You are on page 1of 30

‫قصة ميلد الحياة من جديد‬

‫لما اشتد ظلم ليل الجاهلية أذن ال بميلد فجر نور السلم فكان مولد النبي صلى ال عليه وسلم أول بزوغ له‬
‫وكان المولد بداية ونهاية فقد كان نهاية تاريخ الجاهلية وبداية تاريخ السلم ‪.‬‬
‫•كان المولد أول مسمار في نعش الجاهلية وبدأ به العد التنازلي لنهاية التاريخ السود واقتراب الفجر‬
‫القادم ‪ ..‬كان المولد مقدمة بين يدي إعلن نهاية الشرك بكل صورة وبداية التوحيد بكل معانيه وكان‬
‫أيضا نهاية لجهل أبي جهل وحماقة أبي لهب وألوهية اللت والعزى وبداية لصدق الصديق‬
‫وعدل الفاروق وألوهية الملك الديان ‪.‬‬
‫•ولد المصطفى صلى ال عليه وسلم ولم تكن له ظروفه العتيادية كما هو حال كثير من المواليد فقد‬
‫خرج إلى الدنيا وقد فقد ركنا وثيقا من أركان الحياة وبدأت الصعوبات أمامه منذ ولدته فخرج إلى الدنيا‬
‫يتيم الب يتحمل معاناة اليتم وبرز ذلك في رغبة المرضعات عنه ليتمه ولو علمن من هو لشتدت‬
‫رغبتهن في إرضاعه ‪ ،‬وعاش طفولته في البادية رضيعا يرتضع اللبن واللغة والعادات والخلق‬
‫العربية الصيلة ‪..‬‬
‫•إرتضعَ في بني سعد من حليمة فهنيئا لها مَن أرضعت ومع ملمح البركة وآثارها الظاهرة في حياة تلك‬
‫السرة المرضعة إل إن حقيقة الرضيع لزالت مجهولة ويوم دفن الجاهلية يقترب دون أن يشعر به أحد‬
‫ومع الرتواء بصافي لبن البادية وكريم أخلقها كان لبد أن يُصفى الفؤاد من درن الدنيا فجاءت حادثة‬
‫شق الصدر لتفزع المرضعة والرفاق ويُهيئ الرضيع لمر تنوء بحمله الجبال ‪ ..‬وقبل أن ينتهي سن‬
‫المرح واللعب والطفولة يُفجع المولود يتيما بوفاة الحضن الدافئ والقلب الكبير والصدر الحاني بوفاة أمه‬
‫فيزداد إلى يتم الب فقد الم لتستمر المعاناة ويستمر لعداد والتكوين لمر أراده ال " ول المر من‬
‫قبل ومن بعد " ‪.‬‬
‫وما أن بدأت النفس تهدأ قليل إذا بالكافل بعد الب والم يلحق بهما ليزداد اللم بموت الجد الحنون ويتعمق الجرح‬
‫ليقوى الصلب على مقاومة المتاعب القادمة ويتعلم من اللم الصبرَ على مرارته لنه قادم على طريق مليء باللم‬
‫ومع دخول مرحلة الشباب يعمل وهو الكريم ابن الكريم في رعي الغنام لهل مكة بقراريط ولم تكن المسألة‬
‫مجرد رعي بل مدرسة إعداد وتربية استعداداً لرعي أمة بأكملها ‪.‬وينتقل للعمل في التجارة ويُعرف في مجتمعة‬
‫بالمين لما قدّمه من نموذج من خلل تعامله مع الخرين‪.‬‬
‫ومع قوة الشباب وقوة الحاجة إلى الزواج ومع ما يحمل من خلل ترغب فيها النساء إذ بشريفة من شريفات مكة‬
‫تعرض نفسها عليه وتطلبه للزواج بها وهي تكبره بأكثر من نصف عمره وتمّ وكان زواجًا مباركًا ميموناً ظل‬
‫يحمل ذكرياته طوال حياته ولم ينس تلك المرأة وفضلها عليه وإن تزوج بعدها بمن هي أصغر منها سناً وأجمل‬
‫منها إل أن ذاك كان نوعاً أخر له معانية وذكرياته عنده ‪.‬‬
‫ولما اقترب الموعد وحانت ساعة الصفر وبدأت تقترب لحظات بزوغ الفجر الصادق بدأ يخلو بنفسه ويعتزل‬
‫الناس وكان غار حراء هو محطة الوقود الخيرة والتي يأخذ منها وقوده الروحي الذي يتزود به في طريق طويل‬
‫قادم فبداء بالتفكّر والتدبر والخلوة و التحنث ويبقى الليالي ذوات العدد حتى جاءه الرسول ليقول له ‪:‬إنك رسول ‪.‬‬
‫جاءه ‪ -‬على غير موعد ول اتفاق ‪ -‬أمين السماء ليعلن اختيار أمين أهل الرض ليحمل رسالة بدين رب السموات‬
‫والرض إلى كافة أهل الرض ‪.‬‬
‫جاءه فقال له ‪ ( :‬اقرأ ‪.........‬اقرأ ‪.....‬اقرأ) ليكن مفتاح الدنيا بهذه الكلمة و يقرأ ولم يتعلم لكن لن ال هو الكرم‬
‫فعلمه ما لم يعلم وانطلق خائفاً وجلً وإذا بتلك الكريمة بنت الكرام تُهدئ من روعة وتثبته وتقوي عزيمته فكانت‬
‫نعم العون وفي أحرج اللحظات ‪.‬‬
‫وبدأت أخشاب نعش الجاهلية تصنع وقبرها يحفر من تلك اللحظة وبدأ صلى ال عليه وسلم يستوعب الدرس‬
‫ويُعد النفس ويتلقى المسئولية بكل رحابة صدر وعلو همة واستعداد تام للتضحية فكانت قواعد النطلق الولى‪( :‬‬
‫قم فانذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ول تمنن تستكثر) وكل هذا وغير هذا و ما سيأتي كله لربك‬
‫((‪............‬ولربك فاصبر )) ‪.‬‬
‫وتنطلق المسيرة بعزيمة وثقة وإيمان وتوكل ويقين وتمر سنوات ثلث والمر سر وينتج عنه ثلة هي خير أهل‬
‫الرض ولما جاء المر اللهي بقولة سبحانه ‪((....‬فأصدع بما تؤمر )) دخلت مرحلة جديدة في طريق الدعوة‬
‫وخرج المر من السرية إلى الجهر والعلن وعرف القاصي والداني بخبر الدين الجديد ووجهت صفعة قوية في‬
‫ض مضجعهم هذا المر فأعلنوا الحرب ومارسوا التعذيب والضطهاد‬ ‫وجه الجاهلية فجن جنون أسياد قريش وق ّ‬
‫ولم يترددوا في أي وسيلة إيذا ًء لصاحب الرسالة ولمن تبعة ‪.‬‬
‫بدأت الضربات الموجعة وتكررت صور التعذيب المفجعة وبالمقابل بدأت معها روائع المواقف الصادقة ونماذج‬
‫الثبات المتيقن بوعد ال ‪.‬‬
‫قُُتل من قتل وضُرب من ضرب وسجن من سجن وكلما حاولوا إيقاف السيل وقطع السبيل كلما ازداد المر قوة‬
‫وانتشارًا ول يزداد أصحابه إل تماسكاً وتمسكاً ويتعرض القائد العظيم إلى إيذاء خاص من التسفيه والتجهيل‬
‫والرمي بالجنون والسحر والكذب واليذاء المباشر وهو جبل في ثباته وصبره وإن كان في صراع مع الكبار وفي‬
‫وضع استضعاف إل أن ذلك لم يثنيه عن مواصلة الطريق والبذل المتواصل حتى يحقق الهدف المنشود ولم يزدد‬
‫أصحابه إل حباً له يُضيق الخناق وتتوالى الضربات وتضيق الرض بأهلها فيهاجر مجموعة مباركة من‬
‫الصحاب إلى بلد ملك ل يُظلم عنده أحد فراراً بدينهم ونجاة بأنفسهم من بطش عدوهم ‪.‬‬
‫ويبقى صاحب الرسالة قائماً بدعوته مضحياً بكل معاني الراحة الدنيوية بل ل وقت للتفكير بالراحة فالمسؤولية‬
‫عظيمة والضطهاد الجاهلي عظيم وراحة أصحاب المبادئ العظيمة أن تنتشر مبادئهم وتقوم على الرض ‪.‬‬
‫وكلما اقترب موعد النهاية وحانت ساعة احتضار الجاهلية كلما اشتدت ضراوتها وزادت حدتها على الدعوة‬
‫وأهلها فاجمعوا أمرهم على حصار سياسي واقتصادي واجتماعي شامل لكل من كان مع الدعوة أو مناصراً لها أو‬
‫حتى من أسرة صاحبها وإن لم يؤمن بها‪.‬‬
‫إرهاب وترويع واجتثاث مقصود لكن يأبى ال إل إن يتم نوره وينكسر الحصار ويزداد الوضع الجاهلي سوءاً‬
‫وتزداد العداد في الدعوة الجديدة قوة وثباتاً‪.‬‬
‫وتتوالى الحداث ويتعمق اليقين في قلوب الصحاب بقرب الفرج وفي خضم شدة الجاهلية يُبتلى صاحب الرسالة‬
‫بموت سندين وعونين خديجة الزوجة المثالية وأبى طالب العم المدافع فقد كانا العون المادي والمعنوي ‪ ،‬فخيم‬
‫الحزن وظهرت أنياب لم تكن لتظهر من قبل ‪ ،‬وزادت إيذاءات الجاهلية حتى قرروا واتفقوا على خطة إبليسيه‬
‫لكن قبلها قد بدأت بشارات وإشارات الفجر الصاد ق تلمح في الفق فقد جاء وفد الوس والخزرج وفد الخير‬
‫وكانت العقبة مكاناً لوضع أول لبنة لبناء المجتمع المنشود والدولة المرتقبة وتكرر المشهد وبصورة أكبر وأوثق‬
‫وأقوى في العام القابل وكانت العقبة هي الموعد والموسم الموسم وعندها تأكد المر بأن الليل المظلم قُرب رحيله‬
‫وأنه في آخر لحظاته وفتح الباب لمن يسبق بدينه إلى البلد الجديد بل البلد الول للدعوة فأنطلق القوم زفرات‬
‫ووحداناً وسرًا وجهاراً وتيقن الجميع إن الوعد آت تحقيقه من قبل يثرب وأن مرحلة النزع الخير للجاهلية قريبة‬
‫جداً إذا لم تشعر إل وقد فر القوم من بين يديها عندها أرادت تنفيذ خطتها البليسة بالقضاء على صاحب الرسالة‬
‫والقائد فمكرت ودبرت لكنها على غير بصيرة وبدون حق فمحق تدبيرها وأبطل مكرها‪.‬‬
‫وجاء الموعد الكبر وجاء الذن بظهور الفجر وجاء موعد إطلق الرصاصة الخيرة في صدر الجاهلية لتدخل‬
‫في غيبوبة حتى تلفظ أنفاسها الخيرة في يوم الفتح العظم ‪.‬‬
‫جاء يوم الهجرة فولدت الدنيا من جديد وانتشرت نور الفجر على الكون ‪ ،‬فخرج المطارد عزيزا والمطلوب للقتل‬
‫منتصراً وانطلق مع صاحبه ال ثالثهما ليعلنا ميلد البشرية وعبوديتها لخالقها ورازقها ويوسع قبر الجاهلية‬
‫وعندها تحقق الوعد الحق (( وجعل ال كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة ال هي العليا وال عزيز حكيم ))‬
‫(( وال غالب على أمره ولكن أكثر الناس ل يعلمون )) ‪.‬‬

‫نبيل عبد المجيد النشمي‬


‫صنعاء‬
‫‪712568458‬‬
‫السلبية في حياتنا‬

‫سعد احمد الغامدي‬


‫<‪<TD< tr/‬‬

‫الحمد ل نحمده و نستعينه و نستغفره و نستهديه و نعوذ بال من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا من يهده ال فل‬

‫مضل له و من يضلل فل هادي له‪ .‬نحمده هو أهل الحمد و الثناء فله الحمد في الولى و الخرة و له الحمد على كل‬

‫حال و في كل آن‪ ،‬نصلي و نسلم على خاتم الرسل و النبياء نبينا محمد بن عبد ال و على آله و صحابته و من اتبع‬

‫هداه و اقتفى أثره إلى يوم الدين و عنا معه بعفوك و رحمتك يا أرحم الراحمين‬

‫"اللهم إني أعوذ بك من العجز و الكسل‪ ،‬و الجُبْن و الهرم و البخل‪ ،‬و أعوذ بك من عذاب القبر‪ ،‬و من فتنة المحيا و‬

‫الممات"‪.‬‬

‫أما بعد‬

‫فاهذه كلمات امزجها بدعوات إلي رب الباريات اذكر بها نفسي واخواني المسلمين وأخواتي المسلمات من مرض‬

‫خطير وما اكثر المراض التي أصبنا بها‪.‬‬

‫مرض نخر في أجسادنا فااهاكها وفى قلوبنا فأوهنها وفي أبداننا فأهرمها‪ .‬انه مرض السلبية في حياتنا وان شئت فقل‬

‫العجز والكسل‪.‬‬

‫تأملت هذا المرض من خلل واقعي نفسي وإخواني الشباب ول اعني أولئك المنفلتين والمتسكعين العطالين البطالين‬

‫الذين ل يشهدون الفجر في جماعه ول الضائعين المنغمسين في للجج بحر شهواته وانما اعني واقصد أولئك الشباب‬

‫المستقيمين المظهرين لسنة الرسول المتمسكين بالمنهج القويم الذي يحسب على أهل الستقامة فوجدت مرض ل‬

‫يسكت عليه وامرا ل يتغافل عنه ولعلى ل أكون اقل وابخس حضا من تلك أنمله التي شعرت بمسؤليتها فحذرت‬

‫قومها وبينت لهم فال درها من نمله ذكرها ال عز وجل في كتابه وخلد ذكرها الي يوم القيامة وهي حشرة صغيرة‬

‫ن وَجُنُو ُدهُ وَهُ ْم لَ‬


‫طمَ ّنكُمْ سُلَ ْيمَا ُ‬
‫(حَتّى ِإذَا أَ َتوْا عَلَى وَادِي ال ّن ْملِ قَاَلتْ َنمْلَةٌ يَا أَ ّيهَا ال ّن ْملُ ا ْدخُلُوا مَسَاكِ َنكُ ْم لَ َيحْ ِ‬
‫شعُرُونَ) فال درها من نمله عملت ما ل يعمله آلف البشر من شباب المسلمين وهم يرون المراض والخطار‬
‫يَ ْ‬

‫تنهش في جسد هذه المة فل أمر بمعروف ولنهي عن منكر ول مشاركة في حلقات علم وتحفيظ القران ول حتى‬

‫في ابسط المور مع جيرانه في جلسة الحي إل من رحم ربي ولسان حال ذلك الشاب كما قيل ودع هريرة أن‬

‫الركب مرتحل‪.‬‬

‫فيا ال إن حمل مسئولية بسيطة تثاقلها‪ ,‬وان كلف بشي يسير تذمر منها ‪ ,‬وان قيل له شارك بكذا وكذا تنصل منها بل‬

‫ل يصبر علي سماع كلمة في مسجد فهوا أول المنصرفين وأول السرعان وكأنة يقول لحاجة لي بهذه الموعظة‬

‫وهذه الكارثة بعينها ضن انه قاب قوسين أو أدنى من الجنة فجمع بين السلبية والعجز وبين العجب والخيلء ‪ .‬أول‬

‫يعلم أن ما هو فيه من سلبية وكسل وعجز وخور ينافي الرغبة في الدين ‪ ،‬وينافي الجهاد الحقيقي ‪،‬‬

‫وهل أخّر المسلمين عن المم ‪ ،‬إل تفرقهم وكسلهم وجبنهم وخورهم ويأسهم من القيام بشؤونهم حتى صاروا بذلك‬

‫عالة على غيرهم ‪.‬‬

‫ودينهم قد حذرهم عن هذه المور أشد التحذير ‪ .‬وأمرهم أن يكونوا في مقدمة الخلق في القوة ‪ ،‬والشجاعة ‪ ،‬والصبر‬

‫‪ ،‬والملزمة للسعي في كل أمر نافع ‪ ،‬والعزم ‪ ،‬والحزم ‪ ،‬والرجاء ‪ ،‬وحسن الثقة بال في تحقيق مطالبهم ‪.‬‬

‫والدواعي لهم في ذلك متوفرة ‪.‬‬

‫فإن مجرد السعي في ذلك بحسب المكان من أفضل العمال المقرّبة إلى ال ‪.‬‬

‫يا عجباً لمؤمن يرى أهل الباطل يجهدون ويألمون في نصر باطلهم ‪ ،‬وهم ل غاية لهم شريفة يطلبونها ‪ ،‬وهو مخلدٌ‬

‫إلى الكسل عن نصر الحق الذي يترتب على نصره من الخيرات العاجلة والجلة ما ل يمكن التعبير عنه ‪ ،‬كل ذلك‬

‫خوفاً من المشقة وزهداً في إعانة إخوانه المسلمين في ماله أو بدنه وقوله وفعله ‪ ،‬بل زاهداً في مصالح نفسه الحقيقية‬

‫‪.‬قال ال تعالى ‪ (( :‬إِنْ َتكُونُوا تَأَْلمُونَ فَإِ ّنهُمْ يَأَْلمُونَ َكمَا تَأَْلمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ الِّ مَا ل يَرْجُونَ ))‬

‫سأحاول أن أتقصى هذه السباب ونتعرف على المرض‪ ،‬وأثاره ثم نصف العلج! وال المستعان‪.‬‬

‫إن مرض السلبية وأعراضه الظاهرة هي العجز والسلبية تجاه المور التي تهم المسلمين‪ ،‬والشعور بالذل والهوان‬
‫نتيجة المتهان الذي يلقونه ول يستطيعون رده ‪ ..‬ومضاعفاته هي الشعور باليأس والحباط‪ ،‬وموت الشعور‬

‫بالنفة والعزة السلمية‪.‬‬

‫أسباب السلبية في حياتنا‬

‫‪-1‬عدم تعظيم ومعرفة ال عز وجل ‪.‬‬

‫إن تعظيم ال عز وجل من أجل العبادات القلبية‪ ,‬وأهم أعمال القلوب التي يتعين ترقيقها وتزكية النفوس بها‪ ،‬ل سيما‬

‫وأنه ظهر في زماننا ما يخالف تعظيم ال تعالى من الستخفاف والستهزاء بشعائر ال‪ ،‬والتطاول على الثوابت‪,‬‬

‫والتسفيه والزدراء لدين ال‪ ،‬مع ما أصاب المة من وهنٍ وخورٍ وهزيمةٍ نفسية‪ ،‬قال تعالى‪ :‬مّا َلكُ ْم لَ تَ ْرجُونَ لِّ‬

‫َوقَاراً [نوح‪.]13:‬‬

‫سمَـاواتُ يَ َتفَطّرْنَ مِنْهُ }‬


‫إن اليمان بال أيها الشباب‪ ،‬مبني على التعظيم والجلل له عز وجل‪ ،‬قال تعالى‪َ { :‬تكَادُ ال ّ‬

‫[مريم‪ ،]90:‬قال المفسرون‪" :‬يتشققن من عظمة ال عز وجل"‪.‬‬

‫منزلة التعظيم تابعة للمعرفة‪ ,‬فعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب تعالى في القلب‪ ،‬وأعرف الناس به أشدهم لهم‬

‫تعظيماً وإجللً‪ ,‬وقد ذم ال تعالى من لم يعظمه حق عظمته‪ ,‬ول عرفه حق معرفته‪ ،‬ول وصفه حق صفته‪ ،‬فقال‪ :‬مّا‬

‫َلكُ ْم لَ تَ ْرجُونَ لِّ َوقَاراً [نوح‪ ،]13:‬قال المفسرون‪" :‬ما لكم ل تعظمون ال حق عظمته"‪.‬‬

‫تعظيم ال وإجلله ـ أيها الشباب ـ ل يتحقق إل بإثبات الصفات له كما يليق به سبحانه‪ ،‬وروح العبادة هو الجلل‬

‫والمحبة‪ ،‬فإذا تخلى أحدهما عن الخر فسدت‪.‬‬

‫لقد كان نبينا يربي أمته على وجوب تعظيم ال‪ ،‬ففي حديث ابن مسعود رضي ال عنه قال‪( :‬جاء حبر من الحبار‬

‫إلى رسول ال فقال‪ :‬يا محمد‪ ,‬إنا نجد أن ال يجعل السموات على إصبع‪ ،‬والرضين على إصبع‪ ،‬والشجر على‬

‫إصبع‪ ،‬والماء والثرى على إصبع‪ ،‬وسائر الخلق على إصبع‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا الملك‪ ،‬فضحك النبي حتى بدت نواجذه‬

‫سمَـاواتُ‬
‫جمِيعـاً قَ ْبضَـتُهُ َيوْمَ ا ْلقِيَـامَةِ وَال ّ‬
‫تصديقاً لقول الحبر‪ ,‬ثم قرأ رسول ال ‪َ {:‬ومَا قَدَرُواْ الَّ حَقّ َقدْ ِر ِه وَالْرْضُ َ‬

‫عمّا يُشْ ِركُونَ } [الزمر‪.]1[ )]67:‬‬


‫طوِيّـاتٌ بِ َيمِينِهِ سُ ْبحَـانَهُ وَ َتعَالَى َ‬
‫مَ ْ‬
‫وورد من حديث ابن عمر رضي ال عنهما أن رسول ال ‪ :‬قرأ هذه الية ذات يوم على المنبر‪َ { :‬ومَا قَدَرُواْ الَّ حَقّ‬

‫عمّا يُشْ ِركُونَ } ورسول ال‬


‫طوِيّـاتٌ بِ َيمِينِهِ سُ ْبحَـانَهُ وَ َتعَالَى َ‬
‫سمَـاواتُ مَ ْ‬
‫جمِيعـاً قَ ْبضَـتُهُ َيوْمَ ا ْلقِيَـامَ ِة وَال ّ‬
‫قَدْ ِر ِه وَالْ ْرضُ َ‬

‫يقول‪(( :‬هكذا بيده ويحركها‪ ،‬يقبلُ بها ويدبر يمجد الرب نفسه‪ :‬أنا الجبار‪ ،‬أنا المتكبر‪ ،‬أنا الملك‪ ,‬أنا العزيز‪ ،‬أنا‬

‫الكريم))‪ ،‬فرجف برسول ال المنبر حتى قلنا‪ :‬ليخرن به [‪.]2‬‬

‫فال تعالى هو الكريم العظيم‪ ,‬الذي هو أكبر من كل شيء‪ ،‬وأعظم من كل شيء‪ ،‬أجل وأعلى‪ ،‬هو وحده الخالق لهذا‬

‫العالم‪ ،‬ل يقع شيء في الكون من حركة أو سكون‪ ,‬أو رفعٍ أو خفض‪ ,‬أو عز أو ذل‪ ,‬أو عطاءٍ أو منع إل بإذنه‬

‫سبحانه‪ ،‬يفعل ما يشاء‪ ,‬ول يُمانع ول يُغالب‪ ،‬ولما قال العرابي لرسول ال ‪ :‬فإنا نستشفع بك على ال‪ ،‬ونستشفع‬

‫بال عليك‪ ،‬قال رسول ال ‪(( :‬ويحك! أتدري ما تقول؟!)) وسبّح رسول ال ‪ ,‬فما زال يسبح حتى عُرف ذلك في‬

‫وجوه أصحابه‪ ,‬ثم قال‪(( :‬ويحك! أنه ل يستشفع بال على أحد من خلقه‪ ,‬شأن ال أعظم من ذلك)) أخرجه أبو داود [‬

‫‪.]3‬‬

‫وعلى قدر المعرفة يكون تعظيم الرب تعالى في القلب‪ ،‬وأعرف الناس به أشدهم ل تعظيماً وإجللً‪ ،‬تأمل آيات ال‬

‫وإعجازه في الكون‪ ،‬في كتاب مقروء‪ ،‬وصفحات مشرقة منظورة‪ ،‬ليمتلئ قلبك إجللً وعظمة ل سبحانه‪:‬‬

‫جعُونَ } [يس‪.]83:‬‬
‫{ فَسُ ْبحَـانَ الّذِى بِيَ ِدهِ مََلكُوتُ ُكلّ شيء وَإِلَيْهِ تُ ْر َ‬

‫تجد أمامك نافذة واسعة سعة الكون كله‪ ،‬إعجاز باهر‪ ,‬وآيات كريمة قد كتبت بحروفٍ كبيرة واضحة على صفحات‬

‫سمَـاواتِ وَال ْرضِ} [الزمر‪.]63 ،62:‬‬


‫الكون كله‪ { ،‬الُّ خَـاِلقُ كُـلّ شيء وَ ُهوَ عَلَى ُكلّ شيء َوكِيلٌ لّهُ َمقَالِيدُ ال ّ‬

‫انظر إلى الشمس والقمر يدوران‪ ،‬والليل والنهار يتقلبان‪ ,‬بل انظر إلى تكوين نفسك وتركيب جسمك‪ ،‬من ذا الذي‬

‫سكُمْ َأفَلَ تُ ْبصِرُونَ } [الذاريات‪.]21:‬‬


‫جعله بهذا التركيب وهذا النظام العجيب { َوفِى أَنفُ ِ‬

‫فكر في النبات والشجر‪ ,‬والفاكهة والتمر‪ ،‬وفي البحر والنهر‪ ،‬إذا طاف عقلك في الكائنات‪ ,‬ونظرك في الرض‬

‫والسموات رأيت على صفحاتها قدرة ال‪ ,‬وامتلئ قلبك باليمان بال‪ ،‬وانطلق لسانك بل إله إل ال‪ ،‬وخضعت‬

‫مشاعرك لسلطان ال‪.‬‬

‫لهٌ غَيْرُ الِّ يَأْتِيكُمْ ِبضِيَاء َأفَلَ‬


‫ج َعلَ الُّ عَلَ ْي ُكمُ الّ ْيلَ سَ ْرمَداً إلى َيوْمِ ا ْلقِيَامَةِ مَنْ ِإ َ‬
‫يقول عز وجل‪ُ {:‬قلْ أَرَأَيْتُمْ إِن َ‬

‫سكُنُونَ فِيهِ أَفلَ‬


‫لهٌ غَيْرُ الِّ يَأْتِيكُمْ بِلَ ْيلٍ َت ْ‬
‫ج َعلَ الُّ عَلَ ْي ُكمُ ال ّنهَارَ سَ ْرمَداً إلى َيوْمِ ا ْلقِيَامَةِ مَنْ ِإ َ‬
‫س َمعُونَ ُقلْ أَرَءيْتُمْ إِن َ‬
‫تَ ْ‬

‫تُ ْبصِرُونَ }[القصص‪.]72 ،71:‬‬


‫ماذا نفعل لو لم تطلع الشمس؟! ماذا نفعل إذا غاب القمر ولم يظهر؟! كيف نعيش! كيف نزرع! كيف نأكل! بل كيف‬

‫نتعلم ونعلم غيرنا؟!‬

‫خلَقَ الُّ ذاِلكَ ِإلّ بِا ْلحَقّ‬


‫ن وَا ْلحِسَابَ مَا َ‬
‫عدَدَ السّني َ‬
‫شمْسَ ضِيَاء وَا ْل َقمَرَ نُوراً َوقَدّ َرهُ مَنَا ِزلَ لِ َتعَْلمُواْ َ‬
‫ج َعلَ ال ّ‬
‫{ ُهوَ الّذِى َ‬

‫ُيفَصّل اليَاتِ ِلقَوْمٍ َيعَْلمُونَ } [يونس‪.]5:‬‬

‫إن من تفكر في ذلك خاف ال تعالى ل محالة؛ لن الفكر يوقعه على صفات جلل ال وكبريائه‪ ،‬فهو سبحانه العزيز‬

‫الكريم المتعال الواحد القهار‪ ،‬هو سبحانه القهار الذي قهر كل شيء وغلبه‪ ،‬والذي ل يطاق انتقامه‪ ،‬مذل الجبابرة‪,‬‬

‫قاسم ظهور الملوك والكاسرة‪ ،‬هو سبحانه القوي الذي تتصاغر كل قوة أمام قوته‪ ،‬ويتضاءل كل عظيم أمام ذكر‬

‫عظمته‪.‬‬

‫إن هذا الجيل الذي صده عن السبيل الستكبار‪ ,‬وعله الغرور‪ ,‬وأسكره الترف‪ ,‬وجعل كتاب ربه وراءه ظِهرياً‬

‫بحاجة ماسة إلى أن يعرف ربه حقاً‪ ،‬ويعظمه صدقاً‪ ,‬بتدبر أسماء ال الحسنى‪ ،‬التأمل في آياته‪ ،‬التفكر في إعجازه‪،‬‬

‫فمن استيقن قلبه هذه المعاني ل يرهب غير ال‪ ،‬ول يخاف سواه‪ ،‬ول يرجو غيره‪ ،‬ول يتحاكم إل له‪ ،‬ول يذل إل‬

‫لعظمته‪ ،‬ول يحب غيره‪.‬‬

‫أما الذين يهجرون القرآن‪ ,‬ويرتكبون المحرمات‪ ,‬ويفرطون في الطاعات‪ ,‬ما قدروا ال حق قدره‪ ،‬من شهد قلبه‬

‫عظمة ال وكبرياءه علم شأن تحذيره جل وعل في قوله ‪ { :‬وَيُحَذّ ْركُمُ الُّ َنفْسَهُ } [آل عمران‪ ،]28:‬قال المفسرون‪:‬‬

‫"أي‪ :‬فخافوه واخشوه"‪.‬‬

‫ولجل شهود صفات عظمته سبحانه وجلت قلوب المؤمنين لمجرد ذكره تعالى كما قال سبحانه‪ { :‬إِ ّنمَا ا ْل ُمؤْمِنُونَ‬

‫لّ وَجَِلتْ قُلُو ُبهُمْ }‬


‫لّ وَجَِلتْ قُلُو ُبهُمْ } [النفال‪ ،]2:‬ويقول سبحانه‪ {:‬وَبَشّر ا ْلمُخْبِتِينَ الّذِينَ إِذَا ُذكِرَ ا ُ‬
‫الّذِينَ إِذَا ُذكِرَ ا ُ‬

‫[الحج‪.]35 ،34:‬‬

‫إن عدم معرفة ال عز وجل وهي التي تقود إلى عظمة من اكبر السباب التي تجعل الشاب عاجزا كسول خامل‬

‫ل يقدم شئ لنفسه ول لغيره والسؤال كيف نعرف ال ؟ سؤل كان يطرح علينا ونحن صغار وكنا نجيب ونقول‬

‫اعرف ربي بآياته ومخلوقاته‬


‫إن آثار صفات ال ومعالم بديع صنعه مبثوثة في كل ناحية من نواحي هذا الكون ‪ ،‬فكل ما في الكون من مخلوقات‬

‫دليل مشاهد على الخالق ‪-‬سبحانه‪ -‬الذي خلقه وأحكمه وأبدعه‪ .‬وهذه الدلة والبراهين واضحة الدللة لصحاب‬

‫س َموَاتِ‬
‫العقول واللباب التي تريد معرفة الحق‪ ،‬ولذلك خاطبها المولى سبحانه وتعالى‪ ،‬فقال‪{ :‬إِنّ فِي خَلْقِ ال ّ‬

‫ل وَال ّنهَا ِر لَيَاتٍ لُِولِي الَْلْبَابِ} (آل عمران‪.)190:‬وقال سبحانه وتعالى { سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا‬
‫لفِ اللّ ْي ِ‬
‫ض وَاخْتِ َ‬
‫وَالَْرْ ِ‬

‫ق َوفِي‬
‫لفَا ِ‬
‫حقّ…} (فصلت‪ . )53:‬وقال تعالى ‪ { :‬سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي ا ْ‬
‫سهِمْ حَتّى يَتَبَيّنَ َل ُهمْ أَنّهُ الْ َ‬
‫ق َوفِي أَ ْنفُ ِ‬
‫لفَا ِ‬
‫فِي ا ْ‬

‫سهِمْ حَتّى يَتَبَيّنَ َلهُمْ أَنّهُ ا ْلحَقّ…}‬


‫أَ ْنفُ ِ‬

‫أم كيف يجحده الجاحد وفي كل تسكينة شاهد تدل على أنـه واحـــــد فيا عجباً كيف يعصى الله ول في كل تحريكة‬

‫وفي كل شئ له آيــــــة‬

‫وسئل بعض العراب عن الدليل على وجود الرب تعالى فقال ‪ :‬يا سبحان ال ! إن البعر ليدل على البعير ‪ ،‬وإن أثر‬

‫القدام ليدل على المسير ‪ ،‬فسماء ذات أبراج ‪ ،‬وأرض ذات فجاج ‪ ،‬وبحار ذات أمواج ‪ ،‬أل يدل ذلك على وجود‬

‫اللطيف الخبير !!(‪. )8‬‬

‫ت وَالَْ ْرضِ وَلِ َيكُونَ مِنَ ا ْلمُوقِنِينَ } (النعام‪ .)75:‬وفي الحديث‬


‫س َموَا ِ‬
‫قال تعالى { َوكَذَِلكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مََلكُوتَ ال ّ‬

‫(وتفكّروا في خلقِ ال)(‪)17‬تفكروا يا أولى اللباب ‪ :‬لقد خلق ال في الكون آيات تدل على صفات الفعال ل سبحانه‬

‫وتعالى‪ ،‬وجعلها آثاراً مشاهدة لتلك الصفات‪ ،‬ومنحنا أبصاراً ترى تلك الثار وعقولً تستدل على تلك الصفات من‬

‫آثارها المشاهدة‪.‬‬

‫‪-2‬عدم طلب العلم ولستزاد منه‬

‫من الفات التي أصيب بها كثير من الشباب ليوم عدم اهتمامهم بطلب العلم والستزادة منه قناعة بما لديهم‪ -‬والذي‬

‫يغلب أل يتعدى العلم ببعض أحكام العبادات وبعض المحرمات‪ -‬ميراثا عن طريق التباع والتقليد‪ ،‬والذي تشوبه‬

‫أحيانا معتقدات وأحكام خاطئة‪.‬‬

‫إن السلم يرفض بناء العقيدة على التقليد والتبعية مثل من قالوا‪" :‬حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا" [المائدة‪،]104:‬‬

‫وإنما يطلب السلم بناء العقيدة على تثبّت ويقين‪ ،‬وهذا ل يتأتى إل بطلب العلم‪ .‬لذلك يحض السلم عليه‪ ،‬فيقول‬

‫القرآن‪" :‬قل هل يستوى الذين يعلمون والذين ل يعلمون" [الزمر‪ ..]9:‬ويقول‪" :‬يرفع ال الذين آمنوا منكم والذين‬
‫أوتوا العلم درجات" [المجادلة‪.]11:‬‬

‫وقال صلي ال عليه وسلم ‪" :‬من يرد ال به خيرا يفقهه فى الدين" [متفق عليه]‪ ..‬وقال‪" :‬ومن سلك طريقا يلتمس‬

‫فيه علما سهل ال له به طريقا إلى الجنة" [مسلم]‪.‬‬

‫الحلقات الدينية ليست قاصرة على التعلّم‪ ،‬وإنما هي أيضا من وسائل ذكر ال‪ ..‬وليس كالذكر يصل المؤمن بربه‪.‬‬

‫لذلك قال تعالى‪" :‬وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين" [الذاريات‪ ..]55:‬وقال‪" :‬وما يذكر إل أولو اللباب" [البقرة‪:‬‬

‫‪ .]269‬فاءين طلب العلم على أصوله ؟ إن بعض الشباب يبداء ليتعلم مسائل الخلف حتى إذا ما جلس مجلسا خطاء‬

‫هذا وذم ذاك واظهر لناس انه صاحب علم وهو في الحقيقة صاحب هوى ‪ ,‬يحب الجدال والمراء ويتطاول على‬

‫العلماء‪.‬‬

‫وبعضهم يبداء ويتعلم ويحضر بعض الدروس حتى ذا ما حفظ بعض النصوص ضن انع عالم زمانه فلم يزدد علما‬

‫ول يحضر درسا ول يبحث بحثا‪.‬‬

‫وبعضهم يبداء ويتعلم ليتثقف حتى إذا ما جلس مجلسا اظهر لناس انه المثقف المبجل الذي ل يشق له غبار‬

‫فإذا ما نظرت لهذا وذاك في الجانب الدعوى العملي فإذا هو صفرا على الشمال أثرة ضعيف علي من حوله فيه‬

‫سلبية متناهية ل يتعدى عمله منفعة نفسه ‪ ,‬يصلح ان يطلق عليه منظر الزمان العاجز الكسلن‪.‬‬

‫‪ -3‬قصور مفهوم العبادة عند بعض الشباب‬

‫إن مفهوم "العبادة" يقتصر في ذهن كثير من الشباب على إقامة الشعائر التعبدية‪ -‬الصلة والزكاة والصوم والحج‪.‬‬

‫وهو مفهوم قاصر حيث جعل العبادة التي خلق النسان ووهب الحياة من أجلها‪" -‬وما خلقت الجن والنس إل‬

‫ليعبدون" [الذريات‪ ،]56:‬جعلها قاصرة على لحظات قليلة في الحياة‪.‬‬

‫وكان لهذا المفهوم القاصر أثره في عجز وسلبية كثير من الشباب‪ ..‬فقد انغمس البعض فى شعائر العبادة وكرس‬

‫حياته لها وأهمل باقي فروع الحياة‪ ..‬والبعض الخر‪ -‬على النقيض‪ -‬اعتبر أنه قد أدّى واجبه العبودية بهذه الشعائر‪،‬‬

‫وانطلق في باقي حياته على غير هدى السلم!‬

‫إن حقيقة مفهوم العبادة هو القرار بالعبودية الكاملة ل وهذا القرار ل يتأتى فى الشعائر التعبدية وحدها‪ ،‬وإنما يلزم‬

‫أن يكون في كل منحى من مناحي الحياة‪ ..‬وقد فصل ال ورسوله لنا طريقة حياتنا تفصيل كامل في نظام شامل‪..‬‬
‫فإقرارنا بالعبودية ل تعالى ل يتم إل بخضوعنا واتباعنا لهذا النظام الشامل بكل تفاصيله ودقائقه‪ ،‬والذي ل تمثل‬

‫الشعائر التعبدية إل جزءا منه‪.‬‬

‫‪ -4‬النغماس في الدنيا وملذاتها‬

‫لقد اصبح معيار النجاح عند بعض الشباب في الحياة هو الثروة المالية‪ ،‬والمركز الوظيفي‪ ،‬والمركز الجتماعي‪،‬‬

‫والشهرة! لقد أصبح تنافسنا في الحياة في هذه المجالت وليس في مجال العمل للفوز بثواب الجنة كما أرشدنا ال‬

‫تعالى في قوله‪" :‬وفى ذلك فليتنافس المتنافسون" [المطففين‪ ..]26:‬غلبت على قلوبنا المعايير الدنيوية الجاهلية‬

‫السائدة في الحياة من حولنا‬

‫ولقد حذرنا ال من الدنيا اشد التحذير ‪1‬ـ قوله تعالى ‪(( :‬اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم‬

‫وتكاثر في الموال والولد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الخرة عذاب‬

‫شديد ومغفرة من ال ورضوان وما الحياة الدنيا إل متاع الغرور )) [الحديد ‪. ]20 :‬‬

‫أما أحاديث النبي صلى ال عليه وسلم التي رغبت في الزهد في الدنيا والتقلل منها والعزوف عنها فهي كثيرة منها ‪:‬‬

‫‪1‬ـ قول النبي صلى ال عليه وسلم لبن عمر رضي ال عنهما ‪ (( :‬كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ))‬

‫[ رواه البخاري ] ‪0‬‬

‫وزاد الترمذي في روايته ‪ (( :‬وعد نفسك من أصحاب القبور )) ‪0‬‬

‫‪2‬ـ وقال النبي صلى ال عليه وسلم ‪ (( :‬الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر )) [ رواه مسلم]‪0‬‬

‫‪3‬ـ وقال صلى ال عليه وسلم مبيناً حقارة الدنيا ‪ (( :‬ما الدنيا في الخرة إل مثل ما يجعل أحدكم أصبعه في اليم ‪،‬‬

‫فلينظر بم يرجع )) [ رواه مسلم ] ‪0‬‬

‫‪4‬ـ وقال صلى ال عليه وسلم ‪ (( :‬مالي وللدنيا ‪،‬إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب قال ـ أي نام ـ في ظل شجرة ‪ ،‬في‬

‫يوم صائف ‪ ،‬ثم راح وتركها )) [ رواه الترمذي وأحمد وهو صحيح ] ‪0‬‬

‫‪5‬ـ وقال صلى ال عليه وسلم ‪ (( :‬لوكانت الدنيا تزن عند ال جناح بعوضة ‪ ،‬ما سقى كافراً منها شربة ماء ))‬
‫[ رواه الترمذي وصححه اللباني ] ‪0‬‬

‫‪6‬ـ وقال صلى ال عليه وسلم ‪ (( :‬ازهد في الدنيا يحبك ال ‪ ،‬وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس )) [ رواه ابن‬

‫ماجه وصححه اللباني ] ‪0‬‬

‫‪7‬ـ وقال صلى ال عليه وسلم ‪ ( :‬اقتربت الساعة ول يزداد الناس على الدنيا إل حرصًا ‪ ،‬ول يزدادون من ال إل‬

‫بعداً )) [ رواه الحاكم وحسنه اللباني ] ‪.‬‬

‫‪ -5‬عدم الرتفاع بمستوى اليمان‬

‫اليمان يتأرجح مستواه داخل النفس‪ ..‬ومن ثم فهو فى حاجة دائمة إلى تغذيته بالمدد الذي يبقيه على مستوى عال‪.‬‬

‫وهذا هو المدد "ذكر ال"‪.‬‬

‫ذكر ال هو حبل التصال الروحي مع ال‪ ..‬هو الوسيلة التى يستمد منها المؤمن الحساس بالقرب منه تعالى‬

‫والشعور بحضرته‪ ،‬فيفيض الطمئنان على قلبه‪ .‬يقول القرآن‪" :‬الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر ال أل بذكر ال‬

‫تطمئن القلوب" [الرعد‪ .]8:‬ولهمية الذكر أكثر ال من التوصية به‪ ،‬قال‪" :‬واذكروا ال كثيرا لعلكم تفلحون"‬

‫[النفال‪ .]45:‬وقال‪" :‬يا أيها الذين آمنوا اذكروا ذكرا كثيرا" [الحزاب‪ ..]41:‬وقال‪" :‬والذاكرين ال كثيرا‬

‫والذاكرات‪ ،‬أعد ال لهم مغفرة وأجرا عظيما" [الحزاب‪ ..]35 :‬وقال عن أعمال الشيطان‪" :‬ويصدكم عن ذكر ال"‬

‫[المائدة‪ ..]91:‬وقال فى وصف المنافقين‪" :‬ول يذكرون ال إل قليل" [النساء‪.]142:‬‬

‫لقد وضع لنا سبحانه وتعالى حدا أدنى للحظات الذكر التي تحفظ حبل التصال معه تعالى‪.‬ولنها الحد الدنى فقد‬

‫فرضها ال علينا‪ ..‬وهذه هي الشعائر التعبدية‪ -‬الصلة والزكاة والصوم والحج‪ -‬التي أحد أهدافها هو ذكر ال‪ ..‬فهى‬

‫دورات زمنية للذكر على مدى اليوم والسبوع والشهر والسنة والعمر كله‪.‬‬

‫والصلة هي أهم شعيرة في هذا الباب‪ ..‬قال تعال‪" :‬وأقم الصلة لذكري" [طه‪ ..]4:‬فهي تقام لذكر ال ‪ ..‬وقال‪" :‬يا‬

‫أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر ال" [الجمعة‪ ..]9:‬فسماها "ذكر ال"‪.‬ولننا –‬

‫أحيانا‪ -‬نؤدي الصلة أداءً آليا خاليا من ذكر ال واستحضار وجوده‪ ،‬لذا ينبهنا القرآن إلى أن ذكر ال أكبر من‬

‫الصلة‪ ،‬لنه المطلوب العظم في الصلة‪ ..‬يقول‪" :‬وأقم الصلة إن الصلة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر ال‬

‫أكبر" [العنكبوت‪.]45 :‬‬


‫لذا فإن من مقتضيات أداء الشعائر ذكر ال كي ُتؤَدّى في خشوع وإخبات‪ ،‬فتؤدى وظيفتها وتحقق التقوى في‬

‫القلوب‪ .‬والتقوى هي الشعور القلبي بخشية ال والخشوع له نتيجة للحساس بحضور ال الدائم ورقابته‬

‫ورعايته‪.‬ولذا فإن الحد الدنى للمحافظة على إيماننا هو المحافظة على أداء فروض الشعائر التعبدية وأداؤها كما‬

‫يجب أن تكون‪ .‬ولن فروض الشعائر التعبدية هي الحد الدنى لذكر ال‪ ،‬فقد حثنا ال تعالى على التطوع للستزادة‬

‫من ذكره حتى نرتفع عن هذا الحد الدنى ونكون في مأمن من التدني عنه‪ ..‬وجعل لنا في كل شعيرة مجال للتطوع!‬

‫ففي شعيرة الصلة جعل لنا السنن والنوافل‪ ..‬وفى الزكاة فتح لنا مجال الصدقات بل حدود‪..‬وفى الصوم مجال‬

‫التطوع مفتوح على مدار السنة‪ ..‬وفى شعيرة الحج جعل لنا العمرة!‬

‫ى بالنوافل‬
‫وفى حديث القدسي قال الرسول صلي ال عليه وسلم‪" :‬إن ال تعالى قال‪ … :‬وما يزال عبدي يتقرب إل ّ‬

‫حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي يمشى‬

‫بها‪ ،‬وإن سألني أعطيته‪ ،‬وإن استعاذني لعيذنّه" [البخارى]‪.‬‬

‫ولبد من اشغال للسان با التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والدعاء والرجاء‪ ..‬ومن مطلوباته أن يكون انعكاسا لما‬

‫يشعر به القلب‪.‬‬

‫وكان أسوتنا الحسنة‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬ذاكرا ل فى كل أحواله‪ ..‬كان يقرن كل حركاته وكل أعماله بذكر ال‬

‫بلسانه تعبيرا عما فى قلبه‪ ،‬وهو ما أُثر عنه باسم "الذكار"‪..‬‬

‫فمثل‪ ،‬كان يذكر ال عند استيقاظه من منامه‪ ..‬وعند ارتدائه ثوبه‪ ..‬وإذا أرتدى ثوبا أو نعل جديدا‪ ..‬وإذا خلع ثوبه‪..‬‬

‫وعند خروجه من البيت‪ ..‬وعند دخوله البيت‪ ..‬وإذا استيقظ من الليل وخرج من بيته إلي الخلء (مكان قضاء‬

‫الحاجة)‪ ..‬وإذا أراد دخول الخلء‪ ..‬وعند خروجه من الخلء‪ ..‬وعندما يصب ماء الوضوء على يديه‪ ..‬وعلى‬

‫وضوئه‪ ..‬وعلى اغتساله‪ ..‬وعلى تيممه‪ ..‬وإذا توجه إلى المسجد‪ ..‬وعند دخوله المسجد وخروجه منه‪ ..‬وهو فى‬

‫المسجد‪ ..‬وعند سماعه الذان والقامة‪ ..‬وبعد الذان‪ ..‬وعندما يقوم للصلة‪ ..‬وعندما يقف فى الصف للصلة‪ ..‬وعند‬

‫الصباح وعند المساء‪ ..‬وصباح يوم الجمعة‪..‬وإذا طلعت الشمس‪ ..‬وإذا ارتفعت الشمس‪ ..‬وبعد زوال الشمس إلى‬

‫العصر‪ ..‬وبعد العصر إلى غروب الشمس‪ ..‬وإذا سمع أذان المغرب‪ ..‬وإذا أراد النوم‪ ..‬وإذا استيقظ فى الليل‪ ..‬وإذا‬

‫قلق فى فراشه ولم ينم‪ ..‬وإذا فزع فى منامه‪ ..‬وإذا رأى فى منامه ما يحب أو يكره‪ ..‬وإذا هاجت الريح‪ ..‬وإذا رأى‬

‫نجما يهوى‪ ..‬وإذا سمع الرعد‪ ..‬وإذا نزل المطر‪ ..‬وبعد نزول المطر‪ ..‬وإذا خيف الضرر من المطر‪ ..‬وإذا رأى‬
‫الهلل‪ ..‬وعند تقديم الطعام له‪ ..‬وعند الكل والشرب‪ ..‬وإذا فرغ من الطعام‪ ..‬وإذا خاف قوما‪ ..‬وإذا خاف سلطانا‪..‬‬

‫وإذا نظر إلى عدوه‪ ..‬وإذا غلبه أمر‪ ...‬وإذا استصعب عليه أمر‪ .‬وما هذه المثلة إل بعض من كثير قصدت به أن‬

‫أقرب الصورة إلى أذهاننا حتى نحس بمعنى ذكر ال فى كل الحوال‪.‬‬

‫‪ -6‬الهمال في تلوة القرآن وتدبره‬

‫جُعل القرآن ليُقرأ‪ ..‬لذا سمى قرآنا‪ .‬لذلك يحض ال تعالى على قراءته فيقول‪" :‬ورتل القرآن ترتيل" [المزمل‪..]4:‬‬

‫ويقول‪" :‬فاقرؤوا ما تيسر من القرآن" [المزمل‪.]20 :‬‬

‫والقراءة ل تحقق هدفها إل مع التدبر‪" -‬كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو اللباب" [ص‪29:‬ولهذا‬

‫يخص القرآن بالذكر أوقاتا معينة هى أكثر ما يكون فيها النسان صافى النفس مستعدا للتلقى والتأثر‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫"وقرآن الفجر‪ ،‬إن قرآن الفجر كان مشهودا" [السراء‪ ..]78 :‬ويقول‪" :‬واذكر اسم ربك بكرة وأصيل" [النسان‪:‬‬

‫‪ ]25‬أى أول النهار وآخره‪ ..‬ويقول‪" :‬ومن الليل فتهجد به" [السراء‪ ..]79 :‬ويقول عن قراءة الليل‪" :‬إن ناشئة‬

‫الليل هى أشد وطأً وأقوم قيل" [المزمل‪ ]6:‬أى أن ساعات الليل أجمع للخاطر فى أداء القراءة وتفهمها‪.‬‬

‫ول يجب أن تقف صعوبة تلوة القرآن لدى البعض حاجزا يصدهم عن المداومة على التلوة حتى ل يضيع عليهم‬

‫الجر‪ ..‬قال صلي ال عليه وسلم‪" :‬الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة‪ ،‬والذي يقرأ القرآن‬

‫ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران" [متفق عليه]‪.‬‬

‫‪-7‬عدم تعود الدعـــوة الى ال وممارستها‬

‫ونحن نسير فى هذا الطريق السابق ذكره‪ -‬طريق ترسيخ العقيدة فى قلوبنا والرتفاع بمستوى إيماننا‪ -‬فإن علينا أن‬

‫ندعو غيرنا ليسيروا معنا فى نفس الطريق‪.‬‬

‫إن الدعوة واجب على كل مسلم‪ -‬فقد قال تعالى لرسوله‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪" :‬أدع إلى ربك" [القصص‪87:‬وقال‬

‫أيضا‪" :‬قل هذه سبيلى أدعو إلى ال على بصيرة أنا ومن اتبعنى" [يوسف‪ ..]108:‬فهكذا كل متبع لمحمد‪ -‬صلي ال‬

‫عليه وسلم‪ -‬مكلف أن يدعو بدعوته‪ ،‬وأن يتبع سبيله ومنهجه فى الدعوة‪.‬‬
‫ومن ثم فإن دعوتنا‪ -‬كما أمر القرآن وفعل الرسول‪ -‬تكون للقرب فالقرب‪ ..‬فتكون فى البيت أول‪ ..‬ثم فى الحلقة‬

‫القريبة من القرباء والصدقاء‪ ..‬ثم تتسع الحلقة‪ ،‬وهلم جرا‪.‬‬

‫ولن البيت هو الخلية في المجتمع المسلم لذا نال اهتماما خاصا في القرآن حيث يقول‪" :‬يا أيها الذين آمنوا قوا‬

‫أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة" [التحريم‪.]6:‬‬

‫ولعل كثيرا منا ينفذون هذا المر بطريقة خاطئة‪ -‬وهى طريقة العنف والمر الفظ‪ -‬فيكون رد الفعل العكسى هو‬

‫الرفض والعناد‪ .‬وقد نبهنا ال تعالى إلى نتيجة الفظاظة فى المعاملة فى قوله لرسوله‪" :‬ولو كنت فظا غليظ القلب‬

‫لنفضوا من حولك" [آل عمران‪ .]159:‬لقد كان سبيل الرسول‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬فى الدعوة هو اللين والحلم‬

‫والناة‪ ..‬وكانت هذه وسيلته فى تأليف القلوب حوله‪.‬‬

‫وكان يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة كأمر ربه‪" :‬وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" [النحل‪:‬‬

‫‪ .]125‬وهذا الجانب من الحكمة من الهمية بمكان لنا فى دعوتنا‪ ،‬لنه يغلب علينا تجاهله أحيانا! إن بعضنا يجهل‬

‫ظروف ونفسيات وقدرات من يدعوهم‪ -‬خاصة النساء والولد‪ -‬فيعرض لهم الدين فى صورة تبدو لهم وكأنه ل‬

‫يعدو مجموعة من القيود والغلل!! وبعضنا يدعو بترديد كلم قديم محفوظ ل علقة له بالحاضر‪ ،‬فيبدو للسامعين‬

‫وكأنه منعزل عن الواقع ول يفهمه‪ ،‬فينفر منه المدعون!!‬

‫علينا أل يغيب عن بالنا أن الدعوة تهدف إلى تغيير ما فى نفوس الناس‪ ..‬وهذا يقتضى الوصول إلى ما بداخلهم‬

‫والتعامل معه‪ -‬وهذا ما كان يفعله رسولنا الكريم!‬

‫وكان صلي ال عليه وسلم قدوة لما يدعو إليه‪ ..‬وكذلك كان المسلمون الوائل‪ ..‬وكان هذا هو أهم سلح‪ ،‬بل‬

‫والسلح الوحد الذى انتشرت به الدعوة‪.‬‬

‫هذه هى سبيل الرسول‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬التى نتأسى بها فنجعلها سبيلنا!‬

‫وقد رغب الرسول‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬فى الدعوة فقال‪ -‬ضمن حديث له‪": -‬من دعا إلى هدى كان له من الجر‬

‫مثل أجور من تبعه ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا" [مسلم]‪ ..‬وقال أيضا‪ -‬ضمن حديث آخر‪" : -‬فوال لن يهدى‬

‫حمْر ال ّنعَم" [متفق عليه]‪.‬‬


‫ال بك رجل واحدا خير لك من ُ‬

‫ومن باب الدعوة إلى الهدى التناصح فى الخير‪ -‬وهو واجب بين المسلمين‪ ..-‬وفى هذا قال الرسول‪ -‬صلي ال عليه‬

‫وسلم‪" : -‬الدين النصيحة" فلما سئل لمن؟ قال‪" :‬ل ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين وعامتهم" [مسلم]‪ ..‬وقال‬
‫الصحابى جرير ابن عبد ال‪ -‬رضي ال عنه‪ : -‬بايعت رسول ال‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬على إقامة الصلة وإيتاء‬

‫الزكاة والنصح لكل مسلم" [متفق عليه]‪.‬‬

‫فعلينا أن ندعو وأن ننصح! وإذا قام كل منا بواجبه فى هذا المضمار فسنرى عدد رواد المساجد وحلقات الدرس‬

‫يزيد‪ ،‬وستنمو جذور المجتمع المسلم‪.‬‬

‫‪-8‬عدم معايشـة واقع الناس ‪.‬‬

‫واقصد من المعايشة معرفة واقع الناس والختلط معهم تعليمهم وامرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر والحرص‬

‫على هدايتهم ومحبة الخير لهم وعدم أشعارهم بأنهم لشيء واشعارهم كذلك بمحبتهم ومحبت الخير لهم ولنا في‬

‫رسول ال أسوة حسنة‪ .‬ولبد كذلك من المعايشة التي تعنى العيش مجتمعين على اللفة والمودة‪ .‬ومعايشة المؤمنين‬

‫وتجنب الفاسقين واجب أمر به ال تعالى‪ ..‬قال‪" :‬فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إل الحياة الدنيا" [النجم‪:‬‬

‫‪.]29‬‬

‫وكما ورد في حديث نبوي ‪ ،‬فإن أول ما دخل النقص على بنى إسرائيل أنهم كانوا يتعايشون مع الفاسقين منهم ول‬

‫يقاطعونهم‪.‬‬

‫إن معايشة الفاسق قد تُعدى فسقا‪ ..‬بينما أن معايشة المؤمن ل تثمر إل خيرا‪ .‬وقد شبه الرسول‪-‬صلي ال عليه وسلم‪-‬‬

‫هذا الموقف فقال‪" :‬إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير‪ -‬فحامل المسك إما أن يُحذيك‬

‫(يعطيك) وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبا‪ ..‬ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا‬

‫منتنة" [متفق عليه]‪ .‬ولكن لبد من معرفة العوامل التي تساعد على تقارب المسلمين هو التعامل طبقا لتعاليم‬

‫السلم‪ ..‬فقد نسيها المسلمون!! نسوا أن تعاليم السلم في التعامل بينهم تدعوهم إلى المحبة والتواد والعفو وكظم‬

‫الغيظ والتعاون والتآزر‪ ،‬وغفلوا عن تحذير ال‪" :‬إن الشيطان ينزغ بينهم" (السراء‪ ،)53:‬وأطلقوا لنفسهم العنان‬

‫فى التنازع والتخاصم والتدابر والتباغض والتحاسد‪.‬‬

‫علينا أل ننسى أننا بشر‪ ،‬كل منا له نواقصه وعيوبه‪ ،‬فل نتوقع المثالية فى تعاملنا مع بعضنا!‪ ..‬علينا نعامل المخطئ‬

‫على أنه أخ‪ ،‬فل نهجره وإنما نقف بجانبه لنساعده على تصحيح خطئه!‪ ..‬علينا أن ندفع الساءة بالحسان كما قال‬

‫لنا القرآن‪" :‬ادفع بالتى هى أحسن السيئة فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولى حميم" [فصلت‪ ..]34:‬علينا أن نصفح‬
‫كتوجيه القرآن‪" :‬فاصفح الصفح الجميل" [الحجر‪ ..]85:‬وأيضا‪" :‬وليعفوا وليصفحوا‪ .‬أل تحبون أن يغفر ال‬

‫لكم؟!" [النور‪ ..!]22:‬علينا أن نكظم الغيظ ونعفو لنكون من المحسنين الذين قال فيهم القرآن‪" :‬والكاظمين الغيظ‬

‫والعافين عن الناس‪ .‬وال يحب المحسنين" [آل عمران‪.]134:‬‬

‫‪ .‬علينا أن نتجمل بالصبر على الساءة كما قال لنا القرآن‪" :‬ولمن صبر وغفر إن ذلك من عزم المور" [الشورى‪:‬‬

‫‪!]4‬‬

‫ولنتأمل معا هذه الرواية التى رواها أبو هريرة‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪ :‬إن رجل شتم أبا بكر‪-‬رضي ال عنه‪ -‬والنبى‪-‬‬

‫صلي ال عليه وسلم‪ -‬جالس‪ ..‬فجعل النبى‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬يعجب ويبتسم‪ ..‬فلما أكثر رد عليه بعض قوله‪..‬‬

‫فغضب النبى‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬وقام‪ ..‬فلحقه أبو بكر‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬فقال‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬إنه كان يشتمني‬

‫وأنت جالس‪ ،‬فلما رددت بعض عليه قوله غضبت وقمت! قال‪" :‬إنه كان معك ملك يرد عنك‪ ،‬فلما رددت عليه‬

‫بعض قوله حضر الشيطان‪ ،‬فلم أكن لقعد مع الشيطان" [أحمد]‪.‬‬

‫لعله من النادر أن نرى أحدنا يتصرف كتوجيهات القرآن والرسول! إننا في أغلب الحوال تأخذنا العزة‪ ،‬ونعتبر أن‬

‫عدم الرد عجز وضعف وذلة!! لقد قال لنا القرآن في وصف المؤمنين الذين يحبهم ال‪" :‬أذلة علي المؤمنين أعزة‬

‫على الكافرين" [المائدة‪ .]54:‬فهذا هو توجيه القرآن‪ -‬أن نذل لبعضنا البعض بالصبر على النواقص والعيوب‪،‬‬

‫وبالصفح والمغفرة‪ ،‬وبالسماحة والتواضع‪ ،‬وبالود والتراحم! علينا أن نقتدي بالمسلمين الوائل الذين قال فيهم‬

‫القرآن‪" :‬محمد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم" [الفتح‪ ..]29:‬وقد قال لنا رسول ال‪ -‬صلي‬

‫ال عليه وسلم‪" : -‬من ل يَرحم ل يُرحم" [متفق عليه]‪ ..‬وقال‪" :‬من ل يرحم الناس ل يرحمه ال" [متفق عليه]‪.‬‬

‫ومن صفات التراحم ستر عيوب وأخطاء الخرين‪ .‬قال‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪" : -‬ل يستر عبدٌ عبدًا إل ستره ال‬

‫يوم القيامة" [مسلم]‪ ..‬جاء رجل يوما إلى عمر ابن الخطاب‪ -‬رضي ال عنه‪ -‬ظانّا أنه يحمل إليه بشرى‪ ،‬فيقول‪ :‬يا‬

‫أمير المؤمنين‪ ،‬رأيت فلنا وفلنة يتعانقان وراء النخيل ‪ ..‬فيمسك عمر بتلبيبه (ثيابه) ويعلوه بمخفقته (عصا‬

‫صغيرة كان يحملها دائما) ويقول له بعد أن يوسعه ضربا‪" :‬هل سترت عليه ورجوت له التوبة؟! فإن رسول ال‪-‬‬

‫صلي ال عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬من ستر مسلما ستره ال فى الدنيا والخرة" [مسلم]‪.‬‬

‫فهل نتواد ونتراحم ونكون كالمثل الذي ضربه الرسول‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬في حديثه‪" :‬مثل المؤمنين في توادهم‬
‫وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" [متفق عليه]‪.‬‬

‫‪-9‬عدم وجود العمل الجماعي‬

‫يرغب ال تعالى في اللتئام مع الجماعة المؤمنة التي تريد وجهه فيقول‪" :‬واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم‬

‫بالغداة والعشى يريدون وجهه‪ .‬ول تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا" [الكهف‪ .]28:‬وليس أفضل من حلق‬

‫الذكر مكانا يلتئم فيه شمل المؤمنين لتتآلف قلوبهم ويربط بينهم الحب في ال‪ ..‬وليس أوثق من رباط الحب في ال‬

‫رباطا بين الناس‪ ،‬فهو رباط يحبه ال‪ .‬قال صلي ال عليه وسلم‪" :‬قال ال تبارك وتعالى‪ :‬وجبت محبتي للمتحابين‬

‫في ‪ ،‬والمتجالسين في‪ ،‬والمتزاورين فىّ‪ ،‬والمتباذلين فىّ" [مسلم]‪.‬‬

‫المتحابون في ال المتجالسون فى ال يحبهم ال‪ ،‬وجزاؤهم يوم القيامة يخبرنا عنه الرسول‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪-‬‬

‫فيقول‪" :‬إن ال يقول يوم القيامة‪ :‬أين المتحابون بجللى؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم ل ظل إل ظلي" [مسلم]‪.‬‬

‫ويصف لنا الرسول‪ -‬صلي ال عليه وسلم‪ -‬الثواب في مجرد التواجد في حلق الذكر فيقول‪" :‬إن ل ملئكة سيارة‬

‫ُفضُل يتبعون مجالس الذكر‪ ،‬فإذا وجدوا مجلسا فيه ذكر قعدوا معهم وحف بعضهم بعضا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما‬

‫بينهم وبين السماء الدنيا‪ ،‬فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء‪ ..‬فيسألهم ال عز وجل‪ -‬وهو أعلم‪ : -‬من أين‬

‫جئتم؟ فيقولون‪ :‬جئنا من عند عباد لك فى الرض يسبحونك ويكبرونك ويهللونك ويحمدونك ويسألونك! قال‪ :‬وماذا‬

‫يسألونى؟ قالوا‪ :‬يسألونك جنتك! قال‪ :‬وهل رأوا جنتى؟ قالوا‪ :‬ل أي رب! قال‪ :‬فكيف لو رأوا جنتى؟ قالوا‪:‬‬

‫ويستجيرونك! قال‪ :‬ومم يستجيرونى؟ قالوا‪ :‬من نارك يا رب! قال‪ :‬وهل رأوا نارى؟ قالوا‪ :‬ل! قال‪ :‬فكيف لو رأوا‬

‫نارى؟ قالوا‪ :‬ويستغفرونك! فيقول‪ :‬فقد غفرت لهم‪ ،‬وأعطيتهم ما سألوا‪ ،‬وأجرتهم مما استجاروا‪ .‬فيقولون‪ :‬رب فيهم‬

‫فلن عبد خطّاء إنما مر فجلس معهم! فيقول‪ :‬وله غفرت‪ ،‬هم القوم ل يشقى بهم جليسهم" [متفق عليه والنص‬

‫لمسلم]‪.‬‬

‫فل بد من التعاون وبعضنا يكمل بعض فمن الشباب من يكون بارزا في جانب وآخر في جانب آخر فإذا تعاونا‬

‫تكامل وسد كل واحد واحد منهم نقص الخر فخرج العمل منظما منسقا مثمرا آثاره كبيرة ومنفعته عظيمة‪ .‬إن‬

‫العمل الفردي اللرتجالي عادة ما يكون هشا ضعيفا ل يحقق مصلحة عظيمة وال يقول ( ولوا أرادوا الخروج‬
‫لعدوا عدة ولكن كره ال انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مه القاعدين)‬

‫فيا ايها الشاب المستقيم الذي اعنيه في هذه الرسالة حاول أن تجعل من نفسك مسلما مثاليا‪ ،‬لتكون قدوة يحتذي بك‪.‬‬

‫ولعل هذه هي أصعب خطوة على الطريق‪ ،‬لن جهاد النسان لنفسه ومغالبتها على اللتزام بأحكام الدين والصبر‬

‫على تكاليفه جهاد شاق‪ ..‬وجهاد النفس أشق أنواع الجهاد‪.‬‬

‫والطريق لتحقيق ذلك يكون بوسيلتين‪ -1 :‬ترسيخ العقيدة فى القلب ‪ -2‬السعى المستمر للرتفاع بمستوى اليمان‪.‬‬

‫لتخلص من السلبية وعلجها‬

‫لبد من الحرص على تجنب السباب التي ذكرناها مع أمور مهمة وهي كما يلي‪:‬‬

‫الخلص ل في القول والعمل‬

‫القلوب ل تطمئن إل بال‪ ،‬وغنى العبد بطاعة ربه والقبال عليه‪ ،‬ودين الحق هو تحقيق العبودية ل‪ ،‬وكثيراً ما‬

‫يخالط النفوس من الشهوات الخفية ما يفسد تحقيق عبوديتها ل‪ ،‬وإخلص العمال ل أصل الدين‪ ،‬وبذلك أمر ال‬

‫رسوله بالخلص في قوله‪ :‬فَاعْبُدِ الَّ مُخْلِصاً لّهُ الدّين [الزمر‪.]2 :‬‬

‫خلِصاً لّهُ الدّين [الزمر‪:‬‬


‫وأُمر النبي أن يُبيّن أن عبادته قائمة على الخلص فقال له‪ُ :‬قلْ إِنّى ُأمِ ْرتُ أَنْ أَعْ ُبدَ الَّ مُ ْ‬

‫‪.]11‬‬

‫وبذلك أُمرت جميع المم قال جل وعل‪َ :‬ومَا ُأمِرُواْ ِإلّ لِ َيعْبُدُواْ الَّ ُمخِْلصِينَ لَهُ الدّين حُ َنفَاء وَ ُيقِيمُواْ الصّلَوا َة وَ ُيؤْتُواْ‬

‫ال ّزكَواةَ وَذَِلكَ دِينُ القَيّمةِ [البينة‪.]5:‬‬

‫وأحق الناس بشفاعة النبي يوم القيامة من كان أخلصَهم ل‪ ,‬قال أبو هريرة رضي ال عنه ‪ :‬من أسعد الناس بشفاعتك‬

‫يا رسول ال؟ قال‪(( :‬من قال ل إله إل ال خالصاً من قلبه)) رواه البخاري‪.‬‬

‫ج َمعِينَ ِإلّ عِبَا َدكَ‬


‫والخلص مانع بإذن ال من تسلط الشيطان على العبد‪ ,‬قال سبحانه عن إبليس‪ :‬فَ ِبعِزّ ِتكَ لغوينهم َأ ْ‬

‫مِ ْنهُمُ ا ْل ُمخَْلصِينَ [ص‪.]83 ،82:‬‬


‫والمخلِص محفوظ بحفظ ال من العصيان والمكاره‪ ،‬قال سبحانه عن يوسف عليه السلم‪ :‬كَذاِلكَ لِ َنصْ ِرفَ عَنْهُ السّوء‬

‫وَا ْلفَحْشَاء إِنّهُ مِنْ عِبَادِنَا ا ْلمُخَْلصِينَ [يوسف‪.]24:‬‬

‫به رفعة الدرجات وطرْق أبواب الخيرات يقول المصطفى ‪(( :‬إنك لن تُخلف فتعمل عملً تبتغي به وجه ال إل‬

‫ازددت به درجة ورفعة)) متفق عليه‪.‬‬

‫وإذا قوي الخلص ل علت منزلة العبد عند ربه‪ ،‬يقول بكر المزني‪" :‬ما سبقنا أبو بكر الصديق بكثير صل ٍة ول‬

‫صيام‪ ,‬ولكنه اليمان وقر في قلبه والنصح لخلقه"‪.‬‬

‫لهَ ِإلّ أَنتَ سُ ْبحَا َنكَ إِنّى كُنتُ مِنَ الظّاِلمِينَ‬


‫وهو سببٌ لتفريج الكروب‪ ,‬ولم ينجّ ذا النون سوى إخلصه لمعبوده‪ :‬لّ ِإ َ‬

‫[النبياء‪.]87:‬‬

‫المخلص لربه مجاب الدعوة‪ ,‬يقول النبي ‪(( :‬انطلق ثلثة نفر ممن كان قبلكم حتى آواهم المبيت إلى غار فدخلوه‪,‬‬

‫فانحدرت صخرة من الجبل فسدت عليهم الغار‪ ،‬فقالوا‪ :‬إنه ل ينجيكم من هذه الصخرة إل أن تدعوا ال بصالح‬

‫أعمالكم‪ ... ،‬فقال كل واحد منهم متوسلً إلى ال بصالح عمله وإخلصه‪ :‬اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك‬

‫ففرّج عنا ما نحن فيه من هذه الصخرة‪ ،‬فانفرجت فخرجوا يمشون)) متفق عليه‪.‬‬

‫بتجريد الخلص تزول أحقاد القلوب وضغائن الصدور‪ ،‬يقول النبي ‪(( :‬ثلثٌ ل يغل عليهن قلب مسلم‪ :‬إخلص‬

‫العمل ل‪ ،‬ومناصحة ولة المر‪ ،‬ولزوم جماعة المسلمين)) رواه أحمد‪.‬‬

‫في الخلص طمأنينة القلب وشعورٌ بالسعادة وراحة من ذل الخلق‪ ،‬يقول الفضيل بن عياض رحمه ال‪" :‬من عرف‬

‫الناس استراح"‪ ،‬أي‪ :‬أنهم ل ينفعونه ول يضرونه‪.‬‬

‫وكل عمل لم يقصد به وجه ال طاقة مهدرة وسراب يضمحل‪ ،‬وصاحبه ل للدنيا جمع ول للخرة ارتفع‪ ،‬يقول النبي‬

‫‪(( :‬إن ال ل يقبل من العمل إل ما كان له خالصاً‪ ,‬وابتُغي به وجهه)) رواه النسائي‪.‬‬

‫وإخلص العمل ل وخلوص النية له وصوابه أصل في قبول الطاعات‪ ،‬يقول ابن مسعود رضي ال عنه‪( :‬ل ينفع‬

‫ل وعملٌ ونية إل بما وافق السنة)‪.‬‬


‫قول وعمل إل بنية‪ ،‬ول ينفع قو ٌ‬

‫والخلص أن تكون نيتك ل ل تريد غير ال‪ ،‬ل سُمعة ول رياء ول رفعة عند أحد ول تزلفاً ول تترقب من الناس‬

‫مدحًا ول تخشى منهم قدحا‪ ،‬وال سبحانه غني حميد ل يرضى أن يشرك العبد معه غيره‪ ،‬فإن أبى العبد إل ذلك رد‬

‫ال عليه عمله‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم في الحديث القدسي‪ ،‬قال ال عز وجل‪(( :‬أنا أغنى الشركاء عن الشرك‪,‬‬
‫من عمل عملً أشرك معي فيه غيري تركته وشركه)) رواه مسلم‪.‬‬

‫يا شباب السلم لعمل الصالح وإن كان كثيراً مع فساد النية يورد صاحبه المهالك‪ ،‬فقد أخبر ال عز وجل عن‬

‫المنافقين أنهم يُصلّون وينفقون ويقاتلون‪ ،‬وأخبر النبي عنهم أنهم يتلون كتاب ال في قوله‪(( :‬ومثل المنافق الذي يقرأ‬

‫القرآن كالريحانة ريحها طيب وطعمها مر)) متفق عليه‪.‬‬

‫سفَلِ مِنَ النّارِ [النساء‪(( ،]145:‬وأول من تسعر‬


‫ولِ َفقْدِ صدقهم في إخلصهم قال ال عنهم‪ :‬إِنّ ا ْلمُنَافِقِينَ فِى الدّ ْركِ الْ ْ‬

‫بهم النار يوم القيامة قارئ القرآن والمجاهد والمتصدق بماله‪ ,‬الذين لم تكن أعمالهم خالصة ل‪ ،‬وإنما فعلوا ذلك‬

‫ليقال فلنٌ قارئ‪ ،‬وفلن شجاع‪ ،‬وفلنٌ متصدق)) رواه مسلم‪.‬‬

‫والعمل وإن كان يسيراً يتضاعف بحسن النية والصدق والخلص‪ ،‬ويكون سبباً في دخول الجنات‪ ,‬يقول النبي ‪:‬‬

‫((مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق‪ ،‬فقال‪ :‬وال لُنحين هذا عن المسلمين‪ ,‬ل يؤذيهم فأدخل الجنة)) رواه‬

‫مسلم‪.‬‬

‫((وامرأة بغي رأت كلباً يطيف بركيّة كاد يقتله العطش‪ ،‬فسقته بموقها ما ًء فغفر ال لها)) متفق عليه‪.‬‬

‫يقول عبد ال بن المبارك‪" :‬رُب عملٍ صغيرٍ تعظمه النية‪ ،‬ورب عملٍ كبيرٍ تصغره النية"‪ ،‬قال ابن كثير رحمه ال‬

‫عفُ ِلمَن يَشَاء [البقرة‪" ]261:‬أي‪ :‬بحسب إخلصه في عمله"‪.‬‬


‫في قوله‪ :‬والُّ ُيضَا ِ‬

‫ولذا فكثر من الصالحات مع إخلص النيات‪ ،‬فكن سبّاقا لكل عمل صالح‪ ،‬ول تحقرن أي عملٍ تُخلص نيتك فيه‪ ،‬فل‬

‫تعلم أي عملٍ يكون سبباً لدخولك الجنات‪ ،‬ول تستخفن بأي معصية فقد تكون سبباً في دخولك النار‪ ،‬كما قال عليه‬

‫الصلة والسلم‪(( :‬دخلت امرأة النار في هرةٍ حبستها‪ ،‬ل هي أطعمتها ول هي تركتها تأكل من خشاش الرض))‬

‫متفق عليه‪.‬‬

‫وال جل وعل متصف بالحمد والكرم‪ ،‬وإذا أحسن العبد القصد ولم تتهيأ له أسباب العمل فإنه يؤجر على تلك النية‬

‫وإن لم يعمل‪ ,‬كرماً من ال وفضلً‪ ،‬يقول عليه الصلة والسلم‪(( :‬من سأل ال الشهادة بصدق بلّغه ال منازل‬

‫الشهداء‪ ,‬وإن مات على فراشه)) رواه مسلم‪ ،‬ويقول النبي عن الرجل الذي ل مال عنده وينوي الصدقة‪ :‬لو أن لي‬

‫مالً لعملت بعمل فلن‪ ،‬قال‪(( :‬فهو بنيته)) رواه الترمذي‪.‬‬

‫بل إن الهمّ بعمل صالح يؤجر عليه العبد وإن تخلف العمل‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم‪(( :‬من هم بحسنة فلم يعملها‬

‫كتبها ال عنده حسنة كاملة)) متفق عليه‪.‬‬


‫والمسلم يجعل نيته صادقة في كل خير‪ ،‬يقول عمر رضي ال عنه‪( :‬أفضل العمال صدق النية فيما عند ال‪ ,‬فإن‬

‫صدّق العمل النية فذاك‪ ،‬وإن حيل بين العمل والنية فلك ما نويت‪ ،‬ومن سرّه أن يكمُل له عمله فليحسن النية‪ ,‬فإن ال‬

‫يؤجر العبد إذا حسنت نيته حتى بإطعام زوجته)‪.‬‬

‫أيها المسلمون‪ :‬إذا قوي الخلص وعظُمت النية وأُخفي العمل الصالح مما يُشرع فيه الخفاء قرُب العبد من ربه‬

‫وأظله تحت ظل عرشه‪ ،‬يقول المصطفى ‪(( :‬سبعة يظلهم ال في ظله يوم ل ظل إل ظله ـ وذكر منها ـ‪ :‬رجل‬

‫تصدق بصدقة فأخفاها حتى ل تعلم شماله ما تنفق يمينه)) رواه مسلم‪.‬‬

‫خفُوهَا وَتُؤْتُوهَا‬
‫وكلما أُخفي العمل كان أقرب إلى الخلص‪ ،‬قال جل وعل‪ :‬إِن تُبْدُواْ الصّ َدقَاتِ فَ ِن ِعمّا ِهىَ وَإِن ُت ْ‬

‫ا ْلفُقَرَاء َفهُوَ خَيْرٌ ّلكُمْ [البقرة‪.]271:‬‬

‫يقول بشر بن الحارث‪" :‬ل تعمل لتُذكر‪ ،‬أكتم الحسنة كما تكتم السيئة"‪.‬‬

‫و ُفضّلت نافلة صلة الليل على نافلة النهار واستغفار السحر على غيره لن ذلك أبلغ في السرار‪ ،‬وأقرب إلى‬

‫الخلص‪.‬‬

‫وعلى العبد الصبر عن نقل الطاعة من ديوان السر إلى ديوان العلنية‪ ,‬وإذا أخلصت في العمل ثم أثنى عليك الخلق‬

‫وأنت غير متطلع إلى مدحهم فليس هذا من الرياء‪ ،‬إنما الرياء أن تزين عملك من أجلهم‪ .‬سُئل النبي عن الرجل يعمل‬

‫العمل من الخير يحمده الناس عليه‪ ،‬فقال‪(( :‬تلك عاجل بشرى المؤمن)) رواه مسلم‪.‬‬

‫ومن كان يعمل صالحاً ثم اطلع الخلق على عمله فأحجم عن الستمرار في تلك الطاعة ظناً منه أن فعله بحضرتهم‬

‫ض على فعلك‪ ,‬يقول الفضيل ابن عياض‪" :‬ترك العمل من أجل الناس رياء‪،‬‬
‫رياء فذلك من حبائل الشيطان‪ ،‬فام ِ‬

‫والعمل من أجل الناس شرك‪ ،‬والخلص أن يعافيك ال منهما"‪.‬‬

‫وبعض الناس يظن أن الخلص مقصور على الصلة والصدقة والحج دون غيرها من الوامر‪ ،‬ومن رحمة ال‬

‫ورأفته بعباده أن الخلص يُستصحب في جميع العبادات والمعاملت‪ ،‬ليُثاب العبد على جميع حركاته وسكناته‪,‬‬

‫فزيارة الجار وصلة الرحم وبر الوالدين هي مع الخلص عبادة‪ ،‬وفي جانب المعاملت من الصدق في البيع‬

‫والشراء وحسن عشرة الزوجة والحتساب في إحسان تربية البناء كل ذلك مع الخلص يُجازى عليه بالحسان‪،‬‬

‫يقول النبي ‪(( :‬ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه ال إل أُجرت عليها‪ ،‬حتى اللقمة تضعها في فيّ امرأتك)) متفق‬

‫عليه‪ ،‬قال‪ :‬شيخ السلم‪" :‬مَن عَ َبدَ ال وأحسن إلى الناس فهذا قائم بحقوق ال وحق عباد ال في إخلص الدين له‪،‬‬
‫ومن طلب من العباد العِوض ثناءً أو دعاءً أو غير ذلك لم يكن مُحسناً إليهم ل"‪.‬‬

‫وأكثر من مطالعة أخبار أهل الصدق والخلص‪ ،‬واقرأ سير الصالحين السلف‪ ،‬واحتقر كل عمل صالح تقدمه‪،‬‬

‫وكن خائفًا من عدم قبوله أو حبوطه‪ ،‬فليس الشأن التيان بالطاعات فحسب‪ ,‬إنما الشأن في حفظها مما يبطلها‪.‬‬

‫ومن حفظ العمل عدم العجب وعدم الفخر به‪ ,‬فازهد في المدح والثناء فليس أحد ينفع مدحه ويضر ذمه إل ال‪,‬‬

‫والموفق من ل يتأثر بثناء الناس وإذا سمع ثناءً لم يزده ذلك إل تواضعًا وخشية من ال‪ ،‬وأيقِن أن مدح الناس لك‬

‫فتنة‪ ،‬فادع ربك أن ينجيك من تلك الفتنة‪ ،‬واستشعر عظمة ال وضعف المخلوقين وعجزهم وفقرهم‪ ،‬واستصحب‬

‫دومًا أن الناس ل يملكون جنة ول نارًا‪ ،‬وأنزل الناس منزلة أصحاب القبور في عدم جلب النفع لك ودفع الضر‬

‫عنك‪ ،‬والنفوس تصلح بتذكر مصيرها‪ ،‬ومن أيقن أنه يوسّد في اللحد فريدًا أدرك أنه لن ينفعه سوى إخلصه مع‬

‫ربه‪ ,‬وكان من دعاء السلف‪" :‬اللهم إنا نسألك العمل الصالح وحفظه"‪.‬‬

‫أيها المسلمون‪ :‬ثوب الرياء يشف ما تحته‪ ,‬يُفسد الطاعة ويُحبط الثواب‪ ،‬وهو من أقبح صفات أهل النفاق يُرَاءونَ‬

‫س َولَ يَ ْذكُرُونَ الَّ ِإلّ قَلِيلً [النساء‪ ,]142:‬وهو من أشد البواب خفاءً‪َ ,‬وصَفَه ابن عباس رضي ال عنهما‬
‫النّا َ‬

‫بقوله‪( :‬أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل)‪ .‬قال الطيبي رحمه ال‪" :‬وهو من أضر غوائل‬

‫النفس وبواطن مكائدها‪ ,‬يُبتلى به المشمرون عن ساق الجد لسلوك طريق الخرة"‪.‬‬

‫والنبي خافه على أمته وحذرهم منه قال عليه الصلة والسلم‪(( :‬أل أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح‬

‫الدجال)) قالوا‪ :‬بلى يا رسول ال‪ ،‬قال‪(( :‬الشرك الخفي‪ ،‬يقوم الرجل يصلي فيزين صلته لما يرى من نظر الرجل‬

‫إليه)) رواه أحمد‪.‬‬

‫قال في تيسير العزيز الحميد‪" :‬الرياء أخوف على الصالحين من فتنة الدجال"‪.‬‬

‫المرائي مضطرب القلب مزعزع الفكر‪ ،‬ل يُخلِص في عبوديته ومعاملته‪ ,‬يعمل لحظ نفسه تارة ولطلب الدنيا تارة‬

‫ولطلب الرفعة والمنزلة عند الخلق تارة‪ ،‬المرائي يفضحه ال ويهتك ستره ويُظهر خباياه‪ ،‬ضاعت آماله وخاب‬

‫سعيه‪ ,‬وعومل بنقيض قصده‪ ,‬يقول النبي ‪(( :‬من يسمّع يسمع ال به‪ ،‬ومن يرائي يرائي ال به)) رواه مسلم‪.‬‬

‫وإن أخفى المرائي كوامن نفسه وخفايا صدره أظهرها ال‪ ،‬يقول النبي ‪(( :‬المتشبع بما لم يعط كلبس ثوبي زور))‬

‫متفق عليه‪.‬‬

‫فاخشى على أعمالك من الخسران‪ ،‬فالميزان يوم الحشر بمثاقيل الذر‪ ،‬المن والذى يبطل البذل‪ ،‬والرياء يحبط‬
‫العمل‪ ،‬وإرادة الدنيا وثناء الخلق مُ َتوَعّد فاعله بدخول النار‪.‬‬

‫حدٌ َفمَن كَانَ يَ ْرجُو ِلقَاء رَبّه‬


‫ل ٌه وَا ِ‬
‫أعوذ بال من الشيطان الرجيم‪ُ :‬قلْ إِ ّنمَا أَنَاْ بَشَرٌ مّثُْلكُمْ يُوحَى إَِلىّ أَ ّنمَا ِإلَ ُهكُمْ ِإ َ‬

‫حدَا [الكهف‪.]110:‬‬
‫عمَلً صَالِحًا َولَ ُيشْ ِركْ ِبعِبَا َدةِ رَبّه أَ َ‬
‫فَلْ َي ْع َملْ َ‬

‫كثرة الدعاء والبتهال ولفتقار إلى ال‬

‫إذا أرت العانة من ال تعالي في دعوتك وعملك للسلم والمسلمين فعليك بالدعاء وللتجاء إلى ال فهو المعين‬

‫وهو المسدد وهو المدبر وال يقول في كتابة { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } [ غافر ‪ ، ] 60 :‬وقال تعالى ‪:‬‬

‫{ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون }‬

‫[ البقرة ‪ ، ] 186 :‬وقال صلى ال عليه وسلم ‪ « :‬الدعاء هو العبادة » ‪ ،‬ثم قرأ ‪ { :‬وقال ربكم ادعوني أستجب‬

‫لكم } [ غافر ‪.] 60 :‬‬

‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪ « :‬أفضل العبادة الدعاء »‬

‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪ « :‬ليس من شئ أكرم على ال تعالى من الدعاء »‬

‫وقال ‪ « :‬إنّ ربكم تبارك وتعالى حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يداه إليه أن يردهما صفرا خائبين »‬

‫وقال ‪ « :‬ل يردّ القضاء إل الدعاء‪ ،‬ول يزيد في العمر إل البر »‬

‫وقال ‪ « :‬ما من مسلم يدعو ال بدعوة ليس فيها إثم ول قطيعة رحم إل أعطاه ال بها إحدى ثلث ‪ :‬إما أن تعجل له‬

‫دعوته‪ ،‬وإما أن يدخرها له في الخرة‪ ،‬وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها ‪ ،‬قالوا ‪ :‬إذا نكثر الدعاء‪ ،‬قال صلى‬

‫ال عليه وسلم ‪ :‬ال أكثر »‬


‫وقال ‪ « :‬إنه من لم يسأل ال تعالى يغضب عليه »‬

‫وقال ‪ « :‬أعجز الناس من عجز عن الدعاء‪ ،‬وأبخل الناس من بخل بالسلم‬

‫واخيرا إليك آخي الحبيب هذه الرشادات التي ارتأيت ان تكون برنامجا لك ومما يساعد علي البتعد عن السلبة في‬

‫حياتك‪.‬‬

‫خذ قدرًا كافيًا من النوم بدون إسراف‪ ،‬وحبذا لو نمت مبكرًا على وضوء‪.‬‬

‫استيقظ مبكرًا‪ ،‬ول تكثر من التململ في فراشك‪.‬‬

‫ل تفوتك صلة الفجر في وقتها مع الجماعة‪.‬‬

‫ل تنس أذكار الصباح‪ ،‬فهي مفتاح السعادة ليومك‪.‬‬

‫خطط برنامجك اليومي في هدوء‪.‬‬

‫احرص على تنويع برنامجك‪ ،‬على أن يكون فيه أشياء محببة‪ ،‬وتتوقع أن تحقق فيها نسبة عالية من النجاح‪ ،‬وحاول‬
‫أن تبدأ بها‪.‬‬

‫انطلق لتنفيذ برنامجك‪ ،‬مبتدئًا بدعاء الخروج‪ ،‬ودعاء الركوب إن ركبت في ذهابك وإيابك‪.‬‬

‫ابتسم إلى كل من تلقاه من إخوتك في يومك بعد إلقاء السلم عليه‪.‬‬

‫احرص على إنجاز عملك أولً بأول بحيث تتمكن من إنهاء برنامجك مع نهاية يومك‪.‬‬

‫في نهاية يومك احمد ال أن أعانك على تنفيذ برنامجك اليومي‪.‬‬

‫وأخيرا‪ ،‬هذا هو اجتهادي! جزى ال خيرا من صوّب فيه أو أضاف إليه‪ .‬وال أسأل أن يلهمنا الصواب ويسدد خطانا‬
‫على طريقه‪ ،‬وأن يؤلف بين قلوبنا ويجمعنا بنعمته إخوانا‬

‫الشخصية من المواضيع المهمة في المجال النفسي بكافة أنماطها وصفاتها و‬


‫تحولتها وذلك أمر ل بد أن يستمر عليها مسيرة النسانية الصالحة و أن يسخر لها‬
‫كافة العلوم المتعلقة بكشف خفاياها أو تصحيح إعوجاجها أو إزالة ضعفها‪ .‬و العلوم‬
‫المتعلقة بموضوع الشخصية‪ ،‬علم النفس بشكل عام و علم النفس التربوي و علم‬
‫النفس الجتماعي وعلم تشخيص الجينات وكذلك علم النفس السلوكي والخلقي‪.‬‬

‫الشخصية هي المفهوم الشامل للذات النسانية ظاهراً وباطنا بكافة ميوله وتصوراته‬
‫وأفكاره واعتقاداته وقناعاته وصفاته الحركية والذوقية والنفسية‪ .‬وتتعدد صفات‬
‫الشخصية في كتب علم النفس و الدراسات النفسية في كافة مجالت الحياة وكذلك‬
‫تشمل الجوانب الطبيعة النسانية‪ .‬ولكن بما ان موضوعنا تتعلق بالشخصيتين‬
‫اليجابية والسلبية نذكر هنا الصفات الشخصية المتعلقة في هذين المجالين فقط‪.‬‬

‫أولً‪ :‬الشخصية اليجابية‪:‬‬

‫هي الشخصية المنتجة في كافة مجالت الحياة حسب القدرة والمكانية‪.‬‬

‫هي الشخصية المنفتحة على الحياة ومع الناس حسب نوع العلقة‪.‬‬

‫يمتلك النظرة الثاقبة…‪ .‬ويتحرك ببصيرة‪.‬‬

‫هي الشخصية المتوازنة بين الحقوق والواجبات (أي ما لها وما عليها)‪.‬‬

‫يمتلك أساسيات الصحة النفسية مثل‪:‬‬

‫التعامل الجيد مع الذات‪.‬‬

‫التعامل المتوازن مع الخرين‪.‬‬

‫التكيف مع الواقع‪.‬‬

‫الضبط في المواقف الحرجة‪.‬‬

‫الهدوء في حالت الزعاج‪.‬‬

‫الصبر في حالت الغضب‪.‬‬

‫السيطرة على النفس عند الصدمات (أي القدرة على التحكم)‪.‬‬

‫يتعامل مع المادة حسب المطلوب وليهمل الجانب المعنوي‪.‬‬

‫يتاثر بالمواقف حسب درجة اليجابية والسلبية (أي ان يقيس اليجابية بالمصلحة‬
‫العامة ليضخم السلبية اكثر من الواقع)‪.‬‬
‫يعمل على تطوير الموجود ويبحث عن المفقود ويعالج العقبات‪.‬‬

‫بنيانها المبدئية وتمتلك الثوابت الخلقية‪.‬‬

‫ترعى مقومات الستمرارية مثل‪:‬‬

‫الجدية عند تقلب الحالت‪.‬‬

‫الهمة العالية والتحرك الذاتي‪.‬‬

‫التصرف الحكيم‪.‬‬

‫المراجعة للتصحيح‪.‬‬

‫احتساب الجر عند ال‪.‬‬

‫تنمية الدوافع الذاتية والموضوعية‪.‬‬

‫الستعانة بال‪.‬‬

‫الدعاء للتوفيق بإلحاح‪.‬‬

‫ل تستخف بالخير من شق التمرة والى قنطار من ذهب‪.‬‬

‫تتعامل مع كل شخص حسب درجة الصلح فيهم وليغفل عن سلبياتهم‪.‬‬

‫تحب المشاركة لتقديم ما عندها من الخير واليجابية‪.‬‬

‫تفكر دائما لتطوير اليجابيات وازالة السلبيات‪.‬‬

‫تكره النتقام يذم الحقد وينتقد الحسود وليجلس في مجالس الغيبة والنميمة‪.‬‬

‫هذه هي الشخصية اليجابية المقبولة عند الرحمن والمحبوبة عند النسان‪ ،‬سليمة في‬
‫نفسيتها تواقة للخير‪ ،‬وتتامل في سبب وجودها‪ ،‬تتقدم بايجابيتها‪ ،‬وتتفاعل بكل ما‬
‫عندها من عطاء‪ .‬اذًا هي الشخصية الصالحة والمُصلحة‪ ،‬وهي الشخصية الخيّرة‬
‫بمعنى الكلمة‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬الشخصية السلبية‪:‬‬

‫النظرة التشاؤمية هي الغالبة عليها في كافة تصرفاتها و قناعاتها‪.‬‬

‫باطنها مملوءة بالنتقام و العدوان‪ ،‬و في أكثر الحيان ل تستطيع أن ينفذ ما يريد‪ ،‬إذاً‬
‫ينعكس ذلك في كلماته وآرائه‪.‬‬

‫هذه الشخصية ضعيفة الفعالية في كافة مجالت الحياة‪ ،‬و ل يرى للنجاح معنى ‪،‬أو‬
‫ليس عندها مشروعاً اسمه النجاح بل يحاول إفشال مشاريع النجاح‪.‬‬

‫ل يؤمن بمسيرة ألف ميل تبدأ بخطوة‪ ،‬بل ليس عندها همة الخطوة الولى‪ ،‬و لهذا ل‬
‫تتقدم و ل تحرك ساكناَ و إن فعل في مرة يتوقف مئات المرات‪.‬‬

‫ل ترى أن هناك فراغاً يجب أن يمله و أن يكون لها دور أن تؤديها‪.‬‬

‫ليس لللتزام و النضباط معنى أو قيمة في قائمة أعمالها اي ل تتأثر بالمواعظ و ل‬


‫تلبي أي نداء و ل تسمع التوجيهات النافعة‪.‬‬

‫دائماً تقوم بدور المعوق و المشاغب بكل ما هو تحت تصرفها أو ضمن صلحياتها‪.‬‬

‫هذه الشخصية مطعمة بالحجج الواهية و العذار الخادعة بشكل مقصود‪.‬‬

‫و هي دائمة الشكوى و العتراض و العتاب والنقد الهدام‪.‬‬

‫و إذا ناقش في موضوع ما ناقش بغضب و توتر و النحيازية لذاتها و مصالحها‪.‬‬

‫ل شك أن هذه الشخصية مريضة و ضارة في ذاتها و إن لم تظهر فيها أعراض‬


‫المرض لن هذه الصفات تنعكس على أساليب حياتها في البيت و المؤسسة أو اي‬
‫وسط اجتماعي أو ثقافي أو اقتصادي ‪ ...‬الخ‪.‬‬

‫ثالثاً‪ :‬الشخصية المزدوجة‪:‬‬

‫يحتمل أن يتسائل أحد القراء هل الشخصية تنقسم الى شخصية سلبية وأخرى إيجابية‬
‫و يحسم المر وينتهي بالخصال الموجودة في كليهما؟‬

‫كل ليس المر كذلك! لن في ميزان كل المقاييس و التصورات و وفق الشريعة‬


‫الربانية السمحاء‪ ،‬أن هناك شخصيات من نوع آخر أفسد من الشخصية السلبية‪،‬‬
‫ضارة بوجودها منحرفة في أساليبها مريضة في حقيقتها‪.‬‬

‫و من صفاتها‪:‬‬

‫الزدواجية في التعامل حسب ذوقها ومصلحتها وحسب المقاصد الخفية في نفسيتها‪.‬‬


‫تتقمص في لباس الحيل و الخدع من وراء ستار البراءة والمصلحة العامة‪.‬‬
‫تعترف بالخير والثناء والمكانة إذا كانت هي المعنية وإلّ ديدنها الحسد وباطنها‬
‫مملوءة بالحقد‪.‬‬
‫تحب المدح ويعمل عليها وينشط بها (بل المدح من الدوافع الرئيسية لتحركها‬
‫ومبادرتها)‪.‬‬
‫تتقرب إلى أصحاب القرار لذاتها وللوقاية من فقدان تأييدهم‪.‬‬
‫تحرص على الفرص‪ ،‬بل تستغل الفرص بكل الوسائل المشروعة والممنوعة‪.‬‬
‫النظرة التآمرية هي الغالبة عليها في تصرفاتها و إذا أبدت رأياً ظهرت ذلك في رأيها‪.‬‬

‫في ذاتها متكونة من نقيضين‪ ،‬العدو والصديق ينفعل بهما حسب الضرورة (أي معيار‬
‫العداء و الولء هي مصلحتها)‪.‬‬
‫التعامل النفساني هو الغالب عليها ولترى للساليب الخرى من معانٍ حميدة‪.‬‬
‫مفرطة في مقاييسها في ذم الخرين و تزكيتهم‪ ،‬أيضاً وفق معاييرها و رضاها‪.‬‬
‫أليست هذه الشخصية هي شخصية المنافق؟‬

‫بلى وال هذه الشخصية ممزوجة بالنفاق ومطعّمة بخبثهم و تتمنى أن يجلس في‬
‫مجالسهم‪ .‬نعوذ بال منها و من صفاتها‬
‫كيف تحمين نفسك من المؤثرات السلبية والتفكير الهدام؟‬
‫الشخص الذي يعبر بكلمات من فمه عن أفكار سلبية أو هدامة لبد ّ أن يعاني‬

‫من نتائج تلك الكلمات بشكل ارتدادي‪ ،‬وحتى إطلق الدوافع الفكرية الهدامة‬

‫وحدها دون مساعدة الكلمات يولد ارتدادا ً متعدداً‪ .‬فأولً‪ ،‬وربما هذا أهم ما‬

‫يجب أن نتذكره‪ ،‬أن الشخص الذي يطلق أفكارا ً ذات طبيعة هدامة يجب أن‬

‫يعاني من الضرر الناتج من تفكك في وظيفة الخيال المبدع في عقله‪ .‬ثانياً‬

‫يؤدي تواجد أي مشاعر هدامة في العقل إلى تطوير شخصية سلبية ينفر‬

‫منها الخرون وتبعد الخرين عنها وتحولهم إلى أعداء ومعادين‪ .‬والمصدر‬

‫الثالث للضرر الناتج للشخص الذي يطلق أفكارا ً سلبية أو يرعاها كامن في‬

‫حقيقة مهمة هي أن تلك الفكار السلبية ليست مضرة بالخرين فقط بل هي‬

‫تنغرس في العقل الباطني للشخص الذي يطلقها وتصبح جزءا ً من شخصيته‪.‬‬

‫إفترض أن عملك في الحياة هو تحقيق النجاح‪ ،‬ولكي تكون ناجحا ً علي أن‬

‫تنعم بهدوء البال وتمتلك الوسائل المادية في الحياة والحصول على‬

‫السعادة‪ .‬وكل مظاهر النجاح هذه تبدأ بشكل دوافع فكرية‪.‬‬

‫بإمكانك أن تسيطر على عقلك وتواجهه وأنت تملك القدرة على تغذيته بأي‬

‫دوافع فكرية تختارها‪ ،‬وهذا يملي عليك مسؤولية استعمال عقلك بشكل بنّاء‪.‬‬

‫فأنت سيد مصيرك على الرض وذلك يعطيك القوة بالسيطرة على أفكارك‬

‫وبإمكانك أن تؤثر وتوجه‪ ،‬وفي النهاية تسيطر على بيئتك بحيث تصنع حياتك‬

‫كما يحلو لك‪ ،‬أو بإمكانك أن تهمل ممارسة هذه الميزة المر الذي يعرضك‬

‫لتبدل الظروف والحوال التي تصبح مسيطرة عليك بدل ً من أ تكون مسيطراً‬

‫عليها‪.‬‬

‫كما أن هنالك آفة سيئة يعاني منها الناس‪ ،‬وهي تمثل تربة غنية تنمو فيها‬

‫بذور الفشل بكثرة وهي خبيثة وماكرة إلى حد أنه قد ل يتم اكتشاف وجودها‬

‫ول يمكن تصنيفها بشكل من أشكال الخوف لنها أكثر عمقا ً وتجذراً‪ ،‬وكي‬

‫نعطيها صفة أفضل نقول إنها ((قابلية التعرض للمؤثرات السلبية))‪.‬‬

‫فغالبا ً ما يحمي الرجال الذين يجمعون ثروات كبيرة أنفسهم من هذه الفة‬

‫الشريرة‪ ،‬لكن الفقراء ل يفعلون ذلك ويجب على أولئك الذين ينجحون في‬

‫أي ميدان أن يهيئوا عقولهم لمقاومة هذا الشر‪.‬‬

‫بإمكانك حماية نفسك بسهولة من اللصوص‪ ،‬لكن من الصعب أن تحمي‬

‫نفسك من شر التأثر بالخرين سلبيا ً لنه يضرب النسان عندما ل يكون‬

‫مدركا ً لوجوده خلل النوم أو اليقظة‪ .‬وبالضافة إلى ذلك فإن السلح الذي‬

‫تستعمله تلك الفة غير ملموس لنه مكون كليا ً من حالة ذهنية‪ .‬وهذا الشر‬
‫خطير أيضا ً لنه يضرب في أشكال متعددة تماثل تعدد التجارب البشرية‪ ،‬وهو‬

‫يدخل في بعض الحيان إلى عقل النسان من خلل كلمات للقارب قد تكون‬

‫منطلقة بنية حسنة أو بمعنى معقول‪ ،‬وفي أحيان أخرى ينطلق من داخل‬

‫النسان ذاته‪ ،‬من خلل سلوكه الفكري‪ ،‬وهو مميت كالسم رغم أنه قد ل‬

‫يقتل بالسرعة ذاتها‪.‬‬

‫ولحماية النفس من المؤثرات السلبية سواء كانت تلك المؤثرات من صنعك‬

‫أو نتيجة نشاطات أشخاص سلبيين حولك يجب عليك أن تدرك أنك تملك‬

‫قوة الرادة وأن تستعمل تلك القوة بشكل دائم حتى تبني لنفسك جدارا ً من‬

‫المناعة في عقلك ضد المؤثرات السلبية‪.‬‬

‫ويجب عليك أن تدرك حقيقة أن كل إنسان بشري كسول ول مبال بالطبيعة‬

‫وعرضة لكل القتراحات واليحاءات التي تتوافق مع نقاط ضعفك‪.‬‬

‫واعرف أنك بالفطرة عرضة لكل المخاوف وبالتالي يجب عليك أن تُكوِّن‬

‫عادات بهدف مواجهة كل هذه المخاوف‪.‬‬

‫واعرف أن المؤثرات السلبية تعمل فيك من خلل عقلك الباطني لهذا يكون‬

‫من الصعب اكتشاف وجودها‪ ،‬وحافظ على إغلق ذهنك أمام كل الشخاص‬

‫الذين يسببون لك الحباط والخيبة في أي شكل كان‪.‬‬

‫كذلك تخلص من كل الدوية التي تستعملها وتوقف عن التوهم بإصابتك‬

‫بالبرد واللم أو أي أمراض وهمية أخرى‪ ،‬ول تتوقع دائما ً حصول مشاكل لنها‬

‫لن تخيبك أبدا ً إذا توهمتها‪.‬‬

‫وما من شك في أن أقوى نقاط الضعف عند البشر هي عادة ترك عقولهم‬

‫وأذهانهم مفتوحة لتقبل المؤثرات السلبية من أشخاص آخرين‪ .‬وهذا الضعف‬

‫مضر بالنسان لن معظم الشخاص ل يدركون أنهم ملعونون به‪ ،‬والكثيرون‬

‫الذين يعترفون بوجوده عندهم يهملون أو حتى يرفضون تصحيحه حتى يصبح‬

‫جزءا ً مهيمنا ً من عاداتهم اليومية ول يمكنهم السيطرة عليه‬

You might also like