You are on page 1of 108

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫كتاب تهافت الفلسفة‬


‫للمام‪ ،‬حجة السلم‪ ،‬أبي حامد‬
‫محمد بن محمد بن محمد الغزالي‪،‬‬
‫الطوسي‪.‬‬
‫المتوفى‪ :‬سنة ‪ ،505‬خمس وخمسمائة‪.‬‬
‫‪ - 1‬الدعاء الى الله‬
‫نسأل الله تعالى بجلله‪ ،‬الموفى على كل نهاية‪ ،‬وجوده المجاوز كل‬
‫غاية؛ أن يفيضضض علينضضا أنضضوار الهدايضضة‪ ،‬ويقبضضض عنضضا ظلمضضات الضضضلل‬
‫والغواية‪ ،‬وأن يجعلنضضا ممضضن رأى الحضضق حق ضا ً فضضآثر اتبضضاعه واقتفضضاءه‪،‬‬
‫ورأى الباطل باطل فاختار اجتنابه واجتواءه‪ ،‬وان يلقنا السعادة الضضتى‬
‫وعد بها انبياءه وأولياءه‪ ،‬وأن يبلغنضضا مضضن الغبطضضة والسضضرور والنعمضضة‬
‫والحبور‪ ،‬اذا ارتحلنا عن دار الغرور‪ ،‬ما ينخفضضض دون اعليهضضا مراقضضى‬
‫الفهام‪ ،‬ويتضاءل دون اقاصيها مرامى سهام الوهام‪ ،‬وان ُينيلنا‪ ،‬بعد‬
‫الورود على نعيم الفردوس والصدور من هول المحشر ‪ ،‬مضا ل عيضن‬
‫رأت ول اذن سمعت ول خطر على قلب بشر‪ ،‬وأن يصلى على نبينضضا‬
‫المصضضطفى محمضضد خيضضر البشضضر ‪ ،‬وعلضضى آلضضه الطّيضضبين وأصضضحابه‬
‫الطاهرين مفاتيح الهدى ومصابيح الدجى ‪ ،‬ويسلم تسليمًا‪.‬‬
‫‪ - 2‬اعراض البعض عن الدين‪...‬‬
‫أما بعد فإني رأيت طائفة يعتقدون في أنفسهم التميز عضضن التضضراب‬
‫والنظراء‪ ،‬بمزيد الفطنة والضضذكاء‪ ،‬قضضد رفضضضوا وظضضائف السضضلم مضضن‬
‫العبادات‪ ،‬واستحقروا شعائر الدين من وظضضائف الصضضلوات‪ ،‬والتضضوقي‬
‫عن المحظورات‪ ،‬واستهانوا بتعبدات الشرع وحدوده‪ ،‬ولم يقفوا عند‬
‫توفيقاته وقيوده‪ ،‬بل خلعوا بالكلية ربقة الدين‪ ،‬بفنون مضضن الظنضضون‪.‬‬
‫يتبعون فيها رهطضا ً يصضضدون عضضن سضضبيل اللضضه‪ ،‬ويبغونهضضا عوجضًا‪ ،‬وهضضم‬
‫بالخرة هم كافرون‪ ،‬ول مستند لكفرهم غيضضر تقليضضد سضضماعي‪ ،‬ألفضضي‬
‫كتقليد اليهود و النصارى‪ .‬إذ جضضرى علضضى غيضضر ديضضن السضضلم نشضضؤهم‬
‫وأولدهم‪ ،‬وعليضضه درج آبضضاؤهم وأجضضدادهم‪ ،‬ل عضضن بحضضث نظضضري‪ ،‬بضضل‬
‫تقليد صادر عن التعثر بأذيال الشضبه الصضارفة عضن صضوب الصضواب‪،‬‬
‫والنخداع بالخيالت المزخرفة كل مع السراب‪ .‬كمضضا اتفضضق لطضضوائف‬
‫من النظار في البحث عن العقائد والراء من أهل البدع والهواء‪.‬‬
‫‪ – 3‬لما بلغهم عن الفلسفة من حسن السمعة‬
‫وإنما مصدر كفرهم سماعهم أسامي هائلة كسضضقراط وبقضضراط‬
‫وأفلطون وأرسطاطاليس وأمثالهم‪ ،‬وإطناب طضضوائف مضضن متبعيهضضم‬
‫وضضضللهم فضضي وصضضف عقضضولهم‪ ،‬وحسضضن أصضضولهم‪ ،‬ودقضضة علضضومهم‬
‫الهندسية‪ ،‬والمنطقية‪ ،‬والطبيعية‪ ،‬واللهية‪ ،‬واستبدادهم لفرط الذكاء‬
‫والفطنة‪ ،‬باستخراج تلك المضضور الخفيضضة‪ .‬وحكضضايتهم عنهضضم أنهضضم مضضع‬
‫رزانة عقلهم‪ ،‬وغزارة فضلهم‪ ،‬منكرون للشرائع والنحضضل‪ ،‬وجاحضضدون‬
‫لتفاصضيل الديضان والملضل‪ ،‬ومعتقضدون أنهضا نضواميس مؤلفضة‪ ،‬وحيضل‬
‫مزخرفة‪.‬‬
‫‪ - 4‬ضللهم‬
‫فلما قرع ذلك سمعهم‪ ،‬ووافق ما حكى من عقائدهم طبعهضضم‪،‬‬
‫تجملوا باعتقاد الكفر‪ ،‬تحيزا ً إلى غمار الفضضضلء بزعمهضضم‪ ،‬وانخراط ضا ً‬
‫في سلكهم‪ ،‬وترفعا ً عن مساعدة الجماهير والدهماء‪ ،‬واستنكافا ً من‬
‫القناعة بأديان الباء ظنا ً بأن إظهار التكايس فضضي النضضزوع عضضن تقليضضد‬
‫الحق بالشروع في تقليد الباطل جمال وغفلة منهم‪ ،‬عن أن النتقال‬
‫إلى تقليد عن تقليد خرف وخبال‪ .‬فأية رتبة في عضضالم اللضضه سضضبحانه‬
‫وتعالى أخضضس مضضن رتبضضة مضضن يتجمضضل بضضترك الحضضق‪ ،‬المعتقضضد تقليضضدا ً‬
‫بالتسارع إلى قبول الباطضضل‪ ،‬تصضضديقا ً دون أن يقبلضضه خضضبرا ً وتحقيق ضًا‪.‬‬
‫والبلة مضضن العضضوام بمعضضزل عضضن فضضضحية هضضذه المهضضواة‪ ،‬فليضضس فضضي‬
‫سجيتهم حب التكايس بالتشبه بذوى الضضللت‪ ،‬فالبلهضضة أدنضى إلضضى‬
‫الخلص من فطانة بتراء‪ ،‬والعمى أقضضرب إلضضى السضضلمة مضضن بصضضيرة‬
‫حولء‪.‬‬
‫‪ - 5‬الكتاب هذا رد على الفلسفة‬
‫فلما رأيت هذا العرق من الحماقة نابضا ً علضضى هضضؤلء الغبيضضاء‪،‬‬
‫ابتدأت لتحرير هذا الكتاب‪ ،‬ردا ً على الفلسفة القدماء‪ ،‬مبينا ً تهضضافت‬
‫عقيدتهم‪ ،‬وتناقض كلمتهم‪ ،‬فيما يتعلق باللهيات‪ ،‬وكاشفا ً عن غضوائل‬
‫مذهبهم‪ ،‬وعوراته التي هي علضضى التحقيضضق مضضضاحك العقلء‪ ،‬وعضضبرة‬
‫عند الذكياء‪ .‬أعني‪ :‬ما اختصوا به عن الجماهير والدهماء‪ ،‬من فنضضون‬
‫العقائد والراء‪.‬‬
‫‪ - 6‬أكابر الفلسفة ل ينكرون وجود الله‬
‫هذا مضضع حكايضضة مضضذهبهم علضضى وجهضضه‪ ،‬ليتضضبين هضضؤلء الملحضضدة‬
‫تقليدًا‪ ،‬اتفاق كل مرموق مضن الوائل ةالواخضضر‪ ،‬علضضى اليمضان بضالله‬
‫واليوم الخر ‪ .‬وأن الختلفات راجعة إلى تفاصيل خارجة عن هضضذين‬
‫القطبين‪ ،‬الذين لجلهما بعث النبياء المؤيدون بالمعجزات‪ ،‬وأنضضه لضضم‬
‫يذهب إلى إنكارهما إل شرذمة يسيرة‪ ،‬من ذوى العقول المنكوسضضة‪،‬‬
‫والراءة المعكوسضضة‪ ،‬الضضذين ل يضضؤبه لهضضم ‪ ،‬ول يعبضضأ بهضضم فيمضضا بيضضن‬
‫النظار‪ ،‬ول يعدون إل من زمرة الشياطين الشرار ‪ ،‬وغمضضار الغبيضضاء‬
‫والغمار‪ ،‬ليكف عن غلوائه من يظن أن التجمل بضضالكفر تقليضضدا ً يضضدل‬
‫على حسن رأيه؛ ويشعر بفطنتو وذكائه ؛ إذ يتحقق أن هضضؤلء الضضذين‬
‫يشتبه بهم من زعماء الفلسفة ورؤسائهم برآء عمضضا قضضذفوا بضضه مضضن‬
‫جحضد الشضرائع‪ ،‬وأنهضم مؤمنضون بضالله ‪ ،‬ومصضدقون برسضله ‪ ،‬وأنهضم‬
‫اختيطوا في تفاصيل بعد هذه الصول ‪ ،‬قد زلوا فيها‪ ،‬فضلوا وأضضضلوا‬
‫عن شواء السبيل‪.‬‬
‫‪ - 7‬سبب انخداعهم‬
‫ونحضضن نكشضضف عضضن فنضضون مضضا انخضضدعوا بضضه‪ ،‬مضضن التخابيضضل‬
‫والباطيل؛ ونبين أن كل ذللك تهويل‪ ،‬ماوراءه تحصيل‪ ،‬واللضضه تعضضالى‬
‫ولى التوفيق‪ ،‬لظهار ما قصصدناه من التحقيق‪.‬‬
‫در الن الكتاب بمقدمات ُتعرب عن مساق الكلم في الكتاب‪.‬‬ ‫ص ّ‬
‫ولن ُ َ‬
‫مقدمة‬
‫ليعلم أن الخوض في حكاية اختلف الفلسفة تطويل‪ ،‬فضضإن خبطهضضم‬
‫طويل‪ ،‬ونزاعهم كثير‪ ،‬وآراءهم منتشرة‪ ،‬وطرقهم متباعدة متدابرة ‪،‬‬
‫فلنقتصر على إظهار التناقض في رأي مقدمهم الذي هو الفليسضضوف‬
‫ذبها بزعمهم‪ ،‬وحضضذف‬ ‫المطلق‪ ،‬والمعلم الول‪ ،‬فإنه رتب علومهم وه ّ‬
‫الحشو من آرائهم‪ ،‬وانتقى ما هو القرب إلى أصضضول أهضضوائهم‪ ،‬وهضضو‬
‫))أرسطاطاليس((؛ وقد رد على كضضل مضضن قبلضضه حضضتى علضضى أسضضتاذه‬
‫الملقب عندهم بأفلطون اللهى‪ ،‬ثم اعتذر عن مخالفته أستاذه بضضأن‬
‫قال‪ )) :‬أفلطن صديق والحق صديق ولكن الحق أصدق منه((‪.‬‬
‫وإنما نقلنا هذه الحكاية ليعلم أنه ل تثبت ول إتقان لمذهبهم عنضضدهم‪،‬‬
‫وأنهم يحكمون بظن وتخميضضن‪ ،‬مضضن غيضضر تحقيضضق ويقيضضن‪ ،‬ويسضضتدلون‬
‫على صدق علومهم اللهية‪ ،‬بظهضضور العلضضوم الحسضضابية‪ ،‬والمنطقيضضة ‪،‬‬
‫ويستدرجون به ضعفاء العقضضول‪ ،‬ولضضو كضضانت علضضومهم اللهيضضة متقنضضة‬
‫البراهين‪ ،‬نقية عن التخمين‪ ،‬كعلومهم الحسابية‪ ،‬لمضضا اختلفضضوا فيهضضا‪،‬‬
‫كما لم يختلفوا في الحسابية‪ .‬ثم المترجمون لكلم أرسطو لم ينفك‬
‫كلمهم عن تحريف وتبديل‪ ،‬محوج إلى تفسير وتأويل‪ ،‬حتى أثار ذلك‬
‫أيضا ً نزاعا ً بينهم‪ ،‬وأقضضومهم بالنقضضل مضضن المتفلسضضفة السضضلمية‪ :‬أبضضو‬
‫نصر الفارابي‪ ،‬وابن سينا‪.‬‬
‫فنقتصضضر علضضى إبطضضال مضضا اختضضاروه‪ ،‬ورأيضضاه الصضضحيح مضضن مضضذهب‬
‫رؤسائهما فى الضلل‪ ،‬فإن ما هجراه واستنكفا مضضن المتابعضضة فيضضه ل‬
‫يتمارى في اختلله‪ ،‬ول يقتقر إلى نظر طويل في إبطاله‪ ،‬فليعلم أنضا‬
‫مقتصضضرون علضضى رد مضضذاهبهم بحسضضب نقضضل هضضذين الرجليضضن‪ ،‬كضضي ل‬
‫ينتشر الكلم بحسب انتشار المذهب‪.‬‬

‫مقدمة ثانية‬
‫ليعلم أن الخلف بينهم وبين غيرهم ثلثة أقسام‪:‬‬
‫قسم >الول<‪ :‬يرجع النزاع فيه إلى لفظ مجرد‪ ،‬كتسضضميتهم صضضانع‬
‫العضضالم –تعضضالى عضضن قضضولهم ‪ -‬جضضوهرًا‪ ،‬مضضع تفسضضيرهم الجضضوهر‪ :‬بضضأنه‬
‫الموجود ل في موضوع أى القائم بنفسه الضضذى ل يحتضضاج إلضضى مقضضوم‬
‫يقومه‪ ،‬ولم يريدوا به الجوهر المتحيز‪ ،‬على ما أراده خصومهم‪.‬‬
‫ولسنا نخوض فضضي إبطضضال هضضذا‪ ،‬لن معنضضى القيضضام بضضالنفس إذا صضضار‬
‫متفقا ً عليه‪ ،‬رجع الكلم في التعبير باسم الجوهر عضضن هضضذا المعنضضى‪،‬‬
‫وغت اللغة إطلقه ‪ ،‬رجع جواز إطلقضضه‬ ‫إلى البحث عن اللغة‪ ،‬وإن س ّ‬
‫ن تحريضضم إطلق السضضامى‬ ‫فضضي الشضضرع‪ ،‬إلضضى المبضضاحث الفقهيضضة‪ ،‬فضضإ ّ‬
‫وإباحتها يؤخذ مما يدل عليه ظواهر الشرع‪.‬‬
‫ولعلك تقول‪:‬‬
‫القسم الثضاني‪ :‬مضا ل يصضدم مضذهبهم فيضه أصضل ً مضن أصضول الضدين‪،‬‬
‫وليس من ضرورة تصديق النبياء والرسل منازعتهم فيضضه‪ ،‬كقضضولهم‪:‬‬
‫إن كسوف القمر‪ ،‬عبارة عن انمحاء ضوء القمر بتوسط الرض بينضضه‬
‫وبين الشمس‪ ،‬والرض كرة والسماء محيطة بها من الجضضوانب‪ ،‬وإن‬
‫كسوف الشمس‪ ،‬وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشضضمس عنضضد‬
‫اجتماعهما في العقيدتين على دقيقة واحدة‪.‬‬
‫وهذا الفن أيضا ً لسنا نخوض في إبطاله إذ ل يتعلق بضضه غضضرض ومضضن‬
‫ظن أن المناظرة في ابطال هذا من الدين فقضضد جنضضى علضضى الضضدين‪،‬‬
‫ضّعف أمره‪ ،‬فإن هذه المور تقوم عليها براهين هندسية حسابّية ل‬ ‫و َ‬
‫ّ‬
‫قق أدلتها‪ ،‬حتى ُيخبر بسضضببها‬ ‫ّ‬
‫يبقى معها ريبة‪ .‬فمن تطلع عليها‪ ،‬ويتح ّ‬
‫عن وقت الكسوفين وقدرهما ومدة بقائهما إلى النجلء‪ ،‬إذا قيل لضضه‬
‫إن هذا علضضى خلف الشضضرع‪ ،‬لضضم يسضضترب فيضضه‪ ،‬وإنمضضا يسضضتريب فضضي‬
‫مضضن‬‫من ينصره ل بطريقه أكثر من ضضضرره م ّ‬ ‫الشرع‪ ،‬وضرر الشرع م ّ‬
‫يطعن فيه بطريقة‪ .‬وهو كما قيل‪ :‬عدوّ عاقل خير من صديق جاهل‪.‬‬
‫فضضان قيضضل‪ :‬فقضضد قضضال رسضضول اللضضه صضضلى اللضضه عليضضه وس ضّلم‪ )) :‬ان‬
‫الشمس والقمر ليتضضان مضضن آيضضات اللضضه ل يخسضضفان لمضضوت أحضضد ول‬
‫لحياته‪ ،‬فاذا رأيتم ذلك فضضافزعوا الضضى ذكضضر اللضضه والصضضلة(( ‪ ،‬فكيضضف‬
‫يلئم هذا ماقالوه؟ قلنا‪ :‬وليس فى هذا ما يناقض ما قالوه ‪ ،‬اذ ليس‬
‫فيه ال نفى وقضضوع الكسضضوف لمضضوت احضضد او لحيضضاته والمضضر بالصضضلة‬
‫عنده‪ .‬والشرع الذى يأمر بالصلة عند الزوال والغروب والطلوع من‬
‫أين يبعد منه ان يأمر عند الكسضضوف بهضضا اسضضتحبابًا؟ فضضان قيضضل‪ :‬فقضضد‬
‫ى لشضضىء خضضضع‬ ‫رُوى انه قال فى آخر الحديث‪ )) :‬ولكن الله اذا تجل ّ‬
‫ل علضضى ان الكسضضوف خضضضوع بسضضبب التجلضضى‪ ،‬قلنضضا‪ :‬هضضذه‬ ‫لضضه(( فيضضد ّ‬
‫ح نقلها فيجب تكذيب ناقلها‪ ،‬وانما المروى مضضا ذكرنضضاه‬ ‫الزيادة لم يص ّ‬
‫كيف‪ ،‬ولو كان صحيحًا‪ ،‬لكان تأويله أهون من مكابرة أمضضور قطعيضضة‪.‬‬
‫فكم من ظواهر أ ُّولت بالدلة العقلّية التي ل تنتهي في الوضوح إلضضى‬
‫هذا الحد‪.‬‬
‫ملحضضدة‪ ،‬أن يصضضرح ناصضضر الشضضرع بضضأن هضضذا‪،‬‬ ‫وأعظم مضضا يفضضرح بضضه ال ُ‬
‫وأمثاله على خلف الشرع‪ ،‬فيسهل عليه طريضضق إبطضضال الشضضرع‪ ،‬ان‬
‫ن البحث في العالم عن كونه حادث ضا ً‬ ‫كان شرطع امثال ذلك‪ .‬وهذا‪ :‬ل ّ‬
‫أو قديمًا‪ ،‬ثم إذا ثبت حدوثه فسواء كان كرة‪ ،‬أو بسيطًا‪ ،‬أو مثمنًا‪ ،‬أو‬
‫دسًا‪ ،‬وسواء كانت السماوات‪ ،‬وما تحتها ثلثة عشرة طبقة‪ ،‬كمضضا‬ ‫مس ّ‬
‫ى كنسضضبة‬ ‫ل‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬فنسبة النظر فيه الى البحث اللهضض ّ‬ ‫قالوه‪ ،‬أو أق ّ‬
‫ب الرمضضان‪ .‬فالمقصضضود‪:‬‬ ‫النظر الى طبقات البصل وعضضددها وعضضدد حض ّ‬
‫كونه من فعل الله سبحانه وتعالى فقط‪ ،‬كيف ما كانت‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما يتعلق النزاع فيه بأصضضل مضضن أصضضول الضضدين‪ ،‬كضضالقول فضضي‬
‫حدوث العالم‪ ،‬وصفات الصانع‪ ،‬وبيان حشر الجسضضاد والبضضدان‪ ،‬وقضضد‬
‫أنكروا جميع ذلضضك‪ .‬فهضضذا الفضضن ونظضضائره هضضو الضذى ينبغضضي أن يظهضر‬
‫فساد مذهبهم فيه دون ما عداه‪.‬‬

‫مقدمة ثالثة‬
‫سن اعتقاده في الفلسضضفة‪ ،‬وظضضن أن‬ ‫لُيعلم أن المقصود تنبيه من ح ُ‬
‫مسالكهم نقية عن التناقض‪ ،‬ببيان وجوه تهافتهم‪ ،‬فلذلك أنا ل أدخل‬
‫في العتراض عليهم إل دخول مطالب منكر‪ ،‬ل دخضضول مضضدع مثبضضت‪.‬‬
‫فأبطل عليهم ما اعتقدوه مقطوعا ً بإلزامات مختلفة‪ ،‬فألزمهم تضضارة‬
‫مذهب المعتزلة وأخرى مذهب الكراميضضة؛ وطضضورا ً مضضذهب الواقفيضضة‪،‬‬
‫ول أتهض ذابا ً عن مذهب مخصوص بل أجعل جميع الفرق إلبا ً واحدا ً‬
‫عليهضضم‪ ،‬فضضإن سضضائر الفضضرق ربمضضا خالفونضضا فضضى التفصضضيل‪ ،‬وهضضؤلء‬
‫يتعرضضضون لصضضول الضضدين‪ ،‬فلنتظضضاهر عليهضضم فعنضضد الشضضدائد تضضذهب‬
‫الحقاد‪.‬‬

‫مقدمة رابعة‬
‫مضضن عظضضائم حيلهضضم فضضي السضضتدراج ‪ -‬إذا أورد عليهضضم إشضضكال فضضي‬
‫معرض الحجاج ‪ -‬قولهم‪ :‬إن هذه العلوم اللهية غامضة خفيضضة‪ ،‬وهضضى‬
‫أعصى العلوم على الفهام الذكية؛ ول يتوصل إلضضى معرفضضة الجضضواب‬
‫عضضن هضضذه الشضضكالت‪ ،‬إل بتقضضديم الرياضضضيات‪ ،‬والمنطقيضضات‪ .‬فيمضضن‬
‫يقلدهم في كفرهم‪ ،‬إن خطر له إشكال على مذهبهم‪ ،‬يحسن الظن‬
‫بهم‪ ،‬ويقول‪ :‬ل شضضك فضضى أن علضضومهم مشضضتملة علضضى حلضضه‪ ،‬وا إنمضضا‬
‫ى دركه لني لم أحكم المنطقيات ولم أحصل الرياضيات‪.‬‬ ‫يعسر عل ّ‬
‫فنقول‪ :‬أما الرياضّيات الضضتى هضضى نظضضر فضضى الكضضم المنفصضضل – وهضضو‬
‫الحساب ‪ -‬فل تعلق لللهيضضات بضضه‪ ،‬وقضضول القضضائل‪ :‬ان فهضضم اللهي ّضضات‬
‫خْرق‪ ،‬كقول القائل‪ :‬ان الطب والنحو واللغة يحتاج اليهضضا‬ ‫يحتاج اليها ُ‬
‫أو الحساب يحتاج الى الطب‪.‬‬
‫وأما الهندسيات‪ ،‬التى هى نظر فى الكم المتصل يرجع حاصضضله الضضى‬
‫بيان ان السموات وتحتهضضا الضضى المركضضز كضضرىّ الشضضكل ‪ ،‬وبيضضان عضضدد‬
‫طيقاتهضضا ‪ ،‬وبيضضان عضضدد الكضضر المتحّركضضة فضضى الفلك ‪ ،‬وبيضضان مقضضدار‬
‫ى ‪ ،‬وهضضو‬ ‫حركاتها ‪ ،‬فلنسلم لهم جميع ذلك فى شىء من النظر الله ّ‬
‫كقول القائل‪ :‬العلم بان هذا البيت حصل بصنع بناء عالم مريضد قضضادر‬
‫ى يفتقر الى أن يعرف ان البيت مسدس أو مثمن وان يعرف عدد‬ ‫ح ّ‬
‫جذوعه وعدد لبناته ‪ ،‬وهو هضضذيان ل يخفضضى فسضضاده‪ .‬وكقضضول القضضائل‪:‬‬
‫ليعرف كون هضضذه البصضضلة حادثضضة مضضا لضضم يعضضرف عضضدد طبقاتهضضا ‪ ،‬ول‬
‫جضضر‬‫يعرف كون هذه الرمانة حادثة ما لم يعرف عدد حباتهضضا ‪ ،‬وهضضو ه ُ‬
‫ث عند كل عاقل‪.‬‬ ‫من الكلم مستغ ّ‬
‫نعم قضولهم‪ :‬إن المنطقيضات ل بضد ّ مضن إحكامهضا‪ ،‬فهضضو صضحيح‪،‬‬
‫ميه في‬ ‫ولكن المنطق ليس مخصوصا ً بهم‪ ،‬وإنما هو الصل الذي نس ّ‬
‫ل‪ ،‬وقضضد‬‫فن )الكلم( )كتاب النظر( فغّيروا عباراته إلى المنطضق تهضوي ً‬
‫ميه )مضضدارك العقضضول(‪ ،‬فضضإذا سضضمع‬ ‫ميه )كتاب الجضضدل(‪ ،‬وقضضد نسض ّ‬ ‫نس ّ‬
‫المتكايس المستضعف‪ ،‬اسم المنطق‪ ،‬ظن أنه فن غريب‪ ،‬ل يعرفضضه‬
‫المتكّلمون‪ ،‬ول يطلع عليه إل الفلسفة‪.‬‬
‫ونحن‪ ،‬لندفع هذا الخبال‪ ،‬واستئصال هذه الحيلضة فضى الضضلل‪،‬‬
‫نرى ان نفرد القول فى مدراك العقول فى هذا الكتضضاب ونهجضضر فيضضه‬
‫ألفاظ المتكّلمين والصولّيين‪ ،‬بل نوردها بعبارات المنطقّيين ونصّبها‬
‫فى فوالبهم ونقتفى آثارهم لفظا لفظا‪.‬‬
‫وننضضاظرهم فضضى هضضذا الكتضضاب بلغتهضضم‪ ،‬أعنضضى بعبضضاراتهم فضضي‬
‫المنطق‪ ،‬ونوضح ان ما شرطوه فى صحة مادة القيضضاس وماوضضضعوه‬
‫من الوضاع فضضى ايسضضاغوجى وقاطيغوريضضاس الضضتى هضضى مضضن اجضضزاء‬
‫دماته لم يتمكنوا من الوفضضاء بشضضىء منضضه فضضى علضضومهم‬ ‫المنطق ومق ّ‬
‫اللهية‪.‬‬
‫ولكنا نرى أن نورد )مضدراك العقضول( فضى آخضر الكتضاب فضأنه كاللضة‬
‫لدرك مقصود الكتاب‪ ،‬ولكضضن رب نضاظر يسضضتغنى عنضضه مضن ل يحتضاج‬
‫إليه‪ ،‬ومن ليفهم فضضى آحضضاد المسضضائل فضضى الضضرد عليهضضم‪ ،‬فينبغضضى أن‬
‫يبتدئ أول يحفظ كتاب )معيضضار العلضضم( الضضذى هضضو الملقضضب بضضالمنطق‬
‫عندهم‪.‬‬
‫ولنذكر الن بعد المقدمات‪:‬‬
‫فهرست المسائل‬
‫التي أظهرنا تناقض مذهبهم فيها في هذا الكتاب‪.‬‬
‫وهي عشرون مسألة‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬إبطال مذهبهم في أزلية العالم‪.‬‬
‫المسألة الثانية‪ :‬إبطال مذهبهم في أبدية العالم‪.‬‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬بيان تلبسهم في قولهم‪ :‬أن الله صضضانع العضضالم‪ ،‬وأن‬
‫العالم صنعه‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬في تعجيزهم عن إثبات الصانع‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬في تعجيزهم عضضن إقامضضة الضضدليل علضضى اسضضتحالة‬
‫الهين‪.‬‬
‫المسألة السادسة‪ :‬في نفي الصفات‪.‬‬
‫المسضضألة السضضابعة‪ :‬فضضي قضضولهم‪ :‬إن ذات الول ل ينقسضضم بضضالجنس‬
‫والفصل‪.‬‬
‫المسألة الثامنة‪ :‬في قولهم‪ :‬إن الول موجود بسيط بل ماهية‪.‬‬
‫المسضضألة التاسضضعة‪ :‬فضضي تعجيزهضضم‪ ،‬عضضن بيضضان إثبضضات أن الول ليضضس‬
‫بجسم‪.‬‬
‫المسألة العاشرة‪ :‬في تعجيزهم‪ ،‬عن إقامة الضضدليل علضضى أن للعضضالم‬
‫صانعًا‪ ،‬وعلة‪.‬‬
‫المسألة الحادية عشرة‪ :‬في تعجيزهم عضضن القضضول‪ :‬بضضأن الول يعلضضم‬
‫غيره‪.‬‬
‫المسألة الثانية عشرة‪ :‬فضضي تعجيزهضضم عضضن القضضول‪ :‬بضضأن الول يعلضضم‬
‫ذاته‪.‬‬
‫المسضضألة الثالثضضة عشضضرة‪ :‬فضضي إبطضضال قضضولهم‪ :‬أن الول ل يعلضضم‬
‫الجزئيات‪.‬‬
‫المسضضألة الرابعضضة عشضضرة‪ :‬فضضي إبطضضال قضضولهم‪ :‬أن السضضماء حيضضوان‬
‫متحرك بالرادة‪.‬‬
‫المسألة الخامسة عشرة‪ :‬فيما ذكروه من العرض المحرك للسماء‪.‬‬
‫المسألة السادسة عشرة‪ :‬في قولهم‪ :‬أن نفضضوس السضضماوات‪ ،‬تعلضضم‬
‫جميع الجزئيات الحادثة في هذا العالم‪.‬‬
‫المسألة السابعة عشرة‪ :‬في قولهم‪ :‬باستحالة خرق العادات‪.‬‬
‫المسألة الثامنة عشرة‪ :‬في تعجيزهضضم عضضن إقامضضة البرهضضان العقلضضي‪،‬‬
‫على أن النفس النساني جوهر روحاني‪.‬‬
‫المسألة التاسعة عشرة‪ :‬في قولهم‪ :‬باستحالة الفناء علضضى النفضضوس‬
‫البشرية‪.‬‬
‫المسألة العشرون‪ :‬في إبطال إنكارهم البعث‪ ،‬وحشر الجسضضاد‪ ،‬مضضع‬
‫التلذذ والتألم بالجنة والنار‪ ،‬باللم واللذات الجسمانية‪.‬‬
‫فهضضذا ماأردنضضا أن نضضذكر تناقضضضهم فيضضه مضضن جملضضة علضضومهم اللهيضضة‬
‫والطبيعية‪ ،‬وأما الرياضيات فل معنى لنكارها ولللمخالفة فيها‪ ،‬فإنها‬
‫ترجع إلى الحساب والهندسة‪.‬‬
‫وأما المنطقيات فهى نظر في آلة الفكضضر فضضى المعقضضولت‪ ،‬وليتفضضق‬
‫فيه خلف به مبالة‪ ،‬وسنورد فى كتاب ))معيار العلضضم(( مضضن جملتضضه‬
‫ما يحتاج إليه لفهم مضمون هذا الكتاب إن شاء الله‪.‬‬

‫مسألة في إبطال قولهم بقدم العالم‬


‫مذهب الفلسفة‬
‫تفصيل المذهب‪ :‬اختلفت الفلسفة في قدم العالم‪ .‬فالذي استقر عليه رأي‬
‫جماهيرهم المتقدمين والمتأخرين القول بقدمه وأنه لم يزل موجودا ً مع الله‬
‫تعالى ومعلول ً له ومسوقا ً له غير متأخر عنه بالزمان مساوقة المعلول للعلة‬
‫ومساوقة النور للشمس وأن تقدم الباري عليه كتقدم العلة على المعلول‬
‫وهو تقدم بالذات والرتبة ل بالزمان‪ .‬وحكي عن أفلطن أنه قال‪ :‬العالم‬
‫مكون ومحدث‪.‬‬
‫ثم منهم من أول كلمه وأبى أن يكون حدث العالم معتقدا ً له‪ .‬وذهب‬
‫جالينوس في آخر عمره في الكتاب الذي سماه " ما يعتقده جالينوس رأيا ً "‬
‫إلى التوقف في هذه المسألة‪ .‬وأنه ل يدري العالم قديم أو محدث‪ .‬وربما دل‬
‫على أنه ل يمكن أن يعرف وأن ذلك ليس لقصور فيه بل لستعصاء هذه‬
‫المسألة في نفسها على العقول ولكن هذا كالشاذ في مذهبهم وإنما مذهب‬
‫جميعهم أنه قديم وأنه بالجملة ل يتصور أن يصدر حادث من قديم بغير‬
‫واسطة أص ً‬
‫ل‪.‬‬
‫اختيار أشد أدلتهم وقعا ً في النفس إيراد‬
‫أدلتهم‪.‬‬
‫لو ذهبت أصف ما نقل عنهم في معرض الدلة وذكر في العتراض عليه‬
‫لسودت في هذه المسألة أوراقا ً ولكن ل خير في التطويل‪ .‬فلنحذف من‬
‫أدلتهم ما يجري مجرى التحكم أو التخيل الضعيف الذي يهون على كل ناظر‬
‫حله‪ .‬ولنقتصر على إيراد ما له وقع في النفس مما ل يجوز أن ينهض مشككا ً‬
‫لفحول النظار فإن تشكيك الضعفاء بأدنى خبال ممكن‪.‬‬
‫وهذا الفن من الدلة ثلثة‪:‬‬

‫الول يستحيل حدوث حادث من قديم مطلقا ً قولهم يستحيل صدور حضضادث‬
‫من قديم مطلقا ً لنا إذا فرضنا القضضديم ولضضم يصضضدر منضضه العضالم مثل ً فإنمضضا لضم‬
‫يصدر لنه لم يكن للوجود مرجح بل كان وجود العالم ممكنا ً إمكانا ً صرفا ً فضضإذا‬
‫حدث بعد ذلك لم يخل إما أن تجدد مرجح أو لم يتجدد فإن لضضم يتجضضدد مرجضضح‬
‫بقي العالم على المكان الصرف كما قبل ذلك وإن تجدد مرجح فمضضن محضضدث‬
‫ذلك المرجح ولم حدث الن ولم يحدث من قبل والسؤال في حدوث المرجضضح‬
‫قائم‪ .‬وبالجملة فأحوال القديم إذا كانت متشابهة فإما أن ل يوجضضد عنضضه شضضيء‬
‫قط وإما أن يوجد على الدوام فأما أن يتميز حال الترك عن حال الشروع فهو‬
‫محال‪ .‬لم لم يحدث العالم قبضضل حضضدوثه‪ ...‬وتحقيقضضه أن يقضضال‪ :‬لضضم لضضم يحضضدث‬
‫العالم قبل حدوثه ل يمكن أن يحال على عجزه عن الحداث ول على استحالة‬
‫الحدوث فإن ذلك يؤدي إلى أن ينقلب القديم من العجز إلضضى القضضدرة والعضضالم‬
‫من الستحالة إلى المكان وكلهما محالن‪ .‬ول أمكن أن يقال‪ :‬لضضم يكضضن قبلضضه‬
‫غرض ثم تجدد غرض ول أمكن أن يحال على فقضضد آلضضة ثضضم علضضى وجودهضضا بضضل‬
‫أقرب ما يتخيل أن يقال‪ :‬لم يضضرد وجضضوده قبضضل ذلضضك‪ .‬فيلضضزم أن يقضضال‪ :‬حصضضل‬
‫وجوده لنه صار مريدا ً لوجوده بعد أن لم يكن مريدا ً فيكون قد حدثت الرادة‪.‬‬
‫أو قبضضل حضضدوث الرادة وحضضدوثه فضضي ذاتضضه محضضال لنضضه ليضضس محضضل الحضضوادث‬
‫وحدوثه ل في ذاته ل يجعله مريضضدًا‪ .‬ولنضضترك النظضضر فضضي محضضل حضضدوثه‪ .‬أليضضس‬
‫الشكال قائما ً في أصل حدوثه! وأنه من أين حدث ولم حدث الن ولم يحدث‬
‫قبله أحدث الن ل من جهة الله فإن جاز حادث من غير محدث فليكن العضضالم‬
‫حادثا ً ل صانع له وإل فأي فرق بين حادث وحادث وإن حدث بإحداث الله فلضضم‬
‫حدث الن ولم يحدث من قبل ألعدم آلة أو قدرة أو غرض أو طبيعضضة فلمضضا أن‬
‫تبدل ذلك بالوجود وحدث عاد الشكال بعينضضه‪ .‬أو لعضضدم الرادة فتفتقضضر الرادة‬
‫إلى إرادة وكذى الرادة الولضضى ويتسلسضضل إلضضى غيضضر نهايضضة‪ .‬فضضإذن قضضد تحقضضق‬
‫بالقول المطلق أن صدور الحادث من القديم من غيضضر تغيضضر أمضضر مضضن القضضديم‬
‫في قدرة أو آلة أو وقت أو غرض أو طبع محال وتقدير تغيضضر حضضال محضضال لن‬
‫الكلم في ذلك التغير الحضضادث كضضالكلم فضضي غيضضره والكضضل محضضال ومهمضضا كضضان‬
‫العالم موجودا ً واستحال حدثه ثبت قدمه ل محالضضة‪ .‬وهضضذا أقضضوى أدلتهضضم فهضضذا‬
‫أخبل أدلتهم‪ .‬وبالجملة كلمهم في سائر مسائل اللهيات أرك من كلمهم فضي‬
‫هذه المسألة إذ يقدرون هاهنا علضضى فنضضون مضضن التخييضل ل يتمكنضضون منضه فضي‬
‫غيرها‪ .‬فلذلك قدمنا هذه المسألة وقدمنا أقوى أدلتهم‪.‬‬
‫لماذا يستحيل حدوث حادث بإرادة قديمة العتراض من وجهيضضن‪ :‬أحضضدهما أن‬
‫يقال‪ :‬بم تنكضضرون علضضى مضضن يقضضول‪ :‬إن العضضالم حضضدث بضضإرادة قديمضضة اقتضضضت‬
‫وجوده في الوقت الذي وجد فيه وأن يستمر العضضدم إلضضى الغايضضة الضضتي اسضضتمر‬
‫إليها وأن يبتدئ الوجود من حيث ابتدأ وأن الوجضضود قبلضضه لضضم يكضضن مضضرادا ً فلضضم‬
‫يحدث لذلك وأنه في وقته الذي حدث فيه مراد بالرادة القديمة فحدث لضضذلك‬
‫فما المانع لهذا العتقاد وما المحيل له قولهم‪ :‬لكل حادث سبب‪ ...‬فضضإن قيضضل‪:‬‬
‫هذا محال بين الحالة لن الحادث موجب ومسبب‪ .‬وكما يستحيل حادث بغيضضر‬
‫سبب وموجب يستحيل وجود موجب قد تم بشضرائط إيجضابه وأركضانه وأسضبابه‬
‫حتى لم يبق شيء منتظر البتضضة ثضضم يتضضأخر المضضوجب بضضل وجضضود المضضوجب عنضضد‬
‫تحقق الموجب بتمام شروطه ضروري وتأخره محضضال حسضضب اسضضتحالة وجضضود‬
‫الحادث الموجب بل موجب‪ .‬فقبل وجود العضالم كضان المريضد موجضودا ً والرادة‬
‫موجودة ونسبتها إلى المراد موجضضودة ولضضم يتجضضدد مريضضد ولضضم يتجضضدد إرادة ول‬
‫تجدد للرادة نسبة لم تكن فإن كل ذلك تغير فكيف تجضضدد المضضراد ومضضا المضضانع‬
‫من التجدد قبل ذلك وحال التجدد لم يتميز عن الحال السابق فضضي شضضيء مضضن‬
‫الشياء وأمر من المور وحال من الحوال ونسبة من النسب بضضل المضضور كمضضا‬
‫كانت بعينها‪ .‬ثم لم يكن يوجد المراد وبقيت بعينها كما كانت فوجد المضضراد مضضا‬
‫هذا إل غاية الحالة‪ .‬وذلك في المضضور الوضضضعية أيض ضا ً فضضي الطلق مثل ً وليضضس‬
‫اسضضتحالة هضضذا الجنضضس فضضي المضضوجب والمضضوجب الضضضروري الضضذاتي بضضل وفضضي‬
‫العرفي والوضعي فإن الرجل لو تلفظ بطلق زوجته ولم تحصل البينونضضة فضضي‬
‫الحضضال لضضم يتصضضور أن تحصضضل بعضضده لنضضه جعضضل اللفضضظ علضضة للحكضضم بالوضضضع‬
‫والصضضطلح فلضضم يعقضضل تضضأخر المعلضضول إل أن يعلضضق الطلق بمجيضضء الغضضد أو‬
‫بدخول الدار فل يقع في الحال ولكن يقع عند مجيء الغضضد وعنضضد دخضضول الضضدار‬
‫فإنه جعله علة بالضافة إلى شيء منتظر‪ .‬فلما لضضم يكضضن حاضضضرا ً فضضي الضضوقت‬
‫وهو الغد والدخول توقف حصول الموجب على حضضضور مضضا ليضضس بحاضضضر فمضضا‬
‫حصل الموجب إل وقد تجدد أمر وهو الضدخول وحضضضور الغضضد حضتى لضضو أراد أن‬
‫يؤخر الموجب عن اللفظ غير منوط بحصول ما ليس بحاصل لم يعقل مع أنضضه‬
‫الواضع وأنه المختار في تفصيل الوضع‪ .‬فإذا لم يمكننا وضع هذا بشهوتنا ولضضم‬
‫نعقله فكيف نعقله في اليجابات الذاتية العقليضضة الضضضرورية المقصضضود فعلضضه ل‬
‫يتأخر إل بمانع وأما في العادات فما يحصل بقصضضدنا ل يتضضأخر عضضن القصضضد مضضع‬
‫وجود القصد إليه إل بمانع فإن تحقيق القصضضد والقضضدرة وارتفعضضت الموانضضع لضضم‬
‫يعقل تأخر المقصود وإنما يتصور ذلضضك فضضي العضضزم لن العضضزم غيضضر كضضاف فضضي‬
‫وجود الفعل بل العزم علضضى الكتابضضة ل يوقضضع الكتابضضة مضضا لضضم يتجضضدد قصضضد هضضو‬
‫انبعاث في النسان متجدد حال الفعل فضضإن كضضانت الرادة القديمضضة فضضي حكضضم‬
‫قصدنا إلى الفعل فل يتصور تأخر المقصود إل بمضضانع ول يتصضضور تقضضدم القصضضد‬
‫فل يعقل قصد فضي اليضضوم إلضضى قيضضام فضضي الغضضد إل بطريضضق العضضزم‪ .‬وإن كضانت‬
‫الرادة القديمة في حكم عزمنا فليس ذلك كافيا ً في وقوع المعزوم عليضضه بضضل‬
‫ل بد من تجدد انبعاث قصدي عند اليجاد وفيه قول بتغير القديم‪ .‬لماذا يحضضدث‬
‫القصد ثم يبقى عين الشكال في أن ذلك النبعضاث أو القصضد أو الرادة أو مضا‬
‫شئت سمه لم حدث الن ولم يحدث قبل ذلك فإما أن يبقى حضضادث بل سضضبب‬
‫أو يتسلسل إلى غير نهاية‪ .‬ورجع حاصل الكلم إلى أنضضه وجضضد المضضوجب بتمضضام‬
‫شروطه ولم يبق أمر منتظر ومع ذلك تأخر المضضوجب ولضضم يوجضضد فضضي مضضدة ل‬
‫يرتقي الوهم إلى أولها بل آلف سنين ل تنقص شيئا ً منها ثم انقلضضب المضضوجب‬
‫بغتة من غير أمر تجدد وشرط تحقق وهو محال فضضي نفسضضه‪ .‬قولنضضا‪ :‬مضضن أيضضن‬
‫تعرفون المضضر‪ ...‬والجضضواب أن يقضضال‪ :‬اسضضتحالة إرادة قديمضضة متعلقضضة بإحضضداث‬
‫شضضيء أي شضضيء كضضان تعرفضضونه بضضضرورة العقضضل أو نظضضره وعلضضى لغتكضضم فضضي‬
‫المنطق تعرفون اللتقاء بين هذين الحدين بحد أوسط أو من غير حد أوسضضط‪.‬‬
‫فإن ادعيتم حدا ً أوسط وهو الطريق النظري فل بضضد مضضن إظهضضاره وإن ادعيتضضم‬
‫معرفة ذلضك ضضرورة فكيضف لضم يشضارككم فضي معرفتضه مخضالفوكم والفرقضة‬
‫المعتقدة بحدث العالم بإرادة قديمة ل يحصرها بلد ول يحصضضيها عضضدد ول شضضك‬
‫في أنهم ل يكابرون العقول عنادا ً مع المعرفة فل بضد مضن إقامضضة برهضضان علضى‬
‫شرط المنطق يدل علضضى اسضضتحالة ذلضضك إذ ليضضس فضضي جميضضع مضضا ذكرتمضضوه إل‬
‫السضضتبعاد والتمثيضضل بعزمنضضا وإرادتنضضا وهضضو فاسضضد فل تضضضاهي الرادة القديمضضة‬
‫القصود الحادثضضة وأمضضا السضضتبعاد المجضضرد فل يكفضضي مضضن غيضضر برهضضان‪ ... .‬مضضن‬
‫ضرورة العقل فإن قيل‪ :‬نحن بضرورة العقل نعلم أنه ل يتصور مضضوجب بتمضضام‬
‫شروطه من غير موجب ومجوز ذلك مكابر لضرورة العقل‪ .‬خصومكم يقولون‬
‫القول نفسه في علم الله قلنا‪ :‬ومضا الفصضل بينكضضم وبيضن خصضومكم إذا قضالوا‬
‫لكم‪ :‬إنا بالضرورة نعلضم إحالضة قضول مضن يقضول‪ :‬إن ذاتضا ً واحضدا ً عضالم بجميضع‬
‫الكليات من غير أن يوجب ذلك كضضثرة ومضن غيضر أن يكضون العلضم زيضادة علضى‬
‫الذات ومن غير أن يتعدد العلم مع تعدد المعلوم وهذا مذهبكم فضضي حضضق اللضضه‬
‫وهو بالنسبة إلينا وإلى علومنا في غاية الحالة ولكن تقولون‪ :‬ل يقضضاس العلضضم‬
‫القديم بالحادث‪ .‬وطائفة منكم استشعروا حالة هذا فقالوا‪ :‬إن الله ل يعلضضم إل‬
‫نفسه فهو العاقل وهو العقل وهو المعقول والكل واحد‪ .‬فلو قال قائل‪ :‬اتحضضاد‬
‫العقل والعاقل والمعقول معلوم الستحالة بالضرورة إذ تقدير صانع للعضضالم ل‬
‫يعلم صنعه محال بالضرورة والقديم إذا لم يعلم إل نفسه ‪ -‬تعالى عن قضضولكم‬
‫وعن قول جميع الزائغين علوا ً كبيرا ً ‪ -‬لم يكن يعلم صنعه البتضضة‪ .‬بضضل ل نتجضضاوز‬
‫إلزامات هذه المسألة‪ .‬دورات الفلك‪ :‬إن كضضان ل نهايضضة لعضضدادها ل يكضضون لهضضا‬
‫أقسام فنقول‪ :‬بم تنكرون علضى خصضومكم إذ قضالوا‪ :‬قضدم العضالم محضال لنضه‬
‫يؤدي إلى إثبات دورات للفلك ل نهاية لعضضدادها ول حصضضر لحادهضضا مضضع أن لهضضا‬
‫سدسا ً وربعا ً ونصفا ً فإن فلك الشمس يدور في سنة وفلضضك زحضضل فضضي ثلثيضضن‬
‫سضنة فتكضون أدوار زحضل ثلضث عشضر أدوار الشضمس وأدوار المشضتري نصضف‬
‫سدس أدوار الشمس فإنه يدور فضضي اثنضضي عشضضر سضضنة‪ .‬ثضضم كمضضا أنضضه ل نهايضضة‬
‫لعداد دورات زحل ل نهاية لعداد دورات الشمس مع أنه ثلضضث عشضضره بضضل ل‬
‫نهاية لدوار فلك الكواكب الذي يدور في ستة وثلثين ألضضف سضضنة مضضرة واحضضدة‬
‫كما ل نهاية للحركة المشرقية التي للشمس في اليوم والليلة مرة‪ .‬فلضضو قضضال‬
‫قائل‪ :‬هذا مما يعلم استحالته ضرورة فبماذا تنفصلون عضن قضضوله بضضل لضضو قضال‬
‫قائل‪ :‬أعداد هذه الدورات شفع أو وتر أو شفع ووتر جميعا ً أو ل شفع ول وتضضر‪.‬‬
‫ول تكون شفع أو وتر فإن قلتم‪ :‬شفع ووتضضر جميعضا ً أو ل شضضفع ول وتضضر فيعلضضم‬
‫ة‪ .‬وإن قلتم‪ :‬شفع فالشضضفع يصضضير وتضضرا ً بواحضضد فكيضضف أعضضوز مضضا‬ ‫بطلنه ضرور ً‬
‫ً‬
‫لنهاية له واحد وإن قلتم‪ :‬وتر فضضالوتر يصضضير بواحضضد شضضفعا فكيضضف أعضضوز ذلضضك‬
‫الواحد الذي به يصير شفعا ً فيلزمكم القول بأنه ليس بشضضفع ول وتضضر‪ .‬قضضولهم‪:‬‬
‫المتناهي وحده يوصف بالشفع والوتر فإن قيل‪ :‬إنمضضا يوصضضف بالشضضفع والضضوتر‬
‫المتناهي وما ل يتناهى ل يوصف به‪ .‬قولنا تكون هناك جملة آحاد قلنا‪ :‬فجملضضة‬
‫مركبة من آحاد لها سدس وعشر كما سبق ثم ل توصف بشضضفع ول وتضضر يعلضضم‬
‫بطلنه ضرورة من غير نظر فبماذا تنفصلون عضن هضضذا قضضولهم‪ :‬ليسضضت هنالضضك‬
‫جملة آحاد فإن قيل‪ :‬محل الغلط في قولكم أنه جملضة مركبضة مضن آحضضاد فضإن‬
‫هذه الدورات معدومة‪ .‬أما الماضي فقضضد انقضضرض وأمضضا المسضضتقبل فلضضم يوجضضد‬
‫والجملة إشارة إلى موجودات حاضرة ول موجود هاهنضضا!‪ .‬قولنضضا ل بضضأس قلنضضا‪:‬‬
‫العدد ينقسم إلى الشفع والوتر ويستحيل أن يخرج عنضضه سضضواء كضضان المعضضدود‬
‫موجودا ً باقيا ً أو فانيًا‪ .‬فإذا فرضنا عددا ً من الفراس لزمنا أن نعتقد أنه ل يخلو‬
‫من كونه شفعا ً أو وترا ً سواء قدرناها موجضضودة أو معدمضضة‪ .‬فضضإن انعضضدمت بعضضد‬
‫الوجود لضضم تتغيضضر هضضذه القضضضية‪ .‬أمضضر نفضضس النسضضان علضضى أنضضا نقضضول لهضضم‪ :‬ل‬
‫يستحيل على أصلكم موجودات حاضرة هي آحضاد متغضايرة بالوصضف ول نهايضة‬
‫لها وهي نفوس الدميين المفارقة للبدان بالموت فهضضي موجضضودات ل توصضضف‬
‫بالشفع والوتر فبم تنكرون على من يقضضول‪ :‬بطلن هضضذا يعضضرف ضضضرورة وهضضذا‬
‫الرأي في النفوس هو الذي اختاره ابن سينا ولعله مذهب رسطاليس‪ .‬قولهم‪:‬‬
‫النفس واحدة فإن قيل‪ :‬فالصحيح رأي أفلطن وهضضو أن النفضضس قديمضضة وهضضي‬
‫واحدة وإنما تنقسم في البدان فإذا فارقتها عادت إلى أصلها واتحدت‪ .‬قولنضضا‪:‬‬
‫هذا مما يخالف ضرورة العقضضل‪ ...‬قلنضضا‪ :‬فهضضذا أقبضضح وأشضضنع وأولضضى بضضأن يعتقضضد‬
‫مخالفا ً لضرورة العقل‪ .‬فإنا نقول‪ :‬نفس زيد عين نفضضس عمضضرو أو غيضضره فضضإن‬
‫كان عينه فهو باطل بالضرورة فإن كل واحد يشعر بنفسه ويعلم أنه ليس هضضو‬
‫نفس غيره‪ .‬ولو كضان هضو عينضه لتسضاويا فضي العلضوم الضتي هضي صضفات ذاتيضة‬
‫للنفوس داخلة مع النفوس في كل إضافة‪ .‬وإن قلتم‪ :‬إنه غيضضره وإنمضضا انقسضضم‬
‫بالتعلق بالبدان قلنا‪ :‬وانقسام الواحد الذي ليس له عظم فضضي الحجضضم وكميضضة‬
‫مقدارية محال بضرورة العقل فكيضضف يصضضير الواحضضد اثنيضضن بضضل ألفضا ً ثضضم يعضضود‬
‫ويصير واحدا ً بل هذا يعقل فيما له عظم وكمية كماء البحضضر ينقسضضم بالجضضداول‬
‫والنهضار ثضم يعضود إلضى البحضر‪ .‬فأمضا مضا ل كميضة لضه فكيضف ينقسضم ولضذا هضم‬
‫مفحمون والمقصود مضضن هضضذا كلضضه أن نضضبين أنهضضم لضضم يعجضضزوا خصضضومهم عضضن‬
‫معتقدهم في تعلضضق الرادة القديمضضة بالحضضداث إل بضضدعوى الضضضرورة وأنهضضم ل‬
‫ينفصلون عمن يدعي الضرورة عليهم في هضضذه المضضور علضضى خلف معتقضضدهم‬
‫وهذا ل مخرج عنه‪ .‬قولهم‪ :‬إن الله قبل خلق العالم‪ ...‬فضضإن قيضضل‪ :‬هضضذا ينقلضضب‬
‫عليكم في أن الله قبل خلق العالم كان قادرا ً على الخلق بقدر سنة أو سنتين‬
‫‪ -‬ول نهاية لقدرته ‪ -‬فكأنه صبر ولم يخلق ثم خلق ومضضدة الضضترك متنضضاه أو غيضضر‬
‫متناه‪ .‬فإن قلتم‪ :‬متناه صار وجود الباري متنضاهي الول وإن قلتضم‪ :‬غيضر متنضضاه‬
‫فقد انقضى مدة فيها إمكانضضات ل نهايضضة لعضضدادها‪ .‬راجضضع الضضدليل الثضضاني قلنضضا‪:‬‬
‫المدة والزمان مخلوق عندنا‪ .‬وسنبين حقيقة الجواب عضضن هضضذا فضي النفصضضال‬
‫عن دليلهم الثاني‪ .‬قولهم‪ :‬ما الذي ميز وقتا ً معينا ً عما قبله وعما بعده‪ ...‬فضضإن‬
‫قيل‪ :‬فبم تنكرون على من يترك دعوى الضضضرورة ويضضدل عليضضه مضضن وجضضه آخضضر‬
‫وهو أن الوقات متساوية في جواز تعلق الرادة بها فما الذي ميز وقتضضا ً معينضضا ً‬
‫عما قبله وعما بعضضده وليضضس محضضال ً أن يكضضون التقضضدم والتضضأخر مضضرادا ً بضضل فضضي‬
‫البياض والسواد والحركة والسضضكون فضضإنكم تقولضضون‪ :‬يحضضدث البيضضاض بضضالرادة‬
‫القديمضضة والمحضضل قابضضل للسضضواد قبضضوله للبيضضاض فلضضم تعلقضضت الرادة القديمضضة‬
‫بالبياض دون السواد وما الذي ميز أحد الممكنين عن الخر فضضي تعلضضق الرادة‬
‫به ونحن بالضرورة نعلم أن الشيء ل يتميز عضضن مثلضضه إل بمخصضضص ولضضو جضضاز‬
‫ذلك لجاز أن يحدث العالم وهو ممكن الوجود كما أنه ممكن العدم ويتخصضضص‬
‫جانب الوجود المماثل لجانب العدم في المكان بغيضضر مخصضضص‪ .. .‬ومضضا الضضذي‬
‫خصص الرادة وإن قلتم‪ :‬إن الرادة خصصت فالسؤال عضضن اختصضضاص الرادة‬
‫وأنها لم اختصت‪ .‬فإن قلتم‪:‬‬
‫ً‬
‫القديم ل يقال له لم فليكن العالم قديما ول يطلب صانعه وسببه لن القضضديم‬
‫ل يقال فيضضه‪ :‬لضضم‪ .‬فضضإن جضضاز تخصضضص القضضديم بالتفضضاق بأحضضد الممكنيضضن فغايضضة‬
‫المستبعد أن يقال‪ :‬العالم مخصضضوص بهيئات مخصوصضضة كضضان يجضضوز أن يكضضون‬
‫على هيئات أخرى بضدل ً عنهضا‪ .‬فيقضال‪ :‬وقضع كضضذلك اتفاقضا ً كمضا قلتضضم‪ :‬اختصضت‬
‫الرادة بوقت دون وقت وهيئة دون هيئة اتفاقًا‪ .‬وإن قلتم‪ :‬إن هذا السؤال غير‬
‫لزم لنه وارد على كل ما يريده وعائد على كل ما يقضضدره فنقضضول‪ :‬ل بضضل هضضذا‬
‫السؤال لزم لنه عائد في كل وقت وملزم لمن خالفنا على كل تقدير‪ .‬قولنا‪:‬‬
‫الرادة تميز الشيء عن مثله قلنا‪ :‬إنما وجد العالم حيث وجضضد وعلضضى الوصضضف‬
‫الذي وجد وفي المكضضان الضضذي وجضضد بضضالرادة والرادة صضضفة مضضن شضضأنها تمييضضز‬
‫الشيء عن مثله ولول أن هذا شأنها لوقع الكتفاء بالقدرة‪ .‬ولكن لمضضا تسضضاوى‬
‫نسبة القدرة إلى الضدين ولم يكن بد من مخصص يخصص الشيء عضضن مثلضضه‬
‫فقيل‪ :‬للقديم وراء القدرة صفة من شأنها تخصيص الشضضيء عضضن مثلضضه فقضضول‬
‫القضائل‪ :‬لضم اختصضت الرادة بأحضد المثليضن كقضول القضائل‪ :‬لضم اقتضضى العلضم‬
‫الحاطة بالمعلوم على ما هو به فيقال‪ :‬لن العلم عبارة عن صفة هضضذا شضضأنها‬
‫فكذى الرادة عبارة عن صفة هذا شأنها بل ذاتها تمييز الشيء عن مثله‪.‬‬
‫في المرين تناقض فإن قيل‪ :‬إثبات صفة شأنها تمييز الشيء عضضن مثلضضه غيضضر‬
‫معقول بل هو متناقض فإن كونه مثل ً معناه أنه ل تميز له وكونه مميضضزا ً معنضضاه‬
‫أنه ليس مثل ً ول ينبغي أن يظن أن السوادين فضضي محليضضن متمضضاثلن مضضن كضضل‬
‫وجه لن هذا في محل وذاك في محل آخر وهذا يوجب التميضضز‪ .‬ول السضضوادان‬
‫في وقتين في محل واحد متمضضاثلن مطلق ضا ً لن هضضذا فضضارق ذلضضك فضضي الضضوقت‬
‫فكيف يساويه من كل وجه‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬السوادان مثلن عنينا به فضضي السضضوادية‬
‫مضافا ً إليه على الخصوص ل على الطلق وإل فلو اتحد المحل والزمضضان ولضضم‬
‫ل‪ .‬العطشضضان إذا كضضان بيضضن‬ ‫يبق تغاير لم يعقل سوادان ول عقلت الثنينيضضة أصض ً‬
‫يديه قدحان متساويان ل يمكن أن يأخضضذ أحضضدهما بضضدون تمييضضز يحقضضق هضضذا أن‬
‫لفظ الرادة مستعارة من إرادتنا ول يتصور منا أن نميز بضضالرادة الشضضيء عضضن‬
‫مثله بل لو كان بين يدي العطشان قدحان من الماء يتسضضاويان مضضن كضضل وجضضه‬
‫بالضافة إلى غرضه لم يمكن أن يأخذ أحدهما بل إنما يأخذ ما يراه أحسضضن أو‬
‫أخف أو أقرب إلى جانب يمينه إن كان عادته تحريك اليمين أو سبب من هضضذه‬
‫السباب إما خفي وإما جلي وإل فل يتصور تمييز الشيء عن مثله بحال‪ .‬إنكار‬
‫المر في حق الله‪ ...‬الول أن قولكم‪ :‬إن هذا ل يتصضضور عرفتمضضوه ضضضرورة أو‬
‫نظرا ً ول يمكن دعوى واحد منهما وتمثيلكم بإرادتنضضا مقايسضضة فاسضضدة تضضضاهي‬
‫المقايسة في العلضضم وعلضضم اللضضه يفضضارق علمنضضا فضضي أمضضور قررناهضضا فلضضم تبعضضد‬
‫المفارقة في الرادة بل هضو كقضول القضائل‪ :‬ذات موجضضودة ل خضارج العضالم ول‬
‫داخله ول متصل ً ول منفصل ً ل يعقل لنا ل نعقلضضه فضضي حقنضضا‪ .‬قيضضل‪ :‬هضضذا عمضضل‬
‫توهمك وأما دليل العقل فقد ساق العقلء إلضضى التصضضديق بضضذلك فبضضم تنكضضرون‬
‫على من يقول‪ :‬دليل العقل ساق إلى إثبات صفة لله تعالى مضضن شضضأنها تمييضضز‬
‫الشيء عن مثله فإن لم يطابقها اسم الرادة فلتسضضم باسضضم آخضضر فل مشضضاحة‬
‫في السماء‪ .‬وإنما أطلقناها نحن بإذن الشرع وإل فالرادة موضوعة في اللغة‬
‫لتعيين ما فيضضه غضضرض ول غضضرض فضضي حضضق اللضضه وإنمضضا المقصضضود المعنضضى دون‬
‫اللفظ‪ .. .‬وفي حق النسان فإنه إذا كانت بين يضديه تمرتيضن متسضاويتين يأخضذ‬
‫إحداهما‪ .‬على أنه في حقنا ل نسلم أن ذلك غير متصضضور فإنضضا نفضضرض تمرتيضضن‬
‫متساويتين بين يدي المتشوف إليهما العضضاجز عضضن تناولهمضضا جميع ضا ً فضضإنه يأخضضذ‬
‫إحداهما ل محالة بصفة شأنها تخصيص الشيء عضضن مثلضضه‪ .‬وكضضل مضضا ذكرتمضضوه‬
‫من المخصصات من الحسن أو القرب أو تيسر الخضضذ فإنضضا نقضضدر علضى فضضرض‬
‫انتفائه ويبقضى إمكضضان الخضضذ‪ .‬فضضأنتم بيضضن أمريضضن‪ :‬إمضا إن قلتضضم‪ :‬إنضه ل يتصضضور‬
‫التساوي بالضافة إلى أغراضه فقط وهو حماقة وفرضه ممكن وإما إن قلتم‪:‬‬
‫التساوي إذا فرض بقي الرجل المتشضوف أبضضدا ً متحيضرا ً ينظضر إليهمضضا فل يأخضضذ‬
‫إحداهما بمجرد الرادة والختيار المنفك عضضن الغضضرض وهضضو أيض ضا ً محضضال يعلضضم‬
‫ة‪ .‬فضضإذن لبضضد لكضضل نضضاظر شضضاهدا ً أو غائب ضا ً فضضي تحقيضضق الفعضضل‬
‫بطلنضضه ضضضرور ً‬
‫الختياري من إثبات صفة شأنها تخصيص الشيء عن مثله‪ .‬لماذا اختص العالم‬
‫ببعض الوجوه‪ ...‬الوجه الثاني في العتراض هو أنا نقول‪ :‬أنتم في مذهبكم مضضا‬
‫استغنيتم عن تخصيص الشيء عن مثله فإن العالم وجد من سببه الموجب له‬
‫على هيئات مخصوصة تماثل نقائضها فلم اختص ببعض الوجوه واستحالة تميز‬
‫الشيء عن مثله في الفعل أو في اللضضزوم بضضالطبع أو بالضضضرورة ل تختلضضف‪.. .‬‬
‫قولهم‪ :‬بضرورة النظام الكلي فإن قلتم‪ :‬إن النظام الكلي للعضضالم ل يمكضضن إل‬
‫على الوجه الذي وجد وإن العالم لو كان أصغر أو أكبر مما هو الن عليه لكان‬
‫ل يتم هذا النظام وكذا القول فضضي عضضدد الفلك وعضضدد الكضضواكب‪ .‬وزعمتضضم أن‬
‫الكبير يخالف الصغير والكثير يفارق القليل في ما يضضراد منضه فليسضضت متماثلضة‬
‫بل هي مختلفضضة إل أن القضضوة البشضضرية تضضضعف عضضن درك وجضضوه الحكمضضة فضضي‬
‫مقاديرها وتفاصيلها وإنما تدرك الحكمة فضضي بعضضضها كالحكمضضة فضضي ميضضل فلضضك‬
‫البروج عن معدل النهار والحكمة في الوج والفلك الخضضارج المركضضز والكضضثر ل‬
‫يدرك السر فيها ولكن يعرف اختلفها ول بعد في أن يتميز الشيء عن خلفضضه‬
‫لتعلق نظام المر به‪ .‬وأما الوقات فمتشابهة قطعا ً بالنسبة إلى المكان وإلى‬
‫النظام ول يمكن أن يدعي أنه لو خلق بعد ما خلق أو قبله بلحظضضة لمضضا تصضضور‬
‫النظام فإن تماثل الحوال يعلم بالضرورة‪ .‬قولنا‪ :‬ل‪ .‬مثلن‪...‬‬
‫فنقول‪ :‬نحن وإن كنا نقدر على معارضتكم بمثله في الحوال إذ قال قضضائلون‪:‬‬
‫خلقه في الوقت الذي كان الصلح الخلق فيه لكنا ل نقتصر على هذه المقابلة‬
‫بل نفرض على أصلكم تخصصا ً في موضضضعين ل يمكضضن أن يقضضدر فيضضه اختلف‪:‬‬
‫أحدهما اختلف جهة الحركضضة والخضضر تعيضضن موضضضع القطضضب فضضي الحركضضة عضضن‬
‫المنطقة‪ ... .‬مثل القطب الشمالي والقطب الجنضضوبي أمضضا القطضضب فبيضضانه أن‬
‫السماء كرة متحركة على قطبين كأنهما ثابتان وكرة السماء متشابهة الجزاء‬
‫فإنها بسيطة ل سيما الفلك العلى الذي هو التاسضع فضإنه غيضضر مكضضوكب أصضل ً‬
‫وهمضضا متحركضضان علضضى قطضضبين شضضمالي و جنضضوبي‪ .‬فنقضضول‪ :‬مضضا مضضن نقطضضتين‬
‫متقابلتين من النقط التي ل نهاية لها عندهم إل ويتصور أن يكون هو القطضضب‪.‬‬
‫فلضضم تعينضضت نقطتضضا الشضضمال والجنضضوب للقطبيضضة والثبضضات ولضضم لضضم يكضضن خضضط‬
‫المنطقضضة مضضارا ً بضضالنقطتين حضضتى يعضضود القطضضب إلضضى نقطضضتين متقضضابلتين علضضى‬
‫المنطقة فإن كان في مقدار كبر السماء وشكله حكمة فمضضا الضضذي ميضضز محضضل‬
‫القطب عن غيره حتى تعين لكضضونه قطبضا ً دون سضضائر الجضضزاء والنقضضط وجميضع‬
‫النقط متماثلة وجميع أجزاء الكرة متساوية وهضضذا ل مخضضرج عنضضه قضضولهم لعضضل‬
‫ذلك الموضع يفارق غيره بخاصية فضإن قيضل لعضل الموضضع الضضذي عليضضه نقطضضة‬
‫القطب يفارق غيره بخاصية تناسب كضضونه محل ً للقطضضب حضضتى يثبضضت فكضضأنه ل‬
‫يفارق مكانه وحيزه ووضعه أو ما يفضضرض إطلقضضه عليضضه مضن السضضامي وسضائر‬
‫مواضع الفلك يتبدل بالضضدور وضضضعها مضضن الرض ومضضن الفلك والقطضضب ثضضابت‬
‫الوضع فلعل ذلك الموضع كان أولى بأن يكون ثابت الوضع من غيره‪ .‬تقولضضون‬
‫بتشابه السماء‪ ...‬قلنضضا‪ :‬ففضضي هضضذا تصضضريح بتفضضاوت أجضضزاء الكضضرة الولضضى فضضي‬
‫الطبيعة وأنهضضا ليسضضت متشضضابهة الجضضزاء وهضضو علضضى خلف أصضضلكم إذ أحضضد مضضا‬
‫استدللتم به على لزوم كون السماء كرى الشكل أنه بسيط الطبيعضضة متشضضابه‬
‫ل يتفاوت وأبسط الشكال الكضرة فضضإن الضضتربيع والتسضديس وغيرهمضا يقتضضي‬
‫خروج زوايا وتفاوتها وذلك ل يكون إل بأمر زائد على الطبع البسضضيط‪ ... .‬ومضضن‬
‫أين تلك الخاصضضية ولكنضضه وإن خضضالف مضضذهبكم فليضضس ينضضدفع اللضضزام بضضه فضضإن‬
‫السؤال في تلك الخاصية قائم إذ سائر الجزاء هل كان قابل ً تلك الخاصضضية أم‬
‫ل فإن قالوا نعم فلم اختصت الخاصية من بين المتشابهات ببعضها وإن قالوا‪:‬‬
‫لم يكن ذلك إل في ذلك الموضع وسائر الجزاء ل تقبلها فنقول‪ :‬سائر الجزاء‬
‫من حيضضث أنهضضا جسضضم قابضضل للصضضور متشضضابه بالضضضرورة وتلضضك الخاصضضية الضضتي‬
‫يستحقها ذلك الموضع بمجرد كضضونه جسضضما ً ول بمجضضرد كضضونه سضضماء فضضإن هضضذا‬
‫المعنى يشاركه فيه سائر أجزاء السماء فل بد وأن يكون تخصيصه بضضه بتحكضضم‬
‫أو بصفة من شأنها تخصيص الشيء عن مثله وإل فكما يسضضتقيم لهضضم قضضولهم‪:‬‬
‫إن الحوال في قبول وقوع العالم فيها متساوية يستقيم لخصضومهم أن أجضزاء‬
‫السماء في قبول المعنى الذي لجله صضضار ثبضضوت الوضضضع أولضضى بضضه مضضن تبضضدل‬
‫الوضع متساوية وهذا ل مخرج منه‪ .‬مضضا سضضبب تبضضاين حركضضات السضضماء اللضضزام‬
‫الثاني تعين جهضضة حركضضة الفلك بعضضضها مضضن المشضضرق إلضضى المغضضرب وبعضضضها‬
‫بالعكس مع تساوي الجهات ما سببها وتساوي الجهات كتسضضاوي الوقضضات مضضن‬
‫غير فرق قولهم‪ :‬تلك المناسبات مبدأ الحوادث في العالم فإن قيضضل‪ :‬لضضو كضضان‬
‫الكل يدور من جهة واحدة لما تباينت أوضاعها ولم تحدث مناسضضبات الكضضواكب‬
‫بالتثليث والتسديس والمقارنة وغيرها ولكان الكل على وضع واحضضد ل يختلضضف‬
‫قط وهذه المناسبات مبدأ الحوادث في العالم‪ .‬قلنا‪ :‬لسضضنا نلضضزم اختلف جهضضة‬
‫الحركة بل نقول‪ :‬الفلك العلى يتحرك من المشرق إلى المغرب والذي تحتضضه‬
‫بالعكس وكل ما يمكن تحصيله بهضضذا يمكضضن تحصضضيله بعكسضضه وهضضو أن يتحضضرك‬
‫العلى من المغرب إلضضى المشضضرق ومضضا تحتضضه فضضي مقضضابلته فيحصضضل التفضضاوت‬
‫وجهات الحركة بعد كونها دورية وبعد كونها متقابلة متساوية فلم تميزت جهضضة‬
‫عن جهة تماثلهضضا قضضولهم‪ :‬الجهتضضان متضضضادتان فضضإن قضضالوا‪ :‬الجهتضضان متقابلتضضان‬
‫متضادتان فكيف يتساويان قولنا‪ :‬والوقات! قلنضضا‪ :‬هضذا كقضضول القضائل‪ :‬التقضضدم‬
‫والتأخر في وجود العالم يتضادان فكيف يدعي تشابههما ولكن زعموا أنه يعلم‬
‫تشابه الوقات بالنسبة إلى إمكان الوجود وإلى كل مصلحة يتصور فرضه فضضي‬
‫الوجود‪ .‬فكذلك يعلم تساوي الحياز والوضاع والماكن والجهات بالنسبة إلضضى‬
‫قبول الحركة وكل مصلحة تتعلق بها‪ .‬فإن ساغ لهضم دعضوى الختلف مضع هضذا‬
‫التشابه كان لخصومهم دعوى الختلف في الحوال والهيئات أيضًا‪ .‬العضضتراض‬
‫الثاني‪ :‬صدور حادث من قديم العتراض الثاني علضضى أصضضل دليلهضضم أن يقضضال‪:‬‬
‫استبعدتم حدوث حادث من قديم ول بد لكم من العتراف به فإن فضضي العضضالم‬
‫حوادث ولها أسباب‪ .‬فإن استندت الحوادث إلى الحوادث إلى غيضضر نهايضضة فهضضو‬
‫محال وليس ذلك معتقد عاقل‪ .‬ولو كان ذلك ممكنا ً لسضضتغنيتم عضضن العضضتراف‬
‫بالصانع وإثبات واجب وجود هضضو مسضضتند الممكنضضات‪ .‬وإذا كضضانت الحضضوادث لهضضا‬
‫طرف ينتهي إليه تسلسلها فيكون ذلك الطضضرف هضضو القضضديم فل بضضد إذن علضضى‬
‫أصلهم من تجويز صدور حادث من قديم‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬في حصول الستعداد وحضور الوقت فإن قيضضل‪ :‬نحضضن ل نبعضضد صضضدور‬
‫حادث من قديم أي حادث كان بل نبعضد صضدور حضادث هضو أول الحضوادث مضن‬
‫القديم إذ ل يفارق حال الحدوث ما قبله في ترجح جهضضة الوجضضود ل مضضن حيضضث‬
‫حضور وقت ول آلة ول شضضرط ول طبيعضضة ول غضضرض ول سضضبب مضضن السضضباب‪.‬‬
‫فأما إذا لم يكن هو الحادث الول جاز أن يصدر منه عند حدوث شيء آخر من‬
‫استعداد المحل القابل وحضضضور الضضوقت الموافضضق أو مضا يجضضري هضضذا المجضضرى‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬ومن أين ذلك قلنا‪ :‬فالسؤال في حصول الستعداد وحضور الوقت وكل‬
‫ما يتجدد قائم فإما أن يتسلسل إلى غير نهاية أو ينتهي إلضضى قضضديم يكضضون أول‬
‫حادث منه‪ .‬قولهم‪ :‬وجود الحركة الدورية‪ ...‬فإن قيضضل‪ :‬المضضواد القابلضضة للصضضور‬
‫والعراض والكيفيات ليس شضضيء منهضضا حادثضا ً والكيفيضضات الحادثضضة هضضي حركضضة‬
‫الفلك أعني الحركة الدورية وما يتجدد من الوصاف الضافية لها من التثليث‬
‫والتسضضديس والضضتربيع وهضضي نسضضبة بعضضض أجضضزاء الفلضضك والكضضواكب إلضضى بعضضض‬
‫وبعضها نسبة إلضضى الرض كمضضا يحصضضل مضضن الطلضضوع والشضضروق والضضزوال عضضن‬
‫منتهى الرتفاع والبعد عن الرض بكون الكوكب في الوج والقرب بكضضونه فضضي‬
‫الحضضضيض والميضضل عضضن بعضضض القطضضار بكضضونه فضضي الشضضمال والجنضضوب وهضضذه‬
‫الضافة لزمة للحركة الدورية بالضرورة فموجبها الحركة الدورية‪ .‬وهي سبب‬
‫الحوادث في العناصر‪ ...‬وأمضضا الحضضوادث فيمضضا يحضضويه مقعضضر فلضضك القمضضر وهضضو‬
‫العناصر بما يعرض فيها من كون وفساد وامتزاج وافتراق واستحالة من صضضفة‬
‫إلى صفة فكضضل ذلضضك حضضوادث مسضضتند بعضضضها إلضضى بعضضض فضضي تفصضضيل طويضضل‬
‫وبالخرة تنتهي مبادئ أسبابها إلى الحركة السماوية الدورية ونسب الكضضواكب‬
‫بعضها إلى بعض أو نسبتها إلى الرض‪ ... .‬وهي قديمة‪ ...‬فيخرج مضضن مجمضضوع‬
‫ذلك أن الحركة الدورية الدائمة البدية مستند الحوادث كلها ومحضضرك السضضماء‬
‫حركتها الدورية نفوس السموات فإنها حية نازلة منزلضضة نفوسضضنا بالنسضضبة إلضضى‬
‫أبداننا ونفوسها قديمة فل جرم الحركة الدورية التي هي موجبها أيضا ً قديمضضة‪.‬‬
‫ولما تشابه أحوال النفس لكونها قديمة تشابه أحوال الحركات أي كانت دائرة‬
‫أبدًا‪ .‬ولها أجزاء حادثة فإذن ل يتصور أن يصدر الحادث من قضضديم إل بواسضضطة‬
‫حركة دورية أبدية تشبه القديم من وجضضه فضضإنه دائم أبضضدا ً وتشضضبه الحضضادث مضضن‬
‫وجه فإن كل جزء يفرض منه كان حادثا ً بعضد أن لضم يكضن فهضو مضن حيضث أنضه‬
‫حادث بأجزائه وإضافاته مبدأ الحوادث ومن حيضضث أنضه أبضدي متشضابه الحضضوال‬
‫صادر عن نفس أزلية‪ .‬فإن كان في العضضالم حضضوادث فل بضضد مضضن حركضضة دوريضضة‬
‫وفي العالم حوادث فالحركة الدورية البدية ثابتة‪ .‬قولنا‪ :‬هذا كلم باطضضل! إذ ل‬
‫بد من سبب آخر قلنا‪ :‬هذا التطويل ل يغنيكم فإن الحركضضة الدوريضضة الضضتي هضضي‬
‫المستند حادث أم قديم فإن كان قديما ً فكيضف صضار مبضضدأ لول الحضضوادث وإن‬
‫كان حادثا ً افتقر إلى حادث آخر وتسلسل‪ .‬وقولكم‪ :‬إنه من وجه يشبه القضضديم‬
‫ومن وجه يشبه الحادث فإنه ثابت متجدد أي هو ثابت التجضضدد متجضضدد الثبضضوت‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬أهو مبدأ الحوادث من حيث أنه ثابت أو من حيث أنه متجدد فإن كضضان‬
‫من حيث أنه ثابت فكيف صدر مضضن ثضضابت متشضضابه الحضضوال شضضيء فضضي بعضضض‬
‫الوقات دون بعض وإن كان من حيث أنه متجدد فما سبب تجدده فضضي نفسضضه‬
‫فيحتاج إلى سبب آخر ويتسلسل فهذا غاية تقرير اللضضزام‪ .‬سضضيأتي الكلم عضضن‬
‫ذلك ولهم في الخروج عن هذا اللزام نوع احتيال سنورده في بعض المسضضائل‬
‫بعد هذه كيل يطول كلم هذه المسألة بانشعاب شضضجون الكلم وفنضضونه‪ .‬علضضى‬
‫أنا سضضنبين أن الحركضضة الدوريضضة ل يصضضلح أن تكضضون مبضضدأ الحضضوادث وأن جميضضع‬
‫الحوادث مخترعة لله ابتداًء ونبطل ما قالوه من كون السماء حيوانضضا ً متحركضضا ً‬
‫بالختيار حركة نفسية كحركاتنا‪.‬‬
‫الثاني قولنا‪ :‬ليس الله متقدما ً بالذات فقط‪ ...‬زعمضضوا أن القضضائل بضضأن العضضالم‬
‫متأخر عن الله والله متقدم عليه ليس يخلو إما أن يريد به أنه متقضضدم بالضضذات‬
‫ل بالزمان كتقدم الواحد على الثنين فإنه بالطبع مع أنه يجضضوز أن يكضضون معضضه‬
‫في الوجود الزماني وكتقدم العلة على المعلضضول مثضضل تقضضدم حركضضة الشضضخص‬
‫على حركة الظل التابع له وحركة اليد مع حركة الخاتم وحركة اليد فضضي المضضاء‬
‫مع حركة الماء فإنهضضا متسضضاوية فضضي الزمضضان وبعضضضها علضضة وبعضضضها معلضضول إذ‬
‫يقال‪ :‬تحرك الظل لحركة الشخص وتحضضرك المضضاء لحركضضة اليضضد فضضي المضضاء ول‬
‫يقضضال تحضضرك الشضضخص لحركضضة الظضضل وتحضضرك اليضضد لحركضضة المضضاء وإن كضضانت‬
‫متساوية‪ .‬فإن أريد بتقدم البضضاري علضضى العضضالم هضضذا لضضزم أن يكونضضا حضضادثين أو‬
‫قديمين واستحال أن يكون أحدهما قديما ً والخر حادثًا‪ .‬وإن أريد به أن البضضاري‬
‫متقدم على العالم والزمضضان ل بالضضذات بضضل بالزمضضان فضضإذن قبضضل وجضضود العضضالم‬
‫والزمان زمان كان العالم فيه معدوما ً إذ كان العدم سابقا ً على الوجضضود وكضضان‬
‫الله سابقا ً بمدة مديدة لها طرف من جهة الخر ول طرف لها من جهة الول‪.‬‬
‫فإذن قبضضل الزمضضان زمضضان ل نهايضضة لضضه وهضضو متنضضاقض ولجلضضه يسضضتحيل القضضول‬
‫بحدوث الزمان‪ .‬وإذا وجب قدم الزمان وهو عبارة عن قدر الحركة وجب قدم‬
‫الحركة ووجب قدم المتحرك الذي يدوم الزمان بدوام حركته‪ .‬اعتراض‪ :‬ليضس‬
‫قبل الخليقة زمان‪ :‬القول بأن " كان الله ول عالم " ل يدل إل علضضى أمريضضن‪...‬‬
‫العتراض هو أن يقال‪ :‬الزمان حادث ومخلوق وليس قبله زمضان أصضل ً ونعنضي‬
‫بقولنا إن الله متقدم على العالم والزمضضان إنضضه كضضان ول عضضالم ثضضم كضضان ومعضضه‬
‫عالم‪ .‬ومفهوم قولنا‪ :‬كان ول عالم وجود ذات الباري وعدم ذات العضضالم فقضضط‬
‫ومفهوم قولنا‪ :‬كان ومعه عالم وجود الضضذاتين فقضضط‪ .‬فنعنضضي بالتقضضدم انفضضراده‬
‫بالوجود فقط والعالم كشخص واحد‪ .‬ولضو قلنضا‪ :‬كضان اللضه ول عيسضى مثل ً ثضم‬
‫كان وعيسى معه لم يتضمن اللفظ إل وجود ذات وعدم ذات ثضم وجضضود ذاتيضن‬
‫وليس من ضرورة ذلك تقدير شيء ثالث وإن كان الوهم ل يسكن عن تقضضدير‬
‫ثالث فل التفات إلضضى أغضضاليط الوهضضام‪ .‬فضضإن قيضضل لقولنضضا‪ :‬كضضان اللضضه ول عضضالم‬
‫مفهوم ثالث سوى وجود الذات وعدم العالم بدليل أنا لضضو قضضدرنا عضضدم العضضالم‬
‫في المستقبل كان وجود ذات وعدم ذات حاصل ً ولم يصح أن نقول‪ :‬كان اللضضه‬
‫ول عالم بل الصحيح أن نقول‪ :‬يكون الله ول عالم‪ .‬ونقول للماضي‪ :‬كان اللضضه‬
‫ول عالم‪ .‬فبين قولنا " كان " و " يكون " فضضرق إذ ليضضس ينضضوب أحضضدهما منضضاب‬
‫الخر‪ .‬فلنبحث عن ما يرجع إليه الفضضرق‪ :‬ول شضضك فضضي أنهمضضا ل يفترقضضان فضضي‬
‫وجود الذات ول في عدم العالم بل في معنى ثالث فإنا إذا قلنضضا لعضضدم العضضالم‬
‫في المستقبل‪ :‬كان الله ول عالم قيل لنا‪ :‬هذا خطضضأ فضضإن " كضضان " إنمضضا يقضضال‬
‫على ماض فدل أن تحت لفظ " كان " مفهوما ً ثالث ضا ً وهضضو الماضضضي والماضضضي‬
‫بذاته هو الزمان والماضضضي بغيضضره هضضو الحركضضة فإنهضضا تمضضضي بمضضضي الزمضضان‪.‬‬
‫فبالضرورة يلزم أن يكون قبل العالم زمان قد انقضى حتى انتهى إلضضى وجضضود‬
‫العالم‪ .‬قولنا‪ :‬ليس هو إل نسبة إلينا قلنا‪ :‬المفهوم الصلي من اللفظين وجضضود‬
‫ذات وعضضدم ذات‪ .‬والمضضر الثضضالث الضضذي فيضضه افضضتراق اللفظيضضن نسضضبة لزمضضة‬
‫بالضافة إلينا بدليل أنا لو قدرنا عدم العالم في المسضتقبل ثضم قضدرنا لنضا بعضد‬
‫ذلك وجودا ً ثانيا ً لكنا عند ذلك نقول‪ :‬كضضان اللضضه ول عضضالم‪ .‬ويصضضح قولنضضا سضضواء‬
‫أردنا به العدم الول أو العدم الثاني الذي هو بعد الوجضود وآيضضة أن هضضذه نسضضبة‬
‫أن المستقبل بعينه يجوز أن يصير ماضيا ً قبضضل المبتضضدأ نتضضوهم " قبل ً "‪ ...‬وهضضذا‬
‫كله لعجز الوهم عن فهم وجود مبتدأ إل مع تقدير " قبل " له وذلك " القبضضل "‬
‫الذي ل ينفك الوهم عنه يظن أنه شضضيء محقضضق موجضضود هضضو الزمضضان‪ ... .‬كمضضا‬
‫نتوهم وراء العالم " فوقا ً " وهو كعجز الوهم عن أن يقدر تنضاهي الجسضم فضي‬
‫جانب الرأس مثل ً إل على سطح له فوق فيتوهم أن وراء العالم مكانا ً إما ملء‬
‫وإما خلء‪ .‬وإذا قيل‪ :‬ليس فوق سطح العالم فوق ول بعد أبعد منه كاع الضضوهم‬
‫عن الذعان لقبوله كما إذا قيل‪ :‬ليس قبضضل وجضضود العضضالم " قبضضل " هضضو وجضضود‬
‫محقق نفر عن قبوله وكما جاز أن يكذب الوهم في تقديره فضضوق العضضالم خلء‬
‫هو بعد ل نهاية له بأن يقال له‪ :‬الخلء ليس مفهوما ً في نفسه وأما البعضضد فهضضو‬
‫تابع للجسم الذي تتباعد أقطاره فإذا كان الجسم متناهيا ً كان البعضضد الضضذي هضضو‬
‫تابع له متناهيا ً وانقطع الملء والخلء غير مفهوم فثبت أنه ليس وراء العضضالم ل‬
‫خلء ول ملء وإن كان الوهم ل يذعن لقبوله‪.‬‬
‫ولكن ذلك وهضضم فكضضذلك يقضضال‪ :‬كمضضا أن البعضضد المكضضاني تضضابع للجسضضم فالبعضضد‬
‫الزماني تابع للحركة فإنه امتداد الحركضضة كمضا أن ذلضضك امتضضداد أقطضار الجسضضم‬
‫وكما أن قيام الدليل على تناهي أقطضضار الجسضضم منضضع مضضن إثبضضات بعضضد مكضضاني‬
‫وراءه‪ .‬فقيام الدليل على تناهي الحركة من طرفيه يمنع من تقدير بعد زماني‬
‫وراءه وإن كان الوهم متشبثا ً بخياله وتقضضديره ول يرعضضوى عنضضه‪ .‬ول فضضرق بيضضن‬
‫البعد الزماني الذي تنقسم العبارة عنه عنضد الضضافة إلضى " قبضل " و " بعضد "‬
‫وبين البعد المكاني الذي تنقسم العبارة عنه عنضضد الضضضافة إلضضى فضضوق وتحضضت‪.‬‬
‫فإن جاز إثبات " فوق " ل " فوق " فوقه جاز إثبات " قبل " ليس قبله " قبضضل‬
‫" محقق إل خيال وهمي كما في الفوق‪ .‬وهذا لزم فليتأمل فإنهم اتفقوا علضضى‬
‫أنه ليس وراء العالم ل خلء ول ملء‪ .‬قولهم ليس هناك موازنة فالعضضالم ليضضس‬
‫له " فوق " إل بالسم الضافي المتبدل‪ ...‬فإن قيل‪ :‬هذه الموازنة معوجة لن‬
‫العالم ليس له " فوق " ول " تحت " بل هو كري وليضضس للكضضرة " فضضوق " و "‬
‫تحت " بل إن سميت جهة " فوقا ً " من حيث أنه يلي رأسضضك والخضضر " تحتضا ً "‬
‫من حيث أنه يلي رجلك فهو اسم تجدد له بالضافة إليك والجهضضة الضضتي هضضي "‬
‫تحت " بالضافة إليك " فوق " بالضافة إلضضى غيضضرك إذا قضضدرت علضضى الجضضانب‬
‫الخر من كر ة الرض واقفا ً يحاذي أخمص قضضدمه أخمضضص قضضدميك بضضل الجهضضة‬
‫التي تقدرها فوقك من أجزاء السماء نهارا ً هو بعينه تحضضت الرض ليل ً ومضضا هضضو‬
‫تحت الرض يعضضود إلضضى فضضوق الرض فضضي الضضدور‪ .‬وأمضضا الول لوجضضود العضضالم ل‬
‫يتصور أن ينقلب آخرًا‪ .‬وهو كما لضضو قضضدرنا خشضضبة أحضضد طرفيهضا غليضظ والخضضر‬
‫دقيق واصطلحنا على أن نسمي الجهة التي تلي الدقيق فوقا ً إلى حيث ينتهي‬
‫والجانب الخر تحتا ً لضم يظهضر بهضذا اختلف ذاتضي فضي أجضضزاء العضالم بضل هضي‬
‫أسامي مختلفة قيامها بهيئة هذه الخشبة حتى لو عكس وضعها انعكس السم‬
‫والعالم لم يتبدل‪ .‬فالفوق والتحت نسبة محضة إليضضك ل تختلضضف أجضضزاء العضضالم‬
‫وسطوحه فيه‪ .‬وأما العدم المتقدم على العالم والنهاية الولى لوجوده ذاتي ل‬
‫يتصور أن يتبدل فيصير آخرا ً ول العدم المقدر عند إفناء العالم الذي هضضو عضضدم‬
‫لحق يتصور أن يصير سضضابقًا‪ .‬فطرفضضا نهايضضة وجضضود العضضالم الضضذي أحضضدهما أول‬
‫والثاني آخر طرفان ذاتيان ثابتان ل يتصور التبدل فيضضه بتبضضدل الضضضافات البتضضة‬
‫بخلف الفوق والتحت‪ .‬ولكن لوجضضود العضضالم " قبضضل " فضضإذن أمكننضضا أن نقضضول‪:‬‬
‫ليس للعالم فوق ول تحت ول يمكنكم أن تقولوا‪ :‬ليس لوجود العضالم " قبضضل "‬
‫ول " بعد "‪ .‬وإذا ثبت القبل والبعد فل معنى للزمان سوى ما يعبر عنه بالقبضضل‬
‫والبعد‪ .‬قولنا‪ :‬كما أن العالم ليس له " خضضارج " كضضذلك ليضضس لضضه قبضضل قلنضضا‪ :‬ل‬
‫فرق فإنه ل غرض في تعيين لفظ الفوق والتحت بل نعضضدل إلضضى لفضضظ الضضوراء‬
‫والخارج ونقول‪ :‬للعالم داخل وخارج فهل خارج العالم شيء مضضن ملء أو خلء‬
‫فسضضيقولون‪ :‬ليضضس وراء العضضالم ل خلء ول ملء‪ .‬وإن عنيتضضم بالخضضارج سضضطحه‬
‫العلى فله خارج وإن عينتم غيره فل خارج له‪ .‬فكذلك إذا قيل لنا‪ :‬هل لوجضضود‬
‫العالم " قبل " قلنا‪ :‬إن عني به‪ :‬هل لوجود العالم بدايضضة أي طضضرف منضضه ابتضضدأ‬
‫فله " قبل " على هذا كما للعالم خضضارج علضضى تأويضضل أنضضه الطضضرف المكشضضوف‬
‫والمنقطع السطحي‪ .‬وإن عنيتم بقبل شيئا ً آخر فل " قبل " للعالم كما أنضضه إذا‬
‫عني بخارج العالم شيء سوى السضضطح قيضضل‪ :‬ل خضضارج للعضضالم‪ .‬فضضإن قلتضضم‪ :‬ل‬
‫يعقل مبتدأ وجود ل " قبل " له فيقال‪ :‬ول يعقل متناهى وجضضود مضضن الجسضضم ل‬
‫خارج له‪ .‬فإن قلت‪ :‬خارجه سطح الذي هو منقطعضضه ل غيضضر قلنضضا‪ :‬قبلضضه بدايضضة‬
‫وجوده الذي هو طرفه ل غير‪ .‬نسبة ذلك للمكان والزمان من عمضضل الضضوهم‪...‬‬
‫بقي أنا نقول‪ :‬لله وجود ول عالم معه‪ .‬وهذا القدر أيضا ً ل يوجب إثبضضات شضضيء‬
‫آخر والذي يدل على أن هذا عمل الوهم أنه مخصوص بالزمان والمكان‪ .‬فضضإن‬
‫الخصم وإن اعتقد قدم الجسم يذعن وهمه لتقدير حدوثه‪ .‬ونحن وإن اعتقضضدنا‬
‫حدوثه ربما أذعن وهمنا لتقدير قدمه‪ .‬هذا في الجسم‪ .‬فإذا رجعنا إلى الزمان‬
‫لم يقدر الخصم على تقدير حدوث زمان ل " قبل " له وخلف المعتقضضد يمكضضن‬
‫وضعه في الوهم تقديرا ً وفرضًا‪ .‬وهذا مما ل يمكن وضعه في الوهم كمضضا فضضي‬
‫المكان فإن من يعتقد تناهي الجسم ومن ل يعتقد كل واحد يعجضضز عضضن تقضضدير‬
‫جسم ليس وراءه ل خلء ول ملء بل ل يذعن وهمه لقبول ذلك‪.‬‬
‫وهذا هو سبب الغلط ولكن قيل‪ :‬صريح العقل إذا لم يمنع وجود جسضم متنضاه‬
‫بحكم الدليل ل يلتفت إلى الوهم‪ .‬فكذلك صريح العقل ل يمنع وجضضودا ً مفتتح ضا ً‬
‫ليس قبله شيء‪ .‬وإن قصر الوهم عنه فل يلتفت إليه لن الوهم لما لضضم يضضألف‬
‫جسما ً متناهيا ً إل وبجنبه جسم آخر أو هواء تخيله خلء لم يتمكن من ذلك فضضي‬
‫الغائب‪ .‬فكذلك لم يألف الوهم حادثا ً إل بعد شيء آخر فكاع عن تقدير حضضادث‬
‫ليس له " قبل " هو شيء موجود قد انقضى‪ .‬فهذا هو سبب الغلط والمقاومة‬
‫حاصلة بهذه المعارضة‪ .‬صيغة ثانية لهم في إلضضزام قضضدم الزمضضان قضضولهم‪ :‬كضضان‬
‫الله قادرا ً على أن يخلق العالم قبل أن خلقه بقدر سنين‪ ...‬قالوا‪ :‬ل شك فضضي‬
‫أن الله عندكم كان قادرا ً على أن يخلق العالم قبل أن خلقه بقدر سنة ومضضائة‬
‫سنة وألف سنة وإن هذه التقديرات متفاوتة في المقدار والكميضضة فل بضضد مضضن‬
‫إثبات شيء قبل وجود العالم ممتد مقدر بعضه أمد وأطول من البعضضض‪ ... .‬أو‬
‫أن يخلق قبله عالما ً ثانيا ً مثله بحيث ينتهي إلى زماننا هذا بقدر عدد أكضضثر مضضن‬
‫الدورات وإن قلتم‪ :‬ل يمكن إطلق لفضضظ سضضنين إل بعضضد حضضدوث الفلضضك ودوره‬
‫فلنترك لفظ سنين ولنورد صيغة أخرى فنقضضول‪ :‬إذا قضضدرنا أن العضضالم مضضن أول‬
‫وجوده قد دار فلكه إلى الن بضضألف دورة مثل ً فهضضل كضضان اللضضه قضضادرا ً علضضى أن‬
‫يخلق قبله عالما ً ثانيا ً مثله بحيث ينتهي إلى زماننا هذا بضألف ومضائة دورة فضإن‬
‫قلتم‪ :‬ل فكأنه انقلب القديم من العجز إلضضى القضضدرة أو العضضالم مضضن السضضتحالة‬
‫إلى المكان‪ .‬وإن قلتم‪ :‬نعم ول بد منه فهل كان يقضضدر علضضى أن يخلضضق عالم ضا ً‬
‫ثالثا ً بحيث ينتهي إلى زماننا بألف ومائتي دورة ول بد من نعضضم‪ .‬قولنضضا‪ :‬فهنضضاك‬
‫مقدار معلوم‪ ...‬فنقول‪ :‬هذا العالم الذي سضميناه بحسضب ترتيبنضا فضي التقضدير‬
‫ثالثا ً وإن كان هو السبق فهل أمكن خلقه مع العالم الذي سضضميناه ثانيضا ً وكضضان‬
‫ينتهي إلينا بألف ومائتي دورة والخر بضضألف ومضضائة دورة وهمضضا متسضضاويان فضضي‬
‫مسافة الحركة وسرعتها فإن قلتم‪ :‬نعضضم فهضضو محضضال إذ يسضضتحيل أن يتسضضاوى‬
‫حركتان في السرعة والبطء ثم تنتهيان إلى وقت واحد والعداد متفاوتضة‪ .‬وإن‬
‫قلتم‪ :‬إن العالم الثالث الذي ينتهي إلينا بألف ومائتي دورة ل يمكضضن أن يخلضضق‬
‫مع العالم الثاني الذي ينتهي إلينا بألف ومائة دورة بضضل ل بضضد وأن يخلقضضه قبلضضه‬
‫بمقدار يساوي المقدار الذي تقضضدم العضضالم الثضضاني علضضى العضضالم الول وسضضمينا‬
‫الول ما هو أقرب إلى وهمنا إذ ارتقينا مضضن وقتنضضا إليضضه بالتقضضدير فيكضضون قضضدر‬
‫إمكان هو ضعف إمكان آخر ول بد من إمكان آخر هو ضعف الكضضل‪ ... .‬فهنضضاك‬
‫زمان فهذا المكان المقضدر المكمضم الضذي بعضضه أطضول مضن البعضض بمقضدار‬
‫معلوم ل حقيقة له إل الزمان فليست هذه الكميات المقدرة صفة ذات الباري‬
‫تعالى عن التقدير ول صفة عدم العالم إذ العدم ليس شيئا ً حتى يتقدر بمقادير‬
‫مختلفة والكمية صفة فتستدعى ذا كميضضة وليضضس ذلضضك إل الحركضضة والكميضضة إل‬
‫الزمان الذي هو قدر الحركة‪ .‬فإذن قبل العالم عندكم شيء ذو كمية متفاوتضضة‬
‫وهو الزمان‪ .‬فقبل العالم عندكم زمان‪ .‬اعتراض‪ :‬وكذلك فوراء العضالم خلء أو‬
‫ملء‪ ...‬العتراض أن كل هذا من عمل الوهم وأقرب طريق في دفعه المقابلة‬
‫للزمان بالمكان‪ .‬فإنا نقول‪ :‬هل كان في قدرة الله أن يخلق الفلك العلى في‬
‫سضضمكه أكضضبر ممضضا خلقضضه بضضذراع فضضإن قضضالوا‪ :‬ل فهضضو تعجيضضز‪ .‬وإن قضضالوا‪ :‬نعضضم‬
‫فبذراعين وثلثة أذرع وكذلك يرتقي إلى غير نهاية‪ .‬ونقضضول‪ :‬فضضي هضضذا إثبضضات "‬
‫بعد " وراء العالم له مقدار وكمية إذ الكبر بذراعين ما كان يشغل مضضا يشضضغله‬
‫الكبر بذراع فوراء العالم بحكضضم هضضذا كميضضة فتسضضتدعي ذاكضضم وهضضو الجسضضم أو‬
‫الخلء‪ .‬فوراء العالم خلء أو ملء فمضضا الجضضواب عنضضه ‪ ...‬فيكضضون الخلء مقضضدارا ً‬
‫وكذلك هل كان الله قادرا ً على أن يخلق كرة العالم أصغر مما خلقه بذراع ثم‬
‫بذراعين وهل بين التقديرين تفاوت فيما ينتفي من الملء والشضضغل للحيضضاز إذ‬
‫الملء المنتفي عند نقصان ذراعين أكثر مما ينتفضضي عنضضد نقصضضان ذراع فيكضضون‬
‫الخلء مقدرا ً والخلء ليس بشيء فكيف يكون مقدرا ً وجوابنا في تخييل الوهم‬
‫تقدير المكانات الزمانية قبل وجود العالم كجوابكم فضضي تخييضضل الضضوهم تقضضدير‬
‫المكانات المكانية وراء وجود العضضالم ول فضضرق‪ .‬قضضولهم‪ :‬كضضون العضضالم أكضضبر أو‬
‫أصغر مما هو عليه ليس بممكن فإن قيل‪ :‬نحن ل نقول‪ :‬إن مضا ليضضس بممكضن‬
‫فهو مقدور وكون العالم أكبر ممضا هضو عليضه ول أصضغر منضه ليضس بممكضن فل‬
‫يكون مقدورًا‪ .‬ولماذا وهذا العذر باطل من ثلثة أوجه‪ :‬أحدها أن هضضذا مكضضابرة‬
‫العقل فإن العقل في تقدير العالم أكبر أو أصضضغر ممضضا عليضضه بضضذراع ليضضس هضضو‬
‫كتقديره الجمع بين السواد والبياض والوجود والعدم والممتنع هضضو الجمضضع بيضضن‬
‫النفي والثبات وإليه ترجع المحالت كلها فهو تحكم بارد فاسضضد‪ .‬وجضضود العضضالم‬
‫يكون واجبًا! الثاني أنه إذا كان العالم على ما هو عليه ل يمكن أن يكون أكبر‬
‫منه ول أصغر‪ .‬فوجوده على ما هو عليه واجب ل ممكن والواجب مستغن عن‬
‫علة‪ .‬فقولوا بمضضا قضضاله الضضدهريون مضضن نفضضي الصضضانع ونفضضي سضضبب هضضو مسضضبب‬
‫السباب وليس هذا مذهبكم‪ .‬ووجوده قبل الوجود غير ممكضضن! الثضضالث هضضو أن‬
‫هذا الفاسد ل يعجز الخصم عضضن مقضضابلته بمثلضضه‪ .‬فنقضضول‪ :‬إنضضه لضضم يكضضن وجضضود‬
‫العالم قبل وجوده ممكنا ً بل وافق الوجود المكان من غير زيضضادة ول نقصضضان‪.‬‬
‫فإن قلتم‪ :‬فقد انتقل القديم من القدرة إلى العجز قلنا‪ :‬ل لن الوجود لم يكن‬
‫ممكنا ً فلم يكن مقدورا ً وامتناع حصول ما ليس بممكضضن ل يضضدل علضضى العجضضز‪.‬‬
‫وإن قلتم‪ :‬إنه كيف كضضان ممتنع ضا ً فصضضار ممكن ضا ً قلنضضا‪ :‬ولضضم يسضضتحيل أن يكضضون‬
‫ممتنعا ً فضي حضال ممكنضا ً فضضي حضضال فضإن قلتضضم‪ :‬الحضضوال متسضضاوية قيضضل لكضضم‪:‬‬
‫والمقادير متساوية فكيف يكون مقدار ممكنا ً وأكبر منه أو أصغر بمقدار ظفضضر‬
‫ممتنعا ً فإن لم يستحل ذلك لم يستحل هذا‪ .‬فهذا طريقة المقاومة‪.‬‬
‫إن الله إذا أراد فعل والتحقيق في الجواب أن ما ذكروه من تقضضدر المكانضضات‬
‫ل معنى لها وإنما المسلم أن الله قديم قادر ل يمتنع عليه الفعضل أبضدا ً لضو أراد‬
‫وليس في هذا القدر ما يوجب إثبات زمان ممتد إل أن يضيف الضضوهم بتلبيسضضه‬
‫إليه شيئا ً آخر‪ .‬الثالث قولهم‪ :‬إمكان العضضالم كضضان موجضضودا ً فالعضضالم أيض ضا ً كضضان‬
‫موجودا ً تمسكوا بأن قالوا‪ :‬وجضضود العضضالم ممكضضن قبضضل وجضضوده إذ يسضضتحيل أن‬
‫يكون ممتنعا ً ثم يصير ممكنا ً وهذا المكان ل أول له أي لم يزل ثابتا ً ولم يضضزل‬
‫العالم ممكنا ً وجوده إذ ل حال من الحوال يمكن أن يوصضضف العضضالم فيضضه بضضأنه‬
‫ممتنع الوجود‪ .‬فإذا كان المكان لم يزل فالممكن على وفق المكان أيضا ً لضضم‬
‫يزل فإن معنى قولنا أنه ممكن وجوده أنه ليس محال ً وجوده‪ .‬فإذا كان ممكنا ً‬
‫وجوده أبدا ً لم يكن محال ً وجوده أبدا ً وإل فضضإن كضضان محضضال ً وجضضوده أبضضدا ً بطضضل‬
‫قولنا إنه ممكن وجوده أبدا ً وإن بطل قولنا إنه ممكن وجوده أبدا ً بطضضل قولنضضا‬
‫إن المكان لم يزل وإن بطل قولنا إن المكان لم يزل صح قولنضضا إن المكضضان‬
‫له أول وإذا صح أن له أول ً كان قبل ذلك غير ممكن فيؤدي إلى إثبات حال لم‬
‫يكن العالم ممكنا ً ول كان الله عليه قضضادرًا‪ .‬اعضضتراض‪ :‬العضضالم لضضم يضضزل ممكضضن‬
‫الحدوث العتراض أن يقال‪ :‬العالم لم يزل ممكن الحضضدوث فل جضضرم مضضا مضضن‬
‫وقت إل ويتصور أحداثه فيه وإذا قضدر موجضودا ً أبضدا ً لضم يكضن حادثضا ً فلضم يكضن‬
‫الواقع على وفق المكان بل خلفه‪ .‬وهذا كقولهم في المكضضان وهضضو أن تقضضدير‬
‫العالم أكبر مما هو أو خلق جسم فوق العضضالم ممكضضن وكضضذى آخضضر فضضوق ذلضضك‬
‫الخر وهكذا إلى غير نهايضة‪ .‬فل نهايضة لمكضان الزيضادة ومضع ذلضك فوجضود ملء‬
‫مطلق ل نهاية له غير ممكن‪ .‬فكذلك وجود ل ينتهي طرفه غير ممكن بل كمضضا‬
‫يقال الممكن جسم متناهي السطح ولكن ل تتعين مقاديره في الكبر والصضضغر‬
‫فكذلك الممكن الحدوث ومبادئ الوجود ل تتعين في الرابع‬
‫قولهم‪ :‬كل حادث تسبقه مادة‪ ...‬وهو أنهم قالوا‪ :‬كل حادث فالمادة التي فيضضه‬
‫تسبقه إذ ل يستغني الحادث عن مادة فل تكون المضضادة حادثضضة وإنمضضا الحضضادث‬
‫الصور والعراض والكيفيات على المواد‪ ... .‬ممكنة لضضه وبيضضانه أن كضضل حضضادث‬
‫فهو قبل حدوثه ل يخلوا إما أن يكون ممكن الوجود أو ممتنع الوجود أو واجب‬
‫الوجود ومحال أن يكون ممتنعا ً لن الممتنع في ذاته ل يوجضضد قضضط ومحضضال أن‬
‫يكون واجب الوجود لذاته فضضإن الضضواجب لضضذاته ل يعضضدم قضضط فضضدل أنضضه ممكضضن‬
‫الوجود بذاته‪ .‬فضإذن إمكضان الوجضود حاصضل لضه قبضل وجضضوده وإمكضضان الوجضود‬
‫وصف إضافي ل قوام له بنفسه فل بد له من محضضل يضضضاف إليضضه ول محضضل إل‬
‫المادة فيضاف إليها كما نقول‪ :‬هذه المادة قابلة للحرارة والضضبرودة أو السضضواد‬
‫والبياض أو الحركة والسكون أي ممكضضن لهضضا حضضدوث هضضذه الكيفيضضات وطريضضان‬
‫هذه التغيرات فيكون المكضضان وصضضفا ً للمضضادة‪ .‬والمضضادة ل يكضضون لهضضا مضضادة فل‬
‫يمكن أن تحدث إذ لو حدثت لكان إمكان وجودها سضضابقا ً علضضى وجودهضضا وكضضان‬
‫المكان قائما ً بنفسه غير مضاف إلى شيء مع أنه معنى المكان ل يرجع إلضضى‬
‫كونه مقدورًا‪ ...‬ول يمكن أن يقال إن معنى المكان يرجع إلضضى كضضونه مقضضدورا ً‬
‫وكون القديم قادرا ً عليه لنا ل نعرف كضضون الشضضيء مقضضدورا ً إل بكضضونه ممكنضًا‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬هو مقدور لنه ممكضضن وليضضس بمقضضدور لنضضه ليضضس بممكضضن‪ .‬فضضإن كضضان‬
‫قولنا‪ :‬هو ممكن يرجع إلى أنه مقدور فكأنا قلنا‪ :‬هو مقدور لنه مقدور وليضضس‬
‫بمقدور لنه ليس بمقدور وهو تعريف الشضضيء بنفسضضه‪ .‬فضضدل أن كضضونه ممكن ضا ً‬
‫قضية أخرى في العقل ظاهرة بها تعرف القضية الثانية وهو كونه مقضضدورًا‪... .‬‬
‫ول إلى كونه معلوما ً ويستحيل أن يرجع ذلك إلضضى علضضم القضضديم بكضضونه ممكن ضا ً‬
‫فإن العلم يستدعي معلومضًا‪ .‬فالمكضضان المعلضضوم غيضضر العلضضم ل محالضضة ثضضم هضضو‬
‫وصف إضافي فل بد من ذات يضاف إليه وليس إل المضضادة‪ .‬فكضضل حضضادث فقضضد‬
‫سبقه مادة فلم تكن المادة الولى حادثة بحال‪ .‬اعضضتراض‪ :‬المكضضان هضضو قضضضاء‬
‫العقل وهو يستدعي شيئا ً موجودًا‪ ...‬العتراض أن يقال‪ :‬المكان الذي ذكضضروه‬
‫يرجع إلى قضاء العقل‪ .‬فكل ما قدر العقضضل وجضضوده فلضضم يمتنضضع عليضضه تقضضديره‬
‫سميناه ممكنا ً وإن امتنع سضضميناه مسضضتحيل ً وإن لضضم يقضضدر علضضى تقضضدير عضضدمه‬
‫سميناه واجبًا‪ .‬فهذه قضايا عقلية ل تحتاج إلى موجود حضضتى تجعضضل وصضضفا ً لضضه‪.‬‬
‫بدليل ثلثة أمور‪ :‬أحضدها أن المكضان لضو اسضتدعى شضيئا ً موجضودا ً يضضاف إليضه‬
‫ويقال إنه إمكانه لسضضتدعى المتنضضاع شضضيئا ً موجضضودا ً يقضضال إنضضه امتنضضاعه وليضضس‬
‫للممتنع وجود في ذاته ول مادة يطرى عليها المحال حتى يضاف المتناع إلضضى‬
‫المادة‪ .‬إمكان السواد والثاني أن السواد والبيضضاض يقضضضي العقضضل فيهمضضا قبضضل‬
‫وجودهما بكونهما ممكنين‪ .‬فإن كان هضضذا المكضضان مضضضافا ً إلضضى الجسضضم الضضذي‬
‫يطريان عليه حتى يقال معناه إن هذا الجسم يمكن أن يسود وأن يبيض فإذن‬
‫ليس البياض في نفسضضه ممكن ضا ً ول لضضه نعضضت المكضضان وإنمضضا الممكضضن الجسضضم‬
‫والمكان مضاف إليه‪ .‬فنقول‪ :‬ما حكم نفس السواد في ذاته أو هضضو ممكضضن أو‬
‫واجب أو ممتنع ول بضضد مضضن القضضول بضضأنه ممكضضن فضضدل أن العقضضل فضضي القضضضية‬
‫بالمكان ل يفتقر إلى وضع ذات موجود يضيف إليه المكضضان‪ .‬إمكضضان النفضضوس‬
‫والثالث أن نفوس الدميين عندهم جواهر قائمة بأنفسها ليضضس بجسضضم ومضضادة‬
‫ول منطبع في مادة‪ .‬وهي حادثة على ما اختاره ابضضن سضضينا والمحققضضون منهضضم‬
‫ولها إمكان قبل حدوثها وليس لها ذات ول مضضادة‪ .‬فإمكانهضضا وصضضف إضضضافي ول‬
‫يرجع إلى قدرة القادر وإلى الفاعل فضضإلى مضضاذا يرجضضع قضضولهم‪ :‬المكضضان ليضضس‬
‫بقضاء العقل فإذا قدر عدم القضاء لم يزل المكان فإن قيل‪ :‬رد المكان إلضى‬
‫قضاء العقضضل محضضال إذ ل معنضضى لقضضضاء العقضضل إل العلضضم بالمكضضان‪ .‬فالمكضضان‬
‫معلوم وهو غير العلم بل العلم يحيط به ويتبعه ويتعلق به على ما هضضو والعلضضم‬
‫لو قدر عدمه لم ينعدم المعلوم‪ .‬والمعلوم إذا قدر انتفاؤه انتفى العلم‪ .‬فالعلم‬
‫والمعلوم أمران اثنان أحدهما تابع والخضضر متبضضوع‪ .‬ولضضو قضضدرنا إعضضراض العقلء‬
‫عن تقدير المكان وغفلتهم عنه لكنا نقول‪ :‬ل يرتفع المكان بل الممكنات في‬
‫أنفسها ولكن العقول غفلت عنها أو عدمت العقول والعقلء‪ .‬فيبقى المكان ل‬
‫محالة‪ .‬للمتناع موضوع‪ ...‬وأما المور الثلثة فل حجة فيها فإن المتناع أيضضضا ً‬
‫وصضضف إضضضافي يسضضتدعي موجضضودا ً يضضضاف إليضضه‪ .‬ومعنضضى الممتنضضع الجمضضع بيضضن‬
‫الضدين فإذا كان المحل أبيض كان ممتنعا ً عليه أن يسود مع وجود البياض فل‬
‫بد من موضوع يشار إليه موصوف بصفة‪ .‬فعند ذلك يقال‪ :‬ضضضده ممتنضضع عليضضه‬
‫فيكون المتناع وصفا ً إضضضافيا ً قائمضا ً بموضضضوع مضضضافا ً إليضضه‪ .‬وأمضضا الوجضضوب فل‬
‫يخفى أنه مضاف إلى الوجود الواجب‪ .‬ولمكان السضضواد موضضضوع وأمضضا الثضضاني‬
‫وهو كون السواد في نفسه ممكنا ً فغلط‪ .‬فإنه إن أخذ مجردا ً دون محل يحلضضه‬
‫كان ممتنعا ً ل ممكنا ً وإنما يصير ممكنا ً إذا قدر هيئة في جسم‪ .‬فالجسضضم مهيضضأ‬
‫لتبدل هيئة والتبدل ممكن على الجسم وإل فليس للسواد نفس مفضضردة حضضتى‬
‫يوصف بإمكان‪ .‬ولمكان النفوس موضوع وأما الثالث وهو النفس فهي قديمة‬
‫عند فريق ولكن ممكن لهضضا التعلضضق بالبضضدان فل يلضضزم علضضى هضضذا‪ .‬ومضضن سضضلم‬
‫حدوثه فقد اعتقد فريق منهم أنه منطبع في المادة تضضابع للمضضزاج علضضى مضضا دل‬
‫عليه كلم جالينوس في بعض المواضع فتكون في مادة وإمكانها مضضضاف إلضضى‬
‫مادتها‪ .‬وعلى مذهب من سلم أنها حادثة وليسضضت منطبعضضة فمعنضضاه أن المضادة‬
‫ممكن لها أن يدبرها نفس ناطقة فيكون المكان السابق على الحدوث مضافا ً‬
‫إلضضى المضضادة فإنهضضا وإن لضضم تنطبضضع فيهضضا فلهضضا علقضضة معهضضا إذ هضضي المضضدبرة‬
‫والمستعملة لها فيكون المكان راجعا ً إليها بهذا الطريق‪ .‬الجواب المكان هضضو‬
‫قضضضاء العقضضل كمضضا يصضضرح بضضأن الكليضضات موجضضودة والجضضواب أن رد المكضضان‬
‫والوجوب والمتناع إلى قضايا عقلية صحيح وما ذكر بضضأن معنضضى قضضضاء العقضضل‬
‫علم والعلم يستدعي معلومضًا‪ .‬فنقضول لضه‪ :‬معلضوم كمضا أن اللونيضة والحيوانيضة‬
‫وسائر قضايا الكلية ثابتة في العقل عندهم وهي علضضوم ل يقضضال ل معلضضوم لهضضا‬
‫ولكضضن ل وجضضود لمعلوماتهضضا فضضي العيضضان حضضتى صضضرح الفلسضضفة بضضأن الكليضضات‬
‫موجضضودة فضضي الذهضضان ل فضضي العيضضان‪ .‬وإنمضضا الموجضضود فضضي العيضضان جزئيضضات‬
‫شخصية وهي محسوسة غير معقولة ولكنها سبب لن ينتزع العقل منها قضية‬
‫مجضضردة عضضن المضضادة عقليضضة‪ .‬فضضإذن اللونيضضة قضضضية مفضضردة فضضي العقضضل سضضوى‬
‫السوادية والبياضية ول يتصور في الوجود لون ليس بسواد ول بياض ول غيضضره‬
‫من اللوان ويثبت في العقل صورة اللونية من غير تفصيل ويقال‪ :‬هي صضضورة‬
‫وجودها في الذهان ل في العيان‪ .‬فإن لم يمتنع هذا لم يمتنع مضضا ذكرنضضاه‪ .‬لضضو‬
‫قدر عدم العاقل‪ ...‬وأما قولهم‪ :‬لو قدر عدم العقلء أو غفلتهم ما كان المكان‬
‫ينعدم فنقول‪ :‬ولو قدر عدمهم هل كانت القضايا الكلية وهي الجناس والنواع‬
‫تنعدم فإذا قالوا‪ :‬نعم إذ ل معنى لها إل قضية في العقضضول فكضضذلك قولنضضا فضضي‬
‫المكان ول فرق بين البابين‪ .‬وإن زعموا أنها تكون باقية في علم اللضضه فكضضذى‬
‫القول في المكان‪ .‬فاللزام واقضضع والمقصضضود إظهضضار تنضضاقض كلمهضضم‪ .‬امتنضضاع‬
‫وجود شريك لله وأما العذر عن المتناع بضضأنه مضضضاف إلضضى المضضادة الموصضضوفة‬
‫بالشيء إذ يمتنع عليه ضده فليس كضضل محضضال كضضذلك فضضإن وجضضود شضضريك للضضه‬
‫محال وليس ثم مضادة يضضاف إليهضا المتنضاع‪ .‬فضإن زعمضوا أن معنضى اسضتحالة‬
‫الشريك أن انفضضراد اللضضه تعضضالى بضضذاته وتوحضضده واجضضب والنفضضراد مضضضاف إليضضه‬
‫فنقول‪ :‬ليس واجب فإن العالم موجضضود معضضه فليضضس منفضضردًا‪ .‬فضضإن زعمضضوا أن‬
‫انفراده عن النظير واجب ونقيض الواجب ممتنع وهو إضافة إليضضه قلنضضا‪ :‬نعنضضي‬
‫أن انفراد الله عنها ليس كانفراده عن النظير فإن انفراده عن النظيضضر واجضضب‬
‫وانفراده عن المخلوقات الممكنة غير واجب فنتكلف إضافة المكان إليه بهذه‬
‫الحيلة كما تكلفوه في رد المتناع إلى ذاته بقلب عبارة المتناع إلضضى الوجضضوب‬
‫ثم بإضافة النفراد إليه بنعت الوجوب‪.‬‬
‫السواد هو في العقل وأما العذر عن السواد والبياض بأنه ل نفس لضضه ول ذات‬
‫منفردا ً إن عني بذلك في الوجضضود فنعضم وإن عنضضي بضضذلك فضي العقضل فل فضإن‬
‫العقل يعقل السواد الكلي ويحكم عليضضه بالمكضضان فضضي ذاتضضه‪ .‬وهضضو فضضي الحضضق‬
‫يضاف إلى الفاعل وإلى المادة ثم العذر باطل بالنفوس الحادثة فإن لها ذواتا ً‬
‫مفردة وإمكانا ً سابقا ً على الحضضدوث وليضضس ثضضم مضضا يضضضاف إليضضه‪ .‬وقضضولهم‪ :‬إن‬
‫المادة ممكن لها أن يدبرها النفس فهذه إضافة بعيدة‪ .‬فضضإن اكتفيتضضم بهضضذا فل‬
‫يبعد أن يقال‪ :‬معنى إمكان الحادث أن القادر عليها يمكن في حقه أن يحضضدثها‬
‫فيكون إضافة إلى الفاعل مع أنه ليس منطبعا ً فيه كما أنه إضضضافة إلضضى البضضدن‬
‫المنفعل مع أنه ل ينطبع فيه‪ .‬ول فرق بين النسبة إلضضى الفاعضضل والنسضضبة إلضضى‬
‫المنفعضضل إذا لضضم يكضضن انطبضضاع فضضي الموضضضعين‪ .‬قضضولهم‪ :‬قضضابلتم الشضضكالت‬
‫بالشضضكالت فضضإن قيضضل‪ :‬فقضضد عضضولتم فضضي جميضضع العتراضضضات علضضى مقابلضضة‬
‫الشكالت بالشكالت ولم تحلضضوا مضضا أوردوه مضضن الشضضكال قولنضضا‪ :‬المعارضضضة‬
‫تبين فسضضاد الكلم قلنضضا‪ :‬المعارضضضة تضضبين فسضضاد الكلم ل محالضضة وينحضضل وجضضه‬
‫الشكال في تقدير المعارضة والمطالبة‪ .‬ونحن لم نلضضتزم فضضي هضضذا الكتضضاب إل‬
‫تكدير مذهبهم والتغبير في وجوه أدلتهم بما نبين تهافتهم‪ .‬ولضضم نتطضضرق الضضذب‬
‫عن مذهب معين فلم نخرج لذلك عن مقصود الكتاب ول نستقصي القول في‬
‫الدلة الدالة على الحدث إذ غرضنا إبطال دعواهم معرفة القدم‪.‬‬
‫إثبات المذهب الحق يكون في كتاب قواعد العقائد وأما إثبات المذهب الحق‬
‫فسنصنف فيه كتابا ً بعد الفراغ من هذا إن ساعد التوفيق إن شاء الله ونسميه‬
‫قواعد العقائد ونعتني فيه بالثبات كما اعتنينضضا فضي هضضذا الكتضضاب بالهضضدم واللضضه‬
‫أعلم‪ .‬هذه المسألة فرع الولى‪ ...‬ليعلضضم أن هضضذه المسضضألة فضضرع الولضضى فضضإن‬
‫العالم عندهم كما أنه أزلي ل بداية لوجوده فهو أبدي ل نهاية لخره ول يتصور‬
‫فساده وفناؤه بل لم يزل كضذلك ول يضزال أيضضا ً كضذلك‪ .‬والدلضة الربعضة الضتي‬
‫ذكرت ل تزال جارية وأدلتهم الربعة التي ذكرناها في الزلية جارية في البدية‬
‫والعتراض كالعتراض من غير فرق‪ .‬فإنهم يقولضضون‪ :‬إن العضضالم معلضضول علتضضه‬
‫أزلية أبدية فكان المعلول مع العلضضة‪ .‬ويقولضضون‪ :‬إذا لضضم تتغيضضر العلضضة لضضم يتغيضضر‬
‫المعلول‪ .‬وعليه بنوا منع الحدوث وهو بعينه جار في النقطاع‪ .‬وهضضذا مسضلكهم‬
‫الول‪ .‬الضضدليل الول والمسضضلك الثضضاني ومسضضلكهم الثضضاني أن العضضالم إذا عضضدم‬
‫فيكون عدمه بعد وجضضوده فيكضضون لضضه بعضضد ففيضضه إثبضضات الزمضضان‪ .‬الضضدليل الول‬
‫والمسلك الثالث وهو فاسد لنه ل يستحيل بقضضاء العضضالم أبضضدًا‪ :‬ويعضضرف الواقضضع‬
‫من الشضضرع ومسضضلكهم الثضضالث إن إمكضضان الوجضضود ل ينقطضضع‪ .‬فكضضذلك الوجضضود‬
‫الممكن يجوز أن يكون علضضى وفضضق المكضضان‪ .‬إل أن هضضذا الضضدليل ل يقضضوى فإنضضا‬
‫نحيل أن يكون أزليا ً ول نحيل أن يكون أبديا ً لو أبقاه اللضضه تعضضالى أبضضد إذا ً ليضضس‬
‫من ضرورة الحادث أن يكون له آخر ومن ضرورة الفعل أن يكضضون حادث ضا ً وأن‬
‫يكون له أول‪ .‬ولم يوجب أن يكون للعالم ل محالة آخر إل أبضضو الهضضذيل العلف‬
‫فإنه قال‪ :‬كما يستحيل في الماضي دورات ل نهاية لها فكذلك في المسضضتقبل‬
‫وهو فاسد لن كل المستقبل قط ل يدخل في الوجود ل متلحقا ً ول متسضضاوقا ً‬
‫والماضي قد دخل كله في الوجود متلحقا ً وإن لم يكن متساوقًا‪ .‬وإذا تبين أنضضا‬
‫ل نبعد بقاء العالم أبدا ً من حيث العقل بل نجضضوز بقضضاءه وإفنضضاءه فإنمضضا يعضضرف‬
‫الواقع من قسمي الممكن بالشرع فل يتعلق النظر فيه بالمعقول‪.‬‬
‫الدليل الول والمسلك الرابع وأما مسلكهم الرابع فهو جار لنهم يقولون‪ :‬إذا‬
‫عدم العضضالم بقضضي إمكضضان وجضضوده إذ الممكضضن ل ينقلضضب مسضضتحيل ً وهضضو وصضضف‬
‫إضافي‪ .‬فيفتقر كل حادث بزعمهم إلى مادة سابقة وكل منعضضدم فيفتقضضر إلضضى‬
‫مادة ينعدم عنها‪ .‬فالمواد والصضضول ل تنعضضدم وإنمضضا تنعضضدم الصضضور والعضضراض‬
‫الحالة فيها‪ .‬الجواب ما سبق ويضاف إليه دليلن آخران والجواب عن الكل ما‬
‫سبق‪ .‬الول دليل جالينوس ل يظهر أن الشمس ل تقبل النعدام ما تمسك به‬
‫جالينوس إذ قال‪ :‬لو كان الشمس مثل ً تقبل النعدام لظهر فيها ذبول في مدة‬
‫مديدة والرصاد الدالضضة علضضى مقضضدارها منضضذ آلف سضضنين ل تضضدل إل علضضى هضضذا‬
‫المقدار فلما لم تذبل في هذه الماد الطويلة دل أنها ل تفسد‪ .‬العتراض مضضن‬
‫الوجه الول لعلها تفسد بغير طريق الضضذبول كمضضا فضضي حضضال البغتضضة العضضتراض‬
‫عليه من وجوه‪ :‬الول إن شكل هذا الدليل أن يقال‪ :‬إن كضضان الشضضمس تفسضضد‬
‫فل بد وأن يلحقها ذبول لكن التالي محال فالمقدم محال وهضضو قيضضاس يسضضمى‬
‫عندهم الشرطي المتصل وهذه النتيجة غير لزمة لن المقدم غيضضر صضضحيح مضضا‬
‫لم يضف إليه شرط آخر وهو قوله‪ :‬إن كان تفسد فل بد وأن تذبل فهذا التالي‬
‫ل يلزم هذا المقدم إل بزيادة شرط وهو أن نقول‪ :‬إن كان تفسد فسادا ً ذبوليا ً‬
‫فل بد وأن تذبل في طول المدة‪ .‬أو يضضبين أنضضه ل فسضضاد بطريضضق الضضذبول حضضتى‬
‫يلزم التالي للمقدم‪ .‬ول نسلم أنه ل يفسد الشيء إل بالذبول بل الضضذبول أحضضد‬
‫وجوه الفساد‪ .‬ول يبعد أن يفسد الشيء بغتة وهو العتراض من الوجه الثضضاني‬
‫الفساد ل يظهر للحس الثاني أنه لو سلم له هذا وأنه ل فساد إل بالذبول فمن‬
‫أين عرف أنه ليس يعتريها الذبول وأمضضا التفضضاته إلضضى الرصضضاد فمحضضال لنهضضا ل‬
‫تعرف مقاديرها إل بالتقريب‪ .‬والشمس التي يقال إنها كالرض مضضائة وسضضبعين‬
‫مرة أو ما يقرب منه لو نقص منها مقدار جبال مثل ً لكان ل يبين للحس فلعلها‬
‫في الذبول وإلى الن قد نقص مقدار جبضال وأكضضثر‪ .‬والحضس ل يقضدر علضى أن‬
‫يدرك ذلك لن تقديره في علم المناظر لم يعضرف إل بضالتقريب وهضذا كمضا أن‬
‫الياقوت والذهب مركبان من العناصر عندهم وهي قابلة للفساد ثضضم لضضو وضضضع‬
‫ياقوته مائة سنة لم يكن نقصانه محسوسا ً فلعل نسبة ما ينقص من الشضضمس‬
‫في مدة تاريخ الرصاد كنسبة ما ينقص من الياقوت فضضي مضضائة سضضنة‪ .‬وذلضضك ل‬
‫يظهر للحس فدل أن دليله في غاية الفساد‪ .‬وبضضاقي الدلضضة ليسضضت أكضضثر قضضوة‬
‫وقد أعرضنا عن إيراد أدلة كثيرة من هذا الجنس يستركها العقلء وأوردنا هضضذا‬
‫الواحد ليكون عبرة ومثال ً لما تركناه واقتصرنا على الدلة الربعة الضضتي يحتضضاج‬
‫إلى تكلف في حل شبهها كما الثضاني الضضدليل الثضاني‪ :‬ل يعقضضل سضضبب معضضدم‪...‬‬
‫لهم في استحالة عدم العالم أن قالوا‪ :‬العالم ل تنعضضدم جضضواهره لنضضه ل يعقضضل‬
‫سبب معدم له وما لم يكن منعدما ً ثم انعضضدم فل بضضد وأن يكضضون بسضضبب وذلضضك‬
‫السبب ل يخلوا إما من أن يكضضون إرادة القضضديم وهضضو محضضال لنضضه إذا لضضم يكضضن‬
‫مريدا ً لعدمه ثم صار مريدا ً فقد تغير أو يضضؤدي إلضضى أن يكضضون القضضديم وإرادتضضه‬
‫على نعت واحد في جميع الحوال والمراد يتغير من العدم إلى الوجود ثم مضضن‬
‫الوجود إلى العدم‪ .‬وما ذكرناه من استحالة وجضضود حضضادث بضضإرادة قديمضضة يضضدل‬
‫على استحالة العدم‪.‬‬
‫ول فعله فإن القوال بهذا المر باطلة ويزيد هاهنا إشكال آخر أقوى من ذلك‬
‫وهو أن المراد فعل المريد ل محالة وكل من لم يكن فاعل ً ثم صار فاعل ً فضضإن‬
‫لم يتغير هو في نفسه فل بد وأن يصير فعله موجودا ً بعد أن لم يكن موجضضودًا‪.‬‬
‫فإنه لو بقي كما كان إذ لم يكن له فعل والن أيضا ً ل فعل له فإذن لضضم يفعضضل‬
‫شيئًا‪ .‬والعدم ليس بشيء فكيف يكون فعل ً وإذا أعدم العالم وتجضضدد لضضه فعضضل‬
‫لم يكن فما ذلك الفعل أهو وجود العالم وهو محال إذا انقطع الوجود أو فعلضضه‬
‫عدم العالم وعدم العالم ليس بشيء حتى يكون فعل ً فإن أقل درجات الفعضضل‬
‫أن يكون موجودا ً وعدم العالم ليس شيئا ً موجودا ً حتى يقضضال‪ :‬هضضو الضضذي فعلضضه‬
‫الفاعل وأوجده الموجد‪ .‬ولشكال هذا زعموا‪ :‬افترق المتكلمون فضضي التقصضضي‬
‫ل‪ .‬قول المعتزلة بخلق الفناء‪ ...‬أما‬ ‫عن هذا أربع فرق وكل فرقة اقتحمت محا ً‬
‫المعتزلة فإنهم قالوا‪ :‬فعله الصادر منه موجود وهو الفناء يخلقضضه ل فضضي محضضل‬
‫فينعدم كل العالم دفعة واحدة وينعدم الفناء المخلضضوق بنفسضضه حضضتى ل يحتضضاج‬
‫إلى فناء آخر فيتسلسل إلى غير نهاية‪ .‬وهو فاسد من وجوده أحدها أن الفنضضاء‬
‫ليس موجودا ً معقول ً حتى يقدر خلقه ثم إن كضضان موجضضودا ً فلضضم ينعضضدم بنفسضضه‬
‫من غير معدم ثم لم يعدم العالم فإنه إن خلق في ذات العالم وحل فيضضه فهضضو‬
‫محال لن الحال يلقي المحلول فيجتمعان ولو في لحظة فإذا جاز اجتماعهمضضا‬
‫لم يكن ضدا ً فلم يفنه‪ .‬وإن خلقه ل في العالم ول في محضضل فمضضن أيضضن يضضضاد‬
‫وجوده وجود العالم ثم في هذا المضذهب شضناعة أخضضرى وهضضو أن اللضضه ل يقضضدر‬
‫على إعدام بعض جواهر العالم دون بعضضض بضضل ل يقضضدر إل علضضى إحضضداث فنضضاء‬
‫يعدم العالم كله لنها إذا لم تكن في محل كان نسبتها إلى الكل على وتيرة‪.‬‬
‫الفرقة الثانيضة الكراميضة حيضث قضالوا‪ :‬إن فعلضه العضدام والعضدام عبضارة عضن‬
‫موجود يحدثه في ذاته تعالى عضضن قضضولهم فيصضضير العضضالم بضضه معضضدومًا‪ .‬وكضضذلك‬
‫الوجود عندهم بإيجاد يحدثه في ذاته فيصير الموجود بضضه موجضضودًا‪ .‬وهضضذا أيضضا ً‬
‫فاسد إذ فيه كون القديم محل الحوادث ثضضم خضضروج عضضن المعقضضول إذ ل يعقضضل‬
‫من اليجضضاد إل وجضضود منسضضوب إلضضى إرادة وقضضدرة‪ .‬فإثبضضات شضضيء آخضضر سضضوى‬
‫الرادة والقدرة ووجود المقضضدور وهضضو العضضالم ل يعقضضل وكضضذى العضضدام‪ .‬وقضضول‬
‫الشعرية بعدم خلق البقاء‪...‬‬
‫الفرقة الثالثة الشعرية إذ قالوا‪ :‬أما العراض فإنها تفنى بأنفسضضها ول يتصضضور‬
‫بقاءها لنه لضضو تصضضور بقاءهضضا لمضضا تصضضور فناؤهضضا لهضضذا المعنضضى‪ .‬وأمضضا الجضضواهر‬
‫فليست باقية بأنفسها ولكنها باقية ببقاء زائد على وجودها فإذا لم يخلضضق اللضضه‬
‫البقاء انعدم لعدم المبقى‪ .‬وهو أيضا ً فاسد لما فيه من مناكرة المحسوس في‬
‫أن السواد ل يبقى والبياض كذلك وأنه متجدد الوجضضود والعقضضل ينبضضوا عضضن هضضذا‬
‫كما ينبوا عن قول القائل‪ :‬إن الجسضضم متجضضدد الوجضضود فضضي كضضل حالضضة والعقضضل‬
‫القاضي بأن الشعر الذي على رأس النسان فضي يضوم هضو الشضعر الضذي كضان‬
‫بالمس ل مثله يقضي أيضا ً به في سواد الشعر‪ .‬ثم فيه إشضضكال آخضضر وهضضو أن‬
‫الباقي إذا بقي ببقاء فيلزم أن تبقى صفات اللضضه ببقضضاء‪ .‬وذلضضك وقضضول الفرقضضة‬
‫الرابعة بعضدم خلضق الحركضة أو السضكون والفرقضة الرابعضة طائفضة أخضرى مضن‬
‫الشعرية إذ قالوا‪ :‬إن العراض تفنى بأنفسها وأما الجواهر فإنها تفنضضى بضضأن ل‬
‫يخلق الله فيها حركضضة ول سضضكونا ً ول اجتماعضا ً ول افتراقضا ً فيسضضتحيل أن يبقضضى‬
‫جسم ليس بساكن ول متحرك فينعدم‪ .‬وكأن فرقتي الشضضعرية مضضالوا إلضضى أن‬
‫العدام ليس بفعل إنما هو كف عن الفعل لما لم يعقلوا كون العدم فع ً‬
‫ل‪ .‬وإذا‬
‫بطلت هذه الطرق لم يبق وجه للقول بجواز إعدام العالم‪ .‬وقضضولهم باسضضتحالة‬
‫انعدام النفس الحادثة‪ ...‬هذا لو قيضل بضأن العضالم حضادث فضإنهم مضع تسضليمهم‬
‫حدوث النفس النسانية يدعون استحالة انعدامها بطريق يقرب مما ذكرناه‪.‬‬

‫وباستحالة انعدام كل قائم بنفسه وبالجملة عنضضدهم كضضل قضضائم بنفسضضه ل فضضي‬
‫محل ل يتصور انعدامه بعد وجوده سواء كان قضضديما ً أو حادث ضًا‪ .‬وإذا قيضضل لهضضم‪:‬‬
‫مهما أغلي النار تحت الماء انعدم الماء قالوا لم ينعدم ولكن انقلب بخضضارا ً ثضضم‬
‫ماء‪ .‬فالمادة وهي الهيولى باقية في الهواء وهضضي المضضادة الضضتي كضضانت لصضضورة‬
‫الماء وإنما خلعت الهيولى صورة المائية ولبست صضضورة الهوائيضضة‪ .‬وإذا أصضضاب‬
‫الهواء برد كثف وانقلضضب مضضاء ل مضضن مضضادة تجضضددت بضضل المضضواد مشضضتركة بيضضن‬
‫العناصر وإنما يتبدل عليها صضضورها‪ .‬الجضضواب‪ :‬العضضدام بضضإرادة اللضضه الضضذي أجضضد‬
‫العدم والجواب‪ :‬أن ما ذكرتموه من القسام وإن أمكن أن نذب عن كل واحد‬
‫ونبين أن إبطاله على أصلكم ل يستقيم لشضضتمال أصضضولكم علضضى مضضا هضضو مضضن‬
‫جنسه ولكنا ل نطول به ونقتصر على قسم واحد ونقول‪ :‬بم تنكرون على من‬
‫يقول‪ :‬اليجاد والعدام بإرادة القادر فإذا أراد الله أوجضضد وإذا أراد أعضضدم وهضضذا‬
‫معنى كونه قادرا ً على الكمال وهو في جملضضة ذلضضك ل يتغيضضر فضضي نفسضضه وإنمضضا‬
‫يتغير الفعل‪ .‬وأما قولكم‪ :‬إن الفاعل ل بد وأن يصدر منه فعل فما الصادر منه‬
‫قلنا‪ :‬الصادر منه ما تجدد وهو العضضدم إذ لضضم يكضضن عضضدم ثضضم تجضضدد العضضدم فهضضو‬
‫الصادر عنه‪ .‬قولهم‪ :‬العدم ليس بشضضيء فضضإن قلتضضم‪ :‬إنضضه ليضضس بشضضيء فكيضضف‬
‫صدر منه قولنا‪ :‬هو واقع فهو معقضضول‪ ...‬قلنضا‪ :‬وهضو ليضس بشضيء فكيضف وقضع‬
‫وليس معنى صدوره منه إل أن ما وقع مضاف إلى قدرته فإذا عقل وقوعه لم‬
‫ل تعقل إضافته إلى القدرة وما الفرق بينهم وبين من ينكر طريان العدم أصل ً‬
‫على العراض والصور ويقول‪ :‬العدم ليس بشيء فكيف يطرى وكيف يوصضضف‬
‫بالطريضضان والتجضضدد ول نشضضك فضضي أن العضضدم يتصضضور طريضضانه علضضى العضضراض‬
‫فالموصوف بالطريان معقول وقوعه سضضمى شضضيئا ً أو لضضم يسضضم فإضضضافة ذلضضك‬
‫الواقع المعقول إلى قدرة القادر أيضا ً معقول‪.‬‬

‫ل يقع العدم بل أضداد الطريان فإن قيضل‪ :‬هضذا إنمضا يلضزم علضى مضذهب مضن‬
‫يجوز عدم الشيء بعد وجوده فيقال له‪ :‬ما الذي طرى وعندنا ل ينعدم الشيء‬
‫الموجود وإنما معنى انعدام العراض طريان أضدادها الضضتي هضضي موجضضودات ل‬
‫طريان العدم المجرد الذي ليس بشضضيء فضضإن مضضا ليضضس بشضضيء كيضضف يوصضضف‬
‫بالطريان فإذا ابيض الشعر فالطاري هو البياض فقضضط وهضضو موجضضود ول نقضضول‬
‫الطاري هو عدم السواد‪ .‬قولنا‪ :‬يقع العدم وهذا فاسد من وجهين‪ :‬أحضضدهما أن‬
‫طريضضان البيضضاض هضضل تضضضمن عضضدم السضضواد أم ل فضضإن قضضالوا‪ :‬ل فقضضد كضضابروا‬
‫المعقول‪ .‬وإن قالوا‪ :‬نعم فالمتضمن غيضضر المتضضضمن أم عينضضه فضضإن قضضالوا‪ :‬هضضو‬
‫عينه كان متناقضا ً إذ الشيء ل يتضضضمن نفسضضه‪ .‬وإن قضضالوا غيضضره فضضذلك الغيضضر‬
‫معقول أم ل فإن قالوا‪ :‬ل قلنا‪ :‬فبم عرفتم أنه متضضضمن والحكضضم عليضضه بكضضونه‬
‫ل‪ .‬وإن قالوا‪ :‬نعم فذلك المتضمن المعقضضول وهضضو‬ ‫متضمنا ً اعتراف بكونه معقو ً‬
‫عدم السواد قديم أو حادث‪ .‬فإن قالوا‪ :‬قضضديم فهضضو محضضال‪ .‬وإن قضضالوا‪ :‬حضضادث‬
‫فالموصوف بالحدوث كيف ل يكون معقول ً وإن قالوا‪ :‬ل قديم ول حضضادث فهضضو‬
‫محال لنه قبل طريان البياض لضضو قيضضل‪ :‬السضضواد معضضدوم كضان كضضذبا ً وبعضضده إذا‬
‫قيل‪ :‬إنه معدوم كان صدقا ً فهو طار ل محالة‪ .‬فهذا الطاري معقول فيجوز أن‬
‫يكون منسوبا ً إلى قدرة قادر‪.‬‬
‫الحركة وما إليها تنعدم دون وقوع أضدادها الوجه الثاني أن من العضضراض مضضا‬
‫ينعضضدم عنضضدهم ل بضضضده فضضإن الحركضضة ل ضضضد لهضضا وإنمضضا التقابضضل بينهمضضا وبيضضن‬
‫السضضكون عنضضدهم تقابضضل الملكضضة والعضضدم أي تقابضضل الوجضضود والعضضدم ومعنضضى‬
‫السكون عدم الحركة‪ .‬فإذا عدمت الحركة لم يطر سضضكون هضضو ضضضده بضضل هضضو‬
‫عدم محض وكذلك الصفات التي هضضي مضضن قبيضضل السضضتكمال كانطبضضاع أشضضباح‬
‫المحسوسات في الرطوبة الجليدية من العين بل انطباع صور المعقولت في‬
‫النفس فإنها ترجضع إلضى اسضتفتاح وجضود مضن غيضر زوال ضضده وإذا عضدم كضان‬
‫معناها زوال الوجود من غير استعقاب ضده‪ .‬فزوالها عبارة عضضن عضضدم محضضض‬
‫قد طرى فعقل قدرة القادر في إمكانها أن تحدث العدم كمضضا تحضضدث الوجضضود‪.‬‬
‫فتبين بهذا أنه مهما تصور وقوع حادث بإرادة قديمة لم يفترق الحضضال بيضضن أن‬
‫يكون الواقع عدما ً أو وجودًا‪ .‬مسألة في بيان تلبيسهم بقضضولهم إن اللضضه فاعضضل‬
‫العالم وصانعه وأن العالم صضضنعه وفعلضضه وبيضضان أن ذلضضك مجضضاز عنضضدهم وليضضس‬
‫بحقيقته قولنا‪ :‬ل يتصور على مساق أصلهم أن يكون العالم من صنع الله وقد‬
‫اتفقت الفلسفة سوى الدهرية على أن للعالم صانعا ً وأن الله هو صانع العالم‬
‫وفاعله وأن العالم فعله وصنعه وهذا تلبيس على أصضضلهم‪ .‬بضضل ل يتصضضور علضضى‬
‫مساق أصلهم أن يكون العالم من صنع الله من ثلثة أوجه‪ :‬وجه فضضي الفاعضضل‬
‫ووجه في الفعل ووجه في نسبة مشتركة بين الفعل والفاعل‪.‬‬
‫خبالهم من ثلثة وجوه أما الذي في الفاعل فهو أنضضه ل بضضد وأن يكضضون مريضضدا ً‬
‫مختارا ً عالما ً بما يريده حتى يكون فاعل ً لما يريده‪ .‬والله تعضضالى عنضضدهم ليضضس‬
‫مريدا ً بل ل صفة له أصل ً وما يصدر عنه فيلزم منه لزوما ً ضروريًا‪ .‬والثضضاني أن‬
‫العالم قديم والفعل هو الحادث‪ .‬والثالث أن الله واحضضد عنضضدهم مضضن كضضل وجضضه‬
‫والواحضضد ل يصضضدر منضضه عنضضدهم إل واحضضد مضضن كضضل وجضضه والعضضالم مركضضب مضضن‬
‫مختلفات فكيف يصدر عنه في الفاعل‪ :‬تقولون أن العالم من اللضضه بضضاللزوم‪...‬‬
‫ولنحقق وجه كل واحد من هذه الوجضضوه الثلثضضة مضضع خبضضالهم فضضي دفعضضه‪ .‬الول‬
‫فنقول‪ :‬الفاعل عبارة عمن يصدر منضه الفعضل مضع الرادة للفعضل علضى سضبيل‬
‫الختيار ومع العلم بالمراد‪ .‬وعندكم أن العالم مضضن اللضضه كضضالمعلول مضضن العلضضة‬
‫يلزم لزوما ً ضروريا ً ل يتصور من الله دفعه لزوم الظضضل مضضن الشضضخص والنضضور‬
‫من الشمس وليس هذا من الفعل في شيء‪ .‬ول يقال الفاعل فضضاعل ً إل علضضى‬
‫وجه الرادة والختيار بل من قال إن السضضراج يفعضضل الضضضوء والشضضخص يفعضضل‬
‫الظل فقد جازف وتوسع في التجوز توسعا ً خارجا ً مضضن الحضضد واسضضتعار اللفضضظ‬
‫اكتفاء بوقوع المشاركة بين المستعار له والمستعار عنه في وصف واحد وهضضو‬
‫أن الفاعل سبب على الجملة والسراج سبب الضضضوء والشضضمس سضضبب النضضور‪.‬‬
‫ولكن الفاعل لم يسم فاعل ً صانعا ً بمجرد كونه سببا ً بل بكونه سببا ً على وجضضه‬
‫مخصوص وهو على وجه الرادة والختيار حتى لضضو قضال القضضائل‪ :‬الجضضدار ليضضس‬
‫بفاعل والحجر ليس بفاعل والجماد ليس بفاعل وإنما الفعل للحيوان لم ينكضضر‬
‫ذلك ولم يكن قوله كاذبًا‪ .‬وللحجر فعل عندهم وهو الهوى والثقل والميل إلضضى‬
‫المركز كما أن للنار فعل ً وهو التسخين وللحائط فعل وهو الميل إلضضى المركضضز‬
‫ووقوع الظل فإن كل ذلك صادر منه وهضضذا محضضال‪ .‬قضضولهم‪ :‬الفعضضل جنسضضان‪...‬‬
‫فإن قيل‪ :‬كل موجود ليضضس واجضضب الوجضضود بضضذاته بضضل هضضو موجضضود بغيضضره فإنضضا‬
‫نسمي ذلك الشيء مفعول ً ونسمي سببه فاعل ً ول نبضضالي كضضان السضضبب فضضاعل ً‬
‫بالطبع أو بالرادة كما أنكم ل تبالون أنه كان فاعل ً بآلة أو بغير آلة‪ .‬بل الفعضضل‬
‫جنس وينقسم إلى ما يقع بآلة وإلى ما يقع بغير آلة فكذلك هو جنس وينقسم‬
‫إلى ما يقع بالطبع وإلى ما يقضضع بالختيضضار‪ .‬ويقضضال‪ " :‬فعضضل " بضضالطبع والختيضضار‬
‫بدليل أنا إذا قلنا " فعل " بالطبع لم يكن قولنا " بالطبع " ضدا ً لقولنا " فعل "‬
‫ول دفعا ً ونقضا ً له بل كان بيانا ً لنوع الفعل كما إذا قلنا " فعل " مباشرة بغيضضر‬
‫آلة لم يكن نقضا ً بل كان تنويعضا ً وبيانضًا‪ .‬وإذا قلنضضا " فعضضل " بالختيضضار لضضم يكضضن‬
‫تكرارا ً مثل قولنا‪ :‬حيوان إنسان بل كان بيانا ً لنوع الفعل كقولنا " فعل " بآلضضة‪.‬‬
‫ولو كان قولنا " فعل " يتضمن الرادة وكانت الرادة ذاتية للفعل من حيث أنه‬
‫فعل لكان قولنا " فعل " بالطبع متناقضا ً كقولنا فعل وما فعل‪ .‬قولنضضا‪ :‬الجمضضاد‬
‫ل فعل له‪ ...‬قلنا‪ :‬هذه التسمية فاسدة ول يجوز أن يسمى كل سبب بأي وجه‬
‫ل‪ .‬ولو كان كذلك لمضضا صضضح أن يقضضال الجمضضاد ل‬ ‫كان فاعل ً ول كل مسبب مفعو ً‬
‫فعل لضه وإنمضا الفعضضل للحيضضوان وهضذه مضن الكلمضات المشضهورة الصضضادقة‪ .‬إل‬
‫بالستعادة فإن سمى الجماد فاعل ً فبالستعارة كمضضا قضضد يسضضمى طالبضا ً مريضضدا ً‬
‫على سبيل المجاز إذ يقال الحجضضر يهضضوى لنضضه يريضضد المركضضز ويطلبضضه والطلضضب‬
‫والرادة حقيقية ل يتصضور إل مضع العلضم بضالمراد المطلضوب ول يتصضور إل مضن‬
‫الحيوان‪.‬‬
‫فالفعل يتضمن الرادة وأما قولكم‪ :‬إن قولنا " فعل " عضضام وينقسضضم إلضضى مضضا‬
‫هو بالطبع وإلى ما هو بالرادة غير مسضضلم وهضضو كقضضول القضضائل‪ :‬قولنضضا " أراد "‬
‫عام وينقسم إلى من يريد مع العلم بالمراد وإلى من يريضضد ول يعلضضم مضضا يريضضد‬
‫وهو فاسد إذ الرادة تتضمن العلضضم بالضضضرورة فكضضذلك الفعضضل يتضضضمن الرادة‬
‫بالضرورة‪ .‬وأما قولكم‪ :‬إن قولنا " فعضضل " بضضالطبع ليضضس بنقضضض للول فليضضس‬
‫كذلك فإنه نقض له من حيث الحقيقة ولكن ل يسبق إلضضى الفهضضم التنضضاقض ول‬
‫يشتد نفور الطبع عنه لنه يبقى مجازا ً فإنه لما أن كان سببا ً بوجه ما والفاعضضل‬
‫أيضا ً سبب سمي فعل ً مجازًا‪ .‬الفعل بالختيار حقيقة هو فعل حقيقي وإذا قضضال‬
‫" فعل " بالختيار فهو تكرير على التحقيق كقوله " أراد " وهو عالم بما أراده‪.‬‬
‫إل أنه لما تصور أن يقال " فعل " وهو مجاز ويقال " فعضضل " وهضضو حقيقضضة لضضم‬
‫تنفر النفس عن قوله " فعل " بالختيار وكان معناه فعل فعل ً حقيقيا ً ل مجازيا ً‬
‫كقول القائل‪ :‬تكلم بلسانه ونظر بعينه فإنه لمضضا جضضاز أن يسضضتعمل النظضضر فضضي‬
‫القلب مجازا ً والكلم في تحريك الرأس واليد حتى يقال قضضال برأسضضه أي نعضضم‬
‫لم يسضضتقبح أن يقضضال‪ :‬قضضال بلسضضانه ونظضضر بعينضضه ويكضضون معنضاه نفضضي احتمضضال‬
‫المجاز‪ .‬فهذا مزلة القدم فليتنبه لمحل انخضضداع هضضؤلء الغبيضضاء‪ .‬قضضولهم‪ :‬يقضضال‬
‫النار تحرق فإن قيل‪ :‬تسمية الفاعل فاعل ً إنما يعرف من اللغة وإل فقد ظهضضر‬
‫في العقل أن ما يكون سببا ً للشيء ينقسم إلضى مضا يكضضون مريضدا ً وإلضى مضا ل‬
‫يكون‪ .‬ووقع النزاع في أن اسم الفعضضل علضضى كلضضى القسضضمين حقيقضضة أم ل ول‬
‫سبيل إلى إنكاره إذ العضضرب تقضضول‪ :‬النضضار تحضضرق والسضضيف يقطضع والثلضضج يضضبرد‬
‫والسقمونيا تسهل والخبز يشبع والماء يروي‪ .‬وقولنا " يضضضرب " معنضضاه يفعضضل‬
‫الضرب وقولنا " تحرق " معناه تفعل الحتراق وقولنا " يقطضضع " معنضضاه يفعضضل‬
‫القطع‪ .‬فإن قلتم‪ :‬إن كل ذلضضك مجضضاز كنتضضم متحكميضضن فيضضه مضضن غيضضر مسضضتند‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬من ألقى إنسانا ً في نار فمات هو القاتل دون النار‪ ...‬والجضضواب أن كضضل‬
‫ذلك بطريق المجاز وإنما الفعل الحقيقي ما يكون بالرادة‪ .‬والضضدليل عليضضه أنضضا‬
‫لو فرضنا حادثا ً توقضضف فضضي حصضضوله علضضى أمريضضن أحضضدهما إرادي والخضضر غيضضر‬
‫إرادي أضاف العقل الفعل إلى الرادي‪ .‬وكذى اللغة فإن من ألقى إنسانا ً فضضي‬
‫نار فمات يقال‪ :‬هو القاتضضل دون النضضار حضضتى إذا قيضضل‪ :‬مضضا قتلضضه إل فلن صضضدق‬
‫قائله‪ .‬لنه مختار فإن كان اسم الفاعل على المريضضد وغيضضر المريضضد علضضى وجضضه‬
‫واحد ل بطريق كون أحدهما أصل ً وكون الخر مستعارا ً منه فلم يضاف القتضضل‬
‫إلى المريد لغة وعرفا ً وعقل ً مع أن النار هي العلضضة القريبضضة فضضي القتضضل وكضضأن‬
‫الملقى لم يتعاط إل الجمع بينه وبين النار‪ .‬ولكن لمضا أن كضان الجمضع بضالرادة‬
‫وتأثير النار بغير إرادة سمي قاتل ً ولم تسم النار قاتل ً إل بنوع مضضن السضضتعارة‪.‬‬
‫فدل أن الفاعل من صدر الفعل عن إرادته وإذا لم يكن الله مريدا ً عنضضدهم ول‬
‫مختارا ً لفعل لم يكن صانعا ً ول فاعل ً قولهم‪ :‬نعني بكون الله فضضاعل ً أن العضضالم‬
‫قوامه به فإن قيل‪ :‬نحن نعني بكون الله فاعل ً أنضضه سضضبب لوجضضود كضضل موجضضود‬
‫سواه وأن العالم قوامه به ولول وجود البارئ لما تصور وجود العالم ولضضو قضضدر‬
‫عدم البارئ لنعدم العالم كما لو قدر عدم الشضمس لنعضضدم الضضضوء‪ .‬فهضذا مضا‬
‫نعنيضضه بكضضونه فضضاعل ً فضضإن كضضان الخصضضم يضضأبى أن يسضضمي هضضذا المعنضضى فعل ً فل‬
‫مشاحة في السامي بعد ظهضضور المعنضضى‪ .‬قولنضضا‪ :‬ل تقولضضوا إن اللضضه " صضضانع "‬
‫العالم قلنا‪ :‬غرضنا أن نبين أن هذا المعنى ل يسمى فعل ً وصنعا ً وإنما المعنضضى‬
‫بالفعل والصنع ما يصدر عن الرادة حقيقية‪ .‬وقد نفيتضضم حقيقضضة معنضضى الفعضضل‬
‫ونطقتم بلفظه تجمل ً بالسلميين ول يتم الدين بضإطلق اللفضاظ الفارغضة عضن‬
‫المعاني‪ .‬فصرحوا بأن الله ل فعل له حتى يتضضضح أن معتقضضدكم مخضضالف لضضدين‬
‫المسلمين‪ .‬ول تلبسوا بأن الله صانع العالم وأن العالم صنعه فإن هضضذه لفظضضة‬
‫أطلقتموها ونفيتم حقيقتها ومقصود هذه المسألة الكشضضف عضضن هضضذا التلضضبيس‬
‫فقط‪.‬‬
‫ً‬
‫الثاني إن كان العالم موجودا فل يمكن إيجاده في إبطال كون العالم فعل ً لله‬
‫على أصلهم بشرط في الفعضضل وهضضو أن الفعضضل عبضضارة عضضن الحضضداث والعضضالم‬
‫عندهم قديم وليس بحادث ومعنى الفعل إخراج الشيء من العدم إلى الوجود‬
‫بإحداثه‪ .‬وذلك ل يتصور في القديم إذ الموجود ل يمكن إيجضضاده‪ .‬فضضإذن شضضرط‬
‫الفعل أن يكضون حادثضا ً والعضالم قضديم عنضدهم فكيضف يكضون فعل ً للضه قضولهم‪:‬‬
‫الوجود متعلق بالفاعل‪ ...‬فإن قيل‪ :‬معنى الحادث موجود بعد عدم فلنبحث أن‬
‫الفاعل إذا أحدث كان الصادر منه المتعلق به الوجود المجرد أو العدم المجرد‬
‫أو كلهما‪ .‬وباطل أن يقال‪ :‬إن المتعلق بضضه العضضدم السضضابق إذ ل تضضأثير للفاعضضل‬
‫في العدم وباطضضل أن يقضضال‪ :‬كلهمضضا إذ بضضان أن العضضدم ل يتعلضضق بضضه أصضل ً وأن‬
‫العدم في كونه عدما ً ل يحتاج إلى فاعل البتة فبقي أنه متعلضضق بضضه مضضن حيضضث‬
‫أنه موجود وأن الصادر منه مجرد الوجود وأنضضه ل نسضضبة إليضضه إل الوجضضود‪ .‬فضضإن‬
‫فضضرض الوجضضود دائم ضا ً فرضضضت النسضضبة دائمضضة وإذا دامضضت هضضذه النسضضبة كضضان‬
‫المنسوب إليه أفعل وأدوم تأثيرا ً لنه لم يتعلق العدم بالفاعل بحال‪.‬‬
‫ل سبق العدم وإن كان مشترطا ً به فبقي أن يقال‪ :‬إنه متعلضضق بضضه مضضن حيضضث‬
‫أنه حادث ول معنى لكونه حادثا ً إل أنه وجود بعد عدم والعدم لم يتعلق به فإن‬
‫جعل سبق العدم وصضف الوجضود وقيضل‪ :‬المتعلضق بضه وجضود مخصضوص ل كضل‬
‫وجود وهو وجود مسبوق بالعدم فيقال‪ :‬كونه مسبوقا ً بالعضضدم ليضضس مضضن فعضضل‬
‫فاعل وصنع صانع فإن هضضذا الوجضضود ل يتصضضور صضضدوره مضضن فضضاعله إل والعضضدم‬
‫سابق عليه وسبق العدم ليس بفعل الفاعل‪ .‬فكونه مسبوق العدم ليس بفعل‬
‫الفاعل فل تعلق له به‪ .‬فاشتراطه في كونه فعل ً اشتراط مضضا ل تضضأثير للفاعضضل‬
‫فيه بحال‪ .‬وأما قولكم‪ :‬إن الموجود ل يمكن إيجاده إن عنيتم به أنه ل يستأنف‬
‫له وجود بعد عدم فصحيح‪ .‬ل إيجاد إل لموجود وإن عنيتم به أنه في حال كونه‬
‫موجودا ً ل يكون موجدا ً فقد بينا أنه يكون موجدا ً في حال كونه موجودا ً ل فضضي‬
‫حال كونه معدومًا‪ .‬فإنه إنما يكون الشيء موجضضدا ً إذا كضضان الفاعضضل موجضضدا ً ول‬
‫يكون الفاعل موجدا ً في حال العدم بل في حال وجود الشضضيء منضضه‪ .‬واليجضضاد‬
‫مقارن لكون الفاعضضل موجضضدا ً وكضضون المفعضضول موجضضدا ً لتضضه عبضضارة عضضن نسضضبة‬
‫الموجد إلى الموجد وكل ذلك مع الوجود ل قبله‪ .‬فإذن ل إيجاد إل لموجضضود إن‬
‫كان المراد باليجاد النسبة التي بها يكضضون الفاعضضل موجضضدا ً والمفعضضول موجضضدًا‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬ولهذا قضينا بأن العالم فعل الله أزل ً وأبدا ً وما من حضضال إل وهضضو فاعضضل‬
‫له لن المرتبضضط بالفاعضضل الوجضضود فضضإن دام الرتبضضاط دام الوجضضود وإن انقطضضع‬
‫انقطع ل كما تخيلتموه من أن البارئ لو قدر عدمه لبقى العالم إذ ظننتضضم أنضضه‬
‫كالبناء مع البناء فإنه ينعدم ويبقى البناء فإن بقاء البناء ليضضس بالبضضاني بضضل هضضو‬
‫باليبوسة الممسكة لتركيبه إذ لضضو لضضم يكضضن فيضضه قضضوة ماسضضكة كالمضضاء مثل ً لضضم‬
‫يتصور بقاء الشكل الحادث بفعل الفاعل فيه‪ .‬قولنا‪ :‬الفعل يتعلق بالفاعل من‬
‫حيث حدوثه‪ ...‬والجواب‪ :‬إن الفعل يتعلضضق بالفاعضضل مضضن حيضضث حضضدوثه ل مضضن‬
‫حيث عدمه السابق ول من حيث كونه موجودا ً فقط فإنه ل يتعلق به في ثضاني‬
‫حال الحدوث عندنا وهو موجود بل يتعلق به فضضي حضضال حضضدوثه مضضن حيضضث أنضضه‬
‫حدوث وخروج من العدم إلى الوجود فإن نفى منه معنضضى الحضضدوث لضضم يعقضضل‬
‫كونه فعل ً ول تعلقه بالفاعل‪.‬‬
‫ول يتعلق به سبق العدم وقولكم‪ :‬إن كضضونه حادث ضا ً يرجضضع إلضضى كضضونه مسضضبوقا ً‬
‫بالعدم وكونه مسبوقا ً بالعدم ليس من فعل الفاعل وجعل الجاعل فهو كضضذلك‬
‫لكنه شرط في كون الوجود فعل الفاعل أعني كونه مسبوقا ً بالعدم‪ .‬فضضالوجود‬
‫الذي ليس مسبوقا ً بعدم بل هو دائم ل يصلح لن يكضضون فعضضل الفاعضضل وليضضس‬
‫كل ما يشترط في كون الفعل فعل ً ينبغضضي أن يكضضون بفعضضل الفاعضضل فضضإن ذات‬
‫الفاعل وقدرته وإرادته وعلمه شضضرط فضضي كضضونه وليضضس ذلضضك مضضن أثضضر الفعضضل‬
‫ولكن ل يعقل فعل إل من موجود فكان وجود الفاعل شضضرطا ً وإرادتضضه وقضضدرته‬
‫وعلمه ليكون فاعل ً وإن لم يكن من أثر الفاعل‪ .‬الفعل مع الفاعل كالمضضاء مضضع‬
‫اليد في تحريك الماء فإن قيل‪ :‬إن اعترفتم بجواز كون الفعل مع الفاعل غيضضر‬
‫متأخر عنه فيلزم أن يكون الفعل حادثا ً إن كان الفاعل حادثضا ً وقضضديما ً إن كضضان‬
‫قديمًا‪ .‬وإن شرطتم أن يتأخر الفعل عن الفاعل بالزمضضان فهضضذا محضضال إذ مضضن‬
‫حرك اليد في قدح ماء تحرك الماء مع حركة اليد ل قبله ول بعده إذ لو تحرك‬
‫بعده لكان اليد مع الماء قبل تنحيه فضي حيضضز واحضد ولضو تحضرك قبلضه لنفصضضل‬
‫الماء عن اليد وهو مع كونه معه معلضضوله وفعضضل مضضن جهتضضه‪ .‬فضضإن فرضضضنا اليضضد‬
‫قديمة في الماء متحركة كانت حركة الماء أيضا ً دائمة وهي مع دوامها معلولة‬
‫ومفعولة‪ .‬ول يمتنع ذلك بفرض الدوام فكذلك نسضضبة العضضالم إلضضى اللضضه‪ .‬قولنضضا‪:‬‬
‫يكون الفعل حادثًا! وليس الكلم عن المعلول قلنضضا‪ :‬ل نحيضضل أن يكضضون الفعضضل‬
‫مع الفاعل بعد كون الفعل حادثا ً كحركة الماء فإنها حادثة عضضن عضضدم فجضضاز أن‬
‫يكون فعل ً ثم سواء كان متأخرا ً عضضن ذات الفاعضضل أو مقارن ضا ً لضضه‪ .‬وإنمضضا نحيضضل‬
‫الفعل القديم فإن ما ليس حادثا ً عن عدم فتسميته فعل ً مجاز مجرد ل حقيقضضة‬
‫له‪ .‬وأما المعلول مع العلضضة فيجضضوز أن يكونضضا حضضادثين وأن يكونضضا قضضديمين كمضضا‬
‫يقال‪ :‬إن العلم القديم علة لكون القديم عالما ً ول كلم فيه وإنمضضا الكلم فيمضضا‬
‫يسمى فعل ً ومعلول العلة ل يسمى فعل العلضة إل مجضضازا ً بضل مضا يسضضمى فعل ً‬
‫فشرطه أن يكون حادثا ً عن عضضدم فضضإن تجضضوز متجضضوز بتسضضمية القضضديم الضضدائم‬
‫الوجود فعل ً لغيره كان متجوزا ً في الستعارة‪.‬‬
‫الحركة دائمة الحدوث وقولكم‪ :‬لو قدرنا حركة الصبع مع الصبع قديما ً دائما ً‬
‫لم يخرج حركة الماء عن كونه فعل ً تلبيس لن الصبع ل فعل له وإنما الفاعضضل‬
‫ذو الصبع وهو المريد ولو قدر قديما ً لكانت حركة الصبع فعل ً له من حيث أن‬
‫كل جزء من الحركة فحادث عن عدم فبهذا العتبار كان فعل ً وأما حركة الماء‬
‫فقد ل نقول أنه من فعله بل هو من فعل الله‪ .‬وعلى أي وجه كان فكونه فعل ً‬
‫من حيث أنه حادث إل أنه دائم الحدوث وهو فعل من حيث أنه حادث‪ .‬قولهم‪:‬‬
‫ل تسمي هذا فعل ً بل معلول ً فإن قيضضل‪ :‬فضإذا اعضترفتم بضأن نسضضبة الفعضضل إلضى‬
‫الفاعل من حيث أنه موجود كنسبة المعلول إلى العلة ثم سلمتم تصور الدوام‬
‫في نسبة العلة فنحن ل نعني بكضون العضالم فعل ً إل كضونه معلضول ً دائم النسضبة‬
‫إلى الله تعالى فإن لم تسموا هذا فعل ً فل مضايقة في التسضميات بعضد ظهضور‬
‫المعاني‪ .‬قولنا‪ :‬اسضتعمالكم لفظضة " فعضضل " مجضضاز قلنضا‪ :‬ول غضرض مضن هضضذه‬
‫المسألة إل بيان أنكم تتجملون بهذه السماء من غير تحقيق وأن اللضضه عنضضدكم‬
‫ليس فاعل ً تحقيقا ً ول العالم فعله تحقيقا ً وأن إطلق هذا السم مجاز منكضضم ل‬
‫تحقيق له وقد ظهر هذا‪.‬‬
‫الثالث ل يكون العالم فعل الله إذا ل يصور مضضن الواحضضد إل شضضيء واحضضد فضضي‬
‫استحالة كون العالم فعل ً لله على أصلهم بشرط مشترك بين الفاعل والفعضضل‬
‫وهو أنهم قالوا‪ :‬ل يصدر من الواحد إل شيء واحد والمبدأ واحد من كضضل وجضضه‬
‫والعالم مركب من مختلفضضات فل يتصضضور أن يكضضون فعل ً للضضه بمضضوجب أصضضلهم‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬بطريق التوسط‪ ...‬فإن قيل‪ :‬العالم بجملته ليس صادرا ً من اللضضه بغيضضر‬
‫واسطة بل الصادر منه موجود واحد هو أول المخلوقات وهضضو عقضضل مجضضرد أي‬
‫هو جوهر قائم بنفسه غير متحيز يعرف نفسه ويعرف مبضضدأه ويعضضبر عنضضه فضضي‬
‫لسان الشرع بالملك ثم يصدر منه الثالث ومن الثالث رابع وتكثر الموجضضودات‬
‫بالتوسط‪ .‬عن أسباب الكثرة فإن اختلف الفعل وكثرته إما أن يكضضون لختلف‬
‫القوى الفاعلة كما أنا نفعل بقوة الشهوة خلف ما نفعضضل بقضضوة الغضضضب وإمضضا‬
‫أن يكون لختلف المواد كما أن الشمس تبيض الثوب المغسول وتسود وجضضه‬
‫النسان وتضذيب بعضض الجضواهر وتصضلب بعضضها وإمضا لختلف اللت كالنجضار‬
‫الواحد ينشر بالمنشار وينحت بالقدوم ويثقضضب بضضالمثقب وإمضضا أن تكضضون كضضثرة‬
‫الفعل بالتوسط بأن يفعل فعل ً واحدا ً ثم ذلك الفعل يفعل غيره فيكثر الفعضضل‪.‬‬
‫والتوسط وحده ممكن وهذه القسام كلها محال في المبدأ الول إذ ليس في‬
‫ذاته اختلف واثنينية وكثرة كما سيأتي في أدلضضة التوحيضضد ول ثضضم اختلف مضضواد‬
‫فإن الكلم في المعلول الول والذي هي المادة الولى مثل ً ول ثم اختلف آلة‬
‫إذ ل موجود مع الله في رتبته‪ .‬فالكلم في حدوث اللة الولى فلم يبضضق إل أن‬
‫تكون الكثرة في العالم صضضادرة مضن اللضضه بطريضضق التوسضضط كمضضا سضضبق‪ .‬قلنضضا‪:‬‬
‫فيلزم من هذا أن ل يكون في العالم شيء واحد مركب من أفضضراد بضضل تكضضون‬
‫الموجودات كلها آحادا ً وكل واحد معلول لواحد آخر فوقه وعلة لخر تحته إلضى‬
‫أن ينتهي إلى معلول ل معلول له كما انتهى في جهة التصاعد إلى علة ل علضضة‬
‫له‪ .‬وليس كذلك فإن الجسضضم عنضضدهم مركضضب مضضن صضضورة وهيضضولى وقضضد صضضار‬
‫باجتماعهما شيئا ً واحدًا‪ .‬والنسان مركب من جسم ونفس ليس وجود أحدهما‬
‫من الخر بل وجودهما جميعا ً بعلة أخرى‪ .‬والفلك عندهم كضضذلك فضضإنه جضضرم ذو‬
‫نفس لم تحدث النفس بالجرم ول الجرم بالنفس بل كلهمضضا صضضدرا مضضن علضضة‬
‫سواهما‪ .‬حيث يقع التقاء الواحد والمركب يبطل القضضول بضضأن الواحضضد ل يصضضدر‬
‫منه إل واحد فكيف وجدت هذه المركبات أمن علضضة واحضضدة فيبطضضل قضضولهم‪ :‬ل‬
‫يصدر من الواحد إل واحد أو من علة مركبة فيتوجه السؤال في تركيب العلضضة‬
‫إلى أن يلتقضضي بالضضضرورة مركضضب ببسضضيط‪ .‬فضضإن المبضضدأ بسضضيط وفضضي الواخضضر‬
‫تركيب ول يتصور ذلك إل بالتقاء وحيث يقع التقضاء يبطضل قضولهم إن الواحضد ل‬
‫يصدر منه إل واحد‪ .‬قولهم‪ :‬مذهبنا فضي انقسضام الموجضودات‪ ...‬فضإن قيضضل‪ :‬إذا‬
‫عرف مذهبنا اندفع الشكال فإن الموجودات تنقسم إلضضى مضضا هضضي فضضي محضضال‬
‫كالعراض والصور وإلى ما ليست في محال وهذا ينقسم إلى مضضا هضضي محضضال‬
‫لغيرها كالجسام وإلى ما ليست بمحال كالموجودات التي هضضي جضضواهر قائمضضة‬
‫بأنفسها وهي تنقسم إلى ما يؤثر في الجسام ونسميها نفوسا ً وإلى ما ل يؤثر‬
‫في الجسام بل في النفوس ونسضضميها عقضضول ً مجضضردة‪ .‬أمضا الموجضضودات الضضتي‬
‫تحل في المحال كالعراض فهي حادثة ولها علل حادثة وتنتهي إلضضى مبضضدأ هضضو‬
‫حادث من وجه دائم من وجه وهي الحركة الدورية وليس الكلم فيها‪.‬‬
‫القائمة بأنفسها وإنما الكلم في الصول القائمة بأنفسها ل فضضي محضضال وهضضي‬
‫ثلثة‪ :‬أجسام وهي أخسضضها وعقضضول مجضضردة وهضضي الضضتي ل تتعلضضق بالجسضضام ل‬
‫بالعلقة الفعلية ول بالنطباع فيها وهي أشرفها ونفضضوس وهضضي أوسضضطها فإنهضضا‬
‫تتعلق بالجسام نوعا ً من التعلق وهو التأثير والفعل فيهضضا فهضي متوسضضطة فضي‬
‫الشرف فإنها تتأثر من العقول وتؤثر في الجسام‪ .‬ثم الجسضضام عشضضرة تسضضع‬
‫سموات والعاشر المادة التي هي حشو مقعر فلضضك القمضضر والسضضموات التسضضع‬
‫حيوانضضات لهضضا أجضضرام ونفضضوس ولهضضا ترتيضضب فضضي الوجضضود كمضضا نضضذكره‪ .‬ترتيضضب‬
‫الصدور‪ ...‬وهو أن المبدأ الول فاض من وجوده العقل الول وهو موجود قائم‬
‫بنفسه ليس بجسم ول منطبضضع فضضي جسضضم يعضضرف نفسضضه ويعضضرف مبضضدأه وقضضد‬
‫سميناه العقل الول ول مشاحة في السامي سمي ملك ضا ً أو عقل ً أو مضضا أريضضد‪.‬‬
‫ويلضضزم عضن وجضضوده ثلثضضة أمضضور‪ :‬عقضل ونفضضس الفلضضك القصضضى وهضي السضماء‬
‫التاسعة وجرم الفلك القصى‪ .‬ثم لزم مضضن العقضضل الثضضاني عقضضل ثضضالث ونفضضس‬
‫فلك الكواكب وجرمه ثم لزم من العقل الثالث عقل رابضضع ونفضضس فلضضك زحضضل‬
‫وجرمه ولزم من العقل الرابع عقضضل خضضامس ونفضضس فلضضك المشضضتري وجرمضضه‬
‫وهكذى حتى انتهى إلى العقل الذي لزم منه عقل ونفس فلك القمر وجرمضضه‪.‬‬
‫وأخيرا ً العقل الفعال والمضضادة الضضخ‪ .‬والعقضضل الخيضضر هضضو الضضذي يسضضمى العقضضل‬
‫الفعال ولزم حشو فلك القمر وهي المادة القابلة للكون والفساد مضضن العقضضل‬
‫الفعال وطبائع الفلك‪ .‬ثم إن المواد تمتزج بسبب حركات الكواكب امتزاجات‬
‫مختلفة يحصل منها المعادن والنبات والحيوان ول يلزم أن يلزم من كل عقضضل‬
‫عقل إلى غير نهاية لن هذه العقول مختلفة النضضواع فمضضا ثبضضت لواحضضد ل يلضضزم‬
‫للخر‪.‬‬
‫في المعلول الول ثلثة أشياء فخرج منه أن العقول بعد المبدأ الول عشضضرة‬
‫والفلك تسعة ومجموع هذه المبادئ الشريفة بعد الول تسعة عشضضر وحصضضل‬
‫منه أن تحت كل عقل من العقول الول ثلثة أشياء‪ :‬عقل ونفس فلك وجرمه‬
‫فل بد وأن يكون في مبدئه تثليث ل محالة ول يتصور كثرة في المعلضضول الول‬
‫إل من وجه واحد وهو أنه يعقل مبدأه ويعقل نفسه وهضضو باعتبضضار ذاتضضه ممكضضن‬
‫الوجود لن وجوب وجوده بغيره ل بنفسه وهذه معان ثلثة مختلفة‪ .‬والشرف‬
‫من المعلولت الثلثة ينبغي أن ينسب إلى الشرف من هذه المعضضاني فيصضضدر‬
‫منه العقل من حيث أنه يعقل مبدأه ويصدر نفس الفلك مضضن حيضضث أنضضه يعقضضل‬
‫نفسه ويصدر جرم الفلك مضضن حيضضث أنضضه ممكضضن الوجضضود بضضذاته‪ .‬ل يصضضدر مضضن‬
‫المبدأ الول لزوما ً إل واحد فيبقى أن يقال‪ :‬هذا التثليضضث مضضن أيضضن حصضضل فضضي‬
‫المعلول الول ومبدؤه واحد فنقول‪ :‬لم يصدر من المبضضدأ الول إل واحضضد وهضضو‬
‫ذات هذا العقل الذي به يعقل نفسه ولزمه ضرورة ل من جهة المبدأ إن عقل‬
‫المبدأ وهو في ذاته ممكن الوجود وليس له المكان من المبضضدأ الول بضضل هضضو‬
‫لذاته‪ .‬ونحن ل نبعد أن يوجد من الواحد واحد يلزم ذلك المعلضضول ل مضضن جهضضة‬
‫المبدأ أمور ضرورية إضافية أو غير إضافية فيحصل بسبه كضضثرة ويصضضير بضضذلك‬
‫مبدأ لوجود الكثرة‪ .‬فعلى هذا الوجه يمكن أن يلتقي المركب بالبسيط إذ ل بد‬
‫من اللتقاء ول يمكن إل كذلك فهو الذي يجب الحكم به‪ .‬فهذا هضضو القضول فضي‬
‫تفهيم مذهبهم‪ .‬قولنا‪ :‬إنها ترهات! والعتراضات ل تنحصر وإليكم بعضها‪ :‬قلنا‪:‬‬
‫ما ذكرتموه تحكمضضات وهضضي علضضى التحقيضضق ظلمضضات فضضوق ظلمضضات لضضو حكضضاه‬
‫النسضضان عضضن منضضام رآه لسضضتدل بضضه علضضى سضضوء مزاجضضه أو أورد جنسضضه فضضي‬
‫الفقهيات التي قصارى المطلب فيها تخمينات لقيل أنها ترهات ل تفيد غلبضضات‬
‫الظنون‪ .‬ومداخل العتراض على مثله ل تنحصر ولكنضضا نضضورد وجوه ضا ً معضضدودة‪.‬‬
‫إن جاز صدور الكثرة عن إمكان الوجود جاز صدورها عن وجوب الوجود الول‬
‫هو أنا نقضضول‪ :‬ادعيتضضم أن أحضضد معضضاني الكضضثرة فضضي المعلضضول الول أنضضه ممكضضن‬
‫الوجود فنقول‪ :‬كونه ممكن الوجود عيضضن وجضضوده أو غيضضره فضضإن كضضان عينضضه فل‬
‫ينشأ منه كثرة وإن كان غيره فهل قلتم‪ :‬فضضي المبضضدأ الول كضضثرة لنضضه موجضضود‬
‫وهو مع ذلك واجب الوجود فوجوب الوجود غيضضر نفضضس الوجضضود فليجضضز صضضدور‬
‫المختلفات منه لهذه الكثرة‪ .‬وإن قيل‪ :‬ل معنى لوجوب الوجود إل الوجضضود فل‬
‫معنى لمكان الوجود إل الوجود‪ .‬فإن قلتم‪ :‬يمكن أن يعرف كضضونه موجضضودا ً ول‬
‫يعرف كونه ممكنا ً فهو غيره فكذا واجب الوجضضود يمكضضن أن يعضضرف وجضضوده ول‬
‫يعرف وجوبه إل بعد دليل آخر فليكن غيره‪ .‬وبالجملة الوجود أمر عام ينقسضضم‬
‫إلى واجب وإلى ممكن فإن كان فصل أحد القسمين زائدا ً على العضضام فكضضذى‬
‫الفصل الثاني ول فرق‪ .‬قولهم‪ :‬إمكان الوجود غيضر الوجضود فضإن قيضل‪ :‬إمكضان‬
‫الوجود له من ذاته ووجوده من غيره فكيف يكون ما له من ذاته ومضضا لضضه مضضن‬
‫غيره واحدا ً قولنا‪ :‬كذلك وجوب الوجود قلنا‪ :‬وكيف يكون وجوب الوجضضود عيضضن‬
‫الوجود ويمكن أن ينفى وجوب الوجود ويثبت الوجود والواحضضد الحضضق مضضن كضضل‬
‫وجه هو الضضذي ل يتسضضع للنفضضي والثبضضات إذ ل يمكضضن أن يقضضال‪ :‬موجضضود وليضضس‬
‫بموجود أو واجب الوجود وليس بواجب الوجود ويمكن أن يقال‪ :‬موجود وليس‬
‫بواجب الوجود كما يمكن أن يقال‪ :‬موجود وليس بممكن الوجود‪ .‬وإنما يعضضرف‬
‫الوحدة بهذا فل يستقيم تقدير ذلك في الول إن صح ما ذكروه من أن إمكضضان‬
‫الوجود غير الوجود الممكن‪.‬‬
‫إن جاز صدور الكثرة عن قوة العقل جاز صدورها عن المبدأ الول العتراض‬
‫الثاني هو أن نقول‪ :‬عقله مبدأه عين وجوده وعين عقله نفسضضه أم غيضضره فضضإن‬
‫كان عينه فل كثرة فضضي ذاتضضه إل فضضي العبضضارة عضضن ذاتضضه وإن كضضان غيضضره فهضضذه‬
‫الكثرة موجودة في الول فإنه يعقل ذاته ويعقل غيضره‪ .‬فضإن زعمضوا أن عقلضه‬
‫ذاته عين ذاته ول يعقل ذاته ما لم يعقل أنضضه مبضضدأ لغيضضره فضضإن العقضضل يطضضابق‬
‫المعقول فيكون راجعا ً إلى ذاته‪ .‬فنقول‪ :‬والمعلول عقله ذاته عيضضن ذاتضضه فضضإنه‬
‫عقل بجوهره فيعقل نفسه والعقل والعاقل والمعقول منه أيضا ً واحضضد‪ .‬ثضضم إذا‬
‫كان عقله ذاته عين ذاته فليعقل ذاته معلول ً لعلة فضضإنه كضضذلك والعقضضل يطضضابق‬
‫المعقول فيرجضضع الكضضل إلضضى ذاتضضه فل كضضثرة إذن‪ .‬وإن كضضانت هضضذه كضضثرة فهضضي‬
‫موجودة في الول فليصدر منه المختلفات‪ .‬ولنترك دعضضوى وحضضدانيته مضضن كضضل‬
‫وجه إن كانت الوحدانية تزول بهذا النوع من الكثرة‪ .‬قولهم‪ :‬الول ل يعقضضل إل‬
‫ذاته فإن قيل‪ :‬الول ل يعقل إل ذاته وعقله ذاته هو عين ذاته فالعقل والعاقل‬
‫والمعقول واحد ول يعقل غيره‪ .‬قولنا‪ :‬ل والجواب من وجهين‪ :‬أحدهما أن هذا‬
‫المذهب لشناعته هجره ابضضن سضضينا وسضضائر المحققيضضن وزعمضضوا أن الول يعلضضم‬
‫نفسه مبدأ لفيضان ما يفيض منه ويعقل الموجودات كلها بأنواعها عقل ً كلي ضا ً ل‬
‫جزئيا ً إذ استقبحوا قول القائل‪ :‬المبدأ الول ل يصدر منه إل عقضضل واحضضد ثضضم ل‬
‫يعقل ما يصدر منه ومعلوله عقل ويفيض منه عقل ونفضضس فلضضك وجضضرم فلضضك‬
‫ويعقل نفسه ومعلولته الثلث وعلته ومبدأه فيكون المعلول أشرف من العلة‬
‫من حيث أن العلة ما فاض منها إل واحد‪ .‬وقد فاض من هذا ثلثة أمضور والول‬
‫ما عقل إل نفسه وهذا عقل نفسه ونفس المبدأ ونفس المعلولت‪ .‬ومضضن قنضضع‬
‫أن يكون قوله في الله راجعا ً إلى هذه الرتبة فقد جعله أحقر من كضضل موجضضود‬
‫يعقل نفسه ويعقله فإن ما يعقله ويعقل نفسه أشرف منه إذا كان هو ل يعقل‬
‫إل نفسه‪ .‬أنزلوا الله منزلة الجاهل! هكذا يعامضضل اللضضه المتكضضبرين فقضضد انتهضضى‬
‫منهم التعمق في التعظيم إلى أن أبطلوا كضضل مضضا يفهضضم مضضن العظمضضة وقربضضوا‬
‫حاله من حال الميت الذي ل خبر له مما يجري في العالم إل أنه فارق الميضضت‬
‫في شعوره بنفسه فقط‪ .‬وهكذى يفعل اللضضه بضضالزائغين عضضن سضضبيله والنضضاكبين‬
‫لطريق الهدى المنكريضضن لقضضوله‪ " :‬مضضا أشضضهدتهم خلضضق السضضموات والرض ول‬
‫خلق أنفسهم " " الظانين بالله ظضضن السضضوء " المعتقضضدين أن المضضور الربوبيضضة‬
‫يستولي علضضى كنههضضا القضضوى البشضضرية المغروريضضن بعقضضولهم زاعميضضن أن فيهضضا‬
‫مندوحة عن تقليد الرسل وأتباعهم‪ .‬فل ول يعقل المعلول الول غيره الجضضواب‬
‫الثاني هو أن من ذهب إلى أن الول ل يعقضل إل نفسضه إنمضا حضاذر مضن لضضزوم‬
‫الكثرة إذ لو قال به للزم أن يقال‪ :‬عقله غيره غير عقله نفسه‪ .‬وهذا لزم في‬
‫المعلول الول فينبغي أن ل يعقل إل نفسه لنه لو عقضضل الول أو غيضضره لكضضان‬
‫ذلك غير ذاته ولفتقر إلى علة غير علة ذاته ول علة إل علضضة ذاتضضه وهضضو المبضضدأ‬
‫الول فينبغي أن ل يعلم إل ذاته وتبطل الكضثرة الضتي نشضأت مضن هضذا الضوجه‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬يعقل المبدأ فإن قيضل‪ :‬لمضا وجضد وعقضل ذاتضه لزمضه أن يعقضل المبضدأ‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬ل يلزمه ذلك بعلة وجوده قلنا‪ :‬لزمه ذلضك بعلضضة أو بغيضضر علضضة فضإن كضان‬
‫بعلة فل علة إل المبدأ الول وهو واحد ول يتصور أن يصدر منضضه إل واحضضد وقضضد‬
‫صدر وهو ذات المعلول فالثاني كيف يصضضدر منضضه وإن لضضزم بغيضضر علضضة فليلضضزم‬
‫وجود الول موجودات بل علة كثيرة وليلزم منها الكثرة‪ .‬فإن لم يعقل هذا من‬
‫حيث أن واجب الوجود ل يكون إل واحدا ً والزائد على الواحد ممكن والممكضضن‬
‫يفتقر إلى علة فهذا اللزم في حق المعلول‪ .‬إن كان واجب الوجود بذاته فقضضد‬
‫بطل قولهم‪ :‬واجب الوجود واحد وإن كان ممكنا ً فل بد له من علة ول علة لضضه‬
‫فل يعقل وجوده‪.‬‬
‫ول بعلة إمكان وجوده وليس هضضو مضضن ضضضرورة المعلضضول الول لكضضونه ممكضضن‬
‫الوجود فإن إمكان الوجود ضروري في كل معلول‪ .‬أمضضا كضضون المعلضضول عالمضا ً‬
‫بالعلة ليس ضروريا ً في وجود ذاته كما أن كضضون العلضضة عالمضا ً بضضالمعلول ليضضس‬
‫ضروريا ً في وجود ذاته‪ .‬بل لزوم العلم بالمعلول أظهر من لزوم العلضضم بالعلضضة‬
‫فبان أن الكثرة الحاصلة من علمه بالمبدأ محال فإنه ل مبدأ له وليس هو مضضن‬
‫ضرورة وجود ذات المعلول وهذا أيضا ً ل مخرج منه‪ .‬في المعلضضول الول أكضضثر‬
‫من التثليث العتراض الثالث هو أن عقل المعلول الول ذات نفسه عين ذاتضضه‬
‫أو غيره‪ .‬فإن كان عينضضه فهضضو محضضال لن العلضضم غيضضر المعلضضوم وإن كضضان غيضضره‬
‫فليكن كضضذلك فضضي المبضضدأ الول فيلضضزم منضضه كضضثرة ويلضضزم فيضضه تربيضضع ل تثليضضث‬
‫بزعمهم فإنه ذاته وعقله مبدأه وإنه ممكن الوجود بذاته‪ .‬ويمكضضن أن يضضزاد أنضضه‬
‫واجب الوجود بغيره فيظهر تخميس وبهذا يتعضرف تعمضق هضؤلء فضي الهضوس‪.‬‬
‫العتراض الرابضضع أن نقضضول‪ :‬التثليضضث ل يكفضضي فضضي المعلضضول الول فضضإن جضضرم‬
‫السماء الول لزم عندهم من معنى واحضضد مضن ذات المبضضدأ وفيضضه تركيضضب مضن‬
‫ثلثة أوجه‪:‬‬
‫ل بد له من صورة وهيولى أحدها أنه مركب من صورة وهيضضولى وهكضضذى كضضل‬
‫جسم عندهم‪ .‬فل بد لكل واحد من مبدأ إذ الصورة تخضضالف الهيضضولى‪ .‬وليسضضت‬
‫كل واحدة على مذهبهم علة مسضضتقلة للخضضرى حضضتى يكضضون أحضضدهما بواسضضطة‬
‫الخر من غير علة أخرى زائدة عليه‪ .‬ومقدار‪ ...‬الثاني أن الجرم القصى على‬
‫حد مخصوص في الكبر‪ .‬فاختصاصه بذلك القدر من بيضضن سضضائر المقضضادير زائد‬
‫على وجود ذاته إذ كان ذاته ممكنا ً أصضغر منضضه وأكضبر فل بضضد لضه مضن مخصضضص‬
‫بذلك المقدار زائد على المعنى البسيط الموجب لوجوده ل كوجود العقل فإنه‬
‫وجود محض ل يختص بمقدار مقابل لسائر المقادير‪ .‬فيجوز أن يقال‪ :‬ل يحتضاج‬
‫إل إلى علة بسيطة‪ .‬قولهم‪ :‬ل غنى عنه في تحصيل النظضضام فضضإن قيضضل‪ :‬سضضببه‬
‫أنه لو كان أكبر منه لكان مستغنى عنه في تحصضضيل النظضضام الكلضضي ولضضو كضضان‬
‫أصغر منه لم يصلح للنظام المقصود‪ .‬فنقول‪ :‬وتعين جهة النظام هل هو كضضاف‬
‫في وجود ما به النظام أم يفتقر إلى علة موجدة فإن كان كافيا ً فقد استغنيتم‬
‫عن وضع العلل فاحكموا بأن كون النظام في هضضذه الموجضضودات اقتضضضى هضضذه‬
‫الموجودات بل علة زائدة وإن كان ذلك ل يكفي بل افتقر إلى علة فذلك أيضا ً‬
‫ل يكفي للختصاص بالمقادير بل يحتاج أيضا ً إلى علة التركيب‪.‬‬
‫خواص القطب الثالث أن الفلك القصى انقسم إلضضى نقطضضتين همضضا القطبضضان‬
‫وهما ثابتا الوضع ل يفارقان وضعهما‪ .‬وأجزاء المنطقة يختلف وضعها فل يخلوا‬
‫أما إن كان جميع أجزاء الفلك القصى متشابها ً فلم لزم تعين نقطتين من بين‬
‫سائر النقط لكونهما قطبين أو أجزاؤها مختلفة ففي بعضها خواص ليست في‬
‫البعض فما مبدأ تلك الختلفات والجرم القصى لم يصدر إل من معنضضى واحضضد‬
‫بسيط والبسيط ل يوجب إل بسضيطا ً فضي الشضكل وهضو الكضرى ومتشضابها ً فضي‬
‫المعنى وهو الخلو عن الخواص المميزة وهذا أيضا ً ل مخرج منه‪ .‬قولهم‪ :‬لعضضل‬
‫في المبدأ أنواعا ً من الكثرة لزمة ل من جهة المبدأ فإن قيل‪ :‬لعل في المبضضدأ‬
‫أنواعا ً من الكثرة لزمة ل من جهة المبدأ وإنما ظهر لنا ثلثة أو أربعة والبضضاقي‬
‫لم نطلع عليه وعدم عثورنا على عينه ل يشككنا في أن مبدأ الكثرة كثرة وأن‬
‫الواحد ل قولنا‪ :‬الموجودات كلها تكون صادرة عن المعلول الول‪ ...‬قلنا‪ :‬فضضإذا‬
‫جوزتم هذا فقولوا‪ :‬إن الموجودات كلها على كثرتها وقضضد بلغضضت آلف ضا ً صضضدرت‬
‫من المعلول الول فل يحتاج أن يقتصر على جرم الفلك القصضضى ونفسضضه بضضل‬
‫يجوز أن يكون قد صدر منه جميع النفوس الفلكية والنسانية وجميع الجسضضام‬
‫الرضية والسماوية بأنواع كثرة لزمة فيها لضضم يطلعضضوا عليهضضا فيقضضع السضضتغناء‬
‫بالمعلول الول‪.‬‬
‫ل بل عن العلة الولى ثم يلزم منه الستغناء بالعلة الولى فإنه إذا جضضاز تولضضد‬
‫كثرة يقال إنها لزمة ل بعلة مع أنها ليست ضرورية في وجضضود المعلضضول الول‬
‫جاز أن يقدر ذلك مع العلة الولى ويكون وجودها ل بعلة ويقال‪ :‬إنها لزمت ول‬
‫يدرى عددها وكلما تخيل وجودها بل علة مع الول تخيل ذلك بل علة مع الثاني‬
‫بل ل معنى لقولنضا‪ :‬مضع الول والثضضاني إذ ليضس بينهمضا مفارقضة فضي زمضان ول‬
‫مكان‪ .‬فما ل يفارقهما في مكان وزمان ويجوز أن يكضضون موجضضودا ً بل علضضة لضضم‬
‫يختص أحدهما بالضافة إليه‪ .‬قولهم‪ :‬يبعد أن يبلضضغ اللضضف فضضي المعلضضول الول‬
‫فإن قيل‪ :‬لقد كثرت الشياء حتى زادت على ألف ويبعضضد أن تبلضضغ الكضضثرة فضضي‬
‫المعلول إلى هذا الحد فلذلك أكثرنا الوسائط‪ .‬قولنا‪ :‬ولماذا قلنا‪ :‬قول القضضائل‪:‬‬
‫" يبعد " هذا رجم ظن ل يحكم به في المعقولت إل أن يقضضول‪ :‬إنضضه يسضضتحيل‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬لم يستحيل وما المرد والفيصل مهما جاوزنا الواحد واعتقدنا أنه يجوز‬
‫أن يلزم المعلول الول ل من جهة العلة لزم واثنان وثلث فمضضا المحيضضل لربضضع‬
‫وخمس وهكذى إلى اللف وإل فمضضن يتحكضضم بمقضضدار دون مقضضدار فليضضس بعضضد‬
‫مجضضاوزة مضضرد الواحضضد وهضضذا أيضضا ً قضضاطع‪ .‬عضضن تلضضك الكضضواكب صضضدر المعلضضول‬
‫الثاني‪ ...‬ثم نقول‪ :‬هذا باطل بالمعلول الثاني فضضإنه صضضدر منضضه فلضضك الكضضواكب‬
‫وفيه ألف ونيف ومئتا كوكب وهي مختلفضضة العظضضم والشضضكل والوضضضع واللضضون‬
‫والتأثير والنحوسة والسعادة فبعضها على صورة الحمل والثور والسد وبعضها‬
‫على صورة النسان ويختلف تأثيرها في محل واحد مضضن العضضالم السضضفلي فضضي‬
‫التبريد والتسخين والسعادة والنحوس وتختلف مقاديرها في ذاتها‪.‬‬
‫ففيه أنواع من العلل فل يمكن أن يقال‪ :‬الكل نوع واحد مع هذا الختلف ولو‬
‫جاز هذا أن يقال‪ :‬كل أجسضام العضالم نضوع واحضد فضي الجسضمية فيكفيهضا علضة‬
‫واحدة‪ .‬فإن كان اختلف صفاتها وجواهرها وطبائعها دل على اختلفهضضا فكضضذى‬
‫الكواكب مختلفة ل محالة ويفتقر كل واحضضد إلضضى علضضة لصضضورته وعلضضة لهيضضوله‬
‫وعلضضة لختصاصضضه بطضضبيعته المسضضخنة أو المضضبردة أو المسضضعدة أو المنحسضضة‬
‫ولختصاصه بموضعه ثم لختصضضاص جملهضضا بأشضضكال البهضضائم المختلفضضة‪ .‬وهضضذه‬
‫الكثرة إن تصور أن تعقل في المعلول الثاني تصور في الول ووقع الستغناء‪.‬‬
‫إن بيان العلل التي ذكرتموها لممضضا يضضضحك منهضضا العضضتراض الخضضامس هضضو أنضضا‬
‫نقضضول‪ :‬سضضلمنا هضضذه الوضضضاع البضضاردة والتحكمضضات الفاسضضدة ولكضضن كيضضف ل‬
‫تستحيون من قولكم‪ :‬إن كضضون المعلضضول الول ممكضضن الوجضضود اقتضضضى وجضضود‬
‫جرم الفلك القصى منه وعقله نفسه اقتضى وجود نفضضس الفلضضك منضضه وعقلضضه‬
‫الول يقتضي وجود عقل منه وما الفصضضل بيضضن هضضذا وبيضضن قضضائل عضضرف وجضضود‬
‫إنسان غائب وأنه ممكن الوجود وأنه يعقضضل نفسضضه وصضضانعه فقضضال‪ :‬يلضضزم مضضن‬
‫كونه ممكن الوجود وجود فلك فيقال‪ :‬وأي مناسبة بيضضن كضضونه ممكضضن الوجضضود‬
‫وبين وجود فلك منضه وكضذلك يلضزم مضن كضضونه عضاقل ً لنفسضه ولصضضانعه شضيئان‬
‫آخران‪ .‬وهذا إذا قيل في إنسان ضحك منه فكذى فضضي موجضضود آخضضر إذ إمكضضان‬
‫الوجود قضية ل تختلضف بضاختلف ذات الممكضن إنسضانا ً كضان أو ملكضا ً أو فلكضًا‪.‬‬
‫فلست أدري كيف يقنع المجنضضون فضضي نفسضضه بمثضضل هضضذه الوضضضاع فض ضل ً مضضن‬
‫العقلء الذين يشقون الشعر بزعمهم في المعقولت‪ .‬اعتراض‪ :‬فماذا تقولضضون‬
‫أنتم فإن قال قائل‪ :‬فإذا أبطلتم مضضذهبهم فمضضاذى تقولضضون أنتضضم أتزعمضضون أنضضه‬
‫يصدر من الشيء الواحد من كل وجه شيئان مختلفان فتكضضابرون المعقضضول أو‬
‫تقولون‪ :‬المبدأ الول فيه كثرة فتتركون التوحيد أو تقولون ل كثرة في العضضالم‬
‫فتنكرون الحس أو تقولون‪ :‬لزمت بالوسضضائط فتضضضطرون إلضضى العضضتراف بمضضا‬
‫قالوه قولنا‪ :‬ليس من غير المعقول أن يصدر اثنان من واحد وهضضذا مضضا ورد بضضه‬
‫النبياء قلنا‪ :‬نحن لضضم نخضضض فضضي هضضذا الكتضضاب خضضوض ممهضضد وإنمضضا غرضضضنا أن‬
‫نشوش دعاويهم وقد حصل‪.‬‬
‫على أنا نقول‪ :‬ومضن زعضم أن المصضضير إلضى صضضدور اثنيضن مضن واحضد مكضضابرة‬
‫المعقول أو اتصاف المبدأ بصفات قديمة أزلية مناقض للتوحيد فهاتان دعوتان‬
‫باطلتان ل برهان لهم عليهما فضضإنه ليضضس يعضضرف اسضضتحالة صضضدور الثنيضضن مضضن‬
‫واحد كما يعرف استحالة كون الشخص الواحد فضضي مكضضانين وعلضضى الجملضضة ل‬
‫يعرف بالضرورة ول بالنظر‪ .‬وما المانع من أن يقال‪ :‬المبضضدأ الول عضضالم قضضادر‬
‫مريد يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد يخلق المختلفات والمتجانسضضات كمضضا يريضضد‬
‫وعلى ما يريد فاستحالة هذا ل يعضضرف بضضضرورة ول نظضضر وقضضد ورد بضضه النبيضضاء‬
‫المؤيدون بالمعجزات فيجب قبضضوله‪ .‬البحضضث عضضن الكيفيضضة مضضن الفضضضول وأمضضا‬
‫البحث عن كيفية صضضدور الفعضضل مضضن اللضضه بضضالرادة ففضضضول وطمضضع فضضي غيضضر‬
‫مطمع‪ .‬والذين طمعوا في طلب المناسبة ومعرفته رجع حاصضضل نظرهضضم إلضضى‬
‫أن المعلول الول من حيث أنه ممكن الوجود صدر منه فلضضك ومضضن حيضضث أنضضه‬
‫يعقل نفسه صدر منه نفس الفلضضك وهضضذه حماقضضة ل إظهضضار مناسضضبة‪ .‬فلتتقبضضل‬
‫مبضضادئ هضضذه المضضور مضضن النبيضضاء! فلتتقبضضل مبضضادئ هضضذه المضضور مضضن النبيضضاء‬
‫وليصدقوا فيها إذ العقل ل يحيلها وليترك البحث عن الكيفية والكمية والماهية‪.‬‬
‫فليس ذلك يتسع له القوى البشرية ولذلك قال صضضاحب الشضضرع‪ :‬تفكضضروا فضضي‬
‫خلق اللضضه ول تتفكضضروا فضضي ذات اللضضه‪ .‬قولنضضا‪ :‬يقولضضون إن صضضانع العضالم قضضديم‬
‫فنقول‪ :‬الناس فرقتان‪ :‬فرقة أهضضل الحضق وقضد رأوا أن العضالم حضادث وعلمضضوا‬
‫ضرورة أن الحادث ل يوجد بنفسه فافتقر إلى صانع فيعقل مذهبهم في القول‬
‫بالصانع وفرقة أخرى هم الدهرية وقضضد رأوا العضالم قضديما ً كمضا هضو عليضه ولضم‬
‫يثبتوا له صانعا ً ومعتقضضدهم مفهضضوم وإن كضضان الضضدليل يضضدل علضضى بطلنضضه‪ .‬وأمضضا‬
‫الفلسفة فقد رأوا أن العالم قديم ثم أثبتوا له مع ذلضضك صضانعا ً وهضضذا المضضذهب‬
‫بوضعه متناقض ل يحتاج فيه إلى إبطال‪ .‬قضضولهم‪ :‬هضضو المبضضدأ الول فضضإن قيضضل‪:‬‬
‫نحن إذا قلنا‪ :‬للعالم صانع لم نرد به فاعل ً مختارا ً يفعل بعد أن لضضم يفعضضل كمضضا‬
‫نشاهد في أصناف الفاعلين مضضن الخيضضاط والنسضضاج والبنضضاء بضضل نعنضضي بضضه علضضة‬
‫العالم ونسميه المبدأ الول على معنى أنضضه ل علضضة لوجضضوده وهضضو علضضة لوجضضود‬
‫غيره فإن سميناه صانعا ً فبهذا التأويل‪.‬‬
‫لنه من المحال أن تتسلسضضل العلضضل إلضضى غيضضر نهايضضة‪ .‬وثبضضوت موجضضود ل علضضة‬
‫لوجوده يقوم عليه البرهان القطعي على قرب فإنا نقول‪ :‬العضضالم وموجضضوداته‬
‫إما أن يكون له علة أو ل علة له‪ .‬فإن كان له علة فتلضضك العلضضة لهضضا علضضة أم ل‬
‫علة لها وكذى القول في علة العلضضة‪ :‬فإمضضا أن يتسلسضضل إلضضى غيضضر نهايضضة وهضضو‬
‫محال وإما أن ينتهي إلى طرف فالخير علضضة أولضضى ل علضضة لوجودهضضا فنسضضميه‬
‫المبدأ الول‪ .‬وإن كان العالم موجودا ً بنفسه ل علة له فقد ظهضضر المبضضدأ الول‬
‫فإنا لم نعن به إل موجودا ً ل علة له وهو ثابت بالضرورة‪ .‬الخلف في الصفات‬
‫مسألة غير هذه نعم ل يجوز أن يكون المبضضدأ الول هضضي السضضموات لنهضضا عضضدد‬
‫ودليل التوحيد يمنعه فيعرف بطلنه بنظر في صفة المبضضدأ ول يجضضوز أن يقضضال‬
‫إنه سماء واحد أو جسم واحد أو شمس أو غيره لنضضه جسضضم والجسضضم مركضضب‬
‫من الصورة والهيولى والمبدأ الول ل يجوز أن يكون مركبا ً وذلك يعرف بنظضضر‬
‫ثان‪ .‬والمقصود أن موجضضودا ً ل علضضة لوجضضوده ثضضابت بالضضضرورة والتفضاق‪ .‬وإنمضضا‬
‫الخلف في الصفات وهو الذي نعنيضضه بالمبضضدأ الول‪ .‬قولنضضا‪ :‬الجسضضام تكضضون ل‬
‫علة لها والجواب من وجهين‪ :‬أحدهما أنه يلزم على مساق مضضذهبكم أن تكضضون‬
‫أجسام العالم قديمة كذلك ل علة لها‪ .‬وقولكم‪ :‬إن بطلن ذلك يعلم بنظر ثضضان‬
‫فسيبطل ذلك عليكم في مسألة التوحيد وفي نفي الصفات‬
‫تلك العلل تكون إلى غير نهاية الثاني وهو الخاص بهذه المسألة هو أن يقضضال‪:‬‬
‫ثبت تقديرا ً أن هذه الموجودات لها علضضة ولكضضن لعلتهضضا علضضة ولعلضضة العلضضة علضضة‬
‫كذلك وهكذى إلى غير نهاية‪ .‬وتقولون إنها حوادث هكذا وقولكم‪ :‬إنه يسضضتحيل‬
‫إثبات علل ل نهاية لها ل يستقيم منكم فإنا نقول‪ :‬عرفتضضم ذلضضك ضضضرورة بغيضضر‬
‫وسضضط أو عرفتمضضوه بوسضضط ول سضضبيل إلضضى دعضضوى الضضضرورة‪ .‬وكضضل مسضضلك‬
‫ذكرتموه في النظر بطل عليكم بتجويز حوادث ل أول لها‪ .‬وإذا جضاز أن يضدخل‬
‫في الوجود ما ل نهاية له فلم يبعد أن يكون بعضضضها علضضة للبعضضض وينتهضضي مضضن‬
‫الطرف الخير إلى معلول ل معلول له ول ينتهي من الجانب الخر إلى علضضة ل‬
‫علة لها كما أن الزمضان السضابق لضه آخضر وهضو الن الراهضن ول أول لضه‪ .‬حضتى‬
‫الموجودة معا ً كالنفوس البشضضرية فضضإن زعمتضضم أن الحضضوادث الماضضضية ليسضضت‬
‫موجودة معا ً في الحال ول فضي بعضضض الحضضوال والمعضضدوم ل يوصضضف بالتنضضاهي‬
‫وعضضدم التنضضاهي فيلزمكضضم النفضضوس البشضضرية المفارقضضة للبضضدان فإنهضضا ل تفنضضى‬
‫عندكم والموجود المفارق للبضضدن مضضن النفضضوس ل نهايضضة لعضضدادها إذ لضضم تضضزل‬
‫نطفة من إنسان وإنسان من نطفة إلى غير نهاية‪ .‬ثضم كضل إنسضان مضات فقضد‬
‫بقي نفسه وهو بالعدد غير نفس من مات قبله ومعه وبعضضده وإن مكضضان الكضضل‬
‫بالنوع واحدا ً فعندكم في الوجود في كل حال نفوس ل نهاية لعدادها‪ .‬قولهم‪:‬‬
‫ل ترتيب لها فإن قيل‪ :‬النفوس ليس لبعضها ارتباط بالبعض ول ترتيضضب لهضضا ل‬
‫بالطبع ول بالوضع وإنما نحيل نحن موجودات ل نهاية لهضضا إذا كضضان لهضضا ترتيضضب‬
‫بالوضع كالجسام فإنها مرتبة بعضها فوق البعضضض أو كضضان لهضضا ترتيضضب بضضالطبع‬
‫كالعلل والمعلولت وأما النفوس فليست كذلك‪ .‬قولنا‪ :‬الترتيب بالزمان يكفي‬
‫قلنا‪ :‬وهذا الحكم في الوضع ليس طرده بضضأولى مضضن عكسضضه فلضضم أحلتضضم أحضضد‬
‫القسمين دون الخر وما البرهان المفرق وبم تنكرون على من يقول‪ :‬إن هذه‬
‫النفوس التي ل نهاية لها ل تخلوا عن ترتيب إذ وجود بعضها قبل البعضضض فضضإن‬
‫اليام والليالي الماضية ل نهاية لها‪ .‬وإذا قدرنا وجود نفس واحد فضضي كضضل يضضوم‬
‫وليلة كان الحاصل في الوجود الن خارجا ً عن النهاية واقعضا ً علضضى ترتيضضب فضضي‬
‫الوجود أي بعضها بعد البعض‪ .‬والعلة غايتها أن يقال‪ :‬إنها قبل المعلول بضضالطبع‬
‫كما يقال إنها فوق المعلول بالذات ل بالمكان‪ .‬فإذا لم يستحل ذلك في القبل‬
‫الحقيقي الزماني فينبغي أن ل يستحيل في القبل الذاتي الطبعي‪ .‬ومضضا بضضالهم‬
‫لضضم يجضضوزوا أجسضضاما ً بعضضضها فضضوق البعضضض بالمكضضان إلضضى غيضضر نهايضضة وجضضوزوا‬
‫موجودات بعضها قبل البعض بالزمان إلى غير نهاية وهل هذا إل تحكم بضضارد ل‬
‫أصل له قولهم‪ :‬إن العلل إن كانت ممكنة افتقرت إلى علة زائدة‪ .‬فضضإن قيضضل‪:‬‬
‫البرهان القاطع على استحالة علل إلى غير نهاية أن يقال‪ :‬كل واحد من آحضضاد‬
‫العلل ممكنة في نفسها أو واجبة‪ .‬فإن كانت واجبة فلضضم تفتقضضر إلضضى علضضة وإن‬
‫كانت ممكنة فالكل موصوف بالمكان وكل ممكن فيفتقر إلى علة زائدة على‬
‫ذاته فيفتقر الكل إلى علة خارجة عنها‪ .‬قولنا‪ :‬كضضل واحضضد ممكضن والكضل ليضس‬
‫بممكن‪ .‬قلنا‪ :‬لفظ الممكن والواجب لفظ مبهم إل أن يراد بالواجب ما ل علضضة‬
‫لوجوده ويراد بالممكن ما لوجوده علة‪ .‬وإن كان المراد هذا فلنرجع إلضى هضذه‬
‫اللفظة فنقول‪ :‬كل واحد ممكن على معنى أن له علة زائدة على ذاته والكضضل‬
‫ليس بممكن على معنى أنه ليس لضه علضة زائدة علضى ذاتضه خارجضة منضه‪ .‬وإن‬
‫أريد بلفظ الممكن غير ما أردناه فهضو ليضضس بمفهضوم‪ .‬بممكنضضات الوجضود وهضو‬
‫محال فإن قيل‪ :‬فهذا يؤدي إلى أن يتقوم واجب الوجود بممكنات الوجود وهو‬
‫محال‪ .‬قولنا‪ :‬كما يتقوم القديم بالوائل قلنا‪ :‬إن أردتم بضضالواجب والممكضضن مضضا‬
‫ذكرناه فهو نفس المطلوب‪ .‬فل نسلم أنه محال وهو كقضضول القضضائل‪ :‬يسضضتحيل‬
‫أن يتقوم القديم بالحوادث والزمان عندهم قديم وآحاد الضضدورات حادثضضة وهضضي‬
‫ذوات أوائل والمجموع ل أول له‪ .‬فقد تقوم ما ل أول له بضضذوات أوائل وصضضدق‬
‫ذوات الوائل على الحاد ولم يصدق على المجمضضوع‪ .‬فكضضذلك يقضضال علضضى كضضل‬
‫واحد‪ :‬إن له علة ول يقال‪ :‬للمجموع علة وليس كل ما صدق على الحاد يلزم‬
‫أن يصدق على المجموع إذ يصدق على كل واحضضد أنضضه واحضضد وأنضضه بعضضض وأنضضه‬
‫جزء ول يصدق على المجموع‪ .‬وكل موضوع عيناه من الرض فإنه قد استضاء‬
‫بالشمس في النهار وأظلم بالليل‪ .‬وكل واحضضد حضادث بعضضد أن لضضم يكضضن أي لضضه‬
‫أول‪ .‬والمجموع عندهم ما له أول‪.‬‬
‫فل سبيل لهم إلى الوصول إلى إثبات المبدأ الول فتبين أن من يجوز حوادث‬
‫ل أول لها وهي صور العناصر الربعة والمتغيرات فل يتمكن من إنكضضار علضضل ل‬
‫نهاية لها‪ .‬ويخرج من هذا أنه ل سبيل لهم إلى الوصول إلى إثبات المبدأ الول‬
‫لهذا الشكال ويرجضع فرقهضم إلضى التحكضم المحضض‪ .‬قضولهم‪ :‬إنمضا الكلم فضي‬
‫الموجود في العيان فإن قيل‪ :‬الدورات ليست موجضضودة فضضي الحضضال ول صضضور‬
‫العناصر وإنما الموجود منها صورة واحدة بالفعضضل ومضضا ل وجضضود لضضه ل يوصضضف‬
‫بالتناهي وعدم التناهي إل إذا قدر فضي الضضوهم وجودهضضا ول يبعضد مضا يقضدر فضي‬
‫الوهم وإن كانت المقدرات أيضا ً بعضها علل ً لبعض فالنسان قضضد يفضضرض ذلضضك‬
‫فضضي وهمضضه وإنمضضا الكلم فضضي الموجضضود فضضي العيضضان ل فضضي الذهضضان‪ .‬نفضضوس‬
‫المضضوات ل يكضضون فيهضضا عضضدد ل يبقضضي إل نفضضوس المضضوات‪ .‬وقضضد ذهضضب بعضضض‬
‫الفلسفة إلى أنها كانت واحدة أزلية قبل التعلق بالبدان وعند مفارقة البدان‬
‫تتحد فل يكون فيه عدد فضل ً من أن توصف بضأنه ل نهايضة لهضا‪ .‬وقضال آخضرون‪:‬‬
‫النفس تابع للمضضزاج وإنمضضا معنضضى المضضوت عضضدمها ول قضضوام لهضضا بجوهرهضضا دون‬
‫الجسم‪ .‬فإذن ل وجود في النفوس إل فضضي حضضق الحيضضاء والحيضضاء الموجضضودون‬
‫محصضضورون ول تنتفضضي النهايضضة عنهضضم والمعضضدمون ل يوصضضفون أصضل ً ل بوجضضود‬
‫النهاية ول بعدمها إل في الوهم إذا فرضوا قولنا‪ :‬هذا ما أوردناه على ابن سينا‬
‫والفارابي الخ‪ .‬والجواب‪ :‬إن هذا الشكال في النفوس أوردناه على ابضضن سضضينا‬
‫والفارابي والمحققين منهضضم إذ حكمضضوا بضأن النفضضس جضوهر قضائم بنفسضه وهضضو‬
‫اختيار أرسضضطاليس والمعتضضبرين مضضن الوائل‪ .‬ونقضضول لغيرهضضم‪ :‬عضضوض النفضضس‬
‫قدروا أي حادث ل ينقضي‪ .‬ومن عدل عن هذا المسلك فنقول له‪ :‬هل يتصضضور‬
‫أن يحدث شيء يبقى أم ل فإن قالوا‪ :‬ل فهو محال وإن قالوا‪ :‬نعم قلنضضا‪ :‬فضضإذا‬
‫قدرنا كل يوم حدوث شيء وبقاءه اجتمع إلى الن ل محالة موجودات ل نهاية‬
‫لها‪ .‬فالدورة وإن كانت منقضية فحصول موجضضود فيهضضا يبقضضي ول ينقضضضى غيضضر‬
‫مستحيل‪ .‬وبهذا التقدير يتقرر الشكال‪ .‬ول غرض فضضي أن يكضضون ذلضضك البضضاقي‬
‫نفس آدمي أو جني أو شيطان أو ملك أو ما شئت من الموجودات‪ .‬وهضضو لزم‬
‫على كل مذهب لهم إذ أثبتوا دورات لنهاية لها‪.‬‬
‫مسألة في بيان عجزهم عن إقامة الضدليل علضى أن اللضه واحضد وأنضه ل يجضوز‬
‫فرض اثنين واجبي الوجود كل واحد منهما ل علضضة لضضه المسضضلك الول قضضولهم‪:‬‬
‫إنهما لو كانا اثنين لكان نوع وجوب الوجود مقول ً على كضضل واحضضد منهمضضا‪ .‬ومضضا‬
‫قيل عليه أنه واجب الوجود فل يخلضضوا إمضا أن يكضضون وجضضوب وجضضوده لضضذاته فل‬
‫يتصور أن يكون لغيره أو وجوب الوجود لضضه لعلضضة فيكضضون ذات واجضضب الوجضضود‬
‫معلول ً وقد اقتضت علة له وجوب الوجود‪ .‬ونحن ل نريد بواجب الوجضضود إل مضضا‬
‫ل ارتباط لوجوده بعلة بجهة مضضن الجهضضات‪ .‬زيضضد هضضو معلضضول لنضضه ليضضس وحضضده‬
‫إنسانا ً وزعموا أن نوع النسان مقول على زيد وعلى عمرو‪ .‬وليس زيد إنسانا ً‬
‫لذاته إذ لو كان إنسانا ً لذاته لما كان عمرو إنسانا ً بل لعلة جعلضضه إنسضضانًا‪ .‬وقضضد‬
‫جعل عمرا ً أيضا ً إنسانا ً فتكثرت النسانية بتكضضثر المضضادة الحاملضضة لهضضا‪ .‬وتعلقهضضا‬
‫بالمادة معلول ليس لضضذات النسضضانية‪ .‬فكضضذلك ثبضضوت وجضضوب الوجضضود لضضواجب‬
‫الوجود إن كان لذاته فل يكون إل لضضه وإن كضضان لعلضضة فهضضو إذن معلضضول وليضضس‬
‫بواجب الوجود وقد ظهر بهذا أن واجب الوجود ل بد وأن يكون واحضضدًا‪ .‬قولنضضا‪:‬‬
‫هذا التقسيم ل يطبق على الذي ل علة له‪ ...‬قلنا‪ :‬قولكم‪ :‬نوع وجضضوب الوجضضود‬
‫لواجب الوجود لذاته أو لعلة تقسضضيم خطضضأ فضضي وضضضعه فإنضضا قضضد بينضضا أن لفضضظ‬
‫وجوب الوجود فيه إجمال إل أن يراد به نفضضي العلضضة فلتسضضتعمل هضضذه العبضضارة‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬لم يستحيل ثبوت موجضضودين ل علضضة لهمضضا وليضضس أحضضدهما علضضة للخضضر‬
‫فقولكم‪ :‬إن الذي ل علة له ل علة له لذاته أو لسبب تقسضضيم الخطضضأ لن نفضضي‬
‫العلة واستغناء الوجود عن العلة ل يطلب له علة‪ .‬فأي معنى لقول القائل‪ :‬إن‬
‫ما ل علة له ل علة له لذاته أو لعلة إذ قولنا‪ :‬ل علة له سلب محضضض والسضضلب‬
‫المحض ل يكون له سبب‪ .‬ول يقال فيه‪ :‬إنه لذاته أو ل لذاته‪.‬‬
‫وعلى واجب الوجود وإن عنيتم بوجضضوب الوجضضود وصضضفا ً ثابتضا لضضواجب الوجضضود‬
‫ً‬
‫سوى أنه موجود ل علة لوجوده فهو غير مفهوم في نفسه‪ .‬والذي ينسبك مضضن‬
‫لفظه نفى العلة لوجوده وهو سلب محض ل يقال فيه‪ :‬إنه لذاته أو لعلة حضضتى‬
‫يبنى على وضع هذا التقسيم غرض فدل أن هذا برهان من خرف ل أصضضل لضضه‪.‬‬
‫بل نقول‪ :‬معنى أنه واجب الوجود أنه ل علضضة لوجضضوده ول علضضة لكضضونه بل علضضة‬
‫ل‪.‬‬‫وليس كونه بل علة معلل ً أيضا ً بذاته بل ل علة لوجوده ول لكونه بل علة أص ض ً‬
‫ول يطبق على السضضود‪ :‬فهضضل اللونيضضة لضضذاتها أم لعلضضة كيضضف وهضضذا التقسضضيم ل‬
‫يتطرق إلى بعض صفات الثبات فضل ً عما يرجع إلى السلب إذ لو قال قضضائل‪:‬‬
‫السواد لون لذاته أو لعلة‪ :‬فإن كان لذاته فينبغي أن ل تكون الحمرة لون ضا ً وأن‬
‫ل يكون هذا النوع أعني اللونية إل لضضذات السضواد وإن كضان السضواد لونضا ً لعلضضة‬
‫جعلته لونا ً فينبغي أن يعقل سواد ليس بلون أي لم تجعله العلة لونًا‪ .‬فضضإن مضضا‬
‫يثبت للذات زائدا ً علضى الضذات بعلضضة يمكضن تقضضدير عضضدمه فضي الضضوهم وإن لضم‬
‫يتحقضق فضي الوجضود‪ .‬ولكضن يقضال‪ :‬هضذا التقسضيم خطضأ فضي الوضضع فل يقضال‬
‫للسواد‪ :‬إنه لون لذاته قول ً يمنع أن يكون ذلك لغير ذاتضضه‪ .‬وكضضذلك ل يقضضال‪ :‬إن‬
‫هذا الموجود واجب لذاته أو ل علة له لذاته قول ً يمنع أن يكون ذلك لغير ذاتضضه‬
‫بحال‪ .‬قولهم‪ :‬لو فرضنا واجبي الوجود فإن كانا متماثلين من كضضل وجضضه يبطضضل‬
‫تعددهما‪ ...‬مسلكهم الثاني أن قالوا‪ :‬لو فرضنا واجبي الوجضضود لكانضضا متمضضاثلين‬
‫من كل وجه أو مختلفين‪ .‬فإن كانضضا متمضضاثلين مضضن كضضل وجضضه فل يعقضضل التعضضدد‬
‫والثنينية إذ السوادان هما اثنان إذا كانا في محلين أو فضضي محضضل واحضضد ولكضضن‬
‫في وقتين إذ السضضواد والحركضضة فضضي محضضل واحضضد فضضي وقضضت واحضضد همضضا اثنضضان‬
‫لختلف ذاتيهما‪ .‬أما إذا لم يختلف الذاتان كالسوادين ثم اتحد الزمان والمكان‬
‫لم يعقل التعدد ولو جاز أن يقال‪ :‬في وقضت واحضضد فضي محضضل واحضد‪ :‬سضوادان‬
‫لجاز أن يقال فضضي حضضق كضضل شضضخص‪ :‬إنضضه شخصضضان ولكضضن ليضضس يضضبين بينهمضضا‬
‫مغايرة‪ .‬وإن كانا مختلفين يكونا متركبين‪ ...‬وإذا استحال التماثل من كل وجضضه‬
‫ول بد من الختلف ولم يمكن بالزمان ول بالمكان فل يبقضضى إل الختلف فضضي‬
‫الذات‪ .‬ومهما اختلفضضا فضضي شضضيء فل يخلضضوا إمضضا أن اشضضتركا فضضي شضضيء أو لضضم‬
‫يشتركا في شيء‪ .‬فإن لم يشتركا في شيء فهو محال إذ يلزم أن ل يشضضتركا‬
‫في الوجود ول في وجوب الوجود ول في كون كل واحضضد قائمضا ً بنفسضضه ل فضضي‬
‫موضوع‪ .‬وإذا اشتركا في شيء واختلفا في شيء كان ما فيضضه الشضضتراك غيضضر‬
‫ما فيه الختلف فيكون ثم تركيب وانقسام بالقول‪ .. .‬ومن المحضضال أن يكضضون‬
‫واجب الوجود مركبا ً وواجب الوجود ل تركيب فيه وكما ل ينقسضضم بالكميضضة فل‬
‫ينقسم أيضا ً بالقول الشارح إذ ل يتركب ذاتضضه مضضن أمضضور يضضدل القضضول الشضضارح‬
‫على تعدده كدللة الحيوان والنضضاطق علضى مضا تقضضوم بضضه ماهيضة النسضان فضإنه‬
‫حيوان وناطق‪ .‬ومدلول لفظ الحيوان من النسان غيضضر مضضدلول لفضضظ النضضاطق‬
‫فيكون النسان متركبضا ً مضن أجضزاء تنتظضم فضي الحضد بألفضاظ تضدل علضى تلضك‬
‫الجزاء ويكون اسم النسضان لمجمضوعه‪ .‬وهضضذا ل يتصضور ودون هضضذا ل تتصضور‬
‫التثنية‪ .‬قولنضضا‪ :‬هضضذا النضضوع مضن الضضتركيب ليضضس مضن المحضضال فضي المبضضدأ الول‬
‫والجضضواب أنضضه مسضضلم أنضضه ل تتصضضور التثنيضضة إل بالمغضضايرة فضضي شضضيء مضضا وأن‬
‫المتماثلين من كل وجه ل يتصور تغايرهما‪ .‬ولكضضن قضضولكم‪ :‬إن هضضذا النضضوع مضضن‬
‫التركيب محال في المبدأ الول تحكم محض‪ .‬فما البرهان عليضضه فضضي وحدانيضضة‬
‫الله ولنرسم هذه المسألة على حيالها فضضإن مضضن كلمهضضم المشضضهور أن المبضضدأ‬
‫الول ل ينقسضضم بضضالقول الشضضارح كمضضا ل ينقسضضم بالكميضضة وعليضضه ينبنضضى إثبضضات‬
‫وحدانية الله عنضضدهم‪ .‬قضضولهم‪ :‬الوحضضدة فضضي اللضضه تنفضضي الكضضثرة بضضل زعمضضوا أن‬
‫التوحيد ل يتم إل بإثبات الوحدة لذات الباري من كل وجه وإثبات الوحدة بنفي‬
‫الكثرة من كل وجضضه والكضضثرة تتطضضرق إلضضى الضضذوات مضضن خمسضضة أوجضضه‪ :‬كضضثرة‬
‫الجزاء‪ ...‬الول بقبول النقسام فعل ً أو وهمًا‪ .‬فلذلك لم يكضضن الجسضضم الواحضضد‬
‫واحدا ً مطلقا ً فإنه واحد بالتصال القائم القابل للزوال فهو منقسم في الضضوهم‬
‫بالكمية‪ .‬وهذا محال في المبدأ الول‪ ... .‬والهيولى والصورة الثاني أن ينقسضضم‬
‫الشيء في العقل إلى معنيين مختلفين‪ .‬ل بطريضضق الكميضضة كانقسضضام الجسضضم‬
‫إلى الهيولى والصورة فإن كل واحد من الهيولى والصورة وإن كضضان ل يتصضضور‬
‫أن يقضضوم بنفسضضه دون الخضضر فهمضا شضضيئان مختلفضضان بالحضضد والحقيقضضة يحصضضل‬
‫بمجموعهما شيء واحد هو الجسم‪ .‬وهضذا أيضضا ً منفضضي عضن اللضه فل يجضضوز أن‬
‫يكون الباري صورة في جسم ول مادة في هيولى لجسم ول مجموعهمضضا‪ .‬أمضضا‬
‫مجموعهما فلعلتين إحديهما أنضضه منقسضضم بالكميضضة عنضضد التجضضزئة فعل ً أو وهمضا ً‬
‫والثانية أنه منقسم بالمعنى إلى الصورة والهيولى ول يكون مضادة لنهضا تحتضاج‬
‫إلى الصورة وواجب الوجود مستغن من كل وجه فل يجضضوز أن يرتبضضط وجضضوده‬
‫بشرط آخر سواه ول يكون صورة لنها تحتاج إلى مادة‪ ... .‬وتنفي أيضا ً الكثرة‬
‫بالصفات‪ ...‬الثالث الكثرة بالصفات بتقدير العلم والقضضدرة والرادة‪ .‬فضضإن هضضذه‬
‫الصفات إن كانت واجبة الوجود كان وجوب الوجود مشتركا ً بيضضن الضضذات ويبضضن‬
‫هذه الصفات ولزمت كثرة في واجب الوجضضود وانتفضضت الوحضضدة‪ ... .‬وبضضالجنس‬
‫والنوع‪ ...‬الرابع كثرة عقلية تحصل بتركيب الجنس والنوع‪ .‬فإن السواد سضضواد‬
‫ولون والسوادية غير اللونية في حق العقل بل اللونية جنس والسوادية فصضضل‬
‫فهو مركب من جنس وفصل والحيوانية غير النسانية في العقل فإن النسضضان‬
‫حيوان وناطق والحيوان جنس والناطق فصل وهو مركب من الجنس والفصل‬
‫وهذا نوع كثرة‪ .‬فزعموا أن هضضذا أيضضا ً منفضضي عضضن المبضضدأ الول‪ ... .‬وبالماهيضضة‬
‫والوجضضود والخضضامس كضضثرة تلضضزم مضضن جهضة تقضضدير ماهيضضة وتقضضدير وجضضود لتلضضك‬
‫الماهية‪ .‬فإن للنسان ماهية قبضضل الوجضضود والوجضضود يضضرد عليهضا ويضضضاف إليهضا‪.‬‬
‫وكذى المثلث مثل ً له ماهية وهو أنه شكل يحيط به ثلثة أضلع وليس الوجضضود‬
‫جزءا ً من ذات هذه الماهية مقوما ً لهضضا ولضضذلك يجضضوز أن يضضدرك العاقضضل ماهيضضة‬
‫النسان وماهية المثلث وليس يدري أن لهما وجودا ً في العيان أم ل‪ .‬ولو كان‬
‫الوجود مقوما ً لماهيته لما تصور ثبوت ماهيته في العقل قبل وجوده‪ .‬فالوجود‬
‫مضاف إلى الماهية سواء كان لزما ً بحيث ل تكضضون تلضضك الماهيضضة إل موجضضودة‬
‫كالسماء أو عارضا ً بعد ما لم يكن كماهية النسضضانية مضضن زيضضد وعمضضرو وماهيضضة‬
‫العراض الصور الحادثة‪ .‬فزعمضضوا أن هضضذه الكضضثرة أيض ضا ً يجضضب أن تنفضضى عضضن‬
‫الول‪.‬‬
‫الواجب الوجود كالماهيضة فيقضال‪ :‬ليضس لضه ماهيضضة الوجضضود مضضاف إليهضضا بضضل‬
‫الوجود الضضواجب لضضه كالماهيضضة لغيضضره‪ .‬فضضالوجود الضضواجب ماهيضضة وحقيقضضة كليضضة‬
‫وطبيعة حقيقية كما أن النسانية والشجرية والسمائية ماهية إذ لو ثبت ماهيضضة‬
‫لكان الوجود الواجب لزما ً لتلك الماهية غير مقضضوم لهضضا واللزم تضضابع ومعلضضول‬
‫فيكون الوجود الواجب معلول ً وهو مناقض لكونه واجبًا‪ .‬ومضضع هضضذا يقولضضون إن‬
‫اللضضه مبضضدأ وأول موجضضود‪ ...‬ومضضع هضضذا فضضإنهم يقولضضون للبضضاري‪ :‬إنضضه مبضضدأ وأول‬
‫وموجود وجوهر وواحضد وقضديم وبضاق وعضالم وعقضل وعاقضل ومعقضول وفاعضل‬
‫وخالق ومريد وقادر وحي وعاشق ومعشوق لذيذ وملتذ وجضضواد وخيضضر محضضض‪.‬‬
‫وزعموا أن كل ذلك عبارة عن معنى واحضضد ل كضضثرة فيضضه وهضضذا مضضن العجضضائب‪.‬‬
‫فينبغي أن نحقق مذهبهم للتفهيم أول ً ثم نشضضتغل بضضالعتراض فضضإن العضضتراض‬
‫على المذاهب قبل تمام التفهيم رمي في عماية‪ ... .‬ويردون هذه المضضور إلضى‬
‫السلب والضافة والعمدة في فهم مضضذهبهم أنهضضم يقولضضون‪ :‬ذات المبضضدأ واحضضد‬
‫وإنما تكثر السامي بإضافة شيء إليه أو إضضضافته إلضضى شضضيء أو سضضلب شضضيء‬
‫عنه والسلب ل يوجب كثرة في ذات المسلوب عنه ول الضضضافة تضضوجب كضضثرة‬
‫فل ينكرون إذا ً كثرة السلوب وكثرة الضافات ولكن الشأن في رد هضضذه الول‬
‫والمبضضدأ والموجضضود والجضضوهر‪ ...‬فقضضالوا‪ :‬إذا قيضضل لضضه‪ :‬أول فهضضو إضضضافة إلضضى‬
‫الموجودات بعده‪ .‬وإذا قيل‪ :‬مبدأ فهضضو إشضضارة إلضضى أن وجضضود غيضضره منضضه وهضضو‬
‫سبب له فهو إضافة إلى معلولته‪ .‬وإذا قيل‪ :‬موجود فمعناه معلوم‪ .‬وإذا قيضضل‪:‬‬
‫جضوهر فمعنضاه الوجضود مسضلوبا ً عنضه الحلضول فضي موضضوع وهضذا سضلب‪ .‬وإذا‬
‫ل‪ .‬وإذا قيل‪ :‬بضضاق‬‫قيل‪ ... :‬والقديم والباقي‪ ...‬قديم فمعناه سلب العدم عنه أو ً‬
‫فمعناه سلب العدم عنه آخرا ً ويرجع حاصل القديم والبضضاقي إلضضى وجضضود ليضضس‬
‫مسبوقا ً بعدم ول ملحوقا ً بعدم‪ ... .‬وواجضب الوجضود وإذا قيضل‪ :‬واجضب الوجضود‬
‫فمعناه أنه موجود ل علة له وهو علة لغيره فيكون جمعا ً بين السلب والضافة‬
‫إذ نفي علة له سلب وجعله علة لغيره إضافة‪.‬‬
‫‪ ...‬والعقل‪ ...‬وإذا قيل‪ :‬عقل فمعناه أنه موجود بريء عن المادة وكل موجضضود‬
‫هذا صفته فهو عقل أي يعقضضل ذاتضضه ويشضضعر بضضه ويعقضضل غيضضره وذات اللضضه هضضذا‬
‫صفته أي هو بريء عن المادة فإذن هو عقضضل وهمضضا ‪ ...‬والعاقضضل والمعقضضول‪...‬‬
‫وإذا قيل‪ :‬عاقل فمعناه أن ذاته الذي هو عقل فله معقول هو ذاته فإنه يشضضعر‬
‫بنفسه ويعقل نفسه فذاته معقول وذاته عاقل وذاته عقل والكل واحضضد إذ هضضو‬
‫معقول من حيث أنه ماهية مجردة عن المادة غير مستورة عن ذاته الذي هضضو‬
‫عقل بمعنى أنه ماهية مجردة عن المادة ل يكضضون شضضيء مسضضتورا ً عنضضه‪ .‬ولمضضا‬
‫عقل نفسه كان عاقل ً ولما كان نفسه معقول ً لنفسضضه كضضان معقضضول ً ولمضضا كضضان‬
‫عقله بذاته ل بزائد على ذاته كان عقل ً ول يبعد أن يتحد العاقل والمعقول فإن‬
‫العاقل إذا عقل كونه عاقل ً عقله بكونه عاقل ً فيكون العاقل والمعقضضول واحضضدا ً‬
‫بوجه ما وإن كان ذلك يفارق عقضل الول فضإن مضا للول بالفعضل أبضدا ً ومضا لنضا‬
‫يكون بالقوة تارة وبالفعل أخرى‪ .‬والخالق والفاعل والبارئ الضضذي عنضضه يفيضضض‬
‫كل شيء لزوما ً بعلم منه ل غفلة وإذا قيل‪ :‬خالق وفاعل وبارئ وسائر صفات‬
‫الفعل فمعناه أن وجوده وجود شريف يفيض عنه وجود الكل فيضانا ً لزما ً وإن‬
‫وجود غيره حاصل منه وتابع لوجوده كما يتبع النور الشمس والسضضخان النضضار‪.‬‬
‫ول تشبه نسبة العالم إليه نسبة النور إلى الشمس إل في كضضونه معلضضول ً فقضضط‬
‫وإل فليضضس هضضو كضضذلك فضضإن الشضضمس ل تشضضعر بفيضضضان النضضور عنهضضا ول النضضار‬
‫بفيضان السخان فهو طبع محض بل الول عالم بضضذاته وأن ذاتضضه مبضضدأ لوجضضود‬
‫غيره ففيضان ما يفيض عنه معلوم له فليس به غفلة عما يصضدر منضه‪ .‬ول هضو‬
‫أيضا ً كالواحد منا إذا وقف بين مريض وبين الشمس فاندفع حر الشضضمس عضضن‬
‫المريض بسببه ل باختياره ولكنه عالم به وهو غير كاره أيضا ً لضضه فضضإن المظضضل‬
‫الفاعل للظل شخصه وجسمه والعالم الراضي بوقوع الظل نفسضضه ل جسضضمه‬
‫وفي حق الول ليس كذلك فإن الفاعل منه هضضو العضضالم وهضضو الراضضضي أي أنضضه‬
‫غير كاره وأنه عالم بأن كماله في أن يفيض منه غيره‪.‬‬
‫فيكون علمه علة فيضان كضضل شضضيء بضضل لضضو أمكضضن أن يفضضرض كضضون الجسضضم‬
‫المظل بعينه هو العالم بعينه بوقوع الظل وهو الراضي لم يكن أيض ضا ً مسضضاويا ً‬
‫للول فإن الول هو العالم وهو الفاعل وعلمه هو مبدأ فعله فإن علمه بنفسه‬
‫في كضضونه مبضضدأ للكضضل علضضة فيضضضان الكضضل فضضإن النظضضام الموجضضود تبضضع للنظضضام‬
‫المعقول بمعنى أنه واقع به فكونه فاعل ً غير زائد علضضى كضضونه عالم ضا ً بالكضضل إذ‬
‫علمه بالكل علة فيضان الكل عنه وكونه عالما ً بالكل ل يزيد على علمه بضضذاته‬
‫فضإنه ل يعلضضم ذاتضه مضا لضم يعلضضم أنضه مبضدأ للكضضل فيكضون المعلضضوم بالقصضد ‪. .‬‬
‫والقادر‪ ...‬وإذا قيل‪ :‬قادر لم نعن به إل كونه فاعل ً علضضى الضضوجه الضضذي قررنضضاه‬
‫وهو أن وجوده وجود يفيض عنه المقدورات التي بفيضانها ينتظم الترتيب فضضي‬
‫الكل على أبلغ وجوه المكان في الكمال والحسن‪ ... .‬والمريد والعالم‪ ...‬وإذا‬
‫قيل‪ :‬مريد لم نعن به إل أن ما يفيض عنه ليس هو غافل ً عنه وليس كاره ضا ً لضضه‬
‫بل هو عالم بأن كماله في فيضان الكل عنه‪ .‬فيجوز بهذا المعنى أ ن يقال‪ :‬هو‬
‫راض وجاز أن يقال للراضي‪ :‬إنه مريضضد‪ .‬فل تكضضون الرادة إل عيضضن القضضدرة ول‬
‫القدرة إل عيضن العلضم ول العلضضم إل عيضن الضذات فالكضضل إذن يرجضع إلضى عيضن‬
‫الذات‪ ... .‬علم العلة ل علم المعلول‪ ...‬وهذا لن علمه بالشياء ليضضس مضضأخوذا ً‬
‫من الشياء وإل لكان مستفيدا ً وصفا ً أو كمال ً من غيره وهو محال فضضي واجضضب‬
‫الوجود‪ .‬ولكن علمنا على قسمين‪ :‬علم شيء حصل من صضضورة ذلضضك الشضضيء‬
‫كعلمنا بصورة السماء والرض وعلم اخترعناه كشيء لم نشاهد صورته ولكن‬
‫صورناه في أنفسنا ثم أحدثناه‪ .‬فيكون وجضضود الصضضورة مسضضتفادا ً مضضن العلضضم ل‬
‫العلم من الوجود وعلم الول بحسب القسم الثاني فإن تمثل النظام في ذاته‬
‫سبب لفيضان النظام عن ذاته‪ ... .‬وليس هذا شأننا فإننا نحتاج مع العلضضم إلضضى‬
‫القدرة نعم لو كان مجرد حضور صورة نقش أو كتابة خط فضضي نفوسضضنا كافي ضا ً‬
‫في حدوث تلك الصورة لكان العلم بعينه منا هو القدرة بعينها والرادة بعينهضضا‪.‬‬
‫ولكنا لقصورنا فليس يكفي تصورنا ليجاد الصورة بل نحتاج مع ذلك إلى إرادة‬
‫متجددة تنبعث من قوة شضضوقية ليتحضضرك منهمضضا معضا ً القضضوة المحركضضة للعضضضل‬
‫والعصاب اللية‪ .‬فيتحضضرك بحركضضة العضضضل والعصضضاب اليضضد أو غيضضره ويتحضضرك‬
‫بحركته القلم أو آلة أخرى خارجضضة وتتحضضرك المضضادة بحركضضة القلضضم كالمضضادة أو‬
‫غيره ثم تحصل الصورة المتصورة في نفوسنا‪ .‬فلضضذلك لضضم يكضضن نفضضس وجضضود‬
‫هذه الصورة في نفوسضضنا قضضدرة ول إرادة بضضل كضضانت القضضدرة فينضضا عنضضد المبضضدأ‬
‫المحرك للعضل وهذه الصورة محركة لذلك المحضضرك الضضذي هضضو مبضضدأ القضضدرة‬
‫وليس كذلك في واجب الوجود فإنه ليس مركبا ً من أجسام تنبضضث القضضوى فضضي‬
‫أطرافه فكانت القدرة والرادة والعلم والضضذات منضضه واحضضدًا‪ ... .‬والحضضي‪ ...‬وإذا‬
‫قيل له‪ :‬حي لم يرد به إل أنه عالم عليمضا ً يفيضضض عنضه الموجضضود الضذي يسضمى‬
‫فعل ً له فإن الحي هو الفعال الدراك فيكضضون المضضراد بضضه ذاتضضه مضع إضضضافة إلضضى‬
‫الفعال على الوجه الذي ذكرناه ل كحياتنضضا فإنهضضا ل تتضضم إل بقضضوتين مختلفضضتين‬
‫ينبعضضث عنهمضضا الدراك والفعضضل فحيضضاته عيضضن ذاتضضه أيض ضًا‪ ... .‬والجضضواد الضضذي ل‬
‫يكتسب بجوده شيئا ً وإذا قيل له‪ :‬جواد أريد به أن يفيض عنضضه الكضضل ل لغضضرض‬
‫يرجع إليه‪ .‬والجود يتم بشيئين‪ :‬أحدهما أن يكون للمنعم فائدة فيما وهب منضضه‬
‫فلعل من يهب شيئا ً ممضضن هضضو مسضضتغن عنضضه ل يوصضضف بضضالجود‪ .‬والثضضاني أن ل‬
‫يحتاج الجواد إلى الجود فيكون إقدامه علضضى الجضضود لحاجضضة نفسضضه‪ .‬وكضضل مضضن‬
‫يجود ليمدح أو يثنى عليه أو يتخلص مضضن مذمضضة فهضضو مسضضتعيض وليضضس بجضضواد‬
‫وإنما الجود الحقيقي لله فإنه ليس يبغي به خلصا ً عن ذم ول كمضضال ً مسضضتفادا ً‬
‫بمدح‪ .‬فيكون الجواد اسما ً منضضبئا ً عضن وجضضوده مضع إضضافة إلضى الفعضل وسضلب‬
‫للغرض فل يؤدي إلى الكثرة في ذاتضضه‪ ... .‬والخيضضر المحضضض‪ ...‬وإذا قيضضل‪ :‬خيضضر‬
‫محض فإما أن يراد به وجوده بريئا ً عضضن النقضضص وإمكضضان العضضدم فضضإن الشضضر ل‬
‫ذات له بل يرجع إلى عدم جوهر أو عدم صلح حال الجوهر وإل فضضالوجود مضضن‬
‫حيث أنه وجود خير فيرجع هذا السم إلى السلب لمكان النقص والشر‪ .‬وقضضد‬
‫يقال‪ :‬خير لما هو سبب لنظام الشياء والول مبدأ لنظام كل شيء فهضضو خيضضر‬
‫ويكون السم دال ً على الوجود مع نوع إضضضافة‪ ... .‬وواجضضب الوجضضود وإذا قيضضل‪:‬‬
‫واجب الوجود فمعناه هذا الوجود مع سلب علة لوجوده وإحالة علة لعدمه أول ً‬
‫وآخرًا‪.‬‬
‫‪ ...‬والعاشق والمعشوق واللذيذ والملتضضذ وإذا قيضضل‪ :‬عاشضضق ومعشضضوق ولذيضضذ‬
‫وملتذ فمعناه هضضو أن كضضل جمضضال وبهضضاء وكمضضال فهضضو محبضضوب ومعشضضوق لضضذي‬
‫الكمال ول معنى للذة إل إدراك الكمال الملئم‪ .‬ومن عرف كمضضال نفسضضه فضضي‬
‫إحاطته بالمعلومات لو أحاط بها وفي جمال صورته وفي كمضضال قضضدرته وقضضوة‬
‫أعضائه وبالجملة إدراكه لحضور كل كمال هو ممكن لضضه لضضو أمكضضن أن يتصضضور‬
‫ذلك في إنسان واحد لكان محبا ً لكماله وملتذا ً بضضه وإنمضضا تنتقضضص لضضذته بتقضضدير‬
‫العدم والنقصان فإن السرور ل يتم بما يزول أو يخشى زواله والول له البهاء‬
‫الكمل والجمال التم إذ كل كمال هو ممكن لضه فهضو حاضضر لضه‪ .‬وهضو مضدرك‬
‫لذلك الكمال مع المن من إمكان النقصان والزوال‪ .‬والكمال الحاصل له فوق‬
‫كل كمال فإحبابه وعشقه لذلك الكمال فوق كل إحباب والتذاذه به فضضوق كضضل‬
‫التذاذ بل ل نسضضبة لضضذاتنا إليهضضا البتضضة بضضل هضضي أجضضل مضضن أن يعضضبر عنهضضا باللضضذة‬
‫والسرور والطيبة‪ .‬عدم وجود العبارات الخاصة إل أن تلك المعضضاني ليضضس لهضضا‬
‫عبارات عندنا فل بد من البعاد فضضي السضضتعارة كمضضا نسضضتعير لضضه لفضضظ المريضضد‬
‫والمختار والفاعل منا مع القطع ببعد إرادته عن إرادتنا وبعد قدرته وعلمه عن‬
‫قدرتنا وعلمنا ول بعد في أن يستبشع عبارة اللذة فيستعمل غيره‪.‬‬
‫اللضضه مغبضضوط وهضضو الخيضضر المحضضض والمقصضضود أن حضضالته أشضضرف مضضن أحضضوال‬
‫الملئكة وأحرى بأن يكون مغبوطا ً وحالة الملئكة أشرف من أحوالنضضا ولضضو لضضم‬
‫تكن لذة إل في شهوة البطن والفرج لكان حال الحمار والخنزير أشضضرف مضضن‬
‫حال الملئكة وليس لها لذة أي للمبادئ من الملئكة المجضضردة عضضن المضضادة إل‬
‫السرور بالشعور بما خص بهضضا مضضن الكمضضال والجمضضال الضضذي ل يخشضضى زوالضضه‪.‬‬
‫ولكن الذي للول فوق الذي للملئكة فضضإن وجضضود الملئكضضة الضضتي هضضي العقضضول‬
‫المجردة وجود ممكن في ذاته واجب الوجود بغيضضره وإمكضضان العضضدم نضضوع شضضر‬
‫ونقص فليس شيء بريئا ً عن كل شر مطلقا ً سوى الول فهضضو الخيضضر المحضضض‬
‫وله البهاء والجمال الكمل‪ .‬ثم هو معشوق عشقه غيره أو لم يعشقه كما أنضضه‬
‫عاقل ومعقول عقله غيره أو لم يعقله‪ .‬وكضضل هضضذه المعضضاني راجعضضة إلضضى ذاتضضه‬
‫وإلى إدراكه لذاته وعقله له وعقله لذاته هو عين ذاته فإنه عقل مجرد فيرجضضع‬
‫الكل إلى معنى واحد‪ .‬قولنا‪ :‬سضضنبين بضضذلك مضضا ل يصضضح علضضى أصضضلهم ومضضا هضضو‬
‫فاسد فهذا طريق تفهيم مذهبهم وهذه المور منقسمة إلى ما يجضضوز اعتقضضاده‬
‫فنبين أنه ل يصح على أصلهم وإلى ما ل يصضضح اعتقضضاده فنضضبين فسضضاده‪ .‬ولنعضضد‬
‫إلى المراتب الخمسة في أقسام الكثرة ودعواهم نفيهضضا ولنضضبين عجزهضضم عضضن‬
‫إقامة الدليل ولنرسم كل واحد مسألة على حيالها‪.‬‬
‫مسألة الفلسفة أجمعوا على نفي الصفات اتفقت الفلسضضفة علضضى اسضضتحالة‬
‫إثبات العلم والقدرة والرادة للمبدأ الول كما اتفقت المعتزلضضة عليضضه وزعمضضوا‬
‫أن هذه السامي وردت شرعا ً ويجوز إطلقها لغة ولكن ترجع إلى ذات واحدة‬
‫كما سبق ول يجوز إثبات صفات زائدة على ذاته كما يجوز في حقنضا أن يكضون‬
‫علمنا وقدرتنا وصفا ً لنا زائدا ً على ذاتنا‪ ... .‬لنها توجب الكثرة في الله وزعموا‬
‫أن ذلك يوجب كثرة لن هذه الصفات لو طرت علينا لكنا نعلم أنها زائدة على‬
‫الذات إذ تجددت ولو قدر مقارنا ً لوجودنا مضن غيضر تضأخر لمضا خضرج عضن كضونه‬
‫زائدا على الذات بالمقارنة‪ .‬فكل شيئين إذا طرى أحدهما على الخر وعلم أن‬
‫هذا ليس ذاك وذاك ليس هذا فلو اقترنضضا أيض ضا ً عقضضل كونهمضضا شضضيئين فضضإذن ل‬
‫تخرج هذه الصفات بأن تكون مقارنة لذات الول عضضن أن تكضضون أشضضياء سضضوى‬
‫الذات فيوجب ذلك كثرة في واجب الوجود وهضضو محضضال‪ .‬فلهضضذا أجمعضضوا علضضى‬
‫نفي الصفات‪ .‬قولنا‪ :‬ما المانع أن تكون الصفات مقارنضضة للضضذات فيقضضال لهضضم‪:‬‬
‫وبم عرفتم استحالة الكثرة من هذا الوجه وأنتم مخالفون من كافة المسلمين‬
‫سوى المعتزلة فما البرهان عليه فإن قول القائل‪ :‬الكضضثرة محضضال فضضي واجضضب‬
‫الوجود مع كون الذات الموصوفة واحدة يرجع إلى أنه يستحيل كثرة الصضضفات‬
‫وفيه النزاع‪ .‬وليس استحالته معلومة بالضرورة فل بد من البرهان‪.‬‬
‫قولهم إما أن يستغني كل واحد من الصفة والموصضضو عضضن الخ أو يفتقضضر كضضل‬
‫واحضضد إلضضى الخضضر أو يسضضتغني واحضضد عضضن الخ ولهضضم مسضضلكان‪ :‬الول قضضولهم‪:‬‬
‫البرهان عليه أن كل واحد من الصفة والموصوف إذا لم يكن هذا ذاك ول ذاك‬
‫هذا فإما أن يستغني كل واحد عن الخر في وجضضوده أو يفتقضر كضل واحضد إلضى‬
‫الخر أو يستغني واحد عن الخر ويحتاج الخر‪ .‬فإن فرض كل واحضضد مسضضتغنيا ً‬
‫فهما واجبا وجود وهو التثنية المطلقة وهضضو محضضال‪ .‬وإمضضا أن يحتضضاج كضضل واحضضد‬
‫منهما إلى الخر فل يكون واحد منهما واجب الوجود إذ معنى واجب الوجود ما‬
‫قوامه بذاته وهو مستغن من كل وجه عن غيضضره فمضضا احتضضاج إلضضى غيضضره فضضذك‬
‫الغير علته إذ لو رفع ذلك الغير لمتنع وجوده فل يكون وجوده من ذاته بل من‬
‫غيضضره‪ .‬وإن قيضضل‪ :‬أحضضدهما يحتضضاج دون الخضضر فالضضذي يحتضضاج معلضضول والضضواجب‬
‫الوجود هو الخر ومهما كان معلول ً افتقر إلى سبب فيؤدي إلى أن ترتبط ذات‬
‫واجب الوجود بسبب‪ .‬قولنا المختار من هذه القسام هضضو القسضضم الخيضضر هضضذا‬
‫وإنكم ل تنفون القسم الول والعتراض على هذا أن يقال‪ :‬المختضار مضن هضذه‬
‫القسام هو القسم الخير‪ .‬ولكن إبطالكم القسم الول وهضضو التثنيضضة المطلقضضة‬
‫قد بينا أنه ل برهان لكم عليهضضا فضضي المسضضألة الضضتي قبضضل هضضذه وأنهضضا ل تتضضم إل‬
‫بالبناء على نفضضي الكضضثرة فضضي هضضذه المسضضألة ومضضا بعضضدها‪ .‬فمضضا هضضو فضضرع هضضذه‬
‫المسألة كيف تنبنى هذه المسألة عليضضه ولكضضن المختضضار أن يقضضال‪ :‬الضضذات فضضي‬
‫قوامه غير محتاج إلى الصفات والصفة محتاجة إلى الموصوف كما في حقنضضا‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬المحتاج إلى غيره ل يكون واجب الوجضضود فيبقضضى قضضولهم‪ :‬إن المحتضضاج‬
‫إلى غيره ل يكون واجب الوجود‪ .‬قولنا‪ :‬الصفة قديمة ل فاعل لهضضا فيقضضال‪ :‬إن‬
‫أردت بواجب الوجود أنه ليس له علة فاعلية فلم قلت ذلضضك ولضضم اسضضتحال أن‬
‫يقال‪ :‬كما أن ذات واجب الوجود قديم ل فاعل له فكذلك صضضفته قديمضضة معضضه‬
‫ول فاعل لها وإن أردت بواجب الوجود أن ل يكون لضضه علضضة قابليضضة فهضضو ليضضس‬
‫بواجب الوجود على هذا التأويل ولكنه مع هذا قديم ل فاعل لضضه‪ .‬فمضضا المحيضضل‬
‫لذلك قولهم‪ :‬هي معلولة فإن قيل‪ :‬واجب الوجود المطلق هو الضضذي ليضضس لضضه‬
‫ل‪ .‬قلنا‪:‬‬‫علة فاعلية ول قابلية‪ .‬فإذا سلم أن له علة قابلية فقد سلم كونه معلو ً‬
‫تسمية الذات القابلة علة قابلية من اصطلحكم والدليل لضضم يضضدل علضضى ثبضضوت‬
‫واجب وجود بحكم اصطلحكم وإنما دل على إثبات طرف ينقطع بضضه تسلسضضل‬
‫العلل والمعلولت ولم يدل إل على هذا القدر وقطع التسلسضضل ممكضضن بواحضضد‬
‫له صفات قديمة ل فاعل لها كما ل فاعل لذاته ولكنها تكون متقررة في ذاته‪.‬‬
‫فليطرح لفظ واجب الوجود فإنه ممكن التلبس فيه فإن البرهضضان لضضم يضضدل إل‬
‫على قطع التسلسل ولم يدل على غيره البتة‪ .‬فدعوى غيره تحكم‪ .‬قضضولهم‪ :‬ل‬
‫في العلل القابلية فإن قيل‪ :‬كما يجب قطع التسلسل في العلة الفاعلية يجب‬
‫قطعها في القابلية إذ لو افتقر كل موجود إلى محل يقوم فيه وافتقضضر المحضضل‬
‫أيضا ً للزم التسلسل كما لو افتقر كل موجود إلى علضضة وافتقضضرت العلضضة أيض ضا ً‬
‫إلى علة‪ .‬قولنضضا‪ :‬يكفضضي أن ينقطضضع التسلسضضل بالضضذات قلنضضا‪ :‬صضضدقتم فل جضضرم‬
‫قطعنا هذا التسلسل أيضا ً وقلنا‪ :‬إن الصفة في ذاته وليضضس ذاتضضه قائمضا ً بغيضضره‬
‫كما أن علمنا في ذاتنا وذاتنا محل له وليس ذاتنضضا فضضي محضضل‪ .‬فالصضضفة انقطضضع‬
‫تسلسل علتها الفاعلية مع الذات إذ ل فاعل لهضا كمضا ل فاعضل للضذات بضل لضم‬
‫تزل الذات بهذه الصفة موجودة بل علة له ول لصفته‪ .‬وأما العلضضة القابليضضة لضضم‬
‫ينقطع تسلسلها إل على الذات‪ .‬ومن أين يلزم أن ينتفضضي المحضضل حضضتى تنتفضضي‬
‫العلة والبرهان ليس يضطر إل إلى قطع التسلسل‪ .‬فكضل طريضق أمكضن قطضع‬
‫التسلسل به فهو وفاء بقضية البرهان الداعي إلى واجب الوجود‪.‬‬
‫واجب الوجود ما ليس له علة فاعلية وإن أريد بضضواجب الوجضضود شضضيء سضضوى‬
‫موجود ليس له علة فاعلية حتى ينقطع به التسلسل فل نسلم أن ذلك واجضضب‬
‫ل‪ .‬ومهما اتسع العقل لقبول موجود قديم ل علة لوجوده اتسع لقبول قديم‬ ‫أص ً‬
‫موصوف ل علة لوجوده في ذاته وفي صفاته جميعًا‪ .‬قولهم‪ :‬تكون الذات علة‬
‫العلم المسلك الثاني قولهم‪ :‬إن العلم والقدرة فينا ليس داخل ً في ماهية ذاتنا‬
‫بل هو عارض‪ .‬وإذا أثبت هذه الصضضفات للول لضم يكضن أيضضا ً داخل ً فضضي ماهيضة‬
‫ذاته بل كان عارضا ً بالضافة إليه وإن كان دائما ً له‪ .‬ورب عضضارض ل يفضضارق أو‬
‫يكون لزما ً لماهية ول يصير بضذلك مقومضا ً لضذاته‪ .‬وإذا كضان عارضضا ً كضان تابعضا ً‬
‫للذات وكان الذات سببا ً فيه فكان معلول ً فكيف يكون واجب الوجود وهذا هضضو‬
‫الول مع تغيير عبارة‪ .‬فنقول‪ :‬إن عنيتم بكونه تابعا ً للذات وكون الضضذات سضضببا ً‬
‫له أن الذات علة فاعلية له وأنه مفعول للذات فليس كضضذلك فضضإن ذلضضك ليضضس‬
‫يلزم في علمنا بالضافة إلضضى ذاتنضضا إذ ذواتنضضا ليسضضت بعلضضة فاعلضضة لعلمنضضا‪ .‬وإن‬
‫عنيتم أن الذات محل وأن الصفة ل تقوم بنفسها في غيضضر محضضل فهضضذا مسضضلم‬
‫فلم يمتنع هذا‪ .‬فبأن يعبر عنه بالتابع أو العارض أو المعلول أو ما أراده المعبر‬
‫لم يتغير المعنى إذا لم يكضضن المعنضضى سضضوى أنضضه قضضائم بالضضذات قيضضام الصضضفات‬
‫بالموصوفات ولم يستحيل أن يكضضون قائمضا ً فضضي ذات وهضضو مضضع ذلضضك قضضديم ول‬
‫فاعل له‪.‬‬
‫فإن أريد هذا المعنى فليعبر عنه بغير عبارة فكل أدلتهم تهويل بتقبيح العبارة‬
‫بتسميته ممكنا ً وجائزا ً وتابعا ً ولزما ً ومعلول ً وإن ذلك مستنكر‪ .‬فيقال‪ :‬إن أريد‬
‫بذلك أن له فاعل ً فليس كذلك‪ .‬وإن لم يضضرد بضضه إل أنضضه ل فاعضضل لضضه ولكضضن لضضه‬
‫محل هو قائم فيه فليعبر عن هذا المعنى بضضأي عبضضارة أريضضد فل اسضضتحالة فيضضه‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬هذا يؤدي إلى أن يكون الول محتاجا ً إلى الصفات وربما هولوا بتقبيضضح‬
‫العبارة من وجه آخر فقالوا‪ :‬هذا يؤدي إلى أن يكضضون الول محتاج ضا ً إلضضى هضضذه‬
‫قولنا‪ :‬بها يتم له الكمال! وهذا كلم وعظضضي فضضي غايضضة الركاكضضة فضضإن صضضفات‬
‫الكمال ل تباين ذات الكامل حتى يقال‪ :‬إنه محتاج إلى غيره‪ .‬فإذا لضضم يضضزل ول‬
‫يزال كامل ً بالعلم والقدرة والحياة فكيف يكون محتاجا ً أو كيف يجضضوز أن يعضضبر‬
‫عن ملزمة الكمال بالحاجة وهو كقول القائل‪ :‬الكامل من ل يحتاج إلى كمضضال‬
‫فالمحتاج إلى وجود صفات الكمال لذاته ناقص فيقال‪ :‬ل معنى لكونه كامل ً إل‬
‫وجود الكمال لذاته‪ .‬فكضذلك ل معنضى لكضونه غنيضا ً إل وجضود الصضفات المنافيضة‬
‫للحاجات لذاته‪ .‬فكيف تنكر صفات الكمضضال الضضتي بهضضا تتضضم اللهيضضة بمثضضل هضضذه‬
‫التخييلت اللفظية قولهم‪ :‬فيحتاج إلى مركب فليس هو جسضضما ً فضضإن قيضضل‪ :‬إذا‬
‫أثبتم ذاتا ً وصفة وحلول ً للصفة بالضضذات فهضضو تركيضضب وكضضل تركيضضب يحتضضاج إلضضى‬
‫مركب ولذلك لم يجز أن يكضضون الول جسضضما ً لنضضه مركضضب‪ .‬قولنضضا‪ :‬كلضضه قضضديم‬
‫الجسم حادث قلنا‪ :‬قول القائل‪ :‬كضضل تركيضضب يحتضضاج إلضضى مركضضب كقضضوله‪ :‬كضضل‬
‫موجود يحتاج إلى موجد فيقال له‪ :‬الول موجضضود قضضديم ل علضضة لضضه ول موجضضد‪.‬‬
‫فكذلك يقال‪ :‬هو موصوف قديم ول علة لذاته ول لصفته ول لقيام صفته بذاته‬
‫بل الكل قديم بل علة‪ .‬وأمضضا الجسضضم فإنمضضا لضضم يجضضز أن يكضضون هضضو الول لنضضه‬
‫حادث من حيث أنه ل يخلوا عن الحوادث ومضضن لضضم يثبضضت لضضه حضضدوث الجسضضم‬
‫يلزمه أن يجوز أن تكون العلة الولى جسما ً كما سنلزمه عليكم من بعد‪.‬‬
‫فالدلة باطلة وكل مسالكهم في هذه المسألة تخييلت‪ .‬ل يقدرون رد الجميع‬
‫إلى نفس الذات ثم إنهم ل يقدرون على رد جميع ما يثبتونه إلى نفس الذات‪.‬‬
‫فإنهم أثبتوا كونه عالما ً ويلزمهم أن يكون ذلك زائدا ً على مجرد الوجود فيقال‬
‫لهم‪ :‬أتسلمون أن الول يعلم غير ذاته ومنهم من يسلم ذلك ومنهم من قضضال‪:‬‬
‫ل يعلم إل ذاته‪ .‬علمه بالكليات‪ ...‬فأما الول فهو الذي اختاره ابن سينا‪ .‬فضضإنه‬
‫زعم أنه يعلم الشياء كلها بنوع كلي ل يدخل تحت الزمان ول يعلضضم الجزئيضضات‬
‫التي يوجب تجدد الحاطة بها تغيرا ً في ذات العالم‪ .‬فنقول‪ :‬علم الول بوجضضود‬
‫كل النواع والجناس التي ل نهاية لها عين علمه بنفسه أو غيضضره‪ .‬فضضإن قلتضضم‪:‬‬
‫إنه غيره فقد أثبتم كثرة ونقضتم القاعدة‪ .‬وإن قلتم‪ :‬إنه عينه لم تتميزوا عضضن‬
‫من يدعي أن علم النسان ‪ ...‬غير علمه بذاته وقيضضل‪ :‬حضضد الشضضيء الواحضضد أن‬
‫يستحيل في الوهم الجمع فيه بين النفي والثبات‪ .‬فالعلم بالشيء الواحد لمضضا‬
‫كان شيئا ً واحدا ً استحال أن يتوهم في حالة واحدة موجودا ً ومعدوما ً ولمضضا لضضم‬
‫يستحل في الوهم أن يقدر علضضم النسضضان بنفسضضه دون علمضضه بغيضضره قيضضل‪ :‬إن‬
‫علمه بغيره غير علمه بنفسه إذ لو كان هو هو لكان نفيه نفيا ً له وإثبضضاته إثبات ضا ً‬
‫له إذ يستحيل أن يكون زيد موجودا ً وزيد معضضدوما ً أعنضضي هضضو بعينضضه فضضي حالضضة‬
‫واحدة ول يستحيل مثل ذلك في العلم بالغير مع العلم بنفسه‪ .‬وكذى في علم‬
‫الول بذاته مع علمه بغيره إذ يمكن أن يتوهم وجود أحضضدهما دون الخضضر فهمضضا‬
‫إذن شيئان‪ .‬ول يمكن أن يتوهم وجود ذاتضضه دون وجضضود ذاتضضه‪ .‬فلضضو كضضان الكضضل‬
‫ل‪ .‬فكل من اعترف من الفلسفة بأن الول يعرف‬ ‫كذلك لكان هذا التوهم محا ً‬
‫غير ذاته فقد أثبت كثرة ل محالة‪.‬‬

‫قولهم كونه يعلم ذاته مبدأ للكل يؤدي إلضضى أن يعلضضم الشضضياء بالقصضضد الثضضاني‬
‫فإن قيل‪ :‬هو ل يعلم الغير بالقصد الول بل يعلم ذاته مبدأ للكل فيلزمه العلم‬
‫بالكل بالقصد الثاني إذ ل يمكضضن أن يعلضضم ذاتضضه إل مبضضدأ فضضإنه حقيقضضة ذاتضضه ول‬
‫يمكن أن يعلم ذاته مبدأ لغيضضره إل ويضضدخل الغيضضر فضضي علمضضه بطريضضق التضضضمن‬
‫واللزوم ول يبعد أن يكون لذاته لوازم‪ .‬وذلك ل يوجب كثرة في ماهيضضة الضضذات‬
‫وإنما يمتنع أن يكون في نفس الذات كثرة‪ .‬قولنا‪ :‬علمه بوجود ذاته غير علمه‬
‫بكونه مبدأ للكل والجواب مضضن وجضضوه‪ :‬الول أن قضضولكم‪ :‬إنضضه يعلضضم ذاتضضه مبضضدأ‬
‫تحكم بل ينبغي أن يعلم وجود ذاته فقط‪ .‬فأمضضا العلضضم بكضضونه مبضضدأ يزيضضد علضضى‬
‫العلضضم بضضالوجود لن المبدئيضضة إضضضافة للضضذات ويجضضوز أن يعلضضم الضضذات ول يعلضضم‬
‫إضافته ولو لم تكن المبدئية إضافة لتكثر ذاته وكضضان لضضه وجضضود ومبدئيضضة وهمضضا‬
‫شيئان‪ .‬وكما يجوز أن يعرف النسان ذاته ول يعلم كونه معلضضول ً إلضضى أن يعلضضم‬
‫لن كونه معلول ً إضافة له إلى علته فكذلك كونه علة إضافة لضضه إلضضى معلضضوله‪.‬‬
‫فاللزام قضضائم فضضي مجضضرد قضضولهم‪ :‬إنضضه يعلضضم كضضونه مبضضدأ إذ فيضضه علضضم بالضضذات‬
‫وبالمبدئية وهو الضافة والضافة غير الذات فالعلم بالضافة غير العلم بالذات‬
‫بالضضدليل الضضذي ذكرنضضاه وهضضو أنضضه يمكضضن أن يتضضوهم العلضضم بالضضذات دون العلضضم‬
‫بالمبدئيضضة ول يمكضضن أن يتضضوهم العلضضم بالضضذات دون العلضضم بالضضذات لن الضضذات‬
‫واحدة‪.‬‬
‫هناك معلومان فهناك علمان الوجه الثاني هو أن قولهم‪ :‬إن الكل معلضضوم لضضه‬
‫بالقصد الثاني كلم غير معقول فإنه مهما كان علمه محيطا ً بغيره كمضضا يحيضضط‬
‫بذاته كان له معلومان متغايران وكان لضضه علضضم بهمضضا وتعضضدد المعلضضوم وتغضضايره‬
‫يوجب تعدد العلم إذ يقبل أحد المعلضضومين الفصضضل عضضن الخضضر فضضي الضضوهم فل‬
‫يكون العلم بأحدهما عين العلم بالخر إذ لو كضضان لتعضضذر تقضضدير وجضضود أحضضدهما‬
‫دون الخر وليس ثم آخر مهما كان الكل واحدًا‪ .‬فهذا ل يختلف بضضأن يعضضبر عنضضه‬
‫بالقصد الثاني‪ .‬الكليات ل تتناهى! ثم ليت شعري كيف يقدم على نفي الكثرة‬
‫من يقول‪ :‬إنه ل يعزب عن علمه مثقال ذرة في السضضموات ول فضضي الرض إل‬
‫أنه يعضضرف الكضضل بنضضوع كلضي والكليضضات المعلومضضة لضضه ل تتنضضاهى فيكضضون العلضضم‬
‫المتعلق بها مع كثرتها وتغايرها واحدا ً من كل وجضضه‪ .‬فضضابن سضضينا ل يحضضترز مضضن‬
‫لزوم " الكثرة " وقد خالف ابن سينا في هذا غيره من الفلسفة الضذين ذهبضوا‬
‫إلى أنه ل يعلم إل نفسه احترازا ً من لزوم الكثرة‪ .‬فكيضضف شضضاركهم فضضي نفضضي‬
‫الكثرة ثم باينهم في إثبات العلم بالغير ولما استحيا أن يقال‪ :‬إن اللضضه ل يعلضضم‬
‫شيئا ً أصل ً في الدنيا والخرة وإنما يعلم نفسه فقط وأما غيره فيعرفه ويعرف‬
‫أيضا ً نفسه وغيره فيكون غيره أشرف منه في العلم‪ .‬فترك هذا حياء من هضضذا‬
‫المذهب واستنكافا ً منه ثم لم يستحي من الصرار على نفي الكضضثرة مضضن كضضل‬
‫وجه وزعم أن علمه بنفسه وبغيره بل وبجميع الشياء هو ذاته مضضن غيضضر مزيضضد‬
‫وهو عين التناقض الذي استحيا منه سائر الفلسفة لظهور التنضضاقض فيضضه فضضي‬
‫أول النظر‪ .‬فإذن ليس ينفك فريق منهم عن خزي في مضضذهب وهكضضذى يفعضضل‬
‫الله بمن ضل عن سبيله وظن أن المور اللهية يسضضتولي علضضى كنههضضا بنظضضره‬
‫وتخييله‪ .‬قولهم‪ :‬العلم يكون بمعرفة واحدة‪ :‬علم الب والبن‪ ...‬فإن قيضضل‪ :‬إذا‬
‫ثبت أنه يعرف نفسه مبدأ على سبيل الضافة فالعلم بالمضضضاف واحضضد إذ مضضن‬
‫عرف البن عرفه بمعرفضة واحضدة وفيضه العلضم بضالب وبضالبوة والبنضوة ضضمنا ً‬
‫فيكثر المعلوم ويتحد العلم‪ .‬فكذلك هو يعلم ذاته مبدأ لغيره فيتحد العلضضم وإن‬
‫تعدد المعلوم‪ .‬ثم إذا عقل هذا في معلول واحد وإضافته إليه ولم يوجب ذلضضك‬
‫كثرة فالزيادة فيما ل يوجب جنسضضه كضضثرة ل تضضوجب كضضثرة‪ .‬العلضضم يكضضون بعلضضم‬
‫الشيء وبعلم العلم بالشيء وكذلك من يعلضضم الشضضيء ويعلضضم علمضضه بالشضضيء‬
‫فإنه يعلمه بذلك العلم‪ .‬فكل علم هو علم بنفسه تقولون‪ :‬إن معلومات الله ل‬
‫نهاية لها وعلمه واحد ويدل عليه أيضا ً أنكم ترون أن معلومات الله ل نهاية لها‬
‫وعلمه واحد ول تصفونه بعلوم ل نهاية لعدادها‪ .‬فإن كان تعدد المعلوم يوجب‬
‫تعدد ذات العلم فليكن في ذات الله علوم ل نهاية لعدادها وهذا محال‪ .‬قولنا‪:‬‬
‫يقتضي ذلك كثرة أكثر مما إذا أضيف وجود إلى ماهية قلنا‪ :‬مهمضضا كضضان العلضضم‬
‫واحدا ً من كل وجه لم يتصور تعلقه بمعلومين بل يقتضي ذلك كثرة ما على ما‬
‫هو وضع الفلسفة واصطلحهم في تقدير الكثرة حتى بضالغوا فقضالوا‪ :‬لضو كضان‬
‫للول ماهية موصوفة بالوجود لكان لذلك كضضثرة‪ .‬فلضضم يعقلضضوا شضضيئا ً واحضضدا ً لضضه‬
‫حقيقية ثم يوصف بالوجود بل زعمضضوا أن الوجضضود مضضضاف إلضضى الحقيقضضة وهضضو‬
‫غريه فيقتضي كثرة‪ .‬فعلى هذا الوجه ل يمكضضن تقضضدير علضضم يتعلضضق بمعلومضضات‬
‫كثيرة إل ويلزم فيه نوع كثرة أجلى وأبلغ من اللزم في تقضضدير وجضضود مضضضاف‬
‫إلى ماهية‪ .‬القول الول باطضضل‪ ...‬وأمضا العلضضم بضالبن وكضضذى سضضائر المضضضافات‬
‫ففيه كثرة إذ ل بد من العلم بذات البن وذات الب وهما علمان‪ .‬وعلضضم ثضضالث‬
‫وهو الضافة‪ .‬نعم هذا الثالث مضمن بالعلمين السضضابقين إذ همضضا مضضن شضضرطه‬
‫وضرورته وإل فما لم يعلم المضاف أول ً ل تعلم الضافة‪ .‬فهضضي علضضوم متعضضددة‬
‫بعضها مشروطة في البعضضض‪ .‬فكضضذلك إذا علضضم الول ذاتضضه مضضضافا ً إلضضى سضضائر‬
‫الجناس والنواع بكونه مبدأ لها افتقر إلى أن يعلم ذاتضضه وآحضضاد الجنضضاس وأن‬
‫يعلم إضافة نفسه بالمبدئية إليها وإل لم يعقل كضضون الضضضافة معلومضضة لضضه‪... .‬‬
‫والثاني أيضًا‪ ...‬وأما قولهم‪ :‬إن من علضم شضيئا ً علضم كضونه عالمضا ً بضذلك العلضم‬
‫بعينه فيكون المعلوم متعددا ً والعلم واحدا ً فليس كذلك بل يعلضضم كضضونه عالم ضا ً‬
‫بعلم آخر وينتهي إلى علم يغفل عنه ول يعلمه‪ .‬ول نقول‪ :‬يتسلسضضل إلضضى غيضضر‬
‫نهاية بل ينقطع على علم متعلق بمعلومه وهو غافل عضضن وجضضود العلضضم ل عضضن‬
‫وجود المعلوم كالضضذي يعلضضم السضضواد وهضضو فضضي حضضال علمضضه مسضضتغرق النفضضس‬
‫بمعلومه الذي هو سواد وغافضضل عضضن علمضضه بالسضضواد وليضضس ملتفتضا ً إليضضه فضضإن‬
‫التفت إليه افتقر إلى علم آخر إلى أن ينقطع التفاته‪ ... .‬وأما الثضضالث فعليكضضم‬
‫البرهان وأما قولهم‪ :‬إن هذا ينقلب عليكم في معلومات الله فإنها غير متناهية‬
‫والعلم عندكم واحد فنقول‪ :‬نحن لم نخض في هضضذا الكتضضاب خضضوض الممهضضدين‬
‫بل خضضوض الهضادمين المعترضضضين ولضضذلك سضضمينا الكتضضاب‪ :‬تهضافت الفلسضفة ل‬
‫تمهيد الحق‪ .‬فليس يلزمنا هذا الجواب‪ .‬قولهم‪ :‬في المر إشضضكال علضضى جميضضع‬
‫الفرق فإن قيل‪ :‬إنا ل نلزمكم مذهب فرقة معينة من الفرق‪ .‬فأمضا مضضا ينقلضضب‬
‫على كافة الخلق وتسضضتوي القضضدام فضضي إشضضكاله فل يجضضوز لكضضم إيضضراده وهضضذا‬
‫الشكال منقلب عليكضضم ول محيضضص لحضضد مضضن الفضضرق عنضضه‪ .‬قولنضضا‪ :‬المقصضضود‬
‫تشكيككم في دعاويكم قلنضا‪ :‬ل بضضل المقصضود تعجيزكضضم عضن دعضواكم معرفضة‬
‫حقائق المور بضالبراهين القطعيضضة وتشضضكيككم فضي دعضاويكم‪ .‬أنتضضم تعترضضضون‬
‫على المؤمنين بالرسول‪ ...‬وإذا ظهر عجزكم ففي الناس مضضن يضضذهب إلضضى أن‬
‫حقائق المور اللهية ل تنال بنظضضر العقضضل بضضل ليضضس فضضي قضضوة البشضضر الطلع‬
‫عليه‪ .‬ولذلك قال صاحب الشرع‪ :‬تفكروا في خلق اللضضه ول تتفكضضروا فضضي ذات‬
‫الله‪ .‬فما إنكاركم على هذه الفرقة المعتقدة صدق الرسضضول بضضدليل المعجضضزة‬
‫المقتصرة من قضية العقل على إثبات ذات المرسل المحترزة عن النظر في‬
‫الصفات بنظر العقل المتبعة صضضاحب الشضضرع فيمضضا أتضضى بضضه مضضن صضضفات اللضضه‬
‫المقتفية أثره في إطلق العالم والمريد والقادر والحي المنتهية عن إطلق ما‬
‫لم يؤذن فيه المعترفة بالعجز عن درك العقل‪ ... .‬ونحن نعترض عليكم! وإنما‬
‫إنكاركم عليهم بنسبتهم إلى الجهل بمسالك البراهين ووجه ترتيب المقضضدمات‬
‫على أشكال المقاييس ودعواكم أنا قد عرفنا ذلك بمسضضالك عقليضضة‪ .‬وقضضد بضضان‬
‫عجزكم وتهافت مسالككم وافتضاحكم في دعوى معرفتكم وهو المقصود من‬
‫هذا البيان‪ .‬فأين من يدعي أن براهيضضن اللهيضضات قاطعضضة كضضبراهين الهندسضضيات‬
‫قولهم‪ :‬الول لم يعلم إل نفسه فإن قيل‪ :‬هذا الشكال إنما لزم على ابن سينا‬
‫حيث زعم أن الول يعلم غيره‪ .‬فأما المحققون من الفلسفة قد اتفقضضوا علضضى‬
‫أنه ل يعلم إل نفسه فيندفع هذا الشكال‪ .‬قولنضضا‪ :‬كضضل واحضضد مضضن العقلء يعلضضم‬
‫أشياء كثيرة! فنقول‪ :‬ناهيكم خزيا ً بهذا المذهب ولول أنه في غاية الركاكة لما‬
‫استنكف المتأخرون عن نصرته‪ .‬ونحن ننبه علضضى وجضضه الخضضزي فيضضه فضضإن فيضضه‬
‫تفضيل معلولته عليه إذ الملك والنسان وكل واحد مضضن العقلء يعضضرف نفسضضه‬
‫ومبدأه ويعرف غيره والول ل يعرف إل نفسه فهو ناقص بالضضضافة إلضضى آحضضاد‬
‫الناس فضل ً عن الملئكة بل البهيمة مضضع شضضعورها بنفسضضها تعضضرف أمضضورا ً أخضضر‬
‫سواها‪ .‬ول شك فضي أن العلضم شضرف وان عضدمه نقصضان‪ .‬فضأين قضولهم‪ :‬إنضه‬
‫عاشق ومعشوق لن له البهاء الكمل والجمال التم وأي جمال لوجود بسضضيط‬
‫ل ماهية له ول حقيقة ول خبر لضضه ممضضا يجضضري فضضي العضضالم ول ممضضا يلضضزم ذاتضضه‬
‫ويصدر منه وأي نقصان في عالم الله يزيد على هذا بلغ الفلسفة هذا المبلضضغ!‬
‫وليتعجب العاقل من طائفة يتعمقون في المعقولت بزعمهضضم ثضضم ينتهضضي آخضضر‬
‫نظرهم إلى أن رب الرباب ومسبب السباب ل علم له أصضل ً بمضضا يجضضري فضضي‬
‫العالم‪ .‬وأي فرق بينه وبين الميت إل في علمه بنفسضضه وأي كمضضال فضضي علمضضه‬
‫بنفسه مع جهله بغيره وهذا مذهب تغني صورته فضضي الفتضضضاح عضضن الطنضضاب‬
‫واليضاح‪.‬‬
‫الذات غير العلم بالذات كما في النسان ثم يقضضال لهضضؤلء‪ :‬لضضم تتخلصضضوا عضضن‬
‫الكثرة مع اقتحام هذه المخازي أيضا ً فإنا نقول‪ :‬علمه بذاته عين ذاتضضه أو غيضضر‬
‫ذاته‪ .‬فإن قلتم‪ :‬إنه غيره فقد جاءت الكثرة وإن قلتم‪ :‬إنضضه عينضضه فمضضا الفصضضل‬
‫بينكم وبين قائل‪ :‬إن علم النسان بذاته عين ذاته وهو حماقضضة إذ يعقضضل وجضضود‬
‫ذاته في حالة هو فيها غافضل عضن ذاتضه ثضم تضضزول غفلتضه ويتنبضضه لضذاته فيكضضون‬
‫شعوره بذاته غير ذاته ل محالة‪ .‬قولهم‪ :‬النسان قد يطرى عليه العلم فيكضضون‬
‫غيره فإن قلتم‪ :‬إن النسان قد يخلوا عضن العلضضم بضذاته فيطضضرى عليضه فيكضضون‬
‫غيره ل محالة‪ .‬قولنا‪ :‬يقدر طريان الذات فنقول‪ :‬الغيريضضة ل تعضضرف بالطريضضان‬
‫والمقارنة فإن عين الشيء ل يجوز أن يطرى علضضى الشضضيء وغيضضر الشضضيء إذا‬
‫قارن الشيء لم يصر هو هو ولم يخرج عضن كضضونه غيضضرًا‪ .‬فبضضأن كضان الول لضضم‬
‫يزل عالما ً بذاته ل يدل على أن علمه بضضذاته عيضضن ذاتضضه ويتسضضع الضضوهم لتقضضدير‬
‫الذات ثم طريان الشعور‪ .‬ولو كان هضضو الضضذات بعينضضه لمضضا تصضضور هضضذا التضضوهم‪.‬‬
‫قولهم‪ :‬ذاته عقل وعلم‪ ...‬فإن قيل‪ :‬ذاته عقل وعلم فليضضس لضضه ذات ثضضم علضضم‬
‫قائم به‪ .‬قولنا‪ :‬يردون الله إلى حقائق الغراض!‪ ...‬قلنا‪ :‬الحماقة ظاهرة فضضي‬
‫هذا الكلم فإن العلم صفة وعرض يستدعي موصوفا ً وقضضول القضضائل‪ :‬هضضو فضضي‬
‫ذاته عقل وعلم كقوله‪ :‬هو قدرة وإرادة وهو قائم بنفسضضه‪ .‬ولضضو قيضضل‪ :‬بضضه فهضضو‬
‫كقول القائل في سواد وبياض‪ :‬إنه قائم بنفسه وفي كمية وتربيع وتثليث‪ :‬إنضضه‬
‫قائم بنفسضه‪ .‬وكضذى فضي كضل العضراض‪ .‬وبضالطريق الضذي يسضتحيل أن تقضوم‬
‫صفات الجسام بنفسها دون جسم هو غير الصفات بعين ذلضضك الطريضضق يعلضضم‬
‫أن صفات الحياء من العلضضم والحيضضاة والقضضدرة والرادة أيضضا ً ل تقضضوم بنفسضضها‬
‫وإنمضضا تقضضوم بضضذات‪ .‬فالحيضضاة تقضضوم بالضضذات فيكضضون حيضضاته بهضضا وكضضذلك سضضائر‬
‫الصضضفات‪ .‬فضإذن لضضم يقنعضوا بسضلب الول سضضائر الصضضفات ول بسضلبه الحقيقضضة‬
‫والماهيضضة حضضتى سضضلبوه أيضضضا ً القيضضام بنفسضضه وردوه إلضضى حقضضائق العضضراض‬
‫والصفات التي ل قوام لها بنفسها‪ ... .‬ول يقيمون الدليل علضضى كضضونه عالم ضًا‪...‬‬
‫وسنبين ذلك على أنا سنبين بعد هضضذا عجزهضضم عضضن إقامضضة الضضدليل علضضى كضضونه‬
‫عالما ً بنفسه وبغيره في مسألة مفردة‪ .‬مسألة في إبطضضال قضضولهم أن الول ل‬
‫يجوز أن يشارك غيره في جنس ويفارقه بفصل وأنضضه ل يتطضضرق إليضضه انقسضضام‬
‫في حق العقل بالجنس رأيهضضم وقضضد اتفقضضوا علضضى هضضذا وبنضضوا عليضضه أنضضه إذا لضضم‬
‫يشارك غيره بمعنى جنسي لم ينفصل عنه بمعنى فصلي فلم يكضضن لضضه حضضد إذ‬
‫الحد ينتظم من الجنس والفصل وما ل تركيب فيه فل حد لضضه‪ .‬وهضضذا نضضوع مضضن‬
‫التركيب‪ .‬وزعموا أن قول القائل‪ :‬أنه يساوي المعلول الول في كونه موجودا ً‬
‫وجوهرا ً وعلة لغيضضره ويبضضاينه بشضيء آخضضر ل محالضضة فليضضس هضضذا مشضاركة فضضي‬
‫الجنس بل هو مشاركة في لزم عام‪ .‬في الجنس وفرق بيضضن الجنضضس واللزم‬
‫في الحقيقة وإن لضم يفترقضا فضي العمضوم علضى مضا عضرف فضي المنطضق فضإن‬
‫الجنس الذاتي هو العام المقول في جواب ما هو ويضضدخل فضضي ماهيضضة الشضضيء‬
‫المحدود ويكون مقوما ً لذاته‪ .‬فكون النسضضان حي ضا ً داخضضل فضضي ماهيضضة النسضضان‬
‫أعني الحيوانية فكان جنسضًا‪ .‬وكضضونه مولضضودا ً ومخلوقضا ً لزم لضضه ل يفضضارقه قضضط‬
‫ولكنه ليس داخل ً في الماهية‪ .‬وإن كان لزما ً عاما ً ويعرف ذلضضك فضضي المنطضضق‬
‫معرفضضة ل يتمضضارى فيهضضا‪ .‬قضضولهم‪ :‬إن الوجضضود ل يضضدخل فضضي ماهيضضة الشضضياء‪...‬‬
‫وزعموا أن الوجود ل يدخل قط في ماهية الشياء بل هو مضاف إلى الماهية‪:‬‬
‫إمضضا لزمضضا ً ل يفضضارق كالسضضماء أو واردا ً بعضضد أن لضضم يكضضن كالشضضياء الحادثضضة‬
‫فالمشاركة في الوجود ليس مشاركة في الجنس‪ ... .‬ول يضضدخل فيهضضا " كضضونه‬
‫علة "‪ ...‬وأما مشاركته في كونه علة لغيره كسضضائر العلضضل فهضضو مشضضاركة فضضي‬
‫إضافة لزمة ل تدخل أيضا ً في الماهية فضضإن المبدئيضضة والوجضضود ل يقضضوم واحضضد‬
‫منهمضضا الضضذات بضضل يلزمضضان الضضذات بعضضد تقضضوم الضضذات بضضأجزاء مضضاهيته‪ .‬فليضضس‬
‫المشاركة فيضضه إل مشضضاركة فضضي لزم عضضام يتبضضع الضضذات لزومضضه ل فضضي جنضضس‪.‬‬
‫ولذلك ل تحضضد الشضضياء إل بالمقومضضات فضضإن حضضدث بضضاللوازم كضضان ذلضضك رسضضما ً‬
‫للتمييز ل لتصوير حقيقة الشيء‪ .‬فل يقال في حضضد المثلضضث إنضضه الضضذي تسضضاوي‬
‫زواياه القائمتين وإن كان ذلك لزما ً عاما ً لكل مثلث بل يقال إنه شكل يحيضضط‬
‫به ثلثة أضلع‪ ... .‬ول يدخل فيها كونه جوهرًا‪ ...‬وكضضذلك المشضضاركة فضضي كضضونه‬
‫جوهرا ً فإن معنضى كضونه جضوهرا ً أنضه موجضود ل فضي موضضوع والموجضود ليضس‬
‫بجنس‪ .‬فبأن يضاف إليه أمر سلبي وهو أنضضه ل فضضي موضضضوع فل يصضضير جنس ضا ً‬
‫مقوما ً بل لو أضيف إليه إيجابه وقيل موجود في موضوع لضم يصضضر جنسضا ً فضضي‬
‫العرض وهذا لن من عرف الجوهر بحده الذي هو كالرسم له وهو أنه موجضضود‬
‫ل في موضوع فليس يعرف كونه موجودا ً فضل ً أن يعرف أنه في موضوع أو ل‬
‫في موضوع بل معنى قولنا في رسم الجوهر أنه الموجضود ل فضي موضضوع أي‬
‫أنه حقيقة ما إذا وجد وجد ل في موضوع‪ .‬ولسنا نعني بضه أنضه موجضود بالفعضل‬
‫حالة التحديد فليس المشاركة فيه مشاركة في جنس‪ ... .‬بل الوجود الضضواجب‬
‫هو للول ل لغيره بضضل المشضضاركة فضضي مقومضضات الماهيضضة هضضي المشضضاركة فضضي‬
‫الجنس المحوج إلى المباينة بعده بالفصل وليضضس للول ماهيضضة سضضوى الوجضضود‬
‫الواجب‪ .‬فالوجود الواجب طبيعة حقيقية وماهية فضضي نفسضضه هضضو لضضه ل لغيضضره‪.‬‬
‫وإذا لم يكن وجوب الوجود إل له لضم يشضارك غيضره فلضم ينفصضل عنضه بفصضل‬
‫نوعي فلم يكن له حد‪ .‬قولنا‪ :‬المطالبة فهذا تفهيم مذهبهم‪ .‬والكلم عليضضه مضن‬
‫وجهين‪ :‬مطالبة وإبطال‪ .‬أما المطالبة فهو أن يقال‪ :‬هذا حكايضضة المضضذهب فبضضم‬
‫عرفتم استحالة ذلك في حق الول حتى بنيتم عليضضه نفضضي التثنيضضة إذ قلتضضم‪ :‬إن‬
‫الثاني ينبغي أن يشاركه في شيء ويباينه في شيء والذي فيه ما يشضضارك بضضه‬
‫وما يباين به فهضضو أبطلنضضا إمكضضان الضضتركيب فضضي الول فنقضضول‪ :‬هضضذا النضضوع مضضن‬
‫التركيب من أين عرفتم استحالته ول دليل عليه إل قولكم المحكي عنكم فضضي‬
‫نفي الصفات وهو أن المركب من الجنس والفصل مجتمع من أجزاء فإن كان‬
‫يصح لواحد من الجزاء أو الجملة وجود دون الخر فهو واجب الوجود دون مضضا‬
‫عداه وإن كان ل يصضضح للجضضزاء وجضضود دون المجتمضضع ول للمجتمضضع وجضضود دون‬
‫الجزاء فالكل معلول محتاج‪ .‬وقد تكلمنا عليه في الصفات وبينا أن ذلك ليس‬
‫بمحال فضضي قطضضع تسلسضضل العلضضل والبرهضضان لضضم يضضدل علضضى قطضضع التسلسضضل‪.‬‬
‫البرهان ل يدل إل على قطع التسلسل فقط فأما العظائم التي اخترعوها فضضي‬
‫لزوم اتصاف واجب الوجود به فلم يدل عليه دليل‪ .‬فإن كان واجب الوجود مضضا‬
‫وصفوه به وهو أنه ل يكون فيه كثرة فل يحتاج في قوامه إلى غيضضره فل دليضضل‬
‫إذن على إثبات واجب الوجود وإنما الدليل دل على قطع التسلسل فقط وهذا‬
‫قد فرغنا منه في الصفات‪ .‬ليس بين الجنس والفصل مباينة تامة وهو في هذا‬
‫النضضوع أظهضضر فضضإن انقسضضام الشضضيء إلضضى الجنضضس والفصضضل ليضضس كانقسضضام‬
‫الموصوف إلى ذات وصفة فإن الصفة غير الذات والذات غيضضر الصضضفة والنضضوع‬
‫ليس غير الجنس من كل وجه فمهما ذكرنا النوع فقد ذكرنضضا الجنضضس وزيضضادة‪.‬‬
‫وإذا ذكرنا النسان فلم نذكر إل الحيضضوان مضضع زيضضادة نطضضق‪ .‬فقضضول القضضائل‪ :‬إن‬
‫النسانية هل تستغني عضضن الحيوانيضضة كقضضوله‪ :‬إن النسضضانية هضضل تسضضتغني عضضن‬
‫نفسها إذا انضم إليها شيء آخر فهذا أبعد عن الكثرة من الصفة والموصضضوف‪.‬‬
‫إن لم تكن المباينة في الفصل‪ ...‬ومضضن أي وجضضه يسضضتحيل أن تنقطضضع سلسضضلة‬
‫المعلضضولت علضضى علضضتين إحضضديهما علضضة السضضموات والخضضرى علضضة العناصضضر أو‬
‫أحدهما علة العقول والخر علة الجسام كلها ويكضضون بينهمضضا مباينضضة ومفارقضضة‬
‫في المعنى كما بين الحمرة والحرارة في محل واحد فإنهما يتباينضضان بضضالمعنى‬
‫من غير أن نفرض في الحمرة تركيبا ً جنسيا ً وفصليا ً بحيث يقبل النفصضضال بضضل‬
‫إن كان فيه كثرة فهضضو نضضوع كضضثرة ل يقضضدح فضضي وحضضدة الضضذات‪ .‬فمضضن أي وجضضه‬
‫يستحيل هذا في العلل وبهذا يتبين عجزهم عن نفي إلهين صانعين‪.‬‬
‫إما أن يكون هذا شرطا ً فضي وجضوب الوجضود وإمضا أن ل يكضضون ول يصضح فضي‬
‫الحالين فإن قيل‪ :‬إنما يستحيل هذا من حيث أن ما به من المباينة بين الذاتين‬
‫إن كان شضضرطا ً فضي وجضضوب الوجضضود فينبغضضي أن يوجضضد لكضضل واجضضب وجضضود فل‬
‫يتباينان وإن لم يكن هذا شرطا ً ول الخر شرطا ً فكل ما ل يشترط في وجوب‬
‫الوجود فوجوده مستغنى عنه ويتم وجوب الوجضضود بغيضضره‪ .‬قلنضا‪ :‬هضذا عيضن مضضا‬
‫ذكرتموه في الصفات وقد تكلمنا عليه‪ .‬ومنشأ التلضضبيس فضضي جميضضع ذلضضك فضضي‬
‫لفظ واجب الوجود فليطرح فإنا ل نسلم أن الدليل يضدل علضى واجضضب الوجضضود‬
‫إن لم يكن المراد به موجود ل فاعل لضضه قضضديم وإن كضضان المضضراد هضضذا فليضضترك‬
‫لفظ واجب الوجود وليبين أن موجودا ً ل علة له ول فاعل يستحيل فيضضه التعضضدد‬
‫والتباين ول يقوم عليه دليل‪ .‬بعض التباين هو شرط في " كضضون " اللضضون لون ضا ً‬
‫فيبقى قولهم‪ :‬إن ذلك هل هو شرط في أن ل يكون له علة فهضضو هضضوس فضضإن‬
‫ما ل علة له قد بينا أنه ل يعلل كونه ل علة له حتى يطلب شرطه أو هو كقول‬
‫القائل‪ :‬إن السوادية هل هي شرط في كون اللون لونا ً فإن كان شضضرطا ً فلضضم‬
‫كان الحمرة لونا ً فيقال‪ :‬أما في حقيقته فل يشترط واحضضد منهمضضا أعنضضي ثبضضوت‬
‫حقيقة اللونية في العقل وأما في وجوده فالشرط أحدهما ل بعينه أي ل يمكن‬
‫جنس في الوجود إل وله فصل‪ .‬فكذلك من يثبت علتين ويقطع التسلسل بهما‬
‫فيقول‪ :‬يتباينان بفصل وأحد الفصضضول شضضرط الوجضضود ل محالضضة ولكضضن ل علضضى‬
‫التعين‪ .‬قولهم‪ :‬وجوب الوجود كوجود اللونية ل كماهيته فضضإن قيضضل‪ :‬هضضذا يجضضوز‬
‫في اللون فإن له وجودا ً مضافا ً إلى الماهية زائدا ً على الماهيضضة ول يجضضوز فضضي‬
‫واجب الوجود إذ ليس له إل وجوب الوجضضود وليضضس ثضم ماهيضضة يضضاف الوجضضود‬
‫إليها‪ .‬وكما أن فصل السواد وفصل الحمرة ل يشترط للونية في كونهضضا لونيضضة‬
‫إنما يشترط في وجودها الحاصل بعلة فكذلك ينبغي أن ل يشترط في الوجود‬
‫الواجب فإن الوجود الضضواجب للول كاللونيضضة للضضون ل كضضالوجود المضضضاف إلضضى‬
‫اللونيضضة‪ .‬قولنضضا‪ :‬كل وسضضيأتي الكلم عضضن المضضر قلنضضا‪ :‬ل نسضضلم بضضل لضضه حقيقضضة‬
‫موصوفة بالوجود على ما سنبينه في المسألة التي بعده‪ .‬وقضضولهم‪ :‬إنضضه وجضضود‬
‫بل ماهية خارج عن المعقول‪ .‬ورجع حاصل الكلم إلى انهضضم بنضضوا نفضضي التثنيضضة‬
‫على نفي التركيب الجنسضضي والفصضضلي ثضضم بنضضوا ذاك علضضى نفضضي الماهيضضة وراء‬
‫الوجود فمهما أبطلنضا الخيضضر الوجضضود فمهمضا أبطلنضا الخيضضر الضضذي هضضو أسضضاس‬
‫السضضاس بطضضل عليهضضم الكضضل وهضضو بنيضضان ضضضعيف الثبضضوت قريضضب مضضن بيضضوت‬
‫العنكبوت‪ .‬العقلية مشتركة بين الول والمعلول الول المسلك الثضضاني اللضضزام‬
‫وهو أنا نقول‪ :‬إن لم يكن الوجود والجوهرية والمبدئية جنسا ً لنه ليضضس مقضضول ً‬
‫في جواب ما هو فالول عندكم عقل مجضرد كمضا أن سضائر العقضول الضتي هضي‬
‫المبادئ للوجود المسمى بالملئكة عنضضدهم الضضتي هضضي معلومضضات الول عقضضول‬
‫مجردة عن المواد فهذه الحقيقضضة تشضضمل الول ومعلضضوله الول فضضإن المعلضضول‬
‫الول أيضا ً بسيط ل تركيب في ذاته إل من حيث لوازمه وهما مشضضتركان فضضي‬
‫أن كل واحد عقضضل مجضضرد عضضن المضضادة وهضضذه حقيقضضة جنسضضية‪ .‬فليضضس العقليضضة‬
‫المجردة للذات من اللوازم بل هي الماهية وهذه الماهية مشضضتركة بيضضن الول‬
‫وسائر العقول‪ .‬فإن لم يباينها بشيء آخر فقد عقلتضضم اثنينيضضة مضضن غيضضر مباينضضة‬
‫وإن باينها فما به المباينة غير ما به المشاركة والعقلية‪ .‬وهذه المشضضاركة هضضي‬
‫في ذات كليهما والمشاركة فيها مشاركة في الحقيقية فإن الول عقل نفسضضه‬
‫وعقل غيره عند من يرى ذلك من حيث أنه في ذاته عقضضل مجضضرد عضضن المضضادة‬
‫وكذى المعلضضول الول وهضضو العقضضل الول الضضذي أبضضدعه اللضضه مضن غيضضر واسضضطة‬
‫مشارك في هذا المعنى والدليل عليضضه أن العقضضول الضضتي هضضي معلضضولت أنضضواع‬
‫مختلفة وإنما اشتراكها في العقلية وافتراقها بفصول سوى ذلك وكضضذلك الول‬
‫شارك جميعها في العقليضضة فهضضم فيضضه بيضضن نقضضض القاعضضدة أو المصضضير إلضى أن‬
‫العقلية ليست مقومة للذات وكلهما محالن عندهم‪.‬‬
‫مسألة في إبطال قولهم إن وجود الول بسيط أي هو وجود محض ول ماهيضضة‬
‫ول حقيقضضة يضضضاف الوجضضود إليهضضا بضضل الوجضضود الضضواجب لضضه كالماهيضضة المطالبضضة‬
‫بالدليل والكلم عليه من وجهين‪ :‬الول المطالبضضة بالضضدليل فيقضضال‪ :‬بضضم عرفتضضم‬
‫ذلك أبضرورة أو نظر وليس بضروري فل بد من ذكضضر طريضضق النظضضر‪ .‬قضضولهم‪:‬‬
‫يكون الوجود الواجب معلول ً وهو محال فإن قيل‪ :‬لنه لو كان له ماهيضضة لكضضان‬
‫الوجود مضافا ً إليها وتابعا ً لها ولزما ً لها والتابع معلول فيكون الوجود الضضواجب‬
‫معلول ً وهو متناقض‪ .‬قولنا‪ :‬هو محال إذا لم يكن له علضضة فاعليضضة فنقضول‪ :‬هضضذا‬
‫رجوع إلى منبع التلبيس في إطلق لفظ الوجود الواجب فإنا نقول‪ :‬له حقيقضضة‬
‫وماهية وتلك الحقيقة موجودة أي ليست معدومة منفية ووجودها مضاف إليها‬
‫وإن أحبوا أن يسموه تابعا ً ولزما ً فل مشاحة في السامي بعد أن يعرف أنه ل‬
‫فاعل للوجود بل لم يزل هذا الوجود قديما ً مضضن غيضضر علضضة فاعليضضة‪ .‬فضضإن عنضضوا‬
‫بالتابع والمعلول أن له علة فاعلية فليس كذلك وإن عنوا غيره فهو مسضضلم ول‬
‫استحالة فيه إذ الدليل لم يدل إل على قطضضع تسلسضضل العلضضل وقطعضضه قضضولهم‪:‬‬
‫تكون الماهية سببا ً فاعل ً فإن قيل‪ :‬فتكون الماهية سببا ً للوجود الذي هضضو تضضابع‬
‫ل‪ .‬قولنا‪ :‬أي أنه ل يستغنى عنضضه قلنضضا‪ :‬الماهيضضة‬ ‫له فيكون الوجود معلول ً ومفعو ً‬
‫في الشياء الحادثة ل تكون سببا ً للوجود فكيف في القضضديم إن عنضضوا بالسضضبب‬
‫الفاعل له وإن عنوا به وجها ً آخضضر وهضضو أنضضه ل يسضضتغنى عنضضه فليكضضن كضضذلك فل‬
‫استحالة فيه إنمضضا السضضتحالة فضضي تسلسضضل العلضضل فضضإذا انقطضضع فقضضد انضضدفعت‬
‫الستحالة وما عدى ذلك لم تعرف استحالته فل بد من برهان على اسضضتحالته‪.‬‬
‫وكل براهينهم تحكمات مبناها على أخذ لفظ واجب الوجضضود بمعنضى لضضه لضضوازم‬
‫وتسلم أن الدليل قضضد دل علضضى واجضضب الوجضضود بضضالنعت الضضذي وصضضفوه وليضضس‬
‫كذلك كما سبق‪ .‬من الضلل أن يقال‪ :‬إن كل ماهية موجودة فمتكثرة‬
‫وعلى الجملة دليلهم في هذا يرجع إلى دليل نفضضي الصضضفات ونفضضي النقسضضام‬
‫الجنسي والفصلي إل أنضضه أغمضضض وأضضضعف لن هضضذه الكضضثرة ل ترجضضع إل إلضضى‬
‫مجرد اللفظ وإل فالعقل يتسع لتقدير ماهية واحدة موجودة وهو يقولون‪ :‬كضضل‬
‫ماهية موجودة فمتكثرة إذ فيه ماهية ووجود‪ .‬وهذا غاية الضلل فضضإن الموجضضود‬
‫الواحد معقول بكل حضال ول موجضود إل ولضضه حقيقضة ووجضود الحقيقضة ل ينفضضي‬
‫الوحدة‪ .‬وجود بل ماهية ول حقيقة غير معقول المسضضلك الثضضاني هضضو أن نقضضول‪:‬‬
‫وجود بل ماهية ول حقيقة غير معقول وكما ل نعقل عدما ً مرسضضل ً إل بالضضضافة‬
‫إلى موجود يقدر عدمه فل نعقل وجود مرسل ً إل بالضافة إلى حقيقة معينة ل‬
‫سيما إذا تبين ذاتا ً واحدة فكيف يتعيضضن واحضضدا ً متميضضزا ً عضضن غيضضره بضضالمعنى ول‬
‫حقيقة له فإن نفي الماهية نفي للحقيقة وإذا نفى حقيقضضة الموجضضود لضم يعقضضل‬
‫الوجود فكأنهم قالوا‪ :‬وجود ول موجضضود وهضضو متنضضاقض‪ .‬ل يعقضضل فضضي المعلضضول‬
‫نفي الماهية من الوجود ويدل عليه أنه لو كان هذا معقول ً لجاز أن يكضضون فضضي‬
‫المعلولت وجود ل حقيقة له يشارك الول فضضي كضضونه ل حقيقضضة ول ماهيضضة لضضه‬
‫ويباينه في أن له علة والول ل علة له فلم ل يتصور هذا في المعلضضولت وهضضل‬
‫له سبب إل أنه غير معقول في نفسه وما ل يعقل في نفسه فبأن ينفي علتضضه‬
‫ل يصير معقضضول ً ومضضا يعقضضل فبضضأن يقضضدر لضضه علضضة ل يخضضرج عضضن كضضونه معقضضو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫والتناهي إلى هذا الحد غاية ظلماتهم فقضضد ظنضضوا أنهضضم ينزهضضون فيمضضا يقولضضون‬
‫فانتهى كلمهم إلى النفي المجرد فإن نفي الماهية نفضضي قضضولهم‪ :‬مضضاهيته هضضي‬
‫أنه واجضضب فضضإن قيضضل‪ :‬حقيقتضضه أنضضه واجضضب وهضضو الماهيضضة‪ .‬قولنضا‪ :‬الوجضضود غيضضر‬
‫المعلول ل يستغني عن الماهيضة قلنضا‪ :‬ول معنضى للضواجب إل نفضي العلضة وهضو‬
‫سلب ل يتقوم به حقيقة ذات ونفي العلضضة عضضن الحقيقضضة لزم الحقيقضضة فلتكضضن‬
‫الحقيقة معقولة حضضتى توصضضف بضضأنه ل علضضة لهضضا ول يتصضضور عضضدمها إذ ل معنضضى‬
‫للوجوب إل هذا‪ .‬على أن الوجوب إن زاد على الوجود فقد جاءت الكضضثرة وإن‬
‫لم يزد فكيف يكون هو الماهية والوجود ليس بماهية فكذى ما ل يزيد عليه‪.‬‬
‫مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن الول ليس بجسم قولنضضا‪ :‬ومضضا‬
‫المر إذا كان الول جسما ً قديما ً فنقول‪ :‬هذا إنما يستقيم لمن يرى أن الجسم‬
‫حادث من حيث أنه ل يخلوا عن الحوادث وكل حادث فيفتقر إلى محدث‪ .‬فأما‬
‫أنتم إذا عقلتم جسما ً قديما ً ل أول لوجوده مع أنه ل يخلوا عن قولهم‪ :‬الول ل‬
‫يقبل القسمة والجسم ل يكضضون إل مركبضا ً فضضإن قيضضل‪ :‬لن الجسضضم ل يكضضون إل‬
‫مركبا ً منقسما ً إلى جزئين بالكمية وإلى الهيولى والصضورة بالقسضضمة المعنويضضة‬
‫وإلى أوصاف يختص بهضا ل محالضة حضتى يبضاين سضائر الجسضام وإل فالجسضام‬
‫متساوية في أنها أجسام وواجب الوجود واحد ل يقبل القسضمة بهضذه الوجضوه‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬أبطلنا هذا فيما سبق قلنا‪ :‬وقد أبطلنا هذا عليكم وبينا أنضضه ل دليضل لكضضم‬
‫عليه سوى أن المجتمع إذا افتقر بعض أجزائه إلضضى البعضض كضان معلضضو ً‬
‫ل‪ .‬وقضضد‬
‫تكلمنا عليه وبينا أنه إذا لم يبعد تقدير موجود ل موجد له لم يبعد تقدير مركب‬
‫ل مركب له وتقدير موجودات ل موجد لها إذ نفي العدد والتثنية بنيتمضضوه علضضى‬
‫نفي التركيب ونفي التركيب على نفي الماهية سوى الوجود وما هضضو السضضاس‬
‫الخير فقد استأصلناه وبينا تحكمكم فيه‪.‬‬
‫قولهم الجسم بل نفس ل يكون فاعل ً وإن كان له نفس فنفسه علة لضضه فضضإن‬
‫قيل‪ :‬الجسم إن لم يكن له نفس ل يكون فاعل ً وإن كان له نفس فنفسه علة‬
‫له فل يكون قولنا‪ :‬كل قلنا‪ :‬نفسنا ليس علضضة لوجضضود جسضضمنا ول نفضضس الفلضضك‬
‫بمجردها علة لوجود جسمه عندكم بل همضضا يوجضضدان بعلضضة سضضواهما فضضإذا جضضاز‬
‫وجودهما قديما ً جاز أن ل يكون لهما علة‪ .‬قولهم‪ :‬كيف اتفضضق اجتماعهمضضا فضإن‬
‫قيل‪ :‬كيف اتفق اجتماع النفس والجسضضم قولنضضا‪ :‬ومضضا المضضانع إذا كانضضا قضضديمين‬
‫قلنا‪ :‬هو كقول القائل‪ :‬كيف اتفق وجود الول فيقال‪ :‬هضضذا سضضؤال عضضن حضضادث‬
‫فأما ما لم يزل موجودا ً فل يقال كيف اتفضضق‪ .‬فكضضذلك الجسضضم ونفسضضه إذا لضضم‬
‫يزل كل واحد موجودا ً لم يبعد أن يكضضون صضضانعا ً قضضولهم‪ :‬لن الجسضضم ل يخلضضق‬
‫غيره والنفس ل تخلق إل بواسطة الجسم فإن قيل‪ :‬لن الجسم من حيث أنضضه‬
‫جسم ل يخلق غيره والنفس المتعلقة بالجسم ل تفعل إل بواسطة الجسم ول‬
‫يكون الجسم واسطة للنفس في خلق الجسام ول في إبداع النفوس وأشضضياء‬
‫ل تناسب الجسام‪ .‬قولنا‪ :‬هذا أمر ل يدل عليضضه برهضضان قلنضضا‪ :‬ولضضم ل يجضضوز أن‬
‫يكون في النفوس نفس تختضضص بخاصضضية تتهيضضأ بهضضا لن توجضضد الجسضضام وغيضضر‬
‫الجسام منها فاستحالة ذلك ل يعرف ضرورة ول برهان يدل عليضضه إل أنضضه لضضم‬
‫نشاهد من هذه الجسام المشاهدة وعدم المشضضاهدة ل يضضدل علضضى السضضتحالة‬
‫فقد أضافوا إلى الموجود الول بما ل يضاف إلى موجود أصل ً ولم نشاهد مضضن‬
‫غيره وعدم المشاهدة من غيره ل يدل على استحالته منضضه فكضضذى فضضي نفضضس‬
‫الجسم والجسم‪ .‬قولهم‪ :‬الجسم يقدر بمقدار فضضإن قيضضل‪ :‬الجسضضم القصضضى أو‬
‫الشمس أو ما قدر من الجسام فهو متقدر بمقدار يجوز أن يزيد عليه وينقص‬
‫ل‪ .‬قولنضا‪:‬‬‫منه فيفتقر اختصاصه بذلك المقدار الجائز إلى مخصص فل يكضون أو ً‬
‫وهذا المقدار يكون على حسب نظام الكل قلنا‪ :‬بم تنكرون علضضى مضضن يقضضول‪:‬‬
‫إن ذلك الجسم يكون على مقدار يجب أن يكون عليه لنظضضام الكضضل ولضضو كضضان‬
‫أصغر منه أو أكبر لم يجضضز كمضضا أنكضضم قلتضضم‪ :‬إن المعلضضول الول يفيضضض الجضضرم‬
‫القصى منه متقدرا ً بمقدار وسائر المقادير بالنسضضبة إلضضى ذات المعلضضول الول‬
‫متساوية ولكن تعين بعض المقادير لكون النظضضام متعلق ضا ً بضضه فضضوجب المقضضدار‬
‫الذي وقع ولم يجضضز خلفضضه فكضضذى إذا قضضدر غيضضر معلضضول‪ .‬قولنضضا إذا أثبتضضم مبضضدأ‬
‫للتخصيص اضطررتم إلى تجويز التخصيص بغير علة بل لو أثبتوا في المعلضضول‬
‫الول الذي هو علة الجرم القصى عندهم مبدأ للتخصضضيص مثضضل إرادة مثل ً لضضم‬
‫ينقطع السؤال إذ يقال‪ :‬ولضضم أراد هضضذا المقضضدار دون غيضضره كمضا ألزمضضوه علضى‬
‫المسلمين في إضافتهم الشياء إلى الرادة القديمة وقد قلبنا عليهم ذلك فضضي‬
‫تعين جهة حركة السماء وفي تعين نقطتي القطبين‪.‬‬

‫فليطلق ذلك على غير المعلول أيضا ً فإذا بان أنهم مضطرون إلى تجويز تميز‬
‫الشيء عن مثله في الوقوع بعلة فتجويزه بغير علة كتجويزه بعلضضة إذ ل فضضرق‬
‫بين أن يتوجه السؤال في نفس الشيء فيقال‪ :‬لم اختص بهذا القدر وبيضضن أن‬
‫يتوجه في العلة فيقال‪ :‬ولضضم خصصضضه بهضضذا القضضدر عضضن مثلضضه فضضإن أمكضضن دفضضع‬
‫السؤال عن العلة بأن هذا المقدار ليس مثل غيره إذ النظضضام مرتبضضط بضضه دون‬
‫غيره أمكن دفع السؤال عن نفس الشيء ولم يفتقر إلى علة وهضضذا ل مخضضرج‬
‫عنه فإن هذا المقدار المعين الواقع إن كان مثل الذي لم يقع فالسؤال متوجه‬
‫أنه كيف ميز الشضضيء عضضن مثلضضه خصوص ضا ً علضضى أصضضلهم وهضضم ينكضضرون الرادة‬
‫المميزة وإن لم يكن مثل ً له فل يثبت الجواز بل يقال‪ :‬وقع كضضذلك قضضديما ً كمضضا‬
‫وقعت العلة القديمة بزعمهم‪ .‬راجع ما سبق وليستمد النضضاظر فضضي هضضذا الكلم‬
‫مما أوردناه لهم من توجيه السؤال في الرادة القديمة وقلبنا ذلك عليهم فضضي‬
‫نقطة القطب وجهة حركة الفلك‪ .‬الخاتمة وتبين بهذا أن من ل يصدق بحضضدوث‬
‫الجسام فل يقدر على إقامة دليل على أن الول ليس بجسم أص ً‬
‫ل‪.‬‬

‫مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل علضضى أن للعضضالم صضضانعا ً وعلضضة فنقضضول‪:‬‬


‫من ذهضب إلضى أن كضل جسضم فهضو حضادث لنضه ل يخلضوا عضن الحضوادث عقضل‬
‫مذهبهم في قولهم‪ :‬إنه يفتقر إلى صانع وعلة‪ .‬وأما أنتم فما الذي يمنعكم من‬
‫مذهب الدهرية وهو أن العالم قديم كضضذلك ول علضضة لضضه ول صضضانع وإنمضضا العلضضة‬
‫للحوادث وليس يحدث في العالم جسم ول ينعدم جسم وإنمضضا تحضضدث الصضضور‬
‫والعراض فإن الجسام هي السموات وهي قديمة والعناصر الربعة التي هي‬
‫حشضضو فلضضك القمضضر وأجسضضامها وموادهضضا قديمضضة وإنمضضا تتبضضدل عليهضضا الصضضور‬
‫بالمتزاجات والستحالت وتحدث النفوس النسانية والنباتيضضة وهضضذه الحضضوادث‬
‫تنتهي عللها إلضى الحركضة الدوريضة والحركضة الدوريضة قديمضة ومصضدرها نفضس‬
‫قديمة للفلك فإذن ل علة للعالم ول صانع لجسامه بل هضضو كمضضا هضضو عليضضه لضضم‬
‫يزل قديما ً كذلك بل علة أعني الجسام‪ .‬فما معنضضى قضضولهم إن هضضذه الجسضضام‬
‫وجودها بعلة وهي قديمة قولهم‪ :‬ل يكون واجب الوجود وهو محال فضضإن قيضضل‪:‬‬
‫كل ما ل علة له فهو واجب الوجود وقد ذكرنا مضضن صضضفات واجضضب الوجضضود مضضا‬
‫تبين به أن الجسم ل يكون واجب الوجضود‪ .‬قولنضا‪ :‬بضل ينقطضع تسلسضل العلضل‬
‫قلنا‪ :‬وقد بينا فساد ما ادعيتموه من صفات واجب الوجود وأن البرهان ل يدل‬
‫إل على قطع السلسلة وقد انقطع عند الدهري في أول المر إذ يقول‪ :‬ل علة‬
‫للجسام وأما الصور والعراض فبعضها علة للبعض إلى أن تنتهي إلى الحركة‬
‫الدورية وهي بعضها سبب للبعض كما هو مذهب الفلسفة وينقطضضع تسلسضضلها‬
‫بها‪ .‬ومن تأمل ما ذكرناه علم عجز كل من يعتقضضد قضضدم الجسضضام عضضن دعضضوى‬
‫علة لها ولزمه الدهر واللحاد كما صرح به فريضضق فهضضم الضضذين وفضضوا بمقتضضضى‬
‫نظر هؤلء‪ .‬قولهم‪ :‬الجسام غير واجبة الوجود فهي ممكنة فإن قيضضل‪ :‬الضضدليل‬
‫عليه أن هذه الجسام إما أن كانت واجبة الوجضضود وهضضو محضضال وإمضضا أن كضضانت‬
‫ممكنة وكل ممكن يفتقر إلى علة‪ .‬قولنا‪ :‬ولم ل تكون بغير علة قلنضضا‪ :‬ل يفهضضم‬
‫لفظ واجب الوجود وممكن الوجود فكل تلبيساتهم مغباة في هاتين اللفظتين‪.‬‬
‫فلنعدل إلى المفهوم وهو نفي العلة وإثباته فكأنهم يقولون‪ :‬هذه الجسام لها‬
‫علة أم ل علة لها فيقول الدهري‪ :‬ل علة لها فما المستنكر وإذا عني بالمكضضان‬
‫هذا فنقول‪ :‬إنه واجب وليس قولهم‪ :‬إن الجزاء تكون سابقة في الذات علضضى‬
‫الجملة فإن قيل‪ :‬ل ينكر أن الجسم له أجزاء وأن الجملة إنما تتقضضوم بضضالجزاء‬
‫وأن الجزاء تكون سابقة في الذات على الجملة‪ .‬قولنا‪ :‬ل يمكنكم الضضرد علضضى‬
‫إبطال الكثرة قلنا‪ :‬ليكن كذلك فالجملة تقضضومت بضضالجزاء واجتماعهضضا ول علضضة‬
‫للجزاء ول لجتماعها بل هي قديمة كذلك بل علة فاعلية‪ .‬فل يمكنهضضم رد هضضذا‬
‫إل بما ذكروه من لزوم نفي الكثرة عن الموجود الول وقد أبطلناه عليهضضم ول‬
‫سبيل لهم سضضواه‪ .‬الخاتمضضة فبضضان أن مضضن ل يعتقضضد حضضدوث الجسضام فل أصضضل‬
‫ل‪ .‬مسألة فضضي تعجيضضز مضضن يضضرى منهضضم أن الول يعلضضم‬ ‫لعتقاده في الصانع أص ً‬
‫غيره ويعلم النواع والجناس بنوع كلي قولنا‪ :‬دليل المسلمين دليضضل صضضحيح‪...‬‬
‫فنقول‪ :‬أما المسلمون لما انحصر عندهم الوجود في حضضادث وفضضي قضضديم ولضضم‬
‫يكن عندهم قديم إل الله وصفاته وكان‪ .‬ما عداه حادثا ً من جهته بإرادته حصل‬
‫عندهم مقدمضضة ضضضرورية فضضي علمضضه فضضإن المضضراد بالضضضرورة ل بضضد وأن يكضضون‬
‫معلوما ً للمريد فبنوا عليه أن الكل معلوم له لن الكل مراد له وحادث بضضإرادته‬
‫فل كائن إل وهو حادث بإرادته ولم يبق إل ذاته ومهما ثبت أنه مريد عضضالم بمضضا‬
‫أراده فهو حي بالضرورة وكل حضي يعضرف غيضره فهضو بضأن يعضرف ذاتضه أولضى‬
‫فصار الكل عندهم معلوما ً لله وعرفوه بهذا الطريق بعد أن بان لهم أنه مريضضد‬
‫لحداث العالم‪.‬‬
‫وأما أنتم فما هو دليلكم فأمضا أنتضم فضإذا زعمتضم أن العضالم قضديم لضم يحضدث‬
‫بإرادته فمن أين عرفتم أنه يعرف غير ذاته فل بضضد مضضن الضضدليل عليضضه‪ .‬قضضولهم‪:‬‬
‫الموجود ل في مادة يعقل جميع المعقولت وحاصل مضضا ذكضضره ابضضن سضضينا فضضي‬
‫تحقيق ذلك في إدراج كلمه يرجع إلى فنيضن‪ :‬الفضن الول‪ :‬أن الول موجضود ل‬
‫في مادة وكل موجود ل في مادة فهو عقل محض وكضضل مضضا هضضو عقضضل محضضض‬
‫فجميع المعقضضولت مكشضضوفة لضضه فضضإنه المضضانع عضضن درك الشضضياء كلهضضا التعلضضق‬
‫بالمادة والشتغال بهضضا ونفضضس الدمضضي مشضضغول بتضضدبير المضضادة أي البضضدن وإذا‬
‫انقطع شغله بالموت ولم يكن قد تدنس بالشهوات البدنية والصضضفات الرذيلضضة‬
‫المتعدية إليه من المور الطبيعية انكشف له حقائق المعقضضولت كلهضضا‪ .‬ولضضذلك‬
‫قضى بأن الملئكة كلهم يعرفون جميع المعقولت ول يشذ عنهم شضضيء لنهضضم‬
‫أيضا ً عقول مجضضردة ل فضضي مضضادة‪ .‬قولنضضا‪ :‬النتيجضضة تحتضضاج إلضضى برهضضان فنقضضول‪:‬‬
‫قولكم‪ :‬الول موجود ل في مادة إن كان المعنى بضضه أنضضه ليضضس بجسضضم ول هضضو‬
‫منطبع في جسم بل هضضو قضضائم بنفسضضه مضضن غيضضر تحيضضز واختصضضاص بجهضضة فهضضو‬
‫مسلم‪ .‬فيبقى قولكم‪ :‬وما هذا صفته فهو عقل مجرد فمضضاذا تعنضضي بالعقضضل إن‬
‫عنيت ما يعقل سائر الشياء فهذا نفس المطلوب وموضع النزاع فكيف أخذته‬
‫في مقدمات قياس المطلوب وإن عنيت به غيره وهو أنه يعقل نفسضضه فربمضضا‬
‫يسلم لك إخوانك من الفلسضضفة ذلضضك ولكضضن يرجضضع حاصضضله إلضضى أن مضضا يعقضضل‬
‫نفسه يعقل غيره فيقال‪ :‬ولم ادعيت هذا وليس ذلك بضروري وقضضد انفضضرد بضضه‬
‫ابضن سضينا عضن سضائر الفلسضفة فكيضف تضدعيه ضضروريا ً وإن كضان نظريضا ً فمضا‬
‫البرهان عليه قولهم‪ :‬المادة مضضانع مضضن درك الشضضياء قولنضضا‪ :‬المضضانع والمضضادة ل‬
‫يتفقان فنقول‪ :‬نسلم أنه مانع ول نسلم أنه المانع فقط‪ .‬وينتظم قياسهم على‬
‫شكل القياس الشرطي وهو أن يقال‪ :‬إن كان هضضذا فضضي المضضادة فهضضو ل يعقضضل‬
‫الشياء ولكنه ليس في المادة فإذن يعقل الشياء‪ .‬فهذا استثناء نقيض المقدم‬
‫واستثناء نقيض المقدم غيضضر منتضضج بالتفضضاق وهضضو كقضضول القضضائل‪ :‬إن كضضان هضضذا‬
‫إنسانا ً فهو حيوان لكنه ليس بإنسان فإذن ليس بحيوان‪ .‬فهذا ل يلضضزم إذ ربمضضا‬
‫ل يكون إنسانا ً ويكون فرسا ً فيكون حيوانًا‪ .‬نعضضم اسضضتثناء نقيضضض المقضضدم ينتضضج‬
‫نقيض التالي على ما ذكر في المنطق بشرط وهو ثبوت انعكاس التالي علضضى‬
‫المقدم وذلك بالحصر وهو كقولهم‪ :‬إن كانت الشمس طالعضضة فالنهضضار موجضضود‬
‫لكن الشمس ليست طالعة فالنهار غير موجضضود لن وجضضود النهضضار ل سضضبب لضه‬
‫سوى طلوع الشمس فكان أحدهما منعكسا ً على الخر‪ .‬وبيضضان هضضذه الوضضضاع‬
‫واللفاظ يفهم فضضي كتضضاب مضضدارك العقضضول الضضذي صضضنفناه مضضضموما ً إلضضى هضضذا‬
‫الكتضضاب‪ .‬قضضولهم‪ :‬يتفقضضان فضضإن قيضضل‪ :‬فنحضضن نضضدعي التعضضاكس وهضضو أن المضضانع‬
‫محصور في المادة فل مانع سواه‪ .‬قولنا‪ :‬فما الدليل عليضضه قضضولهم‪ :‬الكضضل مضضن‬
‫فعل الول الفن الثاني قوله‪ :‬إنا وإن لم نقل‪ :‬إن الول مريضضد الحضضداث ول إن‬
‫الكل حادث حدوثا ً زمانيا ً فإنا نقول‪ :‬إنه فعلضضه وقضضد وجضضد منضضه إل أنضضه لضضم يضضزل‬
‫بصفة الفاعلين فلم يزل فاعل ً فل نفارق غيرنا إل في هذا القدر وأما في أصل‬
‫الفعل فل وإذا وجب الفاعل عالما ً بالتفاق فعله فالكل عندنا من فعله‪ .‬قولنضضا‪:‬‬
‫ففعله لزم والجواب مضضن وجهيضضن‪ :‬أحضضدهما أن الفعضضل قسضضمان‪ :‬إرادي كفعضضل‬
‫الحيوان والنسان وطبيعي كفعل الشمس في الضضضاءة والنضضار فضضي التسضضخين‬
‫والمضاء فضي التبريضد‪ .‬وإنمضا يلضزم العلضم بالفعضل فضي الفعضل الرادي كمضا فضي‬
‫الصناعات البشضضرية وأمضضا الفعضضل الطضضبيعي فل‪ .‬وعنضضدكم إن اللضضه فعضضل العضضالم‬
‫بطريق اللزوم عن ذاته بالطبع والضطرار ل بطريق الرادة والختيار بل لضضزم‬
‫الكل ذاته كما يلزم النور الشمس وكما ل قدرة للشمس علضضى كضضف النضضور ول‬
‫للنار على كف التسخين فل قضضدرة للول علضضى الكضضف عضضن أفعضضاله تعضضالى عضضن‬
‫قولهم علوا ً كبيرا ً وهذا النمط وإن تجوز بتسميته فعل ً فل يقتضي علما ً للفاعل‬
‫ل‪ .‬فإن قيل‪ :‬بين المرين فرق وهو إن صدر الكضضل عضن ذاتضه بسضبب علمضضه‬ ‫أص ً‬
‫بالكل فتمثل النظام الكلي هو سبب فيضضضان الكضضل ول مبضضدأ لضضه سضضوى العلضضم‬
‫بالكل والعلم بالكل عين ذاته فلو لم يكن له علم بالكضضل لمضضا وجضضد منضضه الكضضل‬
‫بخلف النور من الشمس‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬إذا نفيضضت الرادة فمضضا المضضانع أن يحضضال هضضذا المضضذهب قلنضضا‪ :‬وفضضي هضضذا‬
‫خالفك إخوانك فإنهم قالوا‪ :‬ذاته ذات يلزم منه وجود الكل على ترتيبه بضضالطبع‬
‫والضطرار ل من حيث أنه عالم بها فما المحيل لهذا المضضذهب مهمضضا وافقتهضضم‬
‫على نفي الرادة ولما لم يشترط علم الشمس بالنور للضضزوم النضضور بضضل يتبعضضه‬
‫النور ضرورة فليقدر ذلك في الول ول مانع منه‪ .‬يقتصر علم الول على علضضم‬
‫المعلول الول وهو محال الوجه الثاني هو أنه إن سلم أن صدور الشضضيء مضضن‬
‫الفاعل يقتضي العلم أيضا ً بالصادر فعندهم فعل الله واحد وهو المعلول الول‬
‫الذي هو عقل بسيط فينبغي أن ل يكضضون عالمضا ً إل بضضه والمعلضضول الول يكضضون‬
‫عالما ً أيضا ً بما صدر منه فقط فإن الكل لم يوجد من الله دفعة بل بالوسضضاطة‬
‫والتولد واللزوم فالذي يصدر مما يصدر منه لم ينبغي أن يكون معلوما ً له ولم‬
‫يصضضدر منضضه إل شضضيء واحضضد بضضل هضضذا ل يلضضزم فضضي الفعضضل الرادي فكيضضف فضضي‬
‫الطبيعي فإن حركة الحجر من فوق جبل قد يكون بتحريك إرادي يوجب العلم‬
‫بأصل الحركة ول يوجب العلم بما يتولد منه بوساطته مضضن مصضضادمته وكسضضره‬
‫غيره‪ .‬فهذا أيضا ً ل جواب لضضه عنضضه‪ .‬قضضولهم‪ :‬إن كضضان الول ل يعضضرف إل نفسضضه‬
‫أمست المعلولت فوقه شرفا ً فإن قيضضل‪ :‬لضضو قضضضينا بضضأنه ل يعضضرف إل نفسضضه‬
‫لكان ذلك في غاية الشناعة فضضإن غيضضره يعضضرف نفسضضه ويعرفضضه ويعضضرف غيضضره‬
‫فيكون في الشرف فوقه كيف يكون المعلول أشرف من العلة قولنا‪ :‬هذا أمر‬
‫لزم!‪ ...‬قلنا‪ :‬فهذه الشناعة لزمة من مقاد الفلسضضفة فضي نفضضي الرادة ونفضضي‬
‫حدث العالم فيجضضب ارتكابهضا كمضا ارتكضضب سضضائر الفلسضضفة أو ل بضضد مضضن تضضرك‬
‫الفلسفة والعتراف بأن العالم حادث بالرادة‪.‬‬
‫أو ل بد من إبطاله ثم يقال‪ :‬بم تنكضر علضى مضن قضال مضن الفلسضفة إن ذلضك‬
‫ليس بزيادة شرف فإن العلم إنما احتاج إليه غيره ليستفيد به كمال ً فضضإنه فضضي‬
‫ذاته قاصر والنسان شرف بالمعقولت إما ليطلع على مصلحته في العضضواقب‬
‫في الدنيا والخرة وإما لتكمل ذاته المظلمة الناقصة وكذى سائر المخلوقات‪.‬‬
‫وأما ذات الله فمستغنية عن التكميل بل لو قدر له علم يكمضضل بضضه لكضضان ذاتضضه‬
‫من حيث ذاتضضه ناقصضًا‪ .‬فكمضضا أن علمضضه بضضالخواص مضضن النقصضضان كضضذلك علمضضه‬
‫بالكليات وهذا كما قلت فضي السضضمع والبصضضر وفضضي العلضضم بالجزئيضضات الداخلضة‬
‫تحت الزمان فإنك وافقت سائر الفلسفة بأن الله منضضزه عنضضه وأن المتغيضضرات‬
‫الداخلة في الزمان المنقسمة إلضضى مضضا كضضان ويكضضون ل يعرفضضه الول لن ذلضضك‬
‫يوجب تغيرا ً في ذاته وتأثرا ً ولم يكن في سلب ذلك عنه نقصان بل هضضو كمضضال‬
‫وإنما النقصان في الحواس والحاجة إليها ولول نقصان الدمي لما احتضضاج إلضضى‬
‫حواس لتحرسه عما يتعرض للتغير به‪ .‬وكذلك العلم بالحوادث الجزئية زعمتم‬
‫أنه نقصان‪ .‬فإذا كنا نعرف الحوادث كلها وندرك المحسوسضضات كلهضضا والول ل‬
‫يعرف شيئا ً من الجزئيضضات ول يضضدرك شضضيئا ً مضضن المحسوسضضات ول يكضضون ذلضضك‬
‫نقصانا ً فالعلم بالكليضات العقليضضة أيضضا ً يجضوز أن يثبضضت لغيضره ول يثبضضت لضضه ول‬
‫يكون فيه نقصان أيضا ً وهذا ل مخرج عنه‪.‬‬
‫مسألة في تعجيزهم عن إقامضضة الضضدليل علضضى أنضضه يعضضرف ذاتضضه أيضضا ً فنقضضول‪:‬‬
‫المسلمون لما عرفوا حدوث العالم بإرادته اسضضتدلوا بضضالرادة علضضى العلضضم ثضضم‬
‫بالرادة والعلم جميعا ً على الحياة ثم بالحياة على أن كضضل حضضي يشضضعر بنفسضضه‬
‫وهو حي فيعرف ذاته فكان هذا منهجا ً معقول ً في غاية المتانضضة‪ .‬وأمضضا أنتضضم فل‬
‫فأما أنتم فإذا نفيتم الرادة والحداث وزعمتم أن ما يصدر منضضه يصضضدر بلضضزوم‬
‫على سبيل الضرورة والطبع فأي بعد أن تكون ذاته ذات ضا ً مضضن شضضأنها أن يوجضضد‬
‫منه المعلول الول فقط ثضم يلضزم المعلضول الول المعلضول الثضاني إلضى تمضام‬
‫ترتيب الموجودات ولكنه مع ذلك ل يشضضعر بضضذاته كالنضضار يلضضزم منهضضا السضضخونة‬
‫والشمس يلزم منها النور ول يعرف واحد منهما ذاته كما ل يعرف غيره بل ما‬
‫يعرف ذاته يعرف ما يصدر منضضه فيعضضرف غيضضره‪ .‬وقضضد بينضضا مضضن مضضذهبهم أنضضه ل‬
‫يعرف غيره وألزمنا من خالفهم فضضي ذلضضك مضضوافقتهم بحكضضم وضضضعهم وإذا لضضم‬
‫يعرف غيره لم يبعد أن ل يعرف نفسه‪ .‬قولهم‪ :‬يكضضون الول ميت ضًا! فضضإن قيضضل‪:‬‬
‫كل من ل يعرف نفسضضه فهضضو ميضضت فكيضضف يكضضون الول ميتضا ً قولنضضا‪ :‬إن نفيضضت‬
‫الصفات من الول فما حاجته إلى معرفة نفسه قلنا‪ :‬فقضضد لزمكضضم ذلضضك علضضى‬
‫مساق مذهبكم إذ ل فصل بينكم وبين من قال‪ :‬كل من ل يفعل بإرادة وقضضدرة‬
‫واختيار ول يسمع ول يبصر فهو ميت ومن ل يعرف غيره فهو ميت‪ .‬فضضإن جضضاز‬
‫أن يكون الول خاليا ً عن هذه الصفات كلها فأي حاجة به إلضضى أن يعضضرف ذاتضضه‬
‫فإن عادوا إلى أن كل بريء عن المادة عقل بذاته فيعقل نفسضضه فقضضد بينضضا أن‬
‫ذلك تحكم ل برهان عليه‪ .‬قولهم‪ :‬الحي أشرف من الميت فإن قيضضل‪ :‬البرهضضان‬
‫عليه أن الموجود ينقسم إلى حي وإلى ميت والحي أقدم وأشرف من الميضضت‬
‫والول أقدم واشرف فليكن حيا ً وكل حضي يشضعر بضضذاته إذ يسضضتحيل أن يكضضون‬
‫في معلولته الحي هو ل يكون حيًا‪ .‬قولنا‪ :‬لم يستحيل كضضون المعلضضول أشضضرف‬
‫من العلة قلنا‪ :‬هذه تحكمات فإنا نقضضول‪ :‬لضضم يسضضتحيل أن يلضضزم ممضضا ل يعضضرف‬
‫نفسه ما يعرف نفسه بالوسائط الكضضثيرة أو بغيضضر واسضضطة فضضإن كضضان المحيضضل‬
‫لذلك كون المعلول أشرف من العلة فلم يستحيل أن يكون المعلضضول أشضضرف‬
‫من العلة وليس هذا بديهيا ً فيكون شرفه ل في معرفضضة الضضذات بضضل فضضي كضضونه‬
‫مبدأ لذوات المعرفة ثم بم تنكرون أن شرفه في أن وجود الكل تضضابع لضضذاته ل‬
‫في علمه الدليل عليه أن غيره ربما عرف أشياء سوى ذاته ويرى ويسمع وهو‬
‫ل يرى ول يسمع‪ .‬ولو قال قائل‪ :‬الموجود ينقسم إلى البصير والعمى والعالم‬
‫والجاهضل فليكضن البصضير أقضدم وليكضضن الول بصضيرا ً وعالمضا ً بالشضضياء‪ .‬لكنكضم‬
‫تنكرون ذلضك وتقولضون‪ :‬ليضضس الشضضرف فضي البصضر والعلضضم بالشضضياء بضضل فضضي‬
‫الستغناء عن البصر والعلم وكون الذات بحيث يوجضضد منضضه الكضضل فيضضه العلمضضاء‬
‫وذوو البصار‪ .‬فكذلك ل شرف في معرفة الضضذات بضضل فضضي كضضونه مبضضدأ لضضذوات‬
‫المعرفة وهذا شرف مخصوص به‪ .‬الخاتمة ليس هناك دليل على تلضضك المضضور‬
‫إن لم تؤخذ إل من نظر العقضل فبالضضرورة يضضطرون إلضى نفضي علمضه أيضضا ً‬
‫بذاته إذ ل يدل على شيء من ذلك سوى الرادة ول يضضدل علضضى الرادة سضضوى‬
‫حدث العالم‪ .‬وبفساد ذلك يفسد هذا كله على من يأخذ هذه المضضور مضضن نظضضر‬
‫العقضضل‪ .‬فجميضضع مضضا ذكضضروه مضضن صضضفات الول أو نفضضوه ل حجضضة لهضضم عليهضضا إل‬
‫تخمينات وظنون تستنكف الفقهاء منها في الظنيات‪ .‬ول غضضرو لضضو حضضار العقضضل‬
‫في الصفات اللهية ول عجب إنما العجب من عجبهم بأنفسهم وبضضأدلتهم ومضضن‬
‫اعتقادهم أنهم عرفوا هذه المور معرفة يقينية مع ما فيها من الخبط الخبضضال‪.‬‬
‫الجزئيات المنقسمة بانقسام الزمان إلى الكائن وما كان ومضضا يكضضون اتفضضاقهم‬
‫على هذه المسألة وقد اتفقوا على ذلك فإن من ذهب منهم إلضضى أنضضه ل يعلضضم‬
‫إل نفسه فل يخفى هذا عن مذهبه ومن ذهب إلى أنضضه يعلضضم غيضضره وهضضو الضضذي‬
‫اختاره ابن سينا فقد زعم أنه يعلم الشياء علما ً كليا ً ل يدخل تحت الزمضضان ول‬
‫يختلف بالماضضي والمسضتقبل والن ومضع ذلضك زعضم أنضه ل يعضزب عضن علمضه‬
‫مثقال ذرة في السموات ول في الرض إل أنه يعلم الجزئيضات بنضوع كلضي‪ .‬ول‬
‫بد أول ً من فهم مذهبهم ثم الشتغال بالعتراض‪.‬‬

‫قولهم إن كسوف الشمس في المستقبل والحاضضضر والماضضضي نعلمضضه بعلضضوم‬


‫ثلثة ونبين هذا بمثال وهو أن الشمس مثل ً ينكسف بعد أن لضضم يكضضن منكسضضفا ً‬
‫ثم يتجلى فيحصل له ثلثة أحوال أعني الكسوف حالة هو فيها معضضدوم منتظضضر‬
‫الوجود أي سيكون وحال هو فيها موجضضود أي هضضو كضضائن وحالضضة ثالثضضة هضضو فيهضضا‬
‫معدوم ولكنه كان من قبل‪ .‬ولنا بإزاء الحوال الثلثضضة ثلثضضة علضضوم مختلفضضة فإنضضا‬
‫نعلم أول ً أن الكسوف معدوم وسيكون وثانيا ً أنه كضائن وثالثضا ً أنضه كضان وليضس‬
‫كائنا ً الن وهذه العلوم الثلثة متعضضددة ومختلفضضة وتعاقبهضضا علضضى المحضضل يضضوجب‬
‫تغير الذات العالمة فإنه لضضو علضضم بعضضد النجلء أن الكسضضوف موجضضود الن كضضان‬
‫جهل ً ل علما ً ولو علم عند وجوده أنضضه معضضدوم كضضان جهل ً فبعضضض هضضذه ل يقضضوم‬
‫مقام بعض‪ .‬إن الله ل يعلم لنه ل يتغير‪ ...‬فزعموا أن الله ل يختلف حاله فضضي‬
‫هذه الحوال الثلثة فإنه يؤدي إلى التغير ومضا لضم يختلضف حضاله لضم يتصضور أن‬
‫يعلم هذه المور الثلثة فإن العلم يتبع المعلوم فإذا تغيضضر المعلضضوم تغيضضر العلضضم‬
‫وإذا تغير العلم فقد تغير العالم ل محالة والتغير على اللضضه محضضال‪ ... .‬إل بعلضضم‬
‫ل يختلف ومع هذا زعم أنه يعلم الكسوف وجميع صفاته وعوارضه ولكن علما ً‬
‫هو يتصف به في الزل ول يختلف مثل أن يعلم مثل ً أن الشضضمس موجضضود وأن‬
‫القمر موجود فإنهما حصل منضضه بواسضضطة الملئكضضة الضضتي سضضموها باصضضطلحهم‬
‫عقول ً مجردة ويعلم أنها تتحرك حركات دورية ويعلضم أن بيضن فلكيهمضا تقضاطع‬
‫على نقطتين همضضا الضضرأس والضضذنب وأنهمضضا يجتمعضضان فضضي بعضضض الحضضوال فضضي‬
‫العقدتين فينكسف الشمس أي يحول جرم القمر بينهما وبين أعين النضضاظرين‬
‫فيستتر الشمس عن العين وأنه إذا جاوز العقدة مثل ً بمقدار كذى وهضضو سضضنة‬
‫مثل ً فإنه ينكسف مرة أخرى وأن ذلك النكساف يكون فضضي جميعضضه أو ثلثضضه أو‬
‫نصضضفه وأنضضه يمكضضث سضضاعة أو سضضاعتين وهكضضذى إلضضى جميضضع أحضضوال الكسضضوف‬
‫وعوارضه فل يعزب عن علمه شيء ولكن علمضضه بهضضذا قبضضل الكسضضوف وحالضضة‬
‫الكسوف وبعد النجلء على وتيرة واحدة ل يختلف ول يوجب تغيرا ً في ذاته‪.‬‬
‫فجميع الحوادث مكشوفة له انكشافا ً واحدا ً ل يؤثر فيه الزمضضان وكضضذى علمضضه‬
‫بجميع الحوادث فإنها إنما تحدث بأسباب وتلك السباب لهضضا أسضضباب أخضضر إلضضى‬
‫أن تنتهضضي إلضضى الحركضضة الدوريضضة السضضماوية وسضضبب الحركضضة نفضضس السضضموات‬
‫وسبب تحريك النفس الشوق إلى التشضضبه بضضالله والملئكضضة المقربيضضن‪ .‬فالكضضل‬
‫معلوم له أي هو منكشف له انكشافا ً واحدا ً متناسبا ً ل يضضؤثر فيضضه الزمضضان ومضع‬
‫هذا فحالة الكسوف ل يقال‪ :‬إنه يعلم أن الكسوف موجود الن ول يعلم بعضضده‬
‫أنه انجلى الن وكل ما يجب في تعريفضضه الضضضافة إلضضى الزمضضان فل يتصضضور أن‬
‫يعلمه لنه يوجب التغير هذا فيما ينقسم بالزمان‪ .‬فهو يعلم الخضضواص ول يعلضضم‬
‫عوارضها‪ ...‬وكذى مضضذهبهم فيمضضا ينقسضضم بالمضضادة والمكضضان كأشضضخاص النضضاس‬
‫والحيوانات فضإنهم يقولضون‪ :‬ل يعلضم عضوارض زيضد وعمضرو وخالضد وإنمضا يعلضم‬
‫النسان المطلق بعلم كلي ويعلم عوارضه وخواصه وأنه ينبغي أن يكون بضضدنه‬
‫مركبا ً من أعضاء بعضها للبطش وبعضها للمشي وبعضها للدراك وبعضها زوج‬
‫وبعضها فرد وأن قواه ينبغي أن تكون مبثوثة في أجزائه وهلضضم جضضرا إلضضى كضضل‬
‫صفة في داخل الدمي وباطنه وكل ما هو من لواحقه وصفاته ولضضوازمه حضضتى‬
‫ل يعزب عن علمه شيء ويعلمه كليًا‪ ... .‬وأما العوارض فل يميزهضضا إل الحضضس‬
‫فأما شخص زيد فإنما يتميز عضضن شضضخص عمضضرو للحضضس ل للعقضضل فضضإن عمضضاد‬
‫التمييز إليه الشضضارة إلضضى جهضضة معينضضة والعقضضل يعقضضل الجهضضة المطلقضضة الكليضضة‬
‫والمكان الكلضي فأمضا قولنضا هضذا وهضذا فهضو إشضارة إلضى نسضبة حاصضلة لضذلك‬
‫المحسوس إلى الحاس بكضضونه منضضه علضضى قضضرب أو بعضضد أو جهضضة معينضضة وذلضضك‬
‫يستحيل في حقه‪ .‬قولنا‪ :‬وبضضذلك يستأصضضلون الديضضان وهضضذه قاعضضدة اعتقضضدوها‬
‫واستأصلوا بها الشرائع بالكلية إذ مضمونها أن زيد مثل ً لو أطاع الله أو عصضضاه‬
‫لم يكن الله عالما ً بما يتجدد من أحواله لنه ل يعرف زيدا ً بعينضضه فضضإنه شضضخص‬
‫وأفعاله حادثضضة بعضضد أن لضضم تكضضن وإذا لضضم يعضضرف الشضضخص لضضم يعضضرف أحضضواله‬
‫وأفعاله بل ل يعلم كفضضر زيضضد ول إسضضلمه وإنمضضا يعلضضم كفضضر النسضضان وإسضضلمه‬
‫مطلقا ً كليا ً ل مخصوصا ً بالشخاص بل يلزم أن يقال‪ :‬تحدى محمد صضضلى اللضضه‬
‫عليه وسلم بالنبوة وهو لم يعرف في تلك الحالة أنه تحدى بها وكضضذلك الحضضال‬
‫مع كل نبي معين وإنه إنما يعلم أن من الناس مضضن يتحضضدى بضضالنبوة وأن صضضفة‬
‫أولئك كذى وكضضذى فأمضا النضضبي المعيضضن بشخصضضه فل يعرفضضه فضإن ذلضك يعضضرف‬
‫بالحس والحوال الصادرة منه ل يعرفها لنها أحوال تنقسضضم بانقسضضام الزمضضان‬
‫من شخص معين ويوجب إدراكها على اختلفها تغيرًا‪ .‬فهذا ما أردنضضا أن نضضذكره‬
‫من نقل مذهبهم أول ً ثم تفهيمه ثانيا ً ثم من القبايح اللزمة عليه ثالثضًا‪ .‬فلنضضذكر‬
‫الن خبالهم ووجه بطلنه‪ .‬قولهم‪ :‬من علم علما ً مختلفا ً متعاقبا ً تغيضضر وخبضضالهم‬
‫أن هذه أحوال ثلثة مختلفة والمختلفات إذا تعاقبت علضضى محضضل واحضضد أوجبضضت‬
‫فيه تغيرا ً ل محالة‪ .‬فإن كان حالة الكسوف عالما ً بأنه سيكون كمضضا كضضان قبلضضه‬
‫فهو جاهل ل عالم وإن كان عالما ً بأنه كائن وقبل ذلضك كضان عالمضا ً بضضأنه ليضضس‬
‫بكائن وأنه سيكون فقد اختلف علمضه واختلضف حضاله فلضضزم التغيضر إذ ل معنضى‬
‫للتغير إل اختلف العالم فإن من لم يعلم شيئا ً ثم علمه فقد تغير ولم يكن لضضه‬
‫علم بأنه كائن ثم حصل حالة الوجود فقد تغير‪ .‬في الضافة وحققضضوا هضضذا بضضأن‬
‫الحوال ثلثة حالة هي إضافة محضة ككونك يمينا ً وشمال ً فإن هذا ل يرجع إلى‬
‫وصف ذاتي بل هو إضافة محضة فإن تحول الشيء الذي كان على يمينك إلى‬
‫شمالك تغيرت إضافتك ولم تتغير ذاتك بحال وهضضذا تبضضدل إضضضافة علضضى الضضذات‬
‫وليس بتبدل الضضذات‪ .‬ومضضن هضضذا القبيضضل إذا كنضضت قضضادرا ً علضضى تحريضضك أجسضضام‬
‫حاضرة بين يديك فانعدمت الجسام أو انعدم بعضها لم تتغير قوتضضك الغريزيضضة‬
‫ول قدرتك لن القدرة قدرة على تحريك الجسم المطلق أول ً ثم على المعيضضن‬
‫ثانيا ً من حيث أنه جسم فلم تكن إضضافة القضضدرة إلضى الجسضضم المعيضضن وصضضفا ً‬
‫ذاتيا ً بل إضافة محضة فعدمها يوجب زوال إضضضافة ل تغيضضرا ً فضضي حضضال القضضادر‪.‬‬
‫والثالث تغير في الذات وهو أن ل يكون عالما ً فيعلم أو ل يكضضون قضضادرا ً فيقضضدر‬
‫فهذا تغير‪.‬‬
‫تغير المعلوم يوجب تغير علم العالم وهي الضافة وتغير المعلوم يوجب تغيضضر‬
‫العلم فإن حقيقة ذات العلم تدخل فيه الضافة إلى المعلوم الخاص إذ حقيقضضة‬
‫العلم المعين تعلقه بذلك المعلوم المعين على مضا هضو عليضه فتعلقضه بضه علضى‬
‫وجه آخر علم آخر بالضرورة فتعاقبه يوجب اختلف حال العالم‪ .‬ول يمكضضن أن‬
‫يقال‪ :‬إن للذات علم واحد فيصير علما ً بالكون بعد كونه علما ً بأنه سيكون ثضضم‬
‫هو يصير علما ً بأنه كضضان بعضضد أن كضضان علمضا ً بضضأنه كضضائن فضضالعلم واحضضد متشضضابه‬
‫الحوال وقد تبدلت عليه الضضضافة لن الضضضافة فضضي العلضضم حقيقضضة ذات العلضضم‬
‫فتبدلها يوجب تبدل ذات العلم فيلزم منه التغير وهو محال على الله‪ .‬مع تغير‬
‫ما ينزل منزلة الضافة المحضة والعتراض من وجهين‪ :‬أحدهما أن يقضضال‪ :‬بضضم‬
‫تنكرون على من يقول‪ :‬إن الله تعالى له علم واحد بوجود الكسضضوف مثل ً فضضي‬
‫وقت معين وذلك العلم قبل وجوده علم بأنه سيكون وهضضو بعينضضه عنضضد الوجضضود‬
‫علم بالكون وهو بعينه بعد النجلء علم بالنقضضضاء وإن هضضذه الختلفضضات ترجضضع‬
‫إلى إضافات ل توجب تبدل ً فضي ذات العلضم فل تضوجب تغيضرا ً فضي ذات العضالم‬
‫وأن ذلك ينزل منزلة الضافة المحضة فإن الشخص الواحد يكون على يمينضضك‬
‫ثم يرجع إلى قدامك ثم إلى شمالك فتتعاقب عليك الضضضافات والمتغيضضر ذلضضك‬
‫الشخص المنتقل دونك وهكذى ينبغي أن بفهم الحال في علم الله فإنا نسضضلم‬
‫أنه يعلم الشياء بعلم واحد فضضي الزل والبضضد والحضضال ل يتغيضضر وغرضضضهم نفضضي‬
‫التغير وهو متفق عليه‪.‬‬

‫في إمكان الله أن يخلق لنا مثل هذا العلم وقولهم‪ :‬من ضرورة إثبضضات العلضضم‬
‫بالكون الن والنقضاء بعده تغير فليس بمسلم فمن أين عرفضضوا ذلضضك بضضل لضضو‬
‫خلق الله لنا علما ً بقدوم زيد غدا ً عنضضد طلضضوع الشضضمس وأدام هضضذا العلضضم ولضضم‬
‫يخلق لنا علما ً آخر ول غفلة عن هذا العلم لكنضا عنضد طلضوع الشضمس عضالمين‬
‫بمجرد العلم السابق بقدومه الن وبعده بأنه قدم من قبضضل وكضضان ذلضضك العلضضم‬
‫الواحد الباقي كافيا ً في الحاطة بهذه الحوال الثلثة‪ .‬اعتراضهم فيبقى قولهم‪:‬‬
‫إن الضافة إلى المعلوم المعين داخلة فضضي حقيقتضضه ومهمضضا اختلفضضت الضضضافة‬
‫اختلف الشيء الذي الضافة ذاتية لضضه ومهمضضا حصضضل الختلف والتعضضاقب فقضضد‬
‫حصل التغير‪ .‬تقولون بأن اللضه ل يعلضم " النسضان المطلضق " الضخ فنقضول‪ :‬إن‬
‫صح هذا فاسلكوا مسلك إخوانكم مضضن الفلسضضفة حيضضث قضضالوا‪ :‬إنضضه ل يعلضضم إل‬
‫نفسه وإن علمضه بضذاته عيضن ذاتضه لنضه لضو علضم النسضان المطلضضق والحيضوان‬
‫المطلق والجماد المطلق وهذه مختلفات ل محالة فالضافات إليهضضا تختلضضف ل‬
‫محالة فل يصلح العلم الواحد لن يكون علما ً بالمختلفات لن المضاف مختلف‬
‫والضضضافة مختلفضضة والضضضافة إلضضى المعلضضوم ذاتيضضة للعلضضم فيضضوجب ذلضضك تعضضددا ً‬
‫واختلفا ً ل تعددا ً فقط مع التماثل إذ المتماثلت ما يسضضد بعضضضها مسضضد البعضضض‬
‫والعلم بالحيوان ل يسد مسد العلم بالجماد ول العلم بالبياض يسد مسد العلم‬
‫بالسواد فهما مختلفان‪ ... .‬فكم بالحرى بهذا المر ثم هذه النضضواع والجنضضاس‬
‫والعوارض الكلية ل نهاية لها وهضي مختلفضة‪ .‬فضالعلوم المختلفضة كيضضف تنطضضوي‬
‫تحت علم واحد ثم ذلك العلم هو ذات العالم من غير مزيد عليه وليت شضضعري‬
‫كيف يستجير العاقل من نفسه أن يحيضضل التحضضاد فضضي العلضضم بالشضضيء الواحضضد‬
‫المنقسم أحواله إلى الماضي والمستقبل والن وهو ل يحيل التحاد في العلضضم‬
‫المتعلق بجميع الجناس والنضضواع المختلفضضة والختلف والتباعضضد بيضن الجنضاس‬
‫والنضضواع المتباعضضدة أشضضد مضضن الختلف الواقضضع بيضضن أحضضوال الشضضيء الواحضضد‬
‫المنقسم بانقسام الزمان وإذا لم يوجب ذلك تعددا ً واختلفا ً كيضف يضوجب هضذا‬
‫تعددا ً واختلفا ً ومهما ثبت بالبرهان أن اختلف الزمضضان دون اختلف الجنضضاس‬
‫والنواع وأن ذلك لم يوجب التعدد والختلف فهذا أيضا ً ل يوجب الختلف وإذا‬
‫لم يوجب الختلف جاز الحاطة بالكضضل بعلضضم واحضضد دائم فضضي الزل والبضضد ول‬
‫يوجب ذلك تغيرا ً في ذات العالم‪ .‬هل تعقلون قضديما ً متغيضرا ً العضتراض الثضاني‬
‫هو أن يقال‪ :‬وما المانع على أصلكم من أن يعلم هذه المور الجزئية وإن كان‬
‫يتغير وهل اعتقدتم أن هذا النوع من التغير ل يستحيل عليه كما ذهب جهم من‬
‫المعتزلة إلى أن علومه بالحوادث حادثة وكما اعتقد الكرامية من عند آخرهضضم‬
‫أنه محل الحوادث ولم ينكر جماهير أهل الحق عليهم إل من حيث أن المتغيضضر‬
‫ل يخلوا عن التغير وما ل يخلوا عن التغير والحوادث فهو حادث وليس بقضضديم‪.‬‬
‫وأما أنتم فمذهبكم أن العالم قديم وأنه ل يخلوا عن التغير‪ .‬قولهم يكون العلم‬
‫حادثا ً إما من جهته أو من جهة غيره والحال أنه محال في الحضضالين فضإن قيضضل‪:‬‬
‫إنما أحلنا ذلك لن العلم الحادث في ذاته ل يخلوا إما أن يحضضدث مضضن جهتضضه أو‬
‫من جهة غيره وباطل أن يحدث منه فإنا بينا أن القديم ل يصدر منه حضادث ول‬
‫يصير فاعل ً بعد أن لم يكن فاعل ً فإنه يضضوجب تغيضضرا ً وقضضد قررنضضاه فضضي مسضضألة‬
‫حدث العالم وإن حصل ذلك في ذاته من جهة غيره فكيف يكون غيضضره مضضؤثرا ً‬
‫فيه ومغيرا ً له حتى تتغير أحضضواله علضضى سضضبيل التسضضخر والضضضطرار مضضن جهضضة‬
‫غيره قولنا‪ :‬عليكم أل ترفضوا الحال الول‪ ...‬قلنا‪ :‬كل واحد من القسمين غير‬
‫محال على أصلكم‪ .‬أما قولكم‪ :‬إنه يستحيل أن يصدر من القضضديم حضضادث قفضضد‬
‫أبطلناه في تلك المسألة‪ .‬كيف وعندكم يستحيل أن يصدر مضن القضديم حضادث‬
‫هو أول الحوادث فشرط استحالته كضضونه أول ً وإل فهضضذه الحضضوادث ليسضضت لهضضا‬
‫أسباب حادثة إلى غير نهاية بضضل تنتهضضي بواسضضطة الحركضضة الدوريضضة إلضضى شضضيء‬
‫قديم هو نفس الفلك وحياته‪ .‬فالنفس الفلكية قديمة والحركة الدوريضضة تحضضدث‬
‫منها وكل جزء من أجزاء الحركة يحدث وينقضي ومضضا بعضضده متجضضدد ل محالضضة‪.‬‬
‫فإذن الحوادث صادرة من القديم عندكم ولكن إذ تشابه أحوال القضديم تشضابه‬
‫فيضان الحوادث منه على الضضدوام كمضضا يتشضضابه أحضضوال الحركضضة لمضضا أن كضضانت‬
‫تصدر من قديم متشابه الحوال‪ .‬فاسضضتبان أن كضضل فريضضق منهضضم معضضترف بضضأنه‬
‫يجوز صدور حادث من قديم إذا كضضانت تصضضدر علضضى التناسضضب والضضدوام فلتكضضن‬
‫العلوم الحادثة من هذا القبيل‪.‬‬
‫‪ ...‬ول الحال الثاني‪ :‬وذلك ل للزوم التغير‪ ...‬وأما القسضضم الثضضاني وهضضو صضضدور‬
‫هذا العلم فيه من غيره فنقول‪ :‬ولم يستحيل ذلك عنضضدكم وليضضس فيضه إل ثلثضضة‬
‫أمور‪ :‬أحدها التغير وقد بينا لزومه على أصلكم‪ ... .‬ول لحدوث التغير من جهة‬
‫غيره‪ ...‬والثاني كون الغير سضببا ً لتغيضر الغيضر وهضو غيضر محضال عنضدكم فليكضن‬
‫حضدوث الشضيء سضببا ً لحضدوث العلضم بضه كمضا أنكضم تقولضون‪ :‬تمثضل الشضخص‬
‫المتلضضون بضإزاء الحدقضة الباصضرة سضضبب لنطبضضاع مثضال الشضخص فضي الطبقضة‬
‫الجليدية من الحدقة عند توسط الهواء المشضضف بيضضن الحدقضضة والمبصضضر‪ .‬فضضإذا‬
‫جاز أن يكون جماد سببا ً لنطباع الصورة في الحدقة وهو معنضضى البصضضار فلضضم‬
‫يستحيل أن يكون حدوث الحوادث سضضببا ً لحصضضول علضضم الول بهضضا فضضإن القضضوة‬
‫الباصرة كما أنها مستعدة للدراك ويكون حصول الشخص المتلون مع ارتفضضاع‬
‫الحواجز سببا ً لحصول الدراك فليكن ذات المبدأ الول عندكم مستعدا ً لقبضضول‬
‫العلم ويخرج من القوة إلى الفعل بوجود ذلضضك الحضضادث‪ .‬فضضإن كضضان فيضضه تغيضضر‬
‫القديم فالقديم المتغير عندكم غير مستحيل وإن زعمتم أن ذلك يستحيل فضضي‬
‫واجب الوجود فليس لكم علضى إثبضضات واجضب الوجضود دليضل إل قطضع سلسضضلة‬
‫العلضضل والمعلضضولت كمضضا سضضبق‪ .‬وقضضد بينضضا أن قطضضع التسلسضضل ممكضضن بقضضديم‬
‫متغير‪ ... .‬ول " لتسخر " القديم والمضضر الثضضالث الضضذي يتضضضمنه هضضذا هضضو كضضون‬
‫القديم متغيرا ً بغيره وإن ذلك يشبه التسخر واستيلء الغير عليضضه فيقضضال‪ :‬ولضضم‬
‫يستحيل عندكم هذا وهو أن يكون هو سببا ً لحدوث الحوادث بوسائط ثم يكون‬
‫حدوث الحوادث سببا ً لحصول العلم له بها فكأنه هو السبب في تحصيل العلم‬
‫لنفسه ولكن بالوسائط‪.‬‬
‫تقولون إن ما يصدر من الله يصور علضضى سضضبيل اللضضزوم والطبضضع وقضضولكم إن‬
‫ذلك يشبه التسخر فليكن كذلك فإنه لئق بأصلكم إذ زعمتم أن ما يصضضدر مضضن‬
‫الله يصدر على سبيل اللزوم والطبع ول قدرة له على أن ل يفعل‪ .‬وهذا أيضضا ً‬
‫يشبه نوعا ً من قولهم‪ :‬كماله فضي أن يكضون مصضدر الكضل فضإن قيضل‪ :‬إن ذلضك‬
‫ليس باضطرار لن كماله في أن يكون مصدرا ً لجميع الشضياء‪ .‬قولنضا‪ ...:‬وفضي‬
‫أن يعلم الكل فهذا ليس بتسخر فإن كمضضاله فضضي أن يعلضضم جميضضع الشضضياء ولضضو‬
‫حصل لنا علم مقارن لكل حادث لكان ذلك كمال ً لنا ل نقصانا ً وتسخرًا‪ .‬فليكن‬
‫كذلك في حقه‪ .‬مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن السماء حيوان‬
‫مطيع لله تعالى بحركته الدورية قولهم وقد قضضالوا إن السضضماء حيضضوان وإن لضضه‬
‫نفسا ً نسبته إلى بدن السماء كنسبة نفوسنا إلى أبداننا وكما أن أبداننا تتحضضرك‬
‫بالرادة نحو أغراضها بتحريك النفس فكضذى السضموات وإن غضرض السضموات‬
‫بحركتها الذاتية عبادة رب العالمين على وجه سنذكره‪.‬‬
‫ل ينكضر إمكضانه ومضذهبهم فضي هضذه المسضألة ممضا ل ينكضر إمكضانه ول يضدعى‬
‫استحالته فإن الله قادر على أن يخلق الحياة في كضضل جسضضم فل كضضبر الجسضضم‬
‫يمنع من كونه حيا ً ول كونه مسضضتديرا ً فضضإن الشضضكل المخصضضوص ليضضس شضضرطا ً‬
‫للحياة إذ الحيوانات مع اختلف أشكالها مشتركة فضضي قبضضول الحيضضاة‪ .‬ولكضضن ل‬
‫يعرف بدليل العقل ولكنا ندعى عجزهم عن معرفة ذلك بدليل العقل وإن هذا‬
‫إن كان صحيحا ً فل يطلع عليه إل النبياء بإلهام من الله أو وحي وقياس العقل‬
‫ليس يدل عليه‪ .‬نعم ل يبعد أن يتعرف مثل ذلك بدليل إن وجد الدليل وسضضاعد‬
‫ولكنا نقول مضضا أوردوه دليل ً ل يصضضلح إل لفضضادة ظضضن فأمضضا أن يفيضضد قطعضا ً فل‪.‬‬
‫الضلل في قولهم بأن السماء متحرك وخبالهم فيه أن قالوا‪ :‬السماء متحضضرك‬
‫وهذه مقدمة حسية‪ .‬وكل جسم متحرك فله محرك وهذه مقدمة عقلية إذ لضضو‬
‫كان الجسم يتحرك لكونه جسما ً لكان كل جسم متحركًا‪ .‬كضل متحضضرك إمضا أن‬
‫يكون قسريا ً أو طبيعيا ً أو إراديا ً وكضضل محضضرك فإمضضا أن يكضضون منبعثضا ً عضضن ذات‬
‫المتحرك كالطبيعة في حركة الحجر إلى أسضضفل والرادة فضضي حركضضة الحيضضوان‬
‫مع القدرة وإما أن يكون المحضضرك خارج ضا ً ولكضضن يحضضرك علضضى طريضضق القسضضر‬
‫كدفع الحجر إلى فوق‪ .‬وكل ما يتحرك بمعنى في ذاته فإمضضا أن ل يشضضعر ذلضضك‬
‫الشيء بالحركة ونحن نسميه طبيعة كحركة الحجر إلى أسفل وإمضا أن يشضعر‬
‫به ونحن نسميه إراديا ً ونفسانيا ً فصضضارت الحركضضة بهضضذه التقسضيمات الحاصضرة‬
‫الدائرة بين النفي والثبات إما قسرية طبيعيضضة وإمضضا طبيعيضضة وإمضضا إراديضضة وإذا‬
‫بطل قسمان تعين الثالث‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ول يمكن أن يكون قسريا ول يمكن أن يكون قسريا لن المحرك القاسر إمضضا‬
‫جسم آخر يتحرك بالرادة أو بالقسر وينتهي ل محالة إلضضى إرادة ومهمضضا أثبضضت‬
‫في أجسام السموات متحرك بالرادة فقد حصل الغرض فأي فائدة في وضضضع‬
‫حركات قسضضرية وبضالخرة ل بضضد مضن الرجضوع إلضى الرادة وإمضا أن يقضال‪ :‬إنضه‬
‫يتحرك بالقسر والله هو المحرك بغير واسطة وهو محال لنه لو تحرك به من‬
‫حيث أنضضه جسضضم وأنضضه خضضالقه للضضزم أن يتحضضرك كضضل جسضضم فل بضضد وأن تختضضص‬
‫الحركة بصفة به يتميضضز عضضن غيضضره مضضن الجسضضام وتلضضك الصضضفة هضضي المحضضرك‬
‫القريب إما بالرادة أو الطبع‪ .‬ول يمكن أن يقضضال إن اللضضه يحركضضه بضضالرادة لن‬
‫إرادته تناسب الجسام نسبة واحدة فلم استعد هضضذا الجسضضم علضضى الخصضضوص‬
‫لن يراد تحريكه دون غيره ول يمكن أن يكون ذلك جزافا ً فإن ذلك محال كمضضا‬
‫سبق في مسألة حدث العالم وإذا ثبت أن هضضذا الجسضضم ينبغضضي أن يكضضون فيضضه‬
‫صفة هو مبدأ الحركة بطل القسم الول وهو تقضضدير الحركضضة القسضضرية‪ .‬ول أن‬
‫يكون طبيعيا ً لنه يعود إلى المكان المهضضروب عنضضه‪ .‬فهضضو إذا إراديضا ً فيبقضضى أن‬
‫يقال‪ :‬هي طبيعية وهو غير ممكضضن لن الطبيعضضة بمجردهضضا قضضط ل تكضضون سضضببا ً‬
‫للحركة لن معنى الحركة هرب من مكان وطلب لمكان آخضضر فالمكضضان الضضذي‬
‫فيه الجسم إن كان ملئما ً له فل يتحرك عنه ولهضضذا ل يتحضضرك زق مملضضوء مضضن‬
‫الهواء على وجه الماء وإذا غمس في الماء تحرك إلضى وجضه المضاء فضإنه وجضد‬
‫المكان الملئم فسكن والطبيعة قائمة ولكن إن نقل إلى مكان ل يلئمه هرب‬
‫منه إلى الملئم كما هرب من وسط الماء إلى حيز الهواء‪ .‬والحركة الدورية ل‬
‫يتصور أن تكون طبيعية لن كل وضع وأين يفرض الهرب منضضه فهضضو عضضائد إليضضه‬
‫والمهروب عنه بالطبع ل يكون مطلوب ضا ً بضضالطبع ولضضذلك ل ينصضضرف زق الهضضواء‬
‫إلى باطن الماء ول الحجضضر ينصضضرف بعضضد السضضتقرار علضضى الرض فيعضضود إلضضى‬
‫الهوى‪ .‬فلم يبق إل القسم الثالث وهي الحركة الرادية‪.‬‬

‫العتراض هناك ثلث احتمالت أخرى العتراض هو أنا نقول‪ :‬نحن نقرر ثلضضث‬
‫احتمالت سوى مذهبكم ل برهان على بطلنها‪ .‬الول أن يقدر حركضضة السضضماء‬
‫قهرا ً لجسم آخر مريد لحركتها يديرها على الضضدوام وذلضضك الجسضضم المحضضرك ل‬
‫يكون كرة ول يكون محيطا ً فل يكون سماء فيبطضضل قضضولهم إن حركضضة السضضماء‬
‫إرادية وإن السماء حيوان‪ .‬وهذا الذي ذكرناه ممكن وليس في دفعه إل مجضضرد‬
‫استبعاد‪ .‬أو تكون بإرادة الله الثاني هو أن يقال الحركة قسرية ومبضضدؤها إرادة‬
‫الله فإنا نقول‪ :‬حركة الحجر إلى أسفل أيضا ً قسري يحدث بخلق الله الحركضضة‬
‫فيه وكذى القول في سائر حركات الجسام التي ليست حيوانيضضة‪ .‬والعضضتراض‬
‫على الرادة قد أبطلناه فيبقى اسضضتبعادهم أن الرادة لضضم اختصضضت بضضه وسضضائر‬
‫الجسضضام تشضضاركها فضضي الجسضضمية فقضضد بينضضا أن الرادة القديمضضة مضضن شضضأنها‬
‫تخصيص الشيء عن مثله وأنهم مضطرون إلضى إثبضضات صضضفة هضضذا شضضأنها فضي‬
‫تعيين جهة الحركضضة الدوريضضة وفضضي تعييضضن موضضضع القطضضب والنقطضضة فل نعيضضده‬
‫والقول الوجيز إن ما استبعدوه في اختصاص الجسم بتعلق الرادة به من غير‬
‫تميز بصفة ينقلب عليهم في تميزه بتلك الصفة فإنضضا نقضضول‪ :‬ولضضم تميضضز جسضضم‬
‫السماء بتلك الصفة التي بها فارق غيره من الجسضضام وسضضائر الجسضضام أيض ضا ً‬
‫أجسام فلم حصل فيه ما لم يحصل فضضي غيضضره فضضإن علضضل ذلضضك بصضضفة أخضضرى‬
‫توجه السؤال في الصفة الخرى وهكذى يتسلسل إلى غيضضر نهايضضة فيضضضطرون‬
‫بالخرة إلى التحكم في الرادة وأن في المبضضادئ مضضا يميضضز الشضضيء عضضن مثلضضه‬
‫ويخصصه بصفة عن أمثاله‪.‬‬
‫أو تكون بالطبع وبدون أن تشعر ل لطلب المكان ول للهرب منضضه الثضضالث هضضو‬
‫أن يسلم أن السماء اختص بصفة تلك الصفة مبدأ الحركة كمضضا اعتقضضدوه فضضي‬
‫هوى الحجر إلى أسضضفل إل أنضضه ل يشضضعر بضضه كضضالحجر‪ .‬وقضضولهم‪ :‬إن المطلضضوب‬
‫بالطبع ل يكون مهروبضا ً عنضه بضالطبع فتلضبيس لنضه ليضس ثضم أمضاكن متفاصضلة‬
‫بالعدد عنضضدهم بضضل الجسضضم واحضضد والحركضضة الدوريضضة واحضضدة فل للجسضضم جضضزء‬
‫بالفعل ول للحركة جضضزء بالفعضضل وإنمضضا يتجضضزى بضضالوهم فليسضضت تلضضك الحركضضة‬
‫لطلب المكان ول للهرب من المكان‪ .‬فيمكن أن يخلق جسم وفي ذاته معنضضى‬
‫يقتضي حركة دورية وتكون الحركة نفسها مقتضى ذلك المعنى ل أن مقتضضضى‬
‫المعنى طلب المكان ثم تكون حركة للوصول إليه‪ .‬الحركة نفس المقتضضضى ل‬
‫لطلب مكان وقولكم‪ :‬إن كل حركة فهو لطلضضب مكضضان أو هضضرب منضضه إذا كضضان‬
‫ضروريا ً فكأنكم جعلتضضم طلضضب المكضضان مقتضضضى الطبضضع وجعلتضضم الحركضضة غيضضر‬
‫مقصودة في نفسها بضضل وسضيلة إليضضه ونحضضن نقضول‪ :‬ل يبعضضد أن تكضون الحركضضة‬
‫نفس المقتضى ل لطلب مكان فما الذي يحيل ذلك الخلصضضة فاسضضتبان أن مضضا‬
‫ذكروه إن ظن أنه أغلب من احتمال آخر فل يتيقن قطعا ً انتفاء غيره‪ .‬فضضالحكم‬
‫على السماء بأنه حيوان تحكم محض ل مستند له‪.‬‬
‫مسألة في إبطال ما ذكروه من الغرض المحرك للسضضماء قضضولهم إن السضضماء‬
‫متقرب إلى الله وقد قالوا‪ :‬إن السماء مطيع لله بحركته ومتقرب إليه لن كل‬
‫حركة بالرادة فهو لغرض إذ ل يتصور أن يصدر الفعل والحركة من حيضضوان إل‬
‫إذا كان الفعل أولى به من الترك وإل فلضضو اسضضتوى الفعضضل والضضترك لمضضا تصضضور‬
‫الفعل‪ .‬في الكمال ثم التقرب إلى الله ليس معناه طلضضب الرضضضا والحضضذر مضن‬
‫السخط فإن الله يتقدس عن السخط والرضا وإن أطلق هضضذه اللفضضاظ فعلضضى‬
‫سبيل المجاز يكني بهضضا عضضن إرادة العقضضاب وإرادة الثضضواب ول يجضضوز أن يكضضون‬
‫التقرب بطلب القرب منه في المكان فإنه محضضال فل يبقضضى إل طلضضب القضضرب‬
‫في الصفات فإن الوجود الكمضضل وجضضوده وكضضل وجضضود فبالضضضافة إلضضى وجضضوده‬
‫ناقص وللنقصان درجات وتفاوت فالملك أقرب إليه صفة ل مكانا ً وهو المضضراد‬
‫بالملئكة المقربيضن أي الجضواهر العقليضة الضتي ل تتغيضر ول تفنضى ول تسضتحيل‬
‫وتعلم الشياء على ما هضضي عليضضه والنسضضان كلمضضا ازداد قرب ضا ً مضضن الملضضك فضضي‬
‫الصفات ازداد قربا ً من الله ومنتهى طبقة الدميين التشبه بالملئكة‪.‬‬

‫الملئكة المقربون كمالهم ل يزداد وإذا ثبت أن هذا معنضضى التقضضرب إلضضى اللضضه‬
‫وأنه يرجع إلى طلب القرب منه في الصفات وذلك للدمي بضضأن يعلضضم حقضضائق‬
‫الشياء وبأن يبقى بقاًء مؤبدا ً على أكمل أحواله الممكن له فضضإن البقضضاء علضضى‬
‫الكمال القصى هو الله‪ .‬والملئكة المقربون كل مضضا يمكضضن لهضضم مضضن الكمضضال‬
‫فهو حاضر معهم في الوجود إذ ليس فيهم شيء بالقوة حتى يخرج إلى الفعل‬
‫فإذن كمضضالهم فضضي الغايضضة القصضضوى بالضضضافة إلضضى مضضا سضضوى اللضضه‪ .‬والملئكضضة‬
‫السماوية يزداد كمالهم بتحريك السماء ويتشبهون بضضالله والملئكضضة السضضماوية‬
‫هي عبارة عن النفوس المحركة للسموات وفيها ما بالقوة وكمالتها منقسضضمة‬
‫إلى ما هو بالفعل كالشكل الكري والهيئة وذلك حاضر وإلى ما هو بالقوة وهو‬
‫الهيئة في الوضع والين‪ .‬وما من وضع معين إل وهو ممكن له ولكن ليست له‬
‫سائر الوضاع بالفعل فضضإن الجمضضع بيضضن جميعهضضا غيضضر ممكضضن فلمضضا لضضم يمكنهضضا‬
‫استيفاء آحاد الوضضاع علضى الضدوام قصضد اسضضتيفاءها بضالنوع فل يضضزال يطلضضب‬
‫وضعا ً بعد وضع وأين ضا ً بعضضد أيضضن ول ينقطضضع قضضط هضضذا المكضضان فل تنقطضضع هضضذه‬
‫الحركات وإنما قصضضده التشضضبه بالمبضضدأ الول فضضي نيضضل الكمضضال القصضضى علضضى‬
‫حسب المكان في حقه وهو معنى طاعة الملئكة السماوية لله‪.‬‬

‫فإنهم يستوفون كل وضع ممكن فيفيض منه الخير وقد حصل لها التشبه مضضن‬
‫وجهين‪ :‬أحدهما استيفاء كضضل وضضضع ممكضضن لضضه بضالنوع وهضضو المقصضضود بالقصضضد‬
‫الول‪ .‬والثاني ما يترتب على حركته من اختلف النسب في التثليضضث والضضتربيع‬
‫والمقارنة والمقابلة واختلف الطوالع بالنسبة إلى الرض فيفيضضض منضضه الخيضضر‬
‫على ما تحت فلك القمر ويحصل منه هذه الحوادث كلها فهذا وجضضه اسضضتكمال‬
‫النفضضس السضضماوية‪ .‬وكضضل نفضضس عاقلضضة فمتشضضوقة إلضضى السضضتكمال بضضذاتها‪.‬‬
‫والعتراض على هذا هو أن في مقدمات هذا الكلم ما يمكن النزاع فيه ولكنضضا‬
‫ل نطول به ونعود إلى الغرض الذي عنيتموه آخرا ً ونبطله من وجهين‪ .‬أحضضدهما‬
‫أن طلب الستكمال بالكون في كل أين يمكضن أن يكضون لضه حماقضة ل طاعضة‬
‫وما هذا إل كإنسان لم يكن له شغل وقد كفي المؤونة فضضي شضضهواته وحاجضضاته‬
‫فقام وهو يدور في بلد أو بيت ويزعم أنه يتقرب إلى الله فضضإنه يسضضتكمل بضضأن‬
‫يحصل لنفسه الكون في كل مكان أمكن وزعم أن الكون في الماكن ممكضضن‬
‫لي ولست أقدر على الجمع بينها بالعدد فأستوفيه بضضالنوع فضضإن فيضضه اسضضتكمال ً‬
‫وتقربا ً فيسفه عقله فيه ويحمل على الحماقة ويقضضال‪ :‬النتقضضال مضضن حيضضز إلضضى‬
‫حيز ومن مكان إلى مكان ليس كمال ً يعتد به أو يتشوف إليه ول فرق بيضضن مضضا‬
‫ذكروه وبين هذا‪.‬‬
‫لماذا ل تختلف الحركة والثاني هو أنا نقول‪ :‬ما ذكرتموه مضضن الغضضرض حاصضضل‬
‫بالحركة المغربية فلم كانت الحركة الولى مشرقية وهل كانت حركضضات الكضضل‬
‫إلى جهة واحدة فإن كان فضضي اختلفهضضا غضضرض فهل اختلفضضت بضضالعكس فكضضانت‬
‫التي هي مشرقية مغربية والتي هي مغربية مشرقية فإن كل مضضا ذكضضروه مضضن‬
‫حصول الحوادث باختلف الحركات من التثليثات والتسديسات وغيرها يحصضضل‬
‫بعكسه‪ .‬وكذى ما ذكروه من استيفاء الوضاع واليون كيف ومن الممكضضن لهضضا‬
‫الحركة إلى الجهة الخرى فما بالها ل تتحرك مرة من جانب ومرة مضضن جضضانب‬
‫استيفاء لما يمكن لها إن كان في استيفاء كل ممكن كمال هذه المضضور يطلضضع‬
‫عليها على سضضبيل اللهضضام ل علضضى سضضبيل السضضتدلل فضضدل أن هضضذه خيضضالت ل‬
‫حاصل لها وأن أسرار ملكوت السموات ل يطلضع عليضضه بأمثضضال هضضذه الخيضضالت‬
‫وإنمضضا يطلضضع اللضضه عليضضه أنبيضضاءه وأوليضضاءه علضضى سضضبيل اللهضضام ل علضضى سضضبيل‬
‫الستدلل ولذلك عجز الفلسفة من عند آخرهم عضضن بيضضان السضضبب فضضي جهضضة‬
‫الحركة واختيارها‪ .‬السضضتكمال بالحركضة ‪ -‬وبهضضذه الحركضة إفاضضضة الخيضضر وقضضال‬
‫بعضهم‪ :‬لما كان استكمالها يحصل بالحركة من أي جهضضة كضضانت وكضضان انتظضضام‬
‫الحوادث الرضية يستدعي اختلف حركات وتعين جهات كان الداعي لهضضا إلضضى‬
‫أصل الحركة التقرب إلى الله والداعي إلى جهضضة الحركضضة إفاضضضة الخيضضر علضضى‬
‫العالم السفلي‪ .‬قولنا‪ :‬قد يكون بالسكون وهذا باطل من وجهيضضن‪ .‬أحضضدهما أن‬
‫ذلك إن أمكن أن يتخيضضل فليقضضض بضضأن مقتضضضى طبعضضه السضضكون احضضترازا ً عضضن‬
‫الحركضضة والتغيضضر وهضضو التشضضبه بضضالله علضضى التحقيضضق فضضإنه مقضضدس عضضن التغيضضر‬
‫والحركة تغير ولكنه اختار الحركة لفاضة الخير فإنه كان ينتفع به غيره وليس‬
‫يثقل عليه الحركة وليس تتعبه فما المانع من هذا الخيال أو باختلف الحركات‬
‫والثاني أن الحوادث تنبنى على اختلف النسضضب المتولضضدة مضضن اختلف جهضضات‬
‫الحركات فلتكن الحركة الولضضى مغربيضضة ومضضا عضضداها مشضضرقية وقضضد حصضضل بضضه‬
‫الختلف ويحصل به تفاوت النسب‪ .‬فلم تعينت جهة واحدة وهضضذه الختلفضضات‬
‫ل تستدعي إل أصل الختلف فأما جهة بعينها فليضضس بضضأولى مضضن نقيضضضها فضضي‬
‫هذا الغرض‪ .‬مسألة في إبطال قولهم إن نفوس السموات مطلعة على جميضضع‬
‫الجزئيضضات الحادثضضة فضضي هضضذا العضضالم وإن المضضراد بضضاللوح المحفضضوظ نفضضوس‬
‫السموات وإن انتقاش جزئيات العالم فيها يضاهي انتقضضاش المحفوظضضات فضضي‬
‫القوة الحافظة المودعة في دماغ النسان ل أنه جسم صلب عريضضض مكتضضوب‬
‫عليه وإذا لم يكن للمكتوب نهاية لم يكن للمكتوب عليه نهاية ول يتصور جسم‬
‫ل نهاية له ول يمكن خطوط ل نهاية لها على جسم ول يمكن تعريضضف أشضضياء ل‬
‫نهاية لها بخطوط معضضدودة‪ .‬مضضذهبهم وقضضد زعمضضوا أن الملئكضضة السضضماوية هضضي‬
‫نفوس السموات وأن الملئكة الكرويين المقربين هي العقول المجضضردة الضضتي‬
‫هي جواهر قائمة بأنفسها ل تتحيز ول تتصرف في الجسضضام وأن هضضذه الصضضور‬
‫الجزئيضضة تفيضضض علضضى النفضضوس السضضماوية منهضضا وهضضي أشضضرف مضضن الملئكضضة‬
‫السماوية لنها مفيدة وهي مستفيدة والمفيد أشرف من المستفيد ولذلك عبر‬
‫عن الشرف بالقلم فقال تعالى‪ :‬علم بالقلم لنه كالنقاش المفيد مثل المعلم‬
‫وشبه المستفيد باللوح‪ .‬هذا مذهبهم‪.‬‬
‫هو محال فنطالبهم بالدليل عليه والنزاع في هذه المسألة يخالف النزاع فيما‬
‫قبلها فإن ما ذكروه من قبل ليس محال ً إذ منتهاه كون السماء حيوانا ً متحركضا ً‬
‫لغرض وهو ممكن‪ .‬أما هذه فترجع إلى إثبات علم لمخلوق بالجزئيضات الضتي ل‬
‫نهاية لها وهذا ربما يعتقد اسضضتحالته فنطضضالبهم بالضضدليل عليضضه فضضإنه تحكضضم فضضي‬
‫نفسه‪ .‬استدللهم‪ :‬إرادة الحركة بإرادة دورية جزئية اسضضتدلوا فيضضه بضضأن قضضالوا‪:‬‬
‫ثبت أن الحركة الدورية إرادية والرادة تتبع المراد والمراد الكلي ل يتوجه إليه‬
‫إل إرادة كلية والرادة الكلية ل يصدر منها شيء فإن كل موجود بالفعل معيضن‬
‫جزئي والرادة الكلية نسبتها إلى آحاد الجزئيات على وتيضضرة واحضضدة فل يصضضدر‬
‫عنها شضضيء جضضزئي بضضل ل بضضد مضضن إرادة جزئيضضة للحركضضة المعينضضة‪ .‬فهضضي تضضدرك‬
‫الجزئيات بإدراك جزئي فللفلك بكل حركة جزئية معينة من نقطة إلضضى نقطضضة‬
‫معينة إرادة جزئية لتلك الحركة فلضه ل محالضة تصضور لتلضك الحركضات الجزئيضة‬
‫بقوة جسمانية إذ الجزئيات ل تدرك إل بالقوى الجسمانية فإن كل إرادة فمضضن‬
‫ضرورتها تصور لذلك المراد أي علم به سواء كان جزئيا ً أو كليًا‪.‬‬
‫وبالتالي تدرك لوازمها ومهما كان للفلك تصور لجزئيات الحركات وإحاطة بها‬
‫أحاط ل محالة بما يلزم منها من اختلف النسضضب مضضع الرض مضضن كضضون بعضضض‬
‫أجزائه طالعة وبعضها غاربة وبعضها في وسط سضضماء قضضوم وتحضضت قضضدم قضضوم‬
‫وكذلك يعلم ما يلضزم مضن اختلف النسضب الضتي تتجضدد بالحركضة مضن التثليضث‬
‫والتسديس والمقابلة والمقارنة إلى غير ذلك من الحوادث السماوية إما بغيضضر‬
‫واسطة وإما بواسطة واحدة وإما بوسائط كثيرة‪ .‬وعلضى الجملضة فكضل حضادث‬
‫فله سبب حادث إلضضى أن ينقطضضع التسلسضضل بالرتقضضاء إلضضى الحركضضة السضضماوية‬
‫البدية التي بعضها سبب للبعضضض‪ .‬فضضإذن السضضباب والمسضضببات فضضي سلسضضلتها‬
‫تنتهي إلى الحركات الجزئية السماوية فالمتصضضور للحركضضات متصضضور للوازمهضضا‬
‫ولوازم لوازمها إلى آخر السلسلة‪ .‬وبالتالي تدرك كل ما سيحدث فبهذا يطلضضع‬
‫على ما يحدث فإن كل ما سيحدث فحضضدوثه واجضضب عضضن علتضضه مهمضضا تحققضضت‬
‫العلة‪ .‬ونحن إنما ل نعلم ما يقع في المستقبل لنا ل نعلضضم جميضضع أسضضبابها ولضضو‬
‫علمنضا جميضع السضباب لعلمنضا المسضببات فإنضا مهمضا علمنضا أن النضار سضيلتقي‬
‫بالقطن مثل ً في وقت معين فنعلم احضضتراق القطضضن ومهمضضا علمنضضا أن شخص ضا ً‬
‫سيأكل فنعلم أنه سيشضضبع وإذا علمنضضا أن شخصضا ً سضضيتخطى الموضضضع الفلنضضي‬
‫الذي فيه كنز مغطى بشيء خفيف إذا مشى عليه الماشي تعثر رجلضضه بضضالكنز‬
‫وعرفه فنعلم أنه سيستغني بوجود الكنز‪ .‬ولكن هذه السباب ل نعلمهضضا وربمضضا‬
‫نعلم بعضها فيقع لنا حدس بوقوع المسبب فإن عرفنا أغلبها وأكثرها حصل لنا‬
‫ظضضن ظضضاهر بضضالوقوع‪ .‬فلضضو حصضضل لنضضا العلضضم بجميضضع السضضباب لحصضضل بجميضضع‬
‫المسببات إل أن السماويات كثيرة ثضضم لهضضا اختلط بضضالحوادث الرضضضية وليضضس‬
‫في القوة البشرية الطلع عليضضه ونفضضوس السضضموات مطلعضضة عليهضضا لطلعهضضا‬
‫على السبب الول ولوازمها ولوازم لوازمها إلى آخر السلسضضلة‪ .‬قضضولهم‪ :‬يضضرى‬
‫النائم ما يكون في المستقبل وذلك باتصاله باللوح المحفوظ أي بنفس الفلضضك‬
‫ولهذا زعموا‪ :‬يرى النائم فضضي نضضومه مضضا يكضضون فضضي المسضضتقبل وذلضضك باتصضضاله‬
‫باللوح المحفوظ ومطالعته ومهما اطلع على الشيء ربما بقي ذلك بعينه فضضي‬
‫حفظه وربما تسارعت القوة المتخيلة إلى محاكاتها فإن من غريزتها محاكاتهضضا‬
‫الشياء بأمثلة تناسبها بعض المناسبة أو النتقال منهضضا إلضضى أضضضدادها فينمحضضى‬
‫المدرك الحقيقي عن الحفظ ويبقى مثال الخيال في الحفظ فيحتاج إلى تعبير‬
‫ما يمثل الخيضضال الرجضضل بشضضجر والزوجضضة بخضضف والخضضادم ببعضضض أوانضضي الضضدار‬
‫وحافظ مال البر والصدقات بزيت البذر فضضإن البضضذر سضضبب للسضضراج الضضذي هضضو‬
‫سبب الضياء وعلم التعبير يتشعب عن هذا الصضضل‪ .‬وهضضذا التصضضال مشضضغولون‬
‫عنه في يقظتنا بما تورده الحواس وزعموا أن التصال بتلضضك النفضضوس مبضضذول‬
‫إذ ليس ثم حجاب ولكنا في يقظتنا مشغولون بما تورده الحضضواس والشضضهوات‬
‫علينا فاشتغالنا بهذه المور الحسية صرفنا عنه وإذا سقط عنا في النوم بعض‬
‫اشتغال الحواس ظهر به استعداد ما للتصال‪ .‬والنبي يرى في اليقظة وزعموا‬
‫أن النبي مطلع على الغيب بهذا الطريق أيضًا‪ .‬إل أن القوة النفسية النبوية قد‬
‫تقوى قوة ل تستغرقها الحواس الظاهرة فل جرم يرى هو في اليقظة ما يراه‬
‫غيره في المنام‪ .‬ثم القوة الخيالية تمثل له ما رآه وربما يبقضضى الشضضيء بعينضضه‬
‫في ذكره وربما يبقى مثاله فيفتقر مثل هذا الوحي إلى التأويل كما يفتقر مثل‬
‫ذلك المنام إلى التعبير‪ .‬ولول أن جميع الكائنات ثابتة في اللوح المحفضضوظ لمضا‬
‫عرف النبياء الغيب في يقظة ول منام لكن جف القلم بما هو كضائن إلضى يضوم‬
‫القيامة ومعناه هذا الضذي ذكرنضاه‪ .‬فهضذا مضا أردنضا أن نضورده لتفهيضم مضذهبهم‪.‬‬
‫جوابنا‪ :‬ل دليل لكم في هذا عن النبي والجواب أن نقول‪ :‬بم تنكرون على من‬
‫يقول إن النبي يعرف الغيب بتعريف الله على سبيل البتداء وكضضذى مضضن يضضرى‬
‫في المنام فإنما يعرفه بتعريف أو بتعريف ملضضك مضضن الملئكضضة فل يحتضضاج إلضضى‬
‫شيء مما ذكرتموه فل دليل في هذا ول دليضضل لكضضم فضضي ورود الشضضرع بضضاللوح‬
‫والقلم فإن أهل الشرع لم يفهموا مضضن اللضضوح والقلضضم هضضذا المعنضضى قطعضا ً فل‬
‫متمسك في الشرعيات يبقي التمسضضك بمسضضالك العقضضول‪ .‬ومضضا ذكرتمضضوه وإن‬
‫اعترف بإمكانه مهما لم يشترط نفي النهاية عضضن هضضذه المعلومضضات فل يعضضرف‬
‫وجوده ول يتحقق كونه وإنما السبيل فيه أن يتعرف من الشرع ل من العقل‪.‬‬

‫ننازع في ثلث من المقدمات وأما ما ذكرتموه من الدليل العقلي أول ً فمبني‬


‫على مقدمات كثيرة لسنا نطول بإبطالها ولكننا ننازع في ثلث مقدمات منهضضا‪:‬‬
‫تكلمنا عن حركضة الفلضضك الراديضة المقدمضة الولضى قضولكم إن حركضضة السضماء‬
‫إرادية‪ .‬وقد فرغنا من هضضذه المسضضألة وإبطضضال دعضضواكم فيهضضا‪ .‬ل نسضضلم افتقضضار‬
‫الدراك إلى إرادة جزئية الثانية أنضضه إن سضضلم ذلضضك مسضضامحة بضضه فقضضولكم إنضضه‬
‫يفتقر إلى تصور جزئي للحركات الجزئية فغير مسلم بل ليس ثم جزء عنضضدكم‬
‫في الجسم فإنه شيء واحد وإنما يتجزا بالوهم ول فضضي الحركضضة فإنهضضا واحضضدة‬
‫بالتصال فيكفي تشوقها إلى استيفاء اليون الممكنة لها كمضضا ذكضضروه ويكفيهضضا‬
‫التصور نسلم هذا في شأن المتوجه إلى مكان ولنمثل للرادة الكلية والجزئية‬
‫مثال ً لتفهيم غرضهم‪ .‬فإذا كان للنسان غرض كلي في أن يحج بيت اللضضه مثل ً‬
‫فهضضذه الرادة الكليضضة ل يصضضدر منهضضا الحركضضة ل الحركضضة تقضضع جزئيضضة فضضي جهضضة‬
‫مخصوصة بمقدار مخصوص بل ل يزال يتجدد للنسان في تضضوجهه إلضضى الضضبيت‬
‫تصور بعد تصور للمكان الذي يتخطاه والجهة الضضتي يسضضلكها ويتبضضع كضضل تصضضور‬
‫جزئي إرادة جزئية للحركة عن المحل الموصول إليه بالحركة‪ .‬فهذا مضضا أرادوه‬
‫بالرادة الجزئية التابعة للتصور الجزئي وهو مسضضلم لن الجهضضات متعضضددة فضضي‬
‫التوجه إلى مكة والمسافة غير متعينة فيفتقر تعين مكان عن مكان وجهة عن‬
‫جهة إلى إرادة أخرى جزئية‪.‬‬
‫ل في شأن الفلك وأما الحركضة السضضماوية فلهضضا وجضه واحضضد فضإن الكضرة إنمضا‬
‫تتحرك على نفسها وفي حيزها ل تجاوزها والحركة مرادة وليضضس ثضضم إل وجضضه‬
‫واحد وجسم واحد وصوب واحد فهضضو كهضضوى الحجضضر إلضضى أسضضفل فضضإنه يطلضضب‬
‫الرض فضضي أقضضرب طريضضق وأقضضرب الطضضرق الخضضط المسضضتقيم فتعيضضن الخضضط‬
‫المستقيم فلو يفتقر فيه إلى تجدد سبب حادث سوى الطبيعة الكليضضة الطالبضضة‬
‫للمركز مع تجدد القرب والبعد والوصول إلى حد والصدور عنه فكضضذلك يكفضضي‬
‫في تلك الحركضضة الرادة الكليضضة للحركضضة ول يفتقضضر إلضضى مزيضضد‪ .‬فهضضذه مقدمضضة‬
‫تحكموا بوضعها‪ .‬نبطل معرفة لضضوازم الحركضضة المقدمضضة الثالثضضة وهضضي التحكضضم‬
‫البعيد جدا ً قولهم إنه إذا تصور الحركات الجزئية تصور أيضا ً توابعهضضا ولوازمهضضا‬
‫وهذا هوس محض كقول القائل إن النسان إذا تحرك وعرف حركته ينبغي أن‬
‫يعرف ما يلزم من حركته من موازاة ومجاوزة وهو نسبته إلى الجسضضام الضضتي‬
‫فوقه وتحته ومن جوانبه وأنه إذا مشى في شضضمس ينبغضضي أن يعلضضم المواضضضع‬
‫التي عليها ظله والمواضع التي ل يقع وما يحصل من ظله من الضضبرودة بقطضضع‬
‫الشعاع في تلك المواضع وما يحصل من النضغاط لجزاء الرض تحت قضضدمه‬
‫وما يحصل من التفرق فيها وما يحصل في أخلطه في الباطن من السضضتحالة‬
‫بسبب الحركة إلى الحرارة وما يستحيل من أجزائه إلى العرق وهلم جرا إلضضى‬
‫جميع الحوادث في بدنه وفي غيره من بدنه مما الحركة علة فيضضه أو شضضرط أو‬
‫مهيء ومعد وهو هوس ل يتخيله عاقل ول يغتر به إل جاهضضل وإلضضى هضضذا يرجضضع‬
‫هذا التحكم‪ .‬الجزئيات المعلولة لنفس الفلك قد ل تكون الموجودة في الحضضال‬
‫فقط‪ .‬على أنا نقول‪ :‬هضضذه الجزئيضضات المفصضضلة المعلومضضة لنفضضس الفلضضك هضضي‬
‫الموجودة في الحضضال أو ينضضضاف إليهضضا مضضا يتوقضضع كونهضضا فضضي السضضتقبال‪ .‬فضضإن‬
‫قصرتموه على الموجود في الحال بطل إطلعضضه علضضى الغيضضب وإطلع النبيضضاء‬
‫في اليقظة وسائر الخلق في النوم على ما سضيكون فضي السضتقبال بواسضطة‬
‫ثم بطل مقتضى الضضدليل فضضإنه تحكضضم بضضأن مضضن عضضرف الشضضيء عضضرف لضضوازمه‬
‫وتوابعه حتى لو عرفنا جميع أسباب الشياء لعرفنا جميع الحضضوادث المسضضتقبلة‬
‫وأسباب جميع الحوادث حاضرة في الحال فإنها هي الحركضضة السضضماوية ولكضضن‬
‫تقتضي المسبب إما بواسطة أو بوسائط كضثيرة‪ .‬ول فضي السضتقبال إلضى غيضر‬
‫نهاية‪.‬‬

‫وإذا تعدى إلى المستقبل لم يكن له آخر فكيف يعرف تفصيل الجزئيضضات فضضي‬
‫الستقبال إلى غير نهاية وكيف يجتمع في نفس مخلوق في حالضضة واحضضدة مضضن‬
‫غير تعاقب علوم جزئية مفصلة ل نهاية لعدادها ول غاية لحادها ومن ل يشهد‬
‫له عقله باستحالة ذلك فلييأس من عقله‪ .‬نفس الفلضضك أشضضبه بنفضضس النسضضان‬
‫فإن قلبوا هذا علينا في علم الله فليضضس تعلضضق علضضم اللضضه بالتفضضاق بمعلومضضاته‬
‫على نحو تعلق العلوم التي هي للمخلوقضضات بضضل مهمضا دار نفضضس الفلضضك دورة‬
‫نفس النسان كان مضن قبيضل نفضس النسضان فضضإنه شضضاركه فضضي كضضونه مضضدركا ً‬
‫للجزئيات بواسطة فإن لم يلتحق به قطعا ً كضضان الغضضالب علضضى الظضضن أنضضه مضضن‬
‫قبيله فإن لم يكن غالبا ً على الظن فهو ممكن والمكان يبطل دعواهم القطضضع‬
‫بما قطعوا به‪ .‬قولهم‪ :‬إن نفس النسان تدرك جميع الشياء لول انشغالها فإن‬
‫قيل‪ :‬حق النفس النسانية في جوهرهضضا أن تضضدرك أيضضا ً جميضضع الشضضياء ولكضضن‬
‫اشتغالها بنتائج الشضهوة والغضضضب والحضضرص والحقضضد والحسضضد والجضوع واللضضم‬
‫وبالجملة عوارض البضضدن ومضضا يضضورده الحضضواس عليضضه حضضتى إذا أقبلضضت النفضضس‬
‫النسانية على شيء واحد شغلها عن غيره‪ .‬وأما النفوس الفلكيضضة فبريضضة عضضن‬
‫هذه الصفات ل يعتريها شاغل ول يستغرقها هم وألم وإحساس فعرفت جميضضع‬
‫الشياء‪ .‬قولنا‪ :‬لعل نفس الفلك تنشغل قلنا‪ :‬وبم عرفتم أنه ل شاغل لها وهل‬
‫كضضانت عبادتهضضا واشضضتياقها إلضضى الول مسضضتغرقا ً لهضضا وشضضاغل ً لهضضا عضضن تصضضور‬
‫الجزئيات المفصلة أو ما الذي يحيل تقدير مانع آخر سضضوى الغضضضب والشضضهوة‬
‫وهذه الموانع المحسوسة ومضضن أيضضن عضضرف انحصضضار المضضانع فضضي القضضدر الضضذي‬
‫شاهدناه من أنفسنا وفي العقلء شواغل من علو الهمضضة وطلضضب الرئاسضضة مضضا‬
‫يستحيل تصوره عنضضد الطفضضال ول يعتقضضدونها شضضاغل ً ومانعضا ً فمضضن أيضضن يعضضرف‬
‫استحالة ما يقوم مقامها فضضي النفضضوس الفلكيضضة هضضذا مضضا أردنضضا أن نضضذكره فضضي‬
‫العلوم الملقبة عندهم باللهية‪.‬‬
‫أما الملقب بالطبيعيات وهي علوم كضضثيرة وصضفها نضذكر أقسضامها ليعضضرف أن‬
‫الشرع ليس يقتضي المنازعة فيها ول إنكارها إل فضضي مواضضضع ذكرناهضضا‪ .‬وهضضي‬
‫منقسمة إلى أصول وفروع‪ .‬وأصولها ثمانية أقسام‪ :‬أصولها ثمانية الول يضضذكر‬
‫فيه ما يلحق الجسم من حيث أنه جسم مضن النقسضضام والحركضضة والتغيضضر ومضا‬
‫يلحق الحركة ويتبعه من الزمان والمكان والخلء ويشضضتمل عليضضه كتضضاب سضضمع‬
‫الكيان‪ .‬الثاني يعرف أحوال أقسام أركان العالم التي هي السموات ومضضا فضضي‬
‫مقعر فلك القمر من العناصر الربعة وطبائعها وعلة استحقاق كل واحضضد منهضضا‬
‫موضعا ً متعينا ً ويشتمل عليه كتاب السماء والعالم‪ .‬الثالث يعضضرف فيضضه أحضضوال‬
‫الكون والفساد والتولد والتوالد والنشوء والبلى والستحالت وكيفيضضة اسضضتبقاء‬
‫النضضواع علضضى فسضضاد الشضضخاص بضضالحركتين السضضماويتين الشضضرقية والغربيضضة‬
‫ويشتمل عليه كتاب الكون والفساد‪ .‬الرابع في الحوال التي تعضضرض للعناصضضر‬
‫الربعة من المتزاجات التي منها تحدث الثضضار العلويضضة مضضن الغيضضوم والمطضضار‬
‫والرعد والبرق والهالة وقوس قزح والصواعق والرياح والزلزل‪ .‬الخامس في‬
‫الجواهر المعدنية‪ .‬السادس في أحكضضام النبضضات‪ .‬السضضابع فضضي الحيوانضضات وفيضضه‬
‫كتاب طبائع الحيوانات‪ .‬الثامن في النفس الحيوانية والقوى الدراكة وأن نفس‬
‫النسان ل يموت بموت البدن وأنه جوهر روحاني يستحيل عليه الفناء‪.‬‬
‫وفروعها سبعة أما فروعها فسبعة‪ :‬الول الطب ومقصوده معرفة مبادئ بدن‬
‫النسان وأحواله من الصحة والمرض وأسبابها ودلئلها ليدفع المرض ويحفضضظ‬
‫الصحة‪ .‬الثاني فضضي أحكضضام النجضضوم وهضضو تخميضضن فضضي السضضتدلل مضضن أشضضكال‬
‫الكضضواكب وامتزاجاتهضضا علضضى مضضا يكضضون مضضن أحضضوال العضضالم والملضضك والمواليضضد‬
‫والسنين‪ .‬الثالث علم الفراسة وهو استدلل من الخلضضق علضضى الخلق‪ .‬الرابضضع‬
‫التعبير وهو استدلل من المتخيلت الحلمية على ما شاهدته النفس من عضضالم‬
‫الغيب فخيلته القوة المتخيلضضة بمثضضال غيضضره‪ .‬الخضضامس علضضم الطلسضضمات وهضضو‬
‫تأليف للقوى السماوية بقوى بعض الجرام الرضية ليأتلف من ذلك قوة تفعل‬
‫فعل ً غريب ضا ً فضضي العضضالم الرضضضي‪ .‬السضضادس علضضم النيرنجضضات وهضضو مضضزج قضضوى‬
‫الجواهر الرضية ليحدث منضضه أمضضور غريبضضة‪ .‬السضضابع علضضم الكيميضضاء ومقصضضوده‬
‫تبديل خواص الجواهر المعدنية ليتوصل إلى تحصيل الذهب والفضة بنضضوع مضضن‬
‫الحيل‪ .‬ل نخالفهم شرعا ً في شضضيء منهضضا وليضضس يلضضزم مخضضالفتهم شضضرعا ً فضضي‬
‫شيء من هذه العلوم وإنما نخالفهم من جملة هذه العلوم في أربعة مسائل‪:‬‬
‫نخالفهم في أربعة مسائل الولضضى حكمهضضم بضضأن هضضذا القضضتران المشضضاهد فضضي‬
‫الوجود بين السباب والمسببات اقتران تلزم بالضرورة فليضضس فضضي المقضضدور‬
‫ول في المكان إيجاد السبب دون المسبب ول وجضضود المسضضبب دون السضضبب‪.‬‬
‫الثانية قولهم إن النفوس النسانية جواهر قائمة بأنفسها ليسضضت منطبعضضة فضي‬
‫الجسم وإن معنى الموت انقطاع علقتها عن البدن بانقطاع التضضدبير وإل فهضضو‬
‫قائم بنفسه في كل حضضال‪ .‬وزعمضضوا أن ذلضضك عضضرف بالبرهضضان العقلضضي‪ .‬الثالثضضة‬
‫قولهم إن هذه النفوس يستحيل عليها العضضدم بضضل هضضي إذا وجضضدت فهضضي أبديضضة‬
‫سرمدية ل يتصضضور فناؤهضضا‪ .‬والرابعضضة قضضولهم‪ :‬يسضضتحيل رد هضضذه النفضضوس إلضضى‬
‫الجساد‪ .‬المسألة الولى‪ :‬لثبات المعجزات فقط وإنما يلزم النزاع في الولى‬
‫من حيث أنه ينبنى عليها إثبضضات المعجضضزات الخارقضضة للعضضادة مضضن قلضضب العصضضا‬
‫ثعبانا ً وإحياء الموتى وشق القمر‪ .‬ومضضن جعضضل مجضضاري العضضادات لزمضضة لزومضا ً‬
‫ضروريا ً أحال جميع ذلك‪ .‬وأولوا ما في القرآن من إحياء المضضوتى وقضضالوا‪ :‬أراد‬
‫به إزالة موت الجهل بحياة العلضم‪ .‬وأولضوا تلقضف العصضا سضضحر السضضحرة علضى‬
‫إبطال الحجة اللهية الظاهرة علضى يضد موسضضى شضضبهات المنكريضضن وأمضضا شضضق‬
‫القمر فربما أنكروا وجوده وزعموا أنه لو يتواتر‪ .‬قضضولهم‪ :‬ل تكضضون المعجضضزات‬
‫إل في القوة المتخيلة ولم يثبت الفلسفة من المعجزات الخارقضضة للعضادات إل‬
‫في ثلثة أمور‪ :‬أحدها في القوة المتخيلة فإنهم زعموا أنها إذا استولت وقويت‬
‫ولم يستغرقها الحواس والشتغال اطلعت على اللوح المحفوظ وانطبضضع فيهضضا‬
‫صور الجزئيات الكائنة في المستقبل وذلك في اليقظة للنبياء ولسائر النضضاس‬
‫في النوم وفي القوة العقلية لن البعض ينتبهون في أسضضرع الوقضضات وأقربهضضا‬
‫الثانية خاصية في القوة العقلية النظريضضة وهضضو راجضضع إلضضى قضضوة الحضضدس وهضضو‬
‫سرعة النتقال من معلوم إلى معلوم‪ .‬فضضرب ذكضضي إذا ذكضضر لضضه المضضدلول تنبضضه‬
‫للدليل وإذا ذكر له الدليل تنبه للمدلول من نفسه وبالجملة إذا خطر لضضه الحضضد‬
‫الوسط تنبه للنتيجة وإذا حضر في ذهنه حدا النتيجة خطر بباله الحد الوسضضط‬
‫الجامع بين طرفي النتيجة‪ .‬والناس في هذا منقسمون فمنهم من يتنبه بنفسه‬
‫ومنهم من يتنبه بأدنى تنبيه ومنهم من ل يدرك مع التنضضبيه إل بتعضضب كضضثير‪ .‬وإذا‬
‫جاز أن ينتهي طرف النقصان إلى من ل حضضدس لضضه أص ضل ً حضضتى ل يتهيضضأ لفهضضم‬
‫المعقولت مع التنبيه جاز أن ينتهي طرف القوة والزيضضادة إلضضى أن ينتبضضه لكضضل‬
‫المعقولت أو لكثرها وفي أسرع الوقضضات وأقربهضضا‪ .‬ول سضضيما النضضبي ويختلضضف‬
‫ذلك بالكمية في جميضضع المطضضالب أو بعضضها وفضي الكيفيضضة حضتى يتفضضاوت فضضي‬
‫السضضرعة والقضضرب‪ .‬فضضرب نفضضس مقدسضضة صضضافية يسضضتمر حدسضضها فضضي جميضضع‬
‫المعقولت وفي أسرع الوقات‪ .‬فهو النبي الذي له معجزة من القوة النظريضضة‬
‫فل يحتاج في المعقولت إلى تعلم بل كأنه يتعلم من نفسه وهو الضضذي وصضضف‬
‫بأنه يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور‪ .‬الثالث القضضوة النفسضضية‬
‫العملية وقد تنتهي إلى حد تتأثر بها الطبيعيات وتتسخر‪ .‬ومثاله أن النفس منضضا‬
‫إذا توهم شيئا ً خدمته العضاء والقوى التي فيها فحركت إلى الجهضضة المتخيلضضة‬
‫المطلوبة حتى إذا توهم شيئا ً طيب المضذاق تحلبضت أشضداقه وانتهضضت القضوة‬
‫الملعبة فياضة باللعاب من معادنها وإذا تصور الوقاع انتهضت القضضوة فنشضضرت‬
‫اللة بل إذا مشى على جذع ممدود على فضضضاء طرفضضاه علضضى حضضائطين اشضضتد‬
‫توهمه للسقوط فانفعل الجسم بتضضوهمه وسضضقط ولضضو كضضان ذلضضك علضضى الرض‬
‫لمشى عليه ولم يسقط وذلك لن الجسام والقوى الجسمانية خلقضضت خادمضضة‬
‫مسخرة للنفوس ويختلف ذلك باختلف صفاء النفوس وقوتها‪.‬‬

‫وقد يكون النفعال حتى في غير البدن فل يبعد أن تبلغ قوة النفضضس إلضضى حضضد‬
‫تخدمه القوة الطبيعية في غير بدنه لن نفسه ليست منطبعة فضضي بضضدنه إل أن‬
‫له نوع ونزوع وشوق إلى تضضدبيره خلضضق ذلضضك فضضي جبلتضضه فضضإذا جضضاز أن تطيعضضه‬
‫أجسام بدنه لم يمتنع أن يطيعه غيره فيتطلع نفسه إلضضى هبضضوب ريضضح أو نضضزول‬
‫مطر أو هجوم صاعقة أو تزلزل أرض لتخسف بقضضوم وذلضضك موقضضوف حصضضوله‬
‫على حدوث برودة أو سضضخونة أو حركضضة فضضي الهضضواء فيحضضدث فضضي نفسضضه تلضضك‬
‫السخونة والبرودة ويتولد منه هذه المور من غير حضور سبب طضضبيعي ظضضاهر‬
‫ويكون ذلك معجزة للنبي ولكنه إنما يحصل ذلك في هواء مسضضتعد للقبضضول ول‬
‫ينتهي إلى أن ينقلب الخشب حيوان ضا ً وينفلضضق القمضضر الضضذي ل يقبضضل النخضضراق‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬هذا ل ننكره ولكنا نثبت معجضضزات غيرهضضا يسضضتثنونها فهضضذا مضضذهبهم فضضي‬
‫المعجزات ونحن ل ننكر شيئا ً مما ذكضضروه وأن ذلضضك ممضضا يكضضون للنبيضضاء وإنمضضا‬
‫ننكر اقتصارهم عليه ومنعهم قلب العصضضا ثعبانضا ً وإحيضضاء المضضوتى وغيضضره فلضضزم‬
‫الخوض في هذه المسألة لثبات المعجزات ولمر آخضر وهضو نصضرة مضا أطبضق‬
‫عليه المسلمون من أن الله قادر على كل شيء‪ .‬فلنخض في المقصود‪.‬‬
‫مسألة القتران بين ما يعتقد في العادة سببا ً وما يعتقد مسببا ً ليضضس ضضروريا ً‬
‫القتران بين ما يعتقد في العادة سببا ً وما يعتقد مسببا ً ليس ضروريا ً عندنا بل‬
‫كل شيئين ليس هذا ذاك ول ذاك هذا ول إثبات أحدهما متضمن لثبضضات الخضضر‬
‫ول نفيه متضمن لنفي الخر فليس من ضرورة وجود أحدهما وجضضود الخضضر ول‬
‫من ضرورة عضضدم أحضضدهما عضضدم الخضضر مثضضل الضضري والشضضرب والشضضبع والكضضل‬
‫والحتراق ولقاء النار والنور وطلوع الشضضمس والمضضوت وجضضز الرقبضضة والشضضفاء‬
‫وشضضرب الضضدواء وإسضضهال البطضضن واسضضتعمال المسضضهل وهلضضم جضضرا إلضضى كضضل‬
‫المشاهدات مضضن المقترنضضات فضضي الطضضب والنجضضوم والصضضناعات والحضضرف وإن‬
‫اقترانها لمضضا سضضبق مضضن تقضضدير اللضضه سضضبحانه يخلقهضضا علضضى التسضضاوق ل لكضضونه‬
‫ضروريا ً في نفسه غير قابل للفرق بل فضضي المقضضدور خلضضق الشضضبع دون الكضضل‬
‫وخلق الموت دون جز الرقبة وإدامة الحيضضوة مضضع جضضز الرقبضضة وهلضضم جضضرا إلضضى‬
‫جميع المقترنات وأنكر الفلسفة إمكانه وادعوا اسضضتحالته‪ .‬مثل ً النضضار والقطضضن‬
‫والنظر في هذه المور الخارجة عن الحصضر يطضول فلنعيضن مثضال ً واحضدا ً وهضو‬
‫الحتراق في القطن مثل ً مع ملقاة النار فإنا نجوز وقوع الملقضضاة بينهمضضا دون‬
‫الحتراق ونجوز حدوث انقلب القطن رمضضادا ً محترق ضا ً دون ملقضضاة النضضار وهضضم‬
‫ينكرون جوازه‪ .‬قول الخصم‪ :‬فاعل الحتراق هو النار فقط وهو فاعل بضضالطبع‬
‫وللكلم في المسألة ثلثة مقامات‪ :‬المقضضام الول أن يضضدعي الخصضضم أن فاعضضل‬
‫الحتراق هو النار فقط وهو فاعل بضضالطبع ل بالختيضضار قولنضضا‪ :‬فاعضضل الحضضتراق‬
‫ليس هو النار بل الله وهذا مما ننكره بل نقول‪ :‬فاعل الحتراق بخلق السضضواد‬
‫في القطن والتفرق في أجزائه وجعله حراقا ً أو رمضضادا ً هضضو اللضضه إمضضا بواسضضطة‬
‫الملئكة أو بغير واسطة فأما النار وهي جماد فل فعل لها‪.‬‬
‫وهذا يكون بالحصول عنده ل بالحصول به فما الدليل على أنها الفاعل وليس‬
‫له دليل إل مشاهدة حصول الحتراق عند ملقاة النضضار والمشضضاهدة تضضدل علضضى‬
‫الحصول عنده ول تدل على الحصول به وأنه ل علة سضضواه إذ ل خلف فضضي أن‬
‫انسلك الروح والقوى المدركة والمحركة في نطفة الحيوانات ليس يتولد عن‬
‫الطبضضائع المحصضضورة فضي الحضضرارة والضبرودة والرطوبضة واليبوسضضة ول أن الب‬
‫فاعل ابنه بإيداع النطفة في الرحم ول هو فاعل حيوته وبصره وسمعه وسائر‬
‫المعاني التي هي فيه ومعلوم أنها موجودة عنده ولم نقل أنها موجودة به بضضل‬
‫وجودها من جهة الول إما بغير واسطة وإما بواسطة الملئكة الموكلين بهضضذه‬
‫المور الحادثة وهذا مما يقطع بضضه الفلسضضفة القضضائلون بالصضضانع والكلم معهضضم‬
‫فقد تبين أن الوجود عند الشيء ل يدل على أنه موجود بضضه‪ .‬فضضالكمه إذا بصضضر‬
‫فجأة ورأى اللوان ل يعلم أن نور الشمس هو السبب في انطباعها في بصره‬
‫بل نبين هذا بمثال وهو أن الكمه لو كضان فضي عينضضه غشضضاوة ولضم يسضمع مضن‬
‫الناس الفرق بين الليل والنهار لضضو انكشضضفت الغشضضاوة عضضن عينضضه نهضضارا ً وفتضضح‬
‫أجفانه فرأى اللوان ظن أن الدراك الحاصل في عينضضه لصضضور اللضضوان فضضاعله‬
‫فتح البصر وأنه مهما كان بصره سليما ً ومفتوحا ً والحجضضاب مرتفع ضا ً والشضضخص‬
‫المقابل متلونا ً فيلزم ل محالة أن يبصر ول يعقضل أن ل يبصضضر حضضتى إذا غربضضت‬
‫الشمس وأظلم الهواء علم أن نور الشمس هضضو السضضبب فضضي انطبضضاع اللضضوان‬
‫في بصره‪ .‬فمن أين يأمن الخصم أن يكون في المبادئ للوجود علل وأسضضباب‬
‫يفيض منها الحوادث عند حصول ملقاة بينها إل أنها ثابتة ليست تنعدم ول هي‬
‫أجسام متحركة فتغيب ولو انعدمت أو غضضابت لدركنضضا التفرقضضة وفهمنضضا أن ثضضم‬
‫سضضببا ً وراء مضضا شضضاهدناه وهضضذا ل مخضضرج منضضه علضضى قيضضاس أصضضلهم‪ .‬وواهضضب‬
‫الصور‪ !...‬ولهذا اتفق محققوهم على أن هذه العراض والحوادث التي تحصل‬
‫عند وقوع الملقاة بين الجسام وعلى الجملة عند اختلف نسضضبها إنمضضا تفيضضض‬
‫من عند واهب الصور وهو ملك أو ملئكة حضضتى قضالوا‪ :‬انطبضضاع صضضورة اللضضوان‬
‫فضي العيضضن يحصضضل مضن جهضضة واهضضب الصضضور وإنمضضا طلضضوع الشضضمس والحدقضضة‬
‫السضضليمة والجسضضم المتلضضون معضضدات ومهيئات لقبضضول المحضضل هضضذه الصضضورة‬
‫وطردوا هذا في كل حادث وبهذا يبطل دعوى من يدعي أن النار هي الفاعلضضة‬
‫للحتراق والخبز هو الفاعل للشبع والدواء هو الفاعضضل للصضضحة إلضضى غيضضر ذلضضك‬
‫من السباب‪.‬‬

‫قولهم الحوادث تفيض من المبادئ بضاللزوم والطبضع ولكضن السضتعداد لقبضول‬


‫الصور يحصل بهذه السباب المقام الثضضاني مضضع مضضن يسضضلم أن هضضذه الحضضوادث‬
‫تفيض من مبادئ الحوادث ولكن الستعداد لقبول الصور يحصل بهذه السباب‬
‫المشضضاهدة الحاضضضرة إل أن تيضضك المبضضادئ أيضضا ً تصضضدر الشضضياء عنهضضا بضضاللزوم‬
‫والطبع ل على سبيل التروي والختيار صدور النور من الشمس وإنما افترقت‬
‫المحضضال فضي القبضضول لختلف اسضضتعدادها فضضإن الجسضضم الصضضقيل يقبضضل شضضعاع‬
‫الشمس ويرده حتى يستضيء به موضع آخر والمضضدر ل يقبضضل والهضضواء ل يمنضضع‬
‫نفوذ نوره والحجر يمنع وبعض الشياء يلين بالشمس وبعضها يتصلب وبعضضضها‬
‫يضضبيض كثضضوب القصضضار وبعضضضها يسضضود كضضوجهه والمبضضدأ واحضضد والثضضار مختلفضضة‬
‫لختلف الستعدادات في المحل فكذى مبادئ الوجضضود فياضضضة بمضضا هضضو صضضادر‬
‫منها ل منع عندها ول بخل وإنما التقصير مضضن القوابضضل‪ .‬فل يمكضضن لبراهيضضم أل‬
‫يكون قد احترق وإذا كان كذلك فمهما فرضنا النضضار بصضضفتها وفرضضضنا قطنضضتين‬
‫متماثلتين لقتا النار على وتيرة واحدة فكيف يتصضضور أن تحضضترق إحضضديهما دون‬
‫الخرى وليس ثم اختيار وعن هذا المعنى أنكروا وقوع إبراهيضضم فضضي النضضار مضضع‬
‫عدم الحتراق وبقاء النار نارا ً وزعموا أن ذلك ل يمكن إل بسلب الحرارة مضضن‬
‫النار وذلك يخرجه عن كونه نارا ً أو بقلب ذات إبراهيم وبدنه حجضضرا ً أو شضضيئا ً ل‬
‫يؤثر فيه النار ول هذا ممكضضن ول ذاك ممكضضن‪ .‬جوابنضضا‪ :‬إن اللضضه يفعضضل بضضالرادة‬
‫والجضضواب لضضه مسضضلكان‪ :‬الول أن نقضضول‪ :‬ل نسضضلم أن المبضضادي ليسضضت تفعضضل‬
‫بالختيار وأن الله ل يفعل بالرادة وقد فرغنا عن إبطال دعواهم في ذلك فضضي‬
‫مسألة حدث العالم‪ .‬وإذا ثبت أن الفاعل يخلق الحضضتراق بضضإرادته عنضضد ملقضضاة‬
‫القطنة النار أمكن في العقل أن ل يخلق مع وجود الملقضضاة‪ .‬قضضولهم‪ :‬أفل أرى‬
‫بين يدي سباعا ً ضارية فإن قيل‪ :‬فهذا يجر إلى ارتكاب محالت شنيعة فإنه إذا‬
‫أنكرت لزوم المسببات عضضن أسضضبابها وأضضضيف إلضضى إرادة مخترعهضضا ولضضم يكضضن‬
‫للرادة أيضا ً منهج مخصوص متعين بل أمكن تفننه وتنضضوعه فليجضضوز كضضل واحضضد‬
‫منا أن يكون بين يضضديه سضضباع ضضضارية ونيضضران مشضضتعلة وجبضضال راسضضية وأعضضداء‬
‫مستعدة بالسضضلحة وهضضو ل يراهضضا لن اللضضه تعضالى ليضضس يخلضضق الرؤيضضة لضضه‪ .‬إذا‬
‫وضعت كتابا ً في بيتي أفل أعلم أنضضه انقلضضب غلمضا ً ومضضن وضضضع كتابضا ً فضضي بيتضضه‬
‫فليجوز أن يكون قد انقلب عند رجوعه إلى بيته غلما ً أمضضرد عضضاقل ً متصضضرفا ً أو‬
‫انقلب حيوانا ً أو ترك غلما ً في بيته فليجوز انقلبه كلبا ً أو ترك الرمضضاد فليجضضوز‬
‫انقلبه مسكا ً وانقلب الحجر ذهبا ً والذهب حجرًا‪ .‬وإذا سئل عن شيء من هذا‬
‫فينبغي أن يقول‪ :‬ل أدري مضضا فضضي الضضبيت الن وإنمضضا القضضدر الضضذي أعلمضضه أنضضي‬
‫تركت في البيت كتابا ً ولعله الن فرس وقد لطخ بيت الكتب ببوله وروثه وإني‬
‫تركت في البيت جرة من الماء ولعلها انقلبت شجرة تفاح فإن الله قادر على‬
‫كل شيء وليس من ضرورة الفضضرس أن يخلضضق مضضن النطفضضة ول مضضن ضضضرورة‬
‫الشجرة أن تخلق من البذر بل ليس من ضرورته أن يخلق شيء فلعلضضه خلضضق‬
‫أشياء لم يكن لها وجود من قبل بل إذا نظر إلى إنسان لم يضضره إل الن وقيضضل‬
‫له‪ :‬هل هذا مولود‪ :‬فليتردد وليقل يحتمل أن يكون بعض الفواكه فضضي السضضوق‬
‫قد انقلب إنسانا ً وهو ذلك النسان فإن الله قادر على كل شيء ممكضضن وهضضذا‬
‫ممكن فل بد من التردد فيه وهذا فن يتسع المجال فضضي تصضضويره وهضضذا القضضدر‬
‫قولنا‪ :‬إن الله يخلق لنا علما ً بأن هذه الممكنات لم يعلمها والجواب أن نقول‪:‬‬
‫إن ثبت أن الممكن كونه ل يجوز أن يخلق للنسان علم بعدم كضضونه لضزم هضضذه‬
‫المحالت‪ .‬ونحن ل نشك في هذه الصور التي أوردتموهضضا فضضإن اللضضه خلضضق لنضضا‬
‫علما ً بأن هذه الممكنات لم يفعلهضضا ولضضم نضضدع أن هضضذه المضضور واجبضضة بضضل هضي‬
‫ممكنة يجوز أن تقع ويجضوز أن ل تقضع واسضتمرار العضادة بهضا مضرة بعضد أخضرى‬
‫يرسخ في أذهاننا جريانها على وفق العادة الماضية ترسخا ً ل تنفك عنه‪.‬‬

‫العلم بحدوث الممكن يجوز للنبي ل للعامي بل يجوز أن يعلم نبي من النبياء‬
‫بالطرق التي ذكرتموها أن فلنا ً ل يقدم من سفره غدا ً وقدومه ممكضضن ولكضضن‬
‫يعلم عدم وقوع ذلك الممكن بل كما ينظر إلى العامي فيعلم أنضضه ليضضس يعلضضم‬
‫الغيب في أمر من المور ول يدرك المعقولت من غير تعلم ومع ذلك فل ينكر‬
‫أن تتقوى نفسه وحدسه بحيث يدرك ما يدركه النبياء على ما اعترفوا بإمكانه‬
‫ولكن يعلمون أن ذلك لم يقع فإن خرق الله العادة بإيقاعهضضا فضضي زمضضان خضضرق‬
‫العادات فيها انسلت هذه العلوم عن القلوب ولم يخلقها‪ .‬فل مانع إذن من أن‬
‫يكون الشيء ممكنا ً في مقدورات الله ويكون قد جرى في سابق علمه أنه ل‬
‫يفعله مع إمكانه في بعض الوقات ويخلق لنا العلم بأنه ليس يفعله فضضي ذلضضك‬
‫الوقت فليس في هذا الكلم إل تشنيع محض‪ .‬إن الله يغير صفة النار أو صضضفة‬
‫إبراهيم المسلك الثاني وفيه الخلص من هضضذه التشضضنيعات وهضضو أن نسضضلم أن‬
‫النار خلقت خلقة إذا لقاها قطنتان متماثلتان أحرقتهما ولضضم تفضضرق بينهمضضا إذا‬
‫تماثلتا من كل وجه ولكنا مع هذا نجوز أن يلقى نبي فضي النضار فل يحضترق إمضا‬
‫بتغيير صفة النار أو بتغيير صفة النبي فيحدث من اللضضه أو مضضن الملئكضضة صضضفة‬
‫في النار يقصر سخونتها على جسمها بحيضضث ل تتعضضداه فيبقضضى معهضا سضضخونتها‬
‫وتكون على صورة النار وحقيقتها ولكضضن ل تتعضضدى سضضخونتها وأثرهضضا أو يحضضدث‬
‫في بدن الشخص صفة ول يخرجه عن كونه لحما ً وعظما ً فيدفع أثر النار‪.‬‬
‫من يطلي نفسه بالطلق ل يتأثر بالنار فإنا نرى من يطلي نفسضضه بضضالطلق ثضضم‬
‫يقعد في تنور موقدة ول يتأثر به‪ .‬والذي لم يشاهد ذلك ينكره‪ .‬فإنكار الخصضضم‬
‫اشتمال القدرة على إثبات صفة مضضن الصضضفات فضضي النضضار أو فضضي البضضدن يمنضضع‬
‫الحتراق كإنكار من لضضم يشضضاهد الطلضضق وأثضضره‪ .‬وفضضي مقضضدورات اللضضه غضضرائب‬
‫وعجائب ونحن لم إن الله يغير الشياء في وقت أقرب مما عهضضد فيضضه وكضضذلك‬
‫إحياء الميت وقلب العصا ثعبانا ً يمكن بهذا الطريق وهو أن المادة قابلضضة لكضضل‬
‫شيء فالتراب وسضضائر العناصضضر يسضضتحيل نباتضا ً ثضضم النبضضات يسضضتحيل عنضضد أكضضل‬
‫الحيوان دما ً ثم الدم يستحيل منيا ً ثم المني ينصب في الرحم فيتخلضضق حيوان ضا ً‬
‫وهذا بحكم العادة واقع في زمان متطضضاول فلضضم يحيضضل الخصضضم أن يكضضون فضضي‬
‫مقدور الله أن يدير المادة في هذه الطوار في وقت أقرب مما عهد فيه وإذا‬
‫جاز في وقت أقرب فل ضبط للقل فتستعجل هذه القوى في عملها ويحصضضل‬
‫به ما هو معجزة النبي‪ .‬اعتراض‪ :‬أيصدر هنا من نفس النبي أم من مبضضدأ آخضضر‬
‫فإن قيل‪ :‬وهذا يصدر من نفس النبي أو من مبدأ آخر من المبادئ عند اقتراح‬
‫النبي‪ .‬قولنا‪ :‬من الله لثبات النبوة قلنا‪ :‬وما سلمتموه من جواز نزول المطار‬
‫والصواعق وتزلزل الرض بقضضوة نفضضس النضضبي يحصضضل منضضه أو مضضن مبضضدأ آخضضر‪.‬‬
‫فقولنا في هذا كقولكم في ذاك والولى بنا وبكم إضافة ذلك إلى الله إما بغير‬
‫واسطة أو بواسطة الملئكة‪ .‬ولكضضن وقضضت اسضضتحقاق حصضضولها انصضضراف همضضة‬
‫النبي إليه وتعين نظام الخير في ظهوره لستمرار نظام الشضضرع فيكضضون ذلضضك‬
‫مرجحا ً جهة الوجود ويكون الشيء في نفسه ممكنا ً والمبدأ بضضه سضضمحا ً جضضوادا ً‬
‫ولكن ل يفيض منه إل إذا ترجحت الحاجة إلى وجوده وصار الخيضضر متعين ضا ً فيضضه‬
‫ول يصير الخير متعينا ً فيه إل إذا احتاج نبي في إثبات نبوته إليه لفاضة الخير‪.‬‬
‫هذا لئق بمساق كلمهم ولزم لهم فهذا كله لئق بمساق كلمهضضم ولزم لهضضم‬
‫مهما فتحوا باب الختصاص للنبي بخاصية تخالف عادة الناس فإن مقادير ذلك‬
‫الختصاص ل ينضبط في العقل إمكانه فلم يجب معه التكذيب لما تضضواتر نقلضضه‬
‫وورد الشرع بتصديقه‪ .‬تقبل الصضور مختلفضة بسضبب اختلف السضتعداد وعلضى‬
‫الجملة لما كان ل يقبل صورة الحيوان إل النطفة وإنما تفيض القوى الحيوانية‬
‫عليها من الملئكة التي هي مبادي الموجضضودات عنضضدهم ولضضم يتخلضضق قضضط مضضن‬
‫نطفة النسان إل إنسان ومن نطفة الفضضرس إل فضضرس مضضن حيضضث أن حصضضوله‬
‫من الفرس أوجب ترجيحا ً لمناسبة صورة الفرس على سائر الصور فلم يقبل‬
‫إل الصورة المترجحة بهذا الطريق ولذلك لم ينبت قط من الشضضعير حنطضضة ول‬
‫من بذر الكمثرى تفاح‪ .‬ثم رأينا أجناسا ً مضضن الحيوانضضات تتولضضد مضضن الضضتراب ول‬
‫تتوالد قط كالديدان ومنها ما يتولد ويتوالد جميعا ً كالفار والحية والعقرب وكان‬
‫تولدها من التراب ويختلف استعدادها لقبول الصور بأمور غابت عنا ولضضم يكضضن‬
‫في القوة البشرية الطلع عليها إذ ليس تفيضضض الصضضور عنضضدهم مضضن الملئكضضة‬
‫بالتشهي ول جزافا ً بل ل يفيض على كضضل محضضل إل مضضا تعيضضن قبضضوله لضضه بكضضونه‬
‫مستعدا ً في نفسه والستعدادات مختلفة ومبادئها عندهم امتزاجات الكضضواكب‬
‫واختلف نسب الجرام العلوية في حركاتها‪.‬‬
‫مبادىء الستعدادات فيها غضضرائب وعجضضائب فقضضد انفتضضح مضضن هضضذا أن مبضضادىء‬
‫الستعدادات فيها غرائب وعجائب حضضتى توصضضل أربضضاب الطلسضضمات مضضن علضضم‬
‫خواص الجواهر المعدنية وعلم النجوم إلضضى مضضزج القضضوى السضضماوية بضضالخواص‬
‫المعدنية فاتخذوا أشكال ً من هذه الرضضضية وطلبضضوا لهضضا طالع ضا ً مخصوص ضا ً مضضن‬
‫الطوالع وأحدثوا بها أمورا ً غريبة في العالم فربما دفعوا الحيضضة والعقضضرب عضضن‬
‫بلد والبق عن بلد إلى غير ذلك من أمور تعرف من علم الطلسضضمات‪ .‬لمضاذا ل‬
‫يحصل هذا في أقرب زمان فتكون معجزة فإذا خرجضضت عضضن الضضضبط مبضضادىء‬
‫الستعدادات ولم نقف على كنهها ولم يكن لنا سضضبيل إلضى حصضضرها فمضن أيضضن‬
‫نعلم استحالة حصول الستعداد في بعض الجسام للستحالة في الطوار فضضي‬
‫أقرب زمان حتى يستعد لقبول صورة ما كان يستعد لها من قبل وينتهض ذلك‬
‫معجزة ما إنكار هذا إل لضيق الحوصلة والنس بالموجودات العاليضضة والضضذهول‬
‫عن أسرار الله سبحانه في الخلقة والفطرة ومن استقرأ عجضضائب العلضضوم لضضم‬
‫يستبعد من قدرة اللضضه مضضا يحكضضى مضضن معجضضزات النبيضضاء بحضضال مضضن الحضضوال‪.‬‬
‫اعتراض‪ :‬إذا حددتم المحال هكضضذا فضضإن قيضضل‪ :‬فنحضضن نسضضاعدكم علضضى أن كضضل‬
‫ممكن مقدور لله وأنتم تسضضاعدون علضضى أن كضضل محضضال فليضضس بمقضضدور ومضضن‬
‫الشياء ما يعرف استحالتها ومنها ما يعرف إمكانها ومنهضضا مضضا يقضضف العقضضل فل‬
‫يقضي فيه باستحالة ول إمكان‪ .‬فالن ما حضضد المحضضال عنضضدكم فضضإن رجضضع إلضضى‬
‫الجمع بين النفي والثبات في شيء واحد فقولوا إن كل شيئين ليس هذا ذاك‬
‫ول ذاك هذا فل يستدعي وجضضود أحضضدهما وجضضود الخضضر فضضالله قضضادر علضضى خلضضق‬
‫المحال وقولوا إن الله يقدر على خلق إرادة من غير علم بالمراد وخلضضق علضضم‬
‫من غير حيوة ويقضدر علضضى أن يحضضرك يضضد ميضت ويقعضده ويكتضب بيضضد مجلضدات‬
‫ويتعاطى صناعات وهو مفتوح العين محدق بصره نحوه ولكنه ل يرى ول حيوة‬
‫فيه ول قدرة له عليه وإنمضضا هضضذه الفعضضال المنظومضضة يخلقهضضا اللضضه تعضضالى مضضع‬
‫تحريك يده والحركة مضضن جهضة اللضضه وبتجضضويز هضضذا يبطضضل الفضضرق بيضضن الحركضضة‬
‫الختيارية وبين الرعضضدة فل يضضدل الفعضضل المحكضضم علضضى العلضضم ول علضضى قضضدرة‬
‫الفاعل‪ .‬وعلى قلضب الجنضاس وينبغضي أن يقضدر علضى قلضب الجنضاس فيقلضب‬
‫الجوهر عرضا ً ويقلب العلم قدرة والسواد بياض ضا ً والصضضوت رائحضضة كمضضا اقتضضدر‬
‫على قلب الجماد حيوانا ً والحجر ذهبضا ً ويلضزم عليضه أيضضا ً مضن المحضالت مضا ل‬
‫حصر له‪ .‬جوابنضضا‪ :‬ل والجضضواب أن المحضضال غيضضر مقضضدور عليضضه والمحضضال إثبضضات‬
‫الشيء مع نفيه أو إثبات الخص مع نفي العم أو إثبات الثنين مع نفي الواحد‬
‫وما ل يرجع إلى هذا فليس بمحال وما ليس بمحال فهو مقدور‪.‬‬
‫المحال أن يجمع بين السواد والبياض وأن يكون الشخص في مكضضانين‪ ...‬الضضخ‬
‫أما الجمع بين السواد والبياض فمحال لنا ل نفهضضم مضن إثبضضات صضورة السضواد‬
‫في المحل نفي هيئة البياض ووجود السواد فإذا صار نفي البياض مفهوما ً مضضن‬
‫ل‪ .‬وإنمضضا ل يجضضوز كضضون الشضضخص‬ ‫إثبات السواد كان إثبات البياض مع نفيه محا ً‬
‫في مكانين لنا نفهم من كونه في البيت عدم كونه في غيضضر الضضبيت فل يمكضضن‬
‫تقديره في غير البيت مع كونه في البيت المفهم لنفيه عن غير البيت‪ .‬وكذلك‬
‫نفهم من الرادة طلب معلوم فإن فرض طلب ول علضضم لضضم تكضضن إرادة فكضضان‬
‫فيه نفي ما فهمناه‪ .‬والجماد يستحيل أن يخلق فيه العلم لنا نفهم من الجمضضاد‬
‫ما ل يدرك فإن خلق فيه إدراك فتسميته جمادا ً بالمعنى الضضذي فهمنضضاه محضضال‬
‫وإن لم يدرك فتسميته الحادث علما ً ول يدرك به محله شيئا ً محال فهضضذا وجضضه‬
‫استحالته‪ .‬إن الله ل يقدر على قلب الجناس لعدم وجود مادة مشضضتركة وأمضضا‬
‫قلب الجناس فقد قال بعض المتكلمين أنه مقدور لله فنقول‪ :‬مصضير الشضيء‬
‫شيئا ً آخر غير معقول لن السواد إذا انقلب قدرة مثل ً فالسواد بضضاق أم ل فضضإن‬
‫كان معدوما ً فلم ينقلب بل عدم ذاك ووجد غيره وإن كان موجودا ً مع القضضدرة‬
‫فلم ينقلب ولكن انضاف إليه غيضضره وإن بقضضي السضضواد والقضضدرة معدومضضة فلضضم‬
‫ينقلب بل بقي على ما هو عليه‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬انقلب الدم مني ضا ً أردنضضا بضضه أن تلضضك‬
‫المادة بعينها خلعت صورة ولبست صورة أخرى فرجع الحاصل إلى أن صضضورة‬
‫عدمت وصورة حضضدثت وثضضم مضضادة قائمضضة تعضضاقب عليهضضا الصضضورتان‪ .‬وإذا قلنضضا‪:‬‬
‫انقلب الماء هواء بالتسخين أردنا به أن المادة القابلضضة لصضورة المائيضضة خلعضت‬
‫هذه الصورة وقبلت صورة أخرى فالمادة مشتركة والصفة متغيرة‪ .‬وكذلك إذا‬
‫قلنا‪ :‬انقلب العصا ثعبانا ً والضضتراب حيوان ضا ً وليضضس بيضضن العضضرض والجضضوهر مضضادة‬
‫مشتركة ول بين السواد والقدرة ول بين سائر الجناس مضضادة مشضضتركة فكضضان‬
‫هذا محال ً من هذا الوجه‪.‬‬

‫إن الميت إذا حرك الله يده يكتضضب وأمضضا تحريضضك اللضضه يضضد ميضضت ونصضضبه علضضى‬
‫صورة حي يقعد ويكتب حتى يحدث من حركة يضضده الكتابضضة المنظومضضة فليضضس‬
‫بمستحيل في نفسه مهما أحلنا الحوادث إلى إرادة مختار وإنمضضا هضضو مسضضتنكر‬
‫لطراد العادة بخلفه‪ .‬لكن الدليل في علم الفاعل‪ .‬وقضضولكم‪ :‬تبطضضل بضضه دللضضة‬
‫أحكام الفعل على علم الفاعل فليس كضضذلك فضضإن الفاعضضل الن هضضو اللضضه وهضضو‬
‫المحكم وهو فاعل به‪ .‬وأما قولكم إنضضه ل يبقضضى فضضرق بيضضن الرعشضضة والحركضضة‬
‫المختارة فنقول‪ :‬إنما أدركنا ذلك من أنفسنا لنا شاهدنا من أنفسنا تفرقة بين‬
‫الحالتين فعبرنضا عضن ذلضك الفضارق بالقضدرة فعرفنضا أن الواقضع مضن القسضمين‬
‫الممكنين أحدهما في حالة والخر فضضي حالضضة وهضضو إيجضضاد الحركضضة مضضع القضضدرة‬
‫عليها في حالة وإيجاد الحركة دون القدرة في حالة أخرى‪ .‬وأما إذا نظرنا إلى‬
‫غيرنا ورأينا حركات كثيرة منظومة حصل لنا علم بقدرتها فهذه علضضوم يخلقهضضا‬
‫الله تعالى بمجاري العادات يعرف بها وجود أحد قسمي المكان ول يتضضبين بضضه‬
‫استحالة القسم الثاني كما سبق‪.‬‬
‫مسألة في تعجيزهم عن إقامضضة البرهضضان العقلضضي علضضى أن النفضضس النسضضاني‬
‫جوهر روحاني قائم بنفسه ل يتحيز وليس بجسم ول منطبع في الجسم ول هو‬
‫متصل بالبدن ول هو منفصل عنضه كمضا أن اللضه ليضس خضارج العضالم ول داخضل‬
‫العالم وكذى الملئكة عندهم والخوض في هضذا يسضتدعي شضرح مضذهبهم فضي‬
‫القوى الحيوانية والنسانية‪ .‬والقضضوى الحيوائيضضة تنقسضضم عنضضدهم إلضضى قسضضمين‪:‬‬
‫محركة ومدركة‪ .‬والمدركة قسمان‪ :‬ظاهرة وباطنة‪ .‬والظضضاهرة هضضي الحضضواس‬
‫الخمسة وهي معان منطبعة فضضي الجسضضام أعنضضي هضضذه القضضوى‪ .‬وأمضضا الباطنضضة‬
‫فثلثة‪ :‬والباطنة تنقسم إلى خيالية إحديها القضضوة الخياليضضة فضضي مقدمضضة الضضدماغ‬
‫وراء القوة الباصرة وفيه تبقى صور الشضضياء المرئيضضة بعضضد تغميضضض العيضضن بضضل‬
‫ينطبع فيها ما تورده الحواس الخمس فيجتمع فيه ويسضضمى الحضضس المشضضترك‬
‫لذلك‪ .‬ولوله لكان من رأى العسل البيض ولم يدرك حلوتضضه إل بالضضذوق فضضإذا‬
‫رآه ثانيا ً ل يدرك حلوته ما لم يذق كالمرة الولى ولكن فيه معنى يحكضضم بضضأن‬
‫هذا البيض هو الحلو فل بد وأن يكون عنده حاكم قد اجتمع عنده المضضر أعنضضي‬
‫اللون والحلوة حتى قضى عند وجود أحدهما بوجود الخر‪.‬‬
‫ووهمية والثانية القوة الوهمية وهي التي تدرك المعاني وكضضان القضضوة الولضضى‬
‫تدرك الصور‪ .‬والمراد بالصور مضا ل بضد لوجضضوده مضن مضادة أي جسضضم والمضراد‬
‫بالمعاني ما ل يستدعي وجوده جسضضما ً ولكضضن قضضد يعضضرض لضضه أن يكضضون جسضضم‬
‫كالعداوة والموافقة فإن الشاة تدرك من الذب لضضونه وشضضكله وهيئتضضه وذلضضك ل‬
‫يكون إل في جسم وتدرك أيضا ً كونه مخالفا ً لهضضا‪ .‬وتضضدرك السضضخلة شضضكل الم‬
‫ولونه ثم تدرك موافقته ومليمته ولذلك تهرب مضضن الضضذئب وتعضضدو خلضضف الم‪.‬‬
‫والمخالفة والموافقة ليضضس مضضن ضضضرورتها أن تكضضون فضضي الجسضضام ل كضضاللون‬
‫والشكل ولكن قد يعرض لها أن تكون في الجسام أيض ضا ً فكضضانت هضضذه القضضوة‬
‫مباينة للقوة الثانية وهذا محله التجويف الخير من الدماغ‪ .‬ومتخيلضضة ‪ -‬مفكضضرة‬
‫أما الثالثة فهي القوة التي تسمى في الحيوانات متخيلة وفي النسان مفكضضرة‬
‫وشأنها أن تركب الصور المحسوسة بعضها مضضع بعضضض وتركضضب المعضضاني علضضى‬
‫الصور وهي في التجويف الوسط بين حافظ الصور وحافظ المعضضاني‪ .‬ولضضذلك‬
‫يقدر النسان على أن يتخيل فرسا ً يطيضر وشخصضا ً رأسضضه رأس إنسضضان وبضدنه‬
‫بدن فرس إلى غير ذلك من التركيبات وإن لم يشضضاهد مثضضل ذلضضك والولضضى أن‬
‫تلحق هذه القوة بالقوى المحركة كما سيأتي ل بالقوى المدركة وإنمضضا عرفضضت‬
‫مواضع هذه القوى وإليها تضم القوة الحافظة والقضضوة الضضذاكرة ثضضم زعمضضوا أن‬
‫القوة الضضتي تنطبضضع فيهضضا صضضور المحسوسضضات بضضالحواس الخمضضس تحفضضظ تلضضك‬
‫الصور حتى تبقى بعد القبول والشيء يحفظ الشيء ل بالقوة الضضتي بهضضا يقبضضل‬
‫فإن الماء يقبل ول يحفظ والشمع يقبل برطوبته ويحفظ بيبوسته بخلف الماء‬
‫فكانت الحافظة بهذا العتبار غير القابلضضة فتسضضمى هضضذه قضضوة حافظضضة‪ .‬وكضضذى‬
‫المعاني تنطبع في الوهميضضة وتحفظهضضا قضضوة تسضضمى ذاكضضرة فتصضضير الدراكضضات‬
‫الباطنة بهذا العتبار إذا ضم إليها المتخيلة خمسة كما كانت الظاهرة خمسضضة‪.‬‬
‫والقوى المتحركة تنقسم إلى باعثضضة شضهوانية وغضضبية وأمضضا القضوى المحركضة‬
‫فتنقسم إلى محركة على معنى أنها باعثضضة علضضى الحركضضة وإلضضى محركضضة علضضى‬
‫معنضضى أنهضا مباشضضرة للحركضضة فاعلضة‪ .‬والمحركضة علضى أنهضا باعثضة هضي القضوة‬
‫النزوعية الشوقية وهي التي إذا ارتسم في القوة الخيالية التي ذكرناها صورة‬
‫مطلوب أو مهروب عنه بعثضضت القضضوة المحركضضة الفاعلضضة علضضى التحريضضك‪ .‬ولهضضا‬
‫شعبتان شعبة تسمى قوة شهوانية وهي قوة تبعث على تحريك يقرب به مضضن‬
‫الشياء المتخيلة ضرورية أو نافعة طلبا ً للذة وشعبة تسمى قوة غضضضبية وهضضي‬
‫قوة تبعث على تحريك يدفع به الشيء المتخيل وفاعلة وأمضضا القضضوة المحركضضة‬
‫على أنها فاعلة هي قوة تنبعث في العصاب والعضلت مضضن شضضأنها أن تشضضنج‬
‫العضلت فتجذب الوتار والرباطات المتصلة بالعضاء إلى جهة الموضع الضضذي‬
‫فيه القوة أو ترخيها وتمددها طول ً فتصير الوتار والرباطات إلى خلف الجهة‪.‬‬
‫فهذه قوى النفس الحيوانيضضة علضضى طريضضق الجمضضال وتضضرك التفصضضيل‪ .‬للنفضضس‬
‫العاقلة قوتان‪ :‬عملية ونظرية فأما النفس العاقلة النسانية المسماة الناطقضضة‬
‫عندهم والمراد بالناطقة العاقلة لن النطق أخص ثمرات العقضضل فضضي الظضضاهر‬
‫فنسبت إليه فلها قوتان‪ :‬قوة عالمة وقوة عاملة وقد يسمى كضضل واحضضدة عقل ً‬
‫ولكن باشتراك السضضم‪ .‬فالعاملضضة قضضوة هضضي مبضضدأ محضضرك لبضضدن النسضضان إلضضى‬
‫الصناعات المرتبة النسانية المستنبط ترتيبها بالروية الخاصة بالنسضضان‪ .‬وأمضضا‬
‫العالمة فهي الضضتي تسضضمى النظريضضة وهضضي قضضوة مضضن شضضأنها أن تضضدرك حقضضائق‬
‫المعقولت المجردة عن المادة والمكان والجهات وهضضي القضضضايا الكليضضة الضضتي‬
‫يسميها المتكلمون أحوال ً مضضرة ووجودهضضا أخضضرى وتسضضميها الفلسضضفة الكليضضات‬
‫المجردة‪ .‬الولى تنقاد للبدن والثانية مأخوذة من الملئكة فإذن للنفس قوتضضان‬
‫بالقياس إلى جنبتين‪ :‬القوة النظرية بالقياس إلضضى جنبضضة الملئكضضة إذ بهضضا تأخضضذ‬
‫من الملئكة العلوم الحقيقية وينبغي أن تكون هضضذه القضضوة دائمضضة القبضضول مضضن‬
‫جهة فوق‪ .‬والقوة العملية لها بالنسبة إلضضى أسضضفل وهضضي جهضضة البضضدن وتضضدبيره‬
‫وإصلح الخلق وهذه القوة ينبغي أن تتسلط علضضى سضضائر القضضوى البدنيضضة وأن‬
‫تكون سائر القوى متأدبة بتأديبها مقهورة دونهضضا حضضتى ل تنفعضضل ول تتضضأثر هضضي‬
‫عنها بل تنفعل تلك القوى عنها لئل يحضضدث فضضي النفضضس مضضن الصضضفات البدنيضضة‬
‫هيآت انقيادية تسمى رذائل بل تكون هي الغالبة ليحصل للنفس بسببها هيضضآت‬
‫تسمى فضائل‪.‬‬

‫هذه كلها ل تنكر فهذا إيجاز ما فصلوه من القوى الحيوانية والنسانية وطولوا‬
‫بذكرها مع العراض عن ذكر القوى النباتية إذ ل حاجة إلى ذكرها في غرضضضنا‪.‬‬
‫وليس شيء مما ذكروه مما يجضضب إنكضضاره فضضي الشضضرع فإنهضضا أمضضور مشضضاهدة‬
‫أجرى الله العادة بها‪ .‬اعتراضنا عليهم لنهضضم يقصضضدون الدللضضة وإنمضضا نريضضد أن‬
‫نعترض الن على دعواهم معرفة كون النفضضس جضضوهرا ً قائمضا ً بنفسضضه بضضبراهين‬
‫العقل‪ .‬ولسنا نعترض اعتراض من يبعد ذلك من قدرة الله أو يرى أن الشضضرع‬
‫جاء بنقيضه بل ربما نبين في تفصضضيل الحشضضر والنشضضر أن الشضضرع مصضضدق لضضه‬
‫ولكنضا ننكضر دعضواهم دللضة مجضرد العقضل عليضه والسضتغناء عضن الشضرع فيضه‪.‬‬
‫فلنطالبهم بالدلة ولهضم فيضه براهيضن كضثيرة بزعمهضم‪ .‬الول دليلهضم الول‪ :‬أن‬
‫محل العلم ل ينقسم فهو ليس جسضما ً قضولهم إن العلضوم العقليضة تحضل محضل‬
‫النفس النساني وهي محصورة وفيها آحاد ل تنقسم فل بضضد وأن يكضضون محلضضه‬
‫أيضا ً ل ينقسم وكل جسم فمنقسم فضضدل أن محلضضه شضضيء ل ينقسضضم‪ .‬ويمكضضن‬
‫إيراد هذا على شرط المنطضق بأشضكاله ولكضن أقربضه أن يقضال إن كضان محضل‬
‫العلم جسما ً منقسما ً فالعلم الحال أيضا ً منقسم لكن العلم الحال غير منقسم‬
‫فالمحل ليس جسمًا‪ .‬وهذا هو قياس شرطي استثنى فيه نقيض التضضالي فينتضضج‬
‫نقيضضض المقضضدم بالتفضضاق فل نظضضر فضضي صضضحة شضضكل القيضضاس ول أيضضضا ً فضضي‬
‫المقدمتين فإن الول قولنا إن كل حال في منقسضضم ينقسضضم ل محالضضة بفضضرض‬
‫القسمة في محله وهو أولضضي ل يمكضضن التشضضكك فيضضه والثضضاني قولنضضا إن العلضضم‬
‫الواحد يحل في الدمي وهو ل ينقسم لنه لو انقسم إلى غير نهاية كان محال ً‬
‫وإن كان له نهاية فيشضضتمل علضضى آحضضاد ل محالضضة ل تنقسضضم‪ .‬وعلضضى اعتراضضضنا‪:‬‬
‫لماذا ل يكون محل العلم جوهرا ً فردا ً والعتراض على مقضامين‪ :‬المقضام الول‬
‫أن يقال‪ :‬بم تنكرون على من يقول‪ .‬محل العلم جوهر فضضرد متحيضضز ل ينقسضضم‬
‫وقد عرف هذا من مذهب المتكلمين‪ .‬ول يبقى بعده إل استبعاد وهو أنه كيضضف‬
‫تحل العلوم كلها في جوهر فرد وتكضضون جميضضع الجضضواهر المطيفضضة بهضضا معطلضضة‬
‫مجاورة‪ .‬والستبعاد ل خير فيه إذ يتوجه علضضى مضضذهبهم أيض ضا ً أنضضه كيضضف تكضضون‬
‫النفس شيئا ً واحدا ً ل يتحيز ول يشار إليه ول يكون داخل البضضدن ول خضضارجه ول‬
‫متصل ً بالجسم ول منفصل ً عنه‪ .‬لكن هذه المسألة يطضضول حلهضضا إل أنضضا ل نضضؤثر‬
‫هذا المقام فإن القول في مسألة الجزء الذي ل يتجزى طويل ولهم فيضضه أدلضضة‬
‫هندسية يطول الكلم عليها ومن جملتها قولهم‪ :‬جوهر فرد بيضضن جضضوهرين هضضل‬
‫يلقي أحد الطرفين منه عين ما يلقيه الخر أو غيره فإن كان عينه فهو محال‬
‫إذ يلزم منه تلقي الطرفين فإن ملقي الملقي ملق وإن كان ما يلقيه غيره‬
‫ففيه إثبات التعدد والنقسام وهذه شبهة يطول حلهضضا وبنضضا غنيضضة عضضن الخضضوض‬
‫فيها فلنعدل إلى مقام آخر‪ .‬المقام الثاني أن نقول‪ :‬ما ذكرتمضضوه مضضن أن كضضل‬
‫حال في جسم فينبغي أن ينقسم باطل عليكم بما تدركه القوة من الشاة من‬
‫عداوة الذئب فإنها في حكم شضضيء وحضضد ل يتصضضور تقسضضيمه إذ ليضضس للعضضداوة‬
‫بعضضض حضضتى يقضضدر إدراك بعضضضه وزوال بعضضضه وقضضد حصضضل إدراكهضضا فضضي قضضوة‬
‫جسمانية عندكم فإن نفس البهائم منطبعة في الجسام ل تبقى بعضضد المضضوت‪.‬‬
‫وقضضد اتفقضضوا عليضضه فضضإن أمكنهضضم أن يتكلفضضوا تقضضدير النقسضضام فضضي المضضدركات‬
‫بالحواس الخمس وبضضالحس المشضضترك وبضضالقوة الحافظضضة للصضضور فل يمكنهضضم‬
‫تقدير النقسام في هذه المعاني التي ليس من شرطها أن تكضضون فضضي مضضادة‪.‬‬
‫قد يقال‪ :‬ليس الكلم عن العداوة المجردة فإن قيل‪ :‬الشاة ل تضضدرك العضضداوة‬
‫المطلقضضة المجضردة عضن المضادة بضضل تضضدرك عضداوة الضذئب المعيضن المشضضخص‬
‫مقرونا ً بشخصه وهيكله‪ .‬والقوة العاقلضضة تضضدرك الحقضضائق مجضضردة عضضن المضضواد‬
‫والشخاص‪.‬‬
‫الدراك ل ينقسم قلنا‪ :‬الشاة قد أدركت لون الذئب وشكله ثضضم عضضداوته فضضإن‬
‫كان اللون ينطبع في القوة الباصضضرة وكضضذى الشضضكل وينقسضضم بانقسضضام محضضل‬
‫البصر فالعداوة بماذى تدركها فإن أدرك بجسم فلينقسم وليت شعري ما حال‬
‫ذلك الدراك إذا قسم وكيضضف يكضضون بعضضضه أهضضو إدراك لبعضضض العضضداوة فكيضضف‬
‫يكون لها بعض أو كل قسم إدراك لكل العداوة فتكون العداوة معلومة مضضرارا ً‬
‫بثبوت إدراكها في كل قسم من أقسام المحل‪ .‬فإذن هذه شبهة مشضضكلة لهضضم‬
‫في برهانهم فل بد من الحل‪ .‬قد يقال‪ :‬ل شك في المقدمتين فإن قيضضل‪ :‬هضضذه‬
‫مناقضة في المعقولت والمعقضضولت ل تنقضضض فضضإنكم مهمضضا لضضم تقضضدروا علضضى‬
‫الشك في المقدمتين وهو أن العلم الواحد ل ينقسم وأن ما ل ينقسم ل يقضضوم‬
‫بجسم منقسم لم يمكنكم الشك في النتيجة‪ .‬جوابنا‪ :‬بينا أن أقضضوالهم تتنضضاقض‬
‫والجضواب أن هضذا الكتضضاب مضا صضضنفناه إل لبيضان التهضافت والتنضاقض فضي كلم‬
‫الفلسفة وقد حصل إذ انتقض بضضه أحضضد المريضضن‪ :‬إمضضا مضضا ذكضضروه فضضي النفضضس‬
‫الناطقة أو ما ذكروه في القوة الوهمية‪.‬‬

‫ليس العلم كاللون ثم نقضضول‪ :‬هضضذه المناقضضضة تضضبين أنهضضم غفلضضوا عضضن موضضضع‬
‫تلبيس في القياس ولعل موضع اللتباس قولهم إن العلم منطبع فضضي الجسضضم‬
‫انطباع اللون في المتلضضون وينقسضضم اللضضون بانقسضضام المتلضضون فينقسضضم العلضضم‬
‫بانقسام محله‪ .‬والخلل في لفظ النطباع إذ يمكن أن ل تكون نسبة العلم إلى‬
‫محله كنسبة اللون إلى المتلضضون حضضتى يقضضال إنضضه منبسضضط عليضضه ومنطبضضع فيضضه‬
‫ومنتشر في جوانبه فينقسم بانقسامه‪ .‬فلعل نسبة العلم إلى محله على وجضضه‬
‫آخر وذلك الوجه ل يجوز فيضضه النقسضام عنضضد انقسضام المحضضل بضضل نسضضبته إليضه‬
‫كنسبة إدراك العداوة إلى الجسم‪ .‬ووجوه نسبة الوصاف إلضضى محلهضضا ليسضضت‬
‫محصورة في فن واحد ول هي معلومة التفاصيل لنا علما ً نثق به فالحكم عليه‬
‫دون الحاطة بتفصيل النسبة حكم غير موثوق به‪ .‬ل دليل لهم وعلى الجملة ل‬
‫ينكر أن ما ذكروه مما يقوي الظن ويغلبه وإنما ينكر كونه معلوما ً يقينا ً علما ً ل‬
‫يجوز الغلط فيه ول يتطرق إليضضه الشضضك وهضضذا القضضدر مشضضكك فيضضه‪ .‬دليضضل ثضضان‬
‫دليلهم الثاني‪ :‬للعلم نسبة إلى العالم قضضالوا‪ :‬إن كضضان العلضضم بضضالمعلوم الواحضضد‬
‫العقلي وهو المعلوم المجرد عن المواد منطبعا ً فضي المضضادة انطبضاع العضضراض‬
‫في الجوهر الجسمانية لزم انقسامه بالضرورة بانقسام الجسم كما سبق وإن‬
‫لم يكن منطبعا ً فيضه ول منبسضطا ً عليضضه واسضضتكره لفضضظ النطبضاع فنعضدل إلضى‬
‫عبارة أخرى ونقول‪ :‬هل للعلم نسبة إلى العالم أم ل ومحال قطع النسبة فإنه‬
‫إن قطعت النسبة عنه فكونه عالما ً به لم صضضار أولضضى مضضن كضضون غيضضره عالم ضا ً‬
‫وهذه النسبة تكون من ثلثة أقسام إما إلضى الكضل أو إلضى البعضض أو ل تكضون‬
‫وثلثتها باطلضة وإن كضان لضه نسضبة فل يخلضوا مضن ثلثضة أقسضام‪ :‬إمضا أن تكضون‬
‫النسبة لكل جزء من أجزاء المحل أو تكون لبعض أجضضزاء المحضضل دون البعضضض‬
‫أو ل يكون لواحد من الجزاء نسبة إليه‪ .‬وباطل أن يقال‪ :‬ل نسضضبة لواحضضد مضضن‬
‫الجزاء فإنه إذا لم يكن للحاد نسبة لم يكن للمجموع نسبة فإن المجتمع مضضن‬
‫المباينات مباين‪ .‬وباطل أن يقال‪ :‬النسبة للبعض فإن الضضذي ل نسضضبة لضضه ليضضس‬
‫هو مضضن معنضضاه فضضي شضضيء وليضضس كلمنضضا عنضضه‪ .‬وباطضضل أن يقضضال‪ :‬لكضضل جضضزء‬
‫مفروض نسبة إلى الذات لنه إن كانت النسبة إلى ذات العلم بأسره فمعلضضوم‬
‫كل واحد من الجزاء ليس هو جزءا ً من المعلوم كما هو فيكون معقول ً مضضرات‬
‫ل نهاية لها بالفعل وإن كان كل جزء له نسبة أخرى غيضضر النسضضبة الضضتي للجضضزء‬
‫الخر إلى ذات العلم فذات العلم إذن منقسمة في المعنى وقد بينضضا أن العلضضم‬
‫بالمعلوم الواحد من كل وجه ل ينقسم في المعنى وإن كان نسضضبة كضضل واحضضد‬
‫إلى شيء من ذات العلم غير ما إليه نسبة في الحس أقسام ومن هضضذا يتضضبين‬
‫أن المحسوسضضات المنطبعضضة فضضي الحضضواس الخمضضس ل تكضضون إل أمثلضضة لصضضور‬
‫جزئية منقسمة فإن الدراك معناه حصول مثضضال المضضدرك فضضي نفضضس المضضدرك‬
‫ويكون لكل جزء من مثال المحسوس نسبة إلى جزء من اللة الجسمانية‪.‬‬

‫اعتراضنا‪ :‬وهذا شأن عداوة الذئب والعتراض على هذا مضضا سضضبق فضضإن تبضضديل‬
‫لفظ النطباع بلفظ النسضضبة ل يضضدرأ الشضضبهة فيمضضا ينطبضضع فضضي القضضوة الوهميضضة‬
‫للشاة من عداوة الذئب كما ذكروه فإنه إدراك ل محالة وله نسبة إليضضه ويلضضزم‬
‫في تلك النسبة ما ذكرتموه فإن العداوة ليس أمرا ً مقضضدرا ً لضضه كميضضة مقداريضضة‬
‫حتى ينطبع مثالها في جسم مقدر وتنتسب أجزاؤها إلى أجضضزائه وكضضون شضضكل‬
‫الذئب مقدرا ً ل يكفي فإن الشضضاة أدركضضت شضضيئا ً سضضوى شضضكله وهضضو المخالفضضة‬
‫والمضادة والعداوة والزيادة على الشكل مضضن العضضداوة ليضضس لهضضا مقضضدار وقضضد‬
‫أدركته بجسم مقدر‪ .‬فهذه الصور مشككة في هذا البرهان كما في الول‪.‬‬
‫قد يقال‪ :‬هل تعترضون على الجضضوهر الفضضرد فضضإن قضضال قضضائل‪ :‬هل دفعتضضم هضضذه‬
‫البراهين بأن العلم يحل من الجسم في جوهر متحيضضز ل يتجضضزى وهضضو جوابنضضا‪:‬‬
‫هذا البحث طويل ل فائدة فيه قلنا‪ :‬لن الكلم في الجوهر الفرد يتعلق بضضأمور‬
‫هندسية يطول القول في حلها‪ .‬ثم ليس فيه ما يضضدفع الشضضكال فضضإنه يلضضزم أن‬
‫تكون القدرة والرادة أيضا ً في ذلك الجزء فإن للنسضضان فعل ً ول يتصضضور ذلضضك‬
‫إل بقدرة وإرادة ول يتصور الرادة إل بعلم وقضضدرة الكتابضضة فضضي اليضضد والصضضابع‬
‫والعلم بها ليس في اليد إذ ل يزول بقطضع اليضضد ول إرادتهضا فضضي اليضضد فضإنه قضضد‬
‫يريدها بعد شلل اليد وتتعذر ل لعدم الرادة بل لعدم القدرة‪.‬‬

‫دليل ثالث دليلهم الثالث‪ :‬النسان دون الجزء هو العالم قولهم‪ :‬العلم لو كان‬
‫فضضي جضضزء مضضن الجسضضم لكضضان العضضالم ذلضضك الجضضزء دون سضضائر أجضضزاء النسضضان‬
‫والنسان يقال له عالم والعالمية صفة لضضه علضضى الجملضضة مضضن غيضضر نسضضبة إلضضى‬
‫محل مخصوص جوابنا‪ :‬وهو المبصر! وهذا هوس فإنه يسمى مبصضضرا ً وسضضامعا ً‬
‫وذائقا ً وكذى البهيمة توصضضف بضضه وذلضضك ل يضضدل علضضى أن إدراك المحسوسضضات‬
‫ليس بالجسم بل هو نوع من التجوز كما يقال فلن في بغداذ وإن كان هو في‬
‫دليل رابع دليلهم الرابع‪ :‬قد يكون العلم والجهضضل فضضي المحضضل الواحضضد إن كضضان‬
‫العلم يحل جضضزءا ً مضضن القلضضب أو الضضدماغ مثل ً فالجهضضل ضضضده فينبغضضي أن يجضضوز‬
‫قيامه بجزء آخر من القلب أو الدماغ ويكون النسان في حالضضة واحضضدة عالم ضا ً‬
‫وجاهل ً بشيء واحد فلما استحال ذلك تبين أن محضضل الجهضضل هضضو محضضل العلضضم‬
‫وأن ذلك المحل واحد يستحيل اجتماع الضدين فيه فإنه لو كضضان منقسضضما ً لمضضا‬
‫استحال قيام الجهل ببعضه والعلم ببعضه لن الشيء في محل ل يضاده ضده‬
‫في محل آخر كما تجتمع البلقضضة فضضي الفضضرس الواحضضد والسضضواد والبيضضاض فضضي‬
‫العين الواحدة ولكن في محلين‪.‬‬

‫الحواس ل ضد لدراكاتها ول يلضزم هضذا فضي الحضضواس فضإنه ل ضضد لدراكاتهضا‬


‫ولكنه قد يدرك وقد ل يدرك فليس بينهما إل تقابل الوجضضود والعضضدم‪ .‬فل جضضرم‬
‫نقول‪ :‬يدرك ببعض أجضضزائه كضضالعين والذن ول يضضدرك بسضضائر بضضدنه وليضضس فيضضه‬
‫تناقض‪ .‬في المحل الواحد بغير المجاز ول يغني عضضن هضضذا قضضولكم إن العالميضضة‬
‫مضادة للجاهلية والحكم عام لجميع البدن إذ يستحيل أن يكون الحكم في غير‬
‫محل العلة فالعالم هو المحضل الضضذي قضام العلضم بضضه فضضإن أطلضق السضضم علضضى‬
‫الجملة فبالمجاز كما يقال‪ :‬هو في بغداذ وإن كان هو في بعضضضها وكمضضا يقضضال‪:‬‬
‫مبصر وإن كنا بالضرورة نعلم أن حكم البصار ل يثبت للرجل واليد بل يختضضص‬
‫بالعين وتضاد الحكام كتضاد العلل فإن الحكام تقتصر على محل العلضضل‪ .‬فضضي‬
‫المحل المهيأ لكل من العلم والجهل ول يخلص من هذا قول القائل إن المحل‬
‫المهيأ لقبول العلم والجهل من النسان واحد فيتضادان عليضضه فضضإن عنضضدكم أن‬
‫كل جسم فيه حيوة فهضضو قابضضل للعلضضم والجهضضل ولضضم تشضضترطوا سضضوى الحيضضوة‬
‫شريطة أخرى وسائر أجزاء البدن عندكم في قبول العلم على وتيضضرة واحضضدة‪.‬‬
‫اعتراضنا‪ :‬ول تكون الشهوة والنفضضرة فضضي المحضضل الواحضضد العضضتراض أن هضضذا‬
‫ينقلب عليكم في الشضضهوة والشضضوق والرادة فضضإن هضضذه المضضور تثبضضت للبهضضائم‬
‫والنسان وهي معان تنطبع في الجسم ثم يستحيل أن ينفر عمضضا يشضضتاق إليضضه‬
‫فيجتمع فيه النفرة والميل إلى شيء واحد بوجود الشضضوق فضضي محضضل والنفضضرة‬
‫في محل آخر وذلك ل يدل على أنها ل تحضضل الجسضضام وذلضضك لن هضضذه القضضوى‬
‫وإن كانت كثيرة ومتوزعة على آلت مختلفة فلها رابطة واحضضدة وهضضي النفضضس‬
‫وذلضضك للبهيمضضة والنسضضان جميع ضا ً وإذا اتحضضدت الرابطضضة اسضضتحالت الضضضافات‬
‫المتناقضة بالنسبة إليه وهذا ل يدل على كون النفس غير منطبع فضضي الجسضضم‬
‫كما في البهائم‪.‬‬
‫دليل خامس دليلهم الخامس‪ :‬لول ذلك لما عقل العقل نفسه قولهم‪ :‬إن كان‬
‫العقل يدرك المعقول بآلة جسمانية فهو ل يعقضضل نفسضضه والتضضالي محضضال فضضإنه‬
‫يعقل نفسه فالمقدم محال‪ .‬جوابنا‪ :‬ما الضضدليل عليضضه قلنضضا‪ :‬مسضضلم أن اسضضتثناء‬
‫نقيض التالي ينتج نقيض المقدم ولكن إذا ثبت اللزوم بين التالي والمقدم بضضل‬
‫نقول‪ :‬ما يسلم لزوم التالي وما الدليل عليه قضضد يقضال‪ :‬البصضار ل يبصضر فضإن‬
‫قيضضل‪ :‬الضضدليل عليضضه أن البصضضار لمضضا كضضان بجسضضم فالبصضضار ل يتعلضضق بالبصضضار‬
‫فالرؤية ل ترى والسمع ل يسمع وكذى سائر الحواس‪ .‬فإن كان العقل أيضا ً ل‬
‫يدرك إل بجسم فلم يدرك نفسه والعقل كمضضا يعقضضل غيضضره يعقضضل نفسضضه فضضإن‬
‫الواحد منا كما يعقل غيره يعقل نفسه ويعقل أنه عقل غيره جوابنا‪ :‬هذا يجضضوز‬
‫بخرق العادات قلنا‪ :‬ما ذكرتموه فاسد من وجهين‪ :‬أحدهما أن البصضضار عنضضدنا‬
‫يجوز أن يتعلق بنفسه فيكون إبصارا ً لغيره ولنفسه كمضضا يكضضون العلضضم الواحضضد‬
‫علما ً بغيره وعلما ً بنفسه‪ .‬ولكن العادة جارية بخلف ذلك وخرق العادات عندنا‬
‫جائز‪.‬‬
‫فيكون حاسة منفردة والثاني وهو أقوى أنا سلمنا هذا في الحواس ولكن لضضم‬
‫إذا امتنع ذلك في بعض الحواس يمتنع في بعض وأي بعد في أن يفضضترق حكضضم‬
‫الحواس في وجه الدراك مع اشتراكها في أنها جسضضمانية كمضضا اختلضضف البصضضر‬
‫واللمس في أن اللمس ل يفيد الدراك إل باتصضضال الملمضضوس باللضضة اللمسضضة‬
‫وكذى الذوق ويخالفه البصر فإنه يشترط فيه النفصال حتى لو أطبضضق أجفضضانه‬
‫لم ير لون الجفضضن لنضضه لضضم يبعضضد عنضضه وهضضذا الختلف ل يضضوجب الختلف فضضي‬
‫الحاجة إلى الجسم فل يبعد أن يكون في الحواس الجسمانية ما يسضضمى عقل ً‬
‫ويخالف سائرها في أنها تدرك نفسها‪ .‬دليل سادس دليلهم السادس‪ :‬لول ذلك‬
‫لما أدرك العقل القلب قالوا‪ :‬لو كان العقل يدرك بآلة جسمانية كالبصضضار لمضضا‬
‫أدرك آلته كسائر الحواس ولكنه يدرك الدماغ والقلب وما يدعى آلته فدل أنضضه‬
‫ليس آلة له ول محل ً وإل لما أدركه‪ .‬اعتراضنا‪ :‬كما سبق والعتراض على هضضذا‬
‫كالعتراض على الذي قبله‪ .‬فإنا نقول‪ :‬ل يبعد أن يدرك البصضضار محلضضه ولكنضضه‬
‫حوالة على العادة‪ .‬أو نقول‪ :‬لم يستحيل أن تفترق الحواس فضضي هضضذا المعنضضى‬
‫وإن اشتركت في النطباع في الجسام كما سبق ولضضم قلتضضم أن مضضا هضضو قضضائم‬
‫في جسم يستحيل أن يدرك الجسم الذي هو محلضه ولضضم يلضضزم أن يحكضم مضن‬
‫جزئي معين على كلي مرسل ل يحكضضم ببعضضض الحضضواس علضضى جميعهضضا وممضضا‬
‫عرف بالتفاق بطلنه وذكر في المنطضضق أن يحكضضم بسضضبب جضضزئي أو جزئيضضات‬
‫كثيرة على كلي حتى مثلوه بما إذا قال النسان إن كل حيوان فإنه يحرك عند‬
‫المضغ فكه السفل لنا استقرأنا الحيوانات كلها فرأيناهضضا كضضذلك فيكضضون ذلضضك‬
‫لغفلته عن التمساح فإنه يحرك فكه العلى وهؤلء لضضم يسضضتقرئوا إل الحضضواس‬
‫الخمس فوجدوها على وجه معلوم فحكموا على الكل به‪ .‬فلعل العقل حاسضضة‬
‫أخرى تجري من سائر الحواس مجرى التمساح من سضضائر الحيوانضضات فتكضضون‬
‫إذن الحواس مع كونها جسضضمانية منقسضمة إلضى مضا يضضدرك محلهضضا وإلضضى مضا ل‬
‫يدرك كما انقسمت إلى ما يدرك مدركه من غير مماسضضة كالبصضضر وإلضضى مضضا ل‬
‫يدرك إل باتصال كالذوق واللمس‪ .‬فما ذكضضروه أيض ضا ً إن أورث ظن ضا ً فل يضضورث‬
‫يقينا ً موثوقا ً به‪ .‬قد يقال‪ :‬على العقل أن يدرك القلب دائما ً إما أل يدركه أبضضدا ً‬
‫فإن قيل‪ :‬لسنا نعول على مجرد الستقراء للحواس بضضل نعضضول علضضى البرهضضان‬
‫ونقول‪ :‬لو كان القلب أو الدماغ هو نفس النسان لكان ل يعزب عنه إدراكهما‬
‫حتى ل يخلوا عن أن يعقلهما جميعا ً كمضضا أنضضه ل يخلضضوا عضضن إدراك نفسضضه فضضإن‬
‫أحدا ً ل يعزب ذاته عن ذاته بل يكون مثبتا ً لنفسه في نفسه أبدا ً والنسضضان مضضا‬
‫لم يسمع حديث القلضب والضدماغ أو لضم يشضاهد بالتشضريح مضن إنسضان آخضر ل‬
‫يدركهما ول يعتقد وجودهما‪ .‬فإن كان العقل حال ً في جسضضم فينبغضضي أن يعقضضل‬
‫ذلك الجسم أبدا ً أو ل يدركه أبدا ً وليس واحد مضضن المريضضن بصضضحيح بضضل يعقضضل‬
‫حالة ول يعقل حالة‪.‬‬
‫فهناك نسبة واحدة وهذا التحقيق وهو أن الدراك الحال في محل إنما يضضدرك‬
‫المحل لنسبة له إلى المحل ول يتصور أن يكون له نسضضبة إليضضه سضضوى الحلضضول‬
‫فيه فليدركه أبدا ً وإن كان هذه النسبة ل تكفضضي فينبغضضي أن ل يضضدرك أبضضدا ً إذ ل‬
‫يمكن أن يكون له نسبة أخرى إليضه كمضا أنضضه لمضا أن كضان يعقضضل نفسضضه عقضل‬
‫نفسه أبدا ً ولم يغفل عنه بحال‪ .‬جوابنا‪ :‬النسان يشعر بجسضضده قلنضضا‪ :‬النسضضان‬
‫ما دام يشعر بنفسه ول يغفل عنه فإنه يشعر بجسده وجسضضمه‪ .‬نعضضم ل يتعيضضن‬
‫له اسم القلب وصورته وشكله ولكنه يثبت نفسه جسما ً حتى يثبت نفسه فضضي‬
‫ثيابه وفي بيته والنفس الذي ذكروه ل يناسب البيت والثضوب‪ .‬دائمضا ً وإن علضى‬
‫وجه غير معيضضن فإثبضضاته لصضضل الجسضضم ملزم لضضه وغفلتضضه عضضن شضضكله واسضضمه‬
‫كغفلته عن محل الشم وإنهمضا زائدتضان فضي مقضدم الضدماغ شضبيهتين بحلمضتي‬
‫الثدي فإن كل إنسان يعلم أنه يدرك الرائحضضة بجسضضمه ولكضضن محضضل الدراك ل‬
‫يتشكل له ول يتعين وإن كان يدرك أنضه إلضى الضرأس أقضرب منضه إلضى العقضب‬
‫ومن جملة الرأس إلى داخل النف أقرب منه إلى داخل الذن‪ .‬فكذلك يشضضعر‬
‫النسان بنفسه ويعلم أن هويته التي بها قوامه إلى قلبضضه وصضضدره أقضضرب منضضه‬
‫إلى رجله فإنه يقدر نفسه باقيا ً مع عضدم الرجضل ول يقضضدر علضى تقضدير نفسضضه‬
‫باقيا ً مع عدم القلب فما ذكروه من أنه يغفل عن الجسم تارة وتارة ل‬
‫دليل سابع دليلهم السابع‪ :‬أن القضضوى الليضضة يعضضرض لهضضا مضضن المواظبضضة علضضى‬
‫العمل كلل قالوا القوى الدراكة باللت الجسمانية يعرض لها مضضن المواظبضضة‬
‫على العمل بإدامة الدراك كلل لن إدامة الحركة تفسد مزاج الجسام فتكلها‬
‫وكذلك المور القوية الجلية الدراك توهنها وربما تفسدها حتى ل تدرك عقيبها‬
‫الخفى الضعف كالصوت العظيضضم للسضضمع والنضضور العظيضضم للبصضضر فضضإنه ربمضضا‬
‫يفسد أو يمنع عقيبه من إدراك الصوت الخفي والمرئيات الدقيقة بل من ذاق‬
‫الحلوة الشديدة ل يحس بعده بحلوة دونه‪ .‬والمر في القوة العقلية بالعكس‬
‫والمر القوة العقليضضة بضضالعكس فضضإن إدامتهضضا للنظضضر إلضضى المعقضضولت ل يتعبهضضا‬
‫ودرك الضروريات الجلية يقويها على درك النظريضات الخفيضضة ول يضضعفها وإن‬
‫عرض لها في بعض الوقات كلل فذلك لستعمالها القوة الخياليضضة واسضضتعانتها‬
‫بها فتضعف آلة القوة الخيالية فل تخدم العقل‪ .‬قولنا‪ :‬الحواس تختلضضف بعضضضها‬
‫عن بعض وهذا من الطضضراز السضضابق فإنضضا نقضضول‪ :‬ل يبعضضد أن تختلضضف الحضضواس‬
‫الجسمانية في هذه المور فليس ما يثبت منها للبعض يجب أن يثبت للخر بل‬
‫ل يبعد أن تتفاوت الجسام فيكون منها ما يضعفها نوع من الحركضضة ومنهضضا مضضا‬
‫يقويها نوع من الحركة ول يوهنها وإن كان يؤثر فيهضضا فيكضضون ثضضم سضضبب يجضضدد‬
‫قوتها بحيث ل تحس بضضالثر فيهضضا‪ .‬فكضضل هضضذا ممكضضن إذا الحكضضم الثضضابت لبعضضض‬
‫الشياء ليس يلزم أن يثبت لكله‪.‬‬
‫دليل ثامن دليلهم الثامن‪ :‬العقل ل تعتريه الشيخوخة قالوا‪ :‬أجزاء البدن كلهضضا‬
‫تضعف قواها بعد منتهى النشو والوقوف عند الربعين سنة فما بعدها فيضعف‬
‫البصر والسمع وسائر القوى والقوة العقليضضة فضضي أكضضثر المضضر إنمضضا تقضضوى بعضضد‬
‫ذلك‪ .‬يعوقه المرض ول يلزم على هذا تعذر النظر في المعقولت عنضضد حلضضول‬
‫المرض في البدن وعند الخرف بسبب الشيخوخة فإنه مهما بان أنه يتقوى مع‬
‫ضعف البدن في بعض الحوال فقضضد بضضان قضضوامه بنفسضضه فتعطلضضه عنضضد تعطضضل‬
‫البدن ل يوجب كونه قائما ً بالبدن فإن استثناء عين التضضالي ل ينتضضج فإنضضا نقضضول‪:‬‬
‫إن كانت القوة العقلية قائمة بالبدن فيضعفها ضعف البدن بكل حضضال والتضضالي‬
‫محال فالمقدم محال‪ .‬ولهذا المر مدلول ثم السبب فيه أن النفضضس لهضا فعضضل‬
‫بذاتها إذا لم يعق عائق ولم يشغلها شاغل فإن للنفس فعلين‪ :‬فعضضل بالقيضضاس‬
‫إلى البدن وهو السياسة له وتدبيره وفعل بالقياس إلى مبادئه وإلى ذاته وهضضو‬
‫إدراك المعقولت وهما متمانعان متعاندان فمهما اشتغل بأحدهما انصرف عن‬
‫الخر وتعذر عليه الجمع بيضضن المريضضن‪ .‬وشضضواغله مضضن جهضضة البضضدن الحسضضاس‬
‫والتخيل والشهوات والغضب والخضوف والغضضم والوجضع فضإذا أخضضذت تفكضضر فضي‬
‫معقول تعطل عليك كل هذه الشياء الخضضر‪ .‬بضضل مجضضرد الحضضس قضضد يمنضضع مضضن‬
‫إدراك العقل ونظره من غير أن يصيب آلة العقضل شضيء أو يصضيب ذاتهضا آفضة‬
‫والسبب في كل ذلك اشضضتغال النفضضس بفعضضل عضضن فعضضل ولضضذلك يتعطضضل نظضضر‬
‫العقل عند الوجضضع والمضضرض والخضضوف فضضإنه أيض ضا ً مضضرض فضضي الضضدماغ‪ .‬وكيضضف‬
‫يستبعد التمانع في اختلف جهتي فعل النفس وتعدد الجهة الواحدة قد يضضوجب‬
‫التمانع فإن الفرق يذهل عن الوجع والشهوة عن الغضب والنظر فضضي معقضضول‬
‫عن معقول آخر‪.‬‬

‫إذا عاد المريض صحيحا ً عاد العلم من غيضضر اسضضتئناف تعلضضم وآيضضة أن المضضرض‬
‫الحال في البدن ليس يتعرض لمحل العلوم أنه إذا عاد صحيحا ً لم يفتقضضر إلضضى‬
‫تعلم اعتراضنا‪ :‬هناك أسباب كثيرة لزيادة بعض الحواس والعتراض أن نقول‪:‬‬
‫نقصان القوى وزيادتها لها أسباب كثيرة ل تنحصر فقد يقوى بعض القوى فضضي‬
‫ابتداء العمر وبعضها في الوسط وبعضها في الخر وأمضضر العقضضل أيض ضا ً كضضذلك‪.‬‬
‫فل يبقى إل أن يدعى الغالب‪ .‬مثل الشم ول بعد في أن يختلف الشم والبصضضر‬
‫في أن الشم يقوى بعد الربعين والبصر يضعف وإن تساويا في كونهما حضضالين‬
‫في الجسم كما تتفاوت هذه القوى في الحيوانضضات فيقضضوى الشضضم مضضن بعضضضها‬
‫والسمع من بعضها والبصر من بعضها لختلف في أمزجتها ل يمكضضن الوقضضوف‬
‫على ضبطه فل يبعد أن يكون مزاج اللت أيض ضا ً يختلضضف فضضي حضضق الشضضخاص‬
‫وفي حق الحوال‪ .‬والعقل ويكون أحد السباب في سبق الضعف إلضضى البصضضر‬
‫دون العقل أن البصر أقدم فإنه مبصر فضي أول فطرتضه ول يتضضم عقلضضه إل بعضضد‬
‫خمسة عشر سنة أو زيادة على ما يشضضاهد اختلف النضضاس فيضضه حضضتى قيضضل إن‬
‫الشيب إلى شعر الرأس أسبق منه إلى شعر اللحية لن شضضعر الضضرأس أقضضدم‪.‬‬
‫فهذه السباب إن خاض الخائض فيها ولم يرد هذه المور إلى مجاري العادات‬
‫فل يمكن أن ينبنى عليها علم موثضضوق بضه لن جهضات الحتمضال فيمضضا تزيضضد بهضضا‬
‫القوى أو تضعف ل تنحصر فل يورث شيء من ذلك يقينًا‪.‬‬
‫دليل تاسع دليلهم التاسع‪ :‬مهمضضا تبضضدل الجسضضم فالنسضضان يبقضضى بعينضضه ومعضضه‬
‫علوم قالوا‪ :‬كيف يكون النسان عبارة عن الجسم مع عوارضه وهذه الجسام‬
‫ل تزال تنحل والغذاء يسضضد مسضضد مضضا ينحضضل حضضتى إذا رأينضضا صضضبيا ً انفصضضل مضضن‬
‫الجنين فيمرض مرارا ً ويذبل ثم يسمن وينموا فيمكننا أن نقول‪ :‬لضضم يبضضق فيضضه‬
‫بعد الربعين شيء من الجزاء التي كانت موجودة عند النفصال بل كضضان أول‬
‫وجوده من أجزاء المني فقط ولم يبق فيه شيء من أجضضزاء المنضضي بضضل انحضضل‬
‫كل ذلك وتبدل بغيضضره‪ .‬فيكضضون هضضذا الجسضضم غيضضر ذلضضك الجسضضم‪ .‬ونقضضول‪ :‬هضضذا‬
‫النسان هو ذلك النسضضان بعينضضه وحضضتى أنضضه يبقضضى معضضه علضضوم مضضن أول صضضباه‬
‫ويكون قد تبدل جميع أجسامه‪ .‬فدل أن للنفس وجودا ً سوى البدن وأن البضضدن‬
‫آلته‪ .‬وكلك الشجرة العتراض أن هضذا ينتقضض بالبهيمضة والشضجرة إذا قيسضت‬
‫حالة كبرهما بحالة الصغر فإنه يقال إن هذا ذاك بعينه كما يقضضال فضضي النسضضان‬
‫وليس يدل ذلك على أن له وجودا ً غير الجسضضم‪ .‬وتبقضضى الصضضور المتخيلضضة ومضضا‬
‫ذكر في العلم يبطل بحفظ الصور المتخيلة فإنه يبقى في الصضضبي إلضضى الكضضبر‬
‫وإن تبدل سائر أجزاء الدماغ فإن زعمضضوا أنضضه لضضم يتبضضدل سضضائر أجضضزاء الضضدماغ‬
‫فكذى سائر أجزاء القلضضب وهمضضا مضضن البضضدن فكيضضف يتصضضور أن يتبضضدل الجميضضع‬
‫والنسان يبقى منه شيء بل نقول‪ :‬النسان وإن عاش مضضائة سضضنة مثل ً فل بضضد‬
‫وأن يكون قد بقي فيه أجزاء من النطفضضة فأمضضا أن تنمحضضى عنضضه فل فهضضو ذلضضك‬
‫النسان باعتبار مضضا بقضضي كضضم أنضضه يقضضال‪ :‬هضضذا ذاك الشضضجر وهضضذا ذاك الفضضرس‬
‫ويكون بقاء المني مع كثرة التحلل والتبدل‪ .‬مثل الماء الذي تصب عليه وتأخضضذ‬
‫منه مثاله ما إذا صب في موضع رطل من الماء ثم صب عليه رطل آخر حتى‬
‫اختلط به ثم أخذ منه رطل ثم صب عليه رطل آخر ثم أخضضذ منضضه رطضضل ثضضم ل‬
‫يزال يفعل كذلك ألف مرة فنحن في المرة الخيرة نحكم بأن شيئا ً من المضضاء‬
‫الول باق وأنه ما من رطل يؤخذ منه إل وفيه شيء من ذلك المضضاء لنضضه كضضان‬
‫موجودا ً في الكرة الثانية والثالثة قريبة من الثانية والرابعة من الثالثة وهكضضذى‬
‫إلى الخر‪ .‬وهذا على أصلهم ألزم حيث جوزوا انقسام الجسام إلى غير نهاية‬
‫فانصباب الغذاء في البدن وانحلل أجزاء البدن يضضضاهي صضضب المضضاء فضضي هضضذا‬
‫الناء واغترافه عنه‪ .‬دليل عاشر دليلهم العاشر‪ :‬في العقل كليات عامة قضضالوا‪:‬‬
‫القوة العقلية تدرك الكليات العامة العقليضضة الضضتي يسضضميها المتكلمضضون أحضضوال ً‬
‫فتدرك النسان المطلق عند مشاهدة الحس لشخص إنسان معيضضن وهضضو غيضضر‬
‫الشخص المشاهد فإن المشاهد في مكان مخصوص ولون مخصوص ومقضضدار‬
‫مخصوص ووضع مخصوص والنسان المعقول المطلق مجرد عن هذه المضضور‬
‫بل يضضدخل فيضضه كضل مضا ينطلضق عليضه اسضضم النسضضان وإن لضم يكضن علضى لضون‬
‫المشاهد وقدره ووضعه ومكانه بل الذي يمكن وجوده فضضي المسضضتقبل يضضدخل‬
‫فيه بل لو عدم النسان يبقضضى حقيقضضة النسضضان فضضي العقضضل مجضضردا ً عضضن هضضذه‬
‫الخواص وهكذى كل شيء شاهده الحس مشخصا ً فيحصل منه للعقل حقيقضضة‬
‫ذلك الشخص كليا ً مجردا ً عن المواد والوضاع حتى تنقسم أوصافه إلى ما هو‬
‫ذاتي كالجسمية للشجر والحيوان والحيوانية للنسان وإلى ما هضضو عرضضضي لضضه‬
‫كالبياض والطول للنسان والشجر ويحكضضم بكضضونه ذاتي ضا ً وعرضضضيا ً علضضى جنضضس‬
‫النسان والشجر وكضل مضا يضدرك ل علضى الشضخص المشضاهد فضدل أن الكلضي‬
‫المجرد عن القرائن المحسوسة معقولة عنده وثابتة في عقله‪.‬‬
‫تجردهضضا عضضن القضضرائن المحسوسضضة تتعلضضق بضضالنفس المجضضردة وذلضضك الكلضضي‬
‫المعقول ل إشارة إليه ول وضع له ول مقدار فإما أن يكون تجرده عن الوضضضع‬
‫والمادة بالضافة إلى المأخوذ منه وهو محال فإن المأخوذ منه ذو وضضضع وأيضضن‬
‫ومقدار وإما أن يكون بالضافة إلى الخضضذ وهضضو النفضضس العاقلضضة فينبغضضي أن ل‬
‫يكون للنفس وضع ول إليه إشارة ول له مقدار وإل لضضو ثبضضت ذلضضك لثبضضت للضذي‬
‫حضضل فيضضه‪ .‬اعتراضضضنا‪ :‬مضضا يحضضل فضضي الحضضس يحضضل فضضي العقضضل ولكضضن مفص ضل ً‬
‫والعتراض أن المعنى الكلي الذي وضعتموه حال ً في العقل غير مسلم بضضل ل‬
‫يحل في العقل إل ما يحل في الحس ولكن يحل في الحس مجموعا ً ول يقدر‬
‫الحس على تفصيله والعقل يقدر على تفصيله‪ .‬في العقل النسضضبة إلضضى جميضضع‬
‫المفردات نسبة واحدة ثم إذا فصل كضضان المفصضضل المفضضرد عضضن القضضرائن فضضي‬
‫العقل في كضضونه جزئيضا ً كضضالمقرون بقرائنضضه إل أن الثضضابت فضضي العقضضل يناسضضب‬
‫المعقول وأمثاله مناسبة واحدة فيقال إنه كلي على هذا المعنضى وهضضو أن فضي‬
‫العقل صورة المعقول المفرد الذي أدركه الحس أول ً ونسبة تلك الصورة إلضضى‬
‫سائر آحاد ذلك الجنس نسبة واحدة فإنه لو رأى إنسانا ً آخر لم يحدث لضضه هيئة‬
‫أخرى كما إذا رأى فرسا ً بعد إنسان فإنه يحدث فيه صورتان مختلفتان‪.‬‬
‫ومثل هذا في الحس ومثل هذا قد يعضضرض فضضي مجضضرد الحضضس فضضإن مضضن رأى‬
‫الماء حصل في خياله صورة فلو رأى الدم بعده حصلت صورة أخرى فلو رأى‬
‫ماء آخر لم تحدث صورة أخرى بل الصورة التي انطبعت في خياله من المضضاء‬
‫مثال لكل واحد من آحاد المياه فقد يظن أنضضه كلضضي بهضضذا المعنضضى‪ .‬فكضضذلك إذا‬
‫رأى اليد مثل ً حصل في الخيال وفي العقل وضع أجزائه بعضها مع بعضضض وهضضو‬
‫انبساط الكف وانقسام الصابع عليه وانتهاء الصابع على الظفار ويحصل مضضع‬
‫ذلك صغره وكبره ولونه‪ .‬فإن رأى يدا ً أخرى تماثله في كل شيء لم يتجدد له‬
‫صورة أخرى بل ل تؤثر المشاهدة الثانية في إحداث شيء جديضضد فضضي الخيضضال‬
‫كما إذا رأى الماء بعد الماء في إناء واحد على قدر واحد وقد يضضرى يضضدا ً أخضضرى‬
‫تخالفه في اللون والقدر فيحدث له لون آخر وقدر آخضضر ول يحضضدث لضضه صضضورة‬
‫جديدة لليد فإن اليضضد الصضضغير السضضود يشضضارك اليضضد الكضضبير البيضضض فضضي وضضضع‬
‫الجزاء ويخالفه في اللون والقدر فمضضا يسضضاوي فيضضه الول ل تتجضضدد صضضورته إذ‬
‫تلك الصورة هي هذه الصورة بعينها وما يخالفه يتجدد صضضورته‪ .‬وهضضذا ل يضضؤذن‬
‫بثبوت كلي في العقل ل وضع له أصل ً فهذا معنى الكلضضي فضضي العقضضل والحضضس‬
‫جميعا ً فإن العقل إذا أدرك صورة الجسم من الحيوان فل يستفيد من الشضضجر‬
‫صورة جديدة في الجسمية كما في الخيال بإدراك صورة الماءين فضضي وقضضتين‬
‫ل‪ .‬علضضى أن‬ ‫وكذى في كل متشابهين وهذا ل يؤذن بثبوت كلي ل وضضضع لضضه أص ض ً‬
‫العقل قد يحكم بثبضضوت شضضيء ل إشضضارة إليضضه ول وضضضع كحكمضضه بوجضضود صضضانع‬
‫العالم ولكن من أين أن ذلك ل يتصور قيامه بجسضضم وفضضي هضضذا القسضضم يكضضون‬
‫المنتزع عن المادة هو المعقول في نفسه دون العقل والعاقل‪ .‬فأمضضا المضضأخوذ‬
‫من المواد فوجهه ما ذكرناه‪.‬‬
‫مسألة في إبطضال قضضولهم إن النفضوس النسضانية يسضتحيل عليهضا العضدم بعضد‬
‫وجودها وأنها سرمدية ل يتصضضور فناؤهضضا دليلهضضم الول‪ :‬ل يكضضون بمضضوت البضضدن‬
‫أحدهما قولهم إن عدمها ل يخلوا إمضضا أن يكضضون بمضضوت البضضدن أو بضضضد يطضضرى‬
‫عليها أو بقدرة القادر‪ .‬وباطل أن تنعدم بموت البدن فإن البدن ليس محل ً لهضضا‬
‫بل هو آلة تستعملها النفس بواسطة القضضوى الضضتي فضضي البضضدن وفسضضاد اللضضة ل‬
‫يوجب فساد مستعمل اللة إل أن يكون حال ً فيهضا منطبعضا ً كضالنفوس البهيميضة‬
‫والقضضوى الجسضضمانية ولن النفضضس فعل ً بغيضضر مشضضاركة اللضضة وفعل ً بمشضضاركتها‬
‫فالفعل الذي لهضا بمشضاركة اللضضة التخيضل والحسضضاس والشضهوة والغضضب فل‬
‫جرم يفسد بفساد البضضدن ويفضضوت بفضضواته وفعلهضضا بضضذاتها دون مشضضاركة البضضدن‬
‫إدراك المعقولت المجردة عن المواد ول حاجة فضضي كضضونه مضضدركا ً للمعقضضولت‬
‫إلى البدن بل الشتغال بالبدن يعوقها عن المعقولت ومهما كان لها فعل دون‬
‫البدن ووجود دون البدن لم تفتقر في قوامها إلى البدن‪ .‬ول بالضد وباطضضل أن‬
‫يقال إنها تنعدم بالضد إذ الجضضواهر ل ضضضد لهضضا ولضضذلك ل ينعضضدم فضضي العضضالم إل‬
‫العراض والصور المتعاقبة على الشياء إذ تنعدم صضضورة المائيضضة بضضضدها وهضضو‬
‫صورة الهوائية والمادة التي هي المحل ل تنعضضدم قضضط وكضضل جضضوهر ليضضس فضضي‬
‫محل فل يتصور عدمه بالضد إذ ل ضد لمضا ليضضس فضي ول بالقضضدرة وباطضضل أن‬
‫يقال‪ :‬تفنى بالقدرة إذ العدم ليس شيئا ً حتى يتصور وقوعه بالقدرة وهذا عين‬
‫ما ذكروه في مسألة أبدية العالم وقد قررناه وتكلمنضضا عليضضه‪ .‬اعتراضضضنا الول‪:‬‬
‫راجع ما سبق والعتراض عليه من وجضضوه‪ :‬الول أنضضه بنضضاء علضضى أن النفضضس ل‬
‫يموت بموت البدن لنه ليس حال ً في جسم وهضضو بنضضاء علضضى المسضضألة الولضضى‬
‫فقد ل نسلم ذلك‪ :‬اعتراضنا الثاني‪ :‬حدوث النفس ل يكضضون إل بحضضدوث البضضدن‬
‫الثاني هو أنه ل يحل البدن عندهم فله علقة بالبدن حتى لم يحدث إل بحدوث‬
‫البدن‪ .‬هذا ما اختاره ابن سينا والمحققون وأنكضضروا علضضى أفلطضضن أن النفضضس‬
‫قديمة ويعرض لها الشتغال بالبدان بمسلك برهاني محقق‪ .‬كما تحقضضق المضضر‬
‫وهو أن النفوس قبل البدان إن كانت واحدة فكيف انقسمت وما ل عظضضم لضضه‬
‫ول مقضضدار ل يعقضضل انقسضضامه‪ .‬وإن زعضضم أنضضه لضضم ينقسضضم فهضضو محضضال إذ يعلضضم‬
‫ضرورة أن نفس زيد غير نفس عمرو ولو كانت واحدة لكضضانت معلومضضات زيضضد‬
‫معلومة لعمرو فإن العلم من صفات ذات النفضضس وصضضفات الضضذات تضضدخل مضضع‬
‫الذات في كل إضافة وإن كانت النفضضوس متكضضثرة فمضضاذى تكضضثرت ولضضم تتكضضثر‬
‫بالمواد ول بالماكن ول بالزمنة ول بالصفات إذ ليضضس فيهضضا مضضا يضضوجب اختلف‬
‫الصفة بخلف النفوس بعد موت البدن فإنها تتكثر باختلف الصضضفات عنضد مضن‬
‫يرى بقاءها لنها استفادت من البضضدان هيئات مختلفضضة ل تتماثضضل نفسضضان منهضضا‬
‫فإن هيئاتها تحصل من الخلق والخلق قط ل تتماثل نفسان منها فإن هيئاتها‬
‫تحصل من الخلق والخلق قط ل تتماثل كما أن الخلق الظاهر قط ل يتماثل‬
‫ولو تماثلت لشتبه علينا زيد بعمرو‪.‬‬
‫والنفس تتعلق بالبدن المخصضضوص ببعضضض الوسضضائط ومهمضضا ثبضضت بحكضضم هضضذا‬
‫البرهان حدوثه عند حدوث النطفة في الرحم واستعداد مزاجها لقبول النفضضس‬
‫المدبرة ثم قبلت النفس ل لنهضضا نفضضس فقضضط إذ قضضد تسضضتعد فضضي رحضضم واحضضد‬
‫نطفتان لتوأمين في حالضضة واحضضدة للقبضضول فيتعلضضق بهمضا نفسضان يحضضدثان مضن‬
‫المبدأ الول بواسطة أو بغير واسطة ول يكون نفس هذا مدبرا ً لجسم ذاك ول‬
‫نفس ذاك مدبرا ً لجسم هذا فليس الختصضضاص إل لعلقضضة خاصضضة بيضضن النفضضس‬
‫المخصوص وبيضضن ذلضضك البضضدن المخصضضوص وإل فل يكضضون بضضدن أحضضد التضضوأمين‬
‫بقبول هذه النفس أولضضى مضضن الخضضر وإل فقضضد حضضدثت نفسضضان معضا ً واسضضتعدت‬
‫نطفتان لقبول التدبير معًا‪ .‬فإذا بطل البضضدن انعضضدمت النفضضس فمضضا المخصضضص‬
‫فإن كان ذلك المخصص هو النطباع فيضضه فيبطضضل ببطلن البضضدن وإن كضضان ثضضم‬
‫وجه آخر به العلقة بين هذه النفضضس علضضى الخصضضوص وبيضضن هضضذا البضضدن علضضى‬
‫الخصوص حتى كانت تلك العلقة شرطا ً فضي حضضدوثه فضضأي بعضضد فضضي أن تكضضون‬
‫شرطا ً في بقاءه فإذا انقطعت العلقة انعدمت النفس ثضضم ل يعضضود وجودهضضا إل‬
‫بإعادة الله سبحانه وتعالى على سبيل البعث والنشور كما ورد به الشرع فضضي‬
‫المعاد‪ .‬قد يقال‪ :‬ليست هذه العلقة إل بطريق الشوق فإن قيضل‪ :‬أمضا العلقضة‬
‫بين النفس والبدن فليس إل بطريق نزاع طبيعي وشوق جبلي خلق فيها إلضضى‬
‫هذا البدن خاصة يشغلها ذلك الشوق بها عن غيره من البضدان ول يخليهضا فضي‬
‫لحظة فتبقى مقيدة بذلك الشوق الجبلي بالبدن المعيضن مصضروفا ً عضن غيضضره‪.‬‬
‫وذلك ل يوجب فساده بفساد البدن الذي هو مشتاق بالجبلة إلى تضضدبيره‪ .‬نعضضم‬
‫قد يبقى ذلك الشضوق بعضد مفارقضة البضدن إن اسضتحكم فضي الحيضوة اشضتغالها‬
‫بالبدن وإعراضها عن كسر الشهوات وطلب المعقولت فيتأذى بضضذلك الشضضوق‬
‫مع فوات اللة التي الشوق إلى مقتضاها‪.‬‬
‫وبمناسبة تخفى علينا وأما تعيضضن نفضضس زيضضد لشضضخص زيضضد فضضي أول الحضضدوث‬
‫فلسبب ومناسبة بين البدن والنفس ل محالة حتى يكون هذا البدن مثل ً أصضضلح‬
‫لهذه النفس من الخر لمزيد مناسبة بينهما فترجح اختصاصه وليس في القوة‬
‫البشرية إدراك خصوص تلك المناسبات وعدم اطلعنا على تفصيله ل يشككنا‬
‫في أصل الحاجة إلى مخصص ول يضرنا أيض ضا ً فضضي قولنضضا إن النفضضس ل تفنضضى‬
‫بفناء البدن‪ .‬جوابنا‪ :‬قد تكون على وجه يحضضوج النفضس فضي بقائهضا قلنضا‪ :‬مهمضا‬
‫غابت المناسبة عنا وهي المقتضية للختصاص فل يبعد أن تكون تلك المناسبة‬
‫المجهولة على وجه يحوج النفس فضي بقائهضا إلضى بقضاء البضدن حضتى إذا فسضد‬
‫فسدت فإن المجهول ل يمكن الحكم عليه بأنه يقتضي التلزم أم ل فلعل تلك‬
‫النسبة ضرورية في وجود النفس فإن انعدمت انعدمت فل ثقة بالضضدليل الضضذي‬
‫ذكروه‪ .‬اعتراضنا الثالث‪ :‬تنعدم بقدرة الله العتراض الثالث هو أنه ل يبعضضد أن‬
‫يقضضال‪ :‬تنعضضدم بقضضدرة اللضضه تعضضالى كمضضا قررنضضاه فضضي مسضضألة سضضرمدية العضضالم‪.‬‬
‫اعتراضنا الرابع‪ :‬لعل هناك طرق غيرها العتراض الرابع هو أن يقضضال‪ :‬ذكرتضضم‬
‫أن هذه الطرق الثلث في العدم تنحسم فهو مسلم‪ .‬فما الدليل على أن عضضدم‬
‫الشيء ل يتصور إل بطريق من هذه الطرق الثلث فضضإن التقسضضيم إذا لضم يكضضن‬
‫دائرا ً بين النفي والثبات فل يبعضضد أن يزيضضد علضضى الثلضضث والربضضع فلعضضل للعضضدم‬
‫طريقا ً رابعا ً وخامسا ً سوى ما ذكرتموه فحصضضر الطضضرق فضضي هضضذه الثلضضث غيضضر‬
‫معلوم بالبرهان‪ .‬دليلهم الثاني‪ :‬كل جوهر يستحيل عليه العدم دليل ثان وعليه‬
‫تعويلهم أن قالوا‪ :‬كل جوهر ليس في محل فيستحيل عليه العدم بل البسائط‬
‫ل تنعدم قط‪ .‬وهذا الدليل يثبت فيه أول ً أن موت البدن ل يوجب انعضضدامه لمضضا‬
‫سبق‪.‬‬
‫ما ينعدم ففيه قوة الفساد وحامله يبقى فبعد ذلك يقضضال‪ :‬يسضضتحيل أن ينعضضدم‬
‫بسبب آخر بسبب آخر لن كل ما ينعدم بسبب مضضا أي سضضبب كضضان ففيضضه قضضوة‬
‫الفساد أي إمكان العدم سابق علضى النعضدام كمضا أن مضا يطضرى وجضوده مضن‬
‫الحوادث فيكون إمكان الوجود سابقا ً على الوجود ويسمى إمكان الوجود قوة‬
‫الوجود وإمكان العدم قوة الفساد‪ .‬وكما أن إمكضضان الوجضضود وصضضف إضضضافي ل‬
‫يقوم إل بشيء حتى يكون إمكانا ً بالضافة إليضضه فكضضذلك إمكضضان العضضدم ولضضذلك‬
‫قيل إن كل حادث فيفتقر إلى مادة سابقة يكضضون فيهضضا إمكضضان وجضضود الحضضادث‬
‫وقوته كما سبق في مسألة قدم العالم فالمادة التي فيهضضا قضضوة الوجضضود قابلضضة‬
‫للوجود الطاري والقابل غير المقبول فيكون القابل موجودا ً مع المقبضضول عنضضد‬
‫طريانه وهو غيره‪ .‬فكذلك قابل العضضدم ينبغضضي أن يكضضون موجضضودا ً عنضضد طريضضان‬
‫العدم حتى يعدم منه شيء كما وجد فيه شيء ويكون مضضا عضضدم غيضضر مضضا بقضضي‬
‫ويكون ما بقي هو الذي فيه قوة العدم وقبوله وإمكضضانه كمضضا أن مضضا بقضضي عنضضد‬
‫طريان الوجود يكون غير ما طرى وقد كان ما فيه قضضوة قبضضول الطضضاري‪ .‬وهضضو‬
‫كالمادة فيلزم أن يكون الشيء الذي طرى عليه العدم مركبا ً من شيء انعدم‬
‫ومن قابل للعدم بقي مع طريان العدم وقد كضان هضو حامضضل قضضوة العضدم قبضضل‬
‫طريان العدم ويكون حامل القوة كالمادة والمنعدم منها كالصورة‪.‬‬

‫لكن النفس غير مركبة ولكن النفس بسيطة وهي صورة مجردة عضضن المضضادة‬
‫ل تركيب فيها فإن فرض فيها تركيب من صورة ومادة فنحن ننقل البيان إلضضى‬
‫المادة التي هي السضضنخ والصضضل الول إذ ل بضضد وأن ينتهضضي إلضضى أصضضل فنحيضضل‬
‫العدم علضى ذلضك الصضل وهضو المسضمى نفسضا ً كمضا نحيضل العضدم علضى مضادة‬
‫الجسام فإنها أزلية أبدية إنما تحدث عليها الصور وتنعضضدم منهضضا الصضضور وفيهضضا‬
‫قوة طريان الصور عليها وقوة انعدام الصور منهضضا فإنهضضا قابلضضة للضضضدين علضضى‬
‫السواء وقد ظهر من هذا الوجود أن كل موجود أحضضدى الضضذات يسضضتحيل عليضضه‬
‫العدم‪ .‬إن قوة الوجود للشضضيء يكضضون لغيضضر ذلضضك الشضضيء ويمكضضن تفهيضضم هضضذا‬
‫بصيغة أخرى وهو أن قوة الوجود للشيء يكون قبل وجود الشيء فيكون لغير‬
‫ذلك الشيء ول يكون نفس قوة الوجضضود‪ .‬بيضضانه أن الصضضحيح البصضضر يقضضال أنضضه‬
‫بصير بالقوة أي فيه قوة البصار ومعناه أن الصفة التي ل بد منهضضا فضضي العيضضن‬
‫ليصح البصار موجودة فإن تأخر البصار فلتأخر شرط آخر فيكون قوة البصار‬
‫للسواد مثل ً موجودا ً للعين قبل إبصار السواد بالفعل فإن حصل إبصار السواد‬
‫بالفعل لم يكن قوة إبصار ذلك السواد موجودا ً عنضضد وجضضود ذلضضك البصضضار إذ ل‬
‫يمكن أن يقال‪ :‬مهما حصضضل البصضضار فهضضو مضضع كضضونه موجضضودا ً بالفعضضل موجضضود‬
‫بالقوة بل قوة الوجود لو انعدم الشيء البسيط لجتمضضع فضضي الشضضيء الواحضضد‬
‫قوة الوجود مع حصضضول الوجضضود وإذا ثبتضضت هضضذه المقدمضضة فنقضضول‪ :‬لضضو انعضضدم‬
‫الشيء البسيط لكان إمكان العدم قبل العدم حاصل ً لذلك الشيء وهو المراد‬
‫بالقوة فيكون إمكان الوجود أيضا ً حاصل ً فإن مضضا أمكضضن عضضدمه فليضضس واجضضب‬
‫الوجود فهو ممكن الوجود ول نعني بقوة الوجود إل إمكان الوجود فيؤدي إلضضى‬
‫أن يجتمع في الشيء الواحضضد قضضوة وجضضود نفسضضه مضضع حصضضول وجضضوده بالفعضضل‬
‫ويكون وجوده بالفعل هو عين قوة الوجود وقد بينا أن قوة البصار تكضضون فضضي‬
‫العين التي هي غير البصار ول تكون في نفس البصار إذ يؤدي إلى أن يكضضون‬
‫الشيء بالقوة والفعل وهما متناقضان بل مهما كان الشضضيء بضضالقوة لضضم يكضضن‬
‫بالفعل ومهما كان بالفعل لم يكن بالقوة وفي إثبات قوة العدم للبسضضيط قبضضل‬
‫العدم إثبات لقوة الوجود في حالضة الوجضود وهضو محضال‪ .‬راجضع مضا سضبق فضي‬
‫مسألة أزلية العالم وهذا بعينه هو الذي قررناه لهم في مصيرهم إلى استحالة‬
‫حدوث المادة والعناصضضر واسضضتحالة عضضدمها فضضي مسضضألة أزليضضة العضضالم وأبضضديته‬
‫ومنشأ التلبيس وضعهم المكان وصفا ً مستدعيا ً محل ً يقوم به‪ .‬وقد تكمنا عليه‬
‫بما فيضضه مقنضضع فل نعيضضد فضضإن المسضضألة هضضي المسضضألة فل فضضرق بيضضن أن يكضضون‬
‫المتكلم فيه جوهر مادة أو جوهر نفس‪.‬‬
‫مسألة في إبطال إنكارهم لبعث الجساد ورد الرواح إلى البدان ووجود النار‬
‫الجسمانية ووجود الجنة والحور العين وسائر ما وعد به الناس وقولهم إن كل‬
‫ذلك أمثلة ضربت لعوام الخلق لتفهيم ثواب وعقاب روحانيين هما أعلى رتبضضة‬
‫من الجسمانية وهو مخالف لعتقاد المسلمين كافة‪ .‬فلنقدم تفهيضضم معتقضضدهم‬
‫في المور الخروية ثم لنعترض على ما يخالف السضضلم مضضن جملتضضه‪ .‬قضضولهم‪:‬‬
‫اللذة السرمدية ل تكون إل بضضالعلم والعمضضل وقضضد قضضالوا إن النفضضس تبقضضى بعضضد‬
‫الموت بقاء سرمديا ً إما في لذة ل يحيط الوصف بها لعظمها وإمضضا فضضي ألضضم ل‬
‫يحيط الوصف به لعظمه ثم قد يكون ذلك اللم مخلدا ً وقد ينمحى على طضضول‬
‫الزمان‪ .‬ثم تتفاوت طبقات الناس في درجات اللم واللذة تفاوتا ً غير محصضضور‬
‫كمضضا يتفضضاوتون فضضي المراتضضب الدنيويضضة ولضضذاتها تفاوتضضا ً غيضضر محصضضور واللضضذة‬
‫السرمدية للنفوس الكاملة الزكية واللم السرمدي للنفوس الناقصة الملطخة‬
‫واللضم المنقضضضي للنفضوس الكاملضة الملطخضضة فل تنضال السضعادة المطلقضضة إل‬
‫بالكمال والتزكية والطهارة والكمال بالعلم والزكاء بالعمل‪.‬‬

‫تلتذ بهما القوة العقلية ووجضضه الحاجضضة إلضضى العلضضم أن القضضوة العقليضضة غضضذاؤها‬
‫ولذتها في درك المعقولت كما أن القوة الشهوانية لضضذتها فضضي نيضضل المشضضتهى‬
‫والقوة البصرية لذتها في النظر إلى الصور الجميلة وكذلك سائر القوى‪ .‬وإنما‬
‫يمنعهضضا مضضن الطلع علضضى المعقضضولت البضضدن وشضضواغله وحواسضضه وشضضهواته‪.‬‬
‫والنفس الجاهلة في الحيوة الدنيا حقهضضا أن تتضضألم بفضضوات لضضذة النفضضس ولكضضن‬
‫الشضضتغال بالبضضدن ينسضضيه نفسضضه ويلهيضضه عضضن ألمضضه كالخضضائف ل يحضضس بضضاللم‬
‫وكالخدر ل يحس بالنار فإذا بقيت ناقصة حتى انحط عنه شغل البدن كان فضضي‬
‫صورة الخدر إذا عرض على النار فل يحس باللم فإذا زال الخضضدر شضضعر بضضالبل‬
‫العظيم دفعة واحدة هجومًا‪ .‬والبدن يشغل عنها والنفوس المدركة للمعقولت‬
‫قد تلتذ بها التذاذا ً خفيا ً قاصرا ً عما يقتضيه طباعه وذلك أيضضا ً لشضضواغل البضضدن‬
‫وأنس النفس بشهواتها‪ .‬ومثاله مثال المريض الذي فضضي فيضضه مضضرارة يستبشضضع‬
‫الشيء الطيب الحلو ويستهجن الغذاء الذي هو أتم أسباب اللذة في حقضضه فل‬
‫يتلذذ به لما عرض من المرض‪.‬‬

‫فإذا انحط عنها أعباء البدن أدركت اللذة دفعة فالنفوس الكاملضضة بضضالعلوم إذا‬
‫انحط عنها أعباء البدن وشواغله بالموت كان مثاله مثضضال مضضن عضضرض للطعضضم‬
‫اللذ والذوق الطيب وكان به عارض مرض يمنعه من الدراك فضضزال العضضارض‬
‫فضضأدرك اللضضذة العظيمضضة دفعضضة‪ .‬أو مثضضال مضضن اشضضتد عشضضقه فضضي حضضق شضضخص‬
‫فضاجعه ذلك الشخص وهو نائم أو مغمى عليه أو سكران فل يحس بضضه فتنبضضه‬
‫فجأة فيشعر بلذة الوصال بعد طول النتظار دفعة واحضضدة‪ .‬اللضضذات الروحانيضضة‬
‫تفهم بالجسمانية وهذه اللذات حقيرة بالضافة إلى اللذات الروحانيضضة العقليضضة‬
‫إل أنه ل يمكن تفهيمه إل بأمثلة مما شاهدها الناس في هذه الحيوة وهذا كمضضا‬
‫أنا لو أردنا أن نفهم الصبي أو العنين لذة الجماع لم نقدر عليضضه إل بضضأن نمثلضضه‬
‫في حق الصبي باللعب الذي هو ألذ الشياء عنده وفي حق العنين بلذة الكضضل‬
‫الطيب مع شدة الجوع ليصدق بأصل وجود اللذة ثم يعلم أن ما فهمه بالمثضضال‬
‫ليس يحقق عنده لذة الجماع وأن ذلضك ل يضدرك إل بالضذوق‪ .‬وهضذه أحضط مضن‬
‫الولى‪ :‬لعدم وجودها في الملئكة والدليل على أن اللذات العقلية أشرف من‬
‫اللذات الجسمانية أمران‪ :‬أحدهما أن حال الملئكة أشضضرف مضضن حضضال السضضباع‬
‫والخنازير من البهائم وليس لها اللذات الحسية من الجمضضاع والكضضل وإنمضضا لهضضا‬
‫لذة الشعور بكمالها وجمالها الضضذي خضضص بهضضا فضضي نفسضضها فضضي اطلعهضضا علضضى‬
‫حقائق الشياء وقربها من ربي العالمين في الصفات ل في المكان وفي رتبضضة‬
‫الوجود فإن الموجودات حصلت من الله على ترتيب وبوسضضائط فالضضذي يقضضرب‬
‫من الوسائط رتبته ل محالة أعلى‪.‬‬

‫ولكن النسان يفضلها على غيرها والثاني أن النسان أيض ضا ً قضضد يضضؤثر اللضضذات‬
‫العقلية على الحسية فإن من يتمكن من غلبضضة عضضدو والشضضماتة بضضه يهجضضر فضضي‬
‫تحصيله ملذ النكحة والطعمة بل قد يهجر الكل طول النهضضار فضضي لضضذة غلبضضة‬
‫الشطرنج والنرد مع خسة المر فيه ول يحس بألم الجوع‪ .‬وكضضذلك المتشضضوف‬
‫إلى الحشمة والرئاسة يتردد بين انخرام حشمته بقضضضاء الضضوطر مضضن عشضضيقته‬
‫مثل ً بحيث يعرفه غيضضره وينتشضضر عنضضه فيصضضون الحشضضمة ويضضترك قضضضاء الضضوطر‬
‫ويستحقر ذلك محافظة على ماء الوجه فيكون ذلك ل محالة ألذ عنده بل ربما‬
‫يهجم الشجاع على جم غفير من الشجعان مستحقرا ً خطر الموت شضضغفا ً بمضضا‬
‫يتوهمه بعضضد المضضوت مضن لضذة الثنضضاء والطضضراء عليضه‪ .‬فالفضضلية‪ :‬هضي للضذات‬
‫العقلية الخروية فإذن اللذات العقليضضة الخرويضضة أفضضضل مضضن اللضضذات الحسضضية‬
‫الدنيوية ولول ذلك لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أعددت لعبضضادي‬
‫الصالحين ما ل عيضضن رأت ول أذن سضضمعت ول خطضضر علضضى قلضضب بشضضر‪ .‬وقضضال‬
‫تعالى‪ " :‬ل تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعيضن " فهضذا وجضه الحاجضة إلضى‬
‫العلم‪ .‬بعض العلوم نافعة والنافع مضضن جملتضضه العلضضوم العقليضضة المحضضضة وهضضي‬
‫العلم بالله وصفاته وملئكته وكتبه وكيفية وجود الشياء منه وما وراء ذلضضك إن‬
‫كان وسيلة إليه فهو نافع لجله وإن لم يكن وسيلة إليه كالنحو واللغة والشعر‬
‫وأنواع العلوم المفترقة فهي صناعات وحرف كسائر الصناعات‪.‬‬

‫النفس المواظبة على الشهوات تنال الذى وأما الحاجة إلى العمضضل والعبضضادة‬
‫فلزكاء النفس فإن النفس في هذا البدن مصدود عضضن درك حقضضائق الشضضياء ل‬
‫لكضضونه منطبعضا ً فضضي البضضدن بضضل لشضضتغاله ونزوعضضه إلضضى شضضهواته وشضضوقه إلضضى‬
‫مقتضياته وهذا النزوع والشوق هيئة للنفس تترسخ فيها وتتمكضضن منهضضا بطضضول‬
‫المواظبة على اتباع الشهوات والمثابرة على النس بالمحسوسات المسضضتلذة‬
‫فإذا تمكنت من النفس فمات البدن كانت هذه الصفات متمكنضضه مضضن النفضضس‬
‫ومؤذية من وجهين‪ .‬فتكون عاجزة عن التصال بالملئكة أحضضدهما أنهضضا تمنعهضضا‬
‫عن لذتها الخاصة بهضا وهضو التصضال بالملئكضة والطلع علضى المضور الجميلضة‬
‫اللهية ول يكون معه البدن الشاغل فيلهيه عن التألم كما قبضضل المضضوت‪ .‬وعضضن‬
‫اللذة الجسمانية والثاني أنه يبقى معضضه الحضضرص والميضضل إلضضى الضضدنيا وأسضضبابها‬
‫ولذاتها وقد استلب منه اللة فإن البدن هضضو اللضضة للوصضضول إلضضى تلضضك اللضضذات‬
‫فيكون حاله حال من عشق امرأة وألف رئاسة واستأنس بأولد واستروح إلى‬
‫مال وابتهج بحشمة فقتل معشوقه وعزل عن رئاسضضته وسضضبي أولده ونسضضاؤه‬
‫وأخذ أمواله أعداؤه وأسقط بالكلية حشمته فيقاسضضي مضضن اللضضم مضضا ل يخفضضى‬
‫وهو في هذه الحيوة غير منقطع المل عن عود أمثال هذه المضضور فضضإن الضضدنيا‬
‫غاد ورائح فكيف إذا انقطع المل فالولى أن يعرض عن الدنيا ول ينجضضي عضضن‬
‫التضمخ بهذه الهيئات إل كف النفس عن الهوى والعراض عن الدنيا والقبضضال‬
‫بكنه الجد على العلم والتقوى حتى تنقطع علئقه عن المور الدنيوية وهو فضضي‬
‫الدنيا وتستحكم علقته مع المضضور الخرويضضة فضضإذا مضضات كضضان كضضالمتخلص عضضن‬
‫سجن فالواصل إلى جميع مطالبه فهو جنتضضه‪ .‬لكضضن الضضضرورات البدنيضضة جاذبضضة‬
‫إليها ول يمكن سلب جميضع هضذه الصضفات عضن النفضس ومحوهضا بالكليضة فضإن‬
‫الضرورات البدنية جاذبة إليها إل أنه يمكن تضضضعيف تلضضك العلقضضة ولضضذلك قضضال‬
‫تعالى‪ " :‬وإن منكم إل واردها كان على ربك حتما ً مقضيا "‪ .‬إل أنه إذا ضضضعفت‬
‫العلقة لم تشتد نكاية فراقها وعظم اللتذاذ بما اطلع عليضضه عنضضد المضضوت مضضن‬
‫المور اللهية فأماط أثر مفارقة الدنيا والنزوع إليها على قرب كمن يسضضتنهض‬
‫من وطنه إلى منصب عظيم وملك مرتفع فقد ترق نفسه حالضضة الفضضراق علضضى‬
‫أهله ووطنه فيتأذى أذى ما ولكن ينمحى بما يستأنفه من لذة البتهضضاج بالملضضك‬
‫والرئاسة‪ .‬ولذلك ورد الشرع بالتوسط فضضي الخلق وإذا لضضم يكضضن سضضلب هضضذه‬
‫الصفات ورد الشرع في الخلق بالتوسط بين كل طرفين متقابلين لن المضضاء‬
‫الفاتر ل حار ول بارد فكأنه بعيد عن الصفتين فل ينبغي أن يبضضالغ فضضي إمسضضاك‬
‫المال فيستحكم فيه حرص المال ول في النفضاق فيكضضون مبضضذرا ً ول أن يكضون‬
‫ممتنعا ً عن كل المور فيكون جبانا ً ول منهمكا ً في كل أمر فيكضضون متهضضورا ً بضضل‬
‫يطلب الجود فإنه الوسط بين البخضضل والتبضضذير والشضضجاعة فإنهضضا الوسضضط بيضضن‬
‫الجبن والتهور وكذلك في جميع الخلق وعلم الخلق طويل والشريعة بضضالغت‬
‫في تفصيلها ول سبيل في تهذيب الخلق إل بمراعاة قانون الشرع في العمل‬
‫حتى ل يتبع النسان هواه فيكون قد اتخذ إلهه هضضواه بضضل يقلضضد الشضضرع فيقضضدم‬
‫ويحجم بإشارته ل باختياره فتتهذب به أخلقه‪.‬‬

‫فمنهم من يكونون تعساء ومنهم سعداء على وجه كامل أو غيضضر كامضضل ومضضن‬
‫عدم هذه الفضيلة في الخلق والعلم جميعا ً فهو الهالك ولضضذلك قضضال تعضضالى‪" :‬‬
‫قد أفلح من زكاهضضا وقضضد خضضاب مضضن دسضضاها "‪ .‬ومضضن جمضضع الفضضضيلتين العلميضضة‬
‫والعملية فهو العارف العابد وهو السضضعيد المطلضضق ومضضن لضضه الفضضضيلة العلميضضة‬
‫دون العملية فهو العالم الفاسق ويتعضضذب مضضدة ولكضضن ل يضضدوم لن نفسضضه قضضد‬
‫كمل بالعلم ولكن العوارض البدنية لطخته تلطيخضا ً عارضضا ً علضضى خلف جضضوهر‬
‫النفس وليس تتجدد السباب المجددة فينمحى علضضى طضضول الزمضضان ومضضن لضضه‬
‫الفضيلة العملية دون العلمية فيسضضلم وينجضضو عضضن اللضضم ول يحظضضى بالسضضعادة‬
‫الكاملة‪ .‬وزعموا أن من مات فقد قامت قيامته‪ .‬في الشرع صور وأما مضضا ورد‬
‫في الشرع من الصور فالقصد ضرب المثضضال لقصضضور الفهضضام عضضن درك هضضذه‬
‫اللذات فمثل لهم ما يفهمون ثم ذكر لهم أن تلك اللذات فوق ما وصضف لهضضم‪.‬‬
‫فهذا مذهبهم‪ .‬جوابنا‪ :‬أكثر المور صضضحيحة ولكضضن ل تعضضرف إل بالشضضرع ونحضضن‬
‫نقول‪ :‬أكثر هذه المور ليس على مخالفة الشرع فإنضا ل ننكضضر أن فضي الخضضرة‬
‫أنواع من اللذات أعظم من المحسوسات ول ننكر بقضضاء النفضضس عنضضد مفارقضضة‬
‫البدن ولكنا عرفنا ذلك بالشرع إذ ورد بالمعاد ول يفهم المعاد إل ببقاء النفضضس‬
‫وإنما أنكرنا عليهم من قبل دعواهم معرفة ذلك بمجرد العقل‪.‬‬
‫فالشضضرع يعلمنضضا حشضضر الجسضضاد ولكضضن المخضضالف للشضضرع منهضضا إنكضضار حشضضر‬
‫الجساد وإنكار اللذات الجسمانية في الجنة واللم الجسمانية في النار وإنكار‬
‫وجود جنة ونار كما وصضضف فضضي القضضرآن‪ .‬فمضضا المضضانع مضضن تحقيضضق الجمضضع بيضضن‬
‫السعادتين الروحانية والجسضضمانية وكضضذى الشضضقاوة وقضضوله‪ :‬ل تعلضضم نفضضس مضضا‬
‫أخفي لهم أي ل يعلم جميع ذلك‪ .‬وقوله‪ :‬أعددت لعبادي الصالحين مضضا ل عيضضن‬
‫رأت فكذلك وجود تلك المور الشريفة ل يدل على نفي غيرها بل الجمضضع بيضضن‬
‫المرين أكمل والموعود أكمل المضضور وهضضو ممكضضن فيجضضب التصضضديق بضضه علضى‬
‫وفق الشرع‪ .‬قد يقال‪ :‬هذه أمثال فإن قيل‪ :‬ما ورد فيه أمثال ضربت على حد‬
‫أفهام الخلق كما أن الوارد من آيضضات التشضضبيه وإخبضضاره أمثضضال علضضى حضضد فهضضم‬
‫الخلق والصفات اللهية مقدسة عما يخيله عامة الناس‪ .‬قولنا‪ :‬ل محل للتأويل‬
‫والجواب أن التسوية بينهما تحكم بل همضضا يفترقضضان مضضن وجهيضضن‪ :‬أحضضدهما أن‬
‫اللفاظ الواردة في التشبيه تحتمل التأويل على عضادة العضرب فضي السضضتعارة‬
‫وما ورد في وصف الجنضضة والنضضار وتفصضضيل تلضضك الحضضوال بلضضغ مبلغضا ً ل يحتمضضل‬
‫التأويضضل فل يبقضضى إل خمضضل الكلم علضضى التلضضبيس بتخييضضل نقيضضض الحضضق ول‬
‫للستحالة والثاني أن أدلة العقول دلت على استحالة المكان والجهة والصورة‬
‫ويد الجارحة وعين الجارحة وإمكضضان النتقضضال والسضضتقرار علضضى اللضضه سضضبحانه‬
‫فوجب التأويل بأدلة العقول وما وعد من المور الخرة ليس محال ً فضضي قضضدرة‬
‫الله تعالى فيجب الجري على ظاهر الكلم بل علضضى فحضضواه الضضذي هضضو صضضريح‬
‫فيه‪ .‬قولهم‪ :‬هناك أمور محالة فإن قيل‪ :‬وقد دل الدليل العقلي على اسضضتحالة‬
‫بعث الجساد كما دل على استحالة تلك الصفات على اللضضه تعضضالى‪ .‬فنطضضالبهم‬
‫بإظهاره‪ .‬ولهم فيه مسالك مسلكهم الول‪ :‬إما أن يعاد البدن والحياة المسلك‬
‫الول قولهم‪ :‬تقضضدير العضضود إلضضى البضضدان ل يعضضدوا ثلثضضة أقسضضام‪ .‬إمضضا أن يقضضال‪:‬‬
‫النسان عبارة عن البدن والحيوة التي هي عرض قائم به كما ذهب إليه بعض‬
‫المتكلمين وأن النفضضس الضضتي هضي قضضائم بنفسضضه ومضضدبر للجسضضم فل وجضضود لضضه‬
‫ومعنى الموت انقطاع الحيوة أي امتناع الخالق عن خلقها فتنعدم والبدن أيضا ً‬
‫ينعدم ومعنى المعاد إعادة الله للبدن الضضذي انعضضدم ورده إلضضى الوجضضود وإعضضادة‬
‫الحيوة التي انعدمت أو يقال‪ :‬مادة البدن تبقى ترابا ً ومعنضضى المعضضاد أن يجمضضع‬
‫ويركب على شكل آدمي ويخلق فيه الحيوة ابتداء فهذا قسم‪.‬‬
‫إما أن ترد النفس إلى البدن وإما أن يقال‪ :‬النفس موجود ويبقى بعد المضضوت‬
‫ولكن يرد البدن الول بجمع تلك الجزاء بعينها وهذا قسم‪ .‬إما أن ترد النفضضس‬
‫إلى بدن أيا ً كان وإمضضا أن يقضضال‪ :‬يضضرد النفضضس إلضضى بضضدن سضضواء كضضان مضضن تلضضك‬
‫الجزاء أو من غيرها ويكون العضضائد ذلضضك النسضضان مضضن حيضضث أن النفضضس تلضضك‬
‫النفس فأما المادة فل التفات إليها إذ النسان ليضضس إنسضضانا ً بهضضا بضضل بضضالنفس‪.‬‬
‫وهذه القسام الثلثة باطلة‪ .‬وهذه الثلثة باطلة أما الول فظضضاهر البطلن لنضضه‬
‫مهما انعدمت الحيوة والبدن فاستئناف خلقها إيجاد لمثل مضضا كضضان ل لعيضضن مضضا‬
‫كان بل العود المفهوم هو الذي يفرض فيه بقاء شيء وتجد شيء كمضضا يقضضال‪:‬‬
‫فلن عاد إلى النعام أي أن المنعم باق وترك النعام ثم عاد إليه أي عضضاد إلضضى‬
‫ما هو الول بالجنس ولكنه غيره بالعدد فيكون عودا ً بالحقيقة إلى مثله ل إليه‪.‬‬
‫ويقال‪ :‬فلن عاد إلى البلد أي بقي موجودا ً خارجا ً وقد كان له كضضون فضضي البلضضد‬
‫فعاد إلى مثل ذلك فإن لم يكن شيء باق وشيئان متعددان متماثلن يتخللهمضضا‬
‫زمان لم يتم اسم العود إل أن يسلك مذهب المعتزلة فيقال‪ :‬المعضضدوم شضضيء‬
‫ثابت والوجود حال يعرض له مرة وينقطع تضضارة ويعضضود أخضضرى فيتحقضضق معنضضى‬
‫العود باعتبار بقاء الذات ولكنه رفع للعدم المطلضضق الضضذي هضضو النفضضي المحضضض‬
‫وهو إثبات للذات مستمرة الثبات إلى أن يعود إليه الوجود وهو محال‪.‬‬
‫فل يعود النسان بعينه وإن احتال ناصر هذا القسم بأن قضضال‪ :‬تضضراب البضضدن ل‬
‫يفنى فيكون باقيا ً فتعود إليه الحيوة‪ .‬فنقول عند ذلضضك يسضضتقيم أن يقضضال‪ :‬عضضاد‬
‫التراب حيا ً بعد أن انقطعت الحيوة عنه مرة ول يكون ذلك عضضودا ً للنسضضان ول‬
‫رجوع ذلك النسان بعينه لن النسان إنسان ل بمضضادته والضضتراب الضضذي فيضضه إذ‬
‫يتبدل عليه سائر الجزاء أو أكثرها بالغضضذاء وهضضو ذاك الول بعينضضه فهضضو باعتبضضار‬
‫روحه أو نفسه فإذا عدمت الحيضضوة أو الضضروح فمضضا عضضدم ل يعقضضل عضضوده وإنمضضا‬
‫يستأنف مثله ومهما خلق الله حيوة إنسانية في تراب يحصل مضضن بضضدن شضضجر‬
‫أو فرس أو نبات كان ذلك ابتداء خلق النسان فالمعضدوم قضط ل يعقضل عضوده‬
‫والعائد هو الموجود أي عاد إلى حالضضة كضضانت لضضه مضضن قبضضل أي إلضضى مثضضل تلضضك‬
‫الحالة فالعائد هو التراب إلى صفة الحيوة‪ .‬وليس النسان قائما ً ببضضدنه وليضضس‬
‫النسان ببدنه إذ قد يصير بدن الفرس غذاء النسان فيتخلق منه نطفة يحصل‬
‫منها إنسان فل يقال‪ :‬الفرس انقلب إنسانا ً بل الفرس فرس بصورته ل بمادته‬
‫وقد انعدمت الصورة وما بقي إل المادة‪.‬‬
‫وأما الثاني فل يمكن أن يرد البدن الفاسد وأما القسم الثاني وهو تقدير بقضاء‬
‫النفس ورده إلى ذلك البدن بعينه فهو لو تصور لكان معادا ً أي عودا ً إلى تدبير‬
‫البدن بعد مفارقته ولكن محضضال إذ بضضدن الميضضت ينحضضل ترابضا ً أو تضضأكله الديضضدان‬
‫والطيضضور ويسضضتحيل دمضا ً وبخضضارا ً وهضضواء ويمضضتزج بهضضواء العضضالم وبخضضاره ومضضائه‬
‫امتزاجا ً يبعد انتزاعه يستقبح جمع أجزاء الميت وحضضدها ولكضضن إن فضضرض ذلضضك‬
‫اتكال ً على قدرة الله فل يخلوا إما أن يجمضضع الجضضزاء الضضتي مضضات عليهضضا فقضضط‬
‫فينبغي أن يكون معاد القطع ومجذوع النف والذن وناقص العضاء كما كضضان‬
‫وهذا مستقبح ل سيما في أهل الجنة وهضضم الضضذين خلقضضوا ناقصضضين فضضي ابتضضداء‬
‫الفترة فإعادتهم إلى ما كانوا عليه من الهزال عنضد المضوت فضي غايضضة النكضضال‪.‬‬
‫هذا إن اقتصر على جمع الجزاء الموجودة عند الموت‪ .‬ول يمكن جمضضع جميضضع‬
‫الجزاء التي كانت في طول عمره وإن جمع جميع أجزائه التي كانت موجودة‬
‫في جميع عمره فيه فهضضو محضضال مضضن وجهيضضن‪ :‬أحضضدهما أن النسضضان إذا تغضضذى‬
‫بلحم إنسان وقد جرت العادة بضه فضي بعضض البلد ويكضثر وقضضوعه فضي أوقضات‬
‫القحط فيتعذر حشرهما جميعا ً لن مادة واحدة كضضانت بضضدنا ً للمضضأكول وصضضارت‬
‫بالغذاء بدنا ً للكل ول يمكن رد نفسين إلى بضضدن واحضضد‪ .‬والثضضاني أنضضه يجضضب أن‬
‫يعاد جزء واحد كبدا ً وقلبا ً ويضدا ً ورجل ً فضإنه ثبضت بالصضناعة الطبيضة أن الجضضزاء‬
‫العضوية يغتذي بعضها بفضلة غذاء البعض فيتغذى الكبد بأجزاء القلب وكضضذلك‬
‫سائر العضاء‪ .‬فنفرض أجزاء معينة قد كانت مادة لجملة مضضن العضضضاء فضضإلى‬
‫أي عضو تعاد بل ل يحتاج في تقرير الستحالة الولى إلى أكضضل النضضاس النضضاس‬
‫فإنك إذا تأملت ظاهر التربضضة المعمضضورة علمضضت بعضضد طضضول الزمضضان أن ترابهضضا‬
‫جثث الموتى قد تتربت وزرع فيها وغرس وصار حبا ً وفاكهضضة وتناولهضضا الضضدواب‬
‫فصارت لحما ً وتناولناها فعادت بدنا ً لنا فما من مادة يشار إليها إل وقضضد كضضانت‬
‫بدنا ً لناس كثيرة فاستحالت وصارت ترابا ً ثم نباتا ً ثم لحما ً ثم حيوانًا‪ .‬بل يلضضزم‬
‫منه محال ثالث وهو أن النفوس المفارقة للبدان غير متناهية والبدان أجسام‬
‫متناهية فل تفي المواد التي كانت مواد النسان بأنفس الناس كلهم بل تضيق‬
‫عنهم‪.‬‬
‫وأما الثالث فهو محضضال فضضالنفس هضضي متناهيضضة وأمضضا القسضضم الثضضالث وهضضو رد‬
‫النفس إلى بدن إنساني من أي مادة كانت وأي تراب اتفضضق فهضضذا محضضال مضضن‬
‫وجهين‪ :‬أحدهما أن المواد القابلة للكون والفسضضاد محصضضورة فضضي مقعضضر فلضضك‬
‫القمر ل يمكن عليها مزيد وهي متناهية والنفس المفارقة للبدان غير متناهية‬
‫فل تفي بها‪ .‬فليس هناك طرق مقبولة والثاني أن التراب ل يقبل تدبير النفس‬
‫ما بقي ترابا ً بل ل بد وأن تمتزج العناصر امتزاجا ً يضضاهي امضضتزاج النطفضة بضل‬
‫الخشب والحديد ل يقبل هذا التدبير ول يمكن إعادة النسان وبدنه من خشضضب‬
‫أو حديد بضضل ل يكضضون إنسضانا ً إل إذا انقسضضم أعضضضاء بضضدنه إلضضى اللحضضم والعظضضم‬
‫والخلط ومهمضضا اسضضتعد البضضدن والمضضزاج لقبضضول نفضضس اسضضتحق مضضن المبضضادئ‬
‫الواهبة للنفوس حدوث نفس فيتوارد علضضى البضضدن الواحضضد نفسضضان‪ .‬ول يسضضلم‬
‫بالتناسخ وبهذا بطل مذهب التناسخ وهذا المذهب هو عين التناسخ فضضإنه رجضضع‬
‫إلى اشتغال النفس بعد خلصها من البدن بتدبير بضضدن آخضضر غيضضر البضضدن الول‪.‬‬
‫فالمسلك الذي يدل على بطلن التناسخ يدل على بطلن هذا المسلك‪.‬‬
‫اعتراضنا أن نختار القسم الثضضالث وهضضو ل يخضضالف الشضضرع والعضضتراض هضضو أن‬
‫يقال‪ :‬بم تنكرون على من يختضار القسضم الخيضر ويضرى أن النفضس باقيضة بعضد‬
‫الموت وهو جوهر قائم بنفسه وأن ذلك ل يخالف الشرع بل دل عليضضه الشضضرع‬
‫في قوله‪ " :‬ول تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ً بل أحياء عند ربهم "‬
‫وبقوله عليه السلم‪ :‬أرواح الصالحين فضضي حواصضضل طيضضر خضضضر معلقضضة تحضضت‬
‫العرش وبمضضا ورد مضضن الخبضضار بشضضعور الرواح بالصضضدقات والخيضضرات وسضضؤال‬
‫منكر ونكير وعذاب القبر وغيره وكل ذلك يدل على البقاء‪ .‬وفيه عضضود محقضضق‬
‫نعم قد دل مع ذلك على البعث والنشور بعده هضضو بعضضث البضضدن‪ .‬وذلضضك ممكضضن‬
‫بردها إلى بدن أي بدن كان سواء كان من مضضادة البضضدن الول أو مضضن غيضضره أو‬
‫من مادة استؤنف خلقها فإنه هو بنفسه ل ببضضدنه إذ يتبضضدل عليضضه أجضضزاء البضضدن‬
‫من الصغر إلى الكبر بالهزال والسمن وتبدل الغذاء ويختلف مزاجضضه مضضع ذلضضك‬
‫وهو ذلك النسان بعينه فهذا مقدور لله ويكون ذلك عضضودا ً لضضذلك النفضضس فضضإنه‬
‫كان قد تعذر عليه أن يحظى باللم واللذات الجسمانية بفقد اللة وقد أعيدت‬
‫إليه آلة مثل الولى فكان ذلك عودا ً محققًا‪.‬‬

‫النفوس ليست غير متناهية وما ذكرتموه من استحالة هذا بكون النفوس غير‬
‫متناهية وكون المواد متناهية محضضال ل أصضضل لضضه فضضإنه بنضضاء علضضى قضضدم العضضالم‬
‫وتعاقب الدوار علضى الضضدوام ومضضن ل يعتقضد قضضدم العضالم فضالنفوس المفارقضضة‬
‫للبدان عنده متناهية وليست أكثر من المضضواد الموجضضودة وإن سضضلم أنهضضا أكضضثر‬
‫فالله تعالى قادر على الخلق واسضضتئناف الخضضتراع وإنكضضاره إنكضضار لقضضدرة اللضضه‬
‫على الحداث‪ .‬وقد سبق إبطضضاله فضضي مسضضألة حضضدث العضضالم‪ .‬أمضضا التناسضضخ فل‬
‫مشاحة في السضضماء وأمضضا إحضضالتكم الثانيضضة بضضأن هضضذا تناسضضخ فل مشضضاحة فضضي‬
‫السماء فما ورد الشضضرع بضضه يجضضب تصضضديقه فليكضضن تناسضضخا ً وإنمضضا نحضضن ننكضضر‬
‫التناسخ في هذا العالم‪ .‬فأما البعث فل ننكره سمي تناسخا ً أو لم يسم‪ .‬واللضضه‬
‫قادر على تدبير المر وقولكم إن كل مزاج استعد لقبول نفس استحق حدوث‬
‫نفس من المبادئ رجوع إلى أن حدوث النفس بضالطبع ل بضضالرادة وقضضد أبطضضل‬
‫ذلك في مسألة حدث العضضالم‪ .‬كيضضف ول يبعضضد علضضى مسضضاق مضضذهبكم أيضضا ً أن‬
‫يقال‪ :‬إنما يستحق حدوث نفس إذا لم يكن ثم نفس موجودة فتستأنف نفضضس‬
‫فيبقى أن يقال‪ :‬فلم لم تتعلق بالمزجة المسضضتعدة فضضي الرحضضام قبضضل البعضضث‬
‫والنشور بل في عالمنا هذا فيقال‪ :‬لعل النفس المفارقة تسضضتدعي نوعضا ً آخضضر‬
‫مضضن السضضتعداد ول يتضضم سضضببها إل فضضي ذلضضك الضضوقت‪ .‬ول بعضضد فضضي أن يفضضارق‬
‫الستعداد المشروط للنفس الكاملة المفارقضضة السضضتعداد المشضضروط للنفضضس‬
‫الحادثة ابتداء التي لم تستفد كمال ً بتدبير البدن مدة والله تعالى أعضضرف بتلضضك‬
‫الشروط وبأسبابها وأوقات حضورها وقد ورد الشضضرع بضضه وهضضو ممكضضن فيجضضب‬
‫التصديق به‪.‬‬

‫مسلكهم الثاني كما أن قلب الحديد ثوبا ً المسلك الثاني أن قضضالوا‪ :‬ليضضس فضضي‬
‫المقدور أن يقلب الحديد ثوبا ً منسوجا ً بحيضضث يتعمضضم بضضه إل بضضأن تحلضضل أجضضزاء‬
‫الحديد إلى العناصر بأسباب تستولي على الحديد فتحلله إلى بسائط العناصضضر‬
‫ثم تجمع العناصر وتدار في أطوار في الخلقة إلى أن تكتسضب صضورة القطضن‬
‫ثم يكتسب القطن صورة الغزل ثم الغزل يكتسب النتظام المعلوم الذي هضضو‬
‫النسج على هيئة معلومة‪ .‬ولو قيل إن قلب الحديد عمامة قطنيضضة ممكضضن مضضن‬
‫ل‪ .‬نعضضم يجضضوز أن‬ ‫غير الستحالة في هذه الطوار على سبيل الترتيب كان محا ً‬
‫يخطر للنسان أن هذه الستحالت يجوز أن تحصل كلها في زمان متقضضارب ل‬
‫يحس النسان بطولها فيظن أنه وقع فجأة دفعة واحدة‪ .‬هذا ما يقتضضضيه أيض ضا ً‬
‫تجضضدد بضضدن النسضضان لضضترد النفضضس إليضضه وإذا عقضضل هضضذا فالنسضضان المبعضضوث‬
‫المحشور لو كان بدنه من حجر أو ياقوت أو در أو تراب محض لم يكن إنسانا ً‬
‫بل ل يتصور أن يكون إنسانا ً إل أن يكون متشكل ً بالشضضكل المخصضضوص مركبضا ً‬
‫من العظام والعروق واللحوم والغضاريف والخلط والجضضزاء المفضضردة تتقضضدم‬
‫على المركبة فل يكون البدن ما لم تكن العضاء ول تكون العضاء المركبة ما‬
‫لم تكن العظام واللحوم والعروق ول تكون هذه المفردات ما لم تكن الخلط‬
‫ول تكون الربعة ما لم تكن موادها من الغذاء ول يكون الغذاء ما يكضضن حيضضوان‬
‫أو نبات وهو اللحضضم والحبضضوب ول يكضضون حيضضوان ونبضضات مضضا لضضم تكضضن العناصضضر‬
‫الربعة جميعا ً ممتزجة بشضضرائط مخصوصضضة طويلضضة أكضضثر ممضضا فصضضلنا جملتهضضا‪.‬‬
‫فإذن ل يمكن أن يتجدد بدن إنسان لترد النفس إليه إل بهذه المور‪.‬‬

‫وهذا محال من جميع الوجوه ولها أسباب كثيرة‪ :‬أفينقلب التراب إنسضضانا ً بضضأن‬
‫يقال له كن أو بأن تمهد أسضضباب انقلبضضه فضضي هضضذه الدوار وأسضضبابه هضي إلقضضاء‬
‫النطفة المستخرجة مضن لبضاب بضضدن النسضان فضي رحضم حضتى يسضضمد مضن دم‬
‫الطمث ومن الغذاء مدة حتى يتخلق مضغة ثضضم علقضضة ثضضم جنين ضا ً ثضضم طفل ً ثضضم‬
‫ل‪ .‬فقضول القضائل‪ :‬يقضال لضه كضن فيكضون غيضر معقضول إذ الضتراب ل‬ ‫شابا ً ثم كه ً‬
‫يخاطب وانقلبه إنسانا ً دون التردد في هذه الطوار محال‪ .‬وتضضردده فضضي هضضذه‬
‫ل‪ .‬اعتراضنا‪ :‬هذا ل‬ ‫الطوار دون جريان هذه السباب محال فيكون البعث محا ً‬
‫بد منه ولو في زمان طويل والعتراض أنا نسلم أن الترقي في هضضذه الطضضوار‬
‫ل بد منه حتى يصير بدن النسان كما ل بد منه حتى يصير الحديد عمامة فضضإنه‬
‫لو بقي حديدا ً لما كان ثوبا ً بل ل بد وأن يصير قطنا ً مغزول ً ثم منسوجًا‪ .‬ولكضضن‬
‫ذلك في لحظة أو في مدة ممكن ولم يبن لنا أن البعث يكضضون فضضي أوحضضى مضضا‬
‫يقدر إذ وهذا يحصل بقضضدرة اللضضه إمضضا مضضن غيضضر واسضضطة وإنمضضا النظضضر فضضي أن‬
‫الترقي في هذه الطوار يحصل بمجرد القدرة من غير واسطة أو بسضضبب مضضن‬
‫السباب وكلهما ممكنان عندنا كما ذكرناه في المسألة الولى من الطبيعيات‬
‫عند الكلم على إجراء العادات وإن المقترنات في الوجود اقترانها ليس علضضى‬
‫طريق التلزم بل العادات يجوز خرقها فيحصل بقدرة الله تعضضالى هضضذه المضضور‬
‫دون وجود أسبابها‪.‬‬

‫أو بواسطات غريبة وأما الثاني فهو أن نقول‪ :‬ذلك يكون بأسباب ولكن ليضضس‬
‫من شرط أن يكون السبب هو المعهضضود بضضل فضضي خزانضضة المقضضدورات عجضضائب‬
‫وغرائب لم يطلع عليها ينكرها من يظن أن ل وجود إل لمضضا شضضاهده كمضضا ينكضضر‬
‫طائفة السحر والنارنجضضات والطلسضضمات والمعجضضزات والكرامضضات وهضضي ثابتضضة‬
‫بالتفاق بأسباب غريبة ل يطلع عليها‪ .‬من استنكر قوة المغناطيس ثم شاهدها‬
‫تعجب منها فهكذا يتعجبون بل لو لضضم يضضر إنسضضان المغنضضاطيس وجضضذبه للحديضضد‬
‫وحكي له ذلك لستنكره وقال‪ :‬ل يتصضضور جضضذب للحديضضد إل بخيضضط يشضضد عليضضه‬
‫ويجذب فإنه المشاهد في الجذب حتى إذا شاهده تعجب منه وعلضضم أن علمضضه‬
‫قاصر عن الحاطة بعجائب القدرة‪ .‬وكذلك الملحدة المنكرة للبعضضث والنشضضور‬
‫إذا بعثوا ورأوا عجائب صنع الله فيه ندموا ندامضضة ل تنفعهضضم ويتحسضضرون علضضى‬
‫جحودهم تحسرا ً ل يغنيهم ويقال لهم‪ " :‬هذا الضضذي كنتضضم بضضه تكضضذبون " كالضضذي‬
‫يكضضذب بضضالخواص والشضضياء الغريبضضة‪ .‬إن النسضضان لضضو خلضضق عضضاقل ً لنكضضر خلضضق‬
‫النسان من النطفة بل لو خلق إنسان عاقل ً ابتداء وقيضضل لضضه إن هضضذه النطفضة‬
‫القذرة المتشابهة الجضضزاء تنقسضضم أجزاؤهضضا المتشضضابهة فضضي رحضضم آدميضضة إلضضى‬
‫أعضاء مختلفة لحمية وعصبية وعظمية وعرقية وغضضضروفية وشضضحمية فيكضضون‬
‫منه العين على سضضبع طبقضضات مختلفضضة فضضي المضضزاج واللسضضان والسضضنان علضضى‬
‫تفاوتهما في الرخاوة والصلبة مع تجاورهما وهلم جرا إلضضى البضضدائع الضضتي فضضي‬
‫الفطرة لكان إنكاره أشد من إنكار الملحدة حيث قالوا‪ :‬أئذا كنا عظامضا ً نخضضرة‬
‫الية‪.‬‬

‫فيجب عدم إنكار ما لم يشاهد فليس يتفكر المنكر للبعث أنه من أيضن عضرف‬
‫انحصار أسباب الوجود فيما شاهد ولم يبعد أن يكون في إحياء البضضدان منهضضاج‬
‫غير ما شاهده‪ .‬وقد ورد في بعضض الخبضار أنضه يعضم الرض فضي وقضت البعضث‬
‫مطر قطراتهضا تشضضبه النطضضف وتختلضضط بضالتراب فضأي بعضضد فضضي أن يكضضون فضضي‬
‫السباب اللهية أمضضر يشضضبه ذلضضك ونحضضن ل نطلضضع عليضضه ويقتضضضي ذلضضك انبعضضاث‬
‫الجساد واستعدادها لقبول النفوس المحشضضورة وهضضل لهضضذا النكضضار مسضضتند إل‬
‫الستبعاد المجرد قد يقضضال‪ :‬إن الفعضضل اللهضضي ل يتغيضضر وهضضو دوري فضضإن قيضضل‪:‬‬
‫الفعل اللهي له مجرى واحد مضروب ل يتغير ولذلك قال تعالى‪ " :‬ومضا أمرنضا‬
‫إل واحدة كلمح بالبصر " وقال‪ " :‬ولن تجد لسنة الله تبضضديل " وهضضذه السضضباب‬
‫التي أوهمتهم إمكانها إن كانت فينبغي أن تطرد أيض ضا ً وتتكضضرر إلضضى غيضضر غايضضة‬
‫وأن يبقى هذا النظام الموجود في العالم من التولضد والتوالضضد إلضى غيضضر غايضضة‪.‬‬
‫وبعد العتراف بالتكرر والدور فل يبعد أن يختلف منهاج المضضور فضضي كضضل ألضضف‬
‫ألف سنة مثل ً ولكن يكون ذلك التبدل أيضا ً دائما ً أبديا ً علضضى سضضنن واحضضد فضضإن‬
‫سنة الله ل تبديل فيها‪.‬‬
‫ويصدر عن الرادة وهي غير متعينة وهذا لمكان أن الفعل اللهضضي يصضضدر عضن‬
‫المشيئة اللهية والمشيئة اللهية ليسضضت متعينضضة الجهضضة حضضتى يختلضضف نظامهضضا‬
‫بضضاختلف جهاتهضضا فيكضضون الصضضادر منهضضا كيضضف مضضا كضضان منتظمضا ً انتظامضا ً يجمضضع‬
‫وستكون الخرة والقيامضضة فضضإن جضضوزتم اسضضتمرار التوالضضد والتناسضضل بضضالطريق‬
‫المشاهد الن أو عود هذا المنهاج ولضضو بعضضد زمضضان طويضضل علضضى سضضبيل التكضضرر‬
‫والدور فقد رفعتم القيامة والخرة وما دل عليه ظواهر الشضضرع إذ يلضضزم عليضضه‬
‫أن يكون قد تقدم على وجودنا هذا البعث كرات وسيعود كرات وهكضضذى علضضى‬
‫الضضترتيب‪ .‬ول يمكضضن انقسضضام الحضضالت إلضضى ثلثضضة وإن قلتضضم إن السضضنة اللهيضضة‬
‫بالكلية تتبدل إلى جنس آخر ول تعود قط هضذه السضنة وتنقسضم مضدة المكضان‬
‫إلى ثلثة أقسام‪ :‬قسم قبل خلق العالم إذ كان الله ول عالم وقسم بعد خلقه‬
‫على هذا الوجه وقسم به الختتام وهو المنهاج البعثي بطل التساق والنتظام‬
‫وحصل التبديل لسنة الله وهضضو محضضال فضضإن هضضذا إنمضضا يمكضضن بمشضضيئة مختلفضضة‬
‫باختلف الحوال أما المشيئة الزلية فلها مجرى واحد مضضضروب ل تتبضضدل عنضضه‬
‫لن الفعل مضاه للمشيئة والمشيئة على سنن واحد ل تختلضضف بالضضضافة إلضضى‬
‫الزمان وهذا ل يناقض القول بأن الله " قادر علضضى كضضل شضضيء " وزعمضضوا أن‬
‫هذا ل يناقض قولنا إن الله قادر على كل شيء فإنا نقول إن اللضضه قضضادر علضضى‬
‫البعث والنشور وجميع المور الممكنة على معنى أنه لو شاء لفعل وليس من‬
‫شرط صدق قولنا هذا أن يشاء ول أن يفعل‪ .‬وهذا كما أنا نقول إن فلنا ً قضضادر‬
‫على أن يجز رقبة نفسه ويبعج بطن نفسه ويصضضدق ذلضضك علضضى معنضضى أنضضه لضضو‬
‫شاء لفعل ولكنا نعلم أنه ل يشاء ول يفعل‪ .‬ول يناقضه أنه " ل يشاء ول يفعضضل‬
‫" وقولنا‪ :‬ل يشاء ول يفعل ل يناقض قولنا إنه قادر بمعنى أنضضه لضضو شضضاء لفعضضل‬
‫فإن الحمليات ل تناقض الشرطيات كما ذكر فضضي المنطضضق إذ قولنضضا‪ :‬لضضو شضضاء‬
‫لفعل شرطي موجب وقولنضا‪ :‬مضا شضاء ومضا فعضضل حملتضان سضالبتان والسضضالبة‬
‫الحملية ل تناقض الموجبة الشرطية‪ .‬فإذن الدليل الذي دلنضضا علضضى أن مشضضيئة‬
‫أزلية وليست متفننة يدلنا على أن مجرى المر اللهي ل يكون إل على انتظام‬
‫وإن اختلفت في آحضضاد الوقضضات فيكضضون اختلفهضضا أيضضا ً علضضى انتظضضام واتسضضاق‬
‫بالتكرر والعود وأما غير هذا فل يمكن‪ .‬جوابنا‪ :‬يمكن انقسام الحالت إلى ثلثة‬
‫والجواب أن هذا استمداد من مسألة قدم العالم وأن المشضضيئة قديمضضة فليكضضن‬
‫العالم قديما ً وقد أبطلنا ذلك وبينا أنه ل يبعد في العقل وضع ثلثة أقسام وهضضو‬
‫أن يكون الله موجضضودا ً ول عضضالم ثضضم يخلضضق العضضالم علضضى النظضضم المشضضاهد ثضضم‬
‫يستأنف نظما ً ثانيا ً وهو الموعود في الجنة ثم يعدم الكل حتى ل يبقى إل اللضضه‬
‫وهو ممكن لول أن الشرع قد ورد بأن الثواب والعقضضاب والجنضضة والنضضار ل آخضضر‬
‫لهما‪ .‬المسألة تنبنى على المسألتين الولى والسضابعة عشضرة وهضذه المسضألة‬
‫كيف ما رددت تنبنى على مسئلتين إحديهما حدث العالم وجواز حصول حضضادث‬
‫مضضن قضضديم الثانيضضة خضضرق العضضادات بخلضضق المسضضببات دون السضضباب أو إحضضداث‬
‫أسباب على منهج آخر غير معتضضاد وقضضد فرغنضضا عضضن المسضضئلتين جميعضًا‪ .‬خاتمضضة‬
‫الكتاب هل هم كافرون فإن قال قائل‪ :‬قد فصضضلتم مضضذاهب هضضؤلء أفتقطعضضون‬
‫القول بكفرهم ووجوب القتل لمن يعتقد اعتقادهم‬
‫تكفيرهم ل بد منه في المسائل الولى والثالثة عشرة والسابعة عشرة قلنضضا‪:‬‬
‫تكفيرهم ل بد منه في ثلضضث مسضضائل إحضضديها مسضضألة قضضدم العضضالم وقضضولهم إن‬
‫الجواهر كلها قديمة والثانية قولهم إن الله ل يحيضضط علم ضا ً بالجزئيضضات الحادثضضة‬
‫من الشخاص والثالثة في إنكضضارهم بعضضث الجسضضاد وحشضضرها فهضضذه المسضضائل‬
‫الثلث ل تلئم السلم بوجه ومعتقدها معتقضضد كضضذب النبيضضاء‪ .‬وإنهضضم ذكضضروا مضضا‬
‫ذكروه على سبيل المصلحة تمضثيل ً لجمضاهير الخلضضق وتفهيمضا ً وهضضذا هضضو الكفضضر‬
‫الصراح الذي لم يعتقده أحد من فرق المسلمين‪ .‬وفضضي غيرهضضا مضضن المسضضائل‬
‫فمذهبهم قريب من مذاهب الفرق السلمية فأما ما عدا هذه المسائل الثلث‬
‫من تصرفهم في الصفات اللهية واعتقاد التوحيضضد فيهضضا فمضضذهبهم قريضضب مضضن‬
‫مضضذاهب المعتزلضضة ومضضذهبهم فضضي تلزم السضضباب الطبيعيضضة هضضو الضضذي صضضرح‬
‫المعتزلة به في التولد وكذلك جميع ما نقلنضاه عنهضم قضد نطضق بضه فريضق مضن‬
‫فرق السلم إل هذه الصول الثلث‪ .‬فمضضن يضضرى تكفيضضر أهضضل البضضدع مضضن فضضرق‬
‫السلم يكفرهم أيضا ً به ومن يتوقف عن التكفير يقتصر على تكفيرهضضم بهضضذه‬
‫المسائل‪.‬‬
‫المسائل التي ل يحسن الخوض فيها وأما نحن فلسنا نضضؤثر الن الخضضوض فضضي‬
‫تكفير أهل البدع وما يصح منه وما ل يصح كيل يخرج الكلم عضضن مقصضضود هضضذا‬
‫الكتاب والله تعالى الموفق للصواب‪.‬‬

‫نقل ً عن موقع الوراق بأضافات هامة منها المقدمة‬


‫مع تحيات موقع الفلسفة السلمية‬
‫‪www.muslimphilosophy.com/gz‬‬

You might also like