سالم بن أبي الجعد‪ ,‬عن جابر بن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم في الجمعة‪ ,‬فمرّت عير تحمل الطعام‪ ,‬قال‪ :‬فخرج الناس إل اثني عشر رجلً‪ ,‬فنزلت آية‬
‫الجمعة‪.‬‬

‫‪ 26406‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬قال الحسن‪ :‬إن‬
‫أهل المدينة أصابهم جوع وغلء سعر‪ ,‬فقد مت عير والنبيّ صلى ال عليه وسلم يخطب يوم‬
‫ي صلى ال عليه وسلم قائم‪ ,‬كما قال ال عزّ وجلّ‪.‬‬
‫الجمعة‪ ,‬فسمعوا بها‪ ,‬فخرجوا والنب ّ‬
‫‪26407‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أوْ‬
‫َلهْوا انْ َفضّوا إَليْ ها َو َت َركُو كَ قائ ما قال‪ :‬جاءت تجارة فان صرفوا إلي ها‪ ,‬وتركوا ال نبيّ صلى ال‬
‫خيْرُ‬
‫ن التّجارَ ِة وَاللّ ُه َ‬
‫ن الّلهْوِ َومِ َ‬
‫خ ْيرٌ مِ َ‬
‫ع ْندَ اللّ ِه َ‬
‫عل يه و سلم قائ ما وإذا رأوا لهوا ولع با قُلْ ما ِ‬
‫الرازِقينَ‪.‬‬
‫‪26408‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد في قوله‪ :‬وإذَا‬
‫رَأَوْا تجارَةً أ ْو َلهْوا انْ َفضّوا إَليْهـا قال‪ :‬رجال كانوا يقومون إلى نواضحهـم وإلى السـفر يبتغون‬
‫التجارة‪.‬‬
‫‪26409‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ :‬بينما رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة‪ ,‬فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة‪ ,‬فقال‪:‬‬
‫كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم فإذا اثنا عشر رجلً وامرأة ثم قام في الجمعة الثانية فجعل يخطبهم قال‬
‫سـفيان‪ :‬ول أعلم إل أن فـي حديثـه ويعظهـم ويذكرهـم‪ ,‬فجعلوا يتسـللون ويقومون حتـى بقيـت‬
‫ع صابة‪ ,‬فقال‪ :‬كم أن تم‪ ,‬فعدّوا أنف سهم‪ ,‬فإذا اث نا ع شر رجلً وامرأة ثم قام في الجم عة الثال ثة‬
‫فجعلوا يتسللون ويقومون حتى بقيت منهم عصابة‪ ,‬فقال كم أنتم؟ فعدّوا أنفسهم‪ ,‬فإذا اثنا عشر‬
‫خرُكمْ أوّلكمْ ل ْل َتهَبَ عََل ْي ُكمُ الوَادي نارا» وأنزل‬
‫رجلً وامرأة‪ ,‬فقال‪« :‬وَاّلذِي نَ ْفسِي ِب َيدِ ِه لَ ِو ا ّتبَعَ آ ِ‬
‫ال عزّ وجلّ‪ :‬وَإذَا رَأَوْا تِجارَةً أ ْو َلهْوا انْ َفضّوا إَليْها َوتَركُوكَ قائما»‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله انْفَضوا إَليْ ها‬
‫َوتَركُوكَ قَائما قال‪ :‬لو اتبع آخرهم أوّلهم للتهب عليهم الوادي نارا‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثنا ابن ثور‪ ,‬قال معمر‪ ,‬قال قتادة‪ :‬لم يبق مع النبيّ صلى ال عليه وسلم يومئذ إل اثنا‬
‫عشر رجلً وامرأة معهم‪.‬‬
‫حدثنـا محمـد بـن عمارة الرازي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا محمـد بـن الصـباح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا هشيـم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫أخبر نا ح صين‪ ,‬عن سالم وأ بي سفيان‪ ,‬عن جابر‪ ,‬في قوله َو َت َركُو كَ قائ ما قال‪ :‬قد مت ع ير‬
‫فانفضّوا إليها‪ ,‬ولم يبق مع النبيّ صلى ال عليه وسلم إل اثنا عشر رجل‪.‬‬
‫لمُلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن حصين‪ ,‬عن سالم‪ ,‬عن جابر أن‬
‫حدثنا عمرو بن عبد الحميد ا َ‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم كان يخطب قائما يوم الجمعة‪ ,‬فجاءت عير من الشام‪ ,‬فانفتل الناس‬
‫إلي ها ح تى لم ي بق إل اث نا ع شر رجلً‪ ,‬قال‪ :‬فنزلت هذه الَ ية في الجم عة وَإذَا رَأَوْا تِجارَ َة أوْ‬
‫َلهْوا انْ َفضّوا إَليْها َوتَركُوكَ قائما‪.‬‬
‫وأما اللهو‪ ,‬فإنه اختُلف من أيّ أجناس اللهو كان‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬كان َكبَرا ومزامير‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪26410‬ـ حدثنا محمد بن سهل بن عسكر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن صالح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سليمان بن‬
‫بلل‪ ,‬عن جعفر بن محمد‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن جابر بن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬كان الجواري إذا نكحوا كانوا‬
‫يمرّون بال كبر والمزام ير ويتركون ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم قائ ما على الم نبر‪ ,‬وينفضون‬
‫إليها‪ ,‬فأنزل ال وَإذَا رَأَوْا تِجارَةَ أوْ َلهْوا انْ َفضّوا إَليْها‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬كان طبلً‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26411‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جميعـا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجاهـد قال‪ :‬اللهـو‪:‬‬
‫الطبل‪.‬‬
‫حدث ني الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الش يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬قال‪ :‬ذ كر ع بد ال بن أ بي نج يح‪,‬‬
‫عن إبراهيم بن أبي بكير‪ ,‬عن مجاهد أن اللهو‪ :‬هو الطبل‪.‬‬
‫والذي هو أولى بال صواب في ذلك ال خبر الذي رويناه عن جابر‪ ,‬ل نه قد أدرك أ مر القوم‬
‫ومشاهدهم‪.‬‬
‫ل ثناؤه لنبيه محمد صلى ال عليه‬
‫ن التّجارَ ِة يقول ج ّ‬
‫ن الّلهْوِ َومِ َ‬
‫خ ْيرٌ مِ َ‬
‫ع ْندَ اللّ ِه َ‬
‫وقوله‪ :‬قُلْ ما ِ‬
‫وسلم‪ :‬قل لهم يا محمد الذي عند ال من الثواب‪ ,‬لمن جلس مستمعا خطبة رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم وموعظته يوم الجمعة إلى أن يفرغ رسول ال صلى ال عليه وسلم منها‪ ,‬خير له‬
‫خيْرُ الرا ِزقِي نَ يقول‪ :‬وال خ ير رازق‪ ,‬فإل يه‬
‫من الل هو و من التجارة ال تي ينفضون إلي ها وَالّل ُه َ‬
‫فارغبوا في طلب أرزاقكم‪ ,‬وإياه فأسألوا أن يوسع عليكم من فضله دون غيره‪.‬‬

‫سورة المنافقون‬
‫سورة المنافقون مدنية‬
‫وآياتها إحدى عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيـم‬

‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ش َهدُ ِإنّ كَ َلرَ سُولُ الّل هِ وَاللّ ُه َيعْلَ مُ‬
‫ن قَالُو ْا َن ْ‬
‫ك ا ْل ُمنَافِقُو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إذَا جَآءَ َ‬
‫ن ا ْل ُمنَافِقِينَ َلكَا ِذبُونَ }‪.‬‬
‫ش َهدُ إِ ّ‬
‫ِإ ّنكَ َل َرسُولُهُ وَالّلهُ َي ْ‬
‫ُونـ يـا محمـد قالُوا‬
‫َكـ المُنافِق َ‬
‫يقول تعالى ذكره لنـبيه محمـد صـلى ال عليـه وسـلم‪ :‬إذَا جاء َ‬
‫ل اللّ هِ وَاللّ هُ َيعْلَ مُ إنّ كَ َلرَ سُولُ ُه قال المنافقون ذلك أو لم يقولوا وَالّل هُ‬
‫ك َلرَ سُو ُ‬
‫ش َهدُ إنّ َ‬
‫بأل سنتهم َن ْ‬
‫شهَدُ إ نّ المُنافقي نَ َلكَا ِذبُو نَ يقول‪ :‬وال يشهد إن المنافقين لكاذبون في إخبارهم عن أنفسهم أنها‬
‫َي ْ‬
‫تشهد إنك لرسول ال‪ ,‬وذلك أنها ل تعتقد ذلك ول تؤمن به‪ ,‬فهم كاذبون في خبرهم عنها بذلك‪.‬‬
‫ن إنما كذب ضميرهم‬
‫ن المُنافقينَ َلكَا ِذبُو َ‬
‫ش َهدُ إ ّ‬
‫وكان بعض أهل العربية يقول في قوله‪ :‬وَالّلهُ َي ْ‬
‫لنهم أضمروا النفاق‪ ,‬فكما لم يقبل إيمانهم‪ ,‬وقد أظهروه‪ ,‬فكذلك جعلهم كاذبين‪ ,‬لنهم أضمروا‬
‫غير ما أظهروا‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سبِيلِ الّل هِ ِإ ّنهُ مْ سَآءَ مَا‬
‫صدّواْ عَن َ‬
‫جنّ ًة فَ َ‬
‫خذُوَ ْا َأ ْيمَا َنهُ مْ ُ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬ا ّت َ‬
‫كَانُواْ َي ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬اتخذ المنافقون أيمانهم جنة‪ ,‬وهي حلفهم‪ ,‬كما‪:‬‬
‫جنّةً‪ :‬أي‬
‫خذُوا أيمَا َنهُ مْ ُ‬
‫‪ 26412‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة ات َ‬
‫حلفهم جنة‪.‬‬
‫‪26413‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد في قول ال‪:‬‬
‫جنّةً قال‪ :‬يجيئون بها‪ ,‬قال ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا‪.‬‬
‫خذُوا أيمَا َن ُهمْ ُ‬
‫ات َ‬
‫‪ 26414‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫جنّةً يقول‪ :‬حلفهم بال إنهم لمنكم جنة‪.‬‬
‫خذُوا أيمَا َن ُهمْ ُ‬
‫يقول في قوله‪ :‬ات َ‬
‫جنّةً‪ :‬سترة ي سترون ب ها ك ما ي ستر الم ستجنّ بجن ته في حرب وقتال‪ ,‬فيمنعون ب ها‬
‫وقوله‪ُ :‬‬
‫أنفسهم وذراريهم وأموالهم‪ ,‬ويدفعون بها عنها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫جنّ ًة ليعصموا بها دماءهم‬
‫‪ 26415‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ُ‬
‫وأموالهم‪.‬‬
‫ث به نبيه صلى ال عليه‬
‫ل اللّهِ يقول‪ :‬فأعرضوا عن دين ال الذي َبعَ َ‬
‫سبِي ِ‬
‫ن َ‬
‫صدّوا عَ ْ‬
‫وقوله‪ :‬فَ َ‬
‫وسلم وشريعته التي شرعها لخلقه إ ّنهُ ْم ساءَ ما كانُوا َي ْعمَلُو نَ يقول‪ :‬إن هؤلء المنافقين الذين‬
‫اتخذوا أيمانهم جنة ساء ما كانوا يعملون في اتخاذهم أيمانهم جُنة‪ ,‬لكذبهم ونفاقهم‪ ,‬وغير ذلك‬
‫من أمورهم‪.‬‬

‫‪3‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ُمـ لَ‬
‫ِمـ َفه ْ‬
‫ِعـ عََلىَ قُلُو ِبه ْ‬
‫طب َ‬‫ُمـ كَ َفرُوا َف ُ‬
‫ُمـ آ َمنُوّا ث ّ‬
‫ِكـ ِبَأ ّنه ْ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪{ :‬ذَل َ‬
‫يَفْ َقهُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إنهم ساء ما كانوا يعملون هؤلء المنافقون الذين اتخذوا أيمانهم جُنة من‬
‫أجل أنهم صدّقوا ال ورسوله‪ ,‬ثم كفروا بشكهم في ذلك وتكذيبهم به‪.‬‬
‫طبِع عَلى قُلُوبِه مْ يقول‪ :‬فجعل ال على قلوبهم خَتما بالكفر عن اليمان وقد بيّنا في‬
‫وقوله‪ :‬فَ ُ‬
‫موضع غير هذا صفة الطبع على القلب بشواهدها‪ ,‬وأقوال أهل العلم‪ ,‬فأغنى ذلك عن إعادته‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬ف هم ل يفقهون صوابا من خ طأ‪,‬‬
‫في هذا المو ضع‪ .‬وقوله‪َ :‬فهُ مْ ل يَفْ َقهُو َ‬
‫وحقا من باطل لطبع ال على قلوبهم‪ .‬وكان قتادة يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫ك بأنّهُ مْ آ َمنُوا ثُ مّ كَ َفرُوا‬
‫‪ 26416‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ذَل َ‬
‫طبِ عَ على قُلُو ِبهِ مْ َفهُ مْ ل يَفْ َقهُو نَ أقرّوا بل إله إل ال وأن محمدا ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫فَ ُ‬
‫وسلم‪ ,‬وقلوبهم منكِرة تأبى ذلك‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سمَعْ ِلقَوِْلهِمْ َكَأ ّنهُمْ‬
‫جبُكَ َأجْسَا ُمهُمْ وَإِن يَقُولُواْ تَ ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَِإذَا رََأ ْي َتهُمْ ُت ْع ِ‬
‫ح َذرْهُ ْم قَاتََل ُهمُ اللّ ُه َأنّى يُ ْؤ َفكُونَ }‪.‬‬
‫ص ْيحَةٍ عََل ْي ِهمْ ُهمُ ا ْل َعدُ ّو فَا ْ‬
‫ن كُلّ َ‬
‫سبُو َ‬
‫حَ‬‫س ّندَةٌ َي ْ‬
‫خشُبٌ ّم َ‬
‫ُ‬
‫يقول جلّ ذكره لنـبيه محمـد صـلى ال عليـه وسـلم‪ :‬وإذا رأيـت هؤلء المنافقيـن يـا محمـد‬
‫ل ثناؤه‪ :‬وإن‬
‫سمَعْ لِ َقوِْلهِ مْ يقول ج ّ‬
‫ن يَقُولُوا تَ ْ‬
‫تعجبك أجسامهم لستواء خلقها وحسن صورها وَإ ْ‬
‫س ّندَةٌ يقول كأن هؤلء المنافقين‬
‫ب مُ َ‬
‫خشُ ٌ‬
‫يتكلموا تسمع كلمهم يشبه منطقهم منطق الناس كأ ّنهُ مْ ُ‬
‫خُشُب مسـّندة ل خيـر عندهـم ول فقـه لهـم ول علم‪ ,‬وإنمـا هـم صـور بل أحلم‪ ,‬وأشباح بل‬
‫عقول‪.‬‬
‫ل ثناؤه‪ :‬يحسب هؤلء المنافقون من خُبثهم وسوء‬
‫ص ْيحَةٍ عََل ْيهِ مْ يقول ج ّ‬
‫ن كُلّ َ‬
‫سبُو َ‬
‫وقوله‪َ :‬يحْ َ‬
‫ل صيحة عليهم‪ ,‬لنهم على َوجَل أن ُينْزل ال فيهم أمرا يهتك به أستارهم‬
‫ظنهم‪ ,‬وقلة يقينهم ك ّ‬
‫ويفضحهم‪ ,‬ويبيح للمؤمنين قتلهم وسبي ذراريهم‪ ,‬وأخذ أموالهم‪ ,‬فهم من خوفهم من ذلك كلما‬
‫ل ثناؤه لنبيه‬
‫عطَبهم‪ .‬يقول ال ج ّ‬
‫نزل بهم من ال وحي على رسوله‪ ,‬ظنوا أنه نزل بهلكهم و َ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ :‬هم العد ّو يا محمد فاحذرهم‪ ,‬فإن ألسنتهم إذا لَقُوكم معكم وقلوبهم عليكم‬
‫مع أعدائكم‪ ,‬فهم عين لعدائكم عليكم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬قَاتََل ُهمُ الّلهُ أنّى يُو ْء َفكُونَ يقول‪ :‬أخزاهم ال إلى أيّ وجه يصرفون عن الحقّ‪.‬‬
‫‪26417‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬وسمعته يقول في قول ال‪:‬‬
‫ج ُبكَ أجْسا ُم ُهمْ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال‪ :‬هؤلء المنافقون‪.‬‬
‫وإذَا رَأ ْي َت ُهمْ ُت ْع ِ‬
‫خشُبٌ مُسَ ّندَ ٌة فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والكوفة خل‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬كأ ّنهُمْ ُ‬
‫خشُبٌـ بضـم الخاء والشيـن‪ ,‬كأنهـم وجهوا ذلك إلى جمـع الجمـع‪ ,‬جمعوا‬
‫العمـش والكسـائي‪ُ :‬‬
‫خشُبا‪ ,‬كما جمعت ال ّثمَر ُة ثمارا‪ ,‬ثم ُثمُرا‪ .‬وقد يجوز أن يكون‬
‫خشَابا ثم جمعوا الخِشاب ُ‬
‫الخشبة ِ‬
‫خشَ بة‪ ,‬فتض مّ الش ين من ها مرّة وت سكن أخرى‪ ,‬ك ما‬
‫الخُشُب بض ٍم الخاء والش ين إلى أن ها ج مع َ‬
‫جمعوا الكمة ُأكُما وُأكْما بضم اللف والكاف مرّة‪ ,‬وتسكين الكاف منها مرّة‪ ,‬وكما قيل‪ :‬ال ُبدُن‬
‫خشْ بٌ» بضم الخاء‬
‫وال ُبدْن‪ ,‬بضم الدال وتسكينها لجمع ال َبدَنة‪ ,‬وقرأ ذلك العمش والكسائي‪ُ « :‬‬
‫وسكون الشين‪.‬‬
‫وللصـواب مـن القول فـي ذلك أنهمـا قراءتان معروفتان‪ ,‬ولغتان فصـيحتان‪ ,‬وبأيتهمـا قرأ‬
‫القارىء فم صيب وت سكين الو سط في ما جاء من ج مع ُفعُلة على فُعْل في ال سماء على أل سن‬
‫العرب أكثرو ذلك كجمعهم ال َبدَنة ُبدْنا‪ ,‬والجمة أُجما‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سهُمْ‬
‫ل اللّ هِ َلوّوْ ْا رُءُو َ‬
‫القول ف ـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَِإذَا قِيلَ َلهُ ْم َتعَالَوْاْ يَ سْ َتغْ ِفرْ َلكُ مْ رَ سُو ُ‬
‫س َتكْ ِبرُونَ ‪.‬‬
‫صدّونَ وَهُم ّم ْ‬
‫َورََأ ْي َتهُ ْم يَ ُ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وإذا قيـل لهؤلء المنافقيـن‪ :‬تعالوا إلى رسـول ال يسـتغفر لكـم لوّوا‬
‫رؤوسـهم‪ ,‬يقول‪ :‬حرّكوهـا وهزّوهـا اسـتهزاء برسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم وباسـتغفاره‬
‫وبتشديدهـا الواو مـن «لوّوا» قرأت القرّاء على وجـه الخـبر عنهـم أنهـم كرّروا هـز رؤوسـهم‬
‫وتحريك ها‪ ,‬وأكثروا‪ ,‬إلّ ناف عا فإ نه قرأ ذلك بتخف يف الواو‪« :‬لوَوْا» على و جه أن هم فعلوا ذلك‬
‫مرّة واحدة‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك قراءة من شدّد الواو لجماع الحجة من القرّاء عليه‪.‬‬
‫ن يقول تعالى ذكره‪ :‬ورأيتهم ُيعْرضون عما دُعوا إليه‬
‫س َتكْ ِبرُو َ‬
‫صدّونَ وَهُمْ مُ ْ‬
‫وقوله‪ :‬ورأ ْي َتهُمْ يَ ُ‬
‫ن يقول‪ :‬و هم م ستكبرون عن الم صير إلى ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫س َتكْ ِبرُو َ‬
‫وجوه هم وَهُ مْ مُ ْ‬
‫عنِي بهذه الَيات كلها فيما ذُكر عب ُد ال بن أُب يّ ابن سَلُول‪ ,‬وذلك أنه‬
‫وسلم ليستغفر لهم وإنما ُ‬
‫جعْ نا إلى ال َمدِينَةِ‬
‫ن رَ َ‬
‫قال ل صحابه‪ :‬ل تنفقوا على من ع ند ر سول ال ح تى ينفضّوا‪ ,‬وقال‪َ :‬لئِ ْ‬
‫عزّ ِمنْها الذَلّ فسمع بذلك زيد بن أرقم‪ ,‬فأخبر به رسول ال صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫َل ُيخْ ِرجَنّ ال َ‬
‫فدعاه رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فسأله عما أخبر به عنه‪ ,‬فحلف أنه ما قاله‪ ,‬وقيل له‪ :‬لو‬
‫أتيـت رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬فسـألته أن يسـتغفر لك‪ ,‬فجعـل يلوي رأسـه ويحرّكـه‬
‫ل ف يه هذه ال سورة‬
‫ا ستهزاء‪ ,‬ويع ني ذلك أ نه غ ير فا عل ما أشاروا به عل يه‪ ,‬فأنزل ال عزّ وج ّ‬
‫من أوّلها إلى آخرها‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل وجاءت الخبار‪ .‬ذكر الرواية التي جاءت بذلك‪:‬‬
‫‪ 26418‬ـ حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن آدم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا إسرائيل‪ ,‬عن أبي إسحاق‪,‬‬
‫عن زيد بن أرقم‪ ,‬قال‪ :‬خرجت مع عمي في غزاة‪ ,‬فسمعت عبد ال بن أُبي ابن سلول يقول‬
‫ل صحابه‪ :‬ل تنفقوا على من ع ند ر سول ال ح تى ينفضّوا‪ ,‬لئن رجع نا إلى المدي نة ليخرج نّ‬
‫العزّ منهـا الذلّ قال‪ :‬فذكرت ذلك لعمـي‪ ,‬فذكره عمـي لرسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪,‬‬
‫فأرسل إل يّ‪ ,‬فحدثته‪ ,‬فأرسل إلى عبد ال عليّا رضي ال عنه وأصحابه‪ ,‬فحلفوا ما قالوا‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فكذّبني رسول ال صلى ال عليه وسلم وصدّقه‪ ,‬فأصابني همّ لم يصبني مثله قطّ فدخلت البيت‪,‬‬
‫فقال لي عمي‪ :‬ما أردت إلى أن كذّبك رسول ال صلى ال عليه وسلم ومقتك‪ ,‬قال‪ :‬حتى أنزل‬
‫ي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقرأها‪ ,‬ثم‬
‫ن قال‪ :‬فبعث إل ّ‬
‫ل إذَا جاءَ كَ المُنافِقُو َ‬
‫ال عزّ وج ّ‬
‫صدّ َقكَ يا زيد»‪.‬‬
‫عزّ َوجَلّ َقدْ َ‬
‫قال‪« :‬إن ال َ‬
‫‪ 26419‬ـ حدث نا أ بو ُكرَ يب والقا سم بن ب شر بن معروف‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن بك ير‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ي قال‪ :‬سمعت ز يد بن‬
‫حدث نا شع بة‪ ,‬قال الح كم‪ :‬أ خبرني‪ ,‬قال‪ :‬سمعت مح مد بن ك عب القرظ ّ‬
‫أرقم قال‪ :‬لما قال عبد ال بن أُبي ابن سلول ما قال‪ :‬ل تنفقوا على من عند رسول ال حتى‬
‫جعْنـا إلى ال َمدِينَ ِة قال‪ :‬سـمعته فأتيـت رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪,‬‬
‫ينفضوا‪ ,‬وقال‪َ :‬لئِن ْـ َر َ‬
‫فذكرت ذلك‪ ,‬فلمنـي ناس مـن النصـار‪ ,‬قال‪ :‬وجاء هـو‪ ,‬فحلف مـا قال ذلك‪ ,‬فرجعـت إلى‬
‫المنزل فنمت قال‪ :‬فأتاني رسول ال صلى ال عليه وسلم أو بلغني‪ ,‬فأتيت النبيّ صلى ال عليه‬
‫نل‬
‫ع َذرَكَ» قال‪ :‬فنزلت الَية هُ مُ اّلذِي نَ َيقُولُو َ‬
‫ن الّل َه َتبَارَكَ َوتَعالى قَد ص ّد َقكَ َو َ‬
‫وسلم‪ ,‬فقال‪« :‬إ َ‬
‫ع ْندْ َرسُولِ الّلهِ‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫ُتنْفِقُوا عَلى مِنْ ِ‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هاشم أبو النضر‪ ,‬عن شعبة‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬قال‪ :‬سمعت محمد بن‬
‫كعب القرظي‪ ,‬قال‪ :‬سمعت زيد بن أرقم يحدّث بهذا الحديث‪.‬‬
‫حدثنا محمد بن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن الحكم‪ ,‬عن محمد‬
‫بن كعب القرظي‪ ,‬عن زيد بن أرقم‪ ,‬قال‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في غزوة‪,‬‬
‫عزّ ِمنْها الذَلّ قال‪ :‬فأتيت‬
‫خ ِرجَ نّ ال َ‬
‫ن َرجَعْنا إلى ال َمدِينَةِ َل ُي ْ‬
‫فقال عبد ال بن أُبي بن سلول‪َ :‬ل ِئ ْ‬
‫ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم فأ خبرته‪ ,‬فحلف ع بد ال بن أُ بي ا نه لم ي كن ش يء من ذلك‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ت إلى هذا‪ ,‬قال‪ :‬فانطلقت فنمت كئيبا أو حزينا‪ ,‬قال‪ :‬فأرسل إل يّ‬
‫فلمني قومي وقالوا‪ :‬ما أرد َ‬
‫ن اللّ َه َقدْ أ ْنزَلَ‬
‫نبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬أو أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪« :‬إ ّ‬
‫ل اللّ هِ‬
‫ع ْندَ رَ سُو ِ‬
‫ن ل ُتنْفِقُوا على مَ نْ ِ‬
‫ن يَقُولُو َ‬
‫ص ّدقَكَ»‪ ,‬قال‪ :‬ونزلت هذه الَية‪ :‬هُ مُ اّلذِي َ‬
‫ع ْذرَ كَ وَ َ‬
‫ُ‬
‫عزّ ِمنْها الذَلّ‪.‬‬
‫خ ِرجَنّ ال َ‬
‫جعْنا إلى ال َمدِينَةِ َل ُي ْ‬
‫حتى َينْ َفضّوا‪ ...‬حتى بلغ َل ِئنْ َر َ‬
‫‪ 26420‬ـ حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن أ بي عد يّ‪ ,‬قال‪ :‬أ خبرني ا بن عون‪ ,‬عن مح مد‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعها زيد بن أرقم فرفعها إلى وليه‪ ,‬قال‪ :‬فرفعها وَلّيه إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫قال‪ :‬فقيل لزيد‪َ :‬وفَتْ أذنك‪.‬‬
‫‪ 26421‬ـ حدثنا أحمد بن منصور الرّمادّي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان‪ ,‬قال‪ :‬ثني‬
‫أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني بشير بن مسلم أنه قيل لعبد ال بن أُبي ابن سلول‪ :‬يا أبا حباب إنه قد أنزل فيك‬
‫آي شداد‪ ,‬فأذهب إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم يستغفر لك‪ ,‬فلوى رأسه وقال‪ :‬أمرتموني‬
‫أن أومن فآمنت‪ ,‬وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فأعطيت‪ ,‬فما بقي إل أن أسجد لمحمد‪.‬‬
‫س َتغْ ِفرْ‬
‫‪26422‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَإذَا قِيلَ َلهُمْ تَعالَوْا يَ ْ‬
‫َلكُ مْ رَ سُولُ الّل هِ َلوّوْا‪ ...‬الَ ية كل ها قرأ ها إلى الفا سِقِينَ أنزلت في ع بد ال بن أُ بي‪ ,‬وذلك أن‬
‫غل ما من قراب ته انطلق إلى ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فحدّ ثه بحد يث ع نه وأ مر شد يد‪,‬‬
‫فدعاه ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فإذا هو يحلف وب تبرأ من ذلك‪ ,‬وأقبلت الن صار على‬
‫عذَلوه وقيـل لعبـد ال‪ :‬لو أت يت رسـول ال صلى ال عل يه وسـلم‪ ,‬فج عل‬
‫ذلك الغلم‪ ,‬فلموه و َ‬
‫ت فاعلً‪ ,‬وكذب عليّ‪ ,‬فأنزل ال ما تسمعون‪.‬‬
‫يلوي رأسه‪ :‬أي لس ُ‬
‫‪26423‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإذَا‬
‫قِيلَ َلهُم ْـ تَعالَوْا يَس ْـَتغْ ِفرْ َلكُم ْـ رَسـُولُ اللّه ِـ لَ ّووْا رُءُوس َـُهمْ قال‪ :‬عبـد ال بـن أُبـي‪ ,‬قيـل له‪ :‬تعالَ‬
‫ليستغفر لك رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فلوى رأسه وقال‪ :‬ماذا قلت؟‪.‬‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬قال له قو مه‪ :‬لو‬
‫أتيت النبيّ صلى ال عليه وسلم فاستغفر لك‪ ,‬فجعل يلوي رأسه‪ ,‬فنزلت فيه وَإذَا قِيلَ َلهُمْ تَعالَوْا‬
‫ل اللّهِ‪.‬‬
‫ستَغْ ِفرْ َل ُكمْ َرسُو ُ‬
‫َي ْ‬

‫‪6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س َتغْ ِفرْ َلهُ مْ لَن َيغْ ِفرَ اللّ هُ‬
‫ت َلهُ مْ أَ مْ لَ مْ تَ ْ‬
‫ستَغْ َفرْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ { :‬سَوَآءٌ عََل ْيهِ مْ أَ ْ‬
‫ن اللّ َه لَ َي ْهدِي الْ َق ْومَ الْفَـسِقِينَ ‪.‬‬
‫َل ُهمْ إِ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ :‬سواء يا مح مد على هؤلء المنافق ين‬
‫ن َيغْ ِفرَ اللّهُ‬
‫س َتغْفِرْ َلهُ ْم لَ ْ‬
‫الذين قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول ال أس َتغْ َفرْتَ َلهُمْ ذنوبهم أ ْم لَمْ تَ ْ‬
‫َلهُ مْ يقول‪ :‬لن ي صفح ال ل هم عن ذنوب هم‪ ,‬بل يعاقب هم علي ها إ نّ الّل ِه ل َي ْهدِي ال َقوْ مَ الفا سِقِينَ‬
‫يقول‪ :‬إن ال ل يوفّق لليمان القوم الكاذبين عليه‪ ,‬الكافرين به‪ ,‬الخارجين عن طاعته‪ .‬وقد‪:‬‬
‫‪ 26424‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫س َتغْ ِفرْ َلهُ مْ لَ نْ َيغْ ِفرَ الّل ُه َلهُ مْ قال‪ :‬نزلت هذه‬
‫س َتغْ َفرْتَ َلهُ مْ أ مْ لَ مْ تَ َ‬
‫ابن عباس قوله‪ :‬سَوَاءٌ عََل ْيهِ مْ ا ْ‬
‫ن َيغْ ِفرَ ال َلهُ مْ فقال رسول‬
‫س ْبعِينَ َمرّ ًة فَلَ ْ‬
‫الَية بعد الَية التي في سورة التوبة إ نْ تَ سْ َتغْ ِفرْ َلهُ مْ َ‬
‫س َتغْ َفرْتَ َلهُ مْ أ مْ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬زيادة على سبعين مرّة»‪ ,‬فأنزل ال‪ :‬سَوَاءٌ عََل ْيهِ مْ ا ْ‬
‫ن َيغْ ِفرَ اللّ ُه َل ُهمْ‪.‬‬
‫س َتغْفِ ْر َل ُهمْ لَ ْ‬
‫َلمْ َت َ‬
‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫حّتىَ‬
‫ن لَ تُن ِفقُواْ عََلىَ َم نْ عِندَ رَ سُولِ الّل هِ َ‬
‫ن يَقُولُو َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬هُ مُ اّلذِي َ‬
‫ن لَ يَفْ َقهُونَ }‪.‬‬
‫ن ا ْل ُمنَافِقِي َ‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْضِ وَلَـكِ ّ‬
‫خزَآئِنُ ال ّ‬
‫يَن َفضّواْ وَلِلّ ِه َ‬
‫ن يَقُولُو نَ يع ني الذ ين يقولون ل صحابهم ل ُتنْ ِفقُوا عَلى َم نْ عِنْد‬
‫يقول تعالى ذكره هُ مُ اّلذِي َ‬
‫رَسُولِ الّلهِ من أصحابه المهاجرين حتى َينْ َفضّوا يقول‪ :‬حتى يتفرّقوا عنه‪.‬‬
‫سمَوَاتِ والْر ضِ يقول‪ :‬ول جميع ما في السموات والرض من شيء‬
‫ن ال ّ‬
‫خزَائِ ُ‬
‫وقوله‪ :‬ولِّل هِ َ‬
‫ن ل يَفْ َقهُونَ‬
‫ن المُنافِقِي َ‬
‫وبيده مفاتيح خزائن ذلك‪ ,‬ل يقدر أحد أن يعطي أحدا شيئا إل بمشيته وََلكِ ّ‬
‫أن ذلك كذلك‪ ,‬فلذلك يقولون‪ :‬ل تنفقوا على مـن عنـد رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم حتـى‬
‫ينفضّوا‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26425‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ل اللّ ِه ح تى َينْ َفضّوا قال‪ :‬ل‬
‫ع ْندَ رَ سُو ِ‬
‫ن ل ُتنْفِقُوا على مَ نْ ِ‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬هُ مُ اّلذِي نَ َيقُولُو َ‬
‫تطعموا محمد وأصحابه حتى تصيبهم مجاعة‪ ,‬فيتركوا نبيهم‪.‬‬
‫‪ 26426‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة هُ ُم اّلذِي نَ يَقُولُو نَ ل ُتنْفِقُوا‬
‫ّهـ حتـى َينْ َفضّوا قرأهـا إلى آخـر الَيـة‪ ,‬وهذا قول عبـد ال بـن أُبـي‬
‫ع ْندَ رَسـُولِ الل ِ‬
‫َنـ ِ‬
‫على م ْ‬
‫ل صحابه المنافق ين ل تنفقوا على مح مد وأ صحابه ح تى َيدَعوه‪ ,‬فإن كم لول أن كم تنفقون علي هم‬
‫لتركوه وَأجلوا عنه‪.‬‬
‫ن ل ُتنْفِقُوا‬
‫ن يَقُولُو َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة هُمُ اّلذِي َ‬
‫ع ْندَ رَ سُولِ الّل هِ حتى َينْ َفضّوا إن عبد ال بن أُبي ا بن سلول قال لصحابه‪ ,‬ل تنفقوا‬
‫على َم نْ ِ‬
‫على من عند رسول ال‪ ,‬فأنكم لو لم تنفقوا عليهم قد انفضوا‪.‬‬
‫‪ 26427‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ل اللّ ِه ح تى َينْ َفضّوا يع ني الرّ فد والمعو نة‪ ,‬ول يس‬
‫ع ْن َد رَ سُو ِ‬
‫يقول في قوله ل ُتنْفِقُوا عَلى مَ نْ ِ‬
‫يعني الزكاة المفروضة والذين قالوا هذا هم المنافقون‪.‬‬
‫‪26428‬ـ حدثنا الربيع بن سليمان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسد بن موسى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن أبي زائدة‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا العمش عن عمرو بن مُرّة‪ ,‬عن عبد الرحمن بن أبي لَيلى‪ ,‬عن زيد بن أرقم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫لما قال ابن أُبي ما قال‪ ,‬أخبرت النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فجاء فحلف‪ ,‬فجعل الناس يقولون‬
‫ت في الب يت مخا فة إذا رأو ني‬
‫لي تأ تي ر سول ال صلى ال عل يه و سلم بالكذب؟ ح تى جل س ُ‬
‫قالوا‪ :‬هذا الذي يكذب‪ ,‬حتى أُنزل‪ُ :‬ه ُم اّلذِينَ يَقُولُونَ‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫عزّ ِمنْهَا الذَلّ‬
‫خ ِرجَ نّ ال َ‬
‫جعْنَآ إِلَى ا ْل َمدِينَةِ َل ُي ْ‬
‫ن َلئِن رّ َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬يَقُولُو َ‬
‫ن لَ َيعَْلمُونَ }‪.‬‬
‫وَلِّلهِ ا ْل ِعزّةُ وَِل َرسُوِلهِ وَلِ ْلمُ ْؤ ِمنِينَ وَلَـكِنّ ا ْل ُمنَافِقِي َ‬
‫جعْ نا إلى ال َمدِينَةِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يقول هؤلء المنافقون الذ ين و صف صفتهم ق بل َلئِ نْ َر َ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬ولِلّ هِ ال ِعزّةُ‬
‫عزّ ِمنْ ها الذَلّ في ها‪ ,‬ويع ني بالعزّ‪ :‬الشدّ والقوى‪ ,‬قال ال ج ّ‬
‫َل ُيخْ ِرجَ نّ ال َ‬
‫ن ل َيعَْلمُونَ ذلك‪.‬‬
‫ن المُنافِقِي َ‬
‫ن بال وََلكِ ّ‬
‫يعني‪ :‬الشدّة والقوّة وَِل َرسُولِهِ ولِ ْلمُو ْء ِمنِي َ‬
‫وذُكر أن سبب قيل ذلك عب ُد ال بن أُبي كان من أ جل أن رجلً من المهاجر ين كَ سَعَ رجل‬
‫من النصار‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26429‬ـ حدثني محمد بن معمر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عامر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا َزمْعة‪ ,‬عن عمرو‪ ,‬قال‪:‬‬
‫سمعت جابر بن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬إن النصار كانوا أكثر من المهاجرين‪ ,‬ثم إن المهاجرين كثروا‬
‫فخرجوا في غزوة لهم‪ ,‬فكسع رجل من المهاجرين رجلً من النصار‪ ,‬قال‪ :‬فكان بينهما قتال‬
‫إلى أن صرخ‪ :‬يا معشر النصار‪ ,‬وصرخ المهاجر‪ :‬يا معشر المهاجرين قال‪ :‬فبلغ ذلك النبيّ‬
‫عوَ ِة الجاهِِليّةِ»؟ فقالوا‪ :‬ك سع ر جل من المهاجر ين‬
‫صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فقال‪ « :‬ما َلكُ مْ وَلِد ْ‬
‫رجلً من الن صار‪ ,‬قال‪ :‬فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪َ « :‬دعُو ها فإنّ ها ُم ْن ِتنَةٌ»‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ن العزّ منها الذلّ‪ ,‬فقال عمر‪:‬‬
‫فقال عبد ال بن أُبي ابن سلول‪ :‬لئن رجعنا إلى المدينة ليخرج ّ‬
‫س أ نّ‬
‫حدّ ثُ النّا ُ‬
‫يا ر سول ال دع ني فأقتله‪ ,‬قال‪ :‬فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪« :‬ل َي َت َ‬
‫صحَابَهُ»‪.‬‬
‫لأ ْ‬
‫رَسُولَ الّلهِ يَ ْقتُ ُ‬
‫‪ 26430‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫جعْنا إلى ال َمدِينَةِ‪ ...‬إلى ولِّل هِ ال ِعزّةُ وِلرَ سُوِلهِ قال‪ :‬قال ذلك عبد‬
‫ن رَ َ‬
‫ن َلئِ ْ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يَقُولُو َ‬
‫ال بن أُبي ابن سلول النصاري رأس المنافقين‪ ,‬وناس معه من المنافقين‪.‬‬
‫‪ 26431‬ـ حدثني أحمد بن منصور الرمادي قال‪ :‬حدثنا إبراهيم بن الحكم قال‪ :‬ثني أبي عن‬
‫عكرمة أن عبد ال بن عبد ال بن أُبي ابن سلول كان يقال له حباب‪ ,‬فسماه رسول ال صلى‬
‫ال عل يه و سلم ع بد ال‪ ,‬فقال‪ :‬يا ر سول ال إن والدي يؤذي ال ور سوله‪ ,‬فذر ني ح تى أقتله‪,‬‬
‫ع ْبدَ اللّهِ»‪ ,‬ثم جاء أيضا فقال‪ :‬يا رسول‬
‫فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪« :‬ل تَ ْقتُلْ أباكَ َ‬
‫ال إن والدي يؤذي ال ورسوله‪ ,‬فذرني حتى أقتله‪ ,‬فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬ل‬
‫تَ ْقتُلْ أبا كَ»‪ ,‬فقال‪ :‬يا ر سول ال فتو ضأ ح تى أ سقيه من وضوئك لعلّ قل به أن يل ين‪ ,‬فتو ضأ‬
‫ر سول ال صلى ال عل يه و سلم فأعطاه‪ ,‬فذ هب به إلى أب يه ف سقاه‪ ,‬ثم قال له‪ :‬هل تدري ما‬
‫سقيتك؟ فقال له والده نعم‪ ,‬سقيتني بول أمك‪ ,‬فقال له ابنه‪ :‬ل وال‪ ,‬ولكن سقيتك وضوء رسول‬
‫ال صلى ال عل يه و سلم قال عكر مة‪ :‬وكان ع بد ال بن أُ بي عظ يم الشأن في هم‪ .‬وفي هم أنزلت‬
‫ل اللّ ِه حتى َينْفَضّوا وهو‬
‫ع ْندَ رَ سُو ِ‬
‫هذه الَية في المنافقين‪ :‬هُ ُم اّلذِي نَ يَقُولُو نَ ل ُتنْفِقُوا عَلى مَ نْ ِ‬
‫ل قال‪ :‬فلمـا بلغوا المدينـة‪ ,‬مدينـة‬
‫عزّ ِمنْهـا الذَ ّ‬
‫َنـ ال َ‬
‫خ ِرج ّ‬
‫جعْنـا إلى ال َمدِينَ ِة َل ُي ْ‬
‫الذي قال‪َ :‬لئِن ْـ َر َ‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم ومن معه‪ ,‬أخذ ابنه السيف‪ ,‬ثم قال لوالده‪ :‬أنت تزعم «لئن رجعنا‬
‫إلى المدي نة ليخرج نّ العزّ من ها الذلّ»‪ ,‬فوال ل تدخل ها ح تى يأذن لك ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسين‪ ,‬عن عمرو بن دينار‪ ,‬عن‬
‫جابر بن عبد ال أن رجلً من المهاجرين كسع رجلً من النصار برجله وذلك في أهل اليمن‬
‫شد يد فنادى المهاجري يا للمهاجر ين‪ ,‬ونادى الن صاري يا للن صار قال‪ :‬والمهاجرون يومئذ‬
‫أكثر من النصار‪ ,‬فقال النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬دَعُوها فإنّها ُم ْن ِتنَةٌ»‪ ,‬فقال عبد ال بن أُبي‬
‫عزّ ِمنْها الذَلّ»‪.‬‬
‫خ ِرجَنّ ال َ‬
‫جعْنا إلى ال َمدِينَةِ َل ُي ْ‬
‫ابن سلول‪َ ,‬ل ِئنْ َر َ‬
‫‪ 26432‬ـ حدثني عمران بن بكار الكلع يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عل يّ بن‬
‫سليمان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو إسحاق‪ ,‬أن زيد بن أرقم‪ ,‬أخبره أن عبد ال بن أُبي ابن سلول قال ل‬
‫عزّ ِمنْها‬
‫خ ِرجَ نّ ال َ‬
‫جعْنا إلى ال َمدِينَةِ َل ُي ْ‬
‫ن َر َ‬
‫ع ْن َد رَ سُولِ الّل ِه حتى َينْ َفضّوا وقال َل ِئ ْ‬
‫ُتنْفِقُوا عَلى مَ نْ ِ‬
‫الذَلّ قال‪ :‬فحدثني زيد أنه أخبر رسول ال صلى ال عليه وسلم بقول عبد ال بن أُبي‪ ,‬قال‪:‬‬
‫فجاء فحلف عبد ال بن أُبي لرسول ال صلى ال عليه وسلم ما قال ذلك قال أبو إسحاق‪ :‬فقال‬
‫لي زيـد‪ ,‬فجلسـت فـي بيتـي‪ ,‬حتـى أنزله ال تصـديق زيـد‪ ,‬وتكذيـب عبـد ال فـي إذا جاءك‬
‫المنافقون‪.‬‬
‫جعْ نا إلى‬
‫‪ 26433‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله َلئِ نْ َر َ‬
‫ن قال‪ :‬قد قال ها منا فق عظ يم‬
‫ع ّز ِمنْ ها الذَلّ قرأ الَ ية كل ها إلى ل َيعَْلمُو َ‬
‫ال َمدِينَة َل ُيخْ ِرجَ نّ ال َ‬
‫ي على الجُهن يّ‪ ,‬وكان‬
‫ج َهنِ يّ‪ ,‬فظ هر الغفار ّ‬
‫النفاق في رجل ين اقتتل‪ ,‬أحده ما غفار يّ‪ ,‬والَ خر ُ‬
‫ب ين جُهي نة والن صار حلف‪ ,‬فقال ر جل من المنافق ين و هو ا بن أُ بي‪ :‬يا ب ني الوس‪ ,‬يا ب ني‬
‫سمّن‬
‫الخزرج‪ ,‬عليكم صاحبكم وحليفكم‪ ,‬ثم قال‪ :‬وال ما مثلنا و َمثَل محمد إل كما قال القائل‪َ « :‬‬
‫ن العزّ من ها الذلّ‪ ,‬ف سعى ب ها بعض هم إلى‬
‫كل بك يأكلك»‪ ,‬وال لئن رجع نا إلى المدي نة ليخرج ّ‬
‫نبيّ ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فقال ع مر‪ :‬يا نبيّ ال مُر معاذ بن ج بل أن يضرب ع نق هذا‬
‫ل أصحَابَهُ»‪ .‬ذُ كر لنا أ نه كان ُأكْثِر على رجل‬
‫حمّدا يَ ْقتُ ُ‬
‫المنافق‪ ,‬فقال‪« :‬ل يتحدّ ثُ النّا سُ أ نّ ُم َ‬
‫مـن المنافقيـن عنده‪ ,‬فقال‪ :‬هـل يصـلي؟ فقال‪ :‬نعـم ول خيـر فـي صـلته‪ ,‬فقال‪ :‬نُهيـت عـن‬
‫المصلين‪ ,‬نُهيت عن المصلين‪.‬‬
‫حدثنـا ابـن عبـد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ابـن ثور‪ ,‬عـن معمـر‪ ,‬عـن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬اقتتـل رجلن‪,‬‬
‫أحدهما من جُهينة‪ ,‬والَخر من غفار‪ ,‬وكانت جهينة حليف النصار‪ ,‬فظهر عليه الغفاريّ‪ ,‬فقال‬
‫رجل منهم عظيم النفاق‪ :‬عليكم صاحبكم‪ ,‬عليكم صاحبكم‪ ,‬فوال ما َمثُلنا و َمثَل محمد إل كما‬
‫ن العزّ من ها الذلّ‬
‫قال القائل‪ « :‬سمّن كل بك يأكلك»‪ ,‬أ ما وال لئن رجع نا إلى المدي نة ليخرج ّ‬
‫وهم في سفر‪ ,‬فجاء رجل ممن سمعه إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأخبره ذلك‪ ,‬فقال عمر‪:‬‬
‫ل أصحَابَهُ»‪ ,‬فنزلت فيهم‪:‬‬
‫حمّدا يَ ْقتُ ُ‬
‫مُر معاذا يضرب عنقه‪ ,‬فقال‪« :‬وَاللّه ل َي َتحَدّ ثُ النّا سُ أ نّ ُم َ‬
‫ل اللّهِ‪.‬‬
‫ع ْندَ َرسُو ِ‬
‫ن ل ُتنْفِقُوا على مَنْ ِ‬
‫ن يَقُولُو َ‬
‫ُهمُ اّلذِي َ‬
‫ع ّز ِمنْها الذَلّ‪:‬‬
‫خ ِرجَنّ ال َ‬
‫جعْنا إلى ال َمدِينَةِ َل ُي ْ‬
‫ن َر َ‬
‫وقوله‪َ :‬لئِ ْ‬
‫‪ 26434‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الحسن أن غلما جاء‬
‫إلى النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬يا رسول ال إني سمعت عبد ال بن أُبي يقول كذا وكذا‬
‫س ْمعُكَ؟» قال‪:‬‬
‫غضِبْ تَ عََليْ هِ؟» قال‪ :‬ل وال ل قد سمعته يقوله قال‪« :‬فََلعَلّ كَ أخْطأَ َ‬
‫قال‪« :‬فَلعَلّ كَ َ‬
‫ّهـ عََليْكـَ»‪ ,‬قال‪ :‬ل وال‪ ,‬قال‪ :‬فأنزل ال‬
‫شب َ‬‫ّهـ ُ‬
‫ل وال يـا نـبيّ ال لقـد سـمعته يقوله قال‪ :‬فََلعَل ُ‬
‫عزّ ِمنْ ها الذَلّ‪ ,‬فأ خذ ال نبيّ صلى ال عل يه‬
‫جعْ نا إلى ال َمدِينَ ِة َل ُيخْ ِرجَ نّ ال َ‬
‫ت صديقا للغلم‪َ :‬لئِ نْ َر َ‬
‫وسلم بأذن الغلم‪ ,‬فقال‪َ « :‬وفَتْ ُأ ُذ ُنكَ‪َ ,‬وفَتْ ُأ ُذ ُنكَ يا غُلمُ»‪.‬‬
‫عزّ‬
‫خ ِرجَن ال َ‬
‫‪26435‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال َل ُي ْ‬
‫ِمنْها الذَل قال‪ :‬كان المنافقون يسمون المهاجرين‪ :‬الجلبيب وقال‪ :‬قال ابن أُبي‪ :‬قد أمرتكم في‬
‫َجـ وعُسـْفان على الكديـد تنازعوا على الماء‪ ,‬وكان‬
‫هؤلء الجلبيـب أمري‪ ,‬قال‪ :‬هذا بيـن أم ٍ‬
‫المهاجرون قـد غلبوا على الماء قال‪ :‬وقال ابـن أُبـي أيضـا‪ :‬أمـا وال لئن رجعنـا إلى المدينـة‬
‫ليخرج نّ العزّ من ها الذلّ ل قد قلت ل كم‪ :‬ل تنفقوا علي هم‪ ,‬لو تركتمو هم ما وجدوا ما يأكلون‪,‬‬
‫ويخرجوا ويهربوا فأ تى ع مر بن الخطاب إلى ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم فقال‪ :‬يا ر سول ال‬
‫أل تسمع ما يقول ابن أُبي؟ قال‪« :‬وما ذاك؟» فأخبره وقال‪ :‬دعني أضرب عنقه يا رسول ال‪,‬‬
‫عدُ لَ ُه آنُ فٌ َكثِيرَةٌ ِب َي ْثرِب» قال عمر‪ :‬فإن كرهت يا رسول ال أن يقتله رجل من‬
‫قال‪« :‬إذا َترْ َ‬
‫المهاجر ين‪ ,‬فمرّ به سعد بن معاذ‪ ,‬ومح مد بن م سلمة فيقتل نه فقال ر سول ال صلى ال عل يه‬
‫ع ْبدِ اللّ ِه بْن‬
‫ع ْبدَ الّلهِ ْبنَ َ‬
‫حمّدا َي ْقتُلُ أصحَابَهُ‪ ,‬ادْعُوا لي َ‬
‫ن ُم َ‬
‫سأّ‬
‫حدّثَ النّا ُ‬
‫وسلم‪« :‬إنّي أ ْكرَهُ أنْ َي َت َ‬
‫أُ بي»‪ ,‬فدعاه‪ ,‬فقال‪« :‬أل تَرَى ما يَقُولُ أبُو كَ؟» قال‪ :‬و ما يقول بأ بي أ نت وأ مي؟ قال‪« :‬يَقُولُ‬
‫ع ّز ِمنْ ها الذَلّ» فقال‪ :‬ف قد صدق وال يا ر سول ال‪ ,‬أ نت‬
‫جعْ نا إلى ال َمدِينَ ِة َل ُيخْ ِرجَ نّ ال َ‬
‫ن َر َ‬
‫َلئِ ْ‬
‫وال العزّ وهو الذلّ‪ ,‬أما وال لقد َقدِمت المدينة يا رسول ال‪ ,‬وإن أهل يثرب ليعلمون ما بها‬
‫ل ِت َينّها به‪ ,‬فقال رسول ال صلى‬
‫أحد أبرّ مني‪ ,‬ولئن كان يرضى ال ورسوله أن آتيهما برأسه َ‬
‫ال عل يه و سلم‪« :‬ل» فل ما َقدِموا المدي نة‪ ,‬قام ع بد ال بن ع بد ال بن أُ بي على باب ها بال سيف‬
‫لب يه ثم قال‪ :‬أ نت القائل‪ :‬لئن رجع نا إلى المدي نة ليخر جن الع ّز من ها الذلّ‪ ,‬أ ما وال لتعرف نّ‬
‫العزّة لك أو لر سول ال‪ ,‬وال ل يأو يك ظله‪ ,‬ول تأو يه أبدا إل بإذن من ال ور سوله فقال‪ :‬يا‬
‫للخزرج ابني يمنعني بيتي يا للخزرج ابني يمنعني بيتي فقال‪ :‬وال ل تأويه أبدا إل بإذن منه‬
‫فاجتمع إليه رجال فكلموه‪ ,‬فقال‪ :‬وال ل يدخله إل بإذن من ال ورسوله‪ ,‬فأتوا النبيّ صلى ال‬
‫س َكنَه» فأتوه‪ ,‬فقال‪ :‬أما إذا جاء إمر‬
‫عليه وسلم فأخبروه‪ ,‬فقال‪« :‬اذْ َهبُوا إَليْ هِ‪ ,‬فَقُولُوا له خَلّ ِه ومَ ْ‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم فنعم‪.‬‬
‫ي بن مجا هد‪ ,‬عن مح مد بن إ سحاق‪ ,‬عن‬
‫‪ 26436‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سَلَمة وعل ّ‬
‫عاصم بن عمر بن قتادة‪ ,‬عن عبد ال بن أبي بكر‪ ,‬وعن محمد بن يحيى بن حبان‪ ,‬قال‪ :‬كلّ قد‬
‫حدثنـي بعـض حديـث بنـي المصـطلق‪ ,‬قالوا‪ :‬بلغ رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم أن بنـي‬
‫الم صطلق يجمعون له‪ ,‬وقائد هم الحارث بن أ بي ضرار أ بو جوير ية ب نت الحارث زوج ال نبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم فلما سمع بهم رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬خرج إليهم حتى لقيهم على‬
‫ماء من مياههم يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى الساحل‪ ,‬فتزاحف الناس فاقتتلوا‪ ,‬فهزم ال‬
‫ب ني الم صطلق‪ ,‬وقُ تل من ق تل من هم‪ ,‬ون فل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم أبناء هم ون ساءهم‬
‫وأموال هم‪ ,‬فأفاء هم ال عل يه‪ ,‬و قد أ صيب ر جل من ب ني كلب بن عوف بن عا مر بن ل يث بن‬
‫ب كر‪ ,‬يقال له هشام بن صبابة أ صابه ر جل من الن صار من ر هط عبادة بن ال صامت‪ ,‬و هو‬
‫يرى أ نه من العدوّ‪ ,‬فقتله خ طأ‪ ,‬فبي نا الناس على ذلك الماء وردت واردة الناس و مع ع مر بن‬
‫جهْجاه وسنان‬
‫جهْجاه بن سعيد‪ ,‬يقود له فرسه‪ ,‬فازدحم َ‬
‫الخطاب أجير له من بني غفار يقال له َ‬
‫ج ْهنِ يّ حليف بني عوف بن الخزرج على الماء فاقتتل‪ ,‬فصرخ الجهن يّ‪ :‬يا معشر النصار‪.‬‬
‫ال ُ‬
‫و صرخ جهجاه‪ :‬يا مع شر المهاجر ين‪ ,‬فغ ضب ع بد ال بن أُ بي ا بن سلول‪ ,‬وعنده ر هط من‬
‫قومه فيهم زيد بن أرقم‪ ,‬غلم حديث السنّ‪ ,‬فقال‪ :‬قد فعلوها؟ قد نافرونا وكاثرونا في بلدنا‬
‫عدّنا وجلبيب قريش هذه إل كما قال القائل‪« :‬سمّن كلبك يأكلك»‪ ,‬أما وال لئن رجعنا‬
‫وال ما أ ُ‬
‫إلى المدي نة ليخرج نّ العزّ من ها الذلّ ثم أق بل على من ح ضر من قو مه‪ ,‬فقال‪ :‬هذا ما فعل تم‬
‫بأنف سكم أحللتمو هم بلد كم‪ ,‬وقا سمتموهم أموالكم‪ ,‬أ ما وال لو أمسكتم عن هم ما بأيدي كم لتحوّلوا‬
‫إلى غير بلدكم فسمع ذلك زيد بن أرقم فمشى به إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وذلك‬
‫ع ند فراغ ر سول ال صلى ال عل يه و سلم من غزوه‪ ,‬فأ خبره ال خبر وعنده ع مر بن الخطاب‬
‫فقال‪ :‬يا رسول ال مُر به عباد بن بشر بن وقش فليقتله‪ ,‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫ن بالرّحِيلِ»‪ ,‬وذلك في‬
‫ن َأذّ ْ‬
‫حمّدا يَ ْقتُلُ أصحَابَهُ‪ ,‬ل‪ ,‬وََلكِ ْ‬
‫ث النّاس أن ُم َ‬
‫حدّ َ‬
‫ع َمرُ إذَا َت َ‬
‫« َف َكيْ فَ يا ُ‬
‫ساعة لم يكن رسول ال صلى ال عليه وسلم يرتحل فيها‪ ,‬فارتحل الناس‪ ,‬وقد مشى عبد ال‬
‫بن أب يّ إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم حين بلغه أن زيد بن أرقم قد بلغه ما سمع منه‪,‬‬
‫فحلف بال ما قلت ما قال‪ ,‬ول تكلمت به وكان عبد ال بن أُبي في قومه شريفا عظيما‪ ,‬فقال‬
‫من حضر رسول ال صلى ال عليه وسلم من أصحابه من النصار‪ :‬يا رسول ال عسى أن‬
‫يكون الغلم أوهم في حديثه‪ ,‬ولم يحفظ ما قال الرجل‪ ,‬حدبا على عبد ال بن أُبي‪ ,‬ودفعا عنه‬
‫ل رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬لقيه أسيد بن حضير‪ ,‬فحياه بتحية النبوّة وسلم عليه‬
‫فلما استق ّ‬
‫ثم قال‪ :‬يا رسول ال لقد رُح تَ في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها‪ ,‬فقال له رسول ال صلى‬
‫ع ْبدُ الّلهِ‬
‫ح ُب ُكمْ؟» قال‪ :‬فأيّ صاحب يا رسول ال؟ قال‪َ « :‬‬
‫ك ما قالَ صَا ِ‬
‫ال عليه وسلم «أو ما بََلغَ َ‬
‫عزّ ِمنْ ها الذَل» قال‬
‫خرَ جَ ال َ‬
‫ن َرجَ عَ إلى ال َمدِينَ ِة أ ْ‬
‫ن أُب يّ»‪ ,‬قال‪ :‬و ما قال؟ قال‪« :‬زَع مَ أنّ هُ إ ْ‬
‫بْ ُ‬
‫أسيد‪ :‬فأنت وال يا رسول ال تخرجه إن شئت‪ ,‬هو وال الذليل وأنت العزيز ثم قال‪ :‬يا رسول‬
‫ال ار فق به‪ ,‬فوال ل قد جاء ال بك وإن قو مه لينظمون له الخرز ليتوّجوه‪ ,‬فإ نه ليرى أ نك قد‬
‫استلبته مُلكا‪ .‬ثم مشى رسول ال صلى ال عليه وسلم بالناس يومهم ذلك حتى أمسى‪ ,‬وليلتهم‬
‫حتى أصبح‪ ,‬وصدر يومهم ذلك حتى آذتهم الشمس‪ ,‬ثم نزل بالناس‪ ,‬فلم يكن إل أن وجدوا مسّ‬
‫الرض وقعوا نيا ما‪ ,‬وإن ما ف عل ذلك ليش غل الناس عن الحد يث الذي كان بال مس من حد يث‬
‫عبد ال بن أُبي‪ .‬ثم راح بالناس وسلك الحجاز حتى نزل على ماء بالحجاز فُويق النقيع‪ ,‬يقال‬
‫له نقعاء فلمـا راح رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم هب ّت على الناس ريـح شديدة آذتهـم‬
‫عظِيـم مِن ْـ‬
‫وتخوّفوهـا‪ ,‬فقال رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪« :‬لَ تَخافُوا فإنّمـا َهبّت ْـ ل َموْتِـ َ‬
‫عظُماءِ الكُفّارِ» فلما َقدِموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت أحد بني قينقاع وكان من‬
‫ُ‬
‫عظماء يهود‪ ,‬وكهفا للمنافقين قد مات ذلك اليوم‪ ,‬فنزلت السورة التي ذكر ال فيها المنافقين في‬
‫ك المُنافِقُونَ فلما نزلت‬
‫عبد ال بن أُبي ابن سلول‪ ,‬ومن كان معه على مثل أمره‪ ,‬فقال‪ :‬إذَا جاءَ َ‬
‫هذه السورة أخذ رسول ال صلى ال عليه وسلم بأذن زيد فقال‪َ « :‬هذَا اّلذِي أوْفى اللّ هَ بُأذُنه»‪,‬‬
‫وبلغ عبد ال بن عبد ال بن أُبي الذي كان من أبيه‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬ثني محمد بن إسحاق‪ ,‬عن عاصم بن عمر‬
‫‪ 26437‬ـ حدثنا ابن ُ‬
‫بن قتادة أن عبد ال بن عبد ال بن أُبي أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول ال‬
‫إنه بلغني أنك تريد قتل عبد ال بن أُبي فيما بلغك عنه‪ ,‬فإن كنت فاعلً‪ ,‬فمرني به فأنا أحمل‬
‫إليك رأسه‪ ,‬فوال لقد علمت الخزرج ما كان فيها رجل أبرّ بوالده مني‪ ,‬وإني أخشى أن تأمر‬
‫به غيره فيقتله‪ ,‬فل تدع ني نف سي أن أن ظر إلى قا تل ع بد ال بن أُ بي يم شي في الناس فأقتلَه‪,‬‬
‫ل نَ ْرفُ قْ بِ ِه ونُح سِنْ‬
‫فأق تل مؤم نا بكا فر‪ ,‬فأدخلَ النا َر فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪« :‬بَ ْ‬
‫صحْ َبتَ ُه ما بَقِ يَ َمعَ نا»‪ ,‬وج عل ب عد ذلك اليوم إذا أحدث الحدث كان قو مه هم الذ ين يعاتبو نه‪,‬‬
‫ُ‬
‫ويأخذو نه ويعنفو نه ويتوعدو نه‪ ,‬فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم لع مر بن الخطاب ح ين‬
‫ت لَ هُ‬
‫عدَ ْ‬
‫لرْ َ‬
‫ع َمرُ أما وَاللّ ِه لَ ْو قَتَ ْلتُ هُ َيوْ مَ أ َم ْر َتنِي ب َقتِْل ِه َ‬
‫بلغه ذلك عنهم من شأنهم « َكيْ فَ َترَى يا ُ‬
‫آنَ فٌ‪َ ,‬لوْ أ َم ْرتَها ال َيوْ َم ب َقتْلِ ِه لَ َقتََلتْ هُ» قال‪ :‬فقال عمر‪ :‬قد وال علمت لمرُ رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أعظم بركة من أمري‪.‬‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل ُدكُمْ عَن ِذ ْكرِ الّلهِ‬
‫ل أَ ْو َ‬
‫ل تُ ْل ِهكُمْ َأمْوَاُلكُمْ َو َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ { :‬يَأ ّيهَا اّلذِينَ آ َمنُواْ َ‬
‫ك ُهمُ ا ْلخَاسِرُونَ }‪.‬‬
‫ل ذَِلكَ َفأُوْلَـئِ َ‬
‫َومَن يَ ْفعَ ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أي ها الذ ين صدّقوا ال ور سوله ل تُ ْل ِهكُ مْ أمْوَالكُ مْ يقول‪ :‬ل تو جب ل كم‬
‫ن ِذكْرِ الّل هِ وهو من ألهيته عن كذا وكذا‪ ,‬فلها هو يلهو لهوا ومنه‬
‫أموالكم وَل أوْلدُكُ مْ اللهو عَ ْ‬
‫قول امرىء القيس‪:‬‬
‫ل‬
‫ن ذِي تَمائمَ ُمحْوِ ِ‬
‫ضعٍفأ ْل َهيْتُها عَ ْ‬
‫حبْلَى قد ط َرقْتُ َومُ ْر ِ‬
‫َو ِمثْلكِ ُ‬
‫ل ثناؤه في هذا الموضع‪ :‬الصلوات الخمس‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫عنِي بذكر ال ج ّ‬
‫وقيل‪ُ :‬‬
‫‪ 26438‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن أبي سنان‪ ,‬عن ثابت‪ ,‬عن الضحاك يا آيّها‬
‫عنْ ِذ ْكرِ الّلهِ قال‪ :‬الصلوات الخمس‪.‬‬
‫اّلذِينَ آ َمنُوا ل تُ ْل ِهكُمْ أ ْموَاُل ُكمْ وَل أوْل ُد ُكمْ َ‬
‫سرُونَ‬
‫ن يَ ْفعَلْ ذل كَ يقول‪ :‬و من يل هه ماله وأولده عن ذ كر ال فأُوَلئِ كَ هُ مُ الخا ِ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫يقول‪ :‬هم المغبونون حظوظهم من كرامة ال ورحمته تبارك وتعالى‪.‬‬

‫‪11-10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ح َدكُ مُ ا ْلمَوْ تُ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬وَأَنفِقُو ْا مِن مّا َرزَ ْقنَاكُ مْ مّن َقبْلِ أَن َي ْأتِ يَ َأ َ‬
‫خرَ اللّ ُه نَفْسا‬
‫صدّقَ وََأكُن مّ نَ ال صّاِلحِينَ * وَلَن ُي َؤ ّ‬
‫ل قَرِي بٍ َفأَ ّ‬
‫خرْ َتنِ يَ إَِلىَ َأجَ ٍ‬
‫ب لَوْل َأ ّ‬
‫َفيَقُولُ رَ ّ‬
‫خبِيرٌ ِبمَا َت ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫ِإذَا جَآ َء َأجَُلهَآ وَالّلهُ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وأنفقوا أيها المؤمنون بال ورسوله من الموال التي رزقناكم من قبل أن‬
‫يأتي أحدكم الموت فيقول إذا نزل به الموت‪ :‬يا ربّ هل أخرتني ف ُت ْمهِلَ لي في الجل إلى أجل‬
‫ِنـ الصـّاِلحِينَ يقول‪ :‬وأعمـل بطاعتـك‪ ,‬وأؤدّي‬
‫ُنـ م َ‬
‫قريـب‪ .‬فأصـدّق يقول‪ :‬فأزكـي مالي وأك ْ‬
‫فرائضك‪.‬‬
‫ن الصاِلحِينَ وأح جّ بيتك الحرام‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫ن مِ َ‬
‫وقيل‪ :‬عنى بقوله وَأ ُك ْ‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26439‬ـ حدثني يونس وسعيد بن الربيع‪ ,‬قال سعيد‪ ,‬حدثنا سفيان‪ ,‬وقال يونس‪ :‬أخبرنا سفيان‪,‬‬
‫عن أبي جناب عن الضحاك بن مزاحم‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬ما من أحد يموت ولم يؤ ّد زكاة‬
‫ج إل سأل الكرّة‪ ,‬فقالوا‪ :‬يا أبا عباس ل تزال تأتينا بالشيء ل نعرفه قال‪ :‬فأنا أقرأ‬
‫ماله ولم يح ّ‬
‫ل رَبّـ لَوْل‬
‫ح َدكُم ْـ ال َموْتُـ َفيَقُو َ‬
‫عليكـم فـي كتاب ال‪ :‬وأنْ ِفقُوا مِمّا َرزَقْناكُم ْـ مِن ْـ َقبْلِ أن ْـ ي ْأتِيَـ أ َ‬
‫ن مِنَ الصّاِلحِينَ قال‪ :‬أحجّ‪.‬‬
‫صدّقَ قال‪ :‬أؤدي زكاة مالي وأكُ ْ‬
‫ل قَرِيبٍ فأ ّ‬
‫خرْ َتنِي إلى أجَ ٍ‬
‫أّ‬
‫‪ 26440‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أ بي سنان‪ ,‬عن ر جل‪ ,‬عن‬
‫الضحاك‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬ما يمنع أحدكم إذا كان له مال يجب عليه فيه الزكاة أن يزكي‪,‬‬
‫ج من قبل أن يأتيه الموت‪ ,‬فيسأل ربه الكرّة فل يُعطاها‪ ,‬فقال رجل‪ :‬أما‬
‫وإذا أطاق الحجّ أن يح ّ‬
‫ن آ َمنُوا ل تُ ْل ِهكُ مْ‬
‫تت قي ال‪ ,‬ي سأل المؤ من الكرّة؟ قال‪ :‬ن عم‪ ,‬أقرأ علي كم قرآ نا‪ ,‬فقرأ‪ :‬يا أيّ ها اّلذِي َ‬
‫أمْوَاُلكُ مْ وَل أوْلدُكُم عَن ِذكْرِ الّل هِ فقال الرجل‪ :‬فما الذي يوجب عل يّ الح جّ‪ ,‬قال‪ :‬راحلة تحمله‪,‬‬
‫ونفقة تبلغه‪.‬‬
‫ي وفضالة بن الفضل‪ ,‬قال عباد‪ :‬أخبرنا يزيد أبو حازم‬
‫‪ 26441‬ـ حدثنا عباد بن يعقوب السد ّ‬
‫مولى الضحاك‪.‬‬
‫وقال فضالة‪ :‬حدث نا بز يع عن الضحاك بن مزا حم في قوله‪ :‬لَوْل أخّ ْرتَنِي إلى أجَلٍ َقرِي بٍ‬
‫ن قال‪ :‬الحجّ‪.‬‬
‫ن الصّاِلحِي َ‬
‫ن مِ َ‬
‫صدّقَ قال‪ :‬فأتصدّق بزكاة مالي وأكُ ْ‬
‫فأ ّ‬
‫‪ 26442‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫عنْ ِذ ْكرِ اللّ ِه إلى آخر السورة‪ :‬هو الرجل المؤمن‬
‫ل ُدكُمْ َ‬
‫يقول في قوله‪ :‬ل تُ ْل ِهكُمْ أ ْموَاُلكُمْ وَل أ ْو َ‬
‫نزل به الموت وله مال كثير لم يزكه‪ ,‬ولم يح جّ منه‪ ,‬ولم يعط منه حق ال يسأل الرجعة عند‬
‫خرَ الّلهُ نَفْسا إذَا جاءَ أجَلُها‪.‬‬
‫ن يُو َء ّ‬
‫الموت فيزكي ماله‪ ,‬قال ال‪ :‬وَلَ ْ‬
‫حدث ني مح مد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع مي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن ا بن‬
‫ن ِذكْرِ الّل هِ‪ ...‬إلى قوله وأنْفِقُوا مِمّا رَ َزقْناكُ مْ مِ نْ‬
‫عباس‪ ,‬قوله ل تُ ْل ِهكُ مْ أمْوَاُلكُ مْ وَل أوْل ُدكُ مْ عَ ْ‬
‫ح ُدكُ مْ المَ ْو تَ قال‪ :‬هو الر جل المؤ من إذا نزل به الموت وله مال لم يز كه ولم‬
‫ن َيأْ تي أ َ‬
‫َقبْلِ أ ْ‬
‫ج منه‪ ,‬ولم يعط ح قّ ال فيه‪ ,‬فيسأل الرجعة عند الموت ليتصدّق من ماله ويزكي‪ ,‬قال ال‬
‫يح ّ‬
‫خرَ اللّ ُه نَفْسا إذَا جا َء أجَلُها‪.‬‬
‫وََلنْ يُو َء ّ‬
‫ن قال‪:‬‬
‫صدّقَ وأكُ نْ مِ نَ ال صّاِلحِي َ‬
‫‪ 26443‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان فَأ ّ‬
‫الزكاة والحج‪.‬‬
‫ن مِنَ الصّاِلحِينَ فقرأ ذلك عامة قرّاء أهل المصار غير‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬وأكُ ْ‬
‫ص ّدقَ لو لم تكن فيه الفاء‪,‬‬
‫ابن محيصن وأبي عمرو‪ :‬وأكن‪ ,‬جزما عطفا بها على تأويل قوله فأ ّ‬
‫ق لو لم ت كن ف يه الفاء كان جز ما‪ .‬وقرأ ذلك ا بن محي صن وأ بو عمرو‪:‬‬
‫صدّ َ‬
‫وذلك أن قوله‪ :‬فأ ّ‬
‫صدّق فنصب قوله «وأكُونَ» إذ‬
‫«وأكُونَ» بإثبات الواو ونصب «وأكونَ» عطفا به على قوله فأ ّ‬
‫صدّقَ نصبا‪.‬‬
‫كان قوله فأ ّ‬
‫والصواب من القول في ذلك‪ :‬أنهما قراءتان معروفتان‪ ,‬فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب‪.‬‬
‫خرَ اللّ ُه نَفْسا إذَا جا َء أجَلُها يقول‪ :‬لن يؤخر ال في أجل أحد فيمدّ له فيه إذا‬
‫وقوله‪ :‬وََل نْ يُو َء ّ‬
‫خبِيرٌ ِبمَا َت ْعمَلُونَ يقول‪ :‬وال ذو خبرة وعلم بأعمال عبيده هو‬
‫حضر أجله‪ ,‬ولكنه يخترمه وَالّل ُه َ‬
‫ن بإحسانه‪ ,‬والمسيىء بإساءته‪.‬‬
‫بجميعها محيط‪ ,‬ل يخفى عليه شيء‪ ,‬وهو مجازيهم بها‪ ,‬المحس َ‬

‫سورة التغابن‬
‫سورة التغابن مدنية‬
‫وآياتها ثماني عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيـم‬

‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سمَاوَاتِ َومَا فِي الرْ ضِ لَ هُ ا ْلمُلْ كُ وَلَ هُ‬
‫ح لِلّ ِه مَا فِي ال ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬يُ سَبّ ُ‬
‫شيْ ٍء قَدِيرٌ }‪.‬‬
‫ح ْمدُ وَ ُهوَ عََلىَ كُلّ َ‬
‫ا ْل َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يسجد له ما في السموات السبع وما في الرض من خلقه ويعظمه‪.‬‬
‫ْكـ يقول تعالى ذكره‪ :‬له ملك السـموات والرض وسـلطانه ماض قضاؤه فـي‬
‫َهـ المُل ُ‬
‫وقوله‪ :‬ل ُ‬
‫ذلك نافذ فيه أمره‪.‬‬
‫ح ْمدُ يقول‪ :‬وله حمد كلّ ما فيها من خلق‪ ,‬لن جميع من في ذلك من الخلق ل‬
‫وقوله‪ :‬وََل هُ ال َ‬
‫شيْءٍ َقدِيرٌ يقول‪:‬‬
‫يعرفون الخير إل منه‪ ,‬وليس لهم رازق سواه فله حمد جميعهم وَ ُهوَ على كُلّ َ‬
‫ل ش يء ذو قدرة‪ ,‬يقول‪ :‬يخلق ما يشاء‪ ,‬ويم يت من يشاء‪ ,‬ويغ ني من أراد‪ ,‬ويف قر‬
‫و هو على ك ّ‬
‫ل من يشاء‪ ,‬ل يتعذرّ عليه شيء أراده‪ ,‬لنه ذو القدرة التامة التي‬
‫من يشاء ويع ّز من يشاء‪ ,‬ويذ ّ‬
‫ل يعجزه معها شيء‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ُ { :‬هوَ اّلذِي خَلَ َقكُ مْ َفمِنكُ مْ كَا ِفرٌ َومِنكُ مْ مّ ْؤمِ نٌ وَاللّ هُ ِبمَا َت ْعمَلُو نَ‬
‫َبصِيرٌ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ال اّلذِي خَلَ َقكُم ْـ أيهـا الناس‪ ,‬وهـو مـن ذكـر اسـم ال َفمِنكُم ْـ كافِرٌ َو ِم ْنكُم ْـ‬
‫مِو ْء ِم نٌ يقول‪ :‬فمن كم كا فر بخال قه وأ نه خل قه ومن كم مؤ من يقول‪ :‬ومن كم م صدّق به مو قن أ نه‬
‫ن بَ صِيرٌ يقول‪ :‬وال الذي خلق كم ب صير بأعمال كم عالم ب ها‪ ,‬ل‬
‫خال قه أو بارئه وَاللّ ُه بِمَا َت ْعمَلُو َ‬
‫يخفى عليه منها شيء‪ ,‬وهو مجازيكم بها‪ ,‬فاتقوه أن تخالفوه في أمره أو نهيه‪ ,‬فيسطو بكم‪.‬‬
‫‪ 26444‬ـ حدثنا محمد بن منصور الطوسي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حسن بن موسى الشيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫ابن لهيعة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بكر بن سوادة‪ ,‬عن أبي تميم الجيشاني‪ ,‬عن أبي ذرّ‪« :‬إن ال َمنِيّ إذ مكث‬
‫في الرحم أربعين ليلة‪ ,‬أتى ملك النفوس‪ ,‬فعرج به إلى الجبار في راحته‪ ,‬فقال‪ :‬أي ر بّ عبدك‬
‫هذا ذكر أم أنثى؟ فيقضي ال إليه ما هو قاض‪ ,‬ثم يقول‪ :‬أي ربّ أشقيّ أم سعيد؟ فيكتب ما هو‬
‫لق»‪ .‬قال‪ :‬وقرأ أبو ذرّ فاتحة التغابن خمس آيات‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْضَ بِا ْلحَقّ وَصَ ّو َر ُكمْ َفأَحْسَنَ صُ َو َركُمْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬خَلَقَ ال ّ‬
‫وَإَِل ْيهِ ا ْل َمصِيرُ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬خلق السـموات السـبع والرض بالعدل والنصـاف‪ ,‬وصـوّركم‪ :‬يقول‪:‬‬
‫عنِي بذلك تصويره آدم‪ ,‬وخلقه إياه بيده‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ومثلكم فأحسن مثَلكم‪ ,‬وقيل‪ :‬إنه ُ‬
‫‪ 26445‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن صُ َو َر ُكمْ يعني آدم خلقه بيده‪.‬‬
‫ض بالحَقّ َوصَو ّررَ ُكمْ فأحْسَ َ‬
‫ت والرْ َ‬
‫سمَوَا ِ‬
‫ابن عباس خََلقَ ال ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَإَل ْيهِ ال َمصِيرُ يقول‪ :‬وإلى ال مرجع جميعكم أيها الناس‪.‬‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سرّونَ وَمَا‬
‫سمَاوَاتِ وَالرْ ضِ َو َيعْلَ مُ مَا تُ ِ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ { :‬يعْلَ مُ مَا فِي ال ّ‬
‫صدُورِ }‪.‬‬
‫ُتعِْلنُونَ وَالّلهُ عَلِيمُ ِبذَاتِ ال ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يعلم ربكم أيها الناس ما في السموات السبع والرض من شيء‪ ,‬ل يخفى‬
‫ن من ذلك‬
‫عل يه من ذلك خاف ية َو َيعْلَ ُم ما تُ سِرّون أي ها الناس بين كم من قول وع مل وَ ما ُتعِْلنُو َ‬
‫صدُورِ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬وال ذو علم بضمائر صدور عباده‪ ,‬وما‬
‫فتظهرونه وَالّل هُ عَلِي مٌ بذَا تِ ال ّ‬
‫تنطوي عليه نفوسهم‪ ,‬الذي هو أخفى من السرّ‪ ,‬ل يعزب عنه شيء من ذلك‪ .‬يقول تعالى ذكره‬
‫لعباده‪ :‬احذَروا أن تسرّوا غير الذي تعلنون‪ ,‬أو تضمروا في أنفسكم غير ما تُبدونه‪ ,‬فإن ربكم‬
‫ل يخفى عليه من ذلك شيء‪ ,‬وهو محص جميعه‪ ,‬وحافظ عليكم كله‪.‬‬

‫‪6-5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن كَ َفرُواْ مِن َقبْلُ َفذَاقُو ْا َوبَالَ َأ ْمرِهِ مْ وََلهُ مْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬أَلَ مْ َي ْأ ِتكُ مْ َن َباُ اّلذِي َ‬
‫شرٌ َي ْهدُونَن َا فَكَ َفرُواْ َو َتوَلّواْ‬
‫َاتـ فَقَالُوَاْ َأ َب َ‬
‫ُسـُلهُم بِا ْلبَ ّين ِ‬
‫ِمـ ر ُ‬
‫ّهـ كَان َت ّت ْأتِيه ْ‬
‫ِكـ ِبَأن ُ‬
‫ِيمـ * ذَل َ‬
‫َابـ أَل ٌ‬
‫عذ ٌ‬ ‫َ‬
‫حمِيدٌ }‪.‬‬
‫غ ِنيّ َ‬
‫س َت ْغ َنىَ اللّهُ وَالّلهُ َ‬
‫وّا ْ‬
‫يقول تعالى ذكره لمشر كي قر يش‪ :‬ألم يأت كم أي ها الناس خبر الذ ين كفروا من قبل كم‪ ,‬وذلك‬
‫كقوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط َفذَاقُوا وَبالَ أ ْمرِهِ مْ فم سّهم عذاب ال إياهم على‬
‫ب ألِي مٌ يقول‪ :‬ول هم عذاب مؤلم مو جع يوم القيا مة في نار جه نم‪ ,‬مع الذي‬
‫عذَا ٌ‬
‫كفر هم وََلهُ مْ َ‬
‫أذاقهم ال في الدنيا وبال كفرهم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذل كَ بأنّ ُه كانَ تْ ت ْأتِيهِ مْ رُ سُُل ُهمْ بال َبيّنا تِ يقول‪ :‬جلّ ثناؤه‪ :‬هذا الذي نال الذين كفروا من‬
‫قبل هؤلء المشركين من وبال كفرهم‪ ,‬والذي أعدّ لهم ربهم يوم القيامة من العذاب‪ ,‬من أجل‬
‫أنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات الذي أرسلهم إليهم ربهم بالواضحات من الدلة والعلم على‬
‫شرٌ يهدوننا؟ استكبارا منهم أن تكون رسل ال إليهم بشرا‬
‫حقيقة ما يدعونهم إليه‪ ,‬فقالوا لهم‪َ :‬أ َب َ‬
‫مثلهم واستكبارا عن اتباع الح قّ من أجل أن بشرا مثلهم دعاهم إليه وجمع الخبر عن البشر‪,‬‬
‫فقيل‪ :‬يهدوننا‪ ,‬ولم يقل‪ :‬يهدينا‪ ,‬لن البشر‪ ,‬وإن كان في لفظ الواحد‪ ,‬فإنه بمعنى الجميع‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬فكَفَرُوا َوتَوّلُوْا يقول‪ :‬فكفروا بال‪ ,‬وجحدوا رسـالة رسـله الذيـن بعثهـم ال إليهـم‬
‫الحقـ فلم يقبلوه‪ ,‬وأعرضوا عمـا دعاهـم إليـه رسـلهم‬
‫ّ‬ ‫اسـتكبارا َو َتوَلّوا يقول‪ :‬وأدبروا عـن‬
‫س َتغْنَى الّل هُ يقول‪ :‬وا ستغنى ال عن هم‪ ,‬و عن إيمان هم به وبر سله‪ ,‬ولم ت كن به إلى ذلك من هم‬
‫وا ْ‬
‫غنِ يّ حِميدٌ يقول‪ :‬وال غن يّ عن جم يع خل قه‪ ,‬محمود ع ند جميع هم بجم يل أياد يه‬
‫حا جة وَالّل هُ َ‬
‫عندهم‪ ,‬وكريم فعاله فيهم‪.‬‬
‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن ثُ مّ‬
‫ن كَ َفرُوَ ْا أَن لّن ُي ْب َعثُواْ قُلْ بََلىَ َورَبّي َل ُت ْبعَثُ ّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬زَعَ مَ اّلذِي َ‬
‫عمِ ْل ُتمْ َوذَِلكَ عَلَى الّل ِه َيسِيرٌ }‪.‬‬
‫ن ِبمَا َ‬
‫َل ُت َنبّؤُ ّ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ز عم الذ ين كفروا بال أن لن يبعث هم ال إل يه من قبور هم ب عد ممات هم‪.‬‬
‫وكان ابن عمر يقول‪ :‬زعم كنية الكذب‪.‬‬
‫‪26446‬ـ حدثني بذلك محمد بن نافع البصريّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن مهدي‪ ,‬عن سفيان‪,‬‬
‫عن بعض أصحابه عن ابن عمر‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬قُلْ بَلى ورَبّي َل ُت ْب َعثُ نّ يقول ل نبيه مح مد صلى ال عل يه و سلم‪ :‬قل ل هم يا مح مد‪ :‬بلى‬
‫ن بأعمالكم التي عملتموها في‬
‫عمِ ْلتُ مْ يقول‪ :‬ثم لتخبر ّ‬
‫ن ِبمَا َ‬
‫وربي لتبعثن من قبوركم ثُ مّ َل ُت َنبّو ّ‬
‫الدنيا‪ ,‬وذَلكَ على اللّ ِه َيسِيرٌ يقول‪ :‬وبعثكم من قبوركم بعد مماتكم على ال سهل هين‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول ف ـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬فَآ ِمنُواْ بِاللّ هِ َورَ سُوِلهِ وَالنّورِ اّلذِ يَ أَنزَلْنَا وَالّل ُه بِمَا َت ْعمَلُو نَ‬
‫خبِيرٌ }‪.‬‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ف صدّقوا بال ور سوله أي ها المشركون المكذّبون بالب عث‪ ,‬وبإخباره إيا كم‬
‫أنكم مبعوثون من بعد مماتكم‪ ,‬وأنكم من بعد بلئكم تنشرون من قبوركم‪ ,‬والنور الذي أنزلنا‬
‫يقول‪ :‬وآمنوا بالنور الذي أنزلنـا‪ ,‬وهـو هذا القرآن الذي أنزله ال على نـبيه محمـد صـلى ال‬
‫خبِيرٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬وال بأعمالكم أيها الناس ذو خبرة محيط‬
‫عليه وسلم وَاللّ ُه ِبمَا َت ْعمَلُو نَ َ‬
‫بها‪ ,‬محصٍ جميعها‪ ,‬ل يخفى عليه منها شيء‪ ,‬وهو مجازيكم على جميعها‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫جمْ عِ ذَلِ كَ يَوْ ُم ال ّتغَابُ نِ َومَن ُي ْؤمِن بِاللّ هِ‬
‫ج َمعُكُ مْ ِليَوْ ِم ا ْل َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬يَوْ َم َي ْ‬
‫ن فِيهَآ َأبَدا ذَلِ كَ‬
‫حتِهَا ال ْنهَارُ خَاِلدِي َ‬
‫جرِي مِن َت ْ‬
‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫س ّيئَاتِهِ َو ُي ْدخِلْ هُ َ‬
‫عنْ هُ َ‬
‫َو َي ْعمَلْ صَالِحا ُيكَ ّفرْ َ‬
‫الْفَ ْو ُز ا ْل َعظِيمُ }‪.‬‬
‫جمْ عِ الخلئق للعرض ذلكَ يَوْمَ‬
‫ج َمعُكُمْ ِليَوْ ِم ال ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وال بما تعملون خبير يَوْ َم َي ْ‬
‫ل الجنة أه َل النار‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫غبْن أه ِ‬
‫التّغابُ نِ يقول‪ :‬الجمع يوم َ‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26447‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول ال‪ :‬ذَلك‬
‫ن قال‪ :‬هو غبن أهل الجنة أهلَ النار‪.‬‬
‫يَ ْومُ التّغابُ ِ‬
‫جمْ عِ‬
‫جمَ ُعكُ مْ ِل َيوْ ِم ال َ‬
‫‪ 26448‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة َيوْ َم َي ْ‬
‫ل النار‪.‬‬
‫ل الجنة أه َ‬
‫هو يوم القيامة‪ ,‬وهو يوم التغابن‪ :‬يوم غَبن أه ِ‬
‫‪26449‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫قوله‪ :‬ذلك َي ْومُ التّغابُنِ من أسماء يوم القيامة‪ ,‬عظّمه وحذّره عبادَه‪.‬‬
‫ن باللّ هِ َو َي ْعمَلْ صَالِحا يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن يصدّق بال ويعمل بطاعته‪,‬‬
‫ن يُو ْءمِ ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫حتِها‬
‫جنّا تٍ َتجْري ِم نْ َت ْ‬
‫سيّئاتِهِ يقول‪ :‬يمح عنه ذنوبه َو ُي ْدخِلْ ُه َ‬
‫عنْ ُه َ‬
‫وينته إلى أمره ونهيه ُيكَ ّفرْ َ‬
‫النهارُ يقول‪ :‬ويُدخله بساتين تجري من تحت أشجارها النهار‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬خالِدينَ فِيها أبَدا يقول‪ :‬لبثين فيها أبدا‪ ,‬ل يموتون‪ ,‬ول يخرجون منها‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ذلكَ ال َف ْوزُ ال َعظِيمُ يقول‪ :‬خلودهم في الجنات التي وصفنا النجاء العظيم‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ب النّا ِر خَالِدِي نَ‬
‫صحَا ُ‬
‫ن كَ َفرُواْ َو َك ّذبُواْ بِآيَا ِتنَآ ُأوْلَـ ِئكَ أَ ْ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وَاّلذِي َ‬
‫فِيهَا َو ِبئْسَ ا ْل َمصِيرُ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬والذين جحدوا وحدانية ال‪ ,‬وكذّبوا بأدلته وحججه وآي كتابه الذي أنزله‬
‫على عبده محمد صلى ال عليه وسلم أُوَلئِ كَ أصحَابُ النّارِ هُ مْ فِيها خاِلدُو نَ يقول‪ :‬ماكثين فيها‬
‫أبدا ل يموتون في ها‪ ,‬ول يخرجون من ها َو ِبئْ سَ المَ صِيرْ يقول‪ :‬وبئس الش يء الذي يُ صَار إل يه‬
‫جهنم‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن اللّ هِ وَمَن يُؤْمِن بِاللّ ِه َي ْهدِ‬
‫ل ِبِإذْ ِ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬مَآ أَ صَابَ مِن مّ صِيبَةٍ ِإ ّ‬
‫شيْءٍ عَلِيمٌ }‪.‬‬
‫قَ ْلبَهُ وَاللّ ُه ِبكُلّ َ‬
‫ـيبة إل بإذن ال‪ ,‬يقول‪ :‬إل بقضاء ال‬
‫ـن الخلق مصـ‬
‫ـب أحدا مـ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬لم يصـ‬
‫وتقديره ذلك عل يه َومَ نْ يُو ْءمِ نْ باللّ ِه َيهْ ِد قَلْبَ هُ يقول‪ :‬ومن ي صدّق بال فيعلم أ نه ل أ حد تصيبه‬
‫مصيبة إل بإذن ال بذلك يهد قلبه‪ :‬يقول‪ :‬يوفّق ال قلبه بالتسليم لمره والرضا بقضائه‪ .‬وبنحو‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26450‬ـ حدث ني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‬
‫ن باللّ ِه َي ْهدِ قَلْبَ ُه يعني‪ :‬يهد قلبه لليقين‪ ,‬فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه‪ ,‬وما‬
‫قوله‪َ :‬ومَنْ يُو ْءمِ ْ‬
‫أخطأه لم يكن ليصيبه‪.‬‬
‫‪ 26451‬ـ حدث ني ن صر بن ع بد الرح من الوشاء الود يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أح مد بن بش ير‪ ,‬عن‬
‫ن يُو ْء ِم نْ باللّ ِه َي ْهدِ‬
‫العمش‪ ,‬عن أبي ظبيان قال‪ :‬كنا عند علقمة‪ ,‬فقرىء عنده هذه الَية‪َ :‬ومَ ْ‬
‫قَ ْلبَهُـ فسـُئل عـن ذلك فقال‪ :‬هـو الرجـل تصـيبه المصـيبة‪ ,‬فيعلم أنهـا مـن عنـد ال‪ ,‬فيسـلم ذلك‬
‫ويرضى‪.‬‬
‫حدثني عيسى بن عثمان الرملي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن عيسى‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي ظبيان‪,‬‬
‫قال‪ :‬كنت عند علقمة وهو يعرض المصاحف‪ ,‬فمرّ بهذه الَية‪ :‬ما أ صَابَ مِ نْ مُ صَيبَ ٍة إل بإذْ نِ‬
‫ن باللّهِ َي ْهدِ قَلبَ ُه قال‪ :‬هو الرجل‪ ...‬ثم ذكر نحوه‪.‬‬
‫اللّهِ َو َمنْ يُو ْءمِ ْ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عامر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي ظبيان‪ ,‬عن‬
‫ن يُو ْءمِ نْ بالّل هِ َي ْهدِ قَ ْلبُ ْه قال‪ :‬هو‬
‫ن اللّ هِ‪َ ,‬ومَ ْ‬
‫ن مُ صِيبَ ٍة إل بإذْ ِ‬
‫علق مة‪ ,‬في قوله‪ :‬ما أ صَابَ مِ ْ‬
‫الرجل تصيبه المصيبة‪ ,‬فيعلم أنها من عند ال فيسلم لها ويرضَى‪.‬‬
‫حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ثني ابن مهدي‪ ,‬عن الثوري‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن‬
‫أ بي ظبيان‪ ,‬عن علق مة مثله غ ير أ نه قال في حدي ثه‪ :‬فيعلم أن ها من قضاء ال‪ ,‬فير ضى ب ها‬
‫ويسلم‪.‬‬
‫شيْءٍ عَلي مٌ يقول‪ :‬وال بكلّ شيء ذو علم بما كان ويكون وما هو كائن من‬
‫ل َ‬
‫وقوله‪ :‬وَالّل هُ ِبكُ ّ‬
‫قبل أن يكون‪.‬‬

‫‪13-12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬وََأطِيعُو ْا اللّ َه وََأطِيعُو ْا ال ّرسُولَ َفإِن تَوّل ْي ُتمْ َفِإنّمَا عََلىَ َرسُوِلنَا‬
‫ل هُوَ َوعَلَى اللّ ِه فَ ْل َيتَ َوكّلِ ا ْلمُ ْؤ ِمنُونَ }‪.‬‬
‫لغُ ا ْل ُمبِينُ * اللّ ُه لَ إِلَـهَ ِإ ّ‬
‫ا ْلبَ َ‬
‫ل صلى ال عليه‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وأطيعُوا اللّ َه أيها الناس في أمره ونهيه وأطيعُوا الرّ سُو َ‬
‫وسلم فإن توليتم فإن أدبرتم عن طاعة ال وطاعة رسوله مستكبرين عنها‪ ,‬فلم تطيعوا ال ول‬
‫ن أنه بلغ إليكم لما أرسلته به يقول جلّ‬
‫رسوله فإنما فلي سَ على رسولنا محمد إلّ البل غُ المبي ُ‬
‫ثناؤه‪ :‬فقد أعذر إليكم بالبلغ وال ول يّ النتقام ممن عصاه‪ ,‬وخالف أمره‪ ,‬وتولى عنه الّل ُه ل‬
‫إلَ َه إل هو يقول جلّ ثناؤه‪ :‬معبود كم أي ها الناس معبود وا حد ل ت صلح العبادة لغيره ول معبود‬
‫لكم سواه‪.‬‬
‫َوعَلى ال فَ ْل َيتَوَك ّل المُو ْء ِمنُون يقول تعالى ذكره‪ :‬وعلى ال أيهـا الناس فليتوكـل المصـدّقون‬
‫بوحدانيته‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ع ُدوّا ّلكُم ْـ‬
‫ل ِدكُم ْـ َ‬
‫جكُم ْـ وََأ ْو َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪َ { :‬يَأيّهَا اّلذِين َـ آ َمُنوَاْ إِنّـ مِن ْـ َأزْوَا ِ‬
‫غفُورٌ ّرحِيمٌ }‪.‬‬
‫ن اللّهَ َ‬
‫ح َذرُو ُهمْ وَإِن َتعْفُواْ َو َتصْ َفحُواْ َو َتغْ ِفرُو ْا فَإِ ّ‬
‫فَا ْ‬
‫ع ُدوّا لكُ مْ‬
‫جكُ مْ وأوْل ِدكُ مْ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أي ها الذ ين صدّقوا ال ور سوله إن مِ نْ أزْوَا ِ‬
‫ح َذرُوهُ مْ أن تقبلوا من هم ما يأمرون كم به‬
‫يَ صدّونكم عن سبيل ال‪ ,‬ويثبطون كم عن طا عة ال فا ْ‬
‫من ترك طاعة ال‪.‬‬
‫وذُ كر أن هذه الَ ية نزلت في قوم كانوا أرادوا ال سلم والهجرة‪ ,‬فثّبط هم عن ذلك أزواج هم‬
‫وأولدهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26452‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن آدم وعبيد ال بن موسى‪ ,‬عن إسرائيل‪ ,‬عن‬
‫ن مِ نْ‬
‫سماك‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال‪ :‬سأله رجل عن هذه الَية يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا إ ّ‬
‫حذَرُوهُ مْ قال‪ :‬هؤلء رجال أسلموا‪ ,‬فأرادوا أن يأتوا رسول ال‬
‫عدُوّا َلكُ مْ فا ْ‬
‫جكُ مْ وأوْل ِدكُم َ‬
‫أزْوَا ِ‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فأبى أزواجهم وأولدهم أن يدعوهم يأتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فلما أتَوا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فرأوا الناس قد فقهوا في الدين‪ ,‬هموا أن يعاقبوهم‪,‬‬
‫ج ُكمْ وأوْل ِدكُم‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫ن آ َمنُوا إ ّ‬
‫ل ثناؤه يا أيّها اّلذِي َ‬
‫فأنزل ال ج ّ‬
‫‪ 26453‬ـ حدثنا هناد بن السريّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو الحوص‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬في قوله‬
‫حذَرُوهُ مْ قال‪ :‬كان الر جل ير يد أن‬
‫عدُوّا َلكُ مْ فا ْ‬
‫جكُ مْ وأوْلدِكُم َ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫يا أيّ ها اّلذِي نَ آ َمنُوا إ ّ‬
‫يأتي النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فيقول له أهله‪ :‬أين تذهب وتدعنا؟ قال‪ :‬وإذا أسلم وفَقِه‪ ,‬قال‪:‬‬
‫َإنـ‬
‫فلفعلنـ ولفعلنـّ‪ ,‬فأنزل ال جلّ ثناؤه‪ :‬و ْ‬
‫ّ‬ ‫لرجعنـ إلى الذيـن كانوا ينهون عـن هذا المـر‬
‫ّ‬
‫َتعْفُوا و َتصْ َفحُوا و َتغْ ِفرُوا فإن الّلهَ غَفُو ٌر رَحِيمٌ‪.‬‬
‫حدث ني مح مد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني ع مي‪ ,‬قال‪ :‬ث ني أ بي‪ ,‬عن أب يه‪ ,‬عن ا بن‬
‫حذَرُوهُ مْ كان الرجل إذا‬
‫عدُوّا َلكُ مْ فا ْ‬
‫جكُ مْ وأوْل ِدكُم َ‬
‫عباس‪ ,‬قوله يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا إ نّ ِم نْ أزْوَا ِ‬
‫أراد أن يها جر من م كة إلى المدي نة تمن عه زوج ته وولده‪ ,‬ولم يألُوا يثبطوه عن ذلك‪ ,‬فقال ال‪:‬‬
‫إن هم عد ّو ل كم فاحذرو هم وا سمعوا وأطيعوا‪ ,‬وامضُوا لشأنكـم‪ ,‬فكان الر جل بعـد ذلك إذا مُنِع‬
‫ن َتعْفُوا‬
‫وثُبط م ّر بأهله وأقسم‪ ,‬والقسم يمين ليفعلنّ وليعاقبنّ أهله في ذلك‪ ,‬فقال ال جلّ ثناؤه وَإ ْ‬
‫َو َتصْ َفحُوا و َتغْ ِفرُوا فإن الّلهَ غَفُو ٌر رَحِيمٌ‪.‬‬
‫‪ 26454‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سلمة‪ ,‬قال‪ :‬ثني محمد بن إسحاق‪ ,‬عن بعض أصحابه‪,‬‬
‫عن عطاء بن يسار قال‪ :‬نزلت سورة التغابن كلها بمكة‪ ,‬إل هؤلء الَيات يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا‬
‫ح َذرُوهُمْ نزلت في عوف بن مالك الشجعيّ‪ ,‬كان ذا أهل‬
‫عدُوّا َلكُ ْم فا ْ‬
‫جكُمْ وأوْلدِكُم َ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫إّ‬
‫وولد‪ ,‬فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقّقوه‪ ,‬فقالوا‪ :‬إلى من تَدعنا؟ فيرقّ ويقيم‪ ,‬فنزلت‪ :‬يا أيّها‬
‫عدُوّا َلكُ مْ فاحْ َذرُوهُ مْ‪ .‬الَية كلها بالمدينة في عوف بن‬
‫جكُ مْ وأوْل ِدكُم َ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫ن آ َمنُوا إ نّ مِ ْ‬
‫اّلذِي َ‬
‫مالك وبقية الَيات إلى آخر السورة بالمدينة‪.‬‬
‫‪26455‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قوله إ نّ مِ نْ‬
‫ح َذرُوهُ مْ قال‪ :‬إنهما يحملنه على قطيعة رحمه‪ ,‬وعلى معصية‬
‫عدُوّا َلكُ مْ فا ْ‬
‫جكُ مْ وأوْل ِدكُم َ‬
‫أزْوَا ِ‬
‫ربه‪ ,‬فل يستطيع مع حبه إل أن يقطعه‪.‬‬
‫حدثنـي الحارث‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء‪ ,‬جميعـا عن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عن‬
‫مجاهد مثله‪ ,‬إل أنه قال‪ :‬فل يستطيع مع حبه إل أن يطيعه‪.‬‬
‫‪ 26456‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها اّلذِي نَ آ َمنُوا‬
‫عدُوّا َلكُمْ فاحْ َذرُوهُمْ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال‪ :‬منهم من ل يأمر بطاعة ال‪ ,‬ول‬
‫جكُمْ وأوْل ِدكُم َ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫إ نّ مِ ْ‬
‫ينهـى عـن معصـيته‪ ,‬وكانوا يبطّئون عـن الهجرة إلى رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم وعـن‬
‫الجهاد‪.‬‬
‫جكُمْ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله إ ّ‬
‫طئُون عنـه‪ ,‬وهـم مـن الكفار‬
‫ُمـ قال‪ :‬ينهون عـن السـلم‪ ,‬و ُي َب ّ‬
‫ح َذرُوه ْ‬
‫ُمـ فا ْ‬
‫ع ُدوّا َلك ْ‬
‫وأوْلدِك ُم َ‬
‫فاحذروهم‪.‬‬
‫‪ 26457‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫عدُوّا َلكُمْ فاحْ َذرُوهُ مْ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال‪:‬‬
‫جكُمْ وأوْل ِدكُم َ‬
‫ن آ َمنُوا إ نّ مِ نْ أ ْزوَا ِ‬
‫يقول في قوله يا أيّها اّلذِي َ‬
‫هذا في أناس من قبائل العرب كان ي سلم الر جل أو الن فر من الح يّ‪ ,‬فيخرجون من عشائر هم‬
‫ويدعون أزواج هم وأولد هم وآباء هم عامد ين إلى ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم فتقوم عشائر هم‬
‫وأزواجهم وأولدهم وآباؤهم‪ ,‬فيناشدونهم ال أن ل يفارقوهم‪ ,‬ول يؤثروا عليهم غيرهم‪ ,‬فمنهم‬
‫من يَ ِرقّ ويرجع إليهم‪ ,‬ومنهم من يمضي حتى يلحق بنبيّ ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 26458‬ـ حدثنا أبو كريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عثمان بن ناجية وزيد بن حباب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن‬
‫واضح‪ ,‬جميعا عن الحسين بن واقد‪ ,‬قال‪ :‬ثني عبد ال بن بريدة‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬رأيت رسول‬
‫ال صلى ال عل يه و سلم يخ طب‪ ,‬فجاء الح سن والح سين ر ضي ال عنه ما عليه ما قمي صان‬
‫أحمران يعثران ويقومان‪ ,‬فنزل ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬فأخذه ما فرفعه ما فوضعه ما‬
‫ن فَلَمْ أصْ ِبرْ» ثم‬
‫صدَقَ الّل ُه َورَسُولُهُ‪ :‬إنّما أمْوَاُلكُمْ وأوْل ُدكُمْ ِف ْتنَةً رأيْتُ َه َذيْ ِ‬
‫حجْره ثم قال‪َ « :‬‬
‫في ِ‬
‫أخذ في خطبته اللفظ لبي كريب عن زيد‪.‬‬
‫جكُ مْ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫‪26459‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬إ ّ‬
‫عدُوّا َل ُكمْ قال‪ :‬يقول‪ :‬عدوّا لكم في دينكم‪ ,‬فاحذروهم على دينكم‪.‬‬
‫وأوْل ِدكُمْ َ‬
‫‪26460‬ـ حدثني محمد بن عمرو بن عليّ المقدميّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أشعث بن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫ح َذرُوهُ مْ‬
‫عدُوّا َلكُ مْ فا ْ‬
‫جكُ مْ وأوْل ِدكُ مْ َ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫ن مِ ْ‬
‫شع بة‪ ,‬عن إ سماعيل بن أ بي خالد‪ ,‬في قوله‪ :‬إ ّ‬
‫عدُوّا َل ُكمْ‪.‬‬
‫ج ُكمْ وأوْل ِد ُكمْ َ‬
‫ن أزْوَا ِ‬
‫قال‪ :‬كان الرجل يسلم‪ ,‬فيلومه أهله وبنوه‪ ,‬فنزلت‪ :‬إنّ مِ ْ‬
‫ن َتعْفُوا َوتَصْ َفحُوا يقول‪ :‬وإن تعفوا أيها المؤمنون عما سلف منهم من صدّهم إياكم‬
‫وقوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫عن ال سلم والهجرة وت صفحوا ل هم عن عقوبت كم إيا هم على ذلك‪ ,‬وتغفروا ل هم غ ير ذلك من‬
‫غفُورٌ َرحِي مٌ لكم لمن تاب من عباده‪ ,‬من ذنوبكم رحي مٌ بكم أن يعاقبكم عليها‬
‫ن اللّ هَ َ‬
‫الذنوب فإ ّ‬
‫من بعد توبتكم منها‪.‬‬
‫‪16-15‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫عظِي مٌ * فَاتّقُواْ‬
‫جرٌ َ‬
‫ع ْندَ ُه َأ ْ‬
‫ل ُدكُ مْ ِفتْنَ ٌة وَاللّ هُ ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪ِ{ :‬إ ّنمَآ َأمْوَاُلكُ مْ وََأ ْو َ‬
‫ح نَفْ سِ ِه فَأُوْلَ ـ ِئكَ هُ مُ‬
‫خيْرا لنفُ سِ ُكمْ وَمَن يُو قَ شُ ّ‬
‫سمَعُواْ وََأطِيعُواْ وََأنْ ِفقُو ْا َ‬
‫س َتطَ ْع ُتمْ وَا ْ‬
‫اللّ َه مَا ا ْ‬
‫ا ْلمُفِْلحُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬ما أموال كم أي ها الناس وأولد كم إل فت نة‪ ,‬يع ني بلء علي كم في الدن يا‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26461‬ــ حدثنـا بشـر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا يزيـد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سـعيد‪ ,‬عـن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬إنّمـا أمْواُلكُم ْـ‬
‫وأوْل ُدكُمْ ِف ْتنَةٌ يقول‪ :‬بلء‪.‬‬
‫ِيمـ يقول‪ :‬وال عنـد ثواب لكـم عظيـم‪ ,‬إذا أنتـم خالفتـم أولدكـم‬
‫عظ ٌ‬ ‫جرٌ َ‬
‫َهـ أ ْ‬
‫ع ْند ُ‬
‫ّهـ ِ‬
‫وقوله‪ :‬وَالل ُ‬
‫وأزواج كم فـي طا عة ال رب كم‪ ,‬وأطعتـم ال عزّ وجلّ‪ ,‬وأدّيتـم حقّـ ال فـي أموال كم‪ ,‬وال جر‬
‫العظيم الذي عند ال الجنة‪ ,‬كما‪:‬‬
‫عظِي مٌ‬
‫جرٌ َ‬
‫‪ 26462‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة وَالّل ُه ع ْندَ ُه أ ْ‬
‫وهي الجنة‪.‬‬
‫طعْ ُتمْ يقول تعالى ذكره‪ :‬واحذروا ال أي ها المؤمنون وخافوا عقا به‪,‬‬
‫س َت َ‬
‫وقوله‪ :‬فاتّقُوا الّل َه ما ا ْ‬
‫وتجنبوا عذابه بأداء فرائضه واجتناب معاصيه‪ ,‬والعمل بما يقرّب إليه ما أطقتم وبلَغه وسعكم‪.‬‬
‫ِهـ تخفيفـا عـن‬
‫َقـ تُقات ِ‬
‫ّهـ ح ّ‬
‫ط ْعتُمْ نزل بعـد قوله‪ :‬اتّقُوا الل َ‬
‫اسـَت َ‬
‫ّهـ مـا ْ‬
‫وذُكـر أن قوله‪ :‬فاتّقُوا الل َ‬
‫حقّ تُقاتِهِ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ط ْع ُتمْ ناسخ قوله‪ :‬اتّقُوا اللّ َه َ‬
‫ستَ َ‬
‫المسلمين‪ ,‬وأن قول فاتّقُوا اللّ َه ما ا ْ‬
‫‪ 26463‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬فاتّقُوا اللّ َه ما‬
‫طعْ ُتمْ واسـَمعُوا وأطيعُوا هذه رخصـة مـن ال‪ ,‬وال رحيـم بعباده‪ ,‬وكان ال جلّ ثناؤه أنزل‬
‫اس ْـَت َ‬
‫ق بل ذلك‪ :‬اتّقُوا اللّ هَ حَ قّ تُقاتِ هِ وح قّ تقا ته أن يُطاع فل يع صى‪ ,‬ثم خفّف ال تعالى ذكره عن‬
‫عباده‪ ,‬فأنزل الرخصة بعد ذلك فقال‪ :‬فاتقوا ال ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا فبما استطعت يا‬
‫ابن آدم‪ ,‬عليها بايع رسول ال صلى ال عليه وسلم على السمع والطاعة فيما استطعتم‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪ :‬اتّقُوا الّل هَ حَ قّ‬
‫طعْ ُتمْ‪.‬‬
‫س َت َ‬
‫تُقاتِ ِه قال‪ :‬نسختها‪ :‬اتّقُوا اللّ َه ما ا ْ‬
‫وقد تقدم بياننا عن معنى الناسخ والمنسوخ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع وليس في‬
‫ط ْعتُمْ دللة واض حة على أ نه لقوله‪ :‬اتّقُوا اللّ َه حَ قّ تُقاتِ هِ نا سخ‪ ,‬إذ كان‬
‫س َت َ‬
‫قوله‪ :‬فاتّقُوا اللّ هَ ما ا ْ‬
‫محتملً قوله‪ :‬اتقوا ال حقّ تقاته فيما استطعتم‪ ,‬ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول ال صلى ال‬
‫عليـه وسـلم‪ ,‬فإذا كان ذلك كذلك‪ ,‬فالواجـب اسـتعمالهما جميعـا على مـا يحتملن مـن وجوه‬
‫الصحة‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وا س َمعُوا وأطِيعُوا يقول‪ :‬وا سمعوا لر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬وأطيعوه فيمـا‬
‫ل من أموالكم لنفسكم تستنقذوها‬
‫س ُكمْ يقول‪ :‬وأنفقوا ما ً‬
‫خيْرا لنْفُ ِ‬
‫أمركم به ونهاكم عنه وََأنْفِقُوا َ‬
‫من عذاب ال‪ ,‬والخير في هذا الموضع المال‪.‬‬
‫ح نفسه‪,‬‬
‫ك هُ مُ ال ُمفْلحُو نَ يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن يَقِه ال ش ّ‬
‫سهِ فأُوَلئِ َ‬
‫ح نَفْ ِ‬
‫ق شُ ّ‬
‫ن يُو َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫وذلك اتباع هواها فيما نهى ال عنه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26464‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبو معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪,‬‬
‫ح نَ ْفسِهِ يقول‪ :‬هوى نفسه حيث يتبع هواه ولم يقبل اليمان‪.‬‬
‫قوله‪َ :‬ومَنْ يُوقَ شُ ّ‬
‫‪26465‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن جامع بن شدّاد‪ ,‬عن السود بن‬
‫ق شُحّ نَ ْفسِ ِه قال‪ :‬أن يعمد إلى مال غيره فيأكله‪.‬‬
‫ن يُو َ‬
‫هلل‪ ,‬عن ابن مسعود َومَ ْ‬
‫ن يقول‪ :‬فهؤلء الذ ين ُوقُوا شح أنف سهم‪ ,‬المُنجحون الذ ين أدركوا‬
‫وقوله‪ :‬فأُوَلئِ كَ هُ مُ المُفْلحُو َ‬
‫طلباتهم عند ربهم‪.‬‬

‫‪18-17‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{ :‬إِن تُ ْق ِرضُواْ الّل َه َقرْضا حَ سَنا ُيضَاعِ ْف ُه َلكُ مْ َو َيغْ ِفرْ َلكُ مْ وَاللّ هُ‬
‫حكِيمُ }‪.‬‬
‫شهَادَ ِة ا ْل َعزِيزُ ا ْل َ‬
‫شكُورٌ حَلِيمٌ * عَاِلمُ ا ْل َغيْبِ وَال ّ‬
‫َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وإن تنفقوا في سبيل ال‪ ,‬فتح سنوا في ها النف قة‪ ,‬وتحت سبوا بإنفاق كم ال جر‬
‫والثواب يضا عف ذلك لكم ربكم‪ ,‬فيجعل لكم مكان الواحد سبع مئة ضعف إلى أكثر من ذلك‬
‫م ما يشاء من التضع يف يَغفرْ لكُم ذُنوبَكُم في صفح ل كم عن عقوبت كم علي ها مع تضعي فه نفقت كم‬
‫شكُورٌ يقول‪ :‬وال ذو شكر لهل النفاق في سبيله‪ ,‬بحسن الجزاء‬
‫التي تنفقون في سبيله وَالّل هُ َ‬
‫لهم على ماأنفقوا في الدنيا في سبيله حَلِيمٌ يقول‪ :‬حليم عن أهل معاصيه بترك معاجلتهم بعقوبته‬
‫ب والشّهادَةِ يقول‪ :‬عالم ما ل تراه أع ين عباده ويغ يب عن أب صارهم و ما يشاهدو نه‬
‫عالِ مُ ال َغيْ ِ‬
‫حكِي مُ في‬
‫فيرونه بأبصارهم ال َعزِيزُ يعني الشديد في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره ونهيه ا ْل َ‬
‫تدبيره خلقه‪ ,‬وصرفه إياهم فيما يصلحهم‪.‬‬

‫سورة الطلق‬
‫سورة الطلق مدنية‬
‫وآياتها اثنتا عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيـم‬

‫‪3-1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫القول ف ـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬يَأ ّيهَا ال ّنبِ يّ ِإذَا طَلّ ْقتُ مُ النّ سَآءَ َفطَلّقُو ُه نّ ِل ِع ّد ِتهِ نّ وََأحْ صُواْ ا ْل ِع ّدةَ‬
‫حدُودُ‬
‫حشَةٍ ّم َب ّينَةٍ َوتِلْ كَ ُ‬
‫ن بِفَا ِ‬
‫ن ِإلّ أَن َي ْأتِي َ‬
‫خ ُرجْ َ‬
‫خ ِرجُوهُ نّ مِن ُبيُو ِتهِ نّ َولَ َي ْ‬
‫وَاتّقُواْ الّل َه َر ّبكُ مْ لَ ُت ْ‬
‫حدِ ثُ َب ْعدَ ذَلِ كَ َأمْرا * فَِإذَا بََلغْ نَ‬
‫ل اللّ َه ُي ْ‬
‫ل َتدْرِى َلعَ ّ‬
‫سهُ َ‬
‫حدُودَ الّل هِ فَ َق ْد ظَلَ مَ نَفْ َ‬
‫اللّ هِ وَمَن َي َت َعدّ ُ‬
‫شهَادَ َة لِلّهِ‬
‫ل مّنكُمْ وََأقِيمُو ْا ال ّ‬
‫عدْ ٍ‬
‫ش ِهدُواْ َذوَي َ‬
‫ن ِب َمعْرُوفٍ أَ ْو فَا ِرقُوهُنّ ِب َم ْعرُوفٍ وََأ ْ‬
‫سكُوهُ ّ‬
‫ن َفَأمْ ِ‬
‫َأجََلهُ ّ‬
‫خرَجا * َو َيرْ ُزقْهُ ِمنْ‬
‫جعَل ّلهُ َم ْ‬
‫خرِ َومَن َيتّقِ اللّ َه َي ْ‬
‫لِ‬‫ن بِاللّهِ وَا ْل َيوْمِ ا َ‬
‫ن يُ ْؤمِ ُ‬
‫ذَِلكُ ْم يُوعَظُ ِبهِ مَن كَا َ‬
‫ل شَيْ ٍء َقدْرا‬
‫ل اللّهُ ِلكُ ّ‬
‫جعَ َ‬
‫ن الّل َه بَالِغُ َأ ْمرِهِ َقدْ َ‬
‫سبُ ُه إِ ّ‬
‫حتَسِبُ َومَن َيتَ َوكّلْ عَلَى اللّهِ َفهُ َو حَ ْ‬
‫ث لَ َي ْ‬
‫حيْ ُ‬
‫َ‬
‫}‪.‬‬
‫ن يقول‪ :‬إذا طلق تم‬
‫ن ِلعِدتِهِ ّ‬
‫يع ني تعالى ذكره بقوله‪ :‬يا أيّ ها ال ّنبِ يّ إذَا طَلّ ْقتُ مُ النّ ساءَ فَطَلّقُوهُ ّ‬
‫ن ساءكم فطلقوه نّ لطهره نّ الذي يح صينه من عدّت هن‪ ,‬طاهرا من غ ير جماع‪ ,‬ول تطلقوه نّ‬
‫بحيضه نّ الذي ل يعتددن به من ُقرْئه نّ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26466‬ـ حدث نا أ بو كر يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن إدر يس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الع مش‪ ,‬عن مالك بن‬
‫الحارث‪ ,‬عن عبد الرحمن بن يزيد‪ ,‬عن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬الطلق للعدّة طاهرا من غير جماع‪.‬‬
‫حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن الع مش‪ ,‬عن مالك بن‬
‫ن قال‪ :‬بالطهر في غير جماع‪.‬‬
‫الحارث‪ ,‬عن عبد الرحمن بن يزيد‪ ,‬عن عبد ال فَطَلّقُوهُن ِل ِعدّ ِتهِ ّ‬
‫حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬عن‬
‫ن ِلعِد ِتهِنّ يقول‪ :‬إذا طلقتم قال‪ :‬الطهر في غير جماع‪.‬‬
‫عبد ال إذَا طَلّ ْق ُتمُ النّساءَ َفطَلّقُوهُ ّ‬
‫ن ِل ِعدّ ِتهِنّ‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬عن عبد ال َفطَلّقُوهُ ّ‬
‫قال‪ :‬طاهرا من غير جماع‪.‬‬
‫‪ 26467‬ـ حدثنا ابن وكيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يونس بن بكير‪ ,‬عن محمد بن إسحاق‪ ,‬عن داود بن‬
‫حصين‪ ,‬عن عكرمة‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬أنه كان يرى طلق السنة طاهرا من غير جماع‪ ,‬وفي‬
‫كلّ طهر‪ ,‬وهي العدّة التي أمر ال بها‪.‬‬
‫‪26468‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن عبد ال بن أبي‬
‫نج يح‪ ,‬عن حم يد العرج‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬أن رجلً سأل ا بن عباس فقال‪ :‬إ نه طلق امرأ ته مئة‪,‬‬
‫فقال‪ :‬عصيت ربك‪ ,‬وبانت منك امرأتك‪ ,‬ولم تتق ال فيجعل لك مخرجا‪ ,‬وقرأ هذه الَية‪ :‬ومَ نْ‬
‫ن ِلعِد ِتهِنّ»‪.‬‬
‫خرَجا‪ ,‬وقال‪« :‬يا أيّها ال ّن ِبيّ إذَا طَلّ ْق ُتمُ النّساءَ َفطَلّقُوهُ ّ‬
‫جعَل لَ ُه َم ْ‬
‫ق اللّه َي ْ‬
‫َيتّ ِ‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد ال صمد بن ع بد الوارث‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن حم يد‬
‫العرج‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬عن ابن عباس بنحوه‪.‬‬
‫‪ 26469‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أيوب‪ ,‬عن عبد ال بن‬
‫كثير‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬كنت عند ابن عباس‪ ,‬فجاءه رجل فقال‪ :‬إنه طلق امرأته ثلثا‪ ,‬فسكت‬
‫حتى ظننا أنه رادّها عليه‪ ,‬ثم قال‪ :‬ينطلق أحدكم فيركب الحموقة‪ ,‬ثم يقول‪ :‬يا ابن عباس يا ابن‬
‫ل لَ ُه َمخْرَ جا وإ نك لم ت تق ال فل أ جد لك‬
‫جعَ ْ‬
‫ل قال‪َ :‬ومَ نْ َيتّ قِ الّل هَ َي ْ‬
‫عباس‪ ,‬وإن ال عزّ وج ّ‬
‫مخرجا‪ ,‬عصيت ربك‪ ,‬وبانت منك امرأتك‪ ,‬قال ال‪« :‬يا أيّها ال ّنبِ يّ إذَا طَلّ ْقتُ ُم النّسا َء فَطَلّقُوهُ نّ‬
‫فِي ُقبُلِ عِد ِتهِنّ»‪.‬‬
‫حدث نا مح مد بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن الح كم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫سمعت مجاهدا يحدّث عن ا بن عباس في هذه الَ ية‪ :‬يا أيّ ها ال ّنبِ يّ إذَا طَلّ ْقتُ مْ النّ ساءَ َفطَلّقُوهُ نّ‬
‫ن قال ابن عباس‪ :‬في قبل عدتهنّ‪.‬‬
‫ِل ِع ّدتِهِ ّ‬
‫‪ 26470‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن إسماعيل بن أُمية‪,‬‬
‫ع ّد ِتهِنّ»‪.‬‬
‫ن فِي قُبُلِ ِ‬
‫عن عبد ال بن كثير‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬أنه قرأ‪َ « :‬فطَلّقُوهُ ّ‬
‫‪ 26471‬ـ حدثنا العباس بن عبد العظيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جعفر بن عون‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا سفيان‪ ,‬عن‬
‫ن قال‪ :‬طاهرا في غير جماع‪.‬‬
‫ن ِل ِع ّدتِهِ ّ‬
‫منصور‪ ,‬عن مجاهد فَطَلّقُوهُ ّ‬
‫‪26472‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هارون بن المغيرة‪ ,‬عن إسماعيل بن مسلم‪ ,‬عن الحسن‪,‬‬
‫ن قال‪ :‬طاهرا من غير حيض‪ ,‬أو حاملً قد استبان حملها‪.‬‬
‫ن ِل ِع ّدتِهِ ّ‬
‫في قوله‪ :‬فَطَلّقُوه ّ‬
‫‪26473‬ـ قال‪ :‬ثنا هارون‪ ,‬عن عيسى بن يزيد بن دأب‪ ,‬عن عمرو‪ ,‬عن الحسن وابن سيرين‪,‬‬
‫فيمن أراد أن يطلق ثلث تطليقات جميعا في كلمة واحدة‪ ,‬أنه ل بأس به بعد أن يطلقها في قبل‬
‫عدت ها‪ ,‬ك ما أمره ال وكا نا يكرهان أن يطلق الر جل امرأ ته تطلي قة‪ ,‬أو تطليقت ين‪ ,‬أو ثل ثا‪ ,‬إذا‬
‫كان بغير العدّة التي ذكرها ال‪.‬‬
‫‪26474‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا عون‪ ,‬عن ابن سيرين أنه‬
‫ن قال‪ :‬يطلقها وهي طاهر من غير جماع‪ ,‬أو حَبل يستبين حملها‪.‬‬
‫قال في قوله فَطَلّقُو ُهنّ ِل ِع ّد ِتهِ ّ‬
‫حدث ني مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى وحدث ني الحارث‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد في قول ال عزّ وجلّ‪:‬‬
‫ن قال‪ :‬لطهرهنّ‪.‬‬
‫ن ِل ِعدّ ِتهِ ّ‬
‫فَطَلّقُوهُ ّ‬
‫‪ 26475‬ـ حدث نا عل يّ بن ع بد العلى المحارب يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا المحارب يّ‪ ,‬عن جو يبر‪ ,‬عن‬
‫ِنـ قال‪ :‬العدة‪ :‬ال ُقرْء‪,‬‬
‫ُنـ ِلعِد ِته ّ‬
‫ُمـ النّسـا َء فَطَلّقُوه ّ‬
‫ِيـ إذَا طَلّ ْقت ُ‬
‫الضحاك‪ ,‬فـي قول ال يـا أيّهـا ال ّنب ّ‬
‫حيَض‪.‬‬
‫والقُرء‪ :‬الحيض‪ .‬والطاهر‪ :‬الطاهر من غير جماع‪ ,‬ثم تستقبل ثلث ِ‬
‫‪ 26476‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّ ها ال ّنبِ يّ إذَا‬
‫ن والعدة‪ :‬أن يطلقها طاهرا من غير جماع تطليقة واحدة‪.‬‬
‫ن ِلعِدتِهِ ّ‬
‫طَلّ ْق ُتمُ النّسا َء فَطَلّقُوهُ ّ‬
‫‪26477‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله َفطَلّقُوهُنّ‬
‫ن قال‪ :‬إذا طهرت من الح يض في غ ير جماع‪ ,‬قلت‪ :‬ك يف؟ قال‪ :‬إذا طهرت فطلق ها من‬
‫ِل ِع ّدتِهِ ّ‬
‫ق بل أن تم سها‪ ,‬فإن بدا لك أن تطلق ها أخرى تركت ها ح تى تح يض حي ضة أخرى‪ ,‬ثم طلق ها إذا‬
‫طهرت الثانيـة‪ ,‬فإذا أردت طلقهـا الثالثـة أمهلتهـا حتـى تحيـض‪ ,‬فإذا طهرت الثالثـة‪ ,‬ثـم تعتدّ‬
‫حيضة واحدة‪ ,‬ثم تنكح إن شاءت‪.‬‬
‫‪ 26478‬ـ قال‪ :‬ثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬قال‪ :‬وقال ابن طاوس‪ :‬إذا أردت الطلق فطلقها حين‬
‫تط هر‪ ,‬ق بل أن تم سها تطلي قة واحدة‪ ,‬ل ينب غي لك أن تز يد علي ها‪ ,‬ح تى تخلو ثل ثة قروء‪ ,‬فإن‬
‫واحدة تبينها‪.‬‬
‫‪ 26479‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن يقول‪ :‬طلّقها طاهرا من غير جماع‪.‬‬
‫ن ِل ِع ّدتِهِ ّ‬
‫يقول في قوله فَطَلّقُوهُ ّ‬
‫ن ِل ِعدّ ِتهِنّ‬
‫‪26480‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬فَطَلّقُوهُ ّ‬
‫قال‪ :‬إذا طلقت ها للعدة كان مِلكُ ها بيدك‪ .‬من طلّق للعدة ج عل ال له في ذلك ف سحة‪ ,‬وج عل له‬
‫مِلْكا إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدة ارتجع‪.‬‬
‫‪26481‬ـ حدثنا محمد بن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد بن مفضل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪,‬‬
‫ن قال‪ :‬طاهرا في غير جماع‪ ,‬فإن كانت ل تحيض‪,‬‬
‫في قوله‪ :‬إذَا طَلّ ْقتُ مُ النّسا َء فَطَلّقُوهُ نّ ِل ِع ّد ِتهِ ّ‬
‫فعند غرّة كل هلل‪.‬‬
‫‪ 26482‬ـ حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬عن عبيد ال‪ ,‬عن نافع‪ ,‬عن ابن عمر‪,‬‬
‫قال‪ :‬طلّقت امرأتي وهي حائض قال‪ :‬فأتى عمر رسول ال صلى ال عليه وسلم يخبره بذلك‪,‬‬
‫ن يُجامِعَ ها‪,‬‬
‫طهُرَ‪ ,‬ثُ مّ إ نْ شا َء طَلّقَ ها َقبْلَ أ ْ‬
‫طهُرَ‪ ,‬ثُ مّ َتحِي ضَ‪ ,‬ثُ مّ َت ْ‬
‫فقال‪ُ « :‬م ْر هُ فَ ْل ُيرَاجِع ها ح تى َت ْ‬
‫عزّ َوجَلّ»‪.‬‬
‫وَإنْ شا َء أ ْمسَكَها‪ ,‬فإنّها ال ُعدّةُ التي قال الّلهُ َ‬
‫قال‪ :‬ثنا ابن إدريس‪ ,‬عن يحيى بن سعيد‪ ,‬عن نافع‪ ,‬عن ابن عمر بنحوه‪ ,‬عن النبيّ صلى‬
‫ال عليه وسلم‪.‬‬
‫حدثنا ابن وكيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن مهدي‪ ,‬عن مالك‪ ,‬عن نافع‪ ,‬عن ابن عمر أنه طلق امرأته‬
‫سكْها حتى‬
‫جعْها‪ ,‬ثُ مّ ِل ُيمْ ِ‬
‫وهي حائض‪ ,‬فسأل عمرُ النبيّ صلى ال عليه وسلم فقال‪ُ « :‬مرْ ُه فَ ْليُرَا ِ‬
‫ن ُتطَلّقَ َلهَا النّساءُ»‪.‬‬
‫سكَها‪َ ,‬فتِ ْلكَ ال ِعدّةُ التي أمَ َر اللّهُ أ ْ‬
‫َتطْ ُهرَ‪ُ ,‬ثمّ َتحِيضَ‪ُ ,‬ثمّ َتطْ ُهرَ‪ُ ,‬ثمّ إنْ شاءَ أ ْم َ‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن أيوب‪ ,‬عن نافع‪ ,‬عن‬
‫ابن عمر أنه طلق امرأته حائضا‪ ,‬فأتى عمر النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فذكر ذلك له‪ ,‬فأمره‬
‫أن يراجع ها‪ ,‬ثم يترك ها ح تى إذا طهرت ثم حا ضت طلق ها‪ ,‬قال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫« َف ِهيَ ال ِعدّةُ التي أ َمرَ الّلهُ أنْ ُيطَّلقَ َلهَا النّساءُ» يقول‪ :‬حين يطهرن‪.‬‬
‫‪26483‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس في‬
‫قوله فَطَلّقُوهُنّـ ِل َع ّدتِهِنّـ يقول‪ :‬ل يطلقهـا وهـي حائض‪ ,‬ول فـي طهـر قـد جامعهـا فيـه‪ ,‬ولكـن‬
‫يترك ها ح تى إذا حا ضت وطهرت طلق ها تطلي قة‪ ,‬فإن كا نت تح يض فعدت ها ثلث ح يض‪ ,‬وإن‬
‫كانت ل تحيض فعدتها ثلثة أشهر‪ ,‬وإن كانت حاملً‪ ,‬فعدتها أن تضع حملها‪.‬‬
‫‪ 26484‬ـ حدثنا ابن البرق يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو بن أبي سلمة‪ ,‬عن سعيد بن عبد العزيز‪ ,‬سُئل‬
‫ن ِل َع ّد ِتهِ نّ قال‪ :‬طلق السنة أن يطلق الرجل امرأته وهي في قبل عدتها‪,‬‬
‫عن قول ال َفطَلّقُوهُ ّ‬
‫و هي طا هر من غ ير جماع واحدة‪ ,‬ثم يدع ها‪ ,‬فإن شاء راجع ها ق بل أن تغت سل من الحي ضة‬
‫الثالثة‪ ,‬وإن أراد أن يطلقها ثلثا طلقها واحدة في قبل عدتها‪ ,‬وهي طاهر من غير جماع‪ ,‬ثم‬
‫يدع ها ح تى إذا حا ضت وطهرت طلق ها أخرى‪ ,‬ثم يدع ها‪ ,‬ح تى إذا حا ضت وطهرت طلق ها‬
‫أخرى‪ ,‬ثم ل تحلّ له حتى تنكح زوجا غيره‪.‬‬
‫وذُكر أن هذه الَية أنزلت على رسول ال صلى ال عليه وسلم في سبب طلقه حَفْصة‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26485‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬طلق‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم حفصة بنت عمر تطليقة‪ ,‬فأنزلت هذه الَية‪ :‬يا أيّها ال ّنبِ يّ إذَا‬
‫ن ِل ِع ّدتِهِنّ فقيل‪ :‬راجعها فإنها صّوامة قوّامة‪ ,‬وإنها من نسائك في الجنة‪.‬‬
‫طَلّ ْق ُتمُ النّسا َء فَطَلّقُوهُ ّ‬
‫وقوله‪ :‬وأحْ صُوا ال ِعدّةَ يقول‪ :‬وأح صُوا هذه العدّة وأقراءَ ها فاحفظو ها‪ .‬وبن حو الذي قل نا في‬
‫ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26486‬ـ حدث نا مح مد بن الح سين‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أح مد بن المف ضل‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سباط‪ ,‬عن‬
‫حصُوا ال ِعدّةَ قال‪ :‬احفظوا العدّة‪.‬‬
‫السديّ‪ ,‬قوله‪ :‬وأ ْ‬
‫ن ُبيُوتهِنّ يقول‪ :‬وخافوا ال أيها الناس ربكم فاحذروا‬
‫ن مِ ْ‬
‫خ ِرجُوهُ ّ‬
‫وقوله‪ :‬وَاتّقُوا الّل َه َر ّبكُمْ ل ُت ْ‬
‫بيوتهنـ التـي كنتـم‬
‫ّ‬ ‫لعدتهنـ مـن‬
‫ّ‬ ‫معصـيته أن تتعدّوا حده‪ ,‬ل تخرجوا مـن طلقتـم مـن نسـائكم‬
‫أسكنتموهنّ فيها قبل الطلق حتى تنقضي عدته نّ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26487‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬قوله‪ :‬وَاّتقُوا اللّ َه َربّ ُكمْ‬
‫ن ُبيُو ِتهِنّ حتى تنقضي عدتهنّ‪.‬‬
‫ن مِ ْ‬
‫خ ِرجُوهُ ّ‬
‫ل ُت ْ‬
‫جرَيج‪ ,‬قال‪ :‬قال عطاء‪ :‬إن‬
‫‪26488‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن ُ‬
‫أذن ل ها أن تعت ّد في غ ير بي ته‪ ,‬فتعتدّ في ب يت أهل ها‪ ,‬ف قد شارك ها إذن في ال ثم‪ .‬ثم تل‪ :‬ل‬
‫حشَةٍ ُم َبيّنَة قال‪ :‬قلت هذه الَ ية في هذه؟‬
‫ن بفا ِ‬
‫ن َي ْأتِي َ‬
‫ن إلّ أ ْ‬
‫خ ُرجْ َ‬
‫ن مِ نْ ُبيُوتهِ نّ وَل َي ْ‬
‫ُتخْ ِرجُو ُه ّ‬
‫قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫‪ 26489‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا حيوة بن شريح‪ ,‬عن محمد بن‬
‫خرِجُو ُه نّ ِم نْ ُبيُوت ِه نّ وَل‬
‫عجلن‪ ,‬عن نافع‪ ,‬أن عبد ال بن عمر كان يقول في هذه الَية ل ُت ْ‬
‫ن بفاحِشَ ٍة ُم َب ّينَةٍ قال‪ :‬خروجها قبل انقضاء العدّة‪ .‬قال ابن عجلن عن زيد‬
‫ن إلّ أ نْ َي ْأتِي َ‬
‫َيخْ ُرجْ َ‬
‫بن أسلم‪ :‬إذا أتت بفاحشة أخرجت‪.‬‬
‫‪ 26490‬ـ وحدث نا عل يّ بن ع بد العلى المحارب يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا المحارب يّ‪ ,‬ع بد الرح من بن‬
‫ل أ نْ َي ْأتِي نَ‬
‫خرُجْ نَ إ ّ‬
‫ن ُبيُوتهِ نّ وَل َي ْ‬
‫خ ِرجُوهُ نّ ِم ْ‬
‫محمد‪ ,‬عن جويبر‪ ,‬عن الضحاك في قوله‪ :‬ل ُت ْ‬
‫حشَةٍ ُم َب ّينَ ٍة قال‪ :‬ل يس ل ها أن تخرج إل بإذ نه‪ ,‬ول يس للزوج أن يخرج ها ما كا نت في العدّة‪,‬‬
‫بفا ِ‬
‫سكْنى لها ول نفقة‪.‬‬
‫فإن خرجت فل ُ‬
‫‪ 26491‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫خ ُرجْ نَ قال‪ :‬هي المطلقة ل‬
‫ن مِ نْ ُبيُوتهِ نّ وَل َي ْ‬
‫خرِجُو ُه ّ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬وَاتّقُوا اللّ هَ َر ّبكُ مْ ل ُت ْ‬
‫تخرج من بيتها‪ ,‬ما دام لزوجها عليها رجعة‪ ,‬وكانت في عدّة‪.‬‬
‫خرِجُو ُه نّ ِم نْ ُبيُوت ِه نّ‬
‫‪ 26492‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ل ُت ْ‬
‫ن وذلك إذا طلقها واحدة أو ثنتين لها ما لم يطلقها ثلثا‪.‬‬
‫وَل َيخْ ُرجْ َ‬
‫تخرجوهنـ إل أن يأتيـن‬
‫ّ‬ ‫ل ثناؤه‪ :‬ل‬
‫حشَ ٍة ُم َبيّنَ ٍة يقول ج ّ‬
‫ِينـ بفا ِ‬
‫أنـ َي ْأت َ‬
‫ْنـ إلّ ْ‬
‫وقوله‪ :‬وَل َيخْ ُرج َ‬
‫بفاحشة مبينة إنها فاحشة لمن عاينها أو علمها‪.‬‬
‫واختلف أهل التأويل في معنى الفاحشة التي ذكرت في هذا الموضع‪ ,‬والمعنى الذي من أجله‬
‫ن في العدّة من بيوتهنّ‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬الفاحشة التي ذكرها ال‬
‫ن في حال كونه ّ‬
‫أذن ال بإخراجه ّ‬
‫في هذا المو ضع هو الز نى‪ ,‬والخراج الذي أباح ال هو الخراج لقا مة الحدّ‪ .‬ذ كر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 26493‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن الحسن‪,‬‬
‫حشَةٍ ُم َب ّينَ ٍة قال‪ :‬الز نى‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ن بفا ِ‬
‫ن َي ْأتِي َ‬
‫خ ُرجْ نَ إلّ أ ْ‬
‫ن مِ نْ ُبيُوتهِ نّ وَل َي ْ‬
‫خرِجُو ُه ّ‬
‫في قوله‪ :‬ل ُت ْ‬
‫خرَج ليُقام عليها الحدّ‪.‬‬
‫فتُ ْ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬مثله‪.‬‬
‫‪26539‬حدثنا يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عُلَية‪ ,‬عن صالح بن مسلم‪ ,‬قال‪ :‬سألت عامرا‬
‫قلت‪ :‬رجل طلق امرأته تطليقة أيخرجها من بيتها؟ قال‪ :‬إن كانت زانية‪.‬‬
‫‪26540‬حدث نا مح مد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عي سى وحدث ني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنـا الحسـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ورقاء‪ ,‬جميعـا عـن ابـن أبـي نجيـح‪ ,‬عـن مجاهـد‪ ,‬قوله‪ :‬ل‬
‫حشَةٍ ُم َب ّينَ ٍة قال‪ :‬إل أن يزنين‪.‬‬
‫ن بفا ِ‬
‫ن إلّ أنْ َي ْأتِي َ‬
‫خرُجْ َ‬
‫ُتخْ ِرجُو ُهنّ ِمنْ ُبيُوتهِنّ وَل َي ْ‬
‫‪26541‬حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ :‬وسألته عن قول ال عزّ وجلّ‪:‬‬
‫حشَ ٍة ُم َبيّنَ ٍة قال‪ :‬قال ال جلّ ثناؤه‪:‬‬
‫ِينـ بفا ِ‬
‫أنـ َي ْأت َ‬
‫ْنـ إلّ ْ‬
‫خ ُرج َ‬
‫ِنـ وَل َي ْ‬
‫ِنـ ُبيُوته ّ‬
‫ُنـ م ْ‬
‫خ ِرجُوه ّ‬
‫ل ُت ْ‬
‫ن أربع ًة ِم ْنكُ مْ‪...‬‬
‫ستَشِهدُوا عَلَيه ّ‬
‫ن نِ سا ِئكُمْ قال‪ :‬هؤلء المح صنات‪ ,‬فا ْ‬
‫حشَةَ مِ ْ‬
‫ن الفا ِ‬
‫وَاللّتِي َي ْأتِي َ‬
‫ن الرجم‪ ,‬فهي ل ينبغي لها أن تخرج من بيتها إل أن تأتي بفاحشة‬
‫الَية‪ .‬قال‪ :‬فجعل ال سبيله ّ‬
‫مبينـة‪ ,‬فإذا أتـت بفاحشـة مبينـة أخرجـت إلى الحدّ فرجمـت‪ ,‬وكان قبـل هذا للمحصـنة الحبـس‬
‫ل ثناؤه‪ :‬وَالّلذَا نِ َي ْأتِيانِها ِم ْنكُ مْ‬
‫تحبس في البيوت ل تترك تنكح‪ ,‬وكان للبكرين الذى‪ ,‬قال ال ج ّ‬
‫ن تَوّابا َرحِيما قال‪ :‬ثم‬
‫ع ْنهُما إ نّ الّل َه كا َ‬
‫عرِضُوا َ‬
‫ن تابا وأ صْلَحا فأ ْ‬
‫فآذُوهُما يا زان‪ ,‬يا زانية‪ ,‬فإ ْ‬
‫نُسخ هذا كله‪ ,‬فجعل الرجم للمحصنة والمحصن‪ ,‬وجعل جلد مئة لل ِبكْرين‪ ,‬قال‪ :‬ونسخ هذا‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬الفاح شة ال تي عنا ها ال في هذا المو ضع‪ :‬ال َبذَاء على أحمائ ها‪ .‬ذ كر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪26494‬ـ حدثنا أبو كريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن إدريس‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬عن محمد بن‬
‫حشَةٍ‬
‫ن َي ْأتِي نَ بفا ِ‬
‫لأ ْ‬
‫خ ُرجْ نَ إ ّ‬
‫ن ُبيُوتهِ نّ وَل َي ْ‬
‫ن مِ ْ‬
‫خ ِرجُوهُ ّ‬
‫إبراه يم‪ ,‬عن ا بن عباس قال ال‪ :‬ل ُت ْ‬
‫ُم َب ّينَةٍ قال‪ :‬الفاحشة المبينة أن تبذُ َو على أهلها‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل هي كل معصية ل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26495‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫حشَةٍ ُم َب ّينَةٍ والفاحشة‪ :‬هي المعصية‪.‬‬
‫ن بفا ِ‬
‫ن َي ْأتِي َ‬
‫ابن عباس إلّ أ ْ‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل ذلك نشوز ها على زوج ها‪ ,‬فيطلق ها على النشوز‪ ,‬فيكون ل ها التحوّل حينئذ‬
‫من بيتها‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫حشَ ٍة ُم َب ّينَةٍ‬
‫ن َي ْأتِي نَ بفا ِ‬
‫‪ 26496‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة إل أ ْ‬
‫قال قتادة‪ :‬إل أن يطلقها على نشوز‪ ,‬فلها أن تحوّل من بيت زوجها‪.‬‬
‫ل في هذا المو ضع خروج ها من بيت ها‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬الفاح شة المبي نة ال تي ذ كر ال عزّ وج ّ‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26497‬ـ حدثنا محمد بن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد بن مفضل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪,‬‬
‫حشَةٍ ُم َب ّينَ ٍة قال‪ :‬خروجها من بيتها فاحشة‪ .‬قال بعضهم‪:‬‬
‫ن بفا ِ‬
‫ن إل أ نْ يَأتِي َ‬
‫خرُجْ َ‬
‫في قوله‪ :‬وَل َي ْ‬
‫خروجها إذا أتت بفاحشة أن تخرج فيُقام عليها الحدّ‪.‬‬
‫‪ 26498‬ـ حدث ني ا بن ع بد الرح يم البر قي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد بن الح كم ا بن أ بي مر يم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫أخبرنا يحيى بن أيوب قال‪ :‬ثني محمد بن عجلن‪ ,‬عن نافع‪ ,‬عن عبد ال بن عمر‪ ,‬في قوله‪:‬‬
‫حشَ ٍة ُم َبيّنَ ٍة قال‪ :‬خروج ها ق بل انقضاء‬
‫ن َي ْأتِي نَ بفا ِ‬
‫خ ُرجْ نَ إل أ ْ‬
‫ن ُبيُوتهِ نّ وَل َي ْ‬
‫خ ِرجُوهُن مِ ْ‬
‫ل ُت ْ‬
‫العدة فاحشة‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندي قول من قال‪ :‬عنى بالفاحشة في هذا الموضع‪ :‬المعصية‪,‬‬
‫ل أمـر قبيـح تعدّى فيـه حدّه‪ ,‬فالزنـى مـن ذلك‪ ,‬والسـرق والبذاء على‬
‫وذلك أن الفاحشـة هـي ك ّ‬
‫الحماء‪ ,‬وخروجها متحوّلة عن منزلها الذي يلزمها أن تعتدّ فيه منه‪ ,‬فأ يّ ذلك فعلت وهي في‬
‫عدتها‪ ,‬فلزوجها إخراجها من بيتها ذلك‪ ,‬لتيانها بالفاحشة التي ركبتها‪.‬‬
‫حدُودُ اللّهِـ يقول تعالى ذكره‪ :‬وهذه المور التـي بينتهـا لكـم مـن الطلق للعدّة‪,‬‬
‫وقوله‪َ :‬وتِلْكَـ ُ‬
‫وإح صاء العدّة‪ ,‬وال مر باتقاء ال‪ ,‬وأن ل تخرج المطل قة من بيت ها‪ ,‬إل أن تأ تي بفاح شة مبي نة‬
‫حدُو َد اللّ هِ ف َقدْ ظَلَ مَ نَفْ سَ ُه يقول تعالى‬
‫حدود ال التي حدّها لكم أيها الناس فل تعتدوها َومَ نْ َي َت َعدّ ُ‬
‫ذكره‪ :‬و من يتجاوز حدود ال ال تي حدّ ها لخل قه ف قد ظلم نف سه‪ :‬يقول‪ :‬ف قد أك سب نف سه وزرا‪,‬‬
‫فصار بذلك لها ظالما‪ ,‬وعليها متعدّيا‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 26499‬ـ حدث نا عل يّ بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من بن مح مد المحارب يّ‪ ,‬عن‬
‫ّهـ يقول‪ :‬تلك طاعـة ال فل تعتدوهـا‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدُو ُد الل ِ‬
‫ْكـ ُ‬
‫جويـبر‪ ,‬عـن الضحاك فـي قول ال َوتِل َ‬
‫يقول‪ :‬من كان على غير هذه فقد ظلم نفسه‪.‬‬
‫حدِ ثُ َب ْعدَ ذلك أمْرا يقول جلّ ثناؤه‪ :‬ل تدري ما الذي يحدث؟ لعل‬
‫وقوله‪ :‬ل َت ْدرِي َلعَلّ الّل َه ُي ْ‬
‫ن رجعةٍ‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال أ هل التأو يل‪ .‬ذ كر من قال‬
‫ال يحدث ب عد طلق كم إياه ّ‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪26500‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ‪ ,‬أن فاطمة بنت‬
‫قيس كانت تحت أبي حفص المخزومي‪ ,‬وكان النبيّ صلى ال عليه وسلم أمّر عليا على بعض‬
‫الي من‪ ,‬فخرج م عه‪ ,‬فب عث إلي ها بتطلي قة كا نت ل ها‪ ,‬وأ مر عياش بن أ بي ربي عة المخزو مي‪,‬‬
‫والحارث بن هشام أن ينف قا علي ها‪ ,‬فقال‪ :‬ل وال ما ل ها علي نا نف قة‪ ,‬إل أن تكون حاملً‪ ,‬فأ تت‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم فذكرت ذلك له‪ ,‬فلم يجعل لها نفقة إل أن تكون حاملً‪ ,‬واستأذنته في‬
‫ن أُ مّ َم ْكتُو مٍ»‪ ,‬وكان أعمى‪ ,‬تضع ثيابها‬
‫ع ْندَ ا ْب ِ‬
‫النتقال‪ ,‬فقالت‪ :‬أين أنتقل يا رسول ال؟ قال‪ِ « :‬‬
‫عنده‪ ,‬ول يبصرها فلم تزل هنالك حتى أنكحها النبيّ صلى ال عليه وسلم أُسامة بن زيد حين‬
‫مضت عدتها‪ ,‬فأرسل إليها مروان بن الحكم يسألها عن هذا الحديث‪ ,‬فأخبرته‪ ,‬فقال مروان‪ :‬لم‬
‫نسمع هذا الحديث إل من امرأة‪ ,‬وسنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها‪ ,‬فقالت فاطمة‪ :‬بيني‬
‫حدِث ُـ َب ْعدَ ذلك َـ أمْرا‬
‫ل ثناؤه‪َ :‬فطَلّقُوهُن ِل ِع ّد ِتهِن ّـ حتـى بلغ َلعَلّ اللّه َـ ُي ْ‬
‫وبينكـم الكتاب‪ ,‬قال ال ج ّ‬
‫قالت‪ :‬فأ يّ أ مر يحدث ب عد الثلث‪ ,‬وإن ما هو في مراج عة الر جل امرأ ته‪ ,‬وك يف تح بس امرأة‬
‫بغير نفقة؟‬
‫ل اللّهَ‬
‫‪26501‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله‪َ :‬لعَ ّ‬
‫حدِثُ َب ْعدَ ذلكَ أمْرا قال‪ :‬هذا في مراجعة الرجل امرأته‪.‬‬
‫ُي ْ‬
‫ث َبعْ َد ذل كَ‬
‫حدِ ُ‬
‫حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ل َت ْدرِي َلعَلّ الّل َه ُي ْ‬
‫أمْرا‪ :‬أي مراجعة‪.‬‬
‫‪ 26502‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة ل َتدْرِي َلعَلّ‬
‫حدِثُ َب ْعدَ ذلكَ أمْرا قال‪ :‬يراجعها في بيتها هذا في الواحدة والثنتين‪ ,‬هو أبعد من الزنى‪.‬‬
‫اللّ َه ُي ْ‬
‫‪26503‬ـ قال‪ :‬سعيد‪ ,‬وقال الحسن‪ :‬هذا في الواحدة والثنتين‪ ,‬وما يحدث ال بعد الثلث‪.‬‬
‫‪26504‬ـ حدثنا يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أيوب‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الحسن وعكرِمة‬
‫حدِ ثُ‬
‫ل اللّ َه ُي ْ‬
‫يقولن‪ :‬المطلقة ثلثا‪ ,‬والمتوفى عنها ل سكنى لها ول نفقة قال‪ :‬فقال عكرمة َلعَ ّ‬
‫َب ْعدَ ذلكَ أمْرا فقال‪ :‬ما يحدث بعد الثلث‪.‬‬
‫‪ 26505‬ـ حدثنا عل يّ بن عبد العلى المحارب يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي‪,‬‬
‫ل الرجل يراجعها‬
‫ل اللّ َه ُيحْدِ ثُ َب ْعدَ ذل كَ أمْرا يقول‪ :‬لع ّ‬
‫عن جويبر‪ ,‬عن الضحاك في قوله‪َ :‬لعَ ّ‬
‫في عدتها‪.‬‬
‫حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك يقول في‬
‫ك أمْرا هذا ما كان له عليها رجعة‪.‬‬
‫حدِثُ َب ْعدَ ذل َ‬
‫قوله ل َت ْدرِي َلعَلّ الّلهَ ُي ْ‬
‫حدِ ثُ َب ْعدَ ذل كَ أمْرا‬
‫ل اللّ هَ ُي ْ‬
‫‪ 26506‬ـ حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ ل َتدْرِي َلعَ ّ‬
‫قال‪ :‬الرجعة‪.‬‬
‫حدِ ثُ‬
‫‪ 26507‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله َلعَلّ الّل هَ ُي ْ‬
‫َب ْعدَ ذل كَ أمْرا قال‪ :‬لعلّ ال يحدث في قلبك تراجع زوجتك قال‪ :‬قال‪ :‬ومن طلق للعدّة جعل ال‬
‫له في ذلك فسحة‪ ,‬وجعل له ملكا إن أراد أن يرتجع قبل أن تنقضي العدة ارتجع‪.‬‬
‫حدِ ثُ َب ْعدَ ذل كَ أمْرا قال‪:‬‬
‫‪ 26508‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان َلعَلّ الّل َه ُي ْ‬
‫لعله يراجعها‪.‬‬
‫أجلهنـ‬
‫ّ‬ ‫هنـ فـي عدة‬
‫ُنـ يقول تعالى ذكره‪ :‬فإذا بلغ المطلقات اللواتـي ّ‬
‫ْنـ أجََله ّ‬
‫وقوله‪ :‬فإذَا بََلغ َ‬
‫ن برجعة تراجعوهن‪ ,‬إن‬
‫سكُو ُهنّ ِب َم ْعرُوفٍ يقول‪ :‬فأمسكوه ّ‬
‫ن فأمْ ِ‬
‫وذلك حين قرب انقضاء عدده ّ‬
‫أردتم ذلك بمعروف يقول‪ :‬بما أمرك ال به من المساك وذلك باعطائها الحقوق التي أوجبها‬
‫ن بمعروف‪ ,‬أو اتركوه نّ‬
‫ال عليه لها من النفقة والكسوة والمسكن وحُسن الصحبة‪ ,‬أو فارقوه ّ‬
‫ح تى تنق ضي عدده نّ‪ ,‬ف تبين من كم بمعروف‪ ,‬يع ني بإيفائ ها ما ل ها من حق قبله من ال صداق‬
‫والمتعة على ما أوجب عليها لها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ي بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬ثني المحاربي عبد الرحمن بن محمد‪ ,‬عن جويبر‪,‬‬
‫‪26509‬ـ حدثني عل ّ‬
‫عن الضحاك‪ ,‬قوله‪ :‬فإذَا بََلغْ نَ أجََلهُنّـ يقول‪ :‬إذا انقضـت عدتهـا قبـل أن تغت سل من الحيضـة‬
‫الثالثة‪ ,‬أو ثلثة أشهر إن لم تكن تحيض‪ ,‬يقول‪ :‬فراجع إن كنت تريد المراجعة قبل أن تنقضي‬
‫ح بإحْسانٍ والتسريح بإح سان‪:‬‬
‫العدّة بإمساك بمعروف‪ ,‬والمعروف أن تحسن صحبتها أوْ تَ سْري ٌ‬
‫أن يدعهـا حتـى تمضـي عدتهـا‪ ,‬ويعطيهـا مهرا إن كان لهـا عليـه إذا طلقهـا‪ ,‬فذلك التسـريح‬
‫بإحسان‪ ,‬والمُتعة على قدر الميسرة‪.‬‬
‫‪ 26510‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬فإذَا بََلغْ نَ‬
‫أجََلهُن قال‪ :‬إذا طلقها واحدة أو ثنتين‪ ,‬يشاء أن يمسكها بمعروف‪ ,‬أو يسرّحها بإحسان‪.‬‬
‫عدْلٍ ِم ْنكُ مْ وأشهدوا على الم ساك إن أم سكتموهنّ‪ ,‬وذلك هو الرج عة‬
‫ش ِهدُوا ذَوَ يْ َ‬
‫وقوله‪ :‬وأ ْ‬
‫ذوي عدل منكم‪ ,‬وهما اللذان يرضى دينهما وأمانتهما‪.‬‬
‫وقد بيّنا فيما مضى قبل معنى العدل بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع‪ ,‬وذكرنا ما قال‬
‫أهل العلم فيه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26511‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫عدْلٍ‬
‫ش ِهدُوا ذَوَ يْ َ‬
‫قال‪ :‬إن أراد مراجعت ها ق بل أن تنق ضي عدت ها‪ ,‬أش هد رجل ين ك ما قال ال‪ :‬وأ ْ‬
‫ِم ْنكُ مْ عند الطلق وعند المراجعة‪ ,‬فإن راجعها فهي عنده على تطليقتين‪ ,‬وإن لم يراجعها فإذا‬
‫انقضت عدتها فقد بانت منه بواحدة‪ ,‬وهي أملك بنفسها‪ ,‬ثم تتزوّج من شاءت‪ ,‬هو أو غيره‪.‬‬
‫عدْلٍ ِم ْنكُمْ قال‪:‬‬
‫ش ِهدُوا ذَوَيْ َ‬
‫‪26512‬ـ حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬وأ ْ‬
‫على الطلق والرجعة‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأقِيمُوا الشّهادَ َة لِلّ هِ يقول‪ :‬وأشهدوا على الح قّ إذا ا ستشهدتم‪ ,‬وأدّو ها على صحة إذا‬
‫أنتم دُعيتم إلى أدائها‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26513‬ـ حدث نا مح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سباط‪ ,‬عن ال سديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬وأقِيمُوا‬
‫الشّهادَ َة لِلّ ِه قال‪ :‬أشهدوا على الحقّ‪.‬‬
‫خرِ يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الذي أمرتكم‬
‫لِ‬‫ظ بِ ِه مَ نْ كا نَ ُي ْؤمِ نُ باللّ هِ واليَوْ مِ ا َ‬
‫وقوله‪ :‬ذَِلكُ مْ يُوعَ ُ‬
‫به‪ ,‬وعرّفتكم من أمر الطلق‪ ,‬والواجب لبعضكم على بعض عند الفراق والمساك عظة منا‬
‫لكم‪ ,‬نعظ به من كان يؤمن بال واليوم الَخر‪ ,‬فيصدّق به‪.‬‬
‫ن باللّهِ من كانت صفته اليمان بال‪ ,‬كالذي‪:‬‬
‫ن كانَ ُي ْؤمِ ُ‬
‫عنِي بقوله‪ :‬مَ ْ‬
‫وُ‬
‫ن باللّ هِ‬
‫ن يُ ْؤمِ ُ‬
‫ن كا َ‬
‫‪ 26514‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ مَ ْ‬
‫خرِ قال‪ :‬يؤمن به‪.‬‬
‫لِ‬‫وَال َيوْم ا َ‬
‫خرَجا يقول تعالى ذكره‪ :‬من يخف ال فيعمل بما أمره به‪,‬‬
‫جعَلْ لَ هُ َم ْ‬
‫ن َيتّق اللّ َه َي ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫ويجتنب ما نهاه عنه‪ ,‬يجعل له من أمره مخرجا بأن يعرّفه بأن ما قضى فل بدّ من أن يكون‪,‬‬
‫وذلك أن المطلق إذا طلّق‪ ,‬ك ما ند به ال إل يه للعدّة‪ ,‬ولم يراجع ها في عدت ها ح تى انق ضت ثم‬
‫تتبعها نفسه‪ ,‬جعل ال له مخرجا فيما تتبعها نفسه‪ ,‬بأن جعل له السبيل إلى خطبتها ونكاحها‪,‬‬
‫ولو طلقها ثلثا لم يكن له إلى ذلك سبيل‪.‬‬
‫حتَ سِبُ يقول‪ :‬ويسبب له أسباب الرزق من حيث ل يشعر‪ ,‬ول‬
‫ث ل َي ْ‬
‫حيْ ُ‬
‫ن َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َي ْرزُقْ هُ ِم ْ‬
‫يعلم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ ,‬وذكر بعضهم أن هذه الَية نزلت بسبب عوف‬
‫بن مالك الشجعيّ‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26515‬ـ حدثنا أبو كُرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن صَلْت‪ ,‬عن قيس‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي الضحى‪,‬‬
‫خرَجا قال‪ :‬يعلم أنه من عند ال‪,‬‬
‫جعَلْ لَ ُه َم ْ‬
‫ق اللّ َه َي ْ‬
‫ن َيتّ ِ‬
‫عن مسروق عن عبد ال‪ ,‬في قوله‪َ :‬ومَ ْ‬
‫وأن ال هو الذي يعطي ويمنع‪.‬‬
‫‪26516‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي‬
‫خرَجـا قال‪ :‬المخرج أن يعلم أن ال تبارك‬
‫جعَلْ لَه ُـ َم ْ‬
‫الضحـى‪ ,‬عـن مسـروق َومَن ْـ َيتّق ِـ اللّه َـ َي ْ‬
‫ح َتسِبُ قال‪ :‬من حيث ل يدري‪.‬‬
‫حيْثُ ل َي ْ‬
‫ن َ‬
‫وتعالى لو شاء أعطاه وإن شاء منعه‪َ ,‬و َي ْرزُقْ ُه مِ ْ‬
‫حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي الضحى‪ ,‬عن مسروق‪,‬‬
‫مثله‪.‬‬
‫‪ 26517‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ل كرب في الدنيا والَخرة‪َ ,‬و َي ْرزُقْهُ مِنْ‬
‫جعَلْ َل ُه َمخْرَجا يقول‪ :‬نجاته من ك ّ‬
‫ن َيتّقِ الّل َه َي ْ‬
‫قوله‪َ :‬ومَ ْ‬
‫حتَسِبُ‪.‬‬
‫حيْثُ ل َي ْ‬
‫َ‬
‫‪ 26518‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن الربيع بن المنذر‪,‬‬
‫خرَ جا قال‪ :‬من كلّ شيء ضاق على‬
‫ل لَ هُ َم ْ‬
‫جعَ ْ‬
‫ن َيتّ قِ اللّ هَ َي ْ‬
‫عن أب يه‪ ,‬عن الرب يع بن خثيم َومَ ْ‬
‫الناس‪.‬‬
‫‪ 26519‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسين‪ ,‬عن يزيد‪ ,‬عن‬
‫خرَجا قال‪ :‬من طلق كما أمره ال يجعل له مخرجا‪.‬‬
‫جعَلْ لَ ُه َم ْ‬
‫ن َيّتقِ اللّ َه َي ْ‬
‫عكرِمة َومَ ْ‬
‫‪26520‬ـ حدثني عليّ بن عبد العلى المحاربيّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربيّ‪,‬‬
‫ل لَ ُه َمخْرَجا ومن يتق ال يجعل له من‬
‫جعَ ْ‬
‫عن جويبر‪ ,‬عن الضحاك في قوله َومَ نْ َيتّ قِ الّل هَ َي ْ‬
‫أمره يُسرا‪ ,‬قال‪ :‬يعني بالمخرج واليُسر إذا طلق واحدة ثم سكت عنها‪ ,‬فإن شاء راجعها بشهادة‬
‫رجليـن عدليـن‪ ,‬فذلك اليُسـر الذي قال ال‪ ,‬وإن مضـت عدتهـا ولم يراجعهـا‪ ,‬كان خاطبـا مـن‬
‫ل حي ضة ف قد أخ طأ‬
‫الخطاب‪ ,‬وهذا الذي أ مر ال به‪ ,‬وهكذا طلق ال سنة فأ ما من طلق ع ند ك ّ‬
‫السنة‪ ,‬وعصى الربّ‪ ,‬وأخذ بالعسر‪.‬‬
‫ن َيتّ قِ‬
‫‪ 26521‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪َ :‬ومَ ْ‬
‫خرَجا قال‪ :‬يطلق لل سّنة‪ ,‬ويراجع لل سّنة زعم أن رجلً من أصحاب النبيّ صلى‬
‫جعَلْ َل ُه َم ْ‬
‫اللّ هَ َي ْ‬
‫ال عل يه و سلم يقال له عوف الشجع يّ‪ ,‬كان له ا بن‪ ,‬وأن المشرك ين أ سروه‪ ,‬فكان في هم‪ ,‬فكان‬
‫أبوه يأتي النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فيشكوا إليه مكان ابنه‪ ,‬وحالته التي هو بها وحاجته‪ ,‬فكان‬
‫رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم يأمرْه بالصـبر ويقول له‪« :‬إن ال سـيجعل له مخرجـا»‪ ,‬فلم‬
‫يلبث بعد ذلك إل يسيرا إذا انفلت ابنه من أيدي العدوّ‪ ,‬فمرّ بغنم من أغنام العد ّو فاستاقها‪ ,‬فجاء‬
‫جعَلْ َل هُ‬
‫ن َيتّ قِ اللّ َه َي ْ‬
‫ب ها إلى أب يه‪ ,‬وجاء م عه بغنًى قد أ صابه من الغ نم‪ ,‬فنزلت هذه الَ ية‪َ :‬ومَ ْ‬
‫ح َتسِبُ‪.‬‬
‫ث ل َي ْ‬
‫حيْ ُ‬
‫َمخْرَجا َو َيرْ ُزقْهُ ِمنْ َ‬
‫‪ 26522‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عمار بن أبي معاوية الدهني‪,‬‬
‫خرَجا قال‪ :‬نزلت في رجل من أشجع جاء إلى‬
‫جعَلْ َل ُه َم ْ‬
‫عن سالم بن أبي الجعد َومَنْ َيتّقِ الّل َه َي ْ‬
‫النبيّ صلى ال عليه وسلم وهو مجهود‪ ,‬فسأله فقال له النبيّ صلى ال عليه وسلم‪« :‬اتّ قِ الّل هَ‬
‫ص ِبرْ»‪ ,‬قال‪ :‬قد فعلت‪ ,‬فأتى قومه‪ ,‬فقالوا‪ :‬ماذا قال لك؟ قال‪ :‬قال‪« :‬اتق ال واصبر»‪ ,‬فقلت‪:‬‬
‫وَا ْ‬
‫قد فعلت ح تى قال ذلك ثل ثا‪ ,‬فر جع فإذا هو باب نه كان أ سيرا في ب ني فلن مِن العرب‪ ,‬فجاء‬
‫معه بأعنز‪ ,‬فرجع إلى النبي صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬إن ابني كان أسيرا في بني فلن‪ ,‬وإنه‬
‫جاء بأعنز‪ ,‬فطابت لنا؟ قال‪« :‬نعم»‪.‬‬
‫قال‪ :‬ثنا حكام‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو‪ ,‬عن عمار الدهني‪ ,‬عن سالم بن أبي الجعد في قوله َو َم نْ‬
‫خرَجا قال‪ :‬نزلت في رجل من أشجع أصابه الجهد‪ ,‬فأتى النبيّ صلى ال‬
‫جعَلْ لَ هُ َم ْ‬
‫َيتّ قِ الّل َه َي ْ‬
‫عليه وسلم فقال له‪« :‬اتّ قِ اللّ هَ وَا صْ ِبرْ»‪ ,‬فرجع فوجد ابنا له كان أسيرا‪ ,‬قد فكه ال من أيديهم‪,‬‬
‫وأصـاب أعنزا‪ ,‬فجاء‪ ,‬فذكـر ذلك لرسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‪ ,‬فقال‪ :‬هـل تطيبُـ لي يـا‬
‫رسول ال؟ قال‪َ « :‬ن َعمْ»‪.‬‬
‫‪ 26523‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن ابن المنذر الثور يّ‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن الربيع بن خثيم‬
‫خرَجا قال‪ :‬من كلّ شيء ضاق على الناس‪.‬‬
‫جعَلْ لَ ُه َم ْ‬
‫َي ْ‬
‫جعَلْ َل هُ‬
‫‪ 26524‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي الضحى‪ ,‬عن مسروق َي ْ‬
‫حتَسِبُ يقول‪ :‬من‬
‫ث ل َي ْ‬
‫حيْ ُ‬
‫َمخْرَجا قال‪ :‬يعلم أن ال إن شاء منعه‪ ,‬وإن شاء أعطاه َو َيرْ ُزقْ ُه مِنْ َ‬
‫حيث ل يدري‪.‬‬
‫ل لَ ُه َمخْرَ جا قال‪ :‬من‬
‫جعَ ْ‬
‫‪ 26525‬ـ قال‪ :‬ث نا مهران‪ ,‬عن سعيد بن أ بي عَرو بة‪ ,‬عن قتادة َي ْ‬
‫حتَسِـبُ‪ :‬مـن حيـث ل يرجـو ول‬
‫حيْثُـ ل َي ْ‬
‫شبُهات المور‪ ,‬والكرب عنـد الموت َو َيرْ ُزقْهُـ مِن ْـ َ‬
‫ُ‬
‫يؤمل‪.‬‬
‫بل‬
‫حتَ سِ ُ‬
‫ث ل َي ْ‬
‫حيْ ُ‬
‫ن َ‬
‫حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة َو َي ْرزُقْ ُه مِ ْ‬
‫يأمل ول يرجو‪.‬‬
‫سبُ ُه يقول تعالى ذكره‪ :‬ومن يتق ال في أموره‪ ,‬ويفوّضها‬
‫ن َيتَ َوكّلْ على اللّ ِه فَهُ َو حَ ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫إليه فهو كافيه‪.‬‬
‫سبُهُ‪ .‬ومعنى ذلك‪ :‬إن‬
‫ن َيتَ َوكّلْ على اللّ ِه َفهُوَ حَ ْ‬
‫ن اللّ َه بالِ غُ أ ْمرِ ِه منقطع عن قوله َومَ ْ‬
‫وقوله‪ :‬إ ّ‬
‫ال بالغ أمره بكل حال توكل عليه العبد أو لم يتوكل عليه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26526‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي‬
‫ن اللّ هَ بالِ غُ أ ْمرِ ِه تو كل عل يه أو لم‬
‫ن َيتَ َوكّلْ على الّل ِه َفهُوَ حَ سْبُ ُه إ ّ‬
‫الض حى‪ ,‬عن م سروق َو َم ْ‬
‫يتوكل عليه‪ ,‬غير أن المتوكل ُيكَ ّفرْ عنه سيئاته‪ ,‬و ُي ْعظِم له أجرا‪.‬‬
‫حدث نا أ بو ال سائب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو معاو ية‪ ,‬عن الع مش‪ ,‬عن أ بي الض حى‪ ,‬عن م سروق‬
‫بنحوه‪.‬‬
‫حدث نا أ بو كر يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن صلت عن ق يس‪ ,‬عن الع مش‪ ,‬عن أ بي الض حى‪ ,‬عن‬
‫سبُهُ قال‪ :‬ل يس بمتو كل الذي قـد ُقضِ يت‬
‫ل على الّل ِه فَهُ َو حَ ْ‬
‫مسـروق‪ ,‬عن ع بد ال َو َم نْ َيتَ َوكّ ْ‬
‫حاجته‪ ,‬وجعل فضل من توكل عليه على من لم يتوكل أن يكفرَ عنه سيئاته‪ ,‬و ُيعْظ َم له أجرا‪.‬‬
‫‪ 26527‬ـ قال‪ :‬ثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪ :‬تجالس شُتير بن شكل ومسروق‪,‬‬
‫فقال شُت ير‪ :‬إما أن تحدّث ما سمعت من ا بن م سعود فأ صدّقك‪ ,‬وإما أن أحدث فت صدّقني؟ قال‬
‫مسـروق‪ :‬ل بـل حدّث فأصـدّقك‪ ,‬فقال‪ :‬سـمعت ابـن مسـعود يقول‪ :‬إن أكـبر آيـة فـي القرآن‬
‫سبُهُ قال مسروق‪ :‬صدقت‪.‬‬
‫حْ‬‫ل على الّلهِ َفهُ َو َ‬
‫ن َيتَ َوكّ ْ‬
‫تفوّضا‪َ :‬ومَ ْ‬
‫شيْءٍ َقدْرا يقول تعالى ذكره‪ :‬قـد جعـل ال لكلّ شيـء مـن الطلق‬
‫ّهـ ِلكُلّ َ‬
‫جعَلَ الل ُ‬
‫وقوله‪َ :‬قدْ َ‬
‫والعدّة وغير ذلك حدّا وأجلً وقدرا يُنتهى إليه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر‬
‫من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26528‬ـ حدث ني أ بو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو معاو ية‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي الض حى‪ ,‬عن‬
‫شيْءٍ َقدْرا قال‪ :‬أجلً‪.‬‬
‫ل اللّ ُه ِلكُلّ َ‬
‫جعَ َ‬
‫مسروق َقدْ َ‬
‫حدثنـا ابـن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا عبـد الرحمـن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا سـفيان‪ ,‬عـن العمـش‪ ,‬عـن أبـي‬
‫شيْءٍ َقدْرا قال‪ :‬منتهى‪.‬‬
‫ل اللّ ُه ِلكُلّ َ‬
‫جعَ َ‬
‫الضحى‪ ,‬عن مسروق َقدْ َ‬
‫حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن الع مش‪ ,‬عن أ بي الض حى‪ ,‬عن‬
‫مسروق مثله‪.‬‬
‫جعَلَ الّلهُ‬
‫‪26529‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪َ :‬قدْ َ‬
‫شيْءٍ َقدْرا قال‪ :‬الحيض في الجل والعدّة‪.‬‬
‫ِلكُلّ َ‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫لثَةُ‬
‫ن ثَ َ‬
‫ن ا ْل َمحِيضِ مِن نّسَآ ِئ ُكمْ إِنِ ا ْر َت ْبتُمْ َف ِع ّد ُتهُ ّ‬
‫ن مِ َ‬
‫لئِي َيئِسْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬وَال ّ‬
‫جعَل لّ ُه مِنْ‬
‫حمَْلهُنّ َومَن َيتّقِ الّلهَ َي ْ‬
‫ن َ‬
‫ضعْ َ‬
‫ن أَن يَ َ‬
‫حمَالِ َأجَُلهُ ّ‬
‫ت ال ْ‬
‫حضْنَ وَأُ ْولَ ُ‬
‫لتِي لَمْ َي ِ‬
‫شهُرٍ وَال ّ‬
‫َأ ْ‬
‫َأ ْمرِهِ ُيسْرا }‪.‬‬
‫ن عن المح يض‪ ,‬فل يرجون أن يح ضن‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬والن ساء الل تي قد ارت فع طمعه ّ‬
‫ن ارتبتم‪.‬‬
‫من نسائكم إ ِ‬
‫واختلف أ هل التأو يل في مع نى قوله‪ :‬إ نِ ا ْر َت ْبتُ مْ فقال بعض هم‪ :‬مع نى ذلك‪ :‬إن ارتب تم بالدم‬
‫ن ثلثة أشهر‪ .‬ذكر من‬
‫الذي يظهر منها لكبرها‪ ,‬أمن الحيض هو‪ ,‬أم من الستحاضة‪ ,‬فعِدّته ّ‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪26530‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬إ نِ ا ْر َت ْبتُ مْ‬
‫إن لم تعلموا التي قعدت عن الحيضة‪ ,‬والتي لم تحض‪ ,‬فعدتهنّ ثلثة أشهر‪.‬‬
‫‪26531‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهريّ إنِ ا ْر َت ْبتُمْ قال‪:‬‬
‫في كبرها أن يكون ذلك من الكبر‪ ,‬فإنها تعتدّ حين ترتاب ثلثة أشهر فأما إذا ارتفعت حيضة‬
‫المرأة و هي شا بة‪ ,‬فإ نه يتأ نى ب ها ح تى ين ظر حا مل هي أم غ ير حا مل؟ فإن ا ستبان حمل ها‪,‬‬
‫فأجلها أن تضع حملها‪ ,‬فإن لم يستبن حملها‪ ,‬فحتى يستبين بها‪ ,‬وأقصى ذلك سنة‪.‬‬
‫لئِي َيئِ سْنَ مِ نَ‬
‫‪ 26532‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله‪ :‬وَال ّ‬
‫شهُ ٍر قال‪ :‬إن ارتبت أنها ل تحيض وقد ارتفعت‬
‫ن نِسا ِئ ُكمْ إ نِ ا ْر َت ْبتُ مْ َف ِعدّ ُتهُ نّ ثَلثَ ُة أ ْ‬
‫ض مِ ْ‬
‫المَحي ِ‬
‫حيضتها‪ ,‬أو ارتاب الرجال‪ ,‬أو قالت هي‪ :‬تركتني الحيضة‪ ,‬فعدته نّ ثلثة أشهر إن ارتاب‪ ,‬فلو‬
‫كان الحمل ا َنتَظر الحملَ حتى تنقضي تسعة أشهر‪ ,‬فخاف وارتاب هو‪ ,‬وهي أن تكون الحيضة‬
‫ل ثناؤه أيضا للتي‬
‫قد انقطعت‪ ,‬فل ينبغي لمسلمة أن تحبَس‪ ,‬فاعتدت ثلثة أشهر‪ ,‬وجعل ال ج ّ‬
‫لم تحض الصغيرة ثلثة أشهر‪.‬‬
‫‪ 26533‬ـ حدث نا ا بن ع بد الرح يم ال َبرْق يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عمرو بن أ بي سلمة‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا أ بو‬
‫معبـد‪ ,‬قال‪ :‬سـُئل سـليمان عـن المرتابـة‪ ,‬قال‪ :‬هـي المرتابـة التـي قـد قعدت مـن الولد تطلق‪,‬‬
‫فتحيـض حيضـة‪ ,‬فيأتـي إبّان حيضتهـا الثانيـة فل تحيـض قال‪ :‬تعتدّ حيـن ترتاب ثلثـة أشهـر‬
‫م ستقبلة قال‪ :‬فإن حا ضت حيضت ين ثم جاء إبان الثال ثة فلم ت حض اعتدّت ح ين ترتاب ثل ثة‬
‫أشهر مستقبلة‪ ,‬ولم يعتدّ بما مضى‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل معنى ذلك‪ :‬إن ارتبتم بحكمه نّ فلم تدروا ما الحكم في عدته نّ‪ ,‬فإن عدته نّ‬
‫ثلثة أشهر‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26534‬ـ حدث نا أبو كُرَيب وأ بو ال سائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ا بن إدر يس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا مطرف‪ ,‬عن‬
‫عمرو بن سالم‪ ,‬قال‪ :‬قال أب يّ بن ك عب‪ :‬يا ر سول ال إن عِددا من عِدد الن ساء لم تذ كر في‬
‫ن مِ نَ المَحي ضِ مِ نْ نِ سائِ ُكمْ‬
‫لئِي َيئِ سْ َ‬
‫الكتاب ال صغار والكبار‪ ,‬وأولت الحمال‪ ,‬فأنزل ال‪ :‬وَال ّ‬
‫حمَْلهُنّ‪.‬‬
‫ضعْنَ َ‬
‫ل أجَُلهُنّ أنْ َي َ‬
‫ت الحْما ِ‬
‫حضْنَ وأُول ُ‬
‫لئِي َلمْ َي ِ‬
‫ش ُهرٍ وال ّ‬
‫ن ثَلثَةُ أ ْ‬
‫ن ا ْرتَ ْب ُتمْ َف ِعدّ ُتهُ ّ‬
‫إِ‬
‫ن من الدم‪ ,‬فلم تدروا أدم ح يض‪ ,‬أم دم‬
‫وقال آخرون‪ :‬مع نى ذلك‪ :‬إن ارتب تم م ما يظ هر منه ّ‬
‫مستحاضة من كبر كان ذلك أو علة؟ ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26535‬ـ حدثنا ابن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬عن عكرِمة‪,‬‬
‫قال‪ :‬إن من الريبة‪ :‬المرأة المستحاضة‪ ,‬والتي ل يستقيم لها الحيض‪ ,‬تحيض في الشهر مرارا‪,‬‬
‫وفي الشهر مرّة‪ ,‬فعدتها ثلثة أشهر‪ ,‬وهو قول قتادة‪.‬‬
‫وأولى القوال فـي ذلك بالصـحة قول مـن قال‪ :‬عُنِي بذلك‪ :‬إن ارتبتـم فلم تدروا مـا الحكـم‬
‫فيهنّ‪ ,‬وذلك أن معنى ذلك لو كان كما قاله من قال‪ :‬إن ارتبتم بدمائهنّ فلم تدروا أدم حيض‪ ,‬أو‬
‫فهنـ المرتابات بدماء أنفسـهنّ ل‬
‫عليهنـ ّ‬
‫ّ‬ ‫لنهنـ إذا أشكـل الدم‬
‫ّ‬ ‫ارتبتنـ‬
‫ّ‬ ‫اسـتحاضة؟ لقيـل‪ :‬إن‬
‫غيره نّ‪ ,‬وفي قوله‪ :‬إن ا ْر َت ْبتُ مْ وخطابه الرجال بذلك دون النساء الدليل الواضح على صحة ما‬
‫لئِي‬
‫قلنا من أن معناه‪ :‬إن ارتبتم أيها الرجال بالحكم فيه نّ وأخرى وهو أنه جلّ ثناؤه قال‪ :‬وَال ّ‬
‫ن نِ سا ِئكُمْ إ نِ ا ْر َت ْبتُ مْ واليائ سة من المح يض هي ال تي ل تر جو محي ضا‬
‫ن المَحي ضِ مِ ْ‬
‫َيئِ سْنَ مِ َ‬
‫للكبر‪ ,‬ومحال أن يقال‪ :‬واللئي يئسن‪ ,‬ثم يقال‪ :‬ارتبتم بيأسهنّ‪ ,‬لن اليأس‪ :‬هو انقطاع الرجاء‬
‫والمرتاب بيأسـها مرج ّو لهـا‪ ,‬وغيـر جائز ارتفاع الرجاء ووجوده فـي وقـت واحـد‪ ,‬فإذا كان‬
‫ال صواب من القول في ذلك ما قل نا‪ ,‬فبين أن تأو يل الَ ية‪ :‬واللئي يئ سن من المح يض من‬
‫ن إذا طل قن‪,‬‬
‫ن سائكم إن ارتب تم بالح كم فيه نّ‪ ,‬و في عِدده نّ‪ ,‬فلم تدروا ما ه نّ‪ ,‬فإن ح كم عدده ّ‬
‫حضْ نَ يقول‪ :‬وكذلك عدد‬
‫لئِي لَ مْ َي ِ‬
‫ن أزواجه نّ‪ ,‬فعدته نّ ثل ثة أش هر وَال ّ‬
‫وه نّ م من د خل به ّ‬
‫ن ب عد الدخول‪ .‬وبن حو الذي قل نا في‬
‫ن أزواجه ّ‬
‫اللئي لم يح ضن من الجواري ل صغر إذا طلقه ّ‬
‫ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫لئِي َيئِ سْنَ مِ نَ المَحي ضِ‬
‫‪ 26536‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ في قوله‪ :‬وَال ّ‬
‫حضْنَ قال‪ :‬الجواري‪.‬‬
‫لئِي َلمْ َي ِ‬
‫ن نِسا ِئ ُكمْ يقول‪ :‬التي قد ارتفع حيضها‪ ,‬فعدتها ثلثة أشهر وال ّ‬
‫مِ ْ‬
‫ن مِ نَ‬
‫لئِي َيئِ سْ َ‬
‫‪ 26537‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَال ّ‬
‫المَحيضِـ مِن ْـ نِسـا ِئ ُكمْ وهنّـ اللوا تي قعدن من المح يض فل يحضـن‪ ,‬واللئي لم يح ضن ه نّ‬
‫البكار التي لم يحضن‪ ,‬فعدتهنّ ثلثة أشهر‪.‬‬
‫‪ 26538‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫َمـ‬
‫لئِي ل ْ‬
‫ِنـ ال َمحِيضـِ‪ ...‬الَيـة‪ ,‬قال‪ :‬القواعـد مـن النسـاء وال ّ‬
‫نم َ‬‫ِسـ َ‬
‫لئِي َيئ ْ‬
‫يقول فـي قوله‪ :‬وَال ّ‬
‫َيحِضْنَ‪ :‬لم يبلغن المحيض‪ ,‬وقد ُمسِسْن‪ ,‬عدتهنّ ثلثة‪.‬‬
‫ن أن يض عن حمله نّ‪,‬‬
‫حمَْلهُ نّ في انقضاء عدته ّ‬
‫ضعْ نَ َ‬
‫ن يَ َ‬
‫نأ ْ‬
‫ت الحْمالِ أجَُلهُ ّ‬
‫وقوله‪ :‬وأُول ُ‬
‫وذلك إجماع من جميع أهل العلم في المطلقة الحامل‪ ,‬فأما في المتوفي عنها ففيها اختلف بين‬
‫أهل العلم‪.‬‬
‫وقد ذكرنا اختلفهم فيما مضى من كتابنا هذا‪ ,‬وسنذكر في هذا الموضع ما لم نذكره هنالك‪.‬‬
‫ُنـ عام فـي المطلّقات‬
‫حمَْله ّ‬
‫ْنـ َ‬
‫ضع َ‬‫أنـ َي َ‬
‫ُنـ ْ‬
‫ُولتـ الحْمالِ أجَُله ّ‬
‫ُ‬ ‫ذكـر مـن قال‪ :‬حكـم قوله وأ‬
‫والمتوفي عنهنّ‪.‬‬
‫‪ 26539‬ـ حدث نا زكر يا بن يح يى بن أبان الم صريّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد ا بن أ بي مر يم‪ ,‬قال‪:‬‬
‫حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬ثني ابن شبرمة الكوفي‪ ,‬عن إبراهيم‪ ,‬عن علقمة‪ ,‬عن قيس أن ابن‬
‫حمَْلهُ نّ إل بعد آية‬
‫ن َ‬
‫ضعْ َ‬
‫ت الحْمالِ أجَُلهُ نّ أ نْ َي َ‬
‫مسعود قال‪ :‬من شاء لعنته‪ ,‬ما نزلت‪ :‬وأُول ُ‬
‫المتو في عن ها زوج ها‪ ,‬وإذا وض عت المتو في عن ها ف قد حلت ير يد بآ ية المتو في عن ها‪ :‬وَاّلذِي نَ‬
‫عشْرا‪.‬‬
‫ش ِهرٍ و َ‬
‫ن أ ْر َبعَةَ أ ْ‬
‫ن بأنْ ُفسِهِ ّ‬
‫ن أزْوَاجا يَت َربّصْ َ‬
‫ن ِم ْن ُكمْ َو َي َذرُو َ‬
‫ُيتَ َوفّوْ َ‬
‫حدثنا أبو ُكرَيب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مالك‪ ,‬يعني ابن إسماعيل‪ ,‬عن ابن عيينة‪ ,‬عن أيوب‪ ,‬عن ابن‬
‫سيرين عن أ بي عط ية قال‪ :‬سمعت ا بن م سعود يقول‪ :‬من شاء قا سمته نزلت سورة الن ساء‬
‫صرَى بعدها‪ ,‬يعني بعد أربعة أشهر وعشرا‪.‬‬
‫ال ُق ْ‬
‫‪26540‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن عُلَية‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا أيوب‪ ,‬عن محمد‪ ,‬قال‪:‬‬
‫لقيت أبا عطية مالك بن عامر‪ ,‬فسألته عن ذلك‪ ,‬يعني عن المتوفي عنها زوجها إذا وضعت‬
‫قبل الربعة الشهر والعشر‪ ,‬فأخذ يحدثني بحديث سُبيعة‪ ,‬قلت‪ :‬ل‪ ,‬هل سمعت من عبد ال في‬
‫ذلك شيئا؟ قال‪ :‬نعم‪ ,‬ذكرت ذات يوم أو ذات ليلة عند عبد ال‪ ,‬فقال‪ :‬أرأيت إن مضت الربعة‬
‫الش هر والع شر ولم ت ضع أ قد أحلّت؟ قالوا‪ :‬ل‪ ,‬قال‪ :‬أفتجعلون علي ها التغل يظ‪ ,‬ول تجعلون ل ها‬
‫صرَى بعد الطّولى‪.‬‬
‫الرخصة‪ ,‬فوال لنزلت النساء ال ُق ْ‬
‫‪ 26541‬ـ حدث ني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن عل ية‪ ,‬عن ا بن عون‪ ,‬قال‪ :‬قال الش عبيّ‪ :‬من شاء‬
‫صرَى بعد الربعة الشهر والعشر التي في سورة البقرة‪.‬‬
‫حالفته لنزلت النساء ال ُق ْ‬
‫‪26542‬ـ حدثني أحمد بن منيع‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن عبيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا إسماعيل بن أبي خالد‪,‬‬
‫عن الش عبيّ‪ ,‬قال‪ :‬ذ كر ع بد ال بن م سعود آ خر الجل ين‪ ,‬فقال‪ :‬من شاء قا سمته بال أن هذه‬
‫الَية التي أنزلت في النساء القُصْرَى نزلت بعد الربعة الشهر‪ ,‬ثم قال‪ :‬أجل الحامل أن تضع‬
‫ما في بطنها‪.‬‬
‫‪ 26543 /‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن مُغيرة‪ ,‬قال‪ :‬قلت للشعبي‪ :‬ما أصدّق أن‬
‫عليا رضي ال عنه كان يقول‪ :‬آخر الجلين أن ل تتزوّج المتوفي عنها زوجها حتى يمضي‬
‫آ خر الجل ين قال الش عبيّ‪ :‬بلى و صدق أشدّ ما صدّقت بش يء قط وقال عل يّ ر ضي ال ع نه‪:‬‬
‫ن المطلقات‪ ,‬ثم قال‪ :‬إن عليا رضي ال عنه‬
‫حمَْلهُ ّ‬
‫ضعْ نَ َ‬
‫إنما قوله وأُول تُ الحْمالِ أجَُل ُه نّ أ نْ َي َ‬
‫وعبد ال كانا يقولن في الطلق بحلول أجلها إذا وضعت حملها‪.‬‬
‫‪26544‬ـ حدثنا أبو كريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا موسى بن داود‪ ,‬عن ابن لهيعة‪ ,‬عن عمرو بن شعيب‪,‬‬
‫ت الحْمالِ أجَُلهُنّ أنْ‬
‫عن سعيد بن المسيب‪ ,‬عن أُبيّ بن كعب‪ ,‬قال‪ :‬لما نزلت هذه الَية‪ :‬وأُول ُ‬
‫حمَْلهُنّ قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال‪ ,‬المتوفي عنها زوجها والمطلقة‪ ,‬قال‪َ « :‬ن َعمْ»‪.‬‬
‫ن َ‬
‫َيضَعْ َ‬
‫حدث نا أ بو ُكرَ يب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مالك بن إ سماعيل‪ ,‬عن ا بن عيي نة‪ ,‬عن ع بد الكر يم بن أ بي‬
‫المخارق‪ ,‬يحدّث عن أُب يّ بن كعب‪ ,‬قال‪ :‬سألت رسول ال صلى ال عليه وسلم عن وأُول تُ‬
‫طنِها»‪.‬‬
‫ن َتضَعَ ما في َب ْ‬
‫ل حامِل أ ْ‬
‫حمَْلهُنّ قال‪« :‬أجَلُ كُ ّ‬
‫ن َ‬
‫ضعْ َ‬
‫الحْمالِ أجَُلهُنّ أنْ َي َ‬
‫‪ 26545‬ـ حدثني محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬قوله وأُول تُ الحْمالِ أجَُل ُه نّ أ نْ‬
‫حبَلى التي يطلقها زوجها وهي حامل‪ ,‬فعدتها أن تضع حملها‪.‬‬
‫حمَْلهُنّ قال‪ :‬للمرأة اُل ْ‬
‫ن َ‬
‫َيضَعْ َ‬
‫ن أنْ‬
‫ل أجَُلهُ ّ‬
‫ت الحْما ِ‬
‫‪26546‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة وأُول ُ‬
‫حمَْلهُ نّ فإذا وض عت ما في رحم ها ف قد انق ضت عدت ها‪ ,‬ل يس المح يض من أمر ها في‬
‫َيضَعْ نَ َ‬
‫شيء إذا كانت حاملً‪.‬‬
‫ص في المطلقات‪ ,‬وأ ما المتو في عن ها فإن عدت ها آ خر الجل ين‪ ,‬وذلك‬
‫وقال آخرون‪ :‬ذلك خا ّ‬
‫قول مرويّ عن عليّ وابن عباس رضي ال عنهما‪.‬‬
‫وقد ذكرنا الرواية بذلك عنهما فيما مضى قبل‪.‬‬
‫وال صواب من القول في ذلك أنه عا ّم في المطلقات والمتوفي عنه نّ‪ ,‬لن ال جلّ وعزّ‪ ,‬ع مّ‬
‫حمَْلهُنّـ ولم يخصـص بذلك الخـبر عـن‬
‫ضعْنَـ َ‬
‫ل أجَُلهُنّـ أن ْـ َي َ‬
‫بقوله بذلك فقال‪ :‬وأُولتُـ الحْما ِ‬
‫ن ظا نّ أن قوله‬
‫مطل قة دون متو في عن ها‪ ,‬بل ع مّ ال خبر به عن جم يع أولت الحمال‪ .‬إن ظ ّ‬
‫حمَْلهُ نّ في سياق الخبر عن أحكام المطلقات دون المتوفي‬
‫ضعْ نَ َ‬
‫ن أ نْ َي َ‬
‫ت الحْمالِ أجَُلهُ ّ‬
‫وأُول ُ‬
‫عنه نّ‪ ,‬ف هو بال خبر عن ح كم المطل قة أولى بال خبر عنه نّ‪ ,‬و عن المتو في عنه نّ‪ ,‬فإن ال مر‬
‫بخلف ما ظ نّ‪ ,‬وذلك أن ذلك وإن كان في سياق الخبر عن أحكام المطلقات‪ ,‬فإنه منقطع عن‬
‫ال خبر عن أحكام المطلقات‪ ,‬بل هو خبر مبتدأ عن أحكام عدد جم يع أولت الحمال المطلقات‬
‫منه نّ وغ ير المطلقات‪ ,‬ول دللة على أ نه مراد به ب عض الحوا مل دون ب عض من خبر ول‬
‫عقل‪ ,‬فهو على عمومه لما بيّنا‪.‬‬
‫جعَلْ لَه مِنْ أ ْمرِهِ يُسْرا يقول جلّ ثناؤه‪ :‬ومن يخَفِ ال فرهِبَهُ‪ ,‬فاجتنب‬
‫ن َيتّقِ اللّ َه َي ْ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫معاصيه‪ ,‬وأدّى فرائضه‪ ,‬ولم يخالف إذنه في طلق امرأته‪ ,‬فإنه يجعل ال له من طلقه ذلك‬
‫يسرا‪ ,‬وهو أن يسهل عليه إن أراد الرخصة لتباع نفسه إياها الرجعة ما دامت في عدتها وإن‬
‫انقضت عدتها‪ ,‬ثم دعته نفسه إليها قدر على خطبتها‪.‬‬

‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫س ّيئَاتِهِ‬
‫عنْ ُه َ‬
‫ك َأمْ ُر اللّ ِه أَنزَلَ هُ إَِل ْيكُ مْ وَمَن َيتّ قِ الّل هَ ُيكَ ّفرْ َ‬
‫القول فــي تأوي ـل قوله تعالى‪{:‬ذَلِ َ‬
‫ظمْ لَ ُه َأجْرا }‪.‬‬
‫َو ُي ْع ِ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬هذا الذي بيّنت لكم من حكم الطلق والرجعة والعدّة‪ ,‬أمر ال الذي أمركم‬
‫به‪ ,‬أنزله إليكم أيها الناس‪ ,‬لتأتمروا له‪ ,‬وتعملوا به‪.‬‬
‫سيّئاتِ ِه يقول‪ :‬و من ي خف ال فيت قه باجتناب معا صيه‪ ,‬وأداء‬
‫عنْ هُ َ‬
‫ن َيتّ قِ اللّ َه ُيكَ ّفرْ َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫فرائضـه‪ ,‬يمـح ال عنـه ذنوبـه وسـيئات أعماله َو ُيعْظِم ْـ لَهُـ أجْرا يقول‪ :‬ويجزل له الثواب على‬
‫عمله ذلك وتقواه‪ ,‬ومن إعظامه له الجر عليه أن يُدخله جنته‪ ,‬فيخلده فيها‪.‬‬
‫‪7-6‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ضيّقُواْ‬
‫ن ِلتُ َ‬
‫ل ُتضَآرّوهُ ّ‬
‫ج ِدكُ مْ َو َ‬
‫سكَنتُم مّن ُو ْ‬
‫حيْ ثُ َ‬
‫ن َ‬
‫ن مِ ْ‬
‫س ِكنُوهُ ّ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬أَ ْ‬
‫ضعْن َـ َلكُم ْـ فَآتُوهُن ّـ‬
‫حمَْلهُنّـ َفإِن ْـ َأ ْر َ‬
‫ضعْن َـ َ‬
‫حّتىَ َي َ‬
‫ل فَأَنفِقُواْ عََل ْيهِن ّـ َ‬
‫حمْ ٍ‬
‫عََل ْيهِن ّـ وَإِن كُن ّـ ُأ ْولَت ِـ َ‬
‫س َعتِهِ‬
‫سعَ ٍة مّن َ‬
‫ى * ِليُنفِقْ ذُو َ‬
‫خرَ َ‬
‫ستُ ْرضِعُ لَ ُه ُأ ْ‬
‫سرْ ُتمْ فَ َ‬
‫ُأجُورَهُنّ وَ ْأ َت ِمرُواْ َب ْي َنكُمْ ِب َم ْعرُوفٍ وَإِن َتعَا َ‬
‫سرٍ‬
‫جعَلُ الّل ُه َبعْدَ عُ ْ‬
‫سيَ ْ‬
‫ل ُيكَلّ فُ الّل ُه نَفْسا ِإلّ مَآ آتَاهَا َ‬
‫َومَن ُقدِرَ عََليْ ِه رِ ْزقُ ُه فَلْيُنفِ قْ ِممّآ آتَا هُ الّل هُ َ‬
‫ُيسْرا }‪.‬‬
‫ج ِدكُم‪ :‬يقول‪ :‬من‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أسكنوا مطلقات نسائكم من الموضع الذي سكنتم من ُو ْ‬
‫ن م سكنا ي سكنه م ما يجدو نه‪ ,‬ح تى يقض ين‬
‫سعتكم ال تي تجدون وإن ما أ مر الرجال أن يعطوه ّ‬
‫عدَدهنّ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ِ‬
‫‪ 26547‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ج ِد ُكمْ يقول‪ :‬من سعتكم‪.‬‬
‫س َكنْ ُتمْ مِنْ ُو ْ‬
‫ث َ‬
‫حيْ ُ‬
‫سكِنُو ُهنّ ِمنْ َ‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬أ ْ‬
‫‪26548‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد‪ ,‬في قوله‪ِ :‬م نْ‬
‫ج ِد ُكمْ قال‪ :‬من سعتكم‪.‬‬
‫ُو ْ‬
‫حيْ ثُ‬
‫ن َ‬
‫سكِنُو ُهنّ ِم ْ‬
‫‪ 26549‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله أ ْ‬
‫ج ِد ُكمْ قال‪ :‬من سعتكم‪.‬‬
‫س َكنْ ُتمْ مِنْ ُو ْ‬
‫َ‬
‫سكَ ْن ُتمْ مِ نْ‬
‫حيْثُ َ‬
‫ن مِ نْ َ‬
‫س ِكنُوهُ ّ‬
‫‪ 26550‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬قوله‪ :‬أ ْ‬
‫ن فإن لم تجد إل ناحية بيتك فأسكنها فيه‪.‬‬
‫ضيّقُوا عََل ْيهِ ّ‬
‫ن ِلُت َ‬
‫ج ِد ُكمْ وَل ُتضَارّوهُ ّ‬
‫ُو ْ‬
‫س ِكنُوهُنّ‬
‫‪ 26551‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬أ ْ‬
‫ج ِدكُمْ قال‪ :‬المرأة يطلقها‪ ,‬فعليه أن يسكنها‪ ,‬وينفق عليها‪.‬‬
‫س َك ْنتُمْ ِمنْ ُو ْ‬
‫حيْثُ َ‬
‫ن َ‬
‫مِ ْ‬
‫‪ 26552‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ :‬وسألته عن قول ال عزّ‬
‫ج ِدكُ ْم قال‪ :‬من مقدر تك ح يث تقدر‪ ,‬فإن ك نت ل ت جد‬
‫س َك ْنتُ ْم مِ نْ ُو ْ‬
‫ث َ‬
‫حيْ ُ‬
‫ن َ‬
‫سكِنُو ُهنّ ِم ْ‬
‫وجلّ‪ :‬أ ْ‬
‫شيئا‪ ,‬وكنت في مسكن ليس لك‪ ,‬فجاء أمر أخرجك من المسكن‪ ,‬وليس لك مسكن تسكن فيه‪,‬‬
‫وليس تجد فذاك‪ ,‬وإذا كان به قوّة على الكراء فذاك وجده‪ ,‬ل يخرجها من منزلها‪ ,‬وإذا لم يجد‬
‫وقال صاحب المسكن‪ :‬ل أنزل هذه في بيتي فل‪ ,‬وإذا كان يجد‪ ,‬كان ذلك عليه‪.‬‬
‫ّوهنـ فـي المسـكن الذي‬
‫ّ‬ ‫ِنـ يقول جلّ ثناؤه‪ :‬ول تضار‬
‫ضيّقُوا عََل ْيه ّ‬
‫ُنـ ِلُت َ‬
‫وقوله‪ :‬وَل تُضارّوه ّ‬
‫ضيّقُوا‬
‫ن ف يه‪ ,‬وأن تم تجدون سعة من المنازل أن تطلبوا التضي يق عليه نّ‪ ,‬فذلك قوله ِلُت َ‬
‫ت سكنونه ّ‬
‫ن يعني‪ :‬لتضيقوا عليهنّ في المسكن مع وجودكم السعة‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل‬
‫عََل ْيهِ ّ‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26553‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدث نا الح سن‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ورقاء‪ ,‬جمي عا عن ا بن أ بي نج يح‪ ,‬عن مجا هد وَل ُتضَارّو ُه نّ‬
‫لِتضَيّقوا عََل ْيهِنّ قال‪ :‬في المسكن‪.‬‬
‫ج ِدكُمْ‬
‫‪26554‬ـ حدثني محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬مِنْ ُو ْ‬
‫ضيّقُوا عََل ْيهِ نّ قال‪ :‬لتضيقوا عليه نّ‬
‫ن ِلتُ َ‬
‫قال‪ :‬من ملك كم‪ ,‬من مقدرت كم‪ .‬و في قوله وَل ُتضَارّوهُ ّ‬
‫ن حتى يخرجن‪.‬‬
‫مساكنه ّ‬
‫ضيّقُوا عََل ْيهِنّ قال‪:‬‬
‫‪26555‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان وَل ُتضَارّوهُنّ ِلُت َ‬
‫ن هذا لمن يملك الرج عة‪,‬‬
‫ل يس ينبغي له أن يضارّ ها ويض يق عليها مكانها ح تى يض عن حمله ّ‬
‫ولمن ل يملك الرجعة‪.‬‬
‫حمَْلهُ نّ يقول تعالى ذكره‪ :‬وإن كان‬
‫حمْلٍ فأنْفِقُوا عََليْه نّ حتى َيضَعْ نَ َ‬
‫ت َ‬
‫ن كُ نّ أُول ِ‬
‫وقوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫ن منكم حتى يضعن‬
‫ن بائنات منكم‪ ,‬فأنفقوا عليه نّ في عدته ّ‬
‫نساؤكم المطلقات أولت حمل وك ّ‬
‫حملهنّ‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26556‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫ن فهذه المرأة يطلقها زوجها‪ ,‬فيبتّ‬
‫حمَْلهُ ّ‬
‫ن َ‬
‫ضعْ َ‬
‫ن حتى َي َ‬
‫حمْلٍ فأنْفِقُوا عََل ْيهِ ّ‬
‫ت َ‬
‫قوله‪ :‬وَإنْ كُنّ أُول ِ‬
‫طلقها وهي حامل‪ ,‬فيأمره ال أن يسكنها‪ ,‬وينفق عليها حتى تضع‪ ,‬وإن أرضعت فحتى تفطم‪,‬‬
‫وإن أبان طلق ها‪ ,‬ول يس ب ها ح بل‪ ,‬فل ها ال سكنى ح تى تنق ضي عدت ها ول نف قة‪ ,‬وكذلك المرأة‬
‫يموت عنها زوجها‪ ,‬فإن كانت حاملً أنفق عليها من نصيب ذي بطنها إذا كان ميراث‪ ,‬وإن لم‬
‫يكن ميراث أنفق عليها الوارث حتى تضع وتفطم ولدها كما قال ال عزّ وجلّ‪ :‬وَعلى الوَارِ ثِ‬
‫ِمثْلُ ذَلكَ فإن لم تكن حاملً‪ ,‬فإن نفقتها كانت من مالها‪.‬‬
‫‪ 26557‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ نْ كُ نّ‬
‫ى إذا كا نت حاملً ح تى‬
‫ن قال‪ :‬ين فق على الحبل َ‬
‫حمَْلهُ ّ‬
‫ضعْ نَ َ‬
‫ن ح تى َي َ‬
‫حمْلٍ فأنْفِقُوا عََل ْيهِ ّ‬
‫ت َ‬
‫أُول ِ‬
‫تضع حملها‪.‬‬
‫ُنـ كلّ‬
‫حمَْله ّ‬
‫ْنـ َ‬
‫ِنـ حتـى َيضَع َ‬
‫حمْلٍ فأنْفِقُوا عََل ْيه ّ‬
‫ُولتـ َ‬
‫ِ‬ ‫ُنـ أ‬
‫َإنـ ك ّ‬
‫وقال آخرون‪ :‬عُنِي بقوله‪ :‬و ْ‬
‫جعَتَهَا أو لم يملك‪ .‬وممـن قال ذلك‪ :‬عمـر بـن الخطاب وعبـد ال بـن‬
‫مطلقـة‪ ,‬ملك زوجُهـا ر ْ‬
‫مسعود رضي ال عنهما‪ .‬ذكر الرواية عنهما بذلك‪:‬‬
‫‪ 26558‬ـ حدث ني أ بو ال سائب‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو معاو ية‪ ,‬عن الع مش‪ ,‬عن إبراه يم‪ ,‬قال‪ :‬كان‬
‫عمرو وع بد ال يجعلن للمطل قة ثل ثا‪ :‬ال سكنى‪ ,‬والنف قة‪ ,‬والمت عة‪ .‬وكان ع مر إذا ذ كر عنده‬
‫حد يث فاط مة ب نت ق يس أن ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم أمر ها أن تعتدّ في غ ير ب يت زوج ها‪,‬‬
‫قال‪ :‬ما كنا لنجيز في ديننا شهادة امرأة‪.‬‬
‫‪ 26559‬ـ حدثني نصر بن عبد الرحمن الَ ْودِ يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن إبراهيم‪ ,‬عن عيسى بن‬
‫قرطاس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عل يّ بن الح سين يقول في المطل قة ثل ثا‪ :‬ل ها ال سكنى‪ ,‬والنف قة والمت عة‪,‬‬
‫فإن خرجت من بيتها فل سكنى ول نفقة ول متعة‪.‬‬
‫‪26560‬ـ حدثنا يحيى بن طلحة اليربوعي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن فضيل‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن إبراهيم‪,‬‬
‫قال‪ :‬للمطلقة ثلثا‪ :‬السكنى والنفقة‪.‬‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مح مد بن جع فر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن حماد‪ ,‬عن إبراه يم‪,‬‬
‫قال‪ :‬إذا طلق الرجل ثلثا‪ ,‬فإن لها السكنى والنفقة‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك عندنا أن ل نفقة للمبتوتة إل أن تكون حاملً‪ ,‬لن ال جلّ ثناؤه‬
‫ن من البائنات من‬
‫حمْلٍ فأنْفِقُوا عََل ْيهِ نّ للحوا مل دون غيره ّ‬
‫ت َ‬
‫ج عل النف قة بقوله وَإ نْ كُ نّ أُول ِ‬
‫لهنـ مـن النفقـة على‬
‫ّ‬ ‫أزواجهـن ولو كان البوائن مـن الحوامـل وغيـر الحوامـل فـي الواجـب‬
‫أزواجه نّ سواء‪ ,‬لم يكن لخصوص أولت الحمال بالذكر في هذا الموضع وجه مفهوم‪ ,‬إذ ه نّ‬
‫ن أدلّ الدليل على أن ل نفقة لبائن‬
‫ن في ذلك سواء‪ ,‬وفي خصوصهن بالذكر دون غيره ّ‬
‫وغيره ّ‬
‫ح الخبر عن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫إل أن تكون حاملً‪ .‬وبالذي قلنا في ذلك ص ّ‬
‫‪ 26561‬ـ حدثني محمد بن عبد ال بن عبد الحكم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا بشر بن بكر‪ ,‬عن الوزاع يّ‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا يحيى بن أبي كثير‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبو سلمة بن عبد الرحمن‪ ,‬قال‪ :‬حدثتني فاطمة بنت‬
‫ق يس أ خت الضحاك بن ق يس أن أ با عمرو المخزوم يّ‪ ,‬طلق ها ثل ثا فأ مر ل ها بنف قة فا ستقلتها‪,‬‬
‫وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم بعثه نحو اليمن‪ ,‬فانطلق خالد بن الوليد في نفر من بني‬
‫مخزوم إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو عند ميمونة‪ ,‬فقال‪ :‬يا رسول ال إن أبا عمرو‬
‫طلق فاط مة ثل ثا‪ ,‬فهل ل ها من نف قة؟ فقال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪َ« :‬ليْ سَ لَهَا نَفَ َقةٌ»‪,‬‬
‫فأرسل إليها رسول ال صلى ال عليه وسلم أن «انتقلي إلى بيت أ مّ شريك» وأرسل إليها «أن‬
‫ل تسبقيني بنفسك»‪ ,‬ثم أرسل إليها «أنّ أ ّم شريك يأتيها المهاجرون الوّلون‪ ,‬فانتقلي إلى ابن أمّ‬
‫مكتوم‪ ,‬فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك»‪ ,‬فزوّجها رسول ال صلى ال عليه وسلم أُسامة بن‬
‫زيد‪.‬‬
‫ل ثناؤه‪ :‬فإن أر ضع ل كم ن ساؤكم البوائن‬
‫ن ُأجُورَهُ نّ يقول ج ّ‬
‫ضعْ نَ َلكُ مْ فآتُو ُه ّ‬
‫ن أرْ َ‬
‫وقوله‪ :‬فإ ْ‬
‫ن إيا هم‪ .‬وبن حو الذي قل نا‬
‫ن على رضاعه ّ‬
‫ن الطفال من كم بأجرة‪ ,‬فآتوه نّ أجوره ّ‬
‫من كم أولده ّ‬
‫في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26562‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬عن جويبر‪ ,‬عن الضحاك أنه قال في‬
‫الرضاع‪ :‬إذا قام على شيء فأمّ الصبيّ أحقّ به‪ ,‬فإن شاءت أرضعته‪ ,‬وإن شاءت تركته إل أن‬
‫جبِرت على رضاعه‪.‬‬
‫ل يقبل من غيرها‪ ,‬فإذا كان كذلك ُأ ْ‬
‫ضعْ نَ َلكُ مْ‬
‫‪ 26563‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬فإ نْ أ ْر َ‬
‫ت مسترضِعا به غيرَها‪.‬‬
‫ق بولدها أن تأخذه بما كن َ‬
‫فآتُو ُهنّ ُأجُورَهُنّ هي أح ّ‬
‫ن ُأجُورَهُ نّ قال‪:‬‬
‫ن َلكُ مْ فآتُوهُ ّ‬
‫ضعْ َ‬
‫ن أرْ َ‬
‫ي فإ ْ‬
‫‪ 26564‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السد ّ‬
‫ما تراضوا عليه «على الموسع قدره‪ ,‬وعلى المقتر قدره»‪.‬‬
‫‪ 26565‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن إبراه يم في‬
‫ال صبيّ إذا قام على ث من فأ مه أح قّ أن ترض عه‪ ,‬فإن لم ي جد له من يرض عه أ جبرت الم على‬
‫الرضاع‪.‬‬
‫ن ُأجُورَهُ نّ قال‪ :‬إن أرضعت لك بأجر فهي أح قّ‬
‫‪ 26566‬ـ قال‪ :‬ثنا مهران‪ ,‬عن سفيان فآتُو ُه ّ‬
‫من غيرها‪ ,‬وإن هي أبت أن ترضعه ولم تواتك فيما بينك وبينها عاسرتك في الجر فاسترضع‬
‫له أخرى‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأ َت ِمرُوا َب ْينَكُ مْ ِب َم ْعرُو فٍ يقول تعالى ذكره‪ :‬وليق بل بعض كم أي ها الناس من ب عض ما‬
‫أمركم بعضكم به بعضا من معروف‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 26567‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في وقوله‪ :‬و ْأ َتمِرُوا‬
‫َب ْي َنكُمْ ِب َم ْعرُوفٍ قال‪ :‬اصنعوا المعروف فيما بينكم‪.‬‬
‫ث بعضهم‬
‫‪26568‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان و ْأ َت ِمرُوا َب ْي َنكُمْ ِب َم ْعرُوفٍ ح ّ‬
‫على بعض‪.‬‬
‫خرَى يقول‪ :‬وإن تعاسر الرجل والمرأة في رضاع ولدها‬
‫ستُ ْرضِعُ لَ ُه ُأ ْ‬
‫سرْ ُتمْ فَ َ‬
‫وقوله‪ :‬وَإ نْ تَعا َ‬
‫منه‪ ,‬فامتنعت من رضاعه‪ ,‬فل سبيل له عليها‪ ,‬وليس له إكراهها على إرضاعه‪ ,‬ولكنه يستأجر‬
‫للصبيّ مرضعة غير أمه البائنة منه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ 26569‬ـ حدث نا مح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سباط‪ ,‬عن ال سديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ نْ‬
‫خرَى قال‪ :‬إن أبـت الم أن ترضـع ولدهـا إذا طلقهـا أبوه التمـس له‬
‫َهـ ُأ ْ‬
‫َسـُترْضِعُ ل ُ‬
‫َعاسـ ْر ُتمْ ف َ‬
‫ت َ‬
‫مرضعة أخرى‪ ,‬المّ أحقّ إذا رضيت من أجر الرضاع بما يرضى به غيرها‪ ,‬فل ينبغي له أن‬
‫ينتزع منها‪.‬‬
‫‪ 26570‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬قال‪ :‬إن هي أبت أن ترضعه ولم‬
‫تواتك فيما بينها وبينك عاسرتك في الجر‪ ,‬فاسترضع له أخرى‪.‬‬
‫ن تَعا سَ ْر ُتمْ‬
‫‪ 26571‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قول ال‪ :‬وَإ ْ‬
‫س َعتِه َو َم نْ ُق ِدرَ عََليْ ِه ِرزْقُ ُه فَ ْليُنْفِ قْ مِمّا آتا هُ الّل هُ قال‪:‬‬
‫سعَ ٍة مِ نْ َ‬
‫خرَى ِل ُينْفِ قْ ذُو َ‬
‫س ُترْضِعُ َل هُ ُأ ْ‬
‫فَ َ‬
‫فرض ل ها من قدر ما ي جد‪ ,‬فقالت‪ :‬ل أر ضى هذا قال‪ :‬وهذا ب عد الفراق‪ ,‬فأ ما و هي زوج ته‬
‫فإنهـا ترضـع له طائعـة ومكرهـة إن شاءت وإن أبـت‪ ,‬فقال لهـا‪ :‬ليـس لي زيادة على هذا إن‬
‫أحب بت أن ترض عي بهذا فأرض عي‪ ,‬وإن كر هت ا سترضعت ولدي‪ ,‬فهذا قوله‪ :‬وَإ نْ تَعا سَ ْر ُتمْ‬
‫خرَى‪.‬‬
‫س ُترْضِعُ َلهُ ُأ ْ‬
‫فَ َ‬
‫س َعتِهِ َومَ نْ ُق ِدرَ عََل ْي ِه رِ ْزقُ ُه فَ ْل ُينْفِقْ ِممّا آتا ُه اللّ هُ‪ :‬يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫ن َ‬
‫سعَةٍ ِم ْ‬
‫وقوله‪ِ :‬ل ُينْفِ قْ ذُو َ‬
‫لينفق الذي بانت منه امرأته إذا كان ذا سعة من المال‪ ,‬وغني من سعة ماله وغناه على امرأته‬
‫ن قُ ِدرَ عََل ْي هِ ِر ْزقُ هُ يقول‪ :‬ومن ضيق‬
‫البائنة في أجر رضاع ولده منها‪ ,‬وعلى ولده الصغير َومَ ْ‬
‫عليه رزقه فلم يوسع عليه‪ ,‬فلينفق مما أعطاه ال على قدر ماله‪ ,‬وما أعطى منه‪ .‬وبنحو الذي‬
‫قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫سعَ ٍة مِ نْ‬
‫‪ 26572‬ـ حدث نا مح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سباط‪ ,‬عن ال سديّ ِل ُينْفِ قْ ذُو َ‬
‫ن قُ ِدرَ عََل ْيهِ ِرزْقُ ُه قال‪ :‬من قتر عليه رزقه‪.‬‬
‫س َعتِهِ قال‪ :‬من سعة موجده‪ ,‬قال‪َ :‬ومَ ْ‬
‫َ‬
‫س َعتِهِ يقول‪ :‬من‬
‫ن َ‬
‫سعَ ٍة مِ ْ‬
‫‪ 26573‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان ِل ُينْفِ قْ ذُو َ‬
‫طاقته‪.‬‬
‫سعَةٍ‬
‫‪ 26574‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ِ :‬ل ُينْفِ قْ ذُو َ‬
‫سعَتِهِ َو َمنْ ُق ِدرَ عََليْ ِه ِرزْقُ ُه فَ ْليُنْ ِفقْ ِممّا آتاهُ الّلهُ قال‪ :‬فرض لها من قدر ما يجد‪.‬‬
‫ن َ‬
‫مِ ْ‬
‫‪26575‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫سعَ ٍة مِ نْ‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬ثني ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد ِل ُينْفِ قْ ذُو َ‬
‫س َعتِهِ قال‪ :‬على المطلقة إذا أرضعت له‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 26576‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا حكام‪ ,‬عن أ بي سنان‪ ,‬قال‪ :‬سأل ع مر بن الخطاب‬
‫ر ضي ال ع نه‪ ,‬عن أ بي عُبيدة‪ ,‬فق يل له‪ :‬إ نه يل بس الغل يظ من الثياب‪ ,‬ويأ كل أخ شن الطعام‪,‬‬
‫فب عث إل يه بألف دينار‪ ,‬وقال للر سول‪ :‬ان ظر ما ي صنع إذا هو أخذ ها‪ ,‬ف ما ل بث أن ل بس أل ين‬
‫الثياب‪ ,‬وأ كل أط يب الطعام‪ ,‬فجاء الر سول فأ خبره‪ ,‬فقال رح مه ال‪ :‬تأوّل هذه الَ ية ِل ُينْفِ قْ ذُو‬
‫ن ُقدِرَ عََليْ ِه رِ ْزقُهُ فَ ْل َينْ ِفقْ ِممّا آتاه اللّهُ‪.‬‬
‫س َعتِهِ َومَ ْ‬
‫سعَةٍ ِمنْ َ‬
‫َ‬
‫ف اللّهُ نَفْسا إلّ ما آتاها يقول‪ :‬ل يكلف ال أحدا من النفقة على من تلزمه نفقته‬
‫وقوله‪ :‬ل ُيكَلّ ُ‬
‫بالقرا بة والر حم ل ما أعطاه‪ ,‬إن كان ذا سعة ف من سعته‪ ,‬وإن كان مقدورا عل يه رز قه فم ما‬
‫رزقه ال على قدر طاقته‪ ,‬ل يُكلف الفقير نفقة الغن يّ‪ ,‬ول أحدَ من خلقه إل فرضه الذي أوجبه‬
‫عليه‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26577‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬ل ُيكَلّ فُ‬
‫اللّ ُه نَفْسا إلّ ما آتاها قال‪ :‬يقول‪ :‬ل يكلف الفقير مثل ما يكلف الغنيّ‪.‬‬
‫‪26578‬ـ حدثنا عبد ال بن محمد الزهري‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن هشيم ل ُيكَلّفُ اللّ ُه نَفْسا إلّ‬
‫ما آتاها قال‪ :‬إل ما افترض عليها‪.‬‬
‫‪26579‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان ل ُيكَلّفُ اللّ ُه نَفْسا إلّ ما آتاها يقول‪:‬‬
‫إل ما أطاقت‪.‬‬
‫‪ 26580‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬ل ُيكَلّ فُ اللّ هُ‬
‫ل ما آتا ها قال‪ :‬ل يكل فه ال أن يت صدّق ول يس عنده ما يت صدّق به‪ ,‬ول يكل فه ال أن‬
‫نَفْ سا إ ّ‬
‫يزكي وليس عنده ما يزكي‪.‬‬
‫ل من المال المقدور عليه رزقه َب ْعدَ عُ سْر يُ سْرا يقول‪ :‬من‬
‫جعَل الّل هُ للمق ّ‬
‫س َي ْ‬
‫يقول تعالى ذكره‪َ :‬‬
‫بعد شدّة رخاء‪ ,‬ومن بعد ضيق سعة‪ ,‬ومن بعد ف قر غنى‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أ هل‬
‫التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫سرٍ يُ سْرا ب عد‬
‫جعَلُ الّل ُه َب ْعدَ عُ ْ‬
‫سيَ ْ‬
‫‪ 26581‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان َ‬
‫الشدة الرخاء‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ن أ ْمرِ َربّها َورُ سُلِ ِه يقول تعالى ذكره‪ :‬وكأين من أهل قرية‬
‫عتَ تْ عَ ْ‬
‫ن قَ ْريَةٍ َ‬
‫ن مِ ْ‬
‫وقوله‪ :‬وكأيّ ْ‬
‫طغوا عن أمر ربهم وخالفوه‪ ,‬وعن أمر رسل ربهم‪ ,‬فتمادوا في طغيانهم وعتوّهم‪ ,‬ولجوا في‬
‫كفرهم‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26582‬ـ حدث نا مح مد بن الح سين‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أح مد بن المف ضل‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سباط عن‬
‫عصَت‪.‬‬
‫غيّرت و َ‬
‫عنْ أ ْمرِ َربّها َورُسُلِ ِه قال‪َ :‬‬
‫عتَتْ َ‬
‫ن َقرْيَةٍ َ‬
‫السدي‪ ,‬في قوله وكَأيّنْ مِ ْ‬
‫ن قَ ْريَةٍ‬
‫‪ 26583‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وكَأيّ نْ مِ ْ‬
‫شدِيدا قال‪ :‬العت ّو هه نا الك فر والمع صية‪ ,‬عُتوّا‪:‬‬
‫سبْناها حِ سابا َ‬
‫عتَ تْ عَ نْ أ ْمرِ َربّ ها َورُ سُلِ ِه فَحا َ‬
‫َ‬
‫كفرا‪ ,‬وعتت عن أمر ربها‪ :‬تركته ولم تقبله‪.‬‬
‫وق يل‪ :‬إن هم كانوا قو ما خالفوا أ مر رب هم في الطلق‪ ,‬فتو عد ال بال خبر عن هم هذه ال مة أن‬
‫يفعل بهم فعله بهم إن خالفوا أمره في ذلك‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26584‬ـ حدثني ابن عبد الرحيم البرقي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عمرو بن أبي سلمة‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عمر‬
‫عذّ بت في‬
‫ن أ ْمرِ َربّ ها َورُ سُلِهِ قال‪ :‬قر ية ُ‬
‫ع ْ‬
‫عتَ تْ َ‬
‫بن سليمان يقول في قوله‪ :‬وكَأيّ نْ مِ نْ َق ْريَةٍ َ‬
‫الطلق‪.‬‬
‫شدِيدا يقول‪ :‬فحا سبناها على نعمت نا عند ها وشكر ها ح سابا شديدا‪,‬‬
‫سبْناها حِ سابا َ‬
‫وقوله‪ :‬فَحا َ‬
‫يقول‪ :‬حسابا استقصينا فيه عليهم‪ ,‬لم نعف لهم فيه عن شيء‪ ,‬ولم نتجاوز فيه عنهم‪ ,‬كما‪:‬‬
‫سبْناها حِ سابا‬
‫‪ 26585‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬قوله‪ :‬فَحا َ‬
‫شدِيدا قال‪ :‬لم نعف عنها الحساب الشديد الذي ليس فيه من العفو شيء‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ 26586‬ـ حدث ني عل يّ قال‪ :‬حدث نا أ بو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ث ني معاو ية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫شدِيدا يقول‪ :‬لم نرحم‪.‬‬
‫سبْناها حِسابا َ‬
‫قوله‪ :‬فَحا َ‬
‫عذَابا ُنكْرا يقول‪ :‬وعذّبناها عذابا عظيما منكرا‪ ,‬وذلك عذاب جهنم‪.‬‬
‫ع ّذبْناها َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َ‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خسْرا }‪.‬‬
‫ل َأ ْمرِهَا َوكَانَ عَا ِقبَةُ َأ ْمرِهَا ُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬فذَاقَتْ َوبَا َ‬
‫ل أ ْمرِها يقول‪ :‬فذاقت هذه القرية التي عتت عن أمر ربها ورسله‪ ,‬عاقبة ما‬
‫وقوله‪َ :‬فذَاقَتْ وَبا َ‬
‫عملت وأتت من معاصي ال والكفر به‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26587‬ـ حدث نا مح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أح مد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ سباط‪ ,‬عن ال سديّ‪ ,‬قوله‪َ :‬فذَاقَ تْ وَبالَ‬
‫أ ْمرِها قال‪ :‬عقوبة أمرها‪.‬‬
‫‪ 26588‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬فَذَاقَ تْ وَبالَ‬
‫أ ْمرِها قال‪ :‬ذاقت عاقبة ما عملت من الشرّ‪ .‬الوبال‪ :‬العاقبة‪.‬‬
‫ل أ ْمرِها‬
‫‪ 26589‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬فذَاقَ تْ وَبا َ‬
‫يقول‪ :‬عاقبة أمرها‪.‬‬
‫‪ 26590‬ـ حدثنا محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬فَذَاقَتْ وَبالَ‬
‫أ ْمرِها قال‪ :‬جزاء أمرها‪.‬‬
‫‪ 26591‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬فَذَاقَتْ وَبالَ أ ْمرِها يعني بوبال أمرها‪ :‬جزاء أمرها الذي قد حلّ‪.‬‬
‫ن عا ِقبَ ُة أ ْمرِ ها خُ سْرا يقول تعالى ذكره‪ :‬وكان الذي أع قب أمر هم‪ ,‬وذلك كفر هم‬
‫وقوله‪ :‬وكا َ‬
‫غبْنا‪ ,‬لنهم باعوا نعيم الَخرة بخسيس من الدنيا قليل‪ ,‬وآثروا‬
‫بال وعصيانهم إياه خسرا‪ :‬يعني َ‬
‫اتباع أهوائهم على اتباع أمر ال‪.‬‬
‫‪11-10‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ب اّلذِي نَ آ َمنُواْ‬
‫شدِيدا فَاتّقُو ْا اللّ َه َيأُوْلِي ال ْلبَا ِ‬
‫عذَابا َ‬
‫عدّ الّل هُ َلهُ مْ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬أَ َ‬
‫عمِلُواْ‬
‫ن آ َمنُواْ َو َ‬
‫خرِ جَ اّلذِي َ‬
‫ل َيتْلُو عََل ْيكُ مْ آيَا تِ الّل ِه ُم َب ّينَا تٍ ّل ُي ْ‬
‫ل اللّ هُ إَِل ْيكُ مْ ِذكْرا * رّ سُو ً‬
‫قَ ْد أَنزَ َ‬
‫جرِي مِن‬
‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫ال صّالِحَاتِ ِم نَ الظُّلمَا تِ إِلَى النّورِ وَمَن ُيؤْمِن بِاللّ هِ َو َي ْعمَلْ صَالِحا ُيدْخِلْ ُه َ‬
‫حسَنَ الّلهُ َلهُ ِرزْقا }‪.‬‬
‫ح ِتهَا ال ْنهَارُ خَاِلدِينَ فِيهَآ َأبَدا َقدْ َأ ْ‬
‫َت ْ‬
‫عتَوا عن أمر ربهم ورسله عذابا شديدا‪ ,‬وذلك‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬أع ّد ال لهؤلء القوم الذين َ‬
‫عذاب النار الذي أعده لهم في القيامة فاتّقُوا الّل َه يا أُولي اللباب يقول تعالى ذكره‪ :‬فخافوا ال‪,‬‬
‫واحذروا سخطه بأداء فرائضه‪ ,‬واجتناب معاصيه يا أولي العقول‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪ 26592‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪ :‬فاتّقُوا الّل هَ‬
‫يا أُولي اللبابِ قال‪ :‬يا أولي العقول‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا يقول‪ :‬الذين صدّقوا ال ورسله‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وَاّلذِي َ‬
‫ل اختلف أهل التأويل في المعن يّ بالذكر والر سول في‬
‫وقوله‪َ :‬قدْ أ ْنزَلَ اللّ ُه إَل ْيكُ مْ ِذكْرا رَ سُو ً‬
‫هذا الموضع‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬الذكر هو القرآن‪ ,‬والرسول محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪26593‬ـ حدثنا محمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أحمد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط‪ ,‬عن السديّ‪ ,‬في قوله‪َ :‬قدْ أ ْنزَلَ الّلهُ‬
‫ل قال‪ :‬الذكر‪ :‬القرآن‪ ,‬والرسول‪ :‬محمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫إَل ْي ُكمْ ِذكْرا َرسُو ً‬
‫‪ 26594‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال عزّ وجلّ‪َ :‬قدْ‬
‫ن أ ْمرِنا إلى‬
‫ك رُوحا مِ ْ‬
‫حيْنا إَليْ َ‬
‫أ ْنزَلَ اللّ ُه إَل ْيكُ مْ ِذكْرا قال‪ :‬القرآن روح من ال‪ ,‬وقرأ‪ :‬و َكذَل كَ أ ْو َ‬
‫ن اّلذِينَ كَ َفرُوا بال ّذكْ ِر لمّا‬
‫آخر الَية‪ ,‬وقرأ‪َ :‬قدْ أ ْنزَلَ الّلهُ إَل ْيكُمْ ِذكْرا رَسُولً قال‪ :‬القرآن‪ ,‬وقرأ‪ :‬إ ّ‬
‫جاءَ ُهمْ قال‪ :‬بالقرآن‪ ,‬وقرأ‪ :‬إنّا َنحْنُ َنزّلْنا ال ّذ ْكرَ قال‪ :‬القرآن‪ ,‬قال‪ :‬وهو الذكر‪ ,‬وهو الروح‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬الذكر‪ :‬هو الرسول‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك أن الر سول ترج مة عن الذ كر‪ ,‬وذلك نصب ل نه مردود عل يه‬
‫على البيان عنه والترجمة‪.‬‬
‫فتأو يل الكلم إذن‪ :‬قد أنزل ال إلي كم يا أولي اللباب ذِكرا من ال ل كم يذكر كم به‪ ,‬وينبه كم‬
‫على حظ كم من اليمان بال‪ ,‬والع مل بطاع ته‪ ,‬ر سولً يتلو علي كم آيات ال ال تي أنزل ها عل يه‬
‫ُم َبيّنات يقول‪ :‬مبينات لمن سمعها وتدبرها أنها من عند ال‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قد أنزل ال إلي كم أي ها الناس ذكرا ر سولً‪ ,‬يتلو علي كم آيات ال مبيّنات‪,‬‬
‫عمِلُوا الصـّالِحاتِ يقول‪ :‬وعملوا بمـا أمرهـم ال بـه‬
‫كـي يخرج الذيـن صـدّقوا ال ورسـوله و َ‬
‫وأطاعوه مِنَ الظّلُماتِ إلى النّورِ يعني من الكفر وهي الظلمات‪ ,‬إلى النور‪ :‬يعني إلى اليمان‪.‬‬
‫جنّا تٍ‬
‫ن يُ ْؤمِ نْ باللّ هِ َو َي ْعمَلْ صَالِحا يقول‪ :‬ومن يصدّق بال ويعمل بطاعته ُي ْدخِلُ ُه َ‬
‫وقوله‪َ :‬و َم ْ‬
‫حتِ ها النهارُ يقول‪ :‬يُدخله ب ساتين تجري من ت حت أشجار ها النهار خاِلدِي نَ فِي ها‬
‫ن َت ْ‬
‫َتجْرِي مِ ْ‬
‫أبَدا يقول‪ :‬ماكثيـن مقيميـن فـي البسـاتين التـي تجري مـن تحتهـا النهار أبدا‪ ,‬ل يموتون‪ ,‬ول‬
‫يخرجون منها أبدا‪.‬‬
‫ن اللّ هُ َل ُه رِزْ قا يقول‪ :‬قد و سع ال له في الجنات رز قا‪ ,‬يع ني بالرزق‪ :‬ما‬
‫وقوله‪َ :‬قدْ أحْ سَ َ‬
‫رزقه فيها من المطاعم والمشارب‪ ,‬وسائر ما أعدّ لوليائه فيها‪ ,‬فطيبه لهم‪.‬‬
‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ن َي َتنَزّلُ ال ْمرُ‬
‫ض ِمثَْلهُ ّ‬
‫ن الرْ ِ‬
‫سمَاوَاتٍ َومِ َ‬
‫سبْعَ َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬اللّ ُه اّلذِي خَلَ قَ َ‬
‫شيْءٍ عِ ْلمَا }‪.‬‬
‫ط ِبكُلّ َ‬
‫ن اللّ َه َقدْ َأحَا َ‬
‫شيْءٍ َقدِيرٌ وَأَ ّ‬
‫ل َ‬
‫ن اللّهَ عََلىَ كُ ّ‬
‫َب ْي َنهُنّ ّل َتعَْلمُوَ ْا أَ ّ‬
‫ت ل ما يعبده المشركون من الَل هة والوثان‬
‫سمَوَا ٍ‬
‫سبْعَ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬الّل هُ اّلذِي خَلَ قَ َ‬
‫التي ل تقدر على خلق شيء‪.‬‬
‫ن مثل ما‬
‫ل واحدة منه ّ‬
‫ن الرْ ضِ ِمثَْلهُ نّ يقول‪ :‬وخلق من الرض مثله نّ لما في ك ّ‬
‫وقوله‪َ :‬و ِم َ‬
‫في السموات من الخلق‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26595‬ـ حدثني عمرو بن علي ومحمد بن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫شعبة‪ ,‬عن عمرو بن مرّة‪ ,‬عن أبي الضحى‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬قال في هذه الَية‪ :‬الّل ُه اّلذِي خَلَقَ‬
‫سمَوَاتٍ َومِ نَ الرْ ضِ ِمثَْلهُ نّ قال عمرو‪ :‬قال‪ :‬في كل أرض مثل إبراهيم ونحو ما على‬
‫سبْعَ َ‬
‫َ‬
‫ل سماء إبراهيم‪.‬‬
‫الرض من الخلق‪ .‬وقال ابن المثنى‪ :‬في ك ّ‬
‫‪ 26596‬ـ حدث نا عمرو بن عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا وك يع‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا الع مش‪ ,‬عن إبراه يم بن‬
‫ن قال‪ :‬لو حدثتكم‬
‫ض ِمثَْلهُ ّ‬
‫ن الرْ ِ‬
‫ت َومِ َ‬
‫سمَوَا ٍ‬
‫سبْعَ َ‬
‫مهاجر‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في قوله َ‬
‫بتفسيرها لكفرتم وكفركم تكذيبكم بها‪.‬‬
‫‪26597‬ـ حدثنا أبو كُريب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو بكر‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن ِزرّ‪ ,‬عن عبد ال‪ ,‬قال‪ :‬خلق‬
‫ن خمس مئة عام‪,‬‬
‫ال سبع سموات غلظ كلّ واحدة مسيرة خمس مئة عام‪ ,‬وبين كلّ واحدة منه ّ‬
‫وفوق السـبع السـموات الماء‪ ,‬وال جلّ ثناؤه فوق الماء‪ ,‬ل يخفـى عليـه شيـء مـن أعمال بنـي‬
‫آدم‪ .‬والرض سبع‪ ,‬بين كل أرضين خمس مئة عام‪ ,‬وغلظ كلّ أرض خمس مئة عام‪.‬‬
‫حمَيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يعقوب بن عبد ال بن سعد القُمى الشعري‪ ,‬عن جعفر بن أبي‬
‫حدثنا ابن ُ‬
‫سمَوَاتٍ‬
‫سبْعَ َ‬
‫المُغيرة الخزاعي‪ ,‬عن سعيد بن جبير‪ ,‬قال‪ :‬قال رجل لبن عباس الّل هُ اّلذِي خَلَ قَ َ‬
‫ن الرْضِ ِمثَْلهُنّ‪ ...‬الَية‪ ,‬فقال ابن عباس‪ :‬ما يؤمنك أن أخبرك بها فتكفر‪.‬‬
‫َومِ َ‬
‫‪ 26598‬ـ قال‪ :‬ثنا عباس‪ ,‬عن عنبسة‪ ,‬عن ليث‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬هذه الرض إلى تلك مثل‬
‫الفسطاط ضربته في فلة‪ ,‬وهذه السماء إلى تلك السماء‪ ,‬مثل حلقة رميت بها في أرض فلة‪.‬‬
‫‪26599‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا حكام‪ ,‬عن أبي جعفر‪ ,‬عن الربيع بن أنس‪ ,‬قال‪ :‬السماء‬
‫أوّل ها موج مكفوف والثان ية صخرة والثال ثة حد يد والراب عة نحاس والخام سة ف ضة وال سادسة‬
‫ذهب‪ ,‬والسابعة ياقوتة‪.‬‬
‫‪ 26600‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير بن حازم‪ ,‬قال‪ :‬ثني محمد‬
‫بن قيس‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قال‪ :‬هذا البيت الكعبة رابع أربعة عشر بيتا في كل سماء بيت‪ ,‬كل بيت‬
‫منهـا حذو صـاحبه‪ ,‬لو وقـع وقـع عليـه‪ ,‬وإن هذا الحرم حرمـي بناؤه مـن السـموات السـبع‬
‫والرضين السبع‪.‬‬
‫سبْعَ‬
‫‪ 26601‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬اللّه الذّي خَلَق َ‬
‫سمَوَاتٍ وَمن الرض ِمثَْلهُنّ خلق سبع سموات وسبع أرضين في كلّ سماء من سمائه‪ ,‬وأرض‬
‫َ‬
‫من أرضه‪ ,‬خلق من خلقه وأمر من أمره‪ ,‬وقضاء من قضائه‪.‬‬
‫‪26602‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة قال‪ :‬بينا النبيصلى‬
‫ال عليه وسلم جالس مرّة مع أصحابه‪ ,‬إذا مرّت سحابة‪ ,‬قال النبيصلى ال عليه وسلم أ َت ْدرُون‬
‫ما َهذَا َه ِذ هِ العَنا نُ‪َ ,‬هذِ هِ َروَا يا الرْ ضِ يَ سُوقُها اللّ ُه إلى قَوْم ل َي ْع ُبدُونَه قال‪ :‬أ َتدْرُو نَ ما َهذِ هِ‬
‫السـّماءُ؟» قالوا‪ :‬ال ورسـوله أعلم‪ ,‬قال‪ :‬هذه السـّما ُء مَوْجٌـ َمكْفُوفـٌ‪ ,‬وَسَـْقفٌ َمحْفُوظٌـ ثـم قال‪:‬‬
‫خرَى‪ ,‬حتـى عدّ سبع‬
‫أ َتدْرُون ما فَوْ قَ ذلكـَ؟ قالوا‪ :‬ال ورسـوله أعلم‪ ,‬قال‪ :‬فَوْ قَ ذل كَ سـَماءٌ ُأ ْ‬
‫سنَة ثُم قال‪ :‬أ َت ْدرُو نَ ما فَوْ قَ ذل كَ؟ قالوا‪ :‬ال‬
‫خمْس مئَة َ‬
‫ن ما َب ْينَهُما َ‬
‫سموات وهو يقول‪ :‬أ َتدْرُو َ‬
‫ور سوله أعلم‪ ,‬قال‪ :‬فَوْ قَ ذل كَ ال َعرْ شُ‪ ,‬قال‪ :‬أ َتدْرُو نَ ما َب ْينَهُ ما؟ قالوا‪ :‬ال ور سوله أعلم قال‪:‬‬
‫سنَة ثم قال‪ :‬أتدرون ما َهذِ ِه الرْ ضُ؟ قالوا‪ :‬ال ور سوله أعلم‪ ,‬قال‪َ :‬تحْ تَ‬
‫س ِمئَةِ َ‬
‫خمْ ُ‬
‫َب ْي َنهُ ما َ‬
‫س ِمئَةِ‬
‫خمْ ِ‬
‫ذل كَ أرْ ضٌ‪ ,‬قال‪ :‬أ َتدْرُو نَ كَ مْ َب ْي َنهُ ما؟ قالوا‪ :‬ال ور سوله أعلم‪ .‬قال‪َ :‬ب ْي َنهُ ما مَ سِيرَةُ َ‬
‫حبْلٍ ح تى َيبْلُ غَ أ سْفَلَ‬
‫ل ِي َ‬
‫سنَةٍ‪ ,‬ح تى ع ّد سبع أرض ين‪ ,‬ثم قال‪ :‬وَاّلذِي نَفْ سِي ب َيدِ ِه لَ ْو دُلّ يَ َرجُ ٌ‬
‫َ‬
‫خرُ والظّا ِهرُ والباطِ نُ وَ ُه َو ِبكُلّ شَيْء‬
‫لِ‬‫ن ال سّا ِبعَ ِة َل َهبَ طَ على اللّ هِ ثم قال‪ُ :‬هوَ الوّلُ وا َ‬
‫الرضِي َ‬
‫عَلِيمٌ‪.‬‬
‫‪26603‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قال‪ :‬التقى أربعة‬
‫من الملئ كة ب ين ال سماء والرض‪ ,‬فقال بعض هم لب عض‪ :‬من أ ين جئت؟ قال أحد هم‪ :‬أرْ سلني‬
‫ربي من السماء السابعة‪ ,‬وتركته ثم قال الَخر‪ :‬أرسلني ربي من الرض السابعة وتركته ثم‬
‫قال الَخر‪ :‬أرسلني ربي من المشرق وتركته ثم قال الَخر‪ :‬أرسلني ربي من المغرب وتركته‬
‫ثمّ‪.‬‬
‫ُنـ يقول تعالى ذكره‪ :‬يتنزّل أمـر ال بيـن السـماء السـابعة والرض‬
‫ل المْرُ َب ْي َنه ّ‬
‫وقوله‪َ :‬ي َتنَزّ ُ‬
‫السابعة‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪26604‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬ي َتنَزّلُ ال ْمرُ‬
‫َب ْي َنهُنّ قال‪ :‬بين الرض السابعة إلى السماء السابعة‪.‬‬
‫ل شَيْء َقدِيرٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬ينزل قضاء ال وأمره بين ذلك‬
‫وقوله‪ِ :‬ل َتعَْلمُوا أنّ الّلهَ على كُ ّ‬
‫كي تعلموا أيها الناس كنه قدرته وسلطانه‪ ,‬وأنه ل يتعذّر عليه شيء أراده‪ ,‬ول يمتنع عليه أمر‬
‫شيْء عِلْما يقول جلّ ثناؤه‪ :‬ولتعلموا أيها‬
‫ل َ‬
‫ن اللّهَ َقدْ أحاطَ ِبكُ ّ‬
‫شاءه‪ ,‬ولكنه على ما يشاء قدير وأ ّ‬
‫الناس أن ال ب كل ش يء من خل قه مح يط عل ما‪ ,‬ل يعزُب ع نه مثقالُ ذرّة في الرض ول في‬
‫السماء‪ ,‬ول أصغر من ذلك ول أكبر‪ .‬يقول جلّ ثناؤه‪ :‬فخافوا أيها الناس المخالفون أمر ربكم‬
‫عقوب ته‪ ,‬فإ نه ل يمن عه من عقوبت كم ما نع‪ ,‬و هو على ذلك قادر‪ ,‬ومح يط أي ضا بأعمال كم‪ ,‬فل‬
‫يخفي عليه منها خاف‪ ,‬وهو محصيها عليكم‪ ,‬ليجازيكم بها‪ .‬يوم تجزى كلّ نفس ما كسبت‪.‬‬

‫سورة التحريم‬
‫سورة التحريم مدنية‬
‫وآياتها اثنتا عشرة‬
‫بسم ال الرحمَن الرحيـم‬

‫‪1‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ل اللّ ُه لَ كَ َت ْبتَغِي َمرْضَاةَ َأ ْزوَاجِ كَ‬
‫حرّ مُ مَآ َأحَ ّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَيّهَا ال ّنبِ يّ لِ مَ ُت َ‬
‫وَالّلهُ غَفُو ٌر ّرحِيمٌ }‪.‬‬
‫ي المحرّم على نفسه ما أحلّ‬
‫يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا أيها النب ّ‬
‫ال له‪ ,‬يبتغـي بذلك مرضاه أزواجـه‪ ,‬لم تحرّم على نفسـك الحلل الذي أحله ال لك‪ ,‬تلتمـس‬
‫بتحريمك ذلك مرضاة أزواجك‪.‬‬
‫واختلف أهل العلم في الحلل الذي كان ال جلّ ثناؤه أحله لرسوله‪ ,‬فحرّمه على نفسه ابتغاء‬
‫مرضاة أزواجه‪ ,‬فقال بعضهم‪ :‬كان ذلك مارية مملوكته القبطية‪ ,‬حرّمها على نفسه بيمين أنه ل‬
‫يقربها طالبا بذلك رضا حفصة بنت عمر زوجته‪ ,‬لنها كانت غارت بأن خل بها رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم في يومها وفي حجرتها‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26605‬ـ حدثني محمد بن عبد الرحيم البرقي‪ ,‬قال‪ :‬ثني ابن أبي مريم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو غسان‪,‬‬
‫قال‪ :‬ثني زيد بن أسلم أن رسول ال صلى ال عليه وسلم أصاب أ مّ إبراهيم في بيت ب عض‬
‫نسائه قال‪ :‬فقالت‪ :‬أي رسول ال في بيتي وعلى فراشي؟‪ ,‬فجعلها عليه حراما فقالت‪ :‬يا رسول‬
‫ال كيف تحرّم عليك الحلل؟‪ ,‬فحلف لها بال ل يصيبها‪ ,‬فأنزل ال عزّ وجلّ‪ :‬يا أيّها ال ّنبِ يّ لِ مَ‬
‫جكَ قال‪ :‬زيد‪ :‬فقوله أنت عليّ حرام لغو‪.‬‬
‫ل اللّ ُه َلكَ َت ْب َتغِي َمرْضَا َة أزْوَا ِ‬
‫ُتحَ ّرمُ ما أحَ ّ‬
‫‪26606‬ـ حدثني يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬ثني ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا داود ابن أبي هند‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬قال‪:‬‬
‫قال م سروق إن ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم حرّم جاري ته‪ ,‬وآلى من ها‪ ,‬فج عل الحلل حرا ما‪,‬‬
‫ض اللّ ُه َل ُكمْ َتحِلّةَ أيما ِن ُكمْ‪.‬‬
‫وقال في اليمين‪َ :‬قدْ فَرَ َ‬
‫حدثنا يونس بن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سفيان‪ ,‬عن داود‪ ,‬عن الشعبيّ‪ ,‬عن مسروق‪ ,‬قال‪:‬‬
‫آلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وحرّم‪ ,‬فعوتب في التحريم‪ ,‬وأمر بالكفارة في اليمين‪.‬‬
‫حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬عن مالك‪ ,‬عن زيد بن أسلم‪ ,‬قال‬
‫ي حرام‪ ,‬ووال ل أطؤك‪.‬‬
‫لها‪ :‬أنت عل ّ‬
‫‪26607‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله يا أيّها ال ّنبِيّ لِ َم ُتحَرّمُ‬
‫ك قال‪ :‬كان الشعبي يقول‪ :‬حرّمها عليه‪ ,‬وحلف ل يقربها‪,‬‬
‫ما أحَلّ الّل َه لَكَ َت ْب َتغِي مَ ْرضَاةَ أزْوَاجِ َ‬
‫فعوتب في التحريم‪ ,‬وجاءت الكفارة في اليمين‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة وعامر الشعبيّ‪ ,‬أن النبي‬
‫صـلى ال عليـه وسـلم حرّم جاريتـه‪ .‬قال الشعـبيّ‪ :‬حلف بيميـن مـع التحريـم‪ ,‬فعاتبـه ال فـي‬
‫التحريم‪ ,‬وجعل له كفارة اليمين‪.‬‬
‫‪ 26608‬ـ حدث نا يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد في قوله يا أيّ ها ال ّنبِ يّ لِ مَ‬
‫ت امرأة من نساء رسول ال صلى ال عليه وسلم رسول‬
‫جدَ ِ‬
‫ل اللّ ُه لَ كَ قال‪ :‬إنه َو َ‬
‫تحَرّ مُ ما أحَ ّ‬
‫ال صلى ال عليه وسلم مع جاريته في بيتها‪ ,‬فقالت‪ :‬يا رسول ال أنى كان هذا المر‪ ,‬وكن تُ‬
‫حدٍ‪ ,‬هِ يَ‬
‫لَ‬‫سكُتي ل َت ْذ ُكرِي َهذَا َ‬
‫أهونه نّ عل يك؟ فقال ل ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‪« :‬ا ْ‬
‫ل ال لك‬
‫ن َقرُ ْبتُ ها َب ْعدَ َهذَا أبَدا»‪ ,‬فقالت‪ :‬يا ر سول ال وك يف تحرم عل يك ما أح ّ‬
‫حرَا مٌ إ ْ‬
‫عَل يّ َ‬
‫حرّمُـ‬
‫حيـن تقول‪ :‬هـي عليّـ حرام أبدا؟ فقال‪ :‬وَاللّهِـ ل آتيهـا أبَدا‪ ,‬فقال ال‪ :‬يـا أيّهـا ال ّنبِيّـ لِمَـ ُت َ‬
‫ض اللّ هُ َلكُ مْ َتحِلّ َة أيما ِنكُ مْ وَالّل هُ‬
‫ماأحَلّ اللّ هُ لَ كَ‪ ...‬الَ ية‪ ,‬قد غفرت هذا لك‪ ,‬وقولك وال َقدْ َفرَ َ‬
‫حكِيمُ‪.‬‬
‫مَوْل ُكمْ وَ ُه َو العَلِيمٌ ال َ‬
‫‪ 26609‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ك كانت لرسول ال صلى ال عليه وسلم فتاة‪,‬‬
‫يقول في قوله‪ :‬يا أيّها ال ّن ِبيّ ِل َم ُتحَ ّرمُ ماأحَلّ الّلهُ َل َ‬
‫فغشيها‪ ,‬فب صُرت به حفصة‪ ,‬وكان اليوم يو مَ عائشة‪ ,‬وكانتا متظاهرتين‪ ,‬فقال رسول ال صلى‬
‫ال عل يه و سلم‪« :‬ا ْكتُمي عَل يّ وَل َت ْذكُرِي لِعا ِئشَةَ ما رأيْ تِ»‪ ,‬فذكرت حف صة لعائ شة‪ ,‬فغض بت‬
‫عائشـة‪ .‬فلم تزل بنـبيّ ال صـلى ال عليـه وسـلم حتـى حلف أن ل يقربهـا أبدا‪ ,‬فأنزل ال هذه‬
‫الَية‪ ,‬وأمره أن يكفر يمينه‪ ,‬ويأتي جاريته‪.‬‬
‫حرّ مُ‬
‫‪ 26610‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن عامر‪ ,‬في قول ال يا أيّها ال ّنبِ يّ لِ مَ ُت َ‬
‫ماأحَلّ اللّ ُه لَ كَ في جارية أتاها‪ ,‬فأطلعت عليه حفصة‪ ,‬فقال‪ :‬هي عل يّ حرام‪ ,‬فاكتمي ذلك‪ ,‬ول‬
‫تخبري به أحدا فذكرت ذلك‪.‬‬
‫ل تحريمه‬
‫وقال آخرون‪ :‬بل حرم رسول ال صلى ال عليه وسلم جاريته‪ ,‬فجعل ال عزّ وج ّ‬
‫إياها بمنزلة اليمين‪ ,‬فأوجب فيها من الكفارة مثل ما أوجب في اليمين إذا حنث فيها صاحبها‪.‬‬
‫ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26611‬ـ حدثني عليّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عليّ‪ ,‬عن ابن عباس‪ ,‬في‬
‫ض اللّ ُه َلكُ مْ َتحِلّةَ أيمَا ِنكُ مْ أمر ال النبيّ صلى ال عليه وسلم والمؤمنين إذا حرموا‬
‫قوله َقدْ فَرَ َ‬
‫ل ال ل هم أن يكفروا أيمان هم بإطعام ع شر م ساكين أو ك سوتهم‪ ,‬أو تحر ير رق بة‪,‬‬
‫شيئا م ما أح ّ‬
‫وليس يدخل ذلك في طلق‪.‬‬
‫‪ 26612‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫حكِي مُ قال‪:‬‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّ ها ال ّنبِ يّ لِ َم ُتحَرّ مُ ماأحَلّ اللّ هُ لَ كَ‪ ...‬إلى قوله وَ ُهوَ العَلِي مُ ا ْل َ‬
‫كانت حفصة وعائشة متحابتين وكانتا زوجتي النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬فذهبت حفصة إلى‬
‫أبيهـا‪ ,‬فتحدثـت عنده‪ ,‬فأرسـل النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم إلى جاريتـه‪ ,‬فظلت معـه فـي بيـت‬
‫حفصة‪ ,‬وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة‪ ,‬فرجعت حفصة‪ ,‬فوجدتهما في بيتها‪ ,‬فجعلت تنتظر‬
‫خروجهـا‪ ,‬وغارت غيره شديدة‪ ,‬فأخرج رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم جاريتـه‪ ,‬ودخلت‬
‫س ْئ َتنِي‪ ,‬فقال ال نبيّ صلى ال عل يه و سلم‪:‬‬
‫حف صة فقالت‪ :‬قد رأ يت من كان عندك‪ ,‬وال ل قد ُ‬
‫س ّر ّيتِي‬
‫شهِدُ كِ أ نّ ُ‬
‫سرّ إَليْ كِ سِرا فاحْ َفظِي هِ» قالت‪ :‬ما هو؟ قال‪« :‬إنّي ُأ ْ‬
‫ض َينّ كِ فإنّي مُ ِ‬
‫لرْ ِ‬
‫«واللّ ِه ُ‬
‫حرَا مٌ رِضا ل كِ»‪ ,‬وكانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبيّ صلى ال عليه‬
‫َهذِ هِ عَل يّ َ‬
‫وسلم‪ ,‬فانطلقت حفصة إلى عائشة‪ ,‬فأسرّت إليها أن أبشري إن النبيّ صلى ال عليه وسلم قد‬
‫حرّم عليه فتاته‪ ,‬فلما أخبرت بسرّ النبيّ صلى ال عليه وسلم أظهر ال عزّ وجلّ النبيّ صلى‬
‫حرّ مُ ماأحَلّ الّل ُه لَ كَ‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فأنزل ال على رسوله لما تظاهرتا عليه يا أيّها ال ّنبِ يّ لِ مَ ُت َ‬
‫حكِيمُ‪.‬‬
‫جكَ‪ ...‬إلى قوله وَ ُهوَ العَلِيمُ ا ْل َ‬
‫َت ْب َتغِي َم ْرضَاةَ أزْوَا ِ‬
‫‪ 26613‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشام الدستوائي‪ ,‬قال‪:‬‬
‫كتب إل يّ يحيى يحدّث عن يعلى بن حكيم‪ ,‬عن سعيد بن جُبير‪ ,‬أن ابن عباس كان يقول‪ :‬في‬
‫سنَ ٌة يعني أن النبيّ‬
‫ن َلكُ مْ فِي رَ سُولِ الّل ِه أُ سْوَ ٌة حَ َ‬
‫الحرام يمين تكفرها‪ .‬وقال ابن عباس‪ :‬لَ َق ْد كا َ‬
‫ل ثناؤه‪ :‬يا أيّها ال ّنبِيّ لِ َم ُتحَرّمُ ماأحَلّ الّلهُ لَكَ‪...‬‬
‫صلى ال عليه وسلم حرّم جاريته‪ ,‬فقال ال وج ّ‬
‫ض اللّ ُه َل ُكمْ َتحِلّ َة أيمَانِ ُكمْ فكفر يمينه‪ ,‬فصير الحرام يمينا‪.‬‬
‫إلى قوله َقدْ فَرَ َ‬
‫‪ 26614‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا معتمر‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬قال‪ :‬أنبأنا أبو عثمان أن النبيّ‬
‫صلى ال عليه وسلم دخل ب يت حفصة‪ ,‬فإذا هي ليست ثَ مّ‪ ,‬فجاء ته فتا ته‪ ,‬وألقى عليها سترا‪,‬‬
‫فجاءت حف صة فقعدت على الباب حتى ق ضى ر سول ال صلى ال عل يه وسلم حاج ته‪ ,‬فقالت‪:‬‬
‫وال لقد سئتني‪ ,‬جامعتها في بيتي‪ ,‬أو كما قالت قال‪ :‬وحرّمها النبيّ صلى ال عليه وسلم‪ ,‬أو‬
‫كما قال‪.‬‬
‫حرّمُ ماأحَلّ‬
‫‪26615‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادةيا أيّها ال ّنبِيّ لِمَ ُت َ‬
‫اللّ ُه لَ كَ‪ ...‬الَية‪ ,‬قال‪ :‬كان حرم فتاته القبطية أ ّم ولده إبراهيم يقال لها مارية في يوم حفصة‪,‬‬
‫وأس ّر ذلك إليها‪ ,‬فأطلعت عليه عائشة‪ ,‬وكانتا تظاهران على نساء النبيّ صلى ال عليه وسلم‪,‬‬
‫ل ال له ما حرّم على نفسه‪ ,‬فأُمر أن يكفر عن يمينه‪ ,‬وعوتب في ذلك‪ ,‬فقال‪َ :‬قدْ َفرَضَ اللّهُ‬
‫فأح ّ‬
‫حكِي مُ قال قتادة‪ :‬وكان الح سن يقول حرّم ها عل يه‪,‬‬
‫َلكُ مْ َتحِلّ َة أيمَا ِنكُ مْ وَالّل ُه مَوْلكُ مْ وَ ُهوَ العَلِي مُ ا ْل َ‬
‫فجعل ال فيها كفارة يمين‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬أن النبيّ صلى ال عليه‬
‫وسلم حرّمها يعني جاريته‪ ,‬فكانت يمينا‪.‬‬
‫‪ 26616‬ـ حدثنا سعيد بن يحيى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن إسحاق‪ ,‬عن الزهري‪,‬‬
‫عن عب يد ال بن ع بد ال‪ ,‬عن ا بن عباس‪ ,‬قال‪ :‬قلت لع مر بن الخطاب ر ضي ال ع نه‪ :‬من‬
‫المرأتان؟ قال‪ :‬عائشة‪ ,‬وحفصة‪ .‬وكان بدء الحديث في شأن أ مّ إبراهيم القبطية‪ ,‬أصابها النبيّ‬
‫ي ال لقد جئت‬
‫صلى ال عليه وسلم في بيت حفصة في يومها‪ ,‬فوجدته حف صة‪ ,‬فقالت‪ :‬يا نب ّ‬
‫ت إلى أحد من أزواجك بمثله في يومي وفي دوري‪ ,‬وعلى فراشي قال‪« :‬أل‬
‫إل يّ شيئا ما جئ َ‬
‫حدٍ»‪ ,‬فذكر ته‬
‫لَ‬‫ح ّرمَ ها فَل أ ْقرَبَهَا؟» قالت‪ :‬بلى‪ ,‬فحرّم ها‪ ,‬وقال‪« :‬ل َت ْذكُرِي ذل كَ َ‬
‫ضيْ نَ أ نْ ُأ َ‬
‫َترْ َ‬
‫حرّ مُ ما أحَلّ الّل ُه لَ كَ َت ْبتَغِي‬
‫لعائ شة‪ ,‬فأظهره ال عزّ وجلّ عل يه‪ ,‬فأنزل ال‪ :‬يا أيّ ها ال ّنبِ يّ لِ مَ ُت َ‬
‫ي ال صلى ال عل يه و سلم ك فر يمي نه‪ ,‬وأ صاب‬
‫َمرْضَا َة أزْوَج كَ‪ ...‬الَيات كل ها‪ ,‬فبلغ نا أن نب ّ‬
‫جاريته‪.‬‬
‫وقال آخرون‪ :‬كان ذلك شرابا يشربه‪ ,‬كان يعجبه ذلك‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26617‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو داود‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن قيس بن مسلم‪ ,‬عن‬
‫ل اللّ هُ‬
‫حرّ مُ ما أحَ ّ‬
‫عبد ال بن شدّاد بن الهاد‪ ,‬قال‪ :‬نزلت هذه الَية في شراب يا أيّها ال ّنبِ يّ لِ مَ ُت َ‬
‫َلكَ َت ْب َتغِي َمرْضَا َة أزْوَجكَ‪.‬‬
‫حدث نا ا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو قَ طن البغدادي عمرو بن الهي ثم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا شع بة‪ ,‬عن‬
‫قيس بن مسلم‪ ,‬عن عبد ال بن شدّاد مثله‪.‬‬
‫‪ 26618‬ـ قال‪ :‬ثنا أبو قطن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد بن إبراهيم‪ ,‬عن ابن أبي مليكة‪ ,‬قال‪ :‬نزلت في‬
‫شراب‪.‬‬
‫والصواب من القول في ذلك أن يقال‪ :‬كان الذي حرّمه النبيّ صلى ال عليه وسلم على نفسه‬
‫شيئا كان ال قـد أحله له‪ ,‬وجائز أن يكون ذلك كان جاريتـه‪ ,‬وجائز أن يكون كان شرابـا مـن‬
‫الشربة‪ ,‬وجائز أن يكون كان غير ذلك‪ ,‬غير أنه أ يّ ذلك كان‪ ,‬فإنه كان تحريم شيء كان له‬
‫حللً‪ ,‬فعاتبه ال على تحريمه على نفسه ما كان له قد أحله‪ ,‬وبين له تحلّة يمينه كان حلف بها‬
‫مع تحريمه ما حرّم على نفسه‪.‬‬
‫فإن قائل قائل‪ :‬وما برهانك على أنه صلى ال عليه وسلم كان حلف مع تحريمه ما حرم‪ ,‬فقد‬
‫علمت قول من قال‪ :‬لم يكن من النبيّ صلى ال عليه وسلم في ذلك غير التحريم‪ ,‬وأن التحريم‬
‫هو اليمين؟ قيل‪ :‬البرهان على ذلك واضح‪ ,‬وهو أنه ل يعقل في لغة عربية ول عجمية أن قول‬
‫القائل لجاريته‪ ,‬أو لطعام أو شراب‪ ,‬هذا عليّ حرام يمين‪ ,‬فإذا كان ذلك غير معقول‪ ,‬فمعلوم أن‬
‫ح ما قل نا‪,‬‬
‫ي حرام‪ .‬وإذا كان ذلك كذلك ص ّ‬
‫اليم ين غ ير قول القائل للش يء الحلل له‪ :‬هو عل ّ‬
‫وفسد ما خالفه‪ ,‬وبعد‪ ,‬فجائز أن يكون تحريم النبيّ صلى ال عليه وسلم ما حرّم على نفسه من‬
‫ل اللّهُـ معنـا‪ :‬لم‬
‫حرّمُـ مـا أحَ ّ‬
‫الحلل الذي كان ال تعالى ذكره‪ ,‬أحله له بيميـن‪ ,‬فيكون قوله لِمَـ ُت َ‬
‫تحلف على الشيء الذي قد أحله ال أن ل تقربه‪ ,‬فتحرّمه على نفسك باليمين‪.‬‬
‫وإنما قلنا‪ :‬إن النبيّ صلى ال عليه وسلم حرّم ذلك‪ ,‬وحلف مع تحريمه‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪ 26619‬ـ حدثني الحسن بن قزعة‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مسلمة بن علقمة‪ ,‬عن داود ابن أبي هند‪ ,‬عن‬
‫الشعبيّ‪ ,‬عن مسروق‪ ,‬عن عائشة قالت‪ :‬آلى رسول ال صلى ال عليه وسلم وحرم‪ ,‬فأُ ِمرَ في‬
‫ل اللّ ُه َلكَ‪.‬‬
‫ح ّرمُ ما أحَ ّ‬
‫اليلء بكفارة‪ ,‬وقيل له في التحريم ِلمَ ُت َ‬
‫وقوله‪ :‬وَالّل هُ غَفُورٌ َرحِي مٌ يقول تعالى ذكره‪ :‬وال غفور يا مح مد لذنوب التائب ين من عباده‬
‫من ذنوبهم‪ ,‬وقد غفر لك تحريمك على نفسك ما أحله ال لك‪ ,‬رحيم بعباده أن يعاقبهم على ما‬
‫قد تابوا منه من الذنوب بعد التوبة‪.‬‬

‫‪2‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حكِيمُ‬
‫لكُمْ وَهُ َو ا ْلعَلِيمُ ا ْل َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬قدْ َفرَضَ الّلهُ َلكُمْ َتحِلّ َة َأ ْيمَا ِنكُمْ وَاللّ ُه مَ ْو َ‬
‫}‪.‬‬
‫ّهـ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬قـد بيـن ال عزّ وجلّ لكـم تحلة أيمانكـم‪ ,‬وحدّهـا لكـم أيهـا الناس وَالل ُ‬
‫حكِي مُ في تدبيره إياكم‪ ,‬وصرفكم‬
‫مَوْلكُ مْ يتولكم بنصره أيها المؤمنون وَهُ َو العَلِي مُ بمصالحكم ا ْل َ‬
‫فيما هو أعلم به‪.‬‬
‫‪3‬‬ ‫الية ‪:‬‬
‫ظهَرَ هُ‬
‫حدِيثا فََلمّا َن ّبأَ تْ ِب هِ وََأ ْ‬
‫ض َأزْوَاجِ ِه َ‬
‫سرّ ال ّنبِ يّ إَِلىَ َبعْ ِ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪{:‬وَِإذَ أَ َ‬
‫ض فََلمّا َن ّبأَهَا ِبهِ قَالَتْ َمنْ أَن َبأَكَ هَـذَا قَالَ َن ّبَأنِيَ ا ْلعَلِيمُ‬
‫عرَضَ عَن َبعْ ٍ‬
‫عرّفَ َب ْعضَهُ وَأَ ْ‬
‫اللّهُ عََل ْيهِ َ‬
‫خبِيرُ }‪.‬‬
‫ا ْل َ‬
‫سرّ ال ّنبِ يّ محمد صلى ال عليه وسلم إلى َبعْض أزْوَاجِ هِ‪ ,‬وهو في‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬وَإذْ أ َ‬
‫قول ابن عباس وقتادة وزيد بن أسلم وابنه عبد الرحمن بن زيد والشعبي والضحاك بن مزاحم‪:‬‬
‫حَ ْفصَةُ‪ .‬وقد ذكرنا الرواية في ذلك قبل‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬حَديثا والحديث الذي أسرّ إليها في قول هؤلء هو قوله لمن أسرّ إليه ذلك من أزواجه‬
‫تحري مُ فتاته‪ ,‬أو ما حرّم على نفسه مما كان ال جلّ ثناؤه قد أحله له‪ ,‬وحلفه على ذلك وقوله‪:‬‬
‫حدٍ»‪.‬‬
‫لَ‬‫«ل َت ْذ ُكرِي ذَِلكَ َ‬
‫وقوله‪ :‬فََلمّا َن ّبأَتْ بِهِ يقول تعالى ذكره‪ :‬فلما أخبرت بالحديث الذي أسرّ إليها رسول ال صلى‬
‫ظهَرَ هُ عََليْ هِ يقول‪ :‬وأظهر ال نبيه محمد صلى ال عليه وسلم على‬
‫ال عليه وسلم صاحبتها وأ ْ‬
‫أنها قد أنبأت بذلك صاحبتها‪.‬‬
‫ن بَعْض اختل فت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأ ته عا مة قرّاء‬
‫ع ْ‬
‫عرَ ضَ َ‬
‫عرّ فَ َب ْعضَ هُ وأ ْ‬
‫وقوله‪َ :‬‬
‫عرّ فَ بتشديد الراء‪ ,‬بمعنى‪ :‬عرّف النبيّ صلى ال عليه وسلم حفصة‬
‫المصار غير الكسائي‪َ :‬‬
‫بعض ذلك الحديث وأخبرها به‪ ,‬وكان الكسائي يذكر عن الحسن البصريّ وأبي عبد الرحمن‬
‫عرَفـَ» بتخفيـف الراء‪ ,‬بمعنـى‪ :‬عرف لحفصـة بعـض ذلك‬
‫السـلمي وقتادة‪ ,‬أنهـم قرأوا ذلك‪َ « :‬‬
‫الف عل الذي فعل ته من إفشائ ها سرّه‪ ,‬و قد ا ستكتمها إياه‪ :‬أي غ ضب من ذلك علي ها ر سول ال‬
‫ن لك يا فلن ما‬
‫صلى ال عل يه و سلم‪ ,‬وجازا ها عل يه من قول القائل ل من أ ساء إل يه‪ :‬لعرف ّ‬
‫فعلت‪ ,‬بمع نى‪ :‬لجازي نك عل يه قالوا‪ :‬وجازا ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم على ذلك من‬
‫فعلها بأن طلقها‪.‬‬
‫عرّفَ َب ْعضَ هُ بتشديد الراء‪ ,‬بمعنى‪:‬‬
‫وأولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأه َ‬
‫عرّف النـبيّ صـلى ال عليـه وسـلم حفصـة‪ ,‬يعنـي مـا أظهره ال عليـه مـن حديثهـا صـاحبتها‬
‫لجماع الحجة من القرّاء عليه‪.‬‬
‫ن بَعْض يقول‪ :‬وترك أن يخبر ها بب عض‪ .‬وبن حو الذي قل نا في ذلك قال‬
‫عرَ ضَ عَ ْ‬
‫وقوله‪ :‬وأ ْ‬
‫أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26620‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قوله‪ :‬وَإ ْذ أ سَرّ ال ّنبِ يّ‬
‫عرّ فَ َبعْض هُ‬
‫ت بِ ِه وأظْ َهرَ هُ الّل هُ عََليْ هِ َ‬
‫حدِي ثا قوله ل ها‪ :‬ل تذكر يه فَلَمّا َن ّبأَ ْ‬
‫ض أزْوَاجِ هِ َ‬
‫إلى َبعْ ِ‬
‫ض وكان كريما صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫عنْ َبعْ ٍ‬
‫عرَضَ َ‬
‫وأ ْ‬

‫وقوله‪ :‬فََلمّا َن ّبأَها ِب ِه يقول‪ :‬فلما خبر حفصة نبيّ ال صلى ال عليه وسلم بما أظهره ال عليه‬
‫ن أنْبأَ كَ َهذَا يقول‪ :‬قالت‬
‫من إفشائ ها سرّ ر سول ال صلى ال عل يه و سلم إلى عائ شة قالت م ْ‬
‫خبِيرُ يقول تعالى ذكره‪:‬‬
‫حفصةُ لرسول ال‪ :‬من أنبأك هذا الخبر وأخبرك به قالَ َن ّبَأنَي العَلِي مُ ال َ‬
‫قال محمد نبيّ ال لحفصة‪ :‬خبرني به العليم بسرائر عباده‪ ,‬وضمائر قلوبهم‪ ,‬الخبير بأمورهم‪,‬‬
‫الذي ل يخفى عنه شيء‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26621‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله‪ :‬فَلَمّا َن ّبأَ ها ِب هِ‬
‫خبِيرُ‪.‬‬
‫ك أن صاحبتها أخبرت عنها قالَ َن ّبَأنِي ا ْلعَلِيمُ ال َ‬
‫ك َهذَا ولم تش ّ‬
‫ن أ ْن َبأَ َ‬
‫قالَتْ مَ ْ‬

‫‪4‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫صغَتْ قُلُو ُبكُمَا وَإِن َتظَا َهرَا عََليْ ِه فَإِ نّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{ :‬إِن َتتُوبَآ إِلَى الّل ِه فَ َقدْ َ‬
‫ظهِيرٌ }‪.‬‬
‫لئِكَ ُة َب ْعدَ ذَِلكَ َ‬
‫جبْرِيلُ َوصَالِحُ ا ْل ُم ْؤ ِمنِينَ وَا ْلمَ َ‬
‫لهُ َو ِ‬
‫اللّ َه هُ َو مَ ْو َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬إن تتوبـا إلى ال أيتهـا المرأتان فقـد مالت قلوبكمـا إلى محبـة مـا كرهـه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم من اجتنابه جاريته‪ ,‬وتحريمها على نفسه‪ ,‬أو تحريم ما كان له‬
‫حللً مما حرّمه على نفسه بسبب حفصة‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26622‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ت قُلُو َبكُ ما يقول‪ :‬زا غت قلوبك ما‪ ,‬يقول‪ :‬قد أث مت‬
‫صغَ ْ‬
‫ن َتتُو با إلى الّل هِ فَ َقدْ َ‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬إ ْ‬
‫قلوبكما‪.‬‬
‫‪26623‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن طلحة‪ ,‬عن زبيد‪,‬‬
‫ت قُلُو َبكُ ما ش يء ه ين‪ ,‬ح تى سمعت قراءة ا بن‬
‫عن مجا هد قال‪ :‬ك نا نرى أن قوله‪ :‬فَ َقدْ صَغَ ْ‬
‫صغَتْ قُلُو َبكُما»‪.‬‬
‫مسعود‪« :‬إن َتتُوبا إلى الّلهُ فَ َقدْ َ‬
‫صغَتْ قُلُو َبكُ ما‪ :‬أي‬
‫‪ 26624‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة فَ َق ْد َ‬
‫مالت قلوبكما‪.‬‬
‫صغَتْ قُلُو َبكُما مالت قلوبكما‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن قتادة فَ َقدْ َ‬
‫‪ 26625‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫صغَتْ قُلُو َبكُما يقول‪ :‬زاغت‪.‬‬
‫يقول في قوله‪ :‬فَ َقدْ َ‬
‫ت قُلُو َبكُما قال‪ :‬زاغت قلوبكما‪.‬‬
‫‪26626‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان صٍغَ ْ‬
‫حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ابن زيد‪ ,‬قال ال عزّ وجلّ‪ :‬إ نْ َتتُوبا إلى اللّ ِه فَ َقدْ‬
‫صغَتْ قُلُو َبكُ ما قال‪ :‬سرهما أن يجت نب ر سول ال صلى ال عل يه و سلم جاري ته‪ ,‬وذلك له ما‬
‫َ‬
‫صغَتْ قُلُو َبكُما إلى أن سرّهما ما كره رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫موافق َ‬
‫وقوله‪ :‬وَإ نْ َتظَا َهرَا عََليْ ِه يقول تعالى ذكره لل تي أ سّر إلي ها ر سول ال صلى ال عل يه و سلم‬
‫حديثه‪ ,‬والتي أفشت إليها حديثه‪ ,‬وهما عائشة وحفصة رضي ال عنهما‪ .‬وبنحو الذي قلنا في‬
‫ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26627‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن الزهري‪ ,‬عن عبيد ال‬
‫بن أبي ثور‪ ,‬عن ابن عباس قال‪ :‬لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج‬
‫ت قُلُو َبكُما‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬اللتين قال ال جلّ ثناؤه‪ :‬إ نْ َتتْوبا إلى الّل ِه فَ َقدْ صَغَ ْ‬
‫قال‪ :‬فح جّ ع مر‪ ,‬وحج جت م عه‪ ,‬فل ما كان بب عض الطر يق عدل ع مر‪ ,‬وعدلت م عه بإداوة‪ ,‬ثم‬
‫أتاني فسكبت على يده وتوضأ فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ,‬من المرأتان من أزواج النبيّ صلى ال‬
‫صغَتْ قُلُو َبكُما قال عمر‪ :‬واعجبا لك يا بن‬
‫ن َتتُوبا إلى اللّ ِه فَ َقدْ َ‬
‫عليه وسلم اللتان قال ال لهما‪ :‬إ ْ‬
‫عباس قال الزهري‪ :‬وكره وال ما سأله ولم يكتم‪ ,‬قال‪ :‬هي حفصة وعائشة قال‪ :‬ثم أخذ يسوق‬
‫الحديث‪ ,‬فقال‪ :‬كنا معشر قريش نغلب النساء‪ ,‬فلما قدمنا المدينة‪ ,‬ثم ذكر الحديث بطوله‪.‬‬
‫حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن أشهب‪ ,‬عن مالك‪ ,‬عن أبي النضر‪ ,‬عن عليّ بن حسين‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬أنه سأل عمر بن الخطاب رضي ال عنه عن المتطاهرتين على رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم‪ ,‬فقال‪ :‬عائشة وحفصة‪.‬‬
‫‪ 26628‬ـ حدثنا يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا سفيان‪ ,‬عن يحيى بن سعيد‪ ,‬عن‬
‫عبيد بن حنين أنه سمع ابن عباس يقول‪ :‬مكثت سنة وأنا أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن‬
‫المتظاهرت ين‪ ,‬ف ما أ جد له موض عا أ سأله ف يه ح تى خرج حا جا‪ ,‬و صحبته ح تى إذا كان بمرّ‬
‫الظّهران ذ هب لحاج ته‪ ,‬وقال‪ :‬أدركني بإداوة من ماء فلما قضى حاج ته ورجع‪ ,‬أتيته بالداوة‬
‫أصبها عليه‪ ,‬فرأيت موضعا‪ ,‬فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ,‬من المرأتان المتظاهرتان على ر سول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم؟ فما قضيت كلمي حتى قال‪ :‬عائشة وحفصة رضي ال عنهما‪.‬‬
‫‪ 26629‬ـ حدث نا ا بن بشار وا بن المث نى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع مر بن يو نس‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عكر مة بن‬
‫عمار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سماك أبو زميل‪ ,‬قال‪ :‬ثني عبد ال بن عباس‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمر بن الخطاب‪,‬‬
‫قال‪ :‬لما اعتزل نبيّ ال صلى ال عليه وسلم نساءه‪ ,‬دخلت عليه وأنا أرى في وجهه الغضب‪,‬‬
‫فقلت‪ :‬يا رسول ال ما ش قّ عليك من شأن النساء‪ ,‬فلئن كنت طلقتهن فإن ال معك وملئكته‪,‬‬
‫وجبرائيل وميكائيل‪ ,‬وأنا وأبو بكر معك‪ ,‬وقلما تكل مت وأحمد ال بكلم‪ ,‬إل رجوت أن يكون‬
‫خيْرا‬
‫ن طَلّ َقكُ نّ أ نْ ُي ْبدِلَ ُه أزْوَاجا َ‬
‫ال مصدّق قولي‪ ,‬فنزلت هذه الَية‪ ,‬آية التخي ير‪ :‬عَ سَى َربّ ُه إ ْ‬
‫ح المُو ْء ِمنِينَ‪ ...‬الَية‪ ,‬وكانت عائشة‬
‫جبْرِيلُ وَصَالِ ُ‬
‫ن اللّهَ ُهوَ ُموْلهُ َو ِ‬
‫ن تَظا َهرَا عََليْ ِه فإ ّ‬
‫ِم ْنكُنّ‪ ,‬وَإ ْ‬
‫ابنة أبي بكر وحفصة تتظاهران على سائر نساء النبيّ صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 26630‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ن َتظَا َهرَ عََل ْيهِ يقول‪ :‬على معصية النبيّ صلى ال عليه وسلم وأذاه‪.‬‬
‫يقول في قوله‪ :‬وَإ ْ‬
‫حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬قال ا بن عباس لع مر‪ :‬يا أم ير‬
‫المؤمنين إني أريد أن أسألك عن أمر وإني لهابك‪ ,‬قال‪ :‬ل تهبني‪ ,‬فقال‪ :‬من اللتان تظاهرتا‬
‫على رسول ال صلى ال عليه وسلم؟ قال‪ :‬عائشة وحفصة‪.‬‬
‫ِينـ يقول‪ :‬فإن ال هـو وليـه وناصـره‪,‬‬
‫ح المُو ْء ِمن َ‬
‫جبْرِيلُ وَصـَالِ ُ‬
‫ْلهـ َو ِ‬
‫ّهـ ُهوَ َمو ُ‬
‫فإنـ الل َ‬
‫وقوله‪ّ :‬‬
‫وصالح المؤمنين‪ ,‬وخيار المؤمنين أيضا موله وناصره‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬عني بصالح المؤمنين في هذا الموضع‪ :‬أبو بكر‪ ,‬وعمر رضي ال عنهما‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26631‬ـ حدثني عل يّ بن الحسن الزدي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن يمان‪ ,‬عن عبد الوهاب‪ ,‬عن‬
‫مجاهد‪ ,‬في قوله َوصَالِحُ المُو ْء ِمنِينَ قال‪ :‬أبو بكر وعمر‪.‬‬
‫‪ 26632‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يح يى بن وا ضح‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا عب يد بن سليمان‪ ,‬عن‬
‫الضحاك‪ ,‬في قوله‪َ :‬وصَالِحُ المُو ْء ِمنِينَ قال‪ :‬خيار المؤمنين أبو بكر الصدّيق وعمر‪.‬‬
‫حدثنا إسحاق بن إسرائيل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الفضل بن موسى السيناني من قرية بمرو يقال لها‬
‫سـينان عـن عبيـد بـن سـليمان‪ ,‬قال‪ :‬سـمعت الضحاك بـن مزاحـم يقول فـي قوله‪ :‬وَصـَالِحُ‬
‫ن قال‪ :‬أبو بكر وعمر‪.‬‬
‫المُو ْء ِمنِي َ‬
‫حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك يقول في‬
‫ح المُو ْء ِمنِينَ يقول‪ :‬خيار المؤمنين‪.‬‬
‫قوله َوصَالِ ُ‬
‫عنِي بصالح المؤمنين‪ :‬النبياء صلوات ال عليهم‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫وقال آخرون‪ُ :‬‬
‫‪ 26633‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬وَ صَالِحُ المُو ْء ِمنِي نَ‬
‫قال‪ :‬هم النبياء‪.‬‬
‫حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله وَ صَالِحُ المُو ْء ِمنِي نَ‬
‫قال‪ :‬هم النبياء‪.‬‬
‫‪26634‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان َوصَالِحُ المُو ْء ِمنِينَ قال النبياء‪.‬‬
‫وال صواب من القول في ذلك عندي‪ :‬أن قوله‪ :‬وَ صَالِحُ المُو ْء ِمنِي نَ وإن كان في ل فظ وا حد‪,‬‬
‫ن لَفِي خَ سْر فالنسان وإن كان في لفظ واحد‪,‬‬
‫ن النْسا َ‬
‫فإنه بمعنى الجميع‪ ,‬وهو بمعنى قوله إ ّ‬
‫فإنه بمعنى الجميع‪ ,‬وهو نظير قول الرجل‪ :‬ل تَقريَ نّ إل قارىء القرآن‪ ,‬يقال‪ :‬قارىء القرآن‪,‬‬
‫وإن كان في الل فظ واحدا‪ ,‬فمعناه الج مع‪ ,‬ل نه قد أذن لكلّ قارىء القرآن أن يقر يه‪ ,‬واحدا كان‬
‫أو جماعة‪.‬‬
‫ظهِيرٌ يقول‪ :‬والملئ كة مع جبر يل و صالح المؤمن ين لر سول ال‬
‫وقوله‪ :‬وَالمَل ِئكَ ُة َب ْعدَ ذل كَ َ‬
‫صلى ال عليه وسلم أعوان على من آذاه‪ ,‬وأراد مساءته‪ .‬والظهير في هذا الموضع بلفظ واحد‬
‫في معنى جمع‪ .‬ولو أخرج بلفظ الجميع لقيل‪ :‬والملئكة بعد ذلك ظهراء‪ .‬وكان ابن زيد يقول‬
‫في ذلك ما‪:‬‬
‫‪26635‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد في قوله‪ :‬وَإنْ َتظَا َهرَا عََليْهِ‬
‫ن قال‪ :‬وبدأ بصالح المؤمنين ها هنا قبل الملئكة‪,‬‬
‫ح المُو ْء ِمنِي َ‬
‫جبْريلُ وَ صَالِ ُ‬
‫فإن الّل هَ ُهوَ َموْل هُ َو ِ‬
‫ظهِيرٌ‪.‬‬
‫لئِكَ ُة َب ْعدَ ذَلكَ َ‬
‫قال‪ :‬والمَ َ‬

‫‪5‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫خيْرا مّنكُ نّ مُ سِْلمَاتٍ‬
‫ن أَن ُي ْبدِلَ هُ َأزْوَاجا َ‬
‫سىَ َربّ هُ إِن طَلّ َقكُ ّ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪{:‬عَ َ‬
‫مّ ْؤ ِمنَاتٍ قَا ِنتَاتٍ تَا ِئبَاتٍ عَا ِبدَاتٍ سَا ِئحَاتٍ َث ّيبَاتٍ وََأ ْبكَارا }‪.‬‬
‫ب محمد إن طلقك نّ يا معشر أزواج محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬عسى ر ّ‬
‫ن أزواجا خيرا منكن‪.‬‬
‫أن يبدله منك ّ‬
‫وق يل‪ :‬إن هذه الَ ية نزلت على ر سول ال صلى ال عل يه و سلم تحذيرا من ال ن ساءه ل ما‬
‫اجتمعن عليه في الغيرة‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26636‬ـ حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا هشيم‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا حميد الطويل‪,‬‬
‫عن أ نس بن مالك‪ ,‬قال‪ :‬قال ع مر بن الخطاب ر ضي ال ع نه‪ :‬اجت مع على ر سول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم نساؤه في الغيرة فقلت له نّ‪ :‬عسى ربه إن طلقهن أن يبدله أزواجا خيرا منك نّ‪,‬‬
‫قال‪ :‬فنزل كذلك‪.‬‬
‫‪26637‬ـ حدثنا يعقوب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬عن حميد‪ ,‬عن أنس‪ ,‬عن عمر‪ ,‬قال‪ :‬يلغني عن‬
‫وأذاهنـ إياه‪,‬‬
‫ّ‬ ‫بعـض أمهاتنـا‪ ,‬أمهات المؤمنيـن شدّة على رسـول ال صـلى ال عليـه وسـلم‬
‫ن امرأة امرأة‪ ,‬أعظها وأنهاها عن أذى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ,‬وأقول‪ :‬إن‬
‫فاستقريته ّ‬
‫أبيت نّ أبدله ال خيرا منكن‪ ,‬حتى أتيت‪ ,‬حسبت أنه قال على زينب‪ ,‬فقالت‪ :‬يا بن الخطاب‪ ,‬أما‬
‫عسَى‬
‫ن أنت؟ فأمسكت‪ ,‬فأنزل ال َ‬
‫في رسول ال صلى ال عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظه ّ‬
‫خيْرا ِم ْنكُنّ‪.‬‬
‫ن ُي ْبدِلَهُ أزْوَاجا َ‬
‫َربّهُ إنْ طَلّ َقكُنّ أ ْ‬
‫حدثنـا ابـن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ابـن أبـي عدي‪ ,‬عـن حميـد‪ ,‬عـن أنـس‪ ,‬قال‪ :‬قال عمـر بـن‬
‫الخطاب‪ :‬يلغني عن أمهات المؤمنين شيء‪ ,‬فاستقريتهنّ أقول‪ :‬لتكففن عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪ ,‬أو ليبدلنه ال أزواجا خيرا منك نّ‪ ,‬حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمن ين‪ ,‬فقالت‪:‬‬
‫ن أنت؟ فكففت‪ ,‬فأنزل‬
‫يا عمر أما في رسول ال صلى ال عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظه ّ‬
‫ت مُو ْءمِناتٍ‪ ...‬الَية‪.‬‬
‫ن ُمسْلِما ٍ‬
‫خيْرا ِم ْنكُ ّ‬
‫ن ُيبْدلَ ُه أزْوَجا َ‬
‫ن طَلّ َقكُنّ أ ْ‬
‫عسَى َربّهُ إ ْ‬
‫ال َ‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة قوله‪ :‬أنْ ُي ْبدِلَ ُه فقرأ ذلك بعض قرّاء مكة والمدينة والبصرة بتشديد‬
‫الدال‪« :‬يبدّله أزواجا» من التبديل وقرأه عامة قرّاء الكوفة‪ُ :‬ي ْبدِ له بتخفيف الدال من البدال‪.‬‬
‫والصـواب مـن القول أنهمـا قراءتان معروفتان صـحيحتا المعنـى‪ ,‬فبأيتهمـا قرأ القارىء‬
‫فمصيب‪.‬‬
‫ت يعني مصدّقات بال ورسوله‪.‬‬
‫وقوله‪ُ :‬مسْلِماتٍ يقول‪ :‬خاضعات ل بالطاعة مُو ْءمِنا ٍ‬
‫وقوله قَانِتات يقول‪ :‬مطيعات ل‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪ 26638‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬قال ابن زيد‪ ,‬في قول ال قانتا تٍ قال‪:‬‬
‫مطيعات‪.‬‬
‫‪ 26639‬ـ حدثني ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله قانِتا تٍ‬
‫قال مطيعات‪.‬‬
‫ن عا ِبدَا تٍ‬
‫وقوله‪ :‬تائِبا تٍ يقول‪ :‬راجعات إلى ما يح به ال منه نّ من طاع ته ع ما يكر هه منه ّ‬
‫يقول‪ :‬متذللت ل بطاعته‪ .‬وقوله سائحاتٍ يقول‪ :‬صائمات‪.‬‬
‫واختلف أهل التأويل في معنى قوله‪ :‬سائحات فقال بعضهم‪ :‬معنى ذلك‪ :‬صائمات‪ .‬ذكر من‬
‫قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26640‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابن عباس‪ ,‬قوله سائحات قال‪ :‬صائمات‪.‬‬
‫‪26641‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله سَائحاتٍ قال‪ :‬صائمات‪.‬‬
‫حدثنـا ابـن عبـد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنـا ابـن ثور‪ ,‬عـن معمـر‪ ,‬عـن قتادة‪ ,‬قال السـّائحات‪:‬‬
‫الصائمات‪.‬‬
‫‪ 26642‬ـ حُدثت عن الحسين‪ ,‬قال‪ :‬سمعت أبا معاذ يقول‪ :‬حدثنا عبيد‪ ,‬قال‪ :‬سمعت الضحاك‬
‫ت يعني‪ :‬صائمات‪.‬‬
‫يقول في قوله‪ :‬سائحا ٍ‬
‫وقال آخرون‪ :‬السائحات‪ :‬المهاجرات‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26643‬ـ حدثنا إسحق بن إسرائيل‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراورديّ‪ ,‬عن زيد بن‬
‫أسلم‪ ,‬قال‪ :‬السائحات‪ :‬المهاجرات‪.‬‬
‫‪ 26644‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬قال ا بن ز يد‪ ,‬في قوله سائحات قال‪:‬‬
‫مهاجرات ليس في القرآن‪ ,‬ول في أمة محمد سياحة إل الهجرة‪ ,‬وهي التي قال ال السّائحُونَ‪.‬‬
‫و قد بيّ نا ال صواب من القول في مع نى ال سائحين في ما م ضى ق بل بشواهده مع ذكر نا أقوال‬
‫المختلفين فيه‪ ,‬وكرهنا إعادته‪.‬‬
‫وكان ب عض أ هل العرب ية يقول‪ :‬نرى أن ال صائم إن ما سمي سائحا‪ ,‬لن ال سائح ل زاد م عه‪,‬‬
‫وإنما يأكل حيث يجد الطعام‪ ,‬فكأنه أُخذ من ذلك‪.‬‬
‫ن اللواتي لم يجامعن‪ ,‬ولم‬
‫وقوله‪َ :‬ثيّبا تٍ وه نّ اللواتي قد افترعن وذهبت عذرته نّ وأبْكارا وه ّ‬
‫يفترعن‪.‬‬

‫‪6‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ّاسـ‬
‫ُمـ نَارا َوقُودُهَا الن ُ‬
‫ُسـكُمْ وَأَهْلِيك ْ‬
‫ِينـ آ َمنُو ْا قُوَاْ أَنف َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪َ {:‬يأَيّهَا اّلذ َ‬
‫ن مَا يُ ْؤ َمرُونَ }‪.‬‬
‫ن اللّ َه مَآ َأ َمرَ ُهمْ َويَ ْفعَلُو َ‬
‫شدَادٌ لّ َي ْعصُو َ‬
‫لظٌ ِ‬
‫ل ِئكَةٌ غِ َ‬
‫حجَارَةُ عََل ْيهَا مَ َ‬
‫وَا ْل ِ‬
‫س ُكمْ يقول‪ :‬علموا بعضكم بعضا‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يا أيها الذين صدّقوا ال ورسوله قُوا أنْفُ َ‬
‫ما تقون به من تعلمونه النار‪ ,‬وتدفعونها عنه إذا عمل به من طاعة ال‪ ,‬واعملوا بطاعة ال‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأهْلِيكُمْ نارا يقول‪ :‬وعلموا أهليكم من العمل بطاعة ال ما يقون به أنفسهم من النار‪.‬‬
‫وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26645‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن‬
‫سكُمْ وأهْلِيكُمْ نارا َوقُودَها النّاسُ‬
‫رجل‪ ,‬عن عليّ بن أبي طالب رضي ال عنه في قوله‪ :‬قُوا أنْفُ َ‬
‫وا ْلحِجارَةُ قال‪ :‬علّموهم‪ ,‬أدّبوهم‪.‬‬
‫حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن من صور‪ ,‬عن ر جل‪ ,‬عن علي قُوا‬
‫سكُمْ وأهْلِي ُكمْ نارا يقول‪ :‬أدّبوهم‪ ,‬علّموهم‪.‬‬
‫أنْ ُف َ‬
‫حدثني الحسين بن يزيد الطحان‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد بن خثيم‪ ,‬عن محمد بن خالد الضبيّ‪ ,‬عن‬
‫الحكم‪ ,‬عن عليّ بمثله‪.‬‬
‫‪ 26646‬ـ حدثني عل يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو صالح‪ ,‬قال‪ :‬ثني معاوية‪ ,‬عن عل يّ‪ ,‬عن ا بن عباس‪,‬‬
‫ُمـ نارا يقول‪ :‬أعملوا بطاعـة ال‪ ,‬واتقوا معاصـي ال‪ ,‬ومروا أهليكـم‬
‫ُسـ ُكمْ وأهْلِيك ْ‬
‫قوله قُوا أنْف َ‬
‫بالذكر ينْجيكم ال من النار‪.‬‬
‫‪ 26647‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحرث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬في قول ال‪ :‬قُوا‬
‫سكُمْ وأهْلِي ُكمْ نارا قال‪ :‬اتقوا ال‪ ,‬وأوصوا أهليكم بتقوى ال‪.‬‬
‫أنْ ُف َ‬
‫سكُمْ وأهْلِيكُ مْ نارا‬
‫‪ 26648‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة قُوا أنْفُ َ‬
‫وَقودُها النّاسُ وا ْلحِجارَةُ قال‪ :‬قال يقيهم أن يأمرهم بطاعة ال‪ ,‬وينهاهم عن معصيته‪ ,‬وأن يقوم‬
‫علي هم بأ مر ال يأمر هم به وي ساعدهم عل يه‪ ,‬فإذا رأ يت ل مع صية ردعت هم عن ها‪ ,‬وزجرت هم‬
‫عنها‪.‬‬
‫س ُكمْ‬
‫حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬في قوله قُوا أنْفُ َ‬
‫وأهْلِي ُكمْ نارا قال‪ :‬مروهم بطاعة ال‪ ,‬وانهوهم عن معصيته‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬وقُودَها النّاسُ يقول‪ :‬حطبها الذي يوقد على هذه النار بنو آدم وحجارة الكبريت‪.‬‬
‫شدَادٌ يقول‪ :‬على هذه النار ملئكـة مـن ملئكـة ال‪ ,‬غلظ على‬
‫ِلظـ ِ‬
‫وقوله‪ :‬عََليْهـا مَل ِئكَةُ غ ٌ‬
‫أ هل النار‪ ,‬شداد علي هم ل َيعْ صُونَ الّل هَ ما أ َمرَهُ مْ يقول‪ :‬ل يخالفون ال في أمره الذي يأمر هم‬
‫ن ما يُو ْء َمرُونَ يقول‪ :‬وينتهون إلى ما يأمرهم به ربهم‪.‬‬
‫به َويَ ْفعَلُو َ‬

‫‪7‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ُمـ‬
‫ْنـ مَا كُنت ْ‬
‫جزَو َ‬
‫ْمـ ِإنّمَا ُت ْ‬
‫ل َت ْع َتذِرُو ْا ا ْليَو َ‬
‫ِينـ كَ َفرُواْ َ‬
‫القول فــي تأويــل قوله تعالى‪َ {:‬يأَيّهَا اّلذ َ‬
‫َت ْعمَلُونَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيله يوم القيامة للذين جحدوا وحدانيته في الدنيا يا أيّها اّلذِي نَ‬
‫ن ما ُك ْنتُ مْ َت ْعمَلُو نَ يقول‪ :‬يقال ل هم‪ :‬إن ما تثابون اليوم‪,‬‬
‫كَ َفرُوا بالّل ِه ل َت ْع َتذِرُوا اليَوْ مَ إنّ ما ُتجْزَ ْو َ‬
‫وذلك يوم القيامـة‪ ,‬وتعطون جزاء أعمالكـم التـي كنتـم فـي الدنيـا تعملون‪ ,‬فل تطلبوا المعاذيـر‬
‫منها‪.‬‬

‫‪8‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫سىَ َر ّبكُ مْ أَن‬
‫ن آ َمنُو ْا تُوبُوَ ْا إِلَى الّل ِه تَ ْوبَ ًة نّ صُوحا عَ َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَيّهَا اّلذِي َ‬
‫خزِى اللّ ُه ال ّنبِ يّ وَاّلذِي نَ‬
‫حتِهَا ال ْنهَارُ يَوْ َم لَ ُي ْ‬
‫جرِي مِن َت ْ‬
‫جنّا تٍ َت ْ‬
‫س ّيئَاتِ ُكمْ َو ُي ْدخِلَكُ مْ َ‬
‫ُيكَ ّفرَ عَنكُ مْ َ‬
‫غ ِفرْ َلنَآ ِإنّ كَ عََلىَ‬
‫ن َأ ْيدِيهِ مْ َو ِبَأ ْيمَا ِنهِ مْ يَقُولُو نَ َر ّبنَآ َأ ْتمِ مْ َلنَا نُو َرنَا وَا ْ‬
‫س َعىَ َبيْ َ‬
‫آ َمنُو ْا َمعَ ُه نُورُهُ ْم يَ ْ‬
‫شيْءٍ َقدِيرٌ }‪.‬‬
‫كُلّ َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬يـا أيهـا الذيـن صـدّقوا ال تُوبُوا إلى اللّهِـ يقول‪ :‬ارجعوا مـن ذنوبكـم إلى‬
‫طاعة ال‪ ,‬وإلى ما يرضيه عنكم تَ ْو َبةً نَصُوحا يقول‪ :‬رجوعا ل تعودون فيها أبدا‪ .‬وبنحو الذي‬
‫قلنا في تأويل قوله َنصُوحا قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26649‬ـ حدثنا هناد بن ال سّريّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو الحوص‪ ,‬عن سماك‪ ,‬عن النعمان بن بشير‪,‬‬
‫قال‪ :‬سُئل عمر عن التوبة النصوح‪ ,‬قال‪ :‬التوبة النصوح‪ :‬أن يتوب الرجل من العمل السيء‪,‬‬
‫ثم ل يعود إليه أبدا‪.‬‬
‫حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن سماك بن حرب‪ ,‬عن‬
‫النعمان بن بش ير‪ ,‬عن ع مر‪ ,‬قال‪ :‬التو بة الن صوح‪ :‬أن تتوب من الذ نب ثم ل تعود ف يه‪ ,‬أو ل‬
‫تريد أن تعود‪.‬‬
‫حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن سماك بن حرب‪ ,‬قال‪:‬‬
‫سمعت النعمان بن بشير يخطب‪ ,‬قال‪ :‬سمعت عمر بن الخطاب رضي ال عنه يقول‪ :‬يا أيّها‬
‫اّلذِينَ آ َمنُوا تُوبُوا إلى اللّ ِه تَ ْوبَ ًة َنصُوحا قال‪ :‬يذنب الذنب ثم ل يرجع فيه‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن سماك بن حرب‪ ,‬عن النعمان بن بشير‪,‬‬
‫قال‪ :‬سألت ع مر عن قوله تُوبُوا إلى الّل ِه تَ ْوبَ ًة نَ صُوحا قال‪ :‬هو الع بد يتوب من الذ نب ثم ل‬
‫يعود فيه أبدا‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن سماك بن حرب‪ ,‬عن النعمان بن بشير‪,‬‬
‫قال‪ :‬سمعت عمر بن الخطاب يقول‪ :‬التوبة النصوح‪ ,‬أن يتوب من الذنب فل يعود‪.‬‬
‫حدثنا به ابن حميد مرّة أخرى‪ ,‬قال‪ :‬أخبرني عن عمر بهذا السناد‪ ,‬فقال‪ :‬التوبة النصوح‪:‬‬
‫الذي يذنب ثم ل يريد أن يعود‪.‬‬
‫‪ 26650‬ـ حدثني أبو السائب‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو معاوية‪ ,‬عن العمش‪ ,‬عن أبي إسحاق‪ ,‬عن أبي‬
‫الحوص‪ ,‬عن عبد ال تَ ْو َبةً َنصُوحا قال‪ :‬يتوب ثم ل يعود‪.‬‬
‫حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ع بد الرح من‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن أ بي إ سحق‪ ,‬عن أ بي‬
‫الحوص‪ ,‬عن عبد ال قال‪ :‬التوبة النصوح‪ :‬الرجل يذنب الذنب ثم ل يعود فيه‪.‬‬
‫‪ 26651‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابـن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬يـا أيّهـا اّلذِين َـ آ َمنُوا تُوبُوا إلى اللّه ِـ تَ ْوبَ ًة نَصـُوحا أن ل يعود صـاحبها لذلك‬
‫الذنب الذي يتوب منه‪ ,‬ويقال‪ :‬توبته أن ل يرجع إلى ذنب تركه‪.‬‬
‫‪26652‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬ثني الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪ :‬تَ ْو َبةً نَصُوحا‬
‫قال‪ :‬يستغفرون ثم ل يعودون‪.‬‬
‫‪ 26653‬ـ حدث ني ن صر بن ع بد الرح من الود يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا المحار بي‪ ,‬عن جو يبر‪ ,‬عن‬
‫الضحاك‪ ,‬في قوله‪َ :‬ت ْوبَ ًة َنصُوحا قال‪ :‬النصوح‪ :‬أن تحول عن الذنب ثم ل تعود له أبدا‪.‬‬
‫ن آ َمنُوا تُوبُوا‬
‫‪ 26654‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة يا أيّها اّلذِي َ‬
‫إلى اللّ ِه تَ ْو َبةً َنصُوحا قال‪ :‬هي الصادقة الناصحة‪.‬‬
‫‪ 26655‬ـ حدثني يونس‪ ,‬قال‪ :‬أخبرنا ابن وهب‪ ,‬قال‪ :‬ابن زيد‪ ,‬في قول ال‪ :‬تُوبُوا إلى الّل هِ‬
‫ب الرجوع‬
‫تَ ْوبَ ًة نَصُوحا قال‪ :‬التوبة النصوح الصادقة‪ ,‬يعلم أنها صدق ندامة على خطيئته‪ ,‬وح ّ‬
‫إلى طاعته‪ ,‬فهذا النصوح‪.‬‬
‫واختلفت القرّاء في قراءة ذلك‪ ,‬فقرأته عامّة المصار خل عاصم‪ :‬نَ صُوحا بفتح النون على‬
‫أنـه مـن نعـت التوبـة وصـفتها‪ ,‬وذُكـر عـن عاصـم أنـه قرأه‪« :‬نُصـُوحا» بضمّـ النون‪ ,‬بمعنـى‬
‫المصدر من قولهم‪ :‬نصح فلن لفلن نصوحا‪.‬‬
‫وأولى القراءتيـن بالصـواب فـي ذلك قراءة مـن قرأ بفتـح النون على الصـفة للتوبـة لجماع‬
‫الحجة على ذلك‪.‬‬
‫سيّآ ِتكُمْ يقول‪ :‬عسى ربكم أيها المؤمنون أن يمحو سيئات‬
‫ع ْنكُ ْم َ‬
‫وقوله‪ :‬عَ سَى َربّكُ مْ أن ُيكَ ّفرَ َ‬
‫حتِ ها النْهارُ يقول‪ :‬وأن يدخل كم ب ساتين‬
‫ن َت ْ‬
‫ت تجري مِ ْ‬
‫جنّا ٍ‬
‫أعمال كم ال تي سلفت من كم َو ُي ْدخَِلكُ مْ َ‬
‫خزِي اللّ ُه ال ّنبِ يّ محمدا صلى ال عليه وسلم وَاّلذِي نَ‬
‫تجري من تحت أشجارها النهار َيوْ مَ ل َي ْ‬
‫ن أ ْيدِيهِ مْ يقول‪ :‬ي سعى نور هم أمام هم وبأيمَا ِنهِ مْ يقول‪ :‬وبأيمان هم‬
‫سعَى بَي َ‬
‫آ َمنُوا َمعَ ُه نُورُهُ ْم يَ ْ‬
‫كتابهم‪ ,‬كما‪:‬‬
‫‪ 26656‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ابـن عباس قوله‪ :‬يَوْمَـ ل َيخْزِي اللّهُـ ال ّنبِيّـ وَاّلذِين َـ آ َمنُوا َمعَهـُ‪ ...‬إلى قوله‪ :‬وبأيمَانِهِم ْـ يأخذون‬
‫كتابهم فيه البشرى‪.‬‬
‫ل ثناؤه مخبرا عن قيل المؤمنين يوم القيامة‪:‬‬
‫غفِر لَنا يقول ج ّ‬
‫يَقُولُو نَ َربّنا أ ْتمِ مْ لَنا نُورَنا وَا ْ‬
‫يقولون ربنـا أتمـم لنـا نورنـا‪ ,‬يسـألون ربهـم أن يبقـي لهـم نورهـم‪ ,‬فل يطفئه حتـى يجوزوا‬
‫ن نُو ِركُ مْ‪ .‬وبنحو‬
‫ظرُونا نَ ْق َتبِ سْ مِ ْ‬
‫الصراط‪ ,‬وذلك حين يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا ا ْن ُ‬
‫الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪26657‬ـ حدثني محمد بن عمرو‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أبو عاصم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا عيسى وحدثني الحارث‪,‬‬
‫قال‪ :‬حدثنا الحسن‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ورقاء‪ ,‬جميعا‪ ,‬عن ابن أبي نجيح‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬قوله‪َ :‬ربّنا أ ْتمِ مْ‬
‫لَنا نُورَنا قال‪ :‬قول المؤمنين حين ُيطْفأ نور المنافقين‪.‬‬
‫‪26658‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن عاصم‪ ,‬عن الحسن‪ ,‬قال‪ :‬ليس‬
‫أحد إل يعطى نورا يوم القيامة‪ ,‬يعطى المؤمن والمنافق‪ ,‬فيطفأ نور المنافق‪ ,‬فيخشى المؤمن أن‬
‫يطفأ نوره‪ ,‬فذلك قوله‪َ :‬ربّنا أ ْتمِمْ لَنا نُورَنا‪.‬‬
‫‪ 26659‬ـ حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا جرير‪ ,‬عن منصور‪ ,‬عن مجاهد‪ ,‬عن يزيد بن شجرة‪,‬‬
‫قال‪ :‬كان يذكر نا ويب كي‪ ,‬وي صدّق قوله فعله‪ ,‬يقول‪ :‬يا أي ها الناس إن كم مكتوبون ع ند ال عزّ‬
‫ن بْ نَ‬
‫ل بأ سمائكم وسيماكم‪ ,‬ومجال سكم ونجواكم وخلئكم‪ ,‬فإذا كان يو مُ القيامة ق يل‪ :‬يا فل ُ‬
‫وج ّ‬
‫ن فلن‪ ,‬ل نور لك‪.‬‬
‫ن بْ َ‬
‫فلن هاكَ نورَك‪ ,‬ويا فل ُ‬
‫وقوله‪ :‬وَاغْ ِفرْ لَنا يقول‪ :‬واستر علينا ذنوبنا‪ ,‬ول تفضحنا بها بعقوبتك إيانا عليهاإنّكَ على كُلّ‬
‫شيْءٍ َقدِيرٌ يقول‪ :‬إنك على إتمام نورنا لنا‪ ,‬وغفران ذنوبنا‪ ,‬وغير ذلك من الشياء ذو قدرة‪.‬‬
‫َ‬

‫‪9‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ج َهنّمُ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬يأَ ّيهَا ال ّنبِيّ جَا ِهدِ ا ْلكُفّارَ وَا ْل ُمنَافِقِينَ وَاغُْلظْ عََل ْي ِهمْ َو َمأْوَا ُهمْ َ‬
‫َو ِبئْسَ ا ْل َمصِيرُ }‪.‬‬
‫ِيـ جاهِد الكُفّارَ بالسـيف‬
‫يقول تعالى ذكره لنـبيه محمـد صـلى ال عليـه وسـلم يـا أيّهـا ال ّنب ّ‬
‫وَالمُنافِقينَ بالوعيد واللسان‪ .‬وكان قتادة يقول في ذلك ما‪:‬‬
‫‪ 26660‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪ :‬يا أيّها ال ّنبِ يّ جا ِهدِ‬
‫ن قال‪ :‬أمر ال نبيه عليه الصلة والسلم أن يجاهد الكفار بالسيف‪ ,‬ويغلظ على‬
‫الكُفّارَ والمُنافِقِي َ‬
‫المنافقين بالحدود‪.‬‬
‫ج َهنّمُ يقول‪ :‬ومكثهم جهنم‪ ,‬ومصيرهم‬
‫وَاغْلُظْ عََل ْيهِمْ يقول‪ :‬واشدد عليهم في ذات ال و َم ْأوَاهُمْ َ‬
‫الذي يصيرون إليه نار جهنم َو ِبئْسَ ال َمصِي ُر قال‪ :‬وبئس الموضع الذي يصيرن إليه جهنم‪.‬‬

‫‪10‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ط كَانَتَا‬
‫ن كَ َفرُواْ ا ْمرَأَ َة نُو حٍ وَا ْمرَأَةَ لُو ٍ‬
‫ب اللّ هُ َمثَلً لّّلذِي َ‬
‫ضرَ َ‬
‫القول ف ـي تأوي ـل قوله تعالى‪َ {:‬‬
‫ل ا ْدخُلَ النّا َر مَ عَ‬
‫شيْئا َوقِي َ‬
‫ع ْن ُهمَا ِم نَ الّل هِ َ‬
‫ن َفخَا َنتَا ُهمَا فَلَ ْم ُي ْغنِينَا َ‬
‫عبَا ِدنَا صَاِلحَيْ ِ‬
‫ن مِ نْ ِ‬
‫ع ْبدَيْ ِ‬
‫َتحْ تَ َ‬
‫الدّاخِلِينَ }‪.‬‬
‫يقول تعالى ذكره‪ :‬مَث ّل ال مثلً للذيـن كفروا مـن الناس وسـائر الخلق امرأة نوح وامرأة‬
‫لوط‪ ,‬كانتا تحت عبدين من عبادنا‪ ,‬وهما نوح ولوط فخانتاهما‪.‬‬
‫ذُكـر أن خيانـة امرأة نوح زوجهـا أنهـا كانـت كافرة‪ ,‬وكانـت تقول للناس‪ :‬إنـه مجنون‪ .‬وأن‬
‫سرّ الضيف‪ ,‬و َتدُلّ عليه‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫خيانة إمرأة لوط‪ ,‬أن لوطا كان ُي ِ‬
‫‪ 26661‬ـ حدث نا ا بن بشار‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا أ بو عا صم‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن مو سى بن أ بي‬
‫عائشـة‪ ,‬عـن سـلمان بـن قيـس‪ ,‬عـن ابـن عباس‪ ,‬قوله‪ :‬فَخانَتاهُمـا قال‪ :‬كانـت امرأة نوح تقول‬
‫ل على الضيف‪.‬‬
‫للناس‪ :‬إنه مجنون‪ .‬وكانت امرأة لوط َتدُ ّ‬
‫حدث نا مح مد بن من صور الطو سي‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا إ سماعيل بن ع مر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سفيان‪ ,‬عن‬
‫مو سى بن أ بي عائ شة عن سليمان بن ق يس‪ ,‬قال‪ :‬سمعت ا بن عباس قال في هذه الَ ية‪ :‬أ ما‬
‫امرأة نوح‪ ,‬فكانت تخبر أنه مجنون وأما خيانة امرأة لوط‪ ,‬فكانت َتدُلّ على لوط‪.‬‬
‫‪ 26662‬ـ حدث نا ا بن حم يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا مهران‪ ,‬عن سفيان‪ ,‬عن أ بي عا مر الهمدا ني‪ ,‬عن‬
‫حيْنِ قال‪ :‬ما بغت امرأة نبيّ قط فَخانَتاهُما قال‪ :‬في‬
‫ع ْب َديْ نِ ِم نْ عِبادِنا صَاِل َ‬
‫الضحاك كانَتا َتحْ تَ َ‬
‫الدين خانتاهما‪.‬‬
‫‪ 26663‬ـ حدثني محمد بن سعد‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬قال‪ :‬ثني عمي‪ ,‬قال‪ :‬ثني أبي‪ ,‬عن أبيه‪ ,‬عن‬
‫ن مِ نْ‬
‫ع ْبدَيْ ِ‬
‫ن كَ َفرُوا امْرأةَ نُوح وَامْرأةَ لُو طٍ كانَ تا َتحْ تَ َ‬
‫ضرَ بَ الّل هُ َمثَلً لّلذِي َ‬
‫ا بن عباس‪ ,‬قوله َ‬
‫ن فَخانَتاهُما قال‪ :‬كانت خيانتهما أنهما كانتا على غير دينهما‪ ,‬فكانت امرأة نوح‬
‫حيْ ِ‬
‫عِبادِنا صَالِ َ‬
‫تطلع على سر نوح‪ ,‬فإذا آ من مع نوح أ حد أ خبرت الجبابرة من قوم نوح به‪ ,‬فكان ذلك من‬
‫أمرها وأما امرأة لوط فكانت إذا ضاف لوطا أحد خبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء فَلَ مْ‬
‫شيْئا‪.‬‬
‫ن اللّ ِه َ‬
‫ع ْنهُما مِ َ‬
‫ُي ُغنِيا َ‬
‫‪ 26664‬ـ حدثنا ابن المثنى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا شعبة‪ ,‬عن عمرو بن أبي‬
‫سعيد‪ ,‬أنه سمع عكرمة يقول في هذه الَية فَخانَتاهُما قال‪ :‬في الدين‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا الحسين‪ ,‬عن يزيد‪ ,‬عن عكرمة‪,‬‬
‫حيْنِ فَخانَتاهُ ما قال‪ :‬وكا نت خيانته ما أنه ما كان تا‬
‫ن مِ نْ عِبادِ نا صَاِل َ‬
‫ع ْب َديْ ِ‬
‫في قوله كانَ تا َتحْ تَ َ‬
‫مشركتين‪.‬‬
‫حدثنا ابن حميد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يحيى بن واضح‪ ,‬قال‪ :‬عبيد بن سليمان‪ ,‬عن الضحاك فَخانَتاهُما‬
‫قال‪ :‬كانتا مخالفتين دين النبيّ صلى ال عليه وسلم كافرتين بال‪.‬‬
‫‪ 26665‬ـ حدث ني يو نس‪ ,‬قال‪ :‬أخبر نا ا بن و هب‪ ,‬قال‪ :‬أ خبرني أ بو صخر‪ ,‬عن أ بي معاو ية‬
‫البجلي‪ ,‬قال‪ :‬سألت سعيد بن جبير‪ :‬ما كا نت خيا نة امرأة لوط وامرأة نوح؟ فقال‪ :‬أ ما امرأة‬
‫لوط‪ ,‬فإنها كانت تدلّ على الضياف وأما امرأة نوح فل علم لي بها‪.‬‬
‫شيْئا يقول‪ :‬فلم ي غن نوح ولوط عن امرأتيه ما من ال ل ما‬
‫ع ْنهُ ما مِ نَ الّل ِه َ‬
‫وقوله‪ :‬فَلَ ْم ُيغْن يا َ‬
‫عاقبهما على خيانتهما أزواجهما شيئا‪ ,‬ولم ينفعهما أن كانت أزواجهما أنبياء‪ .‬وبنحو الذي قلنا‬
‫في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫ضرَ بَ الّل هُ َمثَلً‬
‫‪ 26666‬ـ حدث نا ب شر‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا يز يد‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬‬
‫ح وامْرأ َة لُوط‪ ...‬الَية‪ ,‬هاتان زوجتا َن ِبيّي ال لما عصتا ربهما‪ ,‬لم يغن‬
‫لِّلذِي نَ كَ َفرُوا امْرأ َة نُو ٍ‬
‫أزواجهما عنهما من ال شيئا‪.‬‬
‫‪ 26667‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة ضَرَ بَ الّل ُه َمثَلً‬
‫ح وامْرأ َة لُو طٍ‪ ...‬الَ ية‪ ,‬قال‪ :‬يقول ال‪ :‬لم ي غن صلح هذ ين عن هات ين‬
‫لِّلذِي نَ كَ َفرُوا امْرأ َة نُو ٍ‬
‫شيئا‪ ,‬وامرأة فرعون لم يضرّها كفر فرعون‪.‬‬
‫وقوله‪َ :‬وقِيلَ ا ْدخُل النّارَ مَعَ الدّاخِلِينَ قال ال لهما يوم القيامة‪ :‬ادخل أيتها المرأتان نار جهنم‬
‫مع الداخلين فيها‪.‬‬

‫‪11‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫ب ابْ نِ‬
‫ن ِإذْ قَالَ تْ رَ ّ‬
‫ن آ َمنُواْ ا ْمرَأَ َة ِفرْعَوْ َ‬
‫ب اللّ ُه َمثَلً لّّلذِي َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬وضَرَ َ‬
‫ن }‪ .‬يقول تعالى‬
‫ن الْ َقوْ مِ الظّاِلمِي َ‬
‫جنِي مِ َ‬
‫عمَلِ هِ َو َن ّ‬
‫عوْ نَ َو َ‬
‫جنِي مِن فِرْ َ‬
‫جنّةِ َو َن ّ‬
‫لِي عِندَ كَ َبيْتا فِي ا ْل َ‬
‫ذكره‪ :‬وضرب ال مثلً للذيـن صـدّقوا ال ووحدوه‪ ,‬امرأة فرعون التـي آمنـت بال ووحدتـه‪,‬‬
‫وصدّقت رسوله موسى‪ ,‬وهي تحت عدوّ من أعداء ال كافر‪ ,‬فلم يضرّها كفر زوجها‪ ,‬إذ كانت‬
‫مؤمنـة بال‪ ,‬وكان مـن قضاء ال فـي خلقـه أن ل تزر وازرة وزر أخرى‪ ,‬وأن لكلّ نفـس مـا‬
‫جنّةِ‪ ,‬فاستجاب ال لها فبنى لها بيتا في الج نة‪,‬‬
‫ع ْندَ كَ َبيْتا في ا ْل َ‬
‫ن لِي ِ‬
‫كسبت‪ ,‬إذ قالت‪ :‬رَ بّ ابْ ِ‬
‫كما‪:‬‬
‫لبُلّي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا محمد بن جعفر‪ ,‬عن سليمان التيم يّ‪,‬‬
‫‪ 26668‬ـ حدثني إسماعيل بن حفص ا ُ‬
‫عـن أبـي عثمان‪ ,‬عـن سـلمان‪ ,‬قال‪ :‬كانـت امرأة فرعون تعذّب بالشمـس‪ .‬فإذا انصـرف عنهـا‬
‫أظلتها الملئكة بأجنحتها‪ ,‬وكانت ترى بيتها في الجنة‪.‬‬
‫حدثنا محمد بن عبيد المحارب يّ‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا أسباط بن محمد‪ ,‬عن سليمان التيم يّ‪ ,‬عن أبي‬
‫عثمان‪ ,‬قال‪ :‬قال سليمان‪ :‬كانت امرأة فرعون‪ ,‬فذكر نحوه‪.‬‬
‫‪ 26669‬ـ حدثني يعقوب بن إبراهيم‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن علية‪ ,‬عن هشام الدستوائي‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫القا سم بن أ بي َبزّة‪ ,‬قال‪ :‬كا نت امرأة فرعون ت سأل من غلب؟ فيقال‪ :‬غلب مو سى وهارون‪.‬‬
‫ب موسى وهارون فأرسل إليها فرعون‪ ,‬فقال‪ :‬انظروا أعظم صخرة تجدونها‪,‬‬
‫فتقول‪ :‬آمنت بر ّ‬
‫فإن م ضت على قول ها فألقو ها علي ها‪ ,‬وإن رج عت عن قول ها ف هي امرأ ته فل ما أتو ها رف عت‬
‫بصرها إلى السماء‪ ,‬فأبصرت بيتها في السماء‪ ,‬فمضت على قولها‪ ,‬فانتزع ال روحها‪ ,‬وأُلقيت‬
‫الصخرة على جسد ليس فيه روح‪.‬‬
‫ب اللّ ُه َمثَلً‬
‫‪ 26670‬ـ حدثنا بشر‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا يزيد‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا سعيد‪ ,‬عن قتادة‪ ,‬قوله‪َ :‬وضَر َ‬
‫ْنـ وكان أعتـى أهـل الرض على ال‪ ,‬وأبعده مـن ال‪ ,‬فوال مـا ضرّ‬
‫ِينـ آ َمنُوا امْرأةَ ِفرْعَو َ‬
‫لِّلذ َ‬
‫امرأته كُفر زوجها حين أطاعت ربها‪ ,‬لتعلموا أن ال حكم عدل‪ ,‬ل يؤاخذ عبده إل بذنبه‪.‬‬
‫عوْ نَ وَعمَلِه وتقول‪ :‬وأنقذني من عذاب فرعون‪ ,‬ومن أن أعمل عمله‪,‬‬
‫ن فِرْ َ‬
‫جنِي مِ ْ‬
‫وقوله‪ :‬ون ّ‬
‫وذلك كفره بال‪.‬‬
‫ن تقول‪ :‬وأخل صني وأنقذ ني من ع مل القوم الكافر ين بك‪,‬‬
‫ن ال َقوْ مِ الظّاِلمِي َ‬
‫وقوله‪ :‬وَنجّنِي مِ َ‬
‫ومن عذابهم‪.‬‬

‫‪12‬‬ ‫الية ‪:‬‬


‫حنَا‬
‫خنَا فِيهِ مِن رّو ِ‬
‫جهَا َفنَ َف ْ‬
‫صنَتْ َفرْ َ‬
‫ن اّلتِيَ َأحْ َ‬
‫عمْرَا َ‬
‫القول فـي تأويـل قوله تعالى‪َ {:‬و َم ْريَمَ ا ْب َنةَ ِ‬
‫ت ِبكَِلمَاتِ َر ّبهَا َو ُك ُتبِهِ َوكَانَتْ ِمنَ الْقَا ِنتِينَ }‪.‬‬
‫صدّقَ ْ‬
‫َو َ‬
‫ت فَ ْرجَ ها‬
‫ن الّتِي أحْ صَنَ ْ‬
‫ع ْمرَا َ‬
‫ن آ َمنُوا َمرْيَ مَ ا ْبنَةَ ِ‬
‫ل لِّلذِي َ‬
‫يقول تعالى ذكره‪َ :‬وضَرَ بَ اللّ هُ َمثَ ً‬
‫يقول‪ :‬التي منعت جيب درعها جبريل عليه السلم‪ ,‬وكلّ ما كان في الدرع من خرق أو فتق‪,‬‬
‫ل صدع وشقّ في حائط‪ ,‬أو فرج سقف فهو فرج‪.‬‬
‫فإنه يسمى فَرْجا‪ ,‬وكذلك ك ّ‬
‫ن رُوحِنا يقول‪ :‬فنفخنا فيه في جيب درعها‪ ,‬وذلك فرجها‪ ,‬من روحنا من‬
‫وقوله‪َ :‬فنَ َفخْنا فِي ِه م ْ‬
‫جبرئيل‪ ,‬وهو الروح‪ .‬وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل‪ .‬ذكر من قال ذلك‪:‬‬
‫‪ 26671‬ـ حدث نا ا بن ع بد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدث نا ا بن ثور‪ ,‬عن مع مر‪ ,‬عن قتادة َفنَ َفخْ نا فِي هِ ِم نْ‬
‫رُوحِنا فنفخنا في جيبها من روحنا‪.‬‬
‫ص ّدقَتْ ِبكَلِما تِ َربّ ها يقول‪ :‬آم نت بعي سى‪ ,‬و هو كل مة ال و ُك ُتبِ ِه يع ني التوراة والنج يل‬
‫وَ َ‬
‫ن يقول‪ :‬وكانت من القوم المطيعين‪ .‬كما‪:‬‬
‫وكانَتْ ِمنَ القا ِنتِي َ‬
‫‪ 26672‬ـ حدثنا ابن عبد العلى‪ ,‬قال‪ :‬حدثنا ابن ثور‪ ,‬عن معمر‪ ,‬عن قتادة م نَ القا ِنتِي نَ من‬
‫المطيعين‪.‬‬

You might also like