You are on page 1of 2

‫فجوة األداء ودور التدرٌب‬

‫بقلم‬
‫د‪.‬زكرٌا حجازى‬
‫هل تعلم عزٌزي القارئ أن أداء الفرد ٌنخفض بنسبة ‪ %75‬إذا انخفضت قدرته ورغبته فى األداء بنسبة ‪%50‬؟ وأن التدرٌب‬
‫قادر على تحسٌن تلل النسب ّةة!! لذلل‪ٌ ،‬قوم التدرٌب بدور بالغ األهمٌة فى التنمٌة المهنٌة للفرد‪ .‬وتبذل المؤسسات قصارى‬
‫جهدها فى تدرٌب العاملٌن لدٌها‪ .‬وٌستدل على ذلل بحجم األموال التى تنفق على التنمٌة المهنٌة و التدرٌب فى الدول المتقدمة‪.‬‬
‫فتشٌر إحدى الدراسات إلى أن الوالٌات المتحدة األمرٌكٌة قد أنفقت على التدرٌب لتغطٌة التكالٌف المباشرة أو غٌر المباشرة‬
‫فى القطاعٌن العام والخاص حوالً ‪ 50‬بلٌون دوالر (برودونٌو ستروم ‪ ،1997 ،‬ص ‪ ،)23‬وفى عام ‪ 1988‬بلغت مٌزانٌة‬
‫التدرٌب فى برٌطانٌا ‪ 2.9‬بلٌون جنٌه استرلٌنى (شٌل‪ ،1990 ،‬ص ‪.)4‬‬

‫والتدرٌب عملٌة مخططة‪ ،‬محورها الفرد‪ ،‬و مغزاها تنمٌة نمطه الفكري‪ ،‬ومطٌتها إحداث تغٌٌر إٌجابً فى معارفه و مهاراته‬
‫واتجاهاته‪ .‬كل ذلل تلبٌة الحتٌاجاته الحالٌة والمستقبلٌة‪ ،‬تحقٌقا ألهداف منظمته التى ٌعمل بها‪ .‬فالتدرٌب ٌرتبط بأهداف‬
‫المنظمة‪ ،‬على خالف العملٌات األخرى مثل التعلٌم والتنمٌة الذاتٌة والتى ترتبط بأهداف الفرد ذاته‪.‬‬

‫وأداء الفرد فى المنظمة ٌمكن قٌاسه بمعادلة أجمع علٌها فقهاء اإلدارة‪ ،‬مؤداها أن‪" :‬األداء = القدرة × الرغبة× البٌئة المحٌطة‬
‫بالفرد"‪ .‬والمكون األول (القدرة) فى تلل المعادلة‪ ،‬عبارة عن محصلة معارفه ومهاراته‪ .‬و المكون الثانً (رغبة الفرد ودوافعه‬
‫نحو األداء)‪ ،‬عبارة عن محصلة اتجاهاته ومواقفه‪ .‬أما المكون الثالث ٌعكس البٌئة المحٌطة بالفرد وهى عبارة عن محصلة‬
‫البٌئة المادٌة والذهنٌة والعاطفٌة‪ .‬وعلٌه‪ٌ ،‬مكننا تمدٌد معادلة األداء لتأخذ الشكل التالً‪:‬‬

‫أداء الفرد = معارفه × مهاراته × اتجاهاته × مواقفه × البٌئة المادٌة × البٌئة الذهنٌة × البٌئة العاطفٌة‬

‫فمثال‪ :‬إذا انخفضت مهارات الفرد إلى ‪ %50‬عن المطلوب ألداء وظٌفته‪ ،‬فإن ذلل ٌؤثر سلبا على أدائه بنسبة ‪ %50‬إذا ظلت‬
‫كافة العوامل األخرى فى أعلى درجاتها ( ‪ %100‬لكل منها)‪ .‬وٌتدهور األداء أكثر إذا انخفض مكون آخر من هذه المكونات‪.‬‬
‫فمثال‪ ،‬إذا انخفضت المعارف المطلوبة ألداء تلل الوظٌفة إلى ‪ %40‬إضافة إلى انخفاض مهاراته بنسبة ‪ ،%50‬فإن أداء الفرد‬
‫ٌصبح ‪ %20‬إذا ظلت بقٌة العوامل األخرى فى أعلى درجاتها‪ .‬مما ٌقتضى متابعة ومراقبة أداء الفرد فى المؤسسات‪ ،‬بصورة‬
‫دورٌة ومستمرة‪.‬‬

‫ومن المعلوم فى اإلدارة بالضرورة‪ ،‬أن الرقابة واحدة من مكونات العملٌة اإلدارٌة‪ .‬ومن أهم مبادئ الرقابة‪ ،‬مقارنة األداء‬
‫الفعلً بالمستهدف وتصحٌح الفجوة بٌنهما إذا وجدت‪ .‬وأداء الفرد عبارة عن محصلة قدرته ورغبته وبٌئته‪-‬كما أسلفنا‪ .‬والفجوة‬
‫السلبٌة تتطلب تحلٌل تلل المكونات‪ .‬فإن أسفر التحلٌل عن أن فجوة األداء ناتجة عن انخفاض مستوى القدرة لدى الفرد‪ ،‬فٌتوجه‬
‫التدرٌب نحو تنمٌة معارفه ومهاراته‪ .‬أما إن كانت نتٌجة انخفاض رغبته‪ ،‬فٌنصرف التدرٌب نحو تغٌٌر اتجاهاته ومواقفه‪ .‬أما‬
‫الثالثة (البٌئة) فتخرج عن نطاق التدرٌب‪ ،‬وتدخل فى نطاق التنظٌم‪ ،‬فهً مشكلة تنظٌمٌة فى المقام األول‪ .‬لذلل ٌنبغً على‬
‫محلل التنمٌة البشرٌة أن ٌفرق بٌن المشكلة التدرٌبٌة والمشكلة التنظٌمٌة‪ .‬فاألخٌرة ال تحتاج إلى برامج تدرٌبٌة بقدر احتٌاجها‬
‫إلى حلول تنظٌمٌة‪.‬‬

‫ولتغطٌة فجوة األداء ٌنبغً أن تتوازن المنظومة التدرٌبٌة المكونة من‪ :‬المدرب‪ ،‬والمتدرب‪ ،‬والبرنامج التدرٌبً‪ ،‬وطرق‬
‫التدرٌب‪ ،‬ووسائله‪ .‬والمدرب هو حجر الزاوٌة فى تلل المنظومة‪ .‬فتقع على عاتقه مسؤولٌة تنمٌة قدرات المتدربٌن ورغباتهم‬
‫وتحسٌن أدائهم‪ .‬وللمدرب أدوار ٌلتزم بها‪ ،‬تبدأ من كونه مٌسرا للعملٌة التدرٌبٌة‪ ،‬راعٌا للمتدربٌن‪ ،‬مشرفا على أدائهم‪ ،‬مراقبا‬
‫لنتائجهم‪ ،‬منجزا ألهدافهم‪ ،‬موجها لجهودهم‪ ،‬مفاوضا حال اختالفهم‪ ،‬ومبدعا بخروجه عن مألوفهم‪ٌ .‬ستخدم فى تدرٌبه طرقا‬
‫شتى‪ ،‬من محاضرة ومناقشة وعصف ذهنً ومبارٌات إدارٌة‪ ،‬وتمثٌل أدوار‪ ،‬وتدرٌب مصغر‪ ،‬ودراسة حاالت‪ ،‬وورش عمل‪،‬‬
‫وغٌرها من كل تقلٌدي وحدٌث‪.‬‬
‫والخالصة‪ :‬أن هنال قاسم مشترل بٌن التدرٌب واألداء‪ ،‬ماثال فى المعارف والمهارات واالتجاهات السلوكٌة والصفات‬
‫الشخصٌة‪ .‬قاسم ٌعكس نمطا فكرٌا‪ ،‬ظاهرا فى معادلة األداء‪ ،‬مستهدفا إنماؤه فى عملٌة التدرٌب‪ .‬فحٌنما ٌنخفض األداء‪ ،‬أو‬
‫ٌراد تطوٌره‪ ،‬مواكبة لظروف محٌطة‪ ،‬أو رغبة فى االستحداث و التجدٌد‪ ،‬فالمناص من التدرٌب لملًء المفقود‪ ،‬أو لتنمٌة‬
‫الموجود‪ ،‬من األداء المنشود‪.‬‬

You might also like