You are on page 1of 90

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫كتاب تهافت الفلسفة‬


‫للمام‪ ،‬حجة السلم‪ ،‬أبي حامد‬
‫محمد بن محمد بن محمد الغزالي‪،‬‬
‫الطوسي‪.‬‬
‫التوف‪ :‬سنة ‪ ،505‬خس وخسمائة‪.‬‬
‫‪ - 1‬الدعاء ال ال‬
‫ن سأل ال تعال بلله‪ ،‬الو ف على كل نا ية‪ ،‬وجوده الجاوز كل غا ية؛ أن يف يض علي نا أنوار الدا ية‪،‬‬
‫ويقبض عنا ظلمات الضلل والغواية‪ ،‬وأن يعلنا من رأى ال ق حقا فآثر اتباعه واقتفاءه‪ ،‬ورأى الباطل‬
‫باطل فاختار اجتنا به واجتواءه‪ ،‬وان يلق نا ال سعادة ال ت و عد ب ا ا نبياءه وأولياءه‪ ،‬وأن يبلغ نا من الغب طة‬
‫وال سرور والنع مة والبور‪ ،‬اذا ارتل نا عن دار الغرور‪ ،‬ما ينخ فض دون اعلي ها مرا قى الفهام‪ ،‬ويتضاءل‬
‫دون اقاصيها مرامى سهام الوهام‪ ،‬وان يُنيلنا‪ ،‬بعد الورود على نعيم الفردوس والصدور من هول الحشر‬
‫‪ ،‬ما ل ع ي رأت ول اذن سعت ول خ طر على قلب ب شر‪ ،‬وأن ي صلى على نبي نا ال صطفى م مد خ ي‬
‫البشر ‪ ،‬وعلى آله الطيّبي وأصحابه الطاهرين مفاتيح الدى ومصابيح الدجى ‪ ،‬ويسلم تسليما‪.‬‬
‫‪ - 2‬اعراض البعض عن الدين‪...‬‬
‫أ ما ب عد فإ ن رأ يت طائ فة يعتقدون ف أنف سهم التم يز عن التراب والنظراء‪ ،‬بز يد الفط نة والذكاء‪ ،‬قد‬
‫رفضوا وظائف السعلم معن العبادات‪ ،‬واسعتحقروا شعائر الديعن معن وظائف الصعلوات‪ ،‬والتوقعي ععن‬
‫الحظورات‪ ،‬واستهانوا بتعبدات الشرع وحدوده‪ ،‬ول يقفوا عند توفيقاته وقيوده‪ ،‬بل خلعوا بالكلية ربقة‬
‫الد ين‪ ،‬بفنون من الظنون‪ .‬يتبعون في ها رهطا ي صدون عن سبيل ال‪ ،‬ويبغون ا عوجا‪ ،‬و هم بالخرة هم‬
‫كافرون‪ ،‬ول مستند لكفرهم غي تقليد ساعي‪ ،‬ألفي كتقليد اليهود و النصارى‪ .‬إذ جرى على غي دين‬
‫السلم نشؤهم وأولدهم‪ ،‬وعليه درج آباؤهم وأجدادهم‪ ،‬ل عن بث نظري‪ ،‬بل تقليد صادر عن التعثر‬
‫بأذيال الش به ال صارفة عن صوب ال صواب‪ ،‬والنداع باليالت الزخر فة كل مع ال سراب‪ .‬ك ما ات فق‬
‫لطوائف من النظار ف البحث عن العقائد والراء من أهل البدع والهواء‪.‬‬
‫‪ – 3‬لا بلغهم عن الفلسفة من حسن السمعة‬
‫وإنا مصدر كفرهم ساعهم أسامي هائلة كسقراط وبقراط وأفلطون وأرسطاطاليس وأمثالم‪،‬‬
‫وإطناب طوائف من متبعي هم وضلل م ف و صف عقول م‪ ،‬وح سن أ صولم‪ ،‬ود قة علوم هم الند سية‪،‬‬
‫والنطقيعة‪ ،‬والطبيعيعة‪ ،‬والليعة‪ ،‬واسعتبدادهم لفرط الذكاء والفطنعة‪ ،‬باسعتخراج تلك المور الفيعة‪.‬‬
‫وحكايتهم عنهم أنم مع رزانة عقلهم‪ ،‬وغزارة فضلهم‪ ،‬منكرون للشرائع والنحل‪ ،‬وجاحدون لتفاصيل‬
‫الديان واللل‪ ،‬ومعتقدون أنا نواميس مؤلفة‪ ،‬وحيل مزخرفة‪.‬‬
‫‪ - 4‬ضللم‬
‫فل ما قرع ذلك سعهم‪ ،‬ووا فق ما ح كى من عقائد هم طبع هم‪ ،‬تملوا باعتقاد الك فر‪ ،‬تيزا إل‬
‫غمار الفضلء بزعم هم‪ ،‬وانراطا ف سلكهم‪ ،‬وترفعا عن م ساعدة الماه ي والدهاء‪ ،‬وا ستنكافا من‬
‫القنا عة بأديان الباء ظنا بأن إظهار التكا يس ف النوع عن تقل يد ال ق بالشروع ف تقل يد البا طل جال‬
‫وغفلة من هم‪ ،‬عن أن النتقال إل تقل يد عن تقل يد خرف وخبال‪ .‬فأ ية رت بة ف عال ال سبحانه وتعال‬
‫أ خس من رت بة من يتج مل بترك ال ق‪ ،‬العت قد تقليدا بالت سارع إل قبول البا طل‪ ،‬ت صديقا دون أن يقبله‬
‫خبا وتقيقا‪ .‬والبلة من العوام بعزل عن فضحية هذه الهواة‪ ،‬فليس ف سجيتهم حب التكايس بالتشبه‬
‫بذوى الضللت‪ ،‬فالبلهعة أدنع إل اللص معن فطانعة بتراء‪ ،‬والعمعى أقرب إل السعلمة معن بصعية‬
‫حولء‪.‬‬
‫‪ - 5‬الكتاب هذا رد على الفلسفة‬
‫فل ما رأ يت هذا العرق من الما قة نابضا على هؤلء ال غبياء‪ ،‬ابتدأت لتحر ير هذا الكتاب‪ ،‬ردا‬
‫على الفلسفة القدماء‪ ،‬مبينا تافت عقيدتم‪ ،‬وتناقض كلمتهم‪ ،‬فيما يتعلق بالليات‪ ،‬وكاشفا عن غوائل‬
‫مذهبهم‪ ،‬وعوراته الت هي على التحقيق مضاحك العقلء‪ ،‬وعبة عند الذكياء‪ .‬أعن‪ :‬ما اختصوا به عن‬
‫الماهي والدهاء‪ ،‬من فنون العقائد والراء‪.‬‬
‫‪ - 6‬أكابر الفلسفة ل ينكرون وجود ال‬
‫هذا مع حكاية مذهبهم على وجهه‪ ،‬ليتبي هؤلء اللحدة تقليدا‪ ،‬اتفاق كل مرموق من الوائل‬
‫ةالواخر‪ ،‬على اليان بال واليوم الخر ‪ .‬وأن الختلفات راجعة إل تفاصيل خارجة عن هذين القطبي‪،‬‬
‫الذين لجلهما بعث النبياء الؤيدون بالعجزات‪ ،‬وأنه ل يذهب إل إنكارها إل شرذمة يسية‪ ،‬من ذوى‬
‫العقول النكوسة‪ ،‬والراءة العكوسة‪ ،‬الذين ل يؤبه لم ‪ ،‬ول يعبأ بم فيما بي النظار‪ ،‬ول يعدون إل من‬
‫زمرة الشياطي الشرار ‪ ،‬وغمار الغبياء والغمار‪ ،‬ليكف عن غلوائه من يظن أن التجمل بالكفر تقليدا‬
‫يدل على حسن رأيه؛ ويشعر بفطنتو وذكائه ؛ إذ يتحقق أن هؤلء الذين يشتبه بم من زعماء الفلسفة‬
‫ورؤسائهم برآء عما قذفوا به من جحد الشرائع‪ ،‬وأنم مؤمنون بال ‪ ،‬ومصدقون برسله ‪ ،‬وأنم اختيطوا‬
‫ف تفاصيل بعد هذه الصول ‪ ،‬قد زلوا فيها‪ ،‬فضلوا وأضلوا عن شواء السبيل‪.‬‬
‫‪ - 7‬سبب انداعهم‬
‫ون ن نك شف عن فنون ما اندعوا به‪ ،‬من التخاب يل والباط يل؛ و نبي أن كل ذللك تو يل‪،‬‬
‫ماوراءه تصيل‪ ،‬وال تعال ول التوفيق‪ ،‬لظهار ما قصصدناه من التحقيق‪.‬‬
‫ولُنصَدّر الن الكتاب بقدمات تُعرب عن مساق الكلم ف الكتاب‪.‬‬

‫مقدمة‬
‫ليعلم أن الوض ف حكا ية اختلف الفل سفة تطو يل‪ ،‬فإن خبط هم طو يل‪ ،‬ونزاع هم كث ي‪ ،‬وآراء هم‬
‫منتشرة‪ ،‬وطرق هم متباعدة متدابرة ‪ ،‬فلنقت صر على إظهار التنا قض ف رأي مقدم هم الذي هو الفلي سوف‬
‫الطلق‪ ،‬والعلم الول‪ ،‬فإ نه ر تب علوم هم وهذّب ا بزعم هم‪ ،‬وحذف ال شو من آرائ هم‪ ،‬وانت قى ما هو‬
‫القرب إل أصول أهوائهم‪ ،‬وهو ((أرسطاطاليس))؛ وقد رد على كل من قبله حت على أستاذه اللقب‬
‫عند هم بأفلطون الل ى‪ ،‬ث اعتذر عن مالف ته أ ستاذه بأن قال‪ (( :‬أفل طن صديق وال ق صديق ول كن‬
‫الق أصدق منه))‪.‬‬
‫وإنا نقلنا هذه الكاية ليعلم أنه ل تثبت ول إتقان لذهبهم عندهم‪ ،‬وأنم يكمون بظن وتمي‪ ،‬من غي‬
‫تقيق ويقي‪ ،‬ويستدلون على صدق علومهم اللية‪ ،‬بظهور العلوم السابية‪ ،‬والنطقية ‪ ،‬ويستدرجون به‬
‫ضعفاء العقول‪ ،‬ولو كا نت علوم هم الل ية متق نة الباه ي‪ ،‬نق ية عن التخم ي‪ ،‬كعلوم هم ال سابية‪ ،‬ل ا‬
‫اختلفوا في ها‪ ،‬ك ما ل يتلفوا ف ال سابية‪ .‬ث الترجون لكلم أر سطو ل ين فك كلم هم عن تر يف‬
‫وتبديعل‪ ،‬موج إل تفسعي وتأويعل‪ ،‬حتع أثار ذلك أيضا نزاعا بينهعم‪ ،‬وأقومهعم بالنقعل معن التفلسعفة‬
‫السلمية‪ :‬أبو نصر الفاراب‪ ،‬وابن سينا‪.‬‬
‫فنقتصعر على إبطال معا اختاروه‪ ،‬ورأياه الصعحيح معن مذهعب رؤسعائهما فع الضلل‪ ،‬فإن معا هجراه‬
‫واستنكفا من التابعة فيه ل يتمارى ف اختلله‪ ،‬ول يقتقر إل نظر طويل ف إبطاله‪ ،‬فليعلم أنا مقتصرون‬
‫على رد مذاهبهم بسب نقل هذين الرجلي‪ ،‬كي ل ينتشر الكلم بسب انتشار الذهب‪.‬‬

‫مقدمة ثانية‬
‫ليعلم أن اللف بينهم وبي غيهم ثلثة أقسام‪:‬‬
‫قسم <الول>‪ :‬يرجع الناع فيه إل لفظ مرد‪ ،‬كتسميتهم صانع العال –تعال عن قولم ‪ -‬جوهرا‪ ،‬مع‬
‫تفسيهم الوهر‪ :‬بأنه الوجود ل ف موضوع أى القائم بنفسه الذى ل يتاج إل مقوم يقومه‪ ،‬ول يريدوا‬
‫به الوهر التحيز‪ ،‬على ما أراده خصومهم‪.‬‬
‫ول سنا نوض ف إبطال هذا‪ ،‬لن مع ن القيام بالن فس إذا صار متفقا عل يه‪ ،‬ر جع الكلم ف الت عبي با سم‬
‫الوهر عن هذا العن‪ ،‬إل البحث عن اللغة‪ ،‬وإن سوّغت اللغة إطلقه ‪ ،‬رجع جواز إطلقه ف الشرع‪،‬‬
‫إل الباحث الفقهية‪ ،‬فإنّ تري إطلق السامى وإباحتها يؤخذ ما يدل عليه ظواهر الشرع‪.‬‬
‫ولعلك تقول‪:‬‬
‫القسم الثان‪ :‬ما ل يصدم مذهبهم فيه أصلً من أصول الدين‪ ،‬وليس من ضرورة تصديق النبياء والرسل‬
‫منازعتهعم فيعه‪ ،‬كقولمع‪ :‬إن كسعوف القمعر‪ ،‬عبارة ععن انحاء ضوء القمعر بتوسعط الرض بينعه وبيع‬
‫الش مس‪ ،‬والرض كرة وال سماء مي طة ب ا من الوا نب‪ ،‬وإن ك سوف الشمس‪ ،‬وقوف جرم الق مر بي‬
‫الناظر وبي الشمس عند اجتماعهما ف العقيدتي على دقيقة واحدة‪.‬‬
‫وهذا الفن أيضا لسنا نوض ف إبطاله إذ ل يتعلق به غرض ومن ظن أن الناظرة ف ابطال هذا من الدين‬
‫ضعّ ف أمره‪ ،‬فإن هذه المور تقوم علي ها براه ي هند سية ح سابيّة ل يب قى مع ها‬
‫ف قد ج ن على الد ين‪ ،‬و َ‬
‫ريبة‪ .‬فمن تطلّع عليها‪ ،‬ويتحقّق أدلّتها‪ ،‬حت يُخب بسببها عن وقت الكسوفي وقدرها ومدة بقائهما إل‬
‫النلء‪ ،‬إذا قيل له إن هذا على خلف الشرع‪ ،‬ل يسترب فيه‪ ،‬وإنا يستريب ف الشرع‪ ،‬وضرر الشرع‬
‫مّن ينصره ل بطريقه أكثر من ضرره مّن يطعن فيه بطريقة‪ .‬وهو كما قيل‪ :‬عدوّ عاقل خي من صديق‬
‫جاهل‪.‬‬
‫فان قيل‪ :‬فقد قال رسول ال صلى ال عليه وسلّم‪ (( :‬ان الشمس والقمر ليتان من آيات ال ل يسفان‬
‫لوت أحد ول لياته‪ ،‬فاذا رأيتم ذلك فافزعوا ال ذكر ال والصلة)) ‪ ،‬فكيف يلئم هذا ماقالوه؟ قلنا‪:‬‬
‫ول يس ف هذا ما ينا قض ما قالوه ‪ ،‬اذ ل يس ف يه ال ن فى وقوع الك سوف لوت ا حد او ليا ته وال مر‬
‫بالصلة عنده‪ .‬والشرع الذى يأمر بالصلة عند الزوال والغروب والطلوع من أين يبعد منه ان يأمر عند‬
‫الكسوف با استحبابا؟ فان قيل‪ :‬فقد روُى انه قال ف آخر الديث‪ (( :‬ولكن ال اذا تل ّى لشىء خضع‬
‫له)) فيد ّل على ان الك سوف خضوع ب سبب التجلى‪ ،‬قل نا‪ :‬هذه الزيادة ل ي صحّ نقل ها في جب تكذ يب‬
‫ناقلها‪ ،‬وانا الروى ما ذكرناه كيف‪ ،‬ولو كان صحيحا‪ ،‬لكان تأويله أهون من مكابرة أمور قطعية‪ .‬فكم‬
‫من ظواهر ُأوّلت بالدلة العقليّة الت ل تنتهي ف الوضوح إل هذا الد‪.‬‬
‫وأعظم ما يفرح به الُلحدة‪ ،‬أن يصرح نا صر الشرع بأن هذا‪ ،‬وأمثاله على خلف الشرع‪ ،‬في سهل عليه‬
‫طريق إبطال الشرع‪ ،‬ان كان شرطع امثال ذلك‪ .‬وهذا‪ :‬ل ّن البحث ف العال عن كونه حادثا أو قديا‪،‬‬
‫ث إذا ث بت حدو ثه ف سواء كان كرة‪ ،‬أو ب سيطا‪ ،‬أو مثمنا‪ ،‬أو م سدّسا‪ ،‬و سواء كا نت ال سماوات‪ ،‬و ما‬
‫تتها ثلثة عشرة طبقة‪ ،‬كما قالوه‪ ،‬أو أقلّ‪ ،‬أو أكثر‪ ،‬فنسبة النظر فيه ال البحث اللىّ كنسبة النظر ال‬
‫ب الرمان‪ .‬فالقصود‪ :‬كونه من فعل ال سبحانه وتعال فقط‪ ،‬كيف ما‬ ‫طبقات البصل وعددها وعدد ح ّ‬
‫كانت‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ما يتعلق الناع ف يه بأصل من أصول الد ين‪ ،‬كالقول ف حدوث العال‪ ،‬وصفات ال صانع‪ ،‬وبيان‬
‫ح شر الج ساد والبدان‪ ،‬و قد أنكروا ج يع ذلك‪ .‬فهذا ال فن ونظائره هو الذى ينب غي أن يظ هر ف ساد‬
‫مذهبهم فيه دون ما عداه‪.‬‬

‫مقدمة ثالثة‬
‫ليُعلم أن القصود تنبيه من ح سُن اعتقاده ف الفلسفة‪ ،‬وظن أن مسالكهم نقية عن التناقض‪ ،‬ببيان وجوه‬
‫تافتهم‪ ،‬فلذلك أنا ل أدخل ف العتراض عليهم إل دخول مطالب منكر‪ ،‬ل دخول مدع مثبت‪ .‬فأبطل‬
‫عليهعم معا اعتقدوه مقطوعا بإلزامات متلفعة‪ ،‬فألزمهعم تارة مذهعب العتزلة وأخرى مذهعب الكراميعة؛‬
‫وطورا مذهب الواقفية‪ ،‬ول أتض ذابا عن مذهب مصوص بل أجعل جيع الفرق إلبا واحدا عليهم‪ ،‬فإن‬
‫سائر الفرق رب ا خالفو نا ف التف صيل‪ ،‬وهؤلء يتعرضون ل صول الد ين‪ ،‬فلنتظا هر علي هم فع ند الشدائد‬
‫تذهب الحقاد‪.‬‬

‫مقدمة رابعة‬
‫من عظائم حيل هم ف ال ستدراج ‪ -‬إذا أورد علي هم إشكال ف معرض الجاج ‪ -‬قول م‪ :‬إن هذه العلوم‬
‫الل ية غام ضة خف ية‪ ،‬و هى أع صى العلوم على الفهام الذك ية؛ ول يتو صل إل معر فة الواب عن هذه‬
‫الشكالت‪ ،‬إل بتقديع الرياضيات‪ ،‬والنطقيات‪ .‬فيمعن يقلدهعم فع كفرهعم‪ ،‬إن خطعر له إشكال على‬
‫مذهب هم‪ ،‬ي سن ال ظن ب م‪ ،‬ويقول‪ :‬ل شك ف أن علوم هم مشتملة على حله‪ ،‬وا إن ا يع سر عل ّى در كه‬
‫لن ل أحكم النطقيات ول أحصل الرياضيات‪.‬‬
‫فنقول‪ :‬أ ما الرياضيّات ال ت هى ن ظر ف ال كم النف صل – و هو ال ساب ‪ -‬فل تعلق للليات به‪ ،‬وقول‬
‫القائل‪ :‬ان فهم الليّات يتاج اليها ُخرْق‪ ،‬كقول القائل‪ :‬ان الطب والنحو واللغة يتاج اليها أو الساب‬
‫يتاج ال الطب‪.‬‬
‫وأما الندسيات‪ ،‬الت هى نظر ف الكم التصل يرجع حاصله ال بيان ان السموات وتتها ال الركز كرىّ‬
‫الش كل ‪ ،‬وبيان عدد طيقات ا ‪ ،‬وبيان عدد ال كر التحرّ كة ف الفلك ‪ ،‬وبيان مقدار حركات ا ‪ ،‬فلن سلم‬
‫لم جيع ذلك ف شىء من النظر الل ّى ‪ ،‬وهو كقول القائل‪ :‬العلم بان هذا البيت حصل بصنع بناء عال‬
‫مريد قادر حىّ يفتقر ال أن يعرف ان البيت مسدس أو مثمن وان يعرف عدد جذوعه وعدد لبناته ‪ ،‬وهو‬
‫هذيان ل يفى فساده‪ .‬وكقول القائل‪ :‬ليعرف كون هذه البصلة حادثة ما ل يعرف عدد طبقاتا ‪ ،‬ول‬
‫يعرف كون هذه الرمانة حادثة ما ل يعرف عدد حباتا ‪ ،‬وهو هجُر من الكلم مستغثّ عند كل عاقل‪.‬‬
‫نعم قولم‪ :‬إن النطقيات ل ب ّد من إحكامها‪ ،‬فهو صحيح‪ ،‬ولكن النطق ليس مصوصا بم‪ ،‬وإنا‬
‫هو ال صل الذي ن سمّيه ف فن (الكلم) (كتاب الن ظر) فغيّروا عبارا ته إل الن طق تويلً‪ ،‬و قد ن سمّيه‬
‫(كتاب الدل)‪ ،‬و قد ن سمّيه (مدارك العقول)‪ ،‬فإذا سع التكا يس ال ستضعف‪ ،‬ا سم الن طق‪ ،‬ظن أ نه فن‬
‫غريب‪ ،‬ل يعرفه التكلّمون‪ ،‬ول يطلع عليه إل الفلسفة‪.‬‬
‫وننع‪ ،‬لندفعع هذا البال‪ ،‬واسعتئصال هذه اليلة فع الضلل‪ ،‬نرى ان نفرد القول فع مدراك‬
‫العقول ف هذا الكتاب ونجر فيه ألفاظ التكلّمي والصوليّي‪ ،‬بل نوردها بعبارات النطقيّي ونصبّها ف‬
‫فوالبهم ونقتفى آثارهم لفظا لفظا‪.‬‬
‫ونناظرهم ف هذا الكتاب بلغتهم‪ ،‬أعن بعباراتم ف النطق‪ ،‬ونوضح ان ما شرطوه ف صحة مادة‬
‫القياس وماوضعوه معن الوضاع فع ايسعاغوجى وقاطيغورياس التع هعى معن اجزاء النطعق ومقدّماتعه ل‬
‫يتمكنوا من الوفاء بشىء منه ف علومهم اللية‪.‬‬
‫ولكنا نرى أن نورد (مدراك العقول) ف آخر الكتاب فأنه كاللة لدرك مقصود الكتاب‪ ،‬ولكن رب ناظر‬
‫يستغن عنه من ل يتاج إليه‪ ،‬ومن ليفهم ف آحاد السائل ف الرد عليهم‪ ،‬فينبغى أن يبتدئ أول يفظ‬
‫كتاب (معيار العلم) الذى هو اللقب بالنطق عندهم‪.‬‬
‫ولنذكر الن بعد القدمات‪:‬‬

‫فهرست المسائل‬
‫الت أظهرنا تناقض مذهبهم فيها ف هذا الكتاب‪.‬‬
‫وهي عشرون مسألة‪:‬‬
‫السألة الول‪ :‬إبطال مذهبهم ف أزلية العال‪.‬‬
‫السألة الثانية‪ :‬إبطال مذهبهم ف أبدية العال‪.‬‬
‫السألة الثالثة‪ :‬بيان تلبسهم ف قولم‪ :‬أن ال صانع العال‪ ،‬وأن العال صنعه‪.‬‬
‫السألة الرابعة‪ :‬ف تعجيزهم عن إثبات الصانع‪.‬‬
‫السألة الامسة‪ :‬ف تعجيزهم عن إقامة الدليل على استحالة الي‪.‬‬
‫السألة السادسة‪ :‬ف نفي الصفات‪.‬‬
‫السألة السابعة‪ :‬ف قولم‪ :‬إن ذات الول ل ينقسم بالنس والفصل‪.‬‬
‫السألة الثامنة‪ :‬ف قولم‪ :‬إن الول موجود بسيط بل ماهية‪.‬‬
‫السألة التاسعة‪ :‬ف تعجيزهم‪ ،‬عن بيان إثبات أن الول ليس بسم‪.‬‬
‫السألة العاشرة‪ :‬ف تعجيزهم‪ ،‬عن إقامة الدليل على أن للعال صانعا‪ ،‬وعلة‪.‬‬
‫السألة الادية عشرة‪ :‬ف تعجيزهم عن القول‪ :‬بأن الول يعلم غيه‪.‬‬
‫السألة الثانية عشرة‪ :‬ف تعجيزهم عن القول‪ :‬بأن الول يعلم ذاته‪.‬‬
‫السألة الثالثة عشرة‪ :‬ف إبطال قولم‪ :‬أن الول ل يعلم الزئيات‪.‬‬
‫السألة الرابعة عشرة‪ :‬ف إبطال قولم‪ :‬أن السماء حيوان متحرك بالرادة‪.‬‬
‫السألة الامسة عشرة‪ :‬فيما ذكروه من العرض الحرك للسماء‪.‬‬
‫السألة السادسة عشرة‪ :‬ف قولم‪ :‬أن نفوس السماوات‪ ،‬تعلم جيع الزئيات الادثة ف هذا العال‪.‬‬
‫السألة السابعة عشرة‪ :‬ف قولم‪ :‬باستحالة خرق العادات‪.‬‬
‫السألة الثامنة عشرة‪ :‬ف تعجيزهم عن إقامة البهان العقلي‪ ،‬على أن النفس النسان جوهر روحان‪.‬‬
‫السألة التاسعة عشرة‪ :‬ف قولم‪ :‬باستحالة الفناء على النفوس البشرية‪.‬‬
‫ال سألة العشرون‪ :‬ف إبطال إنكار هم الب عث‪ ،‬وح شر الج ساد‪ ،‬مع التلذذ والتأل بال نة والنار‪ ،‬باللم‬
‫واللذات السمانية‪.‬‬
‫فهذا ماأردنا أن نذكر تناقضهم فيه من جلة علومهم اللية والطبيعية‪ ،‬وأما الرياضيات فل معن لنكارها‬
‫ولللمخالفة فيها‪ ،‬فإنا ترجع إل الساب والندسة‪.‬‬
‫وأما النطقيات ف هى ن ظر ف آلة الف كر ف العقولت‪ ،‬وليت فق ف يه خلف به مبالة‪ ،‬و سنورد ف كتاب‬
‫((معيار العلم)) من جلته ما يتاج إليه لفهم مضمون هذا الكتاب إن شاء ال‪.‬‬

‫مسألة في إبطال قولهم بقدم العالم‬


‫مذهب الفلسفة‬
‫تفصيل الذهب‪ :‬اختلفت الفلسفة ف قدم العال‪ .‬فالذي استقر عليه رأي جاهيهم التقدمي والتأخرين القول بقدمه‬
‫وأنه ل يزل موجودا مع ال تعال ومعلو ًل له ومسوقا له غي متأخر عنه بالزمان مساوقة العلول للعلة ومساوقة النور‬
‫للشمس وأن تقدم الباري عليه كتقدم العلة على العلول وهو تقدم بالذات والرتبة ل بالزمان‪ .‬وحكي عن أفلطن أنه‬
‫قال‪ :‬العال مكون ومدث‪.‬‬
‫ث منهم من أول كلمه وأب أن يكون حدث العال معتقدا له‪ .‬وذهب جالينوس ف آخر عمره ف الكتاب الذي ساه "‬
‫ما يعتقده جالينوس رأيا " إل التوقف ف هذه السألة‪ .‬وأنه ل يدري العال قدي أو مدث‪ .‬وربا دل على أنه ل يكن أن‬
‫يعرف وأن ذلك ليس لقصور فيه بل لستعصاء هذه السألة ف نفسها على العقول ولكن هذا كالشاذ ف مذهبهم وإنا‬
‫مذهب جيعهم أنه قدي وأنه بالملة ل يتصور أن يصدر حادث من قدي بغي واسطة أصلً‪.‬‬
‫اختيار أشد أدلتهم وقعا ف النفس إيراد أدلتهم‪.‬‬
‫لو ذهبت أصف ما نقل عنهم ف معرض الدلة وذكر ف العتراض عليه لسودت ف هذه السألة أوراقا ولكن ل خي ف‬
‫التطويل‪ .‬فلنحذف من أدلتهم ما يري مرى التحكم أو التخيل الضعيف الذي يهون على كل ناظر حله‪ .‬ولنقتصر على‬
‫إيراد ما له وقع ف النفس ما ل يوز أن ينهض مشككا لفحول النظار فإن تشكيك الضعفاء بأدن خبال مكن‪.‬‬
‫وهذا الفن من الدلة ثلثة‪:‬‬

‫الول يستحيل حدوث حادث من قدي مطلقا قولم يستحيل صدور حادث من قدي مطلقا لنا إذا فرضنا القدي ول‬
‫يصدر منه العال مثلً فإنا ل يصدر لنه ل يكن للوجود مرجح بل كان وجود العال مكنا إمكانا صرفا فإذا حدث بعد‬
‫ذلك ل يل إما أن تدد مرجح أو ل يتجدد فإن ل يتجدد مرجح بقي العال على المكان الصرف كما قبل ذلك وإن‬
‫تدد مر جح ف من مدث ذلك الر جح ول حدث الن ول يدث من ق بل وال سؤال ف حدوث الر جح قائم‪ .‬وبالملة‬
‫فأحوال القدي إذا كانت متشابة فإما أن ل يوجد عنه شيء قط وإما أن يوجد على الدوام فأما أن يتميز حال الترك عن‬
‫حال الشروع ف هو مال‪ .‬ل ل يدث العال ق بل حدو ثه‪ ...‬وتقي قه أن يقال‪ :‬ل ل يدث العال ق بل حدو ثه ل ي كن أن‬
‫يال على عجزه ععن الحداث ول على اسعتحالة الدوث فإن ذلك يؤدي إل أن ينقلب القديع معن العجعز إل القدرة‬
‫والعال من الستحالة إل المكان وكلها مالن‪ .‬ول أمكن أن يقال‪ :‬ل يكن قبله غرض ث تدد غرض ول أمكن أن‬
‫يال على فقد آلة ث على وجودها بل أقرب ما يتخيل أن يقال‪ :‬ل يرد وجوده قبل ذلك‪ .‬فيلزم أن يقال‪ :‬حصل وجوده‬
‫لنه صار مريدا لوجوده بعد أن ل يكن مريدا فيكون قد حدثت الرادة‪.‬‬
‫أو قبل حدوث الرادة وحدوثه ف ذاته مال لنه ليس مل الوادث وحدوثه ل ف ذاته ل يعله مريدا‪ .‬ولنترك النظر ف‬
‫مل حدوثه‪ .‬أليس الشكال قائما ف أصل حدوثه! وأنه من أين حدث ول حدث الن ول يدث قبله أحدث الن ل‬
‫من ج هة ال فإن جاز حادث من غ ي مدث فلي كن العال حادثا ل صانع له وإل فأي فرق ب ي حادث وحادث وإن‬
‫حدث بإحداث ال فلم حدث الن ول يدث من قبل ألعدم آلة أو قدرة أو غرض أو طبيعة فلما أن تبدل ذلك بالوجود‬
‫وحدث عاد الشكال بعينه‪ .‬أو لعدم الرادة فتفتقر الرادة إل إرادة وكذى الرادة الول ويتسلسل إل غي ناية‪ .‬فإذن‬
‫قد تقق بالقول الطلق أن صدور الادث من القدي من غي تغي أمر من القدي ف قدرة أو آلة أو وقت أو غرض أو طبع‬
‫مال وتقدير تغي حال مال لن الكلم ف ذلك التغي الادث كالكلم ف غيه والكل مال ومهما كان العال موجودا‬
‫واستحال حدثه ثبت قدمه ل مالة‪ .‬وهذا أقوى أدلتهم فهذا أخبل أدلتهم‪ .‬وبالملة كلمهم ف سائر مسائل الليات‬
‫أرك من كلمهم ف هذه السألة إذ يقدرون هاهنا على فنون من التخييل ل يتمكنون منه ف غيها‪ .‬فلذلك قدمنا هذه‬
‫السألة وقدمنا أقوى أدلتهم‪.‬‬
‫لاذا يستحيل حدوث حادث بإرادة قدية العتراض من وجهي‪ :‬أحدها أن يقال‪ :‬ب تنكرون على من يقول‪ :‬إن العال‬
‫حدث بإرادة قدي ة اقت ضت وجوده ف الو قت الذي و جد ف يه وأن ي ستمر العدم إل الغا ية ال ت ا ستمر إلي ها وأن يبتدئ‬
‫الوجود معن حيعث ابتدأ وأن الوجود قبله ل يكعن مرادا فلم يدث لذلك وأنعه فع وقتعه الذي حدث فيعه مراد بالرادة‬
‫القدية فحدث لذلك فما الانع لذا العتقاد وما الحيل له قولم‪ :‬لكل حادث سبب‪ ...‬فإن قيل‪ :‬هذا مال بي الحالة‬
‫لن الادث موجب ومسبب‪ .‬وكما يستحيل حادث بغي سبب وموجب يستحيل وجود موجب قد ت بشرائط إيابه‬
‫وأركا نه وأ سبابه حت ل ي بق شيء منت ظر الب تة ث يتأخر الو جب بل وجود الو جب ع ند ت قق الو جب بتمام شروطه‬
‫ضروري وتأخره مال حسعب اسعتحالة وجود الادث الوجعب بل موجعب‪ .‬فقبعل وجود العال كان الريعد موجودا‬
‫والرادة موجودة ون سبتها إل الراد موجودة ول يتجدد مر يد ول يتجدد إرادة ول تدد للرادة ن سبة ل ت كن فإن كل‬
‫ذلك تغي فكيف تدد الراد وما الانع من التجدد قبل ذلك وحال التجدد ل يتميز عن الال السابق ف شيء من الشياء‬
‫وأمر من المور وحال من الحوال ونسبة من النسب بل المور كما كانت بعينها‪ .‬ث ل يكن يوجد الراد وبقيت بعينها‬
‫ل ول يس ا ستحالة هذا‬‫ك ما كا نت فو جد الراد ما هذا إل غا ية الحالة‪ .‬وذلك ف المور الوضع ية أيضا ف الطلق مث ً‬
‫ال نس ف الو جب والوجب الضروري الذات بل وف العرف والوضعي فإن الر جل لو تلفظ بطلق زوج ته ول تصل‬
‫البينونة ف الال ل يتصور أن تصل بعده لنه جعل اللفظ علة للحكم بالوضع والصطلح فلم يعقل تأخر العلول إل‬
‫أن يعلق الطلق بجيء الغد أو بدخول الدار فل يقع ف الال ولكن يقع عند ميء الغد وعند دخول الدار فإنه جعله‬
‫علة بالضافة إل شيء منتظر‪ .‬فلما ل يكن حاضرا ف الوقت وهو الغد والدخول توقف حصول الوجب على حضور‬
‫ما ل يس با ضر ف ما ح صل الو جب إل و قد تدد أ مر و هو الدخول وحضور ال غد ح ت لو أراد أن يؤ خر الو جب عن‬
‫اللفظ غي منوط بصول ما ليس باصل ل يعقل مع أنه الواضع وأنه الختار ف تفصيل الوضع‪ .‬فإذا ل يكننا وضع هذا‬
‫بشهوتنا ول نعقله فكيف نعقله ف اليابات الذاتية العقلية الضرورية القصود فعله ل يتأخر إل بانع وأما ف العادات فما‬
‫يصل بقصدنا ل يتأخر عن القصد مع وجود القصد إليه إل بانع فإن تقيق القصد والقدرة وارتفعت الوانع ل يعقل‬
‫تأخر القصود وإنا يتصور ذلك ف العزم لن العزم غي كاف ف وجود الفعل بل العزم على الكتابة ل يوقع الكتابة ما ل‬
‫يتجدد قصد هو انبعاث ف النسان متجدد حال الفعل فإن كانت الرادة القدية ف حكم قصدنا إل الفعل فل يتصور‬
‫تأ خر الق صود إل با نع ول يت صور تقدم الق صد فل يع قل ق صد ف اليوم إل قيام ف ال غد إل بطر يق العزم‪ .‬وإن كا نت‬
‫الرادة القدية ف حكم عزمنا فليس ذلك كافيا ف وقوع العزوم عليه بل ل بد من تدد انبعاث قصدي عند الياد وفيه‬
‫قول بتغي القدي‪ .‬لاذا يدث القصد ث يبقى عي الشكال ف أن ذلك النبعاث أو القصد أو الرادة أو ما شئت سه ل‬
‫حدث الن ول يدث قبل ذلك فإما أن يبقى حادث بل سبب أو يتسلسل إل غي ناية‪ .‬ورجع حاصل الكلم إل أنه‬
‫وجد الوجب بتمام شروطه ول يبق أمر منتظر ومع ذلك تأخر الوجب ول يوجد ف مدة ل يرتقي الوهم إل أولا بل‬
‫آلف سني ل تنقص شيئا منها ث انقلب الوجب بغتة من غي أمر تدد وشرط تقق وهو مال ف نفسه‪ .‬قولنا‪ :‬من أين‬
‫تعرفون المر‪ ...‬والواب أن يقال‪ :‬استحالة إرادة قدية متعلقة بإحداث شيء أي شيء كان تعرفونه بضرورة العقل أو‬
‫نظره وعلى لغتكم ف النطق تعرفون اللتقاء بي هذين الدين بد أوسط أو من غي حد أوسط‪ .‬فإن ادعيتم حدا أوسط‬
‫وهو الطريق النظري فل بد من إظهاره وإن ادعيتم معرفة ذلك ضرورة فكيف ل يشارككم ف معرفته مالفوكم والفرقة‬
‫العتقدة بدث العال بإرادة قدية ل يصرها بلد ول يصيها عدد ول شك ف أنم ل يكابرون العقول عنادا مع العرفة‬
‫فل بد من إقا مة برهان على شرط الن طق يدل على ا ستحالة ذلك إذ ل يس ف ج يع ما ذكرتوه إل ال ستبعاد والتمث يل‬
‫بعزمنا وإرادتنا وهو فاسد فل تضاهي الرادة القدية القصود الادثة وأما الستبعاد الجرد فل يكفي من غي برهان‪... .‬‬
‫من ضرورة العقل فإن قيل‪ :‬نن بضرورة العقل نعلم أنه ل يتصور موجب بتمام شروطه من غي مو جب وموز ذلك‬
‫مكابر لضرورة العقل‪ .‬خصومكم يقولون القول نفسه ف علم ال قلنا‪ :‬وما الفصل بينكم وبي خصومكم إذا قالوا لكم‪:‬‬
‫إنا بالضرورة نعلم إحالة قول من يقول‪ :‬إن ذاتا واحدا عال بميع الكليات من غي أن يوجب ذلك كثرة ومن غي أن‬
‫يكون العلم زيادة على الذات ومن غي أن يتعدد العلم مع تعدد العلوم وهذا مذهبكم ف حق ال وهو بالنسبة إلينا وإل‬
‫علومنا ف غاية الحالة ولكن تقولون‪ :‬ل يقاس العلم القدي بالادث‪ .‬وطائفة منكم استشعروا حالة هذا فقالوا‪ :‬إن ال ل‬
‫يعلم إل نف سه ف هو العا قل و هو الع قل و هو العقول وال كل وا حد‪ .‬فلو قال قائل‪ :‬اتاد الع قل والعا قل والعقول معلوم‬
‫الستحالة بالضرورة إذ تقدير صانع للعال ل يعلم صنعه مال بالضرورة والقدي إذا ل يعلم إل نفسه ‪ -‬تعال عن قولكم‬
‫وعن قول جيع الزائغي علوا كبيا ‪ -‬ل يكن يعلم صنعه البتة‪ .‬بل ل نتجاوز إلزامات هذه السألة‪ .‬دورات الفلك‪ :‬إن‬
‫كان ل نا ية لعداد ها ل يكون ل ا أق سام فنقول‪ :‬ب تنكرون على خ صومكم إذ قالوا‪ :‬قدم العال مال ل نه يؤدي إل‬
‫إثبات دورات للفلك ل نا ية لعداد ها ول ح صر لحاد ها مع أن ل ا سدسا وربعا ون صفا فإن فلك الش مس يدور ف‬
‫سنة وفلك زحل ف ثلثي سنة فتكون أدوار زحل ثلث عشر أدوار الشمس وأدوار الشتري نصف سدس أدوار الشمس‬
‫فإنه يدور ف اثن عشر سنة‪ .‬ث كما أنه ل ناية لعداد دورات زحل ل ناية لعداد دورات الشمس مع أنه ثلث عشره‬
‫بل ل ناية لدوار فلك الكواكب الذي يدور ف ستة وثلثي ألف سنة مرة واحدة كما ل ناية للحركة الشرقية الت‬
‫للش مس ف اليوم والليلة مرة‪ .‬فلو قال قائل‪ :‬هذا م ا يعلم ا ستحالته ضرورة فبماذا تنف صلون عن قوله بل لو قال قائل‪:‬‬
‫أعداد هذه الدورات شفع أو وتر أو شفع ووتر جيعا أو ل شفع ول وتر‪ .‬ول تكون شفع أو وتر فإن قلتم‪ :‬شفع ووتر‬
‫جيعا أو ل ش فع ول و تر فيعلم بطل نه ضرورةً‪ .‬وإن قل تم‪ :‬ش فع فالش فع ي صي وترا بوا حد فك يف أعوز ما لنا ية له‬
‫واحد وإن قلتم‪ :‬وتر فالوتر يصي بواحد شفعا فكيف أعوز ذلك الواحد الذي به يصي شفعا فيلزمكم القول بأنه ليس‬
‫بشفع ول وتر‪ .‬قولم‪ :‬التناهي وحده يوصف بالشفع والوتر فإن قيل‪ :‬إنا يوصف بالشفع والوتر التناهي وما ل يتناهى‬
‫ل يوصف به‪ .‬قولنا تكون هناك جلة آحاد قلنا‪ :‬فجملة مركبة من آحاد لا سدس وعشر كما سبق ث ل توصف بشفع‬
‫ول وتر يعلم بطلنه ضرورة من غي نظر فبماذا تنفصلون عن هذا قولم‪ :‬ليست هنالك جلة آحاد فإن قيل‪ :‬مل الغلط‬
‫ف قولكم أنه جلة مركبة من آحاد فإن هذه الدورات معدومة‪ .‬أما الاضي فقد انقرض وأما الستقبل فلم يوجد والملة‬
‫إشارة إل موجودات حاضرة ول موجود هاهنا!‪ .‬قولنا ل بأس قلنا‪ :‬العدد ينقسم إل الشفع والوتر ويستحيل أن يرج‬
‫عنه سواء كان العدود موجودا باقيا أو فانيا‪ .‬فإذا فرضنا عددا من الفراس لزمنا أن نعتقد أنه ل يلو من كونه شفعا أو‬
‫وترا سواء قدرناها موجودة أو معدمة‪ .‬فإن انعدمت بعد الوجود ل تتغي هذه القضية‪ .‬أمر نفس النسان على أنا نقول‬
‫لم‪ :‬ل يستحيل على أصلكم موجودات حاضرة هي آحاد متغايرة بالوصف ول ناية لا وهي نفوس الدميي الفارقة‬
‫للبدان بالوت ف هي موجودات ل تو صف بالش فع والو تر ف بم تنكرون على من يقول‪ :‬بطلن هذا يعرف ضرورة وهذا‬
‫الرأي ف النفوس هو الذي اختاره ا بن سينا ولعله مذ هب ر سطاليس‪ .‬قول م‪ :‬الن فس واحدة فإن ق يل‪ :‬فال صحيح رأي‬
‫أفلطن وهو أن النفس قدية وهي واحدة وإنا تنقسم ف البدان فإذا فارقتها عادت إل أصلها واتدت‪ .‬قولنا‪ :‬هذا ما‬
‫يالف ضرورة العقل‪ ...‬قلنا‪ :‬فهذا أقبح وأشنع وأول بأن يعتقد مالفا لضرورة العقل‪ .‬فإنا نقول‪ :‬نفس زيد عي نفس‬
‫عمرو أو غيه فإن كان عينه فهو باطل بالضرورة فإن كل واحد يشعر بنفسه ويعلم أنه ليس هو نفس غيه‪ .‬ولو كان‬
‫هو عينه لتساويا ف العلوم الت هي صفات ذاتية للنفوس داخلة مع النفوس ف كل إضافة‪ .‬وإن قلتم‪ :‬إنه غيه وإنا انقسم‬
‫بالتعلق بالبدان قلنا‪ :‬وانقسام الواحد الذي ليس له عظم ف الجم وكمية مقدارية مال بضرورة العقل فكيف ي صي‬
‫الواحد اثني بل ألفا ث يعود ويصي واحدا بل هذا يعقل فيما له عظم وكمية كماء البحر ينقسم بالداول والنار ث‬
‫يعود إل الب حر‪ .‬فأ ما ما ل كم ية له فك يف ينق سم ولذا هم مفحمون والق صود من هذا كله أن نبي أن م ل يعجزوا‬
‫خصومهم عن معتقدهم ف تعلق الرادة القدية بالحداث إل بدعوى الضرورة وأنم ل ينفصلون عمن يدعي الضرورة‬
‫علي هم ف هذه المور على خلف معتقد هم وهذا ل مرج ع نه‪ .‬قول م‪ :‬إن ال ق بل خلق العال‪ ...‬فإن ق يل‪ :‬هذا ينقلب‬
‫عليكم ف أن ال قبل خلق العال كان قادرا على اللق بقدر سنة أو سنتي ‪ -‬ول ناية لقدرته ‪ -‬فكأنه صب ول يلق ث‬
‫خلق ومدة الترك متناه أو غ ي متناه‪ .‬فإن قل تم‪ :‬متناه صار وجود الباري متنا هي الول وإن قل تم‪ :‬غ ي متناه ف قد انق ضى‬
‫مدة فيها إمكانات ل ناية لعدادها‪ .‬راجع الدليل الثان قلنا‪ :‬الدة والزمان ملوق عندنا‪ .‬وسنبي حقيقة الواب عن هذا‬
‫ف النفصال عن دليلهم الثان‪ .‬قولم‪ :‬ما الذي ميز وقتا معينا عما قبله وعما بعده‪ ...‬فإن قيل‪ :‬فبم تنكرون على من‬
‫يترك دعوى الضرورة ويدل عليه من وجه آخر وهو أن الوقات متساوية ف جواز تعلق الرادة با فما الذي ميز وقتا‬
‫معينا عما قبله وعما بعده وليس ما ًل أن يكون التقدم والتأخر مرادا بل ف البياض والسواد والركة والسكون فإنكم‬
‫تقولون‪ :‬يدث البياض بالرادة القدية والحل قابل للسواد قبوله للبياض فلم تعلقت الرادة القدية بالبياض دون السواد‬
‫وما الذي ميز أحد المكني عن الخر ف تعلق الرادة به ونن بالضرورة نعلم أن الشيء ل يتميز عن مثله إل بخصص‬
‫ولو جاز ذلك لاز أن يدث العال و هو م كن الوجود ك ما أ نه م كن العدم ويتخ صص جا نب الوجود الما ثل لا نب‬
‫العدم ف المكان بغ ي م صص‪ .. .‬و ما الذي خ صص الرادة وإن قل تم‪ :‬إن الرادة خ صصت فال سؤال عن اخت صاص‬
‫الرادة وأنا ل اختصت‪ .‬فإن قلتم‪:‬‬
‫القد ي ل يقال له ل فلي كن العال قديا ول يطلب صانعه و سببه لن القد ي ل يقال ف يه‪ :‬ل‪ .‬فإن جاز ت صص القد ي‬
‫بالتفاق بأحد المكني فغاية الستبعد أن يقال‪ :‬العال مصوص بيئات مصوصة كان يوز أن يكون على هيئات أخرى‬
‫بد ًل عنها‪ .‬فيقال‪ :‬وقع كذلك اتفاقا كما قلتم‪ :‬اختصت الرادة بوقت دون وقت وهيئة دون هيئة اتفاقا‪ .‬وإن قلتم‪ :‬إن‬
‫هذا السؤال غي لزم لنه وارد على كل ما يريده وعائد على كل ما يقدره فنقول‪ :‬ل بل هذا السؤال لزم لنه عائد ف‬
‫كل وقت وملزم لن خالفنا على كل تقدير‪ .‬قولنا‪ :‬الرادة تيز الشيء عن مثله قلنا‪ :‬إنا وجد العال حيث وجد وعلى‬
‫الو صف الذي و جد و ف الكان الذي و جد بالرادة والرادة صفة من شأن ا تي يز الش يء عن مثله ولول أن هذا شأن ا‬
‫لوقع الكتفاء بالقدرة‪ .‬ولكن لا تساوى نسبة القدرة إل الضدين ول يكن بد من مصص يصص الشيء عن مثله فقيل‪:‬‬
‫للقدي وراء القدرة صفة من شأنا تصيص الشيء عن مثله فقول القائل‪ :‬ل اختصت الرادة بأحد الثلي كقول القائل‪:‬‬
‫ل اقتضى العلم الحاطة بالعلوم على ما هو به فيقال‪ :‬لن العلم عبارة عن صفة هذا شأنا فكذى الرادة عبارة عن صفة‬
‫هذا شأنا بل ذاتا تييز الشيء عن مثله‪.‬‬
‫ف المرين تناقض فإن قيل‪ :‬إثبات صفة شأنا تييز الشيء عن مثله غي معقول بل هو متناقض فإن كونه مثلً معناه أنه‬
‫ل تيز له وكونه ميزا معناه أنه ليس مثلً ول ينبغي أن يظن أن السوادين ف ملي متماثلن من كل وجه لن هذا ف‬
‫مل وذاك ف مل آخر وهذا يوجب التميز‪ .‬ول السوادان ف وقتي ف مل واحد متماثلن مطلقا لن هذا فارق ذلك ف‬
‫الوقت فكيف يساويه من كل وجه‪ .‬وإذا قلنا‪ :‬السوادان مثلن عنينا به ف السوادية مضافا إليه على الصوص ل على‬
‫الطلق وإل فلو اتد الحل والزمان ول يبق تغاير ل يعقل سوادان ول عقلت الثنينية أصلً‪ .‬العطشان إذا كان بي يديه‬
‫قدحان متساويان ل يكن أن يأخذ أحدها بدون تييز يقق هذا أن لفظ الرادة مستعارة من إرادتنا ول يتصور منا أن‬
‫نيز بالرادة الشيء عن مثله بل لو كان بي يدي العطشان قدحان من الاء يتساويان من كل وجه بالضافة إل غرضه ل‬
‫يكن أن يأخذ أحدها بل إنا يأخذ ما يراه أحسن أو أخف أو أقرب إل جانب يينه إن كان عادته تريك اليمي أو‬
‫سبب من هذه السباب إما خفي وإما جلي وإل فل يتصور تييز الشيء عن مثله بال‪ .‬إنكار المر ف حق ال‪ ...‬الول‬
‫أن قول كم‪ :‬إن هذا ل يت صور عرفتموه ضرورة أو نظرا ول ي كن دعوى وا حد منه ما وتثيل كم بإرادت نا مقاي سة فا سدة‬
‫تضاهي القايسة ف العلم وعلم ال يفارق علمنا ف أمور قررناها فلم تبعد الفارقة ف الرادة بل هو كقول القائل‪ :‬ذات‬
‫ل ل يعقل لنا ل نعقله ف حقنا‪ .‬قيل‪ :‬هذا عمل توهك وأما‬ ‫موجودة ل خارج العال ول داخله ول متصلً ول منفص ً‬
‫دليل العقل فقد ساق العقلء إل التصديق بذلك فبم تنكرون على من يقول‪ :‬دليل العقل ساق إل إثبات صفة ل تعال‬
‫من شأنا تييز الشيء عن مثله فإن ل يطابقها اسم الرادة فلتسم باسم آخر فل مشاحة ف الساء‪ .‬وإنا أطلقناها نن‬
‫بإذن الشرع وإل فالرادة موضوعة ف اللغة لتعيي ما فيه غرض ول غرض ف حق ال وإنا القصود العن دون اللفظ‪.. .‬‬
‫وف حق النسان فإنه إذا كانت بي يديه ترتي متساويتي يأخذ إحداها‪ .‬على أنه ف حقنا ل نسلم أن ذلك غي متصور‬
‫فإنا نفرض ترتي متساويتي بي يدي التشوف إليهما العاجز عن تناولما جيعا فإنه يأخذ إحداها ل مالة بصفة شأنا‬
‫تصيص الشيء عن مثله‪ .‬وكل ما ذكرتوه من الخصصات من السن أو القرب أو تيسر الخذ فإنا نقدر على فرض‬
‫انتفائه ويبقى إمكان الخذ‪ .‬فأنتم بي أمرين‪ :‬إما إن قلتم‪ :‬إنه ل يتصور التساوي بالضافة إل أغراضه فقط وهو حاقة‬
‫وفرضه مكن وإما إن قلتم‪ :‬التساوي إذا فرض بقي الرجل التشوف أبدا متحيا ينظر إليهما فل يأخذ إحداها بجرد‬
‫الرادة والختيار النفك عن الغرض وهو أيضا مال يعلم بطلنه ضرورةً‪ .‬فإذن لبد لكل ناظر شاهدا أو غائبا ف تقيق‬
‫الف عل الختياري من إثبات صفة شأن ا ت صيص الش يء عن مثله‪ .‬لاذا اخ تص العال بب عض الوجوه‪ ...‬الو جه الثا ن ف‬
‫العتراض هو أنا نقول‪ :‬أنتم ف مذهبكم ما استغنيتم عن تصيص الشيء عن مثله فإن العال وجد من سببه الوجب له‬
‫على هيئات م صوصة تا ثل نقائض ها فلم اخ تص بب عض الوجوه وا ستحالة ت يز الش يء عن مثله ف الف عل أو ف اللزوم‬
‫بالطبع أو بالضرورة ل تتلف‪ .. .‬قولم‪ :‬بضرورة النظام الكلي فإن قلتم‪ :‬إن النظام الكلي للعال ل يكن إل على الوجه‬
‫الذي وجد وإن العال لو كان أصغر أو أكب ما هو الن عليه لكان ل يتم هذا النظام وكذا القول ف عدد الفلك وعدد‬
‫الكواكب‪ .‬وزعمتم أن الكبي يالف الصغي والكثي يفارق القليل ف ما يراد منه فليست متماثلة بل هي متلفة إل أن‬
‫القوة البشرية تضعف عن درك وجوه الكمة ف مقاديرها وتفاصيلها وإنا تدرك الكمة ف بعضها كالكمة ف ميل‬
‫فلك البوج ععن معدل النهار والكمعة فع الوج والفلك الارج الركعز والكثعر ل يدرك السعر فيهعا ولكعن يعرف‬
‫اختلفها ول بعد ف أن يتميز الشيء عن خلفه لتعلق نظام المر به‪ .‬وأما الوقات فمتشابة قطعا بالنسبة إل المكان‬
‫وإل النظام ول يكعن أن يدععي أنعه لو خلق بععد معا خلق أو قبله بلحظعة لاع تصعور النظام فإن تاثعل الحوال يعلم‬
‫بالضرورة‪ .‬قولنا‪ :‬ل‪ .‬مثلن‪...‬‬
‫فنقول‪ :‬نن وإن كنا نقدر على معارضتكم بثله ف الحوال إذ قال قائلون‪ :‬خلقه ف الوقت الذي كان الصلح اللق‬
‫فيه لكنا ل نقتصر على هذه القابلة بل نفرض على أصلكم تصصا ف موضعي ل يكن أن يقدر فيه اختلف‪ :‬أحدها‬
‫اختلف جهة الركة والخر تعي موضع القطب ف الركة عن النطقة‪ ... .‬مثل القطب الشمال والقطب النوب أما‬
‫الق طب فبيانه أن ال سماء كرة متحر كة على ق طبي كأن ما ثابتان وكرة ال سماء متشاب ة الجزاء فإن ا ب سيطة ل سيما‬
‫الفلك العلى الذي هو التاسع فإنه غي مكوكب أصلً وها متحركان على قطبي شال و جنوب‪ .‬فنقول‪ :‬ما من نقطتي‬
‫متقابلتي من النقط الت ل ناية لا عندهم إل ويتصور أن يكون هو القطب‪ .‬فلم تعينت نقطتا الشمال والنوب للقطبية‬
‫والثبات ول ل يكن خط النطقة مارا بالنقطتي حت يعود القطب إل نقطتي متقابلتي على النطقة فإن كان ف مقدار‬
‫كب السماء وشكله حكمة فما الذي ميز مل القطب عن غيه حت تعي لكونه قطبا دون سائر الجزاء والنقط وجيع‬
‫النقط متماثلة وجيع أجزاء الكرة متساوية وهذا ل مرج عنه قولم لعل ذلك الوضع يفارق غيه باصية فإن قيل لعل‬
‫ل للقطب حت يثبت فكأنه ل يفارق مكانه وحيزه‬ ‫الوضع الذي عليه نقطة القطب يفارق غيه باصية تناسب كونه م ً‬
‫ووض عه أو ما يفرض إطل قه عل يه من ال سامي و سائر موا ضع الفلك يتبدل بالدور وضع ها من الرض و من الفلك‬
‫والقطب ثابت الوضع فلعل ذلك الوضع كان أول بأن يكون ثابت الوضع من غيه‪ .‬تقولون بتشابه السماء‪ ...‬قلنا‪ :‬ففي‬
‫هذا ت صريح بتفاوت أجزاء الكرة الول ف الطبي عة وأن ا لي ست متشاب ة الجزاء و هو على خلف أ صلكم إذ أ حد ما‬
‫استدللتم به على لزوم كون السماء كرى الشكل أنه بسيط الطبيعة متشابه ل يتفاوت وأبسط الشكال الكرة فإن التربيع‬
‫والتسديس وغيها يقتضي خروج زوايا وتفاوتا وذلك ل يكون إل بأمر زائد على الطبع البسيط‪ ... .‬ومن أين تلك‬
‫الاصية ولكنه وإن خالف مذهبكم فليس يندفع اللزام به فإن السؤال ف تلك الاصية قائم إذ سائر الجزاء هل كان‬
‫قابلً تلك الا صية أم ل فإن قالوا نعم فلم اختصت الا صية من ب ي التشابات ببعض ها وإن قالوا‪ :‬ل ي كن ذلك إل ف‬
‫ذلك الو ضع و سائر الجزاء ل تقبل ها فنقول‪ :‬سائر الجزاء من ح يث أن ا ج سم قا بل لل صور متشا به بالضرورة وتلك‬
‫الا صية ال ت ي ستحقها ذلك الو ضع بجرد كو نه ج سما ول بجرد كو نه ساء فإن هذا الع ن يشار كه ف يه سائر أجزاء‬
‫السماء فل بد وأن يكون تصيصه به بتحكم أو بصفة من شأنا تصيص الشيء عن مثله وإل فكما يستقيم لم قولم‪:‬‬
‫إن الحوال ف قبول وقوع العال في ها مت ساوية ي ستقيم ل صومهم أن أجزاء ال سماء ف قبول الع ن الذي لجله صار‬
‫ثبوت الو ضع أول به من تبدل الوضع مت ساوية وهذا ل مرج م نه‪ .‬ما سبب تبا ين حركات ال سماء اللزام الثان تعي‬
‫ج هة حر كة الفلك بعض ها من الشرق إل الغرب وبعض ها بالع كس مع ت ساوي الهات ما سببها وت ساوي الهات‬
‫كت ساوي الوقات من غ ي فرق قول م‪ :‬تلك النا سبات مبدأ الوادث ف العال فإن ق يل‪ :‬لو كان ال كل يدور من ج هة‬
‫واحدة لا تباينت أوضاعها ول تدث مناسبات الكواكب بالتثليث والتسديس والقارنة وغيها ولكان الكل على وضع‬
‫وا حد ل يتلف قط وهذه النا سبات مبدأ الوادث ف العال‪ .‬قل نا‪ :‬ل سنا نلزم اختلف ج هة الر كة بل نقول‪ :‬الفلك‬
‫العلى يتحرك من الشرق إل الغرب والذي ت ته بالع كس و كل ما ي كن ت صيله بذا ي كن ت صيله بعك سه و هو أن‬
‫يتحرك العلى من الغرب إل الشرق وما تته ف مقابلته فيحصل التفاوت وجهات الركة بعد كونا دورية وبعد كونا‬
‫متقابلة متساوية فلم تيزت جهة عن جهة تاثلها قولم‪ :‬الهتان متضادتان فإن قالوا‪ :‬الهتان متقابلتان متضادتان فكيف‬
‫يت ساويان قول نا‪ :‬والوقات! قل نا‪ :‬هذا كقول القائل‪ :‬التقدم والتأ خر ف وجود العال يتضادان فك يف يد عي تشابه ما‬
‫ول كن زعموا أ نه يعلم تشا به الوقات بالن سبة إل إمكان الوجود وإل كل م صلحة يت صور فر ضه ف الوجود‪ .‬فكذلك‬
‫يعلم ت ساوي الحياز والوضاع والما كن والهات بالن سبة إل قبول الر كة و كل م صلحة تتعلق ب ا‪ .‬فإن ساغ ل م‬
‫دعوى الختلف مع هذا التشابه كان لصومهم دعوى الختلف ف الحوال واليئات أيضا‪ .‬العتراض الثان‪ :‬صدور‬
‫حادث من قدي العتراض الثان على أصل دليلهم أن يقال‪ :‬استبعدت حدوث حادث من قدي ول بد لكم من العتراف‬
‫به فإن ف العال حوادث ول ا أ سباب‪ .‬فإن ا ستندت الوادث إل الوادث إل غ ي نا ية ف هو مال ول يس ذلك معت قد‬
‫عا قل‪ .‬ولو كان ذلك مكنا ل ستغنيتم عن العتراف بال صانع وإثبات وا جب وجود هو م ستند المكنات‪ .‬وإذا كا نت‬
‫الوادث لا طرف ينتهي إليه تسلسلها فيكون ذلك الطرف هو القدي فل بد إذن على أصلهم من تويز صدور حادث‬
‫من قدي‪.‬‬
‫قولم‪ :‬ف حصول الستعداد وحضور الوقت فإن قيل‪ :‬نن ل نبعد صدور حادث من قدي أي حادث كان بل نبعد‬
‫صدور حادث هو أول الوادث من القد ي إذ ل يفارق حال الدوث ما قبله ف تر جح ج هة الوجود ل من ح يث‬
‫حضور وقت ول آلة ول شرط ول طبيعة ول غرض ول سبب من السباب‪ .‬فأما إذا ل يكن هو الادث الول جاز أن‬
‫يصدر منه عند حدوث شيء آخر من استعداد الحل القابل وحضور الوقت الوافق أو ما يري هذا الجرى‪ .‬قولنا‪ :‬ومن‬
‫أ ين ذلك قل نا‪ :‬فال سؤال ف ح صول ال ستعداد وحضور الو قت و كل ما يتجدد قائم فإ ما أن يت سلسل إل غ ي نا ية أو‬
‫ينتهعي إل قديع يكون أول حادث منعه‪ .‬قولمع‪ :‬وجود الركعة الدوريعة‪ ...‬فإن قيعل‪ :‬الواد القابلة للصعور والعراض‬
‫والكيفيات ليس شيء منها حادثا والكيفيات الادثة هي حركة الفلك أعن الركة الدورية وما يتجدد من الوصاف‬
‫الضاف ية ل ا من التثل يث والت سديس والترب يع و هي ن سبة ب عض أجزاء الفلك والكوا كب إل ب عض وبعض ها ن سبة إل‬
‫الرض ك ما ي صل من الطلوع والشروق والزوال عن منت هى الرتفاع والب عد عن الرض بكون الكو كب ف الوج‬
‫والقرب بكونه ف الضيض واليل عن بعض القطار بكونه ف الشمال والنوب وهذه الضافة لزمة للحركة الدورية‬
‫بالضرورة فموجبها الركة الدورية‪ .‬وهي سبب الوادث ف العناصر‪ ...‬وأما الوادث فيما يويه مقعر فلك القمر وهو‬
‫العناصر با يعرض فيها من كون وفساد وامتزاج وافتراق واستحالة من صفة إل صفة فكل ذلك حوادث مستند بعضها‬
‫إل ب عض ف تف صيل طو يل وبالخرة تنت هي مبادئ أ سبابا إل الر كة ال سماوية الدور ية ون سب الكوا كب بعض ها إل‬
‫ب عض أو ن سبتها إل الرض‪ ... .‬و هي قدي ة‪ ...‬فيخرج من مموع ذلك أن الر كة الدور ية الدائ مة البد ية م ستند‬
‫الوادث كلها ومرك السماء حركتها الدورية نفوس السموات فإنا حية نازلة منلة نفوسنا بالنسبة إل أبداننا ونفوسها‬
‫قدية فل جرم الركة الدورية الت هي موجبها أيضا قدية‪ .‬ولا تشابه أحوال النفس لكونا قدية تشابه أحوال الركات‬
‫أي كانت دائرة أبدا‪ .‬ولا أجزاء حادثة فإذن ل يتصور أن يصدر الادث من قدي إل بواسطة حركة دورية أبدية تشبه‬
‫القد ي من و جه فإ نه دائم أبدا وتش به الادث من و جه فإن كل جزء يفرض م نه كان حادثا ب عد أن ل ي كن ف هو من‬
‫حيث أنه حادث بأجزائه وإضافاته مبدأ الوادث ومن حيث أنه أبدي متشابه الحوال صادر عن نفس أزلية‪ .‬فإن كان‬
‫ف العال حوادث فل بد من حركة دورية وف العال حوادث فالركة الدورية البدية ثابتة‪ .‬قولنا‪ :‬هذا كلم باطل! إذ ل‬
‫بد من سبب آخر قلنا‪ :‬هذا التطويل ل يغنيكم فإن الركة الدورية الت هي الستند حادث أم قدي فإن كان قديا فكيف‬
‫صار مبدأ لول الوادث وإن كان حادثا افتقر إل حادث آخر وتسلسل‪ .‬وقولكم‪ :‬إنه من وجه يشبه القدي ومن وجه‬
‫يشبه الادث فإنه ثابت متجدد أي هو ثابت التجدد متجدد الثبوت‪ .‬فنقول‪ :‬أهو مبدأ الوادث من حيث أنه ثابت أو‬
‫من حيث أنه متجدد فإن كان من حيث أنه ثابت فكيف صدر من ثابت متشابه الحوال شيء ف بعض الوقات دون‬
‫بعض وإن كان من حيث أنه متجدد فما سبب تدده ف نفسه فيحتاج إل سبب آخر ويتسلسل فهذا غاية تقرير اللزام‪.‬‬
‫سيأت الكلم عن ذلك ولم ف الروج عن هذا اللزام نوع احتيال سنورده ف بعض السائل بعد هذه كيل يطول كلم‬
‫هذه ال سألة بانشعاب شجون الكلم وفنو نه‪ .‬على أ نا سنبي أن الر كة الدور ية ل ي صلح أن تكون مبدأ الوادث وأن‬
‫جيع الوادث مترعة ل ابتدا ًء ونبطل ما قالوه من كون السماء حيوانا متحركا بالختيار حركة نفسية كحركاتنا‪.‬‬
‫الثان قولنا‪ :‬ليس ال متقدما بالذات فقط‪ ...‬زعموا أن القائل بأن العال متأخر عن ال وال متقدم عليه ليس يلو إما أن‬
‫يريد به أنه متقدم بالذات ل بالزمان كتقدم الواحد على الثني فإنه بالطبع مع أنه يوز أن يكون معه ف الوجود الزمان‬
‫وكتقدم العلة على العلول مثل تقدم حركة الشخص على حركة الظل التابع له وحركة اليد مع حركة الات وحركة‬
‫اليد ف الاء مع حر كة الاء فإنا متساوية ف الزمان وبعضها علة وبعضها معلول إذ يقال‪ :‬ترك الظل لركة الشخص‬
‫وترك الاء لر كة ال يد ف الاء ول يقال ترك الش خص لر كة ال ظل وترك ال يد لر كة الاء وإن كا نت مت ساوية‪ .‬فإن‬
‫أريد بتقدم الباري على العال هذا لزم أن يكونا حادثي أو قديي واستحال أن يكون أحدها قديا والخر حادثا‪ .‬وإن‬
‫أر يد به أن الباري متقدم على العال والزمان ل بالذات بل بالزمان فإذن ق بل وجود العال والزمان زمان كان العال ف يه‬
‫معدوما إذ كان العدم سابقا على الوجود وكان ال سابقا بدة مديدة لا طرف من جهة الخر ول طرف لا من جهة‬
‫الول‪ .‬فإذن ق بل الزمان زمان ل نا ية له و هو متنا قض ولجله ي ستحيل القول بدوث الزمان‪ .‬وإذا و جب قدم الزمان‬
‫وهو عبارة عن قدر الركة وجب قدم الركة ووجب قدم التحرك الذي يدوم الزمان بدوام حركته‪ .‬اعتراض‪ :‬ليس قبل‬
‫اللي قة زمان‪ :‬القول بأن " كان ال ول عال " ل يدل إل على أمر ين‪ ...‬العتراض هو أن يقال‪ :‬الزمان حادث وملوق‬
‫ل ونعن بقولنا إن ال متقدم على العال والزمان إنه كان ول عال ث كان ومعه عال‪ .‬ومفهوم قولنا‪:‬‬ ‫وليس قبله زمان أص ً‬
‫كان ول عال وجود ذات الباري وعدم ذات العال فقعط ومفهوم قولنعا‪ :‬كان ومععه عال وجود الذاتيع فقعط‪ .‬فنعنع‬
‫ل ث كان وعيسى معه ل يتضمن‬ ‫بالتقدم انفراده بالوجود فقط والعال كشخص واحد‪ .‬ولو قلنا‪ :‬كان ال ول عيسى مث ً‬
‫الل فظ إل وجود ذات وعدم ذات ث وجود ذات ي ول يس من ضرورة ذلك تقد ير ش يء ثالث وإن كان الو هم ل ي سكن‬
‫ععن تقديعر ثالث فل التفات إل أغاليعط الوهام‪ .‬فإن قيعل لقولنعا‪ :‬كان ال ول عال مفهوم ثالث سعوى وجود الذات‬
‫ل ول يصح أن نقول‪ :‬كان ال‬ ‫وعدم العال بدليل أنا لو قدرنا عدم العال ف الستقبل كان وجود ذات وعدم ذات حاص ً‬
‫ول عال بل الصحيح أن نقول‪ :‬يكون ال ول عال‪ .‬ونقول للماضي‪ :‬كان ال ول عال‪ .‬فبي قولنا " كان " و " يكون "‬
‫فرق إذ ليس ينوب أحدها مناب الخر‪ .‬فلنبحث عن ما يرجع إليه الفرق‪ :‬ول شك ف أنما ل يفترقان ف وجود الذات‬
‫ول ف عدم العال بل ف معن ثالث فإنا إذا قلنا لعدم العال ف الستقبل‪ :‬كان ال ول عال قيل لنا‪ :‬هذا خطأ فإن " كان‬
‫" إنا يقال على ماض فدل أن تت لفظ " كان " مفهوما ثالثا وهو الاضي والاضي بذاته هو الزمان والاضي بغيه هو‬
‫الر كة فإن ا ت ضي ب ضي الزمان‪ .‬فبالضرورة يلزم أن يكون ق بل العال زمان قد انق ضى ح ت انت هى إل وجود العال‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬ليس هو إل نسبة إلينا قلنا‪ :‬الفهوم الصلي من اللفظي وجود ذات وعدم ذات‪ .‬والمر الثالث الذي فيه افتراق‬
‫اللفظي نسبة لزمة بالضافة إلينا بدليل أنا لو قدرنا عدم العال ف الستقبل ث قدرنا لنا بعد ذلك وجودا ثانيا لكنا عند‬
‫ذلك نقول‪ :‬كان ال ول عال‪ .‬ويصح قولنا سواء أردنا به العدم الول أو العدم الثان الذي هو بعد الوجود وآية أن هذه‬
‫نسبة أن الستقبل بعينه يوز أن يصي ماضيا قبل البتدأ نتوهم " قبلً "‪ ...‬وهذا كله لعجز الوهم عن فهم وجود مبتدأ إل‬
‫مع تقدير " قبل " له وذلك " القبل " الذي ل ينفك الوهم عنه يظن أنه شيء مقق موجود هو الزمان‪ ... .‬كما نتوهم‬
‫وراء العال " فوقا " وهو كعجز الوهم عن أن يقدر تناهي السم ف جانب الرأس مثلً إل على سطح له فوق فيتوهم أن‬
‫وراء العال مكانا إما ملء وإما خلء‪ .‬وإذا قيل‪ :‬ليس فوق سطح العال فوق ول بعد أبعد منه كاع الوهم عن الذعان‬
‫لقبوله كما إذا قيل‪ :‬ليس قبل وجود العال " قبل " هو وجود مقق نفر عن قبوله وكما جاز أن يكذب الوهم ف تقديره‬
‫فوق العال خلء هو بعد ل ناية له بأن يقال له‪ :‬اللء ليس مفهوما ف نفسه وأما البعد فهو تابع للجسم الذي تتباعد‬
‫أقطاره فإذا كان السم متناهيا كان البعد الذي هو تابع له متناهيا وانقطع اللء واللء غي مفهوم فثبت أنه ليس وراء‬
‫العال ل خلء ول ملء وإن كان الوهم ل يذعن لقبوله‪.‬‬
‫ولكن ذلك وهم فكذلك يقال‪ :‬كما أن البعد الكان تابع للجسم فالبعد الزمان تابع للحركة فإنه امتداد الركة كما‬
‫أن ذلك امتداد أقطار السم وكما أن قيام الدليل على تناهي أقطار السم منع من إثبات بعد مكان وراءه‪ .‬فقيام الدليل‬
‫على تناهي الركة من طرفيه ينع من تقدير بعد زمان وراءه وإن كان الوهم متشبثا بياله وتقديره ول يرعوى عنه‪ .‬ول‬
‫فرق بي البعد الزمان الذي تنقسم العبارة عنه عند الضافة إل " قبل " و " بعد " وبي البعد الكان الذي تنقسم العبارة‬
‫عنه عند الضافة إل فوق وتت‪ .‬فإن جاز إثبات " فوق " ل " فوق " فوقه جاز إثبات " قبل " ليس قبله " قبل " مقق‬
‫إل خيال وه ي كما ف الفوق‪ .‬وهذا لزم فليتأ مل فإنم اتفقوا على أنه ل يس وراء العال ل خلء ول ملء‪ .‬قول م ل يس‬
‫هناك مواز نة فالعال ل يس له " فوق " إل بال سم الضا ف التبدل‪ ...‬فإن ق يل‪ :‬هذه الواز نة معو جة لن العال ل يس له "‬
‫فوق " ول " ت ت " بل هو كري ول يس للكرة " فوق " و " ت ت " بل إن سيت ج هة " فوقا " من ح يث أ نه يلي‬
‫رأسك والخر " تتا " من حيث أنه يلي رجلك فهو اسم تدد له بالضافة إليك والهة الت هي " تت " بالضافة‬
‫إل يك " فوق " بالضا فة إل غيك إذا قدرت على الا نب ال خر من كر ة الرض واقفا ياذي أخ ص قد مه أخ ص‬
‫ل وما هو تت الرض يعود إل‬ ‫قدميك بل الهة الت تقدرها فوقك من أجزاء السماء نارا هو بعينه تت الرض لي ً‬
‫فوق الرض ف الدور‪ .‬وأما الول لوجود العال ل يتصور أن ينقلب آخرا‪ .‬وهو كما لو قدرنا خشبة أحد طرفيها غليظ‬
‫وال خر دق يق وا صطلحنا على أن ن سمي ال هة ال ت تلي الدق يق فوقا إل ح يث ينتهي والا نب ال خر تتا ل يظ هر بذا‬
‫اختلف ذات ف أجزاء العال بل هي أسامي متلفة قيامها بيئة هذه الشبة حت لو عكس وضعها انعكس السم والعال‬
‫ل يتبدل‪ .‬فالفوق والتحت نسبة مضة إليك ل تتلف أجزاء العال وسطوحه فيه‪ .‬وأما العدم التقدم على العال والنهاية‬
‫الول لوجوده ذا ت ل يت صور أن يتبدل في صي آخرا ول العدم القدر ع ند إفناء العال الذي هو عدم ل حق يت صور أن‬
‫ي صي سابقا‪ .‬فطر فا نا ية وجود العال الذي أحده ا أول والثا ن آ خر طرفان ذاتيان ثابتان ل يت صور التبدل ف يه بتبدل‬
‫الضافات البتة بلف الفوق والتحت‪ .‬ولكن لوجود العال " قبل " فإذن أمكننا أن نقول‪ :‬ليس للعال فوق ول تت ول‬
‫يكنكم أن تقولوا‪ :‬ليس لوجود العال " قبل " ول " بعد "‪ .‬وإذا ثبت القبل والبعد فل معن للزمان سوى ما يعب عنه‬
‫بالق بل والب عد‪ .‬قول نا‪ :‬ك ما أن العال ل يس له " خارج " كذلك ل يس له ق بل قل نا‪ :‬ل فرق فإ نه ل غرض ف تعي ي ل فظ‬
‫الفوق والتحت بل نعدل إل لفظ الوراء والارج ونقول‪ :‬للعال داخل وخارج فهل خارج العال شيء من ملء أو خلء‬
‫فسيقولون‪ :‬ليس وراء العال ل خلء ول ملء‪ .‬وإن عنيتم بالارج سطحه العلى فله خارج وإن عينتم غيه فل خارج‬
‫له‪ .‬فكذلك إذا قيل لنا‪ :‬هل لوجود العال " قبل " قلنا‪ :‬إن عن به‪ :‬هل لوجود العال بداية أي طرف منه ابتدأ فله " قبل‬
‫" على هذا كما للعال خارج على تأويل أنه الطرف الكشوف والنقطع السطحي‪ .‬وإن عنيتم بقبل شيئا آخر فل " قبل‬
‫" للعال كما أنه إذا عن بارج العال شيء سوى السطح قيل‪ :‬ل خارج للعال‪ .‬فإن قلتم‪ :‬ل يعقل مبتدأ وجود ل " قبل‬
‫" له فيقال‪ :‬ول يعقل متناهى وجود من السم ل خارج له‪ .‬فإن قلت‪ :‬خارجه سطح الذي هو منقطعه ل غي قلنا‪ :‬قبله‬
‫بدا ية وجوده الذي هو طر فه ل غي‪ .‬نسبة ذلك للمكان والزمان من عمل الو هم‪ ...‬بقي أنا نقول‪ :‬ل وجود ول عال‬
‫م عه‪ .‬وهذا القدر أيضا ل يوجب إثبات شيء آخر والذي يدل على أن هذا عمل الو هم أنه مصوص بالزمان والكان‪.‬‬
‫فإن الصم وإن اعتقد قدم السم يذعن وهه لتقدير حدوثه‪ .‬ونن وإن اعتقدنا حدوثه ربا أذعن وهنا لتقدير قدمه‪.‬‬
‫هذا ف ال سم‪ .‬فإذا رجع نا إل الزمان ل يقدر الصعم على تقد ير حدوث زمان ل " ق بل " له وخلف العت قد ي كن‬
‫وضعه ف الوهم تقديرا وفرضا‪ .‬وهذا ما ل يكن وضعه ف الوهم كما ف الكان فإن من يعتقد تناهي السم ومن ل‬
‫يعتقد كل واحد يعجز عن تقدير جسم ليس وراءه ل خلء ول ملء بل ل يذعن وهه لقبول ذلك‪.‬‬
‫وهذا هو سبب الغلط ولكن قيل‪ :‬صريح العقل إذا ل ينع وجود جسم متناه بكم الدليل ل يلتفت إل الوهم‪ .‬فكذلك‬
‫صريح العقل ل ينع وجودا مفتتحا ليس قبله شيء‪ .‬وإن قصر الوهم عنه فل يلتفت إليه لن الوهم لا ل يألف جسما‬
‫متناهيا إل وبن به جسم آ خر أو هواء تيله خلء ل يتم كن من ذلك ف الغائب‪ .‬فكذلك ل يألف الو هم حادثا إل بعد‬
‫شيء آخر فكاع عن تقدير حادث ليس له " قبل " هو شيء موجود قد انقضى‪ .‬فهذا هو سبب الغلط والقاومة حاصلة‬
‫بذه العارضة‪ .‬صيغة ثانية لم ف إلزام قدم الزمان قولم‪ :‬كان ال قادرا على أن يلق العال قبل أن خلقه بقدر سني‪...‬‬
‫قالوا‪ :‬ل شك ف أن ال عند كم كان قادرا على أن يلق العال قبل أن خلقه بقدر سنة ومائة سنة وألف سنة وإن هذه‬
‫التقديرات متفاوتة ف القدار والكمية فل بد من إثبات شيء قبل وجود العال متد مقدر بعضه أمد وأطول من البعض‪.‬‬
‫‪ ...‬أو أن يلق قبله عالا ثانيا مثله ب يث ينت هي إل زمان نا هذا بقدر عدد أك ثر من الدورات وإن قل تم‪ :‬ل ي كن إطلق‬
‫ل فظ سني إل ب عد حدوث الفلك ودوره فلنترك ل فظ سني ولنورد صيغة أخرى فنقول‪ :‬إذا قدر نا أن العال من أول‬
‫ل فهعل كان ال قادرا على أن يلق قبله عالا ثانيا مثله بيعث ينتهعي إل‬‫وجوده قعد دار فلكعه إل الن بألف دورة مث ً‬
‫زماننا هذا بألف ومائة دورة فإن قلتم‪ :‬ل فكأنه انقلب القدي من العجز إل القدرة أو العال من الستحالة إل المكان‪.‬‬
‫وإن قلتم‪ :‬نعم ول بد منه فهل كان يقدر على أن يلق عالا ثالثا بيث ينتهي إل زماننا بألف ومائت دورة ول بد من‬
‫نعم‪ .‬قولنا‪ :‬فهناك مقدار معلوم‪ ...‬فنقول‪ :‬هذا العال الذي سيناه بسب ترتيبنا ف التقدير ثالثا وإن كان هو السبق فهل‬
‫أمكن خلقه مع العال الذي سيناه ثانيا وكان ينتهي إلينا بألف ومائت دورة والخر بألف ومائة دورة وها متساويان ف‬
‫مسافة الركة وسرعتها فإن قلتم‪ :‬نعم فهو مال إذ يستحيل أن يتساوى حركتان ف السرعة والبطء ث تنتهيان إل وقت‬
‫واحد والعداد متفاوتة‪ .‬وإن قلتم‪ :‬إن العال الثالث الذي ينتهي إلينا بألف ومائت دورة ل يكن أن يلق مع العال الثان‬
‫الذي ينتهي إلينا بألف ومائة دورة بل ل بد وأن يلقه قبله بقدار يساوي القدار الذي تقدم العال الثان على العال الول‬
‫وسينا الول ما هو أقرب إل وهنا إذ ارتقينا من وقتنا إليه بالتقدير فيكون قدر إمكان هو ضعف إمكان آخر ول بد من‬
‫إمكان آخر هو ضعف الكل‪ ... .‬فهناك زمان فهذا المكان القدر الكمم الذي بعضه أطول من البعض بقدار معلوم ل‬
‫حقيقة له إل الزمان فليست هذه الكميات القدرة صفة ذات الباري تعال عن التقدير ول صفة عدم العال إذ العدم ليس‬
‫شيئا حت يتقدر بقادير متلفة والكمية صفة فتستدعى ذا كمية وليس ذلك إل الركة والكمية إل الزمان الذي هو قدر‬
‫الركة‪ .‬فإذن قبل العال عندكم شيء ذو كمية متفاوتة وهو الزمان‪ .‬فقبل العال عندكم زمان‪ .‬اعتراض‪ :‬وكذلك فوراء‬
‫العال خلء أو ملء‪ ...‬العتراض أن كل هذا من عمل الوهم وأقرب طريق ف دفعه القابلة للزمان بالكان‪ .‬فإنا نقول‪:‬‬
‫هل كان ف قدرة ال أن يلق الفلك العلى ف سكه أ كب م ا خل قه بذراع فإن قالوا‪ :‬ل ف هو تعج يز‪ .‬وإن قالوا‪ :‬ن عم‬
‫فبذراعي وثلثة أذرع وكذلك يرتقي إل غي ناية‪ .‬ونقول‪ :‬ف هذا إثبات " بعد " وراء العال له مقدار وكمية إذ الكب‬
‫بذراعي ما كان يشغل ما يشغله الكب بذراع فوراء العال بكم هذا كمية فتستدعي ذاكم وهو السم أو اللء‪ .‬فوراء‬
‫العال خلء أو ملء فما الواب عنه ‪ ...‬فيكون اللء مقدارا وكذلك هل كان ال قادرا على أن يلق كرة العال أصغر‬
‫ما خلقه بذراع ث بذراعي وهل بي التقديرين تفاوت فيما ينتفي من اللء والشغل للحياز إذ اللء النتفي عند نقصان‬
‫ذراعي أكثر ما ينتفي عند نقصان ذراع فيكون اللء مقدرا واللء ليس بشيء فكيف يكون مقدرا وجوابنا ف تييل‬
‫الوهم تقدير المكانات الزمانية قبل وجود العال كجوابكم ف تييل الوهم تقدير المكانات الكانية وراء وجود العال‬
‫ول فرق‪ .‬قول م‪ :‬كون العال أ كب أو أ صغر م ا هو عل يه ل يس بم كن فإن ق يل‪ :‬ن ن ل نقول‪ :‬إن ما ل يس بم كن ف هو‬
‫مقدور وكون العال أكب ما هو عليه ول أصغر منه ليس بمكن فل يكون مقدورا‪ .‬ولاذا وهذا العذر باطل من ثلثة‬
‫أوجه‪ :‬أحدها أن هذا مكابرة العقل فإن العقل ف تقدير العال أكب أو أصغر ما عليه بذراع ليس هو كتقديره المع بي‬
‫ال سواد والبياض والوجود والعدم والمت نع هو ال مع ب ي الن في والثبات وإل يه تر جع الحالت كل ها ف هو ت كم بارد‬
‫فا سد‪ .‬وجود العال يكون واجبا! الثا ن أ نه إذا كان العال على ما هو عل يه ل ي كن أن يكون أ كب م نه ول أ صغر‪.‬‬
‫فوجوده على ما هو عل يه وا جب ل م كن والوا جب م ستغن عن علة‪ .‬فقولوا ب ا قاله الدهريون من ن في ال صانع ون في‬
‫سبب هو م سبب ال سباب ول يس هذا مذهب كم‪ .‬ووجوده ق بل الوجود غ ي م كن! الثالث هو أن هذا الفا سد ل يع جز‬
‫الصم عن مقابلته بثله‪ .‬فنقول‪ :‬إنه ل يكن وجود العال قبل وجوده مكنا بل وافق الوجود المكان من غي زيادة ول‬
‫نقصان‪ .‬فإن قلتم‪ :‬فقد انتقل القدي من القدرة إل العجز قل نا‪ :‬ل لن الوجود ل يكن مكنا فلم يكن مقدورا وامتناع‬
‫ح صول ما ل يس بم كن ل يدل على الع جز‪ .‬وإن قل تم‪ :‬إ نه ك يف كان متنعا ف صار مكنا قل نا‪ :‬ول ي ستحيل أن يكون‬
‫متنعا ف حال مكنا ف حال فإن قلتم‪ :‬الحوال متساوية قيل لكم‪ :‬والقادير متساوية فكيف يكون مقدار مكنا وأكب‬
‫منه أو أصغر بقدار ظفر متنعا فإن ل يستحل ذلك ل يستحل هذا‪ .‬فهذا طريقة القاومة‪.‬‬
‫إن ال إذا أراد فعل والتحقيق ف الواب أن ما ذكروه من تقدر المكانات ل معن لا وإنا السلم أن ال قدي قادر ل‬
‫يتنع عليه الفعل أبدا لو أراد وليس ف هذا القدر ما يوجب إثبات زمان متد إل أن يضيف الوهم بتلبيسه إليه شيئا آخر‪.‬‬
‫الثالث قولم‪ :‬إمكان العال كان موجودا فالعال أيضا كان موجودا تسكوا بأن قالوا‪ :‬وجود العال مكن قبل وجوده إذ‬
‫ي ستحيل أن يكون متنعا ث ي صي مكنا وهذا المكان ل أول له أي ل يزل ثابتا ول يزل العال مكنا وجوده إذ ل حال‬
‫من الحوال يكن أن يوصف العال فيه بأنه متنع الوجود‪ .‬فإذا كان المكان ل يزل فالمكن على وفق المكان أيضا ل‬
‫يزل فإن معن قول نا أ نه مكن وجوده أنه ل يس مالً وجوده‪ .‬فإذا كان مكنا وجوده أبدا ل ي كن مالً وجوده أبدا وإل‬
‫فإن كان مالً وجوده أبدا بطل قولنا إنه مكن وجوده أبدا وإن بطل قولنا إنه مكن وجوده أبدا بطل قولنا إن المكان‬
‫ل يزل وإن ب طل قول نا إن المكان ل يزل صح قول نا إن المكان له أول وإذا صح أن له أو ًل كان ق بل ذلك غ ي م كن‬
‫فيؤدي إل إثبات حال ل ي كن العال مكنا ول كان ال عل يه قادرا‪ .‬اعتراض‪ :‬العال ل يزل م كن الدوث العتراض أن‬
‫يقال‪ :‬العال ل يزل م كن الدوث فل جرم ما من و قت إل ويت صور أحدا ثه ف يه وإذا قدر موجودا أبدا ل ي كن حادثا‬
‫فلم يكن الواقع على وفق المكان بل خلفه‪ .‬وهذا كقولم ف الكان وهو أن تقدير العال أكب ما هو أو خلق جسم‬
‫فوق العال م كن وكذى آ خر فوق ذلك ال خر وهكذا إل غ ي نا ية‪ .‬فل نا ية لمكان الزيادة و مع ذلك فوجود ملء‬
‫مطلق ل ناية له غي مكن‪ .‬فكذلك وجود ل ينتهي طرفه غي مكن بل كما يقال المكن جسم متناهي السطح ولكن ل‬
‫تتعي مقاديره ف الكب والصغر فكذلك المكن الدوث ومبادئ الوجود ل تتعي ف الرابع‬
‫قولم‪ :‬كل حادث تسبقه مادة‪ ...‬وهو أنم قالوا‪ :‬كل حادث فالادة الت فيه تسبقه إذ ل يستغن الادث عن مادة فل‬
‫تكون الادة حاد ثة وإن ا الادث ال صور والعراض والكيفيات على الواد‪ ... .‬مك نة له وبيا نه أن كل حادث ف هو ق بل‬
‫حدوثه ل يلوا إما أن يكون مكن الوجود أو متنع الوجود أو واجب الوجود ومال أن يكون متنعا لن المتنع ف ذاته‬
‫ل يو جد قط ومال أن يكون وا جب الوجود لذا ته فإن الوا جب لذا ته ل يعدم قط فدل أ نه م كن الوجود بذا ته‪ .‬فإذن‬
‫إمكان الوجود حاصل له قبل وجوده وإمكان الوجود وصف إضاف ل قوام له بنفسه فل بد له من مل يضاف إليه ول‬
‫م ل إل الادة فيضاف إلي ها ك ما نقول‪ :‬هذه الادة قابلة للحرارة والبودة أو ال سواد والبياض أو الر كة وال سكون أي‬
‫مكن لا حدوث هذه الكيفيات وطريان هذه التغيات فيكون المكان وصفا للمادة‪ .‬والادة ل يكون لا مادة فل يكن‬
‫أن تدث إذ لو حدثت لكان إمكان وجودها سابقا على وجودها وكان المكان قائما بنفسه غي مضاف إل شيء مع‬
‫أ نه مع ن المكان ل ير جع إل كو نه مقدورا‪ ...‬ول ي كن أن يقال إن مع ن المكان ير جع إل كو نه مقدورا وكون‬
‫القدي قادرا عليه لنا ل نعرف كون الشيء مقدورا إل بكونه مكنا‪ .‬فنقول‪ :‬هو مقدور لنه مكن وليس بقدور لنه‬
‫ليس بمكن‪ .‬فإن كان قولنا‪ :‬هو مكن يرجع إل أنه مقدور فكأنا قلنا‪ :‬هو مقدور لنه مقدور وليس بقدور لنه ليس‬
‫بقدور وهو تعريف الشيء بنفسه‪ .‬فدل أن كونه مكنا قضية أخرى ف العقل ظاهرة با تعرف القضية الثانية وهو كونه‬
‫مقدورا‪ ... .‬ول إل كونعه معلوما ويسعتحيل أن يرجعع ذلك إل علم القديع بكونعه مكنا فإن العلم يسعتدعي معلوما‪.‬‬
‫فالمكان العلوم غي العلم ل مالة ث هو وصف إضاف فل بد من ذات يضاف إليه وليس إل الادة‪ .‬فكل حادث فقد‬
‫سعبقه مادة فلم تكعن الادة الول حادثعة بال‪ .‬اعتراض‪ :‬المكان هعو قضاء العقعل وهعو يسعتدعي شيئا موجودا‪...‬‬
‫العتراض أن يقال‪ :‬المكان الذي ذكروه يرجع إل قضاء العقل‪ .‬فكل ما قدر العقل وجوده فلم يتنع عليه تقديره سيناه‬
‫ل وإن ل يقدر على تقدير عدمه سيناه واجبا‪ .‬فهذه قضايا عقلية ل تتاج إل موجود حت‬ ‫مكنا وإن امتنع سيناه مستحي ً‬
‫تعل وصفا له‪ .‬بدليل ثلثة أمور‪ :‬أحدها أن المكان لو استدعى شيئا موجودا يضاف إليه ويقال إنه إمكانه لستدعى‬
‫المتناع شيئا موجودا يقال إنه امتناعه وليس للممتنع وجود ف ذاته ول مادة يطرى عليها الحال حت يضاف المتناع‬
‫إل الادة‪ .‬إمكان ال سواد والثا ن أن ال سواد والبياض يق ضي الع قل فيه ما ق بل وجوده ا بكون ما مكن ي‪ .‬فإن كان هذا‬
‫المكان مضافا إل السم الذي يطريان عليه حت يقال معناه إن هذا السم يكن أن يسود وأن يبيض فإذن ليس البياض‬
‫ف نفسه مكنا ول له نعت المكان وإنا المكن السم والمكان مضاف إليه‪ .‬فنقول‪ :‬ما حكم نفس السواد ف ذاته أو‬
‫هو م كن أو وا جب أو مت نع ول بد من القول بأ نه م كن فدل أن الع قل ف القض ية بالمكان ل يفت قر إل و ضع ذات‬
‫موجود يضيف إليه المكان‪ .‬إمكان النفوس والثالث أن نفوس الدميي عندهم جواهر قائمة بأنفسها ليس بسم ومادة‬
‫ول منطبع ف مادة‪ .‬وهي حادثة على ما اختاره ابن سينا والحققون منهم ولا إمكان قبل حدوثها وليس لا ذات ول‬
‫مادة‪ .‬فإمكانا وصف إضاف ول يرجع إل قدرة القادر وإل الفاعل فإل ماذا يرجع قولم‪ :‬المكان ليس بقضاء العقل‬
‫فإذا قدر عدم القضاء ل يزل المكان فإن قيعل‪ :‬رد المكان إل قضاء العقعل مال إذ ل معنع لقضاء العقعل إل العلم‬
‫بالمكان‪ .‬فالمكان معلوم وهو غي العلم بل العلم ييط به ويتبعه ويتعلق به على ما هو والعلم لو قدر عدمه ل ينعدم‬
‫العلوم‪ .‬والعلوم إذا قدر انتفاؤه انت فى العلم‪ .‬فالعلم والعلوم أمران اثنان أحده ا تا بع وال خر متبوع‪ .‬ولو قدر نا إعراض‬
‫العقلء عن تقدير المكان وغفلتهم عنه لكنا نقول‪ :‬ل يرتفع المكان بل المكنات ف أنفسها ولكن العقول غفلت عنها‬
‫أو عدمعت العقول والعقلء‪ .‬فيبقعى المكان ل مالة‪ .‬للمتناع موضوع‪ ...‬وأمعا المور الثلثعة فل حجعة فيهعا فإن‬
‫المتناع أيضا وصف إضاف يستدعي موجودا يضاف إليه‪ .‬ومعن المتنع المع بي الضدين فإذا كان الحل أبيض كان‬
‫متنعا عليه أن يسود مع وجود البياض فل بد من موضوع يشار إليه موصوف بصفة‪ .‬فعند ذلك يقال‪ :‬ضده متنع عليه‬
‫فيكون المتناع وصعفا إضافيا قائما بوضوع مضافا إليعه‪ .‬وأمعا الوجوب فل يفعى أنعه مضاف إل الوجود الواجعب‪.‬‬
‫ولمكان ال سواد موضوع وأ ما الثا ن و هو كون ال سواد ف نف سه مكنا فغلط‪ .‬فإ نه إن أ خذ مردا دون م ل يله كان‬
‫متنعا ل مكنا وإن ا ي صي مكنا إذا قدر هيئة ف ج سم‪ .‬فال سم مه يأ لتبدل هيئة والتبدل م كن على ال سم وإل فل يس‬
‫للسواد نفس مفردة حت يوصف بإمكان‪ .‬ولمكان النفوس موضوع وأما الثالث وهو النفس فهي قدية عند فريق ولكن‬
‫مكن لا التعلق بالبدان فل يلزم على هذا‪ .‬ومن سلم حدوثه فقد اعتقد فريق منهم أنه منطبع ف الادة تابع للمزاج على‬
‫ما دل عل يه كلم جالينوس ف ب عض الوا ضع فتكون ف مادة وإمكان ا مضاف إل مادت ا‪ .‬وعلى مذ هب من سلم أن ا‬
‫حادثة وليست منطبعة فمعناه أن الادة مكن لا أن يدبرها نفس ناطقة فيكون المكان السابق على الدوث مضافا إل‬
‫الادة فإن ا وإن ل تنط بع في ها فل ها عل قة مع ها إذ هي الدبرة وال ستعملة ل ا فيكون المكان راجعا إلي ها بذا الطر يق‪.‬‬
‫الواب المكان هعو قضاء العقعل كمعا يصعرح بأن الكليات موجودة والواب أن رد المكان والوجوب والمتناع إل‬
‫قضا يا عقل ية صحيح و ما ذ كر بأن مع ن قضاء الع قل علم والعلم ي ستدعي معلوما‪ .‬فنقول له‪ :‬معلوم ك ما أن اللون ية‬
‫واليوانية وسائر قضايا الكلية ثابتة ف العقل عندهم وهي علوم ل يقال ل معلوم لا ولكن ل وجود لعلوماتا ف العيان‬
‫حت صرح الفلسفة بأن الكليات موجودة ف الذهان ل ف العيان‪ .‬وإن ا الوجود ف العيان جزئيات شخصية و هي‬
‫مسوسة غي معقولة ولكنها سبب لن ينتزع العقل منها قضية مردة عن الادة عقلية‪ .‬فإذن اللونية قضية مفردة ف العقل‬
‫سوى السوادية والبياضية ول يتصور ف الوجود لون ليس بسواد ول بياض ول غيه من اللوان ويثبت ف العقل صورة‬
‫اللونية من غي تفصيل ويقال‪ :‬هي صورة وجودها ف الذهان ل ف العيان‪ .‬فإن ل يتنع هذا ل يتنع ما ذكرناه‪ .‬لو قدر‬
‫عدم العا قل‪ ...‬وأ ما قول م‪ :‬لو قدر عدم العقلء أو غفلت هم ما كان المكان ينعدم فنقول‪ :‬ولو قدر عدم هم هل كا نت‬
‫القضايا الكلية وهي الجناس والنواع تنعدم فإذا قالوا‪ :‬نعم إذ ل معن لا إل قضية ف العقول فكذلك قولنا ف المكان‬
‫ول فرق ب ي الباب ي‪ .‬وإن زعموا أن ا تكون باق ية ف علم ال فكذى القول ف المكان‪ .‬فاللزام وا قع والق صود إظهار‬
‫تناقض كلمهم‪ .‬امتناع وجود شريك ل وأما العذر عن المتناع بأنه مضاف إل الادة الوصوفة بالشيء إذ يتنع عليه‬
‫ضده فليعس كعل مال كذلك فإن وجود شريعك ل مال وليعس ثع مادة يضاف إليهعا المتناع‪ .‬فإن زعموا أن معنع‬
‫استحالة الشريك أن انفراد ال تعال بذاته وتوحده واجب والنفراد مضاف إليه فنقول‪ :‬ليس واجب فإن العال موجود‬
‫معه فليس منفردا‪ .‬فإن زعموا أن انفراده عن النظي واجب ونقيض الواجب متنع وهو إضافة إليه قلنا‪ :‬نعن أن انفراد ال‬
‫عنها ليس كانفراده عن النظي فإن انفراده عن النظي واجب وانفراده عن الخلوقات المكنة غي واجب فنتكلف إضافة‬
‫المكان إل يه بذه اليلة ك ما تكلفوه ف رد المتناع إل ذا ته بقلب عبارة المتناع إل الوجوب ث بإضا فة النفراد إل يه‬
‫بنعت الوجوب‪.‬‬

‫السواد هو ف العقل وأما العذر عن السواد والبياض بأنه ل نفس له ول ذات منفردا إن عن بذلك ف الوجود فنعم وإن‬
‫عن بذلك ف العقل فل فإن العقل يعقل السواد الكلي ويكم عليه بالمكان ف ذاته‪ .‬وهو ف الق يضاف إل الفاعل‬
‫وإل الادة ث العذر با طل بالنفوس الاد ثة فإن ل ا ذواتا مفردة وإمكانا سابقا على الدوث ول يس ث ما يضاف إل يه‪.‬‬
‫وقولم‪ :‬إن الادة مكن لا أن يدبرها النفس فهذه إضافة بعيدة‪ .‬فإن اكتفيتم بذا فل يبعد أن يقال‪ :‬معن إمكان الادث‬
‫أن القادر عليها يكن ف حقه أن يدثها فيكون إضافة إل الفاعل مع أنه ليس منطبعا فيه كما أنه إضافة إل البدن النفعل‬
‫مع أنه ل ينطبع فيه‪ .‬ول فرق بي النسبة إل الفاعل والنسبة إل النفعل إذا ل يكن انطباع ف الوضعي‪ .‬قولم‪ :‬قابلتم‬
‫الشكالت بالشكالت فإن ق يل‪ :‬ف قد عول تم ف ج يع العتراضات على مقابلة الشكالت بالشكالت ول تلوا ما‬
‫أوردوه من الشكال قولنا‪ :‬العارضة تبي فساد الكلم قلنا‪ :‬العارضة تبي فساد الكلم ل مالة وينحل وجه الشكال ف‬
‫تقدير العارضة والطالبة‪ .‬ونن ل نلتزم ف هذا الكتاب إل تكدير مذهبهم والتغبي ف وجوه أدلتهم با نبي تافتهم‪ .‬ول‬
‫نتطرق الذب عن مذهب معي فلم نرج لذلك عن مقصود الكتاب ول نستقصي القول ف الدلة الدالة على الدث إذ‬
‫غرضنا إبطال دعواهم معرفة القدم‪.‬‬
‫إثبات الذهب الق يكون ف كتاب قواعد العقائد وأما إثبات الذهب الق فسنصنف فيه كتابا بعد الفراغ من هذا إن‬
‫ساعد التوفيق إن شاء ال ونسميه قواعد العقائد ونعتن فيه بالثبات كما اعتنينا ف هذا الكتاب بالدم وال أعلم‪ .‬هذه‬
‫ال سألة فرع الول‪ ...‬ليعلم أن هذه ال سألة فرع الول فإن العال عند هم ك ما أ نه أزل ل بدا ية لوجوده ف هو أبدي ل‬
‫نايعة لخره ول يتصعور فسعاده وفناؤه بعل ل يزل كذلك ول يزال أيضا كذلك‪ .‬والدلة الربععة التع ذكرت ل تزال‬
‫جارية وأدلتهم الربعة الت ذكرناها ف الزلية جارية ف البدية والعتراض كالعتراض من غي فرق‪ .‬فإنم يقولون‪ :‬إن‬
‫العال معلول علته أزلية أبدية فكان العلول مع العلة‪ .‬ويقولون‪ :‬إذا ل تتغي العلة ل يتغي العلول‪ .‬وعليه بنوا منع الدوث‬
‫و هو بعي نه جار ف النقطاع‪ .‬وهذا م سلكهم الول‪ .‬الدل يل الول وال سلك الثا ن وم سلكهم الثا ن أن العال إذا عدم‬
‫فيكون عد مه ب عد وجوده فيكون له ب عد فف يه إثبات الزمان‪ .‬الدل يل الول وال سلك الثالث و هو فا سد ل نه ل ي ستحيل‬
‫بقاء العال أبدا‪ :‬ويعرف الواقع من الشرع ومسلكهم الثالث إن إمكان الوجود ل ينقطع‪ .‬فكذلك الوجود الم كن يوز‬
‫أن يكون على و فق المكان‪ .‬إل أن هذا الدل يل ل يقوى فإ نا ن يل أن يكون أزليا ول ن يل أن يكون أبديا لو أبقاه ال‬
‫تعال أبعد إذا ليعس معن ضرورة الادث أن يكون له آخعر ومعن ضرورة الفععل أن يكون حادثا وأن يكون له أول‪ .‬ول‬
‫يوجب أن يكون للعال ل مالة آخر إل أبو الذيل العلف فإنه قال‪ :‬كما يستحيل ف الاضي دورات ل ناية لا فكذلك‬
‫ف الستقبل و هو فاسد لن كل الستقبل قط ل يد خل ف الوجود ل متلحقا ول مت ساوقا والاضي قد د خل كله ف‬
‫الوجود متلحقا وإن ل يكن متساوقا‪ .‬وإذا تبي أنا ل نبعد بقاء العال أبدا من حيث العقل بل نوز بقاءه وإفناءه فإنا‬
‫يعرف الواقع من قسمي المكن بالشرع فل يتعلق النظر فيه بالعقول‪.‬‬
‫الدليل الول والسلك الرابع وأما مسلكهم الرابع فهو جار لنم يقولون‪ :‬إذا عدم العال بقي إمكان وجوده إذ المكن‬
‫ل ينقلب م ستحيلً و هو و صف إضا ف‪ .‬فيفت قر كل حادث بزعم هم إل مادة سابقة و كل منعدم فيفت قر إل مادة ينعدم‬
‫عن ها‪ .‬فالواد وال صول ل تنعدم وإن ا تنعدم ال صور والعراض الالة في ها‪ .‬الواب ما سبق ويضاف إل يه دليلن آخران‬
‫والواب عن الكل ما سبق‪ .‬الول دليل جالينوس ل يظهر أن الشمس ل تقبل النعدام ما تسك به جالينوس إذ قال‪ :‬لو‬
‫ل تقبل النعدام لظهر فيها ذبول ف مدة مديدة والرصاد الدالة على مقدارها منذ آلف سني ل تدل‬ ‫كان الشمس مث ً‬
‫إل على هذا القدار فلما ل تذ بل ف هذه الماد الطويلة دل أنا ل تفسد‪ .‬العتراض من الو جه الول لعلها تفسد بغ ي‬
‫طريق الذبول كما ف حال البغتة العتراض عليه من وجوه‪ :‬الول إن شكل هذا الدليل أن يقال‪ :‬إن كان الشمس تفسد‬
‫فل بد وأن يلحقها ذبول لكن التال مال فالقدم مال وهو قياس يسمى عندهم الشرطي التصل وهذه النتيجة غي لزمة‬
‫لن القدم غ ي صحيح ما ل ي ضف إل يه شرط آ خر و هو قوله‪ :‬إن كان تف سد فل بد وأن تذ بل فهذا التال ل يلزم هذا‬
‫القدم إل بزيادة شرط وهو أن نقول‪ :‬إن كان تفسد فسادا ذبوليا فل بد وأن تذبل ف طول الدة‪ .‬أو يبي أنه ل فساد‬
‫بطريق الذبول حت يلزم التال للمقدم‪ .‬ول نسلم أنه ل يفسد الشيء إل بالذبول بل الذبول أحد وجوه الفساد‪ .‬ول يبعد‬
‫أن يفسد الشيء بغتة وهو العتراض من الوجه الثان الفساد ل يظهر للحس الثان أنه لو سلم له هذا وأنه ل فساد إل‬
‫بالذبول فمن أين عرف أنه ليس يعتريها الذبول وأما التفاته إل الرصاد فمحال لنا ل تعرف مقاديرها إل بالتقريب‪.‬‬
‫ل لكان ل يبي للحس‬ ‫والشمس الت يقال إنا كالرض مائة وسبعي مرة أو ما يقرب منه لو نقص منها مقدار جبال مث ً‬
‫فلعلها ف الذبول وإل الن قد نقص مقدار جبال وأكثر‪ .‬والس ل يقدر على أن يدرك ذلك لن تقديره ف علم الناظر‬
‫ل يعرف إل بالتقريب وهذا كما أن الياقوت والذهب مركبان من العناصر عندهم وهي قابلة للفساد ث لو وضع ياقوته‬
‫مائة سنة ل يكن نقصانه مسوسا فلعل نسبة ما ينقص من الشمس ف مدة تاريخ الرصاد كنسبة ما ينقص من الياقوت‬
‫ف مائة سنة‪ .‬وذلك ل يظهر للحس فدل أن دليله ف غاية الفساد‪ .‬وباقي الدلة ليست أكثر قوة وقد أعرضنا عن إيراد‬
‫أدلة كثية معن هذا النعس يسعتركها العقلء وأوردنعا هذا الواحعد ليكون ععبة ومثالً لاع تركناه واقتصعرنا على الدلة‬
‫الربعة الت يتاج إل تكلف ف حل شبهها كما الثان الدليل الثان‪ :‬ل يعقل سبب معدم‪ ...‬لم ف استحالة عدم العال‬
‫أن قالوا‪ :‬العال ل تنعدم جواهره ل نه ل يع قل سبب معدم له و ما ل ي كن منعدما ث انعدم فل بد وأن يكون ب سبب‬
‫وذلك السبب ل يلوا إما من أن يكون إرادة القدي وهو مال لنه إذا ل يكن مريدا لعدمه ث صار مريدا فقد تغي أو‬
‫يؤدي إل أن يكون القدي وإرادته على نعت واحد ف جيع الحوال والراد يتغي من العدم إل الوجود ث من الوجود إل‬
‫العدم‪ .‬وما ذكرناه من استحالة وجود حادث بإرادة قدية يدل على استحالة العدم‪.‬‬
‫ول فعله فإن القوال بذا المر باطلة ويز يد هاه نا إشكال آ خر أقوى من ذلك و هو أن الراد ف عل الر يد ل مالة و كل‬
‫ل فإن ل يتغي هو ف نفسه فل بد وأن يصي فعله موجودا بعد أن ل يكن موجودا‪ .‬فإنه لو‬ ‫ل ث صار فاع ً‬
‫من ل يكن فاع ً‬
‫بقي كما كان إذ ل يكن له فعل والن أيضا ل فعل له فإذن ل يفعل شيئا‪ .‬والعدم ليس بشيء فكيف يكون فعلً وإذا‬
‫أعدم العال وتدد له فعل ل يكن فما ذلك الفعل أهو وجود العال وهو مال إذا انقطع الوجود أو فعله عدم العال وعدم‬
‫العال ليس بشيء حت يكون فعلً فإن أقل درجات الفعل أن يكون موجودا وعدم العال ليس شيئا موجودا حت يقال‪:‬‬
‫هو الذي فعله الفاعل وأوجده الوجد‪ .‬ولشكال هذا زعموا‪ :‬افترق التكلمون ف التقصي عن هذا أربع فرق وكل فرقة‬
‫اقتح مت مالً‪ .‬قول العتزلة بلق الفناء‪ ...‬أ ما العتزلة فإن م قالوا‪ :‬فعله ال صادر م نه موجود و هو الفناء يل قه ل ف م ل‬
‫فينعدم كل العال دفعة واحدة وينعدم الفناء الخلوق بنفسه حت ل يتاج إل فناء آخر فيتسلسل إل غي ناية‪ .‬وهو فاسد‬
‫من وجوده أحدها أن الفناء ليس موجودا معقولً حت يقدر خلقه ث إن كان موجودا فلم ينعدم بنفسه من غي معدم ث‬
‫ل يعدم العال فإنه إن خلق ف ذات العال وحل فيه فهو مال لن الال يلقي الحلول فيجتمعان ولو ف لظة فإذا جاز‬
‫اجتماعه ما ل ي كن ضدا فلم يف نه‪ .‬وإن خل قه ل ف العال ول ف م ل ف من أ ين يضاد وجوده وجود العال ث ف هذا‬
‫الذ هب شنا عة أخرى و هو أن ال ل يقدر على إعدام ب عض جوا هر العال دون ب عض بل ل يقدر إل على إحداث فناء‬
‫يعدم العال كله لنا إذا ل تكن ف مل كان نسبتها إل الكل على وتية‪.‬‬
‫الفرقة الثانية الكرامية حيث قالوا‪ :‬إن فعله العدام والعدام عبارة عن موجود يدثه ف ذاته تعال عن قولم فيصي العال‬
‫به معدوما‪ .‬وكذلك الوجود عندهم بإياد يدثه ف ذاته فيصي الوجود به موجودا‪ .‬وهذا أيضا فاسد إذ فيه كون القدي‬
‫مل الوادث ث خروج عن العقول إذ ل يعقل من الياد إل وجود منسوب إل إرادة وقدرة‪ .‬فإثبات شيء آخر سوى‬
‫الرادة والقدرة ووجود القدور وهو العال ل يعقل وكذى العدام‪ .‬وقول الشعرية بعدم خلق البقاء‪...‬‬
‫الفرقة الثالثة الشعرية إذ قالوا‪ :‬أما العراض فإنا تفن بأنفسها ول يتصور بقاءها لنه لو تصور بقاءها لا تصور فناؤها‬
‫لذا الع ن‪ .‬وأ ما الوا هر فلي ست باق ية بأنف سها ولكن ها باق ية ببقاء زائد على وجود ها فإذا ل يلق ال البقاء انعدم لعدم‬
‫البقى‪ .‬وهو أيضا فاسد لا فيه من مناكرة الحسوس ف أن السواد ل يبقى والبياض كذلك وأنه متجدد الوجود والعقل‬
‫ينبوا عن هذا ك ما ينبوا عن قول القائل‪ :‬إن ال سم متجدد الوجود ف كل حالة والع قل القا ضي بأن الش عر الذي على‬
‫رأس النسان ف يوم هو الشعر الذي كان بالمس ل مثله يقضي أيضا به ف سواد الشعر‪ .‬ث فيه إشكال آخر وهو أن‬
‫البا قي إذا ب قي ببقاء فيلزم أن تب قى صفات ال ببقاء‪ .‬وذلك وقول الفر قة الراب عة بعدم خلق الر كة أو ال سكون والفر قة‬
‫الرابعة طائفة أخرى من الشعرية إذ قالوا‪ :‬إن العراض تفن بأنفسها وأما الواهر فإنا تفن بأن ل يلق ال فيها حركة‬
‫ول سكونا ول اجتماعا ول افتراقا في ستحيل أن يب قى ج سم ل يس ب ساكن ول متحرك فينعدم‪ .‬وكأن فرق ت الشعر ية‬
‫مالوا إل أن العدام ليس بفعل إنا هو كف عن الفعل لا ل يعقلوا كون العدم فعلً‪ .‬وإذا بطلت هذه الطرق ل يبق وجه‬
‫للقول بواز إعدام العال‪ .‬وقول م با ستحالة انعدام الن فس الاد ثة‪ ...‬هذا لو ق يل بأن العال حادث فإن م مع ت سليمهم‬
‫حدوث النفس النسانية يدعون استحالة انعدامها بطريق يقرب ما ذكرناه‪.‬‬

‫وباستحالة انعدام كل قائم بنفسه وبالملة عندهم كل قائم بنفسه ل ف مل ل يتصور انعدامه بعد وجوده سواء كان‬
‫قديا أو حادثا‪ .‬وإذا قيل لم‪ :‬مهما أغلي النار تت الاء انعدم الاء قالوا ل ينعدم ولكن انقلب بارا ث ماء‪ .‬فالادة وهي‬
‫اليول باقية ف الواء و هي الادة الت كانت لصورة الاء وإنا خلعت اليول صورة الائية ولبست صورة الوائية‪ .‬وإذا‬
‫أصعاب الواء برد كثعف وانقلب ماء ل معن مادة تددت بعل الواد مشتركعة بيع العناصعر وإناع يتبدل عليهعا صعورها‪.‬‬
‫الواب‪ :‬العدام بإرادة ال الذي أ جد العدم والواب‪ :‬أن ما ذكرتوه من الق سام وإن أم كن أن نذب عن كل وا حد‬
‫ونبي أن إبطاله على أصلكم ل يستقيم لشتمال أصولكم على ما هو من جنسه ولكنا ل نطول به ونقتصر على قسم‬
‫واحعد ونقول‪ :‬بع تنكرون على معن يقول‪ :‬الياد والعدام بإرادة القادر فإذا أراد ال أوجعد وإذا أراد أعدم وهذا معنع‬
‫كونه قادرا على الكمال وهو ف جلة ذلك ل يتغي ف نفسه وإنا يتغي الفعل‪ .‬وأما قولكم‪ :‬إن الفاعل ل بد وأن يصدر‬
‫منه فعل فما الصادر منه قلنا‪ :‬الصادر منه ما تدد وهو العدم إذ ل يكن عدم ث تدد العدم فهو الصادر عنه‪ .‬قولم‪:‬‬
‫العدم ليس بشيء فإن قلتم‪ :‬إنه ليس بشيء فكيف صدر منه قولنا‪ :‬هو واقع فهو معقول‪ ...‬قلنا‪ :‬وهو ليس بشيء فكيف‬
‫وقع وليس معن صدوره منه إل أن ما وقع مضاف إل قدرته فإذا عقل وقوعه ل ل تعقل إضافته إل القدرة وما الفرق‬
‫ل على العراض والصور ويقول‪ :‬العدم ليس بشيء فكيف يطرى وكيف يوصف‬ ‫بينهم وبي من ينكر طريان العدم أص ً‬
‫بالطريان والتجدد ول نشك ف أن العدم يتصور طريانه على العراض فالوصوف بالطريان معقول وقوعه سى شيئا أو‬
‫ل يسم فإضافة ذلك الواقع العقول إل قدرة القادر أيضا معقول‪.‬‬

‫ل يقع العدم بل أضداد الطريان فإن قيل‪ :‬هذا إنا يلزم على مذهب من يوز عدم الشيء بعد وجوده فيقال له‪ :‬ما الذي‬
‫طرى وعند نا ل ينعدم الش يء الوجود وإن ا مع ن انعدام العراض طريان أضداد ها ال ت هي موجودات ل طريان العدم‬
‫الجرد الذي ل يس بش يء فإن ما ل يس بش يء ك يف يو صف بالطريان فإذا اب يض الش عر فالطاري هو البياض ف قط و هو‬
‫موجود ول نقول الطاري هو عدم ال سواد‪ .‬قول نا‪ :‬ي قع العدم وهذا فا سد من وجه ي‪ :‬أحده ا أن طريان البياض هل‬
‫تضمن عدم السواد أم ل فإن قالوا‪ :‬ل فقد كابروا العقول‪ .‬وإن قالوا‪ :‬نعم فالتضمن غي التضمن أم عينه فإن قالوا‪ :‬هو‬
‫عينه كان متناقضا إذ الشيء ل يتضمن نفسه‪ .‬وإن قالوا غيه فذلك الغي معقول أم ل فإن قالوا‪ :‬ل قلنا‪ :‬فبم عرفتم أنه‬
‫متض من وال كم عل يه بكو نه متضمنا اعتراف بكو نه معقولً‪ .‬وإن قالوا‪ :‬ن عم فذلك التض من العقول و هو عدم ال سواد‬
‫قدي أو حادث‪ .‬فإن قالوا‪ :‬قدي فهو مال‪ .‬وإن قالوا‪ :‬حادث فالوصوف بالدوث كيف ل يكون معقولً وإن قالوا‪ :‬ل‬
‫قد ي ول حادث ف هو مال ل نه ق بل طريان البياض لو ق يل‪ :‬ال سواد معدوم كان كذبا وبعده إذا ق يل‪ :‬إ نه معدوم كان‬
‫صدقا فهو طار ل مالة‪ .‬فهذا الطاري معقول فيجوز أن يكون منسوبا إل قدرة قادر‪.‬‬
‫الركة وما إليها تنعدم دون وقوع أضدادها الوجه الثان أن من العراض ما ينعدم عندهم ل بضده فإن الركة ل ضد‬
‫لا وإنا التقابل بينهما وبي السكون عندهم تقابل اللكة والعدم أي تقابل الوجود والعدم ومعن السكون عدم الركة‪.‬‬
‫فإذا عدمت الركة ل يطر سكون هو ضده بل هو عدم مض وكذلك الصفات الت هي من قبيل الستكمال كانطباع‬
‫أشباح الحسوسات ف الرطوبة الليدية من العي بل انطباع صور العقولت ف النفس فإنا ترجع إل استفتاح وجود‬
‫من غي زوال ضده وإذا عدم كان معناها زوال الوجود من غي استعقاب ضده‪ .‬فزوالا عبارة عن عدم مض قد طرى‬
‫فعقل قدرة القادر ف إمكانا أن تدث العدم كما تدث الوجود‪ .‬فتبي بذا أنه مهما تصور وقوع حادث بإرادة قدية ل‬
‫يفترق الال بي أن يكون الواقع عدما أو وجودا‪ .‬مسألة ف بيان تلبيسهم بقولم إن ال فاعل العال وصانعه وأن العال‬
‫صنعه وفعله وبيان أن ذلك ماز عندهم وليس بقيقته قولنا‪ :‬ل يتصور على مساق أصلهم أن يكون العال من صنع ال‬
‫و قد اتف قت الفل سفة سوى الدهر ية على أن للعال صانعا وأن ال هو صانع العال وفاعله وأن العال فعله و صنعه وهذا‬
‫تلبيس على أصلهم‪ .‬بل ل يتصور على مساق أصلهم أن يكون العال من صنع ال من ثلثة أوجه‪ :‬وجه ف الفاعل ووجه‬
‫ف الفعل ووجه ف نسبة مشتركة بي الفعل والفاعل‪.‬‬
‫ل لا‬‫خبالم من ثلثة وجوه أما الذي ف الفاعل فهو أنه ل بد وأن يكون مريدا متارا عالا با يريده حت يكون فاع ً‬
‫ل وما يصدر عنه فيلزم منه لزوما ضروريا‪ .‬والثان أن العال قدي‬ ‫يريده‪ .‬وال تعال عندهم ليس مريدا بل ل صفة له أص ً‬
‫والفعل هو الادث‪ .‬والثالث أن ال واحد عندهم من كل وجه والواحد ل يصدر منه عندهم إل واحد من كل وجه‬
‫والعال مركب من متلفات فكيف يصدر عنه ف الفاعل‪ :‬تقولون أن العال من ال باللزوم‪ ...‬ولنحقق وجه كل واحد‬
‫من هذه الوجوه الثلثة مع خبالم ف دفعه‪ .‬الول فنقول‪ :‬الفاعل عبارة عمن يصدر منه الفعل مع الرادة للفعل على‬
‫سبيل الختيار ومع العلم بالراد‪ .‬وعندكم أن العال من ال كالعلول من العلة يلزم لزوما ضروريا ل يتصور من ال دفعه‬
‫لزوم الظل من الشخص والنور من الشمس وليس هذا من الفعل ف شيء‪ .‬ول يقال الفاعل فاعلً إل على وجه الرادة‬
‫والختيار بل من قال إن السراج يفعل الضوء والشخص يفعل الظل فقد جازف وتوسع ف التجوز توسعا خارجا من‬
‫الد واستعار اللفظ اكتفاء بوقوع الشاركة بي الستعار له والستعار عنه ف وصف واحد وهو أن الفاعل سبب على‬
‫ل صانعا بجرد كونه سببا بل بكونه سببا‬ ‫الملة والسراج سبب الضوء والشمس سبب النور‪ .‬ولكن الفاعل ل يسم فاع ً‬
‫على وجه مصوص وهو على وجه الرادة والختيار حت لو قال القائل‪ :‬الدار ليس بفاعل والجر ليس بفاعل والماد‬
‫ليس بفاعل وإنا الفعل للحيوان ل ينكر ذلك ول يكن قوله كاذبا‪ .‬وللحجر فعل عندهم وهو الوى والثقل واليل إل‬
‫ل وهو التسخي وللحائط فعل وهو اليل إل الركز ووقوع الظل فإن كل ذلك صادر منه وهذا‬ ‫الركز كما أن للنار فع ً‬
‫مال‪ .‬قولم‪ :‬الفعل جنسان‪ ...‬فإن قيل‪ :‬كل موجود ليس واجب الوجود بذاته بل هو موجود بغيه فإنا نسمي ذلك‬
‫ل بآلة‬‫الشيء مفعو ًل ونسمي سببه فاعلً ول نبال كان السبب فاعلً بالطبع أو بالرادة كما أنكم ل تبالون أنه كان فاع ً‬
‫أو بغي آلة‪ .‬بل الفعل جنس وينقسم إل ما يقع بآلة وإل ما يقع بغي آلة فكذلك هو جنس وينقسم إل ما يقع بالطبع‬
‫وإل ما يقع بالختيار‪ .‬ويقال‪ " :‬فعل " بالطبع والختيار بدليل أنا إذا قلنا " فعل " بالطبع ل يكن قولنا " بالطبع " ضدا‬
‫لقولنا " فعل " ول دفعا ونقضا له بل كان بيانا لنوع الفعل كما إذا قلنا " فعل " مباشرة بغي آلة ل يكن نقضا بل كان‬
‫تنويعا وبيانا‪ .‬وإذا قل نا " ف عل " بالختيار ل ي كن تكرارا م ثل قول نا‪ :‬حيوان إن سان بل كان بيانا لنوع الف عل كقول نا "‬
‫فعل " بآلة‪ .‬ولو كان قولنا " فعل " يتضمن الرادة وكانت الرادة ذاتية للفعل من حيث أنه فعل لكان قولنا " فعل "‬
‫بالطبع متناقضا كقولنا فعل وما فعل‪ .‬قولنا‪ :‬الماد ل فعل له‪ ...‬قلنا‪ :‬هذه التسمية فاسدة ول يوز أن يسمى كل سبب‬
‫بأي و جه كان فاعلً ول كل م سبب مفعولً‪ .‬ولو كان كذلك ل ا صح أن يقال الماد ل ف عل له وإن ا الف عل للحيوان‬
‫ل فبالستعارة كما قد يسمى طالبا مريدا على‬ ‫وهذه من الكلمات الشهورة الصادقة‪ .‬إل بالستعادة فإن سى الماد فاع ً‬
‫سعبيل الجاز إذ يقال الجعر يهوى لنعه يريعد الركعز ويطلبعه والطلب والرادة حقيقيعة ل يتصعور إل معع العلم بالراد‬
‫الطلوب ول يتصور إل من اليوان‪.‬‬
‫فالفعل يتضمن الرادة وأما قولكم‪ :‬إن قولنا " فعل " عام وينقسم إل ما هو بالطبع وإل ما هو بالرادة غي مسلم وهو‬
‫كقول القائل‪ :‬قول نا " أراد " عام وينق سم إل من ير يد مع العلم بالراد وإل من ير يد ول يعلم ما ير يد و هو فا سد إذ‬
‫الرادة تتض من العلم بالضرورة فكذلك الف عل يتض من الرادة بالضرورة‪ .‬وأ ما قول كم‪ :‬إن قول نا " ف عل " بالط بع ل يس‬
‫بنقض للول فليس كذلك فإنه نقض له من حيث القيقة ولكن ل يسبق إل الفهم التناقض ول يشتد نفور الطبع عنه‬
‫ل مازا‪ .‬الف عل بالختيار حقي قة هو ف عل‬ ‫ل نه يب قى مازا فإ نه ل ا أن كان سببا بو جه ما والفا عل أيضا سبب سي فع ً‬
‫حقيقي وإذا قال " فعل " بالختيار فهو تكرير على التحقيق كقوله " أراد " وهو عال با أراده‪ .‬إل أنه لا تصور أن يقال‬
‫" فعل " وهو ماز ويقال " فعل " وهو حقيقة ل تنفر النفس عن قوله " فعل " بالختيار وكان معناه فعل فعلً حقيقيا ل‬
‫مازيا كقول القائل‪ :‬تكلم بل سانه ون ظر بعي نه فإ نه ل ا جاز أن ي ستعمل الن ظر ف القلب مازا والكلم ف تر يك الرأس‬
‫واليد حت يقال قال برأسه أي نعم ل يستقبح أن يقال‪ :‬قال بلسانه ونظر بعينه ويكون معناه نفي احتمال الجاز‪ .‬فهذا‬
‫مزلة القدم فليتنبه لحل انداع هؤلء الغبياء‪ .‬قولم‪ :‬يقال النار ترق فإن قيل‪ :‬تسمية الفاعل فاعلً إنا يعرف من اللغة‬
‫وإل فقد ظهر ف العقل أن ما يكون سببا للشيء ينقسم إل ما يكون مريدا وإل ما ل يكون‪ .‬ووقع الناع ف أن اسم‬
‫الفععل على كلى القسعمي حقيقعة أم ل ول سعبيل إل إنكاره إذ العرب تقول‪ :‬النار ترق والسعيف يقطعع والثلج يعبد‬
‫والسعقمونيا تسعهل والبعز يشبعع والاء يروي‪ .‬وقولنعا " يضرب " معناه يفععل الضرب وقولنعا " ترق " معناه تفععل‬
‫الحتراق وقولنا " يقطع " معناه يفعل القطع‪ .‬فإن قلتم‪ :‬إن كل ذلك ماز كنتم متحكمي فيه من غي مستند‪ .‬قولنا‪ :‬من‬
‫أل قى إن سانا ف نار فمات هو القا تل دون النار‪ ...‬والواب أن كل ذلك بطر يق الجاز وإن ا الف عل القي قي ما يكون‬
‫بالرادة‪ .‬والدليل عليه أنا لو فرضنا حادثا توقف ف حصوله على أمرين أحدها إرادي والخر غي إرادي أضاف العقل‬
‫الفعل إل الرادي‪ .‬وكذى اللغة فإن من ألقى إنسانا ف نار فمات يقال‪ :‬هو القاتل دون النار حت إذا قيل‪ :‬ما قتله إل‬
‫فلن صدق قائله‪ .‬لنه متار فإن كان اسم الفاعل على الريد وغي الريد على وجه واحد ل بطريق كون أحدها أصلً‬
‫ل مع أن النار هي العلة القري بة ف الق تل وكأن‬ ‫وكون ال خر م ستعارا م نه فلم يضاف الق تل إل الر يد ل غة وعرفا وعق ً‬
‫ل ول تسم النار‬ ‫اللقى ل يتعاط إل المع بينه وبي النار‪ .‬ولكن لا أن كان المع بالرادة وتأثي النار بغي إرادة سي قات ً‬
‫قاتلً إل بنوع من الستعارة‪ .‬فدل أن الفاعل من صدر الفعل عن إرادته وإذا ل يكن ال مريدا عندهم ول متارا لفعل ل‬
‫ل قولم‪ :‬نعن بكون ال فاعلً أن العال قوامه به فإن قيل‪ :‬نن نعن بكون ال فاعلً أنه سبب لوجود‬ ‫يكن صانعا ول فاع ً‬
‫كل موجود سواه وأن العال قوامه به ولول وجود البارئ لا تصور وجود العال ولو قدر عدم البارئ لنعدم العال كما‬
‫لو قدر عدم الشمعس لنعدم الضوء‪ .‬فهذا معا نعنيعه بكونعه فاعلً فإن كان الصعم يأبع أن يسعمي هذا العنع فعلً فل‬
‫مشاحة ف السامي بعد ظهور العن‪ .‬قولنا‪ :‬ل تقولوا إن ال " صانع " العال قلنا‪ :‬غرضنا أن نبي أن هذا العن ل يسمى‬
‫ل وصنعا وإنا العن بالفعل والصنع ما يصدر عن الرادة حقيقية‪ .‬وقد نفيتم حقيقة معن الفعل ونطقتم بلفظه تملً‬ ‫فع ً‬
‫بال سلميي ول ي تم الد ين بإطلق اللفاظ الفار غة عن العا ن‪ .‬ف صرحوا بأن ال ل ف عل له ح ت يت ضح أن معتقد كم‬
‫مالف لديعن السعلمي‪ .‬ول تلبسعوا بأن ال صعانع العال وأن العال صعنعه فإن هذه لفظعة أطلقتموهعا ونفيتعم حقيقتهعا‬
‫ومقصود هذه السألة الكشف عن هذا التلبيس فقط‪.‬‬
‫ل ل على أصلهم بشرط ف الفعل وهو أن الفعل‬ ‫الثان إن كان العال موجودا فل يكن إياده ف إبطال كون العال فع ً‬
‫عبارة عن الحداث والعال عندهم قدي وليس بادث ومعن الفعل إخراج الشيء من العدم إل الوجود بإحداثه‪ .‬وذلك‬
‫ل يتصور ف القدي إذ الوجود ل يكن إياده‪ .‬فإذن شرط الفعل أن يكون حادثا والعال قدي عندهم فكيف يكون فعلً‬
‫ل قولم‪ :‬الوجود متعلق بالفاعل‪ ...‬فإن قيل‪ :‬معن الادث موجود بعد عدم فلنبحث أن الفاعل إذا أحدث كان الصادر‬
‫منه التعلق به الوجود الجرد أو العدم الجرد أو كلها‪ .‬وباطل أن يقال‪ :‬إن التعلق به العدم السابق إذ ل تأثي للفاعل ف‬
‫العدم وباطل أن يقال‪ :‬كلها إذ بان أن العدم ل يتعلق به أصلً وأن العدم ف كونه عدما ل يتاج إل فاعل البتة فبقي‬
‫أنه متعلق به من حيث أنه موجود وأن الصادر منه مرد الوجود وأنه ل نسبة إليه إل الوجود‪ .‬فإن فرض الوجود دائما‬
‫فرضت النسبة دائمة وإذا دامت هذه النسبة كان النسوب إليه أفعل وأدوم تأثيا لنه ل يتعلق العدم بالفاعل بال‪.‬‬
‫ل سبق العدم وإن كان مشترطا به فب قي أن يقال‪ :‬إ نه متعلق به من ح يث أ نه حادث ول مع ن لكو نه حادثا إل أ نه‬
‫وجود بعد عدم والعدم ل يتعلق به فإن جعل سبق العدم وصف الوجود وقيل‪ :‬التعلق به وجود مصوص ل كل وجود‬
‫و هو وجود م سبوق بالعدم فيقال‪ :‬كو نه م سبوقا بالعدم ل يس من ف عل فا عل و صنع صانع فإن هذا الوجود ل يت صور‬
‫صدوره من فاعله إل والعدم سابق عليه وسبق العدم ليس بفعل الفاعل‪ .‬فكونه مسبوق العدم ليس بفعل الفاعل فل تعلق‬
‫له به‪ .‬فاشتراطه ف كونه فعلً اشتراط ما ل تأثي للفاعل فيه بال‪ .‬وأما قولكم‪ :‬إن الوجود ل يكن إياده إن عنيتم به‬
‫أنه ل يستأنف له وجود بعد عدم فصحيح‪ .‬ل إياد إل لوجود وإن عنيتم به أنه ف حال كونه موجودا ل يكون موجدا‬
‫ف قد بي نا أ نه يكون موجدا ف حال كو نه موجودا ل ف حال كو نه معدوما‪ .‬فإ نه إن ا يكون الش يء موجدا إذا كان‬
‫الفا عل موجدا ول يكون الفا عل موجدا ف حال العدم بل ف حال وجود الش يء م نه‪ .‬والياد مقارن لكون الفا عل‬
‫موجدا وكون الفعول موجدا ل ته عبارة عن ن سبة الو جد إل الو جد و كل ذلك مع الوجود ل قبله‪ .‬فإذن ل إياد إل‬
‫لوجود إن كان الراد بالياد النسبة الت با يكون الفاعل موجدا والفعول موجدا‪ .‬قالوا‪ :‬ولذا قضينا بأن العال فعل ال‬
‫أزلً وأبدا وما من حال إل وهو فاعل له لن الرتبط بالفاعل الوجود فإن دام الرتباط دام الوجود وإن انقطع انقطع ل‬
‫كما تيلتموه من أن البارئ لو قدر عدمه لبقى العال إذ ظننتم أنه كالبناء مع البناء فإنه ينعدم ويبقى البناء فإن بقاء البناء‬
‫ل يس بالبا ن بل هو باليبو سة الم سكة لتركي به إذ لو ل ي كن ف يه قوة ما سكة كالاء مثلً ل يت صور بقاء الش كل الادث‬
‫بفعل الفاعل فيه‪ .‬قولنا‪ :‬الفعل يتعلق بالفاعل من حيث حدوثه‪ ...‬والواب‪ :‬إن الفعل يتعلق بالفاعل من حيث حدوثه‬
‫ل من حيث عدمه السابق ول من حيث كونه موجودا فقط فإنه ل يتعلق به ف ثان حال الدوث عندنا وهو موجود‬
‫بل يتعلق به ف حال حدو ثه من حيث أ نه حدوث وخروج من العدم إل الوجود فإن نفى م نه معن الدوث ل يعقل‬
‫ل ول تعلقه بالفاعل‪.‬‬
‫كونه فع ً‬
‫ول يتعلق به سبق العدم وقولكم‪ :‬إن كونه حادثا يرجع إل كونه مسبوقا بالعدم وكونه مسبوقا بالعدم ليس من فعل‬
‫الفا عل وج عل الا عل ف هو كذلك لك نه شرط ف كون الوجود فعل الفا عل أعن كو نه م سبوقا بالعدم‪ .‬فالوجود الذي‬
‫ل ينبغي أن يكون‬ ‫ليس مسبوقا بعدم بل هو دائم ل يصلح لن يكون فعل الفاعل وليس كل ما يشترط ف كون الفعل فع ً‬
‫بفعل الفاعل فإن ذات الفاعل وقدرته وإرادته وعلمه شرط ف كونه وليس ذلك من أثر الفعل ولكن ل يعقل فعل إل من‬
‫ل وإن ل ي كن من أ ثر الفا عل‪ .‬الف عل مع الفا عل‬ ‫موجود فكان وجود الفا عل شرطا وإراد ته وقدر ته وعل مه ليكون فاع ً‬
‫كالاء مع اليد ف تر يك الاء فإن ق يل‪ :‬إن اعترفتم بواز كون الفعل مع الفا عل غي متأ خر عنه فيلزم أن يكون الفعل‬
‫حادثا إن كان الفا عل حادثا وقديا إن كان قديا‪ .‬وإن شرط تم أن يتأ خر الف عل عن الفا عل بالزمان فهذا مال إذ من‬
‫حرك اليد ف قدح ماء ترك الاء مع حركة اليد ل قبله ول بعده إذ لو ترك بعده لكان اليد مع الاء قبل تنحيه ف حيز‬
‫وا حد ولو ترك قبله لنف صل الاء عن ال يد و هو مع كو نه م عه معلوله وف عل من جه ته‪ .‬فإن فرض نا ال يد قدي ة ف الاء‬
‫متحر كة كا نت حر كة الاء أيضا دائ مة و هي مع دوام ها معلولة ومفعولة‪ .‬ول يت نع ذلك بفرض الدوام فكذلك ن سبة‬
‫العال إل ال‪ .‬قول نا‪ :‬يكون الف عل حادثا! ول يس الكلم عن العلول قل نا‪ :‬ل ن يل أن يكون الف عل مع الفا عل ب عد كون‬
‫ل ث سواء كان متأخرا عن ذات الفاعل أو مقارنا له‪.‬‬ ‫الفعل حادثا كحركة الاء فإنا حادثة عن عدم فجاز أن يكون فع ً‬
‫ل ماز مرد ل حقيقة له‪ .‬وأما العلول مع العلة فيجوز أن‬ ‫وإنا نيل الفعل القدي فإن ما ليس حادثا عن عدم فتسميته فع ً‬
‫يكونا حادثي وأن يكونا قديي كما يقال‪ :‬إن العلم القدي علة لكون القدي عالا ول كلم فيه وإنا الكلم فيما يسمى‬
‫ل ومعلول العلة ل ي سمى ف عل العلة إل مازا بل ما ي سمى فعلً فشر طه أن يكون حادثا عن عدم فإن توز متجوز‬ ‫فع ً‬
‫ل لغيه كان متجوزا ف الستعارة‪.‬‬ ‫بتسمية القدي الدائم الوجود فع ً‬
‫الر كة دائ مة الدوث وقول كم‪ :‬لو قدر نا حر كة ال صبع مع ال صبع قديا دائما ل يرج حر كة الاء عن كو نه فعلً‬
‫ل له من حيث‬ ‫تلبيس لن الصبع ل فعل له وإنا الفاعل ذو الصبع وهو الريد ولو قدر قديا لكانت حركة الصبع فع ً‬
‫أن كل جزء من الركة فحادث عن عدم فبهذا العتبار كان فعلً وأما حركة الاء فقد ل نقول أنه من فعله بل هو من‬
‫ل من ح يث أ نه حادث إل أ نه دائم الدوث و هو ف عل من ح يث أ نه حادث‪.‬‬ ‫ف عل ال‪ .‬وعلى أي و جه كان فكو نه فع ً‬
‫ل بل معلولً فإن ق يل‪ :‬فإذا اعترف تم بأن ن سبة الف عل إل الفا عل من ح يث أ نه موجود كن سبة‬ ‫قول م‪ :‬ل ت سمي هذا فع ً‬
‫العلول إل العلة ث سلمتم تصور الدوام ف نسبة العلة فنحن ل نعن بكون العال فعلً إل كونه معلولً دائم النسبة إل ال‬
‫تعال فإن ل تسموا هذا فعلً فل مضايقة ف التسميات بعد ظهور العان‪ .‬قولنا‪ :‬استعمالكم لفظة " فعل " ماز قلنا‪ :‬ول‬
‫ل تقيقا ول العال‬ ‫غرض من هذه ال سألة إل بيان أن كم تتجملون بذه ال ساء من غ ي تق يق وأن ال عند كم ل يس فاع ً‬
‫فعله تقيقا وأن إطلق هذا السم ماز منكم ل تقيق له وقد ظهر هذا‪.‬‬
‫ل ل على أ صلهم‬ ‫الثالث ل يكون العال ف عل ال إذا ل ي صور من الوا حد إل ش يء وا حد ف ا ستحالة كون العال فع ً‬
‫بشرط مشترك بي الفاعل والفعل وهو أنم قالوا‪ :‬ل يصدر من الواحد إل شيء واحد والبدأ واحد من كل وجه والعال‬
‫مركب من متلفات فل يتصور أن يكون فعلً ل بوجب أصلهم‪ .‬قولم‪ :‬بطريق التوسط‪ ...‬فإن قيل‪ :‬العال بملته ليس‬
‫صادرا من ال بغي واسطة بل الصادر منه موجود واحد هو أول الخلوقات وهو عقل مرد أي هو جوهر قائم بنفسه‬
‫غي متحيز يعرف نفسه ويعرف مبدأه ويعب عنه ف لسان الشرع باللك ث يصدر منه الثالث ومن الثالث رابع وتكثر‬
‫الوجودات بالتوسط‪ .‬عن أسباب الكثرة فإن اختلف الفعل وكثرته إما أن يكون لختلف القوى الفاعلة كما أنا نفعل‬
‫بقوة الشهوة خلف ما نفعل بقوة الغضب وإما أن يكون لختلف الواد كما أن الشمس تبيض الثوب الغسول وتسود‬
‫و جه الن سان وتذ يب ب عض الوا هر وت صلب بعض ها وإ ما لختلف اللت كالنجار الوا حد ين شر بالنشار وين حت‬
‫بالقدوم ويثقب بالثقب وإما أن تكون كثرة الفعل بالتوسط بأن يفعل فعلً واحدا ث ذلك الفعل يفعل غيه فيكثر الفعل‪.‬‬
‫والتوسط وحده مكن وهذه القسام كلها مال ف البدأ الول إذ ليس ف ذاته اختلف واثنينية وكثرة كما سيأت ف أدلة‬
‫التوحيد ول ث اختلف مواد فإن الكلم ف العلول الول والذي هي الادة الول مثلً ول ث اختلف آلة إذ ل موجود‬
‫مع ال ف رتب ته‪ .‬فالكلم ف حدوث اللة الول فلم ي بق إل أن تكون الكثرة ف العال صادرة من ال بطر يق التو سط‬
‫ك ما سبق‪ .‬قل نا‪ :‬فيلزم من هذا أن ل يكون ف العال ش يء وا حد مر كب من أفراد بل تكون الوجودات كل ها آحادا‬
‫وكل واحد معلول لواحد آخر فوقه وعلة لخر تته إل أن ينتهي إل معلول ل معلول له كما انتهى ف جهة التصاعد‬
‫إل علة ل علة له‪ .‬ول يس كذلك فإن ال سم عند هم مر كب من صورة وهيول و قد صار باجتماعه ما شيئا واحدا‪.‬‬
‫والنسان مركب من جسم ونفس ليس وجود أحدها من الخر بل وجودها جيعا بعلة أخرى‪ .‬والفلك عندهم كذلك‬
‫فإنه جرم ذو نفس ل تدث النفس بالرم ول الرم بالنفس بل كلها صدرا من علة سواها‪ .‬حيث يقع التقاء الواحد‬
‫والركب يبطل القول بأن الواحد ل يصدر منه إل واحد فكيف وجدت هذه الركبات أمن علة واحدة فيبطل قولم‪ :‬ل‬
‫يصدر من الواحد إل واحد أو من علة مركبة فيتوجه السؤال ف تركيب العلة إل أن يلتقي بالضرورة مركب ببسيط‪.‬‬
‫فإن البدأ بسيط وف الواخر تركيب ول يتصور ذلك إل بالتقاء وحيث يقع التقاء يبطل قولم إن الواحد ل يصدر منه‬
‫إل واحد‪ .‬قولم‪ :‬مذهبنا ف انقسام الوجودات‪ ...‬فإن قيل‪ :‬إذا عرف مذهبنا اندفع الشكال فإن الوجودات تنقسم إل‬
‫ما هي ف مال كالعراض وال صور وإل ما لي ست ف مال وهذا ينق سم إل ما هي مال لغي ها كالج سام وإل ما‬
‫ليست بحال كالوجودات الت هي جواهر قائمة بأنفسها وهي تنقسم إل ما يؤثر ف الجسام ونسميها نفوسا وإل ما‬
‫ل يؤثر ف الجسام بل ف النفوس ونسميها عقو ًل مردة‪ .‬أما الوجودات الت تل ف الحال كالعراض فهي حادثة ولا‬
‫علل حادثة وتنتهي إل مبدأ هو حادث من وجه دائم من وجه وهي الركة الدورية وليس الكلم فيها‪.‬‬
‫القائمة بأنفسها وإنا الكلم ف الصول القائمة بأنفسها ل ف مال وهي ثلثة‪ :‬أجسام وهي أخسها وعقول مردة وهي‬
‫الت ل تتعلق بالجسام ل بالعلقة الفعلية ول بالنطباع فيها وهي أشرفها ونفوس وهي أوسطها فإنا تتعلق بالجسام‬
‫نوعا من التعلق وهو التأثي والفعل فيها فهي متوسطة ف الشرف فإنا تتأثر من العقول وتؤثر ف الجسام‪ .‬ث الجسام‬
‫عشرة ت سع سوات والعا شر الادة ال ت هي ح شو مق عر فلك الق مر وال سموات الت سع حيوانات ل ا أجرام ونفوس ول ا‬
‫ترتيب ف الوجود كما نذكره‪ .‬ترتيب الصدور‪ ...‬وهو أن البدأ الول فاض من وجوده العقل الول وهو موجود قائم‬
‫بنفسه ليس بسم ول منطبع ف جسم يعرف نفسه ويعرف مبدأه وقد سيناه العقل الول ول مشاحة ف السامي سي‬
‫ملكا أو عقلً أو ما أريد‪ .‬ويلزم عن وجوده ثلثة أمور‪ :‬عقل ونفس الفلك القصى وهي السماء التاسعة وجرم الفلك‬
‫القصى‪ .‬ث لزم من العقل الثان عقل ثالث ونفس فلك الكواكب وجرمه ث لزم من العقل الثالث عقل رابع ونفس فلك‬
‫زحل وجرمه ولزم من العقل الرابع عقل خامس ونفس فلك الشتري وجرمه وهكذى حت انتهى إل العقل الذي لزم منه‬
‫ع قل ون فس فلك الق مر وجر مه‪ .‬وأخيا الع قل الفعال والادة ال‪ .‬والع قل الخ ي هو الذي ي سمى الع قل الفعال ولزم‬
‫حشو فلك القمر وهي الادة القابلة للكون والفساد من العقل الفعال وطبائع الفلك‪ .‬ث إن الواد تتزج بسبب حركات‬
‫الكوا كب امتزاجات متلفة يصل من ها العادن والنبات واليوان ول يلزم أن يلزم من كل عقل عقل إل غي ناية لن‬
‫هذه العقول متلفة النواع فما ثبت لواحد ل يلزم للخر‪.‬‬
‫ف العلول الول ثلثة أشياء فخرج منه أن العقول بعد البدأ الول عشرة والفلك تسعة ومموع هذه البادئ الشريفة‬
‫بعد الول تسعة عشر وحصل منه أن تت كل عقل من العقول الول ثلثة أشياء‪ :‬عقل ونفس فلك وجرمه فل بد وأن‬
‫يكون ف مبدئه تثل يث ل مالة ول يتصور كثرة ف العلول الول إل من وجه واحد وهو أنه يعقل مبدأه ويعقل نفسه‬
‫و هو باعتبار ذا ته م كن الوجود لن وجوب وجوده بغيه ل بنف سه وهذه معان ثل ثة متل فة‪ .‬والشرف من العلولت‬
‫الثلثة ينبغي أن ينسب إل الشرف من هذه العان فيصدر منه العقل من حيث أنه يعقل مبدأه ويصدر نفس الفلك من‬
‫حيث أنه يعقل نفسه ويصدر جرم الفلك من حيث أنه مكن الوجود بذاته‪ .‬ل يصدر من البدأ الول لزوما إل واحد‬
‫فيبقى أن يقال‪ :‬هذا التثليث من أين حصل ف العلول الول ومبدؤه واحد فنقول‪ :‬ل يصدر من البدأ الول إل واحد‬
‫وهو ذات هذا العقل الذي به يعقل نفسه ولزمه ضرورة ل من جهة البدأ إن عقل البدأ وهو ف ذاته مكن الوجود وليس‬
‫له المكان من البدأ الول بل هو لذاته‪ .‬ونن ل نبعد أن يوجد من الواحد واحد يلزم ذلك العلول ل من جهة البدأ‬
‫أمور ضرور ية إضاف ية أو غ ي إضاف ية فيح صل ب سبه كثرة وي صي بذلك مبدأ لوجود الكثرة‪ .‬فعلى هذا الو جه ي كن أن‬
‫يلتقي الر كب بالبسيط إذ ل بد من اللتقاء ول ي كن إل كذلك فهو الذي ي ب الكم به‪ .‬فهذا هو القول ف تفه يم‬
‫مذهب هم‪ .‬قول نا‪ :‬إن ا ترهات! والعتراضات ل تنح صر وإلي كم بعض ها‪ :‬قل نا‪ :‬ما ذكرتوه تكمات و هي على التحق يق‬
‫ظلمات فوق ظلمات لو حكاه الن سان عن منام رآه ل ستدل به على سوء مزا جه أو أورد جن سه ف الفقهيات ال ت‬
‫ق صارى الطلب في ها تمينات لق يل أن ا ترهات ل تف يد غلبات الظنون‪ .‬ومدا خل العتراض على مثله ل تنح صر ولك نا‬
‫نورد وجوها معدودة‪ .‬إن جاز صدور الكثرة عن إمكان الوجود جاز صدورها عن وجوب الوجود الول هو أنا نقول‪:‬‬
‫ادعيتم أن أحد معان الكثرة ف العلول الول أنه مكن الوجود فنقول‪ :‬كونه مكن الوجود عي وجوده أو غيه فإن كان‬
‫عينعه فل ينشعأ منعه كثرة وإن كان غيه فهل قلتعم‪ :‬فع البدأ الول كثرة لنعه موجود وهعو معع ذلك واجعب الوجود‬
‫فوجوب الوجود غيع نفعس الوجود فليجعز صعدور الختلفات منعه لذه الكثرة‪ .‬وإن قيعل‪ :‬ل معنع لوجوب الوجود إل‬
‫الوجود فل معن لمكان الوجود إل الوجود‪ .‬فإن قلتم‪ :‬يكن أن يعرف كونه موجودا ول يعرف كونه مكنا فهو غيه‬
‫فكذا واجب الوجود يكن أن يعرف وجوده ول يعرف وجوبه إل بعد دليل آخر فليكن غيه‪ .‬وبالملة الوجود أمر عام‬
‫ينقسم إل واجب وإل مكن فإن كان فصل أحد القسمي زائدا على العام فكذى الفصل الثان ول فرق‪ .‬قولم‪ :‬إمكان‬
‫الوجود غي الوجود فإن قيل‪ :‬إمكان الوجود له من ذاته ووجوده من غيه فكيف يكون ما له من ذاته وما له من غيه‬
‫واحدا قول نا‪ :‬كذلك وجوب الوجود قل نا‪ :‬وك يف يكون وجوب الوجود ع ي الوجود وي كن أن ين فى وجوب الوجود‬
‫ويثبت الوجود والواحد الق من كل وجه هو الذي ل يتسع للنفي والثبات إذ ل يكن أن يقال‪ :‬موجود وليس بوجود‬
‫أو وا جب الوجود ول يس بوا جب الوجود وي كن أن يقال‪ :‬موجود ول يس بوا جب الوجود ك ما ي كن أن يقال‪ :‬موجود‬
‫وليعس بمكعن الوجود‪ .‬وإناع يعرف الوحدة بذا فل يسعتقيم تقديعر ذلك فع الول إن صعح معا ذكروه معن أن إمكان‬
‫الوجود غي الوجود المكن‪.‬‬
‫إن جاز صدور الكثرة عن قوة الع قل جاز صدورها عن البدأ الول العتراض الثا ن هو أن نقول‪ :‬عقله مبدأه ع ي‬
‫وجوده وع ي عقله نف سه أم غيه فإن كان عي نه فل كثرة ف ذا ته إل ف العبارة عن ذا ته وإن كان غيه فهذه الكثرة‬
‫موجودة ف الول فإنه يعقل ذاته ويعقل غيه‪ .‬فإن زعموا أن عقله ذاته عي ذاته ول يعقل ذاته ما ل يعقل أنه مبدأ لغيه‬
‫فإن الع قل يطا بق العقول فيكون راجعا إل ذا ته‪ .‬فنقول‪ :‬والعلول عقله ذا ته ع ي ذا ته فإ نه ع قل بوهره فيع قل نف سه‬
‫والع قل والعا قل والعقول م نه أيضا وا حد‪ .‬ث إذا كان عقله ذا ته ع ي ذا ته فليع قل ذا ته معلو ًل لعلة فإ نه كذلك والع قل‬
‫يطابق العقول فيجع الكل إل ذاته فل كثرة إذن‪ .‬وإن كانت هذه كثرة فهي موجودة ف الول فليصدر منه الختلفات‪.‬‬
‫ولنترك دعوى وحداني ته من كل و جه إن كا نت الوحدان ية تزول بذا النوع من الكثرة‪ .‬قول م‪ :‬الول ل يع قل إل ذا ته‬
‫فإن ق يل‪ :‬الول ل يع قل إل ذا ته وعقله ذا ته هو ع ي ذا ته فالع قل والعا قل والعقول وا حد ول يع قل غيه‪ .‬قول نا‪ :‬ل‬
‫والواب من وجهي‪ :‬أحدها أن هذا الذهب لشناعته هجره ابن سينا وسائر الحققي وزعموا أن الول يعلم نفسه مبدأ‬
‫ع بأنواعهعا عقلً كليا ل جزئيا إذ اسعتقبحوا قول القائل‪ :‬البدأ الول ل‬ ‫لفيضان معا يفيعض منعه ويعقعل الوجودات كله ا‬
‫يصدر منه إل عقل واحد ث ل يعقل ما يصدر منه ومعلوله عقل ويفيض منه عقل ونفس فلك وجرم فلك ويعقل نفسه‬
‫ومعلولته الثلث وعلته ومبدأه فيكون العلول أشرف من العلة من حيث أن العلة ما فاض منها إل واحد‪ .‬وقد فاض من‬
‫هذا ثلثة أمور والول ما عقل إل نفسه وهذا عقل نفسه ونفس البدأ ونفس العلولت‪ .‬ومن قنع أن يكون قوله ف ال‬
‫راجعا إل هذه الرتبة فقد جعله أحقر من كل موجود يعقل نفسه ويعقله فإن ما يعقله ويعقل نفسه أشرف منه إذا كان‬
‫هو ل يعقل إل نفسه‪ .‬أنزلوا ال منلة الاهل! هكذا يعامل ال التكبين فقد انتهى منهم التعمق ف التعظيم إل أن أبطلوا‬
‫كل ما يف هم من العظمة وقربوا حاله من حال ال يت الذي ل خب له م ا يري ف العال إل أ نه فارق اليت ف شعوره‬
‫بنفسه فقط‪ .‬وهكذى يفعل ال بالزائغي عن سبيله والناكبي لطريق الدى النكرين لقوله‪ " :‬ما أشهدتم خلق السموات‬
‫والرض ول خلق أنفسهم " " الظاني بال ظن السوء " العتقدين أن المور الربوبية يستول على كنهها القوى البشرية‬
‫الغرورين بعقولم زاعمي أن فيها مندوحة عن تقليد الرسل وأتباعهم‪ .‬فل ول يعقل العلول الول غيه الواب الثان هو‬
‫أن من ذهب إل أن الول ل يع قل إل نفسه إن ا حاذر من لزوم الكثرة إذ لو قال به للزم أن يقال‪ :‬عقله غيه غ ي عقله‬
‫نفسه‪ .‬وهذا لزم ف العلول الول فينبغي أن ل يعقل إل نفسه لنه لو عقل الول أو غيه لكان ذلك غي ذاته ولفتقر‬
‫إل علة غي علة ذاته ول علة إل علة ذاته وهو البدأ الول فينبغي أن ل يعلم إل ذاته وتبطل الكثرة الت نشأت من هذا‬
‫الوجه‪ .‬قولم‪ :‬يعقل البدأ فإن قيل‪ :‬لا وجد وعقل ذاته لزمه أن يعقل البدأ‪ .‬قولنا‪ :‬ل يلزمه ذلك بعلة وجوده قلنا‪ :‬لزمه‬
‫ذلك بعلة أو بغ ي علة فإن كان بعلة فل علة إل البدأ الول و هو وا حد ول يت صور أن ي صدر م نه إل وا حد و قد صدر‬
‫و هو ذات العلول فالثا ن ك يف ي صدر م نه وإن لزم بغ ي علة فليلزم وجود الول موجودات بل علة كثية وليلزم من ها‬
‫الكثرة‪ .‬فإن ل يعقل هذا من حيث أن واجب الوجود ل يكون إل واحدا والزائد على الواحد مكن والمكن يفتقر إل‬
‫علة فهذا اللزم ف حق العلول‪ .‬إن كان واجب الوجود بذاته فقد بطل قولم‪ :‬واجب الوجود واحد وإن كان مكنا فل‬
‫بد له من علة ول علة له فل يعقل وجوده‪.‬‬
‫ول بعلة إمكان وجوده ول يس هو من ضرورة العلول الول لكو نه م كن الوجود فإن إمكان الوجود ضروري ف كل‬
‫معلول‪ .‬أمعا كون العلول عالا بالعلة ليعس ضروريا فع وجود ذاتعه كمعا أن كون العلة عالا بالعلول ليعس ضروريا فع‬
‫وجود ذاته‪ .‬بل لزوم العلم بالعلول أظهر من لزوم العلم بالعلة فبان أن الكثرة الاصلة من علمه بالبدأ مال فإنه ل مبدأ‬
‫له وليعس هعو معن ضرورة وجود ذات العلول وهذا أيضا ل مرج منعه‪ .‬فع العلول الول أكثعر معن التثليعث العتراض‬
‫الثالث هو أن عقل العلول الول ذات نفسه عي ذاته أو غيه‪ .‬فإن كان عينه فهو مال لن العلم غي العلوم وإن كان‬
‫غيه فلي كن كذلك ف البدأ الول فيلزم م نه كثرة ويلزم ف يه ترب يع ل تثل يث بزعم هم فإ نه ذا ته وعقله مبدأه وإ نه م كن‬
‫الوجود بذا ته‪ .‬وي كن أن يزاد أ نه وا جب الوجود بغيه فيظ هر تم يس وبذا يتعرف تع مق هؤلء ف الوس‪ .‬العتراض‬
‫الرابع أن نقول‪ :‬التثليث ل يكفي ف العلول الول فإن جرم السماء الول لزم عندهم من معن واحد من ذات البدأ وفيه‬
‫تركيب من ثلثة أوجه‪:‬‬
‫ل بد له من صورة وهيول أحدها أنه مركب من صورة وهيول وهكذى كل جسم عندهم‪ .‬فل بد لكل واحد من‬
‫مبدأ إذ الصورة تالف اليول‪ .‬وليست كل واحدة على مذهبهم علة مستقلة للخرى حت يكون أحدها بواسطة الخر‬
‫من غي علة أخرى زائدة عليه‪ .‬ومقدار‪ ...‬الثان أن الرم القصى على حد مصوص ف الكب‪ .‬فاختصاصه بذلك القدر‬
‫من بي سائر القادير زائد على وجود ذاته إذ كان ذاته مكنا أصغر منه وأكب فل بد له من مصص بذلك القدار زائد‬
‫على العن البسيط الوجب لوجوده ل كوجود العقل فإنه وجود مض ل يتص بقدار مقابل لسائر القادير‪ .‬فيجوز أن‬
‫يقال‪ :‬ل يتاج إل إل علة بسيطة‪ .‬قولم‪ :‬ل غن عنه ف تصيل النظام فإن قيل‪ :‬سببه أنه لو كان أكب منه لكان مستغن‬
‫عنه ف تصيل النظام الكلي ولو كان أصغر منه ل يصلح للنظام القصود‪ .‬فنقول‪ :‬وتعي جهة النظام هل هو كاف ف‬
‫وجود ما به النظام أم يفتقر إل علة موجدة فإن كان كافيا فقد استغنيتم عن وضع العلل فاحكموا بأن كون النظام ف‬
‫هذه الوجودات اقت ضى هذه الوجودات بل علة زائدة وإن كان ذلك ل يك في بل افت قر إل علة فذلك أيضا ل يك في‬
‫للختصاص بالقادير بل يتاج أيضا إل علة التركيب‪.‬‬
‫خواص القطب الثالث أن الفلك القصى انقسم إل نقطتي ها القطبان وها ثابتا الوضع ل يفارقان وضعهما‪ .‬وأجزاء‬
‫النطقة يتلف وضعها فل يلوا أما إن كان جيع أجزاء الفلك القصى متشابا فلم لزم تعي نقطتي من بي سائر النقط‬
‫لكون ما ق طبي أو أجزاؤ ها متل فة ف في بعض ها خواص لي ست ف الب عض ف ما مبدأ تلك الختلفات والرم الق صى ل‬
‫يصدر إل من معن واحد بسيط والبسيط ل يوجب إل بسيطا ف الشكل وهو الكرى ومتشابا ف العن وهو اللو عن‬
‫الواص الميزة وهذا أيضا ل مرج منه‪ .‬قولم‪ :‬لعل ف البدأ أنواعا من الكثرة لزمة ل من جهة البدأ فإن قيل‪ :‬لعل ف‬
‫البدأ أنواعا من الكثرة لزمة ل من جهة البدأ وإنا ظهر لنا ثلثة أو أربعة والباقي ل نطلع عليه وعدم عثورنا على عينه‬
‫ل يشككنا ف أن مبدأ الكثرة كثرة وأن الواحد ل قولنا‪ :‬الوجودات كلها تكون صادرة عن العلول الول‪ ...‬قلنا‪ :‬فإذا‬
‫جوزت هذا فقولوا‪ :‬إن الوجودات كلها على كثرتا وقد بلغت آلفا صدرت من العلول الول فل يتاج أن يقتصر على‬
‫جرم الفلك القصى ونفسه بل يوز أن يكون قد صدر م نه ج يع النفوس الفلك ية والنسانية وج يع الج سام الرض ية‬
‫والسماوية بأنواع كثرة لزمة فيها ل يطلعوا عليها فيقع الستغناء بالعلول الول‪.‬‬
‫ل بل عن العلة الول ث يلزم منه الستغناء بالعلة الول فإنه إذا جاز تولد كثرة يقال إنا لزمة ل بعلة مع أنا ليست‬
‫ضروريعة فع وجود العلول الول جاز أن يقدر ذلك معع العلة الول ويكون وجودهعا ل بعلة ويقال‪ :‬إناع لزمعت ول‬
‫يدرى عددها وكلما تيل وجودها بل علة مع الول تيل ذلك بل علة مع الثان بل ل معن لقولنا‪ :‬مع الول والثان إذ‬
‫ل يس بينه ما مفار قة ف زمان ول مكان‪ .‬ف ما ل يفارقه ما ف مكان وزمان ويوز أن يكون موجودا بل علة ل ي تص‬
‫أحده ا بالضا فة إل يه‪ .‬قول م‪ :‬يب عد أن يبلغ اللف ف العلول الول فإن ق يل‪ :‬ل قد كثرت الشياء ح ت زادت على ألف‬
‫ويبعد أن تبلغ الكثرة ف العلول إل هذا الد فلذلك أكثرنا الوسائط‪ .‬قولنا‪ :‬ولاذا قلنا‪ :‬قول القائل‪ " :‬يبعد " هذا رجم‬
‫ظن ل ي كم به ف العقولت إل أن يقول‪ :‬إ نه ي ستحيل‪ .‬فنقول‪ :‬ل يستحيل و ما الرد والفيصل مه ما جاوز نا الوا حد‬
‫واعتقدنا أنه يوز أن يلزم العلول الول ل من جهة العلة لزم واثنان وثلث فما الحيل لربع وخس وهكذى إل اللف‬
‫وإل فمن يتحكم بقدار دون مقدار فل يس بعد ماوزة مرد الواحد وهذا أيضا قاطع‪ .‬عن تلك الكوا كب صدر العلول‬
‫الثان‪ ...‬ث نقول‪ :‬هذا باطل بالعلول الثان فإنه صدر منه فلك الكواكب وفيه ألف ونيف ومئتا كوكب وهي متلفة‬
‫الع ظم والش كل والو ضع واللون والتأث ي والنحو سة وال سعادة فبعض ها على صورة ال مل والثور وال سد وبعض ها على‬
‫صورة الن سان ويتلف تأثي ها ف م ل وا حد من العال ال سفلي ف التب يد والت سخي وال سعادة والنحوس وتتلف‬
‫مقاديرها ف ذاتا‪.‬‬
‫ففيه أنواع من العلل فل يكن أن يقال‪ :‬الكل نوع واحد مع هذا الختلف ولو جاز هذا أن يقال‪ :‬كل أجسام العال‬
‫نوع وا حد ف ال سمية فيكفي ها علة واحدة‪ .‬فإن كان اختلف صفاتا وجواهر ها وطبائع ها دل على اختلف ها فكذى‬
‫الكواكب متلفة ل مالة ويفتقر كل واحد إل علة لصورته وعلة ليوله وعلة لختصاصه بطبيعته السخنة أو البدة أو‬
‫السعدة أو النحسة ولختصاصه بوضعه ث لختصاص جلها بأشكال البهائم الختلفة‪ .‬وهذه الكثرة إن تصور أن تعقل‬
‫ف العلول الثان تصور ف الول ووقع الستغناء‪ .‬إن بيان العلل الت ذكرتوها لما يضحك منها العتراض الامس هو‬
‫أ نا نقول‪ :‬سلمنا هذه الوضاع الباردة والتحكمات الفا سدة ول كن ك يف ل ت ستحيون من قول كم‪ :‬إن كون العلول‬
‫الول م كن الوجود اقت ضى وجود جرم الفلك الق صى م نه وعقله نف سه اقت ضى وجود ن فس الفلك م نه وعقله الول‬
‫يقتضي وجود عقل منه وما الفصل بي هذا وبي قائل عرف وجود إنسان غائب وأنه مكن الوجود وأنه يعقل نفسه‬
‫وصانعه فقال‪ :‬يلزم من كونه مكن الوجود وجود فلك فيقال‪ :‬وأي مناسبة بي كونه مكن الوجود وبي وجود فلك منه‬
‫وكذلك يلزم من كونه عاقلً لنفسه ولصانعه شيئان آخران‪ .‬وهذا إذا قيل ف إنسان ضحك منه فكذى ف موجود آخر‬
‫إذ إمكان الوجود قضية ل تتلف باختلف ذات المكن إنسانا كان أو ملكا أو فلكا‪ .‬فلست أدري كيف يقنع الجنون‬
‫ل من العقلء الذين يشقون الشعر بزعمهم ف العقولت‪ .‬اعتراض‪ :‬فماذا تقولون أنتم‬ ‫ف نفسه بثل هذه الوضاع فض ً‬
‫فإن قال قائل‪ :‬فإذا أبطل تم مذهب هم فماذى تقولون أن تم أتزعمون أ نه ي صدر من الش يء الوا حد من كل و جه شيئان‬
‫متلفان فتكابرون العقول أو تقولون‪ :‬البدأ الول فيه كثرة فتتركون التوحيد أو تقولون ل كثرة ف العال فتنكرون الس‬
‫أو تقولون‪ :‬لزمت بالوسائط فتضطرون إل العتراف با قالوه قولنا‪ :‬ليس من غي العقول أن يصدر اثنان من واحد وهذا‬
‫ما ورد به النبياء قلنا‪ :‬نن ل نض ف هذا الكتاب خوض مهد وإنا غرضنا أن نشوش دعاويهم وقد حصل‪.‬‬
‫على أ نا نقول‪ :‬و من ز عم أن ال صي إل صدور اثن ي من وا حد مكابرة العقول أو ات صاف البدأ ب صفات قدي ة أزل ية‬
‫منا قض للتوح يد فهاتان دعوتان باطلتان ل برهان ل م عليه ما فإ نه ل يس يعرف ا ستحالة صدور الثن ي من وا حد ك ما‬
‫يعرف استحالة كون الشخص الواحد ف مكاني وعلى الملة ل يعرف بالضرورة ول بالنظر‪ .‬وما الانع من أن يقال‪:‬‬
‫البدأ الول عال قادر مريعد يفععل معا يشاء ويكعم معا يريعد يلق الختلفات والتجانسعات كمعا يريعد وعلى معا يريعد‬
‫فاستحالة هذا ل يعرف بضرورة ول نظر وقد ورد به النبياء الؤيدون بالعجزات فيجب قبوله‪ .‬البحث عن الكيفية من‬
‫الفضول وأ ما الب حث عن كيف ية صدور الف عل من ال بالرادة ففضول وط مع ف غ ي مط مع‪ .‬والذ ين طمعوا ف طلب‬
‫الناسبة ومعرفته ر جع حاصل نظرهم إل أن العلول الول من حيث أ نه مكن الوجود صدر م نه فلك ومن حيث أنه‬
‫يعقل نفسه صدر منه نفس الفلك وهذه حاقة ل إظهار مناسبة‪ .‬فلتتقبل مبادئ هذه المور من النبياء! فلتتقبل مبادئ‬
‫هذه المور من النبياء وليصدقوا فيها إذ العقل ل ييلها وليترك البحث عن الكيفية والكمية والاهية‪ .‬فليس ذلك يتسع‬
‫له القوى البشر ية ولذلك قال صاحب الشرع‪ :‬تفكروا ف خلق ال ول تتفكروا ف ذات ال‪ .‬قول نا‪ :‬يقولون إن صانع‬
‫العال قد ي فنقول‪ :‬الناس فرقتان‪ :‬فر قة أ هل ال ق و قد رأوا أن العال حادث وعلموا ضرورة أن الادث ل يو جد بنف سه‬
‫فافتقر إل صانع فيعقل مذهبهم ف القول بالصانع وفرقة أخرى هم الدهرية وقد رأوا العال قديا كما هو عليه ول يثبتوا‬
‫له صانعا ومعتقدهم مفهوم وإن كان الدليل يدل على بطلنه‪ .‬وأما الفلسفة فقد رأوا أن العال قدي ث أثبتوا له مع ذلك‬
‫صانعا وهذا الذهب بوضعه متناقض ل يتاج فيه إل إبطال‪ .‬قولم‪ :‬هو البدأ الول فإن قيل‪ :‬نن إذا قلنا‪ :‬للعال صانع‬
‫ل نرد به فاعلً متارا يفعل بعد أن ل يفعل كما نشاهد ف أصناف الفاعلي من الياط والنساج والبناء بل نعن به علة‬
‫العال ونسميه البدأ الول على معن أنه ل علة لوجوده وهو علة لوجود غيه فإن سيناه صانعا فبهذا التأويل‪.‬‬
‫لنه من الحال أن تتسلسل العلل إل غي ناية‪ .‬وثبوت موجود ل علة لوجوده يقوم عليه البهان القطعي على قرب فإنا‬
‫نقول‪ :‬العال وموجوداته إما أن يكون له علة أو ل علة له‪ .‬فإن كان له علة فتلك العلة لا علة أم ل علة لا وكذى القول‬
‫ف علة العلة‪ :‬فإما أن يتسلسل إل غي ناية وهو مال وإما أن ينتهي إل طرف فالخي علة أول ل علة لوجودها فنسميه‬
‫البدأ الول‪ .‬وإن كان العال موجودا بنف سه ل علة له ف قد ظ هر البدأ الول فإ نا ل ن عن به إل موجودا ل علة له و هو‬
‫ثابت بالضرورة‪ .‬اللف ف الصفات مسألة غي هذه نعم ل يوز أن يكون البدأ الول هي السموات لنا عدد ودليل‬
‫التوحيد ينعه فيعرف بطلنه بنظر ف صفة البدأ ول يوز أن يقال إنه ساء واحد أو جسم واحد أو شس أو غيه لنه‬
‫جسم والسم مركب من الصورة واليول والبدأ الول ل يوز أن يكون مركبا وذلك يعرف بنظر ثان‪ .‬والقصود أن‬
‫موجودا ل علة لوجوده ثابعت بالضرورة والتفاق‪ .‬وإناع اللف فع الصعفات وهعو الذي نعنيعه بالبدأ الول‪ .‬قولنعا‪:‬‬
‫الج سام تكون ل علة ل ا والواب من وجه ي‪ :‬أحده ا أ نه يلزم على م ساق مذهب كم أن تكون أج سام العال قدي ة‬
‫كذلك ل علة لا‪ .‬وقولكم‪ :‬إن بطلن ذلك يعلم بنظر ثان فسيبطل ذلك عليكم ف مسألة التوحيد وف نفي الصفات‬
‫تلك العلل تكون إل غ ي نا ية الثا ن و هو الاص بذه ال سألة هو أن يقال‪ :‬ث بت تقديرا أن هذه الوجودات ل ا علة‬
‫ولكن لعلتها علة ولعلة العلة علة كذلك وهكذى إل غي ناية‪ .‬وتقولون إنا حوادث هكذا وقولكم‪ :‬إنه يستحيل إثبات‬
‫علل ل نا ية ل ا ل ي ستقيم من كم فإ نا نقول‪ :‬عرف تم ذلك ضرورة بغ ي و سط أو عرفتموه بو سط ول سبيل إل دعوى‬
‫الضرورة‪ .‬وكل مسلك ذكرتوه ف النظر بطل عليكم بتجويز حوادث ل أول لا‪ .‬وإذا جاز أن يدخل ف الوجود ما ل‬
‫ناية له فلم يبعد أن يكون بعضها علة للبعض وينتهي من الطرف الخي إل معلول ل معلول له ول ينتهي من الانب‬
‫الخعر إل علة ل علة لاع كمعا أن الزمان السعابق له آخعر وهعو الن الراهعن ول أول له‪ .‬حتع الوجودة معا كالنفوس‬
‫البشرية فإن زعمتم أن الوادث الاضية ليست موجودة معا ف الال ول ف بعض الحوال والعدوم ل يوصف بالتناهي‬
‫وعدم التناهي فيلزمكم النفوس البشرية الفارقة للبدان فإنا ل تفن عندكم والوجود الفارق للبدن من النفوس ل ناية‬
‫لعدادها إذ ل تزل نطفة من إنسان وإنسان من نطفة إل غي ناية‪ .‬ث كل إنسان مات فقد بقي نفسه وهو بالعدد غي‬
‫نفس من مات قبله ومعه وبعده وإن مكان الكل بالنوع واحدا فعندكم ف الوجود ف كل حال نفوس ل ناية لعدادها‪.‬‬
‫قولم‪ :‬ل ترتيب لا فإن قيل‪ :‬النفوس ليس لبعضها ارتباط بالبعض ول ترتيب لا ل بالطبع ول بالوضع وإنا نيل نن‬
‫موجودات ل ناية لا إذا كان لا ترتيب بالوضع كالجسام فإنا مرتبة بعضها فوق البعض أو كان لا ترتيب بالطبع‬
‫كالعلل والعلولت وأما النفوس فليست كذلك‪ .‬قولنا‪ :‬الترتيب بالزمان يكفي قلنا‪ :‬وهذا الكم ف الوضع ليس طرده‬
‫بأول من عك سه فلم أحل تم أ حد الق سمي دون ال خر و ما البهان الفرق و ب تنكرون على من يقول‪ :‬إن هذه النفوس‬
‫الت ل ناية لا ل تلوا عن ترتيب إذ وجود بعضها قبل البعض فإن اليام والليال الاضية ل ناية لا‪ .‬وإذا قدرنا وجود‬
‫نفس واحد ف كل يوم وليلة كان الاصل ف الوجود الن خارجا عن النهاية واقعا على ترتيب ف الوجود أي بعضها‬
‫بعد البعض‪ .‬والعلة غايتها أن يقال‪ :‬إنا قبل العلول بالطبع كما يقال إنا فوق العلول بالذات ل بالكان‪ .‬فإذا ل يستحل‬
‫ذلك ف القبل القيقي الزمان فينبغي أن ل يستحيل ف القبل الذات الطبعي‪ .‬وما بالم ل يوزوا أجساما بعضها فوق‬
‫البعض بالكان إل غي ناية وجوزوا موجودات بعضها قبل البعض بالزمان إل غي ناية وهل هذا إل تكم بارد ل أصل‬
‫له قولم‪ :‬إن العلل إن كانت مك نة افتقرت إل علة زائدة‪ .‬فإن ق يل‪ :‬البهان القا طع على ا ستحالة علل إل غ ي نا ية أن‬
‫يقال‪ :‬كل واحد من آحاد العلل مكنة ف نفسها أو واجبة‪ .‬فإن كانت واجبة فلم تفتقر إل علة وإن كانت مكنة فالكل‬
‫موصوف بالمكان وكل مكن فيفتقر إل علة زائدة على ذاته فيفتقر الكل إل علة خارجة عنها‪ .‬قولنا‪ :‬كل واحد مكن‬
‫والكل ليس بمكن‪ .‬قلنا‪ :‬لفظ المكن والواجب لفظ مبهم إل أن يراد بالواجب ما ل علة لوجوده ويراد بالمكن ما‬
‫لوجوده علة‪ .‬وإن كان الراد هذا فلنر جع إل هذه اللف ظة فنقول‪ :‬كل وا حد م كن على مع ن أن له علة زائدة على ذا ته‬
‫والكل ليس بمكن على معن أنه ليس له علة زائدة على ذاته خارجة منه‪ .‬وإن أريد بلفظ المكن غي ما أردناه فهو ليس‬
‫بفهوم‪ .‬بمكنات الوجود وهعو مال فإن قيعل‪ :‬فهذا يؤدي إل أن يتقوم واجعب الوجود بمكنات الوجود وهعو مال‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬كما يتقوم القدي بالوائل قلنا‪ :‬إن أردت بالواجب والمكن ما ذكرناه فهو نفس الطلوب‪ .‬فل نسلم أنه مال وهو‬
‫كقول القائل‪ :‬يسعتحيل أن يتقوم القديع بالوادث والزمان عندهعم قديع وآحاد الدورات حادثعة وهعي ذوات أوائل‬
‫والجموع ل أول له‪ .‬فقد تقوم ما ل أول له بذوات أوائل وصدق ذوات الوائل على الحاد ول يصدق على الجموع‪.‬‬
‫فكذلك يقال على كل واحد‪ :‬إن له علة ول يقال‪ :‬للمجموع علة وليس كل ما صدق على الحاد يلزم أن يصدق على‬
‫الجموع إذ يصدق على كل واحد أنه واحد وأنه بعض وأنه جزء ول يصدق على الجموع‪ .‬وكل موضوع عيناه من‬
‫الرض فإ نه قد ا ستضاء بالش مس ف النهار وأظلم بالل يل‪ .‬و كل وا حد حادث ب عد أن ل ي كن أي له أول‪ .‬والجموع‬
‫عندهم ما له أول‪.‬‬
‫فل سبيل ل م إل الو صول إل إثبات البدأ الول ف تبي أن من يوز حوادث ل أول ل ا و هي صور العنا صر الرب عة‬
‫والتغيات فل يتمكن من إنكار علل ل ناية لا‪ .‬ويرج من هذا أنه ل سبيل لم إل الوصول إل إثبات البدأ الول لذا‬
‫الشكال ويرجع فرقهم إل التحكم الحض‪ .‬قولم‪ :‬إنا الكلم ف الوجود ف العيان فإن قيل‪ :‬الدورات ليست موجودة‬
‫ف الال ول صور العناصر وإنا الوجود منها صورة واحدة بالفعل وما ل وجود له ل يوصف بالتناهي وعدم التناهي إل‬
‫ل لبعض فالنسان قد يفرض‬ ‫إذا قدر ف الوهم وجودها ول يبعد ما يقدر ف الوهم وإن كانت القدرات أيضا بعضها عل ً‬
‫ذلك ف وه ه وإن ا الكلم ف الوجود ف العيان ل ف الذهان‪ .‬نفوس الموات ل يكون في ها عدد ل يب قي إل نفوس‬
‫الموات‪ .‬وقد ذهب بعض الفلسفة إل أنا كانت واحدة أزلية قبل التعلق بالبدان وعند مفارقة البدان تتحد فل يكون‬
‫فيه عدد فضلً من أن توصف بأنه ل ناية لا‪ .‬وقال آخرون‪ :‬النفس تابع للمزاج وإنا معن الوت عدمها ول قوام لا‬
‫بوهر ها دون ال سم‪ .‬فإذن ل وجود ف النفوس إل ف حق الحياء والحياء الوجودون م صورون ول تنت في النها ية‬
‫عنهم والعدمون ل يوصفون أصلً ل بوجود النهاية ول بعدمها إل ف الوهم إذا فرضوا قولنا‪ :‬هذا ما أوردناه على ابن‬
‫سينا والفاراب ال‪ .‬والواب‪ :‬إن هذا الشكال ف النفوس أوردناه على ابن سينا والفاراب والحققي منهم إذ حكموا بأن‬
‫النفس جوهر قائم بنفسه وهو اختيار أرسطاليس والعتبين من الوائل‪ .‬ونقول لغيهم‪ :‬عوض النفس قدروا أي حادث‬
‫ل ينق ضي‪ .‬و من عدل عن هذا ال سلك فنقول له‪ :‬هل يت صور أن يدث ش يء يب قى أم ل فإن قالوا‪ :‬ل ف هو مال وإن‬
‫قالوا‪ :‬ن عم قل نا‪ :‬فإذا قدر نا كل يوم حدوث ش يء وبقاءه اجت مع إل الن ل مالة موجودات ل نا ية ل ا‪ .‬فالدورة وإن‬
‫كا نت منقض ية فح صول موجود في ها يب قي ول ينق ضى غ ي م ستحيل‪ .‬وبذا التقد ير يتقرر الشكال‪ .‬ول غرض ف أن‬
‫يكون ذلك الباقي نفس آدمي أو جن أو شيطان أو ملك أو ما شئت من الوجودات‪ .‬وهو لزم على كل مذهب لم إذ‬
‫أثبتوا دورات لناية لا‪.‬‬
‫مسألة ف بيان عجزهم عن إقامة الدليل على أن ال واحد وأنه ل يوز فرض اثني واجب الوجود كل واحد منهما ل‬
‫علة له السلك الول قولم‪ :‬إنما لو كانا اثني لكان نوع وجوب الوجود مقو ًل على كل واحد منهما‪ .‬وما قيل عليه‬
‫أنعه واجعب الوجود فل يلوا إمعا أن يكون وجوب وجوده لذاتعه فل يتصعور أن يكون لغيه أو وجوب الوجود له لعلة‬
‫فيكون ذات واجب الوجود معلو ًل وقد اقتضت علة له وجوب الوجود‪ .‬ونن ل نريد بواجب الوجود إل ما ل ارتباط‬
‫لوجوده بعلة بهة من الهات‪ .‬زيد هو معلول لنه ليس وحده إنسانا وزعموا أن نوع النسان مقول على زيد وعلى‬
‫عمرو‪ .‬وليس زيد إنسانا لذاته إذ لو كان إنسانا لذاته لا كان عمرو إنسانا بل لعلة جعله إنسانا‪ .‬وقد جعل عمرا أيضا‬
‫إن سانا فتكثرت الن سانية بتك ثر الادة الاملة ل ا‪ .‬وتعلق ها بالادة معلول ل يس لذات الن سانية‪ .‬فكذلك ثبوت وجوب‬
‫الوجود لوا جب الوجود إن كان لذا ته فل يكون إل له وإن كان لعلة ف هو إذن معلول ول يس بوا جب الوجود و قد ظ هر‬
‫بذا أن واجب الوجود ل بد وأن يكون واحدا‪ .‬قولنا‪ :‬هذا التقسيم ل يطبق على الذي ل علة له‪ ...‬قلنا‪ :‬قولكم‪ :‬نوع‬
‫وجوب الوجود لواجب الوجود لذاته أو لعلة تقسيم خطأ ف وضعه فإنا قد بينا أن لفظ وجوب الوجود فيه إجال إل أن‬
‫يراد به ن في العلة فلت ستعمل هذه العبارة‪ .‬فنقول‪ :‬ل ي ستحيل ثبوت موجود ين ل علة ل ما ول يس أحده ا علة لل خر‬
‫فقولكم‪ :‬إن الذي ل علة له ل علة له لذاته أو لسبب تقسيم الطأ لن نفي العلة واستغناء الوجود عن العلة ل يطلب له‬
‫علة‪ .‬فأي معن لقول القائل‪ :‬إن ما ل علة له ل علة له لذاته أو لعلة إذ قولنا‪ :‬ل علة له سلب مض والسلب الحض ل‬
‫يكون له سبب‪ .‬ول يقال فيه‪ :‬إنه لذاته أو ل لذاته‪.‬‬
‫وعلى واجب الوجود وإن عنيتم بوجوب الوجود وصفا ثابتا لواجب الوجود سوى أنه موجود ل علة لوجوده فهو غي‬
‫مفهوم ف نفسه‪ .‬والذي ينسبك من لفظه نفى العلة لوجوده وهو سلب مض ل يقال فيه‪ :‬إنه لذاته أو لعلة حت يبن‬
‫على وضع هذا التقسيم غرض فدل أن هذا برهان من خرف ل أصل له‪ .‬بل نقول‪ :‬معن أنه واجب الوجود أنه ل علة‬
‫ل أيضا بذا ته بل ل علة لوجوده ول لكو نه بل علة أ صلً‪ .‬ول‬ ‫لوجوده ول علة لكو نه بل علة ول يس كو نه بل علة معل ً‬
‫يطبق على السود‪ :‬فهل اللونية لذاتا أم لعلة كيف وهذا التقسيم ل يتطرق إل بعض صفات الثبات فضلً عما يرجع‬
‫إل ال سلب إذ لو قال قائل‪ :‬ال سواد لون لذا ته أو لعلة‪ :‬فإن كان لذا ته فينب غي أن ل تكون المرة لونا وأن ل يكون هذا‬
‫النوع أعن اللونية إل لذات السواد وإن كان السواد لونا لعلة جعلته لونا فينبغي أن يعقل سواد ليس بلون أي ل تعله‬
‫العلة لونا‪ .‬فإن ما يث بت للذات زائدا على الذات بعلة ي كن تقد ير عد مه ف الو هم وإن ل يتح قق ف الوجود‪ .‬ول كن‬
‫يقال‪ :‬هذا التقسيم خطأ ف الوضع فل يقال للسواد‪ :‬إنه لون لذاته قولً ينع أن يكون ذلك لغي ذاته‪ .‬وكذلك ل يقال‪:‬‬
‫إن هذا الوجود واجب لذاته أو ل علة له لذاته قولً ينع أن يكون ذلك لغي ذاته بال‪ .‬قولم‪ :‬لو فرضنا واجب الوجود‬
‫فإن كانا متماثلي من كل وجه يبطل تعددها‪ ...‬مسلكهم الثان أن قالوا‪ :‬لو فرضنا واجب الوجود لكانا متماثلي من‬
‫كل وجه أو متلفي‪ .‬فإن كانا متماثلي من كل وجه فل يعقل التعدد والثنينية إذ السوادان ها اثنان إذا كانا ف ملي‬
‫أو ف مل واحد ولكن ف وقتي إذ السواد والركة ف مل واحد ف وقت واحد ها اثنان لختلف ذاتيهما‪ .‬أما إذا ل‬
‫يتلف الذاتان كال سوادين ث ات د الزمان والكان ل يع قل التعدد ولو جاز أن يقال‪ :‬ف و قت وا حد ف م ل وا حد‪:‬‬
‫سوادان لاز أن يقال ف حق كل ش خص‪ :‬إ نه شخ صان ول كن ل يس يبي بينه ما مغايرة‪ .‬وإن كا نا متلف ي يكو نا‬
‫متركعبي‪ ...‬وإذا اسعتحال التماثعل معن كعل وجعه ول بعد معن الختلف ول يكعن بالزمان ول بالكان فل يبقعى إل‬
‫الختلف ف الذات‪ .‬ومهما اختلفا ف شيء فل يلوا إما أن اشتركا ف شيء أو ل يشتركا ف شيء‪ .‬فإن ل يشتركا ف‬
‫ش يء ف هو مال إذ يلزم أن ل يشتر كا ف الوجود ول ف وجوب الوجود ول ف كون كل وا حد قائما بنف سه ل ف‬
‫موضوع‪ .‬وإذا اشتركا ف شيء واختلفا ف شيء كان ما فيه الشتراك غي ما فيه الختلف فيكون ث تركيب وانقسام‬
‫بالقول‪ .. .‬و من الحال أن يكون وا جب الوجود مركبا ووا جب الوجود ل ترك يب ف يه وك ما ل ينق سم بالكم ية فل‬
‫ينقسم أيضا بالقول الشارح إذ ل يتركب ذاته من أمور يدل القول الشارح على تعدده كدللة اليوان والناطق على ما‬
‫تقوم به ماه ية الن سان فإ نه حيوان ونا طق‪ .‬ومدلول ل فظ اليوان من الن سان غ ي مدلول ل فظ النا طق فيكون الن سان‬
‫متركبا من أجزاء تنت ظم ف ال د بألفاظ تدل على تلك الجزاء ويكون ا سم الن سان لجمو عه‪ .‬وهذا ل يت صور ودون‬
‫هذا ل تت صور التثن ية‪ .‬قول نا‪ :‬هذا النوع من الترك يب ل يس من الحال ف البدأ الول والواب أ نه م سلم أ نه ل تت صور‬
‫التثنية إل بالغايرة ف شيء ما وأن التماثلي من كل وجه ل يتصور تغايرها‪ .‬ولكن قولكم‪ :‬إن هذا النوع من التركيب‬
‫مال ف البدأ الول ت كم م ض‪ .‬ف ما البهان عل يه ف وحدان ية ال ولنر سم هذه ال سألة على حيال ا فإن من كلم هم‬
‫الشهور أن البدأ الول ل ينقسم بالقول الشارح كما ل ينقسم بالكمية وعليه ينبن إثبات وحدانية ال عندهم‪ .‬قولم‪:‬‬
‫الوحدة ف ال تن في الكثرة بل زعموا أن التوح يد ل ي تم إل بإثبات الوحدة لذات الباري من كل و جه وإثبات الوحدة‬
‫بنفي الكثرة من كل و جه والكثرة تتطرق إل الذوات من خسة أوجه‪ :‬كثرة الجزاء‪ ...‬الول بقبول النقسام فعلً أو‬
‫وها‪ .‬فلذلك ل ي كن ال سم الوا حد واحدا مطلقا فإ نه وا حد بالت صال القائم القا بل للزوال ف هو منق سم ف الو هم‬
‫بالكمية‪ .‬وهذا مال ف البدأ الول‪ ... .‬واليول والصورة الثان أن ينقسم الشيء ف العقل إل معنيي متلفي‪ .‬ل بطريق‬
‫الكمية كانقسام السم إل اليول والصورة فإن كل واحد من اليول والصورة وإن كان ل يتصور أن يقوم بنفسه دون‬
‫الخر فهما شيئان متلفان بالد والقيقة يصل بجموعهما شيء واحد هو السم‪ .‬وهذا أيضا منفي عن ال فل يوز‬
‫أن يكون الباري صورة ف جسم ول مادة ف هيول لسم ول مموعهما‪ .‬أما مموعهما فلعلتي إحديهما أنه منقسم‬
‫بالكمية عند التجزئة فعلً أو وها والثانية أنه منقسم بالعن إل الصورة واليول ول يكون مادة لنا تتاج إل الصورة‬
‫ووا جب الوجود م ستغن من كل و جه فل يوز أن يرت بط وجوده بشرط آ خر سواه ول يكون صورة لن ا تتاج إل‬
‫مادة‪ ... .‬وتنفي أيضا الكثرة بالصفات‪ ...‬الثالث الكثرة بالصفات بتقدير العلم والقدرة والرادة‪ .‬فإن هذه الصفات إن‬
‫كا نت واج بة الوجود كان وجوب الوجود مشتركا ب ي الذات وي ب هذه ال صفات ولز مت كثرة ف وا جب الوجود‬
‫وانت فت الوحدة‪ ... .‬وبال نس والنوع‪ ...‬الرا بع كثرة عقل ية ت صل بترك يب ال نس والنوع‪ .‬فإن ال سواد سواد ولون‬
‫وال سوادية غ ي اللون ية ف حق الع قل بل اللون ية ج نس وال سوادية ف صل ف هو مر كب من ج نس وف صل واليوان ية غ ي‬
‫النسانية ف العقل فإن النسان حيوان وناطق واليوان جنس والناطق فصل وهو مركب من النس والفصل وهذا نوع‬
‫كثرة‪ .‬فزعموا أن هذا أيضا من في عن البدأ الول‪ ... .‬وبالاه ية والوجود والا مس كثرة تلزم من ج هة تقد ير ماه ية‬
‫ل له‬
‫وتقد ير وجود لتلك الاه ية‪ .‬فإن للن سان ماه ية ق بل الوجود والوجود يرد علي ها ويضاف إلي ها‪ .‬وكذى الثلث مث ً‬
‫ماهية وهو أنه شكل ييط به ثلثة أضلع ول يس الوجود جزءا من ذات هذه الاهية مقوما لا ولذلك يوز أن يدرك‬
‫العا قل ماه ية الن سان وماه ية الثلث ول يس يدري أن ل ما وجودا ف العيان أم ل‪ .‬ولو كان الوجود مقوما لاهي ته ل ا‬
‫تصور ثبوت ماهيته ف العقل قبل وجوده‪ .‬فالوجود مضاف إل الاهية سواء كان لزما بيث ل تكون تلك الاهية إل‬
‫موجودة كالسماء أو عارضا بعد ما ل يكن كماهية النسانية من زيد وعمرو وماهية العراض الصور الادثة‪ .‬فزعموا‬
‫أن هذه الكثرة أيضا يب أن تنفى عن الول‪.‬‬
‫الوا جب الوجود كالاه ية فيقال‪ :‬ل يس له ماه ية الوجود مضاف إلي ها بل الوجود الوا جب له كالاه ية لغيه‪ .‬فالوجود‬
‫الواجب ماهية وحقيقة كلية وطبيعة حقيقية كما أن النسانية والشجرية والسمائية ماهية إذ لو ثبت ماهية لكان الوجود‬
‫الواجب لزما لتلك الاهية غي مقوم لا واللزم تابع ومعلول فيكون الوجود الواجب معلو ًل وهو مناقض لكونه واجبا‪.‬‬
‫و مع هذا يقولون إن ال مبدأ وأول موجود‪ ...‬و مع هذا فإن م يقولون للباري‪ :‬إ نه مبدأ وأول وموجود وجو هر ووا حد‬
‫وقدي وباق وعال وعقل وعاقل ومعقول وفاعل وخالق ومريد وقادر وحي وعاشق ومعشوق لذيذ وملتذ وجواد وخي‬
‫مض‪ .‬وزعموا أن كل ذلك عبارة عن معن واحد ل كثرة فيه وهذا من العجائب‪ .‬فينبغي أن نقق مذهبهم للتفهيم أولً‬
‫ث نشتغل بالعتراض فإن العتراض على الذاهب قبل تام التفهيم رمي ف عماية‪ ... .‬ويردون هذه المور إل السلب‬
‫والضافة والعمدة ف فهم مذهبهم أنم يقولون‪ :‬ذات البدأ وا حد وإنا تك ثر السامي بإضافة ش يء إل يه أو إضاف ته إل‬
‫شيء أو سلب شيء عنه والسلب ل يوجب كثرة ف ذات السلوب عنه ول الضافة توجب كثرة فل ينكرون إذا كثرة‬
‫السعلوب وكثرة الضافات ولكعن الشأن فع رد هذه الول والبدأ والوجود والوهعر‪ ...‬فقالوا‪ :‬إذا قيعل له‪ :‬أول فهعو‬
‫إضا فة إل الوجودات بعده‪ .‬وإذا ق يل‪ :‬مبدأ ف هو إشارة إل أن وجود غيه م نه و هو سبب له ف هو إضا فة إل معلول ته‪.‬‬
‫وإذا قيل‪ :‬موجود فمعناه معلوم‪ .‬وإذا قيل‪ :‬جوهر فمعناه الوجود مسلوبا عنه اللول ف موضوع وهذا سلب‪ .‬وإذا قيل‪:‬‬
‫‪ ...‬والقد ي والبا قي‪ ...‬قد ي فمعناه سلب العدم ع نه أولً‪ .‬وإذا ق يل‪ :‬باق فمعناه سلب العدم ع نه آخرا وير جع حا صل‬
‫القدي والباقي إل وجود ليس مسبوقا بعدم ول ملحوقا بعدم‪ ... .‬وواجب الوجود وإذا قيل‪ :‬واجب الوجود فمعناه أنه‬
‫موجود ل علة له وهو علة لغيه فيكون جعا بي السلب والضافة إذ نفي علة له سلب وجعله علة لغيه إضافة‪.‬‬
‫‪ ...‬والعقل‪ ...‬وإذا قيل‪ :‬عقل فمعناه أنه موجود بريء عن الادة وكل موجود هذا صفته فهو عقل أي يعقل ذاته ويشعر‬
‫به ويعقل غيه وذات ال هذا صفته أي هو بريء عن الادة فإذن هو عقل وها ‪ ...‬والعاقل والعقول‪ ...‬وإذا قيل‪ :‬عاقل‬
‫فمعناه أن ذاته الذي هو عقل فله معقول هو ذا ته فإنه يشعر بنفسه ويعقل نفسه فذاته معقول وذا ته عا قل وذاته عقل‬
‫والكل واحد إذ هو معقول من حيث أنه ماهية مردة عن الادة غي مستورة عن ذاته الذي هو عقل بعن أنه ماهية مردة‬
‫عن الادة ل يكون ش يء م ستورا ع نه‪ .‬ول ا ع قل نف سه كان عاقلً ول ا كان نف سه معقولً لنف سه كان معقو ًل ول ا كان‬
‫ل عقله بكونه‬ ‫عقله بذاته ل بزائد على ذاته كان عقلً ول يبعد أن يتحد العاقل والعقول فإن العاقل إذا عقل كونه عاق ً‬
‫ل فيكون العاقل والعقول واحدا بوجه ما وإن كان ذلك يفارق عقل الول فإن ما للول بالفعل أبدا وما لنا يكون‬ ‫عاق ً‬
‫بالقوة تارة وبالفعل أخرى‪ .‬والالق والفاعل والبارئ الذي عنه يفيض كل شيء لزوما بعلم منه ل غفلة وإذا قيل‪ :‬خالق‬
‫وفا عل وبارئ و سائر صفات الف عل فمعناه أن وجوده وجود شر يف يف يض ع نه وجود ال كل فيضانا لزما وإن وجود‬
‫غيه حاصل منه وتابع لوجوده كما يتبع النور الشمس والسخان النار‪ .‬ول تشبه نسبة العال إليه نسبة النور إل الشمس‬
‫إل ف كونه معلو ًل فقط وإل فليس هو كذلك فإن الشمس ل تشعر بفيضان النور عنها ول النار بفيضان السخان فهو‬
‫طبع مض بل الول عال بذاته وأن ذاته مبدأ لوجود غيه ففيضان ما يفيض عنه معلوم له فليس به غفلة عما يصدر منه‪.‬‬
‫ول هو أيضا كالواحد منا إذا وقف بي مريض وبي الشمس فاندفع حر الشمس عن الريض بسببه ل باختياره ولكنه‬
‫عال به وهو غي كاره أيضا له فإن الظل الفاعل للظل شخصه وجسمه والعال الراضي بوقوع الظل نفسه ل جسمه وف‬
‫حق الول ليس كذلك فإن الفاعل منه هو العال وهو الراضي أي أنه غي كاره وأنه عال بأن كماله ف أن يفيض منه‬
‫غيه‪.‬‬
‫فيكون علمه علة فيضان كل ش يء بل لو أم كن أن يفرض كون ال سم ال ظل بعي نه هو العال بعي نه بوقوع ال ظل و هو‬
‫الراضي ل يكن أيضا مساويا للول فإن الول هو العال وهو الفاعل وعلمه هو مبدأ فعله فإن علمه بنفسه ف كونه مبدأ‬
‫لل كل علة فيضان ال كل فإن النظام الوجود ت بع للنظام العقول بع ن أ نه وا قع به فكو نه فاعلً غ ي زائد على كو نه عالا‬
‫بالكل إذ علمه بالكل علة فيضان الكل عنه وكونه عالا بالكل ل يزيد على علمه بذاته فإنه ل يعلم ذاته ما ل يعلم أنه‬
‫مبدأ للكل فيكون العلوم بالقصد ‪ . .‬والقادر‪ ...‬وإذا قيل‪ :‬قادر ل نعن به إل كونه فاعلً على الوجه الذي قررناه وهو‬
‫أن وجوده وجود يفيعض عنعه القدورات التع بفيضاناع ينتظعم الترتيعب فع الكعل على أبلغ وجوه المكان فع الكمال‬
‫والسن‪ ... .‬والريد والعال‪ ...‬وإذا قيل‪ :‬مريد ل نعن به إل أن ما يفيض عنه ليس هو غافلً عنه وليس كارها له بل هو‬
‫عال بأن كماله ف فيضان الكل عنه‪ .‬فيجوز بذا العن أ ن يقال‪ :‬هو راض وجاز أن يقال للراضي‪ :‬إنه مريد‪ .‬فل تكون‬
‫الرادة إل عي القدرة ول القدرة إل عي العلم ول العلم إل عي الذات فالكل إذن يرجع إل عي الذات‪ ... .‬علم العلة‬
‫ل علم العلول‪ ...‬وهذا لن علمه بالشياء ليس مأخوذا من الشياء وإل لكان مستفيدا وصفا أو كما ًل من غيه وهو‬
‫مال ف وا جب الوجود‪ .‬ول كن علم نا على ق سمي‪ :‬علم ش يء ح صل من صورة ذلك الش يء كعلم نا ب صورة ال سماء‬
‫والرض وعلم اخترعناه كشيء ل نشاهد صورته ولكن صورناه ف أنفسنا ث أحدثناه‪ .‬فيكون وجود الصورة مستفادا‬
‫من العلم ل العلم من الوجود وعلم الول بسب القسم الثان فإن تثل النظام ف ذاته سبب لفيضان النظام عن ذاته‪... .‬‬
‫وليس هذا شأننا فإننا نتاج مع العلم إل القدرة نعم لو كان مرد حضور صورة نقش أو كتابة خط ف نفوسنا كافيا ف‬
‫حدوث تلك الصورة لكان العلم بعينه منا هو القدرة بعينها والرادة بعينها‪ .‬ولكنا لقصورنا فليس يكفي تصورنا لياد‬
‫الصورة بل نتاج مع ذلك إل إرادة متجددة تنبعث من قوة شوقية ليتحرك منهما معا القوة الحركة للعضل والعصاب‬
‫اللية‪ .‬فيتحرك بركة العضل والعصاب اليد أو غيه ويتحرك بركته القلم أو آلة أخرى خارجة وتتحرك الادة بركة‬
‫القلم كالادة أو غيه ث تصل الصورة التصورة ف نفوسنا‪ .‬فلذلك ل يكن نفس وجود هذه الصورة ف نفوسنا قدرة‬
‫ول إرادة بل كانت القدرة فينا عند البدأ الحرك للعضل وهذه الصورة مركة لذلك الحرك الذي هو مبدأ القدرة وليس‬
‫كذلك ف واجب الوجود فإنه ليس مركبا من أجسام تنبث القوى ف أطرافه فكانت القدرة والرادة والعلم والذات منه‬
‫ل له فإن الي‬ ‫واحدا‪ ... .‬وال ي‪ ...‬وإذا ق يل له‪ :‬حي ل يرد به إل أنه عال عليما يف يض ع نه الوجود الذي يسمى فع ً‬
‫هو الفعال الدراك فيكون الراد به ذاته مع إضافة إل الفعال على الوجه الذي ذكرناه ل كحياتنا فإنا ل تتم إل بقوتي‬
‫متلفت ي ينب عث عنه ما الدراك والف عل فحيا ته ع ي ذا ته أيضا‪ ... .‬والواد الذي ل يكت سب بوده شيئا وإذا ق يل له‪:‬‬
‫جواد أريد به أن يفيض عنه الكل ل لغرض يرجع إليه‪ .‬والود يتم بشيئي‪ :‬أحدها أن يكون للمنعم فائدة فيما وهب‬
‫منه فلعل من يهب شيئا من هو مستغن عنه ل يوصف بالود‪ .‬والثان أن ل يتاج الواد إل الود فيكون إقدامه على‬
‫الود لا جة نف سه‪ .‬و كل من يود ليمدح أو يث ن عل يه أو يتخلص من مذ مة ف هو م ستعيض ول يس بواد وإن ا الود‬
‫القيقي ل فإنه ليس يبغي به خلصا عن ذم ول كما ًل مستفادا بدح‪ .‬فيكون الواد اسا منبئا عن وجوده مع إضافة‬
‫إل الف عل و سلب للغرض فل يؤدي إل الكثرة ف ذا ته‪ ... .‬وال ي ال حض‪ ...‬وإذا ق يل‪ :‬خ ي م ض فإ ما أن يراد به‬
‫وجوده بريئا عن النقص وإمكان العدم فإن ال شر ل ذات له بل يرجع إل عدم جوهر أو عدم صلح حال الو هر وإل‬
‫فالوجود من حيث أنه وجود خي فيجع هذا السم إل السلب لمكان النقص والشر‪ .‬وقد يقال‪ :‬خي لا هو سبب‬
‫لنظام الشياء والول مبدأ لنظام كعل شيعء فهعو خيع ويكون السعم دا ًل على الوجود معع نوع إضافعة‪ ... .‬وواجعب‬
‫الوجود وإذا قيل‪ :‬واجب الوجود فمعناه هذا الوجود مع سلب علة لوجوده وإحالة علة لعدمه أولً وآخرا‪.‬‬
‫‪ ...‬والعاشق والعشوق واللذيذ واللتذ وإذا قيل‪ :‬عاشق ومعشوق ولذيذ وملتذ فمعناه هو أن كل جال وباء وكمال‬
‫فهعو مبوب ومعشوق لذي الكمال ول معنع للذة إل إدراك الكمال اللئم‪ .‬ومعن عرف كمال نفسعه فع إحاطتعه‬
‫بالعلومات لو أحاط با وف جال صورته وف كمال قدرته وقوة أعضائه وبالملة إدراكه لضور كل كمال هو مكن‬
‫له لو أمكن أن يتصور ذلك ف إنسان واحد لكان مبا لكماله وملتذا به وإنا تنتقص لذته بتقدير العدم والنقصان فإن‬
‫السرور ل يتم با يزول أو يشى زواله والول له البهاء الكمل والمال الت إذ كل كمال هو مكن له فهو حاضر له‪.‬‬
‫وهو مدرك لذلك الكمال مع المن من إمكان النقصان والزوال‪ .‬والكمال الاصل له فوق كل كمال فإحبابه وعشقه‬
‫لذلك الكمال فوق كل إحباب والتذاذه به فوق كل التذاذ بل ل نسبة لذاتنا إليها البتة بل هي أجل من أن يعب عنها‬
‫باللذة وال سرور والطي بة‪ .‬عدم وجود العبارات الا صة إل أن تلك العا ن ل يس ل ا عبارات عند نا فل بد من البعاد ف‬
‫الستعارة كما نستعي له لفظ الريد والختار والفاعل منا مع القطع ببعد إرادته عن إرادتنا وبعد قدرته وعلمه عن قدرتنا‬
‫وعلمنا ول بعد ف أن يستبشع عبارة اللذة فيستعمل غيه‪.‬‬
‫ال مغبوط وهو الي الحض والقصود أن حالته أشرف من أحوال اللئكة وأحرى بأن يكون مغبوطا وحالة اللئكة‬
‫أشرف من أحوال نا ولو ل ت كن لذة إل ف شهوة الب طن والفرج لكان حال المار والن ير أشرف من حال اللئ كة‬
‫وليس لا لذة أي للمبادئ من اللئكة الجردة عن الادة إل السرور بالشعور با خص با من الكمال والمال الذي ل‬
‫ي شى زواله‪ .‬ول كن الذي للول فوق الذي للملئ كة فإن وجود اللئ كة ال ت هي العقول الجردة وجود م كن ف ذا ته‬
‫واجب الوجود بغيه وإمكان العدم نوع شر ونقص فليس شيء بريئا عن كل شر مطلقا سوى الول فهو الي الحض‬
‫وله البهاء والمال الكمل‪ .‬ث هو معشوق عشقه غيه أو ل يعشقه كما أنه عاقل ومعقول عقله غيه أو ل يعقله‪ .‬وكل‬
‫هذه العان راجعة إل ذاته وإل إدراكه لذاته وعقله له وعقله لذاته هو عي ذاته فإنه عقل مرد فيجع الكل إل معن‬
‫واحد‪ .‬قولنا‪ :‬سنبي بذلك ما ل يصح على أصلهم وما هو فاسد فهذا طريق تفهيم مذهبهم وهذه المور منقسمة إل ما‬
‫يوز اعتقاده فنبي أنه ل يصح على أصلهم وإل ما ل يصح اعتقاده فنبي فساده‪ .‬ولنعد إل الراتب المسة ف أقسام‬
‫الكثرة ودعواهم نفيها ولنبي عجزهم عن إقامة الدليل ولنرسم كل واحد مسألة على حيالا‪.‬‬
‫م سألة الفل سفة أجعوا على ن في ال صفات اتف قت الفل سفة على ا ستحالة إثبات العلم والقدرة والرادة للمبدأ الول‬
‫كما اتفقت العتزلة عليه وزعموا أن هذه السامي وردت شرعا ويوز إطلقها لغة ول كن ترجع إل ذات واحدة كما‬
‫سبق ول يوز إثبات صفات زائدة على ذاته كما يوز ف حقنا أن يكون علمنا وقدرتنا وصفا لنا زائدا على ذاتنا‪... .‬‬
‫لن ا تو جب الكثرة ف ال وزعموا أن ذلك يو جب كثرة لن هذه ال صفات لو طرت علي نا لك نا نعلم أن ا زائدة على‬
‫الذات إذ تددت ولو قدر مقارنا لوجودنا من غي تأخر لا خرج عن كونه زائدا على الذات بالقارنة‪ .‬فكل شيئي إذا‬
‫طرى أحدها على الخر وعلم أن هذا ليس ذاك وذاك ليس هذا فلو اقترنا أيضا عقل كونما شيئي فإذن ل ترج هذه‬
‫ال صفات بأن تكون مقار نة لذات الول عن أن تكون أشياء سوى الذات فيو جب ذلك كثرة ف وا جب الوجود و هو‬
‫مال‪ .‬فلهذا أجعوا على نفي الصفات‪ .‬قولنا‪ :‬ما الانع أن تكون الصفات مقارنة للذات فيقال لم‪ :‬وب عرفتم استحالة‬
‫الكثرة من هذا الوجه وأنتم مالفون من كافة السلمي سوى العتزلة فما البهان عليه فإن قول القائل‪ :‬الكثرة مال ف‬
‫وا جب الوجود مع كون الذات الو صوفة واحدة ير جع إل أ نه ي ستحيل كثرة ال صفات وف يه الناع‪ .‬ول يس ا ستحالته‬
‫معلومة بالضرورة فل بد من البهان‪.‬‬
‫قولم إما أن يستغن كل واحد من الصفة والوصو عن الخ أو يفتقر كل واحد إل الخر أو يستغن واحد عن الخ‬
‫ولم مسلكان‪ :‬الول قولم‪ :‬البهان عليه أن كل واحد من الصفة والوصوف إذا ل يكن هذا ذاك ول ذاك هذا فإما أن‬
‫يستغن كل واحد عن الخر ف وجوده أو يفتقر كل واحد إل الخر أو يستغن واحد عن الخر ويتاج الخر‪ .‬فإن‬
‫فرض كل واحد مستغنيا فهما واجبا وجود وهو التثنية الطلقة وهو مال‪ .‬وإما أن يتاج كل واحد منهما إل الخر فل‬
‫يكون واحد منهما واجب الوجود إذ معن واجب الوجود ما قوامه بذاته وهو مستغن من كل وجه عن غيه فما احتاج‬
‫إل غيه فذك الغي علته إذ لو رفع ذلك الغي لمتنع وجوده فل يكون وجوده من ذاته بل من غيه‪ .‬وإن قيل‪ :‬أحدها‬
‫يتاج دون ال خر فالذي يتاج معلول والوا جب الوجود هو ال خر ومه ما كان معلولً افت قر إل سبب فيؤدي إل أن‬
‫ترتبط ذات واجب الوجود بسبب‪ .‬قولنا الختار من هذه القسام هو القسم الخي هذا وإنكم ل تنفون القسم الول‬
‫والعتراض على هذا أن يقال‪ :‬الختار من هذه الق سام هو الق سم الخ ي‪ .‬ول كن إبطال كم الق سم الول و هو التثن ية‬
‫الطلقة قد بينا أنه ل برهان لكم عليها ف السألة الت قبل هذه وأنا ل تتم إل بالبناء على نفي الكثرة ف هذه السألة وما‬
‫بعد ها‪ .‬ف ما هو فرع هذه ال سألة ك يف تنب ن هذه ال سألة عل يه ول كن الختار أن يقال‪ :‬الذات ف قوا مه غ ي متاج إل‬
‫الصفات والصفة متاجة إل الوصوف كما ف حقنا‪ .‬قولم‪ :‬الحتاج إل غيه ل يكون واجب الوجود فيبقى قولم‪ :‬إن‬
‫الحتاج إل غيه ل يكون واجب الوجود‪ .‬قولنا‪ :‬الصفة قدية ل فاعل لا فيقال‪ :‬إن أردت بواجب الوجود أنه ليس له‬
‫علة فاعلية فلم قلت ذلك ول استحال أن يقال‪ :‬كما أن ذات واجب الوجود قدي ل فاعل له فكذلك صفته قدية معه‬
‫ول فاعل لا وإن أردت بواجب الوجود أن ل يكون له علة قابلية فهو ليس بواجب الوجود على هذا التأويل ولكنه مع‬
‫هذا قدي ل فاعل له‪ .‬فما الحيل لذلك قولم‪ :‬هي معلولة فإن قيل‪ :‬واجب الوجود الطلق هو الذي ليس له علة فاعلية‬
‫ول قابل ية‪ .‬فإذا سلم أن له علة قابل ية ف قد سلم كو نه معلولً‪ .‬قل نا‪ :‬ت سمية الذات القابلة علة قابل ية من ا صطلحكم‬
‫والدليعل ل يدل على ثبوت واجعب وجود بكعم اصعطلحكم وإناع دل على إثبات طرف ينقطعع بعه تسعلسل العلل‬
‫والعلولت ول يدل إل على هذا القدر وق طع الت سلسل م كن بوا حد له صفات قدي ة ل فا عل ل ا ك ما ل فا عل لذا ته‬
‫ولكن ها تكون متقررة ف ذا ته‪ .‬فليطرح ل فظ وا جب الوجود فإ نه م كن التل بس ف يه فإن البهان ل يدل إل على ق طع‬
‫التسلسل ول يدل على غيه البتة‪ .‬فدعوى غيه تكم‪ .‬قولم‪ :‬ل ف العلل القابلية فإن قيل‪ :‬كما يب قطع التسلسل ف‬
‫العلة الفاعلية يب قطعها ف القابلية إذ لو افتقر كل موجود إل مل يقوم فيه وافتقر الحل أيضا للزم التسلسل كما لو‬
‫افت قر كل موجود إل علة وافتقرت العلة أيضا إل علة‪ .‬قول نا‪ :‬يك في أن ينق طع الت سلسل بالذات قل نا‪ :‬صدقتم فل جرم‬
‫قطعنا هذا التسلسل أيضا وقلنا‪ :‬إن الصفة ف ذاته وليس ذاته قائما بغيه كما أن علمنا ف ذاتنا وذاتنا مل له وليس ذاتنا‬
‫ف مل‪ .‬فالصفة انقطع تسلسل علتها الفاعلية مع الذات إذ ل فاعل لا كما ل فاعل للذات بل ل تزل الذات بذه الصفة‬
‫موجودة بل علة له ول لصفته‪ .‬وأما العلة القابلية ل ينقطع تسلسلها إل على الذات‪ .‬ومن أين يلزم أن ينتفي الحل حت‬
‫تنت في العلة والبهان ل يس يض طر إل إل ق طع الت سلسل‪ .‬ف كل طر يق أم كن ق طع الت سلسل به ف هو وفاء بقض ية البهان‬
‫الداعي إل واجب الوجود‪.‬‬
‫واجب الوجود ما ليس له علة فاعلية وإن أريد بواجب الوجود شيء سوى موجود ليس له علة فاعلية حت ينقطع به‬
‫الت سلسل فل ن سلم أن ذلك وا جب أ صلً‪ .‬ومه ما ات سع الع قل لقبول موجود قد ي ل علة لوجوده ات سع لقبول قد ي‬
‫موصوف ل علة لوجوده ف ذاته وف صفاته جيعا‪ .‬قولم‪ :‬تكون الذات علة العلم السلك الثان قولم‪ :‬إن العلم والقدرة‬
‫ل ف ماهية ذاتنا بل هو عارض‪ .‬وإذا أثبت هذه الصفات للول ل يكن أيضا داخلً ف ماهية ذاته بل كان‬ ‫فينا ليس داخ ً‬
‫عارضا بالضافة إليه وإن كان دائما له‪ .‬ورب عارض ل يفارق أو يكون لزما لاهية ول يصي بذلك مقوما لذاته‪ .‬وإذا‬
‫كان عارضا كان تابعا للذات وكان الذات سببا فيه فكان معلو ًل فكيف يكون واجب الوجود وهذا هو الول مع تغيي‬
‫عبارة‪ .‬فنقول‪ :‬إن عنيتعم بكونعه تابعا للذات وكون الذات سعببا له أن الذات علة فاعليعة له وأنعه مفعول للذات فليعس‬
‫كذلك فإن ذلك ليس يلزم ف علمنا بالضافة إل ذاتنا إذ ذواتنا ليست بعلة فاعلة لعلمنا‪ .‬وإن عنيتم أن الذات مل وأن‬
‫الصفة ل تقوم بنفسها ف غي مل فهذا مسلم فلم يتنع هذا‪ .‬فبأن يعب عنه بالتابع أو العارض أو العلول أو ما أراده العب‬
‫ل يتغ ي الع ن إذا ل ي كن الع ن سوى أ نه قائم بالذات قيام ال صفات بالو صوفات ول ي ستحيل أن يكون قائما ف ذات‬
‫وهو مع ذلك قدي ول فاعل له‪.‬‬
‫فإن أريد هذا العن فليعب عنه بغي عبارة فكل أدلتهم تويل بتقبيح العبارة بتسميته مكنا وجائزا وتابعا ولزما ومعلولً‬
‫ل فليس كذلك‪ .‬وإن ل يرد به إل أنه ل فاعل له ولكن له مل هو‬ ‫وإن ذلك مستنكر‪ .‬فيقال‪ :‬إن أريد بذلك أن له فاع ً‬
‫قائم فيه فليعب عن هذا العن بأي عبارة أريد فل استحالة فيه‪ .‬قولم‪ :‬هذا يؤدي إل أن يكون الول متاجا إل الصفات‬
‫وربا هولوا بتقبيح العبارة من وجه آخر فقالوا‪ :‬هذا يؤدي إل أن يكون الول متاجا إل هذه قولنا‪ :‬با يتم له الكمال!‬
‫وهذا كلم وعظي ف غاية الركاكة فإن صفات الكمال ل تباين ذات الكامل حت يقال‪ :‬إنه متاج إل غيه‪ .‬فإذا ل يزل‬
‫ل بالعلم والقدرة والياة فك يف يكون متاجا أو ك يف يوز أن ي عب عن ملز مة الكمال بالا جة و هو‬ ‫ول يزال كام ً‬
‫كقول القائل‪ :‬الكا مل من ل يتاج إل كمال فالحتاج إل وجود صفات الكمال لذا ته نا قص فيقال‪ :‬ل مع ن لكو نه‬
‫كاملً إل وجود الكمال لذا ته‪ .‬فكذلك ل مع ن لكو نه غنيا إل وجود ال صفات الناف ية للحاجات لذا ته‪ .‬فك يف تن كر‬
‫صفات الكمال الت با تتم اللية بثل هذه التخييلت اللفظية قولم‪ :‬فيحتاج إل مركب فليس هو جسما فإن قيل‪ :‬إذا‬
‫أثب تم ذاتا و صفة وحلولً لل صفة بالذات ف هو ترك يب و كل ترك يب يتاج إل مر كب ولذلك ل ي ز أن يكون الول‬
‫جسما لنه مركب‪ .‬قولنا‪ :‬كله قدي السم حادث قلنا‪ :‬قول القائل‪ :‬كل تركيب يتاج إل مركب كقوله‪ :‬كل موجود‬
‫يتاج إل موجد فيقال له‪ :‬الول موجود قدي ل علة له ول موجد‪ .‬فكذلك يقال‪ :‬هو موصوف قدي ول علة لذاته ول‬
‫لصفته ول لقيام صفته بذاته بل الكل قدي بل علة‪ .‬وأما السم فإنا ل يز أن يكون هو الول لنه حادث من حيث أنه‬
‫ل يلوا عن الوادث ومن ل يثبت له حدوث السم يلز مه أن يوز أن تكون العلة الول ج سما كما سنلزمه عليكم‬
‫من بعد‪.‬‬
‫فالدلة باطلة وكل مسالكهم ف هذه السألة تييلت‪ .‬ل يقدرون رد الميع إل نفس الذات ث إنم ل يقدرون على رد‬
‫ج يع ما يثبتو نه إل ن فس الذات‪ .‬فإن م أثبتوا كو نه عالا ويلزم هم أن يكون ذلك زائدا على مرد الوجود فيقال ل م‪:‬‬
‫أتسلمون أن الول يعلم غي ذاته ومنهم من يسلم ذلك ومنهم من قال‪ :‬ل يعلم إل ذاته‪ .‬علمه بالكليات‪ ...‬فأما الول‬
‫ف هو الذي اختاره ا بن سينا‪ .‬فإ نه ز عم أ نه يعلم الشياء كل ها بنوع كلي ل يد خل ت ت الزمان ول يعلم الزئيات ال ت‬
‫يو جب تدد الحا طة ب ا تغيا ف ذات العال‪ .‬فنقول‪ :‬علم الول بوجود كل النواع والجناس ال ت ل نا ية ل ا ع ي‬
‫علمه بنفسه أو غيه‪ .‬فإن قلتم‪ :‬إنه غيه فقد أثبتم كثرة ونقضتم القاعدة‪ .‬وإن قلتم‪ :‬إنه عينه ل تتميزوا عن من يدعي أن‬
‫علم النسان ‪ ...‬غي علمه بذاته وقيل‪ :‬حد الشيء الواحد أن يستحيل ف الوهم المع فيه بي النفي والثبات‪ .‬فالعلم‬
‫بالشيء الوا حد ل ا كان شيئا واحدا ا ستحال أن يتو هم ف حالة واحدة موجودا ومعدوما ول ا ل يستحل ف الو هم أن‬
‫يقدر علم الن سان بنف سه دون عل مه بغيه ق يل‪ :‬إن عل مه بغيه غ ي عل مه بنف سه إذ لو كان هو هو لكان نف يه نفيا له‬
‫وإثباته إثباتا له إذ يستحيل أن يكون زيد موجودا وزيد معدوما أعن هو بعينه ف حالة واحدة ول يستحيل مثل ذلك ف‬
‫العلم بالغ ي مع العلم بنف سه‪ .‬وكذى ف علم الول بذا ته مع عل مه بغيه إذ ي كن أن يتو هم وجود أحده ا دون ال خر‬
‫فهما إذن شيئان‪ .‬ول يكن أن يتوهم وجود ذاته دون وجود ذاته‪ .‬فلو كان الكل كذلك لكان هذا التوهم مالً‪ .‬فكل‬
‫من اعترف من الفلسفة بأن الول يعرف غي ذاته فقد أثبت كثرة ل مالة‪.‬‬

‫قولم كونه يعلم ذاته مبدأ للكل يؤدي إل أن يعلم الشياء بالقصد الثان فإن قيل‪ :‬هو ل يعلم الغي بالقصد الول بل‬
‫يعلم ذاته مبدأ للكل فيلزمه العلم بالكل بالقصد الثان إذ ل يكن أن يعلم ذاته إل مبدأ فإنه حقيقة ذاته ول يكن أن يعلم‬
‫ذاته مبدأ لغيه إل ويدخل الغي ف علمه بطريق التضمن واللزوم ول يبعد أن يكون لذاته لوازم‪ .‬وذلك ل يوجب كثرة‬
‫ف ماهية الذات وإنا يتنع أن يكون ف نفس الذات كثرة‪ .‬قولنا‪ :‬علمه بوجود ذاته غي علمه بكونه مبدأ للكل والواب‬
‫من وجوه‪ :‬الول أن قولكم‪ :‬إنه يعلم ذا ته مبدأ تكم بل ينبغي أن يعلم وجود ذا ته ف قط‪ .‬فأ ما العلم بكو نه مبدأ يزيد‬
‫على العلم بالوجود لن البدئية إضافة للذات ويوز أن يعلم الذات ول يعلم إضافته ولو ل تكن البدئية إضافة لتكثر ذاته‬
‫وكان له وجود ومبدئ ية وه ا شيئان‪ .‬وك ما يوز أن يعرف الن سان ذا ته ول يعلم كو نه معلولً إل أن يعلم لن كو نه‬
‫معلولً إضافة له إل علته فكذلك كونه علة إضافة له إل معلوله‪ .‬فاللزام قائم ف مرد قولم‪ :‬إنه يعلم كونه مبدأ إذ فيه‬
‫علم بالذات وبالبدئية وهو الضافة والضافة غي الذات فالعلم بالضافة غي العلم بالذات بالدليل الذي ذكرناه وهو أنه‬
‫يكن أن يتوهم العلم بالذات دون العلم بالبدئية ول يكن أن يتوهم العلم بالذات دون العلم بالذات لن الذات واحدة‪.‬‬
‫هناك معلومان فهناك علمان الو جه الثا ن هو أن قول م‪ :‬إن ال كل معلوم له بالق صد الثا ن كلم غ ي معقول فإ نه مه ما‬
‫كان عل مه ميطا بغيه كما ي يط بذا ته كان له معلومان متغايران وكان له علم بما وتعدد العلوم وتغايره يو جب تعدد‬
‫العلم إذ يق بل أ حد العلوم ي الف صل عن ال خر ف الو هم فل يكون العلم بأحده ا ع ي العلم بال خر إذ لو كان لتعذر‬
‫تقد ير وجود أحده ا دون ال خر ول يس ث آ خر مه ما كان ال كل واحدا‪ .‬فهذا ل يتلف بأن ي عب ع نه بالق صد الثا ن‪.‬‬
‫الكليات ل تتناهعى! ثع ليعت شعري كيعف يقدم على نفعي الكثرة معن يقول‪ :‬إنعه ل يعزب ععن علمعه مثقال ذرة فع‬
‫السموات ول ف الرض إل أنه يعرف الكل بنوع كلي والكليات العلومة له ل تتناهى فيكون العلم التعلق با مع كثرتا‬
‫وتغايرها واحدا من كل وجه‪ .‬فابن سينا ل يترز من لزوم " الكثرة " وقد خالف ابن سينا ف هذا غيه من الفلسفة‬
‫الذين ذهبوا إل أنه ل يعلم إل نفسه احترازا من لزوم الكثرة‪ .‬فكيف شاركهم ف نفي الكثرة ث باينهم ف إثبات العلم‬
‫ل ف الدنيا والخرة وإنا يعلم نفسه فقط وأما غيه فيعرفه ويعرف‬ ‫بالغي ولا استحيا أن يقال‪ :‬إن ال ل يعلم شيئا أص ً‬
‫أيضا نف سه وغيه فيكون غيه أشرف م نه ف العلم‪ .‬فترك هذا حياء من هذا الذ هب وا ستنكافا م نه ث ل ي ستحي من‬
‫الصرار على نفي الكثرة من كل وجه وزعم أن علمه بنفسه وبغيه بل وبميع الشياء هو ذاته من غي مزيد وهو عي‬
‫التناقض الذي استحيا منه سائر الفلسفة لظهور التناقض فيه ف أول النظر‪ .‬فإذن ليس ينفك فريق منهم عن خزي ف‬
‫مذ هب وهكذى يف عل ال ب ن ضل عن سبيله و ظن أن المور الل ية ي ستول على كنه ها بنظره وتييله‪ .‬قول م‪ :‬العلم‬
‫يكون بعر فة واحدة‪ :‬علم الب وال بن‪ ...‬فإن ق يل‪ :‬إذا ث بت أ نه يعرف نف سه مبدأ على سبيل الضا فة فالعلم بالضاف‬
‫واحد إذ من عرف البن عرفه بعرفة واحدة وفيه العلم بالب وبالبوة والبنوة ضمنا فيكثر العلوم ويتحد العلم‪ .‬فكذلك‬
‫هو يعلم ذا ته مبدأ لغيه فيت حد العلم وإن تعدد العلوم‪ .‬ث إذا ع قل هذا ف معلول وا حد وإضاف ته إل يه ول يو جب ذلك‬
‫كثرة فالزيادة في ما ل يو جب جن سه كثرة ل تو جب كثرة‪ .‬العلم يكون بعلم الش يء وبعلم العلم بالش يء وكذلك من‬
‫يعلم الشيء ويعلم علمه بالشيء فإنه يعلمه بذلك العلم‪ .‬فكل علم هو علم بنفسه تقولون‪ :‬إن معلومات ال ل ناية لا‬
‫وعلمه واحد ويدل عليه أيضا أنكم ترون أن معلومات ال ل ناية لا وعلمه واحد ول تصفونه بعلوم ل ناية لعدادها‪.‬‬
‫فإن كان تعدد العلوم يوجب تعدد ذات العلم فليكن ف ذات ال علوم ل ناية لعدادها وهذا مال‪ .‬قولنا‪ :‬يقتضي ذلك‬
‫كثرة أكثر ما إذا أضيف وجود إل ماهية قلنا‪ :‬مهما كان العلم واحدا من كل وجه ل يتصور تعلقه بعلومي بل يقتضي‬
‫ذلك كثرة ما على ما هو وضع الفلسفة واصطلحهم ف تقدير الكثرة حت بالغوا فقالوا‪ :‬لو كان للول ماهية موصوفة‬
‫بالوجود لكان لذلك كثرة‪ .‬فلم يعقلوا شيئا واحدا له حقيقيعة ثع يوصعف بالوجود بعل زعموا أن الوجود مضاف إل‬
‫القي قة و هو غر يه فيقت ضي كثرة‪ .‬فعلى هذا الو جه ل ي كن تقد ير علم يتعلق بعلومات كثية إل ويلزم ف يه نوع كثرة‬
‫أجلى وأبلغ من اللزم ف تقدير وجود مضاف إل ماهية‪ .‬القول الول باطل‪ ...‬وأما العلم بالبن وكذى سائر الضافات‬
‫فف يه كثرة إذ ل بد من العلم بذات ال بن وذات الب وه ا علمان‪ .‬وعلم ثالث و هو الضا فة‪ .‬ن عم هذا الثالث مض من‬
‫بالعلمي السابقي إذ ها من شرطه وضرورته وإل فما ل يعلم الضاف أولً ل تعلم الضافة‪ .‬فهي علوم متعددة بعضها‬
‫مشروطة ف البعض‪ .‬فكذلك إذا علم الول ذاته مضافا إل سائر الجناس والنواع بكونه مبدأ لا افتقر إل أن يعلم ذاته‬
‫وآحاد الجناس وأن يعلم إضا فة نف سه بالبدئ ية إلي ها وإل ل يع قل كون الضا فة معلو مة له‪ ... .‬والثا ن أيضا‪ ...‬وأ ما‬
‫قولمع‪ :‬إن معن علم شيئا علم كونعه عالا بذلك العلم بعينعه فيكون العلوم متعددا والعلم واحدا فليعس كذلك بعل يعلم‬
‫كونه عالا بعلم آخر وينتهي إل علم يغفل عنه ول يعلمه‪ .‬ول نقول‪ :‬يتسلسل إل غي ناية بل ينقطع على علم متعلق‬
‫بعلومه وهو غافل عن وجود العلم ل عن وجود العلوم كالذي يعلم السواد وهو ف حال علمه مستغرق النفس بعلومه‬
‫الذي هو سواد وغافل عن علمه بالسواد وليس ملتفتا إليه فإن التفت إليه افتقر إل علم آخر إل أن ينقطع التفاته‪... .‬‬
‫وأ ما الثالث فعلي كم البهان وأ ما قول م‪ :‬إن هذا ينقلب علي كم ف معلومات ال فإن ا غ ي متناه ية والعلم عند كم وا حد‬
‫فنقول‪ :‬ننع ل نضع فع هذا الكتاب خوض المهديعن بعل خوض الادميع العترضيع ولذلك سعينا الكتاب‪ :‬تافعت‬
‫الفل سفة ل ته يد ال ق‪ .‬فل يس يلزم نا هذا الواب‪ .‬قول م‪ :‬ف ال مر إشكال على ج يع الفرق فإن ق يل‪ :‬إ نا ل نلزم كم‬
‫مذ هب فر قة معي نة من الفرق‪ .‬فأ ما ما ينقلب على كا فة اللق وت ستوي القدام ف إشكاله فل يوز ل كم إيراده وهذا‬
‫الشكال منقلب عليكم ول ميص لحد من الفرق عنه‪ .‬قولنا‪ :‬القصود تشكيككم ف دعاويكم قلنا‪ :‬ل بل القصود‬
‫تعجيز كم عن دعوا كم معر فة حقائق المور بالباه ي القطع ية وتشكيك كم ف دعاوي كم‪ .‬أن تم تعترضون على الؤمن ي‬
‫بالر سول‪ ...‬وإذا ظهر عجز كم ففي الناس من يذهب إل أن حقائق المور الل ية ل تنال بنظر العقل بل ل يس ف قوة‬
‫البشر الطلع عليه‪ .‬ولذلك قال صاحب الشرع‪ :‬تفكروا ف خلق ال ول تتفكروا ف ذات ال‪ .‬فما إنكاركم على هذه‬
‫الفر قة العتقدة صدق الر سول بدل يل العجزة القت صرة من قض ية الع قل على إثبات ذات الر سل الحترزة عن الن ظر ف‬
‫الصفات بنظر العقل التبعة صاحب الشرع فيما أتى به من صفات ال القتفية أثره ف إطلق العال والريد والقادر والي‬
‫النته ية عن إطلق ما ل يؤذن ف يه العتر فة بالع جز عن درك الع قل‪ ... .‬ون ن نعترض علي كم! وإن ا إنكار كم علي هم‬
‫بنسبتهم إل الهل بسالك الباهي ووجه ترتيب القدمات على أشكال القاييس ودعواكم أنا قد عرفنا ذلك بسالك‬
‫عقل ية‪ .‬و قد بان عجز كم وتا فت م سالككم وافتضاح كم ف دعوى معرفت كم و هو الق صود من هذا البيان‪ .‬فأ ين من‬
‫يدعي أن براهي الليات قاطعة كباهي الندسيات قولم‪ :‬الول ل يعلم إل نفسه فإن قيل‪ :‬هذا الشكال إنا لزم على‬
‫ا بن سينا ح يث ز عم أن الول يعلم غيه‪ .‬فأ ما الحققون من الفل سفة قد اتفقوا على أ نه ل يعلم إل نف سه فيند فع هذا‬
‫الشكال‪ .‬قولنا‪ :‬كل واحد من العقلء يعلم أشياء كثية! فنقول‪ :‬ناهيكم خزيا بذا الذهب ولول أنه ف غاية الركاكة‬
‫لا استنكف التأخرون عن نصرته‪ .‬ونن ننبه على وجه الزي فيه فإن فيه تفضيل معلولته عليه إذ اللك والنسان وكل‬
‫واحد من العقلء يعرف نفسه ومبدأه ويعرف غيه والول ل يعرف إل نفسه فهو ناقص بالضافة إل آحاد الناس فضلً‬
‫عن اللئكة بل البهيمة مع شعورها بنفسها تعرف أمورا أخر سواها‪ .‬ول شك ف أن العلم شرف وان عدمه نقصان‪.‬‬
‫فأين قولم‪ :‬إنه عاشق ومعشوق لن له البهاء الكمل والمال الت وأي جال لوجود بسيط ل ماهية له ول حقيقة ول‬
‫خب له ما يري ف العال ول ما يلزم ذاته ويصدر منه وأي نقصان ف عال ال يزيد على هذا بلغ الفلسفة هذا البلغ!‬
‫وليتعجب العاقل من طائفة يتعمقون ف العقولت بزعمهم ث ينتهي آخر نظرهم إل أن رب الرباب ومسبب السباب‬
‫ل علم له أصلً با يري ف العال‪ .‬وأي فرق بينه وبي اليت إل ف علمه بنفسه وأي كمال ف علمه بنفسه مع جهله‬
‫بغيه وهذا مذهب تغن صورته ف الفتضاح عن الطناب واليضاح‪.‬‬
‫الذات غ ي العلم بالذات ك ما ف الن سان ث يقال لؤلء‪ :‬ل تتخل صوا عن الكثرة مع اقتحام هذه الخازي أيضا فإ نا‬
‫نقول‪ :‬علمه بذاته عي ذاته أو غي ذاته‪ .‬فإن قلتم‪ :‬إنه غيه فقد جاءت الكثرة وإن قلتم‪ :‬إنه عينه فما الفصل بينكم وبي‬
‫قائل‪ :‬إن علم النسان بذاته عي ذاته وهو حاقة إذ يعقل وجود ذاته ف حالة هو فيها غافل عن ذاته ث تزول غفلته ويتنبه‬
‫لذاته فيكون شعوره بذاته غي ذاته ل مالة‪ .‬قولم‪ :‬النسان قد يطرى عليه العلم فيكون غيه فإن قلتم‪ :‬إن النسان قد‬
‫يلوا ععن العلم بذاتعه فيطرى عليعه فيكون غيه ل مالة‪ .‬قولنعا‪ :‬يقدر طريان الذات فنقول‪ :‬الغييعة ل تعرف بالطريان‬
‫والقارنة فإن عي الشيء ل يوز أن يطرى على الشيء وغي الشيء إذا قارن الشيء ل يصر هو هو ول يرج عن كونه‬
‫غيا‪ .‬فبأن كان الول ل يزل عالا بذا ته ل يدل على أن عل مه بذا ته ع ي ذا ته ويت سع الو هم لتقد ير الذات ث طريان‬
‫الشعور‪ .‬ولو كان هو الذات بعينه لا تصور هذا التوهم‪ .‬قولم‪ :‬ذاته عقل وعلم‪ ...‬فإن قيل‪ :‬ذاته عقل وعلم فليس له‬
‫ذات ثع علم قائم بعه‪ .‬قولنعا‪ :‬يردون ال إل حقائق الغراض!‪ ...‬قلنعا‪ :‬الماقعة ظاهرة فع هذا الكلم فإن العلم صعفة‬
‫وعرض يستدعي موصوفا وقول القائل‪ :‬هو ف ذاته عقل وعلم كقوله‪ :‬هو قدرة وإرادة وهو قائم بنفسه‪ .‬ولو قيل‪ :‬به‬
‫فهو كقول القائل ف سواد وبياض‪ :‬إنه قائم بنفسه وف كمية وتربيع وتثليث‪ :‬إنه قائم بنفسه‪ .‬وكذى ف كل العراض‪.‬‬
‫وبالطر يق الذي ي ستحيل أن تقوم صفات الج سام بنف سها دون ج سم هو غ ي ال صفات بع ي ذلك الطر يق يعلم أن‬
‫صعفات الحياء معن العلم والياة والقدرة والرادة أيضا ل تقوم بنفسعها وإناع تقوم بذات‪ .‬فالياة تقوم بالذات فيكون‬
‫حياته با وكذلك سائر الصفات‪ .‬فإذن ل يقنعوا بسلب الول سائر الصفات ول بسلبه القيقة والاهية حت سلبوه أيضا‬
‫القيام بنف سه وردوه إل حقائق العراض وال صفات ال ت ل قوام ل ا بنف سها‪ ... .‬ول يقيمون الدل يل على كو نه عالا‪...‬‬
‫وسنبي ذلك على أنا سنبي بعد هذا عجزهم عن إقامة الدليل على كونه عالا بنفسه وبغيه ف مسألة مفردة‪ .‬مسألة ف‬
‫إبطال قولم أن الول ل يوز أن يشارك غيه ف جنس ويفارقه بفصل وأنه ل يتطرق إليه انقسام ف حق العقل بالنس‬
‫رأيهم وقد اتفقوا على هذا وبنوا عليه أنه إذا ل يشارك غيه بعن جنسي ل ينفصل عنه بعن فصلي فلم يكن له حد إذ‬
‫ال د ينت ظم من ال نس والف صل و ما ل ترك يب ف يه فل حد له‪ .‬وهذا نوع من الترك يب‪ .‬وزعموا أن قول القائل‪ :‬أ نه‬
‫يساوي العلول الول ف كونه موجودا وجوهرا وعلة لغيه ويباينه بشيء آخر ل مالة فليس هذا مشاركة ف النس بل‬
‫هو مشار كة ف لزم عام‪ .‬ف ال نس وفرق ب ي ال نس واللزم ف القي قة وإن ل يفتر قا ف العموم على ما عرف ف‬
‫النطق فإن النس الذات هو العام القول ف جواب ما هو ويدخل ف ماهية الشيء الحدود ويكون مقوما لذاته‪ .‬فكون‬
‫النسان حيا دا خل ف ماه ية الن سان أع ن اليوان ية فكان جن سا‪ .‬وكو نه مولودا وملوقا لزم له ل يفار قه قط ولك نه‬
‫ليس داخلً ف الاهية‪ .‬وإن كان لزما عاما ويعرف ذلك ف النطق معرفة ل يتمارى فيها‪ .‬قولم‪ :‬إن الوجود ل يدخل‬
‫ف ماه ية الشياء‪ ...‬وزعموا أن الوجود ل يد خل قط ف ماه ية الشياء بل هو مضاف إل الاه ية‪ :‬إ ما لزما ل يفارق‬
‫كالسماء أو واردا بعد أن ل يكن كالشياء الادثة فالشاركة ف الوجود ليس مشاركة ف النس‪ ... .‬ول يدخل فيها "‬
‫كونه علة "‪ ...‬وأما مشاركته ف كونه علة لغيه كسائر العلل فهو مشاركة ف إضافة لزمة ل تدخل أيضا ف الاهية فإن‬
‫البدئ ية والوجود ل يقوم وا حد منه ما الذات بل يلزمان الذات ب عد تقوم الذات بأجزاء ماهي ته‪ .‬فل يس الشار كة ف يه إل‬
‫مشاركة ف لزم عام يتبع الذات لزومه ل ف جنس‪ .‬ولذلك ل تد الشياء إل بالقومات فإن حدث باللوازم كان ذلك‬
‫ر سا للتمي يز ل لت صوير حقي قة الش يء‪ .‬فل يقال ف حد الثلث إ نه الذي تساوي زواياه القائمت ي وإن كان ذلك لزما‬
‫عاما لكل مثلث بل يقال إنه شكل ييط به ثلثة أضلع‪ ... .‬ول يدخل فيها كو نه جوهرا‪ ...‬وكذلك الشاركة ف‬
‫كونه جوهرا فإن معن كونه جوهرا أنه موجود ل ف موضوع والوجود ليس بنس‪ .‬فبأن يضاف إليه أمر سلب وهو أنه‬
‫ل ف موضوع فل يصي جنسا مقوما بل لو أضيف إليه إيابه وقيل موجود ف موضوع ل يصر جنسا ف العرض وهذا‬
‫لن من عرف الو هر بده الذي هو كالر سم له و هو أ نه موجود ل ف موضوع فل يس يعرف كو نه موجودا فضلً أن‬
‫يعرف أنه ف موضوع أو ل ف موضوع بل معن قولنا ف رسم الوهر أنه الوجود ل ف موضوع أي أنه حقيقة ما إذا‬
‫وجد وجد ل ف موضوع‪ .‬ولسنا نعن به أنه موجود بالفعل حالة التحديد فليس الشاركة فيه مشاركة ف جنس‪ ... .‬بل‬
‫الوجود الوا جب هو للول ل لغيه بل الشار كة ف مقومات الاه ية هي الشار كة ف ال نس الحوج إل الباي نة بعده‬
‫بالفصل وليس للول ماهية سوى الوجود الواجب‪ .‬فالوجود الواجب طبيعة حقيقية وماهية ف نفسه هو له ل لغيه‪ .‬وإذا‬
‫ل يكن وجوب الوجود إل له ل يشارك غيه فلم ينفصل عنه بفصل نوعي فلم يكن له حد‪ .‬قولنا‪ :‬الطالبة فهذا تفهيم‬
‫مذهبهم‪ .‬والكلم عليه من وجهي‪ :‬مطالبة وإبطال‪ .‬أما الطالبة فهو أن يقال‪ :‬هذا حكاية الذهب فبم عرفتم استحالة‬
‫ذلك ف حق الول حت بنيتم عليه نفي التثنية إذ قلتم‪ :‬إن الثان ينبغي أن يشاركه ف شيء ويباينه ف شيء والذي فيه ما‬
‫يشارك به وما يباين به فهو أبطلنا إمكان التركيب ف الول فنقول‪ :‬هذا النوع من التركيب من أين عرفتم استحالته ول‬
‫دليل عليه إل قولكم الحكي عنكم ف نفي الصفات وهو أن الركب من النس والفصل متمع من أجزاء فإن كان يصح‬
‫لواحد من الجزاء أو الملة وجود دون الخر فهو واجب الوجود دون ما عداه وإن كان ل يصح للجزاء وجود دون‬
‫الجتمع ول للمجتمع وجود دون الجزاء فالكل معلول متاج‪ .‬وقد تكلمنا عليه ف الصفات وبينا أن ذلك ليس بحال‬
‫ف قطع تسلسل العلل والبهان ل يدل على قطع التسلسل‪ .‬البهان ل يدل إل على قطع التسلسل فقط فأما العظائم الت‬
‫اخترعو ها ف لزوم اتصاف وا جب الوجود به فلم يدل عل يه دل يل‪ .‬فإن كان وا جب الوجود ما وصفوه به و هو أ نه ل‬
‫يكون فيه كثرة فل يتاج ف قوامه إل غيه فل دليل إذن على إثبات واجب الوجود وإنا الدليل دل على قطع التسلسل‬
‫فقط وهذا قد فرغنا منه ف الصفات‪ .‬ليس بي النس والفصل مباينة تامة وهو ف هذا النوع أظهر فإن انقسام الشيء إل‬
‫ال نس والف صل ل يس كانق سام الو صوف إل ذات و صفة فإن ال صفة غ ي الذات والذات غ ي ال صفة والنوع ل يس غ ي‬
‫النس من كل وجه فمهما ذكرنا النوع فقد ذكرنا النس وزيادة‪ .‬وإذا ذكرنا النسان فلم نذكر إل اليوان مع زيادة‬
‫ن طق‪ .‬فقول القائل‪ :‬إن الن سانية هل ت ستغن عن اليوان ية كقوله‪ :‬إن الن سانية هل ت ستغن عن نف سها إذا ان ضم إلي ها‬
‫شيء آخر فهذا أبعد عن الكثرة من الصفة والوصوف‪ .‬إن ل تكن الباينة ف الفصل‪ ...‬ومن أي وجه يستحيل أن تنقطع‬
‫سلسلة العلولت على علتي إحديهما علة السموات والخرى علة العناصر أو أحدها علة العقول والخر علة الجسام‬
‫كلها ويكون بينه ما مباينة ومفارقة ف الع ن كما بي المرة والرارة ف مل واحد فإن ما يتباينان بالعن من غ ي أن‬
‫نفرض ف المرة تركيبا جن سيا وف صليا بيث يق بل النف صال بل إن كان ف يه كثرة ف هو نوع كثرة ل يقدح ف وحدة‬
‫الذات‪ .‬فمن أي وجه يستحيل هذا ف العلل وبذا يتبي عجزهم عن نفي إلي صانعي‪.‬‬
‫إما أن يكون هذا شرطا ف وجوب الوجود وإما أن ل يكون ول يصح ف الالي فإن قيل‪ :‬إنا يستحيل هذا من حيث‬
‫أن ما به من الباينة بي الذاتي إن كان شرطا ف وجوب الوجود فينبغي أن يوجد لكل واجب وجود فل يتباينان وإن ل‬
‫ي كن هذا شرطا ول ال خر شرطا ف كل ما ل يشترط ف وجوب الوجود فوجوده م ستغن ع نه وي تم وجوب الوجود‬
‫بغيه‪ .‬قلنا‪ :‬هذا عي ما ذكرتوه ف الصفات وقد تكلمنا عليه‪ .‬ومنشأ التلبيس ف جيع ذلك ف لفظ واجب الوجود‬
‫فليطرح فإنا ل نسلم أن الدليل يدل على واجب الوجود إن ل يكن الراد به موجود ل فاعل له قدي وإن كان الراد هذا‬
‫فليترك لفظ واجب الوجود وليبي أن موجودا ل علة له ول فاعل يستحيل فيه التعدد والتباين ول يقوم عليه دليل‪ .‬بعض‬
‫التباين هو شرط ف " كون " اللون لونا فيبقى قولم‪ :‬إن ذلك هل هو شرط ف أن ل يكون له علة فهو هوس فإن ما ل‬
‫علة له قد بينا أنه ل يعلل كونه ل علة له حت يطلب شرطه أو هو كقول القائل‪ :‬إن السوادية هل هي شرط ف كون‬
‫اللون لونا فإن كان شرطا فلم كان المرة لونا فيقال‪ :‬أما ف حقيقته فل يشترط واحد منهما أعن ثبوت حقيقة اللونية‬
‫ف العقل وأما ف وجوده فالشرط أحدها ل بعينه أي ل يكن جنس ف الوجود إل وله فصل‪ .‬فكذلك من يثبت علتي‬
‫ويقطع التسلسل بما فيقول‪ :‬يتباينان بفصل وأحد الفصول شرط الوجود ل مالة ولكن ل على التعي‪ .‬قولم‪ :‬وجوب‬
‫الوجود كوجود اللون ية ل كماهي ته فإن ق يل‪ :‬هذا يوز ف اللون فإن له وجودا مضافا إل الاه ية زائدا على الاه ية ول‬
‫يوز ف وا جب الوجود إذ ل يس له إل وجوب الوجود ول يس ث ماه ية يضاف الوجود إلي ها‪ .‬وك ما أن ف صل ال سواد‬
‫وف صل المرة ل يشترط للون ية ف كون ا لون ية إن ا يشترط ف وجود ها الا صل بعلة فكذلك ينب غي أن ل يشترط ف‬
‫الوجود الوا جب فإن الوجود الوا جب للول كاللون ية للون ل كالوجود الضاف إل اللون ية‪ .‬قول نا‪ :‬كل و سيأت الكلم‬
‫عن المر قلنا‪ :‬ل نسلم بل له حقيقة موصوفة بالوجود على ما سنبينه ف السألة الت بعده‪ .‬وقولم‪ :‬إنه وجود بل ماهية‬
‫خارج عن العقول‪ .‬ورجع حاصل الكلم إل انم بنوا نفي التثنية على نفي التركيب النسي والفصلي ث بنوا ذاك على‬
‫نفي الاهية وراء الوجود فمهما أبطلنا الخي الوجود فمهما أبطلنا الخي الذي هو أساس الساس بطل عليهم الكل‬
‫و هو بنيان ضع يف الثبوت قر يب من بيوت العنكبوت‪ .‬العقل ية مشتر كة ب ي الول والعلول الول ال سلك الثا ن اللزام‬
‫وهو أنا نقول‪ :‬إن ل يكن الوجود والوهرية والبدئية جنسا لنه ليس مقو ًل ف جواب ما هو فالول عندكم عقل مرد‬
‫كما أن سائر العقول الت هي البادئ للوجود السمى باللئكة عندهم الت هي معلومات الول عقول مردة عن الواد‬
‫فهذه القي قة تش مل الول ومعلوله الول فإن العلول الول أيضا ب سيط ل ترك يب ف ذا ته إل من ح يث لواز مه وه ا‬
‫مشتركان ف أن كل وا حد ع قل مرد عن الادة وهذه حقيقة جنسية‪ .‬فل يس العقل ية الجردة للذات من اللوازم بل هي‬
‫الاهية وهذه الاهية مشتركة ب ي الول وسائر العقول‪ .‬فإن ل يباينها بش يء آخر فقد عقلتم اثنين ية من غ ي مباينة وإن‬
‫باينها فما به الباينة غي ما به الشاركة والعقلية‪ .‬وهذه الشاركة هي ف ذات كليهما والشاركة فيها مشاركة ف القيقية‬
‫فإن الول عقل نفسه وعقل غيه عند من يرى ذلك من حيث أنه ف ذاته عقل مرد عن الادة وكذى العلول الول وهو‬
‫العقل الول الذي أبدعه ال من غي واسطة مشارك ف هذا العن والدليل عليه أن العقول الت هي معلولت أنواع متلفة‬
‫وإنا اشتراكها ف العقلية وافتراقها بفصول سوى ذلك وكذلك الول شارك جيعها ف العقلية فهم فيه بي نقض القاعدة‬
‫أو الصي إل أن العقلية ليست مقومة للذات وكلها مالن عندهم‪.‬‬
‫مسألة ف إبطال قولم إن وجود الول بسيط أي هو وجود مض ول ماهية ول حقيقة يضاف الوجود إليها بل الوجود‬
‫الواجب له كالاهية الطالبة بالدليل والكلم عليه من وجهي‪ :‬الول الطالبة بالدليل فيقال‪ :‬ب عرفتم ذلك أبضرورة أو‬
‫نظر وليس بضروري فل بد من ذكر طريق النظر‪ .‬قولم‪ :‬يكون الوجود الواجب معلو ًل وهو مال فإن قيل‪ :‬لنه لو كان‬
‫له ماه ية لكان الوجود مضافا إلي ها وتابعا ل ا ولزما ل ا والتا بع معلول فيكون الوجود الوا جب معلولً و هو متنا قض‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬هو مال إذا ل يكن له علة فاعلية فنقول‪ :‬هذا رجوع إل منبع التلبيس ف إطلق لفظ الوجود الواجب فإنا نقول‪:‬‬
‫له حقي قة وماه ية وتلك القي قة موجودة أي لي ست معدو مة منف ية ووجود ها مضاف إلي ها وإن أحبوا أن ي سموه تابعا‬
‫ولزما فل مشاحة ف السامي بعد أن يعرف أنه ل فاعل للوجود بل ل يزل هذا الوجود قديا من غي علة فاعلية‪ .‬فإن‬
‫عنوا بالتابع والعلول أن له علة فاعلية فليس كذلك وإن عنوا غيه فهو مسلم ول استحالة فيه إذ الدليل ل يدل إل على‬
‫ل فإن قيل‪ :‬فتكون الاهية سببا للوجود الذي هو تابع له فيكون‬ ‫قطع تسلسل العلل وقطعه قولم‪ :‬تكون الاهية سببا فاع ً‬
‫الوجود معلو ًل ومفعولً‪ .‬قول نا‪ :‬أي أ نه ل يستغن ع نه قل نا‪ :‬الاه ية ف الشياء الاد ثة ل تكون سببا للوجود فكيف ف‬
‫القد ي إن عنوا بال سبب الفا عل له وإن عنوا به وجها آ خر و هو أ نه ل ي ستغن ع نه فلي كن كذلك فل ا ستحالة ف يه إن ا‬
‫الستحالة ف تسلسل العلل فإذا انقطع فقد اندفعت الستحالة وما عدى ذلك ل تعرف استحالته فل بد من برهان على‬
‫ا ستحالته‪ .‬و كل براهين هم تكمات مبنا ها على أ خذ ل فظ وا جب الوجود بع ن له لوازم وت سلم أن الدل يل قد دل على‬
‫واجب الوجود بالنعت الذي وصفوه وليس كذلك كما سبق‪ .‬من الضلل أن يقال‪ :‬إن كل ماهية موجودة فمتكثرة‬
‫وعلى الملة دليلهم ف هذا يرجع إل دليل نفي الصفات ونفي النقسام النسي والفصلي إل أنه أغمض وأضعف لن‬
‫هذه الكثرة ل ترجع إل إل مرد اللفظ وإل فالعقل يتسع لتقدير ماهية واحدة موجودة وهو يقولون‪ :‬كل ماهية موجودة‬
‫فمتكثرة إذ فيعه ماهيعة ووجود‪ .‬وهذا غايعة الضلل فإن الوجود الواحعد معقول بكعل حال ول موجود إل وله حقيقعة‬
‫ووجود القي قة ل ين في الوحدة‪ .‬وجود بل ماه ية ول حقي قة غ ي معقول ال سلك الثا ن هو أن نقول‪ :‬وجود بل ماه ية‬
‫ل إل‬‫ول حقي قة غ ي معقول وك ما ل نع قل عدما مر سلً إل بالضا فة إل موجود يقدر عد مه فل نع قل وجود مر س ً‬
‫بالضافة إل حقيقة معينة ل سيما إذا تبي ذاتا واحدة فكيف يتعي واحدا متميزا عن غيه بالعن ول حقيقة له فإن نفي‬
‫الاهية نفي للحقيقة وإذا نفى حقيقة الوجود ل يعقل الوجود فكأنم قالوا‪ :‬وجود ول موجود وهو متناقض‪ .‬ل يعقل ف‬
‫العلول نفي الاهية من الوجود ويدل عليه أنه لو كان هذا معقولً لاز أن يكون ف العلولت وجود ل حقيقة له يشارك‬
‫الول ف كو نه ل حقي قة ول ماه ية له ويباي نه ف أن له علة والول ل علة له فلم ل يت صور هذا ف العلولت و هل له‬
‫سبب إل أنه غي معقول ف نفسه وما ل يعقل ف نفسه فبأن ينفي علته ل يصي معقولً وما يعقل فبأن يقدر له علة ل‬
‫يرج عن كو نه معقولً‪ .‬والتنا هي إل هذا ال د غا ية ظلمات م ف قد ظنوا أن م ينهون في ما يقولون فانت هى كلم هم إل‬
‫النفي الجرد فإن نفي الاهية نفي قولم‪ :‬ماهيته هي أنه واجب فإن قيل‪ :‬حقيقته أنه واجب وهو الاهية‪ .‬قولنا‪ :‬الوجود‬
‫غي العلول ل يستغن عن الاهية قلنا‪ :‬ول معن للواجب إل نفي العلة وهو سلب ل يتقوم به حقيقة ذات ونفي العلة عن‬
‫القيقة لزم القيقة فلتكن القيقة معقولة حت توصف بأنه ل علة لا ول يتصور عدمها إذ ل معن للوجوب إل هذا‪.‬‬
‫على أن الوجوب إن زاد على الوجود فقد جاءت الكثرة وإن ل يزد فكيف يكون هو الاهية والوجود ليس باهية فكذى‬
‫ما ل يزيد عليه‪.‬‬
‫مسألة ف تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن الول ليس بسم قولنا‪ :‬وما المر إذا كان الول جسما قديا فنقول‪ :‬هذا‬
‫إنا يستقيم لن يرى أن السم حادث من حيث أنه ل يلوا عن الوادث وكل حادث فيفتقر إل مدث‪ .‬فأما أنتم إذا‬
‫عقل تم ج سما قديا ل أول لوجوده مع أ نه ل يلوا عن قول م‪ :‬الول ل يق بل الق سمة وال سم ل يكون إل مركبا فإن‬
‫ق يل‪ :‬لن ال سم ل يكون إل مركبا منق سما إل جزئ ي بالكم ية وإل اليول وال صورة بالق سمة العنو ية وإل أو صاف‬
‫يتص با ل مالة حت يباين سائر الجسام وإل فالجسام متساوية ف أنا أجسام وواجب الوجود واحد ل يقبل القسمة‬
‫بذه الوجوه‪ .‬قولنا‪ :‬أبطلنا هذا فيما سبق قلنا‪ :‬وقد أبطلنا هذا عليكم وبينا أنه ل دليل لكم عليه سوى أن الجتمع إذا‬
‫افتقر بعض أجزائه إل البعض كان معلولً‪ .‬وقد تكلمنا عليه وبينا أنه إذا ل يبعد تقدير موجود ل موجد له ل يبعد تقدير‬
‫مر كب ل مر كب له وتقد ير موجودات ل مو جد ل ا إذ ن في العدد والتثن ية بنيتموه على ن في الترك يب ون في الترك يب‬
‫على نفي الاهية سوى الوجود وما هو الساس الخي فقد استأصلناه وبينا تكمكم فيه‪.‬‬
‫ل وإن كان له ن فس فنف سه علة له فإن ق يل‪ :‬ال سم إن ل ي كن له ن فس ل يكون‬ ‫قول م ال سم بل ن فس ل يكون فاع ً‬
‫ل وإن كان له نفعس فنفسعه علة له فل يكون قولنعا‪ :‬كل قلنعا‪ :‬نفسعنا ليعس علة لوجود جسعمنا ول نفعس الفلك‬ ‫فاع ً‬
‫بجرد ها علة لوجود ج سمه عند كم بل ه ا يوجدان بعلة سواها فإذا جاز وجوده ا قديا جاز أن ل يكون ل ما علة‪.‬‬
‫قولم‪ :‬كيف اتفق اجتماعهما فإن قيل‪ :‬كيف اتفق اجتماع النفس والسم قولنا‪ :‬وما الانع إذا كانا قديي قلنا‪ :‬هو‬
‫كقول القائل‪ :‬ك يف ات فق وجود الول فيقال‪ :‬هذا سؤال عن حادث فأ ما ما ل يزل موجودا فل يقال ك يف ات فق‪.‬‬
‫فكذلك السم ونفسه إذا ل يزل كل واحد موجودا ل يبعد أن يكون صانعا قولم‪ :‬لن السم ل يلق غيه والنفس ل‬
‫تلق إل بوا سطة ال سم فإن ق يل‪ :‬لن ال سم من ح يث أ نه ج سم ل يلق غيه والن فس التعل قة بال سم ل تف عل إل‬
‫بوا سطة ال سم ول يكون ال سم وا سطة للن فس ف خلق الج سام ول ف إبداع النفوس وأشياء ل تنا سب الج سام‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬هذا أمر ل يدل عليه برهان قلنا‪ :‬ول ل يوز أن يكون ف النفوس نفس تتص باصية تتهيأ با لن توجد الجسام‬
‫وغ ي الجسام منها فاستحالة ذلك ل يعرف ضرورة ول برهان يدل عليه إل أنه ل نشاهد من هذه الجسام الشاهدة‬
‫ل ول نشاهد من غيه‬ ‫وعدم الشاهدة ل يدل على الستحالة فقد أضافوا إل الوجود الول با ل يضاف إل موجود أص ً‬
‫وعدم الشاهدة من غيه ل يدل على استحالته منه فكذى ف نفس السم والسم‪ .‬قولم‪ :‬السم يقدر بقدار فإن قيل‪:‬‬
‫السم القصى أو الشمس أو ما قدر من الجسام فهو متقدر بقدار يوز أن يزيد عليه وينقص منه فيفتقر اختصاصه‬
‫بذلك القدار الائز إل مصص فل يكون أولً‪ .‬قولنا‪ :‬وهذا القدار يكون على حسب نظام الكل قلنا‪ :‬ب تنكرون على‬
‫من يقول‪ :‬إن ذلك ال سم يكون على مقدار ي ب أن يكون عل يه لنظام ال كل ولو كان أ صغر م نه أو أ كب ل ي ز ك ما‬
‫أنكعم قلتعم‪ :‬إن العلول الول يفيعض الرم القصعى منعه متقدرا بقدار وسعائر القاديعر بالنسعبة إل ذات العلول الول‬
‫متساوية ولكن تعي بعض القادير لكون النظام متعلقا به فوجب القدار الذي وقع ول يز خلفه فكذى إذا قدر غي‬
‫معلول‪ .‬قول نا إذا أثبتم مبدأ للتخصيص اضطررت إل تو يز التخصيص بغ ي علة بل لو أثبتوا ف العلول الول الذي هو‬
‫علة الرم القصى عندهم مبدأ للتخصيص مثل إرادة مثلً ل ينقطع السؤال إذ يقال‪ :‬ول أراد هذا القدار دون غيه كما‬
‫ألزموه على السلمي ف إضافتهم الشياء إل الرادة القدية وقد قلبنا عليهم ذلك ف تعي جهة حركة السماء وف تعي‬
‫نقطت القطبي‪.‬‬

‫فليطلق ذلك على غي العلول أيضا فإذا بان أنم مضطرون إل تويز تيز الشيء عن مثله ف الوقوع بعلة فتجويزه بغي‬
‫علة كتجويزه بعلة إذ ل فرق بي أن يتوجه السؤال ف نفس الشيء فيقال‪ :‬ل اختص بذا القدر وبي أن يتوجه ف العلة‬
‫فيقال‪ :‬ول خصصه بذا القدر عن مثله فإن أمكن دفع السؤال عن العلة بأن هذا القدار ليس مثل غيه إذ النظام مرتبط‬
‫به دون غيه أمكن دفع السؤال عن نفس الشيء ول يفتقر إل علة وهذا ل مرج عنه فإن هذا القدار العي الواقع إن‬
‫كان مثل الذي ل يقع فالسؤال متوجه أنه كيف ميز الشيء عن مثله خصوصا على أصلهم وهم ينكرون الرادة الميزة‬
‫ل له فل يث بت الواز بل يقال‪ :‬و قع كذلك قديا ك ما وق عت العلة القدي ة بزعم هم‪ .‬را جع ما سبق‬ ‫وإن ل ي كن مث ً‬
‫وليستمد الناظر ف هذا الكلم ما أوردناه لم من توجيه السؤال ف الرادة القدية وقلبنا ذلك عليهم ف نقطة القطب‬
‫وجهة حركة الفلك‪ .‬الاتة وتبي بذا أن من ل يصدق بدوث الجسام فل يقدر على إقامة دليل على أن الول ليس‬
‫بسم أصلً‪.‬‬

‫مسألة ف تعجيزهم عن إقامة الدليل على أن للعال صانعا وعلة فنقول‪ :‬من ذهب إل أن كل جسم فهو حادث لنه ل‬
‫يلوا عن الوادث عقل مذهبهم ف قولم‪ :‬إنه يفتقر إل صانع وعلة‪ .‬وأما أنتم فما الذي ينعكم من مذهب الدهرية وهو‬
‫أن العال قدي كذلك ول علة له ول صانع وإنا العلة للحوادث وليس يدث ف العال جسم ول ينعدم جسم وإنا تدث‬
‫الصور والعراض فإن الجسام هي السموات وهي قدية والعناصر الربعة الت هي حشو فلك القمر وأجسامها وموادها‬
‫قدية وإنا تتبدل عليها الصور بالمتزاجات والستحالت وتدث النفوس النسانية والنباتية وهذه الوادث تنتهي عللها‬
‫إل الركة الدورية والركة الدورية قدية ومصدرها نفس قدية للفلك فإذن ل علة للعال ول صانع لجسامه بل هو‬
‫ك ما هو عل يه ل يزل قديا كذلك بل علة أع ن الج سام‪ .‬ف ما مع ن قول م إن هذه الج سام وجود ها بعلة و هي قدي ة‬
‫قولم‪ :‬ل يكون واجب الوجود وهو مال فإن قيل‪ :‬كل ما ل علة له فهو واجب الوجود وقد ذكرنا من صفات واجب‬
‫الوجود ما تبي به أن السم ل يكون واجب الوجود‪ .‬قولنا‪ :‬بل ينقطع تسلسل العلل قلنا‪ :‬وقد بينا فساد ما ادعيتموه‬
‫من صفات واجب الوجود وأن البهان ل يدل إل على قطع السلسلة وقد انقطع عند الدهري ف أول المر إذ يقول‪ :‬ل‬
‫علة للج سام وأ ما ال صور والعراض فبعضها علة للبعض إل أن تنت هي إل الركة الدور ية وهي بعضها سبب للبعض‬
‫كما هو مذهب الفلسفة وينقطع تسلسلها با‪ .‬ومن تأمل ما ذكرناه علم عجز كل من يعتقد قدم الجسام عن دعوى‬
‫علة لا ولزمه الدهر واللاد كما صرح به فريق فهم الذين وفوا بقتضى نظر هؤلء‪ .‬قولم‪ :‬الجسام غي واجبة الوجود‬
‫فهي مكنة فإن ق يل‪ :‬الدليل عل يه أن هذه الج سام إما أن كا نت واج بة الوجود و هو مال وإ ما أن كانت مكنة و كل‬
‫مكن يفتقر إل علة‪ .‬قولنا‪ :‬ول ل تكون بغي علة قلنا‪ :‬ل يفهم لفظ واجب الوجود ومكن الوجود فكل تلبيساتم مغباة‬
‫ف هاتي اللفظتي‪.‬‬
‫فلنعدل إل الفهوم وهو نفي العلة وإثباته فكأنم يقولون‪ :‬هذه الجسام لا علة أم ل علة لا فيقول الدهري‪ :‬ل علة لا‬
‫فما الستنكر وإذا عن بالمكان هذا فنقول‪ :‬إنه واجب وليس قولم‪ :‬إن الجزاء تكون سابقة ف الذات على الملة فإن‬
‫قيل‪ :‬ل ينكر أن السم له أجزاء وأن الملة إنا تتقوم بالجزاء وأن الجزاء تكون سابقة ف الذات على الملة‪ .‬قولنا‪:‬‬
‫ل يكنكعم الرد على إبطال الكثرة قلنعا‪ :‬ليكعن كذلك فالملة تقومعت بالجزاء واجتماعهعا ول علة للجزاء ول‬
‫لجتماعها بل هي قدية كذلك بل علة فاعلية‪ .‬فل يكنهم رد هذا إل با ذكروه من لزوم نفي الكثرة عن الوجود الول‬
‫وقد أبطلناه عليهم ول سبيل لم سواه‪ .‬الاتة فبان أن من ل يعتقد حدوث الجسام فل أصل لعتقاده ف الصانع أصلً‪.‬‬
‫مسعألة فع تعجيعز من يرى منهعم أن الول يعلم غيه ويعلم النواع والجناس بنوع كلي قول نا‪ :‬دليعل السعلمي دل يل‬
‫صحيح‪ ...‬فنقول‪ :‬أ ما ال سلمون ل ا ان صر عند هم الوجود ف حادث و ف قد ي ول ي كن عند هم قد ي إل ال و صفاته‬
‫وكان‪ .‬ما عداه حادثا من جه ته بإراد ته ح صل عند هم مقد مة ضرور ية ف عل مه فإن الراد بالضرورة ل بد وأن يكون‬
‫معلوما للمريد فبنوا عليه أن الكل معلوم له لن الكل مراد له وحادث بإرادته فل كائن إل وهو حادث بإرادته ول يبق‬
‫إل ذاته ومهما ثبت أنه مريد عال با أراده فهو حي بالضرورة وكل حي يعرف غيه فهو بأن يعرف ذاته أول فصار‬
‫الكل عندهم معلوما ل وعرفوه بذا الطريق بعد أن بان لم أنه مريد لحداث العال‪.‬‬
‫وأما أنتم فما هو دليلكم فأما أنتم فإذا زعمتم أن العال قدي ل يدث بإرادته فمن أين عرفتم أنه يعرف غي ذاته فل بد‬
‫من الدليل عليه‪ .‬قولم‪ :‬الوجود ل ف مادة يعقل جيع العقولت وحاصل ما ذكره ابن سينا ف تقيق ذلك ف إدراج‬
‫كلمه يرجع إل فني‪ :‬الفن الول‪ :‬أن الول موجود ل ف مادة وكل موجود ل ف مادة فهو عقل مض وكل ما هو‬
‫ع قل م ض فجم يع العقولت مكشو فة له فإ نه الا نع عن درك الشياء كل ها التعلق بالادة والشتغال ب ا ون فس الد مي‬
‫مشغول بتدب ي الادة أي البدن وإذا انق طع شغله بالوت ول ي كن قد تد نس بالشهوات البدن ية وال صفات الرذيلة التعد ية‬
‫إليه من المور الطبيعية انكشف له حقائق العقولت كلها‪ .‬ولذلك قضى بأن اللئكة كلهم يعرفون جيع العقولت ول‬
‫يشذ عنهم شيء لنم أيضا عقول مردة ل ف مادة‪ .‬قولنا‪ :‬النتيجة تتاج إل برهان فنقول‪ :‬قولكم‪ :‬الول موجود ل ف‬
‫مادة إن كان العن به أنه ل يس بسم ول هو منط بع ف جسم بل هو قائم بنفسه من غ ي ت يز واختصاص بهة فهو‬
‫م سلم‪ .‬فيب قى قول كم‪ :‬و ما هذا صفته ف هو ع قل مرد فماذا تع ن بالع قل إن عن يت ما يع قل سائر الشياء فهذا ن فس‬
‫الطلوب وموضع الناع فكيف أخذته ف مقدمات قياس الطلوب وإن عنيت به غيه وهو أنه يعقل نفسه فربا يسلم لك‬
‫إخوا نك من الفل سفة ذلك ولكن ير جع حا صله إل أن ما يعقل نفسه يع قل غيه فيقال‪ :‬ول ادع يت هذا ول يس ذلك‬
‫بضروري وقد انفرد به ابن سينا عن سائر الفلسفة فكيف تدعيه ضروريا وإن كان نظريا فما البهان عليه قولم‪ :‬الادة‬
‫مانع من درك الشياء قولنا‪ :‬الانع والادة ل يتفقان فنقول‪ :‬نسلم أنه مانع ول نسلم أنه الانع فقط‪ .‬وينتظم قياسهم على‬
‫شكل القياس الشرطي وهو أن يقال‪ :‬إن كان هذا ف الادة فهو ل يعقل الشياء ولكنه ليس ف الادة فإذن يعقل الشياء‪.‬‬
‫فهذا استثناء نقيض القدم وا ستثناء نق يض القدم غي من تج بالتفاق وهو كقول القائل‪ :‬إن كان هذا إنسانا فهو حيوان‬
‫لك نه ل يس بإن سان فإذن ل يس بيوان‪ .‬فهذا ل يلزم إذ رب ا ل يكون إن سانا ويكون فر سا فيكون حيوانا‪ .‬ن عم ا ستثناء‬
‫نقيض القدم ينتج نقيض التال على ما ذكر ف النطق بشرط وهو ثبوت انعكاس التال على القدم وذلك بالصر وهو‬
‫كقول م‪ :‬إن كا نت الش مس طال عة فالنهار موجود ل كن الش مس لي ست طال عة فالنهار غ ي موجود لن وجود النهار ل‬
‫سبب له سوى طلوع الشمس فكان أحدها منعكسا على الخر‪ .‬وبيان هذه الوضاع واللفاظ يفهم ف كتاب مدارك‬
‫العقول الذي صنفناه مضموما إل هذا الكتاب‪ .‬قولم‪ :‬يتفقان فإن قيل‪ :‬فنحن ندعي التعاكس وهو أن الانع مصور ف‬
‫الادة فل مانع سواه‪ .‬قولنا‪ :‬فما الدليل عليه قولم‪ :‬الكل من فعل الول الفن الثان قوله‪ :‬إنا وإن ل نقل‪ :‬إن الول مريد‬
‫الحداث ول إن ال كل حادث حدوثا زمانيا فإ نا نقول‪ :‬إ نه فعله و قد و جد م نه إل أ نه ل يزل ب صفة الفاعل ي فلم يزل‬
‫فاعلً فل نفارق غينا إل ف هذا القدر وأما ف أصل الفعل فل وإذا وجب الفاعل عالا بالتفاق فعله فالكل عندنا من‬
‫فعله‪ .‬قولنا‪ :‬ففعله لزم والواب من وجهي‪ :‬أحدها أن الفعل قسمان‪ :‬إرادي كفعل اليوان والنسان وطبيعي كفعل‬
‫الش مس ف الضاءة والنار ف الت سخي والاء ف التب يد‪ .‬وإن ا يلزم العلم بالف عل ف الف عل الرادي ك ما ف ال صناعات‬
‫البشرية وأما الفعل الطبيعي فل‪ .‬وعندكم إن ال فعل العال بطريق اللزوم عن ذاته بالطبع والضطرار ل بطريق الرادة‬
‫والختيار بل لزم الكل ذاته كما يلزم النور الشمس وكما ل قدرة للشمس على كف النور ول للنار على كف التسخي‬
‫ل فل يقتضي علما‬ ‫فل قدرة للول على الكف عن أفعاله تعال عن قولم علوا كبيا وهذا النمط وإن توز بتسميته فع ً‬
‫للفاعل أصلً‪ .‬فإن قيل‪ :‬بي المرين فرق وهو إن صدر الكل عن ذاته بسبب علمه بالكل فتمثل النظام الكلي هو سبب‬
‫فيضان الكل ول مبدأ له سوى العلم بالكل والعلم بالكل عي ذاته فلو ل يكن له علم بالكل لا وجد منه الكل بلف‬
‫النور من الشمس‪.‬‬
‫قولنا‪ :‬إذا نفيت الرادة فما الانع أن يال هذا الذهب قلنا‪ :‬وف هذا خالفك إخوانك فإنم قالوا‪ :‬ذاته ذات يلزم منه‬
‫وجود ال كل على ترتي به بالط بع والضطرار ل من ح يث أ نه عال ب ا ف ما الح يل لذا الذ هب مه ما وافقت هم على ن في‬
‫الرادة ولا ل يشترط علم الشمس بالنور للزوم النور بل يتبعه النور ضرورة فليقدر ذلك ف الول ول مانع منه‪ .‬يقتصر‬
‫علم الول على علم العلول الول وهو مال الوجه الثان هو أنه إن سلم أن صدور الشيء من الفاعل يقتضي العلم أيضا‬
‫بالصادر فعندهم فعل ال واحد وهو العلول الول الذي هو عقل بسيط فينبغي أن ل يكون عالا إل به والعلول الول‬
‫يكون عالا أيضا با صدر منه فقط فإن الكل ل يوجد من ال دفعة بل بالوساطة والتولد واللزوم فالذي يصدر ما يصدر‬
‫منه ل ينبغي أن يكون معلوما له ول يصدر منه إل شيء واحد بل هذا ل يلزم ف الفعل الرادي فكيف ف الطبيعي فإن‬
‫حركة الجر من فوق جبل قد يكون بتحريك إرادي يوجب العلم بأصل الركة ول يوجب العلم با يتولد منه بوساطته‬
‫من مصادمته وكسره غيه‪ .‬فهذا أيضا ل جواب له عنه‪ .‬قولم‪ :‬إن كان الول ل يعرف إل نفسه أمست العلولت فوقه‬
‫شرفا فإن قيل‪ :‬لو قضينا بأنه ل يعرف إل نفسه لكان ذلك ف غاية الشناعة فإن غيه يعرف نفسه ويعرفه ويعرف غيه‬
‫فيكون ف الشرف فوقه كيف يكون العلول أشرف من العلة قولنا‪ :‬هذا أمر لزم!‪ ...‬قلنا‪ :‬فهذه الشناعة لزمة من مقاد‬
‫الفل سفة ف ن في الرادة ون في حدث العال في جب ارتكاب ا ك ما ارت كب سائر الفل سفة أو ل بد من ترك الفل سفة‬
‫والعتراف بأن العال حادث بالرادة‪.‬‬
‫أو ل بد من إبطاله ث يقال‪ :‬ب تن كر على من قال من الفل سفة إن ذلك ل يس بزيادة شرف فإن العلم إن ا احتاج إل يه‬
‫غيه لي ستفيد به كمالً فإ نه ف ذا ته قا صر والن سان شرف بالعقولت إ ما ليطلع على م صلحته ف العوا قب ف الدن يا‬
‫والخرة وإما لتكمل ذاته الظلمة الناقصة وكذى سائر الخلوقات‪ .‬وأما ذات ال فمستغنية عن التكميل بل لو قدر له‬
‫علم يكمل به لكان ذاته من حيث ذاته ناقصا‪ .‬فكما أن علمه بالواص من النقصان كذلك علمه بالكليات وهذا كما‬
‫قلت ف ال سمع والب صر و ف العلم بالزئيات الداخلة ت ت الزمان فإ نك واف قت سائر الفل سفة بأن ال منه ع نه وأن‬
‫التغيات الداخلة ف الزمان النقسمة إل ما كان ويكون ل يعرفه الول لن ذلك يوجب تغيا ف ذا ته وتأثرا ول يكن‬
‫ف سلب ذلك ع نه نق صان بل هو كمال وإن ا النق صان ف الواس والا جة إلي ها ولول نق صان الد مي ل ا احتاج إل‬
‫حواس لتحرسه عما يتعرض للتغي به‪ .‬وكذلك العلم بالوادث الزئية زعمتم أنه نقصان‪ .‬فإذا كنا نعرف الوادث كلها‬
‫وندرك الحسوسات كلها والول ل يعرف شيئا من الزئيات ول يدرك شيئا من الحسوسات ول يكون ذلك نقصانا‬
‫فالعلم بالكليات العقلية أيضا يوز أن يثبت لغيه ول يثبت له ول يكون فيه نقصان أيضا وهذا ل مرج عنه‪.‬‬
‫مسألة ف تعجيزهم عن إقامة الدليل على أنه يعرف ذاته أيضا فنقول‪ :‬السلمون لا عرفوا حدوث العال بإرادته استدلوا‬
‫بالرادة على العلم ث بالرادة والعلم جيعا على الياة ث بالياة على أن كل حي يش عر بنف سه و هو حي فيعرف ذا ته‬
‫فكان هذا منهجا معقولً ف غاية التانة‪ .‬وأما أنتم فل فأما أنتم فإذا نفيتم الرادة والحداث وزعمتم أن ما يصدر منه‬
‫يصدر بلزوم على سبيل الضرورة والطبع فأي بعد أن تكون ذاته ذاتا من شأنا أن يوجد منه العلول الول فقط ث يلزم‬
‫العلول الول العلول الثان إل تام ترتيب الوجودات ولكنه مع ذلك ل يشعر بذاته كالنار يلزم منها السخونة والشمس‬
‫يلزم منها النور ول يعرف واحد منهما ذاته كما ل يعرف غيه بل ما يعرف ذاته يعرف ما يصدر منه فيعرف غيه‪ .‬وقد‬
‫بينا من مذهبهم أنه ل يعرف غيه وألزمنا من خالفهم ف ذلك موافقتهم بكم وضعهم وإذا ل يعرف غيه ل يبعد أن ل‬
‫يعرف نفسه‪ .‬قولم‪ :‬يكون الول ميتا! فإن قيل‪ :‬كل من ل يعرف نفسه فهو ميت فكيف يكون الول ميتا قولنا‪ :‬إن‬
‫نفيت الصفات من الول فما حاجته إل معرفة نفسه قلنا‪ :‬فقد لزمكم ذلك على مساق مذهبكم إذ ل فصل بينكم وبي‬
‫من قال‪ :‬كل من ل يفعل بإرادة وقدرة واختيار ول يسمع ول يبصر فهو ميت ومن ل يعرف غيه فهو ميت‪ .‬فإن جاز‬
‫أن يكون الول خاليا عن هذه ال صفات كل ها فأي حا جة به إل أن يعرف ذا ته فإن عادوا إل أن كل بر يء عن الادة‬
‫عقل بذاته فيعقل نفسه فقد بينا أن ذلك تكم ل برهان عليه‪ .‬قولم‪ :‬الي أشرف من اليت فإن قيل‪ :‬البهان عليه أن‬
‫الوجود ينقسم إل حي وإل ميت والي أقدم وأشرف من اليت والول أقدم واشرف فليكن حيا وكل حي يشعر بذاته‬
‫إذ ي ستحيل أن يكون ف معلول ته ال ي هو ل يكون حيا‪ .‬قول نا‪ :‬ل ي ستحيل كون العلول أشرف من العلة قل نا‪ :‬هذه‬
‫تكمات فإ نا نقول‪ :‬ل ي ستحيل أن يلزم م ا ل يعرف نف سه ما يعرف نف سه بالو سائط الكثية أو بغ ي وا سطة فإن كان‬
‫الحيعل لذلك كون العلول أشرف معن العلة فلم يسعتحيل أن يكون العلول أشرف معن العلة وليعس هذا بديهيا فيكون‬
‫شرفه ل ف معرفة الذات بل ف كونه مبدأ لذوات العرفة ث ب تنكرون أن شرفه ف أن وجود الكل تابع لذاته ل ف علمه‬
‫الدليل عليه أن غيه رب ا عرف أشياء سوى ذاته ويرى ويسمع و هو ل يرى ول يسمع‪ .‬ولو قال قائل‪ :‬الوجود ينقسم‬
‫إل البصعي والعمعى والعال والاهعل فليكعن البصعي أقدم وليكعن الول بصعيا وعالا بالشياء‪ .‬لكنكعم تنكرون ذلك‬
‫وتقولون‪ :‬ليس الشرف ف البصر والعلم بالشياء بل ف الستغناء عن البصر والعلم وكون الذات بيث يوجد منه الكل‬
‫فيه العلماء وذوو البصار‪ .‬فكذلك ل شرف ف معرفة الذات بل ف كونه مبدأ لذوات العرفة وهذا شرف مصوص به‪.‬‬
‫الاتة ليس هناك دليل على تلك المور إن ل تؤخذ إل من نظر العقل فبالضرورة يضطرون إل نفي علمه أيضا بذاته إذ‬
‫ل يدل على ش يء من ذلك سوى الرادة ول يدل على الرادة سوى حدث العال‪ .‬وبف ساد ذلك يف سد هذا كله على‬
‫من يأخذ هذه المور من نظر العقل‪ .‬فجميع ما ذكروه من صفات الول أو نفوه ل حجة لم عليها إل تمينات وظنون‬
‫ت ستنكف الفقهاء من ها ف الظنيات‪ .‬ول غرو لو حار الع قل ف ال صفات الل ية ول ع جب إن ا الع جب من عجب هم‬
‫بأنفسهم وبأدلتهم ومن اعتقادهم أنم عرفوا هذه المور معرفة يقينية مع ما فيها من البط البال‪ .‬الزئيات النقسمة‬
‫بانقسام الزمان إل الكائن وما كان وما يكون اتفاقهم على هذه السألة وقد اتفقوا على ذلك فإن من ذهب منهم إل أنه‬
‫ل يعلم إل نفسه فل يفى هذا عن مذهبه ومن ذهب إل أنه يعلم غيه وهو الذي اختاره ابن سينا فقد زعم أنه يعلم‬
‫الشياء علما كليا ل يد خل ت ت الزمان ول يتلف بالا ضي وال ستقبل والن و مع ذلك ز عم أ نه ل يعزب عن عل مه‬
‫مثقال ذرة ف ال سموات ول ف الرض إل أ نه يعلم الزئيات بنوع كلي‪ .‬ول بد أو ًل من ف هم مذهب هم ث الشتغال‬
‫بالعتراض‪.‬‬

‫قول م إن ك سوف الش مس ف ال ستقبل والا ضر والا ضي نعل مه بعلوم ثل ثة و نبي هذا بثال و هو أن الش مس مث ً‬
‫ل‬
‫ينكسف بعد أن ل يكن منكسفا ث يتجلى فيحصل له ثلثة أحوال أعن الكسوف حالة هو فيها معدوم منتظر الوجود‬
‫أي سيكون وحال هو في ها موجود أي هو كائن وحالة ثال ثة هو في ها معدوم ولك نه كان من ق بل‪ .‬ول نا بإزاء الحوال‬
‫الثلثة ثلثة علوم متلفة فإنا نعلم أولً أن الكسوف معدوم وسيكون وثانيا أنه كائن وثالثا أنه كان وليس كائنا الن وهذه‬
‫العلوم الثلثة متعددة ومتلفة وتعاقبها على الحل يوجب تغي الذات العالة فإنه لو علم بعد النلء أن الكسوف موجود‬
‫ل فبعض هذه ل يقوم مقام بعض‪ .‬إن ال ل يعلم لنه‬ ‫الن كان جهلً ل علما ولو علم عند وجوده أنه معدوم كان جه ً‬
‫ل يتغ ي‪ ...‬فزعموا أن ال ل يتلف حاله ف هذه الحوال الثل ثة فإ نه يؤدي إل التغ ي و ما ل يتلف حاله ل يت صور أن‬
‫يعلم هذه المور الثلثة فإن العلم يتبع العلوم فإذا تغي العلوم تغي العلم وإذا تغي العلم فقد تغي العال ل مالة والتغي على‬
‫ال مال‪ ... .‬إل بعلم ل يتلف ومع هذا زعم أنه يعلم الكسوف وجيع صفاته وعوارضه ولكن علما هو يتصف به ف‬
‫الزل ول يتلف مثل أن يعلم مثلً أن الشمس موجود وأن القمر موجود فإنما حصل منه بواسطة اللئكة الت سوها‬
‫باصطلحهم عقولً مردة ويعلم أنا تتحرك حركات دورية ويعلم أن بي فلكيهما تقاطع على نقطتي ها الرأس والذنب‬
‫وأنما يتمعان ف بعض الحوال ف العقدتي فينكسف الشمس أي يول جرم القمر بينهما وبي أعي الناظرين فيستتر‬
‫الشمس عن العي وأنه إذا جاوز العقدة مثلً بقدار كذى وهو سنة مثلً فإنه ينكسف مرة أخرى وأن ذلك النكساف‬
‫يكون ف جيعه أو ثلثه أو نصفه وأنه يكث ساعة أو ساعتي وهكذى إل جيع أحوال الكسوف وعوارضه فل يعزب‬
‫عن علمه شيء ولكن علمه بذا قبل الكسوف وحالة الكسوف وبعد النلء على وتية واحدة ل يتلف ول يوجب‬
‫تغيا ف ذاته‪.‬‬
‫فجميع الوادث مكشوفة له انكشافا واحدا ل يؤثر فيه الزمان وكذى علمه بميع الوادث فإنا إنا تدث بأسباب‬
‫وتلك السباب لا أسباب أخر إل أن تنتهي إل الركة الدورية السماوية وسبب الركة نفس السموات وسبب تريك‬
‫النفس الشوق إل التشبه بال واللئكة القربي‪ .‬فالكل معلوم له أي هو منكشف له انكشافا واحدا متناسبا ل يؤثر فيه‬
‫الزمان ومع هذا فحالة الكسوف ل يقال‪ :‬إنه يعلم أن الكسوف موجود الن ول يعلم بعده أنه انلى الن وكل ما يب‬
‫ف تعريفه الضافة إل الزمان فل يتصور أن يعلمه لنه يوجب التغي هذا فيما ينقسم بالزمان‪ .‬فهو يعلم الواص ول يعلم‬
‫ع ينقسعم بالادة والكان كأشخاص الناس واليوانات فإنمع يقولون‪ :‬ل يعلم عوارض‬ ‫عوارضهعا‪ ...‬وكذى مذهبهعم فيم ا‬
‫ز يد وعمرو وخالد وإن ا يعلم الن سان الطلق بعلم كلي ويعلم عوار ضه وخوا صه وأ نه ينب غي أن يكون بد نه مركبا من‬
‫أعضاء بعضها للبطش وبعضها للمشي وبعضها للدراك وبعضها زوج وبعضها فرد وأن قواه ينبغي أن تكون مبثوثة ف‬
‫أجزائه وهلم جرا إل كل صفة ف داخل الدمي وباطنه وكل ما هو من لواحقه وصفاته ولوازمه حت ل يعزب عن علمه‬
‫ش يء ويعل مه كليا‪ ... .‬وأ ما العوارض فل ييز ها إل ال س فأ ما ش خص ز يد فإن ا يتم يز عن ش خص عمرو لل حس ل‬
‫للعقل فإن عماد التمييز إليه الشارة إل جهة معينة والعقل يعقل الهة الطلقة الكلية والكان الكلي فأما قولنا هذا وهذا‬
‫فهو إشارة إل نسبة حاصلة لذلك الحسوس إل الاس بكونه منه على قرب أو بعد أو جهة معينة وذلك يستحيل ف‬
‫ل لو‬‫حقه‪ .‬قولنا‪ :‬وبذلك يستأصلون الديان وهذه قاعدة اعتقدوها واستأصلوا با الشرائع بالكلية إذ مضمونا أن زيد مث ً‬
‫أطاع ال أو عصاه ل يكن ال عالا با يتجدد من أحواله لنه ل يعرف زيدا بعينه فإنه شخص وأفعاله حادثة بعد أن ل‬
‫تكن وإذا ل يعرف الشخص ل يعرف أحواله وأفعاله بل ل يعلم كفر زيد ول إسلمه وإنا يعلم كفر النسان وإسلمه‬
‫مطلقا كليا ل م صوصا بالشخاص بل يلزم أن يقال‪ :‬تدى م مد صلى ال عل يه و سلم بالنبوة و هو ل يعرف ف تلك‬
‫الالة أنه تدى با وكذلك الال مع كل نب معي وإنه إنا يعلم أن من الناس من يتحدى بالنبوة وأن صفة أولئك كذى‬
‫وكذى فأما النب العي بشخصه فل يعرفه فإن ذلك يعرف بالس والحوال الصادرة منه ل يعرفها لنا أحوال تنقسم‬
‫بانقسام الزمان من شخص معي ويوجب إدراكها على اختلفها تغيا‪ .‬فهذا ما أردنا أن نذكره من نقل مذهبهم أو ًل ث‬
‫تفهيمه ثانيا ث من القبايح اللزمة عليه ثالثا‪ .‬فلنذكر الن خبالم ووجه بطلنه‪ .‬قولم‪ :‬من علم علما متلفا متعاقبا تغي‬
‫وخبال م أن هذه أحوال ثل ثة متل فة والختلفات إذا تعاق بت على م ل وا حد أوج بت ف يه تغيا ل مالة‪ .‬فإن كان حالة‬
‫الكسوف عالا بأنه سيكون كما كان قبله فهو جاهل ل عال وإن كان عالا بأنه كائن وقبل ذلك كان عالا بأنه ليس‬
‫بكائن وأنه سيكون فقد اختلف علمه واختلف حاله فلزم التغي إذ ل معن للتغي إل اختلف العال فإن من ل يعلم شيئا‬
‫ث علمه فقد تغي ول يكن له علم بأنه كائن ث حصل حالة الوجود فقد تغي‪ .‬ف الضافة وحققوا هذا بأن الحوال ثلثة‬
‫حالة هي إضافة مضة ككونك يينا وشالً فإن هذا ل يرجع إل وصف ذات بل هو إضافة مضة فإن تول الشيء الذي‬
‫كان على يينك إل شالك تغيت إضافتك ول تتغي ذاتك بال وهذا تبدل إضافة على الذات وليس بتبدل الذات‪ .‬ومن‬
‫هذا القب يل إذا ك نت قادرا على تر يك أج سام حاضرة ب ي يد يك فانعد مت الج سام أو انعدم بعض ها ل تتغ ي قو تك‬
‫الغريز ية ول قدر تك لن القدرة قدرة على تر يك السم الطلق أو ًل ث على الع ي ثانيا من ح يث أ نه ج سم فلم ت كن‬
‫إضافة القدرة إل السم العي وصفا ذاتيا بل إضافة مضة فعدمها يوجب زوال إضافة ل تغيا ف حال القادر‪ .‬والثالث‬
‫تغي ف الذات وهو أن ل يكون عالا فيعلم أو ل يكون قادرا فيقدر فهذا تغي‪.‬‬
‫تغ ي العلوم يو جب تغ ي علم العال و هي الضا فة وتغ ي العلوم يو جب تغ ي العلم فإن حقي قة ذات العلم تد خل ف يه‬
‫الضافة إل العلوم الاص إذ حقيقة العلم العي تعلقه بذلك العلوم العي على ما هو عليه فتعلقه به على وجه آخر علم‬
‫آ خر بالضرورة فتعاق به يو جب اختلف حال العال‪ .‬ول ي كن أن يقال‪ :‬إن للذات علم وا حد في صي علما بالكون ب عد‬
‫كو نه علما بأ نه سيكون ث هو ي صي علما بأ نه كان ب عد أن كان علما بأ نه كائن فالعلم وا حد متشا به الحوال و قد‬
‫تبدلت عل يه الضا فة لن الضافة ف العلم حقيقة ذات العلم فتبدل ا يو جب تبدل ذات العلم فيلزم م نه التغ ي و هو مال‬
‫على ال‪ .‬مع تغي ما ينل منلة الضافة الحضة والعتراض من وجهي‪ :‬أحدها أن يقال‪ :‬ب تنكرون على من يقول‪ :‬إن‬
‫ل ف وقت معي وذلك العلم قبل وجوده علم بأنه سيكون وهو بعينه عند‬ ‫ال تعال له علم واحد بوجود الكسوف مث ً‬
‫الوجود علم بالكون وهو بعينه بعد النلء علم بالنقضاء وإن هذه الختلفات ترجع إل إضافات ل توجب تبد ًل ف‬
‫ذات العلم فل توجب تغيا ف ذات العال وأن ذلك ينل منلة الضافة الحضة فإن الشخص الواحد يكون على يينك‬
‫ث يرجع إل قدامك ث إل شالك فتتعاقب عليك الضافات والتغي ذلك الشخص النتقل دونك وهكذى ينبغي أن بفهم‬
‫الال ف علم ال فإنا نسلم أنه يعلم الشياء بعلم واحد ف الزل والبد والال ل يتغي وغرضهم نفي التغي وهو متفق‬
‫عليه‪.‬‬

‫ف إمكان ال أن يلق لنا مثل هذا العلم وقولم‪ :‬من ضرورة إثبات العلم بالكون الن والنقضاء بعده تغي فليس بسلم‬
‫فمن أين عرفوا ذلك بل لو خلق ال لنا علما بقدوم زيد غدا عند طلوع الشمس وأدام هذا العلم ول يلق لنا علما آخر‬
‫ول غفلة عن هذا العلم لكنا عند طلوع الشمس عالي بجرد العلم السابق بقدومه الن وبعده بأنه قدم من قبل وكان‬
‫ذلك العلم الوا حد البا قي كافيا ف الحا طة بذه الحوال الثل ثة‪ .‬اعتراض هم فيب قى قول م‪ :‬إن الضا فة إل العلوم الع ي‬
‫داخلة ف حقيقته ومهما اختلفت الضافة اختلف الشيء الذي الضافة ذاتية له ومهما حصل الختلف والتعاقب فقد‬
‫حصل التغي‪ .‬تقولون بأن ال ل يعلم " النسان الطلق " ال فنقول‪ :‬إن صح هذا فاسلكوا مسلك إخوانكم من الفلسفة‬
‫ح يث قالوا‪ :‬إ نه ل يعلم إل نف سه وإن عل مه بذا ته ع ي ذا ته ل نه لو علم الن سان الطلق واليوان الطلق والماد الطلق‬
‫وهذه متلفات ل مالة فالضافات إليها تتلف ل مالة فل يصلح العلم الواحد لن يكون علما بالختلفات لن الضاف‬
‫متلف والضافعة متلفعة والضافعة إل العلوم ذاتيعة للعلم فيوجعب ذلك تعددا واختلفا ل تعددا فقعط معع التماثعل إذ‬
‫التماثلت ما ي سد بعض ها م سد الب عض والعلم باليوان ل ي سد م سد العلم بالماد ول العلم بالبياض ي سد م سد العلم‬
‫بالسواد فهما متلفان‪ ... .‬فكم بالحرى بذا المر ث هذه النواع والجناس والعوارض الكلية ل ناية لا وهي متلفة‪.‬‬
‫فالعلوم الختل فة ك يف تنطوي ت ت علم وا حد ث ذلك العلم هو ذات العال من غ ي مز يد عل يه ول يت شعري ك يف‬
‫يستجي العاقل من نفسه أن ييل التاد ف العلم بالشيء الواحد النقسم أحواله إل الاضي والستقبل والن وهو ل ييل‬
‫التاد ف العلم التعلق بم يع الجناس والنواع الختل فة والختلف والتبا عد ب ي الجناس والنواع التباعدة أ شد من‬
‫الختلف الوا قع ب ي أحوال الش يء الوا حد النق سم بانق سام الزمان وإذا ل يو جب ذلك تعددا واختلفا ك يف يو جب‬
‫هذا تعددا واختلفا ومهمعا ثبعت بالبهان أن اختلف الزمان دون اختلف الجناس والنواع وأن ذلك ل يوجعب‬
‫التعدد والختلف فهذا أيضا ل يو جب الختلف وإذا ل يو جب الختلف جاز الحا طة بال كل بعلم وا حد دائم ف‬
‫الزل والبد ول يوجب ذلك تغيا ف ذات العال‪ .‬هل تعقلون قديا متغيا العتراض الثان هو أن يقال‪ :‬وما الانع على‬
‫أصلكم من أن يعلم هذه المور الزئية وإن كان يتغي وهل اعتقدت أن هذا النوع من التغي ل يستحيل عليه كما ذهب‬
‫جهم من العتزلة إل أن علومه بالوادث حادثة وكما اعتقد الكرامية من عند آخرهم أنه مل الوادث ول ينكر جاهي‬
‫أهل الق عليهم إل من حيث أن التغي ل يلوا عن التغي وما ل يلوا عن التغي والوادث فهو حادث وليس بقدي‪.‬‬
‫وأما أنتم فمذهبكم أن العال قدي وأنه ل يلوا عن التغي‪ .‬قولم يكون العلم حادثا إما من جهته أو من جهة غيه والال‬
‫أنه مال ف الالي فإن قيل‪ :‬إنا أحلنا ذلك لن العلم الادث ف ذاته ل يلوا إما أن يدث من جهته أو من جهة غيه‬
‫ل بعد أن ل يكن فاعلً فإنه يوجب تغيا وقد‬ ‫وباطل أن يدث منه فإنا بينا أن القدي ل يصدر منه حادث ول يصي فاع ً‬
‫قررناه ف مسألة حدث العال وإن حصل ذلك ف ذاته من جهة غيه فكيف يكون غيه مؤثرا فيه ومغيا له حت تتغي‬
‫أحواله على سبيل الت سخر والضطرار من ج هة غيه قول نا‪ :‬علي كم أل ترفضوا الال الول‪ ...‬قل نا‪ :‬كل وا حد من‬
‫القسمي غي مال على أصلكم‪ .‬أما قولكم‪ :‬إنه يستحيل أن يصدر من القدي حادث قفد أبطلناه ف تلك السألة‪ .‬كيف‬
‫وعندكم يستحيل أن يصدر من القدي حادث هو أول الوادث فشرط استحالته كونه أولً وإل فهذه الوادث ليست‬
‫لا أسباب حادثة إل غي ناية بل تنتهي بواسطة الركة الدورية إل شيء قدي هو نفس الفلك وحياته‪ .‬فالنفس الفلكية‬
‫قدية والركة الدورية تدث منها وكل جزء من أجزاء الركة يدث وينقضي وما بعده متجدد ل مالة‪ .‬فإذن الوادث‬
‫صادرة من القدي عندكم ولكن إذ تشابه أحوال القدي تشابه فيضان الوادث منه على الدوام كما يتشابه أحوال الركة‬
‫لا أن كانت تصدر من قدي متشابه الحوال‪ .‬فاستبان أن كل فريق منهم معترف بأنه يوز صدور حادث من قدي إذا‬
‫كانت تصدر على التناسب والدوام فلتكن العلوم الادثة من هذا القبيل‪.‬‬
‫‪ ...‬ول الال الثان‪ :‬وذلك ل للزوم التغي‪ ...‬وأما القسم الثان وهو صدور هذا العلم فيه من غيه فنقول‪ :‬ول يستحيل‬
‫ذلك عندكم وليس فيه إل ثلثة أمور‪ :‬أحدها التغي وقد بينا لزومه على أصلكم‪ ... .‬ول لدوث التغي من جهة غيه‪...‬‬
‫والثان كون الغي سببا لتغي الغي وهو غي مال عندكم فليكن حدوث الشيء سببا لدوث العلم به كما أنكم تقولون‪:‬‬
‫تثل الشخص التلون بإزاء الدقة الباصرة سبب لنطباع مثال الشخص ف الطبقة الليدية من الدقة عند توسط الواء‬
‫الشف بي الدقة والبصر‪ .‬فإذا جاز أن يكون جاد سببا لنطباع الصورة ف الدقة وهو معن البصار فلم يستحيل أن‬
‫يكون حدوث الوادث سعببا لصعول علم الول باع فإن القوة الباصعرة كمعا أناع مسعتعدة للدراك ويكون حصعول‬
‫الشخص التلون مع ارتفاع الواجز سببا لصول الدراك فليكن ذات البدأ الول عندكم مستعدا لقبول العلم ويرج‬
‫من القوة إل الفعل بوجود ذلك الادث‪ .‬فإن كان ف يه تغ ي القد ي فالقد ي التغ ي عند كم غ ي م ستحيل وإن زعم تم أن‬
‫ذلك ي ستحيل ف وا جب الوجود فل يس ل كم على إثبات وا جب الوجود دل يل إل ق طع سلسلة العلل والعلولت ك ما‬
‫سبق‪ .‬وقد بينا أن قطع التسلسل مكن بقدي متغي‪ ... .‬ول " لتسخر " القدي والمر الثالث الذي يتضمنه هذا هو كون‬
‫القدي متغيا بغيه وإن ذلك يشبه التسخر واستيلء الغي عليه فيقال‪ :‬ول يستحيل عندكم هذا وهو أن يكون هو سببا‬
‫لدوث الوادث بوسائط ث يكون حدوث الوادث سببا لصول العلم له با فكأنه هو السبب ف تصيل العلم لنفسه‬
‫ولكن بالوسائط‪.‬‬
‫تقولون إن ما ي صدر من ال ي صور على سبيل اللزوم والط بع وقول كم إن ذلك يش به الت سخر فلي كن كذلك فإ نه لئق‬
‫بأصلكم إذ زعمتم أن ما يصدر من ال يصدر على سبيل اللزوم والطبع ول قدرة له على أن ل يفعل‪ .‬وهذا أيضا يشبه‬
‫نوعا من قولم‪ :‬كماله ف أن يكون مصدر الكل فإن قيل‪ :‬إن ذلك ليس باضطرار لن كماله ف أن يكون مصدرا لميع‬
‫الشياء‪ .‬قول نا‪ ...:‬و ف أن يعلم ال كل فهذا ل يس بت سخر فإن كماله ف أن يعلم ج يع الشياء ولو ح صل ل نا علم مقارن‬
‫لكل حادث لكان ذلك كما ًل لنا ل نقصانا وتسخرا‪ .‬فليكن كذلك ف حقه‪ .‬مسألة ف تعجيزهم عن إقامة الدليل على‬
‫أن السماء حيوان مطيع ل تعال بركته الدورية قولم وقد قالوا إن السماء حيوان وإن له نفسا نسبته إل بدن السماء‬
‫كن سبة نفو سنا إل أبدان نا وك ما أن أبدان نا تتحرك بالرادة ن و أغراض ها بتحر يك الن فس فكذى ال سموات وإن غرض‬
‫السموات بركتها الذاتية عبادة رب العالي على وجه سنذكره‪.‬‬
‫ل ينكر إمكانه ومذهبهم ف هذه السألة ما ل ينكر إمكانه ول يدعى استحالته فإن ال قادر على أن يلق الياة ف كل‬
‫جسم فل كب السم ينع من كونه حيا ول كونه مستديرا فإن الشكل الخصوص ليس شرطا للحياة إذ اليوانات مع‬
‫اختلف أشكالا مشتركة ف قبول الياة‪ .‬ولكن ل يعرف بدليل العقل ولكنا ندعى عجزهم عن معرفة ذلك بدليل العقل‬
‫وإن هذا إن كان صحيحا فل يطلع عليه إل النبياء بإلام من ال أو وحي وقياس العقل ليس يدل عليه‪ .‬نعم ل يبعد أن‬
‫يتعرف مثل ذلك بدليل إن وجد الدليل وساعد ولكنا نقول ما أوردوه دليلً ل يصلح إل لفادة ظن فأما أن يفيد قطعا‬
‫فل‪ .‬الضلل ف قولم بأن السماء متحرك وخبالم فيه أن قالوا‪ :‬السماء متحرك وهذه مقدمة حسية‪ .‬وكل جسم متحرك‬
‫فله مرك وهذه مقد مة عقل ية إذ لو كان ال سم يتحرك لكو نه ج سما لكان كل ج سم متحركا‪ .‬كل متحرك إ ما أن‬
‫يكون قسريا أو طبيعيا أو إراديا وكل مرك فإما أن يكون منبعثا عن ذات التحرك كالطبيعة ف حركة الجر إل أسفل‬
‫والرادة ف حر كة اليوان مع القدرة وإ ما أن يكون الحرك خارجا ول كن يرك على طر يق الق سر كد فع ال جر إل‬
‫فوق‪ .‬وكل ما يتحرك بعن ف ذاته فإما أن ل يشعر ذلك الشيء بالركة ونن نسميه طبيعة كحركة الجر إل أسفل‬
‫وإما أن يشعر به ونن نسميه إراديا ونفسانيا فصارت الركة بذه التقسيمات الاصرة الدائرة بي النفي والثبات إما‬
‫قسرية طبيعية وإما طبيعية وإما إرادية وإذا بطل قسمان تعي الثالث‪.‬‬
‫ول ي كن أن يكون ق سريا ول ي كن أن يكون ق سريا لن الحرك القا سر إ ما ج سم آ خر يتحرك بالرادة أو بالق سر‬
‫وينت هي ل مالة إل إرادة ومه ما أث بت ف أج سام ال سموات متحرك بالرادة ف قد ح صل الغرض فأي فائدة ف و ضع‬
‫حركات ق سرية وبالخرة ل بد من الرجوع إل الرادة وإ ما أن يقال‪ :‬إ نه يتحرك بالق سر وال هو الحرك بغ ي وا سطة‬
‫وهو مال لنه لو ترك به من حيث أنه جسم وأنه خالقه للزم أن يتحرك كل جسم فل بد وأن تتص الركة بصفة به‬
‫يتم يز عن غيه من الج سام وتلك ال صفة هي الحرك القر يب إ ما بالرادة أو الط بع‪ .‬ول ي كن أن يقال إن ال ير كه‬
‫بالرادة لن إرادته تناسب الجسام نسبة واحدة فلم استعد هذا السم على ال صوص لن يراد تريكه دون غيه ول‬
‫يكن أن يكون ذلك جزافا فإن ذلك مال كما سبق ف مسألة حدث العال وإذا ثبت أن هذا السم ينبغي أن يكون فيه‬
‫صفة هو مبدأ الركة بطل القسم الول وهو تقدير الركة القسرية‪ .‬ول أن يكون طبيعيا لنه يعود إل الكان الهروب‬
‫عنه‪ .‬فهو إذا إراديا فيبقى أن يقال‪ :‬هي طبيعية وهو غي مكن لن الطبيعة بجردها قط ل تكون سببا للحركة لن معن‬
‫الر كة هرب من مكان وطلب لكان آ خر فالكان الذي ف يه ال سم إن كان ملئما له فل يتحرك ع نه ولذا ل يتحرك‬
‫زق ملوء من الواء على وجه الاء وإذا غمس ف الاء ترك إل وجه الاء فإنه وجد الكان اللئم فسكن والطبيعة قائمة‬
‫ول كن إن ن قل إل مكان ل يلئ مه هرب م نه إل اللئم ك ما هرب من و سط الاء إل ح يز الواء‪ .‬والر كة الدور ية ل‬
‫يت صور أن تكون طبيع ية لن كل و ضع وأ ين يفرض الرب م نه ف هو عائد إل يه والهروب ع نه بالط بع ل يكون مطلوبا‬
‫بالطبع ولذلك ل ينصرف زق الواء إل باطن الاء ول الجر ينصرف بعد الستقرار على الرض فيعود إل الوى‪ .‬فلم‬
‫يبق إل القسم الثالث وهي الركة الرادية‪.‬‬

‫ع نقول‪ :‬ننع نقرر ثلث احتمالت سعوى مذهبكعم ل برهان‬ ‫العتراض هناك ثلث احتمالت أخرى العتراض هعو أن ا‬
‫على بطلنا‪ .‬الول أن يقدر حركة السماء قهرا لسم آخر مريد لركتها يديرها على الدوام وذلك السم الحرك ل‬
‫يكون كرة ول يكون ميطا فل يكون ساء فيبطل قولم إن حركة السماء إرادية وإن السماء حيوان‪ .‬وهذا الذي ذكرناه‬
‫مكن وليس ف دفعه إل مرد استبعاد‪ .‬أو تكون بإرادة ال الثان هو أن يقال الركة قسرية ومبدؤها إرادة ال فإنا نقول‪:‬‬
‫حر كة ال جر إل أسفل أيضا قسري يدث بلق ال الر كة ف يه وكذى القول ف سائر حركات الج سام الت ليست‬
‫حيوان ية‪ .‬والعتراض على الرادة قد أبطلناه فيب قى ا ستبعادهم أن الرادة ل اخت صت به و سائر الج سام تشارك ها ف‬
‫السمية فقد بينا أن الرادة القدية من شأنا تصيص الشيء عن مثله وأنم مضطرون إل إثبات صفة هذا شأنا ف تعيي‬
‫جهة الركة الدورية وف تعيي موضع القطب والنقطة فل نعيده والقول الوجيز إن ما استبعدوه ف اختصاص السم‬
‫بتعلق الرادة به من غي تيز بصفة ينقلب عليهم ف تيزه بتلك الصفة فإنا نقول‪ :‬ول تيز جسم السماء بتلك الصفة الت‬
‫با فارق غيه من الجسام وسائر الجسام أيضا أجسام فلم حصل فيه ما ل يصل ف غيه فإن علل ذلك بصفة أخرى‬
‫توجه السؤال ف الصفة الخرى وهكذى يتسلسل إل غي ناية فيضطرون بالخرة إل التحكم ف الرادة وأن ف البادئ‬
‫ما ييز الشيء عن مثله ويصصه بصفة عن أمثاله‪.‬‬
‫أو تكون بالط بع وبدون أن تش عر ل لطلب الكان ول للهرب م نه الثالث هو أن ي سلم أن ال سماء اخ تص ب صفة تلك‬
‫الصفة مبدأ الركة كما اعتقدوه ف هوى الجر إل أسفل إل أنه ل يشعر به كالجر‪ .‬وقولم‪ :‬إن الطلوب بالطبع ل‬
‫يكون مهروبا عنه بالطبع فتلبيس لنه ليس ث أماكن متفاصلة بالعدد عندهم بل السم واحد والركة الدورية واحدة‬
‫فل للجسم جزء بالفعل ول للحركة جزء بالفعل وإنا يتجزى بالوهم فليست تلك الركة لطلب الكان ول للهرب من‬
‫الكان‪ .‬فيم كن أن يلق ج سم و ف ذا ته مع ن يقت ضي حر كة دور ية وتكون الر كة نف سها مقت ضى ذلك الع ن ل أن‬
‫مقتضى العن طلب الكان ث تكون حركة للوصول إليه‪ .‬الركة نفس القتضى ل لطلب مكان وقولكم‪ :‬إن كل حركة‬
‫فهو لطلب مكان أو هرب منه إذا كان ضروريا فكأنكم جعلتم طلب الكان مقتضى الطبع وجعلتم الركة غي مقصودة‬
‫ف نف سها بل و سيلة إل يه ون ن نقول‪ :‬ل يب عد أن تكون الر كة ن فس القت ضى ل لطلب مكان ف ما الذي ي يل ذلك‬
‫اللصة فاستبان أن ما ذكروه إن ظن أنه أغلب من احتمال آخر فل يتيقن قطعا انتفاء غيه‪ .‬فالكم على السماء بأنه‬
‫حيوان تكم مض ل مستند له‪.‬‬
‫مسألة ف إبطال ما ذكروه من الغرض الحرك للسماء قولم إن السماء متقرب إل ال وقد قالوا‪ :‬إن السماء مطيع ل‬
‫بركته ومتقرب إليه لن كل حركة بالرادة فهو لغرض إذ ل يتصور أن يصدر الفعل والركة من حيوان إل إذا كان‬
‫الف عل أول به من الترك وإل فلو استوى الف عل والترك ل ا ت صور الف عل‪ .‬ف الكمال ث التقرب إل ال ل يس معناه طلب‬
‫الر ضا والذر من ال سخط فإن ال يتقدس عن ال سخط والر ضا وإن أطلق هذه اللفاظ فعلى سبيل الجاز يك ن ب ا عن‬
‫إرادة العقاب وإرادة الثواب ول يوز أن يكون التقرب بطلب القرب م نه ف الكان فإ نه مال فل يب قى إل طلب القرب‬
‫ف ال صفات فإن الوجود الك مل وجوده و كل وجود فبالضا فة إل وجوده نا قص وللنق صان درجات وتفاوت فاللك‬
‫أقرب إليه صفة ل مكانا وهو الراد باللئكة القربي أي الواهر العقلية الت ل تتغي ول تفن ول تستحيل وتعلم الشياء‬
‫على ما هي عل يه والن سان كل ما ازداد قربا من اللك ف ال صفات ازداد قربا من ال ومنت هى طب قة الدمي ي التش به‬
‫باللئكة‪.‬‬

‫اللئ كة القربون كمال م ل يزداد وإذا ث بت أن هذا مع ن التقرب إل ال وأ نه ير جع إل طلب القرب م نه ف ال صفات‬
‫وذلك للدمعي بأن يعلم حقائق الشياء وبأن يبقعى بقا ًء مؤبدا على أكمعل أحواله المكعن له فإن البقاء على الكمال‬
‫القصى هو ال‪ .‬واللئكة القربون كل ما يكن لم من الكمال فهو حاضر معهم ف الوجود إذ ليس فيهم شيء بالقوة‬
‫ح ت يرج إل الف عل فإذن كمال م ف الغا ية الق صوى بالضا فة إل ما سوى ال‪ .‬واللئ كة ال سماوية يزداد كمال م‬
‫بتحريك السماء ويتشبهون بال واللئكة السماوية هي عبارة عن النفوس الحركة للسموات وفيها ما بالقوة وكمالتا‬
‫منقسمة إل ما هو بالفعل كالشكل الكري واليئة وذلك حاضر وإل ما هو بالقوة وهو اليئة ف الوضع والين‪ .‬وما من‬
‫و ضع مع ي إل و هو م كن له ول كن لي ست له سائر الوضاع بالف عل فإن ال مع ب ي جيع ها غ ي م كن فل ما ل يكن ها‬
‫استيفاء آحاد الوضاع على الدوام قصد استيفاءها بالنوع فل يزال يطلب وضعا بعد وضع وأينا بعد أين ول ينقطع قط‬
‫هذا المكان فل تنقطع هذه الركات وإنا قصده التشبه بالبدأ الول ف نيل الكمال القصى على حسب المكان ف‬
‫حقه وهو معن طاعة اللئكة السماوية ل‪.‬‬

‫فإنم يستوفون كل وضع مكن فيفيض منه الي وقد حصل لا التشبه من وجهي‪ :‬أحدها استيفاء كل وضع مكن له‬
‫بالنوع و هو الق صود بالق صد الول‪ .‬والثا ن ما يتر تب على حرك ته من اختلف الن سب ف التثل يث والترب يع والقار نة‬
‫والقابلة واختلف الطوالع بالنسبة إل الرض فيفيض منه الي على ما تت فلك القمر ويصل منه هذه الوادث كلها‬
‫فهذا وجه استكمال النفس السماوية‪ .‬وكل نفس عاقلة فمتشوقة إل الستكمال بذاتا‪ .‬والعتراض على هذا هو أن ف‬
‫مقدمات هذا الكلم ما ي كن الناع ف يه ولك نا ل نطول به ونعود إل الغرض الذي عنيتموه آخرا ونبطله من وجه ي‪.‬‬
‫أحدها أن طلب الستكمال بالكون ف كل أين يكن أن يكون له حاقة ل طاعة وما هذا إل كإنسان ل يكن له شغل‬
‫وقد كفي الؤونة ف شهواته وحاجاته فقام وهو يدور ف بلد أو بيت ويزعم أنه يتقرب إل ال فإنه يستكمل بأن يصل‬
‫لنفسه الكون ف كل مكان أمكن وزعم أن الكون ف الماكن مكن ل ولست أقدر على المع بينها بالعدد فأستوفيه‬
‫بالنوع فإن ف يه ا ستكمالً وتقربا في سفه عقله ف يه وي مل على الماقة ويقال‪ :‬النتقال من ح يز إل ح يز ومن مكان إل‬
‫مكان ليس كما ًل يعتد به أو يتشوف إليه ول فرق بي ما ذكروه وبي هذا‪.‬‬
‫لاذا ل تتلف الر كة والثا ن هو أ نا نقول‪ :‬ما ذكرتوه من الغرض حا صل بالر كة الغرب ية فلم كا نت الر كة الول‬
‫مشرقية وهل كانت حركات الكل إل جهة واحدة فإن كان ف اختلفها غرض فهل اختلفت بالعكس فكانت الت هي‬
‫مشرق ية مغرب ية وال ت هي مغرب ية مشرق ية فإن كل ما ذكروه من ح صول الوادث باختلف الركات من التثليثات‬
‫والتسديسات وغيها يصل بعكسه‪ .‬وكذى ما ذكروه من استيفاء الوضاع واليون كيف ومن المكن لا الركة إل‬
‫الهة الخرى ف ما بال ا ل تتحرك مرة من جا نب ومرة من جا نب ا ستيفاء ل ا يكن ل ا إن كان ف ا ستيفاء كل مكن‬
‫كمال هذه المور يطلع عليها على سبيل اللام ل على سبيل الستدلل فدل أن هذه خيالت ل حاصل لا وأن أسرار‬
‫ملكوت السموات ل يطلع عليه بأمثال هذه اليالت وإنا يطلع ال عليه أنبياءه وأولياءه على سبيل اللام ل على سبيل‬
‫الستدلل ولذلك عجز الفلسفة من عند آخرهم عن بيان السبب ف جهة الركة واختيارها‪ .‬الستكمال بالركة ‪-‬‬
‫وبذه الركة إفاضة الي وقال بعضهم‪ :‬لا كان استكمالا يصل بالركة من أي جهة كا نت وكان انتظام الوادث‬
‫الرض ية ي ستدعي اختلف حركات وتع ي جهات كان الدا عي ل ا إل أ صل الر كة التقرب إل ال والدا عي إل ج هة‬
‫الركة إفاضة الي على العال السفلي‪ .‬قولنا‪ :‬قد يكون بالسكون وهذا باطل من وجهي‪ .‬أحدها أن ذلك إن أمكن أن‬
‫يتخيل فليقض بأن مقتضى طبعه السكون احترازا عن الركة والتغي وهو التشبه بال على التحقيق فإنه مقدس عن التغي‬
‫والركة تغي ولكنه اختار الركة لفاضة الي فإنه كان ينتفع به غيه وليس يثقل عليه الركة وليس تتعبه فما الانع من‬
‫هذا اليال أو باختلف الركات والثا ن أن الوادث تنب ن على اختلف الن سب التولدة من اختلف جهات الركات‬
‫فلتكن الركة الول مغربية وما عداها مشرقية وقد حصل به الختلف ويصل به تفاوت النسب‪ .‬فلم تعينت جهة‬
‫واحدة وهذه الختلفات ل ت ستدعي إل أ صل الختلف فأ ما ج هة بعين ها فل يس بأول من نقيض ها ف هذا الغرض‪.‬‬
‫م سألة ف إبطال قول م إن نفوس ال سموات مطل عة على ج يع الزئيات الاد ثة ف هذا العال وإن الراد باللوح الحفوظ‬
‫نفوس السموات وإن انتقاش جزئيات العال فيها يضاهي انتقاش الحفوظات ف القوة الافظة الودعة ف دماغ النسان‬
‫ل أنه جسم صلب عريض مكتوب عليه وإذا ل يكن للمكتوب ناية ل يكن للمكتوب عليه ناية ول يتصور جسم ل‬
‫ناية له ول يكن خطوط ل ناية لا على جسم ول يكن تعريف أشياء ل ناية لا بطوط معدودة‪ .‬مذهبهم وقد زعموا‬
‫أن اللئ كة ال سماوية هي نفوس ال سموات وأن اللئ كة الكروي ي القرب ي هي العقول الجردة ال ت هي جوا هر قائ مة‬
‫بأنفسها ل تتحيز ول تتصرف ف الجسام وأن هذه الصور الزئية تفيض على النفوس السماوية منها وهي أشرف من‬
‫اللئكة السماوية لنا مفيدة وهي مستفيدة والفيد أشرف من الستفيد ولذلك عب عن الشرف بالقلم فقال تعال‪ :‬علم‬
‫بالقلم لنه كالنقاش الفيد مثل العلم وشبه الستفيد باللوح‪ .‬هذا مذهبهم‪.‬‬
‫هو مال فنطالب هم بالدل يل عل يه والناع ف هذه ال سألة يالف الناع في ما قبل ها فإن ما ذكروه من ق بل ل يس ما ًل إذ‬
‫منتهاه كون السماء حيوانا متحركا لغرض وهو مكن‪ .‬أما هذه فترجع إل إثبات علم لخلوق بالزئيات الت ل ناية لا‬
‫وهذا رب ا يعت قد ا ستحالته فنطالب هم بالدل يل عل يه فإ نه ت كم ف نف سه‪ .‬ا ستدللم‪ :‬إرادة الر كة بإرادة دور ية جزئ ية‬
‫ا ستدلوا ف يه بأن قالوا‪ :‬ث بت أن الر كة الدور ية إراد ية والرادة تت بع الراد والراد الكلي ل يتو جه إل يه إل إرادة كل ية‬
‫والرادة الكلية ل يصدر منها شيء فإن كل موجود بالفعل معي جزئي والرادة الكلية نسبتها إل آحاد الزئيات على‬
‫وتية واحدة فل يصدر عنها شيء جزئي بل ل بد من إرادة جزئية للحركة العينة‪ .‬فهي تدرك الزئيات بإدراك جزئي‬
‫فللفلك بكل حركة جزئية معينة من نقطة إل نقطة معينة إرادة جزئية لتلك الركة فله ل مالة تصور لتلك الركات‬
‫الزئ ية بقوة ج سمانية إذ الزئيات ل تدرك إل بالقوى ال سمانية فإن كل إرادة ف من ضرورت ا ت صور لذلك الراد أي‬
‫علم به سواء كان جزئيا أو كليا‪.‬‬
‫وبالتال تدرك لوازمها ومهما كان للفلك تصور لزئيات الركات وإحاطة با أحاط ل مالة با يلزم منها من اختلف‬
‫النسب مع الرض من كون بعض أجزائه طالعة وبعضها غاربة وبعضها ف وسط ساء قوم وتت قدم قوم وكذلك يعلم‬
‫ما يلزم من اختلف الن سب ال ت تتجدد بالر كة من التثل يث والت سديس والقابلة والقار نة إل غ ي ذلك من الوادث‬
‫السماوية إما بغي واسطة وإما بواسطة واحدة وإما بوسائط كثية‪ .‬وعلى الملة فكل حادث فله سبب حادث إل أن‬
‫ينقطع التسلسل بالرتقاء إل الركة السماوية البدية الت بعضها سبب للبعض‪ .‬فإذن السباب والسببات ف سلسلتها‬
‫تنت هي إل الركات الزئ ية ال سماوية فالت صور للحركات مت صور للوازم ها ولوازم لوازم ها إل آ خر ال سلسلة‪ .‬وبالتال‬
‫تدرك كل ما سيحدث فبهذا يطلع على ما يدث فإن كل ما سيحدث فحدوثه واجب عن علته مهما تققت العلة‪.‬‬
‫ونن إنا ل نعلم ما يقع ف الستقبل لنا ل نعلم جيع أسبابا ولو علمنا جيع السباب لعلمنا السببات فإنا مهما علمنا‬
‫ل ف وقت معي فنعلم احتراق القطن ومهما علمنا أن شخصا سيأكل فنعلم أنه سيشبع وإذا‬ ‫أن النار سيلتقي بالقطن مث ً‬
‫علمنا أن شخصا سيتخطى الوضع الفلن الذي فيه كن مغطى بشيء خفيف إذا مشى عليه الاشي تعثر رجله بالكن‬
‫وعرفه فنعلم أنه سيستغن بوجود الكن‪ .‬ولكن هذه السباب ل نعلمها وربا نعلم بعضها فيقع لنا حدس بوقوع السبب‬
‫فإن عرفنا أغلبها وأكثرها حصل لنا ظن ظاهر بالوقوع‪ .‬فلو حصل لنا العلم بميع السباب لصل بميع السببات إل‬
‫أن ال سماويات كثية ث ل ا اختلط بالوادث الرض ية ول يس ف القوة البشر ية الطلع عل يه ونفوس ال سموات مطلعة‬
‫عليها لطلعها على السبب الول ولوازمها ولوازم لوازمها إل آخر السلسلة‪ .‬قولم‪ :‬يرى النائم ما يكون ف الستقبل‬
‫وذلك باتصاله باللوح الحفوظ أي بنفس الفلك ولذا زعموا‪ :‬يرى النائم ف نومه ما يكون ف الستقبل وذلك باتصاله‬
‫باللوح الحفوظ ومطالع ته ومه ما اطلع على الش يء رب ا ب قي ذلك بعي نه ف حف ظه ورب ا ت سارعت القوة التخيلة إل‬
‫ماكات ا فإن من غريزت ا ماكات ا الشياء بأمثلة تنا سبها ب عض النا سبة أو النتقال من ها إل أضداد ها فينم حى الدرك‬
‫القيقي عن الفظ ويبقى مثال اليال ف الفظ فيحتاج إل تعبي ما يثل اليال الرجل بشجر والزوجة بف والادم‬
‫ببعض أوان الدار وحافظ مال الب والصدقات بزيت البذر فإن البذر سبب للسراج الذي هو سبب الضياء وعلم التعبي‬
‫يتش عب عن هذا ال صل‪ .‬وهذا الت صال مشغولون ع نه ف يقظت نا ب ا تورده الواس وزعموا أن الت صال بتلك النفوس‬
‫مبذول إذ ل يس ث حجاب ولك نا ف يقظت نا مشغولون ب ا تورده الواس والشهوات علي نا فاشتغال نا بذه المور ال سية‬
‫صرفنا عنه وإذا سقط عنا ف النوم بعض اشتغال الواس ظهر به استعداد ما للتصال‪ .‬والنب يرى ف اليقظة وزعموا أن‬
‫النب مطلع على الغيب بذا الطريق أيضا‪ .‬إل أن القوة النفسية النبوية قد تقوى قوة ل تستغرقها الواس الظاهرة فل جرم‬
‫يرى هو ف اليقظة ما يراه غيه ف النام‪ .‬ث القوة اليالية تثل له ما رآه وربا يبقى الشيء بعينه ف ذكره وربا يبقى مثاله‬
‫فيفتقر مثل هذا الوحي إل التأويل كما يفتقر مثل ذلك النام إل التعبي‪ .‬ولول أن جيع الكائنات ثابتة ف اللوح الحفوظ‬
‫لا عرف النبياء الغيب ف يقظة ول منام لكن جف القلم با هو كائن إل يوم القيامة ومعناه هذا الذي ذكرناه‪ .‬فهذا ما‬
‫أردنا أن نورده لتفهيم مذهبهم‪ .‬جوابنا‪ :‬ل دليل لكم ف هذا عن النب والواب أن نقول‪ :‬ب تنكرون على من يقول إن‬
‫ال نب يعرف الغ يب بتعر يف ال على سبيل البتداء وكذى من يرى ف النام فإن ا يعر فه بتعر يف أو بتعر يف ملك من‬
‫اللئكة فل يتاج إل شيء ما ذكرتوه فل دليل ف هذا ول دليل لكم ف ورود الشرع باللوح والقلم فإن أهل الشرع ل‬
‫يفهموا من اللوح والقلم هذا الع ن قطعا فل متم سك ف الشرعيات يب قي التم سك ب سالك العقول‪ .‬و ما ذكرتوه وإن‬
‫اعترف بإمكانه مهما ل يشترط نفي النهاية عن هذه العلومات فل يعرف وجوده ول يتحقق كونه وإنا السبيل فيه أن‬
‫يتعرف من الشرع ل من العقل‪.‬‬

‫ننازع ف ثلث من القدمات وأ ما ما ذكرتوه من الدل يل العقلي أو ًل فمب ن على مقدمات كثية ل سنا نطول بإبطال ا‬
‫ولكننا ننازع ف ثلث مقدمات منها‪ :‬تكلمنا عن حركة الفلك الرادية القدمة الول قولكم إن حركة السماء إرادية‪.‬‬
‫وقد فرغنا من هذه السألة وإبطال دعواكم فيها‪ .‬ل نسلم افتقار الدراك إل إرادة جزئية الثانية أنه إن سلم ذلك مسامة‬
‫به فقولكم إنه يفتقر إل تصور جزئي للحركات الزئية فغي مسلم بل ليس ث جزء عندكم ف السم فإنه شيء واحد‬
‫وإن ا يتجزا بالو هم ول ف الر كة فإن ا واحدة بالت صال فيك في تشوق ها إل ا ستيفاء اليون المك نة ل ا ك ما ذكروه‬
‫ويكفي ها الت صور ن سلم هذا ف شأن التو جه إل مكان ولنم ثل للرادة الكل ية والزئ ية مثا ًل لتفه يم غرض هم‪ .‬فإذا كان‬
‫للنسان غرض كلي ف أن يج بيت ال مثلً فهذه الرادة الكلية ل يصدر منها الركة ل الركة تقع جزئية ف جهة‬
‫مصوصة بقدار مصوص بل ل يزال يتجدد للنسان ف توجهه إل البيت تصور بعد تصور للمكان الذي يتخطاه والهة‬
‫ال ت ي سلكها ويت بع كل ت صور جزئي إرادة جزئ ية للحر كة عن ال حل الو صول إل يه بالر كة‪ .‬فهذا ما أرادوه بالرادة‬
‫الزئية التابعة للتصور الزئي وهو مسلم لن الهات متعددة ف التوجه إل مكة والسافة غي متعينة فيفتقر تعي مكان‬
‫عن مكان وجهة عن جهة إل إرادة أخرى جزئية‪.‬‬
‫ل ف شأن الفلك وأ ما الر كة ال سماوية فل ها و جه وا حد فإن الكرة إن ا تتحرك على نف سها و ف حيز ها ل تاوز ها‬
‫والركة مرادة وليس ث إل وجه واحد وجسم واحد وصوب واحد فهو كهوى الجر إل أسفل فإنه يطلب الرض ف‬
‫أقرب طريق وأقرب الطرق الط الستقيم فتعي الط الستقيم فلو يفتقر فيه إل تدد سبب حادث سوى الطبيعة الكلية‬
‫الطال بة للمر كز مع تدد القرب والب عد والو صول إل حد وال صدور ع نه فكذلك يك في ف تلك الر كة الرادة الكل ية‬
‫للحركة ول يفتقر إل مزيد‪ .‬فهذه مقدمة تكموا بوضعها‪ .‬نبطل معرفة لوازم الركة القدمة الثالثة وهي التحكم البعيد‬
‫جدا قولم إنه إذا تصور الركات الزئية تصور أيضا توابعها ولوازمها وهذا هوس مض كقول القائل إن النسان إذا‬
‫ترك وعرف حركته ينبغي أن يعرف ما يلزم من حركته من موازاة وماوزة وهو نسبته إل الجسام الت فوقه وتته ومن‬
‫جوانبه وأنه إذا مشى ف شس ينبغي أن يعلم الواضع الت عليها ظله والواضع الت ل يقع وما يصل من ظله من البودة‬
‫بقطع الشعاع ف تلك الواضع وما يصل من النضغاط لجزاء الرض تت قدمه وما يصل من التفرق فيها وما يصل‬
‫ف أخلطه ف الباطن من ال ستحالة بسبب الر كة إل الرارة وما ي ستحيل من أجزائه إل العرق وهلم جرا إل جيع‬
‫الوادث ف بدنه وف غيه من بدنه ما الركة علة فيه أو شرط أو مهيء ومعد وهو هوس ل يتخيله عاقل ول يغتر به‬
‫إل جا هل وإل هذا ير جع هذا التح كم‪ .‬الزئيات العلولة لن فس الفلك قد ل تكون الوجودة ف الال ف قط‪ .‬على أ نا‬
‫نقول‪ :‬هذه الزئيات الفصلة العلومة لنفس الفلك هي الوجودة ف الال أو ينضاف إليها ما يتوقع كونا ف الستقبال‪.‬‬
‫فإن ق صرتوه على الوجود ف الال ب طل إطل عه على الغ يب وإطلع ال نبياء ف اليق ظة و سائر اللق ف النوم على ما‬
‫سيكون ف الستقبال بواسطة ث بطل مقتضى الدليل فإنه تكم بأن من عرف الشيء عرف لوازمه وتوابعه حت لو عرفنا‬
‫جيع أسباب الشياء لعرفنا جيع الوادث الستقبلة وأسباب جيع الوادث حاضرة ف الال فإنا هي الركة السماوية‬
‫ولكن تقتضي السبب إما بواسطة أو بوسائط كثية‪ .‬ول ف الستقبال إل غي ناية‪.‬‬

‫وإذا تعدى إل الستقبل ل يكن له آخر فكيف يعرف تفصيل الزئيات ف الستقبال إل غي ناية وكيف يتمع ف نفس‬
‫ملوق ف حالة واحدة من غ ي تعا قب علوم جزئ ية مف صلة ل نا ية لعداد ها ول غا ية لحاد ها و من ل يش هد له عقله‬
‫با ستحالة ذلك فلييأس من عقله‪ .‬ن فس الفلك أش به بن فس الن سان فإن قلبوا هذا علي نا ف علم ال فل يس تعلق علم ال‬
‫بالتفاق بعلوماته على نو تعلق العلوم الت هي للمخلوقات بل مهما دار نفس الفلك دورة نفس النسان كان من قبيل‬
‫نفس النسان فإنه شاركه ف كونه مدركا للجزئيات بواسطة فإن ل يلتحق به قطعا كان الغالب على الظن أنه من قبيله‬
‫فإن ل يكن غالبا على الظن فهو مكن والمكان يبطل دعواهم القطع با قطعوا به‪ .‬قولم‪ :‬إن نفس النسان تدرك جيع‬
‫الشياء لول انشغال ا فإن ق يل‪ :‬حق الن فس الن سانية ف جوهر ها أن تدرك أيضا ج يع الشياء ول كن اشتغال ا بنتائج‬
‫الشهوة والغضب والرص والقد والسد والوع والل وبالملة عوارض البدن وما يورده الواس عليه حت إذا أقبلت‬
‫النفس النسانية على شيء واحد شغلها عن غيه‪ .‬وأما النفوس الفلكية فب ية عن هذه ال صفات ل يعتريها شا غل ول‬
‫يستغرقها هم وأل وإحساس فعرفت جيع الشياء‪ .‬قولنا‪ :‬لعل نفس الفلك تنشغل قلنا‪ :‬وب عرفتم أنه ل شاغل لا وهل‬
‫ل لا عن تصور الزئيات الفصلة أو ما الذي ييل تقدير مانع آخر‬ ‫كانت عبادتا واشتياقها إل الول مستغرقا لا وشاغ ً‬
‫سوى الغضب والشهوة وهذه الوا نع الحسوسة ومن أ ين عرف انصار الا نع ف القدر الذي شاهدناه من أنفسنا وف‬
‫ل ومانعا ف من أ ين‬‫العقلء شوا غل من علو ال مة وطلب الرئا سة ما ي ستحيل ت صوره ع ند الطفال ول يعتقدون ا شاغ ً‬
‫يعرف استحالة ما يقوم مقامها ف النفوس الفلكية هذا ما أردنا أن نذكره ف العلوم اللقبة عندهم باللية‪.‬‬
‫أما اللقب بالطبيعيات وهي علوم كثية وصفها نذكر أقسامها ليعرف أن الشرع ليس يقتضي النازعة فيها ول إنكارها‬
‫إل ف مواضع ذكرناها‪ .‬وهي منقسمة إل أصول وفروع‪ .‬وأصولا ثانية أقسام‪ :‬أصولا ثانية الول يذكر فيه ما يلحق‬
‫السم من حيث أنه جسم من النقسام والركة والتغي وما يلحق الركة ويتبعه من الزمان والكان واللء ويشتمل‬
‫عليه كتاب سع الكيان‪ .‬الثان يعرف أحوال أقسام أركان العال الت هي السموات وما ف مقعر فلك القمر من العناصر‬
‫الربعة وطبائعها وعلة استحقاق كل واحد منها موضعا متعينا ويشتمل عليه كتاب السماء والعال‪ .‬الثالث يعرف فيه‬
‫أحوال الكون والفسعاد والتولد والتوالد والنشوء والبلى والسعتحالت وكيفيعة اسعتبقاء النواع على فسعاد الشخاص‬
‫بالركت ي ال سماويتي الشرق ية والغرب ية ويشت مل عل يه كتاب الكون والف ساد‪ .‬الرا بع ف الحوال ال ت تعرض للعنا صر‬
‫الربعة من المتزاجات الت منها تدث الثار العلوية من الغيوم والمطار والرعد والبق والالة وقوس قزح والصواعق‬
‫والرياح والزلزل‪ .‬الامعس فع الواهعر العدنيعة‪ .‬السعادس فع أحكام النبات‪ .‬السعابع فع اليوانات وفيعه كتاب طبائع‬
‫اليوانات‪ .‬الثا من ف الن فس اليوان ية والقوى الدرا كة وأن ن فس الن سان ل يوت بوت البدن وأ نه جو هر روحا ن‬
‫يستحيل عليه الفناء‪.‬‬
‫وفروع ها سبعة أ ما فروع ها ف سبعة‪ :‬الول ال طب ومق صوده معر فة مبادئ بدن الن سان وأحواله من ال صحة والرض‬
‫وأسبابا ودلئلها ليدفع الرض ويفظ الصحة‪ .‬الثان ف أحكام النجوم وهو تمي ف الستدلل من أشكال الكواكب‬
‫وامتزاجاتا على ما يكون من أحوال العال واللك والواليد والسني‪ .‬الثالث علم الفراسة و هو استدلل من اللق على‬
‫الخلق‪ .‬الرابع التعبي وهو استدلل من التخيلت اللمية على ما شاهدته النفس من عال الغيب فخيلته القوة التخيلة‬
‫بثال غيه‪ .‬الا مس علم الطل سمات و هو تأل يف للقوى ال سماوية بقوى ب عض الجرام الرض ية ليأتلف من ذلك قوة‬
‫تف عل فعلً غريبا ف العال الر ضي‪ .‬ال سادس علم النينات و هو مزج قوى الوا هر الرض ية ليحدث م نه أمور غري بة‪.‬‬
‫ال سابع علم الكيمياء ومق صوده تبد يل خواص الوا هر العدن ية ليتو صل إل ت صيل الذ هب والف ضة بنوع من ال يل‪ .‬ل‬
‫نالفهم شرعا ف شيء منها وليس يلزم مالفتهم شرعا ف شيء من هذه العلوم وإنا نالفهم من جلة هذه العلوم ف‬
‫أربعة مسائل‪:‬‬
‫نالف هم ف أرب عة م سائل الول حكم هم بأن هذا القتران الشا هد ف الوجود ب ي ال سباب وال سببات اقتران تلزم‬
‫بالضرورة فليس ف القدور ول ف المكان إياد السبب دون السبب ول وجود السبب دون السبب‪ .‬الثانية قولم إن‬
‫النفوس الن سانية جوا هر قائ مة بأنف سها لي ست منطب عة ف ال سم وإن مع ن الوت انقطاع علقت ها عن البدن بانقطاع‬
‫التدبي وإل فهو قائم بنفسه ف كل حال‪ .‬وزعموا أن ذلك عرف بالبهان العقلي‪ .‬الثالثة قولم إن هذه النفوس يستحيل‬
‫علي ها العدم بل هي إذا وجدت ف هي أبد ية سرمدية ل يت صور فناؤ ها‪ .‬والراب عة قول م‪ :‬ي ستحيل رد هذه النفوس إل‬
‫الج ساد‪ .‬ال سألة الول‪ :‬لثبات العجزات ف قط وإن ا يلزم الناع ف الول من ح يث أ نه ينب ن علي ها إثبات العجزات‬
‫الار قة للعادة من قلب الع صا ثعبانا وإحياء الو تى و شق الق مر‪ .‬و من ج عل ماري العادات لز مة لزوما ضروريا أحال‬
‫جيع ذلك‪ .‬وأولوا ما ف القرآن من إحياء الوتى وقالوا‪ :‬أراد به إزالة موت الهل بياة العلم‪ .‬وأولوا تلقف العصا سحر‬
‫السحرة على إبطال الجة اللية الظاهرة على يد موسى شبهات النكرين وأما شق القمر فربا أنكروا وجوده وزعموا‬
‫أنه لو يتواتر‪ .‬قولم‪ :‬ل تكون العجزات إل ف القوة التخيلة ول يثبت الفلسفة من العجزات الارقة للعادات إل ف ثلثة‬
‫أمور‪ :‬أحدها ف القوة التخيلة فإنم زعموا أنا إذا استولت وقويت ول يستغرقها الواس والشتغال اطلعت على اللوح‬
‫الحفوظ وانطبع فيها صور الزئيات الكائنة ف الستقبل وذلك ف اليقظة للنبياء ولسائر الناس ف النوم وف القوة العقلية‬
‫لن الب عض ينتبهون ف أ سرع الوقات وأقرب ا الثان ية خا صية ف القوة العقل ية النظر ية و هو را جع إل قوة الدس و هو‬
‫سرعة النتقال من معلوم إل معلوم‪ .‬فرب ذكي إذا ذكر له الدلول تنبه للدليل وإذا ذكر له الدليل تنبه للمدلول من نفسه‬
‫وبالملة إذا خطر له الد الوسط تنبه للنتيجة وإذا حضر ف ذهنه حدا النتيجة خطر بباله الد الوسط الامع بي طرف‬
‫النتيجة‪ .‬والناس ف هذا منقسمون فمنهم من يتنبه بنفسه ومنهم من يتنبه بأدن تنبيه ومنهم من ل يدرك مع التنبيه إل‬
‫بتعب كثي‪ .‬وإذا جاز أن ينتهي طرف النقصان إل من ل حدس له أصلً حت ل يتهيأ لفهم العقولت مع التنبيه جاز أن‬
‫ينتهي طرف القوة والزيادة إل أن ينتبه لكل العقولت أو لكثرها وف أسرع الوقات وأقربا‪ .‬ول سيما النب ويتلف‬
‫ذلك بالكمية ف جيع الطالب أو بعضها وف الكيفية حت يتفاوت ف السرعة والقرب‪ .‬فرب نفس مقدسة صافية يستمر‬
‫حدسها ف جيع العقولت وف أسرع الوقات‪ .‬فهو النب الذي له معجزة من القوة النظرية فل يتاج ف العقولت إل‬
‫تعلم بل كأ نه يتعلم من نف سه و هو الذي و صف بأ نه يكاد زيت ها يض يء ولو ل ت سسه نار نور على نور‪ .‬الثالث القوة‬
‫النف سية العمل ية و قد تنت هي إل حد تتأ ثر ب ا ال طبيعيات وتت سخر‪ .‬ومثاله أن الن فس م نا إذا تو هم شيئا خدم ته العضاء‬
‫والقوى ال ت في ها فحر كت إل ال هة التخيلة الطلو بة ح ت إذا تو هم شيئا ط يب الذاق تل بت أشدا قه وانته ضت القوة‬
‫اللع بة فيا ضة باللعاب من معادن ا وإذا ت صور الوقاع انته ضت القوة فنشرت اللة بل إذا م شى على جذع مدود على‬
‫فضاء طرفاه على حائطي اشتد توهه للسقوط فانفعل السم بتوهه وسقط ولو كان ذلك على الرض لشى عليه ول‬
‫ي سقط وذلك لن الج سام والقوى ال سمانية خل قت خاد مة م سخرة للنفوس ويتلف ذلك باختلف صفاء النفوس‬
‫وقوتا‪.‬‬

‫وقد يكون النفعال حت ف غي البدن فل يبعد أن تبلغ قوة النفس إل حد تدمه القوة الطبيعية ف غي بدنه لن نفسه‬
‫لي ست منطب عة ف بد نه إل أن له نوع ونزوع وشوق إل تدبيه خلق ذلك ف جبل ته فإذا جاز أن تطي عه أج سام بد نه ل‬
‫يت نع أن يطي عه غيه فيتطلع نف سه إل هبوب ر يح أو نزول م طر أو هجوم صاعقة أو تزلزل أرض لتخ سف بقوم وذلك‬
‫موقوف حصوله على حدوث برودة أو سخونة أو حركة ف الواء فيحدث ف نفسه تلك السخونة والبودة ويتولد منه‬
‫هذه المور من غي حضور سبب طبيعي ظاهر ويكون ذلك معجزة للنب ولكنه إنا يصل ذلك ف هواء مستعد للقبول‬
‫ول ينتهي إل أن ينقلب الشب حيوانا وينفلق القمر الذي ل يقبل النراق‪ .‬قولنا‪ :‬هذا ل ننكره ولكنا نثبت معجزات‬
‫غيهعا يسعتثنونا فهذا مذهبهعم فع العجزات وننع ل ننكعر شيئا ماع ذكروه وأن ذلك ماع يكون للنعبياء وإناع ننكعر‬
‫اقتصارهم عليه ومنعهم قلب العصا ثعبانا وإحياء الوتى وغيه فلزم الوض ف هذه السألة لثبات العجزات ولمر آخر‬
‫وهو نصرة ما أطبق عليه السلمون من أن ال قادر على كل شيء‪ .‬فلنخض ف القصود‪.‬‬
‫مسألة القتران بي ما يعتقد ف العادة سببا وما يعتقد مسببا ليس ضروريا القتران بي ما يعتقد ف العادة سببا وما‬
‫يعتقد مسببا ليس ضروريا عندنا بل كل شيئي ليس هذا ذاك ول ذاك هذا ول إثبات أحدها متضمن لثبات الخر ول‬
‫نف يه متض من لن في ال خر فل يس من ضرورة وجود أحده ا وجود ال خر ول من ضرورة عدم أحده ا عدم ال خر م ثل‬
‫الري والشرب والشبع والكل والحتراق ولقاء النار والنور وطلوع الشمس والوت وجز الرقبة والشفاء وشرب الدواء‬
‫وإ سهال الب طن وا ستعمال ال سهل وهلم جرا إل كل الشاهدات من القترنات ف ال طب والنجوم وال صناعات والرف‬
‫وإن اقترانا لا سبق من تقدير ال سبحانه يلقها على التساوق ل لكونه ضروريا ف نفسه غي قابل للفرق بل ف القدور‬
‫خلق الش بع دون ال كل وخلق الوت دون جز الرق بة وإدا مة اليوة مع جز الرق بة وهلم جرا إل ج يع القترنات وأن كر‬
‫الفلسفة إمكانه وادعوا استحالته‪ .‬مثلً النار والقطن والنظر ف هذه المور الارجة عن الصر يطول فلنعي مثالً واحدا‬
‫ل مع ملقاة النار فإنا نوز وقوع اللقاة بينهما دون الحتراق ونوز حدوث انقلب القطن‬ ‫وهو الحتراق ف القطن مث ً‬
‫رمادا مترقا دون ملقاة النار وهعم ينكرون جوازه‪ .‬قول الصعم‪ :‬فاععل الحتراق هعو النار فقعط وهعو فاععل بالطبعع‬
‫وللكلم ف ال سألة ثل ثة مقامات‪ :‬القام الول أن يد عي ال صم أن فا عل الحتراق هو النار ف قط و هو فا عل بالط بع ل‬
‫بالختيار قول نا‪ :‬فا عل الحتراق ل يس هو النار بل ال وهذا م ا ننكره بل نقول‪ :‬فا عل الحتراق بلق ال سواد ف الق طن‬
‫والتفرق ف أجزائه وجعله حراقا أو رمادا هو ال إما بواسطة اللئكة أو بغي واسطة فأما النار وهي جاد فل فعل لا‪.‬‬
‫وهذا يكون بالصول عنده ل بالصول به فما الدليل على أنا الفاعل وليس له دليل إل مشاهدة حصول الحتراق عند‬
‫ملقاة النار والشاهدة تدل على ال صول عنده ول تدل على ال صول به وأ نه ل علة سواه إذ ل خلف ف أن ان سلك‬
‫الروح والقوى الدر كة والحر كة ف نط فة اليوانات ل يس يتولد عن الطبائع الح صورة ف الرارة والبودة والرطو بة‬
‫واليبوسة ول أن الب فاعل ابنه بإيداع النطفة ف الرحم ول هو فاعل حيوته وبصره وسعه وسائر العان الت هي فيه‬
‫ومعلوم أنا موجودة عنده ول نقل أنا موجودة به بل وجودها من جهة الول إما بغي واسطة وإ ما بواسطة اللئكة‬
‫الوكلي بذه المور الادثة وهذا ما يقطع به الفلسفة القائلون بالصانع والكلم معهم فقد تبي أن الوجود عند الشيء‬
‫ل يدل على أ نه موجود به‪ .‬فالك مه إذا ب صر فجأة ورأى اللوان ل يعلم أن نور الش مس هو ال سبب ف انطباع ها ف‬
‫بصعره بعل نعبي هذا بثال وهعو أن الكمعه لو كان فع عينعه غشاوة ول يسعمع معن الناس الفرق بيع الليعل والنهار لو‬
‫انكش فت الغشاوة عن عي نه نارا وف تح أجفا نه فرأى اللوان ظن أن الدراك الا صل ف عي نه ل صور اللوان فاعله ف تح‬
‫البصر وأنه مهما كان بصره سليما ومفتوحا والجاب مرتفعا والشخص القابل متلونا فيلزم ل مالة أن يبصر ول يعقل‬
‫أن ل يبصر حت إذا غربت الشمس وأظلم الواء علم أن نور الشمس هو السبب ف انطباع اللوان ف بصره‪ .‬فمن أين‬
‫يأمن الصم أن يكون ف البادئ للوجود علل وأسباب يفيض منها الوادث عند حصول ملقاة بينها إل أنا ثابتة ليست‬
‫تنعدم ول هي أجسام متحركة فتغيب ولو انعدمت أو غابت لدركنا التفرقة وفهمنا أن ث سببا وراء ما شاهدناه وهذا‬
‫ل مرج م نه على قياس أ صلهم‪ .‬ووا هب ال صور‪ !...‬ولذا ات فق مققو هم على أن هذه العراض والوادث ال ت ت صل‬
‫عند وقوع اللقاة بي الجسام وعلى الملة عند اختلف نسبها إنا تفيض من عند واهب الصور وهو ملك أو ملئكة‬
‫حت قالوا‪ :‬انطباع صورة اللوان ف العي يصل من جهة واهب الصور وإنا طلوع الشمس والدقة السليمة والسم‬
‫التلون معدات ومهيئات لقبول الحل هذه الصورة وطردوا هذا ف كل حادث وبذا يبطل دعوى من يدعي أن النار هي‬
‫الفاعلة للحتراق والبز هو الفاعل للشبع والدواء هو الفاعل للصحة إل غي ذلك من السباب‪.‬‬

‫قولم الوادث تفيض من البادئ باللزوم والطبع ولكن الستعداد لقبول الصور يصل بذه السباب القام الثان مع من‬
‫يسلم أن هذه الوادث تفيض من مبادئ الوادث ولكن الستعداد لقبول الصور يصل بذه السباب الشاهدة الاضرة‬
‫إل أن ت يك البادئ أيضا ت صدر الشياء عن ها باللزوم والط بع ل على سبيل التروي والختيار صدور النور من الش مس‬
‫وإن ا افتر قت الحال ف القبول لختلف ا ستعدادها فإن ال سم ال صقيل يق بل شعاع الش مس ويرده ح ت ي ستضيء به‬
‫موضع آخر والدر ل يقبل والواء ل ينع نفوذ نوره والجر ينع وبعض الشياء يلي بالشمس وبعضها يتصلب وبعضها‬
‫يبيض كثوب القصار وبعضها يسود كوجهه والبدأ واحد والثار متلفة لختلف الستعدادات ف الحل فكذى مبادئ‬
‫الوجود فياضة با هو صادر منها ل منع عندها ول بل وإنا التقصي من القوابل‪ .‬فل يكن لبراهيم أل يكون قد احترق‬
‫وإذا كان كذلك فمه ما فرض نا النار ب صفتها وفرض نا قطنت ي متماثلت ي لق تا النار على وتية واحدة فك يف يت صور أن‬
‫تترق إحديه ما دون الخرى ول يس ث اختيار و عن هذا الع ن أنكروا وقوع إبراه يم ف النار مع عدم الحتراق وبقاء‬
‫النار نارا وزعموا أن ذلك ل يكن إل بسلب الرارة من النار وذلك يرجه عن كونه نارا أو بقلب ذات إبراهيم وبدنه‬
‫حجرا أو شيئا ل يؤثر فيه النار ول هذا مكن ول ذاك مكن‪ .‬جوابنا‪ :‬إن ال يفعل بالرادة والواب له مسلكان‪ :‬الول‬
‫أن نقول‪ :‬ل نسلم أن البادي ليست تفعل بالختيار وأن ال ل يفعل بالرادة وقد فرغنا عن إبطال دعواهم ف ذلك ف‬
‫م سألة حدث العال‪ .‬وإذا ثبت أن الفا عل يلق الحتراق بإراد ته ع ند ملقاة القط نة النار أمكن ف العقل أن ل يلق مع‬
‫وجود اللقاة‪ .‬قول م‪ :‬أفل أرى ب ي يدي سباعا ضار ية فإن ق يل‪ :‬فهذا ي ر إل ارتكاب مالت شني عة فإ نه إذا أنكرت‬
‫لزوم السببات عن أسبابا وأضيف إل إرادة مترعها ول يكن للرادة أيضا منهج مصوص متعي بل أمكن تفننه وتنوعه‬
‫فليجوز كل واحد منا أن يكون بي يديه سباع ضارية ونيان مشتعلة وجبال راسية وأعداء مستعدة بالسلحة وهو ل‬
‫يرا ها لن ال تعال ل يس يلق الرؤ ية له‪ .‬إذا وضعت كتابا ف بي ت أفل أعلم أ نه انقلب غلما ومن و ضع كتابا ف بي ته‬
‫ل متصعرفا أو انقلب حيوانا أو ترك غلما فع بيتعه‬ ‫فليجوز أن يكون قعد انقلب عنعد رجوععه إل بيتعه غلما أمرد عاق ً‬
‫فليجوز انقلبه كلبا أو ترك الرماد فليجوز انقلبه مسكا وانقلب الجر ذهبا والذهب حجرا‪ .‬وإذا سئل عن شيء من‬
‫هذا فينبغي أن يقول‪ :‬ل أدري ما ف البيت الن وإنا القدر الذي أعلمه أن تركت ف البيت كتابا ولعله الن فرس وقد‬
‫ل طخ ب يت الك تب ببوله ورو ثه وإ ن تر كت ف الب يت جرة من الاء ولعل ها انقل بت شجرة تفاح فإن ال قادر على كل‬
‫شيء وليس من ضرورة الفرس أن يلق من النطفة ول من ضرورة الشجرة أن تلق من البذر بل ليس من ضرورته أن‬
‫يلق ش يء فلعله خلق أشياء ل ي كن ل ا وجود من ق بل بل إذا ن ظر إل إن سان ل يره إل الن وق يل له‪ :‬هل هذا مولود‪:‬‬
‫فليتردد وليقل يتمل أن يكون بعض الفواكه ف السوق قد انقلب إنسانا وهو ذلك النسان فإن ال قادر على كل شيء‬
‫مكن وهذا مكن فل بد من التردد فيه وهذا فن يتسع الجال ف تصويره وهذا القدر قولنا‪ :‬إن ال يلق لنا علما بأن هذه‬
‫المكنات ل يعلمهعا والواب أن نقول‪ :‬إن ثبعت أن المكعن كونعه ل يوز أن يلق للنسعان علم بعدم كونعه لزم هذه‬
‫الحالت‪ .‬ونن ل نشك ف هذه الصور الت أوردتوها فإن ال خلق لنا علما بأن هذه المكنات ل يفعلها ول ندع أن‬
‫هذه المور واج بة بل هي مك نة يوز أن ت قع ويوز أن ل ت قع وا ستمرار العادة ب ا مرة ب عد أخرى ير سخ ف أذهان نا‬
‫جريانا على وفق العادة الاضية ترسخا ل تنفك عنه‪.‬‬

‫العلم بدوث المكن يوز للنب ل للعامي بل يوز أن يعلم نب من النبياء بالطرق الت ذكرتوها أن فلنا ل يقدم من‬
‫سفره غدا وقدومه مكن ولكن يعلم عدم وقوع ذلك المكن بل كما ينظر إل العامي فيعلم أنه ليس يعلم الغيب ف أمر‬
‫من المور ول يدرك العقولت من غي تعلم ومع ذلك فل ينكر أن تتقوى نفسه وحدسه بيث يدرك ما يدركه النبياء‬
‫على ما اعترفوا بإمكانه ولكن يعلمون أن ذلك ل يقع فإن خرق ال العادة بإيقاعها ف زمان خرق العادات فيها انسلت‬
‫هذه العلوم عن القلوب ول يلقها‪ .‬فل مانع إذن من أن يكون الشيء مكنا ف مقدورات ال ويكون قد جرى ف سابق‬
‫علمه أنه ل يفعله مع إمكانه ف بعض الوقات ويلق لنا العلم بأنه ليس يفعله ف ذلك الوقت فليس ف هذا الكلم إل‬
‫تشنيع م ض‪ .‬إن ال يغي صفة النار أو صفة إبراه يم السلك الثان وف يه اللص من هذه التشنيعات و هو أن نسلم أن‬
‫النار خلقت خلقة إذا لقاها قطنتان متماثلتان أحرقتهما ول تفرق بينهما إذا تاثلتا من كل وجه ولكنا مع هذا نوز أن‬
‫يلقى نب ف النار فل يترق إما بتغيي صفة النار أو بتغيي صفة النب فيحدث من ال أو من اللئكة صفة ف النار يقصر‬
‫سعخونتها على جسعمها بيعث ل تتعداه فيبقعى معهعا سعخونتها وتكون على صعورة النار وحقيقتهعا ولكعن ل تتعدى‬
‫سخونتها وأثرها أو يدث ف بدن الشخص صفة ول يرجه عن كونه لما وعظما فيدفع أثر النار‪.‬‬
‫من يطلي نف سه بالطلق ل يتأ ثر بالنار فإ نا نرى من يطلي نف سه بالطلق ث يق عد ف تنور موقدة ول يتأ ثر به‪ .‬والذي ل‬
‫يشا هد ذلك ينكره‪ .‬فإنكار ال صم اشتمال القدرة على إثبات صفة من ال صفات ف النار أو ف البدن ي نع الحتراق‬
‫كإنكار من ل يشاهد الطلق وأثره‪ .‬وف مقدورات ال غرائب وعجائب ونن ل إن ال يغي الشياء ف وقت أقرب ما‬
‫عهد فيه وكذلك إحياء اليت وقلب العصا ثعبانا يكن بذا الطريق وهو أن الادة قابلة لكل شيء فالتراب وسائر العناصر‬
‫يستحيل نباتا ث النبات يستحيل عند أكل اليوان دما ث الدم يستحيل منيا ث الن ينصب ف الرحم فيتخلق حيوانا وهذا‬
‫بكم العادة واقع ف زمان متطاول فلم ييل الصم أن يكون ف مقدور ال أن يدير الادة ف هذه الطوار ف وقت أقرب‬
‫ما عهد فيه وإذا جاز ف وقت أقرب فل ضبط للقل فتستعجل هذه القوى ف عملها ويصل به ما هو معجزة النب‪.‬‬
‫اعتراض‪ :‬أيصدر هنا من نفس النب أم من مبدأ آخر فإن قيل‪ :‬وهذا يصدر من نفس النب أو من مبدأ آخر من البادئ‬
‫عند اقتراح النب‪ .‬قولنا‪ :‬من ال لثبات النبوة قلنا‪ :‬وما سلمتموه من جواز نزول المطار والصواعق وتزلزل الرض بقوة‬
‫نفس النب يصل منه أو من مبدأ آخر‪ .‬فقولنا ف هذا كقولكم ف ذاك والول بنا وبكم إضا فة ذلك إل ال إما بغي‬
‫واسطة أو بواسطة اللئكة‪ .‬ولكن وقت استحقاق حصولا انصراف هة النب إليه وتعي نظام الي ف ظهوره لستمرار‬
‫نظام الشرع فيكون ذلك مرجحا جهة الوجود ويكون الشيء ف نفسه مكنا والبدأ به سحا جوادا ولكن ل يفيض منه‬
‫إل إذا ترجحت الاجة إل وجوده وصار الي متعينا فيه ول يصي الي متعينا فيه إل إذا احتاج نب ف إثبات نبوته إليه‬
‫لفاضة الي‪.‬‬
‫هذا لئق بساق كلمهم ولزم لم فهذا كله لئق بساق كلمهم ولزم لم مهما فتحوا باب الختصاص للنب باصية‬
‫تالف عادة الناس فإن مقادير ذلك الختصاص ل ينضبط ف العقل إمكانه فلم يب معه التكذيب لا تواتر نقله وورد‬
‫الشرع بتصديقه‪ .‬تقبل الصور متلفة بسبب اختلف الستعداد وعلى الملة لا كان ل يقبل صورة اليوان إل النطفة‬
‫وإنا تفيض القوى اليوانية عليها من اللئكة الت هي مبادي الوجودات عندهم ول يتخلق قط من نطفة النسان إل‬
‫إن سان و من نط فة الفرس إل فرس من ح يث أن ح صوله من الفرس أو جب ترجيحا لنا سبة صورة الفرس على سائر‬
‫الصور فلم يقبل إل الصورة الترجحة بذا الطريق ولذلك ل ينبت قط من الشعي حنطة ول من بذر الكمثرى تفاح‪ .‬ث‬
‫رأينعا أجناسعا معن اليوانات تتولد معن التراب ول تتوالد قعط كالديدان ومنهعا معا يتولد ويتوالد جيعا كالفار واليعة‬
‫والعقرب وكان تولدها من التراب ويتلف استعدادها لقبول الصور بأمور غابت عنا ول يكن ف القوة البشرية الطلع‬
‫عليها إذ ليس تفيض الصور عندهم من اللئكة بالتشهي ول جزافا بل ل يفيض على كل مل إل ما تعي قبوله له بكونه‬
‫ع عندهعم امتزاجات الكوا كب واختلف نسعب الجرام العلو ية ف‬ ‫مسعتعدا ف نفسعه وال ستعدادات متل فة ومبادئه ا‬
‫حركاتا‪.‬‬
‫مبادىء ال ستعدادات في ها غرائب وعجائب ف قد انف تح من هذا أن مبادىء ال ستعدادات في ها غرائب وعجائب ح ت‬
‫توصعل أرباب الطلسعمات معن علم خواص الواهعر العدنيعة وعلم النجوم إل مزج القوى السعماوية بالواص العدنيعة‬
‫فاتذوا أشكا ًل من هذه الرض ية وطلبوا ل ا طالعا م صوصا من الطوالع وأحدثوا ب ا أمورا غري بة ف العال فرب ا دفعوا‬
‫ال ية والعقرب عن بلد وال بق عن بلد إل غ ي ذلك من أمور تعرف من علم الطل سمات‪ .‬لاذا ل ي صل هذا ف أقرب‬
‫زمان فتكون معجزة فإذا خرجت عن الضبط مبادىء الستعدادات ول نقف على كنهها ول يكن لنا سبيل إل حصرها‬
‫ف من أين نعلم ا ستحالة حصول ال ستعداد ف بعض الجسام لل ستحالة ف الطوار ف أقرب زمان حت يستعد لقبول‬
‫صورة ما كان ي ستعد ل ا من ق بل وينت هض ذلك معجزة ما إنكار هذا إل لض يق الو صلة وال نس بالوجودات العال ية‬
‫والذهول عن أ سرار ال سبحانه ف الل قة والفطرة و من ا ستقرأ عجائب العلوم ل ي ستبعد من قدرة ال ما ي كى من‬
‫معجزات ال نبياء بال من الحوال‪ .‬اعتراض‪ :‬إذا حدد ت الحال هكذا فإن ق يل‪ :‬فن حن ن ساعدكم على أن كل م كن‬
‫مقدور ل وأن تم ت ساعدون على أن كل مال فل يس بقدور و من الشياء ما يعرف ا ستحالتها ومن ها ما يعرف إمكان ا‬
‫ومنها ما يقف العقل فل يقضي فيه باستحالة ول إمكان‪ .‬فالن ما حد الحال عندكم فإن رجع إل المع بي النفي‬
‫والثبات ف شيء واحد فقولوا إن كل شيئي ليس هذا ذاك ول ذاك هذا فل يستدعي وجود أحدها وجود الخر فال‬
‫قادر على خلق الحال وقولوا إن ال يقدر على خلق إرادة من غ ي علم بالراد وخلق علم من غ ي حيوة ويقدر على أن‬
‫يرك يد م يت ويقعده ويك تب ب يد ملدات ويتعا طى صناعات و هو مفتوح الع ي مدق ب صره نوه ولك نه ل يرى ول‬
‫حيوة فيه ول قدرة له عليه وإنا هذه الفعال النظومة يلقها ال تعال مع تريك يده والركة من جهة ال وبتجويز هذا‬
‫يب طل الفرق ب ي الر كة الختيار ية وب ي الرعدة فل يدل الف عل الح كم على العلم ول على قدرة الفا عل‪ .‬وعلى قلب‬
‫الجناس وينب غي أن يقدر على قلب الجناس فيقلب الو هر عرضا ويقلب العلم قدرة وال سواد بياضا وال صوت رائ حة‬
‫كما اقتدر على قلب الماد حيوانا والجر ذهبا ويلزم عليه أيضا من الحالت ما ل حصر له‪ .‬جوابنا‪ :‬ل والواب أن‬
‫الحال غي مقدور عليه والحال إثبات الشيء مع نفيه أو إثبات الخص مع نفي العم أو إثبات الثني مع نفي الواحد‬
‫وما ل يرجع إل هذا فليس بحال وما ليس بحال فهو مقدور‪.‬‬
‫الحال أن يمع بي السواد والبياض وأن يكون الشخص ف مكاني‪ ...‬ال أما المع بي السواد والبياض فمحال لنا‬
‫ل نف هم من إثبات صورة ال سواد ف ال حل ن في هيئة البياض ووجود ال سواد فإذا صار ن في البياض مفهوما من إثبات‬
‫السواد كان إثبات البياض مع نفيه مالً‪ .‬وإنا ل يوز كون الشخص ف مكاني لنا نفهم من كونه ف البيت عدم كونه‬
‫ف غي البيت فل يكن تقديره ف غي البيت مع كونه ف البيت الفهم لنفيه عن غي البيت‪ .‬وكذلك نفهم من الرادة‬
‫طلب معلوم فإن فرض طلب ول علم ل ت كن إرادة فكان ف يه ن في ما فهمناه‪ .‬والماد ي ستحيل أن يلق ف يه العلم ل نا‬
‫نفهم من الماد ما ل يدرك فإن خلق فيه إدراك فتسميته جادا بالعن الذي فهمناه مال وإن ل يدرك فتسميته الادث‬
‫علما ول يدرك بعه مله شيئا مال فهذا وجعه اسعتحالته‪ .‬إن ال ل يقدر على قلب الجناس لعدم وجود مادة مشتركعة‬
‫وأ ما قلب الجناس ف قد قال ب عض التكلم ي أ نه مقدور ل فنقول‪ :‬م صي الش يء شيئا آ خر غ ي معقول لن ال سواد إذا‬
‫ل فالسواد باق أم ل فإن كان معدوما فلم ينقلب بل عدم ذاك وو جد غيه وإن كان موجودا مع القدرة‬ ‫انقلب قدرة مث ً‬
‫فلم ينقلب ول كن انضاف إل يه غيه وإن ب قي ال سواد والقدرة معدو مة فلم ينقلب بل ب قي على ما هو عل يه‪ .‬وإذا قل نا‪:‬‬
‫انقلب الدم منيا أردنا به أن تلك الادة بعينها خلعت صورة ولبست صورة أخرى فرجع الاصل إل أن صورة عدمت‬
‫وصورة حدثت وث مادة قائمة تعاقب علي ها الصورتان‪ .‬وإذا قل نا‪ :‬انقلب الاء هواء بالتسخي أردنا به أن الادة القابلة‬
‫لصورة الائية خلعت هذه الصورة وقبلت صورة أخرى فالادة مشتركة والصفة متغية‪ .‬وكذلك إذا قلنا‪ :‬انقلب العصا‬
‫ثعبانا والتراب حيوانا ول يس ب ي العرض والو هر مادة مشتر كة ول ب ي ال سواد والقدرة ول ب ي سائر الجناس مادة‬
‫مشتركة فكان هذا مالً من هذا الوجه‪.‬‬

‫إن اليت إذا حرك ال يده يكتب وأما تريك ال يد ميت ونصبه على صورة حي يقعد ويكتب حت يدث من حركة‬
‫يده الكتابة النظومة فليس بستحيل ف نفسه مهما أحلنا الوادث إل إرادة متار وإنا هو مستنكر لطراد العادة بلفه‪.‬‬
‫لكن الدليل ف علم الفاعل‪ .‬وقولكم‪ :‬تبطل به دللة أحكام الفعل على علم الفاعل فليس كذلك فإن الفاعل الن هو ال‬
‫و هو الح كم و هو فا عل به‪ .‬وأ ما قول كم إ نه ل يب قى فرق ب ي الرع شة والر كة الختارة فنقول‪ :‬إن ا أدرك نا ذلك من‬
‫أنفسنا لنا شاهدنا من أنفسنا تفرقة بي الالتي فعبنا عن ذلك الفارق بالقدرة فعرفنا أن الواقع من القسمي المكني‬
‫أحدها ف حالة والخر ف حالة وهو إياد الركة مع القدرة عليها ف حالة وإياد الركة دون القدرة ف حالة أخرى‪.‬‬
‫وأمعا إذا نظرنعا إل غينعا ورأينعا حركات كثية منظومعة حصعل لنعا علم بقدرتاع فهذه علوم يلقهعا ال تعال بجاري‬
‫العادات يعرف با وجود أحد قسمي المكان ول يتبي به استحالة القسم الثان كما سبق‪.‬‬
‫مسألة ف تعجيزهم عن إقامة البهان العقلي على أن النفس النسان جوهر روحان قائم بنفسه ل يتحيز وليس بسم‬
‫ول منطبع ف السم ول هو متصل بالبدن ول هو منفصل عنه كما أن ال ليس خارج العال ول داخل العال وكذى‬
‫اللئكة عندهم والوض ف هذا يستدعي شرح مذهبهم ف القوى اليوانية والنسانية‪ .‬والقوى اليوائية تنقسم عندهم‬
‫إل ق سمي‪ :‬مر كة ومدر كة‪ .‬والدر كة ق سمان‪ :‬ظاهرة وباط نة‪ .‬والظاهرة هي الواس الم سة و هي معان منطب عة ف‬
‫الج سام أع ن هذه القوى‪ .‬وأ ما الباط نة فثل ثة‪ :‬والباط نة تنق سم إل خيال ية إحدي ها القوة اليال ية ف مقد مة الدماغ وراء‬
‫القوة البا صرة وف يه تب قى صور الشياء الرئ ية ب عد تغم يض الع ي بل ينط بع في ها ما تورده الواس ال مس فيجت مع ف يه‬
‫ويسمى الس الشترك لذلك‪ .‬ولوله لكان من رأى العسل البيض ول يدرك حلوته إل بالذوق فإذا رآه ثانيا ل يدرك‬
‫حلو ته ما ل يذق كالرة الول ول كن ف يه مع ن ي كم بأن هذا الب يض هو اللو فل بد وأن يكون عنده حا كم قد‬
‫اجتمع عنده المر أعن اللون واللوة حت قضى عند وجود أحدها بوجود الخر‪.‬‬
‫ووهية والثانية القوة الوهية وهي الت تدرك العان وكان القوة الول تدرك الصور‪ .‬والراد بالصور ما ل بد لوجوده‬
‫من مادة أي جسم والراد بالعان ما ل يستدعي وجوده جسما ولكن قد يعرض له أن يكون جسم كالعداوة والوافقة‬
‫فإن الشاة تدرك معن الذب لونعه وشكله وهيئتعه وذلك ل يكون إل فع جسعم وتدرك أيضا كونعه مالفا لاع‪ .‬وتدرك‬
‫السخلة شكل الم ولونه ث تدرك موافقته ومليته ولذلك ترب من الذئب وتعدو خلف الم‪ .‬والخالفة والوافقة ليس‬
‫من ضرورت ا أن تكون ف الج سام ل كاللون والش كل ول كن قد يعرض ل ا أن تكون ف الج سام أيضا فكا نت هذه‬
‫القوة مباينة للقوة الثانية وهذا مله التجويف الخي من الدماغ‪ .‬ومتخيلة ‪ -‬مفكرة أما الثالثة فهي القوة الت تسمى ف‬
‫اليوانات متخيلة وف النسان مفكرة وشأنا أن تركب الصور الحسوسة بعضها مع بعض وتركب العان على الصور‬
‫وهي ف التجويف الوسط بي حافظ الصور وحافظ العان‪ .‬ولذلك يقدر النسان على أن يتخيل فرسا يطي وشخصا‬
‫رأ سه رأس إن سان وبد نه بدن فرس إل غ ي ذلك من التركيبات وإن ل يشا هد م ثل ذلك والول أن تل حق هذه القوة‬
‫بالقوى الحركة كما سيأت ل بالقوى الدركة وإنا عرفت مواضع هذه القوى وإليها تضم القوة الافظة والقوة الذاكرة‬
‫ث زعموا أن القوة الت تنطبع فيها صور الحسوسات بالواس المس تفظ تلك الصور حت تبقى بعد القبول والشيء‬
‫يفظ الشيء ل بالقوة الت با يقبل فإن الاء يقبل ول يفظ والشمع يقبل برطوبته ويفظ بيبوسته بلف الاء فكانت‬
‫الاف ظة بذا العتبار غ ي القابلة فت سمى هذه قوة حاف ظة‪ .‬وكذى العا ن تنط بع ف الوه ية وتفظ ها قوة ت سمى ذاكرة‬
‫فتصي الدراكات الباطنة بذا العتبار إذا ضم إليها التخيلة خسة كما كانت الظاهرة خسة‪ .‬والقوى التحركة تنقسم‬
‫إل باعثة شهوانية وغضبية وأما القوى الحركة فتنقسم إل مركة على معن أنا باعثة على الركة وإل مركة على معن‬
‫أنا مباشرة للحركة فاعلة‪ .‬والحركة على أنا باعثة هي القوة النوعية الشوقية وهي الت إذا ارتسم ف القوة اليالية الت‬
‫ذكرنا ها صعورة مطلوب أو مهروب عنعه بعثعت القوة الحركعة الفاعلة على التحريعك‪ .‬ولاع شعبتان شعبعة تسعمى قوة‬
‫شهوانية وهي قوة تبعث على تريك يقرب به من الشياء التخيلة ضرورية أو نافعة طلبا للذة وشعبة تسمى قوة غضبية‬
‫و هي قوة تب عث على تر يك يد فع به الش يء التخ يل وفاعلة وأ ما القوة الحر كة على أن ا فاعلة هي قوة تنب عث ف‬
‫العصاب والعضلت من شأنا أن تشنج العضلت فتجذب الوتار والرباطات التصلة بالعضاء إل جهة الوضع الذي‬
‫ف يه القوة أو ترخي ها وتدد ها طو ًل فت صي الوتار والرباطات إل خلف ال هة‪ .‬فهذه قوى الن فس اليوان ية على طر يق‬
‫الجال وترك التفصيل‪ .‬للنفس العاقلة قوتان‪ :‬عملية ونظرية فأما النفس العاقلة النسانية السماة الناطقة عندهم والراد‬
‫بالناطقة العاقلة لن النطق أخص ثرات العقل ف الظاهر فنسبت إليه فلها قوتان‪ :‬قوة عالة وقوة عاملة وقد يسمى كل‬
‫واحدة عقلً ول كن باشتراك ال سم‪ .‬فالعاملة قوة هي مبدأ مرك لبدن الن سان إل ال صناعات الرت بة الن سانية ال ستنبط‬
‫ترتيب ها بالرو ية الا صة بالن سان‪ .‬وأ ما العال ة ف هي ال ت ت سمى النظر ية و هي قوة من شأن ا أن تدرك حقائق العقولت‬
‫الجردة عن الادة والكان والهات و هي القضا يا الكل ية ال ت ي سميها التكلمون أحوالً مرة ووجود ها أخرى وت سميها‬
‫الفلسفة الكليات الجردة‪ .‬الول تنقاد للبدن والثانية مأخوذة من اللئكة فإذن للنفس قوتان بالقياس إل جنبتي‪ :‬القوة‬
‫النظرية بالقياس إل جنبة اللئكة إذ با تأخذ من اللئكة العلوم القيقية وينبغي أن تكون هذه القوة دائمة القبول من‬
‫جهة فوق‪ .‬والقوة العملية لا بالنسبة إل أسفل وهي جهة البدن وتدبيه وإصلح الخلق وهذه القوة ينبغي أن تتسلط‬
‫على سائر القوى البدنية وأن تكون سائر القوى متأدبة بتأديبها مقهورة دونا حت ل تنفعل ول تتأثر هي عنها بل تنفعل‬
‫تلك القوى عن ها لئل يدث ف الن فس من ال صفات البدن ية هيآت انقياد ية ت سمى رذائل بل تكون هي الغال بة ليح صل‬
‫للنفس بسببها هيآت تسمى فضائل‪.‬‬

‫هذه كل ها ل تن كر فهذا إياز ما فصلوه من القوى اليوانية والنسانية وطولوا بذكر ها مع العراض عن ذكر القوى‬
‫النباتية إذ ل حاجة إل ذكرها ف غرضنا‪ .‬وليس شيء ما ذكروه ما يب إنكاره ف الشرع فإنا أمور مشاهدة أجرى ال‬
‫العادة ب ا‪ .‬اعتراض نا علي هم لن م يق صدون الدللة وإن ا نر يد أن نعترض الن على دعوا هم معر فة كون الن فس جوهرا‬
‫قائما بنفسه بباهي العقل‪ .‬ول سنا نعترض اعتراض من يب عد ذلك من قدرة ال أو يرى أن الشرع جاء بنقي ضه بل رب ا‬
‫نبي ف تفصيل الشر والنشر أن الشرع مصدق له ولكنا ننكر دعواهم دللة مرد العقل عليه والستغناء عن الشرع فيه‪.‬‬
‫فلنطالبهم بالدلة ولم فيه براهي كثية بزعمهم‪ .‬الول دليلهم الول‪ :‬أن مل العلم ل ينقسم فهو ليس جسما قولم إن‬
‫العلوم العقلية تل مل النفس النسان وهي مصورة وفيها آحاد ل تنقسم فل بد وأن يكون مله أيضا ل ينقسم وكل‬
‫ج سم فمنق سم فدل أن مله ش يء ل ينق سم‪ .‬وي كن إيراد هذا على شرط الن طق بأشكاله ول كن أقر به أن يقال إن كان‬
‫مل العلم جسما منقسما فالعلم الال أيضا منقسم لكن العلم الال غي منقسم فالحل ليس جسما‪ .‬وهذا هو قياس‬
‫شرطي استثن فيه نقيض التال فينتج نقيض القدم بالتفاق فل نظر ف صحة شكل القياس ول أيضا ف القدمتي فإن‬
‫الول قولنا إن كل حال ف منقسم ينقسم ل مالة بفرض القسمة ف مله وهو أول ل يكن التشكك فيه والثان قولنا إن‬
‫العلم الواحد يل ف الدمي وهو ل ينقسم لنه لو انقسم إل غي ناية كان مالً وإن كان له ناية فيشتمل على آحاد ل‬
‫مالة ل تنقسم‪ .‬وعلى اعتراضنا‪ :‬لاذا ل يكون مل العلم جوهرا فردا والعتراض على مقامي‪ :‬القام الول أن يقال‪ :‬ب‬
‫تنكرون على من يقول‪ .‬مل العلم جوهر فرد متحيز ل ينقسم وقد عرف هذا من مذهب التكلمي‪ .‬ول يبقى بعده إل‬
‫استبعاد وهو أنه كيف تل العلوم كلها ف جوهر فرد وتكون جيع الواهر الطيفة با معطلة ماورة‪ .‬والستبعاد ل خي‬
‫فيه إذ يتوجه على مذهبهم أيضا أنه كيف تكون النفس شيئا واحدا ل يتحيز ول يشار إليه ول يكون داخل البدن ول‬
‫ل بالسم ول منفصلً عنه‪ .‬لكن هذه السألة يطول حلها إل أنا ل نؤثر هذا القام فإن القول ف مسألة‬ ‫خارجه ول متص ً‬
‫الزء الذي ل يتجزى طويل ولم فيه أدلة هندسية يطول الكلم عليها ومن جلتها قولم‪ :‬جوهر فرد بي جوهرين هل‬
‫يل قي أ حد الطرف ي م نه ع ي ما يلق يه ال خر أو غيه فإن كان عي نه ف هو مال إذ يلزم م نه تل قي الطرف ي فإن مل قي‬
‫اللقي ملق وإن كان ما يلقيه غيه ففيه إثبات التعدد والنقسام وهذه شبهة يطول حلها وبنا غنية عن الوض فيها‬
‫فلنعدل إل مقام آ خر‪ .‬القام الثا ن أن نقول‪ :‬ما ذكرتوه من أن كل حال ف ج سم فينب غي أن ينق سم با طل علي كم ب ا‬
‫تدركه القوة من الشاة من عداوة الذئب فإنا ف حكم شيء وحد ل يتصور تقسيمه إذ ليس للعداوة بعض حت يقدر‬
‫إدراك بعضه وزوال بعضه وقد حصل إدراكها ف قوة جسمانية عندكم فإن نفس البهائم منطبعة ف الجسام ل تبقى بعد‬
‫الوت‪ .‬وقد اتفقوا عليه فإن أمكنهم أن يتكلفوا تقدير النقسام ف الدركات بالواس المس وبالس الشترك وبالقوة‬
‫الافظة للصور فل يكنهم تقدير النقسام ف هذه العان الت ليس من شرطها أن تكون ف مادة‪ .‬قد يقال‪ :‬ليس الكلم‬
‫عن العداوة الجردة فإن ق يل‪ :‬الشاة ل تدرك العداوة الطل قة الجردة عن الادة بل تدرك عداوة الذئب الع ي الش خص‬
‫مقرونا بشخصه وهيكله‪ .‬والقوة العاقلة تدرك القائق مردة عن الواد والشخاص‪.‬‬
‫الدراك ل ينقسم قلنا‪ :‬الشاة قد أدركت لون الذئب وشكله ث عداوته فإن كان اللون ينطبع ف القوة الباصرة وكذى‬
‫الشكل وينقسم بانقسام مل البصر فالعداوة باذى تدركها فإن أدرك بسم فلينقسم وليت شعري ما حال ذلك الدراك‬
‫إذا قسم وكيف يكون بعضه أهو إدراك لبعض العداوة فكيف يكون لا بعض أو كل قسم إدراك لكل العداوة فتكون‬
‫العداوة معلومة مرارا بثبوت إدراكها ف كل قسم من أقسام الحل‪ .‬فإذن هذه شبهة مشكلة لم ف برهانم فل بد من‬
‫الل‪ .‬قد يقال‪ :‬ل شك ف القدمتي فإن قيل‪ :‬هذه مناقضة ف العقولت والعقولت ل تنقض فإنكم مهما ل تقدروا‬
‫على ال شك ف القدمت ي و هو أن العلم الوا حد ل ينق سم وأن ما ل ينق سم ل يقوم ب سم منق سم ل يكن كم ال شك ف‬
‫النتيجة‪ .‬جوابنا‪ :‬بينا أن أقوالم تتناقض والواب أن هذا الكتاب ما صنفناه إل لبيان التهافت والتناقض ف كلم الفلسفة‬
‫وقد حصل إذ انتقض به أحد المرين‪ :‬إما ما ذكروه ف النفس الناطقة أو ما ذكروه ف القوة الوهية‪.‬‬

‫ليس العلم كاللون ث نقول‪ :‬هذه الناقضة تبي أنم غفلوا عن موضع تلبيس ف القياس ولعل موضع اللتباس قولم إن‬
‫العلم منطبع ف السم انطباع اللون ف التلون وينقسم اللون بانقسام التلون فينقسم العلم بانقسام مله‪ .‬واللل ف لفظ‬
‫النطباع إذ يكن أن ل تكون نسبة العلم إل مله كنسبة اللون إل التلون حت يقال إنه منبسط عليه ومنطبع فيه ومنتشر‬
‫ف جوان به فينق سم بانق سامه‪ .‬فل عل ن سبة العلم إل مله على و جه آ خر وذلك الو جه ل يوز ف يه النق سام ع ند انق سام‬
‫الحل بل نسبته إليه كنسبة إدراك العداوة إل السم‪ .‬ووجوه نسبة الوصاف إل ملها ليست مصورة ف فن واحد ول‬
‫هي معلومة التفاصيل لنا علما نثق به فالكم عليه دون الحاطة بتفصيل النسبة حكم غي موثوق به‪ .‬ل دليل لم وعلى‬
‫الملة ل ينكر أن ما ذكروه ما يقوي الظن ويغلبه وإنا ينكر كونه معلوما يقينا علما ل يوز الغلط فيه ول يتطرق إليه‬
‫الشك وهذا القدر مشكك فيه‪ .‬دليل ثان دليلهم الثان‪ :‬للعلم نسبة إل العال قالوا‪ :‬إن كان العلم بالعلوم الواحد العقلي‬
‫وهعو العلوم الجرد ععن الواد منطبعا فع الادة انطباع العراض فع الوهعر السعمانية لزم انقسعامه بالضرورة بانقسعام‬
‫السم كما سبق وإن ل يكن منطبعا فيه ول منبسطا عليه واستكره لفظ النطباع فنعدل إل عبارة أخرى ونقول‪ :‬هل‬
‫للعلم نسبة إل العال أم ل ومال قطع النسبة فإنه إن قطعت النسبة عنه فكونه عالا به ل صار أول من كون غيه عالا‬
‫وهذه النسبة تكون من ثلثة أقسام إما إل الكل أو إل البعض أو ل تكون وثلثتها باطلة وإن كان له نسبة فل يلوا من‬
‫ثلثة أقسام‪ :‬إما أن تكون النسبة لكل جزء من أجزاء الحل أو تكون لبعض أجزاء الحل دون البعض أو ل يكون لواحد‬
‫من الجزاء نسبة إليه‪ .‬وباطل أن يقال‪ :‬ل نسبة لواحد من الجزاء فإنه إذا ل يكن للحاد نسبة ل يكن للمجموع نسبة‬
‫فإن الجتمع من الباينات مباين‪ .‬وباطل أن يقال‪ :‬النسبة للبعض فإن الذي ل نسبة له ليس هو من معناه ف شيء وليس‬
‫كلمنا عنه‪ .‬وباطل أن يقال‪ :‬لكل جزء مفروض نسبة إل الذات لنه إن كانت النسبة إل ذات العلم بأسره فمعلوم كل‬
‫واحد من الجزاء ليس هو جزءا من العلوم كما هو فيكون معقولً مرات ل ناية لا بالفعل وإن كان كل جزء له نسبة‬
‫أخرى غي النسبة الت للجزء الخر إل ذات العلم فذات العلم إذن منقسمة ف العن وقد بينا أن العلم بالعلوم الواحد من‬
‫كل وجه ل ينقسم ف العن وإن كان نسبة كل واحد إل شيء من ذات العلم غي ما إليه نسبة ف الس أقسام ومن هذا‬
‫يتبي أن الحسوسات النطبعة ف الواس المس ل تكون إل أمثلة لصور جزئية منقسمة فإن الدراك معناه حصول مثال‬
‫الدرك ف نفس الدرك ويكون لكل جزء من مثال الحسوس نسبة إل جزء من اللة السمانية‪.‬‬

‫اعتراض نا‪ :‬وهذا شأن عداوة الذئب والعتراض على هذا ما سبق فإن تبد يل ل فظ النطباع بل فظ الن سبة ل يدرأ الشب هة‬
‫فيما ينطبع ف القوة الوهية للشاة من عداوة الذئب كما ذكروه فإنه إدراك ل مالة وله نسبة إليه ويلزم ف تلك النسبة ما‬
‫ذكرتوه فإن العداوة ل يس أمرا مقدرا له كم ية مقدار ية ح ت ينط بع مثال ا ف ج سم مقدر وتنت سب أجزاؤ ها إل أجزائه‬
‫وكون شكل الذئب مقدرا ل يكفي فإن الشاة أدركت شيئا سوى شكله وهو الخالفة والضادة والعداوة والزيادة على‬
‫الشكل من العداوة ليس لا مقدار وقد أدركته بسم مقدر‪ .‬فهذه الصور مشككة ف هذا البهان كما ف الول‪.‬‬
‫قد يقال‪ :‬هل تعترضون على الو هر الفرد فإن قال قائل‪ :‬هل دفع تم هذه الباه ي بأن العلم ي ل من ال سم ف جو هر‬
‫متح يز ل يتجزى و هو جواب نا‪ :‬هذا الب حث طو يل ل فائدة ف يه قل نا‪ :‬لن الكلم ف الو هر الفرد يتعلق بأمور هند سية‬
‫يطول القول ف حلها‪ .‬ث ليس فيه ما يدفع الشكال فإنه يلزم أن تكون القدرة والرادة أيضا ف ذلك الزء فإن للنسان‬
‫ل ول يتصور ذلك إل بقدرة وإرادة ول يتصور الرادة إل بعلم وقدرة الكتابة ف اليد والصابع والعلم با ليس ف اليد‬ ‫فع ً‬
‫إذ ل يزول بقطع اليد ول إرادتا ف اليد فإنه قد يريدها بعد شلل اليد وتتعذر ل لعدم الرادة بل لعدم القدرة‪.‬‬

‫دليل ثالث دليلهم الثالث‪ :‬النسان دون الزء هو العال قولم‪ :‬العلم لو كان ف جزء من السم لكان العال ذلك الزء‬
‫دون سائر أجزاء الن سان والن سان يقال له عال والعال ية صفة له على الملة من غ ي ن سبة إل م ل م صوص جواب نا‪:‬‬
‫و هو الب صر! وهذا هوس فإ نه ي سمى مب صرا و سامعا وذائقا وكذى البهي مة تو صف به وذلك ل يدل على أن إدراك‬
‫الحسوسات ليس بالسم بل هو نوع من التجوز كما يقال فلن ف بغداذ وإن كان هو ف دليل رابع دليلهم الرابع‪ :‬قد‬
‫يكون العلم وال هل ف ال حل الوا حد إن كان العلم ي ل جزءا من القلب أو الدماغ مثلً فال هل ضده فينب غي أن يوز‬
‫ل بشيء واحد فلما استحال ذلك تبي‬ ‫قيامه بزء آخر من القلب أو الدماغ ويكون النسان ف حالة واحدة عالا وجاه ً‬
‫أن مل الهل هو مل العلم وأن ذلك الحل واحد يستحيل اجتماع الضدين فيه فإنه لو كان منقسما لا استحال قيام‬
‫الهل ببعضه والعلم ببعضه لن الشيء ف مل ل يضاده ضده ف مل آخر كما تتمع البلقة ف الفرس الواحد والسواد‬
‫والبياض ف العي الواحدة ولكن ف ملي‪.‬‬

‫الواس ل ضد لدراكاتا ول يلزم هذا ف الواس فإنه ل ضد لدراكاتا ولكنه قد يدرك وقد ل يدرك فليس بينهما إل‬
‫تقابل الوجود والعدم‪ .‬فل جرم نقول‪ :‬يدرك بب عض أجزائه كالع ي والذن ول يدرك ب سائر بدنه وليس فيه تناقض‪ .‬ف‬
‫الحل الواحد بغي الجاز ول يغن عن هذا قولكم إن العالية مضادة للجاهلية والكم عام لميع البدن إذ يستحيل أن‬
‫يكون الكم ف غي مل العلة فالعال هو الحل الذي قام العلم به فإن أطلق السم على الملة فبالجاز كما يقال‪ :‬هو ف‬
‫بغداذ وإن كان هو ف بعضها وكما يقال‪ :‬مبصر وإن كنا بالضرورة نعلم أن حكم البصار ل يثبت للرجل واليد بل‬
‫يتص بالعي وتضاد الحكام كتضاد العلل فإن الحكام تقتصر على مل العلل‪ .‬ف الحل الهيأ لكل من العلم والهل‬
‫ول يلص من هذا قول القائل إن الحل الهيأ لقبول العلم والهل من النسان واحد فيتضادان عليه فإن عندكم أن كل‬
‫ج سم ف يه حيوة ف هو قا بل للعلم وال هل ول تشترطوا سوى اليوة شري طة أخرى و سائر أجزاء البدن عند كم ف قبول‬
‫العلم على وتية واحدة‪ .‬اعتراضنعا‪ :‬ول تكون الشهوة والنفرة فع الحعل الواحعد العتراض أن هذا ينقلب عليكعم فع‬
‫الشهوة والشوق والرادة فإن هذه المور تثبت للبهائم والنسان و هي معان تنط بع ف السم ث ي ستحيل أن ين فر ع ما‬
‫يشتاق إليه فيجتمع فيه النفرة واليل إل شيء واحد بوجود الشوق ف مل والنفرة ف مل آخر وذلك ل يدل على أنا ل‬
‫تل الجسام وذلك لن هذه القوى وإن كانت كثية ومتوزعة على آلت متلفة فلها رابطة واحدة وهي النفس وذلك‬
‫للبهيمة والنسان جيعا وإذا اتدت الرابطة استحالت الضافات التناقضة بالنسبة إليه وهذا ل يدل على كون النفس غي‬
‫منطبع ف السم كما ف البهائم‪.‬‬
‫دليل خامس دليلهم الامس‪ :‬لول ذلك لا عقل العقل نفسه قولم‪ :‬إن كان العقل يدرك العقول بآلة جسمانية فهو ل‬
‫يعقل نفسه والتال مال فإنه يعقل نفسه فالقدم مال‪ .‬جوابنا‪ :‬ما الدليل عليه قلنا‪ :‬مسلم أن استثناء نقيض التال ينتج‬
‫نقيض القدم ولكن إذا ثبت اللزوم بي التال والقدم بل نقول‪ :‬ما يسلم لزوم التال وما الدليل عليه قد يقال‪ :‬البصار ل‬
‫يب صر فإن ق يل‪ :‬الدل يل عل يه أن الب صار ل ا كان ب سم فالب صار ل يتعلق بالب صار فالرؤ ية ل ترى وال سمع ل ي سمع‬
‫وكذى سائر الواس‪ .‬فإن كان العقل أيضا ل يدرك إل بسم فلم يدرك نفسه والعقل كما يعقل غيه يعقل نفسه فإن‬
‫الواحد منا كما يعقل غيه يعقل نفسه ويعقل أنه عقل غيه جوابنا‪ :‬هذا يوز برق العادات قلنا‪ :‬ما ذكرتوه فاسد من‬
‫وجهي‪ :‬أحدها أن البصار عندنا يوز أن يتعلق بنفسه فيكون إبصارا لغيه ولنفسه كما يكون العلم الواحد علما بغيه‬
‫وعلما بنفسه‪ .‬ولكن العادة جارية بلف ذلك وخرق العادات عندنا جائز‪.‬‬
‫فيكون حاسة منفردة والثان وهو أقوى أنا سلمنا هذا ف الواس ولكن ل إذا امتنع ذلك ف بعض الواس يتنع ف بعض‬
‫وأي بعد ف أن يفترق حكم الواس ف وجه الدراك مع اشتراكها ف أنا جسمانية كما اختلف البصر واللمس ف أن‬
‫اللمس ل يفيد الدراك إل باتصال اللموس باللة اللمسة وكذى الذوق ويالفه البصر فإنه يشترط فيه النفصال حت لو‬
‫أطبق أجفانه ل ير لون الفن لنه ل يبعد عنه وهذا الختلف ل يوجب الختلف ف الاجة إل السم فل يبعد أن‬
‫يكون ف الواس السمانية ما يسمى عقلً ويالف سائرها ف أنا تدرك نفسها‪ .‬دليل سادس دليلهم السادس‪ :‬لول ذلك‬
‫ل ا أدرك الع قل القلب قالوا‪ :‬لو كان الع قل يدرك بآلة ج سمانية كالب صار ل ا أدرك آل ته ك سائر الواس ولك نه يدرك‬
‫الدماغ والقلب وما يد عى آل ته فدل أنه ليس آلة له ول ملً وإل لا أدر كه‪ .‬اعتراضنا‪ :‬كما سبق والعتراض على هذا‬
‫كالعتراض على الذي قبله‪ .‬فإنا نقول‪ :‬ل يبعد أن يدرك البصار مله ولكنه حوالة على العادة‪ .‬أو نقول‪ :‬ل يستحيل أن‬
‫تفترق الواس ف هذا العن وإن اشتركت ف النطباع ف الجسام كما سبق ول قلتم أن ما هو قائم ف جسم يستحيل‬
‫أن يدرك السم الذي هو مله ول يلزم أن يكم من جزئي معي على كلي مرسل ل يكم ببعض الواس على جيعها‬
‫وم ا عرف بالتفاق بطل نه وذ كر ف الن طق أن ي كم ب سبب جزئي أو جزئيات كثية على كلي ح ت مثلوه ب ا إذا قال‬
‫الن سان إن كل حيوان فإ نه يرك ع ند ال ضغ ف كه ال سفل ل نا ا ستقرأنا اليوانات كل ها فرأينا ها كذلك فيكون ذلك‬
‫لغفلته عن التمساح فإنه يرك فكه العلى وهؤلء ل يستقرئوا إل الواس المس فوجدوها على وجه معلوم فحكموا‬
‫على الكل به‪ .‬فلعل العقل حاسة أخرى تري من سائر الواس مرى التمساح من سائر اليوانات فتكون إذن الواس‬
‫مع كون ا ج سمانية منق سمة إل ما يدرك مل ها وإل ما ل يدرك ك ما انق سمت إل ما يدرك مدر كه من غ ي ما سة‬
‫كالبصر وإل ما ل يدرك إل باتصال كالذوق واللمس‪ .‬ف ما ذكروه أيضا إن أورث ظنا فل يورث يقينا موثوقا به‪ .‬قد‬
‫يقال‪ :‬على العقل أن يدرك القلب دائما إ ما أل يدر كه أبدا فإن ق يل‪ :‬ل سنا نعول على مرد ال ستقراء للحواس بل نعول‬
‫على البهان ونقول‪ :‬لو كان القلب أو الدماغ هعو نفعس النسعان لكان ل يعزب عنعه إدراكهمعا حتع ل يلوا ععن أن‬
‫يعقله ما جيعا كما أ نه ل يلوا عن إدراك نف سه فإن أحدا ل يعزب ذا ته عن ذا ته بل يكون مثبتا لنفسه ف نفسه أبدا‬
‫والنسان ما ل يسمع حديث القلب والدماغ أو ل يشاهد بالتشريح من إنسان آخر ل يدركهما ول يعتقد وجودها‪.‬‬
‫فإن كان العقل حا ًل ف جسم فينبغي أن يعقل ذلك السم أبدا أو ل يدركه أبدا وليس واحد من المرين بصحيح بل‬
‫يعقل حالة ول يعقل حالة‪.‬‬
‫فهناك ن سبة واحدة وهذا التحق يق و هو أن الدراك الال ف م ل إن ا يدرك ال حل لن سبة له إل ال حل ول يت صور أن‬
‫يكون له نسبة إليه سوى اللول فيه فليدركه أبدا وإن كان هذه النسبة ل تكفي فينبغي أن ل يدرك أبدا إذ ل يكن أن‬
‫يكون له نسبة أخرى إليه كما أنه لا أن كان يعقل نفسه عقل نفسه أبدا ول يغفل عنه بال‪ .‬جواب نا‪ :‬النسان يشعر‬
‫بسده قلنا‪ :‬النسان ما دام يشعر بنفسه ول يغفل عنه فإنه يشعر بسده وجسمه‪ .‬نعم ل يتعي له اسم القلب وصورته‬
‫وشكله ولك نه يث بت نف سه ج سما ح ت يث بت نف سه ف ثيا به و ف بي ته والن فس الذي ذكروه ل ينا سب الب يت والثوب‪.‬‬
‫دائما وإن على و جه غ ي مع ي فإثبا ته ل صل ال سم ملزم له وغفل ته عن شكله وا سه كغفل ته عن م ل ال شم وإن ما‬
‫زائدتان ف مقدم الدماغ شبيهتي بلم ت الثدي فإن كل إن سان يعلم أ نه يدرك الرائ حة ب سمه ول كن م ل الدراك ل‬
‫يتشكل له ول يتعي وإن كان يدرك أنه إل الرأس أقرب منه إل العقب ومن جلة الرأس إل داخل النف أقرب منه إل‬
‫داخل الذن‪ .‬فكذلك يشعر النسان بنفسه ويعلم أن هويته الت با قوامه إل قلبه وصدره أقرب منه إل رجله فإنه يقدر‬
‫نفسه باقيا مع عدم الرجل ول يقدر على تقدير نفسه باقيا مع عدم القلب فما ذكروه من أنه يغفل عن السم تارة وتارة‬
‫ل‬
‫دل يل سابع دليل هم ال سابع‪ :‬أن القوى الل ية يعرض ل ا من الواظ بة على الع مل كلل قالوا القوى الدرا كة باللت‬
‫السمانية يعرض لا من الواظبة على العمل بإدامة الدراك كلل لن إدامة الركة تفسد مزاج الجسام فتكلها وكذلك‬
‫المور القوية اللية الدراك توهنها وربا تفسدها حت ل تدرك عقيبها الخفى الضعف كالصوت العظيم للسمع والنور‬
‫العظيم للبصر فإنه ربا يفسد أو ينع عقيبه من إدراك الصوت الفي والرئيات الدقيقة بل من ذاق اللوة الشديدة ل‬
‫يس بعده بلوة دونه‪ .‬والمر ف القوة العقلية بالعكس والمر القوة العقلية بالعكس فإن إدامتها للنظر إل العقولت ل‬
‫يتعب ها ودرك الضروريات الل ية يقوي ها على درك النظريات الف ية ول يضعف ها وإن عرض ل ا ف ب عض الوقات كلل‬
‫فذلك لستعمالا القوة اليالية واستعانتها با فتضعف آلة القوة اليالية فل تدم العقل‪ .‬قولنا‪ :‬الواس تتلف بعضها عن‬
‫بعض وهذا من الطراز السابق فإنا نقول‪ :‬ل يبعد أن تتلف الواس السمانية ف هذه المور فليس ما يثبت منها للبعض‬
‫يب أن يثبت للخر بل ل يبعد أن تتفاوت الجسام فيكون منها ما يضعفها نوع من الركة ومنها ما يقويها نوع من‬
‫الركة ول يوهنها وإن كان يؤثر فيها فيكون ث سبب يدد قوتا بيث ل تس بالثر فيها‪ .‬فكل هذا مكن إذا الكم‬
‫الثابت لبعض الشياء ليس يلزم أن يثبت لكله‪.‬‬
‫دليل ثامن دليلهم الثامن‪ :‬العقل ل تعتريه الشيخوخة قالوا‪ :‬أجزاء البدن كلها تضعف قواها بعد منتهى النشو والوقوف‬
‫عند الربعي سنة فما بعدها فيضعف البصر والسمع وسائر القوى والقوة العقلية ف أكثر المر إنا تقوى بعد ذلك‪.‬‬
‫يعوقه الرض ول يلزم على هذا تعذر النظر ف العقولت عند حلول الرض ف البدن وعند الرف بسبب الشيخوخة فإنه‬
‫مهما بان أنه يتقوى مع ضعف البدن ف بعض الحوال فقد بان قوامه بنفسه فتعطله عند تعطل البدن ل يوجب كونه‬
‫قائما بالبدن فإن استثناء عي التال ل ينتج فإنا نقول‪ :‬إن كانت القوة العقلية قائمة بالبدن فيضعفها ضعف البدن بكل‬
‫حال والتال مال فالقدم مال‪ .‬ولذا ال مر مدلول ث ال سبب ف يه أن الن فس ل ا ف عل بذات ا إذا ل ي عق عائق ول يشغل ها‬
‫شاغل فإن للنفس فعلي‪ :‬فعل بالقياس إل البدن وهو السياسة له وتدبيه وفعل بالقياس إل مبادئه وإل ذاته وهو إدراك‬
‫العقولت وها متمانعان متعاندان فمهما اشتغل بأحدها انصرف عن الخر وتعذر عليه المع بي المرين‪ .‬وشواغله‬
‫من جهة البدن الحساس والتخيل والشهوات والغضب والوف والغم والوجع فإذا أخذت تفكر ف معقول تعطل عليك‬
‫كل هذه الشياء الخر‪ .‬بل مرد الس قد ينع من إدراك العقل ونظره من غي أن يصيب آلة العقل شيء أو يصيب ذاتا‬
‫آفة والسبب ف كل ذلك اشتغال النفس بفعل عن فعل ولذلك يتعطل نظر العقل عند الوجع والرض والوف فإنه أيضا‬
‫مرض ف الدماغ‪ .‬وك يف ي ستبعد التما نع ف اختلف جه ت ف عل الن فس وتعدد ال هة الواحدة قد يو جب التما نع فإن‬
‫الفرق يذهل عن الوجع والشهوة عن الغضب والنظر ف معقول عن معقول آخر‪.‬‬

‫إذا عاد الريض صحيحا عاد العلم من غي استئناف تعلم وآية أن الرض الال ف البدن ليس يتعرض لحل العلوم أنه إذا‬
‫عاد صحيحا ل يفت قر إل تعلم اعتراض نا‪ :‬هناك أ سباب كثية لزيادة ب عض الواس والعتراض أن نقول‪ :‬نق صان القوى‬
‫وزيادتا لا أسباب كثية ل تنحصر فقد يقوى بعض القوى ف ابتداء العمر وبعضها ف الوسط وبعضها ف الخر وأمر‬
‫العقل أيضا كذلك‪ .‬فل يبقى إل أن يدعى الغالب‪ .‬مثل الشم ول بعد ف أن يتلف الشم والبصر ف أن الشم يقوى بعد‬
‫الربعي والبصر يضعف وإن تساويا ف كونما حالي ف السم كما تتفاوت هذه القوى ف اليوانات فيقوى الشم من‬
‫بعض ها وال سمع من بعض ها والب صر من بعض ها لختلف ف أمزجت ها ل ي كن الوقوف على ضب طه فل يب عد أن يكون‬
‫مزاج اللت أيضا يتلف ف حق الشخاص و ف حق الحوال‪ .‬والع قل ويكون أ حد ال سباب ف سبق الض عف إل‬
‫البصر دون العقل أن البصر أقدم فإنه مبصر ف أول فطرته ول يتم عقله إل بعد خسة عشر سنة أو زيادة على ما يشاهد‬
‫اختلف الناس فيه حت قيل إن الشيب إل شعر الرأس أسبق منه إل شعر اللحية لن شعر الرأس أقدم‪ .‬فهذه السباب إن‬
‫خاض الائض فيها ول يرد هذه المور إل ماري العادات فل يكن أن ينبن عليها علم موثوق به لن جهات الحتمال‬
‫فيما تزيد با القوى أو تضعف ل تنحصر فل يورث شيء من ذلك يقينا‪.‬‬
‫دل يل تا سع دليل هم التا سع‪ :‬مه ما تبدل ال سم فالن سان يب قى بعي نه وم عه علوم قالوا‪ :‬ك يف يكون الن سان عبارة عن‬
‫ال سم مع عوار ضه وهذه الج سام ل تزال تن حل والغذاء ي سد م سد ما ين حل ح ت إذا رأي نا صبيا انف صل من الن ي‬
‫فيمرض مرارا ويذبل ث يسمن وينموا فيمكننا أن نقول‪ :‬ل يبق فيه بعد الربعي شيء من الجزاء الت كانت موجودة‬
‫عند النفصال بل كان أول وجوده من أجزاء الن فقط ول يبق فيه شيء من أجزاء الن بل انل كل ذلك وتبدل بغيه‪.‬‬
‫فيكون هذا السم غي ذلك السم‪ .‬ونقول‪ :‬هذا النسان هو ذلك النسان بعينه وحت أنه يبقى معه علوم من أول صباه‬
‫ويكون قد تبدل ج يع أج سامه‪ .‬فدل أن للن فس وجودا سوى البدن وأن البدن آل ته‪ .‬وكلك الشجرة العتراض أن هذا‬
‫ينتقض بالبهيمة والشجرة إذا قيست حالة كبها بالة الصغر فإنه يقال إن هذا ذاك بعينه كما يقال ف النسان وليس‬
‫يدل ذلك على أن له وجودا غي السم‪ .‬وتبقى الصور التخيلة وما ذكر ف العلم يبطل بفظ الصور التخيلة فإنه يبقى‬
‫ف الصب إل الكب وإن تبدل سائر أجزاء الدماغ فإن زعموا أنه ل يتبدل سائر أجزاء الدماغ فكذى سائر أجزاء القلب‬
‫ل فل‬ ‫وها من البدن فكيف يتصور أن يتبدل الميع والنسان يبقى منه شيء بل نقول‪ :‬النسان وإن عاش مائة سنة مث ً‬
‫بد وأن يكون قد بقي فيه أجزاء من النطفة فأما أن تنمحى عنه فل فهو ذلك النسان باعتبار ما بقي كم أنه يقال‪ :‬هذا‬
‫ذاك الشجر وهذا ذاك الفرس ويكون بقاء الن مع كثرة التحلل والتبدل‪ .‬مثل الاء الذي تصب عليه وتأخذ منه مثاله ما‬
‫إذا صب ف موضع رطل من الاء ث صب عليه رطل آخر حت اختلط به ث أخذ منه رطل ث صب عليه رطل آخر ث‬
‫أ خذ م نه ر طل ث ل يزال يف عل كذلك ألف مرة فنحن ف الرة الخية نكم بأن شيئا من الاء الول باق وأ نه ما من‬
‫رطل يؤخذ منه إل وفيه شيء من ذلك الاء لنه كان موجودا ف الكرة الثانية والثالثة قريبة من الثانية والرابعة من الثالثة‬
‫وهكذى إل الخر‪ .‬وهذا على أصلهم ألزم حيث جوزوا انقسام الجسام إل غي ناية فانصباب الغذاء ف البدن وانلل‬
‫أجزاء البدن يضاهي صب الاء ف هذا الناء واغترافه عنه‪ .‬دليل عاشر دليلهم العاشر‪ :‬ف العقل كليات عامة قالوا‪ :‬القوة‬
‫العقل ية تدرك الكليات العا مة العقل ية ال ت ي سميها التكلمون أحوالً فتدرك الن سان الطلق ع ند مشاهدة ال س لش خص‬
‫إن سان مع ي و هو غ ي الش خص الشا هد فإن الشا هد ف مكان م صوص ولون م صوص ومقدار م صوص وو ضع‬
‫مصوص والنسان العقول الطلق مرد عن هذه المور بل يدخل فيه كل ما ينطلق عليه اسم النسان وإن ل يكن على‬
‫لون الشا هد وقدره ووض عه ومكا نه بل الذي ي كن وجوده ف ال ستقبل يد خل ف يه بل لو عدم الن سان يب قى حقي قة‬
‫الن سان ف الع قل مردا عن هذه الواص وهكذى كل ش يء شاهده ال س مشخ صا فيح صل م نه للع قل حقي قة ذلك‬
‫الش خص كليا مردا عن الواد والوضاع ح ت تنق سم أو صافه إل ما هو ذا ت كال سمية للش جر واليوان واليوان ية‬
‫للن سان وإل ما هو عر ضي له كالبياض والطول للن سان والش جر وي كم بكو نه ذاتيا وعرضيا على ج نس الن سان‬
‫والش جر و كل ما يدرك ل على الش خص الشا هد فدل أن الكلي الجرد عن القرائن الح سوسة معقولة عنده وثاب تة ف‬
‫عقله‪.‬‬
‫تردها عن القرائن الحسوسة تتعلق بالنفس الجردة وذلك الكلي العقول ل إشارة إليه ول وضع له ول مقدار فإما أن‬
‫يكون ترده عن الوضع والادة بالضافة إل الأخوذ منه وهو مال فإن الأخوذ منه ذو وضع وأين ومقدار وإما أن يكون‬
‫بالضافة إل الخذ وهو النفس العاقلة فينبغي أن ل يكون للنفس وضع ول إليه إشارة ول له مقدار وإل لو ثبت ذلك‬
‫لثبت للذي حل فيه‪ .‬اعتراضنا‪ :‬ما يل ف الس يل ف العقل ولكن مفصلً والعتراض أن العن الكلي الذي وضعتموه‬
‫حا ًل ف العقل غي مسلم بل ل يل ف العقل إل ما يل ف الس ولكن يل ف الس مموعا ول يقدر الس على‬
‫تفصيله والعقل يقدر على تفصيله‪ .‬ف العقل النسبة إل جيع الفردات نسبة واحدة ث إذا فصل كان الفصل الفرد عن‬
‫القرائن ف العقل ف كونه جزئيا كالقرون بقرائنه إل أن الثابت ف العقل يناسب العقول وأمثاله مناسبة واحدة فيقال إنه‬
‫كلي على هذا العن وهو أن ف العقل صورة العقول الفرد الذي أدركه الس أو ًل ونسبة تلك الصورة إل سائر آحاد‬
‫ذلك النس نسبة واحدة فإنه لو رأى إنسانا آخر ل يدث له هيئة أخرى كما إذا رأى فرسا بعد إنسان فإنه يدث فيه‬
‫صورتان متلفتان‪.‬‬
‫وم ثل هذا ف ال س وم ثل هذا قد يعرض ف مرد ال س فإن من رأى الاء ح صل ف خياله صورة فلو رأى الدم بعده‬
‫ح صلت صورة أخرى فلو رأى ماء آ خر ل تدث صورة أخرى بل ال صورة ال ت انطب عت ف خياله من الاء مثال ل كل‬
‫واحد من آحاد الياه فقد يظن أنه كلي بذا العن‪ .‬فكذلك إذا رأى اليد مثلً حصل ف اليال وف العقل وضع أجزائه‬
‫بعضها مع بعض وهو انبساط الكف وانقسام الصابع عليه وانتهاء الصابع على الظفار ويصل مع ذلك صغره وكبه‬
‫ولو نه‪ .‬فإن رأى يدا أخرى تاثله ف كل ش يء ل يتجدد له صورة أخرى بل ل تؤ ثر الشاهدة الثان ية ف إحداث ش يء‬
‫جد يد ف اليال ك ما إذا رأى الاء ب عد الاء ف إناء وا حد على قدر وا حد و قد يرى يدا أخرى تال فه ف اللون والقدر‬
‫فيحدث له لون آخر وقدر آخر ول يدث له صورة جديدة لليد فإن اليد الصغي السود يشارك اليد الكبي البيض ف‬
‫وضع الجزاء ويالفه ف اللون والقدر فما يساوي فيه الول ل تتجدد صورته إذ تلك الصورة هي هذه الصورة بعينها‬
‫وما يالفه يتجدد صورته‪ .‬وهذا ل يؤذن بثبوت كلي ف العقل ل وضع له أصلً فهذا معن الكلي ف العقل والس جيعا‬
‫فإن العقل إذا أدرك صورة السم من اليوان فل يستفيد من الشجر صورة جديدة ف السمية كما ف اليال بإدراك‬
‫صورة الاءين ف وقتي وكذى ف كل متشابي وهذا ل يؤذن بثبوت كلي ل وضع له أصلً‪ .‬على أن العقل قد يكم‬
‫بثبوت شيء ل إشارة إليه ول وضع كحكمه بوجود صانع العال ولكن من أين أن ذلك ل يتصور قيامه بسم وف هذا‬
‫القسم يكون النتزع عن الادة هو العقول ف نفسه دون العقل والعاقل‪ .‬فأما الأخوذ من الواد فوجهه ما ذكرناه‪.‬‬
‫مسألة ف إبطال قولم إن النفوس النسانية يستحيل عليها العدم بعد وجودها وأنا سرمدية ل يتصور فناؤها دليلهم‬
‫الول‪ :‬ل يكون بوت البدن أحده ا قول م إن عدم ها ل يلوا إ ما أن يكون بوت البدن أو ب ضد يطرى علي ها أو بقدرة‬
‫ل ل ا بل هو آلة ت ستعملها الن فس بوا سطة القوى ال ت ف البدن‬‫القادر‪ .‬وبا طل أن تنعدم بوت البدن فإن البدن ل يس م ً‬
‫وف ساد اللة ل يو جب ف ساد م ستعمل اللة إل أن يكون حالً في ها منطبعا كالنفوس البهيم ية والقوى ال سمانية ولن‬
‫ل بغي مشاركة اللة وفعلً بشاركتها فالفعل الذي لا بشاركة اللة التخيل والحساس والشهوة والغضب فل‬ ‫النفس فع ً‬
‫جرم يفسد بفساد البدن ويفوت بفواته وفعلها بذاتا دون مشاركة البدن إدراك العقولت الجردة عن الواد ول حاجة‬
‫ف كونه مدركا للمعقولت إل البدن بل الشتغال بالبدن يعوقها عن العقولت ومهما كان لا فعل دون البدن ووجود‬
‫دون البدن ل تفت قر ف قوام ها إل البدن‪ .‬ول بال ضد وبا طل أن يقال إن ا تنعدم بال ضد إذ الوا هر ل ضد ل ا ولذلك ل‬
‫ينعدم ف العال إل العراض والصور التعاقبة على الشياء إذ تنعدم صورة الائية بضدها وهو صورة الوائية والادة الت‬
‫هي الحل ل تنعدم قط وكل جوهر ليس ف مل فل يتصور عدمه بالضد إذ ل ضد لا ليس ف ول بالقدرة وباطل أن‬
‫يقال‪ :‬تفن بالقدرة إذ العدم ليس شيئا حت يتصور وقوعه بالقدرة وهذا عي ما ذكروه ف مسألة أبدية العال وقد قررناه‬
‫وتكلمنا عليه‪ .‬اعتراضنا الول‪ :‬راجع ما سبق والعتراض عليه من وجوه‪ :‬الول أنه بناء على أن النفس ل يوت بوت‬
‫البدن لنه ليس حا ًل ف جسم وهو بناء على السألة الول فقد ل نسلم ذلك‪ :‬اعتراضنا الثان‪ :‬حدوث النفس ل يكون‬
‫إل بدوث البدن الثان هو أنه ل يل البدن عندهم فله علقة بالبدن حت ل يدث إل بدوث البدن‪ .‬هذا ما اختاره ابن‬
‫سينا والحققون وأنكروا على أفل طن أن الن فس قدي ة ويعرض ل ا الشتغال بالبدان ب سلك برها ن م قق‪ .‬ك ما ت قق‬
‫المر و هو أن النفوس ق بل البدان إن كا نت واحدة فك يف انقسمت و ما ل ع ظم له ول مقدار ل يع قل انقسامه‪ .‬وإن‬
‫ز عم أ نه ل ينق سم ف هو مال إذ يعلم ضرورة أن ن فس ز يد غ ي ن فس عمرو ولو كا نت واحدة لكا نت معلومات ز يد‬
‫معلو مة لعمرو فإن العلم من صفات ذات الن فس و صفات الذات تد خل مع الذات ف كل إضا فة وإن كا نت النفوس‬
‫متكثرة فماذى تكثرت ول تتكثر بالواد ول بالماكن ول بالزمنة ول بالصفات إذ ليس فيها ما يوجب اختلف الصفة‬
‫بلف النفوس ب عد موت البدن فإن ا تتك ثر باختلف ال صفات ع ند من يرى بقاء ها لن ا ا ستفادت من البدان هيئات‬
‫متلفة ل تتماثل نفسان منها فإن هيئاتا تصل من الخلق والخلق قط ل تتماثل نفسان منها فإن هيئاتا تصل من‬
‫الخلق والخلق قط ل تتماثل كما أن اللق الظاهر قط ل يتماثل ولو تاثلت لشتبه علينا زيد بعمرو‪.‬‬
‫والنفس تتعلق بالبدن الخصوص ببعض الوسائط ومهما ثبت بكم هذا البهان حدوثه عند حدوث النطفة ف الرحم‬
‫واستعداد مزاجها لقبول النفس الدبرة ث قبلت النفس ل لنا نفس فقط إذ قد تستعد ف رحم واحد نطفتان لتوأمي ف‬
‫حالة واحدة للقبول فيتعلق بما نفسان يدثان من البدأ الول بواسطة أو بغي واسطة ول يكون نفس هذا مدبرا لسم‬
‫ذاك ول نفعس ذاك مدبرا لسعم هذا فليعس الختصعاص إل لعلقعة خاصعة بيع النفعس الخصعوص وبيع ذلك البدن‬
‫الخصوص وإل فل يكون بدن أحد التوأمي بقبول هذه النفس أول من الخر وإل فقد حدثت نفسان معا واستعدت‬
‫نطفتان لقبول التدبي معا‪ .‬فإذا بطل البدن انعدمت النفس فما الخصص فإن كان ذلك الخصص هو النطباع فيه فيبطل‬
‫ببطلن البدن وإن كان ث و جه آ خر به العل قة ب ي هذه الن فس على ال صوص وب ي هذا البدن على ال صوص ح ت‬
‫كا نت تلك العل قة شرطا ف حدو ثه فأي ب عد ف أن تكون شرطا ف بقاءه فإذا انقط عت العل قة انعد مت الن فس ث ل‬
‫يعود وجود ها إل بإعادة ال سبحانه وتعال على سبيل الب عث والنشور ك ما ورد به الشرع ف العاد‪ .‬قد يقال‪ :‬لي ست‬
‫هذه العلقة إل بطريق الشوق فإن قيل‪ :‬أما العلقة بي النفس والبدن فل يس إل بطريق نزاع طبيعي وشوق جبلي خلق‬
‫في ها إل هذا البدن خا صة يشغل ها ذلك الشوق ب ا عن غيه من البدان ول يلي ها ف ل ظة فتبقى مقيدة بذلك الشوق‬
‫البلي بالبدن العي مصروفا عن غيه‪ .‬وذلك ل يوجب فساده بفساد البدن الذي هو مشتاق بالبلة إل تدبيه‪ .‬نعم قد‬
‫يبقعى ذلك الشوق بععد مفارقعة البدن إن اسعتحكم فع اليوة اشتغالاع بالبدن وإعراضهعا ععن كسعر الشهوات وطلب‬
‫العقولت فيتأذى بذلك الشوق مع فوات اللة الت الشوق إل مقتضاها‪.‬‬
‫وبناسبة تفى علينا وأما تعي نفس زيد لشخص زيد ف أول الدوث فلسبب ومناسبة بي البدن والنفس ل مالة حت‬
‫يكون هذا البدن مثلً أصلح لذه النفس من الخر لزيد مناسبة بينهما فترجح اختصاصه وليس ف القوة البشرية إدراك‬
‫خصوص تلك الناسبات وعدم اطلعنا على تفصيله ل يشككنا ف أصل الاجة إل مصص ول يضرنا أيضا ف قولنا إن‬
‫الن فس ل تف ن بفناء البدن‪ .‬جواب نا‪ :‬قد تكون على و جه يوج الن فس ف بقائ ها قل نا‪ :‬مه ما غا بت النا سبة ع نا و هي‬
‫القتض ية للخت صاص فل يبعد أن تكون تلك الناسبة الجهولة على و جه يوج النفس ف بقائ ها إل بقاء البدن حت إذا‬
‫فسد فسدت فإن الجهول ل يكن الكم عليه بأنه يقتضي التلزم أم ل فلعل تلك النسبة ضرورية ف وجود النفس فإن‬
‫انعد مت انعد مت فل ث قة بالدل يل الذي ذكروه‪ .‬اعتراض نا الثالث‪ :‬تنعدم بقدرة ال العتراض الثالث هو أ نه ل يب عد أن‬
‫يقال‪ :‬تنعدم بقدرة ال تعال ك ما قررناه ف م سألة سرمدية العال‪ .‬اعتراض نا الرا بع‪ :‬ل عل هناك طرق غي ها العتراض‬
‫الرابع هو أن يقال‪ :‬ذكرت أن هذه الطرق الثلث ف العدم تنحسم فهو مسلم‪ .‬فما الدليل على أن عدم الشيء ل يتصور‬
‫إل بطريق من هذه الطرق الثلث فإن التقسيم إذا ل يكن دائرا بي النفي والثبات فل يبعد أن يزيد على الثلث والربع‬
‫فلعل للعدم طريقا رابعا وخامسا سوى ما ذكرتوه فحصر الطرق ف هذه الثلث غي معلوم بالبهان‪ .‬دليلهم الثان‪ :‬كل‬
‫جوهر يستحيل عليه العدم دليل ثان وعليه تعويلهم أن قالوا‪ :‬كل جوهر ليس ف مل فيستحيل عليه العدم بل البسائط ل‬
‫تنعدم قط‪ .‬وهذا الدليل يثبت فيه أولً أن موت البدن ل يوجب انعدامه لا سبق‪.‬‬
‫ما ينعدم ففيه قوة الفساد وحامله يبقى فبعد ذلك يقال‪ :‬يستحيل أن ينعدم بسبب آخر بسبب آخر لن كل ما ينعدم‬
‫ب سبب ما أي سبب كان فف يه قوة الف ساد أي إمكان العدم سابق على النعدام ك ما أن ما يطرى وجوده من الوادث‬
‫فيكون إمكان الوجود سعابقا على الوجود ويسعمى إمكان الوجود قوة الوجود وإمكان العدم قوة الفسعاد‪ .‬وكمعا أن‬
‫إمكان الوجود وصف إضاف ل يقوم إل بشيء حت يكون إمكانا بالضافة إليه فكذلك إمكان العدم ولذلك قيل إن كل‬
‫حادث فيفتقر إل مادة سابقة يكون فيها إمكان وجود الادث وقوته كما سبق ف مسألة قدم العال فالادة الت فيها قوة‬
‫الوجود قابلة للوجود الطاري والقابل غي القبول فيكون القابل موجودا مع القبول عند طريانه وهو غيه‪ .‬فكذلك قابل‬
‫العدم ينبغي أن يكون موجودا عند طريان العدم حت يعدم منه شيء كما وجد فيه شيء ويكون ما عدم غي ما بقي‬
‫ويكون ما بقي هو الذي فيه قوة العدم وقبوله وإمكانه كما أن ما بقي عند طريان الوجود يكون غي ما طرى وقد كان‬
‫ما ف يه قوة قبول الطاري‪ .‬و هو كالادة فيلزم أن يكون الش يء الذي طرى عل يه العدم مركبا من ش يء انعدم و من قا بل‬
‫للعدم ب قي مع طريان العدم و قد كان هو حا مل قوة العدم ق بل طريان العدم ويكون حا مل القوة كالادة والنعدم من ها‬
‫كالصورة‪.‬‬

‫لكن النفس غي مركبة ولكن النفس بسيطة وهي صورة مردة عن الادة ل تركيب فيها فإن فرض فيها تركيب من‬
‫صورة ومادة فنحن ننقل البيان إل الادة الت هي السنخ والصل الول إذ ل بد وأن ينتهي إل أصل فنحيل العدم على‬
‫ذلك الصل وهو السمى نفسا كما نيل العدم على مادة الجسام فإنا أزلية أبدية إنا تدث عليها الصور وتنعدم منها‬
‫الصور وفيها قوة طريان الصور عليها وقوة انعدام الصور منها فإنا قابلة للضدين على السواء وقد ظهر من هذا الوجود‬
‫أن كل موجود أحدى الذات ي ستحيل عل يه العدم‪ .‬إن قوة الوجود للش يء يكون لغ ي ذلك الش يء وي كن تفه يم هذا‬
‫بصيغة أخرى وهو أن قوة الوجود للشيء يكون قبل وجود الشيء فيكون لغي ذلك الشيء ول يكون نفس قوة الوجود‪.‬‬
‫بيا نه أن ال صحيح الب صر يقال أ نه ب صي بالقوة أي ف يه قوة الب صار ومعناه أن ال صفة ال ت ل بد من ها ف الع ي لي صح‬
‫البصار موجودة فإن تأخر البصار فلتأخر شرط آخر فيكون قوة البصار للسواد مثلً موجودا للعي قبل إبصار السواد‬
‫بالفعل فإن حصل إبصار السواد بالفعل ل يكن قوة إبصار ذلك السواد موجودا عند وجود ذلك البصار إذ ل يكن أن‬
‫يقال‪ :‬مه ما ح صل الب صار ف هو مع كو نه موجودا بالف عل موجود بالقوة بل قوة الوجود لو انعدم الش يء الب سيط‬
‫لجتمع ف الشيء الواحد قوة الوجود مع حصول الوجود وإذا ثبتت هذه القدمة فنقول‪ :‬لو انعدم الشيء البسيط لكان‬
‫ل فإن ما أم كن عدمه‬‫ل لذلك الشيء و هو الراد بالقوة فيكون إمكان الوجود أيضا حا ص ً‬ ‫إمكان العدم قبل العدم حا ص ً‬
‫فليس واجب الوجود فهو مكن الوجود ول نعن بقوة الوجود إل إمكان الوجود فيؤدي إل أن يتمع ف الشيء الواحد‬
‫قوة وجود نفسه مع حصول وجوده بالفعل ويكون وجوده بالفعل هو عي قوة الوجود وقد بينا أن قوة البصار تكون‬
‫ف العي الت هي غي البصار ول تكون ف نفس البصار إذ يؤدي إل أن يكون الشيء بالقوة والفعل وها متناقضان بل‬
‫مهما كان الشيء بالقوة ل يكن بالفعل ومهما كان بالفعل ل يكن بالقوة وف إثبات قوة العدم للبسيط قبل العدم إثبات‬
‫لقوة الوجود ف حالة الوجود وهو مال‪ .‬راجع ما سبق ف مسألة أزلية العال وهذا بعينه هو الذي قررناه لم ف مصيهم‬
‫إل ا ستحالة حدوث الادة والعنا صر وا ستحالة عدم ها ف م سألة أزل ية العال وأبدي ته ومن شأ التلب يس وضع هم المكان‬
‫وصفا مستدعيا ملً يقوم به‪ .‬وقد تكمنا عليه با فيه مقنع فل نعيد فإن السألة هي السألة فل فرق بي أن يكون التكلم‬
‫فيه جوهر مادة أو جوهر نفس‪.‬‬
‫م سألة ف إبطال إنكار هم لب عث الج ساد ورد الرواح إل البدان ووجود النار ال سمانية ووجود ال نة والور الع ي‬
‫وسائر ما وعد به الناس وقولم إن كل ذلك أمثلة ضربت لعوام اللق لتفهيم ثواب وعقاب روحانيي ها أعلى رتبة من‬
‫ال سمانية و هو مالف لعتقاد ال سلمي كا فة‪ .‬فلنقدم تفه يم معتقد هم ف المور الخرو ية ث لنعترض على ما يالف‬
‫السلم من جلته‪ .‬قولم‪ :‬اللذة السرمدية ل تكون إل بالعلم والعمل وقد قالوا إن النفس تبقى بعد الوت بقاء سرمديا‬
‫إما ف لذة ل ييط الوصف با لعظمها وإما ف أل ل ييط الوصف به لعظمه ث قد يكون ذلك الل ملدا وقد ينمحى‬
‫على طول الزمان‪ .‬ث تتفاوت طبقات الناس ف درجات الل واللذة تفاوتا غي مصور كما يتفاوتون ف الراتب الدنيوية‬
‫ولذاتاع تفاوتا غيع مصعور واللذة السعرمدية للنفوس الكاملة الزكيعة والل السعرمدي للنفوس الناقصعة اللطخعة والل‬
‫النقضعي للنفوس الكاملة اللطخعة فل تنال السععادة الطلقعة إل بالكمال والتزكيعة والطهارة والكمال بالعلم والزكاء‬
‫بالعمل‪.‬‬

‫تلتذ بما القوة العقلية ووجه الاجة إل العلم أن القوة العقلية غذاؤها ولذتا ف درك العقولت كما أن القوة الشهوانية‬
‫لذتا ف نيل الشتهى والقوة البصرية لذتا ف النظر إل الصور الميلة وكذلك سائر القوى‪ .‬وإنا ينعها من الطلع على‬
‫العقولت البدن وشواغله وحوا سه وشهوا ته‪ .‬والن فس الاهلة ف اليوة الدن يا حق ها أن تتأل بفوات لذة الن فس ول كن‬
‫الشتغال بالبدن ينسيه نفسه ويلهيه عن أله كالائف ل يس بالل وكالدر ل يس بالنار فإذا بقيت ناقصة حت انط‬
‫عنه شغل البدن كان ف صورة الدر إذا عرض على النار فل يس بالل فإذا زال الدر شعر بالبل العظيم دفعة واحدة‬
‫هجوما‪ .‬والبدن يشغل عنها والنفوس الدركة للمعقولت قد تلتذ با التذاذا خفيا قاصرا عما يقتضيه طباعه وذلك أيضا‬
‫لشوا غل البدن وأنس الن فس بشهوات ا‪ .‬ومثاله مثال الر يض الذي ف ف يه مرارة يستبشع الش يء الطيب اللو ويستهجن‬
‫الغذاء الذي هو أت أسباب اللذة ف حقه فل يتلذذ به لا عرض من الرض‪.‬‬
‫فإذا انط عنها أعباء البدن أدركت اللذة دفعة فالنفوس الكاملة بالعلوم إذا انط عنها أعباء البدن وشواغله بالوت كان‬
‫مثاله مثال من عرض للط عم اللذ والذوق الط يب وكان به عارض مرض ين عه من الدراك فزال العارض فأدرك اللذة‬
‫العظيمة دفعة‪ .‬أو مثال من اشتد عشقه ف حق شخص فضاجعه ذلك الشخص وهو نائم أو مغمى عليه أو سكران فل‬
‫يس به فتنبه فجأة فيشعر بلذة الوصال بعد طول النتظار دفعة واحدة‪ .‬اللذات الروحانية تفهم بالسمانية وهذه اللذات‬
‫حقية بالضافة إل اللذات الروحانية العقلية إل أنه ل يكن تفهيمه إل بأمثلة ما شاهدها الناس ف هذه اليوة وهذا كما‬
‫أنا لو أردنا أن نفهم الصب أو العني لذة الماع ل نقدر عليه إل بأن نثله ف حق الصب باللعب الذي هو ألذ الشياء‬
‫عنده وف حق العني بلذة الكل الطيب مع شدة الوع ليصدق بأصل وجود اللذة ث يعلم أن ما فهمه بالثال ليس يقق‬
‫عنده لذة الماع وأن ذلك ل يدرك إل بالذوق‪ .‬وهذه أحعط معن الول‪ :‬لعدم وجودهعا فع اللئكعة والدليعل على أن‬
‫اللذات العقل ية أشرف من اللذات ال سمانية أمران‪ :‬أحده ا أن حال اللئ كة أشرف من حال ال سباع والناز ير من‬
‫البهائم وليس لا اللذات السية من الماع والكل وإنا لا لذة الشعور بكمالا وجالا الذي خص با ف نفسها ف‬
‫اطلعها على حقائق الشياء وقربا من رب العالي ف الصفات ل ف الكان وف رتبة الوجود فإن الوجودات حصلت‬
‫من ال على ترتيب وبوسائط فالذي يقرب من الوسائط رتبته ل مالة أعلى‪.‬‬

‫ولكن النسان يفضلها على غيها والثان أن النسان أيضا قد يؤثر اللذات العقلية على السية فإن من يتمكن من غلبة‬
‫عدو والشماتة به يهجر ف تصيله ملذ النكحة والطعمة بل قد يهجر الكل طول النهار ف لذة غلبة الشطرنج والنرد‬
‫مع خسة المر فيه ول يس بأل الوع‪ .‬وكذلك التشوف إل الشمة والرئاسة يتردد بي انرام حشمته بقضاء الوطر‬
‫ل بيث يعرفه غيه وينتشر عنه فيصون الشمة ويترك قضاء الوطر ويستحقر ذلك مافظة على ماء الوجه‬ ‫من عشيقته مث ً‬
‫فيكون ذلك ل مالة ألذ عنده بل ربا يهجم الشجاع على جم غفي من الشجعان مستحقرا خطر الوت شغفا با يتوهه‬
‫بعد الوت من لذة الثناء والطراء عليه‪ .‬فالفضلية‪ :‬هي للذات العقلية الخروية فإذن اللذات العقلية الخروية أفضل من‬
‫اللذات السية الدنيوية ولول ذلك لا قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أعددت لعبادي الصالي ما ل عي رأت ول‬
‫أذن سعت ول خ طر على قلب ب شر‪ .‬وقال تعال‪ " :‬ل تعلم ن فس ما أخ في ل م من قرة أع ي " فهذا و جه الا جة إل‬
‫العلم‪ .‬بعض العلوم نافعة والنافع من جلته العلوم العقلية الحضة وهي العلم بال وصفاته وملئكته وكتبه وكيفية وجود‬
‫الشياء م نه و ما وراء ذلك إن كان و سيلة إل يه ف هو نا فع لجله وإن ل ي كن و سيلة إل يه كالن حو والل غة والش عر وأنواع‬
‫العلوم الفترقة فهي صناعات وحرف كسائر الصناعات‪.‬‬

‫النفعس الواظبعة على الشهوات تنال الذى وأمعا الاجعة إل العمعل والعبادة فلزكاء النفعس فإن النفعس فع هذا البدن‬
‫مصدود عن درك حقائق الشياء ل لكونه منطبعا ف البدن بل لشتغاله ونزو عه إل شهواته وشوقه إل مقتضياته وهذا‬
‫النوع والشوق هيئة للنفعس تترسعخ فيهعا وتتمكعن منهعا بطول الواظبعة على اتباع الشهوات والثابرة على النعس‬
‫بالحسوسات الستلذة فإذا تكنت من النفس فمات البدن كانت هذه الصفات متمكنه من النفس ومؤذية من وجهي‪.‬‬
‫فتكون عاجزة عن التصال باللئكة أحدها أنا تنعها عن لذتا الاصة با وهو التصال باللئكة والطلع على المور‬
‫الميلة اللية ول يكون معه البدن الشاغل فيلهيه عن التأل كما قبل الوت‪ .‬وعن اللذة السمانية والثان أنه يبقى معه‬
‫الرص واليل إل الدنيا وأسبابا ولذاتا وقد استلب منه اللة فإن البدن هو اللة للوصول إل تلك اللذات فيكون حاله‬
‫حال من ع شق امرأة وألف رئا سة وا ستأنس بأولد وا ستروح إل مال وابت هج بش مة فق تل معشو قه وعزل عن رئا سته‬
‫وسب أولده ونساؤه وأخذ أمواله أعداؤه وأسقط بالكلية حشمته فيقاسي من الل ما ل يفى وهو ف هذه اليوة غي‬
‫منقطع المل عن عود أمثال هذه المور فإن الدنيا غاد ورائح فكيف إذا انقطع المل فالول أن يعرض عن الدنيا ول‬
‫ينجي عن التضمخ بذه اليئات إل كف النفس عن الوى والعراض عن الدنيا والقبال بكنه الد على العلم والتقوى‬
‫حت تنقطع علئقه عن المور الدنيوية وهو ف الدنيا وتستحكم علقته مع المور الخروية فإذا مات كان كالتخلص‬
‫عن سجن فالواصل إل جيع مطالبه فهو جنته‪ .‬لكن الضرورات البدنية جاذبة إليها ول يكن سلب جيع هذه الصفات‬
‫عن النفس وموها بالكلية فإن الضرورات البدنية جاذبة إليها إل أنه يكن تضعيف تلك العلقة ولذلك قال تعال‪ " :‬وإن‬
‫منكم إل واردها كان على ربك حتما مقضيا "‪ .‬إل أنه إذا ضعفت العلقة ل تشتد نكاية فراقها وعظم اللتذاذ با اطلع‬
‫عليه عند الوت من المور اللية فأماط أثر مفارقة الدنيا والنوع إليها على قرب كمن يستنهض من وطنه إل منصب‬
‫عظ يم وملك مرت فع ف قد ترق نف سه حالة الفراق على أهله ووط نه فيتأذى أذى ما ول كن ينم حى ب ا ي ستأنفه من لذة‬
‫البتهاج باللك والرئا سة‪ .‬ولذلك ورد الشرع بالتو سط ف الخلق وإذا ل ي كن سلب هذه ال صفات ورد الشرع ف‬
‫الخلق بالتوسط بي كل طرفي متقابلي لن الاء الفاتر ل حار ول بارد فكأنه بعيد عن الصفتي فل ينبغي أن يبالغ ف‬
‫إم ساك الال في ستحكم ف يه حرص الال ول ف النفاق فيكون مبذرا ول أن يكون متنعا عن كل المور فيكون جبانا‬
‫ول منهمكا ف كل أمر فيكون متهورا بل يطلب الود فإنه الوسط بي البخل والتبذير والشجاعة فإنا الوسط بي الب‬
‫والتهور وكذلك ف جيع الخلق وعلم الخلق طويل والشريعة بالغت ف تفصيلها ول سبيل ف تذيب الخلق إل‬
‫براعاة قانون الشرع ف العمل حت ل يتبع النسان هواه فيكون قد اتذ إله هواه بل يقلد الشرع فيقدم ويجم بإشارته‬
‫ل باختياره فتتهذب به أخلقه‪.‬‬

‫فمنهم من يكونون تعساء ومنهم سعداء على وجه كامل أو غي كامل ومن عدم هذه الفضيلة ف اللق والعلم جيعا‬
‫فهو الالك ولذلك قال تعال‪ " :‬قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها "‪ .‬ومن جع الفضيلتي العلمية والعملية فهو‬
‫العارف العا بد و هو ال سعيد الطلق و من له الفضيلة العلم ية دون العمل ية ف هو العال الفا سق ويتعذب مدة ول كن ل يدوم‬
‫لن نفسعه قعد كمعل بالعلم ولكعن العوارض البدنيعة لطختعه تلطيخا عارضا على خلف جوهعر النفعس وليعس تتجدد‬
‫ال سباب الجددة فينم حى على طول الزمان و من له الفضيلة العمل ية دون العلم ية في سلم وين جو عن الل ول ي ظى‬
‫بالسعادة الكاملة‪ .‬وزعموا أن من مات فقد قامت قيامته‪ .‬ف الشرع صور وأما ما ورد ف الشرع من الصور فالقصد‬
‫ضرب المثال لق صور الفهام عن درك هذه اللذات فم ثل ل م ما يفهمون ث ذ كر ل م أن تلك اللذات فوق ما و صف‬
‫لم‪ .‬فهذا مذهبهم‪ .‬جوابنا‪ :‬أكثر المور صحيحة ولكن ل تعرف إل بالشرع ونن نقول‪ :‬أكثر هذه المور ليس على‬
‫مالفة الشرع فإنا ل ننكر أن ف الخرة أنواع من اللذات أعظم من الحسوسات ول ننكر بقاء النفس عند مفارقة البدن‬
‫ولكنا عرفنا ذلك بالشرع إذ ورد بالعاد ول يفهم العاد إل ببقاء النفس وإنا أنكرنا عليهم من قبل دعواهم معرفة ذلك‬
‫بجرد العقل‪.‬‬
‫فالشرع يعلم نا ح شر الج ساد ول كن الخالف للشرع من ها إنكار ح شر الج ساد وإنكار اللذات ال سمانية ف ال نة‬
‫واللم ال سمانية ف النار وإنكار وجود ج نة ونار ك ما و صف ف القرآن‪ .‬ف ما الا نع من تق يق ال مع ب ي ال سعادتي‬
‫الروحانية والسمانية وكذى الشقاوة وقوله‪ :‬ل تعلم نفس ما أخفي لم أي ل يعلم جيع ذلك‪ .‬وقوله‪ :‬أعددت لعبادي‬
‫ال صالي ما ل ع ي رأت فكذلك وجود تلك المور الشري فة ل يدل على ن في غي ها بل ال مع ب ي المر ين أك مل‬
‫والوعود أكمل المور وهو مكن فيجب التصديق به على وفق الشرع‪ .‬قد يقال‪ :‬هذه أمثال فإن قيل‪ :‬ما ورد فيه أمثال‬
‫ضربت على حد أفهام اللق كما أن الوارد من آيات التشبيه وإخباره أمثال على حد فهم اللق والصفات اللية مقدسة‬
‫عما ييله عامة الناس‪ .‬قولنا‪ :‬ل مل للتأويل والواب أن التسوية بينهما تكم بل ها يفترقان من وجهي‪ :‬أحدها أن‬
‫اللفاظ الواردة ف الت شبيه تتمل التأو يل على عادة العرب ف ال ستعارة و ما ورد ف و صف ال نة والنار وتفصيل تلك‬
‫الحوال بلغ مبلغا ل يتمل التأويل فل يبقى إل خل الكلم على التلبيس بتخييل نقيض الق ول للستحالة والثان أن‬
‫أدلة العقول دلت على استحالة الكان والهة والصورة ويد الارحة وعي الارحة وإمكان النتقال والستقرار على ال‬
‫سبحانه فوجب التأويل بأدلة العقول وما وعد من المور الخرة ليس ما ًل ف قدرة ال تعال فيجب الري على ظاهر‬
‫الكلم بل على فحواه الذي هو صريح فيه‪ .‬قولم‪ :‬هناك أمور مالة فإن قيل‪ :‬وقد دل الدليل العقلي على استحالة بعث‬
‫الجساد كما دل على استحالة تلك الصفات على ال تعال‪ .‬فنطالبهم بإظهاره‪ .‬ولم فيه مسالك مسلكهم الول‪ :‬إما‬
‫أن يعاد البدن والياة السلك الول قولم‪ :‬تقدير العود إل البدان ل يعدوا ثلثة أقسام‪ .‬إما أن يقال‪ :‬النسان عبارة عن‬
‫البدن واليوة الت هي عرض قائم به كما ذهب إليه بعض التكلمي وأن النفس الت هي قائم بنفسه ومدبر للجسم فل‬
‫وجود له ومعن الوت انقطاع اليوة أي امتناع الالق عن خلقها فتنعدم والبدن أيضا ينعدم ومعن العاد إعادة ال للبدن‬
‫الذي انعدم ورده إل الوجود وإعادة اليوة ال ت انعد مت أو يقال‪ :‬مادة البدن تب قى ترابا ومع ن العاد أن ي مع وير كب‬
‫على شكل آدمي ويلق فيه اليوة ابتداء فهذا قسم‪.‬‬
‫إ ما أن ترد الن فس إل البدن وإ ما أن يقال‪ :‬النفس موجود ويب قى ب عد الوت ولكن يرد البدن الول بمع تلك الجزاء‬
‫بعينها وهذا قسم‪ .‬إما أن ترد النفس إل بدن أيا كان وإما أن يقال‪ :‬يرد النفس إل بدن سواء كان من تلك الجزاء أو‬
‫من غيها ويكون العائد ذلك النسان من حيث أن النفس تلك النفس فأما الادة فل التفات إليها إذ النسان ليس إنسانا‬
‫با بل بالنفس‪ .‬وهذه القسام الثلثة باطلة‪ .‬وهذه الثلثة باطلة أما الول فظاهر البطلن لنه مهما انعدمت اليوة والبدن‬
‫فا ستئناف خلق ها إياد ل ثل ما كان ل لع ي ما كان بل العود الفهوم هو الذي يفرض ف يه بقاء ش يء وت د ش يء ك ما‬
‫يقال‪ :‬فلن عاد إل النعام أي أن النعم باق وترك النعام ث عاد إليه أي عاد إل ما هو الول بالنس ولكنه غيه بالعدد‬
‫فيكون عودا بالقيقعة إل مثله ل إليعه‪ .‬ويقال‪ :‬فلن عاد إل البلد أي بقعي موجودا خارجا وقعد كان له كون فع البلد‬
‫فعاد إل مثعل ذلك فإن ل يكعن شيعء باق وشيئان متعددان متماثلن يتخللهمعا زمان ل يتعم اسعم العود إل أن يسعلك‬
‫مذ هب العتزلة فيقال‪ :‬العدوم ش يء ثا بت والوجود حال يعرض له مرة وينق طع تارة ويعود أخرى فيتح قق مع ن العود‬
‫باعتبار بقاء الذات ولك نه ر فع للعدم الطلق الذي هو الن في ال حض و هو إثبات للذات م ستمرة الثبات إل أن يعود إل يه‬
‫الوجود وهو مال‪.‬‬
‫فل يعود النسان بعينه وإن احتال ناصر هذا القسم بأن قال‪ :‬تراب البدن ل يفن فيكون باقيا فتعود إليه اليوة‪ .‬فنقول‬
‫ع ند ذلك ي ستقيم أن يقال‪ :‬عاد التراب حيا ب عد أن انقط عت اليوة ع نه مرة ول يكون ذلك عودا للن سان ول رجوع‬
‫ذلك الن سان بعي نه لن الن سان إن سان ل باد ته والتراب الذي ف يه إذ يتبدل عل يه سائر الجزاء أو أكثر ها بالغذاء و هو‬
‫ذاك الول بعي نه ف هو باعتبار رو حه أو نف سه فإذا عد مت اليوة أو الروح ف ما عدم ل يع قل عوده وإن ا ي ستأنف مثله‬
‫ومه ما خلق ال حيوة إن سانية ف تراب ي صل من بدن ش جر أو فرس أو نبات كان ذلك ابتداء خلق الن سان فالعدوم‬
‫قط ل يعقل عوده والعائد هو الوجود أي عاد إل حالة كانت له من قبل أي إل مثل تلك الالة فالعائد هو التراب إل‬
‫صفة اليوة‪ .‬ول يس الن سان قائما ببد نه ول يس الن سان ببد نه إذ قد ي صي بدن الفرس غذاء الن سان فيتخلق م نه نط فة‬
‫يصل منها إنسان فل يقال‪ :‬الفرس انقلب إنسانا بل الفرس فرس بصورته ل بادته وقد انعدمت الصورة وما بقي إل‬
‫الادة‪.‬‬
‫وأما الثان فل يكن أن يرد البدن الفاسد وأما القسم الثان وهو تقدير بقاء النفس ورده إل ذلك البدن بعينه فهو لو‬
‫تصور لكان معادا أي عودا إل تدبي البدن بعد مفارقته ولكن مال إذ بدن اليت ينحل ترابا أو تأكله الديدان والطيور‬
‫ويسعتحيل دما وبارا وهواء ويتزج بواء العال وباره ومائه امتزاجا يبععد انتزاععه يسعتقبح جعع أجزاء اليعت وحدهعا‬
‫ول كن إن فرض ذلك اتكا ًل على قدرة ال فل يلوا إ ما أن ي مع الجزاء ال ت مات علي ها ف قط فينب غي أن يكون معاد‬
‫القطع ومذوع النف والذن وناقص العضاء كما كان وهذا مستقبح ل سيما ف أهل النة وهم الذين خلقوا ناقصي‬
‫فع ابتداء الفترة فإعادتمع إل معا كانوا عليعه معن الزال عنعد الوت فع غايعة النكال‪ .‬هذا إن اقتصعر على جعع الجزاء‬
‫الوجودة عند الوت‪ .‬ول يكن جع جيع الجزاء الت كانت ف طول عمره وإن جع جيع أجزائه الت كانت موجودة‬
‫ف جيع عمره فيه فهو مال من وجهي‪ :‬أحدها أن النسان إذا تغذى بلحم إنسان وقد جرت العادة به ف بعض البلد‬
‫ويكثعر وقوععه فع أوقات القحعط فيتعذر حشرهاع جيعا لن مادة واحدة كانعت بدنا للمأكول وصعارت بالغذاء بدنا‬
‫ل فإ نه ث بت‬
‫لل كل ول ي كن رد نف سي إل بدن وا حد‪ .‬والثا ن أ نه ي ب أن يعاد جزء وا حد كبدا وقلبا ويدا ورج ً‬
‫بالصعناعة الطبيعة أن الجزاء العضويعة يغتذي بعضهعا بفضلة غذاء البععض فيتغذى الكبعد بأجزاء القلب وكذلك سعائر‬
‫العضاء‪ .‬فنفرض أجزاء معي نة قد كا نت مادة لملة من العضاء فإل أي ع ضو تعاد بل ل يتاج ف تقر ير ال ستحالة‬
‫الول إل أ كل الناس الناس فإ نك إذا تأملت ظا هر التر بة العمورة عل مت ب عد طول الزمان أن تراب ا ج ثث الو تى قد‬
‫تتر بت وزرع في ها وغرس و صار حبا وفاك هة وتناول ا الدواب ف صارت لما وتناولنا ها فعادت بدنا ل نا ف ما من مادة‬
‫يشار إليها إل وقد كانت بدنا لناس كثية فاستحالت وصارت ترابا ث نباتا ث لما ث حيوانا‪ .‬بل يلزم منه مال ثالث‬
‫وهو أن النفوس الفارقة للبدان غي متناهية والبدان أجسام متناهية فل تفي الواد الت كانت مواد النسان بأنفس الناس‬
‫كلهم بل تضيق عنهم‪.‬‬
‫وأما الثالث فهو مال فالنفس هي متناهية وأما القسم الثالث وهو رد النفس إل بدن إنسان من أي مادة كانت وأي‬
‫تراب اتفق فهذا مال من وجهي‪ :‬أحدها أن الواد القابلة للكون والفساد مصورة ف مقعر فلك القمر ل يكن عليها‬
‫مزيد وهي متناهية والنفس الفارقة للبدان غي متناهية فل تفي با‪ .‬فليس هناك طرق مقبولة والثان أن التراب ل يقبل‬
‫تدبي النفس ما بقي ترابا بل ل بد وأن تتزج العناصر امتزاجا يضاهي امتزاج النطفة بل الشب والديد ل يقبل هذا‬
‫التدب ي ول ي كن إعادة الن سان وبد نه من خ شب أو حد يد بل ل يكون إن سانا إل إذا انق سم أعضاء بد نه إل الل حم‬
‫والعظم والخلط ومهما استعد البدن والزاج لقبول نفس استحق من البادئ الواهبة للنفوس حدوث نفس فيتوارد على‬
‫البدن الواحد نفسان‪ .‬ول يسلم بالتناسخ وبذا بطل مذهب التناسخ وهذا الذهب هو عي التناسخ فإنه رجع إل اشتغال‬
‫الن فس ب عد خل صها من البدن بتدب ي بدن آ خر غ ي البدن الول‪ .‬فال سلك الذي يدل على بطلن التنا سخ يدل على‬
‫بطلن هذا السلك‪.‬‬
‫اعتراضنا أن نتار القسم الثالث وهو ل يالف الشرع والعتراض هو أن يقال‪ :‬ب تنكرون على من يتار القسم الخي‬
‫ويرى أن النفس باقية بعد الوت وهو جوهر قائم بنفسه وأن ذلك ل يالف الشرع بل دل عليه الشرع ف قوله‪ " :‬ول‬
‫تسب الذين قتلوا ف سبيل ال أمواتا بل أحياء عند ربم " وبقوله عليه السلم‪ :‬أرواح الصالي ف حواصل طي خضر‬
‫معلقة تت العرش وبا ورد من الخبار بشعور الرواح بالصدقات واليات وسؤال منكر ونكي وعذاب القب وغيه‬
‫وكل ذلك يدل على البقاء‪ .‬وفيه عود مقق نعم قد دل مع ذلك على البعث والنشور بعده هو بعث البدن‪ .‬وذلك مكن‬
‫بردها إل بدن أي بدن كان سواء كان من مادة البدن الول أو من غيه أو من مادة استؤنف خلقها فإنه هو بنفسه ل‬
‫ببد نه إذ يتبدل عل يه أجزاء البدن من ال صغر إل ال كب بالزال وال سمن وتبدل الغذاء ويتلف مزا جه مع ذلك و هو ذلك‬
‫النسعان بعينعه فهذا مقدور ل ويكون ذلك عودا لذلك النفعس فإنعه كان قعد تعذر عليعه أن يظعى باللم واللذات‬
‫السمانية بفقد اللة وقد أعيدت إليه آلة مثل الول فكان ذلك عودا مققا‪.‬‬

‫النفوس ليست غي متناهية وما ذكرتوه من استحالة هذا بكون النفوس غي متناهية وكون الواد متناهية مال ل أصل له‬
‫فإنعه بناء على قدم العال وتعاقعب الدوار على الدوام ومعن ل يعتقعد قدم العال فالنفوس الفارقعة للبدان عنده متناهيعة‬
‫وليست أكثر من الواد الوجودة وإن سلم أنا أكثر فال تعال قادر على اللق واستئناف الختراع وإنكاره إنكار لقدرة‬
‫ال على الحداث‪ .‬وقد سبق إبطاله ف مسألة حدث العال‪ .‬أما التناسخ فل مشاحة ف الساء وأما إحالتكم الثانية بأن‬
‫هذا تناسخ فل مشاحة ف الساء فما ورد الشرع به يب تصديقه فليكن تناسخا وإنا نن ننكر التناسخ ف هذا العال‪.‬‬
‫فأ ما الب عث فل ننكره سي تنا سخا أو ل ي سم‪ .‬وال قادر على تدب ي ال مر وقول كم إن كل مزاج ا ستعد لقبول ن فس‬
‫استحق حدوث نفس من البادئ رجوع إل أن حدوث النفس بالطبع ل بالرادة وقد أبطل ذلك ف مسألة حدث العال‪.‬‬
‫ك يف ول يب عد على م ساق مذهب كم أيضا أن يقال‪ :‬إن ا ي ستحق حدوث ن فس إذا ل ي كن ث ن فس موجودة فت ستأنف‬
‫نفس فيبقى أن يقال‪ :‬فلم ل تتعلق بالمزجة الستعدة ف الرحام قبل البعث والنشور بل ف عالنا هذا فيقال‪ :‬لعل النفس‬
‫الفارقة تستدعي نوعا آخر من الستعداد ول يتم سببها إل ف ذلك الوقت‪ .‬ول بعد ف أن يفارق الستعداد الشروط‬
‫للنفس الكاملة الفارقة الستعداد الشروط للنفس الادثة ابتداء الت ل تستفد كما ًل بتدبي البدن مدة وال تعال أعرف‬
‫بتلك الشروط وبأسبابا وأوقات حضورها وقد ورد الشرع به وهو مكن فيجب التصديق به‪.‬‬

‫مسلكهم الثان كما أن قلب الديد ثوبا السلك الثان أن قالوا‪ :‬ليس ف القدور أن يقلب الديد ثوبا منسوجا بيث‬
‫يتعمم به إل بأن تلل أجزاء الديد إل العناصر بأسباب تستول على الديد فتحلله إل بسائط العناصر ث تمع العناصر‬
‫وتدار ف أطوار ف اللقة إل أن تكتسب صورة القطن ث يكتسب القطن صورة الغزل ث الغزل يكتسب النتظام العلوم‬
‫الذي هو النسج على هيئة معلومة‪ .‬ولو قيل إن قلب الديد عمامة قطنية مكن من غي الستحالة ف هذه الطوار على‬
‫سبيل الترت يب كان مالً‪ .‬ن عم يوز أن ي طر للن سان أن هذه ال ستحالت يوز أن ت صل كل ها ف زمان متقارب ل‬
‫يس النسان بطولا فيظن أنه وقع فجأة دفعة واحدة‪ .‬هذا ما يقتضيه أيضا تدد بدن النسان لترد النفس إليه وإذا عقل‬
‫هذا فالنسان البعوث الحشور لو كان بدنه من حجر أو ياقوت أو در أو تراب مض ل يكن إنسانا بل ل يتصور أن‬
‫ل بالشكعل الخصعوص مركبا معن العظام والعروق واللحوم والغضاريعف والخلط‬ ‫يكون إنسعانا إل أن يكون متشك ً‬
‫والجزاء الفردة تتقدم على الرك بة فل يكون البدن ما ل ت كن العضاء ول تكون العضاء الرك بة ما ل ت كن العظام‬
‫واللحوم والعروق ول تكون هذه الفردات ما ل تكن الخلط ول تكون الربعة ما ل تكن موادها من الغذاء ول يكون‬
‫الغذاء ما ي كن حيوان أو نبات و هو الل حم والبوب ول يكون حيوان ونبات ما ل ت كن العنا صر الرب عة جيعا متز جة‬
‫بشرائط مصوصة طويلة أكثر ما فصلنا جلتها‪ .‬فإذن ل يكن أن يتجدد بدن إنسان لترد النفس إليه إل بذه المور‪.‬‬

‫وهذا مال من جيع الوجوه ولا أسباب كثية‪ :‬أفينقلب التراب إنسانا بأن يقال له كن أو بأن تهد أسباب انقلبه ف‬
‫هذه الدوار وأسبابه هي إلقاء النطفة الستخرجة من لباب بدن النسان ف رحم حت يسمد من دم الطمث ومن الغذاء‬
‫ل ث شابا ث كهلً‪ .‬فقول القائل‪ :‬يقال له كن فيكون غ ي معقول إذ‬ ‫مدة ح ت يتخلق مض غة ث عل قة ث جنينا ث طف ً‬
‫التراب ل يا طب وانقل به إن سانا دون التردد ف هذه الطوار مال‪ .‬وتردده ف هذه الطوار دون جريان هذه ال سباب‬
‫مال فيكون البعث مالً‪ .‬اعتراضنا‪ :‬هذا ل بد منه ولو ف زمان طويل والعتراض أنا نسلم أن الترقي ف هذه الطوار ل‬
‫بد منه حت يصي بدن النسان كما ل بد منه حت يصي الديد عمامة فإنه لو بقي حديدا لا كان ثوبا بل ل بد وأن‬
‫يصي قطنا مغزولً ث منسوجا‪ .‬ولكن ذلك ف لظة أو ف مدة مكن ول يب لنا أن البعث يكون ف أوحى ما يقدر إذ‬
‫وهذا يصل بقدرة ال إما من غي واسطة وإنا النظر ف أن الترقي ف هذه الطوار يصل بجرد القدرة من غي واسطة‬
‫أو ب سبب من ال سباب وكله ا مكنان عند نا ك ما ذكرناه ف ال سألة الول من ال طبيعيات ع ند الكلم على إجراء‬
‫العادات وإن القترنات ف الوجود اقترانا ليس على طريق التلزم بل العادات يوز خرقها فيحصل بقدرة ال تعال هذه‬
‫المور دون وجود أسبابا‪.‬‬

‫أو بواسطات غريبة وأما الثان فهو أن نقول‪ :‬ذلك يكون بأسباب ولكن ليس من شرط أن يكون السبب هو العهود بل‬
‫ف خزانة القدورات عجائب وغرائب ل يطلع عليها ينكرها من يظن أن ل وجود إل لا شاهده كما ينكر طائفة السحر‬
‫والنارنات والطلسعمات والعجزات والكرامات وهعي ثابتعة بالتفاق بأسعباب غريبعة ل يطلع عليهعا‪ .‬معن اسعتنكر قوة‬
‫الغناط يس ث شاهد ها تع جب من ها فهكذا يتعجبون بل لو ل ير إن سان الغناط يس وجذ به للحد يد وح كي له ذلك‬
‫لستنكره وقال‪ :‬ل يتصور جذب للحديد إل بيط يشد عليه ويذب فإنه الشاهد ف الذب حت إذا شاهده تعجب منه‬
‫وعلم أن علمه قاصر عن الحاطة بعجائب القدرة‪ .‬وكذلك اللحدة النكرة للبعث والنشور إذا بعثوا ورأوا عجائب صنع‬
‫ال فيه ندموا ندامة ل تنفعهم ويتحسرون على جحودهم تسرا ل يغنيهم ويقال لم‪ " :‬هذا الذي كنتم به تكذبون "‬
‫ل لنكر خلق النسان من النطفة بل لو خلق إنسان‬ ‫كالذي يكذب بالواص والشياء الغريبة‪ .‬إن النسان لو خلق عاق ً‬
‫ل ابتداء وق يل له إن هذه النط فة القذرة التشاب ة الجزاء تنق سم أجزاؤ ها التشاب ة ف ر حم آدم ية إل أعضاء متل فة‬
‫عاق ً‬
‫لم ية وع صبية وعظم ية وعرق ية وغضروف ية وشحم ية فيكون م نه الع ي على سبع طبقات متل فة ف الزاج والل سان‬
‫وال سنان على تفاوت ما ف الرخاوة وال صلبة مع تاوره ا وهلم جرا إل البدائع ال ت ف الفطرة لكان إنكاره أ شد من‬
‫إنكار اللحدة حيث قالوا‪ :‬أئذا كنا عظاما نرة الية‪.‬‬

‫فيجب عدم إنكار ما ل يشاهد فليس يتفكر النكر للبعث أنه من أين عرف انصار أسباب الوجود فيما شاهد ول يبعد‬
‫أن يكون ف إحياء البدان منهاج غي ما شاهده‪ .‬وقد ورد ف بعض الخبار أنه يعم الرض ف وقت البعث مطر قطراتا‬
‫تشبه النطف وتتلط بالتراب فأي بعد ف أن يكون ف السباب اللية أمر يشبه ذلك ونن ل نطلع عليه ويقتضي ذلك‬
‫انبعاث الج ساد وا ستعدادها لقبول النفوس الحشورة و هل لذا النكار مستند إل ال ستبعاد الجرد قد يقال‪ :‬إن الفعل‬
‫الل ي ل يتغ ي و هو دوري فإن ق يل‪ :‬الف عل الل ي له مرى وا حد مضروب ل يتغ ي ولذلك قال تعال‪ " :‬و ما أمر نا إل‬
‫واحدة كل مح بالب صر " وقال‪ " :‬ولن ت د ل سنة ال تبديل " وهذه ال سباب ال ت أوهت هم إمكان ا إن كا نت فينب غي أن‬
‫تطرد أيضا وتتكرر إل غي غاية وأن يبقى هذا النظام الوجود ف العال من التولد والتوالد إل غي غاية‪ .‬وبعد العتراف‬
‫ل ولكن يكون ذلك التبدل أيضا دائما أبديا‬ ‫بالتكرر والدور فل يبعد أن يتلف منهاج المور ف كل ألف ألف سنة مث ً‬
‫على سنن واحد فإن سنة ال ل تبديل فيها‪.‬‬
‫ويصدر عن الرادة وهي غي متعينة وهذا لكان أن الفعل اللي يصدر عن الشيئة اللية والشيئة اللية ليست متعينة‬
‫ال هة ح ت يتلف نظام ها باختلف جهات ا فيكون ال صادر من ها ك يف ما كان منتظما انتظاما ي مع و ستكون الخرة‬
‫والقيامة فإن جوزت استمرار التوالد والتناسل بالطريق الشاهد الن أو عود هذا النهاج ولو بعد زمان طويل على سبيل‬
‫التكرر والدور فقد رفعتم القيامة والخرة وما دل عليه ظواهر الشرع إذ يلزم عليه أن يكون قد تقدم على وجودنا هذا‬
‫الب عث كرات و سيعود كرات وهكذى على الترت يب‪ .‬ول ي كن انق سام الالت إل ثل ثة وإن قل تم إن ال سنة الل ية‬
‫بالكلية تتبدل إل جنس آخر ول تعود قط هذه السنة وتنقسم مدة المكان إل ثلثة أقسام‪ :‬قسم قبل خلق العال إذ كان‬
‫ال ول عال وق سم ب عد خل قه على هذا الو جه وق سم به الختتام و هو النهاج البع ثي ب طل الت ساق والنتظام وح صل‬
‫التبديعل لسعنة ال وهعو مال فإن هذا إناع يكعن بشيئة متلفعة باختلف الحوال أمعا الشيئة الزليعة فلهعا مرى واحعد‬
‫مضروب ل تتبدل عنه لن الفعل مضاه للمشيئة والشيئة على سنن واحد ل تتلف بالضافة إل الزمان وهذا ل يناقض‬
‫القول بأن ال " قادر على كل شيء " وزعموا أن هذا ل يناقض قولنا إن ال قادر على كل شيء فإنا نقول إن ال قادر‬
‫على البعث والنشور وجيع المور المكنة على معن أنه لو شاء لفعل وليس من شرط صدق قولنا هذا أن يشاء ول أن‬
‫يفعل‪ .‬وهذا كما أنا نقول إن فلنا قادر على أن يز رقبة نفسه ويبعج بطن نفسه ويصدق ذلك على معن أنه لو شاء‬
‫لفعل ولكنا نعلم أنه ل يشاء ول يفعل‪ .‬ول يناقضه أنه " ل يشاء ول يفعل " وقولنا‪ :‬ل يشاء ول يفعل ل يناقض قولنا‬
‫إ نه قادر بع ن أنه لو شاء لفعل فإن المليات ل تنا قض الشرطيات ك ما ذ كر ف الن طق إذ قول نا‪ :‬لو شاء لفعل شرطي‬
‫موجب وقولنا‪ :‬ما شاء وما فعل حلتان سالبتان والسالبة الملية ل تناقض الوجبة الشرطية‪ .‬فإذن الدليل الذي دلنا على‬
‫أن مشيئة أزلية وليست متفننة يدلنا على أن مرى ال مر اللي ل يكون إل على انتظام وإن اختلفت ف آحاد الوقات‬
‫فيكون اختلف ها أيضا على انتظام وات ساق بالتكرر والعود وأ ما غ ي هذا فل ي كن‪ .‬جواب نا‪ :‬ي كن انق سام الالت إل‬
‫ثل ثة والواب أن هذا ا ستمداد من م سألة قدم العال وأن الشيئة قدي ة فلي كن العال قديا و قد أبطل نا ذلك وبي نا أ نه ل‬
‫يبعد ف العقل وضع ثلثة أقسام وهو أن يكون ال موجودا ول عال ث يلق العال على النظم الشاهد ث يستأنف نظما‬
‫ثانيا و هو الوعود ف ال نة ث يعدم ال كل ح ت ل يب قى إل ال و هو م كن لول أن الشرع قد ورد بأن الثواب والعقاب‬
‫وال نة والنار ل آ خر ل ما‪ .‬ال سألة تنب ن على ال سألتي الول وال سابعة عشرة وهذه ال سألة ك يف ما رددت تنب ن على‬
‫م سئلتي إحديه ما حدث العال وجواز ح صول حادث من قد ي الثان ية خرق العادات بلق ال سببات دون ال سباب أو‬
‫إحداث أسباب على منهج آخر غي معتاد وقد فرغنا عن السئلتي جيعا‪ .‬خاتة الكتاب هل هم كافرون فإن قال قائل‪:‬‬
‫قد فصلتم مذاهب هؤلء أفتقطعون القول بكفرهم ووجوب القتل لن يعتقد اعتقادهم‬
‫تكفيهم ل بد منه ف السائل الول والثالثة عشرة والسابعة عشرة قلنا‪ :‬تكفيهم ل بد منه ف ثلث مسائل إحديها‬
‫م سألة قدم العال وقول م إن الوا هر كل ها قدي ة والثان ية قول م إن ال ل ي يط علما بالزئيات الاد ثة من الشخاص‬
‫والثالثة ف إنكارهم بعث الجساد وحشرها فهذه السائل الثلث ل تلئم السلم بوجه ومعتقدها معتقد كذب النبياء‪.‬‬
‫ل لماه ي اللق وتفهيما وهذا هو الكفر ال صراح الذي ل يعتقده أ حد‬ ‫وإنم ذكروا ما ذكروه على سبيل ال صلحة تثي ً‬
‫من فرق السلمي‪ .‬وف غيها من السائل فمذهبهم قريب من مذاهب الفرق السلمية فأما ما عدا هذه السائل الثلث‬
‫من تصرفهم ف الصفات اللية واعتقاد التوحيد فيها فمذهبهم قريب من مذاهب العتزلة ومذهبهم ف تلزم السباب‬
‫الطبيعية هو الذي صرح العتزلة به ف التولد وكذلك جيع ما نقلناه عنهم قد ن طق به فر يق من فرق السلم إل هذه‬
‫ال صول الثلث‪ .‬ف من يرى تكف ي أ هل البدع من فرق ال سلم يكفر هم أيضا به و من يتو قف عن التكف ي يقت صر على‬
‫تكفيهم بذه السائل‪.‬‬
‫السائل الت ل يسن الوض فيها وأما نن فلسنا نؤثر الن الوض ف تكفي أهل البدع وما يصح منه وما ل يصح‬
‫كيل يرج الكلم عن مقصود هذا الكتاب وال تعال الوفق للصواب‪.‬‬

‫ل عن موقع الوراق بأضافات هامة منها القدمة‬


‫نق ً‬
‫مع تيات موقع الفلسفة السلمية‬
‫‪www.muslimphilosophy.com/gz‬‬

You might also like