Professional Documents
Culture Documents
يكثر إستخدام كلمة جسد فى الكتاب المقدس ،ولكنھا تستخدم بمعاني كثيرة ،وذلك
ربما ألن ترجمتنا العربية تترجم كلمتان يونانيتان مختلفتان إلي كلمة جسد العربية.
بل إن حتى ھاتان الكلمتان اليونانيتان لھما أصال إستخدامات أي معاني متعددة فى
كلمة ..ولن أخوض فى ھذا الموضوع اآلن حيث المجال له ،ولكن دعونا نذكر
بعض اإلستخدامات ثم نركز علي أحدھا أال وھو الذات.
تطبيق عملي
ولننتقل اآلن لتطبيق عملي ،يرمز شاول الملك الشرير أول ملوك شعب إسرائيل
للجسد ،ويرمز داود الملك الراعي الوديع للمسيح أو للطبيعة الجديدة فى المؤمن.
وھكذا نري أن حياة شاول مايميزھا ھي أنه عاشھا لنفسه ،فيقول عنه الكتاب "اختار
شاول لنفسه" )١صم" (٢ :١٣وإذا رأي شاول رجال جبارا أو ذا بأس ضمه إلي
نفسه" )١صم" (٤٧ :١٤قد جاء شاول إلي الكرمل وھوذا قد نصب لنفسه نصباً"
)١صم (١٢ :١٥أي صنع نصب تذكاري لنفسه يخلد أعماله وھي حادثة لم تحدث
من قبل فى وسط شعب ..فالمجد كله يعود دائما للرب إله إسرائيل .ويقول شاول
لصموئيل النبي بعد أن فعل خطايا عديدة "أكرمنى أمام شيوخ شعبي وأمام
إسرائيل" )١صم (٣٠ :١٥وھا ھو فى عمق خطيته ويطلب اإلكرام والتكريم بدال
من أن يضع نفسه فى التراب ويبلل كل ليلة فراشه بدموعه ،والحظ أنه حتى لم يقل
"شيوخ شعب الرب" بل حتي "شيوخ الشعب" لم يعودوا سوي" شيوخ شعب شاول"
فى نظره.
وھو يريد أن يأخذ الكرامة االولي فلم يطق نسب الفضل لداود بعد اإلنتصار حينما
"غنت النساء الالعبات وقلن :ضرب شاول ألوفه وداود ربواته" )١صم(٧ :١٨
ولم يتحمل أن يعطين داود فضل ضرب عشرات اآلالف بينما ھو أعطينه فقط
ضرب آالف فقال "أعطين داود ربوات وأما أنا فأعطينني األلوف" )١صم:١٨
(٨ووضع خطط عديدة بعد ھذا للتخلص من داود ،رغم أن داود ھو الذي "وضع
نفسه بيده وقتل الفلسطيني" )١صم (٥ :١٩فقد خاطر بنفسه وقتل الجبار جليات
فى بطولة فريدة ،لكن شاول يريد أن ياخذ كل الكرامة لنفسه واليطيق أن يظھر
بجانبه أحد تماما مثل الجسد او الذات الذي اليريد أبدا أن يبدوا معه فى المشھد أحد.
وعلينا أن نھرب من الكرامة البشرية التي بحسب البشر وأن نعطي كل المجد Q
وأن نعترف بفضل إخوتنا فى الخدمة وأن نرفض كل مجد وكرامة يعود علينا.
وھواليطيق داود وعاش طوال حياته مطاردا له ،يدبر مؤامرة تلو األخري للتخلص
منه .ألن الجسد اليحب الروح بل يكرھا ويكره الحياة الروحية .وإن كان يستطيع
التصنع وأن يحاول الظھور بمظھر التقوي وشكلھا الخارجي مثل الذين قال عنھم
الرسول "لھم صورة التقوي لكنھم ينكرون قوتھا" )٢تي (٥ :٣فھم بينھم وبين
أنفسھم اليمارسون التقوي بل يظھرونھا خارجا فقط .فشاول رمز للجسد فى المؤمن
الذي يجيد التلون ويحاول أن يتوافق مع الحياة الروحية ويستغلھا لكي ماينسب لنفسه
العديد من اإلنجازات والكرامات.
فالجو الروحي السليم يصيب الذات أو الجسد باإلختناق ،وھو يحاول أن يتملص من
الروحيات .وأن يفعل مايريده بعد أن يكسبه إسما ً وشكالً روحيا حتى يتخلص من
الجو الروحي الذي حسب الحق.
فنجده فى الحرب يقول إذ يجمع الرجال للحرب "من اليخرج وراء شاول ووراء
صموئيل" )١صم (٧ :١١فيجعل من نفسه القائد ويتمسح فى صموئيل إذ يذكر أسم
صموئيل ألن صموئيل محبوب لدي الشعب .بالمقارنة مع موسي الذي قال "من
للرب فإلي" )خر (٢٦ :٣٢أي من ھو للرب وقلبه مكرس للرب وغيور للرب
فيجتمع إلي موسي حيث يجتمع كل غيور للرب .فاليجمع الناس حوله ولكن حول
الرب.
ھكذا أي خادم روحي وليس جسدي عليه أن اليجمع الناس من حوله أبدا .واليجعلھم
يتعلقون به أبدا .فبداخلنا شعور خفى يجد لذة عندما يعجب الناس به ويجتمعوا حوله
ويمدحونه .وعلينا دائما أن نحكم علي ھذا الشعور فالنترك أخواتنا يتعلقون بنا بل
نجعلھم يتعلقون بالرب وحده.
وھو يسمي الخطية بأسماء اخري عديدة غير كلمة خطية ،أسماء لھا صبغة روحية.
فعندما قام بعمل الخطية وتعدي امر الرب وقدم ذبيحة المحرقة وھو ليس كاھنا من
نسل ھارون ،أخذ يفسر أن مافعله ھو أمر روحي من شخص روحي .فيقول
لصموئيل" :ألني رأيت الشعب قد تفرق عني ،وأنت لم تأت في أيام الميعاد،
والفلسطينيون متجمعون فى مخماس فقلت اآلن ينزل الفلسطينيون إل َّي إلي
الجلجال ،ولم أتضرع إلي وجه الرب ،فتجلدت وأصعدت المحرقة" )١صم:١٣
(١٢-١١ويريد بذلك أن يوھم صموئيل أنه ألجل أنه يحب الصالة أصعد المحرقة
وتخطي الوصية.
وعلينا أن النتملص من خطايانا بل نعترف بھا مقرين .وأن نسميھا بأسمائھا وإنه
من أفظع الخطايا أن نضفي صفة الروحانية علي الخطية .فبدال من اإلعتراف
بالخطية نعتبرھا صفة روحية حميدة .ھذا ھو فعل الجسد ،وطريقته .فالغضب يصير
إسمه غيره مقدسة .والنميمة تصير بحث فى أخبار أوالد .لإلطمئنان عليھم .وعدم
اإللتزام الروحي ندعي أنه "عدم فريسية" أو "حياة بالنعمة".والتسلط علي شعب .
ندعي أنه غيرة علي إسم ..وحياة الترفه والراحة ندعي أنھا شيئ روحيا سليم بل
يساعد اإلنسان علي الحياة الروحية أن يأخذ فترة راحة ونقاھة من التعب .وھكذا
ينجح الجسد فى أن يلبس كل مايريد أن يفعله ويحققه ثوبا روحيا حميدا لكي نقوم به
دون أن نقع فى الشعور بالذنب.
وھو يميل للتطرف فى مقاييسه لكي يثبت للجميع أنه متفوق عليھم وإن كان اليطبق
ھذه المقاييس أبدا علي نفسه بل يطبقھا بكل كفاءة علي اآلخرين .فعندما أخذ يوناثان
إبنه علي عاتقه ان يبدأ الحرب رغم الضعف الشديد لشعب إسرائيل ،وجد شاول أن
النصر سوف يأتي من طريق آخر غير طريق شاول .فحلف قائال" :ملعون الرجل
الذي يأكل خبزا إلي المساء حتى أنتقم من أعدائي" )١صم (٢٤ :١٤وھو يتطرف
تطرفا شديدا فى أمر لن يتعبه ھو في شيء حتى يقال أن الملك حلف الشعب فحدث
النصر .لكي ينسب النصر له ولحلفانه جعل شعب يقاتل طوال النھار وطوال الليل
لكنه اليذوق طعاما فى وقت ھو فى أشد اإلحتياج للطاقة لكي يكمل الحرب للنھاية
"وضنك رجال إسرائيل فى ذلك اليوم" )١صم (٢٤ :١٤أي إنھار الشعب جسديا
من قلة الطعام وقلة الطاقة الالزمة للحركة والحرب .ولكن ھذا اليفرق مع شاول
حيث أنه أھم شيء لديه ھو أن ينسب النصر لنفسه .ويعلق يوناثان قائ ً
ال "قد كدر
أبي األرض ....لو أكل اليوم الشعب من غنيمة أعدائھم التي وجدوا ،أما كانت
اآلن الضربة أعظم علي الفلسطينيين" )١صم (٣٠-٢٩ :١٤ويعلق صموئيل قائ ً
ال
"وأعيا الشعب جداً" )١صم(٣١ :١٤
وعلينا أن النترك الجسد يتطرف فى مطالبه الروحية من الغير راغبا فى اإلتصاف
بالروحانية العالية .وعلينا أال نقع فى الفريسية البغيضة التي يلجأ إليھا الجسد الذي
فينا راغبا فى الظھور والتميز.
والجسد أيضا يستخدم المنطق البشري والعقلي فى الحكم علي أمور ..فلما أمر
صموئيل شاول بكالم الرب أن يذھب ويحرم عماليق ،ذھب شاول وإنتصر إنتصارا
عظيما .لكنه حسن فى عينيه الغنيمة التى أمر .بتحريمھا" .وعفا شاول والشعب
عن أجاج )ملك عماليق( وعن خيار الغنم والبقر والحمالن والخراف وعن كل
الجيد ولم يرضوا أن يحرموھا .وكل األمالك المحتقرة والمھزولة حرموھا"
)١صم (٩ :١٥ففي نظر الجسد إنھا خسارة أن يحرقوا أغنام وبقر وحمالن وخراف
جيدة .لماذا يقومون بحرقھا؟ الروحي يقول ببساطة "ألنه امر الرب" أما الجسدي
فيقول "لست أفھم ،ال أري األمور ھكذا ،ماالمشكلة فى أن أفعل ھذا أو تلك؟"
ويستعمل العقل والمنطق لكي يثبت مايقول .مثله ھنا مثل يھوذا الذي لما رأي مريم
تسكب الطيب الكثير الثمن علي قدمي ربنا يسوع المسيح .فھذه حسب المنطق
خسارة فيقول "لماذا لم يبع ھذا الطيب بثالثمائة دينار ويعطي للفقراء؟" )يو:١٢
(٥وكالمه من الناحية العملية البحتة سليم منطقيا ،لكنه كان يقول ھذا ألن الصندوق
معه .فأمام الناس الرجل يھوذا يقال عنه "أنظروا كم يھتم بالفقراء" ولكن أمام .
"كان سارقا" )يو (٦ :١٢وھكذا المؤمن الجسدي ،ينادي بشعارات روحية براقة
ولكنه فى الواقع يبحث عن نفسه.
أما الروحي فيري فى مافعلته مريم حبا للسيد تعبير جميل عن الحب ويري أنه
الرب يسوع المسيح يستحق أكثر من ھذا وھذا عين ماشعرت به وفعلته مريم.
وعلينا أن نعظم كالم الرب وكتابه وأال نستخدم المنطق البشري الجسدي والحكمة
الجسدية الطبيعية فى الحكم علي األمور .بل نراھا كلھا من منظور كلمة ..
وللرب كل المجد.