You are on page 1of 3

‫﴾بسم الله الرحمن الرحيم﴿‬

‫﴾مقومات النهضة والحضارة في التصور السلمي﴿‬


‫الدكتور عبد السلم بلجي‬
‫أول‪ :‬مدخل وتمهيد‪:‬‬
‫يمتلضضك السضضلم تصضضورا خاصضضا للكضضون والنسضضان‪ ،‬ويقضضدم مفهضضومه للنهضضضة‬
‫والحضضضارة النسضضانية‪ ،‬فضضي منطلقاتهضضا‪ ،‬وشضضروطها ومقومضضاته‪ ،‬ومقاصضضدها )أو‬
‫فلسفتها(‪ ،‬ونواقضها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تعريف النهضة والحضارة‪:‬‬
‫النهضضة بمفهومهضا الخضاص هضي حركضة إحيضاء الضتراث القضديم‪ ،‬أمضا بمعناهضا‬
‫الواسع فهي عبارة عن ذلك التطور القديم في كل من الفنضضون والداب والعلضضوم‪،‬‬
‫وطضضرق التعضضبير‪ ،‬والدراسضضات‪ ،‬ومضضا صضضاحب ذلضضك مضضن تغيضضر فضضي أسضضس الحيضضاة‬
‫الجتماعية والقتصادية والدينية والسياسية‪.(1) .‬‬
‫الحضارة‪ ...‬هي ثمرة كل جهضضد يقضضوم بضضه النسضضان لتحسضضين ظضضروف حيضضاته‬
‫سواء أكان المﺠهود المبذول للوصول إلى تلك الثمضضرة مقصضضودا أم غيضضر مقصضضود‪،‬‬
‫وسواء أكانت الثمرة مادية أم معنوية‪.(2).‬‬
‫نظرية العمران والحضارة عند علماء المسلمين ومنهم ابن خلدون‪.‬‬
‫﴿هو أنشأكم من الرض واستعمركم فيها﴾‪) .‬سورة هود‪ ،‬الية ‪.(61‬‬
‫ثالثا‪ :‬منطلقات ومقومات النهضة‪:‬‬
‫‪ -1‬التوحيد واليمان‪ :‬هو منطلق ومقصد ﴿وقضى ربك أل تعبدوا إل إيضضاه‬
‫وبالوالدين إحسانا﴾‪.‬‬
‫‪ -2‬اتباع ميراث النبببوة‪ :‬وحضضدة المرسضضل‪ ،‬والمرسضضل إليهضضم‪ ،‬والرسضضل‪،‬‬
‫والرسالة‪ .‬قال رسول الله ‪»:‬إن مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثضضل رجضضل بنضضى‬
‫بيتا ً فأحسنه وأجمله إل موضع لبنة من زاوية فﺠعل الناس يطوفضضون بضضه ويعﺠبضضون‬
‫له ويقولون‪ :‬هل وضعت هذه اللبنة؟ قال‪ :‬فأنا اللبنة وأنا خضضاتم النضضبيين«‪) .‬أخرجضضه‬
‫البخاري‪ ،‬ومسلم‪ ،‬وأبو داود‪ ،‬واحمد‪ ،‬عن أبي هريرة(‪.‬‬
‫الحتفاء بالنبياء السابقين وذكرهم في القرآن أكثر من نبي السلم محمضضد‬
‫الذي ذكر أربع مرات باسمه‪ ،‬بينما ذكر الخرون أكثر من ذلك‪(3) .‬‬
‫‪ -3‬مراعاة الفطرة النسانية‪ :‬قال رسول الله ‪» :‬إنمضضا بعثضضت لتمضضم‬
‫مكارم الخلق«‪) .‬أخرجه أحمد والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة(‪.‬‬
‫‪ -4‬النسان محور التغيير وأداته‪﴿ :‬إن الله ل يغير ما بقوم حتى يغيضضروا‬
‫ما بأنفسهم﴾‪.‬‬

‫‪ -11‬موسوعة ويكيبيديا اللكترونية‪ ،‬الرابط‪/ar.wikipedia.org/wiki :‬عصر_النهضة‪.‬‬


‫‪ -22‬الحضارة‪ ،‬الدكتور حسين مؤنس‪ ،‬ص ‪ .13‬سلسلة عالم الفكر الكويتية‪ ،‬العببدد ‪ ،1‬ينبباير ‪1978‬‬
‫م‪.‬‬
‫‪ -33‬عدد مرات ذكر النبياء في القرآن الكريم‪ :‬موسى عليه الصلة والسببلم‪ 136:‬مببرة‪ ،‬إبراهيببم‬
‫عليه الصلة والسلم‪ 69:‬مرة‪ ،‬نوح عليه الصلة والسلم‪ 43:‬مرة‪ ،‬يوسف عليه الصببلة والسببلم‪:‬‬
‫‪ 27‬مرة‪ ،‬لوط عليه الصلة والسلم‪ 27:‬مرة‪ ،‬عيسببى عليببه الصببلة والسببلم‪ 25:‬مببرة‪ ،‬آدم عليببه‬
‫الصلة والسلم‪ 25:‬مرة‪ ،‬هارون عليه الصلة والسلم‪ 20:‬مرة‪ ،‬إسحاق عليه الصلة والسببلم‪17:‬‬
‫مرة‪ ،‬سليمان عليه الصلة والسلم‪ 17:‬مرة‪ ،‬يعقببوب عليببه الصببلة والسببلم‪16:‬مببرة‪ ،‬داود عليببه‬
‫الصلة والسلم‪ 16:‬مرة‪ ،‬إسماعيل عليه الصلة والسلم‪ 12:‬مرة‪ ،‬شعيب عليه الصببلة والسببلم‪:‬‬
‫‪ 11‬مرة‪ ،‬صالح عليه الصلة والسلم‪ 9:‬مرات‪ ،‬زكريا عليه الصببلة والسببلم‪7:‬مببرات‪ ،‬يحيببى عليببه‬
‫الصلة والسلم‪ 5:‬مرات‪ ،‬هود عليه الصلة والسلم‪ 04:‬مرات‪ ،‬محمد صلى اللببه عليببه وسببلم ‪4 :‬‬
‫مرات‪ ،‬أيوب عليه الصلة والسلم‪ 4:‬مرات‪ ،‬يونس عليه الصببلة والسببلم‪ 4:‬مببرات‪ ،‬اليسببع عليببه‬
‫الصببلة والسببلم‪:‬مرتببان‪ ،‬ذو الكفببل عليببه الصببلة والسببلم‪:‬مرتببان‪ ،‬إليبباس عليببه الصببلة‬
‫والسلم‪:‬مرتان‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ -5‬دور العلم والمعرفة‪﴿ :‬اقرأ باسم ربك الضضذي خلضضق﴾‪) .‬سضضورة العلضضق‪،‬‬
‫الية ‪.(1‬‬
‫‪ -6‬نشر ثقافة التدافع والتنافس‪ :‬والحضضوار الحضضضاري‪ ،‬بضضدل الصضضراع‬
‫والقتتال‪﴿ :‬يا أيها النضضاس إنضضا خلقنضضاكم مضضن ذكضضر وأنضضثى وجعلنضضاكم شضضعوبا وقبضضائل‬
‫لتعارفوا﴾‪) .‬سورة الحﺠرات‪ ،‬الية ‪.(13‬‬
‫﴿ولول دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الرض‪ .‬ولكن اللضضه ذو فضضضل‬
‫على العالمين﴾‪) .‬سورة البقرة‪ ،‬الية ‪.(251‬‬
‫﴿ولول دفاع الله الناس بعضهم لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يضضذكر‬
‫الله فيها كثيرا‪ .‬ولينصرن الله من ينصره‪ .‬إن الله لقوي عزيز﴾‪) .‬سورة الحج‪ ،‬الية‬
‫‪.(4) .(40‬‬
‫رابعا‪ :‬شروط النهضة الحضارية‪ :‬أوردها صامويل هنتغتضضون فضضي كتضضابه‬
‫صراع الحضارات‪.‬‬
‫‪ -1‬العقيدة المحركة‬
‫‪ -2‬الموارد البشرية اللزمضضة‪ :‬تكضضاثروا تناسضضلوا فضضإني مبضضاه بكضضم المضضم يضضوم‬
‫القيامة‬
‫‪ -3‬الموارد الطبيعية الكافية‬
‫‪ -4‬المواقع الﺠغرافية والستراتيﺠة الضرورية‬
‫‪ -5‬إرادة النهوض والتقدم‬
‫خامسببا‪ :‬مقاصببد وأهببداف النهضببة‪ :‬السضضتخلف والتمكيضضن‪ ،‬المضضن‬
‫الشامل‪ ،‬اليمان بالله وعبادته‪.‬‬
‫﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الرض كمضضا‬
‫استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعضضد‬
‫خوفهم أمنضضا‪ .‬يعبضضدونني ل يشضضركون بضي شضضيئا‪ .‬ومضضن كفضضر بعضضد ذلضضك فضضاؤلئك هضضم‬
‫الفاسقون﴾‪) .‬سورة النور‪ ،‬الية ‪.(55‬‬
‫﴿الذين إن مكناهم في الرض أقاموا الصلة وآتوا الزكاة وأمضضروا بضضالمعروف‬
‫ونهوا عن المنكر ولله عاقبة المور﴾‪) .‬سورة الحج‪ ،‬الية ‪.(41‬‬
‫تحصيل سعادة النسان في الدنيا والخرة‪ ،‬وذلك بواسضضطة اليمضضان والمضضن‬
‫الروحي‪ ،‬والعبادة‪ ،‬وتنظيم وتحقيضضق مختلضضف متطلبضضات حيضضاة النسضضان الجتماعيضضة‬
‫والسياسية والقتصادية‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬مجالت ومظاهر الحضارة السلمية‪:‬‬
‫شملت الحضارة السلمية كل مﺠالت الحياة‪ ،‬وكان خدمة الدين ومقاصده‬
‫منطلقها وغايتهما‪ ،‬ويمكن ضرب أمثلة على الهتمام بمقاصد الشريعة الخمسضضة –‬
‫بواسطة مختلف العلوم والفنون‪ -‬كما يلي‪:‬‬
‫الدين‪ :‬الفلك‪ ،‬المواقيت‪ ،‬العمران‪ ،‬الحساب والهندسة‪،‬‬

‫‪ -44‬هناك عدة أحاديث في هذا المجال‪ ،‬وهي رغم ضعف سندها الشديد‪ ،‬إل أن لها شببواهد مببن‬
‫القرآن الكريم والسنة النبوية والتاريخ والواقع النسانيين‪ ،‬ولببذلك أوردت بعضببها فببي الهببامش‬
‫دون المتن‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫أ‪» -‬إن الله ليدفع بالمؤمن الصالح عن مائة من أهل بيت من جيرانببه البلء«‪ .‬ثببم قببرأ قببوله ابببن‬
‫عمر‪ :‬ولول دفاع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الرض‪) .‬أخرجه الطبراني عن عبببد اللببه ابببن‬
‫عمر(‪.‬‬
‫]‪» -‬إن الله ليصلح بصلح الرجل ولده‪ ،‬وولد ولده‪ ،‬وأهله دويرته‪ ،‬ودويرات حوله‪ ،‬ول يزالون في‬
‫حفظ الله ما دام فيهم«‪) .‬أورده ابن كثير في تفسيره وضعفه‪ ،‬والقرطبي فببي الجببامع لحكببام‬
‫القرآن عن جابر بن عبد الله(‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫النفضضس‪ :‬الطضضب‪ ،‬الزراعضضة‪ ،‬الفنضضون‪ ،‬العمضضران‪ ،‬التصضضوف السضضني وتهضضذيب‬
‫النفس‪،‬‬
‫العقل‪ :‬التعليم‪ ،‬الفتوة‪،‬‬
‫النسل والعرض‪ :‬علوم النسب‪ ،‬علوم الخلق‪ ،‬علوم التربية والسلوك‬
‫المال‪ :‬الزكاة‪ ،‬الوقف‪ ،‬التﺠارة‪ ،‬الرياضيات والحساب‬
‫العلوم‪ ،‬الفنون‪ ،‬المعمار‪ ،‬الصناعة‪،‬‬
‫سابعا‪ :‬نواقض النهضة من خلل حديث نبوي‪:‬‬
‫»إذا اتخذ الفيء دول ‪،‬والمانة مغنما‪ ،‬والزكضضاة مغرمضضا‪ ،‬وتعلضضم لغيضضر الضضدين‪،‬‬
‫وأطاع الرجل امرأته وعق أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه‪ ،‬وظهرت الصوات فضضي‬
‫المساجد‪ ،‬وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهضم وأكضضرم الرجضل مخافضة‬
‫شره‪ ،‬وظهرت القينات والمعازف‪ ،‬وشربت الخمور‪ ،‬ولعن آخر هضضذه المضضة أولهضضا‪،‬‬
‫فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء‪ ،‬وزلزلة وخسفا ومسخا‪ ،‬وقذفا‪ ،‬وآيات تتابع كنظام‬
‫بال قطع سلكه فتتابع«‪) .‬أخرجه الترمذي عضضن عليضضو أبضضي هريضضرة‪ ،‬وقضضال‪ :‬حضضديث‬
‫غريب ل نعرفه إل من هذا الوجه(‪ .‬قال الشيخ العثيمين‪ :‬الحديث وإن كان ضضضعيف‬
‫السند لكن له شاهد من الحاديث و من الواقع‪.‬‬
‫ويتضمن هذا الحديث العوامل التالية المؤدية لغضضضب اللضضه‪ ،‬ونقضضض النهضضضة‬
‫والنحطاط والتخلف‪.‬‬
‫احتكار الخيرات والموال‪ :‬اتخاذ الفيء دول‪ .‬وضضضعف والنفضضاق الجتمضضاعي‪:‬‬
‫الزكاة مغرما‪.‬‬
‫الفسضاد واختلل القيضم‪ :‬المانضة مغنمضا‪ :‬أمانضة السضتخلف‪ ،‬المانضة العامضة‪،‬‬
‫والمانة الخاصة‪﴿ .‬إنا عرضنا المانضضة علضضى السضضماوات والرض والﺠبضضال فضضأبين أن‬
‫يحملنها وأشفقن منها وحملها النسان إنه كان ظلومضضا جهضضول﴾‪) .‬سضضورة الحضضزاب‪،‬‬
‫الية ‪ .(72‬وحديث‪» :‬كلكم راع وكلكم مسئول ‪.(5) .«..‬‬
‫ارتباك مقاصد العلم‪ :‬ۥتعلم لغير الدين‪) .‬العلم النافع‪ :‬يحقق مصالح النسان‬
‫شرعا وعقل(‪.‬‬
‫اختلل القيم الجتماعية‪ :‬أطاع الرجضضل امرأتضضه‪ ،‬وعضضق أمضضه‪ ،‬وأدنضضى صضضديقه‪،‬‬
‫وجفا أباه‪.‬‬
‫ضغف حرمة الدين‪ :‬ظهرت الصوات في المساجد‪﴿ .‬وأن المسضضاجد للضضه فل‬
‫تدعو مع الله أحدا﴾‪) .‬سورة الﺠن‪ ،‬الية ‪.(18‬‬
‫الستبداد والفسضضاد السياسضضي‪ :‬سضضاد القبيلضضة فاسضضقهم‪ ،‬وكضضان زعيضضم القضضوم‬
‫أرذلهم‪ ،‬وأكرم الرجل مخافة شره‪﴿ .‬فاستخف قضضومه فأطضضاعوه﴾‪﴿ .‬ل أريكضضم إل مضضا‬
‫أرى﴾‪.(6) .‬‬

‫النحلل الخلقي‪ :‬وظهرت القينات‪ ،‬والمعازف‪ ،‬وشربت الخمور‪.‬‬


‫ضعف النتماء الحضاري‪ :‬لعن آخر هذه المة أولها‪.‬‬
‫خلصة‪ :‬كل عوامل النهوض الحضاري متوفرة للمة‪ ،‬لكن ل بد من قابليضضة‬
‫وإرادة النهوض‪.‬‬

‫»كلكم راع‪ ،‬وكلكم مسئول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع وهببو مسببئول عببن رعيتببه‪،‬‬ ‫‪ -55‬قال النبي‬
‫والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسببئولة‬
‫عن رعيتها‪ ،‬والرجل راع في مال أبيه وهو مسئول عن رعيتببه‪ ،‬فكلكببم راع وكلكببم مسببئول عببن‬
‫رعيته«‪) .‬أخرجه البخاري و مسلم‪ ،‬عن عبد الله بن عمر(‪.‬‬
‫‪ -66‬وانظر الحديث‪» :‬إذا كان أمراؤكم خياركم‪ ،‬وأغنيبباؤكم سببمحاءكم‪ ،‬وأمببوركم شببورى بينكببم‪،‬‬
‫فظهر الرض خير لكم من بطنها‪ ،‬وإذا كان أمراؤكم شراركم‪ ،‬وأغنياؤكم بخلءكم‪ ،‬وأموركم إلى‬
‫نسائكم‪ ،‬فبطن الرض خير لكم من ظهرها«‪) .‬أخرجه الترمذي عن أبي هريرة وضعفه(‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like