You are on page 1of 3

‫أبو الدرداء النصاري‬

‫حكيم المة‬

‫أبو الدرداء النصاري‬

‫إنه الصحابي الجليععل أبععو الععدرداء عععويمر بععن قيععس بععن عععامر‬
‫الخزرجعععععععععععععععععععععععععععععععي النصعععععععععععععععععععععععععععععععاري‬
‫ن أسععلم‬
‫م ْ‬‫‪-‬رضي الله عنه‪ ،-‬أسلم في غزوة بدر‪ ،‬وقيل إنه آخر َ‬
‫من النصار‪.‬‬

‫ومما يروى في قصة إسععلمه‪ ،‬أنععه كععان عنععده صععنم فععي داره‪،‬‬
‫وذات يوم دخل عليه عبد الله بععن رواحععة ومحمععد بععن مسععلمة‪،‬‬
‫فشاهدا الصنم فكسراه إلععى قطععع صععغيرة‪ ،‬فبععدأ أبععو الععدرداء‬
‫يجمع القطع المتناثرة من أحجعار الصعنم‪ ،‬وهعو يقعول للصعنم‪:‬‬
‫ويحك! هل امتنعت أل دافعععت عععن نفسععك؟ فقععالت زوجتععه أم‬
‫الدرداء‪ :‬لو كان ينفع أو يدفع عن أحد لدفع عن نفسه ونفعها‪.‬‬

‫فقععال أبععو الععدرداء أعععدي لععي مععاءً فععي المغتسععل‪ ،‬ثععم قععام‬
‫فاغتسل‪ ،‬ولبس حلته‪ ،‬ثم ذهععب إلععى النععبي ‪ ،‬فنظععر إليععه ابععن‬
‫مقبل‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬هذا أبو الدرداء‪ ،‬وما أراه إل‬ ‫رواحة ُ‬
‫جاء في طلبنععا‪ .‬فععأخبره رسععول اللععه أن أبععا الععدرداء إنمععا جععاء‬
‫ليسلم‪ ،‬وأن الله وعد رسوله بأن يسععلم أبععو الععدرداء‪ ،‬وبالفعععل‬
‫أعلععن أبععو العدرداء إسععلمه‪ ،‬فكعان معن خيععرة الصععحابة الكععرام‬
‫‪-‬رضوان الله عليهم‪.-‬‬

‫وشععهد أبععو الععدرداء مععع رسععول اللععه غععزوة أحععد وغيرهععا مععن‬
‫المشاهد‪ ،‬وعرف ‪-‬رضي الله عنععه‪ -‬بععالعفو والسععماحة‪ ،‬ويحكععى‬
‫حا‪ ،‬فأعرض عنه أبععو الععدرداء‬ ‫أن رجل قال له ذات مرة قول ً جار ً‬
‫ولم يرد عليه‪ ،‬فعلم بذلك عمر بن الخطععاب ‪-‬رضععي اللععه عنععه‪،-‬‬
‫فغضب وذهب إلى أبي الدرداء وسأله عما حععدث فقععال‪ :‬اللهععم‬
‫غفراًنععا‪ ،‬أوكععل مععا سععمعنا منهععم نأخععذهم بععه )أي نعععاقبهم‬
‫ونحاسعععععععععععععععععععععععععععععععبهم عليعععععععععععععععععععععععععععععععه(؟!‬
‫وكععان أبععو الععدرداء تععاجًرا مشععهوًرا‪ ،‬فلمععا أسععلم تفععرغ للعلععم‬
‫والعبععادة‪ ،‬وقععال‪ :‬أردت أن أجمععع بيععن التجععارة والعبععادة‪ ،‬فلععم‬
‫يسععتقم‪ ،‬فععتركت التجععارة وأقبلععت علععى العبععادة‪ .‬ووصععف‬
‫بالشجاعة‪ ،‬حتى قيل عنه‪ :‬نعععم الفععارس عععويمر‪ .‬وكععان ينطععق‬
‫بالحكمة‪ ،‬فقيل عنه‪ :‬حكيم المة عويمر‪.‬‬

‫وكان لبي الدرداء ثلثمائة وستون صدي ً‬


‫قا‪ ،‬فكان يدعو لهم في‬
‫الصلة‪ ،‬ولما سئل عن ذلك قال‪ :‬إنه ليس رجل يدعو لخيه في‬
‫مَلكْين يقولن‪ ،‬ولك بمثل‪ ،‬أفل أرغب أن‬
‫الغيب إل وكل الله به َ‬
‫تدعو لي الملئكة؟!‬

‫وحفظ أبو الدرداء القرآن في حياة الرسول ‪ ،‬وكععان ابععن عمععر‬


‫يقععول لصععحابه‪ :‬حععدثونا عععن العععاقلين‪ :‬معععاذ بععن جبععل وأبععي‬
‫الدرداء‪.‬‬

‫وكان من العابدين الزاهدين‪ ،‬وقد زاره أمير المؤمنين عمر بععن‬


‫الخطاب في بيته فلم ير فيه غير فراش من جلد‪ ،‬وكساء رقيق‬
‫ل يحميه من البرد‪ ،‬فقال لععه‪ :‬رحمععك اللععه‪ ،‬ألععم أوسععع عليععك؟‬
‫فقال له أبو الدرداء‪ :‬أتععذكر حععديًثا حععدثناه رسععول اللععه ؟ قععال‬
‫عمععر‪ :‬أي حععديث؟ قععال‪) :‬ليكععن بلغ أحععدكم مععن الععدنيا كععزاد‬
‫الراكب( ]الترمذي[‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال أبععو الععدرداء‪ :‬فمععاذا فعلنععا‬
‫بععععععععععععععععععععععععده يعععععععععععععععععععععععا عمعععععععععععععععععععععععر؟‬
‫وحرص أبو الدرداء ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬علععى العلععم‪ ،‬وكععان حرصععه‬
‫ما للنبي حتى قال‬ ‫على العمل بما يعلم أقوى وأشد‪ ،‬وكان ملز ً‬
‫عَنا للعلم والعمل أبو الدرداء‪.‬‬ ‫عنه الصحابة‪ :‬أت ْب َ ُ‬

‫مععا‪ ،‬ولععن تكععون‬


‫مععا حععتى تكععون متعل ً‬
‫وكان يقول‪ :‬لن تكععون عال ً‬
‫ل‪ ،‬إن أخععوف مععا أخععاف إذا‬‫ما حتى تكععون بمععا علمععت عععام ً‬‫متعل ً‬
‫وقفت للحساب أن يقال لي‪ :‬ما عملععت فيمععا علمععت؟‪ ،‬وقععال‪:‬‬
‫ويل للذي ل يعلم مرة‪ ،‬وويل للذي يعلم ول يعمل سبع مرات‪.‬‬

‫وكان ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬يعّلم الناس القرآن الكريم وسنة رسول‬
‫الله‪ ،‬ويحثهم على طلب العلععم‪ ،‬ويأخععذ بأيععديهم إلععى الصععواب‪،‬‬
‫هععالكم ل‬
‫فيقععول لهععم‪ :‬مععا لععي أرى علمععاءكم يععذهبون‪ ،‬وج ّ‬
‫يتعلمون؟! تعلموا فإن العالم والمتعلم شريكان في الجر‪.‬‬

‫وذات يوم مّر أبو الدرداء علععى أنععاس يضععربون رجل ً ويسععبونه‪،‬‬
‫فقال لهم‪ :‬ماذا فعععل؟ فقععالوا‪ :‬أذنععب ذنب ًععا‪ ،‬فقعال‪ :‬أرأيتععم لععو‬
‫وجعععدتموه فععي بئر أكنتعععم تسعععتخرجونه منهععا؟ قععالوا‪ :‬نععععم‬
‫نستخرجه‪ ،‬قال‪ :‬فل تسبوا أخاكم‪ ،‬واحمدوا الله الذي عافععاكم‪،‬‬
‫فقالوا له‪ :‬أل تبغضه وتكرهه؟ قال‪ :‬إنما أبغض عمله‪ ،‬فإذا تركه‬
‫فهو أخي‪.‬‬

‫ويروى أنه كان مع المسلمين في قععبرص‪ ،‬ففتحهععا اللععه علععى‬


‫المسلمين‪ ،‬وغنموا خيعًرا كععثيًرا‪ ،‬وكععان أبععو الععدرداء واق ً‬
‫فععا مععع‬
‫جبير بن نفير‪ ،‬فمّر عليه السبي والسرى‪ ،‬فبكععى أبععو الععدرداء‪،‬‬
‫فقال له جبير‪ :‬تبكي في مثل هععذا اليععوم الععذي أع عّز اللععه فيععه‬
‫السلم وأهله؟! فقال أبو الدرداء‪ :‬يععا جععبير‪ ،‬بينمععا هععذه المععة‬
‫قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله فلقوا ما ترى! ما أهون العباد على‬
‫الله إذ هم عصوا!‬

‫ويحكى أن يزيععد بععن معاويععة تقععدم ليخطععب ابنععة أبععي الععدرداء‬


‫ده‪ ،‬فأعاد يزيد طلبه‪ ،‬فرفض أبو الدرداء مرة ثانية‪ ،‬ثم تقدم‬ ‫فر ّ‬
‫لخطبتهععا رجععل فقيععر عععرف بععالتقوى والصععلح‪ ،‬فزوجهععا أبععو‬
‫الدرداء منه‪ ،‬فتعجب الناس من صععنيعه‪ ،‬فكععان رده عليهععم‪ :‬مععا‬
‫ظّنكم بابنة أبععي الععدرداء إذا قععام علععى رأسععها الخععدم والعبيععد‬
‫وبهرها زخرف القصور‪ ،‬أين دينها يومئذ؟! وكععان يقععول‪ :‬ليععس‬
‫الخير أن يكثر مالك وولدك‪ ،‬ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكععثر‬
‫علمك‪ ،‬وأن تبارى )تنافس( الناس في عبادة الله تعالى‪.‬‬

‫وعاش أبو الدرداء حياة بسيطة يملؤهععا الزهععد والتواضععع حععتى‬


‫جاءته ساعة الموت‪ ،‬فقال عند احتضاره‪ :‬من يعمل لمثل يومي‬
‫هذا؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟ وكان يقول‪ :‬من أكععثر ذكععر‬
‫الموت قل فرحه‪ ،‬وقل حسده‪ .‬وقععد تععوفي سععنة )‪32‬هععع( فععي‬
‫خلفة عثمان بن عفان‪.‬‬

You might also like