You are on page 1of 67

‫الفصل الرابع‬

‫التركيز في العمل‬
‫والمقصود بالتركيز هنا هو الستغراق‬
‫الكامل في العمل‪ ،‬حتى يبلغ درجة‬
‫التقان والجودة‪.‬‬
‫خبراء الدارة يقولون‪ :‬إنه ل يوجد في‬
‫الحياة داء ل يشفيه العمل الشاق‬
‫والتركيز الشديد‪.‬‬
‫من المراض الخطيرة التي يصاب بها‬
‫الفراد والقادة عدم تركيزهم في‬
‫أعمالهم‪..‬‬
‫فالطالب الذي يهيئ نفسه للمتحان‪..‬‬
‫عندما تقترب أيامه في نهاية السنة‪..‬‬
‫وعند المتحان يكرم المرء أو يهان‪..‬‬
‫تجده مشغول ً بكل شيء‪ ..‬يفتح‬
‫الكتاب‪ ..‬ثم يرى أن يكتب رسالة إلى‬
‫أسرته في القرية يبثهم أشواقه‪ ..‬ثم‬
‫يرى أن يشاهد التمثيلية الفلنية في‬
‫التلفزيون‪ ..‬وقد يذهب إلى الملعب‬
‫لمشاهدة مباراة في كرة القدم‪..‬‬
‫وهكذا ضيع دراسته وسقط في إمتحانه‬
‫وسبب ذلك هو عدم التركيز في مهمة‬
‫واحدة هي الدراسة‪..‬‬
‫‪96‬‬
‫ومثل الطالب المهمل‪ ..‬كل إنسان‬
‫يحاول أن يح ّ‬
‫ل مشاكل العالم‪ ..‬وهو‬
‫يعالج مشكلته الخاصة‪ ..‬فل يركز فيها‪..‬‬
‫فيخسرها ويخسر نفسه‪..‬‬
‫لكل وقت قضية خاصة‬
‫يقول لك بعضهم‪ ..‬ولكني أركز في‬
‫المطالعة‪ ..‬فقد قرأت العديد من الكتب‬
‫أثناء المتحان‪ ..‬لمثل هؤلء نقول‪ :‬إن‬
‫لكل وقت قضية واحدة ينبغي أن ُيركز‬
‫عليها‪ ..‬فالطالب قبل المتحان يركز‬
‫على دراسة المنهج الدراسي حتى‬
‫لح قبل موسم الحصاد‪..‬‬ ‫ينجح‪ ..‬والف ّ‬
‫ينبغي أن يحصد الزرع قبل موسم‬
‫المطر‪ ..‬وكذلك السياسي والداري‬
‫والقتصادي‪ ..‬في كل وقت عنده قضية‬
‫خاصة‪ ،‬ومهمة واحدة ينبغي أن يركز‬
‫عليها‪.‬‬
‫بعض القيادات يتصدون لكل العمال‬
‫فيتقنون من كل أمر طرفا منه‪..‬‬
‫وينشغلون عنه بأمر آخر ل يركزون فيه‬
‫كذلك‪ ..‬فتضيع العمال‪ ..‬وتضيع كذلك‬
‫الوقات‪ ..‬ولو أنهم ركزوا قصارى‬
‫جهدهم على ما يطيقون‪ ..‬وأعطوا‬
‫غيرهم ما يطيق كذلك‪ ..‬لسارت المور‬
‫على ما يرام‪ ،‬ولبذل الجميع جهودهم‪،‬‬
‫‪97‬‬
‫صلوا أحسن النتائج‪ .‬وهذه الفة‬‫وح ّ‬
‫تصيب أكثر ما تصيب أولئك القادة‬
‫المركزيين الذين يحبون أن يمارسوا‬
‫بأيديهم كل شيء‪ ..‬اعتبارا من عمل‬
‫الفّراش في التنظيف وانتهاء بكل‬
‫القرارات الحاسمة التي تحتاج إلى‬
‫تفرغ ذهني وتجربة كبيرة في العمل‬
‫القيادي والداري‪ .‬وليس الدافع وراء‬
‫ذلك النانية فقط‪ ..‬بل وأحيانا الرغبة‬
‫في إجادة العمل مع العتقاد أنه لن‬
‫د كبير‪.‬‬
‫يصلح إل بيده‪ ..‬وهذا وهم إلى ح ٍ‬
‫ومع مرور الزمن يصبح قسم من‬
‫العاملين بدون عمل أو إبداع ويصبح هو‬
‫كال ً متعبا في التصدي لكل شيء‪..‬‬
‫فيضيع التركيز ويضعف النتاج‪.‬‬
‫طليعة المستقبل‬
‫لقد أظهرت الدراسات أن العباقرة‬
‫طليعة المستقبل يتميزون بثلث‬
‫صفات هي‪:‬‬
‫• التركيز على هدف واحد في وقت‬
‫واحد بل تشتت ‪‬ما جعل الله لرجل‬
‫من قلبين في جوفه‪.((1‬‬
‫‪------------------------‬‬
‫)‪ (1‬الحزاب‪.4-‬‬

‫‪98‬‬
‫• والمرونة والبعد عن التصلب‪ ،‬أي‬
‫يأخذون الفكرة‪ ،‬ومن الممكن أن‬
‫يتركوها إذا وجدوا أفضل منها‪ ..‬أو‬
‫تبينوا عدم جدواها )والحكمة ضالة‬
‫المؤمن(‪.‬‬
‫• عندهم طريقة منتظمة لكل‬
‫المشكلت حتى الطارئة منها‪.‬‬
‫ومما يساعد على التركيز‬
‫‪ -1‬تحديد الولويات والتصميم على‬
‫التفوق‪.‬‬
‫‪ -2‬تحديد وقت لكل نشاط‪.‬‬
‫‪ -3‬توزيع المهام والتفويض‪.‬‬
‫‪ -4‬النشغال الكامل في القضية‬
‫موضوع البحث‪ ،‬يفكر فيها أثناء‬
‫العمل‪ ..‬وبعد العمل‪ ..‬تمل عليه‬
‫أقطار نفسه‪ ..‬فل يستطيع تركها‬
‫حتى ينجزها‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫لتركيز‬
‫‪-‬‬ ‫أكبر‬
‫حـــــــــــــــدد‬ ‫•‬
‫أولوياتـــــــــــــك‪.‬‬
‫ً‬
‫خصص وقتـــــــــــــا لكل‬ ‫•‬
‫نشاط‪.‬‬
‫انشغـــــــل قــدر ما‬ ‫•‬
‫تستطيع‪.‬‬
‫‪99‬‬
‫النشاط المهم‪ ..‬يحتاج إلى وقت‬
‫يكون النسان فيه صافي الذهن‪،‬‬
‫نشيط الجسم مثل الساعات الولى‬
‫في الصباح )بورك لمتي في‬
‫بكورها(‪.‬‬
‫‪ -6‬القضايا الهامة التي تحتاج إلى‬
‫التركيز الكبير‪ ..‬ترهق الذهن‪..‬‬
‫وتحتاج إلى وقت للترويح‪ ..‬فالقلوب‬
‫إذا كّلت عميت‪.‬‬

‫الفصل الخامس‬
‫الواجبات عند الشباب المسلم‬
‫‪100‬‬
‫الشاب أو الطالب المسلم هو عماد‬
‫النهضة وقوام التغيير‪ .‬والتغيير يبدأ من‬
‫النفس ثم تنداح دوائره في المجتمع‪.‬‬
‫والله سبحانه وتعالى يقرر القاعدة‬
‫الساسية فيه فيقول‪ :‬إن الله ل يغير‬
‫ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم‪.((1‬‬
‫من هنا فقد وجب على الشاب أو‬
‫الطالب المسلم أن يعتني عناية كبيرة‬
‫بنفسه‪ ،‬فيلزمها جميع الجوانب التي‬
‫يطالب الخرين بتطبيقها‪ ،‬فمن‬
‫المؤسف أن ترى أقواما يتكلمون عن‬
‫التغيير ويدعون الناس إلى فضائله‪..‬‬
‫ومن ثم تراهم نموذجا سيئا للتطبيق‪،‬‬
‫والله‪ ..‬والناس‪ ..‬يكرهون هذه النماذج‪:‬‬
‫‪‬يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما ل‬
‫تفعلون‪ ،‬كُبر مقتا ً عند الله أن تقولوا‬
‫ما ل تفعلون‪.((2‬‬
‫وفي غمرة التغيير‪ ،‬يوصي السلم‬
‫المسلم أن يهتم بكل‬
‫‪--------------------------‬‬
‫)‪ (1‬الرعد‪.11 -‬‬
‫)‪ (2‬الصف‪.2 -‬‬
‫الجوانب التي تعينه على تشكيل‬
‫شخصيته بشكل متكامل متوازن‪..‬‬
‫والسبيل إلى ذلك هو‪:‬‬
‫‪101‬‬
‫• التربية اليمانية العتقادية‪..‬‬
‫فهي الساس في الدين وفي بناء‬
‫المة المسلمة والفرد المسلم‪.‬‬
‫• والتربية الرادية‪ ..‬وتدريب الرادة‬
‫على تشكيل السلوك الحسن‪..‬‬
‫• التربية النسانية‪ ..‬التي تنتج‬
‫النسان الصالح الذي يهتم بكل‬
‫الناس ‪‬يا أيها الناس إنا خلقناكم‬
‫من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا‬
‫وقبائل لتعارفوا‪.((1‬‬
‫• تربية شاملة‪ ..‬تشمل الجانب‬
‫الروحي والمادي في النسان‪.‬‬
‫• تربية متوازنة‪ ..‬توازن بين طاقات‬
‫النسان جميعًا‪.‬‬
‫• تربية واقعية‪ ..‬تتعامل مع الواقع‬
‫وجميع متطلباته‪.‬‬
‫• تربية مستمرة‪..‬‬
‫• تربية أخلقية‪..‬‬
‫• تربية اجتماعية‪ ..‬تشمل السرة‬
‫والمجتمع والمة‪.‬‬
‫‪---------------------‬‬
‫)‪ (1‬الحجرات‪.13 -‬‬
‫فإذا استقام المسلم على منهج ربه‪..‬‬
‫دد‬
‫وعرف حقوقه وواجباته‪ ..‬وح ّ‬
‫أولوياته‪ ..‬وخطط لوقاته‪ ..‬استطاع أن‬
‫‪102‬‬
‫يؤدي كل العمال المطلوبة منه‪..‬‬
‫والتي يغير بها نفسه‪ ..‬ويغير المجتمع‪.‬‬
‫ول بأس أن نستعرض بعض هذه‬
‫الواجبات‪.‬‬

‫)‪(1‬‬
‫اليمان والعلم والتعليم‬

‫لقد اهتم السلم ببناء الشخصية‬


‫النسانية ورعاها من كافة جوانبها‪:‬‬
‫المادية والمعنوية‪ ،‬والروحية والعقلية‪..‬‬
‫فكل جانب يؤثر على الخر‪ ..‬والسعادة‬
‫تؤسس على اعتدال وتكامل هذه‬
‫القوى وتعاونها‪.‬‬
‫‪103‬‬
‫• والعلم هو سبيل النسان للتمييز‬
‫بين الخير والشر‪ ،‬وهو السبيل لبناء‬
‫المم والنهوض بالمجتمع‪ ..‬قال‬
‫تعالى‪ :‬هل يستوي الذين يعلمون‬
‫والذين ل يعلمون‪.((1‬‬
‫والعلم المطلوب هو علم الدين‬
‫والدنيا‪ ..‬ولم ترتفع منارة الحضارة‬
‫السلمية في العالمين إل عندما بدأ‬
‫المسلمون يتسابقون في تحصيل‬
‫العلم‪ .‬قال النبي ‪) :‬فما من خارج‬
‫خرج من بيته في طلب العلم‪ ،‬إل‬
‫وضعت الملئكة أجنحتها رضا ً بما يصنع(‬
‫)‪.(2‬‬
‫‪-----------------------‬‬
‫)‪ (2‬إبن ماجة وأحمد‪.‬‬ ‫)‪ (1‬الزمر‪.9 -‬‬
‫على المسلم أن يبلغ أعلى درجات‬
‫العلم والتحصيل‪..‬‬
‫فيبني نفسه على قاعدة من العلم‬
‫واليمان‪ ..‬ويبني مجتمعه بالنظر في‬
‫ملكوت السموات والرض ‪‬إن في خلق‬
‫السموات والرض‪ ،‬واختلف الليل‬
‫والنهار‪ ،‬ليات لولي اللباب‪ ،‬الذين‬
‫يذكرون الله قياما ً وقعودا ً وعلى‬
‫جنوبهم‪ ،‬ويتفكرون في خلق السموات‬

‫‪104‬‬
‫والرض‪ ،‬ربنا ما خلقت هذا باطل ً‬
‫سبحانك فقنا عذاب النار‪.((1‬‬
‫وعليه فل بد للمسلم من أن يخصص‪:‬‬
‫• وقتا ً يذكر الله فيه )ل يزال‬
‫لسانك رطبا ً بذكر الله()‪.(2‬‬
‫• ووقتا ً يحضر فيه دروس العلم‬
‫)من يرد الله به خيرا ً يفقهه في‬
‫الدين(‪..‬‬
‫• ووقتا يتعلم فيه القرآن ويعلمه‬ ‫ً‬
‫)خيركم من تعلم القرآن وعّلمه()‪.(3‬‬
‫• ووقتا ً لداء العبادات بإتقان‪..‬‬
‫وأداء النوافل )ل يزال عبدي يتقرب‬
‫ي بالنوافل حتى أحبه()‪.(4‬‬ ‫إل ّ‬
‫‪-----------------------‬‬
‫)‪ (1‬آل عمران‪.(191-190) -‬‬
‫)‪ (4 ، 3‬البخاري‪.‬‬ ‫)‪ (2‬أحمد‪.‬‬
‫العلمي‬ ‫• ووقتا ً يتابع فيه تحصيله‬
‫في مجال تخصصه‪ ..‬وأن يتقن كل‬
‫دكم‬‫ذلك )إن الله يحب إذا عمل أح ُ‬
‫عمل ً أن يتقنه(‪.‬‬
‫وإذا كانت القراءة مفتاح العلوم ‪‬اقرأ‬
‫باسم ربك الذي خلق‪..((1‬‬
‫وتنوع الثقافات مفتاح العبقرية‪..‬‬
‫والمجتمع الصالح‪ ..‬يزيد المسلم‬
‫صلحًا‪ ..‬ويهتم به ويرعاه‪..‬‬
‫‪105‬‬
‫فإن المجتمعات الحاضرة اليوم‪ ..‬وما‬
‫تملكه من وسائل إغراء وإفساد‪..‬‬
‫ومناهج التعليم البعيدة عن السلم‬
‫وربما تحاربه‪..‬‬
‫ووسائل العلم المتنوعة الشكال‬
‫واللوان‪ ..‬وما تبثه من سموم‪ ..‬كل‬
‫ذلك‪ ..‬جعل القراءة آخر اهتمامات‬
‫الطالب والطالبة‪ ..‬وإذا قرأوا فكتب‬
‫اللغاز‪ ..‬والبراج‪ ..‬وقصص الغرام‪ ..‬أو‬
‫مجلت الجنس المنحرف‪..‬‬
‫‪----------------------‬‬
‫)‪ (1‬العلق‪.1 -‬‬
‫وجدت فئة تمردت على هذه‬ ‫وإذا ُ‬
‫الوضاع الشاذة‪ ..‬فإن من أسباب‬
‫تقديمها إلى المحاكم العرفية‪ ..‬أن كتبا ً‬
‫إسلمية وجدت عندها!!‬
‫لهذا كله‪ ..‬فإن على الطالب المسلم‪..‬‬
‫وعلى العمل الطلبي السلمي‪..‬‬
‫والحركات السلمية‪ ..‬أن تعنى‪:‬‬
‫• بالقراءة وتهيئ أسبابها‪..‬‬
‫• والمحاضرات والندوات لتوسيع‬
‫المدارك وتنويع الثقافات‪..‬‬
‫• والمخيمات تعين الشاب على‬
‫ممارسة السلوك السلمي‪..‬‬

‫‪106‬‬
‫• والجلسات اليمانية‪ ..‬تعوض فيها‬
‫النقص الحاصل في المدارس‬
‫والمناهج‪..‬‬
‫• والتخصص العلمي‪ ..‬بحيث يكون‬
‫الشاب المسلم المتخصص رائدا ً‬
‫في مجتمعه متميزا ً بعلمه وأخلقه‬
‫وتخصصه‪.‬‬
‫• والصحبة الصالحة‪ ..‬التي تذكرك‬
‫إذا نسيت‪ ،‬وتعينك على فعل‬
‫الخيرات‪ ..‬قال ابن مسعود رضي‬
‫الله عنه‪) :‬اعتبروا الرجل بمن‬
‫يصاحب‪ ،‬فإنما يصاحب الرجل من‬
‫هو مثله(‪ ..‬وفي المثال الحديثة‪:‬‬
‫)قل لي من تصاحب أقل لك من‬
‫أنت(‪..‬‬
‫ً‬
‫هذه السباب جميعا تعين المسلم على‬
‫تبين طريقه‪ ..‬يحاسب نفسه إذا قصر‪..‬‬
‫ويجد من يسأله‪ :‬ماذا عملت؟ وأين‬
‫أنفقت وقتك؟‬

‫خيــــــــــر صـــــــــديـــــــــــــق‪...‬‬
‫كـــتــــــــاب مفيــــد‬
‫‪107‬‬
‫)‪(2‬‬
‫أوقات العمل‬
‫الداعية المسلم إنسان نشيط‪ ..‬العمل‬
‫عنده عبادة‪ ،‬وإتقان العمل قربى‪..‬‬
‫والرجل القاعد ل كرامة له في المجتمع‬
‫السلمي‪ .‬قال الخليفة عمر بن الخطاب‬
‫رضي الله عنه‪) :‬أرى الرجل فيعجبني‬
‫فإذا قيل لي ل عمل له سقط من‬
‫عيني(‪ ..‬وقال النبي ‪) :‬على كل مسلم‬
‫صدقة‪ .‬قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬فإن لم‬
‫يجد؟ قال‪ :‬يعمل بيده فينفع نفسه‬
‫ويتصدق‪ .‬قالوا‪ :‬فإن لم يستطع‪ ،‬أو لم‬
‫يفعل؟ قال‪ :‬يعين ذا الحاجة الملهوف‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فإن لم يفعل؟ قال‪ :‬فليأمر‬
‫بالمعروف‪ .‬قالوا‪ :‬فإن لم يفعل؟ قال‪:‬‬
‫فليمسك عن الشر فإنه صدقة()‪.(1‬‬
‫والمسلم إنسان منظم‪ ..‬يعطي كل ذي‬
‫حق حقه‪ ..‬ينظم أوقاته‪ ..‬ويجعل للعمل‬
‫وقتا مناسبا‪ .‬وقبل الكلم في هذا‬

‫‪108‬‬
‫الموضوع نحب أن نذكر بعض المبادئ‬
‫العامة المتعلقة بالعمل)‪.(2‬‬
‫‪-------------------------------------‬‬
‫)‪ (2‬من كتاب تنظيم الوقت‪ -‬م‪.‬‬ ‫)‪ (1‬رواه الشيخان‪.‬‬
‫ر‪ .‬باي‪.‬‬

‫‪ -1‬اذهب إلى العمل وأنت في كامل‬


‫الصحة والحساس باللياقة التامة‪.‬‬
‫إذا كنت تشعر بصداع شديد‪ ،‬أو‬
‫حمى‪ ،‬أو إرهاق زائد‪ ،‬فلن تكون‬
‫قادرا على الستيعاب أو التركيز أو‬
‫العمل‪ .‬ستكون عاجزا عن تنظيم‬
‫وقتك بشكل فعال‪ ،‬ستستثار بل‬
‫سبب واضح‪ ،‬وتغضب من أقل هفوة‪.‬‬
‫أفضل ما تفعله هو أن تحصل على‬
‫الراحة المناسبة وتشفى من مرضك‬
‫ثم ترجع إلى العمل‪.‬‬
‫‪ -2‬أنجز العمال التي تبدأ بها‪ :‬فالقفز‬
‫من عمل إلى آخر دون إنجاز إنما‬
‫يعني ضياع الوقت‪ .‬والنجاز يدفع‬
‫إلى مزيد من النشاط وإلى الرغبة‬
‫في مواصلة العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬كل عمل لبد أن يؤدي في النهاية‬
‫إلى إنهاك العقل‪ ،‬ويصل بك المر‬
‫إلى مرحلة الجهاد‪ ،‬وتميل إلى‬
‫الحصول على قسط من الراحة‪،‬‬
‫‪109‬‬
‫وأفضل شيء في هذه الحالة هو أن‬
‫تنتقل من نوع العمل الذي تؤديه‬
‫إلى نوع آخر‪ .‬أو من موضوع لخر‪.‬‬
‫ويصف أحد الداريين البارزين ذلك‬
‫الحل بأنه المداواة بالعمل بدل من‬
‫المداواة بالراحة‪.‬‬
‫‪ -4‬التغلب على الزمات هو جزء من‬
‫تنظيم الوقت بصورة مؤثرة‪ ،‬فكن‬
‫دائما على استعداد لمواجهة‬
‫المشاكل والزمات‪ .‬ومع تقدم‬
‫الزمن سيتكون لديك موقف إيجابي‬
‫يمنحك القدرة على التوصل إلى حل‬
‫سريع لجميع المشكلت‪.‬‬
‫‪ -5‬إذا كنت تعمل مع فريق عمل‪ ،‬أو‬
‫مسؤول عن مجموعة‪ ،‬فعليك أن‬
‫تحضر للعمل قبل هذا الفريق بنصف‬
‫ساعة على القل‪ ..‬وفي هذه الفترة‬
‫الثمينة يمكنك أن تعد العمال التي‬
‫تقتضي نوعا من التركيز‪ ،‬وأن تعد‬
‫العمال التي ستحيلها لخوانك‬
‫العاملين معك‪ ،‬بحيث يحضر أحدهم‬
‫فيجد عمله حاضرا أمامه‪.‬‬
‫‪ -6‬اعرف قيمة وقتك‪ .‬فإذا كنت‬
‫مسؤول عن عشرة أشخاص وتعمل‬
‫ثماني ساعات فمعنى ذلك أن وقت‬
‫‪110‬‬
‫عملهم المكتبي أكثر من ‪ 80‬ساعة‬
‫في اليوم‪ ،‬وأنت المسؤول عن‬
‫الحصول على أفضل ما لديهم من‬
‫عمل‪ ..‬وبناء عليه فأنت ترتكب خطأ‬
‫جسيما إن جعلتهم يجلسون دون‬
‫عمل في انتظار أن تصدر تعليماتك‪..‬‬
‫هذه خسارة كبيرة لوقت العمل لنك‬
‫ستحولهم إلى عاطلين على حساب‬
‫المصلحة‪ .‬وأفضل نظام لستغلل‬
‫كل هذه الساعات بصورة فعالة هو‬
‫دعوة الموظفين لجتماع يعقد في‬
‫الصباح الباكر‪ .‬وخلل هذا المؤتمر‬
‫المصغر تقوم بتوزيع وتخصيص‬
‫العمل للخرين‪ ،‬ومن ثم تنسق بين‬
‫أنشطتهم المختلفة‪ ،‬وتحصل على‬
‫تقرير سريع عما تم إنجازه من‬
‫أعمال سبق أن أوكلتهاإليهم‪ ،‬عليك‬
‫بالنتائج ول تتدخل في التفاصيل‪.‬‬
‫من المناسب أن تستدعي أحد‬
‫الموظفين وتحاسبه عن عدم إنجازه‬
‫لمر أوكلته إليه منذ عدة أيام‪.‬‬
‫‪ -7‬لبد من ملحظة أن تضع الرجل‬
‫المناسب في المكان المناسب‪ ،‬وأن‬
‫ل تؤجل عمل اليوم إلى الغد‪ ،‬وأن‬

‫‪111‬‬
‫تحسن تدريب مساعديك بحيث‬
‫يعملون بروح الفريق الواحد‪.‬‬
‫‪ -8‬لبد من وجود رديف متدرب يستطيع‬
‫في بعض الحالت أن يتخذ القرارات‬
‫المناسبة دون الرجوع إليك‪ .‬ومثل‬
‫هذا الرديف سيساعد على توفير‬
‫وقت كبير تحتاجه في عملك‪.‬‬
‫‪ -9‬لبد من أن تستخدم الجهزة‬
‫المختلفة التي توفرها التكنولوجيا‬
‫الحديثة‪ ..‬مثل الهاتف‪ ،‬وآلت‬
‫التصوير‪ ،‬وآلت الطباعة‪،‬‬
‫والكمبيوتر‪ ،‬والكمبيوغرافيك‪،‬‬
‫واللت الحاسبة‪ ،‬وأجهزة العناوين‪،‬‬
‫وآلة البريد‪ ،‬وجهاز الفاكس‪ ،‬وغيرها‬
‫من الجهزة التي تسهل العمل‬
‫وتساعد على توفير الوقت‬
‫وتنظيمه‪.‬‬
‫‪ -10‬ضرورة ترتيب الملفات‬
‫والموضوعات‪ .‬ويمكنك أن تجد كثيرا‬
‫من كبار المسؤولين يبحثون عن‬
‫مقال أو صحيفة معينة فل يجدونها‬
‫لنهم لم يعتادوا حفظ أوراقهم‬
‫المهمة في أماكن منظمة لهذا‬
‫الغرض‪ .‬هناك مثل جيد يقول‪) :‬كل‬
‫شيء في مكانه لن هناك مكانا لكل‬
‫‪112‬‬
‫شيء(‪ .‬وهذه قاعدة ممتازة توفر‬
‫الكثير من وقت الرجل المشغول‪..‬‬
‫ويمكننا القول‪ :‬أن معظم مضيعات‬
‫الوقت تكون من البيئة المحيطة‬
‫بك‪ ..‬من الطاولة غير المرتبة‪ ..‬من‬
‫الوراق المبعثرة ‪ ...‬إلخ‪..‬‬
‫في يوم العمل‬

‫• كن نشـــيــــــطـــــــــا ً‬
‫وحــــــــــويـــــــــــــــــًا‪.‬‬
‫• أنــــــــجـــــــــز مـــــــــا‬
‫بـــــــــدأت بـــــــــــــه‪.‬‬
‫• اسـتــــــخــــدم المداواة بالعمل‬
‫وبالراحة‪.‬‬
‫• تعـــــلــــم فــــــن التـــعـــــامل‬
‫مع الزمات‪.‬‬
‫• كــــــــن أول مـــــــــــــن‬
‫يــــــــحــــــضــــــــــر‪.‬‬
‫• قــــــدر قيمــــة وقــتــك وأوقات‬
‫الخريـن‪.‬‬
‫• ل تـــــــؤجــــــــــــــــــــل‬
‫عـــــــــمـــــلـــــــــــك ‪.‬‬
‫• درب مــــــــن يـــنــــوب‬

‫‪113‬‬
‫بعض أنواع النشطة‬
‫أول ‪ -‬المراسلت‬
‫)وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها‬
‫أو ردوها( هذا هو الدب السلوكي الذي‬
‫يعلمه لنا السلم‪ .‬والرسالة كالتحية‪..‬‬
‫تحتاج منا أن نحسن استقبالها‪،‬‬
‫والهتمام بما جاء فيها‪ ،‬والرد عليها‬
‫في أسرع وقت ممكن‪.‬وإنه لمر منكر‬
‫أن تسمع من بعض الخوة أنه ل‬
‫يستطيع أن يجيب على الرسائل لمجرد‬
‫أن مزاجه ليتقبل ذلك‪ ..‬وتحكيم المزاج‬
‫والهوى في هذه القضية أمر ضار‬
‫بالعمل الذي تقوم به‪ ..‬تصور نفسك‬
‫تطلب بعض القضايا من أحد إخوانك‪،‬‬
‫وتعتقد أنه يستطيع مساعدتك‪..‬‬
‫وأرسلت له في ذلك رسالة مستعجلة‬
‫وجلست تنتظر جوابها‪ ..‬وطال‬
‫انتظارك‪ ..‬فصاحبنا ليس عنده مزاج‬
‫للكتابة‪..‬‬
‫هل بإمكانك أن تصف لي مشاعرك مع‬
‫مرور اليام وطول النتظار‪..‬؟‬

‫‪114‬‬
‫وهل ستقبل عذره إذا قال لك لم‬
‫أستطع كتابة الجواب لني ل أحب كتابة‬
‫الرسائل‪..‬؟‬
‫في كثير من الحيان تصلك بعض‬
‫الرسائل يرجوك أصحابها أن تجاوبهم‬
‫مهما تكن الظروف‪ ..‬وبأي شكل كان‬
‫الجواب‪ ..‬وعندما تجيبهم ولو بالعتذار‬
‫تنشرح صدورهم وتزداد ثقتهم بك‬
‫وبعملك‪ ..‬وقد يشكرونك في رسالة‬
‫لحقة لمجرد أنك أجبتهم‪..‬‬
‫وإذا كان المثل الشائع‪) :‬إن المراسلة‬
‫نصف المشاهدة( فإني أعتقد أن المر‬
‫أكثر ضرورة هذه اليام‪..‬فتشابك‬
‫المصالح‪ ،‬وبعد المسافات‪ ،‬وكثرة‬
‫الشغال تجعلك ل تفوز من صاحبك أو‬
‫أخيك بأكثر من رسالة‪!..‬‬
‫فبالرسالة نتبادل الرأي‪..‬‬
‫وبها نتفق على خطة أو برنامج مؤتمر‪..‬‬
‫وبالرسالة نكسب مواقع جديدة وقلوبا‬
‫جديدة‪..‬‬
‫بعد كل مؤتمر أحضره‪ ..‬أكتب لعدة‬
‫أشخاص أختارهم رسائل شكر على ما‬
‫لقيته منهم من حسن ضيافة أو‬
‫استقبال أو لقاء‪ ..‬وأعبر لهم عن‬
‫امتناني للوقت الجميل الذي قضيناه‬
‫‪115‬‬
‫معا‪ ..‬وأبين لهم أن هذا المؤتمر كان‬
‫فرصة مفيدة لتبادل وجهات النظر‪..‬‬
‫وأتلقى من بعض هؤلء إجابات تكون‬
‫بداية لعلقات جديدة ومفيدة‪.‬‬
‫وبذلك تتحول فرصة اللقاءات العابرة‬
‫إلى فرصة لقاء دائم مفيد‪ ..‬والحياة‬
‫في مجملها نوع من التعارف المفيد‪..‬‬
‫وينبغي أن تحتفظ لكل من تراسلهم‬
‫بملف أو بطاقة تحتوي خلصة‬
‫مراسلتك معهم‪ ..‬حتى ل تكرر نفسك‬
‫في رسائلك مع الشخص نفسه‪..‬‬
‫فيفقد اهتمامه برسائلك مع الزمن‪..‬‬
‫أما بالنسبة لكتابة الرسائل فالحسن‬
‫تخصيص وقت مناسب لها من كل يوم‪..‬‬
‫تجيب فيه على جميع الرسائل‪ ..‬ول‬
‫تؤجل جوابا ول رسالة إل إذا كان المر‬
‫يقتضي التأخير‪.‬‬
‫ولقد اعتاد بعض الناس أن تكون‬
‫رسائله قصيرة مقتضبة كالبرقيات‪.‬‬
‫وهذا خطأ‪ ..‬فالرسالة عنصر هام من‬
‫عناصر التصال وكتابتها فن‪ ..‬وبقدر‬
‫جمال العبارة ودقتها‪ ،‬وحسن اختيار‬
‫الموضوع والرفق في ولوجه‪ ..‬تكون‬
‫الفائدة التي نحققها من مثل هذه‬
‫الرسائل‪..‬‬
‫‪116‬‬
‫حدثني السياسي المسلم البروفسور‬
‫نجم الدين أربكان‪ ..‬أنه زار منطقة‬
‫نائية في تركيا‪ ..‬وعند زيارته لحد‬
‫الصدقاء‪ ..‬وجد أن إحدى رسائله اهتم‬
‫بها الرجل ووضعها في إطار أنيق‬
‫تعبيرا ً عن أهمية الرسالة‪.‬‬
‫فهل ينتبه الدعاة إلى ذلك؟‬
‫ثانيا‪ -‬استخدام الهاتف‬
‫ن‬
‫ّ‬ ‫م‬ ‫التي‬ ‫الكبرى‬ ‫والهاتف من نعم الله‬
‫بها على عباده‪..‬‬
‫فإذا كانت الرسالة تنقل إليك الكلمات‬
‫الصامتة والوراق الميتة‪ ..‬فالهاتف ينقل‬
‫إليك نبرة الصوت وحرارة اللقاء‪..‬‬
‫هناك من يسمى زماننا الذي نعيشه‬
‫بعصر السرعة‪ ..‬قياسا على السيارة‬
‫والطائرة‪ ..‬فكيف بك وهذا الهاتف تدير‬
‫قرصه ليحضر محدثك من توه‪ ..‬تكلمه‬
‫ويكلمك‪ ..‬تناقشه وتتفق معه‪..‬؟‬
‫وهناك بعض الملحظات التي تيسر لك‬
‫استخدام هذا الجهاز الهام ‪..‬‬
‫• بإمكانك وصل هاتفك بجهاز‬
‫للذاكرة تضع فيه أهم الرقام‬
‫الهاتفية‪ ..‬ويكفي أن تضغط على‬
‫أحد الزرار ليتصل الهاتف من تلقاء‬
‫نفسه مرة بعد مرة حتى يجد صاحب‬
‫‪117‬‬
‫الرقم‪ ..‬وهذا يوفر الجهد ويساعد‬
‫على تنظيم الوقت‪.‬‬
‫• وبإمكانك وصل هاتفك بجهاز‬
‫يسجل المكالمات الواردة حتى‬
‫تسمعها في الوقت المناسب‪ .‬كما‬
‫يرد على الشخص المتصل من خلل‬
‫جهاز تسجيل بأن يتصل في وقت‬
‫لحق أو في الساعة الفلنية أو أن‬
‫يعاود التصال على رقم هاتف آخر‪..‬‬
‫أو ينقل إليه رسالة بمعنى معين‬
‫تريد نقلها إليه‪..‬‬
‫• وبإمكانك إحالة عدد كبير من‬
‫المكالمات )لمساعدك( يتصل‬
‫بأصحابها حتى إذا وجد الشخص‬
‫المطلوب وصلك به على هاتف‬
‫مشترك‪.‬‬
‫• إذا كانت عندك مكالمة هامة‪..‬‬
‫مع الوراق والوثائق‬ ‫ينبغي أن تج ّ‬
‫اللزمة للمكالمة‪ ..‬حتى توفر الوقت‬
‫وتستطيع استكمال الحديث‬
‫المطلوب‪.‬‬
‫ل بأس أن تحتفظ إلى جانب الهاتف‬
‫بدفتر وقلم لتسجيل النقاط الهامة‬
‫في المكالمات‪..‬‬

‫‪118‬‬
‫اجعل اتصالتك في أوقات مناسبة‪..‬‬
‫كما أنه بإمكانك أن تخبر من يتصلون‬
‫بك أن الوقت المناسب لتصالهم هو‬
‫في الساعة الفلنية‪..‬‬
‫بهذه الطريقة يمكنك الستفادة من‬
‫هذه النعمة الكبرى التي تقرب البعيد‬
‫وتيسر الصعب وتجعلك وجها لوجه مع‬
‫قضاياك‪.‬‬
‫والنعمة إذا استخدمت لغير هدفها قد‬
‫تتحول إلى نقمة‪ .‬فكما يكون الهاتف‬
‫نعمة‪ ..‬فقد يتحول إلى وسيلة للحاديث‬
‫التافهة‪ ،‬وقتل الوقت بالكلم الفارغ‪،‬‬
‫وتجريح الهيئات والشخاص‪ ،‬مما يؤدي‬
‫إلى إهمال العمال‪ ،‬وإضاعة الوقات‪..‬‬
‫والدردشة بل هدف‪ ..‬وكثرة الكلم‬
‫بقصد تزجية الوقت‪ ..‬وما يتضمنه ذلك‬
‫من الغيبة والنميمة‪ ..‬من المور التي‬
‫نهى عنها السلم‪ ،‬قال تعالى‪ ) :‬ل‬
‫خير في كثير من نجواهم إل من أمر‬
‫بصدقة أو معروف أو إصلح بين الناس‬
‫‪.((1‬‬
‫‪-------------------------‬‬
‫)‪ (1‬النساء‪.114 -‬‬
‫ُ‬
‫ذكر لعبد الله بن مسعود رضي الله‬
‫م يكثرون الكلم بل هدف‬‫عنه قو ٌ‬
‫‪119‬‬
‫م صعب عليهم‬ ‫فقال‪) :‬هؤلء قو ٌ‬
‫العمل‪ ،‬فسهل عليهم الكلم(‪.‬‬
‫ول يتعافى النسان من هذه الفة‬
‫إل‪:‬‬
‫بالنشغال بالعمل وبما يفيد‪.‬‬ ‫•‬
‫• البتعاد عن الجدل‪ ..‬ولو كان‬
‫حقًا‪.‬‬
‫ثالثا‪ -‬الزوار‬
‫الزيارات من أهم المشاكل التي تواجه‬
‫صاحب العمل‪ ..‬وصعوبتها تأتي‪:‬‬
‫• من ضيق وقتك ورغبتك في إنهاء‬
‫وقت الزيارة‪.‬‬
‫• ومن عدم إدراك الزائر للفرق‬
‫بين مكان العمل والبيت والحديقة‪..‬‬
‫أو النادي‪ ..‬وأن الحديث في المكتب‬
‫ينبغي أن يتناول الضروري من‬
‫المور التي تتعلق بالعمل‪ ،‬وأن‬
‫التبسط والمجاملة لهما وقت ومكان‬
‫آخر‪.‬‬
‫• وأخيرا لبد أن تؤدي الزيارة إلى‬
‫ؤمن‬‫نتيجة إيجابية تحقق محبة‪ ،‬وت ّ‬
‫مصلحة‪ ،‬وتزيد من حبل المودة‬
‫والخوة‪ ..‬فإذا لم تؤد الزيارات إلى‬
‫هذه النتيجة فضررها أكبر من‬
‫نفعها‪..‬‬
‫‪120‬‬
‫ولمعالجة كل هذه القضايا‪ ..‬وللوصول‬
‫بالزيارة إلى هدفها المنشود‪ ..‬نوصي‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إذا كان لديك مكتب لعمالك‪ ..‬فعلى‬
‫السكرتير أن يهتم بالزوار‪ ..‬فيقدم‬
‫لك قائمة بأسمائهم وحاجاتهم‪..‬‬
‫ويقدم من عنده موعد منهم‪ .‬بعض‬
‫الزوار يحتاجون وقتا ً أطول‪،‬‬
‫وبعضهم يمكن قضاء حاجاتهم‬
‫بسرعة مثل كتابة بطاقة توصية أو‬
‫مكالمة أحد الشخاص بالهاتف‪.‬‬
‫من المناسب تقديم الشخاص‬
‫أصحاب الحاجات المستعجلة‬
‫والقصيرة‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم إدخال شخصين معا‪ ..‬إل إذا‬
‫كانت لهما قضية مشتركة‪ ..‬وبمجرد‬
‫انتهاء عملهما تطلب من مساعدك‬
‫أن يدخل شخصا آخر‪ ..‬فيشعر من‬
‫انتهت مشكلته تلقائيا بانتهاء زيارته‪.‬‬
‫‪ -3‬إذا كان عندك شخصان‪ ..‬لكل منهما‬
‫قضية خاصة فاستأذن من أحدهما‬
‫أن يخرج‪ .‬وبعد انقضاء مشكلة الول‬
‫تستدعي الثاني‪ ..‬وإذا ساءه خروجه‬
‫في البداية فسيرتاح لنجاز مشكلته‬

‫‪121‬‬
‫بعد ذلك ويدرك أن هذا هو الحل‬
‫الوحيد‪.‬‬
‫‪ -4‬حاول أن تحصر زياراتك في ساعات‬
‫محددة‪ ..‬فمثل تقول لكل من يريد‬
‫زيارتك تفضل بعد الظهر‪ ..‬وبهذا‬
‫الشكل توفر الكثير من الوقت‪.‬‬
‫أهمية الزيارة‬
‫كل هذه الجراءات يمكن اتخاذها‬
‫لتنظيم الزيارة وتوفير الوقت المحدد‪..‬‬
‫أما ما عدا ذلك فينبغي على النسان أن‬
‫يرحب بالزائر ويبتسم في وجهه‬
‫)تبسمك في وجه أخيك صدقة(‪،‬‬
‫ويشعره بالمودة والخوة ‪‬قول‬
‫معروف خير من صدقة يتبعها أذى ‪، ‬‬
‫‪( (1‬‬

‫ويتلطف معه في سماع قضيته حتى‬


‫ولو لم تخصه‪..‬‬
‫‪------------------------‬‬
‫)‪ (1‬البقرة‪.263 -‬‬
‫رجل عجوز يلهث من‬ ‫• جاءني مرة‬
‫صعوده إلى الدور الرابع‪ ..‬وقال لي‪:‬‬
‫هنا تقدم طلبات الوظائف؟ ولم أرد‬
‫عليه‪ ..‬بل أجلسته وطلبت له كأسا‬
‫من الشاي حتى استراح‪ ..‬أخذته من‬

‫‪122‬‬
‫يده وذهبت به إلى مكان تقديم‬
‫الطلبات‪..‬‬
‫• يأتيك أحيانا الرجل أو المرأة‬
‫وعندهما مشكلة تقلقهما ويعرفان‬
‫أنك لست قادرا على حلها‪ ..‬ومع‬
‫ذلك يرغبان أن تقف معهما وتشير‬
‫عليهما‪ ..‬فقد أثقلت القضية‬
‫كاهلهما‪ ..‬لبد من أن تكون عند‬
‫حسن ظنهما )لن يسعى أحدكم في‬
‫حاجة أخيه‪ ،‬خير له من أن يعتكف‬
‫في مسجدي هذا شهرا ً(‪..‬‬
‫لبد من إرجاع الثقة‪ ،‬وبذل المحبة‪،‬‬
‫ومساعدة الخرين حتى يعود للناس‬
‫اطمئنانهم واعتقادهم أن الدنيا ما‬
‫زالت بخير‪.‬‬
‫عندما تزور الخرين‬
‫وكما ترغب أن تزار بموعد‪ ،‬وأن تكون‬
‫الزيارة قصيرة‪ ،‬وأن يكون الدخول‬
‫عندك بنظام‪ ..‬حاول أن تطبق ذلك على‬
‫نفسك عندما تزور الخرين‪ ..‬اتصل‬
‫بالهاتف لتعرف الوقت المناسب‪ .‬ول‬
‫تنس أن تأخذ جميع الوثائق وملخصا ً‬
‫للتصالت السابقة على افتراض أن‬
‫الرجل نسي الموضوع فتسهل عليه‬
‫النظر فيه‪ ..‬ول تستنكف عن النتظار‬
‫‪123‬‬
‫قبل الدخول‪ ..‬ول تكن مثل هؤلء الذين‬
‫يريدون الدخول بدون موعد أو استئذان‬
‫ويعدون أنفسهم فوق النظام‪ ..‬حاول‬
‫ون في هذه الفترة علقة مع‬ ‫أن تك ّ‬
‫السكرتير‪ ..‬ترفع معنوياته من جهة‪،‬‬
‫ويسهل مهمتك من جهة أخرى‪.‬‬
‫هذا في إطار العمل‪..‬‬
‫أما الزيارات الجتماعية التي تقوم‬
‫بها‪ ..‬للبناء أو القارب أو الجيران أو‬
‫الخرين فهي من العادات النسانية‬
‫التي لها دور كبير في تقوية الروابط‬
‫السرية والجتماعية‪ ..‬طالما كانت‬
‫ً‬
‫هادفة‪ ،‬قال النبي ‪) :‬من زار أخا له‬
‫في الله أرسل الله له ملكا ً يقول‪:‬‬
‫طبت وطاب ممشاك وتبوأت من الجنة‬
‫مقعدا ً(‪.‬‬
‫وحتى تتم هذه الزيارات في أجواء‬
‫مفيدة سليمة ينبغي‪:‬‬
‫• الستئناس قبل الزيارة‪ ،‬قال‬
‫تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا ل‬
‫تدخلوا بيوتا ً غير بيوتكم حتى‬
‫تستأنسوا‪.((1‬‬
‫• واختصار الزيارة قدر المكان‪..‬‬
‫فل يجوز أن نقتل حياتنا بقتل‬

‫‪124‬‬
‫أوقاتنا‪) ..‬وإن كان لك مهمة فأوجز‬
‫في قضائها(‪.‬‬
‫رابعًا‪ -‬الجتماعات‬
‫هذه القضية من أهم القضايا التي‬
‫تحتاج إلى تنظيم وإعادة نظر‪ ..‬وعليها‬
‫تتوقف كثير من أمورنا وأنشطتنا‪ ..‬بل‬
‫وفي بعض الحيان تتوقف عليها مصائر‬
‫حركات وجماعات‪ ..‬وأحيانا مصائر‬
‫شعوب وأمم‪ .‬فابتداء من لقائك مع‬
‫رؤساء القسام في اجتماع لبحث‬
‫تطوير العمل ومناقشة إيجابياته‬
‫وسلبياته‪ ،‬وانتهاء بمؤتمرات القمة‬
‫التي تضم رؤساء الدول‪ ..‬كل هذه‬
‫اللقاءات في مناطق العالم الثالث تتم‬
‫بصورة متخلفة تعكس تخلف منطقتنا‬
‫وسلبيات تحركنا‪..‬‬
‫وأول سلبيات هذه اللجان تكمن في‬
‫تشكيلها‪ ..‬فالصل أن المر الذي‬
‫ول‬‫ّ‬ ‫يح‬ ‫يناقش في المستويات العلى‬
‫إلى لجنة‬
‫‪-------------------------‬‬
‫)‪ (1‬النور‪.27 -‬‬
‫فنية متخصصة لمتابعته والشراف على‬
‫تنفيذه‪ ،‬وبذلك تكون اللجنة متممة‬
‫ومكملة لعمل الهيئات العليا‪ ..‬ولكن‬
‫‪125‬‬
‫الذي يحصل الن أن اللجان العليا‬
‫والمتوسطة والدنيا تضم الشخاص‬
‫أنفسهم‪ ..‬يدورون في حلقاتها من‬
‫مكان إلى مكان‪ ..‬وتكون النتيجة‬
‫الحتمية لهذه اللجان أن تتضاءل‬
‫وتتقزم وتنتهي‪..‬‬
‫ولقد شهدت لجانا كثيرة‪ ..‬في غاية‬
‫الهمية‪..‬‬
‫يحضر قسم من أفرادها ول يحضر‬
‫الخرون‪ ..‬فالتبليغ لم يتم‪ ،‬وإذا تم‬
‫فقبل الموعد بيوم أو اثنين بحيث يكون‬
‫الخ مرتبطا بقضايا أخرى‪..‬‬
‫والجتماع بل جدول أعمال‪ ..‬فلم يفكر‬
‫أحد في اللقاء قبل ساعته‪ .‬وجميع‬
‫أوراق ووثائق اللقاءات السابقة غير‬
‫موجودة لسبب من السباب‪..‬‬
‫وفي غيبة المتخصصين‪ ،‬وعدم الدقة‬
‫في الحضور‪ ،‬وعدم وجود جدول أعمال‪،‬‬
‫وعدم وجود وثائق اللجنة‪ ..‬يتحول‬
‫الحديث إلى ذكريات ومواقف‪..‬وينتهي‬
‫اللقاء كما بدأ‪ ..‬ويعود الذين حضروا‬
‫أدراجهم وفي قلوبهم غصة‪!..‬‬
‫كل أيها السادة المسؤولين‪ ..‬ابتداء من‬
‫أصغر إدارة في أقصى الدنيا‪ ..‬وحتى‬
‫مسؤول أكبر دولة على وجه الرض‪..‬‬
‫‪126‬‬
‫إن هذه اللقاءات هي الهم‪ ..‬ففي‬
‫العالم الول ل يلتقي الكبار حتى ُيعد‬
‫المتخصصون في اللجان المختلفة‬
‫تصوراتهم للمور‪ :‬القتصادية‬
‫والسياسية والفكرية والعلمية‬
‫والحركية‪ ..‬ثم يتم اللقاء فيرجح هذا‬
‫الحتمال أو ذاك‪ .‬وليس المر عندنا‬
‫بسبب الجهل بقيمة هذا الوضع فقط‪..‬‬
‫بل ومن عدم الثقة بالنفس كذلك‪ .‬فل‬
‫تريد المقامات العليا أن تلتقي مع‬
‫العناصر الدنيا فتطير الهالت‪ .‬وتنتهي‬
‫الخيالت‪.‬‬
‫أن اللجان المتخصصة هي مؤسسات‬
‫متفرغة تضم أفضل العناصر‪ ،‬وتجمع‬
‫أهم المعلومات‪ ،‬وتصدر أقوم‬
‫الدراسات‪ ،‬تخطط للعمل‪ ،‬وبعد‬
‫الموافقة على الخطة تنطلق للتنفيذ‪،‬‬
‫فتكون للحداث بالمرصاد‪ ..‬بل وعلى‬
‫ضوء الحداث تختبر الخطة‪.‬‬
‫لقد تغيرت مواقع التأثير في العالم‬
‫المعاصر‪ ..‬فقديما كان ألف عنصر‬
‫مسلحون بألف سهم يغلبون خمسمائة‬
‫عنصر عندهم خمسمائة سهم‪ ..‬أما‬
‫اليوم فمركز صغير يضم عشرة‬
‫أشخاص يصدر دراسات سياسية‬
‫‪127‬‬
‫معقولة يمكن أن يوجه مليين الفراد‬
‫هنا وهناك‪ ..‬وبهذه الطريقة يؤثر‬
‫اليهود في جميع أمم العالم بالعمل‬
‫وليس بالكلم الفارغ‪..‬‬
‫حدثني الستاذ نجم الدين أربكان‬
‫فقال‪ :‬في اجتماعات مجلس المن‬
‫القومي التركي‪ ..‬يبدأ الجتماع بإقرار‬
‫جدول العمال‪ ..‬وفي كل نقطة من‬
‫هذا الجدول‪ ..‬يقدم سكرتير المجلس‬
‫أحد الحلول لهذه النقطة‪ ،‬ثم حل ً آخر‪..‬‬
‫ثم حل ً ثالثًا‪ ..‬وهكذا في كل نقطة‪..‬‬
‫دققوا بشكل مسبق في جدول‬
‫العمال‪ ..‬ووضعوا لكل أمر جميع‬
‫الحتمالت الممكنة‪.‬‬
‫كيف نكون آراءنا القتصادية‪..‬؟‬
‫وكيف نصدر قراراتنا السياسية؟‬
‫هل حققنا في الخبار التي تصلنا‪ ..‬هل‬
‫هي حوادث واقعية فعل‪ ،‬أم أحداث‬
‫مفتعلة أطلقها الخرون ليؤثروا على‬
‫سياساتنا وقراراتنا‪..‬؟‬
‫ماهي سياساتنا العلمية‪..‬؟‬
‫أين مراسلونا في المناطق التي يخوض‬
‫فيها المسلمون أعنف صراع مع المكر‬
‫العالمي‪..‬؟‬

‫‪128‬‬
‫بل هل آراؤنا ومواقفنا تجاه الخرين‬
‫موحدة‪..‬؟‬
‫هل ننظر جميعا لحركات التحرير في‬
‫الفلبين وكشمير والشيشان وفلسطين‬
‫ورجالها النظرة نفسها‪..‬؟‬
‫هل لنا رؤية مشتركة في الموقف من‬
‫القليات السلمية في العالم‪..‬‬
‫مساعدتها‪ ..‬وطبيعة الدور الذي تقوم‬
‫به في أوطانها؟‬
‫آلف السئلة يمكن أن نطرحها‪..‬‬
‫وسيكون الجواب باستمرار علمات‬
‫تعجب سلبية تنضم إلى سابقاتها ضمن‬
‫لحن مأساوي حزين وجنائزي‪ ..‬وليس‬
‫ذلك بسبب نقص الطاقات‪ ..‬بل من‬
‫زيادتها في بعض الحيان!‬
‫إن دليل حيوية أية مؤسسة‪ ،‬أو حركة‪،‬‬
‫أو جماعة‪ ،‬أو دولة‪ ،‬أو حزب يكمن في‬
‫وجود لجان ومؤسسات متخصصة‬
‫متفرغة تتابع الحداث وتحللها وتركبها‬
‫وتقدمها لصحاب القرار‪ ..‬فيتحول‬
‫قرارهم إلى قرار عصري واقعي‪ ..‬بدل‬
‫من قرارات )طوباوية( يغلب عليها‬
‫الظن والهوى‪!..‬‬
‫خامسًا‪ -‬المؤتمرات‬

‫‪129‬‬
‫المؤتمر فكرة متقدمة تضم أصحاب‬
‫ما‬
‫اهتمامات متقاربة‪ ..‬تلتقي في مكان ّ‬
‫وفي تاريخ محدد‪ ،‬ضمن برنامج معين‪..‬‬
‫يتناوب فيه المفكرون فيتكلمون عن‬
‫اهتماماتهم‪ ،‬وتجري أثناء ذلك مناقشات‬
‫هامة تزيد من بلورة الفكرة‬
‫المطروحة‪ ..‬وليست الفائدة في مثل‬
‫هذه المؤتمرات مما يلقى من كلمات أو‬
‫ما يجري من مناقشات فقط‪ ..‬بل ومن‬
‫جو المؤتمر‪ ،‬وسلوكيات المشتركين‬
‫فيه‪ ،‬والقائمين عليه‪ ..‬بحيث يعود الخ‬
‫المشارك بروح جديدة‪ ،‬وتصورات‬
‫واضحة‪ ،‬ونفسية فعالة عالية‪ ..‬يأخذ‬
‫دفعة من النشاط والحيوية وكأنه ولد‬
‫من جديد‪..‬‬
‫والصحوة السلمية التي هي موضوع‬
‫الساعة هذه اليام‪ ..‬سببها الشباب‪،‬‬
‫فإذا دخلت إلى مسجد وجدته يعمر‬
‫بالشيوخ‪ ..‬خرجت بانطباع سلبي‪.‬‬
‫فالشيخ لم يعد له ميدان سوى‬
‫المسجد‪ ..‬أما إذا رأيته غاصا بالشباب‪..‬‬
‫حمدت الله وأيقنت أن البلد بخير‪.‬‬
‫فالشباب الغض ركل المغريات ودخل‬
‫المسجد ليؤكد شخصيته السلمية‪.‬‬
‫وصحوة الشباب ولدت في أحضان‬
‫‪130‬‬
‫المؤتمرات‪ ،‬وللتحاد السلمي العالمي‬
‫للمنظمات الطلبية)‪ .(1‬الذي ساهم في‬
‫هذه المؤتمرات وأنشأها ونسقها‬
‫ودعمها‪ ،‬فضل كبير في تقوية هذه‬
‫الصحوة التي اتخذت الحركات السلمية‬
‫محاضن طبيعية لها‪.‬‬
‫وحتى تؤتي هذه المؤتمرات ثمراتها‬
‫المرجوة‪ ،‬وتحقق أغراضها‪ ..‬ينبغي أن‬
‫تتوفر فيها جملة شروط‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تكون مخططا لها‪ :‬فليست آنية‬
‫أو مفتعلة أو مرتجلة‪ ،‬بل تكون‬
‫محددا هدفها‪ ،‬مرسوما برنامجها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون متكاملة‪ :‬فل تكرر نفسها‬
‫مع المؤتمرات المجاورة‪ ..‬أو‬
‫المؤتمرات اللحقة‪ ..‬فيكون هناك‬
‫مؤتمر للشباب المبتديء‪ ،‬وأن‬
‫يكون هناك مؤتمر للفكر‪ ،‬وآخر‬
‫للتخطيط‪ ،‬وآخر للسياسة‪ ،‬وهكذا‪..‬‬
‫‪-------------------------‬‬
‫)‪ (1‬تأسس عام ‪.1969‬‬
‫‪ -3‬أن ُيختار المتحدثون بدقة‪ ..‬ولقد‬
‫اعتاد المشرفون على المؤتمرات أن‬
‫يستقدموا متحدثين من بلدهم‬
‫لمجرد المعرفة أو الشهرة أو‬
‫المكانة العلمية أو السلمية‪ ..‬أو‬
‫‪131‬‬
‫وه‪ ..‬وهذا ‪-‬ول شك‪-‬‬ ‫لنه خطيب مف ّ‬
‫أمر مفيد يصل الجيل الجديد‬
‫بأساتذته‪ ..‬ويعرف المتحدثين بنشاط‬
‫البناء فيستفيد كل الطرفين‪ ..‬ولكن‬
‫عدم الدقة في الختيار يوقع‬
‫المؤتمر أحيانا ً في حرج شديد‪..‬‬
‫• فهذا متحدث له مشكلة في بلده‪-‬‬
‫وما أكثر المشاكل‪ -‬يعرضها على‬
‫المؤتمر‪ ..‬فيشغله بالسلبيات التي‬
‫ل تهمه أصل ول يعرفها قبل‪..‬‬
‫فينقسم الناس أقساما تؤثر على‬
‫وحدتهم وقوتهم‪..‬‬
‫• وهذا متحدث يعيش في بلد‬
‫متخلف الوسائل والساليب‬
‫وبالتالي محدود الفكر والتوجيه‪..‬‬
‫فتراه يثير قضايا فكرية حكم عليها‬
‫الزمن بالعدام لتطرفها أو‬
‫لشذوذها‪ ..‬ينبشها من بطون‬
‫الكتب أو ينتزعها من حلقات‬
‫التخلف في بلده‪ ،‬ليعرضها على‬
‫المؤتمر الذي يضم خيرة شباب‬
‫العالم السلمي الذين يدرسون‬
‫أرقى العلوم في أعظم جامعات‬
‫الدنيا‪ ..‬فيحدث في المؤتمر‬
‫إشارات استفهام تسيء لتاريخ‬
‫‪132‬‬
‫المة‪ ،‬وتزعزع الثقة بتراث‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫من هنا يجب اختيار المتحدث بدقة‬
‫شديدة‪ ..‬وأن يتفق معه على‬
‫ضره ويرسله للجنة‬ ‫الموضوع فيح ّ‬
‫المؤتمر‪ .‬وإذا تم إقراره يستقدم‬
‫المتحدث أو المحاضر‪ ..‬وإل‬
‫فيستبعد ويعتذر له‪..‬‬
‫ولقد أدى الرتجال في اختيار‬
‫المحاضر إلى التمزق الذي حصل‬
‫في بعض المناطق‪ ،‬وإلى الفكار‬
‫الهزيلة التي بدأت تنتشر‪ ،‬والتي‬
‫تقسم الجماعة الواحدة إلى‬
‫جماعات‪ ،‬والتنظيم الواحد إلى‬
‫تحزبات‪..‬‬
‫‪ -4‬يجب أن يتناول المؤتمر المواضيع‬
‫العامة التي تهم مختلف طبقات‬
‫الشعب‪ ،‬والتي تعالج قضايا المة‬
‫المختلفة‪ ،‬وأن يدعى لها كل من‬
‫يستطيع الحضور‪ .‬وأن تناقش هذه‬
‫المور بروح علمية واقعية بعيدة عن‬
‫التعصب أو التحزب‪ ..‬فالمؤتمرات‬
‫فرصة لن ترفع الكلمة الطيبة‬
‫صوتها إلى أعلى فيتجاوب معها كل‬
‫من يريد الخير لهذه المة‪ ..‬وإذا‬
‫‪133‬‬
‫نظرنا إلى الموضوعات التي‬
‫ناقشتها المؤتمرات السلمية‬
‫والشبابية خلل عشرين سنة‪ ،‬وكلها‬
‫دارت في حلقة الحركة السلمية‪..‬‬
‫فسنجدها تماما مثل المواضيع التي‬
‫يناقشها السلميون في بيوتهم أو‬
‫اجتماعاتهم‪ .‬ولقد اطلعت على‬
‫البحوث التي قدمتها بعض‬
‫المؤتمرات غير السلمية‪ ،‬فوجدت‬
‫بحوثا هامة تناولت دراسات عميقة‬
‫ومفيدة‪ ،‬ونشرت في كتب هي اليوم‬
‫مراجع للباحثين‪ .‬وفي المقابل‬
‫أسأل‪ :‬أين البحاث التي قدمتها‬
‫مؤتمراتنا في حقول المعرفة‬
‫والتكنولوجيا‪ ..‬وما هي الحلول التي‬
‫وضعتها لهم قضايانا الجتماعية‬
‫والسياسية والقتصادية‪..‬؟‬
‫إن المؤتمرات فرصة لمصالحة‬
‫السلميين مع بعضهم‪ ..‬ومصالحة‬
‫السلميين مع غيرهم‪ ..‬واتفاق الجميع‬
‫على كلمة سواء‪ُ ،‬تجري التغيير في‬
‫عروق هذه المة المتخلفة نحو الحسن‬
‫والسلم‪.‬‬
‫‪ -5‬إن فكرة النقد الذاتي المنضبط بآداب‬
‫الحوار‪ ،‬التي فهمتها جميع التجاهات‬
‫‪134‬‬
‫الفكرية فبدأت تطور نفسها من‬
‫خللها‪ ..‬لم يطبقها السلميون‪ ..‬بل‬
‫دها بعضهم ردة تستوجب التوبة‪..‬‬ ‫وع ّ‬
‫مع أنها فكرة إسلمية صميمة‪ ..‬ويوم‬
‫ُتعجب الجماعات بنفسها‪ ..‬ول تتصور‬
‫أخطاءها ول ترى غير انحرافات‬
‫غيرها‪ ..‬ول تسمح لحد بنقدها‪ ..‬ول‬
‫تتجرأ هي على نقد نفسها‪ ..‬يومها‬
‫فقط يحق لك أن تتخوف على مصير‬
‫هذه الحركة‪ ..‬إن وظيفة المؤتمرات‪،‬‬
‫وبخاصة الشبابية والطلبية منها‪ ،‬أن‬
‫تتبنى هذا التجاه وتباركه وتنميه‪..‬‬
‫وستجد بعد فترة قيمة هذا التجاه‬
‫وبركته وأثره‪..‬‬
‫‪ -6‬في كثير من المؤتمرات تطبخ‬
‫القرارات والنتائج في الغرف‬
‫الخلفية‪ ،‬ثم يفاجأ بها جمهور‬
‫المؤتمر‪ ..‬وإذا قبل بعض الملتزمين‬
‫مثل هذه النتائج‪ ..‬فإن الخرين‬
‫دون‬‫سيشعرون بالحباط وسيع ّ‬
‫وجودهم كعدمه‪ ..‬وأنهم مواطنون من‬
‫الدرجة الثانية‪ ..‬وأن علقتهم‬
‫بالمؤتمر سطحية‪ ..‬ولربما كانت‬
‫النتائج عكسية تماما‪ ..‬وتغيير هذه‬
‫الطريقة وإعطاء الفرصة لجميع‬
‫المؤتمرين أن يقولوا كلمتهم بدون‬
‫‪135‬‬
‫دهاليز‪ ،‬ول وصاية من أحد‪ ..‬عندها لن‬
‫نكسب فقط أصوات الخرين‪ ..‬بل‬
‫وقلوبهم كذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬يسيطر علينا شعور غريب‪ ..‬وهو أنه‬
‫في كل اتحاد أو نقابة أو عمل عام‪..‬‬
‫يجب أن يسيطر عليه السلميون‬
‫بالكامل )كل شيء أو ل شيء(‪ ..‬وهذا‬
‫‪-‬لعمري‪ -‬مخالف للسياسة والكياسة‬
‫والمصلحة‪ ..‬والصحيح أن نخطط ل‬
‫لنتسلم كافة المقاعد‪ ،‬بل لننوعها‬
‫بحيث تمثل كل التجاهات في الهيئة‬
‫الدارية المنتخبة )على قاعدة‬
‫مشاركة ل مغالبة(‪ ..‬ولن تتاح لنا‬
‫فرصة محاورة هؤلء عن قرب خير‬
‫من عدائهم عن بعد‪..‬‬
‫هذه هي المؤتمرات‪ ..‬وهي أوقات هامة‬
‫في حياة الدعوة والداعية‪ ،‬تستحق منا أن‬
‫نبذل لها كل اهتمام‪ ..‬وأن نوليها كل‬
‫رعاية وثقة‪ .‬ويجب أن ل ننسى أن‬
‫إسرائيل كانت قبل احتلل فلسطين‬
‫مؤتمرا‪ ..‬وكثير من الحركات الثورية تبدأ‬
‫في مؤتمر ومن ثم تثبت نفسها‪..‬‬
‫سادسًا‪ -‬السفار‬
‫والسفار ضرورة لمن يتصل بالعمل‬
‫الشبابي والطلبي‪ ..‬ويتابع اللجان‬

‫‪136‬‬
‫والمؤتمرات والمخيمات‪ .‬وينضم إليها‪،‬‬
‫أو يحاضر فيها‪ ،‬أو ينسق بينها‪..‬‬
‫والسفر بالساس قطعة من العذاب‬
‫كما وصفه الرسول ‪ .‬والمسافر‬
‫يشعر في أكثر الحيان بالتعب‬
‫والرهاق‪ ،‬وهو معّرض للفتنة من هنا‬
‫أو هناك‪ ..‬ولهذا فإننا ننصح إخواننا‬
‫الذين يتابعون السفار‪ ..‬واتخذوا لهم‬
‫في كل طائرة مقعدا‪ ..‬بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يخططوا لسفارهم قبل مدة من‬
‫الزمن‪ ،‬فيحصلوا على التأشيرة‬
‫اللزمة )الفيزا( ويحجزوا على‬
‫الخطوط المناسبة‪ ،‬ويتصلوا بالجهة‬
‫التي سيسافرون إليها لستقبالهم‬
‫في المطار‪ ،‬وترتيب أمر سكناهم‬
‫وتنقلتهم قدر المكان‪ .‬وكل ذلك‬
‫مما يساعد الخ المسافر‪ ،‬ويوفر‬
‫الكثير من وقته‪.‬‬
‫‪ -2‬أن تكون السفرة ذات هدف واضح‪..‬‬
‫للتعارف‪ ..‬أو للقاء محاضرة‪ ،‬أو‬
‫للستماع والمناقشة‪ ..‬أو لدارة‬
‫مؤتمر أو مخيم‪ ..‬وهو يتخذ لكل حالة‬
‫من هذه الحالت استعداداتها‪،‬‬

‫‪137‬‬
‫ويصطحب معه الوراق والوثائق‬
‫والوسائل اللزمة‪.‬‬
‫‪ -3‬تعدّ السفار مادة غنية في مدرسة‬
‫الحياة‪ ..‬ومن هنا لبد للمسافر من‬
‫تسجيل بعض الملحظات والتواريخ‬
‫والمشاهد في دفتر مذكراته‪ ..‬وإذا‬
‫جمعت هذه المذكرات خلل عشرين‬
‫سنة مثل‪ ..‬كانت سفرا عظيما من‬
‫أسفار مدرسة الحياة‪.‬‬
‫‪ -4‬أن يغتنم المسافر كامل وقته‬
‫بالتصال بالعناصر‪ ،‬والتعرف عليهم‪،‬‬
‫وأخذ عناوينهم والتبسط معهم‪ ..‬وأن‬
‫يرفض‪ -‬إل في حالت خاصة وضرورية‬
‫‪ -‬أن تميزه إدارة المؤتمر عن بقية‬
‫المشاركين في الطعام أو الشراب أو‬
‫النوم‪.‬‬
‫‪ -5‬في كثير من الحيان يقضي المسافر‬
‫ساعات طويلة في المطارات ينتظر‬
‫طائرته‪ ..‬وحتى ل يضيع هذا الوقت‪..‬‬
‫فلبد من أن يخطط له المسافر‬
‫ويستفيد منه في القراءة والكتابة‪..‬‬
‫وأنا أعرف أشخاصا كثيرين استطاعوا‬
‫أن يستفيدوا من مثل هذه الوقات‬
‫في كتابة مقالتهم وكتبهم‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -6‬حاول أن تصطحب معك باستمرار‬
‫عناوين وهواتف الشخاص في البلد‬
‫الذي تسافر إليه أو الذي تعبر منه‪..‬‬
‫د‬
‫والتصال بالخوة من المطار يع ّ‬
‫كسبا إضافيا إلى رحلتك‪.‬‬
‫ومما ل شك فيه أن السفار ‪-‬على الرغم‬
‫من صعوبتها‪ -‬إل أنها تجديد كامل‬
‫للطاقة‪ ،‬ودفعة جديدة للعزيمة‪ ،‬وفائدة‬
‫عظيمة تزجيها وتكسبها في نفس‬
‫الوقت‪ ..‬وإذا أحسنت التخطيط لها‬
‫والستفادة من وقتها أدركت فوائد ل‬
‫دد(‪.‬‬
‫حصر لها‪ ،‬وقديما قيل‪) :‬اغترب تتج ّ‬

‫وقفة‬
‫تعامل جيدا ً مع المؤثرات في‬
‫وقتك‪:‬‬
‫المـــــــــــــراســــــــــــــ‬ ‫•‬ ‫)‬
‫ـــــــلت‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫الهــــــــــــــــــاتـــــــــــــ‬ ‫•‬
‫(‬
‫ـــــــف‪.‬‬
‫الــــــــــــــــــزيــــــــــــــ‬ ‫•‬
‫ــــارات‪.‬‬
‫الجتمـــــــــــــــــــــاعـــــ‬ ‫•‬
‫ـــــــات‪.‬‬
‫وقت الراحة‬

‫‪139‬‬
‫أما الراحة والستجمام والتمارين‬
‫الرياضية فهي تهمل في أكثر الحيان‬
‫ول يقام لها وزن‪ ،‬ول يخصص لها‬
‫الوقت المناسب والكافي‪ ..‬وحتى‬
‫عندما نذكرها في برامجنا‪ ..‬نتركها‬
‫بحجة أنه ل يوجد عندنا وقت‪ ..‬وأن‬
‫العمال الهم أخذت وقت الراحة‪ ..‬إلى‬
‫آخر هذه التعابير‪..‬‬
‫ونحن نحتاج إلى وقفة في هذا‬
‫الموضوع‪...‬‬
‫بعض الدعاة السلميين يعتقدون أن مثل‬
‫هذه العمال ل تليق بهم ول بجديتهم‪،‬‬
‫وأن أوقاتهم أثمن وأكرم من أن يخصص‬
‫جزء منها للرياضة‪ ..‬وإذا جاز هذا في حق‬
‫المبتدئين‪ ،‬فل يجوز بحق الدعاة‬
‫المهمين‪!..‬‬
‫إلى آخر هذه التصورات الخاطئة التي ل‬
‫تمت للحقيقة بصلة‪ ..‬بل هي جزء من‬
‫أمراضنا السلوكية والتطبيقية‪..‬‬
‫أما علماء الدارة فيقولون‪ :‬إذا كان‬
‫الجسم ذاته يجبرك على الشعور بالجوع‬
‫والحاجة إلى تفريغ أمعائك‪ ،‬فكذلك‬
‫التمرين الرياضي ل غنى عنه كالطعام‪،‬‬
‫وهو جزء ل يتجزأ من أي خطة لتنظيم‬
‫الوقت‪ ..‬وإن سببا جوهريا لنجاح‬
‫‪140‬‬
‫الكثيرين من رجال العمال هو‬
‫محافظتهم على أبدانهم وإعطاؤها‬
‫العناية الكافية من خلل التمرينات‬
‫الرياضية المنتظمة‪.‬‬
‫إذا كان الداريون يقولون ذلك‪ ..‬فإن‬
‫ديننا اهتم بهذا قبل جميع النظم‪..‬‬
‫وجعله جزءا ً مهما من تعاليمه‪ ..‬فقد‬
‫أمرنا أن نعلم أولدنا الرماية والسباحة‬
‫وركوب الخيل‪ ..‬ليس مرة وننتهي‪ ..‬بل‬
‫وفق برنامج مستمر يتناول الولد‬
‫والباء على السواء‪ ..‬فقد جاء في الثر‬
‫أنه من تعلم الرمي ونسيه فقد عصى‪.‬‬
‫وسيدنا علي رضي الله عنه يقول‪:‬‬
‫)روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإن‬
‫القلب إذا أكره عمي(‪ .‬وإذا كانت‬
‫العبادات في الديانات الخرى نوعا من‬
‫الذكار والتلوة‪ ،‬فإنها في ديننا حركة‪.‬‬
‫فحركية الصلة‪ ،‬وحركية الحج‪ ،‬وقيام‬
‫رمضان‪ ،‬والجهاد الماضي إلى يوم‬
‫القيامة‪ ..‬كل ذلك يجعل حياة المسلم‬
‫في حركة فكرية وبدنية مستمرة‪.‬‬
‫روحــــــــــــــوا الـــــقـــلـــــــــوب‬
‫ساعـــة بعد سـاعـــــــة‬
‫)‪(4‬‬
‫‪141‬‬
‫الوقت الجتماعي عند الشاب المسلم‬

‫هناك ظاهرة شاذة تستحق منا الدرس‬


‫والتحليل‪ ..‬وهي أن كثيرا ً من الدعاة‬
‫السلميين غير ناجحين في بيوتهم‪..‬‬
‫وفي تربية أبنائهم‪ ..‬ول أريد أن أذكر‬
‫الناس بأسمائهم‪ ..‬ولكنها ظاهرة تلفت‬
‫النظر وهي صحيحة في أكثر الحيان‬
‫عند أكثر الدعاة‪ .‬وهذه الظاهرة تسبب‬
‫للخ الداعية ‪ -‬بعد فترة من الزمن‪-‬‬
‫الحرج أمام نفسه وأمام أبنائه وفي‬
‫مجتمعه‪ ..‬فيتراجع قليل قليل حتى‬
‫ينكمش أو ينقلب على أعقابه‪.‬‬
‫كنت في حديث مع أحد هؤلء‪ ،‬وجرى‬
‫بيننا الحوار التالي‪:‬‬
‫• ليس عندي وقت لمثل هذه‬
‫المور‪ ..‬وذكرت له أن لهله عليه‬
‫حقا‪ ،‬وأن لولده عليه حقوقا‪ ،‬وأنه‬
‫ل يصح أن يهتم بأبناء الخرين‬
‫ويترك أولده في مدرسة الشارع ل‬
‫يعرف عنهم شيئا‪ .‬فقال‪:‬‬
‫• البناء يتبعون الباء بعد أن يكبروا‬
‫ويتجاوزوا سن الطفولة‪ ..‬قلت‪:‬‬
‫والزيارات الجتماعية التي تهذب‬
‫سلوك الزوجة والبنات وتعرف السر‬
‫‪142‬‬
‫على بعضها بعضا‪ ..‬وتعمق المحبة‬
‫بين المتزاورين‪ ..‬قال‪:‬‬
‫• هذه علقات تأخذ الوقت‪ .‬ول‬
‫وقت عند الداعية يضيعه! في مثل‬
‫هذه التوافه! فماذا كانت النتيجة؟‬
‫فساد في كل شيء‪ ..‬في سلوك‬
‫البناء انعكس على سلوك البيت‪..‬‬
‫انعكس شقاء عند الجميع‪ !..‬نعم‪..‬‬
‫)إنك ل تهدي من أحببت ولكن الله‬
‫يهدي من يشاء(‪.‬‬
‫ولكن هل معنى هذه القاعدة أن‬
‫نجلس في بيوتنا بانتظار أن تهبط‬
‫الهداية؟ أم أن عمل الدعاة هو‬
‫الدعوة للقربين قبل البعدين‪..‬؟‬
‫لهذا السبب‪ ..‬فإني أرى أن نعود‬
‫للصواب‪ ،‬وأن نخصص وقتا كافيا‬
‫لبنائنا ولهلنا‪ ،‬وأن نمارس إلى‬
‫جانب عملنا الدعوي عمل اجتماعيا‪..‬‬
‫نعود المرضى‪ ..‬ونزور السر‪..‬‬
‫ونمسح على رؤوس البائسين‪..‬‬
‫ونقضي حوائج المحتاجين‪ .‬وهذا‬
‫السلوك الجتماعي سينعكس‬
‫عاطفة كريمة في نفوسنا‪ ..‬فقد‬
‫خلت هذه النفوس من العواطف أو‬

‫‪143‬‬
‫تكاد‪ .‬وسينعكس كذلك معرفة‬
‫بالواقع‪ ..‬فمعظم دعاتنا يحلقون‬
‫بالخيال ويحدثونك حديثا ل يمت‬
‫للواقع في أكثر الحيان‪ ..‬وما ذلك‬
‫إل لنهم بعيدون عن الناس وعن‬
‫مشاكلهم‪..‬‬
‫لي صديق منذ عشرين سنة‪ ،‬حرصت‬
‫على معرفته وزيارته في بيته‪ .‬ثم‬
‫انقطعت بيننا بعد ذلك السباب‪.‬‬
‫استمر في عمله‪ ،‬وتركت عملي‬
‫الذي كان يجمعني به‪ ..‬ورأيته يبتعد‬
‫عني كلما قابلته صدفة‪ ..‬زرته‬
‫وكلمته‪ ..‬فقال إنكم أنتم الحزبيون‬
‫ل تحبون سوى إخوانكم الحزبيين ول‬
‫تطمئنون لسواهم‪ ..‬فقلت‪ :‬بل‬
‫ل‪ ..‬قال‪ :‬حديث‬ ‫السلم أعلى وأج ّ‬
‫جميل ولكنكم ل تطبقونه‪..‬‬
‫نعم‪ ..‬كلم هذا الصديق صحيح‪ .‬لقد‬
‫تقطعت صلتنا بغيرنا‪ ..‬وبدأنا ل‬
‫نوثق غير إخواننا الحزبيين‪ ..‬الحق‬
‫معنا بدون سؤال‪ ،‬والباطل مع غيرنا‬
‫بدون سؤال كذلك‪ ..‬ولقد كتبت في‬
‫ذلك تعليمات وقرئت بيانات تؤكد‬
‫مثل هذا المعنى الخاطئ‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫ولم تعد العلقات جيدة بين جميع‬
‫العاملين للسلم‪ ..‬بل صارت كل‬
‫فرقة تعادي الفرقة الخرى‪ ..‬تتهمها‬
‫وتتهم نوايا أفرادها‪ ..‬قد تلقي‬
‫عليهم السلم وقد ل تلقي! وتعد‬
‫ذلك في سبيل الله‪!..‬‬
‫من الذي يكسر الطوق؟‬
‫لنكسر جميعا هذا الطوق الذي صنعناه‬
‫بأنفسنا وتحجرنا في إطاره‪ ..‬إننا عندما‬
‫نبذل الخوة والمحبة للخرين‪..‬‬
‫فسنجدهم من أجود الناس وأكرمهم‬
‫أخلقا‪ ،‬وسنجد أن التفاهم معهم شبه‬
‫كامل‪ ،‬وأن نقاط الخلف معهم جزئية‪،‬‬
‫وأن الحوار يذيب الرواسب والخلف‪..‬‬
‫وتسود بعد ذلك المحبة والخوة جميع‬
‫المسلمين عامة والسلميين خاصة‪..‬‬
‫ل أريد أن أستطرد في هذا الموضوع‪..‬‬
‫ولكني أعود وأؤكد أنه لبد للداعية من‬
‫أن يخصص وقتا كافيا لعلقاته‬
‫الجتماعية‪ ..‬وأن هذه العلقات هي‬
‫التي تصحح مساره وتضبط طريقه‪..‬‬
‫وليس أمرا ثانويا أو ل لزوم له كما‬
‫يتصور البعض‪..‬‬

‫‪145‬‬
‫هل جربت أن تلطف وتلعب أبناءك‬
‫الصغار‪..‬؟ وهل ترى كيف أن النبي ‪‬‬
‫كان يسجد فيطيل السجود حتى ل‬
‫ينزعج الحسن أو الحسين فينزل عن‬
‫ظهره برغبتهم الكاملة‪ ..‬يطيل السجود‬
‫ليس في صلة النافلة‪ ..‬بل وفي‬
‫جماعة ليعلم المسلمين درسا في‬
‫التربية‪..‬‬
‫ألم تسمع لذلك الصحابي ينكر على‬
‫النبي ‪ ‬تعلق أبنائه به وملطفته‬
‫وتقبيله لهم فيقول‪ :‬لي عشرة أبناء ل‬
‫أقبل أحدا منهم‪ ..‬فيقول له النبي ‪‬‬
‫إن مداعبة الصغار فيها أنس للكبار‬
‫وتربية للسرة وربطها بوشيجة الحب‬
‫التي ل تنفصم‪..‬‬
‫بل هل حاولت أن تعامل أبناءك إذا‬
‫كبروا معاملة الصحبة‪..‬؟‬
‫تشاورهم في أمورك وأمورهم‪،‬‬
‫وتطمئن إليهم ويطمئنون إليك‪ ،‬وتزول‬
‫من بينكم الجفوة المصطنعة‪ ..‬وينمو‬
‫الحب مكان الوامر‪ ..‬إن لهم حقوقا‬
‫كما عليهم واجبات‪ ..‬وكما تحب أن‬
‫يؤدوا واجباتهم تحب أن ينالوا‬
‫حقوقهم‪.‬‬

‫‪146‬‬
‫وهل حاولت أن تهتم بقضية الفتاة‪..‬؟‬
‫فتنزع من عقلها أنها إنسان متخلف‪..‬‬
‫وجزء من العار‪ ..‬وأنها ل تخرج إل يوم‬
‫ولدت ويوم زفافها وإلى القبر في آخر‬
‫المطاف‪ ..‬ل تشارك في عمل أو في‬
‫رأي أو في نشاط‪ ..‬هل تدرك أنك‬
‫معني قبل غيرك في تصحيح هذه‬
‫الصورة الجاهلية‪ ..‬وأن تساهم ‪-‬فعل ل‬
‫قول‪ -‬في هدم هذا الحاجز النفسي‬
‫ضمن حدود الدب السلمي الرفيع‪،‬‬
‫والصيانة الكاملة للذوق السليم‬
‫والعرف المستقيم؟‬
‫وهل ترى الزوجة‪ ..‬خير متاع الدنيا‪،‬‬
‫تتفنن بالتمتع بها جسدا وصحبة وشيئا‬
‫جميل مبهجا في حياتك وخادمة لبيتك‬
‫وأولدك؟ أم تعاملها معاملة كريمة تليق‬
‫بالشريك الكامل لك ولبيتك‪ .‬تشاورها‬
‫كما شاورها رسول الله ‪ ،‬وتأخذ رأيها‬
‫إذا كان سديدا‪ ،‬وتبعد عن ذهنها القول‬
‫المأثور الخاطئ )شاوروهن‬
‫وخالفوهن(‪ .‬وتأوي إليها في ساعة‬
‫العسرة كما أوى رسول الله ‪ ‬الخائف‬
‫إلى حجر خديجة تؤنسه وتشير عليه‪،‬‬
‫وتبادر إلى الرأي السديد‪..‬؟‬

‫‪147‬‬
‫هل خطر ببالك أن تجعل لها نشاطا‬
‫دعويا واجتماعيا‪ ،‬وأن ذلك من حقها‬
‫كما هو من حقك‪..‬؟ وهل كلفت نفسك‬
‫العناية بأطفالك لتهيئ لها جوا مناسبا‬
‫في أثناء ذلك‪ ..‬كما تهيئ لك هي جميع‬
‫الوقات الخرى‪..‬؟‬
‫إن التربية الخاطئة التي نمارسها في‬
‫بيوتنا انعكست على زوجاتنا وبناتنا‪..‬‬
‫وأستطيع أن أقول إن الخمار الذي‬
‫ترتديه الفتاة على رأسها رغما ً عنها‪،‬‬
‫ليس بالضرورة عنوان إسلميتها‪ ..‬بل‬
‫قد يكون عنوان تخلفها‪!..‬‬
‫ألم تسمع بتلك الفتاة التي عقد لها‬
‫أبوها على ابن عمها فرفضت وناقشت‬
‫واحتكمت إلى رسول الله ‪ ‬ففسخ‬
‫العقد احتراما لكرامتها‪..‬؟ وعندما قبلت‬
‫قالت‪ :‬أريد أن ُأعلم أخواتي المسلمات‬
‫أنهن صاحبات رأي في هذه القضية‪..‬‬
‫وأن الشرع يخدم رأيهن‪!..‬‬
‫وألم تسمع وترى المسلمات الخالدات‬
‫كيف يعشن؟ وماذا قلن؟ وكيف شاركن؟‬
‫وكيف ربين‪..‬؟ نريد مثل هذا الجيل‪..‬‬
‫ونريد أن يبذل الدعاة جهدا في ذلك‪،‬‬
‫ويخصصوا لذلك وقتا كافيا‪..‬‬

‫‪148‬‬
‫هل تعرف شيئا عن والديك‪ ..‬الم والب‪..‬‬
‫وعن أقاربك‪ ..‬والقربون أولى‬
‫بالمعروف )من أحب أن ُيبسط له في‬
‫)‬
‫رزقه‪ ،‬وينسأ له في أثره‪ ،‬فليصل رحمه(‬
‫‪ ..(1‬وعن جيرانك‪ ..‬وإكرام الجار جزء من‬
‫اليمان‪..‬؟‬
‫هل تشارك في المناسبات‪ .‬أفراحهم‬
‫وأحزانهم‪..‬؟ تكون معهم في الفراح‬
‫وتشاركهم في التراح‪ ..‬فتكسبهم بقلبك‬
‫وعملك قبل أن تكسبهم بقولك‬
‫ولسانك‪..‬‬
‫يا أخي الداعية‪..‬‬
‫هذه هي الدعوة الربانية‪ ..‬وليست تلك‬
‫الصورة الحزبية الهزيلة التي يحبس‬
‫بعضنا نفسه في إطارها‪ ..‬وهي صورة‬
‫مشوهة عن الدعوة العظيمة التي نادى‬
‫بها المرسلون والمصلحون‪..‬‬
‫‪----------------------------------‬‬
‫)‪ (1‬البخاري‪.‬‬

‫خصص وقتـــا ً كـافيـــًا‪ :‬لزوجتـــك – لبنائك‬


‫– لوالديــــك – لقاربـــــــــك –‬
‫لجيرانــــــك – لزملئــك ‪.‬‬
‫)‪(5‬‬
‫تنظيم وقت النوم‬

‫‪149‬‬
‫ولتنظيم الوقت ‪-‬بصورة عامة‪ -‬يجب‬
‫التركيز على أحد النشطة التي تستنفذ‬
‫جانبا أكبر من الوقت أل وهو النوم‪.‬‬
‫فإذا نظمت نومك بصورة جيدة فإنه‬
‫يمكن تنظيم بقية الوقت كما ينبغي‪.‬‬
‫قد تسأل‪ :‬وهل يجب أن أنام أقل‪ ،‬حتى‬
‫يكون لدي مزيد من الوقت؟ كل‪ ..‬هذه‬
‫طريقة خاطئة‪ ،‬فالواقع أنه قد يلزمك‬
‫المزيد من النوم لتؤدي عمل أجود‬
‫وأحسن)‪ ..(1‬فمن الخطأ البالغ‬
‫والتفريط الكامل في حقك وحقوق‬
‫الخرين‪ ..‬أن تقلل ساعات نومك لتنام‬
‫بعد ذلك في الجتماعات واللقاءات‪.‬‬
‫وحتى إذا لم تنم فإنك ستشارك بأقل‬
‫مستوى من الكفاءة‪ ..‬فأنت لم تعط‬
‫لبدنك وعقلك حاجتهما من الراحة‬
‫والنوم‪..‬‬
‫كم من لقاء هام يتوقف عليه مصير‬
‫حركة أو جماعة أو‬
‫‪---------------------‬‬
‫)‪ (1‬يقول الرسول ‪) :‬ليس في النوم تفريط إنما‬
‫التفريط في اليقظة( )صحيح الجامع الصغير(‪.‬‬
‫أمة‪ ..‬مشيت إليه وأنت لم تغمض لك‬
‫جفن منذ أيام‪ ..‬فجلست في الجتماع‬
‫جسدا بل عقل‪ ..‬يسألونك الرأي‪..‬‬
‫‪150‬‬
‫فتصمت‪ ..‬لنك غير قادر على إبداء‬
‫الرأي‪ ..‬وهل يتكلم الرجل النائم؟! كم‬
‫من أخ صدم سيارته بعامود‪ ،‬أو ألقاها‬
‫في نهر أو بحر‪ ،‬فقضى على نفسه أو‬
‫على إخوانه‪ ..‬لنه لم يأخذ قسطه من‬
‫الراحة والنوم‪..‬‬
‫كل‪ ،‬ل تعتسف الطريقة بهذا الشكل‪..‬‬
‫فالمنبت ل أرضا قطع ول ظهرا أبقى‪..‬‬
‫كتبت الصحف المريكية عن الفرق بين‬
‫زيارة السادات وبيغن للوليات المتحدة‬
‫فقالت‪ ..‬إن بيغن يقضي بعد وصوله‬
‫يوما في الراحة والستجمام‪ ..‬وفي‬
‫اليوم التالي يقابل رؤساء الجاليات‬
‫اليهودية‪ ،‬وفي اليوم الذي يليه يقابل‬
‫الرئيس المريكي‪ ..‬أما السادات ‪-‬الذي‬
‫يشعر بعقدة النقص تجاه المريكان‪-‬‬
‫فإنه يصل مرهقا متعبا مريضا‪ ..‬ومع‬
‫ذلك يقابل الرئيس المريكي بعد‬
‫ساعتين من وصوله‪ ...‬ويتكلم بعد ذلك‬
‫في أحداث أمة‪ ..‬ومصير شعب‪ ..‬الفرق‬
‫بين من يشعر بعقدة الستعلء‪ ..‬ومن‬
‫يشعر بعقدة النقص‪..‬‬
‫بعد انقلب سبتمبر ‪ 1980‬في تركيا‪..‬‬
‫ذهبت لزيارة الستاذ نجم الدين أربكان‬
‫لبارك له خروجه من السجن‪ ..‬وأتعرف‬
‫‪151‬‬
‫على أخباره‪ ..‬وكان في تلك الفترة في‬
‫مكان قصي بعيدا عن العيون‪ ..‬ووصلت‬
‫إليه متعبا مرهقا مع أذان المغرب‬
‫وكنت أريد مقابلته على عجل والعودة‬
‫في المساء نفسه‪ ..‬فرفض‪ .‬قال‪ :‬بل‬
‫تذهب إلى الفندق وتأخذ حماما ساخنا‬
‫وغدا ً الساعة العاشرة نتقابل‪!..‬‬
‫علماء الدارة يحثون رجال العمال‬
‫الناجحين على أن يأخذوا قسطهم‬
‫كامل من النوم‪ ،‬وينصحونهم كذلك أن‬
‫تكون لهم ساعتان أو ثلث ساعات في‬
‫الصباح الباكر أو الليل المتأخر لنجاز‬
‫المور الهامة‪ ،‬حيث يكون النسان في‬
‫مثل هذه الساعات في حالة عالية من‬
‫الصفاء الذهني‪ .‬ويضربون على ذلك‬
‫مثل بتشرشل رئيس الوزراء‬
‫البريطاني‪ ..‬فيقولون إنه كان يؤدي‬
‫أعماله الخطيرة والمتميزة في ساعات‬
‫الليل المتأخرة‪.‬‬
‫ونحن نعتقد أن هذه النظرية خاطئة‪..‬‬
‫فالنسان الذي ينام متأخرا سيحرم‬
‫أساسا ً من ساعات الصباح الولى‪..‬‬
‫وحتى حالته الذهنية في ساعات الليل‬
‫المتأخرة ‪-‬وبعد يوم طويل من العمل‬
‫الشاق‪ -‬ستكون في المستوى الدنى‪..‬‬
‫‪152‬‬
‫والصحيح أن ينام النسان مبكرا‪،‬‬
‫ويستيقظ مبكرا وستكون عنده فترة‬
‫الصباح من أبرك الوقات وأروعها‬
‫يكون فيها في قمة الصفاء الذهني‬
‫والستعداد النفسي‪.‬‬
‫سألت أحد الكتاب السلميين متى‬
‫يكتب كتبه‪ ،‬وهو رجل كثير الشغال‬
‫متعدد الهتمامات‪ .‬فقال لي‪ :‬بعد صلة‬
‫الفجر‪..‬‬
‫ولقد أكدت الدراسات أن معظم‬
‫المؤلفين ورجال الصحافة يكتبون‬
‫أعمالهم الهامة في ساعات الصباح‬
‫الولى‪ ..‬ونجد نحن المسلمين هذا في‬
‫توجيهات النبي محمد ‪ ‬عندما يقول‪:‬‬
‫)اللهم بارك لمتي في بكورها()‪.(1‬‬
‫وقد قال بعض السلف‪) :‬عجبت لمن‬
‫يصلي الصبح بعد طلوع الشمس كيف‬
‫يرزق(‪!..‬‬
‫‪----------------------‬‬
‫)‪ (1‬أحمد وأصحاب السنن‪.‬‬
‫من نعم الله‬
‫والنوم من نعم الله على النسان وآية‬
‫من آياته في الكون ‪‬وهو الذي‬
‫يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار‬

‫‪153‬‬
‫‪(1). ‬الله يتوفى النفس حين موتها‬
‫‪.((2‬‬
‫وقد جعله الله راحة لعقل النسان‬
‫وبدنه بعد عناء الكد والكدح حتى‬
‫يستطيع أن يجدد نشاطه ويواصل‬
‫حياته‪ .‬ومثل أي شيء يجب على‬
‫النسان أن يتحكم في نومه قدر‬
‫المستطاع‪..‬‬
‫وللستفادة من هذه النعمة ينبغي‪:‬‬
‫• النوم مبكرا قدر استطاعته ما لم‬
‫يوجد ما يبرر السهر‪.‬‬
‫• الستفادة من ساعات البكور‬
‫لنها ساعات بركة ورحمة وفيها‬
‫يستطيع النسان إنجاز أعمال‬
‫هامة‪ .‬قال الرسول ‪ ‬للسيدة‬
‫عائشة رضي الله عنها وهي نائمة‬
‫في أوقـات الضحى‪) :‬يا عائشة‬
‫استيقظي فهذا‬
‫‪----------------------‬‬
‫)‪ (1‬النعام‪.60 -‬‬
‫)‪ (2‬الزمر‪.24 -‬‬
‫وقت توزع فيه الرزاق(‪.‬‬
‫• القيلولة في وسط النهار مفيدة‬
‫للبدن‪ ،‬مجددة للنشاط‪ ،‬قال النبي‬
‫‪) :‬قيلوا فإن الشياطين ل تقيل(‪.‬‬
‫‪154‬‬
‫وقد لجأت بعض الشركات الجنبية‬
‫لعطاء موظفيها فترة قصيرة‬
‫بالظهيرة للنوم في مكاتبهم بعد أن‬
‫توصلت على أن هذا أفضل ح ّ‬
‫ل لمنع‬
‫النوم أثناء العمل‪.‬‬

‫استمر وقت البكور في‪:‬‬


‫قراءة القرآن وحفظه‪.‬‬ ‫•‬
‫أذكار الصباح‪.‬‬ ‫•‬
‫المذاكرة والستيعاب‪.‬‬ ‫•‬
‫إنجاز العمال الهامة‪.‬‬ ‫•‬

‫)‪(6‬‬
‫الطوارئ والمشكلت‬

‫‪155‬‬
‫الطوارئ والمشكلت العابرة من‬
‫سمات الحياة‪ ،‬وطالما النسان يعمل‬
‫فهو عرضة للمشكلت‪ .‬والنسان الذي‬
‫ل تعترضه المشكلت هو النســان‬
‫الـذي ل يعمـل‪ ..‬التخطيط يقلل كثيرا ً‬
‫منها ويساعد في حلها لكنه بالطبع ل‬
‫يمنعها‪ ..‬ويجب على النسان أن يضع‬
‫في خطته برنامجا ً وتصورا ً لحل‬
‫المشكلت‪.‬‬
‫ولقد أظهرت الدراسة أن العباقرة لهم‬
‫ثلث صفات مشتركة )كما قلنا‬
‫سابقًا(‪ ..‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬عندهم طريقة منتظمة لحل‬
‫المشكلت‪.‬‬
‫‪ -2‬ينظرون للمشكلة على أن لها حل ّ‬
‫منطقيا ً قابل ً للتطبيق‪.‬‬
‫‪ -3‬يعرضون عن اللغة السلبية‬
‫ويلتزمون اليجابية‪ .‬فيرون أن‬
‫المشكلة فرصة للتحدي وإظهار‬
‫للقدرات واكتساب للخبرات‪.‬‬
‫‪ -4‬التحديد الجيد للمشكلة‪ :‬فقد وجدت‬
‫الدراسات أن ‪ %05‬من المشاكل‬
‫تحل عن طريق توضيحها‪.‬‬

‫‪156‬‬
‫‪ -5‬معرفة السباب التي أدت إلى‬
‫حدوث المشكلة وهذا يمنع ‪ %02‬من‬
‫المشاكل‪.‬‬
‫‪ -6‬طرح كل الحلول الممكنة‪ :‬اكتب‬
‫الحلول دون أن تحكم من البداية‬
‫على الخطأ والصواب‪.‬‬
‫‪ -7‬إذا أخذت الحل اجعل هذا الموضوع‬
‫حديثك‪ .‬فالناجحون يتكلمون دائما ً‬
‫عن الحلول‪ .‬والفاشلون يتكلمون‬
‫دائما ً عن المشاكل‪.‬‬
‫‪ -8‬تبني قرار الحل بحزم‪ :‬فقرار غير‬
‫ممتاز ول يبلغ درجة الكمال أحسن‬
‫من البقاء دون قرار‪.‬‬
‫‪ -9‬خذ الوقت المناسب لتخاذ القرار‪:‬‬
‫‪ %08‬من القرارات الجيدة تتخذ حال ً‬
‫وإذا لم تستطع حدد موعدا ً نهائيا ً‬
‫لتخاذ القرار‪.‬‬
‫‪ -10‬وزع مسؤوليات القرار على‬
‫المسؤولين‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -11‬حدد موعدا لنهاء المشكلة وانته‬
‫من المر‪.‬‬

‫وأخيرا ً‬
‫‪157‬‬
‫فهذه ملحظات سريعة ذكرناها في‬
‫قيمة الوقت في حياة المسلم‪ .‬ولقد‬
‫روى النبي ‪ ‬عن صحف إبراهيم عليه‬
‫السلم )ينبغي للعاقل ‪-‬ما لم يكن‬
‫مغلوبا على عقله‪ -‬أن يكون له أربع‬
‫ساعات‪:‬‬
‫ساعة يناجي بها ربه‪.‬‬
‫وساعة يحاسب فيها نفسه‪.‬‬
‫وساعة يفكر في صنع الله عّز وج ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫وساعة يخلو فيها لحاجته من المطعم‬
‫والمشرب()‪.(1‬‬
‫فهل يتنبه الدعاة إلى ذلك فيبادروا‬
‫ويخططوا ويحسبوا لكل أمر حسابه؟‬
‫فأمة السلم تنتظر دورهم‪ ..‬والعالم‬
‫كله يحتاج لهذا الدور‪.‬‬
‫م إّنا نسألك صلح الساعات‪،‬‬ ‫)الله ّ‬
‫والبركة في الوقات( ‪.‬‬
‫)‪(2‬‬

‫‪----------------------‬‬
‫)‪ (1‬رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر‬
‫الطويل واللفظ له‪ ،‬والحاكم قال‪ :‬صحيح‬
‫السناد كما في الترغيب‪) .‬عن كتاب الوقت‬
‫في حياة المسلم‪ -‬القرضاوي‪ ،‬ص‪.(19 -‬‬
‫)‪ (2‬دعاء لسيدنا عمر كان يكثر من ترديده‪.‬‬
‫مراجع البحث‬
‫‪ -1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪158‬‬
‫‪ -2‬صحيح البخاري‪.‬‬
‫‪ -3‬صحيح الجامع الصغير‪.‬‬
‫‪ -4‬صحيح ابن حبان‪.‬‬
‫‪ -5‬تنظيم الوقت ‪ -‬بقلم م‪ .‬ر‪ .‬باي‪.‬‬
‫‪ -6‬قيمة الزمان عند العلماء ‪-‬عبد الفتاح‬
‫أبو غدة‪.‬‬
‫‪ -7‬الوقت هو الحياة‪ -‬د‪ .‬يوسف‬
‫القرضاوي‪.‬‬
‫‪ -8‬الوقت في حياة المسلم ‪ -‬د‪ .‬يوسف‬
‫القرضاوي‪.‬‬
‫‪ -9‬أساسيات إدارة الوقت‪ -‬روي‬
‫الكساندر‪.‬‬
‫‪ -10‬مذكرات الدعوة والداعية‪ -‬حسن‬
‫البنا‪.‬‬
‫‪ -11‬القيادة في الزمات‪ -‬كوكسل‪.‬‬

‫كتب للمؤلف‬

‫‪159‬‬
‫‪ -1‬الفكر الحركي بين الصالة‬
‫والنحراف )اللغة العربية‪ -‬التركية(‪.‬‬
‫‪ -2‬الحركة السلمية الحديثة في تركيا‪.‬‬
‫‪ -3‬القومية بين النظرية والتطبيق‬
‫)اللغة العربية – التركية(‪.‬‬
‫‪ -4‬نظرات في واقع المسلمين‬
‫السياسي‬
‫‪ -5‬نظرات في واقع الدعوة والدعاة‪.‬‬
‫‪ -6‬القيادة في العمل السلمي )اللغة‬
‫العربية ‪ -‬الوردية‪ -‬أندونيسي‪-‬‬
‫بوشتو(‪.‬‬
‫‪ -7‬في التدريب التربوي )اللغة العربية‪-‬‬
‫النكليزية ‪ -‬التركية ‪ -‬التامل ‪ -‬الردو‬
‫– كردي(‪.‬‬
‫‪ -8‬حاضر العالم السلمي – ‪1991‬م‪.‬‬
‫‪ -9‬حاضر العالم السلمي – ‪1992‬م‬
‫)اللغة العربية – التركية(‪.‬‬
‫‪ -10‬فلسطين والمؤامرة الكبرى )اللغة‬
‫العربية ‪ -‬التركية‪ -‬الوردو(‪.‬‬
‫‪ -11‬مستقبل السلم في القوقاز‬
‫وبلد ما وراء النهر )اللغة العربية‪-‬‬
‫التركية‪ -‬الوردو(‪.‬‬
‫‪ -12‬دور الشباب المسلم في إعادة بناء‬
‫المة‪.‬‬
‫‪ -13‬النظام السلمي منهاج متفرد‪.‬‬
‫‪160‬‬
‫‪ -14‬رد على كتاب آيات شيطانية‪.‬‬
‫‪ -15‬شخصية المسلم المعاصر )اللغة‬
‫العربية‪ -‬التركية ‪ -‬الوردو ‪-‬‬
‫النكليزية ‪ -‬اللبانية ‪ -‬البولندية –‬
‫الفلبينية(‪.‬‬
‫‪ -16‬السلم دعوة التحرير )بالشتراك‬
‫مع كتاب آخرين(‪.‬‬
‫‪ -17‬الصراع الحضاري ودور الشباب‬
‫المسلم‪.‬‬
‫‪ -18‬كيف نعالج المجاعة في أفريقيا ‪-‬‬
‫الظاهرة والحل‪.‬‬
‫‪ -19‬المرأة في موكب الدعوة ) اللغة‬
‫العربية ‪ -‬الوردية – اللبانية(‪.‬‬
‫‪ -20‬تحديات سياسية تواجه الحركة‬
‫السلمية )اللغة العربية ‪ -‬الوردو ‪-‬‬
‫النكليزية – الندونيسية(‪.‬‬
‫‪ -21‬صفات الداعية المسلم‪.‬‬
‫‪ -22‬رسالة المسلمين في بلد الغرب‬
‫)بالشتراك مع كتاب آخرين(‪.‬‬
‫‪ -23‬أمهات المؤمنين في مدرسة‬
‫النبوة‪.‬‬
‫‪ -24‬العولمة تعيد صياغة العالم‪.‬‬
‫‪ -25‬التربية ودورها في تشكيل‬
‫السلوك‪.‬‬

‫‪161‬‬
‫‪ -26‬دليل العمل الطلبي )اللغة العربية‬
‫– الندونيسية(‪.‬‬
‫‪ -27‬القدس والتحدي الحضاري‪.‬‬
‫‪ -28‬الفكر السلمي الوسط )دراسة‬
‫في فكر الخوان المسلمين(‪.‬‬
‫‪ -29‬معالم تربوية )التربية بالقصة( ‪-‬‬
‫الجزء الول‪.‬‬
‫‪ -30‬العمل الجماعي )أهميته‬
‫ومشروعيته(‪.‬‬
‫‪ -31‬الشورى ودورها في إصلح الفرد‬
‫والمجتمع‪.‬‬
‫‪ -32‬ماذا بعد أحداث سبتمبر؟‪.‬‬
‫‪ -33‬كيف تواجه المة المسلمة التحدي‬
‫الصهيوني‪.‬‬
‫‪ -34‬بشائر النصر‪.‬‬
‫‪ -35‬حوار الحضارات‪.‬‬

‫‪162‬‬

You might also like