You are on page 1of 290

‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬

‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫كتاب ‪:‬‬
‫ع‬
‫سـتـمـِتـ ْ‬
‫اِ ْ‬
‫بـحـيـاتـك‬
‫مهارات وفنون التعامل مع الناس في ظل السيرة‬
‫النبوية‬
‫حصيلة بحوث ودورات وذكريات أكثر من عشرين‬
‫سنة‬
‫في رسول الل ّه أ ُ‬
‫وةٌ‬ ‫س‬
‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬ ‫‪ ‬لَ َ‬
‫قد ْ َ‬
‫ة ‪‬‬‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫بقلم ‪ /‬د‪.‬محمد بن عبد الّرحمن‬
‫العريفي‬
‫أستاذ جامعي ‪ ،‬خطيب جامع البواردي بالرياض‬
‫محاضر معتمد لدورات السعادة وفن التعامل مع الناس‬
‫عضو الهيئة العليا للعلم السلمي‬
‫مدير عام مركز ناصح للدراسات والستشارات الجتماعية‬
‫‪6/2/1427‬هـ الموافق ‪6/3/2006‬م‬
‫تنبيه هام جدا ً ‪ :‬هذه النسخة‬
‫ليست للتصوير ول للنشر ‪،‬‬
‫فأرجو مراعاة ذلك ‪ ،‬وفق‬
‫الله الجميع ‪ ..‬آمين ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بدمي ‪ ..‬سكبت روحي بين‬ ‫مقدمة‬
‫أسطره ‪ ..‬عصرت ذكرياتي‬ ‫لما كنت في السادسة‬
‫فيه ‪..‬‬ ‫عشرة من عمري وقع في‬
‫جعلتها كلمات من القلب إلى‬ ‫يدي‪ -‬كتاب " فن التعامل مع‬
‫القلب ‪..‬‬ ‫الناس " لمؤلفه " دايل‬
‫وأقسم أنها خرجت من قلبي‬ ‫كارنيجي " كان كتابا ً رائعا ً‬
‫مشتاقة أن يكون مستقرها‬ ‫قرأته عدة مرات ‪..‬‬
‫قلبك ‪ ..‬فرحماك بها ‪..‬‬ ‫كان كاتبه اقترح أن يعيد‬
‫ما أعظم سروري لو علمت أن‬ ‫الشخص قراءته كل شهر ‪..‬‬
‫قارئا ً أو قارئة لهذه الورقات‬ ‫ففعلت ذلك ‪ ..‬جعلت أطبق‬
‫طبق ما فيه ‪ ..‬فشعر وشعر‬ ‫قواعده عند تعاملي مع‬
‫غيره بتطور مهاراته ‪ ..‬وازدادت‬ ‫الناس فرأيت لذلك نتائج‬
‫متعته في حياته ‪..‬‬ ‫عجيبة ‪..‬‬
‫فسطر بيمينه الطاهرة –‬ ‫كان كارنيجي يسوق القاعدة‬
‫مشكورا ً ‪ -‬رسالة عبر فيها عن‬ ‫ويذكر تحتها أمثلة ووقائع‬
‫ور مشاعره بصدق‬ ‫رأيه ‪ ..‬وص ّ‬ ‫لرجال تميزوا من قومه ‪..‬‬
‫وصراحة ‪ ..‬ثم أرسلها عبر بريد‬ ‫روزفلت ‪ ..‬لنكولن ‪..‬‬
‫أو رسالة جوال ‪ sms‬إلى كاتب‬ ‫جوزف ‪ ..‬مايك ‪ ..‬فبحثت في‬
‫هذه السطور ‪ ..‬لكون للطفه‬ ‫تاريخنا فرأيت أن في سيرة‬
‫شاكرا ً ‪ ..‬وبظهر الغيب له‬ ‫رسول الله ‪ e‬وأصحابه‬
‫داعيا ً ‪..‬‬ ‫ومواقف المتميزين من‬
‫أسأل الله أن ينفع بهذه‬ ‫رجال أمتنا ما يغنينا ‪..‬‬
‫الورقات ‪ ..‬وأن يجعلها خالصة‬ ‫فبدأت من ذلك الحين أؤلف‬
‫لوجهه الكريم ‪..‬‬ ‫هذا الكتاب في فن التعامل‬
‫كتبه الداعي لك بالخير‪/‬‬ ‫مع الناس ‪..‬‬
‫د‪.‬محمد بن عبد الرحمن‬ ‫فهذا الكتاب الذي بين يديك‬
‫العريفي‬ ‫ليس وليد شهر أو سنة ‪..‬‬
‫بل هو نتيجة دراسات قمت‬
‫بداية ‪..‬‬ ‫بها لمدة عشرين عاما ً ‪..‬‬
‫ليست الغاية أن تقرأ كتابا ً ‪ ..‬بل‬ ‫ن‬‫ومع أن الله تعالى قد م ّ‬
‫الغاية أن تستفيد منه ‪..‬‬ ‫ي بتأليف قرابة العشرين‬ ‫عل ّ‬
‫عنوانا ً إلى الن ‪ ..‬إل أني‬
‫‪ .1‬هؤلء لن يستفيدوا ‪..‬‬ ‫ي‬‫أجد أن أحب كتبي إل ّ‬
‫أذكر أن رسالة جاءتني على‬ ‫وأغلها إلى قلبي ‪ ..‬وأكثرها‬
‫هاتفي المحمول ‪ ..‬نصها ‪:‬‬ ‫فائدة عملية ‪ -‬فيما أظن –‬
‫فضيلة الشيخ ‪ ..‬ما حكم النتحار‬ ‫هو هذا الكتاب ‪..‬‬
‫؟‬ ‫كتبت كلماته بمداد خلطته‬
‫‪2‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫*** يعش أبد الدهر بين الحفر‬ ‫فاتصلت بالسائل فأجاب‬
‫تدري من الذي لن يستفيد من‬ ‫شاب في عمر الزهور ‪..‬‬
‫هذا الكتاب ‪ ،‬ول من أي كتاب‬ ‫قلت له ‪ :‬عفوا ً لم أفهم‬
‫آخر من كتب المهارات ؟!‬ ‫سؤالك ‪ ..‬أعد السؤال !‬
‫إنه الشخص المسكين الذي‬ ‫فأجاب بكل تضجر ‪ :‬السؤال‬
‫استسلم لخطائه وقنع‬ ‫واضح ‪ ..‬ما حكم النتحار ‪..‬‬
‫بقدراته ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا طبعي‬ ‫فأردت أن أفاجئه بجواب ل‬
‫الذي نشأت عليه ‪ ..‬وتعودت‬ ‫يتوقعه فضحكت وقلت ‪:‬‬
‫عليه ‪ ،‬ول يمكن أن أغير‬ ‫مستحب ‪..‬‬
‫طريقتي ‪ ..‬والناس تعودوا علي‬ ‫صرخ ‪ :‬ماذا ؟!‬
‫بهذا الطبع ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬أقول لك ‪ :‬حكم‬
‫أما أن أكون مثل خالد في‬ ‫النتحار أنه مستحب ‪..‬‬
‫طريقة إلقائه ‪ ..‬أو أحمد في‬ ‫لكن ما رأيك أن نتعاون في‬
‫بشاشته ‪ ..‬أو زياد في محبة‬ ‫تحديد الطريقة التي تنتحر‬
‫الناس له ‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬؟‬
‫فهذا محال ‪..‬‬ ‫سكت الشاب ‪..‬‬
‫جلست يوما ً مع شيخ كبير بلغ‬ ‫فقلت ‪ :‬طيب ‪ ..‬لماذا تريد‬
‫من الكبر عتيا ً ‪ ..‬في مجلس عام‬ ‫أن تنتحر ؟‬
‫‪ ،‬كل من فيه عوام متواضعو‬ ‫قال ‪ :‬لني ما وجدت وظيفة‬
‫القدرات ‪..‬‬ ‫‪ ..‬والناس ما يحبونني ‪..‬‬
‫وكان الشيخ يتجاذب أحاديث‬ ‫وأصل ً أنا إنسان فاشل ‪..‬‬
‫عامة مع من بجانبه ‪..‬‬ ‫و ‪..‬‬
‫لم يكن يمثل بالنسبة لمن في‬ ‫وانطلق يروي لي قصة‬
‫المجلس إل واحدا ً منهم له حق‬ ‫مطولة تحكي فشله في‬
‫الحترام لكبر سنه ‪ ..‬فقط ‪..‬‬ ‫تطوير ذاته ‪ ..‬وعدم‬
‫ألقيت كلمة يسيرة ‪ ..‬ذكرت‬ ‫استعداده للستفادة بما هو‬
‫خللها فتوى للشيخ العلمة عبد‬ ‫متاح بين يديه من قدرات ‪..‬‬
‫العزيز بن باز ‪..‬‬ ‫وهذه آفة عند الكثيرين ‪..‬‬
‫فلما انتهيت ‪ ..‬قال لي الشيخ‬ ‫لماذا ينظر أحدنا إلى نفسه‬
‫مفتخرا ً ‪ :‬أنا والشيخ ابن باز كنا‬ ‫نظرة دونية ؟‬
‫زملء ندرس في المسجد عند‬ ‫لماذا يلحظ ببصره إلى‬
‫الشيخ محمد بن إبراهيم ‪ ..‬قبل‬ ‫الواقفين على قمة الجبل‬
‫أربعين سنة ‪..‬‬ ‫ويرى نفسه أقل من أن‬
‫التفت أنظر إليه ‪ ..‬فإذا هو قد‬ ‫يصل إلى القمة كما‬
‫انبلجت أساريره لهذه‬ ‫وصلوا ‪ ..‬أو على القل أن‬
‫المعلومة ‪ ..‬كان فرحا ً جدا ً لنه‬ ‫يصعد الجبل كما صعدوا ‪..‬‬
‫صاحب رجل ً ناجحا ً يوما ً من‬ ‫ومن يتهيب صعود الجبال‬
‫‪3‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مهاراته ‪ ..‬ويستفيد من‬ ‫الدهر ‪..‬‬
‫قدراته ‪..‬‬ ‫بينما جعلت أردد في‬
‫نفسي ‪ :‬ولماذا يا مسكين ما‬
‫‪ .2‬ماذا سنتعلم ؟‬ ‫صرت ناجحا ً مثل ابن باز ؟‬
‫يشترك الناس غالبا ً في أسباب‬ ‫ما دام أنك عرفت الطريق‬
‫الحزن والفرح ‪..‬‬ ‫لماذا لم تواصل ‪..‬؟‬
‫فهم جميعا ً يفرحون إذا كثرت‬ ‫لماذا يموت ابن باز فتبكي‬
‫أموالهم ‪..‬‬ ‫عليه المنابر ‪ ..‬والمحاريب ‪..‬‬
‫ويفرحون إذا ترقوا في أعمالهم‬ ‫والمكتبات ‪ ..‬وتئن أقوام‬
‫‪..‬‬ ‫لفقده ‪..‬‬
‫ويفرحون إذا شفوا من‬ ‫ً‬
‫وأنت ستموت يوما من‬
‫أمراضهم ‪..‬‬ ‫الدهر ‪ ..‬ولعله ل يبكي عليك‬
‫ويفرحون إذا ابتسمت الدنيا لهم‬ ‫أحد ‪ ..‬إل مجاملة ‪ ..‬أو‬
‫‪ ..‬فتحققت لهم مراداتهم ‪..‬‬ ‫عادة ‪!!..‬‬
‫وفي الوقت نفسه ‪ ..‬هم جميعا ً‬ ‫كلنا قد نقول يوما ً من اليام‬
‫يحزنون إذا افتقروا ‪ ..‬ويحزنون‬ ‫‪ ..‬عرفنا فلنا ً ‪ ..‬وزاملنا‬
‫إذا مرضوا ‪ ..‬ويحزنون إذا ُأهينوا‬ ‫فلنا ً ‪ ..‬وجالسنا فلنا ً !!‬
‫‪..‬‬ ‫وليس هذا هو الفخر ‪ ..‬إنما‬
‫فما دام ذلك كذلك ‪ ..‬فتعال‬ ‫الفخر أن تشمخ فوق القمة‬
‫نبحث عن طرق نديم فيها‬ ‫كما شمخ ‪..‬‬
‫أفراحنا ‪ ..‬ونتغلب بها على‬ ‫فكن بطل ً واعزم من الن‬
‫أتراحنا ‪..‬‬ ‫أن تطبق ما تقتنع بنفعه من‬
‫نعم ‪ ..‬سنة الحياة أن يتقلب‬ ‫قدرات ‪ ..‬كن ناجحا ً ‪..‬‬
‫ة ‪ ..‬أنا معك‬ ‫مر ٍ‬
‫ةو ُ‬‫حلو ٍ‬
‫المرء بين ُ‬ ‫اقلب عبوسك ابتسامة ‪..‬‬
‫في هذا ‪..‬‬ ‫وكآبتك بشاشة ‪ ..‬وبخلك‬
‫ولكن لماذا نعطي المصائب‬ ‫كرما ً ‪ ..‬وغضبك حلما ً ‪..‬‬
‫والحزان في أحيان كثيرة أكبر‬ ‫اجعل المصائب أفراحا ً ‪..‬‬
‫من حجمها ‪ ..‬فنغتم أياما ً ‪ ..‬مع‬ ‫واليمان سلحا ً ‪..‬‬
‫إمكاننا أن نجعل غمنا ساعة ‪..‬‬ ‫استمتع بحياتك‪..‬فالحياة‬
‫ونحزن ساعات على ما ل‬ ‫قصيرة ل وقت فيها للغم‪..‬‬
‫يستحق الحزن ‪ ..‬لماذا ‪..‬؟!‬ ‫أما كيف تفعل ذلك ‪..‬فهذا‬
‫أعلم أن الحزن والغم يهجمان‬ ‫ما ألفت الكتاب لجله‬
‫على القلب ويدخلنه من غير‬ ‫كن معي وسنصل إلى الغاية‬
‫استئذان ‪ ..‬ولكن كل باب هم‬ ‫بإذن الله ‪..‬‬
‫يفتح فهناك ألف طريقة لغلقه‬ ‫بقي معنا ‪..‬‬
‫‪ ..‬هذا مما سنتعلمه ‪..‬‬ ‫البطل الذي لديه العزيمة‬
‫تعال إلى شيء آخر ‪..‬‬ ‫والصرار على أن يطور‬
‫‪4‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تحمل أخطائهم ‪..‬‬ ‫كم نرى من الناس‬
‫التعامل مع أصحاب الخلقيات‬ ‫المحبوبين ‪ ..‬الذين يفرح‬
‫المؤذية ‪..‬‬ ‫الخرون بلقائهم ‪..‬‬
‫إلى غير ذلك ‪ ..‬فمرحبا ً بك ‪..‬‬ ‫ويأنسون بمجالستهم ‪..‬‬
‫أفلم تفكر أن تكون واحدا ً‬
‫كلمة ‪..‬‬ ‫منهم ‪..‬؟‬
‫ليس النجاح أن تكتشف ما يحب‬ ‫لماذا ترضى أن تبقى دائما ً‬
‫الخرون ‪ ..‬إنما النجاح أن‬ ‫جـبا ً ) بفتح الجيم ( ول‬ ‫مع َ‬
‫تمارس مهارات تكسب بها‬ ‫جـبا ً‬‫تسعى لن تكون مع ِ‬
‫محبتهم ‪..‬‬ ‫) بكسرها ( !!‬
‫هنا سنتعلم كيف تصبح كذلك‬
‫‪ .3‬لماذا نبحث عن المهارات؟‬ ‫‪..‬‬
‫زرت إحدى المناطق الفقيرة‬ ‫لماذا إذا تكلم ابن عمك في‬
‫للقاء محاضرة ‪..‬‬ ‫المجلس أنصت له الناس‬
‫جاءني بعدها أحد المدرسين‬ ‫وملك أسماعهم ‪ ..‬وأعجبوا‬
‫القادمين من خارج المنطقة ‪..‬‬ ‫بأسلوب كلمه ‪..‬‬
‫قال لي ‪ :‬نود أن تساعدنا في‬ ‫وإذا تكلمت أنت انصرفوا‬
‫كفالة بعض الطلب ‪..‬‬ ‫عنك ‪ ..‬وتنازعتهم الحاديث‬
‫قلت ‪ :‬عجبا ً !! أليست المدارس‬ ‫الجانبية ؟!‬
‫حكومية ‪ ..‬مجانية ؟!‬ ‫لماذا ؟‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬لكننا نكفلهم‬ ‫مع أن معلوماتك قد تكون‬
‫للدراسة الجامعية ‪..‬‬ ‫أكثر ‪ ..‬وشهادتك أعلى ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬كذلك الجامعة ‪ ..‬أليست‬ ‫ومنصبك أرفع ‪..‬‬
‫حكومية ‪ ..‬بل تصرف للطلب‬ ‫لماذا إذن استطاع ملك‬
‫مكافآت ‪..‬‬ ‫أسماعهم وعجزت أنت ؟!!‬
‫قال ‪ :‬سأشرح لك القصة ‪..‬‬ ‫لماذا ذاك الب يحبه أولده‬
‫ت ‪..‬‬‫قلت ‪ :‬ها ِ‬ ‫ويفرحون بمرافقته في كل‬
‫قال ‪ :‬يتخرج من الثانوية عندنا‬ ‫ذهاب ومجيء ‪ ..‬وآخر ل‬
‫طلب نسبتهم المئوية ل تقل‬ ‫يزال يلتمس من أولده‬
‫عن ‪ .. %99‬يملك من الذكاء‬ ‫مرافقته وهم يعتذرون‬
‫وّزع على أمة‬ ‫والفهم قدرا ً لو ُ‬ ‫بصنوف العذار ‪ ..‬لماذا ؟!‬
‫لكفاهم ‪..‬‬ ‫أليس كلهما أب ؟!!‬
‫فإذا تخرج وعزم أن يسافر خارج‬ ‫ولماذا ‪ ..‬ولماذا ‪..‬‬
‫قريته ليدرس في الطب أو‬ ‫سنتعلم هنا كيفية الستمتاع‬
‫الهندسة ‪ ..‬أو الشريعة ‪ ..‬أو‬ ‫بالحياة ‪..‬‬
‫الكمبيوتر ‪ ..‬أو غيرها ‪ ..‬منعه‬ ‫أساليب جذب الناس ‪..‬‬
‫أبوه وقال ‪ :‬يكفي ما تعلمت ‪..‬‬ ‫والتأثير فيهم ‪..‬‬
‫‪5‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أو الناجحين أسريا ً ‪ ..‬كأب ناجح‬ ‫فاجلس عندي لرعي الغنم ‪..‬‬
‫مع أولده ‪ ..‬أو زوجة ناجحة مع‬ ‫صرخت من غير شعور ‪:‬‬
‫زوجها ‪..‬‬ ‫رعي غنم !!‬
‫أو اجتماعيا ً ‪ ..‬كالناجح مع‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬رعي غنم ‪..‬‬
‫جيرانه وزملئه ‪..‬‬ ‫وفعل ً يجلس المسكين عند‬
‫أعني الناجحين ‪ ..‬ول أعني‬ ‫أبيه يرعى الغنم ‪ ..‬وتموت‬
‫الصاعدين على أكتاف‬ ‫هذه القدرات والمهارات ‪..‬‬
‫الخرين ‪!!..‬‬ ‫وتمضي عليه السنين وهو‬
‫أتحدى أن تجد أحدا ً من هؤلء‬ ‫راعي غنم ‪..‬‬
‫بلغ مرتبة في النجاح ‪ ..‬إل وهو‬ ‫بل قد يتزوج ‪ ..‬ويرزق بأولد‬
‫يمارس مهارات معينة – شعر أو‬ ‫‪ ..‬ويمارس معهم أسلوب‬
‫لم يشعر ‪ -‬استطاع بها أن يصل‬ ‫أبيه ‪ ..‬فيرعون الغنم !!‬
‫إلى النجاح ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬والحل؟!‬
‫قد يمارس بعض الناس مهارات‬ ‫قال ‪ :‬الحل أننا نقنع الب‬
‫ناجحة بطبيعته ‪ ..‬وقد يتعلم‬ ‫باستخدام راعي غنم ‪..‬‬
‫آخرون مهارات فيمارسونها ‪..‬‬ ‫ببضع مئات من الريالت ‪..‬‬
‫فينجحون ‪..‬‬ ‫ندفعها نحن له ‪ ..‬وولده‬
‫نحن هنا نبحث عن هؤلء‬ ‫النابغة يستثمر مواهبه‬
‫الناجحين ‪ ..‬وندرس حياتهم ‪..‬‬ ‫وقدراته ‪ ..‬ونتكفل‬
‫ونراقب طريقتهم ‪ ..‬لنعرف‬ ‫ً‬
‫بمصاريف الولد أيضا حتى‬
‫كيف نجحوا ؟ وهل يمكن أن‬ ‫يتخرج ‪..‬‬
‫نسلك الطريق نفسه فننجح‬ ‫ثم خفض هذه المدرس‬
‫مثلهم ‪..‬؟‬ ‫رأسه ‪ ..‬وقال ‪ :‬حرام أن‬
‫استمعت قبل فترة إلى مقابلة‬ ‫تموت المواهب والقدرات‬
‫مع أحد أثرياء العالم الشيخ‬ ‫في صدور أصحابها ‪ ..‬وهم‬
‫سليمان بن عبد الله الراجحي ‪..‬‬ ‫يتحسرون عليها ‪..‬‬
‫فوجدته جبل ً في خلقه وفكره ‪..‬‬ ‫تفكرت في كلمه بعدها ‪..‬‬
‫رجل يملك المليارات ‪ ..‬آلف‬ ‫فرأيت أننا ل يمكن أن نصل‬
‫العقارات ‪ ..‬بنى مئات‬ ‫إلى القمة إل بممارسة‬
‫المساجد ‪ ..‬كفل آلف اليتام ‪..‬‬ ‫مهارات ‪ ..‬أو اكتساب‬
‫رجل في قمة النجاح ‪..‬‬ ‫مهارات ‪..‬‬
‫تكلم عن بداياته قبل خمسين‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫سنة ‪ ..‬كان من عامة الناس ‪ ..‬ل‬ ‫أتحدى أن تجد أحدا ً من‬
‫يكاد يملك إل قوت يومه وربما ل‬ ‫الناجحين ‪ ..‬سواء في علم ‪..‬‬
‫يجده أحيانا ً !‪..‬‬ ‫أو دعوة ‪ ..‬أو خطابة ‪ ..‬أو‬
‫ذكر أنه ربما نظف بيوت بعض‬ ‫تجارة ‪ ..‬أو طب ‪ ..‬أو هندسة‬
‫الناس ليكسب رزقه ‪ ..‬وربما‬ ‫‪ ..‬أو كسب محبة الناس ‪..‬‬
‫‪6‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫م ‪..‬‬
‫فهل ّ‬ ‫واصل ليله بنهاره عامل ً في‬
‫دكان أو مصرف ‪..‬‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫تكلم كيف كان في سفح‬
‫إذا صعدت الجبل فانظر إلى‬ ‫الجبل ‪ ..‬ثم ل زال يصعد‬
‫القمة ‪ ..‬ول تلتفت للصخور‬ ‫حتى وصل القمة ‪..‬‬
‫المتناثرة حولك ‪..‬‬ ‫جعلت أتأمل مهاراته‬
‫اصعد بخطوات واثقة ‪ ..‬ول‬ ‫وقدراته ‪ ..‬فوجدت أن كثيرا ً‬
‫تقفز فتزل قدمك ‪..‬‬ ‫منا يمكن أن يكون مثله‬
‫بتوفيق الله ‪ ..‬لو تعلم‬
‫‪ .4‬طور نفسك ‪..‬‬ ‫مهارات وتدرب عليها ‪..‬‬
‫تجلس مع بعض الناس وعمره‬ ‫وثابر وثبت ‪..‬‬
‫عشرون سنة ‪ ..‬فترى له أسلوبا ً‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫ومنطقا ً وفكرا ً معينا ً ‪..‬‬ ‫أمر آخر يدعونا إلى البحث‬
‫ثم تجلس معه وعمره ثلثون ‪..‬‬ ‫عن المهارات ‪..‬‬
‫ي ‪ ..‬لم‬ ‫فإذا قدراته هي ه َ‬ ‫هو أن بعضنا يكون عنده‬
‫يتطور فيه شيء ‪..‬‬ ‫قدرات على البداع لكنه‬
‫بينما تجلس مع آخرين فتجدهم‬ ‫غافل عنها ‪ ..‬أو لم يساعده‬
‫يستفيدون من حياتهم ‪ ..‬تجده‬ ‫أحد على إذكائها ‪..‬‬
‫كل يوم متطورا ً عن اليوم الذي‬ ‫كقدرة على اللقاء ‪ ..‬أو فكر‬
‫قبله ‪ ..‬بل ما تمر ساعة إل‬ ‫تجاري ‪ ..‬أو ذكاء معرفي ‪..‬‬
‫ارتفع بها دينا ً أو دنيا ‪..‬‬ ‫قد يكتشف هذه القدرات‬
‫إذا أردت أن تعرف أنواع الناس‬ ‫بنفسه ‪ ..‬أو يذكي هذه‬
‫في ذلك ‪ ..‬فتعال نتأمل في‬ ‫المهارات مدرس ‪ ..‬أو‬
‫أحوالهم واهتماماتهم ‪..‬‬ ‫مسئول وظيفي ‪ ..‬أو أخ‬
‫القنوات الفضائية مثل ً ‪..‬‬ ‫ناصح ‪..‬‬
‫من الناس من يتابع ما ينمي‬ ‫وما أقّلهم ‪..‬‬
‫فكره المعرفي ‪ ..‬ويطور‬ ‫وقد تبقى هذه المهارات‬
‫ذكاءه ‪ ..‬ويستفيد من خبرات‬ ‫حبيسة النفس حتى يغلبها‬
‫الخرين من خلل متابعة‬ ‫الطبع السائر بين الناس ‪..‬‬
‫الحوارات الهادفة ‪ ..‬يكتسب‬ ‫وتموت في مهدها ‪..‬‬
‫منها مهارات رائعة في‬ ‫ونفقد عندها قائدا ً أو خطيبا ً‬
‫النقاش ‪ ..‬واللغة ‪ ..‬والفهم ‪..‬‬ ‫أو عالما ً ‪ ..‬أو ربما زوجا ً‬
‫وسرعة البديهة ‪ ..‬والقدرة على‬ ‫ناجحا ً أو أبا ً ناصحا ً ‪..‬‬
‫المناظرة ‪ ..‬وأساليب القناع ‪..‬‬ ‫نحن هنا سنذكر مهارات‬
‫ومن الناس من ل يكاد يفوته‬ ‫متميزة نذكرك بها إن كانت‬
‫مسلسل يحكي قصة حب فاشلة‬ ‫عندك ‪ ..‬وندربك عليها إن‬
‫‪ ..‬أو مسرحية عاطفية ‪ ..‬أو‬ ‫كنت فاقدا ً لها ‪..‬‬
‫‪7‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المفيدة والمعلومات النافعة‬ ‫فيلم خيالي مرعب ‪ ..‬أو‬
‫التي تساعد على تطوير‬ ‫أفلم لقصص افتراضية‬
‫الذات ‪ ..‬وتنمية المهارات ‪..‬‬ ‫تافهة ‪ ..‬ل حقيقة لها ‪..‬‬
‫وزيادة المعارف ‪..‬‬ ‫تعال بالله عليك ‪ ..‬وانظر‬
‫بينما كم الذين ل يكادون‬ ‫إلى حال الول وحال الثاني‬
‫يلتفتون إلى غير الصفحات‬ ‫بعد خمس سنوات ‪ ..‬أو عشر‬
‫الرياضية والفنية ؟!‬ ‫‪..‬‬
‫حتى صارت الجرائد تتنافس في‬ ‫أيهما سيكون أكثر تطورا ً‬
‫تكثير الصفحات الرياضية‬ ‫في مهاراته ؟ في القدرة‬
‫والفنية ‪ ..‬على حساب غيرها ‪..‬‬ ‫على الستيعاب ؟ في سعة‬
‫قل مثل ذلك في مجالسنا التي‬ ‫الثقافة ؟ في القدرة على‬
‫نجلسها ‪ ..‬وأوقاتنا التي نصرفها‬ ‫القناع ؟ في أسلوب‬
‫‪..‬‬ ‫التعامل مع الحداث ؟‬
‫ً‬
‫فأنت إذا أردت أن تكون رأسا ل‬ ‫ل شك أنه الول ‪..‬‬
‫ذيل ً ‪ ..‬احرص على تتبع‬ ‫بل تجد أسلوب الول مختلفا ً‬
‫المهارات أينما كانت ‪ ..‬دّرب‬ ‫‪ ..‬فاستشهاداته بنصوص‬
‫نفسك عليها ‪..‬‬ ‫شرعية ‪ ..‬أو أرقام‬
‫كــان عبــد اللــه رجل ً متحمســا ً ‪..‬‬ ‫وحقائق ‪..‬‬
‫لكنــه تنقصــه بعــض المهــارات ‪..‬‬ ‫أما الثاني فاسشهاداته‬
‫خرج يوما ً من بيته إلــى المســجد‬ ‫بأقوال الممثلين ‪ ..‬والمغنين‬
‫ليصلي الظهر ‪ ..‬يسوقه الحــرص‬ ‫‪..‬‬
‫علــى الصــلة ويــدفعه تعظيمــه‬ ‫حتى قال أحدهم يوما ً في‬
‫للدين ‪..‬‬ ‫معرض كلمه ‪ ..‬والله يقول ‪:‬‬
‫كــان يحــث خطــاه خوف ـا ً مــن أن‬ ‫ع يا عبدي وأنا أسعى‬ ‫س َ‬
‫اِ ْ‬
‫تقام الصــلة قبــل وصــوله علــى‬ ‫معاك !!‬
‫المسجد ‪..‬‬ ‫فنبهناه إلى أن هذه ليست‬
‫مــر أثنــاء الطريــق بنخلــة فــي‬ ‫آية ‪ ..‬فتغير وجهه وسكت ‪..‬‬
‫أعلها رجل بلباس مهنته يشتغل‬ ‫ثم تأملت العبارة ‪ ..‬فإذا‬
‫بإصلح التمر ‪..‬‬ ‫الذي ذكره هو مثل مصري‬
‫عجب عبد الله من هــذا الــذي مــا‬ ‫انطبع في ذهنه من إحدى‬
‫اهتم بالصلة ‪ ..‬وكــأنه مــا ســمع‬ ‫المسلسلت !!‬
‫إذانا ً ول ينتظر إقامة ‪!!..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬كل إناء بما فيه‬
‫فصاح به غاضبا ً ‪ :‬انزل للصلة ‪..‬‬ ‫ينضح ‪..‬‬
‫فقال الرجل بكل برود ‪ :‬طيب ‪..‬‬ ‫بل تعال إلى جانب آخر ‪..‬‬
‫طيب ‪..‬‬ ‫في قراءة الصحف والمجلت‬
‫فقال ‪ :‬عجل ‪ ..‬صل يا حمار !!‬ ‫‪ ..‬كم هم أولئك الذين‬
‫فصرخ الرجل ‪ :‬أنا حمار ‪ !!..‬ثــم‬ ‫يهتمون بقراءة الخبار‬
‫‪8‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بحرارة ‪ ..‬وقــال ‪ :‬أشــكرك علــى‬ ‫انتزع عسيبا ً من النخلة ونزل‬
‫هذه الخلق الرائعة ‪ ..‬أمــا الــذي‬ ‫ليفلق به رأسه !!‬
‫مــر بــي الظهــر فيــا ليتنــي أراه‬ ‫غطى عبد الله وجهه بطــرف‬
‫لعلمه من الحمار !!‬ ‫غترته لئل يعرفــه ‪ ..‬وانطلــق‬
‫يعدو إلى المسجد ‪..‬‬
‫نتيجة‬ ‫نزل الرجل من النخلة غاضبا ً‬
‫مهاراتك في التعامل مع‬ ‫‪ ..‬ومضــى إلــى بيتــه وصــلى‬
‫الخرين ‪ ..‬على أساسها تتحدد‬ ‫وارتاح قليل ً ‪ ..‬ثم خــرج إلــى‬
‫طريقة تعامل الناس معك ‪..‬‬ ‫نخلته ليكمل عمله ‪..‬‬
‫دخل وقت العصر وخرج عبــد‬
‫‪ .5‬ل تبك على اللبن المسكوب‬ ‫الله إلى المسجد ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫مـــّر بالنخلـــة فـــإذا الرجـــل‬
‫بعض الناس يعتبر طبعه الذي‬ ‫فوقها ‪..‬‬
‫نشأ عليه ‪ ..‬وعرفه الناس به ‪..‬‬ ‫فقـــال ‪ :‬الســـلم عليكـــم ‪..‬‬
‫وتكونت في أذهانهم الصورة‬ ‫كيف الحال ‪..‬‬
‫الذهنية عنه على أساسه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬الحمد لله بخير ‪..‬‬
‫يعتبره شيئا ً لزما ً له ل يمكن‬ ‫قــال ‪ :‬بشــر !! كيــف الثمــر‬
‫تغييره ‪ ..‬فيستسلم له ويقنع ‪..‬‬ ‫هذه السنة ‪..‬‬
‫كما يستسلم لشكل جسمه أو‬ ‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬
‫لون بشرته ‪ ..‬إذ ل يمكنه تغيير‬ ‫قال عبد اللــه ‪ :‬اللــه يوفقــك‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫ويرزقــك ‪ ..‬ويوســع عليــك ‪..‬‬
‫مع أن الذكي يرى أن تغيير‬ ‫ول يحرمك أجر عملك وكــدك‬
‫الطباع لعله أسهل من تغيير‬ ‫لولدك ‪..‬‬
‫الملبس !!‬ ‫ابتهج الرجــل لهــذا الــدعاء ‪..‬‬
‫فطباعنا ليست كاللبن‬ ‫فأمن على الدعاء وشكر ‪..‬‬
‫المسكوب الذي ل يمكن تداركه‬ ‫فقال عبــد اللــه ‪ :‬لكــن يبــدو‬
‫أو جمعه ‪ ..‬بل هي بين أيدينا ‪..‬‬ ‫أنك لشدة انشغالك لم تنتبــه‬
‫بل نستطيع بأساليب معينة أن‬ ‫إلــى أذان العصــر !! قــد أذن‬
‫نغير طباع الناس ‪ ..‬بل عقولهم‬ ‫العصــر ‪ ..‬والقامــة قريبــة ‪..‬‬
‫– ربما ‪!! -‬‬ ‫فلعلك تنــزل لترتــاح وتــدرك‬
‫ذكر ابن حزم في كتابه طوق‬ ‫الصلة ‪ ..‬وبعد الصــلة أكمــل‬
‫الحمامة ‪:‬‬ ‫عملــك ‪ ..‬اللــه يحفــظ عليــك‬
‫أنه كان في الندلس تاجر‬ ‫صحتك ‪..‬‬
‫مشهور ‪ ..‬وقع بينه وبين أربعة‬ ‫فقــــال الرجــــل ‪ :‬إن شــــاء‬
‫من التجار تنافس ‪ ..‬فأبغضوه ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬إن شاء الله ‪..‬‬
‫وعزموا على أن يزعجوه ‪..‬‬ ‫وبدأ ينزل برفق ‪ ..‬ثــم أقبــل‬
‫فخرج ذات صباح من بيته متجها ً‬ ‫علـــى عبـــد اللـــه وصـــافحه‬
‫‪9‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عموما ً جميلة ‪ ..‬ل تحزن ‪ ..‬ثم‬ ‫إلى متجره ‪ ..‬لبسا ً قميصا ً‬
‫مضى ‪ ..‬فجعل التاجر يصيح‬ ‫أبيض وعمامة بيضاء ‪..‬‬
‫به ‪ ..‬العمامة بيضاء ‪ ..‬وينظر‬ ‫لقيه أولهم فحياه ثم نظر‬
‫إليها ‪ ..‬ويقلب أطرافها ‪..‬‬ ‫إلى عمامته وقال ‪ :‬ما أجمل‬
‫جلس في دكانه قليل ً ‪ ..‬وهو ل‬ ‫هذه العمامة الصفراء ‪..‬‬
‫يكاد يصرف بصره عن طرف‬ ‫ي‬‫فقال التاجر ‪ :‬أعم َ‬
‫عمامته ‪..‬‬ ‫بصُرك ؟!! هذه عمامة بيضاء‬
‫دخل عليه الرابع ‪ ..‬وقال ‪ :‬أهل ً‬ ‫‪..‬‬
‫يا فلن ‪ ..‬ما شاء الله !! من أين‬ ‫فقال ‪ :‬بل صفراء ‪ ..‬صفراء‬
‫اشتريت هذه العمامة الحمراء ؟!‬ ‫لكنها جميلة ‪..‬‬
‫فصاح التاجر ‪ :‬عمامتي زرقاء ‪..‬‬ ‫تركه التاجر ومضى ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بل حمراء ‪..‬‬ ‫فلما مشى خطوات لقيه‬
‫قال التاجر ‪ :‬بل خضراء ‪ ..‬ل ‪..‬‬ ‫الخر ‪ ..‬فحياه ثم نظر إلى‬
‫ل ‪ ..‬بل بيضاء ‪ ..‬ل ‪ ..‬زرقاء ‪..‬‬ ‫عمامته وقال ‪ :‬ما أجملك‬
‫سوداء ‪..‬‬ ‫اليوم ‪ ..‬وما أحسن لباسك ‪..‬‬
‫ثم ضحك ‪ ..‬ثم صرخ ‪ ..‬ثم‬ ‫خاصة هذه العمامة‬
‫بكى ‪ ..‬وقام يقفز !!‬ ‫الخضراء ‪..‬‬
‫قال ابن حزم ‪ :‬فلقد كنت أراه‬ ‫فقال التاجر ‪ :‬يا رجل‬
‫بعدها في شوارع الندلس‬ ‫العمامة بيضاء ‪..‬‬
‫مجنونا ً يحذفه الصبيان‬ ‫قال ‪ :‬بل خضراء ‪..‬‬
‫)‪(1‬‬
‫بالحصى !!‬ ‫قال ‪ :‬بيضاء ‪ ..‬اذهب عني ‪..‬‬
‫فإذا كان هؤلء بمهارات بدائية‬ ‫ومضى المسكين يكلم نفسه‬
‫غيروا طبع رجل ‪ ..‬بل غيروا‬ ‫‪ ..‬وينظر بين الفينة‬
‫عقله ‪..‬‬ ‫والخرى إلى طرف عمامته‬
‫فما بالك بمهارات مدروسة ‪..‬‬ ‫المتدلي على كتفه ‪ ..‬ليتأكد‬
‫منورة بنصوص الوحيين ‪..‬‬ ‫أنها بيضاء ‪ ..‬وصل إلى دكانه‬
‫يمارسها المرء تعبدا ً لله تعالى‬ ‫‪ ..‬وحرك القفل ليفتحه ‪..‬‬
‫بها ‪..‬‬ ‫فأقبل إليه الثالث ‪ :‬وقال ‪:‬‬
‫فطبق ما تقف عليه من مهارات‬ ‫يا فلن ‪ ..‬ما أجمل هذا‬
‫حسنة لتسعد ‪..‬‬ ‫الصباح ‪ ..‬خاصة لباسك‬
‫وإن قلت لي ‪ :‬ل أستطيع ‪!..‬‬ ‫الجميل ‪ ..‬وزادت جمالك هذه‬
‫قلت ‪ :‬حاول ‪..‬‬ ‫العمامة الزرقاء ‪..‬‬
‫وإن قلت ‪ :‬ل أعرف ‪ !! ..‬قلت ‪:‬‬ ‫نظر التاجر إلى عمامته‬
‫تعلم ‪..‬‬ ‫ليتأكد من لونها ‪ ..‬ثم فرك‬
‫قال ‪ : r‬إنما العلم بالتعلم ‪،‬‬ ‫عينيه ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا أخي‬
‫عمامتي بيضااااااء ‪..‬‬
‫‪ ( ) 1‬القصة على ذمة ابن حزم ‪ ..‬رحمممه‬
‫قال ‪ :‬بل زرقاء ‪ ..‬لكنها‬
‫الله ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ..‬وذاك يستشيره ‪ ..‬وثالث‬ ‫وإنما الحلم بالتحلم ‪..‬‬
‫يعرض عليه مشكلة ‪ ..‬ولو جلس‬
‫في مكتبه وسمح للطلب‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫بالدخول لمتلت غرفته في‬ ‫البطل يتجاوز القدرة على‬
‫لحظات ‪ ..‬الكل يحب مجالسته ‪..‬‬ ‫تطوير مهاراته ‪ ..‬إلى القدرة‬
‫بينما مدرس آخر ‪ ..‬أو‬ ‫على تطوير مهارات‬
‫مدرسون ‪ ..‬يمشي أحدهم في‬ ‫الناس ‪ ..‬وربما تغييرها !!‬
‫مدرسته وحده ‪ ..‬ويخرج من‬
‫مسجد المدرسة وحده ‪ ..‬فل‬ ‫‪ .6‬كن متميزا ً ‪..‬‬
‫طالب يقترب مبتهجا ً مصافحا ً ‪..‬‬ ‫لماذا يتحاور اثنان في‬
‫أو شاكيا ً مستشيرا ً ‪ ..‬ولو فتح‬ ‫مجلس فينتهي حوارهما‬
‫مكتبه من طلوع الشمس إلى‬ ‫بخصومة ‪ ..‬بينما يتحاور‬
‫غروبها ‪ ..‬وآناء الليل وأطراف‬ ‫آخران وينتهي الحوار بأنس‬
‫النهار ‪ ..‬لما اقترب منه أحد أو‬ ‫ورضا ‪..‬‬
‫رغب في مجالسته ‪ ..‬لماذا ؟!!‬ ‫إنها مهارات الحوار ‪..‬‬
‫إنها مهارات التعامل مع‬ ‫لماذا يخطب اثنان الخطبة‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫نفسها بألفاظها نفسها ‪..‬‬
‫لماذا إذا دخل شخص إلى مجلس‬ ‫فترى الحاضرين عند الول‬
‫عام هش الناس في وجهه‬ ‫ما بين متثائب ونائم ‪ ..‬أو‬
‫وبشوا ‪ ..‬وفرحوا بلقائه ‪ ..‬وود‬ ‫عابث بسجاد المسجد ‪ ..‬أو‬
‫كل واحد لو يجلس بجانبه ‪..‬‬ ‫مغير لجلسته مرارا ً ‪..‬‬
‫بينما يدخل آخر ‪ ..‬فيصافحونه‬ ‫بينما الحاضرون عند الثاني‬
‫مصافحة باردة ‪ -‬عادة أو مجاملة‬ ‫منشدون متفاعلون ‪ ..‬ل تكاد‬
‫– ثم يتلفت يبحث له عن مكان‬ ‫ترمش لهم عين أو يغفل‬
‫فل يكاد أحد يوسع له أو يدعوه‬ ‫لهم قلب ‪..‬‬
‫للجلوس إلى جانبه ‪ ..‬لماذا ؟!!‬ ‫إنها مهارات اللقاء ‪..‬‬
‫إنها مهارات جذب القلوب‬ ‫لماذا إذا تحدث فلن في‬
‫والتأثير في الناس ‪..‬‬ ‫المجلس أنصت له السامعون‬
‫لماذا يدخل أب إلى بيته فيهش‬ ‫‪ ..‬ورموا إليه أبصارهم ‪..‬‬
‫أولده له ‪ ..‬ويقبلون إليه فرحين‬ ‫بينما إذا تحدث آخر انشغل‬
‫‪..‬‬ ‫الجالسون بالحاديث الجانبية‬
‫بينما يدخل الثاني على أولده ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أو قراءة الرسائل من‬
‫فل يلتفتون إليه ‪..‬‬ ‫هواتفهم المحمولة ‪..‬‬
‫إنها مهارات التعامل مع‬ ‫إنها مهارات الكلم ‪..‬‬
‫البناء ‪..‬‬ ‫لماذا إذا مشى مدرس في‬
‫قل مثل ذلك في المسجد ‪..‬‬ ‫ممرات مدرسته رأيت‬
‫وفي العراس ‪ ..‬وغيرها ‪..‬‬ ‫الطلب حوله ‪ ..‬هذا يصافحه‬
‫‪11‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يوقفني وأنا خارج ويقول ‪ :‬يا‬ ‫يختلف الناس بقدراتهم‬
‫شيخ ‪ !..‬أنت زعلن مني ؟!‬ ‫ومهاراتهم في التعامل مع‬
‫قلت ‪ :‬لماذا ؟‬ ‫الخرين ‪ ..‬وبالتالي يختلف‬
‫قال ‪ :‬لنك وأنت داخل تبتسم‬ ‫الخرون في طريقة‬
‫وتسلم وأنت فرحان ‪ ..‬أما وأنت‬ ‫الحتفاء بهم أو معاملتهم ‪..‬‬
‫خارج فتكون غير مبتسم ول‬ ‫والتأثير في الناس وكسب‬
‫فرحان !!‬ ‫محبتهم أسهل مما‬
‫ً‬
‫وكان رجل ً بسيطا ‪ ..‬فبدأ‬ ‫تتصور ‪!..‬‬
‫المسكين يقسم لي أنه يحبني‬ ‫ل أبالغ في ذلك فقد جربته‬
‫ويفرح برؤيتي ‪..‬‬ ‫مرارا ً ‪ ..‬فوجدت أن قلوب‬
‫فاعتذرت منه وبينت له سبب‬ ‫أكثر الناس يمكن صيدها‬
‫انشغالي ‪..‬‬ ‫بطرق ومهارات سهلة ‪..‬‬
‫ثم انتبهت فعل ً إلى أن هذه‬ ‫بشرط أن نصدق فيها‬
‫المهارات مع تعودنا عليها تصبح‬ ‫ونتدرب عليها فنتقنها ‪..‬‬
‫من طبعنا ‪ ..‬يلحظها الناس إذا‬ ‫والناس يتأثرون بطريقة‬
‫غفلنا عنها ‪..‬‬ ‫تعاملنا ‪ ..‬وإن لم نشعر ‪..‬‬
‫إضاءة ‪..‬‬ ‫أتولى منذ ثلث عشرة سنة‬
‫ل تكسب المال وتفقد الناس ‪..‬‬ ‫المامة والخطابة في جامع‬
‫فإن كسب‬ ‫الكلية المنية ‪..‬‬
‫الناس طريق لكسب المال ‪..‬‬ ‫كان طريقي إلى المسجد‬
‫يمر ببوابة يقف عندها‬
‫‪ .7‬أي الناس أحب إليك ؟‬ ‫حارس أمن يتولى فتحها‬
‫تكون أقوى الناس قدرة على‬ ‫وإغلقها ‪..‬‬
‫استعمال مهارات التعامل مع‬ ‫كنت أحرص إذا مررت به أن‬
‫الخرين عندما تتعامل مع كل‬ ‫أمارس معه مهارة البتسامة‬
‫أحد تعامل ً رائعا ً يجعله يشعر أنه‬ ‫‪ ..‬فأشير بيدي مسلما ً‬
‫أحب الناس إليك ‪..‬‬ ‫مبتسما ً ابتسامة واضحة ‪..‬‬
‫فتتعامل مع أمك تعامل ً رائعا ً‬ ‫وبعد الصلة أركب سيارتي‬
‫مشبعا ً بالتفاعل والنس‬ ‫راجعا ً للبيت ‪..‬‬
‫والحتفاء إلى درجة أنها تشعر‬ ‫وفي الغالب يكون هاتفي‬
‫أن هذا التعامل الراقي لم يلقه‬ ‫المحمول مليئا ً باتصالت‬
‫أحد منك قبلها ‪..‬‬ ‫ورسائل مكتوبة وردت أثناء‬
‫وقل مثل ذلك عند تعاملك مع‬ ‫الصلة ‪ ..‬فأكون مشغول ً‬
‫أبيك ‪ ..‬مع زوجتك ‪ ..‬أولدك ‪..‬‬ ‫بقراءة الرسائل فيفتح‬
‫زملئك ‪..‬‬ ‫الحارس البوابة وأغفل عن‬
‫بل قل مثله عند تعاملك مع من‬ ‫التبسم ‪..‬‬
‫تلقاهم مرة واحدة ‪ ..‬كبائع في‬ ‫حتى تفاجأت به يوما ً‬

‫‪12‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أحب الناس إلى رسول الله‬ ‫دكان ‪ ..‬أو عامل في محطة‬
‫‪.. r‬‬ ‫وقود ‪..‬‬
‫فأراد أن يقطع الشك باليقين ‪..‬‬ ‫كل هؤلء تستطيع أن‬
‫فأقبل يوما ً إلى النبي ‪r‬‬ ‫تجعلهم يجمعون على أنك‬
‫وجلس إليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫أحب الناس إليهم إذا‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬أي الناس أحب‬ ‫أشعرتهم أنهم أحب الناس‬
‫إليك ؟‬ ‫إليك ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬عائشة ‪..‬‬ ‫وقد كان ‪ r‬قدوة في ذلك ‪..‬‬
‫قال عمرو ‪ :‬ل ‪ ..‬من الرجال يا‬ ‫إذ أن من تتبع سيرته ‪ ..‬وجد‬
‫رسول الله ؟ لست أسألك عن‬ ‫أنه كان يتعامل بمهارات‬
‫أهلك ‪..‬‬ ‫أخلقية راقية ‪ ..‬فيعامل كل‬
‫فقال ‪ : r‬أبوها ‪..‬‬ ‫أحد يلقاه بمهارات من‬
‫قال عمرو ‪ :‬ثم من ؟‬ ‫احتفاء وتفاعل وبشاشة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ثم عمر بن الخطاب ‪..‬‬ ‫حتى يشعر ذلك الشخص أنه‬
‫قال ‪ :‬ثم أي ‪ ..‬فجعل النبي ‪r‬‬ ‫أحب الناس إليه ‪ ..‬وبالتالي‬
‫يعدد رجال ً ‪ ..‬يقول ‪ :‬فلن ‪ ..‬ثم‬ ‫يكون هو أيضا ً ‪ r‬أحب الناس‬
‫فلن ‪..‬‬ ‫إليهم ‪ ..‬لنه أشعرهم‬
‫بحسب سبقهم إلى السلم ‪..‬‬ ‫بمحبته ‪..‬‬
‫وتضحيتهم من أجله ‪..‬‬ ‫كان عمرو بن العاص ‪ t‬داهية‬
‫ت مخافة أن‬ ‫قال عمرو ‪ :‬فسك ّ‬ ‫من دهاة العرب ‪ ..‬حكمة‬
‫يجعلني في آخرهم ‪..‬‬ ‫وفطنة وذكاءً ‪ ..‬فأدهى‬
‫فانظر كيف استطاع ‪ r‬أن يملك‬ ‫العرب أربعة ‪ ..‬عمرو واحد‬
‫قلب عمرو بمهارات أخلقية‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫مارسها معه ‪..‬‬ ‫أسلم عمرو وكان رأسا ً في‬
‫بل كان عليه الصلة والسلم‬ ‫قومه ‪..‬‬
‫ينزل الناس منازلهم ‪..‬‬ ‫فكان إذا لقي النبي ‪ r‬في‬
‫وقد يترك أشغاله لجلهم ‪..‬‬ ‫طريق رأى البشاشة والبشر‬
‫لشعارهم بمحبته لهم وقدرهم‬ ‫والمؤانسة ‪..‬‬
‫عنده ‪..‬‬ ‫وإذا دخل مجلسا ً فيه النبي‬
‫لما توسع ‪ r‬بالفتوحات وبدأ‬ ‫‪ r‬رأى الحتفاء والسعادة‬
‫ينتشر السلم ‪..‬‬ ‫بمقدمه ‪..‬‬
‫جعل ‪ r‬يرسل الدعاة من عنده‬ ‫وإذا دعاه النبي ‪ .. r‬ناداه‬
‫لدعوة القبائل إلى السلم ‪..‬‬ ‫بأحب السماء إليه ‪..‬‬
‫وربما احتاج المر أن يرسل‬ ‫شعر عمرو بهذا التعامل‬
‫جيشا ً ‪..‬‬ ‫الراقي ‪ ..‬ودوام‬
‫وكان عدي بن حاتم الطائي ‪..‬‬ ‫الهتمام والتبسم أنه‬

‫‪13‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫على شيء يرضيهما ‪.. (2) ..‬‬ ‫ملكا ً ابن ملك ‪..‬‬
‫يقول عدي وهو يحكي قصة‬ ‫فوقع بين قبيلته " طي "‬
‫ذهابه إلى المدينة ‪:‬‬ ‫وبين المسلمين حرب ‪..‬‬
‫ما رجل من العرب كان أشد‬ ‫وكان عدي قد هرب من‬
‫كراهة لرسول الله ‪ r‬مني ‪..‬‬ ‫الحرب فلم يشهدها ‪..‬‬
‫وكنت على دين النصرانية ‪..‬‬ ‫واحتمى بالروم في الشام ‪..‬‬
‫وكنت ملكا ً في قومي لما كان‬ ‫وصل جيش المســلمين إلــى‬
‫يصنع بي ‪.‬‬ ‫ديار طيء ‪..‬‬
‫فلما سمعت برسول الله ‪r‬‬ ‫كانت هزيمة طيــء ســهلة ‪..‬‬
‫كرهته كراهية شديدة ‪..‬‬ ‫فل ملــك يقــود ‪ ..‬ول جيــش‬
‫فخرجت حتى قدمت الروم على‬ ‫مرتب ‪..‬‬
‫قيصر ‪..‬‬ ‫وكــــان المســــلمون فــــي‬
‫قال ‪ :‬فكرهت مكاني ذلك ‪..‬‬ ‫حروبهـــم ‪ ..‬يحســـنون إلـــى‬
‫فقلت ‪ :‬والله لو أتيت هذا‬ ‫الناس ‪ ..‬ويعطفون وهم في‬
‫الرجل ‪ ..‬فإن كان كاذبا ً لم‬ ‫قتال ‪..‬‬
‫يضرني ‪ ..‬وإن كان صادقا ً علمت‬ ‫كان المقصود صـد كيـد قـوم‬
‫‪..‬‬ ‫عــــدي عــــن المســــلمين ‪..‬‬
‫فقدمت فأتيته ‪ ..‬فلما دخلت‬ ‫وإظهـــار قـــوة المســـلمين‬
‫المدينة جعل الناس يقولون ‪:‬‬ ‫لهم ‪..‬‬
‫هذا عدي بن حاتم ‪ ..‬هذا عدي‬ ‫أسر المســلمون بعــض قــوم‬
‫بن حاتم ‪..‬‬ ‫عدي ‪ ..‬وكان من بينهم أخت‬
‫فمشيت حتى أتيت فدخلت‬ ‫لعدي بن حاتم ‪..‬‬
‫على رسول الله ‪ r‬في المسجد‬ ‫مضـــــوا بالســـــرى إلـــــى‬
‫فقال لي ‪ :‬عدي بن حاتم ؟‬ ‫المدينة ‪ ..‬حيــث رســول اللــه‬
‫قلت ‪ :‬عدي بن حاتم ‪..‬‬ ‫‪ .. ‬وأخبروا النبي ‪ ‬بفرار‬
‫فرح النبي ‪ r‬بمقدمه ‪ ..‬واحتفى‬ ‫عدي إلى الشام ‪..‬‬
‫به ‪ ..‬مع أن عديا ً محارب‬ ‫فعجب ‪ ‬من فراره !! كيــف‬
‫للمسلمين وفاٌر من الحرب ‪..‬‬ ‫يفر من الدين ؟ كيــف يــترك‬
‫ئ إلى‬ ‫ومبغض للسلم ‪ ..‬ولج ٌ‬ ‫قومه ؟‬
‫النصارى ‪ ..‬ومع ذلك لقيه ‪r‬‬ ‫ولكن لم يكــن إلــى الوصــول‬
‫إلى عدي سبيل ‪..‬‬
‫بالبشاشة والبشر ‪ ..‬وأخذ بيده‬
‫يسوقه معه إلى بيته ‪..‬‬ ‫لم يطب المقام لعدي في‬
‫ديار الروم ‪ ..‬فاضطر‬
‫عدي وهو يمشي بجانب النبي ‪r‬‬
‫للرجوع لديار العرب ‪ ..‬ثم لم‬
‫يرى أن الرأسين متساويان ‪!!..‬‬
‫يجد بدا ً من أن يذهب إلى‬
‫فمحمد ) ‪ ( r‬ملك على المدينة‬
‫المدينة للقاء النبي ‪r‬‬
‫ومصالحته ‪ ..‬أو التفاهم‬
‫) ( وقيل إن أخته هي التي ذهبت إليه في الشام وردته إلى العرب ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪14‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫على النبي ‪.. r‬‬ ‫وما حولها ‪ ..‬وعدي ملك‬
‫فماذا قال الرجل ؟ هل قال ‪ :‬يا‬ ‫على جبال طي وما حولها ‪..‬‬
‫رسول الله عندي أموال زائدة‬ ‫ومحمد ) ‪ ( r‬على دين‬
‫أبحث لها عن فقير ؟! أم قال ‪:‬‬ ‫سماوي " السلم " ‪ ..‬وعدي‬
‫حصدت أرضي وزاد عندي‬ ‫على دين سماوي "‬
‫الثمر ‪ ..‬فماذا أفعل به ؟‬ ‫النصرانية " ‪..‬‬
‫يا ليته قال شيئا ً من ذلك ‪ ..‬لعل‬ ‫ومحمد ) ‪ ( r‬عنده كتاب‬
‫عديا ً إذا سمعه يشعر بغنى‬ ‫منزل " القرآن " ‪ ..‬وعدي‬
‫المسلمين وكثرة أموالهم ‪..‬‬ ‫عنده كتاب منزل " النجيل "‬
‫قال الرجل ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫أشكو إليك الفاقة والفقر ‪..‬‬ ‫كان عدي يشعر أنه ل فرق‬
‫ما يكاد هذا الرجل يجد طعاما ً‬ ‫بينهما إل في القوة والجيش‬
‫يسد به جوعة أولده ‪ ..‬ومن‬ ‫‪..‬‬
‫حوله من المسلمين يعيشون‬ ‫في أثناء الطريق وقعت‬
‫على الكفاف ليس عندهم ما‬ ‫ثلثة مواقف ‪:‬‬
‫يساعدونه به ‪..‬‬ ‫بينما هما يمشيان إذا بامرأة‬
‫قال الرجل هذه الكلمات وعدي‬ ‫قد وقفت في وسط‬
‫يسمع ‪ ..‬فأجابه النبي ‪ r‬بكلمات‬ ‫الطريق فجعلت تصيح ‪ :‬يا‬
‫ومضى ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬لي إليك‬
‫فلما مشيا خطوات ‪ ..‬أقبل رجل‬ ‫حاجة ‪..‬‬
‫آخر ‪ ..‬قال ‪ :‬يا رسول الله أشكو‬ ‫فانتزع النبي ‪ r‬يده من يد‬
‫إليك قطع الطريق !!‬ ‫عدي ومضى إليها ‪ ..‬وجعل‬
‫يعني أننا يا رسول الله لكثرة‬ ‫يستمع إلى حاجتها ‪..‬‬
‫أعدائنا حولنا ل نأمن أن نخرج‬ ‫عدي بن حاتم ‪ ..‬الذي قد‬
‫عن بنيان المدينة لكثرة من‬ ‫عرف الملوك والوزراء جعل‬
‫يعترضنا من كفار أو لصوص ‪..‬‬ ‫ينظر إلى هذا المشهد ‪..‬‬
‫أجابه النبي ‪ r‬بكلمات ومضى ‪..‬‬ ‫ويقارن تعامل النبي ‪ r‬مع‬
‫جعل عدي يقلب المر في‬ ‫الناس بتعامل من رآهم من‬
‫نفسه ‪ ..‬هو في عز وشرف في‬ ‫قبل من الرؤساء والسادة ‪..‬‬
‫قومه ‪ ..‬وليس له أعداء‬ ‫فتأمل طويل ً ثم قال ‪ :‬والله‬
‫يتربصون به ‪..‬‬ ‫ما هذه بأخلق الملوك ‪..‬‬
‫فلماذا يدخل هذا الدين الذي‬ ‫هذه أخلق النبيااااااء ‪..‬‬
‫أهله في ضعف ومسكنة ‪..‬‬ ‫وانتهت المرأة من حاجتها ‪..‬‬
‫وفقر وحاجة ‪..‬‬ ‫فعاد النبي ‪ r‬إلى عدي ‪..‬‬
‫وصل إلى بيت النبي ‪.. r‬‬ ‫ومضيا يمشيان ‪ ..‬فبينما هما‬
‫فدخل ‪ ..‬فإذا وسادة واحدة‬ ‫كذلك ‪ ..‬فإذا برجل يقبل‬
‫فدفعها النبي ‪ r‬إلى عدي إكراما ً‬
‫‪15‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الول ‪ r‬مع عدي ‪ ..‬قال ‪ :‬ألست‬ ‫له ‪ ..‬وقال ‪ :‬خذ هذه فاجلس‬
‫من الركوسية ‪..‬‬ ‫عليها ‪ ..‬فدفعها عدي إليه‬
‫فقال عدي ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بل اجلس عليها‬
‫فقال ‪ : r‬فإنك إذا غزوت مع‬ ‫أنت ‪ ..‬فقال ‪ : r‬بل أنت ‪..‬‬
‫)‪(3‬‬
‫قومك تأكل فيهم المرباع ؟‬ ‫حتى استقرت عند عدي‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فجلس عليها ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬فإن هذا ل يحل لك‬ ‫عندها ‪ ..‬بدأ النبي ‪ r‬يحطم‬
‫في دينك ‪..‬‬ ‫الحواجز بين عدي‬
‫فتضعضع لها عدي ‪ ..‬وقال ‪ :‬نعم‬ ‫والسلم ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫يا عدي أسلم ‪ ..‬تسلم ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬أما إني أعلم الذي‬ ‫أسلم تسلم ‪ ..‬أسلم تسلم ‪..‬‬
‫يمنعك من السلم ‪..‬‬ ‫قال عدي ‪ :‬إني على دين ‪..‬‬
‫أنك تقول ‪ :‬إنما اتبعه ضعفة‬ ‫فقال ‪ : r‬أنا أعلم بدينك‬
‫الناس ومن ل قوة لهم ‪..‬‬ ‫منك ‪..‬‬
‫وقد رمتهم العرب ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أنت تعلم بديني‬
‫)‪(4‬‬
‫يا عدي ‪ ..‬أتعرف الحيرة ؟‬ ‫مني ؟‬
‫قلت ‪ :‬لم أرها وقد سمعت‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ألست من‬
‫بها ‪..‬‬ ‫الركوسية ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فوالذي نفسي بيده ليتمن‬ ‫والركوسية ديانة نصرانية‬
‫الله هذا المر حتى تخرج‬ ‫مشّربة بشيء من المجوسية‬
‫الظعينة من الحيرة حتى تطوف‬ ‫‪ ..‬فمن مهارته ‪ r‬في القناع‬
‫بالبيت في غير جوار أحد ‪..‬‬ ‫أنه لم يقل ألست نصرانيا ً ‪..‬‬
‫أي سيقوى السلم إلى درجة‬ ‫وإنما تجاوز هذه المعلومة‬
‫أن المرأة المسلمة الحاجة تخرج‬ ‫إلى معلومة أدق منها‬
‫من الحيرة حتى تصل إلى مكة‬ ‫فأخبره بمذهبه في‬
‫ليس معها إل محرم ‪ ..‬من غير‬ ‫النصرانية تحديدا ً ‪..‬‬
‫أحد يحميها ‪ ..‬وتمر على مئات‬ ‫كما لو لقيك شخص في أحد‬
‫القبائل فل يجرؤ أحد أن يعتدي‬ ‫بلد أوروبا وقال لك ‪ :‬لماذا‬
‫عليها أو يسلبها مالها ‪ ..‬لن‬ ‫ل تتنصر ؟ فقلت ‪ :‬إني على‬
‫المسلمين صار لهم قوة‬ ‫دين ‪..‬‬
‫وهيبة ‪ ..‬إلى درجة أن أحدا ً ل‬ ‫فلم يقل لك ‪ :‬ألست‬
‫مسلما ً ‪ ..‬ولم يقل ‪ :‬ألست‬
‫‪ ( ) 3‬المربمماع ‪ :‬إذا غممزت القبيلممة قسممم‬ ‫سن ُي ّا ً ‪ ..‬وإنما قال ‪ :‬ألست‬
‫رئيسها الغنيمة أربعة أقسام فأخذ الربممع لممه‬ ‫شافعيا ً ‪ ..‬أو حنبليا ً ‪..‬‬
‫وحده ‪ ،‬وهذا حرام في دين النصرانية ‪ ،‬جائز‬ ‫عندها ستدرك أنه يعرف كل‬
‫عند العرب ‪.‬‬ ‫شيء عن دينك ‪..‬‬
‫‪ ( ) 4‬الحيرة ‪ :‬مدينة بالعراق‬ ‫فهذا الذي فعله المعلم‬
‫‪16‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فما يفرك أن تقول ل إله إل‬ ‫يجرؤ على التعرض لمسلم‬
‫الله ؟‪ ..‬أو تعلم من إله أعظم‬ ‫خوفا ً من انتصار المسلمين‬
‫من الله ؟!‬ ‫له ‪..‬‬
‫قال عدي ‪ :‬فإني حنيف مسلم ‪..‬‬ ‫فلما سمع عدي ذلك ‪ ..‬جعل‬
‫أشهد أن ل إله إل الله ‪ ..‬وأشهد‬ ‫يتصور المنظر في ذهنه ‪..‬‬
‫أن محمدا ً عبده ورسوله ‪..‬‬ ‫امرأة تخرج من العراق حتى‬
‫فتهلل وجه النبي ‪ r‬فرحا ً‬ ‫تصل إلى مكة ‪ ..‬معنى ذلك‬
‫مستبشرا ً ‪..‬‬ ‫أنها ستمر بشمال الجزيرة ‪..‬‬
‫قال عدي بن حاتم ‪:‬‬ ‫يعني ستمر بجبال طي ‪..‬‬
‫فهذه الظعينة تخرج من الحيرة‬ ‫ديار قومه ‪..‬‬
‫تطوف بالبيت في غير جوار‬ ‫فتعجب عدي وقال في‬
‫‪..‬ولقد كنت فيمن فتح كنوز‬ ‫عار طي‬ ‫نفسه ‪ :‬فأين عنها ذُ ّ‬
‫كسرى ‪..‬‬ ‫الذين سعروا البلد !!‬
‫والذي نفسي بيده لتكونن‬ ‫ثم قال ‪ : r‬وليفتحن كنوز‬
‫الثالثة لن رسول الله ‪ r‬قد‬ ‫كسرى بن هرمز ‪..‬‬
‫)‪(5‬‬
‫قالها " ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬كنوز ابن هرمز ؟‬
‫فتأمل كيف كان هذا النس منه‬ ‫قال ‪ :‬نعم كسرى بن‬
‫‪ ‬لعدي ‪ ..‬وهذا الحتفاء الذي‬ ‫هرمز ‪ ..‬ولتنفقن أمواله‬
‫قابله به ‪ ..‬حتى شعر به عدي ‪..‬‬ ‫في سبيل الله ‪..‬‬
‫تأمل كيف كان كل ذلك جاذبا ً‬ ‫قال ‪ : r‬ولئن طالت بك حياة‬
‫لعدي للدخول في السلم ‪..‬‬ ‫لترين الرجل يخرج بملء‬
‫فلو مارسنا هذا الحب مع الناس‬ ‫كفه من ذهب أوفضة يطلب‬
‫‪ ..‬مهما كانوا ‪ ..‬لملكنا قلوبهم ‪..‬‬ ‫من يقبله منه فل يجد أحدا‬
‫يقبله منه ‪..‬‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫يعني من كثرة المال يخرج‬
‫بالرفق واستعمال مهارات‬ ‫الغني يطوف بصدقته ل يجد‬
‫التعامل والقناع ‪ ..‬نستطيع أن‬ ‫فقيرا ً يعطيه إياها ‪..‬‬
‫نحقق ما نريد ‪..‬‬ ‫ثم بدأ ‪ ‬يعظ عديا ً ويذكره‬
‫بالخرة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫‪ .8‬استمتع بالمهارات ‪..‬‬ ‫دكم يوم‬ ‫ه أح ُ‬‫وليلقين الل َ‬
‫المهارات متعة حسية ‪ ،‬ل أعني‬ ‫يلقاه ليس بينه وبينه‬
‫بها الجر الخروي فقط ‪ ،‬ل‬ ‫ترجمان ‪ ،‬فينظر عن يمينه‬
‫وإنما هي متعة وفرح تشعر به‬ ‫فل يرى إل جهنم ‪ ،‬وينظر‬
‫حقيقة ‪..‬‬ ‫عن شماله فل يرى إل جهنم‬
‫فاستمتع بها ‪ ،‬ومارسها مع‬ ‫" ‪..‬‬
‫سكت عدي متفكرا ً ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم وأحمد ‪..‬‬ ‫‪5‬‬ ‫ففاجأه ‪ ‬قائل ً ‪ :‬يا عدي ‪..‬‬
‫‪17‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والتراب ‪..‬‬ ‫جميع الناس ‪ ،‬كبيرهم‬
‫فثار الخليفة ‪ ..‬وانتفض الحراس‬ ‫وصغيرهم ‪ ،‬غنيهم وفقيرهم‬
‫‪ ..‬واستل السياف سيفه ‪..‬‬ ‫‪ ،‬قريبهم وبعيدهم ‪..‬‬
‫وفرش النطع ‪ ..‬وتجهز للقتل ‪..‬‬ ‫كلهم ‪ ..‬مارس معهم هذه‬
‫فأدرك الخليفة أن علي بن‬ ‫المهارات ‪..‬‬
‫الجهم قد غلبت عليه طبيعته ‪..‬‬ ‫إما لتقاء أذاهم ‪..‬‬
‫فأراد أن يغيرها ‪..‬‬ ‫أو لكسب محبتهم ‪..‬‬
‫فأمر به فأسكنوه في قصر‬ ‫أو لصلحهم ‪ ..‬نعم‬
‫منيف ‪ ..‬تغدو عليه أجمل‬ ‫إصلحهم ‪..‬‬
‫الجواري وتروح يما يلذ‬ ‫كان علي بن الجهم شاعرا ً‬
‫ويطيب ‪..‬‬ ‫فصيحا ً ‪ ..‬لكنه كان أعرابيا ً‬
‫ذاق علي بن الجهم النعمة ‪..‬‬ ‫جلفا ً ل يعرف من الحياة إل‬
‫واتكأ على الرائك ‪ ..‬وجالس‬ ‫ما يراه في الصحراء ‪..‬‬
‫أرق الشعراء ‪ ..‬وأغزل الدباء ‪..‬‬ ‫وكان المتوكل خليفة متمكنا ً‬
‫ومكث على هذا الحال سبعة‬ ‫‪ُ ..‬يغدى عليه ويراح بما‬
‫أشهر ‪..‬‬ ‫يشتهي ‪..‬‬
‫ثم جلس الخليفة مجلس سمر‬ ‫دخل علي بن الجهم بغداد‬
‫ليلة ‪ ..‬فتذكر علي بن الجهم ‪..‬‬ ‫يوما ً فقيل له ‪ :‬إن من مدح‬
‫فسأل عنه ‪ ،‬فدعوه له ‪ ..‬فلما‬ ‫الخليفة حظي عنده ولقي‬
‫مثل بين يديه ‪ ..‬قال ‪ :‬أنشدني‬ ‫منه العطيات ‪..‬‬
‫يا علي بن الجهم ‪..‬‬ ‫فاستبشر علي ويمم جهة‬
‫فانطلق منشدا ً قصيدة مطلعها ‪:‬‬ ‫قصر الخلفة ‪..‬‬
‫عيون المها بين الرصافة‬ ‫دخل على المتوكل ‪ ..‬فرأى‬
‫والجسر ‪ ..‬جلبن الهوى من حيث‬ ‫الشعراء ينشدون‬
‫أدري ول أدري‬ ‫ويربحون ‪..‬‬
‫أعدن لي الشوق القديم ولم‬ ‫والمتوكل هو المتوكل ‪..‬‬
‫أكن ‪ ..‬سلوت ولكن زدن جمرا ً‬ ‫سطوة وهيبة وجبروت ‪..‬‬
‫على جمر‬ ‫فانطلق مادحا ً الخليفة‬
‫ومضى يحرك المشاعر بأرق‬ ‫بقصيدة مطلعها ‪:‬‬
‫الكلمات ‪ ..‬ثم شرع يصف‬ ‫يا أيها الخليفة ‪..‬‬
‫الخليفة بالشمس والنجم‬ ‫أنت كالكلب في حفاظك‬
‫والسيف ‪..‬‬ ‫للود ‪ ..‬وكالتيس في قراع‬
‫فانظر كيف استطاع الخليفة أن‬ ‫الخطوب‬
‫يغير طباع ابن الجهم ‪..‬‬ ‫أنت كالدلو ل عدمتك دلوا ً ‪..‬‬
‫ونحن كم ضايقتنا طباع لولدنا‬ ‫من كبار الدل ْ كثير الذنوب‬
‫أو أصدقائنا فسعينا لتغييرها ‪..‬‬ ‫ومضى يضرب للخليفة‬
‫فغيرناها ‪..‬‬ ‫المثلة بالتيس والعنز والبئر‬
‫‪18‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ئ الخلق ‪..‬‬ ‫فهو في بيته سي َ‬ ‫فمن باب أولى أن تقدر أنت‬
‫س الوجه ‪..‬‬ ‫ق الصدر ‪ ..‬عاب َ‬ ‫ضي َ‬ ‫على تغيير طباعك ‪ ..‬فتقلب‬
‫صخابا ً لعانا ً ‪ ..‬بخيل ً ومنانا ً ‪..‬‬ ‫العبوس تبسما ً ‪ ..‬والغضب‬
‫أما هو ‪ r‬فهو الذي قال ‪:‬‬ ‫حلما ً ‪ ..‬والبخل كرما ً ‪ ..‬وهذا‬
‫) خيركم خيُركم لهله‪ ،‬وأنا‬ ‫ليس صعبا ً ‪ ..‬لكنه يحتاج إلى‬
‫خيركم لهلي ( )‪.. (6‬‬ ‫عزيمة ومراس ‪ ..‬فكن‬
‫وانظر كيف كان يتعامل مع أهله‬ ‫بطل ً ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ومن نظر في سيرة محمد ‪r‬‬
‫قال السود بن يزيد ‪ :‬سألت‬ ‫وجد أنه كان يتعامل مع‬
‫عائشة ‪ : t‬ما كان رسول الله ‪r‬‬ ‫الناس بقدرات أخلقية ‪،‬‬
‫يصنع في بيته ؟‬ ‫ملك بها قلوبهم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬يكون في مهنة أهله ‪..‬‬ ‫ولم يكن ‪ r‬يتصنع هذه‬
‫فإذا حضرت الصلة يتوضأ‬ ‫الخلق أمام الناس ‪ ..‬فإذا‬
‫ويخرج للصلة ‪..‬‬ ‫خل بأهل بيته ‪ ..‬انقلب حلمه‬
‫وقل مثل ذلك مع الوالدين ‪..‬‬ ‫غضبا ً ‪ ..‬ولينه غلظا ً ‪..‬‬
‫فكم هم أولئك الذين نسمع عن‬ ‫ل ‪ ..‬ما كان بساما ً مع الناس‬
‫حسن أخلقهم ‪..‬‬ ‫عبوسا ً مع أهل بيته ‪..‬‬
‫وكرمهم وتبسمهم ‪ ..‬وجميل‬ ‫ول كريما ً مع الخلق إل مع‬
‫معاشرتهم للخرين ‪ ..‬أما مع‬ ‫ولده وزوجه ‪..‬‬
‫أقرب الناس إليهم ‪ ..‬وأعظم‬ ‫ل ‪ ..‬بل كانت أخلقه‬
‫الناس حقا ً عليهم ‪ ..‬مع الوالدين‬ ‫سجية ‪ ..‬يتعبد لله تعالى‬
‫فجفاء وهجر ‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬كما يتعبد بصلة‬
‫نعم ‪ ..‬خيركم خيركم لهله ‪..‬‬ ‫الضحى وقيام الليل ‪..‬‬
‫لوالديه ‪ ..‬لزوجه ‪ ..‬لخدمه ‪ ..‬بل‬ ‫يحتسب ابتسامته قربة ‪..‬‬
‫ولطفاله ‪..‬‬ ‫وه وليَنه‬ ‫قه عبادة ‪ ..‬وعف َ‬ ‫ورف َ‬
‫فـــي يـــوم مليـــء بالمشـــاعر ‪..‬‬ ‫حسنات ‪..‬‬
‫يجلــس أبــو ليلــى ‪ t‬عنــد رســول‬ ‫إن من اعتبر حسن الخلق‬
‫اللــــه ‪ .. e‬فيــــأتي الحســــن أو‬ ‫عبادة ‪ ..‬تحلى بها في جميع‬
‫الحسين يمشي إلــى النــبي ‪.. e‬‬ ‫أحواله ‪ ..‬في سلمه وحربه ‪..‬‬
‫فيأخــــذه ‪ .. e‬فيقعــــده علــــى‬ ‫وجوعه وشبعه ‪ ..‬وصحته‬
‫بطنه ‪ ..‬فبال الصغير على بطــن‬ ‫ومرضه ‪ ..‬بل وفرحه‬
‫وحزنه ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. e‬قال أبــو ليلــى ‪:‬‬
‫نعم ‪ ..‬كم من الزوجات‬
‫حــتى رأيــت بــوله علــى بطــن‬
‫تسمع عن أخلق زوجها‪..‬‬
‫رسول الله ‪ e‬أساريع ‪..‬‬
‫وسعة صدره ‪ ..‬وابتسامته‬
‫قال ‪ :‬فوثبنــا إليــه ‪ ..‬فقــال ‪: e‬‬ ‫وكرمه ‪..‬‬
‫ً‬
‫ولكنها لم تر من ذلك شيئا ‪..‬‬
‫) ( رواه ابن ماجة‬ ‫‪6‬‬

‫‪19‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بشيء من تمر ونحوه ‪..‬‬ ‫دعـــوا ابنـــي ‪ ..‬ل تفزعـــوا‬
‫وكان النبي ‪ r‬يحبه ‪ ..‬وكان‬ ‫ابني ‪..‬‬
‫يقول ‪ ) :‬إن زاهرا ً باديتنا ‪..‬‬ ‫فلما فرغ الصغير من بوله ‪..‬‬
‫ونحن حاضروه (‪ ..‬وكان زاهرا ً‬ ‫)‪(7‬‬
‫دعا ‪ e‬بماء فصبه عليه ‪..‬‬
‫دميما ً ‪..‬‬ ‫فلله دره كيف تروضت‬
‫خرج زاهر ‪ t‬يوما ً من باديته ‪..‬‬ ‫نفسه على هذه الخلق ‪..‬‬
‫فأتى بيت رسول الله ‪ .. r‬فلم‬ ‫فل عجب إذن أن يملك‬
‫يجده ‪..‬‬ ‫قلوب الصغار والكبار ‪..‬‬
‫وكان معه متاع فذهب به إلى‬ ‫رأي ‪..‬‬
‫السوق ‪ ..‬فلما علم به النبي ‪‬‬ ‫بدل أن تسب الظلم ‪..‬‬
‫مضى إلى السوق يبحث عنه ‪..‬‬ ‫حاول إصلح المصباح ‪..‬‬
‫فأتاه فإذا هو يبيع متاعه ‪..‬‬
‫والعرق يتصبب منه ‪ ..‬وثيابه‬ ‫‪ .9‬مع الفقراء ‪..‬‬
‫ثياب أهل البادية بشكلها‬ ‫عدد من الناس اليوم‬
‫ورائحتها ‪..‬‬ ‫أخلقهم تجارية ‪ ..‬فالغني‬
‫فاحتضنه ‪ r‬من ورائه ‪ ،‬وزاهر ل‬ ‫فقط هو الذي تكون نكته‬
‫ُيبصره ‪ ..‬ول يدري من أمسكه ‪..‬‬ ‫طريفة فيضحكون عند‬
‫ففزع زاهر وقال ‪ :‬أرسلني ‪..‬‬ ‫سماعها ‪ ..‬وأخطاؤه‬
‫من هذا ؟ ‪..‬‬ ‫صغيرة ‪ ..‬فيتغاضون عنها ‪..‬‬
‫فسكت النبي عليه الصلة‬ ‫أما الفقراء فنكتهم ثقيلة ‪..‬‬
‫والسلم ‪..‬‬ ‫يسخر بهم عند سماعها ‪..‬‬
‫فحاول زاهر أن يتخلص من‬ ‫وأخطاؤهم جسيمة ‪ ..‬يصرخ‬
‫القبضة ‪..‬‬ ‫بهم عند وقوعها ‪..‬‬
‫وجعل يلتفت وراءه ‪ ..‬فرأى‬ ‫أما رسول الله ‪ r‬فكان‬
‫النبي ‪ .. r‬فاطمأنت نفسه ‪..‬‬ ‫عطفه على الغني والفقير‬
‫وسكن فزعه ‪..‬‬ ‫سواء ‪..‬‬
‫صق ظهره بصدر النبي‬ ‫وصار ُيل ٍٍٍ‬ ‫قال أنس ‪: t‬‬
‫‪ .. r‬حين ٍٍٍٍ عرفه ‪..‬‬ ‫كان رجل من أهل البادية‬
‫ٍٍٍ‬
‫النبي ‪ r‬يمازح زاهرا ً ‪..‬‬ ‫فجعل‬ ‫اسمه زاهر بن حرام ‪..‬‬
‫ويصيح بالناس يقول ‪:‬من‬ ‫وكان ربما جاء المدينة في‬
‫يشتري العبد ؟ ‪ ..‬من يشتري‬ ‫حاجة فيهدي للنبي ‪ r‬من‬
‫العبد ؟ ‪..‬‬ ‫البادية شيئا ً من إقط أو‬
‫فنظر زاهر في حاله ‪ ..‬فإذا هو‬ ‫سمن ‪..‬‬
‫فقير كسير ‪ ..‬ل مال ‪ ..‬ول‬ ‫فُيجهزه رسول الله ‪ r‬إذا‬
‫جمال ‪..‬‬ ‫أراد أن يخرج إلى أهله‬
‫فقال ‪ :‬إذا ً والله تجدني كاسدا ً يا‬
‫) ( رواه أحمد والطبراني ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪20‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بالستجابة لغيره ‪ ..‬ممن يملك‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫معسول الكلم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : r‬لكن عند الله لست‬
‫وليس مقصودهم بهذا المثل‬ ‫بكاسد ‪ ..‬أنت عند الله‬
‫تشبيه الرجل والمرأة بالتيس‬ ‫غال ‪..‬‬
‫والعنز ‪ ..‬معاذ الله ‪..‬‬ ‫فل عجب أن تتعلق قلوب‬
‫المرأة شقيقة الرجل ‪ ..‬ولئن‬ ‫الفقراء به ‪ ‬وهو يملكهم‬
‫كان الله قد وهب الرجل جسما ً‬ ‫بهذه الخلق ‪..‬‬
‫قويا ً ‪ ..‬فقد وهبها عاطفة‬ ‫كثير من الفقراء ‪ ..‬قد ل‬
‫قوية ‪..‬‬ ‫يعيب على الغنياء البخل‬
‫وكم رأينا سلطين الرجال‬ ‫عليه بالمال والطعام ‪ ..‬لكنه‬
‫وشجعانهم تخور قواهم عند‬ ‫يجد عليهم بخلهم باللطف‬
‫قوة عاطفة امرأة ‪..‬‬ ‫وحسن المعاشرة ‪..‬‬
‫ومن مهارات التعامل مع المرأة‬ ‫وكم من فقير تبسمت في‬
‫أن تعرف المفتاح الذي تؤثر من‬ ‫وجهه ‪ ..‬وأشعرته بقيمته‬
‫خلله فيها ‪ ..‬العاطفة ‪ ..‬تقاتلها‬ ‫واحترامه ‪ ..‬فرفع في ظلمة‬
‫بسلحها ‪..‬‬ ‫الليل يدا ً داعية ‪ ..‬يستنزل‬
‫كان النبي ‪ e‬يوصيك بالحسان‬ ‫بها لك الرحمات من‬
‫إلى المرأة ‪ ..‬واحترام‬ ‫السماء ‪..‬‬
‫عاطفتها ‪ ..‬لجل أن تسعد‬ ‫ورب أشعث أغبر ذي طمرين‬
‫معها ‪..‬‬ ‫مدفوع بالبواب ل يؤبه له ‪..‬‬
‫وأوصى الب بالحسان إلى‬ ‫لو أقسم على الله لبره ‪..‬‬
‫بناته ‪ ..‬فقال ‪ ) :‬من عال‬ ‫فكن دائم البشر مع هؤلء‬
‫جاريتين حتى تبلغا ‪ ..‬جاء يوم‬ ‫الضعفاء ‪..‬‬
‫القيامة أنا وهو وضم‬
‫)‪(8‬‬
‫أصابعه ( ‪..‬‬ ‫إشارة ‪..‬‬
‫وأوصى بها أولدها فقال فإنه‬ ‫لعل ابتسامة في وجه‬
‫لما سأله رجل فقال ‪ :‬من أحق‬ ‫فقير ‪ ..‬ترفعك عند الله‬
‫الناس بحسن صحابتي ؟‬ ‫درجات ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أمك ‪ ..‬ثم أمك ‪ ..‬ثم‬
‫)‪(9‬‬
‫أمك ‪ ..‬ثم أبوك ‪..‬‬ ‫النساء ‪..‬‬ ‫‪.10‬‬
‫بل أوصى ‪ r‬بالمرأة زوجها ‪..‬‬ ‫كان جدي يستشهد بمثل‬
‫م من غاضب زوجته أو أساء‬ ‫وذ ّ‬ ‫قديم ‪ " :‬من غاب عن عنزه‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫جابت تيس " ‪..‬‬
‫وانظر إليه ‪ r‬وقد قام في حجة‬ ‫بمعنى أن من لم تجد عنده‬
‫زوجته ‪ ..‬ما يشبع‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪8‬‬ ‫عاطفتها ‪ ..‬ويروي نفسها ‪..‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪9‬‬ ‫فقد تحدثها نفسها‬
‫‪21‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فــي صــفوف المســلمات ‪ ..‬فمــا‬ ‫ة‬
‫الوداع ‪ ..‬فإذا بين يديه مائ ُ‬
‫استطاعوا ‪..‬‬ ‫ألف حاج ‪..‬‬
‫وفي أحد اليام جاءت امرأة‬ ‫فيهم السود والبيض ‪..‬‬
‫مسلمة إلى سوق يهود بني‬ ‫والكبير والصغير ‪ ..‬والغني‬
‫قينقاع ‪..‬‬ ‫والفقير ‪..‬‬
‫وكانت عفيفة متسترة ‪..‬‬ ‫صاح ‪ r‬بهؤلء جميعا ً وقال‬
‫فجلست إلى صائغ هناك منهم ‪..‬‬ ‫لهم ‪:‬‬
‫فاغتاظ اليهود من تسترها‬ ‫أل واستوصوا بالنساء‬
‫وعفتها ‪ ..‬وودوا لو يتلذذون‬ ‫خيرا ً ‪ ..‬أل واستوصوا‬
‫سها‬ ‫بالنظر إلى وجهها ‪ ..‬أو لم ِ‬ ‫)‪(10‬‬
‫بالنساء خيرا ً ‪..‬‬
‫ث بها ‪ ..‬كما كانوا يفعلون‬ ‫والعب ِ‬ ‫وفي يوم من اليام أطاف‬
‫ذلك قبل إكرامها بالسلم ‪..‬‬ ‫بأزواج رسول الله ‪ r‬نساء‬
‫فجعلوا يريدونها على كشف‬ ‫كثير يشتكين أزواجهن‬
‫وجهها ‪ ..‬ويغرونها لتنزع حجابها‬ ‫‪..‬فلما علم النبي ‪ r‬بذلك ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قام ‪ ..‬وقال للناس ‪:‬‬
‫فأبت ‪ ..‬وتمنعت ‪..‬‬ ‫لقد طاف بآل محمد ‪ r‬نساء‬
‫فغافلها الصائغ وهي جالسة ‪..‬‬ ‫كثير يشتكين أزواجهن ‪..‬‬
‫وأخذ طرف ثوبها من السفل ‪..‬‬ ‫)‪(11‬‬
‫ليس أولئك بخياركم ‪..‬‬
‫وربطه إلى طرف خمارها‬ ‫وقال ‪: ‬‬
‫المتدلي على ظهرها ‪..‬‬ ‫) خيُركم خيُركم لهله وأنا‬
‫فلما قامت ‪ ..‬ارتفع ثوبها من‬ ‫)‪(12‬‬
‫خيركم لهلي ( ‪..‬‬
‫ورائها ‪ ..‬وتكشفت أعضاؤها ‪..‬‬ ‫بل ‪ ..‬قد بلغ من إكرام الدين‬
‫فضحك اليهود منها‪..‬‬ ‫للمرأة ‪ ..‬أنها كانت تقوم‬
‫فصاحت المسلمة العفيفة ‪..‬‬ ‫الحروب ‪ ..‬وتسحق‬
‫وودت لو قتلوها ولم يكشفوا‬ ‫الجماجم ‪ ..‬وتتطاير الرؤوس‬
‫عورتها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬لجل عرض امرأة‬
‫فلما رأى ذلك رجل من‬ ‫واحدة ‪..‬‬
‫ل سيفه ‪ ..‬ووثب‬ ‫المسلمين ‪ ..‬س ّ‬ ‫كــــان اليهــــود يســــاكنون‬
‫على الصائغ فقتله ‪..‬فشد اليهود‬ ‫المسلمين في المدينة ‪..‬‬
‫على المسلم فقتلوه ‪..‬‬ ‫ل المــر‬ ‫وكــان يغيظهــم نــزو ُ‬
‫فلما علــم النــبي ‪ r‬بــذلك ‪ ..‬وأن‬ ‫بالحجــــــــاب ‪ ..‬وتســــــــتُر‬
‫اليهــــود قــــد نقضــــوا العـــــهد‬ ‫المســلمات ‪ ..‬ويحــاولون أن‬
‫وتعرضــــــــوا للمســــــــلمات ‪..‬‬ ‫يزرعــوا الفســاد والتكشــف‬
‫حاصـــرهم ‪ ..‬حـــتى استســـلموا‬
‫ونزلوا على حكمه ‪..‬‬
‫) ( رواه الترمذي ومسلم‬ ‫‪10‬‬

‫فلمــــا أراد النــــبي ‪ r‬أن ينكــــل‬ ‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪11‬‬

‫بهــم ‪ ..‬ويثــأر لعــرض المســلمة‬ ‫) ( رواه ابن ماجة والترمذي‬ ‫‪12‬‬

‫‪22‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثــم عــدل عــن قتلهــم ‪ ..‬لكنــه ‪r‬‬ ‫العفيفة ‪..‬‬
‫أخرجهم من المدينة ‪ ..‬وطّردهم‬ ‫قــام إليــه جنــدي مــن جنــد‬
‫من ديارهم ‪..‬‬ ‫الشيطان ‪..‬‬
‫نعم المرأة العفيفة تستحق أكثر‬ ‫الــــذين ل يهمهــــم عــــرض‬
‫من ذلك ‪..‬‬ ‫المســـــلمات ‪ ..‬ول صـــــيانة‬
‫كانت خولة بنت ثعلبة ‪ t‬من‬ ‫المكرمات ‪..‬‬
‫الصحابيات الصالحات ‪..‬‬ ‫وإنما هم أحدهم متعة بطنــه‬
‫وكان زوجها أوس بن الصامت‬ ‫وفرجه ‪..‬‬
‫شيخا ً كبيرا ً يسرع إليه الغضب ‪..‬‬ ‫قام رأس المنــافقين ‪ ..‬عبــد‬
‫ُ‬
‫دخل عليها يوما ً راجعا ً من‬ ‫ي ابن سلول ‪..‬‬ ‫الله بن أب ّ‬
‫مجلس قومه ‪ ..‬فكلمها في‬ ‫فقال ‪ :‬يا محمد أحســن فــي‬
‫شيء فردت عليه ‪ ..‬فتخاصما ‪..‬‬ ‫موالي اليهود وكانوا أنصــاره‬
‫فغضب فقال ‪ :‬أنت علي كظهر‬ ‫في الجاهلية ‪..‬‬
‫أمي ‪ ..‬وخرج غاضبا ً ‪..‬‬ ‫فـــأعرض عنـــه النـــبي ‪.. r‬‬
‫كانت هذه الكلمة في الجاهلية‬ ‫وأبـى ‪..‬‬
‫إذا قالها الرجل لزوجته صارت‬ ‫إذ كيــف يطلــب العفــو عــن‬
‫طلقا ً ‪ ..‬أما في السلم فل‬ ‫أقـــوام يريـــدون أن تشـــيع‬
‫تعلم خولة حكمها ‪..‬‬ ‫الفاحشة في الذين آمنوا !!‬
‫رجع أوس إلى بيته ‪ ..‬فإذا‬ ‫فقام المنافق مــرة أخــرى ‪..‬‬
‫امرأته تتباعد عنه ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬يا محمد أحسن إليهم‬
‫وقالت له ‪ :‬والذي نفس خويلة‬ ‫‪..‬‬
‫بيده ل تخلص إلي وقد قلت ما‬ ‫‪..‬‬ ‫فــأعرض عنــه النــبي ‪r‬‬
‫قلت ‪ ..‬حتى يحكم الله ورسوله‬ ‫صــيانة لعــرض المســلمات ‪..‬‬
‫فينا بحكمه ‪..‬‬ ‫وغيرة على العفيفات ‪..‬‬
‫ثم خرجت خولة إلى رسول الله‬ ‫فغضـــب ذلـــك المنـــافق ‪..‬‬
‫‪ e‬فذكرت له ما تلقى من زوجها‬ ‫وأدخــل يــده فــي جيــب درع‬
‫‪ ..‬وجعلت تشكو إليه ما سوء‬ ‫النبي ‪ .. r‬وجّره وهو يردد ‪:‬‬
‫خلقه معها ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬أحســن‬ ‫أحسن إلى مــوال ّ‬
‫فجعل رسول الله ‪ e‬يصبرها‬ ‫ي ‪..‬‬
‫إلى موال ّ‬
‫ويقول ‪ :‬يا خويلة ابن عمك ‪..‬‬ ‫فغضب النبي ‪ r‬والتفت إليــه‬
‫شيخ كبير ‪ ..‬فاتقي الله فيه ‪..‬‬ ‫وصاح به وقال ‪ :‬أرسلني ‪..‬‬
‫وهي تدافع عبراتها وتقول ‪ :‬يا‬ ‫فأبى المنافق ‪ ..‬وأخذ يناشد‬
‫رسول الله ‪ ..‬أكل شبابي ‪..‬‬ ‫النـــــبي ‪ r‬العـــــدول عـــــن‬
‫ونثرت له بطني ‪ ..‬حتى إذا‬ ‫قتلهم ‪..‬‬
‫كبرت سني ‪ ..‬وانقطع ولدي ‪..‬‬ ‫فالتفت إليه النبي ‪ r‬وقال ‪:‬‬
‫ظاهر مني ‪ ..‬اللهم إني أشكو‬ ‫هم لك ‪..‬‬
‫إليك ‪..‬‬
‫‪23‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عنه ‪ ..‬ثم استوصي بابن عمك‬ ‫وهو ‪ e‬ينتظر أن ينزل الله‬
‫)‪(13‬‬
‫خيرا ً ‪..‬‬ ‫تعالى فيهما حكما ً من‬
‫فسبحان من وهبه اللين‬ ‫عنده ‪..‬‬
‫والتحمل مع الجميع ‪ ..‬حتى في‬ ‫فبينما خولة عند رسول الله‬
‫مشاكلهم الشخصية ‪ ..‬يتفاعل‬ ‫‪ e‬إذ هبط جبريل من السماء‬
‫معهم ‪..‬‬ ‫على رسول الله ‪.. e‬‬
‫وقد جربت بنفسي ‪ ..‬التعامل‬ ‫بقرآن فيه حكمها وحكم‬
‫باللين والمهارات العاطفية مع‬ ‫زوجها ‪..‬‬
‫البنت والزوجة ‪ ..‬وقبل ذلك الم‬ ‫فالتفت ‪ e‬إليها وقال ‪ :‬يا‬
‫والخت ‪ ..‬فوجدت لها من‬ ‫خويلة ‪ ..‬قد أنزل فيك وفي‬
‫التأثير الكبير ‪ ..‬ما ل يتصوره إل‬ ‫صاحبك قرآنا ً ‪ ..‬ثم قرأ " قد‬
‫من مارسه ‪..‬‬ ‫سمع الله قول التي تجادلك‬
‫فالمرأة ل يكرمها إل كريم ‪ ..‬ول‬ ‫في زوجها وتشتكي إلى الله‬
‫يهينها إل لئيم ‪..‬‬ ‫والله يسمع تحاوركما إن‬
‫الله سميع بصير " إلى آخر‬
‫وقفة ‪..‬‬ ‫اليات من أول سورة‬
‫قد تصبر المرأة على ‪ ..‬فقر‬ ‫المجادلة ‪..‬‬
‫زوجها ‪ ..‬وقبحه ‪ ..‬وانشغاله ‪..‬‬ ‫مريه فليعتق‬ ‫ثم قال لها ‪ُ e‬‬
‫لكنها قل أن تصبر على سوء‬ ‫رقبة ‪..‬‬
‫خلقه ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما‬
‫عنده ما يعتق ‪..‬‬
‫الصغار ‪..‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫قال ‪ :‬فليصم شهرين‬
‫كم هي المواقف التي وقعت لنا‬ ‫متتابعين ‪..‬‬
‫في صغرنا ول تزال مطبوعة‬ ‫قالت ‪ :‬والله إنه لشيخ كبير‬
‫في أذهاننا إلى اليوم ‪ ..‬سواء‬ ‫ما له من صيام ‪..‬‬
‫كانت مفرحة أو محزنة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فليطعم ستين مسكينا ً‬
‫عد بذاكرتك إلى أيام طفولتك ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫وسقا ً من تمر ‪..‬‬
‫ستذكر ل محالة جائزة كرمت بها‬ ‫قالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما‬
‫في مدرستك ‪ ..‬أو ثناء أثناه‬ ‫ذاك عنده ‪..‬‬
‫عليك أحد في مجلس عام ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬فإنا سنعينه بعرق‬
‫فهي مواقف تحفر صورتها في‬ ‫من تمر ‪..‬‬
‫الذاكرة ‪ ..‬فل تكاد تنسى ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬والله يا رسول‬
‫وإلى جانب ذلك ‪ ..‬ل نزال نتذكر‬ ‫الله ‪ ..‬أنا سأعينه بعرق‬
‫مواقف محزنة ‪ ..‬وقعت لنا في‬ ‫آخر ‪..‬‬
‫طفولتنا ‪ ..‬مدرس ضربنا ‪ ..‬أو‬
‫فقال ‪ : e‬قد أصبت وأحسنت‬
‫خصومة مع زملء في‬
‫‪ ..‬فاذهبي فتصدقي به‬
‫) ( رواه أحمد وأبو داود ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪24‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لذلك الغلم ‪ ..‬أحب العلم أكثر ‪..‬‬ ‫المدرسة ‪ ..‬أو مواقف‬
‫وتوجه لحفظ القرآن ‪ ..‬وشعر‬ ‫تعرضنا فيها للهانة من‬
‫بقيمته ‪..‬‬ ‫أسرتنا ‪ ..‬أو تعرض لها أحدنا‬
‫مضت اليام ‪ ..‬بل السنين ‪ ..‬ثم‬ ‫من زوجة أبيه ‪ ..‬أو نحو‬
‫في أحد المساجد تفاجأت أن‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫المام هو ذلك الغلم ‪ ..‬وقد صار‬ ‫وكم صار الحسان إلى‬
‫شابا ً متخرجا ً من كلية‬ ‫الصغار طريقا ً إلى التأثير‬
‫الشريعة ‪ ..‬ويعمل في سلك‬ ‫ليس فيهم فقط ‪ ..‬بل في‬
‫القضاء بأحد المحاكم ‪ ..‬لم‬ ‫آبائهم وأهليهم ‪ ..‬وكسب‬
‫أذكره وإنما تذكرني هو ‪..‬‬ ‫محبتهم جميعا ً ‪..‬‬
‫فانظر كيف انطبعت في ذهنه‬ ‫يتكرر كثيرا ً لمدرس المرحلة‬
‫المحبة والتقدير بموقف عاشه‬ ‫البتدائية أن يتصل به أحد‬
‫قبل سنين ‪..‬‬ ‫أبوي طالب صغير ويثني‬
‫وأذكر أني دعيت ليلة لحدى‬ ‫عليه وأنه أحبه لمحبة ولده‬
‫الولئم ‪ ..‬فإذا شاب مشرق‬ ‫له وكثرة ذكره بالخير ‪ ..‬وقد‬
‫الوجه يسلم علي بحرارة بي‬ ‫يعبرون عن هذه المشاعر‬
‫ويذكرني بموقف لطيف وقع له‬ ‫في لقاء عابر ‪ ..‬أو هدية أو‬
‫معي في محاضرة ألقيتها في‬ ‫رسالة ‪..‬‬
‫مدرسته لما كان غلما ً صغيرا ً ‪..‬‬ ‫إذن ل تحتقر البتسامة في‬
‫وكم ترى من الناس الذين‬ ‫وجه الصغير ‪ ..‬وكسب‬
‫يحسنون التعامل مع الصغار من‬ ‫قلبه ‪ ..‬وممارسة مهارات‬
‫يخرج من المسجد ‪ ..‬فترى أبا ً‬ ‫التعامل الرائع معه ‪..‬‬
‫يجره ولده الصغير بيده ليصل‬ ‫ألقيت يوما ً محاضرة عن‬
‫إلى هذا الرجل فيسلم عليه‬ ‫الصلة لطلب صغار في‬
‫ويبلغه بمحبة ولده له ‪..‬‬ ‫مدرسة ‪..‬‬
‫وقد يقع مثل هذا الموقف في‬ ‫فسألتهم عن حديث حول‬
‫وليمة كبيرة أو عرس ‪ ..‬يكثر‬ ‫أهمية الصلة ‪ ..‬فأجاب‬
‫فيه المدعوون ‪..‬‬ ‫أحدهم ‪ :‬قال ‪ : e‬بين الرجل‬
‫ول أكتمك أنني أبالغ في إكرام‬ ‫وبين الكفر أو الشرك ترك‬
‫الصغار والحفاوة بهم بعض‬ ‫الصلة ‪..‬‬
‫الشيء ‪ ..‬بل والستماع إلى‬ ‫أعجبني جوابه ‪ ..‬ومن شدة‬
‫أحاديثهم العذبة – وإن كانت في‬ ‫الحماس نزعت ساعة يدي‬
‫أكثر الحيان غير مهمة – بل‬ ‫وأعطيته إياها ‪..‬‬
‫أزيد الحفاوة ببعضهم أحيانا ً‬ ‫وكانت – عموما ً – ساعة‬
‫إكراما ً لوالده وكسبا ً لمحبته ‪..‬‬ ‫عادية كساعات الطبقة‬
‫أحد الصدقاء كنت ألقاه أحيانا ً‬ ‫الكادحة ‪!..‬‬
‫مع ولده الصغير ‪ ..‬فكنت أحتفي‬ ‫كان هذا الموقف مشجعا ً‬
‫‪25‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وكان يعطف على الصغار‬ ‫بالصغير وألطفه ‪..‬‬
‫ويلعبهم ‪ ..‬ويلعب زينب بنت‬ ‫ً‬
‫لقيني صديقي هذا يوما في‬
‫أم سلمة ويقول ‪ ) :‬يا زوينب ‪..‬‬ ‫ي‬
‫محفل كبير ‪ ..‬فأقبل إل ّ‬
‫يا زوينب ‪.. ( ..‬‬ ‫بولده يسلم علي ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫وكان إذا مر بصبيان يلعبون‬ ‫ماذا فعلت بولدي ! يسألهم‬
‫سلم عليهم ‪..‬‬ ‫مدرسهم قبل أيام عن‬
‫وكان يزور النصار وُيسلم على‬ ‫أمنياتهم في المستقبل ‪..‬‬
‫صبيانهم ‪ ..‬ويمسح رؤوسهم ‪..‬‬ ‫فمنهم من قال ‪ :‬أكون‬
‫وعند رجوعه ‪ r‬من المعركة كان‬ ‫طبيبا ً ‪ ..‬والخر قال ‪ :‬أكون‬
‫يستقبله الطفال فيركبهم‬ ‫مهندسا ً ‪ ..‬وولدي قال ‪:‬‬
‫معه ‪..‬‬ ‫أكون محمد العريفي !!‬
‫فعند عودة المسلمين من‬ ‫ويمكنك أن تلحظ أنواع‬
‫مؤتة ‪..‬‬ ‫الناس في التعامل مع‬
‫أقبل الجيش إلى المدينة‬ ‫الصغار ‪ ..‬عندما يدخل رجل‬
‫راجعا ً ‪..‬‬ ‫إلى مجلس عام ويطوف‬
‫فتلقاهم النبي عليه الصلة‬ ‫بالحاضرين مصافحا ً ‪ ..‬وولده‬
‫والسلم ‪ ..‬والمسلمون ‪..‬‬ ‫من خلفه يفعل كفعله ‪..‬‬
‫ولقيهم الصبيان يشتدون ‪..‬‬ ‫فمن الناس من يتغافل عن‬
‫فلما رأى ‪ r‬الصبيان ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫الصغير ‪ ..‬ومنهم من‬
‫خذوا الصبيان فاحملوهم ‪..‬‬ ‫يصافحه بطرف يده ‪..‬‬
‫وأعطوني ابن جعفر ‪..‬‬ ‫ومنهم من يهز يده مبتسما ً‬
‫فُأتي بعبد الله بن جعفر فأخذه‬ ‫مرددا ً ‪ :‬أهل ً يا بطل ‪ ..‬كيف‬
‫فحمله بين يديه ‪..‬‬ ‫حالك يا شاطر ‪ ..‬فهذا الذي‬
‫وكان ‪ r‬يتوضأ يوما ً من ماء ‪..‬‬ ‫تنطبع محبته في قلب‬
‫فأقبل إليه محمود بن الربيع‬ ‫الصغير ‪ ..‬بل وقلب أبيه‬
‫طفل عمره خمس سنوات ‪..‬‬ ‫وأمه ‪..‬‬
‫فجعل ‪ r‬في فمه ماء ثم مجه‬ ‫كان المربي الول ‪ e‬له‬
‫في وجهه يمازحه ‪.. ( 14) ..‬‬ ‫أحسن التعامل مع الصغار ‪..‬‬
‫وعموما ً ‪ ..‬كان ‪ r‬ضحوكا ً مزوحا ً‬ ‫كان لنس بن مالك أخ صغير‬
‫مع الناس ‪ ..‬يدخل السرور إلى‬ ‫‪ ..‬وكان ‪ r‬يمازحه ويكنيه‬
‫قلوبهم ‪ ..‬خفيفا ً على النفوس‬ ‫بأبي عمير ‪ ..‬وكان للصغير‬
‫ل يمل أحد من مجالسته ‪..‬‬ ‫طير صغير يلعب به ‪ ..‬فمات‬
‫أقبل إليه رجل يوما ً يريد دابة‬ ‫الطير ‪..‬‬
‫ليسافر عليها أو يغزو ‪..‬‬ ‫فكان ‪ e‬يمازحه إذا لقيه ‪..‬‬
‫فقال ‪ r‬ممازحا ً له ‪ ) :‬إني‬ ‫ويقول ‪ :‬يا أبا عمير ‪ ..‬ما‬
‫فعل النغير ؟ يعني الطائر‬
‫رواه البخاري ‪.‬‬ ‫‪( )14‬‬ ‫الصغير ‪..‬‬
‫‪26‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أكثرن عليه مطالبته بالنفقة ‪..‬‬ ‫حاملك على ولد ناقة ( ‪..‬‬
‫ه ‪ ..‬ل َ ْ‬
‫و‬ ‫ل الل ّ ِ‬‫سو َ‬ ‫فقال عمر ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫فعجب الرجل ‪ ..‬كيف يركب‬
‫َ‬
‫ب‬
‫غل ِ ُ‬‫ش ‪ ..‬ن َ ْ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫شَر ُ‬ ‫ع َ‬‫م ْ‬ ‫وك ُّنا َ‬ ‫َرأي َْتنا َ‬ ‫على جمل صغير ‪ ..‬ل‬
‫دنا‬ ‫ساءَ ‪ ..‬فكنا إذا سألت أح َ‬ ‫الن ّ َ‬ ‫يستطيع حمله ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا‬
‫ة قام إليها فوجأ‬ ‫امرأُته نفق ً‬ ‫رسول الله وما أصنع بولد‬
‫عنقها ‪..‬‬ ‫الناقة ؟‬
‫م‬
‫و ٌ‬ ‫ق ْ‬ ‫ذا َ‬‫ة إِ َ‬‫دين َ َ‬
‫م ِ‬‫مَنا ال ْ َ‬ ‫د ْ‬‫ق ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫َ‬ ‫فقال ‪ ) : r‬وهل تلد البل‬
‫م ‪ ..‬فطفق‬ ‫ه ْ‬‫ؤ ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫م نِ َ‬ ‫ه ْ‬‫غل ِب ُ ُ‬ ‫تَ ْ‬ ‫إل النوق ( ‪ ..‬يعني سأعطيك‬
‫نساؤنا يتعلمن من نسائهم ‪..‬‬ ‫بعيرا ً كبيرا ً ‪ ..‬لكنه ‪ -‬قطعا ً ‪-‬‬
‫يعني فقويت علينا نساؤنا ‪..‬‬ ‫قد ولدته ناقة ‪..‬‬
‫ي ‪ .. r‬ثم زاد عمر‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬ ‫َ‬ ‫وقال ‪ r‬يوما ً لنس ممازحا ً ‪:‬‬
‫الكلم ‪ ..‬فازداد تبسم النبي ‪.. r‬‬ ‫) يا ذا الذنين ( ‪..‬‬
‫تلطفا ً مع عمر ‪.. ‬‬ ‫وأقبلت إليه امرأة يوما ً‬
‫وتقرأ في أحاديث أنه تبسم‬ ‫تشتكي زوجها ‪ ..‬فقال لها‬
‫حتى بدت نواجذه ‪..‬‬ ‫‪ : ‬زوجك الذي في عينه‬
‫إذن كان لطيف المعشر ‪ ..‬أنيس‬ ‫بياض ؟‬
‫المجلس ‪..‬‬ ‫ففزعت المرأة وظنت أنه‬
‫طنا أنفسنا على مثل هذا‬ ‫فلو و ّ‬ ‫زوجها عمي بصره ‪ ..‬كما‬
‫التعامل مع الناس ‪ ..‬لشعرنا‬ ‫قال الله عن يعقوب عليه‬
‫بطعم الحياة فعل ً ‪..‬‬ ‫السلم " وابيضت عيناه من‬
‫الحزن " أي ‪ :‬عمي ‪..‬‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫فرجعت فزعة إلى زوجها‬
‫الطفل طينة لينة نشكلها‬ ‫وجعلت تنظر في عينيه ‪..‬‬
‫بحسب تعاملنا معه ‪..‬‬ ‫وتدقق ‪..‬‬
‫فسألها عن خبرها ؟!‬
‫العبيد والمماليك ‪..‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫فقالت ‪ :‬قد قال رسول الله‬
‫كان ‪ ‬يحسن الدخول إلى‬ ‫‪ ‬إن في عينك بياض ‪..‬‬
‫قلوبهم بما يناسب ‪..‬‬ ‫فقال لها ‪ :‬يا امرأة ‪ ..‬أما‬
‫لما توفي عم النبي ‪ .. r‬اشتد‬ ‫أخبرك أن بياضها أكثر من‬
‫أذى قريش عليه ‪.. r‬‬ ‫سوادها ‪..‬‬
‫فخرج ‪ r‬إلى الطائف ‪ ..‬يلتمس‬ ‫أي أن كل أحد في عينه‬
‫من ثقيف النصرة والمنعة بهم‬ ‫بياض وسواد ‪..‬‬
‫من قومه ‪ ..‬ورجا أن يقبلوا منه‬ ‫وكان ‪ ‬إذا مازحه أحد‬
‫ما جاءهم به من الله تعالى ‪..‬‬ ‫تفاعل معه ‪ ..‬وضحك وتبسم‬
‫خرج إليهم وحده ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وصل إلى الطائف ‪ ..‬وعمد إلى‬ ‫دخل عليه عمر وهو ‪r‬‬
‫غضبان على نسائه ‪ ..‬لما‬
‫‪27‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهما فيه ‪..‬‬ ‫نفر ثلثة من ثقيف وهم‬
‫ورجع عنه من سفهاء ثقيف‬ ‫سادة ثقيف وأشرافهم وهم‬
‫ممن كان يتبعه ‪..‬‬ ‫إخوة ثلثة ‪ ..‬عبد يا ليل ‪..‬‬
‫فعمد ‪ r‬إلى ظل حبلة من عنب‬ ‫ومسعود ‪ ..‬وحبيب ‪ ..‬بنو‬
‫فجلس فيه ‪..‬‬ ‫عمرو بن عمير ‪..‬‬
‫وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان‬ ‫فجلس إليهم ‪ .. r‬فدعاهم‬
‫ما يلقى من سفهاء أهل‬ ‫إلى الله وكلمهم لما جاءهم‬
‫الطائف ‪..‬‬ ‫له من نصرته على السلم‬
‫فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة‬ ‫والقيام معه على من خالفه‬
‫وما لقي تحركت له رحمهما ‪..‬‬ ‫من قومه ‪..‬‬
‫فدعوا غلما ً لهما نصرانيا ً يقال‬ ‫فقال أحدهم ‪ :‬هو يمرط‬
‫له عداس ‪ ..‬وقال ‪ :‬له خذ قطفا ً‬ ‫ثياب الكعبة إن كان الله‬
‫من هذا العنب فضعه في هذا‬ ‫أرسلك ‪..‬‬
‫الطبق ‪ ..‬ثم اذهب به إلى ذلك‬ ‫وقال الخر ‪ :‬أما وجد الله‬
‫الرجل فقل له يأكل منه ‪..‬‬ ‫أحدا ً أرسله غيرك ؟‬
‫ففعل عداس ‪ ..‬وجاء بالعنب ‪..‬‬ ‫أما الثالث فقال – متفلسفا ً‬
‫حتى وضعه بين يدي رسول الله‬ ‫‪:-‬‬
‫‪ r‬ثم قال له ‪ :‬كل ‪..‬‬ ‫ً‬
‫والله ل أكلمك أبدا ! لئن‬
‫فمد رسول الله ‪ r‬يده إليه وقال‬ ‫كنت رسول ً من الله كما‬
‫‪ " :‬بسم الله " ثم أكل ‪..‬‬ ‫تقول لنت أعظم خطرا ً من‬
‫نظر عداس إليه وقال ‪:‬‬ ‫أن أرد عليك الكلم ‪ ..‬ولئن‬
‫والله إن هذا الكلم ما يقوله‬ ‫كنت تكذب على الله ما‬
‫أهل هذه البلد ‪..‬‬ ‫ينبغي لي أن أكلمك ‪..‬‬
‫فقال له ‪ " : r‬ومن أهل أي بلد‬ ‫فلما سمع ‪ ‬منهم هذا الرد‬
‫أنت يا عداس ؟ وما دينك ؟ " ‪..‬‬ ‫القبيح ‪ ..‬قام من عندهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نصراني ‪ ..‬وأنا رجل من‬ ‫وقد يئس من خير ثقيف ‪..‬‬
‫أهل نينوى ‪..‬‬ ‫لكنه خاف أن تعلم قريش‬
‫فقال ‪ " : r‬من قرية الرجل‬ ‫بخبر ثقيف معه فيجترئون‬
‫الصالح يونس بن متى ؟ " ‪..‬‬ ‫عليه أكثر ‪ ..‬فقال لهم ‪:‬‬
‫فقال عداس ‪ :‬وما يدريك ما‬ ‫إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا‬
‫يونس بن متى ؟‬ ‫على ‪..‬‬
‫فلم يفعلوا ‪ ..‬وأغروا به‬
‫فقال ‪ " : r‬ذلك أخي ‪ ..‬كان‬
‫سفهاءهم وعبيدهم يسبونه‬
‫نبيا ً ‪ ..‬وأنا نبي " ‪..‬‬
‫ويصيحون به ‪..‬‬
‫فأكب عداس على رسول الله ‪r‬‬
‫حتى اجتمع عليه الناس‬
‫يقبل رأسه ويديه وقدميه ‪..‬‬
‫وألجئوه إلى حائط لعتبة بن‬
‫وابنا ربيعة ينظران إليهما ‪..‬‬
‫ربيعة ‪ ..‬وشيبة بن ربيعة ‪..‬‬
‫‪28‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ويبتدئون بالعداوة ‪ ..‬ومع ذلك‬ ‫فقال أحدهما لصاحبه ‪ :‬أما‬
‫يرفق بهم ‪..‬‬ ‫غلمك فقد أفسده عليك ‪..‬‬
‫وعن عائشة قالت ‪ :‬إن اليهود‬ ‫فلما رجع عداس لسيده ‪..‬‬
‫مروا ببيت النبي ‪ r‬فقالوا ‪:‬‬ ‫وقد بدا عليه التأثر برؤية‬
‫السام عليكم ) أي ‪ :‬الموت عليك‬ ‫رسول الله ‪ ‬وسماع‬
‫( ‪..‬‬ ‫كلمه ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬وعليكم ‪..‬‬ ‫قال له سيده ‪ :‬ويلك يا‬
‫فلم تصبر عائشة لما سنعتهم ‪..‬‬ ‫عداس ! ما لك تقبل رأس‬
‫فقالت ‪ :‬السام عليكم ‪ ..‬ولعنكم‬ ‫هذا الرجل ويديه وقدميه ؟‬
‫الله وغضب عليكم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا سيدي ما في‬
‫فقال ‪ : ‬مهل ً يا عائشة ‪..‬‬ ‫الرض شئ خير من هذا ‪..‬‬
‫عليك بالرفق ‪ ..‬وإياك والعنف‬ ‫لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إل‬
‫والفحش ‪..‬‬ ‫نبي ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬أو لم تسمع ما قالوا ؟‬ ‫فقال سيده ‪ :‬ويحك يا‬
‫فقال ‪ :‬أو لم تسمعي ما قلت ؟!‬ ‫عداس ل يصرفنك عن‬
‫رددت عليهم فيستجاب لي ‪..‬‬ ‫دينك ‪ ..‬فإن دينك خير من‬
‫ي ‪..‬‬
‫ول يستجاب لهم ف ّ‬ ‫دينه ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬ما الداعي إلى مقابلة‬ ‫فهل نستطيع نحن اليوم أن‬
‫السباب بالسباب ! أليس الله قد‬ ‫نجعل تعاملنا راقيا ً مع‬
‫قال له ‪ ) :‬وأعرض عن الجاهلين‬ ‫الجميع ‪ ..‬مهما كانت‬
‫( ‪..‬‬ ‫طبقاتهم ؟‬
‫وفي يوم ‪ ..‬خرج ‪ ‬مع أصحابه‬ ‫لمحة ‪..‬‬
‫في غزوة ‪..‬‬ ‫عامل البشر على أنهم‬
‫فلما كانوا في طريق عودتهم ‪..‬‬ ‫بشر ‪ ..‬ل على أشكالهم ‪ ..‬أو‬
‫نزلوا في واد كثير الشجر ‪..‬‬ ‫أموالهم ‪ ..‬أو وظائفهم ‪..‬‬
‫فتفرق الصحابة تحت الشجر‬
‫وناموا ‪ ..‬وأقبل ‪ ‬إلى شجرة‬ ‫مع المخالفين ‪..‬‬ ‫‪.13‬‬
‫فعلق سيفه بغصن من‬ ‫الكفار ‪ ..‬كان ‪ r‬يعاملهم‬
‫أغصانها ‪ ..‬وفرش رداءه ونام ‪..‬‬ ‫بالعدل ‪ ..‬ويستميت في‬
‫في هذه الثناء كان رجل من‬ ‫سبيل دعوتهم وإصلحهم ‪..‬‬
‫المشركين يتبعهم ‪..‬‬ ‫ويتحمل أذاهم ‪..‬‬
‫فلما رأى رسول الله ‪ ‬خاليا ً ‪..‬‬ ‫ويتغاضى عن سوئهم ‪..‬‬
‫أقبل يمشي بهدوء ‪ ..‬حتى‬ ‫كيف ل ‪ ..‬وقد قال له ربه ‪:‬‬
‫التقط السيف من على‬ ‫) وما أرسلناك إل رحمة ( ‪..‬‬
‫الغصن ‪ ..‬وصاح بأعلى صوته ‪:‬‬ ‫لمن ؟! للمؤمنين ؟! ل ‪..‬‬
‫يا محمد ‪ ..‬من يمنعك مني ؟‬ ‫) إل رحمة للعالمين ( ‪..‬‬
‫وتأمل حال اليهود‪ ..‬يذمونه‬
‫‪29‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫النــاس ‪ ..‬جعلــت قريــش تحــاول‬ ‫فاستيقظ رسول الله ‪.. ‬‬
‫حربه بكل سبيل ‪..‬‬ ‫والرجل قائم على رأسه ‪..‬‬
‫وكان مما بذلته أن تشاور كبارها‬ ‫والسيف صلتا ً في يده ‪..‬‬
‫فــي التعامــل مــع دعــوته ‪.. e‬‬ ‫يلتمع منه الموت ‪..‬‬
‫وتسارع الناس لليمان به ‪..‬‬ ‫الرسول ‪ ‬وحيدا ً ‪ ..‬ليس‬
‫فقالوا ‪ :‬أنظروا أعلمكم بالسحر‬ ‫عليه إل إزار ‪ ..‬أصحابه‬
‫والكهانــة والشــعر فليــأت هــذا‬ ‫متفرقون عنه ‪ ..‬نائمون ‪..‬‬
‫الرجــل الــذي فــرق جماعتنــا ‪..‬‬ ‫والرجل يعيش نشوة القوة‬
‫وشــتت أمرنــا ‪ ..‬وعــاب ديننــا ‪..‬‬ ‫والنتصار ‪ ..‬ويردد ‪ :‬من‬
‫فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه ‪..‬‬ ‫يمنعك مني ؟ من يمنعك‬
‫فقالوا ‪ :‬ما نعلم أحدا غيــر عتبــة‬ ‫مني ؟‬
‫بن ربيعة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ ‬بكل ثقة ‪ :‬الله ‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬أنت يا أبا الوليد ‪..‬‬ ‫فانتفض الرجل وسقط‬
‫وكان عتبة سيدا ً حليما ً ‪..‬‬ ‫السيف ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ..‬أترون‬ ‫فقام ‪ ‬والتقط السيف‬
‫أن أقــوم إلــى هــذا فــأكلمه ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬من يمنعك مني ؟‬
‫فــأعرض عليــه أمــورا ً لعلــه أن‬ ‫فتغير الرجل ‪ ..‬واضطرب ‪..‬‬
‫يقبل منها بعضها ‪..‬‬ ‫وأخذ يسترحم النبي ‪.. ‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم يا أبا الوليد ‪..‬‬ ‫ويقول ‪ :‬ل أحد ‪ ..‬كن خير‬
‫فقام عتبــة وتــوجه إلــى رســول‬ ‫آخذ ‪..‬‬
‫الله ‪.. e‬‬ ‫فقال له ‪ : ‬تسلم ؟‬
‫دخل عليه ‪ ..‬فإذا ‪ ‬جالس بكــل‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن ل أكون في‬
‫سكينة ‪..‬‬ ‫قوم هم حرب لك ‪..‬‬
‫فلما وقف عتبة بين يديه ‪ ..‬قال‬ ‫فعفا عنه ‪ .. ‬وأحسن‬
‫‪ :‬يــا محمــد ! أنــت خيــر أم عبــد‬ ‫إليه !!‬
‫الله ؟!‬ ‫ً‬
‫وكان الرجل ملكا في‬
‫فسكت رسول الله ‪ .. e‬تأدبا ً مــع‬ ‫قومه ‪ ..‬فانصرف إليهم‬
‫أبيه عبد الله ‪..‬‬ ‫فدعاهم إلى السلم ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أنت خير أم عبد المطلب‬ ‫فأسلموا ‪..‬‬
‫؟‬ ‫نعم ‪ ..‬أحسن إلى الناس‬
‫فســكت ‪ .. e‬تأدبـا ً مــع جــده عبــد‬ ‫تستعبد قلوبهم ‪..‬‬
‫المطلب ‪..‬‬ ‫بل حتى مع العداء اللداء‬
‫فقال عتبة ‪ :‬فإن كنت تزعــم أن‬ ‫كان ‪ r‬له خلق عظيم ‪..‬‬
‫هؤلء خير منك فقد عبدوا اللهة‬ ‫كسب به نفوسهم ‪ ..‬وهدى‬
‫ت ‪ ..‬وإن كنت تزعم أنك‬ ‫عب ْ َ‬
‫التي ِ‬ ‫قلوبهم ‪ ..‬ودحر به‬
‫خير منهم ‪ ..‬فتكلم حــتى نســمع‬ ‫كفرهم ‪..‬‬
‫قولك ‪..‬‬ ‫لمـــا ظهـــر ‪ e‬بـــدعوته بيـــن‬
‫‪30‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يتداوى منه ‪..‬‬ ‫وقبـــل أن يجيـــب النـــبي ‪‬‬
‫ومضى عتبة يتكلم بهذا السلوب‬ ‫بكلمة ‪ ..‬ثار عتبة وقال ‪:‬‬
‫الســيء مــع رســول اللــه ‪.. e‬‬ ‫إنا والله ما رأينا ســخلة قــط‬
‫ويعرض عليــه عروض ـا ً ويغريــه ‪..‬‬ ‫أشــأم علــى قــومه منــك !!‪..‬‬
‫والنــبي عليــه الصــلة والســلم‬ ‫فرقـــت جماعتنـــا ‪ ..‬وشـــتت‬
‫ينصت إليه بكل هدوء ‪..‬‬ ‫أمرنــــا ‪ ..‬وعبــــت ديننــــا ‪..‬‬
‫وانتهــــت العــــروض ‪ ..‬ملــــك ‪..‬‬ ‫وفضحتنا في العرب ‪ ..‬حــتى‬
‫مال ‪ ..‬نساء ‪ ..‬علج من جنون !!‬ ‫لقـــد طـــار فيهـــم أن فـــي‬
‫ســكت عتبــة ‪ ..‬وهــدأ ‪ ..‬ينتظــر‬ ‫قريــش ســاحرا ً ‪ ..‬وأن فــي‬
‫الجواب ‪..‬‬ ‫قريــش كاهنــا ً ‪ ..‬واللــه مــا‬
‫فرفـــع النـــبي عليـــه الصـــلة‬ ‫ننتظــــر إل مثــــل صــــيحة‬
‫والسلم بصــره إليــه وقــال بكــل‬ ‫الحبلــى ‪ ..‬أن يقــوم بعضــنا‬
‫هدووووء ‪:‬‬ ‫إلــى بعــض بالســيوف حــتى‬
‫أفرغت يا أبا الوليد ؟‬ ‫نتفانى ‪..‬‬
‫لم يستغرب عتبة هذا الدب مــن‬ ‫كان عتبــة متغيــرا ً غضــبانا ً ‪..‬‬
‫الصـــادق الميـــن ‪ ..‬بـــل قـــال‬ ‫والنـــبي ‪ ‬ســـاكت يســـتمع‬
‫باختصار ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫بكل أدب ‪..‬‬
‫فقال ‪ : e‬فاسمع مني ‪..‬‬ ‫وبــدأ عتبــة يقــدم إغــراءات‬
‫قال ‪ :‬أفعل ‪..‬‬ ‫ليتخلــــى النــــبي ‪ ‬عــــن‬
‫فقال ‪ : e‬بسم الله الرحمن‬ ‫الدعوة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬ ‫أيهــا الرجــل إن كنــت جئت‬
‫الرحيم " حم * َتن ِ‬
‫ت‬‫صل َ ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب ُ‬ ‫حيم ِ * ك َِتا ٌ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫بالذي جئت به لجل المال ‪..‬‬
‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫ن*‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫وم ٍ ي َ ْ‬ ‫عَرب ِّيا ل ّ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫جمعنا لك حــتى تكــون أغنــى‬
‫ق ْ‬ ‫قْرآًنا َ‬ ‫آَيات ُ ُ‬
‫م‬ ‫ض أك ْث َُر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذيًرا َ‬ ‫قريش رجل ً ‪..‬‬
‫ه ْ‬ ‫عَر َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ون َ ِ‬‫شيًرا َ‬ ‫بَ ِ‬
‫ن ‪.. ( ..‬‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬ ‫وان كنـــت إنمـــا بـــك حـــب‬
‫ومضـــى النـــبي عليـــه الصـــلة‬ ‫الرئاسة ‪ ..‬عقدنا ألويتنــا لــك‬
‫والســلم ‪ ..‬يتلــوا اليــات وعتبــة‬ ‫فكنت رأسا ً ما بقيت ‪..‬‬
‫يستمع ‪..‬‬ ‫وإن كـــان إنمـــا بـــك البـــاه‬
‫وفجأة جلس عتبة على الرض ‪..‬‬ ‫والرغبة في النساء ‪ ..‬فاختر‬
‫ثم اهتز جسمه ‪..‬‬ ‫ي نســــاء قريــــش شــــئت‬ ‫أ ّ‬
‫فألقى يديه خلف ظهره ‪ ..‬واتكــأ‬ ‫فلنزوجك عشرا ً ‪!!..‬‬
‫وان كان هذا الذي يأتيك رئيا ً‬
‫عليهما ‪..‬‬
‫وهو يستمع ‪ ..‬ويستمع ‪ ..‬والنبي‬ ‫من الجن تــراه ‪ ..‬ل تســتطيع‬
‫يتلو ‪ ..‬ويتلو ‪..‬‬ ‫رده عن نفسك ‪ ..‬طلبنــا لــك‬
‫حتى بلغ قوله تعالى ‪..‬‬ ‫الطب ‪ ..‬وبــذلنا فيــه أموالنــا‬
‫ق ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫حتى نبرئك منه ‪ ..‬فإنه ربمــا‬
‫ل أنذَْرت ُك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ف ُ‬ ‫ضوا َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫) َ‬
‫د‬
‫مو َ‬ ‫وث َ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫غلب التابع على الرجل حتى‬
‫عاٍد َ‬ ‫ة َ‬ ‫ق ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ق ً‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫‪31‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وثمــــود " فأمســــكته بفيــــه ‪..‬‬ ‫( ‪ ..‬فانتفض عتبة لما سمع‬
‫وناشدته الرحم أن يكــف ‪ ..‬وقــد‬ ‫التهديد بالعذاب ‪ ..‬وقفز‬
‫علمتم أن محمــدا ً إذا قــال شــيئا ً‬ ‫ووضع يديه على فم رسول‬
‫لم يكذب ‪ ..‬فخفت أن ينزل بكــم‬ ‫الله ‪ .. e‬ليوقف القراءة ‪..‬‬
‫العذاب ‪..‬‬ ‫فاســـتمر ‪ e‬يتلـــو اليـــات ‪..‬‬
‫ثم سكت أبو الوليد قليل ً متفكرا ً‬ ‫حتى انتهى إلــى اليــة الــتي‬
‫‪ ..‬وقومه واجمون يحدون النظــر‬ ‫فيهــــــا ســــــجدة التلوة ‪..‬‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫فسجد ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬والله إن لقوله لحلوة ‪..‬‬ ‫ثم رفع رأسه من ســجوده ‪..‬‬
‫وإن عليـــــه لطلوة ‪ ..‬وإن أعله‬ ‫ونظـــر إلـــى عتبـــة وقـــال ‪:‬‬
‫لمثمــر ‪ ..‬وإن أســفله لمغــدق ‪..‬‬ ‫سمعت يا أبا الوليد ؟‬
‫وإنه ليعلو وما يعلى عليه ‪ ..‬وإنه‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫ليحطم ما تحته ‪ ..‬وما يقول هذا‬ ‫قال ‪ :‬فأنت وذاك ‪..‬‬
‫بشر ‪ ..‬وما يقول هذا بشر ‪..‬‬ ‫فقـــام عتبـــة يمشـــي إلـــى‬
‫قالوا ‪ :‬هذا شعر يــا أبــا الوليــد ‪..‬‬ ‫أصــحابه ‪ ..‬وهــم ينتظرونــه‬
‫شعر ‪..‬‬ ‫متشوقين ‪..‬‬
‫فقــال ‪ :‬واللــه مــا رجــل أعلــم‬ ‫فلمــا أقبــل عليهــم ‪ ..‬قــال‬
‫بالشعار مني ‪ ..‬ول أعلم برجزه‬ ‫بعضهم لبعض ‪ :‬نحلــف بــالله‬
‫ول بقصــيده منــي ‪ ..‬ول بأشــعار‬ ‫لقد جاءكم أبــو الوليــد بغيــر‬
‫الجن ‪ ..‬والله ما يشبه هذا الــذي‬ ‫الوجه الذي ذهب به ‪..‬‬
‫يقول شيئا ً من هذا ‪..‬‬ ‫فلما جلــس إليهــم ‪ ..‬قــالوا ‪:‬‬
‫ومضى عتبة ينــاقش قــومه فــي‬ ‫ما وراءك يا أبا الوليد ؟‬
‫أمر رســول اللــه ‪ .. ‬صــحيح أن‬ ‫فقـــال ‪ :‬ورائي أنـــي واللـــه‬
‫عتبــة لــم يــدخل فــي الســلم ‪..‬‬ ‫سمعت قول ً ما سمعت مثلــه‬
‫لكن نفسه لنت للدين ‪..‬‬ ‫قط ‪ ..‬والله ما هو بالشعر ‪..‬‬
‫فتأمل كيف أثر هذا الخلق‬ ‫ول السحر ‪ ..‬ول الكهانة ‪..‬‬
‫الرفيع ‪ ..‬ومهارة حسن‬ ‫يا معشر قريــش ‪ :‬أطيعــوني‬
‫الستماع في عتبة مع أنه من‬ ‫واجعلوهــا بــي ‪ ..‬خلــوا بيــن‬
‫أشد العداء ‪..‬‬ ‫هــذا الرجــل وبيــن مــا هــو‬
‫وفي يوم آخر ‪..‬‬ ‫فيه ‪ ..‬فوالله ليكــونن لقــوله‬
‫تجتمع قريش ‪ ..‬فينتدبون‬ ‫الــــذي ســــمعت منــــه نبــــأ‬
‫حصين بن المنذر الخزاعي ‪..‬‬ ‫عظيم ‪..‬‬
‫وهو أبو الصحابي الجليل عمران‬ ‫يــا قــوم !! قــرأ بســم اللــه‬
‫بن حصين ‪..‬‬ ‫الرحمـــن الرحيـــم " حـــم *‬
‫ينتبونه لنقاش النبي عليه‬ ‫تنزيل من الرحمن الرحيــم "‬
‫الصلة والسلم ورده عن‬ ‫حــتى بلــغ ‪ " :‬فقــل أنــذرتكم‬
‫دعوته ‪..‬‬ ‫صــاعقة مثــل صــاعقة عــاد‬
‫‪32‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الكفار وجذبهم إلى الخير ‪..‬‬ ‫يدخل أبو عمران على النبي‬
‫سافر أحد الشباب للدراسة في‬ ‫‪ e‬وحوله أصحابه ‪ ..‬فيردد‬
‫ألمانيا فسكن في شقة ‪ ..‬وكان‬ ‫ً‬
‫عليه ما تردده قريش دوما ‪..‬‬
‫يسكن أمامه شاب ألماني ‪ ،‬ليس‬ ‫فرقت جماعتنا ‪ ..‬شتت‬
‫بينهما علقة ‪ ،‬لكنه جاره ‪..‬‬ ‫شملنا ‪ ..‬والنبي ‪ e‬ينصت‬
‫سافر اللماني فجأة ‪ ..‬وكان‬ ‫بلطف ‪..‬‬
‫موزع الجرائد يضع الجريدة كل‬ ‫حتى إذا انتهى ‪ ..‬قال له ‪e‬‬
‫يوم عند بابه ‪ ..‬انتبه صاحبنا إلى‬ ‫بكل أدب ‪..‬‬
‫كثرة الجرائد ‪ ..‬سأل عن جاره ‪..‬‬ ‫أفرغت يا أبا عمران ‪..‬‬
‫فعلم أنه مسافر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫م الجرائد ووضعها في درج‬ ‫َلـ ّ‬ ‫قال ‪ :‬فأجبني عما أسألك‬
‫خاص ‪ ..‬وصار يجمعها كل يوم‬ ‫عنه ‪..‬‬
‫ويرتبها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬قل ‪ ..‬أسمع ‪..‬‬
‫لما رجع صاحبه بعد شهرين أو‬ ‫فقال ‪ : ‬يا أبا عمران ‪..‬‬
‫ثلثة ‪ ..‬سلم عليه وهنأه بسلمة‬ ‫كم إلها ً تعبد اليوم ؟‬
‫الرجوع ‪ ..‬ثم ناوله الجرائد‬ ‫قال ‪ :‬سبعة ‪ !!..‬ستة في‬
‫‪..‬وقال له ‪ :‬خشيت أنك متابع‬ ‫الرض ‪ ..‬وواحدا ً في السماء‬
‫لمقال ‪ ..‬أو مشترك في‬ ‫‪!!..‬‬
‫مسابقة ‪ ..‬فأردت أن ل يفوتك‬ ‫قال ‪ :‬فأيهم تعد لرغبتك‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫ورهبتك ؟‬
‫نظر الجار إليه متعجبا ً من هذا‬ ‫قال ‪ :‬الذي في السماء ‪..‬‬
‫الحرص ‪ ..‬فقال ‪ :‬هل تريد أجرا ً‬
‫فقال ‪ ‬بكل لطف ‪ :‬يا‬
‫أو مكافأة على هذا ؟‬ ‫حصين أما إنك لو أسلمت‬
‫قال صاحبنا ‪ :‬ل ‪ ..‬لكن ديننا‬ ‫علمتك كلمتين ينفعانك ‪..‬‬
‫يأمرنا بالحسان إلى‬ ‫فما كان من حصين إل أن‬
‫الجار ‪ ..‬وأنت جار فل‬ ‫أسلم في مكانه فورا ً ‪..‬‬
‫بد من الحسان إليك‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫ثم ما زال صاحبنا محسنا ً إلى‬ ‫علمني الكلمتين اللتين‬
‫ذلك الجار ‪ ..‬حتى دخل في‬ ‫وعدتني ‪..‬‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬قل ‪ :‬اللهم‬
‫هذه والله هي المتعة الحقيقية‬ ‫ألهمني رشدي ‪ ..‬وأعذني‬
‫بالحياة ‪ ..‬أن تشعر أنك رقم‬ ‫من شر نفسي ‪..‬‬
‫على اليمين ‪ ..‬تتعبد لله بكل‬ ‫آآآه ما أروع هذا التعامل‬
‫شيء حتى بأخلقك ‪..‬‬ ‫الراقي ! وشدة تأثيره في‬
‫وكم صدّ أعدادا ً كبيرة من الكفار‬ ‫الناس عند مخالطتهم ‪..‬‬
‫عن الدخول في السلم‬ ‫وهذا التعامل السلمي‬
‫تعاملت فريق من المسلمين‬ ‫الدعوي يفيد في دعوة‬
‫‪33‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫توضأ وأقبلت إليه هرة ‪..‬‬ ‫معهم ‪ ..‬فيظلمونهم عمال ً ‪..‬‬
‫أصغى لها الناء ‪ ..‬فتشرب ‪ ..‬ثم‬ ‫ويغشونهم متسوقين ‪..‬‬
‫يتوضأ بفضلها ‪..‬‬ ‫ويؤذونهم جيرانا ً ‪..‬‬
‫ومّر ‪ r‬يوما ً على رجل ملقيا ً‬ ‫م نبدأ من جديد معهم ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬
‫شاة على الرض ‪ ..‬وقد وضع‬
‫رجله على صفحة عنقها ممسكا ً‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫لها ليذبحها ‪ ..‬وهو يحد‬ ‫خير الداعين من يدعو‬
‫شفرته ‪ ..‬وهي تلحظ إليه‬ ‫بأفعاله قبل أقواله ‪..‬‬
‫ببصرها ‪..‬‬
‫فغضب ‪ r‬لما رآه ‪ ..‬وقال ‪ :‬أتريد‬ ‫الحيوانات !!‬ ‫‪.14‬‬
‫أن تميتها موتتين ؟ هل حددت‬ ‫من صارت المهارات الحسنة‬
‫شفرتك قبل أن تضجعها ؟‬ ‫ديدنه ‪ ..‬تحولت إلى طبع‬
‫ومر يوما ً برجلين يتحدثان ‪ ..‬وقد‬ ‫يخالط دمه وعقله ‪ ..‬ل ينفك‬
‫ركب كل منهما على بعيره ‪..‬‬ ‫عنه أبدا ً ‪..‬‬
‫فلما رآهما رحم البعيرين ‪..‬‬ ‫فتجده دائما ً لينا ً هينا ً رفيقا ً‬
‫ونهى أن تتخذ الدواب كراسي ‪..‬‬ ‫متحمل ً عطوفا ً ‪ ..‬مع كل أحد‬
‫يعني ل تركب البعير إل وقت‬ ‫‪ ..‬حتى مع الحيوانات ‪..‬‬
‫الحاجة فقط ‪ ..‬فإذا انتهت‬ ‫والجمادات ‪..‬‬
‫حاجتك فانزل ودعه يرتاح ‪..‬‬ ‫كان رسول الله ‪ r‬في‬
‫ونهى ‪ r‬عن وسم الدابة في‬ ‫سفر ‪ ..‬فانطلق ليقضي‬
‫الوجه ‪..‬‬ ‫حاجته ‪..‬‬
‫ومن أطرف ما ذكر ‪..‬‬ ‫حمرة‬ ‫فرأى بعض الصحابة ُ‬
‫أنه كان للنبي ‪ r‬ناقة تسمى‬ ‫معها فرخان ‪ ..‬فأخذ بعضهم‬
‫العضباء ‪..‬‬ ‫فرخيها ‪ ..‬فجاءت الحمرة ‪..‬‬
‫ثم إن نفرا ً من المشركين‬ ‫فجعلت تحوم حولهم‬
‫ل للمسلمين ‪..‬‬ ‫أغاروا على إب ٍ‬ ‫وترفرف بجناحيها ‪..‬‬
‫كانت ترعى في أطراف‬ ‫فلما جاء النبي ‪ ‬ورآها ‪..‬‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫التفت إلى أصحابه وقال ‪:‬‬
‫فذهبوا بها ‪ ..‬وكانت العضباء‬ ‫من فجع هذه بولدها ؟ ردوا‬
‫فيها ‪..‬‬ ‫ولدها إليها ‪..‬‬
‫وأسروا امرأة من المسلمين ‪..‬‬ ‫وفي يوم آخر ‪ ..‬رأى ‪ r‬قرية‬
‫واستاقوها معهم ‪..‬‬ ‫نمل قد أحرقت ‪..‬‬
‫وهرب المشركون ‪ ..‬بالمرأة‬ ‫فقال ‪ :‬من أحرق هذه ؟‬
‫والبل ‪..‬‬ ‫قال بعض أصحابه ‪ :‬أنا ‪..‬‬
‫وكانوا إذا نزلوا أثناء الطريق ‪..‬‬ ‫فغضب وقال ‪ :‬ل ينبغي أن‬
‫أطلقوا البل ترعى حولهم ‪..‬‬ ‫ُيعذب بالنار إل رب النار ‪..‬‬
‫فنزلوا منزل ً فناموا ‪ ..‬فقامت‬ ‫وكان ‪ r‬من رأفته ‪ ..‬أنه إذا‬
‫‪34‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شـــيء تتعامـــل معـــه ‪ ..‬حـــتى‬ ‫المرأة بالليل لتهرب منهم ‪..‬‬
‫الجمادات والشجار ‪!!..‬‬ ‫فأقبلت إلى البل لتركب‬
‫كان النبي ‪ r‬يقوم يوم الجمعة ‪..‬‬ ‫إحداها ‪ ..‬فجعلت كلما أتت‬
‫فيسند ظهره إلى جذع منصوب‬ ‫على بعير رغا بأعلى‬
‫في المسجد فيخطب الناس ‪..‬‬ ‫ً‬
‫صوته ‪ ..‬فتتركه خوفا من‬
‫فقالت امرأة من النصار ‪:‬‬ ‫استيقاظهم ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬أل أجعل لك‬ ‫وجعلت تمر على البل واحدا ً‬
‫شيئا ً تقعد عليه ‪ ..‬فإن لي غلما ً‬ ‫واحدا ً ‪..‬‬
‫نجارا ً ‪..‬‬ ‫حتى أتت على العضباء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬إن شئت ‪..‬‬ ‫فحركتها فإذا ناقة ذلول‬
‫فعملت له المنبر ‪..‬‬ ‫مجرسة ‪ ..‬فركبتها المرأة ‪..‬‬
‫فلما كان يوم الجمعة ‪ ..‬صعد‬ ‫ثم وجهتها نحو المدينة ‪..‬‬
‫النبي ‪ r‬على المنبر الذي صنع‬ ‫فانطلقت العضباء مسرعة ‪..‬‬
‫له ‪..‬‬ ‫فلما شعرت المرأة‬
‫فلما قعد ‪ r‬على ذلك المنبر ‪..‬‬ ‫بالنجاة ‪ ..‬اشتد فرحها ‪..‬‬
‫خار الجذع كخوار الثور ‪..‬‬ ‫فقالت ‪:‬‬
‫ً‬
‫ي نذرا ‪ ..‬إن‬ ‫اللهم إن لك عل ّ‬
‫وصاحت النخلة ‪ ..‬حتى كادت أن‬
‫تنشق ‪ ..‬وارتج المسجد ‪..‬‬ ‫أنجيتني عليها أن‬
‫فنزل النبي ‪ r‬فضم الجذع‬ ‫أنحرها ‪!!..‬‬
‫إليه ‪ ..‬فجعلت النخلة تئن أنين‬ ‫وصلت المرأة إلى المدينة ‪..‬‬
‫كت حتى‬ ‫الصبي الذي ُيس ّ‬ ‫فعرف الناس ناقة النبي‬
‫استقرت ‪..‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫نزلت لمرأة في بيتها ومضوا‬
‫ثم قال ‪ ) : r‬أما و الذي نفس‬
‫بالناقة إلى النبي ‪.. ‬‬
‫محمد بيده ‪ ..‬لو لم ألتزمه لما‬
‫فجاءت المرأة تطلب الناقة‬
‫زال هكذا إلى يوم القيامة ‪.. ( ..‬‬
‫لتنحرها !!‬
‫فقال ‪ : ‬بئس ما‬
‫إشارة ‪..‬‬
‫جزيتيها ‪ ..‬أو بئس ما‬
‫الله كّرم النسان ‪ ..‬لكن ذلك ل‬
‫جزتها ‪ ..‬إن أنجاها الله‬
‫يفتح المجال له لضطهاد بقية‬
‫عليها لتنحرنها !!‬
‫المخلوقات ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ " : r‬ل وفاء لنذر‬
‫في معصية الله ول فيما ل‬
‫‪ 100 .15‬طريقة لكسب قلوب‬
‫يملك ابن آدم " ‪.‬‬
‫الناس‬
‫فلماذا ل تحول مهاراتك فــي‬
‫كل صاحب هم يتفنن في صيد‬
‫التعامــل – كــالرفق والبشــر‬
‫ما يريد ‪..‬‬
‫والكرم – إلى ســجية تلزمــك‬
‫عاشق المال يتفنن في جمعه‬
‫على جميع أحوالك ‪ ..‬مع كــل‬
‫‪35‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وصافحك بحرارة ‪ ..‬واحتفى‬ ‫وتنميته ‪ ..‬ويحرص على تعلم‬
‫بقدومك ‪ ..‬وأنت ل تعرفه ول‬ ‫مهارات التجارة والربح ‪..‬‬
‫يعرفك !!‬ ‫القنوات الفضائية تتفنن في‬
‫ثم أكملت سلمك على الناس ‪..‬‬ ‫اصطياد الناس بتنويع‬
‫وجلست ‪..‬‬ ‫البرامج واختيار الساليب‬
‫بالله عليك ! أل تشعر أن قلبك‬ ‫المتجددة ‪ ..‬وتدريب مقدمي‬
‫ينجذب نحو ذلك الشخص ؟‬ ‫البرامج على مهارات تجذب‬
‫بلى ‪ ..‬ينجذب إليه ‪ ..‬وأنت ل‬ ‫الناس لمتابعتها ‪..‬‬
‫تعرفه ‪ ..‬ول تدري عن اسمه ‪..‬‬ ‫وقل مثل ذلك في وسائل‬
‫ول تعلم وظيفته ول مركزه ‪..‬‬ ‫العلم المقروءة ‪..‬‬
‫ومع ذلك استطاع أن يسلب‬ ‫والمسموعة ‪..‬‬
‫قلبك ‪ ..‬ل بماله ‪ ..‬ول بمنصبه ‪..‬‬ ‫ومثله مروجو البضائع‬
‫ول بحسبه ونسبه ‪ ..‬وإنما‬ ‫المختلفة سواء كانت حلل ً‬
‫بمهارات تعامله ‪..‬‬ ‫أم حراما ً ‪..‬‬
‫إذن القلوب ل تكسب بالقوة ول‬ ‫كلهم يحرصون على إتقان‬
‫بالمال ول بالجمال ول بالوظيفة‬ ‫المهارات التي تفيدهم في‬
‫‪ ..‬وإنما تكسب بأقل من ذلك‬ ‫مجالهم الذي يحبونه ‪..‬‬
‫وأسهل ‪ ..‬ومع ذلك فقليل من‬ ‫وكسب القلوب فن من‬
‫يستطيع كسبها ‪..‬‬ ‫الفنون له طرقه وأساليبه ‪..‬‬
‫أذكر أن أحد طلبي في الكلية‬ ‫هب أنك دخلت مجلسا ً فيه‬
‫أصيب بمرض نفسي ‪ ..‬كان نوعا ً‬ ‫أربعون رجل ً ‪ ..‬فمررت‬
‫صعبا ً من الكتئاب ‪..‬‬ ‫بالناس تصافحهم ‪..‬‬
‫كان والده ضابطا ً يشغل منصبا ً‬ ‫فالول مددت يدك إليه‬
‫عاليا ً ‪ ..‬جاء مرارا ً إلى الكلية‬ ‫مسلما ً فناولك طرف يده ‪..‬‬
‫وقابلني وتعاوّنا على علج‬ ‫وقال ببرود ‪ :‬أهل ً ‪ ..‬أهل ً ‪..‬‬
‫ابنه ‪..‬‬ ‫والثاني كان مشغول ً بحديث‬
‫كنت أذهب إلى بيتهم أحيانا ً‬ ‫جانبي ‪ ..‬ففاجأته بالسلم ‪..‬‬
‫فأراه قصرا ً منيفا ً ‪ ..‬وأرى‬ ‫فرد ببرود أيضا ً وصافحك‬
‫مجلس الب مليئا ً بالضيوف ‪ ..‬ل‬ ‫دون أن ينظر إليك ‪..‬‬
‫تكاد تجد فيه مكانا ً فارغا ً ‪..‬‬ ‫والثالث كان يتحدث‬
‫كنت أعجب من محبة الناس لهذا‬ ‫بهاتفه ‪ ..‬فمد يده إليك دون‬
‫الرجل وإقبالهم عليه ‪..‬‬ ‫أن يتلفظ بكلمة ترحيب ‪ ..‬أو‬
‫مضت سنوات وتقاعد الب من‬ ‫يبدي لك أي اهتمام ‪..‬‬
‫منصبه ‪..‬‬ ‫أما الرابع ‪ ..‬فلما رآك مقبل ً‬
‫فذهبت إليه زائرا ً ‪ ..‬دخلت‬ ‫قام مستعدا ً للسلم ‪ ..‬فلما‬
‫القصر ‪ ..‬ثم دلفت إلى المجلس‬ ‫التقت عينك بعينه ابتسم‬
‫وفيه أكثر من خمسين كرسيا ً ‪..‬‬ ‫وأظهر البشاشة بلقياك ‪..‬‬
‫‪36‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شابا ً تقع له مشكلة فيشكوها‬ ‫فلم أر في المجلس إل‬
‫إلى صديق أو إمام مسجد أو‬ ‫الرجل يتابع برنامجا ً في‬
‫مدرس ‪ ..‬ويترك أباه ‪ ..‬لن الب‬ ‫التلفاز ‪ ..‬وخادما ً يخدمه‬
‫لم يكسب قلبه ‪ ..‬ولم يحطم‬ ‫بالقهوة والشاي ‪ ..‬جلست‬
‫السوار بينهما ‪ ..‬بينما كسب‬ ‫معه قليل ً ‪..‬‬
‫هذا القلب مدرس أو صديق ‪..‬‬ ‫فلما خرجت جعلت أتذكر‬
‫وربما كسبه عدو حاقد !!‬ ‫حاله لما كان في وظيفته ‪..‬‬
‫وأمر آخر مهم ‪..‬‬ ‫وحاله الن ‪ ..‬ما الذي كان‬
‫أل تلحظ معي أن بعض الناس‬ ‫يجمع الناس فيما مضى ؟‬
‫إذا دخل مجلسا ً مزدحما ً ‪ ..‬وجعل‬ ‫ما الذي كان يجعلهم يلتمون‬
‫يتلفت باحثا ً عن مكان يجلس‬ ‫عليه مؤانسين متحببين ؟!‬
‫فيه ‪ ..‬رأيت الجالسين‬ ‫أدركت عندها أن الرجل لم‬
‫يتسابقون عليه كل يناديه‬ ‫يكسب الناس بأخلقه‬
‫ليجلس بجانبه !‪ ..‬لماذا؟‬ ‫ولطفه وحسن تعامله ‪..‬‬
‫هل دعيت يوما ً إلى عشاء ‪..‬‬ ‫وإنما كسبهم بمنصبه‬
‫وكان بنظام ) البوفيه المفتوح (‬ ‫ووجاهته وسعة علقاته ‪..‬‬
‫‪ ..‬بحيث إن كل شخص يأخذ‬ ‫فلما زال المنصب زالت معه‬
‫طعامه في طبق ويجلس على‬ ‫المحبة ‪..‬‬
‫إحدى الطاولت الدائرية ‪ ..‬ألم‬ ‫فخذ من صاحبنا درسا ً ‪..‬‬
‫تر بعض الناس ما إن يمل طبقه‬ ‫وتعامل مع الناس بمهارات‬
‫بالطعام حتى يتهافت عدد من‬ ‫تجعلهم يحبونك لشخصك ‪..‬‬
‫الناس يشيرون إليه بوجود مكان‬ ‫يحبون أحاديثك وابتسامتك‬
‫فارغ ‪ ..‬ليجلس معهم ‪..‬‬ ‫ورفقك وحسن معشرك ‪..‬‬
‫بينما آخر يمل طبقه بالطعام ‪..‬‬ ‫يحبون تغاضيك عن أخطائهم‬
‫ويتلفت ول أحد يناديه أو يقبل‬ ‫‪ ..‬ووقوفك معهم في‬
‫عليه ‪ ..‬حتى تسوقه قدماه إلى‬ ‫مصائبهم ‪..‬‬
‫إحدى الطاولت ‪..‬‬ ‫ل تجعل قلوبهم معلقة‬
‫لماذا حرص الناس على الول‬ ‫بكرسيك وجيبك !!‬
‫دون الثاني ‪..‬‬ ‫الذي يوفر لولده وزوجته‬
‫أل تشعر أن بعض الناس تقبل‬ ‫المال والطعام والشراب لم‬
‫عليه القلوب أينما كان ‪ ..‬وكأن‬ ‫يكسب قلوبهم ‪ ..‬وإنما‬
‫في يده مغناطيس يجذبها به‬ ‫كسب بطونهم ‪..‬‬
‫جذبا ً !!‬ ‫والذي يغدق على أهله‬
‫عجبا ً ! كيف استطاع هؤلء‬ ‫الموال ‪ ..‬مع سوء‬
‫جميعا كسب الناس ؟!‬ ‫التعامل ‪ ..‬لم يكسب قلوبهم‬
‫إنها طرق ذكية يستطيع بها‬ ‫‪ ..‬إنما كسب جيوبهم ‪..‬‬
‫الشخص أن يصيد بها القلوب ‪..‬‬ ‫لذلك ل تستغرب إذا وجدت‬
‫‪37‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والفقير ‪ ..‬والمدير والفراش ‪..‬‬
‫لو مررت يوما ً بعامل مسكين‬ ‫قرار ‪..‬‬
‫يكنس الشارع ‪ ..‬ومد يده إليك ؟‬ ‫قدرتنا على أسر قلوب‬
‫ودخلت يوما ً آخر على مسئول‬ ‫الخرين ‪ ..‬وكسب محبتهم‬
‫كبير فمد يده ‪ ..‬هل هما‬ ‫الصادقة ‪ ..‬تمنحنا جانبا ً كبيرا ً‬
‫متساويان ؟ في احتفائك بهما ‪..‬‬ ‫من المتعة بالحياة ‪..‬‬
‫وتبسمك وبشاشتك ؟‬
‫ل أدري !!‬ ‫أحسن النية‪ ..‬لوجه‬ ‫‪.16‬‬
‫أما رسول الله ‪ e‬فكانا عنده‬ ‫الله ‪..‬‬
‫متساويين في الحتفاء والنصح‬ ‫جعلت أتأمل أساليب تعامل‬
‫والشفقة ‪..‬‬ ‫بعض الشخاص ‪ ..‬وعشت‬
‫وما يدريك لعل من تزدريه‬ ‫معهم سنين ‪ ..‬ل أذكر أني‬
‫وتتكبر عليه يكون عند الله خيرا ً‬ ‫رأيت منهم ابتسامة ‪ ..‬بل‬
‫من ملء الرض من مثل الذي‬ ‫ول حتى مجاملة بضحك على‬
‫تكرمه وتقبل عليه ‪..‬‬ ‫طرفة ‪ ..‬أو تفاعل مع‬
‫قال ‪ ) ‬إن من أحبكم إلي‬ ‫متحدث ‪ ..‬كنت أظن أنهم‬
‫وأقربكم مني مجلسا ً يوم‬ ‫نشئوا هكذا ول يستطيعون‬
‫القيامة أحاسنكم أخلقا ً ( )‪.. (15‬‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫وقال للشج بن عبد قيس ‪ ) :‬إن‬ ‫ثم تفاجأت برؤيتهم في‬
‫فيك لخصلتين يحبهما الله‬ ‫مواطن معينة ‪ ..‬ومع بعض‬
‫ورسوله ( ‪..‬‬ ‫الناس – من الغنياء‬
‫فما هما الخصلتان ‪ :‬قيام‬ ‫وأصحاب النفوذ تحديدا ً –‬
‫الليل ! صيام النهار ؟ ‪..‬‬ ‫يحسنون الضحك والتلطف ‪..‬‬
‫استبشر الشج ‪ .. t‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫فأدركت أنهم ما يفعلون‬
‫هما يا رسول الله ؟ فقال عليه‬ ‫ذلك إل لمصلحة ‪ ..‬فيفوتهم‬
‫الصلة والسلم ) الحلم ‪..‬‬ ‫بذلك أجر عظيم ‪..‬‬
‫)‪(16‬‬
‫والناة ( ‪..‬‬ ‫إذن المؤمن يتعبد لله تعالى‬
‫وسئل ‪ r‬عن البر ؟‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫بأخلقه ومهارات تعامله ‪..‬‬
‫)‪(17‬‬
‫) البر حسن الخلق ( ‪..‬‬ ‫مع جميع الناس ‪ ..‬ل لجل‬
‫وسئل عن أكثر ما يدخل الناس‬ ‫منصب أو مال ‪ ..‬ول لجل‬
‫الجنة فقال ‪ ) :‬تقوى الله‬ ‫أن يمدحه الناس ‪ ..‬ول لجل‬
‫)‪(18‬‬
‫وحسن الخلق ( ‪..‬‬ ‫أن يزوج أو يسلف مال ً ‪..‬‬
‫وإنما ليحبه الله ويحببه إلى‬
‫خلقه ‪..‬‬
‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪15‬‬

‫نعم ‪ ..‬من اعتبر حسن الخلق‬


‫) ( رواه أحمد‬ ‫‪16‬‬

‫عبادة ‪ ..‬صار يتعامل بأحسن‬


‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪17‬‬

‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪18‬‬


‫المهارات مع الغني‬
‫‪38‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الخلق بخيري الدنيا والخرة ‪..‬‬ ‫وقال ‪ ) : r‬أكمل المؤمنين‬
‫نعم ذهب بخيري الدنيا‬ ‫إيمانا ً أحاسنهم أخلقا ً‬
‫والخرة ‪..‬‬ ‫الموطؤون أكنافا ً الذين‬
‫أما خير الدنيا فهو ما يكون له‬ ‫يألفون ويؤلفون ول خير‬
‫من محبة في قلوب الخلق ‪..‬‬ ‫فيمن ل يألف ول يؤلف ( ‪..‬‬
‫وأما خير الخرة فهو ما يكون له‬ ‫)‪(19‬‬

‫من الجر العظيم ‪..‬‬ ‫وقال ‪ ) : ‬ما شيء أثقل‬


‫ومهما أكثر النسان من العمال‬ ‫في الميزان من حسن الخلق‬
‫الصالحات ‪ ..‬فإنها قد تفسد‬ ‫)‪(20‬‬
‫( ‪..‬‬
‫عليه إذا كان سيء الخلق ‪..‬‬ ‫وقال ‪ ) : r‬إن الرجل ليبلغ‬
‫ل امرأة ‪..‬‬ ‫ذكر للنبي ‪ r‬حا ُ‬ ‫ُ‬ ‫بحسن خلقه درجة قائم‬
‫وذكر له أنها تصلي وتصوم‬ ‫)‪(21‬‬
‫الليل وصائم النهار ( ‪..‬‬
‫وتتصدق وتفعل ‪ ..‬لكنها تؤذي‬ ‫ومن حسن خلقه ربح في‬
‫جيرانها بلسانها ‪ )..‬يعني سيئة‬ ‫الدارين ‪ ..‬وإن شئت فانظر‬
‫الخلق ( ‪..‬‬ ‫إلى أم سلمة ‪.. t‬‬
‫فقال ‪ ) : r‬هي في النار ( ‪..‬‬ ‫وقد جلست مع رسول الله ‪r‬‬
‫وقد كان النبي ‪ r‬السوة الحسنة‬ ‫‪ ..‬فتذكرت الخرة وما أعد‬
‫‪..‬‬ ‫الله فيها ‪..‬‬
‫م‬
‫في كل خلق حميد ‪ ..‬كان أكر َ‬ ‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫عهم ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وأشج َ‬ ‫المرأة يكون لها زوجان في‬
‫مهم ‪..‬‬ ‫وأحل َ‬ ‫الدنيا ‪ ..‬فإذا ماتت ‪ ..‬وماتا ‪..‬‬
‫كان أشدّ حياءً من العذراء في‬ ‫فإذا ماتت وماتا ودخلوا‬
‫خدرها ‪..‬‬ ‫جميعا ً إلى الجنة ‪ ..‬فلمن‬
‫كان أمينا ً صادقا ً ‪ ..‬يشهد له‬ ‫تكون ؟‬
‫الكفار بذلك قبل المؤمنين ‪..‬‬ ‫فماذا قال ؟ تكون لطولهما‬
‫والفساقُ قبل الصالحين ‪..‬‬ ‫قياما ً ؟ أم لكثرهما صياما ً ؟‬
‫حتى قالت خديجة ‪ t‬أول ما نزل‬ ‫أم لوسعهما علما ً ؟ كل ‪..‬‬
‫عليه الوحي ‪ ..‬لما رأت تغير‬ ‫وإنما قال ‪ :‬تكون لحسنهما‬
‫حاله ‪ ..‬قالت ‪:‬‬ ‫خلقا ً ‪..‬‬
‫والله ل يخزيك الله أبدا ً ‪..‬‬ ‫فعجبت أم سلمة ‪ ..‬فلما رأى‬
‫) لمـــاذا ؟؟ ( ‪..‬‬ ‫دهشتها قال عليه الصلة‬
‫إنك لتصل الرحم ‪..‬‬ ‫والسلم ‪:‬‬
‫وتحمل الكل ‪..‬‬ ‫ياااا أم سلمة ‪ ..‬ذهب حسن‬
‫وتكسب المعدوم ‪..‬‬
‫وتقري الضيف ‪..‬‬ ‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪19‬‬

‫وتعين على نوائب الحق ‪..‬‬ ‫) ( رواه البخاري في الدب المفرد‬ ‫‪20‬‬

‫وتصدق الحديث ‪..‬‬ ‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪21‬‬

‫‪39‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حطمه الناس ‪..‬‬ ‫وتؤدي المانة ‪..‬‬
‫***‬ ‫ً‬ ‫وإذا كانت النفوس كبارا‬ ‫بل أثنى الله عليه ثناء نتلوه‬
‫تعبت في مرادها الجسام‬ ‫إلى يوم القيامة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫بل بلغ من حرصه ‪ r‬على الخلق‬ ‫) وإنك لعلى خلق عظيم ( ‪..‬‬
‫الحسن ‪ ..‬أنه كان يدعو الله‬ ‫قه القرآن ‪..‬‬ ‫وكان ‪ r‬خل َ‬
‫فيقول – ) اللهم كما أحسنت‬ ‫نعم خلقه القرآن ‪ ..‬فإذا قرأ‬
‫خلقي ( )‪.. (22‬‬ ‫خْلقي فأحسن ُ‬ ‫َ‬ ‫) وأحسنوا إن الله يحب‬
‫وكان يقول ‪ ) :‬اللهم أهدني‬ ‫المحسنين ( ‪ ..‬أحسن ‪ ..‬نعم‬
‫لحسن الخلق ل يهدي‬ ‫أحسن إلى الكبير والصغير ‪..‬‬
‫لحسنها إل أنت‪ ،‬وأصرف عني‬ ‫والغني والفقير ‪ ..‬إلى‬
‫سيئها ل يصرف عني سيئها إل‬ ‫شرفاء الناس ووضعائهم ‪..‬‬
‫)‪(23‬‬
‫أنت (‬ ‫وكبارهم وصغارهم ‪..‬‬
‫فنحن نحتاج إلى أن نقتدي به ‪r‬‬ ‫وإذا سمع قول الله ‪:‬‬
‫في أخلقه ‪..‬‬ ‫حوا ( ‪ ..‬عفا‬ ‫ف ُ‬ ‫ص َ‬
‫وا ْ‬ ‫فوا َ‬‫ع ُ‬ ‫) َ‬
‫فا ْ‬
‫مع المسلمين لكسبهم ودعوتهم‬ ‫وصفح ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وإذا تل ‪ ) :‬وقولوا للناس‬
‫بل ومع الكافرين ليعرفوا‬ ‫حسنا ً ( ‪ ..‬تكلم بأحسن‬
‫حقيقة السلم ‪..‬‬ ‫الكلم ‪..‬‬
‫فمادام أنه ‪ r‬قدوتنا ‪..‬‬
‫إشارة ‪..‬‬ ‫جنا ‪..‬‬ ‫ومنهجه منه ُ‬
‫أحسن النية ‪ ..‬لتكون مهارات‬ ‫تأمل حياته ‪ .. r‬كيف كان‬
‫تعاملك مع الخرين عبادة‬ ‫يتعامل مع الناس ‪ ..‬كيف‬
‫تتقرب بها إلى الله ‪..‬‬ ‫كان يعالج أخطاءهم ‪..‬‬
‫ويتحمل أذاهم ‪..‬‬
‫طعم‬‫استعمل ال ّ‬ ‫‪.17‬‬ ‫كيف كان يتعب لراحتهم ‪..‬‬
‫المناسب !!‬ ‫وينصب لدعوتهم ‪..‬‬
‫الناس بطبيعتهم يتفقون في‬ ‫فيوما ً تراه يسعى في حاجة‬
‫أشياء كلهم يحبونها ويفرحون‬ ‫مسكين ‪ ..‬ويوما ً يفصل‬
‫بها ‪..‬‬ ‫خصومة بين المؤمنين ‪..‬‬
‫ويتفقون في أشياء أخرى كلهم‬ ‫ويوما ً يدعو الكافرين ‪..‬‬
‫يكرهونها ‪..‬‬ ‫حتى كبرت سنه ‪ ..‬ورق‬
‫ويختلفون في أشياء منهم من‬ ‫عظمه ‪ ..‬ووصفت عائشة‬
‫يفرح بها ‪ ..‬ومنهم من يستثقلها‬ ‫حاله فقالت ‪:‬‬
‫‪..‬‬ ‫كان أكثُر صلة النبي ‪r‬‬
‫بعدما كبر جالسا ً‬
‫) ( رواه أحمد‬ ‫‪22‬‬ ‫) لمـــاذا ؟؟ ( ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪23‬‬ ‫بعدما حطمه الناس ‪ ..‬نعم ‪..‬‬
‫‪40‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الشخص مع زملئه ‪ ..‬أو‬ ‫فكل الناس يحبون التبسم‬
‫جيرانه ‪ ..‬أو إخوانه ‪..‬‬ ‫في وجوههم ‪ ..‬ويكرهون‬
‫ل تحسب الناس طبعا ً واحدا ً‬ ‫العبوس والكآبة ‪..‬‬
‫فلهم‬ ‫لكنهم إلى جانب ذلك ‪..‬‬
‫طبائع لست تحصيهن ألوان‬ ‫منهم من يحب المرح‬
‫أذكر أن عجوزا ً صالحة – وهي أم‬ ‫والمزاح ‪ ..‬ومنهم من‬
‫لحد الصدقاء – كانت تمدح أحد‬ ‫يستثقله ‪..‬‬
‫أولدها كثيرا ً ‪ ..‬وترتاح إذا زارها‬ ‫منهم من يحب أن يزوره‬
‫أو تحدث معها ‪ ..‬مع أن بقية‬ ‫الناس ويدعونه ‪ ..‬ومنهم‬
‫أولدها يبرون بها ويحسنون‬ ‫النطوائي ‪..‬‬
‫إليها ‪ ..‬لكن قلبها مقبل على‬ ‫ومنهم من يحب الحاديث‬
‫ذاك الولد ‪..‬‬ ‫وكثرة الكلم ‪ ..‬ومنهم من‬
‫كنت أبحث عن السّر ‪ ..‬حتى‬ ‫يبغض ذلك ‪..‬‬
‫جلست معه مرة فسألته عن‬ ‫وكل واحد في الغالب يرتاح‬
‫ذلك ‪ ..‬فقال لي ‪ :‬المشكلة أن‬ ‫لمن وافق طباعه ‪ ..‬فلماذا‬
‫إخواني ل يعرفون طبيعة أمي ‪..‬‬ ‫ل توافق طباع الجميع عند‬
‫فإذا جلسوا معها صاروا عليها‬ ‫مجالستهم ‪ ..‬وتعامل كل‬
‫ثقلء ‪..‬‬ ‫واحد بما يصلح له ليرتاح‬
‫فقلت له مداعبا ً ‪ :‬وهل اكتشف‬ ‫إليك ؟‬
‫معاليكم طبيعتها ‪!!..‬‬ ‫ذكروا أن رجل ً رأى صقرا ً‬
‫ضحك صاحبي وقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫يطير بجانب غراب !!‬
‫سأخبرك بالسّر ‪..‬‬ ‫فعجب ‪ ..‬كيف يطير ملك‬
‫أمي كبقية العجائز ‪ ..‬تحب‬ ‫الطيور مع غراب !! فجزم‬
‫الحديث حول النساء وأخبار من‬ ‫أن بينهما شيئا ً مشتركا ً‬
‫تزوجت وطلقت ‪ ..‬وكم عدد‬ ‫جعلهما يتوافقان ‪..‬‬
‫أبناء فلنة ‪ ..‬وأيهم أكبر ‪..‬‬ ‫فجعل يتبعهما ببصره ‪ ..‬حتى‬
‫ومتى تزوج فلن فلنة ؟ وما‬ ‫تعبا من الطيران فحطا على‬
‫اسم أول أولدهما ‪..‬‬ ‫الرض فإذا كلهما أعرج !!‬
‫إلى غير ذلك من الحاديث التي‬ ‫فإذا علم الولد أن أباه يؤثر‬
‫أعتبرها أنا غير مفيدة ‪ ..‬لكنها‬ ‫السكوت ول يحب كثرة‬
‫تجد سعادتها في تكرارها ‪..‬‬ ‫الكلم ‪ ..‬فليتعامل معه بمثل‬
‫وتشعر بقيمة المعلومات التي‬ ‫ذلك ليحبه ويأنس بقربه ‪..‬‬
‫تذكرها ‪ ..‬لننا لن نقرأها في‬ ‫وإذا علمت الزوجة أن زوجها‬
‫كتاب ولن نسمعها في شريط ‪..‬‬ ‫يحب المزاح ‪ ..‬فلتمازحه ‪..‬‬
‫ول تجدها – قطعا ً – في شبكة‬ ‫فإن علمت أنه ضد ذلك‬
‫النترنت !!‬ ‫فلتتجنب ‪..‬‬
‫فتشعر أمي وأنا أسألها عنها‬ ‫وقل مثل ذلك عند تعامل‬
‫‪41‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فسابقته ‪ ..‬وركضت وركضت ‪..‬‬ ‫أنها تأتي بما لم يأت به‬
‫حتى سبقته ‪..‬‬ ‫الولون ‪ ..‬فتفرح وتنبسط ‪..‬‬
‫وبعدها بزمان ‪ ..‬خرجت معه ‪r‬‬ ‫فإذا جالستها حركت فيها‬
‫في سفر ‪..‬‬ ‫هذه المواضيع فابتهجت ‪..‬‬
‫بعدما كبرت وسمنت ‪ ..‬وحملت‬ ‫ومضى الوقت وهي‬
‫اللحم وبدنت ‪..‬‬ ‫تتحدث ‪..‬‬
‫فقال ‪ r‬للناس ‪ :‬تقدموا ‪..‬‬ ‫وإخواني ل يتحملون سماع‬
‫فتقدموا ‪..‬‬ ‫هذه الخبار ‪ ..‬فيشغلونها‬
‫ي حتى‬ ‫ثم قال لعائشة ‪ :‬تعال ْ‬ ‫بأخبار ل تهمها ‪ ..‬وبالتالي‬
‫أسابقك ‪ ..‬فسابقته ‪..‬‬ ‫تستثقل مجلسهم ‪ ..‬وتفرح‬
‫فسبقها ‪..‬‬ ‫بي !!‬
‫فلما رأى ذلك ‪..‬‬ ‫هذا كل ما هنالك ‪..‬‬
‫جعل يضحك ويضرب بين كتفيها‬ ‫نعم أنت إذا عرفت طبيعة‬
‫‪ ..‬ويقول ‪ :‬هذه بتلك ‪ ..‬هذه‬ ‫من أمامك ‪ ..‬وماذا يحب‬
‫بتلك ‪..‬‬ ‫وماذا يكره ‪ ..‬استطعت أن‬
‫بينما كان يتعامل مع خديجة‬ ‫تأسر قلبه ‪..‬‬
‫تعامل ً آخر ‪ ..‬فقد كانت تكبره‬ ‫ومن تأمل في تعامل النبي‬
‫في السن بخمس عشرة سنة ‪..‬‬ ‫‪ .. e‬مع الناس وجد أنه كان‬
‫حتى مع أصحابه ‪ ..‬كان يراعي‬ ‫يعامل مع كل شخص بما‬
‫ذلك ‪ ..‬فلم يلبس أبا هريرة‬ ‫يتناسب مع طبيعته ‪..‬‬
‫عباءة خالد ‪ ..‬ولم يعامل أبا بكر‬ ‫في تعامله مع زوجاته كان‬
‫كما يعامل طلحة ‪..‬‬ ‫يعامل كل واحدة بالسلوب‬
‫وكــان يتعامــل مــع عمــر تعــامل ً‬ ‫الذي يصلح لها ‪..‬‬
‫خاصــا ً ‪ ..‬ويســند إليــه أشــياء ل‬ ‫عائشة كانت شخصيتها‬
‫يسندها إلى غيره ‪..‬‬ ‫انفتاحية ‪ ..‬فكان يمزح‬
‫انظر إليه ‪ e‬وقد خرج مع أصحابه‬ ‫معها ‪ ..‬ويلطفها ‪..‬‬
‫إلى بدر ‪..‬‬ ‫ذهبت معه مرة في سفر ‪..‬‬
‫فلمــا ســمع بخــروج قريــش ‪..‬‬ ‫فلما قفلوا راجعين واقتربوا‬
‫عـــرف أن رجـــال ً مـــن قريـــش‬ ‫من المدينة ‪ ..‬قال ‪ ‬للناس‬
‫سيحضرون إلى ســاحة المعركــة‬ ‫‪:‬‬
‫كره ـا ً ‪ ..‬ولــن يقــع منهــم قتــال‬ ‫تقدموا عنا ‪..‬‬
‫على المسلمين ‪..‬‬ ‫فتقدم الناس عنه ‪ ..‬حتى‬
‫فقام ‪ e‬في أصحابه وقال ‪ :‬إنــي‬ ‫بقي مع عائشة ‪..‬‬
‫قد عرفت رجال ً من بنــي هاشــم‬ ‫وكانت جارية حديثة السن ‪..‬‬
‫وغيرهــم قــد أخرجــوا كرهـا ً ‪ ..‬ل‬ ‫نشيطة البدن ‪..‬‬
‫حاجة لهم بقتالنا ‪..‬‬ ‫فالتفت إليها ثم قال ‪:‬‬
‫فمن لقي منكــم أحــدا ً مــن بنــي‬ ‫ي حتى أسابقك ‪..‬‬ ‫تعال ْ‬
‫‪42‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فــوجه نظــره فــورا ً إلــى عمــر ‪..‬‬ ‫هاشم فل يقتله ‪..‬‬
‫ولم يلتفت إلى غيره ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫ومــن لقــي أبــا البخــتري بــن‬
‫يا أبا حفص ‪ ..‬أيضــرب وجــه عــم‬ ‫هشام فل يقتله ‪..‬‬
‫رسول الله بالسيف ؟!‬ ‫ومن لقــي العبــاس بــن عبــد‬
‫قال عمر ‪ :‬واللــه إنــه لول يــوم‬ ‫المطلــب عــم رســول اللــه ‪e‬‬
‫كناني فيــه رســول اللــه ‪ e‬بــأبي‬ ‫فل يقتله ‪ ..‬فــإنه إنمــا خــرج‬
‫حفص ‪..‬‬ ‫مستكرها ً ‪..‬‬
‫وكــان عمــر رهــن إشــارة النــبي‬ ‫وقيل إن العباس كان مسلما ً‬
‫‪ .. e‬ويعلم أنهم في ساحة قتــال‬ ‫يكتم إسلمه ‪ ..‬وينقل أخبــار‬
‫ل مجــال فيهــا للتســاهل فــي‬ ‫قريش إلى رسول اللــه ‪.. e‬‬
‫التعامــل مــع مــن يخــالف أمــر‬ ‫فلم يحب النــبي ‪ e‬أن يقتلــه‬
‫القــــائد ‪ ..‬أو يعــــترض أمــــام‬ ‫المسلمون ‪ ..‬ولم يحب كذلك‬
‫الجيش ‪..‬‬ ‫أن يظهر أمر إسلمه ‪..‬‬
‫فاختار عمر حل ً صارما ً فقال ‪ :‬يا‬ ‫كـــانت هـــذه المعركـــة أول‬
‫رسول الله دعني فلضرب عنقه‬ ‫معركــــــة تقــــــوم بيــــــن‬
‫بالسيف ‪..‬‬ ‫الفريقيـــــن ‪ ..‬المســـــلمين‬
‫فمنعــه النــبي ‪ .. e‬ورأى أن هــذا‬ ‫وكفار قريش ‪..‬‬
‫التهديد كاف في تهدئة الوضع ‪..‬‬ ‫وكــانت نفــوس المســلمين‬
‫كان أبو حذيفــة ‪ t‬رجل ً صــالحا ً ‪..‬‬ ‫مشدودة ‪ ..‬فهم لم يسـتعدوا‬
‫فكان بعدها يقول ‪ :‬ما أنــا بــآمن‬ ‫لقتال ‪ ..‬وســيقاتلون أقربــاء‬
‫مـــن تلـــك الكلمـــة الـــتي قلـــت‬ ‫وأبناء وآباء ‪..‬‬
‫يومئذ ‪ ..‬ول أزال منهــا خائفـا ً إل‬ ‫وهذا رســول اللــه ‪ e‬يمنعهــم‬
‫أن تكفرهـــا عنـــي الشـــهادة ‪..‬‬ ‫من قتل البعض ‪..‬‬
‫فقتل يوم اليمامة شهيدا ً ‪.. t‬‬ ‫وكان عتبة بن ربيعة من كبار‬
‫هذا عمر ‪ ..‬كان ‪ e‬يعلم بنوع‬ ‫كفــار قريــش ‪ ..‬ومــن قــادة‬
‫العمال التي يسندها إليه ‪..‬‬ ‫الحرب ‪..‬‬
‫فليس المر متعلقا ً بجمع‬ ‫وكــان ابنــه أبــو حذيفــة بــن‬
‫صدقات ‪ ..‬ول بإصلح متخاصمين‬ ‫عتبــــة بــــن ربيعــــة ‪ ..‬مــــع‬
‫‪ ..‬ول بتعليم جاهل ‪ ..‬وإنما هم‬ ‫المسلمين ‪ ..‬فلــم يصــبر أبــو‬
‫في ساحة قتال فكانت الحاجة‬ ‫حذيفة ‪ ..‬بل قال ‪:‬‬
‫إلى الرجل الحازم المهيب أكثر‬ ‫أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا‬
‫منها إلى غيره ‪ ..‬لذا اختار‬ ‫ونترك العبــاس !! واللــه لئن‬
‫عمر ‪ ..‬واستثاره ‪ :‬أيضرب وجه‬ ‫لقيته للحمنه بالسيف ‪..‬‬
‫عم رسول الله بالسيف ؟!‬ ‫فبلغــت كلمتــه رســول اللــه‬
‫وفي موقف آخر ‪..‬‬ ‫‪ .. e‬فـــالتفت النـــبي عليـــه‬
‫يقبل النبي ‪ e‬على خيبر ‪..‬‬ ‫الصلة والسلم ‪ ..‬فإذا حوله‬
‫أكثر من ثلثمائة بطل ‪..‬‬
‫‪43‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫سه‬‫م ّ‬‫العوام وقال ‪ :‬يا زبير ‪ُ ..‬‬ ‫ويقاتل أهلها قتال ً يسيرا ً ‪..‬‬
‫بعذاب ‪..‬‬ ‫ثم يصالحهم ويدخلها ‪..‬‬
‫فأقبل إليه الزبير متوقدا ً ‪..‬‬ ‫واشترط عليهم أن ل يكتموا‬
‫فانتفض اليهودي ‪ ..‬وعلم أن‬ ‫شيئا ً من الموال ‪ ..‬ول‬
‫حييا ً‬‫المر جد ‪ ..‬فقال ‪ :‬قد رأيت ُ‬ ‫يغيبوا شيئا ً ‪ ..‬ول يخبئوا‬
‫يطوف في خربة ها هنا ‪..‬‬ ‫ذهبا ً ول فضة ‪ ..‬بل يظهرون‬
‫وأشار إلى بيت قديم خراب ‪..‬‬ ‫ذلك كله ويحكم فيه ‪..‬‬
‫فذهبوا فطافوا فوجدوا المال‬ ‫ً‬
‫وتوعدهم إن كتموا شيئا أن‬
‫مخبئا ً في الخربة ‪..‬‬ ‫ل ذمة لهم ول عهد ‪..‬‬
‫هذا في حاله ‪ e‬مع الزبير ‪..‬‬ ‫وكان حيي بن أخطب من‬
‫يعطي القوس باريها ‪..‬‬ ‫رؤوسهم ‪ ..‬وكان جاء من‬
‫وكان الصحابة يتعامل بعضهم‬ ‫المدينة بجلد تيس مدبوغ‬
‫مع بعض على هذا الساس ‪..‬‬ ‫ومخيط ووملوء ذهبا ً وحليا ً ‪..‬‬
‫لما مرض رسول الله ‪ e‬مرض‬ ‫وقد مات حيي وترك‬
‫الموت ‪ ..‬واشتد عليه الوجع ‪..‬‬ ‫المال ‪ ..‬فخبئوه عن رسول‬
‫لم يستطع القيام ليصلي‬ ‫الله ‪.. e‬‬
‫بالناس ‪..‬‬ ‫فقال ‪ e‬لعم حيي بن‬
‫فقال وهو على فراشه ‪ :‬مروا‬ ‫أخطب ‪ :‬ما فعل مسك حيي‬
‫أبا بكر فليصل بالناس ‪..‬‬ ‫الذي جاء به من النضير ؟ أي‬
‫وكان أبو بكر رجل ً رقيقا ً ‪ ..‬وهو‬ ‫الجلد المملوء ذهبا ً ‪..‬‬
‫صاحب رسول الله ‪ e‬في حياته‬ ‫فقال ‪ :‬أذهبته النفقات‬
‫وبعد مماته ‪ ..‬وهو صديقه في‬ ‫والحروب ‪..‬‬
‫الجاهلية والسلم ‪ ..‬وهو أبو‬ ‫فتفكر ‪ e‬في الجواب ‪ ..‬فإذا‬
‫زوجة النبي ‪ e‬عائشة ‪ ..‬وهو ‪..‬‬ ‫موت حيي قريب والمال‬
‫وكان يحمل في صدره جبل ً من‬ ‫كثير ‪ ..‬ولم تقع حروب‬
‫حزن بسبب مرض النبي ‪.. e‬‬ ‫قريبة تضطرهم إلى‬
‫فلما أمر النبي ‪ e‬أن يبلغوا أبا‬ ‫إنفاقه ‪..‬‬
‫بكر ليصلي بالناس ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬العهد قريب ‪..‬‬
‫قال بعض الحاضرين عند النبي‬ ‫والمال أكثر من ذلك ‪..‬‬
‫‪ : e‬إن أبا بكر رجل أسيف ‪ ..‬أي‬ ‫فقال اليهودي ‪ :‬المال‬
‫رقيق ‪ ..‬إذا قام مقامك لم‬ ‫والحلي قد ذهب كله ‪..‬‬
‫يستطع أن يصلي بالناس ‪ ..‬أي‬ ‫فعلم النبي ‪ e‬أنه يكذب ‪..‬‬
‫من شدة التأثر والبكاء ‪..‬‬ ‫فنظر ‪ e‬إلى أصحابه فإذا هم‬
‫وكان النبي ‪ e‬يعلم ذلك عن أبي‬ ‫كثير بين يديه ‪ ..‬وكلهم رهن‬
‫بكر ‪ ..‬أنه رجل رقيق يغلبه‬ ‫إشارته ‪..‬‬
‫البكاء ‪ ..‬خاصة في هذا‬ ‫فالتفت إلى الزبير بن‬

‫‪44‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دة ‪..‬‬‫ح ّ‬‫وكنت أداري منه بعض ال ِ‬ ‫الموطن ‪..‬‬
‫فقال أبو بكــر ‪ :‬علــى رســلك يــا‬ ‫لكنه ‪ e‬كان يشير إلى أحقية‬
‫عمر ‪..‬‬ ‫أبي بكر بالخلفة من بعده ‪..‬‬
‫فكرهت أن أغضبه ‪..‬‬ ‫يعني ‪ :‬إذا أنا غير موجود‬
‫فتكلــم وهــو كــان أعلــم منــي‬ ‫فأبو بكر يتولى المسئولية ‪..‬‬
‫وأوقــر ‪ ..‬فــوالله مــا تــرك مــن‬ ‫فأعاد ‪ e‬المر ‪ :‬مروا أبا بكر‬
‫كلمــة أعجبتنــي مــن تزويــري إل‬ ‫فليصل بالناس ‪ ..‬حتى صلى‬
‫قالها في بديهته ‪ ..‬أو قال مثلها‬ ‫أبو بكر ‪..‬‬
‫ت ‪..‬‬‫سك َ َ‬‫‪ ..‬أو أفضل منها حتى َ‬ ‫ومع رقة أبي بكر ‪ ..‬إل أنه‬
‫قال أبو بكر ‪ :‬أما ما ذكرتم فيكم‬ ‫كان ذا هيبة ‪ ..‬وله حدة‬
‫من خيــر فــأنتم لــه أهــل ‪ ..‬ولــن‬ ‫غضب أحيانا ً تكسوه جلل ً ‪..‬‬
‫تعرف العرب هذا المــر إل لهــذا‬ ‫وكــان رفيــق دربــه عمــر ‪t‬‬
‫الحي من قريــش ‪ ..‬هــم أوســط‬ ‫يراعي ذلك منه ‪..‬‬
‫العرب نسبا ً ودارا ً ‪ ..‬وقد رضــيت‬ ‫انظر إليهـم جميعـا ً ‪ .. y‬وقـد‬
‫لكم أحد هذين الرجليــن فبــايعوا‬ ‫اجتمعــوا فــي ســقيفة بنــي‬
‫أيهما شئتم ‪..‬‬ ‫ســاعدة ‪ ..‬بعــد وفــاة النــبي‬
‫وأخذ بيدي وبيــد أبــي عبيــدة بــن‬
‫‪ .. e‬ليتفقوا على خليفة ‪..‬‬
‫الجراح وهو جالس بيننا ‪..‬‬
‫اجتمــــــــع المهــــــــاجرون‬
‫ولـــم أكـــره شـــيئا ممـــا قـــاله‬
‫والنصار ‪ ..‬وانطلق عمر إلى‬
‫غيرهــا ‪ ..‬كــان واللــه أن أقــدم‬
‫أبـــي بكـــر واصـــطحبا إلـــى‬
‫فتضــرب عنقــي ل يقّربنــي ذلــك‬
‫السقيفة ‪..‬‬
‫إلى إثم ‪ ..‬أحب إلي من أن أتأمر‬
‫قــال عمــر ‪ :‬فأتينــاهم فــي‬
‫على قوم فيهم أبو بكر ‪..‬‬
‫سقيفة بني ســاعدة ‪ ..‬فلمــا‬
‫سكت الناس ‪..‬‬
‫جلســـــنا تشـــــهد خطيـــــب‬
‫فقــال قــائل مــن النصــار ‪ :‬أنــا‬
‫النصــار ‪ ..‬وأثنــى علــى اللــه‬
‫جـــذيلها المحكـــك ‪ ..‬وعـــذيقها‬
‫بما هو له أهل ثم قال ‪:‬‬
‫المرجب ‪ ..‬منا أمير ومنكم أميــر‬
‫أما بعد فنحــن أنصــار اللــه ‪..‬‬
‫يا معشر قريش ‪..‬‬
‫وكتيبــة الســلم ‪ ..‬وأنتــم يــا‬
‫قال عمر ‪ :‬فكثر اللغط وارتفعت‬
‫معشـــر المهـــاجرين رهـــط‬
‫الصـــــوات حـــــتى تخـــــوفت‬
‫منــا ‪ ..‬وقــد دفــت دافــة مــن‬
‫الختلف ‪..‬‬
‫قومكم وإذا هــم يريــدون أن‬
‫فقلت ‪ :‬ابســط يــدك يــا أبــا بكــر‬
‫يحتازونــــا مــــن أصــــلنا ‪..‬‬
‫فبسط يــده فبــايعته ‪ ،‬ثــم بــايعه‬
‫ويغصبونا المر ‪..‬‬
‫المهاجرون ‪ ،‬ثم بايعه النصار ‪..‬‬
‫فلما سكت أردت أن أتكلــم ‪،‬‬
‫نعم ‪ ..‬كل واحد من الناس له‬
‫وقد زورت في نفسي مقالة‬
‫مفتاح تستطيع به فتح أبواب‬
‫قــــد أعجبتنــــي ‪ ،‬أريــــد أن‬
‫قلبه ‪ ..‬وكسب محبته والتأثير‬
‫أقدمها بين يدي أبــي بكــر ‪..‬‬
‫‪45‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثم جلس بكل هدوء ‪ ..‬يبول ‪!!..‬‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫عجب الصحابة ‪ ..‬وثاروا ‪ ..‬يبول‬ ‫وهذا تلحظه في حياة‬
‫في المسجد !!‬ ‫الناس ‪ ..‬أفلم تسمع زملء‬
‫وجعلوا يتقافزون ليتوجهوا‬ ‫عملك يوما ً يقولون ‪:‬‬
‫إليه ‪ ..‬والنبي ‪ e‬يهدئهم ‪..‬‬ ‫المدير ‪ ..‬مفتاحه فلن ‪ ..‬إذا‬
‫ويسكن غضبهم ‪ ..‬ويردد ‪ :‬ل‬ ‫أردتم شيئا ً فاجعلوا فلنا ً‬
‫تزرموه ‪ ..‬ل تعجلوا عليه ‪ ..‬ل‬ ‫يطلبه لكم ‪ ..‬أو يقنع المدير‬
‫تقطعوا عليه بوله ‪..‬‬ ‫به ‪..‬‬
‫والصحابة يلتفتون إليه ‪ ..‬وهو‬ ‫فلماذا ل تجعل مهاراتك‬
‫لعله لم يدر عنهم ‪ ..‬ل يزال‬ ‫مفاتيح لقلوب الناس ‪..‬‬
‫يبول ‪..‬‬ ‫فتكون رأسا ً ل ذيل ً ‪..‬‬
‫والنبي ‪ e‬يرى هذا المنظر ‪..‬‬ ‫نعم كن متميزا ً ‪ ..‬وابحث عن‬
‫بول في المسجد ‪ ..‬ويهدئ‬ ‫مفتاح قلب أمك وأبيك‬
‫أصحابه !!‬ ‫وزوجتك وولدك ‪..‬‬
‫آآآه مااااا أحلمه !!‬ ‫اعرف مفتاح قلب مديرك‬
‫حتى إذا انتهى العرابي من‬ ‫في العمل ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬
‫بوله ‪ ..‬وقام يشد على وسطه‬ ‫ومعرفة هذه المفاتيح تفيدنا‬
‫إزاره ‪ ..‬دعاه النبي ‪ e‬بكل‬ ‫حتى في جعلهم يتقبلون‬
‫رفق ‪..‬‬ ‫النصح الذي يصدر منا لهم ‪..‬‬
‫أقبل يمشي حتى إذا وقف بين‬ ‫إذا أحسنا تقديم هذا النصح‬
‫يديه ‪ ..‬قال له ‪ e‬بكل رفق ‪:‬‬ ‫بأسلوب مناسب ‪..‬‬
‫إن هذه المساجد لم تبن لهذا ‪..‬‬ ‫فهم ليسوا سواء في‬
‫إنما بنيت للصلة وقراءة القرآن‬ ‫طريقة النصح ‪ ..‬بل حتى‬
‫‪..‬‬ ‫في إنكار الخطأ إذا وقع‬
‫انتهى ‪ ..‬نصيحة باختصار ‪..‬‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫هم الرجل ذلك ومضى ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫وانظر إلى رسول الله ‪e‬‬
‫ف ِ‬
‫فلما جاء وقت الصلة أقبل ذاك‬ ‫وقد جلس يوما ً في مجلسه‬
‫العرابي وصلى معهم ‪..‬‬ ‫المبارك يحدث أصحابه ‪..‬‬
‫كبر النبي ‪ e‬بأصحابه مصليا ً ‪..‬‬ ‫فبينما هم على ذلك ‪ ..‬فإذا‬
‫برجل يدخل إلى المسجد ‪..‬‬
‫فقرأ ثم ركع ‪ ..‬فلما رفع ‪ e‬من‬
‫يتلفت يمينا ً ويسارا ً ‪ ..‬فبدل‬
‫ركوعه قال ‪ :‬سمع الله لمن‬
‫أن يأتي ويجلس في حلقة‬
‫حمده ‪..‬‬
‫فقال المأمومون ‪ :‬ربنا ولك‬ ‫النبي ‪ .. e‬توجه إلى زاوية‬
‫الحمد ‪ ..‬إل هذا الرجل قالها‬ ‫من زوايا المسجد ‪ ..‬ثم جعل‬
‫وزاد بعدها ‪ :‬اللهم ارحمني‬ ‫يحرك إزاره !!‬
‫ومحمدا ً ول ترحم معنا أحدا !!‬
‫ً‬ ‫عجبا ً !! ماذا سيفعل ؟!‬
‫رفع طرف إزاره من المام‬
‫‪46‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫علم أصحابه أن إذا سمع المسلم‬ ‫وسمعه النبي ‪ .. e‬فلما‬
‫أخاه عطس فحمد الله فإنه‬ ‫انتهت الصلة ‪ ..‬التفت ‪e‬‬
‫يقول له ‪ :‬يرحمك الله ‪..‬‬ ‫إليهم وسألهم عن القائل ‪..‬‬
‫حفظها معاوية ‪ ..‬وذهب بها ‪..‬‬ ‫فأشاروا إليه ‪..‬‬
‫وبعد أيام جاء إلى المدينة في‬ ‫فناداه النبي ‪ e‬فلما وقف‬
‫حاجة ‪ ..‬فدخل المسجد فإذا‬ ‫بين يديه فإذا هو العرابي‬
‫النبي عليه الصلة والسلم‬ ‫نفسه ‪ ..‬وقد تمكن حب‬
‫يصلي بأصحابه ‪ ..‬فدخل معهم‬ ‫النبي ‪ e‬من قلبه حتى ود لو‬
‫في الصلة ‪..‬‬ ‫أن الرحمة تصيبهما دون‬
‫فبينما هم على ذلك إذ عطس‬ ‫غيرهما ‪..‬‬
‫رجل من المصلين ‪..‬‬
‫فقال له ‪ e‬معلما ً ‪ :‬لقد‬
‫فما كاد يحمد الله ‪ ..‬حتى تذكر‬
‫تحجرت واسعا ً !! أي إن‬
‫معاوية أنه تعلم أن المسلم إذا‬
‫رحمة الله تعالى تسعنا‬
‫عطس فقال الحمد لله ‪ ..‬فإن‬
‫جميعا ً وتسع الناس ‪ ..‬فل‬
‫أخاه يقول له يرحمك الله ‪..‬‬
‫تضيقها علي وعليك ‪..‬‬
‫فبادر معاوية العاطس قائل ً‬
‫فانظر كيف ملك عليه‬
‫ل ‪ :‬يرحمك الله ‪.‬‬ ‫بصوت عا ٍ‬ ‫قلبه ‪ ..‬لنه عرف كيف‬
‫فاضطرب المصلون ‪ ..‬وجعلوا‬
‫يتصرف معه ‪ ..‬فهو أعرابي‬
‫يلتفتون إليه منكرين ‪.‬‬
‫أقبل من باديته ‪ ..‬لم يبلغ‬
‫فلما رأى دهشتهم ‪ ..‬اضطرب‬
‫ُ‬ ‫من العلم رتبة أبي بكر‬
‫مياه !!‪ ..‬ما‬ ‫وقال ‪ :‬وااااثكل أ ّ‬ ‫وعمر ‪ ..‬ول معاذ وعمار ‪..‬‬
‫ي ؟ ‪..‬‬ ‫شأنكم تنظرون إل ّ‬ ‫فل يؤاخذ كغيره ‪..‬‬
‫فجعلوا يضربون بأيديهم على‬ ‫ً‬
‫وإن شئت فانظر أيضا إلى‬
‫أفخاذهم ليسكت ‪..‬‬
‫معاوية بن الحكم ‪ .. t‬كان‬
‫متونه صمت ‪..‬‬ ‫فلما رآهم يص ّ‬ ‫من عامة الصحابة ‪ ..‬لم يكن‬
‫فلما انتهت الصلة ‪..‬‬
‫يسكن المدينة ‪ ..‬ولم يكن‬
‫التفت ‪ r‬إلى الناس ‪ ..‬وقد‬
‫مجالسا ً للنبي عليه الصلة‬
‫سمع جلبتهم وأصواتهم ‪..‬‬
‫والسلم ‪..‬‬
‫وسمع صوت من تكلم ‪ ..‬لكنه‬
‫وإنما كان له غنم في‬
‫صوت جديد لم يعتد عليه ‪ ..‬فلم‬
‫الصحراء يتتبع بها‬
‫يعرفه ‪ ..‬فسألهم ‪:‬‬
‫الخضراء ‪..‬‬
‫من المتكلم ‪ ..‬فأشاروا إلى‬
‫أقبل معاوية يوما ً إلى‬
‫معاوية ‪..‬‬
‫المدينة فدخل المسجد ‪..‬‬
‫فدعاه النبي عليه الصلة‬
‫وجلس إلى رسول الله ‪r‬‬
‫والسلم إليه ‪..‬‬
‫ً‬ ‫وأصحابه ‪ ..‬فسمعه يتكلم‬
‫فأقبل عليه معاوية فزعا ل‬
‫عن العطاس ‪ ..‬وكان مما‬
‫يدري بماذا سيستقبله ‪ ..‬وهو‬
‫‪47‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫هذا تعــامله ‪ ‬مــع أعرابــي بــال‬ ‫الذي أشغلهم في صلتهم ‪..‬‬
‫في المسجد ‪ ..‬ورجل تكلــم فــي‬ ‫وقطع عليهم خشوعهم ‪..‬‬
‫الصــــلة ‪ ..‬عــــاملهم مراعيــــا ً‬ ‫قال معاوية ‪ : t‬فبأبي هو‬
‫أحوالهم ‪ ..‬لن الخطأ من مثلهم‬ ‫وأمي ‪ .. r‬والله ما رأيـت‬
‫ل يستغرب ‪..‬‬ ‫معلما ً قبله ول بعده أحسن‬
‫أما معاذ بن جبل فقــد كــان مــن‬ ‫تعليما ً منه ‪ ..‬والله ما كهرني‬
‫أقرب الصحابة إلى رسول الله ‪e‬‬ ‫‪ ..‬ول ضربني ‪ ..‬ول‬
‫‪ ..‬ومن أكثرهم حرصا ً على طلب‬ ‫شتمني ‪..‬‬
‫العلم ‪..‬‬ ‫وإنما قال ‪ :‬يا معاوية ‪ ..‬إن‬
‫فكان تعامل النبي ‪ ‬مع أخطائه‬ ‫هذه الصلة ل يصلح فيها‬
‫مختلف ـا ً عــن تعــامله مــع أخطــاء‬ ‫شيء من كلم الناس ‪ ..‬إنما‬
‫غيره ‪..‬‬ ‫هي التسبيح والتكبير ‪..‬‬
‫كان معاذ يصلي مع رســول اللــه‬ ‫وقراءة القرآن ‪ ..‬انتهى ‪..‬‬
‫‪ e‬العشــاء ‪ ..‬ثــم يرجــع فيصــلي‬ ‫نصيحة باختصار ‪..‬‬
‫بقــومه العشــاء إمام ـا ً بهــم فــي‬ ‫ففهمها معاوية ‪..‬‬
‫مســجدهم ‪ ..‬فتكــون الصــلة لــه‬ ‫ثم ارتاحت نفسه ‪ ..‬واطمأن‬
‫نافلة ولهم فريضة ‪..‬‬ ‫قلبه ‪ ..‬فجعل يسأل النبي‬
‫رجع معاذ ذات ليلة لقومه ودخل‬ ‫عليه الصلة والسلم عن‬
‫مسجدهم فكبر مصليا ً بهم ‪..‬‬ ‫ص أموره ‪..‬‬ ‫خوا ّ‬
‫أقبل فتى من قومه ودخـل معـه‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إني‬
‫فــي الصــلة ‪ ..‬فلمــا أتــم معــاذ‬ ‫حديث عهد بجاهلية ‪ ..‬وقد‬
‫الفاتحــة قــال " ول الضــالين "‬ ‫جاء الله بالسلم ‪ ..‬وإن منا‬
‫فقالوا " آمين " ‪..‬‬ ‫رجال ً يأتون الكهان ) وهم‬
‫ثم افتتح معاذ سورة البقرة !!‬ ‫الذين يدعون علم الغيب ( ‪..‬‬
‫كــان النــاس فــي تلــك اليــام‬ ‫يعني فسألونهم عن‬
‫يتعبون في العمل في مزارعهم‬ ‫الغيب ‪..‬‬
‫ورعيهم دوابهم طوال النهــار ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : r‬فل تأتهم ‪ ..‬يعني‬
‫ثــم ل يكــادون يصــلون العشــاء‬ ‫لنك مسلم ‪ ..‬والغيب ل‬
‫حتى يأوون إلى فرشهم ‪..‬‬ ‫يعلمه إل الله ‪..‬‬
‫هــــذا الشــــاب ‪ ..‬وقــــف فــــي‬ ‫قال معاوية ‪ :‬ومنا رجال‬
‫الصلة ‪ ..‬ومعاذ يقرأ ويقرأ ‪..‬‬ ‫يتطيرون ) أي يتشاءمون‬
‫فلمــــا طــــالت الصــــلة علــــى‬ ‫بالنظر إلى الطير ( ‪..‬‬
‫الفــتى ‪ ..‬أتــم صــلته وحــده ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : r‬ذاك شيء يجدونه‬
‫وخرج من المسجد وانطلــق إلــى‬ ‫في صدورهم ‪ ..‬فل يصدنهم‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫) أي ل يمنعهم ذلك عن‬
‫انتهى معاذ من الصلة ‪..‬‬ ‫وجهتهم ‪ ..‬فإن ذلك ل يؤثر‬
‫فقال له بعض القوم ‪ :‬يا معاذ ‪..‬‬ ‫نفعا ً ول ضرا ً ( ‪..‬‬
‫‪48‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يا بن أخي إذا صليت ؟‬ ‫فلن دخل معنا في الصلة ‪..‬‬
‫قــال ‪ :‬أقــرأ بفاتحــة الكتــاب ‪..‬‬ ‫ثم خرج منها لما أطلت ‪..‬‬
‫وأسـأل اللـه الجنـة ‪ ..‬وأعـوذ بـه‬ ‫فغضب معاذ وقــال ‪ :‬إن هــذا‬
‫من النار ‪..‬‬ ‫به لنفــاق ‪ ..‬لخــبرن رســول‬
‫ثم تذكر الفتى أنه يــرى النــبي ‪e‬‬ ‫الله ‪ e‬بالذي صنع ‪..‬‬
‫يـــدعو ويكـــثر ‪ ..‬ويـــرى معـــاذا ً‬ ‫فــأبلغوا ذلــك الشــاب بكلم‬
‫كذلك ‪..‬‬ ‫معــاذ ‪ ..‬فقــال الفــتى ‪ :‬وأنــا‬
‫فقال في آخــر كلمــه ‪ :‬وإنــي ل‬ ‫لخبرن رسول اللــه ‪ e‬بالــذي‬
‫أدري ما دنــدنتك ودندنــة معــاذ ‪..‬‬ ‫صنع ‪..‬‬
‫أي دعاؤكمــا الطويــل ل أعــرف‬ ‫فغــدوا علــى رســول اللــه ‪e‬‬
‫مثله !!‬ ‫فــأخبره معــاذ بالــذي صــنع‬
‫فقال ‪ : e‬إني ومعاذ حول هاتين‬ ‫الفتى ‪..‬‬
‫ندندن ‪ ..‬يعنـي دعاؤنـا هـو فيمـا‬ ‫فقــال الفــتى ‪ :‬يــا رســول‬
‫تدعو به ‪ ..‬حول الجنة والنار ‪..‬‬ ‫اللــه ‪ ..‬يطيــل المكــث عنــدك‬
‫فقــال الشــاب ‪ :‬ولكــن ســيعلم‬ ‫ثـــم يرجـــع فيطيـــل علينـــا‬
‫معاذ إذا قدم القـوم وقـد خـبروا‬ ‫الصلة ‪ ..‬والله يا رسول الله‬
‫أن العدو قــد أتــوا ‪ ..‬مــا أصــنع ‪..‬‬ ‫إنا لنتأخر عــن صــلة العشــاء‬
‫يعنــي فــي الجهــاد فــي ســبيل‬ ‫مما يطول بنا معاذ ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬سيتبين لمعاذ إيماني وهو‬ ‫فسأل اللــه النــبي ‪ e‬معــاذا ً ‪:‬‬
‫الذي يصفني بالنفاق !‬ ‫ماذا تقرأ ؟!‬
‫فمــا لبثــوا أيام ـا ً ‪ ..‬حــتى قــامت‬ ‫فـإذا بمعـاذ يخـبره أنـه يقـرأ‬
‫معركــة فقاتــل فيهــا الشــاب ‪..‬‬ ‫بــالبقرة ‪ ..‬و ‪ ..‬وجعــل يعــدد‬
‫فاستشهد ‪.. t‬‬ ‫السور الطوال ‪..‬‬
‫فلما علم به ‪ .. e‬قال لمعاذ ‪ :‬مــا‬ ‫فغضب النبي ‪ ‬لما علــم أن‬
‫فعــل خصــمي وخصــمك ؟ يعنــي‬ ‫الناس يتــأخرون عــن الصــلة‬
‫الذي اتهمته يا معاذ بالنفاق ‪..‬‬ ‫بســـبب الطالـــة ‪ ..‬وكيـــف‬
‫قال معاذ ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬صدق‬ ‫صارت الصلة ثقيلة عليهم ‪..‬‬
‫ت ‪ ..‬لقد استشهد ‪..‬‬ ‫الله وكذب ُ‬ ‫فــالتفت إلــى معــاذ وقــال ‪:‬‬
‫فتأمل الفرق في طبائع الرجال‬ ‫أفتان أنت يا معاذ ‪..‬؟!‬
‫‪ ..‬ومقاماتهم ‪ ..‬وكيف أدى إلى‬ ‫يعنــي تريــد أن تفتــن النــاس‬
‫اختلف تعامل النبي ‪ ‬معهم ‪..‬‬ ‫وتبغضهم في دينهم ‪..‬‬
‫بل ‪ ..‬انظر إلى تعامله ‪ ‬مع‬ ‫اقرأ بـ "السماء والطارق" ‪،‬‬
‫أسامة بن زيد ‪ ..‬وهو حبيب‬ ‫"والســــماء ذات الــــبروج" ‪،‬‬
‫رسول الله ‪ .. ‬وقد تربى في‬ ‫"والشـــــمس وضـــــحاها" ‪،‬‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫"والليل إذا يغشى" ‪..‬‬
‫بعث النبي ‪ e‬أصحابه إلى‬ ‫ثم التفت ‪ e‬إلى الفتى وقال‬
‫الحرقات من قبيلة جهينة ‪..‬‬ ‫له متلطفا ً ‪ :‬كيف تصنع أنــت‬
‫‪49‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫باتخاذ القرار ‪ ..‬ففي أي لحظة‬ ‫وكان أسامة بن زيد ‪ t‬من‬
‫قد يأتي سهم طائش أو غير‬ ‫ضمن المقاتلين بالجيش ‪..‬‬
‫طائش ‪ ..‬فيرديهما قتيلين ‪..‬‬ ‫ابتدأ القتال ‪ ..‬في الصباح ‪..‬‬
‫لم يكن هناك مجال للتفكير‬ ‫انتصر المسلمون وهرب‬
‫الهادئ ‪..‬‬ ‫مقاتلو العدو ‪..‬‬
‫فأما النصاري فكف سيفه ‪..‬‬ ‫كان من بين جيش العدو‬
‫وأما أسامة فظن أنها حيلة ‪..‬‬ ‫رجل يقاتل ‪ ..‬فلما رأى‬
‫فضربه بالسيف حتى قتله ‪..‬‬ ‫أصحابه منهزمين ‪ ..‬ألقى‬
‫عادوا إلى المدينة تداعب‬ ‫سلحه وهرب ‪..‬فلحقه‬
‫قلوبهم نشوة النتصار ‪..‬‬ ‫أسامة ومعه رجل من‬
‫وقف أسامة بين يدي النبي ‪.. e‬‬ ‫النصار ‪ ..‬ركض الرجل‬
‫وحكى له قصة المعركة ‪..‬‬ ‫وركضوا خلفه ‪ ..‬وهو يشتد‬
‫وأخبره بخبر الرجل وما كان منه‬ ‫فزعا ً ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫حتى عرضت لهم شجرة‬
‫كان قصة المعركة تحكي انتصارا ً‬ ‫فاحتمى الرجل بها ‪..‬‬
‫للمسلمين ‪ ..‬وكان ‪ e‬يستمع‬ ‫فأحاط به أسامة‬
‫مبتهجا ً ‪..‬‬ ‫والنصاري ‪ ..‬ورفعا عليه‬
‫لكن أسامة قال ‪ .. :‬ثم قتلته ‪..‬‬ ‫السيف ‪..‬‬
‫فتغير النبي ‪ .. e‬وقال ‪ :‬قال ل‬ ‫فلما رأى الرجل السيفين‬
‫إله إل الله ‪ ..‬ثم قتلته ؟!!‬ ‫س‬
‫يلتمعان فوق رأسه ‪ ..‬وأح ّ‬
‫قلت ‪ :‬يا رسول الله لم يقلها‬ ‫الموت يهجم عليه ‪ ..‬انتفض‬
‫من قبل نفسه ‪ ..‬إنما قالها‬ ‫وجعل يجمع ما تبقى من‬
‫فرقا من السلح ‪..‬‬ ‫ريقه في فمه ‪ ..‬ويردد فزعا ً‬
‫فقال ‪ : e‬قال ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله ‪..‬‬
‫ثم قتلته !! هل شققت عن قلبه‬ ‫وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫حتى تعلم أنه إنما قالها فرقا ً‬ ‫ورسوله ‪..‬‬
‫من السلح ‪..‬‬ ‫تحير النصاري وأسامة ‪..‬‬
‫وجعل ‪ e‬يحد بصره إلى أسامة‬ ‫هل أسلم الرجل فعل ً ‪ ..‬أم‬
‫ويكرر ‪ :‬قال ل إله إل الله ثم‬ ‫أنها حيلة افتعلها ‪..‬‬
‫قتلته ‪ !!..‬قال ل إله إل الله ثم‬ ‫كانوا في ساحة قتال ‪..‬‬
‫قتلته ‪ !!..‬ثم قتلته ‪ !!..‬كيف لك‬ ‫والمور مضطربة ‪ ..‬يتلفتون‬
‫حولهم فل يرون إل أجسادا ً‬
‫بل إله إل الله إذا جاءت تحاجك‬
‫يوم القيامة !!‬ ‫ممزقة‪..‬وأيدي مقطعة‪..‬قد‬
‫اختلط بعضها ببعض ‪..‬الدماء‬
‫وما زال ‪ e‬يكرر ذلك على أسامة‬
‫تسيل‪..‬النفوس ترتجف ‪..‬‬
‫‪..‬‬
‫الرجل بين أيديهما ينظران‬
‫قال أسامة ‪ :‬فما زال يكررها‬
‫إليه ‪ ..‬ل بد من السراع‬
‫‪50‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ..‬فهل من المناسب أن تقص‬ ‫علي حتى وددت أني لم أكن‬
‫عليهم وأنت ضاحك مستبشر‬ ‫أسلمت إل يؤمئذ ‪..‬‬
‫قصتك لما ذهبت مع زملئك للبر‬ ‫رأي ‪..‬‬
‫؟! وكيف أن فلنا ً سجل هدفا ً‬ ‫ل تحسب الناس نوعا ً واحــدا ً‬
‫أثناء لعب الكرة ‪ ..‬وكيف ثبت‬ ‫فلهم‬
‫الكرة برأسه ثم ضربها بركبته ‪..‬‬ ‫طبائع لست‬
‫ل شك أنه غير مناسب ‪..‬‬ ‫تحصيهن ألوان‬
‫وكذلك لو تحدثت مع أطفال‬
‫صغار ‪ ..‬من غير المناسب أن‬ ‫اختر الكلم‬ ‫‪.18‬‬
‫تذكر لهم قصصا ً تتعلق بتعامل‬ ‫المناسب ‪..‬‬
‫الزواج مع زوجاتهم ‪..‬‬ ‫يتبع ما سبق أيضا ً طريقة‬
‫أظننا نتفق على ذلك ‪..‬‬ ‫الكلم مع الناس ونوعية‬
‫إذن من أساليب جذب الناس‬ ‫الحاديث التي تثار معهم ‪..‬‬
‫اختيار الحاديث التي يحبونها ‪..‬‬ ‫فإذا جلست مع أحد فأثر‬
‫وإثارتها ‪..‬‬ ‫الحاديث المناسبة له ‪..‬‬
‫كأب له ولد متفوق ‪ ..‬من‬ ‫وهذا من طبيعة البشر ‪..‬‬
‫المناسب أن تسأله عنه ‪ ..‬لنه‬ ‫فالحاديث التي تثيرها مع‬
‫بل شك يفخر به ويحب أن يذكره‬ ‫شاب تختلف عن الحاديث‬
‫دائما ً ‪..‬‬ ‫مع الشيخ ‪..‬‬
‫أو رجل فتح دكانا ً وكسب منه‬ ‫ومع العالم تختلف عن‬
‫أرباحا ً ‪ ..‬فمن المناسب أن‬ ‫الجاهل ‪..‬‬
‫تسأله عن دكانه وإقبال الناس‬ ‫ومع الزوجة تختلف عن‬
‫عليه ‪ ..‬لن هذا يفرحه ‪..‬‬ ‫الخت ‪..‬‬
‫وبالتالي يحبك ويحب‬ ‫ل أعني الختلف التام ‪..‬‬
‫مجالستك ‪..‬‬ ‫بحيث إن القصة التي تحكيها‬
‫وقد كان النبي ‪ r‬يراعي ذلك ‪..‬‬ ‫للخت ل يصح أن تحكيها‬
‫فحديثه مع الشاب يختلف عن‬ ‫للزوجة ! أو التي تذكرها‬
‫حديثه مع الشيخ ‪ ..‬أو المرأة ‪..‬‬ ‫للشاب ل يصح أن يسمعها‬
‫أو الطفل ‪..‬‬ ‫الشيخ !! ل ‪..‬‬
‫جابر بن عبد الله ‪ t‬الصحابي‬ ‫وإنما أعني الختلف اليسير‬
‫الجليل ‪ ..‬قتل أبوه في معركة‬ ‫الذي يطرأ على أسلوب‬
‫أحد ‪ ..‬وخلف عنده تسع أخوات‬ ‫عرض القصة وربما كيانها‬
‫ليس لهن عائل غيره ‪ ..‬وخلف‬ ‫كله ‪..‬‬
‫دينا ً كثيرا ً ‪ ..‬على ظهر هذا‬ ‫وبالمثال يتضح المقال ‪..‬‬
‫الشاب الذي ل يزال في أول‬ ‫لو جلست مع ضيوف كبار‬
‫شبابه ‪..‬‬ ‫في السن جاوزت أعمارهم‬
‫ً‬
‫فكان جابر دائما ساهم الفكر ‪..‬‬ ‫الثمانين أقبلوا زائرين لجدك‬
‫‪51‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أن يتحدث معه ‪..‬‬ ‫دينه‬ ‫منشغل البال بأمر َ‬
‫فما هي الحاديث التي اختارها‬ ‫وأخواته ‪ ..‬والغرماء يطالبونه‬
‫النبي ‪ e‬ليثيرها مع جابر ‪..‬‬ ‫صباحا ً ومساءً ‪..‬‬
‫جابر كان شابا ً في أول شبابه ‪..‬‬ ‫خرج جابر مع النبي ‪ r‬في‬
‫هموم الشباب في الغالب تدور‬ ‫غزوة ذات الرقاع ‪ ..‬وكان‬
‫حول الزواج ‪ ..‬وطلب الرزق ‪..‬‬ ‫لشدة فقره على جمل كليل‬
‫قال ‪ : e‬يا جابر ‪ ..‬هل‬ ‫ضعيف ما يكاد يسير ‪ ..‬ولم‬
‫تزوجت ‪..‬؟‬ ‫يجد جابر ما يشتري به‬
‫قال جابر ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫جمل ً ‪ ..‬فسبقه الناس وصار‬
‫قال ‪ :‬بكرا ً ‪ ..‬أم ثيبا ً ‪..‬‬ ‫هو في آخر القافلة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بل ثيبا ً ‪..‬‬ ‫وكان النبي ‪ r‬يسير في آخر‬
‫فعجب النبي ‪ e‬كيف أن شابا ً‬ ‫الجيش ‪ ..‬فأدرك جابرا ً‬
‫بكرا ً في أول زواج له ‪ ..‬يتزوج‬ ‫ب به دبيبا ً ‪..‬‬ ‫وجمله يد ّ‬
‫ثيبا ً ‪..‬‬ ‫والناس قد سبقوه ‪..‬‬
‫فقال ملطفا ً لجابر ‪ :‬هل بكرا ً‬ ‫فقال النبي ‪ : r‬مالك يا جابر‬
‫تلعبها وتلعبك ‪..‬‬ ‫؟‬
‫فقال جابر ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول الله أبطأ بي‬
‫أبي قتل في أحد ‪ ..‬وترك تسع‬ ‫جملي هذا ‪..‬‬
‫ع غيري ‪..‬‬ ‫أخوات ليس لهن را ٍ‬ ‫فقال النبي ‪ : r‬أنخه ‪..‬‬
‫فكرهت أن أتزوج فتاة مثلهن‬ ‫فأناخه جابر وأناخ النبي ‪r‬‬
‫فتكثر بينهن الخلفات ‪..‬‬ ‫ناقته ‪..‬‬
‫فتزوجت امرأة أكبر منهن‬ ‫ثم قال ‪ :‬أعطني العصا من‬
‫لتكون مثل أمهن ‪..‬‬ ‫يدك أو اقطع لي عصا من‬
‫هذا معنى كلم جابر ‪..‬‬ ‫شجرة ‪..‬فناوله جابر‬
‫رأى النبي ‪ e‬أن أمامه شاب‬ ‫العصا ‪..‬‬
‫ضحى بمتعته الخاصة لجل‬ ‫ك الجمل على الرض كليل ً‬ ‫بَر َ‬
‫أخواته ‪..‬‬ ‫ضعيفا ً ‪..‬‬
‫فأراد ‪ e‬أن يمازحه بكلمات تصلح‬ ‫فأقبل ‪ e‬إلى الجمل وضربه‬
‫للشباب ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬ ‫بالعصا شيئا ً يسيرا ً ‪..‬‬
‫لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة أن‬ ‫فنهض الجمل يجري قد امتل‬
‫ننزل في صرار )‪ .. (24‬فتسمع بنا‬ ‫نشاطا ً ‪ ..‬فتعلق به جابر‬
‫زوجتك فتفرش لك النمارق ‪..‬‬ ‫وركب على ظهره ‪..‬‬
‫يعني وإن كنت تزوجت ثيبا ً إل‬ ‫مشى جابر بجانب النبي ‪.. e‬‬
‫أنها ل تزال عروسا ً تفرح بك إذا‬ ‫فرحا ً مستبشرا ً ‪ ..‬وقد صار‬
‫قدمت وتبسط فراشها ‪ ..‬وتصف‬ ‫جمله نشيطا ً سابقا ً ‪..‬‬
‫التفت ‪ e‬إلى جابر ‪ ..‬وأراد‬
‫) ( موضع على بعد ‪5‬كم من المدينة‬ ‫‪24‬‬

‫‪52‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ومضى ليصلي مع النبي ‪r‬‬ ‫عليه الوسائد ‪..‬‬
‫وربط الجمل عند المسجد ‪..‬‬ ‫فتذكر جابر فقره وفقر‬
‫فما خرج النبي ‪ r‬قال جابر ‪ :‬يا‬ ‫أخواته ‪ ..‬فقال ‪ :‬نمارق !!‬
‫رسول الله هذا جملك ‪..‬‬ ‫والله يا رسول الله ما عندنا‬
‫فقال ‪ : r‬يا بلل ‪ ..‬أعط جابرا ً‬ ‫نمارق ‪..‬‬
‫أربعين درهما ً وزده ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬إنه ستكون لكم‬
‫فناول بلل جابرا ً أربعين درهما ً‬ ‫نمارق إن شاء الله ‪..‬‬
‫وزاده ‪..‬‬ ‫ثم مشيا ‪ ..‬فأراد ‪ e‬أن يهب‬
‫فحمل جابر المال ومضى به‬ ‫لجابر مال ً ‪..‬‬
‫يقلبه بين يديه ‪ ..‬متفكرا ً في‬ ‫فالفت إليه وقال ‪ :‬يا جابر ‪..‬‬
‫حاله !! ماذا يفعل بهذا المال ؟!‬ ‫قال ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪..‬‬
‫أيشتري به جمل ً ‪ ..‬أم يبتاع به‬ ‫فقال ‪ :‬أتبيعني جملك ؟‬
‫متاعا ً لبيته ‪ ..‬أم ‪..‬‬ ‫تفكر جابر فإذا جمله هو‬
‫وفجأة التفت رسول الله ‪ e‬إلى‬ ‫رأس ماله ‪ ..‬هكذا كان وهو‬
‫بلل وقال ‪ :‬يا بلل ‪ ..‬خذ الجمل‬ ‫كليل ضعيف ‪ ..‬فكيف وقد‬
‫وأعطه جابرا ً ‪..‬‬ ‫صار قويا ً جلدا ً !!‬
‫جبذ بلل الجمل ومضى به إلى‬ ‫لكنه رأى أنه ل مجال لرد‬
‫جابر ‪ ..‬فلما وصل به إليه ‪..‬‬ ‫طلب رسول الله ‪.. e‬‬
‫تعجب جابر ‪ ..‬هل ألغيت‬ ‫مه يا رسول‬ ‫س ْ‬‫قال جابر ‪ُ :‬‬
‫الصفقة ؟!‬ ‫الله ‪ ..‬بكم ؟‬
‫قال بلل ‪ :‬خذ الجمل يا جابر ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬بدرهم !!‬
‫قال جابر ‪ :‬ما الخبر !!‪..‬‬ ‫قال جابر ‪ :‬درهم !! تغبنني‬
‫قال بلل ‪ :‬قد أمرني رسول‬ ‫يا رسول الله ‪..‬‬
‫الله ‪ e‬أن أعطيك الجمل ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬بدرهمين ‪..‬‬
‫والمال ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬تغبنني يا رسول‬
‫فرجع جابر إلى رسول الله ‪e‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫وسأله عن الخبر ‪ ..‬أما تريد‬ ‫فما زال يتزايدان حتى بلغا‬
‫الجمل !!‬ ‫به أربعين درهما ً ‪ ..‬أوقية‬
‫فقال ‪ : e‬أتراني ماكستك لخذ‬ ‫من ذهب ‪..‬‬
‫جملك ‪..‬‬ ‫فقال جابر ‪ :‬نعم ‪ ..‬ولكن‬
‫يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض‬ ‫أشترط عليك أن أبقى عليه‬
‫السعر لجل أن آخذ الجمل وإنما‬ ‫إلى المدينة ‪..‬‬
‫لجل أن أقدر كم أعطيك من‬ ‫قال ‪ : r‬نعم ‪..‬‬
‫المال معونة لك على أمورك ‪..‬‬ ‫فلما وصلوا إلى المدينة ‪..‬‬
‫فما أرفع هذه الخلق ‪ ..‬يختار‬ ‫مضى جابر إلى منزله وأنزل‬
‫ما يناسب الشاب من أحاديث ‪..‬‬ ‫متاعه من على الجمل‬

‫‪53‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فقال ‪ : r‬نعم يا فلن ‪ ..‬زوجني‬ ‫ثم لما أراد أن يحسن إليه‬
‫ابنتك ‪..‬‬ ‫ويتصدق عليه ‪ ..‬غلف ذلك‬
‫قال ‪ :‬نعم ونعمين ‪ ..‬يا رسول‬ ‫باللطف والدب ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫وفي أحد اليام يجلس إلى‬
‫فقال ‪ : r‬إني لست أريدها‬ ‫النبي ‪ e‬شاب اسمه‬
‫لنفسي ‪..‬‬ ‫جليبيب ‪ ..‬من خيار شباب‬
‫قال ‪ :‬فلمن ؟!‬ ‫الصحابة ‪ ..‬لكنه كان فقيرا ً‬
‫قال ‪ :‬لجليبيب ‪..‬‬ ‫معدما ً ‪..‬‬
‫قال الرجل متفاجئا ً ‪ :‬جليبيب !!‬ ‫وكان ‪ t‬في وجهه دمامة ‪..‬‬
‫جليبيب !! يا رسول الله !! حتى‬ ‫جلس يوما ً عند رسول الله ‪e‬‬
‫استأمر أمها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فما هي الحاديث التي‬
‫أتى الرجل زوجته فقال ‪ :‬إن‬ ‫حرص النبي ‪ e‬على إثارتها‬
‫رسول الله يخطب ابنتك ‪..‬‬ ‫معه ؟ شاب في ريعان‬
‫وج‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬ونعمين ‪ ..‬ز ّ‬ ‫شبابه ‪ ..‬أعزب ‪..‬‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬ ‫هل يتحدث معه عن أنساب‬
‫قال ‪ :‬إنه ليس يريدها لنفسه ‪..‬‬ ‫العرب والرفيع منها‬
‫قالت ‪ :‬فلمن ؟‬ ‫والوضيع ؟‬
‫قال ‪ :‬يريدها لجليبيب ‪..‬‬ ‫أم يتحدث عن السواق‬
‫فتفاجأت المرأة أن ُتزف ابنتها‬ ‫وأحكام البيوع ؟‬
‫إلى رجل فقير دميم ‪ ..‬فقالت ‪:‬‬ ‫ل ‪ ..‬فهذا شاب له نوع خاص‬
‫قى !! لجليبيب ‪..‬؟ ل لعمر‬ ‫حل ْ َ‬
‫َ‬ ‫من الحاديث يفضله على‬
‫الله ل أزوج جليبيبا ً ‪ ..‬وقد‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫منعناها فلنا ً وفلنا ً ‪..‬‬ ‫أثار معه ‪ e‬موضوع الزواج‬
‫فاغتم أبوها لذلك ‪ ..‬وقام ليأتي‬ ‫والحديث حوله ‪ ..‬فلطالما‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬ ‫طرب الشباب لهذه‬
‫فصاحت الفتاة من خدرها‬ ‫المواضيع ‪..‬‬
‫بأبويها ‪ :‬من خطبني إليكما ؟‬ ‫ثم عرض عليه رسول الله‬
‫قال ‪ :‬رسول الله ‪.. r‬‬ ‫التزويج ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬أتردان على رسول الله‬ ‫ً‬
‫فقال ‪ :‬إذن تجدني كاسدا ‪..‬‬
‫‪ r‬أمره ؟ ادفعاني إلى رسول‬ ‫فقال ‪ :‬غير أنك عند الله‬
‫الله ‪ .. r‬فإنه لن يضيعني ‪..‬‬ ‫لست بكاسد ‪..‬‬
‫فكأنما جّلت عنهما ‪ ..‬واطمأّنا ‪..‬‬ ‫فلم يزل النبي ‪ r‬يتحين‬
‫فذهب أبوها إلى النبي ‪r‬‬ ‫الفرص لتزويج جليبيب ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬شأنك‬ ‫حتى جاء رجل من النصار‬
‫وجها جليبيبا ً ‪..‬‬ ‫بها فز ّ‬ ‫يوما ً يعرض ابنته الثيب على‬
‫فزوجها النبي ‪ r‬جليبيبا ً ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬ليتزوجها ‪..‬‬

‫‪54‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال أنس ‪ :‬فوالله مــا كــان فــي‬ ‫ودعا لها وقال ‪ :‬اللهم صب‬
‫النصار أيم أنفق منها ‪..‬‬ ‫عليهما الخير صبا ً ‪ ..‬ول‬
‫أي تســابق الرجــال إليهــا كلهــم‬ ‫تجعل عيشهما كدا ً كدا ً ‪..‬‬
‫يخطبها بعد جليبيب ‪..‬‬ ‫فلم يمض على زواجه أيام ‪..‬‬
‫هكذا كان ‪ ‬يختار لكل أحد ما‬ ‫حتى خرج النبي ‪ r‬في غزوة‬
‫يناسبه من أحاديث ‪ ..‬حتى ل‬ ‫‪ ..‬وخرج معه جليبيب ‪..‬‬
‫تمل مجالسه ‪..‬‬ ‫فلما انتهى القتال ‪ ..‬وبدأ‬
‫جلس ‪ ‬يوما ً مع زوجه عائشة ‪..‬‬ ‫الناس يتفقد بعضهم بعضا ً ‪..‬‬
‫فما الحاديث المناسب إثارتها‬ ‫سألهم النبي ‪ : r‬هل‬
‫بين الزوجين ‪..‬؟‬ ‫تفقدون من أحد قالوا ‪:‬‬
‫هل كلمها عن غزو الروم ؟‬ ‫نفقد فلنا ً وفلنا ً ‪..‬‬
‫ونوع السلحة التي استخدمت‬ ‫فسكت قليل ً ثم قال ‪ :‬هل‬
‫في القتال ؟ كل فليست هي أبو‬ ‫تفقدون من أحد ؟‬
‫بكر !!‬ ‫قالوا ‪ :‬نفقد فلنا وفلنا ‪..‬‬
‫أم حدثها عن فقر بعض‬ ‫فسكت ثم قال ‪ :‬هل‬
‫المسلمين وحاجتهم ؟ كل‬ ‫تفقدون من أحد ؟‬
‫فليست عثمان !!‬ ‫قالوا ‪ :‬نفقد فلنا ً وفلنا ً ‪..‬‬
‫إنما قال لها بعاطفة الزوجية ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬ولكني أفقد جليبيبا ً ‪..‬‬
‫إني لعرف إن كانت راضية عني‬ ‫فقــــاموا يبحثــــون عنــــه ‪..‬‬
‫‪ ..‬وإذا كنت غضبى ‪!! ..‬‬ ‫ويطلبونه في القتلى ‪ ..‬فلم‬
‫قالت ‪ :‬كيف ؟‬ ‫يجدوه في ساحة القتال ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬إذا كنت راضية قلت ‪ :‬ل‬ ‫ثــــم وجــــدوه فــــي مكــــان‬
‫ورب محمد ) ‪ .. ( e‬وإذا كنت‬ ‫قريب ‪ ..‬إلى جنب سبعة مــن‬
‫غضبى قلت ‪ :‬ل ورب إبراهيم )‬ ‫المشــركين قــد قتلهــم ثــم‬
‫‪.. ( e‬‬ ‫قتلوه ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬والله يا رسول‬ ‫فوقــف النــبي ‪ r‬ينظــر إلــى‬
‫الله ل أهجر إل اسمك ‪..‬‬ ‫جثته ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬قتل ســبعة‬
‫فهل نراعي هذا نحن اليوم ؟‬ ‫ثم قتلــوه ‪ ..‬قتــل ســبعة ثــم‬
‫قتلوه ‪ ..‬هذا مني وأنا منه ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫ثم حمله رسول اللــه ‪ r‬علــى‬
‫تحدث مع الناس بما يستمتعون‬ ‫ســـــاعديه ‪ ..‬وأمرهـــــم أم‬
‫هم باستماعه ‪ ..‬ل بما تستمتع‬ ‫يحفروا له قبره ‪..‬‬
‫أنت بحكايته ‪..‬‬ ‫قــال أنــس ‪ :‬فمكثنــا نحفــر‬
‫القبر ‪ ..‬وجليبيب ماله ســرير‬
‫كن لطيفا ً عند أول‬ ‫‪.19‬‬ ‫غير ساعدي رسول الله ‪.. r‬‬
‫لقاء ‪..‬‬ ‫حتى حفر له ثــم وضــعه فــي‬
‫انتشر في بعض أرياف مصر‬ ‫لحده ‪..‬‬
‫‪55‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫القاعة مبكرين ‪ ..‬جعلوا يتحدثون‬ ‫برهة من الزمن أن الرجل‬
‫‪ ..‬ويتعارفون ‪..‬‬ ‫العروس قبيل ليلة عرسه‬
‫دخل عليهم المدرس فجأة‬ ‫يخبئ في غرفته قطا ً ‪..‬‬
‫فسكتوا ‪ ..‬فوقعت عين المدرس‬ ‫فإذا دخل بزوجته إلى مكان‬
‫على طالب ل يزال متبسما ً ‪..‬‬ ‫فراش الزوجية ‪ ..‬حرك‬
‫فصرخ به ‪ :‬لماذا تضحك ؟‬ ‫كرسيا ً ليخرج ذلك القط ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬عذرا ً ‪ ..‬ما ضحكت ‪..‬‬ ‫فإذا خرج أقبل العروس‬
‫قال ‪ :‬بلى تضحك ‪..‬‬ ‫يستعرض قواه أمام‬
‫ثم جعل يؤنبه ‪ :‬أنت إنسان غير‬ ‫زوجته ‪ ..‬وقبض على القط‬
‫جاد ‪ ..‬المفروض أن تعود لهلك‬ ‫المسكين ‪ ..‬ثم خنقه وعصره‬
‫على أول رحلة طيران ‪ ..‬ل‬ ‫‪ ..‬حتى يموت بين يديه ‪!!..‬‬
‫أتشرف بتدريس مثلك ‪..‬‬ ‫أتدري لماذا ؟!‬
‫والطالب المسكين قد تلون‬ ‫لجل أن يطبع صورة الرعب‬
‫وجهه ‪ ..‬وجعل ينظر إلى‬ ‫والهيبة منه في ذهن زوجته‬
‫مدرسه ‪ ..‬ويلتفت إلى زملئه ‪..‬‬ ‫من أول لقاء ‪..‬‬
‫ويحاول حفظ ما تبقى من ماء‬ ‫وأذكر أني لما تخرجت من‬
‫وجهه ‪..‬‬ ‫الجامعة ‪ ..‬وتعينت معيدا ً في‬
‫ثم حدق المدرس فيه النظر‬ ‫إحدى الكليات ‪ ..‬أوصاني‬
‫عابسا ً وأشار إلى الباب وقال ‪:‬‬ ‫معلم قديم قائل ً ‪:‬‬
‫أخرج ‪..‬‬ ‫في أول محاضرة لك عند‬
‫قام الطالب مضطربا ً ‪ ..‬وخرج ‪..‬‬ ‫شدّ عليهم ‪..‬‬ ‫الطلب ‪ُ ..‬‬
‫نظر المدرس إلى بقية الطلب‬ ‫وانظر إليهم بعين حمراء !!‬
‫وقال ‪ :‬أنا الدكتور فلن ‪..‬‬ ‫حتى يخافوا منك وتفرض‬
‫سأدرسكم مادة كذا ‪..‬‬ ‫قوة شخصيتك من البداية ‪..‬‬
‫ولكن قبل أن أبدأ الشرح ‪..‬‬ ‫تذكرت هذا ‪ ..‬وأنا أكتب هذا‬
‫أريدكم أن تعبئوا هذه الستمارة‬ ‫الباب ‪ ..‬فأيقنت أن من‬
‫‪ ..‬دون كتابة السم ‪..‬‬ ‫المور المقررة عند جميع‬
‫ثم وزع عليهم استمارة تقييم‬ ‫الناس أن اللقاء الول في‬
‫للمدرس ‪ ..‬فيها خمسة أسئلة ‪:‬‬ ‫الغالب يطبع أكثر من ‪%70‬‬
‫‪ .1‬ما رأيك بأخلق‬ ‫من الصورة عنك ‪ ..‬وهي ما‬
‫مدرسك ؟‬ ‫يسمى بالصورة الذهنية ‪..‬‬
‫‪ .2‬ما رأيك بطريقة شرحه‬ ‫أذكر أن مجموعة من‬
‫؟‬ ‫الضباط سافروا إلى أمريكا‬
‫‪ .3‬هل يقبل الرأي‬ ‫في دورة تدريبية ‪..‬‬
‫الخر ؟‬ ‫كانت الدورة في التعامل‬
‫‪ .4‬ما مدى رغبتك في‬ ‫الوظيفي ‪..‬‬
‫الدراسة لديه مرة أخرى ؟‬ ‫في أول يوم ‪ ..‬حضروا إلى‬
‫‪56‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فعبئوها وأعادوها إليه ‪..‬‬ ‫‪ .5‬هل تفرح بمقابلته‬
‫فأخرج الستمارات التي عبئوها‬ ‫خارج المعهد ؟‬
‫في البداية ‪ ..‬وأخرج الخيرة‬ ‫كان أمام كل سؤال منها ‪..‬‬
‫وجعل يقارن بينها ‪..‬‬ ‫اختيارات ‪ :‬ممتاز ‪ ..‬جيد ‪..‬‬
‫فإذا الخانة الخاصة بـ ضعيف في‬ ‫مقبول ‪ ..‬ضعيف ‪..‬‬
‫التعبئة الولى كلها مليئة ‪..‬‬ ‫عبأ لطلب الستمارة‬
‫أما الثانية فليس فيها ضعيف‬ ‫وأعادوها إليه ‪..‬‬
‫ول مقبول ‪ ..‬أبدا ً ‪..‬‬ ‫وضعها جانبا ً ‪ ..‬وبدأ يشرح‬
‫فضحك وقال لهم ‪:‬‬ ‫تأثير فن التعامل في الجو‬
‫كان ما رأيتم دليل ً عمليا ً على‬ ‫الوظيفي ‪..‬‬
‫تأثير التعامل السيء على بيئة‬ ‫ثم قال ‪ :‬أوه !‪ ..‬لماذا نحرم‬
‫العمل بين المدير وموظفيه ‪..‬‬ ‫زميلكم من الستفادة ‪..‬‬
‫وما فعلته بزميلكم كان تمثيل ً‬ ‫فخرج إليه ‪ ..‬وصافحه‬
‫أردت أن أجريه أمامكم ‪ ..‬لكن‬ ‫وابتسم له ‪ ..‬وأدخله‬
‫المسكين صار ضحية ‪..‬‬ ‫القاعة ‪..‬‬
‫فانظروا كيف تغيرت نظرتكم‬ ‫ثم قال ‪ :‬يبدو أنني غضبت‬
‫بمجرد تغير تعاملي معكم ‪..‬‬ ‫عليك قبل قليل من غير‬
‫هذا من طبيعة النسان ‪ ..‬فل بد‬ ‫سبب حقيقي ‪ ..‬لكني كنت‬
‫من مراعاته ‪ ..‬خاصة مع من‬ ‫أعاني من مشكلة خاصة ‪..‬‬
‫تلتقي بهم لمرة واحدة فقط ‪..‬‬ ‫أدت بي أن أصب غضبي‬
‫كان المعلم الول ‪ e‬يأسر قلوب‬ ‫عليك ‪ ..‬فأنا أعتذر إليك ‪..‬‬
‫الناس من أول لقاء ‪..‬‬ ‫فأنت طالب حريص ‪ ..‬يكفي‬
‫بعد فتح مكة ‪ ..‬تمكن السلم ‪..‬‬ ‫في الدللة على حرصك‬
‫وبدأت الوفود تتسابق إلى‬ ‫تركك لهلك وولدك ومجيؤك‬
‫رسول الله ‪ r‬في المدينة ‪..‬‬ ‫هنا ‪..‬‬
‫قدم وفد عبد القيس ‪ ..‬على‬ ‫أشكرك ‪ ..‬بل أشكركم جميعا ً‬
‫رسول الله ‪ .. r‬فلما رآهم وهم‬ ‫على حرصكم ‪ ..‬ومن أعظم‬
‫على رحالهم قبل أن ينزلوا ‪..‬‬ ‫الشرف لي أن أدرس‬
‫بادرهم قائل ً ‪:‬‬ ‫مثلكم ‪..‬‬
‫مرحبا ً بالقوم ‪ ..‬غير خزايا ‪ ..‬ول‬ ‫ثم تلطف معهم وضحك‬
‫ندامى ‪..‬‬ ‫قليل ً ‪..‬‬
‫فاستبشروا ‪ ..‬وتواثبوا من‬ ‫ثم أخذ مجموعة جديدة من‬
‫رحالهم ‪ ..‬وأقبلوا إليه‬ ‫الستمارات وقال ‪:‬‬
‫يتسابقون للسلم عليه ‪..‬‬ ‫ما دام أن زميلكم فاته تعبئة‬
‫ثم قالوا ‪:‬‬ ‫الستمارة فما رأيكم أن‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬إن بيننا وبينك‬ ‫تعبئوها كلكم من جديد ‪..‬‬
‫هذا الحي من المشركين من‬ ‫ووزع عليهم الوراق ‪..‬‬
‫‪57‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فرأى رجل ً من القــوم لــم يصــل‬ ‫مضر ‪..‬‬
‫معهم ‪..‬‬ ‫وإنا ل نصل إليك إل في‬
‫فقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬مــا يمنعــك أن‬ ‫الشهر الحرام ‪ ..‬حين يقف‬
‫تصلي معنا ؟‬ ‫القتال ‪..‬‬
‫قـــال ‪ :‬أصـــابتني جنابـــة ‪ ..‬ول‬ ‫فحدثنا بجميل من المر ‪..‬‬
‫ماء ‪..‬‬ ‫إن عملنا به دخلنا الجنة ‪..‬‬
‫فأمره ‪ e‬أن يتيمم بالصعيد ‪ ..‬ثــم‬ ‫وندعو به من وراءنا ‪..‬‬
‫صلى ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬آمركم بأربع ‪..‬‬
‫ثم أمر ‪ e‬أصحابه بالرتحال ‪..‬‬ ‫وأنهاكم عن أربع ‪..‬‬
‫وليــس معهــم مــاء ‪ ..‬فعطشــوا‬ ‫آمركم باليمان بالله ‪ ..‬وهل‬
‫عطشا ً شديدا ً ‪ ..‬ولم يقفوا على‬ ‫تدرون ما اليمان بالله ؟‬
‫بئر ول ماء ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬الله ورسوله أعلم ‪..‬‬
‫قال عمران بن حصين ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬شهادة أن ل إله إل‬
‫فبينمــا نحــن نســير فــإذا نحــن‬ ‫الله ‪ ..‬وإقام الصلة ‪ ..‬وإيتاء‬
‫بـــامرأة علـــى بعيـــر ‪ ..‬ومعهـــا‬ ‫الزكاة ‪ ..‬وأن تعطوا الخمس‬
‫مزادتان ) قربتان ( ‪..‬‬ ‫من الغنائم ‪..‬‬
‫فقلنا لها ‪ :‬أين الماء ؟!‬ ‫وأنهاكم عن أربع ‪ :‬عن نبيذ‬
‫قالت ‪ :‬إنه ل ماء ‪..‬‬ ‫في الدباء ‪ ..‬والنقير والحنتم‬
‫فقلنا ‪ :‬كم بين أهلك وبين الماء‬ ‫‪ ..‬والمزفت )‪.. (25‬‬
‫؟‬ ‫وفي موقف آخر ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬يوم وليلة ‪..‬‬ ‫كــان ‪ e‬مســافرا ً مــع أصــحابه‬
‫فقلنا ‪ :‬انطلقي إلى رسول الله‬ ‫ليلــة ‪ ..‬فســاروا فــي ليلهــم‬
‫‪.. e‬‬ ‫مسيرا ً طويل ً ‪ ..‬حتى إذا كان‬
‫قالت ‪ :‬وما رسول الله ‪!!..‬‬ ‫آخر الليل ‪ ..‬نزلوا في طرف‬
‫فســقناها معنــا طمعــا ً أن تــدلنا‬ ‫الطريق ليناموا ‪..‬‬
‫على الماء ‪..‬‬ ‫فغلبتهم أعينهم حتى طلعت‬
‫حتى أقبلنا بها إلى النبي ‪.. e‬‬ ‫الشمس وارتفعت ‪..‬‬
‫فســألها عــن المــاء ‪ ..‬فحــدثته‬ ‫فكان أول من اســتيقظ مــن‬
‫بمثل الذي حدثتنا به ‪ ..‬غير أنهــا‬ ‫منامه أبو بكر ‪ ..‬ثم اســتيقظ‬
‫شكت إليه أنها أم أيتام ‪..‬‬ ‫عمر ‪..‬‬
‫فتنـــاول ‪ e‬مزادتهـــا ‪ ..‬فســـمى‬ ‫فقعد أبو بكر عند رأسه ‪.. e‬‬
‫الله ‪ ..‬ومسح عليها ‪..‬‬ ‫فجعل يكــبر ويرفــع صــوته ‪..‬‬
‫ثم جعل ‪ e‬يفرغ من قربتيها في‬ ‫حتى استيقظ النبي ‪.. e‬‬
‫آنيتنا ‪ ..‬فشربنا عطاشــا ً أربعيــن‬ ‫فنزل وصلى بهم الفجر ‪..‬‬
‫رجل ً ‪ ..‬حتى روينا ‪..‬‬ ‫فلما انتهى من صلته التفت‬
‫وملنا كل قربة معنا ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪25‬‬

‫‪58‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حتى يكون دينه أحب إليه ‪..‬‬ ‫ثــم تركنــا قربتيهــا ‪ ..‬وهمــا‬
‫وأعز عليه ‪ ..‬من الدنيا وما فيها‬ ‫أكثر ما تكون امتلءً ‪..‬‬
‫)‪.. (27‬‬ ‫ثــــم قــــال ‪ : e‬هــــاتوا مــــا‬
‫عندكم ‪ ..‬أي طعام ‪..‬‬
‫اقتراح ‪..‬‬ ‫فجمــع لهــا مــن كســر الخــبز‬
‫أول لقاء يطبع ‪ %70‬من‬ ‫والتمر ‪..‬‬
‫الصورة عنك ‪ ..‬فعامل كل‬ ‫فقال لها ‪ :‬اذهبي بهذا معــك‬
‫إنسان على أن هذا هو اللقاء‬ ‫لعيالــك ‪ ..‬واعلمــي أنــا لــم‬
‫الول والخير بينكما ‪..‬‬ ‫نرزأك من مائك شيئا ً ‪ ..‬غيــر‬
‫أن الله سقانا ‪..‬‬
‫الناس كمعادن‬ ‫‪.20‬‬ ‫ثــم ركبــت المــرأة بعيرهــا ‪..‬‬
‫الرض ‪..‬‬ ‫مستبشــرة بمــا حصــلت مــن‬
‫لو تأملت في الناس لوجدت أن‬ ‫طعام ‪..‬‬
‫لهم طبائع كطبائع الرض ‪..‬‬ ‫حــــتى وصــــلت أهلهــــا ‪..‬‬
‫فمنم الرفيق اللين ‪ ..‬ومنهم‬ ‫فقــــالت ‪ :‬أتيــــت أســــحر‬
‫الصلب الخشن ‪ ..‬ومنهم الكريم‬ ‫النــاس ‪ ..‬أو هــو نــبي كمــا‬
‫كالرض المنبتة الكريمة ‪..‬‬ ‫زعموا ‪..‬‬
‫ومنهم البخيل كالرض الجدباء‬ ‫فعجب قومها من قصتها مــع‬
‫التي ل تمسك ماءً ول تنبت‬ ‫رســول اللــه ‪ .. e‬فلــم يمــر‬
‫كل ً ‪..‬‬ ‫عليهــم زمــن حــتى أســلمت‬
‫إذن الناس أنواع ‪..‬‬ ‫)‪(26‬‬
‫وأسلموا ‪..‬‬
‫ولو تأملت لوجدت أنك عند‬ ‫نعم ‪ ..‬أعجبت بتعامله وكرمه‬
‫تعاملك مع أنواع الرض تراعي‬ ‫معها من أول لقاء ‪..‬‬
‫حال الرض وطبيعتها ‪..‬‬ ‫وفي يوم أقبل رجل إلى‬
‫فطريقة مشيك على الرض‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬فسأله‬
‫الصلبة ‪ ..‬تختلف عن طريقتك‬ ‫مال ً ‪ ..‬فأعطاه النبي ‪e‬‬
‫في المشي على الرض اللينة ‪..‬‬ ‫قطيعا ً من غنم بين جبلين ‪..‬‬
‫ن في الولى ‪..‬‬ ‫فأنت حذر متأ ّ‬ ‫فرجع الرجل إلى قومه ‪..‬‬
‫بينما أنت مرتاح مطمئن في‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫الثانية ‪..‬‬ ‫يا قوم ‪ ..‬أسلموا فإن محمدا ً‬
‫وهكذا الناس ‪..‬‬ ‫يعطي عطاء من ل يخاف‬
‫قال ‪ ) e‬إن الله تعالى خلق آدم‬ ‫الفاقة ‪..‬‬
‫من قبضة قبضها من جميع‬ ‫قال أنس ‪ :‬وقد كان الرجل‬
‫الرض فجاء بنو آدم على قدر‬ ‫يجيء إلى رسول الله ‪ e‬ما‬
‫الرض فجاء منهم ‪:‬‬ ‫يريد إل الدنيا ‪ ..‬فما يمسي‬

‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪27‬‬


‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪26‬‬

‫‪59‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أكمل التجربة ‪..‬‬ ‫الحمر‬ ‫•‬
‫اذهب إلى صديق آخر تعرف أنه‬ ‫والبيض‬ ‫•‬
‫هين لين لطيف ‪ ..‬وقل له ما‬ ‫والسود‬ ‫•‬
‫قلت للول ‪..‬‬ ‫وبين ذلك‬ ‫•‬
‫ستجد حتما ً أنه يقول ‪ :‬يا أخي‬
‫والسهل‬ ‫•‬
‫هذه أم عيالك ‪ ..‬وما فيه زواج‬
‫والحزن‬ ‫•‬
‫يخلو من مشاكل ‪ ..‬اصبر‬
‫عليها ‪ ..‬وحاول أن تتحملها ‪..‬‬ ‫والخبيث‬ ‫•‬
‫)‪(28‬‬
‫وهذه مهما صار فهي زوجتك ‪..‬‬ ‫والطيب ( ‪..‬‬ ‫•‬

‫وشريكتك في الحياة ‪..‬‬ ‫فعند تعاملك مع الناس انتبه‬


‫فانظر كيف صارت طبيعة‬ ‫إلى هذا – وانتبهي ‪ -‬سواء‬
‫الشخص تؤثر في آرائه وقراراته‬ ‫تعاملت مع ‪:‬‬
‫‪..‬‬ ‫قريب كأب وأم وزوجة‬
‫وولد ‪..‬‬
‫لذلك نهى النبي ‪ e‬أن يقضي‬
‫أو بعيد كجار وزميل وبائع ‪..‬‬
‫القاضي بين اثنين وهو عطشان‬
‫ولعلك تلحظ أن طبائع‬
‫! أو جوعان ! أو حابس لبول أو‬
‫الناس تؤثر فيهم حتى عند‬
‫غائط ! لن هذه المور قد تغير‬
‫اتخاذ قراراتهم ‪..‬‬
‫نفسيته ‪ ..‬وبالتالي قد تؤثر عليه‬
‫وحتى تتيقن ذلك ‪ ..‬اعمل‬
‫في اتخاذ قراره في الحكم ‪..‬‬
‫هذه التجربة ‪:‬‬
‫كان في المم السابقة رجل‬
‫إذا وقعت بينك وبين زوجتك‬
‫سفاح !! سفاح ؟! نعم سفاح ‪..‬‬
‫مشكلة ‪ ..‬فاستشر أحد‬
‫لم يقتل رجل ً واحدا ً ول اثنين ‪..‬‬
‫ول عشرة ‪ ..‬وإنما قتل تسعا ً‬ ‫زملئك ممن تعلم أنه صلب‬
‫خشن ‪ ..‬قل له ‪ :‬زوجتي‬
‫وتسعين نفسا ً ‪..‬‬
‫كثيرة المشاكل معي ‪..‬‬
‫ل أدري كيف نجا من الناس‬
‫وانتقامهم ‪ ..‬لعله كان مخيفا ً‬ ‫قليلة الحترام لي ‪ ..‬فأشر‬
‫ي ‪..‬‬‫عل ّ‬
‫جدا ً إلى درجة أنه ل أحد يجرؤ‬
‫كأني به سيقول ‪ :‬الحريم ما‬
‫على القتراب منه ‪ ..‬أو أنه كان‬
‫يصلح معهن إل العين‬
‫يتخفى في البراري‬
‫الحمراء !! دقّ خشمها ! خل‬
‫والمغارات ‪ ..‬ل أدري بالضبط ‪..‬‬
‫شخصيتك قوية عليها !! كن‬
‫المهم أنه ارتكب ‪ 99‬جريمة قتل‬
‫رجل ً !!‬
‫!!‬
‫وبالتالي قد تثور أنت‬
‫ثم حدثته نفسه بالتوبة ‪ ..‬فسأل‬
‫ويخرب عليك بيتك بهذه‬
‫عن أعلم أهل الرض فدلوه‬
‫الكلمات ‪..‬‬
‫على عابد في صومعته ‪ ..‬ل يكاد‬
‫يفارق مصله ‪ ..‬يمضي وقته ما‬
‫‪ ( ) 28‬رواه أبو داود والترمذي وقال‬
‫بين بكاء ودعاء ‪ ..‬هين لين‬ ‫حسن صحيح‬
‫‪60‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫جرأة ‪ :‬إني قتلت مائة نفس !!‬ ‫عاطفته جياشة ‪..‬‬
‫فهل لي من توبة ؟!‬ ‫دخل هذا الرجل على‬
‫فأجابه العالم فورا ً ‪ :‬سبحاااان‬ ‫العابد ‪ ..‬وقف بين يديه ثم‬
‫الله ‪ !!..‬ومن يحول بينك وبين‬ ‫فجعه بقوله ‪ :‬أنا قتلت تسعا ً‬
‫التوبة ؟!!‬ ‫وتسعين نفسا ً ‪ ..‬فهل لي‬
‫جواب رائع !! فعل ً من يحول‬ ‫من توبة ؟‬
‫بينه وبين التوبة ؟! فالخالق في‬ ‫هذا العابد ‪ ..‬أظنه لو قتل‬
‫السماء ل تستطيع أي قوة في‬ ‫نملة من غير قصد لقضى‬
‫العالم ان تحول بينك وبين‬ ‫بقية يومه باكيا ً متأسفا ً ‪..‬‬
‫النابة إليه والنكسار بين يديه ‪..‬‬ ‫فكيف سيكون جوابه لرجل‬
‫ثم قال العالم الذي كان يتخذ‬ ‫قتل بيده ‪ 99‬نفسا ً ‪..‬‬
‫قراراته بناء على العلم‬ ‫انتفض العابد ‪ ..‬ولم يتخيل‬
‫والشرع ‪ ..‬ل بناء على طبيعته‬ ‫‪ 99‬جثة بين يديه يمثلها هذا‬
‫ومشاعره ‪ ..‬أو قل على‬ ‫الرجل الواقف أمامه ‪..‬‬
‫عاطفته وأحاسيسه ‪..‬‬ ‫صاح العابد ‪ :‬ل ‪ ..‬ليس لك‬
‫قال العالم ‪ :‬لكنك بأرض سوء ‪..‬‬ ‫توبة ‪ ..‬ليس لك توبة ‪..‬‬
‫عجبا ً ! كيف علم ؟ عرف ذلك‬ ‫ول تعجب أن يصدر هذا‬
‫بناء على كبر الجرائم وقلة‬ ‫الجواب من عابد قليل‬
‫كر عليه ‪ ..‬فعلم‬ ‫من ِ‬‫مدافع له الـ ُ‬ ‫الـ ُ‬ ‫العلم ‪ ..‬يحكم في المور‬
‫أن البلد أصل ً ينتشر فيها القتل‬ ‫بعاطفته ‪..‬‬
‫والظلم إلى درجة أنه ل أحد‬ ‫هذا القاتل لما سمع الجواب‬
‫ينتصر للمظلوم ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وهو الرجل الصلب الخشن‬
‫قال ‪ :‬إنك بأرض سوء ‪ ..‬فاذهب‬ ‫‪ ..‬غضب واحمرت عيناه ‪..‬‬
‫إلى بلد كذا وكذا فإن بها قوما ً‬ ‫وتناول سكينه ثم انهال‬
‫يعبدون الله فاعبد الله معهم ‪..‬‬ ‫طعنا ً في جسد العابد حتى‬
‫ذهب الرجل يمشي تائبا ً منيبا ً ‪..‬‬ ‫مزقه ‪ ..‬ثم خرج ثائرا ً من‬
‫فمات قبل أن يصل إلى البلد‬ ‫الصومعة ‪..‬‬
‫المقصود ‪..‬‬ ‫ومضت اليام ‪ ..‬فحدثته‬
‫نزلت ملئكة الرحمة وملئكة‬ ‫نفسه بالتوبة مرة أخرى ‪..‬‬
‫العذاب ‪..‬‬ ‫فسأل عن أعلم أهل‬
‫فأما ملئكة الرحمة فقالت ‪:‬‬ ‫الرض ‪ ..‬فدله الناس على‬
‫أقبل تائبا ً منيبا ً ‪..‬‬ ‫رجل عالم ‪..‬‬
‫وأما ملئكة العذاب فقالت ‪ :‬لم‬ ‫مضى يمشي حتى دخل على‬
‫يعمل خيرا ً قط ‪..‬‬ ‫العالم ‪ ..‬فلما وقف بين يديه‬
‫فبعث الله إليهم ملكا ً في صورة‬ ‫فإذا به يرى رجل ً رزينا ً يزينه‬
‫رجل ليحكم بينهم ‪ ..‬فكان‬ ‫وقار العلم والخشية ‪..‬‬
‫الحكم أن يقيسوا ما بين البلدين‬ ‫فأقبل القاتل إليه سائل ً بكل‬
‫‪61‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قبل قليل أن كثيرا ً من الناس‬ ‫‪ ..‬بلد الطاعة وبلد‬
‫تختلف آراؤهم – وربما‬ ‫المعصية ‪ ..‬فإلى أيتهما كان‬
‫اختياراتهم الفقهية – تأثرا ً‬ ‫أقرب ‪.‬ز فإنه لها ‪..‬‬
‫بعاطفته وطبيعته ‪..‬‬ ‫وأوحى الله تعالى إلى بلد‬
‫وبعض الناس تعلم من طبيعته‬ ‫الرحمة أن تقاربي ‪ ..‬وإلى‬
‫أنه شديد الحب للمال ‪ ..‬فل‬ ‫بلد المعصية أن تباعدي ‪..‬‬
‫تعجب إذا رأيته يذل نفسه‬ ‫فكان أقرب إلى بلد الطاعة‬
‫لرباب الموال ‪ ..‬يهمل أولده‬ ‫فأخذته ملئكة الرحمة ‪..‬‬
‫وبيته لجل جمعه ‪ ..‬يقتر على‬ ‫حتى المفتين في المسائل‬
‫من يعول ‪ ..‬ل تعجب فهو‬ ‫الشرعية تجد مع السف أن‬
‫طماع ‪ ..‬بل إن اتخاذه لقراراته‬ ‫بعضهم تغلبه عاطفته‬
‫وتبنيه لقناعاته ينبني كثيرا ً على‬ ‫أحيانا ً ‪..‬‬
‫هذه الطبيعة ‪ ..‬فإذا أردت أن‬ ‫أذكر أن أحد جيراني كان‬
‫تتعامل معه أو تطلب منه شيئا ً‬ ‫كثير الخلفات مع زوجته ‪..‬‬
‫فضع في نفسك قبل أن تتكلم‬ ‫اشتد الخلف يوما ً فطلقها‬
‫أنه محب للمال ‪ ..‬فحاول أن ل‬ ‫تطليقه ‪ ..‬ثم راجعها ‪..‬‬
‫تعارض هذه الطبيعة فيه حتى‬ ‫ثم اشتد أخرى ‪ ..‬فطلقها‬
‫تحصل على ما تريد منه ‪..‬‬ ‫ثانية ‪ ..‬ثم راجعها ‪..‬‬
‫ولن المثلة مفاتيح الفهوم ‪..‬‬ ‫وكنت كلما قابلته أحذره‬
‫خذ مثال ً ‪:‬‬ ‫وأوصيه ‪ ..‬وأذكره بأبنائه‬
‫نفرض أنك زرت مستشفى‬ ‫الصغار ‪ ..‬وأهمية اعتبارهم‬
‫وقابلت مصادفة صديقا ً قديما ً‬ ‫والعناية بهم ‪ ..‬وأكرر عليه ‪:‬‬
‫كان زميل ً لك أيام الجامعة ‪..‬‬ ‫لم يبق لك إل طلقة واحدة –‬
‫فدعوته إلى وليمة غداء في‬ ‫الثالثة – فإن أوقعتها لم‬
‫بيتك ‪ ..‬فوافق ‪..‬‬ ‫تحل لك مراجعتها إل بعد‬
‫فذهبت إلى السوق واشتريت‬ ‫زواجها من آخر وتطليقه لها‬
‫حاجات ثم رجعت إلى البيت‬ ‫‪ ..‬فاتق الله ‪ ..‬ول تخرب‬
‫لتستعد وجعلت تتصل بعدد من‬ ‫بيتك ‪..‬‬
‫زملئكم السابقين تدعوهم‬ ‫حتى جاءني يوما ً متغير‬
‫لمشاركتكم الوليمة ورؤية‬ ‫الوجه وقال ‪ :‬يا شيخ‬
‫صاحبك ‪ ..‬من بين هؤلء صديق ‪-‬‬ ‫تخاصمنا وطلقتها الثالثة !!‬
‫من البخلء الذين استولى حب‬ ‫وهذا الكلم منه ليس‬
‫المال على قلوبهم ‪ -‬اتصلت به‬ ‫غريبا ً ‪ ..‬إنما الغريب أنه قال‬
‫فرحب وحّيا ‪ ..‬فلما أخبرته عن‬ ‫بعدها ‪ :‬ما تعرف لي شيخا ً‬
‫الوليمة ‪ ..‬قال ‪ :‬آآه ‪ ..‬يا ليتني‬ ‫حبيبا ً يفتيني الن أراجعها !!‬
‫أستطيع الحضور ورؤية فلن ‪..‬‬ ‫فعجبت منه ‪ ..‬ثم تأملت في‬
‫لكني مرتبط بشغل هااام ‪..‬‬ ‫الحال فاكتشفت ما تقرر‬
‫‪62‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ ‬وقد‬ ‫فبلغه سلمي ‪ ..‬ولعلي أراه‬
‫أقبل بالكتائب لفتح مكة ‪..‬‬ ‫في وقت آخر ‪..‬‬
‫كان أبو سفيان قد خرج إلى‬ ‫فأدركت أنت من معرفتك‬
‫النبي ‪ ‬قبل أن يدخل مكة ‪..‬‬ ‫بطبيعته أنه يخشى أن يجيء‬
‫فأسلم ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فيضطر إلى أن يدعو‬
‫في قصة طويلة ‪ ..‬الشاهد منها‬ ‫الضيف إلى بيته ويصنع له‬
‫أنه لما أسلم قال العباس ‪:‬‬ ‫وليمة تكلفه مبلغا ً‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬إن أبا سفيان‬ ‫وقدره ‪ !! ..‬وهو يريد‬
‫رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا ً‬ ‫التوفير ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقلت له ‪ :‬عموما ً هذا‬
‫فقال ‪ " : r‬نعم ‪ ..‬من دخل دار‬ ‫الضيف لن يبقى في البلد‬
‫أبي سفيان فهو آمن ‪..‬‬ ‫سيسافر بعد الغداء‬
‫ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ‪..‬‬ ‫مباشرة ‪ ..‬فقال ‪ :‬آآآ ‪ ..‬إذن‬
‫ومن دخل المسجد فهو آمن ‪..‬‬ ‫سأؤجل شغلي وآتي‬
‫فلما ذهب أبو سفيان لينصرف‬ ‫لرؤيته !!‬
‫إلى مكة ‪..‬‬ ‫وبعض من تخالطهم من‬
‫نظر إليه رسول الله ‪.. r‬‬ ‫الناس يكون اجتماعيا ً‬
‫فإذا هو الذي استنفر قريشا ً‬ ‫أسريا ً ‪ ..‬يحب أسرته ‪ ..‬ل‬
‫لحربه في بدر ‪..‬‬ ‫يصبر على فراقهم ‪ ..‬اطلب‬
‫واستنفرها لحربه في أحد ‪..‬‬ ‫منه أي شيء إل أن يبتعد‬
‫ثم استنفرها لحربه في‬ ‫عن أولده بسفر أو نحوه ‪..‬‬
‫الخندق ‪..‬‬ ‫فل تكلفه ما ل يطيق ‪..‬‬
‫وإذا رجل قائد ‪ ..‬قد طحنته‬ ‫إلى غير ذلك من طبائع‬
‫الحرب وطحنها ‪..‬‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫وإذا هو حديث عهد بإسلم ‪..‬‬ ‫يعجبني بعض الناس الذي‬
‫فأراد رسول الله ‪ r‬أن يريه قوة‬ ‫يملك فن اصطياد جميع‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫القلوب ‪..‬‬
‫فقال ‪ " : ‬يا عباس ‪..‬‬ ‫فإذا سافر مع بخلء اقتصد‬
‫قال ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪..‬‬ ‫حتى ل يحرجهم فأحبوه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬احبس أبا سفيان بمضيق‬ ‫وإن جالس عاطفيين زاد من‬
‫الوادي عند خطم الجبل حتى‬ ‫نسبة عاطفته فأحبوه ‪..‬‬
‫تمر به جنود الله فيراها ‪..‬‬ ‫وإن مشى مع فكاهيين‬
‫أي أوقفه على طريق الجيش‬ ‫مرحين ضحك ومزح‬
‫وهو يدخل مكة ‪..‬‬ ‫وجاملهم فأحبوه ‪..‬‬
‫فخرج العباس بأبي سفيان ‪..‬‬ ‫يلبس لكل حالة لبوسها ‪..‬‬
‫حتى وقف معه بمضيق الوادي ‪..‬‬ ‫إما نعيمها وإما بؤسها ‪..‬‬
‫حيث تتدفق الكتائب كالسيل‬ ‫عد بذاكرتك قليل ً معي ‪..‬‬ ‫و ُ‬
‫‪63‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫به العباس ‪ ..‬النجاءَ إلى قومك ‪..‬‬ ‫إلى مكة ‪..‬‬
‫فمضى أبو سفيان سريعا ً إلى‬ ‫وجعلت الكتائب تمر عليه‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫براياتها ‪ ..‬فلما مرت الكتيبة‬
‫وجعل يصرخ بأعلى صوته ‪:‬‬ ‫الولى قال ‪ :‬يا عباس من‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬هذا محمد قد‬ ‫هؤلء ؟‬
‫جاءكم فيما ل قبل لكم به ‪..‬‬ ‫قال العباس ‪ :‬سليم ‪..‬‬
‫فمن دخل دار أبي سفيان فهو‬ ‫قال ‪ :‬مالي ولسليم ‪!!..‬‬
‫آمن ‪..‬‬ ‫ثم مرت به الثانية ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬قاتلك الله ! وما تغني‬ ‫قال ‪ :‬يا عباس من هؤلء ؟‬
‫عنا دارك ؟‬ ‫قال ‪ :‬مزينة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ومن أغلق عليه بابه فهو‬ ‫قال ‪ :‬مالي ولمزينة ‪!!..‬‬
‫آمن ‪ ..‬ومن دخل المسجد فهو‬ ‫حتى نفدت الكتائب ‪ ..‬وهو‬
‫آمن ‪..‬‬ ‫ما تمر كتيبة إل سأل العباس‬
‫فتفرق الناس إلى دورهم وإلى‬ ‫عنها ‪..‬‬
‫المسجد ‪..‬‬ ‫فإذا أخبره ‪ ..‬قال ‪ :‬مالي‬
‫فلله در نبيه ‪ ‬كيف أثر في‬ ‫ولبني فلن ‪..‬‬
‫نفس أبي سفيان بما يصلح له ‪..‬‬ ‫حتى مر رسول الله ‪ r‬في‬
‫ومما يحسن ههنا ‪ ..‬أن تعرف‬ ‫كتيبته الخضراء ‪ ..‬وفيها‬
‫طبيعة الشخص ونفسيته قبل‬ ‫المهاجرون والنصار ‪ ..‬قد‬
‫أن تتكلم معه ‪ ..‬فإن معرفة‬ ‫غطوا أجسادهم بالحديد ‪..‬‬
‫طبيعته ‪ ..‬وماذا يناسبه ‪ ..‬يفيدك‬ ‫فل يرى منهم إل عيونهم ‪..‬‬
‫عند التعامل أو الكلم معه ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬سبحان الله يا عباس‬
‫في غزوة الحديبية ‪..‬‬ ‫! من هؤلء ؟‬
‫خرج رسول الله ‪ .. r‬بمن معه‬ ‫فقال العباس ‪ :‬هذا رسول‬
‫من المهاجرين والنصار ومن‬ ‫الله ‪ r‬في المهاجرين‬
‫لحق به من العرب ‪..‬‬ ‫والنصار ‪..‬‬
‫كانوا ألفا ً وأربعمائة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هذا الموت الحمر ‪..‬‬
‫ساقوا معهم الهدى وأحرموا‬ ‫والله ما لحد بهؤلء من قبل‬
‫بالعمرة ليعلم الناس أنهم إنما‬ ‫ول طاقة ‪..‬‬
‫خرجوا زائرين لهذا البيت‬ ‫ثم قال ‪ :‬والله يا أبا الفضل‬
‫معظمين له ‪..‬‬ ‫لقد أصبح ملك ابن أخيك‬
‫وساق ‪ ‬معه سبعين من‬ ‫عظيما ً !‬
‫البل ‪ ..‬هديا ً إلى البيت‬ ‫قال العباس ‪ :‬يا أبا‬
‫الحرام ‪..‬‬ ‫سفيان ‪ ..‬إنها النبوة ‪..‬‬
‫وصلوا مكة ‪ ..‬فمنعتهم قريش‬ ‫فقال أبو سفيان ‪ :‬فنعم إذن‬
‫من دخولها ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫عسكر النبي ‪ ‬بأصحابه في‬ ‫فلما تجاوزتهم الخيل ‪ ..‬صاح‬
‫‪64‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لما رأى سيد الحابيش ذلك ‪..‬‬ ‫موضع اسمه الحديبية ‪..‬‬
‫انتفض ‪ ..‬ولم يقابل رسول الله‬ ‫جعلت قريش ترسل إليه‬
‫‪ r‬إعظاما ً لما رأى ‪ ..‬وكيف يمنع‬ ‫الرجل تلو الرجل للتفاوض‬
‫المعتمرون عن البيت الحرام !!‬ ‫معه ‪..‬‬
‫رجع إلى قريش ‪ ..‬فقال لهم‬ ‫فبعثوا إليه أول ً مكرز بن‬
‫ذلك ‪ ..‬فقالوا له ‪ :‬اجلس فإنما‬ ‫حفص ‪..‬‬
‫أنت أعرابي ل علم لك ‪..‬‬ ‫كان مكرز رجل ً من قريش ‪..‬‬
‫فغضب الحليس ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫لكنه ل يلتزم بعهد ول ميثاق‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬والله ما على‬ ‫‪ ..‬بل هو فاجر غادر ‪..‬‬
‫هذا حالفناكم ‪ ..‬ول على هذا‬ ‫فلما رآه رسول الله ‪ r‬مقبل ً‬
‫عاهدناكم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هذا رجل غادر ‪..‬‬
‫أيصد عن بيت الله من جاءه‬ ‫فلما انتهى إلى رسول الله‬
‫معظما ً له ؟‬ ‫‪ .. r‬كلمه بما يصلح لمثله ‪..‬‬
‫والذي نفس الحليس بيده ‪..‬‬ ‫وأخبره أنه ما جاء يريد‬
‫لتخلن بين محمد وبين ما جاء له‬ ‫حربا ً ‪ ..‬إنما جاء معتمرا ً ‪..‬‬
‫من العمرة ‪ ..‬أو لنفرن‬ ‫ولم يكتب معه عهدا ً لنه‬
‫بالحايش نفرة رجل واحد ‪..‬‬ ‫يعلم أنه ليس أهل ً لذلك ‪..‬‬
‫ف عنا ‪ ..‬حتى‬ ‫ه ‪ ..‬ك ُ ّ‬
‫م ْ‬
‫قالوا ‪َ :‬‬ ‫رجع مكرز إلى قريش‬
‫نأخذ لنفسنا ما نرضى به ‪..‬‬ ‫فأخبرهم ‪..‬‬
‫ثم أرادوا ‪ ..‬أن يبعثوا رجل ً‬ ‫فبعثوا حليس بن علقمة ‪..‬‬
‫شريفا ً ‪ ..‬فاختاروا عروة بن‬ ‫سيد الحابيش ‪..‬‬
‫مسعود الثقفي ‪..‬‬ ‫وكان الحابيش قوم من‬
‫فقال ‪ :‬يا معشر قريش إني قد‬ ‫العرب سكنوا مكة تعظيما ً‬
‫رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه‬ ‫للحرم وعناية بالكعبة ‪..‬‬
‫إلى محمد إذ جاءكم ‪ ..‬من‬ ‫فلما رآه رسول الله ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫التعنيف وسوء اللفظ ‪ ..‬وقد‬ ‫إن هذا من قوم يتألهون ‪.‬ز‬
‫عرفتم أنكم والد وأني ولد ‪..‬‬ ‫أي يتعبدون ‪ ..‬فابعثوا‬
‫قالوا ‪ :‬صدقت ما أنت عندنا‬ ‫الهدي في وجهه حتى‬
‫بمتهم ‪..‬‬ ‫يراه ‪..‬‬
‫ً‬
‫فخرج عروة ‪ ..‬وكان ملكا في‬ ‫فلما رأى الهدي من إبل‬
‫قومه ‪ ..‬له شرف ومكانة ‪ ..‬وله‬ ‫وغنم ‪ ..‬تسيل عليه من‬
‫ترفع على الناس ‪..‬‬ ‫عرض الوادي في قلئده‬
‫فلما أتى رسول الله ‪ r‬جلس‬ ‫وحباله مربوطا ً مهيئا ً ليذبح‬
‫بين يديه ثم قال ‪:‬‬ ‫في الحرم ‪..‬‬
‫يا محمد !! أجمعت أوشاب‬ ‫قد أكل أوباره من طول‬
‫الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك‬ ‫الحبس عن محله ‪ ..‬قد‬
‫لتفضها بهم ؟‬ ‫أضناه الجوع والعطش ‪..‬‬
‫‪65‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شعبة ‪ :‬اكفف يدك عن وجه‬ ‫إنها قريش ‪ ..‬قد خرجت‬
‫رسول الله ‪ r‬قبل أل تصل إليك‬ ‫معها العوذ المطافيل ‪ ..‬قد‬
‫يدك ‪ ..‬أي أقطعها !!‬ ‫لبسوا جلود النمور ‪..‬‬
‫فقال عروة ‪ :‬ويحك ما أفظك‬ ‫يعاهدون الله ل تدخلها‬
‫وأغلظك ! ومن هذا يا محمد ؟‬ ‫عليهم عنوة أبدا ً ‪ ..‬وأيم الله‬
‫فتبسم رسول الله ‪ .. r‬وقال ‪..‬‬ ‫لكأني بهؤلء قد انكشفوا‬
‫هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة‬ ‫عنك غدا ً ‪..‬‬
‫الثقفي ‪..‬‬ ‫وكان أبو بكر خلف النبي‬
‫فقال عروة ‪ :‬أي غدر وهل‬ ‫‪ .. r‬واقفا ً ‪..‬‬
‫غسلت سوأتك إل بالمس !‬ ‫فقال أبو بكر ‪ :‬امصص بظر‬
‫ثم قام عروة من عند النبي ‪.. r‬‬ ‫اللت ! أنحن ننكشف عنه ؟‬
‫وعاد إلى قريش ‪..‬‬ ‫تفاجأ ملك قومه بهذا‬
‫فاسمع ما قال ‪:‬‬ ‫الجواب ‪ ..‬فلم يتعود على‬
‫قال ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ..‬والله‬ ‫مثله ‪ ..‬لكنه في الحقيقة‬
‫لقد رأيت كسرى وقيصر‬ ‫كان يحتاج إلى جرعة كهذه‬
‫والنجاشي ‪ ..‬والله ما رأيت ملكا ً‬ ‫تخفض ما في رأسه من‬
‫يعظمه أصحابه كما يعظم‬ ‫كبرياء ‪..‬‬
‫أصحاب محمد محمدا ً ‪..‬‬ ‫ً‬
‫فقال عروة متأثرا ‪ :‬من هذا‬
‫فوقع في قلب قريش من‬ ‫يا محمد ؟‬
‫الرهبة ما لم يقع من قبل ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هذا ابن أبي قحافة ‪..‬‬
‫فأرسلت قريش سهيل بن عمرو‬ ‫قال ‪ :‬أما والله لول يد كانت‬
‫‪..‬‬ ‫لك عندي لكفأتك بها ‪..‬‬
‫فمضى يمشي إلى رسول الله‬ ‫ولكن هذه بهذه ‪..‬‬
‫‪ .. ‬فلما رآه رسول الله ‪.. r‬‬ ‫وجعل عروة يلين العبارات‬
‫قال ‪ :‬سهل أمركم ‪ ..‬ثم كتبوا‬ ‫بعدها ‪ ..‬ويكلم النبي ‪r‬‬
‫بينهم صلح الحديبية ‪..‬‬ ‫‪..‬ويلمس لحية النبي ‪..‬‬
‫هذا جانب من معرفته ‪ ‬لنواع‬ ‫والمغيرة بن شعبة الثقفي‬
‫الناس ‪ ..‬واستعمال المفتاح‬ ‫واقف وراء رأس رسول الله‬
‫المناسب في التعامل مع كل‬ ‫‪ .. r‬قد غطى وجهه‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫الحديد ‪..‬‬
‫وهذه النواع من طباع الناس‬ ‫فكان كلما قرب عروة يده‬
‫تلحظها حتى في إلقاء الكلمات‬ ‫من لحية رسول الله ‪.. r‬‬
‫أو السواليف معهم ‪..‬‬ ‫قرعها شعبة بطرف‬
‫ويمكنك أن تشاهد دليل ذلك‬ ‫السيف ‪..‬‬
‫بنفسك ‪..‬‬ ‫ثم يمدها ثانية ‪ ..‬فيقرعها‬
‫حاول أن تلقي قصة مبكية أمام‬ ‫شعبة بطرف السيف ‪..‬‬
‫جمع من الناس ‪ ..‬وانظر إلى‬ ‫فلما مدها الثالثة ‪ ..‬قال‬
‫‪66‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مجاملة السامعين ‪..‬‬ ‫أنواع تأثرهم ‪..‬‬
‫أذكر أن رجل ً من هذا الصنف‬ ‫ً‬
‫أذكر أني ألقيت يوما خطبة‬
‫جلس مرة في مجلس عام ‪..‬‬ ‫ضمنتها قصة مقتل عمر ‪.. t‬‬
‫فذكر قصة وقعت له مع أحد‬ ‫ولما وصلت إلى كيفية طعن‬
‫البائعين ‪ ..‬فقال في معرض‬ ‫أبي لؤلؤة المجوسي لعمر‬
‫حديثه ‪ :‬وهذا البائع ضخم جدا ً‬ ‫ل‪:-‬‬ ‫‪ .. ‬قلت – بصوت عا ٍ‬
‫كأنه حمار ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬يشبه‬ ‫وفجأة خرج أبو لؤلؤة من‬
‫خالد !! وأشار إلى رجل‬ ‫المحراب على عمر ‪ ..‬ثم‬
‫بجانبه !!‬ ‫طعنه ثلث طعنات ‪..‬‬
‫فل أدري كيف صار يشبه‬ ‫وقعت الولى في صدره‬
‫خالدا ً ‪ ..‬وهو كأنه حمار !!‬ ‫والثانية في بطنه ‪..‬‬
‫وقبل الختام ‪ ..‬هنا سؤال‬ ‫ثم استجمع قوته وطعن‬
‫كبير ‪..‬‬ ‫بالخنجر تحت سرته ‪..‬‬
‫هل يمكنك تغيير طباعك‬ ‫ثم جررررر الخنجر حتى‬
‫لتتناسب مع طباع من‬ ‫خرجت بعض أمعائه ‪..‬‬
‫تخالطه ‪..‬؟‬ ‫ت وأنا أنظر في‬ ‫لحظ ُ‬
‫نعم ‪ ..‬كان عمر ‪ t‬مشهورا ً بين‬ ‫الوجوه أن الناس تنوعوا في‬
‫الناس بقوته وصرامته ‪..‬‬ ‫كيفية تأثرهم ‪..‬‬
‫وفي يوم من اليام ‪ ..‬اختلف‬ ‫فمنهم من أغمض عينيه‬
‫رجل مع زوجته ‪ ..‬وجاء يسأل‬ ‫فجأة وكأنه يرى الجريمة‬
‫عمر كيف يتعامل معها ‪..‬‬ ‫أمامه ‪..‬‬
‫فلما وقف عند بيت عمر وكاد‬ ‫ومنهم من بكى ‪..‬‬
‫أن يطرق الباب سمع زوجة عمر‬ ‫ومنهم من كان يستمع دون‬
‫تصرخ به ‪ ..‬وعمر ساكت ‪ ..‬لم‬ ‫أدنى تأثر وكأنه ينصت إلى‬
‫يصرخ ‪ ..‬لم يضرب ‪..‬‬ ‫حكاية ما قبل النوم !!‬
‫فولى الرجل ظهره للباب وكّر‬ ‫قل مثل ذلك لو عرضت‬
‫راجعا ً متعجبا ً ‪..‬‬ ‫قصة حمزة ‪ t‬لما وقع شهيدا ً‬
‫أحس عمر بصوت عند الباب‬ ‫في معركة أحد ‪ ..‬وكيف‬
‫فخرج ونادى الرجل ‪ .. :‬ما‬ ‫شقوا بطنه فأخرجوا كبده ‪..‬‬
‫خبرك ؟‬ ‫وقطعوا أذنيه ‪ ..‬وجدعوا‬
‫قال ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ..‬جئت‬ ‫أنفه ‪ ..‬وهو سيد الشهداء‬
‫أشتكي إليك امرأتي فسمعت‬ ‫وأسد الله ورسوله ‪..‬‬
‫امرأتك تصرخ بك !!‬ ‫وعموما ً ‪..‬‬
‫فقال عمر ‪ :‬يا رجل إنها امرأتي‬ ‫علمتني الحياة أن الناس ل‬
‫‪ ..‬حليلة فراشي ‪ ..‬وصانعة‬ ‫يخلون من أن يوجد من‬
‫طعامي ‪ ..‬وغاسلة ثيابي ‪ ..‬أفل‬ ‫بينهم غليظ غبي ‪ !!..‬ل‬
‫أصبر منها على بعض السوء ‪..‬‬ ‫يحسن ضبط عباراته ‪ ..‬ول‬
‫‪67‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بدأ الطلب بنوع من التذمر‬ ‫وعموما ً ‪ :‬بعض الناس ل‬
‫ينفذون ما طلب ‪ ..‬ويتهامسون‬ ‫علج له فل بد من التكيف‬
‫باستياء ‪..‬‬ ‫معه ‪..‬‬
‫كان من بينهم طالب كبير‬ ‫ي بعض الناس من‬ ‫يشتكي إل ّ‬
‫الجسم صغير العقل ‪ ..‬مشاكس‬ ‫شدة غضب أبيه ‪ ..‬أو بخل‬
‫كثير المشاكل سريع الغضب‬ ‫زوجته ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫متهور ‪ ..‬صاح بأستاذه ‪:‬‬ ‫ض عليه بعض طرق‬ ‫عر ُ‬ ‫فأ َ ْ‬
‫يا أستاذ ‪ ..‬ل نريد أن نختبر ‪..‬‬ ‫العلج فيفيدني أنه جربها‬
‫نحن بالكاد نجيب ونحن‬ ‫كلها ولم تنفع ‪..‬‬
‫مذاكرون ‪ ..‬بالله كيف إذا كنا ما‬ ‫فما الحل ‪..‬؟! الحل أن يصبر‬
‫ذاكرنا ؟!!‬ ‫على أخلقهم ‪ ..‬ويغمَر سيء‬
‫قالها الطالب بنبرة حادة ‪..‬‬ ‫سِنها ‪..‬‬
‫ح َ‬
‫أخلقهم في بحر َ‬
‫ثار المدرس وهاج ‪ ..‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫ويتكيف مع واقعه قدر‬
‫هو على كيفك ‪ ..‬تختبر غصبا ً‬ ‫المستطاع ‪..‬‬
‫عنك ‪ ..‬فاهم ؟! إذا ما هو‬ ‫فبعض المشاكل ليس لها‬
‫عاجبك اطلع ب َّرا !!!‬ ‫حل ‪..‬‬
‫ثار الطالب ‪ ..‬وصاح ‪ :‬أنت اللي‬
‫تطلع ب َّرا ‪..‬‬ ‫نتيجة ‪..‬‬
‫توجه المدرس إلى الطالب وهو‬ ‫معرفتك بطبيعة الشخص‬
‫يصيح ويردد ‪ :‬يا قليل الدب ‪ ..‬يا‬ ‫الذي تخالطه تجعلك قادرا ً‬
‫عديم التربية ‪ ..‬يا ‪ ..‬ويقترب‬ ‫على كسب محبته ‪..‬‬
‫أكثر وأكثر ‪..‬‬
‫ً‬
‫نهض الطالب واقفا ‪ ..‬ثم ‪..‬‬ ‫أستاذ الرياضيات ‪..‬‬ ‫‪.21‬‬
‫كان ما كان مما لست أذكره‬ ‫كان يدرس مادة الرياضيات‬
‫فظن شرا ً ‪ ،‬ول تسأل عن‬ ‫لطلب المرحلة الثانوية ‪..‬‬
‫الخبر!!‬ ‫السنة الخيرة ‪ ..‬كان يلحظ‬
‫وصل المر إلى إدارة‬ ‫على عدد منهم الهمال‬
‫المدرسة ‪ ..‬عوقب الطالب‬ ‫وعدم المتابعة ‪ ..‬فأراد أن‬
‫بخصم درجتين وكتابة تعهد‬ ‫يؤدبهم ‪..‬‬
‫‪ ..‬بالتزام الدب‬ ‫دخل عليهم يوما ً ‪..‬‬
‫أما المدرس فصار حديث‬ ‫وأول ما استقر على كرسيه‬
‫القاصي والداني ‪ ..‬وأصبح‬ ‫فاجأهم بقوله ‪ :‬كل واحد‬
‫مضرب المثال ‪ ..‬ومثار أحاديث‬ ‫يضع كتابه جانبا ً ويخرج ورقة‬
‫الطلب في كل المدرسة ‪..‬‬ ‫وقلما ً !!‬
‫يمشي في ممراتها ويسمع‬ ‫قالوا ‪ :‬لماذا يا أستاذ ؟!‬
‫التعليقات والهمسات ‪ ..‬حتى‬ ‫قال ‪ :‬اختبار ‪ ..‬اختبار‬
‫انتقل بعدها إلى مدرسة‬ ‫مفاجئ ‪..‬‬
‫‪68‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مع زملئه ‪ ..‬ثم بعدها تمت‬ ‫أخرى ‪..‬‬
‫محاسبته على سوء أدبه عن‬ ‫بينما مدرس آخر وقع له‬
‫طريق إدارة المدرسة ‪..‬‬ ‫الموقف نفسه لكنه أحسن‬
‫تذكرت هذه المفارقة في‬ ‫التصرف معه ‪..‬‬
‫القدرة على التعامل مع‬ ‫دخل على طلبه ‪ ..‬وفاجأهم‬
‫المواقف وأنا أتأمل في مهارات‬ ‫بقوله ‪ :‬أخرج ورقة وقلما ً ‪..‬‬
‫الناس على إذكاء النيران‬ ‫اختبار مفاجئ ‪..‬‬
‫وإخمادها ‪..‬‬ ‫وكان من بينهم طالب كذاك‬
‫فالتعامل مع العصبي بعصبية‬ ‫الطالب ‪ ..‬صاح ‪ :‬يا أستاذ !!‬
‫يؤدي إلى تفجر الموقف‬ ‫ما هو على كيفك ‪..‬‬
‫واحتدام الخلف ‪..‬‬ ‫كان المدرس جبل ً يحس‬
‫فمن المور المسلمة عند‬ ‫بثقل الرجل التي يحاول أن‬
‫العقلء ‪ ..‬أن من يلقي النار‬ ‫يصعد عليه !!‪ ..‬يفهم أن‬
‫بالنار يزدها شررا ً واحتداما ً ‪..‬‬ ‫العصبي ل يقابل بعصبية ‪..‬‬
‫وفي الجهة المقابلة تجد أحيانا ً‬ ‫ابتسم ونظر إلى الطالب‬
‫أن من يقابل البرود – دائما ً –‬ ‫وقال ‪ :‬يعني يا خالد ما تريد‬
‫ببرود ‪ ..‬ل تستقيم له المور ‪..‬‬ ‫أن تختبر ؟‬
‫فليكن رابطك مع الناس شعرة‬ ‫فقال ‪ -‬صارخا ً ‪ : -‬ل ‪..‬‬
‫معاوية ‪..‬‬ ‫فقال المدرس بكل‬
‫فقد سئل معاوية ‪ t‬كيف‬ ‫هدووووء ‪ :‬خلص ‪ ..‬اللي ما‬
‫استطعت أن تحكم الناس أميرا ً‬ ‫يريد يختبر نتعامل معه‬
‫عشرين سنة ‪ ..‬ثم تحكمهم‬ ‫بالنظام ‪..‬‬
‫خليفة عشرين سنة ؟‬ ‫اكتبوا يا شباب ‪ :‬السؤال‬
‫فقال ‪ :‬جعلت بيني وبينهم‬ ‫الول ‪ :‬أوجد نتيجة هذه‬
‫شعرة ‪ ..‬أحد طرفيها في يدي‬ ‫المعادلة ‪ :‬س ‪ +‬ص = ع ‪+‬‬
‫والخر في أيديهم ‪ ..‬فإذا‬ ‫‪ .. 15‬ومضى يسوق‬
‫شدوها من جهتهم أرخيت من‬ ‫السئلة ‪..‬‬
‫جهتي حتى ل تنقطع ‪ ..‬وإذا‬ ‫لم يصبر الطالب المشاكس‬
‫أرخوا من جهتهم شددت من‬ ‫وقال ‪ :‬أقولك ما أريد أن‬
‫جهتي ‪..‬‬ ‫أختبر ‪ ..‬نظر إليه المدرس‬
‫صدق رضي الله عنه ‪ ..‬ما أحكمه‬ ‫وابتسم بهدوووء ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫!!‬ ‫وهل ألزمتك أن تختبر ‪ ..‬أنت‬
‫ّ‬
‫أظن من المسلمات في حياتنا‬ ‫رجل ومسئول عن تصرفاتك‬
‫أنه ل يمكن أن يهنأ بالعيش‬ ‫‪..‬‬
‫زوجان كلهما عصبي غضوب ‪..‬‬ ‫لم يجد الطالب ما يثير غضبه‬
‫كما ل يمكن أن تطول علقة‬ ‫أكثر ‪ ..‬فهدأ وأخرج ورقة‬
‫صاحبين كلهما كذلك ‪..‬‬ ‫وقلما ً ‪ ..‬وبدأ يكتب السئلة‬
‫‪69‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫القاضي وهو غضبان )‪.. (30‬‬ ‫أذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫وأمر ‪ e‬بتدريب النفس على‬ ‫في أحدى السجون ‪ ..‬وكان‬
‫الحلم فقال ‪ :‬إنما الحلم بالتحلم‬ ‫قدري أن تكون المحاضرة‬
‫)‪.. (31‬‬ ‫في العنبر الخاص بمرتكبي‬
‫نعم بالتحلم ‪ ..‬يعني عند كظم‬ ‫جرائم القتل ‪ ..‬لما انتهيت‬
‫الغضب في المرة الولى‬ ‫من محاضرتي ‪ ..‬تفرقوا إلى‬
‫ستتعب ‪ %100‬ولكن في الثانية‬ ‫مهاجعهم وأقبل إلي أحدهم‬
‫ستتعب ‪ %90‬ثم في الثالثة إذا‬ ‫شاكرا ً ‪ ..‬وعرفني بنفسه‬
‫كظمت غضبك ستتعب ‪%80‬‬ ‫وأنه المسئول عن النشطة‬
‫وهكذا حتى تتدرب ويصبح الحلم‬ ‫الثقافية في العنبر ‪..‬‬
‫والهدوء عندك طبيعة ‪..‬‬ ‫سألته عن سبب ارتكاب‬
‫ومن طرائف قصص الغضب أني‬ ‫جريمة القتل عند أكثر هؤلء‬
‫ذهبت يوما ً لمدينة أملج ) ‪300‬ك‬ ‫‪..‬‬
‫جنوب جدة ( للقاء محاضرة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬الغضب ‪ ..‬الغضب ‪..‬‬
‫كان من بين الحاضرين شاب‬ ‫والله يا شيخ إن بعضهم قتل‬
‫سريع الغضب ثائر العصاب‬ ‫لجل حفنة ريالت تخاصم‬
‫جدا ً ‪..‬‬ ‫عليها مع عامل في بقالة أو‬
‫هذا الشاب سافر مرة بسيارته‬ ‫محطة وقود ‪..‬‬
‫ولم يكن مستعجل ً فكان يمشي‬ ‫تذكرت عندها قول النبي ‪: e‬‬
‫ببطء ‪ ..‬كان وراءه سيارة‬ ‫عة ‪..‬‬‫صَر َ‬‫) ليس الشديد بال ّ‬
‫مسرعة تريده أن يفسح لها‬ ‫إنما الشديد الذي يملك‬
‫الطريق ‪ ..‬وهو يزداد بطئا ً‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(29‬‬
‫نفسه عند الغضب (‬
‫ويشير لهم بيده أن خففوا‬ ‫نعم ليس البطل هو قوي‬
‫السرعة ‪..‬‬ ‫ً‬
‫البدن الذي ما يصارع أحدا إل‬
‫ضاق صاحب السيارة الخرى‬ ‫غلبه ‪ ..‬ل ‪ ..‬فلو كان هذا هو‬
‫بصاحبنا ذرعا ً ‪ ..‬وتعداه بسرعة‬ ‫مقياس البطولة لصبحت‬
‫وانحرف عليه بسيارته مؤدبا ً ‪..‬‬ ‫الحيوانات والوحوش أفخر‬
‫ثم مضى ‪ ..‬ولم يصب أحد منهما‬ ‫من الدميين ‪..‬‬
‫بضرر ‪..‬‬ ‫إنما البطل هو العاقل الذي‬
‫ثارت أعصاب صاحبنا – وهي‬ ‫يعرف كيف يتعامل مع‬
‫تثور على أقل من ذلك بكثيييير‬ ‫المواقف بمهارة ‪ ..‬يتعامل‬
‫– فزاد سرعة سيارته ‪ ..‬وأخذ‬ ‫مع زوجته ‪ ..‬أولده ‪..‬‬
‫يصرخ ويزمجر ‪ ..‬ويشير لهم‬ ‫مديره ‪ ..‬زملئه ‪ ..‬دون أن‬
‫بأضواء السيارة مرارا ً حتى‬ ‫يفقدهم ‪..‬‬
‫توقفوا ‪ ..‬فألقى غترته جانبا ً ‪..‬‬ ‫وفي الحديث ‪ :‬ل يقضي‬
‫) (‬ ‫‪30‬‬

‫) (‬ ‫‪31‬‬
‫) (‬ ‫‪29‬‬

‫‪70‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫منهم ‪ ..‬اتقاء شرورهم ‪..‬‬ ‫وتناول قطعة حديد ‪ -‬هي‬
‫كل ذلك تصبح فيه بارعا ً إذا‬ ‫في الصل مفك لفتح براغي‬
‫عرفت طبائعهم ‪..‬‬ ‫العجلت عند الحاجة ‪.. -‬‬
‫افرض أن شابا ً وقع بينه وبين‬ ‫ونزل من السيارة متوجها ً‬
‫أبيه خلف ‪ ..‬اشتد الخلف حتى‬ ‫إليهم ‪ ..‬والغضب باٍد عليه‬
‫طرده أبوه من البيت ‪ ..‬حاول‬ ‫وقطعة الحديد في يده ‪..‬‬
‫البن العودة مرارا ً لكن الب‬ ‫فإذا بالسيارة المقابلة ينزل‬
‫كان عنيدا ً مصرا ً ‪..‬‬ ‫منها ثلثة شباب قد ضاقت‬
‫دخلت للصلح بينهما ‪ ..‬حدثت‬ ‫ملبسهم بعضلتهم ‪..‬‬
‫الب بالنصوص الشرعية ‪..‬‬ ‫وتباعدت أيديهم عن جنوبهم‬
‫خوفته من إثم القطيعة ‪..‬‬ ‫من عرض أكتافهم ‪..‬‬
‫لم يلتفت إليك ‪ ..‬كان مشحونا ً‬ ‫أقبلوا يركضون بانفعال إلى‬
‫غاضبا ً جدا ً ‪..‬‬ ‫صاحبنا ‪ ..‬وقد رأوه تهيأ‬
‫أردت أن تستعمل أساليب أخرى‬ ‫للقتال !!‬
‫للصلح ‪..‬‬ ‫فلما رآهم انتفض ‪ ..‬وغص‬
‫عرفت من طبيعة هذا الب أنه‬ ‫بريقه ‪ ..‬وهم ينظرون إليه‬
‫عاطفي جدا ً ‪ ..‬جئت إليه وقلت ‪:‬‬ ‫وإلى ما في يده ‪..‬‬
‫يا فلن ‪ ..‬أما ترحم ولدك ‪..‬‬ ‫فلما لحظ أنهم يحدون‬
‫يفترش الرض ‪ ..‬ويلتحف‬ ‫النظر إلى قطعة الحديد ‪..‬‬
‫السماء ‪!!..‬‬ ‫رفعها برفق وقال ‪:‬‬
‫أنت تأكل وتشرب ‪ ..‬والمسكين‬ ‫عفوا ً ‪ ..‬أردت أن أنبهكم إلى‬
‫يبيت طاويا ً ويصبح جائعا ً ‪..‬‬ ‫أن هذه سقطت منكم ‪!! ..‬‬
‫أما تذكره إذا رفعت كسرة الخبز‬ ‫فتناولها أحدهم بانفعال ‪..‬‬
‫إلى فمك ‪ ..‬أما تذكر مشيه في‬ ‫وولوا إلى سيارتهم ‪ ..‬وهو‬
‫حر الشمس ‪..‬‬ ‫يشير بيده إليهم مودعا ً ‪!!..‬‬
‫أما تذكر لما كنت تحمله‬
‫صغيرا ً ‪ ..‬وتضمه إلى صدرك ‪..‬‬ ‫معادلة ‪..‬‬
‫وتشمه وتقبله ‪..‬‬ ‫عصبي ‪ +‬عصبي = انفجار‬
‫أيرضيك أن يستجدي الناس‬
‫وأبوه حي!! ‪..‬‬ ‫ماذا تستفيد من‬ ‫‪.22‬‬
‫تجد أن عاطفة الب تهيج بهذا‬ ‫هذه المهارة ؟‬
‫لكلم ‪ ..‬ويقترب أكثر من نقطة‬ ‫كل باب له مفتاح ‪..‬‬
‫اللتقاء ‪..‬‬ ‫والمفتاح المناسب لفتح‬
‫وإن كان أبوه بخيل ً محبا ً‬ ‫قلوب الناس هو معرفة‬
‫للمال ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬ ‫طبائعهم ‪..‬‬
‫يا فلن أنتبه ل تورط نفسك ‪..‬‬ ‫حل مشاكل الناس ‪..‬‬
‫أرجع الولد تحت نظرك وتصرفك‬ ‫الصلح بينهم ‪ ..‬الستفادة‬
‫‪71‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ..‬وأستعيد حيويتي ‪ ..‬أشعر أن‬ ‫‪ ..‬أخشى أن يسرق أو يعتدي‬
‫إنتاجيتي مع ضغط العمل تنحدر‬ ‫‪ ..‬فتلزمك المحكمة بسداد ما‬
‫تدريجيا ً ‪ ..‬أعطني فرصة لراحة‬ ‫أخذ ‪ ..‬وإصلح ما خرب ‪..‬‬
‫) رأسي ( فقط ثلثة أيام ‪..‬‬ ‫فأنت أبوه على كل حال ‪..‬‬
‫لعود أنشط وأقدر ‪..‬‬ ‫انتبه ‪..‬‬
‫وإن كان اجتماعيا ً ‪ ..‬تلحظ من‬ ‫تجد أن الب البخيل سيبدأ‬
‫خلل تعاملته ‪ ..‬أنه حريص على‬ ‫يعيد موازينه من جديد ‪..‬‬
‫السرة والعائلة ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬ ‫وإن كان كلمك موجها ً إلى‬
‫ي ‪ ..‬أولدي‬ ‫أريد إجازة لرى والد ّ‬ ‫البن ‪ ..‬وكان جشعا ً محبا ً‬
‫‪ ..‬أشعر أنهم في واد وأنا في‬ ‫للمال ‪..‬‬
‫واد آخر ‪ ..‬إلى غير ذلك ‪..‬‬ ‫قلت له ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬لن‬
‫أتقن هذه المهارة ‪ ..‬وستسمع‬ ‫ينفعك أل أبوك ‪ ..‬غدا ً‬
‫الناس غدا ً يقولون ‪ :‬ما رأينا‬ ‫ستحتاج أن تتزوج ‪ ..‬من‬
‫أبرع فلنا ً في القدرة على‬ ‫يسدد مهرك ؟‬
‫القناع ‪!!..‬‬ ‫لو تعطلت سيارتك من‬
‫نتيجة ‪..‬‬ ‫يصلحها ؟‬
‫كل إنسان له مفتاح ‪ ..‬ومعرفة‬ ‫لو مرضت ‪ ..‬من سيحاسب‬
‫طبيعة النسان تدّلك على‬ ‫المستشفى ؟‬
‫معرفة مفتاحه المناسب ‪..‬‬ ‫إخوانك يستفيدون كما‬
‫مراعاة النفسيات ‪..‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫شاءوا ‪ ..‬مصروف ‪ ..‬هدايا ‪..‬‬
‫تتقلب أمزجة الناس في حياتهم‬ ‫وأنت جالس هكذا ‪..‬‬
‫بين حزن وفرح ‪ ..‬وصحة ومرض‬ ‫ما يضرك أن تصلح ذلك كله‬
‫‪ ..‬وغنى وفقر ‪ ..‬واستقرار‬ ‫بقبلة تطبعها على جبين‬
‫واضطراب ‪..‬‬ ‫أبيك ‪ ..‬أو كلمة أسف تهمس‬
‫وبالتالي يتنوع تقبلهم لبعض‬ ‫بها في أذنه ‪..‬‬
‫النواع من التعاملت ‪ ..‬أو ردهم‬ ‫وكذلك لو دخلت للصلح بين‬
‫لها بحسب حالتهم الشعورية‬ ‫زوجة وزوجها ‪ ..‬فعلت مثل‬
‫وقت التعامل ‪..‬‬ ‫ذلك ‪ ..‬وفتحت باب كل واحد‬
‫فقد يقبل منك النكتة والطرفة‬ ‫منهما بالمفتاح المناسب ‪..‬‬
‫ويتقبل المزاح في وقت‬ ‫ومثله لو أردت إجازة من‬
‫استقراره وراحة باله ‪ ..‬لكنه ل‬ ‫مديرك في العمل ‪..‬‬
‫يتقبل ذلك في وقت حزنه ‪..‬‬ ‫وعرفت أنه ل يلتفت إلى‬
‫فمن غير المناسب أن تطلق‬ ‫العواطف ول ألمور‬
‫ضحكة مدوية في عزاء ‪ !!..‬لكنها‬ ‫الجتماعية ‪ ..‬وإنما عمل‬
‫تحتمل منك في نزهة برية ‪..‬‬ ‫) وبس ! ( ‪..‬‬
‫وهذا أمر مقرر عند جميع‬ ‫فقلت له ‪ :‬أحتاج إلى إجازة‬
‫العقلء وليس هو المقصود‬ ‫ثلثة أيام أجدد فيها نشاطي‬
‫‪72‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫امرأة فشلت في مشروع الزواج‬ ‫بحديثي هنا ‪..‬‬
‫؟!!‬ ‫إنما المقصود هو مراعاة‬
‫هل تظن أن هذا المطلقة‬ ‫النفسيات والمشاعر‬
‫ستزداد محبة لهذه الجارة ؟‪..‬‬ ‫الشخصية عند الحديث مع‬
‫ورغبة في مجالستها دائما ً ؟‪..‬‬ ‫الناس أو التصرف معهم ‪..‬‬
‫وفرحا ً بزيارتها لها ؟‪..‬‬ ‫افرض أن امرأة طلقها‬
‫نتفق جميعا ً على جواب واحد‬ ‫زوجها وليس لها أب ول‬
‫نصرخ به قائلين ‪ :‬لااااا ‪..‬‬ ‫أم ‪ ..‬قد ماتا ‪ ..‬وجعلت تجمع‬
‫بل سيمتلئ قلبها حقدا ً وقهرا ً ‪..‬‬ ‫أغراضها لتعيش مع أخيها‬
‫إذن ما الحل ؟ هل تكذب عليها ؟‬ ‫وزوجته ‪..‬‬
‫ل ‪ ..‬ولكن تتكلم باختصار ‪ ..‬كأن‬ ‫فبينما هي كذلك إذ دخلت‬
‫تقول ‪ :‬والله كان عندنا بعض‬ ‫عليها جارتها في الضحى‬
‫الشغال قضيناها ‪ ..‬ثم تصرف‬ ‫زائرة ‪ ..‬فرحبت المطلقة‬
‫الكلم إلى موضوع آخر تصبرها‬ ‫بها ‪ ..‬ووضعت لها القهوة‬
‫به على كربتها ‪..‬‬ ‫والشاي ‪ ..‬فجعلت الزائرة‬
‫أو افرض ‪ ..‬أن صديقين اختبرا‬ ‫تبحث عن أحاديث‬
‫نهاية المرحلة الثانوية ‪ ..‬فنجح‬ ‫لتؤانسها ‪ ..‬فسألتها‬
‫أحدهما وتخرج بتفوق ‪..‬‬ ‫المطلقة ‪:‬‬
‫والثاني رسب في عدد من‬ ‫بالمس رأيتكم خارجين من‬
‫المواد ‪ ..‬أو تخرج بنسبة ضعيفة‬ ‫المنزل ‪..‬‬
‫ل تؤهله للقبول في شيء من‬ ‫فقالت الجارة ‪ :‬إي والله ‪..‬‬
‫الجامعات ‪..‬‬ ‫أبو فلن أصر علي أن‬
‫فهل ت ََرى من المناسب عندما‬ ‫نتعشى خارج البيت فذهبت‬
‫يزور المتفوقُ صاحبه أن يسهب‬ ‫معه ‪ ..‬ثم مر السوق‬
‫في الحديث حول الجامعات التي‬ ‫واشترى لي فستانا ً لعرس‬
‫تم قبوله فيها ‪ ..‬والميزات التي‬ ‫أختي ‪ ..‬ثم وقف عند محل‬
‫ستمنح له ‪..‬؟‬ ‫ذهب ونزل واشترى لي‬
‫قطعا ً جوابنا جميعا ً ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫سوارا ً ألبسه في العرس ‪..‬‬
‫إذن ما الحل ؟‬ ‫ولما رجعنا إلى البيت رأى‬
‫الحل أن يذكر له عموميات‬ ‫الولد في ملل فوعدهم‬
‫يخفف بها عنه ‪ ..‬كأن يشتكي‬ ‫آخر السبوع أن يسافر‬
‫من كثرة الزحام في‬ ‫بهم ‪..‬‬
‫الجامعات ‪ ..‬وقلة القبول ‪..‬‬ ‫والمطلقة المسكينة تستمع‬
‫وخوف كثير من المتقدمين إليها‬ ‫إلى ذلك وتتخيل حالها بعد‬
‫من عدم القبول ‪ ..‬حتى يخفف‬ ‫قليل في بيت زوجة أخيها !!‬
‫عن صاحبه مصابه ‪ ..‬فيرغب عند‬ ‫السؤال ‪ :‬هل يناسب إثارة‬
‫ذلك في مجالسته أكثر ‪ ..‬ويحبه‬ ‫هذا النوع من الحاديث مع‬
‫‪73‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ ..‬وكان شيخا ً كبيرا ً ‪ ..‬أعمى ‪..‬‬ ‫ويأنس بقربه ‪ ..‬ويشعر أنه‬
‫قال لبنة له من أصغر ولده ‪:‬‬ ‫قريب من قلبه ‪..‬‬
‫أي بنية ‪ ..‬اظهري بي على جبل‬ ‫وقل مثل ذلك لو التقى‬
‫أبي قبيس لنظر صدق ما‬ ‫شابان أحدهما أبوه كريم‬
‫يقولون ‪ ..‬هل جاء محمد ؟‪..‬‬ ‫يغدق عليه الموال ‪..‬‬
‫فأشرفت به ابنته فوق الجبل ‪..‬‬ ‫والخر أبوه بخيل ل يكاد‬
‫فقال ‪ :‬أي بنية ماذا ترين ؟‬ ‫يعطيه ما يكفيه ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬أرى سوادا ً مجتمعا ً مقبل ً‬ ‫فمن غير المناسب أن‬
‫‪..‬‬ ‫يتحدث ابن الكريم بإغداق‬
‫قال ‪ :‬تلك الخيل ‪..‬‬ ‫أبيه عليه ‪ ..‬وكثرة المال‬
‫قالت ‪ :‬وأرى رجل ً يسعى بين‬ ‫لديه ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫يدي ذلك السواد مقبل ً ومدبرا ً ‪..‬‬ ‫لن هذا النوع من الكلم‬
‫قال ‪ :‬أي بنية ذلك الوازع الذي‬ ‫يضيق به صدر صديقه ‪..‬‬
‫يأمر الخيل ويتقدم إليها ‪..‬‬ ‫ويذكره بمأساته مع أبيه ‪..‬‬
‫ت انتشر‬ ‫ثم قالت ‪ :‬قد والله يا أب ِ‬ ‫ويستثقل الجلوس مع هذا‬
‫السواد ‪..‬‬ ‫الصديق ويشعر ببعده عنه‬
‫ً‬
‫فقال ‪ :‬قد والله إذا دفعت‬ ‫في همه ‪..‬‬
‫الخيل ووصلت مكة ‪ ..‬فأسرعي‬ ‫لذلك نبه النبي ‪ e‬إلى مراعاة‬
‫بي إلى بيتي ‪ ..‬فإنهم يقولون‬ ‫مشاعر الخرين‬
‫من دخل داره فهو آمن ‪..‬‬ ‫ونفسياتهم ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل‬
‫فانحطت الفتاة به مسرعة من‬ ‫تطيلوا النظر إلى المجذوم‬
‫الجبل ‪..‬‬ ‫)‪ .. (32‬والمجذوم هو المصاب‬
‫فتلقته خيل المسلمين ‪ ..‬قبل‬ ‫بمرض ظاهر في جلده قد‬
‫أن يصل إلى بيته ‪..‬‬ ‫جعله مشوها ً في منظره ‪..‬‬
‫فأقبل أبو بكر إليه ‪..‬‬ ‫فمن غير المناسب أنه إذا‬
‫فاحتفى به مرحبا ً ‪..‬‬ ‫مر بقوم أن يطيلوا النظر‬
‫ثم أخذ بيده يقوده ‪ ..‬حتى أتى‬ ‫إلى جلده ‪ ..‬لن هذا يذكره‬
‫به رسول الله ‪ r‬في المسجد ‪..‬‬ ‫بمصيبته فيحزن ‪..‬‬
‫فلما رآه رسول الله ‪ .. r‬فإذا‬ ‫وفي موقف غاية في‬
‫شيخ كبير ‪ ..‬قد ضعف جسمه ‪..‬‬ ‫المراعاة واللطف يتعامل ‪e‬‬
‫ورق عظمه ‪ ..‬واقتربت منيته ‪..‬‬ ‫مع والد أبي بكر ‪.. y‬‬
‫وإذا أبو بكر ‪ .. ‬ينظر إلى‬ ‫فإنه ‪ e‬لما أقبل بجيوش‬
‫أبيه ‪ ..‬وقد فارقه منذ سنين ‪..‬‬ ‫المسلمين إلى مكة‬
‫وانشغل عنه بخدمة هذا الدين ‪..‬‬ ‫لفتحها ‪..‬‬
‫التفت إلى أبي بكر ‪ t‬فقال‬ ‫قال أبو قحافة أبو أبي بكر ‪y‬‬
‫مطيبا ً لنفسه ‪ ..‬ومبينا ً قدره‬
‫الرفيع عنده ‪:‬‬ ‫) (‬ ‫‪32‬‬

‫‪74‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يحملها ‪ ..‬ليس له فقط بل له‬ ‫هل تركت الشيخ في بيته‬
‫ولقومه ‪..‬‬ ‫حتى أكون أنا آتيه فيه ؟!‬
‫جعل سعد ينظر إلى مكة‬ ‫كان أبو بكر يعلم أنهم في‬
‫وسكانها ‪ ..‬فإذا هم الذين‬ ‫حرب ‪ ..‬قائدهم رسول الله‬
‫حاربوا رسول الله ‪ .. ‬وضيقوا‬ ‫‪ .. ‬وأن وقته أضيق ‪..‬‬
‫عليه ‪ ..‬وصدوا عنه الناس ‪..‬‬ ‫وأشعاله أكثر من أن يتفرغ‬
‫وإذا هم الذين قتلوا سمية‬ ‫للذهاب لبيت شيخ يدعوه‬
‫وياسر ‪ ..‬وعذبوا بلل ًُ وخبابا ‪..‬‬
‫ً‬ ‫للسلم ‪..‬‬
‫كانوا يستحقون التأديب فعل ً ‪..‬‬ ‫فقال أبو بكر شاكرًا‪ :‬يا‬
‫هز سعد الرايية ‪ ..‬وهو يقول ‪:‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬هو أحق أن‬
‫اليوم يوم الملحمة ** اليوم‬ ‫يمشي إليك ‪ ..‬من أن تمشي‬
‫تستحل الحرمة ‪..‬‬ ‫أنت إليه ‪..‬‬
‫سمعته قريش فشق ذلك عليهم‬ ‫فأجلس النبي عليه الصلة‬
‫‪ ..‬وكبر في أنفسهم ‪ ..‬وخافوا‬ ‫والسلم ‪ ..‬أبا قحافة بين‬
‫أن يفنيهم بقتالهم ‪..‬‬ ‫يديه ‪ ..‬بكل لطف وحنان ‪..‬‬
‫فعارضت امرأة رسول الله ‪r‬‬ ‫ثم مسح على صدره ‪..‬‬
‫وهو يسير ‪ ..‬فشكت إليه خوفهم‬ ‫ثم قال ‪ :‬أسلم ‪..‬‬
‫من سعد ‪ ..‬وقالت ‪:‬‬ ‫فأشرق وجه أبي قحافة ‪..‬‬
‫ي قريش‬ ‫يا نبي الهدى إليك لجائ ّ‬ ‫وقال ‪ :‬أشهد أن ل إله إل‬
‫ولت حين لجاء‬ ‫الله ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً‬
‫حين ضاقت عليهم سعة الرض‬ ‫عبده ورسوله ‪..‬‬
‫وعاداهم إله السماء‬ ‫انتفض أبو بكر منتشيا ً‬
‫إن سعدا ً يريد قاسمة الظهـر‬ ‫مسرورا ً ‪ ..‬لم تسعه الدنيا‬
‫بأهل الحجون و البطحاء‬ ‫فرحا ً ‪..‬‬
‫خزرجي لو يستطيع من الغيـظ‬ ‫تأمل النبي ‪ ‬في وجه‬
‫رمانا بالنسر والعواء‬ ‫الشيخ ‪ ..‬فإذا الشيب يكسوه‬
‫فانهينه إنه السد السـود‬ ‫بياضا ً ‪ ..‬فقال ‪ : r‬غيروا هذا‬
‫غ في الدماء‬ ‫والليث وال ٌ‬ ‫من شعره ‪ ..‬ول تقربوه‬
‫فلئن أقحم اللواء ونادى يا حماة‬ ‫سوادا ً ‪..‬‬
‫اللواء أهل اللواء‬ ‫نعم كان يراعي النفسيات‬
‫ة‬‫لتكونن بالبطاح قريش بقع َ‬ ‫في تعامله ‪..‬‬
‫القاع في أكف الماء‬ ‫بل إنه ‪ e‬لما دخل مكة قسم‬
‫إنه مصلت يريد لها القتل‬ ‫جيشه إلى كتائب ‪ ..‬وأعطى‬
‫صموت كالحية الصماء‬ ‫راية إحدى الكتائب ‪ ..‬إلى‬
‫فلما سمع رسول الله ‪ .. r‬هذا‬ ‫الصحابي البطل سعد بن‬
‫الشعر ‪ ..‬دخله رحمة ورأفة‬ ‫عبادة ‪.. t‬‬
‫بهم ‪..‬‬ ‫كانت الراية مفخرة لمن‬
‫‪75‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من عمله متعبا ً ‪ ..‬فلما دخل‬ ‫وأحب أل يخيبها إذ رغبت‬
‫صالة البيت رأى أولده الربعة‬ ‫إليه ‪..‬‬
‫كل منهم على حال ‪..‬‬ ‫وأحب أل يغضب سعدا ً بأخذ‬
‫أكبرهم عمره أحدى عشرة‬ ‫الراية منه بعد أن شرفه‬
‫سنة ‪ ..‬يتابع برنامجا ً في التلفاز‬ ‫بها ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فأمر سعدا ً فناول الراية‬
‫والثاني يأكل طعاما ً بين يديه ‪..‬‬ ‫لبنه قيس بن سعد ‪ ..‬فدخل‬
‫والثالث يعبث بألعابه ‪..‬‬ ‫بها مكة‪ ..‬وأبوه سعد يمشي‬
‫والرابع يكتب في دفاتره ‪..‬‬ ‫بجانبه ‪..‬‬
‫فسلم الب بصوت مسموع ‪..‬‬ ‫فرضيت المرأة وقريش لما‬
‫السلم عليكم ‪..‬‬ ‫رأت يد سعد خالية من الراية‬
‫فلم يلتفت إليه أحد ‪ ..‬ذاك‬ ‫‪..‬‬
‫منهمك مع برنامجه ‪ ..‬والثاني‬ ‫ولم يغضب سعد لنه بقي‬
‫مأخوذ بألعابه ‪ ..‬والثالث مشغول‬ ‫قائدا ً لكنه أريح من عناء‬
‫بطعامه ‪..‬‬ ‫حمل الراية وحملها عنه‬
‫إل الرابع ‪ ..‬فإنه لما التفت‬ ‫ابنه ‪..‬‬
‫فرأى أباه ‪ ..‬نفض يده من‬ ‫فما أجمل أن نصيد عدة‬
‫دفاتره وأقبل مرحبا ً ضاحكا ً ‪..‬‬ ‫عصافير بحجر واحد ‪..‬‬
‫وقبل يد أبيه ‪ ..‬ثم رجع إلى‬ ‫حاول أن ل تفقد أحدا ً ‪ ..‬كن‬
‫دفاتره ‪..‬‬ ‫ناجحا ً واكسب الجميع ‪ ..‬وإن‬
‫أي هؤلء الربعة سيكون أحب‬ ‫تعارضت مطالبهم ‪..‬‬
‫إلى الب ؟‬
‫ً‬
‫أجزم أن جوابنا سيكون واحدا ‪:‬‬ ‫اتفاق ‪..‬‬
‫أحبهم إليه الرابع ‪..‬‬ ‫نحن نتعامل مع القلوب ‪ ..‬ل‬
‫ليس لنه يفوقهم جمال ً أو‬ ‫مع البدان ‪..‬‬
‫ذكاءً ‪ ..‬وإنما لنه أشعر أباه بأنه‬
‫إنسان مهم عنده ‪..‬‬ ‫اهتم بالخرين ‪..‬‬ ‫‪.24‬‬
‫كلما أظهرت الهتمام بالناس‬ ‫الناس عموما ً يحبون أن‬
‫أكثر ‪ ..‬كلما ازدادوا لك حيا ً‬ ‫يشعروا بقيمتهم ‪..‬‬
‫وتقديرا ً ‪..‬‬ ‫لذا تجدهم أحيانا ً يقومون‬
‫كان سيد الخلق ‪ ‬يراعي ذلك‬ ‫ببعض التصرفات ليلفتوا‬
‫في الناس ‪ ..‬يشعر كل إنسان‬ ‫النظر إليهم ‪!..‬‬
‫أن قضيته قضيته ‪ ..‬وهمه‬ ‫وقد يخترعون قصصا ً‬
‫همه ‪..‬‬ ‫وبطولت لجل أن يهتم‬
‫قام ‪ ‬على منبره يوما ً يخطب‬ ‫الناس بهم أو يعجبوا بهم‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫أكثر ‪..‬‬
‫فدخل رجل من باب المسجد ‪..‬‬ ‫لو رجع رجل إلى بيته قادما ً‬
‫‪76‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وكف بصره ‪..‬‬ ‫ونظر إلى رسول الله ‪ ‬ثم‬
‫وهو يحكي ذكريات شبابه ‪ ..‬في‬ ‫قال ‪:‬‬
‫تخلفه عن غزوة تبوك ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬رجل يسأل‬
‫وكانت آخر غزوة غزاها النبي ‪r‬‬ ‫عن دينه ‪ ..‬ما يدري ما‬
‫‪..‬‬ ‫دينه ؟!‬
‫آذن النبي ‪ r‬الناس بالرحيل‬ ‫فالتفت ‪ ‬إليه ‪ ..‬فإذا رجل‬
‫وأراد أن يتأهبوا أهبة غزوهم ‪..‬‬ ‫أعرابي ‪ ..‬قد ل يكون‬
‫وجمع منهم النفقات لتجهيز‬ ‫مستعدا ً أن ينتظر حتى‬
‫الجيش ‪ ..‬حتى بلغ عدد الجيش‬ ‫تنتهي الخطبة ‪ ..‬ويتفرغ له‬
‫ثلثين ألفا ً ‪..‬‬ ‫النبي ‪ ‬ليحدثه عن دينه ‪..‬‬
‫وذلك حين طابت الظلل‬ ‫وقد يخرج الرجل من‬
‫الثمار ‪..‬‬ ‫المسجد ول يعود إليه ‪..‬‬
‫في حر شديد ‪ ..‬وسفر بعيد ‪..‬‬ ‫وقد بلغ المر عند الرجل‬
‫وعدو قوي عنيد ‪..‬‬ ‫أهمية عالية ‪ ..‬لدرجة أنه‬
‫كان عدد المسلمين كثيرا ً ‪ ..‬ولم‬ ‫يقطع الخطبة ليسأل عن‬
‫تكن أسماؤهم مجموعة في‬ ‫أحكام الدين !!‬
‫كتاب ‪..‬‬ ‫كان ‪ ‬يفكر من وجهة نظر‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫الخر ل من وجهة نظره هو‬
‫وأنا أيسر ما كنت ‪ ..‬قد جمعت‬ ‫فقط ‪..‬‬
‫راحلتين ‪ ..‬وأنا أقدر شيء في‬ ‫نزل من على منبره الشريف‬
‫نفسي على الجهاد ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ودعا بكرسي فجلس أمام‬
‫وأنا في ذلك أصغي إلى‬ ‫الرجل ‪ ..‬وجعل يلقنه‬
‫الظلل ‪ ..‬وطيب الثمار ‪..‬‬ ‫ويفهمه أحكام الدين ‪ ..‬حتى‬
‫فلم أزل كذلك ‪ ..‬حتى قام‬ ‫فهم ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ r‬غاديا ً بالغداة ‪..‬‬ ‫ثم قام من عنده ‪ ..‬ورجع‬
‫فقلت ‪ :‬أنطلق غدا إلى السوق‬ ‫إلى منبره وأكمل خطبته ‪..‬‬
‫فأشتري جهازي ‪ ..‬ثم ألحق بهم‬ ‫آآآه ما أعظمه وأحلمه ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫تربى أصحابة في مدرسته ‪..‬‬
‫فانطلقت إلى السوق من‬ ‫فكانوا يظهرون الهتمام‬
‫الغد ‪ ..‬فعسر علي بعض‬ ‫بالخرين ‪ ..‬والحتفاء بهم ‪..‬‬
‫شأني ‪ ..‬فرجعت ‪..‬‬ ‫ومشاركتهم أفراحهم‬
‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء الله‬ ‫وأتراحهم ‪..‬‬
‫ي بعض‬ ‫ومن ذلك ما فعله طلحة مع‬
‫فألحق بهم ‪ ..‬فعسر عل ّ‬
‫شأني أيضا ً ‪..‬‬ ‫كعب ‪.. ‬‬
‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء الله ‪..‬‬ ‫كعب بن مالك ‪ ‬شيخ‬
‫فلم أزل كذلك ‪..‬‬ ‫كبير ‪ ..‬نجلس إليه ‪ ..‬بعدما‬
‫حتى مضت اليام ‪ ..‬وتخلفت عن‬ ‫كبر سنه ‪ ..‬ورق عظمه ‪..‬‬
‫‪77‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ركعتين ‪ ..‬ثم جلس للناس ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪.. r‬‬
‫فجاءه المخلفون ‪ ..‬فطفقوا‬ ‫فجعلت أمشي في‬
‫يعتذرون إليه ‪ ..‬ويحلفون له ‪..‬‬ ‫السواق ‪ ..‬وأطوف‬
‫وكانوا بضعة وثمانين رجل ً ‪..‬‬ ‫بالمدينة ‪..‬‬
‫فقبل منهم رسول الله ‪r‬‬ ‫فل أرى إل رجل ً مغموصا ً‬
‫علنيتهم ‪ ..‬واستغفر لهم ‪..‬‬ ‫عليه في النفاق ‪ ..‬أو رجل ً‬
‫ووكل سرائرهم إلى الله ‪..‬‬ ‫قد عذره الله ‪..‬‬
‫وجاءه كعب بن مالك ‪ ..‬فلما‬ ‫نعم تخلف كعب في‬
‫سلم عليه ‪ ..‬نظر إليه النبي ‪.. r‬‬ ‫المدينة ‪ ..‬أما رسول الله ‪r‬‬
‫سم المغضب ‪..‬‬ ‫سم تب ّ‬ ‫ثم تب ّ‬ ‫فقد مضى بأصحابه الثلثين‬
‫أقبل كعب يمشي إليه ‪ .. ‬فلما‬ ‫ألفا ً ‪..‬‬
‫جلس بين يديه ‪..‬‬ ‫حتى إذا وصل تبوك ‪ ..‬نظر‬
‫فقال له ‪ : r‬ما خلفك ‪ ..‬ألم تكن‬ ‫في وجوه أصحابه ‪ ..‬فإذا هو‬
‫قد ابتعت ظهرك ؟ يعني‬ ‫يفقد رجل ً صالحا ً ممن‬
‫اشتريت دابتك ‪..‬‬ ‫شهدوا بيعة العقبة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فيقول ‪ : r‬ما فعل كعب بن‬
‫قال ‪ :‬فما خلفك ؟!‬ ‫مالك ؟!‬
‫فقال كعب ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فقال رجل ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫إني والله لو جلست عند غيرك‬ ‫خّلفه برداه والنظر في‬
‫من أهل الدنيا ‪ ..‬لرأيت أني‬ ‫عطفيه ‪..‬‬
‫أخرج من سخطه بعذر ‪ ..‬ولقد‬ ‫فقال معاذ بن جبل ‪ :‬بئس‬
‫أعطيت جدل ً ‪..‬‬ ‫ما قلت ‪ ..‬والله يا نبي الله‬
‫ولكني والله لقد علمت ‪ ..‬أني‬ ‫ما علمنا عليه إل خيرا ً ‪..‬‬
‫إن حدثتك اليوم حديث كذب‬ ‫فسكت رسول الله ‪.. r‬‬
‫ترضى به علي ‪ ..‬ليوشكن الله‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫أن يسخطك علي ‪..‬‬ ‫فلما قضى النبي ‪ r‬غزوة‬
‫ولئن حدثتك حديث صدق ‪ ..‬تجد‬ ‫تبوك ‪ ..‬وأقبل راجعا ً إلى‬
‫و‬
‫ي فيه ‪ ..‬إني لرجو فيه عف َ‬ ‫عل ّ‬ ‫المدينة ‪ ..‬جعلت أتذكر ‪..‬‬
‫الله عني ‪..‬‬ ‫بماذا أخرج به من سخطه ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬والله ما كان لي‬ ‫وأستعين على ذلك بكل ذي‬
‫من عذر ‪..‬‬ ‫رأي من أهلي ‪..‬‬
‫والله ما كنت قط أقوى ‪ ..‬ول‬ ‫حتى إذا وصل المدينة ‪..‬‬
‫أيسر مني حين تخلفت عنك ‪..‬‬ ‫ت أني ل أنجو إل‬ ‫عرف ُ‬
‫ثم سكت كعب ‪..‬‬ ‫بالصدق ‪..‬‬
‫فالتفت النبي ‪ r‬إلى أصحابه ‪..‬‬ ‫فدخل النبي ‪ r‬المدينة ‪..‬‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫فبدأ بالمسجد فصلى فيه‬
‫أما هذا ‪ ..‬فقد صدقكم‬
‫‪78‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حزينا ً ‪ ..‬كســير النفــس ‪ ..‬وقعــد‬ ‫الحديث ‪ ..‬فقم ‪ ..‬حتى‬
‫في بيته ‪..‬‬ ‫يقضي الله فيك ‪..‬‬
‫ض وقــت ‪ ..‬حــتى نهــى‬ ‫فلــم يم ـ ِ‬ ‫قام كعب يجر خطاه ‪ ..‬وخرج‬
‫النــبي ‪ r‬النــاس عــن كلم كعــب‬ ‫من المسجد ‪ ..‬مهموما ً‬
‫وصاحبيه ‪..‬‬ ‫مكروبا ً ‪ ..‬ل يدري ما يقضي‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫الله فيه ‪..‬‬
‫فاجتنبنا الناس ‪ ..‬وتغيــروا لنــا ‪..‬‬ ‫فلما رأى قومه ذلك ‪ ..‬تبعه‬
‫فجعلت أخرج إلى الســوق ‪ ..‬فل‬ ‫رجال منهم ‪ ..‬وأخذوا‬
‫يكلمني أحد ‪..‬‬ ‫يلومونه ‪ ..‬ويقولون ‪:‬‬
‫وتنكر لنا الناس ‪ ..‬حــتى مــا هــم‬ ‫والله ما نعلمك أذنبت ذنبا ً‬
‫بالذين نعرف ‪..‬‬ ‫قط قبل هذا ‪ ..‬إنك رجل‬
‫وتنكرت لنا الحيطان ‪ ..‬حــتى مــا‬ ‫شاعر أعجزت أل تكون‬
‫هي بالحيطان التي نعرف ‪..‬‬ ‫اعتذرت إلى رسول الله ‪r‬‬
‫وتنكــرت لنــا الرض ‪ ..‬حــتى مــا‬ ‫بما اعتذر إليه المخلفون !‪..‬‬
‫هي بالرض التي نعرف ‪..‬‬ ‫هل اعتذرت بعذر يرضى عنك‬
‫فأمـــا صـــاحباي فجلســـا فـــي‬ ‫فيه ‪ ..‬ثم يستغفر لك ‪..‬‬
‫بيوتهمــا يبكيــان ‪ ..‬جعل يبكيــان‬ ‫فيغفر الله لك ‪..‬‬
‫الليـــل والنهـــار ‪ ..‬ول يطلعـــان‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫رؤوســهما ‪ ..‬ويتعبــدان كأنهمــا‬ ‫فلم يزالوا يؤنبونني ‪ ..‬حتى‬
‫الرهبان ‪..‬‬ ‫هممت أن أرجع فأكذب‬
‫ب القوم‬ ‫ش ّ‬‫وأما أنا فكنت أ َ‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫دهم ‪ ..‬فكنت أخرج فأشهد‬ ‫وأجل َ‬ ‫فقلت ‪ :‬هل لقي هذا معي‬
‫الصلة مع المسلمين ‪ ..‬وأطوف‬ ‫أحد ؟‬
‫في السواق ‪ ..‬ول يكلمني‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬رجلن قال‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫مثل ما قلت ‪ ..‬فقيل لهما‬
‫وآتي المسجد فأدخل ‪..‬‬ ‫مثل ما قيل لك ‪..‬‬
‫وآتي رسول الله ‪ r‬فأسلم‬ ‫قلت ‪ :‬من هما ؟ قالوا ‪:‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫مرارة بن الربيع ‪ ..‬وهلل بن‬
‫فأقول في نفسي ‪ :‬هل حرك‬ ‫أمية ‪..‬‬
‫شفتيه برد السلم علي أم ل ؟‬ ‫فإذا هما رجلن صالحان قد‬
‫ثم أصلي قريبا ً منه ‪ ..‬فأسارقه‬ ‫شهدا بدرا ً ‪ ..‬لي فيهما‬
‫النظر ‪ ..‬فإذا أقبلت على صلتي‬ ‫أسوة ‪..‬‬
‫‪ ..‬أقبل إلي ‪..‬‬ ‫فقلــت ‪ :‬واللــه ل أرجــع إليــه‬
‫ت نحوه ‪ ..‬أعرض‬ ‫وإذا التف ّ‬ ‫فــي هــذا أبــدا ً ‪ ..‬ول أكــذب‬
‫عني ‪..‬‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫ومضت على كعب اليام ‪..‬‬ ‫ثــم مضــى كعــب ‪ .. t‬يســير‬
‫‪79‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ي أهل الكفر ‪ !!..‬هذا أيضا ً من‬ ‫ف ّ‬ ‫واللم تلد اللم ‪..‬‬
‫البلء والشر ‪..‬‬ ‫وهو الرجل الشريف في‬
‫ثــم مضــى بالرســالة فــورا ً إلــى‬ ‫قومه ‪..‬‬
‫التنور ‪ ..‬فأشعله ثم أحرقها فيه‬ ‫بل هو من أبلغ الشعراء ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫عرفه الملوك والمراء ‪..‬‬
‫ولــم يلتفــت كعــب إلــى إغــراء‬ ‫وسارت أشعاره عند العظماء‬
‫الملك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬حتى تمنوا لقياه ‪..‬‬
‫فتـــح لـــه بـــاب إلـــى بلط‬ ‫نعـــم ُ‬ ‫ثم هو اليوم ‪ ..‬في المدينة ‪..‬‬
‫الملــوك ‪ ..‬وقصــور العظمــاء ‪..‬‬ ‫بين قومه ‪ ..‬ل أحد يكلمه ‪..‬‬
‫يدعونه إلى الكرامة والصحبة ‪..‬‬ ‫ول ينظر إليه ‪..‬‬
‫والمدينــة مــن حــوله تتجهمــه ‪..‬‬ ‫حتى ‪ ..‬إذا اشتدت عليه‬
‫والوجوه تعبس في وجهه ‪..‬‬ ‫الغربة ‪ ..‬وضاقت عليه‬
‫يسلم فل يرد عليه السلم ‪..‬‬ ‫الكربة ‪ ..‬نزل به امتحان آخر‬
‫ويسأل فل يسمع الجواب ‪..‬‬ ‫‪:‬‬
‫ومـــع ذلـــك لـــم يلتفـــت إلـــى‬ ‫فبينمـــا هـــو يطـــوف فـــي‬
‫الكفار ‪..‬‬ ‫السوق يوما ً ‪..‬‬
‫ولــــم يفلــــح الشــــيطان فــــي‬ ‫إذا رجــل نصــراني جــاء مــن‬
‫زعزعته ‪ ..‬أو تعبيده لشهوته ‪..‬‬ ‫الشام ‪..‬‬
‫ألقـــى الرســـالة فـــي النـــار ‪..‬‬ ‫فإذا هــو يقـول ‪ :‬مـن يــدلني‬
‫وأحرقها ‪..‬‬ ‫على كعب بن مالك ‪ ..‬؟‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫فطفــق النــاس يشــيرون لــه‬
‫ومضــت اليــام تتلوهــا اليــام ‪..‬‬ ‫إلى كعب ‪ ..‬فأتــاه ‪ ..‬فنــاوله‬
‫وانقضــى شــهر كامــل ‪ ..‬وكعــب‬ ‫صحيفة من ملك غسان ‪..‬‬
‫على هذا الحال ‪..‬‬ ‫عجبا ً !! من ملك غسان ‪!!..‬‬
‫والحصار يشتد خناقه ‪ ..‬والضــيق‬ ‫إذن قد وصل خــبره إلــى بلد‬
‫يزداد ثقله ‪..‬‬ ‫الشـــام ‪ ..‬واهتـــم بـــه ملـــك‬
‫فل الرســــول ‪ُ r‬يمضــــي ‪ ..‬ول‬ ‫الغساســنة ‪ ..‬عجبـا ً !! فمــاذا‬
‫الوحي بالحكم يقضي ‪..‬‬ ‫يريد الملك ؟!!‬
‫فلما اكتملت أربعون يوما ً ‪..‬‬ ‫فتـــح كعـــب الرســـالة فـــإذا‬
‫فإذا رســول مــن النــبي ‪ r‬يــأتي‬ ‫فيها ‪:‬‬
‫إلـــى كعـــب ‪ ..‬فيطـــرق عليـــه‬ ‫" أمــا بعــد ‪ ..‬يــا كعــب بــن‬
‫الباب ‪..‬‬ ‫مالك ‪ ..‬إنه بلغني أن صاحبك‬
‫فيخــرج كعــب إليــه ‪ ..‬لعلــه جــاء‬ ‫قد جفاك وأقصاك ‪ ..‬ولســت‬
‫بــالفرج ‪ ..‬فــإذا الرســول يقــول‬ ‫بـــدار مضـــيعة ول هـــوان ‪..‬‬
‫له ‪:‬‬ ‫فالحق بنا نواسك "‪..‬‬
‫إن رســـول اللـــه ‪ r‬يـــأمرك أن‬ ‫فلمــا أتــم قــراءة الرســالة ‪..‬‬
‫تعتزل امرأتك ‪..‬‬ ‫قال ‪ : t‬إنــا للــه ‪ ..‬قــد طمــع‬
‫‪80‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ُ‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أ ُطَّلقها ‪ ..‬أم ماذا ؟‬
‫ودخلت ‪ ..‬فسلمت عليه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن اعتزلهــا ول‬
‫فوالله ما رد علي السلم ‪..‬‬ ‫تقربها ‪..‬‬
‫فقلــت ‪ :‬أنشــدك اللــه ‪ ..‬يــا أبــا‬ ‫فــدخل كعــب علــى امرأتــه‬
‫قتــادة ‪ ..‬أتعلــم أنــي أحــب اللــه‬ ‫وقال ‪ :‬الحقي بأهلك فكوني‬
‫ورسوله ؟‬ ‫عندهم حتى يقضي الله فــي‬
‫فسكت ‪..‬‬ ‫هذا المر ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬يا أبا قتادة ‪ ..‬أتعلم أنـي‬ ‫وأرسل النبي ‪ r‬إلى صــاحبي‬
‫أحب الله ورسوله ؟‬ ‫كعب بمثل ذلك ‪..‬‬
‫فسكت ‪..‬‬ ‫فجــــاءت امــــرأة هلل بــــن‬
‫فقلــت ‪ :‬أنشــدك اللــه ‪ ..‬يــا أبــا‬ ‫أمية ‪ ..‬فقالت ‪:‬‬
‫قتــادة ‪ ..‬أتعلــم أنــي أحــب اللــه‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إن هلل بــن‬
‫ورسوله ؟‬ ‫أميــة شــيخ كــبير ضــعيف ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬الله ورسوله أعلم ‪..‬‬ ‫فهل تأذن لي أن أخدمه ‪..‬؟‬
‫ســمع كعــب هــذا الجــواب ‪ ..‬مــن‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ولكن ل يقربنك‬
‫ابن عمه وأحب النــاس إليــه ‪ ..‬ل‬ ‫‪..‬‬
‫يدري أهو مؤمن أم ل ؟‬ ‫فقـــالت المـــرأة ‪ :‬يـــا نـــبي‬
‫فلـــم يســـتطع أن يتجلـــد لمـــا‬ ‫الله ‪ ..‬والله ما به من حركــة‬
‫ســـــمعه ‪ ..‬وفاضـــــت عينـــــاه‬ ‫لشــيء ‪ ..‬مــا زال مكتئبــا ً ‪..‬‬
‫بالدموع ‪..‬‬ ‫يبكــي الليــل والنهــار ‪ ..‬منــذ‬
‫ثم اقتحم الحائط خارجا ً ‪..‬‬ ‫كان من أمره ما كان ‪..‬‬
‫وذهـــب إلـــى منزلـــه ‪ ..‬وجلـــس‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫فيه ‪..‬‬ ‫ومــرت اليــام ثقيلــة علــى‬
‫يقلــب طرفــه بيــن جــدرانه ‪ ..‬ل‬ ‫كعب ‪..‬واشتدت الجفوة عليه‬
‫زوجــــة تجالســــه ‪ ..‬ول قريــــب‬ ‫‪..‬حتى صار يراجع إيمانه ‪..‬‬
‫يؤانسه ‪..‬‬ ‫يكلـــــــم المســـــــلمين ول‬
‫وقـــد مضـــت عليهـــم خمســـون‬ ‫يكلمونه ‪..‬‬
‫ليلــة ‪ ..‬مــن حيــن نهــى النــبي ‪r‬‬ ‫ويســلم علــى رســول اللــه ‪r‬‬
‫الناس عن كلمهم ‪..‬‬ ‫فل يرد عليه ‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫فــإلى أيــن يــذهب ‪ !!..‬ومــن‬
‫وفــي الليلــة الخمســين ‪ ..‬نزلــت‬ ‫يستشير !؟‬
‫توبتهم علــى النــبي ‪ r‬فــي ثلــث‬ ‫قال كعب ‪: t‬‬
‫الليل ‪..‬‬ ‫ي البلء ‪..‬‬ ‫فلمـــا طـــال علـــ ّ‬
‫وكــان ‪ ‬فــي بيــت أم ســلمة ‪..‬‬ ‫ذهبت إلى أبي قتادة ‪ ..‬وهــو‬
‫فتل اليات ‪..‬‬ ‫ابــن عمــي ‪ ..‬وأحــب النــاس‬
‫فقالت أم سلمة ‪: t‬‬ ‫ي ‪ ..‬فــإذا هــو فــي حــائط‬ ‫إل ـ ّ‬
‫يا نبي الله ‪ ..‬أل نبشر كعــب بــن‬ ‫بســتانه ‪ ..‬فتســورت الجــدار‬
‫‪81‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ي فكسوته إياهما ببشراه ‪..‬‬ ‫ثوب ّ‬ ‫مالك ‪..‬‬
‫والله ما أملك غيرهما ‪..‬‬ ‫ً‬
‫قال ‪ :‬إذا يحطمكم النــاس ‪..‬‬
‫واستعرت ثوبين ‪ ..‬فلسبتهما ‪..‬‬ ‫ويمنعونكم النوم سائر الليلة‬
‫وانطلقت إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫‪..‬‬
‫فتلقاني الناس فوجا ً ‪ ..‬فوجا ً ‪..‬‬ ‫فلما صلى النبي ‪ r‬الفجر ‪..‬‬
‫يهنئوني بالتوبة ‪ ..‬يقولون ‪:‬‬ ‫آذن الناس بتوبة الله‬
‫ليهنك توبة الله عليك ‪..‬‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫حتى دخلت المسجد ‪ ..‬فإذا‬ ‫فانطلق الناس يبشرونهم ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ e‬جالس بين أصحابه‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫‪ ..‬فلما رأوني والله ما قام‬ ‫وكنت قد صليت الفجر على‬
‫ي إل طلحة بن عبيد الله‬ ‫منهم إل ّ‬ ‫سطح بيت من بيوتنا ‪..‬‬
‫‪ ..‬قام فاعتنقني وهنأني ‪ ..‬ثم‬ ‫فبينا أنا جالس على الحال‬
‫رجع إلى مجلسه ‪ ..‬فوالله ما‬ ‫التي ذكر الله تعالى ‪ ..‬قد‬
‫أنساها لطلحة ‪..‬‬ ‫ضاقت علي نفسي ‪..‬‬
‫فمشيت حتى وقف على رسول‬ ‫ي الرض بما‬ ‫وضاقت عل ّ‬
‫الله ‪ e‬فسلمت عليه ‪..‬‬ ‫رحبت ‪..‬‬
‫وهو يبرق وجهه من السرور ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬من‬ ‫وما من شيء أهم إل ّ‬
‫سّر استنار وجهه ‪..‬‬ ‫وكان إذا ُ‬ ‫ي‬
‫أن أموت ‪ ..‬فل يصلي عل ّ‬
‫حتى كأنه قطعة قمر ‪..‬‬ ‫ل الله ‪ .. r‬أو يموت ‪..‬‬ ‫رسو ُ‬
‫فلما رآني قال ‪ :‬أبشر بخير يوم‬ ‫فأكون من الناس بتلك‬
‫مّر عليك منذ ولدتك أمك ‪..‬‬ ‫المنزلة ‪ ..‬فل يكلمني أحد‬
‫قلت ‪ :‬أمن عندك يا رسول‬ ‫ي ‪..‬‬
‫منهم ‪ ..‬ول يصلي عل ّ‬
‫الله ‪ ..‬أم من عند الله ؟‬ ‫فبينما أنا على ذلك ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬بل من عند الله ‪ ..‬ثم‬ ‫إذ سمعت صوت صارخ ‪..‬‬
‫تل اليات ‪..‬‬ ‫على جبل سلع بأعلى صوته‬
‫فجلست بين يديه ‪..‬‬ ‫يقول ‪:‬‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ! إن من‬ ‫ياااااا كعب بن مالك ! ‪..‬‬
‫توبتي أن أنخلع من مالي صدقة‬ ‫أبشر ‪..‬‬
‫إلى الله ‪ ..‬وإلى رسوله ‪..‬‬ ‫فخررت ساجدا ً ‪ ..‬وعرفت أن‬
‫فقال ‪ :‬أمسك عليك بعض‬ ‫قد جاء فرج من الله ‪..‬‬
‫مالك ‪ ..‬فهو خير لك ‪..‬‬ ‫ي رجل على‬ ‫وأقبل إل ّ‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ! إن الله‬ ‫فرس ‪ ..‬والخر صاح من‬
‫إنما نجاني بالصدق ‪ ..‬وإن من‬ ‫فوق جبل ‪..‬‬
‫توبتي أل أحدث إل صدقا ً ما‬ ‫وكان الصوت أسرع من‬
‫بقيت ‪..‬‬ ‫الفرس ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬تاب الله على كعب‬ ‫فلما جاءني الذي سمعت‬
‫وصاحبيه ‪ ..‬وأنزل في ذلك‬ ‫صوته يبشرني ‪ ..‬نزعت له‬
‫‪82‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أليس ستزداد محبتك لهذا‬ ‫قرءانا ً يتلى ‪..‬‬
‫الصديق ؟ بلى ‪..‬‬ ‫فقال عز وجل ‪:‬‬
‫ولو كان أبوك مريضا ً في‬ ‫ي‬ ‫عَلى الن ّب ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫قدْ َتا َ‬ ‫[ لَ َ‬
‫ر ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫المستشفى ‪ ..‬فبقيت معه في‬ ‫ن‬‫ذي َ‬ ‫صا ِ‬ ‫واْلن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫غرفته وأنت مشغول البال‬ ‫ة‬ ‫سَر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ْ‬
‫ة ال ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫سا َ‬ ‫في َ‬ ‫عوهُ ِ‬ ‫ات ّب َ ُ‬
‫عليه ‪ ..‬واتصل بك صديق وسألك‬ ‫ب‬ ‫قُلو ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫زي ُ‬ ‫كادَ ي َ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫عنه ‪ ..‬وقال ‪ :‬تحتاج مساعدة ؟‬ ‫م‬‫ه ْ‬ ‫ب َ َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫م َتا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ف ِ‬
‫نحن في خدمتك ‪ ..‬فشكرته ‪..‬‬ ‫عَلى‬ ‫و َ‬ ‫م* َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫ثم في المساء اتصل وقال ‪ :‬إذا‬ ‫ذا‬‫حّتى إ ِ َ‬ ‫فوا َ‬ ‫خل ّ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ّ ِ‬ ‫الّثلث َ ِ‬
‫َ‬
‫الهل يحتاجون أي شيء أشتريه‬ ‫ما‬ ‫ض بِ َ‬ ‫م اْلْر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫َ‬
‫لهم ‪ ..‬فأخبرني ‪ ..‬فشكرته‬ ‫م‬ ‫علي ْه ْ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫حب َ ْ‬ ‫َر ُ‬
‫فسهم وظَّنوا أ َن ِل مل ْجأ َ‬ ‫َ‬
‫ودعوت له ‪..‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫أن ْ ُ ُ ُ ْ َ‬
‫أل تشعر أن قلبك ينجذب إليه‬ ‫ب‬
‫م َتا َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ه إ ِّل إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫أكثر ‪..‬؟‬ ‫و‬‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫م ل ِي َُتوُبوا إ ِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫بينما لو اتصل بك آخر وقال ‪:‬‬ ‫م ] ‪..‬‬ ‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫الت ّ ّ‬
‫فلن ‪ ..‬نحن خارجون إلى نزهة‬ ‫والشاهد من هذه القصة ‪..‬‬
‫في البحر ‪ ..‬هاه تذهب معنا ؟‬ ‫أن طلحة ‪ t‬لما رأى كعبا ً قام‬
‫فقلت ‪ :‬والله والدي مريض ول‬ ‫إليه واعتنقه وهنأه ‪ ..‬فزادت‬
‫أستطيع ‪..‬‬ ‫محبة كعب له ‪ ..‬حتى كان‬
‫فبدل أن يدعو له ويعتذر أن لم‬ ‫يقول بعد موت طلحة ‪ ..‬وهو‬
‫يسأل عن حاله ‪ ..‬قال لك ‪:‬‬ ‫يحكي القصة بعدها بسنين ‪:‬‬
‫أدري أنه مريض لكن هو في‬ ‫فوالله ل أنساها لطلحة ‪..‬‬
‫المستشفى وعنده ممرضون‬ ‫وماذا فعل طلحة حتى يأسر‬
‫ولن يستفيد من بقائك تعال‬ ‫قلب كعب ؟ فعل مهارة‬
‫معنا استمتع واسبح و ‪ ..‬قالها‬ ‫م به ‪ ..‬شاركه‬ ‫رائدة ‪ ..‬اهت ّ‬
‫وهو يمازحك ضاحكا ً ‪ ..‬وكأن‬ ‫فرحته ‪ ..‬فصار له عنده‬
‫مرض والدك ل يعنيه ‪ ..‬كيف‬ ‫حظوة ‪..‬‬
‫ستكون نظرتك إليه ؟‬ ‫الهتمام بالناس‬
‫بل شك أن قدره في قلبك‬ ‫ومشاركتهم في مشاعرهم‬
‫ينخفض لنه لم يهتم بهمومك ‪..‬‬ ‫يأسر قلوبهم ‪..‬‬
‫من أحرج ما وقع لي من مواقف‬ ‫لو كنت في زحمة‬
‫‪..‬‬ ‫المتحانات ‪ ..‬ووصلت إلى‬
‫أني كنت مسافرا ً إلى جدة لعدة‬ ‫هاتفك المحمول رسالة‬
‫أيام ‪ ..‬كنت مشغول ً جدا ً ‪..‬‬ ‫مكتوب فيها ‪ ..‬بشرني عن‬
‫وصلتني رسالة خللها على‬ ‫امتحاناتك والله إن بالي‬
‫هاتفي من أخي سعود كتب فيها‬ ‫مشغول عليك وأدعو لك ‪،‬‬
‫‪:‬‬ ‫صديقك ‪ :‬إبراهيم ‪..‬‬
‫‪83‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫رحلة ‪..‬‬ ‫أحسن الله عزاءك في ابن‬
‫في الحقيقة ‪ ..‬كأنما صب علي‬ ‫عمنا فلن توفي في‬
‫برميل ماء بارد ‪ ..‬صرت محرجا ً‬ ‫ألمانيا ‪..‬‬
‫جدا ً ‪ ..‬أبوه مات ‪ ..‬وجثمانه معه‬ ‫اتصلت بأخي فأخبرني أن‬
‫في الطائرة وأنا أمازحه وأضحك‬ ‫ابن عمنا هذا ‪ -‬وهو شيخ‬
‫‪ ..‬إن هذا لشيء عجاب !!‬ ‫كبير ‪ -‬ذهب قبل يومين‬
‫ت قليل ً ثم قلت ‪ :‬آآآآسف ‪..‬‬ ‫سك ّ‬ ‫لعلج القلب في ألمانيا‬
‫والله ما انتبهت إليك ‪ ..‬فأنا هنا‬ ‫وتوفي أثناء إجراء العملية ‪..‬‬
‫منذ أيام ‪ ..‬فأحسن الله عزاءك‬ ‫وأن جثمانه سيصل قريبا ً‬
‫وغفر لوالدك ‪..‬‬ ‫إلى مطار الرياض ‪ ..‬دعوت‬
‫ت في الحقيقة معذورا ً‬ ‫وإن كن ُ‬ ‫له وترحمت عليه ‪ ..‬وأنهيت‬
‫في عدم انتباهي إلى شخصه ‪..‬‬ ‫المكالمة ‪..‬‬
‫فقد كنت ل أقابله إل قليل ً ‪..‬‬ ‫بعدها بيومين انتهت أعمالي‬
‫وأراه بثوبه وغترته ‪ ..‬فلما لبس‬ ‫في جدة وذهبت إلى المطار‬
‫البنطال وجاءني فجأة في زحمة‬ ‫أنتظر وقت إقلع رحلتي‬
‫شباب من جدة ‪ ..‬لم يقع في‬ ‫للرياض ‪..‬‬
‫نفسي أنه فلن ‪..‬‬ ‫في هذه الثناء كان يمر بي‬
‫فمن الهتمام بالناس‬ ‫عدد من الشباب فإذا رأوني‬
‫مشاركتهم في مشاعرهم‬ ‫عرفوني وأقبلوا مسلمين‬
‫وإشعارهم أن همهم هو همك ‪..‬‬ ‫وكانوا أحيانا ً من الشباب‬
‫وأنك تحب الخير لهم ‪..‬‬ ‫المراهقين لهم قصات شعر‬
‫ومن هذا المنطلق تجد أن‬ ‫غريبة ‪ ..‬ومع ذلك كنت‬
‫الشركات المتطورة يكون عندها‬ ‫أمازحهم وأطلق التعليقات‬
‫إدارة للعلقات العامة ‪ ..‬مهمتها‬ ‫عليهم تحببا ً وتلطفا ً ‪..‬‬
‫إرسال التهاني والتبريكات في‬ ‫انشغلت بمكالمة هاتفية ‪..‬‬
‫المناسبات ‪ ..‬وتقديم الهدايا ‪..‬‬ ‫فلما أنهيتها فإذا شاب يلبس‬
‫ونحو ذلك ‪..‬‬ ‫بنطال ً وقميصا ً ‪ ..‬يراني‬
‫الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم‬ ‫سّلما ً مصافحا ً ‪..‬‬ ‫فيقبل م َ‬
‫وأظهرت الهتمام بهم ملكت‬ ‫رحبت به وقلت مازحا ً ‪ :‬ما‬
‫قلوبهم وأحبوك ‪..‬‬ ‫هذه الناقة ‪ ..‬أنت اليوم‬
‫خذ أمثلة سريعة من الواقع ‪:‬‬ ‫كأنك عريس ‪ ..‬ونحو هذه‬
‫لو دخل شخص إلى مكان مليء‬ ‫العبارات ‪..‬‬
‫بالناس فلم يجد مكانا ً يجلس‬ ‫سكت الشاب قليل ً ثم قال ‪:‬‬
‫فيه ‪ ..‬فتفسحت قليل ً ‪..‬‬ ‫ما عرفتني ‪ ..‬أنا فلن ‪..‬‬
‫وأوسعت له مكانا ً وقلت ‪:‬‬ ‫الن وصلت من ألمانيا معي‬
‫تفضل يا فلن ‪ ..‬تعال هنا ‪..‬‬ ‫جثمان أبي ‪ ..‬وأنا متوجه‬
‫لشعر باهتمامك وأحبك ‪..‬‬ ‫إلى الرياض الن على أقرب‬
‫‪84‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إليه جميعا ً ‪ ..‬أي التفت بوجهه‬ ‫أو لو كنتم في حفل عشاء ‪..‬‬
‫وجسمه إليه يستمع وينصت ‪..‬‬ ‫وأقبل يحمل طعامه يتلفت‬
‫يبحث عن طاولة فيها مكان‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫فارغ ‪ ..‬فجهزت له كرسيا ً‬
‫الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم‬ ‫وقلت ‪ :‬حياك اله يا فلن ‪..‬‬
‫وأظهرت الهتمام بهم ‪ ..‬ملكت‬ ‫تفضل هنا ‪ ..‬لشعر‬
‫قلوبهم ‪ ..‬وأحبوك ‪..‬‬ ‫باهتمامك أيضا ً ‪..‬‬
‫عموما ً أشعر الناس بقيمتهم‬
‫أشعرهم أنك تحب‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪ ..‬يحبوك ‪..‬‬
‫الخير لهم ‪..‬‬ ‫كان رسول الله ‪ e‬يحرص‬
‫كلما كان قلبك مملوءا ً بالمحبة‬ ‫على ذلك أيما حرص ‪..‬‬
‫والنصح للخرين ‪ ..‬كلما صرت‬ ‫انظر إليه وقد قام يخطب‬
‫صادقا ً في مهاراتك في التعامل‬ ‫على منبره يوم جمعة ‪..‬‬
‫معهم ‪..‬‬ ‫وفجأة فإذا بأعرابي يدخل‬
‫وكلما أحس الناس بحبك لهم ‪..‬‬ ‫إلى المسجد ويتخطى‬
‫ازدادوا هم أيضا ً لك محبة وقبول ً‬ ‫الصفوف ‪ ..‬وينظر إلى‬
‫‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬ويصيح‬
‫كانت إحدى الطبيبات تمتلئ‬ ‫قائل ً ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬رجل‬
‫عيادتها الخاصة دائما ً‬ ‫ل يدري ما دينه ! فعلمه دينه‬
‫جعات ‪..‬‬ ‫بالمرا ِ‬ ‫‪..‬‬
‫وكانت المريضات يرغبن في‬ ‫فنزل النبي ‪ e‬من منبره ‪..‬‬
‫المجيء إليها دائما ً وكل واحدة‬ ‫وتوجه إلى الرجل وطلب‬
‫تشعر أنها صديقة خاصة لهذه‬ ‫كرسيا ً فجلس عليه ‪ ..‬ثم‬
‫الطبيبة ‪..‬‬ ‫جعل يتحدث مع الرجل‬
‫كانت هذه الطبيبة تمارس‬ ‫ويشرح له الدين إلى أن‬
‫مهارات متعددة تسحر بها قلوب‬ ‫فهم ‪ ..‬ثم عاد إلى منبره ‪..‬‬
‫الخرين ‪..‬‬ ‫قمة الهتمام بالناس ‪ ..‬ومن‬
‫من ذلك ‪ ..‬أنها اتفقت مع‬ ‫يدري ربما لو أهمله لخرج‬
‫السكرتيرة أنها إذا اتصلت إحدى‬ ‫الرجل وبقي جاهل ً بدينه‬
‫المريضات تريد أن تتحدث مع‬ ‫إلى أن يموت ‪..‬‬
‫الطبيبة أو تسألها عن شيء‬ ‫ولو نظرت في شمائله ‪.. e‬‬
‫يخص المرض ‪..‬‬ ‫لوجدت من بينها أنه كان إذا‬
‫فإن السكرتيرة تسألها عن‬ ‫صافحه أحد لم ينزع ‪ e‬يده‬
‫اسمها ‪ ..‬وترحب بها ‪ ..‬ثم‬ ‫من يد المصافح ‪ ..‬حتى ينزع‬
‫تطلب منها التكرم بالتصال بعد‬ ‫ذاك يده أول ً ‪..‬‬
‫خمس دقائق ‪..‬‬ ‫وكان ‪ e‬إذا كلمه أحد التفت‬
‫ثم تأخذ السكرتيرة الملف‬
‫‪85‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والنصر والتمكين ‪ ..‬وربما قلت ‪:‬‬ ‫الخاص بهذه المريضة ‪..‬‬
‫اللهم اغفر لي واغفر لحبابي‬ ‫وتناوله للطبيبة ‪ ..‬فتقرأ‬
‫وأصحابي ‪..‬‬ ‫الطبيبة معلومات المرض ‪..‬‬
‫وبعد انتهائي من شعائرها ‪..‬‬ ‫وتنظر إلى بطاقتها‬
‫حمدت الله على التيسير ‪..‬‬ ‫الخاصة ‪ ..‬ومعلوماتها‬
‫ثم اكتريت فندقا ً لبيت فيه ‪..‬‬ ‫الكاملة بما فيها وظيفتها‬
‫فلما وضعت رأسي على‬ ‫وأسماء أولدها ‪..‬‬
‫وسادتي كتبت رسالة عبر‬ ‫فإذا اتصلت المريضة ‪..‬‬
‫الهاتف الجوال أقول فيها ‪:‬‬ ‫رحبت بها الطبيبة ‪..‬‬
‫"الن أنهيت العمرة وتذكرت‬ ‫وسألتها عن مرضها ‪ ..‬وعن‬
‫أحبابي وأنت منهم فلم أنسك‬ ‫فلن ولدها الصغير ‪ ..‬وأخبار‬
‫من الدعاء الله يحفظك ويوفقك‬ ‫وظيفتها ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫" ‪..‬‬ ‫فتشعر المريضة أن هذه‬
‫انتهت الرسالة ‪..‬‬ ‫الطبيبة تحبها جدا ً لدرجة‬
‫أرسلتها إلى السماء المخزنة‬ ‫أنها تحفظ أسماء أولدها‬
‫في ذاكرة الهاتف ‪ ..‬كانت‬ ‫وتتذكر مرضها ‪ ..‬ولم تنس‬
‫خمسمائة اسم ‪..‬‬ ‫مكان عملها ‪ ..‬فترغب في‬
‫لم أكن أتصور التأثير العجيب‬ ‫المجيء إليها دائما ً ‪..‬‬
‫لهذه الرسالة في قلوب الخرين‬ ‫أرأيت أن امتلك القلوب‬
‫‪..‬‬ ‫وأسرها سهل جدا ً ‪..‬‬
‫ي ‪ :‬والله إني‬ ‫منهم من أرسل إل ّ‬ ‫ول بأس أن تعبر عن محبتك‬
‫أبكي وأنا أقرأ رسالتك ‪..‬‬ ‫للخرين بكل صراحة ‪ ..‬سواء‬
‫أشكرك أنك ذكرتني بدعائك ‪..‬‬ ‫كانوا أبا ً أو أما ً ‪ ..‬أو زوجة أو‬
‫وآخر كتب ‪ :‬والله يا أبا عبد‬ ‫أبناء ‪ ..‬أو زملء وجيران ‪..‬‬
‫الرحمن ما أدري بم أرد عليك !‬ ‫ل تكتم مشاعرك نحوهم ‪..‬‬
‫ولكن جزاك الله خيرا ً ‪..‬‬ ‫قل لمن تحبه ‪ :‬أنا أحبك ‪..‬‬
‫والثالث كتب ‪ :‬أسأل الله أن‬ ‫ل إلى قلبي ‪..‬‬ ‫أنت غا ٍ‬
‫يستجيب دعاءك ‪ ..‬ونحن والله ل‬ ‫حتى لو كان عاصيا ً قل له ‪:‬‬
‫ننساك ‪..‬‬ ‫إنك أحب إلي من أناس‬
‫نحن في الحقيقة نحتاج بين‬ ‫كثيييير ‪..‬‬
‫كر الناس‬ ‫الفينة والخرى أن ن ُذَ ّ‬ ‫ولم تكذب فهو أحب إليك‬
‫بأننا نحبهم ‪ ..‬وأن كثرة مشاغل‬ ‫من مليين اليهود ‪ ..‬أليس‬
‫الدنيا لم تنسنا إياهم ‪..‬‬ ‫كذلك ‪ ..‬كن ذكيا ً ‪..‬‬
‫ول بأس أن يكون ذلك بمثل هذه‬ ‫أذكر أني ذهبت مرة لداء‬
‫الرسائل ‪..‬‬ ‫العمرة ‪ ..‬وكنت خلل‬
‫يمكن أن تكتب إلى أحبابك ‪:‬‬ ‫طوافي وسعيي أدعو‬
‫دعوت لكم بين الذان‬ ‫للمسلمين جميعا ً ‪ ..‬بالحفظ‬
‫‪86‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بصدق العبارة ‪ ..‬والمحبة ‪!..‬‬ ‫والقامة ‪ ..‬أو في ساعة‬
‫أما رسول الله ‪ e‬فقد كان ياسر‬ ‫الجمعة الخيرة ‪..‬‬
‫قلوب الناس بروعة أخلقه ‪..‬‬ ‫وإذا كانت نيتك صالحة فلن‬
‫وقدرته على إظهار محبته‬ ‫يكون في هذا إظهار للعمل‬
‫الصادقة لهم ‪..‬‬ ‫أو رياء ‪ ..‬وإنما زيادة ألفة‬
‫ل‬‫كان أبو بكر وعمر ‪ ..‬أج ّ‬ ‫ومحبة بين المسلمين ‪..‬‬
‫الصحابة ‪..‬‬ ‫أذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫وكانا يتنافسان في الخير‬ ‫في مخيم دعوي صيفي في‬
‫دوما ً ‪..‬‬ ‫مدينة الطايف ‪ ..‬في جبال‬
‫وكان أبو بكر يسبق غالبا ً ‪ ..‬فإن‬ ‫الشفاء وهي متنزه يجتمع‬
‫بكر عمر للصلة وجد أبا بكر‬ ‫فيه أعداد كبيرة من‬
‫سبقه ‪ ..‬وإن أطعم مسكينا ً وجد‬ ‫الشباب ‪..‬‬
‫أبا بكر سبقه ‪..‬‬ ‫كان أكثر الحاضرين هم من‬
‫وإن صلى ليلة ‪ ..‬وجد ابا بكر‬ ‫الشباب الذين يظهر عليهم‬
‫قبله ‪..‬‬ ‫الخير والصلح ‪ ..‬أما الشباب‬
‫وفي يوم أمر النبي ‪ ‬الناس‬ ‫الخرون فقد بقوا في‬
‫بالصدقة لسد حاجة نازلة نزلت‬ ‫أطراف المتنزهات ما بين‬
‫بالمسلمين ‪..‬‬ ‫لهو وطرب ‪..‬‬
‫وافق ذلك الوقت أن عمر عنده‬ ‫انتهت المحاضرة ‪..‬‬
‫سعة من المال ‪..‬‬ ‫أقبل جمع من الشباب‬
‫فقال ‪ :‬اليوم أسبق أبا بكر ‪ ..‬إن‬ ‫يسلمون ‪..‬‬
‫سبقته يوما ً ‪..‬‬ ‫كان من بينهم شاب له قصة‬
‫ذهب عمر فجاء بنصف ماله ‪..‬‬ ‫شعر غريبة ويلبس بنطال‬
‫فدفعه إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫جينز ضيق ‪ ..‬أقبل يصافح‬
‫فما أول كلمة قالها ‪ ‬لعمر لما‬ ‫ويشكر ‪ ..‬فسلمت عليه‬
‫رأى المال ؟‬ ‫بحرارة ‪ ..‬وشكرته على‬
‫هل سأله عن مقدار المال ؟ أم‬ ‫حضوره وهززت يده وقلت ‪:‬‬
‫سأله عن نوعه ذهب أم فضة ؟‬ ‫وجهك وجه داعية ‪ ..‬تبسم‬
‫ل ‪ ..‬بل لما رأى ‪ ‬كثرة‬ ‫وانصرف ‪..‬‬
‫المال ‪ ..‬تكلم بكلمات يستنتج‬ ‫بعدها بأسبوعين تفاجأت‬
‫منها عمر أنه محبوب عند رسول‬ ‫باتصال يقول ‪ :‬هاه ما‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫عرفتني ‪ ..‬يا شيخ أنا الذي‬
‫قال لعمر ‪ ) :‬ما أبقيت لهلك يا‬ ‫قلت لي وجهك وجه داعية ‪..‬‬
‫عمر ؟ ( ‪..‬‬ ‫والله لصبحن داعية إن شاء‬
‫قال عمر ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬ثم صار يشرح لي‬
‫أبقيت لهم مثله " ‪..‬‬ ‫مشاعره بعد تلك الكلمات ‪..‬‬
‫ويجلس عمر عند رسول الله ‪r‬‬ ‫أرأيت كيف يتأثر الناس‬
‫‪87‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لست وحدك ‪..‬‬ ‫منتشيا ً ‪ ..‬ينتظر أبا بكر ‪..‬‬
‫أظهر عواطفك ‪ ..‬كن صريحا ً ‪:‬‬ ‫ل كثير‬ ‫فيأتي أبو بكر ‪ t‬بما ٍ‬
‫أنا أحبك ‪ ..‬فرحت بلقياك ‪ ..‬أنت‬ ‫فيدفعه إلى رسول الله ‪r‬‬
‫غال إلى قلبي ‪..‬‬ ‫وعمر واقف مكانه ‪ ..‬يرى‬
‫العطاء ويسمع الحوار ‪..‬‬
‫ِاحفظ السماء ‪..‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫فإذا بالنبي ‪ ‬قبل أن‬
‫وهذا من الهتمام بالناس ‪..‬‬ ‫يلتفت إلى ما يحتاجه من‬
‫ما أجمل أن تقابل شخصا ً ما في‬ ‫مال ‪ ..‬يسأل أبا بكر ‪ ) :‬يا أبا‬
‫موقف عارض ‪ ..‬كلقاء عند‬ ‫بكر ‪ ..‬ما أبقيت لهلك ؟ ( ‪..‬‬
‫بنك ‪ ..‬أو في طائرة ‪ ..‬أو في‬ ‫نعم فهو يحب أبا بكر ‪..‬‬
‫وليمة عامة ‪..‬‬ ‫ويحب أهله ‪ ..‬ول يرضى‬
‫فتتعرف على اسمه ‪ ..‬ثم تراه‬ ‫بالضرر عليه ‪..‬‬
‫في موقف آخر ‪ ..‬فتقبل عليه‬ ‫قال أبو بكر ‪ :‬يا رسول‬
‫قائل ً ‪ :‬مرحبا ً يا فلن ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬أبقيت لهم الله‬
‫ل شك أن ذلــك يطبــع فــي قلبــه‬ ‫ورسوله ‪ ..‬أما المال فقد‬
‫لك محبة وتقديرا ً ‪..‬‬ ‫أتيت به جميعا ً ‪..‬‬
‫حفظك لسم الشخص الذي‬ ‫لم يأت بنصفه ‪ ..‬ول بربعه ‪..‬‬
‫أمامك يشعره باهتمامك به ‪..‬‬ ‫وإنما أتى به كله ‪..‬‬
‫فرق بين المدرس الذي يحفظ‬ ‫فما كان من عمر ‪ t‬إل أن‬
‫أسماء طلبه ‪ ..‬والذي ل‬ ‫قال ‪ ":‬ل جَرم ‪ ..‬ل سابقت‬
‫يحفظ ‪..‬‬ ‫أبا بكر أبدا ً " ‪..‬‬
‫قولك للطالب ‪ :‬قم يا فلن ‪..‬‬ ‫كان الناس يشعرون أنه ‪‬‬
‫أحسن من ‪ :‬قم يا طالب ‪..‬‬ ‫يحبهم‪..‬فكانوا يهيمون به‬
‫حتى في الرد على الهاتف ‪..‬‬ ‫حبا ً ‪..‬صلى بهم ‪ ‬إحدى‬
‫أيهما أحب إليك ‪ ..‬أن يجيبك من‬ ‫الصلوات ‪ ..‬فكأنه عجل‬
‫تتصل به بقوله ‪ :‬نعم ‪..‬أو ألو ‪..‬‬ ‫بصلته قليل ً حتى بدت أقصر‬
‫أو يقول محتفيا ً ‪ :‬مرحبا ً يا‬ ‫من مثيلتها ‪..‬‬
‫خالد ‪ ..‬هل أبو عبد الله ‪..‬‬ ‫فلما انقضت الصلة ‪ ..‬رأى ‪e‬‬
‫بل شك ان استماعك لسمك له‬ ‫تعجب أصحابه ‪..‬‬
‫في القلب رنة قبل الذن ‪..‬‬ ‫فقال لهم ‪ :‬لعلكم عجبتم‬
‫جرت العادة بعد المحاضرات‬ ‫من تخفيفي للصلة ؟‬
‫العامة أن يزدحم علي بعض‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ! ‪..‬‬
‫الشباب يصافحون ويشكرون ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬إني سمعت بكاء‬
‫كنت أحرص على ترديد كلمة ‪:‬‬ ‫صبي فرحمت أمه ‪!!..‬‬
‫السم الكريم ؟ حياك الله من‬ ‫أرأيت كيف يحب الخرين ‪..‬‬
‫الخ ؟ ‪ ..‬أقولها لكل واحد أسلم‬ ‫ويظهر لهم هذه المحبة من‬
‫عليه لبدي له اهتمامي به ‪..‬‬ ‫خلل تعامله ‪..‬‬
‫‪88‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السماء ‪ ..‬فهي كثيرة ‪..‬‬ ‫فكان كل واحد يجيبني‬
‫منها ‪ ..‬عدم الهتمام بالشخاص‬ ‫مستبشرا ً ‪ :‬أخوك زياد ‪..‬‬
‫أثناء مقابلتهم ‪..‬‬ ‫ابنك ياسر ‪..‬‬
‫ومنها ‪ ..‬التشاغل وقت التعارف‬ ‫وأذكر يوما ً أنه بعدما سلم‬
‫وعدم التركيز أثناء استماع‬ ‫عدد كبير منهم ومضوا ‪ ..‬عاد‬
‫السم ‪..‬‬ ‫أحدهم ليسأل ‪ ..‬فأول ما‬
‫ومنها ‪ ..‬موقفك تجاه الشخص‬ ‫ي قلت له ‪ :‬حياك‬ ‫أقبل عل ّ‬
‫المقابل ‪..‬‬ ‫الله يا خالد ‪ ..‬فابتهج وقال ‪:‬‬
‫كاعتقادك بأنك لن تقابله مرة‬ ‫ما شاء الله !! تعرف‬
‫أخرى ‪ ..‬فتقول في نفسك ‪ :‬ل‬ ‫اسمي !!‬
‫داعي لحفظ السم ‪..‬‬ ‫ً‬
‫الناس عموما يحبون‬
‫أو كان إنسانا ً بسيطا ً ل يستثير‬ ‫مناداتهم بأسمائهم ‪..‬‬
‫اهتمامك ‪..‬‬ ‫من المعروف أن الموظف‬
‫أو عندما ل تسمع السم جيدا ً‬ ‫العسكري يعلق لوحة صغيرة‬
‫وتشعر بحرج من طلب إعادة‬ ‫على صدره فيها اسمه ‪..‬‬
‫اسمه ‪..‬‬ ‫فأذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫فهذه أسباب تجعل الناس ل‬ ‫في إحدى المناطق‬
‫يحفظون السماء ‪..‬‬ ‫العسكرية ‪ ..‬فازدحم أكثرهم‬
‫أما العلج لحفظ السماء ‪ ..‬فله‬ ‫مسلما ً بعد المحاضرة ‪..‬‬
‫طرق ‪ ..‬منها ‪:‬‬ ‫كان أحدهم يقترب ويبتعد ‪..‬‬
‫القتناع بأهمية تذكر السم‬ ‫وكأنه يريد السلم لكنه‬
‫واستشعارك أنك بسماعك له‬ ‫يخجل من مزاحمة‬
‫ستسأل عنه بعد دقائق ‪..‬‬ ‫الخرين ‪..‬‬
‫ومنها ‪ ..‬التركيز على وجه‬ ‫التفت إليه ولمحت لوحة‬
‫الشخص أثناء الستماع إلى‬ ‫اسمه ‪ ..‬فمددت يدي إليه‬
‫اسمه ‪..‬‬ ‫وقلت ‪ :‬مرحبا ً فلن !! فتغير‬
‫حاول أن تلحظ الشخص‬ ‫وجهه وتعجب ‪ ..‬ومد يده‬
‫المقابل وطبيعة حديثه‬ ‫مصافحا ً وهو يتبسم‬
‫وابتسامته لينطبع في ذاكرتك ‪..‬‬ ‫ويقول ‪ :‬هاه !! كيف عرفت‬
‫أثناء حديثك معه ناده باسمه‬ ‫اسمي ؟‬
‫مرارا ً ‪ ..‬صحيح يا فلن ‪..‬؟‬ ‫فقلت ‪ :‬يا أخي الذين نحبهم‬
‫سمعت يا فلن ‪..‬؟ أنت معي يا‬ ‫‪ ..‬لزم نعرف أسماءهم ‪..‬‬
‫فلن ‪..‬؟ وكرره أكثر من مرة ‪..‬‬ ‫فكان لهذا تأثير كبير عليه ‪..‬‬
‫كثير من الناس يقتنع بهذا‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫ويتمنى لو استطاع حفظ‬
‫أشعرني باهتمامك بي ‪..‬‬ ‫أسماء الخرين ‪..‬‬
‫بحفظك اسمي ‪ ..‬ونادني به ‪..‬‬ ‫أما أسباب عدم حفظ‬
‫‪89‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إليه " أي عامل الناس بما تحب‬ ‫لحبك ‪..‬‬
‫أن يعاملوك به ‪..‬‬
‫كيف ‪..‬؟!‬ ‫كن لماحا ً‬ ‫‪.27‬‬
‫رأيت على صاحبك ثوبا ً جميل ً ‪..‬‬ ‫قسم كبير من الشياء التي‬
‫انتبه له ‪ ..‬أثن عليه ‪ ..‬أسمعه‬ ‫نمارسها في الحياة ‪..‬‬
‫كلمات رنانة ‪ ..‬ما شاء الله !! ما‬ ‫نفعلها لجل الناس ل لجل‬
‫هذا الجمال !! اليوم كأنك‬ ‫أنفسنا ‪..‬‬
‫عريس !!‬ ‫عندما ُتدعى لوليمة عرس ‪..‬‬
‫ً‬
‫زارك يوما فشممت من ثيابه‬ ‫فتلبس أحسن ثيابك ‪ ..‬إنما‬
‫عطرا ً فواحا ً جميل ً ‪ ..‬أثن عليه ‪..‬‬ ‫تفعل ذلك لجل لفت انتباه‬
‫تفاعل معه ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬فهو‬ ‫الناس وجذب إعجابهم ‪ ..‬ل‬
‫ما وضع الطيب إل لجلك ‪..‬‬ ‫لجل لفت انتباه نفسك ‪..‬‬
‫ردد عبارات جميلة ‪ ..:‬ما هذه‬ ‫وتفرح إذا لحظت أنهم‬
‫الروائح ‪ ..‬ما أحسن ذوقك ‪..‬‬ ‫ُأعجبوا بجمال هيئتك ‪ ..‬أو‬
‫دعاك شخص لطعام ‪ ..‬أثن على‬ ‫رونق ثيابك ‪..‬‬
‫طعامه ‪ ..‬فإنك تعلم أن أمه أو‬ ‫وعندما تؤثث مجلس ضيوفك‬
‫زوجته أو أخته وقفت ساعات‬ ‫‪ ..‬وتتكلف في تزويقه‬
‫في المطبخ لجلك ‪ ..‬أو لجل‬ ‫والعناية به ‪ ..‬إنما تفعل ذلك‬
‫المدعويين عموما ً ‪ ..‬وأنت‬ ‫أيضا ً لجل نظر الناس ‪ ..‬ل‬
‫منهم ‪..‬‬ ‫لجل نظر نفسك ‪ ..‬بدليل‬
‫أو أنه على القل تعب في‬ ‫أنك تعتني بغرفة استقبال‬
‫إحضاره من المطعم ومحل‬ ‫الضيوف أكثر من عنايتك‬
‫الحلويات ‪ ..‬و ‪ ..‬فأسمعه كلمات‬ ‫بالصالة الداخلية ‪ ..‬أو بحمام‬
‫تجعله يشعر أنك ممتن له بما‬ ‫أطفالك !!‬
‫قدم لك ‪ ..‬وأن تعبه لم يذهب‬ ‫عندما تدعو أصحابك إلى‬
‫دى ‪..‬‬
‫س َ‬
‫ُ‬ ‫طعام ‪ ..‬أل ترى أن زوجتك –‬
‫دخلت بيت أحد أصدقائك – أو‬ ‫وربما أنت ‪ -‬تعتني بترتيب‬
‫دخلتي بيت إحدى صديقاتك –‬ ‫الطعام وتنويعه أكثر من‬
‫فرأيت أثاثا ً جميل ً ‪ ..‬فأثن على‬ ‫العادة ‪ ..‬بلى ‪ ..‬وكلما زادت‬
‫الثاث ‪ ..‬والذوق الرفيع ‪ ) ..‬لكن‬ ‫أهمية هؤلء الصحاب ‪..‬‬
‫انتبه ل تبالغ حتى ل يشعر أنه‬ ‫زادت العناية بالطعام ‪..‬‬
‫استهزاء ( ‪..‬‬ ‫وكم تكون سعادتنا غامرة‬
‫حضرت في مجلس عام ‪..‬‬ ‫عندما يثني أحد على لباسنا‬
‫فسمعت حمد يتكلم مع‬ ‫أو ديكورات بيوتنا ‪ ..‬أو لذة‬
‫الحاضرين بانطلق ‪ ..‬وقد أحيا‬ ‫طعامنا ‪..‬‬
‫المجلس ‪ ..‬وأسعد الحاضرين ‪..‬‬ ‫وقد قال ‪ " : e‬وليأت إلى‬
‫أثن عليه ‪ ..‬خذ بيده إذا قمتم ‪..‬‬ ‫الناس الذي يحب أن يأتوا‬
‫‪90‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كيف ؟‬ ‫قل له ‪ :‬ما شاء الله ‪ !!..‬ما‬
‫عريس ‪ ..‬رأيته بعد زواجه‬ ‫هذه القدرات !! بصراحة ما‬
‫بأسبوع ‪..‬‬ ‫مّلح المجلس إل حضورك ‪..‬‬
‫رجل حصل على شهادة عليا ‪..‬‬ ‫جرب افعل ذلك ‪ ..‬فسوف‬
‫شخص سكن بيتا ً جديدا ً ‪..‬‬ ‫يحبك ‪..‬‬
‫كلهم بل شك ينتظرون منك‬ ‫رأيت موقفا ً جميل ً لولد مع‬
‫كلمات ‪ ..‬كن كما يتوقعون ‪..‬‬ ‫ب إليه‬ ‫ده ‪ ..‬قّر َ‬ ‫أبيه ‪ ..‬قّبل ي َ‬
‫كان عبد المجيد ‪ -‬ابن عمي ‪-‬‬ ‫نعليه ‪ ..‬أثن على الولد ‪ ..‬كن‬
‫شابا ً في المرحلة الثانوية ‪ ..‬بعد‬ ‫لماحا ً ‪..‬‬
‫تخرجه طلب مني الذهاب معه‬ ‫لبس ثوبا ً جديدا ً ‪ ..‬أثن‬
‫للجامعة لتسجيله فيها ‪ ..‬اتصلت‬ ‫عليه ‪ ..‬كن لماحا ً ‪..‬‬
‫به ذات صباح ومررت على بيته‬ ‫زرت أختك ‪ ..‬رأيت عنايتها‬
‫بسيارتي ليرافقني للجامعة ‪..‬‬ ‫بأولدها ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬أثن‬
‫كانت المشاعر تتزاحم في‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫قلبه ‪ ..‬فهو ينتقل إلى مرحلة‬ ‫رأيت عناية صاحبك بأولده ‪..‬‬
‫جديدة ‪ ..‬ويفكر في الكلية التي‬ ‫أو روعة ترحيبه بضيوفه ‪..‬‬
‫ستقبله ‪..‬‬ ‫كن جريئا ً ‪ ..‬لماحا ً ‪ ..‬أثن‬
‫أول ما ركب سيارتي شممت‬ ‫عليه ‪ ..‬أخرج ما في صدرك‬
‫رائحة عطره ‪ ..‬كانت رائحة‬ ‫من العجاب به ‪..‬‬
‫نفاثة جدا ً ‪ ..‬ويبدو أنه قد أفرغ‬ ‫ركبت مع شخص في سيارته‬
‫العلبة كلها ذلك اليوم على‬ ‫‪ ..‬أو استأجرت تاكسي ‪..‬‬
‫ملبسه ‪..‬‬ ‫لحظت نظافة سيارته ‪..‬‬
‫بصراحة خنقني بالرائحة ‪..‬‬ ‫ً‬
‫ن قيادته ‪ ..‬كن لماحا ‪..‬‬ ‫حس َ‬‫ُ‬
‫فتحت النوافذ لتنفس ‪ ..‬شعرت‬ ‫أثن عليه ‪..‬‬
‫أن المسكين تكلف في تزويق‬ ‫قد تقول ‪ :‬هذه أمور‬
‫ثيابه ‪ ..‬وتطييبها ‪..‬‬ ‫عادية ‪ ..‬صحيح لكنها‬
‫ت إليه وابتسمت وقلت ‪:‬‬ ‫ثم التف ّ‬ ‫مؤثرة ‪..‬‬
‫ماااا شاااااء الله !!‪ ..‬إيش‬ ‫لقد جربت ذلك بنفسي ‪..‬‬
‫هالروائح الحلوة !! أخاف عميد‬ ‫ومارست هذه المهارة مع‬
‫الكلية أول ما يشم هالرائحة‬ ‫أعداد من الناس ‪ ..‬كبارا ً‬
‫الحلوة يصرخ بأعلى صوته يقول‬ ‫وصغارا ً ‪ ..‬وعمال ً بسطاء ‪..‬‬
‫‪ :‬مقبوووووول ‪..‬‬ ‫ومدرسين ‪ ..‬بل مارستها مع‬
‫ل تتصور مدى السرور الذي‬ ‫أشخاص يشغلون مناصب‬
‫غطى على قلبه ‪ ..‬والبشر الذي‬ ‫عليا ‪ ..‬ورأيت من تأثرهم‬
‫طفح على وجهه ‪..‬‬ ‫أعاجيب ‪..‬‬
‫ي ‪ ..‬وقال بحماس ‪:‬‬ ‫التفت إل ّ‬ ‫خاصة في الشياء التي‬
‫أشكرك يا أبا عبد الرحمن ‪..‬‬ ‫ينتظرها الناس منك ‪..‬‬
‫‪91‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عوف وبين سعد بن الربيع‬ ‫أشكرك ‪ ..‬والله إنه عطر‬
‫النصاري ‪..‬‬ ‫غااال ‪ ..‬وأضعه دائما ً‬
‫كانت نفوسهم سليمة ‪..‬‬ ‫والناس ما يلحظونه ‪ ..‬ثم‬
‫وقلوبهم صافية ‪..‬‬ ‫بدأ يشمه من طرف غترته‬
‫فقال سعد لعبد الرحمن ‪ :‬أي‬ ‫ويقول ‪ :‬بالله عليك ‪ :‬ذوقي‬
‫ي ‪ ..‬أنا أكثر أهل المدينة‬ ‫ُ‬
‫أخ ّ‬ ‫حلو ‪..‬؟!‬
‫مال ً ‪..‬‬ ‫آآآه ‪ ..‬مر على هذا الموقف‬
‫فأقسم مالي نصفين ‪ ..‬فخذ‬ ‫أكثر من عشر سنوات ‪..‬‬
‫نصفه وأبق لي نصفه ‪..‬‬ ‫فقد تخرج عبد المجيد من‬
‫ثم خشي سعد أن عبد الرحمن‬ ‫الجامعة وتعين في وظيفة‬
‫يريد أن يتزوج ‪ ..‬ول يجد‬ ‫منذ سنوات ‪ ..‬إل أن ذلك‬
‫زوجة ‪..‬‬ ‫الموقف ل يزال عالقا ً في‬
‫فعرض عليه أن يزوجه ‪..‬‬ ‫أذنه ‪ ..‬ربما ذكرني به مازحا ً‬
‫فقال عبد الرحمن ‪ :‬بارك الله‬ ‫في بعض اللقاءات ‪..‬‬
‫لك في أهلك ومالك ‪ ..‬دُّلني‬ ‫نعم ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬التحكم‬
‫على السوق ‪!!..‬‬ ‫بعواطف الناس وكسب‬
‫صحيح ‪ ..‬عبد الرحمن ترك ماله‬ ‫محبتهم سهل جدا ً ‪ ..‬لكننا‬
‫في مكة واستولى عليه‬ ‫في أحيان كثيرة نغفل عن‬
‫الكفار ‪..‬‬ ‫ممارسة مهارات عادية‬
‫لكنه كان ذا عقل راجح ‪ ..‬وخبرة‬ ‫نكسبهم بها ‪..‬‬
‫تجارية واسعة ‪..‬‬ ‫ول تعجب إن قلت إن صاحب‬
‫دله سعد على السوق ‪ ..‬فذهب‬ ‫الخلق العظيم ‪ ‬كان‬
‫فاشترى وباع فربح ‪..‬‬ ‫يمارس هذه المهارات ‪..‬‬
‫يعني اشترى بضاعة بالجل ثم‬ ‫وأحسن منها ‪..‬‬
‫باعها حالة ‪ ..‬فصار عنده رأس‬ ‫في أول سنين السلم ‪..‬‬
‫مال تاجر فيه ‪..‬‬ ‫لما ضيق على المسلمين‬
‫وكان يتقن فن البيع والشراء‬ ‫في دينهم بمكة ‪ ..‬هاجروا‬
‫والمماكسة ‪ ..‬حتى جمع مال ً‬ ‫إلى المدينة ‪..‬‬
‫فتزوج ‪..‬‬ ‫تركوا ديارهم وأموالهم ‪..‬‬
‫ثم جاء إلى النبي عليه الصلة‬ ‫قدم عبد الرحمن بن عوف‬
‫ع‬
‫والسلم ‪ ..‬وعليه ودْ ُ‬ ‫المدينة مهاجرا ً ‪ ..‬وكان في‬
‫زعفران ‪ ..‬أي أثر طيب‬ ‫مكة تاجرا ً ممكنا ً ‪ ..‬لكنه جاء‬
‫نساء ‪!!..‬‬ ‫المدينة فقيرا ً معدما ً ‪..‬‬
‫ليس غريبا ً فهو ) عريس ( ‪..‬‬ ‫كحل سريع للمشكلة ‪ ..‬آخى‬
‫النبي ‪ ‬طبيب النفوس ‪ ..‬كان‬ ‫النبي ‪ ‬بين المهاجرين‬
‫لماحا ً ‪ ..‬يترقب الفرص لصطياد‬ ‫والنصار ‪..‬‬
‫القلوب ‪ ..‬أول ما رآه ‪ ..‬انتبه‬ ‫آخى بين عبد الرحمن بن‬
‫‪92‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كان ‪ ‬يراها أحيانا ً ‪ ..‬فيعجب‬ ‫لهذا التغير ‪ ..‬وجعل ينظر‬
‫بحرصها ‪..‬‬ ‫إلى أثر الطيب ويقول لعبد‬
‫مرت أيام ‪ ..‬ففقدها رسول الله‬ ‫الرحمن ‪ " :‬مهيم ؟ " ‪ ..‬أي‬
‫‪ .. r‬فسأل عنها ؟‬ ‫ما الخبر ؟‬
‫فقالوا ‪ :‬ماتت يا رسول الله ‪..‬‬ ‫ابتهج عبد الرحمن ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫فقال ‪ :‬أفل كنتم آذنتموني ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬تزوجت‬
‫غروا أمرها ‪ ..‬وأنها مسكينة‬ ‫فص ّ‬ ‫امرأة من النصار ‪..‬‬
‫مغمورة ل تستحق أن يخبر عنها‬ ‫عجب النبي ‪ .. e‬كيف‬
‫رسول الله ‪ .. ‬وقالوا أيضا ً ‪:‬‬ ‫استطاع أن يتزوج وهو‬
‫ماتت بليل ‪ ..‬فكرهنا أن نوقظك‬ ‫حديث عهد بهجرة ‪!!..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقال ‪ " :‬فما أصدقتها ؟"‬
‫فحرص ‪ ‬على أن يصلي‬ ‫فقال ‪ :‬وزن نواة من‬
‫عليها ‪ ..‬فعملها وإن رآه الناس‬ ‫ذهب ‪..‬‬
‫صغيرا ً فهو عند الله كبير ‪..‬‬ ‫فأراد ‪ r‬أن يزيد من فرحته ‪..‬‬
‫ولكن كيف يصلي عليها وقد‬ ‫م ولو بشاة " ‪..‬‬ ‫فقال " أول ِ ْ‬
‫ماتت ودفنت ؟!‬ ‫ثم دعا له النبي ‪ .. e‬بالبركة‬
‫قال ‪ : r‬دلوني على قبرها ‪..‬‬ ‫في ماله وتجارته ‪..‬‬
‫فمشوا معه حتى أوقفوه على‬ ‫فحلت البركة عليه ‪..‬‬
‫قبرها ‪ ..‬دلوه فصلى عليها ‪..‬‬ ‫قال عبد الرحمن وهو يصف‬
‫ثم قال ‪ : ‬إن هذه القبور ‪..‬‬ ‫كسبه وتجارته ‪ :‬فلقد رأيتني‬
‫مملوءة ظلمة على أهلها ‪ ..‬وإن‬ ‫ولو رفعت حجرا ً لرجوت أن‬
‫الله عز وجل ينورها لهم‬ ‫أصيب ذهبا ً وفضة ‪..‬‬
‫بصلتي عليهم ‪..‬‬ ‫وكان ‪ e‬لماحا ً حتى مع‬
‫فبالله عليك ‪ ..‬ما هو شعور من‬ ‫الضعفاء والمساكين ‪..‬‬
‫رأوه ‪ ‬ينتبه إلى هذا العمل‬ ‫يشعرهم بقيمتهم ‪ ..‬يجعلهم‬
‫الصغير من امرأة ضعيفة ‪ ..‬كيف‬ ‫يحسون أنه منتبه لهم ‪..‬‬
‫سيكون حماسهم للقيام بمثل‬ ‫وأنهم مهمون عنده ‪ ..‬وأنه‬
‫فعلها وأعظم ‪..‬‬ ‫يقدر لهم أعمالهم التي‬
‫دعني أهمس في أذنك ‪:‬‬ ‫يقومون بها مهما كانت‬
‫نحن في مجتمع ل يقدر أحيانا ً‬ ‫متواضعة ‪..‬‬
‫مثل هذه المهارات ‪ ..‬فانتبه !!‬ ‫كرهم‬ ‫فإذا افتقدهم ‪ ..‬ذَ َ‬
‫سك فريق من‬ ‫ئ حما َ‬‫ل يطف ْ‬ ‫مح أعمالهم ‪..‬‬ ‫بالخير ‪ ..‬وتل ّ‬
‫الثقلء الغلظ الذين مهما لمحت‬ ‫فتشجع الخرون أن يفعلوا‬
‫ما عندهم من لطائف ‪ ..‬وأثنيت‬ ‫كفعلهم ‪..‬‬
‫عليهم بالكلمات الرقيقة‬ ‫كان في المدينة امرأة‬
‫الرنانة ‪ ..‬لم يتأثروا ‪ ..‬أو ردوا‬ ‫سوداء ‪ ..‬مؤمنة صالحة ‪..‬‬
‫على تلطفك بكلمات سامجة‬ ‫كانت تكنس المسجد ‪..‬‬
‫‪93‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫للثناء ‪..‬‬ ‫ممجوجة ‪ ..‬ل طعم لها ‪ ..‬بل‬
‫ًًً‬ ‫ول لون ول رائحة !!‬
‫مـاحا ً‬‫انتبه ‪ :‬كن ل ّ‬ ‫‪.28‬‬ ‫ومن لطائف هؤلء ‪..‬‬
‫للجمال فقط ‪..‬‬ ‫دعي إلى‬ ‫أن شابا ً – أعرفه – ُ‬
‫بعض الناس يتحمس كثيرا ً ل ْ‬
‫ن‬ ‫وليمة كبيرة ‪ ..‬فيها أشخاص‬
‫يكون لماحا ً ‪ ..‬فل يكاد يسكت‬ ‫مهمون ‪ ..‬مر على السوق‬
‫عن الملحظة والثناء ‪..‬‬ ‫في طريقه ‪ ..‬ودخل محل‬
‫لكنهم قالوا قديما ً ‪ :‬الشيء إذا‬ ‫عطور وأظهر أنه سيشتري‬
‫زاد عن حده ‪ ..‬انقلب إلى‬ ‫فجعل الموظف يحتفي به ‪..‬‬
‫ضده ‪..‬‬ ‫ويرش عليه من أنواع‬
‫ومن تعجل الشيء قبل أوانه ‪..‬‬ ‫العطور ما غل ثمنه وزكا‬
‫عوقب بحرمانه ‪..‬‬ ‫ريحه ‪ ..‬ليختار من بينها ما‬
‫فكن لماحا ً للشياء الجميلة‬ ‫يناسبه ‪..‬‬
‫الرائعة ‪ ..‬التي يفرح الشخص‬ ‫فلما امتلت ثياب صاحبنا‬
‫برؤية الناس لها ‪ ..‬وينتظر‬ ‫طيبا ً ‪ ..‬قال للبائع بلطف ‪:‬‬
‫ثناءهم عليها ‪ ..‬ويطرب لسماع‬ ‫أشكرك ‪ ..‬وإن أعجبني شيء‬
‫ألفاظ العجاب بها ‪..‬‬ ‫منها فقد أعود إليك ‪..‬‬
‫أما الشياء التي يستحي من‬ ‫ذهب سريعا ً إلى الوليمة‬
‫رؤيتها ‪ ..‬أو يخجل من ملحظتها‬ ‫متداركا ً رائحة العطر قبل أن‬
‫فحاول أن تتعامى عنها ‪..‬‬ ‫تزول ‪..‬‬
‫مثل ً ‪:‬‬ ‫جلس على العشاء بجانب‬
‫دخلت بيت صاحبك فرأيت‬ ‫صديقه خالد ‪ ..‬لم يلحظ‬
‫الكراسي قديمة ‪..‬‬ ‫خالد الرائحة ‪ ..‬ولم يعلق‬
‫فانتبه من أن تكون من الثقلء‬ ‫بكلمة ‪..‬‬
‫الذي ل يكفون عن تقديم‬ ‫فقال له صاحبنا باستغراب ‪:‬‬
‫اقتراحات لم تطلب منهم ‪..‬‬ ‫ما تشم رائحة عطر‬
‫انتبه من أن يفرط لسانك‬ ‫جميلة ؟!‬
‫بقول ‪ :‬لماذا ما تغير‬ ‫قال خالد ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫الكراسي ؟!‬ ‫فقال صحبنا ‪ :‬أكيد أنفك‬
‫الثريات نصفها ما يشتغل ‪!!..‬‬ ‫مسدود ‪!!..‬‬
‫لماذا ل تشتري ثريات جديدة !!‬ ‫فأجاب خالد فورا ً ‪ .. :‬لو كان‬
‫دهان الجدار قديييييم ‪ ..‬لماذا ما‬ ‫أنفي مسدودا ً ‪ ..‬ما شممت‬
‫تدهنه بألوان جديدة !!‬ ‫رائحة عرقك ‪!!..‬‬
‫يا أخي هو لم يطلب منك‬
‫اقتراحات ‪ ..‬ولست مهندس‬ ‫اعتراف ‪..‬‬
‫ديكور اتفق معك على أن‬ ‫مهما بلغ الشخص من النجاح‬
‫يستفيد من آرائك ‪ ..‬ابق‬ ‫‪ ..‬إل أنه يبقى بشرا ً يطرب‬
‫‪94‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عك الله بما‬ ‫الحزين وقال ‪ :‬لو قن ّ َ‬ ‫ساكتا ً ‪..‬‬
‫آتاك ‪ ..‬لما كانت مطهرتي‬ ‫لعله ل يستطيع تغييرها ‪..‬‬
‫مرهونة !!‬ ‫لعله يمر بضائقة مالية ‪..‬‬
‫وكذلك لو زرت مريضا ً فل تردد‬ ‫لعله ‪..‬‬
‫عليه ‪:‬‬ ‫ليس أثقل على الناس ممن‬
‫أووووه ‪ ..‬وجهك أصفر ‪ ..‬عيناك‬ ‫يحرجهم بالنظر إلى ما‬
‫زائغتان ‪ ..‬جلدك يابس ‪..‬‬ ‫يستحون منه ‪ ..‬ثم يثيره‬
‫عجبا ً !! هل أنت طبيبه ؟ قل‬ ‫ويبدأ في التعليق عليه ‪..‬‬
‫خيرا ً أو اصمت ‪..‬‬ ‫ومثل ذلك ‪ ..‬لو كان ثوبه‬
‫ذكروا أن رجل ً زار مريضا ً ‪..‬‬ ‫قديما ً ‪ ..‬أو مكيف سيارته‬
‫فجلس عنده قليل ً ‪ ..‬ثم سأله‬ ‫متعطل ‪ ..‬قل خيرا ً أو‬
‫عن علته ‪ ..‬فأخبره المريض‬ ‫اصمت ‪..‬‬
‫بها ‪ ..‬وكانت علة خطيرة ‪..‬‬ ‫ذكروا أن رجل ً زار صاحبا ً له‬
‫فصرخ الزائر ‪:‬‬ ‫فوضع له خبزا ً وزيتا ً ‪..‬‬
‫آآآآ ‪ ..‬هذه العلة أصابت فلنا ً‬ ‫فقال الضيف ‪ :‬لو كان مع‬
‫صاحبي فمات منها ‪ ..‬وأصابت‬ ‫هذا الخبز زعتر !!‬
‫فلنا ً صديق أخي ول يزال مقعدا ً‬ ‫فدخل صاحب الدار وطلب‬
‫منها أشهرا ً ثم مات ‪ ..‬وأصابت‬ ‫من أهله زعترا ً للضيف فلم‬
‫فلنا ً جار زوج أختي ومات ‪..‬‬ ‫يجد ‪..‬‬
‫والمريض يستمع إليه ويكاد أن‬ ‫فخرج ليشتري ولم يكن معه‬
‫ينفجر ‪..‬‬ ‫مال ‪ !..‬فأبى صاحب الدكان‬
‫فلما أنهى الزائر كلمه وأراد‬ ‫أن يبيعه بالجل ‪ ..‬فرجع‬
‫الخروج التفت إلى المريض‬ ‫وأخذ وأخذ مطهرته ) وهي‬
‫وقال ‪ :‬هاه ‪ ..‬توصيني بشيء ؟‬ ‫الناء الذي يضع فيه الماء‬
‫قال المريض ‪ :‬نعم ‪ ..‬إذا خرجت‬ ‫ليتوضأ منه ( فخرج بها‬
‫فل ترجع إلي ّ ‪ ..‬وإذا زرت‬ ‫ودفعها إلى صاحب الدكان –‬
‫مريضا ً فل تذكر عنده الموتى ‪..‬‬ ‫رهنا ً – حتى إذا لم يسدد له‬
‫وذكروا كذلك أن امرأة عجوزا ً‬ ‫قيمة الزعتر يبيع صاحب‬
‫مرضت عجوز صديقة لها ‪..‬‬ ‫الدكان المطهرة ويستوفي‬
‫فجعلت هذه العجوز تلتمس من‬ ‫الثمن لنفسه ‪..‬‬
‫واحدا ً أن يذهبوا‬ ‫أبنائها واحدا ً َ‬ ‫ثم أخذ الزعتر ورجع به إلى‬
‫بها لتلك المريضة لزيارتها وهم‬ ‫ضيفه ‪ ..‬فأكل ‪..‬‬
‫يتعللون ويعتذرون ‪..‬‬ ‫فلما انتهى الضيف من‬
‫حتى رضي أحد أبنائها على‬ ‫الطعام قال ‪ :‬الحمد لله‬
‫مضض ‪ ..‬وذهب بها بسيارته ‪..‬‬ ‫الذي أطعمنا وسقانا ‪..‬‬
‫فلما وصل بيت العجوز المريضة‬ ‫وقنعنا بما آتانا ‪..‬‬
‫نزلت أمه وجعل ينتظرها في‬ ‫وه‬
‫وه صاحب الدار تأ ّ‬ ‫فتأ ّ‬
‫‪95‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بكم اشتريتها ‪..‬‬ ‫سيارته ‪..‬‬
‫فتقول ‪ :‬جاءتني هديه ‪..‬‬ ‫دخلت الم على المريضة‬
‫فيقول ‪ :‬هدية !! ممن ؟‬ ‫كن منها‬‫فإذا هي قد تم ّ‬
‫فتجيب ‪ :‬من أحد الصدقاء ‪..‬‬ ‫المرض ‪ ..‬فسلمت عليها‬
‫فيقول ‪ :‬صديقك في الجامعة ‪..‬‬ ‫ودعت لها ‪..‬‬
‫أم في الحارة ‪ ..‬أم أين ؟!‬ ‫فلما مشت خارجة مرت‬
‫فتقول ‪ :‬والله ‪ ..‬آآآ ‪ ..‬صديقي‬ ‫ببنات المريضة وهن يبكين‬
‫في الجامعة ‪..‬‬ ‫في صالة البيت ‪..‬‬
‫فيقول ‪ :‬طيب ‪ ..‬ما المناسبة ؟!‬ ‫فقالت بكل براءة ‪ :‬أنا ل‬
‫فتقول ‪ :‬يعني ‪ ..‬مناسبة أيام‬ ‫يتيسر لي المجيء أليكن‬
‫الجامعة ‪..‬‬ ‫كلما أردت ‪ ..‬وأمكم مريضة‬
‫فيقول ‪ :‬مناسبة إيش ؟!!‬ ‫ويبدو لي أنها ستموت ‪..‬‬
‫نجاح ‪ ..‬أم كنتم في رحلة ‪ ..‬أو‬ ‫فأحسن الله عزاءكم من‬
‫يمكن ‪ ..‬أأ ‪..‬‬ ‫الن ‪!!..‬‬
‫ويستمر في استجوابه لك على‬ ‫فانتبه يا لبيب ‪ ..‬كن لماحا ً‬
‫قضية تافهة ‪!!..‬‬ ‫لما يفرح ويسر ‪ ..‬ل لما‬
‫بالله عليك أل تحدثك نفسك أن‬ ‫يحزن ‪..‬‬
‫تصرخ به ‪ :‬لاااا تتدخل فيما ل‬
‫يعنيك ‪..‬‬ ‫مشكلة ‪:‬‬
‫ً‬
‫وقد يزداد المر سوءا لو أحرجك‬ ‫إذا اضطررت للمح سيء ‪..‬‬
‫بالسؤال في مجلس عام فسبب‬ ‫كوسخ ثوبه ‪ ..‬أو رائحة سيئة‬
‫لك إحراجا ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فأحسن التنبيه ‪ ..‬كن‬
‫أذكر أني كنت في مجلس مع‬ ‫لطيفا ً ذكيا ً ‪..‬‬
‫عدد من الزملء ‪ ..‬بعد المغرب ‪..‬‬
‫رن هاتف أحدهم ‪ ..‬كان جالسا ً‬ ‫ل تتدخل فيما ل‬ ‫‪.29‬‬
‫بجانبي ‪..‬‬ ‫يعنيك ‪..‬‬
‫أجاب ‪ :‬نعم ؟‬ ‫من حسن إسلم المرء تركه‬
‫زوجته ‪ :‬ألو ‪ ..‬وينك يا حمار ؟!‬ ‫ما ل يعنيه ‪..‬‬
‫كان صوتها عاليا ً لدرجة أني‬ ‫ما أجمل هذه العبارة وأنت‬
‫سمعت حوارهما ‪..‬‬ ‫تسمعها من الفم الزكي‬
‫قال ‪ :‬بخير ‪ ..‬الله يسلمك‬ ‫الطاهر ‪ ..‬فم رسول الله‬
‫) !!! ( ‪..‬‬ ‫‪.. r‬‬
‫) يبدو أنه كان قد وعدها أن‬ ‫صحيح ‪ ..‬تركه ما ل يعنيه ‪..‬‬
‫يذهب بها بعد المغرب لبيت‬ ‫كم هم ثقلء أولئك الذين‬
‫أهلها وانشغل بنا ( ‪..‬‬ ‫يزعجونك بالتدخل فيما ل‬
‫غضبت الزوجة ‪ :‬الله ل‬ ‫يعنيهم ‪..‬‬
‫يسلمك ‪ ..‬أنت مبسوط أنك مع‬ ‫يشغلك إذا رأى ساعتك ‪..‬‬
‫‪96‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المريض عن مرضه ؟ إنما أعني‬ ‫أصحابك وأنا أنتظر ‪ ..‬والله‬
‫عدم التدقيق في السئلة ‪..‬‬ ‫انك ثور ) !! ( ‪..‬‬
‫ومثله ‪ ..‬الذي ينادي طالبا ً أمام‬ ‫قال ‪ :‬الله يرضى عليك ‪..‬‬
‫الناس في مجلس عام ‪..‬‬ ‫أمّرك بعد العشاء ‪..‬‬
‫ل‪:‬‬‫ويسأله بصوت عا ٍ‬ ‫ت أن كلمه ل يتوافق‬ ‫لحظ ُ‬
‫هاه يا أحمد ‪ ..‬نجحت ‪..‬‬ ‫مع كلمها ‪ ..‬فأدركت أنه‬
‫فيقول ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫يفعل ذلك لكيل يحرج‬
‫فيسأله ‪ :‬كم نسبتك ؟ كم‬ ‫نفسه ‪..‬‬
‫ترتيبك في الفصل ؟‬ ‫انتهت مكالمته ‪ ..‬جعلت‬
‫إن كنت صادقا ً في اهتمامك به‬ ‫ألتفت إلى الحاضرين‬
‫فاسأله على انفراد بينك‬ ‫وأتخيل أن واحدا ً منهم سأله‬
‫وبينه ‪..‬‬ ‫‪:‬‬
‫ثم ل داعي للتدقيق ‪ ..‬كم‬ ‫من كلمك ؟ وماذا يريد‬
‫نسبتك ‪ ..‬لماذا لم تذاكر ‪ ..‬لماذا‬ ‫منك ؟ ولماذا تغير وجهك‬
‫لم تقبل في الجامعة ‪ ..‬إن كنت‬ ‫بعد المكالمة ‪..‬؟!!‬
‫مستعدا ً لعانته فقف معه جانبا ً‬ ‫مه لن أحدا ً لم‬ ‫ح َ‬
‫لكن الله ر ِ‬
‫وحدثه بما تريد ‪ ..‬أما نشر‬ ‫يتدخل فيما ل يعنيه ‪..‬‬
‫غسيله أمام الناس ‪ ..‬فل ‪..‬‬ ‫ومثله لو زرت مريضا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ : e‬من حسن إسلم المرء‬ ‫فسألته عن مرضه ‪ ..‬فأجابك‬
‫تركه ما ل يعنيه ‪..‬‬ ‫بكلمات عامة ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬
‫لكن انتبه !! ل تعط الموضوع‬ ‫شيء بسيط ‪ ..‬مرض صغير‬
‫أكبر من حجمه ‪..‬‬ ‫وانتهى ‪ ..‬أو نحرها من‬
‫سافرت إلى المدينة النبوية قبل‬ ‫العبارات التي ل تحمل جوابا ً‬
‫مدة ‪ ..‬كنت مشغول ً بعدد من‬ ‫صريحا ً ‪ ..‬فل تحرجه‬
‫المحاضرات ‪..‬‬ ‫بالتدقيق عليه ‪ :‬عفوا ً ‪..‬‬
‫فاتفقت مع شاب فاضل أن‬ ‫يعني ما هو المرض‬
‫يأخذ ولدي عبد الرحمن وأخاه‬ ‫بالضبط ؟ وضح أكثر ‪!!..‬‬
‫بعد العصر إلى حلقة تحفيظ أو‬ ‫ماذا تعني ‪ !!..‬ونحو ذلك ‪..‬‬
‫مركز صيفي ترفيهي ‪..‬‬ ‫عجبا ً !! ما الداعي‬
‫ويعيدهم بعد العشاء ‪..‬‬ ‫لحراجه ‪..‬؟ من حسن إسلم‬
‫كان عبد الرحمن في العاشرة‬ ‫المرء تركه ما يعنيه ‪..‬‬
‫من عمره ‪ ..‬خشيت أن يسأله‬ ‫يعني ‪ ..‬تنتظر أن يقول لك ‪:‬‬
‫ذلك الشاب من باب الفضول‬ ‫أنا مريض بالبواسير ‪ ..‬أو‬
‫أسئلة ل داعي لها ‪ ..‬ما اسم‬ ‫مصاب بجرح في ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫أمك ؟ أين بيتكم ؟ كم عدد‬ ‫ما دام أنه أجاب إجابة عامة‬
‫إخوانك ؟ كم يعطيك أبوك من‬ ‫فل داعي للتطويل معه ‪..‬‬
‫المال ؟‬ ‫ول أعني بهذا عدم سؤال‬
‫‪97‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من التدخل في شئون‬ ‫فنبهت عبد الرحمن قائل ً ‪:‬‬
‫الخرين ‪ ..‬متعبة في البداية ‪..‬‬ ‫إذا سألك سؤال ً غير‬
‫لكنها مريحة في النهاية ‪..‬‬ ‫مناسب ‪ ..‬فقل له ‪ :‬قال ‪: e‬‬
‫من حسن إسلم المرء تركه‬
‫‪ .30‬كيف تتعامل مع "الملقيف‬ ‫ما ل يعنيه ‪ ..‬وكررت عليه‬
‫" )‪ (33‬؟‬ ‫الحديث حتى حفظه ‪..‬‬
‫أحيانا ً يتناول بعض الناس هاتفك‬ ‫ركب عبد الرحمن وأخوه ‪..‬‬
‫الجوال ‪ -‬بدون استئذان ‪ -‬ويقرأ‬ ‫مع الشاب ‪ ..‬كان عبد‬
‫الرسائل التي فيه ‪..‬‬ ‫الرحمن مشدودا ً متهيبا ‪..‬‬
‫ً‬
‫كان صاحبي في دعوة عامة ‪..‬‬ ‫قال الشباب متلطفا ً ‪ :‬حياك‬
‫وليمة عشاء عند أحد القضاة ‪..‬‬ ‫الله يا عبد الرحمن ‪..‬‬
‫كل من في المجلس مشايخ‬ ‫فأجابه بحزم ‪ :‬الله يحييك ‪..‬‬
‫فضلء ‪..‬‬ ‫أراد الشاب المسكين أن‬
‫جلس صاحبي بينهم ‪ ..‬يتجاذب‬ ‫طف الجو ‪ ..‬فقال ‪ :‬الشيخ‬ ‫يل ّ‬
‫أطراف الحديث معهم ‪..‬‬ ‫عنده محاضرة اليوم ؟!‬
‫ضايقه وجود هاتفه الجوال في‬ ‫حاول الولد أن يتذكر الحديث‬
‫جيبه فأخرجه ووضعه على‬ ‫فلم تسعفه ذاكرته ‪ ..‬فصرخ‬
‫الطاولة التي بجانبه ‪..‬‬ ‫قائل ً ‪ :‬ل تتدخل فيما ل‬
‫كان الشيخ الذي بجانبه متفاعل ً‬ ‫يعنيك !!‬
‫في الحديث معه ‪..‬‬ ‫قال الشاب ‪ :‬ل ‪ ..‬أقصد ‪..‬‬
‫من باب العادة أخذ الشيخ‬ ‫بل حتى أحضر وأستفيد ‪..‬‬
‫الهاتف الجوال ‪ ..‬رفع إليه ‪..‬‬ ‫فظن عبد الرحمن أنه‬
‫فلما نظر إلى الشاشة تغير‬ ‫يتذاكى عليه ‪ :‬فأعاد‬
‫وجهه ‪ ..‬وأرجعه مكانه ‪..‬‬ ‫الجواب ‪ :‬ل تتدخل فيما ل‬
‫كتم صاحبي ضحكة مدوية ‪..‬‬ ‫يعنيك ‪..‬‬
‫لما خرج ركبت معه في‬ ‫قال الشاب ‪ :‬عفوا ً عبد‬
‫سيارته ‪ ..‬وقد وضع هاتفه‬ ‫الرحمن أعني ‪..‬‬
‫ي‪-‬‬‫الجوال بجانبه ‪ ..‬فرفعته إل ّ‬ ‫فصرخ عبد الرحمن ‪ :‬لاااا‬
‫كما فعل الشيخ – فلما نظرت‬ ‫تتدخل فيما ل يعنيك !!‬
‫إلى الشاشة ضحكت ‪ ..‬بل‬ ‫ولم يزل هذا حالهما حتى‬
‫غرقت في الضحك ‪..‬‬ ‫رجعا !!‬
‫تدري لماذا ؟‬ ‫أخبرني عبد الرحمن بالقصة‬
‫جرت عادة بعضهم أن يكتب‬ ‫مفتخرا ً ‪ ..‬فضحكت وفهمته‬
‫عبارات على شاشة الهاتف ‪..‬‬ ‫المر مرة أخرى ‪..‬‬
‫‪ ( ) 33‬ملقيممف ‪ :‬لفظممة عاميممة ‪ ،‬جمممع "‬
‫ملقمموف " وهممو المتممدخل فيممما ل يعنيممه ‪..‬‬
‫ورشة عمل ‪..‬‬
‫حشري " متطفل ‪..‬‬ ‫ويسميه بعضهم " ٍ‬
‫مجاهدة النفس على التحرر‬
‫‪98‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فلو سألك مثل ً ‪ :‬كم مرتبك‬ ‫يكتب اسمه ‪ ..‬أو "اذكر الله"‬
‫الشهري ؟‬ ‫‪ ..‬أو غيرها ‪..‬‬
‫قل له بلطف وتبسم ‪ :‬لماذا هل‬ ‫أما صاحبي فقد كتب ‪" :‬‬
‫وجدت لي وظيفة مغرية ‪..‬‬ ‫أرجع الجهاز يا ملقوف " ‪..‬‬
‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬لكن أريد أن‬ ‫كثير من الناس من هذا‬
‫أعرف ‪..‬‬ ‫النوع يتدخلون في أمور‬
‫قل ‪ :‬المرتبات هذه اليام‬ ‫الخرين الشخصية ‪..‬‬
‫مشاكل ‪ ..‬ويبدو أن ذلك بسبب‬ ‫فمن الطبيعي أن يركب‬
‫ارتفاع أسعار البترول !!‬ ‫معك في سيارتك ثم يفتح‬
‫سيقول ‪ :‬ما دخل البترول ‪..‬‬ ‫الدرج الذي أمامه ‪ ..‬وينظر‬
‫فقل ‪ :‬البترول هو الذي يتحكم‬ ‫ما بداخله ‪!!..‬‬
‫فغي السعار ‪ ..‬أل تلحظ أن‬ ‫وامرأة تفتح حقيبة امرأة‬
‫الحروب تقوم لجله ‪..‬‬ ‫أخرى لتأخذ أحمر الشفاه أو‬
‫ً‬
‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬ليس صحيحا ‪..‬‬ ‫ظل العينين ‪..‬‬
‫فالحروب لها أسباب أخرى ‪..‬‬ ‫وقد يتصل بك فيسألك أين‬
‫والهالمم اليوم مليء‬ ‫أنت فتقول " طالع مشوار "‬
‫بالحروب ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫فيقول ‪ :‬أين ‪..‬؟ من معك ؟‬
‫وينسى سؤاله الول ‪..‬‬ ‫مجموعة من الناس‬
‫) هاه ‪ ..‬ما رأيك ألم تخرج من‬ ‫نخالطهم يعاملوننا بمثل هذا‬
‫الموقف بذكاء ؟ ( ‪..‬‬ ‫السلوب ‪..‬‬
‫وكذلك لو سألك عن وظيفتك ‪..‬‬ ‫فكيف نتعامل معهم ؟‬
‫أو أين ستسافر ‪..‬‬ ‫أهم شيء أن ل تفقده ‪..‬‬
‫اسأله ‪ :‬لماذا ‪ ..‬هل ستسافر‬ ‫حاول أن تتجنب المصادمة‬
‫معي ‪..‬‬ ‫معه ‪..‬‬
‫سيقول ‪ :‬ل أدري!! أول شيء‬ ‫حاول أن ل ) يزعل ( منك‬
‫أخبرني ‪..‬‬ ‫أحد ‪..‬‬
‫قل ‪ :‬لكن إن سافرت معي ‪..‬‬ ‫كن ذكيا ً في الخروج من‬
‫فالتذاكر عليك ‪..‬‬ ‫الموقف ‪ ..‬دون أن يحدث‬
‫عندها سيدخل في موضوع‬ ‫بينك وبينه مشكلة ‪..‬‬
‫التذاكر وينسى الموضوع‬ ‫ل تتساهل بكسب العداء أو‬
‫الصلي ‪..‬‬ ‫فقدان الصدقاء ‪ ..‬مهما‬
‫وهكذا ‪ ..‬نستطيع الخروج من‬ ‫كانت السباب ‪..‬‬
‫مثل هذه المواقف من غير‬ ‫ومن أحسن الساليب‬
‫وقوع مشاكل بيننا وبين‬ ‫للتعامل مع الطفيليين ‪ ..‬هو‬
‫ألخرين ‪..‬‬ ‫إجابة السؤال بسؤال ‪ ..‬أو‬
‫النتقال إلى موضوع آخر‬
‫وقفة ‪..‬‬ ‫تماما ً لينسى سؤاله الول ‪..‬‬
‫‪99‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫إذا ابتليت بمتدخل فيما ل‬
‫بعض الناس يزعجك بكثرة‬ ‫يعنيه ‪ ..‬فكن خيرا ً منه ‪..‬‬
‫انتقاده ‪ ..‬ول يكاد أن يعجبه‬ ‫أحسن الخروج من الموقف‬
‫شيء ‪..‬‬ ‫من غير أن تجرحه ‪..‬‬
‫فل يرى في الطعام اللذيذ إل‬
‫الشعرة التي سقطت فيه سهوا ً‬ ‫ل تنتقد !!‬ ‫‪.31‬‬
‫‪..‬‬ ‫ركب سيارة صاحبه ‪ ..‬فكانت‬
‫ول في الثوب النظيف إل نقطة‬ ‫أول كلمة قالها ‪ :‬ياااه !! ما‬
‫الحبر التي سالت عليه خطئا ً ‪..‬‬ ‫أقدم سيارتك !!‬
‫ول في الكتاب المفيد إل خطئا ً‬ ‫ولما دخل بيته ‪ ..‬رأى الثاث‬
‫مطبعيا ً وقع سهوا ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أووووه ‪ ..‬ما غيرت‬
‫فل يكاد يسلم أحد من انتقاده ‪..‬‬ ‫أثاثك ؟!‬
‫دائم الملحظات ‪ ..‬يدقق على‬ ‫ولما رأى أولده ‪ ..‬قال ‪ :‬ما‬
‫الكبيرة والصغيرة ‪..‬‬ ‫شاء الله ‪ ..‬حلوين ‪ ..‬لكن‬
‫أعرف أحد الناس ‪ ..‬زاملته‬ ‫لماذا ما تلبسهم ملبس‬
‫طويل ً في أيام الثانوية والجامعة‬ ‫أحسن من هذه !!‬
‫‪ ..‬ول تزال علقتنا مستمرة ‪..‬‬ ‫دمت له زوجته طعامه‬ ‫ولما ق ّ‬
‫إل أني ل ذكر أنه أثنى على‬ ‫‪ ..‬وقد وقفت المسكينة في‬
‫شيء ‪..‬‬ ‫المطبخ ساعات ‪ ..‬رأى‬
‫أسأله عن كتاب ألفته وقد أثنى‬ ‫أنواعه فقال ‪ :‬ياااا الله ‪..‬‬
‫عليه أناس كثيرا ً وطبع منه‬ ‫لماذا ما طبختي رّز ؟‬
‫مئات اللف فيقول ببرود ‪:‬‬ ‫أوووه ‪ ..‬الملح قليل ! لم‬
‫والله جيد ‪ ..‬ولكن فيه قصة غير‬ ‫أكن أشتهي هذا النوع !!‬
‫مناسبة ‪ ..‬وحجم الخط ما‬ ‫دخل محل ً لبيع الفاكهة ‪..‬‬
‫أعجبني ‪ ..‬ونوعية الطباعة أيضا ً‬ ‫فإذا المحل مليء بأصناف‬
‫سيئة ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫الفواكه ‪..‬‬
‫ً‬
‫وأسأله يوما عن أداء فلن في‬ ‫فقال ‪ :‬عندك مانجو ؟‬
‫خطبته ‪ ..‬فل يكاد يذكر جانبا ً‬ ‫قال صاحب المحل ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫مشرقا ً ‪..‬‬ ‫هذه في الصيف فقط ‪..‬‬
‫حتى صار أثقل علي من‬ ‫فقال ‪ :‬عندك بطيخ ؟ قال ‪:‬‬
‫الجبل ‪ ..‬وصرت ل أسأله أبدا ً‬ ‫ل ‪..‬‬
‫عن رأيه في شيء لني أعرفه‬ ‫فتغير وجهه وقال ‪ :‬ما عندك‬
‫سلفا ً ‪..‬‬ ‫شيء ‪ ..‬ليش فاتح المحل !‬
‫قل مثل ذلك فيمن يفترض‬ ‫وخرج ‪..‬‬
‫المثالية في جميع الناس ‪..‬‬ ‫ونسي أن في المحل أكثر‬
‫فيريد من زوجته أن يكون بيتها‬ ‫من أربعين نوعا ً من الفواكه‬
‫نظيفا ً ‪24‬ساعة ‪.. %100‬‬ ‫‪..‬‬
‫‪100‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تركه ‪ .. (34) ..‬نعم ما كان يصنع‬ ‫ويريدها أيضا ً أن يبقى‬
‫مشكلة من كل شيء ‪..‬‬ ‫أطفالها نظيفين متزينين‬
‫وقال أنس ‪ : t‬والله لقد خدمت‬ ‫على مدى اليوم ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ r‬تسع سنين ‪ ..‬ما‬ ‫وإن زاره ضيوف افترض أن‬
‫علمته قال لشيء صنعته ‪ :‬لم‬ ‫تطبخ أحسن الطعام ‪..‬‬
‫ي‬‫فعلت كذا وكذا ؟ ول عاب عل ّ‬ ‫وإن جالسها افترض أن‬
‫شيئا ً قط ‪ ..‬ووالله ما قال لي‬ ‫تحدثه بأجمل الحاديث ‪..‬‬
‫ف قط ‪..‬‬ ‫أ ّ‬ ‫وكذلك هو مع أولده ‪..‬‬
‫هكذا كان ‪ ..‬وهكذا ينبغي أن‬ ‫يريدهم ‪ %100‬في كل شيء‬
‫نكون ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وأنا بذلك ل أدعو إلى ترك‬ ‫ومع زملئه ‪ ..‬ومع كل من‬
‫النصيحة أو السكوت عن‬ ‫يخالطه في الشارع والسوق‬
‫الخطاء ‪ ..‬ولكن ل تكن مدققا ً‬ ‫‪ ..‬و ‪..‬‬
‫في كل شيء ‪ ..‬خاصة في‬ ‫صر أحد من هؤلء أكله‬ ‫وإن ق ّ‬
‫المور الدنيوية ‪ ..‬تعود أن‬ ‫بلسانه وأكثر عليه النتقاد‬
‫شي المور ‪..‬‬ ‫تم ّ‬ ‫وكرر الملحظات ‪ ..‬حتى‬
‫لو طرق بابك ضيف فرحبت به‬ ‫يمل الناس منه ‪ ..‬لنه ل‬
‫وأدخلته غرفة الضيوف فلما‬ ‫يرى في الصفحة البيضاء إل‬
‫أحضرت الشاي تناول الفنجان ‪..‬‬ ‫السودَ ‪..‬‬
‫فلما نظر إلى الشاي بداخله‬ ‫من كان هذا حاله عذب‬
‫م لم تمل الفنجان ؟‬ ‫قال ‪ :‬لـ َ‬ ‫نفسه في الحقيقة ‪ ..‬وكرهه‬
‫فقلت ‪ :‬أزيدك ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪..‬‬ ‫أقرب الناس إليه واستثقلوا‬
‫يكفي ‪..‬‬ ‫مجالسته ‪..‬‬
‫فطلب ماء فأحضرت له كأس‬ ‫إذا أنت لم تشرب مرارا ً على‬
‫ماء فشكرك وشربه ‪ ..‬فلما‬ ‫القذا‬
‫انتهى قال ‪ :‬ماؤكم حار ‪..‬‬ ‫ظمئت ‪,‬‬
‫ثم التفت إلى المكيف وقال ‪:‬‬ ‫وأي الناس تصفو مشاربه؟!‬
‫مكيفكم ل يبّرد !! وجعل يشتكى‬ ‫إذا كـنت فـــي كــل‬
‫الحر ‪ ..‬ثم ‪..‬‬ ‫المور معاتبا ً‬
‫أل تشعر بثقل هذا النسان ‪..‬‬ ‫رفـيقك لـن‬
‫وتتمنى لو يخرج من بيتك ول‬ ‫تلـق الـذي ستعاتبه‬
‫يعود ‪..‬‬ ‫قالت أمنا عائشة ‪ t‬وهي‬
‫إذن الناس يكرهون النتقاد ‪..‬‬ ‫تصف حال تعامله ‪ ‬معهم ‪:‬‬
‫لكن إن احتجت إليه فغلفه‬ ‫ما عاب رسول الله ‪ r‬طعاما ً‬
‫بغلف جميل ثم قدمه‬ ‫قط ‪ ..‬إن اشتهاه أكله وإل‬
‫للخرين ‪..‬‬
‫) (‬ ‫‪34‬‬

‫‪101‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مبهما ً ‪ ،‬لم يقل ما بال فلن‬ ‫قدمه في صورة اقتراح ‪ ..‬أو‬
‫وفلن ( ‪..‬‬ ‫بأسلوب غير مباشر ‪ ..‬أو‬
‫ما بال أقوام قالوا ‪ :‬كذا وكذا ‪..‬‬ ‫بألفاظ عامة ‪..‬‬
‫لكني أصلي وأنام ‪ ..‬وأصوم‬ ‫كان رسول الله ‪ e‬إذا لحظ‬
‫وأفطر ‪ ..‬وأتزوج النساء ‪..‬‬ ‫خطئا ً على أحد لم يواجهه به‬
‫فمن رغب عن سنتي فليس‬ ‫وإنما يقول ‪ :‬ما بال أقوام‬
‫مني )‪. (35‬‬ ‫يفعلون كذا وكذا ‪..‬‬
‫وفي يوم آخر ‪ ..‬لحظ النبي ‪r‬‬ ‫ك أعني واسمعي‬ ‫يعني ‪ :‬إيا ِ‬
‫أن رجال ً من المصلين معه ‪..‬‬ ‫يا جارة ‪..‬‬
‫يرفعون أبصارهم إلى السماء‬ ‫في يوم من الدهر أقبل‬
‫في أثناء صلتهم ‪..‬‬ ‫ثلثة شباب متحمسين ‪ ..‬إلى‬
‫وهذا خطأ فالصل أن ينظر‬ ‫المدينة النبوية ‪..‬‬
‫أحدهم إلى موضع سجوده ‪..‬‬ ‫كانوا يريدون معرفة كيفية‬
‫فقال ‪ : r‬ما بال أقوام يرفعون‬ ‫عبادة النبي ‪ ‬وصلته ‪..‬‬
‫أبصارهم إلى السماء في‬ ‫سألوا أزواج النبي ‪ r‬عن‬
‫صلتهم ‪..‬‬ ‫عمله في السر ‪..‬‬
‫فلم ينتهوا عن ذلك واستمروا‬ ‫فأخبرتهم زوجات النبي ‪r‬‬
‫يفعلونه ‪ ..‬فلم يفضحهم أو‬ ‫أنه يصوم أحيانا ً ويفطر‬
‫يسمهم بأسمائهم ‪ ..‬وإنما قال ‪:‬‬ ‫أحيانا ً ‪ ..‬وينام بعضا ً من‬
‫ن عن ذلك ‪ ..‬أو لتخطفن‬ ‫ه ّ‬ ‫لينت ُ‬ ‫الليل ويصلي بعضه ‪..‬‬
‫)‪(36‬‬
‫‪..‬‬ ‫أبصارهم‬ ‫فقال بعضهم لبعض ‪ :‬هذا‬
‫ة مملوكة‬ ‫وكانت بريرة جارية أم ً‬ ‫رسول الله ‪ r‬قد غفر الله له‬
‫في المدينة ‪ ..‬أرادت أن تعتق‬ ‫ما تقدم من ذنبه ‪..‬‬
‫من الرق ‪ ..‬فطلبت ذلك من‬ ‫ثم اتخذ كل واحد منهم‬
‫سيدها ‪ ..‬فاشترط عليها مال ً‬ ‫قرارا ً ‪!..‬‬
‫تدفعه إليه ‪..‬‬ ‫فقال أحدهم ‪ :‬أنا لن‬
‫فجاءت بريرة ‪ ..‬إلى عائشة‬ ‫أتزوج ‪ ..‬أي سأبقى عزبا ً ‪..‬‬
‫تلتمس منها أن تعينها بمال ‪..‬‬ ‫متفرغا ً للعبادة ‪..‬‬
‫فقالت عائشة ‪ :‬إن شئت‬ ‫وقال الخر ‪ :‬وأنا سأصوم‬
‫أعطيت أهلك ثمنك ‪..‬‬ ‫دائما ً ‪ ..‬كل يوم ‪..‬‬
‫فتعتقين ‪ ..‬لكن يكون الولء‬ ‫وقال الثالث ‪ :‬وأنا ل أنام‬
‫)‪(37‬‬
‫لي ‪..‬‬ ‫الليل ‪ ..‬أي سأقوم الليل كله‬
‫‪ ( ) 35‬متفق عليه‬ ‫‪..‬‬
‫‪ ( ) 36‬رواه البخاري‬ ‫فبلغ النبي ‪ r‬ما قالوه ‪..‬‬
‫‪ ( ) 37‬الولء ‪ :‬هو إذا أعتق الشخص عبممدا ً‬ ‫فقام على منبره ‪ ..‬فحمد‬
‫مملوكمما ً صممار الممولء للمعتممق ‪ ،‬بمعنممى أن‬ ‫الله وأثنى عليه ثم قال ‪:‬‬
‫المعتق يدخل ضمن ورثة هذا العبد المملوك‬ ‫ما بال أقوام !! ) هكذا‬
‫‪102‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أبدا ً ‪!!..‬‬ ‫فأخبرت الجارية أهلها فأبوا‬
‫يعني ‪ ..‬إياك أعني واسمعي يا‬ ‫ذلك ‪ ..‬وأرادوا أن يربحوا‬
‫جارة !!‬ ‫المرين ‪ ..‬ثمن عتقها ‪..‬‬
‫ويحق لك أن تسأل ‪ :‬لماذا يكره‬ ‫وولءها !!‬
‫الناس النتقاد ؟‬ ‫فسألت عائشة النبي ‪.. r‬‬
‫فأقول ‪ :‬لنه يشعرهم‬ ‫فعجب ‪ ‬من حرصهم على‬
‫بالنقص ‪ ..‬فكل الناس يحبون‬ ‫المال ‪ ..‬ومنعهم للمسكينة‬
‫الكمال ‪..‬‬ ‫من الحرية !!‬
‫ذكروا أن رجل ً بسيطا ً أراد أن‬ ‫فقال لعائشة ‪ :‬ابتاعيها ‪..‬‬
‫يكون له شيء من التحكم ‪..‬‬ ‫فأعتقيها ‪ ..‬فإنما الولء لمن‬
‫فعمد إلى ترمسي ماء أحدهما‬ ‫أعتق ‪..‬‬
‫أخضر والثاني أحمر ‪ ..‬وعبأهما‬ ‫أي الولء لك ما دام أنك‬
‫بالماء البارد ‪..‬‬ ‫دفعت المال ‪ ..‬ول تلتفتي‬
‫ثم جلس للناس في طريقهم ‪..‬‬ ‫إلى شروطهم فهي‬
‫وجعل يصيح ‪ :‬ماء بارد مجانا ً ‪..‬‬ ‫ظالمة ‪..‬‬
‫فكان العطشان يقبل عليه‬ ‫ثم قام رسول الله ‪ r‬على‬
‫ويتناول الكأس ليصب لنفسه‬ ‫المنبر فقال ‪:‬‬
‫ويشرب ‪ ..‬فإذا رآه صاحبنا قد‬ ‫ما بال أقوام ) ولم يقل آل‬
‫توجه للترمس الخضر ‪..‬‬ ‫فلن ( ‪ ..‬يشترطون شروطا ً‬
‫قال له ‪ :‬ل ‪ ..‬اشرب من‬ ‫ليست في كتاب الله ‪ ..‬من‬
‫الحمر ‪ ..‬فيشرب من الحمر ‪..‬‬ ‫اشترط شرطا ً ليس في‬
‫وإذا أقبل آخر ‪ ..‬وأراد أن يشرب‬ ‫كتاب الله ‪ ..‬فليس له ‪ ..‬وإن‬
‫من الحمر ‪ ..‬قال له ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫اشترط مائة شرط )‪.. (38‬‬
‫اشرب من الخضر ‪..‬‬ ‫وح بالعصــا مــن‬ ‫نعم هكذا ‪ ..‬ل ّ‬
‫فإذا اعترض أحدهم ‪ ..‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫بعيد ول تضرب بها ‪..‬‬
‫الفرق ؟!‬ ‫فما أجمل أن تقول لزوجتك‬
‫قال ‪ :‬أنا المسئول عن الماء ‪..‬‬ ‫المهملة في نظافة بيتها ‪:‬‬
‫يعجبك هذا النظام أو دبر‬ ‫البارحة تعشينا عند صاحبي‬
‫لنفسك ماءً ‪..‬‬ ‫فلن ‪ ..‬وكان الجميع يثني‬
‫إنه شعور النسان الدائم‬ ‫على نظافة منزله ‪..‬‬
‫بالحاجة إلى اعتباره والهتمام‬ ‫أو تقول لولدك المهمل‬
‫به ‪..‬‬ ‫للصلة في المسجد ‪ : ..‬أنا‬
‫أعجب من فلن ابن جيراننا‬
‫نحلة ‪ ..‬وذباب !!‬ ‫ما نكاد نفقده في المسجد‬
‫كن نحلة تقع على الطيب‬
‫بعد موته ‪ ،‬فيشارك أهل العبد في ورثه‬
‫وتتجاوز الخبيث ‪ ..‬ول تك‬
‫‪.‬‬
‫كالذباب يتتبع الجروح !!‬
‫‪ ( ) 38‬رواه البخاري‬
‫‪103‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫انتهت شدتها وولدت ‪..‬‬
‫لكنها ولدت غلما ً أسود !!‬ ‫ل تكن ُأستاذي ّا ً !!‪..‬‬ ‫‪.32‬‬
‫نظر الرجل إلى نفسه ‪ ..‬ونظر‬ ‫قارن بين ثلثة آباء ‪ ..‬رأى‬
‫إلى امرأته فإذا هما أبيضان ‪..‬‬ ‫كل واحد ولده جالسا ً عند‬
‫ب كيف صار الغلم أسود !!‬ ‫ج َ‬‫فع ِ‬ ‫التلفاز في أيام‬
‫أوقع الشيطان في نفسه‬ ‫المتحانات ‪..‬‬
‫الوساوس ‪..‬‬ ‫فقال الول لولده ‪ :‬يا‬
‫لعل هذا الولد من غيرك !!‬ ‫محمد ‪ ..‬ذاكر دروسك ‪..‬‬
‫لعلها زنى بها رجل أسود‬ ‫وقال الثاني ‪ :‬ماجد ‪ ..‬إذا ما‬
‫فحملت منه !!‬ ‫ذاكرت دروسك والله‬
‫لعل ‪..‬‬ ‫لضربك ‪ ..‬وأحرمك من‬
‫اضطرب الرجل وذهب إلى‬ ‫المصروف ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫المدينة النبوية ‪ ..‬حتى دخل على‬ ‫أما الثالث فقال ‪ :‬صالح ‪ ..‬لو‬
‫رسول الله ‪ e‬وعنده أصحابه ‪..‬‬ ‫تذاكر دروسك ‪ ..‬أحسن لك‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن‬ ‫من التلفاز ‪ ..‬صح ؟!‬
‫امرأتي ولدت على فراشي‬ ‫أيهم أحسن أسلوبا ً ‪..‬؟‬
‫غلما ً أسود !! وإنا أهل بيت لم‬ ‫ل شك أنه الثالث ‪ ..‬لنه قدم‬
‫يكن فينا أسود قط !!‬ ‫أمره على شكل اقتراح ‪..‬‬
‫نظر النبي ‪ e‬إليه ‪ ..‬وكان قادرا ً‬ ‫وكذلك في التعامل مع‬
‫على أن يسمعه موعظة حول‬ ‫زوجتك ‪ ..‬سارة ليتك تعملين‬
‫حسن الظن بالخرين ‪ ..‬وعدم‬ ‫شاي ‪ ..‬هند أتمنى أتغدى‬
‫اتهام امرأته ‪..‬‬ ‫مبكرا ً اليوم ‪..‬‬
‫لكنه أراد أن يمارس معه في‬ ‫وكذلك ‪..‬‬
‫الحل أسلوبا ً آخر ‪..‬‬ ‫عندما يخطئ إنسان ‪ ..‬عالج‬
‫أراد أن يجعل الرجل يحل‬ ‫خطأه بأسلوب يجعله يشعر‬
‫مشكلته بنفسه ‪ ..‬فبدأ يضرب له‬ ‫أن الفكرة فكرته هو ‪ ..‬ولدك‬
‫مثل ً يقرب له الجواب ‪..‬‬ ‫يغيب عن الصلة في‬
‫فما المثل المناسب له ‪..‬؟ هل‬ ‫المسجد ‪..‬‬
‫يضرب له مثل ً بالشجار ؟ أم‬ ‫قل له – مثل ً – ‪ :‬سعد ‪ ..‬ما‬
‫فْرس والروم ؟‬ ‫بالنخل ؟ أم بال ُ‬ ‫تريد تدخل الجنة ‪ ..‬بلى ‪..‬‬
‫نظر إليه ‪ e‬فإذا الرجل عليه آثار‬ ‫إذن حافظ على صلتك ‪..‬‬
‫البادية ‪ ..‬وإذا هو مضطرب‬ ‫في يوم من اليام ‪ ..‬وفي‬
‫تتزاحم الفكار في رأسه حول‬ ‫خيمة أعرابي في الصحراء ‪..‬‬
‫امرأته ‪..‬‬ ‫جعلت امرأة تتأوه تلد ‪..‬‬
‫فقال له ‪ : e‬هل لك من إبل ؟‬ ‫وزوجها عند رأسها ينتظر‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫خروج المولود ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فما ألوانها ؟‬ ‫اشتد المخاض بالمرأة حتى‬
‫‪104‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فأجابهم ‪ e‬بجواب يشعرون به‬ ‫قال ‪ :‬حمر ‪..‬‬
‫أن الفكرة فكرتهم ‪ ..‬فل‬ ‫قال ‪ :‬فهل فيها أسود ؟‬
‫يحتاجون لنقاش لقناعهم بها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫فقال ‪ : e‬أرأيتم لو وضعها في‬ ‫قال ‪ :‬فيها أورق ؟‬
‫حرام ‪ ..‬أكان عليه وزر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فأنى كان ذلك ؟!‬
‫قال ‪ :‬فكذلك لو وضعها في‬ ‫يعني ‪ :‬ما دام أنها كلها حمر‬
‫حلل كان له أجر ‪..‬‬ ‫ذكورا ً وإناثا ً ‪ ..‬وليس فيها‬
‫بل حتى أثناء الحوار مع الخر ‪..‬‬ ‫أي لون آخر ‪ ..‬فكيف ولدت‬
‫تدرج معه عند النصح في الشياء‬ ‫الناقة الحمراء ولدا ً أورق ‪..‬‬
‫التي أنتما متفقان عليها ‪..‬‬ ‫يختلف عن لونها ولون الب‬
‫خرج ‪ r‬إلى مكة معتمرا ً في ألف‬ ‫) الفحل ( ‪..‬‬
‫وأربعمـــــائة مـــــن أصـــــحابه ‪..‬‬ ‫فكر الرجل قليل ً ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫فمنعتهـــم قريـــش مـــن دخـــول‬ ‫عسى أن يكون نزعه عرق ‪..‬‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫يعني قد يكون من أجداده‬
‫ووقعــت أحــداث قصــة الحديبيــة‬ ‫من هو أورق ‪ ..‬فل زال‬
‫المشهورة ‪..‬‬ ‫الشبه باقيا ً في السللة ‪..‬‬
‫في آخــر المــر وبعــد مشــاورات‬ ‫فظهر في هذا الولد ‪..‬‬
‫طويلــة بيــن النــبي ‪ r‬وقريــش ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬فلعل ابنك هذا‬
‫اتفقوا على صلح ‪..‬‬ ‫نزعه عرق )‪.. (39‬‬
‫كــان الــذي تــولى التفــاق علــى‬ ‫سمع الرجل هذا الجواب ‪..‬‬
‫بنود الصلح من جانب قريش هــو‬ ‫فكر قليل ً فإذا هو جوابه‬
‫سهيل بن عمرو ‪..‬‬ ‫هو ‪ ..‬والفكرة فكرته ‪..‬‬
‫اتفق النــبي ‪ r‬مــع ســهيل علــى‬ ‫فاقتنع وأيقن ‪ ..‬ومضى إلى‬
‫شروط ‪..‬‬ ‫امرأته ‪..‬‬
‫منها ‪:‬‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬
‫أن يعـــود المســـلمون‬ ‫•‬ ‫جلس ‪ e‬مع أصحابه ‪ ..‬فجعل‬
‫أدراجهــم إلــى المدينــة مــن‬ ‫يحدثهم عن أبوب الخير ‪..‬‬
‫غير عمرة ‪..‬‬ ‫وكان مما ذكره ‪ ..‬أن قال ‪:‬‬
‫وفي بضع أحدكم صدقة ‪..‬‬
‫وأن مـــن دخـــل فـــي‬ ‫•‬
‫أي وطء أحدكم امرأته له‬
‫السلم من أهل مكــة وأراد‬
‫فيه أجر ‪..‬‬
‫أن يهاجر إلى المدينــة فــإن‬
‫فعجب الصحابة وقالوا ‪ :‬يا‬
‫المســلمين فــي المدينــة ل‬
‫رسول الله ‪ ..‬يأتي أحدنا‬
‫يقبلونه ‪..‬‬
‫شهوته ‪ ..‬ويكون له أجر ؟!!‬
‫أمـــا مـــن ارتـــد عـــن‬ ‫•‬
‫إســلمه وأراد الــذهاب إلــى‬ ‫) ( رواه مسمملم ‪ ،‬وابممن ماجممة‬ ‫‪39‬‬

‫واللفظ له‬
‫‪105‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال ‪ :‬أولسنا بالمسلمين ؟!‬ ‫المشـــركين فـــي مكـــة‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فإنه يقبل ‪!!..‬‬
‫قال ‪ :‬أوليسوا بالمشركين ؟!‬ ‫إلى غيــر ذلــك مــن الشــروط‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫الـــتي فـــي ظاهرهـــا أنهـــا‬
‫قال ‪ :‬أولسنا على الحق ؟‬ ‫هزيمـــة للمســـلمين وإذلل‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫لهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أوليسوا على الباطل ؟‬ ‫كــانت قريــش فــي الواقــع‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫خائفة من هــذا العــدد الكــبير‬
‫قال ‪ :‬فعلم نعطــي الدنيــة فــي‬ ‫مــن المســلمين ‪ ..‬وتعلــم أن‬
‫ديننا ؟!‬ ‫المسلمين لو شــاءوا لفتحــوا‬
‫فقال أبو بكر ‪ :‬يا عمــر ‪ ..‬أليــس‬ ‫مكــة ‪ ..‬ولهــذا كــانت قريــش‬
‫هو رسول الله ‪.‬؟‬ ‫تضـــــطر إلـــــى التلطـــــف‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫والمصانعة ‪..‬‬
‫غْرزه ‪ ..‬فإني أشهد‬ ‫قال ‪ :‬فالزم ِ‬ ‫وكـــأني بهـــم ‪ ..‬مـــا كـــانوا‬
‫أنه رسول الله ‪..‬‬ ‫يحلمون أن يظفروا ول بربع‬
‫أي كن وراءه تابعا ً ل تخالفه أبدا ً‬ ‫هذه الشروط ‪..‬‬
‫‪ ..‬كمــا أن غــرزات الخيــط فــي‬ ‫كان أكــثر الصــحابة متضــايقا ً‬
‫الثوب تكون متتابعة ‪..‬‬ ‫من شروط العقد ‪..‬‬
‫قال عمر ‪ :‬وأنا أشهد أنه رســول‬ ‫لكن أنى لهم أن يعترضــوا ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫والذي يكتــب العقــد ويمضــيه‬
‫مضى عمر ‪ ..‬حــاول أن يصــبر ‪..‬‬ ‫رجل ل ينطق عن الهوى ‪..‬‬
‫فلم يستطع ‪..‬‬ ‫كــان عمــر متحفــزا ً ‪ ..‬ينظــر‬
‫فذهب إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫يمينــا ً وشــمال ً ‪ ..‬يتمنــى لــو‬
‫فقال ‪ :‬يا رســول اللــه ‪ ..‬ألســت‬ ‫يستطيع عمل شيء ‪..‬‬
‫برسول الله ؟!‬ ‫فلم يصبر ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫وثــب عمــر فــأتى أبــا بكــر ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أولسنا بالمسلمين ‪ ..‬؟‬ ‫وأراد أن يناقشه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فمـــن حكمتـــه ‪ ..‬لـــم يبـــدأ‬
‫قال ‪ :‬أوليسوا بالمشركين ‪ ..‬؟!‬ ‫بــــالعتراض ‪ ..‬وإنمــــا بــــدأ‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫بالشياء الــتي همــا متفقــان‬
‫قال ‪ :‬فعلم نعطــي الدنيــة فــي‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫ديننا ؟!‬ ‫وجعل يسأل أبــا بكــر أســئلة‬
‫فقــــال ‪ : ‬أنــــا عبــــد اللــــه‬ ‫جوابهـــا ‪ ..‬بلـــى ‪ ..‬نعـــم ‪..‬‬
‫ورســوله ‪ ..‬لــن أخــالف أمــره ‪..‬‬ ‫صحيح ‪..‬‬
‫ولن يضيعني ‪..‬‬ ‫فقــال ‪ :‬يــا أبــا بكــر ‪ ..‬أليــس‬
‫سكت عمــر ‪ ..‬ومضــى الكتــاب ‪..‬‬ ‫برسول الله ‪..‬؟!‬
‫ورجع المسلمون إلى المدينة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫‪106‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪..‬‬ ‫ومضـــت اليـــام ‪ ..‬ونقضـــت‬
‫وامرأة عفيفة ‪ ..‬وتحبين الله ‪..‬‬ ‫قريــــش العهــــد ‪ ..‬وأقبــــل‬
‫ستقول ‪ :‬إي والله ‪ ..‬الحمد‬ ‫رســول اللــه ‪ r‬فاتحـا ً مكــة ‪..‬‬
‫لله ‪..‬‬ ‫مطهــرا ً الــبيت الحــرام مــن‬
‫عندها قدمي النصيحة على‬ ‫الصنام ‪..‬‬
‫شكل اقتراح ‪ :‬فلو أنك اعتنيت‬ ‫وأدرك عمــر أنــه كــان فــي‬
‫بحجابك أكثر ‪ ..‬وحرصت على‬ ‫اعتراضــه حينــذاك علــى غيــر‬
‫الستر ‪..‬‬ ‫السبيل ‪..‬‬
‫هكذا يمكننا أن نحصل على ما‬ ‫فكان ‪ ‬يقول ‪:‬‬
‫نريد من الناس من غير أن‬ ‫ما زلت أصــوم ‪ ..‬وأتصــدق ‪..‬‬
‫يشعروا ‪..‬‬ ‫وأصلي ‪ ..‬وأعتق ‪ ..‬من الذي‬
‫صــــنعت يــــومئذ ‪ ..‬مخافــــة‬
‫بارقة ‪..‬‬ ‫كلمي الذي تكلمته يــومئذ ‪..‬‬
‫تستطيع أن تأكل العسل دون‬ ‫حتى رجوت أن يكون خيرا ً ‪..‬‬
‫تحطيم الخلية ‪..‬‬ ‫فلله در عمر ‪ ..‬ودر رسول‬
‫الله ‪ r‬قبله ‪..‬‬
‫أمسك العصا من‬ ‫‪.33‬‬ ‫كيف نستفيد أكثر من هذه‬
‫النصف !!‬ ‫المهارة ؟‬
‫أشكرك على اختيارك مهنة‬ ‫لو كان ولدك ل يعتني بحفظ‬
‫التدريس ‪ ..‬وقد آتاك الله أسلوبا ً‬ ‫القرآن ‪ ..‬وتريده أن يزداد‬
‫حسنا ً ‪ ..‬وطلبك يحبونك كثيرا ً ‪..‬‬ ‫حرصا ً ‪..‬‬
‫و ‪..‬‬ ‫ابدأ بالشياء التي أنتما‬
‫ولكن ‪ :‬ليتك ما تتأخر على‬ ‫متفقان عليها ‪ ..‬أل تريد أن‬
‫الدوام في الصباح ‪..‬‬ ‫يحبك الله ‪ ..‬أل تريد أن‬
‫أنت جميلة ‪ ..‬والبيت مرتب ‪..‬‬ ‫ترتقي في درجات الجنة ‪..‬‬
‫ول أنكر أن الولد متعبون ‪..‬‬ ‫سيجيبك حتما ً ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫و ‪..‬‬ ‫عندها قدم النصيحة على‬
‫ولكن ‪ :‬أتمنى أن تهتمي‬ ‫شكل اقتراح ‪ : ..‬إذن فلو‬
‫بملبسهم أكثر ‪..‬‬ ‫أنك شاركت في حلقة‬
‫هكذا كان أسلوب صالح مع‬ ‫تحفيظ القرآن ‪..‬‬
‫الناس ‪ ..‬يذكر الجوانب المشرقة‬ ‫ت امرأة‬ ‫ت ‪ :‬لو رأي ِ‬‫وكذلك أن ِ‬
‫عند المخطئ ثم ينبهه على‬ ‫ل تعتني بحجابها ‪..‬‬
‫أخطائه ‪ ..‬ليكون عادل ً ‪..‬‬ ‫ابدئي معها بالشياء التي‬
‫عندما تنتقد حاول أن تذكر‬ ‫أنتما متفقتان عليها ‪..‬‬
‫جوانب الصواب في المخطئ ‪..‬‬ ‫أنا أعلم أنك مسلمة ‪..‬‬
‫قبل غيرها ‪..‬‬ ‫وحريصة على الخير ‪..‬‬
‫حاول دائما ً أن تشعر الذي‬ ‫ستقول ‪ :‬صحيح ‪ ..‬الحمد لله‬
‫‪107‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لعدك من فقهاء أهل المدينة ‪..‬‬ ‫أمامك أن نظرتك إليه‬
‫وهذا ثناء على زياد ‪ ..‬أن يقول‬ ‫مشرقة ‪ ..‬وأنك عندما تنبهه‬
‫له رسول الله ‪ e‬أمام الناس إنه‬ ‫على أخطائه ل يعني ذلك أنه‬
‫من فقهاء المدينة ‪ ..‬هذا ذكر‬ ‫سقط من عينك ‪ ..‬أو أنك‬
‫لجوانب الصواب والصفحات‬ ‫نسيت حسناته ول تذكر إل‬
‫المشرقة لزياد ‪..‬‬ ‫سيئاته ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ : e‬هذا التوراة والنجيل‬ ‫ل ‪ ..‬بل أشعره أن ملحظاتك‬
‫عند اليهود والنصارى فماذا‬ ‫عليه تغوص في بحر حسناته‬
‫يغني عنهم ؟! )‪.. (40‬‬ ‫‪..‬‬
‫أي ليست العبرة يا زياد بوجود‬ ‫كان النبي ‪ e‬محبوبا ً بين‬
‫القرآن ‪ ..‬وإنما العبرة بقراءته‬ ‫أصحابه ‪ ..‬وكان يمارس‬
‫ومعرفة معانيه والعمل‬ ‫أساليب رائعة في التعامل‬
‫بأحكامه ‪..‬‬ ‫معهم ‪..‬‬
‫هكذا كان تعامله رائعا ً ‪..‬‬ ‫وقف مرة بينهم ‪ ..‬فشخص‬
‫وفي يوم آخر ‪ ..‬يمر ‪ e‬ببعض‬ ‫ببصره إلى السماء ‪ ..‬كأنه‬
‫قبائل العرب يدعوهم إلى‬ ‫يفكر أو يترقب شيئا ً ‪..‬‬
‫السلم ‪ ..‬وكان يختار أحسن‬ ‫ن يختلس‬ ‫ثم قال ‪ :‬هذا أوا ُ‬
‫العبارات لجل ترغيبهم في‬ ‫العلم من الناس ‪ ..‬حتى ل‬
‫الستجابة له والدخول في‬ ‫يقدروا منه على شيء ‪..‬‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫أي ‪ُ :‬يعرض الناس عن‬
‫فمر بقبيلة منهم ‪ ..‬اسمهم ‪:‬‬ ‫القرآن وتعلمه ‪ ..‬وعن العلم‬
‫بنو عبد الله ‪ ..‬فدعاهم إلى‬ ‫الشرعي ‪ ..‬فل يحرصون‬
‫الله ‪ ..‬وعرض عليهم نفسه ‪..‬‬ ‫عليه ول يفهمونه ‪..‬‬
‫وجعل يقول لهم ‪:‬‬ ‫س منهم ‪ ..‬أي ‪ :‬يرفع‬ ‫فُيختل ُ‬
‫يا بني عبد الله ‪ ..‬إن الله قد‬ ‫عنهم ‪..‬‬
‫أحسن اسم أبيكم ‪..‬‬ ‫فقام صحابي جليل ‪ ..‬هو‬
‫يعني لستم ببني عبد العزى ‪..‬‬ ‫زياد بن لبيد النصاري وقال‬
‫أو بني عبد اللت ‪ ..‬وإنما أنتم‬ ‫بكل حماس ‪:‬‬
‫بنو عبد الله ‪ ..‬فليس في‬ ‫يا رسول الله ‪ ،‬وكيف‬
‫اسمكم شرك فادخلوا في‬ ‫يختلس منا ؟! وقد قرأنا‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫القرآن ! فوالله لنقرأنه ‪،‬‬
‫بل كــان مــن براعتــه ‪ r‬أنــه كــان‬ ‫ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا ‪..‬‬
‫يرسل رسائل غير مباشــرة إلــى‬ ‫فنظر إليه النبي ‪ .. e‬فإذا‬
‫النـــاس ‪ ..‬يـــذكر فيهـــا إعجـــابه‬ ‫شاب يتفجر حماسا ً وغيرة‬
‫بهم ‪ ..‬ومحبته الخير لهم ‪ ..‬فــإذا‬ ‫على الدين ‪ ..‬فأراد أن ينبهه‬
‫على فهمه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫) ( رواه الترمذي والحاكم‬ ‫‪40‬‬ ‫ثكلتك أمك يا زياد ‪ ،‬إني كنت‬
‫‪108‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫جعل يترصد ويترقب ‪..‬‬ ‫بلغتهـــم هـــذه الرســـائل ‪..‬‬
‫فصلى النــبي ‪ ‬بأصــحابه صــلة‬ ‫عملت فيهم من التأثير أكــثر‬
‫الظهـــر أمـــامهم ‪ ..‬فهمـــوا أن‬ ‫ممـا تعملـه – رّبمـا – الـدعوة‬
‫يهجموا عليهم ‪ ..‬فلم يتيسر لهم‬ ‫المباشرة ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫كـــان خالـــد بـــن الوليـــد ‪‬‬
‫فكـــأن النـــبي ‪ ‬علـــم بهـــم ‪..‬‬ ‫بطل ً ‪ ..‬ولــــــم يكــــــن بطل ً‬
‫فصــلى بأصــحابه صــلة العصــر‬ ‫عاديــــا ً ‪ ..‬بــــل كــــان بطل ً‬
‫صلة الخوف ‪..‬‬ ‫مغــوارا ً ‪ ..‬يضــرب لــه ألــف‬
‫أي قسم أصحابه إلى فريقيــن ‪..‬‬ ‫حساب ‪..‬‬
‫فريـــق يصـــلي معـــه وفريـــق‬ ‫وكــــان النــــبي ‪ r‬يتشــــوق‬
‫يحرس ‪..‬‬ ‫لســـلمه ‪ ..‬لكـــن أنـــى لـــه‬
‫فوقــع ذلــك مــن خالــد وأصــحابه‬ ‫ذلك ‪ ..‬وخالــد مــا تــرك حرب ـا ً‬
‫موقعــا ً ‪ ..‬وقــال فــي نفســه ‪:‬‬ ‫ضد المســلمين إل خاضــها ‪..‬‬
‫الرجــل ممنــوع عنــا ‪ ..‬أي هنــاك‬ ‫بل كان هو من أكــبر أســباب‬
‫من يحميه ويمنع عنه الذى !!‬ ‫هزيمة المسلمين في معركة‬
‫ثم ارتحل ‪ ‬وأصحابه ‪ ..‬وسلكوا‬ ‫أحد ‪..‬‬
‫طريقا ً ذات اليميــن ‪ ..‬لئل يمــروا‬ ‫قال فيه النــبي ‪ r‬يومـا ً ‪ ..‬لــو‬
‫بخالد وأصحابه ‪..‬‬ ‫جاءنــا لكرمنــاه ‪ ..‬وقــدمناه‬
‫وصل ‪ ‬إلــى الحديبيــة ‪ ..‬صــالح‬ ‫على غيره ‪..‬‬
‫قريشا ً على أن يعتمر في العــام‬ ‫فكيف كان تأثير ذلك ؟‬
‫القادم ‪ ..‬ورجع إلى المدينة ‪..‬‬ ‫خذ القصة من أولها ‪..‬‬
‫رأى خالـــد أن قريشـــا ً ل يـــزال‬ ‫كان خالد مــن أشــداء الكفــار‬
‫شأنها ينخفض في العــرب يومــا ً‬ ‫وقادتهم ‪..‬‬
‫بعد يوم ‪..‬‬ ‫ل يكـــاد يفـــوت فرصـــة إل‬
‫فقال في نفسه ‪ :‬أي شيء بقي‬ ‫حارب فيها رسول الله ‪ ‬أو‬
‫؟ أين أذهب ؟‬ ‫صد له ‪..‬‬‫تر ّ‬
‫إلى النجاشي ؟ ‪ ..‬ل ‪ ..‬فقد اتبــع‬ ‫فلما أقبل رسول اللــه ‪ r‬مــع‬
‫محمدا ً وأصحابه عنده آمنون ‪..‬‬ ‫المســلمين إلــى الحديبيــة ‪..‬‬
‫فأخرج إلى هرقل ؟‪ ..‬ل ‪ ..‬أخــرج‬ ‫وأرادوا العمرة ‪..‬‬
‫مــن دينــي إلــى نصــرانية ؟‪ ..‬أو‬ ‫خــرج خالــد فــي خيــل مــن‬
‫يهودية ؟ وأقيم في عجم ؟‪..‬‬ ‫المشركين ‪ ..‬فلقوا النبي ‪‬‬
‫فبنمــا خالــد يفكــر فــي شــأنه ‪..‬‬ ‫وأصحابه بموضــع يقــال لــه ‪:‬‬
‫ويــــتردد ‪ ..‬واليــــام والشـــهور‬ ‫عسفان ‪..‬‬
‫تمضي عليه ‪..‬‬ ‫فقـــام خالـــد قريبـــا ً منهـــم‬
‫إذ جاء موعد عمرة المســلمين ‪..‬‬ ‫يتحيــــن الفرصــــة ليصــــيب‬
‫فأقبلوا إلى المدينة ‪..‬‬ ‫رسول اللــه ‪ ‬برميــة ســهم‬
‫دخل ‪ r‬مكة معتمرا ً ‪..‬‬ ‫أو ضربة سيف ‪..‬‬
‫‪109‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من ذهــاب رأيــك عــن الســلم ‪..‬‬ ‫فلـــم يحتمـــل خالـــد رؤيـــة‬
‫وعقلك عقلــك ! ومثــل الســلم‬ ‫المسلمين محرمين ‪ ..‬فخــرج‬
‫يجهله أحد ؟‬ ‫من مكة ‪ ..‬وغاب أياما ً أربعــة‬
‫وقد سألني رســول اللــه ‪ r‬عنــك‬ ‫وهــي اليــام الــتي قضــاها‬
‫وقال ‪ :‬أين خالد ؟ فقلت ‪ :‬يــأتي‬ ‫النبي ‪ ‬في مكة ‪..‬‬
‫الله به ‪..‬‬ ‫قضـــى النـــبي ‪ ‬عمرتـــه ‪..‬‬
‫فقال ‪ " :‬مثله جهــل الســلم !!‬ ‫وجعــل ينظــر فــي طرقــات‬
‫ده مــع‬‫حـ ّ‬
‫و َ‬ ‫ولو كان جعــل نكــايته َ‬ ‫مكـــة وبيوتهـــا ‪ ..‬ويســـتعيد‬
‫المسلمين ‪ ..‬كان خيرا ً له ‪ ..‬ولــو‬ ‫الذكريات ‪..‬‬
‫جاءنا لكرمناه ‪ ..‬وقــدمناه علــى‬ ‫تـــذكر البطـــل خالـــد بـــن‬
‫غيره ‪..‬‬ ‫الوليد ‪..‬‬
‫فاستدرك يــا أخــي مــا قــد فاتــك‬ ‫فالتفت إلى الوليد بن الوليد‬
‫من مواطن صالحة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وهــو أخــو خالــد ‪ ..‬وكــان‬
‫قال خالد ‪ :‬فلما جــاءني كتــابه ‪..‬‬ ‫الوليــد مســلما ً قــد دخــل مــع‬
‫نشطت للخروج ‪ ..‬وزادني رغبــة‬ ‫النبي ‪ r‬معتمرا ً ‪..‬‬
‫في السلم ‪..‬‬ ‫وأراد ‪ ‬أن يبعث إلــى خالــد‬
‫وســرني ســؤال رســول اللــه ‪r‬‬ ‫رسالة غير مباشرة ‪ ..‬يرغبــه‬
‫عني ‪..‬‬ ‫فيها بالدخول في السلم ‪..‬‬
‫وأرى في النــوم كــأني فــي بلد‬ ‫قال ‪ ‬للوليد ‪ :‬أين خالد ؟‬
‫ضيقة مجدبة ‪ ..‬فخرجت إلى بلد‬ ‫فـــوجئ الوليـــد بالســـؤال ‪..‬‬
‫خضراء واسعة ‪..‬‬ ‫وقــال ‪ :‬يــأتي اللــه بــه يــا‬
‫فقلت ‪ :‬إن هذه لرؤيا حق ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫فلما أجمعت الخروج إلى رسول‬ ‫فقـــال ‪ " : ‬مثلـــه يجهـــل‬
‫الله ‪ r‬قلت ‪:‬‬ ‫الســلم !! ولــو كــان جعــل‬
‫من أصاحب إلى رسول الله ‪ r‬؟!‬ ‫ده مع المسلمين ‪..‬‬ ‫ح ّ‬
‫و َ‬‫نكايته َ‬
‫فلقيت صفوان بن أمية ‪ ..‬فقلت‬ ‫كان خيرا ً له ‪..‬‬
‫‪:‬‬ ‫ثــــم قــــال ‪ :‬ولــــو جاءنــــا‬
‫يــا أبــا وهــب أمــا تــرى مــا نحــن‬ ‫لكرمنــاه ‪ ..‬وقــدمناه علــى‬
‫فيه ؟ إنما نحن كأضراس يطحــن‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫بعضها بعضا ً ‪..‬‬ ‫استبشـــر الوليـــد ‪ ..‬وجعـــل‬
‫وقــد ظهــر محمــد علــى العــرب‬ ‫يطلب خالدا ً ويبحث عنه فــي‬
‫والعجم ‪..‬‬ ‫مكة ‪ ..‬فلم يجده ‪..‬‬
‫فلو قدمنا على محمد واتبعناه ‪..‬‬ ‫فلمــا عزمــوا علــى الرجــوع‬
‫فإن شرف محمد لنا شرف ؟‬ ‫للمدينة ‪..‬‬
‫فأبى أشد الباء ‪ ..‬وقال ‪ :‬لو لــم‬ ‫كتب الوليد كتابا ً إلى أخيه ‪:‬‬
‫يبق غيري ما اتبعته أبدا ً ‪..‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيــم ‪..‬‬
‫فافترقنا ‪ ..‬وقلت في نفسي ‪:‬‬ ‫أما بعد ‪ ..‬فإني لم أر أعجــب‬
‫‪110‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قــال ‪ :‬فتواعــدنا أنــا وهــو فــي‬ ‫هذا رجل مصاب ‪ ..‬قتل أخوه‬
‫موضــع يقــال لــه "يأجــج " ‪ ..‬إن‬ ‫وأبوه بمعركة بدر ‪..‬‬
‫ســبقني أقــام ينتظرنــي ‪ ..‬وإن‬ ‫فلقيـــت عكرمـــة بـــن أبـــي‬
‫سبقته أقمت أنتظره ‪..‬‬ ‫جهــل ‪ ..‬فقلــت لــه مثــل مــا‬
‫فخرجــت مــن بيــتي آخــر الليــل‬ ‫قلت لصفوان بن أمية ‪..‬‬
‫حرا ً ‪ ..‬خوفـــا ً مـــن أن تعلـــم‬ ‫ســـ َ‬
‫َ‬ ‫فقال لي مثــل مــا قــال لــي‬
‫قريش بخروجنا ‪..‬‬ ‫صفوان بن أمية ‪..‬‬
‫فلــم يطلـع الفجـر حـتى التقينـا‬ ‫قلت ‪ :‬فــاكتم علــي خروجــي‬
‫فـــي "يأجـــج" ‪ ..‬فغـــدونا حـــتى‬ ‫إلى محمد ‪..‬‬
‫انتهينا إلى الهدة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل أذكره لحد ‪.‬‬
‫فوجدنا عمــرو بــن العــاص علــى‬ ‫فخرجــــت إلــــى منزلــــي ‪..‬‬
‫بعيره ‪..‬‬ ‫فأمرت براحلتي فخرجت بها‬
‫قال ‪ :‬مرحبا ً بالقوم ‪ ..‬إلــى أيــن‬ ‫‪..‬‬
‫مسيركم ؟‬ ‫إلــى أن لقيــت عثمــان بــن‬
‫فقلنا ‪ :‬وما أخرجك ؟‬ ‫طلحة ‪ ..‬فقلت ‪:‬‬
‫فقال ‪ :‬وما أخرجكم ؟‬ ‫إن هــذا لــي صــديق ‪ ..‬فلــو‬
‫قلنــا ‪ :‬الــدخول فــي الســلم ‪..‬‬ ‫ذكرت له ما أرجو ‪..‬‬
‫واتباع محمد ‪.. r‬‬ ‫ثم ذكرت من قتل مــن آبــائه‬
‫قال ‪ :‬وذاك الذي أقدمني ‪.‬‬ ‫في حربنــا مــع المســلمين ‪..‬‬
‫فاصــطحبنا جميعــا ً حــتى دخلنــا‬ ‫كره ‪..‬‬‫فكرهت أن أذ ّ‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫ثم قلت ‪ :‬وما علي أن أخبره‬
‫فأنخنا بظهر الحرة ركابنا ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وأنــا راحــل فــي ســاعتي‬
‫ف ـُأخبر بنــا رســول اللــه ‪ r‬فســر‬ ‫هذه !‪..‬‬
‫بنا ‪..‬‬ ‫فــذكرت لــه مــا صــار أمــر‬
‫فلبست مــن صــالح ثيــابي ‪ ..‬ثــم‬ ‫قريش إليه ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬
‫تــوجهت إلــى رســول اللــه ‪.. r‬‬ ‫إنما نحن بمنزلــة ثعلــب فــي‬
‫فلقيني أخي فقال ‪:‬‬ ‫صـب عليـه ذنـوب‬ ‫جحر ‪ ..‬لـو ُ‬
‫أسرع ‪ ..‬فإن رسول الله ‪ .. r‬قد‬ ‫من ماء لخرج ‪..‬‬
‫ســّر بقــدومك وهــو‬ ‫ُ‬ ‫وقلــت لــه نحــوا ً ممــا قلــت‬
‫أخــبر بــك ف ُ‬
‫ينتظركم ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬فأسرع الستجابة‬ ‫لصاحب َ ْ‬
‫ســير ‪ ..‬فــأقبلت إلــى‬ ‫وعــزم علــى الخــروج معــي‬
‫فأسرعنا ال ّ‬
‫رسول الله أمشي ‪ ..‬فلما رآنــي‬ ‫للمدينة !‪..‬‬
‫سم ‪ ..‬فما زال يتبسم‬ ‫فقلت له ‪ :‬إنــي خرجــت هــذا‬
‫من بعيد تب ّ‬
‫ي حتى وقفت عليه ‪..‬‬ ‫اليوم ‪ ..‬وأنا أريــد أن أمضــي‬
‫إل ّ‬
‫فســلمت عليــه بــالنبوة ‪ ..‬فــرد‬ ‫للمدينة ‪..‬‬
‫على السلم بوجه طْلق ‪..‬‬ ‫وهــذه راحلــتي مجهــزة لــي‬
‫فقلت ‪ :‬إنــي أشــهد أن ل إلــه إل‬ ‫على الطريق ‪..‬‬
‫‪111‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بالخرين ‪ ..‬ليشعروا بعدلك‬ ‫الله ‪ ..‬وأنك رسول الله ‪..‬‬
‫معهم فيحبوك ‪..‬‬ ‫فقــال ‪ " :‬الحمــد للــه الــذي‬
‫هــداك ‪ ..‬قــد كنــت أرى لــك‬
‫لمحة ‪..‬‬ ‫عقل ً ‪ ..‬رجوت أل يســلمك إل‬
‫عندما يقتنع الناس أننا نلحظ‬ ‫إلى خير " ‪..‬‬
‫حسناتهم ‪ ..‬كما نلحظ‬ ‫قلت ‪ :‬يا رسول اللــه ‪ ..‬إنــي‬
‫سيئاتهم ‪ ..‬يقبلون منا‬ ‫قد رأيت ما كنــت أشــهد مــن‬
‫التوجيه ‪..‬‬ ‫تلك المواطن عليك ‪ ..‬معاندا ً‬
‫للحق ‪ ..‬فادع الله أن يغفرها‬
‫اجعل معالجة الخطأ‬ ‫‪.34‬‬ ‫لي ‪..‬‬
‫سهلة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ " : r‬السلم يجب مــا‬
‫تتنوع الخطاء التي تقع من‬ ‫كان قبله " ‪..‬‬
‫الناس كبرا ً وصغرا ً ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬علــى‬
‫ومهما كان حجم الخطأ فإنه‬ ‫ذلك ‪ ..‬فاستغفر لي ‪..‬‬
‫يمكن علجه ‪..‬‬ ‫قال ‪ " :‬اللهم اغفر لخالد بن‬
‫وضع فيــه ‪..‬‬ ‫َ‬
‫نعم قد ل يفيد العلج في إصلح‬ ‫الوليد ‪ ..‬كل ما أ ْ‬
‫ما أفسده الخطأ ‪ .. %100‬لكنه‬ ‫من صد عن سبيل الله " ‪..‬‬
‫على القل يصلح أكثر الفاسد ‪..‬‬ ‫ومن يعدها كان خالد رأسا ً‬
‫عدد غير قليل من الناس ل‬ ‫من رؤوس هذا الدين ‪..‬‬
‫يسعى إلى إصلح أخطائه لشكه‬ ‫أما إسلمه فكان برسالة غير‬
‫في قدرته أصل ً على علجها ‪..‬‬ ‫مباشرة وصلت إليه من‬
‫وأحيانا ً تكون طريقتنا في‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫التعامل مع الخطاء هي جزء من‬ ‫فما أحلمه ‪ ‬وأحكمه ‪..‬‬
‫الخطأ نفسه ‪..‬‬ ‫فلنتبع مثل هذه المهارات‬
‫يقع ولدي في خطأ فألومه‬ ‫في التأثير في الناس ‪..‬‬
‫ظم عليه الخطأ‬ ‫وأحقره وأع ّ‬ ‫فلو رأيت شخصا ً يبيع دخانا ً‬
‫حتى يشعر بأنه سقط في بئر‬ ‫في بقالة فأردت تنبيهه ‪..‬‬
‫ليس له قاع !! فييأس من‬ ‫فأثن أول ً على بقالته‬
‫الصلح ‪ ..‬ويبقى على ما هو‬ ‫ع له بالبركة‬ ‫ونظافتها ‪ ..‬واد ُ‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫في الربح ‪ ..‬ثم نبهه على‬
‫وقد تقع في الخطأ زوجتي أو‬ ‫أهمية الكسب الحلل ‪..‬‬
‫يقع فيه صديقي ‪..‬‬ ‫ليشعر أنك لم تنظر إليه‬
‫فإذا أشعرته أنه أخطأ ولكن‬ ‫بمنظار أسود ‪ ..‬بل أمسكت‬
‫الطريق لم ينقطع بعد فمعالجة‬ ‫العصا من النصف ‪..‬‬
‫الخطأ سهلة ‪ ..‬والرجوع إلى‬ ‫كن ذكيا ً ‪ ..‬ابحث عن أي‬
‫الحق خير من التمادي في‬ ‫حسنات فيمن أمامك تغمر‬
‫الباطل ‪..‬‬ ‫فيها سيئاته ‪ ..‬أحسن الظن‬
‫‪112‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فيه ‪..‬‬ ‫جاء رجل إلى النبي ‪ r‬يبايعه‬
‫فلما فرغ رسول الله ‪ r‬من‬ ‫على الهجرة ‪ ..‬وقال ‪ :‬إني‬
‫غزوته ‪ ..‬توجه قافل ً إلى المدينة‬ ‫جئت أبايعك على الهجرة ‪..‬‬
‫‪ ..‬حتى إذا كان قريبا ً من المدينة‬ ‫وتركت أبوي يبكيان ‪..‬‬
‫نزل منزل ً فبات به بعض الليل ‪..‬‬ ‫عله‬ ‫فلم يعنفه ‪ .. e‬أو يحقر ِ‬
‫ف ْ‬
‫ثم آذن الناس بالرحيل ‪ ..‬فبدأ‬ ‫‪ ..‬أو يصغر عقله ‪ ..‬فالرجل‬
‫الناس يجمعون متاعهم‬ ‫جاء بنية صالحة ويرى أنه‬
‫للرحيل ‪..‬فخرجت عائشة لبعض‬ ‫فعل الصلح ‪..‬‬
‫حاجتها ‪ ..‬وفي عنقها عقد لها‬ ‫أشعره ‪ e‬أن معالجة الخطأ‬
‫فيه جزع ظفار ‪..‬‬ ‫سهلة فقال له بكل بساطة ‪:‬‬
‫فلما فرغت من حاجتها ‪ ..‬انسل‬ ‫ارجع إليهما فأضحكهما كما‬
‫العقد من عنقها وهي ل تدري ‪..‬‬ ‫أبكيتهما ‪.. (41)..‬‬
‫فلما رجعت العسكر ‪ ..‬وأرادت‬ ‫وانتهى المر ‪..‬‬
‫الدخول في هودجها ‪ ..‬لمست‬ ‫كان ‪ e‬يتعامل مع الناس‬
‫عنقها فلم تجد العقد ‪ ..‬وقد بدأ‬ ‫بأساليب تربي فيهم الرغبة‬
‫الناس في الرحيل ‪..‬‬ ‫في الخير وتشعرهم أنهم‬
‫فرجعت سريعا ً إلى مكانها الذي‬ ‫إلى الخير أقرب ‪ ..‬حتى وإن‬
‫قضت فيه حاجتها ‪ ..‬فأخذت‬ ‫وقعوا في أخطاء ‪..‬‬
‫تبحث عنه ‪ ..‬وأبطأت ‪..‬‬ ‫وعة ‪..‬‬‫وبين يدي حادثة مر ّ‬
‫وجاء القوم فحملوا هودجها‬ ‫الشاهد منها آخُرها ‪ ..‬لكني‬
‫وهم يظنون أنها فيه ‪..‬‬ ‫سأوردها من أولها رغبة في‬
‫فاحتملوه ‪ ..‬فشدوه على‬ ‫الفائدة ‪..‬‬
‫البعير ‪ ..‬ثم أخذوا برأس البعير‬ ‫كان رسول الله ‪ r‬إذا أراد أن‬
‫فانطلقوا به ‪..‬‬ ‫يخرج سفرا ً أقرع بين‬
‫وسار الجيش ‪ ..‬أما عائشة فبعد‬ ‫نسائه ‪ ..‬فأيتهن خرج‬
‫بحث طويل ‪ ..‬وجدت العقد ‪..‬‬ ‫سهمها خرج بها معه ‪..‬‬
‫فعادت إلى مكان الجيش ‪..‬‬ ‫فلما أراد الخروج إلى غــزوة‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫بنـــي المصـــطلق ‪ ..‬أقـــرع‬
‫قالت عائشة ‪:‬‬ ‫بينهن فخرج سهم عائشة ‪..‬‬
‫‪ .‬فجئت منازلهم وليس بها داع‬
‫فخرجت مع رسول الله ‪.. r‬‬
‫ول مجيب ‪ ..‬قد انطلق الناس ‪..‬‬
‫وذلك بعدما أنزل الحجاب‬
‫فتيممت منزلي الذي كنت فيه‬
‫‪..‬وكانت تحمل في هودج ‪..‬‬
‫وظننت أن القوم سيفقدوني‬
‫فإذا نزلوا نزلت من‬
‫فيرجعون إلي ‪..‬‬
‫هودجها ‪ ..‬وقضت حاجاتها ‪..‬‬
‫فتلففت بجلبابي ‪ ..‬فبينما أنا‬
‫فإذا أرادوا الرتحال ركبت‬
‫جالسة في منزلي إذ غلبتني‬
‫عيني فنمت ‪..‬‬ ‫) ( في المستدرك وصحح إسناده ‪..‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪113‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهم ل يذكرون لي منه قليل ً ول‬ ‫فوالله إني لمضطجعة إذ مّر‬
‫كثيرا ً ‪ ..‬إل أني قد أنكرت من‬ ‫بي صفوان بن المعطل ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ r‬بعض لطفه بي ‪..‬‬ ‫وكان قد تخلف عن العسكر‬
‫كنت إذا اشتكيت رحمني ولطف‬ ‫لبعض حاجاته ‪ ..‬فلم يبت مع‬
‫بي ‪ ..‬فلم يفعل ذلك بي في‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫شكواي تلك ‪..‬‬ ‫فرأى سواد إنسان نائم ‪..‬‬
‫بل كان إذا دخل علي وعندي‬ ‫فأتاني فعرفني حين رآني ‪..‬‬
‫أمي تمرضني قال ‪ :‬كيف تيكم ؟‬ ‫وقد كان يراني قبل أن‬
‫ل يزيد على ذلك ‪..‬‬ ‫يضرب الحجاب علينا ‪..‬‬
‫حتى وجدت في نفسي ‪..‬فلما‬ ‫فلما رآني قال ‪ :‬إنا لله وإنا‬
‫رأيت جفاءه لي قلت ‪:‬‬ ‫إليه راجعون ‪ ..‬ظعينة رسول‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬لو أذنت لي‬ ‫الله ‪ r‬؟‬
‫فانتقلت إلى أمي فمرضتني ‪..‬‬ ‫فاستيقظت باسترجاعه حين‬
‫قال ‪ :‬ل عليك ‪..‬‬ ‫عرفني فخمرت وجهي‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫بجلبابي ‪..‬‬
‫فانتقلت إلى أمي ول علم لي‬ ‫ووالله ما كلمني كلمة ‪ ..‬ول‬
‫بشيء مما كان ‪ ..‬حتى نقهت‬ ‫سمعت منه غير استرجاعه ‪..‬‬
‫من وجعي بعد بضع وعشرين‬ ‫حتى أناخ راحلته ‪ ..‬فوطئ‬
‫ليلة ‪..‬‬ ‫على يديها ‪ ..‬فركبت وأخذ‬
‫فخرجت ليلة لبعض حاجتي‬ ‫برأس البعير فانطلق سريعا ً‬
‫ومعي أم مسطح بنت خالة أبي‬ ‫يطلب الناس ‪..‬‬
‫بكر ‪.. t‬‬ ‫فوالله ما أدركنا الناس وما‬
‫فوالله إنها لتمشي معي إذ‬ ‫افتقدوني حتى أصبحنا ‪..‬‬
‫مرطها ‪ ..‬وسقطت‬ ‫تعثرت في ِ‬ ‫فوجدناهم نازلين ‪ ..‬فبينما‬
‫أو كادت ‪..‬‬ ‫هم كذلك ‪ ..‬إذ طلع الرجل‬
‫فقالت ‪ :‬تعس مسطح ‪..‬‬ ‫يقود بي البعير ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬بئس لعمر الله ما قلت ‪..‬‬ ‫فقال أهل الفك ما قالوا ‪..‬‬
‫تسبين رجل ً قد شهد بدرا ً ؟‬ ‫ج العسكر ‪ ..‬ووالله ما‬ ‫وارت ّ‬
‫فقالت ‪ :‬أي هنتاه ‪ ..‬أولم‬ ‫أعلم بشيء من ذلك ‪..‬‬
‫تسمعي ما قال ؟ أوما بلغك‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫الخبر يا بنت أبي بكر ‪..‬‬ ‫ثم قدمنا المدينة ‪ ..‬فلم‬
‫قلت ‪ :‬وما الخبر ؟‬ ‫ألبث أن مرضت واشتكيت‬
‫فأخبرتني بالذي كان من قول‬ ‫شكوى شديدة ‪ ..‬وأنا ل‬
‫أهل الفك ‪..‬‬ ‫يبلغني من كلم الناس شيء‬
‫قلت ‪ :‬أوقد كان هذا ؟‬ ‫‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬نعم والله لقد كان ‪..‬‬ ‫وقد انتهى الحديث إلى‬
‫فوالله ما قدرت على أن أقضي‬ ‫ي ‪..‬‬‫رسول الله ‪ r‬وإلى أبو ّ‬
‫‪114‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عليه اتهام المنافقين ‪ ..‬وكلم‬ ‫حاجتي ورجعت ‪ ..‬فازددت‬
‫الناس في عرضه زوجه ‪..‬‬ ‫مرضا ً إلى مرضي ‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫فوالله ما زلت أبكي ‪ ..‬حتى‬
‫فلما طال المر عليه ‪ ..‬قام ‪r‬‬ ‫ظننت أن البكاء سيصدع‬
‫في الناس فخطبهم ‪ ..‬فحمد‬ ‫كبدي ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫وقلت لمي ‪ :‬يغفر الله‬
‫أيها الناس ما بال رجال‬ ‫لك ‪ ..‬تحدث الناس بما‬
‫يؤذونني في أهلي ‪ ..‬ويقولون‬ ‫تحدثوا يه ‪ ..‬ول تذكرين لي‬
‫عليهم غير الحق ‪ ..‬والله ما‬ ‫من ذلك شيئا ً ‪..‬‬
‫علمت عليهم إل خيرا ً ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬أي بنية خففي عليك‬
‫ويقولون ذلك لرجل ‪ ..‬والله ما‬ ‫ل ما‬‫الشأن ‪ ..‬فوالله لق ّ‬
‫علمت منه إل خيرا ً ‪ ..‬ول يدخل‬ ‫كانت امرأة حسناء عند رجل‬
‫بيتا ً من بيوتي إل وهو معي ‪..‬‬ ‫يحبها ‪ ..‬ولها ضرائر إل كّثرن‬
‫فلما قال رسول الله ‪ r‬تلك‬ ‫‪ ..‬وكّثر الناس عليها ‪..‬‬
‫المقالة ‪..‬‬ ‫قلــت ‪ :‬ســبحان اللــه وقــد‬
‫قام أمير الوس سعد بن معاذ‬ ‫تحدث الناس بهذا ؟‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫فبكيت تلك الليلة حتى‬
‫يا رسول الله إن يكونوا من‬ ‫أصبحت ‪ ..‬ل يرقأ لي دمع ‪..‬‬
‫الوس نكفك إياهم ‪ ..‬وإن‬ ‫ول أكتحل بنوم ‪..‬‬
‫يكونوا من إخواننا من الخزرج‬ ‫ثم أصبحت أبكي ‪..‬‬
‫فمرنا أمرك فوالله إنهم لهل‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫أن تضرب أعناقهم ‪..‬‬ ‫هذا حال عائشة ‪ ..‬تتهم‬
‫فلما سمع ذلك أمير الخزرج‬ ‫بذلك وهي الفتاة التي لم‬
‫سعد بن عبادة قام ‪ ..‬وكان رجل ً‬ ‫يتجاوز عمرها خمس عشرة‬
‫صالحا ً ‪ ..‬لكن أخذته الحمية ‪..‬‬ ‫سنة ‪..‬‬
‫قام فقال ‪ :‬كذبت لعمر الله ‪..‬‬ ‫تتهم بالزنا ‪ ..‬وهي العفيفة‬
‫ما تضرب أعناقهم ‪ ..‬أما والله‬ ‫الشريفة ‪ ..‬زوجة أطهر‬
‫ما قلت هذه المقالة إل أنك قد‬ ‫الناس ‪ ..‬التي ما كشفت‬
‫عرفت أنهم من الخزرج ؟ ولو‬ ‫سترها ‪ ..‬ول هتكت‬
‫كانوا من قومك ما قلت هذا ‪..‬‬ ‫عرضها ‪ ..‬هذا حالها تبكي‬
‫فقال أسيد بن حضير ‪ :‬كذبت‬ ‫في بيت أبويها ‪..‬‬
‫لعمر الله ‪ ..‬والله لنقتلنه ‪..‬‬ ‫أما حال رسول الله ‪ .. r‬فل‬
‫ولكنك منافق تجادل عن‬ ‫يبعد حزنا ً وهما ً ‪ ..‬عن عائشة‬
‫المنافقين ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ثم ثار الناس بعضهم إلى‬ ‫فل جبريل يرسل ‪ ..‬ول‬
‫بعض ‪ ..‬حتى كادوا أن يقتتلوا ‪..‬‬ ‫القرآن ينزل ‪ ..‬ويبقى ‪r‬‬
‫ورسول الله ‪ r‬قائم على‬ ‫متحيرا ً في أمره ‪ ..‬وقد كبر‬
‫‪115‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صديق المة أبو بكــر ‪ ..‬وتزوجهــا‬ ‫المنبر ‪ ..‬فلم يزل يخفضهم‬
‫سيد ولد آدم ‪..‬‬ ‫حتى سكتوا ‪ ..‬وسكت ‪..‬‬
‫بل كيف تقع فــي ريبــة ‪ ..‬وهــي‬ ‫فلما رأى ‪ r‬ذلك ‪ ..‬نزل‬
‫أحب الناس إلــى رســول اللــه ‪..‬‬ ‫فدخل بيته ‪..‬‬
‫ولم يكن ‪ r‬يحب إل طيبا ً ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫فهي البريئة المبرأة ‪ ..‬ولكن‬ ‫ولما رأى أن المر ل يمكن‬
‫الله يبتليها ليعظم أجرها ‪..‬‬ ‫حله من جهة عموم الناس ‪..‬‬
‫ويرفع ذكرها ‪..‬‬ ‫أراد أن يجد حل ً من جهة‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫أهل بيته ‪ ..‬وأخص الناس‬
‫وتمضــي علــى عائشــة اليــام ‪..‬‬ ‫به ‪..‬‬
‫واللم تلد اللم ‪ ..‬وهي تتقلــب‬ ‫فدعا عليا ً وأسامة بن زيد ‪..‬‬
‫علــى فــراش مرضــها ‪ ..‬ل تهنــأ‬ ‫فاستشارهما ‪..‬‬
‫بطعام ول شراب ‪..‬‬ ‫فأما أسامة فأثنى على‬
‫وقد حاول رسول الله ‪ r‬أن يحل‬ ‫عائشة خيرا ً وقال ‪ :‬يا‬
‫المشكلة ‪ ..‬بخطبة على رؤوس‬ ‫رسول الله ‪ ..‬أهلك وما نعلم‬
‫الناس فكادت أن تقع الحرب‬ ‫منهم إل خيرا ً ‪ ..‬وهذا الكذب‬
‫بين المسلمين ‪ ..‬وحاول أن‬ ‫والباطل ‪..‬‬
‫يحلها في بيته ويسأل عليا ً وزيدا ً‬ ‫وأما علي فإنه قال ‪ :‬يا‬
‫‪ ..‬فلم يخرج بشيء ‪..‬‬ ‫رسول الله إن النساء‬
‫فلمــا رأى ذلــك ‪ ..‬أراد أن ينهــي‬ ‫لكثير ‪ ..‬وإنك لقادر على أن‬
‫المر من جهة عائشة ‪..‬‬ ‫تستخلف ‪ ..‬وسل الجارية‬
‫قالت رضي الله عنها ‪:‬‬ ‫فإنها ستصدقك ‪ ..‬فدعا‬
‫وبكيــت يــومي ذلــك ل ترقــأ لــي‬ ‫رسول الله ‪ r‬بريرة ‪..‬‬
‫دمعه ‪ ..‬ول اكتحل بنوم ‪..‬‬ ‫فقـــال ‪ :‬أي بريـــرة ‪ ..‬هـــل‬
‫ثم بكيت ليلــتي المقبلــة ل ترقــأ‬ ‫رأيت مــن شــيء يريبــك مــن‬
‫لي دمعه ول أكتحل بنوم ‪..‬‬ ‫عائشة ؟‬
‫وأبــواي يظنــان أن البكــاء فــالق‬ ‫فقالت بريرة ‪ :‬ل ‪ ..‬والذي‬
‫كبدي ‪..‬‬ ‫بعثك بالحق نبيا ً ‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫والله ما أعلم إل خيرا ً ‪ ..‬وما‬
‫فأقبل يحث الخطى إلى بيت‬ ‫كنت أعيب على عائشة شيئا ً‬
‫أبي بكر ‪..‬‬ ‫‪ ..‬إل أنها جارية حديثة السن‬
‫فاستأذن ‪ ..‬ودخل عليها وعندها‬ ‫‪ ..‬فكنت أعجن عجيني ‪..‬‬
‫أبوها وأمها‪ ..‬وامرأة من النصار‬ ‫فآمرها أن تحفظه فتنام‬
‫‪..‬‬ ‫عنه ‪ ..‬فتأتي الشاة فتأكله ‪..‬‬
‫وهي أول مرة يدخل فيها بيت‬ ‫نعــم ‪ ..‬كيــف تــرى الجاريــة‬
‫أبي بكر ‪ ..‬منذ قال الناس ما‬ ‫علــى عائشــة ريبــة ‪ ..‬وهــي‬
‫قالوا ‪ ..‬وما رأى عائشة منذ‬ ‫الفتــاة الصــالحة الــتي رباهــا‬
‫‪116‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫رسول الله ‪ r‬فلم يتكلما ‪..‬‬ ‫قرابة الشهر ‪ ..‬وقد لبث‬
‫فقلت لبي ‪ :‬أجب عنــي رســول‬ ‫شهرا ً ل يوحى إليه في‬
‫الله ‪ r‬فيما قال ‪..‬‬ ‫شيء في شأن عائشة ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬والله مــا أدري مــا أقــول‬ ‫دخل ‪ r‬على عائشة ‪..‬‬
‫لرسول الله ‪.. ! r‬‬ ‫فإذا طريحة الفراش ‪..‬‬
‫فقلـــت لمـــي ‪ :‬أجيـــبي عنـــي‬ ‫وكأنها فرخ منتوف من شدة‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬ ‫البكاء والهم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬والله ما أدري ما أقــول‬ ‫وإذا هي تبكي ‪ ..‬والمرأة‬
‫لرسول الله ‪! r‬‬ ‫تبكي معها ‪ ..‬ل يملكان من‬
‫ووالله ما أعلــم أهــل بيــت دخــل‬ ‫المر شيئا ً ‪..‬‬
‫عليهم ما دخل على آل أبي بكــر‬ ‫فجلس رسول الله ‪.. r‬‬
‫في تلك اليام ‪..‬‬ ‫فحمد الله وأثنى عليه ‪ ..‬ثم‬
‫فلما استعجما علي ‪ ..‬اســتعبرت‬ ‫قال ‪:‬‬
‫فبكيت ؟‬ ‫أما بعــد يــا عائشــة فــإنه قــد‬
‫ثم قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬والله ل أتوب إلى‬ ‫بلغني عنك كذا وكذا ‪ ..‬وذكــر‬
‫الله مما ذكرت أبدا ً ‪..‬‬ ‫‪ e‬خبر الفك ‪ ..‬وما أشيع من‬
‫إني واللــه قــد عرفــت أنكــم قــد‬ ‫وقوعها في خطأ كــبير ‪..‬ثــم‬
‫سـمعتم بهـذا حـتى اسـتقر فـي‬ ‫أراد ‪ e‬أن يــــــبين لهــــــا أن‬
‫أنفســـكم وصـــدقتم بـــه ‪ ..‬ولئن‬ ‫النسان مهما وقع في خطــأ‬
‫قلت لكم إني بــريئة ‪ -‬واللــه عــز‬ ‫فـــإن معالجـــة هـــذا الخطـــأ‬
‫وجـــل يعلـــم إنـــي بـــريئة ‪ -‬ل‬ ‫ليست صعبة ‪ ..‬فقال لها ‪:‬‬
‫تصدقوني ‪..‬‬ ‫فــإن كنــت بــريئه فســيبرئك‬
‫وإن اعــترفت لكــم بــأمر ‪ -‬واللــه‬ ‫الله عز وجل ‪..‬‬
‫يعلـــــم أنـــــي منـــــه بـــــريئة ‪-‬‬ ‫وإن كنـــت ألممـــت بـــذنب ‪..‬‬
‫تصدقوني ‪..‬‬ ‫فاســتغفري اللــه عــز وجــل‬
‫وإني والله ل أجد لي ولكم مثل ً‬ ‫وتوبي إليه ‪ ..‬فــإن العبــد إذا‬
‫إل كما قال أبو يوسف ‪ [ :‬فصبر‬ ‫اعترف بذنب ثم تــاب ‪ ..‬تــاب‬
‫جميل والله المستعان على ما‬ ‫الله عليه ‪..‬‬
‫تصفون ] ‪..‬‬ ‫هكــذا ‪ ..‬حــل ســهل للخطــأ –‬
‫قالت ‪ :‬ثم تحولت فاضطجعت‬ ‫إن كان قد وقع – دون تعقيد‬
‫على فراشي ‪..‬‬ ‫وتطويل ‪..‬‬
‫وأنا والله أعلم أني بريئة وأن‬ ‫قالت عائشة ‪:‬‬
‫الله مبرئي ببراءتي ‪..‬‬ ‫فلمــا قضــى رســول اللــه ‪r‬‬
‫ولكن والله ما كنت أظن أن‬ ‫مقالته ‪ ..‬قلــص دمعــي حــتى‬
‫ي يتلى ‪..‬‬‫ل في شأني وح ٌ‬ ‫ز َ‬
‫َين ِ‬ ‫ما أحس منه قطرة ‪..‬‬
‫ولشأني كان أحقَر في نفسي‬ ‫ي أن يجيبا عني‬ ‫وانتظرت أبو ّ‬
‫ي بأمر‬ ‫من أن يتكلم الله ف ّ‬
‫‪117‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ت‬ ‫من َــــا ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫من ُــــو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ظَــــ ّ‬ ‫يتلى ‪..‬‬
‫ك‬ ‫فـ ٌ‬ ‫ذا إ ِ ْ‬ ‫هـ َ‬ ‫قــاُلوا َ‬ ‫و َ‬ ‫خْيرا ً َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ِ‬ ‫س‬ ‫ف ِ‬ ‫ب ِأ َن ْ ُ‬ ‫ولكن كنت أرجو أن يرى‬
‫َ‬
‫ة‬‫عـ ِ‬ ‫ه ب ِأْرب َ َ‬ ‫عل َي ْـ ِ‬ ‫ءوا َ‬ ‫جــا ُ‬ ‫ول َ‬ ‫ن * ل َـ ْ‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ل الله ‪ r‬في النوم رؤيا‬ ‫رسو ُ‬
‫ء‬
‫دا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه َ‬ ‫م ي َـأُتوا ِبالشـ َ‬ ‫داءَ فـإ ِذ لـ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫شـ َ‬ ‫يبرئني الله عز وجل بها ‪..‬‬
‫ن‬ ‫م الك َــاِذُبو َ‬ ‫ْ‬ ‫هـ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ّ‬
‫عن ْ ـدَ الل ـ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫فُأولئ ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫] ‪..‬‬ ‫فوالله ما برح رســول اللــه ‪r‬‬
‫ن‬‫وتوعد الله أولئك بقوله ‪ [ :‬إ ِ ّ‬ ‫مجلسه ‪ ..‬ول خرج مــن أهــل‬
‫ع ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ش ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫شي َ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫البيت أحد ‪..‬‬
‫َ‬
‫م‬‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مُنوا ل َ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫في ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫حتى تغشاه من الله مــا كــان‬
‫م‬‫عل َ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫واْل ِ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫ِ‬ ‫يتغشــاه ‪ ..‬وأنــزل اللــه علــى‬
‫ن ] ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫عل ُ‬ ‫م ل تَ ْ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫نبيه ‪..‬‬
‫ثم خرج رسول الله ‪ r‬إلى الناس‬ ‫فأما أنا حين رأيته يوحى‬
‫‪ ..‬فخطبهم ‪ ..‬وتل عليهم ما‬ ‫إليه ‪ ..‬فوالله ما فزعت ‪..‬‬
‫أنزل الله من القران في ذلك ‪..‬‬ ‫وما باليت ‪ ..‬قد عرفت أني‬
‫ثم أقام حد القذف على من‬ ‫بريئة ‪ ..‬وأن الله غير ظالمي‬
‫قذف ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫إذن ‪ ..‬ينبغي أن تتعامل مع‬ ‫وأما أبواي فوالذي نفس‬
‫المخطئ على أنه مريض يحتاج‬ ‫سّري عن‬ ‫عائشة بيده ‪ ..‬ما ُ‬
‫إلى علج ‪ ..‬ل أن تبالغ في كبته‬ ‫رسول الله ‪ r‬حتى ظننت‬
‫وتعنيفه ‪ ..‬لنه قد يصل إلى‬ ‫لتخرجن أنفسهما ‪ ..‬فرقا ً‬
‫ح بهذا‬ ‫درجة يشعر معها أنك فر ٌ‬ ‫من أن يأتي من الله تحقيق‬
‫الخطأ ‪..‬‬ ‫ما قال الناس ‪..‬‬
‫والطبيب الناصح هو الذي يهتم‬ ‫سّري عنه ‪ .. r‬فإذا هــو‬ ‫فلما ُ‬
‫بصحة مرضاه أكثر من اهتمامهم‬ ‫يضحك ‪ ..‬فجعل يمسح العرق‬
‫هم بأنفسهم ‪..‬‬ ‫عن وجهه ‪..‬‬
‫قال ‪: r‬‬ ‫وكان أول كلمة تكلم بهــا أن‬
‫إنما مثلي ومثل الناس ‪ ..‬كمثل‬ ‫قال ‪:‬‬
‫رجل استوقد نارا ً ‪..‬‬ ‫أبشري يــا عائشــة قــد أنــزل‬
‫فلما أضاءت ما حوله ‪ ..‬جعل‬ ‫الله عز وجل براءتك ‪..‬‬
‫ش وهذه الدواب التي تقع‬ ‫فَرا ُ‬ ‫ال َ‬ ‫فقلت ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬
‫في النار يقعن فيها ‪..‬‬ ‫ن‬ ‫وأنـــزل اللـــه تعـــالى ‪ [ :‬إ ِ ّ‬
‫فجعل ينزعهن ‪ ..‬ويغلبنه‬ ‫ة‬‫ص ـب َ ٌ‬ ‫ع ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫فـ ِ‬ ‫ءوا ِباْل ِ ْ‬ ‫جــا ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّـ ِ‬
‫فيقتحمن فيها !!‬ ‫ل‬ ‫م بَ ْ‬ ‫شّرا ً ل َك ُ ْ‬ ‫سُبوهُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ل تَ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫كم عن النار ‪..‬‬ ‫ز ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫فأنا آخذٌ بح َ‬ ‫م‬ ‫ُ‬
‫م ل ِك ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫ئ ِ‬ ‫ر ٍ‬‫م ِ‬‫لا ْ‬ ‫خي ٌْر لك ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫وأنتم تقحمون فيها ‪..‬‬ ‫ذي‬ ‫وال ّـ ِ‬ ‫ن اْل ِث ْـم ِ َ‬ ‫مـ َ‬ ‫ب ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما اك ْت َ َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عـ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ل َـ ُ‬ ‫هـ ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫وّلى ك ِب ْـَرهُ ِ‬ ‫تَ َ‬
‫رأي ‪..‬‬ ‫ه‬
‫مو ُ‬ ‫عت ُ ُ‬ ‫م ْ‬‫ســ ِ‬ ‫ول إ ِذْ َ‬ ‫عظيــم * َلــ ْ‬
‫‪118‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صاحبه ‪ ..‬إل أن ينتهك‬ ‫أحيانا ً تكون طريقتنا في‬
‫شيء من محارم الله‬ ‫التعامل مع الخطاء أكبر من‬
‫)‪(42‬‬
‫فينتقم لله ‪..‬‬ ‫الخطأ نفسه ‪..‬‬
‫إذن ‪ ..‬كان ‪ r‬يغضب ‪ ..‬لكنه‬
‫غضبه لله ‪ ..‬ل يغضب لنفسه ‪..‬‬ ‫‪.35‬‬
‫وحتى نفهم الفرق بين الغضبين‬ ‫كما أن الناس يختلفون في‬
‫‪:‬‬ ‫طباعهم وأشكالهم ‪ ..‬كذلك‬
‫افرض أن ولدك الصغير جاءك‬ ‫هم يختلفون في وجهات‬
‫ذات صباح وطلب ريال ً أو ريالين‬ ‫نظرهم ‪ ..‬وفي قناعاتهم‬
‫مصروفا ً للمدرسة ‪ ..‬فبحثت في‬ ‫وتصرفاتهم ‪..‬‬
‫محفظة نقودك ‪ ..‬فلم تجد إل‬ ‫ً‬
‫فإذا شعرت أن أحدا خالف‬
‫فئة الخمسمائة ريال ‪..‬‬ ‫الصواب ‪ ..‬ونصحته وحاولت‬
‫فأعطيتها له ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬ ‫إصلح خطئه ولم يقتنع ‪..‬‬
‫هذه خمسمائة ريال ‪ ..‬اصرف‬ ‫فل تصنف اسمه من بين‬
‫منها ريالين ‪ ..‬وأرجع الباقي ‪..‬‬ ‫أعدائك ‪ ..‬وخذ المور‬
‫وأكدت عليه وكررت ‪..‬‬ ‫بأريحية قدر المستطاع ‪..‬‬
‫فلما رجع بعد الظهر فإذا المال‬ ‫فلو حاولت إصلح خطأ عند‬
‫كله قد صرفه ‪..‬‬ ‫أحد زملئك فلم يستجب ‪..‬‬
‫فماذا ستفعل ؟‪ ..‬وكيف سيكون‬ ‫فل تقلب الصداقة عداوة ‪..‬‬
‫غضبك ‪..‬؟ قد تضرب وتعنف‬ ‫وإنما استمر في التلطف‬
‫وتمنعه من مصروفه أياما ً ‪..‬‬ ‫فلعله أن يبقى على خطئه‬
‫ولكن لو رجعت مرة من صلة‬ ‫ول يزيد ‪..‬‬
‫العصر ووجدته يلعب‬ ‫وقد قيل ‪ :‬حنانيك بعض‬
‫بالكمبيوتر ‪ ..‬أو عند التلفاز ‪..‬‬ ‫الشر أهون من بعض ‪..‬‬
‫ولم يصل في المسجد ‪ ..‬فهل‬ ‫إذا تعاملت مع الناس بهذه‬
‫ستغضب كغضبك الول ؟‬ ‫الريحية ‪ ..‬فلم تغضب على‬
‫أظننا نتفق أن غضبنا ألول‬ ‫كل صغيرة وكبيرة ‪ ..‬عشت‬
‫سيكون أشد وأطول وأكثر تأثيرا ً‬ ‫سعيدا ً ‪..‬‬
‫من غضبنا الثاني ‪..‬‬ ‫قالت عائشة ‪: ‬‬
‫أما رسول الله ‪ r‬فكان غضبه لله‬ ‫ما انتقم رسول‬ ‫•‬
‫‪..‬‬ ‫الله ‪ r‬لنفسه قط ‪..‬‬
‫ً‬
‫وكان يعرض النصيحة أحيانا ول‬ ‫وما ضرب شيئا ً‬ ‫•‬
‫تقبل ‪ ..‬فياخذ المر بهدووووء ‪..‬‬ ‫قط بيده ‪ ..‬ول امرأة ‪..‬‬
‫فالهداية بيد الله ‪..‬‬ ‫ول خادما ً ‪ ..‬إل أن‬
‫قدم رسول الله ‪ ‬إلى تبوك‬ ‫يجاهد في سبيل الله ‪..‬‬
‫وما نيل منه شيء‬ ‫•‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪42‬‬ ‫قط ‪ ..‬فينتقم من‬
‫‪119‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لعرابي جاء من الحجاز ‪!!.‬‬ ‫على حدود الشام ‪..‬‬
‫أسقط في يد هرقل ‪ ..‬وأيقن‬ ‫اقترب من مملكة الروم ‪..‬‬
‫أنه تورط بعرضه عليهم ‪..‬‬ ‫فبعث دحية الكلبي ‪ ‬رسول ً‬
‫وكان هؤلء القساوية لهم‬ ‫إلى هرقل ملك الروم ‪..‬‬
‫سطوة وجمهور قوي ‪..‬‬ ‫وصل دحية ‪ ‬إلى هرقل ‪..‬‬
‫فعلم هرقل أنهم إن خرجوا من‬ ‫دخل عليه ‪ ..‬ناوله كتاب‬
‫عنده ‪ ..‬أفسدوا عليه الروم ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫فجعل يهدئهم ‪ ..‬ويقول ‪ :‬إنما‬ ‫فلما أن رأى هرقل الكتاب‬
‫قلت ذلك لعلم صلبتكم على‬ ‫دعا قسيسي الروم‬
‫أمركم ‪..‬‬ ‫وبطارقتها ‪ ..‬ثم أغلق عليه‬
‫كان هرقل يعلم أن النبي ‪ ‬هو‬ ‫وعليهم الدار فقال ‪:‬‬
‫الرسول الذي بشر به عيسى‬ ‫" قد نزل هذا الرجل حيث‬
‫‪.. ‬‬ ‫ي أن‬ ‫رأيتم ‪ ..‬وقد أرسل إل ّ‬
‫فأراد أن يتأكد من ذلك ‪..‬‬ ‫يدعوني إلى ثلث خصال ‪..‬‬
‫دعا هرقل رجل ً من عرب قبيلة‬ ‫يدعوني ‪:‬‬
‫"تجيب" ‪ ..‬كان من نصارى‬ ‫أن أتبعه على‬ ‫•‬
‫العرب ‪..‬‬ ‫دينه ‪..‬‬
‫وقال له ‪:‬‬ ‫أو على أن نعطيه‬ ‫•‬
‫ادع لي رجل ً حافظا ً للحديث ‪..‬‬ ‫مالنا على أرضنا‬
‫ي اللسان ‪ ..‬أبعثه إلى هذا‬ ‫عرب ّ‬ ‫والرض أرضنا ‪..‬‬
‫الرجل بجواب كتابه ‪..‬‬ ‫أو نلقي إليه‬ ‫•‬
‫مضى ذاك التجيبي ‪ ..‬وجاء‬ ‫الحرب ‪..‬‬
‫برجل من بني تنوخ ‪ ..‬من‬ ‫ثم قال هرقل ‪:‬‬
‫نصارى العرب ‪..‬‬ ‫والله لقد عرفتم فيما‬
‫دفع هرقل كتابا ً لهذا التنوخي‬ ‫تقرأون من الكتب ليأخذن‬
‫ليوصله لرسول الله ‪ .. ‬وقال‬ ‫م فلنتبعه على‬ ‫أرضنا ‪ ..‬فهل ّ‬
‫له ‪ :‬اذهب بكتابي إلى هذا‬ ‫دينه ‪ ..‬أو نعطيه مالنا على‬
‫الرجل ‪..‬‬ ‫أرضنا ‪..‬‬
‫فما سمعت من حديثه فاحفظ‬ ‫فلما سمع القساوسة ذلك ‪..‬‬
‫لي منه ثلث خصال ‪:‬‬ ‫ورأوا أنه يدعوهم لترك‬
‫انظر هل يذكر‬ ‫•‬ ‫دينهم ! غضبوا ‪ ..‬ونخروا‬
‫صحيفته إلى التي كتب‬ ‫نخرة رجل واحد حتى خرجوا‬
‫بشيء ‪..‬؟‬ ‫من برانسهم ‪ ..‬أي سقطت‬
‫وانظر إذا قرأ كتابي‬ ‫•‬ ‫أرديتهم من شدة الغضب‬
‫فهل يذكر الليل ؟‬ ‫والنتفاض !!‬
‫وانظر في ظهره هل‬ ‫•‬ ‫وقالوا ‪ :‬تدعونا إلى أن نذر‬
‫به شيء يريبك ؟‬ ‫النصرانية ‪ ..‬أو نكون عبيدا ً‬
‫‪120‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يا أخا تنوخ ‪..‬‬ ‫مضى التنوخي كفارقا ً‬
‫إني كتبت بكتاب إلى‬ ‫•‬ ‫للشام ‪ ..‬حتى وصل إلى‬
‫كسرى فمزقه والله ممزقه‬ ‫تبوك ‪..‬‬
‫وممزق ملكه ‪..‬‬ ‫فإذا رسول الله ‪ ‬جالس‬
‫وكتبت إلى النجاشي‬ ‫•‬ ‫بين ظهراني أصحابه ‪..‬‬
‫بصحيفة فخرقها والله‬ ‫محتبيا ً على الماء ‪..‬‬
‫مخرق ملكه ‪..‬‬ ‫فوقف التنوخي عليهم ‪..‬‬
‫وكتبت إلى صاحبك‬ ‫•‬ ‫وقال ‪ :‬أين صاحبكم ؟‬
‫بصحيفة فأمسكها ‪ ..‬فلن‬ ‫قيل ‪ :‬ها هو ذا ‪..‬‬
‫يزال الناس يجدون منه‬ ‫فأقبل يمشي حتى جلس‬
‫بأسا ً ما دام في العيش خير‬ ‫بين يديه ‪..‬‬
‫" ‪..‬‬ ‫فناوله كتاب هرقل ‪..‬‬
‫تذكر التنوخي وصية هرقل ‪..‬‬ ‫فأخذه ‪ .. ‬فوضعه في‬
‫وقال في نفسه ‪ :‬هذه إحدى‬ ‫جره ‪ ..‬ثم قال ‪ " :‬ممن‬ ‫ح ْ‬
‫ِ‬
‫الثلث التي أوصاني بها‬ ‫أنت " ‪ ..‬؟‬
‫صاحبي ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أنا أخو تنوخ ‪..‬‬
‫فخشي أن ينساها ‪ ..‬فأخذ سهما ً‬ ‫فقال ‪ " : ‬هل لك إلى‬
‫من جعبته فكتبها في جنب‬ ‫السلم ‪ ..‬الحنيفية ‪ ..‬ملة‬
‫سيفه ‪..‬‬ ‫أبيك إبراهيم ؟‬
‫ثم إن رسول الله ‪ ‬ناول‬ ‫كان ‪ ‬راغبا ً في دخول هذا‬
‫الصحيفة رجل ً عن يساره ‪..‬‬ ‫الرجل في السلم ‪..‬‬
‫فقال التنوخي ‪ :‬من صاحب‬ ‫في الحقيقة لم يكن هناك‬
‫كتابكم الذي يقرأ لكم ؟‬ ‫ما يمنع التنوخي من اتباع‬
‫قالوا ‪ :‬معاوية ‪..‬‬ ‫الحق ‪ ..‬إل التعصب لدين‬
‫بدأ معاوية ‪ ‬يقرأ ‪ ..‬فإذا هرقل‬ ‫قومه ‪ ..‬فحسب !!‬
‫قد كتب إلى النبي ‪: ‬‬ ‫فقال التنوخي بكل صراحة ‪:‬‬
‫تدعوني إلى جنة عرضها‬ ‫إني رسول قوم ‪ ..‬وعلى‬
‫السموات والرض أعدت‬ ‫دين قومي ‪ ..‬ل أرجع عنه‬
‫للمتقين !! فأين النار ؟‬ ‫حتى أرجع إليهم ‪..‬‬
‫فقال ‪ " : r‬سبحان الله ‍‍! أين‬ ‫فما رأى ‪ ‬هذا التعصب ‪..‬‬
‫الليل إذا جاء النهار " ‪.‬‬ ‫لم يغضب ‪ ..‬ولم يعمل‬
‫فانتبه التنوخي أن هذه الثانية‬ ‫مشكلة ‪ ..‬وإنما ضحك‬
‫التي أمره هرقل بترقبها ‪..‬‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫فأخذ سهما ً من جعبته فكتبه في‬ ‫" إنك ل تهدي من أحببت‬
‫جلد سيفه ‪..‬‬ ‫ولكن الله يهدي من يشاء‬
‫فلما أن فرغ معاوية من قراءة‬ ‫وهو أعلم بالمهتدين " ‪..‬‬
‫الكتاب ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ ‬بكل هدوء ‪:‬‬
‫‪121‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫" هاهنا امض لما أمرت به " ‪..‬‬ ‫التفت ‪ ‬إلى التنوخي ‪..‬‬
‫قال التنوخي ‪ :‬فنظرت في‬ ‫الذي لم يقبل النصح ‪ ..‬ولم‬
‫ظهره ‪ ..‬فإذا أنا بخاتم في‬ ‫يدخل في الدين ‪ ..‬وقال له‬
‫موضع غضون الكتف مثل‬ ‫متلطفا ً ‪:‬‬
‫)‪(43‬‬
‫الحجمة الضخمة ‪..‬‬ ‫إن لك حقا ً وإنك لرسول ‪..‬‬
‫فلو وجدت عندنا جائزة‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫فر‬‫س ْ‬‫جوزناك بها ‪ ..‬إنا ِ‬
‫المقصود أن يدرك الناس‬ ‫ملون ‪..‬‬ ‫مر ِ‬
‫ُ‬
‫أخطاءهم ‪ ..‬وليس شرطا ً أن‬ ‫يعني أتمنى أن أعطيك هدية‬
‫يصححوها أمامك ‪ ..‬فل تغضب ‪..‬‬ ‫‪ ..‬لكننا كما ترانا مسافرين‬
‫جالسين على الرمال !!‬
‫قابل الساءة‬ ‫‪.36‬‬ ‫فقال عثمان ‪ : ‬أنا أجوزه‬
‫بالحسان ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪..‬‬
‫عندما تتعامل مع الناس فإنهم‬ ‫ثم قام عثمان ففتح رحله ‪..‬‬
‫يعاملونك في الغالب على ما‬ ‫فأتى بحلة ولباس فوضعها‬
‫هم ‪ ..‬ل على ما تريد‬‫يريدون ُ‬ ‫في حجر التنوخي ‪..‬‬
‫أنت ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ r‬الكريم ‪ " :‬أيكم‬
‫فليس كل من قابلته ببشاشة‬ ‫ينزل هذا الرجل ؟ " ‪ ..‬يعني‬
‫بادلك بشاشة مثلها ‪ ..‬فبعضهم‬ ‫يقوم بحق ضيافته !!‬
‫قد يغضب ويسيء الظن‬ ‫فقال فتى من النصار ‪:‬‬
‫ويسألك ‪ :‬مم تضحك ؟!‬ ‫أنا ‪..‬‬
‫ول كل من أهديت له هدية ‪ ..‬رد‬ ‫فقام النصاري وقام‬
‫لك مثلها ‪ ..‬فبعضهم قد تهدي‬ ‫التنوخي يمشي معه ‪ ..‬وباله‬
‫إليه ثم يغتابك في المجالس‬ ‫مشغول بالمر الثالث الذي‬
‫ويتهمك بالسفه وتضييع‬ ‫أمره هرقل أن يتأكد له‬
‫المال ‪!!..‬‬ ‫منه ‪ ..‬وهو خاتم النبوة بين‬
‫ول كل من تفاعلت معه في‬ ‫كتفي النبي ‪.. ‬‬
‫كلمه ‪ ..‬أو أثنيت عليه وتلطفت‬ ‫مشى التنوخي خطوات ‪..‬‬
‫معه في عباراتك قابلك بمثلها ‪..‬‬ ‫وفجأة ‪ ..‬إذا برسول الله ‪‬‬
‫فإن الله قسم الخلق كما قسم‬ ‫يصيح به ‪:‬‬
‫الرزاق ‪..‬‬ ‫" تعال يا أخا تنوخ " ‪!!..‬‬
‫والمنهج الرباني هو ‪ ) :‬ول‬ ‫فأقبل التنوخي يهوي‬
‫تستوي الحسنة ول السيئة ادفع‬ ‫مسرعا ً ‪ ..‬حتى قام بين يدي‬
‫بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك‬ ‫النبي ‪.. ‬‬
‫فحل ‪ ‬حبوته ‪ ..‬ثم أسقط‬
‫‪( ) 43‬في مسند أحمد ‪ ..‬بإسناد قال فيه‬
‫ابن كثير ل بأس به ‪ ..‬سيرة ابن كثير‬
‫رداءه عن ظهره ‪ ..‬فانكشف‬
‫‪. 4/27‬‬ ‫ظهره للتنوخي ‪ ..‬فقال ‪: ‬‬
‫‪122‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كثرة النظر إلى الطعام قبل‬ ‫وبينه عداوة كأنه ولي‬
‫نضوجه ‪..‬‬ ‫حميم ( ‪..‬‬
‫فتولى الرجل الطبخ والنفخ ‪..‬‬ ‫وبعض الناس ل حل له ول‬
‫حتى جهز الطعام وقد تعب ‪..‬‬ ‫إصلح إل أن تتعامل معه بما‬
‫فاضجع على الرض ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا‬ ‫هو عليه ‪ ..‬فتصبر عليه أو‬
‫أشعب ! قم جهز سفرة‬ ‫تفارقه ‪..‬‬
‫الطعام ‪ ..‬وضع الطعام في‬ ‫ذكر أن أشعب سافر مع‬ ‫ُ‬
‫الصحن ‪..‬‬ ‫رجل من التجار ‪ ..‬وكان هذا‬
‫فقال أشعب ‪ :‬جسمي ثقيل ول‬ ‫الرجل يقوم بكل شيء من‬
‫أنشط لذلك ‪..‬‬ ‫خدمة وإنزال متاع وسقي‬
‫فقام الرجل وجهز الطعام‬ ‫دواب ‪ ..‬حتى تعب وضجر ‪..‬‬
‫ووضعه على السفرة ‪..‬‬ ‫وفي طريق رجوعهما ‪ ..‬نزل‬
‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم‬ ‫للغداء ‪..‬‬
‫شاركني في أكل الطعام ‪..‬‬ ‫فأناخا بعيريهما ونزل ‪ ..‬فأما‬
‫فقال أشعب ‪ :‬قد استحييت‬ ‫أشعب فتمدد على الرض ‪..‬‬
‫والله من كثيرة اعتذاري وها أنا‬ ‫وأما صاحبه فوضع الفرش ‪..‬‬
‫أطيعك الن ‪ ..‬ثم قام وأكل !!‬ ‫وأنزل المتاع ‪..‬‬
‫فقد تلقي من الناس من هو‬ ‫ثم التفت إلى أشعب وقال ‪:‬‬
‫مثل أشعب ‪ ..‬فل تحزن ‪ ..‬وكن‬ ‫قم اجمع الحطب وأنا أقطع‬
‫جبل ً ‪..‬‬ ‫اللحم ‪..‬‬
‫كان المربي الول ‪ e‬يتعامل مع‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬أنا والله‬
‫الناس بعقله ل بعاطفته ‪ ..‬كان‬ ‫متعب من طول ركوب الدابة‬
‫يتحمل أخطاء الخرين ويرفق‬ ‫‪ ..‬فقام الرجل وجمع‬
‫بهم ‪..‬‬ ‫الحطب ‪..‬‬
‫وانظر إليه ‪ r‬وقد جلس في‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم‬
‫مجلس مبارك يحيط به‬ ‫أشعل الحطب ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫أصحابه ‪..‬‬ ‫يؤذيني الدخان في صدري‬
‫فيأتيه أعرابي يستعينه في دية‬ ‫إن اقتربت منه ‪ ..‬فأشعلها‬
‫قتيل ‪ ..‬قد قتل ‪ -‬هو أو غيره‬ ‫الرجل ‪..‬‬
‫‪-‬رجل ً ‪ ..‬فأقبل يريد من النبي‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم‬
‫‪ ‬أن يعينه بمال ‪ ..‬يؤديه إلى‬ ‫أمسك علي لقطع اللحم ‪..‬‬
‫أولياء المقتول ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أخشى أن تصيب‬
‫فأعطاه رسول الله ‪ e‬شيئا ً ‪ ..‬ثم‬ ‫السكين يدي ‪ ..‬فقطع‬
‫قال تلطفا ً معه ‪ :‬أحسنت إليك ؟‬ ‫الرجل اللحم وحده ‪..‬‬
‫قال العرابي ‪ :‬ل ‪ ..‬ل أحسنت‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم ضع‬
‫ول أجملت ‪..‬‬ ‫اللحم في القدر واطبخ‬
‫فغضب بعض المسلمين وهموا‬ ‫الطعام ‪ ..‬فقال ‪ :‬يتعبني‬
‫‪123‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال العرابي ‪ :‬نعم فجزاك الله‬ ‫أن يقوموا إليه ‪ ..‬فأشار‬
‫من أهل وعشيرة خيرا ً ‪..‬‬ ‫النبي ‪ e‬إليهم أن كفوا ‪..‬‬
‫فلما هم العرابي أن يخرج إلى‬ ‫ثم قام ‪ e‬إلى منزله ‪ ..‬ودعا‬
‫أهله ‪..‬‬ ‫العرابي إلى البيت فقال له‬
‫أراد ‪ r‬أن يعطي أصحابه درسا ً‬ ‫‪:‬‬
‫في كسب القلوب ‪ ..‬فقال‬ ‫إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك‬
‫لهم ‪:‬‬ ‫‪ ..‬فقلت ما قلت ‪..‬‬
‫إن مثلي ومثل هذا العرابي‬ ‫ثم زاده ‪ r‬شيئا ً من مال‬
‫كمثل رجل كانت له ناقة‬ ‫وجده في بيته ‪..‬‬
‫فشردت عليه ‪ ..‬فاتبعها‬ ‫فقال ‪ :‬أحسنت إليك ؟‬
‫الناس ‪ ..‬يعني يركضون وراءها‬ ‫فقال العرابي ‪ :‬نعم فجزاك‬
‫ليمسكوها ‪ ..‬وهي تهرب منهم‬ ‫الله من أهل وعشيرة‬
‫فزعا ً ‪ ..‬ولم يزيدوها إل نفورا ً ‪..‬‬ ‫خيرا ً ‪..‬‬
‫فقال صاحب الناقة ‪:‬‬ ‫فأعجبه ‪ r‬هذا الرضى منه ‪..‬‬
‫خلوا بيني وبين ناقتي ‪ ..‬فأنا‬ ‫لكنه خشي أن يبقى في‬
‫أرفق بها وأعلم بها ‪..‬‬ ‫قلوب أصحابه على الرجل‬
‫فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ‬ ‫شيء ‪ ..‬فيراه أحدهم في‬
‫لها من قشام الرض ‪..‬‬ ‫طريق أو سوق ‪ ..‬فل يزال‬
‫ودعاها ‪..‬‬ ‫حاقدا ً عليه ‪..‬‬
‫حتى جاءت واستجابت ‪ ..‬وشد‬ ‫ل ما في‬ ‫فأراد أن يس ّ‬
‫عليها رحلها ‪ ..‬واستوى عليها ‪..‬‬ ‫صدورهم ‪..‬‬
‫ولو أني أطعتكم حيث قال ما‬ ‫فقال له ‪ : e‬إنك كنت جئتنا‬
‫قال ‪ ..‬دخل النار ‪..‬‬ ‫فأعطيناك ‪ ..‬فقلت ما‬
‫د‬
‫يعني لو طردتموه ‪ ..‬لعله يرت ّ‬ ‫قلت ‪ ..‬وفي نفس أصحابي‬
‫)‪(44‬‬
‫عن الدين ‪ ..‬فيدخل النار ‪..‬‬ ‫عليك من ذلك شيء ‪ ..‬فإذا‬
‫وما كان الرفق في شيء إل‬ ‫جئت فقل بين أيديهم ما‬
‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬ ‫قلت بين يدي ‪ ..‬حتى يذهب‬
‫شانه ‪.‬‬ ‫عن صدورهم ‪..‬‬
‫) ول تستوي الحسنة ول السيئة‬
‫فلما جاء العرابي ‪ ..‬قال ‪: e‬‬
‫ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي‬
‫إن صاحبكم كان جاءنا‬
‫بينك وبينه عداوة كأنه ولي‬
‫فسألنا فأعطيناه فقال ما‬
‫حميم ( ‪..‬‬
‫قال ‪ ..‬وإنا قد دعوناه‬
‫ذكر أنه ‪ r‬لما فتح مكة ‪ ..‬جعل‬ ‫ُ‬ ‫فأعطيناه ‪ ..‬فزعم أنه قد‬
‫يطوف بالبيت ‪..‬‬ ‫رضي ‪..‬‬
‫فأقبل فضالة بن عمير ‪ ..‬رجل‬ ‫ثم التفت إلى العرابي‬
‫‪ ( ) 44‬والحديث رواه البزار وفي سنده‬ ‫وقال ‪ :‬أكذاك ؟‬
‫مقال ‪..‬‬
‫‪124‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صالحي المسلمين ‪..‬‬ ‫يظهر السلم ‪..‬‬
‫كان ‪ ‬يملك قلوب الناس‬ ‫فجعل يطوف خلف النبي ‪‬‬
‫بالعفو عنهم ‪ ..‬يتحمل الذى في‬ ‫‪ ..‬ينتظر منه غفلة ‪..‬‬
‫سبيل التأثير فيهم ‪ ..‬وجرهم‬ ‫ليقتله ‪!!..‬‬
‫إلى الخير ‪..‬‬ ‫فلما دنا من النبي ‪.. ‬‬
‫كان أبو طالب يكف عن النبي ‪‬‬ ‫انتبه ‪ ‬إليه ‪ ..‬فالتفت إليه‬
‫كثيرا ً من أذى قريش ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬أفضالة !!‬
‫فلما مــات أبــو طــالب ‪ ..‬ضــيقت‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬فضالة يا‬
‫قريش كثيرا ً على النــبي ‪ ‬فــي‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ماذا كنت تحدث به‬
‫ونالت من الذى ما لم تكن نالته‬ ‫نفسك ؟‬
‫منه في حياة عمه أبي طالب ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬لشيء ‪ ..‬كنت أذكر‬
‫فجعل ‪ ‬يفكــر فــي مكــان آخــر‬ ‫الله ‪!!..‬‬
‫يلجــأ إليــه ‪ ..‬يجــد فيــه النصــرة‬ ‫فضحك النبي ‪ .. r‬ثم قال ‪:‬‬
‫والتأييد ‪..‬‬ ‫أستغفر الله ‪..‬‬
‫فخرج إلى الطــائف يلتمــس مــن‬ ‫قال فضالة ‪ : ..‬ثم وضع‬
‫قبيلة ثقيف النصرة والمنعة ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ r‬يده على‬
‫دخل الطائف ‪..‬‬ ‫صدري ‪ ..‬فسكن قلبي ‪..‬‬
‫فتوجه إلى ثلثة رجال هم سادة‬ ‫فوالله ما رفع رسول الله ‪r‬‬
‫ثقيف وأشرافهم ‪..‬‬ ‫يده عن صدري ‪..‬‬
‫وهم أخوة ثلثة ‪:‬‬ ‫حتى ما خلق الله شيء أحب‬
‫عبد ياليل بن عمرو ‪..‬‬ ‫إلي منه ‪..‬‬
‫وأخوه مسعود ‪..‬‬ ‫ثم رجع فضالة إلى أهله ‪..‬‬
‫وحبيب ‪..‬‬ ‫فمر بامرأة كان يجالسها ‪..‬‬
‫جلس اليهم ‪ ..‬دعاهم إلى الله ‪..‬‬ ‫ويتحدث إليها ‪..‬‬
‫كلمهم لما جاءهم له من نصــرته‬ ‫فلما رأته ‪ ..‬قالت ‪ :‬هلم إلى‬
‫علــى الســلم ‪ ..‬والقيــام معــه‬ ‫الحديث ‪..‬‬
‫على من خالفه من قومه ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ل ‪ ..‬ثم قال ‪..‬‬
‫فكان ردهم بذيئا ً !!‬ ‫قالت هلم إلى الحديث‬
‫أمــا أحــدهم فقــال ‪ :‬أنــا أمــرط‬ ‫فقلت ل ** يأبى عليك الله‬
‫ثيـــاب الكعبـــة ‪ ..‬إن كـــان اللـــه‬ ‫و السلم‬
‫أرسلك !!‬ ‫لو ما رأيت محمدا ً وقبيله **‬
‫وقال الخر ‪ :‬أما وجد اللــه أحــدا ً‬
‫م‬‫سر الصنا ُ‬ ‫بالفتح يوم تك ّ‬
‫يرسله غيرك ؟!‬ ‫لرأيت دين الضحى بينا **‬
‫ً‬
‫وجعل الثالث يبحث متحذلقا عن‬ ‫والشرك يغشى وجهه‬
‫عبارة يرد بها ‪ ..‬حــرص علــى أن‬ ‫الظلم‬
‫تكون أبلغ من كلم صاحبيه ‪..‬‬ ‫وكـــان فضـــالة بعـــدها مـــن‬
‫‪125‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫فقــال ‪ :‬واللــه ل أرد عليــك‬
‫اللهم اليك أشكو ضعف قوتي ‪..‬‬ ‫أبدا ً ‪ ..‬لئن كنــت رســول ً مــن‬
‫وقلــة حيلــتي ‪ ..‬وهــواني علــى‬ ‫الله كما تقول ‪ ..‬لنت أعظم‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫خطـــرا ً مـــن أن أرد عليـــك‬
‫يا أرحم الراحمين ‪..‬‬ ‫الكلم ‪ ..‬ولئن كنـــت تكـــذب‬
‫أنــت رب المستضــعفين ‪ ..‬وأنــت‬ ‫على اللــه ‪ ..‬فمــا ينبغــي لــي‬
‫ربي ‪ ..‬إلى من تكلني ! إلى بعيد‬ ‫أن أكلمك ‪..‬‬
‫يتجهمني ‪ ..‬أم إلــى عــدو ملكتــه‬ ‫فقــام ‪ ‬مــن عنــدهم وقــد‬
‫أمري !‬ ‫يئس من خير ثقيف ‪..‬‬
‫إن لم يكــن بــك غضــب علــي فل‬ ‫وخشي أن تعلم قريش أنهم‬
‫أبالي ‪ ..‬ولكن عافيتك هي أوسع‬ ‫ردوه ‪ ..‬فيزدادون أذى له ‪..‬‬
‫لي ‪..‬‬ ‫فقــال لهــم ‪ :‬إن فعلتــم مــا‬
‫أعوذ بنور وجهك الــذي أشــرقت‬ ‫ي ‪..‬‬
‫فعلتم ‪ ..‬فاكتموا عل ّ‬
‫له الظلمات ‪ ..‬وصــلح عليــه أمــر‬ ‫فلم يفعلوا ‪ ..‬بــل أغــروا بــه‬
‫الدنيا والخرة ‪..‬‬ ‫ســـــفهاءهم وعبيـــــدهم ‪..‬‬
‫مــن أن تنــزل بــي غضــبك ‪ ..‬أو‬ ‫فجعلوا يركضون وراء رسول‬
‫ي سخطك ‪..‬‬ ‫تحل عل ّ‬ ‫الله ‪ .. ‬يسبونه ويصــيحون‬
‫لــك العتــبى حــتى ترضــى ‪ ..‬ول‬ ‫به ‪..‬‬
‫حول ول قوة ال بك ‪..‬‬ ‫وقد اصطفوا صـفين ‪ ..‬وهـو‬
‫فبينما هو كذلك ‪ ..‬فإذ بسحابة‬ ‫يسرع الخطى بينهم ‪ ..‬وكلما‬
‫تظله ‪.. ‬‬ ‫رفــــــــع رجل ً رضــــــــخوها‬
‫وإذا فيها جبريل عليه السلم ‪..‬‬ ‫بالحجارة ‪..‬‬
‫فناداه ‪:‬‬ ‫وهــو ‪ ‬يحــاول ‪ ..‬أن يســرع‬
‫يا محمد ‪ ..‬إن الله قد سمع قول‬ ‫فيخطاه ليتقي ما يرمونه بــه‬
‫قومك لك ‪ ..‬وما ردوا عليك ‪..‬‬ ‫من حجارة ‪..‬‬
‫وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره‬ ‫وجعلت قدماه الشريفتان ‪‬‬
‫بما شئت فيهم ‪..‬‬ ‫تسيلن بالدماء ‪..‬‬
‫وقبل أن ينطق ‪ ‬بكلمة ‪..‬‬ ‫وهـــو الكهـــل الـــذي جـــاوز‬
‫ناداه ملك الجبال ‪ ..‬السلم‬ ‫الربعين ‪..‬‬
‫عليك يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فأبعـــد عنهـــم ‪ ..‬ومشـــى ‪..‬‬
‫يا محمد ‪ ..‬إن الله قد سمع قول‬ ‫ومشى ‪..‬‬
‫قومك لك ‪ ..‬وأنا ملك الجبال ‪..‬‬ ‫حتى جلس فــي موضــع آمــن‬
‫قد بعثني اليك ربك لتأمرني ما‬ ‫يستريح ‪ ..‬تحت ظل نخلة ‪..‬‬
‫شئت ‪..‬‬ ‫وهــو منشــغل البــال ‪ ..‬كيــف‬
‫ثم قبل أن ينطق ‪ ‬أو يختار ‪..‬‬ ‫ستســتقبله قريــش ‪ ..‬كيــف‬
‫جعل ملك الجبال يعرض عليه ‪..‬‬ ‫سيدخل مكة ‪..‬‬
‫ويقول ‪:‬‬ ‫فرفــع طرفــه إلــى الســماء‬
‫‪126‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والتوجيهات مبنية على آراء‬ ‫إن شئت تطبق عليهم‬
‫وأمزجة شخصية ‪..‬‬ ‫الخشبين ‪ ..‬وهما جبلن‬
‫كمن ينصحك بعد وليمة دعوت‬ ‫عظيمان في جانبي مكة ‪..‬‬
‫الناس إليها وتعبت في إعدادها‬ ‫وجعل ملك الجبال ينتظر‬
‫وتعب معك أهلك ومالك ! ثم‬ ‫المر ‪..‬‬
‫يقول لك هذا الناصح ‪ :‬يا أخي‬ ‫فإذا به ‪ ‬يطأ على حظوظ‬
‫الوليمة ما كانت مناسبة ‪..‬‬ ‫النفس ‪ ..‬وشهوة النتقام ‪..‬‬
‫وتعبك ذهب هدرا ً ‪ ..‬وكنت أظن‬ ‫ويقول ‪:‬‬
‫أنها ستكون بمستوى أعلى من‬ ‫بل ‪ ..‬أستأني بهم ‪ ..‬فإني‬
‫هذا ‪ ..‬فتقول لماذا ؟ فيقول ‪:‬‬ ‫أرجو أن يخرج الله من‬
‫يا أخي أكثر اللحم كان مشويا ً ‪..‬‬ ‫أصلبهم من يعبد الله ل‬
‫وأنا أحب اللحم المسلوق !!‬ ‫يشرك به شيئا ً ‪..‬‬
‫والسلطات كانت حامضة بسبب‬
‫اللليمون ‪ ..‬وأنا ل أحب ذلك ‪..‬‬ ‫كن بطل ً ‪..‬‬
‫وكذلك الحلويات كانت مزينة‬ ‫وإن الذي بيني وبين بني‬
‫بالكريمة ‪ ..‬وهذا يجعل طعمها‬ ‫أبي‬
‫غير مقبول ‪..‬‬ ‫وبين بني عمي لمختلف جدا ً‬
‫ثم يقول لك ‪ :‬وعموما ً أكثر‬ ‫فإن أكلوا لحمي وفرت‬
‫الناس أيضا ً تضايقوا ‪ ..‬وما أكلوا‬ ‫لحومهم‬
‫إل مجاملة ‪ ..‬أو لنهم اضطروا‬ ‫وإن هدموا مجدي بنيت لهم‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫مجدا ً‬
‫فقطعا ً ‪ ..‬أنت هنا ستنظر إلى‬ ‫وليسوا إلى نصري سراعا ً‬
‫هذا الناصح نظرة ازدراء‬ ‫وإن هم‬
‫وإعراض ‪ ..‬ولن تقبل منه‬ ‫دعوني إلى نصر أتيتهم شدا ً‬
‫نصيحته ؛ لنها مبنية على آراء‬ ‫ول أحمل الحقد القديم‬
‫وأمزجة شخصية ‪!!..‬‬ ‫عليهم‬
‫قل مثل ذلك فيمن ينصح آخر‬ ‫وليس رئيس القوم من‬
‫حول طريقة تعامله مع أولده ‪..‬‬ ‫يحمل الحقد‬
‫أو مع زوجته ‪ ..‬أو طريقة بنائه‬
‫لبيته ‪ ..‬أو نوع سيارته ‪ ..‬بناء‬ ‫أقنعه بخطئه‬ ‫‪.37‬‬
‫على ذوقه الخاص ‪..‬‬ ‫ليقبل النصح ‪..‬‬
‫انتبه دائما ً أن تكون هذه النصائح‬ ‫بعض الناس يشغل الخرين‬
‫والنتقادات مبنية على مجرد‬ ‫بكثرة التوجيهات‬
‫أمزجة شخصية ‪..‬‬ ‫والملحظات حتى يوصلهم‬
‫نعم لو طلب رأيك ‪ ..‬أبده له‬ ‫إلى مرحلة الملل‬
‫واعرضه عليه ‪ ..‬أما أن تتكلم‬ ‫والستثقال ‪..‬‬
‫معه وتنصح كما تنصح‬ ‫خاصة إذا كانت النصائح‬
‫‪127‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فأرادوا أن يكلموا النبي ‪e‬‬ ‫المخطئ ‪ ..‬فل ‪..‬‬
‫ليخفف هذا الحكم إلى حكم آخر‬ ‫وأحيانا ً ‪ ..‬المنصوح ل يشعر‬
‫‪ ..‬كجلد أو غرامة مال ‪ ..‬أو نحو‬ ‫أنه مخطئ فل بد أن تكون‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫حجتك قوية عند نصحه ‪..‬‬
‫وكلما توجه رجل منهم لنقاش‬ ‫جلس أعرابي صلف مع قوم‬
‫النبي ‪ e‬في هذا المر ‪ ..‬تردد‬ ‫صالحين ‪ ..‬فتكلموا حول بر‬
‫ورجع ‪..‬‬ ‫الوالدين ‪ ..‬والعرابي‬
‫فقالوا لن يجترئ على رسول‬ ‫يسمع ‪..‬‬
‫ب‬‫ح ّ‬‫الله ‪ e‬إل أسامة بن زيد ‪ِ ..‬‬ ‫فالتفت إليه أحدهم وقال ‪:‬‬
‫حّبه ‪ ..‬تربى‬ ‫رسول الله ‪ e‬وابن ِ‬ ‫يا فلن ‪ ..‬كيف برك بأمك ‪..‬‬
‫فقال العرابي ‪ :‬أنا بها‬
‫هو وأبوه في بيت النبي ‪ e‬حتى‬
‫بار ‪..‬‬
‫صار كولده ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ما بلغ من برك بها ؟‬
‫فكلموا أسامة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬والله ما قرعتها‬
‫أقبل أسامة إلى رسول الله ‪.. e‬‬
‫بسوط قط !!‬
‫فرحب به وأجلسه عنده ‪..‬‬
‫يعني إن احتاج إلى ضربها ‪..‬‬
‫جعل أسامة يكلم النبي ‪e‬‬ ‫ضربها بيده أو عمامته ‪ ..‬أما‬
‫ليخفف الحكم ‪ ..‬ويبين أن هذه‬ ‫السوط فل يضربها به ‪ ..‬من‬
‫المرأة من أشراف الناس ‪..‬‬ ‫شدة البّر!!‬
‫وأسامة يواصل الكلم والنبي ‪‬‬ ‫فالمسكين ما كان ميزان‬
‫يستمع ‪ ..‬كان أسامة يحاول‬ ‫الخطأ والصواب عنده‬
‫إقناع النبي ‪ e‬برأيه ‪..‬‬ ‫مستقيما ً ‪..‬‬
‫نظر النبي ‪ e‬إلى أسامة ‪ ..‬فإذا‬ ‫فكن رفيقا ً لطيفا ً ‪ ..‬حتى‬
‫هو يحاول ويناقش ‪ ..‬بكل قناعة‬ ‫يقتنع الذي أمامك بخطئه ‪..‬‬
‫‪ ..‬ول يدري أنه يطلب منه ما ل‬ ‫كان في عهده ‪ e‬امرأة من‬
‫يجوز ‪!!..‬‬ ‫بني مخزوم تستلف المتاع‬
‫فتغير النبي وغضب ‪ e‬وكان أول‬ ‫من النساء ‪ ..‬وتتغافل عن‬
‫كلمة قالها أن بين له خطأه‬ ‫رده فإذا سألوها عنه‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫جحدته ‪ ..‬وأنكرت أنها أخذت‬
‫أتشفع في حد من حدود الله يا‬ ‫شيئا ً ‪..‬‬
‫أسامة ؟‬ ‫حتى زاد أذاها في الجحد‬
‫فكأنه يبين سبب غضبه‬ ‫والسرقة فرفع أمرها إلى‬
‫لسامة ‪ ..‬وأن حدود الله تعالى‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬فقضى فيها‬
‫التي أوجب على عباده إقامتها‬ ‫أن تقطع يدها ‪..‬‬
‫ل تجوز الشفاعة فيها ‪..‬‬ ‫فشق على قريش أن تقطع‬
‫ً‬
‫فانتبه أسامة ‪ ..‬وقال فورا ‪:‬‬ ‫يدها وهي من قبيلة من كبار‬
‫استغفر لي يا رسول الله ‪..‬‬ ‫قبائل قريش ‪..‬‬
‫‪128‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وأما أنا فظننت أنه يقولها فرقا ً‬ ‫فلما كان الليل ‪ ..‬قام ‪‬‬
‫من السلح ‪ ..‬فحملت عليه‬ ‫فخطب في الناس وأثنى‬
‫فقتلته ‪..‬‬ ‫على الله بما هو أهله ‪ ..‬ثم‬
‫فعرض في نفسي من أمره‬ ‫قال ‪:‬‬
‫شيء ‪ ..‬فأتيت النبي ‪.. ‬‬ ‫" أما بعد ‪ ..‬فإنما أهلك‬
‫فأخبرته ‪..‬‬ ‫الذين من قبلكم ‪:‬‬
‫فقال لي ‪ :‬أقال ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫أنهم كانوا إذا سرق فيهم‬
‫ثم قتلته ؟!‬ ‫الشريف تركوه ‪ ..‬وإذا سرق‬
‫ل‬‫قب َ ِ‬
‫قلت ‪ :‬إنه لم يقلها من ِ‬ ‫فيهم الضعيف ‪ ..‬أقاموا‬
‫نفسه ‪ ..‬إنما قالها فرقا ً من‬ ‫عليه الحد ‪..‬‬
‫السلح ‪..‬‬ ‫وإني والذي نفسي بيده ‪..‬‬
‫فأعاد علي ‪ :‬أقال ل إله إل‬ ‫لو أن فاطمة بنت محمد‬
‫الله ‪ ..‬ثم قتلته ؟!‬ ‫سرقت لقطعت يدها ‪"..‬‬
‫فهل شققت عن قلبه ‪ ..‬حتى‬ ‫ثم أمر بتلك المرأة التي‬
‫تعلم أنه إنما قالها فرقا ً من‬ ‫سرقت فقطعت يدها ‪..‬‬
‫السلح ‪..‬‬ ‫قالت عائشة ‪ : ‬فحسنت‬
‫سكت أسامة ‪ ..‬فهو لم يشق‬ ‫توبتها بعدُ ‪ ..‬وتزوجت ‪..‬‬
‫عن قلب الرجل فعل ً ‪ !!..‬لكنه‬ ‫وكانت تأتيني بعد ذلك ‪..‬‬
‫كان في ساحة حرب ‪ ..‬والرجل‬ ‫فأرفع حاجتها إلى رسول‬
‫مقاتل !!‬ ‫الله ‪.. (45) ‬‬
‫فأعاد عليه ‪ ‬السؤال‬ ‫أسامة ‪ ‬له مواقف متعددة‬
‫مستنكرا ً ‪ :‬أقال ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫مع رسول الله ‪ .. ‬كلها‬
‫ثم قتلته ؟!‬ ‫تفيض بالرحمة والتعامل‬
‫يا أسامة قتلت رجل ً بعد أن قال‬ ‫الراقي ‪..‬‬
‫ل إله إل الله !! كيف تصنع بل‬ ‫قال أسامة بن زيد ‪ :‬بعثنا‬
‫إله إل الله يوم القيامة ؟!‬ ‫رسول الله ‪ ‬إلى الحرقات‬
‫فما زال يقول ذلك حتى وددت‬ ‫من جهينة ‪..‬‬
‫)‪(46‬‬
‫إني لم أكن أسلمت إل يومئذ‬ ‫فهزمناهم وخرجنا في‬
‫‪..‬‬ ‫آثارهم ‪ ..‬فلحقت أنا ورجل‬
‫فتأمل كيف تدرج معه ببيان‬ ‫من النصار رجل ً منهم ‪..‬‬
‫الخطأ وإقناعه به ‪ ..‬ثم وعظه‬ ‫فلذ منا بشجرة ‪..‬‬
‫ونصحه ‪..‬‬ ‫فلما أدركناه ‪ ..‬ورفعنا عليه‬
‫ولجل أن يقتنع المنصوح بما‬ ‫السيف ‪ ..‬قال ‪ :‬ل إله إل‬
‫تقول ‪ ..‬ناقشه بأفكاره ومبادئه‬ ‫الله ‪..‬‬
‫هو قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫فأما صاحبي النصاري‬
‫نعم فكر من وجهة نظره ‪..‬‬ ‫فخفض سيفه ‪..‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪46‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪45‬‬

‫‪129‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فانتفض الشاب وقد مّر في‬ ‫بينما رسول الله ‪ ‬في‬
‫خاطره أن أمه تزني ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل‬ ‫مجلسه المبارك ‪ ..‬يحيط به‬
‫‪ ..‬ل أرضاه لمي ‪..‬‬ ‫أصحابه ألطهار ‪..‬‬
‫فقال له ‪ ‬بكل هدوء ‪ :‬كذلك‬ ‫إذ دخل شاب إلى المسجد‬
‫الناس ل يرضونه لمهاتهم ‪..‬‬ ‫وجعل يتلتفت يمينا ً وشمال ً‬
‫ثم فاجأه سائل ً ‪ :‬أترضاه‬ ‫كأنه يبحث عن أحد ‪..‬‬
‫لختك ؟!‬ ‫وقعت عيناه على رسول‬
‫فانتفض الشاب أخرى ‪ ..‬وقد‬ ‫الله ‪ .. ‬فأقبل يمشي‬
‫تخيل أخته العفيفة تزني ‪..‬‬ ‫إليه ‪..‬‬
‫وقال مبادرا ً ‪ :‬ل ‪ ..‬ل أرضاه‬ ‫كان المتوقع أن يجلس‬
‫لختي ‪..‬‬ ‫الشاب في الحلقة ويستمع‬
‫فقال ‪ : ‬كذلك الناس ل‬ ‫إلى الذكر ‪ ..‬لكنه لم‬
‫يرضونه لخواتهم ‪..‬‬ ‫يفعل ‪!..‬‬
‫ثم سأله ‪ :‬أترضاه لعمتك ؟!‬ ‫إنما نظر الشاب إلى رسول‬
‫أترضاه لخالتك ؟!‬ ‫الله ‪ ‬وأصحابه حوله ‪ ..‬ثم‬
‫والشاب يردد ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪..‬‬ ‫قال بكل جرأة ‪:‬‬
‫فقال ‪ : ‬فأحب للناس ما تحب‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬ائذن لي‬
‫لنفسك ‪ ..‬واكره للناس ما تكره‬ ‫بـ ‪ ..‬بطلب العلم ؟!‬
‫لنفسك ‪..‬‬ ‫ل ‪ ..‬لم يقلها ‪ ..‬ويا ليته‬
‫أدرك الشاب عند ذلك أنه كان‬ ‫قالها ‪..‬‬
‫مخطئا ً ‪ ..‬فقال بكل خضوع ‪:‬‬ ‫ائذن لي بالجهاد ‪ ..‬ل ‪ ..‬ويا‬
‫ع الله أن‬‫يا رسول الله ‪ ..‬اد ُ‬ ‫ليته قالها ‪..‬‬
‫يطهر قلبي ‪..‬‬ ‫أتدري ماذا قال ؟‬
‫فدعاه ‪ .. ‬فجعل الشاب‬ ‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ائذن‬
‫يقترب ‪ ..‬ويقترب ‪ ..‬حتى جلس‬ ‫لي بالزنا ‪..‬‬
‫بين يديه ‪ ..‬ثم وضع يده على‬ ‫عجبا ً !! هكذا بكل‬
‫صدره ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫صراحة ؟!!‬
‫اللهم اهد قلبه ‪ ..‬واغفر ذنبه ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬هكذا ‪ :‬ائذن لي‬
‫وحصن فرجه ‪..‬‬ ‫بالزنا ‪..‬‬
‫فخرج الشاب وهو يقول ‪ :‬والله‬ ‫نظر النبي ‪ ‬إلى الشاب ‪..‬‬
‫لقد دخلت على رسول الله ‪.. ‬‬ ‫كان يستطيع أن يعظه بآيات‬
‫ي من الزنا ‪..‬‬ ‫وما شيء أحب إل ّ‬ ‫يقرؤها عليه ‪ ..‬أو نصيحة‬
‫وخرجت من عنده وما شيء‬ ‫مختصرة يحرك بها اليمان‬
‫ي من الزنا ‪..‬‬ ‫أبغض إل ّ‬ ‫في قلبه ‪ ..‬لكنه ‪ ‬سلك‬
‫ثم انظر إلى استعمال العواطف‬ ‫أسلوبا ً آخر ‪..‬‬
‫‪ ..‬دعاه ‪ ..‬وضع يده على‬ ‫قال له ‪ ‬بكل هدوء ‪:‬‬
‫صدره ‪ ..‬دعا له ‪..‬‬ ‫أترضاه لمك ؟‬
‫‪130‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بنقصه ‪..‬‬ ‫يعني استعمل جميع‬
‫هذا أول ً ‪..‬‬ ‫الساليب لصلح من‬
‫ثانيا ً ‪ :‬تجنب النصح في المل‬ ‫أمامه ‪ ..‬بعدما جعله يقتنع‬
‫قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫بشناعة الفعل ليتركه عن‬
‫تغمدني بنصحك في انفرادي ‪..‬‬ ‫قناعة ‪ ..‬فل يفعله أبدا ً ‪ ..‬ل‬
‫وجنبني النصيحة في الجماعة‬ ‫أمامه ول خلفه ‪..‬‬
‫فإن النصح بين الناس نوع ‪..‬‬
‫من التوبيخ ل أرضى استماعه‬ ‫قاعدة ‪..‬‬
‫بل ‪ ..‬إذا انتشر خطأ معين ‪..‬‬ ‫إذا شعر المخطئ ببشاعة‬
‫واضطررت إلى النصح العام ‪..‬‬ ‫خطئه اقتنع بحاجته للنصيحة‬
‫فاعمل بقاعدة ‪ :‬ما بال أقوام‬ ‫‪ ..‬وصار قبوله أكثر ‪..‬‬
‫يفعلون كذا وكذا ‪ ..‬كما تقدم‬ ‫وقناعته أكبر ‪..‬‬
‫معنا ‪..‬‬
‫إذن ‪ ..‬اللوم كالسوط الذي يجلد‬ ‫ل تلمني !! انتهى‬ ‫‪.38‬‬
‫به اللئم ظهر الملوم ‪..‬‬ ‫المر ‪ ..‬؟‬
‫وبعض الناس ينفر الخرين إما‬ ‫يظن بعض الناس أنه عندما‬
‫بكثرة لومه ‪ ..‬أو بلومه على‬ ‫يلوم الخرين على أخطائهم‬
‫أمور انتهت ول يقدم اللوم أو‬ ‫التي ربما تكون ل ترى إل‬
‫يؤخر فيها شيئا ً ‪..‬‬ ‫بالمجهر ‪..‬‬
‫أذكر أن رجل ً فقيرا ً ‪ ..‬تغرب عن‬ ‫يظن أنه يتقرب منهم‬
‫أهله إلى بلد آخر ‪ ..‬واشتغل‬ ‫أكثر ‪ ..‬أو أنه يقوي شخصيته‬
‫سائق شاحنة ‪ ..‬كان في أحد‬ ‫بذلك ‪..‬‬
‫اليام متعبا ً لكنه ركب الشاحنة‬ ‫والحق أنه ليس الذكاء‬
‫ومضى بها في طريق طويل‬ ‫والفطنة أن تستطيع‬
‫بين مدينتين ‪..‬‬ ‫اللوم ‪ ..‬وإنما هو أن تتجنبه‬
‫غلبه النوم أثناء الطريق ‪..‬‬ ‫قدر المستطاع ‪ ..‬وتسعى‬
‫فجعل يصارعه وأسرع قليل ً ‪..‬‬ ‫إلى إصلح الشخاص‬
‫فتجاوز سيارة أمامه دون أن‬ ‫بأساليب ل تجرح ‪ ..‬ول تحرج‬
‫ينتبه إلى الطريق فإذا أماه‬ ‫‪..‬‬
‫سيارة صغيره فيها ثلثة‬ ‫أحيانا ً تحتاج في بعض المور‬
‫أشخاص ‪ ..‬حاول أن يتفاداها ‪..‬‬ ‫أن تتعامى ‪ ..‬خاصة الشياء‬
‫لم يستطع ‪ ..‬فاصطدم بها وجها ً‬ ‫الدنيوية ‪ ..‬والحقوق‬
‫لوجه ‪..‬‬ ‫الخاصة ‪..‬‬
‫ثار الغبار ‪ ..‬وجعل المارة‬ ‫ليس الغبي بسيد في قومه‬
‫يوقفون سياراتهم ويتفرجون‬ ‫‪ 00‬لكن سيد قومه المتغابي‬
‫على الحادث ‪..‬‬ ‫والملوم يعتبر اللوم سهما ً‬
‫نزل سائق الشاحنة ‪ ..‬ونظر إلى‬ ‫حادا ً يوجه إليه ‪ ..‬لنه يشعره‬
‫‪131‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فأحيانا ً لو كنت مكانه قد تقع‬ ‫السيارة المصدومة ‪ ..‬وإلى‬
‫في خطأ أكبر من خطئه ‪..‬‬ ‫من بداخلها فإذا هم موتى ‪..‬‬
‫كان رسول الله ‪ ‬يراعي ذلك‬ ‫أنزلهم الناس واتصلوا‬
‫كثيرا ً ‪..‬‬ ‫بالسعاف ‪..‬‬
‫لما انصرف ‪ r‬من خيبر‪ ..‬أطالوا‬ ‫قعد سائق الشاحنة ينتظر‬
‫المسير حتى تعبوا ‪..‬‬ ‫ووصول السعاف ‪ ..‬ويفكر‬
‫فلما أقبل الليل ‪ ..‬نزلوا في‬ ‫فيما سيحصل له بعد الحادث‬
‫موضع في الطريق ليناموا ‪..‬‬ ‫من سجن ودية ‪ ..‬ويفكر في‬
‫فقال ‪ : r‬من رجل يحفظ علينا‬ ‫أولده الصغار ‪ ..‬وزوجته ‪..‬‬
‫الفجر لعلنا ننام ؟‬ ‫مسكين ‪ ..‬هموم انهدت عليه‬
‫كان بلل ‪ ‬متحمسا ً فقال ‪ :‬أنا‬ ‫كالجبال ‪!!..‬‬
‫يا رسول الله أحفظه عليك ؟‬ ‫جعل الناس يمرون به‬
‫فاضطجع رسول الله ‪ .. r‬ونزل‬ ‫ويلومونه ‪..‬‬
‫الناس فناموا ‪..‬‬ ‫عجبا ً ‪ !!..‬أهذا وقت اللوم ‪..‬‬
‫وقام بلل يصلي حتى تعب ‪..‬‬ ‫أل يمكن أن يؤجل قليل ً ؟‬
‫وقد كان متعبا ً من طول الطريق‬ ‫قال أحدهم ‪ :‬لماذا تسرع ؟‬
‫قبل ذلك ‪..‬‬ ‫هذه عواقب السرعة ‪..‬‬
‫فقعد واستند إلى بعيره‬ ‫وقال آخر ‪ :‬أكيد أنك كنت‬
‫مستريحا ً ‪ ..‬واستقبل الفجر‬ ‫نعسان ومع ذلك استمريت‬
‫يرمقه ‪ ..‬فغلبته عينه ‪..‬‬ ‫في القيادة ‪ !..‬لم توقف‬
‫فناااام ‪..‬‬ ‫سيارتك وتنام ‪..‬؟‬
‫كان الجميع في تعب شديد ‪..‬‬ ‫وقال ثالث ‪ :‬المفروض أن‬
‫فطال نومه ونومهم ‪ ..‬ومضى‬ ‫مثلك ل تصرف لهم رخص‬
‫الليل ‪ ..‬وطلع لصبح ‪ ..‬والكل‬ ‫قيادة !!‬
‫نيام ‪ ..‬ولم يوقظهم إل حر‬ ‫كانوا يقولون هذه العبارات‬
‫الشمس ‪..‬‬ ‫بأسلوب حاد ‪ ..‬فيه تعنيف‬
‫وصراخ ‪..‬‬
‫ب‬‫استيقظ رسول الله ‪ .. r‬وه ّ‬ ‫كان الرجل واجما ً ‪ ..‬جالسا ً‬
‫الناس من نومهم ‪ ..‬فلما رأوا‬
‫على صخرة ساكتا ً ‪ ..‬متكئا ً‬
‫الشمس اضطربوا ‪ ..‬وكثر‬
‫لغطهم ‪..‬‬ ‫برأسه على يديه ‪..‬‬
‫الكل ينظر إلى بلل ‪..‬‬ ‫وفجأة هوى على جنبه ‪..‬‬
‫و ‪ ..‬و ‪ ..‬مااات ‪..‬‬
‫التفت ‪ r‬إلى بلل وقال ‪ :‬ماذا‬
‫قتلوه بلومهم ‪ ..‬ولو صبروا‬
‫صنعت بنا يا بلل ؟‬
‫قليل ً لكان خيرا ً له ولهم ‪..‬‬
‫فأجاب بلل بجواب مختصر ‪..‬‬
‫ضع نفسك موضع الملوم‬
‫لكنه موضح للواقع تماما ً ‪..‬‬
‫‪..‬المخطئ ‪ ..‬وفكر من وجهة‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬أخذ‬
‫نظره ‪..‬‬
‫بنفسي الذي أخذ بنفسك ‪..‬‬
‫‪132‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بدأ ‪ r‬يجهز جيشا ً لرساله‬ ‫يعني أنا بشر ‪ ..‬حاولت أن‬
‫إليهم ‪ ..‬فلم يزل يحث الناس‬ ‫أقاوم النوم ‪ ..‬فلم‬
‫حتى جمع ثلثة آلف ‪..‬‬ ‫أستطع ‪ ..‬غلبني النوم كما‬
‫فزودهم بما وجد من سلح‬ ‫غلبكم !!‬
‫وعتاد ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬صدقت ‪ ..‬وسكت‬
‫قال لهم ‪ :‬أميركم زيد بن‬ ‫عنه ‪..‬‬
‫حارثة ‪..‬‬ ‫نعم فما فائدة اللوم هنا ‪..‬‬
‫فإن أصيب زيد ‪ ..‬فجعفر بن أبي‬ ‫فلما رأى ‪ r‬اضطراب‬
‫طالب على الناس ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬قال ‪ : r‬ارتحلوا ‪..‬‬
‫فإن أصيب جعفر فعبد الله بن‬ ‫فارتحلوا ‪ ..‬فمشى شيئا ً‬
‫رواحة ‪..‬‬ ‫يسيرا ً ‪..‬‬
‫وخرج معهم ‪ r‬يودعهم ‪..‬‬ ‫ثم نزل ونزلوا ‪ ..‬فتوضأ‬
‫وخرج الناس يودعون الجيش ‪..‬‬ ‫وتوضئوا ‪..‬‬
‫ويقولون ‪ :‬صحبكم الله ودفع‬ ‫ثم صلى بالناس ‪..‬‬
‫عنكم وردكم إلينا صالحين ‪..‬‬ ‫فلما سلم ‪ ..‬أقبل على‬
‫كان عبد الله بن رواحة مشتاقا ً‬ ‫الناس فقال ‪:‬‬
‫إلى الشهادة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫إذا نسيتم الصلة ‪ ..‬فصلوها‬
‫ة‬
‫لكنني أسأل الرحمن مغفر ً‬ ‫إذا ذكرتموها ‪..‬‬
‫ة ذات فرغ تقذف الزبدا‬ ‫وضرب ً‬ ‫فلله دره ما أعقله وأحكمه‬
‫أو طعنة بيدي حران مجهزة‬ ‫‪.. ‬‬
‫بحربة تنفذ الحشاء والكبدا‬ ‫كان مدرسة لكل قائد ‪..‬‬
‫حتى يقال إذا مروا على جدثي‬ ‫ليس مثل بعض الرؤساء‬
‫وقد رشدا‬ ‫ز َ‬
‫ياأرشد الله من غا ٍ‬ ‫اليوم ل تكاد عصا اللوم‬
‫ثم مضى الجيش حتى نزلوا‬ ‫والتقريع تنزل من يده ‪..‬‬
‫"معان" من أرض الشام ‪..‬‬ ‫بل كان ‪ ‬يضع نفسه مكان‬
‫فبلغهم أن هرقل ملك الروم قد‬ ‫من تحته ويفكر بعقولهم ‪..‬‬
‫نزل من أرض البلقاء في مائة‬ ‫ويتعامل مع القلوب قبل‬
‫ألف من الروم ‪..‬‬ ‫الجساد ‪..‬‬
‫وانضم إليه من القبائل حوله‬ ‫يعلم أنهم بشر ‪ ..‬وليسوا‬
‫مائة ألف ‪ ..‬فصار جيش الروم‬ ‫آلت !!‬
‫مائتي ألف ‪..‬‬ ‫في السنة الثامنة من‬
‫فلما تيقن المسلمون من ذلك ‪..‬‬ ‫الهجرة ‪..‬‬
‫أقاموا في "معان" ليلتين‬ ‫جمع الروم جيشا ً ‪ ..‬وأقبل‬
‫ينظرون في أمرهم ‪..‬‬ ‫من جهة الشام ‪ ..‬لقتال‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬نكتب إلى رسول‬ ‫النبي ‪ r‬وأصحابه ‪..‬‬
‫الله ‪ r‬نخبره بعدد عدونا ‪..‬‬ ‫وقيل إنه ‪ r‬جمع جيشا ً‬
‫فإما أن يمدنا بالرجال ‪..‬‬ ‫لغزوهم ابتداءً ‪..‬‬
‫‪133‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شهيدا ً ‪.. ‬‬ ‫أو يأمرنا بما يشاء فنمضي‬
‫فأخذ الراية جعفر بكل بطولة ‪..‬‬ ‫له ‪ ..‬وكثر كلم الناس في‬
‫فاقتحم عن فرس له شقراء‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫فجعل يقاتل القوم ‪ ..‬وهو‬ ‫فقام عبد الله بن رواحة ‪..‬‬
‫يقول ‪:‬‬ ‫ثم صاح بالناس وقال ‪:‬‬
‫طيبة‬ ‫يا حبذا الجنة واقـترابها‬ ‫يا قوم ‪ ..‬والله إن التي‬
‫وبارد شرابها‬ ‫تكرهون هي التي خرجتم‬
‫والروم روم قد دنا عذابها‬ ‫تطلبون ‪ ..‬الشهادة في‬
‫كافرة بعيدة أنسابها‬ ‫سبيل الله ‪ ..‬تفرون منها !!‬
‫علي إن لقيتها ضرابها‬ ‫وما نقاتل الناس بعدد ول‬
‫أن جعفر أخذ اللواء بيمينه‬ ‫قوة ول كثرة ‪ ..‬ما نقاتلهم‬
‫فقطعت ‪..‬‬ ‫إل بهذا الدين الذي أكرمنا‬
‫فأخذ اللواء بشماله فقطعت ‪..‬‬ ‫الله به ‪ ..‬فانطلقوا فإنما‬
‫فاحتضنه بعضديه حتى قتل وهو‬ ‫هي إحدى الحسنيين ‪ ..‬إما‬
‫ابن ثلث وثلثين سنة ‪..‬‬ ‫ظهور وإما شهادة ‪..‬‬
‫قال ابن عمر ‪ :‬وقفت على‬ ‫فمضى الناس ‪ ..‬يسيرون ‪..‬‬
‫جعفر يومئذ ‪ ..‬وهو قتيل ‪..‬‬ ‫حتى إذا دنوا من جيش‬
‫فعددت به خمسين بين طعنة‬ ‫الروم ‪ ..‬في موقعة "مؤتة"‬
‫وضربة ليس منها شيء في‬ ‫فإذا أعداد عظيمة ل قبل‬
‫دبره ‪..‬‬ ‫لحد بها ‪..‬‬
‫فأثابه الله بذلك جناحين في‬ ‫قال أبو هريرة ‪ : t‬شهدت‬
‫الجنة يطير بهما حيث يشاء ‪..‬‬ ‫يوم مؤتة ‪ ..‬فلما دنا منا‬
‫إن رجل ً من الروم ضربه يومئذ‬ ‫المشركون ‪ ..‬رأينا ما ل قبل‬
‫ضربة فقطعته نصفين ‪..‬‬ ‫لحد به من العدة ‪ ..‬والسلح‬
‫فلما قتل جعفر ‪ ..‬أخذ عبد الله‬ ‫‪ ..‬والكراع ‪ ..‬والديباج ‪..‬‬
‫بن رواحة الراية ‪..‬‬ ‫والحرير ‪ ..‬والذهب ‪..‬‬
‫ثم تقدم بها وهو على فرسه ‪..‬‬ ‫فبرق بصري ‪..‬‬
‫فجعل يستنزل نفسه ‪ ..‬ويتردد‬ ‫فقال لي ثابت بن أرقم ‪ :‬يا‬
‫بعض التردد ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬ ‫أبا هريرة ‪ ..‬كأنك ترى‬
‫أقسمت يا نفس لتنزلنه‬ ‫جموعا ً كثيرة ؟‬
‫لتنزلن أو لتكرهنه‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫إن أجلب الناس وشدوا الرنة‬ ‫قال ‪ :‬إنك لم تشهد بدرا ً‬
‫مالي أراك تكرهين الجنة‬ ‫معنا ‪ ..‬إنا لم ننصر بالكثرة ‪..‬‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫ثم التقى الناس فاقتتلوا ‪..‬‬
‫يا نفس إل تقتلي تموتي‬ ‫فقاتل زيد بن حارثة براية‬
‫هذا حمام الموت قد صليت‬ ‫رسول الله ‪ r‬حتى كثرت‬
‫إن‬ ‫وما تمنيت فقد أعطيت‬ ‫عليه الرماح وسقط صريعا ً‬
‫‪134‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫خشي خالد أن يرجع بالجيش‬ ‫تفعلي فعلهما هديت‬
‫إلى المدينة من ليلته ‪ ..‬فيتبعهم‬ ‫ثم نزل ‪ ..‬فلما نزل أتاه ابن‬
‫الروم ‪..‬‬ ‫عم له بعرق من لحم ‪..‬‬
‫فلما أصبحوا ‪ ..‬غير خالد مواقع‬ ‫شد بهذا صلبك ‪ ..‬فإنك قد‬
‫الجيش ‪..‬‬ ‫لقيت في أيامك هذه ما‬
‫فجعل مقدمة الجيش ‪ ..‬في‬ ‫لقيت ‪..‬‬
‫المؤخرة ‪..‬‬ ‫فأخذه من يده فانتهش منه‬
‫وجعل مؤخرة الجيش مقدمة ‪..‬‬ ‫نهشة ‪ ..‬ثم سمع الحطمة‬
‫ومن كانوا يقاتلون في يمين‬ ‫في ناحية الناس ‪..‬‬
‫الجيش ‪ ..‬أمرهم بالنتقال إلى‬ ‫فقال ‪ :‬وأنت في الدنيا !‬
‫يساره ‪..‬‬ ‫فألقاه من يده ‪ ..‬ثم أخذ‬
‫وأمر من في الميسرة أن‬ ‫سيفه ثم تقدم ‪..‬‬
‫يذهبوا للميمنة ‪..‬‬ ‫فقاتل حتى قتل ‪.. t‬‬
‫فلما ابتدأ القتال ‪ ..‬وأقبل الروم‬ ‫فوقعت الراية ‪ ..‬واضطرب‬
‫‪..‬‬ ‫المسلمون ‪ ..‬وابتهج‬
‫فإذا كل سرية منهم ترى رايات‬ ‫الكافرون ‪..‬‬
‫جديدة ‪ ..‬ووجوها ً جديدة ‪..‬‬ ‫والراية تطؤها الخيل ‪..‬‬
‫فاضطرب الروم ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬قد‬ ‫ويغلوها الغبار ‪..‬‬
‫جاءهم في الليل مدد ‪ ..‬فرعبوا‬ ‫فأقبل البطل ثابت بن‬
‫في القتال ‪..‬‬ ‫أرقم ‪..‬‬
‫فقتل المسلمون منهم مقتلة‬ ‫ثم رفعها ‪ ..‬وصاح ‪..‬‬
‫عظيمة ‪ ..‬ولم يقتل من‬ ‫يا معاشر المسلمين ‪ ..‬هذه‬
‫المسلمين إل اثنا عشر رجل ً ‪..‬‬ ‫الراية ‪ ..‬فاصطلحوا على‬
‫وانسحب خالد بالجيش ‪ ..‬آخر‬ ‫رجل منكم ‪..‬‬
‫النهار من ساحة القتال ‪ ..‬ثم‬ ‫فتصايح من سمعه وقالوا ‪:‬‬
‫واصل مسيره نحو المدينة ‪..‬‬ ‫أنت ‪ ..‬أنت ‪..‬‬
‫فلما أقبلوا إلى المدينة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ما أنا بفاعل ‪..‬‬
‫لقيهم الصبيان يتراكضون إليهم‬ ‫فأشاروا إلى خالد بن‬
‫‪ ..‬ولقيتهم النساء ‪..‬‬ ‫الوليد ‪..‬‬
‫فجعلوا يحثون التراب في وجوه‬ ‫فلما أخذ الراية ‪ ..‬قاتل بقوة‬
‫الجيش ‪ ..‬ويقولون ‪:‬‬ ‫‪ ..‬حتى إنه كان يقول ‪:‬‬
‫يا فرار ‪ ..‬فررتم في سبيل‬ ‫لقد اندقّ في يدي يوم مؤتة‬
‫الله ‪..‬‬ ‫تسعة أسياف ‪ ،‬فما بقي في‬
‫فلما سمع النبي ‪ r‬ذلك ‪..‬‬ ‫يدي إل صفيحة يمانية ‪..‬‬
‫علم أنهم لم يكن أمامهم إل‬ ‫ثم انحاز خالد بالجيش ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫وانحاز الروم إلى معسكرهم‬
‫وأنهم فعلوا ما بوسعهم ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫‪135‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يعد سلحا ً قبل قدوم النبي‬ ‫فقال ‪ r‬مدافعا ً عنهم ‪:‬‬
‫‪ .. ‬ويصلحه ‪..‬‬ ‫ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار‬
‫فقالت له امرأته ‪ :‬لماذا تعد ما‬ ‫‪ ..‬إن شاء الله عز وجل " ‪.‬‬
‫أرى ؟‬ ‫نعم انتهى المر ‪ ..‬وهم‬
‫قال ‪ :‬لمحمد وأصحابه ‪!!..‬‬ ‫أبطال ماقصروا ‪ ..‬لكنهم‬
‫كانت امرأته تعلم بقوة‬ ‫بشر والمر كان فوق‬
‫المسلمين ‪ ..‬فقالت ‪ :‬والله ما‬ ‫طاقتهم ‪..‬‬
‫أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء‬ ‫إذن الصلة على الميت‬
‫!‬ ‫الحاضر ‪ ..‬أحيانا ً انتهى المر‬
‫قال ‪ :‬والله إني لرجو أن‬ ‫فل فائدة من اللوم ‪..‬‬
‫أخدمك بعضهم ‪ ..‬يعين ياسر‬ ‫كان هذا منهجه ‪ ‬دائما ً ‪..‬‬
‫بعضهم ويجيء بهم إليها‬ ‫لما سمع الكفار برسول الله‬
‫خدما ً ‪..‬‬ ‫‪ r‬قادما ً بجيشه إلى مكة‬
‫ثم قال مفتخرا ً ‪:‬‬ ‫فاتحا ً ‪ ..‬دخلهم الرعب ‪..‬‬
‫إن يقبلوا اليوم فما لي علة‬ ‫فأرسل إليهم رسول الله ‪r‬‬
‫هذا سلح كامل وأله‬ ‫من يقول لهم ‪:‬‬
‫وذو غرارين سريع السلة‬ ‫من دخل داره‬ ‫•‬
‫ثم خرج من عندها ‪ ..‬إلى موقع‬ ‫وأغلق عليه بابه فهو‬
‫"الخندمة" ‪ ..‬حيث اجتمع أصحابه‬ ‫آمن ‪..‬‬
‫‪..‬‬
‫ومن دخل المسجد‬ ‫•‬
‫فما هو إل أن لقيهم‬
‫فعو آمن ‪..‬‬
‫المسلمون ‪ ..‬يتقدمهم سيف‬
‫ومن دخل دار أبي‬ ‫•‬
‫الله خالد بن الوليد ‪..‬‬
‫سفيان فهو آمن ‪..‬‬
‫فابتدأ القتال ‪ ..‬وصال‬
‫فبدأ الناس يفرون من بين‬
‫البطال ‪..‬‬
‫فقتل في لحظة واحدة ‪ ..‬أكثر‬ ‫يديه ‪.. r‬‬
‫من اثني عشر أو ثلثة عشر ‪..‬‬ ‫فاجتمع بعض فرسان قريش‬
‫من الكفار ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وأردوا أن يحاربوا ‪ ..‬فأبى‬
‫فلما رأى حماس بن قيس‬ ‫عليهم قومهم ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫فاجتمع نفر منهم في مكان‬
‫التفت إلى صفوان وعكرمة ‪..‬‬ ‫يقال له الخندمة ‪..‬‬
‫فإذا هما يفران إلى بيوتهما ‪..‬‬ ‫اجتمع صفوان بن أمية ‪..‬‬
‫فانهزم معهم ‪ ..‬وذهب يعدو إلى‬ ‫وعكرمة بن أبي جهل ‪..‬‬
‫بيته ‪ ..‬فدخله سريعا ً ‪..‬‬ ‫وسهيل بن عمرو ‪..‬‬
‫وأخذ يصيح بامرأته فزعا ً ‪:‬‬ ‫وجمعوا ناسا ً معهم بالخندمة‬
‫أغلقي علي بابي ‪ ..‬فإنهم‬ ‫ليقاتلوا ‪..‬‬
‫يقولون من دخل داره وأغلق‬ ‫وكان حماس بن قيس ‪..‬‬

‫‪136‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يعيشون حالة حرب ‪ ..‬وأن النبي‬ ‫بابه فهو آمن ‪!!..‬‬
‫‪ ‬أمرهم قريشا ً بالبقاء في‬ ‫فقالت ‪ :‬فأين ما كنت تقول‬
‫بيوتهم لئل يقتلوا ‪ ..‬فمن كان‬ ‫؟ أن تهزمهم ‪ ..‬وتخدمني‬
‫في غير بيته استحق المقاتلة ‪..‬‬ ‫بعضهم ‪!!..‬‬
‫ففهم من قول النبي ‪ : r‬يرفع‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫يده من القتل ‪ ..‬أي يقتل كل‬ ‫إنك لو شهدت يوم الخندمة‬
‫من وقف أمامه ‪ ..‬حتى يرفع‬ ‫إذ فر صفوان وفر عكرمة‬
‫يده بالسيف لنه ل يجد من‬ ‫وأبو يزيد قائم كالمؤتمة‬
‫يقتل ‪!!..‬‬ ‫واستقبلتهم بالسيوف‬
‫فأتى الرجل خالدا ً فصاح به ‪ :‬يا‬ ‫المسلمة‬
‫خالد ‪ ..‬إن رسول الله ‪ .. r‬يقول‬ ‫يقطعن كل ساعد وجمجمة‬
‫‪ :‬اقتل من قدرت عليه !‬ ‫ضربا ً فل يسمع إل غمغمة‬
‫فقتل خالد سبعين إنسانا ً ‪..‬‬ ‫لهم نهيت خلفنا وهمهمة‬
‫فأتي رجل النبي ‪ .. r‬قال ‪ :‬يا‬ ‫لم تنطقي في اللوم أدنى‬
‫رسول الله ‪ ..‬هذا خالد يقتل ‪..‬‬ ‫كلمة‬
‫فعجب النبي ‪ .. r‬كيف يقتل‬ ‫صحيح ‪ ..‬لو رأت امرأته ما‬
‫وقد نهاه ‪..‬؟!‬ ‫رأى من شدة القتال ‪ ..‬ما‬
‫فأرسل إلى خالد ليأتيه ‪..‬‬ ‫نطقت في لومه كلمة ‪..‬‬
‫فأتاه ‪ ..‬فقال ‪ " : ‬ألم أنهك‬ ‫وفي موقف آخر ‪..‬‬
‫عن القتل ؟ "‬ ‫لما دخل النبي ‪ .. ‬مكة‬
‫فعجب خالد وقال ‪ :‬يا رسول‬ ‫فاتحا ً ‪ ..‬فقد كان يعلم‬
‫الله ‪ ..‬جاءني فلن فأمرني أن‬ ‫عظمة البلد الحرام ‪ ..‬فقاتل‬
‫أقتل من قدرت عليه ‪..‬‬ ‫قتال ً يسيرا ً ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إن الله حرم هذا‬
‫فأرسل النبي ‪ r‬إلى ذاك‬
‫البلد يوم خلق السموات‬
‫الرجل ‪ ..‬فجاء ورأى خالدا ً ‪..‬‬
‫ل لي‬‫والرض ‪ ..‬وإنما ح ّ‬
‫فقال له ‪ " : ‬ألم أقل يرفع‬
‫ساعة من نهار " ‪..‬‬
‫يده من القتل ؟ "‬
‫فقيل له ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫فأدرك الرجل خطأه ‪ ..‬لكن المر‬
‫أنت تنهى عن القتل ‪ ..‬وهذا‬
‫انتهى ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫خالد بن الوليد في كتيبته ‪..‬‬
‫ت أمرا ً ‪ ..‬وأراد الله أمرا ً ‪..‬‬ ‫أرد ّ‬
‫يقتل من لقيه من‬
‫فكان أمُر الله فوق أمرك ‪ ..‬وما‬
‫المشركين ؟‬
‫ت إل الذي كان ‪..‬‬ ‫استطع ُ‬
‫فقال ‪ " : r‬قم يا فلن ‪..‬‬
‫فسكت عنه النبي ‪ r‬وما ردّ عليه‬
‫فأت خالد بن الوليد ‪ ..‬فقل‬
‫شيئا ً ‪..‬‬
‫له ‪ :‬فليرفع يده من القتل‬
‫من تأمل في مسيرة الحياة ‪..‬‬
‫"‪.‬‬
‫وجد هذا المر ظاهرا ً ‪..‬‬
‫هذا الرجل يعلم أنهم الن‬
‫‪137‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السيارات الربع الواقفة‬ ‫أحيانا ً يكون الشخص قد فعل‬
‫أمامي ‪..‬‬ ‫أحسن ما يستطيع ‪..‬‬
‫ضحكت ‪ ..‬وقلت ‪ ..‬هاه وماذا‬ ‫ركبت مع أحد الشباب في‬
‫فعلت ؟‬ ‫سيارته ‪ ..‬فإذا قيادته‬
‫قال ‪ :‬خففت سرعتي قدر‬ ‫جيدة ‪..‬‬
‫استطاعتي ‪ ..‬واخترت أرخص‬ ‫وكنت أعلم أنه وقع له حادث‬
‫السيارات التي أمامي ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫تصادم قبل اسبوع ‪..‬‬
‫و ‪ ..‬صدمتها ‪..‬‬ ‫فسألته ‪ :‬ألحظ أن قيادتك‬
‫فكرت فيما قال ‪ ..‬فرأيت أنه ل‬ ‫جيدة ‪ ..‬فلماذا صدمت قبل‬
‫يستحق اللوم كثيرا ً ‪ ..‬وذلك أن‬ ‫أسبوع ؟!‬
‫الختيارات التي كانت أمامه‬ ‫قال ‪ :‬كان ل بد أن أصدم !!‬
‫محدودة ‪..‬‬ ‫قلت عجبا ً !!‬
‫يعني بعض المشاكل ليس لها‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬كان ل بد أن‬
‫حل ‪ ..‬شخص أبوه عصبي ‪..‬‬ ‫أصدم ‪ ..‬أتدري لماذا ؟‬
‫نصحه بجميع الساليب ‪ ..‬ما نفع‬ ‫قلت ‪ :‬لماذا ؟!‬
‫‪ ..‬ماذا يفعل ؟‬ ‫قال ‪:‬‬
‫أقبلت بسيارتي على‬
‫لفتة ‪..‬‬ ‫جسر ‪ ..‬وكنت مسرعا ً ‪..‬‬
‫ضع نفسك موضع الملوم وفكر‬ ‫فلما نزلت منه فإذا‬
‫من وجهة نظره ‪ ..‬ثم احكم عليه‬ ‫السيارات أمامي متوقفة‬
‫‪..‬‬ ‫صفوفا ً ‪..‬‬
‫ل أدري ما السبب ‪ ..‬حادث‬
‫تأكد من الخطأ قبل‬ ‫‪.39‬‬ ‫في المام ‪ ..‬أو نقطة‬
‫النصيحة ‪..‬‬ ‫تفتيش ‪ ..‬ل أدري ‪ ..‬المهم‬
‫كان واضحا ً من نبرة صوته لما‬ ‫أني تفاجات بها ‪..‬‬
‫اتصل بي ‪ ..‬أنه كن غضبانا ً يكتم‬ ‫كان أمامي أربعة مسارات‬
‫غيظه قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫كلها مليئة بالسيارات ‪..‬‬
‫ليست هذه هي النبرة التي‬ ‫وكنت مخيرا ً بين أن أنحرف‬
‫تعودت عليها من فهد ‪..‬‬ ‫عنها كلها وأسقط من فوق‬
‫شعرت أن عنده شيئا ً ‪..‬‬ ‫الجسر ‪ ..‬أو أمسك فرامل‬
‫بدأ كلمه ‪ ..‬متحدثا ً عن الفتن‬ ‫بأقوى ما أستطيع وعندها‬
‫وتعرض الناس لها ‪..‬‬ ‫ستلعب بي السيارة في‬
‫ثم احتدت النبرة ‪ ..‬وجعل يكرر ‪:‬‬ ‫الطريق ‪..‬‬
‫أنت داعية ‪ ..‬وطالب علم ‪..‬‬ ‫أو الختيار الثالث ‪ ..‬وهو‬
‫وأفعالك محسوبة عليك ‪..‬‬ ‫أهونها ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬أبا عبد الله ليتك تدخل‬ ‫قلت ‪ :‬وما هو ؟!‬
‫في الموضوع مباشرة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أن أصدم إحدى‬
‫‪138‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الشعر ‪ ..‬فأراد ‪ r‬أن ينصحه‬ ‫قال ‪ :‬المحاضرة لتي ألقيتها‬
‫ليصلح من هيئته ‪ ..‬لكنه خشي‬ ‫في ‪ ..‬وقلت ‪..‬‬
‫أن يكون الرجل فقيرا ً أصل ً ‪..‬‬ ‫تعجبت ‪ ..‬قلت ‪ :‬متى كان‬
‫ليس ذا مال ‪..‬‬ ‫ذلك ؟‬
‫فقال له ‪ :‬هل لك من مال ؟‬ ‫قال ‪ :‬قبل ثلثة أسابيع ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬لم أذهب لتلك‬
‫قال ‪ :‬من أي المال ‪..‬؟‬ ‫المنطقة منذ سنة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬من كل المال ‪ ..‬من‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬وتحدثت عن‬
‫البل ‪ ..‬والرقيق ‪ ..‬والخيل ‪..‬‬ ‫كذا ‪..‬‬
‫والغنم ‪..‬‬ ‫ثم تبين لي أن صاحبي ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فإذا آتاك الله مال ً ‪ ..‬فلُير‬ ‫بلغته إشاعة فصدقها ‪..‬‬
‫عليك ‪..‬‬ ‫وبنى على أساسها مناصحته‬
‫ثم قال ‪ :‬تنتج إبل قومك صحاح‬ ‫‪ ..‬وموقفه ‪ ..‬وكلمه ‪..‬‬
‫آذانها ‪ ..‬فتعمد إلى الموسى ‪..‬‬ ‫صحيح أنني ل أزال أحبه ‪..‬‬
‫فتقطع آذانها ‪..‬‬ ‫لكن نظرتي إليه قصرت ‪..‬‬
‫فتقول ‪ :‬هذه بحيرة ‪..‬‬ ‫لنني اكتشفت أنه متسرع ‪..‬‬
‫وتشقها ‪ ..‬أو تشق جلودها ‪..‬‬ ‫ومثل ما يقولون ) يطير في‬
‫وتقول ‪:‬هذه صرم ‪ ..‬فتحرمها‬ ‫جة ( ‪!!..‬‬‫الع ّ‬
‫عليك وعلى أهلك ‪..‬‬ ‫كم هم أولئك الذين يبنون‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫مواقفهم ونظراتهم على‬
‫قال ‪ :‬فإن ما أعطاك الله لك‬ ‫إشاعات ‪..‬‬
‫)‪(47‬‬
‫حل ‪ ..‬موسى الله أحد ‪..‬‬ ‫قليل منهم من يأتيك‬
‫وفي عام الوفود ‪ ..‬كان بعض‬ ‫مناصحا ً ‪ ..‬ليكتشف بعدها أنه‬
‫الناس يأتي مسلما ً ‪ ..‬ويبايع‬ ‫كان يجري وراء إشاعة ‪..‬‬
‫النبي ‪ .. r‬وبعضهم يأتي‬ ‫وكثير منهم من تنطبع هذه‬
‫كافرا ً ‪ ..‬ويسلم أو يعاهد ‪..‬‬ ‫ون‬ ‫الشاعة في قلبه ‪ ..‬ويك ّ‬
‫فبينما رسول الله ‪ r‬مع أصحابه‬ ‫على أساسه تصوره عنك ‪..‬‬
‫وهي كذبة ‪..‬‬
‫دف ‪..‬‬ ‫ص ِ‬‫يوما ً ‪ ..‬إذ جاء وفد ال ّ‬
‫وهم بضعة عشر راكبا ‪ ..‬فأقبلوا‬ ‫أحيانا ً يشاع أن فلنا ً فعل‬
‫إلى مجلس النبي ‪ .. r‬فجلسوا و‬ ‫كذا وكذا ‪..‬‬
‫لم يسلموا ‪..‬‬ ‫فلجل أن تحتفظ بقدرك‬
‫فسألهم ‪ " :‬أمسلمون أنتم ؟ "‬ ‫عنده ‪ ..‬تأكد من الخبر قبل‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬قال ‪ " :‬فهل‬ ‫الكلم عنه ‪..‬‬
‫سلمتم ؟ " ‪..‬‬ ‫وهذا منهج النبي ‪.. ‬‬
‫فقاموا قياما ً فقالوا ‪ :‬السلم‬ ‫أتى رجل إلى النبي ‪.. r‬‬
‫فنظر النبي ‪ ‬إليه ‪..‬‬
‫) ( أخرجه الحاكم وصحح إسناده ‪.‬‬ ‫‪47‬‬
‫فإذا رجل رث الهيئة ‪ ..‬مغبر‬
‫‪139‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فأثنوا عليه خيرا ً ‪..‬‬ ‫عليك أيها النبي ورحمة الله‬
‫فقال محمد ‪ :‬أنشدكم بالله ‪..‬‬ ‫وبركاته ‪..‬‬
‫هل تعلمون منه غير ذلك ؟‬ ‫فقال ‪ " :‬وعليكم السلم ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬ل نعلم إل خيرا ً ‪..‬‬ ‫اجلسوا " ‪ ..‬فجلسوا ثم‬
‫فكرر عليهم السؤال ‪..‬‬ ‫سألوه ‪ r‬عن أوقات‬
‫عندها قام رجل في آخر‬ ‫الصلوات ‪..‬‬
‫المسجد ‪ ..‬اسمه أسامة بن‬ ‫وفي عهد عمر ‪ .. ‬توسعت‬
‫قتادة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫بلد السلم ‪..‬‬
‫أما إذ نشدتنا بالله ‪ ..‬فاسمع ‪:‬‬ ‫فعين عمر سعد بن أبي‬
‫إن سعدا ً كان ل يسير بالسوية ‪..‬‬ ‫وقاص أميرا ً على الكوفة ‪..‬‬
‫ول يعدل في القضية ‪..‬‬ ‫كان أهل الكوفة حينذاك‬
‫فعجب سعد وقال ‪ :‬أنا كذلك ؟‬ ‫مشاغبين على ولتهم ‪..‬‬
‫قال الرجل نعم ‪..‬‬ ‫أرسل نفر منهم رسالة إلى‬
‫فقال سعد ‪ :‬أما والله لدعون‬ ‫الخليفة عمر ‪ .. ‬يشتكون‬
‫بثلث ‪:‬‬ ‫إليه من سعد ‪..‬‬
‫اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا ً ‪..‬‬ ‫وذكروا عيوبا ً كثيرة ‪ ..‬حتى‬
‫وقد قام رياء وسمعة ‪..‬‬ ‫إنهم قالوا ‪ :‬ول يحسن أن‬
‫اللهم فـ ‪:‬‬ ‫يصلي !!‬
‫أطل عمره ‪..‬‬ ‫•‬ ‫فلما قرأ عمر الكتاب ‪ ..‬لم‬
‫وأطل فقره ‪..‬‬ ‫•‬ ‫يتسرع باتخاذ قرار ‪ ..‬ول‬
‫وعرضه للفتن ‪..‬‬ ‫•‬ ‫كتابة نصيحة ‪..‬‬
‫ثم خرج سعد من المسجد ‪..‬‬ ‫وإنما أرسل محمد بن‬
‫ومضى إلى لمدينة ومات بعدها‬ ‫مسلمة إلى الكوفة معه‬
‫بسنوات ‪..‬‬ ‫كتاب إلى سعد ‪..‬‬
‫أما ذلك الرجل فل زالت دعوة‬ ‫وأمره أن يسير مع سعد‬
‫سعد تلحقه ‪..‬‬ ‫ويسأل الناس عنه ‪..‬‬
‫حتى كبرت سنه ‪ ..‬ورق‬ ‫جعل محمد بن مسلمة يصلي‬
‫عظمه ‪ ..‬واحدودب ظهره ‪..‬‬ ‫مع سعد في المساجد ‪..‬‬
‫وطال عمره حتى مل من‬ ‫ويسأل الناس عن سعد ‪..‬‬
‫حياته ‪ ..‬واشتد فقره ‪..‬‬ ‫ولم يدع مسجد إل سأل‬
‫فكان يجلس وسط الطريق‬ ‫عنه ‪ ..‬ول يذكرون عن سعد‬
‫يسأل الناس ‪ ..‬وقد سقط‬ ‫إل معروفا ً ‪..‬‬
‫حاجباه على عينيه من شدة‬ ‫حتى دخل مسجدا ً لبني عبس‬
‫الكبر ‪ ..‬فإذا مرت به النساء مد‬ ‫‪..‬‬
‫يده يغمزهن ويتعرض لهن ‪..‬‬ ‫فقام محمد بن مسلمة ‪..‬‬
‫فكان الناس يصيحون به ‪..‬‬ ‫وسأل الناس عن أميرهم‬
‫ويسبونه ‪ ..‬فيقول ‪:‬‬ ‫سعد ؟؟‬
‫‪140‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الصخور ‪..‬‬ ‫وماذا أفعل !! شيخ كبير‬
‫فما هو إل أن ابتدأ القتال ‪..‬‬ ‫مفتون ‪ ..‬أصابتني دعوة‬
‫ودخلت جموع المسلمين في‬ ‫الرجل الصالح سعد بن أبي‬
‫الوادي ‪..‬‬ ‫وقاص ‪..‬‬
‫حتى تفجر عليهم الكفار من كل‬
‫جانب ‪ ..‬واضطرب الناس ‪..‬‬ ‫حديث ‪..‬‬
‫وجعلت خيل المسلمين ‪ ..‬تلوذ‬ ‫بئس مطية الرجل زعموا ‪..‬‬
‫خلف ظهورهم ‪ ..‬فلم يلبثوا أن‬ ‫وكفى بالمرء إثما ً أن يحدث‬
‫ل من‬ ‫انكشفت خيلهم ‪ ..‬وكان أو ُ‬ ‫بكل ما سمع ‪..‬‬
‫فّر العراب ‪ ..‬وتسلط الكفار‬
‫وظهروا ‪..‬‬ ‫اجلدني برفق !!‬ ‫‪.40‬‬
‫فالتفت رسول الله ‪ .. r‬فإذا‬ ‫ل يعنــي مــا تقــدم مــن كلم‬
‫الجموع تفر ‪ ..‬والدماء تسيل ‪..‬‬ ‫م اللوم أبدا ً ‪..‬‬ ‫عد ُ‬
‫والخيل يضرب بعضها في‬ ‫بلى ‪ ..‬فقد تحتاج في أحيــان‬
‫بعض ‪..‬‬ ‫متكررة أن تلــوم الخريــن ‪..‬‬
‫فجعل يأمر العباس بأن ينادي ‪:‬‬ ‫ولدك ‪ ..‬زوجتك ‪ ..‬صديقك ‪..‬‬
‫يا للمهاجرين يا للنصار ؟‬ ‫لكن يمكن تــأجيله قليل ً ‪ ..‬أو‬
‫فرجعوا حتى ثبت ‪ r‬في ثمانين‬ ‫استخدام أساليب أخف ‪..‬‬
‫أو مائة رجل ‪..‬‬ ‫دع الملوم يحتفظ بماء وجهه‬
‫ثم نصر الله المسلمين ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وانتهى القتال ‪..‬‬ ‫بعدما فتح ‪ ‬مكة ‪ ..‬وقد‬
‫وجمعت الغنائم بين يدي النبي‬ ‫قوي شأنه عند العرب ‪..‬‬
‫‪.. ‬‬ ‫وكثر الداخلون في‬
‫فإذا الذين فروا من القتال ‪..‬‬ ‫السلم ‪..‬‬
‫وخافوا من الرماح والنبال ‪..‬‬ ‫غزا ‪ ‬بالناس حنينا ً ‪ ..‬فجاء‬
‫هم أول من اجتمع على رسول‬ ‫المشركون بأحسن‬
‫الله ‪ .. r‬يريد الغنائم ‪..‬‬ ‫صفوف ‪ ..‬فصفت الخيل ‪..‬‬
‫تعلقت العراب ‪ ..‬برسول الله ‪r‬‬ ‫ثم صفت المقاتلة ‪ ..‬ثم‬
‫يقولون له ‪:‬‬ ‫صفت النساء من وراء‬
‫اقسم علينا فيئنا ‪ ..‬اقسم علينا‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫فيئنا ‪ ..‬يريدون الغنائم ‪..‬‬ ‫ثم صفت الغنم ‪ ..‬ثم‬
‫عجبا ً ‪ !!..‬يقسم فيئكم ‪ ..‬متى‬ ‫النعم ‪..‬‬
‫صار فيؤكم وأنتم لم تقاتلوا ‪..‬‬ ‫والمسلمون بشر كثير ‪ ..‬قد‬
‫كيف تطلبون من الغنيمة ‪ ..‬وهو‬ ‫بلغوا اثني عشر ألفا ً ‪..‬‬
‫الذي كان يصرخ بكم لتعودوا‬ ‫وكان المشركون قد سبقوا‬
‫وأنتم ل تستجيبون ‪!!..‬‬ ‫إلى وادي حنين ‪ ..‬واختبأت‬
‫لكنه ‪ r‬لم يكن يدقق على مثل‬ ‫كتائب منهم في جانبيه بين‬
‫‪141‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ .. ‬فقالت ‪ :‬إليك عني ‪ ..‬وما‬ ‫هذا ‪ ..‬فالدنيا ل تساوي عنده‬
‫تبالي أنت بمصيبتي ‪..‬؟!‬ ‫شيئا ً ‪..‬‬
‫فسكت النبي ‪ .. ‬وذهب‬ ‫جعلوا يتبعونه ويرددون ‪:‬‬
‫وتركها ‪ ..‬فقد أدى ما عليه ‪..‬‬ ‫اقسم علينا فيئنا ‪..‬‬
‫وأدرك أن المرأة الن في وضع‬ ‫حتى تزاحموا عليه ‪..‬‬
‫نفسي قد ل يناسب أن يزاد‬ ‫وضيقوا الطريق بين يديه ‪..‬‬
‫عليها في النصح أكثر مما‬ ‫واضطروه إلى شجرة ‪ ..‬فمّر‬
‫سمعت ‪..‬‬ ‫من شدة الزحام ملصقا ً‬
‫التفت بعض الصحابة إليها‬ ‫لها ‪..‬‬
‫وقالوا ‪ :‬هذا رسول الله ‪!!.. ‬‬ ‫فتعلق رداؤه بأغصانها ‪..‬‬
‫فندمت المرأة على ما قالت ‪..‬‬ ‫حتى سقط عن منكبيه ‪..‬‬
‫وقامت تحاول أن تلحق بالنبي‬ ‫وصار بطنه وظهره مكشوفا ً‬
‫‪ .. ‬حتى وصلت بيته ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فلم تجد على بابه بوابين ‪..‬‬ ‫فلم يغضب ‪ ..‬وإنما التفت‬
‫فقالت معتذرة ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫إليهم وقال ‪ ..‬بكل هدووووء‬
‫لم أعرفك ‪ ..‬الن أصبر ‪..‬‬ ‫‪:‬‬
‫فقال إنما الصبر عند الصدمة‬ ‫أيها الناس ‪ ..‬ردوا علي‬
‫)‪(48‬‬
‫الولى ‪..‬‬ ‫ردائي ‪ ..‬فوالذي نفسي بيده‬
‫لو كان لي عدد شجر‬
‫اقتل برفق ‪..‬‬ ‫تهامة ‪َ ..‬نعما ً لقسمته عليكم‬
‫إن الله كتب الحسان على كل‬ ‫‪..‬‬
‫شيء ‪ ..‬فإذا قتلتم فأحسنوا‬ ‫ثم ل تجدوني بخيل ‪ ..‬ول‬
‫القتلة ‪ ..‬وإذا ذبحتم فأحسنوا‬ ‫جبانا ً ‪ ..‬ول كذابا ً ‪..‬‬
‫الذبح ‪ ..‬وليحد أحدكم شفرته ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬لنه لو كان بخيل ً‬
‫وليرح ذبيحته ‪ ..‬حديث رواه‬ ‫لمسك الموال لنفسه ‪..‬‬
‫مسلم‬ ‫ولو كان جبانا ً لفّر مع‬
‫الفارين ‪..‬‬
‫فّر من المشاكل !!‬ ‫ِ‬ ‫‪.41‬‬ ‫ولو كان كذابا ً لما نصره رب‬
‫أظنه لو أجرى تحليل ً في‬ ‫العالمين ‪..‬‬
‫مستشفى بدائي لكتشف في‬ ‫مواقفه ‪ ‬الرائعة كثيرة ‪..‬‬
‫جسمه عشرة أنواع من المراض‬ ‫كان ‪ ‬يمشي مع بعض‬
‫‪ ..‬أهونها الضغط والسكر ‪..‬‬ ‫أصحابه ‪ ..‬فمر بامرأة تبكي‬
‫كان المسكين يعذب نفسه كثيرا ً‬ ‫عند قبر ‪ ..‬على صبي لها ‪..‬‬
‫لنه يطالب الناس بالمثالية‬ ‫فقال لها ‪ : ‬اتقي الله‬
‫التامة ‪ ..‬دائما ً تجده متضايقا ً من‬ ‫واصبري ‪..‬‬
‫زوجته ‪..‬‬ ‫وكانت المرأة باكية‬
‫مهمومة ‪ ..‬فلم تعرف النبي‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪48‬‬

‫‪142‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وإل فسوف نتعب كثيرا ً ‪..‬‬ ‫كسرت الصحن الجديد ‪..‬‬
‫ليس الغبي بسيد في قومه ‪..‬‬ ‫نسيت كنس الصالة ‪..‬‬
‫لكن سيد قومه المتغابي‬ ‫أحرقت ثوبي الجديد‬
‫وأذكر أن شابا ً متحمسا ً أقبل‬ ‫بالمكواة ‪..‬‬
‫إلى شيخه يريده أن يساعده في‬ ‫وأولده ‪ ..‬خالد إلى الن لم‬
‫اختيار زوجة تكون رفيقة دربه‬ ‫يحفظ جدول الضرب ‪..‬‬
‫حتى الممات ‪ ..‬فقال الشيخ ‪ :‬ما‬ ‫وسعد ‪ ..‬لم يظفر بتقدير‬
‫هي الصفات التي ترغب وجودها‬ ‫ممتاز ‪..‬‬
‫في زوجتك ؟‬ ‫وسارة ‪ ..‬وهند ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬منظرها جميل ‪..‬‬ ‫هذا حاله في بيته ‪..‬‬
‫وقوامها طويل ‪ ..‬وشعرها‬ ‫أما بين زملئه ‪ ..‬فأعظم ‪..‬‬
‫حرير‪ ..‬ورائحتها عبير ‪ ..‬لذيذة‬ ‫أبو عبد الله قصدني لما ذكر‬
‫الطعام ‪ ..‬عذبة الكلم ‪ ..‬إن‬ ‫قصة البخيل ‪!..‬‬
‫نظرت إليها سرتني ‪ ..‬وإن غبت‬ ‫والبارحة أبو أحمد يعنيني‬
‫عنها حفظتني ‪ ..‬ل تخالف لي‬ ‫لما تكلم عن السيارات‬
‫أمرا ً ‪ ..‬ول أخشى منها شرا ً ‪..‬‬ ‫القديمة ‪ ..‬نعم يقصد‬
‫لها دين يرفعها ‪ ..‬وحكمة تنفعها‬ ‫سيارتي ‪ ..‬نعم ‪ ..‬كان ينظر‬
‫‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫إل ّ‬
‫وراح يسرد من صفات الكمال‬ ‫إلى آخر مواقف وتفكيرات‬
‫المتفرقة في النساء ويجمعها‬ ‫هذا الرجل المسكين ‪..‬‬
‫في امرأة واحدة ‪..‬‬ ‫قديما ً قالوا في المثل ‪ :‬إن‬
‫فلما أكثر على الشيخ ‪ ..‬قال‬ ‫أطاعك الزمان وإل فأطعه ‪..‬‬
‫له ‪ :‬يا ولدي ‪ ..‬عندي طلبك ‪..‬‬ ‫أذكر أن أعرابيا ً ‪ -‬من‬
‫قال ‪ :‬أين ؟ قال ‪ :‬في الجنة‬ ‫أصدقائي ‪ -‬كان يردد مثل ً‬
‫بإذن الله ‪ ..‬أما في الدنيا فعود‬ ‫حفظه من جده ‪ ..‬كان‬
‫نفسك التسامح ‪..‬‬ ‫يسمعني إياه كثيرا ً إذا بدأت‬
‫نعم في الدنيا عود نفسك‬ ‫أتفلسف عليه ببعض‬
‫التسامح ‪ ..‬ل تعذب نفسك‬ ‫المعلومات ‪ ..‬فكان يخرج‬
‫بالبحث عن مشاكل لثارتها ‪..‬‬ ‫زفيرا ً طوييييل ً من صدره ثم‬
‫والنقاش حولها ‪..‬‬ ‫يقول ‪ :‬ياااا شيخ ‪ ..‬اليد اللي‬
‫فيوما ً تصرخ في وجه جليس ‪:‬‬ ‫ما تقدر تلويها صافحها ‪!!..‬‬
‫أنت تقصدني بكلمك ؟‬ ‫وإذا تفكرت في هذا وجدته‬
‫ويوما ً في وجه ولدك ‪ :‬أنت تريد‬ ‫صحيحا ً ‪ ..‬فنحن إذا لم نعود‬
‫أن تحزنني بكسلك ؟‬ ‫أنفسنا على التسامح‬
‫ويوما ً في وجه زوجتك ‪ :‬أنت‬ ‫وتمشية المور ‪ ..‬أو بمعنى‬
‫تتعمدين إهمال بيتك ؟ ‪...‬‬ ‫آخر التغابي ‪ ..‬وعدم الغراق‬
‫وقد كان منهج النبي ‪.. r‬‬ ‫في التفسيرات والظنون ‪..‬‬
‫‪143‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫س"‬
‫يجد ‪ " :‬ح ّ‬ ‫التسامح عموما ً ‪ ..‬فكان‬
‫فاستيقظ كلثوم ‪ ..‬فاضطرب‬ ‫يستمتع بحياته ‪..‬‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫كان يدخل ‪ ‬على أهله‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬استغفر لي ‪..‬‬ ‫أحيانا ً ‪ ..‬في الضحى ‪ ..‬وهو‬
‫سْر ‪..‬‬‫فقال ‪ ‬بكل سماحة ‪ِ :‬‬ ‫جائع ‪ ..‬فيسألهم ‪ :‬هل‬
‫سْر ‪..‬‬
‫ِ‬ ‫عندكم من شيء ‪ ..‬عندكم‬
‫سْر ‪ ..‬ولم يعمل قضية ‪..‬‬ ‫نعم ‪ِ :‬‬ ‫طعام ‪..‬‬
‫لماذا تضايقني ؟ الطريق‬ ‫فيقولون ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫واسع ! ما الذي جاء بك‬ ‫فيقول ‪ : ‬إني إذا صائم ‪..‬‬
‫بجانبي ؟! ل ‪ ..‬لم يتعب نفسه ‪..‬‬ ‫ولم يكن يصنع لجل ذلك‬
‫ضربة رجل ‪ ..‬وانتهت ‪..‬‬ ‫م‬‫مشاكل ‪ ..‬ما كان يقول ‪ :‬ل ِ َ‬
‫كان هذا أسلوبه ‪ ‬دائما ً ‪..‬‬ ‫لم تصنعوا طعاما ً ‪ِ ..‬لم لم‬
‫جلس يوما ً بين أصحابه ‪..‬‬ ‫تخبروني لشتري ‪ ..‬إني إذا‬
‫)‪(49‬‬
‫فأقبلت إليه امرأة ببردة ‪..‬‬ ‫صائم ‪ ..‬وانتهى المر ‪..‬‬
‫قطعة قماش ‪..‬‬ ‫وكان في تعامله مع‬
‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إني‬ ‫الناس ‪ ..‬يتعامل بكل سماحة‬
‫نسجت هذه بيدي ‪ ..‬أكسوكها ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فأخذها النبي ‪ .. ‬وكان محتاجا ً‬ ‫قال كلثوم بن الحصين ‪..‬‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫كان من خيار الصحابة ‪..‬‬
‫وقام ودخل بيته ‪ ..‬فلبسها ‪ ..‬ثم‬ ‫قال ‪ :‬غزوت مع رسول الله‬
‫خرج إلى أصحابه وهي إزاره ‪..‬‬ ‫‪ r‬غزوة تبوك ‪ ..‬فسرت ذات‬
‫فقال رجل من القوم ‪ :‬يا‬ ‫ليلة معه ونحن بوادي‬
‫رسول الله ‪ ..‬اكسنيها ‪..‬‬ ‫"الخضر" ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬نعم ‪..‬‬ ‫أطالوا المشي ‪ ..‬فجعل‬
‫ثم رجع ‪ .. ‬فخلعها وطواها ‪..‬‬ ‫يغلبه النعاس ‪..‬‬
‫ولبس إزارا ً قديما ً ‪..‬‬ ‫وجعلت ناقته تقترب من‬
‫ثم أرسل بها إلى الرجل ‪..‬‬ ‫ناقة النبي ‪ .. ‬ويستيقظ‬
‫فقال الناس للرجل ‪ :‬ما أحسنت‬ ‫فجأة ‪ ..‬فيبعدها ‪ ..‬خوفا ً من‬
‫‪ ..‬سألته إياها وقد علمت أنه ل‬ ‫أن يصيب رحل ناقته رجل‬
‫يرد سائل ً ؟!‬ ‫النبي ‪.. ‬‬
‫فقال الرجل ‪ :‬والله ما سألته ‪..‬‬ ‫حتى غلبته عينه في بعض‬
‫إل لتكون كفني يوم أموت ‪..‬‬ ‫الطريق ‪ ..‬فزاحمت راحلته‬
‫فلما مات الرجل ‪ ..‬كفنه أهله‬ ‫راحلة النبي ‪ .. ‬وضرب‬
‫فيها )‪.. (50‬‬ ‫رحله رجل النبي ‪ .. ‬فآلمه‬
‫ما أجمل احتواء الناس بهذه‬ ‫‪..‬‬
‫التعاملت ‪..‬‬ ‫فقال النبي ‪ ‬من حر ما‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪50‬‬
‫) ( رواه أبو داود ‪ -‬صحيح‬ ‫‪49‬‬

‫‪144‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الحسين ‪..‬‬ ‫قام ‪ ‬يوما ً يؤم أصحابه في‬
‫فتقدم إلى موضع صلته ‪..‬‬ ‫صلة العشاء ‪..‬‬
‫فوضعه ‪ ..‬ثم كبر مصليا ً‬ ‫فدخل إلى المسجد‬
‫بالناس ‪..‬‬ ‫طفلن ‪ ..‬الحسن‬
‫فسجد رسول الله ‪ ‬سجدة ‪..‬‬ ‫والحسين ‪ ..‬ابنا فاطمة ‪.. ‬‬
‫أطالها ‪ ..‬حتى خشي عليه‬ ‫فأقبل إلى جدهما رسول‬
‫أصحابه أن يكون قد أصابه شيء‬ ‫الله ‪ .. ‬وهو يصلي ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فكان إذا سجد ‪ ..‬وثب‬
‫ثم رفع من سجوده ‪..‬‬ ‫الحسن والحسين على‬
‫وبعد انتهاء الصلة ‪ ..‬سأله‬ ‫ظهره ‪..‬‬
‫أصحابه ‪ ..‬قالوا ‪ :‬يا رسول‬ ‫فإذا أراد ‪ ‬أن يرفع‬
‫الله ‪ ..‬لقد سجدت في صلتك‬ ‫رأسه ‪ ..‬تناولهما بيديه من‬
‫هذه سجدة ما كنت تسجدها ‪!!..‬‬ ‫خلفه تناول ً رفيقا ً ‪..‬‬
‫أشيء أمرت به ؟ أو كان يوحى‬ ‫ووضعهما عن ظهره ‪..‬‬
‫إليك ؟‬ ‫فجلسا جانبا ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬كل ذلك لم يكن ‪..‬‬ ‫فإذا عاد لسجوده ‪ ..‬عادا‬
‫ولكن ابني ارتحلني ‪ ..‬فكرهت‬ ‫فوثبا على ظهره ‪..‬‬
‫أن أعجله ‪ ..‬حتى يقضي‬ ‫حتى قضى ‪ ‬صلته ‪..‬‬
‫حاجته ‪.. (52) ..‬‬ ‫فأخذهما بكل رفق ‪..‬‬
‫ودخل ‪ ‬يوما ً على أم هانئ بنت‬ ‫وأقعدهما على فخذيه ‪..‬‬
‫أبي طالب ‪ .. ‬وكان جائعا ً ‪..‬‬ ‫فقام أبو هريرة ‪.. ‬‬
‫فقال ‪ :‬هل عندك من طعام‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫نأكله ؟‬ ‫دهما ‪..‬؟ يعني أعيدهما‬ ‫أر ّ‬
‫فقالت ‪ :‬ليس عندي إل كسر‬ ‫لمهما ‪..‬؟‬
‫يابسة ‪ ..‬وإني لستحي أن‬ ‫فلم يعجل ‪ ‬عليهما ‪..‬‬
‫أقدمها إليك ‪..‬‬ ‫ثم لبث قليل ً ‪ ..‬فبرقت برقة‬
‫فقال ‪ :‬هلمي بهن ‪..‬‬ ‫من السماء ‪..‬‬
‫فأتته بهن ‪ ..‬فكسرهن في‬ ‫فقال لهما ‪ : ‬الحقا بأمكما‬
‫ماء ‪ ..‬وجاءت بملح فذرته‬ ‫‪ ..‬فقاما فدخل على أمهما ‪..‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫)‪(51‬‬

‫فجعل ‪ .. ‬يأكل هذا الخبز‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬


‫مخلوطا ً بالماء ‪..‬‬ ‫خرج النبي عليه ‪ .. ‬على‬
‫فالتفت إلى أم هانئ وقال ‪ :‬هل‬ ‫أصحابه في إحدى صلتي‬
‫من إدام ؟‬ ‫الظهر أو العصر ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬ما عندي يا رسول الله‬ ‫وهو حامل الحسن أو‬
‫إل شيء من "خ ّ‬
‫ل" ‪..‬‬
‫‪ ( ) 51‬رواه أحمممد وقممال الهيثمممي ‪:‬‬
‫) ( الحاكم في المستدرك‬ ‫‪52‬‬
‫رجاله ثقات‬
‫‪145‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أن بال في حجر النبي ‪.. ‬‬ ‫فقال ‪ :‬هلميه ‪..‬‬
‫وبلل ثيابه بالبول ‪..‬‬ ‫فجاءته به ‪ ..‬فصبه على‬
‫فلم يزد النبي ‪ ‬على أن دعا‬ ‫طعامه ‪ ..‬فأكل منه ‪..‬‬
‫بماء فنضحه على أثر البول‬ ‫ثم حمد الله عز وجل ‪ ..‬ثم‬
‫)‪.. (55‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم الدام الخل )‪.. (53‬‬
‫وانتهى المر ‪ ..‬لم يغضب ‪ ..‬ولم‬ ‫نعم ‪ ..‬كان يعيش حياته كما‬
‫يعبس ‪..‬‬ ‫هي ‪ ..‬يتقبل المور بحسب‬
‫فلماذا نعذب نحن أنفسنا ونصنع‬ ‫ما هي عليه ‪..‬‬
‫من الحبة قبة ‪ ..‬ليس شرطا ً أن‬ ‫وفي رحلة الحج ‪..‬‬
‫يكون كل ما يقع حولك مرضيا ً‬ ‫خرج ‪ ‬مع أصحابه ‪ ..‬فنزلوا‬
‫لك ‪.. %100‬‬ ‫منزل ً ‪ ..‬فذهب النبي ‪‬‬
‫جل‬ ‫وإن تجد عيبا ً فسدّ الخلل‬ ‫فقضى حاجته ‪..‬‬
‫من ل عيب فيه وعل‬ ‫ثم جاء إلى حوض ماء فتوضأ‬
‫بعض الناس يحرق أعصابه ‪..‬‬ ‫منه ‪..‬‬
‫ويكبر القضايا ‪ ..‬وبعض الباء‬ ‫ثم قام ‪ ‬ليصلي ‪..‬‬
‫والمهات كذلك ‪ ..‬وربما بعض‬ ‫جاء جابر بن عبد الله ‪.. ‬‬
‫المدرسين والمدرسات كذلك ‪..‬‬ ‫فوقف عن يسار رسول الله‬
‫ول تفتش عن الخطاء الخفية ‪..‬‬ ‫‪ .. ‬وكّبر مصليا ً معه ‪..‬‬
‫وكن سمحا ً في قبول أعذار‬ ‫فأخذ النبي ‪ ‬بيده ‪ ..‬فأداره‬
‫الخرين ‪ ..‬خاصة من يعتذرون‬ ‫حتى أقامه عن يمينه ‪..‬‬
‫إليك حفاظا ً على محبتهم‬ ‫ومضيا في صلتهما ‪..‬‬
‫معك ‪ ..‬ل لجل مصالح‬ ‫فجاء جبار بن صخر ‪.. ‬‬
‫شخصية ‪..‬‬ ‫فتوضأ ‪..‬‬
‫اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ً‬ ‫ثم أقبل فقام عن يسار‬
‫إن بّر عندك‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫فيما قال أو فجرا‬ ‫فأخذ ‪ ‬بأيديهما جميعا ً –‬
‫فقد أطاعك من يرضيك ظاهره‬ ‫بكل هدوء ‪ -‬فدفعهما حتى‬
‫وقد أجّلك من‬ ‫أقامهما خلفه )‪.. (54‬‬
‫يعصيك مستترا ً‬ ‫وفي يوم كان ‪ ‬جالسا ً ‪..‬‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ .. ‬وقد‬ ‫فأقلبت إليه أم قيس بنت‬
‫رقى منبره يوما ً ‪..‬‬ ‫محصن بابن لها حديث‬
‫وخطب بأصحابه فرفع صوته‬ ‫الولدة ‪ ..‬ليحنكه ويدعو له ‪..‬‬
‫حتى أسمع النساء العواتق في‬ ‫فأخذه ‪ ‬فجعله في‬
‫خدورها داخل بيوتهن ‪!!..‬‬ ‫حجره ‪ ..‬فلم يلبث الصغير‬
‫فقال ‪ : ‬يا معشر من آمن‬
‫‪ ( ) 53‬رواه الطبراني في الوسط ‪،‬‬
‫بلسانه ولم يدخل اليمان إلى‬
‫وأصله في الصحيحين‬
‫) (‬ ‫‪55‬‬
‫‪ ( ) 54‬رواه مسلم‬
‫‪146‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثقيلة ‪..‬أو كلمة نابية ‪ ..‬سارع‬ ‫قلبه ‪ ..‬ل تغتابوا‬
‫إلى إطفاء شرارها قبل أن‬ ‫المسلمين ‪ ..‬ول تتبعوا‬
‫تضطرم النار بسببها ‪..‬‬ ‫عوراتهم ‪..‬فإنه من يتبع‬
‫ي ‪ ..‬ما‬ ‫أنا آسف ‪ ..‬حقك عل ّ‬ ‫عورة أخيه ‪ ..‬يتبع الله عورته‬
‫يصير خاطرك إل طيب ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ومن يتبع الله عورته ‪..‬‬
‫ما أجمل أن نتواضع ونسمع‬ ‫يفضحه ولو في جوف بيته ‪..‬‬
‫الناس هذه العبارات ‪..‬‬ ‫)‪.. (56‬‬
‫وقعت خصومة بين أبي ذر وبلل‬ ‫نعم ل تتصيد الخطاء ‪..‬‬
‫‪ ..‬رضي الله عنهما ‪ ..‬وهما‬ ‫وتتبع العورات ‪ ..‬كن‬
‫صحابيان ‪ ..‬لكنهما بشر ‪..‬‬ ‫سمحا ً ‪..‬‬
‫فغضب أبو ذر ‪ ..‬وقال لبلل ‪ :‬يا‬ ‫وكان ‪ ‬حريصا ً على عدم‬
‫ابن السوداء ‪..‬‬ ‫إثارة المشكلت أصل ً ‪..‬‬
‫فشكاه بلل إلى رسول الله‬ ‫في مجلس هادئ مع بعض‬
‫‪.. ‬‬ ‫أصحابه ‪ ..‬صفت فيه‬
‫فدعاه النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬أساببت‬ ‫النفوس ‪ ..‬واطمأنت القلوب‬
‫فلنا ً ؟‬ ‫‪ ..‬قال ‪ ‬لصحابه ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫أل ل يبلغني أحد منكم عن‬
‫قال ‪ :‬فهل ذكرت أمه ؟‬ ‫أحد من أصحابي شيئا ً ‪..‬‬
‫ذكر‬‫قال ‪ :‬من يسابب الرجال ‪ُ ..‬‬ ‫فإني أحب أن أخرج إليكم‬
‫أبوه وأمه يا رسول الله ‪..‬‬ ‫وأنا سليم الصدر ‪.. (57) ..‬‬
‫فقال ‪ : ‬إنك امرؤ فيك جاهلية‬ ‫ل تعذب نفسك ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ل تثر على نفسك الغبار ما‬
‫فتغير أبو ذر ‪ ..‬وقال ‪ :‬على‬ ‫دام ساكنا ً ‪ ..‬وإن ثار فس ّ‬
‫د‬
‫ساعتي من الكبر ‪..‬؟‬ ‫مك ‪ ..‬واستمتع‬ ‫أنفك ب ِك ُ ّ‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫بحياتك ‪..‬‬
‫ثم أعطاه النبي ‪ ‬منهجا ً‬
‫يتعامل به مع من هم أقل منه‬ ‫اعترف بخطئك ‪..‬‬ ‫‪.42‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫ل تكابر ‪..‬‬
‫إنما هم إخوانكم ‪ ..‬جعلهم الله‬ ‫كثير من المشاكل التي ربما‬
‫تحت أيديكم ‪ ..‬فمن كان أخوه‬ ‫تستمر العداوة بسببها ‪..‬‬
‫تحت يده ‪ ..‬فليطعمه من طعامه‬ ‫سنة وسنتين ‪ ..‬وربما العمر‬
‫‪ ..‬وليلبسه من لباسه ‪ ..‬ول‬ ‫كله ‪ ..‬يكون حلها أن يقول‬
‫يكلفه ما يغلبه ‪ ..‬فإن كلفه ما‬ ‫أحدهما للخر ‪ :‬أنا أخطأت ‪..‬‬
‫يغلبه فليعنه عليه ‪..‬‬ ‫وأعتذر ‪..‬‬
‫فماذا فعل أبو ذر ‪ ‬؟!‬ ‫موعد أخلفته ‪ ..‬أو مزحة‬
‫مضى أبو ذر حتى لقي بلل ً ‪..‬‬
‫) ( أخرجه أبو يعلى ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫ثم اعتذر ‪ ..‬وقعد على الرض ‪..‬‬


‫) ( أخرجه أبو داود ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪57‬‬

‫‪147‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عليه الخبر ‪..‬‬ ‫بين يدي بلل ‪ ..‬ثم جعل‬
‫وحكى كيف أعرض عن أبي بكر‬ ‫يقرب من الرض حتى وضع‬
‫ولم يقبل اعتذاره ‪..‬‬ ‫خده على التراب وقال ‪ :‬يا‬
‫فغضب رسول الله ‪.. ‬‬ ‫بلل ‪ ..‬طأ برجلك على‬
‫)‪(58‬‬
‫فلما رأى أبو بكر غضبه ‪ ..‬جعل‬ ‫خدي ‪..‬‬
‫يقول ‪ :‬والله يا رسول الله ‪..‬‬ ‫هكذا كان الصحابة ‪ ‬في‬
‫لنا كنت أظلم ‪ ..‬أنا كنت‬ ‫حرصهم على إطفاء نار‬
‫أظلم ‪..‬‬ ‫العداوة قبل اشتعالها ‪ ..‬فإن‬
‫وجعل يدافع عن عمر ويعتذر‬ ‫اشتعلت منعوها من‬
‫له ‪..‬‬ ‫المتداد ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬هل أنتم تاركون لي‬ ‫وقعت بين أبي بكر وعمر ‪‬‬
‫صاحبي ؟ هل أنتم تاركون لي‬ ‫محاورة ‪ ..‬فأغضب أبو بكر‬
‫صاحبي ؟ إني قلت ‪ :‬يأيها‬ ‫عمَر ‪..‬‬
‫الناس إني رسول الله إليكم‬ ‫ً‬
‫فانصرف عنه عمُر مغضبا ‪..‬‬
‫جميعا ً ‪ ..‬فقلتم ‪ :‬كذبت ‪ ..‬وقال‬ ‫فلما رأى أبو بكر ذلك ‪..‬‬
‫أبو بكر ‪ :‬صدقت )‪.. (59‬‬ ‫ندم ‪ ..‬وخشي أن يتطور‬
‫وانتبه أن تكون ممن يصلح‬ ‫المر ‪..‬‬
‫الناس ويفسد نفسه ‪ ..‬يدور بها‬ ‫فانطلق يتبع عمر ‪..‬‬
‫كما يدور الحمار في الرحى ‪..‬‬ ‫ويقول ‪ :‬استغفر لي يا‬
‫فإذا كنت في موضع توجيه أو‬ ‫عمر ‪..‬‬
‫اقتداء ‪ ..‬كمدرس مع طلبه ‪..‬‬ ‫وعمر ل يلتفت إليه ‪ ..‬وأبو‬
‫وأب مع أولده ‪ ..‬أو أم ‪ ..‬وكذلك‬ ‫بكر يعتذر ‪ ..‬ويمشي وراءه‬
‫الزوجان مع بعضهما ‪..‬‬ ‫حتى وصل عمر إلى بيته ‪..‬‬
‫وزع عمر ‪ ‬ثيابا ً على الناس ‪..‬‬ ‫وأغلق بابه في وجهه ‪..‬‬
‫فنال كل واحد قطعة قماش‬ ‫فمضى أبو بكر إلى رسول‬
‫تكفيه إزارا ً أو رداءً ‪..‬‬ ‫الله ‪.. ‬‬
‫ثم قام يخطب الناس يوم‬ ‫فلما رآه النبي ‪ ‬مقبل ً من‬
‫الجمعة ‪..‬‬ ‫بعيد ‪ ..‬رآه متغيرا ً ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫فقال في أول خطبته ‪ :‬إن الله‬ ‫أما صاحبكم هذا فقد غامر ‪..‬‬
‫كتب لي عليكم السمع‬ ‫جلس أبو بكر ساكتا ً ‪..‬‬
‫والطاعة ‪..‬‬ ‫فلم تمض لحظات ‪ ..‬حتى‬
‫فقام رجل من القوم وقال ‪ :‬ل‬ ‫ندم عمر على ما كان منه ‪..‬‬
‫سمع لك ول طاعة ‪..‬‬ ‫وكانت قلوبهم بيضاء ‪..‬‬
‫فقال عمر ‪ :‬لمه ؟‬ ‫فأقبل إلى مجلس رسول‬
‫ً‬
‫قال ‪ :‬لنك قسمت علينا ثوبا ‪..‬‬ ‫الله ‪ .. ‬فسلم وجلس‬
‫ثوبا ً ‪ ..‬وأنت تلبس ثوبين‬ ‫بجانب النبي ‪ .. ‬وقص‬
‫) ( البخاري‬ ‫‪59‬‬ ‫) ( رواه مسلم مختصرا ً‬ ‫‪58‬‬

‫‪148‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أو ل أتأخر ‪ ..‬ليس شغلك ‪..‬‬ ‫جديدين ‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬‫ليس لك دخل ف ّ‬ ‫أي إزارك ورداؤك ‪ ..‬كلهما‬
‫فبالله عليك قل لي ‪ :‬كيف‬ ‫نلحظ أنه جديد ‪..‬‬
‫تريدها أن تقبل منه نصحا ً بعد‬ ‫فقال عمر ‪ :‬قم يا عبد الله‬
‫ذلك !!‬ ‫بن عمر ‪ ..‬فقام ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫وأخيرا ً ‪..‬‬ ‫ألست دفعت لي ثوبك‬
‫الذكي ‪ ..‬هو الذي يسد الفتحات‬ ‫لخطب به ‪..‬؟‬
‫في جداره حتى ل يستطيع‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫الناس أن يسترقوا النظر ‪..‬‬ ‫فقعد الرجل وقال ‪ :‬الن‬
‫بمعنى ‪ :‬أن ل تفتح مجال ً لشك‬ ‫نسمع ونطيع ‪ ..‬وانتهت‬
‫الناس فيك ‪..‬‬ ‫المشكلة ‪..‬‬
‫أذكر أن إحدى الجمعيات الدعوية‬ ‫ي ‪ ..‬أنا‬‫عزيزي ل تعجل عل ّ‬
‫استدعت مجموعة من الدعاة‬ ‫معك أن أسلوب الرجل لما‬
‫لعقد محاضرات في ألبانيا ‪..‬‬ ‫اعترض على عمر ‪ ..‬غير‬
‫كان رئيس المراكز الدعوية في‬ ‫مناسب ‪ ..‬لكن العجب هو‬
‫ألبانيا حاضرا ً الجتماع ‪..‬‬ ‫من قدرة عمر على استيعاب‬
‫نظرنا إليه ‪ ..‬فإذا ليس في خديه‬ ‫الموقف ‪ ..‬وإطفاء النار ‪..‬‬
‫شعرة واحدة ‪..‬‬ ‫وأخيرا ً ‪ ..‬إذا أردت أن يقبل‬
‫فنظر بعضنا إلى بعض‬ ‫الناس منك ملحظتك ‪..‬‬
‫مستغربا ً ‪ !!..‬فقد جرت العادة‬ ‫ونصحك ‪ ..‬أيا ً كانوا ‪..‬‬
‫أن يكون الداعية ملتزما ً بهدي‬ ‫زوجة ‪ ..‬ولدا ً ‪ ..‬أختا ً ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ‬معفيا ً لحيته ‪..‬‬ ‫فكن أنت متقبل ً للنصح‬
‫ولو بعضها ‪ ..‬فكيف برئيس‬ ‫أصل ً ‪ ..‬غير متكبر عنه ‪..‬‬
‫الدعاة ؟!‬ ‫كان كثيرا ً ما يقول لها ‪:‬‬
‫فلما ابتدأ الجتماع قال لنا‬ ‫اعتن بأولدك أكثر ‪ ..‬اطبخي‬
‫ضاحكا ً ‪ :‬يا جماعة ‪ ..‬أنا أمرد ‪..‬‬ ‫جيدا ً ‪ ..‬إلى متى أقول ‪:‬‬
‫أصل ً ل ينبت لي لحية ‪ ..‬ل‬ ‫رتبي غرفة النوم ‪..‬‬
‫تعملوا لي محاضرة إذا انتهينا ‪..‬‬ ‫وكانت تردد دائما ً بكل أريحية‬
‫تبسمنا وشكرناه ‪..‬‬ ‫‪ :‬أبشر ‪ ..‬إن شاء الله ‪..‬‬
‫وإن شئت فارحل معي إلى‬ ‫أمرك ‪..‬‬
‫المدينة ‪ ..‬وانظر إلى رسول الله‬ ‫قالت له يوما ً – ناصحة ‪: -‬‬
‫‪ ‬وقد كان معتكفا ً في مسجده‬ ‫الولد في أيام اختبارات‬
‫في ليالي رمضان ‪..‬‬ ‫ويحتاجون وجودك بينهم ‪..‬‬
‫فأقبلت إليه زوجه صفية بنت‬ ‫فل تتأخر إذا خرجت‬
‫حيي ‪ ‬زائرة ‪..‬‬ ‫لصحابك ‪ ..‬فما كاد يسمع‬
‫فمكثت عنده قليل ً ‪..‬‬ ‫منها ذلك حتى صاح بها ‪:‬‬
‫ثم قامت لتعود لبيتها ‪..‬‬ ‫لست متفرغا ً لهم ‪ ..‬أتأخر‬
‫‪149‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يتجّرأ أحد على مثل فعله ‪ ..‬أو‬ ‫فلم يشأ النبي ‪ ‬أن تعود‬
‫يتعودوا على مثل هذا الخطأ ‪..‬‬ ‫في ظلمة الليل وحدها ‪..‬‬
‫خرج ‪ ‬مع أصحابه في غزوة‬ ‫فقام معها ليوصلها ‪..‬‬
‫بني المصطلق ‪..‬‬ ‫فمشى معها في الطريق ‪..‬‬
‫وأثناء رجوعهم ‪ ..‬نزلوا‬ ‫فمر به رجلن من النصار ‪..‬‬
‫يستريحون ‪..‬‬ ‫فلما رأيا النبي ‪ ‬والمرأة‬
‫فأرسل المهاجرون غلما ً لهم‬ ‫معه ‪ ..‬أسرعا ‪..‬‬
‫اسمه ‪ :‬جهجاه بن مسعود ‪..‬‬ ‫فقال ‪ ‬لهما ‪ :‬على‬
‫ليستقي لهم من البئر ماءً ‪..‬‬ ‫رسلكما إنها صفية بنت حيي‬
‫وأرسل النصار غلما ً لهم اسمه‬ ‫‪..‬‬
‫‪ :‬سنان بن وبر الجهني ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬سبحان الله يا رسول‬
‫ليستقي لهم أيضا ً ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬أي ‪ :‬أُيعقل أن نشك‬
‫فازدحم الغلمان على الماء ‪..‬‬ ‫فيك أن يكون معك امرأة‬
‫فكسع أحدهما صاحبه ‪ ..‬أي‬ ‫أجنبية عنك ‪!!..‬‬
‫ضربه على مؤخرته ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬إن الشيطان‬
‫فصرخ الجهني ‪ :‬يااااا معشر‬ ‫يجري من النسان مجرى‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫الدم ‪ ..‬وإني خشيت أن‬
‫وصرخ جهجاه ‪ :‬يااااا معشر‬ ‫يقذف في قلوبكما شرا ً ‪..‬‬
‫المهاجرين ‪..‬‬ ‫أو قال شيئا ً ‪.. (60) ..‬‬
‫فثار النصار ‪ ..‬وثار‬
‫المهاجرون ‪..‬‬ ‫شجاعة ‪..‬‬
‫واشتد الخلف ‪ ..‬والقوم‬ ‫ليست الشجاعة أن تصر‬
‫قادمون من حرب ‪ ..‬ول يزالون‬ ‫على خطئك ‪ ..‬وإنما أن‬
‫بسلحهم !!‬ ‫تعترف به ‪ ..‬ول تكرره مرة‬
‫فانطلق ‪ .. ‬حتى اطفأ ما‬ ‫أخرى ‪..‬‬
‫بينهم ‪..‬‬
‫فتحركت الفاعي ‪..‬‬ ‫مفاتيح الخطاء!‬ ‫‪.43‬‬
‫غضب عبد الله بن أبي بن‬ ‫التعامل مع الخطاء فن ‪..‬‬
‫سلول ‪ ..‬وعنده رهط من قومه‬ ‫فلكل باب مفتاح ‪ ..‬وللقلوب‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫دروب ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أوقد فعلوها!! قد‬ ‫إذا وقع أحد في خطأ كبير ‪..‬‬
‫نافرونا ‪ ..‬وكاثرونا في بلدنا ‪..‬‬ ‫وانتشر خبره في الناس ‪..‬‬
‫دنا وجلبيب قريش‬ ‫والله ما أع ّ‬ ‫وبدأ الناس يترقبون ماذا‬
‫هذه ‪ ..‬إل كما قال الول ‪:‬‬ ‫تفعل فأشغلهم بشيء ‪..‬‬
‫وع‬ ‫من كلبك يأكلك ‪ ..‬وج ّ‬ ‫سـ ّ‬
‫َ‬ ‫حتى يكون عندك وقت‬
‫كلبك يتبعك !!‬ ‫لدراسة المر ‪ ..‬حتى ل‬
‫ثم قال الخبيث ‪ :‬أما والله لئن‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪60‬‬

‫‪150‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والناس بسلحهم ‪ ..‬والنفوس‬ ‫رجعنا الى المدينة ‪..‬‬
‫مشحونة ‪ ..‬وليس من المناسب‬ ‫ل ‪..‬‬‫ليخرجن العّز منها الذ ّ‬
‫إثارتهم أكثر ‪..‬‬ ‫ثم أقبل على من حضره من‬
‫فقال ‪ : ‬فكيف يا عمر اذا‬ ‫قومه فقال ‪ :‬هذا ما فعلتم‬
‫تحدث الناس أن محمدا ً يقتل‬ ‫بأنفسكم ‪ ..‬أحللتموهم‬
‫أصحابه ؟!‬ ‫بلدكم ‪ ..‬وقاسمتموهم‬
‫ل يا عمر ‪ ..‬ولكن آذن الناس‬ ‫أموالكم ‪ ..‬أما والله لو‬
‫بالرحيل ‪..‬‬ ‫أمسكتم عنهم ما بأيديكم ‪..‬‬
‫و‬
‫وكان الناس قد نزلوا للت ّ‬ ‫لتحولوا إلى غير داركم ‪..‬‬
‫واستظلوا ‪ ..‬فكيف يأمرهم‬ ‫وجعل الخبيث يهدد‬
‫بالرحيل ‪ ..‬في شدة الحر‬ ‫ويتوعد ‪ ..‬والذين عنده من‬
‫والشمس ‪..‬‬ ‫أنصاره المنافقين ‪ ..‬يؤيدونه‬
‫ولم تكن عادته ‪ ‬أن يرتحل في‬ ‫ويشجعونه ‪..‬‬
‫شدة الحر ‪..‬‬ ‫كان من بين الجالسين غلم‬
‫ارتحل الناس ‪..‬‬ ‫صغير ‪ ..‬اسمه زيد ابن‬
‫وبلغ عبد الله بن سلول أن‬ ‫أرقم ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. ‬أخبره زيد بن‬ ‫فمضى إلى رسول الله ‪‬‬
‫أرقم بما سمع منه ‪..‬‬ ‫فأخبره الخبر ‪..‬‬
‫فأقبل ابن سلول إلى رسول‬ ‫وكان عمر بن الخطاب‬
‫الله ‪ .. ‬وجعل يحلف بالله ‪..‬‬ ‫جالسا ً عند النبي ‪.. ‬‬
‫ما قلت ‪ ..‬ول تكلمت به ‪ ..‬كذب‬ ‫فثار ‪ ..‬كيف يجرؤ هذا‬
‫ي الغلم ‪..‬‬‫عل ّ‬ ‫المنافق على رسول الله ‪‬‬
‫ً‬
‫وكان ابن سلول رئيسا في‬ ‫بهذا السلوب القبيح ‪..‬‬
‫قومه ‪ ..‬شريفا عظيما ‪..‬‬ ‫ورأى عمر أن قتل الفعى‬
‫فقال النصار ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫أولى من قطع ذيلها ‪ ..‬ورأى‬
‫م في‬ ‫وه َ‬‫عسى أن يكون الغلم أ ْ‬ ‫أن قتل ابن سلول ‪ ..‬يقضي‬
‫حديثه ‪ ..‬ولم يحفظ ما قال‬ ‫على الفتنة في مهدها ‪..‬‬
‫الرجل ‪..‬‬ ‫ولكن أن يقتله رجل من‬
‫وجعلوا يدافعون عن ابن‬ ‫قومه النصار ‪ ..‬أسلم من‬
‫سلول ‪..‬‬ ‫أن يقتله رجل من‬
‫فأقبل سيد من سادة النصار ‪..‬‬ ‫المهاجرين ‪..‬‬
‫أسيد بن حضير ‪ ..‬فحياه بتحية‬ ‫ففقال عمر ‪ :‬يا رسول‬
‫النبوة وسلم عليه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬والله لقد رحت‬ ‫من مر به عباد ابن بشر‬
‫في ساعة منكرة ‪ ..‬ما كنت تروح‬ ‫النصاري فليقتله ‪..‬‬
‫في مثلها !!‬ ‫لكن رسول الله كان أحكم ‪..‬‬
‫فالتفت إليه ‪ ‬وقال ‪ :‬أو ما‬ ‫فهم قادمون من حرب ‪..‬‬
‫‪151‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عن المشكلة ‪ ..‬وعن النقاش‬ ‫بلغك ما قال صاحبكم ؟‬
‫فيها ‪ ..‬لنهم يزيدون أوارها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أي صاحب يا رسول‬
‫ويشعلون الفتنة بين المهاجرين‬ ‫الله ؟‬
‫والنصار ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬عبد الله بن أبي ‪..‬‬
‫وصار الناس يترقبون متى‬ ‫قال ‪ :‬وما قال ؟‬
‫ينزلون حتى يجتمع بعضهم إلى‬ ‫قال ‪ :‬زعم أنه ان رجع الى‬
‫بعض ويتحدثوا في المر ‪..‬‬ ‫المدينة أخرج العّز منها‬
‫فمشى ‪ ‬بالناس يومهم ذلك‬ ‫الذ ّ‬
‫ل ‪..‬‬
‫والشمس فوقهم ‪ ..‬ومشى‬ ‫فثار أسيد وقال ‪ :‬فأنت‬
‫ومشى حتى غابت الشمس ‪..‬‬ ‫والله يا رسول الله تخرجه‬
‫فظن الناس أنهم سينزلون‬ ‫إن شئت ‪ ..‬هو والله‬
‫للصلة ويرتاحون ‪ ..‬فلم ينزل‬ ‫الذليل ‪ ..‬وأنت العزيز ‪..‬‬
‫إل دقائق معدودات ‪ ..‬صلوا ثم‬ ‫ثم قال أسيد مخففا ً على‬
‫أمرهم فارتحلوا ‪ ..‬وواصل‬ ‫رسول الله ‪: ‬‬
‫المشي ليلتهم حتى أصبح ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬ارفق ‪ ..‬لقد‬
‫ثم نزل فصلى الفجر ‪ ..‬ثم‬ ‫جاءنا الله بك وإن قومه‬
‫أمرهم فارتحلوا ‪..‬‬ ‫لينظمون له الخرز‬
‫ومشوا صباحهم حتى تعبوا ‪..‬‬ ‫ليتوجوه ‪ ..‬فإنه ليرى أنك قد‬
‫وآذتهم الشمس ‪..‬‬ ‫استلبته ملكا ً ‪..‬‬
‫فلما شعر أن الرهاق والتعب‬ ‫فسكت النبي ‪ .. ‬ومضى‬
‫سيطر عليهم ‪ ..‬فليس فيهم‬ ‫براحلته ‪ ..‬والناس منهم من‬
‫جهد للكلم ‪..‬‬ ‫يجمع متاعه ‪ ..‬ومنهم من‬
‫أمرهم فنزلوا ‪ ..‬فما كادت‬ ‫يرحل راحلته ‪..‬‬
‫أجسادهم تمس الرض ‪ ..‬حتى‬ ‫وجعلت الحادثة تنتشر ‪..‬‬
‫وقعوا نياما ‪..‬‬ ‫وصارت أحاديث الجيش ‪.. :‬‬
‫وإنما فعل ذلك ليشغل الناس‬ ‫لماذا ارتحلنا في هذا‬
‫عما حدث ‪..‬‬ ‫الوقت ‪ ..‬ماذا قال ؟ كيف‬
‫ثم أيقظهم ‪ ..‬وارتحل بهم ‪..‬‬ ‫تعامل معه ؟ صدق ابن‬
‫وواصل حتى دخل المدينة ‪..‬‬ ‫سلول ‪ ..‬ل بل كذب ‪..‬‬
‫وتفرق الناس في بيوتهم عند‬ ‫وبدأت الشائعات تزيد ‪..‬‬
‫أهليهم ‪..‬‬ ‫قص ‪..‬‬ ‫والكلم يزاد فيه وُين َ‬
‫وأنزل الله تعالى سورة‬ ‫واضطرب الجيش ‪ ..‬وهم‬
‫المنافقين ‪:‬‬ ‫في طريقهم من قتال ‪..‬‬
‫قوا‬ ‫ف ُ‬ ‫ن َل ُتن ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫ه ُ‬‫) ُ‬ ‫ويمرون بقبائل أعداء‬
‫حّتى‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫عندَ َر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬ ‫يتربصون بهم ‪..‬‬
‫ت‬‫وا ِ‬‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫خَزائ ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬‫ضوا َ‬ ‫ف ّ‬ ‫َين َ‬ ‫فشعر ‪ ‬أن الجيش بدأ‬
‫ن َل‬ ‫ْ َ‬
‫قي َ‬ ‫ف ِ‬
‫مَنا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ول َك ِ ّ‬ ‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬ ‫ينقسم ‪ ..‬فأراد أن يشغلهم‬
‫‪152‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من الدنى إلى العلى ‪ ..‬فل‬ ‫ن ل َِئن‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن * يَ ُ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫يجوز أن يقال إن الله يشفع عند‬ ‫ن‬ ‫ج ّ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬‫ة ل َي ُ ْ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬‫عَنا إ َِلى ال ْ َ‬ ‫ج ْ‬ ‫ّر َ‬
‫خلقه ‪ ..‬بل يأمرهم جل جلله ‪..‬‬ ‫ة‬
‫عّز ُ‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ها اْلذَ ّ‬ ‫َ‬
‫اْل َ‬
‫ل َ‬ ‫من ْ َ‬‫عّز ِ‬
‫لنه أعلى وأرفع ‪..‬‬ ‫ن‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ول ِل ْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫ول َِر ُ‬ ‫َ‬
‫فقال ‪ : ‬ويحك !! أتدري ما‬ ‫ن ( ‪..‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل ُ‬‫َ‬ ‫ن ل يَ ْ‬ ‫َ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬‫مَنا ِ‬ ‫ال ُ‬ ‫ْ‬
‫تقول ؟!!‬ ‫فقرأها رسول الله ‪ .. ‬ثم‬
‫ثم جعل ‪ ‬يقدس الله ‪..‬‬ ‫أخذ بأذن الغلم زيد بن أرقم‬
‫ويردد ‪ ..‬سبحااان الله ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وقال ‪ :‬هذا الذي أوفى‬
‫سبحااان الله ‪..‬‬ ‫لله بأذنه ‪..‬‬
‫عرف ذلك‬ ‫فما زال يسبح حتى ُ‬ ‫وبدأ الناس يسبون ابن‬
‫في وجوه أصحابه ‪..‬‬ ‫سلول ‪ ..‬ويلومونه ‪..‬‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫فالتفت ‪ ‬إلى عمر وقال ‪:‬‬
‫ع بالله‬ ‫سَتشف ُ‬ ‫ويحك !! إنه ل ي ُ ْ‬ ‫أرأيت يا عمر ‪ ..‬لو قتلته يوم‬
‫ن الله‬ ‫على أحد من خلقه ‪ ..‬شأ ُ‬ ‫ذكرت ذلك ‪ ..‬لرعدت له‬
‫أعظم من ذلك ‪..‬‬ ‫أنوف لو أمرتها اليوم بقتله‬
‫ويحك !! أتدري ما الله ؟! إن‬ ‫لقتلته ‪..‬‬
‫عرشه على سماواته لهكذا ‪..‬‬ ‫ثم سكت عنه ‪ .. ‬فلم‬
‫وقال بأصابعه مثل القبة عليه ‪..‬‬ ‫يتعرض له بشيء ‪..‬‬
‫وإنه ليئط به أطيط الرحل‬ ‫وأحيانا ً إذا وقع الخطأ أمام‬
‫بالراكب ‪.. (61) ..‬‬ ‫الناس قد تحتاج أن تنكر‬
‫ولكن إذا وقع الخطأ من‬ ‫عليه بأسلوب مناسب ‪ ..‬وإن‬
‫الشخص لوحده قد يكون هناك‬ ‫كان أمام الناس ‪..‬‬
‫شيء من اللين ‪..‬‬ ‫بينما رسول الله ‪ ‬جالسا ً‬
‫أتى رسول الله ‪ r‬إلى بيت‬ ‫يوما ً مع أصحابه ‪ ..‬وكانوا‬
‫عائشة ‪ t‬في ليلتها ‪..‬‬ ‫في أيام قحط ‪ ..‬واحتباس‬
‫فوضع نعليه من رجليه ‪ ..‬ووضع‬ ‫مطر ‪ ..‬وقلة زرع ‪..‬‬
‫رداءه ‪ ..‬واضطجع على‬ ‫إذ أتاه أعرابي فقال ‪:‬‬
‫فراشه ‪..‬‬ ‫يا رسول الله جهدت النفس‬
‫فلبث كذلك ‪ ..‬حتى ظن أن‬ ‫‪ ..‬وضاعت العيال ‪ ..‬ونهكت‬
‫عائشة قد رقدت ‪..‬‬ ‫الموال ‪ ..‬وهلكت النعام ‪..‬‬
‫فقام من على فراشه ‪ ..‬ولبس‬ ‫فاستسق الله لنا ‪ ..‬فإنا‬
‫رداءه ونعليه ‪ ..‬رويدا ً ‪..‬‬ ‫نستشفع بك على الله ‪..‬‬
‫ثم فتح الباب رويدا ً ‪ ..‬وخرج ‪..‬‬ ‫ونستشفع بالله عليك ‪..‬‬
‫وأغلقه رويدا ً ‪..‬‬ ‫فتغير رسول الله ‪ .. ‬لما‬
‫فلما رأت عائشة ذلك ‪ ..‬دخلتها‬ ‫سمعه يقول نستشفع بالله‬
‫عليك ‪..‬‬
‫فالشفاعة والواسطة تكون‬
‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪61‬‬

‫‪153‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فاضطجعت عليه ‪ ..‬كهيئة‬ ‫غْيرةُ النساء ‪ ..‬وخشيت أنه‬ ‫َ‬
‫فسها يتردد في‬ ‫النائمة ‪ ..‬ون َ‬ ‫ذهب إلى بعض نسائه ‪..‬‬
‫صدرها ‪..‬‬ ‫فقامت ‪ ..‬ولبست درعها ‪..‬‬
‫فدخل ‪ r‬البيت ‪ ..‬فسمع صوت‬ ‫وخمارها ‪ ..‬وانطلقت في‬
‫فسها ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫نَ َ‬ ‫إثره ‪ ..‬تمشي وراءه ‪ ..‬دون‬
‫مالك يا عائش ‪ ..‬حشيا ً رابية ‪..‬‬ ‫أن يشعر بها ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬ل شيء ‪..‬‬ ‫فانطلق ‪ .. r‬يمشي في‬
‫قال ‪ :‬لتخبرني ‪ ..‬أو ليخبرني‬ ‫ظلمة الليل ‪ ..‬حتى جاء‬
‫اللطيف الخبير ‪..‬‬ ‫مقبرة البقيع ‪..‬‬
‫فأخبرته بالخبر ‪ ..‬وأنها غارت‬ ‫فوقف عندها ‪ ..‬ينظر إلى‬
‫عليه ‪ ..‬فانطلقت تنظر أين‬ ‫قبور أصحابه ‪ ..‬الذين عاشوا‬
‫يذهب ‪..‬‬ ‫عابدين ‪ ..‬وماتوا مجاهدين ‪..‬‬
‫ت‬‫فقال ‪ : r‬أنت الذي رأي ُ‬ ‫واجتمعوا تحت الثرى ‪..‬‬
‫أمامي ؟‬ ‫ليرضى عنهم من يعلم السّر‬
‫قالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وأخفى ‪..‬‬
‫فدفعها في صدرها ‪ ..‬دفعة ‪..‬‬ ‫أخذ ‪ r‬ينظر إلى قبورهم ‪..‬‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫ويتذكر أحوالهم ‪..‬‬
‫أظننت أن يحيف الله عليك‬ ‫ثم رفع يديه فدعا لهم ‪ ..‬ثم‬
‫ورسوله ‪..‬‬ ‫أخذ ينظر إلى القبور ‪ ..‬ثم‬
‫فقالت عائشة ‪ :‬مهما يكتم ِ‬ ‫رفع يديه ثانية فدعا لهم ‪..‬‬
‫س ‪ ..‬يعلمه الله عز وجل ‪..‬؟‬ ‫النا ُ‬ ‫ثم لبث مليا ً ‪ ..‬ثم رفعها‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ثم قال ‪ r‬مبينا ً لها‬ ‫فاستغفر لهم ‪..‬‬
‫خبر خروجه ‪:‬‬ ‫وأطال القيام ‪ ..‬وعائشة‬
‫إن جبريل عليه السلم ‪ ..‬أتاني‬ ‫تنظر إليه من بعيد ‪..‬‬
‫حين رأيت ‪ ..‬ولم يكن يدخل‬ ‫ثم التفت ‪ r‬وراءه راجعا ً ‪..‬‬
‫عليك وقد وضعت ثيابك ‪..‬‬ ‫فلما رأت ذلك عائشة ‪..‬‬
‫فناداني ‪ ..‬فأخفى منك فأجبته‬ ‫انحرفت إلى ورائها راجعة ‪..‬‬
‫وأخفيته منك ‪ ..‬وظننت أنك قد‬ ‫خشية أن يشعر بها ‪..‬‬
‫رقدت ‪ ..‬فكرهت أن أوقظك ‪..‬‬ ‫فأسرع ‪ r‬مشيه ‪ ..‬فأسرعت‬
‫وخشيت أن تستوحشي ‪..‬‬ ‫عائشة ‪..‬‬
‫فأمرني أن آتي أهل البقيع‬ ‫ت ‪..‬‬‫فهرول ‪ ..‬فهرول ْ‬
‫فأستغفَر لهم ‪.. (62) ..‬‬ ‫فأحضَر – أي جرى مسرعا ً ‪-‬‬
‫نعم ‪ ..‬كان ‪ .. r‬سهل ً لـّينا ً ل‬ ‫ت وجرت ‪..‬‬ ‫فأحضر ْ‬
‫يكبر الخطاء ‪..‬‬ ‫حتى سبقته إلى البيت‬
‫بل كان يرددها في الناس‬ ‫فدخلت ‪..‬‬
‫ونزعت درعها وخمارها ‪..‬‬
‫) ( رواه النسائي بسند جيد‬ ‫‪62‬‬ ‫وأقبلت إلى فراشها‬
‫‪154‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أردت أن تنصح ‪..‬‬ ‫ويقول ‪:‬‬
‫من الساليب أن تدخل عليهم‬ ‫كما عند مسلم ‪ :‬ل يفرك‬
‫وتنصحهم بكلمتين ‪ ..‬وتخرج ‪..‬‬ ‫مؤمن مؤمنة ‪ ..‬إن كره منها‬
‫لكن نتيجة ذلك قد ل تكون‬ ‫خلقا ً ‪ ..‬رضي منها آخر ‪..‬‬
‫ناجحة كثيرا ً ‪..‬‬ ‫أي ل يبغضها بغضا ً تاما ً ‪..‬‬
‫فما رأيك أن تفكك الحزمة ‪..‬‬ ‫ع‬
‫لجل خلق عندها ‪ ..‬أو طب ٍ‬
‫وتكسر كل عود على حدة ‪..‬‬ ‫يلزمها ‪..‬‬
‫كيف ؟!‬ ‫بل يغفر سيئتها لحسنتها ‪..‬‬
‫إذا تفرقوا اجلس مع من تظنه‬ ‫فإذا رأى خطأها تذكر‬
‫أعقلهم ‪ ..‬وقل ‪ :‬يا فلن ‪..‬‬ ‫صوابها ‪ ..‬وإذا شاهد سوءها‬
‫بلغني أنكم ستسافرون ‪ ..‬وأنت‬ ‫تذكر حسنها ‪..‬‬
‫أعقلهم ‪ ..‬وتعلم أن هذا البلد ل‬ ‫ويتغاضى عما يكرهه من‬
‫يسلم المسافر إليه من البليا‬ ‫خلقها ‪ ..‬وما ل يرضاه من‬
‫والفتن ‪ ..‬وقد يعود مريضا ً أو‬ ‫تعاملها ‪..‬‬
‫مبتلى ‪ ..‬فما رأيك أن تكسب‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫أجرهم ‪ ..‬وتقترح عليهم أن‬ ‫ليس اللوم على من ل يقبل‬
‫يسافروا إلى بلد آخر ‪..‬‬ ‫النصيحة ‪ ..‬وإنما على من‬
‫تستمتعون فيه بالنهار‬ ‫يقدمها بأسلوب غير مناسب‬
‫والبحار ‪ ..‬واللعب والنس ‪ ..‬من‬ ‫‪..‬‬
‫غير معصية ‪..‬‬
‫ل شك أنه إذا سمع منك هذا‬ ‫كك الحزمة ‪!!..‬‬ ‫فـ ّ‬
‫‪َ .44‬‬
‫الكلم بالسلوب الحسن ‪..‬‬ ‫إذا كان الخطأ واقعا ً من‬
‫سيقل حماسه إلى النصف ‪..‬‬ ‫مجموعة ‪ ..‬فالصل أن‬
‫اذهب إلى آخر ‪ ..‬وقل له مثل‬ ‫تنصحهم وهم مجتمعون ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫ولكن قد تحتاج أحيانا ً أن‬
‫ثم قل للثالث مثله ‪..‬‬ ‫تفكك الحزمة ‪ ..‬أعني ‪..‬أن‬
‫دون أن يشعر كل منهم بحديثك‬ ‫تكلم كل واحد علىا حدة ‪..‬‬
‫لصاحبه ‪..‬‬ ‫وتنصحه ‪.‬‬
‫جع‬
‫فتجد أنهم إذا اجتمعوا ‪ ..‬وتش ّ‬ ‫مثال ‪ :‬مررت بمجلس‬
‫أحدهم واقترح تغيير البلد ‪..‬‬ ‫منزلكم ‪ ..‬وسمعت أخاك‬
‫وجد من يعاونه ‪..‬‬ ‫يتحدث مع أصدقائه – وكانوا‬
‫أو لو اكتشفت يوما ً أن أولدك‬ ‫ضيوفا ً عنده – ويخططون أن‬
‫يجتمعون في غرفة أحدهم ‪..‬‬ ‫يسافروا إلى بلد كذا ‪ ..‬وهذا‬
‫وينظرون إلى شريط فيديو‬ ‫البلد ل يسلم من يذهب إليه‬
‫خليع ‪ ..‬أو مقاطع ) بلوتوث (‬ ‫غالبا ً من التعرض للمحرمات‬
‫فيها صور خليعة ‪ ..‬أو نحو‬ ‫الكبار ‪ ..‬كالزنا وشرب الخمر‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫‪155‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫منها إل عبارة ‪ :‬باسمك اللهم !!‬ ‫فقد يكون من المناسب أن‬
‫فعجب أبو طالب وقال ‪ :‬أربك‬ ‫تنصح كل ً منهم على حدة ‪..‬‬
‫أخبرك بهذا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫لكيل تأخذهم العزة بالثم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فوالله ما يدخل عليك أحد‬ ‫هل لهذا شاهد من السيرة ؟‬
‫‪ ..‬حتى أخبر قريشا ً بذلك ‪..‬‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫ثم خرج إلى قريش فقال ‪:‬‬ ‫لما اشتد الخلف بين رسول‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬إن ابن أخي‬ ‫الله ‪ r‬وبين قريش ‪..‬‬
‫قد أخبرني بكذا وكذا ‪..‬‬ ‫اجتمعت قريش وقاطعت‬
‫م صحيفتكم ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬ ‫النبي وجميع أقاربه من بني‬
‫فإن كانت كما قال فانتهوا عن‬ ‫هاشم ‪ ..‬وكتبت صحيفة أن‬
‫قطيعتنا وانزلوا عنها ‪..‬‬ ‫بني هاشم ل ُيشترى‬
‫وإن كان كاذبا ً ‪ ..‬دفعت إليكم‬ ‫منهم ‪ ..‬ول ُيباع عليهم ‪..‬‬
‫ابن أخي فافعلوا به ما شئتم ‪..‬‬ ‫وج‬ ‫وجون ‪ ..‬ول ُيتز ّ‬ ‫ول ُيز ّ‬
‫فقال القوم ‪ :‬قد رضينا ‪..‬‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫فتعاقدوا على ذلك ‪..‬‬ ‫حبس النبي ‪ ‬مع أصحابه‬ ‫و ُ‬
‫ثم نظروا فإذا هي كما قال‬ ‫في واٍد غير ذي زرع ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. r‬فزادهم ذلك‬ ‫واشتدت الكربة على‬
‫شرا ً ‪..‬‬ ‫الصحابة حتى أكلوا الشجر ‪..‬‬
‫وظل بنو هاشم وبنو المطلب‬ ‫بل مضى أحدهم يوما ً‬
‫في واديهم ‪ ..‬حتى كادوا أن‬ ‫ليبول ‪ ..‬فسمع صوتا ً تحته ‪..‬‬
‫يهلكوا ‪..‬‬ ‫فنظر فإذا قطعة من جلد‬
‫وكان من كفار قريش رجال‬ ‫بعير ‪ ..‬فأخذها ‪ ..‬وغسلها‬
‫رحماء ‪..‬‬ ‫وشواها بالنار ‪ ..‬ثم‬
‫منهم ‪ :‬هشام بن عمرو ‪ ..‬وكان‬ ‫فّتـَتـتها ‪ ..‬وخلطها بالماء ‪..‬‬
‫ذا شرف في قومه ‪..‬‬ ‫ون بها ثلثة‬ ‫وجعل يتم ّ‬
‫فكان يأتي بالبعير قد حمله‬ ‫أيام !!‬
‫طعاما ً ‪ ..‬وبنو هاشم وبنو‬ ‫ً‬
‫فقال ‪ ‬يوما لعمه أبي‬
‫المطلب في الشعب ليل ً ‪..‬‬ ‫طالب – وكان محبوسا ً معهم‬
‫حتى إذا بلغ به فم الشعب ‪..‬‬ ‫في الشعب ‪: -‬‬
‫خلع خطامه من رأسه ثم ضرب‬ ‫يا عم إن الله قد سلط‬
‫على جنبه فدخل الشعب‬ ‫ال ََرضة على صحيفة‬
‫عليهم ‪..‬‬ ‫قريش ‪ ..‬فلم تدع فيها اسما ً‬
‫ومضت اليام ورأى هشام ‪ ..‬أنه‬ ‫هو لله إل أثبتته فيها ‪..‬‬
‫ل طاقة له بإطعامهم كل ليلة ‪..‬‬ ‫ونفت منها الظلم والقطيعة‬
‫وهم كثير ‪..‬‬ ‫والبهتان ‪..‬‬
‫فقرر أن يسعى لنقض الصحيفة‬ ‫أي إن دابة الرضة أكلت‬
‫الظالمة ‪ ..‬ولكن أنى له ذلك‬ ‫صحيفة قريشس فلم يبق‬
‫‪156‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إنما أنا رجل واحد ‪..‬‬ ‫وقريش قد أجمعت عليها ‪..‬‬
‫ً‬
‫قال ‪ :‬وجدت لك ثانيا ‪..‬‬ ‫فاتبع أسلوب تفكيك‬
‫قال ‪ :‬من ؟ قال ‪ :‬أنا ‪..‬‬ ‫الحزمة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أبغنا ثالثا ً ‪.‬‬ ‫مشى إلى زهير بن أبي أمية‬
‫قال ‪ :‬قد فعلت ‪ ..‬قال ‪ :‬من‬ ‫‪ ..‬وكانت أمه عاتكة بنت عبد‬
‫هو ؟‬ ‫المطلب ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬زهير بن أبي أمية ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا زهير أرضيت أن‬
‫قال ‪ :‬أبغنا رابعا ً ‪..‬‬ ‫تأكل الطعام وتلبس الثياب‬
‫قال ‪ :‬فاكتم عني ‪..‬‬ ‫وتنكح النساء ‪ ..‬وأخوالك‬
‫فذهب إلى أبي البختري بن‬ ‫حيث علمت ؟ ل يباع لهم ول‬
‫هشام ‪ ..‬فقال له ما قال‬ ‫كحون ول‬ ‫يبتاع منهم ‪ ..‬ول ي ُن َ ّ‬
‫لصاحبيه ‪..‬‬ ‫ح إليهم ؟!‬ ‫ُينك ُ‬
‫فتحمس لذلك ‪ ..‬وقال ‪ :‬وهل‬ ‫أما إني أحلف بالله لو كانوا‬
‫تجد أحدا يعين على هذا ؟‬ ‫أخوال أبي الحكم بن‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫هشام ‪ - ..‬يعني أبا جهل ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬من هو ؟‬ ‫وكان أشدهم عداوة‬
‫قال ‪ :‬زهير بن أبي أمية‬ ‫للمؤمنين وتعصبا ً‬
‫والمطعم بن عدي وأنا معك ‪..‬‬ ‫للمقاطعة ‪ – ..‬ما تركهم‬
‫قال ‪ :‬أبغنا خامسا ً ‪..‬‬ ‫على هذا لحال ‪..‬‬
‫فذهب هشام إلى زمعة بن‬ ‫قال ‪ :‬ويحك يا هشام ‪..‬‬
‫السود ‪ ..‬فكلمه وذكر له‬ ‫فماذا أصنع ؟‬
‫قرابتهم وحقهم ‪..‬‬ ‫إنما أنا رجل واحد والله لو‬
‫فقال له ‪ :‬وهل على هذا المر‬ ‫كان معي رجل آخر لقمت‬
‫الذي تدعوني إليه من أحد ؟‬ ‫في نقضها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬فلن وفلن ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬قد وجدت رجل ً ‪..‬‬
‫فاتفقوا جميعا ً على هذا الرأي ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬من هو ؟‬
‫وتوعدوا عند "حطم الحجون "‬ ‫قال ‪ :‬أنا ‪..‬‬
‫ليل ً بأعلى مكة ‪ ..‬فاجتمعوا‬ ‫قال زهير ‪ :‬أبغنا ثالثا ً ‪..‬‬
‫هنالك ‪..‬‬ ‫قال هشام ‪ :‬فاكتم عني ‪..‬‬
‫وأجمعوا أمرهم وتعاقدوا على‬ ‫فذهب إلى المطعم بن عدي‬
‫القيام في الصحيفة حتى‬ ‫‪ ..‬وكان رجل ً عاقل ً ‪ ..‬فقال‬
‫ينقضوها ‪..‬‬ ‫له ‪ :‬يا مطعم ‪ ..‬أرضيت أن‬
‫وقال زهير ‪ :‬أنا أبدؤكم فأكون‬ ‫يهلك بطنان من بني عبد‬
‫أول من يتكلم ‪ ..‬ثم تقموا أنتم‬ ‫مناف ‪ ..‬وأنت شاهد على‬
‫فتتكلمون ‪..‬‬ ‫ذلك ‪ ..‬موافق لقريش‬
‫فلما أصبحوا غدوا إلى‬ ‫فيه ؟!‬
‫مجالسهم حول الكعبة ‪ ..‬حيث‬ ‫قال ‪ :‬ويحك فماذا أصنع ؟‬
‫‪157‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إلى الكعبة ‪ ..‬وتوجه إلى‬ ‫يجتمع الناس ويتبايعون ‪..‬‬
‫الصحفية ليشقها ‪ ..‬فوجد دابة‬ ‫وغدا زهير بن أبي أمية عليه‬
‫الرضة قد أكلتها ‪ ..‬إل باسمك‬ ‫حلة ‪..‬‬
‫اللهم ‪..‬‬ ‫فطاف بالبيت سبعا ً ‪ ..‬ثم‬
‫أقبل على الناس وصرخ ‪:‬‬
‫كن ذكيا ً ‪..‬‬ ‫ياااا أهل مكة أنأكل‬
‫الطبيب الحاذق يتلمس أول ً‬ ‫الطعام ‪..‬؟ ونلبس الثياب ‪..‬؟‬
‫بأصابعه ‪ ..‬فيختار الموضع‬ ‫وبنو هاشم هلكي !! ل يباع‬
‫المناسب قبل غرز البرة ‪..‬‬ ‫لهم ول يبتاع منهم ‪ ..‬والله‬
‫ل أقعد حتى تشق هذه‬
‫جلد الذات !!‬ ‫‪.45‬‬ ‫الصحيفة القاطعة‬
‫من الذكريات ‪..‬‬ ‫الظالمة ‪..‬‬
‫أنا خرجنا مرة للبر ‪ ..‬وكان معنا‬ ‫فصرخ أبو جهل ‪..‬وكان في‬
‫أبو خالد ‪ ..‬صديق لنا نظره‬ ‫مجلس مع أصحابه ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫ضعيف جدا ً ‪..‬‬ ‫كذبت ‪ ..‬والله ل تشق ‪..‬‬
‫كنا نخدمه ‪ ..‬نقرب إليه الماء ‪..‬‬ ‫فقام زمعة بن السود‬
‫التمر ‪ ..‬القهوة ‪ ..‬وهو يردد ‪ :‬ل‬ ‫وصرخ ‪ :‬بل أنت والله‬
‫بد أن أساعدكم ‪ ..‬أريد أن‬ ‫أكذب ‪ ..‬ما رضينا كتابتها‬
‫أشتغل معكم ‪ ..‬كلفوني بأي‬ ‫حين كتبت ‪..‬‬
‫عمل ‪..‬‬ ‫فالتفت إليه أبو جهل ليرد‬
‫ونحن ننهاه عن ذلك ‪..‬‬ ‫عليه ‪ ..‬ففاجأه البخترى‬
‫ذبحنا شاة معنا ‪ ..‬وقطعناها‬ ‫قائما ً يقول ‪ :‬صدق زمعة ‪..‬‬
‫ووضعناها في القدر ‪ ..‬تمهيدا ً‬ ‫ل نرضى ما كتب فيها ول‬
‫لطبخها ‪ ..‬ولم نشعل النار بعد ‪..‬‬ ‫نقر به ‪..‬‬
‫وانشغلنا بنصب الخيمة ‪..‬‬ ‫فالتفت أبو جهل إلى‬
‫وترتيب الغراض ‪..‬‬ ‫البخنري ‪..‬‬
‫تحركت الشهامة في أبي خالد –‬ ‫فإذا بالمطعم بن عدى يصرخ‬
‫ويا ليتها لم تفعل ‪ -‬فقام وتوجه‬ ‫‪ :‬صدقتما وكذب من قال‬
‫إلى القدر ‪ ..‬فرأى اللحم ‪..‬‬ ‫غير ذلك ‪ ..‬نبرأ إلى الله‬
‫فأدرك أن أول شيء سنفعله هو‬ ‫منها ومما كتب فيها ‪..‬‬
‫أن نصب الماء على اللحم ‪..‬‬ ‫وقام هشام بن عمرو وقال‬
‫فتوجه إلى الغراض في‬ ‫مثل قولهم ‪..‬‬
‫السيارة ‪ ..‬وجعل يتلمس‬ ‫فتحير أبو جهل ‪ ..‬وسكت‬
‫الغراض ‪ ..‬مولد كهرباء ‪..‬‬ ‫ضي‬ ‫ق ِ‬‫هنية ثم قال ‪ :‬هذا أمر ُ‬
‫أسلك ‪ ..‬مصابيح ‪ ..‬أربع‬ ‫بليل ‪ ..‬تشوور فيه بغير هذا‬
‫مطارات بلستيك فيها ماء ‪..‬‬ ‫المكان ‪..‬‬
‫وبنزين ‪ ..‬وأغراض أخرى ‪..‬‬ ‫ثم انطلق المطعم بن عدي‬
‫‪158‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫السيارة حتى قفزت السيارة‬ ‫فالتقط أقرب مطارة إليه ‪..‬‬
‫إلى المام وصكت ركبتي طارق‬ ‫وأقبل بها مبتهجا ً إلى‬
‫بين صدامي السيارتين ‪ ..‬ووقع‬ ‫القدر ‪ ..‬وأفرغ نصفها فيه ‪..‬‬
‫على الرض مصابا ً ‪..‬‬ ‫لمحه أحدنا ‪ ..‬فصرخ به ‪..‬‬
‫وصاحبنا في السيارة يردد ‪:‬‬ ‫ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬أبو خالد ‪..‬‬
‫أشغل مرة ثانية ؟!!‬ ‫وهو يردد ‪ :‬خلوني أشتغل ‪..‬‬
‫أبعدنا السيارتين ‪ ..‬وساعدنا‬ ‫خلوني ‪..‬‬
‫طارق على المشي ‪ ..‬كان يعرج‬ ‫ً‬
‫فسحبنا المطارة منه فورا ‪..‬‬
‫ويتألم من ركبتيه بشدة ‪..‬‬ ‫وغرقنا في الضحك الذي‬
‫لكنه أعجبني أنه لم يزد ألمه‬ ‫يغالبه البكاء ‪..‬‬
‫ب ‪ ..‬أو توبيخ ‪ ..‬بل‬ ‫بصراخ أو س ّ‬ ‫لننا اكتشفنا أنها مطارة‬
‫ابتسم وأظهر الرضى ‪..‬‬ ‫البنزين ‪ ..‬وليست مطارة‬
‫وما فائدة الصراخ ؟ والمر قد‬ ‫الماء ‪!!..‬‬
‫انتهى ‪ ..‬وصاحبنا أدرك خطأه ‪..‬‬ ‫وتغدينا على خبز وشاي ‪..‬‬
‫إذا أردت أن تستمتع بحياتك ‪..‬‬ ‫لم تفسد الرحلة ‪ ..‬بل كانت‬
‫فاعمل بهذه القاعدة ‪:‬‬ ‫من أمتع الرحلت ‪..‬‬
‫ل تهتم بصغائر المور ‪..‬‬ ‫ولماذا نعذب أنفسنا بأمر قد‬
‫نحن أحيانا ً نعذب أنفسنا ‪..‬‬ ‫انتهى ‪..‬‬
‫ونجلدها ‪..‬‬ ‫وأذكر أيضا ً ‪:‬‬
‫ونضيق ونتألم ‪ ..‬واللم ل يحل‬ ‫لما كنت في الثانوية خرجت‬
‫المشكلة ‪..‬‬ ‫مع بعض الزملء في رحلة ‪..‬‬
‫افرض أنك دخلت إلى حفل‬ ‫تعطلت بطارية إحدى‬
‫عرس ‪ ..‬وقد لبست ثوبا ً حسنا ‪..‬‬
‫ً‬ ‫السيارات ‪..‬‬
‫ووضعت فوق رأسك غترة‬ ‫أقبلنا بسيارة أخرى‬
‫وعقال ً ‪ ..‬حتى صرت أجمل من‬ ‫وأوقفاناها أمامها لنوصل‬
‫العريس !!‬ ‫ببطاريتها البطارية‬
‫وبدأت تصافح الناس واحدا ً‬ ‫المتعطلة ‪..‬‬
‫واحدا ً ‪ ..‬وفجأة أقبل طفل من‬ ‫أقبل طارق ووقف بين‬
‫ورائك ‪ ..‬وتعلق بطرف غترتك ‪..‬‬ ‫السيارتين ‪ ..‬وشبك السلك‬
‫وسحبها فسقطت الغترة‬ ‫في بطارية السيارة‬
‫والعقال ‪ ..‬والطاقية ‪ ..‬وصار‬ ‫الولى ‪ ..‬ثم شبكها في‬
‫شكلك مضحكا ً ‪..‬‬ ‫البطارية المتعطلة ‪ ..‬ثم‬
‫كيف تتصرف؟‬ ‫أشار لحد الشباب ‪ ..‬شغل‬
‫كثير منا يتعامل مع هذه‬ ‫السيارة ‪..‬‬
‫المشكلة بأسلوب هو ليس حل ً‬ ‫ركب صاحبنا ‪ ..‬وكان ناقل‬
‫لها ‪..‬‬ ‫الحركة ) القير ( على رقم‬
‫يركض وراء الصغير ‪ ..‬يصرخ ‪..‬‬ ‫واحد ‪ ..‬فما إن شغل‬
‫‪159‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫سيارة وأنت خارج من البيت ‪..‬‬ ‫يسب ‪ ..‬يلعن ‪..‬‬
‫ورشت عليك من ماء كان‬ ‫والنتيجة ‪ :‬أنه حقق ما كان‬
‫مجتمعا ً على الرض ‪ ..‬هل‬ ‫يريده الطفل من جذب انتباه‬
‫ستعذب نفسك فتصرخ وتزعق‬ ‫‪ ..‬وضجة ‪ ..‬وأضحك الناس‬
‫بالسيارة وركابها ‪ ..‬وهي قد‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫وّلتك ظهرها ‪..‬‬ ‫وربما صوره بعضهم وصار‬
‫وكذلك ‪..‬‬ ‫بلوتوثا ً يتناقلونه ‪!!..‬‬
‫ً‬
‫ل داعي لنتذكر دائما اللم التي‬ ‫أنت هنا – حقيقة – ل تعذب‬
‫مستنا في حياتنا ‪..‬‬ ‫الطفل إنما تعذب نفسك ‪..‬‬
‫محمد ‪ ‬مرت به لحظات حزينة‬ ‫أو افرض أنك ‪..‬‬
‫في حياته ‪..‬‬ ‫لبست ثوبا ً جديدا ‪ ..‬ربما لم‬
‫ً‬
‫حتى جلس يوما ً مع زوجه‬ ‫تسدد قيمته بعد ‪..‬‬
‫الحنون عائشة ‪ .. ‬في لحظة‬ ‫وذهبت إلى شركة لتقدم‬
‫ساكنة ‪ ..‬فسألته ‪:‬‬ ‫على وظيفة ‪..‬‬
‫هل أتى عليك يوم أشد عليك‬ ‫مررت بأحد البواب كان‬
‫من يوم أحد ؟‬ ‫مدهونا ً بالطلء للت ّ‬
‫و ‪..‬‬
‫مّرت تلك المعركة في ذاكرة‬ ‫وبجانبه لوحة تحذيرية لم‬
‫النبي ‪.. ‬‬ ‫تنتبه لها ‪..‬‬
‫آآآه ‪ ..‬ما أقسى ذلك اليوم ‪..‬‬ ‫وفجأة مسحت نصف الطلء‬
‫قتل عمه حمزة وهو من‬ ‫يوم ُ‬ ‫بثوبك ‪ ..‬وطفق عامل الطلء‬
‫أحب الناس إليه ‪..‬‬ ‫يصرخ بك سابا ً غضبابا ً ‪..‬‬
‫يوم وقف ينظر إلى عمه وقرة‬ ‫كيف تتعامل مع هذه‬
‫جدع أنفه ‪..‬‬ ‫عينه ‪ ..‬وقد ُ‬ ‫المشكلة ؟‬
‫ق بطنه ‪..‬‬ ‫ش ّ‬ ‫وقطعت أذناه ‪ ..‬و ُ‬ ‫نحن في كثير من الحيان‬
‫مّزق جسده ‪..‬‬ ‫و ُ‬ ‫أيضا ً نتعامل معها بأسلوب‬
‫جرح‬ ‫يوم كسرت أسنانه ‪ .. ‬و ُ‬ ‫ليس حل ً لها ‪..‬‬
‫وجهه ‪ ..‬وسالت منه الدماء ‪..‬‬ ‫م لم‬‫ب العامل ‪ ..‬ل ِ َ‬ ‫نثور ‪ ..‬نس ّ‬
‫يوم قتل أصحابه بين يديه ‪..‬‬ ‫تضع لوحة واضحة ‪ ..‬فيرد‬
‫يوم عاد ‪ ‬إلى المدينة ‪ ..‬وقد‬ ‫عليك بغضب ‪ ..‬وقد تكون‬
‫نقص سبعون من أصحابه ‪..‬‬ ‫النتيجة أن تتلطخ بتراب‬
‫فرأى النساء الرامل والطفال‬ ‫الرض أكثر مما تلطخت‬
‫اليتامى ‪ ..‬يبحثون عن أحبابهم‬ ‫بطلء الباب !!‬
‫وآبائهم ‪..‬‬ ‫على رسلك ‪ ..‬تدري أنت‬
‫فعل ً ‪ ..‬كان ذلك اليوم قاسيا ً ‪..‬‬ ‫الن ماذا تفعل ؟! إنك تعذب‬
‫كانت عائشة تنتظر الجواب ‪..‬‬ ‫نفسك ‪ ..‬تجلد ذاتك ‪..‬‬
‫فقال ‪: ‬‬ ‫وقل مثل ذلك لو تزينت‬
‫ما لقيت من قومك كان أشد منه‬ ‫وذهبت خاطبا ً ‪ ..‬فمرت بك‬
‫‪160‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫جالس مع رجال ‪ ..‬محتبيا ً بكل‬ ‫‪..‬‬
‫رزانة ‪ ..‬قد ضم ركبتيه إلى‬ ‫يوم العقبة ‪ ..‬إذ عرضت‬
‫صدره ‪ ..‬وجعل يحدث قومه ‪..‬‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫اقترب السفيه منه ‪ ..‬ودنا ‪..‬‬ ‫ثم ذكر لها قصة استنصاره‬
‫د‬
‫ودنا ‪ ..‬فلما وقف عنده ‪ ..‬م ّ‬ ‫بأهل الطائف ‪ ..‬وتكذيبهم له‬
‫الحنف إليه رأسه ظانا ً أنه‬ ‫‪ ..‬ورمي سفهائهم له‬
‫سيسّر إليه بشيء ‪..‬‬ ‫بالحجارة حتى أدموا‬
‫فإذا بالسفيه يرفع يده ويلطم‬ ‫قدميه ‪.. (63) ..‬‬
‫الحنف على وجهه لطمة كادت‬ ‫ومع وجود هذه اللم في‬
‫تمزق خده !!‬ ‫تاريخ حياته ‪ .. ‬إل أنه كان‬
‫نظر الحنف إليه ‪ ..‬ولم يح ّ‬
‫ل‬ ‫ل يسمح لها أن تنغص عليه‬
‫حبوته ‪ ..‬وقال بكل هدوووء ‪:‬‬ ‫استمتاعه بالحياة ‪..‬‬
‫لماذا لطمتني ؟!!‬ ‫ل تستحق اللتفات إليها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬قوم أعطوني ألف درهم‬ ‫وقد مضت آلمها وبقيت‬
‫على أن ألطم سيد بني تميم ‪..‬‬ ‫حسناتها ‪..‬‬
‫فقال الحنف ‪ ..‬آآآه ‪ ..‬ما صنعت‬ ‫م ‪..‬‬
‫إذن ل تقتل نفسك باله ّ‬
‫شيئا ً ‪..‬‬ ‫وكذلك ل تقتل الناس بالهم‬
‫لست سيد بني تميم ‪!..‬‬ ‫واللوم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬عجبا ً !! فأين سيد بني‬ ‫نحن أحيانا ً نتعامل مع بعض‬
‫تميم ‪..‬‬ ‫المشاكل بأساليب هي في‬
‫قال ‪ :‬هل ترى ذاك الرجل‬ ‫الحقيقة ليست حل ً لها ‪..‬‬
‫الجالس وحده ‪ ..‬وسيفه‬ ‫كان الحنف بن قيس سيد‬
‫بجانبه ؟‬ ‫بني تميم ‪..‬‬
‫وأشار إلى رجل اسمه حارثة بن‬ ‫لم يكن ساد قومه بقوة‬
‫قدامة ‪ ..‬امتل غضبا ً وغيظا ً ‪ ..‬لو‬ ‫جسد ‪ ..‬ول كثرة مال ‪ ..‬ول‬
‫ة لكفاهم ‪..‬‬ ‫سم غضبه على أم ٍ‬ ‫ُ‬
‫ق ّ‬ ‫ارتفاع نسب ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم أراه ‪ ..‬الجالس‬ ‫وإنما سادهم بالحلم والعقل‬
‫هناك ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فاذهب والطمه لطمة ‪..‬‬ ‫حقد عليه قوم ‪..‬‬
‫فذاك سيد بني تميم ‪..‬‬ ‫فأقبلوا إلى سفيه من‬
‫مضى الرجل إليه ‪ :‬واقترب من‬ ‫سفهائهم وقالوا له ‪:‬‬
‫حارثة ‪ ..‬فإذا عينا حارثة تلتمع‬ ‫هذه ألف درهم على أن‬
‫شررا ً ‪..‬‬ ‫تذهب إلى سيد بني تميم ‪..‬‬
‫وقف السفيه عليه ‪ ..‬ورفع يده‬ ‫الحنف بن قيس ‪ ..‬فتلطمه‬
‫ولطمه على وجهه ‪ ..‬فما كادت‬ ‫على وجهه ‪..‬‬
‫يده تفارق خده حتى التقط‬ ‫مضى السفيه ‪ ..‬فإذا الحنف‬
‫حارثة سيفه ‪ ..‬وقطع يده ‪!!..‬‬
‫‪.‬‬ ‫) ( تقدمت القصة كاملة ص‬ ‫‪63‬‬

‫‪161‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال ‪ :‬الصبا ولى ! فقلت له ‪:‬‬ ‫وقديما ً قيل ‪ :‬الفائز هو‬
‫ابتسم ***‬ ‫الذي يضحك في النهاية !!‬
‫لن يرجع السف الصبا المتصرما‬
‫قال ‪ :‬التي كانت سمائي في‬ ‫قناعة ‪..‬‬
‫الهوى ***‬ ‫التعامل مع المشكلة‬
‫صارت لنفسي في الغرام جهنما‬ ‫بأساليب ليست حل ً لها ‪..‬‬
‫خانت عهودي بعدما ملكتها ***‬ ‫يعذبك ‪ ..‬ول يحل المشكلة !!‬
‫قلبي فكيف أطيق أن أتبسما‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم واطرب فلو‬ ‫مشاكل ليس لها‬ ‫‪.46‬‬
‫قارنتها ***‬ ‫حل ‪..‬‬
‫قضيت عمرك كله متألما‬ ‫كم ترى من الناس غاضبا ً‬
‫قال ‪ :‬العدى حولي علت‬ ‫وهو يقود سيارته ‪..‬‬
‫صيحاتهم ***‬ ‫وربما ضرب بيديه على‬
‫سّر والعداء حولي في الحمى‬ ‫َُ‬
‫أأ َ‬ ‫مقودها ‪ ..‬وردد ‪ ..‬أوووه‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم ‪ ،‬لم يطلبوك‬ ‫دائما ً زحمة ‪ ..‬زحمة ‪..‬‬
‫بذمهم ***‬ ‫أو قد تراه يمشي في‬
‫ل وأعظما!‬ ‫لو لم تكن منهم أج ّ‬ ‫الطريق ‪ ..‬ول يحتمل أن‬
‫قال ‪ :‬الليالي جرعتني علقما ً‬ ‫يكلمه أحد ‪ ..‬بل متضايق‬
‫***‬ ‫أشد الضيق ‪ ..‬ويردد ‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم ولئن جرعت‬ ‫أوووف حررر شديييد ‪!!..‬‬
‫العلقما‬ ‫وربما كنت زميل ً له في‬
‫مَرّنـما ً ***‬
‫فلعل غيرك إن رآك ُ‬ ‫مكتب واحد ‪ ..‬تبتلى برؤيته‬
‫طرح الكآبة خلفه وترنما‬ ‫كل يوم ‪ ..‬ويشغلك كلما‬
‫أتراك تغنم بالترنم درهما ً ***‬ ‫جلس ‪ " ..‬ياخي العمل‬
‫أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ً‬ ‫كثييير ‪ ..‬أوووه إلى متى ما‬
‫فاضحك فإن الشهب تضحك‬ ‫يزيدون رواتبنا " ‪ ..‬ويدخل‬
‫والدجى ***‬ ‫عابسا ً ‪ ..‬ويخرج ساخطا ً ‪..‬‬
‫)‪(64‬‬
‫‪..‬‬ ‫متلطم ولذا نحب النجما‬ ‫وربما أكثر التشكي من آلم‬
‫نعم استمتع بحياتك ‪..‬‬ ‫بدنه ‪ ..‬أو إعاقة ولده ‪..‬‬
‫انتبه أن تكون ظروفك مؤثرة‬ ‫ل بد أن نقتنع جميعا ً أننا‬
‫على سلوكك ‪ ..‬في عملك ‪..‬‬ ‫تواجهنا في حياتنا مشاكل‬
‫أولدك ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬ ‫ليس لها حل ‪ ..‬فل بد أن‬
‫فما ذنبهم أن يتعذبوا بأمور‬ ‫نتعامل معها بأريحية ‪..‬‬
‫ليس هم طرفا ً فيها ‪ ..‬ول‬ ‫قال ‪ :‬السماء كئيبة وتجهما‬
‫يملكون حلها ؟‬ ‫***‬
‫‪ ( ) 64‬أبيات ليليا أبو ماضي من ديوانه ص‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم ‪ ،‬يكفي التجهم‬
‫‪656‬‬ ‫في السما!‬
‫‪162‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مشغول ً قليل ً ‪..‬‬ ‫ل تجعلهم إذا رأوك ‪ ..‬أو‬
‫كان الحزن واضحا ً عليه ‪..‬‬ ‫ذكروك ‪ .‬ذكروا معك الهم‬
‫قلت ‪ :‬ما الخبر ؟‬ ‫والحزن ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬كان ولدي مريضا ً ‪ ..‬عنده‬ ‫لذا نهى ‪ ‬عن النياحة على‬
‫تليف في الكبد ‪ ..‬وأصابه قبل‬ ‫الميت ‪ ..‬والصراخ ‪ ..‬وشق‬
‫أيام تسمم في الدم ‪ ..‬وتفاجأت‬ ‫الجيب ‪ ..‬وحلق الشعر ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫أمس أن التسمم تسلل إلى‬ ‫لماذا ؟‬
‫الدماغ ‪..‬‬ ‫لن التعامل مع الموت يكون‬
‫قلت ‪ :‬ل حول ول قوة إل‬ ‫بتغسيل الميت وتكفينه‬
‫بالله ‪ ..‬اصبر ‪ ..‬وأسأل الله أن‬ ‫والصلة عليه ودفنه ‪..‬‬
‫يشفيه ‪..‬‬ ‫والدعاء له ‪..‬‬
‫وإن قضى الله عليه بشيء ‪..‬‬ ‫أما الصراخ والعويل فل ينفع‬
‫فأسأل الله أن يجعله شافعا ً لك‬ ‫شيئا ً ‪ ..‬سوى أنه يقلب متعة‬
‫يوم القيامة ‪..‬‬ ‫الحياة إلى أحزان ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬شافع ؟ يا شيخ ‪ ..‬الولد‬ ‫مشى المعافى بن سليمان‬
‫ليس صغيرا ً ‪..‬‬ ‫مع صاحب له ‪ ..‬فالتفت إليه‬
‫قلت ‪ :‬كم عمره ؟‬ ‫صاحبه عابسا ً وقال ‪ :‬ما أشد‬
‫قال ‪ :‬سبع عشرة سنة ‪..‬‬ ‫البرد اليوم ؟‬
‫قلت ‪ :‬الله يشفيه ‪ ..‬ويبارك لك‬ ‫فقال المعافى ‪ :‬أستدفأت‬
‫في إخوانه ‪..‬‬ ‫الن ؟‬
‫فخفض رأسه وقال ‪ :‬يا شيخ ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫ليس له إخوان ‪ ..‬لم أ ُْرزق بغير‬ ‫قال ‪ :‬فماذا استفدت من‬
‫هذا الولد ‪ ..‬وقد أصابه ما ترى ‪..‬‬ ‫الذم ؟ لو سّبحت لكان خيرا ً‬
‫قلت له ‪ :‬سعد ‪ ..‬بكل اختصار ‪..‬‬ ‫لك ‪..‬‬
‫ل تقتل نفسك بالهم ‪ ..‬لن‬ ‫عش حياتك ‪..‬‬
‫يصيبنا إل ما كتب الله لنا ‪..‬‬ ‫ل تنقب عن المشكلت ‪ ..‬ول‬
‫ثم خففت عنه مصابه وذهبت ‪..‬‬ ‫تدقق في صغائر المور ‪..‬‬
‫نعم ل تقتل نفسك بالهم ‪..‬‬ ‫وإنما استمتع بحياتك ‪..‬‬
‫فالهم ل يخفف المصيبة ‪..‬‬
‫أذكر أني قبل فترة ‪ ..‬ذهبت إلى‬ ‫ل تقتل نفسك‬ ‫‪.47‬‬
‫المدينة النبوية ‪..‬‬ ‫بالهم ‪..‬‬
‫التقيت بخالد ‪ ..‬قال لي ‪ :‬ما‬ ‫كان أحد طلبي في‬
‫رأيك أن نزور الدكتور ‪ :‬عبد‬ ‫الجامعة ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫ً‬
‫غاب أسبوعا كامل ً ‪ ..‬ثم‬
‫قلت ‪ :‬لماذا ‪ ..‬ما الخبر ؟‬ ‫لقيته فسألته ‪ :‬سلمات ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعزيه ‪..‬‬ ‫سعد ‪..‬؟‬
‫قلت ‪ :‬نعزيه ؟!!‬ ‫قال ‪ :‬ل شيء ‪ ..‬كنت‬
‫‪163‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قلبه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ذهب ولده‬
‫كان الضيوف يأتون ‪ ..‬معهم‬ ‫الكبير بالعائلة كلها لحضور‬
‫قهوتهم ‪ ..‬لنه ل أحد عنده‬ ‫حفل عرس في مدينة‬
‫يخدم أو ُيعين ‪..‬‬ ‫مجاورة ‪ ..‬وبقي هو في‬
‫العجيب أنك إذا رأيت الرجل في‬ ‫المدينة لرتباطه بالجامعة ‪..‬‬
‫العزاء ‪ ..‬حسبت أنه أحد المعزين‬ ‫وفي أثناء عودتهم وقع لهم‬
‫‪ ..‬وأن المصاب غيره ‪..‬‬ ‫حادث مروع ‪ ..‬فماتوا جميعا ً‬
‫كان يردد ‪ ..‬إنا لله وإنا إليه‬ ‫‪ ..‬أحدى عشر نفسا ً !!‬
‫راجعون ‪ ..‬لله ما أخذ وله ما‬ ‫كان الدكتور رجل ً صالحا ً قد‬
‫أعطى ‪ ..‬وكل شيء عنده بأجل‬ ‫جاوز الخمسين ‪ ..‬لكنه على‬
‫مسمى ‪..‬‬ ‫كل حال ‪ ..‬بشر ‪ ..‬له مشاعر‬
‫وهذا هو قمة العقل ‪ ..‬فلو لم‬ ‫وأحاسيس ‪..‬‬
‫يفعل ذلك ‪ ..‬لمات هما ً ‪..‬‬ ‫في صدره قلب ‪ ..‬وله عينان‬
‫أعرف أحد الناس أراه دائما ً‬ ‫تبكيان ‪ ..‬ونفس تفرح‬
‫سعيد ‪ ..‬وإذا تأملت حاله‬ ‫وتحزن ‪..‬‬
‫وجدت ‪:‬‬ ‫تلقى الخبر المفزع ‪ ..‬صلى‬
‫وظيفته متواضعة‬ ‫عليهم ‪ ..‬ثم وسدهم في‬
‫بيته وضيق ‪ ..‬إيجار ‪..‬‬ ‫التراب بيديه ‪ ..‬إحدى عشر‬
‫سيارته قديمة ‪..‬‬ ‫نفسا ً ‪..‬‬
‫أولده كثيرون ‪..‬‬ ‫صار يطوف في بيته‬
‫ومع ذلك كان دائم البتسامة ‪..‬‬ ‫حيران ‪ ..‬يمر بألعاب‬
‫محبوبا ً ‪ ..‬يعيش حياته ‪..‬‬ ‫متناثرة ‪ ..‬قد مضى عليها‬
‫صحيح ‪ ..‬ل يقتل نفسه بالهم ‪..‬‬ ‫أيام لم تحرك ‪ ..‬لن خلود‬
‫ول تكــــثر التشــــكي‪..‬فيمّلــــك‬ ‫وسارة اللتان كانتا تلعبان‬
‫الناس‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬ماتتا ‪..‬‬
‫عنده ولد معوق ‪ ..‬ولدي‬ ‫يأوي إلى فراشه ‪ ..‬لم يرتب‬
‫مريض ‪ ..‬ضايق صدري ‪ ..‬يا أخي‬ ‫‪ ..‬لن أم صالح ‪ ..‬ماتت ‪..‬‬
‫مسكين ولدي ‪ ..‬خلص فهمنا ‪..‬‬ ‫يمر بدراجة ياسر ‪ ..‬لم‬
‫راتبي قليل ‪..‬‬ ‫تتحرك ‪ ..‬لن الذي كان‬
‫امرأة مع زوجها ‪ :‬بيتنا قديم ‪..‬‬ ‫يقودها ‪ ..‬مااات ‪..‬‬
‫سيارتنا متهالكة ‪ ..‬ثيابي ليست‬ ‫يدخل غرف ابنته الكبرى ‪..‬‬
‫على الموضة ‪..‬‬ ‫يرى حقائب عرسها‬
‫أفنيت يا مسكين عمرك بالتأوه‬ ‫مصفوفة ‪ ..‬وملبسها‬
‫والحزن‬ ‫مفروشة على سريرها ‪..‬‬
‫وظللت مكتوف اليدين تقول‬ ‫ماتت ‪ ..‬وهي ترتب ألوانها‬
‫حاربني الزمن‬ ‫وتنسقها ‪..‬‬
‫إن لم تقم بالعبء أنت فمن‬ ‫سبحان من صّبره ‪ ..‬وثبت‬
‫‪164‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عقلك ‪..‬‬ ‫يقوم به إذن‬
‫قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن نستفيد ‪..‬‬
‫نعتبر ‪ ..‬نعرف نعمة الله علينا ‪..‬‬ ‫إضاءة‬
‫سكت عبد العزيز يفكر في‬ ‫عش حياتك بما بين يدك من‬
‫حالهم ‪ ..‬شعرت أنه حزين ‪..‬‬ ‫معطيات ‪ ..‬لتسعد‬
‫كان عبد العزيز عاطفيا ً أكثر من‬
‫اللزم ‪..‬‬ ‫ارض بما قسم الله‬ ‫‪.48‬‬
‫أخذني بسيارته إلى هناك ‪..‬‬ ‫لك ‪..‬‬
‫أقبلنا على مبنى‬ ‫كنت في رحلة إلى أحد‬
‫كالمغارة‪..‬الشجار تحيط به من‬ ‫البلدان للقاء عدد من‬
‫كل جانب‪..‬كانت الكآبة ظاهرة‬ ‫المحاضرات ‪..‬‬
‫عليه‪..‬‬ ‫كان ذلك البلد مشهورا ً‬
‫قابلنا أحد الطباء ‪ ..‬رحب بنا ثم‬ ‫بوجود مستشفى كبير‬
‫أخذنا في جولة في‬ ‫للمراض العقلية ‪..‬أو كما‬
‫المستشفى ‪..‬‬ ‫يسميه الناس "مستشفى‬
‫أخذ الطبيب يحدثنا عن‬ ‫المجانين" ‪..‬‬
‫مآسيهم ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫ألقيت محاضرتين صباحا ً ‪..‬‬
‫وليس الخبر كالمعاينة ‪..‬‬ ‫وخرجت وقد بقي على أذان‬
‫دلف بنا إلى أحد الممرات ‪..‬‬ ‫الظهر ساعة ‪..‬‬
‫سمعت أصواتا ً هنا وهناك ‪..‬‬ ‫كان معي عبد العزيز ‪ ..‬رجل‬
‫كانت غرف المرضى موزعة‬ ‫من أبرز الدعاة ‪..‬‬
‫على جانبي الممر ‪..‬‬ ‫التفت إليه ونحن في‬
‫مررنا بغرفة عن يميننا ‪ ..‬نظرت‬ ‫السيارة ‪ ..‬قلت ‪ :‬عبد العزيز‬
‫داخلها فإذا أكثر من عشرة‬ ‫‪ ..‬هناك مكان أود أن أذهب‬
‫أسرة فارغة ‪ ..‬إل واحدا ً منها قد‬ ‫إليه ما دام في الوقت متسع‬
‫انبطح عليه رجل ينتفض بيديه‬ ‫‪..‬‬
‫ورجليه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أين ؟ صاحبك الشيخ‬
‫ت إلى الطبيب وسألته ‪ :‬ما‬ ‫التف ّ‬ ‫عبد الله ‪ ..‬مسافر ‪..‬‬
‫هذا !!‬ ‫والدكتور أحمد اتصلت به‬
‫قال ‪ :‬هذا مجنون ‪ ..‬ويصاب‬ ‫ولم يجب ‪ ..‬أو تريد أن نمر‬
‫بنوبات صرع ‪ ..‬تصيبه كل خمس‬ ‫المكتبة التراثية ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫أو ست ساعات ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬كل ‪ ..‬بل ‪ :‬مستشفى‬
‫قلت ‪ :‬ل حول ول قوة إل‬ ‫المراض العقلية ‪..‬‬
‫بالله ‪ ..‬منذ متى وهو على هذا‬ ‫قال ‪ :‬المجانين !! قلت ‪:‬‬
‫الحال ؟‬ ‫المجانين ‪..‬‬
‫قال ‪:‬منذ أكثر من عشر‬ ‫فضحك وقال مازحا ً ‪:‬‬
‫سنوات ‪..‬كتمت عبرة في نفسي‬ ‫لماذا ‪ ..‬تريد أن تتأكد من‬
‫‪165‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من ثلثين رجل ً ‪ ..‬كل واحد‬ ‫‪ ..‬ومضيت ساكتا ً ‪..‬‬
‫منهم على حال ‪ ..‬هذا يؤذن ‪..‬‬ ‫بعد خطوات مشيناها ‪..‬‬
‫وهذا يغني ‪ ..‬وهذا يتلفت ‪..‬‬ ‫مررنا على غرفة أخرى ‪..‬‬
‫وهذا يرقص ‪..‬‬ ‫بابها مغلق ‪ ..‬وفي الباب‬
‫ُ‬
‫وإذا من بينهم ثلثة قد أجلسوا‬ ‫فتحة يطل من خللها رجل‬
‫على كراسي ‪ ..‬وربطت أيديهم‬ ‫من الغرفة ‪ ..‬ويشير لنا‬
‫وأرجلهم ‪ ..‬وهم يتلفتون حولهم‬ ‫إشارات غير مفهومة ‪..‬‬
‫‪ ..‬ويحاولون التفلت فل‬ ‫حاولت أن أسرق النظر‬
‫يستطيعون ‪..‬‬ ‫داخل الغرفة ‪ ..‬فإذا جدرانها‬
‫تعجبت وسألت الطبيب ‪ :‬ما‬ ‫وأرضها باللون البني ‪..‬‬
‫هؤلء ؟ ولماذا ربطتموهم دون‬ ‫سألت الطبيب ‪ :‬ما هذا ؟!!‬
‫الباقين ؟‬ ‫قال ‪ :‬مجنون ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬هؤلء إذا رأوا شيئا ً‬ ‫شعرت أنه يسخر من سؤالي‬
‫أمامهم اعتدوا عليه ‪ ..‬يكسرون‬ ‫‪ ..‬فقلت ‪ :‬أدري أنه‬
‫النوافذ ‪ ..‬والمكيفات ‪..‬‬ ‫مجنون ‪ ..‬لو كان عاقل ً لما‬
‫والبواب ‪..‬‬ ‫رأيناه هنا ‪ ..‬لكن ما قصته ؟‬
‫لذلك نحن نربطهم على هذا‬ ‫فقال ‪ :‬هذا الرجل إذا رأى‬
‫الحال ‪ ..‬من الصباح إلى‬ ‫جدارا ً ‪ ..‬ثار وأقبل يضربه‬
‫المساء ‪..‬‬ ‫بيده ‪ ..‬وتارة يضربه برجله ‪..‬‬
‫قلت وأنا أدافع عبرتي ‪ :‬منذ‬ ‫وأحيانا ً برأسه ‪..‬‬
‫متى وهم على هذا الحال ؟‬ ‫فيوما ً تتكسر أصابعه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هذا منذ عشر سنوات ‪..‬‬ ‫ويوما ً تكسر رجله ‪ ..‬ويوما ً‬
‫وهذا منذ سبع ‪ ..‬وهذا جديد ‪..‬‬ ‫يشج رأسه ‪ ..‬ويوما ً ‪ ..‬ولم‬
‫لم يمض له إل خمس سنين !!‬ ‫نستطع علجه ‪ ..‬فحبسناه‬
‫خرجت من غرفتهم ‪ ..‬وأنا أتفكر‬ ‫في غرفة كما ترى ‪..‬‬
‫في حالهم ‪ ..‬وأحمد الله الذي‬ ‫جدرانها وأرضها مبطنة‬
‫عافاني مما ابتلهم ‪..‬‬ ‫بالسفنج ‪ ..‬فيضرب كما‬
‫سألته ‪ :‬أين باب الخروج من‬ ‫يشاء ‪ ..‬ثم سكت الطبيب ‪..‬‬
‫المستشفى ؟‬ ‫ومضى أمامنا ماشيا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بقي غرفة واحدة ‪ ..‬لعل‬ ‫أما أنا وصاحبي عبد‬
‫فيها عبرة جديدة ‪ ..‬تعال ‪..‬‬ ‫العزيز ‪ ..‬فظللنا واقفين‬
‫وأخذ بيدي إلى غرفة كبيرة ‪..‬‬ ‫نتمتم ‪ :‬الحمد لله الذي‬
‫فتح الباب ودخل ‪ ..‬وجرني‬ ‫عافانا مما ابتلك به‬
‫معه ‪..‬‬ ‫ثم مضينا نسير بين غرف‬
‫كان ما في الغرفة شبيها ً بما‬ ‫المرضى ‪..‬‬
‫رأيته في غرفة سابقة ‪..‬‬ ‫حتى مررنا على غرفة ليس‬
‫مجموعة من المرضى ‪ ..‬كل‬ ‫فيها أسرة ‪ ..‬وإنما فيها أكثر‬
‫‪166‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مشى الطبيب ومشيت بجانبه ‪..‬‬ ‫منهم على حال ‪ ..‬راقص ‪..‬‬
‫وجعل يمر في طريقه بغرف‬ ‫ونائم ‪..‬‬
‫المرضى ‪ ..‬ونحن ساكتان ‪..‬‬ ‫و ‪ ..‬و ‪ ..‬عجبا ً ماذا أرى ؟؟‬
‫ي وكأنه تذكر‬ ‫وفجأة التفت إل ّ‬ ‫رجل جاوز عمره‬
‫شيئا ً نسيه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫الخمسين ‪ ..‬اشتعل رأسه‬
‫يا شيخ ‪ ..‬هنا رجل من كبار‬ ‫شيبا ً ‪ ..‬وجلس على الرض‬
‫التجار ‪ ..‬يملك مئات المليين ‪..‬‬ ‫القرفصاء ‪ ..‬قد جمع جسمه‬
‫أصابه لوثة عقلية فأتى به‬ ‫بعضه على بعض ‪ ..‬ينظر‬
‫أولده وألقوه هنا منذ سنتين ‪..‬‬ ‫إلينا بعينين زائغتين ‪..‬‬
‫وهنا رجل آخر كان مهندسا ً في‬ ‫يتلفت بفزع ‪..‬‬
‫شركة ‪ ..‬وثالث كان ‪..‬‬ ‫كل هذا طبيعي ‪..‬‬
‫ومضى الطبيب يحدثني بأقوام‬ ‫لكن الشيء الغريب الذي‬
‫ذلوا بعد عز ‪ ..‬وآخرين افتقروا‬ ‫جعلني أفزع ‪ ..‬بل أثور ‪ ..‬هو‬
‫بعد غنى ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫أن الرجل كان عاريا ً تماما ً‬
‫أخذت أمشي بين غرف المرضى‬ ‫ليس عليه من اللباس ول ما‬
‫متفكرا ً ‪..‬‬ ‫يستر العورة المغلظة ‪..‬‬
‫سبحان من قسم الرزاق بين‬ ‫تغير وجهي ‪ ..‬وامتقع‬
‫عباده ‪..‬‬ ‫لوني ‪ ..‬والتفت إلى الطبيب‬
‫يعطي من يشاء ‪ ..‬ويمنع من‬ ‫فورا ً ‪ ..‬فلما رأى حمرة‬
‫يشاء ‪..‬‬ ‫عيني ‪..‬‬
‫قد يرزق الرجل مال ً وحسبا ً‬ ‫قال لي ‪ ..‬هدئ من‬
‫ونسبا ً ومنصبا ً ‪ ..‬لكنه يأخذ منه‬ ‫غضبك ‪ ..‬سأشرح لك حاله ‪..‬‬
‫العقل ‪ ..‬فتجده من أكثر الناس‬ ‫هذا الرجل كلما ألبسناه ثوبا ً‬
‫مال ً ‪ ..‬وأقواهم جسدا ً ‪ ..‬لكنه‬ ‫عضه بأسنانه وقطعه ‪..‬‬
‫مسجون في مستشفى‬ ‫وحاول بلعه ‪ ..‬وقد نلبسه‬
‫المجانين ‪..‬‬ ‫في اليوم الواحد أكثر من‬
‫وقد يرزق آخر حسبا ً رفيعا ً ‪..‬‬ ‫عشرة ثياب ‪ ..‬وكلها على‬
‫ومال ً وفيرا ً ‪ ..‬وعقل ً كبيرا ً ‪..‬‬ ‫مثل هذا الحال ‪..‬‬
‫لكنه يسلب منه الصحة ‪ ..‬فتجده‬ ‫فتركناه هكذا صيفا ً وشتاءً ‪..‬‬
‫مقعدا ً على سريره ‪ ..‬عشرين أو‬ ‫والذين حوله مجانين ل‬
‫ثلثين سنة ‪ ..‬ما أغنى عنه ماله‬ ‫يعقلون حاله ‪..‬‬
‫وحسبه ‪!!..‬‬ ‫خرجت من هذه الغرفة ‪..‬‬
‫ومن الناس من يؤتيه الله صحة‬ ‫ولم أستطع أن أتحمل‬
‫وقوة وعقل ً ‪ ..‬لكنه يمنعه المال‬ ‫أكثر ‪ ..‬قلت للطبيب ‪ :‬دلني‬
‫فتراه يشتغل حمال أمتعة في‬ ‫على الباب ‪ ..‬للخروج ‪..‬‬
‫سوق أو تراه معدما ً فقيرا ً‬ ‫قال ‪ :‬بقي بعض القسام ‪..‬‬
‫يتنقل بين الحرف المتواضعة ل‬ ‫قلت ‪ :‬يكفي ما رأيناه ‪..‬‬
‫‪167‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ما أنت عليه ‪..‬‬ ‫يكاد يجد ما يسد به رمقه ‪..‬‬
‫ً‬
‫وكان أبو عبيدة رجل ً لينا سهل ً ‪..‬‬ ‫ومن الناس من يؤتيه ‪..‬‬
‫هينا ً عليه أمر الدنيا ‪..‬‬ ‫ويحرمه ‪ ..‬وربك يخلق ما‬
‫فقال له عمرو ‪ :‬بل أنت‬ ‫يشاء ويختار ‪ ..‬ما كان لهم‬
‫مددي ‪..‬‬ ‫الخيرة ‪..‬‬
‫فقال له أبو عبيدة ‪ :‬يا عمرو إن‬ ‫فكان حريا ً بكل مبتلى أن‬
‫رسول الله ‪ .. r‬قد قال لي ‪:‬‬ ‫يعرف هدايا الله إليه قبل أن‬
‫ل تختلفا ‪ ..‬وإنك إن عصيتني‬ ‫يعد مصائبه عليه ‪ ..‬فإن‬
‫أطعتك ‪..‬‬ ‫حرمك المال فقد أعطاك‬
‫فقال له عمرو‪ :‬فإني أمير عليك‬ ‫الصحة ‪ ..‬وإن حرمك منها ‪..‬‬
‫‪ ..‬وإنما أنت مدد لي ‪..‬‬ ‫فقد أعطاك العقل ‪ ..‬فإن‬
‫قال ‪ :‬فدونك ‪..‬‬ ‫فاتك ‪ ..‬فقد أعطاك السلم‬
‫فتقدم ‪ ..‬عمرو بن العاص ‪t‬‬ ‫‪ ..‬هنيئا ً لك أن تعيش عليه‬
‫فصلى بالناس ‪..‬‬ ‫وتموت عليه ‪..‬‬
‫وبعد الغزوة ‪ ..‬كان أول من‬ ‫فقل بملء فيك الن بأعلى‬
‫وصل المدينة ‪ ..‬عوف بن مالك ‪t‬‬ ‫صوتك ‪ :‬الحممممد لله ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وكذلك كان الصحابة الكرام‬
‫فمضى إلى رسول ‪.. r‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫فلما رآه ‪ ..‬قال له ‪.. r‬‬ ‫بعث رسول الله ‪ .. r‬عمرو‬
‫أخبرني ‪..‬‬ ‫بن العاص ‪ t‬جهة الشام ‪..‬‬
‫فأخبره عن الغزوة ‪ ..‬وما كان‬ ‫في غزوة ذات السلسل ‪..‬‬
‫بين أبي عبيدة وعمرو بن العاص‬ ‫فلما صار إلى هناك رأى‬
‫‪..‬‬ ‫كثرة عدوه ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬يرحم الله أبا عبيدة بن‬ ‫فبعث إلى رسول الله ‪r‬‬
‫الجراح ‪..‬‬ ‫يستمده ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬يرحم الله أبا عبيدة ‪.. ‬‬ ‫فبعث إليه ‪ r‬أبا عبيدة بن‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫الجراح ‪ ..‬أميرا ً على مدد ‪..‬‬
‫انظر للجوانب المشرقة من‬ ‫فيه المهاجرون الولون ‪..‬‬
‫حياتك ‪ ..‬قبل أن تنظر‬ ‫وفيهم أبو بكر وعمر ‪..‬‬
‫للمظلمة ‪ ..‬لتكون أسعد ‪..‬‬ ‫وقال ‪ r‬لبي عبيدة حين‬
‫وجهه ‪ :‬ل تختلفا ‪..‬‬
‫كن جبل ً ‪..‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫فخرج أبو عبيدة ‪..‬‬
‫في بداية سلوكي في طريق‬ ‫حتى إذا قدم على عمرو‬
‫الدعوة ‪ ..‬دعيت للقاء محاضرة‬ ‫قال له عمرو ‪ :‬إنما جئت‬
‫في إحدى القرى ‪..‬‬ ‫مددا ً لي ‪..‬‬
‫استقبلني المسئول عن الدعوة‬ ‫فقال له أبو عبيدة ‪ :‬ل ولكن‬
‫على ما أنا عليه وأنت على‬
‫‪168‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بقيت ساكتا ً لم أنبس ببنت شفة‬ ‫هناك ‪ ..‬ركبت سيارته ‪..‬‬
‫‪ ..‬نظرت إلى الول لما تكلم‬ ‫كانت قديمة متهالكة ‪..‬‬
‫وتبسمت ‪ ..‬فلما تكلم الثاني ‪..‬‬ ‫تحدثت معه ‪ ..‬أخبرني أنه‬
‫نظرت إليه أيضا ً وتبسمت ‪..‬‬ ‫حديث عهد بزواج ‪..‬‬
‫وكذلك الثالث ‪..‬‬ ‫ي من غلء‬ ‫ثم اشتكى إل ّ‬
‫كان بعض الشباب في آخر‬ ‫المهور في قريتهم ‪ ..‬حتى‬
‫المسجد يتضاحكون ‪ ..‬وبعضهم‬ ‫إنه لم يستطع أن يشتري‬
‫قاموا وقوفا ً ينظرون ‪ ..‬وكأني‬ ‫سيارة جديدة ‪ ..‬أو على‬
‫بهم يقولون ‪ :‬وقف حمار الشيخ‬ ‫القل أحسن من سيارته ‪..‬‬
‫في العقبة !!‬ ‫دعوت له بالتوفيق ‪..‬‬
‫لما رأوا هدوئي ‪ ..‬هدؤوا ‪ ..‬ثم‬ ‫ثم دخلت وألقيت‬
‫قام أحدهم وقال ‪ :‬يا جماعة ‪..‬‬ ‫المحاضرة ‪ ..‬وفي آخرها ‪..‬‬
‫خلوا الشيخ يوضح قصده ‪..‬‬ ‫ي السئلة ‪ ..‬وكان‬ ‫قرئت عل ّ‬
‫فسكتوا ‪ ..‬فشكرت له عمله ‪..‬‬ ‫من بينها سؤال عن غلء‬
‫ثم اعتذرت وأثنيت عليهم –‬ ‫المهور ‪..‬‬
‫وعلى بناتهم ‪ -‬ووضحت‬ ‫ففرحت به وقلت ‪ :‬جاءك يا‬
‫مرادي ‪..‬‬ ‫مهنا ما تتمنا !!‬
‫عند تعاملك مع الناس ‪ ..‬أنت‬ ‫وانطلقت أتكلم عن غلء‬
‫في الحقيقة تصنع شخصيتك ‪..‬‬ ‫المهور وتأثيره على الشباب‬
‫وتبني في عقولهم تصورات‬ ‫والفتيات ‪..‬‬
‫عنك ‪ ..‬يبنون على أساسها‬ ‫ثم ذكرت إن رسول الله ‪‬‬
‫أساليب تعاملهم معك ‪..‬‬ ‫ما زوج بناته بأكثر من‬
‫واحترامهم لك ‪..‬‬ ‫خمسمائة درهم ‪ ..‬ثم رفعت‬
‫تأكد أن الشجار الثابتة ل‬ ‫صوتي قائل ً ‪ :‬يعني بناتكم‬
‫تقتلعها الرياح ‪ ..‬مهما اشتدت ‪..‬‬ ‫أحسن من بنات النبي ‪ ‬؟!!‬
‫وإنما النصر صبر ساعة ‪..‬‬ ‫مسن من طرف‬ ‫فصرخ رجل ُ‬
‫كلما زاد عقلك ‪ ..‬قل جهلك ‪..‬‬ ‫الصف قائل ً ‪ :‬إيش فيهم‬
‫وإذا زاد قدرك ‪ ..‬قل غضبك ‪..‬‬ ‫بناتنا ؟‬
‫كالبحر ل يحركه أي شيء ‪ ..‬ويا‬ ‫فثار آخر وقال ‪ :‬يتكلم على‬
‫جبل ما تهزك ريح ‪!..‬‬ ‫بناتنا !!‬
‫بل إنك لو استثارك شخص ما ‪..‬‬ ‫ونهض الثالث جاثيا ً على‬
‫في مجلس ‪ ..‬أو بيت ‪ ..‬أو قناة‬ ‫ركبتيه وقال ‪ :‬أوووه تتكلم‬
‫فضائية ‪ ..‬أو محاضرة عامة ‪..‬‬ ‫على بناتنا ؟!!‬
‫فإنك إذا بقيت هادئا ً لم تغضب‬ ‫كنت في حال ل أحسد‬
‫ولم تثر ‪ ..‬مال الناس معك ضده‬ ‫عليه ‪ ..‬وكنت في أوائل‬
‫‪..‬‬ ‫طريق الدعوة ‪ ..‬وحديث‬
‫كان أبو سفيان بن حرب مقبل ً‬ ‫التخرج من الجامعة ‪..‬‬
‫‪169‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يحشرون " ‪.‬‬ ‫بقافلة تجارة من الشام ‪..‬‬
‫فخرجت قريش ‪ ..‬بحدها‬ ‫فخرج إليهم المسلمون‬
‫وحديدها ‪ ..‬وجدها وأحابيشها ‪..‬‬ ‫لقتالهم ‪..‬‬
‫وخرج معها من تابعها من بني‬ ‫ففر أبو سفيان بالقافلة ‪..‬‬
‫كنانة وأهل تهامة ‪ ..‬وخرجوا‬ ‫وأرسل إلى قريش فخرجت‬
‫معهم بالنساء لئل يفر الرجال‬ ‫بجيش عرمرم ‪..‬‬
‫من القتال ‪..‬‬ ‫ووقعت معركة بدر بين‬
‫فخرج أبو سفيان بزوجته هند‬ ‫المسلمين وقريش ‪..‬‬
‫بنت عتبة ‪..‬‬ ‫وانتصر المسلمون ‪..‬‬
‫وخرج عكرمة بن أبي جهل‬ ‫قتل من كفار قريش‬
‫بزوجته أم حكيم بنت الحارث ‪..‬‬ ‫سر منهم‬ ‫ُ‬
‫سبعون ‪ ..‬وأ ِ‬
‫وخرج الحارث بن هشام بفاطمة‬ ‫سبعون ‪..‬‬
‫بنت الوليد بن المغيرة ‪..‬‬ ‫رجع من تبقى من جيش‬
‫فأقبل الكفار ‪ ..‬حتى نزلوا على‬ ‫قريش ‪ ..‬وهم جرحى ‪..‬‬
‫شفير الوادي مقابل المدينة ‪..‬‬ ‫وجوعى ‪..‬‬
‫فلما سمع بهم رسول الله ‪.. r‬‬ ‫ثم وصل أبو سفيان بقافلته‬
‫استشار أصحابه ‪ ..‬ما رأيكم ‍‬
‫؟‬ ‫إلى مكة ‪..‬‬
‫نبقى في المدينة فإذا دخلوها‬ ‫فمشى عبد الله بن أبي‬
‫علينا ‪..‬‬ ‫ربيعة وعكرمة بن أبي جهل‬
‫فقال له ناس لم يكونوا شهدوا‬ ‫وصفوان ابن أمية ‪..‬‬
‫بدرا ً ‪ :‬نخرج يا رسول الله إليهم‬ ‫في رجال من قريش ممن‬
‫نقاتلهم بـ "أحد" ‪..‬‬ ‫أصيب آباؤهم وأبناؤهم‬
‫ورجوا أن يصيبهم من الفضيلة‬ ‫وإخوانهم يوم بدر ‪..‬‬
‫ما أصاب أهل بدر ‪..‬‬ ‫فكلموا أبا سفيان ومن‬
‫فما زالوا برسول الله ‪ r‬حتى‬ ‫كانت له في تلك العير من‬
‫لبس أداة الحرب ‪..‬‬ ‫قريش تجارة ‪..‬‬
‫ثم ندموا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬يا رسول‬ ‫فقالوا ‪ :‬يا معشر قريش ‪..‬‬
‫الله أقم ‪ ..‬فالرأي رأيك ‪..‬‬ ‫إن محمدا ً قد وتركم وقتل‬
‫فقال لهم ‪ :‬ما ينبغي لنبي أن‬ ‫خياركم ‪ ..‬فأعينونا بهذا‬
‫يضع أداته بعد ما لبسها حتى‬ ‫المال على حربه لعلنا ندرك‬
‫يحكم الله بينه وبين عدوه ‪..‬‬ ‫منه ثأرا ً ‪ ..‬ففعلوا ‪..‬‬
‫فلما نزل أبو سفيان‬ ‫وقد قال الله فيهم ‪ " :‬إن‬
‫والمشركون بأصل أحد فرح‬ ‫الذين كفروا ينفقون‬
‫المسلمون الذين لم يشهدوا‬ ‫أموالهم ليصدوا عن سبيل‬
‫بدرا ً بقدوم العدو عليهم ‪..‬‬ ‫الله فسينفقونها ثم تكون‬
‫وقالوا ‪ :‬قد ساق الله علينا‬ ‫عليهم حسرة ثم يغلبون‬
‫أمنيتنا ‪..‬‬ ‫والذين كفروا إلى جهنم‬
‫‪170‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫ثم قال النبي ‪ r‬لصحابه ‪:‬‬
‫لو كل كلب عوى ألقمته حجرا ً‬ ‫" من رجل يخرج بنا على‬
‫لصبح الصخر‬ ‫القوم من كثب ـ أي من‬
‫مثقال ً بدينار‬ ‫قريب ـ من طريق ل يمر بنا‬
‫والكلب تنبح ‪ ..‬والقافلة‬ ‫عليهم " ؟‬
‫تسييييير ‪..‬‬ ‫فقال رجل من بني حارثة‬
‫قناعة ‪..‬‬ ‫بن الحارث اسمه أبو خيثمة ‪:‬‬
‫الرياح ل تحرك الجبال ‪ ..‬لكنها‬ ‫أنا يا رسول الله ‪..‬‬
‫تلعب بالرمال ‪ ..‬وتشكلها كما‬ ‫فسلك به في أرض بني‬
‫تشاء ‪..‬‬ ‫حارثة وبين أموالهم‬
‫ومزارعهم ‪..‬‬
‫ل تلعنه ‪ ..‬إنه يشرب‬ ‫‪.50‬‬ ‫حتى سلك به في مال لرجل‬
‫ً‬
‫خمرا ‪!!..‬‬ ‫اسمه ‪ :‬مربع ابن قيظي ‪..‬‬
‫أكثر الناس الذين نخالطهم‬ ‫وكان رجل ً منافقا ً ضرير‬
‫مهما بلغ من السوء ‪ ..‬إل أنه ل‬ ‫البصر ‪..‬‬
‫يخلو من خير وإن كان قليل ً ‪..‬‬ ‫س رسول الله‬ ‫ح ّ‬‫فلما سمع ِ‬
‫فلو استطعنا أن نعثر على‬ ‫‪ .. r‬ومن معه من المسلمين‬
‫مفتاح الخير لكان حسنا ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫اشتهر عن بعض المجرمين ‪..‬‬ ‫قام يحثي في وجوههم‬
‫أنه كان يسطو على بيوت الناس‬ ‫التراب ‪ ..‬ويقول ‪ :‬إن كنت‬
‫ويسرق أموالهم ‪ ..‬لينفق بعضها‬ ‫رسول الله فإني ل أحل لك‬
‫على ضعفاء وأيتام !! أو يبني‬ ‫أن تدخل في حائطي ‪..‬‬
‫بها مساجد !!‬ ‫ثم أخذ الخبيث حفنة من‬
‫أو كالتي ترى أيتاما ً جوعى‬ ‫التراب في يده ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫فتزني لتحصل مال ً تسد به‬ ‫والله لو أعلم أني ل أصيب‬
‫جوعهم ‪..‬‬ ‫بها غيرك يا محمد لضربت‬
‫بنى مسجدا ً لله من غير حله **‬ ‫بها وجهك ‪..‬‬
‫فكان بحمد‬ ‫فابتدره القوم ‪..‬‬
‫الله غير موفق‬ ‫فقال النبي ‪: ‬‬
‫كمطعمة اليتام من كدّ عرضها !‬ ‫" ل تقتلوه ‪ ..‬فهذا‬
‫**‬ ‫العمى ‪ ..‬أعمى القلب ‪..‬‬
‫لك الويل ل‬ ‫أعمى البصر ‪" ..‬‬
‫تزني ول تتصدقي‬ ‫ومضى رسول الله ‪ .. r‬ولم‬
‫وكم من حامل سكين ليطعن بها‬ ‫يلتفت إلى ذلك المنافق ‪..‬‬
‫‪ ..‬فاستعطفه طفل أو امرأة‬
‫فرق قلبه ‪ ..‬وألقى سكينه‬
‫عنه ‪..‬‬
‫‪171‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إذا لم يكن ما تريد‬ ‫‪.51‬‬ ‫إذن عامل الناس جميعا ً بما‬
‫فأرد ما يكون ‪!!..‬‬ ‫تعلم فيهم من خير ‪ ..‬قبل‬
‫ملزما فاستمتع ‪ ..‬هكــذا‬ ‫ما دمت ُ‬ ‫أن تسيء الظن بهم ‪..‬‬
‫كنت أقول لشاب أصــيب بمــرض‬ ‫محمد ‪ .. ‬بلغ من خلقه أنه‬
‫الســكر ‪ ..‬فكــان يشــرب الشــاي‬ ‫كان يلتمس المعاذير‬
‫مـــن غيـــر ســـكر ‪ ..‬ويتأســـف‬ ‫للمخطئين ‪ ..‬ويحسن الظن‬
‫لحاله ‪..‬‬ ‫بالمذنبين ‪ ..‬وكان إذا قابل‬
‫كنت أقول لــه ‪ :‬هــل إذا تأســفت‬ ‫عاصيا ً ينظر فيه إلى جوانب‬
‫وحزنــت أثنــاء شــربك الشــاي ‪..‬‬ ‫اليمان قبل جوانب الشهوة‬
‫هل تنقلب المرارة حلوة ‪..‬‬ ‫والعصيان ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫ما كان يسيء الظن بأحد ‪..‬‬
‫قلــــت ‪ :‬مــــا دمــــت ملزمــــا ً ‪..‬‬ ‫يعاملهم كأنهم أولده‬
‫فاستمتع ‪..‬‬ ‫وإخوانه ‪ ..‬يحب لهم الخير‬
‫ً‬
‫أعني لن تأتي الدنيا دائما على‬ ‫كما يحبه لنفسه ‪..‬‬
‫ما نحب ‪..‬‬ ‫كان رجل في عهد النبي ‪‬‬
‫وهذا يقع في حياتنا كثيرا ً ‪..‬‬ ‫قد ابتلي بشرب الخمر ‪..‬‬
‫سيارتك قديمة ‪ ..‬مكيف ل‬ ‫ي به يوما ً إلى رسول‬ ‫ُ‬
‫فأت َ‬
‫يشتغل ‪ ..‬مراتب ممزقة ‪ ..‬ول‬ ‫جلد ‪..‬‬‫الله ‪ ‬فأمر به ف ُ‬
‫تستطيع حاليا ً تغييرها ‪ ..‬ما‬ ‫ثم مرت أيام ‪ ..‬فشرب خمرا ً‬
‫الحل ؟‬ ‫‪ ..‬فجيء به أخرى فجلد ‪..‬‬
‫تقدمت للدراسة بالجامعة ‪..‬‬ ‫ومرت أيام ‪ ..‬ثم جيء به قد‬
‫فقبلت في كلية ل ترغب في‬ ‫شرب خمرا ً ‪ ..‬فجلد ‪..‬‬
‫الدراسة فيها ‪ ..‬حاولت تعديل‬ ‫فلما ولى خارجا ً ‪ ..‬قال رجل‬
‫الحال فلم تستطع ‪ ..‬فاضطررت‬ ‫من الصحابة ‪:‬‬
‫لمواصلة الدراسة ‪ ..‬وأكملت‬ ‫لعنه الله ‪ ..‬ما أكثر ما يؤتى‬
‫سنتين وثلث ‪ ..‬فما الحل ؟‬ ‫به !!‬
‫تقدمت لوظيفة فلم تقبل ‪..‬‬ ‫فالتفت إليه ‪ .. ‬وقد تغير‬
‫وقبلت في أخرى ‪ ..‬وبدأت‬ ‫وجهه فقال له ‪ :‬ل تلعنه ‪..‬‬
‫دوامك فيها ‪ ..‬فما الحل؟‬ ‫فوالله ما علمت أنه يحب‬
‫خطبت فتاتا ً فرفضت ‪..‬‬ ‫)‪(65‬‬
‫الله ورسوله ‪..‬‬
‫وتزوجت آخر ‪ ..‬ما الحل ؟‬
‫كثير من الناس يجعل الحل هو‬ ‫فن ‪..‬‬
‫الكتئاب الدائم ‪ ..‬والتأفف من‬ ‫قبل أن تبدأ في نزع شجرة‬
‫واقعه ‪ ..‬وكثرة التشكي إلى من‬ ‫الشر في الخرين ‪ ..‬ابحث‬
‫عرف ومن لم يعرف ! وهذا ل‬ ‫عن شجرة الخير واسقها ‪..‬‬
‫يرد إليه رزقا ً فاته ‪ ..‬ول يعجل‬
‫برزق لم يكتب له ‪..‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪65‬‬

‫‪172‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عندهم من طعام ‪..‬‬ ‫إذن ما الحل ؟‬
‫وفرش رداءه ‪ ..‬وصار الرجل‬ ‫العاقل فهو الذي يتكيف مع‬
‫يأتي بالتمرة ‪ ..‬والتمرتين ‪..‬‬ ‫واقعه كيفما كان ‪ ..‬مادام ل‬
‫وكسرة الخبز ‪ ..‬وكلها تجتمع‬ ‫يستطيع التغيير إلى الحسن‬
‫فوق هذا الرداء ‪ ..‬ثم أكلوا ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وهم مستمتعون ‪..‬‬ ‫أحد أصدقائي كان يشرف‬
‫على بناء مسجد ‪..‬‬
‫لمحة ‪..‬‬ ‫فضاقت بهم النفقة ‪..‬‬
‫مـــا كـــل مـــا يتمنـــى المـــرء‬ ‫فتوجهوا إلى أحد التجار‬
‫يدركه ‪..‬‬ ‫للستعانة به في إكمال‬
‫تجري الرياح‬ ‫البناء ‪..‬‬
‫بما ل تشتهي السفن‬ ‫فتح لهم الباب ‪ ..‬جلس‬
‫معهم قليل ً ‪ ..‬وأعطاهم ما‬
‫نختلف ونحن إخوان !‬ ‫‪.52‬‬ ‫تيسر ‪ ..‬ثم أخرج دواء من‬
‫ذكــر أن الشــافعي رحمــه اللــه‬ ‫ُ‬ ‫جيبه وجعل يتناوله ‪..‬‬
‫تناظر يوما ً مع أحد العلماء حــول‬ ‫قال له أحدهم ‪ :‬سلمات ‪..‬‬
‫مسألة فقهية عويصة ‪..‬‬ ‫عسى ما شر !!‬
‫فاختلفا ‪ ..‬وطال الحوار ‪ ..‬حتى‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬هذه حبوب منومة‬
‫علت أصواتهما ‪..‬‬ ‫‪ ..‬منذ عشر سنين ل أنام إل‬
‫ولم يستطع أحدهما أن يقنع‬ ‫بها ‪..‬‬
‫صاحبه ‪..‬‬ ‫دعوا له ‪ ..‬وخرجوا ‪..‬‬
‫وكأن الرجل تغير وغضب ‪..‬‬ ‫فمروا على حفريات وأعمال‬
‫ووجد في نفسه ‪..‬‬ ‫طرق عند مخرج المدينة ‪..‬‬
‫فلما انتهى المجلس وتوجها‬ ‫وقد وضع عندها أنوار تعمل‬
‫للخروج ‪ ..‬التفت الشافعي إلى‬ ‫بمولد كهربائي قد مل الدنيا‬
‫صاحبه ‪ ..‬وأخذ بيده وقال ‪:‬‬ ‫ضجيجا ً ‪..‬‬
‫أل يصح أن نختلف ونبقى إخوانا ً‬ ‫ليس هذا هو الغريب ‪..‬‬
‫‪!..‬‬ ‫الغريب أن حارس المولد هو‬
‫وجلس بعض علماء الحديث‬ ‫عامل فقير قد افترش‬
‫يوما ً ‪ ..‬عند الخليفة ‪..‬‬ ‫قصاصات جرائد ‪ ..‬ونااااام ‪..‬‬
‫فتكلم رجل في المجلس بحديث‬ ‫نعم ‪ ..‬عش حياتك ‪ ..‬ل وقت‬
‫‪..‬‬ ‫م ‪ ..‬تعامل مع‬ ‫فيها ِلله ّ‬
‫فاستغرب العالم منه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫المعطيات التي بين يديك ‪..‬‬
‫ما هذا الحديث !! من أين جئت‬ ‫خرج ‪ ‬مع أصحابه في‬
‫به ؟ تكذب على رسول الله ‪ ‬؟‬ ‫ل طعامهم ‪..‬‬ ‫غزوة فق ّ‬
‫فقال الرجل ‪ :‬بل هذا حديث ‪..‬‬ ‫وتعبوا ‪..‬‬
‫ثابت ‪..‬‬ ‫فأمرهم ‪ ..‬أن يجمعوا ما‬
‫‪173‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫***‬ ‫قال العالم ‪ :‬ل ‪ ..‬هذا حديث‬
‫لعلمت‬ ‫لم نسمع به ‪ ..‬ولم‬
‫أنك في العبادة تلعب‬ ‫نحفظه ‪..‬‬
‫من كان يخضب خده بدموعه ***‬ ‫وكان في المجلس وزير‬
‫فنحورنا‬ ‫عاقل ‪..‬‬
‫بدمائنا تتخضب‬ ‫فالتفت إلى العالم وقال‬
‫أو كان يتعب خيله في باطل ***‬ ‫بهدوء ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬هل‬
‫فخيولنا يوم‬ ‫حفظت جمييييع أحاديث‬
‫الصبيحة تتعب‬ ‫النبي ‪.. ‬؟‬
‫ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ***‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫رهج السنابك‬ ‫قال ‪ :‬فهل حفظت نصفها ؟‬
‫والغبار الطيب‬ ‫قال ‪ :‬ربما ‪..‬‬
‫ولقد أتانا من مقال نبينا ***‬ ‫فقال ‪ :‬فاعتبر هذا الحديث‬
‫قول صحيح‬ ‫من النصف الذي لم‬
‫صادق ل يكذب‬ ‫تحفظه ‪..‬‬
‫ل يستوي وغبار خيل الله في‬ ‫وانتهت المشكلة ‪..‬‬
‫***‬ ‫كان الفضيل بن عياض وعبد‬
‫أنف امريء‬ ‫الله بن المبارك صاحبين ل‬
‫ودخان نار تلهب‬ ‫يفترقان ‪..‬‬
‫هذا كتاب الله ينطق بيننا ***‬ ‫وكانا عالمين زاهدين ‪..‬‬
‫ليس الشهيد‬ ‫ن لعبد الله بن المبارك‬ ‫ع ّ‬
‫بميت ل يكذب‬ ‫فخرج للقتال والرباط في‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫الثغور ‪..‬‬
‫إن من عباد من فتح الله في‬ ‫وبقي الفضيل بن عياض‬
‫الصيام ‪ ..‬فيصوم ما ل يصومه‬ ‫في الحرم يصلي ويتعبد ‪..‬‬
‫غيره ‪ ..‬ومنهم من فتح له في‬ ‫وفي يوم رق فيه القلب ‪..‬‬
‫قراءة القرآن ‪ ..‬ومنهم من فتح‬ ‫وأسبلت الدمعة ‪..‬‬
‫له في طلب العلم ‪ ..‬ومنهم من‬ ‫كتب الفضيل إلى ابن‬
‫فتح في الجهاد ‪ ..‬ومنهم من‬ ‫المبارك كتابا ً يدعوه فيه إلى‬
‫فتح له في قيام الليل ‪..‬‬ ‫المجيء والتعبد في الحرم ‪..‬‬
‫وليس ما أنت عليه بأفضل مما‬ ‫والشتغال بالذكر وقراءة‬
‫أنا عليه ‪..‬‬ ‫القرآن ‪..‬‬
‫وما أنا عليه ‪ ..‬ليس بأفضل مما‬ ‫فلما قرأ ابن المبارك الكتاب‬
‫أنت عليه ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وكلنا على خير ‪..‬‬ ‫أخذ رقعة وكتب إلى الفضيل‬
‫وهكذا كان منهج الصحابة ‪..‬‬ ‫‪:‬‬
‫اجتمع الكفار وتألبوا لحرب‬ ‫يا عابد الحرمين لو أبصرتنا‬
‫‪174‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫المسلمين في المدينة ‪..‬‬
‫قال جبريل ‪ :‬ما وضعت الملئكة‬ ‫وجاؤوا في جيش لم تشهد‬
‫السلح بعد ‪ ..‬وما رجعت الن إل‬ ‫العرب مثله كثرة وعتادا ً ‪..‬‬
‫من طلب القوم ‪ ..‬طلبناهم‬ ‫فحفر المسلمون خندقا ً لم‬
‫حتى بلغنا حمراء السد ‪..‬‬ ‫يستطع الكفار أن يتجاوزوه‬
‫إن الله يأمرك بالمسير إلى بني‬ ‫لدخول المدينة ‪..‬‬
‫قريظة ‪ ..‬فإني عامد إليهم‬ ‫فعسكر الكفار وراء‬
‫فمزلزل بهم ‪..‬‬ ‫الخندق ‪..‬‬
‫فأمر رسول الله ‪ r‬مؤذنا ً فأذن‬ ‫وكان في المدينة قبيلة بني‬
‫في الناس ‪:‬‬ ‫قريظة ‪ ..‬وهم يهود‬
‫" من كان سامعا ً مطيعا ً ‪ ..‬فل‬ ‫يتربصون بالمؤمنين ‪..‬‬
‫يصلين العصر إل في بني‬ ‫فأقبلوا إلى الكفار يمدونهم‬
‫قريظة " ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ويعيثون في المدينة‬
‫فتسابق الناس إلى سلحهم ‪..‬‬ ‫فسادا ً ونهبا ً ‪..‬‬
‫وسمعوا وأطاعوا ‪ ..‬ومضوا إلى‬ ‫وقد انشغل المسلمون عنهم‬
‫ديار بني قريظة ‪..‬‬ ‫بالرباط عند الخندق ‪..‬‬
‫فدخل عليهم وقت العصر وهم‬ ‫ومضت اليام عصيبة ‪ ..‬حتى‬
‫في الطريق ‪..‬‬ ‫أرسل الله على الكفار ريحا ً‬
‫فقال بعضهم ل نصلي العصر إل‬ ‫وجنودا ً ‪ ..‬من عنده فتمزق‬
‫في بني قريظة ‪..‬‬ ‫جيشهم ‪ ..‬وانقلبوا خائبين ‪..‬‬
‫وقال بعضهم ‪ :‬بل نصلي لم يرد‬ ‫يجرون أذيال هزيمتهم في‬
‫منا ذلك ‪ ..‬يعني إنما أراد‬ ‫ظلمة الليل ‪..‬‬
‫السراع إليهم ‪..‬‬ ‫فلما أصبح رسول الله ‪.. r‬‬
‫فصلوا العصر وأكملوا‬ ‫انصرف عن الخندق راجعا ً‬
‫مسيرهم ‪..‬‬ ‫إلى المدينة ‪..‬‬
‫وأخرها الخرون ‪ ..‬حتى وصلوا‬ ‫ووضع المسلمون السلح ‪..‬‬
‫بني قريظة ‪ ..‬فصلوها ‪..‬‬ ‫ورجعوا إلى بيوتهم ‪..‬‬
‫فذكر ذلك للنبي ‪ r‬فلم يعنف‬ ‫ودخل رسول الله ‪ r‬بيته ‪..‬‬
‫واحدا ً من الفريقين ‪..‬‬ ‫ووضع السلح واغتسل ‪..‬‬
‫فحاصرهم النبي ‪ .. r‬حتى نصره‬ ‫فلما كانت الظهر ‪ ..‬جاءه‬
‫الله عليهم ‪..‬‬ ‫جبريل ‪..‬‬
‫فنادى رسول الله ‪ .. r‬من‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫خارج البيت ‪..‬‬
‫ليست الغاية أن نتفق ‪ ..‬لكن‬ ‫فقام رسول الله ‪ r‬فزعا ً ‪..‬‬
‫الغاية أن ل نختلف ‪..‬‬ ‫فقال له جبريل عليه السلم‬
‫‪ :‬أوقد وضعت السلح يا‬
‫الرفق ‪ ..‬إل زانه ‪..‬‬ ‫‪.53‬‬ ‫رسول الله ؟‬
‫‪175‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أسلوب الكلم برفق ‪..‬‬ ‫يتكرر على ألسنتنا كثيرا ً‬
‫وفي الحديث ‪ :‬إذا أراد الله بأهل‬ ‫عندما نعجب بشخص ما ‪ ..‬أن‬
‫بيت خيرا ً أدخل عليهم الرفق ‪..‬‬ ‫نصفه قائلين ‪:‬‬
‫وإذا أراد الله بأهل بيت شرا ً ‪..‬‬ ‫فلن رزين ‪ ..‬فلن ثقيل ‪..‬‬
‫)‪(67‬‬
‫نزع منهم الرفق ‪..‬‬ ‫فلن راكد ‪..‬‬
‫وفيه ‪ :‬إن الله رفيق يحب الرفق‬ ‫وإذا أردنا مذمة شخص قلنا ‪:‬‬
‫‪ ..‬ويعطي على الرفق ما ل‬ ‫فلن عجول ‪ ..‬فلن‬
‫يعطي على العنف ‪ ..‬وما ل‬ ‫خفّيف ‪..‬‬
‫)‪(68‬‬
‫يعطي على ما سواه ‪..‬‬ ‫أما رسول الله ‪ ‬فيقول ‪:‬‬
‫الرفيق ‪ ..‬الهين اللين ‪ ..‬محبوب‬ ‫ما كان الرفق في شيء إل‬
‫عند الناس ‪ ..‬تطمئن إليه‬ ‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬
‫النفوس ‪ ..‬وتثق فيه ‪..‬‬ ‫)‪(66‬‬
‫شانه ‪..‬‬
‫خاصة إذا صاحب ذلك وزن‬ ‫هل تستطيع تحريك طن‬
‫للكلم ‪ ..‬وقدرة على التعامل‬ ‫الحديد بأصبع ؟‬
‫الرائع ‪..‬‬ ‫نعم ‪ :‬إذا أحضرت رافعة ‪..‬‬
‫من أشهر طلب علماء الحنفية‬ ‫ثم ربطته برفق ‪ ..‬وأحكمت‬
‫المام أبو يوسف القاضي ‪..‬‬ ‫ربطه ‪..‬‬
‫هو أشهر طلب أبي حنيفة ‪..‬‬ ‫ثم رفعته ‪ ..‬فإذا تعلق في‬
‫كان أبو يوسف في صغره فقيرا ً‬ ‫الهواء ‪ ..‬حركه بأصغر‬
‫‪ ..‬وكان أبوه يمنعه من حضور‬ ‫أصابعك ‪..‬‬
‫درس أبي حنيفة ‪ ..‬ويأمره‬ ‫اتفق صديقان على أن‬
‫بالذهاب للسوق لتكسب ‪..‬‬ ‫يتقدما لرجل لخطبة ابنتيه ‪..‬‬
‫كان أبو حنيفة حريصا ً عليه ‪..‬‬ ‫كانت إحداهما أكبر من‬
‫وإذا غاب عاتبه ‪..‬‬ ‫الخرى ‪..‬‬
‫فاشتكى أبو يوسف يوما ً إلى‬ ‫قال أحدهما للخر ‪ :‬أنا آخذ‬
‫أبي حنيفة حاله مع والده ‪..‬‬ ‫الصغيرة ‪ ..‬وأنت تأخذ‬
‫فاستدعى أبو حنيفة والد أبي‬ ‫الكبيرة ‪..‬‬
‫يوسف وسأله ‪ :‬كم يكسب الولد‬ ‫فصاح صاحبه ‪ :‬لاااا ‪ ..‬بل‬
‫كل يوم ؟‬ ‫أنت خذ الكبيرة ‪ ..‬وأنا آخذ‬
‫قال ‪ :‬درهمان ‪..‬‬ ‫الصغيرة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أنا أعطيك الدرهمين ‪..‬‬ ‫فقال الول ‪ :‬طيب ‪ ..‬أنت‬
‫ودعه يطلب العلم ‪..‬‬ ‫تأخذ الصغيرة ‪ ..‬وأنا آخذ‬
‫فلزم أبو يوسف شيخه سنين ‪..‬‬ ‫التي أصغر منها ‪..‬‬
‫فلما بلغ أبو يوسف سن الشباب‬ ‫قال ‪ :‬موافق ‪!!..‬‬
‫‪ ..‬ونبغ على أقرانه ‪ ..‬أصابه‬ ‫ولم يدرك أن صاحبه ما غير‬
‫قراره ‪ ..‬سوى أنه غير‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪67‬‬

‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪68‬‬


‫) (‬ ‫‪66‬‬

‫‪176‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫مرض أقعده ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فلم لم يأت إلى درسنا ؟!‬ ‫فزاره أبو حنيفة ‪ ..‬وكان‬
‫قالوا ‪ :‬حدثوه بما قلت ‪ ..‬فجلس‬ ‫المرض شديدا ً متمكنا ً منه ‪..‬‬
‫يدرس الناس واستغنى عنك ‪..‬‬ ‫فلما رآه أبو حنيفة حزن ‪..‬‬
‫ففكر أبو حنيفة كيف يتعامل مع‬ ‫وخاف عليه الهلك ‪..‬‬
‫الموقف برفق ‪ ..‬وجعل يفكر ثم‬ ‫وخرج وهو يكلم نفسه‬
‫قال ‪:‬‬ ‫قائل ً ‪ :‬آآآه يا أبا يوسف ‪..‬‬
‫شر له‬‫يأبى أبو يوسف إل أن نق ّ‬ ‫لقد كنت أرجوك للناس من‬
‫العصا!!‬ ‫بعدي !!‬
‫ثم التفت إلى أحد طلبه‬ ‫ومضى أبو حنيفة يجر خطاه‬
‫الجالسين وقال ‪:‬‬ ‫حزينا ً إلى حلقته وطلبه ‪..‬‬
‫يا فلن ‪ ..‬اذهب إلى الشيخ‬ ‫ومضت يومان ‪ ..‬فشفي أبو‬
‫الجالس هناك ‪ ..‬يعني أبا يوسف‬ ‫يوسف ‪ ..‬واغتسل ولبس‬
‫‪ ..‬فقل له ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬عندي‬ ‫ثيابه ليذهب لدرس شيخه ‪..‬‬
‫مسألة ‪..‬‬ ‫فسأله من حوله ‪ :‬إلى أين‬
‫فسيفرح بك ويسألك عن‬ ‫تذهب ؟‬
‫مسألتك ‪ ..‬فما جلس إل‬ ‫قال ‪ :‬إلى درس الشيخ ‪..‬‬
‫ليسأل !!‬ ‫قالوا ‪ :‬إلى الن تطلب العلم‬
‫فقل له ‪ :‬رجل دفع ثوبا ً له إلى‬ ‫؟ أنت قد اكتفيت ‪ ..‬أما بلغك‬
‫خياط ليقصره ‪ ..‬فلما جاءه بعد‬ ‫ما قال فيك الشيخ ؟‬
‫أيام يريد ثوبه جحده الخياط ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬وما قال ؟!‬
‫وأنكر أنه أخذ منه ثوبا ً ‪ ..‬فذهب‬ ‫قالوا ‪ :‬قد قال ‪ :‬كنت‬
‫الرجل إلى الشرطة فاشتكاه‬ ‫أرجوك للناس من بعدي ‪..‬‬
‫فأقبلوا واستخرجوا الثوب من‬ ‫أي أنك قد حصلت كل علم‬
‫الدكان ‪..‬‬ ‫أبي حنيفة ‪ ..‬فلو مات‬
‫والسؤال ‪ :‬هل يستحق الخياط‬ ‫الشيخ اليوم جلست مكانه ‪..‬‬
‫أجرة تقصير الثوب أم ل يستحق‬ ‫فأعجب أبو يوسف بنفسه ‪..‬‬
‫؟‬ ‫ومضى إلى المسجد ورأى‬
‫فإن أجابك وقال ‪ :‬يستحق ‪..‬‬ ‫حلقة أبي حنيفة في‬
‫فقل له ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬ ‫ناحية ‪ ..‬فجلس في الناحية‬
‫وإن قال ‪ :‬ل يستحق ‪ ..‬فقل‬ ‫الخرى ‪ ..‬وبدأ يدرس ويفتي‬
‫له ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فرح الطالب بهذه المسألة‬ ‫التفت أبو حنيفة إلى الحلقة‬
‫المشكلة ‪ ..‬ومضى على أبي‬ ‫الجديدة ‪ ..‬فسأل ‪ :‬حلقة من‬
‫يوسف وقال ‪ :‬يا شيخ ‪..‬‬ ‫هذه ؟‬
‫مسألة ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬هذا أبو يوسف ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ما مسألتك ؟‬ ‫شفي من مرضه ؟!‬ ‫قال ‪ُ :‬‬
‫‪177‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كامل ً ‪ ..‬ثم بدا له أن يجحد الثوب‬ ‫قال ‪ :‬رجل دفع ثوبا ً إلى‬
‫‪ ..‬فيكون قام بالعمل لجل‬ ‫خياط ‪..‬‬
‫الرجل ‪ ..‬فيستحق عليه‬ ‫فأجاب أبو يوسف على‬
‫الجرة ‪..‬‬ ‫الفور قائل ً ‪ :‬نعم يستحق‬
‫وإن كان قصره على مقاس‬ ‫الجرة ‪ ..‬ما دام أتم العمل ‪..‬‬
‫نفسه ‪ ..‬فمعنى ذلك أنه قام‬ ‫ت ‪..‬‬‫فقال السائل ‪ :‬أخطأ َ‬
‫بالعمل لجل نفسه ‪ ..‬فل‬ ‫فعجب أبو يوسف ‪ ..‬وتأمل‬
‫يستحق على ذلك أجرة ‪..‬‬ ‫في المسألة أكثر ‪ ..‬ثم‬
‫فقبل أبو يوسف رأس أبي‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ل يستحق‬
‫حنيفة ‪ ..‬ولزمه حتى مات أبو‬ ‫الجرة ‪..‬‬
‫حنيفة ‪ ..‬ثم قعد أبو يوسف‬ ‫فقال السائل ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬
‫للناس من بعده ‪..‬‬ ‫فنظر أبو يوسف إليه ‪ ..‬ثم‬
‫فلو استعمل الزوجان الرفق مع‬ ‫سأله ‪ :‬بالله من أرسلك ‪..‬‬
‫بعضهما ‪..‬‬ ‫فأشار إلى أبي حنيفة ‪..‬‬
‫وكذلك البوان ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬أرسلني الشيخ ‪..‬‬
‫والمدراء ‪ ..‬والمدرسون ‪..‬‬ ‫فقام أبو يوسف من مجلسه‬
‫نستعمل الرفق دائما ً ‪ ..‬في‬ ‫‪ ..‬ومضى حتى وقف على‬
‫سواقة السيارة ‪ ..‬في‬ ‫حلقة أبي حنيفة وقال ‪ :‬يا‬
‫التدريس ‪ ..‬في البيع والشراء ‪..‬‬ ‫شيخ ‪ ..‬مسألة ‪..‬‬
‫وإن كان المرء قد يحتاج الشدة‬ ‫فلم يلتفت أبو حنيفة إليه ‪..‬‬
‫أحيانا ً ‪ ..‬حتى في النصح ‪ ..‬وهذا‬ ‫فأقبل أبو يوسف حتى جثى‬
‫هو الحكمة في النصيحة ‪ ..‬وهي‬ ‫على ركبتيه بين يدي‬
‫وضع المور في مواضعها ‪..‬‬ ‫الشيخ ‪ ..‬وقال بكل أدب ‪ :‬يا‬
‫وقد كان غضبه ‪ r‬دائما ً – إن‬ ‫شيخ ‪ ..‬مسألة ‪..‬‬
‫غضب – في المور الدينية ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ما مسألتك ؟‬
‫فما غضب رسول الله ‪ ‬لنفسه‬ ‫قال ‪ :‬تعرفها ‪..‬‬
‫قط ‪ ..‬إل أن تنتهك حرمة من‬ ‫قال ‪ :‬مسألة الخياط والثوب‬
‫محارم الله ‪..‬‬ ‫؟‬
‫قابل عمر بن الخطاب ‪ ‬يوما ً‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫رجل ً من اليهود ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬اذهب وأجب ‪.‬ز ألست‬
‫فأطلعه على كلم في التوراة ‪..‬‬ ‫شيخا ً ‪..‬‬
‫فأعجبه ‪ ..‬فأمره فنسخه له ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬الشيخ أنت ‪..‬‬
‫ثم جاء عمر بهذه الصحيفة من‬ ‫فقال ابو حنيفة ‪ :‬ننظر في‬
‫التوراة إلى رسول الله ‪.. ‬‬ ‫مقدار تقصير الخياط‬
‫فقرأها عليه ‪..‬‬ ‫للثوب ‪ ..‬فإن كان قصره‬
‫فلحظ النبي ‪ ‬أن عمر معجب‬ ‫على مقاس الرجل ‪..‬‬
‫بما معه ‪ ..‬وأن التلقي عن‬ ‫فمعنى ذلك أنه قام بالعمل‬
‫‪178‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫على أمر عظيم ‪..‬‬ ‫فتح‬ ‫الديانات السابقة ‪ ..‬إن ُ‬
‫فبينما هم في ذلك ‪ ..‬إذ طلع‬ ‫المجال له ‪ ..‬اختلط ذلك‬
‫رسول الله ‪ .. ‬فأقبل يمشي‬ ‫بالقرآن ‪ ..‬والتبس المر‬
‫حتى استلم الركن ‪..‬‬ ‫على الناس ‪..‬‬
‫ثم مر بهم طائفا ً بالبيت ‪..‬‬ ‫وكيف يفعل عمر ذلك ‪..‬‬
‫فغمزوه ببعض القول ‪..‬‬ ‫وينسخ ‪ ..‬ويكتب ‪ ..‬دون‬
‫فتغير وجه رسول الله ‪.. ‬‬ ‫استئذان النبي ‪!! ‬‬
‫فرفق بهم ‪ ..‬وسكت عنهم ‪..‬‬ ‫فغضب ‪ .. ‬وقال ‪:‬‬
‫ومضى ‪..‬‬ ‫أمتهوكون فيها يا ابن‬
‫فلما مر بهم الثانية ‪ ..‬غمزوه‬ ‫كون في‬ ‫الخطاب ؟! أي شا ّ‬
‫بمثلها ‪..‬‬ ‫شريعتي ‪..‬‬
‫فتغير وجهه أيضا ً ‪ ..‬فسكت‬ ‫والذي نفسي بيده لقد‬
‫عنهم ‪ ..‬ومضى في طوافه ‪..‬‬ ‫جئتكم بها بيضاء نقية ‪ ..‬ل‬
‫فمر بهم الثالثة ‪ ..‬فغمزوه‬ ‫تسألوهم عن شيء ‪..‬‬
‫بمثلها ‪..‬‬ ‫فيخبروكم بحق فتكذبوا به ‪..‬‬
‫فرأى أن الرفق ل يصلح مع‬ ‫أو بباطل فتصدقوا به ‪..‬‬
‫أمثال هؤلء ‪ ..‬فوقف عليهم‬ ‫والذي نفسي بيده لو أن‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫موسى حيا ً ما وسعه إل أن‬
‫أتسمعون يا معشر قريش !! أما‬ ‫يتبعني ‪.. (69) ..‬‬
‫والذي نفسي بيده لقد جئتكم‬ ‫والله يا معشر قريش لقد‬
‫بالذبح ‪ ..‬ووقف أمامهم ‪..‬‬ ‫جئتكم بالذبح ‪..‬‬
‫فلما سمع القوم هذا التهديد ‪..‬‬ ‫في أوائل بعثة النبي ‪.. ‬‬
‫الذبح ‪ ..‬وهو الصادق المين ‪..‬‬ ‫كان ‪ ‬يأتي عند الكعبة‬
‫انتفضوا ‪ ..‬حتى ما منهم من‬ ‫وقريش في مجالسهم ‪..‬‬
‫رجل إل وكأنما على رأسه طائر‬ ‫ويصلي ‪ ..‬ول يلتفت إليهم ‪..‬‬
‫وقع ‪ ..‬حتى أن أشدهم عليه‬ ‫وكانوا يؤذونه بأنواع الذى ‪..‬‬
‫ليتلطف معه ‪ ..‬وصاروا‬ ‫وهو صابر ‪..‬‬
‫يقولون ‪ :‬انصرف أبا القاسم‬ ‫وفي يوم ‪..‬‬
‫راشدا ‪ ..‬فما كنت جهول ً ‪..‬‬ ‫اجتمع أشرافهم في‬
‫فانصرف رسول الله ‪ ‬عنهم ‪..‬‬ ‫الحجر ‪ ..‬فذكروا رسول الله‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫‪ ‬فقالوا ‪:‬‬
‫إذا قيل ‪ :‬حلم ‪ ،‬قل ‪ :‬فللحلم‬ ‫ما رأينا مثل ما صبرنا عليه‬
‫موضع **‬ ‫ه‬ ‫من هذا الرجل قط ‪ ..‬س ّ‬
‫ف َ‬
‫وحلم الفتى‬ ‫أحلمنا ‪ ..‬وشتم آباءنا ‪..‬‬
‫في غير موضعه جهل‬ ‫وعاب ديننا ‪ ..‬وفرق جماعتنا‬
‫وإن كان المتتبع لسيرة النبي ‪r‬‬ ‫‪ ..‬وسب آلهتنا ‪ ..‬وصرنا منه‬
‫يجد أنه كان يغلب الرفق دائما ً ‪..‬‬ ‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى والبزار‬ ‫‪69‬‬

‫‪179‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع‬ ‫انتبه !! ليس الضعف والجبن‬
‫بعيرا ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وإنما الرفق ‪..‬‬
‫فركبته و أخذ قوسه و كنانته ‪..‬‬ ‫ومن مواقف الرفق ‪:‬‬
‫ثم خرج بها نهارا ً يقود بها و‬ ‫أنه بعد وقعة بدر بشهر ‪..‬‬
‫هي في هودج لها ‪..‬‬ ‫أراد أبو العاص زوج زينب‬
‫فرآها الناس ‪ ..‬و تحدث بذلك‬ ‫بنت النبي ‪ ‬أن يرسلها إلى‬
‫رجال من قريش ‪ ..‬كيف تخرج‬ ‫المدينة عند أبيها ‪..‬‬
‫إليه ابنته وقد فعل بنا ما فعل‬ ‫فبعث رسول الله ‪ r‬زيد بن‬
‫في بدر ‪..‬‬ ‫حارثة ‪ ..‬ورجل ً من النصار ‪..‬‬
‫فخرجوا في طلبها حتى‬ ‫فقال ‪:‬كونا ببطن يأجح حتى‬
‫أدركوها بذي طوى ‪..‬‬ ‫تمر بكما زينب فتصحباها‬
‫وكان أول من سبق إليها هبار‬ ‫فتأتياني بها ‪..‬‬
‫بن السود ‪ ..‬فروعها بالرمح و‬ ‫فخرجا مكانهما ‪..‬‬
‫هي في الهودج ‪..‬‬ ‫فأمرها أبو العاص بالتجهز ‪..‬‬
‫فقيل ‪ :‬إنها كانت حامل ً ففزعت‬ ‫فبدأت في جمع متاعها ‪..‬‬
‫‪ ..‬وطرحت ولدها ‪..‬‬ ‫فبينا هي تتجهز ‪ ..‬لقيتها‬
‫وأقبل الكفار يتسابقون إليها ‪..‬‬ ‫هند بنت عتبة ‪ ..‬زوجة أبي‬
‫وعهم السلح ‪..‬‬ ‫سفيان ‪..‬‬
‫وهي ليس معها إل أخو زوجها‬ ‫فقالت ‪ :‬يا ابنة محمد ‪ ..‬ألم‬
‫كنانة ‪..‬‬ ‫يبلغني أنك تريدين اللحوق‬
‫فلما رأى ذلك ‪..‬‬ ‫بأبيك ؟‬
‫وبرك على الرض ‪ ..‬ثم نثر‬ ‫قالت ‪ :‬ما أردت ذلك ‪..‬‬
‫كنانته وصف رماحه بين يديه ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬أي ابنة عم ‪ ..‬أن‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫أردت أن تفعلي ‪..‬‬
‫و الله ل يدنو مني رجل إل‬ ‫فإن كان لك حاجة بمتاع مما‬
‫وضعت فيه سهما ‪ ..‬وكان‬ ‫يرفق بك في سفرك ‪ ..‬أو‬
‫راميا ً ‪ ..‬فتكركر الناس عنه‬ ‫بمال تتبلغين به إلى أبيك ‪..‬‬
‫وتراجعوا ‪..‬‬ ‫فإن عندي حاجتك فل‬
‫وأخذوا ينظرون إليه من بعيد ‪..‬‬ ‫تضطني مني ‪ ..‬أي ل تخجلي‬
‫ل هو يقدر على الذهاب ‪ ..‬ول‬ ‫‪..‬‬
‫هم يجترئون على القتراب‬ ‫فإنه ل يدخل بين النساء ما‬
‫منه ‪..‬‬ ‫بين الرجال ‪..‬‬
‫حتى بلغ أبا سفيان أن زينب‬ ‫قالت زينب ‪ :‬والله ما أراها‬
‫خرجت إلى أبيها ‪..‬‬ ‫قالت ذلك إل لتفعل ‪..‬‬
‫فأقبل في جلة جمع من‬ ‫ولكني خفتها فأنكرت أن‬
‫قريش ‪ ..‬فلما رأى كنانة قد‬ ‫أكون أريد ذلك ‪..‬‬
‫تجهز بنبله ‪ ..‬ورأى القوم قد‬ ‫دم‬‫فلما أتمت جهازها ‪ ..‬ق ّ‬
‫‪180‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الله ‪.. r‬‬ ‫استوفزوا لقتاله ‪..‬‬
‫صاح به وقال ‪:‬‬
‫وحي ‪..‬‬ ‫يا أيها الرجل ‪ ..‬كف عنا‬
‫ما كان الرفق في شيء إل‬ ‫نبلك حتى نكلمك ‪..‬‬
‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬ ‫فكف نبله ‪ ..‬فأقبل أبو‬
‫شانه ‪..‬‬ ‫سفيان حتى وقف عليه ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬‬
‫بين الحي ‪ ..‬والميت ‪..‬‬ ‫‪.54‬‬ ‫إنك لم تصب ‪ ..‬خرجت‬
‫كان ثقيل ً على الناس ‪ ..‬على‬ ‫بالمرأة على رؤوس الناس‬
‫زملئه ‪ ..‬جيرانه ‪ ..‬إخوانه ‪..‬‬ ‫علنية ‪..‬‬
‫حتى على أولده ‪..‬‬ ‫وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا‬
‫نعم ‪ ..‬كان ثقيل الدم ‪..‬‬ ‫في بدر ‪ ..‬و ما دخل علينا‬
‫طالما سمعهم مرارا ً يقولون ‪:‬‬ ‫من محمد ‪ ..‬قتل أشرافنا ‪..‬‬
‫يا أخي ما عندك مشاعر !!‬ ‫ورمل نساءنا ‪..‬‬
‫لم يكن يتفاعل معهم أبدا ً ‪..‬‬ ‫فإذا رآك الناس ‪.‬ز وتسامعت‬
‫أتاه ولده يوما ً فرحا ً مستبشرا ً ‪..‬‬ ‫القبائل ‪ ..‬أنك خرجت بابنته‬
‫وح بدفتر الواجب وقد وقع‬ ‫يل ّ‬ ‫علنية ‪ ..‬على رؤوس الناس‬
‫المدرس فيه كلمة " ممتاز " ‪..‬‬ ‫من بين أظهرنا ‪..‬‬
‫لم يلتفت الب إليه ‪ ..‬وإنما قال‬ ‫أن ذلك عن ذل أصابنا ‪..‬‬
‫‪ :‬طيب ‪ ..‬عادي ‪ ..‬والله لو أنك‬ ‫وأن ذلك ضعف منا ووهن ‪..‬‬
‫جايب شهادة الدكتوراه !!‬ ‫ولعمري مالنا بحبسها من‬
‫كان المنتظر غير ذلك ‪..‬‬ ‫أبيها من حاجة ‪ ..‬ومالنا من‬
‫طالب عنده في الفصل ‪ ..‬كان‬ ‫ثأر عليها ‪..‬‬
‫خفيف الدم ‪ ..‬لحظ ثقل الدرس‬ ‫ولكن ارجع بالمرأة ‪ ..‬حتى‬
‫و‬
‫) والمدرس !!( فلطف الج ّ‬ ‫إذا هدأت الصوات ‪ ..‬وتحدث‬
‫بنكتة أطلقها ‪ ..‬فلم تتحرك‬ ‫الناس أن قد رددناها ‪..‬‬
‫تعابير وجه المدرس وإنما قال ‪:‬‬ ‫سّلها سرا ً ‪ ..‬وألحقها‬ ‫ف ُ‬
‫تستخف دمك ؟!‬ ‫بأبيها ‪..‬‬
‫كنت أتمنى أن يكون تصرفه غير‬ ‫فلما سمع كنانة ذلك ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫اقتنع به ‪ ..‬وعاد بها ‪..‬‬
‫دخل إلى البقالة ‪ ..‬فقال له‬ ‫فأقامت ليالي في مكة ‪..‬‬
‫العامل البسيط ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫حتى إذا هدأت الصوات ‪..‬‬
‫جاءتني رسالة من أهلي ‪ ..‬لم‬ ‫خرج بها ليلة من الليالي ‪..‬‬
‫يتفاعل ‪..‬‬ ‫فمشى بها ‪..‬‬
‫هل سأل نفسه لماذا أخبره أصل ً‬ ‫حتى أسلمها إلى زيد بن‬
‫‪ ..‬ليشاركه فرحته ‪..‬‬ ‫حارثة وصاحبه ‪..‬‬
‫زار أحد زملئه ‪ ..‬فوضع له‬ ‫فقدما بها ليل ً على رسول‬
‫‪181‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫النكتة فل تتفاعل ‪ ..‬ويروون‬ ‫القهوة والشاي ‪ ..‬ثم دخل‬
‫قصصهم في مدارسهم ‪..‬‬ ‫البيت وجاء بطفله الول‬
‫وكأنهم يكلمون جدارا ً ‪..‬‬ ‫حديث لولده ‪ ..‬قد لفه في‬
‫حتى ذكر لك شخص قصة ‪ ..‬أنت‬ ‫مهاده ‪ ..‬ولو استطاع أن‬
‫تعرفها ‪ ..‬فل مانع من التفاعل‬ ‫يلفه بجفون عينيه لفعل ‪..‬‬
‫معه ‪..‬‬ ‫ثم وقف به بين يديه وقال ‪:‬‬
‫قال عبد الله ابن المبارك ‪:‬‬ ‫ما رأيك في هذا البطل ؟‬
‫والله إن الرجل ليحدثني‬ ‫فنظر إليه ببرود ‪ ..‬وقال ‪..‬‬
‫بالحديث وأنا أعرفه من قبل أن‬ ‫ما شاء الله ‪ ..‬الله يخلي لك‬
‫تلده أمه فأسمعه منه ‪ ..‬وكأني‬ ‫إياه ‪ ..‬ثم رفع فنجال الشاي‬
‫أول مرة أسمعه ‪..‬‬ ‫ليشرب ‪..‬‬
‫ما أجمل هذه المهارة ‪..‬‬ ‫كان المنتظر أن يتفاعل‬
‫قبيل معركة الخندق ‪..‬‬ ‫أكثر ‪ ..‬يأخذ الغلم بين‬
‫عمل المسلمون في حفر‬ ‫يديه ‪ ..‬يقبله ‪ ..‬يمدح‬
‫الخندق حتى أحكموه ‪..‬‬ ‫جماله ‪ ..‬وصحته ‪..‬‬
‫وكان من بينهم رجل اسمه‬ ‫لكن صاحبنا كان ) غبيا ً ( ‪..‬‬
‫جعيل ‪ ..‬فغيره النبي ‪ ‬إلى‬ ‫عندما تتعامل مع الناس ‪..‬‬
‫عمرو ‪..‬‬ ‫قس المور بأهميتها‬
‫فكان الصحابة يشتغلون ‪..‬‬ ‫عندهم ‪ ..‬ل عندك أنت ‪..‬‬
‫ويعملون ‪..‬‬ ‫فكلمة "ممتاز" بالنسبة‬
‫ويرددون قائلين ‪:‬‬ ‫لولدك أغلى عنده من‬
‫سماه من بعد جعيل عمرا ً ***‬ ‫شهادة الدكتوراه عند‬
‫وكان للبائس‬ ‫الدكتور ‪..‬‬
‫يوما ً ظهرا ً‬ ‫وهذا المولود عند صاحبك‬
‫فكانوا إذا قالوا ‪ :‬عمروا ً ‪ ..‬قال‬ ‫أغلى عنده من الدنيا ‪ ..‬كلما‬
‫معهم رسول الله ‪ : r‬عمروا ً ‪..‬‬ ‫رآه ودّ أن يشق قلبه ويسكنه‬
‫وإذا قالوا ‪ :‬ظهرا ً ‪ ..‬قال لهم ‪:‬‬ ‫فيه ‪ ..‬أفل يستحق منك حبك‬
‫ظهرا ً ‪..‬‬ ‫لصاحبك أن تشاركه ولو‬
‫فيتحمسون أكثر ‪ ..‬ويشعرون‬ ‫بعض شعوره ‪..‬‬
‫أنه معهم ‪..‬‬ ‫أحيانا ً يكون بعض الناس‬
‫والله لول الله ما اهتدينا ‪..‬‬ ‫متحمسا ً لشيء معين ‪..‬‬
‫ولما أقبل الليل عليهم اشتد‬ ‫لذلك تجد الذين ل يتفاعلون‬
‫البرد ‪..‬‬ ‫مع الناس يشتكي أحدهم‬
‫واستمروا يحفرون ‪..‬‬ ‫دائما ً ‪..‬‬
‫فخرج عليهم رسول الله ‪.. ‬‬ ‫لماذا أولدي ل يحبون‬
‫فرآهم يحفرون بأيديهم راضين‬ ‫) السوالف ( معي ‪..‬‬
‫مستبشرين ‪..‬‬ ‫فنقول ‪ :‬لنهم يحكون لك‬
‫‪182‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عمر الكلم ‪ ..‬فازداد تبسم‬ ‫فلما رأوا رسول الله ‪‬‬
‫النبي ‪.. r‬‬ ‫قالوا ‪:‬‬
‫وتقرأ في أحاديث أنه تبسم‬ ‫نحن الذين بايعوا محمدا ً ***‬
‫حتى بدت نواجذه ‪..‬‬ ‫على الجهاد ما بقينا أبدا‬
‫وكان ‪ ‬يتعامل مع أنواع من‬ ‫فقال مجيبا ً لهم ‪:‬‬
‫الناس ل يقدرون التعامل‬ ‫اللهم إن العيش عيش‬
‫الراقي ‪ ..‬ول يتفاعلون معه ‪..‬‬ ‫الخرة ‪ ،‬فاغفر للنصار‬
‫بل ينغلقون ويتعجلون ‪..‬‬ ‫والمهاجرة ‪..‬‬
‫ومع ذلك كان يصبر عليهم ‪..‬‬ ‫ويستمر تفاعله معهم ‪..‬‬
‫كان ‪ .. r‬يوما ً نازل ً بموضع يقال‬ ‫طوال اليام ‪..‬‬
‫له "الجعرانة " بين مكة والمدينة‬ ‫فسمعهم وقد علهم‬
‫‪..‬‬ ‫الغبار ‪ ..‬وهم يرددون ‪:‬‬
‫ومعه بلل ‪ ..‬فجاءه ‪ r‬أعرابي‬ ‫والله لول الله ما اهتدينا‬
‫يبدو أنه كان قد طلب من النبي‬ ‫ول تصدقنا ول صلينا‬
‫‪ ‬حاجة فوعده بها ولم تتيسر‬ ‫فأنزلن سكينة علينا‬
‫بعد ‪ ..‬وكان العرابي‬ ‫وثبت القدام إن لقينا‬
‫مستعجل ً ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫إن اللى قد بغوا علينا‬
‫يا محمد ‪ ..‬أل تنجز لي ما‬ ‫إذا أرادوا فتنة أبينا‬
‫وعدتني ؟‬ ‫فكان يرفع صوته متفاعل ً‬
‫فقال له ‪ ‬متلطفا ً ‪ :‬أبشر ‪..‬‬ ‫معهم قائل ً ‪ :‬أبينا ‪ ..‬أبينا ‪.‬‬
‫وهل هناك كلمة أرق منها ‪!!..‬‬ ‫وكان ‪ ‬إذا مازحه أحد‬
‫فقال العرابي بكل صلفة ‪ :‬قد‬ ‫تفاعل معه ‪ ..‬وضحك وتبسم‬
‫أكثرت علي من أبشر !‬ ‫‪..‬‬
‫فغضب النبي ‪ ‬من عبارته ‪..‬‬ ‫دخل عليه عمر وهو ‪r‬‬
‫لكنه كتم غيظه ‪ ..‬والتفت إلى‬ ‫غضبان على نسائه ‪ ..‬لما‬
‫أبي موسى وبلل وكانا جالسين‬ ‫أكثرن عليه مطالبته بالنفقة‬
‫بجانبه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو َ‬ ‫‪ ..‬فقال عمر ‪َ :‬يا َر ُ‬
‫َ‬
‫رد البشرى فاقبل أنتما ‪..‬‬ ‫شَر‬ ‫ع َ‬‫م ْ‬ ‫وك ُّنا َ‬ ‫و َرأي َْتنا َ‬ ‫‪ ..‬ل َ ْ‬
‫فاستبشرا ‪..‬‬ ‫ساءَ ‪..‬‬ ‫ب الن ّ َ‬ ‫غل ِ ُ‬ ‫ش ‪ ..‬ن َ ْ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫ُ‬
‫ثم دعا ‪ ‬بقدح فيه ماء فغسل‬ ‫دنا امرأُته‬ ‫فكنا إذا سألت أح َ‬
‫ج فيه ‪..‬‬‫يديه ووجهه فيه وم ّ‬ ‫ة قام إليها فوجأ‬ ‫نفق ً‬
‫ثم قال ‪ :‬اشربا منه وأفرغا على‬ ‫عنقها ‪..‬‬
‫وجوهكما ونحوركما وأبشرا ‪..‬‬ ‫م‬‫و ٌ‬ ‫ذا َ‬
‫ق ْ‬ ‫ة إِ َ‬ ‫دين َ َ‬
‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫مَنا ال َ‬ ‫د ْ‬‫ق ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫َ‬
‫أي ببركة هذا الماء ‪..‬‬ ‫م ‪ ..‬فطفق‬ ‫ه ْ‬ ‫ؤ ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫م نِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫غل ِب ُ ُ‬
‫تَ ْ‬
‫فأخذا القدح ففعل ‪..‬‬ ‫نساؤنا يتعلمن من‬
‫وكانت أم سلمة ‪ ‬قريبة‬ ‫نسائهم ‪..‬‬
‫منهم ‪ ..‬جالسة وراء ستار ‪..‬‬ ‫ي ‪ .. r‬ثم زاد‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬ ‫َ‬
‫‪183‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مــع أنــه ليــس عنــده مــا يتكــبر‬ ‫فأرادت أن ل تفوتها‬
‫بسببه فهو بخيل فقير ( ‪..‬‬ ‫البركة ‪ ..‬فنادت من وراء‬
‫قالت الثانية ‪:‬‬ ‫الستر ‪ :‬أفضل لمكما ‪ ..‬أي‬
‫زوجي ل أبث خبره ‪..‬‬ ‫أبقيا لها منه ‪..‬‬
‫)‪(70‬‬
‫إني أخاف أن ل أذره ‪..‬‬ ‫فأفضل لها منه طائفة ‪..‬‬
‫إن أذكره أذكر عجره وبجره ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫) أي ‪ :‬زوجهـــا كـــثير العيـــوب ‪..‬‬ ‫إذن كان لطيف المعشر ‪..‬‬
‫وتخشــى إذا ذكــرت مــا فيــه أن‬ ‫أنيس المجلس ‪ ..‬متحمل ً ‪..‬‬
‫يبلغــه ذلــك فيطلقهــا ‪ ..‬وهــي‬ ‫ل يعمل قضية وخلفا ً من‬
‫متعلقة به بسبب أولدها ‪..‬‬ ‫كل شيء ‪..‬‬
‫جــر‬‫ع َ‬‫لكنهــا لــم تمــدحه فــإن لــه ُ‬ ‫ً‬
‫جلس ‪ ‬يوما مع عائشة ‪..‬‬
‫جـــر !! والعجـــر ‪ :‬أن تنعقـــد‬ ‫وب ُ َ‬ ‫فأخذت تحدثه بأحاديث‬
‫العروق في الجســد حــتى تصــير‬ ‫نساء ‪ ..‬وهو يتفاعل معها ‪..‬‬
‫منتفخة ‪ ..‬فتؤلم ‪..‬‬ ‫وهي تفصل الكلم وتطيل ‪..‬‬
‫جـــر انتفـــاخ عـــروق فـــي‬ ‫والب ُ َ‬ ‫وهو على كثرة مشاغله‬
‫البطن ‪(!! ..‬‬ ‫يستمع ويتفاعل ويعلق ‪..‬‬
‫قالت الثالثة ‪:‬‬ ‫حتى قضت حديثها ‪..‬‬
‫شّنق ‪..‬‬ ‫ع َ‬ ‫زوجي ال َ‬ ‫فحــدثته أنــه جلســت إحــدى‬
‫إن أنطق أطلق ‪..‬‬ ‫عشــرة امـــرأة – فــي أيـــام‬
‫وإن أسكت ُأعّلق ‪..‬‬ ‫الجاهلية ‪ -‬فتعاهدن وتعاقدن‬
‫مذَّلق ‪..‬‬ ‫سنان الـ ُ‬‫وهو على حد ال ّ‬ ‫أن ل يكتمــــن مــــن أخبــــار‬
‫) أي ‪ :‬زوجهـــا طويـــل قبيـــح ‪..‬‬ ‫أزواجهن شيئا ً ‪..‬‬
‫سيء الخلق ‪ ..‬ول يتسامح معهــا‬ ‫فجعلــن يتــذاكرن أزواجهــن‬
‫بل على مثل حد السيف !! فهي‬ ‫بما فيهم ول يكذبن !!‬
‫مهددة بــالطلق كــل لحظــة ‪ ..‬ل‬ ‫قالت الولى ‪:‬‬
‫يحتمل كلمهــا ‪ ..‬ومــتى اشــتكت‬ ‫زوجي لحم جمــل غــث علــى‬
‫إليه شــيئا ً طلقهــا ‪ ..‬ول يعاملهــا‬ ‫رأس جبل ‪..‬‬
‫معاملـــة الزواج ‪ ..‬فهـــي عنـــده‬ ‫ل سهل فيرتقــى ول ســمين‬
‫كالمعلقة ( ‪..‬‬ ‫فينتقل ‪..‬‬
‫قالت الرابعة ‪:‬‬ ‫) تشبه زوجها بالجبل الــوعر‬
‫ل ِتهامة ‪..‬‬ ‫زوجي كـ َلـْيـ ِ‬ ‫الذي وضعوا فوقه لحم جمل‬
‫قٌر ‪..‬‬‫حٌر ول َ‬ ‫ل َ‬ ‫كبير غيــر جيــد ‪ ..‬فل يحــرص‬
‫ول مخافة ول سآمة ‪..‬‬ ‫أحــد للوصــول إليــه لصــعوبة‬
‫) ليل تهامة ل رياح فيه فيطيــب‬ ‫الوصــــول إليــــه ‪ ..‬وهــــو ل‬
‫لهله ‪ ..‬فوصفت زوجهــا بجميــل‬ ‫يستحق التعــب لجلــه ‪ ..‬أي ‪:‬‬
‫العشـــرة ‪ ..‬واعتـــدال الخلق ‪..‬‬ ‫لسوء خلقة ‪ ..‬وأنــه يتكــبر ‪..‬‬
‫فل أذى عنده ( ‪..‬‬
‫) (‬ ‫‪70‬‬

‫‪184‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫جك ) ضـــرب‬ ‫وإن مـــازحته ‪ :‬شـــ ً‬ ‫قالت الخامسة ‪:‬‬
‫رأسك فجرحه !( ‪..‬‬ ‫هد ‪..‬‬‫فـ ِ‬ ‫زوجي إن دخل َ‬
‫أو فًلــــــك ) ضــــــرب الجلــــــد‬ ‫سد ‪..‬‬ ‫َ‬
‫وإن خرج أ ِ‬
‫فجرحه ( ‪..‬‬ ‫هد ‪..‬‬ ‫عـ ِ‬ ‫ول يسأل عما َ‬
‫ك ‪ ) ..‬يضــرب كــل‬ ‫أو جمــع كل ّ ل ـ ِ‬ ‫) أي ‪ :‬إذا دخـــل بيتـــه صـــار‬
‫المواضع الرأس والجسد ! ( ‪..‬‬ ‫كالفهــــد وهــــو الحيــــوان‬
‫قالت الثامنة ‪:‬‬ ‫المعـــــروف وهـــــو كريـــــم‬
‫زوجــي ‪ ..‬المــس مــس أرنــب ‪..‬‬ ‫نشــيط ‪ ..‬وغــذا خــرج مـــن‬
‫) أي ناعم رقيق ( ‪..‬‬ ‫الــبيت وخــالط النــاس فهــو‬
‫والريح ريح زرنب ‪ ) ..‬وهو نبــات‬ ‫أسد لشــجاعته ‪ ..‬وهــو أيض ـا ً‬
‫طيب الرائحة ( ‪..‬‬ ‫ح ل يــدقق فــي الســؤال‬ ‫سم ٌ‬
‫وأنا اغلبه والنــاس يغلــب ‪ ) ..‬أي‬ ‫عـــن مـــا يأخـــذه أهلـــه أو‬
‫ســهل معهــا ينصــاع لمــا تريــد ‪..‬‬ ‫يصرفونه ‪(..‬‬
‫لكنــــه بطــــل يغلــــب النــــاس‬ ‫قالت السادسة ‪:‬‬
‫وشخصيته أمامهم قوية ( ‪..‬‬ ‫ف ‪..‬‬ ‫زوجي إن أكل ل ّ‬
‫قالت التاسعة ‪:‬‬ ‫ف ‪..‬‬ ‫وإن شرب اشت ّ‬
‫زوجــي رفيــع النجــاد ‪ ) ..‬بيتــه‬ ‫ف ‪..‬‬ ‫وإن اضطجع الت ّ‬
‫واسع مفتوح للضيوف ( ‪..‬‬ ‫ف ‪ ..‬ليعلـــم‬ ‫ول ُيوِلـــج الكـــ ّ‬
‫عظيــم الرمــاد ‪ ) ..‬كــثير إشــعال‬ ‫ث ‪..‬‬ ‫الب ّ‬
‫النار اســتقبال ً للضــيوف وطبخ ـا ً‬ ‫)أي ‪ :‬إن زوجهـا يكـثر الكـل‬
‫لهم ( ‪..‬‬ ‫حتى يلفه لفا ً فل يبقي لهــم‬
‫قريــــب الــــبيت مــــن النــــاد ‪..‬‬ ‫فه‬ ‫شـــيئا ً ‪ ..‬والشـــراف يشـــ ّ‬
‫) المجلس الذي يجلــس فيــه مــع‬ ‫شفا ً ‪ ..‬يشربه كله ‪ ..‬وإذا نام‬
‫أصحابه وهــو النــادي قريــب مــن‬ ‫ف باللحـــاف ولـــم يـــدع‬ ‫التـــ ّ‬
‫بيته لحرصه على أهله ( ‪..‬‬ ‫لزوجتــه شــيئا ً ‪ ..‬وإذا حزنــت‬
‫ل يشبع ليله يضــاف ‪ ) ..‬ل يأكــل‬ ‫لـــم يقـــرب كفـــه إليهـــا أو‬
‫كثيرا ً عند الناس ( ‪..‬‬ ‫يلطفهــــا ليعلــــم ســــبب‬
‫خــاف ‪ ) ..‬إذا كــان‬ ‫ول ينام ليلة ي ُ َ‬ ‫حزنها ‪.. ( ..‬‬
‫هنـاك خطـر بالليـل مـن عـدو أو‬ ‫قالت السابعة ‪:‬‬
‫غيره ‪ ..‬يظـل مســتيقظا ً يحــرس‬ ‫زوجي غيايــاء أو عيايــاء ) أي‬
‫ويراقب ( ‪..‬‬ ‫غبي !! (‬
‫قالت العاشرة ‪:‬‬ ‫طباقاء ) أحمق !(‬
‫زوجي مالك ‪..‬‬ ‫كل داء له داء ) جميع العيوب‬
‫وما مالك ؟! ‪..‬‬ ‫فيه !(‬
‫مالك خير من ذلك ‪..‬‬ ‫إن حدثته ســبك ‪ ) ..‬ل يقبــل‬
‫له إبل كثيرات المبارك ‪..‬‬ ‫حديثا ً ول مؤانسة ‪ .‬بل يسـب‬
‫قليلت المسارح ‪..‬‬ ‫ويلعن دوما ً ( ‪..‬‬
‫‪185‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وأشــــرب فأتقنــــح ‪ ) ..‬جميــــع‬ ‫ن‬ ‫وإذا سمعن المزهــر ‪ ..‬أيق ـ ّ‬
‫الشربة عندها ‪ ..‬تروى منها ( ‪..‬‬ ‫أنهن هوالك ‪..‬‬
‫أم أبـــي زرع ؟! فمـــا أم أبـــي‬ ‫) زوجها اسمه مالك ‪ ..‬مهمــا‬
‫زرع !!‬ ‫وصــفته لــن تحيــط بأوصــافه‬
‫عكومها رداح ‪ ) ..‬سمينة جميلة (‬ ‫الجميلة ‪ ..‬إبلــه دائم ـا ً قريبــة‬
‫‪..‬‬ ‫منه وقل ما تسرح أي تــذهب‬
‫وبيتها فساح ‪ ) ..‬بيتها واسع ( ‪..‬‬ ‫للرعي ‪..‬لتكون جاهة للحلــب‬
‫ابن أبي زرع ؟! فما بن أبي زرع‬ ‫منها ونحرها للضيوف ‪ ..‬وإذا‬
‫!!‬ ‫سمعت افبــل صــوت المزهــر‬
‫مضجعه كمسل شــطبة ‪ ) ..‬ينــام‬ ‫هز ‪ ..‬علمت‬ ‫حدّ وتج ّ‬ ‫السكين ت ُ َ‬
‫نوما ً رفيقا ً بأدب ( ‪..‬‬ ‫أنــه ســيهلك بعضــهن ذبحــا ً‬
‫ويشبعه ذراع الجفرة ‪ ) ..‬ل يأكل‬ ‫للضيوف ( ‪..‬‬
‫كثيرا ً ( ‪..‬‬ ‫قالت الحادية عشرة ‪:‬‬
‫بنت أبــي زرع ؟! فمــا بنــت أبــي‬ ‫زوجــي أبــو زرع ؟! ) اســمه‬
‫زرع !!‬ ‫أبو زرع ( ‪..‬‬
‫طوع أبيها وطوع أمها ‪..‬‬ ‫فما أبو زرع ‪..‬‬
‫وملء كسائها ‪ ) ..‬متسترة ( ‪..‬‬ ‫أنـــاس مـــن حلـــي أذنـــي ‪..‬‬
‫وغيظ جارتهــا ‪ ) ..‬تغــار جاراتهــا‬ ‫) ألبسها الحلي والذهب ( ‪..‬‬
‫من جمالها ولذة عيشها ( ‪..‬‬ ‫ومل مـــن شـــحم عضـــدي ‪..‬‬
‫جاريــة أبــي زرع ؟! فمــا جاريــة‬ ‫) سمنت عنده ( ‪..‬‬
‫أبي زرع !! ) الخادمة !! (‬ ‫وبجحني فبجحت إلى نفسي‬
‫ل تبث حديثنا تبثيثـا ً ‪ ) ..‬ل تنشــر‬ ‫‪ ) ..‬مـــدحني حـــتى أعجبـــت‬
‫أسرار البيت ( ‪..‬‬ ‫بنفسي ( ‪..‬‬
‫ول تنفــث ميرتنــا تنفيثــا ً ‪ ) ..‬ل‬ ‫ق‬
‫ش ّ‬ ‫وجدني في أهل غنيمة ب ِ‬
‫تبدد طعام البيت وتعبث به ( ‪..‬‬ ‫‪ ) ..‬كـــان اهلهـــا فقـــراء ل‬
‫ول تمل بيتنــــا تعشيشــــا ً ‪ ) ..‬ل‬ ‫يملكون إل غنيمات ( ‪..‬‬
‫تهمل البيت فيمتل بالوساخ ( ‪..‬‬ ‫فجعلنــي فــي أهــل صــهيل‬
‫ثم قالت ‪:‬‬ ‫وأطيط ) نقلها إلى بيت فيه‬
‫خـــــرج أبـــــو زرع والوطـــــاب‬ ‫خيل وإبل ( ‪..‬‬
‫تمخض ‪ ) ..‬خــرج مــن بيتــه يومـا ً‬ ‫ودائس ومنـــــــق ) أي دواب‬
‫في وقت ربيع ( ‪..‬‬ ‫كثيرة ( ‪..‬‬
‫فلقــى امــرأة معهــا ولــدان لهــا‬ ‫فعنـــده أقـــول فل أقبـــح ‪..‬‬
‫كالفهدين ‪ ) ..‬رأى امرأة جالســة‬ ‫) تتكلم بما شـاءت ول ينتقــد‬
‫حولهـــــا طفلن جميلن قويـــــا‬ ‫كلمها ( ‪..‬‬
‫البنية ( ‪..‬‬ ‫وأرقـــد فأتصـــبح ‪ ) ..‬تشـــبع‬
‫يلعبــــان مــــن تحــــت خصــــرها‬ ‫نومــا ً إلــى الصــباح ‪ ..‬لكــثرة‬
‫برمانتين ‪ ) ..‬يلعبان بثدييها ( ‪..‬‬ ‫الخدم ( ‪..‬‬
‫‪186‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إظهار اللطف والهتمام بالناس‬ ‫فطلقني ونكحها ‪ ) ..‬أعجبته‬
‫‪..‬‬ ‫‪ ..‬فطلق أم زرع وتزوجهـا !!‬
‫فإذا جاءك ولدك متزينا ً بثوب‬ ‫( ‪..‬‬
‫جميل ‪ ..‬ما رأيك يا أبي ؟ ‪..‬‬ ‫فنكحــت بعــده رجل ســريا ً ‪..‬‬
‫تفاعل ‪..‬‬ ‫) تزوجــــــــــت ام زرع رجل ً‬
‫ابنتك ‪ ..‬زوجتك ‪..‬‬ ‫كريما ً ( ‪..‬‬
‫زوجك ‪ ..‬ولدك ‪ ..‬زميلتك ‪..‬‬ ‫ركــب شــريا ً ‪ ) ..‬ركــب خيل ً‬
‫كل من تخالطهم كن حيا ً‬ ‫سابقا ً ( ‪..‬‬
‫متفاعل ً ‪..‬‬ ‫وأخذ خطيا ً ‪..‬‬
‫أحيانا ً تكون ناسيا ً الموضوع ‪..‬‬ ‫وأراح علـــي نعمـــا ً ثريـــا ً ‪..‬‬
‫قال لك – مثل ً ‪ : -‬أبشرك الوالد‬ ‫) أكرمهــــا وأهــــداها لنــــه‬
‫شفي من مرضه ‪ ..‬فل تقل ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ثري ( ‪..‬‬
‫أصل ً ‪ ..‬متى مرض ؟!!‬ ‫وأعطــاني مــن كــل رائحــة‬
‫أو ‪ :‬أخي خرج من السجن ‪ ..‬ل‬ ‫زوجـــا ً ‪ ) ..‬أكـــثر لهـــا مـــن‬
‫تقل ‪ :‬والله ما دريت أصل ً أنه‬ ‫الطياب ويعطيها اثنيــن مــن‬
‫دخل السجن ‪..‬‬ ‫كل شــيء لتســتعمل وتهــدي‬
‫وأخيرا ً ‪ ..‬يا جماعة ‪..‬‬ ‫إن شاءت ( ‪..‬‬
‫التشجيع والتفاعل ينفع حتى‬ ‫وقال ‪ :‬كلي أم زرع ‪..‬‬
‫مع الحيوانات ‪..‬‬ ‫وميـــري أهلـــك ‪ ) ..‬أهـــدي‬
‫قال أبو بكر الرقي ‪:‬‬ ‫لهلك وأعطيهم ( ‪..‬‬
‫كنت بالبادية ‪..‬‬ ‫ثم قالت ‪:‬‬
‫فـــوافيت قبيلـــة مـــن قبـــائل‬ ‫فلـــو جمعـــت كـــل شـــيء‬
‫العرب ‪ ..‬فأضــافني رجــل منهــم‬ ‫أعطانيه ‪..‬‬
‫وأدخلني خباءه ‪..‬‬ ‫ما بلغ أصغر آنية أبــي زرع ‪..‬‬
‫فرأيــت فــي الخبــاء عبــدا أســود‬ ‫) ل يزال قلبهــا معلقـا ً بــأبي‬
‫جمــال قــد‬ ‫مقيدا ً بقيــد ‪ ..‬ورأيــت ِ‬ ‫زرع ‪ !!..‬ما الحب إل للحــبيب‬
‫ماتت بين يدي البيت ‪..‬‬ ‫الول (‬
‫وقد بقى منها جمل وهــو ناحــل‬ ‫كان ‪ ‬يستمع بكــل غنصــات‬
‫ذابل كأنه ينزع روحه ‪..‬‬ ‫إلــى عائشــة وهــي تحــدثه ‪..‬‬
‫فقال لي الغلم ‪ :‬أنــت ضــيف ‪..‬‬ ‫ولم يظهر لها ضجرا ً ول ملل ً‬
‫ي إلــى‬ ‫ولــك حــق ‪ ..‬فتشــفع فــ ّ‬ ‫‪ ..‬مع تعبه وكثرة مشــاغله ‪..‬‬
‫مــولي ‪ ..‬فــإنه مكــرم لضــيفه ‪..‬‬ ‫وتراكم همومه ‪..‬‬
‫فل يـــرد شـــفاعتك فـــي هـــذا‬ ‫حــتى إذا انتهــت عائشــة مــن‬
‫القـــدر ‪ ..‬فعســـاه يحـــل القيـــد‬ ‫حديثها ‪:‬‬
‫عني ‪..‬‬ ‫قال ‪ : e‬كنــت لــك كــأبي زرع‬
‫فســـكت عنـــه ‪ ..‬ولـــم أدر مـــا‬ ‫لم زرع ‪..‬‬
‫جرمه ‪..‬‬ ‫إذن ‪ ..‬اتفقنا ‪ ..‬على أهمية‬
‫‪187‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫)‪(71‬‬
‫منه ‪..‬‬ ‫فلمـــا أحضـــروا الطعـــام ‪..‬‬
‫طور نفسك بالتدريب ‪..‬‬ ‫امتنعت ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬
‫كن حيا ً ل ميتا ً ‪ ..‬تفاعل‬ ‫ل آكل ‪ ..‬مــا لــم أشــفع فــي‬
‫بكلمك ‪ ..‬بتعبيرات وجهك ‪..‬‬ ‫هذا العبد ‪..‬‬
‫حتى يأنس الخرون بك ‪..‬‬ ‫فقال الســيد ‪ :‬إن هـذا العبـد‬
‫ع‬
‫ك جميــ َ‬ ‫قد أفقرني ‪ ..‬وأهَلــ َ‬
‫اجعل لسانك عذبا ً ‪..‬‬ ‫‪.55‬‬ ‫مالي ‪..‬‬
‫ل تخلو حياتنا من مواقف نحتاج‬ ‫فقلت ‪ :‬ماذا فعل ؟!‬
‫ً‬
‫فقال ‪ :‬إن لــه صــوتا ً طيبـا ً ‪..‬‬
‫فيها إلى تقديم توجيهات‬
‫ونصائح للخرين ‪..‬‬ ‫وإني كنت أعيش من ظهــور‬
‫الولد ‪ ..‬الزوج ‪ ..‬الصديق ‪ ..‬الجار‬ ‫ملهـــا‬ ‫هـــذه الجمـــال ‪ ..‬فح ّ‬
‫‪ ..‬البوين ‪..‬‬ ‫أحمال ً ثقال ً ‪..‬‬
‫تختلف نهايات النصائح ‪..‬‬ ‫وكان ينشــد الشــعار ويحــدو‬
‫باختلف بداياتها ‪..‬‬ ‫بهـا ‪ ..‬حـتى قطعــت مســيرة‬
‫أعني ‪ :‬إن كانت البداية بأسلوب‬ ‫ثلثة أيام في ليلة واحدة من‬
‫مناسب ‪ ..‬ومدخل لطيف ‪..‬‬ ‫طيب نغمته ‪..‬‬
‫انتهت كذلك ‪..‬‬ ‫فلما حطت أحمالها ‪ ..‬مــاتت‬
‫وإن كانت بأسلوب جاف ‪..‬‬ ‫كلهــــا ‪ ..‬إل هــــذا الجمــــل‬
‫ومدخل عنيف ‪ ..‬انتهت كذلك ‪..‬‬ ‫الواحد ‪..‬‬
‫عندما ننصح الناس ‪ ..‬فنحن في‬ ‫ولكـــــن أنـــــت ضـــــيفي ‪..‬‬
‫الواقع نتعامل مع قلوبهم ‪ ..‬ل‬ ‫فلكرامتــك قــد وهبتــه لــك ‪..‬‬
‫أجسادهم ‪..‬‬ ‫وأطلق الغلم من قيده ‪..‬‬
‫لذلك تجد بعض البناء يتقبل من‬ ‫فاشــتقت إلــى ســماع هــذا‬
‫أمه ول يتقبل من أبيه ‪ ..‬أو‬ ‫الصوت ‪..‬‬
‫العكس ‪..‬‬ ‫فلما أصــبحنا أمــره أن يحــدو‬
‫والطلب يتقبلون من مدرس ‪..‬‬ ‫على جمل يستقى الماء مــن‬
‫دون الخر ‪..‬‬ ‫بئر هنــاك ‪ ..‬لينشــط الجمــل‬
‫وأول البراعة في النصيحة ‪..‬‬ ‫للعمل ‪..‬‬
‫أن ل تكثر منها وتدقق على كل‬ ‫فانطلق الغلم بصوت‬
‫صغير وكبير ‪ ..‬حتى ل يشعر‬ ‫حسن ‪ ..‬فلما رفع صوته ‪..‬‬
‫الخرون أنك مراقب لحركاتهم‬ ‫سمعه الجمل فهام وهاج‬
‫وسكناتهم ‪ ..‬فتثقل عليهم ‪..‬‬ ‫ونسي نفسه ‪ ..‬حتى قطع‬
‫ليس الغبي بسيد في قومه ***‬ ‫حباله ‪..‬‬
‫لكن سيد قومه المتغابي‬ ‫ووقعت أنا على وجهي من‬
‫وإن استطعت أن تقدم انصيحة‬ ‫حسن الصوت ‪ ..‬فما أظن‬
‫على شكل اقتراح ‪ ..‬فافعل ‪..‬‬ ‫أني سمعت قط صوتا ً أطيب‬
‫) ( إحياء علوم الدين ‪2/275‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪188‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المبارك ‪ ..‬فلم يقل الحمد لله ‪..‬‬ ‫لو قللت الملح في الطعام ‪..‬‬
‫فقال عبد الله ‪ :‬ماذا يقول‬ ‫لكان أحسن ‪..‬‬
‫العاطس إذا عطس ؟ قال ‪:‬‬ ‫لو تغير ملبسك بثياب أجمل‬
‫الحمد لله ‪ ..‬فقال ‪ :‬عبد الله ‪:‬‬ ‫‪..‬‬
‫يرحمك الله ‪..‬‬ ‫لو ما تتأخر عن مدرستك‬
‫وكان رسول الله ‪ r‬كذلك ‪..‬‬ ‫مرة أخرى ‪ ..‬أفضل ‪..‬‬
‫كان إذا انصرف من صلة‬ ‫ما رأيك لو فعلت كذا ‪..‬‬
‫العصر ‪ ..‬دخل على نسائه واحدة‬ ‫أقترح عليك كذا وكذا ‪..‬‬
‫واحدة ‪..‬‬ ‫أحسن من قولك ‪..‬‬
‫فيدنو من إحداهن ‪ ..‬ويتحدث‬ ‫يا قليل الدب ‪ ..‬كم مرة‬
‫معها ‪..‬‬ ‫قلت لك ‪ ..‬أنت ما تفهم ‪..‬‬
‫فدخل على زينب بمن جحش ‪..‬‬ ‫إلى متى أعلمك ؟!!‬
‫فوجد عندها عسل ً ‪ ..‬وكان ‪r‬‬ ‫اجعله يحتفظ بماء وجهه ‪..‬‬
‫يحب العسل والحلواء ‪..‬‬ ‫ويشعر بقيمته حتى وهو‬
‫فاحتبس عندها أكثر ما كان‬ ‫مخطئ ‪..‬‬
‫يحتبس عند غيرها ‪..‬‬ ‫لن المقصود علج أخطائه ل‬
‫فغارت عائشة وحفصة ‪..‬‬ ‫النتقام منه أوإهانته ‪..‬‬
‫وتواصتا من دخل عليها تقول له‬ ‫يعني يا جماعة ‪ ..‬بالعبارة‬
‫‪:‬‬ ‫الصريحة ‪:‬‬
‫أجد منك ريح مغافير ‪ ..‬وهو‬ ‫ل أحد يحب أن يتلقى‬
‫شراب حلو يشبه العسل ‪ ..‬ولكن‬ ‫الوامر ‪..‬‬
‫له رائحة سيئة ‪..‬‬ ‫أراد ‪ ‬يوما ً أن يوجه عبد‬
‫وكان ‪ r‬يشتد عليه أن يوجد منه‬ ‫الله بن عمر للتعبد بصلة‬
‫الريح من بدنه أو فمه ‪ ..‬لنه‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫يناجي جبريل ‪ ..‬ويناجي‬ ‫فما دعاه وقال ‪ :‬يا عبد الله‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫قم الليل ‪..‬‬
‫فلما دخل على حفصة ‪ ..‬سألته‬ ‫وإنما قدم النصيحة على‬
‫ماذا أكل ؟‬ ‫شكل اقتراح ‪ ..‬وقال ‪ :‬نعم‬
‫فقال ‪ :‬شربت عسل ً عند‬ ‫الرجل عبد الله لو كان يقوم‬
‫زينب ‪..‬‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬إني أجد منك ريح‬ ‫وفي رواية قال ‪ :‬يا عبد الله‬
‫مغافير ‪..‬‬ ‫ل تكن مثل فلن ‪ ..‬كان‬
‫فقال ‪ :‬ل بل شربت عسل ً ‪..‬‬ ‫يقوم الليل ‪..‬‬
‫ولن أعود له ‪..‬‬ ‫بل إن استطعت أن تلفت‬
‫ثم قام ودخل على عائشة ‪..‬‬ ‫نظره إلى الخطاء من حيث‬
‫فقالت له عائشة مثل ذلك ‪..‬‬ ‫ل يشعر فهو أولى ‪..‬‬
‫ومضت اليام ‪ ..‬وكشف الله له‬ ‫عطس رجل عند عبد الله بن‬
‫‪189‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فأخذ الكتاب ‪ ..‬ومضى ‪ ..‬فقد‬ ‫القضية كلها ‪..‬‬
‫وصلت الرسالة ‪..‬‬ ‫وبعد أيام ‪ ..‬أسر إلى حفصة‬
‫وأذكر أن أن أحدهم كان يعود‬ ‫‪ ‬حديثا ً ‪ ..‬فأظهرته ‪..‬‬
‫إلى بيته ليل ً ‪ ..‬وينزع ثوبه ‪..‬‬ ‫فدخل عليها يوما ً ‪ ..‬وعندها‬
‫يعلقه على الشماعة ‪ ..‬وينام ‪..‬‬ ‫الشفاء بنت عبد الله ‪..‬‬
‫فتأتي زوجته ‪ ..‬وتفتح محفظة‬ ‫وكانت صحابية تتعلم‬
‫النقود ‪ ..‬ثم تأخذ الصرف‬ ‫الطب ‪ ..‬وتعالج الناس ‪..‬‬
‫الموجود ‪ ..‬من فئة الريال ‪..‬‬ ‫فقال ‪ ‬للشفاء ‪ :‬أل‬
‫والخمسة ‪..‬‬ ‫تعلمين هذه رقية النملة كما‬
‫فإذا استيقظ صباحا ً وذهب إلى‬ ‫علمتيها الكتابة ‪..‬‬
‫عمله ‪ ..‬واحتاج أن يحاسب في‬ ‫ورقية النملة كلم كانت‬
‫بقالة ونحوها ‪ ..‬لم يجد صرفا ً ‪..‬‬ ‫نساء العرب تقوله ‪ ..‬يعلم‬
‫فراقبها ‪ ..‬حتى فهم القضية ‪..‬‬ ‫كل من سمعه أنه كلم ل‬
‫فرجع إلى بيته يوما ً ‪ ..‬وقد جعل‬ ‫يضر ول ينفع ‪..‬‬
‫في جيبه ضفدعا ً ‪..‬‬ ‫ورقية النملة التي كانت‬
‫ونزع ثوبه كالعادة ‪ ..‬واضطجع‬ ‫تعرف بينهن أن يقال ‪:‬‬
‫كهيئة النائم ‪ ..‬وأخذ يشخر ‪..‬‬ ‫العروس تحتفل ‪ ..‬وتختضب‬
‫وهو يراقب الثوب ‪..‬‬ ‫وتكتحل ‪ ..‬وكل شيء تفتعل‬
‫فأقبلت زوجته لتأخذ ما‬ ‫‪ ..‬غير أن ل تعصي الرجل ‪..‬‬
‫يتيسر ‪..‬كالعادة !!‬ ‫فأراد ‪ r‬بهذا المقال تأنيب‬
‫أقبلت إلى الثوب تمشي‬ ‫حفصة والتأديب لها‬
‫رويدا ً ‪ ..‬أدخلت يدها بهدوووء ‪..‬‬ ‫تعريضا ً ‪ ..‬بأن تردد جملة ‪:‬‬
‫فلمست الضفدع ‪ ..‬فتحرك فجأة‬ ‫غير أن ل تعصي الرجل ‪..‬‬
‫‪ ..‬فصرخت ‪ :‬آآآآه‪ ..‬يدي ‪..‬‬ ‫أحد السلف استلف منه رجل‬
‫ففتح الزوج عينيه ‪ ..‬وقال ‪ :‬وأنا‬ ‫كتابا ً ‪ ..‬فرده إليه بعد أيام‬
‫‪ ..‬آآآه ‪ ..‬جيبي ‪..‬‬ ‫وعليه آثار طعام ‪ ..‬كأنه‬
‫ليتنا نستعمل هذا السلوب ‪..‬‬ ‫حمل عليه خبزا ً أو عنبا ً ‪..‬‬
‫مع جميع الناس ‪..‬‬ ‫فسكت صاحب الكتاب ‪..‬‬
‫أولدنا إذا وقعوا في أخطاء ‪..‬‬ ‫وبعد أيام جاءه صاحبه‬
‫ومع طلبنا ‪..‬‬ ‫يستعير منه كتابا ً آخر ‪..‬‬
‫نايف أحد الصدقاء ‪ ..‬كان له أم‬ ‫فأعطاه الكتاب في‬
‫صالحة ‪ ..‬ل ترضى ن يبقى في‬ ‫طبق ‪!!..‬‬
‫البيت صور أبدا ً ‪ ..‬لن الملئكة ل‬ ‫فقال الرجل ‪ :‬إنما أريد‬
‫تدخل بيتا ً فيه كلب ول صورة ‪..‬‬ ‫الكتاب ‪ ..‬فما بال الطبق ؟!‬
‫كان عندها طقلة صغيرة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬الكتاب لتقرأ فيه ‪..‬‬
‫دمى‬ ‫عندها ألعاب متنوعة ‪ ..‬إل ال ّ‬ ‫والطبق لتحمل عليه طعامك‬
‫‪ ..‬العرائس ‪..‬‬ ‫!!‬
‫‪190‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ربيعة ‪ ..‬الصحابي الجليل ‪..‬‬ ‫دمية ‪..‬‬ ‫أهدت إليها خالتها ُ‬
‫من سفر ‪ ..‬فأهدى لرسول الله‬ ‫عروسة ‪ ..‬وقالت لها ‪:‬‬
‫‪ r‬راوية خمر ‪ ..‬جرة كاملة‬ ‫العبي بها في غرفتك ‪..‬‬
‫مملوءة خمرا ً ‪..‬‬ ‫واحذري أن تراها أمك ‪..‬‬
‫نظر النبي ‪ ‬إلى الخمر‬ ‫وبعد يومين ‪ ..‬علمت الم ‪..‬‬
‫مستغربا ً ‪ ..‬والتفت إلى عامر بن‬ ‫فأرادت أن تقدم النصيحة‬
‫ربيعة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أما علمت أنها‬ ‫بأسلوب مناسب ‪..‬‬
‫قد حرمت ‪..‬؟‬ ‫جلسوا على الطعام ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬حرمت ؟! ل ‪ ..‬ما علمت يا‬ ‫فقالت أم نايف ‪ :‬يا‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫أولد ‪ !!..‬من يومين ‪ ..‬وأنا‬
‫قال ‪ :‬فإنها قد حرمت ‪..‬‬ ‫أشعر أن البيت ليس فيه‬
‫فحملها عامر ‪ ..‬فأسّر إليه‬ ‫ملئكة !! ل أدري لماذا‬
‫بعضهم بأن يبيعها ‪..‬‬ ‫خرجت ‪ ..‬ل حول ول قوة إل‬
‫فسمعه النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬ل ‪ ..‬إن‬ ‫بالله ‪..‬‬
‫الله إذا حرم شيئا ً ‪ ..‬حرم ثمنه ‪..‬‬ ‫والبنت الصغيرة تسمع وهي‬
‫فأخذها ‪ ‬فاهراقها على‬ ‫ساكته ‪..‬‬
‫)‪(72‬‬
‫التراب ‪..‬‬ ‫وبعد الغداء رجعت الصغيرة‬
‫وانتبه أن تمدح نفسك وأنت‬ ‫إلى غرفتها ‪ ..‬فإذا بين يديها‬
‫تنصح ‪ ..‬فترفع نفسك وتسحب‬ ‫ألعاب كثيرة ‪ ..‬والعروسة‬
‫المنصوح إلى القاع ‪ ..‬ل أحد‬ ‫من بينها ‪ ..‬فالتقطتها ‪..‬‬
‫يرضى بذلك ‪..‬‬ ‫وجاءت بها إلى الم وقال ‪:‬‬
‫ل‪ .. -‬إذا نصح‬‫بعض الباء – مث ً‬ ‫ماما ‪ ..‬هذه التيطردت‬
‫ولده بدأ يذكر أمجاده ‪..‬أنا كنت‬ ‫الملئكة ‪ ..‬افعلي بها‬
‫وكنت ‪ ..‬ولعل الولد يعلم تاريخ‬ ‫ماشئت !!‬
‫والده ‪!!..‬‬ ‫يعني دع المنصوح يحتفظ‬
‫بماء وجهه ‪ ..‬ويمكن أن‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫تأكل العسل من غير أن‬
‫الكلمة الطيبة ‪ ..‬صدقة ‪..‬‬ ‫تحطم الخلية ‪..‬‬
‫ل تنصحه كأنه قد كفر بفعله‬
‫‪ .56‬اختصر ‪ ..‬ول تجادل ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫يقولون ‪ :‬إن الناصح كالجلد ‪..‬‬ ‫بل وأحسن الظن به ‪..‬‬
‫وبقدر مهارة الجلد في الجلد ‪..‬‬ ‫واعتبر أنه وقع في الخطأ‬
‫يبقى اللم ‪..‬‬ ‫من غير قصد ‪ ..‬أو من غير‬
‫أقول ‪ :‬مهارة الجلد ‪ ..‬ل قوة‬ ‫أن يعلم ‪..‬‬
‫الجلد !!‬ ‫كانت الخمر في أول السلم‬
‫لم تحرم بعد ‪..‬‬
‫وفي يوم أقبل عامر بن‬
‫) ( رواه الطبراني‬ ‫‪72‬‬

‫‪191‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يا عمر ‪ ..‬إنك رجل قوي ‪ ..‬فل‬ ‫فالجلد العنيف الذي يضرب‬
‫تزاحمن عند الحجر ‪..‬‬ ‫بقوة ‪ ..‬يتألم المضروب‬
‫وكذلك كان العقلء بعده ‪..‬‬ ‫وقت وقوع السياط ‪ ..‬ثم ما‬
‫لقي أبو هريرة ‪ ‬الفرزدق‬ ‫يلبث حتى ينساها ‪..‬‬
‫الشاعر فقال ‪:‬‬ ‫أما الجلد الستاذ في صنعته‬
‫يا ابن أخي إني أرى قدميك‬ ‫‪..‬فقد ل يضرب بقوة ‪ ..‬لكنه‬
‫صغيرتين ‪ ..‬ولن تعدم لهما‬ ‫يعلم أن يوقع السوط ‪..‬‬
‫موضعا في الجنة ‪..‬‬ ‫كذلك الناصح ‪ ..‬ليست العبرة‬
‫يعني فاعمل لها ‪ ..‬ودع عنك‬ ‫بكثرة الكلم ‪ ..‬ول طول‬
‫قذف لمحصنات في شعرك ‪..‬‬ ‫النصيحة ‪..‬‬
‫وعمر ‪ .. ‬كان على فراش‬ ‫وإنما بأسلوب الناصح ‪..‬‬
‫الموت ‪ ..‬فجعلوا الناس يثنون‬ ‫فاختصر قدر المستطاع ‪..‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫إذا أردت أن تنصحه فل تلق‬
‫وجاء شاب فقال ‪ :‬أبشر يا أمير‬ ‫عليه محاضرة ‪!!..‬‬
‫المؤمنين ببشرى الله لك من‬ ‫خاصة إذا كان المر متفقا ً‬
‫صحبة رسول الله ‪ .. ‬وقدم‬ ‫عليه ‪ ..‬كمن تنصحه عن‬
‫في السلم ما قد علمت ‪ ..‬ثم‬ ‫الغضب ‪ ..‬أو شرب الخمر ‪..‬‬
‫وِليت فعدلت ‪ ..‬ثم شهادة ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫أو ترك الصلة ‪ ..‬أو عقوق‬
‫فقال عمر ‪ :‬وددت أن ذلك‬ ‫الوالدين ‪ ..‬الخ ‪..‬‬
‫كفاف ل علي ول لي ‪..‬‬ ‫تأملت النصائح النبوية‬
‫فلما أدبر الشاب ‪ ..‬فإذا إزاره‬ ‫الشخصية المباشرة ‪..‬‬
‫يمس الرض ‪ ..‬مسبل ‪..‬‬ ‫فوجدتها ل تزيد الواحدة‬
‫فأراد عمر ‪ ‬أن يقدم النصيحة‬ ‫منها عن سطر واحد ‪ ..‬أو‬
‫للشاب ‪..‬‬ ‫سطرين ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ردوا علي الغلم ‪..‬‬ ‫اسمع ‪ :‬يا علي ‪ ..‬ل تتبع‬
‫فلما وقف الشاب بين يديه ‪..‬‬ ‫النظرة النظرة ‪ ..‬فإن لك‬
‫قال ‪ :‬يا بن أخي ‪ ..‬ارفع ثوبك ‪..‬‬ ‫الولى وليست لك الثانية ‪..‬‬
‫فإنه أنقى لثوبك ‪ ..‬وأتقى لربك‬ ‫انتهى ‪ ..‬نصيحة باختصار ‪..‬‬
‫)‪.. (73‬‬ ‫يا عبد الله بن عمر ‪ ..‬كن‬
‫انتهى ‪ ..‬باختصار ‪ ..‬الرسالة‬ ‫في الدنيا كأنك غريب ‪ ..‬أو‬
‫وصلت ‪..‬‬ ‫عابر سبيل ‪..‬‬
‫واترك الجدال قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫انتهى ‪..‬‬
‫خاصة إذا شعرت أن الذي أمامك‬ ‫يا معاذ ‪ ..‬والله إني أحبك ‪..‬‬
‫يكابر ‪ ..‬فالمقصود إيصال‬ ‫فل تدعن في دبر كل صلة‬
‫النصيحة إليه ‪..‬‬ ‫أن تقول ‪ :‬اللهم أعني على‬
‫وقد ذم الله الجدال ‪ ) :‬ما‬ ‫ذكرك ‪ ..‬وشكرك ‪ ..‬وحسن‬
‫عبادتك ‪..‬‬
‫) ( البخاري‬ ‫‪73‬‬

‫‪192‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تنصح ‪..‬‬ ‫ضربوه لك إل جدل ً ( ‪..‬‬
‫وحتى لو تكلم بكلم خاطئ ‪..‬‬ ‫وقال ‪ : ‬ما ضل قوم بعد‬
‫فيمكن أن تعالج خطأه من حيث‬ ‫هدى كانوا عليه ‪ ..‬إل أوتوا‬
‫ل يشعر ‪..‬‬ ‫الجدل ‪..‬‬
‫كأن تقول ‪ :‬صحيح ‪ ..‬وأنا معك‬ ‫وقال ‪ :‬أنا زعيم لبيت في‬
‫أن النسان يفقد أعصابه غصبا ً‬ ‫ربض الجنة لمن ترك الجدال‬
‫عنه ‪..‬‬ ‫وإن كان محقا ً ‪..‬‬
‫وأثن عليه ‪ ..‬ثم قل ‪ :‬ولكن ‪..‬‬ ‫أحيانا ً يقتنع الشخص‬
‫ثم انسف كلمه إن كان خاطئا ً ‪..‬‬ ‫بالفكرة ‪ ..‬لكن أكثر النفوس‬
‫فيها أنفة وكبر ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫) وجحدوا بها واستيقنتها‬
‫نبه على الخطأ ‪ ..‬ول تلق‬ ‫أنفسهم ظلما ً وعلوا ً ( ‪..‬‬
‫محاضرة ‪..‬‬ ‫فالغاية عندك أنت أصل ً أن‬
‫يعرف الخطأ ليتجنبه في‬
‫ل تبال بكلم الخلق ‪..‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫المرة القادمة ‪ ..‬وليس‬
‫أعجبتني عبارة رددها ابني عبد‬ ‫الغاية أن تنتصر أنت عليه ‪..‬‬
‫الرحمن يوما ً ‪ ..‬وأظنه في ذلك‬ ‫فلستما في حلبة مصارعة ‪..‬‬
‫السن لم يكن يفقه معناها‪..‬‬ ‫دخل النبي ‪ ‬على علي‬
‫عش‬ ‫كان يقول ‪ :‬طّنش ت ِ‬ ‫وفاطمة ‪ .. ‬ليل ً ‪..‬‬
‫عش ‪!!..‬‬ ‫َتـْنـَتـ ِ‬ ‫فقال لهما ‪ :‬أل تصليان ‪..‬‬
‫تأملت في هذه العبارة وأنا‬ ‫أي أل تقوما الليل ‪..‬‬
‫ألحظ حولي انتقادات الناس ‪..‬‬ ‫فقال علي ‪ :‬أنفسنا بيد‬
‫وآراءهم ‪ ..‬وأحاديثهم ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬متى شاء أن يبعثنا ‪..‬‬
‫فوجدت أن الناس في كلمهم‬ ‫بعثنا ‪..‬‬
‫وذمهم لنا يتنوعون ‪..‬‬ ‫فولهما النبي ‪ ‬ظهره ‪..‬‬
‫فيهم الناصح الصادق الذي ل‬ ‫ومضى وهو يضرب بيده‬
‫يتقن فن النصيحة ‪ ..‬وبالتالي‬ ‫على فخذه ويقول ‪ :‬وكان‬
‫يحزنك بأسلوب نصحه أكثر مما‬ ‫النسان أكثر شيء جدل ً ‪..‬‬
‫يفرحك ‪..‬‬ ‫)‪.. (74‬‬
‫وفيهم الحاسد ‪ ..‬الذي يقصد‬ ‫وأحيانا ً قد يذكر المنصوح ‪..‬‬
‫حزنك وهمك ‪..‬‬ ‫كلما ً يعتذر به ‪ ..‬وهو ليس‬
‫وفيهم قليل الخبرة ‪ ..‬الذي‬ ‫عذرا ً مقنعا ً لكنه يقوله‬
‫يهذي بما ل يدري ‪ ..‬ولو سكت‬ ‫‪..‬ليحفظ ماء وجهه ‪..‬‬
‫لكان خيرا ً له ‪..‬‬ ‫فكن سمحا ً ‪..‬‬
‫وفيهم من طبيعته النتقاد‬ ‫ول تغلق عليه البواب بل‬
‫أصل ً ‪ ..‬فهو ينظر للحياة بنظارة‬ ‫أبقها مفتوحة أمامه وأنت‬
‫سوداء ‪..‬‬ ‫) (‬ ‫‪74‬‬

‫‪193‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ودخل تحت الحمار ‪ ..‬وحمله ‪!!..‬‬ ‫وقديما ً قيل ‪ :‬لو اتحدت‬
‫ولو رأيت جحا وقتها لقلت له ‪:‬‬ ‫الذواق لبارت السلع ‪..‬‬
‫يا حبيب القلب ‪ ..‬افعل ما‬ ‫ذكروا أن جحا ركب على‬
‫تشاء ‪ ..‬ول تبال بكلم الخلق ‪..‬‬ ‫حمار ‪ ..‬وولده يمشي‬
‫فرضا الناس غاية ل تدرك ‪..‬‬ ‫بجانبه ‪..‬‬
‫ومــن الــذي ينجــو مــن النــاس‬ ‫فمروا بناس ‪ ..‬فقال‬
‫سالما ً‬ ‫الناس ‪ :‬انظروا لهذا الب‬
‫ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر‬ ‫الغليظ يركب مرتاحا ً ‪ ..‬ويدع‬
‫‪..‬‬ ‫ولده يمشي في الشمس ‪..‬‬
‫بعض الناس ‪ ..‬ل يفكر في رأيه‬ ‫سمعهم جحا ‪ ..‬فأوقف‬
‫قبل أن يطرحه ‪..‬‬ ‫الحمار ‪ ..‬ونزل ‪ ..‬وأركب‬
‫يأتيك بعدما تتزوج ‪ ..‬ويقول ‪..‬‬ ‫ولده ‪..‬‬
‫ليش تخطب فلنة ؟‬ ‫ثم مشيا ‪ ..‬وجحا يشعر بنوع‬
‫وكأني بك ‪ ..‬تتمنى أن تصرخ‬ ‫من الزهو ‪..‬‬
‫في وجهه وتقول ‪ :‬يا أخي‬ ‫فمرا بقوم آخرين ‪ ..‬فقال‬
‫تزوجت ‪ ..‬خلص ‪ ..‬انتهى‬ ‫أحدهم ‪ :‬انظروا إلى هذا‬
‫الموضوع ‪ ..‬ما أحد طلب منك‬ ‫البن العاق ‪ ..‬يركب ويدع‬
‫اقتراحات ‪..‬‬ ‫أباه يمشي في الشمس ‪..‬‬
‫أو يأتيك وقد بعت سيارتك ‪..‬‬ ‫سمعهم جحا ‪..‬‬
‫فيقول ‪ ..‬ليتك أخبرتني ‪ ..‬فلن‬ ‫فأوق الحمار ‪ ..‬ثم ركب مع‬
‫كان سيعطيك أكثر ‪..‬‬ ‫ولده ‪ ..‬ليتقو كلم الناس‬
‫يا أخي ‪ ..‬بس !! الرجال باع‬ ‫وانتقاداتهم ‪..‬‬
‫سيارته ‪ ..‬خلص وانتهى ‪ ..‬ل‬ ‫فمرا بقوم ‪ ..‬فقالوا ‪:‬‬
‫تشغله باللتفات وراءه !!‬ ‫انظروا إلى هذين‬
‫وعموما ً ‪..‬‬ ‫الغليظين ‪ ..‬ل يرحمون‬
‫ليس يخلو المرء من ضد ولو **‬ ‫الحيوان ‪..‬‬
‫طلب العزلة في‬ ‫فنزل جحا ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا ولدي‬
‫رأس جبل ‪!!..‬‬ ‫‪ ..‬انزل ‪..‬‬
‫فل تعذب نفسك ‪..‬‬ ‫فنزل الولد وجعل يمشي‬
‫بجانب أبيه ‪ ..‬والحمار ليس‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫فوقه أحد ‪..‬‬
‫قال أحد السلف ‪ :‬من جعل دينه‬ ‫فمرا بقوم ‪ ..‬فقالوا ‪:‬‬
‫عرضة للخصومات ‪ ..‬أكثر التنقل‬ ‫انظروا إلى هذين السفيهين‬
‫!!‬ ‫‪ ..‬يمشيان والحمار فارغ ‪..‬‬
‫وهل خلق الحمار إل‬
‫ابتسم ‪ ..‬ثم ابتسم ‪..‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫لُيركب ‪..‬‬
‫ثم ابتسـ ‪ ..‬ثم أبتـ ‪..‬‬ ‫فصرخ جحا وجّر ولده معه ‪..‬‬
‫‪194‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والتبسم ‪..‬‬ ‫أعرفه منذ سنين ‪ ..‬فهو أحد‬
‫كان أنس بن مالك ‪ ‬يمشي مع‬ ‫زملئي في عملي ‪ ..‬على‬
‫النبي ‪ r‬يومًا‪ ..‬والنبي ‪ ‬عليه‬ ‫كل حال ‪..‬‬
‫ُبرد نجراني غليظ الحاشية ‪..‬‬ ‫لكن هل تصدق أنني إلى‬
‫فلحقهما أعرابي ‪..‬‬ ‫الن ل أدري هل نبتت له‬
‫أقبل هذا العرابي يجري وراء‬ ‫أسنان أم ل !!‬
‫النبي ‪ ‬يريد أن يلحق به ‪..‬‬ ‫دائم التجهم ‪ ..‬والعبوس ‪..‬‬
‫حتى إذا اقترب منه ‪..‬‬ ‫وكأنه إذا ابتسم نقص‬
‫جبذه بردائه جبذة شديدة ‪..‬‬ ‫ل ماله !!‬ ‫عمره ‪ ..‬أو ق ّ‬
‫فتحرك الرداء بعنف على رقبة‬ ‫قال جرير بن عبد الله‬
‫النبي ‪.. r‬‬ ‫البجلي ‪ :‬ما رآني رسول الله‬
‫قال أنس ‪ :‬حتى نظرت إلى‬ ‫‪ ‬إل تبسم في وجهي ‪..‬‬
‫صفحة عاتق رسول الله ‪ .. r‬قد‬ ‫البتسامة أنواع ‪ ..‬ومراتب ‪..‬‬
‫أثرت بها حاشية الُبرد من شدة‬ ‫فمنها البشاشة الدائمة ‪ ..‬أن‬
‫يكون وجهك صبوحا ً مبتهجا ً‬
‫جبذته ‪..‬‬
‫فماذا يريد هذا الرجل ؟! لعل‬ ‫دائما ً ‪..‬‬
‫بيته يحترق وأقبل يريد معونة ‪..‬‬ ‫فلو كنت مدرسا ً ودخلت‬
‫أو أحاطت بهم غارة من‬ ‫الفصل على طلبك ‪..‬‬
‫المشركين ‪..‬‬ ‫فالقهم بوجه بشوش ‪..‬‬
‫اسمع ماذا يريد ‪ ..‬قال ‪ :‬يا محمد‬ ‫ركبت طائرة ‪ ..‬ومشيت في‬
‫‪ ) ..‬لحظ لم يقل ‪ :‬يا رسول‬ ‫الممر والناس ينظرون‬
‫الله ( ‪..‬‬ ‫إليك ‪ ..‬كن بشوشا ً ‪..‬‬
‫مر لي من مال‬ ‫قال ‪ :‬يا محمد ‪ُ ..‬‬ ‫دخلت بقالة ‪ ..‬أو محطة‬
‫الله الذي عندك ‪ ..‬فالتفت‬ ‫وقود ‪ ..‬مددت له الحساب ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. r‬ثم ضحك ‪ ..‬ثم‬ ‫ابتسم ‪..‬‬
‫أمر له بعطاء ‪..‬‬ ‫في المجلس ‪ ..‬ودخل شخص‬
‫وسلم بصوت عال ‪ ..‬ومر‬
‫نعم ‪ ..‬كان ‪ r‬بطل ً ل تستفزه‬
‫بنظره على الجالسين ‪..‬‬
‫مثل هذه التصرفات ‪ ..‬ول‬
‫ابتسم ‪..‬‬
‫يعاقب أو تثور أعصابه على‬
‫دخلت على مجموعة ‪..‬‬
‫التافهات ‪..‬‬
‫وصافحتهم ‪ ..‬ابتسم ‪..‬‬
‫كان واسع البطان ‪ ..‬قويا ً يضبط‬
‫وعموما ً ‪ :‬البتسامة لها من‬
‫أعصابه ‪ ..‬دائم البتسامة حتى‬
‫التأثير الكبير في امتصاص‬
‫في أحلك الظروف ‪ ..‬يفكر في‬
‫الغضب والشك والتردد ‪ ..‬ما‬
‫عواقب المور قبل أن يفعلها ‪..‬‬
‫ل يشاركها غيرها ‪..‬‬
‫وماذا يفيد لو أنه صرخ بالرجل‬
‫البطل هو الذي يستطيع‬
‫أو طرده ‍!‬
‫التغلب على عواطفه ‪..‬‬
‫هل سيشفى جرح عنقه ! أو‬
‫‪195‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فتركه ‪ ..‬فانطلق به عبد الله‬ ‫يصلح أدب الرجل ! كل ‪..‬‬
‫إلى رحله وأصحابه ‪ ..‬فأكلوه ‪..‬‬ ‫إذن ليس مثل الصبر‬
‫وأخيرا ً ‪ ..‬تبسمك في وجه أخيك‬ ‫والتحمل ‪..‬‬
‫صدقة ‪..‬‬ ‫نعم بعض المور نثور لها‬
‫قال لي ‪:‬‬ ‫ونغضب ‪ ..‬وعلجها شيء‬
‫فلن سحرني بأخلقه ‪ ..‬حتى‬ ‫آخر تماما ً ‪..‬‬
‫تعلقت به نفسي ‪ ..‬قلت ‪ :‬لم ؟!‬ ‫وصدق ‪ ‬لما قال ‪ :‬ليس‬
‫قال ‪ :‬دائما ً بشوش ‪ ..‬وما رآني‬ ‫الشديد بالصرعة ‪ ..‬إنما‬
‫إل تبسم !!‬ ‫الشديد الذي يملك نفسه‬
‫عند الغضب ‪..‬‬
‫الخطوط الحمر ‪..‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫كان النبي الكريم ‪.. ‬‬
‫كان من طلبي في الجامعة‪..‬‬ ‫يجذب الناس بالتبسم‬
‫كان واسع الثقافة ‪ ..‬حريصا ً‬ ‫والبشاشة ‪..‬‬
‫على تكوين علقات مع الناس ‪..‬‬ ‫خرجو إلى غزوة خيبر ‪..‬‬
‫لكنه كان ثقيل الدم عليهم ‪..‬‬ ‫وفي أثناء القتال ‪..‬‬
‫جاءني يوما ً ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫وقع من حصن اليهود جراب‬
‫يا دكتور ‪ ..‬زملئي يغضبون مني‬ ‫فيه شحم ‪ ..‬قربة كاملة‬
‫دائما ً ‪ ..‬ل يتحملون مزحي ‪..‬‬ ‫مملوءة سمنا ً ‪..‬‬
‫قلت في نفسي ‪ :‬أنا ل أحتملك‬ ‫حمله عبد الله بن مغفل ‪‬‬
‫ساكتا ً ‪ ..‬فكيف أحتملك‬ ‫على عاتقه فرحا ً ومضى به‬
‫متكلما ً ‪..‬؟! خاصة إذا كنت‬ ‫إلى رحله وأصحابه ‪..‬‬
‫تستخف دمك وتمزح ‪!..‬‬ ‫فلقيه الرجل المسئول عن‬
‫سألته ‪ :‬لماذا ل يحتملون‬ ‫جمع الغنائم وترتيبها ‪..‬‬
‫مزحك ؟! أعطني مثال ً ‪..‬‬ ‫فجذب الجراب إليه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬عطس أحدهم فقلت ‪:‬‬ ‫ت هذا نقسمه بين‬ ‫ها ِ‬
‫ت ( ‪..‬‬‫الله يلعنك ‪ ) ..‬ثم سك ّ‬ ‫المسلمين ‪..‬‬
‫فلما غضب ‪ ..‬أكملت قائل ً ‪ :‬يا‬ ‫فتعلق به عبد الله ‪ :‬ل‬
‫إبليس ‪ ..‬ويرحمك يا فلن ‪!!..‬‬ ‫والله ‪ ..‬ل أعطيكه ‪ ..‬أنا‬
‫مسكين كان يظن نفسه بذلك ‪..‬‬ ‫أصبته ‪..‬‬
‫خفيف الدم!!‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬وجعل يتجاذبا‬
‫الناس مهما قبلوا مزاحك‬ ‫الجراب ‪..‬‬
‫ومداعباتك ‪ ..‬إل أنه تبقى هناك‬ ‫فمر بهما رسول الله ‪.. r‬‬
‫خطوط حمراء ل يحبون أن‬ ‫فرآهما ‪ ..‬وهما يتجاذبان‬
‫تتعداها ‪..‬‬ ‫الجراب ‪..‬‬
‫خاصة إذا كان ذلك أمام‬ ‫فتبسم ‪ r‬ضاحكا ً ‪ ..‬ثم قال‬
‫الخرين ‪..‬‬ ‫لصاحب المغانم ‪:‬‬
‫بعض الناس ل يراعي ذلك ‪..‬‬ ‫ل أبالك ‪ ..‬خل بينه وبينه ‪..‬‬
‫‪196‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فيدعوهم إلى السلم ‪..‬‬ ‫فتجد أنه يعتدي على‬
‫فخاف عليه ‪ ..‬وقال له ‪ :‬إنهم‬ ‫حاجاتهم ‪..‬‬
‫قاتلوك ‪..‬‬ ‫فمثل ً من باب ) الميانة (‬
‫وعرف ‪ r‬أن قبيلة ثقيف فيهم‬ ‫يأخذ هاتفك الجوال ويتصل‬
‫نخوة المتناع ‪ ..‬والصرامة في‬ ‫به كما يريد ‪ ..‬أو ربما أرسل‬
‫التعامل ‪ ..‬حتى لو كان مع‬ ‫رسائل إلى أشخاص أنت ل‬
‫رئيسهم ‪..‬‬ ‫ترغب أن يظهر رقم هاتفك‬
‫فقال عروة ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬أنا‬ ‫عندهم ‪..‬‬
‫أحب إليهم من أبكارهم ‪..‬‬ ‫أو يأخذ سيارتك بغير إذنك ‪..‬‬
‫وأبصارهم ‪..‬‬ ‫أو يحرجك بطلبها حتى تأذن‬
‫وكان محببا ً مطاعا ً فيهم ‪..‬‬ ‫على مضض ‪..‬‬
‫فخرج يدعو قومه إلى السلم‬ ‫أو تجد مجموعة طلب في‬
‫رجاء أن ل يخالفوه ‪ ..‬لعظم‬ ‫يسكنون في شقة واحدة ‪..‬‬
‫منزلته فيهم ‪..‬‬ ‫يستيقظ أحدهم ليذهب إلى‬
‫فلما وصل إلى ديار قومه ‪..‬‬ ‫جامعته ‪ ..‬فيجد أن معطفه‬
‫رقى على مرتفع وصاح بهم‬ ‫لبسه فلن ‪ ..‬وحذاءه في‬
‫حتى اجتمعوا ‪ ..‬وهو سيدهم ‪..‬‬ ‫رجل فلن ‪..‬‬
‫فدعاهم إلى السلم ‪ ..‬وأظهر‬ ‫ومن تعدي الخطوط الحمراء‬
‫لهم أنه أسلم ‪ ..‬وجعل يردد ‪:‬‬ ‫أنك ‪ ..‬تجد بعض الناس يحرج‬
‫أشهد أن ل إله إل الله وأشهد‬ ‫صاحبه بمزحة ثقيلة أو‬
‫أن محمدا ً رسول الله ‪..‬‬ ‫سؤال محرج في مجلس عام‬
‫فلما سمعوا منه ذلك ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫صاحوا ‪ ..‬وثاروا أن يتركوا‬ ‫والشخص مهما بلغ من‬
‫آلهتهم ‪..‬‬ ‫المحبة لك ‪ ..‬إل أنه يبقى‬
‫ورموه بالنبل من كل جهة ‪..‬‬ ‫بشرا ً يرضى ويغضب ‪..‬‬
‫حتى وقع صريعا ً ‪.. t‬‬ ‫ويفرح ويسخط ‪..‬‬
‫فأقبل إليه أبناء عمه ‪ ..‬وهو‬ ‫لما أقبل رسول الله ‪ r‬إلى‬
‫ينازع الموت ‪..‬‬ ‫المدينة راجعا ً من تبوك ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬يا عروة ‪ :‬ما ترى في‬ ‫قدم عليه في ذلك الشهر‬
‫دمك ؟‬ ‫عروة بن مسعود الثقفي ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬كرامة أكرمني الله بها ‪..‬‬ ‫وكان سيدا ً جليل القدر ‪..‬‬
‫وشهادة ساقها الله إلي ‪..‬‬ ‫رفيع المكانة عند قومه‬
‫ي إل ما في الشهداء‬ ‫فليس ف ّ‬ ‫ثقيف ‪..‬‬
‫الذين قتلوا مع رسول الله ‪.. r‬‬ ‫فأدرك النبي ‪ ‬قبل أن‬
‫فل تقتتلوا لجلي ‪ ..‬ول تأخذوا‬ ‫يصل إلى المدينة ‪..‬‬
‫بثأري من أحد ‪..‬‬ ‫فأسلم ‪..‬‬
‫فقيل إن النبي ‪ .. ‬لما بلغه‬ ‫وسأله أن يرجع إلى قومه‬
‫‪197‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يروع مسلما ً ‪..‬‬
‫)‪(76‬‬
‫خبر مقتله ‪..‬‬
‫ومثله الذي يمزح فيراك أوقفت‬ ‫قال فيه ‪ :‬إن مثله في قومه‬
‫سيارتك عند بقالة – مثل ً ‪ -‬وهي‬ ‫‪ ..‬كمثل صاحب ياسين في‬
‫تشتغل فيأتي ويقودها ‪..‬‬ ‫قومه ‪..  ..‬‬
‫ً‬
‫ويوهمك أنها سرقت ‪ ..‬مازحا‪..‬‬ ‫فانتبه ! الناس لهم‬
‫قد يجاملك صاحبك ويضحك‬ ‫أحاسيس مهما بلغت في‬
‫أحيانا ً على مزحة مروعة ‪ ..‬لكنه‬ ‫القرب منهم ‪ ..‬وإن كانوا‬
‫متألم ‪..‬‬ ‫في منزلة الخ والولد ‪..‬‬
‫ولربما صبر الحليم على الذى‬ ‫لذا نبه النبي ‪ ‬على ذلك ‪..‬‬
‫وفؤاده من‬ ‫فنهى عن ترويع المؤمن ‪..‬‬
‫حره يتأوه‬ ‫كان ‪ ‬يوما ً يسير مع‬
‫ولربما شكل الحليم لسانه‬ ‫أصحابه ‪..‬‬
‫حذر الكلم‬ ‫وكان كل واحد منهم معه‬
‫وإنه لمفوه‬ ‫متاعه ‪ ..‬سلحه ‪ ..‬فراشه ‪..‬‬
‫طعامه ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫نزلوا منزل ً ‪ ..‬فنام رجل‬
‫كل ما زاد عن حده ‪ ..‬انقلب‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫ضده ‪ ..‬وكم مزحة انتهت شجارا ً‬ ‫فأقبل صاحبه إلى حبل معه‬
‫!!‬ ‫فأخذه ‪ ..‬مازحا ً ‪..‬‬
‫فاستيقظ الرجل ‪ ..‬فوجد‬
‫حفظ السر ‪..‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫متاعه ناقصا ً ‪ ..‬ففزع ‪..‬‬
‫ر جاوز‬ ‫اشتهر قديما ً ‪ :‬كل س ٍ‬ ‫وأخذ يبحث عن حبله ‪..‬‬
‫الثنين ‪ ..‬شاع ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬ل يحل لمسلم أن‬
‫ومن اللطائف أن أحدهم سئل ‪:‬‬ ‫يروع مسلما ً )‪.. (75‬‬
‫من الثنين ؟ فأشار إلى‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬
‫شفتيه ‪ ..‬وقال ‪ :‬هذان !!‬ ‫كانوا يسيرون مع النبي ‪‬‬
‫ل أذكر أني همست في أذن أحد‬ ‫في مسير ‪..‬‬
‫من الناس بسّر ‪ ..‬واستأمنته‬ ‫فنعس رجل وهو على‬
‫إياه ‪ ..‬ثم فاجأني قائل ً ‪ :‬يا‬ ‫راحلته ‪..‬‬
‫محمد ‪ ..‬اسمح لي ل أستطيع أن‬ ‫فغافله صاحبه وانتزع سهما ً‬
‫أكتمه ‪..‬‬ ‫من كنانته ‪..‬‬
‫بل كل شخص يضرب بيده صدره‬ ‫فشعر الرجل بمن يعبث‬
‫‪ ..‬ويقول ‪ :‬والله لو وضعوا‬ ‫بسلحه ‪ ..‬فانتبه فزعا ً‬
‫الشمس في يميني ‪ ..‬والقمر‬ ‫مذعورا ً ‪..‬‬
‫في شمالي ‪ ..‬أو السيف على‬ ‫فقال ‪ : ‬ل يحل لرجل أن‬
‫رقبتي ‪ ..‬على أن أخبر بسرك ‪..‬‬
‫) ( رواه الطبراني وغيره‬ ‫‪76‬‬
‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪75‬‬

‫‪198‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وفي ليلة من الليالي رأت عاتكة‬ ‫ما أخبرت !!‬
‫بنت عبد المطلب ‪ ..‬رؤيا‬ ‫ثم إذا اطمأننت ووثقت ‪..‬‬
‫أفزعتها ‪ ..‬فلما أصبحت بعثت‬ ‫وكشفت له أسرارك ‪ ..‬تصّبر‬
‫إلى أخيها العباس بن عبد‬ ‫شهرين أو ثلثة ‪ ..‬ثم حدث‬
‫المطلب ‪ ..‬فقالت له ‪:‬‬ ‫به ‪ ..‬فل يزال ُيتناقل حتى‬
‫يا أخي ‪ ..‬والله لقد رأيت الليلة‬ ‫يصلك ‪..‬‬
‫رؤيا أفظعتني ‪ ..‬وتخوفت أن‬ ‫فوجدت أن سرك ل ينبغي‬
‫يدخل على قومك منها شر‬ ‫أن يجاوز شفتيك ‪ ..‬فل‬
‫ي ما‬‫ومصيبة ‪ ..‬فاكتم عل ّ‬ ‫تكلف الناس ما ل‬
‫أحدثك ‪ ..‬ول تحدث به أحدا ً ‪..‬‬ ‫يطيقون ‪..‬‬
‫قال لها ‪ :‬نعم ‪ ..‬وما رأيت ؟‬ ‫إذا ضاق صدر المرء عن سر‬
‫قالت ‪ :‬رأيت راكبا ً أقبل على‬ ‫نفسه‬
‫بعير ‪ ..‬حتى وقف بوادي‬ ‫فصدر الذي‬
‫"البطح" ‪ ..‬ثم صرخ بأعلى‬ ‫يستودع السر أضيق‬
‫صوته ‪ :‬أل انفروا يا آل غدر إلى‬ ‫جربت كثيرا ً من الناس ‪..‬‬
‫مصارعكم في ثلث ‪!..‬‬ ‫فوجدتهم كذلك ‪..‬‬
‫فأرى الناس قد اجتمعوا إليه ‪..‬‬ ‫والمشكلة أنك تأتيهم على‬
‫ثم مضى فدخل المسجد والناس‬ ‫سبيل الستشارة ‪..‬‬
‫يتبعونه ‪..‬‬ ‫فيشيرون عليك ‪ ..‬ثم‬
‫فبينما هم حوله ‪ ..‬إذ صعد به‬ ‫يفضحون سرك ‪..‬‬
‫بعيره فوق الكعبة ‪ ..‬ثم صرخ‬ ‫فيسقطون من عينك ‪..‬‬
‫بمثلها ‪ :‬انفروا يا آل غدر إلى‬ ‫ويصبحون من أبغض الناس‬
‫مصارعكم في ثلث ‪..‬‬ ‫إليك ‪..‬‬
‫ثم صعد به بعيره على رأس جبل‬ ‫ومن أعجب ما في التاريخ ‪..‬‬
‫أبي قبيس ‪ ..‬فصرخ بمثلها ‪:‬‬ ‫أنه قبل معركة بدر ‪..‬‬
‫انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم‬ ‫لما سمع النبي ‪ .. ‬بقافلة‬
‫في ثلث ‪..‬‬ ‫قريش مقبلة وأراد قتالها ‪..‬‬
‫ثم أخذ صخرة فقذفها من أعلى‬ ‫خرج ‪ r‬إليها مع أصحابه ‪..‬‬
‫الجبل ‪ ..‬فأقبلت تهوي من فوق‬ ‫فلما شعر بهم أبو سفيان ‪..‬‬
‫الجبل ‪ ..‬حتى إذا كانت بأسفل‬ ‫استأجر رجل ً اسمه ضمضم‬
‫الجبل تكسرت ‪..‬‬ ‫بن عمرو الغفاري ‪ ..‬وقال‬
‫فما بقي بيت من بيوت مكة إل‬ ‫اذهب وأخبر قريشا ً بالخبر ‪..‬‬
‫دخلته كسرة من الصخرة ‪..‬‬ ‫فمضى ضمضم ‪ ..‬مسرعا ً‬
‫فاضطرب العباس وقال ‪ :‬والله‬ ‫إلى مكة ‪ ..‬كان وصوله مكة‬
‫إن هذه لرؤيا !‬ ‫يحتاج أن يسير أياما ً ‪..‬‬
‫ثم خشي أن تنتشر فيصيبه‬ ‫وأهل مكة ل يدرون عن‬
‫أذى ‪ ..‬فقال لها محذرا ً ‪ :‬وأنت‬ ‫شيء من ذلك ‪..‬‬
‫‪199‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه‬ ‫فاكتميها ل تذكريها لحد ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬انفروا في ثلث ‪..‬‬ ‫ثم خرج العباس منشغل‬
‫فسننتظر بكم ثلثة أيام ‪..‬‬ ‫البال بأمر هذه الرؤيا ‪..‬‬
‫فإن يك حقا ً ما تقول ‪..‬‬ ‫فلقي الوليد بن عتبة وسط‬
‫فسيكون ‪..‬‬ ‫الطريق ‪ ..‬وكان له صديقا ً ‪..‬‬
‫وإن تمض الثلث ولم يكن من‬ ‫فحدثه بالرؤيا ‪ ..‬وقال له ‪:‬‬
‫ذلك شئ نكتب عليكم كتابا ً أنكم‬ ‫اكتمها ‪ ..‬فل تخبر بها أحدا ً ‪..‬‬
‫أكذب أهل بيت العرب ‪..‬‬ ‫فمضى الوليد ‪..‬‬
‫فاضطرب العباس ‪ ..‬وما رد عليه‬ ‫فلقي ابنه عتبة فحدثه بها ‪..‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وجحد الرؤيا ‪ ..‬وأنكر أن‬ ‫ثم لم يمض سويعات ‪..‬‬
‫تكون رأت شيئا ً ‪..‬‬ ‫حتى حدث بها عتبة ‪ ..‬ثم‬
‫ثم تفرقوا ‪..‬‬ ‫تناقلها الناس ‪ ..‬وفشا‬
‫فلما أقبل العباس إلى بيته ‪..‬‬ ‫الحديث بها في أهل مكة ‪..‬‬
‫لم تبق امرأة من بني عبد‬ ‫حتى تحدثت بها قريش في‬
‫المطلب ‪ ..‬إل جاءت إليه‬ ‫مجالسها ‪..‬‬
‫غاضبة ‪ ..‬تقول ‪ :‬أقررتم لهذا‬ ‫وفي الضحى ذهب العباس‬
‫الفاسق الخبيث أن يقع في‬ ‫ليطوف بالكعبة ‪..‬‬
‫رجالكم ‪ ..‬ثم قد تناول النساء‬ ‫فإذا أبو جهل جالس في‬
‫وأنت تسمع ‪ ..‬أما فيكم حمية ‪..‬‬ ‫هط من قريش ‪ ..‬في ظل‬ ‫َر ْ‬
‫فاحتمى العباس ‪ ..‬وثار ‪..‬‬ ‫الكعبة ‪ ..‬يتحدثون برؤيا‬
‫وقال ‪ :‬والله ‪ ..‬لئن عاد أبو جهل‬ ‫عاتكة !!‬
‫إلى مثل كلمه ‪ ..‬لفعلن‬ ‫س‬
‫فلما رأى أبو جهل العبا َ‬
‫وأفعلن ‪..‬‬ ‫قال ‪:‬‬
‫فلما كان اليوم الثالث ‪ ..‬من‬ ‫يا أبا الفضل ‪ ..‬إذا فرغت‬
‫رؤيا عاتكة ‪..‬‬ ‫من طوافك فأقبل إلينا ‪..‬‬
‫ذهب العباس إلى المسجد ‪..‬‬ ‫فلما أقبل إليه العباس‬
‫وهو مغضب ‪..‬‬ ‫وجلس معهم ‪..‬‬
‫فلما دخل المسجد رأى أبا‬ ‫قال له أبو جهل ‪ :‬يا بني عبد‬
‫جهل ‪ ..‬فمشي نحوه يتعرضه‬ ‫المطلب ‪ ..‬متى حدثت فيكم‬
‫ليعود لبعض ما قال فيقع به ‪..‬‬ ‫هذه النبية ؟‬
‫فإذا بأبي جهل يخرج من باب‬ ‫قال ‪ :‬وما ذاك ؟‬
‫المسجد يشتد مسرعا ً ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬تلك الرؤيا التي رأت‬
‫فعجب العباس من سرعته ‪!!..‬‬ ‫عاتكة ‪..‬‬
‫فقد كان مستعدا ً لخصومة‬ ‫قال العباس ‪ :‬وما رأت ؟‬
‫وعراك ‪ ..‬فقال العباس في‬ ‫قال ‪ :‬يا بني عبد المطلب ‪..‬‬
‫نفسه ‪ :‬ماله لعنه الله ؟! أك ّ‬
‫ل‬ ‫أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم‬
‫ف مني أن أشاتمه ؟!‬ ‫هذاخو ٌ‬ ‫حتى تتنبأ نساؤكم ؟‬
‫‪200‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ت أن عمر‬ ‫ويردد ‪ :‬أعلم َ‬ ‫وإذا أبو جهل قد سمع صوت‬
‫ت أن عمر‬ ‫أسلم ‪ !!..‬أعلم َ‬ ‫ضمضم بن عمرو الغفاري‬
‫أسلم ‪!!..‬‬ ‫الذي أرسله أبو سفيان‬
‫عجبا ً !! وكالة أنباء متنقلة ‪..‬‬ ‫ليستعين بأهل مكة ‪..‬‬
‫وفي يوم من اليام بعث النبي‬ ‫وإذا ضمضم يصرخ في‬
‫‪ ‬أنسا ً ‪ ‬في حاجة ‪..‬‬ ‫الوادي واقفا ً على بعيره ‪..‬‬
‫فمّر بأمه ‪ ..‬فسألته ‪ ..‬إلى ماذا‬ ‫قد جدع أنف بعيره ‪ ..‬والدم‬
‫أرسلك النبي ‪ ‬؟‬ ‫يسيل على وجه البعير ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬والله ‪ ..‬ما كنت لفشي‬ ‫وقد شق ضمضم قميصه‬
‫سّر رسول الله ‪.. r‬‬ ‫وهو يقول ‪ :‬يا معشر قريش‬
‫هكذا كان أنس وهو صغير ‪ ..‬في‬ ‫اللطيمة ‪ ..‬اللطيمة ‪..‬‬
‫شدة حفظه للسر ‪..‬‬ ‫أموالكم مع أبي سفيان قد‬
‫وأنى لك اليوم أن تجد مثل أنس‬ ‫عرض لها محمد في أصحابه‬
‫‪..‬‬ ‫ل أرى أن تدركوها ‪..‬‬
‫قالت عائشة ‪.. t‬‬ ‫ثم صاح بأعلى صوته ‪:‬‬
‫أقبلت فاطمة تمشي ‪ ..‬كأن‬ ‫الغوث ‪ ..‬الغوث ‪..‬‬
‫مشيتها مشية النبي ‪.. r‬‬ ‫عندها تجهزت قريش‬
‫فقال النبي ‪ : r‬مرحبا ً بابنتي ‪..‬‬ ‫وخرجت ‪ ..‬وكان من أمرها‬
‫ثم أجلسها عن يمينه ‪ -‬أو عن‬ ‫في معركة بدر ما كان ‪..‬‬
‫شماله ‪.. -‬‬ ‫فتأمل كيف انتشر السر في‬
‫ثم أسّر إليها حديثا ً ‪ ..‬فبكت ‪..‬‬ ‫لمحة عين ‪ ..‬مع قوة الحرص‬
‫فقلت لها ‪ :‬لم تبكين ‪..‬‬ ‫وشدة الستئمان ‪!!..‬‬
‫ثم أسّر إليها حديثا ً ‪ ..‬فضحكت‬ ‫ومن نشر السر أيضا ً ‪..‬‬
‫فقلت ‪:‬‬ ‫أن عمر ‪ ‬لما أسلم ‪ ..‬أراد‬
‫ً‬
‫ما رأيت كاليوم ‪ ..‬فرحا أقرب‬ ‫أن ينشر الخبر ‪..‬‬
‫من حزن ‪..‬‬ ‫فأقبل إلى رجل منهم ‪ ..‬هو‬
‫فسألت فاطمة عما قال لها‬ ‫أعظمهم نشرا ً للشاعة ‪..‬‬
‫النبي ‪ ‬؟‬ ‫فقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬إني‬
‫فقالت ‪ :‬ما كنت لفشي سر‬ ‫ر ‪ ..‬فاكتم‬ ‫محدثك بس ٍ‬
‫عني ‪!..‬‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬
‫قال ‪ :‬ما سرك ؟‬
‫حتى قبض النبي ‪.. r‬‬
‫قال ‪ :‬أشعرت أني قد‬
‫فسألتها ؟‬
‫أسلمت ‪ ..‬فانتبه ‪ ..‬ل تخبر‬
‫ي ‪ :‬إن جبريل‬ ‫فقالت ‪ :‬أسر إل ّ‬ ‫أحدا ً ‪..‬‬
‫كان يعارضني )‪ (77‬القرآن كل‬
‫ثم تولى عنه عمر ‪..‬‬
‫سنة مرة وإنه عارضني العام‬
‫فما كاد يغيب عنه ‪ ..‬حتى‬
‫جعل الرجل يطوف بالناس‬
‫) ( يعارضه القرآن ‪ :‬يراجع القرآن معه ‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪201‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقال ‪ ) : ‬لئن امشي مع اخي‬ ‫مرتين ‪ ..‬ول أراه إل حضر‬
‫في حاجة حتى أثبتها له ‪ ..‬أحب‬ ‫أجلي ‪ ..‬وإنك أول أهل بيتي‬
‫ي من أن أعتكف في مسجدي‬ ‫إل ّ‬ ‫لحاقا ً بي ‪ ..‬فبكيت ‪..‬‬
‫هذا شهرا ً ( ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أما ترضين أن تكوني‬
‫ومن كان في حاجة أخيه ‪ ..‬كان‬ ‫سيدة نساء أهل الجنة ‪ ..‬أو‬
‫الله في حاجته ‪..‬‬ ‫نساء المؤمنين ‪ ..‬فضحكت‬
‫وكان ‪ ‬يمشي في الطريق‬ ‫لذلك ‪..‬‬
‫فتوقفه الجارية وتقول ‪ :‬لي‬
‫إليك حاجة ‪ ..‬فيقف معها حتى‬ ‫قالوا ‪..‬‬
‫يسمع حاجة ‪ ..‬وقد يمضي معها‬ ‫من عرف سرك أسرك ‪..‬‬
‫إلى بيت سيدها ليقضيها لها ‪..‬‬
‫بل كان ‪ r‬يخالط الناس ويصبر‬ ‫قضاء الحاجات ‪..‬‬ ‫‪.61‬‬
‫على أذاهم ‪..‬‬ ‫ت في دراسة‬ ‫لما بدأ ُ‬
‫كان يعاملهم بنفس رحيمة ‪..‬‬ ‫الماجستير ‪ ..‬اطلعت على‬
‫وعين دامعة ‪ ..‬ولسان داع ‪..‬‬ ‫عدد أوسع من كتب الفرق‬
‫وقلب عطوف ‪..‬‬ ‫والطوائف ‪..‬‬
‫كان يشعر أنه هو وهم ‪ ..‬جسد‬ ‫من بين هذه المذاهب ‪..‬‬
‫واحد ‪ ..‬يشعر بفقر الفقير ‪..‬‬ ‫المذهب البراجماتي ‪..‬‬
‫وحزن الحزين ‪ ..‬ومرض المريض‬ ‫‪bragmatizem‬‬
‫‪ ..‬وحاجة المحتاج ‪..‬‬ ‫وترجمته بالعربية ‪ :‬المذهب‬
‫انظر إليــه ‪ .. r‬وقــد جلــس فــي‬ ‫النفعي ‪..‬‬
‫مسجده يحدث أصحابه ‪..‬‬ ‫لما تبحرت في دراسة هذا‬
‫فإذا بــه يــرى ســوادا ً مقبل ً عليــه‬ ‫المذهب أدركت لماذا كنا‬
‫من بعيد ‪..‬‬ ‫نسمع في أوروبا وأمريكا ‪..‬‬
‫نظــر إليهــم ‪ ..‬فــإذا هــم قــوم‬ ‫أنه في كثير من الحيان‬
‫فقراء أقبلـوا عليـه مـن مضـر ‪..‬‬ ‫يهجر البن أباه ‪ ..‬وإذا قابله‬
‫من قبل نجد ‪..‬‬ ‫في مطعم فكل واحد منهما‬
‫ومــن شــدة فقرهــم قــد اجتــابوا‬ ‫يحاسب عن نفسه ‪..‬‬
‫النمار ‪..‬‬ ‫فعل ً ‪ ..‬مادام أني لن أستفيد‬
‫يعني يملك أحدهم قطعة قماش‬ ‫منك فلماذا أخدمك ؟!‬
‫فل يجــد ثمــن البــرة والخيــط ‪..‬‬ ‫لماذا أنفق مالي ؟! واصرف‬
‫فيخرق القماش من وســطه ثــم‬ ‫وقتي ؟! وأبذل جهدي ؟!‬
‫يخرج رأسه ويســدل بــاقيه علــى‬ ‫دون مردود مادي يعود‬
‫جسده ‪..‬‬ ‫علي ‪..‬‬
‫أقبلـــوا قـــد اجتـــابوا النمـــار ‪..‬‬ ‫السلم قلب هذا الميزان ‪..‬‬
‫وتقلــــدوا الســــيوف ‪ ..‬وليــــس‬ ‫فقال الله ) وأحسنوا إن الله‬
‫عليهم أزر ول شـيء غيُرهـا ‪ ..‬ل‬ ‫يحب المحسنين ( ‪.‬‬
‫‪202‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شيئا ً من الصدقة ‪ ..‬وجعــل يعــدد‬ ‫عمامـــــة ول ســـــراويل ول‬
‫أنواع الصدقات حتى قال ‪:‬‬ ‫رداء ‪..‬‬
‫ولو بشق تمرة ‪..‬‬ ‫فلمـــا رأى رســـول اللـــه ‪r‬‬
‫فقــام رجــل مــن النصــار بصــرة‬ ‫الذي بهم من الجهد والعــري‬
‫في كفه ‪ ..‬فناولهـا رســول اللـه‬ ‫والجوع ‪ ..‬تغير وجهه ‪..‬‬
‫‪ r‬وهو على منبره ‪..‬‬ ‫ثم قام ‪ ..‬فدخل بيته ‪ ..‬فلــم‬
‫فقبضـها رســول اللـه ‪ r‬يعـرف‬ ‫يجد شيئا ً يتصدق به عليهم ‪..‬‬
‫السرور في وجهه ‪..‬‬ ‫فخرج ‪ ..‬ودخل بيته الخــر ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬مــن ســن ســنة حســنة ‪..‬‬ ‫وخـــرج ‪ ..‬يبحـــث ‪ ..‬يلتمـــس‬
‫فعمل بها كان له أجرها ‪ ..‬ومثل‬ ‫شيئا ً لهم ‪ ..‬فلم يجد ‪..‬‬
‫أجر من عمل بهــا ل ينقــص مــن‬ ‫ثــــم راح إلــــى المســــجد ‪..‬‬
‫أجورهم شيء ‪..‬‬ ‫فصــلى الظهــر ‪ ..‬ثــم صــعد‬
‫ومن ســن ســنة ســيئة ‪ ..‬فعمــل‬ ‫منبره ‪..‬‬
‫بها ‪ ..‬كان عليــه وزرهــا ‪ ..‬ومثــل‬ ‫فحمد الله وأثنى عليــه ‪ ..‬ثــم‬
‫وزر من عمل بهــا ل ينقــص مــن‬ ‫قال ‪:‬‬
‫أوزارهم شيء ‪..‬‬ ‫أمــا بعــد ‪ ..‬فــإن اللــه عــز‬
‫فقــام النــاس ‪ ..‬فتفرقــوا إلــى‬ ‫وجل ‪ ..‬أنزل في كتابه ‪َ ) :‬يا‬
‫َ‬
‫بيــوتهم ‪ ..‬وجــاءوا بصــدقات ‪..‬‬ ‫ذي‬ ‫م اّلــ ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫أي ّ َ‬
‫فمــــن ذي دينــــار ‪ ..‬ومــــن ذي‬ ‫ة‬ ‫حــدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫فــ ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫مــ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫كــ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫درهم ‪..‬‬ ‫ث‬ ‫وب َـــ ّ‬ ‫هـــا َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫هـــا َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫خل َـــ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ومن ذي تمر ‪ ..‬ومن ذي ثياب ‪..‬‬ ‫ســاءً‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ً‬
‫جــال ً ك َِثيــرا َ‬ ‫ر َ‬ ‫مــا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫حــــتى اجتمــــع بيــــن يــــديه ‪r‬‬ ‫ه‬‫ن بِ ِ‬ ‫ساءَلو َ‬ ‫ُ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ّ‬
‫ه ال ِ‬ ‫ّ‬
‫قوا الل َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫كومان ‪ ..‬كوم من طعام ‪ ..‬وكوم‬ ‫علي ْكــ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه كا َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫والْر َ‬ ‫َ‬
‫من ثياب ‪..‬‬ ‫قيبا ( ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫َر ِ‬
‫فلمــا رأى ‪ r‬ذلــك تهلــل وجهــه‬ ‫ثم قرأ ‪..‬‬
‫َ‬
‫حتى كأنه فلقة من قمر ‪..‬‬ ‫قــوا‬ ‫من ُــوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫هــا ال ّـ ِ‬ ‫) َيا أي ّ َ‬
‫ثم قسمه بين الفقراء ‪ ..‬رواه‬ ‫ت‬ ‫م ْ‬ ‫قــدّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ول ْت َن ْظُْر ن َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫مسلم ‪..‬‬ ‫خِبيــٌر‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫د َ‬ ‫غ ٍ‬ ‫لِ َ‬
‫ولما سئلت عائشة عن حاله ‪‬‬ ‫ن ( ‪..‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫في بيته ‪ ..‬قالت ‪:‬‬ ‫وجعل يتلوا اليات والمواعظ‬
‫كان يكون في حاجة أهله ‪ ..‬أو‬ ‫‪ ..‬ثم صاح بهم ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫في مهنة أهله ‪..‬‬ ‫تصدقوا قبل أن ل تصدقوا ‪..‬‬
‫أفل تجعل من طرق دخولك إلى‬ ‫تصدقوا قبل أن يحال بينكــم‬
‫قلوب الناس ‪ ..‬قضاء‬ ‫وبين الصدقة ‪..‬‬
‫حاجاتهم ‪..‬‬ ‫تصدق امرؤ من ديناره ‪ ..‬من‬
‫احتاج شخص إلى مستشفى ‪..‬‬ ‫درهمــه ‪ ..‬مــن بــره ‪ ..‬مــن‬
‫فأوصلته إليه ‪..‬‬ ‫شعيره ‪ ..‬ول يحقرن أحــدكم‬
‫‪203‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال ‪ :‬يا شييييخ ‪ ..‬سيارته‬ ‫استعان بك في مشكلة‬
‫واقفة عند الباب ‪ ..‬وأنا متأكد‬ ‫فأعنته عليها ‪..‬‬
‫أنه في بيته ‪..‬‬ ‫يراك تقضي حاجته ‪ ..‬وتقف‬
‫جعلت أتقصى السبب لنصح‬ ‫معه في كربته ‪ ..‬وهو يعلم‬
‫صاحبي ‪..‬‬ ‫أنك ل ترجو من ذلك جزاء‬
‫حتى وجدت السبب ‪..‬‬ ‫ول شكورا ً ‪..‬‬
‫الرجل بحكم إمامته للمسجد ‪..‬‬ ‫أحسن إلى الناس تستعبد‬
‫يأتي إليه الناس ويلتمسون منه‬ ‫قلوبهم‬
‫العانة في حاجاتهم ‪..‬‬ ‫فطالم‬
‫هذا عليه دين يريد أن يبحث له‬ ‫ا استعبد النسان إحسان‬
‫عمن يسدده ‪..‬‬ ‫رؤية ‪..‬‬
‫وهذا متخرج من الثانوية ويريد‬ ‫من عاش لغيره فسيعيش‬
‫شفاعة لدخول الجامعة ‪..‬‬ ‫متعبا ً ‪ ..‬لكنه سيحيا كبيرا ً ‪..‬‬
‫وهذا مريض يريد إعانته على‬ ‫ويموت كبيرا ً ‪..‬‬
‫دخول المستشفى الفلني ‪..‬‬
‫وهذا عنده بنات كبار ويريد لهن‬ ‫ل تتكلف ما ل‬ ‫‪.62‬‬
‫أزواج ‪..‬‬ ‫تطيق !!‬
‫وهذا عليه أيجار لبيته لم‬ ‫كان صاحبي من خيار‬
‫يسدده ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬خلقا ً ‪ ..‬ودينا ‪..‬‬
‫ً‬
‫وهذا أعطاه ورقة استفتاء في‬ ‫وعقل ً ‪..‬‬
‫طلق ليذهب بها للمفتي‬ ‫كان إمام مسجد بجانب‬
‫العام ‪..‬‬ ‫بيته ‪..‬‬
‫وهذا ‪..‬‬ ‫لكني كنت أسمع ذمه على‬
‫وهو رجل عادي ليس له قدرات‬ ‫ألسنة أناس كثيرين ‪..‬‬
‫كبيرة ول علقات الواسعة ‪ ..‬ول‬ ‫كنت أتعجب من ذلك ‪ ..‬ول‬
‫وجاهة متمّيزة ‪..‬‬ ‫أجد له جوابا ً ‪..‬‬
‫وكان المسكين يغلبه الحياء‬ ‫حتى جاءني يوما ً جاره ‪..‬‬
‫والخجل من كل أحد ‪ ..‬فل يقدر‬ ‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬صاحبك ‪ ..‬ل‬
‫أن يعتذر من أحد أبدا ً ‪..‬‬ ‫يصلي بنا ‪ ..‬ول معنا !!‬
‫بل يأخذ معروض هذا ويعده‬ ‫قلت ‪ :‬لم ؟!!‬
‫بسداد دينه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل أدري ‪ ..‬لكنه هو‬
‫ويكتب رقم هاتف الثاني ‪..‬‬ ‫المام ‪ ..‬ومع ذلك يغيب‬
‫ويعده أن يقبل في الجامعة ‪..‬‬ ‫كثييييرا ً عن المسجد ‪..‬‬
‫ويقول للثالث ‪ :‬تعال بعد يومين‬ ‫فجعلت ألتمس له العذار ‪..‬‬
‫وتجد ورقة دخول المستشفى‬ ‫فقلت ‪ :‬لعله مشغول بأمر‬
‫جاهزة ‪..‬‬ ‫ضروري ‪ ..‬لعله غير موجود‬
‫وهكذا دواليك ‪..‬‬ ‫بالبيت ‪..‬‬
‫‪204‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قلت ‪ :‬تفضل ‪ ..‬ما هو ؟‬ ‫فيأتونه على الموعد ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ما يصلح أن أذكره‬ ‫ويعتذر ‪ ..‬ويعطيهم مواعيد‬
‫الن ‪ ..‬ل بدّ أن أقابلك في وقت‬ ‫أخرى ‪..‬‬
‫واسع ‪..‬‬ ‫حتى صار يتهرب منهم ‪ ..‬ول‬
‫عظم حجم الموضوع وأنا‬ ‫ّ‬ ‫جعل ي ُ َ‬ ‫يرد على هاتفه ‪ ..‬بل وأحيانا ً‬
‫أستمع له بلطف ‪ ..‬لكني قد‬ ‫ل يخرج من بيته ‪!!..‬‬
‫علمتني الحياة أن أكثر الناس‬ ‫وصار من يلقاه منهم ‪ ..‬إن‬
‫يعطون المور أكبر من‬ ‫وجده ‪ ..‬يسبه ويصرخ به ‪..‬‬
‫حجمها ‪ ..‬وصاحب الحاجة‬ ‫ويردد ‪ :‬طيب لماذا تعدني ‪..‬‬
‫مجنون بها حتى تقضى ‪..‬‬ ‫لماذا تجعلني أبني المال‬
‫قال لي ‪ :‬أظن لك محاضرة غدا ً‬ ‫عليك ‪..‬‬
‫في مدينة كذا ‪ ..‬وهي مدينة‬ ‫والثاني يقول ‪ :‬لم أكلم إل‬
‫على بعد ‪200‬كم من الرياض ‪..‬‬ ‫أنت ‪ ..‬وتركت غيرك لما‬
‫قلت ‪ :‬صحيح ‪..‬‬ ‫وعدتني ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬سآتي إليك هناك ‪..‬‬ ‫لما عرفت حاله ‪ ..‬أيقنت أنه‬
‫وأقابلك بعد المحاضرة ‪..‬‬ ‫حفر لنفسه حفرة ‪ ..‬ثم‬
‫تعجبت من حرصه ‪..‬‬ ‫تردى فيها ‪..‬‬
‫وفعل ً ‪ ..‬خرجت بعد المحاضرة‬ ‫سمعته مرة يعتذر من أحدهم‬
‫فخرج الرجل وراءي مسعا ً حافي‬ ‫‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫القدمين ‪ ..‬يحمل ورقة صغيرة‬ ‫آسف ‪ ..‬لم أستطع أن أفعل‬
‫في يده ‪..‬‬ ‫شيئا ً في موضوعك ‪..‬‬
‫وقفت معه جانبا ً ‪ ..‬قلت ‪:‬‬ ‫وذاك يقول بكل قوة ‪ :‬طيب‬
‫تفضل ‪ ..‬شكر الله حرصك ‪ ..‬ما‬ ‫ي ‪..‬‬‫أنت ضيعت الوقت عل ّ‬
‫حاجتك ؟‬ ‫ليتك أخبرتني من قبل ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬عندي أخ يحمل‬ ‫تذكرت عندها قول الحكيم ‪:‬‬
‫الشهادة البتدائية ‪ ..‬وأريدك أن‬ ‫العتذار في البداية خير من‬
‫تدبر له وظيفة ‪..‬‬ ‫العتذار في النهاية ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬بس ؟!!‬ ‫ما أجمل أن يعرف المرء‬
‫قال ‪ :‬بس ؟!!‬ ‫قدراته ‪ ..‬ويتحرك في حدود‬
‫كان الرجل متحمسا ً ‪ ..‬ومنظره‬ ‫الدائرة المرسومة حوله ‪..‬‬
‫يثير الشفقة ‪ ..‬ويبدو أن أخاه‬ ‫ولقد جربت ذلك بنفسي ‪..‬‬
‫يمر بظروف صعبة فعل ً ‪..‬‬ ‫أذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫أيقنت أني لو وعدته سأخلف ‪..‬‬ ‫في أحد المجمعات العسكرية‬
‫فنحن في زمن ل يكاد حامل‬ ‫بالرياض ‪..‬‬
‫البكالوريوس أن يجد وظيفة ‪..‬‬ ‫وبعدها جاءني أحدهم‬
‫فضل ً عن حامل البتدائية ‪ ..‬وأنا‬ ‫وقال ‪ :‬يا شيخ أريدك في‬
‫أعرف حدود قدراتي ‪..‬‬ ‫موضوع ضروري جدا ً ‪..‬‬
‫‪205‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لله ‪ ..‬لو أخذت الورقة لصرت‬ ‫قلت ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬والله أتمنى‬
‫ثالثهم ‪..‬‬ ‫أن أساعدك ‪ ..‬وأخوك‬
‫نعم ‪ ..‬العتذار في البداية خير‬ ‫أخي ‪ ..‬وأنا أتألم له كما‬
‫من إخلف الوعد ‪..‬‬ ‫تتألم ‪..‬‬
‫ما أجمل أن نكون صرحاء مع‬ ‫لكني ل أستطيع مساعدتك‬
‫الخرين ‪ ..‬عارفين لحدود‬ ‫أبدا ً ‪ ..‬أتمنى أن تتكرم عل ّ‬
‫ي‬
‫قدراتنا ‪..‬‬ ‫وتعفيني ‪..‬‬
‫أحيانا ً عند خروجك من البيت ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬حاول ‪..‬‬
‫تصرخ بك زوجتك ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬لااا أقدر ‪..‬‬
‫أحضر معك حليبا ً ‪ ..‬وسكرا ً ‪..‬‬ ‫فناولني الورقة التي في‬
‫وحفائظ ‪ ..‬وعشاء ‪..‬‬ ‫يده ‪ ..‬وقال ‪ :‬طيب ‪ ..‬يا‬
‫فانتبه ‪ ..‬ل تردد ‪ :‬طيب ‪..‬‬ ‫شيخ خذ هذه الورقة فيها‬
‫طيب ‪ ..‬وإنما اصرخ بها أنت‬ ‫أرقام هواتفنا ‪ ..‬إذا وجدت‬
‫أيضا ً وقل ‪:‬‬ ‫له وظيفة فاتصل بنا ‪..‬‬
‫مااااااا أقدر ‪ !! ..‬فهي خير من‬ ‫أدركت أنه يريد أن يربطني‬
‫العتذار عند العودة ‪ ..‬ضاق‬ ‫بحبل أمل ‪ ..‬وسيظل ينتظر‬
‫وقتي ‪ ..‬أقفلت المحلت ‪..‬‬ ‫التصال ‪..‬‬
‫نسيت ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬بل دع الورقة‬
‫وكذلك مع زملئك ‪ ..‬وإخوانك ‪..‬‬ ‫معك ‪ ..‬وخذ رقمي أنت ‪..‬‬
‫أرجو أن تكون الفكرة وصلت ‪..‬‬ ‫وإن وجدت له وظيفة‬
‫فاتصل بي ‪ ..‬لعلي أن أكتب‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫لك شفاعة للمسئول فيها ‪..‬‬
‫العتذار في البداية ‪ ..‬خير من‬ ‫سكت الرجل قليل ً ‪..‬‬
‫العتذار في النهاية ‪..‬‬ ‫انتظرت أن يودعني ‪..‬‬
‫لكني تفاجأت أنه قال لي ‪:‬‬
‫من ركل القطة ؟!‬ ‫‪.63‬‬ ‫بيض الله وجهك ‪ ..‬والله يا‬
‫قبل أن تجيب على السؤال ‪..‬‬ ‫شيخ ‪ ..‬سبق أن كلمت المير‬
‫اسمع القصة كاملة ‪..‬‬ ‫فلن في موضوع أخي منذ‬
‫كان يعمل سكرتيرا ً لمدير سيء‬ ‫سنة ‪ ..‬فأخذ الورقة ‪ ..‬ولم‬
‫الخلق ‪ ..‬ل يطبق مهارة واحدة‬ ‫يتصل بي إلى الن ‪..‬‬
‫من مهارات التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫ومرة كلمت اللواء فلن ‪..‬‬
‫كان هذا المدير يراكم العمال‬ ‫فأخذ الورقة أيضا ً ‪ ..‬ولم‬
‫على نفسه ‪ ..‬ويحملها ما ل‬ ‫يتصل ولم يهتم ‪ ..‬هؤلء‬
‫تطيق ‪..‬‬ ‫أناس ما يهتمون بالضعفاء ‪..‬‬
‫صاح بسكرتيره يوما ً ‪ ..‬فدخل‬ ‫الله ينتقم منهم ‪ ..‬الله ‪..‬‬
‫ووقف بين يديه ‪..‬‬ ‫وبدأ يدعو عليهم ‪..‬‬
‫م ‪ ..‬تفضل ؟‬ ‫س ْ‬
‫قال ‪َ :‬‬ ‫فقلت في نفسي ‪ ..‬الحمد‬
‫‪206‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وقوفهم في الشمس ‪..‬‬ ‫صرخ به ‪ :‬اتصلت بهاتف‬
‫عاد هذا الموظف إلى بيته‬ ‫مكتبك ‪ ..‬ولم ترد ‪..‬‬
‫غاضبا ً ‪ ..‬فأقبل إليه ولده‬ ‫قال ‪ :‬كنت في المكتب‬
‫الصغير معه لعبة ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫المجاور ‪ ..‬آسف ‪..‬‬
‫بابا ‪ ..‬هذه أعطانيها المدرس‬ ‫قال بضجر ‪ :‬كل مرة‬
‫لنني ‪..‬‬ ‫آسف ‪ ..‬آسف ‪ ..‬خذ هذه‬
‫صاح به الب ‪ :‬اذهب لمك ‪..‬‬ ‫الوراق ‪ ..‬ناولها لرئيس‬
‫ودفعه بيده ‪..‬‬ ‫قسم الصيانة ‪ ..‬وعد بسرعة‬
‫مضى الطفل باكيا ً ‪ ..‬فأقبلت‬ ‫‪..‬‬
‫إليه قطته الجميلة تتمسح‬ ‫مضى متضجرا ً ‪ ..‬وألقاها‬
‫برجليه كالعادة ‪ ..‬فركلها برجله‬ ‫على مكتب رئيس قسم‬
‫فضربت بالجدار ‪..‬‬ ‫الصيانة ‪ ..‬وقال ‪ :‬ل تؤخرها‬
‫السؤال ‪ :‬من ركل القطة ؟‬ ‫علينا ‪..‬‬
‫أظنك ‪ ..‬تبتسم ‪ ..‬وتقول ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬طيب ضعها بأسلوب‬
‫المدير ‪..‬‬ ‫مناسب ‪..‬‬
‫صحيح المدير ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬مناسب ‪ ..‬غير مناسب‬
‫ن توزيع‬ ‫لماذا ل نتعلم ف ّ‬ ‫‪ ..‬المهم خلصها بسرعة ‪..‬‬
‫الدوار ‪..‬‬ ‫تشاتما ‪ ..‬حتى ارتفعت‬
‫والشياء التي ل نقدر عليها‬ ‫أصواتهما ‪..‬‬
‫نقول بكل شجاعة ‪ ..‬هذه ليست‬ ‫ومضى السكرتير إلى‬
‫في أيدينا ‪ ..‬ل نقدر ‪..‬‬ ‫مكتبه ‪..‬‬
‫خاصة أن تصرفاتك قد يتعدى‬ ‫بعد ساعتين أقبل أحد‬
‫ضررها إلى أقوام لم يكونوا‬ ‫الموظفين الصغار في‬
‫طرفا ً في المشكلة أصل ً ‪..‬‬ ‫الصيانة ‪ ..‬إلى رئيسه‬
‫وانتبه أن يستثيرك الخرون ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬سأذهب لخذ أولدي‬
‫ويحرجونك فتضطر لوعود ‪ ..‬قد‬ ‫من المدرسة وأعود ‪..‬‬
‫ل تستطيع تنفيذها ‪..‬‬ ‫صرخ الرئيس ‪ :‬وأنت كل يوم‬
‫انتقل معي إن شئت إلى‬ ‫تخرج ‪..‬‬
‫المدينة ‪ ..‬وانظر إلى رسول الله‬ ‫قال ‪ :‬هذا حالي من عشر‬
‫‪ e‬وقد جلس في مجلسه‬ ‫سنوات ‪ ..‬أول مرة تعترض‬
‫المبارك ‪ ..‬بعدما انتشر الدين ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫عل ّ‬
‫حد رب العالمين ‪..‬‬ ‫و ّ‬
‫و ُ‬ ‫قال ‪ :‬أنت ما يصلح معك إل‬
‫جعل رؤساء القبائل يأتون إليه‬ ‫العين الحمراء ‪ ..‬ارجع‬
‫مذعنين مؤمنين ‪ ..‬ومنهم من‬ ‫لمكتبك ‪..‬‬
‫كانوا يأتون صاغرين حاقدين ‪..‬‬ ‫مضى المسكين إلى مكتبه ‪..‬‬
‫وفي يوم أقبل رئيس من‬ ‫وتولى أحد المدرسين‬
‫رؤساء العرب ‪ ..‬له في قومه‬ ‫إيصالهم ‪ ..‬لما طال‬
‫‪207‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فعلت ذلك فاضربه بالسيف ‪..‬‬ ‫ملك ومنعه ‪..‬‬
‫فجعل إربد يده على سيفه‬ ‫أقبل عامر بن الطفيل ‪..‬‬
‫واستعد ‪..‬‬ ‫وكان قومه يقولون له لما‬
‫فانفرد الثنان إلى الجدار ‪..‬‬ ‫رأوا انتشار السلم ‪ :‬يا‬
‫ووقف معهما رسول الله ‪ e‬يكلم‬ ‫عامر إن الناس قد أسلموا‬
‫عامرا ً ‪ ..‬وقبض أربد بيده على‬ ‫فأسلم ‪ ..‬وكان متكبرا ً‬
‫السيف ‪ ..‬فكلما أراد أن يسله‬ ‫كتغطرسا ً ‪..‬‬
‫يبست يده ‪ ..‬فلم يستطع سل‬ ‫فكان يقول لهم ‪ :‬والله لقد‬
‫السيف ‪..‬‬ ‫كنت أقسمت أل أموت حتى‬
‫وجعل عامر يشاغل رسول الله‬ ‫ع‬‫تمّلكني العرب عليهم وتتب َ‬
‫‪ .. e‬وينظر إلى إربد ‪ ..‬وإربد‬ ‫عقبي ‪ ..‬فأنا أتبع عقب هذا‬
‫جامد ل يتحرك ‪..‬‬ ‫الفتى من قريش !!‬
‫فالتفت ‪ e‬فرأى أربد وما‬ ‫ثم لما رأى تمكن السلم ‪..‬‬
‫يصنع ‪..‬‬ ‫وانصياع الناس لرسول الله‬
‫فقال ‪ :‬يا عامر بن الطفيل ‪..‬‬ ‫‪ .. e‬ركب ناقته مع بعض‬
‫أسلم ‪..‬‬ ‫أصحابه ومضى إلى رسول‬
‫فقال عامر ‪ :‬يا محمد ما تجعل‬ ‫الله ‪.. e‬‬
‫لي إن أسلمت ؟‬ ‫دخل المسجد على رسول‬
‫فقال ‪ e‬لك ما للمسلمين وعليك‬ ‫الله ‪ e‬وهو بين أصحابه‬
‫ما عليهم ‪..‬‬ ‫الكرام ‪..‬‬
‫قال عامر ‪ :‬أتجعل لي الملك من‬ ‫فلما وقف بين يدي النبي‬
‫بعدك إن أسلمت ؟‬ ‫عليه الصلة والسلم قال ‪:‬‬
‫لم يشأ النبي ‪ ‬أن يعد عامرا ً‬ ‫يا محمد خالني ‪ ..‬أي قف‬
‫بوعد قد ل يتحقق ‪..‬‬ ‫معي على انفراد ‪..‬‬
‫فكان صريحا ً جريئا ً معه ‪..‬‬ ‫وكان ‪ e‬حذرا ً من أمثال‬
‫وقال ‪ :‬ليس ذلك لك ول‬ ‫هؤلء ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل والله‬
‫لقومك ‪..‬‬ ‫حتى تؤمن بالله وحده ‪..‬‬
‫فخفف عامر الطلب قليل ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا محمد خالني ‪..‬‬
‫وقال ‪ :‬أسلم على أن لي الوبر‬ ‫فأبى النبي ‪ .. e‬فل زال‬
‫ولك المدر ‪ ..‬أي أكون ملكا ً على‬ ‫يكرر ‪ ..‬يا محمد قم معي‬
‫البادية وأنت على الحاضرة ‪..‬‬ ‫مك ‪ ..‬يا محمد قم معي‬ ‫أكل ْ‬
‫فإذا به ‪ .. ‬أيضا ً ل يريد أن‬ ‫مك ‪..‬‬ ‫أكل ْ‬
‫يلزم نفسه بوعود ‪ ..‬ل يدري‬ ‫حتى قام معه رسول الله‬
‫تتحقق أم ل ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫‪ .. e‬فاجتر عامر إليه أحد‬
‫عندها غضب عامر وتغير‬ ‫أصحابه اسمه إربد ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫وجهه ‪ ..‬وصاح بأعلى صوته ‪:‬‬ ‫إني سأشغل عنك وجهه فإذا‬
‫والله يا محمد ‪ ..‬لملنها عليك‬
‫‪208‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فرسي ‪..‬‬ ‫خيل ً جردا ً ‪ ..‬ورجال ً مردا ً ‪..‬‬
‫فقربوه ‪ ..‬فوثب على فرسه ‪..‬‬ ‫ولربطن بكل نخلة فرسا ً ‪..‬‬
‫وأخذ رمحه ‪ ..‬وصار يجول به‬ ‫ولغزوك بغطفان بألف‬
‫الفرس ‪..‬‬ ‫أشقر وألف شقراء ‪..‬‬
‫وهو يصيح من شدة اللم ‪..‬‬ ‫ثم خرج يزبد ويرعد ‪..‬‬
‫ويتحسس عنقه بيده ويقول ‪:‬‬ ‫فجعل ‪ ‬ينظر إليه وهو‬
‫غدة كغدة البعير وموت في بيت‬ ‫ل ‪..‬‬‫مو ّ‬
‫سلولية ‪..‬‬ ‫ثم رفع ‪ e‬بصره إلى السماء‬
‫فلم تزل تلك حاله يدور به‬ ‫وقال ‪ :‬اللهم اكفني‬
‫فرسه ‪ ..‬حتى سقط عن فرسه‬ ‫د قومه ‪..‬‬ ‫عامرا ً ‪ ..‬وا ْ‬
‫ه ِ‬
‫ميتا ً ‪..‬‬ ‫خرج عامر مع أصحابه حتى‬
‫تركه أصحابه ‪ ..‬ورجعوا إلى‬ ‫إذا فارق المدينة ‪ ..‬تعب من‬
‫قومهم ‪..‬‬ ‫المسير ‪ ..‬فصادف امرأة من‬
‫فلما دخلوا ديارهم ‪ ..‬أقبل‬ ‫قومه يقال لها سلولية‬
‫الناس إلى إربد يسألونه ‪ :‬ما‬ ‫وكانت في خيمة لها ‪..‬‬
‫وراءك يا أربد ؟‬ ‫وكانت امرأة فاجرة ‪ ..‬يذمها‬
‫فقال ‪ :‬ل شيء ‪ ..‬والله لقد‬ ‫الناس ويتهمون من دخل‬
‫دعانا محمد إلى عبادة شيء ‪..‬‬ ‫بيتها ‪..‬‬
‫لوددت لو أنه عندي الن فأرميه‬ ‫فلم يجد مأوى آخر ‪ ..‬فنزل‬
‫بالنبل حتى أقتله ‪..‬‬ ‫عن فرسه مضطرا ً ونام في‬
‫فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين‬ ‫بيتها ‪..‬‬
‫معه جمل له ليبيعه ‪ ..‬فأرسل‬ ‫فاخذته غدة وانتفاخ في‬
‫الله عليه وعلى جمله صاعقة‬ ‫حلقه كما يظهر في أعناق‬
‫فأحرقتهما ‪..‬‬ ‫البل فيقتُلها ‪ ..‬ففزع‬
‫وأنزل الله عز وجل في حال‬ ‫واضطرب ‪..‬‬
‫ما‬‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫عامر وأربد ‪ " :‬الل ّ ُ‬ ‫وجعل يتلمس الورم‬
‫ل كُ ّ ُ‬
‫ض‬
‫غي ُ‬ ‫ما ت َ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل أنَثى َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫تَ ْ‬ ‫ويقول ‪ :‬غدة كغدة البعير ‪..‬‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬ ‫دادُ َ‬ ‫ما ت َْز َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫حا ُ‬ ‫الْر َ‬ ‫وموت في بيت سلولية ‪..‬‬
‫ر*‬ ‫دا ٍ‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫عندَهُ ب ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫أي ‪ :‬ل موت يشّرف ‪ ..‬ول‬
‫ة ال ْك َِبيُر‬ ‫هادَ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫مكان يشّرف ‪..‬‬
‫ل*‬ ‫عا ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ال ْ ُ‬ ‫كان يتمنى أن يموت في‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫سّر ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫من ُ‬
‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫واء ّ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ساحة قتال ‪ ..‬بسيوف‬
‫ل‬ ‫ّ‬
‫ف ِباللي ْ ِ‬ ‫خ ٍ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫هَر ب ِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫البطال ‪ ..‬فإذا به يموت‬
‫ر*‬ ‫ها ِ‬ ‫ب ِبالن ّ َ‬ ‫ر ٌ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫بمرض حيوانات ‪ ..‬في بيت‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ب َي ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫قَبا ٌ‬ ‫ع ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫لَ ُ‬ ‫فاجرة !!‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ه إِ ّ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ظون َ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫تبا ً ‪ ..‬للذل والمهانة ‪..‬‬
‫غي ُّروا ْ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫غي ُّر َ‬ ‫ه ل َ يُ َ‬ ‫الل ّ َ‬ ‫فأخذ يصيح بهم ‪ :‬قربوا‬
‫‪209‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فسهم وإ َ َ‬ ‫َ‬
‫وجهه ويجعله يشعر أنك تشاركه‬ ‫ذا أَرادَ الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما ب ِأن ْ ُ ِ ِ ْ َ ِ‬ ‫َ‬
‫الهم ‪ ..‬قل – مثل ً ‪: -‬‬ ‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫مَردّ ل ُ‬ ‫فل َ َ‬ ‫ءا َ‬ ‫سو ً‬ ‫وم ٍ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫بِ َ‬
‫يا فلن ‪ ..‬أنا أشعر بمعاناتك ‪..‬‬ ‫ل*‬ ‫وا ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫هم ّ‬ ‫لَ ُ‬
‫وأخوك أعتبره أخي ‪ ..‬ولئن كان‬ ‫فا‬ ‫و ً‬ ‫خ ْ‬ ‫م ال ْب َْرقَ َ‬ ‫ريك ُ ُ‬ ‫ذي ي ُ ِ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬
‫إخواني خمسة فهو السادس ‪..‬‬ ‫ب‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫شىءُ ال ّ‬ ‫وي ُن ْ ِ‬ ‫عا َ‬ ‫م ً‬ ‫وط َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫لكن المشكلة أنني ل أستطيع‬ ‫ل*‬ ‫قا َ‬ ‫الث ّ َ‬
‫أن أفعل شيئا ً الن ‪..‬‬ ‫ه‬
‫د ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫عدُ ب ِ َ‬ ‫ح الّر ْ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫َ‬
‫فاعذرني ‪ ..‬وأسأل الله أن‬ ‫س ُ‬
‫ل‬ ‫وي ُْر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فت ِ ِ‬ ‫خي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫مل َئ ِك َ ُ‬ ‫وال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫يوفق أخاك ‪..‬‬ ‫من‬ ‫ها َ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫صي ُ‬ ‫في ُ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ع َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ال ّ‬
‫مع بتسامة لطيفة ‪ ..‬وتعبيرات‬ ‫في الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن ِ‬ ‫جاِدُلو َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫شاء َ‬ ‫يَ َ‬
‫وجه مناسبة ‪..‬‬ ‫ل*‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ديدُ ال ْ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫فكأنك بهذا الرد الجميل قضيت‬ ‫ن‬
‫عو َ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ِ‬ ‫ّ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ْ‬
‫وةُ ال َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه دَ ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫له ما يريد ‪ ..‬أليس كذلك ‪..‬؟‬ ‫هم‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫جيُبو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫ِ‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫ه إ ِلى‬ ‫َ‬ ‫في ْ ِ‬ ‫ط كَ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ء إ ِل ّ ك ََبا ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫بِ َ‬
‫كن صريحا ً مع نفسك ‪ ..‬جريئا ً‬ ‫ه‬
‫غ ِ‬ ‫و ب َِبال ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫فاهُ َ‬ ‫غ َ‬ ‫ماء ل ِي َب ْل ُ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫مع الناس ‪ ..‬واعرف قدراتك‬ ‫في‬ ‫ن إ ِل ّ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫عاء ال ْ َ‬ ‫ما دُ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫والتزم بحدودها ‪..‬‬ ‫ل " ‪..‬‬ ‫ضل َ ٍ‬ ‫َ‬
‫نعم ‪ ..‬ل تلتزم إل بما تثق‬
‫‪ .64‬الـتـواضـع ‪..‬‬ ‫أنه يمكنك الوفاء به ‪ ..‬بعون‬
‫كنت في مجلس فيه عدد من‬ ‫الله ‪..‬‬
‫الوجهاء ‪..‬‬ ‫قام ‪ ‬مرة خطيبا ً في‬
‫فتحدث أحد من رآه استغنى !‬ ‫الناس ‪ ..‬فتكلم عن الخرة‬
‫وقال في أثناء حديثه ‪:‬‬ ‫وأحوالها ‪ ..‬ثم صاح قائل ً ‪ :‬يا‬
‫د‬
‫‪ ..‬ومررت بأحد العمال ‪ ..‬فم ّ‬ ‫فاطمة بنت محمد ‪ ..‬سليني‬
‫يده ليصافحني ‪ ..‬فترددت ثم‬ ‫من مالي ما شئت ‪ ..‬فإني ل‬
‫مددت يدي وصافحته ‪..‬‬ ‫أغني عنك من الله شيئا ً ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬مع أني ل أعطي يدي‬ ‫وأخيرا ً ‪..‬‬
‫لي أحد ‪..‬‬ ‫مع التأكيد على أهمية عدم‬
‫ما شاء الله يقول ‪ :‬ل أعطي‬ ‫اللتزام بالشيء إل وأنت‬
‫يدي لي أحد ‪..‬‬ ‫قادر عليه ‪ ..‬إل أنه ينبغي‬
‫أما رسول الله ‪ .. r‬فكانت المة‬ ‫عند العتذار أن نستعمل‬
‫المملوكة الضعيفة ‪ ..‬تلقاه في‬ ‫أسلوبا ً ذكيا ً ‪..‬‬
‫وسط الطريق ‪ ..‬فتشتكي إليه‬ ‫فمثل ً ‪ :‬جاء إليك لتبحث‬
‫من ظلم أهلها ‪ ..‬أو كثرة شغلها‬ ‫لخيه عن وظيفة ‪ ..‬لن أباك‬
‫‪ ..‬فيجعل يده في يدها ‪..‬‬ ‫مسئول كبير ‪ ..‬أو أخاك ‪ ..‬أو‬
‫فينطلق معها إلى أهلها ليشفع‬ ‫أنت ‪..‬‬
‫لها ‪..‬‬ ‫فاعتذر بأسلوب يحفظ ماء‬
‫‪210‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ذي طوى ‪ ..‬وقف على راحلته‬ ‫وكان يقول ‪ :‬ل يدخل الجنة‬
‫معتجرا ً بقطعة برد حمراء ‪..‬‬ ‫من كان في قلبه مثقال ذرة‬
‫وأن رسول الله ‪ ‬ليضع رأسه‬ ‫من كبر ‪..‬‬
‫تواضعا ً لله ‪ ..‬حين رأى ما أكرمه‬ ‫كم سمعنا الناس يرددون ‪:‬‬
‫الله به من الفتح ‪ ..‬حتى إن‬ ‫يا أخي ‪ ..‬فلن متكبر ‪..‬‬
‫عثنونه ) طرف لحيته ( ليكاد‬ ‫فلن "شايف نفسه " ‪..‬‬
‫يمس واسطة الرحل ‪..‬‬ ‫وتسأله ‪ :‬لماذا لم تستعن‬
‫وقال أنس ‪ :‬دخل رسول الله ‪‬‬ ‫بجارك في كذا ؟ فيقول ‪:‬‬
‫مكة يوم الفتح وذقنه على‬ ‫فلن متكبر علينا ‪ ..‬ما‬
‫راحلته متخشعا ً ‪..‬‬ ‫يعطينا وجه !!‬
‫وقال ابن مسعود ‪ :‬أقبل رجل‬ ‫كم هم مبغوضون أولئك‬
‫إلى رسول الله ‪ ‬فكلمه في‬ ‫الذين يتكبرون على الناس ‪..‬‬
‫شيء ‪ ..‬فأخذته الرعدة ‪..‬‬ ‫ويعاملونهم باستعلء ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬هون عليك ‪ ..‬فإنما‬ ‫كم هو منبوذ ‪ ..‬ذاك الذي‬
‫أنا ابن امرأة من قريش تأكل‬ ‫يطغى أن رآه استغنى ‪..‬‬
‫القديد ‪ ) ..‬اللحم الـمجفف ( ‪..‬‬ ‫ذاك الذي يصعر خده للناس‬
‫وكان ‪ ‬يقول ‪ :‬أجلس كما‬ ‫ويمشي في الرض مرحا ً ‪..‬‬
‫يجلس العبد ‪ ..‬وآكل كما يأكل‬ ‫ذاك الذي يتكبر على‬
‫العبد ‪..‬‬ ‫العمال ‪ ..‬والخدام ‪..‬‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫والفقراء ‪..‬‬
‫تواضع تكن كالنجم لح لناظر‬ ‫يتكبر عن محادثتهم ‪..‬‬
‫على‬ ‫ومصافحتهم ‪..‬‬
‫صفحات الماء وهو رفيع‬ ‫ومجالستهم ‪..‬‬
‫ك كالدخان يعلو بنفسه‬ ‫ول ت ُ‬ ‫لما دخل ‪ ‬مكة فاتحا ً ‪..‬‬
‫على طبقات‬ ‫جعل يمر بطرقات مكة التي‬
‫و وهو رفيع‬ ‫الج ّ‬ ‫طالما أوذي فيها ‪..‬‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫واسُتهزئ به ‪..‬‬
‫من تواضع لله رفعه ‪ ..‬وما زاد‬ ‫كم سمع في طرقاتها ‪ ..‬يا‬
‫الله عبدا ً بالتواضع إل عزا ً ‪..‬‬ ‫مجنون ‪ ..‬ساحر ‪ ..‬كاهن ‪..‬‬
‫كذاب ‪..‬‬
‫العبادة الخفية ‪..‬‬ ‫‪.65‬‬ ‫وهو اليوم يدخلها قائدا ً‬
‫قبل عشر سنوات ‪ ..‬في أيام‬ ‫عزيزا ً ‪ ..‬ممكنا ً ‪ ..‬قد أذل الله‬
‫ربيع ‪ ..‬وفي ليلة باردة كنت في‬ ‫أهلها بين يديه ‪..‬‬
‫البر مع أصدقاء ‪..‬‬ ‫فكيف كان شعوره وهو‬
‫تعطلت إحدى السيارات ‪..‬‬ ‫داخل ؟‬
‫فاضطررنا إلى المبيت في‬ ‫قال عبد الله بن أبي بكر ‪:‬‬
‫العراء ‪..‬‬ ‫لما وصل رسول الله ‪ ‬إلى‬
‫‪211‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أأبيت سهران الدجى ‪ ..‬وتبيته‬ ‫أذكر أنا أشعلنا نارا ً تحلقنا‬
‫*** نوما ً ! وتبغي بعد ذاك‬ ‫حولها ‪ ..‬وما أجمل أحاديث‬
‫لحاقي ؟‬ ‫الشتاء في دفء النار ‪..‬‬
‫نعم ‪ ) ..‬إن الذين آمنوا وعملوا‬ ‫طال مجلسنا فلحظت أحد‬
‫الصالحات سيجعل لهم الرحمن‬ ‫ل من بيننا ‪..‬‬ ‫الخوة انس ّ‬
‫ودا ً ( ‪ ..‬أي يجعل لهم محبة في‬ ‫ُ‬ ‫كان رجل ً صالحا ً ‪ ..‬كانت له‬
‫قلوب الخلق ‪..‬‬ ‫عبادات خفية ‪..‬‬
‫إذا أحبك الله جعل لك القبول‬ ‫كنت أراه يتوجه إلى صلة‬
‫في الرض ‪..‬‬ ‫الجمعة مبكرا ً ‪ ..‬بل أحيانا ً‬
‫قال ‪ : e‬إن الله إذا أحب عبدا ً‬ ‫وباب الجامع لم يفتح‬
‫نادى جبريل ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫بعد ‪!!..‬‬
‫إني قد أحببت فلنا ً فأحبه ‪..‬‬ ‫قام وأخذ إناءً من ماء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فيحبه جبريل ‪..‬‬ ‫ظننت أنه ذهب ليقضي‬
‫ثم ُينادى في أهل السماء ‪ :‬إن‬ ‫حاجته ‪..‬‬
‫الله يحب فلنا ً فأحبوه ‪..‬‬ ‫أبطأ علينا ‪ ..‬فقمت‬
‫فيحبه أهل السماء ‪..‬‬ ‫أترقبه ‪ ..‬فرأيته بعيدا ً عنا ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ثم تنزل له المحبة في‬ ‫قد لف جسده برداء من شدة‬
‫أهل الرض ‪..‬‬ ‫البرد وهو ساجد على التراب‬
‫فذلك قول الله " إن الذين آمنوا‬ ‫‪ ..‬في ظلمة ‪ ..‬يتملق ربه‬
‫وعملوا الصالحات سيجعل لهم‬ ‫ويتحبب إليه ‪..‬‬
‫ودّا ً " ‪..‬‬
‫الرحمن ُ‬ ‫أيقنت أن لهذه العبادة‬
‫وإذا أبغض الله عبدا ً ‪ ..‬نادى‬ ‫عزا ً في الدنيا قبل‬ ‫الخفية ‪ِ ..‬‬
‫جبريل ‪ :‬إني أبغضت فلنا ً‬ ‫الخرة ‪..‬‬
‫فأبغضه ‪ ..‬فيبغضه جبريل ‪ ..‬ثم‬ ‫مضت السنوات ‪..‬‬
‫ُينادى في أهل السماء ‪ :‬إن الله‬ ‫وأعرفه اليوم ‪ ..‬قد وضع‬
‫يبغض فلنا ً فأبغضه ‪..‬‬ ‫الله له القبول في الرض ‪..‬‬
‫فيبغضه أهل السماء ‪..‬‬ ‫له مشاركات في الدعوة ‪..‬‬
‫ثم تنزل له البغضاء في‬ ‫وهداية الناس ‪..‬‬
‫الرض ‪.. (78) ..‬‬ ‫إذا مشى في السوق أو‬
‫قال الزبير بن العوام ‪ : ‬من‬ ‫المسجد ‪ ..‬رأيت الصغار قبل‬
‫استطاع منكم أن يكون له خبيئة‬ ‫الكبار يتسابقون إليه ‪..‬‬
‫من عمل صالح فليفعل ‪..‬‬ ‫مصافحين ‪ ..‬ومحبين ‪..‬‬
‫والعبادة الخفية أنواع ‪..‬‬ ‫كم يتمنى الكثيرون من تجار‬
‫منها ‪ ..‬الحفاظ على صلة‬ ‫‪ ..‬وأمراء ‪ ..‬ومشهورين ‪..‬‬
‫الليل ‪ ..‬ولو ركعة واحدة وترا ً‬ ‫أن ينالوا في قلوب الناس‬
‫من المحبة مثل ما نال ‪..‬‬
‫‪ ( ) 78‬رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬والترمذي‬
‫ولكن هيهاااات ‪..‬‬
‫واللفظ له ‪.‬‬
‫‪212‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ومنها ‪ ..‬صدقة السر ‪ ..‬فصدقة‬ ‫كل ليلة ‪ ..‬تصليها بعد‬
‫السّر تطفئ غضب الرب ‪..‬‬ ‫العشاء مباشرة ‪ ..‬أو قبل أن‬
‫كان أبو بكر ‪ t‬إذا صلى الفجر‬ ‫تنام ‪ ..‬أو قبل الفجر ‪..‬‬
‫خرج إلى الصحراء ‪ ..‬فاحتبس‬ ‫لتكتب عند الله من قوام‬
‫فيها شيئا ً يسيرا ً ‪ ..‬ثم عاد إلى‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫قال ‪ : ‬إن الله وتر يحب‬
‫فعجب عمر ‪ t‬من خروجه ‪..‬‬ ‫الوتر ‪ ..‬فأوتروا يا أهل‬
‫فتبعه يوما ً خفية بعدما صلى‬ ‫القرآن ‪..‬‬
‫الفجر ‪..‬‬ ‫ومنها ‪ ..‬السعي في الصلح‬
‫فإذا أبو بكر يخرج من المدينة‬ ‫بين الناس ‪ ..‬بين الزملء‬
‫ويأتي على خيمة قديمة في‬ ‫المتخاصمين ‪ ..‬بين‬
‫الصحراء ‪ ..‬فاختبأ له عمر خلف‬ ‫الجيران ‪ ..‬بين الزوجين ‪..‬‬
‫صخرة ‪..‬‬ ‫قال ‪ : ‬ال أخبركم بأفضل‬
‫فلبث أبو بكر في الخيمة شيئا ً‬ ‫من درجة الصلة والصيام‬
‫يسيرا ً ‪ ..‬ثم خرج ‪..‬‬ ‫والصدقة ؟‬
‫فخرج عمر من وراء صخرته‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫ودخل الخيمة ‪ ..‬فإذا فيها امرأة‬ ‫قال ‪ :‬إصلح ذات البين ‪..‬‬
‫ضعيفة عمياء ‪ ..‬وعندها صبية‬ ‫وفساد ذات البين هي‬
‫)‪(79‬‬
‫صغار ‪..‬‬ ‫الحالقة‬
‫فسألها عمر ‪ :‬من هذا الذي‬ ‫ومنها الكثار من ذكر الله ‪..‬‬
‫يأتيكم ‪..‬‬ ‫فإن من أحب شيئا ً أكثر من‬
‫فقالت ‪ :‬ل أعرفه ‪ ..‬هذا رجل‬ ‫ذكره ‪..‬‬
‫من المسلمين ‪ ..‬يأتينا كل صباح‬ ‫وفي الحديث ‪ ..‬قال ‪ : ‬أل‬
‫‪ ..‬منذ كذا وكذا ‪..‬‬ ‫أنبئكم بخير أعمالكم ‪..‬‬
‫قال فماذا يفعل ‪ :‬قالت ‪ :‬يكنس‬ ‫وأزكاها عند مليككم ‪..‬‬
‫بيتنا ‪ ..‬ويعجن عجيننا ‪ ..‬ويحلب‬ ‫وأرفعها في درجاتكم ‪..‬‬
‫داجننا ‪ ..‬ثم يخرج ‪..‬‬ ‫وخير لكم من إعطاء الذهب‬
‫فخرج عمر وهو يقول ‪ :‬لقد‬ ‫والورق ‪ ..‬وخير لكم من أن‬
‫أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا‬ ‫تلقوا عدوكم فتضربوا‬
‫بكر ‪ ..‬لقد أتعبت الخلفاء من‬ ‫أعناقهم ويضربوا‬
‫بعدك يا أبا بكر ‪..‬‬ ‫أعناقكم ‪..‬؟‬
‫* * * * * * * *‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى ‪ ..‬وما ذاك يا‬
‫ولم يكن عمر ‪ t‬بعيدا ً في تعبده‬ ‫رسول الله ؟‬
‫وإخلصه عن أبي بكر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ذكر الله عز وجل‬
‫فقد رآه طلحة بن عبيد الله ‪..‬‬ ‫)‪.. (80‬‬
‫) ( رواه أحمد وغيره ‪.‬‬ ‫‪79‬‬

‫صحيح ‪.‬‬ ‫) ( رواه أحمد والترمذي وغيرهما ‪،‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪213‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كلثوم بنت علي ‪ :‬هل لك في‬ ‫خرج في سواد الليل ‪..‬‬
‫خير ساقه الله إليك ؟‬ ‫فدخل بيتا ً ثم ‪ ..‬خرج منه‬
‫قالت ‪ :‬وما ذاك ‪ ..‬فأخبرها بخبر‬ ‫ودخل بيتا ً آخر ‪ ..‬فعجب‬
‫الرجل ‪ ..‬فحملت امرأته معها‬ ‫طلحة ‪ ..‬ماذا يفعل عمر في‬
‫متاعا ً ‪ ..‬وحمل هو جرابا ً فيه‬ ‫هذه البيوت !!‬
‫طعام ‪ ..‬وقدرا ً وحطبا ً ‪ ..‬ومضى‬ ‫فلما أصبح طلحة ذهب إلى‬
‫إلى الرجل ‪..‬‬ ‫البيت الول‪..‬فإذا عجوز‬
‫ودخلت امرأة عمر على المرأة‬ ‫عمياء مقعدة‪..‬‬
‫في خيمتها ‪..‬‬ ‫فقال لها ‪ :‬ما بال هذا‬
‫وقعد هو عند الرجل ‪ ..‬فأشعل‬ ‫الرجل يأتيك ؟‬
‫النار وأخذ ينفخ الحطب ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬إنه يتعاهدني منذ كذا‬
‫ويصنع الطعام ‪ ..‬والدخان يتخلل‬ ‫وكذا ‪ ..‬يأتيني بما يصلحني‬
‫لحيته ‪ ..‬والرجل قاعد ينظر‬ ‫ويخرج عني الذى ‪..‬‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫فخرج طلحة وهو يقول‪:‬‬
‫فبينما هو على ذلك ‪ ..‬إذ صاحت‬ ‫ت‬
‫ثكلتك أمك يا طلحة‪..‬أعثرا ُ‬
‫امرأته من داخل الخيمة ‪ ..‬يا‬ ‫عمَر تتبع؟‬
‫أمير المؤمنين ‪ ..‬بشر صاحبك‬ ‫* * * * * * * *‬
‫بغلم ‪..‬‬ ‫وخرج مرة ‪ t‬إلى ضواحي‬
‫فلما سمع الرجل ‪ ..‬أمير‬ ‫المدينة ‪ ..‬فإذا برجل عابر‬
‫المؤمنين ‪ ..‬فزع وقال ‪ :‬أنت‬ ‫سبيل نازل وسط الطريق ‪..‬‬
‫عمر بن الخطاب ‪ ..‬قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وقد نصب خيمة قديمة ‪..‬‬
‫فاضطرب الرجل ‪ ..‬وجعل‬ ‫ب‬
‫وقعد عند بابها ‪ ..‬مضطر َ‬
‫يتنحى عن عمر‪ ..‬فقال له عمر ‪:‬‬ ‫الحال ‪ ..‬فسأله عمر ‪ :‬من‬
‫مكانك ‪..‬‬ ‫الرجل ؟‬
‫ثم حمل عمر القدر ‪ ..‬وقربه‬ ‫قال ‪ :‬من أهل البادية ‪..‬‬
‫إلى الخيمة وصاح بامرأته ‪..‬‬ ‫جئت إلى أمير المؤمنين‬
‫أشبعيها ‪..‬‬ ‫أصيب من فضله ‪..‬‬
‫فأكلت المرأة من الطعام ‪ ..‬ثم‬ ‫فسمع عمر أنين امرأة داخل‬
‫أخرجت باقي الطعام خارج‬ ‫الخيمة ‪ ..‬فسأله عنه ؟‬
‫الخيمة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬انطلق رحمك الله‬
‫فقام عمر فأخذه فوضعه بين‬ ‫لحاجتك ‪..‬‬
‫يدي الرجل ‪ ..‬وقال له ‪ :‬كل ‪..‬‬ ‫قال عمر ‪ :‬هذا من حاجتي ‪..‬‬
‫فإنك قد سهرت من الليل ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬امرأتي في الطلق ‪-‬‬
‫ثم نادى عمر امرأته فخرجت‬ ‫يعني تلد ‪ -‬وليس عندي مال‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫ول طعام ول أحد ‪..‬‬
‫فقال للرجل ‪ :‬إذا كان من‬ ‫فرجع عمر إلى بيته‬
‫الغد ‪ ..‬فأتنا نأمر لك بما يصلحك‬ ‫سريعا ً ‪ ..‬فقال لمرأته أم‬
‫‪214‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ساًبا‬
‫ح َ‬ ‫ع َ‬
‫طاء ِ‬ ‫من ّرب ّ َ‬
‫ك َ‬ ‫جَزاء ّ‬‫* َ‬ ‫‪..‬‬
‫} ‪..‬‬ ‫* * * * * * * *‬
‫فاطلب محبة الخالق ‪ ..‬وهو‬ ‫وكان علي بن الحسين‬
‫يتكفل بزرع محبتك في قلوب‬ ‫يحمل جراب الخبز على‬
‫خلقه ‪..‬‬ ‫ظهره بالليل ‪ ..‬فيتصدق‬
‫بها‪..‬ويقول ‪ :‬إن صدقة السر‬
‫إضاءة ‪..‬‬ ‫تطفىء غضب الرب ‪..‬‬
‫ليس الغاية أن تكون ظواهر‬ ‫فلما مات وجدوا في ظهره‬
‫الخرين تحبك ‪ ..‬إنما الغاية أن‬ ‫آثار سواد ‪ ..‬فقالوا ‪ :‬هذا‬
‫تحبك بواطنهم أيضا ً ‪..‬‬ ‫ظهر حمال ‪ ..‬وما علمناه‬
‫اشتغل حمال ً ‪..‬‬
‫أخرجهم من الحفرة ‪..‬‬ ‫‪.66‬‬ ‫فانقطع الطعام عن مائة‬
‫ألم يقع مرة أن أحرجك شخص‬ ‫بيت في المدينة ‪ ..‬من بيوت‬
‫في مجلس عام بكلمة جارحة ‪..‬‬ ‫الرامل واليتام ‪ ..‬كان‬
‫أو ربما سخر منك ‪ ..‬بأي شيء‬ ‫يأتيهم طعامهم بالليل ‪ ..‬ل‬
‫وإن كان صغيرا ً ‪ ..‬بلباسك أو‬ ‫يدرون من يحضره إليهم ‪..‬‬
‫كلمك ‪ ..‬أو أسلوبك ‪..‬‬ ‫فعلموا أنه الذي ينفق عليهم‬
‫فدافع عنك شخص ما ‪ ..‬فشعرت‬ ‫‪..‬‬
‫بامتنان عظيم له ‪ ..‬لنه كأنما‬ ‫وصام أحد السلف عشرين‬
‫أمسك بطرف ثوبك عندما دفعك‬ ‫سنة ‪ ..‬يصوم يوما ً ويفطر‬
‫غيرك إلى هاوية ‪..‬‬ ‫يوما ً ‪ ..‬وأهله ل يدرون‬
‫مارس هذه المهارة مع‬ ‫عنه ‪ ..‬كان له دكان يخرج‬
‫الخرين ‪ ..‬وسترى لها تأثيرا ً‬ ‫إليه إذا طلعت الشمس‬
‫ساحرا ً ‪..‬‬ ‫ويأخذ معه فطوره وغداءه ‪..‬‬
‫لو دخلت على شخص وأقبل‬ ‫فإذا كان يوم صومه تصدق‬
‫ولده يحمل طبقا ً في طعام ‪..‬‬ ‫بالطعام ‪ ..‬وإذا كان يوم‬
‫لكنه استعجل قليل ً ‪ ..‬فكاد أن‬ ‫فطره أكله ‪..‬‬
‫يقع الطبق على الرض ‪..‬‬ ‫فإذا غربت الشمس ‪ ..‬رجع‬
‫فانطلق الب عليه ثائرا ً ‪ ..‬لماذا‬ ‫إلى أهله وتعشى معهم ‪..‬‬
‫العجلة ؟ كم مرة أعلمك ؟ ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬كانوا يستشعرون‬
‫فاحمّر وجه الولد واصفّر ‪..‬‬ ‫العبودية لله في جميع‬
‫فقلت أنت ‪ :‬ل ‪ ..‬بل فلن‬ ‫أحوالهم ‪..‬‬
‫جل ‪ ..‬ما شاء الله عليه‬ ‫بطل ‪ ..‬ر ُ‬ ‫هم المتقون ‪ ..‬والله يقول ‪:‬‬
‫يحمل كل هذا لوحده ‪ ..‬ولعله‬ ‫فاًزا *‬ ‫م َ‬‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬‫{ إِ ّ‬
‫َ‬
‫استعجل لن فيه أغراض أخرى‬ ‫ب‬ ‫ع َ‬ ‫وك َ َ‬
‫وا ِ‬ ‫عَناًبا * َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫دائ ِ َ‬
‫ح َ‬‫َ‬
‫قا * لّ‬ ‫ها ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أيضا ً ‪..‬‬ ‫سا ِد َ‬ ‫وكأ ً‬ ‫أت َْراًبا * َ‬
‫أي امتنان سيشعر به الغلم‬ ‫وَل ك ِ ّ‬
‫ذاًبا‬ ‫وا َ‬ ‫غ ً‬ ‫ها ل َ ْ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬‫يَ ْ‬
‫‪215‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فأتت الريح فحركت ثوبه‬ ‫لك ‪..‬‬
‫وكشفت ساقيه ‪ ..‬فإذا هما‬ ‫هذا مع الصغار ‪ ..‬فما بالك‬
‫ساقان دقيقتان صغيرتان ‪..‬‬ ‫مع الكبار ‪..‬‬
‫فضحك القوم من دقة ساقيه ‪..‬‬ ‫لو أثنيت على زميل في‬
‫فقال النبي ‪ : r‬م ّ‬
‫م‬ ‫اجتماع ‪ ..‬بعدما صبوا عليه‬
‫تضحكون ؟! ‪ ..‬من دقة‬ ‫وابل ً من اللوم ‪..‬‬
‫ساقيه ؟!‬ ‫أو أثنيت على أحد إخوانك ‪..‬‬
‫والذي نفسي بيده إنهما أثقل‬ ‫بعدما انكب الراد السرة‬
‫)‪(81‬‬
‫في الميزان من أحد ‪..‬‬ ‫عليه معاتبين ‪..‬‬
‫شاب أحرجه شخص بسؤال‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫شْر يا فلن ‪..‬‬ ‫أمام الناس ‪ :‬ب َ ّ‬
‫كسب محبة الناس فرص‬ ‫كم نسبتك في الجامعة ؟!‬
‫يقتنصها الذكياء ‪..‬‬ ‫بالله عليك ‪ ..‬هل هذا سؤال‬
‫يسأله عاقل أمام الناس ؟!!‬
‫الهتمام بالمظهر ‪..‬‬ ‫‪.67‬‬ ‫فانقلب وجه الشاب‬
‫كان أبو حنيفة جالسا ً يوما ً بين‬ ‫متلونا ً ‪ ..‬فأنقذته قائل ً‬
‫طلبه في المسجد يدرس ‪..‬‬ ‫بلطف ‪ :‬ليش يا أبا فلن ‪..‬‬
‫وكان به ألم في ركبته ‪ ..‬وقد‬ ‫ستزوجه ؟!! أو عندك‬
‫مد رجله ‪ ..‬واتكأ على جدار ‪..‬‬ ‫وظيفة له ؟ أو ‪..‬‬
‫في هذه الثناء ‪ ..‬أقبل رجل‬ ‫فضحكوا وُنسي السؤال ‪..‬‬
‫عليه لباس حسن ‪ ..‬وعمامة‬ ‫و معدله‬ ‫أو لو عاتبه على دن ّ‬
‫حسنة ‪ ..‬ومظهر مهيب ‪ ..‬كان‬ ‫الدراسي ‪ ..‬فقلت ‪ :‬يا أخي‬
‫وقورا ً في مشيته ‪ ..‬جليل ً في‬ ‫ل تلمه ‪ ..‬تخصصه صعب ‪..‬‬
‫خطوته ‪..‬‬ ‫لكن سيشد حيله إن شاء الله‬
‫أفسح له لطلب حتى جلس‬ ‫‪..‬‬
‫بجانب أبي حنيفة ‪..‬‬ ‫كسب محبة الناس فرص‬
‫فلما رأى ابو حنيفة مظهره ‪..‬‬ ‫يقتنصها الذكياء ‪..‬‬
‫ورزانته ‪ ..‬ورتابة هيئته ‪,,‬‬ ‫إذا هبت رياحك فاغتنمها ***‬
‫استحى من طريقة جلسته وثنى‬ ‫فإن لكل خافقة سكون‬
‫رجله ‪ ..‬وتحمل ألم ركبته‬ ‫كان عبد الله بن مسعود ‪.. t‬‬
‫لجله ‪..‬‬ ‫يمشي مع النبي ‪.. r‬‬
‫استمر أبو حنيفة في درسه‬ ‫فمرا بشجرة فأمره النبي‬
‫والرجل يسمع ‪..‬‬ ‫أن يصعدها ويحتّز له عودا ً‬
‫فلما انتهى من الدرس ‪..‬‬ ‫يتسوك به ‪..‬‬
‫بدأ الطلب يسألون ‪ ..‬فرفع ذلك‬ ‫فرقى ابن مسعود وكان‬
‫خفيفا ً ‪ ..‬نحيل الجسم ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما‬ ‫‪81‬‬ ‫فأخذ يعالج العود لقطعه ‪..‬‬
‫‪216‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫متناثرة ‪..‬‬ ‫الرجل يده ليسأل ‪..‬‬
‫لكونت فكرة عن الشخص‬ ‫التفت إليه الشيخ ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫مباشرة أنه فوضوي ‪ ..‬غير مبال‬ ‫ما سؤالك ؟‬
‫بالترتيب ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬متى وقت‬
‫وكذلك في لباس الناس ‪..‬‬ ‫صلة المغرب ؟‬
‫ومظهرهم العام ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬إذا غربت‬
‫والذي أعنيه هنا هو الهتمام‬ ‫الشمس ‪!! ..‬‬
‫بالمظهر ل السراف في اللباس‬ ‫قال ‪ :‬وإذا جاء الليل‬
‫أو السيارة ‪ ..‬أو الثاث ‪..‬‬ ‫والشمس لم تغرب ‪ ..‬فماذا‬
‫أوغيرها ‪..‬‬ ‫نفعل ؟!‬
‫كان رسول الله ‪ ‬يعتني بهذه‬ ‫فقال أبو حنيفة ‪ :‬آن لبي‬
‫النواحي كثيرا ً ‪..‬‬ ‫حنيفة أن يمد رجليه ‪ ..‬ومد‬
‫فكان له حلة حسنة يلبسها في‬ ‫رجله كما كانت ‪..‬‬
‫العيدين والجمعة ‪..‬‬ ‫وسكت عن هذا السؤال‬
‫وكانت له حلة يلبسها في‬ ‫المتناقض !!‪ ..‬إذ كيف يأتي‬
‫استقبال الوفود ‪..‬‬ ‫الليل والشمس لم تغرب ؟!!‬
‫كان يعتني بمظهره ورائحته ‪..‬‬ ‫يقولون إن النظرة الولى‬
‫وكان يحب الطيب ‪..‬‬ ‫ون في ذهن المقابل‬ ‫إليك تك ّ‬
‫قال أنس ‪ : ‬كان رسول الله ‪r‬‬ ‫أكثر من ‪ %70‬من تصوره‬
‫‪ ..‬أزهر اللون كأن عرقه‬ ‫عنك ‪..‬‬
‫اللؤلؤ ‪ ..‬إذا مشا تكفأ ‪..‬‬ ‫ويبدو أنه عند التأمل ستجد‬
‫وما مسست ديباجا ً ول حريرا ً‬ ‫أن النظرة الولى تكون أكثر‬
‫ألين من كف رسول الله ‪.. r‬‬ ‫من ‪ %95‬عنك ‪ ..‬حتى‬
‫ول شممت مسكا ً ول عنبرا ً‬ ‫تتكلم ‪ ..‬أو تعّرف بنفسك ‪..‬‬
‫أطيب من رائحة النبي ‪.. r‬‬ ‫ولو مشيت في ممر في‬
‫ة كأنما أخرجت‬ ‫ده مطيب ً‬ ‫وكانت ي ُ‬ ‫مستشفى أو شركة وبجانبك‬
‫من جؤنة عطار ‪..‬‬ ‫شخص عليه ثياب حسنة ‪..‬‬
‫وكان ‪ .. r‬يعرف بريح الطيب‬ ‫وعليه وقار في مشيته ‪..‬‬
‫لرأيت أنك – ربما ل شعوريا ً‬
‫إذا أقبل ‪..‬‬
‫وقال أنس ‪ ) ‬كان رسول الله‬ ‫– إذا وصلت إلى باب في‬
‫ت إليه وقلت له ‪:‬‬ ‫الممر التف ّ‬
‫‪ r‬ل يرد الطيب ( ‪..‬‬
‫ً‬ ‫تفضل ‪ ..‬طال عمرك !!‬
‫قال أنس ‪ :‬ما مسست حريرا ول‬
‫ولو ركبت سيارة أحد‬
‫ديباجا ً ألين من كف رسول الله‬
‫أصدقائك فرأيتها فوضى ‪..‬‬
‫‪.. ‬‬
‫هنا فردة حذاء مرمي ‪ ..‬وهنا‬
‫وكان ‪ r‬أحسن الناس وجها ً ‪..‬‬
‫روق شاورما ‪ ..‬وهما‬
‫كان وجهه مستنيرا ً كالشمس ‪..‬‬
‫منديل ‪ ..‬وأشرطة كاسيت‬
‫‪217‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وسخة فقال ‪ :‬أما كان هذا يجد‬ ‫سّر استنـار‬ ‫وكان إذا ُ‬
‫ماء يغسل به ثوبه ؟ ‪..‬‬ ‫وجهه ‪ ..‬حتى كأن وجهه‬
‫وقال ‪ ) :‬من كان له شعر‬ ‫قطعة قمر ‪..‬‬
‫فليكرمه ( ‪..‬‬ ‫قال جابر بن سمرة رأيت‬
‫وكان يحّرص على حسن السمت‬ ‫رسول الله ‪ r‬في ليلة‬
‫‪ ..‬وجمال الشكل ‪ ..‬واللباس ‪..‬‬ ‫مضيئة مقمرة ‪..‬‬
‫وطيب الرائحة ‪..‬‬ ‫فجعلت أنظر إلى رسول‬
‫وكان يردد في الناس قائل ً ‪:‬‬ ‫الله ‪ r‬وإلى القمر ‪ ..‬وعليه‬
‫) إن الله جميل يحب الجمال (‬ ‫حلة حمراء ‪ ..‬فإذا هو عندي‬
‫)‪.. (82‬‬ ‫أحسن من القمر ‪..‬‬
‫وكان يأمر المسلمين بذلك‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫يأمر المسلمين بمراعاة‬
‫النظرة الولى إليك تطبع في‬ ‫المظهر ‪..‬‬
‫ذهن المقابل ‪ %70‬من تصوره‬ ‫عن أبي الحوص عن أبيه ‪‬‬
‫عنك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬قال ‪ :‬أتيت النبي ‪ r‬وعل ّ‬
‫ي‬
‫ثوب دون ) أي ردئ ( ‪..‬‬
‫‪ .68‬الصدق ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : r‬ألك مال ؟ قلت ‪:‬‬
‫أذكر أني كنت أراقب على‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫الطلب يوما ً في قاعة‬ ‫قال ‪ :‬من أي المال ؟ قلت ‪:‬‬
‫المتحان ‪ ..‬وكان المتحان يوم‬ ‫من البل والبقر والغنم‬
‫خميس ‪ ..‬ومع أن يوم الخميس‬ ‫والخيل والرقيق ‪..‬‬
‫هو إجازة أصل ً إل أننا اضطررنا‬ ‫فقال ‪ : r‬فإذا آتاك الله مال ً‬
‫أن نجعل فيه امتحانا ً لزحمة‬ ‫‪ ..‬فُليَر أثُر نعمة الله عليك‬
‫المواد ‪..‬‬ ‫وكرامِته ‪..‬‬
‫بعد مضي ربع ساعة من بداية‬ ‫وقال ‪ ) : r‬من أنعم الله‬
‫المتحان ‪ ..‬أقبل أحد الطلب‬ ‫عليه نعمة ‪ ..‬فإن الله يحب‬
‫متأخرا ً ‪ ..‬كان المسكين يبدو‬ ‫أن يرى أثر نعمته على‬
‫عليه الضطراب الشديد ‪..‬‬ ‫عبده ( ‪.‬‬
‫قلت له ‪ :‬عفوا ً ‪ ..‬أتيت متأخرا ً‬
‫وعن جابر بن عبدالله ‪‬‬
‫ولن أسمح لك بدخول‬ ‫قال ‪:‬‬
‫المتحان ‪..‬‬ ‫أتانا رسول الله ‪ .. r‬زائرا ً‬
‫فبدأ يرجوني أن أسمح له ‪..‬‬ ‫في منزلنا فرأى رجل ً شعثا ً‬
‫قلت ‪ :‬ما الذي أخرك ؟!‬
‫قد تفرق شعره ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬والله يا دكتور ‪ ..‬راحت‬
‫فقال ‪ :‬أما كان يجد هذا ما‬
‫علي نومة !!‬
‫ُيسكن به شعره ؟‬
‫أعجبني صدقه ‪ ..‬وقلت تفضل ‪..‬‬
‫ورأى رجل ً آخر وعليه ثياب‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪82‬‬

‫‪218‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عندهم ‪..‬‬ ‫فدخل وامتحن ‪..‬‬
‫ويجعلهم ل يثقون فيك ‪..‬‬ ‫بعده بدقائق أقبل طالب آخر‬
‫فلو وقعت لحدهم مشكلة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬قلت ‪ :‬ما أخرك ؟‬
‫فلن يشكوها إليك ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬يا دكتور والله الطريق‬
‫ولو تكلمت بشيء لن يسمعوه‬ ‫زححححمة ‪ ..‬تعرف الناس‬
‫بتقبل ‪..‬‬ ‫في الصباح طالعين‬
‫قال ‪ : ‬يطبع المؤمن على‬ ‫لدواماتهم ‪ ..‬هذا رايح‬
‫الخلل كلها إل الخيانة والكذب‬ ‫جامعته ‪ ..‬وهذا لشركته ‪..‬‬
‫)‪(83‬‬
‫وهذا ‪..‬‬
‫وسئل ‪ .. ‬فقيل له ‪ :‬يا رسول‬ ‫ي ليقنعني أن‬ ‫وجعل يعدد عل ّ‬
‫الله ‪ ..‬أيكون المؤمن جبانا ً ؟‬ ‫الطريق زحمة ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫ونسي المسكين أن اليوم‬
‫فقيل ‪ :‬أيكون المؤمن بخيل ً ؟‬ ‫إجازة للموظفين ‪ ..‬وربما‬
‫فقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫ليس في الطرق إل‬
‫فقيل ‪ :‬أيكون المؤمن كذابا ً ؟‬ ‫طلبنا !!‬
‫)‪(84‬‬
‫فقال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫قلت له ‪ :‬يعني الشوارع‬
‫وقال عبد الله بن عامر ‪: ‬‬ ‫زحمة ‪ ..‬والسيارات تمل‬
‫دعتني أمي يوما ً ‪ ..‬ورسول الله‬ ‫الطرق ؟‬
‫‪ ‬قاعد في بيتنا ‪ ..‬فقالت ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬إي والله يا دكتور‬
‫ها ‪ ..‬تعال أعطيك ‪..‬‬ ‫كأنك ترى ‪..‬‬
‫فقال لها رسول الله ‪ : ‬وما‬ ‫قلت ‪ :‬يا شاطر !! إذا أردت‬
‫أردت أن تعطيه ؟‬ ‫أن تكذب فاضبط الكذبة ‪ ..‬يا‬
‫ً‬
‫قالت ‪ :‬أعطيه تمرا ‪..‬‬ ‫أخي اليوم خمييييس ‪ ..‬يعني‬
‫فقال لها ‪ :‬أما إنك لو لم تعطيه‬ ‫ما فيه دوامات ‪ ..‬من أين‬
‫)‪(85‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬كتبت عليك كذبة‬ ‫جاءت الزحمة ؟!!‬
‫وكان ‪ ‬إذا اطلع على أحد من‬ ‫قال ‪ :‬آه يا دكتور ‪ ..‬نسيت ‪..‬‬
‫أهل بيته كذب كذبة ‪ ..‬لم يزل‬ ‫" بنشر علي الكفر " ‪ ..‬أي‬
‫معرضا ً عنه ‪..‬‬ ‫تعطلت إحدى إطارات‬
‫في كثير من الحيان يندفع‬ ‫السيارة فوقف‬
‫بعض الناس إلى الكذب ‪ ..‬لجل‬ ‫لصلحها ‪!!..‬‬
‫إظهار أنفسهم بصورة أكبر من‬ ‫كان المسكين مضطربا ً‬
‫الحقيقة ‪..‬‬ ‫متورطا ً ‪ ..‬فضحكت ودخل‬
‫فتجده يكذب في بطولت‬ ‫ليمتحن ‪..‬‬
‫يؤلفها ‪ ..‬ومواقف يخترعها ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬ما أقبح أن يكتشف‬
‫الناس أنك تكذب عليهم ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما‬ ‫‪83‬‬

‫الكذب ينفر الناس عنك ‪..‬‬


‫) ( مالك في المؤطأ‬ ‫‪84‬‬

‫ويفقدك المصداقية‬
‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪85‬‬

‫‪219‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قبل يومين دخلت الفصل ‪..‬‬ ‫أو يزيد في القصص ‪..‬‬
‫فرأيت الطلب واجمين ‪..‬‬ ‫ليمّلحها ‪..‬‬
‫والمدرس جالس على كرسيه ‪..‬‬ ‫أو يدعي أشياء عنده ‪ ..‬وهو‬
‫بدون شرح ‪..‬‬ ‫كاذب ‪ ..‬فيتشبع بما لم‬
‫جلست وسألت الذي بجانبي ‪ :‬ما‬ ‫يعط ‪..‬‬
‫الخبر ؟!‬ ‫أو تجد الكذاب يعد ويخلف ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬زميلنا عساف مات‬ ‫أو يتورط بأمور ‪ ..‬فيختلق‬
‫البارحة ‪..‬‬ ‫أعذارا ً متنوعة ‪ ..‬وسرعان ما‬
‫كان في الفصل عدد من أصدقاء‬ ‫يكتشف الناس كذبه فيها ‪..‬‬
‫عساف ‪ ..‬تاركون للصلة ‪..‬‬ ‫وقف أحد العلماء أمام‬
‫والغون في عدد من‬ ‫السلطان ‪ ..‬فشهد على‬
‫المحرمات ‪..‬‬ ‫شيء ‪..‬‬
‫كان تأثير الخبر عليهم واضحا ً ‪..‬‬ ‫فقال السلطان ‪ :‬كذبت ‪..‬‬
‫حدثتني نفسي أن ألقي عليهم‬ ‫فصاح العالم ‪ :‬أعوذ بالله ‪..‬‬
‫كلمة وعظية أحثهم فيها على‬ ‫والله لو نادى مناٍد من‬
‫الصلة ‪ ..‬وبر الولدين ‪ ..‬وإصلح‬ ‫ل‬‫السماء ‪ :‬إن الله أح ّ‬
‫النفس ‪..‬‬ ‫الكذب ‪ ..‬لما كذبت ‪ ..‬فكيف‬
‫قلت له ‪ :‬ممتااااز ‪ ..‬هل فعلت ؟‬ ‫وهو حرام !!‬
‫قال ‪ :‬بصراحة ‪ ..‬ل ‪ ..‬خجلت ‪..‬‬
‫سكت ‪ ..‬وكظمت غيظي وأنا‬ ‫حقيقة ‪..‬‬
‫أقول في نفسي ‪ :‬تبا ً‬ ‫الكذب لون واحد كله أسود ‪..‬‬
‫جْبن ؟!!‬ ‫للـ ُ‬
‫امرأة تسألها ‪ :‬لماذا لم تصارحي‬ ‫الشجاعة ‪..‬‬ ‫‪.69‬‬
‫زوجك بالموضوع ؟‬ ‫قال لي بعدما خرجنا من‬
‫فتقول ‪ :‬أستحي !! خفت‬ ‫الوليمة ‪ :‬تصدق كنت أعرف‬
‫يزعل !! خفت يهجرني ‪..‬‬ ‫اسم الصحابي الذي تكلمتم‬
‫خفت ‪..‬‬ ‫عنه ‪..‬‬
‫م لم تخبر أباك‬ ‫شاب تسأله ‪ :‬لـ َ‬ ‫قلت ‪ :‬عجبا ً !! ليش ما‬
‫بالمشكلة قبل أن تتفاقم ؟!‬ ‫ذكرته ‪ ..‬وقد رأيتنا‬
‫فيقول ‪ :‬أخاف ‪ ..‬ما أتجرأ ‪..‬‬ ‫متحيرين ؟!‬
‫أو ربما رفع أحدهم ضغطك‬ ‫خفض رأسه وقال ‪ :‬خجلت‬
‫بقوله ‪ :‬أستحي أبتسم ‪ ..‬أخجل‬ ‫أتكلم ‪..‬‬
‫أثني عليه ‪..‬‬ ‫قلت في نفسي ‪ :‬تبا ً‬
‫أخاف يقولون يجامل ‪ ..‬يستخف‬ ‫جبن ‪..‬‬‫لل ُ‬
‫دمه ‪..‬‬ ‫وآخر كان يدرس في السنة‬
‫أسمع هذه التصرفات كثيرا ً ‪..‬‬ ‫الخيرة من الثانوية ‪..‬‬
‫فأتمنى أن أصرخ فيهم ‪ :‬يا‬ ‫التقيت به يوما ً فقال لي ‪:‬‬
‫‪220‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫زوجة يكون من مبادئها ‪ ..‬عدم‬ ‫جبناااااء ‪ ..‬إلى متى ؟!‬
‫الكذب على زوجها ‪ ..‬مهما زينوه‬ ‫الجبان ل يبني مجدا ً ‪ ..‬هو‬
‫لها ‪ ..‬تمشية حال ‪ ..‬كذب‬ ‫صفر على الشمال دائما ً ‪..‬‬
‫أبيض ‪..‬‬ ‫حف‬ ‫إن حضر مجلسا ً تل ّ‬
‫من المبادئ ‪ ..‬عدم تكوين‬ ‫جـْبنه ولم يشارك برأي ‪..‬‬ ‫بـ ُ‬
‫علقات محرمة مع الجنس الخر‬ ‫أو ينطق بكلمة ‪..‬‬
‫‪ ..‬عدم شرب الخمر ‪..‬‬ ‫وإن ذكروا نكتة ضحكوا‬
‫شخص ل يدخن ‪ ..‬جلس مع‬ ‫وعّلقوا ‪ ..‬ولم يستطع أن‬
‫أصحابه ‪ ..‬ليثبت على مبادئه ‪..‬‬ ‫يزيد على أن خفض رأسه‬
‫الشخص الثابت على مبادئه وإن‬ ‫وتبسم ‪..‬‬
‫انتقدته أصحابه أحيانا ً ‪..‬‬ ‫ً‬
‫وإن حضر مجلسا ‪ ..‬لم ينتبه‬
‫واتهموه بعدم المرونة ‪ ..‬إل أن‬ ‫أحد لوجوده ‪..‬‬
‫مشاعرهم الداخلية تؤمن أنها‬ ‫والعظم من ذلك إن كان أبا ً‬
‫أمام بطل ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أو زوجا ً ‪ ..‬أو مديرا ً ‪..‬‬
‫فتجد أن أكثرهم يلجأ إليه‬ ‫أو حتى زوجة أو أما ً ‪..‬‬
‫ويشعر بأهميته أكثر ن غيره ‪..‬‬ ‫الناس يكرهون الجبان ‪..‬‬
‫وليش هذا خاصا ً بأحد الجنسين‬ ‫وليس له قدر ‪..‬‬
‫دون الخر ‪ ..‬بل الرجال والنساء‬ ‫فعود نفسك على الشجاعة‬
‫في ذلك سواء ‪..‬‬ ‫في اللقاء ‪..‬‬
‫فاثبت على مبادئك ول تقدم‬ ‫الشجاعة في النصح ‪..‬‬
‫تنازلت ‪ ..‬عندها سيرضخ الناس‬ ‫الشجاعة في تطبيق مهارات‬
‫لها ‪..‬‬ ‫التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫لما ظهر السلم في الناس‬
‫جعلت لقبائل تفد إلى رسول‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫ود نفسك ودربها ‪ ..‬وإنما‬‫ع ّ‬
‫فجاء وفد قبيلة ثقيف وكانوا‬ ‫النصر ‪ :‬صبر ساعة ‪..‬‬
‫بضعة عشر رجل ً ‪..‬‬
‫فلما قدموا أنزلهم رسول الله‬ ‫الثبات على‬ ‫‪.70‬‬
‫‪ ‬المسجد ليسمعوا القرآن ‪..‬‬ ‫المبادئ ‪..‬‬
‫فسألوه ‪ :‬عن الربا والزنا‬ ‫كلما كانت شخصية الشخص‬
‫والخمر ؟‬ ‫أقوى ‪ ..‬وثباته على مبادئه‬
‫فحرم عليهم ذلك كله ‪..‬‬ ‫أشد ‪ ..‬كان أهم في‬
‫وكان لهم صنم ورثوا عبادته‬ ‫الحياة ‪..‬‬
‫وتعظيمه عن آبائهم ‪ ..‬اسمه "‬ ‫أحينا ً يكون من مبادئك عدم‬
‫الربة " ‪ ..‬ويصفونه بـ " الطاغية‬ ‫أخذ الرشوة ‪ ..‬مهما مّلحوا‬
‫" ‪ ..‬وينسجون حوله القصص‬ ‫أسماءها ‪ ..‬بخشيش ‪..‬‬
‫والحكايات للدللة على قوته ‪..‬‬ ‫هدية ‪ ..‬عمولة ‪..‬‬
‫‪221‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فإنا لن نهدمها أبدا ً ‪..‬‬ ‫فسألوه عن " الربة " ما هو‬
‫فقال ‪ : ‬سأبعث إليكم من‬ ‫صانع بها ؟‬
‫يكفيكم هدمها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬اهدموها ‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬والصلة ‪ ..‬ل نريد أن‬ ‫ففزعوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬هيهات ‪..‬‬
‫نصلي ‪ ..‬فإننا نأنف أن تعلو‬ ‫لو تعلم الربة أنك تريد أن‬
‫إست الرجل رأسه !!‬ ‫تهدمها ‪ ..‬قتلت أهلها !!‬
‫فقال ‪ : ‬أما كسر أصنامكم‬ ‫وكان عمر حاضرا ً ‪ ..‬فعجب‬
‫بأيديكم فسنعفيكم من ذلك ‪..‬‬ ‫من خوفهم من هدم صنم ‪..‬‬
‫وأما الصلة ‪ ..‬فل خير في دين‬ ‫فقال ‪ :‬ويحكم يا معشر‬
‫ل صلة فيه ‪!!..‬‬ ‫ثقيف !! ما أجهلكم !! إنما‬
‫فقالوا ‪ :‬سنؤتيكها ‪ ..‬وإن كانت‬ ‫الربة حجر ‪..‬‬
‫دناءة ‪..‬‬ ‫فغضبوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬إنا لم‬
‫فكاتبوه على ذلك ‪..‬‬ ‫نأتك يا ابن الخطاب ‪..‬‬
‫وذهبوا إلى قومهم ‪ ..‬ودعوهم‬ ‫فسكت عمر ‪..‬‬
‫إلى السلم ‪ ..‬فأسلموا على‬ ‫فقالوا ‪ :‬نشترط أن تدع لنا‬
‫مضض ‪..‬‬ ‫الطاغية ثلث سنين ‪ ..‬ثم‬
‫ثم قدم عليهم رجال من أصحاب‬ ‫تهدمه بعدها إن شئت ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ‬لهدم الصنم ‪..‬‬ ‫فرأى النبي ‪ ‬أنهم‬
‫فيهم خالد بن الوليد ‪ ..‬والمغيرة‬ ‫يساومونه على أمر في‬
‫بن شعبة الثقفي ‪..‬‬ ‫العقيدة !! هو أصل من‬
‫فتوجه الصحابة إلى الصنم ‪..‬‬ ‫أصول السلم ‪ ..‬فما دام‬
‫ففزعت ثقيف ‪ ..‬وخرج الرجال‬ ‫أنهم سيسلمون ‪ ..‬فما‬
‫والنساء والصبيان ‪..‬‬ ‫الداعي للتعلق بالصنم ‪!! ..‬‬
‫وجعلوا يرقبون الصنم ‪ ..‬وقد‬ ‫فقال ‪ : ‬ل ‪..‬‬
‫وقع في قلوبهم أنه لن ينهدم ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬فدعه سنتين ‪ ..‬ثم‬
‫وأن الصنم سيمنع نفسه ‪..‬‬ ‫اهدمه ‪..‬‬
‫فقام المغيرة بن شعبة ‪ ..‬فأخذ‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫الفأس ‪ ..‬والتفت إلى الصحابة‬ ‫قالوا ‪ :‬فدعه سنة واحدة ‪..‬‬
‫الذين معه وقال ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫والله لضحكنكم من ثقيف !!‬ ‫قالوا ‪ :‬فدعه شهرا ً واحدا ً !!‬
‫ثم اقبل إلى الصنم ‪ ..‬فضرب‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫الصنم بالفأس ‪ ..‬ثم سقط‬ ‫فلما رأوا أنه لم يستجب‬
‫وجعل يرفس برجله ‪..‬‬ ‫لهم في ذلك ‪ ..‬فالمسألة‬
‫فصاحت ثقيف ‪ ..‬وارتجوا ‪..‬‬ ‫شرك وإيمان ‪ ..‬ل مجال‬
‫وفرحوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬أبعد الله‬ ‫فيها للمفاوضة !!‬
‫المغيرة ‪ ..‬قتلته الربة ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫ثم التفتوا إلى بقية الصحابة‬ ‫ل أنت هدمها ‪ ..‬أما نحن‬ ‫فتو ّ‬
‫‪222‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كان من أهم أسئلتهم ‪ :‬كم كأسا ً‬ ‫وقالوا ‪:‬‬
‫تشرب من الخمر يوميا ً ؟!‬ ‫من شاء منكم فليقترب ‪..‬‬
‫جاء دور صاحبنا ‪ ..‬فدخل ‪..‬‬ ‫عندها قام المغيرة ضاحكا ً ‪..‬‬
‫وتتابعت عليه السئلة ‪ ..‬حتى‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫سألوه ‪ :‬كم تشرب من الخمر ؟‬ ‫ويحكم يا معشر ثقيف ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أنا ل أشرب الخمر ‪..‬‬ ‫إنما هي لكاع ) أي مزحة ( ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬لماذا !! هل أنت‬ ‫وهذا صنم ‪ ..‬حجارة ومدر ‪..‬‬
‫مريض ؟!‬ ‫فاقبلوا عافية الله‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬لكني مسلم ‪..‬‬ ‫واعبدوه ‪..‬‬
‫والخمر حرام ‪..‬‬ ‫ثم أقبل يهدم الصنم ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬يعني ل تشربها حتى في‬ ‫والناس معه ‪ ..‬فما زالوا‬
‫عطلة آخر السبوع ؟!!‬ ‫يهدمونها حجرا ً حجرا ً ‪ ..‬حتى‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫سووها بالرض ‪..‬‬
‫فنظر بعضهم إلى بعض‬
‫متعجبين ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫حـ ْ‬
‫و ْ‬
‫فلما ظهرت النتائج ‪ ..‬فإذا اسمه‬ ‫"من طلب رضا الناس‬
‫في أوائل المقبولين ‪..‬‬ ‫بسخط الله سخط الله عليه‬
‫بدأ عمله معهم ‪ ..‬ومضى عليه‬ ‫وأسخط عليه الناس ‪ ،‬ومن‬
‫أشهر ‪..‬‬ ‫طلب رضا الله بسخط الناس‬
‫وفي يوم لقي أحد المسئولين‬ ‫رضي الله عنه وأرضى عنه‬
‫في تلك المقابلة وسأله ‪ :‬لماذا‬ ‫الناس "‬
‫كنتم تكررون سؤالي عن‬
‫الخمر ؟!‬ ‫‪ .71‬إغراءات ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬لن الوظيفة المطلوبة‬ ‫قرأت أن شابا ً مسلما ً في‬
‫هي في الحراسات ‪ ..‬وكلما‬ ‫بريطانيا ‪ ..‬اطلع على قرأ‬
‫توظف فيها شاب ‪ ..‬فوجئنا به‬ ‫إعلن لحدى الشركات حول‬
‫يشرب الخمر ويسكر ‪ ..‬فيضيع‬ ‫حاجتها إلى موظفين‬
‫مكانه ‪ ..‬ويهجم على الشركة‬ ‫يعملون في الحراسات ‪..‬‬
‫من يسرقها ‪ ..‬فلما وجدناك ل‬ ‫أقبل إلى اللجنة المختصة‬
‫تشرب الخمر عرفنا أننا وقعنا‬ ‫بمقابلة المتقدمين ‪ ..‬فإذا‬
‫على مبتغانا ‪ ..‬فوظفناك هنا !!‬ ‫جمع كبير من الشباب ‪ ..‬ما‬
‫ما أجمل الثبات على المبادئ‬ ‫بين مسلمين وغير‬
‫وإن كثرت الغراءات ‪..‬‬ ‫مسلمين ‪..‬‬
‫المشكلة أننا نعيش في‬ ‫كلما خرج شخص من‬
‫ل أن تجد فيها من‬ ‫مجتمعات ق ّ‬ ‫المقابلة سأله الواقفون ‪..‬‬
‫يتمسك مبادئه ‪ ..‬يعيش من‬ ‫عن ماذا سألوك ؟ وبماذا‬
‫أجلها ويموت من أجلها ‪ ..‬ويثبت‬ ‫أجبت ؟‬
‫‪223‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وفي المثل ‪ :‬ودت الزانية لو أن‬ ‫على اللتزام بها ‪ ..‬وإن‬
‫النساء كلهن زنين ‪..‬‬ ‫كثرت الغراءات ‪..‬‬
‫من التجارب في حياتنا ‪ ..‬أن تجد‬ ‫إذا مشيت على الصحيح ‪..‬‬
‫زوجة كثيرة الكذب على‬ ‫والتزمت بالصراط المستقيم‬
‫زوجها ‪ ..‬تربت على ذلك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فأصحاب المبادئ الخرى‬
‫وتعودت عليه ‪ ..‬فإذا رأت من‬ ‫لن يتركوك ‪..‬‬
‫تنكر عليها ‪ ..‬وتنصحها‬ ‫فعدم قبولك للرشوة يغضب‬
‫بالصدق ‪ ..‬حاولت أن تجرها إلى‬ ‫زملءك المرتشين ‪..‬‬
‫مستنقعها ‪ ..‬فكررت عليها ‪:‬‬ ‫وامتنعاك عن الزنا ‪ ..‬يغضب‬
‫الرجال ما يصلح معهم إل كذا ‪..‬‬ ‫الفاعلين !!‬
‫ما تمشي أمورك معه إل بالكذب‬ ‫ذكر أن عمر بن الخطاب ‪‬‬ ‫ُ‬
‫‪..‬‬ ‫س ليلة من الليالي ‪..‬‬ ‫ع ّ‬
‫كان ي ِ‬
‫فل تزال بها حتى تتنازل عن‬ ‫يراقب وينظر ‪..‬‬
‫مبادئه وتتغير ‪ ..‬أو ربما تثبت ‪..‬‬ ‫فمر بأحد البيوت في ظلمة‬
‫ولعلها ‪..‬‬ ‫الليل ‪ ..‬فسمع فيه رجال‬
‫وقل مثل ذلك في مسئول‬ ‫سكارى ‪ ..‬فكره أن يطرق‬
‫حسن الخلق مع موظفيه ‪..‬‬ ‫عليهم الباب ليل ً ‪ ..‬وخشي‬
‫ويرى أن هذا مما يفيد العمل ‪..‬‬ ‫أن يكون ظنه خاطئا ً ‪ ..‬وأراد‬
‫ويزرث الراحة في قلوبهم ‪..‬‬ ‫أن يتثبت من المر ‪..‬‬
‫ويزيد النتاج ‪..‬‬ ‫فتناول كسرة فحم من على‬
‫فيلقاه مسئول سيء الخلق ‪..‬‬ ‫الرض ‪ ..‬ووضع بها علمة‬
‫قَبل موظفيه ‪..‬‬ ‫مبغوض من ِ‬ ‫على الباب ‪ ..‬ومضى ‪..‬‬
‫فيحسده – ربما – أو يريد أن‬ ‫ً‬
‫سمع صاحب الدار صوتا عن‬
‫يقنعه بأسلوب آخر في‬ ‫الباب ‪ ..‬فخرج ‪ ..‬فرأى‬
‫التعامل ‪ ..‬فيقول له ‪ :‬ل تفعل‬ ‫العلمة ‪ ..‬ورأى ظهر عمر‬
‫كذا ‪ ..‬وافعل كذا ‪ ..‬ول تبتسم ‪..‬‬ ‫موليا ً ‪ ..‬ففهم القصة ‪..‬‬
‫ول ‪..‬‬ ‫فكان الصل أن يمسح‬
‫أو صاحب بقالة ل يبيع‬ ‫العلمة وينتهي المر ‪ ..‬لكنن‬
‫السجائر ‪ ..‬فيحول أن يقنعه ‪..‬‬ ‫الرجل لم يفعل ذلك ‪!!..‬‬
‫فكن بطل ً واثبت على مبادئك ‪..‬‬ ‫وإنما أخذ كسرة الفحم‬
‫وقل بأعلى صوتك ‪ :‬لااااا ‪..‬‬ ‫وأقبل إلى بيوت جيرانه ‪..‬‬
‫مهما أغروك ‪..‬‬ ‫وجعل يرسم على أبوابها‬
‫وقديما ً حاول الكفار مع رسول‬ ‫علمات !!‬
‫الله ‪ ‬أن يتنازل عن مبادئه ‪..‬‬ ‫وكأنه يريد أن ينزل الناس‬
‫دهن‬ ‫فقال الله له ‪ ) :‬ودوا لو ت ُ ْ‬ ‫إلى مستواه ‪ ..‬ويكونون مثله‬
‫فيدهنون ( ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ول يريد أن يرتفع إلى‬
‫يعني أنهم ل مبادئ عندهم أصل ً‬ ‫مستواهم ‪!!..‬‬
‫‪224‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫خرج حتى جاء الكعبة فطاف بها‬ ‫ليحافظوا عليها ‪ ..‬وبالتالي‬
‫سبعا ً على راحلته ‪..‬‬ ‫ل مانع عندهم من التنازل‬
‫فلما قضى طوافه ‪ ..‬دعا عثمان‬ ‫عن مبادئهم ‪ ..‬فانتبه أن‬
‫بن طلحة فأخذ منه مفتاح‬ ‫يغروك بترك مبادئك ‪..‬‬
‫الكعبة ‪ ..‬ففتحت له فدخلها ‪..‬‬
‫فرأى فيه صور الملئكة وغيرهم‬ ‫قال تعالى ‪:‬‬
‫‪..‬‬ ‫" فل تطع المكذبين * ودوا‬
‫ورأى إبراهيم عليه السلم‬ ‫لو تدهن فيدهنون "‬
‫مصورا ً في يده الزلم يستقسم‬
‫بها ‪..‬‬ ‫العفو عن‬ ‫‪.72‬‬
‫فقال ‪ : ‬قاتلهم الله ‪ ..‬جعلوا‬ ‫الخرين ‪..‬‬
‫شيخنا يستقسم بالزلم !! ما‬ ‫ل تخلو الحياة من عثرات‬
‫شأن ابراهيم والزلم ؟!‬ ‫تصيبنا من الناس ‪..‬‬
‫ما كان إبراهيم يهوديا ً ول‬ ‫فهذه مزحة ثقيلة ‪ ..‬وتلك‬
‫نصرانيا ً ولكن كان حنيفا ً مسلما ً‬ ‫كلمة نابية ‪ ..‬وتعدّ على‬
‫وما كان من المشركين ‪..‬‬ ‫حاجات شخصية ‪..‬‬
‫ثم أمر ‪ ‬بتلك الصور كلها‬ ‫خصومة بين اثنين في‬
‫فطمست ‪..‬‬ ‫مجلس ‪ ..‬أو اختلف في‬
‫ثم وجد فيها حمامة من عيدان‬ ‫وجهات نظر ‪ ..‬أو آراء ‪..‬‬
‫فكسرها بيده ‪ ..‬ثم طرحها ‪..‬‬ ‫وبعضنا يكبر الموضوع في‬
‫ثم وقف على باب الكعبة ‪..‬‬ ‫نفسه ‪ ..‬وليس عنده‬
‫وقد اجتمع له الناس في‬ ‫استعداد للعفو أو النسيان ‪..‬‬
‫المسجد مسلمين والكفار‬ ‫أو ربما لم يملك استعدادا ً‬
‫ينظرون إليه ‪..‬‬ ‫لقبول أعذار الخرين والعفو‬
‫ثم صلى ركعتين ثم انصرف إلى‬ ‫عنهم ‪..‬‬
‫زمزم ‪ ..‬فاطلع فيها ‪ ..‬ودعا‬ ‫بعض الناس يعذب نفسه‬
‫بماء فشرب منها وتوضأ ‪..‬‬ ‫بعدم عفوه ‪ ..‬يمل صدره‬
‫والناس يبتدرون وضوءه ‪..‬‬ ‫بأحقاد تشغله تعذبه ‪..‬‬
‫والمشركون يتعجبون من ذلك ‪..‬‬ ‫ولله در الحسد ما أعدله ‪..‬‬
‫ويقولون ‪ :‬ما رأينا ملكا ً قط ول‬ ‫بدأ بصاحبه فقتله ‪..‬‬
‫سمعنا به مثل هذا ‪..‬‬ ‫فل تعذب نفسك ‪ ..‬هناك‬
‫ثم أقبل إلى مقام إبراهيم‬ ‫أشياء ل يمكن أن تعاقب‬
‫فأخره عن الكعبة ‪ ..‬وكان‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫ملصقا بها ‪..‬‬ ‫س الماضي ‪ ..‬وعش حياتك‬ ‫ِان َ‬
‫ثم قام ‪ ‬على باب الكعبة‬ ‫‪..‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫لما دخل رسول الله ‪ ‬مكة‬
‫ل إله إل الله ‪ ..‬وحده ل شريك‬ ‫فاتحا ً ‪ ..‬واطمأن الناس ‪..‬‬
‫‪225‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مهزومين ‪ ..‬أذلء ‪ ..‬صاغرين ‪..‬‬ ‫له ‪ ..‬صدق وعده ‪ ..‬ونصر‬
‫ثم قال ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ..‬ما‬ ‫عبده ‪ ..‬وهزم الحزاب وحده‬
‫ترون أني فاعل فيكم ؟‬ ‫‪..‬‬
‫فانتنفضوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬تفعل بنا‬ ‫أل كل مأثرة ‪ ..‬أو دم ‪ ..‬أو‬
‫خيرا ً ‪ ..‬أنت أخ كريم ‪ ..‬وابن أخ‬ ‫دعى ‪ ..‬فهو موضوع‬ ‫مال ي ُ ّ‬
‫كريم ‪..‬‬ ‫تحت قدمي هاتين ‪ ..‬إل‬
‫عجبا ً !! هل نسوا ما كانوا‬ ‫سدانة البيت ‪ ..‬وسقاية‬
‫يفعلونه بهذا الخ الكريم ‪ ..‬أين‬ ‫الحاج ‪ ..‬ثم جعل يقرر بعض‬
‫سبكم ‪ :‬مجنون ‪ ..‬ساحر ‪ ..‬كاهن‬ ‫الحكام الشرعية فقال ‪:‬‬
‫؟!‬ ‫أ ََل وقتيل الخطأ شبه العمد‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ما دام أخا كريما ‪ ..‬وأبوه أخ‬ ‫بالسوط والعصا ‪ ..‬ففيه‬
‫كريم !! فلماذا حاربتموه ؟!‬ ‫الدية مغلظة مائة من‬
‫أين تعذيبكم للمسلمين الضعفاء‬ ‫البل ‪ ..‬أربعون منها في‬
‫‪..‬‬ ‫بطونها أولدها ‪..‬‬
‫هذا بلل واقف ‪ ..‬وآثار التعذيب‬ ‫ثم نظر إلى رؤوس قريش‬
‫ل تزال في ظهره ‪..‬‬ ‫وساداتها ‪ ..‬فصاح بهم ‪:‬‬
‫وتلك نخلة قريبة قتلت عندها‬ ‫يا معشر قريش ‪ ..‬إن الله‬
‫أمية ‪ ..‬وزوجها ياسر ‪ ..‬وهذا‬ ‫قد أذهب عنكم نخوة‬
‫ابنهما عمار مع المسلمين يشهد‬ ‫ظمها‬ ‫الجاهلية ‪ ..‬وتع ّ‬
‫‪..‬‬ ‫بالباء ‪..‬‬
‫أين حبسكم له مع المسلمين‬ ‫الناس من آدم ‪ ..‬وآدم من‬
‫الضعفاء ‪ ..‬ثلث سنين في‬ ‫تراب ‪..‬‬
‫شعب بني عامر ‪ ..‬حتى أكلوا‬ ‫س إ ِّنا‬ ‫َ‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫ثم تل " َيا أي ّ َ‬
‫ُ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ورق الشجر من شدة‬ ‫وأنَثى‬ ‫ر َ‬ ‫من ذَك َ ٍ‬ ‫كم ّ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫َ‬
‫الجوع ‪..‬؟!! ما رحمتم بكاء‬ ‫قَبائ ِ َ‬
‫ل‬ ‫و َ‬ ‫عوًبا َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الصغير ‪ ..‬ول أنين الشيخ‬ ‫ه‬
‫عندَ الل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ن أك َْر َ‬ ‫فوا إ ِ ّ‬ ‫عاَر ُ‬ ‫ل ِت َ َ‬
‫الكبير ‪ ..‬ول حامل ً ول مرضعا ً !!‬ ‫خِبيٌر "‬ ‫م َ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫أ َت ْ َ‬
‫أين حربكم له في بدر ‪ ..‬وأحد ‪..‬‬ ‫ثم جعل يتأمل في وجوه‬
‫وتحزبكم عليه في الخندق ؟‬ ‫الكفار ‪..‬‬
‫أين منعكم له من دخول مكة‬ ‫وهو في عزه وملكه عند‬
‫معتمرا ً ‪ ..‬لما جاءكم قبل‬ ‫الكعبة ‪ ..‬وهم في ذلهم‬
‫سنين ‪ ..‬وتركتموه محبوسا ً في‬ ‫وضعفهم ‪..‬‬
‫الحديبية ‪ ..‬ممنوعًامن دخول‬ ‫في مكان طالما كذبوه‬
‫مكة ؟‬ ‫فيه ‪ ..‬وأهانوه ‪ ..‬وألقوا‬
‫أين صدكم لعمه أبي طالب عن‬ ‫الوساخ على رأسه وهو‬
‫السلم وهو على فراش‬ ‫ساجد ‪..‬‬
‫الموت ؟‬ ‫وكفار قريش بين يديه ‪..‬‬
‫‪226‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫جاء الحق ‪ ..‬وما يبدئ الباطل‬ ‫أين ‪..‬؟ أين ‪..‬؟ شريط‬
‫وما يعيد ‪..‬‬ ‫طويييييل من الذكريات‬
‫عدد من كفار قريش العتاة‬ ‫المؤلمة يمر أمام ناظريه‬
‫البغاة ‪ ..‬الذين لهم تاريخ أسود‬ ‫‪.. ‬‬
‫مع المسلمين ‪ ..‬فروا من مكة‬ ‫ليس هو فقط ‪ ..‬بل أمام‬
‫قبل دخول النبي ‪ ‬وأصحابه‬ ‫ناظري أبي بكر وعمر ‪..‬‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫وعثمان وعلي ‪ ..‬وبلل‬
‫منهم صفوان بن أمية ‪..‬‬ ‫وعمر ‪ ..‬فكل واحد من هؤلء‬
‫فإنه فر منها هاربا ً ‪ ..‬وقد تحير‬ ‫‪ ..‬له مع قريش قصة‬
‫أين يذهب ‪..‬‬ ‫حزينة ‪..‬‬
‫فمضى إلى جدة ليركب منها‬ ‫كان يستطيع أن ينزل بهم‬
‫إلى اليمن ‪..‬‬ ‫أقسى أنواع العقوبة ‪ ..‬فهم‬
‫فلما رأى الناس عفو رسول‬ ‫أعداء محاربون ‪ ..‬معتدون ‪..‬‬
‫الله ‪ .. ‬ونسيانه للماضي‬ ‫خونة ‪..‬‬
‫الليم ‪..‬‬ ‫نعم خونة ‪ ..‬خانوا صلح‬
‫جاء عمير بن وهب إلى رسول‬ ‫الحديبية ‪ ..‬واعتدوا ‪..‬‬
‫الله ‪ ‬فقال ‪:‬‬ ‫كانوا مجرمين ‪ ..‬متحيرين ‪..‬‬
‫يا نبي الله إن صفوان بن أمية‬ ‫ل يدرون ماذا سُيفعل بهم ‪..‬‬
‫سيد قومه ‪ ..‬وقد خرج هاربا ً‬ ‫فإذا به ‪ ‬يدوس على‬
‫منك ‪ ..‬ليقذف نفسه في‬ ‫الحقاد ‪ ..‬ويحلق بهمته‬
‫منه ‪ ..‬صلى الله عليك‬ ‫ّ‬ ‫عااااليا ً ‪..‬‬
‫البحر ‪ ..‬فأ ّ‬
‫‪..‬‬ ‫ويقول كلمة يهتف بها‬
‫قال ‪ r‬بكل بساطة ‪ :‬هو آمن ‪..‬‬ ‫التاريخ ‪ :‬اذهبوا ‪ ..‬فأنتم‬
‫قال عمير ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫الطلقاء ‪..‬‬
‫فأعطني آية يعرف بها أمانك ‪..‬‬ ‫فينطلقون ‪ ..‬مستبشرين ‪..‬‬
‫فأعطاه رسول الله ‪ r‬عمامته‬ ‫تكاد أرجلهم تطير من الفرح‬
‫التي دخل فيها مكة ‪ ..‬حتى إذا‬ ‫‪..‬‬
‫رآها صفوان ‪ ..‬عرفها فوثق في‬ ‫أحقا ً عفا عنا ؟!!‬
‫صدق عمير ‪..‬‬ ‫ثم تلفت ‪ ‬ينظر حول‬
‫خرج بها عمير حتى أدركه ‪..‬‬ ‫الكعبة ‪ ..‬فإذا ثلثمائة‬
‫وهو يريد أن يركب في البحر ‪..‬‬ ‫وستون صنما ً ‪ ..‬تعبد من‬
‫فقال ‪ :‬يا صفوان ‪ ..‬فداك أبي‬ ‫ظم‬‫دون الله ‪ ..‬عند بيته المع ّ‬
‫وأمي ‪ ..‬الله ‪ ..‬الله في نفسك‬ ‫‪!!..‬‬
‫أن تهلكها ‪ ..‬فهذا أمان من‬ ‫فجعل ‪ ‬يضربها بيده‬
‫رسول الله ‪ r‬قد جئتك به ‪..‬‬ ‫الكريمة ‪ ..‬فتهوي ‪ ..‬وهو‬
‫فقال صفوان ‪ :‬ويحك ‪ ..‬أغرب‬ ‫يقول ‪:‬‬
‫عني فل تكلمني ‪ ..‬فإنك‬ ‫جاء الحق ‪ ..‬وزهق الباطل ‪..‬‬
‫‪227‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حتى في الحاجات الخاصة ‪..‬‬ ‫كذاب ‪ ..‬وكان خائفا ً من‬
‫كان ‪ ‬هينا ً لينا ً ‪..‬‬ ‫مغبة ما كان فعله‬
‫قال المقداد بن السود ‪: t‬‬ ‫بالمسلمين ‪..‬‬
‫قدمت المدينة أنا وصاحبان‬ ‫قال ‪ :‬أي صفوان ‪ ..‬فداك‬
‫لي ‪..‬‬ ‫أبي وأمي ‪ ..‬رسول الله ‪..‬‬
‫فتعرضنا للناس فلم يضفنا‬ ‫أفضل الناس ‪ ..‬وأبر‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وأحلم الناس‬
‫فأتينا إلى النبي ‪ .. r‬فذكرنا‬ ‫‪..‬وخير الناس ‪ ..‬وهو ابن‬
‫له ‪ ..‬فأضافنا في منزل وعنده‬ ‫فه‬ ‫عمك ‪ ..‬عّزه عزك ‪ ..‬وشر ُ‬
‫أربع أعنز ‪..‬‬ ‫كه ملكك ‪..‬‬ ‫شرفك ‪ ..‬ومل ُ‬
‫فقال ‪ :‬احلبهن يا مقداد ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬إني أخافه على‬
‫وجزئهن أربعة أجزاء ‪ ..‬وأعط‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫كل إنسان جزءا ً فكنت أفعل ذلك‬ ‫قال ‪ :‬هو أحلم من ذاك‬
‫‪..‬‬ ‫وأكرم ‪..‬‬
‫فكان المقداد كل مساء ‪ ..‬يحلب‬ ‫فرجع صفوان معه ‪..‬‬
‫فيشرب هو وصاحباه ‪ ..‬ويبقى‬ ‫حتى وصل إلى مكة ‪..‬‬
‫جزء النبي عليه الصلة‬ ‫فمضى به عمير حتى وقف‬
‫والسلم ‪ ..‬فإن كان موجودا ً‬ ‫به على رسول الله ‪.. r‬‬
‫شربه ‪ ..‬وإن كان غائبا ً حفظوه‬ ‫فقال صفوان ‪ :‬إن هذا يزعم‬
‫له حتى يرجع ‪..‬‬ ‫أنك قد أمنتني ‪..‬‬
‫وفي ليلة من الليالي ‪ ..‬تأخر‬ ‫قال ‪ : ‬صدق ‪..‬‬
‫النبي ‪ r‬في المجيء إليهم ‪..‬‬ ‫قال صفوان ‪ :‬أما دخولي‬
‫واضطجع المقداد على فراشه ‪..‬‬ ‫في السلم ‪ ..‬فاجعلني‬
‫فقال في نفسه ‪:‬‬ ‫بالخيار فيه شهرين ‪..‬‬
‫إن النبي ‪ .. r‬قد أتى أهل بيت‬ ‫فقال ‪ : r‬أنت بالخيار فيه‬
‫من النصار ‪ ..‬فأطعموه ‪..‬‬ ‫أربعة أشهر ‪..‬‬
‫فلو قمت فشربت هذه‬ ‫ثم أسلم صفوان بعد ذلك ‪..‬‬
‫الشربة ‪..‬‬ ‫ما أجمل العفو عن الناس ‪..‬‬
‫فلم تزل به نفسه حتى قام‬ ‫ونسيان الماضي الليم ‪..‬‬
‫فشربها ‪ ..‬ولم يبق للنبي ‪r‬‬ ‫هذا خلق بل شك ل يستطيعه‬
‫شيئا ً ‪..‬‬ ‫إل العظماء ‪ ..‬الذين‬
‫قال المقداد ‪ :‬فلما دخل في‬ ‫يترفعون بأخلقهم عن‬
‫بطني وتقار ‪ ..‬أخذني ما قدم‬ ‫سفالة النتقام ‪ ..‬والحقد ‪..‬‬
‫وما حدث ‪..‬‬ ‫وشفاء الغيظ ‪ ..‬فالحياة‬
‫فقلت ‪ :‬يجيء الن النبي ‪r‬‬ ‫قصيرة ‪ -‬على كل حال ‪.. -‬‬
‫جائعا ً ‪..‬ظمآنا ً ‪ ..‬فل يرى في‬ ‫نعم هي أقصر من أن‬
‫ندنسها بحقد وضغينة ‪..‬‬
‫‪228‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فلما رأى رسول الله ‪ r‬كثرة‬ ‫القدح شيئا ً ‪ ..‬فيدعو علي ‪..‬‬
‫اللبن ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫فسجيت ثوبا ً على وجهي ‪..‬‬
‫أما شربتم شرابكم الليلة يا‬ ‫يعني من الهم ‪..‬‬
‫مقداد ؟‬ ‫فلما مضى بعض الليل ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬اشرب يا رسول الله ‪..‬‬ ‫وجاء النبي ‪ .. r‬فسلم‬
‫فقال ‪ :‬ما الخبر يا مقداد ؟‬ ‫تسليمة تسمع اليقظان ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬اشرب ثم الخبر ‪ ..‬فشرب‬ ‫ول توقظ النائم ‪..‬‬
‫النبي ‪ ‬ثم ناول القدح للمقداد‬ ‫والمقداد على فراشه ‪..‬‬
‫‪ ..‬فقال المقداد ‪ :‬اشرب يا‬ ‫ينظر إليه ‪ ..‬فأقبل ‪ r‬إلى‬
‫رسول الله ‪..‬فشرب ثم ناوله‬ ‫إنائه ‪..‬‬
‫القدح ‪ ..‬قال ‪ :‬اشرب يا رسول‬ ‫فكشف عنه فلم ير شيئا ً ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫فرفع بصره إلى السماء ‪..‬‬
‫قال المقداد ‪ ..‬فلما عرفت أن‬ ‫ففزع المقداد ‪ ..‬وقال ‪ :‬الن‬
‫رسول الله ‪ r‬قد روي ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫يدعو عل ّ‬
‫وأصابتني دعوته ‪..‬‬ ‫فتسمع ماذا يقول ‪ ..‬فإذا به‬
‫ضحكت حتى ألقيت إلى‬ ‫‪ .. r‬يقول ‪:‬‬
‫الرض ‪..‬‬ ‫اللهم اسق من سقاني ‪..‬‬
‫فقال رسول الله ‪ :‬إحدى سوآتك‬ ‫وأطعم من أطعمني ‪..‬‬
‫يا مقداد ! ‪.‬‬ ‫فلما سمع المقداد ذلك ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إنك قد‬ ‫َأغتنم دعوة النبي عليه‬
‫أبطأت علينا الليلة ‪ ..‬وكنت‬ ‫الصلة والسلم ‪..‬‬
‫جائعا ً فقلت في نفسي لعل‬ ‫قام فأخذ الشفرة السكين ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ r‬قد تعشى عند‬ ‫فدنا إلى العنز ‪ ..‬ليذبح‬
‫بعض النصار ‪ ..‬وقص عليه‬ ‫إحداها ‪ ..‬ليطعم النبي ‪.. r‬‬
‫القصة كلها ‪ ..‬وكيف أن العنز‬ ‫فجعل يجسهن ينظر أيتهن‬
‫حلبت في ليلة واحدة مرتين ‪..‬‬ ‫أسمن ليذبحها ‪..‬‬
‫على غير العادة ‪..‬‬ ‫فوقعت يده على ضرع‬
‫كان من أمري كذا ‪ ..‬فصنعت كذا‬ ‫إحداهن فإذا هي حافل ‪..‬‬
‫وكذا ‪..‬‬ ‫مليئة باللبن ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ما كانت هذه إل رحمة‬ ‫ونظر إلى الخرى فإذا هي‬
‫الله ‪ ..‬أل كنت آذنتي توقظ‬ ‫حافل ‪..‬‬
‫صاحبيك هذين فيصيبان منها ‪..‬‬ ‫فنظرت فإذا هي كلهن حفل‬
‫فقلت ‪ :‬والذي بعثك بالحق ما‬ ‫‪ ..‬فحلب في إناء كبير ‪..‬‬
‫أبالي إذا أصبَتها ‪ ..‬وأصبُتها معك‬ ‫فمله حتى علت رغوته ‪..‬‬
‫من أصابها من الناس ‪..‬‬ ‫ثم أتى به النبي ‪ .. r‬فقال ‪:‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫اشرب ‪..‬‬

‫‪229‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قلوبهم‬ ‫الحياة أخذ وعطاء ‪..‬‬
‫فطالما استعبد‬ ‫فاجعل عطاءك أكثر من‬
‫النسان إحسان‬ ‫أخذك ‪..‬‬
‫وينبغي عند إكرام غيرك أن‬
‫تكون نيتك حسنة ‪ ..‬للتآلف مع‬ ‫‪ .73‬الكرم ‪..‬‬
‫إخوانك المسلمين ‪ ..‬وكسب‬ ‫قال لهم ‪ :‬من سيدكم ؟‬
‫مودتهم ‪ ..‬والتقرب إلى الله‬ ‫قالوا ‪ :‬سيدنا فلن ‪ ..‬على‬
‫بالحسان إليهم ‪ ..‬ل لجل‬ ‫خله ‪..‬‬ ‫أننا نب ّ‬
‫ُ‬
‫فقال ‪ :‬وأي داء أدوأ من‬
‫شهرة أو رئاسة أو كسب‬
‫مديحهم وثنائهم ‪..‬‬ ‫البخل ؟!! بل سيدكم البيض‬
‫قال ‪ : e‬أول من تسعر بهم النار‬ ‫الجعد فلن ‪..‬‬
‫ثلثة ‪ ..‬وذكر منهم رجل ً كان‬ ‫هكذا جرى النقاش بين‬
‫ينفق ليقال جواد أي كريم ‪..‬‬ ‫إحدى القبائل وبين رسول‬
‫فلم يعمل ابتغاء وجه الخالق‬ ‫الله ‪ e‬لما أسلموا فسألهم‬
‫وإنما ابتغى وجه المخلوق ‪..‬‬ ‫عن سيدهم ليقره عليهم‬
‫رياءً وسمعة ‪..‬‬ ‫بعد إسلمهم أو يغيره ‪..‬‬
‫وإليك الحديث كامل ً ‪:‬‬ ‫نعم وأي داء أدوأ من‬
‫قال سفيان ‪:‬‬ ‫البخل ‪..‬‬
‫دخلت المدينة ‪ ..‬فإذا أنا برجل‬ ‫ما أقبح البخل وما أعرض‬
‫قد اجتمع الناس عليه ‪..‬‬ ‫الناس عنه ‪ ..‬وما أثقله‬
‫فقلت ‪ :‬من هذا ؟‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬أبو هريرة ‪..‬‬ ‫ل يكاد يقيم في بيته وليمة‬
‫فدنوت منه حتى قعدت بين يديه‬ ‫يتحبب بها إليهم ‪ ..‬ول يكاد‬
‫‪ ..‬وهو يحدث الناس ‪..‬‬ ‫يهدي هدية ‪ ..‬ول يكاد يعتني‬
‫فلما سكت وخل ‪ ..‬قلت ‪:‬‬ ‫بجمال مظهره ‪ ..‬ول يهتم‬
‫أنشدك الله ‪ ..‬بحق وحق ‪ ..‬لما‬ ‫بزكاء برائحته ‪ ..‬توفيرا ً‬
‫حدثتني حديثا سمعته من رسول‬ ‫للمال ‪ ..‬ورضا ً بالدون ‪..‬‬
‫الله ‪ .. ‬وعلمته ‪..‬‬ ‫أما الكريم فهو مفضال على‬
‫فقال أبو هريرة ‪ :‬أفعل ‪..‬‬ ‫أصحابه ‪ ..‬قريب من‬
‫لحدثنك حديثا ً حدثنيه رسول‬ ‫أحبابه ‪ ..‬إن اشتاقوا‬
‫الله ‪ .. ‬عقلته وعلمته ‪..‬‬ ‫للجتماع والنس ففي‬
‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة ) شهق‬ ‫بيته ‪ ..‬وإن نقص على‬
‫( ‪ ..‬فمكث قليل ً ‪ ..‬ثم أفاق ‪..‬‬ ‫أحدهم شيء تفضل عليه‬
‫فقال ‪ :‬لحدثنك حديثا ً حدثنيه‬ ‫به ‪ ..‬فيأسر نفوسهم‬
‫رسول الله ‪ .. ‬وأنا وهو في‬ ‫بكرمه ‪ ..‬ويستعبد قلوبهم‬
‫هذا البيت ‪ ..‬ليس فيه أحد غيري‬ ‫بإحسانه ‪..‬‬
‫وغيره ‪..‬‬ ‫أحسن إلى الناس تستعبد‬
‫‪230‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫قال ‪ :‬فماذا عملت فيما آتيتك ؟‬ ‫أخرى ‪ ..‬فمكث بذلك ‪ ..‬ثم‬
‫قال ‪ :‬كنت أصل الرحم ‪..‬‬ ‫أفاق ‪ ..‬ومسح وجهه ‪..‬‬
‫وأتصدق ‪..‬‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫فيقول الله ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫أفعل ‪ ..‬لحدثنك بحديث‬
‫وتقول الملئكة ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫حدثنيه رسول الله ‪ .. ‬وأنا‬
‫ويقول الله ‪ :‬بل أردت أن‬ ‫وهو في هذا البيت ‪ ..‬ليس‬
‫يقال ‪ :‬فلن جواد ‪ ..‬فقد قيل‬ ‫فيه أحد غيري وغيره ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫ويؤتى بالرجل الذي قتل في‬ ‫أخرى ‪ ..‬ثم مال خاّرا ً على‬
‫سبيل الله ‪ ..‬فيقال له ‪ :‬فيم‬ ‫وجهه ‪ ..‬وأسندته طويل ً ‪..‬‬
‫قتلت ؟‬ ‫ثم أفاق ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫فيقول ‪ :‬أمرت بالجهاد في‬ ‫حدثني رسول الله ‪: ‬‬
‫سبيلك ‪ ..‬فقاتلت حتى قتلت ‪..‬‬ ‫إن الله عز وجل إذا كان يوم‬
‫فيقول الله ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫القيامة ‪ ..‬نزل إلى العباد‬
‫وتقول الملئكة له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫ليقضي بينهم ‪ ..‬وكل أمة‬
‫ويقول الله ‪ :‬بل أردت أن‬ ‫جاثية ‪..‬‬
‫يقال ‪ :‬فلن جريء ‪ ..‬فقد قيل‬ ‫فأول من يدعو به ‪ :‬رجل‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫جمع القرآن ‪ ..‬ورجل يقتل‬
‫ثم ضرب رسول الله ‪ ‬على‬ ‫في سبيل الله ‪ ..‬ورجل كثير‬
‫ركبتي فقال ‪:‬‬ ‫المال ‪..‬‬
‫يا أبا هريرة ‪ ..‬أولئك الثلثة أول‬ ‫فيقول الله للقارىء ‪ :‬ألم‬
‫خلق الله تسعر بهم النار يوم‬ ‫أعلمك ما أنزلت على‬
‫القيامة )‪.. (86‬‬ ‫رسولي ؟‬
‫فإذا أحسنت النية في كرمك‬ ‫قال ‪ :‬بلى يا رب ‪..‬‬
‫فأبشر بالخير ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فماذا عملت فيما‬
‫وأولى من تحسن إليهم ليحبوك‬ ‫علمت ؟‬
‫ويكرموك ‪ ..‬أهل بيتك ‪ ..‬الم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬كنت أقوم به آناء‬
‫الب ‪ ..‬الزوجة ‪ ..‬الولد ‪ ..‬ثم‬ ‫الليل وآناء النهار ‪..‬‬
‫القرب قالقرب ‪ ..‬ابدأ بنفسك‬ ‫فيقول الله له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬
‫ثم بمن تعول ‪ ..‬وكفى بالمرء‬ ‫وتقول الملئكة له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬
‫إثما ً أن يضيع من يعول ‪..‬‬ ‫فيقول الله عز وجل ‪ :‬أردت‬
‫ول بد من التفريق بين الكرم‬ ‫أن يقال ‪ :‬فلن قارىء ‪..‬‬
‫والسراف ‪..‬‬ ‫فقد قيل ‪..‬‬
‫دلف رجل في شارع قديم فمر‬ ‫ويؤتى بصاحب المال فيقول‬
‫ببيت متهالك ‪ ..‬فإذا فتاة صغيرة‬ ‫‪ :‬ألم أوسع عليك حتى لم‬
‫أدعك تحتاج إلى أحد ؟‬
‫) ( رواه الترمذي والحاكم ‪ ،‬وهو صحيح‬ ‫‪86‬‬

‫‪231‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ق ‪..‬‬ ‫ا ِل ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫قد جلست على عتبة الباب‬
‫ومضى ‪ ..‬فاتبعته ‪ ..‬فدخل ‪..‬‬ ‫بثياب رثة ‪ ..‬وهيئة فقيرة ‪..‬‬
‫فاستأذن ‪ ..‬فأذن لي ‪..‬‬ ‫فسألها ‪ :‬من أنت ؟‬
‫فدخلت ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬أنا ابنة حاتم‬
‫ً‬
‫فوجد لبنا في قدح ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫الطائي ‪..‬‬
‫من أين هذا اللبن ؟‬ ‫فقال ‪ :‬عجبا ً !! ابنة حاتم‬
‫قالوا ‪ :‬أهداه لك فلن ‪ ..‬أو‬ ‫الطائي الكريم الجواد ‪..‬‬
‫فلنة ‪..‬‬ ‫على هذا الحال ؟!!‬
‫قال ‪ :‬أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬ ‫فقالت ‪ :‬كرم أبي صيرنا إلى‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫ما ترى !!‬
‫ق أهل الصفة ‪..‬‬ ‫ح ْ‬ ‫قال ‪ :‬ا ِل ْ َ‬ ‫كان رسول الله ‪ ‬أكرم‬
‫فادعهم لي ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬ولم يكن جشعا ً‬
‫قال ‪ :‬وأهل الصفة أضياف‬ ‫ينظر في مصلحة نفسه ول‬
‫السلم ‪ ..‬ل يأوون إلى أهل ول‬ ‫يلتفت إلى غيره ‪..‬‬
‫إلى مال ‪ ..‬إذا أتته صدقة بعث‬ ‫كل ‪..‬‬
‫بها إليهم ولم يتناول منها‬ ‫قال ابو هريرة ‪: t‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وإذا أتته هدية أرسل‬ ‫والله الذي ل إله إل هو إن‬
‫إليهم ‪ ..‬وأصاب منها وأشركهم‬ ‫كنت لعتمد على الرض من‬
‫فيها ‪ ..‬فساءني ذلك ‪..‬‬ ‫الجوع ‪ ..‬وإن كنت لشد‬
‫وقلت ‪ :‬وما هذا اللبن في أهل‬ ‫الحجر على بطني من الجوع‬
‫الصفة !! كنت أحق أن أصيب‬ ‫‪..‬‬
‫من هذا اللبن شربة أتقوى‬ ‫ولقد قعدت يوما ً على‬
‫بها ‪ ..‬فإذا جاءوا ‪ ..‬أمرني ‪..‬‬ ‫طريقهم الذي يخرجون‬
‫فكنت أنا أعطيهم ‪ ..‬وما عسى‬ ‫منه ‪ ..‬فمر أبو بكر ‪ ..‬فسألته‬
‫أن يبلغني من هذا اللبن ‪..‬‬ ‫عن آية من كتاب الله ‪ ..‬ما‬
‫ولم يكن من طاعة الله ‪..‬‬ ‫سألته إل ليستتبعني ‪ ..‬فلم‬
‫وطاعة رسوله بدٌ ‪ ..‬فأتيتهم ‪..‬‬ ‫يفعل ‪..‬‬
‫فدعوتهم ‪..‬‬ ‫ثم مّر عمر ‪ ..‬فسألته عن آية‬
‫فأقبلوا ‪ ..‬فأذن لهم ‪ ..‬وأخذوا‬ ‫من كتاب الله ‪ ..‬ما سألته إل‬
‫مجالسهم من البيت ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫ليستتبعني ‪ ..‬فمر فلم يفعل‬
‫أبا هر ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪ ..‬قال‬ ‫ثم مّر بي أبو القاسم ‪.. r‬‬
‫‪ :‬خذ ‪ ..‬فأعطهم ‪..‬‬ ‫فتبسم حين رآني ‪ ..‬وعرف‬
‫فأخذت القدح ‪ ..‬فجعلت أعطيه‬ ‫ما في وجهي وما في‬
‫ل فيشرب حتى يروى ‪ ..‬ثم‬ ‫الرج َ‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫ي القدح ‪ ..‬فأعطيه‬ ‫يرد عل ّ‬ ‫ثم قال ‪ :‬أبا هر ‪ ..‬قلت ‪:‬‬
‫الخر ‪ ..‬فيشرب حتى يروى ‪..‬‬ ‫لبيك يا رسول الله ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫‪232‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫كان أحد السلف عالما ً ‪ ..‬لكنه‬ ‫ثم يرد علي القدح ‪..‬‬
‫كان فقيرا ً ‪..‬‬ ‫فأعطيه الخر فيشرب حتى‬
‫فكان طلبه يهدون إليه بين‬ ‫يروى ‪ ..‬ثم يرد علي‬
‫فترة وأخرى ‪ ..‬أنواعا ً من الهدايا‬ ‫القدح ‪..‬‬
‫‪ ..‬تمر ‪ ..‬دقيق ‪..‬‬ ‫حتى انتهيت إلى النبي ‪.. r‬‬
‫وكان الطالب إذا أهدى إليه ‪..‬‬ ‫وقد روي القوم كلهم ‪..‬‬
‫لم يزل الشيخ مكرما ً مقبل ً عليه‬ ‫فأخذ القدح فوضعه على يده‬
‫‪ ..‬ما دامت هديته باقية ‪..‬‬ ‫ي فتبسم فقال ‪:‬‬ ‫‪ ..‬فنظر إل ّ‬
‫فإذا انتهت ‪ ..‬رجع إلى طبعه‬ ‫أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬
‫الول ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫ففكر أحد طلبه بهدية يحملها‬ ‫بقيت أنا وأنت ؟ قلت ‪:‬‬
‫إلى الشيخ ‪ ..‬تكون معقولة‬ ‫صدقت يا رسول الله ‪..‬‬
‫الثمن ‪ ..‬وتطول مدة بقائها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬اقعد فاشرب ‪..‬‬
‫فأهدى إليه كيس ملح ‪..‬‬ ‫فقعدت فشربت ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫ولو استشرتني في هديتين‬ ‫اشرب ‪ ..‬فشربت ‪..‬‬
‫ستهدي إحداهما إلى صديق ‪..‬‬ ‫فما زال يقول ‪ :‬اشرب ‪..‬‬
‫أولهما زجاجة عطر رائع ‪ ..‬ثمين‬ ‫حتى قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬والذي بعثك‬
‫‪..‬‬ ‫بالحق ‪ ..‬ما أجد له مسلكا ً ‪..‬‬
‫أو ساعة حائطية تكتب عليها‬ ‫قال ‪ :‬فأرني ‪ ..‬فأعطيته‬
‫إهداءً باسمه ‪..‬‬ ‫القدح ‪ ..‬فحمد الله‬
‫لخترت الساعة ‪ ..‬لنها يطول‬ ‫مى ‪ ..‬وشرب الفضلة ‪..‬‬ ‫وس ّ‬
‫بقاؤها ‪ ..‬ويراها دائما ً ‪..‬‬ ‫)‪(87‬‬

‫وأذكر أن أحد طلبي أهديته‬ ‫وللكرم أسرار ‪..‬‬


‫ساعة حائطية فيها إهداء باسمه‬ ‫أحيانا ً ل تتكرم على الشخص‬
‫‪..‬‬ ‫مباشرة ‪ ..‬وإنما تتكرم على‬
‫وتخرج من الكلية ‪ ..‬ومرت‬ ‫من يحبهم ‪ ..‬فيحبك ‪..‬‬
‫السنين ‪..‬‬ ‫ً‬
‫زارني أحد الصدقاء يوما ‪..‬‬
‫ثم زرت إحدى المدن فتفاجأت‬ ‫وكان يحمل كيسا ً فيه عدد‬
‫به يحضر المحاضرة ويدعوني‬ ‫من الحلويات واللعاب ‪..‬‬
‫إلى بيته ‪..‬‬ ‫أظنها لم تكلفه بضعة ريالت‬
‫فلما دخلت مجلس الضيوف فإذا‬ ‫‪ ..‬وضعها بجانب الباب لما‬
‫به يشير إلى الساعة معلقة على‬ ‫دخل ‪ ..‬وقال ‪ :‬هذه للولد ‪..‬‬
‫الحائط ‪ ..‬ويقول ‪ :‬هذه أغلى‬ ‫فرح بها الصغار ‪ ..‬وفرحت‬
‫هدية عندي ‪..‬‬ ‫بها أنا لنه أشعرني أنه يحب‬
‫وقد مر على تخرجه سبع‬ ‫إدخال السرور على‬
‫سنين ‪..‬‬ ‫أولدي ‪..‬‬
‫بقي أن تعلم أن هذه الساعة لم‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪87‬‬

‫‪233‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهؤلء في الحقيقة ‪ ..‬إضافة‬ ‫تكلف إل شيئا ً يسيرا ً ‪ ..‬لكن‬
‫إلى بغض الناس لهم ‪ ..‬وتمنيهم‬ ‫قيمتها المعنوية أعلى‬
‫زوال عزهم ‪ ..‬وفرحهم‬ ‫وأكبر ‪..‬‬
‫بمصائبهم ‪..‬‬
‫هم أيضا ً مفلسون ‪..‬‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ .. ‬وقد‬ ‫كسب قلوب الناس فرص قد‬
‫جلس مع أصحابه يوما ً فقال‬ ‫ل تتكرر‬
‫لهم ‪:‬‬
‫أتدرون ما المفلس ؟‬ ‫كف الذى ‪..‬‬ ‫‪.74‬‬
‫قالوا ‪ :‬المفلس فينا من ل‬ ‫كان الناس يبغضونه ‪..‬‬
‫درهم له ول متاع ‪..‬‬ ‫ما يكاد أحد يسلم من أذاه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إن المفلس من أمتي‬ ‫إن سلمت من يده فلن‬
‫يأتي يوم القيامة بصلة ‪..‬‬ ‫تسلم من لسانه ‪ ..‬وإن فاته‬
‫وصيام ‪ ..‬وزكاة ‪ ..‬ويأتي قد‬ ‫أن يجلدك بسوط لسانه في‬
‫شتم هذا ‪ ..‬وقذف هذا ‪ ..‬وأكل‬ ‫حضرتك فلن يفوته أن‬
‫مال هذا ‪ ..‬وسفك دم هذا ‪..‬‬ ‫يجلدك في غيبتك ‪..‬‬
‫وضرب هذا ‪..‬‬ ‫فعل ً ‪ ..‬كان رجل ً مكروها ً ‪..‬‬
‫فيعطى هذا من حسناته ‪ ..‬وهذا‬ ‫أثقل على الناس من صم‬
‫من حسناته ‪ ..‬فإن فنيت‬ ‫الجبال الراسيات ‪..‬‬
‫حسناته قبل أن يقضى ما‬ ‫وإذا تأملت في أحوال الناس‬
‫عليه ‪ ..‬أخذ من خطاياهم‬ ‫فسوف تصل إلى يقين بأنه‬
‫فطرحت عليه ‪ ..‬ثم طرح في‬ ‫ل يؤذي غالبا ً إل من كان‬
‫النار )‪.. (88‬‬ ‫عنده نعمة تفوق من‬
‫لذا كان يتجنب ‪ ‬أذى الناس‬ ‫يقابله ‪..‬‬
‫بشتى أشكاله ‪..‬‬ ‫فالقوي يتجرأ على إيذاء‬
‫قالت عائشة ‪ : ‬ما ضرب‬ ‫الضعيف ‪ ..‬يدفعه بيده ‪ ..‬أو‬
‫رسول الله ‪ ‬شيئا ً قط بيده ‪..‬‬ ‫قر‬‫يركله برجله ‪ ..‬يضرب ويح ّ‬
‫ول امرأة ‪ ..‬ول خادما ً ‪ ..‬إل أن‬ ‫‪ ..‬فيصير أسدا ً عليه لكنه في‬
‫يجاهد في سبيل الله ‪ ..‬وما نيل‬ ‫الحروب نعامة !!‬
‫منه شيء قط فينتقم من‬ ‫والغني يتعدى على‬
‫صاحبه ‪ ..‬إل أن ينتهك شيء من‬ ‫الفقير ‪ ..‬فيهينه في‬
‫محارم الله ‪ ..‬فينتقم لله عز‬ ‫المجالس ‪ ..‬يقاطعه في‬
‫وجل )‪.. (89‬‬ ‫كلمه ‪..‬‬
‫وعموما ً ‪ ..‬من استعمل هذه‬ ‫أما صاحب المنصب والجاه ‪..‬‬
‫النعم لذى الناس أبغضوه ‪ ..‬وقد‬ ‫فله حظ كبير من ذلك ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪88‬‬
‫وقل مثل ذلك فيمن جعل‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪89‬‬
‫الله نسبه رفيعا ً ‪..‬‬
‫‪234‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫اللم نفسه ‪ ..‬قرأت عليه ‪..‬‬ ‫يبتليه الله في دنياه قبل‬
‫ذهب ورجع ‪ ..‬وقرأت عليه ‪ ..‬لم‬ ‫أخراه ‪ ..‬فيشفي صدورهم ‪..‬‬
‫يظهر عليه أي تحسن ‪..‬‬ ‫أذكر أن أحد الصدقاء من‬
‫قلت له لما اشتد عليه اللم ‪ :‬قد‬ ‫طلبة العلم وحفظة‬
‫يكون ما أصابك هو عقوبة على‬ ‫ً‬
‫القرآن ‪ ..‬كان رجل ً صالحا ‪..‬‬
‫شيء فعلته ‪ ..‬من ظلم أحد‬ ‫يأتيه بعض الناس أحيانا ً يقرأ‬
‫الضعفاء ‪ ..‬أو أكل حقوقهم ‪..‬‬ ‫عليهم شيئا ً من القرآن‬
‫أو ظلمت أحدا ً في ماله فمنعته‬ ‫كرقية شرعية ‪ ..‬وقد شفى‬
‫حقه ‪ ..‬أو غير ذلك ‪ ..‬فإن كان‬ ‫الله تعالى على يده من‬
‫هناك شيء من ذلك فسارع إلى‬ ‫شاء ‪..‬‬
‫التوبة مما جنيت ‪ ..‬وأعد‬ ‫ً‬
‫دخل عليه يوما من اليام‬
‫الحقوق إلى أهلها ‪ ..‬واستغفر‬ ‫رجل تبدو عليه علمات‬
‫الله مما مضى ‪..‬‬ ‫الثراء ‪ ..‬جلس بين يدي‬
‫التاجر لم يرق له كلمي ‪ ..‬وقال‬ ‫الشيخ وقال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬أنا‬
‫‪ -‬بكبر ‪ : -‬أبدا ً ‪ ..‬ما ظلمت‬ ‫عندي آلم في يدي اليسرى‬
‫د على شيء من‬ ‫أحدا ً ‪ ..‬ولم أعت ِ‬ ‫تكاد تقتلني ‪ ..‬ل أنام في‬
‫حقوق الناس ‪ ..‬وأشكرك على‬ ‫ليل ‪ ..‬ول أرتاح في نهار ‪..‬‬
‫نصيحتك ‪ ..‬وخرج ‪..‬‬ ‫ذهبت إلى عدد كبير من‬
‫مرت أيام وغاب الرجل عني ‪..‬‬ ‫الطباء ‪ ..‬أجروا لي‬
‫خشيت أن يكون وجد علي في‬ ‫الفحوصات ‪ ..‬عملوا‬
‫ي فهي‬ ‫نفسه ‪ ..‬ولكن ل عل ّ‬ ‫تمارين ‪ ..‬ما فيه فائدة‬
‫نصيحة أسديتها إليه ‪ ..‬تفاجأت‬ ‫أبدا ً ‪..‬‬
‫به يوما ً في مكان ما ‪ ..‬لقيني‬ ‫اللم يزيد ويشتد حتى‬
‫ي مسلما ً مسرورا ً ‪..‬‬ ‫فأقبل إل ّ‬ ‫انقلبت حياتي عذابا ً ‪..‬‬
‫سألته ‪ :‬هاه ‪ ..‬ما الخبار ؟‬ ‫يا شيخ ‪ ..‬أنا تاجر وعندي‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪ ..‬الن يدي‬ ‫عدد من المؤسسات‬
‫بخير ‪ ..‬بغير طب ول علج !!‬ ‫والشركات ‪ ..‬فأخشى أن‬
‫قلت ‪ :‬كيف ؟‬ ‫أكون أصبت بعين حاسدة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لما خرجت من عندك ‪..‬‬ ‫أو وضع لي أحد الشرار‬
‫جعلت أفكر في نصيحتك ‪..‬‬ ‫سحرا ً ‪..‬‬
‫وأستعيد شريط ذكرياتي في‬ ‫قال الشيخ ‪ :‬قرأت عليه‬
‫ذهني ‪ ..‬وأفكر !! ترى هل‬ ‫سورة الفاتحة ‪ ..‬وآية‬
‫ظلمت أحدا ً ؟! هل أكلت حق‬ ‫الكرسي ‪ ..‬وسورة الخلص‬
‫أحد ؟! فتذكرت أني قبل سنوات‬ ‫والمعوذتين ‪..‬‬
‫لما كنت أبني قصري ‪ ..‬كان‬ ‫لم يظهر عليه تأثر ‪ ..‬خرج‬
‫بجانبه أرض رغبت في ضمها‬ ‫من عندي شاكرا ً ‪..‬‬
‫إليه ليكون أجمل ‪ ..‬كانت الرض‬ ‫ي بعد أيام يشكو‬ ‫رجع إل ّ‬
‫‪235‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عن تلك الرض ‪ ..‬ودعت لي‬ ‫ملكا ً لمرأة أرملة توفي‬
‫وسامحتني ‪..‬‬ ‫زوجها وخّلف أيتاما ً ‪..‬‬
‫فوالله ما إن خفضت يديها ‪..‬‬ ‫أردتها أن تبيع الرض‬
‫حتى دبت العافية في بدني ‪..‬‬ ‫فأبت ‪ ..‬وقالت ‪ :‬وماذا أفعل‬
‫ثم أطرق التاجر برأسه قليل ً ‪..‬‬ ‫بقيمة الرض ‪ ..‬بل تبقى‬
‫ثم رفعه وقال ‪ :‬ونفعني دعاؤها‬ ‫لهؤلء اليتام حتى يكبروا ‪..‬‬
‫– بإذن الله – نفعا ً عجز عنه طب‬ ‫أخشى أن أبيعها ويتشتت‬
‫الطباء ‪..‬‬ ‫المال ‪..‬‬
‫أرسلت إليها مرارا ً‬
‫قالوا ‪..‬‬ ‫لشرائها ‪ ..‬وهي تأبى علي‬
‫نامت عيونك والمظلوم‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫منتبه*يدعو عليك وعين الله لم‬ ‫قلت ‪ :‬فماذا فعلت ؟‬
‫تنم‬ ‫قال ‪ :‬انتزعت الرض منها‬
‫بطرقي الخاصة ‪..‬‬
‫ل للعداوات ‪..‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫قلت ‪ :‬طرقك الخاصة !!‬
‫تجد أن الناس عند التعامل معهم‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬علقاتي‬
‫لهم طبائع ‪..‬‬ ‫الواسعة ‪ ..‬ومعارفي ‪..‬‬
‫منهم الغضوب ومنهم البارد ‪..‬‬ ‫استخرجت ترخيصا ً ببناء‬
‫ومنهم الذكي ومنهم الغبي ‪..‬‬ ‫الرض وضممتها إلى‬
‫والمتعلم والجاهل ‪..‬‬ ‫أرضي ‪..‬‬
‫ومنهم حسن الظن وسيء‬ ‫قلت ‪ :‬وأم اليتام ؟!!‬
‫الظن ‪ ..‬و ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬سمعت بما حصل‬
‫من عامل الناس لقى منهم‬ ‫لرضها فكانت تأتي وتصرخ‬
‫نصبا ً ‪..‬‬ ‫بالعمال الذين يعملون‬
‫سهم‬ ‫و َ‬‫س ْ‬
‫فإن َ‬ ‫لتمنعهم من البناء ‪ ..‬وهم‬
‫ي وطغيان‬ ‫بـغ ٌ‬ ‫يضحكون منها يظنونها‬
‫فالظالم يغفل عن ظلمه ويرى‬ ‫مجنونة ‪ ..‬وفي الواقع أنني‬
‫أنه أعدل الناس ‪..‬‬ ‫أنا المجنون ليس هي ‪..‬‬
‫والغبي يرى أنه أذكى الناس ‪..‬‬ ‫كانت تبكي وترفع يديها إلى‬
‫والخرق السفيه ‪ ..‬يرى أنه‬ ‫السماء ‪ ..‬هذا ما رأيته بعيني‬
‫حكيم زمانه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ولعل دعاءها في ظلمة‬
‫أذكر لما كنت شابا ً – وأظنني ل‬ ‫الليل كان أعظم ‪..‬‬
‫أزال كذلك – أعني لما كنت في‬ ‫قلت ‪ :‬هاه ‪ ..‬أكمل ‪..‬‬
‫أوائل الدراسة الثانوية ‪ ..‬أقبل‬ ‫قال ‪ :‬رحت أسأل وأبحث‬
‫علينا ضيف ثقيل ‪ ..‬ل أدري هل‬ ‫عنها ‪ ..‬حتى عثرت عليها ‪..‬‬
‫أكمل دراسته البتدائية أم ل ؟‬ ‫فبكيت واعتذرت ‪ ..‬ول زلت‬
‫لكن الذي أجزم به أنه يقرأ‬ ‫بها حتى قبلت مني تعويضا ً‬

‫‪236‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الجبل على الخرين ‪ ..‬فل‬ ‫ويكتب ‪..‬‬
‫يحبون رؤيته ول مجالسته ‪ ..‬ول‬ ‫وكنت مشغول ً وقت دخوله‬
‫السفر معه ‪ ..‬ول حضور وليمة‬ ‫بمسألة شرعية لم أجد لها‬
‫هو مدعو إليها ‪..‬‬ ‫جوابا ً ‪..‬‬
‫وجدت أن أكثر يوصل الشخص‬ ‫وضعت له ما يوضع للضيف‬
‫إلى هذا المستوى البغيض هو‬ ‫قرى ‪ ..‬ثم تناولت‬ ‫من ِ‬
‫اللسان ‪..‬‬ ‫الهاتف وجعلت أكرر التصال‬
‫فكم من خصومات وقعت بين‬ ‫بالشيخ ابن باز رحمه الله‬
‫إخوان ‪ ..‬وأزواج ‪ ..‬و ‪ ..‬بسبب‬ ‫لسؤاله عنها ‪..‬‬
‫مسبة أو غيبة أو شتم ‪!!..‬‬ ‫لم أجد الشيخ ‪..‬‬
‫لسان الفتى نصف ونصف فؤاده‬ ‫رآني صاحبي منشغل ً إلى‬
‫‪ ..‬فلم يبق إل صورة اللحم‬ ‫هذا الحد ‪ ..‬فسألني ‪ :‬بمن‬
‫والدم‬ ‫تتصل ‪..‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ذكر أن ملكا معظما رأى في‬ ‫ُ‬ ‫قلت ‪ :‬بالشيخ ابن باز ‪..‬‬
‫منامه أن أسنانه تساقطت ‪..‬‬ ‫عندي استفتاء مهم ‪..‬‬
‫فاستدعى أحد المعبرين ‪..‬‬ ‫فبادرني قائل ً بكل ثقة ‪:‬‬
‫وقص عليه الرؤيا وسأله عن‬ ‫سبحان الله ‪ ..‬ابن باز ‪ ..‬وأنا‬
‫تعبيرها ؟!‬ ‫موجود ؟!! ) لول الحياء‬
‫فتغير المعبر لما سمعها ‪..‬‬ ‫لجعلت بقية الكتاب علمات‬
‫وجعل يردد ‪ :‬أعوذ بالله ‪ ..‬أعوذ‬ ‫تعجب !! (‬
‫بالله ‪ ..‬تمضي عليك السنين ‪..‬‬ ‫تجد من الناس كثيرين‬
‫ويموت أولدك وأهلك جميعا ً ‪..‬‬ ‫كذلك ‪ ..‬فتحمل ثقلهم ‪..‬‬
‫وتبقى في ملكك وحدك ‪..‬‬ ‫وعاملهم بلطف ‪ ..‬واكسبهم‬
‫فصاح الملك ‪ ..‬وغضب ‪ ..‬وسب‬ ‫‪..‬‬
‫ولعن ‪ ..‬وأمر بالمعبر أن يسحب‬ ‫حاول بقدر استطاعتك أن ل‬
‫ويجلد ‪..‬‬ ‫تكسب عداوات ‪..‬‬
‫ثم دعا بمعبر آخر ‪ ..‬وقص عليه‬ ‫فلم تبعث عليهم وكيل ً ‪..‬‬
‫الرؤيا ‪ ..‬وسأله عن تعبيرها ‪..‬‬ ‫أنقذ ما يمكن إنقاذه ‪ ..‬ول‬
‫فاستهل ذاك المعبر ‪ ..‬وتبسم ‪..‬‬ ‫تعذب نفسك ‪..‬‬
‫وأظهر البشاشة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أبشر‬ ‫خاطرة ‪..‬‬
‫‪ ..‬خير ‪ ..‬خير ‪ ..‬أيها الملك ‪..‬‬ ‫الحياة اقصر من أن تشغلها‬
‫هذا معناه أنك سيطول عمرك‬ ‫باكتساب عداوات‬
‫جدا ً ‪ ..‬حتى تكون آخر أهلك موتا ً‬
‫‪ ..‬وتبقى طول عمرك ملكا ً ‪..‬‬ ‫اللسان ‪ ..‬ملك !!‬ ‫‪.76‬‬
‫فاستبشر الملك وأمر له‬ ‫تأملت فيما يحدث التباغض‬
‫بالعطيات ‪ ..‬وبقي راضيا ً‬ ‫والشقاق بين الناس ‪..‬‬
‫عليه ‪ ..‬ساخطا ً على الخر !!‬ ‫ويجعل بعضهم أثقل من‬
‫‪237‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الصم للقاء كلمة على المصلين‬ ‫مع أنك لو تأملت لوجدت أن‬
‫‪..‬‬ ‫التعبيرين متماثلن‬
‫تعجبت !! وقلت ‪ :‬صم يلقون‬ ‫متطابقان ‪ ..‬لكن الول عبر‬
‫كلمة على ناطقين ؟‬ ‫بأسلوب والخر عبر بأسلوب‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬وليكن مجيئنا يوم‬ ‫آخر ‪..‬‬
‫الحد ‪..‬‬
‫انتظرت يوم الحد بفارغ‬ ‫نعم ‪ ..‬اللسان سيد‬
‫الصبر ‪..‬‬ ‫العضاء ‪..‬‬
‫وجاء الموعد ‪..‬‬ ‫وفي الحديث ‪ ..‬قال ‪: ‬‬
‫وقفت عند باب المسجد‬ ‫إذا أصبح ابن آدم فإن‬
‫أنتظر ‪..‬‬ ‫العضاء كلها تكفر اللسان ‪..‬‬
‫فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته‬ ‫فتقول ‪:‬‬
‫‪..‬‬ ‫اتق الله فينا ‪ ..‬فإنما نحن‬
‫ً‬
‫وقف قريبا من الباب ‪ ..‬نزل‬ ‫بك ‪ ..‬فإن استقمت استقمنا‬
‫ومعه رجلن ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وإن اعوججت اعوججنا ‪..‬‬
‫أحدهما كان يمشي بجانبه ‪..‬‬ ‫)‪.. (90‬‬
‫والثاني قد أمسكه أبو عبد الله‬ ‫نعم ‪ ..‬والله إنه لسيد ‪..‬‬
‫يقوده بيده ‪..‬‬ ‫سيد في خطبة الجمعة ‪..‬‬
‫نظرت إلى الول فإذا هو أصم‬ ‫وسيد في الصلح بين‬
‫أبكم ‪ ..‬ل يسمع ول يتكلم ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وسيد في التسويق‬
‫لكنه يرى ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وسيد في المحاماة ‪..‬‬
‫والثاني أصم ‪ ..‬أبكم ‪ ..‬أعمى ‪..‬‬ ‫ول يعني هذا أنه إذا فقده‬
‫ل يسمع ول يتكلم ول يرى ‪..‬‬ ‫النسان ‪ ..‬انتهت حياته ‪..‬‬
‫مددت يدي وصافحت أبا عبد الله‬ ‫كل بل صاحب الهمة يبقى‬
‫‪..‬‬ ‫بطل ً ‪..‬‬
‫كان الذي عن يمينه – وعلمت‬ ‫لم يكن أبو عبد الله يختلف‬
‫ي‬
‫بعدها أن اسمه أحمد ‪ -‬ينظر إل ّ‬ ‫كثيرا ًُ عن بقية أصدقائي ‪..‬‬
‫مبتسما ً ‪ ..‬فمددت يدي إليه‬ ‫لكنه – والله يشهد – من‬
‫مصافحا ً ‪..‬‬ ‫أحرصهم على الخير ‪..‬‬
‫فقال لي أبو عبد الله ‪ -‬وأشار‬ ‫له عدة نشاطات دعوية من‬
‫إلى العمى ‪: -‬‬ ‫أبرزها ما يقوم به أثناء عمله‬
‫سلم أيضا ً على فايز ‪ ..‬قلت ‪:‬‬ ‫‪ ..‬فهو يعمل مترجما في‬
‫السلم عليكم ‪ ..‬فايز ‪..‬‬ ‫معهد الصم البكم ‪.‬‬
‫فقال أبو عبد الله ‪ :‬أمسك‬ ‫اتصل بي يوما وقال ‪ :‬ما‬
‫يده ‪ ..‬هو ل يسمعك ول يراك ‪..‬‬ ‫رأيك أن أحضر إلى مسجدك‬
‫جعلت يدي في يده ‪ ..‬فشدني‬ ‫اثنين من منسوبي معهد‬
‫وهز يدي ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد والترمذي‬ ‫‪90‬‬

‫‪238‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بالبكاء ‪..‬‬ ‫دخل الجميع المسجد ‪ ..‬وبعد‬
‫تأثر كثير من الناس ‪ ..‬ل يدرون‬ ‫الصلة جلس أبو عبد الله‬
‫لماذا يبكي ‪..‬‬ ‫على الكرسي وعن يكينه‬
‫واصل حديثه وإشاراته بتأثر ‪..‬‬ ‫أحمد ‪ ..‬وعن يساره فايز ‪..‬‬
‫ثم توقف ‪..‬‬ ‫كان الناس ينظرون‬
‫فقال أبو عبد الله ‪ :‬أحمد يحكي‬ ‫مندهشين ‪ ..‬لم يتعودوا أن‬
‫لكم الن فترة التحول في حياته‬ ‫يجلس على كرسي‬
‫‪ ..‬وكيف أنه عرف الله والصلة‬ ‫المحاضرات أصم ‪..‬‬
‫بسبب شخص في الشارع عطف‬ ‫التفت أبو عبد الله إلى أحمد‬
‫عليه وعلمه ‪ ..‬وكيف أنه لما بدأ‬ ‫وأشار إليه ‪..‬‬
‫يصلي شعر بقدر قربه من‬ ‫فبدأ أحمد يشير بيديه ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬وتخيل الجر العظيم‬ ‫والناس ينظرون ‪ ..‬لم‬
‫لبلئه ‪ ..‬وكيف أنه ذاق حلوة‬ ‫يفهموا شيئا ً ‪..‬‬
‫اليمان ‪..‬‬ ‫فأشرت إلى أبي عبد الله ‪..‬‬
‫ومضى أبو عبد الله يحكي لنا‬ ‫فاقترب إلى مكبر الصوت‬
‫بقية قصة أحمد ‪..‬‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫كان أكثر الناس مشدودا ً‬ ‫أحمد يحكي لكم قصة هدايته‬
‫متأثرا ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ويقول لكم ‪ ..‬ولدت‬
‫لكني كنت منشغل ً ‪ ..‬أنظر إلى‬ ‫أصم ‪ ..‬ونشأت في جدة ‪..‬‬
‫أحمد تارة ‪ ..‬وإلى فايز تارة‬ ‫وكان أهلي يهملونني ‪ ..‬ل‬
‫أخرى ‪ ..‬وأقول في نفسي ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬كنت أرى‬ ‫يلتفتون إل ّ‬
‫هاهو أحمد يرى ويعرف لغة‬ ‫الناس يذهبون إلى‬
‫الشارة ‪ ..‬وأبو عبد الله يتفاهم‬ ‫المسجد ‪ ..‬ول أدري لماذا !‬
‫معه بالشارة ‪ ..‬ترى كيف‬ ‫أرى أبي أحيانا ً يفرش‬
‫سيتفاهم مع فايز ‪ ..‬وهو ل يرى‬ ‫سجادته ويركع ويسجد ‪ ..‬ول‬
‫ول يسمع ول يتكلم ‪!!..‬‬ ‫أدري ماذا يفعل ‪..‬‬
‫انتهى أحمد من كلمته ‪ ..‬ومضى‬ ‫وإذا سألت أهلي عن‬
‫يمسح بقايا دموعه ‪..‬‬ ‫شيء ‪ ..‬احتقروني ولم‬
‫التفت أبو عبد الله إلى فايز ‪..‬‬ ‫يجيبوني ‪..‬‬
‫قلت في نفسي ‪ :‬هه ؟؟ ماذا‬ ‫ثم سكت أبو عبد الله‬
‫سيفعل ؟!!‬ ‫والتفت إلى أحمد وأشار‬
‫ضرب أبو عبد الله بأصابعه على‬ ‫له ‪..‬‬
‫ركبة فايز ‪..‬‬ ‫فواصل أحمد حديثه ‪ ..‬وأخذ‬
‫فانطلق فايز كالسهم ‪ ..‬وألقى‬ ‫يشير بيديه ‪ ..‬ثم تغير‬
‫كلمة مؤثرة ‪..‬‬ ‫وجهه ‪ ..‬وكأنه تأثر ‪..‬‬
‫تدري كيف ألقاها ؟‬ ‫خفض أبو عبد الله رأسه ‪..‬‬
‫بالكلم ؟ كل ‪ ..‬فهو أبكم ‪ ..‬ل‬ ‫ثم بكى أحمد ‪ ..‬وأجهش‬
‫‪239‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يهمس إلى الذي بجانبه ‪..‬‬ ‫يتكلم ‪..‬‬
‫وبعضهم يتابع بشغف ‪..‬‬ ‫بالشارة ؟ كل ‪ ..‬فهو‬
‫وبعضهم يبكي ‪..‬‬ ‫أعمى ‪ ..‬لم يتعلم لغة‬
‫أما أنا فقد ذهبت بعيييييدا ً ‪..‬‬ ‫الشارة ‪..‬‬
‫أخذت أقارن بين قدراته‬ ‫ألقى الكلمة بـ ) اللمس ( ‪..‬‬
‫وقدراتهم ‪ ..‬ثم أقارن بين‬ ‫نعم باللمس ‪ ..‬يجعل أبو عبد‬
‫خدمته للدين وخدمتهم ‪..‬‬ ‫الله ) المترجم ( يده بين‬
‫الهم الذي يحمله رجل أعمى‬ ‫يدي فايز ‪ ..‬فيلمسه فايز‬
‫أصم أبكم ‪ ..‬لعله يعدل الهم‬ ‫لمسات معينة ‪ ..‬يفهم منها‬
‫الذي يحمله هؤلء جميعا ً ‪..‬‬ ‫المترجم مراده ‪ ..‬ثم يمضي‬
‫والناس ألف منهم كواحد **‬ ‫يحكي لنا ما فهمه من‬
‫وواحد كاللف إن أمر عنا‬ ‫فايز ‪ ..‬وقد يستغرق ذلك‬
‫رجل محدود القدرات ‪ ..‬لكنه‬ ‫ربع ساعة ‪..‬‬
‫يحترق في سبيل خدمة هذا‬ ‫وفايز ساكن هادئ ل يدري‬
‫الدين ‪ ..‬يشعر أنه جندي من‬ ‫هل انتهى المترجم أم ل ‪..‬‬
‫جنود السلم ‪ ..‬مسئول عن كل‬ ‫لنه ل يسمع ول يرى ‪..‬‬
‫عاص ومقصر ‪..‬‬ ‫فإذا انتهى المترجم من‬
‫كان يحرك يديه بحرقة ‪ ..‬وكأنه‬ ‫كلمه ‪ ..‬ضرب ركبة فايز ‪..‬‬
‫يقول يا تارك الصلة إلى‬ ‫فيمد فايز يديه ‪..‬‬
‫متى ‪..‬؟ يا مطلق البصر في‬ ‫فيضع المترجم يده بين‬
‫الحرام إلى متى ‪..‬؟ يا واقعا ً في‬ ‫يديه ‪ ..‬ثم يلمسه فايز‬
‫الفواحش ؟ يا آكل ً للحرام ؟ بل‬ ‫للمسات أخر ‪..‬‬
‫يا واقعا ً في الشرك ؟‬ ‫ظل الناس يتنقلون بأعينهم‬
‫كلكم إلى متى ‪ ..‬أما يكفي حرب‬ ‫بين فايز والمترجم ‪ ..‬بين‬
‫العداء لديننا ‪ ..‬فتحاربونه أنتم‬ ‫عجب تارة ‪ ..‬وإعجاب‬
‫أيضا ً !!‬ ‫أخرى ‪..‬‬
‫كان المسكين يتلون وجهه‬ ‫وجعل فايز يحث الناس على‬
‫ويعتصر ليستطيع إخراج ما في‬ ‫التوبة ‪ ..‬كان أحيانا ً يمسك‬
‫صدره ‪..‬‬ ‫أذنيه ‪ ..‬وأحيانا ً لسانه ‪..‬‬
‫تأثر الناس كثيرا ً ‪ ..‬لم ألتفت‬ ‫وأحيانا ً يضع كفيه على عينيه‬
‫إليهم ‪ ..‬لكني سمعت بكاء‬ ‫‪..‬‬
‫وتسبيحات ‪..‬‬ ‫فإذا هو يأمر الناس بحفظ‬
‫انتهى فايز من كلمته ‪ ..‬وقام ‪..‬‬ ‫السماع والبصار عن الحرام‬
‫يمسك ابو عبد الله بيده ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫تزاحم الناس عليه يسلمون ‪..‬‬ ‫كنت أنظر إلى الناس ‪..‬‬
‫كنت أراه يسلم على الناس ‪..‬‬ ‫فأرى بعضهم يتمتم ‪:‬‬
‫وأحس أنه يشعر أن الناس عنده‬ ‫سبحان الله ‪ ..‬وبعضهم‬
‫‪240‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫النسان ل لحمه يؤكل ‪ ..‬ول‬ ‫سواسيه ‪..‬‬
‫جلده يلبس ‪ ..‬فماذا فيه غير‬ ‫يسلم على الجميع ‪ ..‬ل‬
‫يفرق بين ملك ومملوك ‪..‬‬
‫حلوة اللسان !!‬
‫ورئيس ومرؤوس ‪..‬وأمير‬
‫ومأمور ‪..‬‬
‫اضبط لسانك ‪..‬‬ ‫‪.77‬‬
‫يسلم عليه الغنياء والفقراء‬
‫إن الرجل ليتكلم بالكلمة من‬
‫‪ ..‬والشرفاء والوضعاء ‪..‬‬
‫سخط الله ل يلقي لها بال ً يكتب‬
‫والجميع عنده سواء ‪..‬‬
‫الله عليه بها سخطه إلى يوم‬
‫كنت أقول في نفسي ليت‬
‫يلقاه ‪..‬‬
‫بعض النفعيين مثلك يا‬
‫هكذا حذر النبي ‪ e‬الناس من‬
‫فايز ‪..‬‬
‫إطلق الكلم على عواهنه ‪..‬‬
‫أخذ أبو عبد الله بيد فايز ‪..‬‬
‫دون النظر في العواقب ‪..‬‬
‫ومضى به خارجا ً من‬
‫عدم ضبط اللسان قد يؤدي إلى‬
‫المسجد ‪..‬‬
‫المهالك ‪..‬‬
‫أخذت أمشي بجانبهما ‪..‬‬
‫احفظ لسانك أيها النسان‬
‫وهما متوجهان للسيارة ‪..‬‬
‫ل يلدغنك إنـه‬
‫والمترجم وفايز يتمازحان‬
‫ثـعبان‬
‫في سعادة غامرة ‪..‬‬
‫كم في المقابر من قتيل لسانه‬
‫آآآه ما أحقر الدنيا ‪..‬‬
‫كانت تهاب‬
‫كم من أحد لم يصب بربع‬
‫لقاءه الشجعان‬
‫مصابك يا فايز ولم يستطع‬
‫كم من امرأة طلقها زوجها‬
‫أن ينتصر على الضيق‬
‫بسبب اللسان ‪ ..‬يختلف معها ‪..‬‬
‫والحزن ‪..‬‬
‫فتردد قائلة له ‪ :‬طلقني ‪..‬‬
‫أين أصحاب المراض‬
‫أتحداك تطلقني ‪ ..‬إن كنت رجل ً‬
‫المزمنة ‪ ..‬فشل كلوي ‪..‬‬
‫طلقني ‪ ..‬فيأمرها بالسكوت ‪..‬‬
‫شلل ‪ ..‬جلطات ‪ ..‬سكري ‪..‬‬
‫يصرخ بها ‪ ..‬ينهرها ‪ ..‬يشتد‬
‫إعاقات ‪..‬‬
‫المر بينهما ‪ ..‬فينهدم البناء ‪..‬‬
‫لماذا ل يستمتعون‬
‫ويطلقها ‪..‬‬
‫بحياتهم‪..‬ويتكيفون مع‬
‫لذا أمر ‪ e‬الشخص إذا غضب أن‬ ‫واقعهم ‪..‬‬
‫يسكت ‪ ..‬نعم يسكت ‪..‬‬ ‫ما أجمل أن يبتلي الله عبده‬
‫لنه إن لم يضبط لسانه ‪ ..‬أرداه‬ ‫ثم ينظر إلى قلبه فيراه‬
‫في المهالك ‪..‬‬ ‫شاكرا ً راضيا ً محتسبا ً ‪..‬‬
‫يموت الفتى من زلة بلسانه‬ ‫مرت اليام ‪ ..‬ول تزال‬
‫وليس يموت‬ ‫صورة فايز مرسومة أمام‬
‫المرء من زلة الرجل‬ ‫ناظري ‪..‬‬
‫أذكر أني دخلت قبل فترة في‬
‫حقيقة ‪..‬‬
‫‪241‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪..‬‬ ‫مشكلة بين عائلتين للصلح‬
‫ً‬
‫كان صاحبه متقاعدا من وظيفته‬ ‫بينهما ‪..‬‬
‫ويعمل سائقا لسيارة خاصة‬ ‫وقصة الخلف ‪ :‬أن رجل ً‬
‫لنقل المدرسات ‪ ..‬وقد أوقف‬ ‫عاقل ً كبيرا ً في السن أظنه‬
‫سيارته عند باب المدرسة‬ ‫قد تجاوز الستين من‬
‫وجلس داخلها ينتظر خروجهن ‪..‬‬ ‫عمره ‪ ..‬خرج في نزهة صيد‬
‫وبجانبه مجموعة من السيارات‬ ‫مع مجموعة من أصدقائه ‪..‬‬
‫تشبه سيارته كلها مخصصة‬ ‫وسنهم جميعا ً متقارب ‪..‬‬
‫لنقل المدرسات أو الطالبات ‪..‬‬ ‫دارت بينهم الحاديث‬
‫اختبأ الرجل خلق شجرة بعيدة‬ ‫وذكريات الصبا ‪ ..‬ثم تكلموا‬
‫لئل ينتبه إليه ‪ ..‬وكان ضعيف‬ ‫عن أراض لجدادهم‬
‫البصر ‪ ..‬ووجه سلحه إلى‬ ‫بالقرية ‪ ..‬فثار خلف بين‬
‫السائق ‪ ..‬وحاول جاهدا ً أن‬ ‫اثنين منهم حول أحد‬
‫يسدد الطلقة إلى رأسه ‪ ..‬ثم‬ ‫الراضي يملكها أحدهما‬
‫ضغط على الزناد ‪ ..‬ودوى صوت‬ ‫وادعى الخر أنها لجده ‪..‬‬
‫الرصاص وانطلقت ثلث‬ ‫اشتد بينهما النقاش حتى‬
‫رصاصات واستقرت في رأس‬ ‫قال مالك الرض لصاحبه ‪:‬‬
‫السائق ‪ ..‬ثار الناس‬ ‫والله لن رأيتك قريبا ً من‬
‫واضطربوا ‪ ..‬وفزعت‬ ‫أرضي لفرغن هذا في‬
‫الطالبات ‪ ..‬وارتفع الصراخ ‪..‬‬ ‫رأسك ‪..‬‬
‫واجتمع الشرطة ‪ ..‬وأحاطوا‬ ‫ثم تناول بندقية الصيد التي‬
‫بالمنطقة ‪ ..‬والرجل قد هشمت‬ ‫بجانبه ووجهها أعلى من‬
‫الطلقات جمجمته ‪ ..‬ومات ‪..‬‬ ‫رأس صاحبه بمترين أو ثلثة‬
‫أما القاتل فقد توجه بكل‬ ‫ثم أطلق منها رصاصة ‪..‬‬
‫هدووووء إلى مخفر الشرطة‬ ‫ثار الرجلن وكادا أن‬
‫وأخبرهم بالقصة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أنا‬ ‫يقتتل ‪ ..‬لكن أصحابهما‬
‫قتلت فلنا ً ‪ ..‬والن قد شفيت‬ ‫هدؤوهما وتفرقوا إلى‬
‫صدري فاقتلوني أو أحرقوني أو‬ ‫بيوتهم ‪..‬‬
‫اسجنوني ‪ ..‬افعلوا ماشئتم ‪..‬‬ ‫لم يستطع الرجل الذي‬
‫أدخلوه إلى غرفة التوقيف ‪..‬‬ ‫أطلق عليه الرصاص أن ينام‬
‫وخرج الضابط لمعاينة مكان‬ ‫من شدة الغيظ ‪ ..‬فما كاد‬
‫الحادث ‪ ..‬فلما اطلع على‬ ‫أن يصبح حتى كان قد أجمع‬
‫بطاقة المقتول فإذا المفاجأة‬ ‫أن يشفي غيظه من‬
‫الكبرى !! إذا بالقتيل ليس هو‬ ‫صاحبه ‪ ..‬فحمل سلحا ً من‬
‫صاحبه الذي أراد أن يشفي‬ ‫نوع " كلشينكوف " ومضى‬
‫صدره منه وإنما هو شخص آخر‬ ‫يبحث عن صاحبه ‪ ..‬حتى رآه‬
‫ليس له دخل بالقضية ‪..‬‬ ‫في سيارته عند مدرسة بنات‬
‫‪242‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فقتلوه ‪ ..‬وألقوه في بئر‬ ‫فأقبل الضابط يمشي‬
‫مهجورة ‪..‬‬ ‫بسرعة ‪ ،‬والرجل المسن‬
‫فلما أصبح الخليفة ‪ ..‬اشتاق إلى‬ ‫المقصود بالقتل يمشي‬
‫من يؤانسه ‪ ..‬فقال ‪ :‬ادعوا لي‬ ‫بجانبه ‪ ..‬حتى أدخله مخفر‬
‫نديمي فلن ‪..‬‬ ‫الشرطة وأوقفه أمام‬
‫قالوا ‪ :‬قتلناه !! قال ‪:‬‬ ‫الزنزانة ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا فلن !‬
‫قتلتموه ؟!! من قتله ؟!‬ ‫أتدعي أنك قتلت هذا ؟!‬
‫ولماذا ؟ ومن أمركم ؟! وجعل‬ ‫الرصاص أصاب شخصا ً‬
‫يدافع عبراته ‪..‬‬ ‫آخر !!‬
‫فقالوا ‪ :‬أنت أمرتنا البارحة ‪..‬‬ ‫فصرخ المسكين وأصابه‬
‫وأخبروه بالقصة ‪..‬‬ ‫حالة هستيرية ‪ ..‬ثم أغمي‬
‫فسكت ‪ ..‬وخفض رأسه متندما ً‬ ‫عليه ومكث في غيبوبة‬
‫ثم قال ‪ :‬رب كلمة قالت‬ ‫أياما ً ‪ ..‬ثم شفي وأدخل‬
‫لصاحبها دعني ‪..‬‬ ‫السجن وحكم عليه القاضي‬
‫أعود وأقول ‪ :‬كم من شخص‬ ‫الشرعي بإقامة حد القتل‬
‫نفر الناس عن شخصه ‪..‬‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫وبغضهم في نفسه ‪ ..‬وجر إلى‬ ‫وصدق أبو بكر لما قال ‪ :‬ما‬
‫نفسه الويلت بسبب عدم‬ ‫شيء أحوج إلى طول سجن‬
‫ضبطه للسانه ‪..‬‬ ‫من لسان ‪..‬‬
‫قال ابن الجوزي ‪:‬‬ ‫ل أنس خبر ذلك الخليفة‬
‫ومن العجب أن من الناس من‬ ‫الذي جلس يوما ً مع نديمه ‪..‬‬
‫يقوى على التحرز من أكل‬ ‫يضاحكه ويمازحه ‪ ..‬فلعب‬
‫الحرام ‪ ..‬ومن الزنا ‪..‬‬ ‫الشيطان برؤوسهما فشربا‬
‫والسرقة ‪ ..‬لكنه ل يقوى على‬ ‫خمرا ً ‪ ..‬فلما غابت‬
‫أن يتحرز من حركة لسانه ‪..‬‬ ‫العقول ‪ ..‬وسيطرت أم‬
‫فيتكلم في أعراض الناس ‪ ..‬ول‬ ‫الخبائث ‪ ..‬وصار الواحد‬
‫يقدر على منع نفسه من ذلك ‪..‬‬ ‫منهما أضل من الحمار ‪..‬‬
‫التفت الخليفة إلى حاجبه‬
‫عجيبة ‪..‬‬ ‫وأشار له إلى النديم وقال ‪:‬‬
‫الحيوان لسانه طويل ول‬ ‫اقتلوه ‪..‬‬
‫ينطق ‪ ..‬والنسان لسانه قصير‬ ‫وكان الخليفة إذا أمر أمرا ً‬
‫ول يصمت !!‬ ‫جع فيه ‪..‬‬‫لم يرا َ‬
‫فانطلق الحاجب إلى النديم‬
‫المفتاح ‪..‬‬ ‫‪.78‬‬ ‫وتله برجليه ‪ ..‬وهو يصرخ ‪..‬‬
‫المدح ‪ ..‬هو مفتاح القلوب ‪..‬‬ ‫ويستغيث بالخليفة ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬من أجمل مهارات الكلم‬ ‫والخليفة يضحك ويردد ‪:‬‬
‫أن تكون مبدعا ً في تعويد نفسك‬ ‫اقتلوه ‪ ..‬اقتلوه ‪..‬‬
‫‪243‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يئنون من اللم وأنت تقرأ‬ ‫على اكتشاف صواب‬
‫جريدة !! ل وتدخن أيضا ً !! والله‬ ‫الخرين ‪ ..‬ومدحهم والثناء‬
‫عجب ‪ ..‬مثلك ما يربيه إل شكوى‬ ‫عليهم به ‪ ..‬قبل النتباه إلى‬
‫لمدير المستشفى ‪ ..‬أو‬ ‫خطئهم ‪..‬‬
‫المفروض أن تفصل من‬ ‫ويتأكد ذلك عندما تريد أن‬
‫عملك ‪..‬‬ ‫تنبه شخصا ً إلى خطأ ما ‪..‬‬
‫وبدأت تهيل هذه العبارات‬ ‫كثير من الناس يرد النصيحة‬
‫كالبرق عليه ‪..‬‬ ‫ل لجل تكبره عنها ‪ ..‬أو‬
‫هب أنه ‪ ..‬لم يرد عليك ‪ ..‬ولم‬ ‫عدم اقتناعه بخطئه ‪ ..‬وإنما‬
‫يقابل صراخك بصراخ ‪..‬‬ ‫لن الناصح لم يسلك‬
‫هب فعل ً أنه ألقى جريدته ‪..‬‬ ‫الطريق الصحيح لتقديم‬
‫وأنهى تحويل المرضى إلى‬ ‫النصيحة ‪..‬‬
‫الطباء ‪..‬‬ ‫هب أنك ذهبت إلى‬
‫هل تعتبر نفسك نجحت في حل‬ ‫مستشفى حكومي لعلج ‪..‬‬
‫المشكلة ‪ ..‬كل ‪ ..‬أنت هنا‬ ‫فلما أقبلت إلى موظف‬
‫عالجت الموقف لكنك لم تعالج‬ ‫الستقبال فإذا وراء الزجاج‬
‫المشكلة ‪ ..‬لنه وإن استجاب‬ ‫شاب مراهق يقلب جريدة‬
‫إليك الن إل أنه سيعود إلى‬ ‫بين يديه ‪ ..‬وبيده سيجاره ‪..‬‬
‫تصرفه المشين غدا ً وبعد غ ٍ‬
‫د ‪..‬‬ ‫غير مبال بما حوله ‪..‬‬
‫إذن كيف أتصرف ؟!!‬ ‫وإذا شيخ كبير أعمى يقف‬
‫تعال إليه واكظم غيظك ‪..‬‬ ‫متعبا ً في يده اليمنى طفل‬
‫تعامل مع الموقف بعقل ل‬ ‫صغير ‪ ..‬وفي الخرى ورقة‬
‫بعاطفة ‪ ..‬ل تدع المناظر‬ ‫مراجعة ينتظر أن يحوله‬
‫المؤذية تؤثر في تصرفاتك ‪..‬‬ ‫الموظف إلى الطبيب ‪..‬‬
‫ابتسم – وإن كنت مغضبا ً ‪ ،‬وإن‬ ‫وإذا بجانبه عجوز كبيرة‬
‫كانت البتسامة صفراء ل‬ ‫بيدها طفلة تبكي وقد‬
‫مشكلة ‪ ،‬ابتسم – وقل ‪ :‬السلم‬ ‫تمكنت الحمى من جسدها ‪..‬‬
‫عليكم ‪..‬‬ ‫وتنتظر أيضا ً الموظف أن‬
‫سيقول وهو ينظر إلى لعبه‬ ‫يفرغ من قراءة أخبار ناديه‬
‫المفضل ‪ :‬عليكم السلم ‪..‬‬ ‫المفضل ليحولها لطبيب‬
‫انتظر لحظة ‪..‬‬ ‫الطفال ‪..‬‬
‫قل أي كلمة تجعله يلتفت‬ ‫لما رأيت هذا المنظر ثارت‬
‫إليك ‪ ..‬كأن تقول ‪ :‬كيف‬ ‫أعصابك – ول نلومك على‬
‫الحال ؟ ‪ ..‬مساك الله بالخير ‪..‬‬ ‫ذلك – فصرخت بالموظف ‪:‬‬
‫سيرفع رأسه ‪ -‬حتما ً – إليك‬ ‫هيه !! أنت جالس في‬
‫ويقول ‪ :‬الحمد لله بخير ‪..‬‬ ‫مستشفى أو في ‪ ...‬ما‬
‫في هذه المرحلة تكون قد‬ ‫تخاف الله ؟!! المرضى‬
‫‪244‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عندها قدم له النصيحة ‪ ..‬أنت‬ ‫قطعت نصف المشوار ‪..‬‬
‫ن الله عليك بهذه‬ ‫قد م ّ‬ ‫تلطف إليه بأي عبارة تمدحه‬
‫الوظيفة ‪ ..‬وفي واجهة‬ ‫بها ‪ ..‬قل له مثل ً ‪ :‬تصدق !‬
‫المستشفى ‪ ..‬وأنت قدوة‬ ‫المفروض مثلك ما يعمل‬
‫لغيرك ‪ ..‬فليتك تتلطف قليل ً مع‬ ‫في استقبال مستشفى ‪..‬‬
‫المراجعين ‪ ..‬وتهتم بهم ‪ ..‬لعل‬ ‫سيتغير ويقول ‪ :‬لماذا ؟‬
‫دعوة صالحة ترفع لك في ظلمة‬ ‫قل ‪ :‬لن هذا الوجه المنير‬
‫الليل من فم عجوز عابدة ‪ ..‬أو‬ ‫إذا رآه المريض زال مرضه‬
‫شيخ زاهد ‪..‬‬ ‫فل يحتاج إلى طبيب ‪..‬‬
‫أجزم أنه سيخفض رأسه وأنت‬ ‫سيبتسم متعجبا ً من جرأتك –‬
‫تتكلم ‪ ..‬ويردد ‪ :‬أشكرك ‪ ..‬جزاك‬ ‫يا بطل ‪ .. -‬وتنبلج‬
‫الله خيرا ً ‪..‬‬ ‫أساريره ‪..‬‬
‫وكذلك استعمل هذه الساليب‬ ‫وقد صار الن مهيئا ً لقبول‬
‫مع كل شخص تعالج سلوكه ‪..‬‬ ‫لنصيحة ‪ ..‬ويقول ‪ :‬ماذا‬
‫مثل شخص يتهاون بالصلة ‪ ..‬أو‬ ‫عندك ؟‬
‫أب يهمل بناته فيتكشفن ‪..‬‬ ‫عندها قل ‪ :‬يا أخي الحبيب‬
‫ويتساهلن بالحجاب ‪..‬‬ ‫ترى هذا الشيخ الكبير ‪..‬‬
‫أو شاب عاق لوالديه ‪..‬‬ ‫وهذه العجوز المسكينة ‪..‬‬
‫لجل أن يقبلوا منك ل بد أن‬ ‫ليتك تنهي لهما إجراءات‬
‫تمارس المهارات المناسبة ‪..‬‬ ‫الدخول على الطبيب ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬استخدم العبارات‬ ‫سيتناول أوراقهما ‪..‬‬
‫اللطيفة في إصلح خطأ الخر ‪..‬‬ ‫ويحولهما للطبيب ‪ ..‬ثم‬
‫كن مؤدبا ً ‪ ..‬محترما ً لرأيه ‪..‬‬ ‫يتناول ورقتك ‪ ..‬فإذا انتهى‬
‫قل له ‪ :‬أنا ما أنصحك إل لني‬ ‫منك وسلمك الورقة ‪..‬‬
‫أعلم ‪ ..‬أنك تقبل النصح ‪..‬‬ ‫فقل له ‪ :‬سبحان الله ‪ ..‬هذه‬
‫وفي التنزيل العزيز يقول الله ‪:‬‬ ‫أول مرة أراك ومع ذلك فقد‬
‫) إذا ناجيتم الرسول فقدموا‬ ‫دخلت إلى قلبي ‪ ..‬ل أدري‬
‫بين يدي نجواكم صدقة ( ‪..‬‬ ‫ي‬‫كيف !! والله إنك أحب إل ّ‬
‫وقد كان المربي الحكيم ‪e‬‬ ‫من آلف الناس ‪ ) ..‬وفعل ً‬
‫يستعمل طرقا ً ومهارات تجعل‬ ‫أنت صادق فهو مسلم أحب‬
‫من يعدل سلوكهم ل يملكون إل‬ ‫إليك حتما ً من مليين غير‬
‫أن يقبلوا منه ‪..‬‬ ‫المسلمين ( ‪..‬‬
‫أراد يوما ً أن يعلم معاذ بن جبل‬ ‫سيفرح ويشكر لك لطفك ‪..‬‬
‫ذكرا ً يقوله بعد الصلة ‪..‬‬ ‫فقل ‪ :‬وعندي كلمات أود أن‬
‫فأقبل إلى معاذ وقال ‪ :‬يا‬ ‫تسمعها لكني أخاف أن‬
‫معاذ ‪ ..‬والله إني أحبك ‪ ..‬فل‬ ‫تغضبك ‪..‬‬
‫تدعن في دبر كل صلة أن‬ ‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬
‫‪245‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وفي يوم آخر لحظ ‪ e‬أن عمر ‪t‬‬ ‫تقول ‪ :‬اللهم أعني على‬
‫إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر‬ ‫ذكرك وشكرك وحسن‬
‫السود ‪ ..‬زاحم الناس وقبله ‪..‬‬ ‫عبادتك ‪..‬‬
‫وكان صلبا ً قوي البدن ‪ ..‬وربما‬ ‫بالله عليك ‪ ..‬ما علقة‬
‫زاحم الضعفاء ‪..‬‬ ‫المقطع الول من الكلم‬
‫فأراد ‪ e‬أن يعدل سلوكه ‪ ..‬فقال‬ ‫"والله إني أحبك " بالمقطع‬
‫– على سبيل التهيئة لقبول‬ ‫الثاني " ل تدعن أن تقول‬
‫النصيحة ‪ : -‬يا عمر إنك رجل‬ ‫اللهم أعني على ذكرك "‪..‬‬
‫قوي ‪..‬‬ ‫قد يكون النسب لقوله إني‬
‫فرح عمر بهذا الثناء ‪ ..‬فقال ‪: e‬‬ ‫أحبك أن يقول بعدها وأريد‬
‫فل تزاحمن عند الحجر ‪..‬‬ ‫أن أزوجك ابنتي – مثل ً – أو‬
‫ومرة أراد أن ينصح ابن عمر‬ ‫أعطيك مال ً ‪ ..‬أو أدعوك إلى‬
‫بقيام الليل ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫طعام ‪..‬‬
‫نعم الرجل عبد الله لو كان‬ ‫ولكن أن يتبع خبر المحبة‬
‫يقوم الليل ‪ ..‬وفي رواية قال ‪:‬‬ ‫تعليمه ذكرا ً من أذكار الصلة‬
‫يا عبد الله ل تكن مثل فلن ‪..‬‬ ‫‪ !!..‬فهذا يحتاج إلى تأمل ‪..‬‬
‫كان يقوم الليل ‪..‬‬ ‫أتدري ما موقع قوله ‪" :‬‬
‫ل تكن مثل فلن ‪ ..‬كان يقوم‬ ‫والله إني أحبك " ؟ إنه‬
‫الليل ‪ ..‬فترك قيام الليل ‪..‬‬ ‫التهيئة لقبول النصيحة ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬كان ‪ e‬يستعمل هذا‬ ‫فإذا ارتاحت نفس معاذ‬
‫السلوب الرائع مع جميع‬ ‫واستبشر ‪ ،‬أعطاه‬
‫الناس ‪ ..‬ومع الوجهاء خاصة ‪..‬‬ ‫النصيحة ‪..‬‬
‫في بداية بعثة النبي ‪ .. e‬كان‬ ‫وفي موقف آخر ‪ ..‬قبض ‪e‬‬
‫الناس ما بين مقبل ومدبر ‪..‬‬ ‫يد عبد الله بن مسعود بيده‬
‫وكان رجل في المدينة اسمه‬ ‫اليمنى ‪ ،‬ثم وضع يده‬
‫سويد بن الصامت وكان رجل ً‬ ‫اليسرى فوقها ‪ ،‬كنوع من‬
‫شريفا ً في قومه ‪ ..‬عاقل ً شاعرا ً‬ ‫العطف والتهيئة ‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫‪ ..‬يحفظ كلم الحكماء ‪ ..‬حتى‬ ‫يا عبد الله ‪ ..‬إذا جلست في‬
‫قيل إنه كان يحفظ كل ما روي‬ ‫التشهد فقل ‪ :‬التحيات لله‬
‫عن لقمان الحكيم ‪..‬‬ ‫والصلولت والطيبات ‪،‬‬
‫حتى بلغ من إعجاب الناس به‬ ‫السلم عليك أيها النبي‬
‫أنهم كانوا يسمونه ‪ :‬الكامل ‪..‬‬ ‫ورحمة الله وبركاته ‪..‬‬
‫لجلده وشعره ‪ ..‬وشرفه‬ ‫ومضت السنين ومات رسول‬
‫ونسبه ‪ ..‬وهو الذي يقول ‪:‬‬ ‫الله ‪ .. e‬فكان عبد الله يفخر‬
‫أل رب من تدعو صديقا ً ولو ترى‬ ‫بذلك ويقول ‪ :‬علمني رسول‬
‫مقالته بالغيب‬ ‫الله ‪ e‬التشهد وكفي بين‬
‫ساءك ما يفري‬ ‫كفيه ‪..‬‬
‫‪246‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فلما انتهى سويد ‪ ..‬قال ‪ e‬له ‪:‬‬ ‫مقالته كالشهد ما كان‬
‫إن هذا لكلم حسن ‪..‬‬ ‫شاهدا ً‬
‫ثم قال ‪ -‬مشوقا ً لسويد ‪: -‬‬ ‫وبالغيب‬
‫والذي معي أفضل من هذا ‪..‬‬ ‫مأثور على ثغرة النحر‬
‫قرآن أنزله الله تعالى علي ‪..‬‬ ‫يسرك باديه وتحت أديمه‬
‫هو هدى ونور ‪..‬‬ ‫نميمة غش‬
‫ثم تل عليه رسول الله ‪ r‬القرآن‬ ‫تبتري عقب الظهر‬
‫‪ ..‬ودعاه إلى السلم ‪ ..‬وسويد‬ ‫تبين لك العينان ما هو كاتم‬
‫يستمع منصتا ً ‪ ..‬فلما فرغ ‪ e‬من‬ ‫من الغل‬
‫كلمه ‪ ..‬ظهر على سويد‬ ‫والبغضاء بالنظر الشزر‬
‫قدم سويد بن الصامت يوما ً‬
‫التأثر ‪ ..‬وقال ‪ :‬إن هذا لقول‬
‫حسن ‪..‬‬ ‫إلى مكة حاجا ً ‪ ..‬أو معتمرا ً ‪..‬‬
‫ثم انصرف سويد عن النبي ‪.. e‬‬ ‫فتحدث الناس بدخوله مكة ‪..‬‬
‫ول يزال متأثرا ً بما سمع ‪..‬‬ ‫وأقبلوا لرؤيته ‪ ..‬فسمع‬
‫فقدم المدينة على قومه ‪ ..‬فلم‬ ‫النبي ‪ e‬به فأقبل عليه ‪..‬‬
‫يلبث أن وقع قتال بين قبيلتي‬ ‫فدعاه إلى الله ‪ ..‬وإلى‬
‫الوس والخزرج ‪ ..‬وكان من‬ ‫السلم ‪ ..‬وجعل يحدثه‬
‫قبيلة الوس فقتلته الخزرج ‪..‬‬ ‫بالتوحيد والرسالة وأنه نبي‬
‫وذلك قبل أن يهاجر النبي ‪e‬‬ ‫يوحى إليه قرآن ‪ ..‬وأن هذا‬
‫إلى المدينة ‪ ..‬ول يدرى هل‬ ‫القرآن هو كلم الله تعالى ‪..‬‬
‫أسلم أم ل ؟ وإن كان رجل من‬ ‫فيه عبر وأحكام ‪..‬‬
‫قومه ليقولون ‪ :‬إنا لنراه قد‬ ‫فقال له سويد ‪ :‬فلعل الذي‬
‫قتل وهو مسلم ‪..‬‬ ‫معك مثل الذي معي ؟‬
‫فقال له رسول الله ‪ : r‬ما‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫الذي معك ؟‬
‫قال ‪ :‬معي مجلة لقمان ‪-‬‬
‫أسرف في المديح ‪ ..‬واقتصد‬
‫يعني حكمة لقمان ‪.. -‬‬
‫في النقد ‪..‬‬
‫فلم يعنفه ‪ e‬أو يحقره ‪- ..‬‬
‫الرصيد العاطفي‬ ‫‪.79‬‬ ‫مع أنه يضاهي كلم الله‬
‫تصورات الناس عنا نحن الذين‬ ‫بكلم البشر ‪ .. -‬وإنما تلطف‬
‫نصنعها ‪..‬‬
‫معه ‪ ..‬وقال ‪ : r‬اعرضها‬
‫فلو لقيك شخص في السوق‬
‫علي ‪..‬‬
‫فعبس في وجهك ‪..‬‬
‫فشرع سويد يقرأ ما يحفظ‬
‫ثم لقيك في بقالة ‪ ..‬فعبس في‬
‫وجهك أيضا ً ‪..‬‬
‫مه ‪..‬‬ ‫حك َ ِ‬
‫من كلم لقمان و ِ‬
‫ثم صادفته في عرس ‪ ..‬فلقيك‬ ‫ورسول الله ‪ e‬يستمع إليه‬
‫عابسا ً ‪ ..‬لرسمت عنه صورة‬ ‫بكل هدوووء ‪..‬‬

‫‪247‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تتولى بعد ذلك زيادة رصيدك‬ ‫قاتمة في مخيلتك ‪ ..‬فإذا‬
‫العاطفي أو السحب منه ‪..‬‬ ‫رأيت صورته أو سمعت‬
‫فكل ابتسامة تقابله بها ‪ ..‬تزيد‬ ‫اسمه في مكان تبادر إلى‬
‫من رصيدك العاطفي عنده ‪..‬‬ ‫ذهنك ذاك الوجه العابس ‪..‬‬
‫وكل هدية ‪ ..‬تزيد رصيدك‬ ‫ولو لقيك شخص بابتسامة‬
‫العاطفي ‪..‬‬ ‫في موقف ‪ ..‬ثم ابتسم في‬
‫وكل مجاملة ‪ ..‬تزيد رصيدك‬ ‫لقاء آخر ‪ ..‬وثالث ‪ ..‬لنطبع‬
‫العاطفي ‪..‬‬ ‫في ذهنك عنه صورة مشرقة‬
‫وكل إهانة تقع منك له ‪ ..‬أو‬ ‫‪..‬‬
‫مسبة ‪ ..‬أو شتم ‪ ..‬فإنك تسحب‬ ‫هذا فيمن ل يكون بينك‬
‫من رصيدك العاطفي ‪..‬‬ ‫وبينه علقة دائمة وإنما هي‬
‫وبالتالي إذا كان رصيدك‬ ‫لقاءات عابرة ‪..‬‬
‫العاطفي عنده كثيرا ً ‪ ..‬ووقعت‬ ‫أما الشخاص الذي نلقاهم‬
‫يوما ً ما في موقف أغاظه‬ ‫دائما ً كزوجة وأولد ‪ ..‬وزملء‬
‫فسحبت من رصيدك العاطفي‬ ‫في مكتب ‪ ..‬وجيران في‬
‫مقدارا ً معينا ً ‪ ..‬فإن هذا لن يؤثر‬ ‫حارة ‪ ..‬فإن تعاملنا معهم‬
‫كثيرا ً لن رصيدك العاطفي‬ ‫لن يكون بأسلوب واحد دائما ً‬
‫عنده كثير ‪..‬‬ ‫‪ ..‬نعم هم سيروننا ضاحكين‬
‫وإذا الحبيب أتى بذنب واحد‬ ‫لطيفين ‪ ..‬لكنهم حتما ً‬
‫جاءت‬ ‫سيروننا تارة غاضبين ‪..‬‬
‫محاسنه بألف شفيع‬ ‫وتارة عابسين ‪ ..‬أو‬
‫أما إن لم يكن عنده لك رصيد‬ ‫مخاصمين ‪ ..‬أو شاتمين ‪..‬‬
‫عاطفي وجعلت تسحب من‬ ‫لننا بشر ‪..‬‬
‫الرصيد وليس فيه شيء أصل ً ‪..‬‬ ‫وبالتالي فإن محبتهم لنا‬
‫فإن حسابك عنده سيكون‬ ‫تتحدد على حسب طغيان‬
‫بالناقص !! وبالتالي قد يقع في‬ ‫حسناتنا عندهم أو سيئاتنا ‪..‬‬
‫قلبه لك كره ‪ ..‬أو استثقال ‪..‬‬ ‫أو قل بعبارة أخرى ‪ :‬تتحدد‬
‫لنك تسحب من رصيدك‬ ‫محبتهم لنا بحسب مقدار‬
‫العاطفي ول تودع ‪..‬‬ ‫الرصيد العاطفي الذي في‬
‫ألم تسمع يوما ً عن زوجة طلقها‬ ‫حسابنا عندهم ‪..‬‬
‫زوجها ‪ ..‬فإذا سئلت عن سبب‬ ‫كيف ؟!‬
‫الطلق قالت ‪ :‬السبب تافه ‪..‬‬ ‫عندما يقع لك موقف جميل‬
‫طلب مني الذهاب معه لزيارة‬ ‫مع إنسان فإنك تضيف إلى‬
‫أخته فرفضت ‪ ..‬فغضب وجعل‬ ‫سجل ذكرياته ذكرى جميلة‬
‫يسبني ويشتمني ثم طلقني !!‬ ‫عنك ‪ ..‬أو بعبارة أخرى تفتح‬
‫ولو تأملت بذكاء في سبب‬ ‫لك في قلبه حسابا ً تودع فيه‬
‫الطلق ‪ ..‬لما وجدت السبب هو‬ ‫محبة لك واحتراما ً ‪ ..‬ثم‬
‫‪248‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫رصيدها العاطفي عنده دون أن‬ ‫هذا الموقف التافه ‪ ..‬وإنما‬
‫تودع فيه شيئا ً ‪ ..‬وتجرح ول‬ ‫هذا الموقف هو القشة التي‬
‫تداوي ‪..‬‬ ‫قصمت ظهر البعير ‪..‬‬
‫وهو يحتمل ويحتمل ‪ ..‬حتى جاء‬ ‫ذكر أن رجل ً كان له‬
‫فقد ُ‬
‫هذا الموقف فقصم ظهر‬ ‫جمل جلد قوي ‪ ..‬فأراد‬
‫البعير ‪..‬‬ ‫سفرا ً ‪ ..‬فجعل يحمل متاعه‬
‫ولو أنها اعتنت بكثرة اليداع في‬ ‫عليه ‪ ..‬ويربطه على‬
‫رصيدها العاطفي ‪ ..‬من حسن‬ ‫ظهره ‪ ..‬والجمل متماسك ‪..‬‬
‫لقاء له ‪ ..‬وتغنج ودلل ‪ ..‬وتحبب‬ ‫حتى كوم على ظهره ما‬
‫إليه ‪ ..‬وممازحة وخفة ظل ‪..‬‬ ‫يحمله أربعة جمال ‪ ..‬فبدأ‬
‫وعناية بطعامه ولباسه ‪..‬‬ ‫البعير يهتز من ثقل الحمل‬
‫واحترام لرأيه ‪ ..‬لصار رصيدها‬ ‫والناس يصيحون بالرجل ‪:‬‬
‫العاطفي كبيرا ً ‪ ..‬وملكت‬ ‫يكفي ما حملت عليه ‪ ..‬فأخذ‬
‫مليارات في قلبه ‪ ..‬وبالتالي لن‬ ‫حزمة من تبن وقال ‪ :‬هذه‬
‫يضر لو وقع موقف سحبت به‬ ‫خفيفة وهي آخر المتاع ‪..‬‬
‫من رصيدها العاطفي ‪..‬‬ ‫فلما طرحها على ظهره‬
‫وقل مثل ذلك في الطالب‬ ‫سقط البعير على الرض ‪..‬‬
‫المشاكس الذي يقع منه موقف‬ ‫فقيل ‪ :‬قشة قصمت ظهر‬
‫صغير فيغضب المدرس غضبا ً‬ ‫بعير !!‬
‫شديدا ً ‪ ..‬وقد يضربه ويطرده‬ ‫ولو تفكرت لرأيت أن القشة‬
‫من الفصل ‪ ..‬و ‪ ..‬ثم يقول‬ ‫مظلومة فليست هي التي‬
‫الطالب أنا ما فعلت شيئا ً هي‬ ‫قصمت ظهر البعير وإنما‬
‫مجرد نكتة أطلقتها من غير‬ ‫انقصم ظهر البعير بسبب‬
‫استئذان ‪ ..‬ول ينتبه إلى أن هذه‬ ‫تراكمات كبار صبر البعير‬
‫النكتة هي القشة التي قصمت‬ ‫على أولها ‪ ..‬وصبر ‪..‬‬
‫ظهر البعير ‪..‬‬ ‫وصبر ‪ ..‬حتى لم يطق‬
‫قل مثله في زملء تخاصموا ‪..‬‬ ‫صبرا ً ‪ ..‬فانقصم ظهره‬
‫أو جيران تنازعوا ‪..‬‬ ‫بشيء صغير ‪..‬‬
‫إذن ‪ ..‬نحن نحتاج دائما ً إلى نودع‬ ‫وهكذا المرأة التي طلقها‬
‫في قلب كل واحد نلقاه رصيدا ً‬ ‫زوجها ‪ ..‬أجزم أن السبب‬
‫عاطفيا ً ‪..‬‬ ‫ليس هو تركها زيارة أخته‬
‫الزوج يتحين الفرص ليودع في‬ ‫فحسب ‪ ..‬وإنما تراكمات‬
‫قلب زوجته ‪ ..‬ويسجل نقاطا ً‬ ‫قبله ‪ ..‬من عصيان‬
‫أكثر وأكثر ‪..‬‬ ‫لطلباته ‪ ..‬عدم تحقيق‬
‫والزوجة تحتاج أيضا ً ‪..‬‬ ‫لرغباته ‪ ..‬عدم تحببها إليه ‪..‬‬
‫والولد يحتاج أن يودع في قلب‬ ‫تكبرها عليه ‪ ..‬عدم احترام‬
‫والده ‪..‬‬ ‫رأيه ‪ ..‬فهي تسحب دوما ً من‬
‫‪249‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وربما شغفت زوجة بزوجها‬ ‫والمدرس مع طلبه ‪ ..‬والخ‬
‫حبا ً ‪ ..‬وهو كثير البخل قليل‬ ‫مع أخيه ‪..‬‬
‫الجمال ‪ ..‬لكنه يسحرها‬ ‫بل حتى المدير مع من هم‬
‫بعباراته ‪..‬‬ ‫تحت إدارته ‪ ..‬يحتاج إلى ذلك‬
‫أذكر أن شابا ً مراهقا ً كان مغرما ً‬ ‫‪..‬‬
‫بمغازلة الفتيات ‪ ..‬وكان له‬
‫قدرة عجيبة على اليقاع بهن ‪..‬‬ ‫باختصار ‪..‬‬
‫وكم من مسكينة صارت متيمة‬ ‫وإذا الحبيب أتى بذنب واحد‬
‫بحبه ‪ ..‬عالقة بشراكه ‪ ..‬ومن‬ ‫جاءت محاسنه بألف شفيع‬
‫العجب أنه لم يكن يملك سيارة‬
‫فارهة يغريهن بركوبها ‪ ..‬ولم‬ ‫الساحر ‪..‬‬ ‫‪.80‬‬
‫تكن جيبه مليئة بالمال ليغدق‬ ‫الكلم ببلش ‪ ..‬يا أخي‬
‫عليهن الهدايا ‪..‬‬ ‫معنا كلمة حلوة ‪..‬‬ ‫س ّ‬
‫َ‬
‫ول تظنن أنه أوتي وسامة أو‬ ‫هكذا بدأت المسكينة تعاتب‬
‫جمال ً ‪ ..‬كل ‪ ..‬فإني أسأل الله‬ ‫زوجها ‪..‬‬
‫لك أن ل تبتلى بالنظر إلى‬ ‫صحيح هو ما قصر معها في‬
‫وجهه !!‬ ‫طعام ول لباس ‪ ..‬ولكنه لم‬
‫لكنه كان يغلق فمه على‬ ‫يكن يسحرها بمعسول‬
‫لسان ‪ ..‬لو تكلم مع حجر‬ ‫الكلم ‪!! ..‬‬
‫لفلقه ‪ ..‬ولو سمعه نهر‬ ‫يجمع العقلء أن أهم صفات‬
‫فقه ‪..‬‬ ‫لد ّ‬ ‫البائع الماهر أن يكون‬
‫فكان يصطاد الفتيات بلسانه‬ ‫ساحرا ً في كلمه ‪ ..‬فيردد ‪:‬‬
‫اصطيادا ً ‪ ..‬بل يسحرهن‬ ‫من عيوني ‪ ..‬تفضل ‪ ..‬خل‬
‫سحرا ً ‪..‬‬ ‫الحساب علينا ‪ ..‬تعبك‬
‫وحديثها السحر الحلل لو أنه‬ ‫راحة ‪..‬‬
‫لم يجن قتل‬ ‫وتزيد قيمة البائع كلما زادت‬
‫المسلم المتحرز‬ ‫عباراته جمال ً ‪ ..‬فإن أضاف‬
‫إن طال لم يملل وإن هي‬ ‫إلى حسن العبارة جودة في‬
‫أوجزت‬ ‫وصف السلعة ‪ ..‬وقدرة على‬
‫ود المحدث‬ ‫إقناع الزبون بالشراء ‪ ..‬صار‬
‫أنها لم توجز‬ ‫قد اكتسب نورا ً على نور ‪..‬‬
‫أقبل يوما ً إلى رسول الله ‪‬‬ ‫ويجمع المجربون أن من أهم‬
‫ة رجال سادة في قومهم ‪..‬‬ ‫ثلث ُ‬ ‫صفات السكرتير أن يكون‬
‫قيس بن عاصم ‪ ..‬والزبرقان بن‬ ‫لسانه عذبا ً ‪ ..‬وعباراته‬
‫بدر ‪ ..‬وعمرو بن الهتم ‪..‬‬ ‫حلوة ‪ ..‬فيطرب السماع‬
‫وكلهم من قبيلة تميم ‪..‬‬ ‫م ‪ ..‬أبشر ‪ ..‬نحن‬ ‫س ْ‬‫بقوله ‪َ :‬‬
‫فبدؤوا يتفاخرون ‪..‬‬ ‫دامينك ( ‪..‬‬ ‫)خ ّ‬
‫‪250‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪..‬‬ ‫)‪(91‬‬‫‪ ..‬إن من البيان لسحرا ً‬ ‫فقال الزبرقان ‪ :‬يا رسول‬
‫فكن مبدعا ً في مهارات‬ ‫الله ‪ ..‬أنا سيد تميم ‪..‬‬
‫لسانك ‪ ..‬فلو قال لك ‪ :‬ناولني‬ ‫والمطاع فيهم ‪ ..‬والمجاب‬
‫القلم ‪ ..‬قل ‪ :‬من عيوني ‪..‬‬ ‫فيهم ‪ ..‬أمنعهم من الظلم ‪..‬‬
‫تفضل ‪..‬‬ ‫فآخذ لهم بحقوقهم ‪..‬‬
‫ولو قال ‪ ..‬لكن يا فلن عندي‬ ‫ثم أشار إلى السيد الخر‬
‫م ‪..‬‬‫س ْ‬‫طلب ‪ :‬اطلب عيوني ‪َ ..‬‬ ‫عمرو بن الهتم ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫أريد منك خدمة ‪ :‬تفضل ‪ ..‬خدمنا‬ ‫وهذا يعلم ذاك ‪..‬‬
‫أناسا ً ما يساوون أثر رجليك ‪..‬‬ ‫فأثنى عمرو عليه وقال ‪:‬‬
‫مارس هذا السلوب الذي يدغدغ‬ ‫والله يا رسول الله ‪ ..‬إنه‬
‫المشاعر ‪ ..‬مع أمك ‪ ..‬نعم‬ ‫لشديد العارضة ‪ ..‬مانع‬
‫أسمعها كلمات رقيقة لينة ‪..‬‬ ‫لجانبه ‪ ..‬مطاع في ناديه ‪..‬‬
‫مع أبيك ‪ ..‬زوجتك ‪ ..‬أولدك ‪..‬‬ ‫ثم سكت عمرو ‪..‬‬
‫زملئك ‪..‬‬ ‫فغضب الزبرقان ‪ ..‬وودّ لو‬
‫فهذا السلوب ل يخسرك‬ ‫لن عمروا ً زاد في الثناء ‪..‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وتسحر به الخرين ‪..‬‬ ‫وظن أنه حسده على سيادته‬
‫وتزيل ما في نفوسهم ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وانظر إلى حال النصار ‪ y‬بعد‬ ‫فقال الزبرقان ‪ :‬والله يا‬
‫معركة حنين ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬لقد علم ما‬
‫النصار الذين قاتلوا مع النبي ‪t‬‬ ‫قال ‪ ..‬وما منعه أن يتكلم به‬
‫في بدر ثم قتلوا في أحد ‪..‬‬ ‫إل الحسد ‪..‬‬
‫وحوصروا في الخندق ‪ ..‬ول‬ ‫فغضب عمرو ‪ ..‬وقال ‪ :‬أنا‬
‫زالوا معه يقاتلون وُيقَتلون ‪..‬‬ ‫أحسدك ؟!! فوالله إنك لئيم‬
‫حتى فتحوا معه مكة ‪ ..‬ثم مضوا‬ ‫الخال ‪ ..‬حديث المال ‪..‬‬
‫إلى معركة حنين ‪..‬‬ ‫أحمق الموالد ‪ ..‬مضيع في‬
‫ففي الصحيحين ‪..‬‬ ‫العشيرة ‪ ..‬والله يا رسول‬
‫أن القتال اشتد أول المعركة ‪..‬‬ ‫الله لقد صدقت فيما قلت‬
‫وانكشف الناس عن رسول‬ ‫أول ً ‪ ..‬وما كذبت فيما قلت‬
‫الله ‪ ..‬فإذا الهزيمة تلوح أمام‬ ‫آخرا ً ‪ ..‬لكني رجل رضيت‬
‫المسلمين ‪..‬‬ ‫ن ما علمت ‪..‬‬ ‫فقلت أحس َ‬
‫فالتفت ‪ e‬إلى أصحابه ‪ ..‬فإذا‬ ‫ح ما‬ ‫ت أقب َ‬ ‫وغضبت فقل ُ‬
‫هم يفرون من بين يديه ‪..‬‬ ‫وجدت ‪ ..‬ووالله لقد صدقت‬
‫فصاح بالنصار ‪..‬‬ ‫في المرين جميعا ً ‪..‬‬
‫يا معشر النصار ‪ ..‬فقالوا ‪:‬‬ ‫فعجب ‪ ‬من سرعة حجته ‪..‬‬
‫وقوة بيانه ‪ ..‬ومهارات‬
‫لسانه ‪..‬‬
‫‪ ( ) 91‬رواه الحاكم في المستدرك ‪ ،‬وأصله‬ ‫فقال ‪ :‬إن من البيان لسحرا ً‬
‫في الصحيحين‬
‫‪251‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫من النصار وجدوا عليك في‬ ‫لبيك يا رسول الله ‪..‬‬
‫أنفسهم ‪ ..‬قال ‪ :‬وما ذاك ؟!!‬ ‫وعادوا إليه ‪ ..‬وصفوا بين‬
‫قال ‪ :‬لما صنعت في هذا الفئ‬ ‫يديه ‪..‬‬
‫الذي أصبت ‪ ..‬قسمت في‬ ‫ول زالوا يدفعون العدو‬
‫قومك ‪ ..‬وأعطيت عطايا ً‬ ‫بسيوفهم ‪ ..‬ويفدون رسول‬
‫عظاما ً ‪ ..‬في قبائل العرب ‪..‬‬ ‫الله ‪ e‬بنحورهم ‪ ..‬حتى فر‬
‫ولم يكن في النصار منه شئ ‪..‬‬ ‫الكفار وانتصر المسلمون ‪..‬‬
‫فقال ‪ : e‬فأين أنت من ذلك يا‬ ‫وبعدما انتهت المعركة‪..‬‬
‫سعد ؟‬ ‫وجمعت الغنائم بين يدي‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما أنا إل‬ ‫النبي ‪ .. e‬أخذوا ينظرون‬
‫امرؤ من قومي ‪..‬‬ ‫إليها ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬فاجمع لي قومك‪ ..‬فلما‬ ‫وأحدهم يتذكر أولده‬
‫اجتمعوا ‪ ..‬أتاهم رسول الله ‪..‬‬ ‫الجوعى ‪ ..‬وأهَله الفقرا ‪..‬‬
‫فحمد الله وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال‬ ‫ويرجو أن يناله من هذه‬
‫‪ :‬يا معشر النصار ‪ ..‬ما قالة‬ ‫الغنائم شيء يوسع به‬
‫بلغتني عنكم ؟‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬أما رؤساؤنا يا رسول‬ ‫فبينما هم على ذلك ‪..‬‬
‫الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس‬ ‫فإذا برسول الله ‪ .. e‬يدعو‬
‫منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر‬ ‫القرع بن حابس ‪ -‬ما أسلم‬
‫الله لرسول الله يعطي قريش‬ ‫إل قبل أيام في فتح مكة ‪..‬‬
‫ويتركنا وسيوفنا تقطر من‬ ‫فيعطيه مائة من البل ‪ ..‬ثم‬
‫دمائهم ‪..‬‬ ‫يدعو أبا سفيان ويعطيه‬
‫فقال ‪ : e‬يا معشر النصار ‪ ..‬ألم‬ ‫مائة من البل ‪..‬‬
‫تكونوا ضلل ً فهداكم الله بي ‪..‬‬ ‫ول يزال يقسم النعم ‪ ..‬بين‬
‫قالوا ‪ :‬بلى ولله ورسوله ‪..‬‬ ‫أقوام ‪ ..‬ما بذلوا بذل‬
‫المنة الفضل ‪..‬‬ ‫النصار ‪ ..‬ول جاهدوا‬
‫قال ‪ :‬ألم تكونوا عالة فأغناكم‬ ‫جهادهم ‪ ..‬ول ضحوا‬
‫الله ‪ ..‬وأعداءً فألف بين‬ ‫تضحيتهم ‪..‬‬
‫قلوبكم ‪..‬‬ ‫فلما رأى النصار ذلك ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬بلى ولله ورسوله ‪..‬‬ ‫قال بعضهم لبعض ‪ :‬يغفر‬
‫المنة الفضل ‪..‬‬ ‫الله لرسول الله ‪ ..‬يعطي‬
‫ثم سكت رسول الله ‪.. e‬‬ ‫قريشا ً ويتركنا ‪ ..‬وسيوفنا‬
‫وسكتوا ‪ ..‬وانتظَر ‪ ..‬وانتظروا ‪..‬‬ ‫تقطر من دمائهم ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أل تجيبوني يا معشر‬ ‫فلما رأى سيدهم سعد بن‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫عبادة ‪ t‬ذلك ‪ ..‬دخل على‬
‫قالوا ‪ :‬وبماذا نجيبك يا رسول‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬فقال ‪:‬‬
‫الله ‪ ..‬ولله ولرسوله المنة‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إن أصحابك‬
‫‪252‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وتفرقوا ‪..‬‬ ‫والفضل ‪..‬‬
‫بل إنك بالعبارات الجميلة‬ ‫قال ‪ :‬أما والله لو شئتم‬
‫تستطيع أن تخدر الناس أحيانا ً ‪..‬‬ ‫دقتم‬ ‫ص ّ‬ ‫دقتم ول ُ‬ ‫ص َ‬‫لقلتم ‪ ..‬فل َ‬
‫ذكر أنه كان في صعيد مصر‬ ‫‪..‬‬
‫رجل غني متسلط يسمونه "‬ ‫لو شئتم لقلتم ‪ :‬أتيتنا مكذبا ً‬
‫الباشا " كان يملك فدادين من‬ ‫فصدقناك ‪ ..‬ومخذول ً‬
‫المزارع ‪ ..‬كان متغطرسا ً‬ ‫فنصرناك ‪ ..‬وطريدا ً فآويناك‬
‫يمارس أصناف الذلل على‬ ‫‪ ..‬وعائل ً فواسيناك ‪..‬‬
‫المزارعين الصغار ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا معشر النصار ‪..‬‬
‫دارت الزمان دورته فأصاب‬ ‫أوجدتم على رسول الله في‬
‫أرضه ما أتلفها ‪ ..‬فأصبح فقيرا ً‬ ‫أنفسكم ‪ ..‬في لعاعة من‬
‫بعد غنى ‪ ..‬كسيرا ً‬ ‫الدنيا ‪ ..‬تألفت بها قوما ً‬
‫جاع أولده وهو ليس عنده‬ ‫ليسلموا ‪ ..‬ووكلتم الى‬
‫مصدر يتكسب منه ‪ ..‬ول يعرف‬ ‫إسلمكم ‪..‬‬
‫صنعة غير الزراعة ‪ ..‬لكن أرضه‬ ‫إن قريشا ً حديثوا عهد‬
‫تالفة ‪..‬‬ ‫بجاهلية ومصيبة ‪ ..‬وإني‬
‫فخرج يبحث عن عمل ‪ ..‬أي‬ ‫أردت أن أجبرهم ‪..‬‬
‫عمل ‪..‬‬ ‫وأتألفهم ‪..‬‬
‫أقبل على مزرعة لحد الفلحين‬ ‫أل ترضون يا معشر‬
‫الضعفاء الذين ذاقوا من إذلله‬ ‫النصار ‪ ..‬أن يذهب الناس‬
‫قديما ً ‪ ..‬دخل عليه ‪ ..‬وقال بكل‬ ‫بالشاة والبعير ‪ ..‬وترجعون‬
‫مذلة ‪ :‬هل أجد عنك عمل ً ‪..‬‬ ‫برسول الله ‪ e‬إلى بيوتكم ‪..‬‬
‫أقطف الثمر ‪ ..‬أو أنقي‬ ‫لو سلك الناس واديا ً أو شعبا ً‬
‫الحبوب ‪ ..‬أو أقلم الشجار ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وسلكت النصار واديا ً أو‬
‫أو ‪..‬‬ ‫شعبا ً ‪ ..‬لسلكت وادي‬
‫فثار المزارع في وجهه وقال ‪:‬‬ ‫النصار ‪ ..‬أو شعب‬
‫أنت تعمل عندي !! أنت المتكبر‬ ‫النصار ‪..‬‬
‫المتغطرس ‪ ..‬الحمد لله أن‬ ‫فوالذي نفس محمد بيده ‪..‬‬
‫استجاب دعاءنا عليك وأذلك ‪..‬‬ ‫إنه لول الهجرة ‪ ..‬لكنت‬
‫ثم طرده من بستانه ‪..‬‬ ‫امرءا ً من النصار ‪ ..‬اللهم‬
‫مضى يجر قدمي خيبته ‪ ..‬حتى‬ ‫ارحم النصار ‪ ..‬وأبناء‬
‫دخل بستانا ً آخر ‪ ..‬فإذا بفلح له‬ ‫النصار ‪ ..‬وأبناء أبناء‬
‫معه ذكريات أليمة ‪ ..‬فطرده كما‬ ‫النصار ‪..‬‬
‫طرده الول ‪..‬‬ ‫فبكى القوم حتى أخضلوا‬
‫مضى الباشا ) !! ( المسكين ل‬ ‫لحاهم ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬رضينا‬
‫يلوي على شيء ‪ ..‬ول يريد أن‬ ‫سما ً وحظا‪..‬‬
‫ً‬ ‫ق ْ‬ ‫برسول الله َ‬
‫يرجع إلى أولده خاليا ً ‪..‬‬ ‫ثم انصرف رسول الله‬
‫‪253‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المزارع إليه وبدأ بالثور البيض‬ ‫مر على مزرعة لفلح‬
‫وربطه بالحبال ليجر المحراث ‪..‬‬ ‫ثالث ‪ ..‬فدخل ليجرب حظه‬
‫ثم توجه إلى الباشا وهو يردد‬ ‫معه ‪..‬‬
‫قائل ً ‪ :‬يا أحسن باشا في‬ ‫رآه الفلح فانبهر ‪ ..‬وقد‬
‫العالم ‪ ..‬يا قوي ‪ ..‬يا بطل ‪..‬‬ ‫ذاق أيضا ً من إذلله من‬
‫والباشا يتلفت في زهو ‪ ..‬ثم‬ ‫قبل ‪ ..‬قال الباشا ‪ :‬أنا أبحث‬
‫ربط الحبال في كتفي الباشا ‪..‬‬ ‫عن عمل ‪ ..‬أولدي جوعى ‪..‬‬
‫وركب هو على الحراثة معه‬ ‫فأراد الفلح أن يذله ‪ ..‬وأن‬
‫السوط !! وصاح ‪ :‬امش ‪..‬‬ ‫ينتقم منه بأسلوب ذكي ‪..‬‬
‫وضرب ظهر الثور فتحرك ‪..‬‬ ‫فقال له ‪ :‬أهل ً أيها الباشا !!‬
‫وتحرك الباشا يجر المحراث ‪..‬‬ ‫نورت بستاني !! من مثلي‬
‫والفلح يردد ‪ :‬جميل يا باشا ‪..‬‬ ‫اليوم الباشا الكبير يدخل‬
‫ممتاز يا ملك ‪ ..‬ويضرب ظهر‬ ‫أرضي !! أنت الباشا‬
‫الثور ‪ ..‬ويصيح أقوى يا باشا ‪..‬‬ ‫الكبير ‪ ..‬أنت الباشا‬
‫أحسن يا باشا ‪..‬‬ ‫الوجيه !! أنت ‪..‬‬
‫والباشا المسكين لم يتعود على‬ ‫دره بهذه‬ ‫وجعل يخ ّ‬
‫ذلك ‪ ..‬لكنه كان يجر بكل‬ ‫العبارات ‪ ..‬حتى صار الباشا‬
‫قوته ‪ ..‬من الصباح حتى غابت‬ ‫منوما ً تنويما ً مغناطيسيا ً !!‬
‫الشمس ‪ ..‬وكأنه غائب العقل ‪..‬‬ ‫ثم قال الفلح ‪ :‬مرحبا ً وأهل ً‬
‫فلما انتهى فك الفلح عنه‬ ‫‪ ..‬عندي عمل ‪ ..‬لكني ل‬
‫الحبال ‪ ..‬وهو يقول ‪ :‬والله‬ ‫أدري هل يناسبك أم ل ؟‬
‫شغلك جميل يا باشا ‪ ..‬هذا‬ ‫قال الباشا ‪ :‬وما هو ؟‬
‫أحسن يوم مر علي يا باشا ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬اليوم سوف أحرث‬
‫ثم بضع جنيهات ‪ ..‬ومضى‬ ‫الرض ‪ ..‬وعندي محراث‬
‫الباشا إلى بيته ‪..‬‬ ‫يجره ثوران ‪ ..‬ثور أبيض‬
‫دخل على أولده ‪ ..‬وقد تقرحت‬ ‫وثور أسود ‪ ..‬والثور السود‬
‫كتفاه ‪ ..‬وسالت الدماء من‬ ‫اليوم مريض ول يستطيع أن‬
‫أسفل قدميه ‪ ..‬والعرق يغرق‬ ‫يعمل ‪ ..‬والثور البيض ل‬
‫ثيابه ‪ ..‬و ‪ ..‬لكنه ل يزال منتشيا ً‬ ‫يطيق جر الحراثة وحده ‪..‬‬
‫مخدرا ً ‪..‬‬ ‫فأريدك أن تقوم اليوم‬
‫سأله أولده ‪ :‬هاه ‪ ..‬هل وجدت‬ ‫بوظيفة الثور السود ‪..‬‬
‫عمل ً ‪..‬‬ ‫فأنت قوي أيها الباشا ‪ ..‬أنت‬
‫فقال ‪ -‬بكل فخر ‪ : -‬نعم ‪ ..‬أنا‬ ‫قائد ‪ ..‬أنت رئيس ‪ ..‬تسير‬
‫الباشا ‪ ..‬كيف ل أجد عمل ً ‪..‬‬ ‫في المام دائما ً ‪..‬‬
‫فقالوا ‪ :‬فماذا اشتغلت ؟!‬ ‫توجه الباشا بكل كبرياء إلى‬
‫فقال ‪ :‬اشتغلت ‪ ..‬هاه !!‬ ‫الحراثة ‪ ..‬ووقف بجانب‬
‫اشتغلت !!‬ ‫الثور البيض ‪ ..‬أقبل‬
‫‪254‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يذمونك في المجالس ‪..‬‬ ‫وبدأ يصحو من تخديره ‪..‬‬
‫ويتهمونك تارة بالبخل ‪ ..‬وتارة‬ ‫ويدرك ما أصابه ‪..‬‬
‫بالنانية ‪ ..‬وتارة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬اشتغلت ثورا ً !!!‬
‫إذن ما العمل ؟!‬
‫كن ماهرا ً في الخروج من‬ ‫قرار ‪..‬‬
‫الموقف ‪ ..‬فإذا طلب منك أحد‬ ‫اختر أطيب الكلم كما تختار‬
‫شيئا ً ولم تستطع قضاءه فعلى‬ ‫أطيب الثمر ‪..‬‬
‫القل رده بعبارات جميلة ‪ ..‬كما‬
‫قال ‪:‬‬ ‫فليسعد النطق إن‬ ‫‪.81‬‬
‫ل خيل عندك تهديها ول مال‬ ‫لم تسعد الحال !!‬
‫*** فليسعد النطق إن لم تسعد‬ ‫من أحرج المواقف أن‬
‫الحال‬ ‫يقصدك صاحب حاجة ‪ ..‬ثم‬
‫فلو علم شخص بأنك ستسافر‬ ‫يرجع خائبا ً غير مقضية‬
‫إلى مدينة معينة ‪ ..‬فحاءك وقال‬ ‫حاجته ‪..‬‬
‫‪ :‬أريدك أن تشتري لي حاجة من‬ ‫نعم قضاء حاجات الناس‬
‫المدينة التي أنت مسافر إليها ‪..‬‬ ‫طاعة عظيمة ‪ ..‬ولو لم يكن‬
‫وأنت ل رغبة لك في قضاء‬ ‫فيها إل قوله ‪ : e‬لئن أمشي‬
‫حاجته لي سبب ‪ ..‬فكيف‬ ‫مع أخي في حاجة حتى‬
‫تجيب ؟‬ ‫أثبتها له ‪ ،‬أحب إلي من أن‬
‫فليسعد النطق إن لم تسعد‬ ‫أعتكف في مسجدي هذا‬
‫الحال ‪ ..‬قل له ‪ :‬والله يا فلن‬ ‫شهرا ً " )‪ (92‬لكفى في‬
‫ي‬
‫أخدمك بعيوني ‪ ..‬وأنت أحب إل ّ‬ ‫فضلها ‪..‬‬
‫من أناس كثير ‪ ..‬لكني أخشى‬ ‫لكن بعض الحاجات يصعب‬
‫أن يضيق وقتي ‪ ..‬وعندي بعض‬ ‫قضاؤها ‪ ..‬فليس كل من‬
‫الظروف تمنعني من إحضارها ‪..‬‬ ‫طلب منك أن تسلفه مال ً‬
‫و ‪..‬‬ ‫قدرت على إعطائه ‪..‬‬
‫ولو دعاك إلى وليمة وأردت أن‬ ‫ول كل من طلب منك‬
‫تعتذر وخشيت أن يجد في نفسه‬ ‫مرافقته في سفر قدرت‬
‫عليك ‪ ..‬فقدم مقدمات ‪ ..‬قل –‬ ‫على تلبية طلبه ‪..‬‬
‫مثل ً – أنا ما أعتبرك إل كواحد‬ ‫ول كل من طلب حاجة معك‬
‫من إخواني ‪ ..‬وأنت من أغلى‬ ‫كقلم أو ساعة أو غيرها ‪..‬‬
‫الناس إلى قلبي ‪ ..‬لكني‬ ‫استطعت إعطاءها له ‪..‬‬
‫مشغول الليلة ‪..‬‬ ‫والمشكلة أن أكثر الناس إذا‬
‫وأنت لم تكذب فقد يكون شغلك‬ ‫ب حاجاتهم وجدوا‬ ‫لم تل ّ‬
‫هذا جلسة مع أولدك ‪ ..‬أو قراءة‬ ‫عليك في أنفسهم ‪ ..‬وقد‬
‫في كتاب ‪ ..‬أو نوم !! فهي كلها‬
‫أشغال ‪..‬‬
‫) (‬ ‫‪92‬‬

‫‪255‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ثم زجرها فوثبت ‪ ..‬فتوجه إلى‬ ‫وقد كان محمد ‪ e‬يملك‬
‫مكة ‪ ..‬حتى نزل بالحديبية قريبا ً‬ ‫الناس بأخلق يأسر بها‬
‫من مكة ‪ ..‬فتسامع به كفار‬ ‫قلوبهم ‪..‬‬
‫قريش ‪ ..‬فخرج إليه كبارهم‬ ‫انظر إليه عليه السلم ‪..‬‬
‫ليردوه عن مكة ‪ ..‬فأبى إل أن‬ ‫وقد جلس مع أصحابه الكرام‬
‫يدخلها معتمرا ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فما زالت البعوث بينه وبين‬ ‫ت الحرام ‪..‬‬ ‫فحدثهم عن البي ِ‬
‫قريش‪..‬حتى أقبل عليه سهيل‬ ‫ل العمرة والحرام ‪..‬‬ ‫وفض ِ‬
‫بن عمرو ‪..‬‬ ‫ً‬
‫فطارت أفئدتهم شوقا إلى‬
‫فصالح النبي ‪ e‬على أن يعودوا‬ ‫ذاك المقام ‪..‬‬
‫إلى المدينة‪..‬ويعتمروا في العام‬ ‫فأمرهم بالتجهز للرحيل إليه‬
‫القادم‪..‬‬ ‫‪ ..‬وحثهم على التسابق عليه‬
‫ثم كتبوا بينهم صلحا ً عاما ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وفيه ‪:‬‬ ‫فما لبثوا أن تجهزوا ‪..‬‬
‫اشترط سهيل ‪ :‬أنه ل يخرج من‬ ‫وحملوا سلحهم وتحرزوا ‪..‬‬
‫مكة مسلم مستضعف يريد‬ ‫فخرج ‪ e‬مع ألف وأربعمائة‬
‫المدينة ‪ ..‬إل ُردّ إلى مكة ‪ ..‬أما‬ ‫من أصحابه ‪ ..‬مهلين‬
‫من خرج من المدينة وجاء إلى‬ ‫بالعمرة ملبين ‪ ..‬يتسابقون‬
‫مكة مرتدا ً إلى الكفر ‪ ..‬فُيقبل‬ ‫إلى البلد المين ‪..‬‬
‫في مكة ‪..‬‬ ‫فلما اقتربوا من جبال‬
‫فقال المسلمون ‪ :‬سبحان‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫الله !! من جاءنا مسلما ً نرده‬ ‫بركت القصواء ‪ -‬ناقة النبي‬
‫إلى الكافرين !! كيف نرده إلى‬ ‫عليه السلم ‪ .. -‬فحاول أن‬
‫المشركين وقد جاء مسلما ً ‪..‬‬ ‫يبعثها لتسير ‪ ..‬فأبت عليه ‪..‬‬
‫فبينما هم كذلك إذ أقبل‬ ‫فقال الناس ‪ :‬خلت‬
‫عليهم ‪ ..‬شاب يسير على‬ ‫القصواء ‪ ) ..‬أي عصت (‬
‫الرمضاء ‪ ..‬يرفل في قيوده ‪..‬‬ ‫فقال ‪: e‬‬
‫وهو يصيح ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫ما خلت القصواء ‪ ..‬وما ذاك‬
‫فنظروا إليه ‪ ..‬فإذا هو أبو جندل‬ ‫لها بخلق ‪ ..‬ولكن حبسها‬
‫ولد سهيل بن عمرو ‪ ..‬وكان قد‬ ‫حابس الفيل ) يعني فيل‬
‫أسلم فعذبه أبوه وحبسه ‪ ..‬فلما‬ ‫أبرهة لما أقبل به مع جيش‬
‫سمع بالمسلمين ‪ ..‬تفلت من‬ ‫من اليمن يريد هدم الكعبة‬
‫الحبس وأقبل يجر قيوده ‪..‬‬ ‫فحبسهم الله عن ذلك ( ‪..‬‬
‫تسيل جراحه دما ً ‪ ..‬وتفيض‬ ‫ثم قال ‪ : J‬والذي نفسي‬
‫عيونه دمعا ً ‪..‬‬ ‫بيده ل يسألوني خطة‬
‫ثم رمى بجسده المتهالك بين‬ ‫يعظمون فيها حرمات الله ‪..‬‬
‫يدي النبي ‪.. e‬والمسلمون‬ ‫إل أعطيتهم إياها ‪..‬‬
‫‪256‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وهم ل يملكون له شيئا ً ‪ ..‬مضى‬ ‫ينظرون إليه ‪..‬‬
‫أبو جندل إلى مكة وحيدا ً ‪..‬‬ ‫فلما رآه سهيل ‪ ..‬غضب !!‬
‫يسأل ربع الثبات على الدين ‪..‬‬ ‫كيف تفلت هذا الفتى من‬
‫والعصمة واليقين ‪ ..‬أما‬ ‫حبسه ‪ ..‬ثم صاح بأعلى‬
‫المسلمون فقد رجعوا مع‬ ‫صوته ‪ :‬هذا يا محمد أول من‬
‫رسول الله ‪ e‬إلى المدينة ‪..‬‬ ‫أقاضيك عليه أن ترده إلي ‪..‬‬
‫وهم في حنق شديد على‬ ‫فقال ‪ : e‬إنا لم نقض الكتاب‬
‫الكافرين ‪ ..‬وحزن على‬ ‫بعد ‪..‬‬
‫المسلمين المستضعفين ‪ ..‬ثم‬ ‫ً‬
‫قال ‪ :‬فوالله إذا ل أصالحك‬
‫اشتد العذاب على الضعفاء في‬ ‫على شيء أبدا ً ‪..‬‬
‫مكة ‪ ..‬حتى لم يطيقوا له‬ ‫فقال ‪ : e‬فأجزه لي ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫احتمال ً ‪..‬‬ ‫ما أنا بمجيزه لك ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫فبدأ أبو جندل ‪ ..‬وصاحبه أبو‬ ‫بلى فافعل ‪ ..‬قال ‪ :‬ما أنا‬
‫بصير ‪ ..‬والمستضعفون في مكة‬ ‫بفاعل ‪ ..‬فسكت النبي ‪.. e‬‬
‫‪ ..‬يحاولون التفلت من‬ ‫وقام سهيل سريعا ً إلى ولده‬
‫قيودهم ‪..‬‬ ‫يجره بقيوده ‪ ..‬وأبو جندل‬
‫حتى استطاع أبو بصير ‪ t‬أن‬ ‫يصيح ويستغيث‬
‫يهرب من حبسه ‪ ..‬فمضى من‬ ‫بالمسلمين ‪ ..‬يقول ‪:‬‬
‫ساعته إلى المدينة ‪ ..‬يحمله‬ ‫أي معشر المسلمين أرد إلى‬
‫الشوق ‪ ..‬ويحدوه المل ‪ ..‬في‬ ‫المشركين وقد جئت‬
‫صحبة النبي ‪ e‬وأصحابه ‪ ..‬مضى‬ ‫مسلما ً ‪ ..‬أل ترون ما قد‬
‫يطوي قفار الصحراء ‪ ..‬تحترق‬ ‫لقيت من العذاب ‪ ..‬ول زال‬
‫قدماه على الرمضاء ‪..‬‬ ‫يستغيث بهم حتى غاب‬
‫حتى وصل المدينة ‪ ..‬فتوجه إلى‬ ‫عنهم ‪..‬‬
‫مسجدها ‪ ..‬فبينما النبي ‪ e‬في‬ ‫والمسلمون تذوب أفئدتهم‬
‫المسجد مع أصحابه ‪ ..‬إذ دخل‬ ‫حزنا ً عليه ‪ ..‬فتى في ريعان‬
‫عليهم أبو بصير ‪ ..‬عليه أثُر‬ ‫الشباب ‪ُ ..‬يشدد عليه العذاب‬
‫العذاب ‪ ..‬ووعثاءُ السفر ‪ ..‬وهو‬ ‫‪..‬‬
‫أشعث أغبر ‪..‬‬ ‫وينقل من العيش الرغيد ‪..‬‬
‫فما كاد يلتقط أنفاسه ‪ ..‬حتى‬ ‫إلى البلء الشديد ‪..‬‬
‫أقبل رجلن من كفار قريش‬ ‫وهو ابن سيد من‬
‫فدخل المسجد ‪ ..‬فلما رآهما أبو‬ ‫السادات‪..‬طالما تنعم‬
‫بصير ‪ ..‬فزع واضطرب ‪ ..‬وعادت‬ ‫بالملذات‪..‬وتلذذ‬
‫إليه صورة العذاب ‪ ..‬فإذا هما‬ ‫بالشهوات ‪..‬‬
‫يصيحان ‪ ..‬يا محمد ‪ ..‬رده إلينا ‪..‬‬ ‫ثم يجر أمام المسلمين‬
‫العهدُ الذي جعلت لنا ‪ ..‬فتذكر‬ ‫بقيوده ‪ ..‬ليعاد إلى سجنه‬
‫النبي ‪ e‬عهده لقريش أن يرد‬ ‫وحديده ‪..‬‬
‫‪257‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بصير ‪ ..‬تلتمع عيناه شررا ً ‪..‬‬ ‫إليهم من يأتيه من مكة ‪..‬‬
‫والسيف في يده يقطر دما ً ‪..‬‬ ‫فأشار إلى أبي بصير ‪ ..‬أن‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫يخرج من المدينة ‪ ..‬فخرج‬
‫يا نبي الله ‪ ..‬قد أوفى الله‬ ‫معهما أبو بصير ‪ ..‬فلما‬
‫ذمتك ‪ ..‬قد رددتني إليهم ثم‬ ‫جاوزا المدينة ‪ ..‬نزل‬
‫أنجاني الله منهم ‪ ..‬فضمني‬ ‫لطعام ‪ ..‬وجلس أحدهما عند‬
‫إليكم ‪ ..‬قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫أبي بصير ‪..‬‬
‫فصاح أبو بصير بأعلى صوته ‪..‬‬ ‫وغاب الخر ليقضي‬
‫قال ‪ :‬أو ‪ ..‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫حاجته ‪..‬‬
‫أعطني رجال ً أفتح لك مكة ‪..‬‬ ‫فأخرج القاعد عند أبي بصير‬
‫فأعجب النبي ‪ e‬بشجاعته ‪ ..‬لكنه‬ ‫سيفه ‪ ..‬ثم أخذ يهزه ‪..‬‬
‫ل يستطيع أن ينفذ له طلبه‬ ‫ويقول مستهزءا ً بأبي‬
‫فبينه وبين أهل مكة عهد ‪..‬‬ ‫بصير ‪ :‬لضربن بسيفي هذا‬
‫لكنه ‪ e‬أراد أن يرده بلطف ‪..‬‬ ‫في الوس والخزرج يوما ً‬
‫فليسعد النطق إن لم يسعد‬ ‫إلى الليل ‪..‬‬
‫الحال ‪..‬‬ ‫فقال له أبو بصير ‪ :‬والله‬
‫التفت ‪ e‬إلى أصحابه وقال‬ ‫إني لرى سيفك هذا يا فلن‬
‫مادحا ً لبي بصير ‪ :‬ويل أمه !!‬ ‫جيدا ً ‪ ..‬فقال ‪ :‬أجل والله إنه‬
‫عر حرب لو كان معه رجال ‪..‬‬ ‫مس ّ‬ ‫لجيد لقد جربت به ‪ ..‬ثم‬
‫فكانت هذه الكلمات بمثابة‬ ‫جربت ‪ ..‬فقال أبو بصير ‪:‬‬
‫التخفيف والعتذار من أبي‬ ‫أرني أنظر إليه ‪ ..‬فناوله إياه‬
‫بصير ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فما كاد السيف يستقر‬
‫وظل أبو بصير واقفا ً عند باب‬ ‫في يده ‪ ..‬حتى رفعه ثم‬
‫المسجد ينتظر إذن النبي ‪ e‬له‬ ‫هوى به على رقبة الرجل‬
‫بالمكوث في المدينة ‪..‬‬ ‫فأطار رأسه ‪ ..‬فلما رجع‬
‫الخر من حاجته ‪..‬‬
‫لكنه ‪ e‬تذكر عهده مع قريش‬
‫رأى جسد صاحبه ممزقا ً ‪..‬‬
‫فأمر أبا بصير بالخروج من‬
‫مجندل ً ممزقا ً ‪ ..‬ففزع ‪..‬‬
‫المدينة ‪ ..‬فسمع أبو بصير‬
‫وفّر حتى أتى المدينة ‪..‬‬
‫وأطاع ‪..‬‬
‫فدخل المسجد يعدو ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬وما حمل في نفسه على‬
‫الدين ‪ ..‬ول انقلب عدوا ً‬ ‫فلما رآه ‪ e‬مقبل ً ‪ ..‬فزعا ً ‪..‬‬
‫للمسلمين ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬لقد رأى هذا ذعرا ً ‪..‬‬
‫فهو يرجو ما عند الحليم‬ ‫فلما وقف بين يديه ‪ e‬صاح‬
‫الكريم ‪ ..‬من الثواب العظيم ‪..‬‬ ‫قِتل‬‫من شدة الفزع ‪ ..‬قال ‪ُ :‬‬
‫الذي من أجله ترك أهله ‪..‬‬ ‫والله صاحبي ‪ ..‬وإني‬
‫وفارق ولده ‪ ..‬وأتعب نفسه ‪..‬‬ ‫لمقتول ‪..‬‬
‫وعذب جسده ‪..‬‬ ‫فلم يلبث أن دخل عليهم أبو‬
‫‪258‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫انتهت ‪ ..‬وحاجتهم قضيت ‪..‬‬ ‫خرج أبو بصير من المدينة ‪..‬‬
‫ونفوسهم أمنت ‪..‬‬ ‫فاحتار أين يذهب ‪ ..‬ففي‬
‫فاستبشر أبو بصير ‪ ..‬ثم قال‬ ‫مكة عذاب وقيود ‪ ..‬وفي‬
‫وهو يصارع الموت ‪ :‬أروني‬ ‫المدينة مواثيق وعهود ‪..‬‬
‫كتاب رسول الله ‪ .. e‬فناولوه‬ ‫فمضى إلى سيف البحر‬
‫إياه ‪..‬‬ ‫قريبا ً من جدة ‪ ..‬فنزل هناك‬
‫فأخذه فقبله ‪ ..‬ثم جعله على‬ ‫‪ ..‬في صحراء قاحلة ‪ ..‬ل‬
‫صدره ‪ ..‬وقال ‪ :‬أشهد أن ل إله‬ ‫أنيس فيها ول جليس ‪..‬‬
‫إل الله ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً‬ ‫فتسامع به المسلمون‬
‫رسول الله ‪ ..‬أشهد أن ل إله إل‬ ‫المستضعفون بمكة ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً رسول‬ ‫فعلموا أنه باب فرج انفتح‬
‫الله ‪ ..‬ثم شهق ومات ‪..‬‬ ‫لهم ‪ ..‬فالمسلمون في‬
‫فرحم الله أبا بصير ‪ ..‬وصلى‬ ‫المدينة ل يقبلونهم ‪..‬‬
‫على نبي الرحمة وسلم تسليما ً‬ ‫والكفار في مكة يعذبونهم ‪..‬‬
‫كثيرا ً ‪..‬‬ ‫فتفلت أبو جندل من‬
‫ومن السعاد بالنطق والسحر‬ ‫قيوده ‪ ..‬فلحق بأبي بصير ‪..‬‬
‫بالكلم ‪ ..‬أن تراعي من معك إذا‬ ‫ثم جعل المسلمون‬
‫جاملك ‪ ..‬وتتلطف معه ‪..‬‬ ‫يتوافدون إليه في مكانه ‪..‬‬
‫ذكر أن امرأة فقيرة اضطجعت‬ ‫حتى كثر عددهم ‪ ..‬واشتدت‬
‫بجانب زوجها على فراش‬ ‫قوتهم ‪..‬‬
‫عتيق ‪ ..‬في كوخ قديم ‪ ..‬جدرانه‬ ‫فجعلت ل تمر بهم قافلة‬
‫مرقعة ‪ ..‬وسقفه من جذوع‬ ‫تجارة لقريش ‪ ..‬إل اعترضوا‬
‫النخل ‪..‬‬ ‫لها ‪..‬‬
‫فجالت ببصرها تنظر إلى جدران‬ ‫فلما كثر ذلك على قريش ‪..‬‬
‫كزت بصرها إلى‬ ‫بيتها ‪ ..‬ثم ر ّ‬ ‫أرسلوا إلى النبي ‪ e‬ناشدونه‬
‫السقف ‪ ..‬وسرحت بفكرها‬ ‫بالله أن يضمهم إليه ‪..‬‬
‫بعيدا ً ‪ ..‬ثم قالت ‪:‬‬ ‫فأرسل النبي ‪ e‬إليهم أن‬
‫تدري ماذا أتمنى ؟‬ ‫يأتوا المدينة ؟ فلما وصل‬
‫قال ‪ :‬هاه !! ماذا تتمنين ؟‬ ‫إليهم الكتاب ‪ ..‬استبشروا‬
‫قالت ‪ :‬أتمنى أن نملك بيتا ً كبيرا ً‬ ‫وفرحوا ‪..‬‬
‫تسعد فيه مع أولدك ‪ ..‬وتدعو‬ ‫لكن أبا بصير كان قد ألم به‬
‫إليه أصدقاءك ‪ ..‬ونملك سيارة‬ ‫مرض الموت ‪ ..‬وهو يردد‬
‫فارهة ‪ ..‬ترتاح إذا سقتها ‪..‬‬ ‫قائل ً ‪ :‬ربي العلي الكبر من‬
‫ويزيد راتبك ضعفين حتى تسدد‬ ‫ينصر الله فسوف ينصر ‪..‬‬
‫ديونك ‪ ..‬و ‪ ..‬ومضت المسكينة‬ ‫فلما دخلوا عليه وأخبروه أن‬
‫تسرد له بحماس أسباب السعادة‬ ‫النبي ‪ e‬أذن لهم بسكنى‬
‫التي تتمناها له ‪..‬‬ ‫المدينة ‪ ..‬وأن غربتهم‬
‫‪259‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يهدي لحسنها إل أنت ‪..‬‬ ‫والرجل غارق في أحلم‬
‫واصرف عني سيئها ‪ ..‬إنه ل‬ ‫خيبته ‪ ..‬يائس من صلح‬
‫يصرف سيئها إل أنت ‪..‬‬ ‫حاله ‪ ..‬ل يملك أية مهارة‬
‫لبيك وسعديك والخير‬ ‫من مهارات الكلم ‪..‬‬
‫)‪(93‬‬
‫بيديك ‪.. ( ..‬‬ ‫فلما تعبت قالت له ‪ :‬وأنت‬
‫نعود إلى أصل كلمنا ‪ ..‬كيف‬ ‫ماذا تتمنى ؟!‬
‫تجعل الدعاء مهارة في كسب‬ ‫فنظر إلى السقف طويل ً ثم‬
‫قلوب الناس ‪..‬؟‬ ‫قال ‪ :‬أتمنى أن ينطلق جذع‬
‫الناس عموما ً يحبون الدعاء‬ ‫من هذا السقف ويقع على‬
‫لهم ‪ ..‬حتى عند السلم عليهم‬ ‫رأسك فيقسمه نصفين ‪..‬‬
‫ولقائهم يفرحون إن دعوت لهم‬
‫‪..‬‬ ‫حديث ‪..‬‬
‫فمع قولك ‪ :‬كيف الحال وما‬ ‫سألوه ‪ : ‬ما أكثر ما يدخل‬
‫الخبار ؟ أضف إليها ‪ :‬الله‬ ‫الناس النار ؟ فقال ‪ :‬هذا‬
‫يحرسك ‪ ..‬الله يجعلك مباركا ً ‪..‬‬ ‫وهذا ‪ ..‬يعني الفرج واللسان‬
‫الله يثبت قلبك ‪..‬‬
‫ول تكن عبارات دعائك مستهلكة‬ ‫الدعاء ‪..‬‬ ‫‪.82‬‬
‫أو اعتيادية مثل ‪ :‬الله يوفقك ‪..‬‬ ‫ل أعني هنا الكلم عن فضل‬
‫الله يحفظك ‪ ..‬نعم هي دعاء‬ ‫الدعاء ‪ ..‬وآدابه وشروط‬
‫حسن لكن السامع اعتاد عليه‬ ‫إجابته ‪..‬‬
‫حتى لم يعد يرن في أذنه عند‬ ‫فهذا ليس له علقة مباشرة‬
‫سماعه ‪..‬‬ ‫بما نناقشه هنا وهو مهارات‬
‫ً‬
‫وإن قابلت أحدا معه أولده ‪..‬‬ ‫التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫فادع لهم وهو يسمع ‪ ..‬الله يقر‬ ‫وإنما أعني ‪ :‬كيف تجعل‬
‫بهم عينك ‪ ..‬الله يجمع‬ ‫الدعاء مهارة في كسب‬
‫شملكم ‪ ..‬الله يرزقك برهم ‪..‬‬ ‫الناس ؟‬
‫ونحو ذلك ‪..‬‬ ‫ومن ذلك أن تدعو الله أيضا ً‬
‫أنا أحكي هذا عن تجربة ‪ ..‬لقد‬ ‫أن يهديك إلى أحسن‬
‫جربته كثيرا ً كثيرا ً ‪ ..‬فرأيته‬ ‫الخلق ‪ ..‬كما كان الحبيب ‪e‬‬
‫يسلب قلوب الناس سلبا ً ‪..‬‬ ‫يدعو قائل ً ‪:‬‬
‫دعيت في ليلة من ليالي شهر‬ ‫)اللهم لك الحمد ‪ ..‬ل إله إل‬
‫رمضان قبل سنتين إلى لقاء‬ ‫أنت ‪ ..‬سبحانك وبحمدك ‪..‬‬
‫مباشر في إحدى القنوات‬ ‫ظلمت نفسي ‪ ..‬واعترفت‬
‫الفضائية ‪..‬‬ ‫بذنبي ‪..‬‬
‫كان اللقاء حول أحوال العبادة‬ ‫فاغفر لي ذنوبي ‪ ..‬ل يغفر‬
‫في رمضان ‪ ..‬وكان انعقاد‬ ‫الذنوب إل أنت ‪..‬‬
‫) ( أخرجه أبو عوانة‬ ‫‪93‬‬ ‫اهدني لحسن الخلق ‪ ..‬ل‬
‫‪260‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قلت ‪ :‬طيب اسمع مني ‪ ..‬أنت‬ ‫اللقاء في مكة المكرمة في‬
‫تعلم أن السجاير حرام وأن الله‬ ‫غرفة بأحد الفنادق مطلة‬
‫يقول ‪ ..‬فقاطعني مرة أخرى ‪:‬‬ ‫على الحرم ‪ ..‬كنا نتحدث عن‬
‫يا شيخ ل تضع وقتك ‪ ..‬أنا مضى‬ ‫رمضان ‪ ..‬والمشاهدون‬
‫لي أكثر من أربعين سنة وأنا‬ ‫يرون من خلل النافذة التي‬
‫أدخن ‪ ..‬الدخان يجري في‬ ‫خلفنا المعتمرين والطائفين‬
‫عروقي ‪ ..‬ما فيه فااائدة ‪ ..‬كان‬ ‫خلفنا على الهواء مباشرة ‪..‬‬
‫غيرك أشطر !!‬ ‫كان المنظر مهيبا ً ‪ ..‬والكلم‬
‫قلت ‪ :‬يعني ما فيه فائدة ؟!!‬ ‫مؤثرا ً ‪ ..‬حتى إن مقدم‬
‫فأحرج مني وقال ‪ :‬ادع لي ‪..‬‬ ‫البرنامج رق قلبه وبكى أثناء‬
‫ادع لي ‪..‬‬ ‫الحلقة ‪..‬‬
‫فأمسكت يده وقلت ‪ :‬تعال معي‬ ‫كان الجو إيمانيا ً ‪ ..‬ما أفسده‬
‫‪..‬‬ ‫علينا إل أحد المصورين !!‬
‫قلت تعال ننظر إلى الكعبة ‪..‬‬ ‫كان يمسك كاميرا التصوير‬
‫فوقفنا عند النافذة المطلة على‬ ‫بيد ‪ ..‬واليد الثانية فيها‬
‫الحرم ‪ ..‬فإذا كل شبر فيه مليء‬ ‫سيجارة ‪ ..‬وكأنه يريد أن ل‬
‫بالناس ‪ ..‬ما بين راكع وساجد ‪..‬‬ ‫تضيع عليه لحظة من ليل‬
‫ومعتمر وباك ‪ ..‬كان المنظر‬ ‫رمضان إل وقد أشبع رئتيه‬
‫فعل ً مؤثرا ً ‪..‬‬ ‫سيجارا ً !!‬
‫قلت ‪ :‬هل ترى هؤلء ؟‬ ‫أزعجني هذا كثيرا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وخنقني وصاحبي الدخان ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬جاؤوا من كل مكان ‪..‬‬ ‫لكن لم يكن بد من الصبر ‪..‬‬
‫بيض وسود ‪ ..‬عرب وأعاجم ‪..‬‬ ‫فاللقاء مباشر ‪ ..‬وما حيلة‬
‫أغنياء وفقراء ‪..‬كلهم يدعون‬ ‫المضطر إل ركوبها !!‬
‫الله أن يتقبل منهم ويغفر‬ ‫مضت ساعة كاملة ‪ ..‬وانتهى‬
‫لهم ‪..‬‬ ‫اللقاء بسلم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬صحيح ‪ ..‬صحيح ‪..‬‬ ‫ي المصور ‪-‬‬ ‫أقبل إل ّ‬
‫قلت أفل تتمنى أن يعطيك الله‬ ‫والسيجارة في يده ‪ -‬شاكرا ً‬
‫ما يعطيهم ؟ قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫مثنيا ً ‪ ..‬فشددت على يده‬
‫قلت ‪ :‬ارفع يديك ‪ ..‬وسأدعو‬ ‫وقلت ‪ ..‬وأنت أيضا ً أشكرك‬
‫لك ‪.‬ز أمن على دعائي ‪..‬‬ ‫على مشاركتك في تصوير‬
‫رفعت يدي وقلت ‪ :‬اللهم اغفر‬ ‫البرامج الدينية ‪ ..‬ولي إليك‬
‫له ‪ ..‬قال ‪ :‬آمين ‪ ..‬قلت ‪ :‬اللهم‬ ‫كلمة لعلك تقبلها ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫ارفع درجته واجمعه مع أحبابه‬ ‫تفضل ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬
‫في الجنة ‪ ..‬اللهم ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬الدخان والسجا ‪..‬‬
‫ول زلت أدعو حتى رق قلبه‬ ‫فقاطعني ‪ :‬ل تنصحني ‪..‬‬
‫وبكى ‪ ..‬وأخذ يردد ‪ :‬آمين ‪..‬‬ ‫والله ما فيه فائدة يا شيخ ‪..‬‬
‫‪261‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫حملة أخرى ‪..‬‬ ‫آمين ‪..‬‬
‫لحظت من بينهم شاب يقدم‬ ‫فلما أردت أن أختم الدعاء ‪..‬‬
‫ح أن‬ ‫رجل ً ويؤخر أخرى ‪ ..‬مست ٍ‬ ‫قلت ‪ :‬اللهم إن ترك‬
‫يزاحم الناس ‪..‬‬ ‫التدخين فاستجب هذا الدعاء‬
‫التفت إليه ‪ ..‬ومددت يدي نحوه‬ ‫وإن لم يتركه فاحرمه منه ‪..‬‬
‫فصافحني ‪ ..‬ثم سألته في‬ ‫فانفجر الرجل باكيا ً ‪..‬‬
‫وسط الزحام ‪ : ..‬عندك سؤال ؟‬ ‫وغطى وجهه بيديه وخرج‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫من الغرفة ‪..‬‬
‫ي والناس‬ ‫فجررته إل ّ‬ ‫مضت عدة شهور ‪ ..‬فدعيت‬
‫مزدحمون ‪ ..‬حتى اقترب ‪..‬‬ ‫إلى مقر تلك القناة للقاء‬
‫قلت ‪ :‬ما سؤالك ؟‬ ‫مباشر ‪..‬‬
‫فقال وهو مستعجل ‪ :‬ذهبت‬ ‫فلما دخلت المبنى فإذا‬
‫لرمي الجمرات ‪ ..‬معي جدتي‬ ‫ي ثم ‪..‬‬ ‫برجل بدين يقبل عل ّ‬
‫وأختي ‪ ..‬وكان زحاما ً شديدا ً ‪ ..‬و‬ ‫يسلم علي بحرارة ‪ ..‬ويقبل‬
‫‪..‬‬ ‫رأسي ‪ ..‬وينحني على يدي‬
‫انتهى من سؤاله ‪ ..‬فأجبته عليه‬ ‫ليقبلها ‪ ..‬وهو متأثر جدا ً ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقلت له ‪ :‬شكر الله‬
‫شممت منه خلل ذلك رائحة‬ ‫لطفك ‪ ..‬وأدبك ‪ ..‬وأقدر لك‬
‫دخان ‪ ..‬فتبسمت وسألته ‪:‬‬ ‫محبتك ‪ ..‬لكن اسمح لي فأنا‬
‫تدخن ؟‬ ‫لم أعرفك ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬هل تذكر المصور‬
‫قلت ‪ :‬أسأل الله أن يغفر لك ‪..‬‬ ‫الذي نصحته قبل سنتين‬
‫ويتقبل حجك ‪ ..‬إن تركت‬ ‫ليترك التدخين ؟!‬
‫التدخين من هذه اللحظة ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫سكت الشاب ‪ ..‬كان واضحا ً من‬ ‫قال ‪ :‬أنا هو ‪ ..‬والله يا شيخ‬
‫وجهه أنه تأثر بالكلم ‪..‬‬ ‫إني لم سيجارة في فمي‬
‫مضت ثمانية أشهر ‪..‬‬ ‫منذ تلك اللحظة ‪..‬‬
‫فذهبت للقاء محاضرة في‬ ‫ما أجمل الذكريات إذا كانت‬
‫إحدى المدن ‪..‬‬ ‫سارة ‪..‬‬
‫أقبلت إلى المسجد ‪ ..‬فإذا شاب‬ ‫في موسم الحج قبل ثلث‬
‫وقور ينتظرني عند بابه ‪..‬‬ ‫سنوات ‪ ..‬ذهبت للقاء كلمة‬
‫تفاجأت به لما رآني ‪ ..‬يقبل‬ ‫في إحدى حملت الحج‬
‫ي متحمسا ً ويسلم بحرارة ‪..‬‬ ‫عل ّ‬ ‫الكبرى في صلة العصر ‪..‬‬
‫لم أعرفه ‪ ..‬لكني بادلته السلم‬ ‫بعد الكلمة ازدحم الناس‬
‫والترحيب ‪..‬‬ ‫يسألون ويسلمون ‪ ..‬حاولت‬
‫قال ‪ :‬هل عرفتني ‪..‬‬ ‫التخلص السريع لرتباطي‬
‫قلت ‪ :‬أشكر لك لطفك ‪..‬‬ ‫بمحاضرة بعدهم فورا ً في‬
‫‪262‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫دوس ‪..‬‬ ‫ومحبتك ‪ ..‬لكني لم‬
‫فقالوا ‪ :‬إن ههنا رجل في مكة‬ ‫أعرفك ‪..‬‬
‫يزعم أنه نبي ‪ ..‬فاحذر أن‬ ‫قال ‪ :‬هل تذكر الشاب‬
‫تجلس معه أو تسمع كلمه ‪..‬‬ ‫المدخن الذي قابلته في‬
‫فإنه ساحر ‪ ..‬إن استمعت إليه‬ ‫الحج ‪ ..‬ونصحته بترك‬
‫ذهب بعقلك ‪..‬‬ ‫التدخين ؟‬
‫قال الطفيل ‪ :‬فو الله ما زالوا‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ..‬نعم ‪..‬‬
‫بي يخوفونني منه ‪ ..‬حتى‬ ‫قال ‪ :‬أنا هو ‪ ..‬أبشرك ولله‬
‫أجمعت أل أسمع منه شيئا ً ‪ ..‬ول‬ ‫الحمد أني ما وضعت‬
‫ي‬ ‫أكلمه ‪ ..‬بل حشوت في أذن ّ‬ ‫السيجارة في فمي منذ تلك‬
‫كرسفا ‪ -‬وهو القطن – خوفا ً‬ ‫اللحظة ‪ ..‬تركت التدخين ‪..‬‬
‫من أن يبلغني شيء من قوله ‪..‬‬ ‫فصلحت كثير من أمور‬
‫وأنا ماّر به ‪..‬‬ ‫حياتي ‪..‬‬
‫قال الطفيل ‪ :‬فغدوت إلى‬ ‫ً‬
‫هززت يده مشجعا ‪ ..‬ومضيت‬
‫المسجد ‪ ..‬فإذا رسول الله ‪r‬‬ ‫‪ ..‬وقد أيقنت أن الدعاء‬
‫قائم يصلي عند الكعبة ‪..‬‬ ‫للناس في وجوههم ‪ ..‬وهم‬
‫فقمت منه قريبا ً ‪ ..‬فأبى الله إل‬ ‫يسمعون ‪ ..‬ربما يكون أكثر‬
‫أن يسمعني بعض قوله ‪..‬‬ ‫تأثيرا ً من النصح المباشر ‪..‬‬
‫فسمعت كلما ً حسنا ً ‪ ..‬فقلت‬ ‫ومثله لو رأيت شابا ً بارا ً‬
‫في نفسي ‪ :‬واثكل أمي ! والله‬ ‫بأبيه ‪ ..‬فقلت له ‪ :‬جزاك الله‬
‫ي‬
‫إني لرجل لبيب ‪ ..‬ما يخفى عل ّ‬ ‫‪ ..‬الله يوفقك ‪ ..‬الله يجعل‬
‫ن من القبيح ‪ ..‬فما‬ ‫الحس ُ‬ ‫أولدك بارين بك ‪..‬‬
‫يمنعني أن أسمع من هذا الرجل‬ ‫بل شك أن هذا الدعاء‬
‫ما يقول ‪ ..‬فإن كان الذي به‬ ‫سيكون دافعا ً له أكثر ‪..‬‬
‫حسنا ً قبلته ‪ ..‬وإن كان قبيحا ً‬ ‫كان النبي الكريم ‪ ..‬عليه‬
‫تركته ‪ ..‬فمكثت حتى قضى‬ ‫أفضل الصلة والتسليم ‪..‬‬
‫صلته ‪ ..‬فلما قام منصرفا ً إلى‬ ‫مبدعا ً في استعمال الدعاء‬
‫بيته تبعته ‪..‬‬ ‫لدعوة الناس وكسبهم‬
‫حتى إذا دخل بيته دخلت عليه ‪..‬‬ ‫والتأثير فيهم لتقريبهم‬
‫فقلت ‪ :‬يا محمد ‪ ..‬إن قومك‬ ‫للدين ‪..‬‬
‫قالوا لي كذا وكذا ‪..‬‬ ‫كان الطفيل بن عمرو سيدا ً‬
‫ووالله ما برحوا يخوفونني منك‬ ‫مطاعا ً في قبيلته دوس ‪..‬‬
‫حتى سددت أذني بكرسف لئل‬ ‫قدم مكة يوما ً في حاجة ‪..‬‬
‫أسمع قولك ‪ ..‬وقد سمعت منك‬ ‫فلما دخلها ‪ ..‬رآه أشراف‬
‫ي أمرك‬ ‫قول ً حسنا ً ‪ ..‬فاعرض عل ّ‬ ‫قريش ‪ ..‬فأقبلوا عليه ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وقالوا ‪ :‬من أنت ؟ قال ‪ :‬أنا‬
‫فابتهج النبي عليه الصلة‬ ‫الطفيل بن عمرو ‪ ..‬سيد‬
‫‪263‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إذا أحبه الله ‪ ..‬فلبيغضه بعدها‬ ‫والسلم ‪ ..‬وفرح ‪..‬وعرض‬
‫من شاء ‪ ..‬وليتنكر له من شاء ‪..‬‬ ‫السلم على الطفيل ‪ ..‬وتل‬
‫وليستهزئ به من شاء ‪..‬‬ ‫عليه القرآن ‪ ..‬فتفكر‬
‫فليتك تحلو والحياة مريرة‬ ‫الطفيل في حاله ‪ ..‬فإذا كل‬
‫وليتك ترضى‬ ‫يوم يعيشه يزيده من الله‬
‫والنام غضاب‬ ‫بعدا ً ‪..‬‬
‫وليت الذي بيني وبينك عامر‬ ‫وإذا هو يعبد حجرا ً ‪ ..‬ل‬
‫وبيني وبين‬ ‫يسمع دعاءه إذا دعاه ‪ ..‬ول‬
‫العالمين خراب‬ ‫يجيب نداءه إذا ناداه ‪ ..‬وهذا‬
‫إذا صح منك الود فالكل هين‬ ‫الحق قد تبين له ‪..‬‬
‫وكل الذي فوق‬ ‫ثم بدأ الطفيل يتفكر في‬
‫التراب تراب‬ ‫عاقبة إسلمه ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬أسلم الطفيل في‬ ‫كيف يغير دينه ودين‬
‫مكانه ‪ ..‬وشهد شهادة الحق ‪..‬‬ ‫آبائه !!‪ ..‬ماذا سيقول الناس‬
‫ثم ارتفعت همته ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا‬ ‫عنه ؟!‬
‫نبي الله ‪ ..‬إني امرؤ مطاع في‬ ‫حياته التي عاشها ‪ ..‬أمواله‬
‫قومي ‪ ..‬وإني راجع إليهم‬ ‫التي جمعها ‪ ..‬أهله ‪..‬‬
‫وداعيهم إلى السلم ‪..‬‬ ‫ولده ‪ ..‬جيرانه ‪ ..‬خلنه ‪ ..‬كل‬
‫ثم خرج الطفيل من مكة ‪..‬‬ ‫هذا سيضطرب ‪..‬‬
‫م‬‫مسرعا ً إلى قومه ‪ ..‬حامل ً ه ّ‬ ‫سكت الطفيل ‪ ..‬يفكر ‪..‬‬
‫هذا الدين ‪..‬‬ ‫يوازن بين دنياه وآخرته ‪..‬‬
‫يصعد به جبل ‪ ..‬وينزل به واد ‪..‬‬ ‫وفجأة إذا به يضرب بدنياه‬
‫حتى وصل ديار قومه ‪ ..‬فلما‬ ‫عرض الحائط ‪..‬‬
‫دخلها ‪ ..‬أقبل إليه أبوه ‪ ..‬وكان‬ ‫نعم سوف يستقيم على‬
‫شيخا ً كبيرا ً ‪..‬‬ ‫الدين ‪ ..‬وليرض من‬
‫فقال الطفيل ‪ :‬إليك عني يا‬ ‫يرضى ‪ ..‬وليسخط من‬
‫أبت ‪ ..‬فلست منك ولست‬ ‫يسخط ‪ ..‬وماذا يكون أهل‬
‫مني ‪..‬‬ ‫الرض ‪ ..‬إذا رضي أهل‬
‫قال ‪ :‬ولم يا بني ؟ قال ‪:‬‬ ‫السماء ‪..‬‬
‫أسلمت وتابعت دين محمد ‪.. r‬‬ ‫ماله ورزقه بيد من في‬
‫قال ‪ :‬أي بني ديني دينك ‪..‬‬ ‫السماء ‪ ..‬صحته وسقمه بيد‬
‫قال ‪ :‬فاذهب فاغتسل وطهر‬ ‫من في السماء ‪ ..‬منصبه‬
‫ثيابك ‪ ..‬ثم ائتني حتى أعلمك‬ ‫وجاهه بيد من في السماء ‪..‬‬
‫مما علمت ‪..‬‬ ‫بل حياته وموته بيد من في‬
‫فذهب أبوه واغتسل وطهر ثيابه‬ ‫السماء ‪..‬‬
‫‪ ..‬ثم جاء فعرض عليه السلم‬ ‫فإذا رضي أهل السماء ‪ ..‬فل‬
‫فأسلم ‪..‬‬ ‫عليه ما فاته من الدنيا ‪..‬‬
‫‪264‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فأقبل على رسول الله ‪ r‬فقال‬ ‫ثم مشى الطفيل إلى بيته ‪..‬‬
‫‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن دوسا ً قد‬ ‫فأتته زوجته مرحبة ‪..‬‬
‫عصت وأبت ‪ ..‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬إليك عني ‪ ..‬فلست‬
‫فادع الله عليهم ‪..‬‬ ‫منك ولست مني ‪..‬‬
‫فتغير وجه النبي عليه الصلة‬ ‫قالت ‪ :‬ولم ؟ بأبي أنت‬
‫والسلم ‪ ..‬ورفع يديه إلى‬ ‫وأمي ‪..‬‬
‫السماء ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فّرق بيني وبينك‬
‫فقال الطفيل في نفسه ‪..‬‬ ‫السلم ‪ ..‬وتابعت دين محمد‬
‫وس ‪..‬‬ ‫هلكت د ْ‬ ‫‪.. r‬‬
‫فإذا بالرحيم الشفيق ‪ .. r‬يقول‬ ‫قالت ‪ :‬فديني دينك ‪..‬‬
‫‪ " :‬اللهم اهد دوسا ً ‪ ..‬اللهم اهد‬ ‫قال ‪ :‬فقلت فاذهبي‬
‫دوسا ً ‪..‬‬ ‫فتطهري ‪ ..‬ثم ارجعي‬
‫ثم التفت إلى الطفيل وقال ‪:‬‬ ‫ي ‪ ..‬فوّاته ظهرها ذاهبة ‪..‬‬ ‫إل ّ‬
‫عهم ‪..‬‬ ‫ارجع إلى قومك ‪ ..‬فاد ُ‬ ‫ثم خافت من صنمهم أن‬
‫وارفق بهم ‪..‬‬ ‫يعاقبها في أولدها إن‬
‫فرجع إليهم ‪ ..‬فلم يزل بهم ‪..‬‬ ‫تركت عبادته ‪..‬‬
‫حتى أسلموا ‪..‬‬ ‫فرجعت إليه وقالت ‪ :‬بأبي‬
‫نعم ‪ ..‬ما أحسن قرع أبواب‬ ‫أنت وأمي ‪ ..‬أما تخشى على‬
‫السماء ‪..‬‬ ‫الصبية من ذي الشرى ‪ ..‬؟‬
‫ليس الطفيل وقومه فقط ‪..‬‬ ‫وذو الشرى صنم عندهم‬
‫وإنما غيرهم كثير ‪..‬‬ ‫يعبدونه ‪ ..‬وكانوا يرون أن‬
‫كان المسلمون في بداية الدعوة‬ ‫من ترك عبادته أصابه أو‬
‫النبوية قلة ‪ ..‬لم يتعدوا ثمانية‬ ‫أصاب ولده بأذى ‪..‬‬
‫وثلثين رجل ‪..‬‬ ‫فقال الطفيل ‪ :‬اذهبي ‪ ..‬أنا‬
‫ً‬
‫ح أبو بكر يوما على رسول‬ ‫فألـ ّ‬ ‫ضامن لك أن ل يضرهم ذو‬
‫الله ‪ e‬في الظهور أمام الناس‬ ‫الشرى ‪..‬‬
‫بالدعوة ولجهر بالسلم ‪..‬‬ ‫فذهبت فاغتسلت ‪ ..‬ثم‬
‫فقال ‪ : ‬يا أبا بكر ‪ ..‬إنا‬ ‫عرض عليها السلم‬
‫قليل ‪..‬‬ ‫فأسلمت ‪..‬‬
‫كان أبو بكر ‪ ‬متحمسا ً ‪ ..‬فلم‬ ‫ثم جعل الطفيل يطوف في‬
‫ح على رسول الله ‪ e‬حتى‬ ‫يزل يل ّ‬ ‫قومه ‪ ..‬يدعوهم إلى‬
‫اجتمعوا فخرجوا ‪ ..‬يتقدمهم‬ ‫السلم بيتا ً بيتا ً ‪ ..‬ويقبل‬
‫رسول الله ‪.. ‬‬ ‫عليهم في نواديهم ‪ ..‬ويقف‬
‫توجهوا إلى المسجد ‪..‬‬ ‫عليهم في طرقاتهم ‪..‬‬
‫وا إل عبادة‬ ‫َ‬
‫تفرقوا في نواحي المسجد ‪..‬‬ ‫لكنهم أب َ ْ‬
‫كل رجل في عشيرته ‪..‬‬ ‫الصنام ‪ ..‬فغضب الطفيل ‪..‬‬
‫وقام أبو بكر في الناس‬ ‫وذهب إلى مكة ‪..‬‬
‫‪265‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ظل أبو قحافة والد أبي بكر ‪..‬‬ ‫خطيبا ً ‪ ..‬يدعو إلى‬
‫مع قومه ‪ ..‬واقفين عند أبي بكر‬ ‫السلم ‪ ..‬ويذم آلهتهم ‪..‬‬
‫‪ ..‬يكلمونه ‪ ..‬فل يجيبهم ‪..‬‬ ‫وثار المشركون على‬
‫وأمه تبكي عند رأسه ‪..‬‬ ‫المسلمين ‪ ..‬فضربوهم في‬
‫فلما كان آخر النهار ‪ ..‬فتح‬ ‫نواحي المسجد ضربا ً‬
‫عينيه ‪ ..‬فكان أول كلمة قالها ‪:‬‬ ‫شديدا ً ‪..‬‬
‫ما فعل رسول الله ‪ .. e‬؟!‬ ‫كان المشركون كثير ‪..‬‬
‫رضي الله عن أبي بكر ‪ ..‬كان‬ ‫فتفرق المسلمون ‪..‬‬
‫يهيم برسول الله ‪ ‬حبا ً ‪..‬‬ ‫أقبل جمع منهم إلى أبي‬
‫يخاف عليه أكثر مما يخاف على‬ ‫بكر ‪ ..‬وضربوه ضربا ً‬
‫نفسه ‪..‬‬ ‫شديدا ً ‪..‬‬
‫كان كل من حوله ‪ ..‬أبوه أمه ‪..‬‬ ‫فوقع على الرض في شدة‬
‫قومه ‪ ..‬مشركين ‪..‬‬ ‫الرمضاء ‪..‬‬
‫فغضبوا ‪ ..‬وجعلوا يسبون رسول‬ ‫فدنا منه الفاسق عتبة بن‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫ربيعة ‪ ..‬فجعل يضربه بنعلين‬
‫ثم قاموا ‪ ..‬وقالوا لم أبي بكر ‪:‬‬ ‫مخصوفين ‪ ..‬ويفركهما على‬
‫أطعميه شيئا ً أو اسقيه ‪..‬‬ ‫وجهه ‪..‬‬
‫فجعلت أمه تلح عليه ‪..‬‬ ‫ثم قام على بطن أبي بكر ‪..‬‬
‫وهو يردد قائل ً ‪ :‬ما فعل رسول‬ ‫حتى سالت الدماء من وجه‬
‫الله ‪.. e‬؟‬ ‫أبي بكر ‪ ..‬وتمزق لحم وجهه‬
‫فقالت ‪ :‬والله مالي علم‬ ‫‪ ..‬حتى ما يعرف فمه من‬
‫بصاحبك ‪..‬‬ ‫أنفه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬اذهبي إلى أم جميل‬ ‫وجاء بنو تيم قبيلة أبي‬
‫بنت الخطاب ‪ ..‬فسليها عنه ‪..‬‬ ‫بكر ‪ ..‬يتعادون ‪..‬‬
‫وكانت أم جميل مسلمة تكتم‬ ‫وأبعدوا الناس عن أبي‬
‫إسلمها ‪..‬‬ ‫بكر ‪ ..‬وحملوه في ثوب حتى‬
‫خرجت أمه حتى جاءت أم‬ ‫أدخلوه منزله ‪..‬‬
‫جميل ‪ ..‬فقالت ‪ :‬إن أبا بكر‬ ‫وهم ل يشكون أنه ميت ‪..‬‬
‫يسألك عن محمد بن عبد الله ‪..‬‬ ‫ثم رجع قومه بنو تيم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬ما أعرف أبا بكر ‪ ..‬ول‬ ‫فدخلوا المسجد ‪ ..‬وجعلوا‬
‫محمد بن عبد الله ‪ ..‬لكن أتحبين‬ ‫يصرخون في المشركين ‪..‬‬
‫أن أمضي معك إلى ابنك ؟‬ ‫يقولون ‪:‬‬
‫قالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫والله لئن مات أبو بكر‬
‫فمضت معها ‪ ..‬حتى دخلت على‬ ‫لنقتلن عتبة بن ربيعة ‪..‬‬
‫أبي بكر ‪ ..‬فوجدته صريعا ً دنفا ً ‪..‬‬ ‫ثم رجعوا الى أبي بكر ‪..‬‬
‫ممزق الوجه ‪ ..‬مرهق الجسد ‪..‬‬ ‫وهو مغمى عليه ‪..‬‬
‫فلما رأته أم جميل صاحت ‪..‬‬ ‫ليدرون ‪ ..‬حي أو ميت !!‬
‫‪266‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ورقّ له رسول الله ‪ e‬رقة‬ ‫وقالت ‪:‬‬
‫شديدة ‪ ..‬حتى ظهر التأثر على‬ ‫ً‬
‫والله إن قوما نالوا هذا منك‬
‫وجهه الشريف ‪.. ‬‬ ‫لهل فسق وكفر ‪ ..‬وإني‬
‫فأراد أبو بكر أن يخفف عليه ‪..‬‬ ‫لرجو أن ينتقم الله لك‬
‫فقال ‪ :‬بأبي وأمي يا رسول‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬ليس من بأس ‪ ..‬إل ما‬ ‫قال ‪ :‬فما فعل رسول الله ‪e‬‬
‫نال الفاسق من وجهي ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ثم قال أبو بكر ‪ ..‬البطل الذي‬ ‫وكانت أم أبي بكر بجانبها ‪..‬‬
‫يحمل هم الدعوة ‪ ..‬ويحسن‬ ‫فخافت أم جميل أن يفضح‬
‫استثمار المواقف ‪..‬‬ ‫أمر إسلمها ‪ ..‬فيؤذونها ‪..‬‬
‫كان جريحا ً ‪ ..‬جائعا ً عطشانا ً ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬يا أبا بكر ‪ ..‬هذه‬
‫ومع ذلك ‪ ..‬قال ‪ :‬يا رسول‬ ‫أمك تسمع ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬هذه أمي برة بوالديها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فل شيء عليك فيها ‪..‬‬
‫وأنت مبارك ‪ ..‬فادعها الى الله‬ ‫قالت ‪ :‬أبشر ‪ ..‬فرسول الله‬
‫عز وجل ‪ ..‬وادع الله لها ‪..‬‬ ‫‪ .. ‬سالم صالح ‪..‬‬
‫عسى الله أن يستنقذها بك من‬ ‫قال ‪ :‬فأين هو ؟‬
‫النار ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬في دار أبي‬
‫فدعا لها رسول الله ‪ .. e‬ثم‬ ‫الرقم ‪..‬‬
‫دعاها الى الله عز وجل ‪..‬‬ ‫فقالت أمه ‪ :‬قد علمت خبر‬
‫فأسلمت فورا ً في مكانها ‪..‬‬ ‫صاحبك ‪ ..‬فقم فأكل‬
‫كان الدعاء أصل ً من الصول‬ ‫طعاما ً ‪ ..‬أو اشرب ‪..‬‬
‫التي يتعاملون بها ‪..‬‬ ‫ي أن ل‬ ‫قال ‪ :‬فإن لله عل ّ‬
‫أسلم أبو هريرة ‪.. ‬‬ ‫أذوق طعاما ً أو شرابا ً ‪ ..‬حتى‬
‫وبقيت أمه كافرة ‪..‬‬ ‫أرى رسول الله ‪ ‬بعيني ‪..‬‬
‫كان يدعوها إلى السلم‬ ‫فانتظرتا ‪ ..‬حتى إذا هدأ‬
‫فتأبى ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬خرجتا به يتكيء‬
‫ح فأسمعته‬ ‫فدعاها يوما ً ‪ ..‬وألـ ّ‬ ‫عليهما ‪ .‬فذهبتا به إلى بيت‬
‫في رسول الله ‪ ‬ما يكره ‪..‬‬ ‫أبي الرقم ‪..‬‬
‫فضاق صدر أبي هريرة بذلك ‪..‬‬ ‫حتى أدخلتاه على رسول‬
‫وذهب إلى رسول الله ‪ ‬وهو‬ ‫الله ‪.. e‬‬
‫يبكي ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫فلما دخل فإذا وجه جريح ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬إني كنت أدعو‬ ‫ودماء تسيل ‪ ..‬وثياب ممزقة‬
‫أمي إلى السلم فتأبى علي ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وإني دعوتها اليوم فأسمعتني‬ ‫فرآه رسول الله ‪ .. ‬فأكب‬
‫فيك ما أكره ‪ ..‬فادع الله يا‬ ‫عليه النبي ‪ ‬يقبله ‪..‬‬
‫رسول الله أن يهدي أم أبي‬ ‫وأكب عليه المسلمون‬
‫هريرة إلى السلم ‪..‬‬ ‫يقبلونه ‪..‬‬
‫‪267‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أو قد نكون وضعناها في غير‬ ‫فدعا لها رسول الله ‪.. ‬‬
‫موضعها ‪..‬‬ ‫فرجع أبو هريرة إلى أمه ‪..‬‬
‫مثل من رأى شابا ً وسيما ً ‪..‬‬ ‫فلما كان على الباب ‪ ..‬فإذا‬
‫فأراد أن يمارس معه مهارة "‬ ‫هو مغلق ‪ ..‬فحركه ليدخل ‪..‬‬
‫كن لماحا ً " فقال له ‪ :‬ما شاء‬ ‫فإذا بأمه تفتح له الباب ‪..‬‬
‫الله ما هذه الثياب الجميلة‬ ‫وتقول ‪ :‬أشهد أن ل إله إل‬
‫والرونق البهي والوجه‬ ‫الله ‪ ..‬وأن محمدا ً رسول‬
‫المسفر ‪ ..‬ثم بدل أن يقول ‪ :‬ما‬ ‫الله ‪..‬‬
‫أسعد زوجتك بك‪ ..‬قال ‪ :‬يا ليتك‬ ‫فرجع أبو هريرة إلى رسول‬
‫بنتا ً حتى أتزوجك !!!‬ ‫الله ‪ ‬وهو يبكي من‬
‫مزحة ثقييييلة جدا ً ‪ ..‬أليس‬ ‫الفرح ‪..‬‬
‫كذلك ؟!‬ ‫وجعل يقول ‪ :‬أبشر يا‬
‫قال أحد الزملء ‪:‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬قد استجاب‬
‫في الجامعة كان لدي طالب بليد‬ ‫الله دعوتك ‪ ..‬وهدى الله أم‬
‫لكن الله تعالى عوضه عن بلدته‬ ‫أبي هريرة إلى السلم ‪..‬‬
‫بشيء من الوسامة ‪ ..‬وكان‬ ‫ثم قال أبو هريرة ‪ :‬يا‬
‫ً‬
‫يجلس في آخر القاعة دائما ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬أدع الله أن‬
‫ويسرح بفكره بعييييدا ً ‪..‬‬ ‫يحببني وأمي إلى عباده‬
‫كنت أطلب منه دائما ً أن يجلس‬ ‫المؤمنين ‪ ..‬ويحببهم إلينا ‪..‬‬
‫في المام ليتابع ‪ ..‬وهو يتغافل‬ ‫فقال ‪ : ‬اللهم حبب عبيدك‬
‫عن ذلك ‪ ..‬كنت أتجنب إحراجه‬ ‫هذا وأمه إلى عبادك‬
‫أو إحراج غيره من الطلب فهم‬ ‫المؤمنين ‪ ..‬وحببهم‬
‫كبار في المرحلة الجامعية ‪..‬‬ ‫إليهما ‪..‬‬
‫دخلت يوما ً فإذا هو منشغل آخر‬ ‫قال أبو هريرة ‪ :‬فما على‬
‫القاعة كعادته ‪ ..‬فلما جلست‬ ‫الرض مؤمن ول مؤمنة ‪..‬‬
‫على الكرسي قلت له ‪ :‬يا عبد‬ ‫)‪(94‬‬
‫إل وهو يحبني وأحبه ‪..‬‬
‫المحسن ‪ ..‬تعال في المام ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا دكتور مكاني مناسب‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫وسأنتبه معك ‪..‬‬ ‫) وقال ربكم ادعوني‬
‫فقلت ‪ " :‬يا أخي اقترب قليل ً‬ ‫أستجب لكم (‬
‫خلنا نشوف خدودك الحلوة " ‪..‬‬
‫التفت بعض الطلب إليه‬ ‫الترقيع !!‬ ‫‪.83‬‬
‫معلقين ‪ ..‬فانقلب وجهه‬ ‫أحيانا ً عند ممارستنا لبعض‬
‫أحمر ‪..‬‬ ‫المهارات مع الخرين‬
‫شعرت أني وقعت في حفرة ‪..‬‬ ‫نكتشف بأننا أخطأنا تقدير‬
‫فقلت ‪ -‬مرقعا ً ‪ " : -‬الله يا هي‬ ‫المهارة المناسبة للشخص ‪..‬‬
‫بتنبسط البنت اللي بتتزوجك ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪94‬‬

‫‪268‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مهارة أخرى مناسبة ‪..‬‬ ‫أما هؤلء فسيتعبون ليجدوا‬
‫كيف ؟!‬ ‫من توافق على الزواج‬
‫خذ مثال ً ‪..‬‬ ‫بهم !!"‪..‬‬
‫كانت مكة قبل أن يفتحها‬ ‫ثم بدأت في شرح الدرس‬
‫المسلمون تحت قبضة كفار‬ ‫فورا ً دون أن أترك فرصة‬
‫قريش ‪..‬‬ ‫لحد ليفكر في الموقف‬
‫وكانوا قد ضيقوا على‬ ‫أصل ً ‪ ..‬تبسم الطالب‬
‫المسلمين المستضعفين فيها ‪..‬‬ ‫وانبلجت أساريره وجلس‬
‫وسيطروا على أبناء المسلمين‬ ‫في المقدمة ‪..‬‬
‫الذين هاجروا ولم يستطيعوا‬ ‫وإن كانت هذه الخطاء قد‬
‫أخذ أبنائهم معهم ‪..‬‬ ‫تقع في بداية التدرب على‬
‫فعل ً كانت حال المسلمين‬ ‫ممارسة المهارات لكنها‬
‫عصيبة ‪..‬‬ ‫سرعان ما تزول ‪..‬‬
‫أقبل النبي ‪ e‬إلى مكة معتمرا ً‬ ‫وأحيانا ً يكون تصرفك‬
‫فردته قريش ‪ ..‬وكان ما كان‬ ‫المحرج للخرين أو المحزن‬
‫من قصة الحديبية ‪ ..‬وكتب ‪e‬‬ ‫لهم ليس خاطئا ً ‪ ..‬لكن‬
‫بينه وبين قريش صلحا ً ‪ ..‬واتفق‬ ‫الموقف يفرضه علينا ‪..‬‬
‫نعهم أن يرجع إلى المدينة من‬ ‫مثل أن يختلف اثنان من‬
‫غير عمرة على أن يأتي في‬ ‫زملئك ‪ ..‬فترى أن الحق مع‬
‫العام القادم ويعتمر ‪..‬‬ ‫أحدهما فتقف معه ‪..‬وقد‬
‫ومضى ‪ e‬إلى المدينة ‪..‬‬ ‫تعاتب الخر ‪..‬‬
‫وبعد سنة أقبل ‪ e‬مع الصحابة‬ ‫أو قد يقع ذلك بين اثنين من‬
‫محرمين ملبين ‪ ..‬ودخلوا مكة ‪..‬‬ ‫أولدك أو طلبك أو‬
‫واعتمروا ‪..‬‬ ‫جيرانك ‪ ..‬أو غيرهم ‪..‬‬
‫فما الحل ؟ هل نسمح لهذه‬
‫لبث ‪ e‬فيها أربعة أيام ‪ ..‬فلما‬
‫المواقف أن تفقدنا الناس‬
‫توجه خارجا ً منها إلى المدينة‬
‫واحدا ً تلو الخر ‪ ..‬ونحن‬
‫تبعته طفلة صغيرة هي ابنة‬
‫نتعب في استقطابهم‬
‫حمزة ‪ .. t‬وكان قد قتل في‬
‫والتحبب إليهم ‪..‬‬
‫معركة أحد ‪ ..‬وبقيت ابنته يتيمة‬
‫كل ‪..‬‬
‫في مكة ‪..‬‬
‫إذن ما التصرف الصحيح ؟‬
‫أخذت الصغيرة تنادي رسول الله‬
‫الجواب ‪ :‬أنك إذا أحسست‬
‫‪.. r‬‬ ‫أن أحدا ً ضاق صدره من‬
‫تقول ‪ :‬يا عم يا عم ‪..‬‬ ‫كلمة منك ‪ ..‬أو تضايق من‬
‫وكان علي يسير بجانب النبي ‪e‬‬ ‫تصرف معين فسارع فورا ً‬
‫مع زوجته فاطمة بنت رسول‬ ‫إلى مداواة الجرح قبل أن‬
‫الله ‪.. e‬‬ ‫يلتهب ‪ ..‬باستعمال أي‬
‫‪269‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بين يديه عدة أبواب للهرب ‪..‬‬ ‫فتناولها علي ‪ t‬فأخذ بيدها‬
‫منها أن يدخل في موضوع آخر‬ ‫وناولها لفاطمة وقال ‪:‬‬
‫مباشرة –لئل يترك للسامع‬ ‫دونك ابنة عمك ‪..‬‬
‫فرصة ليفكر في الجملة‬ ‫فحملتها فاطمة ‪..‬‬
‫الجارحة التي سمعها منه –‬ ‫فلما رآها زيد ‪ .. t‬تذكر أن‬
‫فيقول مثل ً ‪ :‬الله يرزقك حورية‬ ‫رسول الله ‪ e‬قد آخى بينه‬
‫أجمل منك ‪ ..‬قل ‪ :‬آمين ‪..‬‬ ‫وبين حمزة لما هاجر إلى‬
‫أو يطرح موضوعا ً بعيدا ً تماما ‪..‬‬
‫ً‬
‫المدينة ‪ ..‬فأقبل زيد إليها‬
‫كأن يسأله عن أخيه المسافر ‪..‬‬ ‫ليأخذها وهو يقول ‪ :‬بنت‬
‫أو سيارته الجديدة ‪ ..‬أو نحوها ‪..‬‬ ‫أخي ‪ ..‬أنا أحق بها ‪..‬‬
‫لئل يترك له أو لغيره من‬ ‫فأقبل جعفر وقال ‪ :‬ابنة‬
‫السامعين حوله أي فرصة‬ ‫عمي وخالتها تحتي ‪ ..‬يعني‬
‫للوقوع في الحرج ‪..‬‬ ‫أسماء بنت عميس زوجته ‪..‬‬
‫وأنا أحق بها ‪..‬‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫فقال علي ‪ :‬أنا أخذتها وهي‬
‫ليس العيب أن تخطئ إنما‬ ‫ابنة عمي ‪..‬‬
‫الخطأ أن تصر عليه‬ ‫فلما رأى ‪ e‬اختلفهم ‪..‬‬
‫قضى بها لخالتها ودفعها‬
‫انظر بعينين ‪..‬‬ ‫‪.84‬‬ ‫إلى جعفر ليكفلها ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫نحن نبدع في أحيان كثيرة في‬ ‫" الخالة بمنزلة الم " ‪..‬‬
‫رؤية أخطاء الناس وملحظتها ‪..‬‬ ‫ثم خشي ‪ e‬أن يجد علي أو‬
‫وربما في تنبيههم عليها ‪..‬‬ ‫زيد في نفسيهما ‪ ..‬لما‬
‫ولكننا قلما نبدع في رؤية الخير‬ ‫نزعها منهما ‪..‬‬
‫الذي عندهم ‪ ..‬والنتباه إلى‬ ‫فقال مواسيا ً لعلي ‪ " :‬أنت‬
‫الصواب الذي يمارسونه ‪..‬‬ ‫مني و أنا منك " ‪..‬‬
‫لنمدحهم به ‪..‬‬ ‫وقال لزيد ‪ " :‬أنت أخونا و‬
‫قل ذلك في المدرس مع‬ ‫مولنا " ‪..‬‬
‫طلبه ‪ ..‬فكل المدرسين يذمون‬ ‫ثم التفت إلى جعفر وقال ‪:‬‬
‫الطالب البليد المهمل في‬ ‫" أشبهت خلقي وخلقي " ‪..‬‬
‫واجباته ‪ ..‬الكسول المتأخر في‬ ‫فانظر كيف كان ‪ e‬حكيما ً‬
‫الحضور دائما ً ‪ ..‬لكن قليل ً منهم‬ ‫ماهرا ً في غسل قلوب‬
‫من يمدح الطالب المجد ‪ ..‬الذي‬ ‫الخرين وكسب محبتهم ‪..‬‬
‫يحضر مبكرا ً وخطه حسن‬ ‫طيب ما رأيك أن نعود إلى‬
‫وكلمه جيد ‪..‬‬ ‫قصة صاحبنا الذي قال ‪ :‬يا‬
‫كثيرا ً ما ننبه أولدنا إلى‬ ‫ليتك بنتا ً حتى أتزوجك !!‬
‫أخطائهم ‪ ..‬لكنهم يحسنون ول‬ ‫كيف يرقع ما خّرق ؟!!‬
‫ننتبه إل قليل ً ‪..‬‬
‫‪270‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫أنك تستمع لقراءتي ‪ ..‬لحبرتها‬ ‫مما يجعلنا أحيانا ً نفوت‬
‫لك تحبيرا ً )‪.. (96‬‬ ‫فرصا ً كثيرة كنا من خللها‬
‫وكان عمرو بن تغلب ‪ t‬رجل ً من‬ ‫نستطيع أن ننفذ إلى قلوب‬
‫عامة الصحابة ‪ ..‬لم يتميز بعلم‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫كما تميز أبو بكر ‪ ..‬ول بشجاعة‬ ‫فمن أبدع مهارات الكلم ‪..‬‬
‫كما تميز عمر ‪ ..‬ول بقوة حفظ‬ ‫أن تمتدح الخير الذي عند‬
‫كأبي هريرة ‪ ..‬لكن قلبه كان‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫مملوءا ً إيمانا ً ‪ ..‬وكان ‪ e‬يلحظ‬ ‫كان قوم أبي موسى‬
‫ذلك فيه ‪..‬‬ ‫الشعري ‪ t‬لهم اهتمام‬
‫فبينما النبي ‪ ‬جالسا ً يوما ً ‪..‬‬ ‫بتلوة القرآن وحفظه ‪..‬‬
‫إذ جيء إليه بمال فجعل يقسمه‬ ‫وربما فاقوا كثيرا ً من‬
‫بين بعض أصحابه ‪..‬‬ ‫الصحابة في كثرة تلوته‬
‫فأعطى رجال ً ‪ ..‬وترك رجال ً ‪..‬‬ ‫وتحسين الصوت به ‪..‬‬
‫فكأن الذين تركهم وجدوا في‬ ‫فرافقوا النبي ‪ ‬يوما ً في‬
‫أنفسهم ‪ ..‬وعتبوا ‪ ..‬لماذا لم‬ ‫سفر ‪..‬‬
‫يعطنا ‪..‬‬ ‫فلما أصبح الناس ‪..‬‬
‫فلما علم ‪ ‬بذلك ‪ ..‬قام أمام‬ ‫واجتمعوا قال عليه الصلة‬
‫الناس ‪ ..‬فحمد الله تعالى ثم‬ ‫والسلم ‪:‬‬
‫أثنى عليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫إني لعرف أصوات رفقة‬
‫أما بعد ‪ ..‬فوالله إني لعطي‬ ‫الشعريين بالقرآن حين‬
‫الرجل ‪ ..‬وأدع الرجل ‪ ..‬والذي‬ ‫يدخلون بالليل ‪ ..‬وأعرف‬
‫ي من الذي ُأعطي ‪..‬‬ ‫ب إل ّ‬ ‫أدع أح ّ‬ ‫منازلهم ‪ ..‬من أصواتهم‬
‫ولكني أعطي أقواما ً لما أرى‬ ‫بالقرآن بالليل ‪ ..‬وإن كنت‬
‫في قلوبهم من الجزع والهلع ‪..‬‬ ‫لم أر منازلهم حين نزلوا‬
‫ل أقواما ً إلى ما جعل الله‬ ‫وأ َك ِ ُ‬ ‫بالنهار ‪.. (95)..‬‬
‫في قلوبهم من الخير ‪ ..‬منهم ‪:‬‬ ‫فكأنك بألشعريين وهم‬
‫عمرو بن تغلب ‪..‬‬ ‫يستمعون هذا لثناء أمام‬
‫فلما سمع عمرو بن تغلب هذا‬ ‫الناس يتوقدون حرصا ً بعدها‬
‫الثناء على المل ‪ ..‬طار فرحا ً ‪..‬‬ ‫على الخير ‪..‬‬
‫وكان يحدث بهذا الحديث‬ ‫وفي ذات صباح ‪ ..‬لقي‬
‫بعدها ‪ ..‬ويقول ‪ :‬فوالله ما أحب‬ ‫النبي ‪ ‬أبا موسى ‪ ..‬فقال‬
‫أن لي بكلمة رسول الله ‪ ‬حمر‬ ‫له ‪:‬‬
‫النعم )‪.. (97‬‬ ‫لو رأيتني البارحة وأنا‬
‫وفي يوم آخر ‪..‬‬ ‫أستمع لقراءتك ‪ ..‬لقد‬
‫أقبل أبو هريرة ‪ .. ‬فسأل‬ ‫أوتيت من مزامير آل داود ‪..‬‬
‫فقال أبو موسى ‪ :‬لو علمت‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪96‬‬

‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪97‬‬


‫) ( متفق عليه‬ ‫‪95‬‬

‫‪271‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وِإن‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫ه ُ‬
‫م ُ‬‫عل ّ ُ‬
‫وي ُ َ‬ ‫َ‬ ‫النبي ‪ .. ‬قائل ً ‪ :‬من أسعد‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قب ْ ُ‬‫من َ‬ ‫َ‬
‫مِبي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫في َ‬ ‫لل ِ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫الناس بشفاعتك يوم‬
‫"‬ ‫القيامة ‪..‬‬
‫م لَ ّ‬
‫ما‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وآ َ‬ ‫فلما قرأ ‪َ " :‬‬ ‫فقال ‪ - ‬مشجعا ً – ‪ :‬لقد‬
‫م‬‫كي ُ‬‫ح ِ‬ ‫ْ‬
‫زيُز ال َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ْ‬
‫و ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ي َل ْ َ‬
‫قوا ب ِ ِ‬ ‫كنت أظن أن ل أحد يسأل‬
‫" ‪..‬‬ ‫عن هذا قبلك ‪ ..‬لما رأيت‬
‫قال رجل من الصحابة ‪ :‬من‬ ‫من حرصك على العلم ‪..‬‬
‫هؤلء يا رسول الله ؟‬ ‫أسعد الناس بشفاعتي يوم‬
‫فسكت النبي ‪.. ‬‬ ‫القيامة ‪ ..‬من قال ‪ :‬ل إله‬
‫فأعاد الرجل السؤال ‪ ..‬من‬ ‫إل الله خالصا ً من قلبه ‪..‬‬
‫هؤلء يا رسول الله ؟‬ ‫وسلمان الفارسي ‪ ..‬كان‬
‫فلم يرد عليه ‪..‬‬ ‫من خيار الصحابة ‪..‬‬
‫فأعاد ‪ ..‬من هؤلء يا رسول الله‬ ‫لم يكن من العرب ‪ ..‬بل كان‬
‫؟‬ ‫ابنا ً لحد كبار فارس ‪ ..‬وكان‬
‫فلتفت النبي ‪ ‬إلى سلمان ‪..‬‬ ‫أبوه يحبه ويقربه ‪ ..‬لدرجة‬
‫ثم وضع يده عليه وقال ‪ :‬لو كان‬ ‫أنه كان يحبسه في البيت‬
‫اليمان عند الثريا ‪ ..‬لناله رجال‬ ‫خوفا ً عليه ‪..‬‬
‫من هؤلء )‪.. (98‬‬ ‫أدخل الله اليمان في قلب‬
‫سلمان ‪.. ‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫خرج من بيت أبيه ‪..‬‬
‫تفاءل وأحسن الظن بالناس‬ ‫سافر إلى الشام باحثا ً عن‬
‫‪..‬وشجعهم ‪..‬لينطلقوا أكثر‬ ‫الحق ‪ ..‬احتال بعض الناس‬
‫عليه وباعوه إلى يهودي‬
‫فن الستماع ‪..‬‬ ‫‪.85‬‬ ‫على أنه عبد مملوك ‪..‬‬
‫مهارات جذب الناس وكسب‬ ‫وحصلت له قصة طوييييلة ‪..‬‬
‫قلوبهم ‪ ..‬بعضها يكون بفعل‬ ‫حتى وصل إلى رسول الله‬
‫الشيء ‪ ..‬وبعضها يكون بتركه ‪..‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫فالبتسامة تجذب ‪ ..‬كما أن ترك‬ ‫فكان النبي ‪ ‬يقدر له‬
‫العبوس يجذبهم ‪..‬‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫والحاديث الجميلة والنكات‬ ‫فبينما كان ‪ ‬جالسا ً بين‬
‫واللطائف تجذب الناس ‪ ..‬كما‬ ‫أصحابه يوما ً ‪ ..‬إذا أنزلت‬
‫أن الستماع إليهم والتفاعل مع‬ ‫عليه سورة الجمعة ‪..‬‬
‫أحاديثهم ‪ ..‬يجذبهم ‪..‬‬ ‫فجعل ‪ ‬يقرؤها على‬
‫فما رأيك أن أتكلم معك هنا‬ ‫أصحابه ‪ ..‬وهم يستمعون ‪..‬‬
‫عن ‪ :‬الهدووووء الجذاب !!‬ ‫ث‬‫ع َ‬ ‫ذي ب َ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫وهو يقرأ ‪ُ " :‬‬
‫ُ‬
‫نعم ‪ ..‬بعض الناس ل يتكلم‬ ‫م‬‫ه ْ‬ ‫سوًل ّ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مّيي َ‬ ‫في اْل ّ‬ ‫ِ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫ي َت ُْلو َ َ‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪98‬‬ ‫كي ِ‬ ‫ه َ‬‫م آَيات ِ ِ‬‫ه ْ‬‫علي ْ ِ‬
‫‪272‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫معهم ‪ ..‬يتلفت يمينا ً ويسارا ً ‪..‬‬ ‫كثيرا ً ‪ ..‬ول تكاد تسمع صوته‬
‫وقد يخرج جهاز هاتفه من‬ ‫في المجالس والمتجمعات ‪..‬‬
‫جيبه ‪ ..‬ويكتب رسالة أو يقرأ‬ ‫بل لو راقبته في جلسة أو‬
‫شيئا ً من الرسائل ‪ ..‬أو من‬ ‫نزهة ‪ ..‬لرأيته ل يتحرك منه‬
‫يدري لعله يلعب باللعاب‬ ‫إل رأسه وعيناه ‪ ..‬نعم قد‬
‫اللكترونية الموجودة فيه !!‬ ‫يتحرك فمه أحيانا ً بالتبسم ‪..‬‬
‫أما الثالث ‪ ..‬فيملك مهارات‬ ‫ل بالكلم !!‬
‫الستماع ‪ ..‬تجد أنك تتحدث وقد‬ ‫ومع ذلك يحبه الناس ‪..‬‬
‫ركز عينيه برفق ينظر إليك ‪..‬‬ ‫ويأنسون بمجالسته ‪..‬‬
‫وتشعر بمتابعته ‪ ..‬فهو تارة يهز‬ ‫تدري لماذا ؟!‬
‫رأسه موافقا ً ‪ ..‬وتارة يتبسم ‪..‬‬ ‫لنه يمارس الهدووووء‬
‫م شفتيه متعجبا ً ‪..‬‬ ‫وتارة يض ّ‬ ‫الجذااااب ‪..‬‬
‫وربما ردد ‪ :‬عجيب ‪ ..‬سبحان‬ ‫فن الستماع له مهارات‬
‫الله ‪..‬‬ ‫متعددة ‪ ..‬بل حدثني أحد‬
‫أي هؤلء ستكون راغبا ً دائما ً في‬ ‫المهتمين أنه حضر أكثر من‬
‫مجالسته ‪ ..‬وتفرح بزيارته ‪..‬‬ ‫خمس عشرة دورة تدريبية‬
‫وتنبلج أساريرك في الحديث‬ ‫في مهارات الستماع ‪!!..‬‬
‫معه ‪..‬؟ ل أشك أنه الخير ‪..‬‬ ‫قارن بين اثنين ‪:‬‬
‫إذن جذب قلوب الناس ‪ ..‬ل‬ ‫رجل إذا تكلمت بين يديه‬
‫يكون فقط بإسماعهم ما يحبون‬ ‫بقصة وقعت لك ‪ ..‬قاطعك‬
‫‪ ..‬بل وبالستماع منهم لما‬ ‫في أولها وقال ‪ :‬وأنا أيضا ً‬
‫يحبون !!‬ ‫وقع لي شيء مشابه ‪..‬‬
‫أذكر أن أحد الدعاة البارزين‬ ‫فتقول ‪ :‬له اصبر حتى أكمل‬
‫ممن أوتي منطقا ً ولسانا ً ‪ ..‬كان‬ ‫‪..‬‬
‫يتنقل متحدثا ً دائما ً ‪ ..‬ما بين‬ ‫فيسكت قليل ً ‪ ..‬فإذا‬
‫منبر جمعة ‪ ..‬وكرسي فتوى ‪..‬‬ ‫انسجمت في قصتك ‪..‬‬
‫ومحاضرة في جامعة ‪ ..‬فهو‬ ‫قاطعك قائل ً ‪ :‬صحيح ‪..‬‬
‫دائما ً يتكلم ‪ ..‬ويتكلم ‪..‬‬ ‫صحيح ‪ ..‬نفس القصة التي‬
‫ويتكلم ‪..‬‬ ‫وقعت لي وهو أنني ذات‬
‫وكان الناس يرونه على المنابر‬ ‫مرة ذهبت ‪..‬‬
‫والقنوات الفضائية ويحبونه‬ ‫فتقول له ‪ :‬أخي انتظر ‪..‬‬
‫ويرغبون في استماع حديثه ‪..‬‬ ‫فيسكت ‪ ..‬ثم ما يصبر‬
‫إل زوجته ‪ ..‬فهو معها في البيت‬ ‫فيقاطعك قائل ً ‪ :‬عجل ‪..‬‬
‫دائما ً ‪ ..‬ول يكاد يستمع منها‬ ‫عجل ‪..‬‬
‫حديثا ً أو قصة ‪ ..‬بل على عادته‬ ‫هذا الول ‪..‬‬
‫يتكلم ‪ ..‬ويتكلم ‪..‬‬ ‫الثاني ‪..‬‬
‫كانت كثيرة التذمر منه دون أن‬ ‫كان وأنت تتحدث معه أو‬
‫‪273‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الصوت لم أنتبه كثيرا ً ‪..‬‬ ‫ينتبه إلى سبب ذلك ‪..‬‬
‫فقال – منتشيا ً ‪ : -‬أنا ‪ ..‬أنا‬ ‫كان كل الناس يكرمونه‬
‫المحاضر ‪..‬‬ ‫ويمدحونه إل هي ‪ ..‬فقرر‬
‫فقالت ‪ :‬آآآ ‪ ..‬وأنا أقول في‬ ‫أن يصطحبها معه يوما ً إلى‬
‫نفسي طوال جلوسي ‪ :‬ما أكثر‬ ‫إحدى محاضراته لترى ما لم‬
‫كلمه ‪..‬‬ ‫تر ‪..‬‬
‫إذن ‪ ..‬الستماع إلى الناس فن‬ ‫قال لها يوما ً ‪ :‬ترافقيني ؟‬
‫ومهارة ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬إلى أين ؟‬
‫بعض الناس ينسى أن الله جعل‬ ‫قال ‪ :‬محاضرة لحد‬
‫لك فما ً واحدا ً وأذنين ‪ ..‬ليستمع‬ ‫الدعاة ‪ ..‬نستفيد منها ‪..‬‬
‫أكثر مما تكلم ‪..‬‬ ‫ركبت معه في سيارته ‪..‬‬
‫وأظنه لو استطاع لقلب‬ ‫مشيا ‪ ..‬وقفا عند المسجد ‪..‬‬
‫المعادلة ‪ ..‬من شدة محبته‬ ‫كانت الجماهير غفيرة ‪..‬‬
‫للحديث ‪..‬‬ ‫كلهم جاؤوا يستمعون إلى‬
‫فعود نفسك على النصات ‪..‬‬ ‫هذا المحاضر الفذ ‪..‬‬
‫حتى لو كان لك على الكلم‬ ‫دخلت هي إلى قسم‬
‫ملحظة ‪..‬‬ ‫النساء ‪ ..‬ودخل هو وسط‬
‫في أوائل بعثة النبي ‪ .. e‬كان‬ ‫جمهرة الناس واعتلى‬
‫عدد المسلمين قليل ً ‪ ..‬وكان‬ ‫الكرسي وبدأ محاضرته ‪..‬‬
‫الكفار يكذبونه ونفرون الناس‬ ‫كان الناس ينصتون‬
‫عنه ‪ ..‬ويشيعون أنه ‪ e‬كاهن‬ ‫معجبين ‪ ..‬حتى زوجته يبدو‬
‫وكذاب ‪ ..‬وربما أشاعوا أنه‬ ‫أنها كانت معجبة ‪!..‬‬
‫مجنون أو ساحر ‪..‬‬ ‫انتهت المحاضرة ‪ ..‬خرج إلى‬
‫في يوم من اليام قدم إلى مكة‬ ‫سيارته وسط نشوة‬
‫رجل اسمه ضماد ‪ ..‬وهو حكيم‬ ‫النجاح ‪ ..‬وأقبلت زوجته‬
‫له علم بالطب والعلج ‪ ..‬يعالج‬ ‫وركبت السيارة بجانبه ‪..‬‬
‫المجنون والمسحور ‪..‬‬ ‫لم يدع لها فرصة ‪ ..‬بدأ‬
‫فلما خالط الناس سمع سفهاء‬ ‫يتكلم فورا ً عن زحمة‬
‫الكفار يقولون عن رسول الله ‪e‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وجمال المسجد ‪..‬‬
‫‪ :‬جاء المجنون ‪ ..‬ورأينا المجنون‬ ‫و ‪ ..‬ثم سألها ‪ :‬ما رأيك في‬
‫‪..‬‬ ‫المحاضرة ؟‬
‫فقال ضماد ‪ :‬أين هذا الرجل ؟‬ ‫فقالت ‪ :‬كانت جميلة‬
‫لعل الله أن يشفيه على يدي ؟‬ ‫ومؤثرة ‪ ..‬ولكن من‬
‫فدله الناس على رسول الله‬ ‫المحاضر ؟‬
‫‪.. e‬‬ ‫قال ‪ :‬عجبا ً لم تعرفي‬
‫فلما لقيه ‪ ..‬قال ضماد ‪ :‬يا‬ ‫صوته ‪ ..‬قالت ‪ :‬مع زحمة‬
‫محمد ‪ ..‬إني أرقى من هذه‬ ‫الناس ‪ ..‬وضعف سماعات‬
‫‪274‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫شرفا ً ‪ ..‬فقال له ‪ :‬وعلى قومك‬ ‫الرياح ‪ ..‬وإن الله يشفي‬
‫؟ أي تدعوهم إلى السلم ؟‬ ‫على يدي من شاء ‪ ..‬فهلم‬
‫فقال ضماد ‪ :‬وعلى قومي ‪ ..‬ثم‬ ‫أعالجك ‪ ..‬وجعل يتكلم عن‬
‫ذهب إلى قومه هاديا ً داعيا ً ‪..‬‬ ‫علجه وقدراته ‪..‬‬
‫إذن لتكون مستمعا ً ماهرا ً ‪:..‬‬ ‫والنبي ‪ e‬ينصت إليه ‪ ..‬وذاك‬
‫أنصت ‪ ..‬هز رأسك متابعا ً ‪..‬‬ ‫يتكلم ‪ ..‬والنبي ‪ e‬ينصت ‪..‬‬
‫تفاعل بتعابير وجهك كتقطيب‬ ‫أتدري ينصت إلى ماذا ؟‬
‫الجبين حينا ً ‪ ..‬ورفع الحاجبين‬ ‫ينصت إلى كلم رجل كافر‬
‫حينا ً آخر ‪..‬‬ ‫جاء ليعالجه من مرض‬
‫والتبسم ‪ ..‬وتحريك الشفتين‬ ‫الجنون !!‬
‫بتعجب ‪..‬‬ ‫آآآه ما أحكمه ‪.. e‬‬
‫وانظر إلى أثر ذلك فيمن يتكلم‬ ‫حتى إذا انتهى ضماد من‬
‫معك ‪ ..‬سواء كان صغيرا ً أو‬ ‫كلمه ‪..‬‬
‫كبيرا ً ‪..‬‬ ‫قال ‪ e‬بكل هدوووء ‪ :‬إن‬
‫ستجد أنه يركز نظره عليك ‪..‬‬ ‫الحمد لله ‪ ..‬نحمده ونستعينه‬
‫ويقبل بقلبه إليك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬من يهده الله فل مضل له‬
‫ومن يضلل فل هادي له ‪..‬‬
‫نتيجة ‪..‬‬ ‫وأشهد أن ل إله إل الله‬
‫براعتنا في الستماع إلى‬ ‫وحده ل شريك له ‪..‬‬
‫الخرين ‪ ..‬تجعلهم بارعين في‬ ‫فانتفض ضماد وقال ‪ :‬أعد‬
‫محبتنا والستئناس بنا ‪..‬‬ ‫علي كلماتك هؤلء ‪..‬‬
‫فأعادها ‪ e‬عليه ‪..‬‬
‫فن الحوار ‪..‬‬ ‫‪.86‬‬ ‫فقال ضماد ‪ :‬والله لقد‬
‫أل تذكر يوما ً من الدهر أنك‬ ‫سمعت قول الكهنة ‪ ،‬وقول‬
‫جلست في مكان فاحتد الحوار‬ ‫السحرة ‪ ،‬وقول الشعراء ‪،‬‬
‫بينك وبين شخص ما ‪ ..‬فبقي‬ ‫فما سمعت مثل هؤلء‬
‫في نفسك عليه بغض أو غضب‬ ‫الكلمات ‪ ..‬فلقد بلغن‬
‫أياما ً ‪..‬‬ ‫ناعوس البحر ‪..‬‬
‫أو لعلك تذكر جدال ً حصل بين‬ ‫فهلم يدك أبايعك على‬
‫اثنين – وقد يكون في قضية‬ ‫السلم ‪..‬‬
‫تافهة – وأنت تنظر إليهما وقد‬ ‫فبسط النبي ‪ e‬يده ‪ ..‬وأخذ‬
‫ارتفعت الصوات واحمرت‬ ‫ضماد يخلع ثوب الكفر ويردد‬
‫العيون ‪ ..‬ثم تفرقا ‪ ..‬واسثقل‬ ‫‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله‬
‫كل منهما صاحبه بعدها ‪..‬‬ ‫وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫إذن نحن نتعب في جذب بعض‬ ‫ورسوله ‪..‬‬
‫الناس إلينا بممارسة مهارات‬
‫فعلم ‪ e‬أن له عند قومه‬
‫متنوعة ‪ ..‬ثم نفرقهم عنا‬
‫‪275‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫إل الصخور الصغيرة ‪ ..‬فكن جبل ً‬ ‫بموقف ل نحسن التصرف‬
‫‪..‬‬ ‫فيه ‪..‬‬
‫لما قدم النبي ‪ r‬إلى مكة‬ ‫ومن ذلك عدم إتقان فن‬
‫فاتحا ً ‪ ..‬بعدما نقضت قريش‬ ‫الحوار ‪..‬‬
‫العهد ‪..‬‬ ‫المحاور كالذي يصعد جبل ً‬
‫كان ‪ .. r‬قد دعا الله أن يعمي‬ ‫وعرا ً ‪ ..‬ينبغي أن يعتني‬
‫عنه قريش ‪ ..‬ليبغتهم ‪ ..‬قبل أن‬ ‫بموضع يده وموضع رجله ‪..‬‬
‫يستعدوا للقتال ‪..‬‬ ‫فتجد صاعد الجبل ينظر إلى‬
‫فلما أقبل النبي عليه الصلة‬ ‫الصخرة التي يريد أن يتعلق‬
‫والسلم ‪ ..‬إلى مكة نزل قريبا ً‬ ‫بها ‪ ..‬ويفحصها بنظره‬
‫منها ‪..‬‬ ‫ويتأمل في قوة ثباتها قبل‬
‫ولم تعلم قريش بشيء ‪..‬‬ ‫أن يضع عليها قبضته ‪..‬‬
‫ولكنهم كانوا يتوجسون‬ ‫وكذلك في الصخرة التي‬
‫ويترقبون ‪..‬‬ ‫يثبت عليها قدمه ‪ ..‬ثم إذا‬
‫فخرج في تلك الليلة التي نزل‬ ‫أراد أن يرفع قدمه عن‬
‫فيها النبي عليه الصلة والسلم‬ ‫صخرة نظر إلى الصخرة قبل‬
‫‪ ..‬أبو سفيان في نفر معه‬ ‫أن يغادرها خشية أن ل‬
‫يتجسسون الخبار ‪ ..‬وينظرون‬ ‫يحسن رفع رجله من عليها‬
‫هل يجدون خبرا ً ‪ ..‬أو يسمعون‬ ‫فتهوي به ‪..‬‬
‫به ‪..‬‬ ‫لن أطيل عليك الكلم ‪..‬‬
‫وجعل النبي عليه الصلة‬ ‫فخيره ما قل ودل ‪..‬‬
‫والسلم ‪ ..‬يترقب الصبح ليغير‬ ‫الدخول في حوار أو جدال‬
‫على قريش ‪..‬‬ ‫أمر غير محمود ‪ ..‬ولعلك‬
‫فلما رأى العباس ‪ .. t‬ذلك ‪..‬‬ ‫توافقني أن أكثر من ‪%90‬‬
‫قال ‪ :‬واصباح قريش ! والله‬ ‫من الحوارات والمجادلت‬
‫لئن دخل رسول الله ‪ r‬مكة‬ ‫غير مفيدة ‪..‬‬
‫عنوة أي بالقوة ‪ ..‬قبل أن يأتوه‬ ‫فحاول تجنب الجدال قدر‬
‫فيستأمنوه ‪ ..‬إنه لهلك قريش‬ ‫المستطاع ‪ ..‬ول تغضب إذا‬
‫إلى آخر الدهر ‪..‬‬ ‫اعترض عليك أحد أو‬
‫فقام العباس ‪ ..‬فاستأذن النبي‬ ‫جادلك ‪ ..‬خذ المر بأريحية‬
‫عليه الصلة والسلم ‪..‬‬ ‫قدر المستطاع ول تعذب‬
‫فأذن له ‪ ..‬فركب على بغلة‬ ‫نفسك بالتفكير في نية‬
‫المعترض ‪ ..‬وماذا يقصد ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ r‬البيضاء ‪..‬‬
‫ولماذا أحرجني أمامهم ‪ ..‬ل‬
‫ومضى يمشي بها ‪..‬‬
‫تقتل نفسك بالهم ‪..‬‬
‫وأبو سفيان في أصحابه ‪..‬‬
‫وتعامل مع الموقف‬
‫يقترب وينظر إلى نيران‬
‫بهدووووء ‪ ..‬فالرياح ل تهز‬
‫المسلمين ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫‪276‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫صاح بالناس قال ‪ :‬أبو سفيان‬ ‫ما رأيت كالليلة نيرانا ً قط‬
‫عدو الله ! ‪ ..‬الحمد لله الذي‬ ‫ول عسكرا ً ‪ ..‬ما أعظم‬
‫أمكن منك بغير عقد ول عهد ‪..‬‬ ‫هذا ‪ ..‬من ترى هؤلء ‪..‬؟‬
‫فمنعه العباس ‪..‬‬ ‫فقال صاحبه ‪ :‬هذه والله‬
‫ثم ذهب عمر يشتد ‪ ..‬نحو‬ ‫خزاعة حمشتها الحرب ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. r‬والعباس يسرع‬ ‫قال ‪ :‬خزاعة أذل وأقل من‬
‫بالدابة ‪ ..‬حتى سبقه ‪ ..‬فلما‬ ‫أن تكون هذه نيرانها‬
‫وصل إلى موضع النبي ‪.. r‬‬ ‫وعسكرها ‪..‬‬
‫اقتحم العباس عن البغلة‬ ‫فبينما العباس يسير على‬
‫سريعا ً ‪..‬‬ ‫البغلة ‪..‬‬
‫فدخل على رسول الله ‪.. r‬‬ ‫إذا بأبي سفيان وأصحابه ‪..‬‬
‫فدخل عليه عمر ‪..‬‬ ‫قد قبضت عليهم خيل‬
‫وجعل يقول ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫المؤمنين ‪..‬‬
‫ً‬
‫فأقبل أبو سفيان فزعا ‪..‬‬
‫هذا أبو سفيان ‪ ..‬قد أمكن الله‬
‫منه بغير عقد ول عهد ‪ ..‬فدعني‬ ‫فركب خلف العباس ‪..‬‬
‫فلضرب عنقه ؟ ‪..‬‬ ‫وجعل أصحابه يتبعونه‬
‫فقال العباس ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫فزعين ‪ ..‬والمؤمنون خلفهم‬
‫إني قد أجرته ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ثم جلس إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫فجعل العباس يسرع بأبي‬
‫فأخذ برأسه ‪ ..‬وجعل يناجيه في‬ ‫سفيان ‪ ..‬إلى رسول الله‬
‫أذنه ‪..‬‬ ‫‪.. r‬‬
‫وعمر يردد يا رسول الله ‪..‬‬ ‫وكلما مر بنار من نيران‬
‫اضرب عنقه ‪..‬‬ ‫المسلمين ‪ ..‬قالوا ‪ :‬من‬
‫فلما أكثر عمر في شأنه ‪..‬‬ ‫هذا ؟‬
‫التفت إليه العباس وقال ‪:‬‬ ‫فإذا رأوا بغلة رسول الله‬
‫مهل ً يا عمر ! فوالله أن لو كان‬ ‫‪ .. r‬ورأوا العباس عليها ‪..‬‬
‫من رجال بني عدي بن كعب ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬عم رسول الله ‪.. r‬‬
‫ما قلت هذا ‪ ..‬أي لو كان من‬ ‫على بغلة رسول الله ‪.. r‬‬
‫قرابتك ‪ ..‬ما قلت هذا ‪ ..‬ولكنك‬ ‫والعباس يسرع بها ‪ ..‬يخاف‬
‫قد عرفت أنه من رجال بني عبد‬ ‫أن يفطنوا لبي سفيان ‪..‬‬
‫مناف ‪..‬‬ ‫فيقتله أحد قبل أن يؤمنه‬
‫فشعر عمر أنه سيدخل في‬ ‫النبي عليه الصلة‬
‫جدال ل يتناسب مع الحال الذي‬ ‫والسلم ‪..‬‬
‫هم فيه ‪ ..‬ثم ما الفائدة‬ ‫حتى مر بنار عمر بن‬
‫المرجوة من النقاش في مسألة‬ ‫الخطاب ‪ t‬فقال ‪ :‬من هذا ؟‬
‫لو كان من بني كعب رغب في‬ ‫وقام إليهم ‪ ..‬فلما رأى أبا‬
‫إسلمه أما من غيرهم فل‬ ‫سفيان على عجز الدابة ‪..‬‬
‫‪277‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫فلما حضرت الصلة ‪ ..‬ورآهم‬ ‫يهمه !!‬
‫يركعون بركوعه ‪ ..‬ويسجدون‬ ‫قال عمر بكل هدووووء ‪:‬‬
‫بسجوده ‪..‬‬ ‫مهل ً يا عباس ‪ ..‬مهل ً ‪..‬‬
‫أقبل عليه العباس بعدما صلى ‪..‬‬ ‫فوالله لسلمك يوم أسلمت‬
‫ليمضي به إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫‪ ..‬كان أحب إلي من إسلم‬
‫فقال ‪ :‬يا عباس ما يأمرهم‬ ‫أبي الخطاب لو أسلم !‬
‫بشيء إل فعلوه ؟‬ ‫لني قد عرفت أن‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬والله لو أمرهم‬ ‫إسلمك ‪ ..‬كان أحب إلى‬
‫بترك الطعام والشراب‬ ‫رسول الله ‪ r‬من إسلم‬
‫لطاعوه ‪..‬‬ ‫الخطاب ‪..‬‬
‫فقال أبو سفيان ‪ :‬يا عباس ‪..‬‬ ‫فلما سمع العباس ‪ t‬ذلك‬
‫ما رأيت كالليلة ‪ ..‬ول ملك‬ ‫سكت ‪..‬‬
‫كسرى وقيصر !‬ ‫انتهى الحوار ‪ ..‬مع أنه كان‬
‫فلما انقضت الصلة ‪ ..‬غدا به‬ ‫في إمكان عمر أن يطيله‬
‫إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫ويزيده ‪ ..‬فيقول ‪ :‬ماذا‬
‫فلما رآه ‪ r‬قال ‪:‬‬ ‫تقصد ؟!! هل تتهم نيتي ؟!‬
‫" ويحك يا أبا سفيان ‪ ..‬ألم يأن‬ ‫هل تعلم ما في قلبي ؟!‬
‫لك أن تعلم أنه ل إله إل الله ؟‬ ‫لماذا تثير النعرة القبلية ؟!‬
‫فقال ‪ :‬بأبي أنت وأمي ! ما‬ ‫كل لم يقل ذلك ‪ ..‬فهم‬
‫أحلمك وأكرمك وأوصلك !‬ ‫جميعا ً كانوا أرفع من أن‬
‫والله لقد ظننت أن لو كان لي‬ ‫ينزغ الشيطان بينهم ‪..‬‬
‫ه غيره لغنى عني‬ ‫مع الله إل ٌ‬ ‫سكت عمر والعباس ‪ ..‬وأبو‬
‫شيئًا!‬ ‫سفيان واقف ينتظر أن يأمر‬
‫فقال ‪ : r‬ويحك يا أبا سفيان‬ ‫النبي ‪ e‬فيه بشيء ‪..‬‬
‫ألم يأن لك أن تعلم أني رسول‬ ‫فقال ‪ : r‬اذهب به يا عباس‬
‫الله ؟‬ ‫إلى رحلك فإذا أصبحت‬
‫فقال أبو سفيان ‪ :‬بأبي أنت‬ ‫فأتني به ‪..‬‬
‫وأمي ما أحلمك وأكرمك‬ ‫فذهب به العباس ‪ ..‬إلى‬
‫وأوصلك !‬ ‫خيمته ‪..‬‬
‫أما هذه والله فإن في النفس‬ ‫فبات عنده ‪ ..‬فلما أصبح أبو‬
‫منها حتى الن شيئا ً !‬ ‫سفيان صبيحة تلك الليلة ‪..‬‬
‫فقال له العباس ‪ :‬ويحك أسلم‬ ‫ورأى الناس يجنحون‬
‫واشهد أن ل إله إل الله ‪ ..‬وأن‬ ‫للصلة ‪ ..‬وينتشرون في‬
‫محمد رسول الله قبل أن تضرب‬ ‫استعمال الطهارة ‪ ..‬خاف ‪..‬‬
‫عنقك ؟‬ ‫وقال للعباس ‪ :‬ما بالهم ؟‬
‫فسكت قليل ً ثم قال ‪ :‬أشهد ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬إنهم قد سمعوا النداء‬
‫فسر النبي عليه الصلة والسلم‬ ‫فهم ينتشرون للصلة ‪..‬‬
‫‪278‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫تدخل في الجدال أصل ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬سرورا ً عظيما ً ‪..‬‬
‫فقال العباس ‪ :‬يا رسول‬
‫اقطع الطريق على‬ ‫‪.87‬‬ ‫الله ‪ ..‬إن أبا سفيان رجل‬
‫المعترضين ‪..‬‬ ‫يحب الفخر فاجعل له‬
‫من أكثر ما يوغر صدور بعض‬ ‫شيئا ً ‪..‬‬
‫الناس على بعض ما يجنيه‬ ‫فقال ‪ " : r‬نعم ‪ ..‬من دخل‬
‫اللسان من مفاسد ‪..‬‬ ‫دار أبي سفيان فهو آمن‬
‫ومن ذلك استعجال بعض الناس‬ ‫" ‪..‬‬
‫بالعتراض على الحديث‬ ‫فقال أبو سفيان ‪:‬‬
‫و‬
‫ومقاطعة المتكلم دون تر ّ‬ ‫فأنشد أبو سفيان ‪ t‬بين يدي‬
‫ونظر ‪ ..‬فيثور عند ذلك جدال‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬أبياتا ً ‪..‬‬
‫عقيم يوغر الصدور ويفسد‬ ‫يعتذر إليه مما كان مضى‬
‫النفوس ‪..‬‬ ‫منه ‪..‬‬
‫لن تستطيع إصلح جميع الناس‬ ‫لعمرك إني يوم أحمل راية‬
‫وتأديبهم بالداب الشرعية ‪ ..‬أو‬ ‫لتغلب خيل‬
‫تدريبهم على مهارات متميزة ‪..‬‬ ‫اللت خيل محمد‬
‫ودعنا نتجاوز مرحلة التنظير‬ ‫لكالمدلج الحيران أظلم ليله‬
‫التي تحلو لبعض الناس أن‬ ‫فهذا‬
‫يدندن عليها دائما ً بقوله ‪:‬‬ ‫أواني حين أهدي و أهتدي‬
‫المفروض الناس يفعلون كذا ‪..‬‬ ‫هداني هاد غير نفسي و‬
‫والمفروض يتعودون على كذا ‪..‬‬ ‫نالني‬
‫دعك من هذا ‪ ..‬وأدّ الصلة على‬ ‫مع الله من‬
‫الميت الحاضر – كما يقال ‪.. -‬‬ ‫طردت كل مطرد‬
‫أعني أننا ينبغي عند تعاملنا مع‬ ‫أصد و أنأى جاهدا ً عن محمد‬
‫الخطاء أن ل ننشغل ببحث ما‬ ‫وأدعى و‬
‫يجب على الخرين أن يفعلوه‬ ‫إن لم أنتسب من محمد‬
‫بل ماذا يجب علينا نحن أن‬ ‫فقيل إنه حين قال ‪:‬‬
‫نفعله ‪..‬‬ ‫ونالني ‪ ..‬مع الله من طردت‬
‫عندما تريد أن تتكلم بشيء‬ ‫كل مطرد ‪ ..‬ضرب رسول‬
‫غريب قد يستعجل الخرون‬ ‫الله ‪ r‬بيده في صدره‬
‫العتراض عليه ‪ ..‬ينبغي عليك‬ ‫وقال ‪ " :‬أنت طردتني كل‬
‫أن تغلق عليهم أبواب العتراض‬ ‫مطرد " ‪..‬‬
‫بمقدمات تجيبهم فيها عن‬
‫أسئلتهم قبل أن يطرحوها ‪ ..‬بل‬ ‫فكرة ‪..‬‬
‫وتزيل بها استغرابهم قبل أن‬ ‫ليس الذكاء أن تنتصر عند‬
‫يتكلموا به ‪..‬‬ ‫الجدال ‪ ..‬وإنما الذكاء أن ل‬
‫وبعض الناس يحسن فعل ً أن‬
‫‪279‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫المخالفين قبل أن يعترضوا ‪..‬‬ ‫يغلق البواب على المعترض‬
‫لما خرجت قريش لقتال النبي ‪e‬‬ ‫قبل أن يشعره باعتراضه ‪..‬‬
‫وأصحابه في بدر ‪ ..‬كان بعض‬ ‫أذكر أن شيخا ً كبير السن‬
‫العقلء فيها ل يريدون‬ ‫جلس في مجلس فتكلم عن‬
‫الخروج ‪ ..‬لكن قومهم أكرهوهم‬ ‫حادثة خصومة رآها بين‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫اثنين في محطة وقود ‪..‬‬
‫فعلم النبي ‪ e‬بهم ‪ ..‬وتأكد أنهم‬ ‫وكيف أن شجارهما زاد‬
‫وإن حضروا المعركة فلن يقع‬ ‫واشتد حتى حمل إلى مخفر‬
‫منهم قتال للمسلمين ‪..‬‬ ‫الشرطة ‪..‬‬
‫فلما اقترب ‪ e‬من ميدان‬ ‫فقفز أحد الجالسين – من‬
‫المعركة ‪ ..‬أراد أن ينبه أصحابه‬ ‫الثرثارين – مشاركا ً في‬
‫لذلك ‪ ..‬وأن ينهاهم عن‬ ‫القصة فقال ‪ :‬نعم صحيح ‪..‬‬
‫قتلهم ‪ ..‬لكنه يعلم أنه سيقع‬ ‫وحصل بينهما كذا ‪ ..‬وفلن‬
‫في قلوب بعض الناس سؤال ‪:‬‬ ‫هو المخطئ ‪ ..‬وبدأ يذكر‬
‫كيف ل نقتلهم وهم خرجوا‬ ‫تفاصيل لم تحدث ‪..‬‬
‫لحربنا !! لماذا استثنى هؤلء‬ ‫فالتفت إليه الشيخ وكأني به‬
‫بالذات ؟!‬ ‫يكاد ينفجر ‪ ..‬لكنه تماسك‬
‫فقدم مقدمة أزال بها‬ ‫وقال بكل هدووووء ‪:‬‬
‫العتراضات ثم ذكر التوجيه ‪..‬‬ ‫أنت هل حضرت الحادثة ؟‬
‫قام ‪ e‬في أصحابه وقال ‪ :‬إني‬ ‫قال ‪ :‬ل‬
‫قد عرفت أن رجال ً من بني‬ ‫قال ‪ :‬فهل حدثك أحد ممن‬
‫هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها ً‬ ‫حضروها ؟ قال ‪ :‬ل‬
‫ل حاجة لهم بقتالنا ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فهل اطلعت على‬
‫انتهى هذه مقدمة ‪..‬‬ ‫محاضر التحقيق ؟ قال ‪ :‬ل‬
‫ثم قال ‪ :‬فمن لقي منكم أحدا ً‬ ‫عندها صاح الشيخ وقال ‪:‬‬
‫من بني هاشم فل يقتله ‪..‬‬ ‫طيب يا ‪ ...‬كيف تكذبني‬
‫ومن لقي أبا البختري بن هشام‬ ‫وأنت ل تدري عن شيء !!‬
‫بن الحارث بن أسد فل يقتله ‪..‬‬ ‫فأعجبتني مقدماته قبل‬
‫ومن لقي العباس بن عبد‬ ‫اعتراضه ‪..‬‬
‫ولو أنه اعترض دون أن يذكر‬
‫المطلب ‪ ..‬عم رسول الله ‪ r‬فل‬
‫مقدمات يغلق بها البواب‬
‫يقتله ‪..‬‬
‫على صاحبه ‪ ..‬لكان لصاحبه‬
‫فإنه إنما خرج مستكرها ‪..‬‬
‫مجال واسع للخروج من‬
‫فمضى الصحابة على ذلك ‪..‬‬
‫الموقف ولو بالكذب ‪..‬‬
‫وبدؤوا يتحدثون في مجالسهم‬
‫فنحن أحيانا ً نحتاج عندما‬
‫بذلك ‪..‬‬
‫نريد أن نقرر أشياء أن نقدم‬
‫فقال أبو حذيفة بن عتبة بن‬
‫بمقدمات نقنع بها‬
‫ربيعة ‪ :‬أنقتل آباءنا وأبناءنا‬
‫‪280‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫يوسف عليه السلم ‪..‬‬ ‫وإخواننا ونترك العباس ‪..‬‬
‫فلما وصل إلى قوله تعالى‬ ‫والله لئن لقيته للحمنه‬
‫) ودخل معه السجن فتيان قال‬ ‫بالسيف ‪..‬‬
‫أحدهما إني أراني أعصر خمرا ً‬ ‫فبلغت الكلمة رسول الله‬
‫وقال الخر إني أراني أحمل‬ ‫‪ .. r‬فالتفت إلى عمر‬
‫فوق رأسي خبزا ً تأكل الطير‬ ‫فقال ‪ " :‬يا أبا حفص " ‪..‬‬
‫منه ( ‪..‬‬ ‫قال عمر ‪ :‬والله إنه لول‬
‫جعل يتأمل في الحاضرين ثم‬ ‫يوم كناني فيه رسول الله ‪r‬‬
‫سألهم ‪:‬‬ ‫بأبي حفص ‪..‬‬
‫ودخل معه السجن فتيان ؟!‬ ‫قال ‪ r‬يا أبا حفص ‪:‬‬
‫أيهما دخل قبل الخر ‪ ..‬يوسف‬ ‫) أيضرب وجه عم رسول‬
‫أم الفتيان ؟‬ ‫الله بالسيف ! ( ‪..‬‬
‫فصاح أحدهم ‪ :‬يوسف ‪..‬‬ ‫فاستبشع ذلك ‪ ..‬وانتفض ‪..‬‬
‫فصاح آخر ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬الفتيان ‪..‬‬ ‫كيف يرد أمر رسول الله ‪.. r‬‬
‫فانطلق ثالث ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬بل‬ ‫أليس مسلما ً ‪ ..‬فصاح قال ‪:‬‬
‫يوسف ‪ ..‬يوسف ‪..‬‬ ‫يا رسول الله دعني فلضرب‬
‫فاستذكى رابع وقال ‪ :‬دخلوا مع‬ ‫عنقه بالسيف ‪ ..‬فوالله لقد‬
‫بعض !!‬ ‫نافق ‪..‬‬
‫وتكلم خامس ‪ ..‬وارتفع اللغط ‪..‬‬
‫فندم أبو حذيفة ‪ .. y‬على ما‬
‫حتى ضاع الموضوع الساسي ‪..‬‬
‫تكلم به ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫ويبدو أن المحاضر قصد ذلك ‪..‬‬
‫ما أنا بآمن من تلك الكلمة‬
‫فجعل يتأمل وجوههم ‪..‬‬
‫التي قلت يومئذ ‪ ..‬و ل أزال‬
‫والوقت يمضي ‪..‬‬
‫منها خائفا ً إل أن تكفرها‬
‫ثم ابتسم ابتسامة عريضة ‪..‬‬
‫عني الشهادة ‪..‬‬
‫وأشار لهم بخفض الصوات‬ ‫فقتل يوم اليمامة شهيدا ً‬
‫وقال ‪:‬‬
‫‪.. y‬‬
‫وما المشكلة !! دخل قبلهم أو‬
‫دخلوا قبله !! هل تستحق‬
‫المسألة كل هذا الخلف ؟!‬ ‫نصيحة ‪..‬‬
‫فعل ً ‪ ..‬لو تأملت واقعنا لوجدت‬ ‫كن ذكيا ً وتغدّ بهم قبل أن‬
‫أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلء‬ ‫يتعشوا بك !‬
‫على الخرين بكثرة اعتراضنا‬
‫على ما يقولون فيكون أحدهم‬ ‫انتظر ‪ ..‬ل‬ ‫‪.88‬‬
‫متحمسا ً في قصة يحكيها ‪ ..‬ثم‬ ‫تعترض ‪!!..‬‬
‫يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه‬ ‫أذكر أن محاضرا ً كان يتكلم‬
‫متعة الحديث بالعتراض على‬ ‫عن فن الحوار ‪..‬‬
‫أشياء ل تؤثر في القصة شيئا ً ‪..‬‬ ‫فعرض شيئا ً من قصة‬

‫‪281‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫لعل له عذرا ً وأنت تلوم ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬ل تكن ثقيل ً تعترض‬
‫كان زياد لطيفا ً حريصا ً على‬ ‫على كل شيء ‪..‬‬
‫نصح الناس ‪..‬‬ ‫أذكر أن أخي الصغر سعود‬
‫وقف يوما ً عند إشارة مرور فإذا‬ ‫لما كان طفل ً في السابعة ‪..‬‬
‫به يسمع صوتا ً عاليا ً لغاني‬ ‫دخل المسجد لصلة‬
‫غربية ‪ ..‬تحير من أين هذا‬ ‫العشاء ‪ ..‬ويبدو أنه كان‬
‫الصوت ‪ ..‬وأخذ يتلفت يبحث عن‬ ‫مستعجل ً وتأخر المام في‬
‫مصدره ‪ ..‬فإذا هو من السيارة‬ ‫المجيء لقامة الصلة ‪..‬‬
‫المجاورة له ‪..‬‬ ‫فلما ضاق بذلك ذرعا ً توجه‬
‫وإذا صاحبها قد زاد صوت‬ ‫نحو المؤذن وكان شيخا ً‬
‫المذياع إلى أعلى درجاته ‪..‬‬ ‫كبيرا ً ضعيف السمع ووقف‬
‫حتى أسمع البعيد والقريب ‪..‬‬ ‫خلفه ‪ ..‬ثم قال محاول ً تغيير‬
‫جعل صاحبي يضرب على منبه‬ ‫صوته ‪ :‬أقم الصلة ‪ ..‬وكان‬
‫سيارته ويحاول أن ينبه ذاك‬ ‫قد قبض على طرف أنفه‬
‫الرجل إلى خفض صوت‬ ‫بيده ‪..‬‬
‫مذياعه ‪ ..‬لكن الرجل ل يلتفت‬ ‫ثم ولى هاربا ً ‪..‬‬
‫ول يرد ‪ ..‬يبدوا أنه لشدة‬ ‫أما المؤذن فما كاد يسمع‬
‫انسجامه مع ما يسمع صار ل‬ ‫ذلك حتى تحرك ناهضا ً ليقيم‬
‫يدري عما حوله ‪..‬‬ ‫الصلة ‪ ..‬فنبهه بعض‬
‫حاول زياد أن يتبين وجه السائق‬ ‫المأمومين ‪ ..‬فجلس ‪..‬‬
‫الذي أسدل غترته على جانبي‬ ‫كان موقفا ً طريفا ً ‪ ..‬لكني‬
‫وجهه ‪ ..‬وبعد جهد رآه فإذا‬ ‫لم أورده لطرافته ‪..‬‬
‫لحيته تمل وجهه !!‬ ‫وإنما لني جلست بعدها في‬
‫ازداد العجب ‪ ..‬شخص بهذه‬ ‫مجلس فذكر أحد الجالسين‬
‫الهيئة بدل أن يستمع إلى‬ ‫القصة وقال في أثنائها ‪:‬‬
‫القرآن يستمع الغاني !! ل‬ ‫وكان سعود مستعجل ً لنه‬
‫ل أيضا ً !!‬ ‫وبصوت عا ٍ‬ ‫سيذهب إلى البحر مع أبيه _‬
‫أضاءت الشارة خضراء ‪..‬‬ ‫مع العلم بأن الرياض في‬
‫ومشى الجميع ‪..‬‬ ‫صحراء ول تقع على ساحل‬
‫أصّر زياد على مناصحة الرجل‬ ‫بحر ‪ .. -‬فتحيرت هل أفسد‬
‫فجعل يمشي وراءه ‪ ..‬وقف‬ ‫عليه قصته وأعترض ‪ ..‬أم أن‬
‫الرجل عند دكان ‪ ..‬ونزل‬ ‫المعلومة غير مؤثرة في‬
‫ليشتري منه حاجة ‪..‬‬ ‫ع للعتراض‬ ‫القصة فل دا ٍ‬
‫أوقف زياد سيارته وراءه وصار‬ ‫واكتساب العداوات ‪ ..‬فآثرت‬
‫يتأمله وهو يمشي فإذا الثوب‬ ‫الثاني وسكت ‪..‬‬
‫قصير ‪ ..‬واللحية تمل عارضيه ‪..‬‬ ‫وأحيانا ً قد تعترض على‬
‫تسابقت إلى قلبه الوساوس ‪..‬‬ ‫شيء أنت غير فاهمه أصل ً ‪..‬‬
‫‪282‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ورقة منه ‪:‬‬ ‫أظنه نزل ليخرج الن بعلبة‬
‫أنا رجل أصم ل أسمع ‪ ..‬فضل ً‬ ‫سجائر !!‬
‫اكتب ما تريد !!‬ ‫خرج الرجل فإذا في يده‬
‫مجلة إسلمية !!‬
‫لمحة ‪..‬‬ ‫لم يصبر زياد ‪ ..‬وأخذ ينادي‬
‫قال الله تعالى ‪" :‬وكان النسان‬ ‫بلطف ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬لو سمحت‬
‫عجول ً " فانتبه ل تغلب عجلتك‬ ‫‪ ..‬هيه ‪..‬‬
‫تؤدتك ‪..‬‬ ‫لم يرد عليه الرجل ولم‬
‫يلتفت ‪..‬‬
‫قبل نجواكم ‪..‬‬ ‫‪.89‬‬ ‫رفع صوته ‪ :‬هيه ‪ ..‬هيه ‪ ..‬لو‬
‫صدقة ‪..‬‬ ‫سمحت ‪ ..‬يا أخي ‪ ..‬اسمع ‪..‬‬
‫الطلبات الكبيرة تحتاج إلى‬ ‫وصل الرجل سيارته‬
‫تهيئة المطلوب منه قبل‬ ‫وركبها ‪ ..‬ولم يلتفت ‪..‬‬
‫طلبها ‪ ..‬لئل يسارع إلى‬ ‫نزل زياد وقد غضب وأقبل‬
‫الرفض ‪..‬‬ ‫إليه ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬الله‬
‫وهذا عام في الطلبات الشفهية‬ ‫يهديك ‪ ..‬ما تسمع ‪..‬‬
‫والمكتوبة ‪..‬‬ ‫نظر الرجل إليه وابتسم‬
‫فلو أردت أن تكتب إلى غني‬ ‫وشغل سيارته ‪ ..‬فاشتغل‬
‫تطلب منه حاجة ‪ ..‬لناسب أن‬ ‫المذياع مباشرة بصوت‬
‫تكتب قبل حاجتك شيئا ً من‬ ‫مزعج جدا ً ‪..‬‬
‫الثناء على جوده وكرمه ومحبته‬ ‫فثار زياد ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا أخي‬
‫للخير ‪ ..‬ثم بعد ذلك تكتب‬ ‫حرام عليك ‪ ..‬أزعجت الناس‬
‫حاجتك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬تريد تسمع الغاني‬
‫ومثله لو أردت حاجة من أبيك أو‬ ‫اسمعها لوحدك ‪ ..‬بدل ما‬
‫أخيك أو – من يدري ربما –‬ ‫ن ؟!‬‫تسمع قرآن تسمع أغا ٍ‬
‫زوجتك ‪ ..‬يناسب أن تقدم قبلها‬ ‫فجعل الرجل يزيد‬
‫بمقدمة ‪..‬‬ ‫ابتسامته ‪ ..‬والغاني بأعلى‬
‫فلو دعوت نفرا ً من أصدقائك‬ ‫صوت ‪..‬‬
‫إلى مأدبة غداء ‪ ..‬وأردت أن‬ ‫ثار زياد أكثر ‪ ..‬وجعل وجهه‬
‫تخبر زوجتك لتعد الطعام وتهيئ‬ ‫يحمّر ‪ ..‬وصار يرفع صوته‬
‫البيت ‪ ..‬لناسب أن تقول قبل‬ ‫ليسمعه ‪..‬‬
‫ذلك ‪ ..‬بصراحة طعامك لذيذ ‪..‬‬ ‫فلما رأى الرجل أن المر‬
‫جميع أصدقائي يفرحون إذا‬ ‫وصل إلى هذا الحد ‪ ..‬جعل‬
‫دعوتهم لجل أن يأكلوا من‬ ‫يشير بيديه إلى أذنيه‬
‫عمل يدك ‪ ..‬تصدقين !! لقد‬ ‫وينفضهما ‪..‬‬
‫أكلت في أرقى المطاعم ‪ ..‬وما‬ ‫ثم أخرج دفترا ً صغيرا ً من‬
‫ذقت لذة كلذة طعامك أبدا ً ‪..‬‬ ‫جيبه ومكتوب على أول‬
‫‪283‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫‪ r‬النساء والطفال في مكان ‪..‬‬ ‫وبصراحة رأيت البارحة‬
‫فقام منهم خطيبهم زهير بن‬ ‫صديقا ً لي جاء من سفر ‪..‬‬
‫صرد فقال ‪:‬‬ ‫ومن باب المجاملة قلت له‬
‫يا رسول الله إنما في الحظائر‬ ‫تغد معي غدا ً ‪ ..‬فتفاجأت به‬
‫من السبايا خالتك ‪..‬‬ ‫أن وافق ‪ !!..‬فدعوت معه‬
‫وحواضنك ‪ ..‬اللتي كن‬ ‫بعض الصدقاء ‪ ..‬فليتك‬
‫يكفلنك ‪..‬‬ ‫تعملين لنا طعاما ً ‪..‬‬
‫ولو أنا ملحنا لبن أبي شمر ‪..‬‬ ‫هذا السلوب أحسن من‬
‫أو النعمان بن المنذر ‪..‬‬ ‫صراخك إذا دخلت بيتك ‪ :‬يا‬
‫ثم أصابنا منهما مثل الذي‬ ‫فلنة ‪ ..‬فلنة ‪..‬‬
‫أصابنا منك ‪ ..‬رجونا عائدتهم‬ ‫فتجيبك ‪ :‬لبيك ‪ ..‬أنا قادمة ‪..‬‬
‫وعطفهم ‪..‬‬ ‫وهي تظن أنك ستدعوها‬
‫وأنت رسول الله خير المكفولين‬ ‫إلى نزهة ‪..‬‬
‫‪ ..‬ثم أنشأ يقول ‪:‬‬ ‫فتقول ‪ :‬بسرعة ‪ ..‬بسرعة ‪..‬‬
‫امنن علينا رسول الله في كرم‬ ‫المطبخ ‪ ..‬المطبخ ‪ ..‬عندي‬
‫فإنك المرء‬ ‫رجال سيأتون ‪ ..‬ل تتأخري‬
‫نرجوه و ننتظر‬ ‫بالغداء ‪ ..‬وانتبهي أثناء‬
‫امنن على نسوة قد كنت‬ ‫إعداده ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫ترضعها‬ ‫ومثله لو أردت أن تطلب‬
‫إذ فوك تملؤه‬ ‫إجازة من مديرك ‪..‬‬
‫من محضها الدرر‬ ‫أو تخبر أمك أو أباك بخبر ‪..‬‬
‫ل تجعلنا كمن شالت نعامته‬ ‫وقد قرأت في سيرة النبي‬
‫و استبق منا‬ ‫الكرم ‪ .. e‬ما يدل على‬
‫فإنا معشر زهر‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫إنا لنشكر آلء و إن كفرت‬ ‫كان النبي ‪ r‬قد رضع في‬
‫وعندنا بعد هذا‬ ‫صغره قريبا ً من ديار هوازن‬
‫اليوم مدخر‬ ‫‪ ..‬وكان يرجو أن يسلموا ‪..‬‬
‫وقد أدب الله المؤمنين ‪..‬‬ ‫فبلغه ‪ ..‬أن هوازن قد‬
‫َ‬
‫مُنوا إ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫فقال ‪َ ":‬يا أي ّ َ‬ ‫جمعت جموعها ‪ ..‬فخرج‬
‫ن‬
‫موا ب َي ْ َ‬ ‫ف َ‬
‫قدّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫جي ْت ُ ُ‬‫َنا َ‬ ‫إليهم ‪ ..‬وقاتلهم ‪..‬‬
‫صدَ َ‬ ‫واك ُ ْ‬
‫)‪(99‬‬
‫‪..‬‬ ‫ة"‬‫ق ً‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬‫ي نَ ْ‬ ‫ي َدَ ْ‬ ‫فنصر الله نبيه ‪ r‬عليهم ‪..‬‬
‫وكانت العرب ‪ ..‬إذا أرادت أن‬ ‫فساق الغنائم ‪..‬‬
‫تستنجد بأحد ‪ ..‬أو تطلب عونه ‪..‬‬ ‫فأقبل بعضهم إلى رسول‬
‫أول ما تلجأ إلى الكلم والشعار‬ ‫الله ‪ .. r‬وهو نازل بالجعرانة‬
‫‪ ..‬فتحدث في النفوس مال‬ ‫‪..‬‬
‫تفعله السيوف ‪..‬‬ ‫وقد قتل من قتل من‬
‫) ( سورة المجادلة ) ‪.. ( 12‬‬ ‫‪99‬‬ ‫رجالهم ‪ ..‬وجعل رسول الله‬
‫‪284‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫والسلح ‪ ..‬وقاتلوهم معهم ‪..‬‬ ‫لما أقبل رسول الله ‪.. r‬‬
‫ففزعت خزاعة ‪..‬‬ ‫يريد العمرة ‪ ..‬خافت‬
‫وقتل من قتل من رجالهم‬ ‫قريش ‪..‬‬
‫ونسائهم وذراريهم ‪..‬‬ ‫وكاد النبي ‪ r‬أن يقاتلهم ‪..‬‬
‫فلما رأى رجل منهم وهو عمرو‬ ‫لول أنهم ‪ ..‬ألحوا عليه حتى‬
‫بن سالم ‪ ..‬ما حل بقومه ‪..‬‬ ‫كتب بينه وبينهم ‪ ..‬هدنة‬
‫ركب بعيره ‪ ..‬وهرب من يد‬ ‫لمدة عشر سنوات ‪ ..‬وقف‬
‫قريش ‪..‬‬ ‫للقتال ‪..‬‬
‫حتى قدم على رسول الله ‪ r‬في‬ ‫وكان في صلح الحديبية ‪..‬‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫لما كتب ‪ ..‬أنه من شاء من‬
‫فدخلها فزعا ً ‪ ..‬مصابا ً مكروبا ً ‪..‬‬ ‫القبائل أن يدخل في عقد‬
‫ثم أقبل إلى المسجد ‪ ..‬عليه أثر‬ ‫محمد وعهده دخل ومن شاء‬
‫الطريق ووعثاء السفر ‪..‬‬ ‫أن يدخل في عقد قريش‬
‫ووقف بين يدي رسول الله ‪.. r‬‬ ‫وعهدهم دخل ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫فتواثبت خزاعة وقالوا ‪:‬‬
‫يا رب إني ناشد محمدا ً‬ ‫نحن ندخل في عقد محمد‬
‫حلف أبيه وأبينا‬ ‫وعهده ‪..‬‬
‫التلدا‬ ‫وتواثبت بنو بكر وقالوا ‪:‬‬
‫وْلدا ً وكنا والدا ً‬
‫قد كنتم ِ‬ ‫نحن ندخل في عقد قريش‬
‫ثمت أسلمنا فلم‬ ‫وعهدهم ‪..‬‬
‫ننزع يدا‬ ‫وكان بين هذين الحيين دماء‬
‫ً‬
‫فانصر رسول الله نصرا أبدا‬ ‫وقتال ‪..‬‬
‫وادع عباد الله يأتوا‬ ‫واشتدت ضغينة قريش على‬
‫مددا‬ ‫خزاعة ‪ ..‬لكنهم خافوا أن‬
‫فيهم رسول الله قد تجردا‬ ‫يصيبوهم بشيء فينتصر لهم‬
‫إن سيما خسفا ً وجهه‬ ‫النبي ‪.. r‬‬
‫تربدا‬ ‫فلما مضى من هدنة‬
‫في فيلق كالبحر يجري مزبدا‬ ‫الحديبية ‪ ..‬نحو السبعة أو‬
‫إن قريشا ً أخلفوك‬ ‫الثمانية عشر شهرا ً ‪..‬‬
‫الموعدا‬ ‫وثب بنو بكر على خزاعة ‪..‬‬
‫قضوا ميثاقك المؤكدا‬ ‫ون ّ‬ ‫ليل ً بماء يقال له الوتير ‪..‬‬
‫وجعلوا لي في كداء‬ ‫وهو قريب من مكة ‪..‬‬
‫رصدا ً‬ ‫وطلبوا العانة من قريش ‪..‬‬
‫وزعموا أن لست أدعوأحدا‬ ‫فقالت قريش ‪ :‬ما يعلم بنا‬
‫فهم أذل وأقل عددا ً‬ ‫محمد وهذا الليل وما يرانا‬
‫هم بيتونا بالوتير هجدا‬ ‫من أحد ‪..‬‬
‫ً‬
‫وقتلونا ركعا وسجدا‬ ‫فأعانوهم عليهم بالكراع‬
‫‪285‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ديارهم ‪..‬‬ ‫فلما سمع النبي ‪ r‬هذا‬
‫فلقوا أبا سفيان بعسفان ‪ ..‬قد‬ ‫الكلم ‪ ..‬والشعر ‪ ..‬والنداء ‪..‬‬
‫بعثته قريش إلى رسول الله‬ ‫انتفض ‪ ..‬وغضب ‪..‬‬
‫‪.. r‬‬ ‫وقال ‪ " :‬نصرت يا عمرو بن‬
‫يشد العقد ويزيد في المدة ‪..‬‬ ‫سالم " ‪..‬‬
‫وقد رهبوا أن يكون بلغه ما‬ ‫ً‬
‫ثم قام ‪ ..‬مسرعا ‪ ..‬وأمر‬
‫فعلوا ‪..‬‬ ‫الناس بالتجهز للخروج‬
‫فلما لقي أبو سفيان بديل ً ‪..‬‬ ‫للقتال ‪..‬‬
‫خشي أن يكون أقبل من عند‬ ‫ففزع الناس يتجهزون ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. r‬فقال ‪ :‬من أين‬ ‫وهم ل يعلمون أين سيكون‬
‫أقبلت يا بديل ؟‬ ‫القتال ‪..‬‬
‫فقال بديل ‪ :‬سرت في خزاعة‬ ‫وقد خشي ‪ r‬أن يخبر‬
‫في هذا الساحل في بطن هذا‬ ‫بوجهته ‪ ..‬فيصل الخبر إلى‬
‫الوادي ‪..‬‬ ‫قريش ‪ ..‬وسأل الله أن‬
‫فسكت أبو سفيان ‪..‬‬ ‫يعمي على قريش خبره‬
‫فلما جاوزه بديل ‪..‬أقبل أبو‬ ‫حتى يبغتهم في بلدهم ‪..‬‬
‫سفيان إلى مبرك ناقة بديل ‪..‬‬ ‫ورسول الله ‪ ..r‬قد اشتد‬
‫فأخذ من بعرها ففته بيده ‪..‬‬ ‫غضبه على قريش‬
‫فرأى فيه نوى التمر ‪ ..‬فعلم أن‬ ‫لخيانتهم ‪ ..‬فكان يتجهز‬
‫الناقة كانت بالمدينة ‪ ..‬فهم‬ ‫ويقول ‪ :‬كأنكم بأبي سفيان‬
‫الذين يطعمون دوابهم نوى‬ ‫قد جاءكم يشد في العقد‬
‫التمر ‪ ..‬فقال أبو سفيان ‪:‬‬ ‫ويزيد في المدة " ‪.‬‬
‫أحلف بالله لقد جاء بديل‬ ‫ثم أقبل نفر من خزاعة‬
‫محمدا ً ‪..‬‬ ‫آخرين إلى رسول الله ‪.. r‬‬
‫ثم مضى أبو سفيان ‪..‬‬ ‫فيهم بديل بن ورقاء ‪ ..‬حتى‬
‫حتى وصل المدينة ‪ ..‬فتوجه إلى‬ ‫قدموا على رسول الله ‪.. r‬‬
‫بيت ابنته أم حبيبة زوج رسول‬ ‫فأخبروه بما أصيب منهم ‪..‬‬
‫الله ‪.. r‬‬ ‫ومظاهرة قريش بني بكر‬
‫فلما دخل أقبل ليجلس على‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫فراش رسول الله ‪ .. r‬فطوته‬ ‫فوعدهم النبي ‪ r‬بالنصر ‪..‬‬
‫من تحته ‪..‬‬ ‫وقال لهم ‪ " :‬ارجعوا‬
‫فقال ‪ :‬يا بنية ما أدري أرغبت‬ ‫فتفرقوا في البلدان " ‪..‬‬
‫بي عن هذا الفراش ‪ ..‬أو رغبت‬ ‫وخشي أن تعلم قريش‬
‫به عني ؟‬ ‫بخبرهم معه ‪ ..‬فتقاتلهم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬بل هو فراش رسول‬ ‫قبل وصوله إليهم ‪..‬‬
‫الله ‪ r‬وأنت مشرك نجس ‪..‬‬ ‫فانصرفوا راجعين إلى‬
‫فلم أحب أن تجلس على فراشه‬
‫‪286‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫وصله الله !‬ ‫‪..‬‬
‫فلما سمع أبو سفيان ذلك ‪..‬‬ ‫فعجب منها ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا بنية‬
‫طم ‪..‬‬ ‫تغير ‪ ..‬فكأنما ل ُ ِ‬ ‫والله لقد أصابك بعدي شر !‬
‫فخرج أبو سفيان وهو يقول ‪:‬‬ ‫ثم مضى أبو سفيان إلى‬
‫جزيت من ذي رحم شرا ً ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬فقال ‪ :‬يا‬
‫فلما يئس مما عندهم دخل على‬ ‫محمد اشدد العقد وزدنا في‬
‫علي ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬ ‫المدة ‪..‬‬
‫ً‬
‫يا علي أنت أقربهم بي نسبا ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : r‬ولذلك قدمت ؟‬
‫فاشفع لي إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫هل كان من حدث قبلكم ؟!‬
‫فقال له علي ‪ :‬يا أبا سفيان ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬معاذ الله ! نحن على‬
‫إنه ليس أحد من أصحاب رسول‬ ‫عهدنا وصلحنا يوم الحديبية‬
‫الله ‪ r‬يفتات على رسول الله ‪r‬‬ ‫ل نغير ول نبدل ‪..‬‬
‫بجوار ‪ ..‬أي ل يستطيع أحد‬ ‫فسكت عنه النبي ‪ .. r‬فكرر‬
‫منعه عن أحد إن أراده ‪ ..‬فهو ل‬ ‫عليه أبو سفيان ‪ ..‬ورسول‬
‫ينطق عن الهوى ‪..‬‬ ‫الله ‪ r‬ل يجيبه ‪..‬‬
‫وأنت سيد قريش ‪ ..‬وأكبرها ‪..‬‬ ‫فخرج من عند رسول الله‬
‫وأمنعها ‪ ..‬فأجر بين عشيرتك ‪..‬‬ ‫‪.. r‬‬
‫وامنع نفسك ‪ ..‬يعني ‪ :‬صح‬ ‫وأتى أبا بكر فقال ‪ :‬اشفع‬
‫بالناس إني قد منعت نفسي‬ ‫لي عند محمد ‪ ..‬أن يجدد‬
‫‪..‬ثم الحق بأرضك ‪..‬‬ ‫العقد ‪ ..‬ويزيد في المدة ‪..‬‬
‫قال أبو سفيان ‪ :‬أو ترى ذلك‬ ‫أو امنعني وقومي ‪..‬‬
‫يغني عني شيئا ً ‪..‬‬ ‫فقال أبو بكر ‪ :‬جواري في‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن هو رأي أراه ‪..‬‬ ‫جوار رسول الله ‪ .. r‬ول‬
‫فخرج أبو سفيان إلى الناس‬ ‫أمنع أحدا ً منه ‪ ..‬وأما أنا‬
‫في المدينة ثم صاح ‪..‬‬ ‫فوالله لو وجدت الذر‬
‫أل إني قد أجرت بين الناس ‪..‬‬ ‫تقاتلكم لعنتها عليكم ‪..‬‬
‫ول والله ما أظن أن يخفرني‬ ‫فخرج أبو سفيان ‪ ..‬فأتى‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫عمر بن الخطاب فكلمه ‪..‬‬
‫فقام أبو سفيان في المسجد‬ ‫فقال عمر بن الخطاب ‪ :‬أنا‬
‫فقال ‪ :‬أيها الناس إني قد‬
‫أشفع لكم عند رسول الله ‪r‬‬
‫أجرت بين الناس ‪..‬‬
‫؟‬
‫ثم ركب بعيره فانطلق إلى‬ ‫بل ما كان من حلفنا جديدا ً‬
‫مكة ‪..‬‬
‫فأخلقه الله ‪..‬‬
‫فلما أن قدم على قريش قالوا ‪:‬‬ ‫ً‬
‫وما كان منه مثبتا فقطعه‬
‫ما وراءك ؟‬
‫الله ‪..‬‬
‫هل جئت بكتاب من محمد أو‬
‫وما كان منه مقطوعا ً فل‬
‫عهد ؟‬
‫‪287‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫قال ‪ :‬ل والله لقد أبى‬
‫ليس مهما ً أن تنجح‬ ‫‪.90‬‬ ‫علي ‪..‬‬
‫دائما ً ‪..‬‬ ‫وقد تتبعت أصحابه فما رأيت‬
‫كان فهد يمشي مع صاحبه ‪-‬‬ ‫قوما ً لملك عليهم أطوع‬
‫العنيد المكابر ‪ -‬في صحراء‬ ‫منهم له ‪..‬‬
‫فرأيا سوادا ً رابضا ً على‬ ‫ولقد جئت محمدا ً فكلمته ‪..‬‬
‫التراب ‪ ..‬تخفيه الريح تارة‬ ‫فوالله ما رد علي شيئا ً ‪..‬‬
‫وتظهره تارة ‪..‬‬ ‫ثم جئت ابن أبي قحافة‬
‫التفت فهد إلى صاحبه وسأله ‪:‬‬ ‫فوالله ما وجدت فيه خيرا ً ‪..‬‬
‫تتوقع ‪ ..‬ما هذا ؟!‬ ‫ثم جئت عمر فوجدته أعدى‬
‫فقال صاحبه ‪ :‬هذه عنز !!‬ ‫عدو‪..‬‬
‫قال فهد ‪ :‬بل غراب ‪..‬‬ ‫ثم جئت عليا ً فوجدته ألين‬
‫قال صاحبه ‪ :‬أقول لك ‪ :‬عنز ‪..‬‬ ‫القوم ‪..‬‬
‫يعني عنز ‪..‬‬ ‫وقد أشار علي بأمر‬
‫قال فهد ‪ :‬طيب نقترب‬ ‫صنعته ‪ ..‬فوالله ما أدري هل‬
‫ونتأكد ‪..‬‬ ‫يغني عنا شيئا ً أم ل ؟‬
‫اقتربا ‪ ..‬وجعل يركزان النظر‬ ‫قالوا ‪ :‬بماذا أمرك ؟‬
‫أكثر وأكثر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أمرني أن أجير بين‬
‫كان واضحا ً أن الذي أمامهما‬ ‫الناس ففعلت ‪..‬‬
‫غراب !!‬ ‫قالوا ‪ :‬هل أجاز ذلك محمد ؟‬
‫قال فهد ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬والله غراب‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬ويحك ما زادك الرجل‬
‫هز صاحبه رأسه بكل حزام‬ ‫على أن لعب بك ‪ ..‬فما يغني‬
‫وقال ‪ :‬عنـززززز‬ ‫عنا ما قلت ‪..‬‬
‫سكت فهد ‪ ..‬واقتربا أكثر ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ل والله ما وجدت‬
‫فشعر الغراب باقترابهما فطااار‬ ‫غير ذلك ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فاغتم أبو سفيان ‪ ..‬ودخل‬
‫فصاح فهد ‪ :‬الله أكبر ‪ ..‬غراب ‪..‬‬ ‫على امرأته فحدثها الحديث‬
‫أرأيت غراب ‪ ..‬طار ‪..‬فقال‬ ‫فقالت ‪:‬‬
‫صاحبه ‪ :‬عننننـز ‪ ..‬لو طار !!‬ ‫قبحك الله من وافد قوم !‬
‫لماذا أوردت هذه القصة ؟‬ ‫فما جئت بخير ‪..‬‬
‫أوردتها لجل أن أبين ‪ :‬أن هذه‬ ‫ثم أقبل رسول الله ‪ .. r‬إلى‬
‫المهارات التي تقدمت فيما‬ ‫مكة فاتحا ً ‪..‬‬
‫مضى من صفحات ‪ ..‬تصلح مع‬
‫الناس عموما ً ‪..‬‬ ‫م ‪..‬‬
‫‪ ..‬بالشارة يفه ُ‬
‫لكن مع ذلك يبقى أن بعض‬ ‫اللقمة الكبيرة تحتاج لمضغ‬
‫الناس مهما مارست معه‬ ‫جيد قبل ابتلعها‬
‫‪288‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫مهارات ل يتفاعل معك ‪..‬‬
‫كن بطل ً وابدأ الن‬ ‫‪.91‬‬ ‫فلو مارست معه مهارة‬
‫أذكر أني ألقيت دورة في‬ ‫اللمح ‪ ..‬فقلت ‪ :‬ما شاء الله‬
‫مهارات التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫ما أجمل ثيابك ‪ ..‬كأنك‬
‫كان عبد العزيز من بين‬ ‫عريس ‪ ..‬وأنت تتوقع منه أن‬
‫الحضور ‪ ..‬كان تأثره واضحا ً ‪..‬‬ ‫يتبسم ويشكرك على لطفك‬
‫لحظته يكتب كل شاردة وواردة‬ ‫‪ ..‬فإنه ل يفعل ذلك ‪ ..‬وإنما‬
‫‪..‬‬ ‫ينظر إليك شزرا ً ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫مضت أيام الدورة الثلثة ‪..‬‬ ‫طيب ‪ ..‬طيب ‪ ..‬ل تجامل ‪..‬‬
‫وتفرقنا ‪..‬‬ ‫ل تستخف دمك ‪ ..‬ونحو ذلك‬
‫بعدها بشهر ألقيت الدورة‬ ‫من العبارات السامجة التي‬
‫نفسها مرة أخرى ‪ ..‬فلما نظرت‬ ‫تدل على عدم خبرته في‬
‫إلى الحضور ‪ ..‬فإذا عبد العزيز‬ ‫التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫يجلس في الصف الول !!‬ ‫ومثله المرأة التي قد‬
‫تملكني العجب !! لماذا يحضرها‬ ‫تمارس مع زوجها مهارات ‪..‬‬
‫مرة أخرى وهو يعلم أني سأعيد‬ ‫كمهارة التفاعل مثل ً ‪..‬‬
‫الكلم نفسه !‬ ‫فيحكي نكتة باردة ‪..‬‬
‫لما أذن للصلة ‪ ..‬أخذته ومشيت‬ ‫فتتفاعل معه ضاحكة ‪..‬‬
‫به جانبا ً ‪ ..‬وسألته ‪ :‬عبد‬ ‫فيقول ‪ :‬طيب ‪ ..‬ل تغصبي‬
‫العزيز ‪ ..‬لماذا تحضر مرة‬ ‫نفسك على الضحك ؟!!‬
‫أخرى ‪ ..‬وأنت تعلم أني سأعيد‬ ‫إذا واجهت هذه النوعيات‬
‫الكلم نفسه ‪ !! ..‬والمذكرة‬ ‫من الناس فاعلم أنهم ل‬
‫التي بين يديك هي نفسها‬ ‫يمثلون المجتمع ‪..‬‬
‫المذكرة السابقة !! والشهادة‬ ‫ولقد جربت هذه المهارات‬
‫التي ستحصل عليها هي‬ ‫بنفسي ‪ ..‬نعم والله جربتها‬
‫الشهادة نفسها !! يعني لن‬ ‫بنفسي فرأيت آثارها في‬
‫تستفيد شيئا ً ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬كبارا ً وصغارا ً ‪..‬‬
‫فقال لي ‪ :‬تصدق !! والله إن‬ ‫بسطاء وأذكياء ‪ ..‬وأصحاب‬
‫أصحابي وزملئي يقولون لي ‪:‬‬ ‫مناصب عليا ‪ ..‬وطلب عندي‬
‫يا عبد العزيز أنت تغيرت في‬ ‫في الكلية ‪ ..‬ومع أولدي ‪..‬‬
‫تعاملك معنا منذ شهر ‪..‬‬ ‫فرأيت لها أعاجيب ‪..‬‬
‫ففكرت في ذلك فإذا أنا أطبق‬ ‫بل جربتها مع مختلف‬
‫ما تعلمته من مهارات في‬ ‫الجناس والجنسيات ‪..‬‬
‫الدورة السابقة ‪ ..‬فجئت لحضر‬ ‫فرأيت آثارها ‪..‬‬
‫الدورة مرة أخرى لتأكيد ما‬ ‫والله إني لك ناصح ‪..‬‬
‫تعلمته من مهارات ‪..‬‬ ‫باختصار ‪..‬‬
‫إذا كنت جادا ً في التغيير فكن‬ ‫هل أنت جاد في التغيير ؟‬
‫‪289‬‬
‫حـيـاِتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــك‬‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫بطل ً وابدأ الآآآن ‪..‬‬

‫‪290‬‬

You might also like