You are on page 1of 20

‫كيف تكسب الناس‬

‫الفهرس‬
‫الفرع‬ ‫الموضوع‬
‫المقدمة‬
‫الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية‬

‫الوسيلة الولى‪ :‬خدمة الناس وقضاء حوائجهم‬


‫الوسيلة الثانية‪ :‬الحلم وكظم الغيظ‬
‫الوسيلة الثالثة‪ :‬السماحة في المعاملة‬
‫الوسيلة الرابعة ‪ :‬المداراة‬
‫الوسيلة الخامسة ‪:‬إدخال السرور على الخرين‬
‫الوسيلة السادسة‪:‬احترام المسلمين وتقديرهم والتأدب‬
‫معهم وتبجيلهم وإجللهم‬
‫الوسيلة السابعة ‪ :‬حسن الكلم‬
‫الوسيلة الثامنة ‪ :‬التواضع ولين الجانب‬
‫الوسيلة التاسعة ‪ :‬الجود والكرم‬
‫الوسيلة العاشرة ‪ :‬الرفق‬
‫المنفرات‬
‫أول ‪ :‬عدم مراعاة أحوال الناس وظروفهم‬
‫ثانيا ‪ :‬التعلق بمتاع الدنيا وزخرفها‬
‫ثالثا ‪ :‬الغلظة والفظاظة‬
‫رابعا ‪ :‬مخالفة القول العمل‬
‫خامسا ‪ :‬التعسير والتعقيد‬
‫الخاتمة‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫التقديم‬

‫الحمد ل رب العالمين والصلة والسلم على الرسول المين ‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين ‪،‬‬
‫وعلى التابعين لهم بإحسان‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت على هذه الرسالة الموجزة للشيخ الفاضل مازن بن عبد الكريم الفريح فوجدتها‬
‫دراسة نفيسة وتحفة تربوية منطلقها القرآن ودليلها السنة وغايتها بذر اليمان في القلوب ونشر‬
‫الوئام والسلم لصلح الحياة ‪.‬‬
‫ولشك أن الدعاة أحوج الناس إلى معرفة طرق ووسائل رد القلوب الشاردة إلى حياض الهدى‬
‫ومناهيل التقوى فشكير ال له سيعيه ورزقنيا وإياه الخلص والتقوى ونفيع بعمله هذا جمييع‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫المقدمة‬

‫إن الحمد ل نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات‬
‫أعمالنا من يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده‬
‫ل شريك له ‪.‬‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ( صلى ال عليه وسلم ) وصحبه وسلم تسليما كثيرا‪...‬‬
‫( يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ول تموتن إل وأنتم مسلمون ) آل عمران الية ‪.102‬‬
‫( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ‪ ،‬وبث منهما‬
‫رجال كثيرا ونساء‪ ،‬واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام إن ال كان عليكم رقيبا ) النساء‬
‫الية ‪.1 :‬‬
‫ل سديدا‪ ،‬يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع‬
‫(يا أيها الذين آمنوا اتقوا ل وقولوا قو ً‬
‫ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ) الحزاب‪ ،‬اليتان ‪71 ،70‬‬
‫أما بعد ‪:‬‬
‫فإن كسب قلوب الناس ليكونوا بعد ذلك للدعوة محبين وإليها مقبلين ولجندها مناصرين من‬
‫الموضوعات المهمة التي ينبغي أن يوليها الدعاة عنايتهم واهتمامهم ‪ ..‬وأن يكون لها نصيب‬
‫كبير من تفكيرهم وتخطيطهم ‪..‬‬
‫وتأتي أهمية هذا الموضوع من جوانب عدة منها ‪:‬‬
‫أولً ‪ :‬أن كسب قلوب الناس طريق ووسيلة إلى تقبلهم الحق وبعض الناس معرض عن دعوة‬
‫ال لعدم انسجامه مع الداعية نتيجة لبعض تصرفاته الخاطئة وقد ثبت عنه صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه قال (( يا أيها الناس إن منكم منفرين ))‬
‫ثانيا‪ :‬صنف من الدعاة ل يهتم بمعاملة الناس ول يبالي بموقف الناس منه ولهذا نشأت بينه‬
‫وبينهم هوة كبيرة حالت دون تبليغ دعوة ال في الوقت الذي نجد فيه بعضا من أصحاب‬
‫الفكار المنحرفة أوجدوا لفكارهم أتباعا ولمبادئهم جنودا وأنصارا لنهم عرفوا كيف‬
‫يتعاملون مع الناس فكسبوا قلوبهم وحركوا نفوسهم إلى ما لديهم من باطل ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬أن كسب الدعاة لقلوب الناس يبدد الجهود المضنية لعداء الدين على اختلف مشاربهم‬
‫وتباين نحلهم والتي يبذلونها في تشويه صورة دعاة الحق بما يبثونه من إشاعات وافتراءات‬
‫كاذبة عبر وسائل العلم المختلفة‪ ..‬فمعاملة الداعية للناس معاملة الب الشفيق الرحيم الذي‬
‫يحرص عليهم كما يحرص على نفسه ويحب لهم ما يحب لها يسد البواب أمام أهل الباطل‬
‫فل يستطيعون النيل منه أو إثارة الشبهات حوله‪..‬‬
‫رابعا‪ :‬حاجة الدعوة للتفاعل مع الناس ‪ ،‬وهذا التفاعل لن يثمر الثمار المرجوة منه إل إذا‬
‫أخذنا بأساليب كسب القلوب التي سنها لنا الرسول (صلى ال عليه وسلم) وفي حديث ابن عمر‬
‫رضي ال عنه ‪ ،‬عن النبي (صلى ال عليه وسلم ) أنه قال‪ " :‬المؤمن الذي يخالط الناس‬
‫ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي ل يخالط الناس ول يصبر على أذاهم"‬
‫خامسا‪ :‬أن قيام الدعاة بكسب قلوب الناس من حولهم يزيد في ترابط أفراد المجتمع المسلم ‪،‬‬
‫ويجعلهم أفرادا متراحمين متعاطفين وهذا مطلب شرعي في حد ذاته‪" :‬مثل المؤمنين في‬
‫توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد‪ ،‬إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر‬
‫والحمى"‪.‬‬
‫كل هذه المور وغيرها تجعل الحديث عن موضوع" كيف تكسب الناس" في غاية الهمية ‪..‬‬
‫وقد تناولنا الموضوع من خلل استعراض بعض الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية ثم‬
‫أتبعناها بذكر بعض المنفرات التي تنفر الناس من الداعية وتمنع استجابتهم له ‪.‬‬
‫أسأل ال ‪ ،‬عز وجل ‪ ،‬أن يجعل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم ‪ ،‬وأن ينفع به إنه ولي ذلك‬
‫والقادر عليه وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫كتبه‪:‬‬
‫مازن بن عبد الكريم الفريح‬
‫‪20/12/1412‬هجرية‬
‫الوسائل النبوية في كسب قلوب البرية‬

‫الوسيلة الولى‪ :‬خدمة الناس وقضاء حوائجهم‬


‫جبلت النفوس على حب من أحسن إليها ‪ ،‬والميل إلى من يسعى في قضاء حاجاتها ؛ ولذلك‬
‫قيل‪:‬‬
‫أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم‬
‫فطالما استعبد النسان إحسان‬
‫وأولى الناس بالكسب هم أهلك وأقرباؤك ؛ ولذلك قال رسول ال (صلى ال عليه‬
‫وسلم)‪":‬خيركم خيركم لهله وأنا خيركم لهلي"‪ .‬وعندما سئلت عائشة‪ -‬رضي ال عنها‪ -‬ما‬
‫كان رسول ال (صلى ال عليه وسلم)‪ :‬يفعل قالت " كان يكون في مهنة أهله‪ ،‬فإذا حضرت‬
‫الصلة يتوضأ ويخرج إلى الصلة"‪.‬‬
‫ومنا من ل يبالي بكسب قلوب أقرب الناس إليه كوالديه وزوجته وأقربائه فتجد قلوبهم مثخنة‬
‫بالكره أو بالضغينة عليه لتقصيره في حقهم‪ ،‬وانشغاله عن أداء واجباته تجاههم‪ .‬ومن أصناف‬
‫الناس الذين نحتاج لكسبهم ولهم الفضلية على غيرهم الجيران لقوله (صلى ال عليه وسلم )‬
‫"من كان يؤمن بال واليوم الخر فليكرم جاره "‪ .‬وأي إكرام أكبر من دعوتهم إلى الهدى‬
‫والتقى ؛ بل قال عليه أفضل الصلة والسلم‪ " :-‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه أو قال‬
‫لجاره ما يحب لنفسه" ‪ .‬ولذلك ينبغي أن نتحبب إلى الجار فنبدأه بالسلم ونعوده في المرض ‪،‬‬
‫ونعزيه في المصيبة ‪ ،‬ونهنئه في الفرح ونصفح عن زلته ‪ ،‬ول نتطلع إلى عورته‪ ،‬ونستر ما‬
‫انكشف منها ‪ ،‬ونهتم بالهداء إليه وزيارته ‪ ،‬وصنع المعروف معه‪ ،‬وعدم إيذائه‪ ..‬وقد نفى‬
‫الرسول (صلى ال عليه وسلم) اليمان الكامل عن الذي يؤذي جاره فقال‪ ":‬وال ل يؤمن ‪،‬‬
‫وال ل يؤمن ‪ ،‬وال ل يؤمن ‪ ،‬قال قائل من هو يا رسول ال ؟ قال‪ :‬الذي ل يأمن جاره‬
‫بوائقه"‪.‬‬
‫والبوائق هي الشرور والذى ‪.‬‬
‫ومن أصناف الناس الذين ينبغي أن نكسبهم إلى صف الدعوة‪ -‬أخي الحبيب‪ -‬من تقابلهم في‬
‫العمل ممن هم بحاجة إليك‪ ..‬فإذا كنت طبيبا فالمرضى ‪ ،‬وإذا كنت مدرسا فالطلب ‪ ،‬وإذا‬
‫كنت موظفا فالمراجعون ‪ .‬فل بد من كسب قلوبهم من خلل تقديمك لقصى ما تستطيعه من‬
‫جهد في خدمتهم و إنجاز معاملتهم وعدم تأخيرها‪ ..‬وكم منا من يسمع من يدعو على موظف‬
‫لم يكلف نفسه في تأدية ما عليه من واجبات في عمله ويؤخر معاملت الناس ‪ .‬وعند الترمذي‬
‫وأبي داود‪ -‬بإسناد صحيح –عنه (صلى ال عليه وسلم)" من وله ال شيئا من أمور المسلمين‬
‫فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب ال دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة"‪.‬‬
‫وبالجملة فإن الوظيفة مجال خصب لكسب قلوب الناس وتبليغهم دعوة ال ‪ ..‬و إنما خصصت‬
‫هذه الصناف الثلثة من الناس بالذكر وهم الهل أو القرباء والجيران ومن نلقاهم في‬
‫وظائفنا لسببين هما‪ :‬كثرة اللقاء بهم‪ ،‬والثاني كثرة التقصير أو الهمال لحقوقهم مماله الثر‬
‫السلبي في تقبلهم لما ندعوهم إليه؛ إذن فالمسلم فضل عن الداعية ينبغي أن يسع الناس كلهم‬
‫بخلقه وتضحيته ولذلك وصفت خديجة الرسول( صلى ال عليه وسلم) فقالت ‪":‬إنك لتصل‬
‫الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق"‪.‬‬
‫الوسيلة الثانية‪ :‬الحلم وكظم الغيظ‬

‫يخطئ بعض الناس‪ -‬أحيانا – في حقك‪ ..‬يوعد فيخلف أو يتأخر أو يجرحك بلسانه فل بد‬
‫لكسبه من حلم وكظم للغيظ لنك صاحب هدف وغاية تريد أن تصل إليها ؛ ولذا لبد من‬
‫حسن تصرفك وال –عز و جل‪ -‬يمتدح هذا الصنف من الدعاة فيقول ‪( :‬والكاظمين الغيظ‬
‫والعافين عن الناس وال يحب المحسنين) آل عمران‪ ،‬الية‪ . 134 :‬وعن أنس – رضي ال‬
‫عنه –قال ‪" :‬كنت أمشي مع رسول ال وعليه برد غليظ الحاشية ‪ ،‬فأدركه أعرابي فجذبه‬
‫جذبة شديدة حتى أزالت الرداء إلى صفحة عاتق رسول (ال صلى ال عليه وسلم) وقد أثرت‬
‫بها حاشية الرداء من شدة جذبته ثم قال ‪ :‬يا محمد مر لي من مال ال الذي عندك ‪ ..‬فالتفت‬
‫إليه رسول ال (صلى ال عليه وسلم) وضحك ‪ ،‬وأمر له بعطاء"‪ .‬وهذا الموقف من سيد الخلق‬
‫–عليه أفضل الصلة والسلم – ل يحتاج منا إلى تعليق سوى أن نقول ‪ :‬ما قاله الحق عز و‬
‫جل في وصف نبيه(وإنك لعلى خلق عظيم)القلم‪ ،‬الية‪.4 :‬‬
‫الوسيلة الثالثة‪ :‬السماحة في المعاملة‬

‫يوجز الرسول( صلى ال عليه وسلم)أصول المعاملة التي يدخل فيها المسلم إلى قلوب الناس‬
‫ويكسب ودهم وحبهم فيقول ‪" :‬رحم ال رجلً سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى" وفي‬
‫رواية "وإذا قضى" ‪ .‬فالسماحة في البيع ‪ :‬أل يكون البائع شحيحا بسلعته ‪ ،‬مغاليا في الربح ‪،‬‬
‫فظا في معاملة الناس ‪.‬‬
‫والسماحة في الشراء أن يكون المشتري سهل مع البائع فل يكثر من المساومة ؛ بل يكون‬
‫كريم النفس وبالخص إذا كان المشتري غنيا والبائع فقيرا معدما‪ .‬والسماحة في القتضاء ‪:‬‬
‫أي عند طلب الرجل حقه أو دينه فانه يطلبه برفق ولين‪ ..‬وربما تجاوز عن المعسر أو أنظره‬
‫كما في حديث أبي هريرة مرفوعا ‪ ":‬كان رجل يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه‬
‫تجاوزوا عنه لعل ال أن يتجاوز عنا فتجاوز ال عنه" والسماحة في القضاء ‪ :‬هو الوفاء بكل‬
‫ما عليه من دين أو حقوق على أحسن وجه في الوقت الموعود وانظر كيف دخل الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم إلى قلب هذا الرجل الذي روى قصته المام البخاري في صحيحه عن‬
‫أبى هريرة قال‪ ( :‬أن رجلً أتى النبي صلى ال عليه وسلم فتقاضاه فأغلظ فهمّ به أصحابه‬
‫فقال النبي صلى ال عليه وسلم دعوه فإن لصاحب الحق مقالً ثم قال أعطوه سنا مثل سنه‬
‫قالوا يا رسول ال ل نجد إل أفضل من سنه فقال أعطوه فإن خيركم أحسنكم قضاء ) فقال‬
‫الرجل ( أوفيتني أوفى ال بك ) ‪.‬‬
‫ومن السماحة في المعاملة ‪ :‬عدم التشديد في محاسبة من قصر في حقك ‪ .‬فعن أنس قال‬
‫(خدمت رسول ال صلى ال عليه وسلم عشر سنين وال ما قال لي ‪ :‬أف قط ول قال لشيء‬
‫فعلته لم فعلت كذا وهل فعلت كذا )‬
‫الوسيلة الرابعة ‪ :‬المداراة‬

‫المداراة وليست المداهنة ‪ ..‬والمداراة هي لين الكلم والبشاشة وحسن العشرة لناس عندهم‬
‫شيء من الفجور والفسق لمصلحة شرعية ‪ .‬روى البخاري في صحيحه عن عائشة – رضي‬
‫ال عنها ‪ (( :‬أن رجل استأذن على النبي صلى ال عليه وسلم فلما رآه قال بئس أخو العشيرة‬
‫‪ ..‬فلما جلس تطلق له وجه النبي صلى ال عليه وسلم وأنبسط إليه فلما انطلق الرجل قالت له‬
‫عائشة يا رسول ال رأيت الرجل قلت كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه فقال‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم يا عائشة متى عهدتني فاحشا ‪ ،‬إن شر الناس عند ال منزلة يوم‬
‫القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه ) ‪.‬‬
‫قال ابن حجر رحمه ال نقل عن القرطبي ( وفي الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش‬
‫ونحو ذلك من الجور في الحكم والدعاء إلى البدعة مع جواز مداراتهم اتقاء شرهم ما لم يؤد‬
‫ذلك إلى المداهنة في دين ال تعالى ‪ ..‬ثم قال – ل زال الكلم للقرطبي تبعا لعياض ‪ :‬والفرق‬
‫بين المداراة والمداهنة أن المداراة بذل الدنيا لصلح الدنيا أو الدين أو هما معا وهي مباحة‬
‫وربما استحبت والمداهنة ترك الدين لصلح الدنيا والعياذ بال إذن فنحن بحاجة إلى كسب‬
‫قلوب الفسقة أيضا بلين الكلم والقيام بحسن العشرة لهدايتهم إلى الصواب – أو على القل –‬
‫لتقاء شرهم )‪..‬‬
‫وبعض الفسقة اليوم أدوات بيد أهل العلمانية يجولون بهم ويصولون بسبب بعد أهل الخير‬
‫عنهم أو عدم مداراتهم كما فعل الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫الوسيلة الخامسة ‪:‬إدخال السرور على الخرين‬

‫وهي من أهم الوسائل في تقوية الروابط وامتزاج القلوب وائتلفها ‪ ..‬كما إن إدخال السرور‬
‫على المسلم يعد من أفضل القربات وأعظم الطاعات التي تقرب العبد إلى رب الرض‬
‫والسموات ‪ ..‬ولدخال السرور إلى القلوب المسلمة طرق كثيرة و أبواب عديدة منها ما ورد‬
‫في حديث ابن عمر ‪:‬‬
‫( أحب الناس إلى ال أنفعهم وأحب العمال إلى ال سرور تدخله على مؤمن !! ولكن كيف‬
‫تدخله؟! قال ‪ :‬تكشف عنه كربا أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ‪ .‬ولئن أمشي مع أخي‬
‫المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف شهرا في المسجد ومن كف غضبه ستر ال عورته‬
‫ومن كظم غيظه ولو شاء ال أن يمضيه أمضاه مل ال في قلبه رجاء يوم القيامة ومن مشى‬
‫مع أخيه المسلم في حاجة حتى يثبتها له ثبت ال قدمه يوم تزل فيه القدام ) وإن سوء الخلق‬
‫ليفسد العمال فل أقل من البتسامة والبشاشة فابتسامتك بوجه من تلقاه من المسلمين لها أثر‬
‫في كسب قلوبهم ؛ولذلك قال عليه الصلة والسلم ( ل تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى‬
‫أخاك بوجه طلق ) والوجه الطلق هو الذي تظهر على محياه البشاشة والسرور ‪ ..‬قال عبد ال‬
‫بن الحارث ( ما رأيت أحدا أكثر تبسما من رسول ال صلى ال عليه وسلم) وقال جرير ( ما‬
‫حجبني رسول ال صلى ال صلى ال عليه وسلم منذ أسلمت ول رآني إل تبسم ) ‪.‬‬
‫كما كان صلى ال عليه وسلم ينبسط مع الصغير والكبير يلطفهم ويداعبهم وكان ل يقول إل‬
‫حقا وإليك هاتين الصورتين من صور مداعبته صلى ال عليه وسلم وكسبه لقلوب صحابته ‪.‬‬
‫الولى – مع كبار السن ‪:‬‬
‫أخرج أحمد عن أنس – رضي ال عنه – ( أن رجلً من أهل البادية كان اسمه زاهرا وكان‬
‫رسول ال يحبه وكان دميما (قبيحا) فأتاه رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يبيع متاعه‬
‫فاحتضنه من خلفه ول يبصره الرجل فقال ‪ :‬أرسلني ‪ ..‬من هذا ؟ فالتفت فعرف النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم فجعل يلصق ظهره بصدر النبي صلى ال عليه وسلم حين عرفه وجعل النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم يقول (من يشتري العبد ؟) فقال ‪ :‬يا رسول ال – إذن – وال تجدني‬
‫كاسدا فقال رسول ال لكن عند ال لست بكاسد أو قال عند ال غال ‪.‬‬
‫أما الصورة الثانية ‪ :‬فهي ملطفته للطفال وإدخال السرور عليهم ‪ ..‬فعند البخاري من حديث‬
‫أنس كان رسول ال صلى ال عليه وسلم أحسن الناس خلقا وكان لي أخ فطيم يسمى أبا عمير‬
‫لديه عصفور مريض سمه النغير فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يلطف الطفل الصغير‬
‫ويقول ( يا أبا عمير ما فعل النغير ) ‪.‬‬
‫وهكذا أخيي الداعيية ميا ترك رسيول ال (صيلى ال علييه وسيلم ) سيبيلً إلى قلوب الناس إل‬
‫وسلكه ما لم يكن حراما ‪ ،‬فإذا كان كذلك كان أبعد الناس عنه(صلى ال عليه وسلم)‪.‬‬
‫الوسيلة السادسة‪:‬‬

‫احترام الم سلمين وتقدير هم والتأدب مع هم وتبجيل هم وإجلل هم ف قد كان صلى ال عل يه و سلم‬
‫يجل من يدخل عليه ويكرمه وربما بسط له ثوبه ويؤثره بالوسادة التي تحته ويعزم عليه في‬
‫الجلوس عليهيا إن أبيى وينزل الناس منازلهيم ويعرف فضيل أولي الفضيل وقال علييه أفضيل‬
‫ال صلة وال سلم يوم الف تح ( من د خل دار أ بى سفيان ف هو آ من ) وقال صلى ال عل يه و سلم‬
‫(ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه ) ومما ينبغي أن نذكرك به‬
‫– أخي الداعية – في هذا المقام ‪:‬‬
‫احترام من خال فك في الرأي مما ف يه مجال للختلف ومتسع للن ظر ‪ ..‬وعدم انتقاصه ورم يه‬
‫بالجهل وقلة الفقه وسوء الظن به ما دام ظاهره السلمة ‪.‬‬
‫احترام المتحدث وعدم مقاطعته ‪ .‬قال ابن كثير رحمه ال وكان صلى ال عليه وسلم إذا حدثه‬
‫أحد التفت إليه بوجهه وجسمه وأصغى إليه تمام الصغاء ول يقطع الحديث حتى يكون المتكلم‬
‫هو الذي يقطعه ‪.‬‬
‫الوسيلة السابعة ‪ :‬حسن الكلم‬

‫لقد حث النبي صلى ال عليه وسلم على طيب القول وحسن الكلم ‪ ،‬كما في قوله صلى ال‬
‫عليه وسلم (( الكلمة الطيبة صدقة )) لما لها من أثر في تأليف القلوب وتطييب النفوس إنه‬
‫ليس من المهم توصيل الحقيقة إلى الناس فقط ولكن الهم هو الوعاء الذي سيحمل تلك الحقيقة‬
‫بهيا ‪ ..‬فإذا كان الرسيول صيلى ال عل يه وسيلم يقول ((زينوا القرآن بأصيواتكم فإن الصيوت‬
‫الحسين يزييد القرآن حسينا)) فمين باب أولى أن نقول للدعاة زينوا الدعوة بحسين كلمكيم فان‬
‫الكلم الحسين يزييد الدعوة حسينا وجاذبيية ‪ ..‬وخاصية عنيد النصيح ‪ ..‬أن النصيح علج مير‬
‫فليصحبه شئ من حلو الكلم فكن من الذين يعملون الحق ويرحمون الخلق واسمع إلى يحيى‬
‫بن معاذ يقول ‪ (( :‬أحسن شئ كلم رقيق يستخرج من بحر عميق على لسان رجل رقيق ))‬
‫وكم من كلمة سوء نابية ألقاها صاحبها ولم يبال بنتائجها وبتبعاتها فرقت بين القلوب ومزقت‬
‫ال صفوف وزر عت الح قد والبغضاء والكراه ية والشحناء في النفوس ؛ ولذلك ث بت ع نه صلى‬
‫ال عليه وسلم أنه قال ( إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوي بها في النار أبعد مما‬
‫بين المشرق والمغرب ) ‪.‬‬
‫أيها الخ الكريم ‪ ..‬وأختم هذه الوسيلة بهذا الموقف التربوي الذي دار فيه الحوار بين الرسول‬
‫صلى ال عل يه وسلم وعائ شة ر ضي ال عن ها قالت عائ شة ر ضي ال عنها ‪ (( :‬د خل ر هط‬
‫من اليهود على رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا السام عليكم قالت عائشة ففهمتها فقلت‬
‫‪:‬عليكيم السيام واللعنية قالت ‪ :‬فقال رسيول ال صيلى ال علييه وسيلم مهلً ييا عائشية فقلت ييا‬
‫رسول ال أو لم تسمع ما قالوا ؟ قالت فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم قد قلت وعليكم ))‬
‫فكلم الر سول صلى ال عل يه و سلم مع أ هل الفجور والف سوق والك فر يحتاج م نا إلى درا سة‬
‫متأنية ففيه البصيرة النافذة والحكمة البالغة ‪.‬‬
‫الوسيلة الثامنة ‪ :‬التواضع ولين الجانب‬

‫لقد كسب رسول ال صلى ال عليه وسلم بتواضعه ولين جانبه قلوب الناس من حوله ‪.‬ذكر‬
‫أنس رضي ال عنه صورة من صور تواضعه عليه الصلة والسلم فقال (( إن امرأة كان في‬
‫عقل ها شئ جاء ته فقالت إن لي إل يك حا جة قال اجل سي يا أم فلن في أي طرق المدي نة شئت‬
‫أجلس إل يك ح تى أق ضي حاج تك قال فجل ست فجلس ال نبي صلى ال عل يه و سلم إلي ها ح تى‬
‫فرغت من حاجتها)) وعند البخاري ‪ :‬إن كانت المة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم فتنطلق به حيث شاءت حتى يقضي حاجتها ودخل عليه رجل فأصابته‬
‫من هيبته رعدة فقال له رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪ (( :‬هون عليك فإني لست بملك إنما‬
‫أ نا ا بن امرأة من قر يش كا نت تأ كل القد يد )) وبهذا ال سلوب والتوا ضع ول ين الجا نب د خل‬
‫الرسول صلى ال عليه وسلم إلى شغاف قلوب الناس من حوله ‪.‬‬
‫أما الظهور بمظهر الستاذية والنظر إلى المسلمين نظرة دونية فهي صفة شيطانية ل تورث‬
‫إل البغض والقطيعة ‪(( .‬قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين )) ص‪ ،‬الية ‪76:‬‬
‫‪.‬وقد قال صلى ال عليه وسلم (( من كان هينا لينا سهلً حرمه ال على النار))‬
‫الوسيلة التاسعة ‪ :‬الجود والكرم‬

‫إلييك – أخيي الحيبيب – هذا السيخاء وذلك الجود يأسير القلوب ويطييب النفوس‪ ...‬فعين أنيس‬
‫رضي ال عنه قال‪ (( :‬إن رجل سأل رسول ال صلى ال عليه وسلم فأعطاه غنما بين جبلين‬
‫فر جع إلى بلده وقال ‪:‬أ سلموا فإن محمدا يع طي عطاء من ل يخ شى فا قة )) فان ظر وف قك ال‬
‫كيف أثر هذا السخاء النبوي على قلب هذا الرجل وجعل منه – بإذن ال – بعد أن كان حربا‬
‫على السلم أصبح داعية إليه ‪.‬‬
‫وعن جابر رضي ال عنه قال (( ما سئل النبي صلى ال عليه وسلم عن شيء قط فقال ل))‬
‫و من الجود الهد ية و قد قال صلى ال عل يه و سلم (( تهادوا تحابوا )) فالهد ية باب من أبواب‬
‫كسب القلوب وتنمية التآلف بينها ‪.‬‬
‫الوسيلة العاشرة ‪ :‬الرفق‬

‫ف عن عائ شة – ر ضي ال عن ها – قالت قال ر سول ال صلى ال عل يه و سلم ‪ ((:‬إن ال رف يق‬


‫ي حب الر فق في ال مر كله )) بل الر فق مفضل على كث ير من الخلق؛لذا كان ما يعط يه ال‬
‫لصاحبه من الثناء الحسن في الدنيا والجر الجزيل في الخرة أكثر مما يعطيه على غيره ‪..‬‬
‫لقوله عليه أفضل الصلة والسلم((إن ال رفيق يحب الرفق ويعطي بالرفق ما ل يعطي على‬
‫العنف وما ل يعطي على سواه )) ‪.‬‬
‫ومن المواطن التي يتأكد فيها الرفق عند تقويم خطأ الجاهل‪ .‬وانظر الي هذه الصورة المعبرة‬
‫في تقويم الشخاص عند خطئهم والتي يملؤها الرفق والرحمة ‪.‬‬
‫فعن معاوية بن الحكم السلمي – رضي ال عنه‪ -‬قال ((بينما أنا أُصلي مع رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت يرحمك ال فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل‬
‫أمياه ما شأن كم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيدي هم على أفخاذ هم ف ما رأيت هم ي صمتونني‬
‫لكني سكت فلما صلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ول‬
‫بعده أحسين تعليما منيه فوا ال ميا نهرنيي ول ضربنيي ول شتمنيي قال (( إن هذه الصيلة ل‬
‫يصلح فيها شيء من كلم الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القران )) أو كما قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قلت يا رسول ال إني حديث عهد بجاهلية وقد جاء ال بالسلم وإن‬
‫منا رجال يأتون الكهان قال (( فل تأتهم ))قلت ومنا رجال يتطيرون قال (( ذلك شيء يجدونه‬
‫في صدورهم فل يصدنهم )) ‪.‬‬
‫والمثلة على ذلك كثيرة كحدييث العرابيي الذي بال فيي المسيجد ومعاملة الرسيول صيلى ال‬
‫عليه وسلم للشاب الذي استأذنه بالزنا وحسن تصرفه عليه الصلة والسلم معه ‪.‬‬
‫و في الجملة ؛ فإن الذي ين ظر إلى هذه الو سائل ي جد أن ها ل تكاد تخرج عن دائرة الخلق ‪،‬‬
‫فالتزامها إنما هو التزام بالخلق الحسن الذي قال عنه صلى ال عليه وسلم (( أكمل المؤمنين‬
‫إيمانا أحسنهم خلقا))‬
‫وق بل هذا وكله و بعده ل بد أن نذكرك بملك ذلك كله و هو القبال على ال القبال على رب‬
‫القلوب ونيل محبته لحديث أبى هريرة – رضي ال عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال (‬
‫إذا أحب ال عبدا نادى جبريل إن ال يحب فلنا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل‬
‫ال سماء إن ال ي حب فل نا فأحبوه فيح به أ هل ال سماء ثم يو ضع له القبول في أ هل الرض) )‬
‫وح سبك بداع ية قد و ضع ال له القبول في أ هل الرض قال ا بن ح جر رح مه ال ((والمراد‬
‫بالقبول ‪ :‬قبول القلوب له بالمحبة والميل إليه بالرضا عنه ))‬
‫وزاد المام مسلم رحمه ال (( وإذا أبغض عبدا دعا جبريل إني أبغض فلنا فأبغضه فيبغضه‬
‫جبريل فينادي جبريل في أهل السماء ‪ :‬إن ال يبغض فلنا فأبغضوه فيبغضه أهل السماء ثم‬
‫توضع له البغضاء في الرض )) والعياذ بال ‪.‬‬
‫المنفرات‬

‫ل شك أن مساوئ الخلق عموما من أشد المور تنفيرا للناس عن الداعية ‪،‬إذا اتصف بشيء‬
‫منها‪،‬بيد أننا سنخص بعض المنفرات لما لها من الثر الكبير في تنفير الناس وانفضاضهم ‪،‬‬
‫ومن هذه المنفرات‪:‬‬
‫أول عدم مراعاة أحوال الناس وظروفهم‪ ..‬وقد نبه الرسول صلى ال عليه وسلم إلى المر‬
‫فقال لمعشر الدعاة (( إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا‬
‫صلى أحد كم لنف سه فليطول ما شاء )) ف هي و صية من داع ية هذه ال مة عل يه أف ضل ال صلة‬
‫وال سلم لجم يع الدعاة بضرورة مراعاة أحوال الناس في ر كن من أ هم أركان هذا الد ين ؛لذا‬
‫فمراعاة الناس فيما دون ذلك مرتبة من العبادات والمعاملت من باب أولى ‪.‬‬
‫وإلييك هذه الحادثية التيي تدل على أن إغفال هذه الوصيية يؤدي إلى نفرة الناس وربميا يسيبب‬
‫تركهم للعمل الصالح أو تأخرهم عنه ‪.‬‬
‫كان معاذ يصلي مع النبي صلى ال عليه وسلم ثم يأتي فيؤم قومه فصلى ليلة مع النبي صلى‬
‫ال عليه وسلم العشاء ثم أتى قومه فأمهم فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى‬
‫وحده وانصيرف فقالوا له أنافقيت ييا فلن ؟ قال ل وال ولتيين رسيول ال صيلى ال علييه‬
‫فلخبرنه فأتى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال يا رسول ال إنا أصحاب نواضح نعمل‬
‫بالنهار وأن معاذا صلى م عك العشاء ثم أ تى فافت تح ب سورة البقرة فأق بل ر سول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم على معاذ فقال ‪ (( :‬أفتان أنت ؟ اقرأ بكذا اقرأ بكذا ( وفي رواية ‪ :‬أفتان أنت ثلثا‬
‫؟! اقرأ الشمس وضحاها وسبح اسم ربك العلى ونحوهما ))‬
‫ثانيا التعلق بمتاع الدنيا وزخرفها ‪ :‬وهذا المنفر أصله حديث الرسول صلى ال عليه وسلم ((‬
‫ازهد في الدنيا يحبك ال وازهد فيما عند الناس يحبك الناس )) فالرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫يعلم نا ك يف نك سب الناس وننال محبت هم وذلك بالز هد في ما في أيدي هم لن نا إذا ترك نا ل هم ما‬
‫أحبوه أحبو نا وقلوب أكثر هم مجبولة مطبو عة على حب الدن يا و من نازع إن سانا في محبو به‬
‫كر هه وقله ومن لم يعار ضه ف يه أح به وا صطفاه قال الح سن الب صري ل يزال الر جل كري ما‬
‫على الناس ما لم يطمع فيما بين أيديهم فحينئذ يستخفون به ويكرهون حديثه ويبغضونه ‪.‬‬
‫وقال أعرا بي ل هل الب صرة من سيدكم ؟ قالوا الح سن قال بم سادكم ؟ قالوا احتاج الناس إلى‬
‫علمه واستغنى هو عن دنياهم ‪ ،‬فقال‪ :‬ما أحسن هذا‪.‬‬
‫ثالثا الغلظة والفظاظة ‪ :‬وهذا المنفر أصله قول الحق عز وجل لسيد الدعاة عليه أفضل الصلة‬
‫وال سلم ( فبميا رح مة من ال لنيت لهيم ولو ك نت فظا غلييظ القلب لنفضوا من حولك ) آل‬
‫عمران الية ‪ .159‬وما من شيء أشد تنفيرا للناس عن الحق والخير مثل دعوتهم إليه بالغلظة‬
‫والخشونة ‪.‬‬
‫ولقد انحسر أثر بعض الدعاة المخلصين في الناس ولم يوفقوا إلى إيصال ما لديهم من حق إلى‬
‫عموم الم سلمين وغير هم لن هم أخطأوا ال سلوب الذي يفتحون به قلوب الناس وعقول هم فغلب‬
‫عليهم الجدل بالتي هي أخشن والمواجهة بالغلظة والحدة ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬مخالفة القول العمل ‪ :‬ما أشد بغض الناس لداعية خالفت أفعاله أقواله وما أعظم نفرتهم‬
‫؛ بل ما أكبر مقت ال عز وجل لهذه الصفة الخسيسة ‪ ،‬حيث يقول عز وجل‪ ( :‬يا أيها الذين‬
‫أمنوا لم تقولون ما ل تفعلون كبر مقتا عند ال أن تقولوا ما ل تفعلون ) الصف اليتان ‪، 2 :‬‬
‫‪3‬‬
‫ولقيد أنكير ال سيبحانه على أقوام يأمرون الناس بالبر ويدعون أنفسيهم فيي غيهيا ( أتأمرون‬
‫الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون ) البقرة الية ‪44 :‬‬
‫ولذلك قال شع يب لقو مه ما أخبر نا ال به ح يث يقول ال تعالى على ل سانه ‪ ( :‬و ما أر يد أن‬
‫أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد الّ الصلح ما استطعت ) هود الية ‪ . 88‬ولكن لبد من‬
‫الجا بة على شب هة يردد ها ب عض الناس نعرض ها على ش كل سؤال‪ ..‬و هو هل يترك الداع ية‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر في حالة عدم تمكنه من فعله ؟‬
‫قال ابن كثير رحمه ال ‪ :‬فكل من المر بالمعروف وفعله واجب ل يسقط أحدهما بترك الخر‬
‫على أصح قول العلماء من السلف والخلف ‪ .‬وذهب بعضهم إلى أن مرتكب المعاصي ل ينهى‬
‫غيره عن ها ‪ ،‬وهذا ضع يف ‪ .‬وال صحيح أن العالم يأ مر بالمعروف وإن لم يفعله ‪ ،‬وين هى عن‬
‫المنكير وإن ارتكبيه ‪ ،‬قال سيعيد بين جيبير ‪ :‬لو كان المرء ل يأمير بالمعروف ول ينهيى عن‬
‫المن كر ح تى ل يكون ف يه ش يء ما أ مر أ حد بمعروف ول ن هى عن من كر ‪ .‬قلت القائل –ا بن‬
‫كثير ‪ : -‬لكنه والحالة هذه مذموم على ترك الطاعة وفعله المعصية لعلمه بها ومخالفته على‬
‫بصيرة فانه ليس من يعلم كمن ل يعلم " ‪.‬‬
‫خام سا ‪ :‬التع سير والتعق يد ‪ :‬هناك فر يق من الناس يبحثون عن كل صعب ومع سر ليقدموه‬
‫للناس على أ نه ال سلم ‪ ،‬دون مراعاة لي سر ال سلم ورف عه للحرج عن الناس ‪ .‬وهذا خلف‬
‫ل ما كان عل يه أف ضل ال صلة وال سلم ح يث قالت ع نه عائ شة ر ضي ال عن ها ‪ ":‬ما خ ير ب ين‬
‫أمرين قط إل اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ؛ فإن كان إثما كان أبعد الناس منه" ولما للتيسير‬
‫– في حدود الشرع – من أثر في تأليف القلوب وزيادة ربطها بهذا الدين نادى الرسول صلى‬
‫ال علييه وسيلم بالدعاة قائل ‪ " :‬يسيروا ول تعسيروا ‪ ،‬وبشروا ول تنفروا "‪ .‬قال النووي ‪ :‬لو‬
‫اقتصر على يسروا لصدق على من يسر مرة وعسر كثيرا فقال ‪":‬ول تعسروا " لنفي التعسير‬
‫في جم يع الحوال ‪ ،‬وكذلك في قوله ‪ ":‬ول تنفروا " والمراد تأل يف من قرب إ سلمه ‪ ،‬وترك‬
‫التشديد عليه في البتداء‪ ،‬وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطيف ليقبل ‪ ،‬وكذلك‬
‫تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج لن الشي إذا كان في ابتدائه سهل حبب إلى من يدخل فيه‬
‫‪ ،‬وتلقاه بانبساط ‪ ،‬وكانت عاقبته غالبا الزدياد بخلف ضده‪)).‬‬
‫الخاتمة‬

‫وبعد ‪:‬‬
‫فإن كسب قلوب الناس مهمة ليست باليسيرة إل لمن يسرها ال له ؛ ولذا علينا أن نلح على ال‬
‫بالدعاء ليف تح قلوبنيا و قلوبهيم للحيق ويجعلنيا وإياهيم أنصيارا لدينيه وحملة دعوتيه‪ .‬وميع هذا‬
‫الدعاء لبد من الخذ بالسباب التي توصلنا بإذن ال إلى كسب القلوب الشاردة ؛ولعل العمل‬
‫بما ذكرناه من وسائل واجتناب ما استعرضناه من منفرات يعين على رد تلك القلوب الشاردة ؛‬
‫إلى الهدى ردا جميل ً‪.‬‬
‫وأخيرا أسأل ال عز وجل أن ين صر دي نه ويعلي كلم ته وأن يجعلنا هداةً مهتد ين غير ضال ين‬
‫ول مضلين وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪.‬‬

You might also like