You are on page 1of 816

‫‪2‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫جمعها الفقير إلى الله تعالى‬

‫غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين‬


‫‪3‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫مقدمة‬

‫الحمد لله الذي خلقنا لعبادته وأمرنا بتوحيده‬


‫وطاعته وأرسل بذلك رسله مبشرين ومنذرين لئل‬
‫يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وأنزل بذلك‬
‫كتبه‪ ،‬ورضي لنا السلم ديًنا‪ ،‬وأرسل إلينا رسوله‬
‫محمد ‪ ‬بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله‬
‫دا ومبشًرا ونذيًرا‬‫ولو كره المشركون‪ ،‬أرسله شاه ً‬
‫جا منيًرا‪ ،‬فبلغ الرسالة‬
‫وداعًيا إلى الله بإذنه وسرا ً‬
‫وأدى المانة ونصح المة وجاهد في الله حق جهاده‬
‫جا وحتى أتاه‬
‫حتى دخل الناس في دين الله أفوا ً‬
‫اليقين من ربه صلوات الله وسلمه عليه وعلى آله‬
‫وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ ...‬فبناًء على ما أوجبه الله من التعاون‬
‫على البر والتقوى والنصح لله ولعباده ومحبة الخير‬
‫لهم والتواصي بالحق والتواصي بالصبر والمر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر فقد جمعت في هذا‬
‫الكتاب لنفسي ولخواني وأحبابي المسلمين ما تيسر‬
‫لي جمعه من الكلمات المتنوعة الجامعة والنصائح‬
‫والفتاوى في الحكام والخلق والداب والعقائد‬
‫دا لقارئه‬‫والعبادات والمعاملت ما أرجو أن يكون مفي ً‬
‫دا إلى كل خير ومحذًرا من كل شر‬ ‫وسامعه ومرش ً‬
‫وموصًل إلى السعادة‪ .‬وقد حذوت في هذا الكتاب‬
‫‪4‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حذو كتابي "بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين"‬
‫بل وجميع مؤلفاتي في التنويع والختصار والبساطة‬
‫في السلوب‪ ،‬وجعلتها تتناسب مع جميع طبقات‬
‫الناس العالم منهم والمتعلم والطالب والمدرس‬
‫والخطيب والواعظ والمرشد‪ ،‬والذكور والناث‬
‫والصغار والكبار‪ ،‬فالكل منهم سيجد فيها إن شاء‬
‫الله ما يناسبه ويلئمه ويفيده‪ .‬وقصدت من تأليفها‬
‫‪#‬‬‫إفادة‬
‫نفسي وإخواني المسلمين ونشر العلم والدعوة إليه‬
‫ومعرفة ما تيسر من الوامر والنواهي والحكام‬
‫والخلق والداب‪ .‬وقد ذكرت أرقام اليات من‬
‫سورها ونسبت الحاديث إلى مخرجيها وأسندت كل‬
‫قول إلى قائله‪ .‬وما لم أنسبه إلى أحد فهو من‬
‫كتاباتي غالًبا وقد أجد كلمة مفيدة لم تنسب إلى أحد‬
‫فأضمها إلى هذا الكتاب وسوف يصل ثوابها وأجرها‬
‫إلى كاتبها بحسب نيته وإخلصه وهذه الكلمات‬
‫مستفادة من كلم الله تعالى وكلم رسوله ‪- ‬‬
‫وكلم العلماء المحققين‪ ،‬وهي تزيد على مائة‬
‫موضوع‪ .‬وسميتها "الثمار اليانعة من الكلمات‬
‫الجامعة"‪.‬‬
‫وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن ينفع‬
‫بهذا الكتاب من كتبه أو قرأه أو طبعه أو سمعه وأن‬
‫صا لوجهه الكريم ومن أسباب الفوز لديه‬ ‫يجعله خال ً‬
‫بجنات النعيم وهو حسبنا ونعم الوكيل ول حول ول‬
‫قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫‪5‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأرجو ممن استفاد منه أن يدعو لي ولوالدي‬
‫بالمغفرة والرحمة‪.‬‬
‫كما أرجو ممن عثر في هذا الكتاب أو في غيره‬
‫من مؤلفاتي على خطأ أن ينبهني عليه بالكتابة لي‬
‫على عنواني‪ .‬والله الموفق والهادي إلى سواء‬
‫السبيل وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين‪،،،‬‬

‫المؤلف‬
‫عبد الله بن جار‬
‫الله الجار الله‬
‫ص‪.‬ب ‪5582‬‬
‫الرياض ‪11432‬‬
‫‪6‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫تذكرة المسلم بتوحيد الله تعالى‬


‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على‬
‫أشرف النبياء والمرسلين نبينا محمد الصادق المين‬
‫وعلى آله الطيبين الطاهرين ورضي الله عن صحابته‬
‫أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‪،‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫اعلم أيها المسلم وفقك الله لحسن عبادته أن‬
‫الله أرسل رسله ليدعوا الناس إلى توحيده وإخلص‬
‫د‬
‫عب ُ ُ‬ ‫العبادة له سبحانه كما قال تعالى‪ :‬إ ِّيا َ‬
‫ك نَ ْ‬
‫ن ‪ (1)‬أي ل نعبد إل أنت يا الله ول‬ ‫عي ُ‬
‫ست َ ِ‬ ‫وإ ِّيا َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫َ‬
‫نستعين إل بك‪ .‬وكما قال تعالى‪:‬‬
‫ُ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬
‫ه ُ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫مُروا إ ِل ّ ل ِي َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬‫‪َ ‬‬
‫ة‬ ‫ؤُتوا الّز َ‬
‫كا َ‬ ‫وي ُ ْ‬‫صل َةَ َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫فاء َ‬ ‫حن َ َ‬‫ن ُ‬
‫دي َ‬ ‫ال ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫مة ‪‬‬ ‫قي ّ َ‬‫ن ال ْ َ‬‫ك ِدي ُ‬ ‫وذَل ِ َ‬
‫َ‬
‫إذا عرفت هذا يا أخي المسلم فاعلم أن تحقيق‬
‫التوحيد وهو تخليصه من شوائب الشرك والبدع‪ ،‬هو‬
‫أساس الدين الصحيح الذي ل يقوم الدين إل عليه‬
‫لنه ل يصح للعبد إسلم ول يقبل منه صلة ول زكاة‬
‫دا لله لن غير‬ ‫ول صوم ول حج إذا لم يكن موح ً‬
‫الموحد مشرك والمشرك عمله حابط وذنبه غير‬
‫ي إ ِل َي ْ َ‬
‫ك‬ ‫قدْ ُأو ِ‬
‫ح َ‬ ‫ول َ َ‬
‫مغفور كما قال تعالى لنبيه ‪َ  ‬‬
‫حب َطَ ّ‬
‫ن‬ ‫ت ل َي َ ْ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫شَرك ْ َ‬ ‫ك ل َئ ِ ْ‬
‫قب ْل ِ َ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫وإ َِلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫َ‬

‫)( سورة الفاتحة آية ‪5‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البينة آية ‪.5‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪7‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رين ‪ (1)‬وكما قال‬ ‫س ِ‬
‫خا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬
‫ن ِ‬ ‫كون َ ّ‬ ‫ول َت َ ُ‬ ‫مل ُ َ‬
‫ك َ‬ ‫ع َ‬‫َ‬
‫كاُنوا ْ‬‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ط َ‬ ‫حب ِ َ‬
‫كوا ْ ل َ َ‬
‫شَر ُ‬‫و أَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫تعالى‪َ  :‬‬
‫فُر َأن‬ ‫غ ِ‬‫ه ل َ يَ ْ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫مُلون ‪ (2)‬وقال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬ ‫ع َ‬‫يَ ْ‬
‫)‪(3‬‬
‫شاء ‪‬‬
‫من ي َ َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬
‫ك لِ َ‬ ‫دو َ‬
‫ما ُ‬
‫فُر َ‬
‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫شَر َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫إذا عرفت هذا فاعلم أن معنى توحيد الله‪:‬‬
‫إفراده بالعبادة والعبادة هي غاية الذل والخضوع‬
‫وهي أنواع كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬الدعاء وهو سؤال مغفرة‬
‫الذنوب ودخول الجنة والنجاة من النار وشفاء‬
‫المريض ورد الغائب وتفريج‬
‫‪#‬‬

‫الكروب وإنزال الغيث والنصر على العداء والصلح‬


‫ونحو هذا فكل هذه المطالب ل تطلب إل من الله‬
‫لنه وحده القادر عليها فمن طلب من المخلوق شيًئا‬
‫منها فقد عبده من دون الله وجعله لله ندا ً وشريكا ً‬
‫لن الدعاء مخ العبادة كما أخبر بذلك رسول الله ‪‬‬
‫َ‬
‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫وكما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬ ‫)‪(4‬‬
‫ب‬
‫ج ْ‬ ‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬ ‫قا َ‬
‫خُلو َ‬
‫ن‬ ‫سي َدْ ُ‬‫عَبادَِتي َ‬
‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ن َ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬‫م إِ ّ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫خرين ‪ (5)‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬
‫د‬
‫ج َ‬‫سا ِ‬
‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫وأ ّ‬
‫َ‬ ‫دا ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬‫َ‬
‫َ‬
‫دا ‪ ‬ومن أنواع العبادة‪:‬‬ ‫)‪(6‬‬
‫ح ً‬‫هأ َ‬‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫عوا َ‬‫فل َ ت َدْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل ِل ّ ِ‬
‫الذبح فمن ذبح لغير الله فقد أشرك بالله وعبد غيره‬
‫ن‬‫ل إِ ّ‬ ‫كمن يذبح للقبر أو للجن قال تعالى ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬

‫مر آية‪65 :‬‬


‫)( سورة الّز َ‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النعام آية‪88 :‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.116 ،48‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( في الحديث الييذي رواه الترمييذي وقييال حييديث غريييب وضييعفه غييير‬ ‫‪4‬‬

‫واحد والذي صح )الدعاء هو العبادة(‪.‬‬


‫)( سورة غافر آية ‪60‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة الجن آية ‪.18‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪8‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ب‬ ‫ه َر ّ‬ ‫ماِتي ل ِل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫و َ‬‫ي َ‬ ‫حَيا َ‬‫م ْ‬
‫و َ‬‫كي َ‬ ‫س ِ‬ ‫صل َِتي َ‬
‫ون ُ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫و ُ‬
‫ل‬ ‫وأن َا ْ أ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫مْر ُ‬
‫كأ ِ‬ ‫وب ِذَل ِ َ‬ ‫ك لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ري َ‬ ‫مين ل َ َ‬
‫ش ِ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل ل َِرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫ص ّ‬ ‫ف َ‬ ‫مين ‪ (1)‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫حر ‪ (2)‬ومن أنواع العبادة‪ :‬النذر فل ينذر إل لله‬ ‫وان ْ َ‬ ‫َ‬
‫فيقال لله علي نذر أن أتصدق بكذا أو أفعل كذا من‬
‫الطاعات‪ ،‬ول يقال لفلن علي نذر أن أتصدق بكذا أو‬
‫أفعل كذا لن النذر عبادة كما بين الله لنا ذلك في‬
‫كتابه الكريم وكما بينه رسوله ‪ .‬ومن أنواع‬
‫العبادة‪:‬الستعانة والستعاذة والستغاثة والرجاء‬
‫والتوكل والرغبة والخشوع والخشية والنابة‬
‫والخضوع فل يصح جعل شيء من ذلك لغير الله‪.‬‬
‫وأما الستعانة والستغاثة بالمخلوق وطلب الحاجة‬
‫منه فل تصح إل بثلثة شروط‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يكون حيًا‪،‬والثاني‪ :‬أن يكون حاضرا ً‬
‫يسمع أو في حكم الحاضر كمن يخاطب بالتليفون أو‬
‫يكاتب‪ ،‬الشرط الثالث‪ :‬أن يكون قادرا ً على ما‬
‫يطلب منه كالعانة على حمل المتاع والغاثة من‬
‫السبع أو من الحرق أو الغرق ببذل جهده في النقاذ‬
‫أو بقضاء الحاجة المالية ونحوها مما يقدر عليه أو‬
‫بدعائه ربه لخيه لن دعاء المسلم لخيه مستجاب‪،‬‬
‫أما الميت والغائب فحرام أن يستغاث به أو يستعان‬
‫به أو يطلب منه شيء ومن فعل ذلك فقد أشرك‬
‫بالله‬ ‫‪#‬‬

‫لن الميت قد انقطع عمله وهو بحاجة إلى دعاء‬


‫)( سورة النعام ‪.163 -162‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الكوثر آية ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪9‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحي الذي لم ينقطع عمله كما أن الميت ل يسمع‬
‫هذا من الحي ولو سمع ما استجاب منا أخبرنا الله‬
‫بذلك)‪ (1‬وسماع الميت الوارد خاص بالسلم عليه‬
‫فمن زاد على السلم على الميت والدعاء له فقد‬
‫تجاوز الحد وابتدع وخالف كتاب الله وسنة نبيه ‪‬‬
‫لن النبي ‪ ‬لما رخص في زيارة القبور للرجال بين‬
‫أن المقصد منها تذكر الخرة والدعاء للموات‬
‫المسلمين‪ ،‬أما النساء فل تجوز لهن زيارة القبور‬
‫لنهي النبي ‪ ‬لهن عن ذلك ولقوله عليه الصلة‬
‫والسلم في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي‬
‫الله عنهما "لعن الله زائرات القبور والمتخذين عليها‬
‫المساجد والسرج" رواه المام أحمد وأبو داود‬
‫والنسائي والترمذي وصححه‪ .‬والحاضر ل يطلب منه‬
‫ما ل يملك كشفاء المريض أو إنزال المطر ونحو هذا‬
‫فمن طلب منه شيئا ً من ذلك فقد جعله شريكا ً لله‬
‫سبحانه‪ ،‬أما أن يطلب منه أن يدعوا الله له فجائز‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا أيها المسلم فاعلم أن زيارة‬
‫القبور نوعان‪ :‬شرعية ومحرمة أما الشرعية فهي‬
‫التي ل يسافر من أجلها ول يزيد الزائر على السلم‬
‫على الميت والدعاء له وتذكر الخرة كما بين ذلك‬
‫المصطفى ‪ ‬وفعله‪.‬‬
‫وأما المحرمة فهي نوعان‪ :‬بدعية منكرة وهي‬
‫التي يسافر من أجلها أيا كان القبر لن النبي – ‪‬‬
‫نهى عن السفر إليها بقوله في الحديث الصحيح‬
‫مييا‬
‫مُعوا َ‬ ‫م وَل َيوْ َ‬
‫سي ِ‬ ‫مُعوا د ُع َيياَءك ُ ْ‬ ‫م َل ي َ ْ‬
‫سي َ‬ ‫عوهُ ْ‬
‫ن ت َيد ْ ُ‬
‫)( في قييوله تعييالى‪) :‬إ ِ ْ‬ ‫‪1‬‬

‫م( سورة فاطر آية ‪.14‬‬ ‫جاُبوا ل َك ُ ْ‬


‫ست َ َ‬
‫ا ْ‬
‫‪10‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الذي في صحيح البخاري ومسلم وغيرهما "ل تشد‬
‫الرحال إل إلى ثلثة مساجد‪ :‬المسجد الحرام‬
‫ومسجدي هذا والمسجد القصى"‪....‬ولذلك فإن‬
‫السفر إلى المدينة إنما ينشأ من أجل زيارة المسجد‬
‫فإذا وصل الزائر إلى المسجد وصلى فيه التحية أول ً‬
‫سلم على المصطفى ‪ ‬وعلى صاحبيه وعلى أهل‬
‫البقيع والشهداء لنه صار بعد وصوله المدينة في‬
‫حكم الحاضر‪ .‬ومن الزيارة البدعة المحرمة‪ :‬طلب‬
‫الشفاعة من الميت ولو كان أفضل الخلق محمدا ً ‪‬‬
‫‪ ،‬وشفاعته حق نسأل الله أن يشفعه فينا ولكنها ل‬
‫تطلب منه إل في حال حياته قبل موته وبعد بعثته‬
‫يوم القيامة‪ ،‬أما الن فإنه ميت بل شك كما قال‬
‫هم‬
‫وإ ِن ّ ُ‬
‫‪#‬‬

‫ت َ‬
‫مي ّ ٌ‬ ‫تعالى ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫ك َ‬
‫مي ُّتون ‪ (1)‬ومن أنكر موته فقد أنكر القرآن وأما‬ ‫ّ‬
‫حياته البرزخية فهي أكمل من حياة الشهداء‪ ،‬ولكنها‬
‫خلف الحياة قبل الموت وبعد البعث فل يطلب منه‬
‫شيء ما دام لم يبعث ولهذا كان الصحابة رضي الله‬
‫عنهم ل يزيدون على السلم عليه شيئًا‪.‬‬
‫ومن الزيارة البدعية المحرمة التمسح بالقبور‬
‫والطواف حولها تبركا ً بها فكل هذا وما شابهه بدع‬
‫منكرة فاعلها آثم مأزور غير مأجور وكل ما نقل من‬
‫الحاديث في جواز ذلك فهو كذب على رسول الله‬
‫‪ ‬كما بين ذلك حفاظ الحديث وأهل التوحيد‬
‫المحققون‪ .‬ثم اعلم أيها المسلم أن من البدع‬

‫)( سورة الزمر آية ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪11‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المحرمة التي نهى عنها رسول الله ‪ ‬وأمر بإزالتها‪:‬‬
‫البناء على القبور وتجصيصها وإلقاء الستور عليها‬
‫وإيقاد السرج عليها والكتابة عليها فقد نهى عليه‬
‫الصلة والسلم عن ذلك في عدة أحاديث منها ما‬
‫روى مسلم في صحيحه وأهل السنن عن أبي الهياج‬
‫ي رضي الله عنه وقال لي‪:‬‬ ‫السدي قال بعثني عل ّ‬
‫أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله ‪ ‬أن ل تدع‬
‫قبرا ً مشرًفا إل سويته ول صورة إل طمستها‪.‬‬
‫وأما النوع الثاني من الزيارة المحرمة فهي‬
‫شركية محضة فاعلها مشرك شركا ً أكبر يخرج من‬
‫السلم والعياذ بالله وهو الذي يزور أي قبر كان قبر‬
‫نبي أو ولي أو غيرهما لكي يدعوه أو يستغيث به أو‬
‫يتوسط به عند الله أو يذبح له أو نحو هذا مما يفعله‬
‫كثير من الجهال الذين يزعمون أنهم مسلمون‬
‫ويزعمون أنهم بتلفظهم بالشهادتين قد وحدوا الله‬
‫واتبعوا رسوله والذي ثبت بنص القرآن والسنة‬
‫المطهرة أن الذي ل يعرف معنى ل إله إل الله ول‬
‫يعمل به بإخلص العبادة لله ل ينفعه التلفظ بها‪.‬‬
‫إذا عرفت هذا أيها المسلم فاعلم أن الذي يحبه‬
‫الله ورسوله ويحبه أولياء الله المتقون هو الذي ل‬
‫يشرك بالله شيًئا بل يسلك الطريق الذي سلكه‬
‫رسل الله وعباده المخلصون الذين عبدوا الله‬
‫وقطعوا التعلق بغيره فهذا الموحد لله عز وجل هو‬
‫الذي يشفع له رسول الله ‪ ‬بإذن الله ويأذن الله‬
‫‪#‬‬ ‫للشافعين أن يشفعوا له‬
‫‪12‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لنه مات على التوحيد الذي يرضاه الله كما قال‬
‫)‪(1‬‬
‫ه‪‬‬ ‫عن ْدَهُ إ ِل ّ ب ِإ ِذْن ِ ِ‬‫ع ِ‬‫ف ُ‬‫ش َ‬ ‫ذا ال ّ ِ‬
‫ذي ي َ ْ‬ ‫من َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫ن‬
‫م ِ‬ ‫ن إ ِل ّ ل ِ َ‬ ‫عو َ‬ ‫ف ُ‬‫ش َ‬‫ول َ ي َ ْ‬ ‫وكما قال عز وجل ‪َ ‬‬
‫ضى ‪.(2)‬‬ ‫اْرت َ َ‬
‫إذا عرفت أيها المسلم ما تقدم فاعلم أن من‬
‫الشرك بالله الحلف بغير الله كمن يحلف بالمانة أو‬
‫بالنبي أو بالشرف أو بالحياة فقد قال عليه الصلة‬
‫)‪(3‬‬
‫والسلم "من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك"‬
‫فاحذر من الوقوع في ذلك ثم أعلم أن كل معصية‬
‫يقع فيها المسلم وكل انهزام يقع فيه المسلم أمام‬
‫عدوه فإنما سببه نقص توحيده فعلينا أن نوحد ربنا‬
‫حق توحيده ونؤمن به حق اليمان ونتبع رسوله ‪‬‬
‫عا صادًقا بطاعته فيما أمر وتصديقه فيما أخبر‬ ‫اتبا ً‬
‫واجتناب ما نهى عنه وزجر وعبادة الله بما شرع لن‬
‫كل عبادة لم يشرعها رسول الله ‪ ‬بدعة وضللة‬
‫كما قال عليه الصلة والسلم في الحديث الذي رواه‬
‫مسلم وغيره "من عمل عمًل ليس عليه أمرنا فهو‬
‫رد" هذا والله المسئول أن ينصر دينه وأن يعلي‬
‫كلمته وأن يهدينا جميًعا صراطه المستقيم وأن يدمر‬
‫اليهود وأعوانهم والشيوعيين وأعوانهم وكل ملحد‬
‫وطاغوت والله حسبنا ونعم الوكيل وصلى الله على‬
‫محمد وآله وسلم‪،،،‬‬
‫)انتهى من كتاب مجموع سبع رسائل للشيخ عبد‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.255‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النبياء آية ‪.28‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪13‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الرحمن الحماد العمر(‬
‫‪14‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫عقيدة أهل السنة والجماعة‬


‫وهي مقدمة رسالة ابن أبي زيد‬
‫القيرواني ‪386 – 310‬هـ‬
‫قال رحمه الله تعالى )باب ما تنطق به اللسنة‬
‫وتعتقده الفئدة من واجب أمور الديانات(‪:‬‬
‫من ذلك اليمان بالقلب والنطق باللسان بأن‬
‫الله إله واحد ل إله غيره ول شبيه له ول نظير له ول‬
‫ولد له ول والد له ول صاحبة له ول شريك له‪.‬‬
‫ليس لوليته ابتداء ول لخريته انقضاء ل يبلغ كنه‬
‫صفته الواصفون ول يحيط بأمره المتفكرون‪ .‬يعتبر‬
‫المفكرون بآياته ول يتفكرون في ماهية ذاته ‪َ ‬‬
‫ول َ‬
‫ع‬ ‫س َ‬
‫و ِ‬‫شاء َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه إ ِل ّ ب ِ َ‬ ‫عل ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫ن ِ‬‫م ْ‬
‫ء ّ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن بِ َ‬‫طو َ‬ ‫حي ُ‬ ‫يُ ِ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫فظ ُ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ح ْ‬‫ؤودُهُ ِ‬‫ول َ ي َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫والْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬‫ه ال ّ‬ ‫ك ُْر ِ‬
‫سي ّ ُ‬
‫ظيم ‪ (1)‬العالم الخبير المدبر‬ ‫ع ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫عل ِ ّ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬‫َ‬
‫القدير السميع البصير العلي الكبير‪ ،‬وأنه فوق عشره‬
‫المجيد بذاته)‪ ،(2‬وهو بكل مكان بعلمه خلق النسان‬
‫ويعلم ما توسوس به نفسه وهو أقرب إليه من حبل‬
‫ول َ‬
‫ها َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م َ‬ ‫ة إ ِل ّ ي َ ْ‬ ‫وَر َ‬
‫ق ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ق ُ‬
‫ط ِ‬ ‫س ُ‬
‫ما ت َ ْ‬ ‫الوريد ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫س إ ِل ّ‬
‫ول َ َياب ِ ٍ‬ ‫ول َ َرطْ ٍ‬
‫ب َ‬ ‫ض َ‬
‫ت الْر ِ‬ ‫في ظُل ُ َ‬
‫ما ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫حب ّ ٍ‬
‫َ‬
‫مِبين ‪ (3)‬على العرش استوى وعلى‬ ‫ب ّ‬‫في ك َِتا ٍ‬ ‫ِ‬
‫الملك احتوى وله السماء الحسنى والصفات العلى لم‬

‫)( سورة البقرة آية ‪..255‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( ذكر الحافظ الذهبي جماعة من السييلف أطلقييوا هييذه العبييارة أنظيير‬ ‫‪2‬‬

‫كتاب العلو صفحة ‪171‬ط ‪ 2‬السلفية‪.‬‬


‫)( سورة النعام آية ‪.59‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪15‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يزل بجميع صفاته وأسمائه‪ ،‬تعالى أن تكون صفاته‬
‫مخلوقة وأسماؤه محدثة‪ ،‬كلم موسى بكلمه الذي هو‬
‫صفة ذاته ل خلق من خلقه وتجلى للجبل فصار دكا من‬
‫جلله‪ ،‬وأن القرآن كلم الله ليس بمخلوق فيبيد ول‬
‫صفة لمخلوق فينفد‪ ،‬واليمان بالقدر خيره وشره‪..‬‬
‫حلوه ومره‪ ..‬وكل ذلك قد قدره الله ربنا ومقادير‬
‫المور بيده ومصدرها عن قضائه‪ ،‬علم كل شيء قبل‬
‫كونه فجرى على قدره ل يكون من عباده قول ول‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫عمل إل وقد قضاه وسبق علمه به ‪‬أل َ ي َ ْ‬
‫خِبير ‪ (1)‬يضل من يشاء‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫و الل ّ ِ‬
‫طي ُ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫خل َ َ‬
‫ق َ‬ ‫َ‬
‫فيخذله بعدله‪ ،‬ويهدي من يشاء فيوفه بفضله‪ ،‬فكل‬
‫‪#‬‬ ‫ميسر بتيسيره إلى‬
‫ما سبق من علمه‪ ،‬وقدره من شقي أو سعيد‪،‬‬
‫تعالى أن يكون في ملكه ما ل يريد أو يكون لحد‬
‫قا لكل شيء أل هو رب العباد ورب‬ ‫عنه غنا‪ ،‬خال ً‬
‫أعمالهم والمقدر لحركاتهم وآجالهم الباعث الرسل‬
‫إليهم لقامة الحجة عليهم ثم ختم الرسالة والنذارة‬
‫والنبوة بمحمد نبيه ‪ ‬فجعله آخر المرسلين بشيًرا‬
‫جا منيًرا وأنزل‬ ‫ونذيًرا وداعًيا إلى الله بإذنه وسرا ً‬
‫عليه كتابه الحكيم بدينه القويم وهدى به الصراط‬
‫المستقيم‪ ،‬وأن الساعة آتية ل ريب فيها وأن الله‬
‫يبعث من يموت كما بدأهم يعودون‪ ،‬وأن الله سبحانه‬
‫ضاعف لعباده المؤمنين الحسنات وصفح لهم بالتوبة‬
‫عن كبائر السيئات وغفر لهم الصغائر باجتناب الكبائر‬

‫)( سورة الملك آية ‪.14‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪16‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وجعل من لم يتب من الكبائر صائًرا إلى مشيئته ‪‬‬
‫ن ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫دو َ‬
‫ما ُ‬
‫فُر َ‬
‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫فُر َأن ي ُ ْ‬
‫شَر َ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫إِ ّ‬
‫شاء ‪.(1)‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫لِ َ‬
‫ومن عاقبه الله بناره أخرجه منها بإيمانه فأدخله‬
‫)‪(2‬‬
‫خي ًْرا ي ََره ‪‬‬
‫ة َ‬‫ل ذَّر ٍ‬ ‫مث ْ َ‬
‫قا َ‬ ‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ع َ‬
‫من ي َ ْ‬ ‫به جنته ‪َ ‬‬
‫ف َ‬
‫ويخرج منها بشفاعة النبي ‪ -‬من شفع له من أهل‬
‫الكبائر من أمته‪ ..‬وأن الله سبحانه قد خلق الجنة‬
‫فأعدها دار خلود لوليائه وأكرمهم فيها بالنظرإلى‬
‫وجهه الكريم وهي التي أهبط منها آدم نبيه وخليفته‬
‫إلى أرضه بما سبق في سابق علمه‪ ،‬وخلق النار‬
‫فأعدها دار خلود لمن كفر به وألحد في آياته وكتبه‬
‫ورسله وجعلهم محجوبين عن رؤيته‪.‬‬
‫وأن الله تبارك وتعالى يجيء يوم القيامة والملك‬
‫فا لعرض المم وحسابهم‪.‬‬ ‫فا ص ً‬
‫ص ً‬
‫من‬ ‫وتوضع الموازين لوزن أعمال العباد ‪َ ‬‬
‫ف َ‬
‫قل َت موازين ُه َ ُ‬
‫حون ‪‬‬ ‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ثَ ُ ْ َ َ ِ ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫فل ِ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫فأ ْ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ويؤتون صحائفهم بأعمالهم ‪َ َ ‬‬
‫ي ك َِتاب َ ُ‬ ‫ن أوت ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ ّ‬
‫ما‬ ‫حسابا يسيرا ‪َ  (4) ‬‬ ‫ميِنه َ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ب ِ َ ً َ ِ ً‬ ‫س ُ‬ ‫حا َ‬ ‫ف يُ َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ب ِي َ ِ‬
‫ُ‬
‫عو‬ ‫ف ي َدْ ُ‬
‫و َ‬ ‫س ْ‬
‫ف َ‬ ‫ره ‪َ  ‬‬ ‫ه ِ‬‫وَراء ظَ ْ‬ ‫ه َ‬‫ي ك َِتاب َ ُ‬‫ن أوت ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫عيًرا ‪ (5)‬وأن الصراط حق‬ ‫س ِ‬ ‫صَلى َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ث ُُبوًرا ‪َ  ‬‬
‫يجوزه العباد بقدر أعمالهم فناجون‬
‫‪#‬‬

‫سور النساء آية ‪.116 ،48‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سور الزلزلة آية ‪.7‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة المؤمنون آية ‪.102‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة النشقاق آية ‪.8-7‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫سورة النشقاق آية ‪.12-10‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪17‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪(1‬‬
‫من نار جهنم‬ ‫متفاوتون في سرعة النجاة عليه‬
‫)‪(2‬‬
‫وقوم أو بقتهم فيها أعمالهم‪.‬‬
‫واليمان بحوض رسول الله ‪ ‬ترده أمته ل‬
‫يظمأ من شرب منه ويذاد عنه من بدل وغير‪ .‬وأن‬
‫اليمان قول باللسان وإخلص بالقلب وعمل‬
‫بالجوارح يزيد بزيادة العمال وينقص بنقصها فيكون‬
‫بها النقص وبها الزيادة ول يكمل قول اليمان إل‬
‫بعمل‪ ،‬ول قول ول عمل إل بنية‪ ،‬ول قول وعمل ونية‬
‫إل بموافقة السنة‪ .‬وأنه ل يكفر أحد بذنب من أهل‬
‫القبلة)‪ (3‬وأن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وأرواح‬
‫أهل السعادة باقية ناعمة إلى يوم يبعثون‪ ،‬وأرواح‬
‫أهل الشقاوة معذبة إلى يوم الدين‪ ،‬وأن المؤمنين‬
‫ن‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ت الل ّ ُ‬
‫يفتتنون في قبورهم ويسألون ‪‬ي ُث َب ّ ُ‬
‫في‬‫و ِ‬
‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫ل الّثاب ِ ِ‬
‫ت ِ‬ ‫و ِ‬ ‫مُنوا ْ ِبال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫آ َ‬
‫ة ‪ (4)‬وأن على العباد حفظة يكتبون أعمالهم‬ ‫خَر ِ‬
‫ال ِ‬
‫ول يسقط شيء من ذلك من علم ربهم‪ ،‬وأن ملك‬
‫الموت يقبض الرواح بإذن ربه‪ ،‬وأن خير القرون‬
‫الذين رأوا رسول الله ‪ ‬وآمنوا به ثم الذين يلونهم‪.‬‬
‫وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو‬
‫بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم‬
‫أجمعين‪.‬‬

‫)( الضمير يعييود إلييى الصييراط أي أن المييؤمنين ينجييون عليييه ميين نييار‬ ‫‪1‬‬

‫جهنم‪.‬‬
‫)( الواو للعطف فالجملة معطوفة على قوله بأن الله إله واحد‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( ما لم يستحله يشير إلى الرد على الخوارج الييذين يكفييرون المسييلم‬ ‫‪3‬‬

‫بفعل المعصية أنظر شرح الطحاوية بتحقيق أحمد شاكر ص ‪.261‬‬


‫)( سورة إبراهيم آية ‪.27‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪18‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأن ل يذكر أحد من صحابة الرسول إل بأحسن‬
‫ذكر والمساك عما شجر)‪ (1‬بينهم وأنهم أحق الناس‬
‫أن يلتمس لهم المخارج ويظن بهم أحسن المذاهب‬
‫والطاعة لئمة المسلمين من ولة أمورهم وعلمائهم‬
‫واتباع السلف الصالح واقتفاء آثارهم والستغفار لهم‬
‫وترك المراء والجدال في الدين وترك كل ما أحدثه‬
‫المحدثون‪ ،‬وصلى الله على سيدنا محمد نبيه وعلى‬
‫ما كثيًرا‪ ،‬انتهى‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫آله وأزواجه وذريته وسلم تسلي ً‬

‫)تتمة مهمة(‬
‫من واجب كل مسلم أن يعتقد ويقول هذه‬
‫الكلمات ويعمل بموجبها وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬أشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‬
‫وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله‬
‫ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن‬
‫)‪.(2‬‬
‫الجنة حق والنار حق وأن الله يبعث من في القبور‬
‫‪ -2‬آمنت بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم‬
‫الخر وبالقدر خيره وشره)‪.(3‬‬
‫‪ -3‬رضيت بالله ربا وبالسلم دينا وبمحمد ‪‬‬
‫نبيا ورسول)‪.(4‬‬

‫)( شجر‪ :‬اضطراب واختلف المر بينهم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( من شهد هذه الشهادة أدخله اللييه الجنيية علييى مييا كييان ميين العمييل‬ ‫‪2‬‬

‫متفق عليه‪.‬‬
‫)( وهذه أصول اليمان الستة التي ل يصح بدونها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( من رضي بذلك ذاق طعم اليمان وغفيير لييه ذنبييه ووجبييت لييه الجنيية‬ ‫‪4‬‬

‫وكان حقا ً على الله أن يرضيه كما في الحاديث الصييحيحة الييتي رواهييا‬
‫مسلم وغيره‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -4‬ل إله إل الله وحده ل شريك له له الملك وله‬
‫الحمد وهو على كل شيء قدير)‪.(1‬‬
‫‪ -5‬سبحان الله والحمد لله ول إله إل الله والله‬
‫أكبر ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم)‪.(2‬‬
‫‪ -6‬اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين)‪.(3‬‬
‫من مزايا الدين السلمي‬
‫قال الشيخ أحمد بن حجر آل بوطامي‬
‫)يعجبني أن يكتب بماء الذهب وفي سويداء‬
‫القلوب(‬
‫ما قاله عبد الفتاح المام في كتابه "التفسير‬
‫العصري القديم" ما يلي‪:‬‬
‫‪#‬‬

‫‪ -1‬ل يوجد في دين من الديان يؤاخي العقل والعلم‬


‫في كل ميدان إل السلم‪.‬‬
‫‪ -2‬ول يوجد دين روحي مادي إل السلم‪.‬‬
‫‪ -3‬ول يوجد دين يدعو إلى الحضارة والعمران إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -4‬ول يوجد دين شهد له فلسفة العالم المتحضر إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -5‬ول يوجد دين يسهل إثباته بالتجربة إل السلم‪.‬‬
‫‪ -6‬ول يوجد دين من أصوله اليمان بجميع الرسل‬
‫والنبياء والكتب اللهية إل السلم‬
‫)( وهذه كلمة الخلص من قالها عن علم ويقين وإخلص وصدق ومحبة‬ ‫‪1‬‬

‫وانقياد وقبول لها ولما دلت عليه من الوامر والنواهي حرمه الله علييى‬
‫النار ووجبت له الجنة للحاديث الصحيحة في هذا المعنى‪.‬‬
‫)( وهذه الكلمات هي غراس الجنة وأحب الكلم إلى الله‬ ‫‪2‬‬

‫)( وقد ذكر ابن القيم أربعين فائدة للصلة على النبي صييلى اللييه عليييه‬ ‫‪3‬‬

‫وسلم أنظر كتابه جل الفهام ص ‪310-302‬‬


‫‪20‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -7‬ول يوجد دين جامع لجميع ما يحتاجه البشر إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -8‬ول يوجد دين فيه من المرونة واليسر الشيء‬
‫الكثير إل السلم‪.‬‬
‫‪ -9‬ول يوجد دين تشهد له الكتشافات العلمية إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -10‬ول يوجد دين صالح لكل المم والزمان إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -11‬ول يوجد دين يسهل العمل به في كل حال إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -12‬ول يوجد دين ل إفراط فيه ول تفريط إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -13‬ول يوجد دين حفظ كتابه المقدس إل السلم‪.‬‬
‫‪ -14‬ول يوجد دين صرح كتابه المنزل بأنه عام لكل‬
‫الناس إل السلم‪.‬‬
‫‪ -15‬ول يوجد دين يأمر بجميع العلوم النافعة إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -16‬الحضارة الحاضرة قبس من السلم‪.‬‬
‫‪ -17‬هذه الحضارة مريضة ول علج لها إل السلم‪.‬‬
‫‪ -18‬ما شهد التاريخ حضارة جمعت بين الروح‬
‫والمادة إل حضارة السلم‪.‬‬
‫‪ -19‬السلم العالمي ل يتم إل بالسلم‪.‬‬
‫‪ -20‬ل يوجد دين يسهل إثباته بالتحليل العلمي إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -21‬ل يوجد دين وحد قانون المعاملت بين البشر‬
‫إل السلم‪.‬‬
‫‪21‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -22‬ل يوجد دين أزال امتياز الطبقات إل السلم‪.‬‬
‫‪ -23‬ل يوجد دين حقق العدالة الجتماعية إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -24‬ل يوجد دين ل يشذ عن الفطرة في شيء إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -25‬ل يوجد دين منع استبداد الحكام وأمر بالشورى‬
‫إل السلم‪.‬‬
‫‪ -26‬ل يوجد دين أمر بالعدالة مع العداء إل السلم‪.‬‬
‫‪ -27‬ل يوجد دين بشرت به الكتب السماوية إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -28‬ل يوجد دين أنقذ المرأة في أدوارها‪ :‬أما ً وزوجة‬
‫وبنتا ً إل السلم‪.‬‬
‫‪ -29‬ل يوجد دين ساوى بين البيض والسود‬
‫والصفر والحمر إل السلم‪.‬‬
‫‪ -30‬ل يوجد دين أمر بالتعليم وحرم كتمان العلم‬
‫النافع إل السلم‪.‬‬
‫‪ -31‬ل يوجد دين قرر الحقوق الدولية إل السلم‪.‬‬
‫‪ -32‬ل يوجد دين توافق أوامره ما اكتشفه الطب‬
‫الحديث إل السلم‪.‬‬
‫‪ -33‬ل يوجد دين أنقذ الرقيق من المعاملت‬
‫الوحشية وأمر بمساواته لسادته وحض على إعتاقه‬
‫إل السلم‪.‬‬
‫‪ -34‬ل يوجد دين قرر سيادة العقل والخضوع لحكمه‬
‫إل السلم‪.‬‬
‫‪ -35‬ل يوجد دين ينقذ الفقراء والغنياء بفرض جزء‬
‫‪22‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من مال الغنياء يعطى للفقراء إل السلم‪.‬‬
‫‪ -36‬ل يوجد دين قرر من الخلق مقتضى الفطرة‬
‫والحكمة اللهية‪ ،‬فللشدة موقف وللرحمة موقف إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -37‬ل يوجد دين أمر بالحسان والرفق بجميع‬
‫الخلق إل السلم‪.‬‬
‫‪ -38‬ل يوجد دين قرر أصول الحقوق المدنية على‬
‫قواعد فطرية إل السلم‪.‬‬
‫‪ -39‬ل يوجد دين اعتنى بصحة النسان وثروته إل‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪ -40‬ل يوجد دين أثر في النفوس والخلق والعقول‬
‫)‪(1‬‬
‫كالسلم‪.‬‬ ‫‪#‬‬

‫)( التقسير العصري القديم – جي ‪.3‬وأنظر كتاب السلم والرسييول فييي‬ ‫‪1‬‬

‫نظر منصفي الشرق والغرب‪ -‬تأليف أحمد بن حجر آل بوطامي قاضييي‬


‫المحكمة الشرعية بدولة قطر‪ -‬ص ‪.119-117‬‬
‫‪23‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫نصيحة لطلبة العلم‬

‫لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله‬


‫بن باز‬
‫رئيس إدارات البحوث والفتاء والدعوة‬
‫والرشاد بالمملكة العربية السعودية‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله‪ ،‬نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه‪ .‬أما بعد‪ :‬فل ريب أن طلب العلم‬
‫من أفضل القربات‪ ،‬ومن أسباب الفوز بالجنة‬
‫والكرامة لمن عمل به‪ ،‬ومن أهم المهمات الخلص‬
‫في طلبه‪ ،‬وذلك بأن يكون طلبه لله ل لغرض آخر‪،‬‬
‫لن ذلك هو سبيل النتفاع به‪ ،‬وسبب التوفيق لبلوغ‬
‫المراتب العالية في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫وقد جاء في الحديث عن النبي ‪ ‬أنه قال "من‬
‫ما مما يبتغي به وجه الله‪ ،‬ل يتعلمه إل‬ ‫تعلم عل ً‬
‫ضا من الدنيا‪ ،‬لم يجد عرف الجنة يوم‬ ‫ليصيب به عر ً‬
‫القيامة" يعني ريحها أخرجه أبو داود بإسناد حسن‪.‬‬
‫وأخرج الترمذي بإسناد فيه ضعف عنه ‪ ‬أنه قال‬
‫"من طلب العلم ليجاري به العلماء‪ ،‬أو ليماري به‬
‫السفهاء‪ ،‬أو ليصرف به وجوه الناس إليه‪ ،‬أدخله الله‬
‫النار"‪.‬‬
‫فأوصي كل طالب علم‪ ،‬وكل مسلم يطلع على‬
‫هذه الكلمة‪ ،‬بالخلص لله في جميع العمال عمًل‬
‫قاء‬‫جو ل ِ َ‬‫ن ي َْر ُ‬ ‫من َ‬
‫كا َ‬ ‫بقول الله سبحانه وتعالى ‪َ ‬‬
‫ف َ‬
‫ه‬
‫ة َرب ّ ِ‬
‫عَبادَ ِ‬ ‫ر ْ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫ول َ ي ُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫حا َ‬ ‫مل ً َ‬
‫صال ِ ً‬ ‫ع َ‬ ‫م ْ‬
‫ل َ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫ع َ‬ ‫ه َ‬
‫َرب ّ ِ‬
‫‪24‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دا ‪ (1)‬وفي صحيح مسلم عن النبي ‪ ‬أنه قال‬ ‫َ‬
‫ح ً‬ ‫أ َ‬
‫"يقول الله عز وجل‪ :‬أنا أغنى الشركاء عن الشرك‪،‬‬
‫من عمل عمًل أشرك معي فيه غيري تركته‬
‫وشركه"‪.‬‬
‫كما أوصي كل طالب علم‪ ،‬وكل مسلم‪ ،‬بخشية‬
‫الله سبحانه‪ ،‬ومراقبته في جميع المور‪ ،‬عمًل بقوله‬
‫هم‬ ‫ب لَ ُ‬‫غي ْ ِ‬‫هم ِبال ْ َ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬‫و َ‬ ‫خ َ‬
‫ش ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫عز وجل ‪‬إ ِ ّ‬
‫فرةٌ َ‬
‫جٌر ك َِبير ‪ ‬وقول ‪َ ‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ف‬‫خا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ول ِ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫غ ِ َ‬ ‫م ْ‬‫ّ‬
‫جن َّتان ‪ ‬قال‬
‫‪#‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ه َ‬ ‫م َرب ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫بعض السلف )رأس العلم خشية الله( وقال عبد‬
‫الله بن مسعود رضي الله عنه )كفى بخشية الله‬
‫ما وكفى بالغترار به جهًل( وقال بعض السلف‬ ‫عل ً‬
‫)من كان بالله أعرف كان منه أخوف( ويدل على‬
‫صحة هذا المعنى قول النبي ‪ ‬لصحابه "أما والله‬
‫إني لخشاكم لله وأتقاكم له")‪ (4‬فكلما قوي علم‬
‫العبد بالله كان ذلك سبًبا لكمال تقواه وإخلصه‬
‫ووقوفه عند الحدود وحذره من المعاصي‪ .‬ولهذا قال‬
‫ه‬
‫عَباِد ِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫شى الل ّ َ‬ ‫خ َ‬‫ما ي َ ْ‬‫الله سبحانه وتعالى‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫ماء ‪.(5)‬‬ ‫عل َ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫فالعلماء بالله وبدينه‪ ،‬هم أخشى الناس‪ ،‬وأتقاهم‬
‫له‪ ،‬وأقومهم بدينه‪ ،‬وعلى رأسهم الرسل والنبياء‬
‫عليهم الصلة والسلم‪ .‬ثم أتباعهم بإحسان‪ .‬ولهذا‬
‫أخبر النبي ‪ :‬أن من علمات السعادة أن يفقه‬
‫سورة الكهف آية ‪.110‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الملك آية ‪.12‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الرحمن آية ‪.46‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫سورة فاطر آية ‪.28‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪25‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫العبد في دين الله‪ ،‬فقال عليه الصلة والسلم‪" :‬من‬
‫يرد الله به خيًرا يفقهه في الدين" أخرجاه في‬
‫الصحيحين من حديث معاوية رضي الله عنه‪ ،‬وما‬
‫ذاك إل لن الفقه في الدين يحفز العبد على القيام‬
‫بأمر الله‪ ،‬وخشيته وأداء فرائضه‪ ،‬والحذر من‬
‫مساخطه ويدعوه إلى مكارم الخلق‪ ،‬ومحاسن‬
‫العمال‪ ،‬والنصح لله ولعباده‪.‬‬
‫فأسأل الله عز وجل أن يمنحنا وجميع طلبة العلم‬
‫وسائر المسلمين الفقه في دينه‪ ،‬والستقامة عليه‪،‬‬
‫وأن يعيذنا جميًعا من شرور أنفسنا‪ ،‬وسيئات أعمالنا‬
‫إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على عبده‬
‫ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫أهمية الدعوة إلى الله في حياة‬
‫المسلم‬
‫أوجد الله العالم إنسهم وجنهم وحرهم وعبدهم‬
‫وذكرهم وأنثاهم وصغيرهم وكبيرهم وحضريهم‬
‫وبدويهم أوجدهم لحكمة عظيمة وهي عبادته وحده ل‬
‫شريك له في ربوبيته وإلهيته وأسمائه وصفاته‬
‫‪#‬‬ ‫وأفعاله وبذلك أرسل‬
‫الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله ولئل‬
‫يكون للناس على الله حجة بعد الرسل كما قال‬
‫دون‬ ‫س إ ِل ّ ل ِي َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫لن َ‬ ‫وا ِ‬‫ن َ‬ ‫ت ال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫ق ُ‬‫خل َ ْ‬‫ما َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫َ‬ ‫في ك ُ ّ ُ‬
‫سوًل أ ِ‬ ‫عث َْنا ِ‬ ‫ول َ َ‬‫‪ ‬وقال ‪َ ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ن‬ ‫ة َر ُ‬ ‫م ٍ‬‫لأ ّ‬ ‫قدْ ب َ َ‬

‫)( سورة الذاريات آية ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪26‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ت ‪ (1)‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫جت َن ُِبوا ال ّ‬
‫طا ُ‬
‫غو َ‬ ‫وا ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫اُ ْ‬
‫عب ُ ُ‬
‫ل إ ِّل ُنو ِ‬ ‫َ‬
‫حي‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫ه إ ِّل أَنا َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬وحرم الله‬ ‫ه َل إ ِل َ َ‬ ‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫دو ِ‬‫عب ُ ُ‬
‫فا ْ‬ ‫ه أن ّ ُ‬
‫سبحانه الشرك به في القوال والفعال والعتقادات‬
‫وحرم الجنة على من أشرك به وأخبر أن مأواه النار‬
‫وأنه ل يغفر لمن أشرك به‪.‬‬
‫والسلم حين جاء بالشرائع والحدود والوامر‬
‫والنواهي فالغاية من ذلك سعادة البشر في الدنيا‬
‫ما وعمًل‬ ‫والخرة إذا قاموا بما أوجب الله عليهم عل ً‬
‫واعتقاًدا ودعوة‪ .‬أما في الدنيا فالعز والنصر‬
‫د‬
‫ع َ‬‫و َ‬‫والتمكين والمن والحياة الطيبة قال تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ت‬‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ف ال ّ ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ْ َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫فن ّ ُ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ل َي َ ْ‬
‫ضى‬ ‫ذي اْرت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫م ِدين َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫مك ّن َ ّ‬ ‫ول َي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قب ْل ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫مًنا ‪ (3)‬الية‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ِ‬‫و ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫ول َي ُب َدّل َن ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫لَ ُ‬
‫و أ ُن َْثى‬ ‫ل صال ِحا من ذَك َ َ‬
‫رأ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ً ِ ْ‬ ‫م َ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫زي َن ّ ُ‬
‫ج ِ‬ ‫ول َن َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫حَياةً طَي ّب َ ً‬ ‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫فل َن ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬وأما سعادة‬ ‫)‪( 4‬‬
‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫جَر ُ‬ ‫أ ْ‬
‫الخرة فالفوز برضا الله والجنة والنجاة من النار‬
‫خ َ‬
‫ل‬ ‫وأ ُدْ ِ‬
‫ر َ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫ع ِ‬
‫ح َ‬
‫ز َ‬
‫ح ِ‬
‫ن ُز ْ‬‫م ْ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ف َ‬
‫فاَز ‪ ‬فيجب على المسلمين عمو ً‬ ‫ق دْ َ‬
‫ف َ‬
‫ة َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫)‪(5‬‬
‫ما‬ ‫جن ّ َ‬
‫أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الدعوة إليه‬
‫النحل آية ‪.36‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫النبياء آية ‪.25‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫النور آية ‪.55‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫النحل آية ‪.97‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫آل عمران آية ‪.185‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪27‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وإلى دينه بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة‬
‫بالتي هي أحسن وأن يبذلوا الوسائل وينشئوا‬
‫المصانع ويعدوا ما استطاعوا من قوة ضد العداء‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دوا ل َ ُ‬ ‫ع ّ‬‫وأ َ ِ‬
‫كما قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ة ‪ .(1)‬والناس يقعون في الشرك والمعاصي‬ ‫و ٍ‬‫ق ّ‬‫ُ‬
‫بسبب طاعة الشيطان والهوى والنفس المارة‬
‫بالسوء فيتدرجون من المباح إلى المكروه ومن‬
‫المكروه إلى الحرام وبسبب الوقوع في الشبهات‪.‬‬
‫كما قال الرسول ‪" :‬ومن وقع في الشبهات وقع‬
‫في الحرام")‪ (2‬وكما في الثر‪ :‬المعاصي بريد الكفر‬
‫‪#‬‬‫والنظر‬
‫بريد الزنى ونحو ذلك ولذلك كان ل بد من علماء‬
‫مرشدين يرجعونهم إلى طريق الهدى‪.‬‬
‫فيجب على العلماء في مشارق الرض ومغاربها‬
‫أن يعملوا بما علمهم الله وأن يجاهدوا في سبيل‬
‫الله من كفر بالله بأنفسهم وأموالهم وألسنتهم وأن‬
‫يدعوا إلى الله على بصيرة كما هي سبيل الرسل‬
‫عو إ َِلى‬ ‫سِبيِلي أ َدْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ذ ِ‬ ‫ه ِ‬‫ل َ‬ ‫ق ْ‬‫وأتباعهم قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫عَلى بصير َ‬
‫عِني ‪ (3)‬وأن يجددوا‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ِ‬‫و َ‬‫ة أَنا َ‬ ‫َ ِ َ ٍ‬ ‫ه َ‬‫الل ّ ِ‬
‫ما اندرس من الدين وأن يخرجوا الناس من ظلمات‬
‫الكفر والمعاصي والذنوب والجهل إلى نور العلم‬
‫واليمان والطاعة‪ ،‬ول بد للداعي أن يكون عالما ً‬
‫بشرائع السلم وأصول اليمان وحقائق الحسان‬
‫)( سورة النفال آية ‪.60‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة يوسف آية ‪.108‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪28‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عالما ً بما يأمر به وينهى عنه رفيقا ً فيما يأمر به‬
‫وينهى عنه حليما ً فيما يأمر به وينهى عنه‪ .‬وأن يكون‬
‫عامل ً بعلمه وإذا لم يكن الداعي عامل ً فسوف ل‬
‫تقبل منه دعوته ول ينفعه علمه ول ينجيه من عذاب‬
‫الله ويكون علمه حجة ووبال ً عليه‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫معذب من قبل عابد‬ ‫وعالم بعلمه لم‬
‫الوثن‬
‫أعماله مردودة لتقبل‬ ‫يعملنمن بغير علم‬
‫وكل‬
‫يعمل‬
‫وأن يكون الداعي صابًرا على ما أصابه فإن‬
‫المتصدي للدعوة ل بد وأن يؤذي فعليه أن يصبر كما‬
‫قال تعالى ‪ْ ‬‬
‫ر‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ه َ‬
‫وان ْ َ‬
‫ف َ‬
‫عُرو ِ‬ ‫مْر ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫وأ ُ‬
‫َ‬
‫َ‬
‫ك ‪ ‬وقد حكم الله على‬ ‫صاب َ َ‬ ‫عَلى َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ما أ َ‬ ‫صب ِْر َ‬
‫وا ْ‬
‫َ‬
‫جنس النسان بالخسارة واستثنى العلماء العاملين‬
‫المتواصين بالحق المتواصين بالصبر فقال تعالى‪ :‬‬
‫ن‬ ‫* إ ِّل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ر‬
‫س ٍ‬ ‫خ ْ‬‫في ُ‬ ‫ن لَ ِ‬
‫سا َ‬ ‫ن اْل ِن ْ َ‬ ‫ر * إِ ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ع ْ‬ ‫َ‬
‫ِبال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫ح ّ‬
‫وا‬‫ص ْ‬‫وا َ‬‫وت َ َ‬
‫ت َ‬ ‫حا ِ‬‫صال ِ َ‬‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫آ َ‬
‫ر ‪ ،‬ويجب أن يكون الداعي مخل ً‬
‫صا‬ ‫صب ْ ِ‬
‫وا ِبال ّ‬ ‫ص ْ‬‫وا َ‬ ‫وت َ َ‬ ‫َ‬
‫دا بها وجه الله والدار الخرة وهداية‬ ‫في دعوته قاص ً‬
‫عا قوًيا ليبلغ مراده ويدرك‬
‫الخلق‪ ،‬وأن يكون ذكًيا شجا ً‬
‫مقصوده وأن تكون دعوته بحكمة وبصيرة وأن يراقب‬
‫الله في جميع أحواله‪ .‬وبالجملة فيجب على الداعي أن‬
‫يتخلق بالخلق الفاضلة الجميلة وأن يتخلى على‬
‫الخلق الرذيلة ليكون قدوة صالحة‪.‬‬
‫والدعوة إلى الله وإلى دينه لها فضل عظيم‪،‬‬
‫فقد وردت اليات القرآنية والحاديث النبوية في‬

‫)( سورة لقمان آية ‪.17‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪29‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فضل الدعاة المصلحين قال تعالى وهو أصدق‬
‫ن‬ ‫م إ ِّل َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ْ‬
‫وا ُ‬
‫ج َ‬
‫ن نَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫في ك َِثي ٍ‬
‫ر ِ‬ ‫القائلين ‪َ‬ل َ‬
‫خي َْر ِ‬
‫و إِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ن الّنا ِ‬ ‫ح ب َي ْ َ‬ ‫صل ٍ‬ ‫فأ ْ‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫صدَ َ ٍ‬ ‫مَر ب ِ َ‬ ‫أ َ‬
‫ه‬ ‫ف نُ ْ‬
‫ؤِتي ِ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫ضا ِ‬
‫مْر َ‬ ‫غاءَ َ‬ ‫ك اب ْت ِ َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ع ْ‬‫ف َ‬ ‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما ‪ ‬وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ن‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫أ ْ‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫و َ‬‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬‫ع ِ‬
‫و َ‬‫ه َ‬ ‫عا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫وًل ِ‬
‫ق ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ (2)‬وقال النبي ‪" ‬لن يهدي‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫إ ِن ِّني ِ‬
‫دا خير لك من حمر النعم")‪ (3‬وقال‬ ‫الله بك رجًل واح ً‬
‫‪" ‬من دعا إلى هدى كان له من الجر مثل أجور‬
‫من تبعه ل ينقص ذلك من أجورهم شيًئا")‪ (4‬فقد وعد‬
‫الله الداعي إلى الله المبتغي بدعوته مرضات الله‬
‫ما‪.‬‬‫ما وثواًبا جسي ً‬
‫أن يعطيه أجًرا عظي ً‬
‫وأخير الرسول ‪ ‬أن من دعا إلى هدى كان له‬
‫من الجر مثل أجور من تبعه وكفى بذلك فضًل‪.‬‬
‫وعكس ذلك من دعا إلى ضللة فعليه من الثم مثل‬
‫آثام من تبعه ل ينقص ذلك من آثامهم شيًئا‪ .‬فما‬
‫أحوجنا في هذا العصر الذي كثر فيه الشك والشرك‬
‫والكفر والشقاق والنفاق وسوء الخلق والفسوق‬
‫والعصيان واللحاد والزندقة‪ ،‬نعم ما أحوجنا إلى دعاة‬
‫عَلى‬ ‫َ‬
‫مجددين لما اندرس من الدين ‪‬أِذل ّ ٍ‬
‫ة َ‬
‫في‬‫ن ِ‬‫دو َ‬‫ه ُ‬‫جا ِ‬ ‫ن يُ َ‬‫ري َ‬‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬‫عَلى ال ْ َ‬
‫ة َ‬ ‫عّز ٍ‬‫ن أَ ِ‬‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ض ُ‬
‫ل‬ ‫ف ْ‬ ‫ة َلئ ِم ٍ ذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬‫ن لَ ْ‬ ‫خا ُ‬
‫فو َ‬ ‫وَل ي َ َ‬‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬‫سِبي ِ‬‫َ‬

‫سورة النساء آية ‪.114‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة فصلت آية ‪.33‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪30‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫م‪‬‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه يُ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫وبالله‬ ‫عِلي ٌ‬
‫ع َ‬
‫س ٌ‬
‫وا ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن يَ َ‬
‫شاءُ َ‬ ‫م ْ‬
‫ه َ‬
‫ؤِتي ِ‬
‫التوفيق‪،،،،،‬‬

‫الخوة السلمية وآثارها‬

‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول‬


‫الله ‪" :‬ل تحاسدوا ول تناجشوا ول تباغضوا ول‬
‫‪#‬‬‫تدابروا ول يبع بعضكم على بيع‬
‫بعض وكونوا عباد الله إخواًنا‪ ،‬المسلم أخو المسلم‬
‫ل يظلمه ول يخذله ول يكذبه ول يحقره‪ ،‬التقوى ههنا‬
‫ويشير إلى صدره ثلث مرات‪ ،‬بحسب امرئ من‬
‫الشر أن يحقر أخاه المسلم‪ ،‬كل المسلم على‬
‫المسلم حرام دمه وماله وعرضه"‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ ...‬العمل بهذا الحديث من أعظم‬
‫السباب الموصلة للتآلف بين المسلمين وقلة‬
‫الشحناء بينهم فالمؤمنون إخوة في النسب أبوهم‬
‫آدم وأمهم حواء ل يتفاضلون إل بالتقوى وإخوة في‬
‫ة‪‬‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫الدين قال تعالى‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫و ٌ‬
‫خ َ‬
‫ن إِ ْ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬
‫وقال رسول الله ‪" :‬المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد‬
‫ضا وشبك بين أصابعه" رواه البخاري‬ ‫بعضه بع ً‬
‫ومسلم‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم‪" :‬مثل المؤمنين‬
‫في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا‬
‫اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر‬
‫)( سورة المائدة آية ‪.54‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحجرات آية ‪.10‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪31‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والحمى" رواه البخاري ومسلم‪ .‬ولهذا قال ‪" ‬ل‬
‫ضا‪ .‬والحسد تمني‬ ‫تحاسدوا" أي ل يحسد بعضكم بع ً‬
‫زوال النعمة عن أخيك المسلم وهو حرام لنه‬
‫اعتراض على الله في نعمته وقسمته وقال النبي ‪‬‬
‫‪" :‬دب إليكم داء المم قبلكم الحسد والبغضاء هي‬
‫الحالقة حالقة الدين ل حالقة الشعر" رواه البزار‬
‫والبيهقي وغيرهما بإسناد جيد‪ ،‬وقال ‪" :‬إياكم‬
‫والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار‬
‫الحطب" رواه أبو داود والبيهقي وابن ماجه )وهو‬
‫ضعيف(‪.‬‬
‫َ‬
‫ما‬‫عَلى َ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫دو َ‬
‫س ُ‬
‫ح ُ‬‫م يَ ْ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬أ ْ‬
‫ه ‪(1)‬؟ ثم قال ‪" ‬ول‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ن َ‬
‫ف ْ‬ ‫م ْ‬
‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫آ ََتا ُ‬
‫ه ُ‬
‫تناجشوا" والنجش هو أن يزيد في السلعة من ل‬
‫يريد شراءها ليغر غيره بها وهو حرام لنه من أسباب‬
‫العداوة والبغضاء ومن أسباب أكل المال بالباطل‬
‫ولهذا قال بعض العلماء الناجش آكل ربا خائن غاش‬
‫ومن غشنا‬
‫فليس منا‪ ،‬ثم قال ‪" ‬ول تباغضوا" أي ل يبغض‬
‫ضا بتعاطي أسباب البغضاء من السب‬ ‫بعضكم بع ً‬
‫والشتم واللعن والغيبة والنميمة والخمر والميسر‬
‫َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫ع‬
‫ق َ‬ ‫ن ُيو ِ‬‫نأ ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫ريدُ ال ّ‬
‫ما ي ُ ِ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫ضاءَ‬ ‫غ َ‬
‫‪#‬‬ ‫وال ْب َ ْ‬‫وةَ َ‬ ‫دا َ‬‫ع َ‬ ‫م ال ْ َ‬‫ب َي ْن َك ُ ُ‬
‫ر الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ع ْ‬
‫م َ‬ ‫صدّك ُ ْ‬ ‫وي َ ُ‬‫ر َ‬ ‫س ِ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ر َ‬ ‫م ِ‬‫خ ْ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫فه ْ َ‬
‫ن ‪ (2)‬وقال ‪:‬‬ ‫هو َ‬ ‫من ْت َ ُ‬
‫م ُ‬ ‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫ة َ َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫)( سورة النساء آية ‪.54‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة ‪.91‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪32‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫"والذي نفسي بيده ل تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ول‬
‫تؤمنوا حتى تحابوا أل أدلكم على شيء إذا فعلتموه‬
‫تحاببتم أفشو السلم بينكم" رواه مسلم‪.‬‬
‫وقال ‪" :‬أل أنبؤكم بشراركم قالوا بلى يا‬
‫رسول الله قال المشاؤون بالنميمة المفرقون بين‬
‫الحبة الباغون للبرءاء العنت" رواه أحمد والعنت‪:‬‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫في ك َِثي ٍ‬
‫ر ِ‬ ‫المشقة‪ ،‬وقال تعالى‪َ :‬ل َ‬
‫خي َْر ِ‬
‫إِ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫صل ٍ‬ ‫و‬‫فأ ْ‬ ‫عُرو ٍ‬‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫صدَ َ ٍ‬‫مَر ب ِ َ‬‫نأ َ‬ ‫م ْ‬‫م إ ِّل َ‬
‫ه ْ‬‫وا ُ‬‫ج َ‬ ‫نَ ْ‬
‫الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ة‬
‫ضا ِ‬ ‫مْر َ‬
‫غاءَ َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬
‫ك اب ْت ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫ما ‪.(1)‬‬ ‫ؤِتي َ‬ ‫َ‬
‫ظي ً‬
‫ع ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ف نُ ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬
‫والتباغض المذموم هو الذي منشؤه التنافس في‬
‫الدنيا واتباع الهواء‪ .‬فأما الحب لله والبغض لله فهو‬
‫أوثق عرى اليمان وأحب العمال إلى الله‪ ،‬وقال ‪‬‬
‫"من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد‬
‫استكمل اليمان" رواه أبو داود‪ .‬ويجب عليك أيها‬
‫المسلم محبة الله ومحبة رسوله ومحبة الصالحين‬
‫ومحبة ما يحبه الله من اليمان والعمل الصالح‪ ،‬لنك‬
‫مع من أحببت يوم القيامة كما يجب عليك بغض‬
‫الكفر والفسوق والمعاصي وبغض الكفرة‬
‫والمشكرين والعصاة والملحدين‪.‬‬
‫ب‬
‫حب ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ول َك ِ ّ‬
‫وصدق الله العظيم إذ يقول ‪َ ‬‬
‫م‬‫وك َّرهَ إ ِل َي ْك ُ ُ‬ ‫م َ‬‫قُلوب ِك ُ ْ‬
‫في ُ‬
‫ه ِ‬
‫وَزي ّن َ ُ‬
‫ن َ‬
‫ما َ‬ ‫ما ِْ‬
‫لي َ‬ ‫إ ِل َي ْك ُ ُ‬

‫)( سورة النساء آية ‪.114‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪33‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫م‬
‫ه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫ن ُأول َئ ِ َ‬ ‫صَيا َ‬ ‫ع ْ‬‫وال ْ ِ‬
‫سوقَ َ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ف ُ‬ ‫فَر َ‬ ‫ال ْك ُ ْ‬
‫م‬
‫عِلي ٌ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ة َ‬
‫م ً‬‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬
‫ه َ‬‫ن الل ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫ضًل ِ‬ ‫ن* َ‬
‫ف ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ش ُ‬
‫الّرا ِ‬
‫م ‪ (1)‬وقال ‪" :‬إن الله تعالى يقول‪ :‬يوم‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫القيامة أين المتحابون بجللي اليوم أظلهم في ظلي‬
‫يوم ل ظل إل ظلي" رواه مسلم‪.‬‬
‫ثم قال ‪" ‬ول تدابروا" والتدابر التهاجر‬
‫والتقاطع فإن كل من المتقاطعين يولي صاحبه دبره‬
‫ويعرض عنه ول يسلم عليه ول يرد عليه السلم‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن النبي ‪ ‬قال "ل يحل لمسلم‬
‫أن يهجر أخاه فوق ثلث‬
‫‪#‬‬

‫ليال يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي‬


‫يبدأ بالسلم" وفي رواية "فمن هجر فوق ثلث‬
‫فمات دخل النار" رواه أبو داود والنسائي‪.‬‬
‫ثم قال ‪" :‬ول يبع بعضكم على بيع بعض"‬
‫ومعنى البيع على بيع أخيه أن يقول لمن اشترى‬
‫سلعة في مدة الخيار افسخ هذا البيع وأنا أبيعك مثله‬
‫أو أجود منه بثمنه والنهي للتحريم لما فيه من اليذاء‬
‫الموجب للتباغض ثم قال ‪" :‬وكونوا عباد الله‬
‫إخواًنا" وفيه إشارة على أنهم إذا تركوا التحاسد‬
‫والتناجش والتباغض والتدابر وبيع بعضهم على بيع‬
‫بعض كانوا إخواًنا أي تعاملوا وتعاشروا معاملة‬
‫الخوان ومعاشرتهم في المودة والرفق والشفقة‬
‫والملطفة والتعاون في الخير مع صفاء القلوب‬
‫)( سورة الحجرات آية ‪.7‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪34‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والنصيحة بكل حال فكونوا عباد الله إخواًنا في‬
‫المحبة والدين والرفق واللين ثم قال ‪" ‬المسلم‬
‫أخو المسلم ل يظلمه ول يحقره ول يخذله ول‬
‫يكذبه"‪.‬‬
‫ة‬
‫و ٌ‬
‫خ َ‬‫ن إِ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫عل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ه لَ َ‬
‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬‫م َ‬ ‫وي ْك ُ ْ‬ ‫ن أَ َ‬
‫خ َ‬ ‫حوا ب َي ْ َ‬‫صل ِ ُ‬
‫َ َ‬
‫فأ ْ‬
‫ن ‪ (1)‬وقال النبي ‪" ‬انصر أخاك ظال ًً‬
‫ما أو‬ ‫مو َ‬ ‫ح ُ‬‫ت ُْر َ‬
‫ما فكيف‬
‫ما قال يا رسول الله أنصره مظلو ً‬
‫مظلو ً‬
‫ما قال تمنعه من الظلم فذلك نصرك إياه‬‫أنصره ظال ً‬
‫" رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وأما احتقار المسلم فهو ناشئ عن الكبر وقد‬
‫قال ‪" :‬ل يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة‬
‫من كبر فقيل له إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسًنا‬
‫ونعله حسًنا فقال إن الله جميل يحب الجمال‪.‬‬
‫والكبر بطر الحق وغمط الناس" رواه مسلم‪ .‬وبطر‬
‫الحق دفعه ورده على قائله وغمط الناس احتقارهم‪.‬‬
‫خل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫قَناك ُ ْ‬ ‫س إ ِّنا َ‬‫ها الّنا ُ‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ذَك َر ُ‬
‫فوا‬ ‫عاَر ُ‬‫ل ل ِت َ َ‬‫قَبائ ِ َ‬‫و َ‬‫عوًبا َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬
‫ج َ‬‫و َ‬‫وأن َْثى َ‬ ‫ٍ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خِبيٌر‬‫م َ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫قاك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ه أت ْ َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬‫م ِ‬‫مك ُ ْ‬
‫ن أك َْر َ‬
‫إِ ّ‬
‫‪ (2)‬فل فضل لعربي على عجمي ول لبيض على‬
‫أسود إل بالتقوى‪ ،‬قال ‪" ‬إن الله أذهب عنكم عبية‬
‫الجاهلية )وهي الكبر( وفخرها بالباء إنما هو مؤمن‬

‫)( سورة الحجرات آية ‪.10‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحجرات آية ‪.13‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪35‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تقي‬
‫‪#‬‬

‫وفاجر شقي الناس لدم وآدم من تراب لينتهين‬


‫أقوام يفتخرون بآبائهم الذين ماتوا إنما هم فحم من‬
‫فحم جهنم وليكونن أهون على الله من الجعل الذي‬
‫يدهده الخرأ بأنفه" رواه أبو داود والترمذي وقال‬
‫حديث حسن‪.‬‬
‫وقال ‪" ‬إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى ل‬
‫يفخر أحد على أحد ول يبغي أحد على أحد" رواه‬
‫مسلم وغيره‪ ،‬وروي عن أسماء بنت عميس قالت‪:‬‬
‫سمعت رسول الله ‪ ‬يقول "بئس العبد عبد تخيل‬
‫واختال ونسي الكبير المتعال‪ ،‬بئس العبد عبد تجبر‬
‫واعتدى ونسي الجبار العلى‪ ،‬بئس العبد عبد سهى‬
‫ولهى ونسي المقابر والبلى‪ ،‬بئس العبد عبد عتى‬
‫وطغى ونسي المبتدأ والمنتهى‪ ،‬بئس العبد عبد يختل‬
‫الدنيا بالدين والشهوات‪ ،‬بئس العبد عبد طمع يقوده‪،‬‬
‫بئس العبد عبد هوى يضله‪ ،‬بئس العبد عبد رعب‬
‫يذله" رواه الترمذي والطبراني‪ .‬ثم قال ‪" ‬التقوى‬
‫ههنا ويشير إلى صدره ثلث مرات" ل شك أن‬
‫اليمان أصله في القلب وثمرته على الجوارح فهو‬
‫قول واعتقاد وعمل وحب وبغض وفعل وترك وليس‬
‫اليمان بالتحلي ول بالتمني ولكنه ما وقر في القلب‬
‫وصدقه العمل‪.‬‬
‫ثم قال ‪" ‬بحسب امرئ من الشر أن يحقر‬
‫أخاه المسلم" يعني يكفيه من الشر احتقاره لخيه‬
‫‪36‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المسلم فإنه إنما يحقره لتكبره عليه والكبر من‬
‫أعظم خصال الشر‪ ،‬ثم قال ‪" ‬كل المسلم على‬
‫المسلم حرام دمه وماله وعرضه" وهذا مما كان‬
‫النبي ‪ ‬يخطب به في المجامع الكبار العظيمة كما‬
‫قال في حجة الوداع يوم النحر بمنى "إن دماءكم‬
‫وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا‬
‫في شهركم هذا في بلدكم هذا" رواه البخاري‬
‫ومسلم‪ ،‬وقال رجل لعمر بن عبد العزيز‪ :‬اجعل كبير‬
‫خا)‪.(1‬‬
‫المسلمين عندك أًبا وصغيرهم ابًنا وأوسطهم أ ً‬
‫وقال بعض السلف ليكن حظ المؤمن منك ثلث‪:‬‬
‫إن لم تنفعه فل تضره وإن لم تفرحه فل تغمه وإن‬
‫‪#‬‬‫لم تمدحه فل تذمه‪ .‬وقال ‪" :‬إن من‬
‫إجلل الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن‬
‫غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان‬
‫المقسط" حديث حسن رواه أبو داود‪.‬‬
‫وقال ‪" :‬ليس منا من ل يرحم صغيرنا ويعرف‬
‫شرف كبيرنا" حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي‪.‬‬
‫وعنه ‪ ‬أنه قال‪" :‬انزلوا الناس منازلهم" رواه‬
‫أبو داود‪.‬‬
‫وقانا الله وإياكم شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪.‬‬
‫اللهم طهر قلوبنا من النفاق وأعمالنا من الرياء‬
‫وألسنتنا من الكذب وأعيننا من الخيانة إنك تعلم‬
‫خائنة العين وما تخفي الصدور‪.‬‬
‫)( أنظر كتاب جامع العلوم والحكم لبن رجب ‪.94 – 85‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪37‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك‬
‫واجعلنا هداة مهتدين وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫نداء إلى الخوة المسلمين‬


‫أيها المسلمون‪:‬‬
‫من هنا من مدينة الرسول ‪ ‬حيث انطلقت‬
‫كتائب اليمان والدعوة إلى الله في كل أرض‬
‫نناديكم ونرجوكم ونناشدكم أن تتأملوا هذه المعاني‬
‫التي نذكرها لكم‪:‬‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫‪ -1‬أيها الخوة قال الله تعالى ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫ة ‪ (1)‬كل المؤمنين أخوة يتآخون مع بعضهم ول‬ ‫و ٌ‬
‫خ َ‬
‫إِ ْ‬
‫يعطون أخوتهم لغيرهم‪ ،‬فهل هذا الخاء أيها الخوان‬
‫قائم وموجود أم أن كل طائفة منا وكل مجموعة‪،‬‬
‫وكل جماعة أعطت أخوتها لبعضها وغفلت عن الخاء‬
‫الكبير لكل المسلمين؟‬
‫فا المؤمنين‬ ‫‪ -2‬أيها الخوان قال الله تعالى واص ً‬
‫ن‪‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬‫كا ِ‬‫عَلى ال ْ َ‬
‫ة َ‬ ‫ن أَ ِ‬
‫عّز ٍ‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬
‫‪‬أِذل ّ ٍ‬
‫ل الل ّه وال ّذين مع َ‬
‫داءُ‬‫ش ّ‬
‫هأ ِ‬ ‫ِ َ ِ َ َ َ ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫مدٌ َر ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫وقال ‪ُ ‬‬
‫م َ‬
‫ر‬
‫فا ِ‬ ‫عَلى ال ْك ُ ّ‬
‫‪#‬‬ ‫َ‬
‫م ‪ (3)‬فهل نحن أيها الخوان كذلك أو‬
‫ه ْ‬‫ماءُ ب َي ْن َ ُ‬‫ح َ‬
‫ُر َ‬
‫أننا أعزاء على بعضنا أذلء على غيرنا؟ وهل يعطي‬
‫كل منا الذلة لكل المؤمنين أو يقصرها على من‬
‫)( سورة الحجرات آية )‪.(10‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.54‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الفتح آية )‪.(29‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪38‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تربطه بهم رابطة خاصة؟ وهل يعطي كل منا الشدة‬
‫للكافرين أو أننا تناسينا كفر هؤلء وحربهم لله‬
‫ورسوله؟‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫أيها الحباب قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مُرو َ‬ ‫ض ي َأ ُ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ول َِياءُ ب َ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬
‫مَنا ُ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫صل َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬
‫ر َ‬‫من ْك َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫ْ‬
‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬‫ه ْ‬‫وي َن ْ َ‬‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ِبال َ‬
‫ه ُأول َئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫طي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ‬فهل نحن كذلك أيها الخوان‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬ ‫ه ُ‬‫م ُ‬‫ح ُ‬‫سي َْر َ‬ ‫َ‬
‫لنستحق رحمة الله أو أننا فرطنا فضرب الله قلوب‬
‫بعضنا ببعض؟ هل كل منا يقدم ولءه للمسلمين‬
‫المؤمنين على أساس السلم؟ أو أننا نقدم ولءنا‬
‫للكافرين والمنافقين والفاسقين على أسس محرمة‬
‫أساس الوطنية أو القومية أو الشتراكية أو الشيوعية‬
‫أو الرأسمالية أو التبعية لشرق أو لغرب مع أن الله‬
‫جعل علمة النفاق موالة غير المؤمنين قال تعالى‪ :‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ما * ال ّ ِ‬ ‫ذاًبا أِلي ً‬ ‫ع َ‬‫م َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن ب ِأ ّ‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬‫مَنا ِ‬‫ر ال ْ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫بَ ّ‬
‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ول َِياءَ ِ‬‫نأ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬
‫كا ِ‬ ‫ذو َ‬ ‫خ ُ‬‫ي َت ّ ِ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬‫ت بَ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫ف َ‬‫مَنا ِ‬‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬‫قو َ‬ ‫ف ُ‬‫مَنا ِ‬ ‫وقال تعالى ‪‬ال ْ ُ‬
‫ض ‪.(3)‬‬ ‫ع ٍ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫هل نأمر بالمعروف؟ هل ننهى عن المنكر؟ هل‬
‫نقيم الصلة؟ هل نؤتي الزكاة؟ هل نطيع الله‬
‫ورسوله في كل شيء في الصغيرة والكبيرة أو أننا‬
‫تساهلنا في الصغائر ثم واقعنا الكبائر؟ ورسول الله‬
‫‪ ‬يقول "إياكم ومحقرات الذنوب فإنها تجتمع على‬
‫)( سورة التوبة آية ‪.71‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.39- 38‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.67‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪39‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫العبد حتى تهلكه")‪.(1‬‬
‫‪ -4‬قال عليه السلم "الدنيا ملعونة ملعون ما‬
‫ما")‪ (2‬فكم‬
‫ما ومتعل ً‬
‫فيها إل ذكر الله وما واله أو عال ً‬
‫نعطي من أوقاتنا أيها الخوان لذكر الله من تسبيح‬
‫وتحميد وتكبير وتهليل واستغفار وصلة وقراءة‬
‫قرآن؟‬
‫وكم نعطي من أوقاتنا للعلم بالسلم؟ هل‬
‫درسنا الكتاب والسنة أو‬
‫‪#‬‬

‫شيًئا منها؟ هل درسنا العقائد والفقه والخلق‬


‫السلمية؟‬
‫هل درسنا السيرة النبوية على صاحبها الصلة‬
‫والسلم‪ ،‬وحياة الصحابة رضي الله عنهم وتاريخ‬
‫السلم والمسلمين؟ هل درسنا وتتبعنا حاضر‬
‫المسلمين وأحوالهم والمؤامرات عليهم؟‬
‫هل درسنا فقه الدعوة إلى الله وعرفنا كيف‬
‫ندعو؟‬
‫إنه بمقدار ما نعطي للعلم والذكر يكون عطاؤنا‬
‫للخرة وبمقدار ما نعطي لغير الذكر والعلم نعطي‬
‫لما لعنه الله أي الدنيا‪.‬‬
‫فيا أيها الخوان‪ :‬إننا نناشدكم‪ :‬أن تحيوا هذه‬
‫المعاني وغيرها من معاني السلم في أنفسكم‬
‫وأهليكم وجيرانكم والمسلمين وذلك بإحياء رسالة‬
‫المسجد التي ضيعناها فضاع فينا السلم وضاعت‬
‫هذه المعاني‪.‬‬

‫)( رواه أحمد والطبراني في الكبير وهو حديث حسن‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪40‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إن المسجد ينبغي أن تحيا فيه حلقات العلم‪.‬‬
‫كما ينبغي أن نحيا فيه روح الخاء والولء بين‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫كما ينبغي أن تحيا فيه معاني الذلة على‬
‫المؤمنين والرحمة بهم‪.‬‬
‫ومن أجل إحياء هذه المعاني في المسجد فإننا‬
‫نقترح على كل أهل مسجد في العالم السلمي أن‬
‫يتنادى أهله لختيار لجنة موسعة من أهل الصلح‬
‫والتقوى والعلم والفضل مهمة هذه اللجنة ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬إنشاء صندوق زكاة في المسجد من أجل رعاية‬
‫الفقراء والمحتاجين في دائرة المسجد ويمكن أن‬
‫يدفع من هذا الصندوق لمن يقوم بعملية العلم‬
‫والتعلم والتعليم فيه إذا كانوا محتاجين )كل أهل‬
‫مسجد ينفقون على فقرائهم(‪.‬‬
‫‪ -2‬تأسيس الحلقة العلمية السلمية العامة في‬
‫المسجد من أجل التوجيه العام بالتفاق مع أهل‬
‫المسجد وأحد العلماء‪.‬‬
‫‪ -3‬إيجاد الحلقات السلمية الخاصة التي تعلم كل‬
‫جوانب الثقافة السلمية من تجويد إلى تفسير إلى‬
‫كتب حديث إلى السيرة النبوية إلى حياة الصحابة إلى‬
‫الفقه إلى العقائد إلى الخلق إلى غير ذلك من جوانب‬
‫الثقافة السلمية‪.‬‬
‫‪ -4‬إنشاء حلقات تحفيظ القرآن ونصوص السنة‬
‫‪#‬‬‫الصحيحة المختارة من‬
‫‪41‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الصحيحين في العقيدة والمعاملة والخلق‬
‫للشباب وغيرهم‪.‬‬
‫‪ -5‬إرسال فرق الدعوة إلى الله من المسجد‬
‫ممن فقهوا في دين الله تحقيقا ً لسنة رسول الله ‪‬‬
‫في ذلك)‪.(1‬‬
‫ومن أجل تحقيق هذا فإننا ل نطالب المسلمين‬
‫أن يتركوا أعمالهم ولكن نطالبهم أن يخصصوا ساعة‬
‫في الليل أو النهار لهذه الشئون‪.‬‬
‫إن كل مسلم لو خصص ما بين المغرب والعشاء‬
‫للعلم والتعلم والتعليم لحصل بذلك على خير كثير‬
‫وعلم مفيد إن كل مسلم لو خصص ساعة في اليوم‬
‫للدعوة إلى الله لنتعش السلم والمسلمون ومن‬
‫لم يتح له ما بين المغرب والعشاء فليخصص أي‬
‫وقت شاء‪ ،‬روي عن الرسول ‪ ‬أنه قال لبي ذر "يا‬
‫أبا ذر لن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير من أن‬
‫تصلي مائة ركعة ولن تغدوا فتعلم باًبا من العلم‬
‫عمل به أو لم يعمل به خير من أن تصلي ألف‬
‫ركعة)‪.(2‬‬
‫فالله الله يا مسلمون في أخوتكم وولئكم‬
‫وتراحمكم وتعاونكم على البر والتقوى‪ ،‬الله الله يا‬
‫مسلمون تعلموا وعلموا وادعوا إلى الله عز وجل‪.‬‬
‫نناشدكم الله يا مسلمون أن ترجعوا إلى بلدكم‬
‫وقد نويتم إحياء السلم)‪.(3‬‬
‫ة‬
‫في ٌ‬ ‫م َ‬
‫طائ ِ َ‬ ‫ل فِْرقَيةٍ ِ‬
‫من ْهُي ْ‬ ‫ن ك ُي ّ‬ ‫مي ْ‬‫فيَر ِ‬ ‫قا لقول اللييه تعييالى )فَل َيوَْل ن َ َ‬ ‫)( وتحقي ً‬ ‫‪1‬‬

‫ن(‬‫حيذ َُرو َ‬‫م يَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬


‫م لعَلهُي ْ‬ ‫َ‬
‫جعُييوا إ ِلي ْهِي ْ‬ ‫م إِ َ‬
‫ذا َر َ‬ ‫ن وَل ِي ُن ْيذ ُِروا قَيوْ َ‬
‫مهُ ْ‬ ‫دي ِ‬
‫قُهوا ِفي ال ّ‬
‫ف ّ‬
‫ل ِي َت َ َ‬
‫‪ -122‬التوبة‪.‬‬
‫)( رواه ابن ماجه بإسناد حسن )الترغيب والترهيب( ‪ 61 -1‬حديث رقم‬ ‫‪2‬‬

‫)‪ (17‬باب العلم‪.‬‬


‫)( يعني بذلك الحجاج‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪42‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)وصايا(‬
‫أيها المسلم‪:‬‬
‫‪ -1‬صلتك ميزان أعمالك وإسلمك إذا صلحت‬
‫صلح عملك ودينك وإذا ضيعتها كنت لما سواها أضيع‪.‬‬
‫حافظ عليها في وقتها مع الجماعة أدها في المسجد‬
‫أد فرضها ونفلها‪.‬‬
‫‪ -2‬عليك بتلوة كتاب الله خصص لنفسك كل يوم‬
‫منه ورًدا وليكن أقل ما يكون وردك منه جزًءا فإن‬
‫بعض السلف كان يعتبر عدم ختم القرآن في الشهر‬
‫مرة هجرانا لكتاب الله وقد أمر رسول الله ‪ ‬عبد‬
‫‪#‬‬ ‫الله بن عمرو‬
‫)‪(1‬‬
‫أن يختمه كل شهر ولتكن تلوتك بالتدبر والتعقل‬
‫وقصد الستفادة من كلم ربك عز وجل عمل بقوله‬
‫ك ل ِي َدّب ُّروا آ ََيات ِ ِ‬
‫ه‬ ‫مَباَر ٌ‬ ‫ب أ َن َْزل َْناهُ إ ِل َي ْ َ‬
‫ك ُ‬ ‫تعالى‪ :‬ك َِتا ٌ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪.(2)‬‬ ‫ول ِي َت َذَك َّر أوُلو اْلل َْبا ِ‬
‫َ‬
‫‪ -3‬أدب ولدك علمه أننا مسلمون‪ ،‬ربه على‬
‫العتزاز بالسلم وعلى محبة أهله إغرس في قلبه‬
‫عداء أعداء الله فإن الدين كله حب وبغض حب في‬
‫الله وبغض في الله علمه‪ ،‬تلوة القرآن‪ ،‬مره‬
‫بالصلة‪ ،‬خذه معك إلى المسجد‪ ،‬إدفع به إلى حلقات‬
‫العلم والعلماء نفره من قرناء السوء‪.‬‬
‫‪ -4‬ذكر زوجتك وبناتك بالله أخفهن من عذاب‬
‫جهنم مرهن بالستر‪ .‬كرهن تقليد الكافرات‪ .‬أبعدهن‬
‫عن أجواء الفحش‪ .‬إحفظ عليهن عوراتهن اجعل لك‬

‫)( رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة ص آية ‪.29‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪43‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مع أسرتك كلها جلسة للتذاكر والتناصح والتواصي‬
‫بالحق والتواصي بالصبر كل أسبوع‪.‬‬
‫إدارة وأسرة التدريس‬
‫بالمعهد العلمي‬
‫بالمدينة المنورة‬
‫‪1390‬هـ‬

‫حق المسلم على أخيه المسلم‬

‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول‬


‫الله ‪» :‬حق المسلم على المسلم ست«‬
‫قيل‪ :‬يا رسول الله! وما هن؟ قال‪» :‬إذا لقيته‬
‫فسلم عليه وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك‬
‫فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته‪.‬‬
‫وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه« رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫هذه الحقوق الستة من قام بها في حق‬
‫‪#‬‬‫المسلمين كان قيامه بغيرها أولى‬
‫وحصل له أداء هذه الواجبات والحقوق التي فيها‬
‫الخير الكثير والجر العظيم من الله تعالى‪.‬‬
‫أول ً‪ :‬إذا لقيته فسلم عليه فإن السلم تحية‬
‫المسلمين وأتم هذه التحية وأكلها )السلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته( فهو دعاء للمسلم عليه‬
‫بالسلمة والرحمة والبركة والسلم اسم من أسماء‬
‫‪44‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الله الحسنى والسلم من محاسن السلم ومن حق‬
‫المسلم على أخيه المسلم وابتداؤه سنة عند اللقاء‬
‫على من عرفت ومن لم تعرف من صغير وكبير‬
‫وغني وفقير وشريف ووضيع وهو يتضمن تواضع‬
‫المسلم وأنه ل يتكبر على أحد فمن بدأ الناس‬
‫بالسلم فقد برئ من الكبر وأولى الناس بالله من‬
‫بدأهم بالسلم وأبخل الناس الذي يبخل بالسلم‬
‫وإفشاء السلم من أسباب المحبة واللفة بين‬
‫المسلمين الموجبة لليمان الذي يوجب دخول الجنة‬
‫والنجاة من النار كما قال الني ‪" ‬ل تدخلوا الجنة‬
‫حتى تؤمنوا ول تؤمنوا حتى تحابوا أل أدلكم على‬
‫شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلم بينكم" رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫وعلى المسلم عليه رد السلم بمثله أو بأحسن‬
‫حّيوا‬ ‫ة َ‬
‫ف َ‬ ‫حي ّ ٍ‬
‫م ب ِت َ ِ‬
‫حّييت ُ ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫وإ ِ َ‬‫منه‪ .‬قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ها ‪ (1)‬هذه تحية المسلمين‬ ‫دو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و ُر ّ‬
‫ها أ ْ‬
‫من ْ َ‬
‫ن ِ‬
‫س َ‬
‫ح َ‬ ‫ب ِأ ْ‬
‫مَباَرك َ ً‬
‫ة‬ ‫ه ُ‬‫د الل ّ ِ‬
‫عن ْ ِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬‫حي ّ ً‬‫التي جاء بها السلم ‪‬ت َ ِ‬
‫ة ‪(2)‬والله تعالى هو السلم ومنه السلم‪..‬‬ ‫طَي ّب َ ً‬
‫وتحية المسلمين في الدنيا والخرة هي السلم ‪‬‬
‫م ‪َ ‬ل ي َ ْ‬ ‫سَل ٌ‬ ‫م ي َل ْ َ‬
‫)‪(3‬‬
‫ن‬
‫عو َ‬‫م ُ‬
‫س َ‬ ‫ه َ‬‫ون َ ُ‬
‫ق ْ‬ ‫و َ‬‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫حي ّت ُ ُ‬
‫تَ ِ‬
‫سَلًما ‪‬‬ ‫ْ‬
‫سَل ً‬
‫قيًل َ‬‫ما * إ ِّل ِ‬‫وَل ت َأِثي ً‬ ‫ها ل َ ْ‬
‫)‪(4‬‬
‫ما َ‬ ‫وا َ‬ ‫غ ً‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫يسلم عليهم الرب الكريم وتسلم عليهم الملئكة‬

‫النساء آية ‪.86‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫النور آية ‪.61‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الحزاب آية ‪.44‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الواقعة آية ‪.26‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪45‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويسلم بعضهم على بعض وقد سلموا من كل آفة‬
‫ونقص‪ .‬يا أخي المسلم إذا كان هذا شأن السلم‬
‫دين المحبة والسلم دين اللفة والخاء والعاقبة‬
‫الحميدة والراحة التامة والكرامة الدائمة والخلود في‬
‫النعيم فما أجدرنا نحن المسلمين بتطبيق تعاليمه‬
‫والعمل بأحكامه والسير على مناهجه‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪46‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ثانًيا‪ :‬ومن حق أخيك المسلم عليك إذا دعاك‬
‫فأجبه أي دعاك لدعوة طعام أو شراب فاجبر خاطر‬
‫أخيك الذي أكرمك بالدعوة وأجبه لذلك إل أن يكون‬
‫لك عذر شرعي قال النبي ‪" ‬من دعاكم فأجيبوه"‬
‫رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬ومن حق أخيك المسلم عليك إذا‬
‫استنصحك فانصح له أي إذا استشارك في عمل من‬
‫العمال هل يعمله أم ل فانصح له بما تحب لنفسك‬
‫فإن كان العلم نافًعا من كل وجه فحثه على فعله‬
‫وإن كان مضًرا فحذره منه وإن احتوى على نفع‬
‫وضر فاشرح له ذلك ووازن بين المنافع والمضار‬
‫والمصالح والمفاسد وكذلك إذا شاورك على معاملة‬
‫أحد من الناس أو التزوج منه أو تزويجه فاظهر له‬
‫محض نصحك وأعمل له من الرأي ما تعمله لنفسك‪.‬‬
‫وإياك أن تغشه في شيء من ذلك فمن غش‬
‫المسلمين فليس منهم وقد ترك واجب النصيحة‬
‫وهذه النصيحة واجبة على كل حال ولكنها تتأكد إذا‬
‫استنصحك وطلب منك الرأي النافع ولهذا قيده بهذه‬
‫الحالة التي تتأكد وفي الحديث )الدين النصيحة قالها‬
‫ثلًثا( رواه مسلم‪.‬‬
‫عا‪ :‬ومن حق أخيك المسلم عليك إذا عطس‬ ‫راب ً‬
‫فحمد الله فشمته وذلك أن العطاس نعمة من الله‬
‫بخروج هذه الريح المحتقنة في أجزاء بدن النسان‬
‫ذا تخرج منه فيستريح العاطس‬ ‫يسر الله لها منف ً‬
‫فشرع له أن يحمد الله على هذه النعمة وشرع‬
‫‪47‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لخيه المسلم أن يقول له يرحمك الله وأمره أن‬
‫يجيبه بقوله يهديكم الله ويصلح)‪(1‬بالكم فمن لم يحمد‬
‫الله لم يستحق التشميت ول يلومن إل نفسه فهو‬
‫الذي فوت على نفسه النعمتين‪ :‬نعمة الحمد لله‬
‫ونعمة دعاء أخيه المرتب على الحمد وسمي الدعاء‬
‫للعاطس بالرحمة تشميت لنه دعاء له بما يزيل عنه‬
‫شماتة العداء وهي فرحهم بما يصيبه وقيل‬
‫التسميت بالسين المهملة فيكون دعاء له بحسن‬
‫‪#‬‬‫السمت وهو السداد والستقامة‪.‬‬

‫)( كما في الحديث الذي أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪48‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سا‪ :‬من حق أخيك المسلم عليك إذا مرض‬ ‫خام ً‬
‫فعده فإن عيادة المريض وزيارته من حقوق المسلم‬
‫صا من له حق عليك متأكد كالقريب والجارو‬ ‫وخصو ً‬
‫النسيب والصاحب وهي من أفضل العمال الصالحة‬
‫ومن عاد أخاه المسلم لم يزل يخوض في الرحمة‬
‫فإذا جلس عنده غمرته الرحمة ومن عاده في أول‬
‫النهار صلت عليه الملئكة حتى يسمي ومن عاده‬
‫آخر النهار صلت عليه الملئكة حتى يصبح كما في‬
‫الحديث الذي رواه الترمذي وأبو داود‪ .‬وينبغي للعائد‬
‫أن يشرح خاطر المريض بالبشارة بالعافية والدعاء‬
‫له بالشفاء ويذكره التوبة والنابة إلى الله والكثار‬
‫من الذكر والدعاء والستغفار ويأمره بالوصية النافعة‬
‫ول يطيل عنده الجلوس بل بقدر العيادة إل أن يؤثر‬
‫المريض كثرة تردده وجلوسه عنده فلكل مقام‬
‫مقال‪.‬‬
‫سا‪ :‬من حق المسلم على المسلم اتباع‬ ‫ساد ً‬
‫جنازته إذا مات فإن من تبع الجنازة حتى يصلي عليها‬
‫طا من الجر فإن تبعها حتى تدفن فله‬ ‫فله قيرا ً‬
‫قيراطان كل قيراط مثل الجبل العظيم واتباع‬
‫الجنازة فيه حق لله وحق للميت وحق لقاربه‬
‫الحياء‪.‬‬
‫أيها المسلم الكريم أعود فأقول من حق أخيك‬
‫المسلم عليك أن تسلم عليه إذا لقيته وتجيبه إذا‬
‫دعاك وتشمته إذا عطس وأن تعوده إذا مرض‬
‫وتشهد جنازته إذا مات وتبر قسمه إذا أقسم عليك‬
‫‪49‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في شيء ل محذور فيه فتفعل ما حلف عليك من‬
‫أجله حتى ل يحنث في يمينه‪ .‬ومن حق أخيك‬
‫المسلم عليك أن تنصح له إذا استنصحك وتحفظه‬
‫بظهر الغيب إذا غاب عنك وأن تحب له ما تحب‬
‫لنفسك من الخير وتكره له ما تكره لنفسك من‬
‫الشر قال ‪" :‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما‬
‫يحب لنفسه" متفق عليه‪ .‬وقال عليه الصلة‬
‫والسلم‪" :‬مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم‬
‫وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى‬
‫له سائر الجسد بالسهر والحمى" متفق عليه‪ .‬وقال‪:‬‬
‫ضا وشبك‬ ‫"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بع ً‬
‫بين أصابعه" متفق عليه‪.‬‬
‫ومن حق المسلم على المسلم أن يخالقه بخلق‬
‫‪#‬‬‫حسن فيبذل له المعروف ويكف‬
‫عنه الذى وأن يوقره إن كان كبيًرا ويرحمه إن كان‬
‫صغيًرا وأن ينصفه من نفسه ويعامله بما يحب أن‬
‫يعامله به وأن يساعده إذا احتاج إلى مساعدته وأن‬
‫يشفع له في قضاء حاجته‪ .‬فمن أحسن إلى عباد الله‬
‫أحسن الله إليه ومن فرج عن مؤمن كربة من كرب‬
‫الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن‬
‫يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والخرة‬
‫ما ستره الله في الدنيا والخرة‬‫"ومن ستر مسل ً‬
‫والله في عون العبد ما كان العبد في عون‬
‫أخيه")‪(1‬فالجزاء من جنس العمل وما ربك بظلم‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪50‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫للعبيد)‪.(2‬‬
‫اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين‬
‫والمؤمنات واجمع كلمتهم على الحق وأصلح قادتهم‬
‫وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم على‬
‫عدوك وعدوهم واهدهم سبل السلم وأخرجهم من‬
‫الظلمات إلى النور واجعلهم شاكرين لنعمك مثنين‬
‫بها عليك قابليها وأتمها عليهم برحمتك يا أرحم‬
‫الراحمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫)نصيحة في تصحيح العقيدة(‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده وعلى آله وصحبه‪ :‬من عبد العزيز بن عبد‬
‫الله بن باز إلى من يطلع عليه من المسلمين وفقني‬
‫الله وإياهم للفقه في الدين وسلك بي وبهم صراطه‬
‫المستقيم‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فهذه نصيحة أردت منها التنبيه على بعض المور‬
‫المنكرة التي وقع فيها كثير من الناس جهل منهم‬
‫عا‬
‫وتلعًبا من الشيطان بأفكارهم وعقولهم واتبا ً‬
‫للهوى من بعض من فعلها‪.‬‬
‫ومن تلك المور ما بلغني أن بعض الناس يدعو‬
‫إلى عبادة نفسه ويدعي أموًرا توهم العامة أن له‬
‫تصرًفا في الكون وأنه يصلح أن يدعى للنفع والضر‬
‫وهذا من هؤلء الضالين تشبه بفرعون وأشباهه من‬
‫)( انظيير سييبل السييلم شييرح بلييوغ المييرام الصيينعاني صييفحة ‪– 200‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪.224‬وبهجة قلوب البييرار وقييرة عيييون الخيييار بشييرح جوامييع الخبييار‬


‫للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي ص ‪.92 -90‬‬
‫‪51‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المجرمين الكافرين والله سبحانه هو المستحق‬
‫للعبادة ول يستحقها سواه لكمال قدرته وعلمه وغناه‬
‫عن خلقه والعبادة لله وحده هي الغاية التي من‬
‫أجلها أرسلت الرسل وأنزلت الكتب وقام سوق‬
‫س إ ِّل‬‫واْل ِن ْ َ‬‫ن َ‬‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ما َ‬ ‫الجهاد قال تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م ّ‬
‫ل ِ‬ ‫ض ّ‬‫ن أَ َ‬‫م ْ‬ ‫ن ‪ ‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫)‪(1‬‬
‫دو ِ‬‫عب ُ ُ‬
‫ل ِي َ ْ‬
‫وم ِ‬ ‫ه إ َِلى ي َ ْ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جي ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ن َل ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫عو ِ‬ ‫ي َدْ ُ‬
‫شَر‬ ‫ح ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫فُلو َ‬ ‫غا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عائ ِ ِ‬ ‫ن دُ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عَبادَت ِ ِ‬ ‫كاُنوا ب ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫داءً َ‬ ‫ع َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫كاُنوا ل َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫الّنا ُ‬
‫خَر‬ ‫ها آ َ َ‬ ‫ه إ ِل َ ً‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫‪ ‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬
‫)‪(2‬‬

‫ح‬
‫فل ِ ُ‬ ‫ه َل ي ُ ْ‬ ‫ه إ ِن ّ ُ‬ ‫عن ْدَ َرب ّ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ساب ُ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ما ِ‬ ‫فإ ِن ّ َ‬‫ه َ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫َل ب ُْر َ‬
‫ن‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫وَل ت َدْ ُ‬ ‫ن ‪ ‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬
‫)‪(3‬‬
‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ك إِ ً‬
‫ذا‬ ‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ت َ‬ ‫عل ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ضّر َ‬ ‫وَل ي َ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ع َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ما َل ي َن ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه َل‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن ‪ .(4)‬وقال سبحانه ‪‬إ ِ ّ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫شَر َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫ما ُ‬ ‫فُر َ‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫فُر أ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫م‪‬‬ ‫ك ل َظُل ْ ٌ‬ ‫شْر َ‬ ‫شاءُ ‪ (5)‬وقال ‪‬إ ِ ّ‬
‫)‪(6‬‬
‫ظي ٌ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫يَ َ‬
‫ه َرّبي‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫لا ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫وقال المسيح ‪َ‬يا ب َِني إ ِ ْ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ِبالل ّ ِ‬ ‫ر ْ‬ ‫ش ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫وَرب ّك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ما ِلل ّ‬ ‫ْ‬
‫صاٍر ‪‬‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫و َ‬ ‫واهُ الّناُر َ‬ ‫مأ َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫)‪(7‬وقال سبحانه ‪‬ات ّ َ‬
‫ه ْ‬ ‫هَبان َ ُ‬ ‫وُر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حَباَر ُ‬ ‫ذوا أ ْ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ح اب ْ َ‬ ‫سي َ‬ ‫م ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫أْرَباًبا ِ‬

‫الذاريات آية ‪.56‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الحقاف آية ‪.6-5‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫المؤمنون آية ‪.117‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫يونس آية ‪.106‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫النساء آية ‪116 -48‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫لقمان آية ‪.13‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬

‫المائدة‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪7‬‬


‫‪52‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ه إ ِّل ُ‬ ‫ُ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫دا َل إ ِل َ َ‬ ‫ح ً‬‫وا ِ‬ ‫ها َ‬‫دوا إ ِل َ ً‬ ‫مُروا إ ِّل ل ِي َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫أ ِ‬
‫ن ‪(1)‬وقال عز وجل ‪‬‬ ‫كو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ع ّ‬ ‫ه َ‬‫حان َ ُ‬‫سب ْ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ه ‪ ‬فعلم من هذه‬ ‫دوا إ ِّل إ ِّيا ُ‬ ‫ك أّل ت َ ْ‬ ‫ضى َرب ّ َ‬ ‫و َ‬
‫)‪(2‬‬
‫عب ُ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬
‫اليات وغيرها أن عبادة غير الله أو عبادة غيره معه‬
‫من النبياء والولياء والصنام والشجار والحجار‬
‫شرك بالله عز وجل ينافي توحيده الذي من أجله‬
‫خلق الله الثقلين وأرسل الرسل وأنزل الكتب لبيانها‬
‫والدعوة إليها وهذا هو معنى ل إله إل الله‪ .‬فإن‬
‫معناها ل معبود بحق إل الله فهي تنفي العبادة عن‬
‫ن‬ ‫غير الله وتثبتها لله وحده كما قال تعالى ‪‬ذَل ِ َ َ‬
‫ك ب ِأ ّ‬
‫هو ال ْحق َ‬
‫و‬
‫ه َ‬
‫ه ُ‬
‫دون ِ ِ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫عو َ‬
‫ما ي َدْ ُ‬
‫ن َ‬
‫وأ ّ‬
‫َ ّ َ‬ ‫ه ُ َ‬‫الل ّ َ‬
‫ل ‪ (3)‬وهذا هو أصل الدين وأساس‬
‫‪#‬‬
‫ال َْباطِ ُ‬
‫الملة ول تصح العبادات إل بعد صحة هذا الصل كما‬
‫ن‬‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫وإ َِلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ي إ ِل َي ْ َ‬
‫ك َ‬ ‫قدْ ُأو ِ‬
‫ح َ‬ ‫ول َ َ‬
‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ول َت َ ُ‬
‫كون َ ّ‬ ‫ن‬ ‫ك َ‬‫مل ُ َ‬
‫حب َطَ ّ‬
‫ت ل َي َ ْ‬
‫ع َ‬‫َ‬ ‫شَرك ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫ك ل َئ ِ ْ‬
‫قب ْل ِ َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬
‫ط َ‬ ‫حب ِ َ‬‫كوا ل َ َ‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫أَ ْ‬
‫ن ‪ ‬وقال ‪َ ‬‬
‫شَر ُ‬ ‫)‪(4‬‬
‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ‪ (5)‬ومن أجل هذا المر العظيم‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لبيان التوحيد‬
‫والدعوة إليه والتحذير من صرف العبادة لغير الله‬
‫في ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫عث َْنا ِ‬ ‫ول َ َ‬
‫قدْ ب َ َ‬ ‫سبحانه كما قال عز وجل ‪َ ‬‬
‫جت َن ُِبوا ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت‪‬‬ ‫غو َ‬‫طا ُ‬ ‫وا ْ‬
‫ه َ‬‫دوا الل ّ َ‬ ‫ن اُ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫سوًل أ ِ‬
‫ة َر ُ‬
‫م ٍ‬
‫أ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ك ِ‬‫قب ْل ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬‫الية وقال سبحانه ‪َ ‬‬
‫)‪(6‬‬

‫التوبة آية ‪.31‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫السراء آية ‪.23‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الحج آية ‪.62‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الزمر آية ‪.65‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫النعام آية ‪.88‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫النحل آية ‪36‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬


‫‪53‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن‬
‫دو ِ‬ ‫عب ُ ُ‬
‫فا ْ‬ ‫ه إ ِّل أ ََنا َ‬ ‫ه َل إ ِل َ َ‬
‫حي إل َي َ‬
‫ه أن ّ ُ‬‫ِ ْ ِ‬ ‫ل إ ِّل ُنو ِ‬ ‫سو ٍ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه ثُ ّ‬ ‫‪ ‬وقال عز وجل ‪‬ك َِتا ٌ‬
‫)‪(1‬‬
‫م‬ ‫ت آَيات ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حك ِ َ‬ ‫بأ ْ‬
‫َ‬
‫دوا إ ِّل الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ر * أّل ت َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫خِبي ٍ‬ ‫كيم ٍ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ل َدُ ْ‬‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫صل َ ْ‬
‫ف ّ‬ ‫ُ‬
‫شيٌر ‪ (2)‬وقال سبحانه ‪‬‬ ‫وب َ ِ‬‫ذيٌر َ‬ ‫ه نَ ِ‬
‫من ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫إ ِن ِّني ل َك ُ ْ‬
‫َ‬
‫و‬
‫ه َ‬
‫ما ُ‬ ‫موا أن ّ َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ول ِي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ول ِي ُن ْذَُروا ب ِ ِ‬ ‫س َ‬ ‫غ ِللّنا ِ‬ ‫ذا ب ََل ٌ‬ ‫ه َ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ (3)‬واليات في‬ ‫ول ِي َذّك َّر أوُلو اْلل َْبا ِ‬ ‫حدٌ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫إ ِل َ ٌ‬
‫هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن النبي ‪ ‬أنه سئل أي الذنب‬
‫)‪(4‬‬
‫دا وهو خلقك"‬ ‫أعظم؟ قال "أن تجعل لله ن ً‬
‫والند هو النظير والمثيل فكل من دعا غير الله أو عبد‬
‫غير الله أو استغاث به أو نذر له أو ذبح أو صرف له‬
‫شيًئا من العبادة فقد اتخذه ن ً‬
‫دا لله سواء كان نبًيا أو‬
‫ما أو غير ذلك لن العبادة لله‬ ‫ولًيا أو مل ً‬
‫كا أو جنًيا أو صن ً‬
‫وحده ل يستحقها سواه وفي الحديث الصحيح أن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال "يا معاذ أتدري ما حق الله‬
‫على العباد وما حق العباد على الله؟ قلت‪:‬‬
‫الله ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬حق الله على العباد أن‬
‫يعبدوه ول يشركوا به شيًئا وحق العباد على‬
‫الله أل يعذب من ل يشرك به شيًئا")‪ (5‬فالله‬
‫خلق الثقلين لهذا المر العظيم وهو توحيده وإفراده‬
‫بالعبادة ونبذ الشركاء والنظراء والنداد سبحانه ل إله‬
‫غيره ول رب سواه ومن دعا إلى عبادة نفسه أو أنه‬
‫يستحق العبادة فإنه كافر يجب أن يدعى إلى التوبة‬

‫سورة النبياء آية ‪.25‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة هود آية ‪2-1‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة إبراهيم آية ‪.52‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫البخاري في التفسير ‪ 148 /5‬ومسلم في اليمان ‪1/6‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫البخاري في التوحيد ‪ 164 /8‬ومسلم في اليمان ‪.43 /1‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪54‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فإن تاب وإل وجب على ولي المر قتله لقول النبي‬
‫‪" ‬من بدل دينه فاقتلوه")‪ (1‬رواه البخاري‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫ومن الضلل الكبير والجهل العظيم تصديق الكهان‬


‫والعرافين والرمالين والمنجمين والمشعوذين‬
‫والدجالين بالخبار عن المغيبات فإن هذا منكر وشعبة‬
‫فا‬‫من شعب الكفر لقول النبي ‪" ‬من أتى عرا ً‬
‫فسأله عن شيء لم تقبل له صلة أربعين‬
‫ما")‪ (2‬رواه مسلم في صحيحه وثبت عنه ‪ ‬أنه‬ ‫يو ً‬
‫نهى عن إتيان الكهان وسؤالهم‪.‬‬
‫وخرج أهل السنن عن النبي ‪ ‬أنه قال "من‬
‫أتى كاهًنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على‬
‫محمد")‪ ،(3‬والحاديث في هذا المعنى كثيرة فالواجب‬
‫على المسلمين الحذر من سؤال الكهنة والعرافين‬
‫وسائر المشعوذين والمشتغلين بالخبار عن المغيبات‬
‫والمتلعبين بعقول الجهلة والتلبيس على المسلمين‪.‬‬
‫فالمور الغيبية ل يعلمها إل الذي يعلم ما تكن‬
‫الصدور ويعلم الخفايا حتى أنبيائه ورسله وملئكته ل‬
‫يعلمون شيًئا من المغيبات إل ما أخبرهم به سبحانه‬
‫ت‬‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬
‫م َ‬‫عل َ ُ‬
‫ل َل ي َ ْ‬ ‫قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ق ْ‬
‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫ن‬
‫ن أّيا َ‬
‫عُرو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬
‫ش ُ‬ ‫و َ‬ ‫ب إ ِّل الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ض ال ْ َ‬
‫غي ْ َ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ، ‬وقال عز وجل آمًرا نبيه أن يبلغ الناس‬ ‫)‪(4‬‬
‫عُثو َ‬ ‫ي ُب ْ َ‬
‫)( البخاري في استتابة المرتدين ‪.8/50‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( مسلم في كتاب باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان ‪.37 /7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( صحيح بمجموع طرقه المنذري‪ ،‬رواه أبييو داود فييي كتيياب الطييب ‪/4‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 225‬والترمذي في الطهارة ‪ 243 /1‬وابن ماجه في الطهارة ‪209 /1‬‬


‫ولم أجده في النسائي وقد عزاه إليه المنذري فييي مختصيير سيينن أبييي‬
‫داود ‪ .370 /5‬فلعله في السنن الكبرى للنسائي والله أعلم‪.‬‬
‫)( سورة النمل آية ‪.65‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪55‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫م‬‫عل َ ُ‬‫وَل أ َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫خَزائ ِ ُ‬ ‫دي َ‬ ‫عن ْ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬‫قو ُ‬ ‫ل َل أ َ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫َ‬ ‫وَل أ َ ُ‬
‫ما‬‫ع إ ِّل َ‬ ‫ن أت ّب ِ ُ‬ ‫ك إِ ْ‬ ‫مل َ ٌ‬ ‫م إ ِّني َ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫ب َ‬ ‫غي ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫صيُر‬ ‫وال ْب َ ِ‬ ‫مى َ‬ ‫ع َ‬ ‫وي اْل َ ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ي ُ‬ ‫حى إ ِل َ ّ‬ ‫ُيو َ‬
‫ن ‪.(1)‬‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫فَل ت َت َ َ‬ ‫أَ َ‬
‫وَل‬ ‫َ‬
‫عا َ‬ ‫ف ً‬ ‫سي ن َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ك ل ِن َ ْ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ل َل أ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫وقال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ب‬‫غي ْ َ‬‫م ال ْ َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ت أَ ْ‬ ‫و ك ُن ْ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ضّرا إ ِّل َ‬ ‫َ‬
‫ن أ ََنا‬ ‫سوءُ إ ِ ْ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫سن ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ر َ‬ ‫خي ْ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ست َك ْث َْر ُ‬ ‫َل ْ‬
‫ن ‪ ،(2)‬وهذه اليات‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫وم ٍ ي ُ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫شيٌر ل ِ َ‬ ‫وب َ ِ‬ ‫ذيٌر َ‬ ‫إ ِّل ن َ ِ‬
‫وغيرها تدل على أن رسول الله ‪ ‬ل يعلم الغيب‬
‫وهو خير النبياء وأفضلهم فكيف بغيره من‬
‫دا من‬
‫المخلوقين؟! فمن اعتقد أنه يعلم الغيب أو أح ً‬
‫المخلوقين فقد أعظم على الله الفرية وأبعد النجعة‬
‫دا وكفر بالله سبحانه فالمور المغيبة‬ ‫وضل ضلًل بعي ً‬
‫مما استأثر الله بعلمه قال‬ ‫‪#‬‬

‫وي ُن َّز ُ‬
‫ل‬ ‫ة َ‬
‫ع ِ‬
‫سا َ‬ ‫عل ْ ُ‬
‫م ال ّ‬ ‫عن ْدَهُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ِ‬ ‫تعالى ‪‬إ ِ ّ‬
‫س‬
‫ف ٌ‬‫ري ن َ ْ‬‫ما ت َدْ ِ‬‫و َ‬
‫حام ِ َ‬ ‫في اْل َْر َ‬ ‫ما ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫وي َ ْ‬‫ث َ‬ ‫غي ْ َ‬‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫ي أْر ٍ‬ ‫س ب ِأ ّ‬‫ف ٌ‬ ‫ري ن َ ْ‬ ‫ما ت َدْ ِ‬‫و َ‬‫دا َ‬
‫غ ً‬ ‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫ذا ت َك ْ ِ‬‫ما َ‬ ‫َ‬
‫خِبيٌر ‪ ‬قال ابن مسعود كل‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫)‪(3‬‬
‫م َ‬ ‫عِلي ٌ‬‫ه َ‬ ‫ت إِ ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫تَ ُ‬
‫شيء أوتي نبيكم ‪ ‬غير خمس )إن الله عنده علم‬
‫الساعة()‪ (4‬الية وقال ابن عباس هذه الخمسة ل‬
‫يعلمها إل الله تعالى‪ .‬ول يعلمها ملك مقرب ول نبي‬

‫)( سورة النعام آية ‪.50‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة العراف آية ‪.188‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة لقمان آية ‪.34‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( الثر أخرجه أحمد في المسند ‪ 445 /1‬وأورده ابن كثير في تفسيره‬ ‫‪4‬‬

‫عند هذه الية وقال‪ :‬هذا اسناد حسن على شرط أصييحاب السيينن ولييم‬
‫يخرجوه )ابن كثير ‪.(473 /3‬‬
‫‪56‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مرسل‪ .‬فمن ادعى أنه يعلم شيًئا من هذه فقد كفر‬
‫بالقرآن لنه خالفه‪ .‬ثم إن النبياء يعلمون كثيًرا من‬
‫الغيب بتعريف الله تعالى إياهم‪.‬‬
‫فاليمان بالغيب من أركان اليمان ومن صفات‬
‫المؤمنين الصادقين وادعاء علم الغيب والخبار‬
‫بالمغيبات من صفات الكهنة الزائغين عن الهدى‬
‫ومن صفات الدجالين والمشعوذين والعرافين الذين‬
‫ضلوا عن الصراط المستقيم وأضلوا غيرهم من‬
‫ه‬
‫عن ْدَ ُ‬ ‫جهال المسلمين وقد قال الله سبحانه ‪َ ‬‬
‫و ِ‬
‫و ‪ ‬الية ‪ 59‬من‬ ‫ها إ ِّل ُ‬
‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ب َل ي َ ْ‬ ‫ح ال ْ َ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫فات ِ ُ‬ ‫َ‬
‫سورة النعام‪.‬‬
‫وصح عن رسول الله ‪ ‬أنه قال "مفاتيح الغيب‬
‫خمس ثم قرأ قوله تعالى إن الله عنده علم الساعة‬
‫وينزل الغيث‪ "..‬فالواجب على طلبة العلم أن ينبهوا‬
‫على ما يقع فيه الناس من الخطأ العظيم في هذا‬
‫الباب وغيره‪ .‬لنهم مسئولون عنهم أمام الله يوم‬
‫ن‬
‫م الّرّبان ِّيو َ‬
‫ه ُ‬
‫ها ُ‬‫وَل ي َن ْ َ‬
‫القيامة قال تعالى ‪‬ل َ ْ‬
‫قول ِهم اْلث ْم َ‬
‫ت‬
‫ح َ‬‫س ْ‬
‫م ال ّ‬ ‫وأك ْل ِ ِ‬
‫ه ُ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ن َ ْ ِ ُ‬ ‫ع ْ‬‫حَباُر َ‬‫واْل َ ْ‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬وكذا العتقاد أن بني‬ ‫ما َ‬ ‫ل َب ِئ ْ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫عو َ‬
‫صن َ ُ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫س َ‬
‫هاشم ذنبهم مغفور ولو فعلوا ما فعلوا وهذا غاية‬
‫الجهل والضلل‪.‬‬
‫فإن الله ل ينظر إلى الحساب والنساب وإنما‬
‫ينظر إلى امتثال أوامره واجتناب نواهيه من ملزمة‬
‫التقوى والبتعاد عن المعاصي والمخالفات‬
‫دا قال الله تعالى ‪‬‬‫فالحساب والنساب ل تنفع أح ً‬
‫)( سورة المائدة آية ‪.63‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪57‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫م ‪ (1)‬وقال رسول الله‬ ‫قاك ُ ْ‬‫ه أ َت ْ َ‬
‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫َ‬
‫ن أك َْر َ‬
‫إِ ّ‬
‫‪" ‬إن الله ل ينظر إلى صوركم ول إلى‬
‫أموالكم‬ ‫‪#‬‬

‫)‪(2‬‬
‫ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" وقال‬
‫"أل وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح‬
‫الجسد كله وإذا أفسدت فسد الجسد كله أل‬
‫وهي القلب")‪ (3‬وهذا أبو طالب وهو عم رسول‬
‫الله ‪ ‬لم ينفعه قربه من رسول الله ‪ ‬ونسبه‬
‫العريق وقد حرص رسول الله ‪ ‬على أن يشهد أن‬
‫ل إله إل الله حتى يحاج له بها عند الله فلم يفعل لن‬
‫الله سبحانه كتب في الزل أنه يموت على دين الباء‬
‫والجداد وهو الشرك وعبادة الصنام)‪ (4‬ونهى الله نبيه‬
‫ن‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ي َ‬
‫ن ِللن ّب ِ ّ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫عن الستغفار له فقال ‪َ ‬‬
‫كاُنوا ُأوِلي‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫ن َ‬‫كي َ‬
‫ر ِ‬‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فُروا ل ِل ْ ُ‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫ن يَ ْ‬
‫َ‬
‫مُنوا أ ْ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫قْرَبى ‪ (5)‬وأخبر أن النبي ل يملك هداية أحد إذا لم‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ول َك ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ت َ‬
‫حب َب ْ َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫دي َ‬ ‫ه ِ‬‫ك َل ت َ ْ‬ ‫يهده الله فقال ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫شاءُ ‪ (6)‬وهذا أبو لهب وهو عم‬ ‫ن يَ َ‬‫م ْ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه يَ ْ‬
‫النبي ‪ ‬مات على الكفر وأنزل الله في ذمه سورة‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫دا أِبي ل َ َ‬
‫ه ٍ‬ ‫تتلى إلى يوم القيامة وهي ‪‬ت َب ّ ْ‬
‫ت يَ َ‬
‫ب ‪ (7)‬فالمعيار الحقيقي هو اتباع ما جاء في‬ ‫وت َ ّ‬
‫َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫القرآن الكريم والسنة المطهرة قول وعمل واعتقاًدا‬
‫أما النساب فإنها ل تنفع ول تجدي كما قال ‪" ‬من‬
‫بطأ به عمله لم يسرع به نسبه")‪ (8‬وقال "يا‬
‫معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله ل أغني عنكم‬
‫)( سورة الحجرات آية ‪.13‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( البخاري في اليمان ‪ 19 /1‬ومسلم في البيوع ‪.51-50 /5‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أنظر القصة في صحيح مسلم كتاب اليمان ‪.41 -40 /1‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.113‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة القصص آية ‪56‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( سورة المسد آية ‪.1‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء ‪.71 /8‬‬ ‫‪8‬‬


‫‪58‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من الله شيًئا")‪ (1‬وهكذا قال لعمه العباس وعمته صفية‬
‫دا لنفع هؤلء‪.‬‬ ‫وابنته فاطمة ولو كان النسب ينفع أح ً‬
‫ومن المور المنكرة والعتقاد الفاسد والضلل‬
‫المبين ما يعتقده بعض المغفلين والجهال في بعض‬
‫المخرفين والمشركين الضالين والمضلين أنهم‬
‫يشفون المرضى ويدفعون عنهم الضر ويجلبون النفع‬
‫نعوذ بالله من الغي والضلل‪ .‬وهذا ينافي اليمان‬
‫بالله وأنه النافع الضار الرازق المحي المميت المدبر‬
‫القادر تعالى الله وتقدس عما يقوله الضالون‬
‫ضّر‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫ه بِ ُ‬ ‫س َ‬
‫س ْ‬ ‫م َ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫والمفترون قال تعالى ‪َ ‬‬
‫وإ ِ ْ‬
‫فَل َرا ّ‬
‫د‬ ‫ر َ‬
‫خي ْ ٍ‬ ‫ردْ َ‬
‫ك بِ َ‬ ‫ن يُ ِ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫و َ‬ ‫ه إ ِّل ُ‬
‫ه َ‬ ‫ف لَ ُ‬‫ش َ‬
‫كا ِ‬ ‫فَل َ‬‫َ‬
‫دا ينفعه أو يضره أو‬ ‫ه ‪ ‬فمن اعتقد أن أح ً‬ ‫)‪(2‬‬
‫ضل ِ ِ‬ ‫لِ َ‬
‫ف ْ‬
‫يشفيه من دون الله فقد كفر بالله وبكتابه وبملئكته‬
‫َ‬
‫ل إ ِّني َل أ ْ‬
‫مل ِ ُ‬
‫ك‬ ‫ورسوله قال تعالى لكرم خلقه ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫‪#‬‬‫جيَرِني‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ل إ ِّني ل َ ْ‬
‫ق ْ‬ ‫دا * ُ‬ ‫ش ً‬ ‫وَل َر َ‬ ‫ضّرا َ‬ ‫م َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫دا * إ ِّل‬ ‫َ‬ ‫من الل ّ َ‬
‫ح ً‬ ‫مل ْت َ َ‬
‫ه ُ‬ ‫دون ِ ِ‬
‫ن ُ‬‫م ْ‬‫جدَ ِ‬ ‫نأ ِ‬ ‫ول َ ْ‬‫حدٌ َ‬ ‫هأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َ‬
‫َ‬
‫ك‬ ‫ل َل أ ْ‬
‫مل ِ ُ‬ ‫ق ْ‬‫ه ‪ (3)‬وقال ‪ُ ‬‬ ‫ساَلت ِ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫غا ِ‬‫ب ََل ً‬
‫ه ‪ (4)‬وقال‬ ‫شاءَ الل ّ ُ‬ ‫ما َ‬‫ضّرا إ ِّل َ‬ ‫وَل َ‬ ‫عا َ‬ ‫ف ً‬ ‫سي ن َ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل ِن َ ْ‬
‫رسول الله ‪" ‬إذا سألت فاسأل الله وإذا‬
‫استعنت فاستعن بالله")‪ (5‬فالنبي ‪ ‬ل يملك‬
‫لنفسه نفًعا ول ضًرا ول لغيره فغيره من باب أولى‪.‬‬
‫فكل من غل في نبي أو رجل صالح أو ولي من‬

‫)( البخاري في التفسير ‪ 17 /6‬ومسلم في اليمان ‪.133 /1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة يونس آية ‪.107‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الجن اليات ‪.23 -22 -21‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة العراف آية ‪188‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( جزء من حديث طويل رواه الترمذي ‪ 667 /4‬وأحمد في المسند ‪/1‬‬ ‫‪5‬‬

‫ضا ابن أبيي عاصيم فيي كتياب السينة ‪/1‬‬


‫‪ 307 -3303 -293‬ورواه أي ً‬
‫‪ 139-138‬ورواه آخرون وهو حديث صحيح بمجموع طرقه‪.‬‬
‫‪59‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عا من اللهية مثل أن يقول يا‬ ‫الولياء وظن فيه نو ً‬
‫فلن اشفني أو انصرني أو ارزقني أو اغنني ونحو‬
‫ذلك فإن هذا شرك وضلل يستتاب صاحبه فإن تاب‬
‫وإل قتل‪ .‬وكذا من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل‬
‫عا فمن‬‫عليهم ويدعوهم ويسألهم فإنه يكفر إجما ً‬
‫اعتقد أن لغير الله من نبي أو ولي أو جني أو روح أو‬
‫غير ذلك تأثيًرا في كشف كربة أو قضاء حاجة أو رفع‬
‫مرض أو دفع بلء فقد وقع في ضلل كبير وفي واد‬
‫من الجهل خطير فهو على شفا حفرة من السعير‬
‫دا‬
‫لكونه قد أشرك بالله العظيم وهكذا من ذكر أح ً‬
‫من الصالحين والولياء وغيرهم على وجه طلب‬
‫المداد منه فقد أشركه مع الله إذ ل قادر على الدفع‬
‫غيره سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫ومن المور المنكرة أن بعض من يدعي أنه من‬
‫بني هاشم يقولون إنه ل يكافئهم أحد فهم ل يزوجون‬
‫غيرهم ول يتزوجون من غيرهم وهذا خطأ عظيم‬
‫وجهل كبير وظلم للمرأة وتشريع لم يشرعه الله‬
‫َ‬
‫س إ ِّنا‬ ‫ورسوله قال الله تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها الّنا ُ‬
‫قَناك ُم من ذَك َر ُ‬
‫عوًبا‬ ‫ش ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫وأن َْثى َ‬ ‫ٍ َ‬ ‫ْ ِ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬
‫م‪‬‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫ه أ َت ْ َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ن أك َْر َ‬ ‫فوا إ ِ ّ‬ ‫عاَر ُ‬‫ل ل ِت َ َ‬‫قَبائ ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ة ‪ ‬وقال‬ ‫)‪(2‬‬
‫و ٌ‬ ‫خ َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ما ال ُ‬ ‫وقال سبحانه ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫)‪(1‬‬

‫َ‬
‫ض‬‫ع ٍ‬ ‫ول َِياءُ ب َ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫مَنا ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬
‫‪َ ‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫ضي ُ‬ ‫م أّني َل أ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م َرب ّ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬‫‪ (3)‬وقال ‪َ ‬‬
‫عامل من ْك ُم من ذَك َر أ َ ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫و أن َْثى ب َ ْ‬ ‫ٍ ْ‬ ‫ْ ِ ْ‬ ‫ل َ ِ ٍ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬

‫)( سورة الحجرات آية ‪.13‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحجرات آية ‪.10‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.71‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪60‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ض ‪ (1)‬وقال رسول الله ‪" ‬ل فضل لعربي‬ ‫ع ٍ‬‫بَ ْ‬
‫على عجمي ول لعجمي على عربي ول‬
‫لبيض‬
‫‪#‬‬

‫على أسود ول لسود على أبيض إل‬


‫)‪(2‬‬
‫بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب"‬
‫وقال ‪" ‬إن آل بني فلن ليسوا لي بأولياء‬
‫)‪(3‬‬
‫إنما ولي الله وصالح المؤمنين"‬
‫وروي عن النبي ‪ ‬أنه قال "إذا خطب إليكم‬
‫من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إل تفعلوا‬
‫تكن فتنة في الرض وفساد عريض")‪ (4‬خرجه‬
‫الترمذي وحسنه وقد زوج النبي ‪ ‬زينب بنت‬
‫جحش السدية من زيد بن حارثة موله وزوج فاطمة‬
‫بنت قيس القرشية من أسامة بن زيد وهو وأبوه‬
‫عتيقان‪ .‬وتزوج بلل بن رباح الحبشي بأخت عبد‬
‫الرحمن بن عوف الزهرية القرشية‪ .‬وزوج أبو حذيفة‬
‫ما‬‫بن عتبه بن ربيعة القرشي ابنة أخيه الوليد سال ً‬
‫موله وهو عتيق لمرأة من النصار‪ .‬وقد قال الله‬
‫ت‬‫ن ِللطّي َّبا ِ‬‫والطّي ُّبو َ‬ ‫ت ِللطّي ِّبي َ‬
‫ن َ‬ ‫والطّي َّبا ُ‬
‫تعالى ‪َ ‬‬
‫‪.(5)‬‬
‫وكذا زوج النبي ‪ ‬ابنته رقية وأم كلثوم عثمان‬
‫وزوج أبا العاص بن الربيع ابنته زينب وهما من بني‬
‫عبد شمس وليس من بني هاشم وزوج علي عمر بن‬
‫)( سورة آل عمران آية ‪.195‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه بمعناه الترمذي في التفسير ‪ 389 /5‬وفي النكاح ‪ 5/735‬وأبييو‬ ‫‪2‬‬

‫داود في الدب ‪ 340 /5‬وهو صحيح بطرقه‪.‬‬


‫)( البخاري في الدب ‪ 73 /7‬ومسلم في اليمان ‪.136 /1‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( الترمذي في النكاح ‪ 376 -385 /3‬وابن ماجه في النكيياح ‪663 /1‬‬ ‫‪4‬‬

‫والحاكم وغيرهم وهو حييديث حسيين بمجمييوع طرقييه وقييد يرتقييي إلييى‬
‫درجة الصحة‪.‬‬
‫)( سورة النور آية ‪.26‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪61‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الخطاب ابنته أم كلثوم وهو عدوي ل هاشمي وتزوج‬
‫عبد الله بن عمرو بن عثمان فاطمة بنت الحسين بن‬
‫علي وهو أموي ل هاشمي وتزوج مصعب بن الزبير‬
‫أختها سكينة وليس هاشمًيا بل أسدي من أسد قريش‬
‫وتزوج المقداد بن السود ضباعة ابنة الزبير بن عبد‬
‫المطلب الهاشمية بنت عم النبي ‪ ‬وهو كندي ل‬
‫هاشمي وهذا شيء كثير‪ .‬والمقصود بيان بطلن ما‬
‫يدعيه بعض الهاشميين من تحريم تزويج الهاشمية بغير‬
‫الهاشمي أو كراهة ذلك وإنما الواجب في ذلك اعتبار‬
‫كفاءته في الدين فالذي أبعد أبا طالب وأبا لهب عدم‬
‫السلم والذي قرب سلمان الفارسي وصهيب الرومي‬
‫وبلًل الحبشي إنما هو اليمان والصلح والتقوى واتباع‬
‫الشرع والسير على النهج المستقيم ومما ينجم عن‬
‫هذا الجهل والتصرف الباطل حبس النساء الهاشميات‬
‫وتعطيلهن من الزواج أو تأخيره فيحصل ما ل تحمد‬
‫عقباه من الفساد وتعطيل النسل أو تقليله وقد قال‬
‫تعالى‬
‫َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫‪#‬‬

‫ن‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬‫وال ّ‬ ‫م َ‬‫من ْك ُ ْ‬ ‫مى ِ‬ ‫حوا اْلَيا َ‬ ‫وأن ْك ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫م الل ُ‬‫ه ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫غن ِ ِ‬‫ن ي َكوُنوا فقَراءَ ي ُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬‫مائ ِك ْ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬ ‫عَباِدك ْ‬ ‫ِ‬
‫م ‪ ‬فأمر بإنكاح‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ن َ‬
‫)‪(1‬‬
‫عِلي ٌ‬‫ع َ‬ ‫س ٌ‬‫وا ِ‬‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫قا ليعم الغني والفقير وسائر‬
‫اليامى أمًرا مطل ً‬
‫أصناف المسلمين‪ .‬وإذا كانت الشريعة السلمية قد‬
‫رغبت في الزواج وحثت عليه فإن على المسلمين‬
‫أن يبادروا إلى امتثال أمر الله وأمر رسوله حيث‬
‫قال رسول الله ‪" ‬يا معشر الشباب من استطاع‬
‫منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‬
‫ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء")‪ (2‬فعلى‬

‫)( سورة النور آية ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( البخاري في النكاح ‪117 /6‬ومسلم في النكاح ‪.128 /4‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪62‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الولياء أن يتقوا الله في مولياتهم فإنهن أمانة في‬
‫أعناقهم وإن الله سائلهم عن هذه المانة فعليهم أن‬
‫يبادروا إلى تزويج بناتهم وأخواتهم وأبنائهم حتى‬
‫يؤدي كل دوره في هذه الحياة ويقل الفساد‬
‫والجرائم‪ .‬ومن المعلوم أن حبس البنات عن الزواج‬
‫وتأخيرهن سبب في فشو الجرائم الخلقية‬
‫وانتشارها التي هي من معاول الهدم والدمار فيا‬
‫عباد الله اتقوا الله في أنفسكم وفيمن ولكم الله‬
‫عليهم من البنات والخوات وغيرهن وفي إخوانكم‬
‫المسلمين واسعوا جميًعا إلى تحقيق الخير والسعادة‬
‫في المجتمع وتيسير سبل نموه وتكاثره وإزالة‬
‫أسباب انتشار الجرائم واعلموا أنكم مسئولون‬
‫ومحاسبون ومجزيون على أعمالكم قال الله تعالى‬
‫َ‬ ‫ك ل َن َ َ‬
‫كاُنوا‬‫ما َ‬ ‫ع ّ‬ ‫ن* َ‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬
‫ج َ‬‫مأ ْ‬ ‫سأل َن ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ْ‬ ‫وَرب ّ َ‬ ‫ف َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬‫ن ‪ ‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ءوا‬‫سا ُ‬
‫نأ َ‬ ‫ذي َ‬‫ي ال ّ ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ج ِ‬‫ض ل ِي َ ْ‬‫في الْر ِ‬
‫ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬
‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬‫ال ّ‬
‫َ‬
‫سَنى ‪. ‬‬ ‫سُنوا ِبال ْ ُ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫مُلوا َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ح ْ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ز َ‬ ‫ج ِ‬
‫وي َ ْ‬ ‫ع ِ‬‫ما َ‬ ‫بِ َ‬
‫وبادروا إلى تزويج بناتكم وأبنائكم مقتدين بنبيكم‬
‫‪ ‬وصحابته الكرام رضي الله عنهم والسائرين على‬
‫هديهم وطريقهم وأوصيكم بتقليل مؤن الزواج وعدم‬
‫المغالة في المهور واقتصدوا في تكاليف الزواج‬
‫واجتهدوا في اختيار الزواج الصالحين التقياء ذوي‬
‫المانة والعفة‪ ،‬رزق الله الجميع الفقه في الدين‬
‫والثبات عليه وأعاذنا وإياكم من شرور أنفسنا‬
‫وسيئات أعمالنا‪ ،‬وجنبنا وإياكم مضلت الفتن وما‬
‫ظهر منها وما بطن كما نسأله أن يصلح ولة أمور‬
‫المسلمين ويصلح بهم إنه على ذلك قدير وصلى الله‬

‫)( سورة الحجر آية ‪.93 -92‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النجم آية ‪.31‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪63‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫الرئيس العام‬
‫لدارات‬
‫البحوث‬
‫العلمية‬
‫والدعوة‬
‫والرشاد‬
‫‪#‬‬

‫التحذير من السحر والشعوذة‬


‫في حديث متفق عليه‪ ،‬يقول النبي ‪" ‬اجتنبوا‬
‫السبع الموبقات فذكر منها الشرك بالله والسحر"‬
‫الحديث متفق عليه‪.‬‬
‫أخي المسلم‪ :‬ل تصدق الساحر فتخسر دينك‬
‫حفظك الله من كل سوء وعصمك من فتن المحيا‬
‫والممات اللهم آمين‪..‬‬
‫الحمد لله وكفى وصلة وسلم على عباده الذين‬
‫اصطفى‪ .‬أخي المسلم إن نعم الله عليكم كثيرة من‬
‫أعظمها بعد نعمة السلم نعمة العقل الذي ميزك‬
‫الله به عن سائر مخلوقاته ومن كفران هذه النعمة‬
‫تعطيلها عن التفكير في مخلوقات الله وإشغالها بما‬
‫ل ينفع من العلوم الضارة كقراءة القصص الماجنة‬
‫والمجلت الخالعة وكتب الضلل واللحاد والشيوعية‬
‫الخبيثة وغير ذلك مما يضر بالعقيدة أو الخلق‬
‫وأعظم من ذلك وأشده تعريض عقلك لعمال‬
‫السحرة والمشعوذين الذين يعرضون أعمالهم‬
‫السحرية في السيرك وفي الندية الرياضية وغير‬
‫ذلك‪ .‬إذ أنهم يعرضون أعماًل ل يصدقها العقل‬
‫‪64‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫السليم المؤمن فمن ذلك الطيران بين السماء‬
‫والرض أو سؤال أحد المشعوذين عن ما يحتويه‬
‫جيب أحد المتفرجين فيوحي شيطان الجن إلى‬
‫شيطان النس أن الجيب يحتوي جيب أحد‬
‫المتفرجين فيوحي شيطان الجن إلى شيطان النس‬
‫أن الجيب يحتوي على مفاتيح ومحفظة نقود وغير‬
‫ذلك‪ ،‬ومن أعمالهم ركوب الدراجة وهي بين السماء‬
‫والرض وجر السيارة أو الجرار بشعر الرأس وغير‬
‫ذلك من المور السحرية الشيطانية التي يشترك بها‬
‫شيطان النس مع قرينه شيطان الجن‪.‬‬
‫أخي المسلم في هذه العجالة ل يمكن أن أطيل‬
‫معك الوصف عن أعمال الشيطنة السحرية التي‬
‫يعملها المشعوذ والساحر في السيرك أو الملهى أو‬
‫غيره ولكن هذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين‪.‬‬
‫وأسوق لك أحاديث مروية عن النبي ‪ ‬لتستنير بها‬
‫ولتتوب إلى الله إن كنت قد صدقت ساحًرا فالتوبة‬
‫لها باب مفتوح أمام كل مخطئ ل يغلق حتى تطلع‬
‫‪#‬‬ ‫الشمس من مغربها أو تغرر الروح في الحلقوم‪.‬‬
‫‪65‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أخي المسلم‪ :‬اقرأ هذه الحاديث لتنير لك‬
‫الطريق وتهدى بنورها وفقك الله وعصمك من كل‬
‫فتنة‪.‬‬
‫في حديث متفق عليه يقول النبي ‪" ‬اجتنبوا‬
‫السبع الموبقات فذكر منها الشرك بالله والسحر‪.‬‬
‫الحديث‪.‬‬
‫ويروي المام أحمد وابن حبان وأبو يعلى‬
‫وغيرهم عن أبي موسى رضي الله عنه قال قال‬
‫رسول الله ‪" ‬ثلثة ل يدخلون الجنة مدمن خمر‬
‫وقاطع رحم ومصدق بالسحر" وروى البزار بإسناد‬
‫جيد عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال‬
‫رسول الله ‪" ‬ليس منا من َتطير أو ُتطير له‬
‫سحر له‬ ‫سحر أو ُ‬ ‫أو َتكهن أو ُتكهن له أو َ‬
‫ومن أتى كاهًنا فصدقه بما يقول فقد كفر‬
‫بما أنزل على محمد" وأخرج الطبراني عن ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله ‪‬‬
‫"ثلث من لم يكن فيه واحدة منهن فإن الله‬
‫تعالى يغفر له ما سوى ذلك لمن يشاء من‬
‫مات ل يشرك بالله شيًئا ولم يكن ساحًرا‬
‫يتبع السحرة ولم يحقد على أخيه" ويروي‬
‫مسلم في صحيحه عن بعض أزواج النبي ‪ ‬عن‬
‫فا فسأله عن شيء‬ ‫النبي ‪ ‬قال "من أتى عرا ً‬
‫ما" وقال‬ ‫فصدقه لم تقبل له صلة أربعين يو ً‬
‫فا أو كاهًنا فصدقه بما‬ ‫‪" :‬من أتى عرا ً‬
‫يقول فقد كفر بما أنزل على محمد")‪.(1‬‬
‫والحاديث كثيرة وفيما تقدم خير لمن ألقى‬

‫)( رواه أهل السنن الربعة والحاكم وقال صحيح على شرطهما‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪66‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫السمع وهو شهيد وفقني الله وإياكم لليمان الصادق‬
‫والقلب الثابت واليمان الكامل والعلم النافع والعمل‬
‫الصالح‪.‬‬
‫ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك‬
‫رحمة إنك أنت الوهاب واعصمنا اللهم من شر الفتن‬
‫ما ظهر منها وما بطن وما توفيقي إل بالله عليه‬
‫توكلت وإليه أنيب وصلى الله على نبينا محمد وآله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫محبكم‬
‫المخلص‬
‫عبد الله بن‬
‫علي‬
‫الغضية‬
‫‪67‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬


‫بالمملكة العربية السعودية‬
‫برئاسة سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله‬
‫بن باز‬

‫"هل يجوز التوسل إلى الله بالنبياء‬


‫والصالحين ومتى يجوز للمسافر أن يفطر"؟‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وآله‪...‬‬


‫وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على الستفتاء المقدم من مبارك بن الحسن‬
‫إلى سماحة الرئيس العام والمحال إليها من المانة‬
‫العامة برقم ‪ 595/2‬وتاريخ ‪96 /7/4‬هي فوجدته‬
‫مشتمًل على سؤالين فأجابت عن كل منهما عقبه‪:‬‬
‫س‪ :‬هل يشترط لترخص المسافر في سفره‬
‫بالفطر في رمضان أن يكون سفره على الرجل أو‬
‫على الدابة أو ليس هناك فرق بين الراجل وراكب‬
‫الدابة وراكب السيارة أو الطائرة؟ وهل يشترط أن‬
‫يكون في السفر تعب ل يستطيع الصائم تحمله؟‬
‫وهل الحسن أن يصوم المسافر إذا استطاع أو‬
‫الحسن له الفطر؟‬
‫ج‪ -‬يجوز للمسافر سفر قصر أن يفطر في‬
‫سفره سواء كان ماشًيا أو راكًبا وسواء كان ركوبه‬
‫بالسيارة أو الطائرة أو غيرهما وسواء تعب في‬
‫‪68‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سفره تعًبا ل يتحمل معه الصوم أو لم يتعب اعتراه‬
‫جوع وعطش أو لم يصبه شيء من ذلك لن الشرع‬
‫أطلق الرخصة للمسافر سفر قصر في الفطر وقصر‬
‫الصلة ونحوهما من رخص السفر ولم يقيد ذلك بنوع‬
‫من المركب ول بخشية التعب أو الجوع أو العطش‬
‫وقد كان أصحاب رسول الله ‪ ‬يسافرون معه في‬
‫غزوة في شهر رمضان فمنهم من يصوم ومنهم من‬
‫يفطر ولم يعب بعضهم على بعض لكن يتأكد على‬
‫المسافر الفطر في شهر رمضان إذا شق عليه‬
‫الصوم لشدة حر أو وعورة مسلك أو بعد شقة وتتابع‬
‫سير مثًل فعن أنس كنا مع رسول الله ‪ ‬في سفر‬
‫فصام بعض وأفطر بعض فتحزم المفطرون وعملوا‬
‫‪#‬‬‫وضعف الصائمون‬
‫عن بعض العمل قال‪ :‬فقال‪ :‬ذهب المفطرون‬
‫اليوم بالجر)‪ (1‬وقد يجب الفطر في السفر لمر‬
‫طارئ يوجب ذلك كما في حديث أبي سعيد الخدري‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬سافرنا مع رسول الله ‪ ‬إلى‬
‫مكة ونحن صيام قال‪ :‬فنزلنا منزل فقال رسول الله‬
‫‪" :‬إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم"‬
‫فكانت رخصة فمنا من صام ومنا من أفطر ثم نزلنا‬
‫منزًل آخر فقال إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى‬
‫لكم فافطروا‪ .‬وكانت عزمة فافطرنا ثم قال‪ :‬لقد‬
‫رأيتنا نصوم مع رسول الله ‪ ‬بعد ذلك في السفر‬
‫رواه مسلم‪ .‬وكما في حديث جابر بن عبد الله رضي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬كان رسول الله ‪ ‬في سفر فرأى‬
‫رجًل قد اجتمع الناس عليه‪ ،‬وقد ظلل عليه فقال ما‬

‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪69‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫له قالوا رجل صائم فقال رسول الله ‪" ‬ليس من‬
‫البر أن تصوموا في السفر" رواه مسلم‪.‬‬
‫س‪ -‬هل يجوز للمسلم أن يتوسل إلى الله‬
‫بالنبياء والصالحين فقد وقفت على قول بعض‬
‫العلماء أن التوسل بالولياء ل بأس به لن الدعاء فيه‬
‫توجه إلى الله ورأيت لبعضهم خلف ما قال هذا فما‬
‫حكم الشريعة في هذه المسألة؟‬
‫ج‪ -‬الولي كل من آمن بالله واتقاه ففعل ما أمره‬
‫ه َل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‬‫و ٌ‬‫خ ْ‬ ‫ول َِياءَ الل ّ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫سبحانه به قال تعالى ‪‬أَل إ ِ ّ‬
‫و َ‬
‫كاُنوا‬ ‫َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫وَل ُ‬ ‫َ َ‬
‫مُنوا َ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫حَزُنو َ‬
‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬
‫ن ‪ .(1)‬وانتهى عما نهاه عنه والتوسل إلى الله‬ ‫قو َ‬ ‫ي َت ّ ُ‬
‫بأوليائه أنواع‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن يطلب إنسان من الولي الحي أن‬
‫يدعو الله له بسعة رزق أو شفاء من مرض أو هداية‬
‫وتوفيق ونحو ذلك فهذا جائز ومنه طلب بعض‬
‫الصحابة من النبي ‪ ‬حينما تأخر عنهم المطر أن‬
‫يستسقي لهم فسأل ‪ ‬ربه أن ينزل المطر‬
‫فاستجاب دعاءه وأنزل عليهم المطر ومنه استقساء‬
‫الصحابة بالعباس في خلفة عمر رضي الله عنهم‬
‫وطلبهم منه أن يدعو الله بنزول المطر فدعا العباس‬
‫ربه وأمن الصحابة على دعائه إلى غير هذا مما‬
‫حصل زمن النبي ‪ ‬من طلب مسلم من أخيه‬
‫المسلم أن يدعو له ربه لجلب نفع أو كشف ضر‪.‬‬

‫)( سورة يونس آية ‪.63 -62‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪70‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الثاني‪ :‬أن ينادي الله متوسًل إليه بحب نبيه‬
‫واتباعه إياه وبحبه لولياء الله بأن يقول اللهم إني‬
‫أسألك بحبي لنبيك واتباعي له وبحبي لوليائك أن‬
‫تعطيني كذا فهذا جائز لنه توسل من العبد إلى ربه‬
‫بعمله الصالح ومن هذا ما ثبت من توسل أصحاب‬
‫الغار الثلثة بأعمالهم الصالحة‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن يسأل الله بجاه أنبيائه أو ولي من‬
‫أوليائه بأن يقول‪ :‬اللهم أسألك بجاه نبيك أو بجاه‬
‫الحسين مثًل فهذا ل يجوز لن جاه أولياء الله وإن‬
‫ما عند الله وخاصة حبيبنا محمد ‪ ‬غير أنه‬ ‫كان عظي ً‬
‫ليس سبًبا شرعًيا ول عادًيا لستجابة الدعاء‪ .‬ولهذا‬
‫عدل الصحابة حينما أجدبوا عن التوسل بجاهه ‪‬‬
‫في دعاء الستسقاء إلى التوسل بدعاء عمه العباس‬
‫مع أن جاهه عليه الصلة والسلم فوق كل جاه‪ .‬ولم‬
‫يعرف عن الصحابة رضي الله عنهم أنهم توسلوا به‬
‫‪ ‬بعد وفاته وهم خير القرون وأعرف الناس بحقه‬
‫وأحبهم له‪.‬‬
‫ما بوليه‬‫الرابع‪ :‬أن يسأل العبد ربه حاجته مقس ً‬
‫أو بحق نبيه أو أوليائه بأن يقول‪ :‬اللهم إني أسألك‬
‫كذا بوليك فلن أو بحق نبيك فلن فهذا ل يجوز فإن‬
‫القسم بالمخلوق على المخلوق ممنوع وهو على‬
‫الله الخالق أشد منعا ً ثم ل حق لمخلوق على الخالق‬
‫بمجرد طاعته له سبحانه حتى يقسم به على الله‪.‬‬
‫هذا هو الذي تشهد له الدلة وهو الذي تصان به‬
‫العقيدة السلمية وتسد به ذرائع الشرك وصلى الله‬
‫على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪71‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫دعوة أهل الكتاب إلى السلم‬


‫وتحذيرهم من الشرك والغلو في الدين‬

‫بسم الله رحمن الرحيم‬


‫وا‬ ‫عال َ ْ‬ ‫ب تَ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َيا أ َ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫قال الله تعالى‪ُ  :‬‬
‫‪#‬‬‫م‬‫وب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫ء ب َي ْن ََنا َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫إ َِلى ك َل ِ َ‬
‫وَل ي َت ّ ِ‬ ‫وَل ن ُ ْ‬ ‫َ‬
‫خ َ‬
‫ذ‬ ‫شي ًْئا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ك بِ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عب ُدَ إ ِّل الل ّ َ‬ ‫أّل ن َ ْ‬
‫ضَنا بع ً َ‬
‫وا‬ ‫ول ّ ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ضا أْرَباًبا ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫بَ ْ‬
‫ن‪  64‬آل عمران‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قوُلوا ا ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫دوا ب ِأّنا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ش َ‬
‫غُلوا ِ‬ ‫ب َل ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫م‬‫في ِدين ِك ُ ْ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وقال تعالى ‪َ‬يا أ ْ‬
‫ح‬‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫ق إ ِن ّ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه إ ِّل ال ْ َ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫قوُلوا َ‬ ‫وَل ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ها إ َِلى‬ ‫ه أل ْ َ‬ ‫َ‬
‫قا َ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫وك َل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ِ‬
‫قوُلوا‬ ‫وَل ت َ ُ‬ ‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬
‫ه َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫فآ ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫وُرو ٌ‬ ‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫حدٌ ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِل ٌ‬ ‫َ‬ ‫ما الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫ُ‬
‫خي ًْرا لك ْ‬ ‫َ‬ ‫هوا َ‬ ‫ة ان ْت َ ُ‬ ‫ث َلث َ ٌ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ول َدٌ ل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ْ َ‬
‫ح‬
‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫ست َن ْك ِ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫كيًل * ل َ ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فى ِبالل ّ ِ‬ ‫وك َ َ‬ ‫ض َ‬ ‫الْر ِ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫قّرُبو َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫مَلئ ِك َ ُ‬ ‫وَل ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫دا ل ِل ّ ِ‬ ‫عب ْ ً‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫م إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه ْ‬ ‫شُر ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ست َك ْب ِْر َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫عَبادَت ِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ست َن ْك ِ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫جميعا * َ َ‬
‫ت‬‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫فأ ّ‬ ‫َ ِ ً‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ُ‬ ‫و ّ‬ ‫َ‬
‫وأ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫زيدُ ُ‬ ‫وي َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جوَر ُ‬ ‫مأ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫في ُ َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫ذاًبا أِلي ً‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عذّب ُ ُ‬ ‫في ُ َ‬ ‫ست َك ْب َُروا َ‬ ‫وا ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫ست َن ْك َ ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫صيًرا ‪‬‬ ‫وَل ن َ ِ‬ ‫ول ِّيا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫وَل ي َ ِ‬ ‫َ‬
‫سى‬ ‫عي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫مث َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫‪ :171-173‬النساء وقال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫‪72‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬
‫ه‬‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ثُ ّ‬ ‫ن ت َُرا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل آدَ َ‬ ‫مث َ ِ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فَل ت َك ُ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن * ال ْ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كُ ْ‬
‫جاءَ َ‬
‫ك‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ج َ‬ ‫حا ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن* َ‬ ‫ري َ‬ ‫مت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ع أ َبَناءََنا َ‬
‫م‬‫وأب َْناءَك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫وا ن َدْ ُ ْ‬ ‫عال َ ْ‬ ‫ل تَ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫عل ْم ِ َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ه ْ‬ ‫م ن َب ْت َ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫وأن ْ ُ‬ ‫سَنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫وأن ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ساءَك ُ ْ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ساءََنا َ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ه َ‬‫ذا ل ُ‬‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫على الكاِذِبي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ة الل ِ‬ ‫عن َ َ‬ ‫لل ْ‬‫َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫فن َ ْ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ه َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫ن إ ِل َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‬
‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫وا َ‬ ‫ول ّ ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫م* َ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‪ : 59-63‬آل عمران‪ .‬وقال تعالى‪ :‬‬ ‫دي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫ن إ ِّل‬ ‫َ‬ ‫جاِدُلوا أ َ ْ‬
‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ب إ ِّل ِبال ِّتي ِ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وَل ت ُ َ‬ ‫َ‬
‫ل إ ِل َي َْنا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ز َ‬ ‫ذي أن ْ ِ‬ ‫مّنا ِبال ّ ِ‬ ‫قوُلوا آ َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫موا ِ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ُ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫ح ُ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫حدٌ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هك ُ ْ‬ ‫وإ ِل َ ُ‬ ‫هَنا َ‬ ‫وإ ِل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ز َ‬ ‫وأن ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‪  46-47‬العنكبوت‪ .‬وعنه ‪ ‬أنه قال‪:‬‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫"أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم في الدنيا‬
‫والخرة‪ .‬ليس بيني وبينه نبي‪ .‬والنبياء‬
‫أخوة لعلت)‪ (1‬أمهاتهم شتى ودينهم واحد"‪.‬‬
‫حديث شريف أخرجه أحمد في مسنده‪ ،‬والبيهقي‬
‫في السنن وأبو داود‪.‬‬

‫)( العلت‪ :‬الضرائر‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪73‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫ما موقف السلم من النصارى؟‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وآله‪....‬‬


‫وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على السؤال المقدم من عبد العزيز بن عبد‬
‫الله الشريف إلى سماحة الرئيس العام المحال إليها‬
‫رقم ‪ 2 /1179‬وتاريخ ‪28/7/96‬هي ونصه قال الله‬
‫قب َ َ‬
‫ل‬ ‫فل َ ْ‬
‫ن يُ ْ‬ ‫سَلم ِ ِديًنا َ‬‫غي َْر اْل ِ ْ‬‫غ َ‬ ‫ن ي َب ْت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫ه ‪ ‬الية ‪ 84‬من سورة آل عمران‪ .‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫من ْ ُ‬
‫ِ‬
‫م ‪ ‬إلى آخر اليات‬ ‫سَل ُ‬ ‫ه اْل ِ ْ‬‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫ن ِ‬‫دي َ‬ ‫‪‬إ ِ ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫واءً‬‫س َ‬‫سوا َ‬ ‫‪ 19 ،18‬آل عمران‪ .‬وقال تعالى‪ :‬ل َي ْ ُ‬
‫ه آ ََناءَ‬ ‫ُ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ن آ ََيا ِ‬
‫ت الل ّ ِ‬ ‫ة ي َت ُْلو َ‬
‫م ٌ‬ ‫ة َ‬
‫قائ ِ َ‬ ‫م ٌ‬
‫بأ ّ‬‫ل ال ْك َِتا ِ‬
‫ه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ل ‪ ‬إلى آخر اليات ‪،115 ،114 ،113 ،112‬‬ ‫الل ّي ْ ِ‬
‫س‪‬‬ ‫شدّ الّنا ِ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫آل عمران‪ .‬وقال جل وعل ‪‬ل َت َ ِ‬
‫جدَ ّ‬
‫اليات ‪ 81‬إلى ‪ 85‬سورة المائدة‪.‬‬
‫سؤال‪ :‬بحكم عملي واحتكاكي بمسيحيين‬
‫بزمالتي لبعض منهم فإنه يحدث أحياًنا بعض‬
‫المناقشات هل دين السلم اعترف بالمسيحيين أم‬
‫ل وما موقف السلم من النصارى ويستدلون ببعض‬
‫ضا منها‬
‫فا بع ً‬
‫اليات من القرآن الكريم التي أوردت آن ً‬
‫وغيرها مواضع كثيرة وإنما أوردت هذه اليات‬
‫الكريمات على سبيل المثال ل الحصر‪ .‬بناء على‬
‫ذلك فإنني أرجو من علمائنا الفاضل أن يعطوني‬
‫‪74‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الجواب الكافي ورجائي أن يكون الجواب مبس ً‬
‫طا‬
‫ومقنًعا ومزوًدا بالدلة والبراهين وبأسلوب هادئ‬
‫هادف وهل هناك شيء من هذه اليات منسوخ لن‬
‫النصارى يحتجون علينا بأن البعض منها يناقض الخر‬
‫وإنما دعاني إلى كتابة هذه هو حرصي الشديد على‬
‫السلم وأهله‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬أصول الشرائع التي جاء بها النبياء‬
‫والمرسلون واحدة أوحى الله بها إليهم وأنزل عليهم‬
‫بها كتبه يوصي فيها سابقهم باليمان اللحق منهم‬
‫ونصره وتأييده ويوصي متأخرهم بتصديق من تقدمه‬
‫منهم وكل ما جاءوا به من عند الله يسمى دين‬
‫ميَثا َ‬
‫ق‬ ‫ه ِ‬ ‫وإ ِذْ أ َ َ‬
‫خذَ الل ّ ُ‬ ‫السلم قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ما‬
‫‪#‬‬

‫ن لَ َ‬ ‫الن ّب ِي ّي ْ َ‬
‫ل‬ ‫سو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاءك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ة ثُ ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ب َ‬ ‫من ك َِتا ٍ‬ ‫كم ّ‬ ‫آت َي ْت ُ ُ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫ه َ‬ ‫صُرن ّ ُ‬ ‫ول ََتن ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫من ُ ّ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ل َت ُ ْ‬ ‫عك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما َ‬ ‫صدّقٌ ل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫قَرْرَنا‬ ‫قاُلوا ْ أ َ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ص ِ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫عَلى ذَل ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫خذْت ُ ْ‬ ‫وأ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫قَرْرت ُ ْ‬ ‫أ َأ َ ْ‬
‫شهدوا ْ َ‬
‫من‬ ‫ف َ‬ ‫دين‪َ ،‬‬ ‫ه ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كم ّ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫وأن َا ْ َ‬ ‫َ‬ ‫فا ْ َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫غي َْر‬ ‫ف َ‬ ‫قون‪ ،‬أ َ َ‬ ‫س ُ‬ ‫فا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ك َ ُ‬
‫فأ ْ‬ ‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫وّلى ب َ ْ‬ ‫تَ َ‬
‫غون ول َ َ‬
‫ت‬‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫من ِ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ه ي َب ْ ُ َ َ ُ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ِدي ِ‬
‫وإ ِل َي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫مّنا‬ ‫لآ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫عون‪ُ ،‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ه ي ُْر َ‬ ‫ها َ‬ ‫وك َْر ً‬ ‫عا َ‬ ‫و ً‬ ‫ض طَ ْ‬ ‫والْر ِ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫هي َ‬ ‫عَلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ز َ‬ ‫ما أن ِ‬ ‫و َ‬ ‫عل َي َْنا َ‬ ‫ل َ‬ ‫ز َ‬ ‫ما أن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ِبالل ّ ِ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫ع ُ‬ ‫عي َ‬
‫و َ‬ ‫ط َ‬ ‫سَبا ِ‬ ‫وال ْ‬ ‫ب َ‬ ‫قو َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ح َ‬ ‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫م لَ‬ ‫ُ‬
‫ه ْ‬ ‫من ّرب ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫والن ّب ِّيو َ‬ ‫سى َ‬ ‫عي َ‬ ‫و ِ‬ ‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬ ‫أوت ِ َ‬
‫َ‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫مون‪َ ،‬‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫د ّ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫فّرقُ ب َي ْ َ‬ ‫نُ َ‬
‫في‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قب َ َ‬ ‫فَلن ي ُ ْ‬ ‫سل َم ِ ِديًنا َ‬ ‫غي َْر ال ِ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫ي َب ْت َ ِ‬
‫‪75‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رين ‪.(1)‬‬ ‫س ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خا ِ‬ ‫م َ‬
‫ة ِ‬
‫خَر ِ‬
‫ال ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ز َ‬
‫ما أن ْ ِ‬ ‫سو ُ‬
‫ل بِ َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫وقال تعالى‪ :‬آ َ‬
‫م َ‬
‫مَلئ ِك َت ِ ِ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫ن كُ ّ َ‬
‫ه‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫م َ‬ ‫لآ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ه‪‬‬ ‫َ‬ ‫ه َل ن ُ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫سل ِ ِ‬ ‫ن ُر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫فّرقُ ب َي ْ َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫وك ُت ُب ِ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫سى اب ْ ِ‬ ‫عي َ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫عَلى آَثا ِ‬ ‫في َْنا َ‬ ‫ق ّ‬ ‫و َ‬ ‫الية وقال‪َ  :‬‬
‫ه‬ ‫ة َ‬ ‫صدّ ً‬
‫وآت َي َْنا ُ‬ ‫وَرا ِ َ‬ ‫ن الت ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬ ‫قا ل ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬ ‫قا ل ِ َ‬ ‫صدّ ً‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬ ‫وُنوٌر َ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫ه ُ‬ ‫في ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫جي َ‬ ‫اْل ِن ْ ِ‬
‫ن ‪ ‬إلى أن‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ة ل ِل ْ ُ‬ ‫عظ َ ً‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫وَرا ِ‬ ‫ن الت ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ما‬ ‫قا ل ِ َ‬ ‫صدّ ً‬ ‫م َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب ِبال ْ َ‬ ‫ك ال ْك َِتا َ‬ ‫وأ َن َْزل َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫قال ‪َ ‬‬
‫ه ‪ (3)‬و قال‪:‬‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫مًنا َ‬ ‫هي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ال ْك َِتا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫َ‬
‫م‬‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫سول َُنا ي ُب َي ّ ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫‪َ‬يا أ ْ‬
‫ن‬ ‫ع ْ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ال ْك َِتا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ك َِثيًرا ِ‬
‫ن*‬ ‫مِبي ٌ‬ ‫ب ُ‬ ‫وك َِتا ٌ‬ ‫ه ُنوٌر َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ر َ‬ ‫ك َِثي ٍ‬
‫ل ال ّ َ‬ ‫سب ُ َ‬ ‫ه الل ّ ُ‬
‫سلم ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫ر ب ِإ ِذْن ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ت إ َِلى الّنو ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن الظّل ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫قيم ٍ ‪ ‬وقال‪َ :‬يا‬ ‫)‪(4‬‬
‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫م إ ِلى ِ‬ ‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫عَلى‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫سول َُنا ي ُب َي ّ ُ‬ ‫م َر ُ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫أَ ْ‬
‫َ‬
‫ر‬
‫شي ٍ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جاءََنا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫قوُلوا َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫فت َْر ٍ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ذيٌر َ‬ ‫ون َ ِ‬ ‫شيٌر َ‬ ‫م بَ ِ‬ ‫جاءَك ُ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ر َ‬ ‫ذي ٍ‬ ‫وَل ن َ ِ‬ ‫َ‬
‫وإ ِذْ َ‬ ‫ديٌر ‪ ، ‬وقال تعالى‪َ  :‬‬ ‫ء َ‬
‫)‪(5‬‬
‫سى‬ ‫عي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ُ‬ ‫ل إ ِّني َر ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫م َيا ب َِني إ ِ ْ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫شًرا‬ ‫مب َ ّ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫وَرا ِ‬ ‫ن الت ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ن ي َدَ ّ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬ ‫قا ل ِ َ‬ ‫صدّ ً‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫إ ِل َي ْك ُ ْ‬
‫برسول يأ ِْتي من بعدي اسم َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫جاءَ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫مدُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ْ ُ ُ‬ ‫ِ ْ َ ْ ِ‬ ‫ِ َ ُ ٍ َ‬
‫ن ‪ ، ‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫)‪(6‬‬
‫مِبي ٌ‬ ‫حٌر ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫ت َ‬ ‫ِبال ْب َي َّنا ِ‬
‫آل عمران آية ‪.85 -81‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫البقرة آية ‪.285‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫المائدة آية ‪.48-46‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫المائدة آية ‪.16-15‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫المائدة آية ‪.19‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫الصف آية ‪.6‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬


‫‪76‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ل إ ِّل ُنو ِ‬ ‫َ‬
‫حي‬ ‫سو ٍ‬ ‫ن َر ُ‬‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫ه إ ِّل أَنا َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬إلى غير ما ذكر‬ ‫ه َل إ ِل َ َ‬ ‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫)‪(1‬‬
‫دو ِ‬‫عب ُ ُ‬
‫فا ْ‬ ‫ه أن ّ ُ‬
‫من اليات الدالة بالعموم والخصوص على وحدة أصول‬
‫التشريع الذي جاءت به‬
‫النبياء من توحيد الله بالعبادة واليمان به وملئكته‬
‫وكتبه ورسله واليوم الخر وبالقضاء والقدر وأصل‬
‫الصلة والزكاة والصيام كقوله تعالى في ذكر دعاء‬
‫َ‬
‫ن ذُّري ِّتي ب ِ َ‬
‫واٍد‬ ‫م ْ‬
‫ت ِ‬ ‫خليله إبراهيم ‪َ‬رب َّنا إ ِّني أ ْ‬
‫سك َن ْ ُ‬
‫موا‬ ‫قي ُ‬ ‫حّرم ِ َرب َّنا ل ِي ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫عن ْدَ ب َي ْت ِ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ر ِذي َزْر ٍ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ة ‪ ‬إلى أن قال في حكاية ضراعة خليله إليه‬ ‫صَل َ‬ ‫ال ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫ن ذُّري ِّتي ‪‬‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫قي َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل ِْني ُ‬ ‫ج َ‬ ‫با ْ‬ ‫‪َ‬ر ّ‬
‫ه‬
‫ل إ ِن ّ ُ‬ ‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫في ال ْك َِتا ِ‬ ‫واذْك ُْر ِ‬ ‫وقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫ْ‬
‫مُر‬ ‫ن ي َأ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫سوًل ن َب ِّيا * َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و ْ‬ ‫صاِدقَ ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ضّيا ‪،(3)‬‬ ‫مْر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عن ْدَ َرب ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫كا ِ‬ ‫والّز َ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ه ِبال ّ‬ ‫هل َ ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن‬ ‫خي َ‬ ‫وقوله تعالى‪ :‬وأ َوحيَنا إَلى موسى َ‬
‫هأ ْ‬ ‫وأ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫قب ْل َ ً‬
‫ة‬ ‫م ِ‬ ‫عُلوا ب ُُيوت َك ُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫صَر ب ُُيوًتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ب ِ ِ‬ ‫مك ُ َ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬ ‫وآ َ ل ِ َ‬ ‫ت َب َ ّ‬
‫ه‬‫فَنادَت ْ ُ‬ ‫ة ‪ ، ‬وقوله في زكريا‪َ  :‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫صَل َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫وأ َ ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن الل َ‬ ‫بأ ّ‬ ‫حَرا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫في ال ِ‬ ‫صلي ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫قائ ِ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ملئ ِك ُ‬ ‫ال َ‬
‫ل إ ِّني‬ ‫قا َ‬ ‫حَيى ‪ (5)‬وقوله في عيسى ‪َ ‬‬ ‫ك ب ِي َ ْ‬ ‫شُر َ‬ ‫ي ُب َ ّ‬
‫عل َِني‬ ‫عب ْدُ الل ّ ِ َ‬
‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫عل َِني ن َب ِّيا * َ‬ ‫ج َ‬‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫ي ال ْك َِتا َ‬ ‫ه آَتان ِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫ة َ‬ ‫كا ِ‬ ‫والّز َ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫صاِني ِبال ّ‬ ‫و َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ما ك ُن ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا أي ْ َ‬ ‫مَباَر ً‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫حّيا ‪ ‬وقوله تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫)‪(6‬‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ِ‬ ‫ت َ‬ ‫م ُ‬ ‫دُ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ما ك ُت ِ َ‬ ‫م كَ َ‬ ‫صَيا ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ك ُت ِ َ‬

‫النبياء آية ‪.25‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫إبراهيم آية ‪.40 -37‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫مريم آية ‪.55 -54‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫يونس آية ‪.87‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫آل عمران آية ‪.39‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫مريم آية ‪.31 -30‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬


‫‪77‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن ‪ (1)‬اليات لكنها اختلفت في‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬‫م لَ َ‬ ‫قب ْل ِك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫كيفياتها وتفاصيل فروعها كما قال تعالى‪ :‬ل ِك ُ ّ‬
‫ل‬
‫جا‪  48‬المائدة‪.‬‬ ‫ها ً‬ ‫من ْ َ‬‫و ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ع ً‬‫شْر َ‬ ‫م ِ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫عل َْنا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫وقال النبي ‪" :‬النبياء أولد علت دينهم‬
‫واحد وأمهاتهم شتى"‪ .‬رواه البخاري وعلى هذا‬
‫فمن آمن بأصول الشرائع على ما جاء به النبياء‬
‫والمرسلون فقد رضي الله عنهم‪ ،‬وكتب لهم‬
‫السعادة والفلح وهم الذين امتدحهم الله في كتابه‬
‫وأثنى عليهم نبينا محمد ‪ ‬في سنته ومن آمن‬
‫ببعض الصول التي جاءوا بها من عند الله وكفر ببعض‬
‫قا بالجميع‪ ،‬لضرورة‪ ،‬وحدتها‬ ‫فأولئك هم الكافرون ح ً‬
‫ضا وأعد الله لهم جهنم وساءت‬ ‫وتصديق بعضها بع ً‬
‫مصيًرا‪ ،‬وهؤلء هم الذين ذمهم الله في كتابه‬
‫وذمهم رسوله ‪ ‬في سنته وقال الله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫َ‬
‫ن‬
‫نأ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫وي ُ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ن ي َك ْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن‬
‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن نُ ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫قوا ب َي ْ َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫يُ َ‬
‫ذوا‬ ‫خ ُ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫ون َك ْ ُ‬
‫نأ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ُ ٍ‬ ‫فُر ب ِب َ ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ب ِب َ ْ‬
‫قا‬‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫سِبيًل * أول َئ ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَ ل ِ َ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫هيًنا * َ‬ ‫م ِ‬ ‫ذاًبا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫عت َدَْنا ل ِل ْ َ‬ ‫وأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫َ‬
‫آ َ‬
‫َ‬
‫‪#‬‬

‫م‬
‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫د ِ‬‫ح ٍ‬
‫نأ َ‬ ‫قوا ب َي ْ َ‬‫فّر ُ‬‫م يُ َ‬‫ول َ ْ‬‫ه َ‬‫سل ِ ِ‬
‫وُر ُ‬ ‫ه َ‬‫ِبالل ّ ِ‬
‫ُ‬ ‫ُأول َئ ِ َ‬
‫ه‬‫ن الل ّ ُ‬‫كا َ‬‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جوَر ُ‬‫مأ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫ؤِتي ِ‬ ‫ف يُ ْ‬‫و َ‬ ‫س ْ‬‫ك َ‬
‫ما ‪ ‬آية ‪ 152 -150‬سورة النساء‪.‬‬ ‫حي ً‬‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬‫َ‬
‫ومن أجل هذا أخبر الله سبحانه بأن أهل الكتاب‬
‫من اليهود والنصارى ليسوا سواء في حكمه بل أثنى‬
‫على طائفة من هؤلء ومن هؤلء وذم طائفة أخرى‬
‫من الفريقين أثنى على الذين امتثلوا أمره من اليهود‬
‫مّنا ِبالل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫قوُلوا آ َ‬
‫والنصارى بقوله تعالى‪ُ  :‬‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.183‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪78‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ل‬‫عي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ل إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل إ ِل َي َْنا َ‬ ‫ز َ‬ ‫أن ْ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫سى‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ما أوت ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ط َ‬ ‫سَبا ِ‬ ‫واْل ْ‬ ‫ب َ‬ ‫قو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫حاقَ َ‬ ‫س َ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫م ل ن ُفّر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ي الن ّب ِّيو َ‬ ‫ما أوت ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫سى َ‬ ‫عي َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬ومن هؤلء‬ ‫)‪(1‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫نل ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ون َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫د ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫ب َي ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ب لَ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫الذين قال الله فيهم ‪َ ‬‬
‫ز َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫ل إ ِلي ْ ِ‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ل إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ز َ‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫قِليًل‬ ‫مًنا َ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ن ب ِآ ََيا ِ‬ ‫شت َُرو َ‬ ‫ه َل ي َ ْ‬ ‫ن ل ِل ّ ِ‬ ‫عي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُأول َئ ِ َ‬
‫ع‬ ‫ري ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْدَ َرب ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُر ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬
‫ب ‪ (2)‬ومنهم بعض النصارى وهم الذين قال‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫هَباًنا‬ ‫وُر ْ‬ ‫الله فيهم ‪‬ذَل ِ َ َ‬
‫ن َ‬ ‫سي َ‬ ‫سي ِ‬ ‫ق ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬
‫ل إ َِلى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ز َ‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫عوا َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫ست َك ْب ُِرو َ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وأن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫َ‬
‫م ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن الدّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫في ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عي ُن َ ُ‬ ‫ل ت ََرى أ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫الّر ُ‬
‫َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ع‬ ‫م َ‬ ‫فاك ْت ُب َْنا َ‬ ‫مّنا َ‬ ‫ن َرب َّنا آ َ‬ ‫ق يَ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫فوا ِ‬ ‫عَر ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫جاءََنا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ما ل ََنا َل ن ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن* َ‬ ‫دي َ‬ ‫ه ِ‬ ‫شا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ع ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫وم ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫م َ‬ ‫خل ََنا َرب َّنا َ‬ ‫ن ي ُدْ ِ‬ ‫عأ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ون َطْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حين * َ َ‬
‫ري‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫فأَثاب َ ُ‬ ‫صال ِ ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫جَزاءُ‬ ‫ك َ‬ ‫وذَل ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫هاُر َ‬ ‫ها اْلن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن ‪ ‬ومنهم جماعة من أهل الكتاب من‬ ‫ال ْ ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬
‫ل‬‫ه ِ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫اليهود والنصارى أثنى الله عليهم بقوله‪ِ  :‬‬
‫ت الل ّ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ه آَناءَ الل ّي ْ ِ‬ ‫ن آ ََيا ِ‬ ‫ة ي َت ُْلو َ‬ ‫م ٌ‬ ‫قائ ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬ ‫بأ ّ‬ ‫ال ْك َِتا ِ‬
‫ر‬‫خ ِ‬ ‫وم ِ اْل َ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن * يُ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫من ْك ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وي َن ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وي َأ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫وأولئ ِك ِ‬ ‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن ي ُكفُروهُ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ر فل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خي ْ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫علوا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ما ي َف َ‬ ‫ْ‬ ‫و َ‬ ‫* َ‬
‫ن ‪ ‬وذم من الفريقين اليهود والنصارى‬ ‫ِبال ْ ُ‬
‫)‪(4‬‬
‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬
‫من نافق أو آمن ببعض الرسل وكفر ببعض وكتموا‬
‫البقرة آية ‪.126‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫آل عمران آية ‪.199‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫المائدة آية ‪.85 -82‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫آل عمران آية ‪.115 -113‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪79‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحق بعد ما تبين وحرفوا الكلم عن مواضعه وافتروا‬
‫على الله الكذب في أصول الشرائع أو فروعها‬
‫ونقضوا ما أخذ عليهم من العهود والمواثيق‪ .‬قال‬
‫ن‬ ‫قدْ َ‬
‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا ْ ل َك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ن َأن ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫عو َ‬
‫م ُ‬ ‫تعالى‪ :‬أ َ َ‬
‫فت َطْ َ‬
‫من‬ ‫ه ِ‬ ‫فون َ ُ‬ ‫حّر ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫م الل ّ ِ‬ ‫ن ك َل َ َ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫قوا ْ ال ّ ِ‬ ‫ذا ل َ ُ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫مون‪َ ،‬‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫قُلوهُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫بَ ْ‬
‫ض‬ ‫ع ٍ‬ ‫ى بَ ْ‬ ‫م إ ِل َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫خل َ ب َ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫مّنا َ‬ ‫قاُلوا ْ آ َ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫كم‬ ‫جو ُ‬ ‫حآ ّ‬ ‫م ل ِي ُ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ح الل ّ ُ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫حدُّثون َ ُ‬ ‫قاُلوا ْ أت ُ َ‬ ‫َ‬
‫قُلون‪،‬‬ ‫ع ِ‬ ‫فل َ ت َ ْ‬ ‫م أَ َ‬ ‫عندَ َرب ّك ُ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪#‬‬

‫ما‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫سّرو َ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ول َ ي َ ْ‬ ‫أ َ‬


‫ُ‬
‫ب إ ِل ّ‬ ‫ن ال ْك َِتا َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ن ل َ يَ ْ‬ ‫مّيو َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫عل ُِنون‪َ ،‬‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن ي َك ْت ُُبو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ل ّل ّ ِ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫م إ ِل ّ ي َظُّنون‪َ ،‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫مان ِ ّ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬
‫د الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫عن ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫هـ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ب ب ِأي ْ ِ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ت‬ ‫ما ك َت َب َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫هم ّ‬ ‫ل لّ ُ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ف َ‬ ‫قِليل ً َ‬ ‫منا ً َ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫شت َُروا ْ ب ِ ِ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫َ‬
‫سُبون ‪ ‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ما ي َك ْ ِ‬ ‫ل لّ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫م ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫أي ْ ِ‬
‫ُ‬ ‫وإ ِذَ أ َ َ‬
‫ب ل َت ُب َي ّن ُن ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ن أوُتوا ْ ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ميَثاقَ ال ّ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫خذَ الل ّ ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫هو ِ‬ ‫وَراء ظُ ُ‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫فن َب َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫مون َ ُ‬ ‫ول َ ت َك ْت ُ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫شت َُرون ‪‬‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫فب ِئ ْ َ‬ ‫قِليل ً َ‬ ‫منا ً َ‬ ‫ه ثَ َ‬ ‫وا ْ ب ِ ِ‬ ‫شت ََر ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫سَرآِئي َ‬ ‫ميثاقَ ب َِني إ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ه ِ‬ ‫خذَ الل ُ‬ ‫ولقدْ أ َ‬ ‫َ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫ه إ ِّني‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬ ‫قيًبا َ‬ ‫شَر ن َ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ي َ‬ ‫م اث ْن َ ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫من ُ‬ ‫عث َْنا ِ‬ ‫وب َ َ‬ ‫َ‬
‫منُتم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫وآ َ‬ ‫م الّزكاةَ َ‬ ‫وآت َي ْت ُ ُ‬ ‫صلةَ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫ن أق ْ‬ ‫م لئ ِ ْ‬ ‫عك ْ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫سًنا‬ ‫ح َ‬ ‫ضا َ‬ ‫قْر ً‬ ‫ه َ‬ ‫م الل ّ َ‬ ‫ضت ُ ُ‬ ‫قَر ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مو ُ‬ ‫عّزْرت ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫سِلي َ‬ ‫ب ُِر ُ‬
‫ُ‬ ‫ّل ُك َ ّ‬
‫ري‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل َن ّك ُ ْ‬ ‫ولدْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عنك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫فَر ّ‬
‫َ‬
‫د‬
‫ق ْ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫عدَ ذَل ِ َ‬ ‫فَر ب َ ْ‬ ‫من ك َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫هاُر َ‬ ‫ها الن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ميَثا َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ض ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫فب ِ َ‬ ‫سِبيل َ‬ ‫واء ال ّ‬ ‫س َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ن ال ْك َل ِ َ‬ ‫فو َ‬ ‫حّر ُ‬ ‫ة يُ َ‬ ‫سي َ ً‬ ‫قا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب َ ُ‬ ‫عل َْنا ُ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫َلعّنا ُ‬
‫ول َ ت ََزا ُ‬
‫ل‬ ‫ه َ‬ ‫ما ذُك ُّروا ْ ب ِ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ظا ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫سوا ْ َ‬ ‫ون َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫عن ّ‬ ‫َ‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.79-75‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.187‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪80‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ف‬‫ع ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫قِليل ً ّ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ة ّ‬ ‫خآئ ِن َ ٍ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ت َطّل ِ ُ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫و ِ‬‫سِنين َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ح إِ ّ‬ ‫ف ْ‬‫ص َ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬‫َ‬
‫سوا ْ‬ ‫َ‬
‫فن َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ُ‬‫ميَثا َ‬ ‫خذَْنا ِ‬ ‫صاَرى أ َ‬ ‫قاُلوا ْ إ ِّنا ن َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ة‬
‫و َ‬ ‫دا َ‬‫ع َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫غَري َْنا ب َي ْن َ ُ‬‫فأ َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ذُك ُّروا ْ ب ِ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ظا ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬ ‫ف ي ُن َب ّئ ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫وم ِ ال ْ ِ‬ ‫ضاء إ َِلى ي َ ْ‬ ‫غ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫َ‬
‫عون‪  12-14‬المائدة‪.‬‬ ‫صن َ ُ‬ ‫ْ‬
‫ما كاُنوا ي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫بِ َ‬
‫دا‬
‫ضا الذين قالوا اتخذ الله ول ً‬ ‫وذم منهم أي ً‬
‫واتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباًبا من دون الله ورد‬
‫عَزي ٌْر‬
‫هودُ ُ‬ ‫ت ال ْي َ ُ‬
‫قال َ ِ‬ ‫عليهم فريتهم قال تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ك‬‫ه ذَل ِ َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫ح اب ْ ُ‬ ‫سي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫صاَرى ال ْ َ‬ ‫ت الن ّ َ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫اب ْ ُ‬
‫فُروا ْ‬ ‫َ‬
‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫و َ‬‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ضا ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬‫وا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫هم ب ِأ ْ‬ ‫ول ُ ُ‬ ‫ق ْ‬‫َ‬
‫ذوا ْ‬ ‫َ‬
‫خ ُ‬‫كون ات ّ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ؤ َ‬ ‫ه أّنى ي ُ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫قات َل َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫سي َ‬ ‫م ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫من ُ‬ ‫م أْرَباًبا ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫هَبان َ ُ‬ ‫وُر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حَباَر ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ُ‬
‫دا ل ّ‬ ‫ح ً‬ ‫وا ِ‬ ‫ها َ‬ ‫دوا ْ إ َِلـ ً‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫مُروا ْ إ ِل ّ ل ِي َ ْ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫مْري َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫اب ْ َ‬
‫كون ‪ ‬وذم منهم‬ ‫ر ُ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫إ َِلـ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ش ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫ع ّ‬
‫ه َ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬
‫ضا من زعم مع كفره أن الجنة وقف عليهم ل‬ ‫أي ً‬
‫يدخلها غيرهم وكذبهم في زعمهم وبين من هم أهل‬
‫ة‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫قاُلوا ْ َلن ي َدْ ُ‬
‫خ َ‬ ‫قا قال تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬ ‫الجنة ح ً‬
‫هودا ً أ َو ن َصارى ت ِل ْ َ َ‬ ‫من َ‬
‫ل‬‫ق ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مان ِي ّ ُ‬‫كأ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫إ ِل ّ َ‬
‫َ‬
‫سل َ َ‬
‫م‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قين ب ََلى َ‬ ‫صاِد ِ‬‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م ِإن ُ‬ ‫هان َك ُ ْ‬ ‫هاُتوا ْ ب ُْر َ‬ ‫َ‬
‫فل َ َ‬
‫ول َ‬ ‫ه َ‬ ‫عندَ َرب ّ ِ‬ ‫جُرهُ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ن َ ُ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫ه ل ِل ّ ِ‬
‫ه ُ‬‫ج َ‬‫و ْ‬ ‫َ‬
‫حَزُنون‪  111-112‬سورة‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول َ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫َ‬
‫البقرة‪.‬‬
‫ضا من قتل النبياء والصالحين بغير‬ ‫وذم منهم أي ً‬
‫حق وقالوا قلوبنا غلف‬ ‫‪#‬‬

‫ما وقالوا إنا قتلنا‬


‫وافتروا على مريم بهتاًنا عظي ً‬
‫المسيح عيسى ابن مريم وأكلوا الربا وأموال الناس‬
‫)( سورة التوبة آية ‪.31 -30‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪81‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بالباطل‪ ،‬ومن قال إن الله ثالث ثلثة وكفرهم جمعًيا‬
‫ورد عليهم مزاعمهم الباطلة وتوعدهم بالعذاب‬
‫الليم‪.‬‬
‫كما أن هناك من اليات الدالة على ثنائه تعالى‬
‫على جماعة من اليهود ومن النصارى ووصفهم‬
‫بصفات جعلتهم أهًل للثناء عليهم والفوز بالسعادة‬
‫والنعيم المقيم وذمه جماعة أخرى من كل من‬
‫الفريقين ووصفهم بصفات استوجبوا بها سخط الله‬
‫ولعنته وأليم عقابه‪.‬‬
‫لهذا يتبين أن السلم وقف من اليهود والنصارى‬
‫موقف إنصاف وعدل وأنه ل تناقض بين نصوص‬
‫ما فإن من‬ ‫الكتاب والسنة في الخبار عنهم ثناًء وذ ً‬
‫أثنى عليهم يختلفون اختلًفا بيًنا عمن ذمهم فالذين‬
‫يتبعون الرسول النبي المي الذي يجدونه مكتوًبا‬
‫عندهم في التوراة والنجيل يأمرهم بالمعروف‬
‫وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم‬
‫الخبائث ويضع عنهم إصرهم والغلل التي كانت‬
‫َ‬
‫مُنوا ْ‬‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫عليهم امتثاًل لقوله تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها ال ّ ِ‬
‫عَلى‬
‫ل َ‬ ‫ذي ن َّز َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬
‫وال ْك َِتا ِ‬
‫ه َ‬‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬ ‫مُنوا ْ ِبالل ّ ِ‬
‫آ ِ‬
‫ل ‪ (1)‬أولئك‬ ‫من َ‬
‫قب ْ ُ‬ ‫ل ِ‬‫ي َأنَز َ‬ ‫ذ َ‬‫ب ال ّ ِ‬‫وال ْك َِتا ِ‬ ‫ه َ‬‫سول ِ ِ‬‫َر ُ‬
‫الذين وسعتهم رحمة الله وحق فيهم ثناؤه وأولئك‬
‫هم المفلحون‪ .‬أما الذين كفروا بالجميع أو آمنوا‬
‫ببعض وكفروا ببعض وحرفوا ما أنزل في التوراة أو‬
‫النجيل إلى آخر ما تقدم بيانه وما في معناه فأولئك‬
‫الذين ذمهم الله وحقت عليهم كلمة العذاب وأولئك‬
‫أصحاب النار هم فيها خالدون‪ ،‬وعلى هذا فل تناقض‬

‫)( سورة النساء آية ‪.136‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪82‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بين نصوص الخبار عنهم ثناء على من هم أهل لذلك‬
‫واعتراًفا بقدرهم وإنزاًل لهم منازلهم مع ذم آخرين‬
‫منهم لسوء سيرتهم وفساد عقيدتهم وتغييرهم‬
‫وتبديلهم لما أنزل إليهم من ربهم أو تقليدهم من‬
‫فعل ذلك من أحبارهم ورهبانهم على غير هدى‬
‫وبصيرة ول نسخ فيها لعدم تنافيها بل بعضها يصدق‬
‫ضا)‪.(1‬‬
‫بع ً‬
‫ومن أراد المزيد فليرجع إلى كتاب الله وسنة‬
‫رسوله فإن من تأمل آيات القرآن والحاديث‬
‫الصحيحة عن الرسول عليه الصلة والسلم واطلع‬
‫على ما‬ ‫‪#‬‬

‫صح من التاريخ وتبرأ من العصبية ولم يتبع الهوى‬


‫تبين له الحق واهتدى إلى سواء السبيل‪ .‬وصلى الله‬
‫على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬

‫حكم استخدام النصارى في بلد‬


‫المسلمين‬
‫للشيخ عبد الله بن علي الغضية‬

‫الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين‪،‬‬


‫والصلة والسلم على خير المرسلين وآخر النبيين‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫فإن مما يؤسف له أن الدنيا عندما انفتحت على‬
‫الناس أنستهم كثيًرا من مصالحهم الدينية والدنيوية‪،‬‬
‫)( انظر موقف السلم من النصارى في كتيياب الجييواب الصييحيح لميين‬ ‫‪1‬‬

‫بدل دين المسيح لشيخ السلم ابن تيمية‪ ،‬وهداييية الحيييارى فييي أجوبيية‬
‫اليهود والنصارى لبن القيم‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وصدق رسولنا عليه الصلة والسلم‪ ،‬حيث قال‬
‫"والله ما الفقر أخشى عليكم ولكني أخشى‬
‫أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من‬
‫كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها‬
‫فتهلككم كما أهلكتهم")‪ (1‬أو كما قال عليه‬
‫الصلة والسلم "وانفتاح الدنيا وكثرة المال في أي‬
‫بلد إن لم يحتط أهله ويطبقوا شرع الله فيهم ومن‬
‫وفد عليهم من غيرهم إن لم يفعلوا انقلب عليهم‬
‫المال عذاًبا وجر عليهم شًرا كبيًرا"‪ ،‬والذي أحب أن‬
‫أتطرق إليه هو كثرة الوافدين إلى هذه البلد من‬
‫شتى بقاع العالم من عرب وغيرهم‪ ،‬مسلمين وكفار‪،‬‬
‫وكل الفريقين يجب التنبه لمرهم ومعاملتهم وفق‬
‫تشريعات السلم الحكيمة‪..‬‬
‫فأول – المسلمون الوافدون من العالم‬
‫العربي والسلمي‪:‬‬
‫يجب أن يستفاد من صالحهم ويتعاون معه في‬
‫نشر الدعوة في بلده وغيرها من بلد الله‪ ،‬وأما‬
‫طالحهم وأهل البدع والخرافات منهم فيجب الخذ‬
‫بأيديهم وتصحيح عقيدتهم ومعلوماتهم على ضوء‬
‫كتاب الله وسنة رسوله ‪ ‬تحقيًقا لقوله تعالى‪ :‬‬
‫عَلى‬
‫وُنوا ْ َ‬ ‫ول َ ت َ َ‬
‫عا َ‬ ‫وى َ‬
‫ق َ‬ ‫عَلى اْلبّر َ‬
‫والت ّ ْ‬ ‫وُنوا ْ َ‬
‫عا َ‬
‫وت َ َ‬
‫َ‬
‫ن‪. ‬‬
‫)‪(2‬‬
‫وا ِ‬
‫عدْ َ‬ ‫ْ‬
‫وال ُ‬ ‫ْ‬
‫ال ِثم ِ َ‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪84‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أما بالنسبة للقسم الخر من الوافدين‪ ،‬وهم‬


‫الكفار من نصارى وغيرهم‪ ...‬فينبغي على الجهات‬
‫المسئولة كرئاسة إدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد ووزارة العلم ووزارة التعليم‬
‫العالي أن تبين عن طريق المرشدين والمدرسين‪،‬‬
‫وغيرهم‪ ،‬حكم السلم في التعامل مع غير المسلم‪،‬‬
‫وعلى الجهات المسئولة في الدولة الحد من‬
‫استقدام غير المسلمين‪ ،‬سيما العمال منهم‪ ،‬حيث ل‬
‫داعي لستقدامهم ونشرهم بين المسلمين‪ ،‬مع وجود‬
‫عمال مسلمين يقومون مقامهم‪ ،‬فقد ورد في‬
‫الحديث "ل تصاحب إل مؤمًنا ول يأكل طعامك‬
‫إل تقي")‪ (1‬فإن انتشار غير المسلمين من نصارى‬
‫وغيرهم في بلد المسلمين فيه خطر على البلد‬
‫والعباد‪ :‬فقد ذكر شيخ السلم رحمة الله عليه‪ :‬إن‬
‫الفتن الحاصلة بين المسلمين وتفرقهم على ملوكهم‬
‫بسبب دخول النصارى مع ولة المور بالديار‬
‫المصرية في دولة المعز‪ ،‬ووزارة الفائز اهي‪ .‬مع أن‬
‫كثرة النصارى في بلد المسلمين غالًبا ما يكون‬
‫مدعاة إلى مطالبتهم ببناء مدارس خاصة بهم في‬
‫بادئ المر ثم ينزلق إليها بعض أبناء المسلمين‪ ،‬كما‬
‫هو مشاهد في كثير من بلد المسلمين اليوم‪ ..‬ثم‬
‫يقومون ببناء كنائس لهم‪ ،‬ودور عبادة‪ ،‬وهكذا شيًئا‬
‫فشيًئا‪ ،‬حتى تكون لهم شوكة وغلبة‪...‬‬
‫وقد قال ابن تيمية رحمه الله‪ :‬وقد اتفق‬
‫)( رواه أحمد والترمذي وأبو داود‪ ،‬والدارمي وحسنه اللباني‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪85‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المسلمون على أن ما بناه المسلمون من المدائن‬
‫لم يكن لهل الذمة أن يحدثوا فيه كنيسة مثل ما‬
‫حا وأبقوا لهم كنائسهم القديمة‪،‬‬ ‫فتحه المسلمون صل ً‬
‫بعد أن شرط عليهم عمر بن الخطاب رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬أن ل يحدثوا كنيسة بأرض العنوة كالعراق‬
‫ومصر‪ ،‬ونحو ذلك فبنى المسلمون مدينة عليها‪ ،‬فإن‬
‫لهم أخذ تلك الكنيسة لئل تترك في بلد المسلمين‬
‫كنيسة بعد عهده‪ ،‬فإن في سنن أبي داوود بإسناد‬
‫جيد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ‪،‬‬
‫قال‪" :‬ل تصلح قبلتان بأرض‪ ،‬ول جزية على‬
‫مسلم" والمدينة التي يسكنها المسلمون وفيها‬
‫‪#‬‬ ‫مساجد المسلمين ل يجوز أن يظهر‬
‫فيها شيء من شعائر الكفر‪ ،‬ول كنائس ول غيرها‪،‬‬
‫إل أن يكون لهم عهد فيوفى لهم بعهدهم‪ ..‬وقد‬
‫يعترض معترض فيقول إن كنائس النصارى موجودة‬
‫في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعض‬
‫البلد السلمية كالقاهرة حيث فتحت البلد المصرية‬
‫في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأن‬
‫الخلفاء الراشدين أقروهم عليها‪.‬‬
‫فيجيب شيخ السلم ابن تيمية على هذا السؤال‬
‫بقوله هذا كذب فإن من المعلوم المتواتر أن القاهرة‬
‫بنيت بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه بثلثمائة‬
‫سنة بنيت بعد بغداد وبعد البصرة والكوفة وواسط‪.‬‬
‫هذا بالنسبة للبلد السلمية غير بلد الحرمين‬
‫الشريفين –حرسهما الله‪ -‬إذ للجزيرة العربية وضعها‬
‫‪86‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الخاص‪ ،‬حيث إنها الم للدعوة السلمية واللغة‬
‫العربية لغة القرآن‪ ،‬فقد ورد عن النبي ‪" ‬أخرجوا‬
‫اليهود والنصاري من جزيرة العرب")‪ (1‬وقد‬
‫أجلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه من خيبر آخر‬
‫اليهود‪.‬‬
‫هذا وقد عرف ما عليه المسلمون من قوة في‬
‫العقيدة وقوة في الحكم وقوة في تطبيق الشريعة‬
‫وقت خلفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ،‬ومع‬
‫هذا كله فقد أجلهم عمر من خيبر فكيف وحالة‬
‫المسلمين اليوم كما يرى من ضعف في اليمان‬
‫وتفكك بين المسلمين وموت في القلوب ول حول‬
‫ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫إذن فما دام الحال كما ذكر فإنه ل ينبغي‬
‫للمسلمين التساهل مع أعدائهم وجلبهم إلى بلدهم‬
‫لقصد العمل أو غيره ويوجد غيرهم من المسلمين إذ‬
‫دا كبير على حكام‬
‫أن الخطر من العدو كبير ج ً‬
‫المسلمين وعامتهم‪ ،‬فل تخفى عداوة النصراني‬
‫لليهودي‪ ،‬ومع ذلك فهما مجتمعان على عداوة‬
‫السلم والمسلمين وأكبر شاهد على ذلك تأييد‬
‫النصارى لليهود في فلسطين وتأييد اليهود للنصارى‬
‫في لبنان وغيرها من بلد العالم السلمي‪ ،‬وأنت‬
‫ترى قوة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحق‬
‫ومعرفته له ومع ذلك فلم يرض باستخدام النصارى‬
‫كموظفين وكتاب رغم الحاجة إليهم كما يتضح مما‬
‫يلي‪ :‬كتب خالد بن الوليد‬
‫‪#‬‬

‫)( رواه مسلم بلفظ لخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب ورواه‬ ‫‪1‬‬

‫البخاري ومسلم بلفظ أخرجوا المشركين من جزيرة العرب‪.‬‬


‫‪87‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رضي الله عنه إلى عمر رضي الله عنه‪ ...‬يقول‪ :‬إن‬
‫بالشام كاتًبا نصرانًيا ل يقوم خراج الشام إل به‬
‫فكتب إليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه ل‬
‫تستعمله‪..‬‬
‫فكتب إليه خالد أنه ل غنى بنا عنه‪ ..‬فكتب إليه‬
‫عمر ل تستعمله‪ ..‬فكتب إليه‪ ..‬إذا لم نوله ضاع‬
‫المال‪ ..‬فكتب إليه رضي الله عنه مات النصراني‬
‫والسلم‪ .‬يعني افرض أنه مات هل يضيع أمر‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫وعمر بموقفه هذا يستند على قاعدة صلبة‪ ،‬إذ‬
‫يعرف معنى قول النبي ‪ ‬فيما ثبت عنه من أن‬
‫كا لحق به ليقاتل معه فقال إني ل أستعين‬ ‫مشر ً‬
‫بمشرك‪ ،‬كما دخل أبو موسى الشعري رضي الله‬
‫عنه على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فعرض‬
‫عليه حساب العراق فأعجبه ذلك وقال‪ :‬ادع كاتبك‬
‫يقرأه علي فقال إنه ل يدخل المسجد قال لم؟ قال‬
‫لنه نصراني فضربه عمر رضي الله عنه بالدرة فلو‬
‫أصابته لوجعته ثم قال‪ :‬ل تعزوهم بعد أن أذلهم‬
‫الله‪ ..‬ول تأمنوهم بعد أن خونهم الله ول تصدقوهم‬
‫بعد أن كذبهم الله‪.‬‬
‫فرضي الله عنك يا عمر يا من عرفت القرآن‬
‫وحكمته في كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬فكانت أحكامك‬
‫وتصرفاتك كلها مستمدة من كتاب ربك وسنة‬
‫نبيك ‪ ،‬فعمر بعمله هذا يطبق قول الله جل وعل‪:‬‬
‫َ‬
‫هودَ‬ ‫ذوا ْ ال ْي َ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫من‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و َ‬
‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ول َِياء ب َ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫ول َِياء ب َ ْ‬ ‫صاَرى أ ْ‬ ‫والن ّ َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫و َ‬ ‫دي ال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫م َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ول ّ ُ‬
‫ي َت َ َ‬
‫‪88‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مين ‪ ‬وبعد فلو كان المسلمون على قدر‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬
‫كبير من الصلح واليمان الكامل لما ضرهم وجود‬
‫النصارى وغيرهم من الكفار بل لقام المسلمون وهم‬
‫كذلك بالدعوة لدينهم ولسلم بسببهم خلق كثير‪..‬‬
‫ولكن ما دام أن الحال في المسلمين على ما هم‬
‫عليه فإنه من الخطر عليهم وعلى بلدهم وحكامهم‬
‫وجودهم في البلد السلمية وما يجري في لبنان‬
‫وقبرص والفلبين وأفريقيا أكبر دليل على ما أقول‪،‬‬
‫وأحب أن أورد الن أمامك قارئي العزيز الشروط‬
‫التي اشترطها عمر بن الخطاب رضي الله عنه لترى‬
‫مدى تحفظه وحذره من أعداء السلم رغم أن‬
‫المسلمين في وقته في أوج كمالهم عقيدة وأخلًقا‬
‫ما لكل صغيرة وكبيرة بحكم‬ ‫وسلو ً‬
‫كا ومراقبة وتحكي ً‬
‫الله ومع ذلك كله فقد وضع رضي الله عنه هذه‬
‫الشروط واحتاط كل الحيطة‪ ..‬فكيف لو رأى‬
‫‪#‬‬

‫حالنا اليوم ماذا تراه صانًعا؟! حيث إننا قد احترمنا‬


‫النصارى وقدمناهم وائتمناهم وأطلعناهم على‬
‫أسرارنا العسكرية والمدنية وسهلنا طرق جلبهم‬
‫لبلدنا فل حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫الشروط العمرية‪:‬‬
‫هي أن ل يتخذوا من مدائن السلم ديرا ول‬
‫كنيسة ول قلية )*( ول صومعة لراهب ول يجددوا ما‬
‫خرب منها‪ ،‬ول يمنعوا كنائسهم التي عاهدوا عليها أن‬
‫ينزلها المسلمون ثلثة أيام يطعمونهم ويؤونهم ول‬
‫‪ () 1‬وقد حذفت من هذه الشروط ما ل فائدة فيه للقارئ‪.‬‬
‫)*( القلية‪ :‬يبنيها رهبان النصارى وهي مرتفعة كالمنارة ول تتسع إل لواحد‪.‬‬
‫‪89‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫كا ول ريبة لهل السلم ول يعلوا على‬ ‫يظهروا شر ً‬
‫المسلمين في البنيان ول يعلموا أولدهم القرآن‪ ،‬ول‬
‫يركبوا الخيل والبغال‪ ،‬بل يركبوا الحمير ول يظهروا‬
‫على عورات المسلمين‪ .‬ويجتنبوا أوساط الطرق‬
‫توسعة للمسلمين‪ ،‬ول ينقشوا خواتمهم بالعربية‪..‬‬
‫وأن يجزوا مقادم رءوسهم‪ .‬وأن يلزموا زيهم حيثما‬
‫ما في الحمام ول في‬ ‫كانوا ول يستخدموا مسل ً‬
‫أعمالهم الباقية‪ ..‬ول يتسموا بأسماء المسلمين ول‬
‫قا‬
‫يكنوا بكناهم ول يتلقبوا بألقابهم‪ ،‬ول يشتروا رقي ً‬
‫مما سباه مسلم‪ ..‬ول يشتروا شيًئا مما خرجت عليه‬
‫سهام المسلمين‪ ،‬ول يبيعوا الخمور‪ ،‬ومن زنا منهم‬
‫بمسلمة قتل‪...‬‬
‫ول يشتركون مع المسلمين في تجارة ول بيع ول‬
‫شراء ول يخدمون الملوك ول المراء فيما يجرى من‬
‫أمور المسلمين من كتابة أو أمانة أو وكالة أو غير‬
‫ذلك‪ ..‬وهذه الشروط التي أوردت فيها الحاديث‬
‫النبوية شرفها الله وأعزها‪ ،‬قال ‪" ‬اليهود‬
‫والنصارى خونة ل أعان الله من ألبسهم‬
‫ثوب عز")‪ (1‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫صُروا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫مُنوا ِإن َتن ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬ ‫‪َ‬يا‬
‫كم ‪ (2)‬انتهى نقًل من‬ ‫م ُ‬‫دا َ‬
‫ق َ‬‫ت أَ ْ‬ ‫وي ُث َب ّ ْ‬
‫َ‬ ‫صْرك ُ ْ‬
‫م‬ ‫َين ُ‬
‫رسالة شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله المسماة‬
‫فتوى شيخ السلم فيما استحدثه النصارى من‬
‫)( لم أجده‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.51‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪90‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الكنائس في بلد السلم‪..‬‬
‫‪#‬‬

‫ما‬
‫ما أسأل الله أن يوفق المسلمين حكا ً‬ ‫ختا ً‬
‫ومحكومين إلى التنبه لما يعمل أعداؤهم ضدهم‬
‫وضد دينهم وأن يصلح الجميع ويحفظهم بعز السلم‬
‫والظهور على أعدائهم والله من وراء القصد وصلى‬
‫)‪(1‬‬
‫الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫العمال المقربة إلى الله سبحانه‬


‫بقلم‪ :‬الشيخ أحمد بن عبد الرحمن‬
‫القاسم‬

‫الحمد لله وحده‪ ...‬وبعد فقد أخبر مالك الدنيا‬


‫والخرة المتصرف في بريته في أرزاقهم وآجالهم‬
‫وأحوالهم أنه خلقهم لحكمة عظيمة خفيت على‬
‫الكثير من الناس وهي معرفتهم بربهم جل وعل‬
‫وبعظمته وكبريائه وعظيم سلطانه وأسمائه وصفاته‬
‫وأفعاله وبما فيه صلحهم وهدايتهم في معاشهم‬
‫ومعادهم بما أمر به كتابه الكريم وعلى لسان‬
‫رسوله المين محمد ‪ ‬ابتداء من القاعدة والساس‬
‫السلم والتوحيد الذي هو إفراده تعالى بالعبادة‬
‫والبراءة من جميع المعبودات من دونه من لدن‬
‫عرشه إلى قرار أرضه وإفراد الرسول ‪ ‬بالمتابعة‬
‫ثم بقية مباني السلم الخمسة وأصول اليمان‬
‫)(انظر هذه الشروط في كتاب أحكييام أهيل الذمية لبيين القييم صيفحة‬ ‫‪1‬‬

‫‪.663-659‬‬
‫‪91‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الستة وواجباته وشعبه التي تقرب من سبعين شعبة‬
‫"أعلها قول ل إله إل الله وأدناها إماطة‬
‫الذى عن الطريق")‪.(1‬‬
‫واجتناب المحرمات ابتداء من الشرك الكبر‬
‫والكفر والنفاق وما دون ذلك من الكبائر المتوعد‬
‫عليها بالغضب والعقاب إلى ترك النسان ما ل يعنيه‬
‫ن‪‬‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِّل ل ِي َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫واْل ِن ْ َ‬
‫ن َ‬
‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ما َ‬ ‫لقوله ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫)‪ (2‬وما ثبت في الصحيح عن النبي ‪ ‬أنه قال "حق‬
‫الله على العباد أن يعبدوه ول يشركوا به‬
‫‪#‬‬ ‫شيًئا وحق‬
‫العباد على الله أن ل يعذب من ل يشرك به‬
‫شيًئا")‪ (3‬أمر تعالى البشرية بما شرعه لهم من‬
‫تعاليم السلم وأحكامه وإقامة حدوده وسلطانه في‬
‫أرضه بين عباده المشتمل على صلح القلوب‬
‫والنفوس والمجتمعات النسانية من جميع الجناس‬
‫دا واحدة‬ ‫واللوان في تآلفها وترابطها وتماسكها ي ً‬
‫وتعاونها على أعدائها في الدين وتربيتها تربية‬
‫إسلمية وأخلقية وثقافية‪ ..‬سالمة من جميع‬
‫المفاسد والنزعات والراء الهدامة وبذلك يحصل لها‬
‫النصر من الله والتمكين والقوة واستقامة الحوال‬
‫في الدنيا والسعادة في الخرة‪ ،‬ونهاهم عما ينافي‬
‫ذلك ويناقضه من أسباب الفساد والشر والظلم‬
‫والشحناء والفوضى واختلل المن وضعف العقول‬
‫باتباع الشهوات وترك الطاعات وارتكاب المحرمات‬
‫وتحكيم النظمة النسانية المنافية للصلح والخلق‬

‫)( كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الذاريات آية ‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪92‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والستقرار والعذاب في الخرة‪.‬‬
‫أخبر سبحانه أنه ل تنفعه طاعة العباد وإن كثرت‬
‫ول تضره معاصيهم وإن تعاظمت لكمال غناه وسعة‬
‫حلمه وكمال علوه وعدم حاجته إليهم وشدة حاجتهم‬
‫م َ‬
‫ل‬ ‫ع ِ‬
‫ن َ‬ ‫إليه في جميع الحوال بقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫عل َي ْ َ‬
‫ها ‪‬‬ ‫ساءَ َ‬ ‫فل ِن َ ْ‬
‫حا َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ف َ‬ ‫نأ َ‬‫م ْ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫س ِ‬
‫ف ِ‬ ‫صال ِ ً‬
‫َ‬
‫ولما ثبت في الصحيح عن النبي ‪ ‬في الحديث‬
‫القدسي أنه قال "يا عبادي إنكم لن تبلغوا‬
‫ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي‬
‫فتنفعوني" إلى أن قال "يا عبادي إنما هي‬
‫أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن‬
‫وجد خيًرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فل‬
‫يلومن إل نفسه")‪.(2‬‬
‫وقد بين جل شأنه أنه سيحاسب عباده يوم‬
‫القيامة على أعمالهم وأفعالهم الصالحة والفاسدة‬
‫ولذلك فقد خلق جنة عظيمة في منتهى السعة‬
‫والرتفاع والحسن والجمال والنعيم والشرف‬
‫والكرامة لمن أجاب داعي الله من عباده المؤمنين‬
‫الذين ل يريدون العلو والفساد في الرض وإنما‬
‫رغبتهم في طاعة الله وفيما يقربهم إليه ويوصلهم‬
‫إلى ذكر الله وجناته مع أخذ نصيبهم من هذه الحياة‬
‫القليلة الفانية ومن عليها فجمعوا بين سعادة الدنيا‬
‫والخرة وخلق ناًرا عظيمة في منتهى العذاب‬
‫والخزي والهوان والخسران لمن ترك داعي الرحمن‬
‫فلم يرفع به‬
‫‪#‬‬

‫سا واتبع داعي الهوى والنفس والشيطان فلم يقم‬ ‫رأ ً‬


‫لله وزًنا ول قدًرا ول اعتباًرا ول لدينه وكتابه ورسوله‬
‫)( سورة فصلت آية ‪.46‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪93‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ول للجنة والنار وإنما همه في حصوله على المال‬
‫والتجارة بأي طريق من حلل وحرام ولو على‬
‫حساب ترك الفرائض والوقوع في المحارم لقوله‬
‫ْ َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬
‫ض‬
‫في الْر ِ‬ ‫ما ِ‬
‫و َ‬
‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫ما ِ‬
‫ه َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ج ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫مُلوا َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ءوا ب ِ َ‬ ‫سا ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل ِي َ ْ‬
‫َ‬
‫سَنى ‪. ‬‬ ‫سُنوا ِبال ْ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ح ْ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫ه‬‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫وقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫هاُر َ‬ ‫ها اْلن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫ي ُدْ ِ‬
‫ص الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫م* َ‬ ‫ظي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫وُز ال ْ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫وذَل ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ول َ ُ‬
‫ه‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫دا ِ‬ ‫خال ِ ً‬ ‫ه َناًرا َ‬ ‫خل ْ ُ‬ ‫دودَهُ ي ُدْ ِ‬ ‫ح ُ‬
‫عدّ ُ‬ ‫وي َت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬وسنذكر بإذن الله‪ ،‬طرًفا مه ً‬
‫)‪(2‬‬
‫ما‬ ‫هي ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬‫َ‬
‫من أعمال أهل الجنة ونعيمها وأعمال أهل النار‬
‫وعذابها على وجه الختصار‪.‬‬
‫فمن أهم أعمال أهل الجنة وآكده على الطلق‬
‫صحة سلمة العقيدة والتوحيد والديانة السلمية‬
‫التي هي دين النبياء والمرسلين وعباد الله المتقين‬
‫الذي ل يقبل الله من أحد ديًنا سواه من يهودية أو‬
‫نصرانية أو صابئة أو إتحادية أو صوفية منحرفة أو‬
‫غي َْر اْل ِ ْ َ‬
‫غ َ‬ ‫غير ذلك لقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫سلم ِ‬ ‫ن ي َب ْت َ ِ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ة ِ‬‫خَر ِ‬ ‫في اْل َ ِ‬ ‫و ِ‬‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬
‫من ْ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫قب َ َ‬ ‫فل َ ْ‬ ‫ِديًنا َ‬
‫ن ‪ (3)‬والسلم هو البر والتقوى واليمان‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫سل َْنا ِ‬‫ما أْر َ‬ ‫و َ‬ ‫والهدى المذكور في قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ه إ ِّل أَنا‬ ‫حي إل َي َ‬
‫ه َل إ ِل َ َ‬ ‫ه أن ّ ُ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫ل إ ِّل ُنو ِ‬‫سو ٍ‬‫ن َر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫َ‬
‫ن ‪ (4)‬وتنزيهه عما ل يليق بجلله وعظمته‬ ‫دو ِ‬ ‫عب ُ ُ‬
‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫النجم آية ‪.31‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫النساء آية ‪.14 -13‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫آل عمران آية ‪.85‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫النبياء آية ‪.25‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪94‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من الشرك والشركاء والنداد والصاحبة والولد وغير‬
‫ذلك من صفات النقص والعيب الخاصة بالبشر‬
‫ونحوهم‪.‬‬
‫ومن أعمالهم المحافظة على الصلوات في‬
‫المساجد إذا نودي إليها وترك الشتغال بغيرها من‬
‫التجارة وسائر العمال والهل والولد لما لها من‬
‫المنزلة العظيمة في نفوسهم ولما يرجعون بفعلها‬
‫من ثواب الله ورضوانه ويخشون من تركها غضبه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫هأ ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ت أِذ َ‬ ‫وعذابه في قوله تعالى‪ِ  :‬‬
‫في ب ُُيو ٍ‬
‫و‬ ‫ها ِبال ْ ُ‬
‫غدُ ّ‬ ‫في َ‬
‫ه ِ‬‫ح لَ ُ‬ ‫سب ّ ُ‬
‫ه يُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ها ا ْ‬
‫في َ‬‫وي ُذْك ََر ِ‬‫ع َ‬‫ف َ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫وَل ب َي ْ ٌ‬ ‫جا ٌ َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ع َ‬ ‫جاَرةٌ َ‬ ‫م تِ َ‬ ‫ه ْ‬
‫هي ِ‬ ‫ل ل ت ُل ِ‬ ‫ر َ‬
‫ل* ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫واْل َ‬ ‫َ‬
‫ِذك ْ ِ‬
‫ر‬
‫‪#‬‬

‫ة ‪ (1) ‬وهؤلء هم‬ ‫ء الّز َ‬


‫كا ِ‬ ‫وِإيَتا ِ‬ ‫ة َ‬‫صَل ِ‬‫قام ِ ال ّ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫ه َ‬‫الل ّ ِ‬
‫عمار المساجد على الحقيقة بالصلة والذكر وتلوة‬
‫القرآن المشهود لهم باليمان والهداية والسلمة من‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫جدَ الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سا ِ‬
‫م َ‬
‫مُر َ‬
‫ع ُ‬ ‫النفاق لقوله تعالى‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫ما ي َ ْ‬
‫وآ ََتى‬
‫صَلةَ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫وأ َ َ‬
‫قا َ‬ ‫ر َ‬ ‫وم ِ اْل َ ِ‬
‫خ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬‫ه َ‬‫ن ِبالل ّ ِ‬‫م َ‬
‫َ‬
‫آ َ‬
‫فعسى ُأول َئ ِ َ َ‬
‫ن‬
‫كأ ْ‬ ‫ه َ َ َ‬ ‫ش إ ِّل الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ول َ ْ‬‫كاةَ َ‬‫الّز َ‬
‫ن ‪ (2)‬وإقامتهم لها على الوجه‬ ‫دي َ‬‫هت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬ ‫كوُنوا ِ‬ ‫يَ ُ‬
‫المشروع من كامل الطهارة والطمأنينة فيها‬
‫والخشوع وحضور القلب والرغبة فيها وترك العبث‬
‫والحركات والوساوس والخواطر المبطلة لثوابها‬
‫وهي التي علق الله عليها الفلح والفوز والقبول‪ ،‬ل‬
‫على مجرد الداء بالبدن مع الكسل والسهو والغفلة‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫ن * ال ّ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ح ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫قدْ أ َ ْ‬
‫فل َ َ‬ ‫في قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫)( سورة النور آية ‪.37-36‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.18‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪95‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن ‪ ،(1)‬وهذه هي الصلة‬ ‫عو َ‬ ‫ش ُ‬‫خا ِ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في َ َ‬
‫صلت ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫ُ‬
‫المثمرة التي تأمر صاحبها بالمعروف وتنهاه عن‬
‫ن‬‫ع ِ‬ ‫صَلةَ ت َن ْ َ‬
‫هى َ‬ ‫المنكر لقوله تعالى ‪‬إ ِ ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫ر ‪.(2)‬‬ ‫من ْك َ ِ‬‫وال ْ ُ‬‫ء َ‬ ‫ح َ‬
‫شا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ف ْ‬
‫ومن أعمال أهل الجنة بذل الزكاة كاملة كل‬
‫عام لصحابها من الفقراء والمساكين ونحوهم‬
‫كالمصابين بحرق أو دم ل يجدون له أداء عن رضا‬
‫وطيب نفس في الموال الزراعية من الحبوب‬
‫والثمار والوراق النقدية والموال التجارية والصناعية‬
‫والعقارية وغير ذلك‪ ،‬وصيام رمضان عن رغبة ومحبة‬
‫واحتساب‪ ،‬وحج بيت الله الحرام على المستطيع مع‬
‫اجتناب المحرمات فيه وفي غيره‪.‬‬
‫ومن أعمالهم اليمان بأصول اليمان الستة وهي‬
‫اليمان بالله رًبا ومعبوًدا ل شريك له واليمان‬
‫والقرار بجميع الملئكة والكتب المنزلة من السماء‬
‫كالتوراة والنجيل والزبور والقرآن وصحف إبراهيم‪،‬‬
‫واليمان والتصديق بجميع الرسل والنبياء وبالبعث‬
‫بعد الموت والحساب والجزاء والصراط والميزان‬
‫والشفاعة والجنة والنار وبالقدر خيره وشره من الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫ومن أعمالهم المر بالمعروف والعمل به والنهي‬
‫عن المنكر واجتنابه‪ ،‬على‬
‫‪#‬‬

‫)( سورة المؤمنون آية ‪.2 -1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة العنكبوت آية ‪.45‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪96‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫وال ْ ُ‬‫القريب والبعيد لقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مُرو َ‬ ‫ض ي َأ ُ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ول َِياءُ ب َ ْ‬‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬‫مَنا ُ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫صَل َ‬
‫ة‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫ر َ‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬‫ه ْ‬‫وي َن ْ َ‬‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ِبال ْ َ‬
‫ه ُأول َئ ِ َ‬
‫ك‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫طي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫وي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ‬ومن ذلك الدعوة إلى الله‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ه ُ‬‫م ُ‬‫ح ُ‬‫سي َْر َ‬ ‫َ‬
‫على بصيرة والجهاد في سبيله وبر الوالدين وصلة‬
‫الرحام والحسان إلى الفقراء والمساكين واليتام‬
‫والجيران وأبناء السبيل‪ ،‬والصدق والعفاف وغض‬
‫البصر عن المحارم وكف الذى والمانة والصبر عند‬
‫البلء والشكر عند الرخاء والرضاء عند القضاء‬
‫والوفاء بالوعد والعقود وإعفاء اللحية وقص الشارب‬
‫ورد السلم وتشميت العاطس وعيادة المريض‬
‫واتباع الجنائز ومحبة أصحاب رسول الله ‪‬‬
‫والترضي عنهم والسكوت عما جرى بينهم‬
‫والمسارعة إلى فعل الخيرات والتعاون على البر‬
‫والتقوى وترك الكبائر والمحرمات كالزنا والربا‬
‫وشرب الخمر والغيبة والنميمة والحسد وسماع‬
‫الغاني والملهي والتصوير والتشبه بالنساء‪..‬‬
‫إلى غير ذلك من آداب السلم ومحاسنه فيجب‬
‫على المسلم الذي يخاف الله ويتقيه ويرجو ما عنده‬
‫من الثواب والكرامة ويخشى غضبه وعقابه أن يحقق‬
‫إسلمه بطاعة الله وأن يقوم على من تحت يده‬
‫ومسئوليته من النساء والولد ومن حوله من‬
‫الجيران يأمر بطاعة الله وينهى لله عن المعاصي‬
‫وأن توجد فيه هذه الخصال اليمانية الطيبة التي هي‬
‫سبب لمرضاة الله وصلح لمجتمعه ونصر لدين الله‪،‬‬
‫)( سورة التوبة آية ‪.71‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪97‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وفق الله الجميع لما فيه خيرهم وسعادتهم والسلم‬
‫عليكم ورحمة الله)‪.(1‬‬

‫)( عن مجلة الدعوة عدد ‪ 657‬في ‪1398 /20/7‬هي‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪98‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫مسائل الجاهلية‬
‫)‪(1‬‬

‫لشيخ السلم محمد بن عبد الوهاب‬


‫رحمه الله تعالى‬

‫قال رحمه الله تعالى‪ :‬هذه أمور خالف فيها‬


‫رسول ‪ ‬ما عليه أهل الجاهلية من الكتابيين‬
‫والميين‪ ،‬مما ل غنى للمسلم عن معرفتها‪.‬‬
‫وبضدها تتبين‬ ‫فالضد يظهر حسنه‬
‫الشياء‬
‫ً‬ ‫الضد‬
‫فأهم ما فيها وأشدها خطرا عدم إيمان القلب‬
‫بما جاء به الرسول ‪ ،‬فإن إنضاف إلى ذلك‬
‫استحسان ما عليه أهل الجاهلية تمت الخسارة‬
‫مُنوا‬
‫نآ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫والعياذ بالله كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫فروا بالل ّ ُ‬
‫سُرون ‪‬‬
‫خا ِ‬ ‫ه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫هأ ْ‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وك َ َ ُ‬ ‫ِبال َْباطِ ِ‬
‫ل َ‬
‫]العنكبوت‪[52:‬‬
‫)المسألة الولى(‪ :‬أنهم يتعبدون بإشراك‬
‫الصالحين في دعاء الله وعبادته يريدون شفاعتهم‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دو ِ‬
‫من ُ‬
‫ن ِ‬
‫دو َ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫عند الله‪ ،‬كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫وي َ ْ‬
‫ؤلء‬ ‫هـ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫وي َ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬‫ف ُ‬‫ول َ َين َ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫ضّر ُ‬ ‫ما ل َ ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ه ‪ ‬وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫(‬ ‫‪2‬‬ ‫)‬
‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫ؤَنا ِ‬ ‫عا ُ‬
‫ف َ‬ ‫ش َ‬ ‫ُ‬
‫قّرُبوَنا‬ ‫م إ ِل ّ ل ِي ُ َ‬ ‫ذوا من دون ِ َ‬ ‫خ ُ‬
‫ه ْ‬
‫عب ُدُ ُ‬
‫ما ن َ ْ‬‫ول َِياء َ‬‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ات ّ َ‬
‫فى ‪ ‬وهذه أعظم مسألة خالفهم فيها‬ ‫ه ُزل ْ َ‬ ‫إ َِلى الل ّ ِ‬
‫الرسول ‪ ‬فأتى بالخلص‪ ،‬وأخبر أنه دين الله الذي‬
‫أرسل به جميع الرسل‪ ،‬وأنه ل يقبل من العمال إل‬
‫دا لجييل التييذكير وقييد توسيع فيهييا علميية‬
‫)( هذه المسائل مختصييرة جي ً‬ ‫‪1‬‬

‫العراق السيد محمود شكري اللوسي رحمه الله‪.‬‬


‫)( سورة يونس آية ‪.18‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪99‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الخالص‪ ،‬وأخبر أن من فعل ما يستحسنونه فقد حرم‬
‫الله عليه الجنة ومأواه النار‪ .‬وهذه هي المسألة التي‬
‫تفرق الناس لجلها بين مسلم وكافر‪ ،‬وعندها وقعت‬
‫العداوة‪ ،‬ولجلها شرع الجهاد‪ ،‬كما قال تعالى ‪‬‬
‫ن ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫دي ُ‬
‫ن ال ّ‬ ‫وي َ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ة َ‬
‫فت ْن َ ٌ‬
‫ن ِ‬ ‫حّتى ل َ ت َ ُ‬
‫كو َ‬ ‫م َ‬ ‫قات ُِلو ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫‪  193‬البقرة‪.‬‬
‫)الثانية(‪ :‬أنهم متفرقون في دينهم كما قال‬
‫حون ‪ (1)‬وكذلك‬ ‫ر ُ‬ ‫م َ‬
‫ف ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب بِ َ َ‬ ‫تعالى ‪‬ك ُ ّ‬
‫ما لدَي ْ ِ‬ ‫حْز ٍ‬
‫ل ِ‬
‫في دنياهم ويرون ذلك هو الصواب‪ ،‬فأتى بالجماع‬
‫صى‬‫و ّ‬
‫ما َ‬
‫ن َ‬
‫دي ِ‬
‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫كم ّ‬‫ع لَ ُ‬ ‫في الدين بقوله‪َ  :‬‬
‫شَر َ‬
‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫‪#‬‬
‫و َ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫وال ّ ِ‬‫حا َ‬ ‫ه ُنو ً‬ ‫بِ ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫سى أ ْ‬ ‫عي َ‬ ‫و ِ‬ ‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫و ُ‬‫م َ‬ ‫هي َ‬ ‫ه إ ِب َْرا ِ‬ ‫صي َْنا ب ِ ِ‬ ‫و ّ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ‬وقال تعالى‬ ‫)‪(2‬‬
‫في ِ‬ ‫قوا ِ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ول َ ت َت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫دي َ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬ ‫أَ ِ‬
‫ت‬ ‫س َ‬ ‫عا ل ّ ْ‬‫شي َ ً‬‫كاُنوا ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قوا ْ ِدين َ ُ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫‪‬إ ِ ّ‬
‫يٍء ‪ ‬ونهانا عن مشابهتهم بقوله‪:‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫د‬
‫ع ِ‬‫من ب َ ْ‬ ‫فوا ْ ِ‬ ‫خت َل َ ُ‬
‫وا ْ‬‫قوا ْ َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫كال ّ ِ‬ ‫كوُنوا ْ َ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ت ‪ (4)‬ونهانا عن التفرق في الدين‬ ‫م ال ْب َي َّنا ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫جاء ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫قوا ْ‬‫فّر ُ‬ ‫ول َ ت َ َ‬‫عا َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬
‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫حب ْ ِ‬‫موا ْ ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫عت َ ِ‬ ‫وا ْ‬‫بقوله ‪َ ‬‬
‫‪  103‬آل عمران‬
‫)الثالثة(‪ :‬أن مخالفة ولي المر وعدم النقياد‬
‫له فضيلة‪ ،‬والسمع والطاعة ذل ومهانة‪ ،‬فخالفهم‬
‫رسول الله ‪ ‬وأمر بالصبر على جور الولة‪ ،‬وأمر‬
‫بالسمع والطاعة لهم والنصيحة‪ ،‬وغلظ في ذلك‬
‫وأبدى وأعاد‪.‬‬
‫وهذه الثلث هي التي جمع بينها فيما ذكر عنه‬
‫الروم آية ‪.32‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الشورى آية ‪.13‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫النعام آية ‪.159‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫آل عمران آية ‪.105‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪100‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في الصحيحين أنه قال "إن الله يرضى لكم‬
‫ثلثًا‪ :‬أن ل تعبدوا إل الله ول تشركوا به‬
‫شيئا ً وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ً ول‬
‫تفرقوا‪ ،‬وأن تناصحوا من وله الله أمركم"‪.‬‬
‫ولم يقع خلل في دين الناس ودنياهم إل بسبب‬
‫الخلل بهذه الثلث أو بعضها‪.‬‬
‫)الرابعة(‪ :‬أن دينهم مبني على أصول أعظمها‬
‫التقليد‪ ،‬فهو القاعدة الكبرى لجميع الكفار أولهم‬
‫َ‬
‫من‬‫سل َْنا ِ‬
‫ما أْر َ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫وآخرهم‪ ،‬كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ها إ ِّنا‬ ‫فو َ‬ ‫مت َْر ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ر إ ِل ّ َ‬ ‫ذي ٍ‬ ‫من ن ّ ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫قْري َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ك ِ‬ ‫قب ْل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫دون‬ ‫قت َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫عَلى آَثا ِ‬ ‫وإ ِّنا َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٍ‬ ‫عَلى أ ّ‬ ‫جدَْنا آَباءَنا َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫(‬ ‫‪1‬‬ ‫)‬
‫ما أنَز َ‬
‫ل‬ ‫عوا َ‬ ‫م ات ّب ِ ُ‬ ‫ه ُ‬‫لل ُ‬ ‫قي َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه آَباءَنا أ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫جدَْنا َ‬ ‫و َ‬ ‫ما َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل ن َت ّب ِ ُ‬ ‫قاُلوا ب َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫سِعير ‪‬‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬ ‫م إ َِلى َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عو ُ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ة أن‬ ‫َ‬ ‫عظ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فأتاهم بقوله ‪ُ ‬‬
‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫كم ب ِ َ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬
‫ما‬ ‫فك ُّروا َ‬ ‫م ت َت َ َ‬ ‫دى ث ُ ّ‬ ‫فَرا َ‬ ‫و ُ‬ ‫مث َْنى َ‬ ‫ه َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫تَ ُ‬
‫عوا ْ َ‬ ‫ة ‪ ‬الية وقوله ‪‬ات ّب ِ ُ‬ ‫حب ِ ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫ما‬ ‫جن ّ ٍ‬ ‫من ِ‬ ‫كم ّ‬ ‫صا ِ‬ ‫بِ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ول َِياء‬ ‫هأ ْ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫من ُ‬ ‫عوا ْ ِ‬ ‫ول َ ت َت ّب ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ل إ ِل َي ْ ُ‬ ‫ز َ‬ ‫أن ِ‬
‫ما ت َذَك ُّرون ‪]‬العراف‪.[3:‬‬ ‫قِليل ً ّ‬ ‫َ‬
‫)الخامسة(‪ :‬أن من أكبر قواعدهم الغترار‬
‫بالكثر‪ ،‬ويحتجون به على صحة الشيء‪ ،‬ويستدلون‬
‫على بطلن الشيء بغربته وقلة أهله‪ ،‬فأتاهم بضد‬
‫ذلك وأوضحه في غير موضع من القرآن‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫)( سورة الزخرف آية ‪.24-23‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة لقمان آية ‪.21‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة سبأ آية ‪.46‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪101‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)السادسة(‪ :‬الحتجاج بالمتقدمين كقوله‪ :‬‬
‫ُ‬
‫ه َ‬ ‫ن الوَلى ‪َ  ‬‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫ما َبا ُ‬ ‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ذا‬ ‫عَنا ب ِ َ‬
‫م ْ‬
‫س ِ‬
‫ما َ‬ ‫قُرو ِ‬ ‫ف َ‬
‫وِلين ‪]‬القصص‪.[36:‬‬ ‫َ‬
‫في آَبائ َِنا ال ّ‬ ‫ِ‬
‫)السابعة(‪ :‬الستدلل بقوم أعطوا قوى في‬
‫الفهام والعمال وفي الملك والمال والجاه فرد الله‬
‫ه‬
‫في ِ‬‫م ِ‬ ‫مك ّّناك ُ ْ‬
‫ما ِإن ّ‬ ‫في َ‬
‫م ِ‬ ‫مك ّّنا ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ول َ َ‬
‫قدْ َ‬ ‫ذلك بقوله ‪َ ‬‬
‫ن‬‫حو َ‬‫فت ِ ُ‬‫ست َ ْ‬ ‫من َ‬
‫قب ْ ُ‬
‫ل يَ ْ‬ ‫كاُنوا ْ ِ‬
‫و َ‬ ‫‪ ‬الية‪ ،‬وقوله ‪َ ‬‬
‫)‪(2‬‬

‫فُروا ْ‬‫فوا ْ ك َ َ‬‫عَر ُ‬


‫ما َ‬ ‫هم ّ‬ ‫جاء ُ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬
‫فُروا ْ َ‬‫ن كَ َ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫َ‬
‫م‪‬‬ ‫َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ه كَ َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ه ‪ ‬وقوله ‪‬ي َ ْ‬
‫(‬ ‫‪3‬‬‫)‬
‫ه ْ‬
‫ن أب َْناء ُ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ِ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫فون َ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫بِ ِ‬
‫‪-146‬البقرة‪.‬‬
‫)الثامنة(‪ :‬الستدلل على بطلن الشيء بأنه‬
‫ك‬‫ع َ‬
‫وات ّب َ َ‬‫ك َ‬ ‫ن لَ َ‬‫م ُ‬ ‫لم يتبعه إل الضعفاء كقوله ‪‬أ َن ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬
‫هم‬ ‫ه َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن الل ّ ُ‬‫م ّ‬‫ؤلء َ‬ ‫ال َْرذَُلون ‪(4)‬وقوله ‪‬أ َ َ‬
‫هـ ُ‬
‫هم ّمن ب َي ْن َِنا ‪‬‬ ‫ه َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫م ّ‬ ‫من ب َي ْن َِنا أ َ َ‬
‫هـ ُ‬
‫ؤلء َ‬ ‫ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫رين‬ ‫م ِبال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬ ‫عل َ‬‫ه ب ِأ ْ‬ ‫س الل ُ‬ ‫فرده الله بقوله ‪‬ألي ْ َ‬
‫‪.(5)‬‬
‫)التاسعة(‪ :‬القتداء بفسقة العلماء‪ ،‬فأتى بقوله‬
‫َ‬
‫ر‬
‫حَبا ِ‬ ‫ن ال َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك َِثيًرا ّ‬ ‫مُنوا ْ إ ِ ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬‫س ِبال َْباطِ ِ‬ ‫ل الّنا ِ‬ ‫وا َ‬ ‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫ن ل َي َأك ُُلو َ‬ ‫هَبا ِ‬ ‫والّر ْ‬ ‫َ‬
‫غُلوا ْ‬‫ه ‪ ‬وبقوله ‪‬ل ت َ ْ‬
‫َ‬ ‫(‬ ‫‪6‬‬ ‫)‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫ص ّ‬
‫وي َ ُ‬ ‫َ‬
‫د‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫واء َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه َ‬‫عوا أ ْ‬ ‫ول ت َت ّب ِ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫م غي َْر ال َ‬ ‫في ِدين ِك ْ‬ ‫ِ‬
‫ضّلوا ْ َ‬ ‫َ‬
‫واء‬
‫س َ‬ ‫عن َ‬ ‫و َ‬ ‫ضّلوا ْ ك َِثيًرا َ‬ ‫وأ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫ضّلوا ْ ِ‬ ‫َ‬
‫سِبيل ‪‬المائدة ‪.77‬‬ ‫ال ّ‬
‫)العاشرة(‪ :‬الستدلل على بطلن الدين بقلة‬
‫أفهام أهله وعدم حفظهم‬

‫طه آية ‪51‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الحقاف آية ‪26‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫البقرة آية ‪89‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الشعراء آية ‪111‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫النعام آية ‪53‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫التوبة آية ‪34‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬


‫‪102‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ي ‪ ‬هود ‪27‬‬ ‫ْ‬
‫ي الّرأ ِ‬ ‫كقوله ‪َ‬باِد َ‬
‫)الحادية عشرة(‪ :‬الستدلل بالقياس الفاسد‬
‫شٌر ّمث ْل َُنا ‪‬‬ ‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫م إ ِل ّ ب َ َ‬‫ن أنت ُ ْ‬ ‫كقوله ‪‬إ ِ ْ‬
‫)الثانية عشرة(‪ :‬إنكار القياس الصحيح‪،‬‬
‫والجامع لهذا وما قبله عدم فهم الجامع والفارق‪.‬‬
‫)الثالثة عشرة(‪ :‬الغلو في العلماء والصالحين‬
‫ول َ‬‫م َ‬‫في ِدين ِك ُ ْ‬ ‫غُلوا ْ ِ‬‫ب ل َ تَ ْ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه َ‬‫كقوله ‪َ‬يا أ َ ْ‬
‫ق ‪ ‬سورة النساء ‪.171‬‬ ‫ح ّ‬‫ه إ ِل ّ ال ْ َ‬
‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫قوُلوا ْ َ‬
‫تَ ُ‬
‫)الرابعة عشرة(‪ :‬أن كل ما تقدم مبني على‬
‫قاعدة وهي النفي والثبات‪ ،‬فيتبعون الهوى والظن‬
‫ويعرضون عما آتاهم الله‪.‬‬
‫)الخامسة عشرة(‪ :‬اعتذارهم عن إتباع ما‬
‫ف)‪ (2‬‬ ‫غل ْ ٌ‬‫قُلوب َُنا ُ‬ ‫آتاهم الله بعدم الفهم كقوله ‪ُ ‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ل‪‬‬ ‫ما ت َ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫ه ك َِثيًرا ّ‬
‫م ّ‬ ‫ف َ‬
‫ق ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬
‫ب َ‬
‫عي ْ ُ‬ ‫‪َ‬يا ُ‬
‫ش َ‬
‫فأكذبهم الله وبين أن ذلك بسبب الطبع على‬
‫قلوبهم‪ ،‬والطبع بسبب كفرهم‪.‬‬
‫)السادسة عشرة(‪ :‬اعتياضهم عما أتاهم من‬
‫الله بكتب السحر كما ذكر الله ذلك في قوله ‪‬ن َب َ َ‬
‫ذ‬
‫ُ‬
‫وَراء‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ِ‬ ‫ب ك َِتا َ‬ ‫ن أوُتوا ْ ال ْك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬‫م َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫َ‬
‫ف ِ‬
‫ما ت َت ُْلوا ْ‬ ‫َ‬
‫عوا ْ َ‬
‫وات ّب َ ُ‬‫مون َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م ل َ يَ ْ‬ ‫ه ْ‬‫م ك َأن ّ ُ‬‫ه ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫ظُ ُ‬
‫هو ِ‬
‫ن ‪ ‬سورة البقرة آية‬ ‫ما َ‬‫سل َي ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫مل ْ ِ‬‫عَلى ُ‬ ‫ن َ‬ ‫طي ُ‬‫شَيا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫‪102-101‬‬
‫)السابعة عشرة(‪ :‬نسبة باطلهم إلى النبياء‬
‫ن‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫مان ‪ ‬وقوله ‪َ ‬‬ ‫سل َي ْ َ‬
‫فَر ُ‬‫ما ك َ َ‬
‫و َ‬‫كقوله ‪َ ‬‬
‫صَران ِّيا ‪ ‬آل عمران ‪67‬‬‫ول َ ن َ ْ‬
‫هوِدّيا َ‬ ‫م يَ ُ‬
‫هي ُ‬
‫إ ِب َْرا ِ‬
‫)الثامنة عشرة(‪ :‬تناقضهم في النتساب‪،‬‬
‫)( سورة إبراهيم آية ‪.10‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪88‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة هود آية ‪.91‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪103‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وينتسبون إلى إبراهيم مع إظهارهم ترك اتباعه‪.‬‬
‫)التاسعة عشرة(‪ :‬قدحهم في بعض الصالحين‬
‫بفعل بعض المنتسبين‪ ،‬كقدح اليهود في عيسى‪،‬‬
‫وقدح اليهود والنصارى في محمد ‪.‬‬
‫)العشرون(‪ :‬اعتقادهم في مخاريق السحرة‬
‫وأمثالهم أنها من كرامات الصالحين‪ ،‬ونسبته إلى‬
‫النبياء كما لسليمان عليه السلم‪.‬‬
‫)الحادية والعشرون(‪ :‬تعبدهم بالمكاء‬
‫م َ‬
‫كاء‬ ‫عندَ ال ْب َي ْ ِ‬
‫ت إ ِل ّ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫صل َت ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫والتصدية ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫)‪(1‬‬
‫صِدي ًَة ‪‬‬
‫وت َ ْ‬
‫َ‬
‫)الثانية والعشرون(‪ :‬أنهم اتخذوا دينهم لهوا ً‬
‫ولعبًا‪.‬‬
‫)الثالثة والعشرون(‪:‬أن الحياة الدنيا غرتهم‬
‫فظنوا أن عطاء الله منها يدل على رضاه‪ ،‬كقوله ‪‬‬
‫قاُلوا ن َحن أ َك ْث َر أ َموال ً َ‬
‫ن‬
‫ح ُ‬
‫ما ن َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ول َ ً‬
‫دا َ‬ ‫وأ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫عذِّبين ‪]‬سبأ‪[35:‬‬ ‫م َ‬‫بِ ُ‬
‫)الرابعة والعشرون(‪ :‬ترك الدخول في الحق‬
‫إذا سبقهم إليه الضعفاء تكبرا ً وأنفة‪ ،‬فأنزل الله‬
‫هم ‪ ‬سورة‬ ‫ن َرب ّ ُ‬
‫عو َ‬
‫ن ي َدْ ُ‬ ‫ول َ ت َطُْرِد ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫تعالى ‪َ ‬‬
‫النعام آيه ‪52‬‬
‫)الخامسة والعشرون(‪ :‬الستدلل على‬
‫بطلنه بسبق الضعفاء كقوله‬
‫‪#‬‬

‫)‪(2‬‬
‫قوَنا إ ِل َي ْ ِ‬
‫ه‪‬‬ ‫سب َ ُ‬
‫ما َ‬
‫خي ًْرا ّ‬
‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫‪‬ل َ ْ‬
‫و َ‬
‫)السادسة والعشرون(‪ :‬تحريف كتاب الله‬
‫)( سورة النفال آية ‪ .35‬والمكا ‪ :‬الصفير‪ ,‬والتصدية‪ :‬التصفيق‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحقاف آية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪104‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من بعد ما عقلوه وهم‬
‫يعلمون‪.‬‬
‫)السابعة والعشرون(‪ :‬تصنيف الكتب الباطلة‬
‫ن ي َك ْت ُُبو َ‬
‫ن‬ ‫ل ل ّل ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وي ْ ٌ‬ ‫ونسبتها إلى الله كقوله ‪َ ‬‬
‫ف َ‬
‫َ‬
‫د الل ّ ِ‬
‫ه‪‬‬ ‫عن ِ‬
‫ن ِ‬
‫م ْ‬ ‫هـ َ‬
‫ذا ِ‬ ‫قوُلو َ‬
‫ن َ‬ ‫م يَ ُ‬
‫م ثُ ّ‬
‫ه ْ‬
‫دي ِ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ب ب ِأي ْ ِ‬
‫اليه ‪ 79‬سورة البقرة‪.‬‬
‫)الثامنة والعشرون(‪ :‬أنهم ل يعقلون من‬
‫مآ‬‫ن بِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫الحق إل الذي مع طائفتهم‪ ،‬كقوله ‪‬ن ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬
‫عل َي َْنا ‪ ‬سورة البقرة آيه ‪.91‬‬ ‫ز َ‬
‫ل َ‬ ‫ُ‬
‫أن ِ‬
‫)التاسعة والعشرون(‪ :‬أنهم مع ذلك ل‬
‫يعلمون بما تقوله الطائفة كما نبه الله تعالى عليه‬
‫َ‬
‫ل ِإن ُ‬
‫كنُتم‬ ‫قب ْ ُ‬‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن أنب َِياء الل ّ ِ‬ ‫قت ُُلو َ‬
‫م تَ ْ‬ ‫بقوله ‪َ ‬‬
‫فل ِ َ‬
‫مِنين ‪]‬البقرة‪[91:‬‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬
‫ّ‬
‫)الثلثون(‪ :‬وهي من عجائب آيات الله أنهم لما‬
‫تركوا وصية الله بالجتماع‪ ،‬وارتكبوا ما نهى الله عنه‬
‫من الفتراق‪ ،‬صار كل حزب بما لديهم فرحين‪.‬‬
‫)الحادية والثلثون(‪ :‬وهي من عجائب الله‬
‫أيضا ً –معاداتهم الدين الذي انتسبوا إليه غاية‬
‫العداوة‪ ،‬ومحبتهم دين الكفار الذين عادوهم وعادوا‬
‫نبيهم وفئتهم غاية المحبة‪ ،‬كما فعلوا مع النبي ‪ ‬لما‬
‫أتاهم بدين موسى‪ ،‬واتبعوا كتب السحر وهي من‬
‫دين آل فرعون‪.‬‬
‫)الثانية والثلثون(‪ :‬كفرهم بالحق إذا كان مع‬
‫د‬
‫هو ُ‬ ‫ت ال ْي َ ُ‬ ‫قال َ ِ‬
‫و َ‬‫من ل يهوونه كما قال تعالى‪َ  :‬‬
‫صاَرى‬ ‫قال َ ِ‬
‫ت الن ّ َ‬ ‫و َ‬
‫ء َ‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫عَلى َ‬
‫صاَرى َ‬‫ت الن ّ َ‬ ‫س ِ‬‫ل َي ْ َ‬
‫يٍء ‪ ‬سورة البقرة آية‬ ‫ش ْ‬‫عَلى َ‬
‫هودُ َ‬‫ت ال ْي َ ُ‬‫س ِ‬‫ل َي ْ َ‬
‫‪105‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪.113‬‬
‫)الثالثة والثلثون(‪ :‬إنكارهم ما أقروا أنه من‬
‫من‬ ‫دينهم كما فعلوا في حج البيت فقال تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫سُه ‪‬‬ ‫ه نَ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ف َ‬
‫س ِ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬
‫من َ‬ ‫هي َ‬ ‫مل ّ ِ‬
‫ة إ ِب َْرا ِ‬ ‫عن ّ‬
‫ب َ‬ ‫ي َْر َ‬
‫غ ُ‬
‫سورة البقرة آية ‪.130‬‬
‫)الرابعة والثلثون(‪ :‬أن كل فرقة تدعي أنها‬
‫ن‬
‫م إِ ْ‬ ‫هان َك ُ ْ‬‫هاُتوا ب ُْر َ‬ ‫الناجية‪ ،‬فأكذبهم الله بقوله ‪َ ‬‬
‫‪#‬‬

‫ن ‪ (1)‬ثم بين الصواب بقوله ‪‬ب ََلى‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ُن ْت ُ ْ‬


‫َ‬
‫ن ‪ ‬الية‪.‬‬ ‫س ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ل ِل ّ ِ‬ ‫ه ُ‬‫ج َ‬ ‫و ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫)الخامسة والثلثون(‪ :‬التعبد بكشف‬
‫شًة‪ 28‬‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫عُلوا َ‬ ‫ذا َ‬
‫ف َ‬ ‫العورات كقوله ‪َ ‬‬
‫وإ ِ َ‬ ‫)‪(2‬‬

‫العراف‪.‬‬
‫)السادسة والثلثون(‪ :‬التعبد بتحريم الحلل‬
‫كما تعبدوا بالشرك‪.‬‬
‫)السابعة والثلثون(‪ :‬التعبد باتخاذ الحبار‬
‫والرهبان أرباًبا من دون الله‪.‬‬
‫)الثامنة والثلثون(‪ :‬اللحاد في الصفات‬
‫َ‬
‫عل َ ُ‬
‫م‬ ‫ه َل ي َ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن ظَن َن ْت ُ ْ‬ ‫ول َك ِ ْ‬ ‫كقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫ن ‪ ‬سورة فصلت آية ‪.22‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ك َِثيًرا ِ‬
‫)التاسعة والثلثون(‪ :‬اللحاد في السماء‬
‫ن ‪ ‬سورة الرعد‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِبالّر ْ‬ ‫فُرو َ‬ ‫م ي َك ْ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫كقوله ‪َ ‬‬
‫آية ‪.30‬‬
‫)الربعون(‪ :‬التعطيل‪ ،‬كقول آل فرعون )*(‪.‬‬
‫‪ () 1‬سورة البقرة آية ‪.111‬‬
‫‪ () 2‬وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت عراة حتى النساء‪.‬‬
‫)*( قيال اللوسييي فيي شيرحه لهيذه المسييائل والتعطيييل إنكيار أن يكييون‬
‫للعالم صانع كما قال فرعون لقييومه )مييا علمييت لكييم ميين إلييه غيييري(‬
‫القصص ‪.38‬‬
‫‪106‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)الحادية والربعون(‪ :‬نسبة النقائص إليه‬
‫سبحانه‪.‬‬
‫)الثانية والربعون(‪ :‬الشرك في الملك كقول‬
‫المجوس‪.‬‬
‫)الثالثة والربعون(‪ :‬جحود القدر‪.‬‬
‫)الرابعة والربعون(‪ :‬الحتجاج على الله‪.‬‬
‫)الخامسة والربعون(‪ :‬معارضة شرع الله‬
‫بالقدر‪.‬‬
‫)السادسة والربعون(‪ :‬مسبة الدهر كقولهم‬
‫)وما يهلكنا إل الدهر( سورة الجاثية آية ‪.24‬‬
‫)السابعة والربعون(‪ :‬إضافة نعم الله إلى‬
‫ها ‪‬‬
‫م ي ُن ْك ُِرون َ َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫ه ثُ ّ‬ ‫م َ‬
‫ع َ‬
‫ن نِ ْ‬
‫فو َ‬‫ر ُ‬ ‫غيره كقوله ‪‬ي َ ْ‬
‫ع ِ‬
‫سورة النحل آية ‪.83‬‬
‫)الثامنة والربعون(‪ :‬الكفر بآيات الله‪.‬‬
‫)التاسعة والربعون(‪ :‬جحد بعضها‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪107‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عَلى‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫)الخمسون(‪ :‬قولهم ‪َ ‬‬
‫يٍء ‪ ‬سورة النعام‬ ‫من َ‬
‫ش ْ‬ ‫ر ّ‬ ‫بَ َ‬
‫ش ٍ‬
‫آية ‪91‬‬
‫)الحادية والخمسون(‪ :‬قولهم في القرآن ‪‬‬
‫دثرآية ‪25‬‬ ‫شر ‪ ‬سورة الم ّ‬‫ل ال ْب َ َ‬
‫و ُ‬
‫ق ْ‬ ‫ذا إ ِل ّ َ‬
‫ه َ‬‫ن َ‬‫إِ ْ‬
‫)الثانية والخمسون(‪ :‬القدح في حكمة الله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫)الثالثة والخمسون(‪ :‬إعمال الحيل الظاهرة‬
‫والباطنة في دفع ما جاءت به الرسل‪ ،‬كقوله تعالى‬
‫قاَلت‬ ‫ه ‪ ‬وقوله ‪َ ‬‬
‫و َ‬ ‫)‪(1‬‬
‫مك ََر الل ّ ُ‬ ‫مك َُروا ْ َ‬
‫و َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫عَلى‬ ‫ُ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ز َ‬
‫ل َ‬ ‫ي أن ِ‬ ‫مُنوا ْ ِبال ّ ِ‬
‫ذ َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬
‫بآ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ّ‬‫ف ٌ‬‫طآئ ِ َ‬‫ّ‬
‫هاِر ‪ ‬سورة آل عمران آية‬ ‫ه الن ّ َ‬ ‫ج َ‬‫و ْ‬‫مُنوا ْ َ‬‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫‪72‬‬
‫)الرابعة والخمسون(‪ :‬القرار بالحق‬
‫ليتوصلوا به إلى دفعه كما قال في الية السابقة‪.‬‬
‫)الخامسة والخمسون(‪ :‬التعصب للمذهب‬
‫م‪‬‬ ‫ع ِدين َك ُ ْ‬
‫ن ت َب ِ َ‬ ‫مُنوا إ ِّل ل ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫وَل ت ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫كقوله فيها ‪َ ‬‬
‫سورة آل عمران آية ‪.73‬‬
‫)السادسة والخمسون(‪ :‬تسمية اتباع السلم‬
‫ر‬ ‫ن ل ِب َ َ‬
‫ش ٍ‬ ‫كا َ‬‫ما َ‬ ‫كا‪ ،‬كما ذكره في قوله تعالى‪َ  :‬‬ ‫شر ً‬
‫َ‬
‫م يَ ُ‬
‫قو َ‬
‫ل‬ ‫وةَ ث ُ ّ‬‫والن ّب ُ ّ‬ ‫حك ْ َ‬
‫م َ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ب َ‬‫ه ال ْك َِتا َ‬
‫ه الل ّ ُ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫ؤت ِي َ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ه ‪ ‬اليتين‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫دو ِ‬‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫دا ِلي ِ‬‫عَبا ً‬ ‫كوُنوا ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫‪ 80-79‬آل عمران‪.‬‬
‫)السابعة والخمسون(‪ :‬تحريف الكلم عن‬
‫مواضعه‪.‬‬
‫)الثامنة والخمسون(‪ :‬تلقيب أهل الهدى‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.54‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪108‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بالصابئة والحشوية‪.‬‬
‫)التاسعة والخمسون(‪ :‬افتراء الكذب على‬
‫الله‪.‬‬
‫)الستون(‪ :‬كونهم إذا غلبوا بالحجة فزعوا إلى‬
‫الشكوى للملوك كما قال )أتذر موسى وقومه‬
‫ليفسدوا في الرض( سورة العراف آية ‪.127‬‬
‫)الحادية والستون(‪ :‬رميهم إياهم بالفساد في‬
‫الرض كما في الية السابقة‪.‬‬
‫)الثانية والستون(‪ :‬رميهم إياهم بانتقاص دين‬
‫ك ‪ ‬وكما‬ ‫ك َ‬
‫هت َ َ‬ ‫وآل ِ َ‬‫وي َذََر َ َ‬ ‫الملك كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫م ‪ ‬الية‬ ‫خا ُ َ‬ ‫قال تعالى ‪‬إ ِّني أ َ َ‬
‫ل ِدين َك ُ ْ‬ ‫ن ي ُب َدّ َ‬ ‫فأ ْ‬
‫‪ 26‬من سورة غافر‪.‬‬
‫)الثالثة والستون(‪ :‬رميهم إياهم بانتقاص آلهة‬
‫الملك كما‬
‫‪#‬‬‫في الية السابقة ‪ -127‬من سورة العراف‪.‬‬
‫)الرابعة والستون(‪ :‬رميهم إياهم بتبديل‬
‫خا ُ َ‬ ‫الدين كما قال تعالى ‪‬إ ِّني أ َ َ‬
‫م‬‫ل ِدين َك ُ ْ‬‫ن ي ُب َدّ َ‬ ‫فأ ْ‬
‫ساَد ‪ ‬سورة غافر‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ َ‬
‫ف َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫هَر ِ‬‫ن ي ُظ ِ‬
‫وأ ْ‬‫ْ‬
‫آية ‪.26‬‬
‫)الخامسة والستون(‪ :‬رميهم إياهم بانتقاص‬
‫ك ‪ ‬الية السابقة‪.‬‬ ‫ك َ‬
‫هت َ َ‬ ‫وآل ِ َ‬ ‫وي َذََر َ َ‬ ‫الملك كقولهم ‪َ ‬‬
‫)السادسة والستون(‪ :‬دعواهم العمل بما‬
‫عل َي َْنا ‪‬‬ ‫ل َ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫عندهم من الحق كقوله ‪‬ن ُ ْ‬
‫ما أن ْ ِ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬
‫)‪ (1‬مع تركهم إياه‪.‬‬
‫)السابعة والستون(‪ :‬الزيادة في العبادة‬
‫كفعلهم يوم عاشوراء‪.‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.91‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪109‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)الثامنة والستون(‪ :‬نقصهم منها‪ ،‬كتركهم‬
‫الوقوف بعرفات‪.‬‬
‫عا‪.‬‬ ‫)التاسعة والستون(‪ :‬تركهم الواجب ور ً‬
‫)السبعون(‪ :‬تعبدهم بترك الطيبات من الرزق‪.‬‬
‫)الحادية والسبعون(‪ :‬تعبدهم بترك زينة الله‪.‬‬
‫)الثانية والسبعون(‪ :‬دعوتهم الناس إلى‬
‫الضلل بغير علم‪.‬‬
‫)الثالثة والسبعون(‪ :‬دعواهم محبة الله مع‬
‫م‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫ق ْ‬‫تركهم شرعه‪ ،‬فطالبهم الله بقوله ‪ُ ‬‬
‫ه ‪ ‬الية ‪ 31‬سورة آل عمران‪.‬‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫تُ ِ‬
‫)الرابعة والسبعون(‪ :‬دعوتهم إياهم إلى‬
‫الكفر مع العلم‪.‬‬
‫)الخامسة والسبعون(‪ :‬المكر الكبار كفعل‬
‫قوم نوح‪.‬‬
‫)السادسة والسبعون(‪ :‬أن أئمتهم إما عالم‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫و َ‬‫فاجر‪ ،‬وإما عابد جاهل‪ ،‬كما في قوله ‪َ ‬‬
‫ه ‪ ‬إلى قوله ‪‬‬ ‫م الل ّ ِ‬ ‫ن ك ََل َ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫ق ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬الية ‪ 78-75‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مّيو َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫)السابعة والسبعون(‪ :‬تمنيهم الماني الكاذبة‬
‫َ‬
‫ة‪‬‬ ‫سَنا الّناُر إ ِّل أّيا ً‬ ‫كقولهم ‪‬ل َ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫دودَ ً‬ ‫ع ُ‬
‫م ْ‬‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن تَ َ‬
‫َ‬
‫و‬
‫دا أ ْ‬ ‫هو ً‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة إ ِّل َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬‫وقوله‪ :‬ل َ ْ‬
‫صاَرى ‪ ‬سورة البقرة آية ‪.111‬‬ ‫نَ َ‬
‫)الثامنة والسبعون(‪ :‬اتخاذ قبور أنبيائهم‬
‫وصالحيهم مساجد‪.‬‬
‫)التاسعة والسبعون(‪ :‬اتخاذ آثار أنبيائهم‬
‫مساجد‪ ،‬كما يذكر‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.80‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪110‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪#‬‬‫عن عمر‪.‬‬
‫)الثمانون(‪ :‬اتخاذ السرج على القبور‪.‬‬
‫)الحادية والثمانون(‪ :‬اتخاذها أعياًدا‪.‬‬
‫)الثانية والثمانون(‪ :‬الذبح عند القبور‪.‬‬
‫)الثالثة والثمانون(‪ :‬التبرك بآثار المعظمين‬
‫كدار الندوة‪.‬‬
‫)الرابعة والثمانون(‪ :‬الفخر بالحساب‪.‬‬
‫)الخامسة والثمانون(‪ :‬الطعن في النساب‪.‬‬
‫)السادسة والثمانون(‪ :‬الستقساء بالنواء‪.‬‬
‫)السابعة والثمانون(‪ :‬النياحة )وهي رفع‬
‫الصوت بالندب على الميت وتعداد محاسنه(‪.‬‬
‫)الثامنة والثمانون(‪ :‬أن أجل فضائلهم الفخر‬
‫بالنساب‪ ،‬فذكر الله فيه ما ذكر‪.‬‬
‫ضا‬
‫)التاسعة والثمانون(‪ :‬أن أجل فضائلهم أي ً‬
‫الفخر ولو بحق فنهى عنه‪.‬‬
‫)التسعون(‪ :‬أن الذي ل بد منه عندهم تعصب‬
‫ما أو‬ ‫النسان لطائفته‪ ،‬ونصر من هو منها ظال ً‬
‫ما‪ ،‬فأنزل الله في ذلك ما أنزل‪.‬‬ ‫مظلو ً‬
‫)الحادية والتسعون(‪ :‬أن دينهم أخذ الرجل‬
‫بجريمة غيره‪ ،‬فأنزل الله )ول تزر وازرة وزر أخرى(‬
‫سورة النجم الية ‪.38‬‬
‫)الثانية والتسعون(‪ :‬تعيير الرجل بما في‬
‫غيره فقال )أعيرته بأمه؟ إنك امرؤ فيك‬
‫جاهلية( رواه البخاري‪.‬‬
‫)الثالثة والتسعون(‪ :‬الفتخار بولية البيت‪،‬‬
‫مًرا‬ ‫سا ِ‬
‫ه َ‬‫ن بِ ِ‬ ‫ست َك ْب ِ ِ‬
‫ري َ‬ ‫فذمهم الله بقوله ‪ُ ‬‬
‫م ْ‬
‫ن ‪ ‬سورة المؤمنون آية ‪.67‬‬ ‫جُرو َ‬
‫ه ُ‬
‫تَ ْ‬
‫‪111‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)الرابعة والتسعون(‪ :‬الفتخار بكونهم ذرية‬
‫النبياء‪ ،‬فأتى الله بقوله ‪‬ت ِل ْ َ ُ‬
‫ما‬
‫ها َ‬‫ت لَ َ‬‫خل َ ْ‬‫قدْ َ‬‫ة َ‬‫م ٌ‬‫كأ ّ‬
‫ت ‪ ‬الية ‪ 141‬من سورة البقرة‪.‬‬ ‫سب َ ْ‬‫كَ َ‬
‫)الخامسة والتسعون(‪ :‬الفتخار بالصنائع‬
‫كفعل أهل الرحلتين على أهل الحرث‪.‬‬
‫)السادسة والتسعون(‪ :‬عظيمة الدنيا في‬
‫عَلى‬‫ن َ‬ ‫قْرءا ُ‬‫ذا ال ْ ُ‬
‫ه َ‬
‫ل َ‬ ‫وَل ن ُّز َ‬
‫قلوبهم كقولهم ‪‬ل َ ْ‬
‫ظيم ٍ ‪ ‬سورة الزخرف آية‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قْري َت َي ْ ِ‬ ‫م َ‬
‫ل ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫َر ُ‬
‫‪#‬‬‫‪.31‬‬
‫‪112‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)السابعة والتسعون(‪ :‬التحكم على الله كما‬
‫في الية‪.‬‬
‫)الثامنة والتسعون(‪ :‬ازدراء الفقراء فأتاهم‬
‫ة‬
‫دا ِ‬ ‫م ِبال ْ َ‬
‫غ َ‬ ‫ه ْ‬
‫ن َرب ّ ُ‬
‫عو َ‬
‫ن ي َدْ ُ‬ ‫وَل ت َطُْرِد ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫بقوله ‪َ ‬‬
‫ي ‪ ‬سورة النعام آية ‪52‬‬ ‫ش ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫)التاسعة والتسعون(‪ :‬رميهم أتباع الرسل‬
‫ما‬‫بعدم الخلص وطلب الدنيا‪ ،‬فأجابهم بقوله‪َ  :‬‬
‫يٍء ‪ ‬الية ‪ 52‬سورة‬ ‫ش ْ‬ ‫من َ‬ ‫هم ّ‬ ‫ساب ِ ِ‬
‫ح َ‬‫ن ِ‬‫م ْ‬‫ك ِ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫النعام‪.‬‬
‫)المائة(‪ :‬الكفر بالملئكة‪.‬‬
‫)الحادية بعد المائة(‪ :‬الكفر بالرسل‪.‬‬
‫)الثانية بعد المائة(‪ :‬الكفر بالكتب‪.‬‬
‫)الثالثة بعد المائة(‪ :‬العراض عما جاء عن‬
‫الله ورسوله‪.‬‬
‫)الرابعة بعد المائة(‪ :‬الكفر باليوم الخر‪.‬‬
‫)الخامسة بعد المائة(‪ :‬التكذيب بلقاء الله‪.‬‬
‫)السادسة بعد المائة(‪ :‬التكذيب ببعض ما‬
‫أخبرت به الرسل عن اليوم الخر كما في قوله ‪‬‬
‫ه‪‬‬
‫)‪(1‬‬
‫قائ ِ ِ‬‫ول ِ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت َرب ّ ِ‬ ‫فُروا ِبآَيا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ُأول َئ ِ َ‬
‫ك ال ّ ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫ن‪‬‬ ‫دي ِ‬ ‫وم ِ ال ّ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫ومنها التكذيب بقوله ‪َ ‬‬
‫)‪(3‬‬
‫عٌة ‪‬‬ ‫فا َ‬ ‫ش َ‬‫وَل َ‬ ‫ة َ‬ ‫خل ّ ٌ‬‫وَل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫في ِ‬‫ع ِ‬ ‫وقوله ‪َ‬ل ب َي ْ ٌ‬
‫ن‪‬‬ ‫مو َ‬‫عل َ ُ‬‫م يَ ْ‬‫ه ْ‬‫و ُ‬‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫هدَ ِبال ْ َ‬‫ش ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫وقوله ‪‬إ ِّل َ‬
‫سورة الزخرف آية ‪86‬‬
‫)السابعة بعد المائة(‪ :‬اليمان بالجبت‬
‫والطاغوت‪.‬‬

‫)( سورة الكهف آية ‪.105‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الفاتحة آية ‪.4‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.254‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪113‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)الثامنة بعد المائة(‪ :‬تفضيل دين المشركين‬
‫على دين المسلمين‪.‬‬
‫)التاسعة بعد المائة(‪ :‬لبس الحق بالباطل‪.‬‬
‫)العاشرة بعد المائة(‪ :‬كتمان الحق مع العلم‬
‫به‪.‬‬
‫)الحادية عشرة بعد المائة(‪ :‬قاعدة الضلل‪،‬‬
‫وهي القول على الله بل علم‪.‬‬
‫)الثانية عشرة بعد المائة(‪ :‬التناقض الواضح‬
‫ق‬
‫ح ّ‬‫ل ك َذُّبوا ِبال ْ َ‬
‫لما كذبوا الحق كما قال تعالى ‪‬ب َ ْ‬
‫َ‬
‫‪#‬‬‫ريج ‪ ‬سورة ق آية ‪5‬‬ ‫م ِ‬‫ر ّ‬
‫م ٍ‬
‫في أ ْ‬‫م ِ‬
‫ه ْ‬ ‫م َ‬
‫ف ُ‬ ‫ه ْ‬
‫جاء ُ‬
‫ما َ‬‫لَ ّ‬
‫‪114‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)الثالثة عشرة بعد المائة(‪ :‬اليمان ببعض‬
‫المنزل دون بعض‪.‬‬
‫)الرابعة عشرة بعد المائة(‪:‬التفريق بين‬
‫الرسل‪.‬‬
‫)الخامسة عشرة بعد المائة(‪ :‬مخالفتهم‬
‫فيما ليس لهم به علم‪.‬‬
‫)السادسة عشرة بعد المائة(‪ :‬دعواهم اتباع‬
‫السلف مع التصريح بمخالفتهم‪.‬‬
‫)السابعة عشرة بعد المائة(‪ :‬صدهم عن‬
‫سبيل الله من آمن به‪.‬‬
‫)الثامنة عشرة بعد المائة(‪ :‬مودتهم الكفر‬
‫والكافرين‪.‬‬
‫)التاسعة عشرة والعشرون بعد المائة(‪،‬‬
‫)والحادية والثانية والثالثة والرابعة‬
‫والعشرون بعد المائة(‪:‬العيافة والطرق والطيرة‬
‫والكهانة والتحاكم إلى الطاغوت وكراهة التزويج بين‬
‫العبدين والله أعلم‪) .‬اهي من مجموعة التوحيد‬
‫النجدية‬
‫صفحة ‪.(94‬‬
‫وصلى الله على محمد وعلى آله‬
‫وصحبه وسلم‬

‫******‬

‫تحكيم القوانين‬
‫بقلم سماحة‬
‫الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد‬
‫‪115‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اللطيف آل الشيخ‬
‫مفتي الديار السعودية ‪-‬رحمه الله تعالى‬

‫إن من الكفر الكبر المستبين‪ ،‬تنزيل القانون‬


‫اللعين منزلة ما نزل به الروح المين على قلب‬
‫محمد ‪ ‬ليكون من المنذرين‪ ،‬بلسان عربي مبين‪،‬‬
‫في الحكم به بين العالمين‪ ،‬والرد إليه عند تنازع‬
‫المتنازعين‪ ،‬مناقضة ومعاندة لقول الله عز وجل‪ :‬‬
‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫فُر ّ‬‫ء َ‬
‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬‫عت ُ ْ‬‫فِإن ت ََناَز ْ‬ ‫َ‬
‫ر‬‫خ ِ‬
‫وم ِ ال ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬‫م تُ ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫َ‬
‫ويل ‪ ‬وقد نفى الله سبحانه‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ن ت َأ ِ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬‫وأ ْ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ك َ‬
‫وتعالى اليمان عن من لم يحكموا النبي ‪ ‬فيما‬
‫شجر بينهم‪ ،‬نفيا ً مؤكدا ً بتكرار أداة النفي وبالقسم‪،‬‬
‫مو َ‬
‫ك‬ ‫حك ّ ُ‬
‫ى يُ َ‬
‫حت ّ َ‬
‫ن َ‬
‫مُنو َ‬ ‫ك ل َ يُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وَرب ّ َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ‬‬
‫فل َ َ‬
‫جَر‬‫ش َ‬‫ما َ‬ ‫في َ‬
‫‪#‬‬
‫ِ‬
‫َ‬ ‫دوا ْ ِ‬
‫ما‬
‫م ّ‬
‫جا ّ‬
‫حَر ً‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫س ِ‬
‫ف ِ‬ ‫في أن ُ‬ ‫ج ُ‬‫م ل َ يَ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬‫ه ْ‬
‫ب َي ْن َ ُ‬
‫ما ‪ ‬ولم يكتف تعالى‬ ‫موا ْ ت َ ْ‬‫سل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫)‪(2‬‬
‫سِلي ً‬ ‫وي ُ َ‬‫ت َ‬‫ضي ْ َ‬ ‫ق َ‬
‫وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول ‪ ‬حتى‬
‫يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في‬
‫في‬‫دوا ِ‬ ‫م َل ي َ ِ‬
‫ج ُ‬ ‫نفوسهم بقوله جل شأنه ‪‬ث ُ ّ‬
‫ت ‪ .‬والحرج‪ :‬الضيق بل‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ما َ‬
‫ق َ‬ ‫م ّ‬
‫جا ِ‬
‫حَر ً‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫س ِ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬
‫لبد من اتساع صدورهم لذلك وسلمتها من القلق‬
‫والضطراب‪.‬‬
‫ولم يكتف تعالى أيضا ً هنا بهذين المرين‪ ،‬حتى‬
‫يضموا إليهما التسليم وهو كمال النقياد لحكمه ‪،‬‬
‫بحيث يتخلون هاهنا من أي تعلق للنفس بهذا‬
‫)( سورة النساء آية ‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.65‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪116‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الشيء‪ ،‬ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتم تسليم‪،‬‬
‫ولهذا أكد ذلك بالمصدر المؤكد‪ ،‬وهو قوله جل شأنه‬
‫ما ‪ ‬المبين أنه ل يكتفي ها هنا بالتسليم‪..‬‬ ‫‪‬ت َ ْ‬
‫سِلي ً‬
‫بل لبد من التسليم المطلق‪.‬‬
‫وتأمل ما في الية الولى وهي قوله تعالى‪ :‬‬
‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫فُر ّ‬‫ء َ‬
‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬‫فِإن ت ََناَز ْ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫خ ِ‬
‫وم ِ ال ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬‫م تُ ْ‬ ‫ل ِإن ُ‬
‫كنت ُ ْ‬ ‫سو ِ‬‫والّر ُ‬ ‫َ‬
‫ويل ‪ ‬كيف ذكر النكرة وهي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ن ت َأ ِ‬ ‫س ُ‬‫ح َ‬‫وأ ْ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ك َ‬
‫يٍء ‪ ‬في سياق الشرط وهو قوله جل‬ ‫ش ْ‬ ‫قوله ‪َ ‬‬
‫م ‪ ‬المفيد العموم‪ ،‬فيما‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ن ت ََناَز ْ‬‫فإ ِ ْ‬ ‫شأنه‪َ  :‬‬
‫يتصور التنازع فيه جنسا ً وقدرًا‪ ،‬ثم تأمل كيف جعل‬
‫ذلك شرطا ً في حصول اليمان بالله واليوم الخر‪،‬‬
‫ر‪‬‬ ‫خ ِ‬‫وم ِ اْل َ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م تُ ْ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫بقوله‪ :‬إ ِ ْ‬
‫خي ٌْر ‪ ‬فشيء يطلق الله‬ ‫ك َ‬ ‫ثم قال جل شأنه‪ :‬ذَل ِ َ‬
‫عليه أنه خير‪ ،‬ل يتطرق إليه شر أبدا‪ ،‬هو خير محض‬
‫عاجل ً وآج ً‬
‫ل‪..‬‬
‫ويًل ‪ ‬أي‪ :‬عاقبة في‬ ‫ْ‬ ‫ثم قال ‪َ ‬‬
‫ن ت َأ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬فيفيد أن الرد إلى غير الرسول ‪‬‬
‫عند التنازع شر محض وأسوء عاقبة في الدنيا‬
‫والخرة‪.‬‬
‫َ‬
‫ن أَردَْنا إ ِّل‬ ‫عكس ما يقوله المنافقون ‪‬إ ِ ْ‬
‫قا ‪.(1)‬‬ ‫في ً‬
‫و ِ‬‫وت َ ْ‬
‫ساًنا َ‬
‫ح َ‬
‫إِ ْ‬
‫ن ‪ ،(2)‬ولهذا رد‬ ‫حو َ‬ ‫صل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫وقولهم ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ول َك ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫س ُ‬‫ف ِ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ه ُ‬‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل‪ :‬أَل إ ِن ّ ُ‬ ‫الله عليهم قائ ً‬

‫)( سورة النساء آية ‪.62‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪117‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن ‪ (3)‬وعكس ما عليه القانونيون من‬ ‫عُرو َ‬ ‫َل ي َ ْ‬
‫ش ُ‬
‫حكمهم على القانون بحاجة العالم )بل ضرورتهم(‬
‫إلى التحاكم إليه وهذا سوء ظن‬
‫‪#‬‬

‫صرف بما جاء به الرسول ‪ ‬ومحض استنقاص‬


‫لبيان الله ورسوله‪ ،‬والحكم عليه بعدم الكفاية للناس‬
‫عند التنازع‪ ،‬وسوء العاقبة في الدنيا والخرة إن هذا‬
‫لزم لهم‪.‬‬
‫وتأمل أيضا ً ما في الية الثانية من العموم‪ ،‬وذلك‬
‫م ‪ ‬فإن اسم‬ ‫ه ْ‬
‫جَر ب َي ْن َ ُ‬ ‫ما َ‬
‫ش َ‬ ‫في قوله‪ِ  :‬‬
‫في َ‬
‫الموصول مع صلته من صيغ العموم عند الصوليين‬
‫وغيرهم‪ ،‬وذلك العموم والشمول هو من ناحية‬
‫الجناس والنواع‪ ،‬كما أنه من ناحية القدر‪ ،‬فل فرق‬
‫هنا بين نوع ونوع‪ ،‬كما أنه ل فرق بين القليل والكثير‪،‬‬
‫وقد نفى الله اليمان عن من أراد التحاكم إلى غير‬
‫ما جاء به الرسول ‪ ‬من المنافقين‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫مُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫مآ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن أن ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ع ُ‬
‫ن ي َْز ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫‪‬أل َ ْ‬
‫ن َأن‬ ‫دو َ‬ ‫ري ُ‬‫ك يُ ِ‬ ‫قب ْل ِ َ‬‫من َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬
‫ما أن ِ‬ ‫و َ‬‫ك َ‬‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫ز َ‬ ‫أن ِ‬
‫ُ‬
‫فُروا ْ‬ ‫مُروا ْ َأن ي َك ْ ُ‬ ‫غوت و َ ُ‬
‫قدْ أ ِ‬ ‫طا ُ ِ َ‬ ‫موا ْ إ َِلى ال ّ‬ ‫حاك َ ُ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫َ‬
‫دا ‪‬‬ ‫عي ً‬‫ضل َل ً ب َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ضل ّ ُ‬ ‫ن أن ي ُ ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ريدُ ال ّ‬ ‫وي ُ ِ‬‫ه َ‬ ‫بِ ِ‬
‫سورة النساء آية ‪60‬‬
‫ن ‪ ‬تكذيب لهم‬ ‫مو َ‬ ‫فإن قوله عز وجل ‪‬ي َْز ُ‬
‫ع ُ‬
‫فيما ادعوه من اليمان‪ ،‬فإنه ل يجتمع التحاكم إلى‬
‫غير ما جاء به النبي ‪ ‬مع اليمان في قلب عبد‬
‫أصل‪ ،‬بل أحدهما ينافي الخر‪ ،‬والطاغوت مشتق من‬
‫الطغيان‪ ،‬وهو‪ :‬مجاوزة الحد‪ .‬فكل من حكم بغير ما‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.12‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪118‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جاء به الرسول ‪ ‬أو حاكم إلى غير ما جاء به النبي‬
‫‪ ‬فقد حكم بالطاغوت وحاكم اليه‪ .‬وذلك أنه من‬
‫حق كل أحد أن يكون حاكما بما جاء به النبي ‪‬‬
‫فقط ل بخلفه‪ .‬كما أن من حق كل أحد أن يحاكم‬
‫إلى ما جاء به النبي ‪ ‬فمن حكم بخلفه أو حاكم‬
‫إلى خلفه فقد طغى‪ ،‬وجاوز حده‪ ،‬حكما ً أو تحكيمًا‪،‬‬
‫فصار بذلك طاغوتا ً لتجاوزه حده‪.‬‬
‫فُروا‬ ‫ن ي َك ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫وتأمل قوله عز وجل‪ :‬و َ ُ‬
‫مُروا أ ْ‬
‫قدْ أ ِ‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ‬تعرف منه معاندة القانونيين‪ ،‬وإرادتهم خلف‬ ‫بِ ِ‬
‫مراد الله منهم حول هذا الصدد‪ ،‬فالمراد منهم شرعا‬
‫والذي تعبدوا به هو‪ :‬الكفر بالطاغوت ل تحكيمه‪ ،‬‬
‫م‪‬‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫قي َ‬ ‫غي َْر ال ّ ِ‬
‫ذي ِ‬ ‫وًل َ‬
‫ق ْ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬
‫موا َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫َ‬
‫فب َدّ َ‬
‫)‪(1‬‬

‫َ‬
‫م‬ ‫ضل ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن يُ ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ُ‬ ‫ريدُ ال ّ‬ ‫ثم تأمل قوله ‪َ ‬‬
‫وي ُ ِ‬
‫‪#‬‬ ‫‪ ‬كيف دل على أن ذلك‬
‫ضلل‪ ،‬وهؤلء القانونيون يرونه من الهدى‪ ،‬كما دلت‬
‫الية على أنه من إرادة الشيطان‪ ،‬عكس ما يتصور‬
‫القانونيون من بعدهم من الشيطان‪ ،‬وأن فيه مصلحة‬
‫النسان فتكون على زعمهم مرادات الشيطان هي‬
‫صلح النسان‪ ،‬ومراد الرحمن‪ ،‬وما بعث به سيد ولد‬
‫عدنان معزول ً من هذا الوصف‪ ،‬ومنحى عن هذا‬
‫الشأن‪ .‬وقد قال تعالى منكرا على هذا الضرب من‬
‫الناس‪ ،‬ومقررا ابتغاءهم أحكام الجاهلية‪ ،‬وموضحا‬
‫ة‬
‫هل ِي ّ ِ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫جا ِ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫أنه ل حكم أحسن من حكمه‪ :‬أ َ َ‬
‫ف ُ‬
‫ما ل ّ َ‬ ‫َ‬
‫قُنون‬
‫وم ٍ ُيو ِ‬
‫ق ْ‬ ‫حك ْ ً‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫ه ُ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫نأ ْ‬‫م ْ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫غو َ‬
‫ي َب ْ ُ‬

‫)( سورة البقرة آية ‪ 59‬وسورة العراف آية ‪.162‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪119‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ (1)‬فتأمل هذه الية الكريمة وكيف دلت على أن‬
‫قسمة الحكم ثنائية‪ ،‬وأنه ليس بعد حكم الله تعالى‬
‫إل حكم الجاهلية‪ .‬الموضح أن القانونيين في زمرة‬
‫أهل الجاهلية‪ ،‬شاؤوا أم أبوا بل هم أسوأ منهم حال‬
‫وأكذب منهم مقال وذلك أن أهل الجاهلية ل تناقض‬
‫لديهم حول‬
‫هذا الصدد‪.‬‬
‫وأما القانونيون فمتناقضون‪ ،‬حيث يزعمون‬
‫اليمان بما جاء به الرسول ‪ ‬ويناقضون ويريدون‬
‫ان يتخذوا بين ذلك سبيل‪ ،‬وقد قال الله تعالى في‬
‫م ال ْ َ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫قا‬ ‫ح ّ‬ ‫ن َ‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫أمثال هؤلء ‪‬أ ْ‬
‫هيًنا ‪ (2)‬ثم انظر كيف‬ ‫م ِ‬
‫ذاًبا ّ‬ ‫ع َ‬
‫ن َ‬ ‫ري َ‬
‫ف ِ‬‫كا ِ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫عت َدَْنا ل ِل ْ َ‬ ‫َ‬
‫ردت هذه الية الكريمة على القانونيين ما زعموه‬
‫من حسن زبالة أذهانهم‪ ،‬ونحاتة أفكارهم‪ ،‬بقوله عز‬
‫َ‬
‫وم ٍ‬‫ق ْ‬ ‫حك ْ ً‬
‫ما ل ِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫وجل ‪َ ‬‬
‫ن ‪ ‬قال الحافظ ابن كثير في تفسير هذه‬ ‫قُنو َ‬ ‫ُيو ِ‬
‫الية‪ :‬ينكر تعالى على من خرج من حكم الله‬
‫المحكم المشتمل على كل خير‪ ،‬الناهي عن كل شر‪،‬‬
‫وعدل إلى ما سواه من الراء والهواء‬
‫والصطلحات‪ ،‬التي وضعها الرجال بل مستند من‬
‫شريعة الله‪ ،‬كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من‬
‫الضللت والجهالت‪ ،‬مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم‪،‬‬
‫وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة‬
‫عن ملكهم "جنكيز خان" الذي وضع لهم كتابا ً‬
‫مجموعا ً من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى من‬
‫اليهودية‪ ،‬والنصرانية‪ ،‬والملة السلمية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫)( سورة المائدة آية ‪ (*) .50‬انظر تفسير ابن كثير ‪.2/67‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.151‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪120‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وفيها كثير من الحكام أخذها من مجرد نظره‬
‫وهواه‪ ،‬فصارت في بنيه‬
‫شرعا ً متبعا ً يقدمونها على الحكم بكتاب الله‬
‫وسنة رسول الله ‪ ،‬فمن فعل ذلك فهو كافر يجب‬
‫قتاله‪ ،‬حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله‪ ،‬فل يحكم‬
‫م‬‫حك ْ َ‬ ‫سواه في قليل ول كثير قال تعالى‪ :‬أ َ َ‬
‫ف ُ‬
‫ن ‪ ‬أي‪ :‬يبتغون ويريدون‪ ،‬وعن حكم‬ ‫غو َ‬ ‫ة ي َب ْ ُ‬
‫هل ِي ّ ِ‬
‫جا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ما ل ّ َ‬ ‫َ‬
‫وم ٍ‬‫ق ْ‬ ‫حك ْ ً‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ ِ‬‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫الله يعدلون ‪َ ‬‬
‫قُنون ‪ ‬أي‪ :‬ومن أعدل من الله في حكمه لمن‬ ‫ُيو ِ‬
‫عقل عن الله شرعه وآمن به وأيقن‪ ،‬وعلم أن الله‬
‫أحكم الحاكمين‪ ،‬وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها‪،‬‬
‫فأنه تعالى هو العالم بكل شيء القادر على كل‬
‫شيء‪ ،‬العادل في كل شيء )انتهى قول الحافظ ابن‬
‫كثير()*(‪.‬‬
‫وقد قال عز شأنه قبل ذلك مخاطبا ً نبيه محمد‬
‫ع‬ ‫وَل ت َت ّب ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬‫ما أ َن َْز َ‬‫م بِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫فا ْ‬‫‪َ : ‬‬
‫ق ‪ (1)‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاءَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ع ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫واءَ ُ‬‫ه َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ول َ ت َت ّب ِ ْ‬
‫ع‬ ‫ه َ‬ ‫مآ َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫هم ب ِ َ‬‫كم ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫نا ْ‬
‫‪َ ‬‬
‫وأ ِ‬‫َ‬
‫ما‬ ‫فت ُِنو َ‬
‫م أن ي َ ْ‬‫َ‬ ‫حذَْر ُ‬ ‫أَ ْ‬
‫ض َ‬‫ع ِ‬ ‫عن ب َ ْ‬‫ك َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫واء ُ‬ ‫ه َ‬
‫ك ‪ (2)‬وقال تعالى مخيرا ً نبيه محمد‬ ‫ه إ ِل َي ْ َ‬‫ل الل ّ ُ‬‫َأنَز َ‬
‫‪ ‬بين الحكم بين اليهود والعراض عنهم إن جاءوه‬
‫ض‬
‫ر ْ‬ ‫و أَ ْ‬
‫ع ِ‬
‫َ‬
‫هم أ ْ‬ ‫ح ُ‬
‫كم ب َي ْن َ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫ؤو َ‬
‫ك َ‬ ‫جآ ُ‬ ‫لذلك‪َ  :‬‬
‫فِإن َ‬
‫ن‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ضّرو َ‬ ‫فَلن ي َ ُ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬
‫وِإن ت ُ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫عن ْ ُ‬
‫َ‬
‫ب‬
‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫ط إِ ّ‬‫س ِ‬‫ق ْ‬‫م ِبال ْ ِ‬ ‫ه ْ‬‫كم ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت َ‬
‫فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫حك َ ْ‬ ‫َ‬

‫)( سورةالمائدة آية ‪..48‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪..49‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪121‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫طين ‪ (1)‬والقسط هو‪ :‬العدل ول عدل حقا ً‬ ‫س ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ق ِ‬
‫إل حكم الله ورسوله‪ ،‬والحكم بخلفه هو الجور‪،‬‬
‫والظلم والضلل والكفر‪ ،‬والفسوق‪ ،‬ولهذا قال تعالى‬
‫ه‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ُ‬
‫كم ب ِ َ‬ ‫من ل ّ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫بعد بذلك‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫فُرون ‪‬‬
‫)‪(2‬‬
‫كا ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫وَلـئ ِ َ‬ ‫َ ُ‬
‫ه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫فأ ْ‬
‫وَلـئ ِ َ‬ ‫ل الل ّه َ ُ‬
‫م‬
‫ه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ما أنَز َ‬ ‫ح ُ‬
‫كم ب ِ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫من ل ّ ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫)‪(3‬‬
‫مون ‪‬‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ُ‬
‫م‬ ‫ه فَأ ُوَْليئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ما َأنَز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ُ‬
‫كم ب ِ َ‬ ‫من ل ّ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫)‪(4‬‬
‫سُقون ‪‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫فا ِ‬
‫فانظر كيف سجل تعالى على الحاكمين بغير ما‬
‫أنزل الله الكفر والظلم والفسوق ومن الممتنع أن‬
‫يسمي الله سبحانه الحاكم بغير ما أنزل لله كافرا ً ول‬
‫يكون كافرًا‪ ،‬بل هو كافر مطلقا‪ ،‬إما كفر عمل وإما‬
‫كفر اعتقاد‪ ،‬وما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما‬
‫في تفسير هذه الية من رواية طاوس وغيره يدل‬
‫على‬
‫‪#‬‬

‫أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر إما كفر اعتقاد‬


‫ناقل عن الملة‪ ،‬وإما كفر عمل ل ينقل عن الملة‪.‬‬
‫أما الول‪ :‬وهو كفر العتقاد فهو أنواع‪ :‬أحدها‬
‫أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله‬
‫ورسوله‪ ،‬وهو معنى ماروي عن ابن عباس‪ ،‬واختاره‬
‫ابن جرير أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم‬
‫الشرعي وهذا ما ل نزاع فيه بين أهل العلم‪ ،‬فإن‬
‫‪.42‬‬ ‫آية‬ ‫المائدة‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫‪.44‬‬ ‫آية‬ ‫المائدة‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫‪..45‬‬ ‫آية‬ ‫المائدة‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫‪.47‬‬ ‫آية‬ ‫المائدة‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪122‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الصول المتقررة المتفق عليها بينهم أن من جحد‬
‫أصل ً من أصول الدين أو فرعا ً مجمعا ً عليه‪ ،‬أو أنكر‬
‫حرفا ً مما جاء به الرسول ‪ ‬قطعيًا‪ ،‬فإنه كافر‬
‫الكفر الناقل عن الملة‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬أن ل يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله‬
‫كون حكم الله ورسوله حقا‪ ،‬لكن اعتقد أن حكم غير‬
‫الرسول ‪ ‬أحسن من حكمه‪ ،‬وأتم وأشمل لما‬
‫يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع‪ ،‬إما‬
‫مطلقا ً أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث‪ ،‬التي‬
‫نشأت عن تطور الزمان وتغير الحوال‪ ،‬وهذا أيضا ً ل‬
‫ريب أنه كفر‪ ،‬لتفضيله أحكام المخلوقين التي هي‬
‫محض زبالة الذهان وصرف حثالة الفكار‪ ،‬على حكم‬
‫الحكيم الحميد‪.‬‬
‫وحكم الله ورسوله ل يختلف في ذاته باختلف‬
‫الزمان‪ ،‬وتطور الحوال‪ ،‬وتجدد الحوادث‪ ،‬فإنه ما‬
‫من قضية كائنة ما كانت إل وحكمها في كتاب الله‬
‫تعالى‪ ،‬وسنة رسوله ‪ - -‬نصا ً أو ظاهرا ً أو استنباطا ً‬
‫أو غير ذلك‪ ،‬علم ذلك من علمه وجهله من جهله‪،‬‬
‫وليس معنى ما ذكره العلماء من تغير الفتوى بتغير‬
‫الحوال ما ظنه من قل نصيبهم أو عدم من معرفة‬
‫مدارك الحكام وعللها‪ ،‬حيث ظنوا أن معنى ذلك‬
‫بحسب ما يلئم إرادتهم الشهوانية البهيمية‪،‬‬
‫وأغراضهم الدنيوية وتصوراتهم‪ ،‬الخاطئة الوبية‪،‬‬
‫ولهذا تجدهم يحامون عليها‪ ،‬ويجعلون النصوص تابعة‬
‫لها منقادة إليها‪ ،‬مهما أمكنهم فيحرفون لذلك الكلم‬
‫‪123‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عن مواضعه‪،‬‬
‫وحينئذ معنى تغير الفتوى بتغير الحوال والزمان‬
‫مراد العلماء منه‪ :‬ما كان مستصحبه فيه الصول‬
‫الشرعية‪ ،‬والعلل المرعية‪ ،‬والمصالح التي جنسها‬
‫مراد لله تعالى ورسوله ‪ ‬ومن المعلوم أن أرباب‬
‫‪#‬‬ ‫القوانين الوضعية‬
‫عن ذلك بمعزل‪ ،‬وأنهم ل يقولون إل على ما يلئم‬
‫مراداتهم‪ ،‬كائنة ما كانت‪ ،‬والواقع أصدق شاهد‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬أن ل يعتقد كونه أحسن من حكم الله‬
‫ورسوله‪ ،‬لكن اعتقد أنه مثله فهذا كالنوعين اللذين‬
‫قبله‪ ،‬في كونه كافرا الكفر الناقل عن المله‪ ،‬لما‬
‫يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق والمناقضة‬
‫يء ٌ ‪‬‬ ‫والمعاندة لقوله عز وجل ‪‬ل َي ْ َ‬
‫س كَ ِ‬
‫مث ْل ِ ِ‬
‫)‪(1‬‬
‫ش ْ‬ ‫ه َ‬
‫ونحوها من اليات الكريمة الدالة على تفرد الرب‬
‫بالكمال‪ ،‬وتنزيهه عن مماثلة المخلوقين‪ ،‬في الذات‬
‫والصفات والفعال‪ ،‬والحكم بين الناس فيما‬
‫يتنازعون فيه‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن ل يعتقد كون حكم الحاكم بغير ما‬
‫أنزل الله مماثل ً لحكم الله ورسوله‪ ،‬فضل عن أن‬
‫يعتقد كونه أحسن منه‪ ،‬لكن اعتقد جواز الحكم بما‬
‫يخالف حكم الله ورسوله‪ ،‬فهذا كالذي قبله يصدق‬
‫عليه‪ ،‬ما يصدق عليه لعتقاده جواز ما علم‬
‫بالنصوص الصحيحة الصريحة القاطعة تحريمه‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬وهو أعظمها وأشملها وأظهرها‬
‫معاندة للشرع ومكابرة لحكامه ومشاقة لله‬
‫)( سورة الشورى آية ‪.11‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪124‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ولرسوله‪ ،‬ومضاهاة بالمحاكم الشرعية‪ ،‬إعدادا ً‬
‫ل‪ ،‬وتفريعا ً وتشكيل ً وتنويعا‬
‫وإمدادا ً وإرصادا ً وتأصي ً‬
‫حكما ً وإلزامًا‪ ،‬ومراجع ومستندات فكما أن للمحاكم‬
‫الشرعية مراجع مستمدات‪ ،‬مرجعها كلها إلى كتاب‬
‫الله وسنة رسوله‪  -‬فلهذه المحاكم مراجع هي‪:‬‬
‫القانون الملفق من شرائع شتى‪ ،‬وقوانين كثيرة‪،‬‬
‫كالقانون الفرنسي‪ ،‬والقانون المريكي‪ ،‬والقانون‬
‫البريطاني‪ ،‬وغيرها من القوانين ومن مذاهب بعض‬
‫البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك‪.‬‬
‫فهذه المحاكم الن في كثير من أمصار السلم‬
‫مهيأة مكملة‪ ،‬مفتوحة البواب‪ ،‬والناس إليها أسراب‪،‬‬
‫يحكم حكامها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب‪،‬‬
‫من أحكام ذلك القانون‪ ،‬وتلزمهم به‪ ،‬وتقرهم عليه‪،‬‬
‫وتحتمه عليهم‪ .‬فأي كفر فوق هذا الكفر‪ ،‬وأي‬
‫مناقضة للشهادة بأن محمدا ً رسول الله بعد هذه‬
‫المناقضة‪.‬‬
‫وذكر أدلة جميع ما قدمنا على وجه البسط‬
‫‪#‬‬‫معلومة معروفة‪ ،‬ل يحتمل‬
‫ذكرها هذا الموضع‪ ،‬فيا معشر العقلء ! ويا جماعات‬
‫الذكياء وأولي النهى! كيف ترضون أن تجري عليكم‬
‫أحكام أمثالكم‪ ،‬وأفكار أشباهكم‪ ،‬أو من هم دونكم‪،‬‬
‫ممن يجوز عليهم الخطأ‪ ،‬بل خطأهم أكثر من‬
‫صوابهم بكثير‪ ،‬بل ل صواب في حكمهم إل ما هو‬
‫مستمد من حكم الله ورسوله‪ ،‬نصا ً أو استنباطًا‪،‬‬
‫تدعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم‪،‬‬
‫وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم‪،‬‬
‫وفي أموالكم وسائر حقوقكم‪ ،‬ويتركون ويرفضون‬
‫‪125‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أن يحكموا فيكم بحكم الله ورسوله‪ ،‬الذي ل يتطرق‬
‫إليه الخطأ‪ ،‬ول يأتيه الباطل من بين يديه ول من‬
‫خلفه تنزيل من حكيم حميد‪ .‬وخضوع الناس‬
‫ورضوخهم لحكم ربهم خضوع ورضوخ لحكم من‬
‫خلقهم تعالى ليعبدوه‪ ،‬فكما ل يسجد الخلق إل لله‬
‫ول يعبدون إل إياه‪ ،‬ول يعبدون المخلوق‪ ،‬فكذلك‬
‫يجب أن ل يرضخوا ول يخضعوا أو ينقادوا إل لحكم‬
‫الحكيم العليم الحميد‪ ،‬الرءوف الرحيم‪ ،‬دون حكم‬
‫المخلوق‪ ،‬الظلوم الجهول‪ ،‬الذي أهلكته الشكوك‬
‫والشهوات‪ ،‬والشبهات‪ ،‬واستولت على قلوبهم الغفلة‬
‫والقسوة والظلمات‪ ،‬فيجب على العقلء أن يربأوا‬
‫بنفوسهم عنه‪ ،‬لما فيه من الستعباد لهم‪ ،‬والتحكم‬
‫فيهم بالهواء والغراض‪ ،‬والغلط والخطاء‪ ،‬فضًل‬
‫حك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫عن كونه كفًرا بنص قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪.‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬‫فُأول َئ ِ َ‬‫ه َ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬‫بِ َ‬
‫السادس‪ :‬ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر‪،‬‬
‫والقبائل من البوادي ونحوهم‪ ،‬من حكايات آبائهم‬
‫وأجدادهم‪ ،‬وعاداتهم التي يسمونها "سلومهم"‬
‫يتوارثون ذلك منهم‪ ،‬ويحكمون به ويحصلون على‬
‫التحاكم إليه عند النزاع‪ ،‬بقاًءا على أحكام الجاهلية‪،‬‬
‫ضا ورغبة عن حكم الله ورسوله‪ ،‬فل حول ول‬ ‫وإعرا ً‬
‫قوة إل بالله‪.‬‬
‫وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير‬
‫ما أنزل الله‪ ،‬وهو الذي ل يخرج من الملة‪ ،‬فقد تقدم‬
‫أن تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقول الله عز‬
‫م‬
‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫فُأول َئ ِ َ‬‫ه َ‬‫ل الل ّ ُ‬‫ما أ َن َْز َ‬ ‫حك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫م يَ ْ‬‫ن لَ ْ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬‫وجل ‪َ ‬‬
‫ن ‪ ‬قد شمل ذلك القسم‪ ،‬وذلك في قوله‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬‫ال ْ َ‬
‫‪126‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ضا‬
‫رضي الله عنه في الية "كفر دون كفر" وقوله أي ً‬
‫"ليس بالكفر الذي تذهبون إليه"‪.‬اهي‪.‬‬
‫وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في‬
‫القضية‪ ،‬بغير ما أنزل الله‪ ،‬مع اعتقاده أن حكم الله‬
‫‪#‬‬ ‫ورسوله هو الحق‪ ،‬واعترافه‬
‫على نفسه بالخطأ‪ ،‬ومجانبة الهدى‪.‬‬
‫وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملة‪ ،‬فإنه‬
‫معصية عظمى أكبر من الكبائر‪ ،‬كالزنا وشرب‬
‫الخمر‪ ،‬والسرقة واليمين الغموس‪ ،‬وغيرها‪ ،‬فإن‬
‫معصية سماها الله في كتابه‪ :‬كفًرا‪ ،‬أعظم من‬
‫معصية لم يسمها كفًرا‪ .‬نسأل الله أن يجمع‬
‫المسلمين على التحاكم إلى كتابه‪ ،‬انقياًدا ورضاًء‪،‬‬
‫إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين وعلى أتباعهم الحاكمين بما أنزل‬
‫الله إلى يوم الدين‪.‬‬

‫المجمع الفقهي برابطة العالم‬


‫السلمي بمكة المكرمة‬
‫يوضح حكم الماسونية والنتماء إليها‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‬


‫وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫نظر المجمع الفقهي السلمي في دورته الولى‬
‫المنعقدة بمكة المكرمة في العاشر من شعبان‬
‫‪1398‬هي الموافق ‪15/7/1978‬م في قضية‬
‫الماسونية والمنتسبين إليها وحكم الشريعة السلمية‬
‫‪127‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في ذلك‪.‬‬
‫وقد قام أعضاء المجمع بدارسة وافية عن هذه‬
‫المنظمة الخطيرة وطالع ما كتب عنها من قديم‬
‫وجديد‪ ،‬وما نشر من وثائقها نفسها فيما كتبه ونشره‬
‫أعضاؤها وبعض أقطابها‪ ،‬من مؤلفات‪ ،‬ومن مقالت‪،‬‬
‫في المجلت التي تنطق باسمها‪.‬‬
‫وقد تبين للجميع بصورة ل تقبل الريب من‬
‫مجموع ما اطلع عليه من كتابات ونصوص ما يلي‪:‬‬
‫إن الماسونية منظمة سرية تخفي‬ ‫)‪(1‬‬
‫تنظيمها تارة وتعلنه تارة بحسب ظروف الزمان‬
‫والمكان ولكن مبادئها الحقيقية التي تقوم عليها هي‬
‫سرية في جميع الحوال محجوب علمها حتى على‬
‫أعضائها إل خواص الخواص الذين يصلون بالتجارب‬
‫العديدة إلى مراتب عالية فيها‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪128‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪ (2‬إنها تبني صلة أعضائها بعضهم ببعض في جميع‬
‫بقاع الرض على أساس ظاهري للتمويه على‬
‫المغفلين وهو الخاء النساني المزعوم بين جميع‬
‫الداخلين في تنظيمها دون تمييز بين مختلف العقائد‬
‫والنحل والمذاهب‪.‬‬
‫)‪ (3‬إنها تجذب الشخاص إليها من يهمها ضمهم إلى‬
‫تنظيمها بطريق الغراء بالمنفعة الشخصية على‬
‫أساس أن كل أخ ماسوني مجند في عون كل أخ‬
‫ماسوني آخر في أي بقعة من بقاع الرض يعينه في‬
‫حاجاته وأهدافه ومشكلته ويؤيده في الهداف إذا‬
‫كان من ذوي الطموح السياسي ويعينه إذا وقع في‬
‫مأزق من المآزق أيا كان على أساس معونته في‬
‫الحق والباطل ظالما ً أو مظلومًا‪ ،‬وإن كانت تستر‬
‫ذلك ظاهريا ً بأنها تعينه على الحق ل الباطل‪ ،‬وهذا‬
‫أعظم إغراء تصطاد به الناس من مختلف المراكز‬
‫الجتماعية وتأخذ منهم اشتراكات مالية ذات بال‪.‬‬
‫)‪ (4‬إن الدخول فيها يقوم على أساس احتفال‬
‫بانتساب عضو جديد تحت مراسم وأشكال رمزية‬
‫إرهابية لرهاب العضو إذا خالف تعليماتها والوامر‬
‫التي تصدر إليه بطريق التسلسل في الرتبة‪.‬‬
‫إن العضاء المغفلين يتركون أحرارا ً في‬ ‫)‪(5‬‬
‫ممارسة عباداتهم الدينية وتستفيد من توجيههم‬
‫وتكليفهم في الحدود التي يصلحون لها ويبقون في‬
‫مراتب دنيا‪ .‬أما الملحدة أو المستعدون لللحاد‬
‫فترتقي مراتبهم تدريجيا ً في ضوء التجارب‬
‫‪129‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والمتحانات المتكررة للعضو على حسب استعدادهم‬
‫لخدمة مخططاتها ومبادئها الخطيرة‪.‬‬
‫إنها ذات أهداف سياسية ولها في معظم‬ ‫)‪(6‬‬
‫النقلبات السياسية والعسكرية والتغييرات الخطيرة‬
‫ضلع وأصابع ظاهرة أو خفيه‪.‬‬
‫إنها في أصلها وأساس تنظيمها يهودية‬ ‫)‪(7‬‬
‫الجذور ويهودية الدارة العليا العالمية السرية‬
‫وصهيونية النشاط‪.‬‬
‫إنها في أهدافها الحقيقية السرية ضد‬ ‫)‪(8‬‬
‫الديان جميعا ً لتهديمها بصورة عامة وتهديم السلم‬
‫في نفوس أبنائه بصورة خاصة‪.‬‬
‫)‪ (9‬إنها تحرص على اختيار المنتسبين إليها من ذوي‬
‫‪#‬‬‫المكانة المالية أو السياسية أو‬
‫الجتماعية أو العلمية أو أية مكانة يمكن أن تستغل‬
‫نفوذا ً لصحابها في مجتمعاتهم ول يهمها انتساب من‬
‫ليس لهم مكانة يمكن استغللها ولذلك تحرص كل‬
‫الحرص على ضم الملوك والرؤساء والوزراء وكبار‬
‫موظفي الدولة ونحوهم‪.‬‬
‫)‪ (10‬إنها ذات فروع تأخذ أسماء أخرى تمويها ً‬
‫وتحويل ً للنظار لكي تستطيع ممارسة نشاطاتها‬
‫تحت مختلف السماء إذا لقيت مقاومة لسم‬
‫الماسونية في محيط ما‪ ،‬وتلك الفروع المستورة‬
‫بأسماء مختلفة من أبرزها منظمة السلم )الليونز(‬
‫والروتاري‪ -‬إلى غير ذلك من المباديء والنشاطات‬
‫الخبيثة التي تتنافى كليا ً مع قواعد السلم وتناقضه‬
‫مناقضة كلية‪.‬‬
‫‪130‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقد تبين للمجمع بصورة واضحة العلقة الوثيقة‬
‫للماسونية باليهودية الصهيونية العالمية وبذلك‬
‫استطاعت أن تسيطر على نشاطات كثير من‬
‫المسئولين وتحول بينهم وبين الكثير من واجباتهم‪..‬‬
‫لذلك ولكثير من المعلومات الخرى التفصيلية‬
‫عن نشاط الماسونية وخطورتها العظمى وتلبيساتها‬
‫الخبيثة وأهدافها الماكرة يقرر المجمع الفقهي اعتبار‬
‫الماسونية من أخطر المنظمات الهدامة على‬
‫السلم والمسلمين وأن من ينتسب إليها على علم‬
‫بحقيقتها وأهدافها فهو كافر بالسلم مجانب لهله‪.‬‬
‫لكن الستاذ الزرقاء أصر على إضافة جملة )معتقدا ً‬
‫جواز ذلك( فيما بين جملة )على علم بحقيقتها‬
‫وأهدافها( وبين جملة )فهو كافر( وذلك كيما ينسجم‬
‫الكلم مع حكم الشرع في التمييز بين من يرتكب‬
‫الكبيرة من المعاصي مستبيحا ً لها وبين من يرتكبها‬
‫غير مستبيح‪ ..‬فالول كافر‪ ..‬والثاني عاصي فاسق‪..‬‬
‫والله ولي التوفيق‪،،،،‬‬
‫)‪ (2‬محمد‬ ‫)‪ (1‬عبد الله بن حميد رحمه الله‬
‫بن علي الحركان رحمه الله‬
‫)‪ (3‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز )‪ (4‬محمد‬
‫محمود الصواف‬
‫)‪ (6‬محمد بن‬ ‫)‪ (5‬صالح بن عثيمين‬
‫عبد الله بن سبيل‬
‫)‪ (8‬مصطفى‬ ‫)‪ (7‬محمد رشيد قباني‬
‫الزرقاء‬
‫)‪ (10‬عبد القدوس‬ ‫)‪ (9‬محمد رشيدي‬
‫الهاشمي الندوي‬
‫‪131‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪ (11‬أبو بكر جومي‪.‬‬

‫مفاتيح الخير والشر‬


‫مفاتيح الخير‬

‫‪:‬الطهور‪.‬‬ ‫مفتاح الصلة‬


‫‪:‬الحرام‪.‬‬ ‫مفتاح الحج‬
‫‪ :‬التوحيد‪.‬‬ ‫مفتاح الجنة‬
‫‪ :‬الصدق‪.‬‬ ‫مفتاح البر‬
‫‪ :‬حسن السؤال وحسن الصغاء‪.‬‬ ‫مفتاح العلم‬
‫‪:‬الصبر‪.‬‬ ‫مفتاح النصر‬
‫والظفر‬
‫‪ :‬التقوى‪.‬‬ ‫مفتاح الفلح‬
‫‪ :‬الشكر‪.‬‬ ‫مفتاح المزيد‬
‫‪ :‬الزهد في الدنيا‪.‬‬ ‫مفتاح الرغبة في‬
‫الخرة‬
‫‪ :‬الرغبة والرهبة‪.‬‬ ‫مفتاح التوفيق‬
‫‪:‬الدعاء‪.‬‬ ‫مفتاح الجابة‬
‫‪ :‬التفكر في آيات الله‬ ‫مفتاح اليمان‬
‫ومخلوقاته‪.‬‬
‫‪ :‬تدبر القرآن والتضرع‬ ‫مفتاح حياة القلب‬
‫بالسحار‪ ،‬وترك الذنوب‪.‬‬
‫‪ :‬السعي مع الستغفار والتقوى‪.‬‬ ‫مفتاح الرزق‬
‫‪ :‬طاعة الله ورسوله‪.‬‬ ‫مفتاح العز‬
‫‪ :‬قصر المل‪.‬‬ ‫مفتاح الستعداد‬
‫للخرة‬
‫‪ :‬الرغبة في الله والدار الخرة‪.‬‬ ‫مفتاح كل خير‬
‫‪132‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ :‬الحسان في عبادة الخالق‪،‬‬ ‫مفتاح الرحمة‬
‫والسعي في نفع عبيده‪.‬‬
‫وهذا باب عظيم من أنفع أبواب‬
‫‪#‬‬‫العلم ل يوفق‬
‫لمعرفته ومراعاته إل من عظم‬
‫حظه وتوفيقه‪.‬‬
‫‪133‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫مفاتيح الشر‬

‫‪ :‬الخمر‪ ،‬فهي أم الخبائث‬ ‫مفتاح كل إثم‬


‫‪ :‬الغناء وسماعه‬ ‫مفتاح الزنا‬
‫‪ :‬الكسل وحب الراحة‬ ‫مفتاح الخيبة‬
‫والحرمان‬
‫‪ :‬الكيييذب‬ ‫مفتاح النفاق‬
‫‪ :‬الشح والحرص‬ ‫مفتاح البخل‬
‫وقطيعة الرحم‬
‫‪ :‬العراض عما جاء به الرسول‬ ‫مفتاح كل بدعة‬
‫عليه الصلة والسلم‬ ‫وضللة‬
‫‪ :‬حب الدنيا وطول المل‬ ‫مفتاح كل شر‬
‫‪ :‬المعاصي كلها‪.‬‬ ‫مفتاح الكفر‬

‫فطوبى لمن كان مفتاحا ً للخير مغلقا ً‬


‫للشر‪،‬‬
‫والويل لمن كان مفتاحا ً للشر مغلقا ً‬
‫)‪(1‬‬
‫للخير‬

‫‪ () 1‬انظر كتاب )حادي الرواح إلى بلد الفراح( للشيخ ابن القيم صفحة‬
‫‪.45‬‬
‫)*( بقلم الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البعادي‪.‬‬
‫‪134‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)*(‬
‫دور المسلم في الحياة‬
‫إن للمسلم دورا َ كبيرا ً وهاما ً في هذه الحياة‬
‫يسمو فوق المتع الجسدية والشهوانية التي تشترك‬
‫في طلبها كل دابة في الرض بل إن النسان قد‬
‫كرمه الله ورزقه وفضله على كثير ممن خلق قال‬
‫م‬ ‫ول َ َ‬
‫قدْ ك َّر ْ‬
‫مَنا ب َِني آدَ َ‬ ‫جل وعل ‪َ ‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫هم ّ‬ ‫وَرَز ْ‬
‫قَنا ُ‬ ‫ر َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫في ال ْب َّر َ‬‫م ِ‬ ‫مل َْنا ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ح َ‬
‫و َ‬‫َ‬
‫قَنا‬‫خل َ ْ‬
‫ن َ‬‫م ْ‬
‫م ّ‬‫ر ّ‬‫عَلى ك َِثي ٍ‬ ‫م َ‬ ‫ضل َْنا ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ف ّ‬‫و َ‬
‫ت َ‬ ‫الطّي َّبا ِ‬
‫ضيل ‪ ‬سورة السراء آية ‪70‬‬ ‫ف ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫وجاءت نعمة السلم من الله للمسلم يكرمه بها‬
‫ويرفع من مكانته وقدره وكان قبل السلم في حالة‬
‫ل يحسد عليها من الجهل والنحطاط والتخلف‬
‫سول ً‬ ‫ُ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫والهمجية ‪ُ ‬‬
‫ن َر ُ‬
‫مّيي َ‬
‫في ال ّ‬
‫ث ِ‬
‫ع َ‬
‫ذي ب َ َ‬ ‫ه َ‬
‫م‬‫ه ُ‬ ‫م ُ‬‫عل ّ ُ‬
‫وي ُ َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫كي ِ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫ه َ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ي َت ُْلو َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬‫ّ‬
‫ل‬‫ضل َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ل لَ ِ‬ ‫قب ْ ُ‬‫من َ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫وِإن َ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬‫ال ْك َِتا َ‬
‫زيُز‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قوا ب ِ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ما ي َل ْ َ‬‫م لَ ّ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫مِبين وآ َ‬ ‫ّ‬
‫ذو‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫شاء َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ؤِتي ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ك َ‬ ‫كيم ذل ِ َ‬ ‫ح ِ‬‫ال ْ َ‬
‫ظيم ‪ ‬سورة الجمعة آية ‪.4-2‬‬ ‫ع ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ض ِ‬‫ف ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫كان النسان قبل السلم له وضع وبعد السلم‬
‫له وضع آخر مغاير وكان السلم يعني التحول إلى‬
‫الوضع الصحيح والسليم والمثل وما أحسن ما‬
‫وصف به جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه حاله‬
‫وحال قومه قبل وبعد السلم وهو يتقدم وفد‬
‫المهاجرين إلى النجاشي ملك الحبشة ويجيب على‬
‫أسئلته فيقول في عزة المؤمن الواثق بربه أيها‬
‫‪135‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الصنام ونأكل‬
‫الميتة ونأتي الفواحش ونقطع الرحام ونسيء‬
‫الجوار ويأكل القوي منا الضعيف فكنا على ذلك حتى‬
‫بعث الله إ لينا رسول منا نعرف نسبه وصدقه‬
‫وأمانته وعفافه فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع‬
‫ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من الحجارة والوثان‪ ،‬أمرنا‬
‫بصدق الحديث وأداء المانة وصلة الرحم وحسن‬
‫الجوار والكف عن المحارم والدماء‪ ،‬ونهانا عن‬
‫الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف‬
‫المحصنات‪ ،‬وأمرنا أن نعبد الله وحده فل نشرك به‬
‫شيئا وحرمنا ما حرم علينا وأحللنا ما أحل لنا‪ ..‬الخ‪.‬‬
‫الحوار الذي دار بين النجاشي ووفد المهاجرين)‪.(1‬‬
‫لقد جاء السلم لينقلهم من الضعة والتشتت‬
‫والفرقة إلى العزه والتآلف والتحاد والقوة فيصبحوا‬
‫َ‬
‫إخوانا مطبقين قول الحق جل شأنه ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬
‫ن إ ِل ّ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫ول َ ت َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قات ِ ِ‬ ‫ق تُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫حب ْ ِ‬ ‫موا ْ ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫عت َ ِ‬ ‫مون َا ْ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وأنُتم ّ‬ ‫َ‬
‫م إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬ ‫واذْك ُُروا ْ ن ِ ْ‬ ‫قوا ْ َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ول َ ت َ َ‬ ‫عا َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫قُلوبك ُم َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فأ َل ّ َ‬ ‫داء َ‬ ‫م أَ ْ‬ ‫ُ‬
‫مت ِ ِ‬ ‫ع َ‬
‫حُتم ب ِن ِ ْ‬ ‫صب َ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ف ب َي ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫كنت ُ ْ‬
‫ر‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫و ُ‬ ‫واًنا َ‬ ‫خ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫م‬‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫ك ي ُب َي ّ ُ‬ ‫ها ك َذَل ِ َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫قذَ ُ‬ ‫فَأن َ‬ ‫َ‬
‫ر‬ ‫ن إ َِلى ال ْ َ‬ ‫كن منك ُ ُ‬ ‫دون وَل ْت َ ُ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ة ي َدْ ُ‬ ‫م ٌ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫هت َ ُ‬ ‫تَ ْ‬
‫ْ‬
‫ر‬‫منك َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وي َن ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وي َأ ُ‬ ‫َ‬

‫)( أنظر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لبن هشام ‪.1/359‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪136‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫كال ّ ِ‬
‫كوُنوا ْ َ‬
‫ول َ ت َ ُ‬‫حون َ‬ ‫م ْ‬
‫فل ِ ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬‫وَلـئ ِ َ‬‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫م ال ْب َي َّنا ُ‬
‫ت‬ ‫ه ُ‬‫جاء ُ‬
‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬ ‫فوا ْ ِ‬ ‫خت َل َ ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫قوا ْ َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫تَ َ‬
‫ُ‬
‫ظيم ‪ ‬سورة‬ ‫ع ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬‫وَلـئ ِ َ‬‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫آل عمران آية ‪.105-102‬‬
‫وماذا كان من أمرهم لما أصبحوا بنعمة الله‬
‫إخوانا كان العجب العجاب نشروا دين الله في أرجاء‬
‫الرض ورفرفت راية التوحيد في كل مكان وطئته‬
‫أقدام الفاتحين المسلمين تعلن كلمة الحق صريحة‬
‫أمام قوى الكفر والطاغوت والضلل وترددت‬
‫وتجاوبت أصوات دعاة الله من بيوت الله )ل اله إل‬
‫الله( فتلقفتها النفوس الظامئة وسبقت )ل اله إل‬
‫الله( جحافل المجاهدين في سبيل الله تنطلق من‬
‫حناجرهم المؤمنة فترعب أعداء الله وتلهب الحماس‬
‫وتقوى العزيمة في نفوس أولياء الله وجنده‪.‬‬
‫يقف الفرد المسلم بهيئته المتواضعة أمام ملوك‬
‫الفرس والروم غير آبه بهيمانهم وصولتهم‪ ،‬يطأ‬
‫بحوافز فرسه ويخرق برأس رمحه فرشهم ويحدثهم‬
‫حديث الند للند ملقيا ُ على مسامعهم ما أرسل به‬
‫إليهم من دعوتهم إلى دين الله الحنيف فإما أن‬
‫يستجيبوا ويذعنوا وينقادوا وبشراهم الجنة والعزة‬
‫والكرامة في الدنيا وإما أن يتمردوا ويرفضوا دعوة‬
‫الحق فينذرهم ويخوفهم ويتوعدهم بما ينتظرهم في‬
‫الدنيا والخرة‪.‬‬
‫ويكفي في وصف عباد الله مدح الله لهم بقوله‬
‫َ‬
‫ه‬
‫عن ِدين ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫من ي َْرت َدّ ِ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫حبون َ َ‬ ‫فسو َ ْ‬
‫ه أِذل ّ ٍ‬
‫ة‬ ‫ُ‬ ‫وي ُ ِ ّ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حب ّ ُ‬
‫وم ٍ ي ُ ِ‬‫ق ْ‬‫ه بِ َ‬ ‫ف ي َأِتي الل ّ ُ‬ ‫َ َ ْ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫ه ُ‬‫جا ِ‬‫ن يُ َ‬‫ري َ‬ ‫ف ِ‬‫كا ِ‬‫عَلى ال ْ َ‬ ‫ة َ‬ ‫عّز ٍ‬‫ن أَ ِ‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫عَلى ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫‪137‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ة لئ ِم ٍ ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫ول َ ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫عِليم ‪‬‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ع َ‬ ‫س ٌ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫شاء َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ؤِتي ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ْ‬
‫ه‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫مدٌ ّر ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫وقوله سبحانه ‪ّ ‬‬
‫م‬ ‫عَلى ال ْك ُ ّ‬ ‫وال ّذين مع َ‬
‫ه ْ‬ ‫ماء ب َي ْن َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ر ُر َ‬ ‫فا ِ‬ ‫داء َ‬ ‫ش ّ‬ ‫هأ ِ‬ ‫َ ِ َ َ َ ُ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫غو َ‬ ‫دا ي َب ْت َ ُ‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫عا ُ‬ ‫م ُرك ّ ً‬ ‫ه ْ‬ ‫ت ََرا ُ‬
‫َ‬
‫جوِد‬ ‫س ُ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ن أث َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫في ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ما ُ‬ ‫سي َ‬ ‫واًنا ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫وَرا ِ‬ ‫في الت ّ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مث َل ُ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ه‬
‫فآَزَر ُ‬ ‫شطْأ َهُ َ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ع أَ ْ‬ ‫ل ك ََزْر ٍ‬ ‫جي ِ‬ ‫لن ِ‬ ‫في ا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مث َل ُ ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫ب الّزّرا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه يُ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫على ُ‬ ‫َ‬ ‫وى َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫غلظ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫مُلوا‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫عدَ الل ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫فاَر َ‬ ‫م ال ْك ُ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫غيظ ب ِ ِ‬
‫ل ِي َ ِ َ‬
‫ما ‪ ‬سورة‬ ‫فرةً َ‬
‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬ ‫غ ِ َ‬ ‫م ْ‬‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫الفتح آية ‪29‬‬
‫إننا لو استعرضنا مآثر سلفنا الصالح وما حباهم‬
‫الله به من اليمان والتقوى والتحرر من رق‬
‫الشهوات ونظرنا إلى سيرتهم العطرة وماذا كانوا‬
‫قبل السلم وماذا كانوا بعد السلم لعلمنا أن ذلك‬
‫كله ما كان ليحصل إل بالسلم فمن أخذ به وطبقه‬
‫أعزه الله ونصره وأذل له كل شيء ومن هجر‬
‫السلم ورفض الخذ به وتطبيقه وطبق النظم‬
‫والقوانين البشرية وحكم بغير ما أنزل الله أذله الله‬
‫وسلط عليه من يسومه سوء العذاب وشتت شمله‬
‫ومزقه شر ممزق وجعل الخوف والفزع والقلق‬
‫والهم والغم والحزن ملزما ً له ل يشعر بالسعادة‬
‫والراحة والطمأنينة والمن وإن كان لديه من المال‬
‫والجاه والسلطان الشيء الكثير‪.‬‬
‫إننا مطالبون أيها الخوة المسلمون أن نعي‬
‫)( سورة المائدة آية ‪54‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪138‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دورنا في هذه الحياة كما وعاه أسلفنا الصالحون‪،‬‬
‫وأل يقتصر دورنا على تحقيق رغبات هذا الجسد‬
‫الفاني والتسابق والتنافس على ملذات الحياة‬
‫وشهوات النفس وطلب الدنيا إلى الحد الذي ينسينا‬
‫الخرة ول يكون لدينا تمييز بين حلل وحرام وطيب‬
‫وخبيث‪ .‬ونجعل الدنيا ووفرتها هي المقياس والميزان‬
‫والمنظار دون اعتبار للدين والخلق الفاضل الذي‬
‫جاء به هذا الدين وحث عليه قال عليه الصلة‬
‫)‪(2‬‬
‫والسلم )إنما بعثت لتمم مكارم الخلق(‬
‫إن ما نعانيه معشر المسلمين من ضعف وتخلف‬
‫وتفرق وتشتيت وهو أن إنما مرده للتهاون والتساهل‬
‫في الخذ بالسلم وعدم تطبيقه كما يريد الله‬
‫ورسوله والنقص والقصور ليس في ديننا كما يردد‬
‫ذلك أعداؤنا ومن دار في فلكهم واتبع مذاهبهم‬
‫وسننهم فقد أكمل الله لعباده الدين وأتم عليهم‬
‫َ‬
‫م ِدين َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ت ل َك ُ ْ‬
‫مل ْ ُ‬
‫م أك ْ َ‬ ‫النعمة قال تعالى ‪‬ال ْي َ ْ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫سل َ َ‬
‫م‬ ‫ت ل َك ُ ُ‬
‫م ال ِ ْ‬ ‫ضي ُ‬
‫وَر ِ‬
‫مِتي َ‬
‫ع َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م نِ ْ‬ ‫ت َ‬‫م ُ‬‫م ْ‬
‫وأت ْ َ‬‫َ‬
‫ِديًنا ‪ ‬ديننا أيها الخوة يحث على القوة والمنعة‬ ‫)‪(1‬‬

‫والكتفاء والستغناء‬
‫‪#‬‬

‫عن الستجداء ويريد منا أن نكون أعزه بالحق ل‬


‫نضعف أمام الباطل ول نخاف ول نذل ول نرهب إل‬
‫من الله ول نرغب إل إليه نأخذ بأسباب القوة كما‬
‫أمرنا الله بذلك لنستعين بها على طاعة الله ونشر‬
‫دينه وقمع الباطل وأهله وما نراه اليوم من تسلط‬
‫قوى الشر والضلل وتحكمها في بلد وشعوب كثيرة‬
‫)( رواه مالك في الموطأ وغيره وهو صحيح‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪3‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪139‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إنما هو بسبب ذنوبنا ومعاصينا وفي حديث قدسي‬
‫يقول الله تعالى‪) :‬إذا عصاني من يعرفني سلطت‬
‫عليه من ل يعرفني()‪ (2‬وهل احتلل أعداء الله اليهود‬
‫والشيوعيين والصليبيين لكثير من البلدان ومنه بلدان‬
‫إسلمية إل نتيجة لما وقع فيه المسلمون من البعد‬
‫عن دينهم والعراض عن كتاب ربهم وسنة نبيهم‬
‫ولكن مع ذلك فإن المسلمين إذا عادوا إلى ربهم‬
‫وصدقوا في العودة وغيروا ما بأنفسهم فالله يغير‬
‫مُلوا‬
‫ع ِ‬
‫و َ‬ ‫منك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مُنوا ِ‬
‫نآ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫عدَ الل ّ ُ‬ ‫حالهم ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫ض كَ َ‬
‫ما‬ ‫في الْر ِ‬ ‫هم ِ‬ ‫فن ّ ُ‬ ‫خل ِ َ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫ال ّ‬
‫م‬
‫ه ُ‬
‫م ِدين َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن لَ ُ‬‫مك ّن َ ّ‬‫ول َي ُ َ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬ ‫قب ْل ِ ِ‬ ‫من َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف ال ّ ِ‬‫خل َ َ‬ ‫ست َ ْ‬‫ا ْ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫ف ِ‬ ‫و ِ‬‫خ ْ‬ ‫د َ‬‫ع ِ‬ ‫من ب َ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫ول َي ُب َدّل َن ّ ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضى ل َ ُ‬ ‫ذي اْرت َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫شي ًْئا ‪ ‬سورة‬ ‫ن ِبي َ‬ ‫ر ُ‬ ‫دون َِني ل َ ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫كو َ‬ ‫ش ِ‬ ‫عب ُ ُ‬‫مًنا ي َ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫النور آية ‪.55‬‬
‫يجب علينا معشر المسلمين أن نعلي كلمة الله‬
‫في الرض وهذا لن يتأتى إل إذا بدأنا بأنفسنا وعالجنا‬
‫أوضاعنا وأصلحنا أخطاءنا وصححنا سيرتنا وعرضنا‬
‫واقعنا على كتاب ربنا وسنة نبينا فما وافقهما أخذنا‬
‫به وما خالفهما نبذناه وبذلك نكون صادقين في‬
‫إسلمنا‪.‬‬
‫وإنه لمن المؤسف والمؤلم والمحزن أن نرى‬
‫بعض المسلمين يضيعون أعمارهم وأوقاتهم في‬
‫اللهو والسفه وتوافه المور والشهوات المحرمة‬
‫بينما نجد أعداء الله يعملون من أجل التفوق والعلو‬
‫والسيطرة على المسلمين وإظهارنا بمظهر‬

‫)( لم أجده‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪140‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المغلوب على أمره‪.‬‬
‫أيها الخوة المسلمون‪ :‬أما آن لنا أن نراجع‬
‫أنفسنا ونفكر بجدية في واقعنا ونتذكر تاريخنا‬
‫السلمي الزاهر ونلقي نظرة على المراحل التي‬
‫عاشها المسلمون بين مد وجزر وتقدم وتأخر‬
‫ونهوض وتخلف ونفهم أسباب التقدم التأخر وأن‬
‫التقدم مرهون بالتزام السلم عقيدة ومنهج حياة‬
‫‪#‬‬‫وأن التأخر سببه‬
‫البعد عن السلم‪.‬‬
‫وإن المسئولية تقع على كاهل كل مسلم ولكنها‬
‫تعظم وتكبر على قدر ومكانة حاملها فمن كان‬
‫متولًيا أمًرا من أمور المسلمين فمسئوليته أعظم ول‬
‫شك لنه يملك أن يقدر على التوجيه والتقويم‬
‫)وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته()‪ (1‬وعلى‬
‫رجال العلم والفقه والدعوة والرشاد واجب النصح‬
‫والرشاد وتنبيه الغافلين وتعليم الجاهلين وهداية‬
‫الضالين ووضع أيديهم في أيدي الولة الصالحين‬
‫والتعاون معهم لما فيه خير السلم والمسلمين حتى‬
‫تستقيم الحوال وتصلح العمال ويرتدع أهل الفسق‬
‫والضلل وتعلو كلمة الله في الرض‪ .‬وبالله التوفيق‪.‬‬

‫"المر بالجتماع والئتلف‪،‬‬


‫والنهي عن التفريق والختلف"‬
‫الحمد لله الذي ألف بين قلوب عباده المؤمنين‬
‫وجعلهم أنصاًرا وأعواًنا وأخوة في الدين أحمده‬
‫وأستغفره وأتوب إليه وبه أستعين وأصلي على‬
‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪141‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رسوله محمد سيد الولين والخرين وأفضل‬
‫السابقين واللحقين وعلى آله وأصحابه أجمعين‬
‫والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫من صالح بن أحمد الخريصي إلى من يراه‬
‫ويسمعه من إخواننا المسلمين وفقني الله وإياهم‬
‫للقيام بواجبات الدين‪ ،‬وعصمني وإياهم من ارتكاب‬
‫ما يسخط ويغضب رب العالمين‪ ،‬ويحول بينهم وبين‬
‫أسباب المغفرة عند حصولها للمستغفرين‪ .‬أما بعد‬
‫فهذه كلمات يسيرة تحث على المر بإصلح ذات‬
‫البين والنهي عن التهاجر والتقاطع والبغضاء والحقد‬
‫والحسد )والمر بالجتماع والئتلف والنهي عن‬
‫التفرق والختلف( والعتصام بحبل الله جميًعا قال‬
‫قوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫الله عز وجل وهو أصدق القائلين ‪َ ‬‬
‫فات ّ ُ‬
‫ذات بين ِك ُم َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا الل ّ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫حوا َ َ َ ْ‬ ‫صل ِ ُ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن ‪ ‬وقال تعالى ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫كن ْت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫م‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫وي ْك ُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫حوا ب َي ْ َ‬ ‫صل ِ ُ‬‫فأ ْ‬
‫خوةٌ َ َ‬
‫إِ ْ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫‪#‬‬
‫ر ِ‬ ‫في ك َِثي ٍ‬ ‫خي َْر ِ‬ ‫ن ‪ (2)‬وقال تعالى ‪َ‬ل َ‬ ‫مو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫فأ ْ‬ ‫عُرو ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ق ٍ‬ ‫صدَ َ‬ ‫مَر ب ِ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وا ُ‬ ‫ج َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ة‬
‫ضا ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫غاءَ َ‬ ‫ك اب ْت ِ َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ َ‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫ح ب َي ْ َ‬ ‫صل ٍ‬
‫ؤِتي َ‬
‫ما ‪ (3)‬وقال تعالى‬ ‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫جًرا َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ف نُ ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫َ‬
‫ول َ‬ ‫ه َ‬ ‫قات ِ ِ‬ ‫ق تُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ت َموت ُن إل ّ َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫حب ْ ِ‬ ‫موا ْ ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫عت َ ِ‬ ‫وا ْ‬ ‫مون َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وأنُتم ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ُ‬
‫م إِ ْ‬
‫ذ‬ ‫ُ‬
‫علي ْك ْ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة الل ِ‬‫ّ‬ ‫م َ‬‫ع َ‬ ‫ْ‬
‫واذْكُروا ن ِ ْ‬ ‫ُ‬ ‫قوا َ‬ ‫ْ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ول َ ت َ َ‬ ‫عا َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مت ِ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫حُتم ب ِن ِ ْ‬ ‫صب َ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ف ب َي ْ َ‬ ‫فأل ّ َ‬ ‫داء َ‬ ‫ع َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ر‬
‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ى َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫واًنا َ‬ ‫خ َ‬ ‫إِ ْ‬

‫)( سورة النفال آية ‪.1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحجرات آية ‪.10‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.114‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪142‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫كم من ْها ‪ (1)‬وقال تعالى‪َ  :‬‬ ‫فَأن َ‬
‫عوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫طي ُ‬
‫وأ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫قذَ ُ‬ ‫َ‬
‫م‪‬‬ ‫حك ُ ْ‬
‫ري ُ‬‫ب ِ‬‫ه َ‬ ‫شُلوا َ‬
‫وت َذْ َ‬ ‫فت َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫وَل ت ََناَز ُ‬
‫عوا َ‬ ‫سول َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫)‪ (2‬فرتب الله تبارك وتعالى في هذه اليات‬
‫الكريمات الثواب الجزيل على الصلح والتآلف بين‬
‫المؤمنين وجعل ذلك من أفضل الخصال المنجية يوم‬
‫الدين ونبه سبحانه على أن العتصام بحبله‬
‫والجتماع على طاعته فيه العز والشرف في الدنيا‬
‫والخرة وأن الختلف يورث الفشل والجبن وذهاب‬
‫القوة والوحدة وما كانوا فيه من‬
‫القبال والتقدم‪.‬‬
‫وأما الحاديث الورادة في فضل الصلح بين‬
‫دا ولنذكر منها‬
‫الناس والنهي عن التهاجر فكثيرة ج ً‬
‫ما تيسر فيمنها ما في الصحيحين عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه أن النبي ‪ ‬قال‪) :‬كل سلمي من‬
‫الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل‬
‫بين اثنين صدقة وتعين الرجل في دابته صدقة)‪ (3‬الخ‬
‫الحديث فقوله تعدل بين اثنين أي توفق بينهما وتزيل‬
‫الوحشة الواقعة بينهما‪ .‬ومنها قوله ‪ ‬في حديث‬
‫أبي الدرداء "أل أخبركم بأفضل من درجة الصلة‬
‫والصيام والصدقة قالوا بلى يا رسول الله قال إصلح‬
‫ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة")‪ (4‬وفي‬
‫حديث أنس رضي الله عنه قال بينما رسول الله ‪‬‬
‫جالس إذا رأيناه ضحك حتى بدت ثناياه فقال عمر‬
‫رضي الله عنه ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت‬
‫)( سورة آل عمران آية ‪.103 -102‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النفال آية ‪.46‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( البخاري ‪ 170/171 /3‬كتاب الصلح مسلم ‪ 83 /3‬كتاب الزكاة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه أبييو داود ‪ 218 /5‬كتيياب الدب والترمييذي ‪ 5/663‬كتيياب صييفة‬ ‫‪4‬‬

‫القيامة وقال‪ :‬هذا حديث صحيح‪.‬‬


‫‪143‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأمي فقال‪" :‬رجلن من أمتي جثيا بين يدي رب‬
‫العزة تبارك وتعالى فقال أحدهما يا رب خذ لي‬
‫مظلمتي من أخي فقال الله عز وجل أعط أخاك‬
‫مظلمته فقال يا رب لم يبق من حسناتي شيء‬
‫فقال فليحمل من أوزاري‬
‫‪#‬‬

‫قال ففاضت عينا رسول الله ‪ ‬بالبكاء ثم قال إن‬


‫ذلك ليوم عظيم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم‬
‫من أوزارهم فقال الله عز وجل للطالب أرفع بصرك‬
‫وأنظر في الجنان فرفع رأسه فقال يا رب أرى‬
‫مدائن فضة وقصوًرا من ذهب مكللة باللؤلؤ لي نبي‬
‫هذا لي صديق هذا لي شهيد هذا قال هذا لمن‬
‫أعطى ثمنه قال يا رب ومن يملك ثمنه قال أنت‬
‫تملكه قال ماذا يا رب قال تعف عن أخيك قال يا‬
‫رب فإني قد عفوت عنه قال عز وجل خذ بيد أخيك‬
‫فادخل الجنة ثم قال رسول الله ‪ ‬فاتقوا الله‬
‫وأصلحوا ذات بينكم فإن الله يصلح بين المؤمنين‬
‫يوم القيامة")‪ (1‬ومعنى قوله اتقوا الله أي بطاعته‬
‫فراقبوه وأصلحوا الحال بترك المنازعة والمخالفة‪.‬‬
‫وأما الحاديث الواردة في النهي عن التهاجر‬
‫والتقاطع فمنها حديث أبي أيوب رضي الله عنه‬
‫المتفق عليه قال قال رسول الله ‪" ‬ل يحل للرجل‬
‫أن يهجر أخاه فوق ثلث ليال يلتقيان فيعرض هذا‬
‫ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلم")‪ (2‬وفي‬
‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه "ول‬

‫)( ذكره ابن كثير في التفسير ‪ 305 /2‬وقال إن الحديث رواه أبو يعلى‬ ‫‪1‬‬

‫وذكر إسناده فقال وإسناد الحديث ضعيف‪.‬‬


‫)( البخاري ‪ 45 /8‬كتاب الستئذان مسلم ‪ 1984 /4‬كتاب البر والصلة‬ ‫‪2‬‬

‫والدب‪.‬‬
‫‪144‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تباغضوا ول تدابروا وكونوا عباد الله إخواًنا")‪ (1‬فنهى‬
‫المسلمين عن التباغض بينهم في غير ذات الله عز‬
‫وجل بل على هوى النفوس فإن المسلمين جعلهم‬
‫الله إخوة والخوة يتحابون بينهم ول يتباغضون‪ ،‬وأما‬
‫البغض في الله فهو من أوثق عرى اليمان وليس‬
‫داخل ً في النهي كما في الحديث‪" :‬أوثق عرى اليمان‬
‫الحب في الله والبغض في الله")‪ (2‬وفي الحديث أي ً‬
‫ضا‬
‫الذي أخرجه مسلم قال قال رسول الله ‪" ‬تفتح‬
‫أبواب الجنة يوم الثنين والخميس فيغفر لكل عبد ل‬
‫يشرك بالله شيًئا إل رجًل كانت بينه وبين أخيه شحناء‬
‫فيقول أنظروا هذين حتى يصطلحا")‪ (3‬وفي الحديث‬
‫ضا الذي أخرجه مسلم بلفظ "تعرض أعمال الناس‬ ‫أي ً‬
‫في كل جمعة مرتين يوم الثنين والخميس فيغفر لكل‬
‫دا بينه وبين أخيه شحناء فيقال اتركوا‬ ‫عبد مؤمن إل عب ً‬
‫هذين حتى يفيئا")‪ (4‬وفي‬
‫‪#‬‬

‫ضا الذي خرجه أحمد وأبو داود أن النبي‬ ‫الحديث أي ً‬


‫‪ ‬قال‪" :‬ل يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلث‬
‫فمن هجر فوق ثلث فمات دخل النار")‪ (5‬وفي حديث‬
‫أبي خراش السلمي الذي أخرجه أبو داود أنه سمع‬
‫النبي ‪ ‬يقول " دب إليكم داء المم قبلكم الحسد‬
‫والبغضاء هي الحالقة ل أقول تحلق الشعر ولكن‬
‫)‪(6‬‬
‫تحلق الدين"‬

‫)( البخاري ‪ 91 /7‬كتاب الدب مسلم ‪ 8/8‬كتاب البر والصلة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أحمد ‪ 286 /4‬والطبراني في الكبير وغيرهمييا وهييو حسيين بمجمييوع‬ ‫‪2‬‬

‫طرقه‪.‬‬
‫)( مسلم ‪ 8/11‬كتاب البر والصلة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( مسلم ‪ 12 /8‬كتاب البر والصلة‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أحمد وأبو داود ‪ 215 /5‬وإسناده صحيح‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( رواه الترمذي ‪ 664 /4‬وقال هذا حديث صحيح‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪145‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي‬
‫)‪(1‬‬
‫‪ ‬قال "إياكم وسوء ذات البين فإنها الحالقة"‬
‫عا "ترفع العمال‬ ‫وروي من حديث أبي أمامة مرفو ً‬
‫يوم الثنين والخميس فيغفر للمستغفرين ويترك أهل‬
‫الحقد كما هم")‪ (2‬وخرج أبو داود من حديث أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه عن النبي ‪ ‬قال "إياكم‬
‫والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار‬
‫الحطب أو قال العشب")‪ (3‬وخرج الحاكم من حديث‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ‪ ‬قال‬
‫"سيصيب أمتي داء المم قالوا يا نبي الله وما داء‬
‫المم قال الشر والبطر والتكاثر والتنافس في الدنيا‬
‫)‪(4‬‬
‫والتباغض والتحاسد حتى يكون البغي ثم الهرج"‬
‫واعلموا رحمكم الله‬
‫أن أكثر ما يقع التشاجر والتشاحن وسوء ذات البين‬
‫بسبب النميمة وسوء الظن بالمسلمين‪ .‬أما النميمة‬
‫)‪(5‬‬
‫فقد قال النبي ‪" ‬ل يدخل الجنة نمام"‬
‫وهو نقل كلم إنسان إلى آخر على جهة الفساد‪،‬‬
‫وفي الثر يفسد النمام والكذاب في ساعة ما ل‬
‫يفسد الساحر في سنة‪ ،‬وفي حديث أنس رضي الله‬
‫عنه قال قال رسول الله ‪" ‬لما عرج بي مررت‬
‫بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم‬
‫وصدورهم فقلت من هؤلء يا جبريل قال هؤلء‬
‫الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم"‬
‫)( الترمذي ‪ 664 -663 /4‬وقال هذا حديث صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( ورد في مسلم بلفظين عن أبي هريرة )ترفع وتفتح أبواب الجنة‪.(...‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أبو داود ‪ 209-208 /5‬عن إبراهيم بيين أبييي أسيييد عيين جييده‪.‬وقييال‬ ‫‪3‬‬

‫البخاري في التاريخ الكبير ‪ 272 /1‬عن هذا الحديث ل يصح انتهى‪.‬‬


‫)( المستدرك‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪5‬‬


‫‪146‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رواه أبو داود)‪ (1‬وفي حديث المستورد بن شداد أن‬
‫النبي ‪ ‬قال من أكل برجل مسلم أكلة‪ .‬فإن الله‬
‫يطعمه‬ ‫‪#‬‬

‫مثلها من جهنم يوم القيامة ومن كسا ثوًبا برجل‬


‫مسلم فإن الله يكسوه مثله من جهنم ومن قام‬
‫برجل مسلم مقام سمعة ورياء فإن الله يقوم له‬
‫)‪(2‬‬
‫يوم القيامة مقام سمعة ورياء" رواه أبو داود‬
‫فاحذروا رحمكم الله من الوقوع في أعراض الناس‬
‫المسلمين وطهروا أفواهكم من لحومهم ل سيما‬
‫أهل الخير وحملة الشرع فإن الوقوع في لحومهم‬
‫أعظم‪ .‬ومما ينبغي للمسلم أن يقبل عذر أخيه إذا‬
‫اعتذر إليه فمن رد أخاه بعد عذر وتوبة كان عليه من‬
‫الثم مثل خطيئة صاحب مكس كما ورد ذلك في‬
‫حديث جابر الذي رواه البيهقي أن النبي ‪ ‬قال من‬
‫اعتذر إلى أخيه فلم يعذره ولم يقبل عذره كان عليه‬
‫إثم خطيئة صاحب مكس)‪.(3‬‬
‫وقد وصف الله أصحاب محمد ‪ ‬ورضي عنهم‬
‫بأنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم‪ ،‬ووصف عباده‬
‫المؤمنين المحبين المحبوبين بأنهم )أذلة على‬
‫المؤمنين( أي أهل رقة وشفقة وعطف ولين ورحمة‬
‫لخوانهم المؤمنين كالولد مع والده والعبد مع سيده‬
‫)أعزة على الكافرين( أي أهل غلظة وشدة يلقونهم‬
‫بوجوه مكفهرة عابسة كالسد على فريسته‬
‫ووصفهم نبيهم ‪ ‬في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم‬

‫)( أبو داود ‪ 194 /5‬وغيره وهو حديث صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أبو داود ‪ 5/195‬وإسناده ضعيف‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه ابن ماجه وله طرق لعله يرتقي بها إلى درجة الحسن‪.‬والمكس‬ ‫‪3‬‬

‫ما‪.‬‬
‫الجباية ظل ً‬
‫‪147‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بالجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد‬
‫بالحمى والسهر)‪ (4‬فهكذا كونوا يا عباد الله إخواًنا ول‬
‫تتفرق بكم السبل عن الطرق المثلى عن الطريق‬
‫المنجية عن الطريق الموصلة إلى الله والدار الخرة‬
‫فإن الشيطان له غرض في بني آدم لكن لما آيس‬
‫أن يعبده المصلون في جزيرة العرب رضي‬
‫بالتحريش بين المسلمين فشن الغارة عليهم وأتاهم‬
‫من كل طريق فمن اعتصم بحبل الله‬
‫وجاهد العدو كان على سبيل نجاة‪ ،‬ومن اتبع هواه‬
‫ولم يلتفت إلى ما أمره به موله كان الهلك إليه‬
‫أقرب من حبل الوريد‪ .‬فيا عباد الله اتقوا الله‬
‫وراقبوه واعتصموا بحبله جميًعا ول تفرقوا ‪‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ض‬‫في الْر ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫فو َ‬ ‫ع ُ‬‫ض َ‬‫ست َ ْ‬‫م ْ‬ ‫ل ُ‬‫قِلي ٌ‬ ‫م َ‬ ‫واذْك ُُروا إ ِذْ أن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫خط ّ َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫وأي ّدَك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫واك ُ ْ‬ ‫فآ َ‬ ‫س َ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫فك ُ ُ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬‫تَ َ‬
‫ن‪‬‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬‫ت لَ َ‬ ‫ن الطّي َّبا ِ‬ ‫م َ‬ ‫قك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫وَرَز َ‬‫ه َ‬‫ر ِ‬
‫ص ِ‬ ‫ب ِن َ ْ‬
‫النفال ‪.26‬‬
‫وأزيلوا ما في قلوبكم من الحسد والبغضاء‬
‫والحقد والتهاجر ول تشمتوا‬
‫‪#‬‬

‫أعداءكم بالتفرق والختلف وأغيظوهم بالجتماع‬


‫والئتلف واشكروه على ما أسداه عليكم ومن به‬
‫من النعم الدينية والدنيوية والبدنية التي ل تحصي ول‬
‫تستقصى ول تغيروا فيغير الله عليكم فإن الله ل‬
‫يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ول تغتروا‬
‫بحلمه وستره فإن أخذه أليم شديد‪ ،‬واتقوا الله ‪‬‬
‫فى ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫و ّ‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه ثُ ّ‬
‫م تُ َ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬‫عو َ‬ ‫ج ُ‬
‫ما ت ُْر َ‬
‫و ً‬ ‫وات ّ ُ‬
‫قوا ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫وُتوُبوا‬‫ن‪َ  ‬‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ل ي ُظل ُ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬
‫ت َ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ما ك َ‬ ‫س َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ف ٍ‬
‫)( في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪148‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬
‫ن‪‬‬
‫حو َ‬
‫فل ِ ُ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ها ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫عا أي ّ َ‬
‫مي ً‬
‫ج ِ‬ ‫إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫وأصلحوا قلوبكم يصلح الله أعمالكم وأخلصوا‬
‫أعمالكم يصلح الله أحوالكم وارحموا ضعفاءكم يرفع‬
‫الله درجاتكم وواسوا فقراءكم يوسع الله في‬
‫أرزاقكم وخذوا على أيدي سفهائكم يبارك لكم في‬
‫أعماركم‪.‬‬
‫هذا وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن‬
‫يمن على الجميع بالهداية والتوفيق وأن يسلك بنا‬
‫وبكم أحسن منهج وأقوم طريق وأن ينصر دينه‬
‫ويعلي كلمته ويجعلنا وإياكم من أنصار دينه وشرعه‬
‫وأن يحفظ إمامنا إمام المسلمين وولي عهده إنه‬
‫جواد كريم رءوف رحيم وصلى الله على محمد‬
‫المين وآله وصحبه أجمعين‪،،،،‬‬
‫‪1402 /5 /20‬‬
‫هـ‬
‫صالح بن أحمد‬
‫الخريص‬
‫ي‬

‫مقتضى العبودية لله‬


‫بقلم‪ :‬مهدي بن إبراهيم‬
‫في هذه اليام برزت ظاهرة خطيرة تستهدف‬
‫التشريع لهذا النسان كأن الله قد أهمله ووكله إلى‬
‫هذه الحثالة من الجنس البشري‪ ،‬وهذه الظاهرة‬
‫الخطيرة ما ينشر بين حين وآخر من دعوات حول‬
‫تحرير النسان وخاصة المرأة انطلًقا من مبدأ حرية‬
‫الرأي‪ .‬وقد كانت هذه الدعوة بين طبقات أهل الكفر‬
‫واللحاد فأخذوا يدعون إليها ويزينونها في عقول‬
‫‪149‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫العوام من الناس حتى وصل المر بها أنها اليوم‬
‫تنشر في صفوف المسلمين على أيدي أبناء‬
‫المسلمين وبناتهم‪ ،‬وحيث إننا عبيد لله الذي خلقنا‬
‫ورزقنا ونحن مؤمنون بذلك فمقتضى هذه العبودية‬
‫أن يجعل المر لله وحده كما أن له الخلق وحده‬
‫وَل‬
‫عا إلى ذلك ‪َ ‬‬
‫وندعو الناس جمي ً‬
‫‪#‬‬

‫حَل ٌ‬ ‫قوُلوا ل ِما ت َص ُ َ‬


‫ل‬ ‫ذا َ‬‫ه َ‬
‫ب َ‬ ‫ذ َ‬ ‫م ال ْك َ ِ‬ ‫سن َت ُك ُ ُ‬ ‫ف أل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫تَ ُ‬
‫ن‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ب إِ ّ‬‫ذ َ‬‫ه ال ْك َ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫فت َُروا َ‬ ‫م ل ِت َ ْ‬ ‫حَرا ٌ‬ ‫ه َ‬
‫ذا َ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫ن ‪ ‬سورة‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫ب ل يُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ذ َ‬ ‫َ‬
‫ه الك ِ‬‫ْ‬ ‫ّ‬
‫على الل ِ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬
‫فت َُرو َ‬‫يَ ْ‬
‫النحل آية ‪116‬؟‬
‫إن السلم يطالب معتنقيه أوًل باليمان بأصوله‬
‫وهو يعني التصديق الكامل بها والقتناع التام‬
‫بمضمونها قبل الدخول فيه أما أن يدخل أحد قبل أن‬
‫يقتنع بذلك فهو الذي خسر نفسه في الدنيا والخرة‬
‫قا‪.‬‬
‫لنه حينئذ يعد مناف ً‬
‫ولهذا كثيًرا ما يقرن الله تعالى بين اليمان‬
‫والعمل الصالح لن العمل الصالح يكون بعد اليمان‬
‫إذ هو الذي يقود إليه ويحمل عليه ومن هنا فالذي‬
‫أدين لله به أنه ل يحق لحد يؤمن بأصول هذه‬
‫الشريعة الغراء أن يتردد في فرع من فروعها وأن‬
‫عليه أن يقابلها بالنقياد التام والستسلم الصادق‬
‫مل ّ ِ‬
‫ة‬ ‫عن ّ‬
‫ب َ‬ ‫من ي َْر َ‬
‫غ ُ‬ ‫بدليل قوله سبحانه‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ه‬
‫في َْنا ُ‬ ‫صط َ َ‬ ‫دا ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ول َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه نَ ْ‬‫ف َ‬ ‫س ِ‬‫من َ‬ ‫م إ ِل ّ َ‬ ‫هي َ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫حين إ ِذْ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ة لَ ِ‬ ‫خَر ِ‬ ‫في ال ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مين‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ت ل َِر ّ‬ ‫م ُ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫لأ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ِ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ه َرب ّ ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ي إِ ّ‬ ‫ب َيا ب َن ِ ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫م ب َِني ِ‬ ‫هي ُ‬ ‫ها إ ِب َْرا ِ‬ ‫صى ب ِ َ‬ ‫و ّ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫وأنُتم‬ ‫ن إ َل ّ َ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫فل َ ت َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫دي َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫فى ل َك ُ ُ‬ ‫صط َ َ‬ ‫ا ْ‬
‫‪150‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ك لَ‬ ‫وَرب ّ َ‬ ‫فل َ َ‬ ‫مون ‪ (1)‬وقوله سبحانه‪َ  :‬‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫م لَ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬‫جَر ب َي ْن َ ُ‬‫ش َ‬‫ما َ‬‫في َ‬‫ك ِ‬‫مو َ‬ ‫ّ‬
‫حك ُ‬ ‫ى يُ َ‬‫حت ّ َ‬
‫ن َ‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫موا ْ‬‫سل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬‫ت َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ما َ‬
‫م ّ‬
‫جا ّ‬‫حَر ً‬‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫س ِ‬‫ف ِ‬‫في َأن ُ‬ ‫دوا ْ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ما ‪ (2)‬وقوله ‪) ‬كل أمتي يدخلون الجنة إل‬ ‫سِلي ً‬ ‫تَ ْ‬
‫من أبى قيل ومن يأبى يا رسول الله قال من‬
‫أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى()‪ (3‬وإذا‬
‫حدث من أحد منهم خروج في بعض المسائل‬
‫الفرعية عن طريق الغفلة وتسويل الشيطان‬
‫فسرعان ما يرجع إلى ربه تائًبا يرجو رحمته ويخشى‬
‫عذابه إذ ل معصوم من ذلك سوى النبياء عليهم‬
‫الصلة والسلم فإذا تقرر ذلك فإنني أطلب من جميع‬
‫المسلمين ذكوًرا وإناًثا وخاصة الكتاب منهم أن يتقيدوا‬
‫بإسلمهم قوًل وعمًل – كما قدمت وأن ل يقدموا على‬
‫أمر إل بعد أن يتعرفوا على حكم الله فيه لن ذلك هو‬
‫مقتضى العبودية لله ولنهم قد رضوا بالله رًبا‬
‫وبالسلم ديًنا وبمحمد ‪ ‬رسوًل فهم على نور من‬
‫ربهم ومن كان لديه شك في فرع من فروع السلم‬
‫من أي ناحية من نواحيه فعليه في هذه الحال أن‬
‫يبحث عن صحة إسناده إلى الله أو إلى رسوله ‪‬‬
‫عا‪.‬‬
‫بأي وجه من وجوه الصحة المعتبرة شر ً‬
‫‪#‬‬

‫إن كان لديه أهلية البحث والستفادة وإل‬


‫فليسأل أهل الذكر فإذا صح فل معنى للشك حينئذ‬
‫سوى نقص اليمان فعليه أن يقوي إيمانه بأصول‬
‫الشريعة من خلل التعرف على معجزات هذا الدين‬
‫وأعظمها القرآن الكريم‪ ،‬وليحذر كل الحذر من أن‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.32 -30‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سور النساء آية ‪.65‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪151‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يقع فريسة للكفر واللحاد وهو ل يشعر فيهلك في‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬وإذا خفيت عليه حكمة أمر من‬
‫الوامر السلمية فليعلم أن الله حكيم ومن باع‬
‫نفسه لله فقد سلم )فكل الناس يغدو فبائع نفسه‬
‫فمعتقها أو موبقها(‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه‪ ،‬وسلم على‬
‫المرسلين والحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫)انتهى من مجلة الدعوة(‬

‫حكم السفر إلى بلد الكفرة‬

‫السفر إلى بلد الكفر والشرك كأوربا وأمريكا‬


‫والصين واليابان وغيرها من بلد الكفر على نوعين‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬السفر للضرورة كالعلج والتجارة‬
‫والتخصصات العلمية التي ل يوجد لها بديل مماثل‬
‫في الداخل فيجوز السفر لذلك مع التحفظ والصيانة‬
‫والتحصن من كيد العداء وإظهار العداوة لهم‬
‫والبراءة منهم وإقامة الشعائر الدينية كالصلة‬
‫والصوم والذان‪ .‬وأما السفر لغير ذلك كالنزهة‬
‫والسياحة في بلد الكفر أو الدراسة التي ليست‬
‫ضرورية أو يوجد لها بديل مماثل في الداخل كالعلوم‬
‫الدينية واللغة العربية فل يجوز السفر لذلك إلى بلد‬
‫الكفر كما ل يجوز السكن معهم لن ذلك من أسباب‬
‫موالتهم ومحبتهم وهم أعداء الله وأعداء كتابه‬
‫‪152‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأعداء رسوله وأعداء دينه وأعداء المسلمين‪.‬‬
‫وقد جاءت اليات القرآنية والحاديث النبوية‬
‫بالوعيد الشديد على موالة الكافرين قال تعالى‪ :‬‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ول َِياءَ ‪ ‬سورة آل‬
‫‪#‬‬

‫نأ ْ‬ ‫ري َ‬
‫ف ِ‬‫كا ِ‬ ‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ذ ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫َل ي َت ّ ِ‬
‫خ ِ‬
‫م‬‫وك ُ ْ‬
‫عدُ ّ‬
‫و َ‬
‫وي َ‬‫عدُ ّ‬ ‫ذوا َ‬ ‫خ ُ‬‫عمران آية ‪َ 29‬ل ت َت ّ ِ‬
‫ول َِياءَ ‪ ‬سورة الممتحنة‪ .‬من آية ‪1‬‬ ‫َ‬
‫أ ْ‬
‫َ‬
‫ول َِياءَ ‪‬‬ ‫صاَرى أ ْ‬ ‫والن ّ َ‬
‫هودَ َ‬ ‫ذوا ال ْي َ ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫‪َ‬ل ت َت ّ ِ‬
‫ب‬
‫ض َ‬‫غ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫و ً‬ ‫ق ْ‬‫وا َ‬ ‫ول ّ ْ‬‫سورة المائدة من آية ‪َ 52‬ل ت َت َ َ‬
‫ن‬‫م ْ‬‫و َ‬‫م ‪ ‬سورة الممتحنة آية ‪َ  14‬‬ ‫ه ْ‬ ‫ه َ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫علي ْ ِ‬
‫م ‪ ‬سورة المائدة من آية‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫م َ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ول ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫م‬‫سك ُ ُ‬‫م ّ‬ ‫فت َ َ‬‫موا َ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫ذي َ‬‫وَل ت َْرك َُنوا إ َِلى ال ّ ِ‬ ‫‪َ  52‬‬
‫ما‬‫و ً‬ ‫ق ْ‬‫جدُ َ‬ ‫الّناُر ‪ ‬سورة هود آية ‪َ 114‬ل ت َ ِ‬
‫حادّ الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دو َ‬ ‫وا ّ‬ ‫ر يُ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وم ِ اْل َ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كاُنوا آ ََباءَ ُ‬
‫و‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أب َْناءَ ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬سورة المجادلة آية ‪23‬‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫شيَرت َ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫م‬ ‫كان َت ل َك ُ ُ‬ ‫قدْ َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫هي َ‬ ‫في إ ِب َْرا ِ‬ ‫ة ِ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬ ‫س َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م إ ِّنا ب َُرآ َءُ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ِ‬ ‫و ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫قاُلوا ل ِ َ‬ ‫ه إ ِذْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫دا ب َي ْن ََنا‬
‫وب َ َ‬‫م َ‬ ‫ُ‬
‫فْرَنا ب ِك ْ‬ ‫َ‬
‫هك َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل ِ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دو َ‬ ‫عب ُ ُ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه‬‫مُنوا ِبالل ّ ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫حّتى ت ُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫ضاءُ أب َ ً‬ ‫غ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫وةُ َ‬ ‫دا َ‬ ‫ع َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫وب َي ْن َك ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ه ‪ ‬سورة الممتحنة آية ‪5‬‬ ‫حدَ ُ‬ ‫و ْ‬ ‫َ‬
‫فدلت هذه اليات الكريمات على تحريم محبة‬
‫الكافرين وموالتهم ومصادقتهم ويستلزم ذلك تحريم‬
‫السفر إلى بلدهم والسكنى معهم والتشبه بهم وفي‬
‫الحديث "من تشبه بقوم فهو منهم" رواه أحمد وأبو‬
‫داود وصححه ابن حبان‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم‬
‫"المرء مع من أحب" متفق عليه‪ .‬وعنه ‪ ‬أنه قال‬
‫"من جامع المشرك –اجتمع به‪ -‬وسكن معه فهو‬
‫‪153‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مثله" رواه أبو داود والترمذي وأنه قال "أنا بريء‬
‫من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" رواه أبو‬
‫داود والترمذي وقال "ل تساكنوا المشركين ول‬
‫تجامعوهم –أي ل تجتمعوا بهم فمن ساكنهم أو‬
‫جامعهم فهو مثلهم" رواه الترمذي ويستثنى مما‬
‫تقدم السفر إلى تلك الديار للدعوة إلى الله تعالى‬
‫لمن يجيد لغتهم أو كان معه مترجم فإنه من أفضل‬
‫العمال‪.‬‬
‫وبالمناسبة يحسن بنا أن نذكر الخ المسلم‬
‫والطالب المسلم إلى أن تعلم اللغة النجليزية بنية‬
‫الدعوة إلى الله تعالى وكذلك تعلم غيرها من اللغات‬
‫بنية الدعوة إلى الله تعالى تكون دراستها بهذه النية‬
‫عبادة أيها المسلم إن من أكبر الوسائل لفساد‬
‫الشباب وأعظمها خطًرا سفرهم إلى بلد الكفر ففيه‬
‫خطر على دينهم وأخلقهم وعقيدتهم وإن الخطر‬
‫على هؤلء الذاهبين إليها كما يكون في حقول‬
‫التعليم يكون كذلك في إقامتهم في بلد الكفر التي‬
‫ل يسمعون فيها أذاًنا ول يشاهدون فيها مساجد تقام‬
‫‪#‬‬‫فيها شعائر السلم وإنما يسمعون أجراس‬
‫النواقيس ويشاهدون معابد اليهود والنصارى‬
‫ومسارح اللهو وأمكنة الخمر والفساد وعبادة المادة‬
‫فيرجع الكثير من هؤلء الشباب وقد انقلب في دينه‬
‫رأسا ً على عقب ولوثوا أدمغتهم بقذارة الكفر‬
‫واللحاد والشك في دين السلم وكتابه ورسوله‬
‫وشريعته‪.‬‬
‫أيها الشاب المسلم‪ :‬لقد سمعت وقرأت عن‬
‫قادة الكفر ماذا يريدون لدينك من القضاء عليه‬
‫‪154‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وسيحاولون أن ينزعوه من قلبك فتصبح خاليا ً من‬
‫الدين‪ .‬إن وجود المرء في مجتمع كافر منحرف‬
‫وتعايشه معه يجعله يتأثر بانحراف هذا المجتمع‬
‫وقيمه شاء أم أبى‪.‬‬
‫فيجب على المسلم إذا اضطر إلى السفر إلى‬
‫تلك البلد الكافرة أن يحمل هذا الدين بقوة وأن‬
‫يظهره بشجاعة أمام أعدائه فبلد الكفر وإن كانت‬
‫تكسى بالمظاهر البراقة الخادعة إل أن أهلها‬
‫يفقدون أعز شيء وهو الدين الصحيح الذي به‬
‫تطمئن قلوبهم وتزكو به نفوسهم وتصان به‬
‫أعراضهم وتحقن به دماؤهم وتحفظ به أموالهم لذا‬
‫في‬ ‫فُروا ْ ِ‬
‫ن كَ َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قل ّ ُ‬ ‫يقول تعالى ‪‬ل َ ي َ ُ‬
‫غّرن ّ َ‬
‫ك تَ َ‬
‫ل ث ُم ْ‬
‫هاد‬ ‫س ال ْ ِ‬
‫م َ‬ ‫وب ِئ ْ َ‬
‫م َ‬
‫هن ّ ُ‬
‫ج َ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫وا ُ‬
‫مأ َ‬ ‫ع َ‬
‫قِلي ٌ ّ َ‬ ‫مَتا ٌ‬ ‫ال ْب ِ َ‬
‫لد َ‬
‫‪ (1)‬إنهم يفقدون كل تلك المقومات فماذا تفيدهم‬
‫تلك المظاهر الخادعة عقائدهم باطلة وأعراضهم‬
‫ضائعة وأسرهم متفككه‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬إن أعداء السلم يخططون‬
‫الخطط لسلب أموالكم وإفساد دينكم والقضاء‬
‫ول َ‬ ‫ك ال ْي َ ُ‬
‫هودُ َ‬ ‫عن َ‬ ‫وَلن ت َْر َ‬
‫ضى َ‬ ‫عليكم‪ .‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫م ‪ (2)‬وقال تعالى ‪‬‬ ‫مل ّت َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ع ِ‬
‫حّتى ت َت ّب ِ َ‬
‫صاَرى َ‬
‫الن ّ َ‬
‫واء ‪‬‬
‫)‪(3‬‬
‫س َ‬
‫ن َ‬
‫كوُنو َ‬ ‫فُروا ْ َ‬
‫فت َ ُ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫ن كَ َ‬
‫فُرو َ‬ ‫دوا ْ ل َ ْ‬
‫و ت َك ْ ُ‬ ‫و ّ‬
‫َ‬
‫إنه لمن المحزن أن أصبح السفر إلى بلد الكفار‬
‫موضع افتخار بعض المخدوعين من المسلمين‬
‫)( سورة آل عمران آية ‪.177-176‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.120‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.89‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪155‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فيفتخر أحدهم بأنه ابتعث أو سيبتعث إلى أمريكا أو‬
‫أن له ولدا ً يدرس في أمريكا أو في لندن أو فرنسا‬
‫إنه يفتخر بذلك بدون تفكير في‬
‫العواقب أو تقدير للنتائج‪ ،‬وبعض المسلمين‬
‫يسافرون بعوائلهم للمصيف هناك أو للسياحة بدون‬
‫اعتبار لحكم الشرع في ذلك السفر هل يجوز أم ل؟‬
‫ثم ذهبوا هناك ذابت شخصيتهم فلبسوا لباس الكفار‬
‫وتخلقوا‬‫‪#‬‬

‫بأخلقهم حتى نساؤهم يخلعن لباس الستر ويلبسن‬


‫لباس الكافرات‪ .‬أيها المسلم‪ :‬إن خطر السفر إلى‬
‫بلد الكفار عظيم وضرره جسيم وإن من سافر إلى‬
‫تلك البلد من غير ضرورة فهو حري بأن يعاقب وأن‬
‫يصاب في دينه وزيغ قلبه إذا عرف الحق فتركه‬
‫غوا أ ََزا َ‬
‫غ‬ ‫فل َ ّ‬
‫ما َزا ُ‬ ‫والباطل فارتكبه قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ن‪‬‬
‫قي َ‬
‫س ِ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫فا ِ‬ ‫و َ‬ ‫دي ال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ه َل ي َ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫م َ‬ ‫قُلوب َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه ُ‬
‫سورة الصف آية ‪.5‬‬
‫أيها الشاب المسلم‪ :‬إن بقاءك في بلدك‬
‫وهجرك لبلد الكفر ل يفقدك العلم ول ينقصك‬
‫الستزادة منه فهذه حكومتك أيدها الله قد هيأت لك‬
‫كليات متعددة في جامعات متعددة تغنيك عن السفر‬
‫إلى بلد الكفر وتبقيك في دار السلم قريبا ً من‬
‫أهلك وأقاربك وأصدقائك في راحة تامة وطمأنينة‬
‫وأمن على نفسك ودينك ففكر أيها الشاب المسلم‬
‫في هذا المر الخطير تفكيرا ً جديا ً بعيد المدى ول‬
‫تعدل بسلمة دينك شيئا ً فهو رأس مالك بل هو‬
‫‪156‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ت‬
‫ق ُ‬‫خل َ ْ‬‫ما َ‬ ‫و َ‬‫حياتك وحكمة وجودك كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ن ‪ ‬سورة الذاريات آية‬ ‫دو ِ‬ ‫س إ ِّل ل ِي َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫واْل ِن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ج ّ‬‫ال ْ ِ‬
‫ماِتي‬ ‫م َ‬
‫و َ‬‫ي َ‬ ‫حَيا َ‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫كي َ‬
‫س ِ‬ ‫صَلِتي َ‬
‫ون ُ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫ق ْ‬‫‪ُ  56‬‬
‫ك ل َه وبذَل ِ َ ُ‬ ‫ن * َل َ‬
‫ت‬ ‫مْر ُ‬ ‫كأ ِ‬ ‫ري َ ُ َ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ه َر ّ‬‫ل ِل ّ ِ‬
‫َ َ‬
‫ن ‪ ‬سورة النعام آية ‪-162‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫وأَنا أ ّ‬ ‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫‪163‬‬
‫وبالله التوفيق وصلى الله على محمد وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪،،،‬‬

‫)التحذير من السفر إلى بلد الكفرة‬


‫وخطره على العقيدة والخلق(‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى‬
‫يوم الدين‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد أنعم الله على هذه المة بنعم كثيرة وخصها‬
‫بمزايا فريدة وجعلها خير أمة أخرجت للناس تأمر‬
‫بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله وأعظم‬
‫هذه النعم نعمة السلم الذي ارتضاه الله للعباد‬
‫شريعة ومنهج حياة وأتم به على‬
‫‪#‬‬

‫عباده النعمة وأكمل لهم به الدين قال تعالى ‪‬‬


‫ال ْيوم أ َك ْمل ْت ل َك ُم دين َك ُم َ‬
‫مِتي‬
‫ع َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م نِ ْ‬ ‫ت َ‬
‫م ُ‬
‫م ْ‬‫وأت ْ َ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ ْ َ‬
‫م ِديًنا ‪ ‬لكن أعداء السلم‬ ‫سل َ َ‬ ‫ت ل َك ُ ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫م ال ِ ْ‬ ‫ضي ُ‬‫وَر ِ‬‫َ‬
‫قد حسدوا المسلمين على هذه النعمة الكبرى‬
‫)( انظيير الكتييب التييية ‪ -1‬مجموعيية التوحيييد النجدييية صييفحة ‪-209.2‬‬ ‫‪1‬‬

‫البتعيياث ومخيياطره للشيييخ لطفييي الصييباغ‪ -3 .‬حكييم السييفر إلييى بلد‬


‫المشركين للشيخ حمييد بيين علييي بيين عييتيق‪ -4.‬الخطييب المنبرييية فييي‬
‫المناسبات العصرية للدكتور صالح الفوزان صفحة ‪ 148‬ج ‪ -1.5‬الضييياء‬
‫اللمع من الخطب الجوامع للشيخ محمد الصالح العثيمين صفحة ‪.356‬‬
‫)( سورة المائدة آية ‪.3‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪157‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فامتلت قلوبهم حقدا ً وغيظا ً وفاضت نفوسهم‬
‫بالعداوة والبغضاء لهذا الدين وأهله وودوا لو يسلبون‬
‫المسلمين هذه النعمة أو يخرجونهم منها كما قال‬
‫دوا ْ ل َ ْ‬
‫و‬ ‫تعالى في وصف ما تختلج به نفوسهم‪َ  :‬‬
‫و ّ‬
‫واء ‪‬‬‫)‪(1‬‬
‫س َ‬ ‫ن َ‬‫كوُنو َ‬ ‫فت َ ُ‬ ‫فُروا ْ َ‬
‫ما ك َ َ‬
‫ن كَ َ‬ ‫ت َك ْ ُ‬
‫فُرو َ‬
‫مُنوا َل ت َت ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خ ُ‬
‫ذوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬‫وقال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ْ‬
‫م‬
‫عن ِت ّ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫دوا َ‬ ‫و ّ‬ ‫خَباًل َ‬ ‫م َ‬ ‫م َل ي َأُلون َك ُ ْ‬ ‫دون ِك ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫طان َ ً‬ ‫بِ َ‬
‫في‬ ‫خ ِ‬‫ما ت ُ ْ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ه ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ف َ‬‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ضاءُ ِ‬ ‫غ َ‬ ‫ت ال ْب َ ْ‬ ‫قدْ ب َدَ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ت إِ ْ‬ ‫م اْل ََيا ِ‬ ‫قدْ ب َي ّّنا ل َك ُ ُ‬ ‫م أك ْب َُر َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دوُر ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ُ‬
‫ُ‬
‫م ي َكوُنوا‬ ‫ُ‬
‫ن ي َثقفوك ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ‪ ‬وقال عز وجل ‪‬إ ِ ْ‬ ‫(‬ ‫‪2‬‬ ‫)‬
‫قلو َ‬ ‫ُ‬ ‫ع ِ‬‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫سن َت َ ُ‬ ‫وأل ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫دي َ ُ‬
‫م أي ْ ِ‬ ‫طوا إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫وي َب ْ ُ‬ ‫داءً َ‬ ‫ع َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ن ‪ (3)‬وقال جل وعل‪ :‬‬ ‫فُرو َ‬ ‫و ت َك ْ ُ‬‫دوا ل َ ْ‬ ‫و ّ‬ ‫و َ‬ ‫ء َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ِبال ّ‬
‫م‬‫ن ِدين ِك ُ ْ‬ ‫ع ْ‬‫م َ‬ ‫دوك ُ ْ‬ ‫حّتى ي َُر ّ‬ ‫م َ‬ ‫قات ُِلون َك ُ ْ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫وَل ي ََزاُلو َ‬ ‫َ‬
‫)‪(4‬‬
‫عوا ‪‬‬ ‫َ‬
‫ست َطا ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫إِ ِ‬
‫و اليات الدالة على عداوة الكفار للمسلمين‬
‫دا ول يتركون‬ ‫كثيرة‪ ...‬والمقصود أنهم ل يألون جه ً‬
‫سبيًل للوصول إلى أغراضهم وتحقيق أهدافهم في‬
‫النيل من المسلمين إل سلكوه‪ ،‬ولهم في ذلك‬
‫أساليب عديدة ووسائل خفية وظاهرة فمن ذلك ما‬
‫ظهر من قيام بعض مؤسسات السفر والسياحة‬
‫بتوزيع نشرات دعائية تتضمن دعوة أبناء هذا البلد‬
‫لقضاء العطلة الصيفية في ربوع أوربا وأمريكا بحجة‬
‫جا شامًل‬ ‫تعلم اللغة النجليزية ووضعت لذلك برنام ً‬
‫لجميع وقت المسافر‪ ..‬وهذا البرنامج يشتمل على‬
‫فقرات عديدة منها ما يلي‪:‬‬
‫)أ( اختيار عائلة إنجليزية كافرة لقامة الطالب‬
‫لديها مع ما في ذلك من المحاذير الكثيرة‪.‬‬
‫النساء آية ‪.89‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫آل عمران آية ‪.118‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الممتحنة آية ‪.2‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫البقرة ‪.217‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪158‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)ب( حفلت موسيقية ومسارح وعروض‬
‫مسرحية في المدينة التي يقيم فيها‪.‬‬
‫)ج( زيارة أماكن الرقص والترفيه‪.‬‬
‫)د( ممارسة رقصة الديسكو مع فتيات‬
‫إنجليزيات ومسابقات في الرقص‪.‬‬
‫)هي( جاء في ذكر الملهي الموجودة في إحدى‬
‫‪#‬‬ ‫المدن النجليزية ما يأتي‬
‫)أندية ليلية‪ ،‬مراقص ديسكو‪ ،‬حفلت موسيقى الجاز‪.‬‬
‫والروك‪ ،‬الموسيقى الحديثة‪ ،‬مسارح ودور سينما‬
‫وحانات إنجليزية تقليدية(‪.‬‬
‫وتهدف هذه النشرات إلى تحقيق عدد من‬
‫الغراض الخطيرة منها ما يلي‪:‬‬
‫العمل على انحراف شباب المسلمين‬ ‫)‪(1‬‬
‫وإضللهم‪.‬‬
‫إفساد الخلق والوقوع في الرذيلة عن‬ ‫)‪(2‬‬
‫طريق تهيئة أسباب الفساد وجعلها في متناول اليد‪.‬‬
‫تشكيك المسلم في عقيدته‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫تنمية روح العجاب والنبهار بحضارة‬ ‫)‪(4‬‬
‫الغرب‪.‬‬
‫تخلقه بالكثير من تقاليد الغرب وعاداته‬ ‫)‪(5‬‬
‫السيئة‪.‬‬
‫التعود على عدم الكتراث بالدين وعدم‬ ‫)‪(6‬‬
‫اللتفات لدابه وأوامره‪.‬‬
‫تجنيد الشباب المسلم ليكونوا من دعاة‬ ‫)‪(7‬‬
‫التغريب في بلدهم بعد عودتهم من هذه الرحلة‬
‫وتشبعهم بأفكار الغرب وعاداته وطرق معيشته‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من الغراض والمقاصد الخطيرة‬
‫التي يعمل أعداء السلم لتحقيقها بكل ما أوتوا من‬
‫‪159‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫قوة وبشتى الطرق والساليب الظاهرة والخفية وقد‬
‫يتسترون ويعملون بأسماء عربية ومؤسسات وطنية‬
‫إمعاًنا في الكيد وإبعاًدا للشبهة وتضليًل للمسلمين‬
‫عما يرومونه من أغراض في بلد السلم‪ ..‬لذلك‬
‫فإني أحذر إخواني المسلمين في هذا البلد خاصة‬
‫وفي جميع بلد المسلمين عامة من النخداع بمثل‬
‫هذه النشرات والتأثر بها وأدعوهم إلى أخذ الحيطة‬
‫والحذر وعدم الستجابة لشيء منها فإنها سم زعاف‬
‫ومخططات من أعداء السلم تفضي إلى إخراج‬
‫المسلمين من دينهم وتشكيكهم في عقيدتهم وبث‬
‫الفتن بينهم كما ذكر الله عنهم في محكم تنزيله قال‬
‫صاَرى‬ ‫وَل الن ّ َ‬ ‫ك ال ْي َ ُ‬
‫هودُ َ‬ ‫عن ْ َ‬
‫ضى َ‬ ‫ن ت َْر َ‬ ‫ول َ ْ‬
‫تعالى‪َ  :‬‬
‫م ‪ ‬الية كما أنصح أولياء أمور‬ ‫مل ّت َ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ه ْ‬ ‫ع ِ‬‫حّتى ت َت ّب ِ َ‬
‫َ‬
‫الطلبة خاصة بالمحافظة على أبنائهم وعدم‬
‫الستجابة لطلبهم السفر إلى الخارج لما في ذلك‬
‫من الضرار والمفاسد على دينهم وأخلقهم وبلدهم‬
‫كما أسلفنا وإرشادهم إلى أماكن النزهة والصطياف‬
‫في بلدنا وهي كثيرة بحمد الله والستغناء بها عن‬
‫‪#‬‬ ‫غيرها‬
‫فيتحقق بذلك المطلوب وتحصل السلمة لشبابنا‬
‫من الخطار والمتاعب والعواقب الوخيمة‬
‫والصعوبات التي يتعرضون لها في البلد الجنبية‪..‬‬
‫هذا وأسأل الله جل وعل أن يحمي بلدنا وسائر بلد‬
‫المسلمين وأبناءهم من كل سوء ومكروه وأن‬
‫يجنبهم مكائد العداء ومكرهم وأن يرد كيدهم في‬
‫نحورهم كما أسأله سبحانه أن يوفق ولة أمرنا لكل‬

‫)( سورة البقرة من آية ‪.120‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪160‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما فيه القضاء على هذه الدعايات الضارة والنشرات‬
‫الخطيرة وأن يوفقهم لكل ما فيه صلح العباد‬
‫والبلد‪ ..‬إنه ولي ذلك والقادر عليه‪ ..‬وصلى الله‬
‫وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫الرئيس العام‬
‫لدارات البحوث‬
‫العلمية‬
‫والفتاء‬
‫والدعوة‬
‫والرشاد‬
‫عبد العزيز بن‬
‫عبد الله بن باز‬

‫من أخلق الرسول‪‬‬

‫قا كما‬ ‫كان رسول الله ‪ ‬أحسن الناس خل ً‬


‫على‬ ‫ك لَ َ‬ ‫وصفه الله تعالى بذلك في قوله ‪َ ‬‬
‫وإ ِن ّ َ‬
‫ظيم ٍ ‪ ‬سورة القلم آية ‪ ،4‬قالت زوجته‬ ‫ع ِ‬
‫ق َ‬ ‫ُ ُ‬
‫خل ٍ‬
‫عائشة رضي الله عنها كان خلقه القرآن رواه أحمد‬
‫ومسلم في صحيحه‪ ،‬ومعنى ذلك أنه عليه الصلة‬
‫والسلم كان يتخلق بأخلق القرآن ويتأدب بآدابه‬
‫ويسارع إلى ما حث عليه ويأتمر بأوامره وينتهي عن‬
‫نواهيه فمهما أمره به القرآن فعله ومهما نهاه عنه‬
‫تركه‪.‬‬
‫هذا مع ما جبله الله عليه من الخلق العظيم من‬
‫‪161‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خلق‬
‫جميل قال عليه الصلة والسلم "إنما بعثت لتمم‬
‫مكارم الخلق")‪ (1‬وكان ‪ ‬يسلم على من لقيه‬
‫ويجيب من دعاه ويقبل الهديه ويكافئ عليها‪ .‬وكان‬
‫يرحم الضعيف ويعطف على الفقير والمسكين واليتيم‬
‫والرمله‪ ،‬فيجب أن نتخلق بأخلق نبينا محمد ‪‬‬
‫‪#‬‬‫ونتأدب بآدابه ونعمل بسنته ونطيعه في أمره‬
‫ونتجنب ما نهانا عنه لنه ‪ ‬قدوتنا وإمامنا وأسوتنا‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ِ‬
‫في َر ُ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫كا َ‬ ‫كما قال تعالى ‪‬ل َ َ‬
‫قدْ َ‬
‫م اْل َ ِ‬ ‫ُ‬
‫خَر‬ ‫وال ْي َ ْ‬
‫و َ‬ ‫جو الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬
‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬‫س َ‬‫أ ْ‬
‫ه ك َِثيًرا ‪ ‬سورة الحزاب ]آية ‪ [21‬فإذا‬ ‫وذَك ََر الل ّ َ‬
‫َ‬
‫فعلنا ذلك أفلحنا ونجحنا وفزنا وسعدنا واهتدينا كما‬
‫دوا ‪ ‬سورة النور‬ ‫هت َ ُ‬
‫عوهُ ت َ ْ‬ ‫طي ُ‬‫ن تُ ِ‬ ‫قال تعالى ‪َ ‬‬
‫وإ ِ ْ‬
‫]آية ‪ [54‬فما أمر به النبي ‪ ‬وجب إتباعه وما نهى‬
‫عنه وجب اجتنابه‪ ،‬ومأ أمر به ‪ ‬فقد أمر به النبي‬
‫‪ ‬وجب إتباعه وما نهى عنه وجب اجتنابه‪ ،‬وما أمر‬
‫به ‪ ‬فقد أمر الله به وما نهى عنه فقد نهى الله‬
‫ي‬
‫ح ٌ‬ ‫و إ ِّل َ‬
‫و ْ‬ ‫ه َ‬
‫ن ُ‬
‫وى * إ ِ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫ع ِ‬‫ق َ‬‫ما ي َن ْطِ ُ‬ ‫عنه ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫حى ‪ ‬سورة النجم ]آية ‪ [4 -3‬وقال تعالى ‪‬‬ ‫ُيو َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬ ‫هاك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ما ن َ َ‬
‫و َ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوهُ َ‬ ‫ل َ‬
‫ف ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫ما آَتاك ُ ُ‬
‫م الّر ُ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫هوا ‪ ‬سورة الحشر ]آية ‪ [7‬ومن يطع الرسول‬ ‫فان ْت َ ُ‬‫َ‬
‫فقد أطاع الله ومن يعص الرسول فقد عصى الله‬
‫ع الل َّه ‪‬‬ ‫قدْ أ َ َ‬
‫طا َ‬ ‫ف َ‬
‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫ع الّر ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ن ي ُطِ ِ‬‫م ْ‬
‫سول َ ُ‬
‫ه‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬‫ع الل ّ َ‬
‫ن ي ُطِ ِ‬‫م ْ‬
‫و َ‬‫سورة النساء ]آية ‪َ  [80‬‬
‫ما ‪ ‬فهنيًئا لمن أطاع الله‬ ‫)‪(2‬‬
‫ظي ً‬
‫ع ِ‬ ‫وًزا َ‬ ‫فاَز َ‬
‫ف ْ‬ ‫قدْ َ‬
‫ف َ‬
‫َ‬
‫ورسوله بالفوز العظيم والثواب الجسيم وقال تعالى‬
‫)( رواه المام أحمد عن أبي هريرة )انظر تفسير ابن كثير ‪.(402 /4‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحزاب آية )‪.(71‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪162‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ري‬ ‫ج ِ‬‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫خل ْ ُ‬‫ه ي ُدْ ِ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ك ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫وُز‬‫ف ْ‬ ‫وذَل ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬‫هاُر َ‬ ‫ها اْلن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ه‬
‫دودَ ُ‬
‫ح ُ‬ ‫عدّ ُ‬ ‫وي َت َ َ‬‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ص الل ّ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫م* َ‬ ‫ظي ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن ‪ ‬سورة‬ ‫هي ٌ‬ ‫م ِ‬‫ب ُ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬
‫ه َ‬ ‫ول َ ُ‬‫ها َ‬ ‫في َ‬‫دا ِ‬ ‫خال ِ ً‬ ‫ه َناًرا َ‬ ‫خل ْ ُ‬‫ي ُدْ ِ‬
‫النساء ]آية ‪ [14-13‬ول يحقق المسلم شهادة أن ل‬
‫دا رسول الله حتى يحب الله‬ ‫إله إل الله وأن محم ً‬
‫ورسوله بكل قلبه ويرضيهما بكل جهده‪ ،‬ول يكون‬
‫قا حتى يكون حبه وبغضه وفعله وتركه‬ ‫مؤمًنا ح ً‬
‫وقوله واعتقاده وعمله بحسب أوامر الرسول ‪‬‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬ ‫ك َل ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫فَل َ‬
‫وَرب ّ َ‬ ‫ونواهيه كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫في‬
‫دوا ِ‬‫ج ُ‬‫م َل ي َ ِ‬
‫م ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬
‫جَر ب َي ْن َ ُ‬ ‫ش َ‬‫ما َ‬‫في َ‬ ‫مو َ‬
‫ك ِ‬ ‫حك ّ ُ‬‫حّتى ي ُ َ‬ ‫َ‬
‫ما ‪‬‬
‫سِلي ً‬‫موا ت َ ْ‬ ‫سل ّ ُ‬
‫وي ُ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ضي ْ َ‬‫ق َ‬‫ما َ‬‫م ّ‬
‫جا ِ‬‫حَر ً‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫س ِ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬
‫سورة النساء ]آية ‪ (1)[65‬كما يجب على المسلم أن‬
‫يقدم محبة النبي ‪ ‬على محبة نفسه وولده ووالده‬
‫والناس أجمعين وبذلك يتحقق إيمانه كما قال ‪" ‬ل‬
‫يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده‬
‫والناس أجمعين" رواه مسلم ول ريب أن المحبة‬
‫تستلزم النقياد والمتابعة والطاعة كما قال تعالى‪:‬‬
‫حب ِب ْك ُ ُ‬
‫م‬ ‫عوِني ي ُ ْ‬‫فات ّب ِ ُ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫حّبو َ‬ ‫م تُ ِ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬‫ل إِ ْ‬ ‫ق ْ‬‫‪ُ ‬‬
‫م‪‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫غ ُ‬
‫فوٌر َر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬‫ه َ‬‫الل ّ ُ‬
‫سورة آل عمران آية ‪ 31‬ولما‬ ‫‪#‬‬

‫ادعى قوم أنهم يحبون الله امتحنهم الله بهذه الية‪،‬‬


‫فأوجب إتباع الرسول محبة الله لمن اتبعه ومغفرة‬
‫ذنوبه برحمة الله الغفور الرحيم اللهم صلى وسلم‬
‫على عبدك ورسولك محمد واحشرنا في زمرته‬

‫)( وقال صلى الله عليه وسلم "ل يؤمن أحييدكم حييتى يكييون هيواه تبعًييا‬ ‫‪1‬‬

‫لما جئت به قال النووي حديث صحيح رويناه فييي كتيياب الحجيية بإسييناد‬
‫صحيح‪.‬‬
‫‪163‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأدخلنا في شفاعته وأوردنا حوضه واسقنا منه شربة‬
‫دا‪ ،‬واجمعنا به في دار كرامتك مع‬ ‫ل نظمأ بعدها أب ً‬
‫الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء‬
‫والصالحين يا حي يا قيوم يا ذا الجلل والكرام يا‬
‫قادًرا على كل شيء يا مالك الملك يا مجيب دعوة‬
‫المضطر إذا دعاك وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين كلما‬
‫ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرك الغافلون والحمد‬
‫دا كثيًرا طيًبا مبار ً‬
‫كا فيه كما‬ ‫لله رب العالمين حم ً‬
‫يحب ربنا ويرضى وكما ينبغي لجلله وعظيم سلطانه‬
‫وسبحان الله وبحمده زنة عرشه ورضاء نفسه وعدد‬
‫خلقه ومداد كلماته ولله الحمد والشكر والثناء ملء‬
‫الرض والسماء‪.‬‬

‫حال الصحابة مع رسول الله ‪‬‬

‫كانت حياة رسول الله ‪ ‬مع صحابته تمثل‬


‫العدالة الحقة التي يتغنى بها الناس وتداعب أحلمهم‬
‫في هذا العصر فلم يكن بينه وبين أصحابه حجاب‬
‫يمنعه عنهم أو يمنعهم عنه‪ ،‬فهو يخالطهم في‬
‫المسجد والسوق والمنزل والسفر والحضر وهم‬
‫حريصون على لقائه وصحبته وملزمته للقتباس منه‬
‫والهتداء بهديه والتأسي بسيرته وبلغ تنافسهم في‬
‫ذلك إلى أنهم كانوا يتناوبون في ملزمة مجلسه‪،‬‬
‫فعن عمر قال‪" :‬كنت أنا وجار لي من النصار في‬
‫‪164‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بني أمية بن زيد‪ ،‬وهي من عوالي المدينة وكنا‬
‫ما وأنزل‬‫نتناوب النزول على رسول الله ‪ ‬ينزل يو ً‬
‫ما فإذا نزلت جئته بخبر ذلك اليوم‪ ،‬وإذا نزل فعل‬‫يو ً‬
‫مثل ذلك"‪ .‬وحيثما حدث لحدهم من المر ما ل‬
‫يعرف أسرع في السفر إلى رسول الله ‪ ‬وقطع‬
‫المسافات الواسعة ليستفتيه‪ ".‬رواه البخاري‪.‬‬
‫وعن عقبة بن الحارث أنه أخبرته امرأة بأنها‬
‫‪#‬‬ ‫أرضعته هو وزوجته فركب من‬
‫دا المدينة حتى بلغ رسول الله‬ ‫فوره وكان بمكة قاص ً‬
‫‪ ‬فسأله عن حكم الله فيمن تزوج امرأة ل يعلم‬
‫أنها أخته من الرضاع‪ ،‬ثم أخبرته بذلك من أرضعتهما‬
‫فقال له النبي ‪ ‬كيف وقد قيل؟ ففارق زوجته‬
‫لوقته‪ ،‬فتزوجت بغيره‪ ،‬ولم يكن الصحابة جميًعا على‬
‫مبلغ واحد من العلم بأحوال الرسول ‪ ‬وأقواله‬
‫لتفاوت أحوالهم‪ ،‬وظروف حياتهم وأماكن إقامتهم‬
‫ولم يكن للرسول ‪ ‬مجلس خاص للتعليم يجلس‬
‫إليه فيه الصحابة‪ ،‬بل كانت حياته كلها منارة للعلم‪،‬‬
‫وإن تخولهم بالموعظة من وقت لخر‪ ،‬فضًل عن أيام‬
‫الجمعة والعيدين‪ .‬وعن ابن مسعود قال "كان رسول‬
‫الله ‪ ‬يتخولنا بالموعظة في اليام كراهة السآمة‬
‫علينا" رواه البخاري ومسلم ومعنى يتخولنا يتعهدنا‪.‬‬
‫وقد أشار مسروق إلى تفاوت الصحابة في‬
‫تلقيهم عن رسول الله ‪ ‬حيث يقول‪" :‬لقد جالست‬
‫أصحاب محمد ‪ ‬فوجدتهم كالخاذ )الغدير( فالخاذ‬
‫يروي الرجل‪ ،‬والخاذ يروي الرجلين‪ ،‬والخاذ يروي‬
‫العشرة‪ ،‬والخاذ يروي المائة‪ ،‬والخاذ لو نزل به أهل‬
‫الرض لصدرهم"‪ .‬ومن الطبيعي أن يكون أكثر‬
‫‪165‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما بسنة رسول الله ‪ ‬من سبقوا إلى‬ ‫الصحابة عل ً‬
‫السلم‪ ،‬كالخلفاء الربعة‪ ،‬وعبد الله بن مسعود‪،‬‬
‫ومن كان أكثر ملزمة له وكتابة عنه كما سبق‬
‫فا !؟‬
‫آن ً‬
‫أما فيما يتعلق بالمور المتصلة بالجنس وما‬
‫يختص بالمرأة‪ ،‬فقد كان الرجال يسألون تارة رسول‬
‫الله وتارة يرسل أحدهم امرأته لتسأل زوجاته‬
‫لعلمهن بأحوال رسول الله العائلية‪ ،‬وقد يسأل‬
‫النساء رسول الله – ‪ ‬ما يشأن السؤال عنه من‬
‫أمورهن فإذا كان هناك ما يمنع النبي ‪ ‬من‬
‫التصريح للمرأة بالحكم الشرعي أمر إحدى زوجاته‬
‫أن تفهمها إياه كما جاء أن امرأة سألت النبي ‪‬‬
‫كيف تتطهر من الحيض؟ فقال لها "خذي فرصة‬
‫ممسكة فتوضيء بها" فقالت يا رسول الله‪ :‬كيف‬
‫أتوضأ بها؟ فأعاد كلمه السابق فلم تفهم فأشار إلى‬
‫عائشة أن تفهمها ما يريد‪ ،‬فأفهمتها المراد وهو أن‬
‫تأخذ قطعة قطن نظيفة فتضعها مكان الدم‪ ،‬فإن‬
‫خرجت بيضاء كان ذلك علمة طهرها‪ .‬اهي من كتاب‬
‫جا( لفضيلة‬‫خا ومنه ً‬
‫)التشريع والفقه في السلم تاري ً‬
‫الشيخ مناع خليل القطان صفحة ‪.80 -79‬‬
‫‪166‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫مشروعية الصلة على النبي ‪ ‬بصفة‬


‫كاملة‬
‫وكراهية الشارة إليها عند الكتابة‬
‫بحرف أو أكثر‬
‫لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬


‫نبي بعده وآله وصحبه‪ ..‬أما بعد‪ :‬فقد أرسل الله‬
‫دا ‪ ‬إلى جميع الثقلين بشيًرا ونذيًرا‪،‬‬ ‫رسوله محم ً‬
‫جا منيًرا‪ ،‬أرسله بالهدى‬ ‫وداعًيا إلى الله بإذنه وسرا ً‬
‫والرحمة ودين الحق‪ ،‬وسعادة الدنيا والخرة لمن‬
‫آمن به وأحبه واتبع سبيله ‪ ،‬ولقد بلغ الرسالة‬
‫وأدى المانة ونصح للمة‪ ،‬وجاهد في الله حق جهاده‬
‫فجزاه الله عن ذلك خير الجزاء وأحسنه وأكمله‪.‬‬
‫وطاعته ‪ ‬وامتثال أمره واجتناب نهيه من أهم‬
‫فرائض السلم وهي المقصود من رسالته‪.‬‬
‫والشهادة له بالرسالة تقتضي محبته واتباعه والصلة‬
‫عليه في كل مناسبة وعند ذكره لن في ذلك أداء‬
‫لبعض حقه ‪ ‬وشكًرا لله على نعمته علينا بإرساله‬
‫‪.‬‬
‫وفي الصلة عليه ‪ ‬فوائد كثيرة منها امتثال‬
‫أمر الله سبحانه وتعالى والموافقة له في الصلة‬
‫‪167‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ضا في ذلك قال الله‬ ‫عليه ‪ ‬والموافقة لملئكته أي ً‬
‫عَلى الن ّب ِ ّ‬
‫ي َيا‬ ‫صّلو َ‬
‫ن َ‬ ‫مَلئ ِك َت َ ُ‬
‫ه يُ َ‬ ‫و َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫تعالى ‪‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما ‪‬‬
‫سِلي ً‬ ‫سل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلوا َ‬
‫مُنوا َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫أي ّ َ‬
‫)‪.(1‬‬
‫ضا مضاعفة أجر المصلي عليه ورجاء‬ ‫ومنها أي ً‬
‫إجابة دعائه وسبب لحصول البركة ودوام محبته ‪‬‬
‫وزيادتها وتضاعفها وسبب هداية العبد وحياة قلبه‬
‫فكلما أكثر الصلة عليه وذكره استولت محبته على‬
‫قلبه حتى ل يبقى في قلبه معارضة لشيء من‬
‫أوامره ول شك في شيء مما جاء به‪..‬‬
‫كما أنه صلوات الله وسلمه عليه رغب في‬
‫الصلة عليه بأحاديث كثيرة‬
‫‪#‬‬

‫ثبتت عنه منها ما روى مسلم في صحيحه عن أبي‬


‫هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ‪ ‬قال‪) :‬من‬
‫ي واحدة صلى الله عليه بها‬ ‫صلى عل ّ‬
‫عشًرا( ‪.‬‬
‫ضا أن رسول الله ‪‬‬ ‫وعنه رضي الله عنه أي ً‬
‫قال‪) :‬ل تجعلوا بيوتكم قبوًرا ول تجعلوا‬
‫دا‪ ،‬وصلوا علي فإن صلتكم تبلغني‬ ‫قبري عي ً‬
‫حيث كنتم()‪.(2‬‬
‫وقال ‪) :‬رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم‬
‫يصل علي()‪ ،(3‬وبما أن الصلة على النبي ‪‬‬
‫مشروعة في الصلوات في التشهد ومشروعة في‬
‫الخطب والدعية والستغفار وبعد الذان وعند دخول‬
‫المسجد والخروج منه وعند ذكره وفي مواضع أخرى‬
‫)( سورة الحزاب آية ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه أبو داود بإسناد حسن‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪168‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فهي تتأكد عند كتابة اسمه في كتاب أو مؤلف أو‬
‫رسالة أو مقال أو نحو ذلك لما تقدم من الدلة‪.‬‬
‫قا لما أمرنا الله‬
‫والمشروع أن تكتب كاملة تحقي ً‬
‫تعالى به‪ ،‬وليتذكرها القارئ عند مروره عليها ول‬
‫ينبغي عند الكتابة القتصار في الصلة والسلم على‬
‫رسول الله ‪ ‬على كلمة )ص( أو )صلعم( وما‬
‫أشببهها من الرموز التي قد يستعملها بعض الكتبة‬
‫والمؤلفين لما في ذلك من مخالفة أمر الله سبحانه‬
‫وتعالى في كتابه العزيز بقوله )صلوا عليه وسلموا‬
‫ما( مع أنه ل يتم بها المقصود وتنعدم الفضلية‬ ‫تسلي ً‬
‫الموجودة في كتابة )صلى الله عليه وسلم( كاملة‪.‬‬
‫ما‬
‫وقد ل ينتبه لها القارئ أو ل يفهم المراد بها‪ ،‬عل ً‬
‫بأن الرموز لها قد كرهه أهل العلم وحذروا منه‪ .‬فقد‬
‫قال ابن الصلح في كتابه علوم الحديث المعروف‬
‫بمقدمه ابن الصلح في النوع الخامس والعشرين‬
‫من كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده قال‬
‫ما نصه‪:‬‬
‫التاسع‪ :‬أن يحافظ على كتابة الصلة والتسليم‬
‫على رسول الله ‪ ‬عند ذكره ول يسأم من تكرير‬
‫ذلك عند تكرره فإن ذلك من أكبر الفوائد التي‬
‫يتعجلها طلبة الحديث وكتبته ومن أغفل ذلك فقد‬
‫ما‪ .‬وقد رأينا لهل ذلك منامات‬ ‫حرم ح ً‬
‫ظا عظي ً‬
‫صالحة‪ ،‬وما يكتبه من ذلك فهو دعاء يثبته ل كلم‬
‫يرويه فلذلك ل يتقيد فيه بالرواية‪ .‬ول يقتصر فيه‬
‫على ما في الصل‪.‬‬
‫وهكذا المر في الثناء على الله سبحانه عند ذكر‬
‫‪169‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪#‬‬ ‫اسمه نحو عز وجل‬
‫وتبارك وتعالى وما ضاهى ذلك إلى أن قال‪ :‬ثم‬
‫ليتجنب في إثباتها نقصين أحدهما أن يكتبها منقوصة‬
‫صورة رامًزا إليها بحرفين أو نحو ذلك‪ ،‬والثاني‪ :‬أن‬
‫يكتبها منقوصة معنى بأل يكتب وسلم وروي عن‬
‫حمزة الكناني رحمه الله تعالى أنه كان يقول كنت‬
‫أكتب الحديث وكنت أكتب عند ذكر النبي )صلى الله‬
‫عليه( ول أكتب )وسلم( فرأيت النبي ‪ ‬في المنام‬
‫فقال لي ما لك ل تتم الصلة علي؟قال فما كتبت‬
‫بعد صلى الله عليه إل كتبت )وسلم( إلى أن قال ابن‬
‫ضا القتصار على قوله )عليه‬ ‫الصلح‪ :‬قلت ويكره أي ً‬
‫السلم( والله أعلم‪ .‬انتهى المقصود من كلمه رحمه‬
‫صا‪.‬‬
‫الله تعالى ملخ ً‬
‫وقال العلمة السخاوي رحمه الله تعالى في‬
‫كتابه فتح المغيث شرح ألفية الحديث للعراقي ما‬
‫نصه‪ :‬واجتنب أيها الكاتب )الرمز لها( أي الصلة‬
‫والسلم على رسول الله ‪ ‬في خطك بأن تقتصر‬
‫منها على حرفين ونحو ذلك فتكون منقوصة صورة‬
‫كما يفعله )الكسائي( والجهلة من أبناء العجم غالًبا‬
‫وعوام الطلبة فيكتبون بدًل من ‪) ‬ص( أو )صم( أو‬
‫)صلم( أو )صلعم( فذلك لما فيه من نقص الجر‬
‫لنقص الكتابة خلف الولى‪.‬‬
‫وقال السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه‬
‫تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي‪ :‬ويكره‬
‫القتصار على الصلة أو التسليم هنا وفي كل موضع‬
‫شرعت فيه الصلة كما في شرح مسلم وغيره‬
‫ما ‪ ‬إلى‬ ‫سِلي ً‬ ‫سل ّ ُ‬
‫موا ت َ ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬‫عل َي ْ ِ‬
‫صّلوا َ‬‫لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫‪170‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أن قال‪ :‬ويكره الرمز إليهما في الكتابة بحرف أو‬
‫حرفين كمن يكتب )صلعم( بل يكتبهما بكمالهما‪.‬‬
‫صا‪.‬‬
‫انتهى المقصود من كلمه رحمه الله تعالى ملخ ً‬
‫هذه وصيتي لكل مسلم وقارئ وكاتب أن‬
‫يلتمس الفضل ويبحث عما فيه زيادة أجره وثوابه‬
‫ويبتعد عما يبطله أو ينقصه‪ .‬نسأل الله سبحانه‬
‫وتعالى أن يوفقنا جميًعا إلى ما فيه رضاه إنه جواد‬
‫كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله‬
‫‪#‬‬‫وصحبه‪.‬‬
‫‪171‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫إنكار الحتفال بالمولد النبوي‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫في صفحة ‪ 16‬وسطر ‪ 15‬من كتاب الباعث‬


‫على إنكار البدع والحوادث لبي شامة موضع غلط‬
‫المصنف فيه بقوله )ومن أحسن ما ابتدع في زماننا(‬
‫)‪.(1‬‬
‫هذا غلط ظاهر فإن اتخاذ مولد النبي ‪ ‬عي ً‬
‫دا‬
‫من محدثات المور التي لم تكن في صدر هذه‬
‫المة‪ .‬وقد حذر النبي ‪ ‬من البدع غاية التحذير‬
‫فقال في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه‬
‫"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين‬
‫المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ‬
‫وإياكم ومحدثات المور فإن كل محدثة بدعة‬
‫وكل بدعة ضللة" رواه المام أحمد وأهل السنن‬
‫وصححه ابن حبان والحاكم وفي الصحيحين وغيرهما‬
‫عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله ‪ ‬قال‬
‫"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو‬
‫رد"‪ .‬وفي رواية المسلم من عمل عمًل ليس عليه‬
‫أمرنا فهو رد أي مردود ومن المعلوم أن النبي ‪‬‬
‫دا ول كان أصحابه‬ ‫لم يأمر باتخاذ يوم مولده عي ً‬
‫دا من قبيل المحدثات المردودة ولو كان‬ ‫يتخذونه عي ً‬
‫)( ما كان يفعل بمدينة إربل كيل عيام فيي الييوم الموافيق ليييوم مولييد‬ ‫‪1‬‬

‫النبي صلى الله عليه وسلم ميين الصييدقات والمعييروف وإظهييار الزينيية‬
‫والسرور‪.......‬إلخ‪.‬‬
‫‪172‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دا حسًنا ومشعًرا بمحبة النبي ‪‬‬
‫اتخاذ يوم المولد عي ً‬
‫وتعظيمه لكان الصحابة رضي الله عنهم أسبق إلى‬
‫ذلك من غيرهم فإنهم كانوا أشد محبة للنبي ‪‬‬
‫ما ممن كان بعدهم‪ .‬والخير كل الخير‬ ‫وأشد له تعظي ً‬
‫في سلوك سبيلهم والسير على منهاجهم‪ .‬والشر كل‬
‫الشر في مخالفتهم وإحداث ما لم يكونوا يفعلونه‪.‬‬
‫ولقد أحسن القائل حيث يقول‪:‬‬
‫وكل شر في ابتداع من‬ ‫وكل خير في اتباع من‬
‫مشابهة للنصارى الذين‬‫دا خلف‬ ‫وفي اتخاذ المولد عي ً‬‫سلف‬
‫يتخذون يوم مولد المسيح وأيام موالد القديسين‬
‫ضا لغيرهم من أمم الكفر‬ ‫عندهم أعياًدا‪ .‬ومشابهة أي ً‬
‫والضلل‬ ‫‪#‬‬

‫الذين يتخذون أيام موالد المعظمين عندهم أعياًدا‪.‬‬


‫وقد قال النبي ‪" ‬من تشبه بقوم فهو منهم"‬
‫رواه المام أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر‬
‫رضي الله عنهما وصححه ابن حبان وغيره‪ .‬وقد ثبت‬
‫دا)‪ (1‬وأنه ‪‬‬
‫عن النبي ‪ ‬أنه سمى يوم الجمعة عي ً‬
‫لما قدم المدينة كان لهم يومان يلعبون فيهما فقال‬
‫"إن الله قد أبدلكم بهما خيًرا منهما يوم‬
‫ضا "عرفة‬‫الضحى ويوم الفطر")‪ (2‬وقال أي ً‬
‫)‪(3‬‬
‫ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل السلم"‬
‫دا سوى هذه اليام فقد أحدث في‬ ‫فمن أحدث أعيا ً‬
‫الدين وتشبه بالمشركين‪ .‬ومن تشبه بقوم فهو منهم‪.‬‬
‫والله يرحم أبا شامة ويغفر له زلته)‪.(4‬‬
‫)( لم أجد ذلك والذي صح عنه صلى الله عليييه وسييلم أنييه قييال‪» :‬خييير‬ ‫‪1‬‬

‫يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة« رواه مسلم‪.‬‬


‫)( أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخرجه أهل السنن وصححه الترمذي‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر حكم الحتفال بالمولد في رسالة التحذير من البدع للشيخ عبييد‬ ‫‪4‬‬
‫‪173‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عبد العزيز‬
‫الشع‬
‫لن‬
‫من أمراض القلوب وعلجها‬
‫من محمد بن إبراهيم إلى من تبلغه هذه‬
‫النصيحة من المسلمين رزقني الله وإياهم الفقه في‬
‫الدين ومزيد التمسك بما بعث به سيد المرسلين‪.‬‬
‫ي وعليهم باقتفاء آثار الصدر الول من سلفنا‬ ‫ن عل ّ‬‫وم ّ‬
‫الصالح المصلحين‪ ،‬آمين‪ .‬سلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته وبعد‪ .‬فإن من أعظم فرائض الدين التذكير‬
‫بآيات الله وأيامه في خلقه والتحدث بنعمه‪ ،‬والتحذير‬
‫من أسباب نقمه‪ ،‬لما في ذلك من أسباب حصول‬
‫الخير الكثير‪ ،‬والسلمة من حلول العقوبات والتغيير‪.‬‬
‫ن‬
‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ف ُ‬‫ن الذّك َْرى ت َن ْ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫وذَك ّْر َ‬
‫ف‬‫خا ُ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫فذَك ّر بال ْ ُ َ‬ ‫‪ (1)‬وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ْ ِ‬
‫ك‬‫ة َرب ّ َ‬ ‫عيد ‪ (2)‬وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫م ِ‬‫ع َ‬ ‫ما ب ِن ِ ْ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫و ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ه‪‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ث ‪ ‬وقال تعالى‪َ  :‬‬ ‫َ‬
‫(‬ ‫‪3‬‬‫)‬
‫م ب ِأّيام ِ الل ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫وذَكْر ُ‬ ‫حدّ ْ‬‫ف َ‬
‫)‪(4‬‬
‫‪.‬‬
‫وأعظم نعمة أنعم الله بها على عباده بعثه عبده‬
‫ورسوله محمد ‪ ‬بالهدى ودين الحق‪ ،‬وهما العلم‬
‫النافع والعمل الصالح‪ .‬وأصل ذلك وأساسه عبادة الله‬
‫وحده ل شريك له وترك عبادة ما سواه‪ ،‬فأشرقت‬
‫‪#‬‬ ‫ببعثته قلوب من استجابوا له بعد‬
‫ظلمها‪ ،‬وخشعت ولنت بعد قسوتها‪ ،‬ونالوا بذلك‬
‫العزيز بن باز وانظر بهجة الناظرين للمؤلف صفحة ‪276-271‬؟‬
‫)( سورة الذاريات آية ‪55‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة ق آية ‪..45‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الضحى آية ‪11‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة إبراهيم آية ‪.5‬‬ ‫‪4‬‬


‫‪174‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من القوة بعد الضعف‪ ،‬والعز بعد الذل‪ ،‬والعلم بعد‬
‫الجهل‪ ،‬ما فتحوا به البلد وقلوب العباد‪ ،‬وعلت بذلك‬
‫كلمة الله‪ ،‬وصارت كلمة الكفر إلى السفال والفشل‬
‫والذلل‪ ،‬وعزل سلطان الجاهلية والشراك‪ ،‬فلله‬
‫الحمد على ذلك إل أن إبليس أعاذنا الله منه لشدة‬
‫عداوته لبني النسان وعظيم تغلغله بالكفر والطغيان‬
‫ومزيد جده في الصدف عن طاعة الرحمن‪ ،‬وإن كان‬
‫قد صدر منه ما صدر من اليأس لم يدع الجد في‬
‫إطفاء هذا النور والتنفير عن الحق والترغيب في‬
‫أنواع الكفر واللحاد والفجور والدعوة إلى البدع‬
‫والكثار من الز إلى المعاصي والشرور‪ ،‬وبث الشبه‬
‫والشهوات وألوان المغريات على أيدي حزبه ومن‬
‫استجابوا له من شياطين النس‪ ،‬ومن أنواع الخدع‬
‫بزينة الدنيا وزخارفها الفتانة وضروب الشهوات‬
‫وشتى أسباب الصد عن ذكر الله وعن الصلة من‬
‫أجناس الملهي وصنوف المسكرات حتى ثقل على‬
‫القلوب سماع القرآن وحصل التهاون بوعيده وعدم‬
‫الهتمام بزواجره وتهديده‪ .‬ول سيما بعد ما تصرمت‬
‫أيام القرون المفضلة فإنه قد اشتد الخطب وانفتح‬
‫باب الشر على مصراعيه ولم يزل في مزيد‪.‬‬
‫وإن كان ربنا تبارك وتعالى قد من ببقاء أصل‬
‫هذا النور وتأييد هذا الحق بما أجراه على أيدي علماء‬
‫الصدق وورثة الرسل من تجديد هذا الدين وإقامة‬
‫حجج الله على عباده‪ .‬ومع ذلك فالمر على ما‬
‫وصفته من تأثير مساعي إبليس وجنوده على الكثر‬
‫حتى اشتدت الكربة وصار الدين في غاية من الغربة‬
‫ول سيما أزماننا هذه التي صار فيها عند الكثر‬
‫المعروف منكًرا والمنكر معروًفا والسنة بدعة‬
‫‪175‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والبدعة سنة‪.‬‬
‫ُربي على ذلك الصغير وهرم عليه الكبير‪ ،‬وطغى‬
‫طوفان المادة وأخفى غبار الشبهات والشهوات‬
‫وضوح الجادة وفشا الجهل وتكلم في المور الدينية‬
‫من ليس لها بأهل حتى صرح من صرح من جهلتهم‬
‫فيما يكتبونه وينشرونه بمزيد الحث والتحريض على‬
‫ما هو من أعظم ما يهدم السلم وينسي أصوله‬
‫العظام وأصبحت القلوب إن لم تمت في غاية من‬
‫أنواع المراض مرض الجهل ومرض الشهوة ومرض‬
‫الشبهة حتى استولت عليه القسوة والظلمة‪ ،‬فإنا لله‬
‫وإنا إليه راجعون‪.‬‬
‫وفيالها من أمراض ما أصعبها مع العراض عن‬
‫الدوية المحمدية‪ ،‬وما أسهلها وما أخفها وما أسرع‬
‫برأها متى عولجت بالدواء الذي بعث به طبيب‬
‫القلوب‬ ‫‪#‬‬

‫الكبر ‪.‬‬
‫ضا لما ينشأ عنه‬ ‫وقد سمى النبي ‪ ‬الجهل مر ً‬
‫من عمى القلوب الذي هو المرض –أي مرض‪ -‬وفيما‬
‫بعث به ‪ ‬من الكتاب والسنة لهذه المراض أنجح‬
‫َ‬
‫د‬ ‫س َ‬
‫ق ْ‬ ‫دواء وأنفع شفاء‪ .‬قال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها الّنا ُ‬
‫في‬‫ما ِ‬‫فاءٌ ل ِ َ‬ ‫ش َ‬
‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬‫جاءَت ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ،(1)‬وقال‬ ‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬‫ة ل ِل ْ ُ‬ ‫م ٌ‬
‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬
‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫و ُ‬ ‫ر َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ال ّ‬
‫من ال ْ ُ َ‬
‫ة‬
‫م ٌ‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬ ‫ش َ‬
‫فاءٌ َ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬
‫ما ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ل ِ َ‬ ‫ون ُن َّز ُ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ساًرا ‪‬‬ ‫خ َ‬ ‫ن إ ِّل َ‬ ‫مي َ‬ ‫زيدُ ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫وَل ي َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫فهلم إخواني نداوي هذه المراض بأدوية كتاب الله‬
‫وسنة رسوله ‪ ‬بتدبر أوامرهما ونواهيهما ووعدهما‬
‫)( سورة يونس آية ‪.57‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة السراء آية ‪.46‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪176‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ووعيدهما وزواجرهما ومذاكرة بعضنا مع بعض‬
‫وقيامنا لله مثنى وفرادى لنتذكر ونتفكر ونتناصح‬
‫ونتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر ونحب في الله‬
‫ونبغض في الله ونوالي في الله ونعادي في الله‬
‫ونتعاون على البر والتقوى ونبحث عن أدوية تلك‬
‫المراض التي تحصيلها من أسهل شيء عندما‬
‫تحصل القلوب على الصدق في طلب هذا الدواء‬
‫والقبال على الله في التماس السلمة‬
‫َ‬
‫م‬‫عظُك ُ ْ‬‫ما أ ِ‬
‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫من تلك الدواء‪ .‬قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ق ْ‬
‫حد َ‬
‫دى ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫و ُ‬
‫فَرا َ‬ ‫مث َْنى َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن تَ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫ةأ ْ‬‫وا ِ َ ٍ‬‫بِ َ‬
‫فك ُّروا ‪. ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ت َت َ َ‬
‫هلم إخواني نشخص سائر أمراض قلوبنا‬
‫ونشخص أدويتها ونجاهد نفوسنا على معالجتها من‬
‫ضا ويحذر كل‬ ‫تلك المراض المهلكة‪ ،‬ويحض بعضنا بع ً‬
‫منا نفسه وأخاه من وبيل أخذ الله وشديد عقابه‬
‫الدنيوي والخروي‪ ،‬ومن القامة على أسباب تغيير ما‬
‫من الله به من التوحيد وتحكيم الوحي المحمدي‬
‫ه َل‬
‫ن الل ّ َ‬
‫والعز والتأييد والمن والصحة والهدوء‪ .‬إ ِ ّ‬
‫فسهم وإ َ َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫ذا أَرا َ‬ ‫ما ب ِأن ْ ُ ِ ِ ْ َ ِ‬‫غي ُّروا َ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬
‫وم ٍ َ‬ ‫ما ب ِ َ‬
‫ق ْ‬ ‫غي ُّر َ‬ ‫يُ َ‬
‫ه‬
‫دون ِ ِ‬
‫ن ُ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬‫مَردّ ل َ ُ‬
‫فَل َ‬ ‫ءا َ‬‫سو ً‬‫وم ٍ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه بِ َ‬
‫ل ‪.(2)‬‬ ‫وا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫وفي الثر أن الله أوحى إلى نبي من أنبياء بني‬
‫إسرائيل أن قل لقومك أنه ليس من أهل قرية ول‬
‫أهل بيت يكونون على طاعة الله فيتحولون منها إلى‬
‫معصية الله إل حول الله عنهم ما يحبون إلى ما‬
‫)( سورة سبأ آية ‪.46‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الرعد آية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪177‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يكرهون‪ .‬إخواني‪ :‬إن ربنا تبارك وتعالى لم يغير‪ .‬على‬
‫‪#‬‬

‫قوم نوح بإهلكهم بالطوفان وسائر من أوقع بهم‬


‫عقابه وأحل بهم سطوته إل بعد أن غيروا بمعصيتهم‬
‫رسله وفسقهم عن طاعته فاستوجبوا التدمير‪ .‬‬
‫قري ً َ‬ ‫هل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫وإ َ َ‬
‫ها‬‫في َ‬ ‫مت َْر ِ‬‫مْرَنا ُ‬ ‫ةأ َ‬ ‫ك َ ْ َ‬ ‫ن نُ ْ‬ ‫ذا أَردَْنا أ ْ‬ ‫َ ِ‬
‫ها‬‫مْرَنا َ‬ ‫فدَ ّ‬ ‫ل َ‬ ‫و ُ‬‫ق ْ‬ ‫ْ‬
‫ها ال َ‬ ‫َ‬
‫علي ْ َ‬ ‫ق َ‬‫ح ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫قوا ِ‬ ‫س ُ‬‫ف َ‬ ‫ف َ‬‫َ‬
‫ح‬
‫د ُنو ٍ‬‫ع ِ‬‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫قُرو ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫هل َك َْنا ِ‬‫م أَ ْ‬ ‫وك َ ْ‬ ‫ميًرا * َ‬ ‫ت َدْ ِ‬
‫صيًرا ‪.(1)‬‬ ‫خِبيًرا ب َ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫ك ب ِذُُنو ِ‬ ‫فى ب َِرب ّ َ‬ ‫وك َ َ‬ ‫َ‬
‫هلم إخواني لمساك بعضنا بيد بعض وتنشيط‬
‫بعضنا لبعض إلى اليقظة والنتباه من هذه الرقدة‬
‫التي طالما انتهز عدونا فيها الفرصة‪.‬‬
‫هلم إخواني للتوبة النصوح إلى ربنا ورجوعنا مما‬
‫يسخطه إلى ما يرضيه قوًل وفعًل ومعاملة لبعضنا مع‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫بعض بإخلص وصدق‪ .‬قال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ن ‪َ (2) ‬يا‬ ‫قي َ‬ ‫صاِد ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كوُنوا َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حا‬ ‫صو ً‬ ‫ة نَ ُ‬ ‫وب َ ً‬ ‫ه تَ ْ‬ ‫مُنوا ُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬
‫عسى ربك ُ َ‬
‫خل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وي ُدْ ِ‬‫م َ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عن ْك ُ ْ‬ ‫فَر َ‬ ‫ن ي ُك َ ّ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ّ ْ‬ ‫َ َ‬
‫َ‬
‫زي الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫م َل ي ُ ْ‬
‫خ ِ‬ ‫و َ‬ ‫هاُر ي َ ْ‬ ‫ها اْلن ْ َ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫عى ب َي ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُنوُر ُ‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ي َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫م ل ََنا ُنوَرَنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ن َرب َّنا أت ْ ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫مان ِ ِ‬ ‫وب ِأي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫أي ْ ِ‬
‫ديٌر ‪ (3)‬وصلى‬ ‫ق ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫عَلى ك ُ ّ‬ ‫ك َ‬ ‫فْر ل ََنا إ ِن ّ َ‬ ‫غ ِ‬‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين)‪.(4‬‬

‫جملة الحكام التي جاء بها القرآن‬


‫)( سورة السراء آية ‪.17-16‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.119‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة التحريم آية ‪.8‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( انظر أمراض القلوب وشفاءها في مجموع فتاوى شيخ السييلم ابيين‬ ‫‪4‬‬

‫تيمية ‪.148-91 /10‬‬


‫‪178‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والسنة‬

‫يمكن إجمال الحكام الواردة في القرآن والسنة‬


‫في البواب التية‪:‬‬
‫‪ -1‬اليمان بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم‬
‫الخر‪ ،‬وبالقدر خيره وشره‪ ،‬وما يتبع ذلك من اليمان‬
‫بالغيب والبعث والحشر والحساب والجزاء والجنة‬
‫والنار ويسمى هذا بالعقائد‪.‬‬
‫‪ -2‬الحكام المتعلقة بصلة العبد بربه في عبادته‬
‫لله وحده وتشمل‪ :‬الصلة والزكاة والصوم والحج‪،‬‬
‫وما يتعلق بها من شروط‪ ،‬وأركان وواجبات‬
‫ومندوبات وتسمى العبادات‪.‬‬
‫‪179‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -3‬الحكام المتعلقة بنظام السرة وحياة البيت‪،‬‬
‫وتتناول‪ :‬النكاح والصداق والخلع‪ ،‬والطلق وحقوق‬
‫الحياة الزوجية والرضاع والنفقات والمواريث‪،‬‬
‫ولواحق هذا كله‪ ،‬ويسميها الناس اليوم‪ :‬الحوال‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫‪ -4‬الحكام المتعلقة بتعامل الناس بعضهم مع‬
‫بعض ومعاوضاتهم المالية كالبيع والربا والسلم‬
‫والقرض والرهن والكفاية‪ ،‬والوكالة‪ ،‬والشركة‪،‬‬
‫والمزارعة‪ ،‬والجارة‪ ،‬والغصب والشفعة‪ ،‬ومبادئ‬
‫السلم في النظام القتصادي‪ ،‬وإحياء الموات‪،‬‬
‫وتسمى "المعاملت"‪.‬‬
‫‪ -5‬الحكام المتعلقة بنظام الحكم وسياسة الوالي‬
‫مع الرعية‪ ،‬وحقوق كل وواجباته‪ :‬كالمامة والوزارة‪،‬‬
‫والولية‪ ،‬والقضاء‪ ،‬ونحو ذلك وتسمى الحكام‬
‫السلطانية أو "السياسة الشرعية"‪.‬‬
‫‪ -6‬الحكام المتعلقة بمؤاخذة المجرمين‪ ،‬وتتناول‪:‬‬
‫القصاص والديات والحدود والتعزيرات وتسمى‬
‫العقوبات‪.‬‬
‫‪ -7‬الحكام المتعلقة بصلة الدولة السلمية بغيرها‬
‫في‪ :‬السلم والحرب والمان والهدنة والقتال والغنائم‬
‫وهي المعروفة في السلم بباب "الجهاد والسير"‬
‫وتسمى في اصطلح القانون‪ :‬الحقوق الدولية‪.‬‬
‫‪ -8‬الحكام المتعلقة بالطعام والشراب واللباس‪،‬‬
‫وما أحل السلم من ذلك وما نهى عنه‪ .‬والصل في‬
‫ذلك أنه من المباحات‪.‬‬
‫‪ -9‬الداب الجتماعية والفضائل الخلقية كآداب‬
‫المناجاة وآداب المجلس والزيارة والسلم‪،‬‬
‫‪180‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والستئذان والكل والشرب‪ ،‬والحث على مكارم‬
‫الخلق‪ :‬كالتواضع والحلم والصبر والصدق والحياء‬
‫والتعاون والمانة وحقوق الجار‪ ،‬وإكرام الضيف‬
‫وتراحم المسلمين‪ ،‬والنهي عن الرذائل وهذا يسمى‬
‫"الخلق")‪ (1‬اهي‪ .‬من كتاب "التشريع والفقه في‬
‫جا" صفحة ‪ .90 -89‬للشيخ مناع‬ ‫خا ومنه ً‬
‫السلم تاري ً‬
‫خليل القطان‬ ‫‪#‬‬

‫صفة الوضوء والغسل والتيمم‬

‫أيها الخوة الكرام‪:‬‬


‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫ل شك أنكم تدركون أهمية الصلة وما لها من‬
‫مكانة كبيرة في السلم وأن لها شرو ً‬
‫طا وأركاًنا‬
‫وواجبات ومن شروط صحتها الطهارة لقول الله جل‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صَل ِ‬
‫ة‬ ‫م إ َِلى ال ّ‬‫مت ُ ْ‬ ‫ذا ُ‬
‫ق ْ‬ ‫مُنوا إ ِ َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وعل ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫هك ُم َ‬
‫ق‬
‫ف ِ‬ ‫مَرا ِ‬ ‫م إ َِلى ال ْ َ‬‫دي َك ُ ْ‬
‫وأي ْ ِ‬
‫جو َ ْ َ‬ ‫و ُ‬‫سُلوا ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ءوسك ُم َ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ن َ‬
‫عب َي ْ ِ‬‫م إ َِلى ال ْك َ ْ‬‫جل َك ُ ْ‬‫وأْر ُ‬ ‫حوا ب ُِر ُ ِ ْ َ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫هُروا ‪ ‬سورة‬ ‫ّ‬
‫فاط ّ‬ ‫جن ًُبا َ‬‫م ُ‬ ‫ُ‬
‫كن ْت ُ ْ‬
‫المائدة آية ‪.6‬‬
‫وفي الحديث الوارد عن النبي ‪ ‬أنه قال )ل‬
‫يقبل الله صلة أحدكم إذا أحدث حتى‬

‫)( وتفصيل ما أجمييل فيي هيذه الكلميية المختصيرة فيي كتيب التفسييير‬ ‫‪1‬‬

‫والحديث والفقه التي ذكر أسماء شيء منها في هييذا الكتيياب إن شيياء‬
‫الله تعالى‪.‬‬
‫‪181‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫طا من شروط‬ ‫يتوضأ()‪ (1‬ولما كانت الطهارة شر ً‬
‫صحة الصلة أحببنا إيضاح صفة الطهارة للقارئ‬
‫الكريم وهي أن يبدأ النسان وضوءه بنية الطهارة من‬
‫الحدث ويقول بسم الله ثم يغسل كفيه ثلث مرات‬
‫من ماء طهور وهو الماء الذي لم يتغير طعمه ول لونه‬
‫ول ريحه بنجاسة من إناء أو من أنبوبة أو غير ذلك ثم‬
‫يتمضمض ويستنشق ثلث مرات يدخل الماء في فمه‬
‫وأنفه ثم يرده بقوة حتى ينظف فمه من المأكولت‬
‫والمشروبات وينظف أنفه من الفرازات النفية وما‬
‫يعلق بهما من غبار أو غيره لن الفم والنف من الوجه‬
‫ويغسل كل وجهه ثلث مرات كل مرة تعم كل وجهه‬
‫سواء كانت الغسلة بغرفة واحدة أو أكثر مع تخليل‬
‫شعر وجهه بالماء ثم يغسل ذراعيه مع الكفين ثلث‬
‫مرات يبدأ بذراعه اليمن مع كامل المرفق ثم ذراعه‬
‫اليسر مثل)*( ذلك ثم يمسح كل رأسه بيديه يقبل‬
‫بهما ويدبر ويمسح أذنيه مع الرأس ثم يغسل رجليه‬
‫ثلث مرات اليمنى ثم اليسرى وبعد أن يكمل وضوءه‬
‫يسن له أن يقول أشهد أن ل إله إل الله وحده ل‬
‫دا عبده ورسوله)‪ (2‬وقد جاء‬ ‫شريك له وأشهد أن محم ً‬
‫في الحديث الشريف أن الذنوب تنحط عن النسان‬
‫كلما تساقط ماء الوضوء من‬
‫‪#‬‬

‫أعضائه)‪.(3‬‬
‫أما الغتسال لجميع البدن من الجنابة كالجماع‬
‫والحتلم فصفته أن يبدأه بقول بسم الله بنية‬
‫الغتسال والطهارة من الحدث ثم يغسل كفيه ثلًثا‬
‫من أنبوبة أو من الناء ثم يحثو على رأسه ثلث‬
‫‪ () 1‬رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫)*( يجب غسل اليدين من أطراف الصابع إلى نهاية المرفق‪.‬‬
‫‪ () 2‬لحديث عمر رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ () 3‬لحديث عثمان وأبي هريرة رواهما مسلم‪.‬‬
‫‪182‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫غرفات حتى يتأكد أنه عم جميع رأسه بالغسل ويبلغه‬
‫حتى يصل إلى منابت الشعر ثم يغسل مقدم بدنه‬
‫بالماء ثم شقه اليمن ثم شقه اليسر ثم ظهره حتى‬
‫يبلغ جميع بدنه بما في ذلك الشعر لقول النبي ‪‬‬
‫تحت كل شعرة جنابة)‪) (1‬وقبل أن يغتسل يغسل‬
‫فرجه وما أصابه ثم يتوضأ وضوءه للصلة وبعد‬
‫الفراغ من كل ذلك يتشهد كتشهده بعد الوضوء فإذا‬
‫لم يجد ماء لعدمه أو عجزه عن استعماله للماء‬
‫لمرض جاز له أن يتيمم بتراب طاهر لقول الله‬
‫دا طَي ًّبا ‪‬‬
‫عي ً‬
‫ص ِ‬
‫موا َ‬ ‫م ُ‬ ‫ماءً َ‬
‫فت َي َ ّ‬ ‫دوا َ‬
‫ج ُ‬ ‫فل َ ْ‬
‫م تَ ِ‬ ‫تعالى ‪َ ‬‬
‫)‪ ،(2‬والصعيد هو التراب على سطح الرض‬
‫ويستحسن أن يكون له غبار والطيب هو التراب‬
‫الطاهر الذي لم يوجد عليه أثر نجاسة وصفة التيمم‬
‫)أن ينوي ثم يسمي ويضرب التراب بيديه( على‬
‫الرض ثم يمسح بهما جميع وجهه وهو كل ما يجب‬
‫غسله بالماء حتى الشعر ثم يضرب بيديه مرة أخرى‬
‫على الرض فيمسح ظهر كفيه وإن اكتفى بضربة‬
‫واحدة لوجهه وكفيه جاز له ذلك)‪ (3‬هذا ما أردنا‬
‫إيضاحه للقارئ الكريم وفق الله الجميع لما يرضيه‬
‫والعمل بكتابه وسنة رسوله والسلم عليكم ورحمة‬
‫الله وبركاته‪.‬‬
‫)إعداد الدارة للشئونه الدينية بالحرس‬
‫الوطني(‬

‫)( رواه أبو داود والترمذي وضعفاه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة من آية ‪.6‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( بل الولى القتصار في التيمم على ضييربة واحييدة يمسييح بهييا وجهييه‬ ‫‪3‬‬

‫وكفييييييييييه كميييييييييا فيييييييييي حيييييييييديث عمييييييييار الصيييييييييحيح‬


‫المتفق عليه‪.‬‬
‫‪183‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪184‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فائدة‬
‫في حكم المسح على النعلين‬
‫والجوربين )الشراب(‬

‫س ‪ :1‬ما حكم المسح على النعلين‪ ،‬وهل أحذية‬


‫زمننا هذا يجوز فيها المسح وحدها أو مع الشراب؟‬
‫س ‪ :2‬ما حكم المسح على الشراب وهل يجوز‬
‫فا؟‬
‫قياسه على الجورب ولو كان خفي ً‬
‫طا في التوقيت على المسح فيما‬ ‫وهل هناك شر ً‬
‫تقدم؟‬
‫س ‪ :3‬ما حكم المسح على الشراب الخفيف أو‬
‫المخرق على القول‬
‫بجوازه؟‬
‫ج ‪ :1‬النعل ل يمسح عليه وحده حيث إنه ل يستر‬
‫محل الفرض وقد ورد في حديث ضعيف مسح النعل‬
‫وعلى تقدير صحته فالمراد الغسل الخفيف ولن‬
‫النعل ل يمنع الغسل فبالمكان غسل القدم وهي في‬
‫داخل النعل‪ ،‬والمراد بالنعل كل ما يلبس في القدم‬
‫لوقايتها من حر الرض أو بردها أو حجارتها والصل‬
‫أنها تعمل بقدر باطن القدم ويجعل لها شراك‬
‫وشسع وهي سيور تربط بها في ظاهر القدم لكن‬
‫يدخل فيه كل ما يسمى أحذية في هذه الزمنة من‬
‫كل ما ل يستر محل الفرض من جلد أو ربل أو غير‬
‫ذلك فإن لبس تحتها شراًبا ساتًرا صح المسح على‬
‫الشراب إن كان النعل غير معقود فوقه أما إن عقد‬
‫‪185‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النعل وأحكم شده فوق الشراب فلم يخلعه طوال‬
‫زمن المسح صح المسح فوق النعل‪.‬‬
‫ج ‪ :2‬يجوز المسح على الشراب بشرط أن‬
‫ظا سواء من صوف أو من قطن أو‬ ‫قا غلي ً‬‫يكون صفي ً‬
‫غيرهما فهي ملحقة بالجوارب التي هي أنسجة‬
‫قديمة تعمل بقدر القدم فمتى كان الشراب متيًنا‬
‫وساتًرا لظاهر القدم‬
‫المغسول صح المسح عليه كالخف فقد ثبت المسح‬
‫على الجوارب عن جماعة من الصحابة‪ ،‬أما إن كان‬
‫قا شفاًفا ترى البشرة من ورائه أو توصف‬ ‫رقي ً‬
‫فل يصح المسح عليه حتى يلبس فوقه آخر يحصل‬
‫‪#‬‬ ‫الستر من‬
‫الثنين‪ ،‬ويشترط في المسح على الشراب كالخف‬
‫حا غير محرم وأن يكون ساتًرا‬ ‫أن يكون طاهًرا مبا ً‬
‫لمحل الفرض وهو الكعبان وما تحتهما وأن يثبت‬
‫بنفسه ويمكن مواصلة السير فيه وأن يلبسه بعد ما‬
‫يتطهر الطهارة الكاملة وأن ل يمسح عليه في‬
‫الحدث الكبر وأن يمسح عند الوضوء ما ظهر منه‬
‫من أصابعه إلى ساقه دون أسفله ومؤخر القدم‪.‬‬
‫ج ‪ :3‬المسح على الشراب الخفيف ل يصح حيث‬
‫إنه ل يستر القدم بل يرى من ورائه حجمها ولونها‬
‫لكن إن لبس فوقه آخر بحيث يحصل الستر من‬
‫الجميع صح المسح على العلى منهما أما الشراب‬
‫المخرق فالولى والحوط أن ل يمسح عليه حتى‬
‫يلبس فوقه آخر أو يخيط ما تخرق منه وقد أفتى‬
‫بعض العلماء بجواز المسح على الخف المخرق لكن‬
‫ل يقاس عليه الشراب لقوة الخلف في الجوارب‪.‬‬
‫‪186‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لقد أجاب على السئلة المذكورة أعله فضيلة‪:‬‬
‫الشيخ‪ /‬عبد الله بن عبد‬
‫الرحمن بن جبرين‬
‫عضو الفتاء‬
‫وصلى الله على محمد‬
‫وآله وصحبه أجمعين‪،،،‬‬
‫‪187‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)من أحكام الحيض والستحاضة‬


‫والنفاس(‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫من صالح بن أحمد الخريصي إلى من يراه من‬


‫إخواننا أئمة المساجد وفقنا الله وإياهم لطريق‬
‫الرشد والهدى‪ ،‬وجنبنا وإياهم طرق الغي والردى‪،‬‬
‫آمين سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫وبعد فبمناسبة حضور هذا الشهر المبارك‪ ،‬الذي‬
‫)‪(1‬‬
‫ما‬‫ما عظي ً‬ ‫جعله الله مضماًرا للسابقين وموس ً‬
‫للعاملين‪ ،‬ولما فيه من الجتماع العام للرجال‬
‫والنساء ناسب أن ننبهكم ونذكركم ببعض ما أوجب‬
‫الله سبحانه علينا وعليكم من الواجبات الدينية‪،‬‬
‫والفرائض السلمية والحقوق اليمانية قال تعالى‬
‫ع‬ ‫ن الذّك َْرى ت َن ْ َ‬
‫ف ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫وهو أصدق القائلين ‪َ ‬‬
‫وذَك ّْر َ‬
‫ن ‪ ‬سورة الذاريات آية ‪.55‬‬ ‫مِني َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬
‫فيتعين على كل إمام مسجد أن يذكر جماعته‬
‫من الرجال والنساء ويرشدهم لما فيه صلحهم‬
‫وفلحهم في معاشهم ومعادهم فإن هذا من التعاون‬
‫على البر والتقوى والتواصي بالحق وبالصبر‪ ،‬فمن‬
‫أهم المهمات وأهم الواجبات الصلوات الخمس‬
‫فيتعين الحث عليها والمر بالمحافظة عليها جماعة‬
‫وتفقد المتخلفين عنها فالمام مسئول عن هذا فعليه‬
‫أن يؤدي ما يستطيعه من المر بها وبيان فضلها وما‬
‫يتعلق بها من بيان أركانها وواجباتها وشروطها وبيان‬

‫)( يعني شهر رمضان‬ ‫‪1‬‬


‫‪188‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما يجب لها من فروض الوضوء وشروطه ونواقضه‬
‫ثم ما يستطيع بيانه من الزكاة ومحلها من الشريعة‬
‫وأنها أحد أركان السلم ومبانيه‪ ،‬ثم ما يستطيعه من‬
‫بيان الصوم وأن صوم شهر رمضان أحد أركان‬
‫السلم وما يجب له وما يستحب فيه وما يحرم على‬
‫الصائم وما يكره في حقه على حسب استطاعته‪.‬‬
‫وكذلك ينبغي أن يحث جماعته على المسارعة‬
‫إلى الخيرات واستدراك الوقت قبل الفوات فإنه‬
‫وقت شرفه الله على سائر الوقات‪ ،‬الحسنة فيه‬
‫بألف حسنة‪ ،‬والعمال فيه كلها مضاعفة)‪ (1‬كما أنه‬
‫‪#‬‬ ‫مما ينبغي التنبيه عليه ما هو من‬
‫خصائص النساء من الحيض والستحاضة والنفاس‪،‬‬
‫والفرق بين ذلك‪ .‬وما هو الدم الصالح للحيض عند‬
‫فقد العادة فإن المرأة إذا فقدت العادة عملت‬
‫بالتمييز الصالح فتارة يكون الدم أسود ثخينا منتًنا‪:‬‬
‫قا غير منتن فيكون حيضها زمن‬ ‫وتارة يكون أحمر رقي ً‬
‫السود الثخين المنتن‪ .‬وما عداه فهو استحاضة‪:‬‬
‫والستحاضة سيلن الدم في غير موضعه‪ :‬فإذا أطبق‬
‫عليها الدم على هذه الحال فإنها تفعل العبادة فيه‬
‫من صوم وصلة وقراءة قرآن وغير ذلك‪ ،‬ول تقضي‪،‬‬
‫وإذا فقدت العادة ولم يكن لها تمييز فإنها تجلس‬
‫غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام كل شهر ثم‬
‫تصلي وتصوم‪.‬‬
‫وأما الحائض فلها أحكام‪ :‬منها إذا حاضت بعد‬
‫دخول الوقت قضت هذا الوقت الذي حاضت بعد‬
‫دخوله إذا طهرت‪.‬‬

‫)( يعني شهر رمضان‬ ‫‪1‬‬


‫‪189‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ومنها أنها إذا طهرت قبل غروب الشمس فإنها‬
‫تصلي الظهر والعصر وإذا طهرت قبل طلوع الفجر‬
‫صلت المغرب والعشاء)‪ (1‬وإذا طهرت قبل طلوع‬
‫الشمس صلت الفجر فقط‪.‬‬
‫ومنها أنها إذا طهرت قبل طلوع الفجر ولو‬
‫بشيء يسير تسحرت ونوت الصوم ولو لم تغتسل إل‬
‫بعد طلوعه فصومها صحيح‪.‬‬
‫ومنها أنها إذا أحست بانتقال الدم من محله قبل‬
‫غروب الشمس قضت ذلك اليوم ولو لم يخرج إل‬
‫بعد الغروب)‪ (2‬ومنها أنها إذا حصل لها طهر في أثناء‬
‫عادتها وصامت فيه ثم عاودها الدم في العادة‬
‫فصومها صحيح ول تقضي‪ :‬مثل أن تكون عادتها‬
‫ما‬
‫ما ثم ترى طهًرا تا ً‬
‫ثمانية أيام فترى أربعة أيام د ً‬
‫في الخامس والسادس فعليها أن تصوم هذين‬
‫اليومين فإن عاودها الدم في السابع والثامن لم يؤثر‬
‫وصومها في الخامس والسادس صحيح كما تقدم‬
‫لكن الطهر التام هو أن‬
‫‪#‬‬

‫ترى البياض الذي لو جعلت فيه قطنة لم تتغير‪.‬‬

‫)( قال الشيخ محمد بيين صييالح العييثيمين فييي رسييالة الييدماء الطبيعييية‬ ‫‪1‬‬

‫للنساء صفحة ‪ 24‬الطبعيية الثالثيية والصييواب أنهييا ل يجييب عليهييا إل مييا‬


‫أدركت وقته وهي العصر والعشاء الخرة فقط لقييوله صييلى اللييه عليييه‬
‫وسلم‪" :‬من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغييرب الشييمس فقييد أدرك‬
‫العصر‪ .‬متفق عليه‪ .‬ولم يقل فقد أدرك الظهر والعصيير‪.‬والصييل بييراءة‬
‫الذمة‪.‬‬
‫)( قال الشيخ ابن عثيمين في المصدر السابق صييفحة ‪ :28‬إذا أحسييت‬ ‫‪2‬‬

‫بانتقال الحيض قبل الغروب لكن لم يخرج إل بعد الغروب فييإن صييومها‬
‫تام ول يبطل على القول الصحيح لن الدم في باطن الجوف ل حكم له‬
‫ولن النبي صيلى الليه علييه وسيلم أمير بالغسيل مين خيروج المنيي ل‬
‫بانتقاله فكذلك الحيض‪.‬‬
‫‪190‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأما النفساء فمتى رأت الدم بعد الولدة أو‬
‫قبلها بيوم أو يومين بأمارة فإنها تترك العبادة ويكون‬
‫ما قبل الولدة حكمه حكم النفاس بشرطه)‪ (1‬ومتى‬
‫طهرت بعد الولدة بعشرة أيام أو أقل أو أكثر وجب‬
‫عليها أن تتطهر وتفعل العبادات من صوم وصلة‬
‫وغيرها ول تقضي فإن عاودها الدم في الربعين‬
‫فحكمه حكم النفاس على الصحيح تترك له العبادة‪.‬‬
‫وأما صومها قبله فهو صحيح ول تقضيه كما تقدم‬
‫وأما إذا عاودها الدم بعد الربعين فإن وافق عادة‬
‫فهو حيض وإن لم يوافق عادة فهو دم فاسد تصلي‬
‫فيه وتصوم ول تقضي‪.‬‬
‫والغسل واجب على كل واحدة من الحائض‪.‬‬
‫والنفساء إذا انقطع الدم على الفور إذا وافق وقت‬
‫صلة‪ .‬وأما المستحاضة وهي التي أطبق عليها الدم‬
‫وداوم في غير العادة وقد تقدم حكمها ولكن يجب‬
‫عليها أن تتوضأ لكل صلة‪ .‬ويستحب لها أن تغتسل‬
‫لكل صلة‪ ،‬ويجوز لها أن تجمع بين الصلتين بأن‬
‫تؤخر الظهر وتعجل العصر وتجمع‪ .‬وتؤخر المغرب‬
‫وتعجل العشاء وتجمع للمشقة‪ .‬فإن كثر الدم عليها‬
‫فلها أن تعصب المحل عند الصلة وتصلي فإن ظهر‬
‫دم لم تلتفت إليه لقوله ‪" ‬وإن قطر الدم على‬
‫الحصير")‪ (2‬وصلتها صحيحة‪ .‬وكذلك من كان فيها‬
‫حمل ورأت الدم فإن حكمها حكم المستحاضة في‬

‫)( وهو جود علمة النفاس كالتألم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه أحمد وابن ماجه‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪191‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فعل العبادات تصوم وتصلي ول تقضي)‪ (1‬والمرأة‬
‫التي فيها العوار كذلك إذا تحققت أنه لم يسقط‬
‫فإنها تفعل العبادات‪ .‬لكن إن سقط منها شيء وتبين‬
‫فيه خلق النسان ولو خفًيا فإن حكمها حكم النفساء‬
‫تترك العبادات وإن لم يكن فيه خلق إنسان فحكمها‬
‫حكم المستحاضة تصوم وتصلي وتفعل العبادات‪.‬‬
‫كما أن على الجميع من الرجال والنساء تقوى‬
‫الله عز وجل في السر والعلنية وحفظ الفروج وغض‬
‫البصار فإن زنا العينين النظر كما في الحديث‪،‬‬
‫والنظر سهم‬
‫‪#‬‬

‫)‪(2‬‬
‫مسموم من سهام إبليس ‪.‬‬
‫كما أن على النساء أل يظهرن زينتهن من لباس‬
‫وغيره إل لمن ذكر في الية الكريمة وهي قوله‬
‫ن ‪ (3)‬إلى آخرها‪.‬‬ ‫عول َت ِهن أ َ َ‬
‫تعالى‪ :‬إ ِّل ل ِب ُ ُ‬
‫ه ّ‬
‫و آَبائ ِ ِ‬‫ِ ّ ْ‬
‫وأما ظهور المرأة للسواق في اللباس الجميل‬
‫وإظهار الزينة من خواتم وغيرها وتطيبها عند‬
‫خروجها فهو حرام وهو تبرج الجاهلية الذي نهى الله‬
‫سبحانه وتعالى عنه وذمه في محكم كتابه العزيز‬
‫ما كما في‬‫وإذا تطيبت والحالة هذه فهي أعظم إث ً‬
‫الحديث )إذا خرجت المرأة متطيبة فهي زانية()‪ (4‬أي‬
‫في الثم وإن كان خروجها بغير إذن زوجها فهي‬
‫ما كما ورد في الحديث )إذا خرجت المرأة‬ ‫أعظم إث ً‬
‫)( قال الشيخ ابن عثيمين في رسييالة الييدماء الطبيعييية للنسيياء صييفحة‬ ‫‪1‬‬

‫‪ :15‬والصواب أن الدم الخارج من الحامل حيييض إذا كييان علييى الييوجه‬


‫المعتاد في حيضها لن الصل فيما يصيب المييرأة ميين الييدم أنييه حيييض‬
‫وليس في الكتاب والسنة ما يمنع حيض الحامل‪.‬‬
‫)( كما في الحديث الذي رواه الطبراني والحاكم وصححه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النور – آية )‪.(31‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه بمعناه أبو داود والترمذي وقال ‪ :‬حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪192‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بغير إذن زوجها لعنتها الملئكة حتى ترجع()‪ (1‬وأقرب‬
‫ما تكون المرأة من الله ما كانت في بيتها كما في‬
‫الحديث )المرأة عورة فاحبسوها في البيوت فإن‬
‫)‪(2‬‬
‫المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان(‬
‫وما التمست المرأة رضي الله بمثل أن تقعد في‬
‫بيتها وتعبد ربها وتطيع بعلها وقال علي رضي الله‬
‫عنه لزوجته رضي الله عنها )يا فاطمة ما خير ما‬
‫للمرأة قالت أن ل ترى الرجال ول يروها()‪ (3‬وقال‬
‫رضي الله عنه )أل تستحيون أل تغارون يترك أحدكم‬
‫امرأته تخرج بين الرجال تنظر إليهم وينظرون إليها(‬
‫فينبغي للمرأة الخائفة من الله عز وجل أن تجتهد في‬
‫طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة زوجها وتطلب رضاه‬
‫جهدها وفي الحديث "إذا صلت المرأة خمسها‬
‫وصامت شهرها وأطاعت بعلها فلتدخل من أي أبواب‬
‫الجنة شاءت")‪ (4‬فيجب على الزواج أن يأخذوا على‬
‫أيدي نسائهم ويأمروهن أن ل يخرجن متبرجات فإن‬
‫الزوج راع على أهل بيته ومسئول عن رعيته وقد‬
‫ي ‪) :‬رأيت ليلة أسري‬ ‫روي أن النبي ‪ ‬قال لعل ّ‬
‫بي نساء من أمتي يعذبن بأنواع من العذاب فبكيت‬
‫لما رأيت من شدة عذابهن رأيت امرأة معلقة‬
‫‪#‬‬ ‫بشعرها يغلي دماغها ورأيت امرأة معلقة بلسانها‬
‫والحميم يصب في حلقها ورأيت امرأة قد شدت‬
‫رجلها إلى ثدييها ويداها إلى ناصيتها ورأيت امرأة‬

‫رواه الطبراني‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫ذكرهما المام الذهبي في الكبائر صفحة ‪171‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫ذكرهما المام الذهبي في الكبائر صفحة ‪.171‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه أحمد والطبراني وابن حبان في صحيحه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪193‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫معلقة بثدييها ورأيت امرأة رأسها رأس خنزير وبدنها‬
‫بدن حمار عليها ألف ألف لون من العذاب ورأيت‬
‫امرأة على صورة كلب والنار تدخل من فمها وتخرج‬
‫من دبرها والملئكة يضربون رأسها بمقامع من نار"‬
‫وكانت فاطمة حاضرة فقالت حبيبي وقرت عيني ما‬
‫كان أعمال هؤلء حتى وضع عليهن العذاب فقال ‪‬‬
‫"يا بنيه أما المعلقة بشعرها فإنها كانت ل تغطي‬
‫شعرها من الرجال‪ ،‬وأما التي كانت معلقة بلسانها‬
‫فإنها كانت تؤذي زوجها وأما المعلقة بثدييها فإنها‬
‫كانت تفسد فراش زوجها‪ ،‬وأما التي تشد رجلها إلى‬
‫ثدييها ويداها إلى ناصيتها وقد سلط عليها العقارب‬
‫والحيات فإنها كانت ل تنظف بدنها من الجناية‬
‫والحيض وتستهزئ بالصلة وأما التي رأسها رأس‬
‫خنزير وبدنها بدن حمار فإنها كانت نمامة كذابة وأما‬
‫التي على صورة الكلب والنار تدخل من فيها وتخرج‬
‫من دبرها فإنها كانت منانة حسادة")‪.(1‬‬
‫وإذا كانت المرأة مأمورة بطاعة زوجها وطلب‬
‫ضا مأمور بالحسان إليها واللطف بها‬ ‫رضاه فالزوج أي ً‬
‫وإيصالها حقها من النفقة والكسوة والعشرة الجميلة‬
‫ف ‪ (2)‬ولقوله‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ّ‬
‫شُرو ُ‬
‫عا ِ‬
‫و َ‬‫لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫‪) ‬استوصوا بالنساء خيًرا فإنهن عوان عندكم‬
‫أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله‬
‫إلى آخر الحديث()‪ (3‬وعلى الزوجة إذا دعاها زوجها‬
‫أن تجيبه وإن كانت على ظهر قتب وإذا لم تأته فبات‬
‫)( ذكره المام الذهبي في الكبائر صفحة ‪.173 -172‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء – آية )‪.(19‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪194‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫غضباًنا عليها لعنتها الملئكة حتى تصبح)‪ (1‬وقد ورد‬
‫عنه ‪ ‬أنه قال في خطبة العيد "يا معشر النساء‬
‫تصدقن ولو من حليكن فإنكن أكثر حطب جهنم‬
‫فقامت امرأة فقالت لم يا رسول الله؟ فقال لنكن‬
‫تكثرن الشكاية وتكفرن العشير" وفي رواية وتكثرن‬
‫اللعن لو أحسنت على إحداهن الدهر ثم رأت شيًئا‬
‫قالت ما رأيت منك خيًرا قط)‪ (2‬فعلى الجميع من‬
‫الرجال والنساء أن يتوبوا إلى الله‬
‫‪#‬‬

‫جميًعا من هذه العمال وغيرها فإن الله علق الفلح‬


‫والسعادة والفوز على ذلك بقوله تعالى ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫ل‬
‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫ظوا‬ ‫ح َ‬‫وي َ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫ر ِ‬‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫ن يَ ُ‬‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫ت‬
‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ُ‬‫م ‪ ‬إلى قوله تعالى ‪َ ‬‬ ‫ه ْ‬‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬ثم‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬‫فُرو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فظ ْ َ‬ ‫ح َ‬‫وي َ ْ‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬‫صا ِ‬‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ها‬
‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬‫ه َ‬ ‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ختم الية بقوله ‪َ ‬‬
‫ن ‪ (3)‬لكن الشأن بالتوبة‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬‫عل ّك ُ ْ‬
‫ن لَ َ‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الصادقة النصوح التي يترتب عليها أثرها ولها ثلثة‬
‫شروط‪ :‬الندم على ما مضى والقلع عما كان عليه‬
‫النسان من هذه العمال وغيرها‪ .‬وإضمار أن ل يعود‬
‫إليها‪ .‬فهذه التوبة تجب ما قبلها ويكون صاحبها كمن‬
‫ل ذنب له وتحصل له السعادة والفلح في الدارين‪.‬‬
‫وأما من تاب بلسانه وهو مصر ومقيم على هذه‬
‫العمال وغيرها بما يسخط الله فهذه توبة ل تنفع ول‬
‫تجدي فعليكم أيها الخوان تأدية هذه النصيحة على‬
‫)( كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم وغيره‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النور – آية ‪.31 -30‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪195‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جماعتكم وتكرارها والزيادة عليها مما يحسن ذكره‬
‫ويحصل به المقصود أو بعضه‪.‬‬
‫فإن هذه طريقة الرسل وأتباعهم وتعلمون ما‬
‫يترتب على ذلك من الجر والثواب كما قال ‪ ‬لعلي‬
‫دا‬
‫رضي الله عنه )فو الله لن يهدي الله بك رجل واح ً‬
‫خير لك من حمر النعم()‪ (1‬وأسباب الخير والشر‬
‫ليست منحصرة في هذه النبذة ولكن هذا على وجه‬
‫التنبيه والعاقل اللبيب يكتفي بما هو أقل من ذلك مع‬
‫أن السؤال واقع على الجميع فكل إمام مسئول أمام‬
‫الله عن جماعته فليتق الله ويعد للسؤال جواًبا‪.‬‬
‫وللجواب صواًبا والله المسئول المرجو الجابة أن‬
‫يمن علينا وعليكم بالقبول في هذا الشهر)‪ (2‬المبارك‬
‫وأن يجعلنا وإياكم ممن يفوز بجائزة الرب الكريم‬
‫التي ل تشبه الجوائز إنه جواد كريم وصلى الله على‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫أهمية الصلة في السلم‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على‬
‫أشرف النبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪ :‬أما بعد‪ :‬قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫وذَك ّْر‬
‫ن‬
‫فإ ِ ّ‬
‫‪#‬‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬وقال تعالى‪ :‬‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫الذّك َْرى ت َن ْ َ‬
‫)‪(3‬‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ف ُ‬
‫قى ‪ (4)‬ومن‬ ‫ها اْل َ ْ‬
‫ش َ‬ ‫جن ّب ُ َ‬
‫وي َت َ َ‬
‫شى * َ‬ ‫خ َ‬‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سي َذّك ُّر َ‬
‫َ‬
‫ل تنفعه الذكرى فهو من الذين قال الله في حقهم‪،‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫يعني شهر رمضان‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة الذاريات آية ‪.56‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة العلى آية ‪.11-10‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪196‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن ‪ (1)‬أيها المسلمون‬ ‫ذا ذُك ُّروا َل ي َذْك ُُرو َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫اعلموا أن من أهم أركان السلم بعد الشهادتين‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫صل َ َ‬
‫وات ِ ِ‬ ‫عَلى َ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ن ُ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الصلة قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ن‬‫رُثو َ‬ ‫ن يَ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫رُثو َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ن * ُأول َئ ِ َ‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫يُ َ‬
‫ن ‪ ، ‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫و َ‬ ‫فْردَ ْ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ك‬‫ن * ُأول َئ ِ َ‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬‫ل(ت ِ ِ‬
‫ص َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ف‬‫خل َ َ‬ ‫ف َ‬‫ن ‪ ‬وقال تعالى‪َ  :‬‬ ‫‪3‬‬ ‫)‬
‫مو َ‬ ‫مك َْر ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫عوا‬ ‫وات ّب َ ُ‬‫صَلةَ َ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫ضا ُ‬ ‫فأ َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ب‬‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫غّيا * إ ِّل َ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ف ي َل ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬ ‫ال ّ‬
‫حا ‪ (4)‬قال ابن عباس رضي الله‬ ‫صال ِ ً‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫َ‬
‫عنهما ليس معنى أضاعوها تركوها بالكلية ولكن‬
‫معنى أضاعوها أخروها عن أوقاتها‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫صّلي َ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬‫وي ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫صلت ِ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬
‫ن ‪ (5)‬أي غافلون عنها متهاونون بها حتى‬ ‫هو َ‬ ‫سا ُ‬ ‫َ‬
‫مُنوا لَ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ِ‬ ‫يفوت وقتها‪ ،‬وقال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫ت ُل ْهك ُ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫وَلدُك ُ ْ‬ ‫وَل أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬‫م َ‬‫مأ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ن ‪ ‬قال‬ ‫)‪(6‬‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ُ‬
‫فأول َئ ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ع ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫سُرو َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫ف َ‬
‫المفسرون المراد بذكر الله في هذه الية الصلوات‬
‫ن‬
‫عو َ‬
‫خاِد ُ‬
‫ن يُ َ‬
‫قي َ‬
‫ف ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مَنا ِ‬ ‫الخمس‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫موا‬
‫قا ُ‬ ‫صَل ِ‬
‫ة َ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫ذا َ‬
‫قا ُ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ع ُ‬
‫خاِد ُ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫ساَلى ‪ (7)‬وقال النبي ‪) ‬أثقل الصلة على‬ ‫كُ َ‬
‫المنافقين صلة العشاء وصلة الفجر ولو يعلمون ما‬
‫فيهما لتوهما ولو حبوا()‪ (8‬وقال ‪) ‬لقد هممت أن‬
‫آمر بالصلة فتقام ثم آمر رجًل فيؤم الناس ثم‬
‫أخالف معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم ل‬
‫سورة الصافات آية ‪.13‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المؤمنون آية ‪.11-9‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة المعارج آية ‪.35-34‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة مريم آية ‪.60-59‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫سورة الماعون آية ‪.5-4‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫سورة المنافقون آية ‪.9‬‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬

‫سورة النساء آية ‪.142‬‬ ‫)(‬ ‫‪7‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪8‬‬


‫‪197‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يشهدون الصلة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار()‪.(1‬‬
‫وقصة ابن أم مكتوم العمى)‪ (2‬وعدم ترخيص‬
‫النبي له بالصلة في بيته لنه يسمع الذان‪ ،‬وصلة‬
‫الخوف)‪ (3‬كل ذلك يدل على وجوب الصلة مع‬
‫‪#‬‬

‫الجماعة وأن المتخلف عنها بل عذر فاسق ساقط‬


‫العدالة ل تقبل شهادته‪ ،‬وأما من ترك الصلة أو‬
‫بعضها فهو كافر‪ ،‬قال النبي ‪) :‬بين الرجل وبين‬
‫الكفر ترك الصلة()‪ (4‬وقال عمر‪) :‬لحظ في السلم‬
‫لمن ترك الصلة()‪ (5‬إنما موضع الصلة من الدين‬
‫كموضع الرأس من الجسد وقال النبي ‪) ،‬العهد‬
‫)‪(6‬‬
‫الذي بيننا وبينهم الصلة‪ ،‬فمن تركها فقد كفر(‬
‫ما‬‫وقال الله تعالى‪ :‬مخبًرا عن أصحاب النار ‪َ ‬‬
‫ن*‬ ‫صّلي َ‬‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫م َ‬‫ك ِ‬ ‫م نَ ُ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬ ‫قَر * َ‬ ‫س َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬‫سل َك َك ُ ْ‬‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ض َ‬ ‫خو ُ‬ ‫وك ُّنا ن َ ُ‬ ‫ن* َ‬ ‫كي َ‬‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫ع ُ‬‫ك ن ُطْ ِ‬
‫م نَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫حّتى أَتاَنا‬ ‫ن* َ‬ ‫دي ِ‬ ‫وم ِ ال ّ‬ ‫ب ب ِي َ ْ‬ ‫وكّنا ن ُكذّ ُ‬ ‫ن* َ‬ ‫ضي َ‬ ‫خائ ِ ِ‬ ‫ال َ‬
‫)‪(7‬‬
‫ن‪‬‬ ‫عي َ‬ ‫ف ِ‬
‫شا ِ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫ع ُ‬
‫فا َ‬ ‫ش َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬
‫ف ُ‬ ‫ما ت َن ْ َ‬ ‫ن* َ‬
‫ف َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ال ْي َ ِ‬
‫ومما يجب التنبه له أمور‪:‬‬
‫الول منها ما ابتلي به بعض الئمة من التخفيف‬
‫في الصلة وعدم الطمأنينه فيها‪ ،‬وقد ورد في‬
‫الحديث‪) :‬من أم الناس فأصاب الوقت وأتم الصلة‬
‫فله ولهم‪ ،‬ومن انتقص من ذلك شيًئا فعليه ول‬
‫)‪(8‬‬
‫ما فليتق الله وليعلم‬
‫عليهم( وفي رواية‪) :‬من أم قو ً‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫أي مشروعيتها جماعة‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫رواه مالك في الموطأ وإسناده صحيح‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬

‫سورة المدثر آية ‪.48 -42‬‬ ‫)(‬ ‫‪7‬‬

‫رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم وحسنه السيوطي‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪8‬‬
‫‪198‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أنه ضامن مسئول‪ ،‬فإن أحسن كان له من الجر‬
‫مثل أجر من صلى خلفه‪ ،‬وإن أساء فعليه وزره‬
‫)‪(1‬‬
‫ما وليحسن الصلة‬ ‫ووزرهم( فليتق الله من أم قو ً‬
‫طلًبا لبراءة ذمته والحصول على الجر العظيم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما ابتلي به أكثر المأمومين من مسابقة‬
‫المام في الصلة وهذا من كيد الشيطان لبطال‬
‫عمل النسان‪ ،‬وقد ورد في الحديث‪) :‬أما يخشى‬
‫الذي يرفع رأسه قبل المام أو يسجد قبله أن يجعل‬
‫)‪(2‬‬
‫الله رأسه رأس حمار‪ ،‬أو صورته صورة حمار(‬
‫وفي الرواية الخرى )الذي يخفض رأسه قبل المام‬
‫إنما ناصيته بيد الشيطان()‪ (3‬ومن كيد الشيطان‬
‫ومكره اللتفات في الصلة‪ ،‬ورفع البصر فيها‪ ،‬إلى‬
‫السماء وقد ورد في صحيح البخاري عن عائشة‬
‫رضي الله عنها‪ ،‬قالت‪) :‬سألت رسول الله ‪ ‬عن‬
‫اللتفات في الصلة فقال هو اختلس يختلسه‬
‫الشيطان من صلة العبد‪ .‬وفي صحيح مسلم لينتهين‬
‫أقوام عن رفع أبصارهم إلى‬
‫‪#‬‬

‫السماء في الصلة أو ل ترجع إليهم( وفي رواية‬


‫أخرى‪) :‬أو لتخطفن أبصارهم(‬
‫الثالث‪ :‬ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه أن رجل دخل المسجد ورسول الله‬
‫‪ ‬جالس فيه فصلى الرجل ثم جاء فسلم على‬
‫النبي ‪ ‬فرد عليه السلم ثم قال له ارجع فصل‬
‫فإنك لم تصل ثلث مرات فقال له في الثالثة والذي‬
‫بعثك بالحق يا رسول الله ما أحسن غيره فعلمني‬

‫)( قال المنذري في الترغيب والترهيب ‪ – 274 /1‬رواه الطييبراني فييي‬ ‫‪1‬‬

‫الوسط‪.‬‬
‫)( رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البزار والطبراني بإسناد حسن‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪199‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فقال النبي ‪) ‬إذا قمت إلى الصلة فأسبغ الوضوء‬
‫ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من‬
‫القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكًعا ثم ارفع حتى‬
‫دا ثم اجلس‬ ‫ما ثم اسجد حتى تطمئن ساج ً‬ ‫تعتدل قائ ً‬
‫دا‬
‫سا ثم اسجد حتى تطمئن ساج ً‬ ‫حتى تطمئن جال ً‬
‫وافعل ذلك صلتك كلها( وفي الحديث قال رسول‬
‫الله ‪) ‬ل تجرئ صلة ل يقيم الرجل فيها صلبه في‬
‫الركوع والسجود()‪ (1‬وثبت عنه ‪ ‬أنه قال )أشد‬
‫الناس سرقة الذي يسرق من صلته قيل وكيف‬
‫يسرق من صلته؟ قال‪ :‬ل يتم ركوعها ول سجودها‬
‫ول القراءة فيها()‪.(2‬‬
‫الرابع‪ :‬كثير من الناس إذا مرض ترك الصلة‬
‫مدة مرضه ويدعي أنه سيقضيها وهذا والعياذ بالله‬
‫تفريط وإضاعة للصلة التي هي عمود السلم‪ ،‬وقد‬
‫عَلى‬
‫ت َ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن ال ّ‬
‫قوًتا ‪ (3)‬وربما مات في مرضه‬ ‫و ُ‬‫م ْ‬
‫ن ك َِتاًبا َ‬‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫وهو تارك للصلة فيختم له بشر خاتمة‪ ،‬وقد قال الله‬
‫تعالى‪) :‬فاتقوا الله ما استطعتم ‪ (4)‬وقال النبي ‪:‬‬
‫)إذا أمرتكم بأمر فاتوا منه ما استطعتم()‪ (5‬وقال‪:‬‬
‫دا‪ ،‬فإن لم تستطع‬ ‫ما‪ ،‬فإن لم تستطع فقاع ً‬ ‫)صل قائ ً‬
‫)‪(6‬‬
‫فعلى جنبك( فما دام العقل ثابًتا فالواجب ل يسقط‬
‫بحال‪ ،‬وأداؤه على حسب الستطاعة‪ ،‬فتنبهوا أيها‬

‫)( رواه أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهما وصححه جمع من الئمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح‬ ‫‪2‬‬

‫السناد‪.‬‬
‫)( سورة النساء آية ‪.103‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( سورة التغابن آية ‪.16‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( رواه أحمد والبخاري وأهل السنن‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪200‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المسلمون لهذه المسائل فإن خطرها عظيم‪ ،‬كيف‬
‫يكون حال من مات تار ً‬
‫كا للصلة نعوذ بالله من سوء‬
‫الخاتمة)‪ (1‬وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وأصحابه أجمعين‪.‬‬

‫صفة صلة النبي ‪.(2)‬‬

‫قال ابن القيم رحمه الله في كتابه القيم‬


‫"الصلة" باختصار وتصرف بسيط قال رحمه الله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫)فصل(‬

‫فهاك سياق صلته ‪ ‬من حين استقباله القبلة‬


‫إلى حين سلمة كأنك تراها عياًنا‪ ،‬ثم اختر لنفسك‬
‫بعد ما شئت‪:‬‬
‫)‪ (1‬القيام‪:‬‬
‫كان رسول الله ‪ ‬إذا قام إلى الصلة واستقبل‬
‫القبلة ووقف في مصله رفع يديه إلى فروع أذنيه‬
‫واستقبل بأصابعه القبلة ونشرها وقال‪" :‬الله أكبر"‬
‫ولم يكن يقول قبل ذلك "نويت أن أصلي كذا وكذا‬
‫مستقبل القبلة أربع ركعات‪ "...‬ول كلمة واحدة من‬
‫ذلك في مجموع صلته من أولها إلى آخرها فقد نقل‬
‫عنه أصحابه حركاته وسكناته وهيئاته حتى اضطراب‬
‫لحيته في الصلة‪ ،‬ولعمر الله لو ثبت عنه من هذا‬

‫)( انظر نصيحة المسلمين للشيخ عبد الله السييليمان بيين حميييد ص ‪-8‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.14‬‬
‫)( انظر كتاب الصلة لبن القيم من ص ‪.130 -119‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪201‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫كلمة واحدة لنقل عنه ذلك‪.‬‬
‫ثم كان يمسك شماله بيمينه فيضعها عليها فوق‬
‫المفصل ثم يضعها على صدره)‪ (1‬ثم يقول "اللهم‬
‫باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق‬
‫والمغرب‪ ،‬اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب‬
‫البيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالماء‬
‫والثلج والبرد")‪ (2‬وأحياًنا يقول غيره مما ورد‪ .‬ثم‬
‫يقول "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" وربما زاد‬
‫"من نفخه ونفثه وهمزه")‪.(3‬‬
‫ثم يقرأ فاتحة الكتاب فإن كانت الصلة جهرية‬
‫أسمعهم القراءة ولم يسمعهم "بسم الله الرحمن‬
‫الرحيم" فربه أعلم هل كان يقرأها أم ل‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫وكان يقطع قراءته آية آية ثم يقف على )رب‬


‫العالمين( ثم يبتدئ )الرحمن الرحيم( ويقف ثم‬
‫يبتدئ )مالك يوم الدين( على ترسل وتمهل وترتيل‬
‫يمد الرحمن ويمد الرحيم‪ .‬وإذا ختم السورة قال‬
‫"آمين" يجهر بها ويمد بها صوته ويجهر بها من خلفه‬
‫حتى يرتج المسجد‪.‬‬
‫ثم يقرأ بعد ذلك سورة طويلة تارة وقصيرة تارة‬
‫ومتوسطة تارة وكان يقرأ بالسورة في الركعة كقول‬
‫عائشة إنه قرأ في المغرب بالعراف فرقها في‬
‫الركعتين‪ .‬وتارة يعيدها في الركعة الثانية كقرأته في‬
‫الصبح "إذا زلزلت" في الركعتين كلتيهما‪ ،‬والحديثان‪،‬‬
‫والحديثان في السنن وتارة يقرأ سورتين في الركعة‬
‫)( ابن خزيمة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( البخاري ‪ 227 /2‬كتاب الذان باب‪ :‬ما يقول بعد التكييبير ومسييلم ‪/1‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ 419‬كتاب المساجد‪.‬‬
‫)( نفخه الكبر وهمزه الخنق ونفثه الشعر )انظير تفسييير ابين كيثير ج ‪1‬‬ ‫‪3‬‬

‫ص ‪.(13‬‬
‫‪202‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫كقول ابن مسعود‪ :‬ولقد عرفت النظائر التي كان‬
‫رسول الله ‪ ‬يقرن بينها فذكر عشرين سورة من‬
‫المفصل‪ ..‬سورتين في ركعة وهذا في الصحيحين‪.‬‬
‫وكان يمد قراءة الفجر ويطيلها أكثر من سائر‬
‫الصلوات‪ ،‬وأقصر ما حفظ عنه أنه كان يقرأ فيها في‬
‫الحضر سورة )ق( ونحوها‪.‬‬
‫وربما كان يسمعهم الية في قراءة السر أحياًنا‪.‬‬
‫وكان يقرأ في فجر يوم الجمعة سورة "ألم تنزيل‬
‫السجدة" و "هل أتى" كاملتين‪ ،‬ولم يقتصر على‬
‫إحداهما ول على بعض هذه وبعض هذه فقط‪ .‬وكان‬
‫يقرأ في صلة الجمعة بسورة )الجمعة( و‪....‬‬
‫)المنافقون( كاملتين ولم يقتصر على أواخرهما‬
‫وربما كان يقرأ بي "سبح"‪ ..‬و "الغاشية" وكان يقرأ‬
‫في العيدين بي "ق" و "القمر" كاملتين ولم يقتصر‬
‫على أواخرهما‪.‬‬
‫وكان يقرأ في صلة السر بسورة فيها السجدة‬
‫أحياًنا فيسجد لها ويسجد معه من خلفه وكان يقرأ‬
‫في الظهر قدر ثلثين آية في كل ركعة ومرة كان‬
‫يقرأ فيها بي "سبح" و "والليل" و "البروج" و‬
‫"الطارق" ونحوها من السور ومرة بي "لقمان"‪ ...‬و‬
‫"الذاريات"‪ ،‬وكان يقوم في الركعة الولى منها حتى‬
‫ل يسمع وقع قدم‪ .‬وكذلك كان يطيل الركعة الولى‬
‫من كل صلة على الثانية‪.‬‬
‫وكانت قراءته في العصر في الركعة الولى قدر‬
‫خمس عشرة آية وكان يقرأ في المغرب العراف‬
‫تارة وبالطور تارة وبالمرسلت تارة وبالدخان تارة‪،‬‬
‫وكان إذا فرغ من القراءة سكت هنيهة ليرجع إليه‬
‫‪203‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫نفسه‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪204‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪ (2‬الركوع‪:‬‬
‫ثم يرفع يديه كما رفعهما في الستفتاح ويقول‬
‫"الله أكبر" ويخر راكًعا ويضع يديه على ركبتيه‬
‫فيمكنهما من ركبتيه ويفرج بين أصابعه ويجافي‬
‫مرفقيه عن جنبيه ثم يعتدل ويجعل رأسه حيال‬
‫ظهره ويمد ظهره ثم يقول "سبحان ربي العظيم"‬
‫وربما مكث قدر ما يقولها القائل "عشر مرات"‬
‫وربما يمكث فوق ذلك ودونه‪ .‬وربما قال "سبحانك‬
‫اللهم وبحمدك‪ ،‬اللهم اغفر لي")‪ (1‬وربما قال "سبوح‬
‫قدوس رب الملئكة والروح " وربما قال غير ذلك‬
‫مما ورد‪ .‬وكان ركوعه مناسًبا لقيامه في التطويل‬
‫والتخفيف وهذا بين في سائر الحاديث‪.‬‬
‫)‪ (3‬القيام من الركوع‪:‬‬
‫ثم يرفع رأسه قائًل "سمع الله لمن حمده"‬
‫ما‬
‫ويرفع يديه كما رفعهما عند الركوع فإذا اعتدل قائ ً‬
‫قال‪" :‬ربنا لك الحمد" وربما قال "اللهم ربنا ولك‬
‫الحمد ملء‪ ..‬السموات وملء الرض‪ ،‬وملء ما‬
‫شئت من شيء بعد أهل الثناء والمجد‪ ،‬أحق ما قال‬
‫العبد وكلنا لك عبد‪ ،‬اللهم ل مانع لما أعطيت ول‬
‫معطي لما منعت ول ينفع ذا الجد منك الجد)‪ (2‬وربما‬
‫زاد على ذلك غيره‪ .‬وكان يطيل هذا الركن حتى‬
‫يقول القائل قد نسي‪.‬‬
‫)‪ (4‬السجود‪:‬‬
‫دا ول يرفع يديه‪ .‬وكان يسجد‬ ‫ثم يكبر ويخر ساج ً‬

‫)( انظر التفاصيل في كتاب الصلة في الصحيحين وفي زاد المعاد لبن‬ ‫‪1‬‬

‫القيم ج ‪ 1‬ص ‪ 273 -201‬يتحقيق الرنؤط‪.‬‬


‫)( مسييلم ‪ 347 /1‬كتيياب الصييلة بيياب‪ :‬مييا يقييول إذا رفييع رأسييه ميين‬ ‫‪2‬‬

‫الركوع‪.‬‬
‫‪205‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫على جبهته وأنفه ويديه وركبتيه وأطراف قدميه‬
‫ويستقبل بأصابع يديه ورجليه القبلة ويرفع مرفقيه‬
‫ويجافي عضديه عن جنبيه حتى يبدو بياض إبطيه‪،‬‬
‫ويرفع بطنه عن فخذيه‪ ،‬وفخذيه عن ساقيه ويعتدل‬
‫في سجوده ويمكن وجهه من الرض غير ساجد على‬
‫كور العامة‪ .‬وكان يقول في سجوده "سبحان ربي‬
‫العلى" ويكثر الدعاء فيه وكان يجعل سجوده مناسًبا‬
‫لقيامه)‪.(1‬‬
‫‪ -5‬الجلسة بين السجدتين‪:‬‬
‫ثم يرفع رأسه قائًل "الله أكبر" غير رافع يديه‪،‬‬
‫ثم يفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب‬
‫اليمنى ويضع يديه على فخذيه –أو على ركبتيه‪ -‬ثم‬
‫يقول "اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني‬
‫وارزقني وفي حديث حذيفة "رب اغفر لي" وكان‬
‫يطيل هذه الجلسة حتى يقول القائل قد أوهم أو قد‬
‫نسي‪.‬‬
‫‪ -6‬التشهد‪:‬‬
‫شا كما‬‫فإذا جلس في التشهد الول جلس مفتر ً‬
‫يفعل بين السجدتين ويشير بأصبعه السبابة ويضع‬
‫إبهامه على إصبعه الوسطى كهيئة الحلقة ويجعل‬
‫بصره إلى موضع إشارته‪ .‬وكان يرفع أصبعه السبابة‬
‫ويحنيها قليًل يوحد بها ربه "عز وجل")‪ (2‬ثم كان يقول‬
‫"التحيات لله والصلوات والطيبات‪ ،‬السلم عليك أيها‬

‫)( انظر التفاصيل في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله تعالى عنييه‬ ‫‪1‬‬

‫في البخاري ‪ 305 /2‬كتيياب الصيلة بيياب سينة الجليوس فييي التشيهد‪.‬‬
‫وحديث عائشة في وصف صلة النييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم أخرجييه‬
‫مسلم ‪ 358 -357 /1‬كتاب الصلة باب ما يجمع صفة الصلة وما يفتتح‬
‫به وما يختتم به وحديث حذيفة‪.‬‬
‫)( انظر حديث أبي حميد وعائشة وقد تقدمت الشارة إليهما‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪206‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النبي ورحمة الله وبركاته‪ ،‬السلم علينا وعلى عباد‬
‫الله الصالحين‪ ،‬أشهد أن ل إله إل الله وحده ل‬
‫دا عبده ورسوله")‪ (1‬وكان‬ ‫شريك له وأشهد أن محم ً‬
‫يعلمه أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن‪.‬‬
‫وهناك ألفاظ أخرى كلها جائزة وكان يخفف هذه‬
‫الجلسة حتى كأنه جالس على الرضف – وهي‬
‫الحجارة المحماة‪ .‬ثم يكبر وينهض فيصلي الثالثة‬
‫والرابعة ويخففهما عن الوليين وكان يقرأ فيهما‬
‫بفاتحة الكتاب وربما زاد عليها أحياًنا)‪.(2‬‬
‫‪ -7‬الصلة على النبي ‪:‬‬
‫وشرع لمته أن يصلوا عليه في التشهد الخير‬
‫فيقولوا "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد‪ ...‬كما‬
‫صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد‬
‫مجيد‪ ..‬وبارك على محمد وعلى آل محمد‪ ..‬كما‬
‫باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد‬
‫مجيد)‪ (3‬وأمرهم أن يتعوذوا‪ ..‬بالله من أربع‪ ...‬من‬
‫عذاب النار‪ ،‬وعذاب القبر‪ ،‬ومن فتنة المحيا والممات‬
‫ومن فتنة المسيح الدجال)‪ (4‬وعلم بعض أصحابه أن‬
‫ما كثيًرا ول يغفر‬
‫يقولوا "اللهم إني ظلمت نفسي ظل ً‬
‫الذنوب إل أنت‪ ،‬فاغفر لي مغفرة‬
‫‪#‬‬

‫)‪(5‬‬
‫من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم"‬
‫وكان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم "اللهم‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( لحديث أبي سعيد رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم وسببه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنييه قييال‬ ‫‪5‬‬

‫للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول اللييه علمنييي دعيياء أدعييو بييه فييي‬
‫صلتي‪.‬‬
‫‪207‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت‬
‫وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت‬
‫المؤخر‪ ،‬ل إله إل أنت")‪ (1‬ثم كان يسلم عن يمينه‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وعن يساره السلم عليكم‬
‫ورحمة الله")‪.(2‬‬
‫وجوب أداء الصلة في الجماعة‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪ ،‬إلى من يراه‬
‫من المسلمين وفقهم الله لما فيه رضاه ونظمني‬
‫وإياهم في سلك من خافه واتقاه آمين‪:‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد بلغني أن كثيًرا من الناس قد يتهاونون بأداء‬
‫الصلة في الجماعة ويحتجون بتسهيل بعض العلماء‬
‫في ذلك فوجب علي أن أبين عظيم هذا المر‬
‫وخطورته وأنه ل ينبغي للمسلم أن يتهاون بأمر‬
‫عظم الله شأنه في كتابه العظيم‪ ،‬وعظم شأنه‬
‫رسوله الكريم عليه من ربه أفضل الصلة والتسليم‪.‬‬
‫ولقد أكثر الله سبحانه من ذكر الصلة في كتابه‬
‫الكريم وعظم شأنها وأمر بالمحافظة عليها وأدائها‬
‫في الجماعة وأخبر أن التهاون بها والتكاسل عنها‬
‫من صفات المنافقين فقال تعالى في كتابه المبين‪:‬‬
‫س َ‬
‫طى‬ ‫ة ال ْ ُ‬
‫و ْ‬ ‫صَل ِ‬
‫وال ّ‬
‫ت َ‬ ‫صل َ َ‬
‫وا ِ‬ ‫عَلى ال ّ‬
‫ظوا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ن ‪ ‬وكيف تعرف محافظة‬ ‫)‪(3‬‬
‫ه َ‬
‫قان ِِتي َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬ ‫و ُ‬
‫قو ُ‬ ‫َ‬
‫العبد عليها وتعظيمه لها وقد تخلف عن أدائها مع‬
‫موا‬ ‫وأ َ ِ‬
‫قي ُ‬ ‫إخوانه وتهاون بشأنها‪ ،‬وقال تعالى‪َ  :‬‬

‫)( رواه مسلم‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.238‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪208‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪(1‬‬
‫ن‪‬‬
‫عي َ‬
‫ع الّراك ِ ِ‬
‫م َ‬ ‫واْرك َ ُ‬
‫عوا َ‬ ‫وآ َُتوا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫ال ّ‬
‫وهذه الية الكريمة نص في وجوب الصلة في‬
‫الجماعة والمشاركة للمصلين في صلتهم ولو‬
‫‪#‬‬

‫كان المقصود إقامتها فقط لم تظهر مناسبة واضحة‬


‫ع‬
‫م َ‬‫عوا َ‬‫واْرك َ ُ‬‫في ختم الية بقوله سبحانه‪َ  :‬‬
‫ن ‪ ‬لكونه قد أمر بإقامتها في أول الية‪،‬‬ ‫عي َ‬
‫الّراك ِ ِ‬
‫م‬
‫ه ُ‬‫ت لَ ُ‬‫م َ‬
‫ق ْ‬‫فأ َ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫في ِ‬ ‫ذا ك ُن ْ َ‬
‫ت ِ‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫ذوا‬ ‫ول ْي َأ ْ ُ‬
‫خ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ع َ‬‫م َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬‫ة ِ‬ ‫ف ٌ‬ ‫طائ ِ َ‬‫م َ‬ ‫ق ْ‬ ‫فل ْت َ ُ‬ ‫صَلةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫فل ْي َ ُ‬ ‫َ‬
‫وَرائ ِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫كوُنوا ِ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫س َ‬‫ذا َ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫حت َ ُ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫أ ْ‬
‫ك‬‫ع َ‬‫م َ‬‫صّلوا َ‬ ‫فل ْي ُ َ‬‫صّلوا َ‬ ‫م يُ َ‬ ‫خَرى ل َ ْ‬ ‫ة أُ ْ‬ ‫ف ٌ‬ ‫طائ ِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ْ‬
‫ول ْت َأ ِ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬فأوجب سبحانه‬ ‫)‪(2‬‬ ‫َ‬ ‫حذَْر ُ‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬
‫ول ْي َأ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫حت َ ُ‬‫سل ِ َ‬‫وأ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ذوا ِ‬ ‫َ‬
‫أداء الصلة في الجماعة في حال الحرب فكيف‬
‫بحال السلم ولو كان أحد يسامح في ترك الصلة‬
‫في جماعة لكان المصافون للعدو المهددون بهجومه‬
‫عليهم أولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة فلما‬
‫لم يقع ذلك علم أن أداء الصلة في جماعة من أهم‬
‫الواجبات‪ ،‬وأنه ل يجوز لحد التخلف عن ذلك وفي‬
‫الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه‪ :‬عن النبي‬
‫‪ ‬أنه قال‪) :‬لقد هممت أن آمر بالصلة فتقام ثم‬
‫آمر رجل أن يصلي بالناس ثم أنطلق برجال معهم‬
‫حزم من حطب إلى قوم ل يشهدون الصلة فأحرق‬

‫‪ () 1‬سورة البقرة آية ‪.43‬ملحظة‪ :‬انظر صفة صلة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في الكتب التية‪:‬‬
‫‪ -1‬كتاب "الصلة" لبن القيم ص ‪.131-19‬‬
‫‪" -2‬زاد المعاد في هدي خير العباد" لبن القيم‪ ،‬بتحقيييق‪ :‬الرنييؤوط )جيي‬
‫‪.(258-1/201‬‬
‫‪" -3‬كيفية صلة النبي ‪ "‬للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪.‬‬
‫‪" -4‬صفة صلة النبي ‪ "‬لللباني‪.‬‬
‫ضا‪.‬‬
‫وتجد هذه الكتب يكمل بعضها بع ً‬
‫‪ () 2‬سورة النساء آية ‪.102‬‬
‫‪209‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عليهم بيوتهم( الحديث‪.‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود‬
‫رضي الله عنه قال‪) :‬لقد رأيتنا وما يتخلف عن‬
‫الصلة إل منافق علم نفاقه أو مريض‪ .‬إن كان‬
‫المريض ليمشي بين الرجلين حتى يأتي الصلة‪،‬‬
‫وقال إن رسول الله ‪ ‬علمنا سنن الهدى وإن من‬
‫سنن الهدى الصلة في المسجد الذي يؤذن فيه(‬
‫دا‬
‫ضا عنه قال‪) :‬من سره أن يلقى الله غ ً‬ ‫وفيه أي ً‬
‫ما فليحافظ على هذه الصلوات حيث ينادى بهن‬ ‫مسل ً‬
‫فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن‬
‫الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا‬
‫المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة‬
‫نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور‬
‫ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إل كتب الله‬
‫له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة‬
‫ويحط عنه بها سيئة‪ ،‬ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إل‬
‫منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى‬
‫بين الرجلين حتى يقام في الصف(‪.‬‬
‫ضا عن أبي هريرة رضي‬ ‫وفي صحيح مسلم أي ً‬
‫الله عنه أن رجًل أعمى قال‪ :‬يا رسول الله إنه ليس‬
‫لي قائد يلئمني إلى المسجد فهل لي رخصة أن‬
‫‪#‬‬ ‫أصلي‬
‫في بيتي؟ فقال له النبي ‪) :‬هل تسمع النداء‬
‫بالصلة‪ ،‬قال نعم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأجب(‪.‬‬
‫والحاديث الدالة على وجوب الصلة في‬
‫‪210‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الجماعة وعلى وجوب إقامتها في بيوت الله التي‬
‫دا‪،‬‬
‫أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه كثيرة ج ً‬
‫فالواجب على كل مسلم العناية بهذا المر والمبادرة‬
‫إليه والتواصي به مع أبنائه وأهل بيته وجيرانه وسائر‬
‫إخوانه المسلمين امتثاًل لمر الله ورسوله وحذًرا‬
‫مما نهى الله عنه ورسوله وابتعاًدا عن مشابهة أهل‬
‫النفاق الذين وصفهم الله بصفات ذميمة من أخبثها‬
‫ن‬
‫قي َ‬
‫ف ِ‬ ‫مَنا ِ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫تكاسلهم عن الصلة‪ ،‬فقال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫موا إ َِلى‬ ‫قا ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬‫خاِد ُ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬‫يُ َ‬
‫وَل‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫ءو َ‬‫ساَلى ي َُرا ُ‬ ‫موا ك ُ َ‬ ‫قا ُ‬‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ك َل إ َِلى‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫مذَب ْذَِبي َ‬
‫ن ب َي ْ َ‬ ‫قِليًل * ُ‬ ‫ه إ ِّل َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ي َذْك ُُرو َ‬
‫د‬
‫ج َ‬ ‫فل َ ْ‬
‫ن تَ ِ‬ ‫ه َ‬‫ل الل ّ ُ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬
‫ء َ‬‫ؤَل ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫وَل إ َِلى َ‬ ‫ء َ‬ ‫ؤَل ِ‬
‫ه ُ‬ ‫َ‬
‫سِبيًل ‪ ‬ولن التخلف عن أدائها في الجماعة‬ ‫)‪(1‬‬
‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫من أعظم أسباب تركها بالكلية‪ ،‬ومعلوم أن ترك‬
‫الصلة كفر وضلل وخروج من دائرة السلم لقول‬
‫النبي ‪" ‬بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك‬
‫الصلة" رواه مسلم في صحيحه عن جابر رضي الله‬
‫عنه‪ .‬ولقوله ‪" ‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن‬
‫تركها فقد كفر")‪.(2‬‬
‫واليات والحاديث في تعظيم شأن الصلة ووجوب‬
‫المحافظة عليها وإقامتها‬
‫دا‪.‬‬
‫كثيرة ج ً‬
‫ومتى ظهر الحق واتضحت أدلته لم يجز لحد أن‬
‫يحيد عنه لقول فلن أو فلن لن الله سبحانه يقول‪:‬‬
‫دوهُ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ء َ‬
‫فُر ّ‬ ‫ي ٍ‬ ‫في َ‬
‫ش ْ‬ ‫م ِ‬
‫عت ُ ْ‬
‫ن ت ََناَز ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫)( سورة النساء آية ‪.143 -142‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪211‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ر‬
‫خ ِ‬‫وم ِ اْل َ ِ‬‫وال ْي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫َ‬
‫ويل ‪ ، ‬ويقول سبحانه‪ :‬‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ن ت َأ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫خي ٌْر َ‬ ‫ك َ‬
‫عن أ َمر َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬
‫ن تُ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ن َ ْ ْ ِ ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬‫حذَ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫م ‪.(2)‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ِ‬
‫ول يخفى ما في الصلة في الجماعة من الفوائد‬
‫الكثيرة والمصالح الجمة ومن أوضح ذلك التعارف‬
‫والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق والصبر‬
‫عليه‪ .‬وتشجيع المتخلف وتعليم الجاهل وإغاظة أهل‬
‫النفاق والبعد عن سبيلهم‪ .‬وإظهار شعائر الله بين‬ ‫‪#‬‬

‫عباده والدعوة إليه سبحانه بالقول والعمل إلى غير‬


‫ذلك من الفوائد الكثيرة‪ ،‬وفقني الله وإياكم لما فيه‬
‫رضاه وصلح أمر الدنيا والخرة‪ ،‬وأعاذنا جميًعا من‬
‫شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬ومن مشابهة الكفار‬
‫والمنافقين إنه جواد كريم‪ .‬والسلم عليكم ورحمة‬
‫الله وبركاته‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫حكم مسابقة المام في الصلة‬

‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل‬


‫نبي بعده‪ ..‬وبعد‪ :‬فهذه كلمة موجزة عن حكم من‬
‫يقوم بمسابقة المام في الصلة‪ ،‬التي ابتلي كثير‬
‫من المصلين بها ول حول ول قوة إل بالله فنقول‬
‫وبالله التوفيق‪ :‬جاء عن النبي ‪ :‬أنه قال "أما‬
‫يخاف الذي يرفع رأسه قبل المام أن يحول الله‬

‫)( سور النساء آية ‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪212‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رأسه رأس حمار")‪ (1‬قال المام أحمد وذلك لساءته‬
‫في صلته لنه ل صلة له‪ ،‬عن البراء بن عازب قال‪:‬‬
‫كنا خلف النبي ‪ ‬فكان إذا انحط من قيامه للسجود‬
‫ل يحني أحد منا ظهره حتى يضع النبي ‪ ‬جبهته‬
‫على الرض)‪ (2‬وفي صحيح مسلم أن أصحاب النبي‬
‫ما وإنا لسجود‬ ‫‪ ‬قالوا لقد كان النبي ‪ ‬يستوي قائ ً‬
‫بعد وفي صحيح مسلم أن النبي ‪ ‬قال )إذا كبر‬
‫المام فكبروا‪ ،‬وإذا قرأ فأنصتوا(‪ .‬قال المام أحمد‬
‫رحمة الله عليه)‪ (3‬معنى "إذا كبر فكبروا" أن تنتظروا‬
‫المام حتى يكبر ويفرغ من تكبيره وينقطع صوته ثم‬
‫تكبرون بعده اهي فعلى هذا ينبغي أن ل يكبر أحدنا‬
‫لركوع ول لسجود ول لخفض ول لرفع حتى يكمل‬
‫المام صوته بأن يقول الله أكبر – ولكن بعض الناس‬
‫هداهم الله لحظة ما يقول المام الله أكبر يهوي مع‬
‫إمامه‬
‫وهذا ل يجوز بل ل بد أن يكمل المام التكبير ثم يكبر‬
‫المأموم بعده للحاديث المرة بالمتابعة والناهية عن‬
‫المسابقة‪ ،‬فمسابقة المام حرام لما سبق من‬
‫‪#‬‬‫الحاديث الصحيحة قال شيخ السلم ابن تيمية)‪ (4‬أما‬
‫مسابقة المام فحرام باتفاق الئمة وقال ومن فعل‬
‫ذلك استحق العقوبة والتعزير الذي يردعه كما روي‬
‫عن ابن عمر أنه رأى رجًل يسابق المام فضربه‬
‫وقال ل وحدك صليت ول بإمامك اقتديت‪.‬اهي‪ .‬وقد‬
‫قال)‪ (5‬العلماء من كبر مع إمامه للحرام –أي تكبيرة‬
‫متفق عليه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫متفق عليه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رسالة الصلة للمام أحمد‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫مجموع الفتاوي ‪ 336 /23‬ط ‪.1‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫حاشية المقنع ‪.195 /1‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪213‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحرام‪ -‬لم تنعقد صلته)‪ (6‬وذهب جماعة من الفقهاء‬
‫من الحنابلة وغيرهم إلى أن من ركع أو سجد قبل‬
‫إمامه فعليه أن يرفع ليأتي به بعده فإنه إن لم يفعل‬
‫دا بطلت صلته‪ .‬فعلى كل مسلم –يحب الله‬ ‫عم ً‬
‫ورسوله أن يمتثل ما أمره به الله ورسوله في كل‬
‫أموره وأن ينتهي عن ما نهاه الله عنه ورسوله‪،‬‬
‫والنسان يخرج إلى الصلة حينما يسمع الذان يبتغي‬
‫بذلك وجه الله لكن حينما يدخل في الصلة يخدعه‬
‫الشيطان ويبقى يسابق إمامه‪ .‬فعليك أخي المسلم‬
‫الهتمام بصلتك والتيان بها على الوجه المطلوب‬
‫فهي عمود الدين‪ ،‬فاتق الله واحذر كل الحذر من‬
‫مسابقة المام فإن في مسابقة المام مخالفة‬
‫لرسول الله ‪ ‬وعليك يا أخي المسلم أن تنصح من‬
‫تراه يقع في هذا العمل وتحذره من ذلك فإن ذلك‬
‫واجب عليك‪ ،‬وأنتم أيها الئمة عليكم بتقوى الله وأن‬
‫تحاولوا بقدر استطاعتكم أن ل يسابقكم المأمومون‬
‫من خلفكم وعليكم أن تذكروا جماعتكم وتنصحونهم‬
‫وتعلمونهم بأن هذه المسابقة مخالفة لمر الله‬
‫ورسوله ‪ ‬فإن ذلك واجب عليكم‪ ،‬جاء في الحديث‬
‫عن ابن مسعود رضي الله عنه من رأى منكم من‬
‫يسيء في صلته فلم ينهه شاركه في وزرها وعارها‬
‫فاتقوا الله عباد الله في صلتكم فإنها آخر ما يفقد‬
‫من دينكم وهي وصية نبيكم عند مفارقته للدنيا وفقنا‬
‫الله لما يحبه ويرضاه‪ .‬وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد‪.‬‬

‫)( المقنع مع الحاشية ‪.195 /1‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪214‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وجوب الطمأنينة في صلة التراويح‬
‫وغيرها من الصلوات‬

‫من صالح بن أحمد الخريصي إلى من يراه‬


‫ويسمعه من إخواننا المسلمين وفقني الله وإياهم‬
‫لما يحبه ويرضاه آمين‪ ،‬سلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪ ،‬أما‬
‫‪#‬‬

‫بعد‪ :‬فاعلموا وفقني الله وإياكم أن التراويح من‬


‫أعلم الدين الظاهرة وأنها سنة مؤكدة أجمع‬
‫المسلمون عليها‪ ،‬وفعل الصحابة لها مشهور‪ ،‬تلقته‬
‫فا بعد سلف وأول من جمعهم على‬ ‫المة عنهم خل ً‬
‫هذه الكيفية الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬كما روى مالك رحمه الله عن يزيد بن‬
‫رومان قال‪ :‬كان الناس يقومون في زمن عمر رضي‬
‫الله عنه في رمضان بثلث وعشرين ركعة‪ ،‬وهذا في‬
‫عا)‪.(1‬‬
‫مظنة الشهرة بحضرة من الصحابة‪ ،‬فكان إجما ً‬
‫مع أنه ‪ ‬صلى بأصحابه ليالي ثم تركها خشية‬
‫أن تفرض‪ ،‬كما في المتفق عليه من حديث عائشة‬
‫رضي الله عنها‪ ،‬ولم ينكرها إل أهل البدع من‬
‫الرافضة وغيرهم‪ ،‬ولهذا يذكرها أهل السنة والجماعة‬
‫في عقائدهم‪ ،‬إذا تقرر هذا فغير خاف ما وردت به‬
‫السنة من فضل قيام رمضان‪ ،‬والترغيب فيه‪ ،‬وما‬
‫يترتب على ذلك من الجر والثواب‪ ،‬ولكن ينبغي أن‬
‫يعلم أن الصلة والقيام‪ ،‬بل وسائر العمال حقيقة‬
‫هي التي تقع على الوجه الشرعي الذي أمر الله به‬
‫)( وثبت أنه صلى الله عليه وسيلم ميا زاد فيي رمضيان ول غييره عليى‬ ‫‪1‬‬

‫إحدى عشرة ركعة وليس فيه حد محدود لكن الفضل كفعله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪215‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في كتابه وعلى لسان رسوله ‪ ‬وما سوى ذلك فإن‬
‫العبد ل يثاب عليه بل قد يعاقب‪ ،‬وبعض الخوان‬
‫وفقنا الله وإياهم للصواب ل يحسن في هذه العبادة‬
‫ويسرع فيها سرعة تخل بالمقصود‪ ،‬وهذا أمر ل‬
‫يجوز‪ ،‬لن العبد يطلب ثواب الله في هذه العبادة‬
‫والله تبارك وتعالى ل يتقرب إليه إل بما يحب‬
‫ة‪‬‬ ‫صَل َ‬‫موا ال ّ‬ ‫وأ َ ِ‬
‫قي ُ‬ ‫ويرضى‪ ،‬وقد قال عز وجل‪َ  :‬‬
‫قم ِ‬‫وأ َ ِ‬‫ة ‪ ‬وقال‪َ  :‬‬ ‫صَل َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬
‫ن يُ ِ‬ ‫وقال‪ :‬ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ة ‪ ‬وقال‬ ‫صَل َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مي َ‬ ‫قي ِ‬
‫م ِ‬‫وال ْ ُ‬
‫ة ‪ ‬وقال‪َ  :‬‬ ‫صَل َ‬
‫ال ّ‬
‫صَل ِ‬
‫ة‬ ‫م ال ّ‬
‫قي َ‬ ‫عل ِْني ُ‬
‫م ِ‬ ‫ج َ‬
‫با ْ‬ ‫الخليل عليه السلم ‪َ‬ر ّ‬
‫‪ ‬واليات في هذا كثيرة‪ ،‬ول تكاد تجد ذكر الصلة‬
‫في موضع من التنزيل إل مقروًنا بإقامتها‪ ،‬وإقامتها‬
‫هو التيان بها قائمة تامة‪ ،‬القيام‪ ،‬والركوع‪ ،‬والسجود‪،‬‬
‫والذكار‪،‬‬
‫وهذا ل يحصل مع هذه العجلة‪ ،‬وقد علق الله تبارك‬
‫وتعالى‬
‫الفلح بخشوع المصلي في صلته‪ ،‬ويستحيل حصول‬
‫الخشوع‬
‫مع العجلة والنقر وكلما زادت العجلة قل خشوع‬
‫المصلي‪ ،‬حتى تصير هذه العبادة بمنزلة العبث الذي‬
‫‪#‬‬ ‫ل يصحبه خشوع ول إقبال عليها‪،‬‬
‫أفل يتصور صاحب هذه الصلة أنها معروضة على‬
‫الله عز وجل‪ ،‬فل يأمن أن تلف كما يلف الثوب‬
‫الخلق ويضرب بها وجهه‪ ،‬وربما ظن بعض الناس أن‬
‫التراويح تطوع ول يلزم إتمام الركوع والسجود‬
‫والعتدالين فيها‪ ،‬وهذا غلط ممن ظنه كما نبه عليه‬
‫‪216‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المام أحمد رحمه الله في الرسالة‪ ،‬لنه لما دخل‬
‫في هذه العبادة وجب عليه إتمامها‪ ،‬وإكمالها‪،‬‬
‫وإحكامها‪ ،‬وقد نفى ‪ ‬اسم الصلة وحقيقتها عن‬
‫المسيء في صلته‪ ،‬حيث كانت خالية من الطمأنينة‬
‫فقال ارجع فصل إنك لم تصل‪ ،‬وقد صلى صلة ذات‬
‫قيام وركوع وسجود واعتدالين ولكن لما أخل‬
‫بالطمأنينة خاطبه الشارع ‪ ‬بقوله فإنك لم تصل‪،‬‬
‫فاحذر أيها المصلي كصلة المسيء أن تكون كذلك‪،‬‬
‫وقد سئل الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد رحمهما‬
‫الله عن العجلة في صلة التراويح‪ ،‬فأجاب رحمه‬
‫الله‪ ،‬قولك إن المام إذا استعجل صلى معه أكثر‬
‫الناس‪ ،‬وإذا طول لم يصل معه إل القليل‪ ،‬فإن‬
‫الشيطان له غرض ويحرص على ترك العمل‪ ،‬فإن‬
‫عجز عن ذلك سعى فيما يبطل العمل‪ ،‬وكثير من‬
‫الئمة في البلدان يفعل في التراويح فعل أهل‬
‫الجاهلية‪ ،‬ويصلون صلة ما يعقلونها ول يطمئنون في‬
‫الركوع والسجود‪ ،‬والطمأنينة ركن ل تصح الصلة إل‬
‫بها والمطلوب في الصلة حضور القلب بين يدي الله‬
‫عز وجل واتعاظه بكلم الله إذا تلي عليه إلى آخر‬
‫كلمه رحمه الله)‪ (1‬وكلم الشيخ هذا هو الواقع في‬
‫كثير من الئمة عصمنا الله وإياهم‪.‬‬
‫فيا أيها الخوان انتبهوا لما أشرت إليه في هذه‬
‫الكلمة ول يكن حظي القول وحظكم الستماع فقط‬
‫دون العمل واعلموا أن التراويح سميت بذلك لن‬
‫السلف كانوا يتروحون بعد كل أربع ركعات أي‬

‫)( انظر الدرر السنية في الجوبة النجدية ‪.186 /4‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪217‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يستريحون من طول القيام وإنهم كانوا يعتمدون‬
‫على العصي من طول القيام وهذا ل مطمع فيه‬
‫ولكن الذي ينبغي للعاقل اللبيب الناصح لنفسه الذي‬
‫دا أن يتقي الله في أموره عامة وفي‬‫يريد نجاتها غ ً‬
‫هذه العبادة خاصة فرضها ونفلها التي أصبحت‬
‫مضماًرا لبعض الناس يحرص كل الحرص على أن‬
‫يسبق غيره في الخروج‪ ،‬وليس السابق في الحقيقة‬
‫من خرج قبل الناس إنما السابق من قام بما أمر به‬
‫وحصلت له مغفرة ربه كما قال تعالى‪ :‬‬
‫‪#‬‬

‫في‬
‫ن* ِ‬‫قّرُبو َ‬ ‫ن * ُأول َئ ِ َ‬
‫ك ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ساب ِ ُ‬
‫قو َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫قو َ‬ ‫ساب ِ ُ‬‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫عيم ِ ‪ ‬وقال عمر بن عبد العزيز رحمه‬ ‫ت الن ّ ِ‬ ‫جّنا ِ‬
‫َ‬
‫الله عند النصراف من عرفة "ليس السابق من‬
‫سبق به بعيره إنما السابق من غفر له" فاتقوا الله‬
‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫في ِ‬
‫ن ِ‬
‫عو َ‬
‫ج ُ‬
‫ما ت ُْر َ‬
‫و ً‬
‫قوا ي َ ْ‬ ‫عباد الله ‪َ ‬‬
‫وات ّ ُ‬
‫ن‬ ‫م َل ي ُظْل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ه ْ‬
‫و ُ‬‫ت َ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٍ‬‫ل نَ ْ‬ ‫فى ك ُ ّ‬ ‫و ّ‬‫م تُ َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫َ‬
‫ن‬‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬‫ها ال ْ ُ‬‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬‫ج ِ‬
‫ه َ‬‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫‪َ  ‬‬
‫ن ‪ ‬هذا وأسأل الله الكريم رب‬ ‫حو َ‬ ‫م تُ ْ‬
‫فل ِ ُ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬‫لَ َ‬
‫العرش العظيم أن يهدينا وإخواننا صراطه المستقيم‬
‫إنه جواد كريم رءوف رحيم‪ .‬وصلى الله على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫من الذكار المشروعة بعد السلم من‬


‫الصلة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫قال رسول الله ‪" ‬الدعاء مخ العبادة" أخرجه‬


‫‪218‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫صا منا على نشر السنة‪ ،‬ولكون كثير‬ ‫الترمذي )حر ً‬
‫من المصلين يأتون ببعض الدعية على خلف الثابت‬
‫الصحيح عن رسول الله ‪ ‬فقد أحببنا نشر هذه‬
‫الذكار‪:‬‬
‫من ‪ /‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى جميع‬
‫من يراه من المسلمين‪ :‬السنة أن يأتي بهذه الذكار‬
‫بعد كل فريضة تأسًيا بالنبي ‪.‬‬
‫)‪ (1‬أستغفر الله‪ (2) .‬أستغفر الله )‪ (3‬أستغفر‬
‫الله)‪ .(1‬اللهم أنت السلم ومنك السلم تباركت يا ذا‬
‫الجلل والكرام)‪ (2‬ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ .‬له‬
‫الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)‪ (3‬ل حول‬
‫ول قوة إل بالله)‪ (4‬ل إله إل الله ول نعبد إل إياه‪ .‬له‬
‫النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن‪ .‬ل إله إل الله‬
‫مخلصين له الدين ولو كره الكافرون)‪ (5‬اللهم ل مانع‬
‫لما أعطيت ول معطي لما منعت‪ .‬ول ينفع ذا الجد‬
‫‪#‬‬ ‫منك الجد)‪ (6‬معناها‪) :‬ل مانع لما أعطى الله‬
‫ول معطي لما منع الله ول ينفع ذا الغنى غناه بل‬
‫الكل فقراء إلى الله عز وجل ثم بعد ذلك يقول‪:‬‬
‫سبحان الله ثلًثا وثلثين‪ ،‬والحمد لله ثلًثا وثلثين –‬
‫والله أكبر ثلًثا وثلثين)*( ثم يقول تمام المائة ل إله‬
‫إل الله وحده ل شريك له‪ .‬له الملك وله الحمد وهو‬
‫على كل شيء قدير ثم يقرأ آية الكرسي ‪‬الل ّ ُ‬
‫)‪(8‬‬ ‫)‪(7‬‬
‫ه‬
‫رواه مسلم وغيره‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫رواه مسلم وغيره‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫متفق عليه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه مسلم وغيره‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫رواه أحمد ومسلم وأبو داود‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬

‫رواه مسلم وغيره‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪7‬‬

‫رواه النسائي وصححه ابن حبان‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪8‬‬


‫‪219‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ول َ‬ ‫ة َ‬ ‫سن َ ٌ‬‫خذُهُ ِ‬ ‫م ل َ ت َأ ْ ُ‬ ‫قّيو ُ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه إ ِل ّ ُ‬ ‫ل َ إ َِلـ َ‬
‫َ‬
‫من َ‬
‫ذا‬ ‫ض َ‬ ‫في الْر ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫في ال ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م لّ ُ‬ ‫و ٌ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫دي ِ‬ ‫ن أي ْ ِ‬ ‫ما ب َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ه يَ ْ‬ ‫عن ْدَهُ إ ِل ّ ب ِإ ِذْن ِ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ه إ ِل ّ‬ ‫م ِ‬ ‫عل ْ ِ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫ء ّ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫طو َ‬ ‫حي ُ‬ ‫ول َ ي ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫خل ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ول َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ما َ‬
‫ض َ‬ ‫والْر َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫سي ّ ُ‬ ‫ع كْر ِ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫شاء َ‬ ‫بِ َ‬
‫ظيم ‪ ‬سورة‬ ‫ع ِ‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫عل ِ ّ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫فظ ُ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ؤودُهُ ِ‬ ‫يَ ُ‬
‫البقرة آية ‪.255‬‬
‫ثم بعد ذلك يقرأ‪) :‬قل هو الله أحد‪ ،‬والمعوذتين‬
‫بعد كل صلة من‪ :‬الظهر والعصر والعشاء والفجر‪.‬‬
‫وفي المغرب والفجر يكرر قل هو الله أحمد‬
‫والمعوذتين ثلث مرات هذا هو الفضل()‪) (1‬وصلى‬
‫الله على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه‬
‫وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين(‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ويقول بعد صلة الفجر وصلة المغرب ل‬
‫إله إل الله وحده ل شريك له له الملك وله الحمد‬
‫وهو على كل شيء قدير عشر مرات للحديث الذي‬
‫رواه الترمذي من حديث أبي ذر وصححه)‪.(2‬‬

‫مسائل في السهو في الصلة‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على‬


‫نبينا محمد الذي بلغ البلغ المبين‪ ،‬وعلى آله‬
‫وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬

‫‪ () 1‬رواه أهل السنن الربعة‪.‬‬


‫‪ () 2‬ورواه أحمد وغيره من حديث أبي أيوب وصححه ابن حبان‪.‬‬
‫)*( يعني يقول‪" :‬سبحان الله والحمد لله والله أكييبر" حييتى يقييولهن كلهيين‬
‫ثلًثا وثلثين مرة‪.‬‬
‫‪220‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أما بعد‪ :‬فإن كثيًرا من الناس يجهلون كثيًرا من‬
‫أحكام سجود السهو‪ .‬فمنهم من يترك السجود في‬
‫‪#‬‬‫موضعه‪ ،‬ومنهم من يسجد في غير موضع‬
‫السجود‪ ..‬ومنهم من يسجد قبل السلم كلما سها‬
‫وإن كان موضع السجود بعد السلم‪ .‬حتى أصبح‬
‫السجود للسهو بعد السلم أمًرا مستنكًرا غريًبا لدى‬
‫ضا من‬ ‫أكثر المصلين‪ .‬ولهذا فإني أقدم لخواني بع ً‬
‫أحكام هذا الباب راجًيا من الله تعالى أن يفتح بها‬
‫وينفع بها عباده والله الموفق‪.‬‬
‫وقد جعلت الكلم في خمس مسائل يكثر‬
‫وقوعها‪:‬‬
‫المسألة الولى‪ :‬إذا نسي فسلم قبل تمام صلته‬
‫ثم تذكر أو ذكر‪ .‬فإن كان ذلك بعد زمن قليل ل‬
‫يتجاوز خمس أو أربع دقائق مثًل فإنه يكمل صلته‬
‫ويسلم منها ثم يسجد للسهو بعد السلم سجدتين‬
‫ويسلم بعدهما مرة ثانية‪ .‬وإن لم يتذكر إل بعد أن‬
‫طال الزمن فإنه يعيد الصلة من جديد لتعذر بناء‬
‫آخرها على أولها‪ .‬دليل ذلك‪:‬‬
‫ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن‬
‫النبي ‪ ‬صلى بهم الظهر أو العصر فسلم من‬
‫ركعتين فخرج السرعان من أبواب المسجد يقولون‬
‫قصرت الصلة‪ .‬وقام النبي ‪ ‬إلى خشبة في‬
‫المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان‪ ،‬فقام رجل فقال يا‬
‫رسول الله أنسيت‪ ،‬أم قصرت الصلة؟ فقال النبي‬
‫‪" :‬لم أنس ولم تقصر"‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬بلى قد‬
‫نسيت‪ ،‬فقال النبي ‪ ‬للصحابة‪ :‬أحق ما يقول؟‬
‫قالوا نعم‪ .‬فتقدم النبي ‪ ‬فصلى ما بقي من صلته‬
‫‪221‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم‪.‬‬
‫ما أو‬
‫المسألة الثانية‪ :‬إذا زاد في الصلة قيا ً‬
‫وا فإنه يسجد للسهو‬ ‫عا أو سجوًدا سه ً‬‫قعوًدا أو ركو ً‬
‫بعد السلم ودليل ذلك ما رواه عبد الله بن مسعود‬
‫سا فقيل‬‫رضي الله عنه أن النبي ‪ ‬صلى الظهر خم ً‬
‫له لما سلم أزيد في الصلة قال وما ذاك قالوا‬
‫سا فسجد سجدتين‪ .‬وفي رواية فثني‬ ‫صليت خم ً‬
‫رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم‪.‬‬
‫وإذا قام المصلي إلى الركعة الزائدة فتذكر أو‬
‫ذكر وهو في أثنائها‪ ،‬فإنه ل يجوز له أن يستمر فيها‬
‫بل يجب عليه أن يجلس في الحال ويقرأ التشهد‬
‫الخير ثم يسلم ثم يسجد للسهو ويسلم لنه ل يجوز‬
‫للنسان أن يزيد في صلة على العدد المحدود‬
‫عا‪.‬‬
‫‪#‬‬ ‫شر ً‬
‫‪222‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المسألة الثالثة‪ :‬إذا نسي التشهد الول ونهض‬
‫ما فإنه ل يرجع بل يستمر في صلته‬ ‫حتى استتم قائ ً‬
‫ويسجد للسهو قبل السلم‪ .‬وإن تذكر أو ذكر بعد‬
‫ما فإنه يرجع ويقرأ‬
‫نهوضه وقبل أن يستتم قائ ً‬
‫التشهد ثم يكمل صلته‪ .‬وإن تذكر أو ذكر قبل أن‬
‫ينهض يعني أنه رفع من السجود يريد القيام ولكنه‬
‫تذكر أو ذكر قبل أن ينهض فخذيه عن ساقيه فإنه‬
‫يستقر في الجلوس وجوًبا ويأتي بالتشهد‪ .‬ثم يكمل‬
‫صلته ول يسجد للسهو في هذه الحال لنه لم يأت‬
‫بزيادة ول نقص‬
‫في صلته‪.‬‬
‫ودليل السجود لترك التشهد الول‪ :‬ما رواه‬
‫البخاري وغيره عن عبد الله بن بحينة رضي الله عنه‬
‫أن النبي ‪ ‬صلى بهم الظهر فقام في الركعتين‬
‫الوليين ولم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى‬
‫الصلة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس وسجد‬
‫سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم‪.‬‬
‫ومثل ذلك إذا نسي شيًئا من واجبات الصلة‬
‫مثل أن ينسى قول سبحان ربي العظيم في الركوع‪،‬‬
‫أو قول ربنا ولك الحمد في الرفع منه أو قول‬
‫سبحان ربي العلى في السجود فإنه يسجد للسهو‬
‫قبل السلم جبًرا لما نقص من صلته بترك الواجب‪.‬‬
‫المسألة الرابعة‪ :‬إذا نسي سجدة من إحدى‬
‫الركعات حتى قام إلى الركعة التي تليها فإنه يجب‬
‫عليه أن يرجع إلى الركعة السابقة ليأتي بالسجدة‬
‫التي نسيها‪ ،‬ثم يكمل صلته ويسجد للسهو قبل أن‬
‫يسلم فإن لم يتذكر حتى وصل إلى موضعها من‬
‫‪223‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الركعة التي تليها فإنه يلغي الركعة السابقة وتقوم‬
‫التي تليها مقامها فيكمل عليها صلته ويسجد للسهو‬
‫بعد السلم‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬إنسان ترك السجدة الثانية من‬
‫وا فلما قام إلى الركعة الثانية‬
‫الركعة الولى سه ً‬
‫تذكر أو ذكر قبل أن يصل إلى محل السجود الثاني‬
‫من الركعة الثانية فإنه يرجع إلى الركعة الولى‬
‫ويأتي بسجدتها التي نسيها‪ .‬ثم يقوم إلى الركعة‬
‫الثانية ليتم صلته‪ ،‬ويسجد للسهو بعد السلم وإن‬
‫قام إلى الركعة الثانية ولم يتذكر إل بعد السجدة‬
‫الولى منها فإن الركعة الولى تلغي وتقوم الركعة‬
‫الثانية مقامها فتكون هي الولى يكمل عليها صلته‬
‫ويسجد للسهو بعد السلم‪.‬‬
‫‪224‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وهكذا جميع الركان إذا تركها من ركعة ثم تذكر‬
‫أو ذكر في الركعة التي تليها فإنه يرجع متى ذكر إل‬
‫أن يصل إلى الركن المتروك من الركعة الثانية فإنه‬
‫ضا عنها ويسجد‬ ‫يلغي الولى وتكون التي بعدها عو ً‬
‫للسهو بعد السلم‪.‬‬
‫المسألة الخامسة‪ :‬إذا شك في عدد الركعات‬
‫هل صلى ركعتين أو ثلًثا فإن ترجح عنده أحد‬
‫المرين عمل بالراجح وأتم عليه صلته ثم سلم‬
‫وسجد للسهو بعد السلم‪.‬‬
‫مثال ذلك‪ :‬إنسان يصلي الظهر فلما كان في‬
‫الركعة الثانية شك هل هي الركعة الثانية أو الثالثة‬
‫وترجح عنده أنها الثانية فيجعلها الثانية وليأت‬
‫بركعتين ثم يسلم ثم يسجد للسهو بعد السلم‬
‫ويسلم له‪ .‬وإن ترجح عنده أنها الثالثة جعلها الثالثة‬
‫وأتى بركعة واحدة ثم سلم وسجد للسهو بعد‬
‫السلم‪.‬‬
‫ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من‬
‫حديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي ‪ ‬قال‬
‫إذا شك أحدكم في صلة فليتحر الصواب‪ :‬وفي‬
‫رواية فلينظر أقرب ذلك إلى الصواب فليتم عليه ثم‬
‫ليسلم ثم ليسجد سجدتين وإن لم يترجح عنده شيء‬
‫فإنه يعمل بالقل فيتم عليه ويسجد سجدتين قبل أن‬
‫يسلم‪.‬‬
‫مثاله‪ :‬إنسان يصلي الظهر فلما كان في الركعة‬
‫الثانية شك هل هي الثانية أو الثالثة ولم يترجح أحد‬
‫‪225‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المرين فيجعلها الثانية وليأت بركعتين ثم يسجد‬
‫للسهو قبل أن يسلم‪.‬‬
‫ودليل ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري رضي الله‬
‫عنه أن النبي ‪ ‬قال إذا شك أحدكم في صلته فلم‬
‫يدركم صلى ثلًثا أم أربًعا فليطرح الشك وليبن على‬
‫ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم رواه‬
‫أحمد ومسلم‪.‬‬
‫واعلم أنه إذا حصل الشك بعد فراغ الصلة‬
‫والسلم منها فإنه ل يلتفت إليه والصل وقوع الصلة‬
‫على الصواب كما لو تيقن الطهارة وشك في الحدث‬
‫فإنه ل يلتفت إلى هذا الشك إل إذا تيقن أن في‬
‫صا فليعمل بمقتضى يقينه والله‬‫الصلة زيادة أو نق ً‬
‫‪#‬‬‫أعلم‪.‬‬
‫‪226‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)فائدة( علم مما سبق أن السجود للسهو كله‬
‫قبل السلم إل في موضعين‪ :‬أحدهما‪ :‬إذا زاد في‬
‫صلته ومنه إذا سلم قبل تمام صلته ناسًيا ثم ذكر‬
‫قريًبا وأتمها فإنه يسجد للسهو بعد السلم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬إذا شك في عدد الركعات وترجح عنده‬
‫أحد المرين فإنه يعمل بالراجح فيتم عليه ويسجد‬
‫للسهو بعد السلم‪ .‬والله أعلم‪ .‬وصلى الله على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫قاله‪ :‬كاتبه‪ /‬محمد الصالح العثيمين‪.‬‬
‫هذه أبيات لبراهيم بن أدهم رحمه الله في‬
‫الحث على قيام الليل قال‪:‬‬
‫إلى كم تنام الليل‬ ‫قم الليل يا هذا لعلك‬
‫ينفدمحرابه يتهجد‬ ‫والعمر‬
‫وغيرك في‬ ‫ترشدبطول الليل‬
‫أراك‬
‫فل حرها يطفى ول‬ ‫ما‬
‫مغرور والنار‬‫نائ ً‬ ‫ويحك‬
‫أترقد يا‬
‫فتظلميخمد‬
‫أحيانا وحينا توقد‬ ‫الجمر‬ ‫توقد‬
‫إنها نار يقال لها‬ ‫أل‬
‫ستحشر عطشاًنا ووجهك‬ ‫لظى‬
‫راكب العصيان‬ ‫فيا‬
‫الجر والحسان ما‬‫أسود‬
‫من‬ ‫خلها‬
‫البطال ما‬ ‫ويحك‬
‫علم‬ ‫ولو‬
‫يرقد‬
‫برب واحد يتعبد‬ ‫كان‬
‫ويخلو‬ ‫زاهد‬
‫وقام الليل‬ ‫نال‬
‫فصام‬
‫ويعلم أن الله ذو العرش‬ ‫نوم واجتهاد‬
‫وحزم‬‫والناس‬
‫بعزم‬
‫يعبد‬
‫لكان رسول الله حيا يخلد‬ ‫ورغبة‬
‫كانت الدنيا تدوم‬ ‫فلو‬
‫وآخر بالذنب الثقيل مقيد‬ ‫لهلها‬
‫بين مشغول‬ ‫فكم‬
‫وذاك شقي في الجحيم‬ ‫بطاعة ربه‬
‫سعيد في الجنان‬ ‫فهذا‬
‫مخلدفاض دمعي‬
‫وقد‬ ‫منعم بنفسي في‬
‫كأني‬
‫ترعد‬
‫العالمين‬ ‫والمفاصل‬
‫خير‬ ‫وقد قام‬ ‫واقف‬
‫الميزان‬ ‫القيامة‬
‫نصب‬ ‫وقد‬
‫محمددعاء صالح وهو‬
‫بكل‬ ‫والقضالطفه‬ ‫للفصل‬
‫الله يرجو‬ ‫إلى‬
‫ساجد‬
‫توالت على العاصين فيه‬ ‫عرشه الله في‬ ‫تحت‬
‫ليشفع عند‬
‫الشدائد‬ ‫أهل موقف‬
‫‪227‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫على أحمد المختار ماحن‬ ‫فصل إلهي كل يوم‬
‫راعدالليل يا هذا لعلك‬
‫قم‬ ‫وليلة‬
‫الل والصحاب ما‬ ‫مع‬
‫ترشد‬ ‫قال قائل‬
‫)‪(1‬‬
‫صلة ودعاء الستخارة‬

‫في صحيح البخاري عن جابر قال‪ :‬كان رسول‬


‫الله ‪ ‬يعلمنا الستخارة في المر‪ ،‬كما يعلمنا‬
‫السورة من القرآن يقول‪ :‬إذا هم)‪ (2‬أحدكم بالمر‬
‫فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل‪ :‬اللهم إني‬
‫أستخيرك)‪ (3‬بعلمك وأستقدرك)‪ (4‬بقدرتك‪،‬وأسألك من‬
‫فضلك العظيم‪ ،‬فإنك تقدر ول أقدر‪ ،‬وتعلم ول أعلم‪،‬‬
‫وأنت علم الغيوب‪ ،‬اللهم إن كنت تعلم أن هذا المر‬
‫–ويسمي حاجته‪ -‬خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة‬
‫أمري فاقدره لي)‪ (5‬ويسره لي ثم بارك لي فيه‪ .‬وإن‬
‫كنت تعلم أن هذا المر شر لي في ديني ومعاشي‬
‫وعاقبة أمري)‪ (6‬فأصرفه عني واصرفني عنه‪ ،‬واقدر‬
‫لي الخير حيث كان ثم أرضني به"‪.‬‬
‫)فائدة(‪ :‬سئل شيخ السلم ابن تيمية عن دعاء‬
‫الستخارة هل يدعو به في الصلة أم بعد السلم‪،‬‬
‫فأجاب يجوز الدعاء في صلة الستخارة وغيرها قبل‬
‫السلم وبعده‪ .‬والدعاء قبل السلم أفضل فإن النبي‬
‫‪ ‬أكثر دعائه كان قبل السلم فهذا أحسن والله‬
‫أعلم "مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية ج ‪23‬‬
‫الستخارة‪ :‬أن يطلب النسان من الله أن يختار له ما يوافقه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫هم بالمر‪ :‬عزم عليه‪ ،‬وأراده‪ ،‬وأحبه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫أستخيرك‪ :‬أطلب منك أن تختار لي ما يوافقني‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫أستقدرك أطلب منك القوة والقدرة والخير وأستعين بك‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫أقدره لي‪ :‬هيئه لي‪ .‬ويسره لي واقضي لي به‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫عاقبة أمري‪ :‬آخره ونهايته‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬


‫‪228‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ص ‪."177‬‬
‫التعليق‪:‬‬
‫)‪ (1‬إجراء الستخارة يدل على إقرار العبد‬
‫بعجزه ولجوئه إلى الله في كل أمر يهمه وما خاب‬
‫من استخار‪.‬‬
‫)‪ (2‬وفيه دليل على قدرة الخالق‪ ،‬وإحاطة‬
‫علمه وشموله‪ ،‬وأن بيده مقاليد المور يصرفها كيف‬
‫يشاء‪.‬‬
‫‪229‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪ (3‬الحديث في كل ألفاظه ومعانيه يدل على‬
‫تفويض العبد كل التفويض أموره إلى الله تعالى‪،‬‬
‫وخالص توكله عليه‪ ،‬وعظيم ثقته به‪ ،‬وأنه يتخلى عن‬
‫شأنه كله لله تعالى لنه هو العالم القادر على كل‬
‫شيء‪ ،‬وهذا هو لب اليمان‪.‬‬

‫)من فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد(‬


‫في الصلة وغيرها‬

‫من عبد الله بن محمد بن حميد إلى حضرة الخ‬


‫المكرم عبد العزيز بن عبد الرحمن الشثري سلمه‬
‫الله‪:‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪ ..‬لقد‬
‫وصلني كتابكم الكريم المؤرخ في ‪1378 /10 /18‬هي‬
‫والمتضمن السئلة التية وطلبكم الجابة عليها‪.‬‬
‫‪ -1‬المسألة الولى‪ :‬قولكم فيمن يأخذ الحج‬
‫بالنيابة بمبلغ قدره ألف ريال ينفق منها مائتي ريال )‬
‫‪ (200‬تقريًبا ويدخل الباقي في جملة ماله وهل هناك‬
‫فرق بين الغني والفقير في ذلك؟‬
‫فالجواب أن هذا الرجل إذا أخذ المال للنفقة‬
‫فإنه جائز بالتفاق أما إذا أخذه بالجارة فهذا فيه‬
‫خلف بين الفقهاء‪ ..‬فمن أصحاب الشافعي من‬
‫استحب ذلك وقال هو من أطيب المكاسب لنه‬
‫حا ويأكل طيًبا وقد نقل المزني عن‬
‫يعمل صال ً‬
‫‪230‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الشافعي نص أنه إذا قال المعضوب من حج عني‬
‫فله مائة درهم فحج عنه إنسان استحق المائة وقال‬
‫أصحاب الشافعي إذا صححنا النيابة في حج التطوع‬
‫استحق الجير الجرة المسماة بل خلف وكره المام‬
‫أحمد الجارة والجعالة‪ .‬وقال المغني يستناب عن‬
‫الميت ثقة في أقل ما يوجد إل أن يرضي الورثة‬
‫بزيادة أو يكون قد أوصى بشيء فيجوز ما أوصى به‬
‫ما لم يزد على الثلث‪ ،‬وقال شيخ السلم ابن تيمية‬
‫إذا كان قصده "أي المستناب" الكتساب بذلك وهو‬
‫أن يستفضل ماًل فهذا في صورة الجارة والجعالة‬
‫‪#‬‬ ‫والصواب أن هذا ل يستحب وإن قيل‬
‫بجوازه لن العمل المعمول للدنيا ليس بعمل صالح‬
‫في نفسه إذا لم يقصد به إل المال فيكون من نوع‬
‫المباحات فعلى هذا إن كان المستناب أخذ هذا‬
‫المبلغ للنفقة بدون اشتراط فهذا جائز وإن أخذه‬
‫حا كما‬
‫بالشتراط فهو غير مستحب وإن كان مبا ً‬
‫صرح به شيخ السلم‪ ،‬والفرق بين الغني والفقير‬
‫في ذلك أن الفقير إن كان أخذ المبلغ للنفقة وقضاء‬
‫دينه فحسن وأما الغني ففيه الباحة كما تقدم‬
‫والحاصل أنه إن كان أخذ المال ليحج فهذا ل بأس به‬
‫بل هو طيب وإن حج ليأخذ فهذا هو الذي ل يراه‬
‫جمع من أهل العلم كأبي حنيفة وكثير من الحنابلة‬
‫وغيرهم‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫‪ -2‬المسألة الثانية‪ :‬سؤالكم عن وجوب الصلة‬
‫على النبي ‪ ‬في التشهد الول‪.‬‬
‫فالجواب على هذا‪ :‬أن الصلة على النبي ‪ ‬في‬
‫‪231‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫التشهد الول ليست واجبة كما جاء في حديث ابن‬
‫مسعود رضي الله عنه أنه قال كنا إذا صلينا خلف‬
‫النبي ‪ ‬قلنا السلم على جبريل وميكائيل السلم‬
‫على فلن وفلن فالتفت النبي ‪ ‬فقال‪ :‬إن الله هو‬
‫السلم فإذا صلى أحدكم فليقل التحيات لله إلى‬
‫دا عبده ورسوله ثم ليتخير من الدعاء‬ ‫قوله وأن محم ً‬
‫أعجبه إليه وهذا هو التشهد المختار عند المام أحمد‬
‫رحمه الله وأكثر أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم‬
‫من التابعين ول تستحب الزيادة على هذا ول تطويله‬
‫وقد قال بعض أصحاب الشافعي بسنية الصلة على‬
‫النبي ‪ ‬في هذا التشهد والله أعلم‪.‬‬
‫‪ -3‬المسألة الثالثة‪ :‬سؤالكم عن حكم‬
‫الصطفاف مع المام في صلة الجنازة هل هي‬
‫مستحبة أم جائزة أم مكروهه‪ .‬فنقول الصطفاف مع‬
‫المام في صلة الجنازة حكمها الجواز غير أنهم إذا‬
‫كانوا كثيرين فينبغي أن يكونوا خلفه والولى‬
‫اصطفاهم خلف المام ثلثة صفوف ولو كانوا ستة‬
‫رجال بحيث يكون الصف اثنين وذلك أولى من‬
‫‪#‬‬‫دا والله أعلم‪.‬‬
‫فا واح ً‬
‫كونهم ص ً‬
‫‪232‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -4‬المسألة الرابعة‪ :‬قولكم هل في مذهب من‬
‫المذاهب من يرى الجمع بين التسميع والتحميد بعد‬
‫الركوع في حق المأموم؟ فالجواب أن المام‬
‫الشافعي رحمه الله يرى ذلك وعليه أصحابه قال في‬
‫شرح المهذب يستحب الجمع بين هذين الذكرين‬
‫للمام والمأموم والمنفرد‪ .‬وقالوا إنه ذكر يستحب‬
‫للمام فيستحب لغيره كالتسبيح في الركوع وغيره‬
‫وقد انفرد المام الشافعي بهذا الرأي ومذهب‬
‫جمهور العلماء اقتصار المأموم على قوله ربنا لك‬
‫الحمد لقوله ‪ ‬إذا قال المام سمع الله لمن حمده‬
‫فقولوا ربنا لك الحمد متفق عليه والله أعلم‪.‬‬
‫‪ -5‬المسألة الخامسة‪ :‬سؤالكم عن الحامل أو‬
‫من فيها عوار إذا حصل معها دم في رمضان هل‬
‫تفطر وتقضي أم تصوم ول تقضي؟ فالجواب‪ :‬أنها‬
‫إذا رأت الدم فإنها ل تلتفت إليه بل تصلي وتصوم‬
‫قا هذا هو المذهب وعليه‬ ‫وذلك إذا كان الحمل متحق ً‬
‫أكثر العلماء من الحنابلة وغيرهم‪ .‬وقيل إذا تكرر‬
‫الدم وصادف عادتها قبل الحمل وهو كدم الحيض ل‬
‫يختلف عنه فإنها تجلس وتترك الصلة والصوم لجله‬
‫وتقضيه وهذا القول اختاره شيخ السلم ابن تيمية‬
‫وهورواية عن أحمد وأفتى به بعض أئمة هذه الدعوة‬
‫لسلمية وهو قوي والله أعلم وصلى الله على‬ ‫ا ٍ‬
‫محمد‪.‬‬
‫‪233‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أسلة وأجوبة في الصلة وغيرها‬


‫وحكم لبس الساعة ذات الصليب‬

‫فتوى رقم ‪ 2615‬وتاريخ ‪1399 /9 /22‬هي‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على من ل نبي‬
‫بعده‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من‬
‫المستفتي حمود بن سعيد الدخيل والمحال إلى‬
‫اللجنة من‬
‫‪#‬‬

‫المانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم ‪ 507‬في ‪/7‬‬


‫‪1399 /3‬هي ولقد سأل عدة أسئلة نذكر كل سؤال‬
‫وجوابه يليه‪:‬‬
‫السؤال الول‪ :‬ما قولكم في بريرة الموتى‬
‫)الضحية( بدون وصية هل يجوز أن يشترك فيها‬
‫الحياء مع الموات أم ل؟‬
‫الجواب‪ :‬الضحية سنة مؤكدة إل إذا كانت وصية‬
‫فإنه يجب تنفيذها ويشرع للنسان أن يبر ميته‬
‫بالضحية ويجوز أن يشترك الموات مع الحياء‬
‫والصل في ذلك حديث أنس رضي الله عنه ضحى‬
‫النبي ‪ ‬بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده‬
‫وسمى وكبر‪ ،‬متفق عليه‪ .‬وفي رواية أخرى بيان أنه‬
‫ذبح أحدهما عنه وعن أهل بيته والثاني عمن وحد‬
‫‪234‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الله من أمته وذلك يشمل الحي والميت‪ .‬وعن عبد‬
‫الله بن عمر رضي الله عنهما أن رجًل سأل ابن عمر‬
‫عن الضحية أواجبة هي فقال ضحى رسول الله ‪‬‬
‫والمسلمون فأعادها عليه فقال أتعقل ضحى رسول‬
‫الله ‪ ‬والمسلمون أخرجه الترمذي‪.‬‬
‫السؤال الثاني‪ :‬ما قولكم عن وضوء النافلة هل‬
‫يصلي به الفريضة أم ل؟‬
‫والجواب‪ :‬إذا توضأ بنية الطهارة من الحدث‬
‫لصلة النافلة فإنه يصلي النوافل والفرائض ويفعل‬
‫غير ذلك مما تشترط له الطهارة من الحدث الصغر‪.‬‬
‫السؤال الثالث‪ :‬ما قولكم أثابكم الله عن الصلة‬
‫على النبي ‪ ‬في الجلوس الول من الفريضة هل‬
‫يجوز أم ل؟‬
‫والجواب‪ :‬المشروع في الجلوس للتشهد الول‬
‫أن يقول التحيات لله والصلوات والطيبات السلم‬
‫عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلم علينا‬
‫وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن ل إله إل الله‬
‫دا عبده‬
‫وأشهد أن محم ً‬
‫ورسوله‪.‬‬
‫هكذا كان يقول ‪ ‬بهذه الجلسة ويعلم أصحابه‬
‫أن يقولوه‪.‬أما الصلة عليه في هذه الجلسة فل نعلم‬
‫ما يدل عليها قال ابن القيم رحمه الله ولم‬
‫‪#‬‬

‫ينقل عنه في حديث قط أنه كان يصلي عليه وعلى‬


‫آله فيه‪ ،‬انتهى‪ .‬لكن عموم أحاديث المر بالصلة‬
‫‪235‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عليه لما سئل عن كيفيتها يدل شرعية ذلك ولعموم‬
‫عَلى‬
‫ن َ‬‫صّلو َ‬ ‫مَلئ ِك َت َ ُ‬
‫ه يُ َ‬ ‫و َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫قوله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سل ّ ُ‬
‫موا‬ ‫و َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه َ‬ ‫صّلوا َ‬
‫مُنوا َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ي َيا أي ّ َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ما ‪ (1)‬ولم يتقدم في التشهد الول إل ذكر‬ ‫سِلي ً‬ ‫تَ ْ‬
‫السلم فشرع أن يضم إليه الصلة عليه عمًل بعموم‬
‫الية والحاديث‪.‬‬
‫السؤال الرابع‪ :‬ما قولكم عن قراءة القرآن في‬
‫الركعتين الخيرتين من الفريضة هل يجوز أم ل؟‬
‫والجواب‪ :‬قراءة القرآن من غير الفاتحة في‬
‫الركعتين الخيرتين لم يرد فيها شيء عن النبي ‪‬‬
‫فيما نعلم إل في الظهر فل بأس أن يقرأ زيادة على‬
‫الفاتحة بمقدار نصف ما قرأ في الوليين منها‬
‫لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي‬
‫‪ ‬كان يقرأ في الوليين من الظهر قدر ثلثين آية‬
‫وفي الخريين قدر النصف من ذلك وفي الوليين من‬
‫العصر على قدر الخريين من الظهر وفي الخريين‬
‫من العصر على النصف من ذلك رواه مسلم‪.‬‬
‫السؤال الخامس‪ :‬ما قولكم في الخادم الذي لم‬
‫يشهد صلة الجماعة في المسجد هل تؤكل ذبيحته‬
‫أم ل؟‬
‫الجواب‪ :‬صلة الجماعة في المسجد واجبة على‬
‫من ليس لديه عذر شرعي من الرجال الحرار‬
‫والمتخلف عن الجماعة بغير عذر ل يكون كافًرا بل‬
‫)( سورة الحزاب آية ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪236‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫هو عاص فتؤكل ذبيحته ولكن يجب نصحه لداء‬
‫الصلة جماعة‪.‬‬
‫السؤال السادس‪ :‬ما قولكم في الركعتين تحية‬
‫المسجد هل يشملها النهي‬
‫أم ل؟‬
‫والجواب‪ :‬من دخل المسجد فإنه يصلي ركعتين‬
‫ول يشملهما النهي لقوله ‪ ‬إذا دخل أحدكم‬
‫المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين)‪ (1‬ولنهما من‬
‫‪#‬‬

‫ذوات السباب وإن جلس ولم يصلهما فل حرج ول‬


‫ينبغي في هذا التنازع لن المسألة خلفية لتعارض‬
‫ظواهر الحاديث في ذلك‪.‬‬
‫السؤال السابع‪ :‬ما قولكم في الصلة على‬
‫الجنازة قبل غروب الشمس بنصف ساعة تقريًبا هل‬
‫يجوز أم ل؟‬
‫والجواب‪:‬إذا كان السؤال عن مسألة واقعة فإن‬
‫الصلة التي وقعت صحيحة أما في المستقبل فالذي‬
‫ينبغي تأخير الصلة عليها حتى تؤدى صلة المغرب‬
‫ويصلى عليها تحصيًل لكثرة الجماعة وخرو ً‬
‫جا من‬
‫خلف من منعه‪.‬‬
‫السؤال الثامن‪ :‬ما قولكم عن فطرة زكاة‬
‫رمضان هل يجوز كيلوين وربع أو ستة أرطل؟‬
‫والجواب‪ :‬زكاة الفطر في رمضان ثلثة كيلو‬
‫تقريًبا من الحب والتمر وغير ذلك مما يشرع الخراج‬
‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪237‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫منه‪.‬‬
‫السؤال التاسع‪ :‬ما قولكم عن الساعة أم صليب‬
‫هل يجوز أن نصلي بها أم ل؟‬
‫والجواب‪ :‬ل يجوز لبس الساعة أم صليب ل في‬
‫الصلة ول غيرها حتى يزال الصليب بحك أو بوية‬
‫تستره لكن لو صلى وهي عليه فصلته صحيحة‬
‫والواجب عليه البدار بإزالة الصليب لنه من شعار‬
‫النصارى ول يجوز للمسلم أن يتشبه بهم‪.‬‬
‫السؤال العاشر‪ :‬ما قولكم عن بريرة الواحد‬
‫والديه بحجة وعنده مسجد بناء هل يتبرع بها‬
‫للمسجد أو للحج بها؟‬
‫والجواب‪ :‬إذا كانت الحاجة ماسة إلى تعمير‬
‫عا في عمارة‬‫المسجد فصرف نفقة الحج تطو ً‬
‫المسجد أولى لعظم النفع واستمراره وإعانة‬
‫المسلمين على إقامة الصلة جماعة‪ .‬أما إن كانت‬
‫الحاجة غير ماسة إلى صرف النفقة أعني نفقة الحج‬
‫التطوع في عمارة المسجد لوجود من يعمر غير‬
‫‪#‬‬‫صاحب الحج فحجه‬
‫عا عن والده بنفسه وبغيره من الثقات أفضل‬ ‫تطو ً‬
‫إن شاء الله لكن ل يجمعان في حجة واحدة بل يحج‬
‫لكل واحد وحده‪.‬‬
‫السؤال الحادي عشر‪ :‬ما قولكم عن رجل طلق‬
‫جا غيره ودخل بها وطلقها بعد ذلك‬‫زوجته وأخذت زو ً‬
‫‪238‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دون جماع حسب قولها هل تصح لزوجها‬
‫السابق أم ل؟‬
‫الجواب‪ :‬إذا كان الطلق الول ثلًثا فإنها ل تحل‬
‫جا غيره نكاح رغبة ل نكاح‬ ‫لزوجها الول حتى تنكح زو ً‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫فَل ت َ ِ‬
‫ها َ‬ ‫ن طَل ّ َ‬
‫ق َ‬ ‫تحليل ويطؤها لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫ه ‪ ‬وجاء تفسير‬ ‫جا َ‬ ‫لَ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫غي َْر ُ‬ ‫و ً‬
‫ح َز ْ‬
‫حّتى ت َن ْك ِ َ‬
‫عدُ َ‬
‫ن بَ ْ‬
‫م ْ‬
‫ه ِ‬
‫النكاح هنا بأنه الوطء فعن عائشة رضي الله عنها‬
‫قالت جاءت امرأة رفاعة إلى رسول الله ‪ ‬فقالت‬
‫كنت عند رفاعة القرظي فطلقني فبت طلقي‬
‫فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير وإنما معه مثل‬
‫هدبة الثوب فتبسم رسول الله ‪ ‬وقال "أتريدين أن‬
‫ترجعي إلى رفاعة ل حتى تذوقي عسيلته ويذوق‬
‫عسيلتك" الحديث رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الرزاق عفيفي‬ ‫عبد الله بن غديان‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬

‫أحكام طهارة المريض وصلته‬


‫لسماحة الشيخ عبد العزيز عبد الله بن باز‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على‬


‫)( سورة البقرة آية ‪.230‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪239‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أشرف النبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫فهذه كلمة مختصرة تتعلق ببعض أحكام طهارة‬
‫المريض وصلته‪:‬‬
‫‪#‬‬

‫لقد شرع الله سبحانه وتعالى الطهارة لكل‬


‫صلة فإن رفع الحدث وإزالة النجاسة سواًء من‬
‫البدن أو الثوب أو المكان المصلى فيه شرطان من‬
‫شروط الصلة‪ .‬فإذا أراد المسلم الصلة وجب عليه‬
‫أن يتوضأ الوضوء المعروف من الحدث الصغر أو‬
‫يغتسل إن كان حدثه أكبر‪ .‬ول بد قبل الوضوء من‬
‫الستنجاء بالماء أو الستجمار بالحجارة في حق من‬
‫بال أو أتى الغائط لتتم الطهارة والنظافة وفيما يلي‬
‫بيان لبعض الحكام المتعلقة بذلك‪:‬‬
‫فالستنجاء بالماء لكل خارج من السبيلين‬
‫كالبول والغائط‪ .‬وليس على من نام أو خرجت منه‬
‫ريح استنجاء إنما عليه الوضوء لن الستنجاء إنما‬
‫شرع لزالة النجاسة ول نجاسة ها هنا‪.‬‬
‫والستجمار يكون بالحجارة أو ما يقوم مقامها‬
‫ول بد فيه من ثلثة أحجار طاهرة لما ثبت عن النبي‬
‫‪ ‬أنه قال )من استجمر فليوتر()‪ (1‬ولقوله ‪ ‬أي ً‬
‫ضا‬
‫)إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلثة‬
‫أحجار فإنها تجزئ عنه( رواه أبو داود)‪ (2‬ولنهيه ‪‬‬
‫عن الستجمار بأقل من ثلثة أحجار‪ ،‬رواه مسلم‪ .‬ول‬
‫يجوز الستجمار بالروث والعظام والطعام وكل ما له‬

‫)( رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( قال المجد في المنتقى رواه أحمد والنسائي وأبييو داود والييدارقطني‬ ‫‪2‬‬

‫وقال إسناد صحيح حسن‪.‬‬


‫‪240‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حرمة‪.‬‬
‫والفضل أن يستجمر النسان بالحجارة وما‬
‫أشبهها كالمناديل ونحو ذلك‪ .‬ثم بتبعها الماء لن‬
‫الحجارة تزيل عين النجاسة والماء يطهر المحل‬
‫فيكون أبلغ‪ ،‬والنسان مخير بين الستنجاء بالماء أو‬
‫الستجمار بالحجارة وما أشبهها‪ .‬عن أنس رضي الله‬
‫عنه قال كان النبي ‪ ‬يدخل الخلء فأحمل أنا وغلم‬
‫نحوي إداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء‪ ،‬متفق‬
‫عليه‪ .‬وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لجماعة‬
‫من النساء )مرن أزواجكن أن يستطيبوا بالماء فإني‬
‫استحييهم‪ ،‬وإن رسول الله ‪ ‬كان يفعله()‪ (1‬قال‬
‫الترمذي هذا حديث صحيح‪ .‬وإن أراد القتصار على‬
‫أحدهما فالماء أفضل لنه يطهر المحل ويزيل العين‬
‫والثر وهو أبلغ في التنظيف وإن اقتصر على الحجر‬
‫‪#‬‬ ‫أجزاه ثلثة أحجار إذا نقي بهن المحل فإن لم‬
‫سا حتى ينقى المحل والفضل‬ ‫تكف زاد رابًعا وخام ً‬
‫أن يقطع على وتر لقول النبي ‪) ‬من استجمر‬
‫فليوتر( ول يجوز الستجمار باليد اليمنى لقول‬
‫سلمان في حديث )نهانا رسول الله ‪ ‬أن يستنجي‬
‫أحدنا بيمينه()‪ (2‬ولقوله ‪) ‬ل يمسكن أحدكم ذكره‬
‫بيمينه وهو يبول ول يتمسح من الخلء بيمينه()‪ (3‬وإن‬
‫كان أقطع اليسرى أو بها كسر أو مرض ونحوهما‬
‫استجمر بيمينه للحاجة ول حرج في ذلك‪.‬‬
‫)( قال في المنتقي رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم وأبو داود والترمذي‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪241‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وبما أن الشريعة السلمية مبنية على اليسر‬
‫والسهولة فقد خفف الله سبحانه وتعالى عن أهل‬
‫العذار عباداتهم بحسب أعذارهم ليتمكنوا من‬
‫عبادته تعالى بدون حرج ول مشقة قال تعالى‪ :‬‬
‫ج ‪ (1)‬وقال‬
‫حَر ٍ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫دي ِ‬
‫في ال ّ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ع َ‬
‫ل َ‬ ‫ج َ‬
‫ما َ‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫سَر ‪‬‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫ريدُ ب ِك ُ ُ‬ ‫وَل ي ُ ِ‬ ‫م ال ْي ُ ْ‬‫ه ب ِك ُ ُ‬‫ريدُ الل ّ ُ‬
‫‪‬ي ُ ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫ع ْ‬ ‫سَر َ‬
‫م ‪ ‬وقال‪ :‬عليه‬ ‫ست َطَ ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫فات ّ ُ‬‫وقال ‪َ ‬‬
‫)‪(3‬‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬
‫ه َ‬
‫الصلة والسلم )إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما‬
‫استطعتم()‪ (4‬وقال‪» :‬إن الدين يسر«)‪ (5‬فالمريض‬
‫إذا لم يستطع التطهر بالماء بأن يتوضأ من الحديث‬
‫الصغر أو يغتسل من الحدث الكبر لعجزه أو لخوفه‬
‫من زيادة المرض أو تأخر برئه فإنه يتيمم وهو أن‬
‫يضرب بيديه على التراب الطاهر ضربة واحدة‬
‫فيمسح وجهه بباطن أصابعه وكفيه براحتيه لقوله‬
‫ف َ‬ ‫َ‬
‫جاءَ‬
‫و َ‬
‫رأ ْ‬ ‫عَلى َ‬
‫س َ ٍ‬ ‫و َ‬
‫ضى أ ْ‬
‫مْر َ‬
‫م َ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫تعالى ‪َ ‬‬
‫وإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫فل َ ْ‬
‫ساءَ َ‬‫م الن ّ َ‬‫ست ُ ُ‬ ‫و َل َ‬
‫م ْ‬ ‫طأ ْ‬ ‫غائ ِ ِ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬‫من ْك ُ ْ‬‫حدٌ ِ‬ ‫أ َ‬
‫حوا‬‫س ُ‬‫م َ‬ ‫دا طَي ًّبا َ‬
‫فا ْ‬ ‫عي ً‬ ‫ص ِ‬‫موا َ‬ ‫م ُ‬‫فت َي َ ّ‬‫ماءً َ‬ ‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬‫تَ ِ‬
‫ه ‪ ‬والعاجز عن استعمال‬ ‫َ‬
‫ديك ُ ْ‬ ‫هك ُ ْ‬
‫)‪(6‬‬
‫من ْ ُ‬
‫م ِ‬ ‫وأي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جو ِ‬ ‫و ُ‬ ‫بِ ُ‬
‫الماء حكمه حكم من لم يجد الماء‪ .‬لقوله ‪ ‬لعمار‬
‫بن ياسر )إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا ثم ضرب‬
‫بيديه الرض ضربة واحدة ثم مسح بهما وجهه‬
‫وكفيه()‪ (7‬ول يجوز التيمم إل بتراب طاهر له غبار‪ .‬ول‬
‫يصح التيمم إل بنية لقوله ‪) ‬إنما العمال بالنيات‬
‫)( سورة الحج من آية ‪.78‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة من آية ‪.185‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة التغابن من آية ‪.16‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم بلفظ "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكيم بيه‬ ‫‪4‬‬

‫فأتوا منه ما استطعتم"‪.‬‬


‫)( رواه البخاري والنسائي‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.6‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪7‬‬


‫‪242‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وإنما لكل امرئ ما نوى()‪ (1‬وللمريض عدة حالت‪:‬‬
‫‪#‬‬

‫إن كان مرضه يسيًرا ل يخاف من‬ ‫‪-1‬‬


‫ضا مخوًفا ول إبطاء‬ ‫فا ول مر ً‬ ‫استعمال الماء معه تل ً‬
‫شا وذلك كصداع ووجع‬ ‫برء ول زيادة ألم ول شيًئا فاح ً‬
‫ضرس ونحوهما أو من يمكن استعمال الماء الدافئ‬
‫ول ضرر عليه فهذا ل يجوز له التيمم لن إباحته لنفي‬
‫الضرر ول ضرر عليه ولنه واجد للماء فوجب عليه‬
‫استعماله‪.‬‬
‫وإن كان به مرض يخاف معه تلف النفس‬ ‫‪-2‬‬
‫أو تلف عضو أو حدوث مرض يخاف معه تلف النفس‬
‫أو تلف عضو أو فوات منفعة فهذا يجوز له التيمم‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫قت ُُلوا أ َن ْ ُ‬‫وَل ت َ ْ‬ ‫لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫ما ‪.(2)‬‬ ‫حي ً‬
‫م َر ِ‬ ‫ب ِك ُ ْ‬
‫وإن كان به مرض ل يقدر معه على‬ ‫‪-3‬‬
‫الحركة ول يجد من يناوله الماء جاز له التيمم‪.‬‬
‫ومن به جروح أو قروح أو كسر أو مرض‬ ‫‪-4‬‬
‫يضره استعمال الماء فأجنب جاز له التيمم للدلة‬
‫السابقة وإن أمكنه غسل الصحيح من جسده وجب‬
‫عليه ذلك وتيمم للباقي‪.‬‬
‫مريض في محل لم يجد ماًءا ول تراًبا ول‬ ‫‪-5‬‬
‫من يحضر له الموجود منهما صلى على حسب حاله‬
‫قوا‬ ‫وليس له تأجيل الصلة لقول الله سبحانه ‪َ ‬‬
‫فات ّ ُ‬
‫م ‪ ‬سورة التغابن آية ‪.16‬‬ ‫عت ُ ْ‬‫ست َطَ ْ‬
‫ما ا ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫المريض المصاب بسلس البول ولم يبرأ‬ ‫‪-6‬‬
‫بمعالجته عليه أن يتوضأ لكل صلة بعد دخول وقتها‬
‫ويغسل ما يصيب بدنه ويجعل للصلة ثوًبا طاهًرا إن‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.29‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪243‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لم يشق عليه ذلك وإل عفي عنه لقوله تعالى‪ :‬‬
‫ج ‪ (1)‬وقوله‪:‬‬ ‫حَر ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي ِ‬
‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ل َ‬ ‫ع َ‬
‫ج َ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫سَر ‪‬‬ ‫م ال ْ ُ‬‫ريدُ ب ِك ُ ُ‬‫وَل ي ُ ِ‬ ‫م ال ْي ُ ْ‬‫ه ب ِك ُ ُ‬‫ريدُ الل ّ ُ‬
‫‪‬ي ُ ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫ع ْ‬ ‫سَر َ‬
‫وقوله ‪) ‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم(‬
‫ويحتاط لنفسه احتيا ً‬
‫طا يمنع انتشار البول في ثوبه أو‬
‫جسمه أو مكان صلته‪ .‬ويبطل التيمم بكل ما يبطل‬
‫الوضوء وبالقدرة على استعمال الماء أو وجوده إن‬
‫ما والله أعلم‪.‬‬
‫كان معدو ً‬
‫‪#‬‬

‫كيفية صلة المريض‬

‫أجمع أهل العلم على أن من ل يستطيع القيام‬


‫سا فإنه‬‫سا فإن عجز عن الصلة جال ً‬ ‫له أن يصلي جال ً‬
‫يصلي على جنبه مستقبل القبلة بوجهه والمستحب‬
‫أن يكون على جنبه اليمن فإن عجز عن الصلة على‬
‫جنبه صلى مستلقًيا لقوله ‪ ‬لعمران بن حصين‬
‫دا فإن لم تستطع‬ ‫ما‪ ،‬فإن لم تستطع فقاع ً‬ ‫)صل قائ ً‬
‫فعلى جنبك( رواه البخاري وزاد النسائي )فإن لم‬
‫تستطع فمستلقًيا( ومن قدر على القيام وعجز عن‬
‫الركوع أو السجود لم يسقط عنه القيام بل يصلي‬
‫ما فيومئ بالركوع ثم يجلس ويومئ بالسجود‬ ‫قائ ً‬
‫ن ‪ (3)‬ولقوله ‪‬‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫قان ِِتي َ‬ ‫و ُ‬
‫قو ُ‬ ‫لقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ما‬
‫ه َ‬‫قوا الل ّ َ‬ ‫ما ولعموم قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫فات ّ ُ‬ ‫)صل قائ ً‬
‫)( سورة الحج آية ‪.78‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة من آية ‪.185‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.238‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪244‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫م ‪ ‬وإن كان بعينه مرض فقال ثقات من‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫علماء الطب إن صليت مستلقًيا أمكن مداواتك وإل‬
‫فل فله‪ ،‬أن يصلي مستلقًيا‪ .‬ومن عجز عن الركوع‬
‫والسجود أومأ بهما ويجعل السجود أخفض من‬
‫الركوع وإن عجز عن السجود وحده ركع وأومأ‬
‫بالسجود وإن لم يمكنه أن يحني ظهره حنى رقبته‬
‫سا فصار كأنه راكع فمتى أراد‬ ‫وإن كان ظهره متقو ً‬
‫الركوع زاد في انحنائه قليًل ويقرب وجهه إلى الرض‬
‫في السجود أكثر ما أمكنه ذلك‪ .‬ومن لم يقدر على‬
‫اليماء برأسه كفاه النية والقول‪ .‬ول تسقط عنه‬
‫الصلة ما دام عقله ثابًتا بأي حال من الحوال للدلة‬
‫السابقة‪ .‬ومتى قدر المريض في أثناء الصلة على ما‬
‫كان عاجًزا عنه من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود‬
‫أو إيماء انتقل إليه وبنى على ما مضى من صلته‪.‬‬
‫وإذا نام المريض أو غيره عن صلة أو نسيها وجب‬
‫عليه أن يصليها حال استيقاظه من النوم أو حال‬
‫ذكره لها ول يجوز له تركها إلى دخول وقت مثلها‬
‫ليصليها فيه لقوله ‪) ‬من نام عن صلة أو نسيها‬
‫فليصليها متى ذكرها ل كفارة لها إل ذلك وتل قوله‬
‫ري ‪.(1)‬‬ ‫صَلةَ ل ِ ِ‬
‫ذك ْ ِ‬ ‫قم ِ ال ّ‬ ‫‪‬أ َ ِ‬
‫ول يجوز ترك الصلة بأي حال من الحوال بل‬
‫يجب على المكلف أن‬
‫‪#‬‬

‫يحرص على الصلة أيام مرضه أكثر من حرصه‬


‫عليها أيام صحته فل يجوز له ترك المفروضة حتى‬
‫ضا ما دام عقله ثابًتا بل‬
‫يفوت وقتها ولو كان مري ً‬
‫عليه أن يؤديها في وقتها حسب استطاعته فإذا تركها‬

‫)( رواه النسائي والترمذي وصححه‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪245‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دا وهو عاقل مكلف يقوي على أدائها ولو إيماًء‬ ‫عام ً‬
‫فهو آثم وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى كفره‬
‫بذلك لقول النبي ‪) ‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر()‪ (1‬وقوله ‪) ‬رأس المر‬
‫السلم – وعموده الصلة وذروة سنامه الجهاد في‬
‫سبيل الله()‪ (2‬وإن شق عليه فعل كل صلة في وقتها‬
‫فله الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء‬
‫جمع تقديم أو جمع تأخير حسبما يتيسر له إن شاء‬
‫قدم العصر مع الظهر وإن شاء أخر الظهر مع العصر‬
‫وإن شاء قدم العشاء مع المغرب وإن شاء أخر‬
‫المغرب مع العشاء‪ .‬أم الفجر فل تجمع لما قبلها ول‬
‫لما بعدها لن وقتها منفصل عما قبلها وعما بعدها‪.‬‬
‫هذا بعض ما يتعلق بأحوال المريض في طهارته‬
‫وصلته‪.‬‬
‫وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يشفي مرضى‬
‫المسلمين ويكفر سيئاتهم وأن يمن علينا جميًعا‬
‫بالعفو والعافية في الدنيا والخرة إنه جواد كريم‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‪.‬‬

‫كيفية تغسيل الميت وتكفينه‬


‫والصلة عليه ودفنه‬

‫الحمد لله رب العالمين وأشهد أن ل إله إل الله‬


‫وحده ل شريك له إله الولين والخرين وأشهد أن‬
‫دا عبده ورسوله‪ ،‬خاتم النبيين وإمام المتقين ‪‬‬
‫محم ً‬
‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه أحمد وأهل السنن الربعة‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪246‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم‬
‫الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فهذه نبذة تتعلق بتغسيل الميت‬
‫وتكيفينه ودفنه وقبل أن نشرع في المقصود نقدم‬
‫هذه الفقرات‪:‬‬
‫‪247‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -1‬غسل الميت المسلم وتكفينه ودفنه فرض‬
‫كفاية فينبغي لمن قام بذلك أن ينوي أنه مؤد لهذه‬
‫الفريضة لينال أجرها وثوابها من الله تعالى‪ .‬أما‬
‫الكافر فل يجوز تغسيله ول تكفينه ول دفنه مع‬
‫المسلمين‪.‬‬
‫‪ -2‬الغاسل مؤتمن على الميت فيجب عليه أن‬
‫يفعل ما يلزم في تغسيله وغيره‪.‬‬
‫‪ -3‬الغاسل مؤتمن على الميت فيجب عليه أن‬
‫يستر ما رآه فيه من مكروه‪.‬‬
‫‪ -4‬الغاسل مؤتمن على الميت فل ينبغي أن‬
‫دا من الحضور عنده إل من يحتاج إليه‬ ‫يمكن أح ً‬
‫لمساعدته في تقليب الميت وصب الماء ونحوه‪.‬‬
‫‪ -5‬الغاسل مؤتمن على الميت فينبغي أن‬
‫فا أو‬
‫يستعمل الرفق به والحترام وأن ل يكون عني ً‬
‫دا عليه عند خلع ثيابه وتغسيله وغير ذلك‪.‬‬‫حاق ً‬
‫‪ -6‬ل يغسل الرجل المرأة إل أن تكون زوجته ول‬
‫المرأة الرجل إل أن يكون زوجها إل من دون سبع‬
‫سنين فيغسله الرجل والمرأة سواء كان ذكًرا أم‬
‫أنثى‪.‬‬
‫‪ -7‬يستحب للغاسل إذا أفرغ أن يغتسل كما‬
‫يغتسل للجنابة فإنه لم يغتسل فل حرج عليه‪.‬‬

‫كيفية تغسيل الميت‬

‫الواجب في تغسيل الميت أن يغسل جميع‬


‫جسده بالماء حتى ينقى والفضل أن يعمل ما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يضع الميت على الشيء الذي يريد أن يغسله‬
‫‪248‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عليه منحدًرا نحو رجليه‪.‬‬
‫‪ -2‬يلف خرقة على عورة الميت من السرة إلى‬
‫الركبة قبل أن يخلع ثيابه لئل ترى عورته بعد الخلع‪.‬‬
‫‪ -3‬يخلع ثياب الميت برفق‪.‬‬
‫‪ -4‬يلف الغاسل على يده خرقة فيغسل عورة‬
‫الميت من غير كشف حتى ينقيها ثم يلقي الخرقة‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪249‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -5‬يبل خرقة بماء فينضف بها أسنان الميت‬
‫ومناخره‪.‬‬
‫‪ -6‬يغسل وجه الميت ويديه إلى المرفقين‬
‫ورأسه ورجليه إلى الكعبين يبدأ باليد اليمنى قبل‬
‫اليسرى والرجل اليمنى قبل اليسرى‪.‬‬
‫‪ -7‬ل يدخل الماء في فم الميت ول أنفه اكتفاء‬
‫بتنظيفهما بالخرقة‪.‬‬
‫‪ -8‬يغسل جسده كله ثلًثا أو خم ً‬
‫سا أو سبًعا أو‬
‫أكثر من ذلك حسب حاجة الجسم إلى التنظيف‬
‫والتنقية يبدأ بالجانب اليمن من الجسم قبل اليسر‪.‬‬
‫‪ -9‬الفضل أن يخلط الماء الذي يغسله به بسدر‬
‫لنه أبلغ في النقاء فيضرب الماء المخلوط بالسدر‬
‫بيده حتى تطهر رغوته فيغسل بالرغوة رأسه ولحيته‬
‫وبالباقي بقية الجسم‪.‬‬
‫‪-10‬الفضل أن يخلط بالغسلة الخيرة كافوًرا‬
‫)وهو نوع معروف من الطيب(‪.‬‬
‫‪ -11‬إذا كان للميت شعر فإنه يسرح ول يلبد ول‬
‫يقص شيء منه‪.‬‬
‫‪ -12‬إذا كان الميت امرأة نقض شعرها إن كان‬
‫مجدوًل فإذا غسل ونقي جدل ثلث جدائل وجعلن‬
‫خلف ظهرها‪.‬‬
‫‪ -13‬إذا كانت بعض أعضاء الميت منفصلة فإنها‬
‫تغسل وتضم إليه‪.‬‬
‫خا بحروق أو غيرها ول‬ ‫‪ -14‬إذا كان الميت متفس ً‬
‫يمكن تغسيله فإنه ييمم عند كثير من أهل العلم‬
‫فيضرب الميمم يديه بالرض ويمسح بهما وجه‬
‫الميت وكفيه‪.‬‬
‫‪250‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫كيفية تكفين الميت‬

‫الواجب في تكفين الميت خرقة تغطي جميع‬


‫بدنه لكن الفضل كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬يكون التكفين في ثلث خرق بيض يوضع بعضها‬
‫فوق بعض ثم يوضع الميت عليها ثم يرد طرف العليا‬
‫من جانب الميت اليمن على صدره ثم طرفها من‬
‫جانبه اليسر‪ .‬ثم يفعل باللفافة الثانية ثم الثالثة‬
‫كذلك‪.‬ثم يرد طرف اللفائف من عند رأسه ورجليه‬
‫ويعقدها‪.‬‬
‫‪ -2‬تبخر الكفان بالبخور ويذر بينها شيء من‬
‫‪#‬‬ ‫الحنوط )والحنوط أخلط من‬
‫الطيب يصنع للموتى(‬
‫‪ -3‬يجعل من الحنوط على وجه الميت ومغابنه‬
‫ومواضع سجوده‪.‬‬
‫‪ -4‬يوضع شيء من الحنوط في قطن فوق عينيه‬
‫ومنخريه وشفتيه‪.‬‬
‫‪ -5‬يوضع شيء من الحنوط في قطن بين إليتيه‬
‫يشد بخرقة‪.‬‬
‫‪ -6‬تكفن المرأة في خمس قطع‪ :‬إزار وخمار‬
‫وقميص ولفافتين‪ .‬وإن كفنت كما يكفن الرجل فل‬
‫حرج في ذلك‪.‬‬
‫‪ -7‬تحل عقد الكفن عند وضع الميت في قبره‪.‬‬
‫كيفية الصلة على الميت‬
‫يصلي على الميت المسلم صغيًرا كان أم‬ ‫‪-1‬‬
‫كبيًرا ذكًرا كان أم أنثى‪.‬‬
‫‪251‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويصلى على الحمل إذا سقط وقد بلغ‬ ‫‪-2‬‬
‫أربعة أشهر ويفعل به كما يفعل بالكبير فيغسل‬
‫ويكفن قبل الصلة عليه‪.‬‬
‫ول يصلى على الحمل إذا سقط قبل تمام‬ ‫‪-3‬‬
‫أربعة أشهر لنه لم تنفخ فيه الروح ول يغسل ول‬
‫يكفن إنما يدفن في أي مكان‪.‬‬
‫يقف المام في الصلة على الميت عند‬ ‫‪-4‬‬
‫رأس الرجل ووسط المرأة ويصلي الناس وراءه‬
‫يكبر في الصلة على الميت أربع تكبيرات يقرأ في‬
‫التكبيرة الولى بعد التعوذ والبسملة سورة الفاتحة‪.‬‬
‫ويصلي على النبي ‪ ‬بعد التكبيرة الثانية فيقول‪:‬‬
‫اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت‬
‫على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد‬
‫وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على‬
‫إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد‪.‬‬
‫ويدعو للميت بعد التكبيرة الثالثة والفضل أن‬
‫يدعو بما ورد عن النبي ‪ ‬في ذلك فإن لم يعرفه‬
‫دعا بما يعرف‪ .‬ويقف بعد الرابعة قليًل ثم يسلم وإن‬
‫قال قبل السلم‪ :‬ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي‬
‫‪#‬‬ ‫الخرة حسنة وقنا عذاب النار فل بأس بذلك‪.‬‬
‫‪252‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫كيفية دفن الميت‬
‫الواجب أن يدفن الميت في قبر يمنعه‬ ‫‪-1‬‬
‫من السباع متوجًها إلى القبلة وكلما عمق فهو‬
‫أفضل‪.‬‬
‫دا وذلك بأن‬ ‫الفضل أن يكون القبر مح ً‬ ‫‪-2‬‬
‫يحفر للميت حفرة في عمق القبر مما يلي القبلة‪.‬‬
‫دا وذلك بأن‬ ‫يجوز أن يكون القبر ملج ً‬ ‫‪-3‬‬
‫يحفر للميت حفرة في عمق القبر في وسطه إذا‬
‫دعت الحاجة لذلك بأن تكون الرض رخوة‪.‬‬
‫يوضع الميت في قبره على جنبه اليمن‬ ‫‪-4‬‬
‫متوجًها إلى القبلة‪.‬‬
‫ينصب عليه اللبن نصًبا ويسد ما بينها‬ ‫‪-5‬‬
‫بالطين المثرى لئل ينهال التراب على الميت‪.‬‬
‫يدفن القبر بعد ذلك ول يرفع ول يشيد‬ ‫‪-6‬‬
‫بجص أو غيره‪.‬‬
‫ل يجوز الدفن في ثلثة أوقات‪ :‬إذا طلعت‬ ‫‪-7‬‬
‫الشمس حتى ترتفع قدر رمح وإذا وقفت عند الزوال‬
‫حتى تزول‪ .‬وإذا بقي عليها مقدار رمح عند الغروب‬
‫حتى تغرب‪ .‬ومقدار الوقتين الول والخير نحو ربع‬
‫ساعة ومقدار الثاني سبع دقائق‪.‬‬
‫ل يدفن الكافر في مقابر المسلمين كما ل‬ ‫‪-8‬‬
‫يغسل ول يكفن ول يصلى عليه وإنما يدفن في مكان‬
‫غير مملوك لحد إل أن ينقل إلى بلده‪.‬‬
‫والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫كتبه الفقير إلى الله‬
‫محمد الصالح العثيمين‬
‫‪253‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪254‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أحكام الصلة على الميت‬

‫فضلها‪:‬عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال‬


‫رسول الله ‪ ‬من شهد الجنازة حتى يصلي عليها‬
‫فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل‬
‫وما القيراطان قال مثل الجبلين العظيمين متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫حكمها‪ :‬فرض كفاية إذا فعلها البعض سقط الثم‬
‫عن الباقين وتبقى في حق الباقين سنة وإن تركها‬
‫الكل أثموا‪.‬‬
‫شروطها‪ :‬النية واستقبال القبلة وستر العورة‬
‫وطهارة المصلي والمصلى عليه واجتناب النجاسة‬
‫وإسلم المصلي والمصلى عليه وحضور الجنازة إن‬
‫فا‪.‬‬
‫كان بالبلد وكون المصلي مكل ً‬
‫أركانها‪ :‬القيام فيها والتكبيرات الربع وقراءة‬
‫الفاتحة والصلة على النبي ‪ ‬والدعاء للميت‬
‫والترتيب والتسليم‪.‬‬
‫سننها‪ :‬رفع اليدين مع كل تكبيرة والستعاذة قبل‬
‫القراءة وأن يدعو لنفسه وللمسلمين والسرار‬
‫بالقراءة وأن يقف بعد التكبيرة الرابعة وقبل التسليم‬
‫قليًل وأن يضع يده اليمنى على يده اليسرى‬
‫واللتفات على يمينه في التسليم‪.‬‬
‫صفتها‪ :‬يقوم المام والمنفرد عند صدر رجل‬
‫ووسط امرأة ويقف المأمومون خلف المام ويسن‬
‫جعلهم ثلثة صفوف ثم يكبر للحرام ويتعوذ بعدها‬
‫‪255‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مباشرة‪ .‬فل يستفتح ويسمي ويقرأ الفاتحة ثم يكبر‬
‫ويصلي بعدها على النبي ‪ ‬مثل الصلة عليه في‬
‫تشهد الصلة ثم يكبر ويدعو بعدها للميت بما ورد‬
‫ومنه اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا‬
‫وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا إنك تعلم منقلبنا‬
‫ومثوانا وأنت على كل شيء قدير‪ .‬اللهم من أحييته‬
‫منا فاحيه على السلم والسنة ومن توفيته منا‬
‫فتوفه عليهما اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف‬
‫عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج‬
‫والبرد ونقه من الذنوب والخطايا‬
‫كما ينقى الثوب البيض من الدنس وأبدله داًرا خيًرا‬
‫جا خيًرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه‬ ‫من داره وزو ً‬
‫‪#‬‬ ‫من عذاب القبر وعذاب النار‬
‫وأفسح له في قبره ونور له فيه –وإن كان المصلي‬
‫عليه أنثى قال اللهم اغفر لها‪ -‬بتأنيث الضمير وإن‬
‫كان المصلى عليه صغيًرا قال اللهم اجعله ذخًرا‬
‫طا وأجًرا وشفيًعا مجاًبا اللهم ثقل به‬ ‫لوالديه وفر ً‬
‫موازينهما وأعظم به أجورهما وألحقه بصالح سلف‬
‫المؤمنين واجعله في كفالة إبراهيم وقه برحمتك‬
‫عذاب الجحيم‪ ،‬ثم يكبر ويقف بعدها قليًل ثم يسلم‬
‫تسليمة واحدة عن يمينه ومن فاته بعض الصلة على‬
‫الجنازة دخل مع المام فيما بقي ثم إذا سلم المام‬
‫قضى ما فاته على صفته ومن خشي أن ترفع‬
‫الجنازة تابع التكبيرات )أي بدون فصل بينهما( ثم‬
‫سلم‪ .‬ومن فاتته الصلة على الميت قبل دفنه صلى‬
‫على قبره‪.‬‬
‫ومن كان غائًبا عن البلد الذي فيه الميت وعلم‬
‫‪256‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بوفاته فله أن يصلي عليه صلة الغائب بالنيه‪ ،‬وحمل‬
‫المرأة إذا سقط ميًتا وقد تم له أربعة أشهر فأكثر‬
‫صلى عليه صلة الجنازة وإن كان دون أربعة أشهر‬
‫لم يصل عليه –والله أعلم وصلى الله على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫د‪ /‬صالح الفوزان‬

‫)حكم صنع أهل الميت الطعام للناس(‬

‫فتوى رقم ‪ 4504‬تاريخ ‪20/3/1402‬هي‬


‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على‪ ،‬ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من‬
‫الدعاة والمرشدين في مركز أبها والسؤال هو‬
‫)سؤالنا عن ما يجري في عزاء الميت اليوم وذلك‬
‫أنه في الونة الخيرة أخذت كل قرية من قرى‬
‫الجنوب تجمع نقوًدا وتأخذ بها صيوان خيام وينصب‬
‫إذا مات منهم واحد لمدة ثلثة أيام ثم يأخذ وفود‬
‫المعزين يأتون إليهم جماعة بعد جماعة في ذلك‬
‫الصيوان ويجلسون مدة من الوقت ثم يذهبون ويأتي‬
‫آخرون وهكذا حتى تنتهي هذه الثلثة اليام وبعض‬
‫المعزين يأتون بغنم معهم وأكياس طعام خاصة ذي‬
‫القرابة من نسب أو من صهر وهؤلء الوفود ل‬
‫‪#‬‬‫يأكلون عند أهل المصاب لكن‬
‫عند الجماعة وخاصة الذي يأتي من بلد بعيد فالذي‬
‫‪257‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أشكل علينا هو نصب هذه الخيام والتجمع الذي‬
‫بصفة دائمة في هذه الثلثة اليام وإقراء جماعة أهل‬
‫المصاب للذين يأتون من بعيد هل فيه شيء أم ل‬
‫وهل المال الذي يجلب لهذا العزاء من غنم وأكياس‬
‫طعام وقهوة فيه شيء أم ل نرجو توضيح الجائز من‬
‫غيره في كل ما ذكر(؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫أوًل‪ :‬من هديه ‪ ‬تعزية أهل الميت بهذا جاءت‬
‫السنة من فعله ‪ ‬وقوله‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬من السنة صنع الطعام لهل الميت فعن‬
‫عبد الله بن جعفر قال لما جاء نعي جعفر حين قتل‬
‫ما فقد أتاهم ما‬‫قال النبي ‪) ‬اصنعوا لل جعفر طعا ً‬
‫يشغلهم( رواه الخمسة إل النسائي‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬الجتماع عند أهل الميت وصنع الطعام‬
‫منهم بعد دفنه ل يجوز والصل في ذلك ما رواه‬
‫المام أحمد عن جرير بن عبد الله البجلي قال كنا‬
‫نعد الجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام بعد دفنه‬
‫من النياحة‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬يحرم ما يفعله أهل القرية من جمع نقود‬
‫يأخذون بها صيواًنا ينصب إذا مات منهم واحد لمدة‬
‫ثلثة أيام يأتي إليهم جماعة بعد جماعة في ذلك‬
‫الصيوان ويجلسون مدة من الوقت ثم يذهبون ويأتي‬
‫آخرون وهكذا حتى تنتهي هذه الثلثة اليام لن ذلك‬
‫بدعة ل أساس لها في الشرع المطهر‪.‬‬
‫سا‪ :‬ما يأتي به المعزون من الغنم والكياس‬ ‫خام ً‬
‫إذا كان صدقة منهم لهل الميت فل شيء فيه‪.‬‬
‫وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله‬
‫‪258‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‪.‬‬
‫عضو‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الله بن غديان‬ ‫عبد الله بن غديان‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫‪259‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الشيخ ابن باز‪ ...‬إلى الدول السلمية‪:‬‬

‫الحداد على الملوك والزعماء ممنوع‬


‫عا‬
‫شر ً‬

‫دعا الرئيس العام لدارات البحوث والفتاء‬


‫والدعوة والرشاد فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد‬
‫الله بن باز الدولة السلمية إلى ترك العادة التي‬
‫يتبعونها في الحداد على الملوك والزعماء لما فيها‬
‫من مخالفة للشريعة المطهرة‪.‬‬
‫وأكد ابن باز في كلمة وجهها بهذا الخصوص أن‬
‫الحداد أمر يترتب عليه أضرار كثيرة وتعطيل‬
‫المصالح والتشبه بأعداء السلم‪ .‬وأعرب في كلمته‬
‫عن أمله في أن يوفق الله قادة المسلمين وعامتهم‬
‫لكل ما فيه رضاه والتمسك بشريعته والحذر مما‬
‫خالفها وفيما يلي نص الكلمة‪...‬‬

‫حكم الحداد على الملوك والزعماء‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‬


‫وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه‪ ....‬أما بعد فقد‬
‫جرت عادة الكثير من الدول السلمية في هذا‬
‫العصر بالمر بالحداد على من يموت من الملوك‬
‫والزعماء لمدة ثلثة أيام أو أقل أو أكثر مع تعطيل‬
‫الدوائر الحكومية وتنكيس العلم ول شك أن هذا‬
‫العمل مخالف للشريعة المحمدية وفيه تشبه بأعداء‬
‫‪260‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫السلم وقد جاءت الحاديث الصحيحة عن رسول‬
‫الله‪ ‬تنهى عن الحداد وتحذر منه إل في حق‬
‫الزوجة فإنها تحد على زوجها أربعة أشهر وعشًرا‬
‫كما جاءت الرخصة عنه ‪ ‬للمرأة خاصة أن تحد‬
‫على قريبها ثلثة أيام فأقل أما ما سوى ذلك من‬
‫عا وليس في الشريعة‬ ‫الحداد فهو ممنوع شر ً‬
‫الكاملة ما يجيزه على ملك أو زعيم أو غيرهما‪.‬‬
‫وقد مات في حياة النبي ‪ ‬ابنه إبراهيم وبناته‬
‫الثلث وأعيان آخرون فلم يحد عليهم‪ ‬وقتل في‬
‫زمانه أمراء جيش مؤتة زيد بن حارثة وجعفر بن أبي‬
‫طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم فلم يحد‬
‫‪#‬‬‫عليهم ثم توفي النبي ‪‬‬
‫وهو أشرف الخلق وأفضل النبياء وسيد ولد آدم‬
‫والمصيبة بموته أعظم المصايب ولم يحد عليه‬
‫الصحابة رضي الله عنهم ثم مات أبو بكر الصديق‬
‫رضي الله عنه وهو أفضل الصحابة وأشرف الخلق‬
‫بعد النبياء فلم يحدوا عليه ثم قتل عمر وعثمان‬
‫وعلي رضي الله عنهم وهم أفضل الخلق بعد النبياء‬
‫وبعد أبي بكر الصديق فلم يحدوا عليهم وهكذا مات‬
‫الصحابة جميًعا فلم يحد عليهم التابعون وهكذا مات‬
‫أئمة السلم وأئمة الهدى من علماء التابعين ومن‬
‫بعدهم كسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين زين‬
‫العابدين وابنه محمد بن علي وعمر بن عبد العزيز‬
‫والزهري والمام أبي حنيفة وصاحبيه والمام مالك‬
‫بن أنس والوزاعي والثوري والمام الشافعي‬
‫والمام أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه وغيرهم‬
‫من أئمة العلم والهدى فلم يحد عليهم المسلمون‬
‫‪261‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ولو كان خيًرا لكان السلف الصالح إليه أسبق والخير‬
‫كله في اتباعهم والشر كله في مخالفتهم وقد دلت‬
‫سنة رسول الله ‪ ‬التي أسلفنا ذكرها على أن ما‬
‫فعله سلفنا الصالح من ترك الحداد على غير الزواج‬
‫هو الحق والصواب وأن ما يفعله الناس اليوم من‬
‫الحداد على الملوك والزعماء أمر مخالف للشريعة‬
‫المطهرة مع ما يترتب عليه من الضرار الكثيرة‬
‫وتعطيل المصالج والتشبه بأعداء السلم‪ .‬وبذلك‬
‫يعلم أن الواجب على قادة المسلمين وأعيانهم ترك‬
‫هذا الحداد والسير على نهج سلفنا الصالح من‬
‫الصحابة ومن سلك سبيلهم والواجب على أهل العلم‬
‫تنبيه الناس على ذلك وإعلمهم به أداء لواجب‬
‫النصيحة وتعاوًنا على البر والتقوى ولما أوجب الله‬
‫سبحانه من النصيحة لله ولكتابه ولرسوله صلى الله‬
‫عليه و سلم ولئمة المسلمين وعامتهم رأيت تحرير‬
‫هذه الكلمة الموجزة وأسأل الله عز وجل أن يوفق‬
‫قادة المسلمين وعامتهم لكل ما فيه رضاه والتمسك‬
‫بشريعته والحذر مما خالفها وأن يصلح قلوبنا‬
‫وأعمالنا جميًعا إنه سميع الدعاء قريب الجابة‪..‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأصحابه‪.‬‬
‫عن مجلة التوعية السلمية في الحج العدد‬
‫‪#‬‬‫الخامس في ‪25/11/1398‬هي‪.‬‬
‫‪262‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫نعيم القبر وعذابه‬

‫عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال‪ :‬خرجنا‬


‫مع النبي ‪ ‬في جنازة رجل من النصار‪ ،‬فانتهينا إلى‬
‫القبر ولما يلحد‪ ،‬فجلس رسول الله ‪ ‬مستقبل‬
‫القبلة وجلسنا حوله‪ ،‬وكأن على رؤوسنا الطير‪ ،‬وفي‬
‫يده عود ينكت في الرض وجعل ينظر إلى السماء‪،‬‬
‫وينظر إلى الرض‪ ،‬وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلًثا‬
‫فقال‪" :‬استعيذوا بالله من عذاب القبر‪ ،‬مرتين‪ ،‬أو‬
‫ثلًثا"‪ ،‬ثم قال‪" :‬اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر"‬
‫)ثلًثا( ثم قال‪" :‬إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع‬
‫من الدنيا‪ ،‬وإقبال من الخرة‪ ،‬نزل إليه ملئكة من‬
‫السماء‪ ،‬بيض الوجوه‪ ،‬كأن وجوههم الشمس‪ ،‬معهم‬
‫كفن من أكفان الجنة وحنوط)‪ (1‬من حنوط الجنة‪،‬‬
‫)‪(2‬‬
‫حتى يجلسوا منه مد البصر‪ ،‬ثم يجيء ملك الموت‬
‫عليه السلم حتى يجلس عند رأسه فيقول‪ :‬أيتها‬
‫النفس الطيبة )وفي رواية‪ :‬المطمئنة( أخرجي إلى‬
‫مغفرة من الله ورضوان‪ ،‬قال‪ :‬فتخرج تسيل كما‬
‫تسيل القطرة من في السقاء‪ ،‬فيأخذها" )وفي‬
‫رواية‪ :‬حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين‬
‫السماء والرض‪ ،‬وكل ملك في السماء‪ ،‬وفتحت له‬
‫أبواب السماء‪ ،‬ليس من أهل باب إل وهم يدعون‬
‫)( ما يخلط من الطيب لكفان الموتى وأجسامهم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( هييذا هييو اسييمه فييي الكتيياب والسيينة )ملييك المييوت( وأمييا تسييميته‬ ‫‪2‬‬

‫)بعزرائيل( فمما ل أصل له خلًفا لما هو المشهور عند الناس ولعله من‬
‫السرائيليات )انظر أحكام الجنائز لللباني ص ‪.(156‬‬
‫‪263‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الله أن يعرج بروحه من قبلهم(‪ ،‬فإذا أخذها لم‬
‫يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها‬
‫في ذلك الكفن‪ .‬وفي ذلك الحنوط‪ ،‬فذلك قوله‬
‫ن‪ ‬ويخرج‬ ‫طو َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫م َل ي ُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سل َُنا َ‬
‫و ُ‬ ‫ه ُر ُ‬ ‫تعالى‪:‬ت َ َ‬
‫و ّ‬
‫فت ْ ُ‬
‫منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الرض‪،‬‬
‫قال‪" :‬فيصعدون بها فل يمرون –يعني‪ -‬بها على مل‬
‫من الملئكة‪ -‬إل قالوا‪ :‬ما هذا الروح الطيب؟‬
‫فيقولون‪ :‬فلن ابن فلن – بأحسن أسمائه التي كانوا‬
‫يسمونه بها في الدنيا‪ ،‬حتى ينتهوا بها إلى السماء‬
‫الدنيا‪ ،‬فيستفتحون له‪ ،‬فيفتح لهم‪ ،‬فيشيعه من كل‬
‫سماء مقربوها‪ ،‬إلى السماء التي تليها‪ ،‬حتى ينتهي به‬
‫‪#‬‬ ‫إلى السماء السابعة‪ ،‬فيقول‬
‫الله عز وجل‪» :‬اكتبوا كتاب عبدي في عليين«‬
‫فيكتب كتابه في عليين‪ ،‬ثم يقال أعيدوه إلى الرض‪،‬‬
‫فإني وعدتهم أني منها خلقتهم‪ ،‬وفيها أعيدهم ومنها‬
‫أخرجهم تارة أخرى قال‪ :‬فيرد إلى الرض‪ ،‬وتعاد‬
‫روحه في جسده‪ ،‬فإنه يسمع خفق نعال أصحابه إذا‬
‫ولوا عنه مدبرين فيأتيه ملكان شديدا النتهار‬
‫فينتهرانه‪ ،‬ويجلسانه فيقولن له‪ :‬من ربك؟ فيقول‪:‬‬
‫ربي الله‪ ،‬فيقولن له‪ :‬ما دينك؟ فيقول‪ :‬ديني‬
‫السلم‪ ،‬فيقولن له‪ :‬ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟‬
‫فيقول‪ :‬هو رسول الله ‪ ،‬فيقولن له‪ :‬وما علمك؟‬
‫فيقول‪ :‬قرأت كتاب الله‪ ،‬فآمنت به‪ ،‬وصدقت‪،‬‬
‫فينتهره فيقول‪ :‬من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟‬
‫وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن‪ ،‬فذلك حين يقول‬
‫مُنوا ِبال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ل‬
‫و ِ‬‫ق ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ت الل ّ ُ‬
‫الله عز وجل‪ :‬ي ُث َب ّ ُ‬
‫ة ‪ ‬فيقول‪:‬‬ ‫خَر ِ‬‫في اْل َ ِ‬ ‫و ِ‬
‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫الّثاب ِ ِ‬
‫ت ِ‬
‫‪264‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ربي الله‪ ،‬وديني السلم‪ ،‬ونبي محمد ‪ ،‬فينادي‬
‫مناد في السماء‪ :‬أن صدق عبدي‪ ،‬فأفرشوه من‬
‫الجنة‪ ،‬وألبسوه من الجنة‪ ،‬وافتحوا له باًبا إلى الجنة‪،‬‬
‫قل‪ :‬فيأتيه من روحها وطيبها‪ ،‬ويفسح له في قبره مد‬
‫بصره‪ ،‬قال‪ :‬ويأتيه وفي رواية‪ :‬يمثل له رجل حسن‬
‫الوجه‪ ،‬حسن الثياب‪ ،‬طيب الريح‪ ،‬فيقول‪ :‬أبشر‬
‫بالذي يسرك‪ ،‬أبشر برضوان من الله‪ ،‬وجنات فيها‬
‫نعيم مقيم هذا يومك الذي كنت توعد‪ ،‬فيقول له‪:‬‬
‫وأنت فبشرك الله بخير من أنت؟ فوجهك الوجه‬
‫يجيء بالخير‪ ،‬فيقول‪ :‬أنا عملك الصالح فو الله ما‬
‫علمتك إل كنت سريًعا في طاعة الله بطيًئا في‬
‫معصية الله‪ ،‬فجزاك الله خيًرا‪ ،‬ثم يفتح له باب من‬
‫الجنة‪ ،‬وباب من النار‪ ،‬فيقال‪ :‬هذا منزلك لو عصيت‬
‫الله‪ ،‬أبدلك الله به هذا‪ ،‬فإذا رأى ما في الجنة قال‪:‬‬
‫رب عجل قيام الساعة‪ ،‬كيما أرجع إلى أهلي ومالي‪،‬‬
‫"فيقال له‪ :‬اسكن"‪ ،‬قال‪ :‬وإن العبد الكافر‪.‬‬
‫)وفي رواية‪ :‬الفاجر( إذا كان في انقطاع من‬
‫الدنيا‪ ،‬وإقبال من الخرة‪ ،‬نزل إليه من السماء‬
‫ملئكة غلظ شداد سود الوجوه معهم المسوح)‪ (1‬من‬
‫النار فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت‬
‫حتى يجلس عند رأسه‪ ،‬فيقول‪ :‬أيتها النفس الخبيثة‬
‫أخرجي إلى سخط من الله‬
‫‪#‬‬

‫وغضب‪ ،‬قال‪ :‬فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع‬


‫السفود "الكثير الشعب" من الصوف المبلول‪،‬‬

‫)( جمع المسح‪ ،‬بكسر المييم‪ ،‬وهيو ميا يلبيس مين نسييج الشيعر عليى‬ ‫‪1‬‬

‫فا وقهًرا للبدن‪.‬‬


‫البدن تقش ً‬
‫‪265‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فتقطع معها العروق والعصب فيلعنه كل ملك بين‬
‫السماء والرض‪ ،‬وكل ملك في السماء‪ ،‬وتغلق أبواب‬
‫السماء‪ ،‬ليس من أهل باب إل وهم يدعون الله أل‬
‫تعرج روحه من قبلهم فيأخذها‪ ،‬فإذا أخذها لم‬
‫يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك‬
‫المسوح‪ ،‬ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على‬
‫وجه الرض فيصعدون بها‪ ،‬فل يمرون بها على مل‬
‫من الملئكة إل قالوا‪ :‬ما هذا الروح الخبيث؟‬
‫فيقولون فلن ابن فلن –بأقبح أسمائه التي كان‬
‫يسمى بها في الدنيا‪ ،‬حتى ينتهي به إلى السماء‬
‫الدنيا‪ ،‬فيستفتح له فل يفتح له‪ ،‬ثم قرأ رسول الله‬
‫َ‬
‫ن‬‫خُلو َ‬
‫وَل ي َدْ ُ‬
‫ء َ‬
‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫ب ال ّ‬
‫وا ُ‬
‫م أب ْ َ‬ ‫ح لَ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫‪َ: ‬ل ت ُ َ‬
‫فت ّ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ط‪‬‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫خَيا ِ‬ ‫س ّ‬
‫في َ‬ ‫م ُ‬
‫ل ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫ج َ‬ ‫حّتى ي َل ِ َ‬
‫ة َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬
‫فيقول الله عز وجل‪» :‬اكتبوا كتابه في سجين‪،‬‬
‫في الرض السفلى« ثم يقال )أعيدوا عبدي إلى‬
‫الرض فأني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم‪،‬‬
‫ومنها أخرجهم تارة أخرى( فتطرح روحه من السماء‬
‫حا حتى تقع‬
‫طر ً‬
‫في جسده‪.‬‬
‫ك بالل ّه َ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫خّر ِ‬‫ما َ‬ ‫فك َأن ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ر ْ ِ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ثم قرأ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫في‬ ‫ح ِ‬‫ه الّري ُ‬
‫وي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه الطّي ُْر أ ْ‬
‫و تَ ْ‬ ‫ف ُ‬‫خط َ ُ‬ ‫فت َ ْ‬‫ء َ‬‫ما ِ‬
‫س َ‬‫ال ّ‬
‫ق ‪ ‬فتعاد روحه في جسده‪ ،‬قال )فإنه‬ ‫حي ٍ‬ ‫س ِ‬‫ن َ‬ ‫م َ‬
‫كا ٍ‬ ‫َ‬
‫ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه( ويأتيه ملكان‬
‫شديدا النتهار‪ ،‬فينتهرانه‪ ،‬ويجلسانه‪ ،‬فيقولن له‪ :‬من‬
‫ربك؟ فيقول‪ :‬هاه هاه)‪ (2‬ل أدري‪ ،‬فيقولن له‪ :‬ما‬
‫)( أي ثقب البرة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( هي كلمة تقال في الضحك وفي اليعاد وقييد تقييال فييي التوجييع وهييو‬ ‫‪2‬‬
‫‪266‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دينك؟ فيقول‪ :‬هاه هاه ل أدري‪ ،‬فيقولن له‪ :‬فما‬
‫تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فل يهتدي‬
‫لسمه‪ ،‬فيقال‪ :‬محمد! فيقول‪ :‬هاه هاه ل أدري‬
‫سمعت الناس يقولون ذلك! قال‪ :‬فيقال‪ :‬ل دريت ول‬
‫تلوت‪ ،‬فينادي مناد من السماء أن كذب‪ ،‬فافرشوا له‬
‫من النار‪ ،‬وافتحوا له باًبا إلى النار‪ ،‬فيأتيه من حرها‬
‫وسمومها‪ ،‬ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه‬
‫أضلعه‪ ،‬ويأتيه )وفي رواية‪ :‬ويمثل له( رجل قبيح‬
‫الوجه‪ ،‬قبيح الثياب‪ ،‬منتن الريح‪ ،‬فيقول‪ :‬أبشر بالذي‬
‫يسوؤك‪ ،‬هذا يومك‬
‫‪#‬‬

‫الذي كنت توعد‪ ،‬فيقول‪ :‬وأنت فبشرك الله بالشر‬


‫من أنت؟ فوجهك الوجه يجيء بالشر! فيقول‪ :‬أنا‬
‫عملك الخبيث‪) ،‬فو الله ما علمتك إل كنت بطيًئا عن‬
‫طاعة الله‪ ،‬سريًعا إلى معصية الله"‪) ،‬فجزاك الله‬
‫شًرا‪ ،‬ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة!‬
‫لو ضرب بها جبل كان تراًبا‪ ،‬فيضربه حتى يصير بها‬
‫تراًبا ثم يعيده الله كما كان‪ ،‬فيضربه أخرى‪ ،‬فيصيح‬
‫صيحة يسمعه كل شيء إل الثقلين‪ ،‬ثم يفتح له باب‬
‫من النار‪ ،‬ويمهد من فرش النار‪ ،‬فيقول‪ :‬رب ل تقم‬
‫الساعة)*(‪.‬‬

‫العذاب الجسمي للعصاة في القبر‬

‫عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال‪ :‬كان‬


‫رسول الله ‪ ‬مما يكثر أن يقول لصحابه‪" :‬هل رأى‬
‫الليق بمعنى الحديث )الترغيب والترهيب للمنذري ‪.(33 /5‬‬
‫‪267‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أحد منكم من رؤيا؟ فيقص عليه من شاء الله أن‬
‫يقص‪ ،‬وإنه قال لنا ذات غداة‪" :‬إنه أتاني الليلة آتيان‪،‬‬
‫وإنهما قال لي‪ :‬انطلق‪ ،‬وإني انطلقت معهما‪ ،‬وإنا‬
‫أتينا على رجل مضطجع‪ ،‬وإذا آخر قائم عليه بصخرة‪،‬‬
‫وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه‪ ،‬فيثلغ)‪ (1‬رأسه‪،‬‬
‫فيتدهده)‪ (2‬الحجر ها هنا‪ ،‬فيتبع الحجر فيأخذه‪ ،‬فل‬
‫يرجع إليه حتى يصح رأسه كما كان‪ ،‬ثم يعود عليه‬
‫فيفعل به مثل ما فعل المرة الولى" قال‪ :‬قلت‬
‫لهما‪ :‬سبحان الله‪ .‬ما هذا؟ قال لي‪ :‬انطلق انطلق‪.‬‬
‫فانطلقنا‪ ،‬فأتينا على رجل مستلق لقفاه‪ ،‬وإذا آخر‬
‫قائم عليه بكلوب من حديد‪ ،‬وإذا هو يأتي أحد شقي‬
‫وجهه فيشرشر)‪ (3‬شدقه إلى قفاه‪ ،‬ومنخره إلى‬
‫قفاه‪ ،‬وعينه إلى قفاه‪ ،‬ثم يتحول إلى الجانب الخر‪،‬‬
‫فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الول‪ ،‬فما يفرغ من‬
‫ذلك الجانب حتى يصح ذلك الجانب كما كان‪ ،‬ثم‬
‫يعود عليه‪ .‬فيفعل مثل ما فعل في المرة الولى‪،‬‬
‫قال‪ :‬قلت‪" :‬سبحان الله! ما هذان؟ قال لي‪ :‬انطلق‬
‫انطلق‪ ،‬فانطلقنا فأتينا على مثل التنور‪ ،‬فأحسب‬
‫‪#‬‬

‫أنه قال‪ :‬فإذا فيه لغط وأصوات فاطلعنا فيه فإذا فيه‬
‫رجال ونساء عراة وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل‬
‫منهم‪ ،‬فإذا أتاهم ذلك اللهب ضوضئوا)‪ (4‬قلت‪ :‬ما‬
‫هؤلء؟ قال لي‪ :‬انطلق انطلق‪ ،‬فانطلقنا فأتينا على نهر‬
‫حسبت أنه كان يقول أحمر مثل الدم‪ ،‬وإذا في النهر‬
‫‪ (*) 1‬أخرجه اللبيياني فييي أحكييام الجنييائز صييفحة ‪ ،159‬وانظيير الحييديث‬
‫بطوله في رسالة القبر عذابه ونعيمه تأليف حسين العوايشة ص ‪– 10‬‬
‫‪.12‬‬
‫)( أي يشدخه ويشقه‪.‬‬
‫‪ () 2‬أي يتدحرج‪.‬‬
‫‪ () 3‬يقطع‪.‬‬
‫‪ () 4‬أي صاحوا‪.‬‬
‫‪268‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رجل سابح يسبح‪ ،‬وإذا على شط النهر رجل قد جمع‬
‫عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم‬
‫يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة‪ ،‬فيفغر)‪ (1‬له فاه‬
‫فيلقمه حجرًا‪ ،‬فينطلق فيسبح‪ ،‬ثم يرجع إليه كلما رجع‬
‫إليه فغر له فاه فألقمه حجرًا‪ .‬قلت لهما‪ :‬ما هذان؟‬
‫قال لي‪ :‬انطلق انطلق‪ ،‬فانطلقنا فأتينا على رجل كريه‬
‫المرآة)‪ (2‬أو كأكره ما أنت راء رجل مرئي‪ ،‬فإذا هو عنده‬
‫نار يحشها)‪ (3‬ويسعى حولها‪ .‬قلت لهما‪ :‬ما هذا؟ قال‬
‫)‪( 4‬‬
‫لي‪ :‬انطلق انطلق‪ ،‬فانطلقنا فأتينا على روضة معتمة‬
‫فيها من كل نور)‪ (5‬الربيع‪ .‬وإذا بين ظهري الروضة رجل‬
‫طويل‪ ،‬ل أكاد أرى رأسه طول في السماء‪ ،‬وإذا حول‬
‫الرجل من أكثر ولدان ما رأيتهم قط‪ ،‬قلت‪ :‬ما هذا؟‬
‫وما هؤلء؟ قال لي‪ :‬انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا إلى‬
‫دوحة عظيمة)‪ (6‬لم أر دوحة قط أعظم منها ول أحسن‪.‬‬
‫)‪(7‬‬
‫قال لي‪ :‬ارق فيها‪ ،‬فارتقينا فيها إلى مدينة مبنية بلبن‬
‫ذهب ولبن فضة‪ ،‬فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا‬
‫فدخلناها فتلقانا رجال شطر من خلقهم كأحسن ما‬
‫أنت راء‪ ،‬وشطر منهم كأقبح ما أنت راء‪ .‬قال لهم‪:‬‬
‫اذهبوا فقعوا في ذلك النهر‪ ،‬وإذا هو نهر معترض‬
‫يجري كأن ماءه المحض)‪ (8‬في البياض‪ ،‬فذهبوا فوقعوا‬
‫فيه‪ :‬ثم رجعوا إلينا قد ذهب ذلك السوء عنهم‪،‬‬
‫فصاروا في أحسن صورة‪ ،‬قال‪ :‬قال لي‪ :‬هذه جنة‬
‫)( يفتح‬ ‫‪1‬‬

‫)( أي المنظر‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( يوقدها‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أي وافية النبات طويلته‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أي الزهر‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( الشجرة الكبيرة‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( بفتح فكسر اسم جنس واحدة لبنة واصلة ما يبنى من طين بالمكييان‬ ‫‪7‬‬

‫الذي أقام به‪.‬‬


‫)( أي اللبن‪.‬‬ ‫‪8‬‬
‫‪269‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عدن)‪ (1‬وهذاك منزلك‪ ،‬فسما بصري)‪ (2‬صعدا‪ ،‬فإذا‬
‫قصر مثل الربابة)‪ (3‬البيضاء‪ .‬قال لي‪ :‬هذاك منزلك‪،‬‬
‫قلت لهما‪ :‬بارك الله فيكما‪ ،‬فذراني فأدخله‪ .‬قال‪ :‬أما‬
‫الن فل وأنت داخله‪ .‬قلت لهما‪ :‬فإني رأيت منذ الليلة‬
‫عجبًا؟ فما هذا الذي رأيت؟ قال لي‪:‬‬
‫‪#‬‬

‫أما إنا سنخبرك‪ :‬أما الرجل الول الذي أتيت عليه‬


‫يثلغ رأسه بالحجر‪ ،‬فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه‪،‬‬
‫وينام عن الصلة المكتوبة‪ ،‬وأما الرجل الذي أتيت‬
‫عليه يشرشر شدقه إلى قفاه‪ ،‬ومنخره إلى قفاه‪،‬‬
‫وعينه إلى قفاه‪ ،‬فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب‬
‫الكذبة تبلغ الفاق )*( وأما الرجال والنساء العراة‬
‫الذين هم في مثل بناء التنور‪ ،‬فإنهم الزناة والزواني‪،‬‬
‫وأما الرجل الذي أتيت عليه يسبح في النهر ويلقم‬
‫الحجارة فإنه آكل الربا‪ ،‬وأما الرجل الكريه المرآة‬
‫الذي عند النار يحشها ويسعى حولها‪ ،‬فإنه مالك‬
‫خازن جهنم‪ ،‬وأما الرجل الطويل الذي في الروضة‬
‫فإنه إبراهيم‪ .‬وأما الولدان الذين حوله فكل مولود‬
‫مات على الفطرة‪ ،‬وفي رواية البرقاني‪" :‬ولد على‬
‫الفطرة" فقال بعض المسلمين‪ :‬يا رسول الله‪:‬‬
‫وأولد المشركين؟ فقال رسول الله ‪" ‬وأولد‬
‫المشركين وأما القوم الذين كانوا شطر منهم حسن‬
‫وشطر منهم قبيح‪ ،‬فإنهم قوم خلطوا عمل ً صالحا ً‬
‫وآخر سيئا ً تجاوز الله عنهم" رواه البخاري)‪ (4‬وفي‬
‫‪ () 1‬إقامة من عدن بالمكان إذا أقام به‪.‬‬
‫‪ () 2‬أي ارتفع‪..‬‬
‫‪ () 3‬أي السحابة‪.‬‬
‫‪ () 4‬رواه البخاري نقل ً عن رياض الصالحين للنووي – باب تحريييم الكييذب‬
‫– حديث رقم ‪ 5‬ص ‪647‬‬
‫وانظر رسالة )القبر عذابه ونعيمه (‬
‫‪270‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رواية له "رأيت الليلة رجلين أتياني فأخرجاني إلى‬
‫أرض مقدسة‪ ،‬ثم ذكره وقال‪ :‬فانطلقنا إلى نقب‬
‫مثل التنور‪ ،‬أعله ضيق وأسفله واسع‪ ،‬يتوقد تحته‬
‫نار‪ ،‬فإذا ارتفعت ارتفعوا حتى كادوا أن يخرجوا‪ ،‬وإذا‬
‫خمدت رجعوا فيها‪ ،‬وفيها رجال ونساء عراة" وفيها‬
‫"حتى أتينا على نهر من دم" ولم يشك فيه رجل‬
‫قائم على وسط النهر‪ ،‬وعلى شط النهر رجل‪ ،‬وبين‬
‫يديه حجارة فأقبل الرجل الذي في النهر‪ ،‬فإذا أراد‬
‫أن يخرج رمى الرجل بحجر في فيه‪ ،‬فرده حيث‬
‫كان‪ ،‬فجعل كلما جاء ليخرج جعل يرمي في فيه‬
‫بحجر‪ ،‬فيرجع كما كان" وفيها‪ :‬فصعدا بي الشجرة‬
‫فأدخلني دارا لم أر قط أحسن منها‪،‬‬
‫فيها رجال شيوخ وشباب وفيها‪) :‬الذي رأيته يشق‬
‫شدقه فكذاب يحدث بالكذبة‪ ،‬فتحمل عنه حتى تبلغ‬
‫الفاق‪ ،‬فيصنع به إلى يوم القيامة( وفيها‪) :‬الذي‬
‫رأيته يشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن‪ ،‬فنام عنه‬
‫بالليل‪ ،‬ولم يعمل فيه بالنهار‪.‬‬
‫فيفعل به إلى يوم القيامة‪ ،‬والدار الولى التي دخلت‬
‫دار عامة المؤمنين‪ ،‬وأما هذه الدار فدار الشهداء وأنا‬
‫‪#‬‬ ‫جبريل‪ ،‬وهذا ميكائيل‪،‬‬
‫فارفع رأسك‪ ،‬فرفعت رأسي فإذا فوقي مثل‬
‫السحاب‪ ،‬قال‪ :‬ذالك منزلك قلت‪ :‬دعاني أدخل‬
‫منزلي‪ ،‬قال‪ :‬إنه بقي لك عمر لم تستكمله‪ ،‬فلو‬
‫استكملته أتيت منزلك(‪.‬‬

‫هل تعود الحياة إلى الميت في القبر؟‬

‫)*( جمع أفق وهو الناحية‪.‬‬


‫‪271‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وآله‬


‫وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على السؤال المقدم من عبد الله بن عسكر‬
‫الفارح إلى سماحة الرئيس العام والمحال إليها من‬
‫المانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم ‪2 /1115‬‬
‫وتاريخه ‪ 24/5/98‬هي ونصه )إني سمعت من علماء‬
‫السلم أن الميت يصير حيا ً في القبر ويجيب على‬
‫سؤال الملئكة ويعذب إذا بان منه الكفر وعدم‬
‫الستقامة في السلم في الحياة الدنيا وإني كملم‬
‫بمبادئ السلم لم أجد في القرآن الكريم أي برهان‬
‫صريح يدل على سؤال القبر وعقابه يقول تعالى‪ :‬‬
‫َ‬
‫ك‬‫عي إ َِلى َرب ّ ِ‬
‫ج ِ‬ ‫مط ْ َ‬
‫مئ ِّنة اْر ِ‬ ‫س ال ْ ُ‬
‫ف ُ‬ ‫ها الن ّ ْ‬‫َيا أي ّت ُ َ‬
‫خِلي‬ ‫وادْ ُ‬
‫عَباِدي َ‬‫في ِ‬ ‫خِلي ِ‬ ‫فادْ ُ‬ ‫ضّية َ‬
‫مْر ِ‬ ‫ة ّ‬‫ضي َ ً‬ ‫َرا ِ‬
‫جن ِّتي ‪ (1)‬حسب فهمي الضعيف أن النفس ترجع‬ ‫َ‬
‫إلى ربها بعد خروجها من الجسد‪ .‬فلم أفهم أن‬
‫النفس تكون مع جسدها في القبر منعمة‪ .‬وأيضا ً‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫قاُلوا َرب َّنا أ َ‬
‫مت َّنا اث ْن َت َي ْ ِ‬ ‫يقول الله تعالى ‪َ ‬‬
‫ن ‪ (2)‬وأفهم من هذه الية أيضا ً أن‬ ‫َ‬
‫حي َي ْت ََنا اث ْن َت َي ْ ِ‬
‫وأ ْ‬‫َ‬
‫الماتة مرتان وقت النطفة ووقت خروج النفس من‬
‫الجسد كما أفهم أن الحياء مرتان الحياة في بطن‬
‫الم ووقت البعث ولم أفهم من الية إشارة تدل‬
‫قاُلوا َيا‬‫على سؤال القبر وعذابه‪.‬يقول تعالى ‪َ ‬‬

‫)( سورة الفجر آية ‪.30- 27‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة غافر آية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪272‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دَنا ‪ (1)‬إلخ وهذا يدل على‬ ‫ق ِ‬‫مْر َ‬
‫ن َ‬ ‫عث ََنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن بَ َ‬ ‫وي ْل ََنا َ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫أن الكفار نائمون والنوم في القبر ينافي العقاب‬
‫فيه‪ .‬وبالنهاية أرجو يا صاحب الفضيلة أن أجد منكم‬
‫جوابا ً شافيا ً كما كانت إجابتكم الدينية دائما ً وقد‬
‫أجابت بما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬أدلة الحكام الشرعية كما تكون من القرآن‬
‫الكريم تكون من‬ ‫‪#‬‬

‫السنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله ‪ ‬قول أو‬


‫فعل أو تقريرا ً لعموم أمره تعالى بأخذ ما جاءنا به‬
‫ما‬ ‫من نصوص الكتاب والسنة لقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫هوا ‪‬‬ ‫َ‬
‫ه َ‬
‫فان ْت َ ُ‬ ‫عن ْ ُ‬ ‫هاك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ما ن َ َ‬
‫و َ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوهُ َ‬ ‫ل َ‬
‫ف ُ‬ ‫سو ُ‬ ‫آَتاك ُ ُ‬
‫م الّر ُ‬
‫)‪ (2‬لنه ‪ ‬ل ينطق عن الهوى إنما يشرع لنا بوحي‬
‫ن‬
‫ع ِ‬
‫ق َ‬
‫ما ي َن ْطِ ُ‬ ‫من الله تعالى كما قال سبحانه‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫د‬
‫دي ُ‬ ‫ه َ‬
‫ش ِ‬ ‫عل ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫حى * َ‬
‫ي ُيو َ‬
‫ح ٌ‬ ‫و إ ِّل َ‬
‫و ْ‬ ‫ه َ‬
‫ن ُ‬
‫وى * إ ِ ْ‬‫ه َ‬‫ال ْ َ‬
‫وى ‪ (3)‬اليات‪ ،‬ولن اتباعه ‪ ‬فيما جاء به‬ ‫ق َ‬‫ال ْ ُ‬
‫عموما دليل على اليمان بالله ومحبته سبحانه‪،‬‬
‫ويترتب عليه محبة الله ومغفرته لمن اتبعه كما قال‬
‫عوِني‬‫فات ّب ِ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م تُ ِ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫تعالى ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫فوٌر‬ ‫غ ُ‬‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫م َ‬‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫حب ِب ْك ُ ُ‬‫يُ ْ‬
‫م ‪ ‬ولمره تعالى بطاعته ‪ ‬وحكمه بأن‬ ‫)‪(4‬‬
‫حي ٌ‬ ‫َر ِ‬
‫َ‬
‫عوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫طي ُ‬‫لأ ِ‬ ‫ق ْ‬‫طاعته طاعة لله قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ن‬
‫ري َ‬‫ف ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫كا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َل ي ُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫فإ ِ ّ‬‫وا َ‬ ‫ول ّ ْ‬
‫ن تَ َ‬ ‫ل َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫والّر ُ‬ ‫َ‬
‫‪.(5)‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عوا ْ الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫مُنوا ْ أ ِ‬
‫طي ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وقال‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫سورة يس آية ‪.52‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الحشر آية ‪.7‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة‪.‬النجم آية ‪.4-3‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة آل‪.‬عمران آية ‪.31‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫سورة آل عمران آية ‪.32‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪273‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬ ‫ل ُ‬ ‫َ‬
‫فِإن‬ ‫م َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫وِلي ال ْ‬ ‫وأ ْ‬ ‫سو َ َ‬ ‫عوا ْ الّر ُ‬ ‫طي ُ‬ ‫وأ ِ‬ ‫َ‬
‫ل ِإن‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫دوهُ إ ِلى الل ِ‬ ‫َ‬ ‫فُر ّ‬ ‫ء َ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫عت ُ ْ‬ ‫ت ََناَز ْ‬
‫خي ٌْر‬
‫ك َ‬ ‫ر ذَل ِ َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وم ِ ال ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م تُ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ويل ‪. (1)‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ت َأ ِ‬‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ع الل َ‬ ‫قدْ أطا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫ع الّر ُ‬ ‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وقال‪ّ  :‬‬
‫ظا ‪ ‬إلى‬ ‫)‪(2‬‬ ‫في ً‬ ‫ح ِ‬ ‫ك َ َ‬ ‫سل َْنا َ‬ ‫َ‬ ‫وّلى َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ما أْر َ‬ ‫ف َ‬ ‫من ت َ َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫غير ذلك من آيات القرآن التي أمرت بطاعة‬
‫الرسول ‪ ‬واتباعه وأخذ ما ثبت عنه والعمل به‬
‫فالسنة الثابتة عنه ‪ ‬حجة تثبت بها الحكام عقيدة‬
‫وعمل ً كما أن آيات القرآن حجة تثبت بها الحكام‬
‫صراحة واستنباطا ً على مقتضى قواعد اللغة العربية‬
‫وطريقة العرب في فهمهم للغتهم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬عذاب الكافرين في قبورهم ممكن عقل ً‬
‫وقد دل القرآن الكريم على وقوعه‪ .‬من ذلك قوله‬
‫سوءُ ال ْ َ‬
‫ع َ‬
‫ذاب الّناُر‬ ‫ن ُ‬‫و َ‬
‫ع ْ‬
‫فْر َ‬
‫ل ِ‬
‫حاقَ ِبآ ِ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ة‬
‫ع ُ‬
‫سا َ‬
‫م ال ّ‬ ‫م تَ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫و َ‬
‫وي َ ْ‬
‫شّيا َ‬‫ع ِ‬ ‫و َ‬‫وا َ‬ ‫غدُ ّ‬‫ها ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫ضو َ‬
‫عَر ُ‬‫يُ ْ‬
‫َ‬ ‫أ َدْ ِ‬
‫ذاب ‪‬‬ ‫شدّ ال ْ َ‬ ‫خُلوا آ َ‬
‫)‪(3‬‬
‫ع َ‬ ‫نأ َ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫فْر َ‬ ‫ل ِ‬
‫فهذا بين واضح في إثبات العذاب في القبر بالنار‬
‫لنه ل غدو ول عشي يوم القيامة ولقوله في ختام‬
‫ن‬‫و َ‬‫ع ْ‬
‫فْر َ‬‫ل ِ‬ ‫خُلوا آ َ‬ ‫ة أ َدْ ِ‬
‫ع ُ‬‫سا َ‬ ‫م ال ّ‬‫قو ُ‬ ‫م تَ ُ‬‫و َ‬
‫وي َ ْ‬‫الية ‪َ ‬‬
‫ذاب ‪ ‬فإنه يدل على عذاب أدنى قبل قيام‬ ‫ع َ‬ ‫أَ َ‬
‫شدّ ال ْ َ‬
‫الساعة وهو عرضهم على النار‪ .‬وما هو إل عذاب‬
‫القبر وفرعون وآله ومن سواهم من الكافرين سواء‬
‫في حكم الله وعدله في الجزاء ومن ذلك أيضا ً قوله‬
‫ه‬
‫في ِ‬‫ذي ِ‬ ‫م ال ّ ِ‬‫ه ُ‬
‫م ُ‬
‫و َ‬
‫قوا ي َ ْ‬ ‫حّتى ي َُل ُ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فذَْر ُ‬‫تعالى‪َ  :‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة‪.‬النساء آية ‪.80‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة غافر آية ‪.46-45‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪274‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وَل‬ ‫شي ًْئا َ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م ك َي ْدُ ُ‬‫ه ْ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫غِني َ‬ ‫م َل ي ُ ْ‬ ‫و َ‬
‫ن * يَ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ص َ‬‫يُ ْ‬
‫ن ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫دو َ‬ ‫ذاًبا ُ‬‫ع َ‬‫موا َ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬ ‫ذي َ‬‫ن ل ِل ّ ِ‬ ‫وإ ِ ّ‬ ‫ن* َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ي ُن ْ َ‬‫ه ْ‬‫ُ‬
‫ن ‪.(1)‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬‫ن أ َك ْث ََر ُ‬‫ول َك ِ ّ‬ ‫َ‬
‫فإنه يدل على تعذيب الكافرين عذابا ً أدنى قبل‬
‫قيام الساعة وهو عام لما يصيبهم الله تعالى به في‬
‫الدنيا وما يعذبهم به في قبورهم قبل أن يبعثوا منها‬
‫إلى العذاب الكبر وثبت في الحاديث الصحيحة أن‬
‫النبي ‪ ‬كان يستعيذ في صلته من عذاب القبر‬
‫ويأمر أصحابه بذلك وثبت أنه بعد أن صلى صلة‬
‫كسوف الشمس وخطب في الناس أمرهم أن‬
‫يستعيذوا بالله من عذاب القبر واستعاذ بالله من‬
‫عذاب القبر ثلث مرات في بقيع الغرقد حينما كان‬
‫يلحد لميت من أصحابه‪ ،‬ولو لم يكن عذاب القبر ثابتا‬
‫لم يستعذ بالله منه ول أمر أصحابه به‪.‬‬
‫ت الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫وقد بين النبي ‪ ‬أن قوله تعالى‪ :‬ي ُث َب ّ ُ‬
‫ة الدّن َْيا‬ ‫في ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫ت ِ‬‫ل الّثاب ِ ِ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬‫مُنوا ْ ِبال ْ َ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ع ُ‬ ‫ف َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬‫ه ال ّ‬ ‫ل الل ّ ُ‬‫ض ّ‬‫وي ُ ِ‬‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬
‫في ال ِ‬ ‫و ِ‬‫َ‬
‫شاء ‪ ‬يدخل فيه تثبيت المؤمن وخذلن‬ ‫)‪(2‬‬
‫ما ي َ َ‬ ‫َ‬
‫الكافر عند سؤال كل منهما في قبره وأن المؤمن‬
‫يوفق في الجابة وينعم في قبره وأن الكافر يخذل‬
‫ويتردد في الجابة ويعذب في قبره وسيجيء ذلك‬
‫في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قريبًا‪،‬‬
‫ومن أدلة عذاب القبر أيضا ً ما ثبت في الصحيحين‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي ‪ ‬مر‬
‫)( سورة الطور آية ‪.47-45‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة إبراهيم آية ‪.27‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪275‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بقبرين فقال )إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما‬
‫أحدهما فكان ل يستبرئ من البول وأما الخر فكان‬
‫يمشي بالنميمة فدعا بجريدة رطبة فشقها نصفين‬
‫وغرز على قبر كل واحدة وقال لعله يخفف عنهما ما‬
‫‪#‬‬‫لم ييبسا(‪.‬‬
‫‪276‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقد تواترت الخبار عن رسول الله ‪ ‬في ثبوت‬
‫سؤال الميت في قبره وثبوت نعيمه فيه أو عذابه‬
‫حسب عقيدته وعمله بما ل يدع مجال للشك في‬
‫ذلك‪ .‬ولم يعرف عن الصحابة رضي الله عنهم في‬
‫ثبوت ذلك خلف ولذا قال بثبوته أهل السنة‬
‫والجماعة‪ ،‬ومما ورد في ذلك ما رواه المام أحمد‬
‫في مسنده وأبو داود في سننه والحاكم وأبو عوانة‬
‫السفرائيني في صحيحيهما عن البراء بن عازب‬
‫رضي الله عنه قال كنا في جنازة في بقيع الغرقد‬
‫فأتانا رسول الله ‪ ‬فقعد وقعدنا حوله كأن على‬
‫رءوسنا الطير وهو يلحد فقال )أعوذ بالله من عذاب‬
‫القبر( ثلث مرات ثم قال )إن العبد المؤمن إذا كان‬
‫في إقبال من الخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه‬
‫الملئكة كأن على وجوههم الشمس معهم كفن من‬
‫أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة فجلسوا منه‬
‫مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند‬
‫رأسه فيقول‪) :‬يا أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى‬
‫مغفرة من الله ورضوان( قال‪) :‬فتخرج تسيل كما‬
‫تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم‬
‫يدعوها في يده طرفة عين‪ .‬حتى يأخذوها فيجعلوها‬
‫في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب‬
‫نفحة مسك وجدت على وجه الرض‪ .‬قال فيصعدون‬
‫بها‪ .‬فل يمرون بها يعني على مل من الملئكة إل‬
‫قالوا‪ :‬ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلن ابن فلن‬
‫بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى‬
‫ينتهوا بها إلى السماء فيستفتحون له فيفتح له‬
‫‪277‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي‬
‫تليها حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله فيقول‬
‫الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه‬
‫إلى الرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها‬
‫أخرجهم تارة أخرى قال فتعاد روحه في جسده‬
‫فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولن له من ربك؟ فيقول‬
‫ربي الله؟‪ .‬فيقولن له‪ :‬ما دينك فيقول‪ :‬ديني‬
‫السلم فيقولن‬
‫له‪ :‬ما علمك فيقول قرأت كتاب الله فآمنت به‬
‫وصدقت فينادي مناد‬
‫من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة‪.‬‬
‫وافتحوا له بابا إلى الجنة‪ .‬قال‪ :‬فيأتيه من روحها‬
‫وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره قال ويأتيه‬
‫رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول‬
‫أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول‬
‫‪#‬‬‫له من أنت فوجهك الوجه‬
‫الذي يجيء بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول‪:‬‬
‫يا رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي‪ ،‬قال‬
‫وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا‬
‫وإقبال من الخرة نزل إليه من السماء ملئكة سود‬
‫الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم‬
‫يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول‬
‫أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله‬
‫وغضب قال فتتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع‬
‫السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم‬
‫يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك‬
‫‪278‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المسوح ويخرج منها كأنتن ريح خبيثة وجدت على‬
‫وجه الرض فيصعدون بها فل يمرون بها على مل من‬
‫الملئكة إل قالوا‪ :‬ما هذا الروح الخبيث فيقولون‬
‫فلن ابن فلن بأقبح أسمائه التي كانوا يسمونه بها‬
‫في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح‬
‫له فل يفتح له‪ .‬ثم قرأ رسول الله ‪) ‬ل تفتح لهم‬
‫أبواب السماء ول يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في‬
‫سم الخياط()‪ (1‬فيقول الله عز وجل‪) :‬اكتبوا كتابه‬
‫في سجين في الرض السفلى فتطرح روحه طرحًا(‬
‫ك بالل ّه َ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫خّر ِ‬‫ما َ‬‫فك َأن ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ر ْ ِ‬ ‫من ي ُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫ثم قرأ ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫َ‬
‫ح‬
‫ه الّري ُ‬
‫وي ب ِ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫ه الطّي ُْر أ ْ‬
‫و تَ ْ‬ ‫خطَ ُ‬
‫ف ُ‬ ‫فت َ ْ‬‫ماء َ‬‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫حيق ‪ (2)‬فتعاد روحه في جسده‬ ‫س ِ‬
‫ن َ‬ ‫م َ‬
‫كا ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولن له من ربك؟ فيقول‬
‫هاه هاه ل أدري فيقولن له‪ :‬ما هذا الرجل الذي‬
‫بعث فيكم؟ فيقول هاه هاه ل أدري فينادي مناد من‬
‫السماء أن كذب فافرشوه من النار وافتحوا له بابا‬
‫إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه‬
‫قبره حتى تختلف أضلعه ويأتيه رجل قبيح الوجه‬
‫قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسؤوك‬
‫هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك‬
‫الوجه الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث‬
‫فيقول رب ل تقم الساعة‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬ليس بمحال في المعقول أن تسأل‬
‫الملئكة الموات في قبورهم وأن يجيبهم الموات أو‬

‫‪ () 1‬سورة العراف آية ‪.40‬‬


‫‪ () 2‬سورة الحج آية ‪.31‬‬
‫)*( للشاعر أحمد بن حسن المعلم‬
‫‪279‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يأخذوا جزاء وفاقا بما قدموا وليس ببعيد في عظيم‬
‫قدرة الله تعالى وعجائب سننه الكونية أن ينعم‬
‫المؤمنين في قبورهم ويعذب الكافرين فيها فإن من‬
‫أنعم النظر في الكون وضح له عموم مشيئة الله‬
‫‪#‬‬ ‫ونفاذها وشمول‬
‫قدرته تعالى وكمالها وإحكام خلقه ودقة تدبيره‬
‫وإبداعه لما صوره وسهل عليه اعتقاد ما وردت به‬
‫النصوص الصحيحة في سؤال المقبورين ونعيمهم أو‬
‫عذابهم وقد ثبت فيها أن الله تعالى يعيد الروح إلى‬
‫من مات بعد دفنه إعادة تجعله حيا حياة برزخية‬
‫وسطا بين حياته في دنياه وحياته بعد أن يبعثه الله‬
‫يوم القيامة وهذه الحياة الوسط بين الحياتين تؤهله‬
‫لسماع السؤال والجابة عنه إذا وفق وتجعله يحس‬
‫بالنعيم أو العذاب وقد تقدمت الحاديث في ذلك‬
‫ولله في تدبيره وخلقه شئون ل تحيط بها العقول‬
‫لقصورها ول تحيلها بل تحكم بإمكانها وإن كانت تحار‬
‫في تعليلها وتعجز عن الوقوف على كنهها وحقيقتها‬
‫وعن معرفة مداها وغايتها فعلى النسان إذا عجز‬
‫عن شيء وخفي عليه أمره أن يتهم نفسه بالقصور‬
‫ول يتهم ربه في علمه وحكمته وقدرته‪.‬‬
‫والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬
‫وعلى آله وصحبه‪.‬‬

‫)رحلة ومصير( )*(‬


‫كن للمهيمن قائما‬ ‫يا من يتابع سيد‬
‫متفاني‬
‫سواك لم يحتج إلى‬ ‫الكوانبأن الله خالقك‬
‫واعلم‬
‫إنسان‬
‫تدعوه بالخلص‬ ‫الذي البرية كلها من‬
‫خلق‬
‫والذعان‬ ‫أجل أن‬
‫‪280‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لعباده كي يخلص‬ ‫قد أرسل اليات منه‬
‫الثقلن‬
‫ل يكون له اعتذار‬ ‫كي‬ ‫مخوفاللنسان كل‬
‫وأبان‬
‫ثاني‬
‫تتميز التقوى عن‬ ‫طريقة‬
‫اقتضى أمرا ونهيا‬ ‫ثم‬
‫العصيان سوى التصديق‬
‫ليست‬ ‫وولدت مفطورا ً‬
‫علها‬
‫واليمان‬
‫وأمامك النجدان‬ ‫بفطرتك التي‬
‫بالتكاليف أنت‬ ‫وبليت‬
‫كنت محجوبا ً عن‬
‫مفتتحان‬
‫ما‬ ‫مخير‬
‫فعملت ما تهوى وأنت‬
‫انقضى العمر الذي الديان‬
‫وبدأت في ضعف وفي‬ ‫مراقب‬‫ثم‬
‫نقصانالمفر من القضاء‬
‫أين‬ ‫ودنا به‬
‫الفراق ولت حين‬ ‫تهنا‬
‫الداني تكون عواقب‬
‫ماذا‬
‫‪#‬‬ ‫تهرب‬
‫والتف صحبك يرقبون‬
‫الحدثان؟‬
‫وألقت دمعها‬ ‫حزنا‬ ‫بحسرة روحك‬
‫واستل‬
‫تقطعت حزن العينان‬
‫واجتاح من حضروا من‬ ‫والقلوبأهل الدار‬
‫فاجتاح‬
‫الجيران‬
‫والدمع يمل ساحة‬ ‫بالغ‬
‫فالبنت عبرى للفراق‬
‫الجفان‬
‫يتطلعون تطلع الحيران‬ ‫كئيبة‬
‫والزوج ثكلى والصغار‬
‫شيئا ً من الحزان‬ ‫تجمعوا يدأب في‬
‫والبن‬
‫والشجان‬
‫سمعتم عن وفاة‬ ‫أو ما‬ ‫جهازك كاتما‬
‫الحديث وقد‬ ‫وسرى‬
‫فلن‬
‫غير المهيمن كل شيء‬ ‫بعضهم‬
‫والوفاة‬ ‫قالوالسمعنا‬
‫تساء‬
‫فاني‬
‫من كل صواب للحطام‬ ‫سبيلناالحديث لوارثيك‬
‫وأتى‬
‫الفاني‬
‫ليجللوك بحلة الكفان‬ ‫فأسرعوا‬
‫المغسل‬ ‫وأتى‬
‫عنك الحرير وحلة‬ ‫منأتى‬
‫الثياب‬ ‫ويجردوك قد‬
‫والمكفن‬
‫الكتانهذه الدنيا سوى‬
‫من‬ ‫فردا لست حامل‬‫وينزعوا‬
‫لتعود‬
‫الكفان بنعش واهن‬
‫فأتوا‬ ‫حاجة المخبر أن قبرك‬
‫وأتى‬
‫العيدانالظهور يحف‬
‫فوق‬ ‫جاهز عليك وأركبوك‬
‫صلوا‬
‫بالحزان‬
‫وضعوك عند شفيره‬ ‫بمركب‬
‫رأوا القبر الذي‬ ‫حتى‬
‫القارب يرفعونك بحنان‬
‫للحد كي تمسي مع‬ ‫ودناجهزوا‬
‫لك‬
‫الديدانالحليم وصابر‬
‫صدر‬ ‫بينهم‬
‫وسكنت لحدا قد يضيق‬
‫الحيوان‬ ‫لضيقه‬
‫‪281‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وضعوك في البيت‬ ‫وسمعت قرع نعالهم‬
‫الثانيوجاءك‬ ‫الصغير‬
‫والروح رد‬ ‫بعد ما‬
‫الظلم كذا‬ ‫من‬
‫فدجى‬
‫مقام النصر‬‫الملكان‬
‫هذا‬ ‫مخيم‬ ‫السكون‬
‫الحقيقة‬ ‫وهنا‬
‫والخذلنبالتوحيد‬
‫تدعوه‬ ‫قد أتى‬
‫الدنيا‬ ‫والمحققفي‬
‫إن كنت‬
‫واليمان‬
‫بفسيح قبر طاهر‬ ‫ترفلً في‬
‫فتظلمخلصا‬
‫لربك‬
‫الركان عن الحباب‬
‫يغني‬ ‫مرهفا ًعن‬ ‫النعيم‬
‫الرفيق‬ ‫ولك‬
‫والخدانبالنوار والريحان‬
‫تأتيك‬ ‫مسليا ً‬
‫من‬ ‫الفراقعليك‬
‫فتحت‬
‫حتى يقوم إلى القضا‬ ‫الجنان نوافذ‬
‫منشرح الفؤاد‬ ‫وتظل‬
‫الثقلن‬
‫بالنور قد كتبت‬ ‫منعما ًالحساب وقد‬
‫تأتي‬
‫وبالرضوان‬
‫أنت بعزة وأمان‬
‫‪#‬‬
‫وتسير‬ ‫صحيفة خائفين‬
‫منحت الخلئق‬
‫وترى‬
‫والناس في عرق إلى‬ ‫لذنبهم‬
‫ويظلك الله الكريم‬
‫الذان‬
‫كالبرق تعبر فيه نحو‬ ‫بظله‬
‫وترى الصراط وليس‬
‫جنان‬
‫وترى القصور رفيعة‬ ‫صعوبة‬
‫الجنان بحسنها‬ ‫فيه‬
‫فترى‬
‫البنيان‬
‫تكفي مشقة سالف‬ ‫وجمالها‬
‫في رغيد العيش‬ ‫طب‬
‫الزمان عن الكدار‬
‫وابعد‬ ‫مشقة‬
‫ثياب الخلد‬ ‫دون‬
‫والبس‬
‫والحزان‬
‫فوقها الثمار في‬ ‫من‬ ‫واغتسل‬
‫أنهار‬ ‫واشرب‬
‫وانظر ال‬ ‫سر‬
‫خمرة الفردوس‬ ‫الفنان‬
‫مع‬ ‫في‬ ‫ماءها‬ ‫واشرب‬
‫والشهد جار‬
‫واللبانالوجوه خوامص‬
‫بيض‬ ‫مطهرفي‬ ‫العيون‬
‫والزوج حور‬
‫البدان‬
‫واللؤلؤ المكنون‬ ‫كواعب‬
‫الدر في‬ ‫البيوت‬
‫شبه‬ ‫أبكار‬
‫والمرجان‬
‫السرور برؤية‬ ‫فيه‬ ‫مقر ل تحول‬‫أصدافه‬
‫وهنا‬
‫الرحمنا ً لطرائق‬
‫متتبع‬ ‫بعدهإذا ما كنت فيها‬
‫أما‬
‫الشيطان‬
‫كيف تصبر في لظى‬ ‫أم‬ ‫ثكلتكا ًأمك كيف‬
‫مجرم‬
‫عنك صحبك النيران‬
‫حمال نعشك جاءك‬ ‫الذى‬ ‫تحتمل‬
‫تفرق‬ ‫فإذا‬
‫الملكان بأشواظ من‬
‫ترمي‬ ‫وانثنىمرهوبين من‬
‫جاءك‬
‫النيران الذي قد جاء‬
‫وعن‬ ‫عينهما عن رب قدير‬
‫سألك‬
‫بالقرآن‬ ‫خالق‬
‫‪282‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأقول شبه مقالة‬ ‫فتقول ل أدري وكنت‬
‫الثقلن‬
‫وسيضربانك ضربة‬ ‫مصدقا‬
‫فيوبخانك بالكلم‬
‫السجان‬
‫ويجيء الشجاع وذاك‬ ‫بشدة‬
‫فتصيح صيحة آسف‬
‫ثاني‬
‫متمرد من جان‬ ‫هول‬
‫فكأنه‬ ‫متوجع‬
‫ويجيء الرفيق فيا‬
‫حتى أحل بساحة‬ ‫وجهه‬
‫ويل أما لي‬ ‫قباحة‬
‫وتقول يا‬
‫اليمانجانب التكذيب‬
‫في‬ ‫عدت للدنيا لعدت‬‫رجعة‬
‫لو‬
‫مستقرا ً داخل‬
‫والعصيان‬
‫لك‬ ‫لمضىوالظلمات‬ ‫لما‬
‫في الحر‬
‫النيرانالتخاصم عند ذي‬
‫يوم‬ ‫أنا ًيبعث الله‬
‫مقعد‬
‫تنظرإلى‬
‫هذا‬
‫الحسانمنه مفارق‬
‫تبيض‬ ‫الورى‬
‫القيامة يا لشدة‬ ‫يوم‬
‫الولدان‬
‫السماء ويجمع‬ ‫فيه‬ ‫هولهتسير له الجبال‬
‫يوم‬
‫القمران فغطى جوها‬
‫وغلى‬
‫‪#‬‬ ‫وتنطوي‬
‫البحار وقد تأجج‬ ‫وترى‬
‫بدخان‬
‫متوجهين إلى عظيم‬ ‫ماؤها‬
‫فتقوم للحشر الخلئق‬
‫الشان‬
‫تبكي بدمع سائل هتان‬ ‫كلها‬
‫وتجيء مكتئبا حزينا‬
‫فيها سوى الكدار‬ ‫خائفا الصحيفة‬
‫تلقى‬
‫والحزانمن جور ومن‬
‫فعلته‬ ‫اللهول ترى‬
‫الجوارح‬ ‫بالشمال‬
‫وتخبر‬
‫عصيان‬
‫بسلسل ومسربل‬ ‫بالذي‬
‫وهناك تسحب للجحيم‬
‫القطران‬
‫ولكن لست فيه‬ ‫قصر‬ ‫مكبل ً‬
‫يضعوك في نار كأن‬
‫من الهوال شيء بهاني‬
‫فيها الحميم أعد‬ ‫دخانها‬
‫فيها‬
‫للظمآن نخل داخل‬
‫أعجاز‬ ‫مفجعالفاعي والهوام‬
‫فيها‬
‫والريح منتنة وجسمك النيران‬
‫والحر منصب على‬ ‫كأنها‬
‫البدان‬
‫وهناك مغشي وذاك‬ ‫منهك‬
‫والخلق في ضيق فذا‬
‫يعاني‬
‫لهب لها فاصبر مدى‬ ‫متشفعمطبقة وليس‬
‫والنار‬
‫الزمان‬
‫راحة ترجى ولست‬ ‫ل‬ ‫بناضب‬
‫وبئس الخلد ذلك‬ ‫خلد‬
‫بفاني‬
‫من عليها دائم‬ ‫يا‬ ‫يا فتى‬
‫شارب الخمر المحب‬
‫الدمان‬
‫واليوم فاشرب من‬ ‫لشربها‬
‫بالمس تشرب من‬
‫حميم آن‬ ‫مدامة شارب‬
‫‪283‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫هذا جزاء الظلم‬ ‫يا ظالما‪ .،‬يا فاسقًا‪ ،‬يا‬
‫والعدوان‬
‫تثبت للحريق‬ ‫لتعود‬ ‫مجرما ً‬
‫لتشوي الجلود إلى‬
‫الثاني الجزاء لهاجر‬
‫هذا‬ ‫هاجر وتنبري‬
‫القرآن حسبك‬ ‫العظام‬ ‫يا‬
‫متذرعا ً بالشغل‬
‫تارك المفروض في القرآن‬ ‫عبرة‬
‫يا‬
‫والنسيان‬
‫واصحب إليها عابد‬ ‫أوقاتهمع الكفار نار‬
‫ادخل‬
‫الوثان‬
‫راجي الجنان وراهب‬ ‫مال الناس‬‫جهنم‬
‫هذا‬
‫النيران‬
‫يظلم المولى بني‬ ‫ل‬ ‫فليعمل له‬
‫سيحصد غرسه‬ ‫كل‬
‫النسان‬
‫يجتني ورد من‬ ‫ل‬ ‫بيمينه‬
‫رام طيب الورد‬ ‫من‬
‫السعدان علينا رب‬
‫وامنن‬ ‫يغرس بذبره‬
‫فارحمنا وخفف‬ ‫يا رب‬
‫بالحسانالمختار من‬
‫لمحمد‬ ‫وزرنا‬
‫واجعل ختام النظم‬
‫‪#‬‬ ‫عدنان‬ ‫خير صلتنا‬
‫)نصيحة في الزكاة(‬
‫للشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل‬
‫الشيخ‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده‪.‬‬
‫من محمد بن إبراهيم إلى من يراه من إخواننا‬
‫المسلمين من سكان الهجر وتابعيهم من البوادي‪،‬‬
‫وغيرهم من البادية والحاضرة‪ ،‬السلم عليكم ورحمة‬
‫الله وبركاته‪ ..‬وبعد‪ :‬فنصيحة لكم وشفقة عليكم‬
‫وحذًرا من إثم الكتمان كتبت إليكم بهذه الكلمات‬
‫ُ‬
‫دوا‬ ‫مُروا إ ِّل ل ِي َ ْ‬
‫عب ُ ُ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫فأقول قال الله تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫صَل َ‬
‫ة‬ ‫موا ال ّ‬
‫قي ُ‬
‫وي ُ ِ‬‫فاءَ َ‬ ‫حن َ َ‬
‫ن ُ‬‫دي َ‬‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫صي َ‬‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه ُ‬
‫ة ‪ (1)‬وقال تعالى‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫قي ّ َ‬ ‫ك ِدي ُ‬‫وذَل ِ َ‬ ‫ؤُتوا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬ ‫وي ُ ْ‬
‫َ‬
‫)( سورة البينة آية ‪.5‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪284‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫خّلوا‬ ‫قاموا الصَلةَ َ‬ ‫فإن َتابوا َ‬
‫ف َ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫وا الّز َ‬
‫وآت َ ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وأ َ ُ‬‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ْ ِ َ ‬‬
‫َ‬
‫وأ َ‬ ‫م ‪ ‬وقال تعالى‪َ  :‬‬ ‫سِبيل َ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫موا‬ ‫قا ُ‬ ‫ن َتاُبوا َ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‪. ‬‬ ‫وان ُك ُ ْ‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫دي ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫خ َ‬‫فإ ِ ْ‬ ‫وآت َ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫وروى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال "أمرت أن أقاتل الناس حتى‬
‫دا رسول الله‬ ‫يشهدوا أن ل إله إل الله وأن محم ً‬
‫ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا‬
‫مني دماءهم وأموالهم إل بحق السلم وحسابهم‬
‫على الله)‪."(3‬‬
‫وفي صحيح مسلم عن عمر رضي الله عنه قال‬
‫قال رسول الله ‪" ‬السلم أن تشهد أن ل إله إل‬
‫دا رسول الله وتقيم الصلة وتؤتي‬ ‫الله وأن محم ً‬
‫الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه‬
‫سبيل" وروى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر‬
‫قال قال رسول الله ‪" ‬بني السلم على خمس‬
‫دا رسول الله وإقام‬ ‫شهادة أن ل إله إل الله وأن محم ً‬
‫الصلة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان"‬
‫وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما ناظره من‬
‫ناظره في قتال مانعي الزكاة )لقاتلن من فرق بين‬
‫الصلة والزكاة فإنها قرينتها في‬
‫‪#‬‬

‫كتاب الله والله لو منعوني عناًقا( وفي رواية عقاًل‬


‫كانوا يؤدونه إلى رسول الله ‪ ‬لقاتلتهم على منعه‬
‫– فهذه النصوص تدل على أن الزكاة أحد أركان‬
‫السلم وأنها قرينة الصلة وهما جميًعا قرينتا التوحيد‬
‫وأنه يجب قتال من امتنع عن أدائها حتى يؤديها ولهذا‬
‫)( سورة التوبة آية ‪5‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.11‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪285‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جاء الوعيد الشديد والتغليظ الكيد في حق مانعها‬
‫كما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال قال رسول‬
‫الله ‪" ‬ما من صاحب ذهب ول فضة ل يؤدي منها‬
‫حقها إل إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من‬
‫نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جبينه‬
‫وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره‬
‫خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى‬
‫سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار" قيل يا رسول‬
‫الله فالبل قال‪" :‬ول صاحب إبل ل يؤدي حقها ومن‬
‫حقها حلبها يوم وردها إل إذا كان يوم القيامة بطح‬
‫دا تطؤه بأخفافها‬ ‫لها بقاع قرر ل يفقد منها فصيل واح ً‬
‫وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أولها رد عليه أخراها‬
‫في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى‬
‫بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار"‬
‫قيل يا رسول الله فالبقر والغنم قال "ول صاحب‬
‫بقر ول غنم ل يؤدي منها حقها إل إذا كان يوم القيامة‬
‫بطح لها بقاع قرر ل يفقد منها شيًئا ليس فيها عقصا‬
‫ول جلحا ول عضًبا تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلفها‬
‫كلما مر عليه أولها رد عليه أخراها في يوم كان‬
‫مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد‬
‫فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار")‪.(1‬‬
‫والحاديث دلت على أخذ الزكاة من المواشي‬
‫عينا فتؤخذ من البل ‪ 0‬تارة غنما ً وتارة أسنانا من‬
‫البل على حسب ما ورد كما تؤخذ الغنم من الغنم‬
‫والبقر من البقر والنقد من النقد والبر من البر إلى‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪286‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫آخر أنواع الموال الزكوية إل أن أخذ القيمة جوزه‬
‫بعض أهل العلم بشرط المصلحة في ذلك وبشرط‬
‫عدم النقص عن القيمة التي تساويها حينئذ‪ ،‬إذا‬
‫عرف هذا فإن كثيرا ً من العمال الموكول إليهم أخذ‬
‫الزكاة من أرباب الموال ل يقومون بالواجب إذا‬
‫قبضوا منهم القيمة فيقبض بعضهم نصف القيمة أو‬
‫‪#‬‬ ‫ثلثيها فقط أو قريبا ً من ذلك وهذا‬
‫ل يبرء ذمة أرباب الموال ول يحل لهم ما ترك من‬
‫قيمة زكاة أموالهم بل هي عليهم حرام ويبقون غير‬
‫مؤدين لهذا الركن العظيم من أركان السلم ول‬
‫يسقط هذا بمفارقة العامل لهم ول بمضي سنة بل‬
‫هذا دين في رقاب أرباب الموال ول يجوز لولة‬
‫المسلمين إقرارهم على بقائها في ذممهم كما يتعين‬
‫على ولة المور أن يوصوا من يبعثون في قبض‬
‫الزكاة بتقوى الله واستيعاب جميع القيمة عندما‬
‫تؤخذ القيمة والستقصاء في ذلك كما يجب عليهم‬
‫أن يقوموا حول هذه العبادة العظيمة وسائر فرائض‬
‫الدين بما يخرجون به من عهدة ما ولهم الله عليه‬
‫وهو سائلهم عنه يوم القيامة فإن لهم مقاصد الولية‬
‫إقامة دين الله وإلزام الخاصة والعامة من المسلمين‬
‫بالتزام فرائضه ول سيما التوحيد والصلة والزكاة‬
‫وأن يعاقبوا المتهاونين بأمر الله ورسوله‬
‫والمتساهلين بفرائض الدين بالعقوبة التي تردع‬
‫العصاة والغواة عن عصيانهم وغيهم وأن يوصلوا‬
‫الزكاة إلى أربابها المستحقين لها وهم الصناف‬
‫‪287‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما‬‫الثمانية المذكورون في قوله تعالى ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫عل َي ْ َ‬
‫ها‬ ‫ن َ‬‫مِلي َ‬ ‫عا ِ‬ ‫وال ْ َ‬‫ن َ‬ ‫كي ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ء َ‬ ‫قَرا ِ‬ ‫ف َ‬‫ت ل ِل ْ ُ‬‫قا ُ‬ ‫صدَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬
‫مي َ‬‫ر ِ‬
‫غا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫قا ِ‬ ‫في الّر َ‬ ‫و ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ة ُ‬ ‫ف ِ‬‫ؤل ّ َ‬
‫م َ‬‫وال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ل ‪ ‬ودفعها إلى‬ ‫)‪(1‬‬
‫سِبي ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫وا ِب ْ ِ‬‫ه َ‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫غير هؤلء ل يبرء الذمة ول يعتبر شرعا ً أداء للزكاة‬
‫كما أن على العمال مخافة الله وتقواه فيما ائتمنوا‬
‫عليه بأن ل يأخذوا أكثر من الواجب ول يتركوا من‬
‫الواجب شيئا ً فيكونوا قد خانوا الله ورسوله وخانوا‬
‫ولي أمرهم وخانوا أرباب الزكاة من الفقراء‬
‫والمساكين ونحوهم وغشوا أرباب الموال حيث‬
‫أرسلوا ليعينوهم على أنفسهم ويطهروهم بقبضها‬
‫منهم كما يجب على أرباب الموال تقوى الله‬
‫وخشيته والخوف من أن يموت أحدهم وزكاة‬
‫السلم في ذمته ول تقضى بعده بل يلقى الله بها‬
‫يوم القيامة وهي في ذمته‪ ،‬والله أسأل أن ينصر دينه‬
‫ويعلي كلمته وأن يوفقنا جميعا ً لما يحبه ويرضاه إنه‬
‫على كل شيء قدير‪ ،‬وصلى الله على محمد وعلى‬
‫آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.60‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪288‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)مهمات في الزكاة(‬
‫للشيخ عبد الله بن صالح القصير‬

‫أول ً – تعريفها‪:‬‬
‫هي حق واجب في مال بشروط)‪ (1‬لطائفة‬
‫معينة وفي وقت معلوم‪ .‬والزكاة هي أحد أركان‬
‫السلم ومبانيه العظام وهي قرينة الصلة في‬
‫مواضع كثيرة من كتاب الله عز وجل وقد أجمع‬
‫المسلمون على فرضيتها اجماعا ً قطعيا ً فمن أنكر‬
‫وجوبها مع علمه به فهو كافر خارج عن ملة السلم‬
‫ومن بخل بها أو انتقض منها شيئا ً فهو من الظالمين‬
‫المتعرضين للعقوبة والنكال‪.‬‬
‫صَل َ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫موا ال ّ‬‫قي ُ‬
‫وأ ِ‬‫ومن أدلة ذلك قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫ما‬ ‫ة‪/ 110‬البقرة‪ .‬وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬ ‫وآ َُتوا الّز َ‬
‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫فاءَ‬ ‫حن َ َ‬‫ن ُ‬‫دي َ‬‫ه ال ّ‬‫ن لَ ُ‬‫صي َ‬‫خل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬
‫ه ُ‬ ‫عب ُ ُ‬‫مُروا إ ِّل ل ِي َ ْ‬ ‫أ ِ‬
‫ة‬
‫م ِ‬‫قي ّ َ‬‫ن ال ْ َ‬
‫ك ِدي ُ‬‫وذَل ِ َ‬ ‫ؤُتوا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫وي ُ ْ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قي ُ‬
‫وي ُ ِ‬‫َ‬
‫‪/ 5‬البينة وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله‬
‫عنهما قال‪ :‬قال رسول الله ‪ ‬بني السلم على‬
‫خمس فذكر منها إيتاء الزكاة‪ .‬وفي البخاري في‬
‫قصة بعث معاذ إلى اليمن وفيه قال‪ :‬فإن هم‬
‫أطاعوا لذلك فاعلمهم أن الله افترض عليهم صدقه‬
‫تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم وفي كفر تارك‬
‫صَل َ‬
‫ة‬ ‫موا ال ّ‬
‫قا ُ‬‫وأ َ َ‬‫ن َتاُبوا َ‬‫فإ ِ ْ‬‫أدائها قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ن‪/ 11‬التوبة‪.‬‬ ‫َ‬
‫دي ِ‬ ‫في ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫وان ُك ُ ْ‬
‫خ َ‬
‫فإ ِ ْ‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاةَ َ‬ ‫وآت َ ُ‬‫َ‬
‫)( شروط وجوب الزكاة خمسة هييي‪ :‬السييلم والحرييية وملييك نصيياب‬ ‫‪1‬‬

‫واستقراره ومضي الحول ) انظر شرح هذه الشروط في كتب الفقييه (‬


‫وسوف يذكرها الكاتب فيما بعد بالتفصيل‪.‬‬
‫‪289‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حيث يفهم من الية أن الذي ل يقيم الصلة ول يؤتي‬
‫الزكاة ليس من إخواننا في الدين بل هو من‬
‫الكافرين ولذلك قاتل أبو بكر الصديق رضي الله عنه‬
‫من فرق بين الصلة والزكاة ووافقه الصحابة على‬
‫ذلك فكان إجماعًا‪.‬‬

‫ثانيًا‪ -‬حكمة تشريع الزكاة‪:‬‬


‫لتشريع الزكاة حكم كثيرة ومقاصد عظيمة‬
‫ومصالح عامة تظهر من خلل التأمل لنصوص‬
‫الكتاب والسنة التي تأمر بأداء فريضة الزكاة‪ .‬مثل‬
‫آية مصارف الزكاة في سورة التوبة وغيرها من‬
‫اليات والحاديث التي تحث على‬
‫‪#‬‬

‫الصدقة والنفاق في وجوه الخير بشكل عام ومن‬


‫هذه الحكم‪:‬‬
‫‪ -1‬تزكية نفس المؤمن من أوضار الذنوب‬
‫والثام وآثارهما السيئة على القلوب وتطهير روحه‬
‫من رذيلة البخل والشح وما يترتب عليهما من أثار‬
‫صدَ َ‬ ‫َ‬ ‫سيئة‪ .‬قال تعالى ‪ُ ‬‬
‫ة‬
‫ق ً‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫وال ِ ِ‬
‫م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫خذْ ِ‬
‫م ْ‬
‫ها‪ / 103‬التوبة‪.‬‬ ‫م بِ َ‬
‫ه ْ‬ ‫وت َُز ّ‬
‫كي ِ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫ت ُطَ ّ‬
‫هُر ُ‬
‫‪ -2‬كفاية الفقير المسلم وسد حاجته ومواساته‬
‫وإكرامه عن ذل السؤال لغير الله‪.‬‬
‫‪ -3‬التخفيف من هم المدين المسلم بسداد دينه‬
‫وقضاء ما وجب عليه من ديون الغرماء‪.‬‬
‫‪ -4‬جمع القلوب المشتته على اليمان والسلم‬
‫والنتقال بها من الشكوك والضطرابات النفسية‬
‫‪290‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لعدم رسوخ اليمان فيها إلى اليمان الراسخ واليقين‬
‫التام‪.‬‬
‫‪ -5‬تجهيز المقاتلين في سبيل الله وإعداد العدد‬
‫والعتاد الحربي لنشر السلم ودحر الكفر والفساد‬
‫ورفع راية العدل بين الناس حتى ل تكون فتنة‬
‫ويكون الدين كله لله‪.‬‬
‫‪ -6‬مساعدة المسلم المسافر إذا انقطع في‬
‫طريقه ولم يجد ما يكفيه مؤنة سفره فيعطى من‬
‫الزكاة ما يسد حاجته حتى يعود إلى داره‪.‬‬
‫‪ -7‬تطهير المال وتنميته والمحافظة عليه‬
‫ووقايته من الفات ببركة طاعة الله وتعظيم أمره‬
‫والحسان إلى خلقه‪.‬‬
‫هذه جملة من الحكم السامية والهداف النبيله‬
‫التي شرعت لها صدقة الزكاة وغيرها كثير إذ ل‬
‫يحيط بأسرار الشرع وحكمه إل الله عز وجل‪.‬‬
‫ثالثا ً – الموال التي تجب فيها الزكاة‪:‬‬
‫تجب الزكاة في أربعة أشياء‪:‬‬
‫الول‪ :‬الخارج من الرض من الحبوب والثمار‬
‫من‬‫قوا ْ ِ‬ ‫مُنوا ْ َأن ِ‬
‫ف ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬
‫لقوله تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ض‬ ‫َ‬
‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬‫كم ّ‬‫جَنا ل َ ُ‬ ‫ما أ َ ْ‬
‫خَر ْ‬ ‫م ّ‬‫و ِ‬‫م َ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫طَي َّبا ِ‬
‫ول َ‬
‫‪#‬‬

‫َ‬
‫ه إ ِل ّ‬
‫ذي ِ‬‫خ ِ‬
‫سُتم ِبآ ِ‬‫ول ْ‬‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ه ُتن ِ‬‫من ْ ُ‬
‫ث ِ‬ ‫خِبي َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫موا ال َ‬ ‫م ُ‬ ‫ت َي َ ّ‬
‫ه‪/ 267‬البقرة‪.‬‬ ‫في ِ‬ ‫ضوا ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫غ ِ‬‫َأن ت ُ ْ‬
‫وقوله تعالى ‪‬وآتوا حقه يوم حصاده‪ 141‬‬
‫النعام‪ .‬وأعظم حقوق المال الزكاة وقال النبي ‪:‬‬
‫‪291‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫"فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا ً العشر‬
‫وفيما سقي بالنضح نصف العشر"رواه البخاري‬
‫وغيره‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الثمان كالذهب والفضة والوراق‬
‫ب‬ ‫ن ي َك ْن ُِزو َ‬
‫ن الذّ َ‬
‫ه َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫النقدية لقوله تعالى‪َ  :‬‬
‫هم‬ ‫فب َ ّ‬
‫شْر ُ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سِبي ِ‬
‫في َ‬‫ها ِ‬
‫قون َ َ‬ ‫ول َ ُين ِ‬
‫ف ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ض َ‬
‫ف ّ‬‫وال ْ ِ‬‫َ‬
‫ب أِليم‪/  34‬التوبة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬
‫ذا ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬ما من صاحب ذهب ول فضه‬
‫ل يؤدي منها حقها إل إذا كان يوم القيامة صفحت له‬
‫صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها‬
‫جنبه وجبينه وظهرت كلما بردت أعيدت له في يوم‬
‫كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين‬
‫العباد" والمراد بحقها الزكاة لنه ورد في رواية‬
‫أخرى )مامن صاحب كنز ل يؤدي زكاته(‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬عروض التجارة‪ :‬وهي كل ما أعد‬
‫للتكسب والتجارة من عقار وحيوان وطعام وشراب‬
‫وسيارات وغيرها من أصناف المال فيقومها صاحبها‬
‫بما تساوي عند رأس الحول ويخرج ربع عشر قيمتها‬
‫سواء كانت قيمتها بقدر ثمنها الذي اشتراها به أم‬
‫أقل أم أكثر ويجب على أصحاب المحلت التجارية‬
‫كأهل البقالت والسيارات وقطع الغيار أن يحصوا ما‬
‫في محلتهم من البضائع احصاًء دقيقا ً شامل ً للصغير‬
‫والكبير ويخرجوا زكاتها فإن شق عليهم ذلك احتاطوا‬
‫وأخرجوا ما يكون به براءة ذممهم‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬بهيمة النعام‪ :‬وهي البل والبقر والغنم‬
‫من ضأن أو ماعز بشرط أن تكون سائمة وأعدت‬
‫‪292‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫للدر والنسل وبلغت نصابًا‪ ،‬والسائمة هي التي ترعى‬
‫العشب كل السنة أو أكثرها فإن لم تكن سائمة فل‬
‫زكاة فيها إل أن تكون للتجارة وإن أعدت للتكسب‬
‫بالبيع والشراء فيها فهي عروض تجارة تزكى زكاة‬
‫العروض سواء كانت سائمة أو معلفة إذا بلغت‬
‫نصاب التجارة بنفسها أو بضمها إلى تجارته‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪293‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫رابعا ً – مقادير النصبة‪:‬‬


‫‪ -1‬الحبوب والثمار‪:‬‬
‫النصاب‪ :‬خمسة أوسق وتساوي ‪612‬كيلو غرام‬
‫بالبر الجيد ومقدار الواجب فيه‪ :‬العشر فيما سقت‬
‫السماء أو العيون ونصفه فيما سقي بكلفه‪.‬‬
‫‪ -2‬النقد أو الثمان‪:‬‬
‫أ( الذهب‪ :‬عشرون دينارا وتساوي ‪ 85‬غراما ً‬
‫وتعادل أحد عشر جنيها ً سعوديا ً وثلثة أسباع الجنية‪.‬‬
‫وفيه ربع العشر‪.‬‬
‫ب( الفضة‪ :‬خمس أواق وتساوي ‪595‬غراما ً‬
‫تعادل ‪ 56‬ريال ً عربيا ً سعوديًا‪ .‬ريال الفضة القديم‬
‫)المعروف( وفيها ربع العشر‪.‬‬
‫ج( الوراق النقدية‪ :‬ما يعادل قيمة أحد النصابين‬
‫الذهب أو الفضة‪ .‬وفيها ربع العشر‪.‬‬
‫‪ -3‬عروض التجارة‪ :‬تقدر قيمتها بنصاب الذهب‬
‫أو الفضة ويخرج ربع عشرها‪.‬‬
‫‪ -4‬بهيمة النعام‪:‬‬
‫أ‪ -‬البل‪ :‬أقل النصاب فيها خمس وفيها شاة‪.‬‬
‫ب‪ -‬البقر‪ :‬أقل النصاب ثلثون‪ ،‬وفيها تبيع )أو‬
‫تبيعه وهو ما تم له سنة(‬
‫ج‪ -‬الغنم‪ :‬أقل النصاب أربعون‪ ،‬وفيها شاة‪.‬‬
‫ومحل تفصيل ذلك كتب الحديث والفقة فلتراجع‬
‫لمن يريد التوسع‪.‬‬

‫خامسا ً – شروط وجوب الزكاة‪:‬‬


‫‪ -1‬السلم‪ ،‬فل تجب على كافر أو مرتد‪.‬‬
‫‪ -2‬الملك التام للمال المزكى بحيث يكون في‬
‫‪294‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يده وتحت تصرفه أو قادر على تحصيله‪.‬‬
‫‪ -3‬بلوغ النصاب أي أن يبلغ المال النصاب الذي‬
‫حدده الشارع وهو يختلف باختلف الموال كما سبق‬
‫وهو تقريبا ُ في الثمان وتحديدا ً في غيرها‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪295‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -4‬مضي الحول‪ :‬وهو مضي السنة من يوم ملك‬
‫النصاب إل في الخارج من الرض فزكاته عند‬
‫استوائه وإل نتاج السائمة وربح التجارة فحولهما‬
‫حول أصلهما من حين كمل نصابًا‪.‬‬
‫الحرية فل تجب الزكاة على عبد لنه ل‬ ‫‪-5‬‬
‫يملك بل هو وما تحت يده ملك لسيده‪.‬‬
‫سادسا ً – من فوائد أداء الزكاة‪:‬‬
‫امتثال أمر الله ورسوله وتقديم ما يحبه‬ ‫‪-1‬‬
‫الله ورسوله على ما تحبه النفس من المال‪.‬‬
‫ن‬
‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫مضاعفة ثواب العمل ‪ّ ‬‬
‫مث َ ُ‬ ‫‪-2‬‬
‫َ‬
‫ة‬‫حب ّ ٍ‬‫ل َ‬‫مث َ ِ‬ ‫ه كَ َ‬‫ل الل ّ ِ‬‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬‫م ِ‬‫ه ْ‬ ‫وال َ ُ‬
‫م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬
‫ُين ِ‬
‫َ‬
‫والل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ة َ‬ ‫حب ّ ٍ‬
‫ة َ‬ ‫مئ َ ُ‬‫ة ّ‬‫سنب ُل َ ٍ‬
‫ل ُ‬ ‫في ك ُ ّ‬
‫ل ِ‬‫سَناب ِ َ‬ ‫ع َ‬ ‫سب ْ َ‬
‫ت َ‬ ‫أنب َت َ ْ‬
‫شاء‪ / 261‬البقرة‪.‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ف لِ َ‬‫ع ُ‬‫ضا ِ‬‫يُ َ‬
‫الصدقة برهان على اليمان وعلمة دالة‬ ‫‪-3‬‬
‫عليه كما في الحديث )والصدقة برهان( رواه مسلم‪.‬‬
‫الطهارة من دنس الذنوب والخلق‬ ‫‪-4‬‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫هُر ُ‬ ‫ة ت ُطَ ّ‬ ‫صدَ َ‬
‫ق ً‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬
‫وال ِ ِ‬
‫م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خذْ ِ‬ ‫الرذيلة ‪ُ ‬‬
‫ها‪ / 103‬التوبة‪.‬‬ ‫م بِ َ‬‫ه ْ‬ ‫وت َُز ّ‬
‫كي ِ‬ ‫َ‬
‫نماء المال وبركته وحفظه والسلمة من‬ ‫‪-5‬‬
‫شره لما في الحديث )ما نقصت صدقة من مال بل‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م ِ‬‫قت ُ ْ‬‫ف ْ‬‫ما أ َن ْ َ‬ ‫تزيده بل تزيده( وقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫)‪(1‬‬

‫ه ‪ (2)‬وحديث )حصنوا أموالكم‬ ‫ف ُ‬‫خل ِ ُ‬


‫و يُ ْ‬‫ه َ‬
‫ف ُ‬‫ء َ‬‫ي ٍ‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫بالزكاة()‪ (3‬وحديث )ما تلف مال في بر ول بحر إل‬
‫)‪(4‬‬
‫بسبب منع الزكاة(‬
‫المتصدق في ظل صدقته يوم القيامة كما‬ ‫‪-6‬‬
‫)( رواه مسلم بلفظ ما نقصت صدقة من مال بدون ذكر الزيادة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة سبأ آية ‪.39‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أبو داود والطبراني في الكبير وغيرهما وأشييار السيييوطي فييي‬ ‫‪3‬‬

‫الجامع إلى ضعفه‪.‬‬


‫)( رواه والطبراني في الوسط وصححه السيوطي‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪296‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في حديث )إنما يستظل المؤمن يوم القيامة بظل‬
‫بظل صدقته()‪ (1‬وجاء في السبعة الذين يظلهم الله‬
‫في ظله يوم ل ظل إل ظله )رجل تصدق بصدقة‬
‫فأخفاها حتى ل تعلم شماله ما تنفق يمينه()‪.(2‬‬
‫‪#‬‬

‫ت‬
‫ع ْ‬‫س َ‬‫و ِ‬‫مِتي َ‬
‫ح َ‬ ‫سبب لرحمة الله ‪َ ‬‬
‫وَر ْ‬ ‫‪-7‬‬
‫ف َ‬
‫ن‬ ‫وي ُ ْ‬
‫ؤُتو َ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ي َت ّ ُ‬
‫قو َ‬ ‫ها ل ِل ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫سأك ْت ُب ُ َ‬
‫ء َ َ‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫كُ ّ‬
‫ة‪/  156‬العراف‪.‬‬ ‫كا َ‬‫الّز َ‬

‫سابعا ً – ما جاء في وعيد مانع الزكاة‪:‬‬


‫ب‬ ‫ه َ‬ ‫ن الذّ َ‬ ‫ن ي َك ْن ُِزو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫‪ -1‬قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫هم‬‫شْر ُ‬ ‫فب َ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ها ِ‬ ‫قون َ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ول َ ُين ِ‬‫ة َ‬ ‫ض َ‬
‫ف ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬
‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬‫ر َ‬ ‫في َنا ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫علي ْ َ‬ ‫مى َ‬ ‫ح َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫و َ‬
‫ب أِليم ي َ ْ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫بِ َ‬
‫ذا‬‫هـ َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫هوُر ُ‬ ‫وظ ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫جنوب ُ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جَبا ُ‬ ‫ها ِ‬ ‫وى ب ِ َ‬ ‫فت ُك ْ َ‬‫َ‬
‫ما ك َن َْزت ُم َ‬
‫م ت َك ْن ُِزون ‪‬‬ ‫كنت ُ ْ‬‫ما ُ‬‫قوا ْ َ‬ ‫ذو ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫لن ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫‪ /34-35‬التوبة‪.‬‬
‫‪ -2‬وروى أحمد ومسلم عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه أن النبي ‪ ‬قال‪) :‬ما من صاحب كنز ل يؤدي‬
‫زكاته إل أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح‬
‫فيكوى بها جنبه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده في‬
‫يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يرى سبيله‬
‫إما إلى الجنة وإما إلى النار(‪.‬‬
‫‪ -3‬وروى البخاري أن النبي ‪ ‬قال‪) :‬من آتاه الله‬
‫مال ً فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا ً أقرع‬
‫له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه –‬
‫يعني شدقيه‪ ،‬ثم يقول أنا مالك‪ .‬أنا كنزك( ثم تل ‪‬‬

‫)( رواه أحمد والحاكم بلفظ )كل امرئ في ظيل صييدقته حييتى يقضييى‬ ‫‪1‬‬

‫بين الناس ( وصححه السيوطي‪.‬‬


‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪297‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من‬ ‫ه ِ‬‫م الل ّ ُ‬
‫ه ُ‬‫ما آَتا ُ‬‫ن بِ َ‬‫خُلو َ‬ ‫ن ي َب ْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫سب َ ّ‬ ‫ح َ‬‫ول َ ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫و ُ‬
‫قو َ‬ ‫َ‬
‫سي ُط ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ّ‬
‫شّر ل ُ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬‫ل ُ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ّ‬
‫خي ًْرا ل ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬‫َ‬
‫ة‪ / 180‬آل عمران‪.‬‬ ‫م ِ‬‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه يَ ْ‬‫خُلوا ْ ب ِ ِ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫َ‬
‫‪ -4‬وروى مسلم قوله ‪ ‬ما من صاحب إبل ول‬
‫بقر ول غنم ل يؤدي زكاتها إل جاءت يوم القيامة‬
‫أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه‬
‫بأظلفها كلما نفدت عليه أخراها عادت عليه أولها‬
‫حتى يقضى بين الناس‪.‬‬
‫ثامنا ً – تنبيهات‪:‬‬
‫الول‪ :‬يصح دفع الزكاة لحد الصناف الثمانية‬
‫ول يجب توزيعها عليهم كلهم حال وجودهم‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يجوز إعطاء الغارم ما يسدد كل دينه أو‬
‫بعضه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬ل تعطى الزكاة لكافر أصلى أو مرتد‬
‫ول تارك الصلة للقول بكفره وهو الراجح‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪298‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الرابع‪ :‬ل يجوز إعطاء الزكاة لغني لقوله ‪ ‬ل‬
‫حظ فيها لغني ول لقوي مكتسب)‪.(1‬‬
‫الخامس‪ :‬ل يصح إعطاء الزكاة لمن تجب‬
‫النفقة عليهم كالوالدين والولد والزوجة‪.‬‬
‫السادس‪ :‬يجوز للمرأة أن تعطي زكاتها لزوجها‬
‫إذا كان فقيًرا لقصة إعطاء امرأة عبد الله بن‬
‫مسعود الصدقة لزوجها عبد الله وإقرار النبي ‪‬‬
‫على ذلك )رواه البخاري(‪.‬‬
‫السابع‪ :‬ل تنقل الزكاة من بلد إلى آخر إل من‬
‫ضرورة تستدعي ذلك كمجاعة أو عدم وجود فقير‬
‫في بلد المال أو إمداد المجاهدين أو ينقلها المام‬
‫للمصلحة العامة‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬من استفاد ماًل في غير بلده ووجبت‬
‫عليه الزكاة فيه أخرج الزكاة في بلد المال ول ينقلها‬
‫لبلده إل لضرورة تستدعي ذلك كما سبق‪.‬‬
‫التاسع‪ :‬يجوز إعطاء الفقير من الزكاة ما يكفيه‬
‫لعدة أشهر أو لسنة‬
‫كاملة‪.‬‬
‫العاشر‪ :‬تجب الزكاة في الذهب والفضة سواء‬
‫كانت نقوًدا أو سبائك أو حلًيا يلبس أو يعار أو غير‬
‫ذلك لعموم الدلة الدالة على وجوب الزكاة فيها‬
‫بدون تفصيل‪ .‬ومن أهل العلم من قال إن الحلي‬
‫الذي أعد للبس والعارة ل زكاة فيه والول أرجح‬
‫أدلة والخذ به أحوط‪.‬‬
‫)( رواه أحمد وأبو داود والنسائي‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪299‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحادي عشر‪ :‬ل زكاة فيما أعده النسان‬
‫لحاجته من طعام وشراب وفرش ومسكن وحيوانات‬
‫وسيارة ولباس ودليل ذلك كله قوله ‪) ‬ليس على‬
‫المسلم في عبده ول فرسه صدقة( متفق عليه‬
‫ويستثنى من ذلك حلي الذهب والفضة على ما‬
‫سبق‪.‬‬
‫الثاني عشر‪ :‬ما أعد للجرة من عقارات‬
‫وسيارات ونحوها فزكاتها في‬
‫‪#‬‬

‫أجرتها إذا كانت نقوًدا وحال عليها الحول وبلغت‬


‫قيمتها نصاًبا بنفسها أو بضمها إلى ما عنده من‬
‫جنسها‪.‬‬
‫والله أعلم وصلى الله‬
‫على محمد‪.‬‬
‫خلصة ما كتبه الشيخان‪:‬‬
‫الشيخ‪ /‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫والشيخ‪ /‬محمد الصالح العثيمين‬

‫في وجوب زكاة الحلي‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على أشرف‬


‫المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪...‬‬
‫وبعد‪:‬‬
‫فقد كتب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله‬
‫بن باز‪ ،‬كلمة في وجوب زكاة الحلي نشرت في‬
‫‪300‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫العددين العاشر والحادي عشر من مجلة راية‬
‫السلم في السنة الولى من صدورها عام ‪1380‬هي‬
‫ضمنها سماحته الدلة من الكتاب والسنة‪ ،‬على‬
‫وجوب الزكاة في حلي الذهب والفضة كما طبع‬
‫للشيخ محمد الصالح العثيمين رسالة مستقلة في‬
‫هذا الموضوع عام ‪1382‬هي ذكر فيها ما ذكره الشيخ‬
‫من الدلة العامة والخاصة على وجوب الزكاة في‬
‫الحلي وزاد بذكر أدلة من ل يرى الزكاة فيها والجابة‬
‫عنها‪..‬‬
‫وأحب أن ألخص في هذه الكلمة ما كتبه‬
‫الشيخان ليقف من اشتبه عليه المر في هذه‬
‫المسألة على الحقيقة‪.‬‬
‫وقد دل الكتاب والسنة دللة ظاهرة على وجوب‬
‫الزكاة في حلي النساء من الذهب والفضة وإن كان‬
‫دا للستعمال أو العارة سواء كانت قلئد أو‬ ‫مع ً‬
‫أسورة أو خواتم أو غيرها‪ ..‬من أنواع الذهب‬
‫والفضة‪ ..‬إذا بلغ نصابا كل عام أو كان عند مالكه من‬
‫الذهب أو الفضة أو عروض التجارة ما يكمل‬
‫النصاب‪،‬‬ ‫‪#‬‬

‫وهذا القول هو أصح أقوال أهل العلم في هذه‬


‫المسألة لدللة الكتاب والسنة والثار عليها فمن أدلة‬
‫ن ي َك ْن ُِزو َ‬
‫ن‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫القرآن الكريم قول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ه‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫في َ‬ ‫ها ِ‬ ‫قون َ َ‬ ‫ف ُ‬‫وَل ي ُن ْ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ض َ‬
‫ف ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫الذّ َ‬
‫َ‬
‫ر‬
‫في َنا ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫مى َ‬ ‫ح َ‬‫م يُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ب أِليم ٍ * ي َ ْ‬ ‫ذا ٍ‬‫ع َ‬‫م بِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫شْر ُ‬ ‫فب َ ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫هوُر ُ‬ ‫وظ ُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫جُنوب ُ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫جَبا ُ‬ ‫ها ِ‬ ‫وى ب ِ َ‬ ‫فت ُك ْ َ‬‫م َ‬ ‫هن ّ َ‬
‫ج َ‬‫َ‬
‫م ت َك ْن ُِزو َ‬
‫ن‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫قوا َ‬ ‫ذو ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ِل َن ْ ُ‬ ‫ما ك َن َْزت ُ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫‪301‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ .(1)‬والمراد بكنز الذهب والفضة عدم إخراج ما‬
‫يجب فيهما من زكاة وغيرها من الحقوق‪ ،‬والية‬
‫عامة في جميع الذهب والفضة لم تخصص شيًئا دون‬
‫شيء فمن ادعى خروج الحلي المباح من هذا‬
‫العموم فعليه الدليل وأما السنة فمن أدلتها ما يلي‪:‬‬
‫ما ثبت في صحيح مسلم عن رسول الله‬ ‫‪-1‬‬
‫‪ ‬أنه قال‪) :‬ما من صاحب ذهب ول فضة ل يؤدي‬
‫منها حقها إل إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح‬
‫من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه‬
‫وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان‬
‫مقداره خمسين ألف سنة( والمتحلي بالذهب‬
‫والفضة صاحب ذهب وفضة ول دليل على إخراجه‬
‫من العموم وحق الذهب والفضة من أعظمه وأوجبه‬
‫حق الزكاة فهذان النصان العظيمان من الكتاب‬
‫والسنة يعمان جميع أنواع الذهب والفضة ويدخل في‬
‫ذلك أنواع الحلي ومن الدلة الخاصة على وجوب‬
‫زكاة الحلي‪.‬‬
‫ما رواه الترمذي وأبو داوود واللفظ له‬ ‫‪-2‬‬
‫عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت‬
‫رسول الله ‪ ‬ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها‬
‫مسكتان)‪ (2‬غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة‬
‫هذا؟ قالت ل قال أيسرك أن يسورك الله بهما‬
‫سوارين من نار قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي ‪‬‬
‫‪ ...‬فقالت هما لله ولرسوله قال في بلوغ المرام‬
‫وإسناده قوي‪..‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.35 -34‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( بفتح الميم والسين وهي السورة والخلخيل‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪302‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما رواه أبو داوود عن عبد الله بن شداد‬ ‫‪-3‬‬
‫بن الهاد أنه قال دخلنا على عائشة رضي الله عنها‬
‫ي رسول الله ‪ ‬فرأى في يدي‬ ‫فقالت دخل عل ّ‬
‫فتخات من ورق فقال ما هذا يا عائشة فقلت‬
‫صنعتهن أتزين لك يا رسول الله فقال )أتؤدين‬
‫زكاتهن‪ ،‬قلت ل قال هو حسبك من النار( قيل‬
‫لسفيان كيف‬
‫‪#‬‬

‫تزكيه قال تضمه إلى غيره وهذا الحديث الصحيح‬


‫الحاكم‪.‬‬
‫ما رواه أبو داود عن أم سلمة قالت كنت‬ ‫‪-4‬‬
‫ألبس أوضاحا)‪ (1‬من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز‬
‫هو؟ فقال‪) :‬ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكي فليس‬
‫بكنز( صححه الحاكم والذهبي‪ ،‬ففي هذا الحديث‬
‫فائدتان جليلتان‪.‬‬
‫إحداهما‪ :‬اشتراط النصاب وإن لم يبلغ النصاب‬
‫فل زكاة فيه ول يدخل في الكنز المتوعد عليه‬
‫بالعذاب والفائدة الثانية أن كل مال وجبت فيه‬
‫الزكاة فلم يزك فهو من الكنز المتوعد عليه‬
‫بالعذاب‪.‬‬
‫ضا فائدة ثالثة وهي المقصود من ذكره‬ ‫وفيه أي ً‬
‫وهي الدللة على وجوب الزكاة في الحلي‪ ...‬فإن‬
‫عا كما قاله‬
‫قيل لعل هذا حين كان التحلي ممنو ً‬
‫مسقطو الزكاة في الحلي‪..‬‬
‫فالجواب‪ :‬أن هذا ل يستقيم فإن النبي ‪ ‬لم‬
‫يمنع من التحلي به بل "أقره مع الوعيد على ترك‬

‫)( الوضاح نوع من الحلي سميت بذلك لبياضها‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪303‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عا لمر بخلعه وتوعد‬‫الزكاة ولو كان التحلي ممنو ً‬
‫على لبسه‪.‬‬
‫فإن قيل ما الجواب عن ما احتج به من ل يرى‬
‫الزكاة في الحلي وهو ما رواه ابن الجوزي بسنده‬
‫في )التحقيق( عن عافية بن أيوب عن الليث بن‬
‫سعد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أن‬
‫النبي ‪ ‬قال )ليس في الحلي زكاة( ورواه البيهقي‬
‫في معرفة السنن والثار‪.‬‬
‫قيل الجواب على هذا من ثلثة أوجه‪ :‬الول‪ :‬أن‬
‫البيهقي قال فيه إنه باطل ل أصل له وإنما يورى عن‬
‫جابر من قوله وعافية بن أيوب مجهول‪..‬‬
‫الثاني‪ :‬أننا إذا فرضنا توثيق عافية كما نقله ابن‬
‫أبي حاتم عن أبي زرعة فإنه ل يعارض أحاديث‬
‫الوجوب ول يقابل بها لصحتها ونهاية ضعفه‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬إنا إذا فرضنا أنه مساو لها ويمكن‬
‫معارضتها به فإن الخذ بها أحوط وما كان أحوط فهو‬
‫أولى بالتباع فقد دلت الية المتقدمة‪ ،‬والحاديث‬
‫الربعة السابقة دللة ظاهرة على وجوب الزكاة في‬
‫حلي الذهب والفضة وإن أعدت للستعمال أو‬
‫العارية‪..‬‬
‫وأما الثار فمنها ما روي عن عمر وابن مسعود‬
‫وابن عباس وعائشة وعبد الله بن عمرو بن العاص‬
‫أنهم رأوا الزكاة في الحلي‪..‬‬
‫‪#‬‬

‫فإن قيل ما الجواب عما استدل به مسقطو‬


‫الزكاة فيما نقله الثرم قال‪ :‬سمعت أحمد بن حنبل‬
‫يقول خمسة من الصحابة كانوا ل يرون في الحلي‬
‫زكاة‪ :‬أنس بن مالك وجابر وابن عمر وعائشة‬
‫وأسماء‪ ،‬فالجواب أن بعض هؤلء روي عنهم الوجوب‬
‫‪304‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وإذا فرضنا أن لجميعهم قول ً واحدا ً أو أن المتأخر‬
‫عنهم هو القول بالوجوب‪ ،‬فقد خالفهم من خالفهم‬
‫من الصحابة‪ ،‬وعند التنازع يجب الرجوع إلى الكتاب‬
‫والسنة وفيهما ما يدل على الوجوب كما سبق‪..‬‬
‫فإن قيل قد ثبت في الصحيحين أن النبي ‪‬‬
‫قال )تصدقن يا معشر النساء ولو من حليكن( وهذا‬
‫دليل على عدم وجوب الزكاة في الحلي إذ لو كانت‬
‫واجبة في الحلي لما جعله النبي ‪ ‬مضربا ً لصدقة‬
‫التطوع‪.‬‬
‫فالجواب‪ :‬على هذا أن المر بالصدقة ليس فيه‬
‫إثبات وجوب الزكاة فيه ول نفيه عنه وإنما فيه المر‬
‫بالصدقة حتى من حاجيات النسان ونظير هذا أن‬
‫يقال تصدق ولو من دراهم نفقتك ونفقة عيالك فإن‬
‫هذا ل يدل على انتفاء وجوب الزكاة في هذه‬
‫الدراهم‪.‬‬
‫فإن قيل ما الفرق بين الحلي المباح وبين الثياب‬
‫المباحة إذا قلنا بوجوب الزكاة في الول دون الثاني‪،‬‬
‫فالجواب أن الشارع فرق بينهما‪ ،‬حيث أوجبها في‬
‫الذهب والفضة من غير استثنا بل وردت نصوص‬
‫خاصة في وجوبها في الحلي المباح المستعمل كما‬
‫سبق وأما الثياب فهي بمنزلة الفرس وعبد الخدمة‪،‬‬
‫اللذين قال فيهما رسول الله ‪ ‬ليس على المسلم‬
‫في عبده ول فرسه صدقة)‪ (1‬فإذا كانت الثياب للبس‬
‫فل زكاة فيها وإن كانت للتجارة ففيها زكاة التجارة‪.‬‬
‫فإن قيل هل يصح قياس الحلي المباح المعد‬
‫للستعمال على الثياب المباحة المعدة للستعمال‬
‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪305‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫كما قاله من ل يوجبون الزكاة في الحلي‪ ،‬فالجواب‬
‫ل يصح القياس لوجوه‪ :‬منها أنه قياس في مقابلة‬
‫النص وكل قياس في مقابلة النص قياس فاسد‬
‫الثاني أن الثياب لم تجب فيها الزكاة أصًل فكان‬
‫دا وهو‬‫مقتضى القياس أن يكون حكم الحلي واح ً‬
‫وجوب الزكاة سواء أعده للبس أو لغيره كما أن‬
‫الثياب حكمها واحد ل زكاة فيها سواء أعدها للبس أو‬
‫‪#‬‬‫لغيره‪ ،‬ول يرد على ذلك‬
‫ضا لن الزكاة‬‫وجوب الزكاة فيها إذا كانت عرو ً‬
‫حينئذ في قيمتها‪ ،‬فإذا كان الحلي المباح مفارق‬
‫للثياب المعدة للبس في هذه الحكام فكيف نوجب‬
‫أو نجوز إلحاقه بها في حكم دل النص على‬
‫افتراقهما فيه‪ ..‬إذا تبين ذلك‪ ،‬فإن الزكاة ل تجب في‬
‫الحلي حتى يبلغ نصاًبا فنصاب الذهب عشرون دينار‬
‫ونصاب الفضة مائتا درهم ومقدار ذلك من العملة‬
‫من الذهب الموجود حالًيا هو أحد عشر جنيًها سعودًيا‬
‫وثلًثا أسباع جنيه‪.‬‬
‫ومقدار ذلك من العملة الفضية الحالية ستة‬
‫وخمسون رياًل سعودًيا‪ ،‬فمن ملك المبلغ المذكور‬
‫من الذهب والفضة أو ملك من النقود الورقية أو‬
‫عروض التجارة ما يساوي المبلغ المذكور من الذهب‬
‫والفضة فعليه الزكاة إذا حال عليها الحول وما كان‬
‫دون ذلك فليس فيه زكاة ونسأل الله تعالى أن‬
‫يهدينا صراطه المستقيم‪..‬‬
‫ملحظة‪ :‬الواجب في زكاة الذهب والفضة‬
‫والوراق النقدية ربع العشر أي ‪ % 2.5‬وكذلك‬
‫الحكم في زكاة العروض من قيمتها‪.‬‬
‫‪306‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد‪.‬‬

‫)فاسألوا أهل الذكر(‬

‫وردت إلى الرئاسة العامة لدارات البحوث‬


‫العلمية والفتاء والدعوة والرشاد السئلة التالية‬
‫وأجابت عليها بما يلي‪:‬‬
‫في الزكاة‪:‬‬
‫كيف أصرف إذا خفي علي مقدار الزكاة في‬
‫الماضي؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫معلوم أن الزكاة ركن من أركان السلم وواجب‬
‫ما‬
‫على من وجبت عليه أن يخرجها فإن كان جاز ً‬
‫ما فإنه يخرج من‬ ‫بمقدارها أخرجه وإن لم يكن جاز ً‬
‫ماله مقداًرا ينويه زكاة حتى يغلب على ظنه أن ما‬
‫أخرجه يكفي عن الزكاة الواجبة في ذمته‪ ،‬والبناء‬
‫‪#‬‬ ‫على الظن أصل من أصول الشريعة‪.‬‬
‫في الصدقة‪:‬‬
‫‪ o‬هل يمكن إذا تصدقت بنقود على محتاج أعتقد‬
‫أنها من الزكاة أم ل؟‬
‫‪ o‬الجواب‪:‬‬
‫إذا أخرجت شيًئا من مالك وسلمته بيد فقير‬
‫ونويت أنه زكاة عن مالك عند الدفع له فإنه يجزئ‬
‫زكاة‪.‬‬
‫في القرض‪:‬‬
‫ضا لبعض الناس وتعسر عليه‬ ‫‪ o‬إذا أعطيت قر ً‬
‫‪307‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الدفع وسامحتهم على نية أنها من الزكاة فهل يجوز‬
‫وتجزئ أم ل‪...‬؟‬
‫‪ o‬الجواب‪:‬‬
‫والجواب إذا وجدب لك حق على شخص فل‬
‫يجوز أن تسقطه عنه وتنويه من الزكاة لن في ذلك‬
‫وقاية لمالك فقد اتخذت إسقاط هذا المال الذي لم‬
‫تحصله زكاة عن مالك وأبقيت الزكاة التي يجب‬
‫عليك إخراجها مل ً‬
‫كا لك وبالله التوفيق‪..‬‬
‫وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫في الزكاة‪:‬‬
‫السؤال‪ :‬هل تفرض الزكاة على من ل يتجر ول‬
‫يحرث كمسلم في دول أوربا يتلقى أجرة عمله يومًيا‬
‫أو غيرها‪..‬؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫إذا استلم المستأجر المسلم راتبه اليومي أو‬
‫الشهري فل تجب فيه الزكاة إل بعد تمام الحول‬
‫على ما يوفر منه وبلوغه نصاًبا ونصاب الذهب‬
‫عشرون مثقاًل‪ ،‬ونصاب الفضة مائتا درهم ومقدار‬
‫الواجب فيه ربع العشر‪.‬‬
‫في الزكاة‪:‬‬
‫لي أخ يملك أمواًل كثيرة وقد جعل أمواله في‬
‫عمائر ومحلت تجارية وأراض وكلها تثمر ونصحته‬
‫بإخراج زكاة أصل ماله وثروته فأخبرني أنه ل يجب‬
‫عليه إل زكاة الجرة إذا حال عليها الحول دون أصل‬
‫ماله ولو وضع الجرة كلما قبضها في عمارة لم تجب‬
‫عليه الزكاة فيها ول في أصلها إل إذا دار الحول على‬
‫‪308‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الجرة قبل أن يضعها في عمارة‪ ،‬ولخي هذا نظراء‬
‫‪#‬‬ ‫يفعلون مثله فهل يجيز السلم مثل هذا الفعل‬
‫ول يأثم الفاعل وما العقار الذي ل تجب الزكاة في‬
‫أصله حتى يحول عليه الحول وهل له حد يقف عنده‬
‫أو يستوي في ذلك القليل والكثير‪..‬؟‬
‫الجواب‪:‬‬
‫المال الذي يملكه النسان أنواع فما كان منه‬
‫نقوًدا وجبت فيه الزكاة إذا بلغ نصاًبا وحال عليه‬
‫ضا زراعية وجبت الزكاة في‬ ‫الحول‪ ،‬وما كان أر ً‬
‫الحبوب والثمار يوم الحصاد ل في نفس الرض‪ ،‬وما‬
‫ضا تؤجر أو عمارة تؤجر وجبت الزكاة في‬ ‫كان منه أر ً‬
‫أجرتها إذا حال عليها الحول ل في نفس الرض أو‬
‫ضا‬
‫ضا أو عمائر أو عرو ً‬‫العمارة‪ ،‬وما كان منه أر ً‬
‫أخرى للتجارة وجبت الزكاة فيها إذا حال عليه الحول‬
‫وحول الربح فيها حول الصل إذا كان الصل نصاًبا‪،‬‬
‫وما كان منه من بهيمة النعام وجبت فيه الزكاة إذا‬
‫بلغت نصاًبا وحال عليها الحول‪ ..‬وبالله التوفيق‬
‫وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪..‬‬
‫زكاة الحبوب‪:‬‬
‫زكاة الحبوب فقد اختلفت المقادير من زمن‬
‫رسول الله ‪ ‬فهل تخرج على مكيال أهل الزمان‬
‫المتعارف بينهم‪ ،‬فإذا كان بمد الرسول ‪ ‬فما قدره‬
‫اليوم بالكيلو؟‬
‫الجواب‪ :‬الصل في هذا الباب وجوب الزكاة في‬
‫الحبوب والثمار إذا بلغت نصاًبا والنصاب خمسة‬
‫عا فيكون النصاب بالصاع‬
‫أوسق والوسق ستون صا ً‬
‫‪309‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النبوي ثلثمائة صاع‪ ،‬ومقدار الصاع النبوي زنة‬
‫ثمانين ريال من الفرانسة‪ ،‬وزنة الكيلو من الفرانسة‬
‫ستة وثلثون رياًل تقريًبا وبطريقة أخرى الصاع أربعة‬
‫أمداد والمد رطل وثلث رطل فالصاع النبوي خمسة‬
‫أرطال وثلث رطل بالرطل الذي وزنه مائة درهم‬
‫ما بالدراهم التي كل عشرة‬ ‫وثمانية وعشرون دره ً‬
‫منها وزن سبعة مثاقيل وقد ثبت عن الرسول ‪ ‬أنه‬
‫قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة وحيث ثبت‬
‫الصل وتقرر فإن اللة التي يستعملها الناس على‬
‫اختلف بلدانهم للكيل والوزن تختلف ومرجعها كلها‬
‫‪#‬‬‫إلى هذا الصل فتطبق عليه‪ ،‬وبالله التوفيق)‪.(1‬‬

‫)( عن جريدة الجزيرة المسائية في ‪1404 /11 /5‬هي‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪310‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)البشارة بقدوم شهر رمضان‪،‬‬


‫والتهنئة فيه(‬

‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪) :‬كان رسول‬


‫الله ‪ ‬يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول‪ :‬قد‬
‫جاءكم شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم‬
‫صيامه‪ ،‬فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب‬
‫الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من ألف‬
‫شهر من حرم خيرها فقد حرم( رواه أحمد والنسائي‬
‫وروي "أتاكم رمضان سيد الشهور فمرحًبا به وأهًل"‬
‫عا‪" :‬أتاكم رمضان شهر بركة‬‫وعن عبادة مرفو ً‬
‫يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا‬
‫ويستجيب فيه الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم فيه‬
‫ويباهي بكم ملئكته فأروا الله من أنفسكم خيًرا فإن‬
‫الشقي من حرم فيه رحمة الله" رواه الطبراني‬
‫ورواته ثقات وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن‬
‫رسول الله ‪ ‬قال "أعطيت أمتي في شهر رمضان‬
‫خمس خصال لم تعطها أمة قبلهم خلوف فم الصائم‬
‫أطيب عند الله من ريح المسك‪ ،‬وتستغفر لهم‬
‫الملئكة حتى يفطروا‪ ،‬ويزين الله عز وجل كل يوم‬
‫جنته ثم يقول يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا‬
‫عنهم المؤونة والذى‪ ،‬ويصيروا إليك وتصفد فيه‬
‫مردة الجن فل يخلصون فيه إلى ما كانوا يخلصون‬
‫‪311‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إليه في غيره ويغفر لهم في آخر ليلة‪ ،‬قيل يا رسول‬
‫الله أهي ليلة القدر‪ .‬قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن العامل إنما يوفى‬
‫أجره إذا أقضى عمله رواه أحمد‪ :‬وعن سلمان‬
‫الفارسي رضي الله عنه قال‪ :‬خطبنا رسول الله ‪‬‬
‫في آخر يوم من شعبان فقال‪" :‬يا أيها الناس‪ :‬قد‬
‫أظلكم شهر عظيم مبارك‪ .‬شهر فيه ليلة القدر خير‬
‫من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام ليله‬
‫عا‪ .‬من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان‬ ‫تطو ً‬
‫كمن أدى فريضة فيما سواه‪ ،‬ومن أدى فيه فريضة‬
‫كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر‬
‫الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزاد‬
‫ما كان مغفرة لذنوبه‬ ‫فيه الرزق من فطر فيه صائ ً‬
‫‪#‬‬ ‫وعتق رقبته من النار وكان‬
‫له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء‬
‫ما سقاه الله عز وجل من حوضي‬ ‫ومن سقى صائ ً‬
‫شربة ل يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة‪ ،‬وهو شهر‬
‫أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار‬
‫فاستكثروا فيه من أربع خصال‪ :‬خصلتين ترضون‬
‫بهما ربكم وخصلتين ل غناء بكم عنهما أما الخصلتان‬
‫اللتان ترضون بهما ربكم‪ :‬فشهادة أن ل إله إل الله‬
‫أو تستغفرونه‪ ،‬وأما اللتان ل غناء بكم عنهما‪:‬‬
‫فتسألون الله الجنة وتعوذون به من النار" رواه ابن‬
‫خزيمة والبيهقي وغيرهما‪ .‬وقال ‪" ‬من صام‬
‫رمضان إيماًنا واحتساًبا غفر له ما تقدم من ذنبه‬
‫ومن قام رمضان إيماًنا واحتساًبا غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماًنا واحتساًبا غفر له ما‬
‫‪312‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تقدم من ذنبه")‪ (1‬وكان النبي ‪ ‬يدعو ببلوغ رمضان‬
‫فكان إذا دخل رجب قال‪ :‬اللهم بارك لنا في رجب‬
‫وشعبان وبلغنا رمضان‪ ،‬وكان المسلمون يقولون عند‬
‫حضور شهر رمضان اللهم قد أظلنا شهر رمضان‬
‫وحضر فسلمه لنا وسلمنا له وارزقنا صيامه وقيامه‪،‬‬
‫وارزقنا فيه الجد والجتهاد والقوة والنشاط وأعذنا‬
‫فيه من الفتن‪ ،‬وكانوا يدعون الله ستة أشهر أن‬
‫يبلغهم رمضان ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله‬
‫منهم‪ ،‬كان من دعائهم‪ :‬اللهم سلمني إلى رمضان‬
‫وسلم لي رمضان وتسلمه مني متقبًل)‪ (2‬اللهم أهل‬
‫علينا شهر رمضان بالمن واليمان والسلمة‬
‫والسلم والعافية المجللة ودفاع السقام والعون‬
‫على الصلة والصيام وتلوة القرآن اللهم اجعلنا ممن‬
‫صام رمضان وقامه إيماًنا واحتساًبا واجعلنا فائزين‬
‫منك بالمغفرة والرضوان واغفر لنا ولوادينا ولجميع‬
‫المسلمين برحمتك يا أرحم الراحمين وصلى الله‬
‫على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫فضل شهر رمضان المبارك‬

‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى من يراه‬


‫من المسلمين وفقني الله‬
‫‪#‬‬

‫وإياهم لغتنام الخيرات وجعلني وإياهم من‬


‫المسارعين إلى العمال الصالحات آمين‪.‬‬
‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)(‪.‬انظر لطائف المعارف لبن رجب ص ‪.156‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪313‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪..‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬إنكم في شهر عظيم مبارك أل‬
‫وهو شهر رمضان‪ ،‬شهر الصيام والقيام وتلوة‬
‫القرآن شهر العتق والغفران‪ ،‬شهر الصدقات‬
‫والحسان‪ ،‬شهر تفتح فيه أبواب الجنات‪ ،‬وتضاعف‬
‫فيه الحسنات‪ ،‬وتقال فيه العثرات‪ ،‬شهر تجاب فيه‬
‫الدعوات‪ ،‬وترفع الدرجات‪ ،‬وتغفر فيه السيئات شهر‬
‫يجود الله فيه سبحانه على عباده بأنواع الكرامات‪،‬‬
‫ويجزل فيه لوليائه العطيات‪ ،‬شهر جعل الله صيامه‬
‫أحد أركان السلم‪ ،‬فصامه المصطفى صلى الله‬
‫عليه وسلم وأمر الناس بصيامه وأخبر عليه الصلة‬
‫والسلم أن من صامه إيماًنا واحتساًبا غفر الله له ما‬
‫تقدم من ذنبه‪ ،‬ومن قامه إيماًنا واحتساًبا غفر الله له‬
‫ما تقدم من ذنبه‪ ،‬شهر فيه ليلة خير من ألف شهر‪،‬‬
‫من حرم خيرها فقد حرم‪ ،‬فاستقبلوه رحمكم الله‬
‫بالفرح والسرور والعزيمة الصادقة على صيامه‬
‫وقيامه والمسابقة فيه إلى الخيرات والمبادرة فيه‬
‫إلى التوبة النصوح من سائر الذنوب والسيئات‬
‫والتناصح والتعاون على البر والتقوى والتواصي‬
‫بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى كل‬
‫خير لتفوزوا بالكرامة والجر العظيم‪ ،‬وفي الصيام‬
‫فوائد كثيرة وحكم عظيمة‪ ،‬منها تطهير النفس‬
‫وتهذيبها وتزكيتها من الخلق السيئة كالشر والبطر‬
‫والبخل وتعويدها الخلق الكريمة كالصبر والحلم‬
‫والجود والكرم ومجاهدة النفس فيما يرضي الله‬
‫‪314‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويقرب لديه‪ ،‬ومن فوائد الصوم أنه يعرف العبد‬
‫نفسه وحاجته وضعفه وفقره إلى ربه ويذكره بعظيم‬
‫ضا بحاجة إخوانه الفقراء فيوجب‬ ‫نعم الله ويذكره أي ً‬
‫له ذلك شكر الله سبحانه والستعانة بنعمه على‬
‫طاعته ومواساة إخوانه الفقراء والحسان إليهم‪،‬‬
‫وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى هذه الفوائد في‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫عل َي ْك ُ ُ‬
‫م‬ ‫مُنوا ك ُت ِ َ‬
‫ب َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قوله عز وجل ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫عل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م لَ َ‬
‫قب ْل ِك ُ ْ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫عَلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ما ك ُت ِ َ‬
‫ب َ‬ ‫م كَ َ‬
‫صَيا ُ‬
‫ال ّ‬
‫‪#‬‬‫ن ‪ ‬فأوضح سبحانه أنه كتب علينا الصيام‬ ‫)‪(1‬‬
‫قو َ‬ ‫ت َت ّ ُ‬
‫لنتقيه سبحانه‪ ،‬فدل ذلك على أن الصيام وسيلة‬
‫للتقوى‪ ،‬والتقوى هي طاعة الله ورسوله بفعل ما‬
‫أمر به وترك ما نهى عنه من إخلص لله عز وجل‬
‫ومحبة ورغبة ورهبة‪ ،‬وبذلك يتقي العبد عذاب الله‬
‫وغضبه‪ ،‬فالصيام شعبة عظيمة من شعب التقوى‬
‫ووسيلة قوية إلى التقوى في بقية شئون الدين‬
‫والدنيا‪ ،‬وقد أشار النبي ‪ ‬إلى بعض فوائد الصوم‬
‫في قوله ‪" :‬يا معشر الشباب من استطاع منكم‬
‫الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن‬
‫لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء")‪ (2‬فبين النبي‬
‫‪ ‬أن الصوم وجاء للصائم أي وسيلة لطهارته‬
‫وعفافه‪ ،‬وما ذاك إل لن الشيطان يجري من ابن آدم‬
‫مجرى الدم والصوم يضيق تلك المجاري ويذكر بالله‬
‫وعظمته فيضعف سلطان الشيطان ويقوى سلطان‬
‫اليمان وتكثر بسببه الطاعات من المؤمن وتقل به‬
‫المعاصي‪ ،‬وفي الصوم فوائد كثيرة غير ما تقدم‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.183‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪315‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تظهر للمتأمل من ذوي البصيرة ومنها أنه يطهر‬
‫البدن من الخلط الردئية ويكسبه صحة وقوة‪ ،‬وقد‬
‫اعترف بذلك الكثير من الطباء وعالجوا به كثيًرا من‬
‫المراض‪ ،‬وقد ورد في فضله وفرضيته آيات‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وأحاديث كثيرة‪ ،‬قال الله تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫عَلى ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫ب َ‬ ‫ما ك ُت ِ َ‬ ‫م كَ َ‬ ‫صَيا ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫مُنوا ك ُت ِ َ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫ت ‪ ‬إلى‬ ‫دا ٍ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن * أّيا ً‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫م لَ َ‬ ‫قب ْل ِك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬
‫ه‬
‫في ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ز َ‬ ‫ذي أن ْ ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫هُر َر َ‬ ‫ش ْ‬ ‫أن قال عز وجل ‪َ ‬‬
‫دى‬ ‫ه َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وب َي َّنا ٍ‬ ‫س َ‬ ‫دى ِللّنا ِ‬ ‫ه ً‬ ‫ن ُ‬ ‫قْرآ َ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ه‬
‫م ُ‬ ‫ص ْ‬ ‫فل ْي َ ُ‬ ‫هَر َ‬ ‫ش ْ‬ ‫م ال ّ‬ ‫من ْك ُ ُ‬‫هدَ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن َ‬ ‫قا ِ‬ ‫فْر َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أّيام ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫عدّةٌ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ر َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫س َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫و َ‬ ‫ضا أ ْ‬ ‫ري ً‬ ‫م ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫سَر‬ ‫ع ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ريدُ ب ِك ُ ُ‬ ‫وَل ي ُ ِ‬ ‫سَر َ‬ ‫م ال ْي ُ ْ‬ ‫ه ب ِك ُ ُ‬ ‫ريدُ الل ّ ُ‬ ‫خَر ي ُ ِ‬ ‫أُ َ‬
‫داك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ه َ‬ ‫ما َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫ه َ‬ ‫ول ِت ُك َب ُّروا الل ّ َ‬ ‫عدّةَ َ‬ ‫مُلوا ال ْ ِ‬ ‫ول ِت ُك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‪. ‬‬ ‫شك ُُرو َ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ول َ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫م تَ ْ‬ ‫َ‬
‫وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله ‪" ‬بني السلم على خمس‪:‬‬
‫دا رسول الله‪،‬‬‫شهادة أن ل إله إل الله وأن محم ً‬
‫وإقام الصلة‪ ،‬وإيتاء الزكاة‪ ،‬وصوم رمضان‪ ،‬وحج‬
‫البيت" وثبت عنه ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫"كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى‬
‫سبعمائة ضعف" يقول الله عز وجل )إل الصيام فإنه‬
‫لي وأنا أجزي به ترك‬
‫شهوته وطعامه وشرابه من أجلي( ويقول ‪‬‬
‫‪#‬‬

‫"للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عن لقاء‬


‫ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.185 – 183‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪316‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المسك")‪ (1‬وفي الصحيحين عن النبي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫"إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب‬
‫النار وسلسلت الشياطين( وأخرج الترمذي وابن‬
‫ماجه عن النبي ‪ ‬أنه قال "إذا كان أول ليلة من‬
‫رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن وفتحت‬
‫أبواب الجنة فلم يغلق منها باب‪ ،‬وغلقت أبواب النار‬
‫فلم يفتح منها باب‪ ،‬وينادي مناد يا باغي الخير أقبل‪،‬‬
‫ويا باغي الشر أقصر‪ ،‬ولله عتقاء من النار وذلك كل‬
‫ليلة" وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫أن النبي ‪ ‬قال "من صام رمضان إيماًنا واحتساًبا‬
‫غفر الله له ما تقدم من ذنبه‪ ،‬ومن قام رمضان‬
‫إيماًنا واحتساًبا غفر الله له ما تقدم من ذنبه‪ ،‬ومن‬
‫قام ليلة القدر إيماًنا واحتساًبا غفر الله له ما تقدم‬
‫من ذنبه" )وثبت عنه ‪ ‬أنه كان في الغالب ل يزيد‬
‫في رمضان ول في غيره على إحدى عشرة ركعة‬
‫يصلي أربًعا فل تسال عن حسنهن وطولهن‪ ،‬ثم‬
‫يصلي أربًعا فل تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي‬
‫ثلًثا()‪) (2‬وثبت عنه ‪ ‬أنه في بعض الليالي يصلي‬
‫ثلث عشرة ركعة()‪ (3‬وليس في قيام رمضان حد‬
‫محدود لقوله ‪ ‬لما سئل عن قيام الليل قال "مثنى‬
‫مثنى فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة‬
‫توتر له ما قد صلى")‪ (4‬ولم يحدد ‪ ‬للناس في قيام‬
‫الليل ركعات محدودة‪ ،‬بل أطلق لهم ذلك‪ ،‬فمن أحب‬

‫ومسلم من حديث عائشة‪.‬‬ ‫البخاري‬ ‫)(‪.‬رواه‬ ‫‪1‬‬

‫ومسلم‪.‬‬ ‫البخاري‬ ‫)(‪.‬رواه‬ ‫‪2‬‬

‫ومسلم‪.‬‬ ‫البخاري‬ ‫)(‪.‬رواه‬ ‫‪3‬‬

‫ومسلم‬ ‫البخاري‬ ‫)(‪.‬رواه‬ ‫‪4‬‬


‫‪317‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أن يصلي إحدى عشرة ركعة‪ ،‬أو ثلث عشرة ركعة‪،‬‬
‫أو ثلًثا وعشرين‪ ،‬أو أكثر من ذلك أو أقل فل حرج‬
‫عليه‪ ،‬ولكن الفضل هو ما فعله النبي ‪ ‬وداوم عليه‬
‫في أغلب الليالي وهو إحدى عشرة ركعة مع‬
‫الطمأنينة في القيام والقعود والركوع والسجود‬
‫وترتيل التلوة‪ ،‬وعدم العجلة لن روح الصلة هو‬
‫القبال عليها بالقلب‪ ،‬والخشوع فيها‪ ،‬وأداؤها كما‬
‫شرع الله بإخلص‪ ،‬وصدق ورغبة ورهبة وحضور‬
‫ن*‬‫مُنو َ‬ ‫ح ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫قدْ أ َ ْ‬
‫فل َ َ‬ ‫قلب‪ ،‬كما قال الله سبحانه ‪َ ‬‬
‫ن ‪ (1)‬وقال النبي‬ ‫عو َ‬ ‫ش ُ‬
‫خا ِ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫في َ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫‪#‬‬

‫صلت ِ ِ‬ ‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫ن ُ‬
‫ذي َ‬
‫‪" ‬وجعلت قرة عيني في الصلة")‪ (2‬وقال للذي‬
‫أساء في صلته‪" :‬إذا قمت إلى الصلة فأسبغ‬
‫الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر ثم اقرأ ما تيسر من‬
‫القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى‬
‫تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع‬
‫حتى تطمئن جالسا ً ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم‬
‫افعل ذلك في صلتك كلها")‪ (3‬وكثير من الناس يصلي‬
‫في قيام رمضان صلة ل يعقلها ول يطمئن فيها‪ ،‬بل‬
‫ينقرها نقًرا وذلك ل يجوز بل هو منكر ل تصح معه‬
‫الصلة فالواجب الحذر من ذلك‪ .‬وفي الحديث عنه‬
‫‪ ‬أنه قال‪" :‬أسوء الناس سرقة الذي يسرق من‬
‫صلته" قالوا يا رسول الله وكيف يسرق من صلته؟‬
‫قال "ل يتم ركوعها ول سجودها")‪ (4‬وثبت عنه ‪ ‬أنه‬

‫)(‪.‬سورة المؤمنون آية ‪.2-1‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه أحمد والنسائي وصححه الحاكم وابن القيم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه أحمد والطبراني وابن خزيمة في صحيحه‬ ‫‪4‬‬


‫‪318‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أمر الذي نقر صلته أن يعيدها)‪ (1‬فيا معشر‬
‫المسلمين‪ :‬اغتنموا هذا الشهر العظيم وعظموه‬
‫رحمكم الله بأنواع العبادة والقربات‪ ،‬وسارعوا فيه‬
‫إلى الطاعات‪ ،‬فهو شهر عظيم جعله الله ميدانا‬
‫لعباده يتسابقون إليه فيه بالطاعات ويتنافسون فيه‬
‫بأنواع الخيرات‪ ،‬فأكثروا فيه رحمكم الله من‬
‫الصلوات والصدقات وقراءة القرآن الكريم‬
‫والحسان إلى الفقراء والمساكين واليتام‪ ،‬وقد كان‬
‫رسول الله ‪ ‬أجود الناس وكان أجود ما يكون في‬
‫رمضان‪ .‬فتأسوا بنبيكم ‪ ‬واقتدوا به في مضاعفة‬
‫الجود والحسان في شهر رمضان‪ ،‬وأعينوا إخوانكم‬
‫الفقراء على الصيام والقيام‪ ،‬واحتسبوا‪ ،‬أجر ذلك‬
‫عند الملك العلم‪ ،‬وأحفظوا صيامكم عما حرم الله‬
‫عليكم من الوزار والثام‪ ،‬فقد صح عن النبي ‪ ‬أنه‬
‫قال‪" :‬من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله‬
‫حاجة في أن يدع طعامه وشرابه")‪ (2‬وقال عليه‬
‫الصلة والسلم "الصيام جنة فإذا كان يوم صوم‬
‫أحدكم فل يرفث ول يفسق فإن امرؤ سابه أحد‬
‫)‪.(3‬‬
‫فليقل إني صائم"‬
‫وجاء عنه ‪ ‬أنه قال‪" :‬ليس الصيام عن الطعام‬
‫والشراب‪ ،‬وإنما الصيام عن اللغو والرفث")‪ (4‬وقال‬
‫جابر بن عبد الله النصاري رضي الله عنه‪:‬‬
‫‪#‬‬

‫إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن‬


‫الكذب والمحارم‪ ،‬ودع أذى الجار‪ ،‬وليكن عليك وقار‬

‫في قوله الحديث المتقدم ارجع فصل فإنك لم تصلي متفق عليه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫رواه البخاري‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه البيهقي في السنن والحاكم عن أبي هريرة وصححه السيوطي‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬
‫‪319‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وسكينة ول تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء‪..‬‬
‫فينبغي للصائم الكثار من تلوة القرآن بتدبر‬
‫وتعقل والكثار من الصلوات والصدقات والذكر‬
‫والستغفار‪ ،‬وسائر أنواع القربات في الليل والنهار‬
‫اغتناما للزمان ورغبة في مضاعفة الحسنات‬
‫ومرضات فاطر الرض والسماوات احذروا رحمكم‬
‫الله كل ما ينقص الصوم ويضعف الجر‪ ،‬ويغضب‬
‫الرب عز وجل من سائر المعاصي كالتهاون بالصلة‬
‫والبخل بالزكاة وأكل الربا وأكل أموال اليتامى‬
‫وأنواع الظلم وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم‬
‫والغيبة والنميمة والكذب وشهادة الزور والدعاوى‬
‫الباطلة واليمان الكاذبة وحلق اللحى وتقصيرها‬
‫وإطالة الشوارب والتكبر واسبال الثياب وشرب‬
‫المسكرات والتدخين وتبرج النساء وعدم تسترهن‬
‫من الرجال والتشبه بنساء الكفرة في لبس الثياب‬
‫القصيرة وغير ذلك مما نهى الله عنه ورسوله‪ ،‬وهذه‬
‫المعاصي التي ذكرنا محرمة في كل زمان ومكان‬
‫ولكنها في رمضان أشد تحريما ً وأعظم إثما ً لفضل‬
‫الزمان وحرمته‪ ،‬ومن أقبح هذه المعاصي وأخطرها‬
‫على المسلمين ما ابتلى به كثير من الناس من‬
‫التكاسل عن الصلوات والتهاون بأدائها في الجماعة‬
‫في المساجد‪ ،‬ول شك أن هذا من أقبح خصال أهل‬
‫النفاق ومن أسباب الزيغ والهلك‪ ،‬قال الله تعالى‪:‬‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫ع ُ‬
‫خاِد ُ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫عو َ‬‫خاِد ُ‬‫ن يُ َ‬
‫قي َ‬
‫ف ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مَنا ِ‬ ‫‪‬إ ِ ّ‬
‫)‪(1‬‬
‫ساَلى ‪‬‬ ‫موا ك ُ َ‬ ‫ة َ‬
‫قا ُ‬ ‫صَل ِ‬‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫قا ُ‬‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫َ‬

‫)( سورة النساء آية ‪.142‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪320‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقال النبي ‪" ‬من سمع النداء فلم يأت فل‬
‫صلة له إل من عذر")‪ (1‬وقال له ‪ ‬رجل أعمى‪ :‬يا‬
‫رسول الله‪ :‬إني بعيد الدار عن المسجد وليس لي‬
‫قائد يلئمني فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟‬
‫فقال له النبي ‪" ‬هل تسمع النداء للصلة؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال فأجب")‪ (2‬وقال عبد الله بن مسعود رضي‬
‫الله عنه وهو من كبار أصحاب رسول الله ‪ :‬لقد‬
‫رأيتنا وما يتخلف عن الصلة‬
‫في الجماعة إل منافق معلوم النفاق أو مريض‪،‬‬
‫وقال رضي الله عنه‪ :‬لو أنكم صليتم في بيوتكم كما‬
‫يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم‬
‫‪#‬‬

‫سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم")‪ (3‬ومن‬


‫أخطر المعاصي اليوم أيضا ً ما بلي به الكثير من‬
‫الناس من استماع الغاني وآلت الطرب واعلن‬
‫ذلك في السواق وغيرها‪ ،‬ول ريب أن هذا من أعظم‬
‫السباب في مرض القلوب وصدها عن ذكر الله‬
‫وعن الصلة وعن استماع القرآن الكريم والنتفاع‬
‫به‪ ،‬ومن أعظم السباب أيضا َ في عقوبة صاحبه‬
‫بمرض النفاق والضلل عن الهدى كما قال تعالى ‪‬‬
‫ن‬
‫ع ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ث ل ِي ُ ِ‬ ‫دي ِ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫ري ل َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫شت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬‫و ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫خذَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ه ْ‬‫وا أولئ ِك ل ُ‬ ‫هُز ً‬‫ها ُ‬ ‫وي َت ّ ِ‬
‫علم ٍ َ‬ ‫ر ِ‬ ‫غي ْ ِ‬
‫ه بِ َ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬ولقد فسر أهل العلم لهو الحديث‬ ‫)‪(4‬‬
‫هي ٌ‬ ‫م ِ‬
‫ب ُ‬ ‫ع َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫َ‬
‫بأنه الغناء وآلت اللهو وكل كلم يصد عن الحق‪،‬‬
‫وقال النبي ‪) ‬ليكونن من أمتي أقوام يستحلون‬

‫رواه الدارقطني وابن ماجه وصححه اللباني‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة لقمان آية ‪.6‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪321‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحر والحرير والخمر والمعازف()‪ (5‬والحر هو الفرج‬
‫الحرام والحرير معروف والخمر هو كل مسكر‬
‫والمعازف هي الغناء وآلت الملهي كالعود والكمان‬
‫وسائر آلت الطرب‪ ،‬والمعنى أنه يكون في أخر‬
‫الزمان قوم يستحلون الزنا ولباس الحرير وشرب‬
‫المسكرات واستعمال الغناء وآلت الملهي‪ ،‬وقد‬
‫وقع ذلك كما أخبر به النبي ‪ ‬وهذا من علمات‬
‫نبوته ودلئل رسالته عليه الصلة والسلم وقال عبد‬
‫الله بن مسعود رضي الله عنه‪ :‬إن الغناء ينبت‬
‫النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع فاتقوا الله‬
‫أيها المسلمون واحذروا ما نهاكم الله عنه ورسوله‪،‬‬
‫واستقيموا على طاعته في رمضان وغيره‪ ،‬وتواصوا‬
‫بذلك وتعاونوا عليه لتفوزوا بالكرامة والسعادة‬
‫والعزة والنجاة في الدنيا والخرة‪ ...‬والله المسئول‬
‫أن يعصمنا والمسلمين من أسباب غضبه وأن يتقبل‬
‫منا جميعا ً صيامنا وقيامنا‪ ،‬وأن يصلح ولة أمر‬
‫المسلمين وأن ينصر بهم دينه ويخذل بهم أعداءه‪،‬‬
‫وأن يوفق الجميع للفقه في الدين والثبات عليه‬
‫والحكم به والتحاكم إليه في كل شيء إنه على كل‬
‫شيء قدير‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على عبده‬
‫)‪(1‬‬
‫ورسوله محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫الرئيس العام لدارات‬
‫البحوث العلمية‬
‫‪#‬‬ ‫والفتاء والدعوة والرشاد‬

‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( عن مجلة رابطة العالم السلمي الصادرة في ‪ 1/9/1397‬هي‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪322‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫صفة العمرة والحج‬


‫)*(‬
‫وزيارة المدينة على وجه الختصار‬

‫أنواع النسك ثلثة‪ :‬التمتع والقران والفراد‬


‫وأفضلها التمتع لمر النبي ‪ ‬به‪ .‬من لم يسق الهدي‬
‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫من أصحابه‪ ،‬وقد قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ق ْ‬
‫ل إِ ْ‬
‫فْر ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬
‫عوِني ي ُ ْ‬
‫فات ّب ِ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫تُ ِ‬
‫م ‪ (1)‬وهو أن تأتي بالعمرة أول ً فإذا تحللت‬ ‫ذُُنوب َك ُ ْ‬
‫منها أتيت بالحج ثانيًا‪.‬‬
‫صفة العمرة‪:‬‬
‫إذا أردت الحرام بالعمرة فاغتسل كما تغتسل‬
‫للجنابة وتطيب وإلبس ثياب الحرام ازارا ورداء‬
‫أبيضين نظيفين‪.‬‬
‫ثم تلبي بالعمرة فتقول‪ :‬لبيك عمرة‪ .‬لبيك اللهم‬
‫لبيك‪ ،‬لبيك ل شريك لك لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك‬
‫والملك ل شريك لك‪ .‬ومعنى لبيك‪ :‬أجبتك إلى ما‬
‫دعوتني إليه من العمرة والحج‪.‬‬
‫فإذا وصلت إلى مكة تطوف بالكعبة طواف‬
‫العمرة سبعة أشواط تبدأها من الحجر السود وتقبله‬
‫إن تيسر وترمل في الثلثة أشواط الولى‪ ،‬ثم تصلي‬
‫ركعتين خلف مقام إبراهيم إن تيسر وإل ففي مكان‬
‫آخر من المسجد‪.‬‬
‫ثم تخرج فتسعى بين الصفا والمروة سبعة‬
‫‪ () 1‬سورة آل عمران آية ‪.31‬‬
‫)*( إعداد هيئة التوعية السلمية في الحج‪.‬‬
‫‪323‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أشواط تبدأ بالصفا وتختم بالمروة تذكر الله وتدعوه‬
‫على كل منهما ثم تقصر من جميع شعر رأسك أو‬
‫تحلقه كله وتحل من إحرامك‪ ،‬فيحل لك ما قد حرم‬
‫عليك من أجل الحرام‪.‬‬
‫صفة الحج‪:‬‬
‫فإذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي‬
‫‪#‬‬‫الحجة فاحرم بالحج بعد‬
‫أن تغتسل وتطيب إن تيسر وتلبس ثياب الحرام‬
‫فتقول‪ :‬لبيك حجا‪ .‬لبيك اللهم لبيك‪،‬لبيك ل شريك لك‬
‫لبيك‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك والملك ل‬
‫شريك لك‪.‬‬
‫ثم تخرج إلى منى فتصلي بها الظهر والعصر‬
‫والمغرب والعشاء والفجر قصرا بل جمع‪ ،‬ومعنى‬
‫قصرا أنك تصلي الظهر والعصر والعشاء الخرة على‬
‫ركعتين ومعنى بل جمع أنك تصلي كل صلة في‬
‫وقتها‪ .‬فإذا طلعت الشمس فسر إلى عرفة وصل بها‬
‫الظهر والعصر بعد الزوال على ركعتين في جماعة‬
‫مع المام إن تيسر وإل فحيث تيسر لك من عرفات‬
‫ثم اشتغل بدعاء الله وذكره إلى غروب الشمس فإن‬
‫خير الدعاء دعاء يوم عرفه‪ .‬فإذا غربت الشمس‬
‫فادفع إلى مزدلفة وصل بها المغرب والعشاء جمعا‬
‫وقصرا بآذان واحد لهما واقامة لكل منهما وصل‬
‫الفجر في وقتها ثم اذكر الله وادعه عند المشعر‬
‫الحرام إن تيسر وإل ففي مكانك وإن كنت ضعيفا ً ل‬
‫تستطيع مزاحمة الناس فل بأس أن تسير إلى منى‬
‫بعد منتصف الليل‪.‬‬
‫‪324‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ثم سر إلى منى قبل طلوع الشمس وارم جمرة‬
‫العقبة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الخرى‬
‫وكبر مع كل حصاة‪ .‬ثم اذبح الهدي إن تيسر وإل‬
‫)‪(1‬‬
‫فبعد الحلق‪ ،‬ثم احلق رأسك أو قصر شعرك‬
‫وتحلل التحلل الول فالبس ثيابك وتطيب وقلم‬
‫أظافرك ول تعاشر النساء حتى تحل التحلل الثاني‪.‬‬
‫ثم انزل إلى مكة وطف طواف الفاضة للحج سبعة‬
‫أشواط واسع بين الصفا والمروة سبعة أشواط‬
‫وبذلك تحل التحلل الثاني‪ ..‬ثم ارجع إلى منى وأقم‬
‫فيها ليلتي الحادي عشر والثاني عشر وارم الجمرات‬
‫الثلث في كل من هذين اليومين بعد الزوال مرتبا‬
‫تبدأ بالولى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة كل واحد‬
‫بسبع حصيات تكبر مع كل حصاة وتقف للذكر‬
‫والدعاء بعد رمي كل من الولى والثانية ببطن‬
‫الوادي اقتداء بالنبي ‪.‬‬
‫ثم تخرج من منى إن شئت أو تبقى فيها لليوم‬
‫الثالث عشر وترمي الجمرات الثلث بعد الزوال كما‬
‫‪#‬‬‫في اليومين السابقين فإذا أردت السفر إلى بلدك‬
‫فل تخرج من مكة حتى تطوف للوداع وتجعله آخر‬
‫شيء تفعله بمكة وبهذا انتهت العمرة والحج‪.‬‬

‫وصفة الحج مفردا‪:‬‬


‫أن يحرم ميقاته بالحج في أشهر الحج وذلك بعد‬
‫أن يغتسل ويتطيب إن تيسر ويلبس ملبس الحرام‪،‬‬
‫)( أي قصر شعر رأسك‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪325‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فيقول لبيك حجا‪ .‬الى آخر ما تقدم في صفة الحج‬
‫ول هدي عليه‪.‬‬

‫وصفة القران‪:‬‬
‫أن يحرم بالحج والعمرة جميعا من ميقاته في‬
‫أشهر الحج‪ ،‬وذلك بعد أن يغتسل ويتطيب ويلبس‬
‫ملبس الحرام )الزار والرداء( فيقول لبيك حجا‬
‫وعمرة‪ ،‬ثم يمضي فيه على الصفة المتقدمة‪ ،‬ويجب‬
‫عليه هدي يبدأ وقت ذبحه يوم العيد‪.‬‬

‫ملحظة‪:‬‬
‫إذا كانت المرأة حائضا أو نفساء فإنها تفعل كما‬
‫يفعل الحجاج إل أنها ل تطوف بالبيت حتى تطهر‬
‫وتغتسل وإذا حاضت أو نفست بعد طواف الفاضة‬
‫ولم تطهر قبل سفرها سقط عنها طواف الوداع‪.‬‬
‫زيارة المسجد النبوي‪:‬‬
‫إذا أردت زيارة المسجد النبوي فاذهب إلى‬
‫المدينة قبل الحج أو بعده ناويا زيارة المسجد النبوي‬
‫والصلة فيه فإذا وصلته فصل فيه ركعتين تحية‬
‫المسجد ثم اذهب إلى قبر النبي ‪ ‬وقف أمامه وقل‬
‫السلم عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ثم سلم‬
‫على أبي بكر ثم على عمر رضي الله عنهما ثم‬
‫اخرج إلى البقيع وسلم على عثمان رضي الله عنه‬
‫وعلى من دفن فيه من المسلمين ثم اخرج إلى‬
‫‪326‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مسجد قباء وصل فيه وإن شئت فاخرج إلى أحد‬
‫وسلم على حمزة‬‫‪#‬‬

‫عم رسول الله ‪ ‬ومن دفن معه من الشهداء‪.‬‬


‫وارجع إلى بلدك سائل القبول من الله والتوفيق‪.‬‬
‫)فائدة(‬
‫يجب على المحرم بحج أو عمرة أن يكون‬
‫ملتزما بما أوجب الله عليه من شرائع دينه كالصلة‬
‫في أوقاتها مع الجماعة وأن يتجنب ما نهى الله عنه‬
‫ج‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه ّ‬
‫في ِ‬
‫ض ِ‬ ‫ن َ‬
‫فَر َ‬ ‫م ْ‬ ‫من الفسوق والعصيان ‪َ ‬‬
‫ف َ‬
‫ج‪‬‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫وَل ِ‬ ‫وَل ُ‬ ‫فَل َر َ‬
‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ح ّ‬ ‫دا َ‬
‫ل ِ‬ ‫ج َ‬ ‫سوقَ َ‬
‫ف ُ‬ ‫ث َ‬
‫ف َ‬
‫وأن يتجنب أذية المسلمين بقول أو فعل وينبغي أن‬
‫يؤدي جميع شعائره برفق وطمائنينة ويرحم الضعفاء‬
‫ويحسن إليهم فإن الله يحب المحسنين‪ .‬ول يجوز‬
‫للمحرم بحج أو عمرة أن يأخذ من شعره أو ظفره‬
‫أو يتطيب أو يقتل الصيد أو يباشر لشهوة‪ .‬ول يجوز‬
‫للرجل خاصة أن يغطي رأسه أو يلبس القميص أو‬
‫السراويل أو الخفاف أو العمائم أو البرانس)‪ (2‬أما‬
‫المرأة فيجوز أن تغطي رأسها وأن تلبس ما شاءت‬
‫من الثياب غير متبرجة بزينة‪ .‬ول بأس أن يلبس‬
‫المحرم النعلين والخاتم والساعة والهميان وهي‬
‫الحقيبة التي فيها الدراهم تعلق بالعنق والمنطقة‬
‫وهي الحزام الذي فيه جيوب الدراهم ول بأس أن‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.197‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( ويجوز لمن لم يجد نعلين أن يلبييس الخفييين وميين لييم يجييد إزارا أن‬ ‫‪2‬‬

‫يلبس السراويل كما في حديث جابر الذي رواه أحميد ومسيلم وحيديث‬
‫ابن عباس المتفق عليه‪.‬‬
‫‪327‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يغتسل وينظف يديه بالصابون غير المطيب ول بأس‬
‫أن يحك رأسه أو بدنه‪ .‬ويضع على عينيه نظارات أو‬
‫في أذنه سماعة‪ .‬والله الموفق وصلى الله على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه‪.‬‬

‫من آداب الحج والعمرة‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‬


‫وعلى آله وصحبه ومن واله وبعد‪:‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ت َ‬
‫ف َ‬ ‫عُلو َ‬
‫ما ٌ‬ ‫م ْ‬
‫هٌر َ‬ ‫ج أَ ْ‬
‫ش ُ‬ ‫قال الله تعالى‪ :‬ال ْ َ‬
‫ح ّ‬
‫فَل‬
‫‪#‬‬
‫ج َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫ه ّ‬ ‫في ِ‬ ‫ض ِ‬‫فَر َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫و َ‬‫ج َ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ل ِ‬‫دا َ‬ ‫وَل ِ‬
‫ج َ‬ ‫سوقَ َ‬ ‫ف ُ‬‫وَل ُ‬ ‫ث َ‬‫ف َ‬‫َر َ‬
‫خي َْر‬
‫ن َ‬ ‫دوا َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫و ُ‬
‫وت ََز ّ‬
‫ه َ‬‫ه الل ّ ُ‬
‫م ُ‬ ‫عل َ ْ‬
‫ر يَ ْ‬ ‫خي ْ ٍ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫عُلوا ِ‬ ‫ف َ‬‫تَ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪. (1)‬‬ ‫ن َيا أوِلي اْلل َْبا ِ‬ ‫قو ِ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫وى َ‬ ‫ق َ‬ ‫الّزاِد الت ّ ْ‬
‫وقال النبي ‪) ‬إنما جعل الطواف بالبيت‬
‫والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لقامة‬
‫ذكر الله( رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن‬
‫صحيح‪ .‬فينبغي للمسلم الحاج أن يقوم بشعائر الحج‬
‫والعمرة على سبيل التعظيم والجلل والمحبة‬
‫والخضوع لله رب العالمين فيؤديها بسكينة ووقار‬
‫واتباع لرسول الله ‪ .‬وينبغي أن يشغل هذه‬
‫المشاعر العظيمة بالذكر والتسبيح والتهليل والتحميد‬
‫والدعاء والستغفار لنه في عبادة من حين يشرع‬
‫في الحرام حتى يحل منه بل إنه في عبادة من حين‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.197‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪328‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يسافر من بلده إلى الحج حتى يرجع‪ ،‬فليس الحج‬
‫نزهة للهو واللعب كما يشاهد بعض الناس يستصحب‬
‫معه من آلت اللهو والغناء ما يصده عن ذكر الله‬
‫ويوقعه في معصية الله وترى بعض الناس يفرط في‬
‫اللعب والضحك والستهزاء بالخرين إلى غير ذلك‬
‫من العمال المنكرة‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬ويجب على الحاج وغيره أن‬
‫يحافظ على ما أوجبه الله عليه من الصلوات‬
‫الخمس في أوقاتها مع الجماعة‪ ،‬والمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪ ،‬وينبغي أن يحرص على نفع‬
‫المسلمين والحسان إليهم بالرشاد والمعونة عند‬
‫صا في‬ ‫صا خصو ً‬ ‫الحاجة‪ ،‬وأن يرحم ضعيفهم خصو ً‬
‫مواضع الزحام ونحوها فإن رحمة الخلق جالبة‬
‫لرحمة الخالق وإنما يرحم الله من عباده الرحماء‪.‬‬
‫ويجتنب الحاج الرفث والفسوق والعصيان والجدال‬
‫والمخاصمة لغير نصرة الحق ويتجنب العتداء على‬
‫الناس وإيذاءهم بالغيبة والنميمة والسب والشتم‬
‫واللعن قال ‪" ‬سباب المسلم فسوق وقتاله كفر"‬
‫متفق عليه‪ ،‬وقال "لعن المؤمن كقتله" متفق عليه‪.‬‬
‫ويتجنب النظر إلى النساء الجانب فإن هذا حرام‬
‫ن‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫في الحج وغيره قال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ق ْ‬
‫ك‬‫م ذَل ِ َ‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ف ُ‬‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬
‫ج ُ‬
‫فُرو َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬
‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬‫ن أب ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫غ ّ‬‫يَ ُ‬
‫ن ‪ (1)‬ويتأكد‬ ‫عو َ‬
‫صن َ ُ‬
‫ما ي َ ْ‬
‫خِبيٌر ب ِ َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫م إِ ّ‬ ‫كى ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫أ َْز َ‬
‫تحريم ذلك في بيت الله الحرام فإن الحسنات فيه‬
‫مضاعفة والسيئات كذلك‪.‬‬
‫)( سورة النور آية ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪329‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أيها المسلمون‪ :‬ويجب على الحجاج وغيرهم‬
‫اجتناب محارم الله تعالى والحذر من ارتكابها كالزنا‬
‫واللواط والسرقة والمعاملة بالربا والغش في‬
‫المعاملت والخيانة في المانات وشرب المسكرات‬
‫والدخان وحلق اللحى وإطالة الشوارب وإسبال‬
‫الثياب والكبر والحسد والرياء والسمعة والغيبة‬
‫والنميمة والسخرية بالمسلمين واستعمال آلت‬
‫الملهي واستماع الغاني وآلت الطرب والمعاملة‬
‫بالميسر وهو القمار وتصوير ذوات الرواح من‬
‫الدميين وغيرهم‪.‬‬
‫ويلحظ أن بعض الحجاج يحملون معهم آلت‬
‫ضا‬
‫التصوير في المشاعر المقدسة ويصور بعضهم بع ً‬
‫وهو من اللحاد في الحرم فإن هذه كلها من‬
‫المنكرات التي حرمها الله على عباده في كل زمان‬
‫ومكان‪ .‬فيجب أن يحذرها الحجاج أكثر من غيرهم‬
‫لن المعاصي في بلد الله الحرام أثمها أشد‬
‫د‬
‫ر ْ‬
‫ن يُ ِ‬‫م ْ‬ ‫وعقوبتها أعظم وقد قال الله تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫ب أ َِليم ٍ ‪ ‬فإذا‬
‫)‪(1‬‬
‫ع َ‬
‫ذا ٍ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ه ِ‬
‫ق ُ‬ ‫حاٍد ب ِظُل ْم ٍ ن ُ ِ‬
‫ذ ْ‬ ‫ه ب ِإ ِل ْ َ‬
‫في ِ‬
‫ِ‬
‫كان الله قد توعد من أراد أن يلحد في الحرم بظلم‬
‫فكيف تكون عقوبة من فعل ذلك ل شك أنها أعظم‬
‫وأشد فيجب الحذر من ذلك ومن سائر المعاصي‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬ول يحصل للحجاج بر الحج‬
‫وغفران الذنوب إل بالحذر من هذه المعاصي وغيرها‬
‫مما حرم الله عليهم كما في الحديث الصحيح عن‬
‫النبي ‪ ‬أنه قال )من حج فلم يرفث ولم يفسق‬
‫رجع كيوم ولدته أمه( متفق عليه‪.‬‬

‫)( سورة الحج آية ‪.25‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪330‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فيا عباد الله لتظهر عليكم آثار القبول في‬
‫سلوككم بالستقامة على طاعة الله ورسوله وامتثال‬
‫ما أمر الله به ورسوله والنتهاء عما نهى الله‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ورسوله لتكونوا من سعداء الدنيا والخرة ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫ما ‪ ‬فيا‬ ‫فاَز َ‬
‫قدْ َ‬‫ف َ‬ ‫سول َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ظي ً‬
‫ع ِ‬
‫وًزا َ‬
‫ف ْ‬ ‫وَر ُ‬
‫ه َ‬ ‫ي ُطِ ِ‬
‫عباد الله إذا أردتم قبول الحج والعمل‪ ،‬واستجابة‬
‫قا‬
‫صا لوجه الله تعالى مواف ً‬ ‫الدعاء فليكن عملكم خال ً‬
‫لسنة رسول الله ‪ ‬وليكن المأكل والمشرب من‬
‫حلل طيب لن الله طيب ل يقبل إل طيًبا واستقبلوا‬
‫بقية حياتكم بالتوبة النصوح في جميع الوقات من‬
‫جميع الذنوب والسيئات وبالعمال الصالحة وأدوا‬
‫‪#‬‬‫مناسك الحج مقتدين برسول الله ‪.‬‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪.71‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪331‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أيها الحاج الكريم اعلم أنك في سفر مبارك‬
‫يقوم على توحيد الله وإخلص العبادة له وتلبية‬
‫دعوته وطاعته‪ ،‬وأنك في عبادة من حين إحرامك‬
‫بالحج والعمرة إلى أن تفرغ منهما بل إنك في عبادة‬
‫من حين خرجت من بلدك إلى الحج حتى ترجع وفي‬
‫ذلك أجر عظيم وثواب جسيم فالحج المبرور ليس‬
‫له جزاء إل الجنة‪ .‬والمبرور هو الذي ل يقع فيه‬
‫معصية بأن تحج كما شرع الله وكما حج رسول الله‬
‫ما بالواجبات‬‫دا بحجك وجه الله قائ ً‬ ‫‪ ‬قاص ً‬
‫كا للمحرمات والمكروهات‪ .‬أخي‬ ‫والمستحبات تار ً‬
‫الحاج تجنب الجدال والمخاصمة والسب والشتم‬
‫وَل‬
‫سوقَ َ‬ ‫ف ُ‬‫وَل ُ‬
‫ث َ‬‫ف َ‬‫فَل َر َ‬
‫لخوانك المسلمين ‪َ ‬‬
‫ج ‪. (1)‬‬ ‫في ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫دا َ‬
‫ل ِ‬ ‫ج َ‬
‫ِ‬
‫ويلحظ أن بعض الحجاج هداهم الله يسيئون‬
‫الدب إلى الحجاج ويزاحمونهم ليقبلوا الحجر السود‬
‫أو ليرملوا في الطواف والسعي أو ليصلوا خلف‬
‫مقام إبراهيم أو ليشربوا من ماء زمزم وذلك كله‬
‫ما لنأتي‬
‫سنه وإيذاء المسلمين حرام فكيف نفعل حرا ً‬
‫بسنة‪ ،‬فتجنب أيها الحاج الكريم إيذاء إخوانك‬
‫المسلمين في القول والعمل والله يكتب لك الجر‬
‫والثواب على قدر نيتك وإخلصك ومعاملتك الحسنة‬
‫لخوانك المسلمين‪ ،‬أيها الحاج الكريم تقبيل الحجر‬
‫السود سنة والمحافظة على كرامة المسلم فريضة‬
‫فل تضيع فريضة لقامة سنة ويكفيك عند الزحام أن‬
‫تشير إليه من بعيد وتكبر‪ ،‬وترك تقبيل الحجر السود‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.197‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪332‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ل يضر الطواف بل طوافك صحيح وإن لم تقبل‬
‫الحجر السود‪ ،‬أيها الحاج الكريم التزاحم للصلة عند‬
‫مقام إبراهيم خلف السنة مع ما فيه من إيذاء‬
‫للطائفين ويكفي الحاج أن يصلي ركعتي الطواف‬
‫في أي مكان من المسجد الحرام كما ل يجوز لك‬
‫أخي الحاج مزاحمة الناس على الصفا والمروة وما‬
‫بين ذلك في المسعى أيها الحاج الكريم ل يجوز لك‬
‫التزاحم من أجل صعود جبل الرحمة في عرفات‬
‫والوصول إلى قمته لما يترتب عليه من الضرار‬
‫الكثيرة فصعود الجبل والصلة فيه غير مشروع‬
‫وعرفه كلها موقف إل بطن عرنة – أيها الحاج الكريم‬
‫ل يجوز التزاحم عند رمي الجمرات من أجل الرمي‬
‫والمشروع الرفق والرمي بسهولة وبدون إيذاء لحد‬
‫‪#‬‬ ‫بحسب المكان‪ ،‬وينبغي للحاج أن يرحم الضعيف‬
‫صا في مواضع الزحام ونحوها فإنما يرحم الله‬ ‫خصو ً‬
‫من عباده الرحماء وقال ‪) ‬الراحمون يرحمهم‬
‫الرحمن ارحموا من في الرض يرحمكم من في‬
‫السماء( رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم‪.‬‬
‫والمؤمنون كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد‬
‫ضا‪.‬‬
‫بعضه بع ً‬
‫فاتقوا الله أيها الحجاج في أنفسكم واتقوا الله‬
‫في إخوانكم المسلمين ل تزاحموهم في مناسك‬
‫الحج ول تضايقوهم واحذروا السب والشتم واللعن‬
‫صا في أماكن العبادة وفي مناسك الحج‬ ‫وخصو ً‬
‫والعمرة‪ ،‬فواجب المسلم أن يمتنع من أذى‬
‫المسلمين في القول والعمل وأن يصبر على ما‬
‫يصيبه من الناس‪ ،‬وأن يقابل الساءة بالحسان لئل‬
‫‪333‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يتعرض لنقصان حجه أو بطلنه‪ ،‬فمضايقة الحجاج‬
‫ومزاحمتهم وسبهم وشتمهم ولعنهم يتنافى مع بر‬
‫الحج ومحاسن الخلق‪ .‬ويلحظ أن كثيًرا من الحجاج‬
‫يتجشمون المشاق للحج فيتعبون أبدانهم وينفقون‬
‫أموالهم ومع ذلك ل يؤدون الحج على الوجه‬
‫المطلوب فبعضهم يقفون خارج حدود عرفان وهؤلء‬
‫ل حج لهم لن النبي ‪ ‬قال )الحج عرفة( فيجب‬
‫التأكد من حدودها‪ ،‬وبعضهم يخرج منها قبل غروب‬
‫الشمس وهو غير جائز‪ ،‬وكثير من الحجاج ل يبيتون‬
‫بمزدلفة وقد بات بها الرسول ‪ ‬حتى صلى الفجر‬
‫ووقف بالمشعر الحرام ودفع منها قبيل طلوع‬
‫الشمس ولم يرخص في الدفع منها قبل ذلك إل‬
‫للضعفة من النساء والصبيان بعد نصف الليل وبعض‬
‫الناس يرمي الجمرات في أيام التشريق قبل زوال‬
‫الشمس وهو غير جائز لن النبي ‪ ‬لم يرمها إل بعد‬
‫الزوال وقال )خذوا عني مناسككم( رواه أحمد‬
‫ومسلم والنسائي‪.‬‬
‫وبعض الناس يسيء الدب إلى الحجاج بأقواله‬
‫صا في أماكن الزحام وكل ذلك مما‬ ‫وأفعاله خصو ً‬
‫ينافي بر الحج ومحاسن الخلق‪ .‬فالواجب على‬
‫المسلم أن يمتنع عن الذى وأن يصبر على ما يصيبه‬
‫من الناس لئل يتعرض لنقصان حجه أو بطلنه قال‬
‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫سي ّئ ََة ‪‬‬
‫ن ال ّ‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫يأ ْ‬ ‫ع ِبال ِّتي ِ‬
‫ه َ‬ ‫تعالى ‪‬ادْ َ‬
‫ف ْ‬
‫فالحج المبرور الذي وعد صاحبه الجنة هو الذي وقع‬

‫)(‪.‬سورة المؤمنون آية ‪.96‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪334‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪#‬‬ ‫من المؤمنين البرار على هدي‬
‫نبيهم محمد ‪.‬‬
‫ويستحب للحجاج أن يلزموا ذكر الله وطاعته‬
‫والعمل الصالح مدة إقامتهم بمكة ويكثروا من‬
‫الصلة والطواف بالبيت لن الحسنات في الحرم‬
‫مضاعفة والسيئات فيه عظيمة شديدة كما يستحب‬
‫لهم الكثار من الصلة والسلم على رسول الله ‪.‬‬
‫وعلمة بر الحج وقبوله أن يرجع الحاج أحسن‬
‫مما كان عليه قبل الحج فيرجع مطيعا ً لله بعد أن‬
‫كان عاصيا ً وذاكرا ً الله بعد أن كان غافل ً وتائبا ً إلى‬
‫الله توبة نصوحا ً بترك المعاصي والندم على ما كان‬
‫منها والعزم على عدم العودة إليها في المستقبل‬
‫مستغفرا ً الله بعد أن كان مصرًا‪ .‬وبذلك يكون الحج‬
‫مبرورا ً والسعي مشكورا ً والذنب مغفورًا‪.‬‬
‫اللهم تقبل من حجاج بيتك الحرام حجهم واجعل‬
‫حجهم مبرورا ً وسعيهم مشكورا ً وذنبهم مغفورا ً يا‬
‫حي يا قيوم يا ذا الجلل والكرام وصلى الله على‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫المراجع لهذا الموضوع‪:‬‬
‫منسك الشيخ بن باز‪.‬‬ ‫‪-1‬‬

‫منسك الشيخ بن عثيمين‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫دليل الحاج لهيئة التوعية في الحج‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫كلمات مختارة للمؤلف ص ‪.87-86‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪335‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)*(‬
‫فتاوى إسلمية عن الحج‬

‫س ‪ -1‬بعضهم يفتي للقادم للحج بطريق الجو‬


‫بأن يحرموا من جدة وآخرون ينكرون ذلك فما هو‬
‫‪#‬‬ ‫وجه الصواب في هذه المسألة أفتونا‬
‫مأجورين؟‬
‫ج‪ -‬الواجب على جميع الحجاج جوا وبحرا وبرا‬
‫أن يحرموا من الميقات الذي يمرون عليه بًرا أو‬
‫وا أو بحًرا لقول النبي ‪ ‬لما وقت‬ ‫يحاذونه ج ً‬
‫المواقيت )هي لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن‬
‫ممن أراد الحج والعمرة( الحديث متفق عليه‪.‬‬
‫أما جدة فليست ميقاًتا للوافدين وإنما هي‬
‫ميقات لهلها ولمن وفدوا إليها غير مريدين للحج ول‬
‫العمرة ثم انشأوا إرادة الحج أو العمرة منها‪.‬‬
‫س ‪ :2‬إذا لم يجد الحاج مكاًنا يبيت فيه بمنى‬
‫فماذا يفعل وهل إذا بات خارج مني عليه شيء؟‬
‫ج‪ :‬إذا اجتهد الحاج في التماس مكان في منى‬
‫ليبيت ليالي منى فيه فلم يجد شيًئا فل حرج عليه أن‬
‫قوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ينزل في خارجها لقول الله عز وجل ‪َ ‬‬
‫فات ّ ُ‬
‫م ‪ (1)‬ول فدية عليه من جهة ترك‬ ‫عت ُ ْ‬‫ست َطَ ْ‬
‫ما ا ْ‬
‫َ‬
‫المنزل في منى لعدم قدرته عليه‪..‬‬
‫س ‪ :3‬يعتقد بعض الحجاج أنه إذا لم يتمكن‬
‫الحاج من زيارة المسجد النبوي فإن حجه ينقص‬
‫فهل هذا صحيح؟‬
‫‪ (*) 1‬للشيخ عبد العزيز بن باز‪.‬‬
‫)( سورة التغابن آية ‪.16‬‬
‫‪336‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ج‪ :‬الزيارة للمسجد النبوي سنة وليست واجبة‬
‫وليس لها تعلق بالحج بل السنة أن يزار المسجد‬
‫النبوي في جميع السنة ول يختص ذلك بوقت الحج‬
‫لقول النبي ‪) ‬ل تشد الرحال إل إلى ثلثة مساجد‬
‫المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد القصى(‬
‫متفق عليه ولقوله ‪) ‬صلة في مسجدي هذا خير‬
‫من ألف صلة فيما سواه إل المسجد الحرام( متفق‬
‫عليه وإذا زار المسجد النبوي شرع له أن يصلي في‬
‫الروضة ركعتين ثم يسلم على النبي ‪ ‬وعلى‬
‫صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما‪ ،‬كما بشرع‬
‫زيارة البقيع والشهداء للسلم على المدفونين هناك‬
‫من الصحابة وغيرهم والدعاء لهم والترحم عليهم‬
‫كما كان النبي ‪ ‬يزورهم وكان يعلم أصحابه إذا‬
‫زاروا القبور أن يقولوا السلم عليكم أهل الديار من‬
‫المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لحقون‬
‫نسأل الله لنا ولكم‬
‫العافية)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫وفي رواية عنه ‪ ‬أنه كان يقول "إذا زار البقيع‬


‫يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين اللهم اغفر‬
‫ضا لمن زار المسجد‬ ‫لهل بقيع الغرقد")‪ (2‬ويشرع أي ً‬
‫النبوي أن يزور مسجد قباء ويصلي فيه ركعتين لنه ‪‬‬
‫‪ ،‬كان يزوره كل سبت ويصلي فيه ركعتين لنه ‪،‬‬
‫كان يزوره كل سبت ويصلي فيه ركعتين وقال عليه‬
‫الصلة والسلم "من تطهر في بيته فأحسن الطهور ثم‬
‫أتى مسجد قباء فصلى فيه كان كعمرة")‪ (3‬هذه هي‬

‫)( رواه مسلم وغيره‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪337‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المواضع التي تزار في المدينة المنورة أما المساجد‬
‫السبعة ومسجد القبلتين وغيرهما من المواضع التي‬
‫يذكر بعض المؤلفين في المناسك زيارتها فل أصل‬
‫ما هو التباع‬‫لذلك ول دليل عليه والمشروع للمؤمن دائ ً‬
‫دون البتداع والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :4‬إذا وقف الحاج خارج حدود عرفة قريًبا‬
‫منها حتى غربت ثم انصرف فما حكم حجه؟‬
‫ج‪ :‬إذ لم يقف الحاج في عرفة في وقت‬
‫)‪(1‬‬
‫الوقوف فل حج له لقول النبي ‪) ‬الحج عرفة(‬
‫فمن أدرك عرفة بليل قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك‬
‫الحج وزمن الوقوف ما بعد الزوال من يوم عرفة‬
‫إلى طلوع الفجر من ليلة النحر هذا هو المجمع عليه‬
‫بين أهل العلم‪.‬‬
‫أما ما قبل الزوال ففيه خلف بين أهل العلم‬
‫والكثرون على أنه ل يجزئ الوقوف فيه إذ لم يقف‬
‫بعد الزوال ول في الليل ومن وقف نهاًرا بعد الزوال‬
‫أو ليًل أجزأه ذلك والفضل أن يقف نهاًرا بعد صلة‬
‫الظهر والعصر جمع تقديم إلى غروب الشمس ول‬
‫يجوز النصراف قبل الغروب لمن وقف نهاًرا فإن‬
‫فعل ذلك فعليه دم عند أكثر أهل العلم لكونه ترك‬
‫واجًبا‪ .‬وهو الجمع في الوقوف بين الليل والنهار لمن‬
‫وقف نهاًرا‪.‬‬
‫س ‪ :5‬يدعي بعض الناس أن القران والفراد قد‬
‫نسخ بأمر النبي ‪ ‬للصحابة بأن يتمتعوا فما رأي‬
‫سماحتكم في هذا القول؟‬
‫ج‪ :‬هذا قول باطل ل أساس له من الصحة وقد‬
‫أجمع العلماء على أن النساك ثلثة‪ :‬الفراد والقران‬
‫والتمتع فمن أفرد الحج فإحرامه صحيح وحجه صحيح‪،‬‬
‫)( رواه أحمد وأهل السنن‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪338‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ول فدية عليه لكن إن فسخه إلى العمرة فهو أفضل‬
‫‪#‬‬ ‫في أصح أقوال أهل‬
‫العلم لن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذين‬
‫أحرموا بالحج أو قرنوا بين الحج والعمرة وليس‬
‫معهم هدي أي يجعلوا إحرامهم عمرة فيطوفوا‬
‫ويسعوا ويقصروا ويحلوا وقد فعل الصحابة ذلك‬
‫خا لفراد الحج وإنما‬‫رضي الله عنهم وليس ذلك نس ً‬
‫هو إرشاد من النبي ‪ ‬إلى ما هو الفضل والكمل‪.‬‬
‫والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫س ‪ :6‬إذا أدى الحاج العمرة وخرج بعد ذلك‬
‫لزيارة أقربائه خارج الحرم هل يلزمه طواف الوداع‬
‫وهل عليه شيء في ذلك؟‬
‫ج‪ :‬ليس على معتمر وداع إذا أراد الخروج خارج‬
‫الحرم في ضواحي مكة وهكذا الحاج لكن متى أراد‬
‫السفر إلى أهله أو غير أهله شرع له الوداع ول يجب‬
‫عليه لعدم الدليل وقد خرج الصحابة رضي الله عنهم‬
‫وأرضاهم الذين حلوا من عمرتهم إلى منى وعرفات‬
‫ولم يؤمروا بطواف الوداع أما الحاج فيلزمه طواف‬
‫الوداع عند مغادرته مكة مسافًرا إلى أهله أو غير‬
‫أهله لقول ابن عباس رضي الله عنهما "أمر الناس‬
‫أن يكون أخر عهدهم بالبيت إل أنه خفف عن المرأة‬
‫الحائض" متفق عليه‪.‬‬
‫وقوله أمر الناس يعني بذلك أن النبي ‪ ‬أمرهم‬
‫ولهذا جاء في الرواية الخرى عن ابن عباس رضي‬
‫الله عنهما أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬ل ينفرن أحد منكم‬
‫حتى يكون آخر عهده بالبيت" رواه مسلم‪ ..‬ومن هذا‬
‫الحديث يعلم أن الحائض ليس عليها وداع ل في‬
‫الحج ول في العمرة وهكذا النفساء لنها مثلها في‬
‫‪339‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحكم عند أهل العلم‪.‬‬

‫من فتاوى الحج‬


‫للشيخ محمد الصالح العثيمين‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫ج ‪ :1‬لم يتبين لنا صحة القول بجواز رمي الجمار‬


‫أيام التشريق قبل الزوال أما في الليل فنرى جوازه‬
‫عن اليوم الفائت ونفتي به ونراه أداء ل قضاء‬
‫‪#‬‬

‫)*(‬
‫وأن الرمي يستمر إلى طلوع الفجر‬
‫ج ‪ :2‬الرأي الصحيح عندنا جواز تقديم السعي‬
‫في الحج على الطواف لن النبي ‪ ‬سئل عن ذلك‬
‫فقال ل حرج)‪ (1‬وهذا ليس من أجل تأخير الطواف‬
‫إلى حين الوداع ولكن من أجل التيسير على الحاج‬
‫ول بأس أن يقع السعي بعده لمن أخره إلى الوداع‬
‫لنه كالفصل بالصلة وبشراء الحاجة في الطريق‬
‫ونحو ذلك‪.‬‬
‫ج ‪ :3‬إذا لم يجدوا مكاًنا في منى نزلوا عند آخر‬
‫خيمة من خيام الحجاج ولو خارج مني لقوله تعالى‬
‫‪ () 1‬قال الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد فييي منسييكه ص ‪ 54‬ل يصييح‬
‫السعي قبل الطواف وهذا الحديث قييال عنييه المحييب الطييبري ل أعلييم‬
‫أحدا ً قال بظاهره واعتد بالسعي قبييل الطييواف إل مييا روي عيين عطيياء‬
‫وهو قول شاذ ل اعتبار له‪.‬‬
‫)*( قال الشيخ عبد الله بن محمد بيين حميييد فييي منسييكه ص ‪ 60‬ل يجييوز‬
‫رمي الجمار ليل ً وذكر خمسة أدلة على ذلك قال ولييم ينقييل عيين النييبي‬
‫صلى الله عليه وسلم أنه رمى ليل أو أقره إلى أن قييال ودعييوى وقييوع‬
‫المشقة بكثرة الزحام في الرمي ل تبيح الرمي ليل ً لنها كانت موجييودة‬
‫زمن النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪340‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫م ‪ ‬سورة التغابن آية‬ ‫ست َطَ ْ‬
‫عت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫فات ّ ُ‬
‫‪.16‬‬
‫ج ‪ :4‬رأيه جيد لول أنه ورد عن الصحابة رضي‬
‫الله عنهم أنهم رموا عن الصبيان وهو وإن كان‬
‫فا لكنه أقوى من الرأي )يعني بذلك الشيخ عبد‬‫ضعي ً‬
‫الله المحمود الذي يرى أن الرمي يسقط عن العاجز‬
‫بدون استنابه(‪.‬‬
‫ج ‪ :5‬المبيت بمزدلفة واجب ويرخص للضعفة‬
‫دا الثم والفدية‬
‫الدفع في آخر الليل وفي تركه عم ً‬
‫عند جمهور أهل العلم ومع الجهل الفدية فقط ومع‬
‫العجز يسقط كسائر الواجبات لكن من أدرك صلة‬
‫الفجر في أول الوقت وبقي بعد الصلة يذكر الله ثم‬
‫دفع أجزأه ذلك‪.‬‬
‫ج ‪ :6‬إذا حاضت قبل طواف الفاضة انتظرها‬
‫محرمها حتى تطهر فإن لم يمكن ذلك فلها السفر‬
‫فإذا طهرت عادت فقضت حجها وفي هذه الحال ل‬
‫يقربها زوجها فإن كان ل يمكنها الرجوع كما لو كانت‬
‫في بلد بعيدة فلها أن تتلجم وتطوف للضرورة‪.‬‬
‫ج ‪ :7‬الذين ذبحوا هدي التمتع أو القران قبل‬
‫دا لمن قال ذلك‬
‫‪#‬‬
‫العيد تقلي ً‬
‫ليس عليهم شيء لكن ينبهون عن ذلك في‬
‫)‪(1‬‬
‫المستقبل‬
‫ج ‪ -8‬على من ذبح الهدي أن يوصله إلى‬
‫)( ذبح الهدي عبادة مؤقته بوقت ل يجوز تقييديمها عليييه وعلييى هييذا فل‬ ‫‪1‬‬

‫يجزي ذبح الهدي قبل يوم العيد‪.‬‬


‫‪341‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مستحقيه ول يجوز أن يذبحه ويدعه ولكن لو أخذ‬
‫شيئا قليل منه فأكل منه وتصدق أجزأه ذلك‪.‬‬
‫ج ‪ – 9‬الذين نزلوا نمره يظنونها مزدلفة عليهم‬
‫فدية لنهم مفرطون حيث لم يسألوا‪.‬‬
‫ج ‪ -10‬من لم يمكنه النزول بمزدلفة فالظاهر‬
‫أنه ل شيء عليه لن الواجبات تسقط بالعجز عنها‪.‬‬
‫ج ‪ -11‬إذا رمى في اليوم الحادي عشر ثم ودع‬
‫البيت وسافر فقد ترك واجبين هما رمي الجمرات‬
‫في الثاني عشر والبيتوته بمنى ليلته فعليه فديتان‬
‫على ما قاله كثير من أهل العلم يذبحها في مكة‬
‫ويتصدق بهما هناك‪.‬‬
‫ج ‪ -12‬يجزيء طواف الفاضة عن الوداع إذا‬
‫أخره إلى السفر ولو سعى بعده لن السعي يسير‬
‫فهو كما لو أقام لتحميل متاعه ونحو ذلك قال في‬
‫فتح الباري ص ‪612‬جي ‪3‬ط سلفيه‪ :‬ويستفاد من‬
‫قصة عائشة أن السعي إذا وقع بعد طواف الركن إن‬
‫قلن أن طواف الركن يجزيء عن الوداع – أن تخلل‬
‫السعي بين الطواف والخروج ل يقطع إجزاء‬
‫الطواف المذكور عن الركن والوداع معا اهي‪.‬‬
‫ج ‪ -13‬ل نرى جواز تأخير الرمي إلى آخر أيام‬
‫التشريق إل من عذر لن النبي ‪ ‬رمى كل يوم في‬
‫يومه ولم يرد السنة بجمع الرمي إل للرعاة وقال‬
‫لتأخذوا عني مناسككم‪.‬‬
‫ج ‪ -14‬ل يجوز لحد أن يدع الرمي أو غيره من‬
‫واجبات الحج ويفدى عنه لن النسان ليس مخيرا ً‬
‫في ذلك حتى يجوز له ترك هذا لهذا‪ .‬قال ذلك كاتبه‬
‫محمد الصالح العثيمين في ‪4/2/1404‬هي‪.‬‬
‫‪342‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪343‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫خطوات مختصرة للحاج والمعتمر‬
‫وزائر مسجد الرسول‪‬‬
‫يجب على الحاج‪:‬‬
‫)‪ (1‬المبادرة إلى التوبة النصوح من جميع‬
‫الذنوب‪ ،‬وأن ينتخب لحجته وعمرته المال الحلل‪.‬‬
‫)‪ (2‬أن يصون لسانه عن الكذب والغيبة‬
‫والنميمة والسخرية‪.‬‬
‫)‪ (3‬أن يقصد بحجه وعمرته وجه الله والدار‬
‫الخرة بعيدا ً عن الرياء والسمعة والمفاخرة‪.‬‬
‫)‪ (4‬أن يتعلم ما يشرع له في حجه وعمرته من‬
‫أعمال ويسأل عما أشكل عليه‪.‬‬
‫)‪ (5‬الحاج إذا وصل إلى الميقات مخير بين‬
‫الفراد بالحج والتمتع والقران‪.‬‬
‫)‪ (6‬وإذا خاف المحرم أن ل يتمكن من أداء‬
‫نسكه بسبب مرض أو خوف اشترط "أن محلي‬
‫حيث حبستني"‪.‬‬
‫)‪ (7‬يصح حج الصبي والجارية الصغيرة ول‬
‫يجزؤهما عن حجة السلم‪.‬‬
‫)‪ (8‬يجوز للمحرم أن يغتسل ويغسل رأسه‬
‫ويحكه إذا احتاج إلى ذلك‪.‬‬
‫)‪ (9‬يباح للمرأة سدل خمارها على وجهها إذا‬
‫خشيت أن يراها الرجال‪.‬‬
‫)‪ (10‬ما اعتاده كثير من النساء جعل العصابة‬
‫تحت الخمار لترفعه عن وجهها‪ ،‬ل أصل له في‬
‫الشرع‪.‬‬
‫)‪ (11‬يجوز للمحرم غسل الثياب التي أحرم فيها‬
‫وتبديلها بغيرها‪.‬‬
‫‪344‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪ (12‬إذا لبس المحرم مخيطا ً أو غطى رأسه أو‬
‫تطيب ناسيا ً أو جاهل ً فل فدية عليه‪.‬‬
‫)‪ (13‬يقطع الحاج التلبية إذا وصل إلى الكعبة قبل‬
‫أن يشرع في الطواف إن كان متمتعا ً أو معتمرًا‪.‬‬
‫)‪ (14‬ل يشرع الرمل والضطباع إل في طواف‬
‫القدوم فقط وفي الشواط الثلثة الولى‪ .‬وللرجال‬
‫‪#‬‬‫فقط دون النساء‪.‬‬
‫‪345‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪ (15‬إذا شك الحاج هل طاف ثلثة أشواط أو‬
‫أربعة جعلها ثلثة وهكذا في السعي‪.‬‬
‫ل بأس بالطواف من وراء زمزم‬ ‫)‪(16‬‬
‫والمقام عند الزحام والمسجد كله محل للطواف‪.‬‬
‫)‪ (17‬من المنكرات طواف المرأة بالزينة‬
‫والروائح الطيبة وعدم التستر‪.‬‬
‫)‪ (18‬إذا حاضت المرأة أو نفست بعد إحرامها ل‬
‫يصح لها الطواف بالبيت حتى تطهر‪.‬‬
‫)‪ (19‬يجوز للمرأة أن تحرم فيما شاءت من‬
‫الثياب مع الحذر من التشبه بالرجال في لباسهم‪.‬‬
‫)‪ (20‬التلفظ بالنية في غير الحج والعمرة – من‬
‫العبادات الخرى – بدعة مستحدثة والجهر بها أقبح‪.‬‬
‫)‪ (21‬يحرم على الحاج أن يتجاوز المواقيت بدون‬
‫إحرام – إذا كان قاصدا ً الحج أو العمرة‪.‬‬
‫)‪ (22‬الحاج القادم عن طريق الجو يحرم إذا‬
‫حاذى الميقات ويشرع له التأهب للحرام قبل ركوب‬
‫الطائرة‪.‬‬
‫)‪ (23‬من كان سكنه دون المواقيت‪ .‬فليس عليه‬
‫أن يذهب إلى شيء منها‪ .‬بل سكنه هو ميقاته‬
‫للحرام بالحج‪.‬‬
‫)‪ (24‬ما يفعله بعض الناس من الكثار من العمرة‬
‫بعد الحج من التنعيم أو الجعرانه ل دليل على‬
‫شرعيته‪.‬‬
‫)‪ (25‬الحاج في يوم التروية يحرم من محل‬
‫إقامته بمكة ول يلزمه الحرام من الكعبة أو من عند‬
‫الميزاب كما يفعله الكثير‪.‬‬
‫)‪ (26‬التوجه من منى إلى عرفة في اليوم التاسع‬
‫‪346‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يكون بعد طلوع الشمس‪.‬‬
‫)‪ (27‬ل يجوز النصراف من عرفه قبل غروب‬
‫الشمس‪ .‬وإذا انصرف الحاج بعد الغروب فبسكينة‬
‫ووقار‪.‬‬
‫)‪ (28‬صلة المغرب والعشاء تؤدى بعد الوصول‬
‫إلى مزدلفة سواء كان في وقت المغرب أو بعد‬
‫دخول وقت العشاء‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪347‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪ (29‬يجوز لقط حصى الرمي من أي موضع كان‬
‫ول يتعين لقطه من مزدلفة‪.‬‬
‫)‪ (30‬ل يستحب غسل حصى الرمي لن ذلك لم‬
‫ينقل فعله عن الرسول ول‪ .‬أصحابه ول يرمي بحصى‬
‫قد رمي به‪.‬‬
‫)‪ (31‬يجوز للضعفاء من النساء والصبيان ونحوهم‬
‫أن يدفعوا إلى منى في آخر الليل‪.‬‬
‫)‪ (32‬إذا وصل الحاج إلى منى يوم العيد قطع‬
‫التلبية ورمى جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات‪.‬‬
‫)‪ (33‬ل يشترط بقاء الحصى في المرمى وإنما‬
‫المشترط وقوعه فيه‪.‬‬
‫يمتد وقت الذبح إلى غروب شمس‬ ‫)‪(34‬‬
‫اليوم الثالث من أيام التشريق في أصح أقوال أهل‬
‫العلم‪.‬‬
‫طواف الفاضة أو الزيارة يوم‬ ‫)‪(35‬‬
‫العيد ركن من أركان الحج ل يتم إل به‪ .‬ويجوز‬
‫تأخيره إلى ما بعد أيام منى‪.‬‬
‫)‪ (36‬القارن بين الحج والعمرة ليس عليه إل‬
‫سعي واحد وكذلك من أفرد بالحج وبقى على‬
‫إحرامه إلى يوم النحر‪.‬‬
‫الفضل للحاج ترتيب أعمال يوم‬ ‫)‪(37‬‬
‫النحر فيبدأ برمي جمرة العقبة ثم النحر ثم الحلق أو‬
‫التقصير ثم الطواف بالبيت ثم السعي بعده‪ .‬فإن‬
‫قدم أو أخر أجزأه ذلك‪.‬‬
‫المور التي يحصل بها التحلل‬ ‫)‪(38‬‬
‫التام‪:‬‬
‫)أ( رمي جمرة العقبة‪.‬‬
‫)ب( الحلق أو التقصير‪.‬‬
‫)ج( طواف الفاضة مع السعي‪.‬‬
‫‪348‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إذا أراد الحاج أن يتعجل من منى‬ ‫)‪(39‬‬
‫لزمه أن يخرج منها قبل غروب الشمس‬
‫الصبي العاجز عن الرمي يرمي‬ ‫)‪(40‬‬
‫عنه وليه بعد أن يرمي عن نفسه‪.‬‬
‫يجوز للعاجز عن الرمي لمرض أو‬ ‫)‪(41‬‬
‫كبر سن أو حمل أن يوكل من يرمي عنه‬
‫)‪ (42‬يجوز للنائب أن يرمي عن نفسه ثم عن‬
‫مستنيبه كل جمرة من الجمار الثلث وهو في موقف‬
‫‪#‬‬ ‫واحد‪.‬‬
‫)‪ (43‬يجب على الحاج إذا كان متمتعا ً أو قارنا ً –‬
‫ولم يكن من حاضري المسجد الحرام – دم‪ -‬وهو‬
‫شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة‪.‬‬
‫إذا عجز المتمتع أو القارن عن‬ ‫)‪(44‬‬
‫الهدي وجب عليه أن يصوم ثلثة أيام في الحج‬
‫وسبعة إذا رجع إلى أهله‪.‬‬
‫)‪ (45‬الفضل للحاج أن يقدم صوم اليام الثلثة‬
‫على يوم عرفة ليكون في عرفة مفطرا ً وإل صام‬
‫أيام التشريق‪.‬‬
‫يجوز صوم الثلثة أيام المذكورة‬ ‫)‪(46‬‬
‫متتابعة ومتفرقة وكذا صوم السبعة أيام‪.‬‬
‫يجب طواف الوداع على كل حاج‬ ‫)‪(47‬‬
‫إل الحائض والنفساء‪.‬‬
‫)‪ (48‬تسن زيارة مسجد الرسول ‪ ‬سواء قبل‬
‫الحج أو بعده‪.‬‬
‫)‪ (49‬يسن لزائر المسجد النبوي أن يبدأ بركعتين‬
‫تحية للمسجد في أي مكان منه والفضل أن يؤديها‬
‫في الروضة الشريفة‪.‬‬
‫)‪ (50‬زيارة قبر الرسول ‪ ‬وغيره من المقابر‬
‫تشرع للرجال فقط دون النساء‪.‬‬
‫التمسح بالحجرة الشريفة وتقبيلها‬ ‫)‪(51‬‬
‫‪349‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أو الطواف بها بدعة منكرة لم تنقل عن السلف‬
‫الصالح‪.‬‬
‫)‪ (52‬ل يجوز لحد أن يسأل الرسول ‪ ‬قضاء‬
‫حاجه أو تفريج كربة فذلك شرك‪.‬‬
‫حياة الرسول في قبره برزخية‬ ‫)‪(53‬‬
‫وليست من جنس حياته قبل الموت وإنما هي حياة‬
‫يعلمها الله‪.‬‬
‫ما يفعله بعض الزوار من تحري‬ ‫)‪(54‬‬
‫الدعاء عند قبر الرسول مستقبل ً القبر رافعا ً يديه‬
‫من البدع المستحدثة‪.‬‬
‫)‪ (55‬ليست زيارة قبر الرسول واجبة شرطا ً في‬
‫الحج كما يظنه بعض العامة‪.‬‬
‫)‪ (56‬الحاديث التي يحتج بها من يقول بشرعية‬
‫شد الرحال إلى قبر الرسول إما ضعيفة السانيد أو‬
‫موضوعة)‪.(1‬‬
‫)من مجلة التوعية السلمية في الحج لعام‬
‫‪1399‬هي(‬

‫)( أنظر شرح وتفصيل هذه الحكام في منسك الشييخ عبيد العزييز بين‬ ‫‪1‬‬

‫عبد الله بن باز (‬


‫‪350‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)*(‬
‫التوبة وآثار الحج‬

‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على‬


‫أشرف النبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحابته أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فقد عاد الحجاج إلى أوطانهم بعد أن‬
‫أدوا فريضة الحج ورفعوا أكف الضراعة بين يدي الله‬
‫سبحانه وتعالى في عرفات حين يباهي بهم ملئكته‬
‫وفي بيته الحرام وفي جميع تلك البقاع المباركة وقد‬
‫يكون الكثير منهم عاهد الله على الستقامة والتقوى‬
‫وكمال العبودية والتضرع له سبحانه والكفر بأصنام‬
‫الهواء والشهوات والتقاليد وهو يردد بخشوع لبيك‬
‫اللهم لبيك ل شريك لك لبيك أن الحمد والنعمة لك‬
‫والملك ل شريك لك‪.‬‬
‫ويرمي الجمرات إعلنا للحرب على الشيطان‬
‫في بقية حياته ومعلنا كمال النقياد في طوافه‬
‫وسعيه ونحره‪.‬‬
‫أما غير الحجاج فقد مروا بتلك اليام الفاضلة‬
‫العظيمة التي يكون العمل الصالح فيها أفضل من‬
‫الجهاد في سبيل الله فعمل بعضهم فصلى وقرأ‬
‫وصام‪ ،‬وتخاذل البعض وتكاسل ففاتتهم تلك اليام‬
‫المباركة وقعدوا في ذلة وحسرة وندامة إن كانت‬
‫في قلوبهم حياة‪.‬‬
‫وبعد فكيف هي الحال الن هل تغير السلوك‬
‫‪351‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فنظر العباد في حياتهم نظرة جديدة على ضوء‬
‫شريعة الله فغيروا سيئها إلى الحسن وامتدت‬
‫عبوديتهم وخضوعهم من تلك المواقف العظيمة إلى‬
‫حياتهم فغيرتها وبدلتها كما يحب ربهم ويرضى أم‬
‫أنها سحابة صيف مرت مسرعة ثم عفت آثارها‬
‫واندثرت‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬في الحديث عن رسول الله ‪‬‬
‫)‪ (1‬النادم ينتظر الرحمة‬
‫‪#‬‬

‫والمعجب ينتظر المقت واعلموا عباد الله أن كل‬


‫عامل يقدم على عمله ول يخرج من الدنيا حتى يرى‬
‫حسن عمله وسوء عمله وإنما العمال بخواتيمها‬
‫والليل والنهار مطيتان فأحسنوا السير عليهما إلى‬
‫الخرة واحذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة ول‬
‫يغترن أحدكم بحلم الله عز وجل فإن الجنة والنار‬
‫أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ثم تل رسول الله‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫و َ‬
‫خي ًْرا ي ََرهُ * َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬
‫ة َ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬‫ل ِ‬‫م ْ‬‫ع َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬‫ف َ‬ ‫‪َ  ‬‬
‫ه ‪ (2)‬ماذا تغير في‬ ‫شّرا ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬‫ل ذَّر ٍ‬‫قا َ‬‫مث ْ َ‬
‫ل ِ‬ ‫م ْ‬
‫ع َ‬
‫يَ ْ‬
‫حياتنا بعده هذه اليام المباركة إن من علمة قبول‬
‫الحسنة الحسنة بعدها ومن علمة ردها السيئة‬
‫بعدها‪.‬‬
‫مواسم الخير يا إخوة السلم ليست تغيرا مؤقتا‬
‫في حياة النسان ولكنها انقلب كامل من حياة اللهو‬
‫والغفلة والتقصير إلى حياة النقياد والعبودية الكاملة‬

‫‪ () 1‬رواه الطبري في المعجم الصغير ‪ 1/189‬وأبو نعيييم فييي ذكيير أخبييار‬


‫أصبهان ‪ 1/355‬كلهما من رواية ابن عبيياس رضييي اللييه عنهمييا وأورده‬
‫الهيثمي في مجمع الزوائد ‪ 10/199‬وقال فيه مطييرف بيين مييازن وهييو‬
‫ضعيف ورواه ابن عدي في الكامل وقال وهذا بهذا السناد منكر‪.‬‬
‫)*( بقلم حمد بن عبد العزيز الناصر كتبها بمناسبة الرجوع من الحج‪.‬‬
‫‪ () 2‬سورة الزلزلة آية ‪.8-7‬‬
‫‪352‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لله وحدة في كل صغيرة وكبيرة وهذا هو الحج‬
‫المبرور الذي ليس له جزاء إل الجنة وهو الذي يخرج‬
‫منه النسان نقيا ً طاهرا ً من الذنوب كما ولدته أمه‪..‬‬
‫أما الذين يفهمون مواسم الخير والتطهر على أنها‬
‫محطات يتخفف فيها النسان من أحماله وذنوبه‬
‫ليعود فيحمل غيرها فهم مخطئون في فهمهم‬
‫للسلم فالتوبة إقلع عن الذنب وندم على فعله‬
‫وعزم على الستقامة‪ ،‬وأما غير هذا فهو خداع‬
‫ب‬‫ن َتا َ‬‫م ْ‬ ‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬
‫غ ّ‬ ‫للنفس فالله تعالى يقول ‪َ ‬‬
‫دى ‪ ‬وكثيرا ً ما‬ ‫َ‬
‫حا ث ُ ّ‬
‫(‬‫‪1‬‬ ‫)‬
‫هت َ َ‬
‫ما ْ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫م َ‬
‫ل َ‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬
‫م َ‬
‫وآ َ‬‫َ‬
‫يعيش كثير من الناس ضحايا لخداع أنفسهم وأحابيل‬
‫شياطينهم حتى يأتيهم الموت وهم على ذلك والعياذ‬
‫بالله‪ ،‬يا حجاج بيت الله الحرام يا من رفعتم التلبية‬
‫والستجابة لنداء الله فقلتم لبيك اللهم لبيك هاهو‬
‫سبحانه يناديكم بالستقامة على دينه فأجيبوه ‪َ‬يا‬
‫ول ْت َن ْظُْر ن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬‫ف ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬
‫ما‬
‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬‫د َ‬ ‫غ ٍ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قدّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫ن ‪َ ‬يا أي ّ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ق‬
‫ح ّ‬
‫ه َ‬‫قوا الل َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ِ‬ ‫ملو َ‬ ‫ع َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن ‪َ (3) ‬يا‬ ‫قات ِه وَل ت َموت ُن إّل َ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫تُ َ ِ َ‬
‫وَراب ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طوا‬ ‫صاب ُِروا َ‬ ‫و َ‬ ‫صب ُِروا َ‬ ‫مُنوا ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬
‫ن ‪ (4)‬اصبروا على البلء‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫ه لَ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬

‫عند ثباتكم على هذا الدين اصبروا على أذى العيال‬


‫وأذى المجتمع‬ ‫‪#‬‬

‫طه آية ‪.82‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الحشر آية ‪.18‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫آل عمران آية ‪.102‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫آل عمران آية ‪.200‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪353‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأذى النفس‪.‬‬
‫أيها المسلمون‪ :‬كما لبيتم نداء الله للحج فلبوا‬
‫نداءه في حياتكم كلها وقولوا في كل صغيرة وكبيرة‬
‫من حياتكم لبيك اللهم لبيك‪ ،‬ول تحتجوا بالمجتمع‬
‫والدولة أو بكثرة الناس فأنتم مطالبون بكتاب الله‬
‫وسنة رسوله ‪ ‬أما الفراد والهيئات فل تؤمن‬
‫عليهم الفتنة ول تكونوا من الذين قال الله فيهم ‪‬‬
‫وّلى‬ ‫قوُلون آمّنا بالل ّه وبالرسول َ‬
‫م ي َت َ َ‬ ‫عَنا ث ُ ّ‬ ‫وأ ط َ ْ‬ ‫ِ َ ِ ّ ُ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫وي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫مِنين‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِبال ْ ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ك َ‬ ‫د ذَل ِ َ‬ ‫ع ِ‬
‫من ب َ ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫م إِ َ‬
‫ذا‬ ‫ه ْ‬ ‫م ب َي ْن َ ُ‬ ‫حك ُ َ‬ ‫ه ل ِي َ ْ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫ذا دُ ُ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ق ي َأ ُْتوا‬ ‫ح ّ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫كن ل ّ ُ‬ ‫وِإن ي َ ُ‬ ‫ضون َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ري ٌ‬ ‫ف ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫في ُ ُ‬ ‫عِنين أ َ ِ‬
‫م‬
‫ض أم ِ اْرَتاُبوا أ ْ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫هم ّ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫مذْ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫إ ِل َي ْ ِ‬
‫ل‬‫ه بَ ْ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ف الل ّ ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ن َأن ي َ ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خا ُ‬ ‫يَ َ‬
‫مون ‪ (1)‬فوصف سبحانه‬ ‫م ال ّ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ظال ِ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫أ ْ‬
‫المعرضين عن أمره ونهيه بعدم اليمان ووصفهم‬
‫بأخذ ما يوافق أهواءهم من الشريعة وترك ما‬
‫يخالفها ولكن كونوا أيها الخوة في الله كما قال‬
‫عوا إ َِلى‬ ‫ن إِ َ‬
‫ذا دُ ُ‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫كا َ‬ ‫تعالى ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫ما َ‬
‫عَنا‬
‫م ْ‬
‫س ِ‬ ‫قوُلوا َ‬ ‫م َأن ي َ ُ‬ ‫ه ْ‬‫م ب َي ْن َ ُ‬‫حك ُ َ‬‫ه ل ِي َ ْ‬‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫وأ َطَعَنا ُ‬
‫ه‬‫ع الل ّ َ‬‫من ي ُطِ ِ‬‫و َ‬ ‫حون َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫ول َئ ِ َ‬ ‫وأ ْ‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫م‬
‫ه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫فأ ْ‬‫ه َ‬‫ق ِ‬ ‫وي َت ّ ْ‬‫ه َ‬ ‫ش الل ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫وي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫فائ ُِزون ‪ ‬فلنتق الله يا عباد الله ولنجب نداء‬ ‫)‪(2‬‬
‫ال ْ َ‬
‫الله تعالى كما أجبناه في الحج وفي غيره فالله‬
‫ينادينا في كتابه وعلى لسان رسوله ‪ ‬بالستقامة‬
‫)( سورة النور آية ‪.50-47‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.52-51‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪354‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫على دينه‪.‬‬
‫نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقا‬
‫ويرزقنا اتباعه والباطل باطل ويرزقنا اجتنابه وأن‬
‫يعيننا على أنفسنا المارة بالسوء وأن يجعل خير‬
‫أعمارنا آخرها وخير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم‬
‫نلقاه‪ ..‬إنه ولي ذلك والقادر عليه والله الموفق‬
‫والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله وسلم على‬
‫)*(‬
‫نبينا محمد‪،،،‬‬
‫)نصيحة في المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر(‬
‫من عبد الله بن محمد بن حميد إلى كافة إخواننا‬
‫المسلمين وفقني الله وإياهم للعمل بما يرضيه‬
‫‪#‬‬‫وجنبنا أسباب سخطه ومناهيه آمين‪ ..‬سلم عليكم‬
‫ورحمة الله وبركاته وبعد‪:‬‬
‫فل يخفى ما أصيب به السلم والمسلمون من‬
‫الشرور والفتن والدواهي والمحن وأن السلم قد‬
‫أدبر وآذن بالوداع‪ ،‬والنفاق قد أشرف وأقبل باطلع‬
‫والسلم بدأ يرتحل من عقر داره لتقصير أهله إذ لم‬
‫يشرحوا للناس محاسنه وفضائله وحكمه وأسراره‬
‫ولم يقوموا بالدعوة إليه بغرس محبته في القلوب‬
‫بذكر ما تقدم فإن اليات القرآنية الدالة على الدعوة‬
‫أكثر من آيات الصوم والحج اللذين هما ركنان من‬
‫أركان السلم الخمسة‪ ،‬والجتماع المأمور به في‬
‫)‪(1‬‬
‫ميًعا ‪‬‬
‫ج ِ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫حب ْ ِ‬
‫موا ب ِ َ‬
‫ص ُ‬
‫عت َ ِ‬ ‫قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫وا ْ‬
‫تهدمت مبانيه والئتلف والتعاون ذهب وذهبت معانية‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.103‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪355‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فل حول ول قوة إل بالله نرى المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر الذي هو ركن من أركان السلم‬
‫في قول طائفة من العلماء ضعف جانبه وكثر في‬
‫الناس مجانبه وتنوعت مقاصد الخلق وتباينت آراؤهم‬
‫فالمنكر للمنكر في هذه الزمنة يقول الناس فيه ما‬
‫أكثر فضوله وما أسفه رأيه وربما غمزوه بنقص في‬
‫عقله‪ ،‬ومن سكت وأخلد قيل‪ :‬ما أحسن عقله وما‬
‫أقوى رأيه في معاشرته للناس ومخالطته لهم‪ ،‬فإن‬
‫الله قد جعل المر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫فرقا بين المؤمنين والمنافقين‪ ،‬فأخص أوصاف‬
‫المؤمنين المميزة لهم عن غيرهم هو المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر ورأس المر بالمعروف‬
‫الدعوة إلى السلم وإرشاد الناس إلى ما خلقوا له‬
‫وتبصيرهم بما دل عليه كتاب ربهم وسنة نبيهم‬
‫وتحذيرهم من مخالفة ذلك قال المام الغزالي في‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫ض ُ‬
‫ع ُ‬
‫ت بَ ْ‬
‫مَنا ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ِ‬
‫ن َ‬
‫و َ‬
‫ه ْ‬
‫وي َن ْ َ‬
‫ف َ‬
‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫مُرو َ‬
‫ض ي َأ ُ‬
‫ع ٍ‬ ‫ول َِياءُ ب َ ْ‬‫أ ْ‬
‫ر ‪. (1)‬‬ ‫ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬
‫وصف الله المؤمنين بأنهم يأمرون بالمعروف‬
‫وينهون عن المنكر والذي هجر المر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر خارج عن هؤلء المؤمنين‪.‬‬
‫ما ذُك ُّروا ب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫سوا َ‬ ‫فل َ ّ‬
‫ما ن َ ُ‬ ‫في قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫َ‬
‫سوِء ‪ (2)‬ما يدل على‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬
‫و َ‬
‫ه ْ‬
‫ن ي َن ْ َ‬ ‫جي َْنا ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫أن ْ َ‬
‫أن الناجي هو الذي ينهى عن السوء‬
‫دون الواقع فيه المداهن عليه‪ :‬والمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر هو الساس العظم للدين والمهم‬

‫)( سورة التوبة آية ‪ (*).71‬عن مجلة الدعوة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة العراف آية ‪.165‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪356‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الذي بعث الله لجله النبيين ولو أهمل‬
‫‪#‬‬

‫لضمحلت الديانة وفشت الضللة وعم الفساد‬


‫وهلك العباد فإن النهي عن المنكر حفاظ الدين‬
‫وسياج الداب والكمالت فإذا أهمل أو تساهل فيه‬
‫تجرأ الفساق على إظهار الفسوق والفجور بل‬
‫مبالت ول خجل ومتى صار العامة يرون المنكرات‬
‫بأعينهم ويسمعونها بآذانهم تزول وحشتها وقبحها من‬
‫نفوسهم ثم يتجرأ الكثيرون أو الكثر على ارتكابها‬
‫ولكن يا للسف استولت على القلوب مداهنة الخلق‬
‫وانمحت عنها مراقبة الخالق حيث اندرس من هذا‬
‫الباب عمله وعلمه وانمحى معظمه ورسمه‬
‫واسترسل الناس في اتباع الهواء والشهوات‪ ،‬ول‬
‫شك أن المر بالمعروف والنهي عن المنكر حفظ‬
‫للشريعة وحماية لحكامها تدل عليه بعد إجماع المة‬
‫عليه وإرشاد العقول السليمة إليه اليات القرآنية‬
‫واءً‬‫س َ‬
‫سوا َ‬ ‫والحاديث النبوية مثل قوله تعالى‪ :‬ل َي ْ ُ‬
‫ه آ ََناءَ‬ ‫ُ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫ت الل ّ ِ‬ ‫ن آ ََيا ِ‬ ‫ة ي َت ُْلو َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ة َ‬
‫قائ ِ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫بأ ّ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫وم ِ‬‫وال ْي َ ْ‬‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ن * يُ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬
‫س ُ‬‫م يَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ل َ‬ ‫الل ّي ْ ِ‬
‫ْ‬ ‫اْل َ ِ‬
‫ر‬‫من ْك َ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬‫ه ْ‬‫وي َن ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫وي َأ ُ‬ ‫ر َ‬ ‫خ ِ‬
‫ن‬
‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫وُأول َئ ِ َ‬‫ت َ‬ ‫خي َْرا ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ر ُ‬‫سا ِ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫َ‬
‫‪ (1)‬فدلت الية الكريمة على عدم صلحهم بمجرد‬
‫اليمان بالله واليوم الخر حيث لم يشهد لهم بذلك‬
‫إل بعد أن أضاف إليه المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر فقد ذم سبحانه وتعالى من لم يأمر‬
‫ن‬ ‫بالمعروف وينه عن المنكر قال تعالى‪ :‬ل ُ ِ‬
‫ع َ‬
‫ن‬ ‫عَلى ل ِ َ‬
‫سا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ن ب َِني إ ِ ْ‬ ‫م ْ‬
‫فُروا ِ‬‫ن كَ َ‬‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫و َ‬
‫كاُنوا‬ ‫وا َ‬
‫ص ْ‬‫ع َ‬
‫ما َ‬‫ك بِ َ‬‫م ذَل ِ َ‬‫مْري َ َ‬
‫ن َ‬
‫سى اب ْ ِ‬ ‫عي َ‬
‫و ِ‬ ‫وودَ َ‬‫دا ُ‬ ‫َ‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.114 -113‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪357‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عُلو ُ‬
‫ه‬ ‫من ْك َ ٍ‬
‫ر َ‬
‫ف َ‬ ‫ن ُ‬
‫ع ْ‬
‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫كاُنوا َل ي َت ََنا َ‬
‫ه ْ‬ ‫ن* َ‬ ‫دو َ‬
‫عت َ ُ‬
‫يَ ْ‬
‫ن‪. ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫عُلو َ‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫س َ‬‫ل َب ِئ ْ َ‬
‫وهذا غاية التشديد ونهاية التهديد فبين سبحانه‬
‫وتعالى أن السبب للعنهم هو ترك التناهي عن‬
‫المنكر وبين أن ذلك عصياًنا منهم واعتداء وأن ذلك‬
‫بئس الفعل ول شك أن من رأى أخاه على منكر ولم‬
‫ينهه عنه فقد أعانه عليه‬
‫بالتخلية بينه وبين ذلك المنكر وهو عدم الجد في‬
‫ابتعاد أخيه عن ارتكابه قال ابن عباس رضي الله‬
‫عنه لعنوا في كل لسان لعنوا على عهد موسى في‬
‫التوراة ولعنوا على عهد داوود في الزبور ولعنوا على‬
‫عهد عيسى في النجيل ولعنوا‬
‫وَل‬
‫على عهد نبيكم محمد ‪ ‬في القرآن ‪‬ل َ ْ‬
‫م‬‫ه ُ‬
‫‪#‬‬
‫ها ُ‬‫ي َن ْ َ‬
‫قول ِهم اْلث ْم َ‬
‫م‬ ‫وأك ْل ِ ِ‬
‫ه ُ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ن َ ْ ِ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫واْل َ ْ‬
‫حَباُر َ‬ ‫ن َ‬ ‫الّرّبان ِّيو َ‬
‫ن ‪ (2)‬قال‬‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ت ل َب ِئ ْ َ‬
‫ح َ‬ ‫س ْ‬
‫ال ّ‬
‫القرطبي وبخ سبحانه وتعالى علماءهم في تركهم‬
‫ن ‪ ‬كما وبخ‬ ‫عو َ‬‫صن َ ُ‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫نهيهم فقال ‪‬ل َب ِئ ْ َ‬
‫س َ‬
‫ما َ‬
‫كاُنوا‬ ‫س َ‬ ‫من سارع في الثم بقوله ‪‬ل َب ِئ ْ َ‬
‫ن ‪ ‬قال ودلت الية على أن تارك النهي عن‬ ‫مُلو َ‬
‫ع َ‬
‫يَ ْ‬
‫المنكر كمرتكب المنكر فإن المة في عهد استقامتها‬
‫وتمسكها بالسنن ل تطيق أن ترى بين أظهرها عاصًيا‬
‫ول معصية فإذا رأت شيًئا من ذلك ثارت ثورة السد‬
‫ول تهدأ إل إذا أذاقت المجرم ما يليق به وما يستحق‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.79-78‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪358‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫على قدر جريمته تفعل ذلك غيرة على دينها وطلًبا‬
‫لمرضاة ربها فالمجرمون إذا رأوا ذلك كفوا إجرامهم‬
‫وبالغوا في التستر إذا أرادوا تلويث أنفسهم بما‬
‫يرتكبون‪ ،‬فإذا لم تستقم المة ولم تراع سنن دينها‬
‫ما كلًيا في نفوسها إذ‬‫ضعفت غيرتها أو انعدمت انعدا ً‬
‫لو شاهدت ما شاهدت من المعاصي إما أن يتحرك‬
‫بعض أفرادها حركة ضعيفة ل يخاف معها العاصي ول‬
‫ينزجر عن معصيته أو أن الجميع يتفقون على‬
‫الغماض عن ذلك العاصي فيفعل ما يشاء بدون‬
‫خوف ول خجل إًذا يرفع ذووا الجرام رؤوسهم غير‬
‫هيايين ول خجلين من أحد ولقد وصلنا إلى حد ماتت‬
‫فيه الغيرة الدينية عند كل أحد حتى من يرجى ويظن‬
‫أنهم حماة السلم وأبطال الدين مما جعل العصاة‬
‫يمرحون في ميادين شهواتهم ويفتخرون بعصيانهم‬
‫بدون حسيب ول رقيب ولو شئت لقلت ول أخشى‬
‫ما نحن في زمن عل فيه واعتز أرباب الرذائل‬ ‫لئ ً‬
‫وأصبحت الدولة لهم وأهل الفضيلة المتمسكون‬
‫بأهداب دينهم وعندما ينكرون على المجرمين‬
‫إجرامهم يكونون كالمضغة في الفواه البذيئة ترميهم‬
‫بكل نقيصة وأقل ما يقولون أنهم متأخرون جامدون‬
‫من بقايا قرون الهمجية يبتسمون ويقهقون ويغمزون‬
‫بالحواجب والعيون ويخرجون ألسنتهم سخرية‬
‫واستهزاء بهم ويضحكون من عقولهم لما راجت‬
‫الرذيلة في هذا العصر هذا الرواج وما درى هؤلء‬
‫المرذولون أنهم في غاية من السقوط والهمجية‬
‫التي ليست دونها همجية لفساد عقولهم وبعدهم عن‬
‫معرفة أوامر دينهم وناهيك لو قام كل منا بما عليه‬
‫‪359‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من الدعوة إلى السلم والمر بالمعروف‬
‫‪#‬‬ ‫والنهي عن المنكر وإرشاد الناس وعظتهم وتذكيرهم‬
‫إلى ما فيه صلحهم واستقامتهم لستقر الخير‬
‫والمعروف فينا وامتنع فشو الشر والمنكر بيننا ‪‬‬
‫ة‬
‫ص ً‬
‫خا ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ن ظَل َ ُ‬
‫موا ِ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ة َل ت ُ ِ‬
‫صيب َ ّ‬ ‫فت ْن َ ً‬ ‫وات ّ ُ‬
‫قوا ِ‬ ‫َ‬
‫‪ (1)‬وقد صرح العلماء رحمة الله عليهم بأنه يجب‬
‫على المام أن يولي هذا المنصب الجليل والمر‬
‫الهام الذي هو في الحقيقة مقام الرسل المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر محتسًبا يأمر بذلك‬
‫ويكون ذا رأي وصرامة وقوة في الدين وعلم‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ول ْت َك ُ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫بالمنكرات الظاهرة كما قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ف‬
‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ِبال ْ َ‬
‫مُرو َ‬‫وي َأ ُ‬‫ر َ‬ ‫ن إ َِلى ال ْ َ‬
‫خي ْ ِ‬ ‫عو َ‬
‫ة ي َدْ ُ‬‫م ٌ‬ ‫أ ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫ن‪‬‬‫حو َ‬
‫فل ِ ُ‬‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬‫ه ُ‬ ‫وُأول َئ ِ َ‬
‫ك ُ‬ ‫ر َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬ ‫ع ِ‬‫ن َ‬‫و َ‬
‫ه ْ‬ ‫وي َن ْ َ‬‫َ‬
‫دلت الية الكريمة على أنه يجب على المسلمين أن‬
‫تقوم منهم طائفة بوظيفة الدعوة إلى الخير وتوجيه‬
‫الناس وعظتهم وتذكيرهم إلى ما فيه صلحهم‬
‫واستقامة دينهم بأن يكونوا على المنهج القويم‬
‫والصراط المستقيم والمخاطب بهذا كافة المسلمين‬
‫فهم المكلفون ل سيما المام العظم بأن يختاروا‬
‫طائفة منهم تقوم بهذه الفريضة الهامة التي هي أحد‬
‫أركان السلم في قول طوائف من العلماء‪ ،‬قفانبك‬
‫على رسوم علوم الدين وإسلم بدأ يرتحل من بلده‬
‫ولكن يا للسف على منام القلوب وقيام اللسنة‬
‫بالقول والتأوه على السلم بما ل حقيقة له لقد‬
‫انطمس المعنى وذهب اللب وما بقي إل قشور‬

‫)( سورة النفال آية ‪.25‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.104‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪360‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ورسوم واكتفى الكثيرون من السلم بمجرد‬
‫النتساب إليه بدون أن يعملوا به ويقوموا بالدعوة‬
‫إليه تحذيًرا أو إنذار أو أمًرا ونهًيا وتبصيًرا للناس‬
‫بدينهم بذكر فضله وعظمته وإيضاح أسراره وحكمه‬
‫وغرس العقيدة الحقة في قلوبهم فهذا واجب‬
‫المسلمين بعضهم لبعض كل على قدر استطاعته‬
‫ومقدرته‪ .‬هذا وأسأل الله أن يوفق المسلمين وولة‬
‫أمورهم لما فيه صلحهم وصلح دينهم وأن يجمع‬
‫كلمتهم على الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه‪ .‬وصلى‬
‫الله على محمد‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪361‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)من مفاسد السكوت عن المنكر(‬

‫للسكوت عن إنكار المنكر مفاسد منها‪:‬‬


‫أن مجرد السكوت معصية وإن لم‬ ‫‪-1‬‬
‫يباشرها الساكت فإنه كما يجب اجتناب المعصية‬
‫فإنه يجب النكار على من فعل المعصية‬
‫إنه يدل على التهاون بالمعاصي وقلة‬ ‫‪-2‬‬
‫الكتراث بها‪.‬‬
‫أن ذلك يجريء العصاة والفسقة على‬ ‫‪-3‬‬
‫الكثار من المعاصي إذا لم يردعوا عنها فيزداد الشر‬
‫وتعظم المصيبة الدينية والدنيوية ويكون لهم الشوكة‬
‫والظهور ثم بعد ذلك يضعف أهل الخير عن مقاومة‬
‫أهل الشر حتى ل يقدرون على ما كانوا يقدرون‬
‫عليه أول‪.‬‬
‫أنه بترك النكار للمنكر يندرس العلم‬ ‫‪-4‬‬
‫ويكثر الجهل فإن المعصية مع تكرارها وصدورها من‬
‫كثير من الشخاص وعدم انكار أهل الدين والعلم لها‬
‫يظن أنها ليست بمعصية وربما ظن الجاهل أنها‬
‫عبادة مستحسنة‪ .‬وأي مفسدة أعظم من اعتقاد ما‬
‫حرم الله حلل وانقلب الحقائق على النفوس ورؤية‬
‫الباطل حقا‪.‬‬
‫أن بالسكوت على معصية العاصين ربما‬ ‫‪-5‬‬
‫تزينت المعصية في صدور الناس واقتدى بعضهم‬
‫ببعض فإن النسان مولع بالقتداء بأحزابه وبني‬
‫‪362‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جنسه)‪.(1‬‬
‫في ترك إنكار المنكر تعرض للعنة الله‬ ‫‪-6‬‬
‫ولعنة رسوله ‪ ‬كما لعن بنوا إسرائيل لما تركوا‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪.‬‬
‫في ترك المر بالمعروف والنهي عن‬ ‫‪-7‬‬
‫المنكر تسليط العداء واختلل المن‪.‬‬
‫إن عدم إنكار المنكر دليل على ضعف‬ ‫‪-8‬‬
‫اليمان في القلب‪.‬‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر سفينة‬ ‫‪-9‬‬
‫‪#‬‬‫النجاة من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وهلك‪.‬‬

‫)( انظر تفسير ابن سعدي ج ص ‪330-329‬ط ‪.2‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪363‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إن ترك المر بالمعروف والنهي عن‬ ‫‪-10‬‬
‫المنكر من أسباب العقاب العام ومن موانع اجابة‬
‫الدعاء)‪ (1‬فاتق الله أيها المسلم وأمر بالمعروف وانه‬
‫عن المنكر واصبر على ما أصابك وليكن ذلك‬
‫بالحكمة والموعظة والحسنة والمجادلة بالتي هي‬
‫أحسن وأعلم أن الكلمة الطيبة والقدوة الحسنة لهما‬
‫أثر كبير في الستجابة والصلح والصلح والله يتولى‬
‫الصالحين وبالله التوفيق‪،،،‬‬

‫تسمع بالمعيدي خير من أن تره‬

‫هذا مثل من أمثال العرب قاله شقة بن ضمره‬


‫للنعمان وقد ازدراه حين حين رآه وكان قد أعجبه‬
‫حسن بيانه‪ ،‬وهذا المثل يضرب لمن قبح منظره‬
‫وحسن مخبره)‪ (2‬وهو ينطبق على كثير من الكتاب‬
‫المسلمين الذين يعجبك بيانهم وحسن أسلوبهم في‬
‫مقالتهم وكتاباتهم ولكنك إذا رأيتهم قد خالفوا سنة‬
‫نبيهم وحلقوا لحاهم أسفت عليهم وزهدت في‬
‫كلمهم وربما كان لدى أحدهم معاص ومخالفات‬
‫أخرى كشرب الدخان وإسبال الثياب وليس الذهب‬
‫إلى غير ذلك‪ ،‬ومن المعلوم أن النبي ‪ ‬أمر بإعفاء‬
‫اللحية ونهى عن حلقها وأمره للوجوب ونهيه‬
‫للتحريم‪ ،‬وكان الجدير بهم أن يكونوا قدوة حسنة‬
‫)( انظر رييياض الصيالحين ص ‪ 130-125‬والييترغيب والييترهيب ج ‪ 4‬ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.12 -2‬‬
‫)( انظر تهذيب مجمع المثال للميداني ص ‪.76‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪364‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫للناس في مظهرهم ومخبرهم وأقوالهم وأفعالهم‬
‫فالتعليم بالفعل أبلغ من التعليم بالقول ومخالفتهم‬
‫للسنة تجعل الناس يعرضون عن كلمهم لن فاقد‬
‫الشيء ل يعطيه فيصبح الداعية الذي لم يلتزم‬
‫بتطبيق السنة يناقض نفسه بنفسه والناس ل‬
‫ينتفعون به ول يتأثرون بكلمه وقد قال الله تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َل ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫م تَ ُ‬ ‫مُنوا ل ِ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫عن ْد الل ّ َ‬
‫ن‪‬‬ ‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َل ت َ ْ‬ ‫قوُلوا َ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫قًتا ِ َ‬ ‫م ْ‬‫* ك َب َُر َ‬
‫َ ْ‬
‫ن‬‫مُرو َ‬ ‫سورة الصف آية ‪ 3-2‬وقال تعالى ‪‬أت َأ ُ‬
‫فسك ُم َ‬ ‫َ‬
‫م ت َت ُْلو َ‬
‫ن‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫ن أن ْ ُ َ ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬ ‫وت َن ْ َ‬‫س ِبال ْب ِّر َ‬ ‫الّنا َ‬
‫ن ‪ ‬سورة البقرة آية ‪ 44‬وقال‬ ‫قُلو َ‬ ‫ع ِ‬ ‫فَل ت َ ْ‬ ‫ب أَ َ‬ ‫ال ْك َِتا َ‬
‫ُ‬
‫ريدُ‬‫ما أ ِ‬ ‫و َ‬‫تعالى إخباًرا عن شعيب عليه السلم ‪َ ‬‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫‪#‬‬
‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫أُ َ‬
‫ه ‪ ‬سورة هود آية‬ ‫عن ْ ُ‬‫م َ‬ ‫هاك ُ ْ‬‫ما أن ْ َ‬ ‫م إ َِلى َ‬ ‫فك ُ ْ‬ ‫خال ِ َ‬
‫‪ 88‬وقال الشاعر‪:‬‬
‫عار عليك إذا فعلت‬ ‫ل تنه عن خلق وتأتي‬
‫كما ينطبق هذا المثل على بعض المدرسين‬
‫الذين وقعوا في معصية الله ومعصية رسوله هداهم‬
‫الله وأخذ بنواصيهم إلى الحق وجعلهم هداة مهتدين‬
‫فاتق الله أيها المسلم بامتثال أوامره واجتناب‬
‫حا بترك المعاصي‬‫نواهيه وتب إلى الله توبة نصو ً‬
‫والمخالفات والندم على ما كان منها والعزم على‬
‫عدم العودة إليها في المستقبل وكن قدوة حسنة‬
‫لغيرك بأقوالك وأفعالك لتفوز بالجر وتسلم من‬
‫الثم ولتنفع نفسك وينتفع بك غيرك وفقك الله لما‬
‫‪365‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يرضيه‪،،،‬‬
‫)من فتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز(‪:‬‬

‫)في حكم قروض الفلحين‬


‫وحكم الخيال والملبس الضيقة(‬
‫من عبد العزيز بن باز إلى حضرة الخ المكرم‬
‫فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الشثرى‬
‫وفقه الله آمين‪..‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد كتابكم‬
‫الكريم المؤرخ ‪1388 /3 /22‬هي وصل وصلكم الله‬
‫ما‪ ،‬وإليكم‬‫بهداه‪ ،‬وما تضمنه من السئلة كان معلو ً‬
‫نصها‪ ،‬وجوابها‪ ،‬والله المستعان‪:‬‬
‫‪ -1‬أوًل‪ :‬ما يأخذه الفلحون من القروض النقدية‬
‫ضمن ما يشترونه من المكائن‪ ،‬وقطع الغيار‬
‫بالتقسيط هل يكون من الربا مع العلم بأن الفلح‬
‫ضا من غير زيادة‪.‬‬‫يرد قر ً‬
‫الجواب‪ :‬ليس ذلك من الربا لن القرض الممنوع‬
‫هو الذي يشترط فيه المقرض شيًئا من الزيادة في‬
‫الكمية أو الكيفية أو يتفق مع المقترض على ذلك‪.‬‬
‫أما إذا كان القرض خالًيا من ذلك فليس من الربا‬
‫في شيء‪ ،‬ويجوز أن يرد المقترض أكثر مما أخذ‬
‫‪#‬‬ ‫وأجود مما أخذ إذا كان ذلك من غير‬
‫شرط‪ ،‬ول تواطؤ لقول النبي ‪) ‬إن خياركم‬
‫‪366‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أحسنكم قضاء()‪.(1‬‬
‫السؤال الثاني‪ :‬ما يتخذه بعض الفلحين‬ ‫‪-2‬‬
‫من الخيال كإنسان وقف لتنفير الطيور والدواب وما‬
‫يتخذه بعض البنات من اللعب هل ذلك من التصوير‬
‫المحرم؟‬
‫الجواب ليس هذا داخًل في التصوير المحرم لنه‬
‫في الحقيقة ليس بتصوير‪ ،‬وليس فيه مشابهة لخلق‬
‫الله‪ ،‬وإنما ذلك أعني الخيال خشبة تنصب ويجعل‬
‫عليها عود معترض كأنه يدان‪ ،‬ويوضع على ذلك‬
‫قطعة من الخام بيضاء أو سوداء أو غير ذلك حتى‬
‫يخيل للبهيمة من الطير والحيوان إنه إنسان‪ ،‬وهكذا‬
‫اللعب المتخذة من العظام أو الخشب أو القطن أو‬
‫نحو ذلك ليست من التصوير الذي يشابه خلق الله‬
‫بل هذا تقليد للتصوير أو بعبارة أخرى تصوير ناقص‬
‫ليس فيه التشبيه الممنوع‪ ،‬ولهذا أقر النبي ‪‬‬
‫عائشة على ذلك)‪.(2‬‬
‫أما التصوير الممنوع فهو الذي يشبه بخلق الله‬
‫في الرأس والوجه‪ ،‬وملحقات ذلك كما قال النبي ‪‬‬
‫في الحديث القدسي‪ :‬يقول الله سبحانه‪) :‬ومن‬
‫)‪(3‬‬
‫أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي( الحديث‬
‫)( رواه مسلم بلفظ فإن خياركم أحسنكم قضاء‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( قال الشيخ في الجواب المفيد في حكم التصوير قييال الييبيهقي ثبييت‬ ‫‪2‬‬

‫النهي عن اتخاذ الصور فيحمل على أن الرخصة لعائشة في ذلك كييانت‬


‫قبل التحريم وبه جزم ابن الجييوزي إلييى أن قييال فييالحوط تييرك اتخيياذ‬
‫كا عمًل بقوله صلى الله عليه وسلم دع‬ ‫اللعب المصورة لن في حلها ش ً‬
‫ما يريبك إلى ما ل يريبك رواه النسائي والترمذي وصححه‪.‬‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪367‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقوله ‪ ‬في حديث عائشة‪):‬أشد الناس عذابا يوم‬
‫القيامة الذين يضاهئون بخلق الله)‪ (1‬والله أعلم‪.‬‬
‫السؤال الثالث‪ :‬ملبس النساء المسمات‬ ‫‪-3‬‬

‫)الكرته( الضيقة الوسط ما حكمها‪ ،‬وهكذا فتح‬


‫الجيب من القفا؟‬
‫الجواب‪ :‬القرب عندي كراهة ذلك لما في‬
‫الضيق من إبداء حجم العجيزة‪ ،‬والثديين‪ ،‬ولما في‬
‫فتح الجيب من القفا من التشبه بنساء غير‬
‫المسلمين‪ ،‬ولنه يكون وسيلة إلى تعريها إذا جذبها‬
‫غيرها من قفاها من‬
‫‪#‬‬

‫الفتحة المذكورة أما التحريم ففيه نظر‪ ،‬ول تختص‬


‫الكراهة بالكرته بل جميع الملبس الضيقة مكروهة‬
‫لما في ذلك من إظهار حجم أعضاء المرأة‪،‬‬
‫ومحاسنها‪ ،‬ولما فيه من المشقة عند الخلع‪ ،‬واللبس‪،‬‬
‫والوضوء‪ .‬وبالله التوفيق‪،،،‬‬

‫)نصيحة في التحذير من المعاصي(‬

‫التي هي سبب الجدب والقحط‬

‫إلى من يراه من المسلمين‪ ،‬رزقنا الله وإياهم‬


‫قلوًبا صاغية‪ .‬وآذاًنا للحق واعيه‪ .‬آمين سلم عليكم‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪368‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ورحمة الله وبركاته‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫في ال ْب َّر‬ ‫سادُ ِ‬‫ف َ‬‫هَر ال ْ َ‬
‫قال الله تعالى‪ :‬ظَ َ‬
‫َ‬
‫س ‪ (1)‬قال ابن‬ ‫دي الّنا ِ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫ر بِ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫عباس رضي الله عنهما الفساد القحط وقلة النبات‬
‫وذهاب البركة وقال أبو العالية من عصى الله في‬
‫الرض فقد أفسد في الرض لن صلح الرض‬
‫ل‬‫ه َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫والسماء بالطاعة‪ .‬وقال تعالى‪ :‬ول َ َ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ ْ‬
‫ن‬ ‫م ب ََر َ‬ ‫حَنا َ َ‬ ‫وا ل َ َ‬ ‫وات ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫كا ٍ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫فت َ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫قَرى آ َ‬
‫ض ‪ (2)‬قال البركات المطر والنبات‬ ‫ْ َ‬
‫والْر ِ‬ ‫ء َ‬ ‫ما ِ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫موا‬ ‫قا ُ‬ ‫مأ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و أن ّ ُ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫وقال تعالى في أهل الكتاب ‪َ ‬‬
‫ز َ َ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل إ ِلي ْ ِ‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫جي َ‬ ‫واْل ِن ْ ِ‬ ‫وَراةَ َ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫َ‬
‫م ‪ (3)‬يعني‬ ‫ه ْ‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫ت أْر ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫و ِ‬‫ف ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫َل َك َُلوا ِ‬
‫وم ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫وَيا َ‬ ‫المطر والنبات وقال هود لقومه ‪َ ‬‬
‫ماءَ‬ ‫س َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ه ي ُْر ِ‬ ‫م ُتوُبوا إ ِل َي ْ ِ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫ا ْ‬
‫م ‪ (4)‬ذكر‬ ‫وت ِك ُ ْ‬ ‫ق ّ‬ ‫وةً إ َِلى ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫م ُ‬ ‫زدْك ُ ْ‬ ‫وي َ ِ‬ ‫مدَْراًرا َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫المفسرون أن قوم هود حبس الله عنهم المطر‬
‫بسبب ذنوبهم ثلث سنين فقال لهم هود إن آمنتم‬
‫أحيا الله بلدكم وزادكم عًزا على عزكم‪ .‬وقال نوح‬
‫فاًرا *‬‫‪#‬‬
‫ن َ‬
‫غ ّ‬ ‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫فُروا َرب ّك ُ ْ‬
‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫غ ِ‬ ‫لقومه ‪‬ا ْ‬
‫ست َ ْ‬
‫ددْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م ِ‬‫وي ُ ْ‬
‫مدَْراًرا * َ‬ ‫م ِ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫ماءَ َ‬‫س َ‬
‫ال ّ‬ ‫ل‬
‫س ِ‬‫ي ُْر ِ‬
‫َ‬
‫ل ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ع ْ‬ ‫ج َ‬‫وي َ ْ‬‫ت َ‬‫جّنا ٍ‬
‫م َ‬‫ل ل َك ُ ْ‬‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬
‫وب َِني َ‬
‫َ‬ ‫ل‬‫وا ٍ‬
‫م َ‬
‫ب ِأ ْ‬
‫هاًرا ‪. (5)‬‬ ‫َ‬
‫أن ْ َ‬
‫قال قتادة علم نبي الله أنهم أهل حرص على‬
‫الدنيا فقال هلموا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله‬
‫الروم آية ‪.41‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫العراف آية ‪.96‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫المائدة آية ‪.66‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫هود آية ‪.52‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫نوح آية ‪.12-10‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪369‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سعادة الدنيا والخرة‪.‬‬
‫عَلى‬ ‫وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫موا َ‬ ‫ست َ َ‬
‫قا ُ‬ ‫وا ْ‬‫ن لَ ِ‬‫وأ ْ‬‫َ‬
‫ق ِ َ‬
‫قا ‪ ‬ومعنى الية‬ ‫ماءً َ‬
‫غدَ ً‬ ‫ة َل ْ‬
‫س َ‬ ‫الطّ ِ‬
‫ري َ‬
‫)‪(1‬‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫قي َْنا ُ‬
‫لو استقام القاسطون على طريقة السلم وعدلوا‬
‫إليها واستمروا عليها لسقيناهم )ماء غدق( أي كثيًرا‬
‫يعني سعة الرزق‪ ،‬وضرب الماء الغدق مثًل لن الخير‬
‫والرزق كله من المطر‪ .‬هذه اليات تدل على أن‬
‫المعاصي سبب لحبس المطر وذهاب البركات وأن‬
‫طاعة الله سبب للمطر والبركات وقد روى المام‬
‫أحمد بن حنبل عن أبي مخدع أنه قال وجد رجل في‬
‫زمان زياد أو ابن زياد صرة فيها حب يعني من بر‬
‫مثال النوى مكتوب فيها هذا نبت في زمان كان‬
‫يعمل فيه بالعدل وجاءت في هذا المعنى أحاديث‪،‬‬
‫روى ابن ماجة والبزار والبيهقي واللفظ لبن ماجه‬
‫عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أقبل علينا رسول‬
‫الله ‪ ‬فقال "يا معشر المهاجرين خمس خصال إذا‬
‫ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر‬
‫الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إل فشى فيهم‬
‫الطاعون والوجاع التي لم تكن مضت في أسلفهم‬
‫الذي مضوا ولم ينقصوا المكيال والميزان إل أخذوا‬
‫بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ولم‬
‫يمنعوا زكاة أموالهم إل منعوا القطر من السماء‬
‫ولول البهائم لم يمطروا ولم ينقضوا عهد الله وعهد‬
‫رسوله إل سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا‬
‫بعض ما في أيديهم وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله‬
‫تعالى إل جعل الله بأسهم بينهم" ورواه الحاكم من‬

‫)( سورة الجن آية ‪.16‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪370‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حديث ابن بريدة بنحوه ورواه مالك بنحوه موقوًفا‬
‫على ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ )ما ظهر‬
‫الغلول في قوم إل ألقى الله في قلوبهم الرعب ول‬
‫فشى الزنا في قوم إل كثر فيهم الموت ول نقص‬
‫قوم المكيال والميزان إل قطع الله عنهم الرزق ول‬
‫حكم قوم بغير حق إل فشى فيهم الدم ول‬
‫خفر قوم العهد إل سلط الله عليهم العدو( ورفعه‬
‫الطبراني إلى النبي ‪ ‬في معجمه من حديث سعيد‬
‫‪#‬‬ ‫بن جبير عن ابن عباس قال قال‬
‫رسول الله ‪) ‬ما طفف قوم كيل ول بخسوا ميزاًنا‬
‫إل منعهم الله القطر وما ظهر في قوم الزنا إل ظهر‬
‫فيهم الموت وما ظهر في قوم الربا إل سلط الله‬
‫عليهم الجنون ول ظهر في قوم القتل يقتل بعضهم‬
‫ضا إل سلط الله عليهم عدوهم ول ظهر في قوم‬ ‫بع ً‬
‫عمل قوم لوط إل ظهر فيهم الخسف وما ترك قوم‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر إل لم ترفع‬
‫أعمالهم ولم يسمع دعاؤهم( وروى المام أحمد عن‬
‫عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬يقول‪) :‬ما من قوم يظهر فيهم الربا‬
‫إل أخذوا بالسنين وما من قوم يظهر فيهم الرشا إل‬
‫أخذوا بالرعب( )والسنة العام المقحط(‪.‬‬
‫عباد الله أنه ليس في الدنيا شر إل سببه الذنوب‬
‫والمعاصي فما الذي أخرج أبليس من ملكوت‬
‫السماء وطرده ولعنه ومسخ ظاهره وباطنه‪ .‬فجعلت‬
‫صورته أقبح صورة وأشنعها‪ .‬وباطنه أقبح من صورته‬
‫وأشنع وبدل بالقرب بعدا‪ .‬وبالرحمة لعنة وبالجمال‬
‫قبحا وبالجنة ناًرا تلظى وباليمان كفًرا وبموالة‬
‫‪371‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الولي الحميد أعظم عداوة ومشاقة وبزجل التسبيح‬
‫والتقديس والتهليل بزجل الكفر والشرك والكذب‬
‫والزور والفحش وبلباس اليمان لباس الكفر‬
‫والعصيان والفسوق فهان على الله غاية الهوان‬
‫وسقط من رحمته غاية السقوط وحل عليه غضب‬
‫الرب تعالى فمقته أكبر المقت وأرداه‪ ،‬وما الذي‬
‫أغرق أهل الرض حتى عل الماء فوق رؤوس الجبال‪،‬‬
‫وما الذي سلط الريح العقيم على عاد حتى ألقتهم‬
‫موتى على وجه الرض كأنهم أعجاز نخل خاوية‬
‫ودمرت ما دمرت عليهم من ديارهم وحروثهم‬
‫وزروعهم ودوابهم حتى صاروا عبرة للمم إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬وما الذي أرسل على ثمود الصيحة حتى‬
‫قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتوا عن آخرهم‪ ،‬وما‬
‫الذي رفع قرى قوم لوط‪ .‬حتى سمعت الملئكة نبح‬
‫كلبهم ثم قلبها عليهم فجعل عليها سافلها فأهلكهم‬
‫جميًعا ثم أتبعهم حجارة من سجيل السماء أمطرها‬
‫عليهم فجمع عليهم من العقوبة ما لم يجمعه على‬
‫أمة غيرهم ولخوانهم أمثالها وما‬
‫هي من الظالمين ببعيد‪ ،‬وما الذي أرسل‬
‫على قوم شعيب سحاب العذاب كالظلل فلما صار‬
‫فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناًرا تلظى‪ ،‬وما الذي‬
‫أغرق فرعون وقومه‬
‫‪#‬‬

‫في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم فالجسام‬


‫للغرق والرواح‪ .‬للحرق)‪ (1‬وما الذي خسف بقارون‬
‫)( الذي عليه أهل السنة والجماعة أن عذاب القبر للبييدن والييروح معًييا‬ ‫‪1‬‬

‫انظر شرح الطحاوية ص ‪.348‬‬


‫‪372‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وداره وماله وأهله‪ ،‬وما الذي أهلك القرون من بعد‬
‫نوح بأنواع العقوبات ودمرها تدميًرا‪ ،‬وما الذي أهلك‬
‫قوم صاحب يس بالصيحة حتى خمدوا عن آخرهم‪،‬‬
‫ما أولى بأس‬ ‫وما الذي بعث على بني إسرائيل قو ً‬
‫شديد فجاسوا خلل الديار فقتلوا الرجال وأخربوا‬
‫الديار ونهبوا الموال ثم بعثهم إليهم مرة ثانية‬
‫فأهلكوا ما قدروا عليه وتبروا ما علوا تتبيًرا‪ ،‬وما‬
‫الذي سلط عليهم أنواع العذاب والعقوبات مرة‬
‫بالقتل والسبي وخراب البلد ومرة بجور الملوك‬
‫ومرة بمسخهم قردة وخنازير وآخر ذلك أقسم الرب‬
‫ة‬
‫م ِ‬
‫قَيا َ‬‫وم ِ ال ْ ِ‬
‫م إ َِلى ي َ ْ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫عث َ ّ‬ ‫تبارك وتعالى ‪‬ل َي َب ْ َ‬
‫ب ‪ (1)‬وقد روى المام‬ ‫ذا ِ‬ ‫ع َ‬‫سوءَ ال ْ َ‬ ‫م ُ‬
‫ه ْ‬
‫م ُ‬
‫سو ُ‬
‫ن يَ ُ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫أحمد عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال‬
‫لما فتحت قبرص فرق بين أهلها فبكى بعضهم إلى‬
‫سا وحده يبكي فقلت يا‬ ‫بعض فرأيت أبا الدرداء جال ً‬
‫أبا الدرداء ما يبكيك في يوم أعز الله فيه السلم‬
‫وأهله فقال ويحك ما أهون الخلق على الله إذا‬
‫أضاعوا أمره بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك‬
‫تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى وروى النسائي‬
‫بإسناد صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال‬
‫صحيح السناد عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي ‪‬‬
‫قال )إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه واعلموا‬
‫أن كل معصية من المعاصي هي ميراث أمة من المم‬
‫التي أهلكها الله عز وجل‪ .‬فاللواط ميراث عن قوم‬

‫)( انظر الجواب الكافي لبن القيم ص ‪.45 -44‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪373‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لوط‪ ،‬وأخذ الحق بالزائد ودفعه بالناقص ميراث عن‬
‫قوم شعيب‪ ،‬والعلو في الرض والفساد ميراث عن‬
‫فرعون‪ ،‬والتكبر والتجبر ميراث عن قوم هود‪،‬‬
‫فالعاصي لبس لباس بعض هذه المم‪ ،‬وقد روى عبد‬
‫الله بن المام أحمد في كتاب الزهد لبيه عن مالك بن‬
‫دينار قال أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل‬
‫أن قل لقومك ل تدخلوا مداخل أعدائي وتلبسوا‬
‫ملبس أعدائي ول تطعموا مطاعم أعدائي فتكونوا‬
‫أعدائي كما هم أعدائي )والمعنى ل تشبهوا بهم فإن‬
‫من تشبه بقوم فهو منهم( فتوبوا إلى الله واحذروا من‬
‫الغترار بنعمه عليكم فقد روى المام أحمد‬
‫‪#‬‬

‫عن عقبة بن عامر عن النبي ‪ ‬قال‪" :‬إذا رأيت‬


‫الله عز وجل يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما‬
‫يحب فإنما هو استدراج ثم تل قول الله عز وجل ‪‬‬
‫َ‬ ‫حَنا َ َ‬
‫ب كُ ّ‬
‫ل‬ ‫وا َ‬‫م أب ْ َ‬‫ه ْ‬‫علي ْ ِ‬ ‫ه َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫ما ذُك ُّروا ب ِ ِ‬ ‫سوا َ‬‫ما ن َ ُ‬‫فل َ ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫غت َ ً‬
‫م بَ ْ‬‫ه ْ‬‫خذَْنا ُ‬‫ما ُأوُتوا أ َ َ‬ ‫حوا ب ِ َ‬ ‫ر ُ‬
‫ف ِ‬‫ذا َ‬‫حّتى إ ِ َ‬ ‫ء َ‬‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪. (1)‬‬ ‫سو َ‬ ‫مب ْل ِ ُ‬
‫م ُ‬‫ه ْ‬‫ذا ُ‬ ‫فإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫قال بعض السلف إذا رأيت الله عز وجل يتابع‬
‫عليك نعمه وأنت مقيم على معاصيه فاحذره فإنما‬
‫هو استدراج منه يستدرجك به وقد قال تعالى‪ :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫عل َْنا ل ِ َ‬‫ج َ‬‫حدَةً ل َ َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ً‬‫سأ ّ‬ ‫ن الّنا ُ‬ ‫كو َ‬ ‫ن يَ ُ‬‫وَل أ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫ج‬
‫ر َ‬‫عا ِ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫ض ٍ‬
‫ف ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫فا ِ‬ ‫ق ً‬ ‫س ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ل ِب ُُيوت ِ ِ‬‫م ِ‬‫ح َ‬ ‫فُر ِبالّر ْ‬ ‫ي َك ْ ُ‬
‫َ‬
‫ها‬‫عل َي ْ َ‬ ‫سُرًرا َ‬ ‫و ُ‬ ‫واًبا َ‬ ‫م أب ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ول ِب ُُيوت ِ ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫هُرو َ‬ ‫ها ي َظْ َ‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫حَيا ِ‬ ‫ع ال ْ َ‬ ‫مَتا ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ك لَ ّ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫فا َ‬ ‫خُر ً‬ ‫وُز ْ‬‫ن* َ‬ ‫ي َت ّك ُِئو َ‬
‫)( سورة النعام آية ‪.44‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪374‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن ‪ (1)‬وقد رد‬‫قي َ‬ ‫ك ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫عن ْدَ َرب ّ َ‬ ‫واْل َ ِ‬
‫خَرةُ ِ‬ ‫الدّن َْيا َ‬
‫ما‬ ‫سبحانه على من ظن هذا الظن بقوله ‪َ َ ‬‬
‫فأ ّ‬
‫ذا ما ابت ََله ربه َ َ‬
‫في َ ُ‬
‫قو ُ‬
‫ل‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬‫ع َ‬
‫ون َ ّ‬
‫ه َ‬ ‫فأك َْر َ‬
‫م ُ‬ ‫ُ َ ّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن إِ َ َ‬ ‫سا ُ‬‫اْل ِن ْ َ‬
‫ربي أ َك ْرمن * َ‬
‫عل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫قدََر َ‬ ‫ما اب ْت ََلهُ َ‬
‫ف َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ما إ ِ َ‬
‫وأ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫َ ّ‬
‫ن ‪ (2)‬وفي جامع الترمذي‬ ‫هان َ ِ‬‫ل َرّبي أ َ َ‬ ‫قو ُ‬‫في َ ُ‬‫ه َ‬
‫ق ُ‬‫رْز َ‬ ‫ِ‬
‫عن النبي ‪ ‬إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن ل‬
‫يحب ول يعطي اليمان إل من يجب)‪ (3‬وصلى الله‬
‫على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪..‬‬
‫ضا‬
‫نصيحة في التحذير من المعاصي أي ً‬
‫من محمد بن إبراهيم‪ ..‬إلى من يراه من‬
‫المسلمين نفعني الله وإياهم بالنصائح‪ ،‬وجنبنا جميًعا‬
‫أسباب الخزي والفضائح آمين‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ .‬أما بعد – فقد‬
‫ع‬
‫ف ُ‬ ‫ن الذّك َْرى ت َن ْ َ‬ ‫وذَك ّْر َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫قال الله تعالى ‪َ ‬‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫وذَك ّْر ُ‬ ‫م ْ‬‫ال ْ ُ‬
‫)‪(4‬‬
‫م ب ِأّيام ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬
‫ه ‪ (5)‬وأخبر تعالى أنه أخذ الميثاق على أهل‬ ‫الل ّ ِ‬
‫العلم بتبيين ما لديهم للناس ونهاهم عن كتمانه‪،‬‬
‫ن ُأوُتوا‬ ‫ذي َ‬ ‫ميَثاقَ ال ّ ِ‬ ‫وإ ِذْ أ َ َ‬
‫خذَ الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫فقال تعالى‪َ  :‬‬
‫‪#‬‬ ‫وَل‬
‫س َ‬
‫ه ِللّنا ِ‬‫ب ل َت ُب َي ّن ُن ّ ُ‬‫ال ْك َِتا َ‬
‫ه ‪. (6)‬‬ ‫مون َ ُ‬‫ت َك ْت ُ ُ‬
‫)( سورة الزخرف آية ‪.35 -33‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الفجر آية ‪.16-15‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( هذه النصيحة صادرة عن رئاسة الفتاء في عهد الشيخ المفتي محمد‬ ‫‪3‬‬

‫بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله‪.‬‬


‫)( سورة الذاريات آية ‪.55‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة إبراهيم آية ‪.5‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.187‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪375‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقال النبي ‪" ‬الدين النصيحة قلنا لمن يا‬
‫رسول الله؟ قال‪ :‬لله ولكتابه ولرسوله ولئمة‬
‫المسلمين وعامتهم")‪ (1‬وأهم ما يقع به التناصح‬
‫دا ‪ ‬من‬ ‫والتذكير معرفة ما بعث الله به نبيه محم ً‬
‫ما وعمًل وحاًل ومحبة‪،‬‬ ‫تحقيق التوحيد بأنواعه‪ ،‬عل ً‬
‫ودعوة إليه‪ ،‬ومعرفة ما يضاده من الشرك بأنواعه أو‬
‫يضاد كما له الواجب أو ينقصه من الذنوب‬
‫والمعاصي كبائرها وصغائرها واجتنابها والنهي عنها‪.‬‬
‫وكذلك تحقيق متابعة الرسول ‪ ‬وتحكيم شريعته‪،‬‬
‫واتباع سنته التي ل يزيغ عنها إل هالك ثم أمر الصلة‬
‫وإقامتها بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها وإقامتها‬
‫جماعة في المساجد وكذلك ما يشترط لها من‬
‫الطهارة بأنواعها وإزالة النجاسات وما يتعلق بذلك‪ .‬ثم‬
‫أمر بالزكاة والصيام وحج بيت الله الحرام‪ .‬ثم بقية‬
‫شعب اليمان وشعائر السلم‪ .‬على حسب مراتبها‬
‫ففي الحديث "اليمان بضع وستون أو بضع وسبعون‬
‫شعبة فأعلها قول ل إله إل الله وأدناها إماطة الذى‬
‫عن الطريق والحياء شعبة من اليمان")‪ (2‬ومن ذلك بر‬
‫الوالدين والحسان إليهما بكل ما يعد إحساًنا سواء‬
‫بالقوال أو بالفعال أو بالموال فإنه الله عظم ذلك‬
‫دوا‬ ‫عب ُ ُ‬
‫وا ْ‬‫وقرن حقهما بحقه في مثل قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ساًنا ‪‬‬
‫ح َ‬
‫ن إِ ْ‬ ‫وِبال ْ َ‬
‫وال ِدَي ْ ِ‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫ه َ‬ ‫ر ُ‬
‫كوا ب ِ ِ‬ ‫وَل ت ُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫سورة النساء آية ‪ .36‬وبعض الناس والعياذ بالله‬
‫يستهين بحقوق والديه حتى ربما انتهى به إلى العقوق‬
‫عكس الحسان الذي أمر الله به وهذا من كبائر‬
‫الذنوب أجارنا الله وإياكم منها‪ ،‬ومن ذلك صلة الرحام‬
‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري وسلم‬ ‫‪2‬‬


‫‪376‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والقارب‪ ،‬واليات والحاديث والثار في ذلك كثيرة‬
‫معروفة مثل قوله ‪" ‬من أحب أن ينسأ له في أجله‬
‫ويبسط له في رزقه فليصل رحمه")‪ (1‬وفي الحديث‬
‫"إن الله تعالى قال للرحم من وصلك وصلته ومن‬
‫قطعك قطعته()‪ (2‬ومن ذلك إكرام الجار وأداء حقوقه‬
‫وقد جعل النبي ‪ ‬إكرام الجار من اليمان فقال "من‬
‫كان يؤمن بالله واليوم الخر فليكرم جاره()‪ (3‬ومن ذلك‬
‫مناصحة أصحاب الذنوب والمعاصي وتحذيرهم منها‬
‫‪#‬‬

‫وتنبيههم على شؤم عواقبها والنكار عليهم والخذ‬


‫على أيديهم من كل من له قدرة واستطاعة على‬
‫حسب حاله ففي الحديث "من رأى منكم منكًرا‬
‫فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن لم‬
‫يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان")‪ (4‬والمناصحة‬
‫والتذكير من المور اللزمة التي ل تختص بأحد دون‬
‫غيره وإن كانت تختلف باختلف الحوال والشخاص‬
‫فيجب على ولة المور وخواص المسلمين وطلبة‬
‫العلم أكثر مما يجب على من دونهم‪.‬‬
‫ومما ينبغي التفطن له ما ابتلى به كثير من‬
‫الناس من السراف في المباحات والنغماس في‬
‫الترف وإعطاء النفس جميع ما تميل إليه من‬
‫حظوظها وشهواتها وملذها وهذا وإن كان أصله من‬
‫جنس المباحات فقد يحتف به من الحوال ما يجعله‬
‫من الممنوعات وقد نعى الله على قوم مثل ذلك‬
‫)( رواه البخاري ومسلم ومعنى ينسأ له في أثره أي يؤخره فييي أجلييه‬ ‫‪1‬‬

‫وعمره‪.‬‬
‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخيياري ومسييلم بلفييظ فل يييؤذي جيياره ورواه مسييلم بلفييظ‬ ‫‪3‬‬

‫فليحسن إلى جاره‪.‬‬


‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪377‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حَيات ِك ُ ُ‬
‫م الدّن َْيا‬ ‫في َ‬ ‫م طَي َّبات ِك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫بقوله تعالى ‪‬أ َذْ َ‬
‫هب ْت ُ ْ‬
‫ها ‪ (1)‬وعن فضالة بن عبيد قال كان‬ ‫م بِ َ‬
‫عت ُ ْ‬
‫مت َ ْ‬
‫ست َ ْ‬
‫وا ْ‬
‫َ‬
‫رسول الله ‪ ‬ينهانا عن كثير من الرفاه ويأمرنا‬
‫بالحتفاء أحياًنا رواه أبو داود وورد في الثر‪ :‬تمعددوا‬
‫واخشوشنوا)‪ (2‬ومن ذلك ما ابتلي به بعض الناس من‬
‫حلق لحاهم والقص منها وهذا من تزيين الشيطان‬
‫ومن التشبه الممنوع وفي الحديث "اعفوا اللحى‪،‬‬
‫وفي لفظ وفروا اللحى واحفوا الشوارب ول تشبهوا‬
‫بالمجوس")‪ (3‬ومثله ما أغري به بعض الشباب‬
‫وغيرهم من حلق بعض الرأس أو قصه وترك باقية‬
‫كالذي يسمونه )التواليت( وهذا مع ما فيه من‬
‫التشبه المذموم فهو من القزع المنهي عنه‪.‬‬
‫فقد روى أبو داود عن ابن عمر أن النبي ‪ ‬نهى‬
‫عن القزع وقال )احلقه كله( أو دعه كله‪ .‬وكذلك‬
‫السبال في الثياب والتبختر في المشية وفي‬
‫المسند عن ابن عمر يرفعه من تعاظم في نفسه‬
‫واختال في مشيته لقي الله وهو عليه غضبان‪ ،‬وفي‬
‫)‪(4‬‬
‫حديث آخر "ل ينظر الله إلى من جر إزاره خيلء"‬
‫ضا ما أسفل من الكعبين فهو في النار)‪ (5‬ومن‬ ‫وورد أي ً‬
‫ذلك تبرج النساء وخروجهن‬
‫‪#‬‬

‫بالزينة والحلي والطيب ونحو ذلك وهذا من‬


‫المنكرات الظاهرة التي ل يحل السكوت عليها‪ .‬قال‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬
‫ن أب ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫ض َ‬
‫ض ْ‬
‫غ ُ‬
‫ت يَ ْ‬
‫مَنا ِ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫و ُ‬
‫)(سورة الحقاف آية ‪.20‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه الطبراني وغيره وهو ضعيف‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم بلفظ بطًرا وفي المتفق عليه من جر ثوبه خيل‬ ‫‪4‬‬

‫لم ينظر الله إليه يوم القيامة‪.‬‬


‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪378‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن إ ِّل َ‬
‫ما‬ ‫ه ّ‬
‫زين َت َ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫وَل ي ُب ْ ِ‬
‫دي َ‬ ‫ن َ‬
‫ه ّ‬
‫ج ُ‬
‫فُرو َ‬ ‫فظ ْ َ‬
‫ن ُ‬ ‫ح َ‬
‫وي َ ْ‬‫َ‬
‫ها ‪. ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫من ْ َ‬
‫هَر ِ‬‫ظ َ‬‫َ‬
‫وفي الحديث "أيما امرأة استعطرت فمرت على‬
‫قوم ليجدوا ريحها فهي زانية")‪ (2‬ومن ذلك ما روجه‬
‫دعاة الباطل من نشر هذه المجلت التي فيها‬
‫التصاوير الخلعية‪ ،‬والمقالت الردية‪ ،‬المخالفة لما‬
‫عليه المسلمون‪ ،‬وهذا يفتح باب الشر على من أولع‬
‫به من الشباب وغيرهم فإذا انضم إلى ذلك انكبابهم‬
‫على سماع الذاعات الخليعة وآلت الملهي فل‬
‫تسأل عن ما ينتجه من المفاسد التي من أهونها‬
‫تضييع الوقات وإنفاق الموال بالباطل وغير ذلك‪،‬‬
‫ومما يجب التنبه له صيانة اللسان عن الكذب والغيبة‬
‫والنميمة وقول الزور‪ ،‬وكذلك مسائل القذف والشتم‬
‫والسباب ونحوها وهذا ويا للسف موجود بين كثير‬
‫من الناس ويسبب التهاون في إنكاره شاع وكثر‬
‫وقل من تنبه له‪ ،‬ويلحق بهذا إطلق اللسن في‬
‫القوال الساقطة والتي ل حقيقة لها لنهيه ‪ ‬عن‬
‫قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال)‪.(3‬‬
‫ومن ذلك الغش في المعاملت والتدليس‬
‫وتعاطي العقود المحرمة مثل عقود الجهالة والغرر‬
‫ونحوها وكذلك العقود الربوية على اختلف أنواعها‬
‫ففي الحديث "الربا نيف وسبعون حوًبا أيسرها مثل‬
‫أن ينكح الرجل أمه وإن من أربى الربا استطالة‬
‫المرء في عرض أخيه المسلم()‪.(4‬‬

‫سورة النور آية ‪.31‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫رواه الحاكم وقال صحيح السناد‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه ابن ماجه والحاكم وصححه بلفظ الربا ثلثة وسبعون باًبا‪..‬الخ‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬
‫‪379‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ومن ذلك التهاون في اليمان وكثرة الحلف‬
‫لسيما إن كان لتنفيق السلع فقد خرج مسلم‬
‫والربعة‪ ،‬عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي ‪‬‬
‫قال "ثلثة ل ينظر الله إليهم ول يزكيهم ولهم عذاب‬
‫أليم‪ ،‬قال فقرأها رسول الله ‪ ‬ثلث مرات قلت‬
‫خابوا وخسروا من هم يا رسول الله؟ قال المسبل‬
‫والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب"‪.‬‬
‫ومن ذلك شرب المسكرات والمخدرات كالخمر‬
‫والحشيش والفيون والتنباك ونحوها‪ ،‬وفي صحيح‬
‫مسلم من حديث جابر قال قال رسول الله ‪‬‬
‫‪#‬‬

‫دا لمن شرب‬ ‫كل ما أسكر حرام وإن على الله عق ً‬


‫المسكر أن يسقيه من طينة الخبال قيل وما طينة‬
‫الخبال؟ قال عرق أهل النار‪ ،‬أو قال عصارة أهل‬
‫النار"‪.‬‬
‫وروى أبو داوود أن رسول الله ‪ ‬نهى عن كل‬
‫مسكر ومفتر‪.‬‬
‫ومن ذلك ملحظة الشباب وحفظهم وتربيتهم‬
‫التربية الشرعية الدينية وتهذيب أخلقهم وزجرهم‬
‫عن رديء الكلم ومخالطة الشرار‪ ،‬قال الله تعالى‬
‫م َناًرا‬ ‫وأ َ ْ‬
‫هِليك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫قوا أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫مُنوا ُ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫َ‬
‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫‪ (1)‬وقال النبي ‪" ‬والذي نفسي بيده لتأمرن‬
‫بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد‬
‫السفيه ولتأطرنه على الحق أطًرا أو ليضربن الله‬
‫)‪(2‬‬
‫بقلوب بعضكم على بعض ثم يلعنكم كما لعنهم"‬
‫)‪(3‬‬
‫وقال ‪ " ‬كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"‬

‫)( سورة التحريم آية ‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه أبو داود وابن أبي حاتم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪380‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فأولياء الشباب مسئولون عنهم ول يحل لهم إهمالهم‬
‫بل يجب عليهم صيانتهم والعتناء بهم وتعليمهم‬
‫العلوم الشرعية وتجنيبهم جميع المور المضرة‬
‫لديانهم وعقولهم وأخلقهم ومعارفهم‪ ،‬ومما يجب‬
‫على العموم تقوى الله ومراقبته بإدامة ذكره‬
‫وشكره‪ ،‬والنابة إليه والستغفار لما يقع من العبد‬
‫من غفلة وتقصير‪ ،‬وفي الحديث "كل بني آدم خطاء‬
‫وخير الخطائين التوابون")‪.(1‬‬
‫نسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته ويذل‬
‫أعداءه وأن يختم بالصالحات أعمالنا ويجعلها خالصة‬
‫لوجهه الكريم وأن يجعلنا وإياكم من أهل البشرى‬
‫ن‬ ‫عَباِد * ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫شْر ِ‬ ‫الذين قال الله فيهم ‪َ ‬‬
‫فب َ ّ‬
‫ن‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ه ُأول َئ ِ َ‬
‫سن َ ُ‬ ‫ح َ‬
‫َ‬
‫نأ ْ‬‫عو َ‬ ‫ل َ‬
‫في َت ّب ِ ُ‬ ‫و َ‬‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫عو َ‬‫م ُ‬‫ست َ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ‬وصلى‬ ‫م أوُلو اْلل َْبا ِ‬ ‫وأول َئ ِ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫ه ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ُ‬‫دا ُ‬ ‫ه َ‬
‫َ‬
‫‪#‬‬ ‫الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)( رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وصييححه ورمييز السيييوطي‬ ‫‪1‬‬

‫لصحته‪.‬‬
‫)( سورة الزمر آية ‪.18 -17‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪381‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫النهي عن أكل الحرام‬

‫الحمد لله الذي أحل لنا الحلل وحرم علينا‬


‫الحرام ونستغفره من جميع الذنوب والثام ونشهد‬
‫دا‬
‫أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ونشهد أن محم ً‬
‫عبده ورسوله ‪ ‬أما بعد‪:‬‬
‫أيها الناس اتقوا الله تعالى وإياكم وأكل الحرام‬
‫فإن عاقبة أكل الحرام عار ونار‪ .‬وللحرام آثار كثيرة‬
‫كلها شديدة قال ‪ ‬في خطابه لكعب بن عجرة "يا‬
‫كعب بن عجرة إنه ل يدخل الجنة لحم أو دم نبتا من‬
‫سحت‪ ،‬النار أولى به يا كعب الناس غاديان فغاد في‬
‫فكاك نفسه فمعتقها وغاد فموبقها" رواه الترمذي‬
‫وابن حبان في صحيحه ولفظ الترمذي يا كعب بن‬
‫عجرة إنه ل يربو لحم نبت من سحت إل كانت النار‬
‫ضا في الحرام‪:‬‬‫أولى به وقال ‪ ‬أي ً‬
‫"الدنيا خضرة حلوة من اكتسب فيها مال ً من‬
‫حله وأنفقه في حقه أثابه الله عليه وأورثه جنته‪،‬‬
‫ومن اكتسب فيها ماًل من غير حله وأنفقه في غير‬
‫حقه أحله الله دار الهوان‪ ،‬ورب متخوض في مال‬
‫ت‬‫خب َ ْ‬ ‫الله له النار يوم القيامة يقول الله ‪‬ك ُل ّ َ‬
‫ما َ‬
‫عيًرا ‪ ‬رواه البيهقي وفي الحديث "ل‬ ‫س ِ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫زدَْنا ُ‬
‫ِ‬
‫يدخل الجنة جسد غذي بحرام" رواه أبو يعلى والبزار‬
‫والطبراني في الوسط والبيهقي‪.‬‬
‫وليس لنا في الخرة إل دار الثواب أو دار‬
‫العقاب ومن لم يدخل الجنة يكون في النار‪ ،‬وقال‬
‫‪" ‬من اشترى ثوًبا بعشرة دراهم وفيه درهم من‬
‫‪382‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حرام لم يقبل الله عز وجل منه الصلة ما دام‬
‫عليه")‪ (1‬يعني الثوب‪ ،‬فإذا كانت الصلة وهي عمود‬
‫السلم يردها الله ول يقبلها لوجود ذلك الثوب الذي‬
‫فيه درهم من الحرام على بدن المصلي‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه وتعالى يرد غيرها من صالحات العمال التي‬
‫يعملها وهو لبس ذلك الثوب المشئوم‪ .‬من باب‬
‫أولى وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه )كنا ندع‬
‫)‪(2‬‬
‫تسعة أعشار الحلل مخافة من الوقوع في الحرام‬
‫فكر يا أخي في قول عمر تسعة أعشار الحلل أين‬
‫كانت الدنيا وأين‬
‫‪#‬‬

‫كان هؤلء الرجال‪ ،‬ومن أهل هذا الزمن الذين‬


‫انهمكوا في أكل الحرام‪ ،‬منهم من يأكله عمدا ُ مع‬
‫علمه بحرمته نعوذ بالله من حاله‪ ،‬ومنهم من يتجاهل‬
‫حرمته وهو يعلم والله ل تخفى عليه حيل المحتالين‪،‬‬
‫ومنهم من يشك في حرمته والمشكوك فيه حرام‪،‬‬
‫والحرام طرقه كثيرة يأتي من الرشوة في الحديث‬
‫"لعن الله الراشي والمرتشي")‪ (3‬إل إذا كان الراشي‬
‫مستخرجا ً حقه مثل أن يكون للنسان معاملة عند‬
‫أحد الموظفين وهذه المعاملة فيها عشرة آلف ريال‬
‫مثل ً ولم يمشيها الموظف حتى يرشى فالذي دفع‬
‫الرشوة ليس عليه شيء لنه مخلص لحقه)‪ (4‬أما‬
‫المرتشي الخذ فهو الذي عليه عقاب وداخل في‬
‫عموم اللعن‪ ،‬أما الذي دفع الرشوة ليقتطع به حق‬
‫أخيه فالراشي والمرتشي ملعونان‪ ،‬والحرام يأتي‬
‫)‪(5‬‬
‫من الغش كما في الحديث "من غشنا فليس منا"‬

‫رواه أحمد والبيهقي في شعب اليمان وقال إسناده ضعيف‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫ذكر المام الذهبي في الكبائر ص ‪ 116‬ولم يسنده إلى أحد‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه أبو داود وابن ماجه بلفظ لعن رسول الله وصححه اللباني‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫ما دام ل يستطيع غير ذلك‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫رواه مسلم بلفظ من غش فليس مني‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪383‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويأتي الحرام بالتدليس‪ ،‬وهو تغطية العيب في‬
‫المباع‪ ،‬ويأتي الحرام من النجش وهو الزيادة في‬
‫السلعة بدون رغبة في الشراء كما في الحديث ول‬
‫"تناجشوا ")‪ (1‬ويأتي الحرام من قبل الشهادة‪ ،‬من‬
‫شهد شهادة فأعطي عليها فهو حرام)‪ (2‬ويأتي الحرام‬
‫من الربا‪ :‬ريال يصيبه النسان من الربا أعظم من‬
‫ست وثلثين زنية في السلم)‪ (3‬والربى طرقة كثيرة‪،‬‬
‫ويأتي الحرام من الغلول في الزكاة)‪ (4‬ومن العجب‬
‫أن بعض الناس يسعى في من يتوسط له ليكتب من‬
‫أهل الزكاة حتى يسرق منها ما قدر عليه إذا كان ما‬
‫سمعنا صحيحا من فعل أهل الزكاة)*( فبعضهم‬
‫لصوص على الحقيقة يقول ‪ ‬في أهل الزكاة أدوا‬
‫الخيط والمخيط وإياكم والغلول فإنه عار على أهله‬
‫)‪(5‬‬
‫يوم القيامة رواه الدارمي عن عبادة بن الصامت‬
‫وكذلك الذين يأخذون على الجندي لنه غائب عن‬
‫وظيفته أو مركزه ولم يدخلوا ما أخذوه بيت المال‬
‫فهم والله يأخذونه سحتا ً ورشوة وحراما ً ومثل هؤلء‬
‫قد فعلوا عدة جرائم سماحهم للجندي في ترك‬
‫عمله‪ ،‬وخيانتهم فيما ولوا عليه‪ ،‬وأخذهم من راتب‬
‫الجندي‪ ،‬فإذا كان ل يستحقه هو لغيابه‪ ،‬فكيف‬
‫يستحلونه هم على طريق الرشوة لن الجندي سكت‬
‫‪#‬‬

‫عنهم لسكوتهم في عدم حضوره أما الذين يشتركون‬


‫في أكل ما حسم على مثل هؤلء الجنود فهم تعاونوا‬
‫وتصادقوا على أكل الحرام وفعل الجريمة والخيانة‬
‫فيما ولوا‪ ،‬ويوم القيامة يتلومون كما في الحديث‬
‫في كتاب الكبائر )جاء عن النبي ‪ ‬ما من قوم‬
‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫يعني إذا شهد كذبا وزورا‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫كما في الحديث الذي رواه أحمد والطبراني في الكبير‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫وهو الخذ منها قبل قسمتها‪ (*) .‬يعني بأهل الزكاة العاملين عليها‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫ورواه النسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪384‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اجتمعوا على مسكر في الدنيا إل جمعهم الله في‬
‫النار فيقبل بعضهم على بعض يتلومون يقول أحدهم‬
‫للخر يا فلن ل جزاك الله عني خيرا ً فأنت الذي‬
‫أوردتني هذا المورد ويقول الخر مثل ذلك()‪. (1‬‬
‫ومن تاب تاب الله عليه ويقول الله سبحانه ‪‬‬
‫ن‪‬‬
‫قي َ‬ ‫و إ ِّل ال ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫عدُ ّ‬
‫ض َ‬
‫ع ٍ‬
‫م ل ِب َ ْ‬
‫ه ْ‬
‫ض ُ‬
‫ع ُ‬
‫ذ بَ ْ‬
‫مئ ِ ٍ‬
‫و َ‬ ‫اْل َ ِ‬
‫خّلءُ ي َ ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫فكل صداقة ومعاونة ومحبة لغير الله فآخرها‬
‫عداوة‪ ،‬وإذا كانت على معاص في الدنيا ففي الخرة‬
‫ملومة ومخاصمة وكذلك يا أخي المنتدب كل إنسان‬
‫انتدب في عمل ولم يؤده على الوجه المطلوب أي‬
‫لم يباشر عمله أو لم يكمل مدة انتدابه في عمله فل‬
‫يحل له أن يأخذ أجرة اليام التي لم يعملها فكر يا‬
‫أخي لو كان عندك أجيرا َ في عمل من العمال لم‬
‫يكمله هل تعطيه أجرته كاملة وإذا لم يباشر عمله‬
‫فهل تسمح نفسك بإعطائه أجرته أو شيئا منها؟‬
‫الجواب معروف بدون شك )ل( وهل تظن يا أخي أن‬
‫الورع والتعفف لم يكن إل في صحابته ‪ ‬ورضي‬
‫الله عنهم أجمعين‪ ،‬بل والله كان الورع‬
‫فيهم وفي غيرهم من بعدهم‪ ،‬هذا سفيان الثوري‬
‫رضي الله عنه‬
‫يقول )من أنفق الحرام في طاعة فهو كمن طهر‬
‫الثوب بالبول فإذا كان هذا حال من ينفقه في حقه‬
‫فكيف بمن ينفقه في المعاصي‪ ،‬أيها المسلم‬
‫إياك والحرام‪...‬‬
‫يقول وهيب بن الورد )لو قمت قيام الساريه ما‬
‫نفعك حتى تنظر ما يدخل بطنك أمن حلل أم من‬
‫حرام()‪ (3‬ومعنى ذلك والله أعلم أنك لو قمت الليل‬
‫)( كبائر الذهبي ص ‪.82-81‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الزخرف آية ‪.67‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( ذكره الذهبي في الكبائر ص ‪.116‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪385‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وصمت النهار ما قبل منك وفي بطنك حرام واسمع‬
‫يا أخي ما يقول الشيطان لخوانه إذا تعبد الشاب‬
‫فانظروا من أين مطعمه فإن كان مطعمه مطعم‬
‫سوء أي حرام يقول الشيطان لعوانه دعوا هذا‬
‫يتعب ويجتهد فقد كفاكم نفسه)‪ (1‬لنه يعمل عمل ل‬
‫فائدة فيه أي ل ينفعه ما دام مطعمه حرام وكما ذكر‬
‫أن النسان‬
‫‪#‬‬

‫متى تعفف عن الحرام والمشتبه والمشكوك في‬


‫حله أمده الله بتوفيق من عنده وبارك له في سعيه‬
‫وجعل الغنى في قلبه وقبل دعاءه لن أكل الحرام‬
‫يمنع إجابة الدعاء كما قال ‪ ‬لسعد بن أبي وقاص‬
‫"أطب مطعمك تجب دعوتك")‪. (2‬‬
‫وقال بعض الحكماء‪ :‬قابلت ثلثمائة صديق‬
‫وسألت كل واحد منهم أن يوصيني فما أوصاني واحد‬
‫منهم إل باللقمة الحلل‪ ،‬فالمصيبة العظمى‬
‫والمعصية الكبرى والخيانة الشنعاء أن يتربى النسان‬
‫على لقمة حرام أو يوكل عياله لقمة حرام أو يشتري‬
‫بيتا ً من الحرام فإن من سكن هذا البيت أو أكل من‬
‫ريعه وهو فيه شيء من الحرام فإن هذا الكل أو‬
‫الساكن يدخل عليه شيء من الحرام بسبب المورث‬
‫وهو المسئول يوم القيامة‪ ،‬فيبقى الحرام معه ما‬
‫بقى البيت وما بقوا‪ ،‬وكذلك أهل المناقصات في‬
‫المشاريع وغيرها ما أخذوا فهو رشاًء حراما َ سحتَا‪،‬‬
‫وإذا منعوها من كملت شروطه فهم خونة ظلمه‬
‫فويل لكم أيها الخائنون اللصوص اسمعوا قول نبيكم‬

‫)( المصدر السابق في نفس الصفحة‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه الطبري في الصغير وأشار المنذري إلى ضعفه‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪386‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫محمد ‪ ‬في الحديث "عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه‪ :‬أن رسول الله ‪ ‬قال ويل للمراء ويل للعرفاء‬
‫ويل للمناء ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم‬
‫معلقة بالثريا )يتذبذبون بين السماء والرض( ولم‬
‫يكونوا عملوا على شيء رواه أحمد وفي الحديث‬
‫عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال‬
‫رسول الله ‪" ‬أن في النار حجر يقال له ويل يصعد‬
‫عليه العرفاء وينزلون" رواه البزار‪.‬‬
‫وفي الحديث أيضا َ أن العريف يدفع في النار‬
‫دفعا ً وعن أنس رضي الله عنه‪ :‬أن النبي ‪ ‬مرت به‬
‫جنازة فقال طوبى له إن لم يكن عريفا ً رواه أبو‬
‫يعلى وفي الحديث أن العرافة حق ولبد للناس من‬
‫عرافة ولكن العرفاء في النار رواه أبو داود‪ ،‬وعن‬
‫المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله‬
‫‪ ‬ضرب على منكبيه ثم قال‪) :‬أفلحت يا قديم إن‬
‫مت ولم تكن أميرا ً ول كاتبا ً ول عريفًا( رواه أبو داود‪،‬‬
‫وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول‬
‫الله ‪ ‬يقول "ل يدخل صاحب مكس الجنة")‪ (1‬قال‬
‫‪#‬‬ ‫الحافظ‪ :‬والن فإنهم يأخذون مكسا‬
‫باسم العشر ومكوسا أخرى ليس لها اسم بل شيء‬
‫يأخذونه حراما وسحتا ويأكلونه في بطونهم نارا ً‬
‫حجتهم داحضه عند ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب‬
‫شديد‪ .‬فاتقوا الله أيها الناس في أماناتكم وما وليتم‪،‬‬
‫وصلى الله على محمد‪،،،،‬‬
‫إبراهيم بن عبد الله بن عتيق‬

‫)( رواه أبو داود وأنظر كتاب الكبائر للذهبي ص ‪.112‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪387‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)التحذير من المعاملت الربوية(‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬


‫نبي بعده‪:‬‬
‫أخي المسلم يعلم الله أني أحبك وأحب الخير‬
‫لك‪ .‬لذلك أسأل الله أن يكون كسبك حلل ليكون‬
‫عملك مقبول ودعاؤك مستجابَا‪.‬‬
‫أخي في الله اقرأ هذه السطور المستمدة من‬
‫كتاب ربك وسنة نبيك ‪ ‬يتضح لك الشر فتبتعد عنه‪،‬‬
‫أو تتوب إلى الله منه إذا أنت قارفته‪.‬‬
‫مُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قال الله عز وجل ‪َ‬يا أي ّ َ‬ ‫)‪(1‬‬
‫كنُتم‬‫ن الّرَبا ِإن ُ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ما ب َ ِ‬‫وذَُروا ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬ ‫ات ّ ُ‬
‫فعُلوا ْ َ ْ‬
‫ن الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫ب ّ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫فأذَُنوا ْ ب ِ َ‬ ‫م تَ ْ َ‬ ‫فِإن ل ّ ْ‬ ‫مِنين َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ّ‬
‫َ‬
‫م لَ‬‫وال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫سأ ْ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫م ُر ُ‬ ‫فل َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫وِإن ت ُب ْت ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫مون ‪ ‬سورة البقرة آية ‪-278‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ول ت ُظل ُ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ْ‬
‫ت َظل ِ ُ‬
‫‪) 279‬وفي الية دليل على أن المتعامل بالربا‬
‫محارب لله ورسوله(‪.‬‬
‫في الحديث الصحيح لعن رسول الله ‪‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه وقال هم سواء‪.‬‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫أخي المسلم‪ :‬أل يتضح لك من هذا الحديث أن‬
‫أي كاتب لدي بنك أو تاجر يتعامل بالربا فهذا الكاتب‬
‫ملعون وكسبه محرم وكذلك شاهدي الربا عليهما‬
‫اللعنة – واللعنة هي الطرد والبعاد عن رحمة الله‪.‬‬
‫عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي‬ ‫)‪(3‬‬
‫‪388‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ ‬قال الربا ثلثة وسبعون بابا ً أيسرها مثل أن ينكح‬
‫الرجل أمه‪ ..‬رواه ابن ماجه والحاكم وصححه وعن‬
‫عبد الله بن سلم رضي الله عنه عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من‬
‫ثلث وثلثين زنية يزنيها في السلم‪ .‬رواه الطبراني‬
‫عَلى ال ْب ِّر‬
‫وُنوا َ‬
‫عا َ‬ ‫في الكبير وقال الله تعالى ‪َ ‬‬
‫وت َ َ‬
‫وى‬ ‫ق َ‬ ‫والت ّ ْ‬
‫‪#‬‬

‫َ‬
‫ن ‪ ‬سورة‬
‫وا ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫عدْ َ‬ ‫عَلى اْل ِث ْم ِ َ‬
‫وُنوا َ‬
‫عا َ‬‫وَل ت َ َ‬ ‫َ‬
‫المائدة آية ‪ 2‬أخي في الله أل يتضح لك من هذه‬
‫الية الكريمة‪ .‬أن الله يأمرنا بالتعاون على البر وهو‬
‫كل ما يرضي الله‪ .‬وينهانا عن التعاون على الثم‬
‫والعدوان وهو كل ما يسخط الله ومن أشد ذلك‬
‫التعاون على نشر الربا‪ ..‬مثل أن تودع نقودك لدى‬
‫بنك أو مصرف أو تاجر يستعملونها في الربا ففي‬
‫مثل هذه الحالة تكون شريكا ً معهم في الثم‬
‫والعقوبة ولو لم تأخذ ربح ما ربحته نقودك من الربا‪.‬‬
‫فاتق الله في نفسك وأهلك وأولدك ومجتمعك ل‬
‫تساعد على انتشار الربا بل كن حربا ً عليه‪ .‬ومنفرا ً‬
‫منه‪..‬وإن كان سبق أن تلطخت بشيء منه فاغسله‬
‫بالتوبة الصادقة‪ .‬واعلم أنها ل تقبل حتى تتخلى عن‬
‫ن‬‫وإ ِ ْ‬‫كل كسب من الربا‪ :‬كما يقول الله عز وجل ‪َ ‬‬
‫وَل‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫م َل ت َظْل ِ ُ‬
‫مو َ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫سأ ْ‬‫ءو ُ‬ ‫فل َك ُ ْ‬
‫م ُر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت ُب ْت ُ ْ‬
‫ن ‪ ‬سورة البقرة آية ‪ .279‬فل يجوز أخذ‬ ‫مو َ‬ ‫ت ُظْل َ ُ‬
‫الرباح الربوية من البنوك وغيرها والتصدق بها‪ ،‬فالله‬
‫طيب ل يقبل إل طيبا ً كذلك أنت يا صاحب العمارة‬
‫والدكان ل يجوز أن تؤجر محلك لتاجر أو بنك يرابي‬
‫فأجرة الحرام حرام‪ .‬فإذا كان الرسول ‪ ‬لعن‬
‫‪389‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫شاهدي الربا لشهادتهما عليه ولو مرة واحدة‪ ،‬فكيف‬
‫بك والعمليات الربوبة تجري في محلك‪ ،‬يوميا ً على‬
‫طول السنة‪ ،‬لنك بتأجير محلك للعصاة تعتبر عاص‬
‫عليك كفل من الثم‪ .‬سوف يسألك الله عن كل‬
‫عملية ربوية أجريت في محلك وأعظم من ذلك إذا‬
‫كان المحل وقفا ً أو ليتام فيكون الثم أعظم‪ ،‬وخوفا ً‬
‫من المسئولية‪ .‬سجلت لك هذه السطور تذكرة لك‬
‫والذكرى تنفع المؤمنين‪ .‬أخي المسلم‪ :‬أدعوك إلى‬
‫التوبة وإخراج العاصي من محلك‪ .‬وقطع الصلة معه‬
‫نهائيا ً وأنت أيها الموظف اترك العمل في أي مكان‬
‫تكتب فيه المعاملت الربوبة لتسلم من لعنة الله‬
‫وغضبه فأبواب الرزق أمامك كثيرة ومن ترك شيئا ً‬
‫لله عوضه الله خيرا ً منه‪.‬‬
‫اللهم أشهد أني قد بلغت قولك وقول رسولك‬
‫‪ ‬خوفا ً منك ورغبة في تبصير إخواني للحق والله‬
‫من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل‪ .‬وصلى الله‬
‫على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫أخوك في الله‬
‫عبد الله بن علي‬
‫الغضية‬
‫‪#‬‬

‫)حكم الضمان البنكي والتأمين‬


‫التجاري(‬

‫فتوى رقم ‪ 3249‬وتاريخ ‪ 9/10/1400‬هي‬


‫‪390‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على رسوله‬
‫محمد وآله وصحبه‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫على الستفتاء المقدم لسماحة الرئيس العام من‬
‫صالح إبراهيم محمد محمود المقيد برقم ‪ 1100‬في‬
‫‪ 28/7/1400‬هي ونصه‪ :‬لقد عرض لنا أمر فلبد فيه‬
‫من التعامل مع البنك حيث تحتاج إلى كفالة بنكية‬
‫اسمها كفالة حسن تنفيذ )أي أن يكون البنك ضامنا‬
‫حسن تنفيذ التفاقية حسب نصوص العقد( وقد‬
‫فوجئنا بأن البنك يأخذ أجرة مقابل هذه الكفالة‬
‫)خطاب الضمان( الذي يقدمه ورجعنا لما تيسر لدينا‬
‫من كتب الفقه البسيطة فوجدنا أن الضمان أو‬
‫الكفالة )تبرع( فوقعنا في حيرة من أمرنا وأوقفنا‬
‫المشروع حتى نصل للحكم الشرعي الصحيح مقترنا‬
‫بالدلة الشرعية فرأينا أن نبعث لفضيلتكم لما بلغنا‬
‫عنكم من العلم والتقوى والورع لذا نرجو من‬
‫فضيلتكم أن تعلمونا رأيكم مقترنا بالدلة الشرعية‬
‫هل يجوز أخذ أجرة على الكفالة أو الضمان‪ .‬وكذلك‬
‫عمليات التأمين على البضائع ضد الحوادث والتأمين‬
‫على الحياة وما رأي الشرع في مثل هذه العقود‪.‬‬
‫وأجابت بما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬ضمان البنك لكم بربح على المبلغ الذي‬
‫يضمنكم فيه لمن تلتزمون له بتنفيذ أي عقد ل يجوز‬
‫لن الربح الذي يأخذه زيادة ربوية محرمة والربا كما‬
‫هو معروف محرم بالكتاب والسنة وإجماع المة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التأمين التجاري حرام لما يأتي‪:‬‬
‫عقد التأمين التجاري من عقود‬ ‫‪-1‬‬
‫‪391‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المعارضات المالية الحتمالية المشتملة على الغرر‬
‫الفاحش لن المستأمن ل يستطيع أن يعرف وقت‬
‫العقد مقدار ما يعطي أو يأخذ فقد يدفع قسطا أو‬
‫قسطين ثم تقع الكارثة فيستحق ما التزم به المؤمن‬
‫وقد ل تقع الكارثة فيدفع جميع القساط ول يأخذ‬
‫شيئا‬ ‫‪#‬‬

‫وذلك المؤمن ل يستطيع أن يحدد ما يعطي ويأخذ‬


‫بالنسبة لكل عقد بمفرده وقد ورد في الحديث‬
‫)‪(1‬‬
‫الصحيح عن النبي ‪ ‬النهي عن بيع الغرر‪..‬‬
‫عقد التأمين التجاري ضرب من ضروب‬
‫المقامرة لما فيه من المخاطرة في معاوضات مالية‬
‫ومن الغرم بل جناية أو تسبب فيها ومن الغنم بل‬
‫مقابل أو مقابل غير مكافيء فإن المستأمن قد يدفع‬
‫قسطا من التأمين ثم يقع الحادث فبعزم المؤمن كل‬
‫مبلغ التأمين وقد ل يقع الخطر ومع ذلك يغنم‬
‫المؤمن أقساط التأمين بل مقابل وإذا استحكمت‬
‫فيه الجهالة فكان قمارا ودخل في عموم النهي عن‬
‫َ‬
‫مُنوا ْ إ ِن ّ َ‬
‫ما‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الميسر في قوله تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫س ّ‬
‫ج ٌ‬
‫ر ْ‬‫م ِ‬ ‫والْزل َ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫صا ُ‬‫والن َ‬ ‫سُر َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫مُر َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫خ ْ‬
‫حون ‪‬‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تُ ْ‬ ‫جت َن ُِبوهُ ل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫شي ْ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫فل ِ ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫ل ال ّ‬‫م ِ‬ ‫ع َ‬‫َ‬
‫والية بعدها‪.‬‬
‫‪ -3‬عقد التأمين التجاري يشتمل على ربا الفضل‬
‫والنساء فإن الشركة إذا دفعت للمستأمن أو لورثته‬
‫أو للمستفيد أكثر مما دفعه من النقود لها فهو ربا‬
‫)( في الحديث الذي رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.90‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪392‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فضل والمؤمن يدفع ذلك للمستأمن بعد مدة العقد‬
‫فيكون ربا نساء وإذا دفعت الشركة للمستأمن مثل‬
‫ما دفعه لها يكون ربا نساء فقط وكلهما محرم‬
‫بالنص والجماع‪.‬‬
‫‪ -4‬عقد التأمين التجاري من الرهان المحرم لن‬
‫كل منهما فيه جهالة وغرر ومقامرة ولم يبح الشرع‬
‫من الرهان إل ما فيه نصرة للسلم وظهور لعلمه‬
‫بالحجة والسنان وقد حصر النبي ‪ ‬رخصة الرهان‬
‫بعوض في ثلث بقوله ‪" ‬ل سبق إل في خف أو‬
‫حافر أو نصل")‪(1‬وليس التأمين من ذلك ول شبيها به‬
‫فكان محرما‪.‬‬
‫‪ -5‬عقد التأمين التجاري فيه أخذ مال الغير بل‬
‫مقابل وأخذ بل مقابل في عقود المعاوضات التجارية‬
‫محرم لدخوله في عموم النهي في قوله تعالى ‪َ‬يا‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫وال َك ُ ْ‬
‫م ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َأك ُُلوا ْ أ ْ‬
‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫أي ّ َ‬
‫‪#‬‬ ‫ة‬
‫جاَر ً‬‫ن تِ َ‬ ‫كو َ‬‫ل إ ِل ّ َأن ت َ ُ‬
‫ِبال َْباطِ ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫م‪‬‬ ‫منك ُ ْ‬‫ض ّ‬‫عن ت ََرا ٍ‬ ‫َ‬
‫‪ -6‬في عقد التأمين التجاري اللزام بما ل يلزمه‬
‫شرعا فإن المؤمن لم يحدث الخطر منه ولم يتسبب‬
‫في حدوثه وإنما كان منه مجرد التعاقد مع المستأمن‬
‫على ضمان الخطر على تقدير وقوعه مقابل مبلغ‬
‫يدفعه المستأمن له والمؤمن لن يبذل عمل‬
‫للمستأمن فكان حراما‪ .‬نرجو أن يكون فيما ذكرناه‬
‫)( رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وصححه ابن حبان‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.29‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪393‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫نفع للسائل وكفاية مع العلم بأنه ليس لدينا كتب في‬
‫هذا الموضوع حتى نرسل لكم نسخة منها ول نعلم‬
‫كتابا مناسبا في الموضوع نرشدكم إليه‪..‬‬
‫وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على عبده‬
‫ورسوله محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‪.‬‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الرزاق عفيفي‬ ‫عبد الله بن غديان‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬

‫حكم اليداع في البنوك الربوية‬

‫فتوى رقم ‪ 2755‬وتاريخ ‪9/1/1400‬هي‬


‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من‬
‫المستفتى حاج وان على اليعقوبي والمحال إلى‬
‫اللجنة من المانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم‬
‫‪1968/2‬في ‪11/10/1399‬هي والسؤال نصه‪ :‬ما‬
‫قولكم في رأي الشرع فيمن أودع ووضع أمواله في‬
‫‪394‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫البنوك ولم يعقد مع صاحب البنوك القرض الذي‬
‫يجري فيه الربا )كل قرض جر نفعا فهو ربا( أو كما‬
‫قال؟ والحكم يدور مع العلة والهدف من وضع‬
‫الموال في البنك حفظها من التعرض للضياع وليس‬
‫المقصود منه التجار والربح ثم كانت هيئة البنوك‬
‫‪#‬‬ ‫تستثمر‬
‫تلك الموال في عمليات تحقق لها ربحا أو ل‬
‫تستثمرها فهل يجوز للمسلم أن يتقاضى جزاء معينا‬
‫حددته هيئة البنوك مقابل ما أودع عند سحب الموال‬
‫وعدمه أفيدونا أثابكم الله؟‬
‫الجواب‪ :‬ل يجوز للمسلم أن يودع أمواله في‬
‫البنوك التي تتعامل بالربا إل إذا كان يخشى عليها‬
‫من الضياع ول يجوز له أن يدفعها للبنك بناء على أنه‬
‫يأخذ فائدة من البنك وقد صدر من اللجنة فتوى في‬
‫ذلك هذا نصها‪ :‬إذا كان الشخص يخشى على نقوده‬
‫من السرقة ونحو ذلك فله أن يودعها في البنك‬
‫بدون فائدة لنه مضطر إلى ذلك أما أخذ الفائدة من‬
‫البنك فهو تعامل بالربا وهو محرم بالكتاب والسنة‬
‫والجماع أما قول الزملء ترك الفائدة للبنوك‬
‫الكافرة عون لهم علينا فليس المر كذلك وإنما‬
‫تركها تعفف من المسلم عما حرم الله عليه كما‬
‫يترك لهم قيمة ما حرم الله من الخمر والخنزير‬
‫وكما يجوز لهم الصدقة على فقرائهم إذا كانوا غير‬
‫حربيين‪.‬‬
‫وأما قولهم إن أمريكا بلد حرب فهو محل نظر‬
‫لعدم وجود حرب بيننا وبينهم‪ .‬وصلى الله على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪395‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‪.‬‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الله بن قعود ‪ -‬عبد الله بن غديان ‪ -‬عبد الرزاق عفيفي‬
‫‪ -‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬

‫حكم العمل في البنوك الربوية‬

‫فتوى رقم ‪ 2199‬وتاريخ ‪ 13/11/1398‬هي‬


‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده‪ ...‬وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من‬
‫المستفتي إبراهيم على سعيد مساعد والمحال إلى‬
‫اللجنة من المانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم‬
‫‪ 1935/2‬وتاريخ ‪26/6/1398‬هي والسؤال مضمونه‪:‬‬
‫موظف مسلم يعمل بالبنوك الحالية في المملكة‬
‫وبعض هذه البنوك تتعامل بالربا‬
‫‪#‬‬

‫فهذا الموظف يعمل بهذه البنوك التي يوجد بها ربا‬


‫وله مرتب يقبضه شهريا فهل هذا المرتب الذي‬
‫يقبضه فيه من الربا شيء أم أن أكله حرام عليه كما‬
‫قاله رسول الله ‪" ‬لعن الله كاتبه وشاهده وآكله‬
‫ومؤكله")‪ (1‬لن هذا الموظف يكتب في البنك وهل‬
‫تجوز صلته وصيامه ما دام يعمل في الربا لن الربا‬
‫من الكبائر‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬صلته صحيحه وكذلك صيامه وأما‬
‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪396‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حكم مرتبه فقد صدر فيه فتوى من اللجنة الدائمة‬
‫للبحوث العلمية والفتاء هذا نصها‪:‬‬
‫أكثر المعاملت في البنوك المصرفية الحالية‬
‫يشتمل على الربا وهو حرام بالكتاب والسنة وإجماع‬
‫المة وقد حكم النبي ‪ ‬بأن من أعان آكل الربا‬
‫وموكله بكتابة له أو شهادة عليه وما أشبه ذلك كان‬
‫شريكا لكله وموكله في اللعنة والطرد من رحمة‬
‫الله ففي صحيح مسلم وغيره من حديث جابر رضي‬
‫الله عنه لعن رسول الله ‪ ‬آكل الربا وموكله وكاتبه‬
‫وشاهديه وقال‪) :‬هم سواء‪ ،‬والذين يعملون في‬
‫البنوك المصرفية أعوان لرباب البنوك في إدارة‬
‫أعمالها كتابة أو نقدا ً أو شهادة أو نقل للوراق أو‬
‫تسلما للنقود أو تسليما لها إلى غير ذلك مما فيه‬
‫إعانة للمرابين وبهذا يعرف أن عمل النسان‬
‫بالمصارف الحالية حرام‪ ،‬فعلى المسلم أن يتجنب‬
‫ذلك‪ ،‬وأن يتلقى الكسب من الطرق التي أحلها الله‬
‫وهي كثيرة‪ ،‬وليتقي الله ربه ول يعرض نفسه للعنة‬
‫الله ورسوله‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪،،،‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الله بن قعود ‪ -‬عبد الله بن غديان ‪ -‬عبد الرزاق عفيفي‬
‫‪ -‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫‪397‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حكم الفوائد الربوية‬

‫فتوى رقم ‪ 7133‬وتاريخ ‪6/7/1404‬هي‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وآله‬
‫وصحبه وبعد‪:‬‬
‫‪#‬‬

‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬


‫والفتاء على السؤال المقدم من عبد اللطيف جمال‬
‫الدين إلى سماحة الرئيس العام والمحال إليها برقم‬
‫‪ 1255‬في ‪3/6/1404‬هي ونصه )فإن بعض البنوك‬
‫السعودية تعطي أرباحا بالمبالغ التي توضع لديها من‬
‫قبل المودعين ونحن ل ندري حكم هذه الفوائد هل‬
‫هي ربا أم هي ربح جائز يجوز للمسلم أخذه‪ .‬وهل‬
‫يوجد في العالم العربي بنوك تتعامل مع الناس طبق‬
‫الشريعة السلمية( وأجابت بما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬الرباح التي يدفعها البنك للمودعين على‬
‫المبالغ التي أودعوها فيه تعتبر ربا‪ .‬ول يحل له أن‬
‫ينتفع بهذه الرباح‪ .‬وعليه أن يتوب إلى الله من‬
‫اليداع في البنوك الربوية‪ ،‬وأن يسحب المبلغ الذي‬
‫أودعه وربحه يحتفظ بأصل المبلغ وينفق ما زاد عليه‬
‫في وجوه البر من فقراء ومساكين وإصلح مرافق‬
‫عامة ونحو ذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ابحث عن محل ل يتعامل بالربا ولو دكانا‬
‫وضع مبلغك فيه على طريق التجارة مضاربة على‬
‫أن يكون لك جزء مشاع معلوم من الربح كالثلث‬
‫مثل وإن شئت فضع مبلغك فيه أمانة بدون فائدة‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫‪398‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الله بن قعود ‪ -‬عبد الله بن غديان ‪ -‬عبد الرزاق عفيفي‬
‫‪ -‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬

‫من أحكام المداينة‬

‫فتوى رقم ‪ 5869‬وتاريخ ‪21/7/1403‬هي‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وآله‬
‫وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على السؤال المقدم من المستفتي إلى‬
‫سماحة الرئيس العام والمحالة إليه برقم ‪ 1297‬في‬
‫‪7/6/1403‬هي ونصه )فيه شخص طلب من شخص‬
‫آخر أن يدينه لمدة سنة‬
‫‪#‬‬

‫فأخذ الدائن مبلغ مائة ألف ريال وذهب هو‬


‫والمستدين للتاجر‪ ،‬واشترى الدائن بهذا المبلغ‬
‫طوائق دوبلين كل أربعين طاقة مشموع عليها جميًعا‬
‫في صندوق فلما اشتراها الدائن وملكها وحسبها‬
‫وعرف عددها وهي في مكانها في الدكان قام‪.‬‬
‫وباعها على المستدين الذي معه بيًعا مؤجًل لمدة‬
‫سنة المائة بمائة وعشرين أو العشرة إحدى عشر‬
‫مثًل‪ .‬وانتهت المدة واستلم الدائن بعض حقه ثم قيل‬
‫له إن في هذه المسألة رًبا فتوقف عن استلم باقي‬
‫حقه‪ .‬فالتاجر الذي اشتريت منه هذه البضاعة بنقد‬
‫‪399‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اشتراها من المستدين في الحال وسلم له ثمنها إل‬
‫شيء بسيط يسمونه السعي فالشراء الول من‬
‫صاحب الدكان وبيعها على المستدين وبيع المستدين‬
‫على صاحب الدكان كل هذه المور في مكان واحد‬
‫ووقت واحد ولكن بعد أن‪ ،‬عدها الدائن وملكها‬
‫وعرف حسابها وكذلك المستدين ملكها وعدها‬
‫وعرف حسابها قبل بيعها على صاحب الدكان‪ .‬فهل‬
‫حا مع‬
‫في هذه المسألة ربا؟ وهل يأخذ الدائن رب ً‬
‫رأس ماله عن مدة التأجيل وما حكم الدينة بهذه‬
‫الصورة التي يعمل بها أكثر التجار وفيما لو كانت‬
‫ليست سليمة من الربا فماذا يعمل بالفائدة وكيف‬
‫يمكن اقناع المتعاملين بها وهل يوجد بديل عنها‬
‫أفتونا أجاركم الله من عذاب النار وقنعنا وإياكم‬
‫بالرزق الحلل وسلم الله عليكم(‪.‬‬

‫وأجابت بما يلي‪:‬‬

‫بيع صاحب الدكان طاقات القماش على من‬


‫سمي دائًنا صحيح إذا كانت الطاقات معلومة الصفة‬
‫والعدد للطرفين وبيع هذا المشتري هذه الطاقات‬
‫على من طلب منه ديًنا إلى أجل غير صحيح على‬
‫الراجح من أقوال العلماء لنه باعه إياها قبل قبضها‬
‫من صاحب الدكان بنقلها من الدكان ول يعتبر عدها‬
‫ضا لها وعلى هذا فليس لمن‬ ‫ومعرفة حسابها قب ً‬
‫سمي دائًنا إل المبلغ مائة ألف وعليه أن يرد الزائد‬
‫عنها إلى من اشترى منه قبل القبض لن النبي ‪‬‬
‫نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار‬
‫‪400‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إلى رحالهم)‪ (1‬أما إذا نقلها من سمى دائًنا من الدكان‬
‫ثم باعها إلى أجل بعد نقلها على من طلب منه‬
‫مبالًغا فبيعه صحيح ولو‬
‫‪#‬‬

‫كان بأكثر مما اشتراها به من صاحب الدكان وصلى‬


‫الله على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫الرئيس‬ ‫نائب رئيس اللجنة‬
‫عبد العزيز‬ ‫عبد الرزاق عفيفي‬
‫بن عبد الله بن باز‬

‫من أحكام المداينة وغيرها‬


‫فتوى رقم ‪ 4789‬وتاريخ ‪9/7/1402‬هـ‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله محمد‬


‫وآله وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على السئلة الواردة إلى سماحة الرئيس‬
‫العام من فلح بن محمد القحطاني المقيدة بإدارة‬
‫البحوث برقم ‪ 786‬في ‪26/4/1402‬هي وأجابت عن‬
‫كل سؤال عقبه‪:‬‬
‫س ‪ :1‬منذ حوالي سبع سنوات حضر لي شخص‬
‫وطلب مني إعطاءه دينه على دور الحول وفعًل‬
‫دا على أن يدفع لي‬‫قمت بإعطائه ألف ريال عدا ونق ً‬
‫بعد سنة كاملة تسعين صاع قهوة وهذا المبلغ‬
‫المدفوع لشخص يتيم وأنا وكيًل على أمواله ومن‬
‫)( قال في بلوغ المرام رواه أحمد وأبو داود واللفييظ لييه وصييححه ابيين‬ ‫‪1‬‬

‫حبان والحاكم‪.‬‬
‫‪401‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أخذ الدينة شخص ثري ولكنه دار الحول ومضى عليه‬
‫بزيادة ست سنوات ولم يسدد ما في ذمته وصاع‬
‫القهوة المتفق عليها عند أخذه الدينة بسعر خمسة‬
‫وثلثين إلى ثلثين وهي قهوة يمنية والن أصبح سعر‬
‫الصاع للقهوة المدينة سبعين رياًل أرجو إفتائي بذلك‬
‫وإبراء ذمتي من ذلك لنني ل أمتلك من ذلك سوى‬
‫الخير لصاحب المبلغ وفقكم الله لما فيه الخير‬
‫والسداد للسلم والمسلمين‪.‬‬
‫ج ‪ :1‬إذا كان الواقع ما ذكر فعليك أن تطالب‬
‫المدين بالقهوة التي أسلمت عليه فيها ول يجوز أن‬
‫دا ول غيره من العيان إل إذا‬‫ضا ل نق ً‬
‫تأخذ منها عو ً‬
‫كان اليتيم قد أرشد ورضي لنفسه بأخذ رأس المال‬
‫فيجوز له أخذه أي رأس المال فقط أو المطالبة‬
‫‪#‬‬‫بالقهوة‪.‬‬
‫‪402‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫س ‪ :2‬عند إصابة شخص ل سمح الله وهي فتاة‬
‫ما ثم‬ ‫أو امرأة ثم حضر لها شخص لم يكن لها محر ً‬
‫قا‬
‫قام بإنقاذها من أي كارثة كانت‪ ،‬سواء كانت حري ً‬
‫أو غرًقا أو ما شابه ذلك حيث لو كان لم يحضر لها‬
‫قدمت إلى جوار ربها وبعد مدة حضر لوليها ثم طلب‬
‫يدها هل تحل له هذه الفتاة أو المرأة أم ل؟‬
‫ج ‪ :2‬تسبب شخص ما في إنقاذ امرأة من غرق‬
‫ما لها بحال من‬ ‫أو حرق أو نحو ذلك ل يصيره محر ً‬
‫الحوال بإجماع المسلمين ول يمنعه من الزواج بها‪.‬‬
‫س ‪ :3‬ماذا يقول فضيلتكم في الشخاص الذين‬
‫يدفعون مبلغ تسعة آلف ريال فأقل لشخص ما‬
‫بحيث يدفع له على دور الحول سيارة داتسون وماذا‬
‫يقول فضيلتكم في الشخاص الذين يدينون سيارة‬
‫داتسون بمبلغ اثنين وعشرين ألف ريال مع العلم أن‬
‫فضيلتكم يفهم بأن الشخاص الذين يقدمون على‬
‫هذه الحاجات من الشخاص المحتاجين‪ .‬أرجو إفتائي‬
‫بذلك الله ل يحرمنا وجودكم ول يحرمكم الجر‬
‫والثواب(‪.‬‬
‫ج ‪ :3‬أ‪ -‬هذا نوع من السلم ول حرج في ذلك إذا‬
‫كانت السيارة معلومة بالوصف والجل معلوم لعموم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫داي َن ْت ُ ْ‬ ‫مُنوا إ ِ َ‬
‫ذا ت َ َ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫قوله جل وعل ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ه ‪ ‬الية)‪.(1‬‬ ‫فاك ْت ُُبو ُ‬ ‫مى َ‬ ‫س ّ‬‫م َ‬‫ل ُ‬ ‫ن إ َِلى أ َ‬
‫ج ٍ‬ ‫ب ِدَي ْ ٍ‬
‫وقول النبي ‪" ‬من أسلف فليسلف في كيل‬
‫معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم")‪ (2‬وذكر الكيل‬
‫والوزن على سبيل التمثيل ل الحصر‪.‬‬
‫ضا‬
‫ب‪ -‬إذا اشترى النسان السيارة وقبضها قب ً‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.282‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪403‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫شرعًيا جاز له أن يبيعها بقيمة مؤجلة إلى أجل‬
‫معلوم أو مقسطة إلى آجال معلومة ول شيء في‬
‫ذلك إن شاء الله‪ .‬وبالله التوفيق وصلى الله على‬
‫نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الله بن قعود ‪ -‬عبد الله بن غديان ‪ -‬عبد الرزاق عفيفي‬
‫‪ -‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫‪#‬‬

‫)من أحكام بيع وشراء الذهب(‬

‫فتوى رقم ‪ 7923‬وتاريخ ‪22/12/1404‬هي‬


‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على رسوله‬
‫وآله وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على السئلة المقدمة من محمد بن عبد الله‬
‫العبودي إلى سماحة الرئيس العام والمحالة إليها‬
‫برقم ‪2690‬في ‪ 1/11/1404‬هي وأجابت عن كل‬
‫‪404‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫منها عقبه فيما يلي‪:‬‬
‫س ‪ -1‬إذا بعت الذهب على الزبائن وسلموا لي‬
‫القيمة بموجب شيك على أحد البنوك فهل يجوز لي‬
‫استلم الشيك كقيمة للذهب وهل يعتبر الشيك يدا‬
‫بيد حيث إنني لن أستلم قيمة الشيك من البنك إل‬
‫بعد مدة أم ل يجوز ذلك ويلزمني استلم قيمة‬
‫الذهب نقدا وهذا يشق على كثير من الناس‪.‬‬
‫ج ‪ -1‬يعتبر تسلم الشيك قبضا كما في الحوالة‬
‫دفعا للحرج‪.‬‬
‫س ‪ -2‬إذا حضر شخص يريد أن يشتري بعض‬
‫المجوهرات من الذهب ولما وزنت له ما يريد وجد‬
‫أن المبلغ الذي معه ل يكفي قيمة للذهب فمعلوم‬
‫في هذه الحالة أنه ل يجوز لي بيعه الذهب وتسليمه‬
‫له وهو لم يسلمني إل جزء من القيمة لكن إذا كنا‬
‫في وقت الصباح مثل وقال لي اترك الذهب عندك‬
‫حتى وقت العصر كي أحضر لك كامل الدراهم‬
‫وأستلم الذهب الذي اشتريته منك ففي هذه الحالة‬
‫هل يجوز لي أن أترك الذهب على كيسه وحسابه‬
‫حتى يحضر لستلمه أم يلزمني أن ألغي العقد وهو‬
‫إن حضر فهو كسائر المشترين وإل فل شيء بيننا‪.‬‬
‫ج ‪ -2‬ل يجوز أن يبقى الذهب الذي اشتراه منك‬
‫على حسابه حتى يأتي‬
‫‪#‬‬

‫بالدراهم بل لم يتم العقد تخلصا من ربا النسيئة‬


‫ويبقى الذهب لديك في ملكك فإذا حضر ببقية‬
‫الدراهم ابتدأتما عقدا جديد يتم في مجلسه التقابض‬
‫بينكما‪.‬‬
‫س ‪ -3‬إذا اشترى مني شخص ذهبا وسلم قيمته‬
‫‪405‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫واستلم الذهب ثم جاء بعد مدة وأراد إعادة الذهب‬
‫واستلم ما سلمه لي فهل يجوز لي ذلك أم لبد أن‬
‫أشتريه منه إن رغب بسعر السوق‪.‬‬
‫ج ‪ -3‬إن كان المر كما ذكرت جاز ذلك بطريق‬
‫القالة والستقالة‪.‬‬
‫ي امرأة مجوهرات تريد‬ ‫س ‪ -4‬إذ أحضرت إل ّ‬
‫ي واشتراء بدل منها فإذا قمت بوزن ذهبها‬ ‫بيعها عل ّ‬
‫وعلمت ثمنه وأخبرتها بذلك ففي هذه الحالة هل‬
‫يلزمني أن أقوم بتسليمها ثمن ذهبها وعندما أقوم‬
‫بوزن ما تريد شراءه أسترجع المبلغ منها مرة أخرى‬
‫على أنه قيمة للذهب الذي اشتريته مني أم أنه‬
‫يكفي أن أعرف قيمة ذهبها وأبيعها ذهبا بما يساوي‬
‫تلك القيمة واعتبره ثمًنا للذهب الذي اشترته دون‬
‫قيامي بتسليمها قيمة ذهبها حيث إن المجلس واحد‬
‫ولم يحصل تفرق بينهما‪.‬‬
‫ج ‪ :4‬ل يجوز ذلك بطريق المقاصة في الثمنين‬
‫دا شرعًيا‬ ‫مع اختلف وزن الذهبين بل تبرمان عق ً‬
‫لشرائك ما معها من الذهب ثم يكون لها الخيار في‬
‫شراء ذهب منك بعقد آخر أو من غيرك مع مراعاة‬
‫التقابض والتساوي في الوزن عند اتحاد الجنس‬
‫والتقابض فقط عند اختلف الجنس وصلى الله على‬
‫نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الرزاق عفيفي‬ ‫عبد الله بن غديان‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫‪406‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪407‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سماحة الشيخ ابن باز‬
‫يرد على ما أثير حول الفوائد المصرفية‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على‬
‫عبده ورسوله وخيرته من خلقه نبينا محمد بن عبد‬
‫الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيلهم واتبع‬
‫هداهم إلى يوم الدين أما بعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت على ما نشرته )مجلة منار السلم(‬
‫الصادرة في )أبو ظبي( عن وزارة العدل والشئون‬
‫الدينية في عددها الثالث الصادر في ربيع الول من‬
‫عام ‪1404‬هي السنة التاسعة عن إعلن إحدى دوائر‬
‫المحكمة التحادية العليا في دولة المارات العربية‬
‫المتحدة بعض المبادئ بخصوص الفوائد المصرفية‬
‫والتقاضي بشأنها أمام المحاكم وما تضمنته من أن‬
‫الفائدة البسيطة للقرض تجوز استثناء من أصل‬
‫تحريم الربا إذا دعت الحاحة إليها واقتضتها‬
‫المصلحة‪ ،‬واعتبار أن البنوك في حالتها الراهنة‬
‫قا لنظمتها العالمية تتطلبها حاجة العباد ول تتم‬‫ووف ً‬
‫مصالح معاشهم إل بها‪ ،‬وأن المحاكم ل تملك المتناع‬
‫من القضاء بالفوائد بمقولة إن الشريعة تحرم‬
‫الفائدة‪ ،‬وأنه ليس للقاضي في حالة الفائدة التفاقية‬
‫إل أن يحكم بها‪ ،‬وأخيًرا القول بجواز الفائدة‬
‫البسيطة وما دامت في حدود ‪ %12‬في المسائل‬
‫التجارية و ‪ %9‬في غيرها واعتبارهم أن هذه الفوائد‬
‫في تلك الحالت ل تتنافى مع الشريعة السلمية‬
‫التي تلتزم بها دولة المارات المسلمة‪.‬‬
‫دا هذه الخطوة الجريئة على‬ ‫وإنني أستغرب ج ً‬
‫إعلن هذه المبادئ الغربية التي تحمل انتها ً‬
‫كا‬
‫‪408‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لحرمات الله وتعاليم شريعته السمحة المعلومة في‬
‫دين السلم من نصوص القرآن الصريحة وأحاديث‬
‫رسول الله ‪ ‬الصحيحية وخاصة أنها أعلنت في ظل‬
‫دولة إسلمية يرأسها رجل مسلم وفي هذه البادرة‬
‫الخطيرة افتراء على السلم وتحليًل لما هو من أشد‬
‫المحرمات في شريعة الله كما أبان ذلك سماحة‬
‫رئيس القضاء الشرعي في دولة المارات العربية‬
‫في رده على هذه المبادئ وإبانته وجه الحق‪.‬‬
‫ومعلوم أن الله سبحانه وتعالى قد حرم الربا بجميع‬
‫أشكاله‬ ‫‪#‬‬

‫وألوانه في كتابه العزيز في آيات كثيرة منها قوله‬


‫ْ‬
‫ن إ ِّل ك َ َ‬
‫ما‬ ‫مو َ‬ ‫ن الّرَبا َل ي َ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫تعالى ‪‬ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ك‬‫س ذَل ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّطُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ال ْب َي ْ َ‬
‫ع‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫وأ َ‬ ‫ل الّرَبا َ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫ما ال ْب َي ْ ُ‬ ‫قاُلوا إ ِن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ب ِأن ّ ُ‬
‫هى‬ ‫فان ْت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫عظ َ ٌ‬ ‫و ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جاءَهُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف َ‬‫م الّرَبا َ‬ ‫حّر َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫فأول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫عادَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫مُرهُ إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫فل َ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه‬‫ق الل ّ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن * يَ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ر ُ‬ ‫ب الّنا ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫أ ْ‬
‫ر‬
‫فا ٍ‬ ‫ل كَ ّ‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه َل ي ُ ِ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫قا ِ‬ ‫صدَ َ‬ ‫وي ُْرِبي ال ّ‬ ‫الّرَبا َ‬
‫مُنوا َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أِثيم ٍ ‪ ‬وقال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫)‪(1‬‬

‫م‬ ‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ف ً‬ ‫ع َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫فا ُ‬ ‫عا ً‬ ‫ض َ‬ ‫ت َأ ْك ُُلوا الّرَبا أ َ ْ‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬وقال ‪َ ‬‬ ‫تُ ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫في‬ ‫و ِ‬ ‫رًبا ل ِي َْرب ُ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ما آت َي ْت ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬
‫َ‬
‫ه ‪ ‬وقال تعالى‪:‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫عن ْدَ الل ّ ِ‬ ‫فَل ي َْرُبو ِ‬ ‫س َ‬ ‫ل الّنا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ق َ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫وذَُروا َ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫عُلوا‬ ‫ف َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫ن* َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬
‫م ُ‬ ‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن الّرَبا إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫م‬ ‫فل َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ت ُب ْت ُ ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫فأذَُنوا ب ِ َ‬ ‫َ‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.276-275‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.130‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة الروم آية ‪.39‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪409‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬
‫ن‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ن* َ‬ ‫مو َ‬ ‫وَل ت ُظْل َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫م َل ت َظْل ِ ُ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سأ ْ‬ ‫ءو ُ‬ ‫ُر ُ‬
‫َ‬
‫قوا‬‫صدّ ُ‬‫ن تَ َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫سَر ٍ‬‫مي ْ َ‬ ‫فن َظَِرةٌ إ َِلى َ‬ ‫ة َ‬ ‫سَر ٍ‬ ‫ع ْ‬ ‫ذو ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫و ً‬ ‫قوا ي َ ْ‬ ‫وات ّ ُ‬
‫ن* َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م تَ ْ‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫س َ‬‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫فى ك ُ ّ‬ ‫و ّ‬ ‫ه ثُ ّ‬
‫م تُ َ‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬‫ت ُْر َ‬
‫ن ‪ ‬وهذا السلوب‬ ‫م َل ي ُظْل َ ُ‬ ‫كَ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫مو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫سب َ ْ‬
‫الشديد يدل على أن الربا من أكبر الجرائم وأفظعها‬
‫وأنه من أعظم الكبائر الموجبة لغضب الله والمسببة‬
‫لحلول العقوبات العاجلة والجلة‪.‬‬
‫ن‬
‫فو َ‬‫خال ِ ُ‬
‫ن يُ َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫حذَ ِ‬‫فل ْي َ ْ‬
‫قال سبحانه وتعالى ‪َ ‬‬
‫ب‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬ ‫عن أ َمر َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬
‫و يُ ِ‬
‫ةأ ْ‬ ‫م ِ‬
‫ه ْ‬
‫صيب َ ُ‬
‫ن تُ ِ‬
‫هأ ْ‬‫َ ْ ْ ِ ِ‬
‫م ‪ (2)‬وقال عليه الصلة والسلم "اجتنبوا السبع‬ ‫َ‬
‫أِلي ٌ‬
‫الموبقات قالوا‪ :‬يا رسول الله وما هن؟ قال‪ :‬الشرك‬
‫بالله‪ ،‬والسحر‪ .‬وقتل النفس التي حرم الله إل‬
‫بالحق‪ .‬وأكل الربا‪ .‬وأكل مال اليتيم‪ .‬والتولي يوم‬
‫)‪(3‬‬
‫الزحف‪ .‬وقذف المحصنات الغافلت المؤمنات"‬
‫ومعنى الموبقات‪ :‬المهلكات‪ .‬وقال ‪" ‬الربا اثنان‬
‫وسبعون باًبا أدناها مثل اتيان الرجل أمه")‪ (4‬وقد صح‬
‫عنه ‪ ‬أنه "لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه‬
‫وقال‪ :‬هم سواء")‪ (5‬وقال ‪" ‬الذهب بالذهب‪،‬‬
‫والفضة بالفضة‪ ،‬والبر بالبر‪ ،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والشعير‬
‫دا بيد‪ ،‬فمن زاد أو‬ ‫بالشعير‪ ،‬والملح بالملح مثًل بمثل ي ً‬
‫استزاد فقد أربى الخذ والمعطي فيه سواء" رواه‬
‫مسلم‪ .‬فهذه اليات والحاديث وغيرها تؤكد حرمة‬
‫الربا قليله وكثيره‪.‬‬
‫سورة البقرة آية ‪.279 -278‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النور آية ‪.63‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه الطبراني في الوسط ورمز السيوطي لصحته‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪410‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وتبين خطره على الفرد والمجتمع‪ .‬وإن من تعامل‬
‫‪#‬‬‫به أو تعاطاه‪ .‬فقد أصبح محارًبا‬
‫لله ورسوله‪ ،‬وليس بين جميع أهل العلم خلف في‬
‫تحريم ذلك لصراحة النصوص فيه‪.‬‬
‫وكيف يجيز المسلم الغيور على دينه‪ ،‬الذي‬
‫يؤمن بأن هذا السلم العظيم جاء ديًنا شامًل كامًل‬
‫حا‬
‫متضامًنا جلب المصالح ودرأ المفاسد‪ ،‬صال ً‬
‫للتطبيق في كل العصور والمكنة‪ ،‬كيف يجيز لنفسه‬
‫إباحة الربا والتعامل به‪.‬‬
‫وأن هذه المبادئ التي أعلنتها إحدى دوائر‬
‫المحكمة التحادية العليا في دولة المارات لتحليل ما‬
‫حرمه الله ورسوله‪ ،‬بحجة قيام الحاجة إليه‪ ،‬فيها‬
‫جرأة على الله ومحادة لحكامه وقول عليه بغير‬
‫علم‪ .‬وحاجة الناس إلى المصارف ل تكون إل‬
‫بسيرها على أسس من الشريعة السلمية‪ ،‬بإحلل‬
‫ما أحله الله وتحريم ما حرمه فإذا كانت خلف ذلك‬
‫فهي شر وفساد‪ .‬وأحكام شريعة الله ثابتة وقطعية‬
‫لنها صدرت من عزيز حكيم يعلم شئون عباده وما‬
‫يصلح أحوالهم‪ ،‬ول يجوز لنا تحكيم الرأي أو الهوى أو‬
‫ما أشبههما في تحليل حرام أو تحريم حلل‪.‬‬
‫وامتثاًل لمر الله ورسوله في وجوب التناصح‬
‫بين المسلمين‪ ،‬وأداء لما يجب على مثلي من البيان‬
‫والتحذير عما حرمه الله ورسوله‪ ،‬جرى تحرير هذه‬
‫الكلمة الموجزة وأسأل الله أن يوفقنا وجميع‬
‫المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه‪ .‬والنصح لله‬
‫ولعباده والحذر من كل ما يخالف شرعه المطهر‪ ،‬إنه‬
‫جواد كريم‪ .‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله‬
‫‪411‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وصحبه‪.‬‬
‫الرئيس العام‬
‫لدارات البحوث‬
‫العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد‬
‫عبد العزيز بن عبد الله‬
‫بن باز‬
‫‪#‬‬
‫‪412‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫قرار المجمع الفقهي حول العملة‬


‫الورقية‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬


‫نبي بعده سيدنا ونبينا محمد وآله وصحبه وسلم‬
‫ما كثيًرا‪ ...‬أما بعد‪:‬‬
‫تسلي ً‬
‫فقد اطلع على البحث المقدم إلى مجلس‬
‫المجمع في موضوع العملة الورقية وأحكامها من‬
‫الناحية الشرعية وبعد المناقشة والمداولة بين‬
‫أعضائه قرر مجمع الفقه السلمي ما يلي‪:‬‬
‫أول‪ :‬أنه بناء على أن الصل في النقد هو‬
‫الذهب والفضة وبناء على أن علة جريان الربا فيهما‬
‫هي مطلق الثمنية في أصح أقوال عند فقهاء‬
‫الشريعة‪.‬‬
‫وبما أن الثمنية ل تقتصر عند الفقهاء على‬
‫الذهب والفضة وإن كان معدنها هو الصل وبما أن‬
‫العملة الورقية قد أصبحت ثمًنا وقامت مقام الذهب‬
‫والفضة في التعامل بها وبها تقوم الشياء في هذا‬
‫العصر لختفاء التعامل بالذهب والفضة وتطمئن‬
‫النفوس بتمولها وادخارها ويحصل الوفاء والبراء‬
‫العام بها رغم أن قيمتها ليست في ذاتها وإنما في‬
‫أمر خارج عنها وهو حصول الثقة بها كوسيط في‬
‫التداول والتبادل وذلك هو سر مناطها بالثمنية‪.‬‬
‫وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في‬
‫‪413‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الذهب والفضة هو مطلق الثمنية وهي متحققة في‬
‫العملة الورقية لذلك كله فإن مجلس المجمع‬
‫الفقهي السلمي يقرر أن العملة الورقية نقد قائم‬
‫بذاته له حكم النقدين من الذهب والفضة فتجب‬
‫الزكاة فيها ويجرى الربا عليها بنوعيه فضل ونساء‬
‫ما‬
‫كما يجري ذلك في النقدين من الذهب والفضة تما ً‬
‫سا عليهما‬ ‫باعتبار الثمنية في العملة الورقية قيا ً‬
‫وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل‬
‫اللتزامات التي تفرضها الشريعة فيها‪.‬‬
‫دا بذاته كقيام‬ ‫ثانًيا‪ :‬يعتبر الورق النقدي نق ً‬
‫النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الثمان كما‬
‫سا مختلفة تتعدد بتعدد‬ ‫يعتبر الورق النقدي أجنا ً‬
‫جهات الصدار في البلدان المختلفة بمعنى أن الورق‬
‫‪#‬‬ ‫النقدي السعودي جنس وأن الورق‬
‫النقدي المريكي جنس وهكذا كل عملة ورقية‬
‫جنس مستقل بذاته وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه‬
‫فضل ونساء كما يجري الربا بنوعيه في النقدين‬
‫الذهب والفضة وفي غيرها من الثمان‪.‬‬
‫هذا كله يقتضي ما يلي‪:‬‬
‫ل يجوز بيع الورق النقدي بعضه ببعض أو‬ ‫‪-1‬‬
‫بغيره من الجناس النقدية الخرى من ذهب أو فضة‬
‫قا فل يجوز مثًل بيع ريال‬ ‫أو غيرهما نسيئة مطل ً‬
‫سعودي بعملة أخرى متفاضًل نسيئة بدون تقابض‪.‬‬
‫ل يجوز بيع الجنس الواحد من العملة‬ ‫‪-2‬‬
‫الورقية بعضه ببعض متفاضًل سواء كان ذلك نسيئة‬
‫دا بيد فل يجوز مثًل بيع عشرة ريالت سعودية‬ ‫أو ي ً‬
‫بإحدى عشر ريال سعودي ورًقا‪ .‬نسيئة أو ي ً‬
‫دا بيد‪.‬‬
‫‪414‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫قا‬
‫ج‪ -‬يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطل ً‬
‫دا بيد فيجوز بيع الليرة السورية أو‬
‫إذا كان ذلك ي ً‬
‫اللبنانية بريال سعودي ورًقا كان أو فضة أو أقل من‬
‫ذلك أو أكثر وبيع الدولر المريكي بثلثة ريالت‬
‫دا بيد‬
‫سعودية أو أقل من ذلك أو أكثر إذا كان ذلك ي ً‬
‫ومثل ذلك في الجواز بيع الريال السعودي الفضة‬
‫بثلثة ريالت سعودية ورق أو أقل من ذلك أو أكثر‬
‫دا بيد لن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه ول أثر‬ ‫ي ً‬
‫لمجرد الشتراك في السم مع الختلف في‬
‫الحقيقة‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬وجوب زكاة الوراق النقدية إذا بلغت‬
‫قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة أو كانت‬
‫تكمل النصاب مع غيرها من الثمان والعروض‬
‫المعدة للتجارة‪.‬‬
‫عا‪ :‬جواز جمع الوراق النقدية رأس مال في‬ ‫راب ً‬
‫بيع السلم والشركات والله أعلم وبالله التوفيق‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم‪.‬‬
‫رئيس مجلس المجمع الفقهي السلمي‬ ‫‪-1‬‬
‫عبد الله بن محمد بن حميد‪.‬‬
‫نائب الرئيس محمد بن علي الحركان‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫محمد محمود الصواف‪.‬‬
‫‪#‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪415‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫صالح بن عثيمين‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫محمد بن عبد الله بن سبيل‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫مبروك العوادي‬ ‫‪-7‬‬
‫محمد الشاذلي النيفر‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫مصطفى أحمد الزرقاء‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬عبد القدوس الهاشمي‬
‫‪ -11‬محمد رشيدي‪.‬‬
‫‪ -12‬أبو الحسن علي الحسني الندوي‪.‬‬
‫‪ -13‬أبو بكر محمود جومي‪.‬‬
‫‪ -14‬حسنين محمد مخلوف‪.‬‬
‫‪ -15‬د‪ .‬محمد رشيد قباني‪.‬‬
‫‪ -16‬اللواء محمود شيت خطاب‬
‫‪ -17‬محمد سالم عدود‪.‬‬
‫‪ -18‬محمد عبد الرحيم الخالد‪.‬‬
‫مقر مجلس المجمع الفقهي السلمي‬
‫الندوة ص ‪ 11‬في ‪22/2/1404‬هي‪.‬‬

‫)حكم بيع وشراء السهم(‬

‫فتوى رقم ‪ 4016‬وتاريخ ‪20/10/1401‬هي‪.‬‬


‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من‬
‫المستفتي دخيل الله سعد الحارثي والمحال إلى‬
‫‪416‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اللجنة من المانة العامة والسؤال هو ما حكم شراء‬
‫السهم بأكثر من رأس المال وقد اشتريت بعض‬
‫السهم وبعتها بأكثر من الشراء فما حكم التصرف‬
‫ما‬
‫فيها عل ً‬ ‫‪#‬‬

‫بأنه يوجد عندي بعد السهم‪.‬‬


‫وأجابت بما يلي‪:‬‬
‫إذا كانت هذه السهم ل تمثل نقودا ً تمثيل كليا أو‬
‫غالبا ً وهي معلومة للبائع والمشتري جاز بيعها‬
‫وشراؤها لعموم أدلة جواز البيع والشراء وإنما تمثل‬
‫أرضا أو سيارات أو عمارات ونحو ذلك‪ .‬وبالله‬
‫التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الرزاق عفيفي‬ ‫عبد الله بن غديان‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬

‫)تنبيهات على بعض المحرمات(‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‪.‬‬


‫أيها الخ الكريم السلم عليك ورحمة الله‬
‫ن‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫وبركاته وبعد‪ ،‬فإن الله تعالى يقول ‪َ ‬‬
‫وذَك ّْر َ‬
‫ن ‪ (1)‬ونحب أن نعرض‬ ‫مِني َ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫الذّك َْرى ت َن ْ َ‬
‫ف ُ‬
‫عليك بعض الظواهر التي تخالف ديننا السلمي‬
‫الحنيف وذلك قياما بواجب المر بالمعروف والنهي‬

‫)( سورة الذاريات آية ‪.55‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪417‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عن المنكر الذي أخذه الله تعالى على أهل العلم‬
‫فمن ذلك‪:‬‬
‫)‪ (1‬التهاون بالصلة‪:‬‬
‫للصلة أهميتها ومكانتها من الدين فهي الركن‬
‫الثاني من أركان السلم وهي الصلة التي تصل‬
‫المسلم بربه فمن حفظها فقد حفظ دينه ومن‬
‫ضيعها فهو لما سواها أضيع وهي الفارقة بين‬
‫المسلم والكافر‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم "العهد‬
‫الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر")‪ (1‬وقد‬
‫حكم العلماء بكفر تارك الصلة وأنه ل يصلى عليه‬
‫ول يدفن في مقابر المسلمين ول يرث ول يورث‪،‬‬
‫كما أن الصلة ل تترك في أي حال من الحوال ما‬
‫دام المسلم مالكا‬
‫‪#‬‬

‫لوعيه‪ ،‬سواء كان في الحرب أم السلم أو المرض‬


‫ولم يعذر أحد بذلك بل كل يصلي على حسب حاله‬
‫كما ل يجوز تأخيرها عن وقتها لغير عذر‪ ،‬فمما ينبغي‬
‫التأكيد عليه حضور صلة الجماعة في المسجد‬
‫صا صلة العشاء والفجر‬‫للصلوات الخمس وخصو ً‬
‫اللتين هما أثقل الصلوات على المنافقين أعاذنا الله‬
‫من النفاق‪.‬‬

‫)‪ (2‬شرب الدخان‪:‬‬

‫مما ابتلي به المسلمون في عصورهم المتأخرة‬


‫تعاطي الدخان وشربه والكثار منه مع ما ثبت لدى‬
‫الطباء من خطره على أجهزة الجسم الحيوية حيث‬

‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪418‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يسبب الكثير من المراض مثل السرطان وارتفاع‬
‫ضغط الدم وتلوث السنان وغير ذلك مما هو معلوم‬
‫كما أنه‪ ..‬تضييع للمال وإسراف فيه‪ ،‬وقد جاء‬
‫السلم بحفظ النسان في ماله وجسمه وعقله وكل‬
‫وَل‬
‫شيء يضر بذلك فهو منهي عنه‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫هل ُك َ ِ‬
‫ة ‪ ‬ونظًرا لثاره‬ ‫م إ َِلى الت ّ ْ‬
‫ديك ُ ْ‬ ‫ت ُل ْ ُ‬
‫قوا ب ِأي ْ ِ‬
‫الخطيرة على النشء فقد منعت وزارة المعارف من‬
‫تعاطيه أو شربه في مدارسها وذلك بالتعميم رقم‬
‫‪ 4 /1395‬وتاريخ ‪12/9/1398‬هي فيرجى من الخوة‬
‫المدرسين وجميع منسوبي المدارس المتناع عن‬
‫ذلك لما فيه من الضرار الكثيرة على النشء‪.‬‬

‫)‪ (3‬لبس الذهب‪:‬‬

‫ومن العادات السيئة التي وفدت على المسلمين‬


‫من أعدائهم‪ ،‬لبس الذهب والتختم به للرجال مع ما‬
‫ثبت عن رسول الله ‪ ‬من تحريم ذلك والمنع منه‬
‫ما من‬‫فقد رأى عليه الصلة والسلم في يد رجل خات ً‬
‫ذهب فأخذه وطرحه وقال "يعمد أحدكم إلى جمرة‬
‫من نار فيضعها في يده")‪ (1‬ويدخل في هذا ما يسمى‬
‫"الدبلة" إذا كانت من ذهب وكذلك ما يرى في الونة‬
‫الخيرة لدى بعض من ل أخلق له من لبس سلسل‬
‫الذهب وتعليقها في نحورهم‬
‫‪#‬‬

‫تشبًها بالنساء‪ ،‬وقد قال عليه الصلة والسلم "لعن‬


‫الله المتشبهين بالنساء من الرجال والمتشبهات‬
‫بالرجال من النساء")‪ (2‬وكل هذا من أخلق اليهود‬
‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري وغيره‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪419‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأشباههم فيجب الحذر منه‪.‬‬

‫)‪ (4‬التصوير‪:‬‬

‫ومما ينبغي التنبيه عليه وملحظته كثرة التصوير‬


‫والمبالغة فيه مع أن ذلك مما نهى عنه الشرع لغير‬
‫ضرورة ملحة‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم "لعن الله‬
‫المصورين")‪ (1‬وقال‪" :‬أشد الناس عذاًبا يوم القيامة‬
‫المصورون")‪ (2‬وخاصة تصوير ذوات الرواح‬
‫وتجسيمها وعمل التماثيل وتعليقها في الحيطان‬
‫وهذا هو عمل قوم نوح الذي أهلكهم الله بسببه عند‬
‫ما عظموا صور عظمائهم وصالحيهم ثم عبدوهم من‬
‫بعد ذلك‪ ،‬هذا ول يحتج بشيوع التصوير بين الناس‬
‫وانتشاره لسهولته ويسره وتساهلهم به فليس عمل‬
‫الناس حجة على دين الله وإنما المعتبر هو كتاب الله‬
‫وسنة رسول الله عليه الصلة والسلم فهما الفيصل‬
‫وهما المرجع الذي تقاس به أعمال الخلق وسلوكهم‬
‫والله المستعان‪.‬‬
‫هذا ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد وأن‬
‫يجعلنا من العاملين بكتابه المهتدين بهدي نبيه ‪.‬‬

‫تحذير المغرور من شهادة الزور‬

‫قال الله تعالى في وصف المؤمنين عباد‬

‫)( رواه البخاري في صحيحه عيين أبييي جحيفيية بلفييظ ولعيين آكييل الربييا‬ ‫‪1‬‬

‫وموكله والواشمة والمستوشمة والمصور‪.‬‬


‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪420‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن الّزوَر ‪ ‬سورة‬ ‫دو َ‬
‫ه ُ‬ ‫ن َل ي َ ْ‬
‫ش َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الرحمن ‪َ ‬‬
‫الفرقان آية ‪ 73‬أي شهادة الزور وهي الكذب على‬
‫دا كما في الصحيحين عن أبي بكرة قال‬ ‫غيره متعم ً‬
‫قال رسول الله ‪ ‬أل أنبؤكم بأكبر الكبائر –ثلًثا‪-‬‬
‫قلنا بلى يا رسول الله قال‪" :‬الشراك بالله وعقوق‬
‫‪#‬‬‫الوالدين"‬
‫وكان متكًئا فجلس فقال "أل وقول الزور أل‬
‫وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته‬
‫سكت")‪ (1‬وقيل الزور كل قول أو فعل محرم أي ل‬
‫يقولون المحرم ول يفعلونه‪ .‬وقد قرن الشرك بالله‬
‫بقول الزور ومنه شهادة الزور قال تعالى ‪‬‬
‫َ‬
‫و َ‬
‫ل‬ ‫جت َن ُِبوا َ‬
‫ق ْ‬ ‫وا ْ‬
‫ن َ‬ ‫ن اْل ْ‬
‫وَثا ِ‬ ‫م َ‬
‫س ِ‬
‫ج َ‬
‫جت َن ُِبوا الّر ْ‬ ‫َ‬
‫فا ْ‬
‫الّزوِر ‪ ‬سورة الحج آية ‪ 30‬وعن ابن عمر رضي‬
‫الله عنهما قال قال رسول الله ‪" ‬لن تزول قدم‬
‫شاهد الزور حتى يوجب الله له النار" رواه ابن ماجه‬
‫والحاكم وقال صحيح السناد‪.‬‬
‫فشاهد الزور قد ارتكب عظائم‬
‫أحدها‪ :‬الكذب والفتراء قال الله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫ب ‪ ‬سورة غافر‬ ‫ف كَ ّ‬
‫ذا ٌ‬ ‫ر ٌ‬
‫س ِ‬
‫م ْ‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬
‫دي َ‬ ‫ه َل ي َ ْ‬
‫ه ِ‬ ‫الل ّ َ‬
‫آية ‪ 28‬وقال عليه الصلة والسلم "وإن الكذب‬
‫يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار" رواه‬
‫البخاري ومسلم والكذب من علمات النفاق ومن‬
‫أوصاف المنافقين أعاذنا الله والمسلمين من الكذب‬
‫ومن النفاق وأهله‪.‬‬
‫وثانيها‪ :‬أن شاهد الزور ظلم الذي شهد عليه‬
‫)( انظر تفسير ابن كثير ج ‪ 3‬ص ‪.329‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪421‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حتى أخذ بشهادته ماله وعرضه‪.‬‬
‫وثالثها‪ :‬أنه ظلم الذي شهد له بأن ساق إليه‬
‫المال الحرام فأخذه بشهادته فوجبت له النار قال‬
‫عليه الصلة والسلم "من قضيت له من مال أخيه‬
‫بغير حق فل يأخذه فإنما أقطع له قطعة من نار"‬
‫رواه البخاري ومسلم)‪.(1‬‬
‫ورابعها‪ :‬أنه أباح ما حرم الله تعالى وعصمه‬
‫من المال والدم والعرض قال عليه الصلة والسلم‬
‫"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام" رواه‬
‫مسلم وقال‪" :‬كل المسلم على المسلم حرام دمه‬
‫وماله وعرضه" رواه مسلم‪.‬‬
‫وشهادة الزور هي الشهادة الكاذبة التي ليس لها‬
‫أساس من الصحة بأن يشهد النسان بما ليس له به‬
‫علم إما بدافع الحمية لمناصرة المشهود له بالباطل‬
‫وإما بدافع الطمع بما يعطيه المشهود له من مكافأة‬
‫مالية أو غيرها دون تفكير في العاقبة الوخيمة ودون‬
‫خوف من الله‪ ،‬إن الشهادة يجب أن تكون عن علم‬
‫‪#‬‬

‫د‬
‫ه َ‬ ‫ن َ‬
‫ش ِ‬ ‫بالمشهود به قال الله تعالى‪ :‬إ ِّل َ‬
‫م ْ‬
‫ن ‪ ‬سورة الزخرف آية ‪ 86‬أي‬ ‫عل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬
‫و ُ‬
‫ق َ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ح ّ‬
‫يعلمون بقلوبهم ما تشهد به ألسنتهم فل يجوز أن‬
‫يشهد إل بما يتحقق إما برؤية أو سماع من المشهود‬
‫عليه ونحو ذلك مما يفيد العلم لدى الشاهد‪ ،‬وما ل‬
‫وَل‬‫يعلمه ل يجوز له أن يشهد به قال الله تعالى ‪َ ‬‬
‫وال ْب َ َ‬
‫صَر‬ ‫ع َ‬
‫م َ‬
‫س ْ‬
‫ن ال ّ‬ ‫عل ْ ٌ‬
‫م إِ ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫س لَ َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫ما ل َي ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ق ُ‬

‫)( انظر الكبائر للذهبي ص ‪.77‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪422‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سُئوًل ‪ ‬سورة‬
‫م ْ‬ ‫ه َ‬
‫عن ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫ل ُأول َئ ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ؤادَ ك ُ ّ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫َ‬
‫السراء آية ‪ 36‬إن شاهد الزور من الذين يفسدون‬
‫في الرض ول يصلحون‪ ،‬شاهد الزور خائن يقلب‬
‫بشهادته الحق باطًل والباطل ح ً‬
‫قا‪.‬‬
‫شاهد الزور يغرر بالحكام ويفسد الحكام‬
‫ويساعد أهل الجرام‪ ،‬كم أخربت شهادة الزور من‬
‫بيوت عامرة‪ ،‬وضيعت حقوًقا واضحة وأزهقت أروا ً‬
‫حا‬
‫بريئه‪ ،‬كم فرقت بين المرء وزوجه‪.‬‬
‫كم منعت صاحب الحق من حقه وجرأت‬
‫المفسدين على الفساد‪ ،‬إن شهادة الزور تفسد‬
‫المجتمعات وتحول دون تنفيذ أحكام الله وتغرر‬
‫بالقضاء والمفتين‪ ،‬وتفسد الدنيا والدين‪ ،‬فيجب على‬
‫ولة المور أن يعاقبوا شاهد الزور بالعقوبة الرادعة‬
‫ويشهروا أمره حتى يعرفه الناس ويحذروه ول يثقوا‬
‫به‪.‬‬
‫ويجب على النسان أن يشهد بالحق ولو على‬
‫نفسه أو أقرب الناس إليه ل تأخذه في ذلك لومة‬
‫لئم ول يصرفه عن ذلك طمع أو خوف أو محاباة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا ُ‬
‫كوُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫سك ُ ْ‬
‫م‬ ‫عَلى أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫ول َ ْ‬
‫و َ‬ ‫داءَ ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫ط ُ‬
‫ش َ‬ ‫س ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ِبال ْ ِ‬‫مي َ‬ ‫وا ِ‬‫ق ّ‬ ‫َ‬
‫واْل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬سورة النساء آية ‪135‬‬ ‫قَرِبي َ‬ ‫ن َ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫وال ِدَي ْ ِ‬ ‫أ ِ‬
‫إن الشهادة ليست مجرد قول باللسان ولكنها كلمة‬
‫يترتب عليها عدل أو جور وتبنى عليها الحكام وتنزع‬
‫بها حقوق وتسفك بها دماء ويفرق بها بين زوجين‬
‫فاتقوا الله أيها المسلمون فيمن تشهدون عليه‬
‫‪423‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪(1‬‬
‫وفيمن تشهدون له وتثبتوا فيما تنطقون به‬
‫واعلموا أنكم ستلقون ربكم ويسألكم عن أعمالكم‬
‫خي ًْرا‬‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬
‫ل ِ‬ ‫م ْ‬‫ع َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ويجازيكم عليها ‪َ ‬‬
‫ه ‪ ‬سورة‬ ‫شّرا ي ََر ُ‬ ‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬ ‫قا َ‬‫مث ْ َ‬
‫ل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ع َ‬‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬‫و َ‬
‫ي ََرهُ * َ‬
‫الزلزلة آية ‪ 8-7‬كما أنه يجب على من لديه شهادة‬
‫موا‬ ‫وَل ت َك ْت ُ ُ‬ ‫أن يبينها ول يكتمها قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫فإن ّ َ‬
‫ه ‪ ‬سورة‬ ‫قل ْب ُ ُ‬‫م َ‬ ‫ه آث ِ ٌ‬‫ها َ ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ْ‬‫م ْ‬ ‫و َ‬‫هادَةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ش َ‬
‫‪#‬‬‫البقرة آية ‪ 283‬فدلت الية على تحريم كتم‬
‫الشهادة وأن كاتمها قد أثم قلبه الذي هو ملك‬
‫العضاء لن كتمها كالشهادة بالباطل والزور فيها‬
‫ضياع الحقوق وفساد المعاملت والثم المتكرر في‬
‫حقه وحق من عليه الحق)‪ (2‬وقال النبي ‪" ‬أل‬
‫أخبركم بخير الشهداء هو الذي يأتي بالشهادة قبل‬
‫أن يسألها" رواه مسلم ول يعارضه ذم الذين‬
‫يشهدون ول يستشهدون في حديث عمران بن‬
‫حصين المتفق عليه فهو محمول على شهادة الزور‪.‬‬

‫تحذير المة عن تعاطي الرشوة‬


‫َ‬ ‫ْ‬
‫م ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫وال َك ُ ْ‬
‫م َ‬‫وَل ت َأك ُُلوا أ ْ‬ ‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫قا‬ ‫ري ً‬ ‫ف ِ‬ ‫كام ِ ل ِت َأ ْك ُُلوا َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ها إ َِلى ال ْ ُ‬
‫وت ُدُْلوا ب ِ َ‬
‫ل َ‬‫ِبال َْباطِ ِ‬
‫من أ َموال الّناس باْلث ْم َ‬
‫ن ‪ ‬سورة‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م تَ ْ‬
‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫ِ ِ ِ ِ َ‬ ‫ِ ْ ْ َ ِ‬
‫البقرة آية ‪ 188‬أي ل تدلوا بأموالكم إلى الحكام‬

‫)( انظيير الخطييب المنبرييية فييي المناسييبات العصييرية للييدكتور صييالح‬ ‫‪1‬‬

‫الفوزان ص ‪.278‬‬
‫)( انظر تفسير ابن سعدي ج ‪ 1‬ص ‪ 350‬ط ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪424‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وهم القضاة أي ل تصانعوهم بها ول ترشوهم‬
‫قا لغيركم وأنتم تعلمون أنه ل يحل‬ ‫ليقتطعوا لكم ح ً‬
‫لكم‪ .‬وعن أبي هريرة قال قال رسول الله ‪" ‬لعنة‬
‫الله على الراشي والمرتشي في الحكم" رواه أحمد‬
‫وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله ‪‬‬
‫"لعنة الله على الراشي والمرتشي" رواه أحمد‬
‫وأهل السنن إل النسائي وصححه الترمذي‪.‬‬
‫وعن ثوبان قال لعن رسول الله ‪ ‬الراشي‬
‫والمرتشي والرائش رواه أحمد)‪ (1‬فالراشي هو الذي‬
‫يعطي الرشوة والمرتشي هو الذي يأخذ الرشوة‬
‫والرائش هو الواسطة الذي يسعى بينهما وفي هذه‬
‫الحاديث الوعيد الشديد لمن أعطى الرشوة أو‬
‫أخذها أو توسط فيها باللعنة وهي الطرد والبعاد عن‬
‫رحمة الله‪ .‬وفي الحديث الول الوعيد على أخذ‬
‫الرشوة في الحكم‪.‬‬
‫أما الحديثان الثاني والثالث فالوعيد فيهما عام‬
‫على أخذ الرشوة في الحكم وفي غيره‪ .‬قال العلماء‬
‫إنما تلحق اللعنة الراشي إذا قصد بها أذية مسلم أو‬
‫ينال بها‬
‫‪#‬‬

‫ما ل يستحق أما إذا أعطى ليتوصل إلى حق له أو‬


‫ما فإنه غير داخل في اللعنة‪ ،‬وأما‬‫يدفع عن نفسه ظل ً‬
‫قا أو دفع بها‬‫الحاكم فالرشوة عليه حرام أبطل بها ح ً‬
‫ما)‪ (2‬وخرج الطبراني بإسناد جيد عن ابن عمر عن‬ ‫ظل ً‬
‫النبي ‪" ‬الراشي والمرتشي في النار" وروى‬
‫الطبراني بإسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله‬
‫)( انظر المنتقى من أخبار المصطفى ‪.935 /2‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر كتاب الكبائر للذهبي ص ‪.127‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪425‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عنهما قال "الرشوة في الحكم كفر وهي بين الناس‬
‫سحت" فالرشوة حرام بإجماع المسلمين سواء‬
‫كانت للقاضي أو للعامل على الصدقة أو لي عامل‬
‫في وظيفة من وظائف الدولة فالسلم يحرم‬
‫الرشوة لنها من أكل أموال الناس بالباطل‪ ..‬وشيوع‬
‫الرشوة في المجتمع شيوع للفساد والظلم لنها‬
‫تسبب منع صاحب الحق من حقه ودفعه إلى غير‬
‫مستحقة فالرشوة تسبب الظلم والعدوان‪ ،‬وتكون‬
‫سبًبا لتقديم من يستحق التأخير وتأخير من يستحق‬
‫التقديم‪ ،‬فما خالطت الرشوة عمًل إل أفسدته ول‬
‫قلًبا إل أظلمته‪.‬‬
‫فما فشت الرشوة في أمة إل وحل فيها الغش‬
‫محل النصح والخيانة محل المانة والخوف محل‬
‫المن والظلم محل العدل‪ ،‬فالرشوة مهدرة للحقوق‬
‫معطلة للمصالح مجرأة للظلمة والمفسدين‪ .‬ما‬
‫فشت في مجتمع إل وآذنت بهلكه‪ ،‬تساعد على الثم‬
‫والعدوان‪ ،‬تقدم السفيه الخامل وتبعد المجد العامل‬
‫قا‪ ،‬كم ضيعت من‬ ‫تجعل الحق باطًل والباطل ح ً‬
‫حقوق وأهدرت من كرامة ورفعت من لئيم وأهانت‬
‫من كريم فهي داء وبيل ومرض خطير كم من تقي‬
‫أهين وضيع حقه عند موظف لئيم لنه لم يدفع له‬
‫رشوة‪ .‬وكم من فاسق قدم على غيره وأعطى‬
‫مطلبه وإن كان باطًل لنه دفع الرشوة ولوث‬
‫المجتمع برجسها فاستحق لعنة الله ومقته فقد لعن‬
‫رسول الله ‪ ‬في الرشوة ثلثة الراشي وهو الذي‬
‫يعطي الرشوة والمرتشي وهو الذي يأخذ الرشوة‬
‫والرائش وهو الساعي بينهما وما ذلكم يا عباد الله‬
‫‪426‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إل لشناعة الرشوة وسوء أثرها على المسلمين لن‬
‫ضررها يعم وداءها ينتشر ولهذا يرى بعض العلماء‬
‫ما من المال المدفوع إلى البغي في‬‫أنها أشد تحري ً‬
‫مقابلة الزنا بها – مما يدل على شناعة الرشوة‬
‫وعظيم ضررها‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪427‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والسلم يحرم الرشوة في أي صورة كانت بأي‬
‫اسم سميت سواء سميت هدية أو مكافأة أو كرامة‬
‫فالسم ل يغير الحقيقة – لن الموظف يجب عليه‬
‫القيام بعمله في مقابل ما يتقاضاه من مرتب – وهذا‬
‫المال الذي يأخذه من الناس إن كان لجل أن يعطي‬
‫صاحب الحق حقه فهذا واجب بحكم عمله بدون‬
‫مقابل وإن كان لجل أن يعطيه غير حقه أو يقدمه‬
‫على غيره ممن هو أسبق منه فهذا مال أخذه بغير‬
‫ما وأعظم‬ ‫حق وفي مقابلة ظلم – فهو أشد تحري ً‬
‫ما‪ .‬فاتقوا الله أيها المسلمون وتجنبوا هذا الداء‬
‫إث ً‬
‫الخطير وأنكروا هذا المنكر العظيم)‪.(1‬‬
‫إن الرشوة تكون في الحكم فيقضى من أجلها‬
‫لمن ل يستحق أو يمنع من يستحق أو يقدم من غيره‬
‫أحق بالتقديم وتكون الرشوة في تنفيذ الحكم‬
‫فيتهاون من عليه تنفيذه بتنفيذه من أجل الرشوة‪.‬‬
‫إن الرشوة تكون في الوظائف والمسابقة فيها‬
‫فيقدم من أجلها من ل ينجح وأغرب من ذلك أن‬
‫تدخل الرشوة في التعليم والثقافة فينجح من أجلها‬
‫من ل يستحق النجاح)‪ (2‬فاتقوا الله أيها المسلمون ول‬
‫تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون‪.‬‬
‫حفظ الله مجتمعنا المسلم من الظلم والعدوان‬
‫وأعاذنا وإياكم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‬
‫ومن نزغات الشيطان‪.‬‬

‫)( انظيير الخطييب المنبرييية فييي المناسييبات العصييرية ص ‪ 369‬للشيييخ‬ ‫‪1‬‬

‫صالح الفوزان‪.‬‬
‫)( انظيير الضييياء اللمييع ميين الخطييب الجوامييع للشيييخ محمييد الصييالح‬ ‫‪2‬‬

‫العثيمين ص ‪.620‬‬
‫‪428‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫الذكرى‬
‫نصيحة هامة كتبها الفقير إلى عفو الله‬
‫عبد الرحمن بن حماد بن عمر‬
‫ع‬
‫ف ُ‬‫ن الذّك َْرى ت َن ْ َ‬‫فإ ِ ّ‬ ‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫وذَك ّْر َ‬
‫ن‬ ‫ن اْل ِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫ر * إِ ّ‬‫ص ِ‬
‫ع ْ‬‫وال ْ َ‬
‫ن ‪ ‬وقال تعالى ‪َ ‬‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫ت‬
‫حا ِ‬ ‫مُلوا ال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫ع ِ‬‫و َ‬‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ر * إ ِّل ال ّ ِ‬ ‫س ٍ‬‫خ ْ‬ ‫في ُ‬ ‫لَ ِ‬
‫ر‪‬‬ ‫صب ْ ِ‬‫وا ِبال ّ‬‫ص ْ‬‫وا َ‬‫وت َ َ‬‫ق َ‬
‫ح ّ‬ ‫وا ِبال ْ َ‬‫ص ْ‬‫وا َ‬
‫وت َ َ‬‫َ‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫الحمد لله رب العالمين وصلى الله على رسوله‬


‫ما كثيًرا‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫نبينا محمد وعلى آله وسلم تسلي ً‬
‫فإن ترك الكثير من الناس للصلوات الخمس‪،‬‬
‫والتبرج والختلط الذي وقعت فيه أكثر النساء‪ ،‬وغير‬
‫ذلك من المعاصي المتفشية بين الناس‪ :‬خطر عظيم‬
‫يستدعي تقديم هذه النصيحة لكافة من يراها أو‬
‫يسمعها أو تبلغه إظهاًرا للحق وإبراء للذمة –أسأل‬
‫الله العلي القدير أن يقبلها وينفع بها وهو حسبنا‬
‫ونعم الوكيل‪.‬‬
‫الصلة‪:‬‬
‫لسلم بعد الشهادتين‪..‬‬ ‫الصلة هي أعظم أركان ا ٍ‬
‫فهي صلة بين العبد وربه افترضها الله وعظم شأنها‬
‫ومدح أهلها في أكثر من ثمانين موضًعا في القرآن‬
‫العظيم‪ ،‬وجاء في الحديث‪ :‬الخبار بأنها أول ما ينظر‬
‫الله فيه من عمل العبد فإن قبلها نظر في سائر‬
‫‪429‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عمله‪ ،‬وإن ردها رد سائر عمله‪ ..‬فل يقبل للعبد زكاة‬
‫كا لصلته‬‫ول صوم ول حج ول بر ول صدقة ما دام تار ً‬
‫مضيًعا لها‪ .‬لنها عمود الدين من حفظها فقد حفظ‬
‫دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع‪.‬‬
‫وتارك الصلة جحوًدا أو عناًدا رجًل أم امرأة كافر‬
‫بإجماع المسلمين حلل الدم والمال يستتاب فإن‬
‫دا ل يغسل ول يكفن‬
‫‪#‬‬
‫تاب وصلى وإل قتل مرت ً‬
‫ول يصلى عليه ول يدفن في مقابر المسلمين ول‬
‫يرث أقاربه المسلمين ول يورثونه‪ ..‬قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ما‬
‫ن‪‬‬ ‫صّلي َ‬‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫م نَ ُ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬‫قَر * َ‬ ‫س َ‬
‫في َ‬ ‫م ِ‬‫سل َك َك ُ ْ‬
‫َ‬
‫عوا‬
‫ضا ُ‬‫فأ َ‬‫َ‬ ‫خل ْ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫)‪ 1‬وقال تعالى ‪َ ‬‬ ‫(‬
‫ه ْ‬‫د ِ‬‫ع ِ‬‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ف َ‬
‫غّيا ‪‬‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ف ي َل ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫و َ‬ ‫س ْ‬‫ف َ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬
‫ه َ‬‫ش َ‬‫عوا ال ّ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫وات ّب َ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫)‪ (2‬وقال النبي ‪ ‬في الحديث الذي رواه مسلم‬
‫وغيره "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلة" وفي‬
‫الحديث الذي رواه المام أحمد وأهل السنن قال‬
‫النبي ‪" ‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة فمن تركها‬
‫فقد كفر" وأخبر النبي ‪ ‬في الحديث الصحيح)‪ (3‬أن‬
‫من حفظها وحافظ عليها كانت له نوًرا وبرهاًنا ونجاة‬
‫يوم القيامة ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نوًرا ول‬
‫برهاًنا ول نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون‬
‫وهامان وأبي بن خلف( نعوذ بالله من سخطه وأليم‬
‫عقابه‪.‬‬
‫وأما تارك الصلة كسًل مع إقراره بوجوبها فإنه‬
‫يستتاب ثلثة أيام ويضيق عليه فإن تاب وصلى وإل‬

‫)( سورة المدثر آية ‪.43-42‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة مريم آية ‪.59‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أحمييد بإسييناد جيييد والييدارمي والييبيهقي فييي شييعب اليمييان‬ ‫‪3‬‬

‫والطبراني في الكبير والوسط وابن حبان في صحيحه‪.‬‬


‫‪430‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫قتل‪ .‬والصلة واجبة على كل مسلم مكلف ذكر أو‬
‫فا أو‬
‫أنثى ل تسقط عنه بأي حال حتى لو كان خائ ً‬
‫ضا فإنه يؤديها بقدر استطاعته ول يعذر بتركها إل‬
‫مري ً‬
‫الحائض والنفساء أيام الحيض‬
‫والنفاس فقط‪.‬‬
‫والتهاون بالصلة وتأخيرها عن أوقاتها من أعظم‬
‫المحرمات التي توعد الله فاعلها بويل وهو‪ :‬واد في‬
‫جهنم تستعيذ جهنم من حره كما قال تعالى‪ :‬‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬
‫صّلي َ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫وي ْ ٌ‬ ‫َ‬
‫صلت ِ ِ‬ ‫ع ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ن ُ‬
‫ذي َ‬ ‫م َ‬ ‫ف َ‬
‫ن ‪ (1)‬أيها المسلم اعلم أن الصلة مع‬ ‫هو َ‬ ‫سا ُ‬ ‫َ‬
‫الجماعة واجبة على الرجال ول يعذر في التخلف‬
‫عنها مع الجماعة إل المريض أو الخائف على نفسه‬
‫أو أهله أو ماله أو ما هو مستحفظ عليه أو فوات‬
‫رفقته ومن أدلة وجوبها مع الجماعة‪ :‬آية صلة‬
‫الخوف)‪ (2‬حيث أمر الله بها جماعة في حال الخوف‬
‫ومواجهة العدو وحيث اغتفر أفعال كثيرة تجب في‬
‫الصلة في غير الخوف لجل الجماعة‪ ،‬وإباحة جمع‬
‫صلة العشاء مع المغرب في حال البرد‬
‫‪#‬‬

‫الشديد أو المطر أو الوحل فأبيح تقديم العشاء على‬


‫وقتها من أجل الجماعة الذين يشق عليهم الرجوع‬
‫)‪(3‬‬
‫إلى المسجد في تلك الحال‪.‬‬
‫وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه أن رسول الله ‪ ‬قال "أثقل صلة على‬
‫المنافقين صلة العشاء وصلة الفجر ولو يعلمون ما‬
‫)( سورة الماعون آية ‪.5-4‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( وهي الية رقم ‪ 102‬من سورة النساء‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كما في حديث ابيين عبياس المتفييق عليييه انظيير المنتقييى ميين أخبيار‬ ‫‪3‬‬

‫المصطفى ‪.4 -2‬‬


‫‪431‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وا ولقد هممت أن آمر بالصلة‬ ‫فيهما لتوهما ولو حب ً‬
‫فتقام ثم آمر رجًل فيصلي بالناس ثم انطلق معي‬
‫برجال معهم حزم من حطب إلى قوم ل يشهدون‬
‫الصلة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"‪.‬‬
‫فلو لم تكن الصلة مع الجماعة واجبة على‬
‫الرجال لما هم النبي ‪ ‬بإحراق المتخلف عنها منهم‬
‫لن العقوبة ل تكون إل على ترك واجب ومن أبلغ‬
‫الدلة على وجوبها‪ :‬ما رواه مسلم في صحيحه عن‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬أتى النبي ‪ ‬رجل‬
‫أعمى فقال‪ :‬يا رسول الله إنه ليس لي قائد يقودني‬
‫إلى المسجد فسأل رسول الله ‪ ‬أن يرخص له‬
‫فيصلي في بيته فرخص له فلما ولى دعاه فقال‪ :‬هل‬
‫تسمع النداء؟ قال‪ :‬نعم قال‪) :‬فأجب( فإذا كانت‬
‫إجابة النداء للصلة في المسجد واجبة على العمى‬
‫فهي على المبصر أوجب‪.‬‬
‫وقال أبو بكر بن المنذر‪ :‬روينا عن غير واحد من‬
‫أصحاب رسول الله ‪ ‬وذكر منهم‪ :‬ابن مسعود وأبا‬
‫موسى الشعري أنهم قالوا‪ :‬من سمع النداء ثم لم‬
‫يجب من غير عذر فل صلة له)‪ (1‬وقد روي ذلك عن‬
‫النبي ‪ (2)‬واعلموا يا من تصلون الجمعة وتتركون‬
‫ما سواها أن النبي ‪ ‬بدأ في الحديث بالصلوات‬
‫الخمس فقال‪) :‬الصلوات الخمس والجمعة إلى‬
‫الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما‬
‫اجتنبت الكبائر)‪ (3‬فبهذا وغيره يعلم أن الله افترض‬
‫)( ذكره عنه المنذري في الترغيب والترهيب ج ‪ 1‬ص ‪.329‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( من حديث ابن عبيياس رواه البغييوي فييي شييرح السيينة ج ‪ 3‬ص ‪348‬‬ ‫‪2‬‬

‫بإسناد صحيح‪.‬‬
‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪432‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الصلوات الخمس كل يوم وليلة‪ ،‬وهذا الحديث صريح‬
‫في أن تأدية الصلوات الخمس والجمعة وصوم‬
‫رمضان ل تكفر كبائر الذنوب وإنما تكفر الصغائر‪ .‬أما‬
‫الكبائر التي توعد الله فاعلها بالعذاب فل يكفرها إل‬
‫التوبة منها كما دلت على ذلك اليات والحاديث‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫ومعلوم أن ترك صلة واحدة من الصلوات‬


‫الخمس من أكبر الكبائر)‪ (1‬فاتقوا الله أيها المتهاونون‬
‫بالصلة وارجعوا إلى ربكم وتوبوا إليه قبل أن‬
‫يخترمكم الموت فتقول نفس يا حسرتي على ما‬
‫فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين‪.‬‬
‫اتقوا الله وأدوا فرائضه وتجنبوا محرماته واعلموا أن‬
‫الصلة هي عمود الدين وهي آخر ما يفقده المرء‬
‫من دينه إذ ليس بعد فقدها دين وهي التي ما زال‬
‫النبي ‪ ‬يوصي بها وهو يجود بنفسه الشريفة حيث‬
‫كان يقول "الله الله في الصلة وفيما ملكت‬
‫أيمانك")‪ (2‬فتعلم أيها المسلم أحكام الصلة وأدها‬
‫حيث أمرك الله بخشوع ورغبة إلى الله عسى الله‬
‫أن يقبل منك ويتوب عليك ويغفر لك‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫)( حيييث أن تييارك الصييلة محكييوم بكفييره انظيير الييترغيب والييترهيب‬ ‫‪1‬‬

‫للمنذري ج ‪ 1‬ص ‪.358-342‬‬


‫)( رواه المام أحمد في المسند‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪433‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫تحريم تبرج النساء واختلطهن بالرجال‬


‫والمر بالحجاب‬

‫ثم اعلموا أيها المسلمون ويا أيها المسلمات أن‬


‫من أعظم الذنوب وأضر الفتن ما تفعله أكثر نساء‬
‫هذا الزمان‪ :‬من خروجهن من بيوتهن فاتنات‬
‫مفتونات على حال من التبرج بالزينة والطيب‬
‫والتكشف وإظهار المفاتن ومخالطة الرجال تسخط‬
‫الله وتوجب غضبه وحلول نقمته والله عز وجل‬
‫ج‬
‫ن ت َب َّر َ‬ ‫وَل ت َب َّر ْ‬
‫ج َ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن َ‬ ‫ن ِ‬
‫قْر َ‬ ‫يقول‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫وَل ي ُب ْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ة اْلوَلى ‪ ‬ويقول سبحانه ‪َ ‬‬ ‫ال ْ َ‬
‫(‬‫‪1‬‬ ‫)‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬
‫جا ِ‬
‫ن ‪ (2)‬وقال النبي ‪" ‬صنفان من أهل النار‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ِ‬
‫لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها‬
‫الناس ونساء كاسيات عاريات مائلت مميلت‬
‫رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ل يدخلن الجنة ول‬
‫يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا‬
‫رواه مسلم وغيره فقول النبي ‪) ‬لم أرهما( أي‬
‫في حياته‪ ..‬وهذا الحديث من معجزاته ‪ ‬فقد وقع‬
‫في هذا الزمان ما أخبر به ‪ ‬حيث وجدت النساء‬
‫الكاسيات من نعم الله العاريات من شكر الله عليها‪،‬‬
‫)( سورة الحزاب آية ‪.33‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.31‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪434‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والكاسيات بما عليهن من ثياب قصيرة العاريات بما‬
‫ظهر من أجسادهن ووجدت الكاسيات بما عليهن من‬
‫ثياب وخمر شفافة ل تستر ما تحتها فهن عاريات بما‬
‫يظهر من أجسادهن من وراء تلك الثياب‪ ،‬وشبيه‬
‫بالعري بل قد يكون أبلغ منه في الفتنة‬
‫لبس ما يسمى بالكرته أو الفستان وهو الثوب الذي‬
‫صدره ضيق وأسفله واسع لكي يظهر مفاتن المرأة‬
‫ومعازلها وهو ثوب أكثر من‬
‫‪#‬‬

‫يلبسه الراقصات العاهرات‪ .‬ومثل ذلك‪ :‬الثوب‬


‫الضيق كله ونحو ذلك مما هو لباس للكافرات‬
‫الغربيات ونحوهن ومن يتشبه بهن من المنتسبات‬
‫للسلم‪.‬‬
‫ومعنى )مميلت( أي يعلمن غيرهن فعلهن‬
‫المذموم‪ ،‬وقيل مائلت أي‪ :‬يمتشطن المشطة‬
‫الميلء وهي مشطة البغايا‪ ،‬ومميلت‪ :‬يمشطن غير‬
‫هن تلك المشطة كما هي حال كثير من النساء اليوم‬
‫اللتي يجمعن شعر رؤسهن فوق هاماتهن أو في‬
‫مقدمة رؤوسهن إلى غير ذلك نعوذ بالله من سوء‬
‫الفتن ما ظهر منها وما بطن‪ .‬وروى المام الدارمي‬
‫في سننه عن أبي موسى‪) :‬أيما امرأة استعطرت ثم‬
‫)‪(1‬‬
‫خرجت فيوجد ريحها فهي زانية وكل عين زانية(‬
‫روى الترمذي وابن خزيمة وابن حبان عن عمر عن‬
‫النبي ‪" ‬المرأة عورة فإذا خرجت استشرفها‬
‫الشيطان")‪ (2‬وروى ابن ماجة قول النبي ‪" ‬يا أيها‬
‫الناس انهوا نساءكم عن لبس الزينة والتبختر في‬

‫)( ورواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب ومعنى استشرفها زينها في‬ ‫‪2‬‬

‫نظر الرجال‪.‬‬
‫‪435‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المسجد فإن بني إسرائيل لم يلعنوا حتى لبست‬
‫نساؤهم الزينة وتبخترن في المساجد")‪.(1‬‬
‫وهذا المنهي عنه في الحديث واقع فيه أكثر‬
‫النساء اللتي يأتين إلى الحرمين الشريفين وغيرهما‬
‫وخاصة أيام العيدين حيث يأتين في زينتهن ولباسهن‬
‫الذي ل يستر أو المظهر للمفاتن فيفتن الناس‬
‫ويفتتن بهم ويبارزن الله بمعصيته في حرمه نعوذ‬
‫بالله من ذلك‪.‬‬
‫ونهى النبي ‪ ‬عن خلوة الرجل بالمرأة التي‬
‫ما لها فقال في الحديث المتفق عليه‪" :‬ل‬ ‫ليس محر ً‬
‫يخلو رجل بامرأة إل معها ذو محرم ول تسافر المرأة‬
‫إل مع ذي محرم" وقال النبي ‪ ‬في الحديث الذي‬
‫رواه الطبراني‪" :‬والذي نفسي بيده ما خل رجل‬
‫بامرأة إل دخل الشيطان بينهما")‪ (2‬وعن جابر رضي‬
‫الله عنه أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬من كان يؤمن بالله‬
‫واليوم الخر فل يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم‬
‫منها فإن ثالثهما الشيطان" رواه المام أحمد)‪.(3‬‬
‫ثم إن من المخلفات التي ارتكبها أكثر النساء‬
‫خروجهن سافرات غير متحجبات يفتن الرجال‬
‫ويفتتن بهم قال النبي ‪" ‬ما تركت بعدي فتنة هي‬
‫أضر على الرجال من النساء")‪ (4‬والحجاب أمر الله به‬
‫في كتابه وعلى لسان رسوله ‪ ‬وعليه عمل أمهات‬
‫المؤمنين وعمل المؤمنات في القرون المفضلة إلى‬
‫عصرنا الحاضر‪ ،‬والسفور مخالفة لمر الله وأمر‬
‫)( وأشار المنذري في الترغيب والترهيب إلى ضعفه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( وإسناده ضعيف‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( والحاكم من طريق عمر وله عند أحمد طريق عن جابر وهييو صييحيح‬ ‫‪3‬‬

‫بمجموع طرقه‪.‬‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪436‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن‬ ‫وَل ي ُب ْ ِ‬
‫دي َ‬ ‫رسوله ‪ ‬والله سبحانه وتعالى يقول ‪َ ‬‬
‫ن ‪ (1)‬والوجه واليدان من أعظم زينة المرأة‬ ‫ه ّ‬
‫زين َت َ ُ‬
‫ِ‬
‫كما بين ذلك المحققون من أهل العلم)‪ (2‬وآية‬
‫الحجاب صريحة في المر بالحجاب والمر يقتضي‬
‫َ‬
‫ي ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫الوجوب وهي قوله تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ها الن ّب ِ ّ‬
‫ن َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن ي ُدِْني َ‬‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ء ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سا ِ‬
‫ون ِ َ‬
‫ك َ‬‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ج َ‬
‫ك َ‬ ‫وا ِ‬
‫ِلْز َ‬
‫ن‪‬‬ ‫فَل ي ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫من جَلبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ك أدَْنى أ ْ‬ ‫ِ ْ َ ِ ِ ِ ّ‬
‫)‪ (3‬وروى أبو داود والترمذي)‪ (4‬أن النبي ‪ ‬أمر أم‬
‫سلمة وميمونة بالحتجاب عن ابن أم مكتوم فلما‬
‫قالتا‪ :‬يا رسول الله أليس هو أعمى ل يبصرنا ول‬
‫يعرفنا؟ قال ‪" :‬أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه"؟‬
‫)‪ (5‬وذلك لن المراد بالحتجاب‪ :‬أن ل ترى المرأة‬
‫الرجال ول يرونها لن النظر سهم مسموم من سهام‬
‫إبليس وهو ل يجوز إل في الحالت المباحة كالنظر‬
‫لقصد الزواج أو الشهادة أو العلج الذي ل بد منه‪.‬‬
‫فاتقي الله أيتها المرأة المتبرجة بالزينة أمام‬
‫الناس‪ ،‬واتقي الله يا من تخرجين إلى السواق غير‬
‫مستترة‪ ،‬واتقي الله يا من تخالطين الرجال‬
‫وتنظرين إليهم وينظرون إليك – تقي الله أيتها‬
‫المرأة إن كنت تؤمنين بالله وبالوقوف بين يديه‬
‫واعلمي أن هذه الفعال محرمة عليك واتقي الله يا‬
‫‪ () 1‬سورة النور آية ‪.31‬‬
‫‪ () 2‬قال الشيخ المودودي في تفسير سورة النور ص ‪ 157‬والزينة تطلق‬
‫على ثلثة أشياء‪:‬‬
‫أ‪ -‬الملبس الجميلة‪.‬ب‪ -‬الحلي ج‪ -‬ما تتزين به النساء عامة‪.‬‬
‫‪ () 3‬سورة الحزاب آية ‪.59‬‬
‫‪ () 4‬وقال حسن صحيح‪.‬‬
‫‪ () 5‬قال أبو داود في سننه ‪ 4/64‬هذا لزواج النبي صلى الله عليه وسييلم‬
‫خاصة أل ترى إلى اعتداد فاطمة بنت قيس عند ابن أم مكتيوم العمييى‬
‫بأمر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه أحمد وأبييو‬
‫داود والنسائي ومسلم بمعناه )انظر منتقى الخبار ‪.(2/654‬‬
‫‪437‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من تركبين وحدك مع السائق أو تدخلين على‬
‫الطبيب أو غيره وليس معك أحد من محارمك‪.‬‬
‫واتقي الله يا من تخرجين سافرة غير متحجبة فإن‬
‫السفور مثير للفتنة والشر مخالف لمر الله وأمر‬
‫رسوله ‪ ‬اتقي الله يا أيتها المسلمة وتوبي إليه إن‬
‫كنت تفعلين شيًئا من هذه المنكرات فو الله إن‬
‫عذاب الله لشديد‪.‬‬‫‪#‬‬

‫واتقوا الله يا من تتعرضون للنساء وتنظرون‬


‫إليهن فإن هذا حرام وإثم ل يجوز قال الله تعالى ‪‬‬
‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫ظوا‬ ‫ح َ‬
‫وي َ ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ر ِ‬
‫صا ِ‬
‫ن أب ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ضوا ِ‬
‫غ ّ‬
‫ن يَ ُ‬
‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ق ْ‬
‫م ‪ (1)‬وقال النبي ‪ ‬في الحديث الصحيح‬ ‫ه ْ‬‫ج ُ‬‫فُرو َ‬ ‫ُ‬
‫"العينان زناهما النظر واللسان زناه الكلم واليد‬
‫زناها البطش والرجل زناها الخطى والقلب يهوى‬
‫ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه" رواه مسلم‬
‫وغيره‪.‬‬
‫واتقوا الله يا من تتركون نساءكم على أي حال‬
‫من الحوال المذكورة ونحوها مما حرم الله‬
‫وألزموهن بالستر والحجاب والتحفظ والقرار في‬
‫البيوت –اتقوا الله في أنفسكم وأهليكم وأولدكم‪:‬‬
‫تعلموا أمر دينكم وعلموهم إياه والتزموا طاعة الله‬
‫وألزموهم بها وتجنبوا معاصيه وجنبوهم إياها واخلوا‬
‫بيوتكم من آلت اللهو والصور والمجلت والجرائد‬
‫المشتملة على شيء ينافي الدين قال تعالى ‪َ‬يا‬
‫م َناًرا‬ ‫وأ َ ْ‬
‫هِليك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ف َ‬ ‫قوا أ َن ْ ُ‬ ‫مُنوا ُ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ة ‪ (2)‬وقال النبي ‪‬‬ ‫جاَر ُ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ح َ‬ ‫س َ‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫قودُ َ‬ ‫و ُ‬‫َ‬
‫"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" متفق عليه‪.‬‬
‫)( سورة النور آية ‪.30‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة التحريم آية ‪.6‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪438‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النهي والتحذير عن كثير من المحرمات‬
‫التي وقع فيها أكثر الناس‪:‬‬
‫ثم اعلم أيها المسلم أن الله تعالى كما افترض‬
‫عليك الفرائض حرم عليك المحرمات وتوعد‬
‫مرتكبيها بالوعيد الشديد والعذاب الليم‪ :‬فحرم‬
‫الشرك وأخبر سبحانه بأنه ل يغفره وأنه يحبط كل‬
‫َ‬ ‫ه َل ي َ ْ‬
‫ن‬
‫فُر أ ْ‬ ‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫عمل صالح‪ .‬قال تعالى ‪‬إ ِ ّ‬
‫ه ‪ (1)‬وحرم الستهزاء بالدين أو بشيء منه‬ ‫شَر َ‬
‫ك بِ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫ول َئ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫أو بأهله وأخبر أنه كفر‪ ،‬قال تعالى‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫ب ُ‬
‫ع ُ‬‫ون َل ْ َ‬‫ض َ‬ ‫خو ُ‬ ‫ما ك ُّنا ن َ ُ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫قول ُ ّ‬ ‫م ل َي َ ُ‬‫ه ْ‬‫سأل ْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن * َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫زُئو َ‬ ‫ه ِ‬‫ست َ ْ‬‫م تَ ْ‬ ‫ه ك ُن ْت ُ ْ‬‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬‫وآَيات ِ ِ‬ ‫ه َ‬‫أِبالل ّ ِ‬
‫م ‪ (2)‬وحرم الحكم‬ ‫مان ِك ُ ْ‬ ‫عدَ ِإي َ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫فْرت ُ ْ‬‫قدْ ك َ َ‬ ‫ذُروا َ‬ ‫عت َ ِ‬
‫تَ ْ‬
‫بغير ما أنزل وأخبر بأنه كفر به سبحانه‪ .‬قال تعالى‪:‬‬
‫م‬
‫ه ُ‬‫ك ُ‬‫فُأول َئ ِ َ‬
‫ه َ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حك ُ ْ‬‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬‫م ْ‬‫و َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫ن ‪ (3)‬وحرم موالة الكفار وتصحيح مذهبهم‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫و َ‬‫والتشبه بهم وأخبر بأنه كفر قال تعالى‪َ  :‬‬
‫م ‪ (4)‬وقال ‪" ‬من‬
‫‪#‬‬

‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬‫م َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫م ِ‬‫ه ْ‬‫ول ّ ُ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫تشبه بقوم فهو منهم()‪ (5‬وحرم قتل النفس التي‬
‫حرم الله إل بالحق‪ ،‬وحرم اليمين الفاجرة والظلم‬
‫وشرب الخمر وشهادة الزور والكذب والخيانة والكبر‬
‫والحسد والشحناء والغيبة والنميمة وأكل الربا‬
‫ما وتناول الحرام على أي وجه‬ ‫وأموال اليتامى ظل ً‬
‫كان سواء كان من سرقة أو اغتصاب أو خيانة أو‬
‫غش أو قمار أو غير ذلك‪.‬‬
‫سورة النساء آية ‪.116 ،48‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة التوبة آية ‪.66-65‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة المائدة آية ‪.44‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة المائدة آية ‪.51‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه ابن حبان‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬
‫‪439‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وحرم الزنى واللواط وأخبر سبحانه وتعالى‬
‫بأنهما فحش عظيم وجرم شنيع توعد فاعلهما‬
‫بالعذاب الليم‪ .‬وحرم سبحانه وتعالى التصوير‬
‫واقتناء الصور وجاءت الحاديث الصحيحة بأن كل‬
‫مصور في النار‪ ،‬وأن أشد الناس عذاًبا يوم القيامة‬
‫المصورون‪ ،‬ومن صور عن رضى منه واختيار فهو‬
‫كالفاعل‪.‬‬
‫وحرم الله الغناء والعزف والستماع إلى ذلك‬
‫سواء أكان المغني رجًل أم امرأة‪ ..‬لن الغناء وآلت‬
‫اللهو كالعود والمزمار والكمنجة والرباب ونحو ذلك‬
‫لهو باطل يصد عن ذكر الله ويضل عن سبيله قال‬
‫ث‬
‫دي ِ‬
‫ح ِ‬‫و ال ْ َ‬ ‫ري ل َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫شت َ ِ‬ ‫م ْ‬
‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫م َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫و ِ‬
‫وا‬
‫هُز ً‬ ‫خذَ َ‬
‫ها ُ‬ ‫عل ْم ٍ َ‬
‫وي َت ّ ِ‬ ‫ر ِ‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه بِ َ‬ ‫سِبي ِ‬‫ن َ‬‫ع ْ‬ ‫ل َ‬‫ض ّ‬ ‫ل ِي ُ ِ‬
‫ن ‪ (1)‬فسر ابن عباس وابن‬ ‫هي ٌ‬ ‫م ِ‬‫ب ُ‬‫ذا ٌ‬‫ع َ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫ك لَ ُ‬‫ُأول َئ ِ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫مسعود وغيرهما لهو الحديث بالغناء والمزامير‬
‫وروى البخاري عن أبي مالك الشعري أن النبي ‪‬‬
‫قال "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير‬
‫والخمر والمعازف ولينزلن أقوام إلى جنب علم‬
‫يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم بحاجة فيقولوا ارجع‬
‫دا فيبيتهم الله ويضع العلم ويمسخ آخرين‬ ‫إلينا غ ً‬
‫قردة وخنازير إلى يوم القيامة"‪.‬‬
‫وروى الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي‬
‫الله عنه‪ :‬أن النبي ‪ ‬قال "إنما نهيت عن صوتين‬
‫أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير‬

‫)( سورة لقمان آية ‪.6‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر تفسير ابن كثير ‪.442 /3‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪440‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫شيطان وصوت عن مصيبة خمش وجوه وشق‬
‫جيوب ورنة")‪ (1‬نسأل الله العافية في الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وحرم الله حلق اللحى وجاءت الحاديث الصحيحة‬
‫بالنهي‬ ‫‪#‬‬

‫الكيد عن حلقها والمر بإعفائها وقص الشوارب‬


‫ففي الصحيحين عن النبي ‪ ‬قال‪" :‬أحفوا الشوارب‬
‫وأرخوا اللحى" وكره ‪ ‬النظر لرسولي كسرى لما‬
‫رآهما قد حلقا لحيتهما وأطال شاربيهما وقال لهما‬
‫"ويلكما من أمركما بهذا(؟ قال‪ :‬أمرنا ربنا –يعنيان‬
‫كسرى فقال النبي ‪" ‬ولكن ربي أمرني بإعفاء‬
‫لحيتي وقصر شاربي")‪ (2‬واللحية اسم لكل ما نبت‬
‫على اللحيين والعارضين والذقن من الشعر وهي‬
‫ميزة ميز الله بها الرجل عن المرأة تدل على‬
‫رجولته فكيف تستسيغ يا حالق لحيته أن تتشبه‬
‫بالنساء وبالمجوس وتغير خلق الله وقد حرم الله‬
‫عليك ذلك‪ .‬وحرم الله على الرجال لبس الذهب‬
‫ما من الذهب في يد‬ ‫والحرير فقد رأى النبي ‪ ‬خات ً‬
‫رجل فنزعه وطرحه وقال "يعمد أحدكم إلى جمرة‬
‫من نار فيجعلها في يده")‪ (3‬وأخبر عليه الصلة‬
‫والسلم في حديث آخر‪ :‬بأن الله حرم على ذكور‬
‫أمته لبس الذهب والحرير وأحله لناثهم)‪ (4‬وشرب‬

‫)( قال الترمذي حديث حسن‪ ،‬قال ابن القيييم‪ :‬فييانظر إلييى هييذا النهييي‬ ‫‪1‬‬

‫قييا ولييم يقتصيير علييى ذلييك حييتى‬ ‫المؤكد بتسميته صوت الغنا صوًتا أحم ً‬
‫وصفه بالفجور ولم يقتصر على ذلك حتى سماه مزامير الشيطان‪.‬‬
‫)( رواه ابن جرير‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( في الحديث الذي رواه أبو داود عن علي قال النييووي بإسييناد حسيين‬ ‫‪4‬‬
‫‪441‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الدخان الذي تفشى بين الناس فلم يسلم منه إل‬
‫القليل ذكر المحققون من أهل العلم أنه محرم من‬
‫أربعة أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬ثبت بالطب والتجربة بأنه يضر بالبدن‬
‫ضرًرا بالًغا وأنه ينشأ عن شربه أمراض فتاكة كالسل‬
‫الرئوي وسرطان المريء والكحة المزمنة‬
‫واضطراب دقات القلب بالضافة إلى أنه يسبب‬
‫موت الفجأة وقد قال الله تعالى )ول تقتلوا أنفسكم(‬
‫)‪ (1‬وجاء الحديث‪ :‬بأن قاتل نفسه في النار)‪ (2‬وفي‬
‫الحديث المتفق عليه )من قتل نفسه بشيء عذب به‬
‫يوم القيامة(‪.‬‬
‫الوجه الثاني‪ :‬ثبت أن الدخان مفتر وقد يسكر‬
‫أحياًنا إذا شربه من لم يعتده أو شربه فاقده بكثرة‬
‫وقد حرم الله كل مسكر وكل مخدر ومفتر‪.‬‬
‫والوجه الثالث‪ :‬أنه مستخبث من جميع‬
‫الوجوه فهو خبيث الرائحة ضار بالبدن يقرب شاربه‬
‫من جلساء السوء ويبعده عن الصالحين وقد أحل‬
‫‪#‬‬ ‫الله الطيبات وحرم الخبائث‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن النفقة فيه إسراف وتبذير‬
‫ن‬
‫وا َ‬‫خ َ‬ ‫ن َ‬
‫كاُنوا إ ِ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مب َذّ ِ‬ ‫وقد قال الله تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن ‪ ،(3)‬والعجب ممن يدعي الرجولة‬ ‫طي ِ‬ ‫ال ّ‬
‫شَيا ِ‬
‫والعقل وقوة الرادة وفي الوقت نفسه ل يستطيع‬
‫منع نفسه من شرب الدخان الضار بدينه وبدنه وماله‬
‫مع أن الرضيع يفطم عن لبن أمه الحلل الطيب‬
‫الذي به مطعمه ومشربه ولذته فينفطم ويسلو بعد‬
‫والترمذي عن أبي موسى وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫)( سورة النساء آية ‪.29‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة السراء آية ‪.27‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪442‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أيام قلئل‪.‬‬
‫لقد آن لكم يا أيها المسلمون أن ترجعوا إلى‬
‫ربكم وتتوبوا إليه إن كنتم تعقلون قال تعالى‪ :‬‬
‫َ‬ ‫وأ َِنيبوا إَلى ربك ُم َ‬
‫ن‬‫لأ ْ‬ ‫ن َ‬
‫قب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫موا ل َ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫وأ ْ‬ ‫َ ّ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ن ‪ ‬سورة الزمر آية‬ ‫صُرو َ‬ ‫م َل ت ُن ْ َ‬
‫ب ثُ ّ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ع َ‬
‫ذا ُ‬ ‫ي َأت ِي َك ُ ُ‬
‫‪ 54‬وهذه )من صفات المؤمنين( المتمسكين بكتاب‬
‫الله وسنة رسوله ‪ ‬نذكرها هنا بشارة للمتصفين‬
‫بها وحثا لهم على ملزمتها حتى يلقوا ربهم مؤمنين‬
‫قا – وتذكيًرا للمفرطين الغافلين عسى أن ينتبهوا‬ ‫ح ً‬
‫من غفلتهم فيلحقوا بركب الصالحين‪ ،‬قال الله‬
‫في‬ ‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫ن ُ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ح ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫قدْ أ َ ْ‬
‫فل َ َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫و‬
‫غ ِ‬ ‫ن الل ّ ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫عو َ‬ ‫ش ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫صلت ِ ِ‬
‫َ َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫عُلو َ‬ ‫فا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ِللّز َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫ضو َ‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫و‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫م لِ ُ‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫على أْز َ‬ ‫ن * إ ِل َ‬ ‫فظو َ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫فُرو ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ن‬‫م ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ن* َ‬ ‫مي َ‬ ‫مُلو ِ‬ ‫غي ُْر َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مان ُ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫فأولئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ك َ‬ ‫وَراءَ ذَل ِ َ‬
‫ذي َ‬ ‫وال ِ‬ ‫ن* َ‬ ‫دو َ‬ ‫عا ُ‬ ‫م ال َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫غى َ‬ ‫اب ْت َ َ‬
‫م‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن* َ‬ ‫عو َ‬ ‫م َرا ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫د ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ماَنات ِ ِ‬ ‫م ِل َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫رُثو َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫ن * ُأول َئ ِ َ‬ ‫ظو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫م يُ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وات ِ ِ‬ ‫صل َ َ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫و َ‬ ‫فْردَ ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫رُثو َ‬ ‫ن يَ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫* ال ّ ِ‬
‫د‬
‫عَبا ُ‬ ‫و ِ‬ ‫سورة المؤمنون آية ‪ 11-1‬وقال تعالى‪َ  :‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫ْ َ‬ ‫ن َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫وًنا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض َ‬ ‫على الْر ِ‬ ‫شو َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫ن‬
‫ن ي َِبيُتو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ما * َ‬ ‫سَل ً‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫ن َ‬ ‫هُلو َ‬ ‫جا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫خاطَب َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن َرب َّنا‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ما * َ‬ ‫قَيا ً‬ ‫و ِ‬ ‫دا َ‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َِرب ّ ِ‬
‫ما *‬ ‫غَرا ً‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ها َ‬ ‫ذاب َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬ ‫عّنا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ا ْ‬
‫قوا‬ ‫ف ُ‬ ‫ذا أ َن ْ َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ما * َ‬ ‫قا ً‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬ ‫قّرا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫ساءَ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ما *‬ ‫وا ً‬ ‫ق َ‬ ‫ك َ‬ ‫ن ذَل ِ َ‬ ‫ن ب َي ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫قت ُُروا َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫فوا َ‬ ‫ر ُ‬ ‫س ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫‪443‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫قت ُُلو َ‬
‫ن‬ ‫وَل ي َ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ها آ َ َ‬ ‫ه إ ِل َ ً‬ ‫ع الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫عو َ‬ ‫ن َل ي َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬‫ن َ‬ ‫وَل ي َْزُنو َ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه إ ِّل ِبال ْ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫س ال ِّتي َ‬ ‫ف َ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫ل‬‫ع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫و َ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫ع ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫ما * ي ُ َ‬ ‫ق أَثا ً‬ ‫ك ي َل ْ َ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫هاًنا *‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫في ِ‬ ‫خل ُدْ ِ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬
‫فأول َئ ِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫مًل َ‬ ‫ع َ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫وآ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫إ ِّل َ‬
‫فوًرا‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫سَنا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫سي َّئات ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ي ُب َدّ ُ‬
‫ب إ َِلى‬ ‫ه ي َُتو ُ‬ ‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫حا َ‬ ‫صال ِ ً‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ما * َ‬ ‫حي ً‬ ‫َر ِ‬
‫مَتاًبا *‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫و‬
‫غ ِ‬ ‫‪#‬‬‫مّروا ِبالل ّ ْ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫ن الّزوَر َ‬ ‫دو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ن َل ي َ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫م لَ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ت َرب ّ ِ‬ ‫ذا ذُك ُّروا ب ِآ ََيا ِ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ما * َ‬ ‫مّروا ك َِرا ً‬ ‫َ‬
‫ن َرب َّنا‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫مَياًنا * َ‬ ‫ع ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ها ُ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫خّروا َ‬ ‫يَ ِ‬
‫عل َْنا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫وا ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عي ُ ٍ‬ ‫قّرةَ أ ْ‬ ‫وذُّرّيات َِنا ُ‬ ‫جَنا َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ن أْز َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫ة بِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫غْر َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫جَز ْ‬ ‫ك يُ ْ‬ ‫ما * ُأول َئ ِ َ‬ ‫ما ً‬ ‫ن إِ َ‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫ن‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫ما * َ‬ ‫سَل ً‬ ‫و َ‬ ‫ة َ‬ ‫حي ّ ً‬ ‫ها ت َ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫وي ُل َ ّ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫َ‬
‫ما ‪ ‬سورة الفرقان‬ ‫قا ً‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬ ‫قّرا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ِ‬
‫آية ‪ 76 -63‬نسأل الله القريب المجيب أن يهدينا‬
‫صراطه المستقيم وأن يتوفانا مسلمين وآخر دعوانا‬
‫أن الحمد لله رب العالمين والله أعلم وصلى الله‬
‫على نبينا محمد وآله وسلم‪.‬‬
‫‪444‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)شكر النعم ومحاسبة النفس(‬

‫ه‬
‫ؤت ِ ِ‬‫ب الدّن َْيا ن ُ ْ‬‫وا َ‬ ‫ردْ ث َ َ‬‫ن يُ ِ‬‫م ْ‬‫و َ‬‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫زي‬ ‫ج ِ‬‫سن َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ها َ‬
‫من ْ َ‬
‫ه ِ‬ ‫ة نُ ْ‬
‫ؤت ِ ِ‬ ‫ب اْل َ ِ‬
‫خَر ِ‬ ‫ردْ ث َ َ‬
‫وا َ‬ ‫ن يُ ِ‬‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫ها َ‬‫من ْ َ‬
‫ِ‬
‫ن ‪ (1)‬الله عز وجل أنعم علينا‪ ،‬ونعمه ل‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬‫ال ّ‬
‫تعد ول تحصى‪ :‬نعمة الخلق واليجاد‪ ،‬ونعمة الحنان‬
‫الذي ألقاه في قلب والوالدين لطفلهما وهو في‬
‫ضعفه وحاجته‪ ،‬ونعمة الحواس والجوارح‪ ،‬ونعمة‬
‫العقل الذي ميز به الله النسان عن سائر الحيوان‪.‬‬
‫أرسل الرسل ليرشدونا إلى الحق وخالص‬
‫اليمان‪ .‬منحنا القوة والعافية وصحة البدن وسلمة‬
‫العضاء‪.‬‬
‫حلق للنسان عينين‪ ،‬ولسانا ً وشفتين‪ ،‬وعلمه‬
‫البيان والفصاح عن قصده بالكلم‪ ،‬بسط لنا الرض‬
‫فيها أنهار جارية‪ ،‬وآبار وعيون لنجد الماء العذب‬
‫الذي يروي الظمأ وينتفع به النسان في معاشه‪،‬‬
‫وفيها كل ما ينفع النسان من زروع ومعادن ومواد‬
‫أولية‪ ،‬ثم إنه جعلها سهلة المسالك لتيسير حياة‬
‫النسان عليها وتنقله في أرجائها طلبا للرزق وسعيا‬
‫وراء العيش‪.‬‬
‫وخلق لنا سبحانه سماء تظلنا فيها الشمس‬
‫والقمر والنجوم مسخرات بأمره‪ ،‬فيها النور والضياء‬
‫والحرارة‪ ،‬وفيها جمال وقدرة وإتقان فسبحان‬
‫الخالق المنعم الرحمن الرحيم‪.‬‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.145‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪445‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أخضع الله للنسان أغلب الكائنات‪ ،‬سخر له‬
‫الحيوان‪ ،‬وفضله على كثير من خلقه‪ ..‬ثم بنعمته‬
‫وفضله هدى المؤمنين إلى السلم‪.‬‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫و ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫يقول الحق تبارك وتعالى‪ُ  :‬‬
‫ه َ‬
‫ْ َ‬
‫ميًعا ‪ (1)‬ويقول عز وجل ‪‬‬ ‫ج ِ‬
‫ض َ‬
‫في الْر ِ‬‫ما ِ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫فوٌر‬‫غ ُ‬‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ها إ ِ ّ‬ ‫صو َ‬ ‫ه َل ت ُ ْ‬
‫ح ُ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬
‫ع َ‬‫دوا ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬‫ن تَ ُ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ة الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬‫ع َ‬‫دوا ن ِ ْ‬ ‫ع ّ‬‫ن تَ ُ‬‫وإ ِ ْ‬‫م ‪ ‬ويقول سبحانه‪َ  :‬‬
‫(‬ ‫‪2‬‬‫)‬
‫حي ٌ‬ ‫َر ِ‬
‫‪#‬‬‫فاٌر ‪.(3)‬‬ ‫م كَ ّ‬ ‫ن ل َظَُلو ٌ‬‫سا َ‬‫ن اْل ِن ْ َ‬‫ها إ ِ ّ‬ ‫صو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫َل ت ُ ْ‬
‫الواجب علينا‪:‬‬
‫نعم الله كثيرة‪ ،‬ورحمته بنا واضحة بينة‪ ،‬فوجب‬
‫علينا أن نشكر المنعم مقرين بفضله‪ ،‬مؤمنين‬
‫بقدرته‪ ،‬ورحمته‪ ،‬ومعترفين بالعجز عن الوفاء بشكر‬
‫هذا الفيض من النعم الذي نحسه في جسومنا‬
‫ونلمسه فيما حولنا‪ .‬والله سبحانه وتعالى غني عن‬
‫عباده وهبهم الخير وهو سبحانه ليس في احتياج‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قَراءُ إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ف َ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫س أن ْت ُ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫إليهم‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫د ‪ (4)‬وقد أمرنا الله بشكره‬ ‫مي ُ‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫غن ِ ّ‬ ‫و ال ْ َ‬‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫َ‬
‫لنؤمن بفضله‪ ،‬ولنعلم أن كل خير فهو معطيه وكل‬
‫ن‬‫م َ‬ ‫ة َ‬
‫ف ِ‬ ‫م ٍ‬
‫ع َ‬
‫ن نِ ْ‬
‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ما ب ِك ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫فضل فهو من عنده‪َ  .‬‬
‫ه ‪.(5)‬‬ ‫الل ّ ِ‬
‫أمر الله عباده بشكره‪ ،‬ليعلموا أن العبد ليس‬
‫بيده أمر ول نهي‪ ،‬وإنما هو سبب من السباب‪ ،‬وأن‬
‫الناس ل يملكون لنفسهم نفًعا ول ضًرا ول حياة ول‬
‫موًتا‪ ،‬وأن الله وحده هو الرزاق ذو القوة المتين‪،‬‬
‫البقرة آية ‪.29‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫النحل آية ‪.18‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫إبراهيم آية ‪.34‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫فاطر آية ‪.16‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫النحل آية ‪.53‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪446‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يعطي ويمنع ويبسط الرزق لمن يشاء ويقدر‪ ،‬ويغني‬
‫ويفقر‪.‬‬
‫فالشكر تقديس الله وتوحيده وإفراده بالعبودية‬
‫وتنزيهه وتمجيده‪ ،‬ولذلك قرن الله الشكر بالذكر‪،‬‬
‫شك ُُروا‬ ‫َ‬ ‫وأمرنا به عز وجل ‪َ ‬‬
‫وا ْ‬ ‫فاذْك ُُروِني أذْك ُْرك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫خذْ‬
‫ف ُ‬ ‫ن ‪ (1)‬وقال سبحانه وتعالى‪َ  :‬‬ ‫فُرو ِ‬ ‫وَل ت َك ْ ُ‬ ‫ِلي َ‬
‫ن ‪ ‬وقد جعل الله‬ ‫)‪(2‬‬
‫ري َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫شاك ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫ن ِ‬‫وك ُ ْ‬ ‫ك َ‬ ‫ما آ َت َي ْت ُ َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫قالوا‬ ‫الشكر مفتاح كلم أهل الجنة فقال تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ه ‪ (3)‬وقال سبحانه‪:‬‬ ‫عدَ ُ‬
‫و ْ‬ ‫قَنا َ‬‫صدَ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫وآ َ ِ‬
‫)‪(4‬‬
‫ن‪‬‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬
‫ه َر ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫مأ ِ‬‫ه ْ‬
‫وا ُ‬
‫ع َ‬
‫خُر دَ ْ‬ ‫‪َ ‬‬
‫والشكر بالقلب واللسان والجوارح‪ :‬وشكر القلب‬
‫ومحبة الله والقرار بالعبودية له وحده واليمان بأن‬
‫له كل صفات الكمال ونعوت الجلل وأنه المنعم‬
‫المتفضل الرزاق الوهاب وأنه ل معبود بحق سواه‪.‬‬
‫وشكر اللسان ثناء وحمد وذكر الله عز وجل‬
‫وإمساك عن فضول الكلم ولغوه وما ل خير فيه‪.‬‬
‫وشكر الجوارح أن يدئب المرء جوارحه في خدمة‬
‫موله سبحانه وتعالى وأن يخضعها لمقتضى أمره‬
‫ونهيه‪.‬‬ ‫‪#‬‬

‫فالشكر صرف النعم فيما خلقت له‪ ،‬واستعمالها‬


‫فيما شرعت لجله‪ ،‬لتظهر فائدتها‪ ،‬وتتم حكمتها‪،‬‬
‫ويجني العباد منافعها فإن شكر المرء ربه بقلبه‬
‫ولسانه وعمله فهو من الفائزين‪.‬‬
‫َ‬
‫م‬‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫يقول الحق تبارك وتعالى‪َ  :‬‬
‫وإ ِذْ ت َأذّ َ‬

‫البقرة آية ‪.152‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫العراف آية ‪.144‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الزمر آية ‪.74‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫يونس آية ‪.10‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪447‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ َ‬
‫ع َ‬
‫ذاِبي‬ ‫ن َ‬
‫م إِ ّ‬‫فْرت ُ ْ‬ ‫ول َئ ِ ْ‬
‫ن كَ َ‬ ‫زيدَن ّك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مل ِ‬ ‫شك َْرت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل َئ ِ ْ‬
‫زي‬ ‫ج ِ‬
‫سن َ ْ‬‫و َ‬‫د ‪ ‬ويقول سبحانه‪َ  :‬‬
‫)‪(1‬‬
‫دي ٌ‬
‫ش ِ‬ ‫لَ َ‬
‫ن ‪ (2)‬قال بعض الصالحين‪) :‬كل نعمة ل‬ ‫ري َ‬ ‫شاك ِ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫تقرب من الله فهي بلية(‪ .‬وروي أن النبي ‪ ‬قال‬
‫"من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله‪ ،‬ومن‬
‫دعا لوالديه في إدبارهما فقد شكرهما)*( ومعنى ذلك‬
‫أن العبد المؤمن يوجه النعمة وجهة الخير والنفع‬
‫ويستعملها فيما يسعده ويسعد العباد‪ ،‬وبالشكر‬
‫تستقيم المور‪ ،‬وتدوم النعم‪،‬‬
‫وتنعدم الشرور‪.‬‬
‫قال عز وجل على لسان سليمان عليه السلم‪:‬‬
‫َ‬ ‫وِني أ َأ َ ْ‬
‫شك ُُر أ ْ‬
‫م‬ ‫ل َرّبي ل ِي َب ْل ُ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬‫ذا ِ‬‫ه َ‬‫ل َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫قا َ‬
‫فَر‬‫ن كَ َ‬
‫م ْ‬‫و َ‬‫ه َ‬ ‫س ِ‬ ‫شك ُُر ل ِن َ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫شك ََر َ‬
‫فإ ِن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫و َ‬
‫فُر َ‬ ‫أ َك ْ ُ‬
‫م ‪ (3)‬والله سبحانه ل تضره‬ ‫ري ٌ‬ ‫ي كَ ِ‬ ‫ن َرّبي َ‬
‫غن ِ ّ‬ ‫فإ ِ ّ‬‫َ‬
‫أعمال الجاحدين المنكرين لفضله الكافرين بنعمته‪،‬‬
‫كما ل تنفعه طاعة الصالحين المؤمنين الشاكرين‬
‫فالشاكر تنفعه طاعته وأعماله الصالحة‪ .‬قال الله‬
‫وَل‬ ‫عن ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬
‫غن ِ ّ‬ ‫فُروا َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫تعالى‪ :‬إ ِ ْ‬
‫ن ت َك ْ ُ‬
‫ه ل َك ُ ْ‬
‫م‪‬‬ ‫شك ُُروا ي َْر َ‬
‫ض ُ‬ ‫ن تَ ْ‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫ه ال ْك ُ ْ‬
‫فَر َ‬ ‫عَباِد ِ‬
‫ضى ل ِ ِ‬
‫ي َْر َ‬
‫)‪ (4‬إن نعم الله علينا ل تعد ول تحصى وواجب العاقل‪:‬‬
‫حا‪.‬‬
‫أن يكون إيمانه بالله صحي ً‬ ‫‪-1‬‬
‫وأن يكون عامًل بما أمر الله مجتنًبا‬ ‫‪-2‬‬

‫إبراهيم آية ‪.7‬‬ ‫‪ () 1‬سورة‬


‫آل عمران آية ‪.145‬‬ ‫‪ () 2‬سورة‬
‫النمل آية ‪.40‬‬ ‫‪ () 3‬سورة‬
‫الزمر آية ‪7‬‬ ‫‪ () 4‬سورة‬
‫)*( لم أجده‪.‬‬
‫‪448‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫معاصي الله‪.‬‬
‫وأل يغفل قلبه ولسانه عن ذكر الله‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫وأن يوجه قوته وماله وحيلته وجهة الخير‬ ‫‪-4‬‬
‫والنفع‪.‬‬
‫وأن يحمد الله على كل حال‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫قال الحبيب المصطفى ‪ ‬حين سئل عن‬
‫إجهاده نفسه في العبادة وقد‬
‫‪#‬‬

‫غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪" :‬أفل أكون‬


‫دا شكوًرا")‪ (1‬وقال ‪" ‬من أصبح آمًنا في سربه‪،‬‬ ‫عب ً‬
‫معافى في بدنه‪ ،‬عنده قوت يومه فكأنما حيزت له‬
‫الدنيا بحذافيرها")‪ (2‬نسأل الله عز وجل أن يعيننا على‬
‫ذكره وشكره وحسن عبادته وصلى الله على محمد‪.‬‬
‫انتهى من خاتمة كتاب الشكر لبن أبي الدنيا للشيخ‬
‫أحمد بن محمد طاحون‪.‬‬

‫)الزواج وفوائده(‬
‫الحمد لله رب العالمين وأشهد أن ل إله إل الله‬
‫دا عبده ورسوله‬ ‫وحده ل شريك له وأشهد أن محم ً‬
‫ما كثيًرا‬ ‫صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسلي ً‬
‫إلى يوم الدين‪.‬‬
‫وبعد‪ :‬فقد شرع الله الزواج لحكم سامية وغايات‬
‫نبيلة وفوائد جليلة وأمر بتيسير أسبابه لنه هو‬
‫الطريق السليم للتناسل وعمران الرض بالذرية‬
‫م‬‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫طا َ‬ ‫حوا َ‬ ‫الصالحة قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫فان ْك ِ ُ‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخيياري فييي الدب المفييرد والترمييذي وابيين ميياجه ورمييز‬ ‫‪2‬‬

‫السيوطي لحسنه‪.‬‬
‫‪449‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫م أ َّل‬ ‫خ ْ‬
‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬‫فإ ِ ْ‬‫ع َ‬ ‫وُرَبا َ‬‫ث َ‬ ‫وث َُل َ‬
‫مث َْنى َ‬ ‫ء َ‬‫سا ِ‬‫ن الن ّ َ‬‫م َ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬سورة‬ ‫مان ُك ُ ْ‬
‫ت أي ْ َ‬‫مل َك َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫و َ‬‫حدَةً أ ْ‬‫وا ِ‬‫ف َ‬‫دُلوا َ‬‫ع ِ‬‫تَ ْ‬
‫النساء آية ‪.3‬‬
‫وقال تعالى ‪‬ومن آ َيات ِ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ق ل َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫خل َ َ‬
‫ن َ‬
‫هأ ْ‬‫َ ِ ْ َ ِ‬
‫ف سك ُ َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬‫ع َ‬‫ج َ‬‫و َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬
‫ها َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬‫وا ً‬‫م أْز َ‬ ‫أن ْ ُ ِ ْ‬
‫فك ُّرو َ‬
‫ن‬ ‫وم ٍ ي َت َ َ‬‫ق ْ‬ ‫ك َل ََيا ٍ‬
‫ت لِ َ‬ ‫في ذَل ِ َ‬‫ن ِ‬ ‫ة إِ ّ‬
‫م ً‬‫ح َ‬‫وَر ْ‬
‫ودّةً َ‬
‫م َ‬
‫َ‬
‫‪ ‬سورة الروم‬
‫آية ‪.21‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫حوا اْلَيا َ‬
‫مى ِ‬ ‫وأن ْك ِ ُ‬‫وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫كوُنوا‬‫ن يَ ُ‬
‫م إِ ْ‬ ‫مائ ِك ُ ْ‬‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬‫عَباِدك ُ ْ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬
‫وال ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫عِلي ٌ‬
‫ع َ‬ ‫س ٌ‬
‫وا ِ‬ ‫ه َ‬‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل ِ ِ‬‫ف ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬‫م الل ّ ُ‬‫ه ُ‬
‫غن ِ ِ‬ ‫ف َ‬
‫قَراءَ ي ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫‪ ‬سورة النور آية ‪.32‬‬
‫قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه )أطيعوا الله‬
‫فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من‬
‫الغنى(‪ ،‬واليامى جمع أيم وهو من ل زوج له من‬
‫الرجال والنساء‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم "يا معشر الشباب‬
‫من استطاع‬
‫منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن‬
‫للفرج‪ ،‬ومن لم يستطع‬
‫فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه البخاري ومسلم‬
‫وغيرهما‪ .‬والباءة‪:‬‬ ‫‪#‬‬

‫مؤنة الزواج والوجاء‪ :‬الحد من الشهوة‪ .‬وقال عليه‬


‫الصلة والسلم منكًرا على من رغب عن الزواج‬
‫وغيره من المباحات "لكني أصوم وأفطر وأصلي‬
‫وأنام وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس‬
‫مني" متفق عليه وقال ‪" ‬الدنيا متاع وخير متاعها‬
‫‪450‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المرأة الصالحة" رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله ‪ ‬قال‬
‫"من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر‬
‫)نصف( دينه فليتق الله في الشطر الباقي" رواه‬
‫الطبراني في الوسط والحاكم وقال صحيح السناد‬
‫والبيهقي في رواية قال رسول الله ‪" ‬إذا تزوج‬
‫العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في‬
‫النصف الباقي" وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‬
‫قال رسول الله ‪" ‬ثلثة حق على الله عونهم‪:‬‬
‫المجاهد في سبيل الله‪ ،‬والمكاتب يريد الداء والناكح‬
‫يريد العفاف" رواه الترمذي وقال حديث حسن‬
‫صحيح وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح‪.‬‬
‫على‬
‫شرط مسلم‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪ :‬والمعهود من كرم الله تعالى‬
‫ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله‪ .‬وعن أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ‪ ‬قال‪" :‬تنكح‬
‫المرأة لربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر‬
‫بذات الدين تربت يداك" رواه البخاري ومسلم‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫وعن سعيد بن جبير قال‪ :‬قال لي ابن عباس‪:‬‬
‫هل تزوجت؟ قلت ل قال تزوج فإن خير هذه المة‬
‫أكثرها نساء رواه أحمد والبخاري وقال عليه الصلة‬
‫والسلم‪" :‬أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا‬
‫والخرة قلًبا شاكًرا ولساًنا ذاكًرا وبدًنا على البلء‬
‫صابًرا وزوجة ل تبغيه حوًبا في نفسها وماله" رواه‬
‫الطبراني بإسناد جيد والحوب الثم‪.‬‬
‫‪451‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقال ابن مسعود‪ :‬لو لم يبق من أجلي إل‬
‫ما ولي‬ ‫عشرة أيام وأعلم أني أموت في آخرها يو ً‬
‫طول النكاح فيهن لتزوجت مخافة الفتنة‪ ،‬وقال‬
‫المام أحمد‪ :‬ليست العزوبة من أمر السلم في‬
‫شيء ومن دعاك إلى غير التزوج فقد دعاك إلى غير‬
‫السلم ولو تزوج بشر كان قد تم أمره‪.‬‬
‫وقال في الختيارات لشيخ السلم ابن تيمية‪:‬‬
‫والعراض عن الهل والولد ليس مما يحبه الله‬
‫د‬ ‫ول َ َ‬
‫ق ْ‬
‫‪#‬‬

‫ورسوله ول هو دين النبياء قال الله تعالى‪َ  :‬‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫جا‬
‫وا ً‬
‫م أْز َ‬ ‫عل َْنا ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ج َ‬
‫و َ‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ن َ‬ ‫سًل ِ‬
‫م ْ‬ ‫سل َْنا ُر ُ‬ ‫أْر َ‬
‫ة ‪ ‬سورة الرعد آية ‪.38‬‬ ‫وذُّري ّ ً‬ ‫َ‬
‫أخي المسلم‪ :‬الزواج حرث للنسل وسكن‬
‫للنفس ومتاع للحياة وطمأنينة للقلب وإحصان‬
‫للجوارح كما أنه نعمة وراحة وسنة وستر وصيانة‬
‫وسبب لحصول الذرية الصالحة التي تنفع النسان‬
‫في الحياة وبعد الممات والزواج في السلم عقد‬
‫لزم وميثاق غليظ وواجب اجتماعي وسكن نفساني‬
‫وسبيل مودة ورحمة بين الرجال والنساء يزول به‬
‫أعظم اضطراب فطري في القلب والعقل ول ترتاح‬
‫النفس ول تطمئن بدونه‪ ،‬كما أنه عبادة يستكمل‬
‫النسان بها نصف دينه ويلقى ربه بها على أحسن‬
‫حال من الطهر والنقاء فاتقوا الله يا شباب السلم‬
‫وغضوا أبصاركم عن النظر المحرم وحصنوا فروجكم‬
‫بالحلل الطيب وأطيعوا ربكم فيما أمركم به من‬
‫النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى وإياكم‬
‫والحجام عن الزواج خوًفا من الضطلع بتكاليفه‬
‫فالمر منوط بالله تعالى في الفرج بعد الضيق‬
‫‪452‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والشدة واليسر بعد العسر وقد سمعتم فيما تقدم‬
‫وعده تعالى للمتزوج بالغنى والمعونة والرزق إذا‬
‫اتقى الله تعالى وأطاعه واعتمد عليه في جميع‬
‫جا *‬
‫خَر ً‬
‫م ْ‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ع ْ‬
‫ج َ‬ ‫ق الل ّ َ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬
‫م ْ‬ ‫أموره ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫ق الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ب‪َ  ‬‬
‫و َ‬ ‫س ُ‬ ‫ث َل ي َ ْ‬
‫حت َ ِ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ق ُ‬‫وي َْرُز ْ‬‫َ‬
‫سًرا ‪ ‬سورة الطلق آية ‪.4-2‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع ْ‬
‫ه يُ ْ‬ ‫ر ِ‬
‫م ِ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬‫لل ُ‬ ‫ج َ‬ ‫يَ ْ‬

‫من فوائد النكاح‬

‫للنكاح فوائد كثيرة دينية ودنيوية واجتماعية‬


‫وصحية نذكر منها‪:‬‬
‫امتثال أمر الله ورسوله الذي هو غاية‬ ‫‪-1‬‬
‫سعادة العبد في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫اتباع سنن المرسلين الذين أمرنا باتباعهم‬ ‫‪-2‬‬
‫والقتداء بهم‪.‬‬
‫قضاء الوطر وفرح النفس وسرور القلب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تحصين الفرج وحماية العرض وغض‬ ‫‪-4‬‬
‫البصر والبعد عن الفتنة‪.‬‬
‫تكثير المة السلمية وبالكثرة تقوى المة‬ ‫‪-5‬‬
‫وتهاب بين المم وتكتفي بذاتها عن غيرها إذا‬
‫استعملت طاقتها فيما وجهها إليه الشرع المطهر‪.‬‬
‫تحقيق مباهاة النبي ‪ ‬بأمته يوم القيامة‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫ترابط السر وتقوية أواصر المحبة بين‬ ‫‪-7‬‬
‫العائلت وتوكيد الصلت الجتماعية فإن المجتمع‬
‫المترابط هو المجتمع القوي السعيد‪.‬‬
‫النكاح سبب لكثرة الرزق والغنى كما‬ ‫‪-8‬‬
‫م‬‫ه ُ‬‫غن ِ ِ‬ ‫ف َ‬
‫قَراءَ ي ُ ْ‬ ‫كوُنوا ُ‬ ‫تقدم في قوله تعالى‪ :‬إ ِ ْ‬
‫ن يَ ُ‬
‫‪453‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ه ‪ ‬وقوله ‪" ‬ثلثة حق على الله‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫ن َ‬
‫ف ْ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬‫الل ّ ُ‬
‫عونهم" وذكر منهم المتزوج يريد العفاف‪.‬‬
‫البقاء على النوع النساني بالتناسل الناتج‬ ‫‪-9‬‬
‫عن النكاح وقرة العين بحصول الولد‪.‬‬
‫‪ -10‬حاجة كل من الزوجين إلى صاحبه من‬
‫السكن النفسي والجسمي والروحي‪.‬‬
‫‪ -11‬تلبية الرغبة الطبيعية المستقرة في‬
‫الرجل والمرأة التي جعلها الله لكمال الحياة‬
‫والبشرية‪.‬‬
‫‪ -12‬تعاون كل من الزوجين على تربية النسل‬
‫وبناء السرة والمحافظة عليها‪.‬‬
‫‪ -13‬تنظيم العلقة بين الرجل والمرأة على‬
‫أساس من تبادل الحقوق والتعاون المثمر في دائرة‬
‫المودة والرحمة والمحبة والحترام والتقدير‪.‬‬
‫‪ -14‬حصول الجر العظيم والثواب الجسيم‬
‫بالقيام بحقوق الزوجة والولد والنفاق عليهم قال‬
‫عليه الصلة والسلم "وفي بضع أحدكم صدقة قالوا‬
‫يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر‬
‫قال أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر‬
‫فكذلك إذا وضعها في الحلل كان له أجر" رواه‬
‫مسلم‪ .‬وقال عليه الصلة والسلم "إنك لن تنفق‬
‫نفقة تبتغي بها وجه الله إل أجرت عليها حتى ما‬
‫تجعل في في امرأتك" متفق عليه‪.‬‬
‫‪ -15‬تمام الدين وطهارة النفس والبدن وحفظ‬
‫السمعة‪.‬‬
‫دعاء الولد الصالح لوالديه كما قال ‪‬‬ ‫‪-16‬‬
‫"إذا مات ابن آدم انقطع عمله إل من ثلث‪ :‬صدقة‬
‫‪454‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له" رواه‬
‫مسلم‪.‬‬
‫التحصن من الشيطان ودفع ضرر الشهوة‬ ‫‪-17‬‬
‫والبتعاد عن الزنا‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪455‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -18‬حفظ النساب والحقوق في المواريث‪.‬‬
‫‪ -19‬ترويح النفس وإيناسها بالمجالسة‬
‫والمؤانسة والنظر المباح والملعبة وفي ذلك راحة‬
‫للقلب وتقوية له على العبادة‪.‬‬
‫‪ -20‬جاء في تقرير لهيئة المم المتحدة أن‬
‫المتزوجين يعيشون مدة أطول مما يعيشها غير‬
‫المتزوجين وبناء على ذلك يمكن القول بأن الزواج‬
‫مفيد صحًيا للرجل والمرأة على السواء‪.‬‬
‫مجاهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولية‬ ‫‪-21‬‬
‫والقيام بحقوق الهل والولد وتحمل المسئولية في‬
‫ذلك والصبر عليها واحتساب الجر والثواب المرتب‬
‫على ذلك‪.‬‬
‫‪ -22‬وقد جعل السلم الزواج عبادة لن به‬
‫يحفظ نفسه من شرور الفتن ومن النظر المحرم‬
‫ومن الوقوع في الفاحشة‪.‬‬
‫سلمة الفرد والمجتمع من النحلل‬ ‫‪-23‬‬
‫الخلقي ومن المراض النفسية والبدنية فمن كان‬
‫يستطيع الزواج فعليه أن يبادر إليه لتتحقق له هذه‬
‫الفوائد والمصالح المتعددة المرتبة على النكاح ومن‬
‫ل يستطيع ذلك فعليه أن يصبر وأن يتق الله تعالى‬
‫ويتعفف عما حرم الله عليه وأن يغض بصره ويحفظ‬
‫فرجه وأن يتحصن بالصوم حتى يغنيه الله تعالى من‬
‫ن َل‬ ‫ف ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ف ِ‬
‫ع ِ‬ ‫ول ْي َ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫فضله‪ .‬قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫ه‪‬‬
‫ضل ِ ِ‬ ‫ن َ‬
‫ف ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ه ُ‬
‫غن ِي َ ُ‬
‫حّتى ي ُ ْ‬
‫حا َ‬ ‫ن نِ َ‬
‫كا ً‬ ‫دو َ‬
‫ج ُ‬
‫يَ ِ‬
‫سورة النور آية ‪ 33‬وتقدم قوله ‪" ‬يا معشر‬
‫الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬
‫للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم‬
‫‪456‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فإنه له وجاء" وبالله التوفيق وصلى الله على محمد‬
‫وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫انظر المراجع التية‪:‬‬

‫تفسير ابن كثير جي ‪ 3‬ص ‪287 -286‬‬ ‫‪-1‬‬


‫الترغيب والترهيب للمنذري جي ‪ 3‬ص ‪323‬‬ ‫‪-2‬‬
‫فقه السنة للشيخ سيد سابق جي ‪ 2‬ص ‪-9‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪15‬‬
‫منهاج المسلم لبي بكر الجزائري ص‬ ‫‪-4‬‬
‫‪.430‬‬
‫‪#‬‬

‫حكمة التشريع وفلسفته جي ‪ 2‬ص ‪10-6‬‬ ‫‪-5‬‬


‫خطب الشيخ ابن عثيمين ص ‪557‬‬ ‫‪-6‬‬
‫خطب الشيخ إبراهيم بن علي الناصر جي‬ ‫‪-7‬‬
‫‪ 1‬ص ‪309‬‬

‫غلء المهور وأضراره‬


‫ل شك أن الزواج ضرورة من ضروريات الحياة‬
‫إذ به تحصل مصالح الدين والدنيا ويحصل به الرتباط‬
‫بين الناس‪ ،‬وبسببه تحصل المودة والتراحم ويسكن‬
‫الزوج إلى زوجته والزوجة إلى زوجها قال تعالى‪ :‬‬
‫ف سك ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ق لَ ُ‬ ‫ومن آيات ِ َ‬
‫جا‬
‫وا ً‬‫م أْز َ‬ ‫ن أن ُ ِ ْ‬ ‫م ْ‬‫كم ّ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ ِ ْ َ ِ‬
‫في‬
‫ن ِ‬
‫ة إِ ّ‬
‫م ً‬‫ح َ‬‫وَر ْ‬
‫ودّةً َ‬
‫م َ‬
‫كم ّ‬ ‫ل ب َي ْن َ ُ‬‫ع َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬‫ها َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬
‫ل ّت َ ْ‬
‫فك ُّرون ‪ (1)‬وبالتزوج يحصل‬ ‫وم ٍ ي َت َ َ‬ ‫ت لّ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ك لَيا ٍ‬ ‫ذَل ِ َ‬

‫)( سورة الروم آية ‪.21‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪457‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تكثير النسل المندوب إلى طلبه كما في الحديث عنه‬
‫‪ ‬أنه قال‪:‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم رواه أبو داود والنسائي‪ ،‬والتزوج أدعى إلى‬
‫غض البصر وإحسان الفرج والعفة‪ ،‬ونرى أن حياة‬
‫المتزوج أحسن من حياة العزب بكثير فإن المتزوج‬
‫تكون نفسه مطمئنة وعيشته هنيئة وتتوفر لديه‬
‫أسباب الراحة والدعة والسكون وتزكو بذلك أمور‬
‫دينه ودنياه كما في الحديث "إذا تزوج العبد فقد‬
‫استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الثاني"‬
‫صا إن وفق لمرأة صالحة قانتة‬ ‫رواه البيهقي‪ ،‬خصو ً‬
‫حافظة للغيب بما حفظ الله إن نظر إليها سرته وإن‬
‫أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها‬
‫وماله‪ ،‬وقد جاءت اليات القرآنية والحاديث النبوية‬
‫في المر بالتزوج والترغيب فيه من ذلك قول الله‬
‫مث َْنى‬
‫ء َ‬‫سا ِ‬
‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ما َ‬
‫طا َ‬ ‫حوا َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫فان ْك ِ ُ‬
‫حوا اليامى‬ ‫ع ‪ (1)‬وقال تعالى ‪َ ‬‬ ‫وث َُل َ‬
‫وأنك ِ ُ‬
‫َ‬ ‫وُرَبا َ‬
‫ث َ‬ ‫َ‬
‫م ِإن ي َ ُ‬
‫كوُنوا‬ ‫مائ ِك ُ ْ‬‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬ ‫عَباِدك ُ ْ‬‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬‫وال ّ‬ ‫منك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ِ‬
‫عِليم‬ ‫ع َ‬‫س ٌ‬‫وا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬‫من َ‬ ‫ه ِ‬‫م الل ّ ُ‬ ‫ه ُ‬
‫غن ِ ِ‬
‫قَراء ي ُ ْ‬ ‫ف َ‬
‫ُ‬
‫‪ (2)‬واليامى جمع أيم وهو الذي لم يتزوج من‬
‫الرجال والنساء وفيها حث على التزوج ووعد‬
‫للمتزوج بالغنى بعد‬
‫‪#‬‬

‫الفقر‪ .‬وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه‪ :‬أطيعوا‬


‫الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم‬
‫من الغنى وقال ابن مسعود رضي الله عنه‪ :‬التمسوا‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬
‫غن ِ ِ‬ ‫ف َ‬
‫قَراءَ ي ُ ْ‬ ‫كوُنوا ُ‬ ‫ن يَ ُ‬‫الغنى في النكاح ‪‬إ ِ ْ‬
‫م ‪ ‬وفي الحديث‬ ‫عِلي ٌ‬
‫ع َ‬ ‫س ٌ‬‫وا ِ‬‫ه َ‬‫والل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫ضل ِ ِ‬ ‫ن َ‬
‫ف ْ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫)( سورة النساء آية ‪.3‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.32‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪458‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)ثلثة حق على الله عونهم المتزوج يريد العفاف‬
‫والمكاتب يريد الداء والغازي في سبيل الله( رواه‬
‫أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه‪.‬‬
‫قال ابن كثير رحمه الله‪ :‬والمعهود من كرم الله‬
‫تعالى ولطفه أن يرزقه ما فيه كفاية لها وله‪ ،‬فينبغي‬
‫لمن يستطيع الزواج أن يتزوج امتثال ً لمر الله‬
‫ورسوله وإعفافا ً لنفسه وزوجته فإنه يحصل بعدم‬
‫الزواج أضرار كثيرة منها‪ :‬النظر المحرم الذي هو‬
‫سهم مسموم من سهام إبليس وهو بريد الزنا‬
‫وأمراض تعترض النسان بسبب التأيم ولكن‬
‫وياللسف نرى كثيرا ً من الشباب عندهم عزوف عن‬
‫الزواج الشرعي وهروب عن مسئوليته وفي ذلك‬
‫خطر عظيم عليهم وعلى أمتهم‪ .‬وقد قال رسول‬
‫الله ‪ ‬الذي هو بأمته رءوف رحيم‪" :‬يا معشر‬
‫الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض‬
‫للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم‬
‫فإنه له وجاء" متفق عليه والباءة مؤنة الزواج‬
‫وتكاليفه وفي الحديث الحث على النكاح لما فيه من‬
‫تحصين الفرج وغض البصر‪ ،‬وعن أنس بن مالك‬
‫رضي الله عنه‪ :‬أن النبي ‪ ‬حمد الله وأثنى عليه‬
‫وقال‪") :‬لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج‬
‫النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني"( متفق‬
‫عليه وكثير من الناس اليوم قد ل يستطيع الزواج‬
‫بسبب غلء المهور والسراف في حفلت الزواج‬
‫وهي مشكلة عويصة أضرت بالمجتمع وحصل بسببها‬
‫من الظلم للفتيان والفتيات ما الله به عليم‪ ،‬ولم‬
‫يؤثر عن النبي ‪ ‬ول عن أحد من أصحابه‬
‫‪459‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والتابعين لهم بإحسان أنهم تغالوا في المهور ول‬
‫أمروا بذلك بل ورد‬
‫في الحديث أن النبي ‪ ‬قال‪" :‬إذا جاءكم من‬
‫ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إل تفعلوا تكن فتنة في‬
‫الرض وفساد" أخرجه الترمذي وقال‬
‫حديث حسن وابن ماجه والحاكم‪ ،‬وفي رواية‬
‫للترمذي‪ :‬إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه‬
‫فزوجوه إل تفعلوا تكن فتنة في الرض‬
‫وفساد عريض‪ ،‬وإسناده حسن وقال عليه الصلة‬
‫والسلم‪" :‬إن أعظم النكاح بركة أيسره مؤنه" رواه‬
‫أحمد ورواه‬ ‫‪#‬‬

‫البيهقي في شعب اليمان وكان صداق أزواج النبي‬


‫‪ ‬وبناته في حدود خمسمائه درهم وزوج امرأة‬
‫على رجل فقير ليس عنده شيء من المال بما معه‬
‫ما من‬ ‫من القرآن بعد أن قال له التمس ولو خات ً‬
‫حديد فلم يجد شي ًًئا‪ ،‬متفق عليه‪.‬‬
‫وتزوج عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه‬
‫امرأة على وزن نواة من ذهب متفق عليه والله‬
‫ه‬‫ل الل ّ ِ‬‫سو ِ‬
‫في َر ُ‬
‫م ِ‬‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬ ‫تعالى يقول‪ :‬ل َ َ‬
‫قدْ َ‬
‫م اْل َ ِ‬ ‫ُ‬
‫خَر‬ ‫وال ْي َ ْ‬
‫و َ‬ ‫جو الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫ن ي َْر ُ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬
‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬ ‫وةٌ َ‬‫س َ‬‫أ ْ‬
‫ه ك َِثيًرا ‪ (1)‬وليس من الحكمة ول من‬ ‫وذَك ََر الل ّ َ‬
‫َ‬
‫المصلحة التغالي في المهور والسراف في حفلت‬
‫الزواج وطلب الولياء من المتزوج الموال الباهظة‬
‫التي يعجز عنها الفقير وتكون سبًبا للحرمان من‬
‫الزواج وتأيم الفتيان والفتيات‪ ،‬والمغالت في المهور‬
‫وجعل الزوجة كأنها سلعة تباع وتشترى مما يخل‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪.21‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪460‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بالمروءة وينافي الشيم ومكارم الخلق‪.‬‬
‫وينبغي لمن ل يستطيع الزواج أن يصوم وأن‬
‫يستعفف حتى يغنيه الله تعالى من فضله كما قال‬
‫حا‬ ‫ن نِ َ‬
‫كا ً‬ ‫دو َ‬ ‫ن َل ي َ ِ‬
‫ج ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف ال ّ ِ‬‫ف ِ‬‫ع ِ‬ ‫ول ْي َ ْ‬
‫ست َ ْ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫ه ‪ ‬وقال ‪ ‬في‬ ‫ن َ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ضل ِ ِ‬
‫ف ْ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫غن ِي َ ُ‬
‫حّتى ي ُ ْ‬
‫َ‬
‫الحديث المتقدم "يا معشر الشباب من استطاع‬
‫منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‬
‫ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" رواه‬
‫البخاري ومسلم والوجاء قطع شهوة النكاح‪ .‬وعلى‬
‫أولياء الفتيان والفتيات تخفيف المهور وتيسير سبل‬
‫الزواج ومراعاة الفقراء ومواساتهم وعدم الطمع‬
‫والجشع وتزويج اليامى بما يتيسر وبذلك يتحقق‬
‫التكافل الجتماعي والتضامن السلمي وتسود‬
‫الخوة والمحبة والتعاون بين المسلمين الذين هم‬
‫كالجسد الواحد وكالبنيان المرصوص يشد بعضه‬
‫ضا وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه وصلى الله‬ ‫بع ً‬
‫وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪،،،‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.33‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪461‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫العلقة بين الزوجين في نظر‬


‫)‪(1‬‬
‫السلم‬

‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على‬


‫أشرف النبياء والمرسلين نبينا وإمامنا محمد وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد وضع السلم الحدود الفاصلة بين حق‬
‫الزوج وحق الزوجة وسنرى كيف جعلها السلم‬
‫حقوًقا يحتمها الحب والوفاء‪ ..‬وسنذكر طرًفا من‬
‫حقوق الزوج على زوجته‪ ،‬وحقوق الزوجة على‬
‫زوجها‪ ..‬ولنبدأ بحقوق الزوج على زوجته وهي‪:‬‬
‫طاعة الزوجة له بالمعروف‪ :‬وهي طاعة‬ ‫‪-1‬‬
‫تحتمها المصلحة المعنوية المشتركة بين كل‬
‫شريكين‪ ،‬إنها ليست طاعة العبد لسيده‪ ،‬ول الذليل‬
‫لمستعبده‪ ،‬إنما هي طاعة الخ الصغير للخ الكبير‪،‬‬
‫هذه هي الطاعة التي يطلبها السلم من الزوجة‬
‫لزوجها وهي القوامة التي أشار إليها القرآن بقوله‪:‬‬
‫ساِء ‪ ‬سورة النساء‬ ‫عَلى الن ّ َ‬‫ن َ‬‫مو َ‬
‫وا ُ‬ ‫ل َ‬
‫ق ّ‬ ‫‪‬الّر َ‬
‫جا ُ‬
‫آية ‪.34‬‬
‫أن ترعى شعوره فتبتعد عما يؤذيه " من‬ ‫‪-2‬‬
‫قول أو فعل أو خلق وأن تراعي ظروفه المالية‬
‫عا بعمله خارج‬
‫ومكانته الجتماعية‪ ،‬فل تضيق ذر ً‬

‫)( كتبها الشيخ مبارك الرشود‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪462‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فا يكتسب منه‪ ،‬ول تجبره‬ ‫البيت ما دام عمًل شري ً‬
‫على شراء شيء ل يستطيع أن يقدمه لها إل أن‬
‫يسرق أو يستدين‪ ،‬ولقد كان من عادة نساء السلف‪،‬‬
‫رضوان الله عليهم أن تقول الزوجة أو البنت للرجل‬
‫حين يخرج من البيت‪ :‬اتق الله وإياك وكسب الحرام‪،‬‬
‫فإنا نصبر على الجوع والضر‪ ،‬ول نصبر على النار‪.‬‬
‫أن توفر الزوجة له سكن النفس‬ ‫‪-3‬‬
‫واطمئنانه في البيت‪ :‬بنظافة جسمها ونظافة بيتها‪،‬‬
‫وأن تتزين له حين يقدم بما يقربها إليه ويزيد حبه لها‬
‫وشوقه إليها‪ ،‬هكذا تكون المرأة الناجحة في امتلك‬
‫قلب زوجها‪ ،‬ل‬
‫‪#‬‬

‫كتلك التي تستقبل زوجها بثياب المطبخ شعثة‬


‫الشعر‪ ،‬رثة الهيئة‪ ،‬ثم ل تتزين إل حين تخرج من‬
‫البيت أو تستعد لزيارة أحد‪.‬‬
‫أن ل تخرج من بيته بغير إذنه‪ :‬وأن ل تبدي‬ ‫‪-4‬‬
‫زينتها للجانب‪ ،‬ومن وصايا رسول الله ‪ ‬أن ل‬
‫تخرج الزوجة من بيته إل بإذنه‪ ،‬فإن فعلت‪ ،،‬أي‬
‫خرجت بغير إذن زوجها‪ ،‬لعنتها الملئكة حتى ترجع‬
‫رواه الطبراني وأشار المنذري إلى ضعفه‪.‬‬
‫أن تترك له زوجته وقًتا يفرغ فيه لنفسه‬ ‫‪-5‬‬
‫دا تركت له وقًتا تطمئن فيه‬ ‫ولفكره‪ :‬فإن كان عاب ً‬
‫نفسه إلى عبادة الله بخشوع وحضور قلب‪ ،‬وإن كان‬
‫ما تركت له وقًتا يقرأ فيه أو يكتب أو يؤلف أو‬‫عال ً‬
‫يفكر‪ ،‬إن اللذة التي يجدها العابد في خلوته‪ ،‬والعالم‬
‫في قراءته‪ ،‬والديب في هدأته‪ ،‬ل تعدلها لذة في‬
‫الحياة وقد ل تشعر الزوجة بهذه اللذة فل تفهم لها‬
‫‪463‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫معنى‪ ،‬وقد تؤلها على معنى الكره والبعد عنها‪ ،‬وهي‬
‫في ذلك متجنية على نفسها وعلى زوجها‪.‬‬

‫وأما حقوق الزوجة على زوجها وهي‪:‬‬

‫أن ينظر إليها على أنها سكن تركن إليها‬ ‫‪-1‬‬


‫نفسه‪ :‬وتكمل في جوارها طمأنينته‪ ،‬وترتبط بالحياة‬
‫الكريمة معها سعادته وأشير في القرآن الكريم إلى‬
‫سك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ق ل َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫خل َ َ‬
‫ن َ‬ ‫هذه ‪‬ومن آ َيات ِ َ‬
‫هأ ْ‬‫َ ِ ْ َ ِ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫م ً‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬
‫ودّةً َ‬
‫م َ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫ع َ‬
‫ج َ‬
‫و َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي ْ َ‬
‫ها َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬
‫وا ً‬
‫أْز َ‬
‫‪ ‬سورة الروم آية ‪.21‬‬
‫أن ينفق عليها بالمعروف‪ :‬وهو في حدود‬ ‫‪-2‬‬
‫المسكن الصالح الذي تصان فيه حرمة الزوجة‪،‬‬
‫واللباس الصالح الذي يصونها من البتذال‪ ،‬والطعام‬
‫الصالح الذي يغذي الجسم‪ ،‬وهو على قدر‬
‫الستطاعة المالية ‪َ‬ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫ف‬
‫ها ‪ (1)‬ويأثم الزوج بما ينقصها‬ ‫ع َ‬
‫س َ‬
‫و ْ‬‫سا إ ِّل ُ‬ ‫ه نَ ْ‬
‫ف ً‬ ‫الل ّ ُ‬
‫من المسكن ونحوه وحسبه‬
‫ما أن يضيع من‬‫قول الرسول ‪" ‬كفى بالمرء إث ً‬
‫يقوت" رواه‬ ‫‪#‬‬

‫أحمد وأبو داود والحاكم والبيهقي في السنن ورمز‬


‫السيوطي لصحته‪.‬‬
‫أن يعلمها واجباتها الدينية‪ :‬ويرشدها إلى‬ ‫‪-3‬‬
‫ما تحتاج إلى معرفته من دين أو ثقافة‪ ،‬والمرأة‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.286‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪464‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫شديدة التأثر بسلوك زوجها الديني فإن رأت منه‬
‫حرصا على دينه سترا وعفة أو عبادة بادرت تفعل‬
‫مثل الذي يفعل زوجها‪ ،‬إرضاء له وإن رأت منه‬
‫عكس ذلك ليس عنده حرص على دينه‪ ،‬فعلت مثل‬
‫الذي يفعل‪ ،‬وقد جعل الله وقاية الزوجة من النار‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫أمانة في عنق الزوج حين قال‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫س‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫و ُ‬
‫قودُ َ‬ ‫م َناًرا َ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫هِليك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫قوا أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫مُنوا ُ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬
‫ة ‪ ‬سورة‬ ‫جاَر ُ‬ ‫وال ْ ِ‬
‫ح َ‬ ‫َ‬
‫التحريم آية ‪.6‬‬
‫أن يغار الزوج عليها فل يعرضها للشبهة‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ول يتساهل معها في كل ما يؤذي شرف السرة أو‬
‫يعرضها للسنة السوء‪ ،‬فمن أغضى عن زوجته وهو‬
‫يرى أو يسمع عنها‪ ،‬ما يشين‪ ،‬فقد أخرج نفسه من‬
‫زمرة الرجال الذين لهم المكانة عند الله وعند‬
‫الناس وقد قال رسول الله ‪" ‬أتعجبون من غيرة‬
‫سعد بن عبادة أحد الصحابة – والله لنا أغير منه‬
‫والله أغير مني")‪ (1‬والغيرة غيرتان غيرة محمودة‬
‫وهي ما كانت في محلها وفي حدود العتدال‪،‬‬
‫والغيرة المكروهة هي التي تحدث عنها الرسول ‪‬‬
‫بقوله "من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل‪ ،‬وهي‬
‫غيرة الرجل على أهله من غير ريبة وغيرة يحبها الله‬
‫وهي الغيرة في الريبة" رواه النسائي وأبو داود‬
‫وأحمد وابن ماجه والدارمي)‪.(2‬‬
‫أن ينبسط معها في البيت‪ :‬فيهش للقائها‪،‬‬ ‫‪-5‬‬
‫ويستمع إلى حديثها ويمازحها‪ ،‬ويداعبها‪ ،‬وقد يظن‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( والحاكم صححه‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪465‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بعض الجاهلين أن مداعبة الزوجة تتنافى مع الورع‬
‫والوقار‪ ،‬وهذا خطأ فاحش فلقد كان الرسول ‪،‬‬
‫وهو العابد الخاشع والقائد الحاكم‪ ،‬يسابق زوجته‬
‫عائشة رضي الله عنها‪ ،‬قال رسول الله ‪" ‬أكمل‬
‫المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم‬
‫لنسائهم"رواه الترمذي وابن حبان والحاكم‬
‫وصححوه‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪466‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أن يحسن خلقه معها‪ :‬فيكلمها برفق‬ ‫‪-6‬‬
‫ويتجاوز عن بعض الهفوات‪ ،‬ويقدم لها النصح بلين‬
‫تبدو فيه المودة والرحمة‪ ،‬وقد قال ‪" ‬إن أحبكم‬
‫إلي أحاسنكم أخلقا‪ ،‬الموطئون أكنافا‪ ،‬الذين يألفون‬
‫ويؤلفون" رواه الطبراني في الصغير والوسط‬
‫وأشار المنذري إلى ضعفه‪..‬‬
‫تلك أهم حقوق الزوج على زوجته والزوجة على‬
‫زوجها‪ ..‬فأما الحقوق المشتركة‪ ،‬فأولها أن يتحمل‬
‫كل منهما أذى صاحبه‪ ،‬فالنسان غير معصوم‪ ،‬وليس‬
‫من الناس من ل يخطئ‪ ،‬فليتحمل الزوج من زوجته‬
‫بعض الذى‪ ،‬وتتحمل الزوجة من الزوج بعض‬
‫القسوة‪ ،‬ومن الواجب أن يذكر الزوج أنه أقدر على‬
‫تحمل الذى من زوجته‪ ،‬فالمرأة عاطفية سريعة‬
‫النفعال كثيرة النسيان لجميل الزوج كما قال عنها‬
‫رسول الله ‪" ‬لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله‬
‫ثم رأت منك شيئا‪ ،‬قالت ما رأيت منك خيرا ً قط"‬
‫رواه البخاري‪.‬‬
‫ومن الواجبات المشتركة أن يشعر كل من‬
‫الزوج والزوجة بالمسئولية المشتركة نحو البيت‬
‫والسرة‪ ،‬أي أن يشعرا أن عليهما معا أن يسعدا‬
‫أنفسهما وأولدهما متعاونين على بأساء الحياة‪ ،‬فل‬
‫يصح أل يفكر الزوج في راحة الزوجة في البيت‬
‫وأعمالها وعنائها‪ ،‬وأن يكون همه فقط أن توفر له‬
‫الراحة‪ ،‬ولو على حساب الزوجة والولد‪ ،‬ول يصح‬
‫أن ل تفكر المرأة في عمل زوجها وفي نفقات البيت‬
‫حتى ل يكون همها أن توفر لنفسها الراحة أو‬
‫النفقات على حساب الزوج‪.‬‬
‫‪467‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫هذا وأسأل الله أن يرد الضالين والضالت من‬
‫الزواج إلى دينهم القويم ويجعل نهج أسرهم مستمد‬
‫من القرآن الكريم‪ ..‬والله الموفق‪،،‬‬
‫‪468‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫تعدد الزوجات في السلم‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على محمد رسول‬


‫الله وبعد‪ ،‬فقد كثر الكلم حول تعدد الزوجات في‬
‫السلم فمن طاعن في السلم مشكك فيه حاقد‬
‫على الدين وأهله‪ ،‬إلى إنسان متأثر بالعداء يقوم‬
‫يتأول القرآن ويلوي عنق اليات والحاديث لتأتي‬
‫على مذهبه وهواه‪ ..‬وليس العجب من هذين‬
‫الصنفين لن هذه حرفة العداء‪ ..‬قال تعالى‪ :‬‬
‫واءً ‪‬‬ ‫فت َ ُ‬ ‫ما ك َ َ‬
‫فُروا َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫دوا ل َ ْ‬
‫و ت َك ْ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫س َ‬
‫ن َ‬
‫كوُنو َ‬ ‫فُرو َ‬ ‫و ّ‬
‫َ‬
‫ولكن العجب ممن يتأثر بهم من أهل العلم والدين‬
‫ويقوم يتأول القرآن ويريد أن يخضعه لرأي العداء‬
‫حتى يسلم من قدحهم وهل يضرنا أو يضر ديننا‬
‫قدحهم كما قيل‪:‬‬
‫وهل يضر السحب يوما وقد علت‪ ،‬نباح الكلب‬
‫فتبا لتشاغب‬
‫والمسلم ولله الحمد متمسك بعقيدته ول يشك‬
‫في دينه وهو يسمع كلم ربه وحديث نبيه محمد ‪‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫طا َ‬‫ما َ‬
‫حوا َ‬ ‫يقول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫فان ْك ِ ُ‬
‫ع ‪ (2)‬وأمر النبي ‪ ‬من‬ ‫وُرَبا َ‬‫ث َ‬ ‫وث َُل َ‬
‫مث َْنى َ‬
‫ء َ‬
‫سا ِ‬
‫الن ّ َ‬
‫أسلم وتحته نساء كثيرات أن يختار من نسائه أربعا‬
‫)‪(3‬‬
‫ويطلق البواقي كما أمر غيلن وغيره‬
‫وهذا التشريع بإباحة أكثر من واحدة من محاسن‬
‫)( سورة النساء آية ‪.89‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.3‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان والحاكم‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪469‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫السلم والسلم كله محاسن وهو الموافق للمصالح‬
‫العامة والخاصة فقد يصير النساء في حاجة إلى من‬
‫يعولهن ويقوم بحوائجهن والنفقة عليهن‪ .‬ويعرض‬
‫للنساء أيضا الحيض والنفاس بالولدة فيخشى على‬
‫الرجل من الفتنة والوقوع في الفاحشة فأباح الشرع‬
‫للرجل تعدد الزوجات لهذه المصالح العظيمة ولكن‬
‫المغرض يعمى عنها والجاهل ل يعلم ذلك وقد يقع‬
‫الضطرار من النساء للرجال إما لقلة الرجال حيث‬
‫تعتريهم الحروب أو لكثرة النساء لما لله في ذلك‬
‫من الحكمة كما جاء في الحديث‬
‫‪#‬‬

‫عن النبي ‪ ‬أنه قال "في آخر الزمان يكون‬


‫لخمسين امرأة القيم الواحد")‪ (1‬أو لعجز النساء‬
‫وضعفهن كما أشار ربنا إلى ذلك بقوله‪:‬‬
‫ض َ‬
‫ل‬ ‫ف ّ‬ ‫ما َ‬‫ء بِ َ‬‫سا ِ‬‫عَلى الن ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬‫ق ّ‬‫ل َ‬‫جا ُ‬ ‫‪‬الّر َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬‫ما أ َن ْ َ‬ ‫وب ِ َ‬
‫ض َ‬ ‫ع ٍ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬
‫ع َ‬‫ه بَ ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫جٌة ‪‬‬ ‫ل َ َ‬ ‫َ‬
‫م‪َ  ‬‬
‫)‪(3‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫ن دََر َ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫وِللّر َ‬ ‫ه ْ‬‫وال ِ ِ‬‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫والسلم جاء بالرحمة والعطف على الضعيف‬
‫كالمرأة واليتيم بخلف ما عليه الجاهلية من ظلم‬
‫المرأة وحرمانها من الميراث وعضلها عن الزواج‬
‫ودفن البنات وهن على قيد الحياة بعضهم يفعلون‬
‫ذلك خوفا من الفقر وبعضهم يفعلونه للبنات خاصة‬
‫خوفا من العار‪ ،‬وجاء السلم فنهى عن الظلم‬
‫والعدوان وأخبر أن رزق الجميع على الله كما قال‬
‫َ‬
‫ن‬‫ح ُ‬ ‫مَل ٍ‬
‫ق نَ ْ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫خ ْ‬
‫شي َ َ‬ ‫وَلدَك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫قت ُُلوا أ ْ‬
‫وَل ت َ ْ‬
‫تعالى‪َ  :‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.34‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.228‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪470‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪(1‬‬
‫خطًْئا ك َِبيًرا ‪‬‬
‫ن ِ‬ ‫م َ‬
‫كا َ‬ ‫قت ْل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وإ ِّياك ُ ْ‬
‫م إِ ّ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َْرُز ُ‬
‫ق ُ‬
‫فرزق الجميع على الله الحي القيوم ولكن الرجال‬
‫مطلوب منهم العمل والقيام والنفقة على من تحت‬
‫أيديهم‪ .‬لكن إذا خاف الرجل من قلة العدل بين‬
‫الزوجات فيقتصر على واحدة كما قال تعالى‪ :‬‬
‫دُلوا َ‬ ‫َ‬
‫ة ‪ (2)‬وفي شرع من‬ ‫حدَ ً‬
‫وا ِ‬
‫ف َ‬ ‫م أّل ت َ ْ‬
‫ع ِ‬ ‫خ ْ‬
‫فت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫فإ ِ ْ‬
‫قبلنا كان التعدد موجوًدا‪ ..‬كان سليمان عليه السلم‬
‫يقول‪) :‬لطوفن الليلة على تسعين امرأة كل امرأة‬
‫ما يقاتل في سبيل الله()‪ (3‬وهذا من رحمة الله‬ ‫تلد غل ً‬
‫بعباده أن شرع التعدد وكان من خصائص نبينا محمد‬
‫‪ ‬أن أبيح له أكثر من أربع لقصد صلت إسلمية‬
‫ودولية ول ينكر التعدد إل معاند أو حاقد يريد تقليل‬
‫نسل المسلمين أو يريد أن يقعوا في الزنا كما صار‬
‫في بلد غيرهم نسأل الله لنا ولهم العافية في الدنيا‬
‫والخرة‪ .‬والله إنهم ليعلمون مصالح تعدد الزوجات‬
‫ولكن يتعامون عنها ليقدحوا في الدين أو ليوقعوا‬
‫الفواحش بين المسلمين والله أحكم وأعلم حيث‬
‫شرع للعباد ما ينفعهم ومنعهم مما يضرهم كالزنا‬
‫والفواحش والظلم والعدوان‪ .‬وصلى الله وسلم على‬
‫نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‪،،،،‬‬
‫كتبه الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله آل‬
‫فريان‬
‫‪#‬‬

‫)‪(4‬‬
‫حجاب المرأة المسلمة‬

‫سورة السراء آية ‪.31‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النساء آية ‪.3‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫مختصر من رسالة الحجاب – للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬
‫‪471‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على من ل‬


‫نبي بعده وعلى آله وصحبه‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فل يخفى على كل من له معرفة ما عمت به‬
‫البلوى من تبرج الكثير من النساء وسفورهن وعدم‬
‫تحجبهن من الرجال‪ ،‬وإبداء الكثير من زينتهن التي‬
‫حرم عليهن إبداؤها‪ ،‬ول شك أن ذلك من المنكرات‬
‫العظيمة والمعاصي الظاهرة‪ .‬ومن أعظم أسباب‬
‫حلول العقوبات ونزول النقمات لما يترتب على‬
‫التبرج والسفور من ظهور الفواحش وارتكاب‬
‫الجرائم وقلة الحياء وعموم الفساد‪ ،‬فاتقوا الله أيها‬
‫المسلمون وخذوا على أيدي سفهائكم وامنعوا‬
‫نساءكم مما حرم الله عليهن وألزموهن التحجب‬
‫والتستر واحذروا غضب الله سبحانه وعظيم عقوبته‬
‫فقد صح عن النبي ‪ ‬أنه قال‪" :‬إن الناس إذا رأوا‬
‫)‪(1‬‬
‫المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه"‬
‫وقد أمر الله سبحانه في كتابه الكريم بتحجب النساء‬
‫ولزومهن البيوت وحذرهن من التبرج والخضوع‬
‫بالقول للرجال صيانة لهن عن الفساد وتحذيًرا من‬
‫ن‬ ‫ي لَ ْ‬
‫ست ُ ّ‬ ‫ساءَ الن ّب ِ ّ‬‫أسباب الفتنة فقال تعالى‪َ :‬يا ن ِ َ‬
‫ن ِبال ْ َ‬ ‫فَل ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫و ِ‬
‫ق ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ن َ‬ ‫قي ْت ُ ّ‬‫ن ات ّ َ‬ ‫ء إِ ِ‬‫سا ِ‬‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫د ِ‬ ‫ك َأ َ‬
‫ح ٍ‬
‫وًل‬ ‫ق ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قل ْ َ‬ ‫و ُ‬
‫ض َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫في َطْ َ‬ ‫َ‬
‫ج‬‫ن ت َب َّر َ‬ ‫ج َ‬ ‫وَل ت َب َّر ْ‬ ‫ن َ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬‫و َ‬ ‫فا * َ‬ ‫عُرو ً‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ة‬
‫كا َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫وآِتي َ‬ ‫صَلةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ق ْ‬ ‫وأ ِ‬ ‫ة اْلوَلى َ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬‫جا ِ‬‫ال ْ َ‬

‫)( رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪472‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬
‫ه ‪ (1)‬الية‪ ،‬نهى سبحانه في‬ ‫سول َ ُ‬‫وَر ُ‬
‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬
‫ع َ‬
‫وأ ط ِ ْ‬‫َ‬
‫هذه اليات نساء النبي الكريم أمهات المؤمنين‪ ،‬وهن‬
‫من خير النساء وأطهرهن عن الخضوع بالقول‬
‫للرجال‬
‫وهو تليين القول وترقيقه لئل يطمع فيهن من في‬
‫قلبه مرض شهوة الزنا ويظن أنهن يوافقنه على‬
‫ذلك‪ ،‬وأمر بلزومهن البيوت‪ ،‬ونهاهن عن‬
‫‪#‬‬

‫تبرج الجاهلية وهو إظهار الزينة والمحاسن كالرأس‬


‫والوجه والعنق والصدر والذراع والساق ونحو ذلك‬
‫من الزينة لما في ذلك من الفساد العظيم والفتنة‬
‫الكبيرة وتحريك قلوب الرجال إلى تعاطي أسباب‬
‫الزنا‪ ،‬وإذا كان الله سبحانه يحذر أمهات المؤمنين‬
‫من هذه الشياء المنكرة مع صلحهن وطهارتهن‬
‫فغيرهن أولى وأولى بالتحذير والنكار والخوف‬
‫عليهن من أسباب الفتنة عصمنا الله وإياكم من‬
‫مضلت الفتن‪ ،‬ويدل على عموم الحكم لهن‬
‫ن‬
‫م َ‬‫ق ْ‬‫وأ َ ِ‬‫ولغيرهن قوله سبحانه في هذه الية‪َ  :‬‬
‫كاةَ َ‬ ‫الصَلةَ َ‬
‫ه ‪،‬‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ع َ‬ ‫وأ ط ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ن الّز َ‬
‫وآِتي َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫فإن هذه الوامر أحكام عامة لنساء النبي ‪‬‬
‫َ‬
‫عا‬
‫مَتا ً‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وغيرهن‪ ،‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫حجاب ذَل ِك ُ َ‬ ‫سأ َُلو ُ‬
‫قُلوب ِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م أط ْ َ‬
‫هُر ل ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ء ِ َ ٍ‬
‫وَرا ِ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫ن ِ‬
‫ه ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪.(2)‬‬‫ه ّ‬ ‫و ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫َ‬
‫فهذه الية الكريمة نص واضح في وجوب تحجب‬
‫النساء عن الرجال وتسترهن منهم‪ ،‬وقد أوضح الله‬
‫)( سورة الحزاب آية ‪.33-32‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪53‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪473‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سبحانه في هذه الية أن التحجب أطهر لقلوب‬
‫الرجال والنساء وأبعد عن الفاحشة وأسبابها‪ ،‬وأشار‬
‫سبحانه إلى أن السفور وعدم التحجب خبث‬
‫ونجاسة‪ ،‬وأن التحجب طهارة وسلمة‪ ،‬فيا معشر‬
‫المسلمين تأدبوا بتأديب الله‪ ،‬وامتثلوا أمر الله‪،‬‬
‫وألزموا نساءكم بالتحجب الذي هو سبب الطهارة‬
‫َ‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫ي ُ‬ ‫ووسيلة النجاة‪ ،‬قال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ها الن ّب ِ ّ‬
‫ن َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن ي ُدِْني َ‬‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ء ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سا ِ‬‫ون ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫وب ََنات ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫ج َ‬‫وا ِ‬‫ِلْز َ‬
‫فَل ي ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫من جَلبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ن‬‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ك أدَْنى أ ْ‬ ‫ِ ْ َ ِ ِ ِ ّ‬
‫ما ‪ (1)‬والجلبيب جمع‬ ‫حي ً‬‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬‫كا َ‬‫و َ‬ ‫َ‬
‫جلباب والجلباب هو ما تضعه المرأة على رأسها‬
‫للتحجب والتستر به‪ ،‬أمر الله سبحانه جميع نساء‬
‫المؤمنين بإدناء جلبيبهن على محاسنهن من الشعور‬
‫والوجه وغير ذلك حتى يعرفن بالعفة فل يفتتن ول‬
‫يفتن غيرهن فيؤذيهن‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ضوا ِ‬
‫غ ّ‬
‫ن يَ ُ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ق ْ‬‫وقال تعالى‪ُ  :‬‬
‫ن‬
‫م إِ ّ‬‫ه ْ‬‫كى ل َ ُ‬ ‫ك أ َْز َ‬ ‫م ذَل ِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ج ُ‬‫فُرو َ‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫أب ْ َ‬
‫َ‬
‫ت‬‫مَنا ِ‬‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬‫ق ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ن* َ‬ ‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫وَل‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬‫فُرو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فظ ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ها ‪ (2)‬الية أمر‬
‫‪#‬‬

‫من ْ َ‬ ‫هَر ِ‬ ‫ما ظَ َ‬ ‫ن إ ِّل َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ي ُب ْ ِ‬


‫سبحانه في هاتين اليتين الكريمتين المؤمنين‬
‫والمؤمنات بغض البصار وحفظ الفروج‪ ،‬وما ذاك إل‬
‫لعظم فاحشة الزنا وما يترتب عليها من الفساد‬
‫الكبير بين المسلمين‪ ،‬ولن إطلق البصر من وسائل‬
‫مرض القلب ووقوع الفاحشة‪ ،‬وغض البصر من‬
‫)(سورة الحزاب آية ‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.31 -30‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪474‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أسباب السلمة من ذلك فغض البصر وحفظ الفرج‬
‫أزكى للمؤمن في الدنيا والخرة‪ ،‬وإطلق البصر‬
‫والفرج من أعظم أسباب العطب والعذاب في الدنيا‬
‫والخرة‪ ،‬نسأل الله العافية من ذلك‪.‬‬
‫ومعلوم ما يترتب على ظهور الوجه والكفين من‬
‫ضا ما ثبت عن‬ ‫الفساد والفتنة‪ ،‬ويدل على ذلك أي ً‬
‫عائشة رضي الله عنها في قصة الفك أنها خمرت‬
‫وجهها لما سمعت صوت صفوان بن المعطل‬
‫السلمي وقالت‪ :‬إنه كان يعرفها قبل الحجاب)‪ (1‬فدل‬
‫ذلك على أن النساء بعد نزول الية –آية الحجاب‪ -‬ل‬
‫يعرفن بسبب تخميرهن وجوههن‪ ،‬ول يخفى ما وقع‬
‫فيه النساء اليوم من التوسع في التبرج‪ ،‬وإبداء‬
‫المحاسن‪ ،‬فوجب سد الذرائع وحسم الوسائل‬
‫المفضية إلى الفساد وظهور الفواحش‪ .‬ومن أعظم‬
‫أسباب الفساد خلوة الرجال بالنساء‪ ،‬وسفرهم بهن‬
‫من دون محرم‪ ،‬وقد صح عن النبي ‪ ‬أنه قال‪" :‬ل‬
‫تسافر امرأة إل مع ذي محرم ول يخلون رجل بامرأة‬
‫إل ومعها ذو محرم")‪ (2‬وقال ‪" :‬ل يخلون رجل‬
‫بامرأة إل كان الشيطان ثالثهما")‪ (3‬وقال ‪" :‬ل‬
‫جا أو ذا محرم"‬ ‫يبيتن رجل عند امرأة إل أن يكون زو ً‬
‫رواه مسلم في صحيحه‪ .‬فاتقوا الله أيها المسلمون‪،‬‬
‫وخذوا على أيدي نسائكم‪ ،‬وامنعوهن مما حرم الله‬
‫عليهن من السفور والتبرج وإظهار المحاسن‬
‫والتشبه بأعداء الله من النصارى ومن تشبه بهم‬

‫)( في الحديث الذي رواه أحمد والبخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪475‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫واعلموا أن السكوت عنهن مشاركة لهن في الثم‬
‫وتعرض لغضب الله وعموم عقابه‪ ،‬عافانا الله وإياكم‬
‫من شر ذلك‪.‬‬
‫ومن أعظم الواجبات تحذير الرجال من الخلوة‬
‫بالنساء والدخول عليهن والسفر بهن بدون محرم‬
‫لن ذلك من وسائل الفتنة والفساد وقد صح عن‬
‫النبي ‪ ‬أنه قال‪" :‬ما تركت بعدي فتنة أضر على‬
‫‪#‬‬‫الرجال من النساء" متفق عليه‪.‬‬
‫ومن أعظم الفساد‪ :‬تشبه الكثير من النساء‬
‫بنساء الكفار من النصارى وأشباههم في لبس‬
‫القصير من الثياب وإبداء الشعور والمحاسن ومشط‬
‫الشعور على طريقة أهل الكفر والفسق ووصل‬
‫الشعر ولبس الرءوس الصناعية المسماة )الباروكة(‪.‬‬
‫وقال ‪" ‬من تشبه بقوم فهو منهم")‪ (1‬ومعلوم ما‬
‫يترتب على هذا التشبه وهذه الملبس القصيرة التي‬
‫تجعل المرأة شبه عارية من الفساد والفتنة وقلة‬
‫الدين وقلة الحياء فالواجب الحذر من ذلك غاية‬
‫الحذر ومنع النساء منه والشدة في ذلك لن عاقبته‬
‫وخيمة وفساده عظيم ول يجوز التساهل في ذلك مع‬
‫البنات الصغار لن تربيتهن عليه يفضي إلى اعتيادهن‬
‫له وكراهيتهن لما سواه إذا كبرن فيقع بذلك الفساد‬
‫والمحذور والفتنة المخوفة التي وقع فيها الكبيرات‬
‫مع النساء‪.‬‬
‫فاتقوا الله عباد الله واحذروا ما حرم الله عليكم‬
‫وتعاونوا على البر والتقوى وتواصوا بالحق والصبر‬
‫عليه‪ ،‬واعلموا أن الله سبحانه سائلكم عن ذلك‬

‫)( رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وصححه ابن حبان‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪476‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ومجازيكم على أعمالكم وهو سبحانه مع الصابرين‬
‫ومع المتقين والمحسنين فاصبروا وصابروا واتقوا‬
‫الله وأحسنوا فإن الله يحب المحسنين‪ ،‬وأسأل الله‬
‫أن ينصر دينه ويعلي كلمته وأن يصلح ولة أمرنا‬
‫ويقمع بهم الفساد وينصر بهم الحق ويصلح لهم‬
‫البطانة وأن يوفقنا وإياكم وإياهم وسائر المسلمين‬
‫لما فيه صلح العباد والبلد في المعاش والمعاد إنه‬
‫على كل شيء قدير وبالجابة جدير وحسبنا الله‬
‫ونعم الوكيل ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله محمد‬
‫‪#‬‬‫وآله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫‪477‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫بيان ما يلزم المحدة على زوجها من‬


‫الحكام‬

‫أوًل‪ :‬تلزم بيتها الذي مات زوجها وهي ساكنة فيه‬


‫ول تخرج منه إل لحاجة أو ضرورة كمراجعة‬
‫المستشفى عند المرض وشراء حاجتها من السوق‬
‫كالخبز ونحوه إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬تجتنب الملبس الجميلة وتلبس ما سواها‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬تجتنب أنواع الطيب ونحوها إل إذا طهرت‬
‫من حيضها فل بأس أن تتبخر بالبخور‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬تجتنب الحلي من الذهب والفضة والماس‬
‫وغيرها سواء كان ذلك قلئد أو أسورة أو غير ذلك‪.‬‬
‫سا‪ :‬تجتنب الكحل لن رسول الله ‪ ‬نهى‬ ‫خام ً‬
‫المحدة عن هذه المور كلها ولها أن تغتسل بالماء‬
‫والصابون والسدر متى شاءت ولها أن تكلم من‬
‫شاءت من أقاربها وغيرهم ولها أن تجلس مع‬
‫محارمها وتقدم لهم القهوة والطعام ونحو ذلك ولها‬
‫أن تعمل في بيتها وحديقة بيتها وأسطحة بيتها ليًل‬
‫ونهاًرا في جميع أعمالها البيتية كالطبخ والخياطة‬
‫وكنس البيت وغسل الملبس وحلب البهائم ونحو‬
‫ذلك مما يفعله غير المحده ولها المشي في القمر‬
‫سافره كغيرها من النساء ولها طرح الخمار عن‬
‫رأسها إذا لم يكن عندها غير محرم‪ .‬وصلى الله‬
‫وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫الرئيس العام‬
‫‪478‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لدارات البحوث العلمية‬
‫والفتاء والدعوة والرشاد‬
‫‪#‬‬ ‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫‪479‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫خطورة الختلط‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وبعد‪:‬‬


‫فإن من أخطر المور التي حذر الله منها‬
‫المسلمين الختلط بين الجنسين الذكر والنثى حيث‬
‫إنه من أكبر السباب الميسرة للفاحشة وأخطر من‬
‫ذلك الخلوة بالمرأة غير المحرم فإن في ذلك مدخًل‬
‫للشيطان يقول عليه الصلة والسلم "ل يخلون رجل‬
‫بامرأة إل كان الشيطان ثالثهما")‪ (1‬وحقيقة الخلوة أن‬
‫ينفرد رجل بامرأة في غيبة عن أعين الناس‪ ،‬وذلك‬
‫يحدث اليوم كثيًرا في بيوت المسلمين الذين اتخذوا‬
‫الخادمات الجنبيات عن السرة والبيت والمجتمع‬
‫يؤتى بهن من بلد بعيدة بدون محارم ومن المتوقع‬
‫بل من المؤكد أن رب البيت أو أحد رجال السرة‬
‫يخلو بهذه الخادمة كثيًرا حينما تخرج السرة وحينئذ‬
‫يأتي دور الشيطان وهو دور محقق الخطر حيث أخبر‬
‫الرسول ‪ ‬بذلك والحديث السابق يعم جميع‬
‫الرجال ولو كانوا صالحين أو كبار السن كما يعم‬
‫المرأة ولو كانت صالحة أو عجوًزا وهذا شيء‬
‫مشاهد من الطبيعة البشرية ميل الرجال إلى النساء‬
‫بالفطرة ل سيما وأن الكثير من هذه الخادمات‬
‫فتيات جميلت ولهذا فإننا نعتبر اتخاذ الخادمات‬
‫ما ابتلى به المسلمون‬ ‫داخل البيوت اليوم خطًرا عظي ً‬

‫)( رواه أحمد والترمذي والحاكم وصححه‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪480‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اليوم نسأل الله أن يحفظهم من شره ويهدي الولة‬
‫لستدراك المر قبل أن يستفحل‪.‬‬
‫وهناك نوع آخر من الختلط ابتلي به بعض‬
‫المسلمين وخطره ل يقل عما سبق وهو اتخاذ الخدم‬
‫الرجال والسائقين الجانب الذين نراهم يغدون‬
‫ويروحون بأسرهم وينفردون بهن بدون محارم وقد‬
‫تأكدنا أن طائفة من المسلمين بدأ يرسل ابنته إلى‬
‫المدرسة مع السائق أو يرسل إحدى محارمه إلى‬
‫السوق مع هؤلء‬
‫منفردات مع السائق ولربما يكون غير مسلم أو‬
‫منحرًفا في دينه أو سلوكه أو زيه بل وعلى فرض أنه‬
‫‪#‬‬‫رجل تقي صالح فذلك حرام ل يجوز‬
‫بدليل الحديث السابق والشر متوقع والمسلم العاقل‬
‫ل يقبل ذلك في أهله ول يجوز له أن يفرط في المانة‬
‫ويسلم أغلى ما يملك وهو محارمه إلى هذا الخطر‬
‫الكبير وكم نسمع من الحداث الفظيعة بسبب هذا‬
‫التساهل والهمال بدافع حب الترف والغطرسة‪.‬‬
‫أخي المسلم‪ ...‬أختي المسلمة‪ ...‬إن السلم قد‬
‫شدد في أمر الخلوة حتى مع القارب غير المحارم‬
‫كبنت العم وبنت الخال قال ‪" ‬إياكم والدخول على‬
‫النساء فقال رجل أريت الحمو يا رسول الله فقال‬
‫الحمو الموت")‪ .(1‬ومعناه احذروا الختلط بالنساء‬
‫والخلوة بغير المحارم وأعظم أنواع الخلوة أن يخلو‬
‫أقارب الزوج بزوجة قريبهم في سفره أو خروجه‬
‫من البيت مثل أخيه وابن أخيه وعمه وابن عمه‪ ..‬إلخ‬
‫من غير المحارم لها‪ .‬كما نحذر المسلمات من‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪481‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫السفر مع غير محرم فالرسول ‪ ‬يقول "ل تسافر‬
‫المرأة مع غير ذي محرم")‪ (1‬كما نحذر المسلمين من‬
‫خلط الذكور والناث ولو كانوا إخوة بعد التمييز في‬
‫المضاجع فقد أمر ‪ ‬بالتفريق بينهم في المضاجع)‪.(2‬‬
‫ومما سبق ندرك خطر الختلط بين الجنسين‬
‫على أي حال من الحوال داخل البيوت أو خارجها‬
‫مُنوا َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫لذلك يقول الله تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ْ‬ ‫خُلوا ب ُُيوًتا َ‬
‫سوا‬‫ست َأن ِ ُ‬
‫حّتى ت َ ْ‬
‫م َ‬ ‫غي َْر ب ُُيوت ِك ُ ْ‬ ‫ت َدْ ُ‬
‫َ‬
‫عَلى أ ْ‬
‫ها ‪ ‬لذا فإننا نعتبر هؤلء‬ ‫سل ّ ُ‬
‫)‪(3‬‬
‫هل ِ َ‬ ‫موا َ‬ ‫وت ُ َ‬
‫َ‬
‫الذين جاءوا بنساء أجنبيات منهم واختلطن مع‬
‫أولدهم أو جاءوا برجال أجانب فاختلطوا مع‬
‫محارمهم قد عرضوا أنفسهم وأهلهم إلى أعظم‬
‫أنواع الخطر كما أنهم يهددون المجتمع كله بالخطر‬
‫وقد يوقعهم هذا التساهل بالدياثة التي يقول عنها ‪‬‬
‫"ل يدخل الجنة ديوث")‪ (4‬والديوث هو الذي يرضى‬
‫بالفاحشة في أهله وهو شيء متوقع مع هذا‬
‫التساهل لذا فإننا نقترح عليك أيها الخ المسلم البعد‬
‫عن هذا المر ومراقبة الله سبحانه وخوف الوقوف‬
‫بين يديه يوم توقفك ابنتك‬
‫وأختك بين يدي الله يوم القيامة للحساب )يوم ل‬
‫ينفع مال ول بنون إل من أتى الله بقلب سليم(‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬
‫‪#‬‬

‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وافهم قوله سبحانه ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ماَنات ِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫خوُنوا أ َ‬
‫وت َ ُ‬ ‫سو َ‬
‫ل َ‬ ‫والّر ُ‬ ‫خوُنوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫َل ت َ ُ‬
‫ن ‪ (5)‬وحينما تكون مضطرا ً إلى‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫م تَ ْ‬‫وأن ْت ُ ْ‬‫َ‬
‫رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النور آية ‪.27‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه النسائي والبزار والحاكم وصححه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫سورة النفال آية ‪.27‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪482‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الخادمة فل تستقدم إل مسلمة وتصحبها بزوجها‬
‫المسلم وتخصص لهما مكاًنا منفرًدا معزوًل عن بيتك‬
‫وعليك أن تختار كبيرة السن التقية‪.‬‬
‫أما هؤلء السائقون الجانب فإننا نقترح عليك أن‬
‫تستغني عنهم بنفسك أو أحد أولدك وحينما تضطر‬
‫لهم فعليك أن تصحبهم بنفسك أو يصحبهم أحد‬
‫المحارم وأن تحذر من الثقة بهم فالمر ليس‬
‫بالشيء السهل‪ .‬وأل تمكنهم من دخول بيتك في‬
‫غيبتك‪ ،‬أخي المسلم احذر هؤلء المربيات اللتي‬
‫تسلمهن أطفالك من غير المسلمات فلربما يربين‬
‫أبناءك على غير الطريقة المستقيمة‪.‬‬
‫أخي المسلم ل يجوز لك مصافحة المرأة‬
‫الجنبية منك ول يجوز النظر إلى غير محارمك فلقد‬
‫أمر الله بغض البصر سواء في ذلك الرجال والنساء‪.‬‬
‫كما ل يجوز للمرأة المسلمة أن تكشف وجهها أو‬
‫شيًئا من بدنها أمام رجل أجنبي منها‪.‬‬
‫أختي المسلمة احذري خطر التبرج وإظهار‬
‫الزينة لغير المحارم واحذري كثرة الخروج عن البيت‬
‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن‬ ‫ن ِ‬
‫قْر َ‬ ‫بدون حاجة فالله تعالى يقول ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫‪ (1)‬والله الموفق‪،،،‬‬
‫مع تحيات‬
‫أخيكم‪ /‬عبد الله الجللي‬
‫مدير مكتبة الدعوة‬
‫السلمية بعنيزة‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪.23‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪483‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫صفات نساء الجنة وصفات نساء النار‬


‫)*(‬

‫أيتها الخت المسلمة‪ ..‬نشرتنا هذه تخصك من‬


‫أجل أنك تمثلين نصف المجتمع‪ ..‬وتربين النصف‬
‫لسلم يوجهون إليك‬ ‫الخر ومن أجل أن أعداء ا ٍ‬
‫الضواء ويريدون لك التفسخ والنحلل باسم الحرية‬
‫أيتها الخت المسلمة سأعرض عليك )صفات نساء‬
‫الجنة‪ ..‬وصفات نساء النار( فاختاري أنت الطريق‬
‫ذي‬‫ع ال ّ ِ‬ ‫في َطْ َ‬
‫م َ‬ ‫ل َ‬
‫و ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ع َ‬
‫ض ْ‬ ‫فَل ت َ ْ‬
‫خ َ‬ ‫قال تعالى‪َ  :‬‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬‫و َ‬
‫فا * َ‬‫عُرو ً‬ ‫م ْ‬‫وًل َ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫قل ْ َ‬‫و ُ‬‫ض َ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬
‫في َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫ق ْ‬‫وأ َ ِ‬ ‫ُ‬
‫ة اْلوَلى َ‬ ‫هل ِي ّ ِ‬‫جا ِ‬‫ج ال ْ َ‬ ‫ن ت َب َّر َ‬‫ج َ‬‫وَل ت َب َّر ْ‬‫ن َ‬ ‫ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫سول َُه ‪‬‬ ‫كاةَ َ‬ ‫الصَلةَ َ‬
‫ن الل ّ َ‬ ‫ن الّز َ‬
‫)‪(1‬‬
‫وَر ُ‬
‫ه َ‬ ‫ع َ‬‫وأ ط ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫وآِتي َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫)فل تخضعن بالقول( المراد بالخضوع هنا أن ترقق‬
‫المرأة صوتها أمام غير المحارم من الرجال أو‬
‫تبتسم في وجوههم أو تمازحهم فيطمعوا فيها‪ ،‬‬
‫ن ‪ ‬إبقين في البيوت‪ ..‬فبقاء‬‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫َ‬
‫المرأة في بيتها خير لها‪ .‬فل تزاحمي الرجال‬
‫الجانب‪ ،‬ول تكثري من الخروج بل حاجة‪ ،‬وإذا‬
‫خرجت لحاجة فاخرجي محتشمة‪ ،‬والتبرج هو إظهار‬
‫شيء من الزينة سواء زينة الجسم أو زينة الملبس‪.‬‬
‫فإخراج الذراع من شق العباءة تبرج‪.‬‬

‫‪ (*) 1‬الشيخ عبد الله بن حمد الجللي‪.‬‬


‫)( سورة الحزاب آية ‪.33 -32‬‬
‫‪484‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وكذلك إخراج جزء من الساقين أو النحر أو‬
‫الشعر أو لبس الملبس الضيقة مثل البنطلون‪ ،‬أو‬
‫الشفافة‪ ،‬وكذلك الذهب والطيب وسائر الزينة أمام‬
‫غير المحارم تبرج‪ .‬أما نساء النار‪ ..‬فقد وصفهن‬
‫رسول الله ‪ ‬في الحديث )ونساء كاسيات عاريات‬
‫مائلت مميلت‪ ،‬رءوسهن كأسنمة البخت المائلة‪ ،‬ل‬
‫يدخلن الجنة ول يجدن ريحها()‪ (2‬كاسيات عاريات أي‬
‫عليهن لباس غير ساتر أو عاريات‬
‫من الحياء‪.‬‬
‫)مائلت مميلت( أي منحرفات عن الطريق‬
‫المستقيم والحشمة وتميل‬
‫‪#‬‬

‫معهن القلوب المريضة )رءوسهن كأسنمة البخت(‬


‫أي تجمع شعرها من الخلف كسنام البعير‪ .‬أيتها‬
‫الخت المسلمة عرضنا عليك صورة لصفات نساء‬
‫الجنة وصورة لنساء النار فاختاري أي الطريقين‪.‬‬
‫أختي في السلم حددي سنا للدراسة‪ ،‬ول‬
‫تطغي الدراسة على الزواج فتزهدي فيه فتصبحي‬
‫أرملة المستقبل‪ ،‬ول تتشبهي بالكافرات في لباسهن‬
‫أو عاداتهن وتقاليدهن ول يكن لك قدوة حفظك الله‬
‫من شر أعدائك المتربصين‪ ..‬وصلى الله على‬
‫محمد‪،،،‬‬

‫م َناًرا ‪‬‬ ‫وأ َ ْ‬


‫هِليك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫قوا أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫)( رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪485‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫الحمد لله يأمر بالعدل والحسان وينهى عن‬


‫الفحشاء والمنكر والبغي والعصيان وأشهد أن ل إله‬
‫إل الله‪ ،‬وحده ل شريك له‪ ،‬الملك الديان‪ ،‬وأشهد أن‬
‫دا عبده ورسوله القائل )كلكم راع ومسئول عن‬ ‫محم ً‬
‫رعيته( صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما تعاقب‬
‫ما‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫القمران وكر الجديدان وسلم تسلي ً‬
‫حا‬
‫فيا أيها الناس اتقوا الله وأطيعوه واعملوا صال ً‬
‫تجدوه يوم العرض عليه‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬‫عباد الله‪ ،‬قال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫س‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫قودُ َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َناًرا َ‬ ‫هِليك ُ ْ‬ ‫وأ َ ْ‬‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬‫ف َ‬ ‫قوا أ َن ْ ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫صو َ‬ ‫ع ُ‬ ‫دادٌ َل ي َ ْ‬ ‫ش َ‬
‫ظ ِ‬ ‫غَل ٌ‬‫ة ِ‬ ‫مَلئ ِك َ ٌ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َي ْ َ‬ ‫جاَرةُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬عباد‬‫)‪(1‬‬
‫ما ي ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫مُرو َ‬ ‫ؤ َ‬ ‫ن َ‬ ‫علو َ‬ ‫ف َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مَر ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل َ‬
‫الله هذه الية الكريمة يجب على رب كل أسرة أن‬
‫يجعلها نصب عينيه يسير عليها في سيرته مع أهله‬
‫وتعليمه وتربيته لهم‪ ،‬من بنات وزوجات وغيرهم‬
‫ممن له ولية عليهم يرشدهم إلى ما فيه صلحهم‬
‫ودرء فسادهم ليقيهم ونفسه عذاب النار –أعاذنا الله‬
‫م ‪ ‬بصيغة المر‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫قوا أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫منها وقوله تعالى ‪ُ ‬‬
‫يدل على الوجوب‪ ،‬فمن أمر أهله وأرشدهم إلى ما‬
‫فيه الخير وحملهم على‬
‫طاعة الله سبحانه وزجرهم عن معاصي الله فقد‬
‫أدى هذا‬ ‫‪#‬‬

‫الواجب الذي أوجه الله سبحانه وتعالى عليه وسيجد‬


‫ثوابه أحوج ما يكون إليه عند الله‪ ،‬ومن أهمل أهله‬

‫)( سورة التحريم آية ‪.6‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪486‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بغير أمر ول نهي وترك لهم الحبل على الغارب‬
‫مجاملة أو إهمال فقد ترك أداء هذا الواجب وعرض‬
‫نفسه وأهله لعذاب النار المتوعد بها من لم يعمل‬
‫بما تقتضيه هذه الية الكريمة‪ ،‬وإذا عرفنا ما تضمنته‬
‫هذه الية الكريمة من وجوب أمر الهل بالخير‬
‫ونهيهم عن الشر فالنبي ‪ ‬يقول "صنفان من أهل‬
‫النار لم أرهما قوم معهم سياط كأذناب البقر‬
‫يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلت‬
‫مميلت رءوسهن كأسنمة البخت المائلة ل يدخلن‬
‫الجنة ول يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة‬
‫كذا وكذا)‪ (1‬والذي نحن الن بصدده من هذا الحديث‬
‫هو الكلم عن الصنف الثاني ومعنى كاسيات أي‬
‫عليهن ثياب‪ ،‬وعاريات أي ل يحصل الستتار بها‪ ،‬إما‬
‫لكونها رهيفة ل تستر أو ضيقة تبين مرتفعات الجسم‬
‫ومنخفضاته‪ ،‬أو تستعمل استعماًل ل يحصل به الستر‬
‫المطلوب‪ ،‬ومعنى )مائلت( أي زائغات عن الطاعة‪،‬‬
‫ومميلت أي مميلت لقلوب الرجال إلى الفساد‪،‬‬
‫وإذا كان النبي ‪ ‬قد أخبر وهو ل ينطق عن الهوى‬
‫أن هذا الصنف من النساء في النار وأنه ل يجد رائحة‬
‫الجنة‪ ،‬والية الكريمة السابقة وجهت الخطاب‬
‫للمؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم النار فما الذي‬
‫يجعل هذا الصنف من النساء في النار كما في‬
‫الحديث‪ ،‬وأولياء أمورهن المهملون يسلمون منها أنه‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا ‪ ‬دليل على أن هذا‬‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قال ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫المأمور به من صفات المؤمنين وإن كان راغًبا عن‬

‫)( رواه مسلم في صحيحه‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪487‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫هذه الصفة الجليلة ويعرض نفسه وأهله للنار –أعاذنا‬
‫الله منها‪ -‬هذا شيء مما جاء في الية الكريمة‪ ،‬أما‬
‫الحديث آنف الذكر فلو ناقشنا واقع نسائنا على‬
‫قا على نسائنا إل من هداه الله‬ ‫ضوئه لوجدناه منطب ً‬
‫منهن ولطال الكلم بنا‪ ،‬ولكن لنناقش صفة واحدة‬
‫من صفاتهن‪ ،‬وهي عادة حديثة أو موضة على ما‬
‫يسمينها بينهن‪ .‬موجودة في الشابات ومدعيات‬
‫الشباب منهن إل من هداه الله وهي‬
‫رفع العباءة إلى ما تحت نصفها أو فوقه حتى أن‬
‫بعض من عدمن الحياء يجعلنها كاللفافة على رأسها‬
‫وما حوله‪ ،‬إنها أيها المسلمون عادة قبيحة مستهجنة‬
‫يأباها من عنده دين أو حياء أو عقل ويفعلها‬
‫‪#‬‬

‫من عدم شيًئا من هذه الصفات‪ ،‬إن فاعلة هذه‬


‫العادة )كاسية عارية( كاسية لن عندها عباءة لبستها‬
‫عارية لن وجود هذه العباءة كعدمها فثياب زينتها‬
‫ظاهرة للعيان وتقاطيع جسمها واضحة لكل إنسان‪،‬‬
‫عباد الله لقد قال الله سبحانه وتعالى مخاطًبا أمهات‬
‫المؤمنين الطاهرات المبرءات من كل سوء‪ ،‬وفي‬
‫خير القرون رجاًل ونساء كما جاء به ‪ ‬قال تعالى‬
‫في‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫في َطْ َ‬
‫م َ‬ ‫ل َ‬
‫و ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ع َ‬
‫ض ْ‬ ‫فَل ت َ ْ‬
‫خ َ‬ ‫لهن ‪َ ‬‬
‫ض ‪ (1)‬أي ل تكلمن الرجال بلين وخضوع‬ ‫مَر ٌ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬
‫ه َ‬ ‫َ‬
‫فيطمع من فيه فسوق وفجور بدعوة لفعل الفاحشة‬
‫إذا كان هذا الخطاب يا عباد الله لكمال نساء هذه‬
‫المة على الطلق وفي قرن هو خير القرون وداعي‬
‫الفاحشة فيه أقل من غيره فما هو الرأي بالمرأة‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪488‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في هذا الوقت إذا لبست ثياب زينتها ورفعت عباءتها‬
‫إلى ما فوق نصفها وضغطت على طرفيها‪ ،‬ومرت‬
‫من بين الرجال أو خالطتهم في أسواقهم‪ ،‬إن الذي‬
‫في قلبه مرض إذا رآها سيطمع بها ويعتبرها ضالته‬
‫وتكون هي الجانية على نفسها وولي أمرها مسئول‬
‫عنها أمام الله يوم القيامة ولم يقها ونفسه من النار‬
‫الوارد ذكرها في الية الكريمة السابقة فاتقوا الله‬
‫عباد الله وكونوا قوامين على النساء بما لهذه الكلمة‬
‫من معنى من تعليم ونصح وإرشاد وإلزام وغير ذلك‪.‬‬
‫فالمرأة مهما كانت عاقلة متعلمة‪ .‬فهي بحاجة إلى‬
‫عناية الرجل ورعايته وتعاهده لها بالمر والنهي‪،‬‬
‫والمؤمنة إذا وجهت وعرفت الحق لم يسعها الخروج‬
‫عنه ولو علمت أن النبي ‪ ‬سمى النظر إلى الجنبية‬
‫زنى‪ ،‬قال ‪" ‬كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى‬
‫مدرك ذلك ل محالة‪ ،‬فزنى العينين النظر")‪ (1‬الحديث‬
‫ضا أنها إذا اتصفت بالصفات المذكورة‬ ‫ولو علمت أي ً‬
‫وخرجت إلى السوق فهي طرف‬
‫أول بهذا النوع من الزنى‪ ،‬لنها استمالت الرجل حتى‬
‫نظر إلى ما أظهرت من زينتها‪ ،‬لو علمت ذلك‬
‫لقلعت عن هذه العادة وتابت إلى الله ثم من‬
‫خروجها من بيتها إلى السوق حتى دخولها فيه‬
‫راجعة‪ ،‬كم مرة يمر بها هذا النوع من الزنى‪ ،‬سؤال‬
‫معبر نسأل الله لنا الهداية جميًعا رجاًل ونساء والله‬
‫قا‬
‫يرينا الحق ح ً‬
‫‪#‬‬‫ويرزقنا اتباعه والباطل باطًل ويرزقنا اجتنابه‬

‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪489‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فاتقوا الله عباد الله واتبعوا المأمور واجتنبوا‬
‫المحظور ول تغرنكم الحياة الدنيا ول يغرنكم بالله‬
‫الغرور وفقنا الله وإياكم إلى ما يحبه ويرضاه وجنبنا‬
‫ما يكرهه ويأباه وبارك لي ولكم في القرآن العظيم‬
‫ونفعنا وإياكم بما فيه من اليات والذكر الحكيم‪.‬‬
‫أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم‪...‬‬
‫فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم‪،،،،‬‬
‫عبد الله‬
‫السماعيل‬

‫حكم مصافحة المرأة الجنبية‬


‫التي ليست من محارمك‬

‫أخي المسلم الغيور على دينك ومحارمك‬


‫الملتمس رضى ربك باجتناب ما عنه نهاك واتباع ما‬
‫به أمرك أختي المسلمة الصالحة‪ :‬إليكم الحاديث‬
‫الصحاح التي تبين لكم حكم التحريم في العادة‬
‫السيئة التي يفعلها كثير من جهال الناس وهي‬
‫المصافحة من الرجال والنساء‪ .‬وسأورد بعد‬
‫الحاديث نص فتوى العلمة العامل شيخنا عبد العزيز‬
‫بن عبد الله بن باز رئيس إدارات البحوث العلمية‬
‫والفتاء والدعوة والرشاد‪.‬‬
‫الحاديث‪:‬‬
‫قالت الصحابية الجليلة أميمة بنت رقيقة‬ ‫‪-1‬‬
‫‪490‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وصاحباتها لما أردن مبايعة رسول الله ‪‬‬
‫بالمصافحة‪ :‬هلم نبايعك يا رسول الله قال "إني ل‬
‫أصافح النساء إنما قولي لمائة امرأة كقولي لمرأة‬
‫واحدة")‪ (1‬وقد جاء في بعض طرق الحديث‪ :‬يا‬
‫رسول الله‪ :‬أل تصافحنا قال‪) :‬إني‪ ...‬إلخ(‪.‬‬
‫‪ -2‬وقالت عائشة بنت الصديق رضي الله عنهما )ول‬
‫والله ما مست يده ‪‬‬
‫‪#‬‬

‫يد امرأة قط في المبايعة ما يبايعهن إل بقوله قد‬


‫)‪.(2‬‬
‫بايعتك على ذلك‬
‫‪ -3‬وقال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما )كان ل‬
‫يصافح النساء في البيعة()‪.(3‬‬
‫وقال ‪" ‬لن يطعن في رأس رجل‬ ‫‪-4‬‬
‫بمخيط من حديد خير من أن يمس امرأة ل تحل‬
‫له")‪.(4‬‬

‫نص السؤال وفتوى الشيخ‪:‬‬

‫في مجلة الجامعة السلمية –العدد الثاني‪-‬‬


‫شوال ‪1390‬هي‪.‬‬
‫السؤال الثاني عشر في الصفحة التاسعة‬
‫والربعين بعد المائة‪ .‬س‪ :‬قد اشتهر عندنا أن الرجل‬
‫إذا غاب عن بلده ثم قدم أن النساء من جماعته‬
‫يأتين إليه ويسلمن عليه ويقبلنه وهكذا في العياد‬
‫)( رواه مالك في الموطأ والترمذي والنسائي وإسناده صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري في صحيحه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أحمد وحسنه السيوطي والهيثمي‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( قال المنذري في الترغيب والترهيب رواه الطبراني والبيهقي ورجال‬ ‫‪4‬‬

‫الطبراني ثقات‪.‬‬
‫‪491‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عيد الفطر وعيد الضحى فهل هذا مباح؟‬
‫)ج( قد علم بالدلة الشرعية من الكتاب والسنة‬
‫أن المرأة ليس لها أن تصافح أو تقبل غير محرمها‬
‫من الرجال سواء كان ذلك في العياد أو عند القدوم‬
‫من السفر أو لغير ذلك من السباب لن المرأة‬
‫عورة وفتنة فليس لها أن تمس الرجل الذي ليس‬
‫دا منها وليس‬ ‫ما لها سواء كان ابن عمها أو بعي ً‬ ‫محر ً‬
‫لها أن تقبله أو يقبلها‪.‬‬
‫ل نعلم بين أهل العلم –رحمهم الله‪ -‬خلًفا في‬
‫تحريم هذا المر وإنكاره لكونه من أسباب الفتن‬
‫ومن وسائل ما حرم الله من الفاحشة والعادات‬
‫المخالفة للشرع‪ ،‬ول يجوز للمسلمين البقاء عليها ول‬
‫التعلق بها بل يجب عليهم أن يتركوها ويحاربوها‬
‫ويشكروا الله سبحانه الذي من عليهم بمعرفة حكمه‬
‫ووفقهم لترك ما يغضبه والله سبحانه بعث الرسل‬
‫عليهم الصلة والسلم وعلى رأسهم سيدهم‬
‫وخاتمهم نبينا محمد ‪ ‬لدعوة الناس إلى توحيده‬
‫‪#‬‬ ‫سبحانه‬
‫وطاعة أوامره وترك نواهيه ومحاربة العادات‬
‫السيئة التي تضر المجتمع ول شك أن هذه العادة‬
‫من العادات السيئة فالواجب تركها ويكفي السلم‬
‫بالكلم من غير مس ول تقبيل وفيما شرع الله وأباح‬
‫غنية عما حرم وكره وكذلك يجب أن يكون السلم‬
‫مع التحجب ول سيما مع الشابات لن كشف الوجه‬
‫ل يجوز لكونه من أعظم الزينة التي نهى الله عن‬
‫ن إ ِّل‬
‫ه ّ‬
‫زين َت َ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫وَل ي ُب ْ ِ‬
‫دي َ‬ ‫إبدائها قال تعالى‪َ  :‬‬
‫‪492‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن ‪ (1)‬إلى آخر‬ ‫و آ ََبا ِ‬
‫ء بُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫عول َت ِهن أ َ َ‬
‫ه ّ‬
‫عولت ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬‫ه ّ‬
‫و آَبائ ِ ِ‬
‫ِ ّ ْ‬ ‫ل ِب ُ ُ‬
‫الية الكريمة‪ ،‬وقال تعالى في سورة الحزاب ‪‬‬
‫ء‬
‫وَرا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫سأ َُلو ُ‬ ‫فا ْ‬ ‫عا َ‬ ‫مَتا ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫َ‬
‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫َ‬
‫و ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬وقال‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫هُر ل ِ ُ‬ ‫م أط ْ َ‬ ‫ب ذَل ِك ُ ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫ه ّ‬ ‫قلوب ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬
‫ق ْ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل ِلْز َ‬ ‫ي ُ‬ ‫ها الن ّب ِ ّ‬ ‫تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ن َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ء ال ْ ُ‬
‫جلِبيب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ن ي ُدِْني َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫فَل ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ف َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ك أدَْنى أ ْ‬ ‫ذَل ِ َ‬
‫ء‬
‫سا ِ‬
‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫عدُ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ق َ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ما ‪ ‬وقال ‪َ ‬‬
‫)‪(3‬‬
‫حي ً‬ ‫فوًرا َر ِ‬ ‫غ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫س َ َ‬
‫ن‬
‫حأ ْ‬ ‫جَنا ٌ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫فل َي ْ َ‬ ‫حا َ‬ ‫كا ً‬ ‫ن نِ َ‬ ‫جو َ‬ ‫الّلِتي َل ي َْر ُ‬
‫غير مت َبرجات بزين َة َ‬
‫ن‬
‫وأ ْ‬ ‫ن َ ْ َ ُ َ ّ َ ٍ ِ ِ ٍ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن ث َِياب َ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ض ْ‬ ‫يَ َ‬
‫م‪‬‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫خي ٌْر ل َ ُ‬ ‫ف ْ‬
‫)‪(4‬‬
‫عِلي ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫مي ٌ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ف َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫القواعد هن العجائز بين الله سبحانه أن ل حرج‬
‫عليهن في وضع ثيابهن عن الوجه ونحوه إذا كن غير‬
‫متبرجات بزينة وأن الستر والتحجب خير لهن لما في‬
‫ذلك من البعد عن الفتنة‪ ،‬أما مع التبرج بالزينة‬
‫فليس لهن وضع الثياب بل يجب عليهن التحجب‬
‫والتستر وإن كن عجائز‪ ،‬فعلم بذلك كله أن الشابات‬
‫يجب عليهن التحجب عن الرجال في جميع الحوال‬
‫سواء كن متبرجات أم غير متبرجات‪ ،‬لن الفتنة بهن‬
‫أكبر والخطر في سفورهن أعظم‪ ،‬وإذا حرم‬
‫سفورهن فتحريم الملمسة والتقبيل من باب أولى‬
‫لن الملمسة والتقبيل أشد من السفور وهما من‬
‫نتائجه وثمراته المنكرة فالواجب ترك ذلك كله‬

‫النور آية ‪.31‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الحزاب آية ‪.53‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الحزاب آية ‪.9‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫النور آية ‪.60‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪493‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والحذر منه والتواصي بتركه‪ ،‬وفق الله الجميع لما‬
‫فيه رضاه والسلمة من أسباب غضبه أنه جواد‬
‫كريم‪ .‬والذي أوصي به الجميع هو تقوى الله سبحانه‬
‫والمحافظة على دينه ومن أهم ذلك وأعظمه‬
‫المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها وأداؤها‬
‫بالخشوع والطمأنينة والمسارعة من الرجال إلى‬
‫أدائها في الجماعة في مساجد الله التي أذن أن‬
‫ترفع ويذكر فيها اسمه كما قال سبحانه‬
‫‪#‬‬

‫طى‬ ‫س َ‬ ‫و ْ‬ ‫ة ال ْ ُ‬
‫صَل ِ‬‫وال ّ‬
‫ت َ‬‫وا ِ‬‫صل َ َ‬‫عَلى ال ّ‬ ‫ظوا َ‬ ‫ف ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫‪َ ‬‬
‫موا‬‫قي ُ‬ ‫وأ َ ِ‬
‫ن ‪ ‬وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫قان ِِتي َ‬ ‫موا ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫قو ُ‬ ‫و ُ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫وآ َُتوا الّز َ‬
‫عل ّك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل لَ َ‬ ‫سو َ‬ ‫عوا الّر ُ‬
‫طي ُ‬
‫وأ ِ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫صَلةَ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ن ‪ (2)‬ومن المور المهمة‪ ،‬المر بالمعروف‬ ‫مو َ‬ ‫ح ُ‬‫ت ُْر َ‬
‫والنهي عن المنكر والتعاون على البر والتقوى‬
‫والتواصي بالحق والصبر عليه وهذه هي أخلق‬
‫المؤمنين والمؤمنات وصفاتهم كما بين الله ذلك في‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫ض ُ‬
‫ع ُ‬
‫ت بَ ْ‬
‫مَنا ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫قوله عز وجل ‪َ ‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع ِ‬
‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬‫وي َن ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ض ي َأ ُ‬ ‫ع ٍ‬ ‫ول َِياءُ ب َ ْ‬‫أ ْ‬
‫ة‬
‫كا َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ؤُتو َ‬‫وي ُ ْ‬‫صَلةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫ر َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه ُ‬ ‫م ُ‬
‫ح ُ‬ ‫سي َْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫ه ُأول َئ ِ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫طي ُ‬‫وي ُ ِ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬وأسأل الله عز وجل أن‬ ‫)‪(3‬‬
‫حك ِي ْ ٌ‬ ‫زي ٌْز َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫إَ ّ‬
‫يوفقنا وإياكم لما يرضيه وأن يهدينا صراطه‬
‫المستقيم أنه سميع قريب والسلم عليكم ورحمة‬
‫الله وبركاته‪،،،‬‬
‫أخوكم في الله‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.238‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور ‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.71‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪494‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فالح بن نافع‬
‫المعدي‬

‫خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان‬


‫)‪( 1‬‬
‫عمله‬
‫بقلم فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز‬

‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على‬


‫رسوله المين وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن الدعوة إلى نزول المرأة للعمل في ميدان‬
‫الرجال المؤدي إلى الختلط سواء كان ذلك على‬
‫جهة التصريح أو التلويح بحجة إن ذلك من مقتضيات‬
‫دا له تبعاته‬
‫العصر ومتطلبات الحضارة أمر خطير ج ً‬
‫الخطيرة وثمراته المرة وعواقبه الوخيمة رغم‬
‫مصادمته للنصوص الشرعية‪ ،‬التي تأمر المرأة‬
‫بالقرار في بيتها والقيام بالعمال التي تخصها في‬
‫بيتها ونحوه‪.‬‬
‫ومن أراد أن يعرف عن كثب ما جناه الختلط‬
‫من المفاسد التي ل‬
‫‪#‬‬

‫تحصى فلينظر إلى تلك المجتمعات التي وقعت في‬


‫هذا البلء العظيم اختياًرا أو اضطراًرا بإنصاف من‬
‫نفسه وتجرد للحق عما عداه يجد التذمر – على‬
‫المستوى الفردي والجماعي والتحسر على انقلب‬
‫حا‬
‫المرأة من بيتها وتفكك السر‪ .‬ونجد ذلك واض ً‬
‫على لسان الكثير من الكتاب بل في جميع وسائل‬
‫)( عيين مجليية التوعييية السييلمية فييي الحييج العييدد ‪ 11‬فييي ‪/12 /16‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪1398‬هي‪.‬‬
‫‪495‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫العلم وما ذلك إل لن هذا هدم للمجتمع وتقويض‬
‫لبنائه‪.‬‬
‫والدلة الصحيحة الصريحة الدالة على تحريم‬
‫الخلوة بالجنبية وتحريم النظر إليها وتحريم الوسائل‬
‫الموصلة إلى الوقوع فيما حرم الله أدلة كثيرة‬
‫قاضية بتحريم الختلط لنه يؤدي إلى ما ل تحمد‬
‫عقباه‪.‬‬
‫وإخراج المرأة من بيتها الذي هو مملكتها‬
‫ومنطلقها الحيوي في هذه الحياة إخراج لها عما‬
‫تقتضيه فطرتها وطبيعتها التي جبلها الله عليها‪.‬‬
‫فالدعوة إلى نزول المرأة في الميادين التي تخص‬
‫الرجال أمر خطير على المجتمع السلمي ومن‬
‫أعظم آثاره الختلط الذي يعتبر من أعظم وسائل‬
‫الزنا الذي يفتك بالمجتمع ويهدم قيمه وأخلقه‪.‬‬
‫ومعلوم أن الله تبارك وتعالى جعل للمرأة تركيًبا‬
‫ما عن تركيب الرجل هيأها به للقيام‬ ‫صا يختلف تما ً‬‫خا ً‬
‫بالعمال التي في داخل بيتها والعمال التي بين‬
‫بنات جنسها‪.‬‬
‫ومعنى هذا‪ :‬أن اقتحام المرأة لميدان الرجال‬
‫جا لها عن تركيبها وطبيعتها‬ ‫الخاص بهم يعتبر إخرا ً‬
‫وفي هذا جناية كبيرة على المرأة وقضاء على‬
‫معنويتها وتحطيم لشخصيتها ويتعدى ذلك إلى أولد‬
‫الجيل من ذكور وإناث إل أنهم يفقدون التربية‬
‫والحنان والعطف‪ .‬فالذي يقوم بهذا الدور وهو الم‬
‫ما عن مملكتها التي ل‬ ‫قد فصلت منه وعزلت تما ً‬
‫يمكن أن تجد الراحة والستقرار والطمأنينة إل فيها‬
‫‪496‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وواقع المجتمعات التي تورطت في هذا أصدق شاهد‬
‫على ما نقول‪.‬‬
‫والسلم جعل لكل من الزوجين واجبات خاصة‬
‫على كل واحد منهما أن يقوم بدوره ليكتمل بذلك‬
‫بناء المجتمع في داخل البيت وفي خارجه‪.‬‬
‫فالرجل يقوم بالنفقة والكتساب والمرأة تقوم‬
‫بتربية الولد والعطف والحنان والرضاعة والحضانة‬
‫والعمال التي تناسبها لتعليم الصغار وإدارة‬
‫‪#‬‬

‫مدارسهن والتطبيب والتمريض لهن ونحو ذلك من‬


‫العمال المختصة بالنساء‪.‬‬
‫عا‬
‫فترك واجبات البيت من قبل المرأة يعتبر ضيا ً‬
‫للبيت بمن فيه‪ .‬ويترتب عليه تفكك السرة حسًيا‬
‫ومعنوًيا وعند ذلك يصبح المجتمع شكًل وصورة ل‬
‫حقيقة ومعنى‪.‬‬
‫عَلى‬‫ن َ‬‫مو َ‬
‫وا ُ‬ ‫ل َ‬
‫ق ّ‬ ‫قال الله جل وعل ‪‬الّر َ‬
‫جا ُ‬
‫ما‬
‫وب ِ َ‬
‫ض َ‬ ‫عَلى ب َ ْ‬
‫ع ٍ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ض ُ‬
‫ع َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه بَ ْ‬ ‫ض َ‬‫ف ّ‬ ‫ما َ‬‫ء بِ َ‬
‫سا ِ‬‫الن ّ َ‬
‫م ‪ (1)‬فسنة الله في خلقه أن‬ ‫َ‬ ‫ف ُ‬‫أ َن ْ َ‬
‫ه ْ‬
‫وال ِ ِ‬
‫م َ‬‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ِ‬
‫القوامة للرجل على المرأة وللرجل فضل عليها كما‬
‫دلت الية الكريمة على ذلك‪ .‬وأمر الله سبحانه‬
‫للمرأة بقرارها في بيتها ونهيها عن التبرج معناه‪.‬‬
‫النهي عن الختلط وهو‪ :‬اجتماع الرجال بالنساء‬
‫الجنبيات في مكان واحد بحكم العمل أو البيع أو‬
‫الشراء أو النزهة أو السفر أو نحو ذلك لن اقتحام‬
‫المرأة في هذا الميدان يؤدي بها إلى الوقوع في‬
‫المنهي عنه وفي ذلك مخالفة لمر الله وتضييع‬
‫)( سورة النساء آية ‪.34‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪497‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عا من المسلمة أن تقوم‬
‫لحقوق الله المطلوب شر ً‬
‫بها‪.‬‬
‫والكتاب والسنة دل على تحريم الختلط وتحريم‬
‫جميع الوسائل المؤدية إليه قال الله جل وعل‪ ،‬‬
‫ة‬
‫هل ِي ّ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬ ‫ن ت َب َّر َ‬ ‫ج َ‬ ‫وَل ت َب َّر ْ‬ ‫ن َ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫قْر َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫قمن الصَلةَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ع َ‬ ‫وأ ط ِ ْ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫وآِتي َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وأ ِ ْ َ‬ ‫اْلوَلى َ‬
‫س‬
‫ج َ‬ ‫م الّر ْ‬ ‫عن ْك ُ ُ‬‫ب َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه ل ِي ُذْ ِ‬ ‫ريدُ الل ّ ُ‬ ‫ما ي ُ ِ‬‫ه إ ِن ّ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫ما ي ُت َْلى‬ ‫ن َ‬ ‫واذْك ُْر َ‬ ‫هيًرا * َ‬ ‫ْ‬
‫م ت َط ِ‬ ‫هَرك ُ ْ‬ ‫وي ُطَ ّ‬ ‫ت َ‬ ‫ل ال ْب َي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ن‬
‫كا َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ة إِ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫حك ْ َ‬‫وال ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ن آ ََيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫في ب ُُيوت ِك ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫خِبيًرا ‪ ‬فأمر الله أمهات المؤمنين –‬ ‫)‪(1‬‬
‫فا َ‬ ‫طي ً‬ ‫لَ ِ‬
‫وجميع المسلمات والمؤمنات داخلت في ذلك‬
‫بالقرار في البيوت لما في ذلك من صيانتهن إبعادهن‬
‫عن وسائل الفساد‪ ،‬لن الخروج لغير حاجة قد‬
‫يفضي إلى التبرج كما قد يفضي إلى شرور أخرى ثم‬
‫أمرهن بالعمال الصالحة التي تنهاهن عن الفحشاء‬
‫والمنكر وذلك بإقامتهن الصلة وإيتائهن الزكاة‬
‫وطاعتهن لله ولرسوله ‪.‬‬
‫ثم وجههن إلى ما يعود عليهن بالنفع في الدنيا‬
‫والخرة وذلك بأن يكن على اتصال دائم بالقرآن‬
‫الكريم وبالسنة النبوية المطهرة اللذين فيهما ما‬
‫يجلو صدأ القلوب ويطهرها من الرجاس والنجاس‬
‫ويرشد إلى الحق‬ ‫‪#‬‬

‫َ‬
‫ل‬ ‫ي ُ‬
‫ق ْ‬ ‫والصواب‪ .‬وقال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ها الن ّب ِ ّ‬
‫ن َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ن ي ُدِْني َ‬‫مِني َ‬‫ؤ ِ‬ ‫ء ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫سا ِ‬
‫ون ِ َ‬
‫ك َ‬‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ج َ‬
‫ك َ‬ ‫وا ِ‬
‫ِلْز َ‬
‫فَل ي ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫من جَلبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ن‬‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ك أدَْنى أ ْ‬ ‫ِ ْ َ ِ ِ ِ ّ‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪.34 -33‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪498‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما ‪ (1)‬فأمر الله نبيه عليه‬ ‫حي ً‬ ‫غ ُ‬
‫فوًرا َر ِ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫و َ‬
‫كا َ‬ ‫َ‬
‫الصلة والسلم وهو المبلغ عن ربه أن يقول لزواجه‬
‫وبناته وعامة نساء المؤمنين يدنين عليهن من‬
‫جلبيبهن وذلك يتضمن ستر باقي أجسامهن‬
‫بالجلبيب وذلك إذا أردن الخروج لحاجة لئل تحصل‬
‫لهن الذية من مرضى القلوب‪.‬‬
‫فإذا كان المر بهذه المثابة فما بالك بنزولها إلى‬
‫ميدان الرجال واختلطها معهم وإبداء حاجتها إليهم‬
‫بحكم الوظيفة والتنازل عن كثير من أنوثتها لتنزل‬
‫في مستواهم وذهاب كثير من حيائهم ليحصل بذلك‬
‫النسجام بين الجنسين المختلفين معنى وصورة‪.‬‬
‫ن‬ ‫ضوا ْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫غ ّ‬
‫ن يَ ُ‬
‫مِني َ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫مؤ ِ‬ ‫قال الله جل وعل ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫ن‬
‫م إِ ْ‬ ‫كى ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ك أ َْز َ‬ ‫هم ذَل ِ َ‬ ‫ج ُ‬‫فُرو َ‬ ‫ظوا ْ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬‫هم َ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫أب ْ َ‬
‫َ‬
‫ت‬‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قل ل ّل ْ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫ن* َ‬ ‫عو َ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل َ‬
‫َ‬
‫ول َ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬‫فُرو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫فظ ْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن‬
‫رب ْ َ‬‫ض ِ‬‫ول ْي َ ْ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫هَر ِ‬ ‫ما ظَ َ‬ ‫ن إ ِل ّ َ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ي ُب ْ ِ‬
‫ن ‪ (2)‬إلخ الية يأمر الله نبيه‬ ‫ه ّ‬ ‫جُيوب ِ ِ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬‫خ ُ‬ ‫بِ ُ‬
‫عليه الصلة والسلم أن يبلغ المؤمنين والمؤمنات‬
‫أن يلتزموا بغض البصر وحفظ الفرج عن الزنا ثم‬
‫أوضح سبحانه أن هذا المر أزكى لهم‪ .‬ومعلوم أن‬
‫حفظ الفرج من الفاحشة إنما يكون باجتناب وسائلها‬
‫ول شك أن إطلق البصر واختلط النساء بالرجال‬
‫والرجال بالنساء في ميادين العمل وغيرها من‬
‫أعظم وسائل وقوع الفاحشة وهذان المران‬
‫المطلوبان من المؤمن يستحيل تحققهما منه وهو‬
‫)( سورة الحزاب آية ‪.59‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.31-30‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪499‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يعمل مع المرأة الجنبية كزميلة أو مشاركة في‬
‫العمل له‪.‬‬
‫فاقتحامها هذا الميدان معه أو اقتحامه الميدان‬
‫معها ل شك أنه من المور التي يستحيل معها غض‬
‫البصر وإحصان الفرج والحصول على زكاة النفس‬
‫وطهارتها‪.‬‬
‫وهكذا أمر الله المؤمنات بغض البصر وحفظ‬
‫الفرج وعدم إبداء الزينة إل ما ظهر منها وأمرهن‬
‫الله بإسدال الخمار على الجيوب المتضمن ستر‬
‫رأسها‬ ‫‪#‬‬

‫ووجهها‪ ،‬لن الجيب محل الرأس والوجه‪ .‬فكيف‬


‫يحصل غض البصر وحفظ الفرج‪ ،‬وعدم إبداء الزينة‬
‫عند نزول المرأة ميدان الرجال واختلطها معهم في‬
‫العمال والختلط كفيل بالوقوع في هذه المحاذير‪.‬‬
‫وكيف يحصل للمرأة المسلمة أن تغض بصرها وهي‬
‫تسير مع الرجل الجنبي جنبا ً إلى جنب بحجة أنها‬
‫تشاركه في العمال أو تساويه في جميع ما يقوم به‪.‬‬
‫والسلم حرم جميع الوسائل والذرائع الموصلة‬
‫إلى المور المحرمة ولذلك حرم السلم على النساء‬
‫خضوعهن بالقول للرجال لكونه يفضي إلى الطمع‬
‫ي‬ ‫فيهن كما في قوله عز وجل ‪َ‬يا ن ِ َ‬
‫ساءَ الن ّب ِ ّ‬
‫فَل ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ع َ‬
‫ض ْ‬
‫خ َ‬ ‫ن َ‬
‫قي ْت ُ ّ‬ ‫ن ات ّ َ‬‫ء إِ ِ‬‫سا ِ‬
‫ن الن ّ َ‬‫م َ‬ ‫د ِ‬
‫ح ٍ‬‫ن ك َأ َ‬‫ست ُ ّ‬‫لَ ْ‬
‫ض ‪ (1)‬يعني‬ ‫مَر ٌ‬‫ه َ‬ ‫قل ْب ِ ِ‬
‫في َ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ع ال ّ ِ‬ ‫في َطْ َ‬
‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫و ِ‬‫ق ْ‬‫ِبال ْ َ‬
‫مرض الشهوة‪ .‬فكيف يمكن التحفظ من ذلك مع‬
‫الختلط‪.‬‬
‫ومن البديهي أنها إذا نزلت إلى ميدان الرجال‬

‫)(سورة الحزاب آية ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪500‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لبد أن تكلمهم وأن يكلموها ولبد أن ترقق لهم‬
‫الكلم وأن يرققوا لها الكلم والشيطان من وراء‬
‫ذلك يزين ويحسن ويدعو إلى الفاحشة حتى يقعوا‬
‫فريسة له والله حكيم عليم حيث أمر المرأة‬
‫بالحجاب وما ذاك إل لن الناس فيهم البر والفاجر‬
‫والطاهر والعاهر‪ ،‬فالحجاب يمنع بإذن الله من الفتنة‬
‫ويحجز دواعيها وتحصل به طهارة قلوب الرجال‬
‫والنساء‪ ،‬والبعد عن مظان التهمة قال الله عز وجل‬
‫ء‬
‫وَرا ِ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫ه ّ‬ ‫سأ َُلو ُ‬
‫فا ْ‬‫عا َ‬ ‫مَتا ً‬‫ن َ‬ ‫ه ّ‬‫مو ُ‬ ‫َ‬
‫سأل ْت ُ ُ‬‫ذا َ‬ ‫‪َ ‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫و ُ ُ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬الية‪.‬‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬ ‫م أط ْ َ‬
‫هُر ل ِ ُ‬ ‫ب ذَل ِك ُ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫ه ّ‬‫قلوب ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جا ٍ‬ ‫ح َ‬
‫ِ‬
‫وخير حجاب للمرأة بعد حجاب وجهها وجسمها‬
‫باللباس هو بيتها‪ .‬وحرم عليها السلم مخالطة‬
‫الرجال الجانب لئل تعرض نفسها للفتنة بطريق‬
‫مباشر أو غير مباشر‪ .‬وأمرها بالقرار في البيت‬
‫وعدم الخروج منه إل لحاجة مباحة مع لزوم الدب‪،‬‬
‫الشرعي وقد سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا‬
‫وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة ففيه‬
‫استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها‬
‫فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها‬
‫وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما ل تحمد‬
‫عقباه‪..‬‬ ‫‪#‬‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪.53‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪501‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ونهى السلم عن الخلوة بالمرأة الجنبية على‬
‫الطلق إل مع ذي محرم وعن السفر إل مع ذي‬
‫محرم سدا ً لذريعة الفساد وإغلقا ً لباب الإثم وحسما‬
‫لسباب الشر وحماية للنوعين من مكايد الشيطان‬
‫ولهذا صح عن رسول الله ‪ ‬أنه قال ما تركت بعدي‬
‫فتنة أضر على الرجال من النساء)‪.(1‬‬
‫وصح عنه ‪ ‬أنه قال " اتقوا الدنيا واتقوا النساء‬
‫فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء")‪ (2‬وقد‬
‫يتعلق بعض دعاة الختلط ببعض ظواهر النصوص‬
‫الشرعية التي ل يدرك مغزاها ومرماها إل من نور‬
‫الله قلبه وتفقه في دين الله وضم الدلة الشرعية‬
‫بعضها إلى بعض وكانت في تصوره وحدة ل يتجزأ‬
‫بعضها عن بعض‪.‬ومن ذلك خروج بعض النساء مع‬
‫الرسول ‪ ‬في بعض الغزوات والجواب عن ذلك أن‬
‫خروجهن كان مع محارمهن لمصالح كثيرة ل يترتب‬
‫عليه ما يخشى عليهن منه من الفساد ليمانهن‬
‫وتقواهن وإشراف محارمهن عليهن وعنايتهن‬
‫بالحجاب بعد نزول آياته بخلف حال الكثير من نساء‬
‫العصر‪ ،‬ومعلوم أن خروج المرأة من بيتها إلى العمل‬
‫ما عن الحالة التي خرجن بها مع الرسول‬ ‫يختلف تما ً‬
‫‪ ‬في الغزو فقياس هذه على تلك يعتبر قيا ً‬
‫سا مع‬
‫الفارق‪.‬‬
‫ضا فما الذي فهمه السلف الصالح حول هذا‬ ‫وأي ً‬
‫وهم ل شك أدرى بمعاني النصوص من غيرهم‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪502‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأقرب إلى التطبيق العملي بكتاب الله وسنة رسوله‬
‫‪ ‬فما هو الذي نقل عنهم على مدار الزمن‪ .‬هل‬
‫وسعوا الدائرة كما ينادي دعاة الختلط فنقلوا ما‬
‫ورد في ذلك إلى أن تعمل المرأة في كل ميدان من‬
‫ميادين الحياة مع الرجال تزاحمهم ويزاحمونها‬
‫وتختلط معهم ويختلطون معها‪ .‬أم أنهم فهموا أن‬
‫تلك قضايا معينة ل تتعداها إلى غيرها‪.‬‬
‫وإذا استعرضنا الفتوحات السلمية والغزوات‬
‫على مدار التاريخ لم نجد هذه الظاهرة أما ما يدعى‬
‫في هذا العصر من ادخالها كجندي يحمل السلح‬
‫ويقاتل كالرجل فهو ل يتعدى أن يكون وسيلة لفساد‬
‫وتذويب أخلق الجيوش باسم الترفيه عن الجنود لن‬
‫‪#‬‬‫طبيعة الرجل إذا التقت مع طبيعة المرأة كان‬
‫منهما عند الخلوة ما يكون بين كل رجل وامرأة من‬
‫الميل والنس والستراحة إلى الحديث والكلم‬
‫وبعض الشيء يجر إلى بعض وإغلق باب الفتنة‬
‫أحكم وأحزم وأبعد من الندامة في المستقبل‪.‬‬
‫دا على جلب المصالح ودرء‬ ‫فالسلم حريص ج ً‬
‫المفاسد وغلق البواب المؤدية إليها‪ ،‬ولختلط‬
‫المرأة مع الرجل في ميدان العمل تأثير كبير في‬
‫انحطاط المة وفساد مجتمعها كما سبق‪ .‬لن‬
‫المعروف تاريخًيا عن الحضارات القديمة الرومانية‬
‫واليونانية ونحوهما أن من أعظم أسباب النحطاط‬
‫والنهيار الواقع بها هو خروج المرأة من ميدانها‬
‫الخاص إلى ميدان الرجال ومزاحمتهم مما أدى إلى‬
‫فساد أخلق الرجال وتركهم لما يدفع بأمتهم إلى‬
‫الرقي المادي والمعنوي وانشغال المرأة خارج البيت‬
‫‪503‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يؤدي إلى بطالة الرجل وخسران المة بانحلل‬
‫السرة وانهيار صرحها وفساد أخلق الولد ويؤدي‬
‫إلى الوقوع في مخالفة ما أخبر الله به في كتابه من‬
‫قوامة الرجل على المرأة‪.‬‬
‫وقد حرص السلم أن يبعد المرأة عن جميع ما‬
‫يخالف طبيعتها فمنعها من تولي الولية العامة‬
‫كرئاسة الدولة والقضاء وجميع ما فيه مسئوليات‬
‫عامة لقوله ‪" ‬لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"‬
‫رواه البخاري في صحيحه‪ .‬ففتح الباب لها بأن تنزل‬
‫فا لما يريده السلم‬‫إلى ميدان الرجال يعتبر مخال ً‬
‫من سعادتها واستقرارها‪ .‬فالسلم يمنع تجنيد المرأة‬
‫في غير ميدانها الصيل‪.‬‬
‫وقد ثبت من التجارب المختلفة وخاصة في‬
‫المجتمع المختلط أن الرجل والمرأة ل يتساويان‬
‫فطرًيا ول طبيعًيا فضًل عما ورد في الكتاب والسنة‬
‫حا جلًيا في اختلف الطبيعتين والواجبين والذين‬ ‫واض ً‬
‫ينادون بمساواة الجنس اللطيف –المنشأ في الحلية‬
‫وهو في الخصام غير مبين‪ -‬بالرجال يجهلون أو‬
‫يتجاهلون الفوارق الساسية بينهما‪.‬‬
‫لقد ذكرنا من الدلة الشرعية والواقع الملموس‬
‫ما يدل على تحريم الختلط واشتراك المرأة في‬
‫أعمال الرجال مما فيه كفاية ومقنع لطالب الحق‪،‬‬
‫ولكن نظًرا إلى أن بعض الناس قد يستفيدون من‬
‫كلمات رجال الغرب والشرق أكثر مما يستفيدون‬
‫من كلم الله وكلم رسوله ‪ ‬وكلم علماء‬
‫المسلمين رأينا أن ننقل لهم ما يتضمن اعتراف‬
‫‪#‬‬‫رجال الغرب والشرق بمضار‬
‫‪504‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الختلط‪ .‬ومفاسده لعلهم يقتنعون بذلك ويعلمون‬
‫أن ما جاء به دينهم العظيم من منع الختلط هو عين‬
‫الكرامة والصيانة للنساء وحمايتهن من وسائل‬
‫الضرار بهن والنتهاك لعراضهن‪.‬‬
‫قالت الكاتبة النجليزية اللدي كوك‪ :‬إن الختلط‬
‫يألفه الرجال ولهذا طمعت المرأة بما يخالف فطرتها‬
‫وعلى قدر كثرة الختلط تكون كثرة أولد الزنا وههنا‬
‫البلء العظيم على المرأة‪ .‬إلى أن قالت علموهن‬
‫البتعاد عن الرجال أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن‬
‫لهن بالمرصاد‪.‬‬
‫وقال شوبنهور اللماني‪ :‬قل هو الخلل العظيم‬
‫في ترتيب أحوالنا الذي دعا المرأة لمشاركة الرجل‬
‫في علو مجده‪ .‬وباذخ رفعته وسهل عليها التعالي في‬
‫مطامعها الدنيئة حتى أفسدت المدنية الحديثة بقوى‬
‫سلطانها ودنئ آرائها‪ .‬وقال اللورد بيرون‪ :‬لو تفكرت‬
‫أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد قدماء‬
‫اليونان لوجدتها في حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة‬
‫ولرأيت معي وجوب إشغال المرأة بالعمال المنزلية‬
‫مع تحسن غذائها وملبسها فيه وضرورة حجبها عن‬
‫الختلط بالغير‪ ..‬اهي‪.‬‬
‫وقال سامويل سمايلس النجليزي‪ :‬إن النظام‬
‫الذي يقضي بتشغيل المرأة في المعامل مهما نشأ‬
‫عنه من الثروة للبلد فإن نتيجته كانت هادمة لبناء‬
‫الحياة المنزلية لنه هاجم هيكل المنزل وقوض‬
‫أركان السرة ومزق الروابط الجتماعية فإنه يسلب‬
‫الزوجة من زوجها والولد من أقاربهم صار بنوع‬
‫‪505‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫خاص ل نتيجة له إل تسفيل أخلق المرأة إن وظيفة‬
‫المرأة الحقيقية هي القيام بالواجبات مثل ترتيب‬
‫مسكنها وتربية أولدها والقتصاد في وسائل معيشتها‬
‫مع القيام بالحتياجات البيتية ولكن المعامل تسلخها‬
‫من كل هذه الواجبات بحيث أصبحت المنازل غير‬
‫منازل‪ ،‬وأصبحت الولد تشب على عدم التربية‬
‫وتلقى في زوايا الهمال وطفئت المحبة الزوجية‬
‫وخرجت المرأة عن كونها الزوجة الظريفة والقرينة‬
‫المحبة للرجل وصارت زميلته في العمل والمشاق‬
‫وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالًبا التواضع‬
‫‪#‬‬ ‫الفكري والخلقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة‪.‬‬
‫‪506‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقالت الدكتورة ايدايلين‪ :‬إن سبب الزمات‬
‫العائلية في أمريكا وسر كثرة الجرائم في المجتمع‬
‫هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل السرة‬
‫فزاد الدخل وانخفض مستوى الخلق ثم قالت‪ :‬إن‬
‫التجارب أثبتت أن عودة المرأة إلى الحريم هو‬
‫الطريقة الوحيدة لنقاذ الجيل الجديد من التدهور‬
‫الذي يسير فيه‪.‬‬
‫وقال أحد أعضاء الكونجرس المريكي إن المرأة‬
‫قا إذا بقيت في البيت‬
‫تستطيع أن تخدم الدولة ح ً‬
‫الذي هو كيان السرة‪.‬‬
‫وقال عضو آخر‪ :‬إن الله عندما منح المرأة ميزة‬
‫إنجاب الولد لم يطلب منها أن تتركهم لتعمل في‬
‫الخارج بل جعل مهمتها البقاء في المنزل لرعاية‬
‫هؤلء الطفال‪.‬‬
‫ضا‪ :‬اتركوا للمرأة‬
‫وقال شوبنهور اللماني أي ً‬
‫حريتها المطلقة كاملة بدون رقيب ثم قابلوني بعد‬
‫عام لتروا النتيجة ول تنسوا أنكم سترثون معي‬
‫الفضيلة والعفة والدب‪ .‬وإذا مت فقولوا‪ :‬أخطأ أو‬
‫أصاب كبد الحقيقة‪ ،‬ذكر هذه النقول كلها الدكتور‬
‫مصطفى حسني السباعي رحمه الله في كتابه‬
‫المرأة بين الفقه والقانون‪.‬‬
‫ولو أردنا أن نستقصى ما قاله منصفو الغرب‬
‫في مضار الختلط الذي هو نتيجة نزول المرأة إلى‬
‫ميدان أعمال الرجال لطال بنا المقال ولكن الشارة‬
‫المفيدة تكفي عن طول العبارة‪.‬‬
‫‪507‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والخلصة أن استقرار المرأة في بيتها والقيام‬
‫بما يجب عليها من تدبيره بعد القيام بأمور دينها هو‬
‫المر الذي يناسب طبيعتها وفطرتها وكيانها وفيه‬
‫صلحها وصلح المجتمع وصلح الناشئة فإن كان‬
‫عندها فضل ففي المكان تشغيلها في الميادين‬
‫النسائية كالتعليم للنساء‪ ،‬والتطبيب والتمريض لهن‬
‫ونحن ذلك مما يكون من العمال النسائية في‬
‫ميادين النساء كما سبقت الشارة إلى ذلك‪ .‬وفيها‬
‫شغل لهن شاغل وتعاون مع الرجال في أعمال‬
‫المجتمع وأسباب رقيه كل في جهة اختصاصه ول‬
‫ننسى هنا دور أمهات المؤمنين‪ ،‬رضي الله عنهن‬
‫ومن سار في سبيلهن وما قمن به من تعليم للمة‬
‫وتوجيه وإرشاد وتبليغ عن الله سبحانه‪ ،‬وعن رسوله‬
‫‪ ‬فجزاهن الله عن ذلك خيًرا وأكثر في المسلمين‬
‫‪#‬‬‫اليوم أمثالهن‬
‫مع الحجاب والصيانة والبعد عن مخالطة الرجال‬
‫في ميدان أعمالهم‪ .‬والله المسئول أن يبصر الجميع‬
‫بواجبهم وأن يعينهم على أدائه على الوجه الذي‬
‫يرضيه وأن يقي الجميع وسائل الفتنة وعوامل‬
‫الفساد ومكايد الشيطان إنه جواد كريم وصلى الله‬
‫وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه‪،،،‬‬
‫الرئيس العام‬
‫لدارات البحوث العلمية‬
‫والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد‬
‫عبد العزيز بن عبد الله‬
‫بن باز‬
‫‪508‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حكم الختلط في التعليم‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‬


‫وبعد‪:‬‬
‫فقط اطلعت على ما نشرته جريدة )السياسة(‬
‫الصادرة يوم ‪24/7/1404‬هي بعددها ‪ 5644‬منسوًبا‬
‫إلى مدير جامعة صنعاء د‪ .‬عبد العزيز المقالح الذي‬
‫زعم فيه أن المطالبة بعزل الطالبات عن الطلب‬
‫مخالفة للشريعة وقد استدل على جواز الختلط بأن‬
‫المسلمين من عهد الرسول ‪ ‬كانوا يؤدون الصلة‬
‫في مسجد واحد الرجل والمرأة وقال )ولذلك فإن‬
‫التعليم ل بد أن يكون في مكان واحد( وقد استغربت‬
‫صدور هذا الكلم من مدير لجامعة إسلمية في بلد‬
‫إسلمي يطلب منه أن يوجه شعبه من الرجال‬
‫والنساء إلى ما فيه السعادة والنجاة في الدنيا‬
‫والخرة فإنا لله وإنا إليه راجعون ول حول ول قوة إل‬
‫بالله‪.‬‬
‫ول شك أن هذا الكلم فيه جناية عظيمة على‬
‫الشريعة السلمية لن الشريعة لم تدع إلى الختلط‬
‫حتى تكون المطالبة بمنعه مخالفة لها بل هي تمنعه‬
‫في‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬
‫قْر َ‬ ‫وتشدد في ذلك كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫‪#‬‬ ‫ة‬
‫هل ِي ّ ِ‬ ‫ج ال ْ َ‬
‫جا ِ‬ ‫ن ت َب َّر َ‬ ‫وَل ت َب َّر ْ‬
‫ج َ‬ ‫ب ُُيوت ِك ُ ّ‬
‫ن َ‬
‫‪509‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي ُ‬ ‫اْلوَلى ‪ ‬الية وقال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ق ْ‬
‫ل‬ ‫ها الن ّب ِ ّ‬
‫ن َ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ن ي ُدِْني َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ء ال ْ ُ‬ ‫سا ِ‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫وب ََنات ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ج َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ِلْز َ‬
‫فَل ي ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫عَر ْ‬ ‫َ‬ ‫من جَلبيبهن ذَل ِ َ َ‬
‫ن‬ ‫ؤذَي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ك أدَْنى أ ْ‬ ‫ِ ْ َ ِ ِ ِ ّ‬
‫ما ‪ ‬وقال سبحانه ‪‬‬ ‫غ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫و َ‬
‫)‪(2‬‬
‫حي ً‬ ‫فوًرا َر ِ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫و ُ‬
‫فظ َ‬ ‫وي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ض َ‬ ‫ض ْ‬ ‫غ ُ‬ ‫ت يَ ْ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ُ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫من ْ َ‬ ‫هَر ِ‬ ‫ما ظ َ‬‫َ‬ ‫ن إ ِل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫ول ي ُب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫فُرو َ‬
‫ن‬ ‫دي َ‬ ‫وَل ي ُب ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫جُيوب ِ ِ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫ر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ول ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ء بُ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن إ ِّل ل ِب ُ ُ َ‬
‫ه ّ‬ ‫عولت ِ ِ‬ ‫و آَبا ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫و آَبائ ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫عولت ِ ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫زين َت َ ُ‬ ‫ِ‬
‫و ب َِني‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وان ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫و إِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫عولت ِ ِ‬ ‫ء بُ ُ‬ ‫و أب َْنا ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫و أب َْنائ ِ ِ‬ ‫أ ْ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و ب َِني أ َ َ‬ ‫َ‬
‫و َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫سائ ِ ِ‬ ‫و نِ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وات ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫وان ِ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫وَل‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬إلى أن قال سبحانه ‪َ ‬‬ ‫ه ّ‬ ‫مان ُ ُ‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ه ّ‬ ‫زين َت ِ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫في َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ َ‬ ‫ن ل ِي ُ ْ‬ ‫ه ّ‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫ن ب ِأْر ُ‬ ‫رب ْ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫م‬‫عل ّك ُ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ال ْ ُ‬ ‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‪. ‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫َ‬
‫عا‬ ‫مَتا ً‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫مو ُ‬ ‫سأل ْت ُ ُ‬ ‫ذا َ‬ ‫وإ ِ َ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫حجاب ذَل ِك ُ َ‬ ‫سأ َُلو ُ‬
‫قُلوب ِك ُ ْ‬
‫م‬ ‫هُر ل ِ ُ‬ ‫م أط ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ء ِ َ ٍ‬ ‫وَرا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه ّ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ (4)‬الية وفي هذه اليات الكريمات‬ ‫ه ّ‬ ‫و ُ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫َ‬
‫الدللة الظاهرة على شريعة لزوم النساء لبيوتهن‬
‫حذًرا من الفتنة بهن إل من حاجة تدعو إلى الخروج‬
‫ثم حذرهن سبحانه من التبرج وتبرج الجاهلية وهو‬
‫إظهار محاسنهن ومفاتنهن بين الرجال وقد صح عن‬
‫رسول الله ‪ ‬أنه قال )ما تركت بعدي فتنة أضر‬
‫على الرجال من النساء( متفق عليه من حديث‬
‫أسامة بن زيد رضي الله عنه وخرجه مسلم في‬

‫الحزاب آية ‪.33‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الحزاب آية ‪.59‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫النور آية ‪.31‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الحزاب آية ‪.53‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪510‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫صحيحه عن أسامة وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل‬
‫رضي الله عنهما جميًعا وفي صحيح مسلم عن أبي‬
‫سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي ‪ ‬أنه قال‬
‫)إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها‬
‫فناظر كيف تعلمون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن‬
‫أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء( ولقد صدق‬
‫رسول الله ‪ ،‬فإن الفتنة بهن عظيمة ول سيما في‬
‫هذا العصر الذي خلع فيه أكثرهن الحجاب وتبرجن‬
‫فيه تبرج الجاهلية وكثرت بسبب ذلك الفواحش‬
‫والمنكرات وعزوف الكثير من الشباب والفتيات عما‬
‫شرع الله من الزواج في كثير من البلد‪ ،‬وقد بين‬
‫الله سبحانه أن الحجاب أطهر لقلوب الجميع فدل‬
‫ذلك على أن زواله أقرب إلى نجاسة قلوب الجميع‬
‫وانحرافهم عن طريق الحق‪ ،‬ومعلوم أن جلوس‬
‫الطالبة مع الطالب في كرسي الدراسة من أعظم‬
‫أسباب‬
‫‪#‬‬

‫الفتنة ومن أسباب ترك الحجاب الذي شرعه الله‬


‫للمؤمنات ونهاهن عن أن يبدين زينتهن لغير من‬
‫بينهم الله سبحانه في الية السابقة من سورة النور‪،‬‬
‫ومن زعم أن المر بالحجاب خاص بأمهات المؤمنين‬
‫فقد أبعد النجع النجعة وخالف الدلة الكثيرة الدالة‬
‫على التعميم وخالف قوله تعالى‪ :‬ذَل ِك ُ َ‬
‫م أطْ َ‬
‫هُر‬ ‫ْ‬
‫ن ‪ ‬فإنه ل يجوز أن يقال أن‬ ‫ه ّ‬ ‫و ُ ُ‬ ‫قُلوب ِك ُ ْ‬
‫لِ ُ‬
‫قلوب ِ ِ‬ ‫م َ‬
‫الحجاب أطهر لقلوب أمهات المؤمنين ورجال‬
‫الصحابة رضي الله عنهم دون من بعدهم ول شك أن‬
‫من بعدهم أحوج إلى الحجاب من أمهات المؤمنين‬
‫ورجال الصحابة لما بينهم من الفرق العظيم في قوة‬
‫‪511‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اليمان والبصيرة بالحق فإن الصحابة رضي الله‬
‫عنهم رجاًل ونساء ومنهن أمهات المؤمنين هم خير‬
‫الناس بعد النبياء وأفضل القرون بنص الرسول ‪‬‬
‫المخرج في الصحيحين فإذا كان الحجاب أطهر‬
‫لقلوبهم فمن بعدهم أحوج إلى هذه الطهارة وأشد‬
‫افتقاًرا إليها ممن قبلهم ولن النصوص الواردة في‬
‫الكتاب والسنة ل يجوز أن يخص بها أحد من المة إل‬
‫بدليل صحيح يدل على التخصيص فهي عامة لجميع‬
‫المة في عهده ‪ ‬وبعده إلى يوم القيامة لنه‬
‫سبحانه بعث رسوله ‪ ‬إلى الثقلين في عصره‬
‫وبعده إلى يوم القيامة كما قال عز وجل ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫ل َيا‬
‫َ‬
‫ميًعا ‪‬‬ ‫ه إ ِل َي ْك ُ ْ‬‫ل الل ّ ِ‬
‫)‪(1‬‬
‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫سو ُ‬‫س إ ِّني َر ُ‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫أي ّ َ‬
‫ك إ ِّل َ‬ ‫سل َْنا َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ة ِللّنا ِ‬ ‫كا ّ‬
‫ف ً‬ ‫ما أْر َ‬‫و َ‬‫وقال سبحانه ‪َ ‬‬
‫ذيًرا ‪ ‬وهكذا القرآن الكريم لمن ينزل‬ ‫)‪(2‬‬
‫ون َ ِ‬
‫شيًرا َ‬‫بَ ِ‬
‫لهل عصر النبي ‪ ‬وإنما أنزل لهم ولمن بعدهم‬
‫ذا ب ََل ٌ‬
‫غ‬ ‫ممن يبلغه كتاب الله كما قال تعالى‪َ  :‬‬
‫ه َ‬
‫َ‬
‫حدٌ‬
‫وا ِ‬‫ه َ‬‫و إ ِل َ ٌ‬‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫موا أن ّ َ‬ ‫عل َ ُ‬‫ول ِي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ول ِي ُن ْذَُروا ب ِ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ِللّنا ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب ‪ ‬وقال عز وجل ‪َ ‬‬ ‫ول ِي َذّك َّر أوُلو اْلل َْبا ِ‬
‫)‪(3‬‬
‫ي‬
‫ح َ‬
‫وأو ِ‬ ‫َ‬
‫ن ب َل َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬
‫غ ‪ ‬الية‬ ‫ذَرك ُ ْ‬ ‫إ ِل َ ّ‬
‫)‪(4‬‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬
‫م بِ ِ‬ ‫ن ِلن ْ ِ‬ ‫قْرآ ُ‬ ‫ه َ‬‫ي َ‬
‫وكان النساء في عهد النبي ‪ ‬ل يختلطن بالرجال ل‬
‫في المساجد ول في السواق الختلط الذي ينهى‬
‫عنه المصلحون اليوم ويرشد القرآن والسنة وعلماء‬
‫المة إلى التحذير منه حذًرا من فتنته بل كان النساء‬
‫في مسجده ‪ ‬يصلين خلف الرجال في صفوف‬

‫العراف آية ‪.158‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سبأ آية ‪.28‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫إبراهيم آية ‪.52‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫النعام آية ‪.19‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪512‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫متأخرة عن الرجال وكان يقول ‪ ‬خير صفوف‬
‫الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخر‬
‫)‪(1‬‬
‫‪#‬‬ ‫وشرها أولها‬
‫حذًرا من افتتان آخر صفوف الرجال بأول صفوف‬
‫النساء وكان الرجال في عهده ‪ ‬يؤمرون بالتريث‬
‫في النصراف حتى يمضي النساء ويخرجن من‬
‫المسجد لئل يختلط بهن الرجال في أبواب المساجد‬
‫مع ما هم عليه جميًعا رجاًل ونساء من اليمان‬
‫والتقوى فكيف بحال من بعدهم وكانت النساء ينهين‬
‫أن يتوسطن الطريق ويؤمرن بلزوم حافات الطريق‬
‫حذًرا من الحتكاك بالرجال والفتنة بمماسة بعضهم‬
‫ضا عند السير في الطريق‪ ،‬وأمر الله سبحانه‬ ‫بع ً‬
‫نساء المؤمنين أن يدين عليهن من جلبيبهن حتى‬
‫يغطين بها زينتهن حذًرا من الفتنة بهن ونهاهن‬
‫سبحانه عن ابداء زينتهن لغير من سمى الله سبحانه‬
‫ما لسباب الفتنة وترغيًبا في‬
‫في كتابه العظيم حس ً‬
‫أسباب العفة والبعد عن مظاهر الفساد والختلط‪،‬‬
‫فكيف يسوغ لمدير جامعة صنعاء هداه الله وألهمه‬
‫رشده بعد هذا كله أن يدعو إلى الختلط ويزعم أن‬
‫السلم دعا إليه وأن الحرم الجامعي كالمسجد وأن‬
‫ساعات الدراسة كساعات الصلة ومعلوم أن الفرق‬
‫عظيم والبون شاسع لمن عقل عن الله أمره ونهيه‬
‫وعرف حكمته سبحانه في تشريعه لعباده وما بين‬
‫في كتابه العظيم من الحكام في شأن الرجال‬
‫والنساء وكيف يجوز لمؤمن أن يقول إن جلوس‬
‫الطالبة بحذاء الطالب في كرسي الدراسة مثل‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪513‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جلوسها مع أخواتها في صفوفهن خلف الرجال هذا ل‬
‫يقوله من له أدنى مسكة من إيمان وبصيرة يعقل ما‬
‫يقول‪ ،‬هذا لو سلمنا وجود الحجاب الشرعي فكيف‬
‫إذا كان جلوسها مع الطالب في كرسي الدراسة مع‬
‫التبرج وإظهار المحاسن والنظرات الفاتنة والحاديث‬
‫التي تجر إلى كل فتنة والله المستعان ول حول ول‬
‫مى‬ ‫ها َل ت َ ْ‬
‫ع َ‬ ‫قوة إل بالله قال الله عز وجل ‪َ ‬‬
‫فإ ِن ّ َ‬
‫ب ال ِّتي ِ‬
‫قُلو ُ‬
‫مى ال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫دو ِ‬
‫ص ُ‬
‫في ال ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َك ِ ْ‬
‫ن تَ ْ‬ ‫اْلب ْ َ‬
‫صاُر َ‬
‫‪ ‬الحج آية ‪.46‬‬
‫وأما قوله )الواقع أن المسلمين منذ عهد‬
‫الرسول كانوا يؤدون الصلة في مسجد واحد الرجل‬
‫والمرأة ولذلك فإن التعليم ل بد أن يكون في مكان‬
‫واحد(‪.‬‬

‫فالجواب عن ذلك أن يقال هذا صحيح لكن كان‬


‫النساء في مؤخرة المساجد مع الحجاب والعناية‬
‫والتحفظ مما يسبب الفتنة‪،‬‬
‫والرجال في مقدم المسجد فيسمعن المواعظ‬
‫والخطب ويشاركن‬
‫في الصلة ويتعلمن أحكام دينهن مما يسمعن‬
‫‪#‬‬

‫ويشاهدن‪ ،‬وكان النبي ‪ ‬في يوم العيد يذهب إليهن‬


‫بعد ما يعظ الرجال فيعظهن ويذكرهن لبعدهن عن‬
‫سماع خطبته وهذا كله ل إشكال فيه ول حرج وإنما‬
‫الشكال في قول مدير جامعة صنعاء هداه الله‬
‫وأصلح قلبه وفقهه في دينه )ولذلك فإن التعليم ل بد‬
‫أن يكون في مكان واحد( فكيف يجوز له أن يشبه‬
‫‪514‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫التعليم في عصرنا بصلة النساء خلف الرجال في‬
‫مسجد واحد مع أن الفرق شاسع بين واقع التعليم‬
‫المعروف اليوم وبين واقع صلة النساء خلف الرجال‬
‫في عهده ‪ ‬ولهذا دعا المصلحون إلى إفراد النساء‬
‫عن الرجال في دور التعليم وأن يكن على حدة‬
‫والشباب على حدة حتى يتمكن من تلقي العلم من‬
‫المدرسات بكل راحة من غير حجاب ول مشقة لن‬
‫زمن التعليم يطول بخلف زمن الصلة‪ ،‬ولن تلقي‬
‫العلوم من المدرسات في محل خاص أصون للجميع‬
‫وأبعد لهن من أسباب الفتنة وأسلم للشباب من‬
‫الفتنة بهن ولن انفراد الشباب في دور التعليم عن‬
‫الفتيات مع كونه أسلم لهم من الفتنة فهو أقرب إلى‬
‫عنايتهم بدروسهم وشغلهم بها وحسن الستماع إلى‬
‫الساتذة وتلقي العلوم عنهم بعيدين عن ملحظة‬
‫الفتيات والنشغال بهن وتبادل والنظرات المسمومة‬
‫والكلمات الداعية إلى الفجور‪.‬‬
‫وأما زعمه أصلحه الله أن الدعوة إلى عزل‬
‫الطلبات عن الطلبة تزمت ومخالف للشريعة فهي‬
‫دعوى غير مسلمة بل ذلك هو عين النصح لله‬
‫ولعباده والحيطة لدينه والعمل بما سبق من اليات‬
‫القرآنية والحديثين الشريفين‪ ،‬ونصيحتي لمدير‬
‫جامعة صنعاء أن يتقي الله عز وجل وأن يتوب إليه‬
‫سبحانه مما صدر منه وأن يرجع إلى الصواب والحق‬
‫فإن الرجوع إلى ذلك هو عين الفضيلة والدليل على‬
‫تحري طالب العلم للحق والنصاف والله المسئول‬
‫‪515‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سبحانه أن يهدينا جميًعا سبيل الرشاد وأن يعيذنا‬
‫وسائر المسلمين من القول عليه بغير علم ومن‬
‫مضلت الفتن ونزغات الشيطان كما أسأله سبحانه‬
‫أن يوفق علماء المسلمين وقادتهم في كل مكان لما‬
‫فيه صلح البلد والعباد في المعاش والمعاد وأن‬
‫يهدي الجميع صراطه المستقيم إنه جواد كريم‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫‪#‬‬

‫محمد وآله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم‬


‫الدين)‪.(1‬‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫الرئيس العام‬
‫لدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد‬
‫بالمملكة العربية السعودية‬
‫ورئيس المجلس التأسيسي‬
‫لرابطة العالم السلمي بمكة‬
‫المكرمة‬

‫)( عن مجلة البحوث السلمية العدد ‪ 15‬ص ‪.11-6‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪516‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫خطورة تعليم النساء للولد في‬


‫المرحلة البتدائية‬

‫اطلعت على ما نشرته صحيفة المدينة عدد )‬


‫‪ (3898‬وتاريخ ‪30/2/1397‬هي بقلم من سمت‬
‫نفسها "نورة بنت عبد الله الملصى" تحت عنوان‬
‫)وجًها لوجه( وخلصة المقال أن نورة المذكورة‬
‫ضمها مجلس مع جماعة من النساء بحضرة عميدة‬
‫كلية التربية بجدة فائزة الدباغ ونسبت نورة‬
‫المذكورة إلى فائزة استغرابها عدم قيام المعلمات‬
‫بتعليم أولدنا الذكور في المرحلة البتدائية ولو إلى‬
‫الصف الخامس وأيدتها نورة المذكورة للسباب‬
‫المنوه عنها في مقالها‪.‬‬
‫وإني مع شكري لفائزة ونورة وزميلتهما على‬
‫اهتمامهن بموضوع تعليم أولدنا الذكور الصغار‬
‫وحرصهن على مصلحتهم أرى من واجبي التنبيه على‬
‫ما في هذا القتراح من الضرار والعواقب الوخيمة‬
‫وذلك أن تولي النساء لتعليم الصبيان في المرحلة‬
‫البتدائية يفضي إلى اختلطهن بالمراهقين والبالغين‬
‫من الولد الذكور لن بعض الولد ل يلتحق بالمرحلة‬
‫البتدائية إل وهو مراهق وقد يكون بعضهم بالًغا‪،‬‬
‫قا ويميل بطبعه‬ ‫ولن الصبي إذا بلغ العشر يعتبر مراه ً‬
‫إلى النساء لن مثله يمكن أن يتزوج ويفعل ما يفعله‬
‫الرجال‪ .‬وهناك أمر آخر وهو أن تعليم النساء‬
‫‪517‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫للصبيان في المرحلة البتدائية يفضي إلى الختلط‬
‫ثم يمتد ذلك إلى المراحل الخرى فهو فتح لباب‬
‫الختلط في جميع المراحل بل شك ومعلوم ما‬
‫يترتب على اختلط التعليم من المفاسد الكثيرة‪:‬‬
‫والعواقب الوخيمة التي أدركها من فعل هذا النوع‬
‫من التعليم في البلد الخرى‪ .‬فكل من له أدنى علم‬
‫بالدلة الشرعية وبواقع المة في هذا العصر من‬
‫ذوي البصيرة السلمية على بنينا وبناتنا يدرك ذلك‬
‫بل شك وأعتقد أن هذا القتراح مما ألقاه الشيطان‬
‫أو بعض نوابه على لسان فائزة ونورة المذكورتين‬
‫وهو بل شك مما يسر أعداءنا وأعداء السلم ومما‬
‫يدعون إليه سًرا وجهًرا‪.‬‬
‫ولذا فإني أرى أن من الواجب قفل هذا الباب‬
‫‪#‬‬ ‫بغاية الحكام وأن يبقى‬
‫أولدنا الذكور تحت تعليم الرجال في جميع‬
‫المراحل‪ .‬كما يبقى تعليم بناتنا تحت تعليم المعلمات‬
‫من النساء في جميع المراحل وبذلك نحتاط لديننا‬
‫وبنينا وبناتنا ونقطع خط الرجعة على أعدائنا وحسبنا‬
‫من المعلمات المحترمات أن يبذلن وسعهن بكل‬
‫إخلص وصدق وصبر في تعليم بناتنا وعلى الرجال‬
‫أن يقوموا بكل إخلص وصدق وصبر على تعليم‬
‫أبنائنا في جميع المراحل‪ .‬ومن المعلوم أن الرجال‬
‫أصبر على تعليم البنين وأقوى عليه وأفرغ له من‬
‫المعلمات في جميع مراحل التعليم‪ ،‬كما أن من‬
‫المعلوم أن البنين في المرحلة البتدائية وما فوقها‬
‫يهابون المعلم الذكر ويحترمونه ويصغون إلى ما‬
‫يقول أكثر وأكمل مما لو كان القائم بالتعليم من‬
‫‪518‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النساء مع ما في ذلك كله من تربية البنين في هذه‬
‫المرحلة على أخلق الرجال وشهامتهم وصبرهم‬
‫وقوتهم‪ ،‬وقد صح عن النبي ‪ ‬أنه قال "مروا‬
‫أولدكم بالصلة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا‬
‫بينهم في المضاجع")‪ (1‬وهذا الحديث الشريف يدل‬
‫على ما ذكرناه من الخطر العظيم في اختلط البنين‬
‫والبنات في جميع المراحل‪ .‬والدلة على ذلك من‬
‫الكتاب والسنة وواقع المة كثيرة ل نرى ذكرها هنا‬
‫طلبا للختصار‪ .‬وفي علم حكومتنا وفقها الله وعلم‬
‫معالي وزير المعارف‪ .‬وعلم سماحة الرئيس العام‬
‫لتعليم البنات وحكمتهم جميًعا وفقهم الله ما يغني‬
‫عن البسط في هذا المقام‪ .‬وأسأل الله أن يوفقنا‬
‫جميًعا لكل ما فيه صلح المة ونجاتها وصلحنا‪،‬‬
‫وصلح شبابنا وفتياتنا وسعادتهم في الدنيا والخرة‬
‫إنه سميع قريب‪ .‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬
‫)‪.(2‬‬
‫وآله وصحبه‬
‫عبد‬
‫العزيز‬
‫عبد الله‬
‫بن باز‬

‫)( رواه أحمد وأبو داود والحاكم ورمز السيوطي لصحته‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( مجلة الدعوة عدد ‪ 93‬في ‪9/4/1397‬هي‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪519‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫من آداب اللباس‬

‫قدْ َأنَزل َْنا‬ ‫م َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ :‬يا ب َِني آدَ َ‬


‫س‬
‫ول َِبا ُ‬ ‫شا َ‬ ‫ري ً‬ ‫و ِ‬‫م َ‬ ‫ءات ِك ُ ْ‬
‫و َ‬
‫س ْ‬‫ري َ‬ ‫وا ِ‬ ‫سا ي ُ َ‬‫م ل َِبا ً‬‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫عل ّ ُ‬‫ه لَ َ‬
‫ت الل ّ ِ‬ ‫ن آَيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬‫خي ٌْر ذَل ِ َ‬‫ك َ‬ ‫ى ذَل ِ َ‬‫و َ‬ ‫ق َ‬‫الت ّ ْ‬
‫ي َذّك ُّرون ‪.(1)‬‬
‫يروي لنا أبو هريرة عن رسول الله ‪ ‬قوله "ما‬
‫أسفل من الكعبين من الزار ففي النار" رواه‬
‫البخاري "يلعن الرسول ‪ ‬المتشبهين من الرجال‬
‫بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال")‪.(2‬‬
‫الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على‬
‫خيرته من خلقه نبينا محمد وآله وصحبه‪.‬‬
‫أخي المسلم هل نظرت معي إلى أولئك الناس‬
‫الذين أظهروا معصية رسول الله عليه الصلة‬
‫والسلم حيث عصوه علًنا في ملبسهم ومشابهة‬
‫ذكرهم أنثاهم وبالعكس مع أن رسول الله ‪ ‬لعن‬
‫)‪(3‬‬
‫الرجل يتشبه بالمرأة والمرأة تشبه بالرجل‬
‫والتشبه يكون في اللباس وغيره من ما هو من‬
‫خصوصيات الرجل التي ل تصلح إل له وللمرأة التي‬
‫عا‪ ،‬فالمرأة مثًل يباح لها لبس‬
‫ل تصلح إل لها شر ً‬
‫الحرير والذهب وجر الثوب إلى ذراع للتستر ولخفاء‬
‫قدميها وزينتها‪.‬‬
‫)( سورة العراف آية ‪.26‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كما في الحديث الذي رواه البخاري وغيره‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه البخاري وغيره‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪520‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لكن اليوم ول حول ول قوة إل بالله انعكس‬
‫المر وانتكس فالمرأة هي التي قصرت ثيابها‬
‫وكشفت عن مفاتنها والرجل حل محلها فأسبل ثيابه‬
‫وستر قدميه فل يظهر منه إل الوجه وأطراف‬
‫القدمين وقد قيل‪:‬‬
‫لكن تأنيث الرجال‬ ‫وما عجب أن النساء‬
‫عجيب‬ ‫ترجلت‬
‫ومعلوم أن إسبال الثياب وجرها للرجل منهي‬
‫عنه ومعدود عند أهل العلم من كبائر الذنوب‪ .‬فيروي‬
‫‪#‬‬ ‫لنا أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي ‪ ‬قوله‬
‫"ما أسفل الكعبين من الزار ففي النار" رواه‬
‫البخاري‪ .‬وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي ‪‬‬
‫قال "ثلثة ل يكلمهم الله يوم القيامة ول ينظر إليهم‬
‫ول يزكيهم ولهم عذاب أليم قال‪ :‬فقرأها رسول الله‬
‫‪ ‬ثلث مرات قال أبو ذر خابوا وخسروا من هم يا‬
‫رسول الله؟ قال‪ :‬المسبل والمنان والمنفق سلعته‬
‫بالحلف الكاذب" رواه مسلم وفي رواية له المسبل‬
‫إزاره‪ ،‬وفي النسائي عن حذيفة رضي الله عنه قال‬
‫قال‪ :‬رسول الله ‪ ‬موضع الزار إلى أنصاف‬
‫الساقين والعضلة فإن أبيت فأسفل فإن أبيت فمن‬
‫وراء الساق ولحق للكعبين في الزار‪ .‬وعن أبي‬
‫هريرة رضي الله عنه عن رسول الله ‪ ‬قال "ل‬
‫ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطًرا" رواه‬
‫دا هذا طرف منها‬ ‫البخاري وغيره‪ ،‬والحاديث كثيرة ج ً‬
‫وكلها توحي إلى أن غضب الله ومقته ينصب على‬
‫أولئك المعاندين الذين أبوا إل أن يعصوا أبا القاسم‬
‫‪ .‬وإل فأي فائدة في جر الثوب على الرض الذي‬
‫أصبح عادة عند كثير من الناس مع ما فيه من الوعيد‬
‫‪521‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الشديد ويكفي أن الله ل ينظر يوم القيامة إلى‬
‫المسبلين ول يزكيهم ولهم عذاب أليم‪.‬‬
‫قد يحتج أحد المعاندين بسؤال أبي بكر الصديق‬
‫رضي الله عنه عندما قال لرسول الله ‪ ‬إن أحد‬
‫شقي إزاري يسترخي إل أن أتعاهد ذلك منه فقال‬
‫)‪(1‬‬
‫رسول الله ‪" ‬إنك لست ممن يصنع ذلك خيل"‬
‫فأنت ترى أن الصديق رضي الله عنه وهو الذي ل‬
‫يخفى فضله ويكفيه فخًرا أن إيمانه يرجح بإيمان‬
‫المة المحمدية ومع ذلك فقد خاف من عقاب الله‬
‫عندما كان إزاره يسترخي في بعض الحيان فيلمس‬
‫الرض دون قصد منه‪ .‬فهل هذا يصلح حجة لمن‬
‫يقف أمام الخياط ويأخذ مقاسه ويوصيه أن يجعل‬
‫الثوب طويًل يلمس الرض فهذا عاص على بصيره‬
‫وفعله هذا يجعله مصًرا على الذنب ومعلًنا بفعله هذا‬
‫على أنه عاص لرسول الله ‪ ‬وغير مهتم بأوامره‪.‬‬
‫فمن كانت هذه حالته فسيجد أمامه عذاب الله‬
‫ينتظره أعاذنا الله من العذاب ووفقنا جميًعا‬
‫للصواب‪.‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪522‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫إلى الخياطين‪:‬‬
‫وأنتم معشر الخياطين عليكم كفل من الوزر‬
‫والعذاب متى ساعدتم على معصية الله ورسوله‬
‫واستجبتم لهؤلء الناس الذين يطيلون ثيابهم فعليكم‬
‫بتقوى الله وعدم مساعدة أحد على معصيته وما‬
‫أسفل من الكعبين ففي النار‪.‬‬

‫الصور في الثياب‪:‬‬
‫يوجد في بعض الملبس والمشالح وغيرها صور‬
‫آدمية أو حيوانية ومعلوم أن تصوير ذاوات الرواح‬
‫حرام وأن المصورين من أشد الناس عذاًبا يوم‬
‫القيامة كما ثبت ذلك عن رسول الله ‪ ‬إذا فل يجوز‬
‫للمسلم أن يتشتري الملبس ذات الصور ويلبسها‬
‫أطفاله أو يلبسها وتشتد الحرمة ويعظم الذنب إذا‬
‫صلى وعليه لباس فيه صورة إذا أن النبي ‪ ‬غلظ‬
‫في أمر الصور وأمر عائشة رضي الله عنها وقد‬
‫سترت جانب بيتها بسترة فيها تصاوير فقال لها‬
‫"أميطي عني فإنه ل تزال تصاويره تعرض لي في‬
‫صلتي" رواه البخاري‪ ،‬فإذا كان هذا أمره بإتلف‬
‫الصورة وهي على الجدار بعيدة عنه فكيف بمن‬
‫يلبسها في ثوبه ويصلي فيه‪.‬‬

‫إلى التجار‪:‬‬
‫وأنتم معاشر التجار اتقوا الله ل تستوردوا‬
‫‪523‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الملبس المصورة فإن فعلتم فعليكم كفل عظيم‬
‫من غضب الله ولعنته للمصورين وكسبكم من‬
‫الحرام حرام‪.‬‬

‫المسئولية العظمى على ولة المر‪:‬‬


‫كما يلزم ولة أمر المسلمين مساعدة الرعية‬
‫على الخير وأطرهم على الحق ومنع كل ما هو ضار‬
‫ومحرم فهذه الصور المجسدة وأدوات التصوير‬
‫ولوازمه تباع في أسواق المسلمين علًنا حتى في‬
‫)‪(1‬‬
‫أشرف بقاع الرض تعرض هذه الصور‬

‫)( في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪524‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فتجد أن معظم هدايا الحجاج والزوار لمسجد‬
‫رسول الله ‪ ‬يشترون من جوار الحرمين هذه‬
‫ما‬
‫الصور المحرمة‪ .‬فأرجو الله أن يوفقنا جميًعا حكا ً‬
‫ومحكومين على تغيير هذه المنكرات وأن تقوم‬
‫رئاسة هيئات المر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫بمسئولياتها كاملة فعليها مسئولية عظيمة أمام الله‬
‫وأمام الحكومة والمة التي قلدتها هذه المهمة‬
‫العظيمة فيجب عليها ملحظة هذه الشرور التي‬
‫غزت مجتمعنا وأسواقنا مثل الملبس المصورة‬
‫ولعب الطفال الصور منها وآلت التصوير وأجهزة‬
‫السينماء والفديو وغيرها من الشرور والفلم‬
‫الجنسية فمهمت هيئات المر بالمعروف هي المر به‬
‫والنهي عن المنكر وليست مقتصرة على تنبيه‬
‫صاحب الدكان للصلة وهو يبيع المنكرات كما على‬
‫ما ومحكومين التعاون على الخير‪.‬‬ ‫كل المجتمع حكا ً‬
‫فعلى المسلم أن يلحظ أهله ويمنعهم عن الشرور‬
‫فل يسمح مثًل لبنته أو زوجته أن تستعمل الباروكة‬
‫الشعر الصناعي إذ أن وصل شعر المرأة حرام‬
‫فكيف بالشعر كامًل‪ ،‬فتروى عائشة رضي الله عنها‬
‫أن جارية من النصار تزوجت وإنها مرضت فتمعط‬
‫شعرها فأرادوا أن يصلوها فسألوا النبي ‪ ‬فقال‪:‬‬
‫"لعن الله الواصلة والمستوصلة" رواه البخاري فدل‬
‫على أن الباروكة حرام حتى لو لبستها المرأة‬
‫لزوجها‪ .‬كذلك يلعن رسول الله ‪" ‬الواشمات‬
‫والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن‬
‫المغيرات خلق الله" رواه البخاري وغيره‪ .‬والمتفلجة‬
‫هي التي تحك أسنانها بمبرد أو غيره والواشمة هي‬
‫‪525‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫التي تغرز البرة باليد أو بالوجه وتضع صبًغا‪،‬‬
‫والنامصة هي التي تنقش الحاجب بصبغ أو إزالة‬
‫شعره‬
‫وهو أشد وهذا تفعله بعض النساء وهو حرام‪ .‬كذلك‬
‫يدخل ضمن ذلك العمليات الجراحية للتجميل فهي‬
‫داخلة ضمن هذا الوعيد إذا لم يكن مرض‬
‫مؤذ يدعو لذلك‪.‬‬

‫تحلي الرجال بالذهب حرام‪:‬‬

‫كذلك يحرم على الرجل لبس الذهب كالخاتم‬


‫والدبلة والساعة والنظارة والزارير والكبك وغير‬
‫ذلك فكل هذا حرام على الرجل إذا كانت من ذهب‬
‫وكذلك السنان لغير ضرورة‪ .‬فعلينا رجاًل ونساًء‬
‫‪#‬‬‫التقيد بأوامر الشرع وأن‬
‫نترك التشبه بالعداء وأن ل يتشبه رجل بامرأة ول‬
‫امرأة برجل فكل ذلك حرام نسأل الله أن يوفقنا‬
‫ما ومحكومين لفعل المأمورات وترك‬ ‫حكا ً‬
‫المحظورات وأن يلبسنا جميًعا لباس التقوى ذلك‬
‫خير وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله‬
‫وصحبه أجمعين‪،،،‬‬
‫‪#‬‬ ‫قدمها لكم‪ :‬عبد الله بن علي الغضية‬
‫‪526‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫اللبسة المحرمة‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وبعد‪:‬‬


‫قدْ أ َن َْزل َْنا‬ ‫َ‬
‫يقول الله تعالى‪َ :‬يا ب َِني آدَ َ‬
‫م َ‬
‫عل َي ْك ُم ل َِباسا ي ُواري س َ‬
‫س‬
‫ول َِبا ُ‬ ‫ري ً‬
‫شا َ‬ ‫و ِ‬ ‫وآت ِك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫خي ٌْر ‪. ‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫وى ذَل ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫الت ّ ْ‬
‫ق َ‬
‫أخي المسلم‪ :‬ضمن سلسلة النشرات السلمية‬
‫التي تقدمها لك مكتبة الدعوة السلمية بعنيزة نقدم‬
‫ما وتعالج‬ ‫عا ها ً‬
‫لك هذه النشرة وهي تحتوي موضو ً‬
‫مشكلة كبيرة وقع فيها كثير من الناس اليوم وهي‬
‫مشكلة اللباس غير الشرعي حيث أطال كثير من‬
‫الرجال أثوابهم‪ .‬وجروا رداء الخيلء وذيل الكبرياء‬
‫وبمقدار ما أطال الرجل ثوبه رفعت المرأة ثوبها في‬
‫كثير من بلد السلم وتبرجت وعرضت المجتمع‬
‫لفتنة عمياء وبلء عظيم ونحن يا أخي إذا نقدم لك‬
‫هذه النصيحة مشفقين عليك نأمل منك أن تعيها‬
‫وتسعى في نشرها وتطبق ما تحتويه‪.‬‬
‫ونبدأ بالرجال فنقول‪:‬‬
‫أخي المسلم إن نعم الله عليك اليوم سابغة وإن‬
‫من أكبر نعمه عليك هذا اللباس الذي تمتاز به على‬
‫قدْ أ َن َْزل َْنا‬
‫الحيوان حيث يقول سبحانه وتعالى ‪َ ‬‬
‫م ‪ ‬ثم تذكر نو ً‬ ‫عل َي ْك ُم ل َِباسا ي ُواري س َ‬
‫عا ثانًيا‬ ‫وآت ِك ُ ْ‬
‫َ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫)( سورة العراف آية ‪.26‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪527‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من اللباس وهو لباس الزينة ثم يأمرك وأنت تنعم‬
‫باللباسين أي ما تستر عورتك وما تتجمل به أن ل‬
‫تغفل عن خشية الله وتقواه فيقول سبحانه ‪‬‬
‫خي ٌْر ‪ ‬إذا عليك أن تتجنب ما‬‫ك َ‬ ‫وى ذَل ِ َ‬ ‫س الت ّ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ول َِبا ُ‬
‫َ‬
‫حرم الله عليك من اللبسة ونذكر لك أهمها‪:‬‬
‫‪ -1‬الحرير والذهب‪ :‬فقد قال عنهما ‪" ‬هما‬
‫حرام على ذكور أمتي")‪ (1‬وعلى هذا فل يجوز لك يا‬
‫‪#‬‬‫أخي المسلم أن تلبس ملبس الحرير أو شيًئا من‬
‫الذهب سواء أردت التجمل أو لم ترد ولقد اعتاد‬
‫كثير من الرجال اليوم لبس خاتم الذهب وهذا‬
‫عا وقد شبهه الرسول ‪ ‬بجمرة يضعها‬ ‫محرم شر ً‬
‫النسان في يده)‪ (2‬وأخطر من ذلك حينما يعتقد‬
‫طائفة ممن يستعملون ذلك أنه يؤلف بين الزوج‬
‫والزوجة وهذا خطر على عقيدة المسلم بحيث‬
‫يعرضها للشرك فإن الله سبحانه هو الذي يجمع‬
‫القلوب ويؤلفها‪.‬‬
‫‪ -2‬إسبال الثياب‪ :‬تحت الكعب وربما يبالغ‬
‫طائفة من الناس فيجرها وراءه بحيث تصل إلى‬
‫سا يجرون ثيابهم أو‬
‫الرض فكثيًرا ما ترى أنا ً‬
‫سراويلهم أو مشالحهم أو بنطلوناتهم والكثير منهم‬
‫يفعل ذلك خيلء وبعضهم يفعله تساهًل وكل الفريقين‬
‫على خطر فمن فعل ذلك خيلء وتكبًرا لم ينظر الله‬
‫إليه يوم القيامة كما في الحديث الصحيح "ثلثة ل‬
‫يكلمهم الله يوم القيامة ول ينظر إليهم ول يزكيهم‬
‫ولهم عذاب أليم فقال أبو ذر خابوا وخسروا من هم‬

‫)( رواه أبو داود والنسائي‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( في الحديث الذي رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪528‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يا رسول الله؟ فقال ‪ ‬المسبل والمنان والمنفق‬
‫سلعته بالحلف الكاذب")‪ (1‬والمسبل هو المطيل لثوبه‬
‫)‪(2‬‬
‫وفي حديث "ل ينظر الله إلى من جر إزاره خيل"‬
‫وعدم النظر إليه يعني إحباط عمله وعدم الهتمام‬
‫به وهذا هو جزاء المتكبرين ففي الحديث القدسي‬
‫"الكبرياء ردائي والعظمة إزاري من نازعني في‬
‫شيء من ذلك عذبته")‪ (3‬فكيف يا أخي تعرض نفسك‬
‫لهذا الوعيد ولهذه العقوبات بسبب هوى النفس‬
‫وشهواتها وماذا تستفيد حينما تسبل ملبسك‪ ،‬أما إذا‬
‫ضا لكن دون السابق‬ ‫لم تقصد الخيلء فهناك وعيد أي ً‬
‫فالرسول ‪ ‬يقول "ما أسفل من الكعبين فهو في‬
‫النار")‪ (4‬فهل تطيق ذلك وعلى هذا فإن الفاصل بين‬
‫الحلل والحرام هو ما تعدى الكعبين‪،‬‬
‫والمسبل على خطر أل تقبل صلته كما روي في‬
‫الثر)‪ (5‬كذلك ابتلي‬
‫كثير من الرجال بلبس ملبس شفافة تصف لون‬
‫‪#‬‬

‫البشرة مع سراويل قصيرة ل تستر ما بين السرة‬


‫والركبة وهذه مصيبة كبرى بحيث ل تصح معها‬
‫الصلة فالمسلم مطالب بستر عورته في الصلة‬
‫حتى الركبة بما ل يصف لون البشرة وعلى هذا‬
‫فتكون الصلة مع هذه الثياب الشفافة غير صحيحة‬

‫)( رواه مسلم وأبو داود والترمذي‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مالك والبخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه مسلم بلفظ ألقيته في النار والمنازعة المجاذبة‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( كمييا فييي الحييديث الييذي رواه أبييو داود بإسييناد صييحيح علييى شييرط‬ ‫‪5‬‬

‫مسيلم‪.‬قيال النيووي فيي ريياض الصيالحين ص ‪ 402‬بياب صيفة طيول‬


‫القميص حديث رقم ‪.8‬‬
‫‪529‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لن ستر العورة شرط كالوضوء واستقبال القبلة‬
‫وغيرهما فانتبه يا أخي لنفسك ولولدك ول تعرض‬
‫صلتك للبطلن وإذا ابتليت بها فأطل السراويل حتى‬
‫الركبتين‪.‬‬
‫كما ندعوا الخياطين إلى مراعاة أحكام الشرع‬
‫فل يتعدون حدود الله فهم مسئولون‪.‬‬
‫‪ -3‬أما بالنسبة للنساء‪ :‬فلقد ابتلينا في هذا‬
‫العصر بنساء كاسيات عاريات مميلت مائلت كما‬
‫وصفهن الرسول ‪ ‬وبين أنهن ل يدخلن الجنة ول‬
‫يجدن ريحها)‪ (1‬فهناك الملبس القصيرة التي ابتلي‬
‫دا‬
‫بها كثير من النساء تتربى عليها الصغيرات تقلي ً‬
‫ن‬‫دي َ‬‫وَل ي ُب ْ ِ‬
‫للكافرات وهذا يتنافى مع قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫ن ‪ ‬الية وهذا من أكبر‬‫ه ّ‬ ‫ن إ ِّل ل ِب ُ ُ َ‬
‫عولت ِ ِ‬ ‫ه ّ‬
‫زين َت َ ُ‬
‫ِ‬
‫المحرمات أن يظهر شيء من جسم المرأة أمام‬
‫رجل أجنبي سواء الساقين أو الوجه أو الذراع أو‬
‫النحر أو الشعر وغير ذلك من جسدها وهذا خطر‬
‫عظيم‪.‬‬
‫‪ -4‬ومما أبتليت به نساؤنا اليوم الملبس الضيقة‬
‫التي تصف حجم الجسم وتقاسيمه أو رفع العباءة‬
‫ليبرز حجم الجسم أو إخراج اليد من فتحاتها ليبرز‬
‫جمالها وكل ذلك معصية لله ورسوله وإثارة لكوامن‬
‫الشهوة في الرجال فانتبهي أيتها الخت المسلمة‬
‫وتجنبي هذا الخطر واعلمي أن النار محفوفة‬
‫بالشهوات فل تعرضي نفسك لغضب الله تعالى وما‬
‫أصيبت المجتمعات المجاورة إل بسبب هذه الفتنة‪،‬‬

‫)( كما في الحديث الذي رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪530‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وما ترك الرسول ‪ ‬بعده فتنة هي أضر على‬
‫الرجال من النساء)‪ (1‬فل تكثري الخروج إلى السواق‬
‫بدون ضرورة ول تستعملي الطيب خارج البيت ول‬
‫تزاحمي الرجال ومري أخواتك المسلمات بالمعروف‬
‫وانهيهن عن المنكر‪ .‬أختي السلمة احذري السراف‬
‫في شراء القمشة وخياطتها بأثمان كثيرة فإن الله‬
‫ل يحب‬ ‫‪#‬‬

‫المسرفين فاقتصدي في الملبس والحلي واعلمي‬


‫أنك مسئولة عن هذا المال في كسبه وإنفاقه فل‬
‫تكتسبينه إل من الحلل ول تسرفي في إنفاقه‪.‬‬
‫وفق الله الجميع إلى سلوك طريق الخير‬
‫والستقامة والسلم عليكم‪،،،‬‬
‫مع تحيات أخيكم‬
‫عبد الله الجللي‬

‫)( كما في الحديث الصحيح المتفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪531‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حكم التصوير‬

‫للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬


‫السؤال‪ :‬ما قولكم في حكم التصوير الذي عمت‬
‫به البلوى وانهمك فيه الناس؟ تفضلوا بالجواب‬
‫الشافي عما يحل منه وما يحرم‪ .‬أثابكم الله‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬الحمد لله وحده والصلة والسلم على‬
‫من ل نبي بعده‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫فقد جاءت الحاديث الكثيرة عن النبي ‪ ‬في‬
‫الصحاح والمسانيد والسنن دالة على تحريم التصوير‬
‫لكل ذي روح آدمًيا كان أو غيره وهتك الستور التي‬
‫فيها الصور والمر بطمس الصور ولعن المصورين‬
‫وبيان أنهم أشد الناس عذاًبا يوم القيامة‪ .‬وأنا أذكرك‬
‫جملة من الحاديث الصحيحة الواردة في هذا الباب‬
‫وأبين ما هو الصواب في هذه المسألة إن شاء الله‬
‫تعالى‪:‬‬
‫ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫قال قال رسول الله ‪ ‬قال تعالى‪» :‬ومن أظلم‬
‫ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا‬
‫ضا عن ابن مسعود‬ ‫حبة أو ليخلقوا شعيرة« وفيهما أي ً‬
‫رضي الله عنه قال قال رسول الله ‪" :‬إن أشد‬
‫الناس عذاًبا يوم القيامة المصورون"‪.‬‬
‫ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال‬
‫‪532‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رسول الله ‪" ‬إن الذين يصنعون هذه الصور‬
‫يعذبون يوم القيامة ويقال لهم‪ :‬أحيوا ما خلقتم"‪.‬‬
‫وروى البخاري في الصحيح عن أبي جحيفة‬
‫رضي الله تعالى عنه أن النبي ‪ ‬نهى عن ثمن الدم‬
‫وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله‬
‫والواشمة والمستوشمة والمصور‪.‬‬
‫وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬يقول "من صور صورة في الدنيا‬
‫كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ" متفق عليه‪.‬‬
‫وفي هذه الحاديث وما جاء في معناها دللة‬
‫‪#‬‬‫ظاهرة على تحريم التصوير‬
‫لكل ذي روح وأن ذلك من كبائر الذنوب المتوعد‬
‫عليها بالنار‪ ،‬وهي عامة لنواع التصوير في حائط أو‬
‫ستر أو قميص أو مرآة أو قرطاس أو غير ذلك لن‬
‫النبي ‪ ‬لم يفرق بين ما له ظل وغيره ول بين ما‬
‫جعل في ستر أو غيره بل لعن المصور وأخبر أن‬
‫المصورين أشد الناس عذاًبا يوم القيامة وأن كل‬
‫مصور في النار وأطلق ذلك ولم يستثن شيًئا‪.‬‬
‫وبذلك يتبين لطالب الحق أن تصوير الرأس وما‬
‫يليه من الحيوان داخل في التحريم والمنع لن‬
‫الحاديث الصحيحه المتقدمة تعمه وليس لحد أن‬
‫يستثنى من عمومها إل ما استثناه النبي ‪ ‬ول فرق‬
‫في هذا بين الصور المجسدة وغيرها من المنقوشة‬
‫في ستر أو قرطاس أو نحوهما ول بين صور الدمين‬
‫وغيرهم من كل ذي روح ول بين صور الملوك‬
‫والعلماء وغيرهم بل التحريم في صور الملوك‬
‫والعلماء ونحوهم من المعظمين أشد لن الفتنة بهم‬
‫‪533‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أعظم ونصب صورهم في المجالس ونحوها‬
‫وتعظيمها من أعظم وسائل الشرك وعبادة أرباب‬
‫الصور من دون الله كما وقع ذلك لقوم نوح وبما‬
‫ذكرناه في هذا الجواب من الحاديث يتبين لمريد‬
‫الحق أن توسع الناس في تصوير ذوات الوراح في‬
‫الكتب والمجلت والجرائد والرسائل خطأ بين‬
‫ومعصية ظاهرة يجب على من نصح نفسه الحذر‬
‫منها وتحذير إخوانه المسلمين من ذلك بعد التوبة‬
‫ضا مما سلف من‬ ‫النصوح مما قد سلف‪ .‬ويتبين له أي ً‬
‫الدلة أنه ل يجوز بقاء هذه التصاوير المشار إليها‬
‫على حالها بل يجب قطع رأسها أو طمسها ما لم‬
‫تكن في بساط ونحوه مما يداس ويمتهن فإنه ل‬
‫بأس بتركها على حالها‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم‪،،،‬‬
‫مختصر من الجواب المفيد في‬
‫حكم التصوير‬
‫لفضيلة الشيخ‪ /‬عبد العزيز‬
‫بن عبد الله بن باز‬
‫‪#‬‬
‫‪534‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫خطورة التصوير‬

‫الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك‬


‫على هادي الخلق إلى الحق نبينا محمد وآله وصحبه‬
‫أجمعين‪:‬‬
‫أخي في الله هل نظرت معي إلى أولئك الناس‬
‫الذين يحملون كاميرات التصوير ويصورون بها في‬
‫مواسم الحج والعياد والرحلت والحفلت الرسمية‬
‫والمدرسية وغير ذلك‪ ،‬مع ما ورد في حرمة التصوير‬
‫وشديد عقاب من يفعله سيما الذين يصورون داخل‬
‫الحرم المكي والمساجد الخرى إذ أن هذه دور‬
‫عبادة والحرم له خاصية في مضاعفة الحسنات‬
‫فالحسنة فيه بمائة ألف‪ .‬وكذلك السيئة فيه عظيمة‬
‫قال مجاهد رحمه الله السيئات تضاعف بمكة‪.‬‬
‫إًذا فخطر عظيم على أولئك الذين يصورون‬
‫داخل الحرم وحوله وكذلك المساجد الخرى لها‬
‫حرمتها وأعظمها حرمة بعد الحرم المكي الحرم‬
‫النبوي الشريف ثم المسجد القصى فك الله أسره‬
‫من أعداء الله فكل مصور لذوات الرواح فهو‬
‫معرض نفسه لغضب الله ولعنته ويشترك في ذلك‬
‫كل من ساعده بالتحميض والطبع والتلوين وغير ذلك‬
‫من المساعدات الخرى‪.‬‬
‫والصورة حرام سواء عملت باللة أو باليد‬
‫‪535‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وسواء كانت على ورق أو لوح أو جدار والنحت‬
‫ما‪ .‬ما دامت من ذوات الرواح‬ ‫والتماثيل أعظم جر ً‬
‫أما ما ل روح له فل بأس به كالشجر والجبال‬
‫والباخرة حيث أفتى بذلك ابن عباس رضي الله‬
‫عنهما‪ ،‬وإليك أخي المسلم الدلة من كتاب الله‬
‫ن‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وسنة رسوله ‪ ‬قال الله عز وجل ‪‬إ ِ ّ‬
‫في الدّن َْيا‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫ه لَ َ‬
‫عن َ ُ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ذو َ‬ ‫يُ ْ‬
‫ؤ ُ‬
‫هيًنا ‪ ‬سورة الحزاب‬ ‫م ِ‬‫ذاًبا ُ‬ ‫ع َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫وأ َ َ‬
‫عدّ ل َ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬‫واْل َ ِ‬ ‫َ‬
‫آية ‪ 57‬قال عكرمة رحمه الله هم الذين يصنعون‬
‫الصور‪ ،‬وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال‬
‫سمعت رسول الله ‪ ‬يقول "كل مصور في النار‬
‫يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب‬
‫‪#‬‬

‫بها في نار جهنم")‪ (1‬وعنه رضي الله عنهما قال‬


‫سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪" :‬من صور صورة في‬
‫الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس‬
‫دا")‪ (2‬وقال النبي ‪" ‬إن جبريل عليه‬ ‫بنافخ فيها أب ً‬
‫)‪(3‬‬
‫السلم قال في الصورة مر بالرأس فليقطع" ولذا‬
‫نص الئمة رحمهم الله تعالى على ذلك وقالوا‬
‫الصورة هي الرأس‪.‬‬
‫أخي في السلم‪ :‬قد يجادلك مجادل ويقول أن‬
‫صورة الكاميرة ل جسم لها ول ظل فإليك جوابه‬
‫تستخرجه من هذا الحديث فعن أسامة بن زيد رضي‬
‫الله عنهما قال‪ :‬دخلت مع رسول الله ‪ ‬في الكعبة‬
‫ورأى صوًرا قال‪ :‬فدعا بدلو من ماء فأتيته به فجعل‬
‫ما يصورون ما ل‬ ‫يمحوها ويقول "قاتل الله قو ً‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه أبو داود والترمذي والنسائي بإسناد جيد‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪536‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يخلقون")‪ (1‬أل يتضح لك من هذا الحديث أن الصور‬
‫التي محاها النبي ‪ ‬كانت على جدار الكعبة وكان‬
‫الماء كفيل بإزالتها لنها كانت من صبغ على الجدار‬
‫يزول بالماء‪.‬‬
‫فيا أخي تب إلى الله إن كنت تصور هواية أو‬
‫للذكرى وأنت أيها الشاب الذي تحتفظ بألبوم يحتوي‬
‫على صور الزملء والصدقاء تب إلى ربك وأحرقه‬
‫واسمح لملئكة الرحمة بدخول بيتك‪ .‬فقد قال النبي‬
‫)‪(2‬‬
‫‪" ‬ل تدخل الملئكة بيًتا فيه كلب ول صورة"‬
‫ويقول ‪" ‬يخرج من النار عنق يوم القيامة فيقول‬
‫إني وكلت بثلثة بكل من دعا مع الله إلًها آخر وبكل‬
‫جبار عنيد وبالمصورين)‪ (3‬وأنت يا صاحب استوديو‬
‫التصوير اتق الله في نفسك وابحث عن رزق غير‬
‫باب التصوير فمكسبك منه حرام وعملك وصلتك‬
‫عير مقبولة ما دام كسبك من حرام يقول النبي ‪‬‬
‫"من اشترى ثوًبا بعشرة دراهم وفيه درهم من حرام‬
‫لم يقبل الله عز وجل له صلة ما دام عليه")‪ (4‬وأنت‬
‫كا في الثم إذا أجرت‬ ‫يا صاحب المحل تكون شري ً‬
‫محلك أو دكانك للمصورين أو لتاجر أو بنك يرابي‬
‫والله ينهى عن الثم والعدوان فكل من ساعد على‬
‫نشر الشر بأي وسيلة كانت فهو شريك‬
‫‪#‬‬

‫في الثم والعقوبة‪ .‬فتوبوا إلى الله أيها الناس‬


‫واعلموا بقول رسولكم تهتدوا وأقلعوا عن المعصية‬
‫ليغفر لكم أسأل الله أن يعصمنا جميًعا عن المحارم‬

‫رواه أبو داود الطيالسي بإسناد جيد‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫متفق عليه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه الترمذي وحسنه‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه أحمد والبيهقي في شعب اليمان وقال إسناده ضعيف‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬
‫‪537‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويغفر لنا ما ارتكبناه من المآثم آمين وصلى الله‬
‫على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪،،،‬‬
‫عبد الله بن علي‬
‫الفضية‬
‫‪#‬‬
‫‪538‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فتوى رقم ‪ 5350‬وتاريخ ‪28/2/1403‬هي‬
‫في حكم تحنيط الطيور وبيعها وشرائها‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬
‫نبي بعده وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على ما ورد إلى سماحة الرئيس العام من‬
‫المستفتي فالح بن عبد العزيز السعدون وقد سأل‬
‫المستفتي عن سؤال واحد هذا نصه )برز في الونه‬
‫الخيرة ظاهرة بيع الحيوانات والطيور المحنطه‪،‬‬
‫فنأمل من سماحتكم بعد الطلع إفتاءنا عن حكم‬
‫إقتناء الحيوانات والطيور المحنطة وما حكم بيع ما‬
‫ذكر وهل هناك فرق بين ما يحرم اقتناؤه حًيا وما‬
‫يجوز اقتناؤه حًيا في حالة التحنيط وما الذي ينبغي‬
‫على المحتسب حيال تلك الظاهرة؟( وبعد دراسة‬
‫اللجنة للسؤال أجابت بما يلي‪:‬‬
‫)اقتناء الطيور والحيوانات المحنطة سواء ما‬
‫يحرم اقتناؤه حًيا أو ما جاز اقتناؤه حًيا فيه إضاعة‬
‫للمال وإسراف وتبذير في نفقات التحنيط وقد نهى‬
‫الله عن السراف والتبذير ونهى النبي ‪ ‬عن إضاعة‬
‫المال ولن ذلك وسيلة إلى اتخاذ الطيور من ذوات‬
‫الرواح وتعليقها ونصبها محرم فل يجوز بيعه ول‬
‫اقتناؤه وعلى المحتسب أن يبين للناس أنها ممنوعة‬
‫وأن يمنع ظاهرة تداولها في السواق‪ ،‬والله الموفق‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪،،،،‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫‪539‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عبد الرزاق عفيفي‬ ‫عبد الله بن غديان‬
‫عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫‪#‬‬
‫‪540‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أهمية الوقت في السلم‬

‫ل شك أن الحساس بالزمن يتفاوت من شخص‬


‫إلى آخر‪ ،‬كما يختلف من أمة إلى أمة‪ ،‬ولم يعرف‬
‫التاريخ أمة قدس دستورها الزمن‪ ،‬وعظم شأن‬
‫الوقت‪ ،‬كهذه المة المحمدية‪ ،‬التي كان حديث الله‬
‫سا بكل دقة‪ ،‬وذلك‬ ‫ما مقا ً‬ ‫سبحانه وتعالى إليها دائ ً‬
‫على سبيل التربية‪ ،‬كما هو من باب وصف نظام‬
‫ت‬
‫و ٍ‬ ‫فا ُ‬ ‫ن تَ َ‬‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫في َ ْ‬ ‫الكون‪َ  :‬‬
‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫ق الّر ْ‬ ‫خل ِ‬ ‫ما ت ََرى ِ‬
‫‪ ‬الملك آية ‪.3‬‬
‫لقد أخبر الله سبحانه وتعالى عن خلق السموات‬
‫والرض‪ ،‬فذكر أنه كان في ستة أيام‪ ،‬وحدث عن‬
‫أمره وإرادته وقدرته على الخلق واليجاد‪ ،‬فذكر أن‬
‫شي ًْئا‬‫ذا أ ََرادَ َ‬ ‫مُرهُ إ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ما أ ْ‬ ‫ذلك يتم في أي وقت ‪‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬سورة يس آية ‪.82‬‬ ‫كو ُ‬ ‫في َ ُ‬ ‫ه كُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ن يَ ُ‬
‫قو َ‬ ‫أ ْ‬
‫فأمره بين الكاف والنون‪ ،‬وحدث سبحانه عن‬
‫علمه بالخلق وأحوالهم‪ ،‬فذكر أن ذلك يتناول أدق‬
‫المور‪ ،‬وأنه يتم على قياس دقيق بالغ الدقة‪ ،‬شامل‬
‫ل كُ ّ‬
‫ل‬ ‫م ُ‬‫ح ِ‬‫ما ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫لكل ما في الكون‪ :‬الل ّ ُ‬
‫ُ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬‫ل َ‬‫وك ُ ّ‬
‫دادُ َ‬
‫ما ت َْز َ‬
‫و َ‬
‫م َ‬ ‫ض اْل َْر َ‬
‫حا ُ‬ ‫غي ُ‬
‫ما ت َ ِ‬‫و َ‬‫أن َْثى َ‬
‫داٍر ‪ ‬سورة الرعد آية ‪ 8‬والمقدار هنا‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬‫عن ْدَهُ ب ِ ِ‬
‫ِ‬
‫ضا‪ .‬كما حدثنا جل شأنه‬
‫كما يكون وزنا‪ ،‬يكون زماًنا أي ً‬
‫عن تسجيل أعمال الناس‪ ،‬فذكر أن ذلك يتناول كل‬
‫‪541‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جزئية من أعمارهم‪ ،‬حتى ما ل يتصورون أنه يدخل‬
‫ن‬‫مي َ‬
‫ر ِ‬
‫ج ِ‬ ‫فت ََرى ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ع ال ْك َِتا ُ‬
‫ب َ‬ ‫ض َ‬
‫و ِ‬ ‫في حساب‪َ  :‬‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫ل َ‬ ‫وي ْل َت ََنا َ‬
‫ما ِ‬ ‫قوُلو َ‬
‫ن َيا َ‬ ‫وي َ ُ‬
‫ه َ‬ ‫في ِ‬
‫ما ِ‬‫م ّ‬‫ن ِ‬ ‫قي َ‬
‫ف ِ‬‫ش ِ‬‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫َ‬
‫ها ‪‬‬‫صا َ‬‫ح َ‬‫وَل ك َِبيَرةً إ ِّل أ ْ‬
‫غيَرةً َ‬ ‫ص ِ‬‫غاِدُر َ‬‫ب َل ي ُ َ‬‫ال ْك َِتا ِ‬
‫سورة الكهف آية ‪.49‬‬
‫كما حدثنا المولى جل وعل عن حسابه للناس‬
‫قا لميزان دقيق‪ ،‬ل‬ ‫يوم القيامة‪ ،‬فذكر أنه يتم وف ً‬
‫ع‬
‫ض ُ‬ ‫تفوته الذره‪ ،‬ول تسقط منه الخردلة‪َ  :‬‬
‫ون َ َ‬
‫س‬
‫ف ٌ‬ ‫م نَ ْ‬‫فَل ت ُظْل َ ُ‬ ‫ة َ‬‫م ِ‬ ‫وم ِ ال ْ ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫ط ل ِي َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬‫زي َ‬ ‫وا ِ‬
‫م َ‬‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ن َ‬
‫ها‬
‫ل أت َي َْنا ب ِ َ‬
‫خْردَ ٍ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ة ِ‬ ‫حب ّ ٍ‬
‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫شي ًْئا َ‬
‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬سورة النبياء آية ‪.47‬‬
‫‪#‬‬

‫سِبي َ‬ ‫حا ِ‬ ‫فى ب َِنا َ‬ ‫وك َ َ‬ ‫َ‬


‫‪542‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بل لقد حدثنا جل شأنه حديًثا يأخذ بمجامع‬
‫القلوب في آيات بينات تتصدع لسماعها الفئدة عن‬
‫طريقة الحساب للعمر الضائع‪ ،‬والزمن المهدور‬
‫ْ َ‬
‫ن*‬
‫سِني َ‬‫عدَدَ ِ‬
‫ض َ‬
‫في الْر ِ‬ ‫م ِ‬‫م ل َب ِث ْت ُ ْ‬
‫ل كَ ْ‬ ‫فقال‪َ  :‬‬
‫قا َ‬
‫فا َ‬ ‫َ‬
‫ن*‬
‫دي َ‬ ‫عا ّ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫سأ ِ‬ ‫وم ٍ َ ْ‬ ‫ض يَ ْ‬ ‫ع َ‬ ‫و بَ ْ‬‫ما أ ْ‬ ‫و ً‬ ‫قاُلوا ل َب ِث َْنا ي َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن*‬‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫م تَ ْ‬‫م ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫و أن ّك ُ ْ‬ ‫قِليًل ل َ ْ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ن ل َب ِث ْت ُ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫م إ ِل َي َْنا َل‬ ‫عبًثا َ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫َ‬ ‫أَ َ‬
‫وأن ّك ُ ْ‬‫َ‬ ‫م َ َ‬ ‫قَناك ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م أن ّ َ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف َ‬
‫و‬ ‫ه إ ِّل ُ‬
‫ه َ‬ ‫ق َل إ ِل َ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك ال ْ َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫عاَلى الل ّ ُ‬ ‫فت َ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ت ُْر َ‬
‫ريم ِ ‪ ‬سورة المؤمنون آية ‪-112‬‬ ‫ش ال ْك َ ِ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫َر ّ‬
‫‪.116‬‬
‫هذه هي الدقة اللهية‪ ،‬التي حكاها الله سبحانه‬
‫لعباده حتى يتعلموا منها دروس الحساب الذي يضبط‬
‫حياتهم‪ ،‬ويرفع شأنهم‪ ،‬ويدعم وجودهم‪ ،‬ويجعلهم أمة‬
‫طا شهداء على الناس‪ .‬وفي آية أخرى يقول‬ ‫وس ً‬
‫موا‬ ‫َ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫الحق سبحانه‪ُ  :‬‬
‫ق ْ‬
‫قي ُ‬
‫مُنوا ي ُ ِ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫عَباِد َ‬
‫ل لِ ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫عَلن ِي َ ً‬
‫ة ِ‬ ‫و َ‬‫سّرا َ‬
‫م ِ‬‫ه ْ‬ ‫ما َرَز ْ‬
‫قَنا ُ‬ ‫م ّ‬
‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫وي ُن ْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫خَل ٌ‬‫وَل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ ‬سورة‬ ‫ه َ‬‫في ِ‬‫ع ِ‬ ‫م َل ب َي ْ ٌ‬ ‫و ٌ‬
‫ي يَ ْ‬‫ن ي َأت ِ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ‬
‫قب ْ ِ‬
‫إبراهيم آية ‪.31‬‬
‫وفي هذه الية الكريمة يوجه الله جل جلله إلينا‬
‫رسالة رحيمة كل الرحمة‪ ،‬ومضمون الرسالة يصور‬
‫إشفاق العناية اللهية على عباد الرحمن‪ ،‬وحرصها‬
‫على أن يبلغوا بأعمالهم أقصى درجات التقان‪ ،‬وأن‬
‫يستغلوا كل ذرة من أعمارهم المحدودة‪ ،‬في محاولة‬
‫كسب رضوان الله‪ ،‬وذلك بإقامة الصلة‪ ،‬وبالنفاق‬
‫السخي سًرا وعلنية‪ ،‬وهم قادرون على ذلك بما‬
‫أوتوا من حب للخير‪ ،‬وإيمان بالله‪ ،‬وإدراك لقيمة‬
‫الوقت المتاح لهم‪ ،‬فهم حريصون على طاعة الله‬
‫‪543‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في هذه الفرصة من الزمن‪ ،‬قبل أن تفلت من بين‬
‫أصابعهم‪ ،‬حين تنتهي أعمارهم‪ ،‬ويذهب معها خيارهم‪،‬‬
‫ل‬‫م ْ‬
‫ع َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫ويواجه كل امرئ بحصيلة عمله ‪َ ‬‬
‫ف َ‬
‫ل ذَّر ٍ‬
‫ة‬ ‫مث ْ َ‬
‫قا َ‬ ‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ع َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫خي ًْرا ي ََرهُ * َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬
‫ة َ‬ ‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ه ‪ ‬سورة الزلزلة آية ‪ 8-7‬ويلحظ في هذه‬ ‫شّرا ي ََر ُ‬ ‫َ‬
‫الرسالة‬
‫اللهية أمران‪.‬‬

‫)أولهما( حساب الزمن‪:‬‬


‫فقد وهبنا الله سبحانه عمًرا وجعل له خاتمة‬
‫ونهاية‪ ،‬ول ريب أن المؤمن الواعي يحس في‬
‫أعماقه بأنه في سباق مع هذه النهاية‪ ،‬يحاول أن‬
‫د‬
‫ج ُ‬
‫م تَ ِ‬ ‫يسجل قبلها أكبر قدر من العمل النافع ‪‬ي َ ْ‬
‫و َ‬
‫مل َ ْ‬
‫ت‬ ‫ع ِ‬
‫ما َ‬‫و َ‬‫ضًرا َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬‫ر ُ‬‫خي ْ ٍ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫مل َ ْ‬
‫ت ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬ ‫ف ٍ‬‫ل نَ ْ‬‫كُ ّ‬
‫دا ‪‬‬ ‫ء ت َود ل َو أ َن بين َها وبين َ َ‬
‫عي ً‬‫دا ب َ ِ‬
‫م ً‬‫هأ َ‬ ‫سو ٍ َ ّ ْ ّ َ ْ َ َ َ ْ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫سورة آل عمران آية ‪.30‬‬
‫‪#‬‬

‫فموقف النسان يوم الحساب مرتبط بالزمن‪ ،‬فهو‬


‫يحب أن يقرب الله منه ما عمل من خير‪ ،‬وأن يجعل‬
‫دا‪.‬‬
‫دا بعي ً‬
‫بينه وبين السوء أم ً‬
‫وثانيهما‪ :‬إن الرسالة اللهية تجعل من أعمال‬
‫الخير التي طلبها الله من عباده‪ ،‬كالصلة والنفاق‪،‬‬
‫دا مدخًرا‪ ،‬ينفع صاحبه يوم الحساب‪ ،‬وهو يوم ل‬ ‫رصي ً‬
‫بيع فيه ول خلل‪ ،‬وإنما تدور حركته على الجزاء‬
‫حا‪ ،‬أو اقترف عمًل‬‫المؤدي لكل من قدم عمًل صال ً‬
‫سيئا استوجب غضب الله عليه‪ .‬إن الدقائق والثواني‬
‫في أعمار المم‪ ،‬وفي حياة الفراد لها حساب‪،‬‬
‫‪544‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فالساعات الطوال ليست في حقيقتها سوى دقائق‬
‫وثوان‪ ،‬وضياع الثواني هو في حقيقته ضياع لتلك‬
‫الساعات التي ينقضي بمرورها عمر النسان‪ ،‬وينتهي‬
‫بها كفاحه من أجل الحياة‪ .‬والواقع أن الثروة التي‬
‫يجمعها أي إنسان مكافح ليست سوى كمية من‬
‫الزمن تحولت إلى مال‪ ،‬وكان من الممكن أن تضيع‬
‫في النوم والكسل‪ ،‬أو إلى شخير ينطلق من صدر‬
‫نائم خامل‪ ،‬أو شهوة خاطفة تمضي وتخلف لصاحبها‬
‫حسرة العمر على الضياع والغفلة‪ ،‬والوقت الضائع‪،‬‬
‫والطاقة المبددة كم من اليام والسنين تضيع في‬
‫حياة‬
‫هذه المة‪ ،‬على حين يسهر أعداؤنا ويكدحون في كل‬
‫دقيقة‪ ،‬بل في كل ثانية من أجل تحصيل أسباب‬
‫القوة‪ ،‬ومن أجل فرض سيطرتهم على مصائر‬
‫العرب والمسلمين!!‬
‫فنحن نضيع السنين ول نحس بمرورها‪ ،‬وهم‬
‫يحاسبون أنفسهم على الثواني مخافة أن تمضي‬
‫دون إنتاج‪ ،‬لن الزمن جزء من تفوقهم ونجاحهم‪،‬‬
‫كما هو جزء من ضياعنا وفشلنا‪ .‬ونحن المسلمين‬
‫مأمورون أن نحافظ على الوقت وأن نعمل حساب‬
‫المستقبل‪ ،‬لقد أمرنا بالصلة خمس مرات في اليوم‬
‫والليلة‪ ،‬في أوقات معلومة‪ ،‬وشرع الله الذان إعلًنا‬
‫لحلول الوقت‪ ،‬وإيذانا ببدء تكليف جديد متجدد‪.‬‬
‫كما جعل السلم من آدابه أل يضيع وقت‬
‫المؤمن في لغو الحديث‪ ،‬فل وقت لدى المؤمن‬
‫للغو‪ ،‬بل كل وقته للعمل الجاد المثمر‪َ  :‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫ذا‬
‫‪545‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مال َُنا‬
‫ع َ‬‫قاُلوا ل ََنا أ َ ْ‬ ‫و َ‬
‫ه َ‬ ‫عن ْ ُ‬‫ضوا َ‬ ‫و أَ ْ‬
‫عَر ُ‬ ‫غ َ‬‫عوا الل ّ ْ‬ ‫م ُ‬‫س ِ‬‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫هِلي َ‬
‫جا ِ‬ ‫غي ال ْ َ‬ ‫م َل ن َب ْت َ ِ‬‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫سَل ٌ‬
‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫مال ُك ُ ْ‬ ‫ع َ‬
‫مأ ْ‬‫ول َك ُ ْ‬‫َ‬
‫‪ ‬سورة القصص آية ‪ – 55‬كذلك حدد الضوء وخط‬
‫الظلم‪ ،‬وهو‬ ‫‪#‬‬

‫أمر بالغ الدقة في القياس فقال عز من قائل‪ :‬‬


‫َ‬
‫ط اْلب ْي َ ُ‬
‫ض‬ ‫خي ْ ُ‬
‫م ال ْ َ‬
‫ن ل َك ُ ُ‬‫حّتى ي َت َب َي ّ َ‬‫شَرُبوا َ‬ ‫وا ْ‬‫وك ُُلوا َ‬‫َ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ر ‪ ‬سورة البقرة آية‬ ‫ج ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫م َ‬‫وِد ِ‬ ‫ط اْل ْ‬
‫س َ‬ ‫خي ْ ِ‬‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ِ‬
‫‪ 187‬ونحن المسلمين مطالبون بأن نحول أوقاتنا‬
‫إلى عمل صالح‪ ،‬وإلى إنتاج مثمر‪ ،‬يعود علينا وعلى‬
‫أمتنا بالخير والتوفيق‪ ،‬ونحن على أبواب كفاح طويل‪،‬‬
‫نحاول أن نؤكد به وجودنا في مواجهة قوى الشر‬
‫والعدوان‪ ،‬ول سلح لنا إل الوقت‪ ،‬الذي هو أمضى‬
‫سلح‪ ،‬نستطيع أن نحوله إلى مصانع‪ ،‬وإلى معامل‪،‬‬
‫وإلى مصادر للقوة والثروة‪ ،‬ومخترعات نساير بها‬
‫ركب الحضارة والمدنية‪ ،‬وإلى سلح نحارب به عدو‬
‫الله وعدونا‪.‬‬
‫مما سبق يتضح لنا قيمة الزمن‪ ،‬وأهمية النتفاع‬
‫بالوقت‪ ،‬وبهذا الحساب الدقيق ساد المسلمون‬
‫الوائل وشادوا‪ ،‬وأقاموا أحكام شريعتهم‪ ،‬وأسسوا‬
‫للدنيا حضارة شامخة دونها كل حضارة‪ ،‬وبذلك يمكن‬
‫ُ‬
‫ة‬
‫م ٍ‬
‫خي َْر أ ّ‬
‫م َ‬‫أن ينطبق علينا قوله عز من قائل ‪‬ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫أُ ْ‬
‫ن‬
‫ع ِ‬
‫ن َ‬‫و َ‬
‫ه ْ‬
‫وت َن ْ َ‬
‫ف َ‬
‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫مُرو َ‬ ‫س ت َأ ُ‬
‫ت ِللّنا ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫ر َ‬‫خ ِ‬
‫ه ‪ ‬سورة آل عمران آية‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬‫مُنو َ‬ ‫وت ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ر َ‬‫من ْك َ ِ‬‫ال ْ ُ‬
‫‪ 110‬والله ولي التوفيق)‪.(1‬‬
‫عمر بن محمد‬
‫بن إبراهيم‬
‫)( مجلة الدعوة عدد ‪ 600‬في ‪28/5/1397‬هي‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪546‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪547‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حفظ الوقات والستفادة منها‬

‫أوجد الله النسان في هذه الحياة ليعبده قال‬


‫ن‬
‫دو ِ‬ ‫عب ُ ُ‬‫س إ ِّل ل ِي َ ْ‬
‫واْل ِن ْ َ‬
‫ن َ‬ ‫ت ال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ما َ‬ ‫تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫‪ (1)‬وأعطاه القوة والسمع والبصر والفؤاد وعلمه‬
‫ما له يكن يعلم وأسبغ عليه نعمه الظاهرة والباطنة‬
‫لكي يشكره عليها باستعمالها في مرضاته والستعانة‬
‫سا‬ ‫بها على طاعته‪ .‬وجعل له عمًرا محدوًدا وأنفا ً‬
‫معدودة وكلفه بحفظها فيما ينفعه في دينه ودنياه‪،‬‬
‫ما كاتبين يحفظون‬ ‫ووكل به ملئكة حافظين كرا ً‬
‫أعماله ويكتبون أقواله وأفعاله من خير وشر فإذا‬
‫كان يوم القيامة شهدت عليه حفظته وشهدت عليه‬
‫جوارحه وشهدت عليه بقاع الرض التي يعمل فوقها‬
‫بما عمل العاملون عليها من خير وشر‪ ،‬وينشر له‬
‫يوم القيامة ديوان أعماله الذي ل يغادر صغيرة ول‬
‫ل‬‫م ْ‬‫ع َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬‫ف َ‬ ‫كبيرة إل أحصاها فيجزى بما عمل ‪َ ‬‬
‫ل ذَّر ٍ‬
‫ة‬ ‫مث ْ َ‬
‫قا َ‬ ‫م ْ‬
‫ل ِ‬ ‫ع َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬
‫خي ًْرا ي ََرهُ * َ‬
‫ة َ‬ ‫ل ذَّر ٍ‬‫قا َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ِ‬
‫ه ‪ ‬فعلى المسلم أن يكون رقيًبا على‬ ‫)‪(2‬‬
‫شّرا ي ََر ُ‬ ‫َ‬
‫نفسه محاسًبا لها في كل يوم وساعة ودقيقة ماذا‬
‫عملت وبأي شيء تكلم به لسانه وما الذي سمعته‬
‫أذناه ونظرت إليه عيناه ونواه قلبه وبطشته يداه‬
‫ومشت إليه رجله فإن هذه الحواس والجوارح‬
‫)( سورة الذاريات آية ‪.56‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الزلزلة آية ‪.8-7‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪548‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سوف يسأل عنها وتشهد عليه قال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ن‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ُأول َئ ِ َ‬ ‫ؤادَ ك ُ ّ‬‫ف َ‬‫وال ْ ُ‬ ‫صَر َ‬ ‫وال ْب َ َ‬
‫ع َ‬‫م َ‬‫س ْ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫م أل ْ ِ‬
‫سن َت ُ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫هدُ َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ش َ‬‫م تَ ْ‬ ‫و َ‬ ‫سُئوًل ‪ ‬ي َ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬وعلى‬ ‫)‪(2‬‬
‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جل ُ ُ‬
‫وأْر ُ‬ ‫م َ‬‫ه ْ‬‫دي ِ‬‫وأي ْ ِ‬‫َ‬
‫المسلم أن يحاسب نفسه على لفظاته ولحظاته‬
‫وخطراته وخطواته فيحميها عن الكلم المحرم والنظر‬
‫المحرم والسماع المحرم والمشي المحرم والبطش‬
‫المحرم والكل والشرب المحرم فيحفظ لسانه بذكر‬
‫الله وجوارحه بطاعة الله حتى يكسب بها خيًرا‬
‫ن‬
‫‪#‬‬

‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ويصرفها عن الشر وقد قال تعالى ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫م ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ظوا ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬
‫ج ُ‬
‫فُرو َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫ر ِ‬‫صا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫غ ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن ‪.(3)‬‬ ‫عو َ‬‫صن َ ُ‬
‫ما ي َ ْ‬‫خِبيٌر ب ِ َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬‫ه ْ‬‫كى ل َ ُ‬‫أ َْز َ‬
‫وفي الحديث النظر سهم مسموم من سهام‬
‫إبليس من تركه لله أو رثه الله إيماًنا يجد حلوته في‬
‫قلبه)‪ (4‬وإن في الشتغال بهذه الحواس والجوارح‬
‫بطاعة الله اشتغاًل عما حرم الله‪ ،‬وفي ذلك فائدتان‬
‫عظيمتان‪:‬‬
‫إحداهما‪ :‬صونها عما حرم الله مما يوجب‬
‫سخطه وعقابه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬فوزها بطاعة الله المقربة من رضاه‬
‫وجنته فإن في الشتغال بذكر الله اشتغاًل عن الكلم‬
‫الباطل من الغيبة والنميمة واللغو ومدح الناس‬
‫دا فإما‬
‫وذمهم وغير ذلك فإن اللسان ل يسكت أب ً‬
‫لسان ذاكر أو لسان لغ ول بد من أحدهما فإن‬

‫سورة السراء آية ‪.36‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة النور آية ‪.24‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النور آية ‪.30‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه الطبراني والحاكم وقال صحيح السناد‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪549‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل والقلب‬
‫إن لم تسكنه محبة الله تعالى سكنه محبة‬
‫المخلوقين –واللسان إن لم تشغله بذكر الله شغلك‬
‫باللغو وما هو عليك فاختر لنفسك إحدى الخطيت‬
‫وأنزلها في إحدى المنزلتين إن العبد إذا نسي نفسه‬
‫من العمل بما يسعده أعرض عن مصالحها ونسيها‬
‫واشتغل عنها هلكت وفسدت ول بد كمن له زرع أو‬
‫بستان أو ماشية أو غير ذلك مما صلحه بتعاهده‬
‫والقيام عليه فأهمله ونسيه واشتغل عنه بغيره وضيع‬
‫مصالحه فإنه يفسد ول بد هذا مع إمكان قيام غيره‬
‫مقامه فيه فما الظن بفساد نفسه وهلكها إذا أهملها‬
‫وضيعها واشتغل عن مصالحها وعطل مراعاتها وترك‬
‫القيام عليها بما يصلحها وهذا هو الذي صار أمره‬
‫طا فانفرط عليه أمره وضاعت مصالحه وخسر‬ ‫فر ً‬
‫منفعة أوقاته وأحاطت به أسباب القطعية والخيبة‬
‫والهلك ول سبيل إلى المان من ذلك إل بحفظ‬
‫الوقات من أن تضيع سدى معطلة من ذكر الله‬
‫وطاعته‪.‬‬
‫وأعظم من ذلك إضاعتها في معصية الله وذلك‬
‫هو الخسران المبين‪ ،‬فطاعة العبد لربه وذكره له‬
‫بمنزلة حياته التي ل غنى له عنها ومنزلة غذائه‬
‫الذي إذا فقده فقد جسمه وهلك‪ ،‬ومنزلة الماء عند‬
‫شدة العطش وبمنزلة اللباس في الحر والبرد‬
‫وبمنزلة الكن في شدة الشتاء والسموم فحقيق‬
‫بالعبد أن ينزل‬
‫طاعة الله وذكره في جميع أوقاته من نفسه بهذه‬
‫‪#‬‬‫المنزلة وأين هلك‬
‫‪550‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الروح والقلب وفسادهما من هلك البدن وفساده‬
‫فهلك البدن ل بد منه وقد يعقبه صلح البد وأما‬
‫هلك القلب والروح فهلك ل يرجى معه صلح ول‬
‫فلح ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪ .‬وقد‬
‫قيل الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك‪.‬‬
‫وإذا كانت أوقات الغفلة عن طاعة الله وذكره‬
‫تكون على العبد حسرات يوم القيامة‪ ،‬فكيف بضياع‬
‫الوقات في معصية الله وفي الحديث )نعمتان‬
‫)‪(1‬‬
‫مغبون فيهما كثير من الناس‪ :‬الصحة والفراغ‬
‫ومعنى ذلك أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين‬
‫وكل من ل يقوم بشكر ما أنعم الله به عليه فهو‬
‫مغبون‪.‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫ول تغبنن بالنعمتين‬ ‫ول يذهبن العمر منك‬
‫في هذا الوطن‬ ‫أجهد‬ ‫ومن أعظم نعم الله علىبل‬
‫عباده‬ ‫سبهلل‬
‫العزيز نعمة السلم والصحة في البدان والمن‬
‫والستقرار في الوطان حيث يأمن النسان فيه على‬
‫نفسه وأهله وماله بفضل الله ثم بفضل حكومته‬
‫الرشيدة التي تحكم بالكتاب والسنة وتقيم الحدود‬
‫الشرعية التي هي السبب في حماية وصيانة النفس‬
‫والعقول والدين والنساب والموال‪.‬‬
‫فعلى المسلم أن يتقي الله في نفسه وأن‬
‫يحفظ أوقاته فيما ينفعه ويسعده وأن ل يخلي وقًتا‬
‫معطًل من عمل ينفعه أو خير يطلبه وأن يحاسب‬
‫حا ومساء في قوله وعمله‬‫نفسه ليًل ونهاًرا وصبا ً‬
‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪551‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وفعله وتركه وكلمه وسمعه وبصره وبطشه ومشيه‬
‫حتى يربح أوقاته ويسلم له دينه ويزكو إيمانه ويقينه‬
‫ويفوز بسعادة الدنيا والخرة وتتم له العمال‬
‫الظاهرة والباطنة قال الشاعر‪:‬‬
‫وأراه أسهل ما عليك‬ ‫والوقت أنفس ما عنيت‬
‫فرص الحياة‬ ‫يجب على المسلم أن ينتهزيضيع‬ ‫بحفظه‬
‫والشباب والصحة والفراغ بالعمل الصالح ما دام‬
‫قوًيا قادًرا صحيح البدن والسمع والبصر قبل أن‬
‫تضعف قوته وتذهب مقدرته ويمرض جسمه ويكل‬
‫سمعه وبصره وتذهب أوقاته فيندم حين‬
‫‪#‬‬

‫ل ينفعه الندم ويتأسف على تفريطه وإضاعته‬


‫حَياِتي ‪ ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ت لِ َ‬ ‫م ُ‬
‫قدّ ْ‬ ‫وإهماله فيقول ‪َ‬يا ل َي ْت َِني َ‬
‫ه ‪.(2)‬‬‫ب الل ّ ِ‬‫جن ْ ِ‬
‫في َ‬ ‫ت ِ‬‫فّرطْ ُ‬ ‫ما َ‬‫عَلى َ‬
‫سَرَتا َ‬
‫ح ْ‬
‫َيا َ‬
‫سا قبل خمس‪ :‬شبابك‬ ‫وفي الحديث "اغتنم خم ً‬
‫قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وحياتك قبل موتك‬
‫وفراغك قبل شغلك وغناك قبل فقرك")‪ (3‬وفي‬
‫ضا "ل تزول قدما عبد يوم القيامة حتى‬ ‫الحديث أي ً‬
‫يسأل عن عمره فيم أفناه وعن شبابه فيم أبله‬
‫وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه وعن علمه‬
‫ماذا عمل فيه")‪ (4‬فعلى المسلم الناصح لنفسه أن‬
‫حا وبالله‬‫يتقي الله ربه وأن يعد للسؤال جواًبا صحي ً‬
‫التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله‬
‫‪#‬‬ ‫وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)( سورة الفجر آية ‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الزمر آية ‪.56‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه الحاكم وصححه‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه البزار والطيبراني بإسيناد صيحيح ورواه الترميذي وقيال حيديث‬ ‫‪4‬‬

‫حسن صحيح‪.‬‬
‫‪552‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪553‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أفضل ما يشغل به الوقت‬

‫اللهم صل على أشرف خلقك محمد ‪ ‬ولله‬


‫الحمد وكفى‪ .‬وسلم على عباده الذين اصطفى‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأشهد أن‬
‫دا رسول الله ‪ ‬وبعد‪:‬‬ ‫محم ً‬
‫فإن أفضل ما يشغل به الوقت ذكر الله ودعاؤه‬
‫َ‬
‫واستغفاره بعد أداء الفرائض قال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬
‫َ‬
‫دا *‬
‫دي ً‬
‫س ِ‬‫وًل َ‬ ‫ق ْ‬‫قوُلوا َ‬ ‫و ُ‬‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫م ‪ ‬سورة‬ ‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬‫فْر ل َك ُ ْ‬‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬‫م َ‬ ‫مال َك ُ ْ‬‫ع َ‬‫م أَ ْ‬
‫ح ل َك ُ ْ‬‫صل ِ ْ‬‫يُ ْ‬
‫الحزاب آية ‪.71 -70‬‬

‫فضل الذكر‪:‬‬
‫ة‬
‫جاَر ٌ‬‫م تِ َ‬
‫ه ْ‬ ‫جا ٌ َ ْ‬ ‫قال تعالى ‪ِ ‬‬
‫هي ِ‬
‫ل ل ت ُل ِ‬ ‫ر َ‬ ‫‪-1‬‬
‫ه ‪ ‬سورة النور آية ‪.37‬‬ ‫ر الل ّ ِ‬
‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ع ْ‬ ‫وَل ب َي ْ ٌ‬
‫ع َ‬ ‫َ‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬أل أنبؤكم بخير‬ ‫‪-2‬‬
‫أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم‪،‬‬
‫وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم من‬
‫أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟‬
‫قالوا بلى قال‪ :‬ذكر الله" رواه الترمذي وقال حديث‬
‫حسن‪.‬‬
‫وقال رجل يا رسول الله‪ :‬إن شرائع‬ ‫‪-3‬‬
‫السلم قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتثبت به قال‬
‫‪554‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫"ل يزال لسانك رطًبا من ذكر الله" رواه المام‬
‫أحمد‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬يقول الله تعالى‪ :‬أنا‬ ‫‪-4‬‬
‫عند ظن عبدي بي‪ ،‬وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني‬
‫فإن في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في مل‬
‫ذكرته في مل خير منهم‪ ،‬وإن تقرب إلي بشبر‬
‫عا تقربت إليه‬‫عا وإن تقرب إلي ذرا ً‬
‫تقربت إليه ذرا ً‬
‫عا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة" رواه أحمد‬ ‫با ً‬
‫والبخاري ‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫وقال رسول الله ‪" ‬ل يقعد قوم يذكرون‬ ‫‪-5‬‬


‫الله تعالى إل حفتهم الملئكة وغشيتهم الرحمة‬
‫ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله تعالى فيمن‬
‫عنده" رواه مسلم‬
‫‪#‬‬

‫فضل التسبيح والتهليل‪:‬‬

‫قال رسول الله ‪" :‬كلمتان خفيفتان‬ ‫‪-1‬‬


‫على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى‬
‫الرحمن سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم"‬
‫رواه أحمد والبخاري ومسلم‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬أل أدلك على كنز‬ ‫‪-2‬‬
‫من كنوز الجنة؟ ل حول ول قوة إل بالله" متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬التسبيح نصف‬ ‫‪-3‬‬
‫الميزان والحمد لله تملؤه ول إله إل الله ليس لها‬
‫دون الله حجاب حتى تخلص إليه" رواه الترمذي‬
‫‪555‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وصححه السيوطي‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬من قال سبحان‬ ‫‪-4‬‬
‫الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت عنه خطاياه‬
‫وإن كانت مثل زبد البحر" متفق عليه‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬أحب الكلم إلى‬ ‫‪-5‬‬
‫الله تعالى أربع‪ :‬سبحان الله والحمد لله‪ ،‬ول إله إل‬
‫الله والله أكبر‪ .‬ل يضرك بأيهن بدأت" أخرجه مسلم‪.‬‬

‫فضل ل حول ول قوة إل بالله‪:‬‬


‫‪ -1‬قال رسول الله ‪" ‬أل أدلك على كلمة من‬
‫تحت العرش من كنز الجنة تقول‪ :‬ل حول ول قوة إل‬
‫بالله فيقول الله أسلم عبدي واستسلم" رواه الحاكم‬
‫وصححه السيوطي‪.‬‬
‫‪ -2‬وقال رسول الله ‪" ‬ل حول ول قوة إل بالله‬
‫دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم" رواه ابن‬
‫أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة وحسنه‬
‫السيوطي‪.‬‬
‫‪ -3‬وقال رسول الله ‪" ‬استكثروا من الباقيات‬
‫الصالحات‪ :‬التسبيح‬
‫‪#‬‬

‫والتهليل والتحميد والتكبير ول حول ول قوة إل‬


‫بالله" رواه المام أحمد في المسند وابن حبان‬
‫والحاكم عن أبي سعيد وصححه السيوطي‪.‬‬

‫فضل الستغفار‪:‬‬
‫ه إ ِّل‬ ‫َ‬
‫ه َل إ ِل َ َ‬ ‫عل َ ْ‬
‫م أن ّ ُ‬ ‫قال الله تعالى‪َ  :‬‬
‫فا ْ‬ ‫‪-1‬‬
‫ت‪‬‬
‫مَنا ِ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫فْر ل ِذَن ْب ِ َ‬
‫ك َ‬ ‫غ ِ‬
‫ست َ ْ‬
‫وا ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫سورة محمد آية ‪.19‬‬
‫‪556‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ن‬
‫م َ‬‫قِليًل ِ‬ ‫كاُنوا َ‬‫وقال الله تعالى‪َ  :‬‬ ‫‪-2‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫فُرو َ‬
‫غ ِ‬‫ست َ ْ‬
‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬
‫ر ُ‬‫حا ِ‬ ‫وِباْل ْ‬
‫س َ‬ ‫ن* َ‬
‫عو َ‬
‫ج ُ‬
‫ه َ‬
‫ما ي َ ْ‬ ‫الل ّي ْ ِ‬
‫ل َ‬
‫‪  17-18‬سورة الذاريات‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬من لزم الستغفار‬ ‫‪-3‬‬
‫جا‬
‫جا ومن كل هم فر ً‬ ‫جعل الله له من كل ضيق مخر ً‬
‫ورزقه من حيث ل يحتسب" رواه أحمد وأبو داود‬
‫وابن ماجه‪.‬‬
‫وقال عليه الصلة والسلم‪ :‬قال الله‬ ‫‪-4‬‬
‫تعالى‪» :‬يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء‬
‫ثم استغفرتني غفرت لك« رواه الترمذي وقال‬
‫حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪557‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أهمية القراءة وفوائدها‬


‫للشيخ إسماعيل بن محمد السماعيل‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‬


‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪ ..‬أما بعد‪:‬‬
‫فإن القراءة هي مفتاح العلم‪ .‬ويكفينا دليًل على‬
‫ذلك أنها أول ما أمر به الرسول ‪ ‬وأول ما أنزل‬
‫عليه كما قال تعالى‪ :‬ا ْ ْ‬
‫خل َ َ‬
‫ق‬ ‫ذي َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫سم ِ َرب ّ َ‬‫قَرأ ِبا ْ‬
‫َ‬ ‫عل َق * ا ْ ْ‬
‫ك اْلك َْر ُ‬
‫م*‬ ‫وَرب ّ َ‬
‫قَرأ َ‬ ‫ن َ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫سا َ‬ ‫ق اْل ِن ْ َ‬ ‫خل َ َ‬
‫* َ‬
‫م‪‬‬‫عل َ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ن َ‬‫سا َ‬‫م اْل ِن ْ َ‬‫عل ّ َ‬
‫قل َم ِ * َ‬
‫م ِبال ْ َ‬ ‫عل ّ َ‬
‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ولهمية القراءة وطلب العلم أخبر ‪ ‬أن طلب‬
‫العلم فريضة على كل مسلم)‪ (1‬ول شك أن من أهم‬
‫أسبابه القراءة‪ ،‬ولول القراءة لم يتعلم النسان ولم‬
‫يحقق الحكمة من وجوده على هذه الرض وهي‬
‫عبادة الله وطاعته وعمارة هذه الرض‪.‬‬
‫ثم إن القراءة تمكن النسان من التعلم بنفسه‬
‫والطلع على جميع ما يريد معرفته من دون‬
‫الستعانة بأحد في كثير من الحيان‪.‬‬
‫وللقراءة فوائد كثيرة ل نستطيع حصرها ولكن‬
‫يمكن أن نلخص منها ما يلي‪:‬‬
‫حا للعلم‪.‬‬
‫‪ -1‬أنها مع شقيقتها الكتابة هما مفتا ً‬
‫‪ -2‬أنها من أقوى السباب لمعرفة الله سبحانه‬
‫وتعالى وعبادته وطاعته وطاعة رسوله‪.‬‬
‫‪ -3‬أنها من أقوى السباب لعمارة الرض‬
‫)( رواه ابن ماجه وغيره بإسييناد ضييعيف وقييد حسيينه بعضييهم وصييححه‬ ‫‪1‬‬

‫آخرون‪.‬‬
‫‪558‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والوصول إلى العلوم المؤدية لذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬أنها سبب لمعرفة أحوال المم الماضية‬
‫والستفادة منها‪.‬‬
‫‪ -5‬أنها سبب لكتساب المهارات ومعرفة‬
‫الصناعات النافعة‪.‬‬
‫‪ -6‬أنها سبب لمعرفة النسان لما ينفعه ولما‬
‫يضره في هذه الحياة من العلوم‬
‫‪#‬‬

‫النافعة‪.‬‬
‫‪ -7‬أنها سبب لكتساب الخلق الحميدة‬
‫والصفات العالية والسلوك المستقيم‪.‬‬
‫‪ -8‬أنه يحصل بسببها للنسان الجر العظيم‬
‫والثواب الكبير ل سيما إذا كانت قراءته في كتاب‬
‫الله أو في الكتب النافعة التي تدله على الخير‬
‫وتنهاه عن الشر‪.‬‬
‫‪ -9‬أنها سبب لرفعة النسان في هذه الحياة‬
‫وفي الخرة لنها من أسباب العلم والله يقول‪ :‬‬
‫م‬ ‫ن ُأوُتوا ال ْ ِ‬
‫عل ْ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ع الل ّ ُ‬
‫ف ِ‬‫ي َْر َ‬
‫ت ‪ ‬سورة المجادلة آية ‪.11‬‬ ‫جا ٍ‬‫دََر َ‬
‫‪ -10‬أنها سبب قوي لمعرفة مكائد العداء‬
‫للسلم والمسلمين من الكفرة والملحدين والفرق‬
‫الضالة ودحضها واحذر منها‪.‬‬
‫‪ -11‬أنها سبب للنس والترويح عن النفس‬
‫واستغلل وقت الفراغ بما ينفع وقد صدق الشاعر‬
‫حيث يقول‪:‬‬
‫ما وآداًبا كعقل موئد‬
‫وخير جليس المرء كتب علو ً‬
‫قرأ ْ‬
‫ما قوله تعالى‪ :‬ا ْ َ‬‫وأخيًرا يجب أن نتذكر دائ ً‬
‫تفيده‬
‫ق*‬ ‫ن َ َ‬ ‫ق اْل ِن ْ َ‬
‫خل َ َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫سم ِ َرب ّ َ‬
‫عل ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ن ِ‬
‫سا َ‬ ‫ق* َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ِبا ْ‬
‫‪559‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬ ‫ا ْ ْ‬
‫عل ّ َ‬
‫م‬ ‫قل َم ِ * َ‬ ‫م ِبال ْ َ‬
‫عل ّ َ‬‫ذي َ‬‫م * ال ّ ِ‬ ‫ك اْلك َْر ُ‬ ‫وَرب ّ َ‬ ‫قَرأ َ‬
‫ن*‬
‫م ُ‬
‫ح َ‬‫م ‪ ‬وقوله تعالى‪ :‬الّر ْ‬ ‫عل َ ْ‬‫م يَ ْ‬‫ما ل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سا َ‬ ‫اْل ِن ْ َ‬
‫ن‪‬‬ ‫ه ال ْب ََيا َ‬
‫م ُ‬‫عل ّ َ‬
‫ن* َ‬ ‫ق اْل ِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ن* َ‬ ‫قْرآ َ َ‬ ‫م ال ْ ُ‬‫عل ّ َ‬‫َ‬
‫وفقنا الله جميًعا إلى العلم النافع والعمل الصالح‬
‫الذي يرضيه وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬ ‫‪#‬‬
‫‪560‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫وصف الكتاب‬

‫الكتاب نعم النيس في ساعة الوحدة ونعم‬


‫ما وليس هناك‬ ‫القرين ببلد الغربة وهو وعاء ملئ عل ً‬
‫قرين أحسن من الكتاب‪ .‬ول شجرة أطول عمًرا ول‬
‫أطيب ثمرة ول أقرب مجتنى من كتاب مفيد‪،‬‬
‫والكتاب هو الجليس الذي ل يمدحك والصديق الذي‬
‫ل يذمك والرفيق الذي ل يملك ول يخدعك‪ ،‬إذا‬
‫نظرت فيه أمتعك وشحذ ذهنك وبسط لسانك وجود‬
‫بيانك وغذى روحك ونمى معلوماتك‪ ،‬وهو المعلم‬
‫الذي إن افتقرت إليه لم يحقرك وإن قطعت عنه‬
‫المادة لم يقطع عنك الفائدة‪ .‬ولو لم يكن من فضله‬
‫عليك إل حفظه لوقاتك فيما ينفعك وصونها عما‬
‫يضرك من فضول النظر والكلم والستماع‬
‫والمخالطة ومجالسة من ل خير فيهم _ لكان في‬
‫ذلك على صاحبه أسبغ نعمة وأعظم منة‪ .‬فالكتاب‬
‫صديق يقطع أوقات فراغك في مؤانسة تنجيك من‬
‫الوحدة المملة‪ ،‬كما ينقل إليك أخبار البلد النائية‬
‫فتعرف أنباءها كما تعرف أنباء بلدتك)‪.(1‬‬
‫لماذا تقرأ الكتب؟‬
‫نقرؤها لن في القراءة فوائد متعددة سوى ما‬
‫)( انظر النصوص الدبية للسنة الثالثة المتوسطة فيي المعاهييد العلميية‬ ‫‪1‬‬

‫ص ‪.94‬‬
‫‪561‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تقدم منها‪:‬‬
‫‪ -1‬أن في القراءة متعة للنفس وغذاء للعلم‬
‫والعقل والروح‪.‬‬
‫‪ -2‬وفيها إزالة لفوارق الزمان والمكان فيعيش‬
‫القارئ مع الناس جميعا أينما كانوا وأينما ذهبوا‬
‫‪ -3‬في القراءة ينابيع صافية لخبرة كل مجرب‬
‫يفيض بالهدى والرشاد والنصح والتوجيه والمعرفة‪.‬‬
‫‪ -4‬وفي القراءة سياحة للعقل البشري بين رياض‬
‫الحاضر وآثار الماضي وبقاياه‬
‫وآمال المستقبل‪.‬‬
‫‪ -5‬والقراءة تنقلنا من عالم ضيق محدود الفق‬
‫إلى عالم آخر أوسع أفقا ً وأبعد غاية‪.‬‬
‫‪ -6‬ويستطيع القارئ أن يعيش في كل العصور‬
‫وفي كل الممالك والمصار والقطار‪.‬‬
‫‪ -7‬ونقرأ وصف الرحلت في مختلف أنحاء‬
‫الرض فيحملنا الكاتب إلى قمم الجبال ثم ينزل بنا‬
‫إلى عمق الودية ويسير بنا بين الرياض الخضراء ثم‬
‫ينتقل بنا إلى الصحاري الجدباء وكأننا رفاقه ل‬
‫يفصلنا عنه طول الزمان ول يحول بيننا وبينه بعد‬
‫المكان )إن شئت فاقرأ رحلة ابن بطوطة في‬
‫مجلدين(‪.‬‬
‫‪ -8‬وبالقراءة تستطيع أن تكون مع الكتاب‬
‫والعلماء والمفكرين صداقة تحس بفضلها وتشعر‬
‫بوجودها‪ ،‬فالقارئ أخذ من صديقه المؤلف أحسن‬
‫وأجمل ما عنده لن المؤلف ل يكتب في كتابه إل كل‬
‫ما فيه فائدة أو خبرة أو نفع أو توجيه ويختار من‬
‫‪562‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الكلم‪ ،‬أحسن ما يجده)‪.(1‬‬
‫‪ -9‬وبالقراءة يعرف تفسير كلم الله القرآن‬
‫الكريم الذي هو أهم المهمات وتستخرج كنوزه‬
‫وعلومه وأحكامه ويعلم حلله وحرامه ومحكمه‬
‫ومتشابهه وأمثاله وبشاراته وإنذاره وعظاته‬
‫وقصصه‪.‬‬
‫وبالقراءة تعرف سنة رسول الله ‪ ‬التي‬ ‫‪-10‬‬
‫هي شقيقة القرآن والمصدر الثاني للتشريع‬
‫السلمي وهي تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر‬
‫عنه‪.‬‬
‫وبالقراءة تعرف سيرة رسول الله ‪‬‬ ‫‪-11‬‬
‫وأخلقه التي لنا فيها عظة وعبرة ولنا فيها أسوة‬
‫حسنة صلوات الله وسلمه عليه‪.‬‬
‫وبالقراءة تعرف علوم الولين والخرين‬ ‫‪-12‬‬
‫وأحوال السابقين واللحقين‪.‬‬
‫‪ -13‬وبالقراءة يسير النسان بفكره وعلمه في‬
‫أنحاء المعمورة وهو جالس في بيته أو مكتبته‪.‬‬

‫)( انظر المطالعة العربية للسيينة المتوسييطة فييي المعاهييد العلمييية ص‬ ‫‪1‬‬

‫‪.142-141‬‬
‫‪563‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -14‬وبالقراءة يعرف الفرق بين الحلل‬
‫والحرام والواجب والمستحب والمكروه والمباح‪.‬‬
‫وبالقراءة يعرف طريق الخير والسعادة‬ ‫‪-15‬‬
‫وطريق الشر والشقاوة‪ ،‬وأعمال أهل الجنة‪ .‬وأعمال‬
‫أهل النار‪ ،‬وتعرف أوصاف الجنة وأهلها وأوصاف‬
‫النار وأهلها‪.‬‬
‫‪ -16‬وبالقراءة يعرف الجزاء والثواب‬
‫للمطيعين والعقاب للعاصين‪.‬‬
‫وبالقراءة والعمل بها تحصل سعادة الدنيا‬ ‫‪-17‬‬
‫والخرة والسلمة من شقاوة الدنيا والخرة‪ ،‬هذا وإن‬
‫العلم بحر عميق ل ساحل له وعمر النسان قصير‬
‫محدود‪ .‬لذا ينبغي له أن يحفظه بالقراءة فيما ينفعه‬
‫وأن يعمل بما يقرأ وأن يبدأ بالهم فالهم وأهم‬
‫المهمات تعلم كتاب الله تعالى وتفسيره والعمل به‪،‬‬
‫وسنة رسول الله ‪ ‬وشروحها ففيهما السعادة‬
‫والنجاة قال ‪" ‬إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم‬
‫به لن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه" رواه الحاكم‬
‫‪#‬‬‫وقال صحيح السناد وصلى الله على نبينا محمد‪،،،‬‬
‫‪564‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫نعم الرفيق "كتاب"‬

‫قال الشاعر‪:‬‬

‫تلهو به إن خانك‬ ‫نعم المحدث والرفيق‬


‫الصحاب‬
‫منه حكمة وصواب‬ ‫وينال‬ ‫كتاب‬
‫مفشيا للسر إن‬ ‫ل‬
‫أودعته‬
‫بمثل هذه البيات من الشعر وأقوال كثيرة كان‬
‫السلف الصالح يتفانون في حب الكتب ومجالستها‬
‫لما فيها من العلم والفائدة‪ ،‬وإن كنا في هذا العصر‬
‫نشهد ثورة ثقافية هائلة في عالم الكتب حتى‬
‫أصبحت المنازل ل تكاد تخلو من مكتبة تحوي‬
‫أصناف العلوم والمعارف إل أننا في عالمنا السلمي‬
‫بعد لم ندرك قيمة الكتاب‪ .‬وليس للكتاب المكانة‬
‫التي كانت لسلفنا الصالح‪ ،‬فالمشهور عن العرب‬
‫أنهم ل يقرءون‪ ،‬وفعل هم ل يقرءون ول يقدرون‬
‫الكتاب قدره‪ ،‬ول نريد أن نضرب المثل بالغربيين‬
‫واحتفائهم بالكتب كما يفعل الكثيرون ممن اغتروا‬
‫بالحضارة الغربية‪ ،‬ففي سلفنا الصالح كما ذكرت‬
‫القدوة الكاملة فهم الذين حملوا تراث العالم لهذه‬
‫المة وحصلوا على السبق في هذا المجال‪ .‬ولكي‬
‫يعرف المسلمون أهمية الكتاب والدور الذي يؤديه‬
‫في رفع شأن النسان ومن ثم المة نستعرض معا‬
‫صفحات من حياة سلفنا‪ ،‬وتقديرهم للكتاب‬
‫والهتمام به‪.‬‬
‫‪565‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحرص على الكتابة‪:‬‬
‫حين شاعت في هذا العصر وسائل الترف وركن‬
‫الناس إلى الخمول كسلوا عن الكتابة وسموا‬
‫عصرهم عصر السرعة‪ ،‬لذلك فالقارئ يحتاج إلى كل‬
‫شيء سريع‪ ،‬وخفيف وإن كان هزيل‪ ،‬فالماديات ل‬
‫تدع له مجال للتعمق‪ ،‬أما الخليل بن أحمد فإنه يفتح‬
‫طريقا لكل سالك علم فيقول‪ :‬ما سمعت شيئا إل‬
‫كتبته‪ ،‬ول كتبت شيئا إل حفظته‪ ،‬ول حفظت شيئا إل‬
‫انتفعت به‪.‬‬
‫فما كانوا يسمعون شيئا إل كتبوه خشية أن يضيع‬
‫‪#‬‬‫عليهم فإن آفة العلم‬
‫النسيان وهم بذلك يسمعون وصاية الشافعي رحمه‬
‫الله حين خرج على أصحابه وهم مجتمعون فقال‬
‫لهم )اعلموا رحمكم الله أن هذا العلم يند كما تند‬
‫البل‪ ،‬فاجعلوا الكتب له حماة‪ ،‬والقلم عليه رعاة(‪.‬‬
‫شغف بالكتاب‪:‬‬
‫وقد أرسلوا لقلمهم العنان فقامت ملكتهم‬
‫الدبية بوصف الكتاب وصفا ً أخاذا ً ينبئ عن حبهم‬
‫للكتب وإدراكهم لقيمتها وشغفهم بها فهذا ابن‬
‫المعتز يصف الكتاب فيقول )الكتاب والج‬
‫للبواب‪،‬جريء على الحجاب‪ ،‬فهم ليفهم‪ ،‬وناطق ل‬
‫يتكلم وبه يشخص المشتاق إذا أقعده الفراق( وقال‬
‫آخر )إنه حاضر نفعه‪ ،‬مأمون خيره‪ ،‬ينشط بنشاطك‬
‫فينبسط إليك‪ ،‬ويمل بمللك فينقبض عنك‪ ،‬إن أدنيته‬
‫دنا‪ ،‬وإن أنأيته نأى ل يبغيك شرا‪ ،‬ول ينبش عليك‬
‫سرا‪ ،‬ول ينم عليك ول يسعى بنميمة إليك‪ ،‬وعبر‬
‫الشاعر عن التصاقه بالكتاب وقربه إليك فقال‪:‬‬
‫‪566‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إن خانك الندماء‬ ‫نعم النديم إذا‬
‫والصحاب‬
‫يغيبك‬ ‫أو أن‬ ‫خلوت كتاب‬
‫سرك قد‬ ‫فأبحه‬
‫مغتاب‬
‫من‬ ‫عنده‬
‫العتاب‬ ‫إن‬ ‫لسانه أمنت‬
‫أمنتهفوت‬
‫وإذا‬
‫النديم عذاب‬ ‫غرب لسانه‬
‫بل إن بعضهم كان يستعين به على الغربة‬
‫ووحشتها ويوصي به المسافر فودع أحدهم صديقا له‬
‫فقال له )استعن على وحشة الغربة بقراءة الكتب‪،‬‬
‫فإنها ألسن ناطقة‪ ،‬وعيون رامقة‪.‬‬
‫وهو النديم حين يتفرق الندماء‪ ،‬وبه تأنس‬
‫الوحدة‪ ،‬وتطيب المجالس‪ ،‬قيل لبعضهم أما‬
‫تستوحش‪ ،‬فقال أيستوحش من معه النس كله‪،‬‬
‫قيل وما النس كله‪ ..‬قال الكتاب‪.‬‬
‫استشعر ذلك ابن المبارك فكان يطيب له كثيرا‬
‫مجالسة الكتب والخلوة معها فلمه أصحابه على‬
‫عدم رؤيتهم له فقال لهم )إني إذا كنت في المنزل‬
‫جالست أصحاب محمد ‪ (‬يعني النظر في الكتب‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪567‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اقتناء الكتب‪:‬‬
‫وطبيعي أن يكون هذا الحب والشغف للكتب مع‬
‫إدراك قيمتها وفائدتها دافعا ً لهم لشرائها واقتنائها ل‬
‫لوضعها لزينة وديكور )تزين به الغرف كما يفعل‬
‫الناس الن‪ ،‬إنما للمطالعة والبحث والستفادة‪ ،‬ولهم‬
‫حوادث طريفة كل الطرافة في حسرتهم على فقد‬
‫الكتب وبيعها أو في سعادتهم بشراء الكتب فحدث‬
‫أن باع أحدهم كتابا ظن أنه ل يحتاج إليه ثم إنه احتاج‬
‫إليه فالتمس نسخة منه‪ ،‬فلم يجدها بعارية ول ثمن‪،‬‬
‫وكان الذي ابتاعه قد خرج به إلى بلده فشخص إليه‪،‬‬
‫وسأله القالة وارتجاع الثمن منه‪ ،‬فأبى عليه‪ ،‬فسأله‬
‫إعارته لنسخ الكلمة منه‪ ،‬فلم يجبه‪ ،‬فانكفأ قافل‬
‫وآلى على نفسه أل يبيع كتابا ً أبدًا‪.‬‬
‫وقيل لخر‪ :‬أل تبيع من كتبك التي ل تحتاج إليها‪،‬‬
‫فقال إن لم أحتج إليها اليوم احتجت إليها بعد اليوم‪.‬‬
‫وقد لموا أحدهم بشراء كل كتاب يراه وقالوا‬
‫له‪ :‬إنك لتشتري ما ل تحتاج إليه فقال‪ :‬إنما احتجت‬
‫إلى ما ل أحتاج إليه‪ .‬وكان بعض القضاة يشتري‬
‫الكتب بالدين والقرض‪ ،‬فقيل له في ذلك فقال‪ :‬أفل‬
‫أشتري شيئا بلغ بي هذا المبلغ قيل‪ :‬فإنك تكثر‪،‬‬
‫فقال‪ :‬على قدر الصناعة تكون اللة‪.‬‬

‫استعارة الكتب‪:‬‬
‫قرأت في إحدى المجلت عن أشخاص كونوا‬
‫لهم مكتبات من كتب الناس‪ ،‬فكانوا يستعيرونها ثم ل‬
‫يرجعونها‪ ،‬وانتشرت سرقة الكتب هذه تحت ستار‬
‫الستعارة حتى أشتهر بها أناس من المعروفين‬
‫‪568‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بالمكانة الجتماعية‪ ،‬وإن كان هذا طريقا ً غير شرعي‬
‫ولصوصية فقد ذمه السلف ووضعوا آدابا ً لستعارة‬
‫الكتب من خالفها يمتنعون عن إعارته مرة أخرى فمن‬
‫آداب الستعارة توقير الكتاب والهتمام بنظافته‪ ،‬فكثير‬
‫ممن يستعيرون الكتب يرجعونها إلى أصحابها أبعد ما‬
‫تكون عن النظافة‪ ،‬وحدث هذا مع أبي حامد أحمد بن‬
‫طاهر السفرائيني الفقيه حين استعار منه رجل كتابا‬
‫فرآه يوما وقد أخذ عليه عنًبا ثم إن الرجل سأله بعد‬
‫ذلك أن يعيره كتابا‪ ،‬فقال تأتيني إلى المنزل فأتاه‪.‬‬
‫فأخرج الكتاب إليه في طبق وناوله إياه‪ ،‬فاستنكر‬
‫الرجل ذلك‪ ،‬وقال ما هذا فقال أبو حامد هذا الكتاب‬
‫‪#‬‬ ‫الذي طلبته وهذا‬
‫طبق تضع ما تأكله فعلم بذلك ما كان من ذنبه‪.‬‬
‫ومن آداب الستعارة أل ترجع الكتاب متغيرا‬
‫متكسرا ً مهلهل فإن فعلت ذلك عوقبت بمنعك من‬
‫الستعارة كما فعل بعض أهل العلم حين استعار من‬
‫رجل كتابا ثم رده إليه بعد حين متكسرا ً متغيرا‪ ،‬عليه‬
‫آثار البزور وغيره‪ ،‬فسأله أن يعيره غيره فقال له‪ :‬ما‬
‫أحسنت ضيافة الول فنضيفك الثاني‪ ،‬أما فقد‬
‫الكتاب المستعار فهذه كبيرة من كبائر الستعارة ل‬
‫يحق لمن فعلها أن يعار بعد ذلك حتى أن أحدهم بين‬
‫ندمه على تضييع كتاب قد استعاره فقال إنه أعاره‬
‫رجل من وجوه بني هاشم بالبصرة دفترا فضاع‬
‫فتفجع لذلك فاعتذرت إليه وقلت‪:‬‬
‫تعطي المعالى‬ ‫يا ملكا ما تزال راحته‬
‫النعمامنك ما‬
‫وتبسطالعفو‬
‫بواسع‬ ‫هب لمقر بالذنب‬
‫اجترماالدهر فيك‬
‫فخانه‬ ‫معترفدفترا تضن به‬
‫أعرته‬
‫فاصطلما‬
‫‪569‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يزيد عندي خطيئتي‬ ‫أعظامك العلم إذ‬
‫عظما‬ ‫فجعت به‬
‫وجعل الشاعر رد الكتاب المستعار شرطا في‬
‫العارة فقال‪:‬‬
‫إن رددت الكتاب كان‬ ‫أيها المستعير مني‬
‫صواباأعطيته أخذت‬
‫كنت‬ ‫كتاباوالله إن رددت‬
‫أنت‬
‫كتابا‬ ‫كتابا‬
‫إسلمك يحتم عليك أن‬ ‫وبعد‪ :‬يا أخي المسلم‪..‬‬
‫تكون ذلك الداعية الذي يحمل دعوته عن علم ل عن‬
‫جهل‪ ،‬وأعداء السلم يغرقون السواق بكتبهم‬
‫المبتذلة وهم مع ذلك ل يجدون من يقبل عليها‬
‫فيضطرون لتوزيعها مجانا ً فأقبل أنت على الكتاب‬
‫السلمي وشجع هذا الكتاب واحرص على اقتنائه‬
‫وبذل الدعاية له ونشره بين أوساط الناس‪ ،‬وحين‬
‫تفعل ذلك تكون قد نشرت فكرتك بين الناس‬
‫وواجهت أي أفكار معادية‪ .‬وبالله التوفيق )من مجلة‬
‫الدعوة ولم يذكر اسم الكاتب فجزاه الله خيرًا(‪.‬‬
‫من أسباب تحصيل العلم‪:‬‬
‫أخي الطالب‪ :‬هذه مجموعة قواعد وملحظات‬
‫تساعدك على المذاكرة السليمة إن شاء الله تعالى‪،‬‬
‫وتذكر يا أخي أن الله معك دائما ً متى أخلصت العمل‬
‫‪#‬‬‫لوجهه الكريم‪.‬‬
‫‪570‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫قواعد المذاكرة السليمة‪:‬‬
‫‪ -1‬التوكل على الله والعتماد عليه وإخلص‬
‫العمل له ثم الثقة بالنفس دون غرور أو تكبر‪.‬‬
‫‪ -2‬المحافظة على أداء الصلوات مع الجماعة ول‬
‫سيما صلة الفجر لما لها من تهيئة لصفاء ذهني‬
‫ودرجة تركيز أكبر‪ ،‬وهو ما يكون الطالب في أمس‬
‫الحاجة اليه‪.‬‬
‫‪ -3‬حدد مكانا مناسبا للمذاكرة يتوفر فيه ما‬
‫يأتي‪:‬‬
‫الهدوء – تجدد الهواء‪ ،‬الضاءة الجيدة‪ ،‬خلو‬
‫المكان من الصور والرسوم‪.‬‬
‫‪ -4‬عند المذاكرة حاول أن تبدأ بقراءة العناوين‪،‬‬
‫ثم اقرأ الموضوع إجمال وتفصيل‪.‬‬
‫‪ -5‬حاول أن تجعل قراءتك للموضوع سريعة‬
‫لللمام بالمقصود ثم أتبعها بقراءة الحفظ والتكرار‪.‬‬
‫‪ -6‬اتبع طريقة التسميع بعد الفهم والستيعاب‬
‫فذلك يساعدك على تثبيت المعلومات ويعالج‬
‫الشرود الذهني‪.‬‬
‫‪ -7‬حاول تلخيص ما تم فهمه مع التنظيم‬
‫والتنسيق حتى يسهل عليك مراجعته بسرعة‪.‬‬

‫ملحظات هامة‪:‬‬

‫‪ -1‬تذكر يا أخي أن الرفقة الصالحة توفر لك‬


‫الجو المناسب للمذاكرة وتعينك على طاعة الله‪،‬‬
‫وفي المقابل تجنب معاشرة الطلبة الفاشلين حتى ل‬
‫‪571‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تقع فيما وقعوا فيه‪.‬‬
‫‪ -2‬تذكر أن اهتمامك بصحتك الجسمية يكون‬
‫بحفظ الصحة عن المؤذيات وإل ستفرغ منها‬
‫)‪(1‬‬
‫والحمية عنها‬ ‫‪#‬‬

‫‪ -3‬تذكر يا أخي أنك مطالب بالكثير فأنت أمل‬


‫المة ومستقبلها الزاهر بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫نصيحة‪:‬‬
‫إذا كنت يا أخي تعاني من مشكلة النسيان وعدم‬
‫الحفظ فتذكر هذه الحكمة التي رويت عن المام‬
‫الشافعي رحمه الله تعالى عندما شكى إلى شيخه‬
‫)وكيع بن الجراح( سوء حفظه فقال‪:‬‬
‫فأرشدني إلى ترك‬ ‫شكوت إلى وكيع‬
‫المعاصي‬
‫الله ل يؤتاه‬ ‫ونور‬ ‫حفظيبأن العلم‬ ‫سوء‬
‫وقال اعلم‬
‫عاصي‬ ‫نور‬
‫نقلع عن المعاصي‬ ‫فما أحرانا أخي الطالب أن‬
‫وأن نقبل على الله بقلوب خاشعة حتى تصفو‬
‫نفوسنا وتشرق قلوبنا‪.‬‬

‫ومن أسباب تحصيل العلم ما يلي‪:‬‬


‫لزوم تقوى الله تعالى بامتثال أوامره‬ ‫‪-1‬‬
‫م‬ ‫عل ّ ُ‬
‫مك ُ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫وات ّ ُ‬‫واجتناب نواهيه قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ه ‪ ‬سورة البقرة آية ‪282‬‬ ‫الل ّ ُ‬
‫دعاء الله وسؤاله العلم والفهم قال تعالى‬ ‫‪-2‬‬
‫ما ‪ ‬سورة طه آية ‪ 114‬‬ ‫عل ْ ً‬
‫زدِْني ِ‬
‫ب ِ‬‫ل َر ّ‬ ‫ق ْ‬‫و ُ‬‫‪َ ‬‬
‫َ‬
‫م ‪ ‬سورة غافر‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫ج ْ‬
‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫م ادْ ُ‬‫ل َرب ّك ُ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫آية ‪60‬‬

‫)( انظر الطب النبوي لبن القيم ص ‪.2‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪572‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مذاكرة الدروس قبل شرحها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫النتباه إلى شرح المدرس بجميع‬ ‫‪-4‬‬
‫الحواس‪.‬‬
‫المذاكرة بعد الخروج من المدرسة‬ ‫‪-5‬‬
‫لترسخ في الذهن‪.‬‬
‫سؤال المدرس عما أشكل بعد الشرح‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الجد والجتهاد والمواظبة وحل الواجبات‬ ‫‪-7‬‬
‫وحفظ الوقات وتنظيمها والستفادة منها‪.‬‬
‫العمل بالعلم وتعليمه ونشره بين الناس‬ ‫‪-8‬‬
‫وبذلك يزكو وينمو ويثمر فمن عمل بما علم أورثه‬
‫الله علم ما لم يعلم وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء‬
‫والله ذو الفضل العظيم)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫)( انظر بهجة الناظرين للمؤلف ص ‪.220‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪573‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫المكتبة المختارة للشاب المسلم‬

‫ومما ينبغي أن يعلم أنه ليس كل كتاب يصلح‬


‫للقراءة ول كل كاتب ومؤلف ينبغي أن يقرأ له لن‬
‫هناك كتاب وأقلم مسخرة لهدم السلم والقضاء‬
‫عليه والتشكيك في عقائده وأعماله وأخلقه وتضليل‬
‫معتنقي خصوصا ً الشباب الذين هم رجال المستقبل‬
‫لذا ينبغي للشاب المسلم إذا أراد أن يقرأ أن‬
‫يستشير من يثق بعلمه ودينه عن الكتب المفيدة‬
‫النافعة الصالحة للقراءة وعن المؤلفين الذين ينصح‬
‫باقتناء مؤلفاتهم وقراءتها‪.‬‬
‫وينبغي أن يعلم أن العلم النافع الذي وردت‬
‫النصوص بفضله وفضل أهله هو علم الكتاب العزيز‬
‫القرآن وتفسيره ومعرفة علومه وأحكامه‪ ،‬والسنة‬
‫النبوية المطهرة وشروحها وهما اللذان تضمنا‬
‫الهداية إلى الصراط المستقيم وتكفل بسعادة الدنيا‬
‫والخرة لمن تمسك بهما علما ً وعمل ً واعتقاًدا وما‬
‫سوى ذلك فهو فضل‪ ،‬وبهذه المناسبة يسرني أن‬
‫أتحف القاريء الكريم بأسماء بعض الكتب التي‬
‫ينصح باقتنائها والقراءة فيها‪.‬‬
‫أول – في التفسير‪:‬‬
‫‪ -1‬تفسير القرآن العظيم – للشيخ إسماعيل بن‬
‫كثير‪.‬‬
‫‪ -2‬تفسير محمد بن جرير الطبري )جامع البيان‬
‫عن تأويل آي القرآن(‪.‬‬
‫‪574‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تفسير القرطبي )الجامع لحكام القرآن(‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -4‬تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلم المنان‪-‬‬
‫للشيخ عبد الرحمن ابن ناصر السعدي)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫)( فإنه تفسير سلفي عصري واضح جلي ويعني بالمعاني والحكام‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪575‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ثانيا ً ‪ -‬في التوحيد والعقائد‪:‬‬
‫العقيدة الواسطية لشيخ السلم ابن تيمية‬ ‫‪-1‬‬
‫وشروحها )لبن رشيد وابن سلمان وغيرهما كشرح‬
‫الشيخ صالح الفوزان(‬
‫لمعة العتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد‬ ‫‪-2‬‬
‫لموفق الدين بن قدامة وشرحها لبن عثيمين‬
‫كتاب اليمان لشيخ السلم ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫شرح العقيدة الطحاوية‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫مجموعة التوحيد النجدية‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫كتاب التوحيد الذي هو حق الله على‬ ‫‪-6‬‬
‫العبيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب وشروحه‪.‬‬
‫فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد للشيخ‬ ‫‪-7‬‬
‫عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ‪.‬‬
‫القول السديد بشرح مقاصد التوحيد‬ ‫‪-8‬‬
‫للشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪.‬‬
‫معارج القبول بشرح سلم الوصول للشيخ‬ ‫‪-9‬‬
‫حافظ بن أحمد الحكمي‪.‬‬
‫ثالثا – في الحديث‪:‬‬
‫التجريد الصريح لحاديث الجامع الصحيح‬ ‫‪-1‬‬
‫)مختصر صحيح البخاري( للشيخ أحمد الزبيدي‪.‬‬
‫مختصر صحيح مسلم للمنذري‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫رياض الصالحين للنووي‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫المنتقى من أخبار المصطفى )في أحاديث‬ ‫‪-4‬‬
‫الحكام مجلدين( لمجد الدين عبد السلم ابن تيمية‬
‫وشرحه نيل الوطار للشوكاني‪.‬‬
‫بلوغ المرام من أدلة الحكام لبن حجر‬ ‫‪-5‬‬
‫العسقلني‪ .‬مجلد وشرحه سبل السلم للصنعاني‪.‬‬
‫‪576‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الترغيب والترهيب للمنذري‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫جامع الصول من أحاديث الرسول ‪‬‬ ‫‪-7‬‬
‫‪#‬‬ ‫لبن الثير‪.‬‬
‫مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي )‪(3‬‬ ‫‪-8‬‬
‫مجلدات‪.‬‬
‫شرح السنة للبغوي )‪ (16‬مجلد‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫موطأ المام مالك‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫مجموعة الحديث النجدية‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫‪ -12‬الجامع الصغير بأحاديث البشير النذير‬
‫للسيوطي )يذكر من أخرج الحديث ودرجته في‬
‫الصحة(‪.‬‬
‫‪ -13‬فيض القدير بشرح الجامع الصغير‬
‫للمناوي‪.‬‬
‫‪ -14‬الفتح الرباني لترتيب مسند المام أحمد‬
‫مع شرحه بلوغ الماني للشيخ أحمد بن عبد الرحمن‬
‫البنا‪.‬‬
‫جامع العلوم والحكم لبن رجب )شرح‬ ‫‪-15‬‬
‫الربعين النووية وتكملتها إلى خمسين حديًثا(‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ -‬في الفقه‪:‬‬

‫‪ -1‬عمدة الفقه لبن قدامة‪.‬‬


‫‪ -2‬العدة شرح العمدة للشيخ عبد الرحمن بن‬
‫إبراهيم المقدسي‪.‬‬
‫‪ -3‬المغني لبن قدامة‪.‬‬
‫‪ -4‬زاد المعاد في هدي خير العباد لبن القيم‬
‫)ويشتمل على الفقه والسيرة النبوية والطب‬
‫‪577‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأقضية الرسول ‪.(‬‬
‫‪ -5‬المجموع شرح المهذب للنووي‪.‬‬
‫‪ -6‬الكافي لبن قدامة‪.‬‬
‫‪ -7‬منهاج الطالبين للنووي‪.‬‬
‫‪ -8‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد لبن رشد )يذكر‬
‫المذاهب الربعة وسبب اختلفهم في المسألة مع‬
‫الترجيح(‪.‬‬
‫‪ -9‬رحمة المة في اختلف الئمة )يذكر اتفاق‬
‫واختلف الئمة الربعة( للشيخ عبد الرحمن‬
‫الدمشقي الشافعي‪.‬‬
‫‪ -10‬الفصاح عن معاني الصحاح لبن هبيرة يذكر‬
‫ما اتفقت عليه المذاهب‬
‫الربعة وما اختلفوا فيه كسابقه‪.‬‬
‫‪ -11‬مجموع فتاوى شيخ السلم ابن تيمية )‪37‬‬
‫دا(‪.‬‬
‫مجل ً‬
‫‪ -12‬الكافي في فقه أهل المدينة لبن عبد البر‬
‫المالكي‪.‬‬
‫‪ -13‬الرشاد إلى معرفة الحكام للشيخ عبد‬
‫الرحمن بن ناصر السعدي مائة سؤال مقرونة‬
‫بالجوبة‪.‬‬
‫‪ -14‬منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين‬
‫للشيخ عبد الرحمن السعدي‪.‬‬
‫‪ -15‬منهاج المسلم لبي بكر الجزائري )ويشتمل‬
‫على عقائد وأخلق وآداب وعبادات ومعاملت(‪.‬‬

‫خامسا ً – في السيرة والتاريخ‪:‬‬


‫البداية والنهاية لبن كثير‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪578‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الكامل لبن الثير‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫المختصر في أخبار البشر للشيخ‬ ‫‪-3‬‬
‫إسماعيل أبي الفداء‪.‬‬
‫تتمة المختصر في أخبار البشر للشيخ‬ ‫‪-4‬‬
‫محمد بن الوردي‪.‬‬
‫السيرة النبوية لبن هشام‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫مختصر سيرة الرسول ‪ ‬للشيخ محمد‬ ‫‪-6‬‬
‫بن عبد الوهاب وابنه عبد الله‪.‬‬
‫عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان‬ ‫‪-7‬‬
‫بن بشر‪.‬‬
‫تاريخ نجد للشيخ حسين بن غنام‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫حياة الصحابة للشيخ محمد يوسف الكاند‬ ‫‪-9‬‬
‫هلوي‪.‬‬
‫‪ -10‬السيرة النبوية )دروس وعبر( للدكتور‬
‫مصطفى السباعي‪.‬‬

‫سادسا ً – في الدب‪:‬‬
‫الداب الشرعية لبن مفلح‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫شرح منظومة الداب لبن عبد القوي‬ ‫‪-2‬‬
‫للسفاريني )مجموع من ‪ 300‬كتاب(‪.‬‬
‫أدب الدنيا والدين للماوردي‪.‬‬
‫‪#‬‬ ‫‪-3‬‬
‫روضة العقلء ونزهة الفضلء لبن حبان‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أدب الكاتب لبن قتيبة‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫جواهر الدب للشيخ أحمد الهاشمي‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫المعارف لبن قتيبة‬ ‫‪-7‬‬
‫لطائف المعارف للثعالبي‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في‬ ‫‪-9‬‬
‫‪579‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫روايته وحمله لبن عبد البر‪.‬‬
‫مداواة الخلق والنفوس لبن حزم‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫‪ -11‬الدب النبوي تأليف عبد العزيز الخولي‪.‬‬
‫سابعا ً – كتب ثقافية معاصرة‪:‬‬
‫جاهلية القرن العشرين‪ .‬لمحمد قطب‬ ‫‪-1‬‬
‫شبهات حول السلم‪ .‬لمحمد قطب‬ ‫‪-2‬‬
‫ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟‬ ‫‪-3‬‬
‫للندوي‪.‬‬
‫الغارة على العالم السلمي‪ .‬لمحب الدين‬ ‫‪-4‬‬
‫الخطيب‬
‫حصوننا مهددة من داخلها لمحمد محمد‬ ‫‪-5‬‬
‫حسين‬
‫دور الطلبة في بناء مستقبل العالم‬ ‫‪-6‬‬
‫السلمي‪ .‬لبي العلى المودودي‪.‬‬
‫بروتكولت حكماء صهيون‪ .‬ترجمة محمد‬ ‫‪-7‬‬
‫خليفة التونسي‪.‬‬
‫السلم بين جهل أبنائه وعجز علمائه‪ .‬عبد‬ ‫‪-8‬‬
‫القادر عودة‪.‬‬
‫أساليب الغزو الفكري للعالم السلمي‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫على جريشة‬
‫السلم بين العلماء والحكماء‪ .‬عبد العزيز‬ ‫‪-10‬‬
‫البدري‬
‫السلم يتحدى‪ .‬وحيد الدين خان‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫العبادة في السلم‪ .‬يوسف القرضاوي‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫الصلة عماد الدين‪ .‬حسن الترابي‪.‬‬ ‫‪-13‬‬
‫مبادئ السلم‪ .‬لبي العلى المودودي‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫خلق المسلم‪ .‬محمد الغزالي‪.‬‬ ‫‪-15‬‬
‫‪580‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أخلقنا الجتماعية‪ .‬مصطفى السباعي‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫قوارب النجاة في حياة الدعاة‪ .‬فتحي‬ ‫‪-17‬‬
‫‪#‬‬ ‫يكن‪.‬‬
‫نظرية السلم وهديه‪ .‬لبي العلى‬ ‫‪-18‬‬
‫المودودي‪.‬‬
‫اليمان والحياة‪ .‬يوسف القرضاوي‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫اليمان وأثره في حياة المسلم‪ .‬حسن‬ ‫‪-20‬‬
‫الترابي‪.‬‬
‫مجموعة رسائل حسن البنا‪.‬‬ ‫‪-21‬‬
‫مؤلفون ينصح باقتناء مؤلفاتهم‬
‫والستفادة منها‪:‬‬
‫شيخ السلم أحمد ابن تيمية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫شيخ السلم محمد ابن القيم‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫الحافظ عبد الرحمن بن رجب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫المام يحيى بن شرف النووي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫المام موفق الدين عبد الله بن أحمد بن‬ ‫‪-5‬‬
‫قدامة‪.‬‬
‫الحافظ إسماعيل بن كثير صاحب التفسير‬ ‫‪-6‬‬
‫والتاريخ‪.‬‬
‫الحافظ محمد بن عثمان الذهبي‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الحافظ أحمد بن حجر العسقلني صاحب‬ ‫‪-8‬‬
‫كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري‪.‬‬
‫المام الشيخ محمد بن عبد الوهاب‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫‪ -10‬الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي‪.‬‬
‫‪ -11‬الشيخ محمد الصالح العثيمين‪.‬‬
‫‪ -12‬الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم‪.‬‬
‫‪ -13‬الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز‪.‬‬
‫‪581‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الشيخ أبو العلى المودودي‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫الشيخ أبو الحسن الندوي‪.‬‬ ‫‪-15‬‬
‫الشيخ المام حسن البنا‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫الشيخ ناصر اللباني‬ ‫‪-17‬‬
‫سيد قطب‪.‬‬ ‫‪-18‬‬
‫محمد قطب‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫‪#‬‬ ‫محمد الغزالي‬ ‫‪-20‬‬

‫ظاهرة قضاء الجازة خارج البلد‬


‫بقلم‪ :‬ناصح‬
‫إذا آن أوان العطلة الصيفية واشتداد الحر‬
‫والبحث عن الجهة التي يقضي فيها الفرد هذه الفترة‬
‫تطلع الكثير من الناس إلى قضاء الجازة في‬
‫الخارج‪ .‬وموضة قضاء الجازة خارج البلد في‬
‫المناطق الباردة أو معتدلة الجو‪ ،‬موضة جاءت مع‬
‫الحضارة الزائفة ومع موجة الترف وارتفاع مستوى‬
‫المعيشة وكثرة الموال بأيدي الناس ونقص اليمان‬
‫والوازع الديني‪ .‬إن الستعمار الذي تغلل في البلد‬
‫السلمية ينخر في جسمها‪ -‬قد خطط للقضاء على‬
‫أخلقها وإسلمها وهو حاليا جاد في تنفيذ مخططاته‬
‫الهدامة لعلمه علم اليقين أن السلم هو العدو‬
‫اللدود الواقف في طريقه لحباط مخططاته‬
‫الستعمارية العدائية‪ ،‬وما يسمى اليوم بالحضارة‬
‫الزائفة ما دخلت وحدها بلدا إل هدمت أخلقياته‬
‫‪582‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ومثله العليا وقوضت بناء أركانه وقد استخدمها‬
‫الستعمار اليوم وصقلها لتكون من أوسع المنافذ‬
‫العديدة التي يدخل منها الفساد لهذا المجتمع‬
‫المسلم‪ .‬وقد حشاها بالفكار المضللة ليستفيد منها‬
‫ماديا ً ومعنويًا‪:‬‬
‫ماديا ً‪ :‬هذه العملة الصعبة التي يبعثرها السائح‬
‫أثناء إقامته‬
‫خارج وطنه‪.‬‬
‫ومعنويا ً‪ :‬حينما يعود مدعي السياحة مشبع‬
‫بالفكار الستعمارية يحكي لنا مغامراته البشعة‬
‫وصفقاته الخاسرة‪ .‬يشيد بالباحية الفاجرة والتحلل‬
‫من الدين والخلق والمثل‪ .‬ويتهم السلم بالتحجر‬
‫والرجعية لنه يفرض القيود ويضع الحدود ويمنع‬
‫الحرية المطلقة الحرية البهيمية والوحشية‪.‬‬
‫إن هذه الظاهرة الخطيرة التي يدمي له قلب‬
‫كل مسلم غيور‪ ،‬يذهب ضحيتها إيمان وأموال‬
‫وأخلق‪ ،‬كل عام يستشرى شرها ويتضاعف العدد‬
‫بسبب الدعايات التي يروجها‪ ،‬من وقع في حمأة‬
‫الرذيلة وانغمس في مستنقعات العهر وبؤر الفساد‪،‬‬
‫حتى شملت النساء والشباب اليافعين الصغار وأشد‬
‫ما‬ ‫‪#‬‬

‫)‪(1‬‬
‫يذكى نارها ويشب أوارها تشجع هؤلء على‬
‫مستوى الجهزة والمستوى الشعبي فتجد بعض‬
‫الجهزة‪ .‬تدفعهم ولو بطريق غير مباشر على طرق‬
‫هذه البواب بتهيئة الجو لهم وتيسير سبل الراحة في‬
‫الحصول على‬

‫)( الوار ‪ :‬حر النار والشمس والعطش واللهب‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪583‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أسباب السفر‪.‬‬
‫ولكن لهذا التخفيف مغزى آخر أشد خطورة من‬
‫تطويل الروتين وهو إتاحة الفرصة لكبر عدد ممكن‬
‫للسفر في أي وقت لفساد أخلقه ونقض إسلمه‪.‬‬
‫ودفع المبالغ الطائلة للمغنيين والمغنيات والممثلين‬
‫والمهرجين‪ ،‬دعاة الشر‪ ،‬عباد المادة‪ ،‬الذين باعوا‬
‫أخلقهم وشرفهم للشيطان‪ .‬تشجيعا لهم على‬
‫مواصلة باطلهم‪ .‬كما تفعل أجهزة العلم اليوم‬
‫بتشجيع العاهرات والمومسات ودعاة الفجور‬
‫الخالعين لربقة السلم من أعناقهم إن كانوا ممن‬
‫يدعي السلم – بشراء ترهاتهم ومفاسدهم‬
‫وتأوهاتهم من أغان خليعة وتمثيليات ماجنة تفسد‬
‫الخلق وتحل عرى السلم عروة عروة‪ .‬تدفع‬
‫المبالغ الطائلة في الوقت الذي نحن بحاجة إلى كل‬
‫قرش‪ ،‬ويصرف على معاطن الفجور باسم الفن‬
‫وتشجيع الفنانين )الذين يجب قمعهم وتأديبهم حسب‬
‫تعاليم السلم الحنيف( إننا في زمان السلم فيه‬
‫في أشد غربته ما دامت هذه الجهزة تدفع إمكاناتها‬
‫عصب حياتها على حبائل الشيطان‪ ،‬ومطايا جنوده‪،‬‬
‫تشترى هذه المفاسد بأموال أمة مسلمة تحت شعار‬
‫إرضاء الجمهور أو الحتيال لتكذيب المثل القائل‬
‫)رضى الناس غاية ل تدرك(‪.‬‬
‫إن مجتمعنا اليوم قد اختلط فيه الحابل بالنابل‬
‫وصار الدخلء هم السواد العظم وفيهم المندسون‬
‫الذين يكيدون للسلم والمسلمين وهم الصوت‬
‫‪584‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النشاز الذي نسمع أنه غير راض عن الحلقات الدينية‬
‫والتوجيهية‪..‬إلخ إن هؤلء لو أتيت بكل مفاسد الدنيا‬
‫لطلبوا منك الزيادة ولظلوا غير راضين عنك مهما‬
‫التمست رضاهم بسخط الله‪ ،‬لن من طلب رضى‬
‫الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه‬
‫الناس ومن طلب رضى الله بسخط الناس رضي‬
‫الله عنه وراضى عنه الناس‪ ،‬إن هذه الجهزة‬
‫الخطيرة أوجدت لتوجيه المجتمع المسلم ل‬
‫‪#‬‬

‫لترضي الغوغاء فيه وتشبع ميولهم البهيمي إنها‬


‫أوجدت لتقول هذا حلل وهذا حرام وهذا ما يجب أن‬
‫تكون عليه‪ .‬أوجدت لتدعوا إلى الدين الحنيف‬
‫والتمسك بأهدابه وأخلقه أوجدت لترشيد الناس‬
‫داخل البلد وخارجها‪ .‬أوجدت لتسمع صوت السلم‬
‫سِبيِلي‬‫ه َ‬
‫ذ ِ‬
‫ه ِ‬
‫ل َ‬ ‫مدويا ً في جميع بقاع العالم ‪ُ ‬‬
‫ق ْ‬
‫عَلى بصير َ‬ ‫أ َدْ ُ‬
‫ن ات ّب ََعِني ‪‬‬
‫)‪(1‬‬
‫م ِ‬
‫و َ‬
‫ة أَنا َ‬
‫َ ِ َ ٍ‬ ‫عو إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫ولم توجد للتخطيط لهدم الدين والتجني على السلم‬
‫والمسلمين‪ .‬بأموالنا وأيدينا نهدم ديننا ومثلنا وأخلقنا‬
‫م ‪ (2)‬كل هذا بدعوى‬ ‫َ‬ ‫‪‬ي ُ ْ‬
‫ه ْ‬
‫دي ِ‬
‫م ب ِأي ْ ِ‬
‫ه ْ‬
‫ن ب ُُيوت َ ُ‬
‫رُبو َ‬
‫خ ِ‬
‫إرضاء الجمهور أو مجاراة لعلم الخرين الذين‬
‫يتخذون الغاني والنغام ترانيم دينية ونوعا ً من‬
‫العبادة في كنائسهم ويستحلون الحرام‪ .‬إن لهؤلء‬
‫دينا‪ ،‬يؤمنون به إن صح التعبير‪ ،‬ولنا دين نؤمن به‬
‫والحمد لله ولو جاريناهم لخرجنا من ديننا إلى ما‬
‫يؤمنون به كما أنهم لو جارونا وعملوا مثل ما يفعله‬
‫)( سورة يوسف آية ‪.108‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحشر آية ‪.2‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪585‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الصالحون منا لصاروا مثلنا ولدخلوا في ديننا‪.‬‬
‫يا أخي المسئول هل أنت تابع للجمهور أم أن‬
‫الجمهور تابع لك فإنك إن طلبت رضاه كنت تابعا له‪.‬‬
‫إن المريض المدنف ل يرضى بشرب الدواء ولكن‬
‫الطبيب يرغمه على شربه ول ينظر إلى رغبته لن‬
‫الطبيب أعلم منه بما ينفعه ويشفي مرضه وإنه لو‬
‫لم يشرب هذا الدواء فإنه لن يحصل على الشفاء‪.‬‬
‫وهذه أوجدت لتعالج ما في هذا المجتمع من أمراض‬
‫أخلقية وسلوكية‪ .‬والتليفزيون والذاعة مؤسستان‬
‫حكوميتان وليستا ملزمين بإرضاء الجمهور‪ .‬وضعتهما‬
‫الدولة دولة السلم والمسلمين الكبرى لتوجه الناس‬
‫وليس لرضائهم ويتحتم على الجميع لزوم طريق‬
‫الطاعة وإن كان طويل وأن نصبر على ذلك‬
‫وموضوعنا الذي به حديثنا هذا ل يقل خطرا ً على‬
‫الدين مما أسلفنا‪.‬‬
‫فهو من الوباء الفتاك الذي ينخر في جسم المة‬
‫السلمية الذي تجب محاربته في عقر داره بالمهند‬
‫المصقول وليس ببذل المال وبعث البعوث ليصفقوا‬
‫لهذه الشباح الموحشة والجيف المنتنة الخبيثة دمى‬
‫الستعمار وألعيبه التى يحركها كما يشاء ونحن أمة‬
‫السلم نمولها بدمائنا بعصب حياتنا بأخلقنا بإسلمنا‬
‫‪#‬‬

‫الغالي الذي أرخصناه وبعناه بالزهيد بالشهوات‬


‫الفانية – بضياع أبنائنا‪.‬‬
‫إننا على المستوى الشعبي أيضا ً نشجع دعاة‬
‫الرذيلة بشراء أشرطتهم وصورهم ومخازيهم‪ ،‬نسمح‬
‫لولدنا الصغار والكبار بالسفر إليهم وإعطائهم المال‬
‫الوفير لنفاقه على مسارحهم الماجنة ومعاطن‬
‫‪586‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فسادهم المنتنة ونسائهم العارية ومراقصهم الخليعة‬
‫ومستنقعات الدعارة وبيارات الفجور والبغاء‪.‬‬
‫وحانات الخمر وبارات السلب والنهب واستنزاف‬
‫الموال‪.‬‬
‫وإذا سافر أحدهم إلى تلك الماكن المتبرجة ل‬
‫للتجارة ول للعلج ول لي سبب أو غرض من‬
‫الغراض الشريفة وهو ل يقصد بسفره هذا إل مجرد‬
‫اللتقاء بتلك العاهرات‪ ،‬والخائنات الماجنات والخلوة‬
‫بهن وارتكاب الفاحشة علنا ً والتردد على حانات‬
‫الخمر والتحلل من التكاليف السلمية ونشدان‬
‫الحرية الباحية المطلقة البعيدة عن الرقباء فل‬
‫يخشى ردع السلطان أو وخز الجيران‪ ،‬فل يصل إلى‬
‫هناك إل وقد تخلى عن اللتزام بأوامر الدين ثم يعود‬
‫وقد ارتكب الخطايا وكبائر الذنوب هذا إن رجع‬
‫بشيء من السلم‪ ،‬ثم نستقبله في المطار ونحتفي‬
‫به ونأخذه بحفلت التكريم وكأنه قد عاد من الحج أو‬
‫العمرة أو الجهاد في سبيل الله )حاشا لله( وبهذا‬
‫نكون قد أقررناه على أفعاله وخطاياه ونكون بذلك‬
‫قد أعناه على تكرار فجوره وعصيانه‪.‬‬
‫كان السابقون )رحمهم الله( إذا عاد النسان من‬
‫بلد غير إسلمية أو بلد يحكمها غير المسلمين‪ ،‬ولو‬
‫كان عائدا من تجارته‪ .‬يهجر ثلثة أيام ل يسلم عليه‪.‬‬
‫وقد أقمنا لهم بدل الهجر المهرجانات والحفلت‬
‫ونحتفي بهم احتفاء يدفعهم إلى السفر مرات‬
‫ومرات )إنها لمآس( تجرح قلوب المسلمين وتجرح‬
‫‪587‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إيمانهم‪.‬‬
‫وللحد من هذه الظاهرة الخطيرة نقترح أن‬
‫توضع حدود للسفر وتشرف على ذلك لجنة تشترك‬
‫فيها وزارة العدل‪ ،‬والفتاء والدعوة الرشاد‪ ،‬ورئاسة‬
‫هيئات المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ .‬ويمثل‬
‫هاتين الجهتين مشايخ مشهود لهم بالتقوى والصلح‬
‫وتعطى صلحية الموافقة والتسفير‪ ،‬فمن كان قاصًرا‬
‫أو سفيًها أو معروًفا بالنحراف أو ليس لديه سبب‬
‫‪#‬‬ ‫شريف فإن بقاءه خير‬
‫له من السفر‪ ،‬وبهذا توفر أمواًل وأخلًقا وجهوًدا‪،‬‬
‫ونحافظ على سمعتنا وسمعة بلدنا السلمية‬
‫ونحافظ على شبابنا من الضياع وقد أوردت جريدة‬
‫صا ومآس وقع بها هؤلء‬ ‫اليوم في أحد أعدادها قص ً‬
‫يندى لها الجبين وطالبت بوضع حد للسفر وأن ل‬
‫يترك الباب على مصراعيه لهؤلء‪.‬‬
‫إنها صرخة في آذان المسئولين راجين أن‬
‫يعيروها اهتمامهم المعهود لينجوا من عذاب الله‬
‫"كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته")‪ (1‬لن الفرد‬
‫المسلم إذا سعى إلى معصية فكل من ساعده‬
‫للوصول إليها مشترك معه بالثم‪ ،‬وهذا معروف في‬
‫كل العراف أن من سهل المر وساعد مرتكب‬
‫الجريمة شريك له فيها‪.‬‬
‫فمن ساعد هؤلء من أهل أو أصدقاء أو‬
‫مسئولين على السفر وهم يعلمون أنهم لم يذهبوا إل‬
‫لرتكاب الكبائر فإنهم شركاء معهم والمر عظيم‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪588‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والتهاون به أعظم‪.‬‬
‫وبجانب هذا نهتم بتطوير المستشفيات ورفع‬
‫دا للذريعة‪ ،‬ونحن ولله الحمد قادرون على‬ ‫شأنها س ً‬
‫ذلك‪.‬‬
‫وفتح القسام المختلفة في الجامعات‬
‫والدراسات العليا وجلب كبار الساتذة والمعامل‬
‫وتطوير المناطق السياحية التي يناسب جوها لقضاء‬
‫الجازة بفتح الطرق وبناء الوحدات السكنية‬
‫والفنادق السياحية‪ ،‬مثل الطائف‪ ،‬وعسير وحائل‬
‫والمناطق الثرية مثل الدرعية‪ ...‬وغيرها‪ ...‬والمدن‬
‫الساحلية‪ ..‬وبهذا نحتفظ بمليون مسافر سنوًيا ونوفر‬
‫عشرة آلف مليون ريال بمعدل كل مسافر عشرة‬
‫آلف ريال وبعضهم يصرف مائة ألف ريال في الليلة‬
‫الواحدة‪ ..‬ثم نبني بهذه المبالغ ديننا وأمتنا ومجتمعنا‬
‫وبلدنا وسمعتنا فهل نحن سامعون؟ نرجو ذلك )عن‬
‫مجلة الدعوة(‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪589‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حق القرآن العظيم‬


‫بقلم فضيلة‬
‫الشيخ‪ /‬عبد‬
‫العزيز بن عبد‬
‫الله بن باز‬

‫يتردد على ألسنة الكثير من المسلمين سؤال‬


‫حول جواز استعمال أوراق الصحف والمجلت التي‬
‫تحوي بين جنباتها أحيانا بعض آيات القرآن الكريم أو‬
‫بعض الحاديث النبوية أو أي كلم فيه ذكر الله أو‬
‫بعض أسمائه على سفرة الطعام ثم رميها بين‬
‫النفايات‪.‬‬
‫في هذا المقال )حق القرآن العظيم( يجيب‬
‫فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – حفظه‬
‫الله – الرئيس العام لدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد في المملكة العربية السعودية‬
‫على كل ما يدور حول هذا السؤال مبينا رأي الشرع‬
‫الحنيف فيه‪..‬‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على‬
‫سيد الولين والخرين نبينا محمد وعلى آله وأصحابه‬
‫أجمعين أما بعد‪.(*) :‬‬
‫فإن القرآن كلم الله تعالى أنزله على عبده‬
‫ورسوله محمد ورسوله ‪ ‬ليكون هدى ونورا ً‬
‫للعالمين إلى يوم القيامة وقد أكرم الله صدر هذه‬
‫‪590‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المة بحفظه في الصدور والعمل به في جميع شئون‬
‫الحياة والتحاكم إليه في القليل والكثير ول يزال‬
‫فضل الله سبحانه ينزل على بعض عباده فيعطون‬
‫القرآن حقه من التعظيم والتكريم حسا ً ومعنى ولكن‬
‫هناك طوائف كبيرة وأعداد عظيمة ممن ينتسبون‬
‫إلى السلم حرمت من القيام بحق القرآن العظيم‬
‫وما جاء عن الرسول محمد ‪ ‬وأخشى أن ينطبق‬
‫سو ُ‬
‫ل َيا‬ ‫قا َ‬
‫ل الّر ُ‬ ‫بحق كثير منهم قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫)‪(1‬‬
‫جوًرا ‪‬‬
‫ه ُ‬
‫م ْ‬ ‫قْرآ َ َ‬
‫ن َ‬ ‫ذا ال ْ ُ‬
‫ه َ‬ ‫خ ُ‬
‫ذوا َ‬ ‫مي ات ّ َ‬
‫و ِ‬ ‫ن َ‬
‫ق ْ‬ ‫ب إِ ّ‬
‫َر ّ‬
‫إذ أصبح القرآن لدى كثير منهم مهجورا ً‬
‫‪#‬‬

‫هجروا تلوته وهجروا تدبره والعمل به فل حول ول‬


‫قوة إل بالله ولقد غفل كثير منهم عما يجب عليهم‬
‫من تكريم كتاب الله وحفظه إذ قصروا في مجال‬
‫الحفظ والتدبر والعمل كما لم يقوموا بما يجب من‬
‫التعظيم والتكريم لكلم رب العالمين ولقد عمت بلد‬
‫المسلمين المنشورات والصحف والمجلت وكثيرا ما‬
‫تشتمل على آيات من القرآن الكريم في غلفها أو‬
‫داخلها لكن قسما ً كبيرا ً من المسلمين يقرءون تلك‬
‫الصحف ثم يلقونها فتجمع مع القمامة وتوطأ‬
‫بالقدام بل قد يستعملها بعضهم لغراض أخرى حتى‬
‫تصيبها النجاسات والقاذورات والله سبحانه وتعالى‬
‫في‬ ‫م* ِ‬ ‫ن كَ ِ‬
‫ري ٌ‬ ‫قْرآ َ ٌ‬
‫ه لَ ُ‬
‫يقول عن كتابه الكريم ‪‬إ ِن ّ ُ‬
‫ل‬‫زي ٌ‬
‫ن * ت َن ْ ِ‬ ‫مط َ ّ‬
‫هُرو َ‬ ‫ه إ ِّل ال ْ ُ‬
‫س ُ‬ ‫ن * َل ي َ َ‬
‫م ّ‬ ‫مك ُْنو ٍ‬‫ب َ‬ ‫ك َِتا ٍ‬
‫ن ‪ (2)‬والية دليل على أنه ل يجوز‬ ‫عال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫ب ال ْ َ‬‫ن َر ّ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫مس القرآن إل إذا كان المسلم على طهارة كما هو‬
‫‪ (*) 1‬عن مجلة المجتمع بتاريخ يوم الثلثاء ‪26/6/1402‬هي‪.‬‬
‫)( سورة الفرقان آية ‪.30‬‬
‫‪ () 2‬سورة الواقعة آية ‪.80 -77‬‬
‫‪591‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رأي الجمهور من أهل العلم وفي حديث عمرو بن‬
‫حزم الذي كتبه له رسول الله ‪" ‬أن ل يمس‬
‫القرآن إل طاهر")‪.(1‬‬
‫ويروى عن ابن عمر أن النبي ‪ ‬قال "ل تمس‬
‫القرآن إل وأنت طاهر")‪ (2‬وروى سلمان‪ ‬أنه ‪‬‬
‫قال‪ :‬ل يمس القرآن إل المطهرون فقرأ القرآن ولم‬
‫يمس المصحف‪ ،‬حين لم يكن على وضوء وعن سعد‬
‫أنه أمر ابنه بالوضوء لمس المصحف‪ ،‬فإذا كان هذا‬
‫في مس القرآن العزيز فكيف بمن يضع الصحف‬
‫التي تشتمل على آيات من القرآن العزيز سفرة‬
‫لطعامه ثم يرمي بها في النفايات مع النجاسات‬
‫والقاذورات ل شك أن هذا امتهان لكتاب الله العزيز‬
‫وكلمه المبين‪ .‬فالواجب على كل مسلم ومسلمة أن‬
‫يحافظوا على الصحف والكتب وغيرها مما فيه آيات‬
‫قرآنية أو أحاديث نبوية أو كلم فيه ذكر الله أو‬
‫أسمائه سبحانه فيحفظها في مكان طاهر وإذا‬
‫استغنى عنها دفنها في أرض طاهرة أو أحرقها ول‬
‫يجوز التساهل في ذلك وحيث إن الكثير من الناس‬
‫في غفلة عن هذا المر وقد يقع في المحذور جهًل‬
‫منه بالحكم رأيت كتابة هذه الكلمة‬
‫‪#‬‬

‫تذكيًرا وبياًنا لما يجب على المسلمين العمل به‬


‫تجاه كتاب الله وأسمائه وصفاته وأحاديث رسوله ‪‬‬
‫وتحذيًرا من الوقوع فيما يغضب الله ويتنافى مع‬

‫)( رواه ماليك مرسيًل ووصيله النسيائي وابين حبيان وقيد تلقياه النياس‬ ‫‪1‬‬

‫بالقبول قال ابن عبد البر‪ :‬إنه أشبه المتواتر‪.‬‬


‫)( رواه الدارقطني والطبراني قال الحافظ بن حجر‪ :‬إسناده ل بأس به‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪592‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫مقام كلم رب العالمين‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور‬
‫أنفسنا وسيئات أعمالنا ونسأله أن يمنحنا جميًعا‬
‫تعظيم كتابه وسنة رسوله ‪ ‬والعمل بهما وصيانتهما‬
‫عن كل ما يسيء إليهما من قول أو فعل إنه ولي‬
‫ذلك والقادر عليه‪ .‬وصلى الله على نبينا محمد وآله‬
‫وصحبه وسلم‪.‬‬
‫الرئيس العام‬
‫لدارات البحوث العلمية والفتاء‬
‫والدعوة والرشاد‬
‫‪#‬‬
‫‪593‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫نصيحة عن تعاطي المسكرات‬


‫والمخدرات‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‬


‫وبعد اعلموا وفقنا الله وإياكم وجميع المسلمين لما‬
‫يحبه ويرضاه إن من أشرف هبات الله للنسان عقله‬
‫م ‪ ‬أي‬ ‫َ‬ ‫ول َ َ‬
‫قدْ ك َّر ْ‬
‫مَنا ب َِني آدَ َ‬ ‫قال الله تعالى ‪َ ‬‬
‫بالعقل وقال ‪" ‬ما اكتسب مكتسب مثل فضل‬
‫علم يهدي صاحبه إلى هدى‪ ،‬أو يرده عن ردى")‪ (1‬ول‬
‫يستقيم دين النسان حتى يستقيم عقله‪ ،‬فالعقل‬
‫جعله الله للنسان ليميز به النافع من الضار ويفهم‬
‫ما لله عليه من الحقوق‪ ،‬وما لرسله وما ينبغي نحو‬
‫عباد الله فأعقل المؤمنين أتقاهم لله وسمي عقًل‬
‫لنه يعقل صاحبه عن ما يضره ولذلك إذا جن‬
‫النسان رأيته كالوحش الضاري يبطش بكل ما قبله‪،‬‬
‫والمقصود من سياق هذه النصيحة حول العقل‪ ،‬أنه‬
‫يوجد قسم من الناس قد عميت بصائرهم وأسقطوا‬
‫أنفسهم من درجة الرجولة إلى مرتبة الحيوانات أو‬
‫أنزل وكانوا معاول لهدم الفضيلة ونشر الرذيلة‪،‬‬
‫وذلك بتناول المسكرات والمخدرات التي من أشرها‬
‫هذه الحبوب المخدرة التي دسها أعداء الله على‬
‫المسلمين‪ ،‬أما علم أولئك التعساء أن الخمر وهذه‬
‫المخدرات أم الخبائث ورأس المنكر وطريق الفساد‬
‫)( ذكره الماوردي في أدب الييدنيا والييدين ص ‪ 7‬بصيييغة التمريييض ولييم‬ ‫‪1‬‬

‫يعزه إلى أحد‪.‬‬


‫‪594‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في الدين وفساد الخلق‪ ،‬وفساد العقل‪ ،‬وفساد‬
‫الجسم‪ ،‬وفساد المال‪ ،‬وفساد الذرية‪ ،‬فالخمر‬
‫َ‬
‫محرمة بالكتاب والسنة قال الله تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫صا ُ‬ ‫واْلن ْ َ‬ ‫سُر َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫مُر َ‬‫خ ْ‬‫ما ال ْ َ‬
‫مُنوا إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫جت َن ُِبو ُ‬‫فا ْ‬ ‫ن َ‬‫طا ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬
‫ع َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬‫ج ٌ‬ ‫ر ْ‬‫م ِ‬ ‫واْلْزَل ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ن ‪ ‬إلى قوله ‪َ ‬‬ ‫م تُ ْ‬‫عل ّك ُ ْ‬ ‫لَ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫م‬
‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬
‫ن ‪ ‬وأما السنة‪ ،‬فقول النبي ‪" ‬كل مسكر‬ ‫هو َ‬ ‫من ْت َ ُ‬ ‫ُ‬
‫خمر‪ ،‬وكل خمر حرام")‪. (2‬‬
‫وقال ‪" ‬لعن الله الخمر‪ ،‬وشاربها وساقيها‬
‫وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها‬
‫والمحمولة إليه")‪ (3‬وقال‪" :‬ثلثة ل‬
‫‪#‬‬

‫يدخلون الجنة مدمن الخمر‪ ،‬والعاق لوالديه‬


‫والديوث وهو الذي يقر السوء في أهله ومن مات‬
‫وهو يشرب الخمر سقاه الله من نهر الغوطة وهو‬
‫ماء يجري من فروج المومسات‪ ،‬أي الزانيات‪ ،‬يؤذي‬
‫أهل النار ريح فروجهن")‪.(4‬‬
‫عباد الله إنما حرم الله عليكم الخمر وجميع‬
‫المخدرات من حشيشة ودخان وهذه الحبوب لما‬
‫ينشأ عن ذلك من المفاسد والشرور وورد أن‬
‫"مدمن الخمر أي شارب الخمر كعابد وثن")‪ (5‬وهو‬
‫مفسد لدينه مفسد لجسمه وصحته وجان على نفسه‬
‫وعلى أولده وأقاربه وأهله وجيرانه ومفرط في‬
‫ماله‪ ،‬شارب الخمر وأنواع المخدرات ومن أشرها‬
‫)( سورة المائدة آية ‪.90‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه المام أحمد بسند صحيح‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه المام أحمد وغيره والحاكم وصححه‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( رواه أحمد وابن حبان في صحيحه بلفظ مدمن الخمر إن مييات لقييي‬ ‫‪5‬‬

‫الله كعابد وثن‪).‬ومدمنها‪ :‬وهو المداوم على شربها ومات ولم يتب(‪.‬‬
‫‪595‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫هذه الحبوب عضو مسموم في جسم مواطنيه‪ ،‬إذا‬
‫لم يبادروه بالعلج أو يقطعوه أصابهم ضرره‪ ،‬وإذا‬
‫دبت الخمر وهذه الحبوب في رأس شاربها فقد‬
‫شعوره وزنى ولط أو ليط به‪ ،‬وجاء بأنواع الفحش‬
‫والفجور‪ ،‬وسب وشتم وقذف‪ ،‬ولعن‪ ،‬وطلق‪ ،‬ولربما‬
‫وقع على أمه أو على بنته أو أخته‪ ،‬أو على نساء‬
‫جيرانه‪ ،‬أو على بهيمة أو سقط من شاهق‪ ،‬فهو‬
‫صائل خبيث على الخلق والديان أنزل نفسه‪ ،‬من‬
‫درجة الرجولة إلى مستوى القردة والخنازير‪،‬‬
‫جا من مضار المخدرات‪ ،‬مما ذكره‬ ‫ونسوق إليك نماذ ً‬
‫العلماء والطباء‪:‬‬
‫)‪ (1‬أنها فساد في الدين‪.‬‬
‫)‪ (2‬أنها فساد في الخلق‪.‬‬
‫)‪ (3‬فساد في العقل‬
‫)‪ (4‬فساد في الجسم تحطم قوته‪.‬‬
‫)‪ (5‬فساد في الذرية‪.‬‬
‫)‪ (6‬جناية على الشرف‪.‬‬
‫)‪ (7‬فساد في الجهاز الهضمي وخمود في‬
‫المعدة والتهاب في المعاء وتفتت الكبد‪.‬‬
‫تسبب التهاب الكلي‪.‬‬
‫‪#‬‬ ‫)‪(8‬‬
‫‪596‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فساد في الجهاز العصبي ويصاب المخ‬ ‫)‪(9‬‬
‫باضطراب يكون منه الجنون! وفقد الحساس‪،‬‬
‫والشلل‪ ،‬وقد تؤدي هذه المخدرات التي من أشرها‬
‫هذه الحبوب إلى الشلل العمومي‪ ،‬والصرع وتشنج‬
‫في الشريان حتى يؤدي إلى موت الفجأة وإبطاء في‬
‫الدورة الدموية بالرئة‪.‬‬
‫)‪ (10‬أنها تعرقل هضم الطعام فينشأ من ذلك‬
‫التخم وحموضة في المعدة‪.‬‬
‫)‪ (11‬أنها تخدر الكريات الدموية البيضاء التي‬
‫جعلها الله حارسة لجسم النسان‪.‬‬
‫)‪ (12‬أنها تقطع شهوة الجماع والنسل‪.‬‬
‫)‪ (13‬أن أكثر حوادث السيارات من شّراب‬
‫الخمر وأنواع الخدرات من حبوب ونحوها وفي‬
‫الحقيقة أن الشيطان يصد الشارب أو الكل لهذه‬
‫المخدرات عن ذكر الله وعن الصلة ويوقعه في‬
‫معصية الله وسخطه ويعرضه لخزي الدنيا وعذاب‬
‫الخرة‪ ،‬ولربما سب أمه أو أباه ويطلق ويزني‪،‬‬
‫ويلوط أو يلط به‪ ،‬ويعبث بالعراض ويتلف أثاثه‬
‫وأمواله ويوسخ ثيابه ويبول على نفسه ويبكي بل‬
‫سبب ويضحك من غير عجب‪ ،‬فتهزأ به الصبيان‬
‫ويعبث به الفساق ويسخر به السفهاء‪ ،‬ويمقته‬
‫العقلء ويبغضه أهله وجيرانه للخطر المتوقع منه‪.‬‬
‫نسأل الله جل وعل أن يعصمنا وإخواننا‬
‫المسلمين من هذه المخدرات ومن سائر المعاصي‬
‫إنه على كل شيء قدير والسلم عليكم ورحمة الله‬
‫وبركاته‪،،،،‬‬
‫قاله الفقير إلى الله‬
‫‪597‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫سعود بن محمد‬
‫الشهيل‬
‫‪#‬‬
‫‪598‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حكم التدخين‬

‫أخي في الله احمد ربك على نعمه وصل وسلم‬


‫على خيرته من خلقه محمد وآله وصحبه‪ :‬أدعوك‬
‫لقراءة ما قاله العلمة الشيخ محمد فقهي العيني‬
‫رحمه الله عن تحريم الدخان حيث قال‪ :‬وجه تحريم‬
‫الدخان من أربعة أوجه‪:‬‬
‫الول‪ :‬كونه مضًرا بإخبار الطباء وفي الحديث‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬قال‪) :‬رسول‬
‫الله ‪ ‬ل ضرر ول ضرار( حديث حسن رواه ابن‬
‫ماجه وغيره‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬كونه من المفترات وقد نهى )رسول‬
‫الله ‪ ‬عن كل مسكر ومفتر( رواه أحمد وغيره‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬كون رائحته كريهة تؤدي من ل يستعمله‬
‫صا في الصلة وغيرها بل تؤذي الملئكة وعن‬ ‫خصو ً‬
‫جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي ‪ ‬قال‬
‫"من أكل الثوم أو البصل أو الكراث فل يقربن‬
‫مسجدنا فإن الملئكة تتأذى بما يتأذى منه بنو آدم"‬
‫رواه الشيخان – ومعلوم أن رائحة الدخان ليست‬
‫أقل خبًثا من رائحة الثوم والبصل‪ .‬وعن أنس رضي‬
‫الله عنه أن النبي ‪ ‬قال "من آذى مسل ً‬
‫ما فقد‬
‫‪599‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫آذاني ومن آذاني فقد آذى الله")‪ (1‬بديهي أن رائحة‬
‫الدخان من الخبائث لضرره وكراهة رائحته‪ ،‬وقد‬
‫كتب الله الرحمة للمذكورين بهذه الية الشريفة ‪‬‬
‫ف َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ها ل ِل ّ ِ‬ ‫سأك ْت ُب ُ َ‬ ‫ء َ َ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت كُ ّ‬ ‫ع ْ‬ ‫س َ‬ ‫و ِ‬ ‫مِتي َ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫م ب ِآ ََيات َِنا ي ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫كاةَ َ‬ ‫ن الّز َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫وي ُ ْ‬‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ي َت ّ ُ‬
‫ي ال ّ ِ‬ ‫ُ‬
‫ذي‬ ‫م ّ‬ ‫ي اْل ّ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫سو َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َت ّب ِ ُ‬‫ذي َ‬ ‫* ال ّ ِ‬
‫ل‬‫جي ِ‬ ‫واْل ِن ْ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫وَرا ِ‬ ‫في الت ّ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫عن ْدَ ُ‬‫مك ُْتوًبا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دون َ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ْ‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫وي ُ ِ‬ ‫ر َ‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ها ُ‬ ‫وي َن ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مُر ُ‬ ‫ي َأ ُ‬
‫ث ‪ ‬سورة‬ ‫خَبائ ِ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫م َ َ‬ ‫حّر ُ‬ ‫وي ُ َ‬
‫ت َ‬ ‫م الطّي َّبا ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫لَ ُ‬
‫العراف آية ‪ 157‬والدخان من الخبائث‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫الرابع‪ :‬كونه إسراًفا إذ ل نفع فيه بل ضرره‬


‫محقق انتهى كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫أخي في الله اسأله أن يوفقك هل علمت أن‬
‫أغلب وفيات المدخنين ثبت طبًيا أنها بسبب الدخان‬
‫إذ أنه يفسد أنسجة الجسم ويفسد الدم ويضعف‬
‫ضا خبيثة كالسرطان‪ -‬لن فيه‬ ‫القلب ويسبب أمرا ً‬
‫مادة سامة تسمى النيكوتين إًذا فمن مات من سبب‬
‫الدخان فيخشي عليه أن يكون من أهل النار لنه‬
‫تسبب بقتل نفسه فعن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫قال قال رسول الله ‪" ‬من قتل نفسه بحديدة‬
‫فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم‬
‫دا ومن قتل نفسه بسم فسمه‬ ‫دا فيها أب ً‬
‫دا مخل ً‬
‫خال ً‬
‫دا‬
‫دا فيها أب ً‬
‫دا مخل ً‬
‫في يده يتحساه في نار جهنم خال ً‬
‫ومن نزل من جبل فقتل نفسه فهو ينزل في نار‬
‫دا" رواه البخاري ومسلم‬ ‫دا فيها أب ً‬‫دا مخل ً‬‫جهنم خال ً‬
‫وغيرهما‪.‬‬
‫)( رواه الطبراني في الوسط‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪600‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أخي في الله ما دام أنه ثبت أن في الدخان‬
‫مادة سامة والسم قاتل كما هو معلوم وكما نص‬
‫عليه هذا الحديث أل يخشى على من مات بسبب‬
‫الدخان أن يكون قد قتل نفسه ويعاقبه الله بالنار‪.‬‬
‫فيا أيها المستورد للدخان والموزع له وأنت يا صاحب‬
‫الدكان والبقالة والفرن والمحطة وكل من يبيع‬
‫الدخان على المسلمين وصبيانهم اتقوا الله في‬
‫أنفسكم واعلموا أن كسبكم من الدخان حرام لن ما‬
‫حرم أصله حرم ثمنه فمكسبه حرام سحت‬
‫والرسول ‪ ‬يقول "أيما جسد نبت من سحت فالنار‬
‫أولى به" وإن مات المدخن بسببه فعليك أيها‬
‫المستورد والبائع كفل من إثمه إذ أنك شركت في‬
‫قتله أسأل الله العافية للجميع أل هل بلغت؟‬
‫وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه‬
‫وسلم‪،،،‬‬
‫عبد الله بن علي‬
‫الغضية‬
‫‪#‬‬
‫‪601‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫خطورة التدخين)*(‬

‫الحمد لله وحده ونصلي ونسلم على من ل نبي‬


‫بعده وبعد‪ :‬فإن مما ابتلي به كثير من الجهال‬
‫والسفهاء في هذه الزمان هذه العادة القبيحة أل‬
‫وهو شرب الدخان الذي أوضحت نصوص القرآن‬
‫والسنة تحريمه ومضاره استعماًل وشرًبا واتجاًرا‬
‫والعلماء المحققون قاطبة أجمعوا على تحريمه‬
‫وألفوا في تحريمه الكتب والنصائح الكثيرة‪ ،‬والطباء‬
‫المحققون الناصحون أعلنوا عنه في نشراتهم‬
‫لمضاره الخطيرة الفتاكة بالصحة المسببة لكثير من‬
‫أنواع المراض‪ ،‬أما دلئل‬
‫تحريمه من القرآن الكريم فقول الله تعالى ‪‬‬
‫ث ‪.(1)‬‬ ‫م ال ْ َ‬
‫خَبائ ِ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫م َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫حّر ُ‬‫وي ُ َ‬
‫ت َ‬ ‫م الطّي َّبا ِ‬ ‫ل لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ح ّ‬
‫وي ُ ِ‬
‫َ‬
‫م ‪ ‬ودليل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫قت ُلوا أن ْ ُ‬
‫ول ت َ ْ‬ ‫وقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫)‪(2‬‬
‫سك ْ‬ ‫ف َ‬
‫تحريمه من السنة نهي النبي ‪ ‬عن كل مسكر‬
‫)‪(3‬‬

‫ومفتر وهو مسكر فإن لم يحصل منه ذلك فإنه ول‬


‫)‪(4‬‬
‫بد يفتر ويخدر‪ .‬وأما أقوال العلماء المحققين فيه‬
‫فقد قال الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب‬
‫رحمه الله أيها السائل إذا تدبرت كلم أهل العلم‬
‫يتبين لك تحريم التتن الذي كثر في هذا الزمان‬
‫استعماله وصح بالتواتر عندنا والمشاهدة إسكاره‬
‫‪ (*) 1‬الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الشتري‪.‬‬
‫)( سورة العراف آية ‪.157‬‬
‫‪ () 2‬سورة النساء آية ‪.29‬‬
‫‪ () 3‬في الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود عن أم سلمة‪.‬‬
‫‪ () 4‬انظر الدرر السنية في الجوبة النجدية ج ‪ 6‬ص ‪.454-453‬‬
‫‪602‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إلى آخر كلمه‪ ،‬وأجاب الشيخ عبد الله أبابطين‬
‫رحمه الله عن التنباك بقوله فيه بالتحريم لعلتين‬
‫إحداهما حصول السكار فيما إذا فقده شاربه مدة‬
‫ثم شربه وإن لم يحصل إسكار حصل تفتير وتخدير‬
‫والعلة الثانية أنه منتن مستخبث عند من لم يعتده‬
‫وأما من اعتاده وألفه فل يرى خبثه كالجعل ل‬
‫يستخبث العذرة‪ ،‬وأجاب الشيخ خالد بن أحمد من‬
‫فقهاء المالكية بأنه ل تجوز إمامة من يشرب التنباك‬
‫ول يجوز التجار به‪ ،‬وذكر العلماء أن الدمان على‬
‫‪#‬‬ ‫شربه يصيره كبيرة من كبائر‬
‫الذنوب‪ ،‬وإليكم ما ذكر الطباء المحققون عنه وما‬
‫يسببه من المراض يقولون‪ :‬إنه يحتوي على مادة‬
‫سامة إذا وضع منها نقطتان في فم كلب قتلته في‬
‫الحال‪ ،‬وخمس نقط من هذه المادة تكفي في قتل‬
‫جمل‪ ،‬قالوا ويحدث في القلب الخفقان‪ ،‬وفي‬
‫الرئتين سعال وفي المعدة ضعفا في الشهوة‪ ،‬وفي‬
‫العينين الرمد‪ ،‬وفي العصاب فتورا‪ ،‬ويسبب‬
‫المراض الصدرية‪ ،‬ويسبب داء السرطان والمراض‬
‫اللتهابيه‪ ،‬والموت بالسكتة القلبية‪ ،‬وتخريب الفم‬
‫بسرعة وتحطم السنان وأضعاف أضعاف ذلك من‬
‫مضاره البدنية بالمشاهدة الحسية‪ ،‬وشاربه أيضا‬
‫مجرب بسوء الخاتمة عند الموت والعياذ بالله‪ ،‬فتبين‬
‫أن فيه مضارا كثيرة‪ ،‬من أخطرها‪:‬‬
‫أول‪ :‬كونه مضرا ً بالصحة بإخبار الطباء‬
‫المعتبرين‪.‬‬
‫ثانيا ً‪ :‬كونه من المخدرات والمفترات‪.‬‬
‫ثالثا ً‪ :‬كون المال المبذول فيه إسرافا وتبذيرا‬
‫وفي غير طريقه الشرعي‪ ،‬ومن باب إضاعة المال‬
‫‪603‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الذي نهى عنه الرسول ‪.‬‬
‫رابعا ً‪ :‬أن رائحته الكريهة الخبيثة تؤذي الناس‬
‫الذين ل يستعملونه وعلى الخصوص في مجتمعات‬
‫المسلمين كالمساجد ونحوها من مجامع المسلمين‬
‫وقد قال رسول الله ‪" ‬من أكل ثوما أو بصل‬
‫فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته")‪ (1‬لما‬
‫في هذه الشجرتبن من الرائحة المؤذية لغير آكلها‬
‫هذا مع أن هاتين الشجرتين مباحتان فكيف بهذه‬
‫الشجرة المحرمة الخبيثة المنتنة التي تزيد رائحتها‬
‫على رائحة البصل والثوم أضعافا مضاعفة وفي‬
‫الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن‬
‫الملئكة تتأذى مما يتأذى منه الناس ويقول الله‬
‫ت‬‫مَنا ِ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫ؤ ُ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫تعالى ‪َ ‬‬
‫مِبيًنا‬ ‫وإ ِث ْ ً‬
‫ما ُ‬ ‫مُلوا ب ُ ْ‬
‫هَتاًنا َ‬ ‫حت َ َ‬
‫دا ْ‬ ‫ف َ‬
‫ق ِ‬ ‫ما اك ْت َ َ‬
‫سُبوا َ‬ ‫ر َ‬
‫غي ْ ِ‬
‫بِ َ‬
‫‪ (2)‬وفي الحديث عن النبي ‪ ‬أنه قال "من آذى‬
‫مسلما فقد آذاني ومن آذاني‬
‫فقد آذى الله")‪. (3‬‬ ‫‪#‬‬

‫فيا أيها المسلمون دونكم نشئكم وشبيبتكم ل‬


‫ينتشر بينهم هذا الداء العضال حذرهم وذودوهم عن‬
‫تعاطي أسبابه ووسائله التي تفضي إليه وهو‬
‫مصاحبة أربابه وإلفهم والمجالسة معهم‪ ،‬هذا وأرجو‬
‫)( رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحزاب آية ‪.58‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه الطبراني في الوسط عن أنس بن مالك‪ ,‬انظر الرسائل التييية‬ ‫‪3‬‬

‫في موضوع التدخين ‪-1 :‬حكم شرب الدخان للشيخ محمد بيين إبراهيييم‬
‫آل الشيييخ ‪ -2‬حكييم شييرب الييدخان للشيييخ عبييد الرحميين بيين ناصيير‬
‫السييعدي ‪ -3‬التييدخين وسييرطان الييرئة وأمييراض أخييرى للييدكتور نبيييل‬
‫صبحي الطويل ‪ -4‬نصيحة النسان عيين اسييتعمال الييدخان للشيييخ عبييد‬
‫الله السند ‪ -5‬البيان فييي أضييرار الييدخان للشيييخ عبييد اللييه القصييير ‪-6‬‬
‫الدخان في نظر السلم للدكتور صالح المنصور‪-7.‬الجواب الحسن فييي‬
‫تحريم الدخان والتتن للشيخ محمد فقهي العيني‪ -8.‬التدخين وأثره على‬
‫الصحة للدكتور محمد على البار‪.‬‬
‫‪604‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الله تعالى أن يمن علينا وعليكم بالتمسك بدينه‬
‫والسير على نهج نبينا وصحابته والتابعين لهم‬
‫بإحسان وأن يجنبنا وذرياتنا من أسباب سخطه‬
‫ومناهيه اللهم صل على محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫فتوى رقم ‪1407‬وتاريخ ‪9/11/1396‬هي‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على من ل نبي بعده‬
‫وآله وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث والفتاء على‬
‫الستفسار المرسل من أحد السائلين وهو‪:‬‬
‫س‪ :‬ما حكم التجارة في الدخان والجراك‬
‫وأمثالهما وهل تجوز الصدقة والحج وأعمال البر من‬
‫أثمانها وأرباحها؟‬
‫الجواب‪ :‬ل تحل التجارة في الدخان والجراك‬
‫وسائر المحرمات لنها من الخبائث ولما فيها من‬
‫الضرر البدني والروحي والمالي وإذا أراد الشخص‬
‫أن يتصدق أو يحج أو ينفق في وجوه البر فينبغي له‬
‫أن يتحرى الطيب من ماله ليتصدق به أو يحج به أو‬
‫َ‬
‫ينفقه في وجوه البر لعموم قوله تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬
‫ما‬ ‫م ّ‬‫و ِ‬‫م َ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬‫ما ك َ َ‬‫ت َ‬ ‫ن طَي َّبا ِ‬ ‫م ْ‬‫قوا ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫مُنوا أ َن ْ ِ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ه‬‫من ْ ُ‬‫ث ِ‬ ‫خِبي َ‬ ‫موا ال ْ َ‬ ‫وَل ت َي َ ّ‬
‫م ُ‬ ‫ض َ‬
‫ْ َ‬
‫ن الْر ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫جَنا ل َك ُ ْ‬‫خَر ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫َ‬ ‫م ب ِآ َ ِ‬
‫)‪(1‬‬
‫ه ‪"‬‬ ‫في ِ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫م ُ‬
‫غ ِ‬‫ن تُ ْ‬‫ه إ ِّل أ ْ‬‫ذي ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫ست ُ ْ‬ ‫ول َ ْ‬
‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬
‫ت ُن ْ ِ‬
‫الية وقوله ‪" ‬إن الله طيب ل يقبل إل طيبا"‬
‫)‪(2‬‬

‫وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬


‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب الرئيس‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫)( سورة البقرة آية ‪.267‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪605‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الرئيس‬
‫عبد الله بن منيع عبد الله بن غديان عبد الرزاق‬
‫عفيفي عبد العزيز بن باز‬
‫‪#‬‬
‫‪606‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حاربوا هذه المجلت‬


‫بقلم ‪/‬عبد الله‬
‫المحمد المسعود‬

‫أعتقد بأنني سأكتب في موضوع سبق أن تكلم‬


‫الكثيرون عنه وهو موضوع المجلت الخلعية ذات‬
‫الطابع الهادم للمبادئ الخلقية والقيم النسانية‪،‬‬
‫هذه المجلت التي انتشرت في أرجاء العالم وبأسف‬
‫شديد في عالمنا السلمي‪ ،‬وفي اعتقادي بل أجزم‬
‫أن من يشرف على تلك المجلت إنما هم أناس‬
‫سفلة منحطون أخلقيا ً واجتماعيًا‪ .‬أناس يسيرون‬
‫وراء شهوات النفس التي توصلهم إلى مدارك‬
‫النحطاط الكلي‪ .‬ناس يسيرون وراء المادة‪ ،‬همهم‬
‫دنياهم فقط أناس زين لهم الشيطان أعمالهم‪،‬‬
‫وأقول بأسف شديد وبغيرة شديدة بأن تلك المجلت‬
‫تصدر أيضا ً من عالمنا العربي ليس فقط من أوربا‬
‫وما شابهها من دول ضالة ومضلة‪ ،‬ويشرف عليها‬
‫من يسمون أنفسهم عرًبا ومسلمين وأقول أيضا ً‬
‫ببالغ السى والسف بأن تلك المجلت قد وجدت‬
‫مروجين لها ووجدت من يتسابق لشرائها والطلع‬
‫عليها منا نحن المسلمون ولو بأضعاف المبالغ‪ ،‬تلك‬
‫المجلت التي ترينا المرأة كالسلعة ل قيمة إل‬
‫لجسدها أما ما يسمى بشرفها وأخلقها فل وجود‬
‫‪607‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لذلك بل ل وجود للمرأة إطلقا إنما الموجود هو‬
‫)جسد المرأة( هذا هو فعل ما نراه من خلل‬
‫طريقتهم الزائفة ومنهاجهم الحيواني الضال المضل‪.‬‬
‫إنني أحب أن أقول لهؤلء السفلة والسافلت‬
‫اتقوا الله يا من تسمون أنفسكم مسلمين‪،‬‬
‫وتستترون خلف رداء العروبة والسلم‪ .‬فالدين‬
‫السلمي ل يقر بهذه الشياء ول يعترف بها بل‬
‫يحرمها ويحاربها‪ .‬وأقول لكل شباب وشابات‬
‫المسلمين بأن عليهم عدم الطلع على هذه‬
‫المجلت المتلفة لعقول البشر أو شراءها فأنتم حين‬
‫ل تطلعون عليها فإن ذلك سيكون سببا ً لتوقفها وذل‬
‫لعداء السلم ممن يدعون بأنهم مسلمون‪ .‬وتذكروا‬
‫قول الله تعالى‪:‬‬ ‫‪#‬‬

‫وال ْب َِني َ‬
‫ن‬ ‫ء َ‬ ‫سا ِ‬‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ه َ‬‫ش َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ن ِللّنا ِ‬ ‫‪ُ‬زي ّ َ‬
‫ة‬
‫ض ِ‬‫ف ّ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الذّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫قن ْطََر ِ‬ ‫م َ‬ ‫ر ال ْ ُ‬
‫طي ِ‬ ‫قَنا ِ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫واْلن ْ َ‬
‫ع‬
‫مَتا ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ث ذَل ِ َ‬ ‫حْر ِ‬ ‫عام ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ِ‬ ‫و َ‬‫س ّ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫خي ْ ِ‬‫وال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ب ‪ ‬صدق‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫مآ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ْ‬‫عن ْدَهُ ُ‬ ‫ه ِ‬ ‫والل ُ‬ ‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫حَيا ِ‬ ‫ال َ‬
‫‪#‬‬ ‫الله العظيم )عن مجلة الدعوة(‪.‬‬
‫‪608‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫اللتزام بالمنهج اللهي‬


‫بقلم ‪/‬عبد الله بن عبد‬
‫الرحمن البعادي‬
‫إن قضية اللتزام بالمنهج اللهي ليست مجرد‬
‫آراء أو أفكار تطرح في لقاء عابر أو من خلل مذياع‬
‫أو تلفاز أو صحيفة أو ندوة أو محاضرة تأخذ بألباب‬
‫السامعين والمشاهدين وتشد إليها أنظارهم‪.‬‬
‫إنها إيمان وثبات ومن ثم تطبيق عملي صادق‬
‫سواء على مستوى الفرد أو الجماعة أو الحكومة‬
‫بحيث تتضافر الجهود مجتمعة للسير على المنهج‬
‫اللهي والتزام السلم عقيدة ومنهج حياة وطرح كل‬
‫ما يتعارض مع أوامر الله وأوامر رسوله سواء في‬
‫التربية والتعليم أو الثقافة والعلم أو القتصاد‬
‫والتجارة أو الصناعة والدفاع والنواحي العسكرية‬
‫والمنية وما أشبه ذلك‪ .‬ول شك أن المنحرفين عن‬
‫منهج الله قد سلكوا منهج أعداء الله من يهود‬
‫ونصارى وشيوعيين فهم يسيرون على وفق ما يمليه‬
‫عليهم أولئك العداء ويخططونه لهم على شكل‬
‫دراسات واستشارات وآراء ونظريات تتعارض تماما ً‬
‫مع المنهج اللهي المستقيم‪.‬‬
‫ولن تستقيم حال المة السلمية ما لم تلتزم‬
‫التزاما ً صادقا ً بمنهج الله فتبني حياتها من جميع‬
‫جوانبها على مقتضى أوامر الله وأوامر رسوله‬
‫والصبر على ذلك فل يستخفها الكفرة والمضللون‬
‫‪609‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الذين يرون في تطبيق السلم تأخرا ً ورجعية وتخلفا ً‬
‫عن ركب الحضارة المادية المنهارة‪ .‬إن علينا أن‬
‫ننظر إلى واقع حياتنا اليوم هل نحن نستقي من‬
‫مورد السلم في سلوكنا وعادتنا وعبادتنا ومعاملتنا‪،‬‬
‫أم أننا نتمسك بخيوط باهتة ونحسب أننا بلغنا درجة‬
‫من التقى والصلح والورع‪ .‬ينبغي أن يكون للسلم‬
‫الهيمنة على مجريات حياتنا مهما رأينا في ذلك‬
‫ك َل‬ ‫فَل َ‬
‫وَرب ّ َ‬ ‫مخالفة لهوائنا ورغباتنا ومطامعنا ‪َ ‬‬
‫م َل‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬‫جَر ب َي ْن َ ُ‬
‫ش َ‬‫ما َ‬‫في َ‬‫ك ِ‬‫مو َ‬‫حك ّ ُ‬‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫موا‬‫سل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬‫ت َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ما َ‬
‫م ّ‬
‫جا ِ‬‫حَر ً‬‫م َ‬
‫ه ْ‬ ‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫في أ َن ْ ُ‬ ‫دوا ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ما ‪" ‬ل‬
‫‪#‬‬
‫)‪(1‬‬
‫سِلي ً‬ ‫تَ ْ‬
‫)‪(2‬‬
‫يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"‬
‫وما كان السلم ولن يكون ظل ً باهتا ً ل يجد مكانه‬
‫في مجال الواقع والتطبيق العملي والذين يظنونه أو‬
‫يريدونه إما مغفلون أو مخادعون ومن يخدع الله‬
‫يخدعه‪.‬‬
‫إذا كنا ندعي السلم حقا ً فيجب أن نعتز به كل‬
‫العتزاز ول نرضى به بديل من فكر دخيل أو قانون‬
‫مُنوا َل ت ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ن ي َدَ ِ‬
‫موا ب َي ْ َ‬
‫قدّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫بشري ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫م‪‬‬
‫عِلي ٌ‬
‫ع َ‬
‫مي ٌ‬
‫س ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬ ‫وات ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫سول ِ ِ‬
‫وَر ُ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫ه َ‬
‫سورة الحجرات آية ‪.1‬‬
‫والسلم بحمد الله دين سماوي شامل نظم‬
‫شئون الفرد والمجتمع والمة وأقام كيان دولة‬
‫إسلمية مترامية الطراف ترفرف على أرجائها راية‬

‫)( سورة النساء آية ‪.65‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( قال النووي حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪610‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫التوحيد وتتخذ من القرآن الكريم نظاما ً لحياتهما‬
‫ومنهجا ً لعملها‪.‬‬
‫إن البشرية اليوم في أمس الحاجة إلى السلم‬
‫وإن المسلمين بالتالي مطالبون بأن يكونوا مثال ً حيا ً‬
‫وعنوانا ً صادقا ً للسلم حتى إذا ما دعوا إلى السلم‬
‫غيرهم وجد ذلك الغير فيهم السوة الحسنة والقدوة‬
‫الصالحة وكانوا سببا ً مباشرا ً في اعتناقه السلم‪.‬‬
‫وإن علينا كمسلمين سواء كنا حكاما أو‬
‫محكومين أن نظهر لغير المسلمين مدى التزامنا‬
‫وتطبيقنا للسلم ل أن نسير في فلكهم ونتبع سننهم‬
‫يجب أن نقف من أوامر الله وأوامر رسوله موقف‬
‫المطيع المستجيب فإنه ل معنى للطاعة إذا كنا‬
‫َ‬
‫ها‬‫نرتكب المنهيات ونفعل المحظورات ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫عن ْ ُ‬ ‫وا َ‬ ‫ول ّ ْ‬‫ول َ ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عوا ْ الل ّ َ‬ ‫مُنوا ْ أ طِي ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م‬
‫ص ّ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫عندَ الل ّ ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫وا ّ‬ ‫شّر الدّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عون إ ِ ّ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫وأنت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫خي ًْرا‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫في ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫عل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫قُلون َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن ل َ يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ال ْب ُك ْ ُ‬
‫ّلسمعهم ول َ َ‬
‫ضون َيا‬ ‫ر ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هم ّ‬ ‫و ُ‬ ‫وّلوا ْ ّ‬ ‫م ل َت َ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫ْ َ َ ُ ْ َ ْ‬
‫َ‬
‫ل إِ َ‬
‫ذا‬ ‫سو ِ‬ ‫وِللّر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫جيُبوا ْ ل ِل ّ ِ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫مُنوا ْ ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫أي ّ َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ل ب َي ْ َ‬ ‫حو ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫موا ْ أ ّ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫وا ْ‬ ‫م َ‬ ‫حِييك ُ ْ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫كم ل ِ َ‬ ‫عا ُ‬ ‫دَ َ‬
‫قل ْبه َ‬
‫شُرون ‪‬سورة النفال‬ ‫ح َ‬ ‫ه تُ ْ‬ ‫ه إ ِل َي ْ ِ‬ ‫وأن ّ ُ‬ ‫و َ ِ ِ َ‬ ‫ء َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫آية ‪.24-20‬‬
‫من المؤسف أن كثيرا ً من المحظورات في‬
‫السلم ترتكب وكأنها شيء عادي ومن أمثلة ذلك‬
‫التبرج والسفور واللهو المحرم والتعامل بالربا‬
‫‪611‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والغش في‬
‫‪#‬‬

‫المعاملت وغير ذلك مما شاع في مجتمعاتنا‬


‫السلمية وأفقدها الحساس والغيرة والشعور‬
‫بالخطر‪.‬‬
‫يجب أن يكون دور السلم في الحياة دورا فعال ً‬
‫ومؤثرا ً ل أن يكون مجرد تعاليم ل يبدو أثرها في‬
‫السلوك الفردي والجماعي والقيادي كما هو الحال‬
‫في عالمنا السلمي‪.‬‬
‫إذا كان السلم ينهى نهي تحريم عن الربا ويلعن‬
‫آكله وموكله وكاتبه وشاهديه‪ ،‬ويعتبر آكله محاربا لله‬
‫ورسوله بنص الكتاب والسنة والجماع فما معنى أن‬
‫يستمر التعامل بالربا قائما وتتخذ منه البنوك‬
‫والمؤسسات المالية في الدول السلمية نظاما‬
‫للتعامل فيدنس أموال المودعين وأرزاقهم وتنمو منه‬
‫أجسامهم ويشب عليه صغارهم ويشيب عليه كبارهم‬
‫َ‬
‫قوا ْ الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قال الله تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ؤِمِنين ‪ (1) ‬‬
‫م ْ‬ ‫ن الّرَبا ِإن ُ‬
‫كنُتم ّ‬ ‫م َ‬
‫ي ِ‬
‫ق َ‬ ‫وذَُروا ْ َ‬
‫ما ب َ ِ‬ ‫َ‬
‫فى ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫و ّ‬
‫م تُ َ‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه ثُ ّ‬ ‫في ِ‬‫ن ِ‬‫عو َ‬ ‫ج ُ‬
‫ما ت ُْر َ‬
‫و ً‬‫قوا ْ ي َ ْ‬
‫وات ّ ُ‬‫َ‬
‫مون ‪ ‬ويقول ‪‬‬‫)‪(2‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ل ي ُظل ُ‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬
‫ت َ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫َ‬
‫ما ك َ‬ ‫س ّ‬ ‫ْ‬
‫ن َف ٍ‬
‫"كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به")‪ (3‬إذا كان‬
‫السلم ينهى عن التبرج والسفور ويأمر بغض البصر‬
‫وحفظ الفرج وعدم إظهار الزينة إل لمحرم ولعن الله‬
‫المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من‬
‫النساء بالرجال)‪ (4‬بنص الكتاب والسنة والجماع فما‬
‫معنى أن يترك الحبل على الغارب للسفهاء‬
‫سورة البقرة آية ‪.278‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة آية ‪.281‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫رواه الطبراني وأبو نعيم في الحلية‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫كما في الحديث الذي رواه البخاري‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪612‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والسفيهات من بنين وبنات يجوبون الشوارع طول‬
‫وعرضا يغرين بزينتهن وما يفوح من عطرهن بينما‬
‫عيون الشباب ترمقهن كالسهام‪ ،‬وما معنى أن تنطلق‬
‫أصوات المغنين والمغنيات بالغاني الخليعة المهيجة‬
‫قوُلو َ‬
‫ن‬ ‫م ل َي َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫لفعل السوء والداعية للرذيلة ‪َ ‬‬
‫وإ ِن ّ ُ‬
‫وُزوًرا ‪ ‬سورة المجادلة آية ‪.2‬‬ ‫ل َ‬‫و ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ق ْ‬ ‫من ْك ًَرا ِ‬
‫م َ‬ ‫ُ‬
‫إن القادة والمفكرين والدعاة إلى الله مسئولون‬
‫مسئولية جسيمة فالقادة يجب أن يكونوا صالحين‬
‫في أنفسهم مصلحين لغيرهم بما آتاهم الله من‬
‫سلطان وقوة "لتأخذن على يد السفيه ولتأطرنه‬
‫على الحق أطرا ")‪ (1‬إن الله ليزع بالسلطان مال يزع‬
‫بالقرآن)‪ (2‬وعلى الدعاة والمفكرين أن يستغلوا ما‬
‫آتاهم الله من علم‬
‫‪#‬‬

‫وحكمه لهداية البشرية وبيان الحق لها حتى تستقيم‬


‫عليه‪.‬‬
‫وإن ما تعانيه أمم كثيرة في أرجاء الرض من‬
‫آلم ومآسي ومتاعب اجتماعية واقتصادية إنما مرده‬
‫البعد عن منهج الله سواء في العتقاد أو السلوك ‪‬‬
‫ما‬
‫غي ُّروا َ‬
‫حّتى ي ُ َ‬
‫وم ٍ َ‬ ‫ما ب ِ َ‬
‫ق ْ‬ ‫ه َل ي ُ َ‬
‫غي ُّر َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫م ‪ ‬سورة الرعد آية ‪.11‬‬ ‫ه ْ‬
‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫ب ِأ َن ْ ُ‬
‫ومتى ما صححت المة سلوكها واستقامت على‬
‫منهج الله أفاض الله عليها من بركاته وأبدلها‬
‫بالرعب والخوف أمنا ً واستقرارا ً وبالفقر غنى ورغدا‬
‫حَنا‬ ‫وا ل َ َ‬
‫فت َ ْ‬ ‫ق ْ‬‫وات ّ َ‬‫مُنوا َ‬
‫َ‬
‫قَرى آ َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬‫ه َ‬‫ن أَ ْ‬ ‫‪‬ول َ َ‬
‫وأ ّ‬‫َ ْ‬
‫ض ‪ ‬سورة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫والْر ِ‬ ‫ء َ‬
‫ما ِ‬‫س َ‬‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫م ب ََركا ٍ‬‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬
‫العراف آية ‪.96‬‬
‫إن اللتزام بالمنهج اللهي مسئولية مشتركة بين‬
‫)( رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( هذه حكمة تروى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪613‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الحكومات والفراد ول عذر لحد في التنصل منها‬
‫وسيقف الجميع بين يدي حكم عدل يجازي كل بما‬
‫عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر فليتقوا الله‬
‫وليقولوا قول سديدا فالمسئولية عظيمة‪.‬‬
‫ما ومحكومين إلى الخذ‬ ‫وفقنا الله جميًعا حكا ً‬
‫بمنهج الله والتحاكم إليه والبعد عن كل ما يخالفه‬
‫من قول أو فعل إنه ولي ذلك والقادر عليه‪.‬‬
‫عبد الله بن عبد الرحمن‬
‫البعادي‬
‫‪#‬‬‫)عن مجلة الدعوة(‬
‫‪614‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أقوال مضيئة‬

‫‪ -‬ل يكون العالم عالما حتى تكون فيه ثلث‬


‫خصال‪ :‬ل يحتقر من دونه ول يحسد من فوقه ول‬
‫يأخذ على العلم ثمنا‪.‬‬
‫‪ -‬قيل لخالد بن يزيد بن معاوية ما أقرب شيء‬
‫قال‪ :‬المل قيل له فما أبعد شيء‪ ،‬قال‪ :‬المل‪.‬‬
‫‪ -‬ثلثة ل تعرف إل في ثلثة‪ :‬ذو البأس ل يعرف‬
‫إل عند اللقاء وذو المانة ل يعرف إل عند الخذ‬
‫والعطاء‪ .‬والخوان ل يعرفون إل عند النوائب‪.‬‬
‫‪ -‬الجتهاد قوام الحياة يتسلح به الناس جميعا إل‬
‫الخاملين والجهلة‬
‫‪ -‬أعظم الناس ذل فقير داهن غنيا وتواضع له‬
‫وأعظم الناس عزا غني تذلل لفقير وحفظ كرامته‪.‬‬
‫‪615‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫آداب إسلمية‬

‫الحمد لله الذي شرع لنا من القوال والعمال‬


‫أحسنها وأطيبها وأزكاها شرع لنا من ذلك ما يصلح‬
‫به العمال ويغفر به الذنوب ويترتب عليه الفوز‬
‫َ‬
‫العظيم والثواب الجسيم قال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬
‫ح‬
‫صل ِ ْ‬‫دا ي ُ ْ‬‫دي ً‬ ‫ول ً َ‬
‫س ِ‬ ‫ق ْ‬‫قوُلوا َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ع الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫من ي ُطِ ْ‬‫و َ‬
‫م َ‬ ‫م ذُُنوب َك ُ ْ‬ ‫فْر ل َك ُ ْ‬‫غ ِ‬
‫وي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫م أَ ْ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ما ‪ (1)‬وحرم علينا‬ ‫ظي ً‬‫ع ِ‬ ‫وًزا َ‬ ‫فاَز َ‬
‫ف ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫من ذلك ما يدنس أخلقنا ويفسد أعمالنا وينقص‬
‫ديننا‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‬
‫وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله ‪ ‬وعلى آله وصحبه‬
‫وسلم تسليما كثيرًا‪.‬‬
‫أيها المسلمون الكرام اتقوا الله تعالى بامتثال‬
‫أوامره واجتناب نواهيه وبالمسارعة إلى طاعته‬
‫والبتعاد عن محرماته ومعاصيه وحاسبوا أنفسكم‬
‫َ‬
‫عدَ الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫و ْ‬
‫ن َ‬
‫س إِ ّ‬ ‫قبل يوم الحساب‪َ .‬يا أي ّ َ‬
‫ها الّنا ُ‬
‫كم ِبالل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫غّرن ّ ُ‬ ‫ول َ ي َ ُ‬ ‫حَياةُ الدّن َْيا َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫غّرن ّك ُ ُ‬ ‫فل َ ت َ ُ‬
‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫وا‬
‫عدُ ّ‬ ‫ذوهُ َ‬ ‫خ ُ‬‫فات ّ ِ‬ ‫و َ‬ ‫عدُ ّ‬ ‫م َ‬‫ن ل َك ُ ْ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫غُرور * إ ِ ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫سِعير ‪‬‬ ‫َ‬ ‫ه ل ِي َ ُ‬
‫ب ال ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬‫كوُنوا ِ‬ ‫حْزب َ ُ‬ ‫عو ِ‬ ‫ما ي َدْ ُ‬
‫إ ِن ّ َ‬
‫قال الله تعالى مذكرا ً عباده المؤمنين ببعض ما حرم‬
‫َ‬
‫من‬
‫م ّ‬ ‫خْر َ‬
‫قو ٌ‬ ‫مُنوا ل َ ي َ ْ‬
‫س َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫عليهم ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫من‬ ‫ول َ ن ِ َ‬
‫ساء ّ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫من ْ ُ‬
‫خي ًْرا ّ‬ ‫سى َأن ي َ ُ‬
‫كوُنوا َ‬ ‫ع َ‬
‫وم ٍ َ‬ ‫َ‬
‫ق ْ‬
‫)( سورة الحزاب آية ‪.71-70‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة فاطر آية ‪.6-5‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪616‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬
‫مُزوا‬ ‫ول َ ت َل ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ه ّ‬ ‫من ْ ُ‬‫خي ًْرا ّ‬ ‫ن َ‬ ‫سى أن ي َك ُ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ساء َ‬ ‫نّ َ‬
‫م‬‫س ُ‬ ‫س ال ِ ْ‬ ‫ب ب ِئ ْ َ‬ ‫قا ِ‬ ‫ول َ ت ََناب َُزوا ِبال َل ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َأن ُ‬
‫ول َئ ِ َ‬ ‫فسوقُ بعد اليمان ومن ل ّم يت ُب َ ُ‬
‫م‬
‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ِ َ ِ َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ال ْ ُ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫جت َن ُِبوا ك َِثيًرا ّ‬ ‫مُنوا ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫مون َيا أي ّ َ‬ ‫ظال ِ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫غَتب‬‫ول َ ي َ ْ‬ ‫سوا َ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ول َ ت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن إ ِث ْ ٌ‬‫ض الظّ ّ‬ ‫ع َ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫ن إِ ّ‬ ‫الظّ ّ‬
‫ه‬
‫خي ِ‬ ‫م أَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل لَ ْ‬ ‫م َأن ي َأ ْك ُ َ‬ ‫حدُك ُ ْ‬
‫َ‬
‫بأ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ضا أ َي ُ ِ‬ ‫ع ً‬ ‫كم ب َ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫ع ُ‬ ‫بّ ْ‬
‫حيم‬ ‫ب ّر ِ‬ ‫وا ٌ‬ ‫ه تَ ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬‫موهُ َ‬ ‫هت ُ ُ‬‫ر ْ‬ ‫فك َ ِ‬ ‫مي ًْتا َ‬ ‫َ‬
‫‪ (1)‬أيها المسلمون في هذه اليات الكريمات يؤدب‬
‫الله تعالى‬
‫عباده المؤمنين بالداب الشرعية وينهاهم عن‬
‫السخرية بالناس وهي احتقارهم والستهزاء بهم فقد‬
‫يكون المحتقر أعظم عند الله وأحب‬
‫‪#‬‬

‫إليه من الساخر منه والمحتقر له سواء في ذلك‬


‫الرجال والنساء كما نهى الله المؤمنين أن يلمزوا‬
‫الناس ويمشوا بينهم بالنميمة – وهي نقل الحديث‬
‫بين الناس على جهة الفساد بينهم وأن يطعن‬
‫بعضهم على بعض‪ ،‬والهماز اللماز مذموم ملعون كما‬
‫ة ‪ (2)‬ثم نهى‬ ‫ة لُ َ‬
‫مَز ٍ‬ ‫مَز ٍ‬
‫ه َ‬ ‫ل ل ِك ُ ّ‬
‫ل ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ ‬‬
‫وي ْ ٌ‬
‫الله المؤمنين أن يدعوا بعضهم بعضا باللقاب وهي‬
‫المعايير التي يسوء الشخص سماعها ويخبر أن‬
‫التنابز باللقاب فسوق وخروج عن الحق وأن من‬
‫استمر على ذلك ولم يرجع عنه ولم يتب منه فأولئك‬
‫هم الظالمون لنفسهم والظالمون لخوانهم‪ ،‬ثم نهى‬
‫الله المؤمنين عن كثير من الظن‪ ،‬وهو التهمة‬
‫والتخون للهل والقارب والناس في غير محله لن‬
‫)( سورة الحجرات آية ‪.12-11‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الهمزة آية ‪.1‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪617‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بعض ذلك يكون إثما ً محضا ً وغلطا ً فاحشا ً وقد روي‬
‫عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫– أنه قال‪ :‬ول تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن‬
‫إل خيرا ً وأنت تجد لها في الخير محمل)‪ (1‬وعن ابن‬
‫عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬رأيت النبي ‪ ‬يطوف‬
‫بالكعبة ويقول‪" :‬ما أطيبك وأطيب ريحك وما‬
‫أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده‬
‫لحرمة المؤمن أعظم عند الله تعالى حرمة منك‬
‫ماله ودمه وأن يظن به إل خيرا" رواه ابن ماجه‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪" ‬إياكم والظن فإن الظن‬
‫أكذب الحديث ول تجسسوا ول تحسسوا ول تنافسوا‬
‫ول تحاسدوا ول تباغضوا ول تدابروا وكونوا عباد الله‬
‫إخوانا")‪ (2‬والتجسس هو البحث عن عيوب الناس‬
‫والتحسس هو الستماع إلى حديث القوم وهم له‬
‫كارهون‪ ،‬والتدابر هو العراض والتقاطع والتصارم‪.‬‬
‫ثم نهى المؤمنين عن الغيبة وشبهها بأكل اللحم من‬
‫حب أ َحدك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مأ ْ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫النسان الميت كما قال تعالى ‪‬أي ُ ِ ّ‬
‫ه ‪ ‬فكما تكرهون‬ ‫مو ُ‬
‫هت ُ ُ‬ ‫فك َ ِ‬
‫ر ْ‬ ‫مي ًْتا َ‬
‫ه َ‬ ‫م أَ ِ‬
‫خي ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ي َأ ْك ُ َ‬
‫ل لَ ْ‬
‫أكل لحم الميت طبعا فاكرهوا أكل لحم الحي بالغيبة‬
‫شرعا فإن عقوبته أشد وتحريمه أعظم‪ .‬فالغيبة‬
‫والنميمة والحسد والسخرية بالناس وعيبهم‬
‫واحتقارهم والتنابز بينهم باللقاب وسوء الظن بهم‬
‫والبحث عن عيوبهم والتجسس عليهم كل هذه‬
‫‪#‬‬

‫الشياء ظلم وعدوان وخروج عن الحق ومعصية لله‬

‫)( ذكره عنه ابن كثير في تفسيره ج ‪ 4‬ص ‪.212‬‬ ‫‪1‬‬

‫)(رواه البخاري ومسلم وغيرهما‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪618‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫واعتداء على خلقه وهي من كبائر الذنوب التي ل‬
‫تغفر إل بالنتهاء عنها والتوبة منها والندم عليها‪ .‬وعن‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه قال‪" :‬قيل يا رسول الله‬
‫ما الغيبة؟ قال‪ :‬ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت‬
‫إن كان في أخي ما أقول قال إن كان فيه ما تقول‬
‫)‪(1‬‬
‫فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته"‬
‫وقال ‪ ‬في خطبته في حجة الوداع يوم النحر بمنى‬
‫"إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام‬
‫كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم‬
‫هذا")‪(2‬وقال ‪" ‬كل المسلم على المسلم حرام‬
‫دمه وماله وعرضه بحسب امرئ من الشر أن يحقر‬
‫أخاه المسلم")‪ (3‬وقال عليه الصلة والسلم "يا‬
‫معشر من آمن بلسانه ولم يدخل اليمان إلى قلبه ل‬
‫تغتابوا المسلمين ول تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع‬
‫عورات المسلمين يتبع الله عورته ومن يتبع الله‬
‫عورته يفضحه ولو في جوف بيته")‪ (4‬وقال ‪" ‬لما‬
‫عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس‬
‫يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلء يا‬
‫جبريل قال هؤلء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون‬
‫في أعراضهم")‪ (5‬فاتقوا الله يا أيها المؤمنون فيما‬
‫أمركم به ونهاكم عنه وانتهوا عن هذه المحرمات‬
‫وليعلم المغتاب والنمام ونحوهم أنه متعرض لوعيد‬
‫الله تعالى وعقوبته وأن حسناته تنقل إلى الذي‬
‫)(رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( رواه الترمذي بمعناه عن ابن عمر‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخرجه أبو داود وأحمد في المسند وصححه عبد القادر الرنؤوط‪.‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪619‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اغتابه إن كان له حسنات فإن لم يكن له حسنات‬
‫أخذ من سيئات صاحبه فطرحت عليه وقانا الله‬
‫وإياكم شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأعاذنا من‬
‫مضلت الفتن ما ظهر منها وما بطن وعصمنا من‬
‫الخطأ والزلل في القول‪ ،‬والعتقاد والعمل وصلى‬
‫‪#‬‬‫الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪620‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫العمال الموجبة لغضب الله‬

‫بقلم‪ :‬أحمد بن عبد‬


‫الرحمن القاسم‬

‫الحمد لله والصلة والسلم على سيدنا محمد‬


‫وآله وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد حذر الله ونبه عباده المسلمين عن أعمال‬
‫أهل النار في الدنيا وأفعالهم الباطلة المخالفة لهدي‬
‫السلم‪ ،‬ونهى عن مشابهتهم في أعيادهم وشعائرهم‬
‫وتقاليدهم والقتداء بمظاهرهم الخاصة بهم من‬
‫اليهود والنصارى والملحدة والوثنيين الذين ل‬
‫يقيمون لله وزنا ول قدرا ول وقارا ول عظمة ول‬
‫عبادة ول مخافة ول اعتبار ول لنفسهم لسعيهم في‬
‫عذابها الليم بعد انتقالهم من هذه الحياة مباشرة‪،‬‬
‫وذلك لما في مشابهتهم من ضعف اليمان والغيرة‬
‫الدينية ووجود النفاق والمحبة لهم وعدم النكار‬
‫عليهم وهم ل يرضون من المسلمين المغفلين مع‬
‫السف إل بترك السلم والدخول في ديانتهم‬
‫والوقوع في اللحاد والكفر والخلعة والفجور‪ ،‬وذلك‬
‫لما يخافون من صحوة المسلمين ونهضتهم من‬
‫غفلتهم ويقظتهم من سباتهم العميق وعودتهم إلى‬
‫السلم الصحيح من جديد وتركهم للمعاصي والذل‬
‫‪621‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والخمول والجبن والكسل واستعدادهم لعدوهم‬
‫اللدود المتربص بهم الفرص بقوة اليمان الروحية‬
‫والبشرية والميدانية لنصر دينه وإعلء كلمته فإن الله‬
‫ناصرهم ومؤيدهم لنهم جنده وحزبه المفلحون ‪‬‬
‫)‪(1‬‬
‫م‪‬‬
‫مك ُ ْ‬
‫دا َ‬ ‫ت أَ ْ‬
‫ق َ‬ ‫وي ُث َب ّ ْ‬ ‫صْرك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫صُروا الل ّ َ‬
‫ه ي َن ْ ُ‬ ‫ن ت َن ْ ُ‬
‫إِ ْ‬
‫وخاذل أعداءه من حزب الشيطان وجنوده ورسله‪.‬‬
‫فمن أعمال أهل النار الردة عن السلم‬
‫والدخول في متاهات الضلل والجهل كالشرك بالله‬
‫تعالى من التبرك والتمسح والطواف بالضرحة‬
‫والمشاهد وسؤالهم المدد والرزق والشفاعة وجعلهم‬
‫‪#‬‬ ‫وسائط بينهم وبين الله تعالى في قضاء‬
‫الحوائج وكشف الشدائد من الموات والغائبين‬
‫كالنبياء والملئكة والصالحين وغيرهم كالشمس‬
‫والقمر والكواكب والشجار والحجار والبقر وغيرها‬
‫م الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫حّر َ‬ ‫ف َ‬
‫قدْ َ‬ ‫ك ِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ن يُ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫م ْ‬ ‫لقوله تعالى ‪‬إ ِن ّ ُ‬
‫ه َ‬
‫ةو ْ‬
‫واهُ الّناُر ‪ (2)‬والوثني المنتسب‬ ‫مأ َ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫جن ّ َ َ َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫َ‬
‫إلى السلم ل ينفعه النتساب في الخرة إذا فقد‬
‫ول َ ْ‬
‫و‬ ‫الصل والساس وهو التوحيد لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫)‪(3‬‬
‫مُلو َ‬
‫ن‪‬‬ ‫ع َ‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫عن ْ ُ‬ ‫حب ِ َ‬
‫ط َ‬ ‫كوا ل َ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫شَر ُ‬
‫وكذلك من أنكر وجود الله تعالى أو ربوبيته كفرعون‪،‬‬
‫أو اسما ً من أسمائه كالرحمن أو فعل من أفعاله‬
‫كأستوائه على العرش أو أباح له اتخاذ الصاحبة‬
‫والولد كالنصارى ومشركي العرب وغيرهم‪ ،‬ومن‬
‫أعمال أهل النار تحكيم القوانين الوضعية لمخالفتها‬
‫لكتاب الله الكريم وسنة رسوله ‪ ‬ومن عليه‬
‫المسلمون من تعطيل وإلغاء الحكام السلمية أو‬

‫)( سورة محمد آية ‪.7‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.72‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النعام آية ‪.88‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪622‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫شيء منها كالحدود والسياسة والقتصاد والجتماع‬
‫بدعوى قدمها وقسوتها وعدم صلحيتها لعصر‬
‫الحضارة والستعمار الرأسمالي والشيوعي الرهابي‬
‫والتدمير والباحية المطلقة واستبدالها بالقوانين‬
‫البشرية القائمة على إباحة الشهوات المحرمة‬
‫وغيرها كالزنا والربا والقمار واللواط والخمور والغناء‬
‫وآلت اللهو إرضاء لعامة الشعوب الجهلة وتحطيما‬
‫لقوتها الروحية ومعنوياتها ومبادئها وشرفها وعلومها‬
‫وإشغال لها عن أمور الزعامة والرئاسة والصلح‬
‫حّتى‬‫ن َ‬‫مُنو َ‬ ‫ك َل ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وَرب ّ َ‬ ‫فَل َ‬‫لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫م ‪ (1)‬وقوله تعالى ‪‬‬ ‫ه ْ‬‫جَر ب َي ْن َ ُ‬ ‫ما َ‬
‫ش َ‬ ‫في َ‬
‫ك ِ‬ ‫حك ّ ُ‬
‫مو َ‬ ‫يُ َ‬
‫م‬
‫ه ُ‬ ‫فُأول َئ ِ َ‬
‫ك ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬
‫ل الل ّ ُ‬ ‫م بِ َ‬‫حك ُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬ومن أعمال أهل النار ترك شيء من‬ ‫)‪(2‬‬
‫فُرو َ‬ ‫َ‬
‫الكا ِ‬ ‫ْ‬
‫مباني السلم الخمسة مع القدرة أو إنكار شيء من‬
‫أصول اليمان الستة والعراض عن تعاليم السلم‬
‫وهديه وسلوكه مع معرفة فضله واختصاصه بصلحية‬
‫البشر في جميع الحوال والزمان وحريتهم من جميع‬
‫الشرور والعناد والفوضى والرغبة في الدنيا‬
‫وشهواتها والرضا بها بدل الخرة لقوله تعالى ‪‬‬
‫ها‬
‫عن ْ َ‬
‫ض َ‬ ‫عَر َ‬‫م أَ ْ‬‫ه ثُ ّ‬ ‫ت َرب ّ ِ‬ ‫ن ذُك َّر ب ِآ ََيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫م ِ‬
‫َ‬
‫ن أظْل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬‫َ‬
‫ن‪. ‬‬
‫)‪(3‬‬
‫مو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫من ْت َ ِ‬‫ن ُ‬ ‫مي َ‬ ‫ر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬‫إ ِّنا ِ‬
‫وّلى َ‬ ‫َ‬ ‫وقوله ‪َ ‬‬
‫رَنا‬‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ع ْ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬ ‫فأ ْ‬
‫حَياةَ‬ ‫ردْ إ ِّل ال ْ َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ول َ ْ‬ ‫َ‬
‫علم ِ ‪ ‬وما ثبت عن‬ ‫)‪(4‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬‫غ ُ‬ ‫َ‬
‫مب ْل ُ‬ ‫َ‬
‫الدّن َْيا * ذَل ِك َ‬
‫النبي‬ ‫‪#‬‬

‫‪ ‬أنه قال "بني السلم على خمس‪ :‬شهادة أن ل‬


‫النساء آية ‪.65‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫المائدة آية ‪.44‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫السجدة آية ‪.22‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫النجم آية ‪.30-29‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪623‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫إله إل الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلة‬
‫وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت الحرام"‬
‫متفق عليه‪ .‬ومن أعمال أهل النار النفاق والمنافقون‬
‫دعاة النار المقيمون بين المسلمين المظهرون‬
‫للسلم والمبطنون النفاق‪ ،‬والتشكيك في الدين‬
‫والمخادعة لله والمؤمنين الطاعنون في بعض‬
‫نصوص الكتاب والسنة وما عليه المسلمون مما‬
‫يخالف ذوقهم وشهواتهم‪ ،‬لخراجهم من دينهم بشتى‬
‫الوسائل والسباب الظاهرة والخفية‪ ،‬من ترويج‬
‫أسباب العناد والفجور والتثبيط عن الطاعة وفعل‬
‫الخير وإظهار المسلمين بمظهر الجهل والضعف‬
‫والتخلف‪ ،‬والعداء بمظهر القوة والسيادة والعلم‪.‬‬
‫ومن صفاتهم تفضيلهم للقوانين النسانية على‬
‫الشريعة السلمية لجهلهم وضعف إدراكهم وعقولهم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫ن أن ّ ُ‬‫مو َ‬
‫ع ُ‬
‫ن ي َْز ُ‬ ‫م ت ََر إ َِلى ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫لقوله تعالى ‪‬أل َ ْ‬
‫ن‬ ‫قب ْل ِ َ‬
‫ن َ‬ ‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫ل إ ِل َي ْ َ‬‫ز َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫دو َ‬ ‫ري ُ‬ ‫ك يُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫و َ‬
‫ك َ‬ ‫ما أن ْ ِ‬ ‫مُنوا ب ِ َ‬ ‫آ َ‬
‫َ‬ ‫غوت و َ ُ‬ ‫موا إ َِلى ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫مُروا أ ْ‬ ‫قدْ أ ِ‬ ‫طا ُ ِ َ‬ ‫حاك َ ُ‬ ‫ن ي َت َ َ‬‫أ ْ‬
‫حك ُ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ه ‪ ‬وقوله تعالى ‪َ ‬‬ ‫ي َك ْ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ما‬
‫م بِ َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫فُروا ب ِ ِ‬
‫ن ‪ (2)‬ومن‬ ‫فُرو َ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬
‫ك ُ‬ ‫فُأول َئ ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫أ َن َْز َ‬
‫صفاتهم تخلفهم عن الجماعات وكسلهم في أدائها‬
‫ن‬‫قي َ‬
‫ف ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مَنا ِ‬ ‫ورغبتهم عنها لقوله تعالى ‪‬إ ِ ّ‬
‫موا إ َِلى‬ ‫ذا َ‬
‫قا ُ‬ ‫وإ ِ َ‬
‫م َ‬‫ه ْ‬‫ع ُ‬
‫خاِد ُ‬‫و َ‬‫ه َ‬ ‫و ُ‬
‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫عو َ‬ ‫خاِد ُ‬‫يُ َ‬
‫وَل‬‫س َ‬‫ن الّنا َ‬ ‫ءو َ‬‫ساَلى ي َُرا ُ‬ ‫موا ك ُ َ‬ ‫قا ُ‬‫ة َ‬‫صَل ِ‬ ‫ال ّ‬
‫قِليًل ‪ (3)‬وما ثبت عن النبي ‪‬‬ ‫ه إ ِّل َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫ي َذْك ُُرو َ‬
‫أنه قال "أثقل الصلة على المنافقين صلة العشاء‬
‫وصلة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لتوهما ولو حبوا‬
‫)( سورة النساء آية ‪.60‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.44‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النساء آية ‪.142‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪624‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫" متفق عليه‪.‬‬
‫ومن صفاتهم أمرهم بالمنكر قول وفعل‬
‫ومباشرتهم له على وجه المحبة والرضا ونهيهم عن‬
‫المعروف بلسان الحال والمقال ورغبتهم عنه‬
‫وبخلهم وكراهتهم للصدقات لقوله تعالى ‪‬‬
‫ض‬‫ع ٍ‬‫ن بَ ْ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬
‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬‫قا ُ‬ ‫ف َ‬ ‫مَنا ِ‬‫وال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬‫مَنا ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ْ‬
‫ف‬
‫عُرو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬‫ه ْ‬‫وي َن ْ َ‬
‫ر َ‬ ‫من ْك َ ِ‬ ‫ن ِبال ْ ُ‬‫مُرو َ‬ ‫ي َأ ُ‬
‫َ‬
‫م‪‬‬ ‫ه َ‬ ‫سوا الل ّ َ‬ ‫وي َ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫ه ْ‬‫سي َ ُ‬‫فن َ ِ‬ ‫م نَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫دي َ ُ‬
‫ن أي ْ ِ‬ ‫ضو َ‬ ‫قب ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ومن صفاتهم ما في الصحيح عن النبي ‪ ‬أنه‬
‫قال "آية المنافق ثلث إذا حدث كذب وإذا وعد‬
‫أخلف وإذا أؤتمن خان" متفق عليه وفي لفظ )وإذا‬
‫خاصم فجر وإذا عاهد غدر( وما في مسند المام‬
‫أحمد عن النبي ‪‬‬ ‫‪#‬‬

‫أنه قال "إن للمنافق علمات يعرفون بها تحيتهم‬


‫لعنة وطعامهم نهبة وغنيمتهم غلول ول يقربون‬
‫المساجد إل هجرا ول يأتون الصلة إل دبرا‬
‫مستكبرين ل يألفون ول يؤلفون خشب بالليل صخب‬
‫بالنهار" وصفاتهم كثيرة وقى الله المؤمنين شرهم‪.‬‬
‫ومن أعمال أهل النار اعتقادهم عدم وجوب‬
‫اتباع محمد ‪ ‬فيما جاء به الشريعة والحكام‬
‫والعبادات وأنه من جملة الدعاة المصالحين للبشر‬
‫فيبتغ من أراد الخروج عن شريعته لهل الكتاب‬
‫القاديانية والبهائية والسماعيلية البقاء على ديانتهم‬
‫ومذهبهم ولصحاب السياسة والقانون أن يقرروا ما‬
‫يشاءون من النظمة التي تتطلبها الحياة البشرية‬
‫بزعمهم لتغير الزمن ومسايرة المم الراقية في‬

‫)( سورة براءة آية ‪.67‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪625‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الصناعة والباحية المطلقة وأن هدي غير النبي لله‬
‫إذا كان فيه تهذيب وترفيه للنفوس أو مصلحة‬
‫سياسية فهو جائز وهذا كفر وضلل لقوله تعالى ‪‬‬
‫و‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫ه َ‬
‫من ْ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫فل َ ْ‬
‫ن يُ ْ‬
‫قب َ َ‬ ‫سَلم ِ ِديًنا َ‬‫غي َْر اْل ِ ْ‬
‫غ َ‬ ‫ن ي َب ْت َ ِ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬وما ثبت عن النبي‬ ‫)‪(1‬‬
‫ري َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫س ِ‬‫خا ِ‬‫ن ال َ‬‫م َ‬‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬‫في ال ِ‬ ‫ِ‬
‫‪ ‬أنه قال "والذي نفس محمد بيده ل يسمع بي أحد‬
‫من هذه المة يهودي ول نصراني ثم يموت ولم‬
‫يؤمن بالذي أرسلت به إل كان من أصحاب النار"‬
‫رواه مسلم‪.‬‬
‫ومن أعمال أصحاب النار مسبة الله تعالى أو‬
‫كتابه أو دينه أو الستهزاء بشيء مما جاء به من‬
‫العبادات والحدود والقصاص والخبار الغيبية كعذاب‬
‫القبر ونعيمه والجن والشياطين والدجال وإساءة‬
‫َ‬
‫م‬ ‫سأل ْت َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ول َئ ِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫الظن بالله تعالى لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫ق ْ َ‬
‫وآ ََيات ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ه َ‬‫ل أِبالل ّ ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫ع ُ‬‫ون َل ْ َ‬
‫ض َ‬ ‫خو ُ‬ ‫ما ك ُّنا ن َ ُ‬ ‫ن إ ِن ّ َ‬‫قول ُ ّ‬ ‫ل َي َ ُ‬
‫د‬
‫ق ْ‬‫ذُروا َ‬ ‫عت َ ِ‬‫ن * َل ت َ ْ‬ ‫زُئو َ‬‫ه ِ‬
‫ست َ ْ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ه ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫)‪(2‬‬
‫م‪‬‬ ‫مان ِك ُ ْ‬‫عدَ ِإي َ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫فْرت ُ ْ‬‫كَ َ‬
‫ومن أعمال أهل النار موالة أعداء السلم‬
‫والمسلمين من سائر الملل والطوائف المخالفة‬
‫للسلم ومساعدتهم بالموال وغيرها‪ ،‬أو تصحيح‬
‫مللهم وعدم تكفيرهم باعتبار أنهم على أديان‬
‫سماوية يقصدون بها التقرب إلى الله لقوله تعالى‬
‫ر‬ ‫وم ِ اْل َ ِ‬
‫خ ِ‬ ‫وال ْي َ ْ‬
‫ه َ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ما ي ُ ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫و ً‬‫ق ْ‬ ‫‪َ‬ل ت َ ِ‬
‫جدُ َ‬
‫سول َ ُ‬
‫ه‬ ‫‪#‬‬

‫وَر ُ‬ ‫حادّ الل ّ َ‬


‫ه َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬‫دو َ‬ ‫وا ّ‬
‫يُ َ‬

‫)( سورة آل عمران آية ‪.85‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة براءة آية ‪..66-65‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪626‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫و أ َب َْناءَ ُ‬ ‫َ‬ ‫كاُنوا آ ََباءَ ُ‬
‫و‬
‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫وان َ ُ‬ ‫خ َ‬
‫و إِ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و َ‬ ‫ول َ ْ‬‫َ‬
‫من ْك ُ ْ‬ ‫ول ّ ُ‬ ‫م ‪ ‬وقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫(‬ ‫‪1‬‬‫)‬
‫م‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن ي َت َ َ‬‫م ْ‬‫و َ‬ ‫ه ْ‬ ‫شيَرت َ ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫و َ‬‫ق ْ‬ ‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ِ‬‫ه َل ي َ ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫ه ْ‬‫من ْ ُ‬ ‫ه ِ‬
‫فإ ِن ّ ُ‬ ‫َ‬
‫)‪-.(2‬‬
‫ومن أعمال أهل النار طاعة المراء والعلماء في‬
‫إباحة الحرام وتحريم الحلل وترك العمل بشيء مما‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬‫في الكتاب والسنة لقوله ‪‬ات ّ َ‬
‫ه ْ‬
‫حَباَر ُ‬
‫ذوا أ ْ‬
‫َ‬
‫ه ‪ (3)‬وتعلم السحر‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫دو ِ‬
‫ن ُ‬
‫م ْ‬
‫م أْرَباًبا ِ‬
‫ه ْ‬
‫هَبان َ ُ‬
‫وُر ْ‬
‫َ‬
‫وتعليمه والعمل به وإباحته والرضا به والقنوط من‬
‫رحمة الله واليأس من روحه والمن من مكره‬
‫وادعاء النبوة وإنكار البعث والحساب والجنة والنار‬
‫أو الملئكة وبعض الكتب والرسل والقدر أو القول‬
‫عليه بل علم في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه‪.‬‬
‫ومن العمال والمعاصي المسببة لغضب الله‬
‫وسخطه والعذاب في القبر والخرة ارتكاب شيء‬
‫من الكبائر الموجبة للحد في الدنيا أو الوعيد في‬
‫الخرة بعذاب أو غضب أو لعنة أو نفي اليمان إذا‬
‫مات مصرا ً عليها ولم يعف الله عنه كالربا والرياء‬
‫في العمال والزنا واللواط والخمر والقمار واللعب‬
‫بالنرد ونحوه والكبر والفخر والخيل وإسبال الثياب‬
‫وترك المر بالمعروف والنهي عن المنكر مع القدرة‬
‫والغيبة والنميمة وعدم التنزه من البول وقتل النفس‬
‫المؤمنة أو المعاهدة بغير حق وأكل مال اليتيم‬
‫والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلت‬
‫المؤمنات وعقوق الوالدين وقطيعة الرحام والتخلف‬
‫)( سورة المجادلة آية ‪.22‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المائدة آية ‪.51‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة براءة آية ‪.31‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪627‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عن الجماعات والحلف بغير الله والشفاعة في‬
‫إسقاط الحدود والقصاص ولباس الحرير والذهب‬
‫كالساعة للرجال واستعمال آنية الذهب والفضة‬
‫للرجال والنساء والستهانة بالمصحف والمرور بين‬
‫يدي المصلي ومسبة الصحابة والسلف الصالح‬
‫وشهادة الزور واليمين الفاجرة وتصوير ذوات‬
‫الرواح بأي شكل كان والغلول من الغنيمة أو بيت‬
‫المال وأكل المال الحرام أو ظلم الرعية في دينهم‬
‫أو دنياهم والسرقة والرشوة والغش والتدليس‬
‫وسب الرسول)‪ (1‬وظلم العباد والغدر والخيانة‬
‫والديوث الذي يقر الفساد في أهله والقواد الذي‬
‫يجمع بين النساء والرجال والحسد وأذى الجار‬
‫ونقص المكاييل وإفطار يوم من رمضان بل عذر‬
‫وغير ذلك من الكبائر‬
‫‪#‬‬

‫والمحرمات التي يجب على المسلم اجتنابها فهي ل‬


‫تكفر بصلة ول صوم ول حج وإنما بالتوبة منها‬
‫وكذلك ما دونها من الذنوب لما روي عن ابن عباس‬
‫رضي الله عنهما أنه قال ل كبيرة مع استغفار ول‬
‫صغيرة مع إصرار وفق الله المسلمين لما فيه‬
‫صلحهم وسعادتهم ووقاهم كل شر ومكروه‬
‫)‪(2‬‬
‫والسلم‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫)( وأصحابه الكرام رضي الله عنهم‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر الكتب التية‪ -1 :‬الكبائر للذهبي‬ ‫‪2‬‬

‫الزواجر عن اقتراف الكبائر لبن حجر الهيثمي‪.‬‬ ‫‪-2‬‬


‫الكبائر للشيخ محمد بن عبد الوهاب‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تنبيه الغافلين للسمرقندي‬ ‫‪-4‬‬
‫تنبيه الغافلين لحمد بن إبراهيم الدمشقي‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫‪628‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫العقاب على العمال السيئة‬


‫بقلم‪ :‬أحمد بن عبد‬
‫الرحمن القاسم‬

‫الحمد لله المولى الحميد وأشهد أن ل إله إل‬


‫الله وحده ل شريك له وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫ورسوله‪ ..‬وبعد‬
‫فقد أخبر جل شأنه في كتابه الحكيم وسنة‬
‫رسوله الكريم عن العمال السيئة المسببة لغضب‬
‫الله والموجبة للخلود في النار للتحذير من الوقوع‬
‫فيها‪ ،‬فمن ذلك الستكبار عن طاعة الله والترفع‬
‫على العباد واحتقارهم وإيثار هذه الحياة وشهواتها‬
‫على الخرة ورغب عباده في العمال الصالحة‬
‫ما‬ ‫الموصلة إلى رضوانه وجناته في قوله تعالى ‪َ َ ‬‬
‫فأ ّ‬
‫م‬‫حي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫حَياةَ الدّن َْيا * َ‬ ‫وآ َث ََر ال ْ َ‬‫غى * َ‬ ‫ن طَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫هى‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ون َ َ‬‫ه َ‬ ‫م َرب ّ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ف َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ما َ‬ ‫وأ ّ‬ ‫وى * َ‬ ‫مأ َ‬‫ي ال َ‬ ‫ه َ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬
‫وى ‪‬‬ ‫ي ال ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫وى * َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫الن ّ ْ‬
‫)‪(1‬‬
‫مأ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ة ِ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ِ‬‫س َ‬ ‫ف َ‬
‫وفي الصحيح عن النبي ‪ ‬أنه قال "كل أمتي‬
‫يدخلون الجنة إل من أبى قيل ومن يأبى قال من‬
‫)‪(2‬‬
‫أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"‬
‫وقد بين النبي ‪ ‬أن النار الكبرى في منتهى‬
‫العذاب والنتقام قد حفت بشهوات النفوس‬
‫المحرمة كشرب الخمر والزنا والقمار وسماع‬
‫)( سورة النازعات آية ‪.41-37‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه البخاري‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪629‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الغاني والملهي والكسل عن فعل الطاعات‪،‬‬
‫بخلف الجنة التي هي في غاية من الحسن والنعيم‬
‫والشرف هي أيضا ً قد حفت وحجبت بمكروهات‬
‫النفوس من فعل الطاعات وترك للمحرمات ففي‬
‫الصحيح عن النبي ‪ ‬أنه قال "حفت الجنة بالمكاره‬
‫وحفت النار بالشهوات")‪ (1‬فضعيف النفس والرأي‬
‫والفطنة يرغب في الراحة والكسل واتباع الشهوات‪،‬‬
‫وقوي النفس والعقل والحزم يرغب فيما عند الله‬
‫من الثواب والسلمة من العذاب‪.‬‬
‫وقد بين تعالى أعمال أهل النار في آيات كثيرة‬
‫منها ما ذكره عنهم في‬
‫‪#‬‬

‫ن*‬‫صّلي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫م َ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬
‫م نَ ُ‬
‫ك ِ‬ ‫جوابه لهل الجنة ‪َ ‬‬
‫ع‬
‫م َ‬
‫ض َ‬ ‫خو ُ‬ ‫وك ُّنا ن َ ُ‬‫ن* َ‬ ‫كي َ‬‫س ِ‬‫م ْ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫ع ُ‬‫ك ن ُطْ ِ‬
‫م نَ ُ‬ ‫ول َ ْ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حّتى أَتاَنا‬ ‫ن* َ‬ ‫دي ِ‬ ‫وم ِ ال ّ‬ ‫ب ب ِي َ ْ‬ ‫وك ُّنا ن ُك َذّ ُ‬ ‫ن* َ‬ ‫ضي َ‬‫خائ ِ ِ‬
‫)‪(2‬‬
‫ن‪‬‬ ‫عي َ‬‫ف ِ‬
‫شا ِ‬ ‫ة ال ّ‬ ‫ع ُ‬
‫فا َ‬ ‫ش َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ع ُ‬
‫ف ُ‬ ‫ما ت َن ْ َ‬ ‫ن* َ‬
‫ف َ‬ ‫قي ُ‬‫ال ْي َ ِ‬
‫وذكر أعمال أهل الجنة في آيات كثيرة منها قوله‬
‫َ‬
‫ول َِياءُ‬
‫مأ ْ‬‫ه ْ‬
‫ض ُ‬
‫ع ُ‬
‫ت بَ ْ‬
‫مَنا ُ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ن َ‬
‫مُنو َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫تعالى ‪َ ‬‬
‫ْ‬
‫ر‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ن َ‬ ‫و َ‬
‫ه ْ‬‫وي َن ْ َ‬
‫ف َ‬ ‫عُرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ض ي َأ ُ‬‫ع ٍ‬ ‫بَ ْ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫عو َ‬ ‫طي ُ‬
‫وي ُ ِ‬
‫كاةَ َ‬‫ن الّز َ‬ ‫ؤُتو َ‬ ‫وي ُ ْ‬‫صَلةَ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫وي ُ ِ‬‫َ‬
‫ه ‪ ‬وفي المسند‬ ‫)‪(3‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م الل ُ‬ ‫ه ُ‬‫م ُ‬‫ح ُ‬
‫سي َْر َ‬ ‫ه أولئ ِك َ‬ ‫سول ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫عن النبي ‪ ‬أنه قال »أل أخبركم بأهل الجنة وأهل‬
‫النار أما أهل الجنة فكل ضعيف متعفف أشعث ذو‬
‫طمرين لو أقسم على الله لبره‪ ،‬وأما أهل النار‬
‫فكل جعظري جواض جماع مناع«)‪ (4‬وفي المسند‬
‫أخرجه مسلم والترمذي‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة المدثر آية ‪.48-43‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة التوبة آية ‪.71‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الجعضييري‪ :‬الفييظ الغليييظ‪ ،‬والجييواظ‪ :‬المنييوع وقيييل المختييال فييي‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬
‫‪630‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عن النبي ‪ ‬أنه قال »أول ثلثة يدخلون الجنة‬
‫الشهيد وعبد مملوك لم يشغله رق الدنيا عن طاعة‬
‫ربه وفقير متعفف ذو عيال‪ ..‬وأول ثلثة يدخلون النار‬
‫أمير مسّلط وذو ثروة من مال يمنع حتى الله في‬
‫ماله وفقير فخور فأهل الجنة هم المسلمون في‬
‫جميع الزمان من لدن آدم إلى نهاية الدنيا من‬
‫النبياء والمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين‬
‫المعظمون لله حق عظمته ومعرفته وعبادته‬
‫المنزهون له عن جميع ما ل يليق بجلله وعظمته‬
‫وكبريائه وسلطانه من جميع الشرك والشركاء‬
‫والنداد والصاحبة والولد‪ ،‬وعن صفات البشر‬
‫الناقصة من البخل والفقر والتعب والنوم والفنا‬
‫والمثبتون له ما أثبته ووصف به نفسه في جميع كتبه‬
‫وعلى ألسن رسله من أسمائه الحسنى وصفاته‬
‫العليا وذاته المقدسة وأفعاله الحكيمة على الوجه‬
‫اللئق به من غير تحريف أو تعطيل أو تشبيه أو‬
‫تمثيل‪ ،‬وأهل النار هم الذين كفروا والمشركون‬
‫والمنافقون والملحدون بعكس ذلك ل يقيمون لله‬
‫وزًنا ول قدًرا ول عظمة ول عبادة ول وقاًرا ول مخافة‬
‫ول تنزيًها المشبهون له بخلقه تعالى الله وتقدس‬
‫المقتصرون على هذه الحياة الفانية عن الخرة‬
‫الباقية‪.‬‬
‫ن لِ َ‬
‫قاءََنا‬ ‫ن َل ي َْر ُ‬
‫جو َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قال تعالى‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ضوا بال ْحياة الدن ْيا واطْ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫ن ُ‬‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ها َ‬‫مأّنوا ب ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫ِ َ َ ِ‬ ‫وَر ُ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م الّناُر ب ِ َ‬ ‫ه ُ‬‫وا ُ‬ ‫مأ َ‬‫ن * أولئ ِك َ‬ ‫فلو َ‬ ‫ن آَيات َِنا غا ِ‬ ‫ع ْ‬
‫َ‬
‫ن‪. ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫‪#‬‬
‫سُبو َ‬‫كاُنوا ي َك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫مشيته‪.‬‬
‫)( سورة يونس آية ‪.8-7‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪631‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وهؤلء أقل مرتبة عند الله من الحيوان وإن‬
‫بلغوا في الحضارة والصناعة ما بلغوا فهم حطب‬
‫ْ‬
‫وي َأك ُُلو َ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬
‫عو َ‬
‫مت ّ ُ‬ ‫ن كَ َ‬
‫فُروا ي َت َ َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫النار وطعامها ‪َ ‬‬
‫م ‪ (1) ‬‬ ‫وى ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫مث ْ ً‬
‫والّناُر َ‬
‫م َ‬
‫عا ُ‬ ‫ما ت َأ ْك ُ ُ‬
‫ل اْل َن ْ َ‬ ‫كَ َ‬
‫ن‬‫ع ِ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫و ُ‬
‫ة الدّن َْيا َ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫حَيا ِ‬ ‫م َ‬
‫هًرا ِ‬ ‫ن َ‬
‫ظا ِ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫يَ ْ‬
‫ن ‪ ‬والسباب الموجبة لعذاب‬ ‫)‪(2‬‬
‫فُلو َ‬ ‫م َ‬
‫غا ِ‬ ‫ه ْ‬
‫ة ُ‬ ‫خَر ِ‬‫اْل َ ِ‬
‫النار أنواع منها طاعة الكبراء والرؤساء والقادة‬
‫وموافقتهم في المعاصي والمخالفات كالنظمة‬
‫المخالفة للسلم وترك الطاعات واتباع الشهوات‬
‫في‬
‫م ِ‬‫ه ْ‬
‫ه ُ‬
‫جو ُ‬
‫و ُ‬ ‫قل ّ ُ‬
‫ب ُ‬ ‫م تُ َ‬ ‫كما في قوله تعالى ‪‬ي َ ْ‬
‫و َ‬
‫سوَل‬ ‫قوُلون يا ل َيت ََنا أ َطَعَنا الل ّه َ‬
‫عَنا الّر ُ‬ ‫وأ ط َ ْ‬‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ر يَ ُ‬‫الّنا ِ‬
‫ضّلوَنا‬‫فأ َ َ‬
‫وك ُب ََراءََنا َ‬
‫سادَت ََنا َ‬ ‫عَنا َ‬
‫َ‬
‫قاُلوا َرب َّنا إ ِّنا أطَ ْ‬‫و َ‬ ‫* َ‬
‫سِبيَل ‪ ‬ومنها طاعة ومتابعة الصديق والصاحب‬ ‫)‪(3‬‬
‫ال ّ‬
‫فيما هو عليه من ارتكاب المنهيات وترك المأمورات‬
‫وتقديم محبته وهواه على محبة الله وطاعته كما في‬
‫عَلى ي َدَي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫ض ال ّ‬
‫ظال ِ ُ‬ ‫ع ّ‬
‫م يَ َ‬
‫و َ‬ ‫قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫وي َ ْ‬
‫سِبيًل * َيا‬
‫ل َ‬ ‫سو ِ‬‫ع الّر ُ‬‫م َ‬
‫ت َ‬‫خذْ ُ‬ ‫ل َيا ل َي ْت َِني ات ّ َ‬‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ضل ِّني‬ ‫َ‬ ‫خِليًل * ل َ َ‬
‫فَلًنا َ‬ ‫َ‬
‫قدْ أ َ‬ ‫خذْ ُ‬‫م أت ّ ِ‬ ‫وي ْل ََتى ل َي ْت َِني ل َ ْ‬ ‫َ‬
‫جاءَِني ‪ ‬ومنها طاعة النسان‬ ‫)‪(4‬‬
‫عدَ إ ِذْ َ‬ ‫ر بَ ْ‬‫ن الذّك ْ ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫لهواه وشهواته المحرمة وتركه للعبادة وعدم مبالته‬
‫بحق الله عليه واستعمال نفسه في المعاصي‬
‫ن‬ ‫والمخالفات كما في قوله تعالى ‪‬أ َ َ َ‬
‫م ِ‬‫ت َ‬ ‫فَرأي ْ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫م ّ‬ ‫ض ّ‬
‫ل ِ‬ ‫ن أَ َ‬
‫م ْ‬ ‫ه ‪ ‬وقوله‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫)‪(5‬‬
‫وا ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ه َ‬ ‫خذَ إ ِل َ َ‬
‫ه ُ‬ ‫ات ّ َ‬
‫ه ‪ (6)‬ويدخل في ذلك‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫م َ‬
‫دى ِ‬‫ه ً‬
‫ر ُ‬‫غي ْ ِ‬‫واهُ ب ِ َ‬‫ه َ‬ ‫ع َ‬ ‫ات ّب َ َ‬
‫محمد آية ‪.12‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الروم آية ‪.7‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الحزاب آية ‪.67-66‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الفرقان آية ‪.29-27‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫الفرقان آية ‪.43‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫القصص آية ‪.50‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬


‫‪632‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫اشتغال النسان بأعماله الدنيوية من المال والولد‬
‫عن أداء ما أوجب الله عليه وطاعتهم في معصية‬
‫مُنوا َل‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الله كما في قوله تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫ت ُل ْهك ُ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫و َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ع ْ‬
‫م َ‬‫وَلدُك ُ ْ‬‫وَل أ ْ‬‫م َ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬
‫م َ‬‫مأ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫ن ‪ ‬ومن ذلك‬ ‫)‪(1‬‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ُ‬
‫فأول َئ ِ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل ذَل ِ َ‬‫ع ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫سُرو َ‬‫خا ِ‬ ‫ه ُ‬‫ك ُ‬ ‫ف َ‬
‫اشتغال النسان في جمع المال والتجارة والمنافسة‬
‫في ذلك وضعف الرغبة في أعمال الخرة وازدراء‬
‫الخلق ومنع المال من الزكاة والحسان إلى الفقراء‬
‫ن‬ ‫ن اْل ِن ْ َ‬
‫سا َ‬ ‫والمحتاجين كما في قوله تعالى ‪‬ك َّل إ ِ ّ‬
‫ن إ َِلى َرب ّ َ‬
‫ك‬ ‫غَنى * إ ِ ّ‬
‫ست َ ْ‬ ‫غى * أ َ ْ َ‬ ‫ل َي َطْ َ‬
‫ن َرآهُ ا ْ‬
‫عى ‪ (2)‬وفي المسند عن النبي ‪ ‬أنه قال‬ ‫ج َ‬ ‫الّر ْ‬
‫»اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء‬
‫واطلعت على النار فرأيت‬
‫‪#‬‬

‫أكثر أهلها النساء والغنياء« والمشاهد من فعل كثير‬


‫من الغنياء يشهد لذلك في رغبتهم عن المساجد‬
‫وغيرها‪ .‬إن ما أعده الله لعدائه وأعداء السلم‬
‫والمسلمين من النار الكبرى في منتهى العذاب‬
‫والحراق والهلك والحسرة والخسران ففي الصحيح‬
‫عن النبي ‪ ‬أنه قال »ناركم هذه التي يوقد بنو آدم‬
‫جزء واحد من سبعين جزًءا من نار جهنم قالوا والله‬
‫إن كانت لكافية قال إنها فضلت عليها بتسعة وستين‬
‫جزًءا كلهن مثل حرها« وفيها أنواع كثيرة من العذاب‬
‫تعادل حرها من شدة الجوع والعطش وحيات‬
‫وعقارب رهيبة ففي المسند عن النبي ‪ ‬أنه قال‬
‫»إن في النار حيات كأعناق البخاتي تلسع إحداهن‬
‫فا وإن في النار‬‫اللسعة فيجد حموها إلى أربعين خري ً‬
‫)( سورة المنافقون آية ‪.9‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة العلق آية ‪.8-6‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪633‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عقارب كأمثال البغال الموكفة تلسع إحداهن اللسغة‬
‫فيجد حموتها أربعين سنة« ولهم فيها أغلل تربط بها‬
‫أيديهم في رقابهم فيستقبلون النار بوجوههم‬
‫فتلفحها حتى ترتفع الشفة العليا وتنزل الشفة‬
‫السفلى‪ ،‬ولهم فيها السلسل في رقابهم تسحبهم‬
‫بها ملئكة العذاب من مكان إلى آخر تارة تسحبهم‬
‫في الجحيم على وجوههم كما في قوله تعالى ‪‬‬
‫م ‪ (1)‬وتارة‬ ‫ه ْ‬ ‫ه ِ‬
‫جو ِ‬ ‫و ُ‬‫عَلى ُ‬ ‫ر َ‬ ‫في الّنا ِ‬‫ن ِ‬ ‫حُبو َ‬ ‫س َ‬‫م يُ ْ‬‫و َ‬‫يَ ْ‬
‫تسحبهم في الحميم على وجوههم كما في قوله‬
‫ر‬
‫في الّنا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ميم ِ ث ُ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫في ال ْ َ‬ ‫ن* ِ‬ ‫حُبو َ‬ ‫تعالى ‪‬ي ُ ْ‬
‫س َ‬
‫ن ‪. (2)‬‬ ‫جُرو َ‬‫س َ‬ ‫يُ ْ‬
‫والسبب في ذلك أنهم لم يطيعوا الله بهذا‬
‫الوجوه والبدان التي خلقها وكونها وصورها بل‬
‫استعملوها في العراض والستكبار والشرك والكفر‬
‫واللحاد فكان الجزاء من جنس العمل‪.‬‬
‫وقد بين النبي ‪ ‬عظيم أبدان أهل النار‬
‫وضخامتهم وقبحهم فيها ففي الصحيح عن النبي ‪‬‬
‫أنه قال »ضرس الكافر أو نابه في النار مثل أحد‬
‫وغلظ جلده ثلثة أيام«‪.‬‬
‫وفي سنن الترمذي عنه »ومقعده من النار‬
‫مسيرة ثلثة أيام«)‪ (3‬وفي المسند والسنن عن النبي‬
‫‪ ‬أنه قال »إن من أمتي من يعظم للنار حتى يكون‬
‫أحد زواياها« ومن أشد عذابهم احتجاب الله عنهم‬
‫وسخطه وغضبه عليهم وإبعادهم من رحمته الواسعة‬
‫ذ‬‫مئ ِ ٍ‬
‫‪#‬‬

‫و َ‬‫م يَ ْ‬
‫ه ْ‬
‫ن َرب ّ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫كما في قوله تعالى‪ :‬ك َّل إ ِن ّ ُ‬

‫)( سورة القمر آية ‪.48‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة غافر آية ‪.72-71‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪634‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حيم ِ ‪ (1)‬أما‬ ‫صاُلو ال ْ َ‬
‫ج ِ‬ ‫م لَ َ‬
‫ه ْ‬ ‫ن * ثُ ّ‬
‫م إ ِن ّ ُ‬ ‫جوُبو َ‬
‫ح ُ‬ ‫لَ َ‬
‫م ْ‬
‫طعامهم في النار فإنه يختلف تمام الختلف عن‬
‫طعامهم في الدنيا المختلف الشكال واللوان‬
‫فطعامهم في غاية من الحرارة والخبث والستبشاع‬
‫ل تأكله البل فضل عن غيرها ذكر الله منه ثلثة أنواع‬
‫أحدها الزقوم وهو شجر خبيث ملعون ينبت في النار‬
‫ويتغذى بخبث أهلها فيخرج ثمره خبيثا ل يستساغ إل‬
‫ة‬
‫جَر َ‬
‫ش َ‬‫ن َ‬‫من شدة الجوع كما في قوله تعالى ‪‬إ ِ ّ‬
‫في‬‫غِلي ِ‬
‫ل يَ ْ‬
‫ه ِ‬
‫م ْ‬ ‫م اْل َِثيم ِ * َ‬
‫كال ْ ُ‬ ‫عا ُ‬‫قوم ِ * طَ َ‬‫الّز ّ‬
‫ميم ِ ‪ ‬وفي السنن عن‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫غل ْ ِ‬‫ن * كَ َ‬ ‫ال ْب ُ ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫ح ِ‬ ‫طو ِ‬
‫النبي ‪ ‬أنه قال "لو أن قطرة من الزقوم قطرت‬
‫في دار الدنيا لفسدت على أهل الدنيا معايشهم‬
‫فكيف بمن تكون طعامه"‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬الضريع وهو شجر ذو شوك مر ل فائدة‬
‫منه إل لسد ألم الجوع كما في قوله تعالى ‪‬ل َي ْ َ‬
‫س‬
‫وَل ي ُ ْ‬
‫غِني‬ ‫ن َ‬
‫م ُ‬ ‫ع * َل ي ُ ْ‬
‫س ِ‬ ‫ري ٍ‬
‫ض ِ‬
‫ن َ‬ ‫م إ ِّل ِ‬
‫م ْ‬ ‫عا ٌ‬‫م طَ َ‬‫ه ْ‬‫لَ ُ‬
‫ع ‪ (3)‬وفي السنن عن النبي ‪ ‬أنه قال‬ ‫جو ٍ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫"يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما هم فيه منم‬
‫العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع ل‬
‫يسمن ول يغني من جوع"‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬الغسلين وهو ما يجمع وينقل من قيح‬
‫أهل النار الغليظ وأوساخهم فيبادرون إلى أكله قبل‬
‫س لَ ُ‬
‫ه‬ ‫فل َي ْ َ‬
‫أن تأكله النار كما في قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ن*‬
‫سِلي ٍ‬
‫غ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫م إ ِّل ِ‬
‫م ْ‬ ‫وَل طَ َ‬
‫عا ٌ‬ ‫م* َ‬ ‫مي ٌ‬
‫ح ِ‬‫هَنا َ‬ ‫ها ُ‬ ‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ال ْي َ ْ‬
‫ه إ ِّل ال ْ َ‬ ‫ْ‬
‫ن ‪.(4)‬‬
‫خاطُِئو َ‬ ‫َل ي َأك ُل ُ ُ‬
‫المطففين آية ‪.16-15‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫الدخان آية ‪.46-43‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الغاشية آية ‪.7-6‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الحاقة من آية ‪.37-35‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪635‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وكذلك شرابهم في النار يختلف عن شرابهم في‬
‫الدنيا تمام الختلف فهو في غاية من الحرارة والقبح‬
‫والنتن فمنه الصديد وهو ما ينزل من قبحهم وعرقهم‬
‫ودموعهم ل يستساغ من حرارته ول من خبثه ول من‬
‫هيئته ول تقبله النفوس إل لدفع ألم الظمأ في قوله‬
‫وَل‬
‫ه َ‬
‫ع ُ‬
‫جّر ُ‬
‫د * ي َت َ َ‬
‫دي ٍ‬
‫ص ِ‬
‫ء َ‬
‫ما ٍ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫س َ‬
‫قى ِ‬ ‫تعالى ‪َ ‬‬
‫وي ُ ْ‬
‫ْ‬
‫و‬
‫ه َ‬
‫ما ُ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬ ‫م َ‬
‫كا ٍ‬ ‫ن كُ ّ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬
‫ت ِ‬‫و ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫وي َأِتي ِ‬‫ه َ‬‫غ ُ‬
‫سي ُ‬‫كادُ ي ُ ِ‬‫يَ َ‬
‫ظ ‪ (1)‬ومن شرابهم‬ ‫غِلي ٌ‬
‫ب َ‬‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬‫ه َ‬ ‫وَرائ ِ ِ‬‫ن َ‬‫م ْ‬‫و ِ‬‫ت َ‬ ‫مي ّ ٍ‬‫بِ َ‬
‫المهل وهو ماء غليظ أسود منتن يقطع المعاء من‬
‫غيُثوا‬
‫ست َ ِ‬
‫ن يَ ْ‬ ‫شدة حرارته كما في قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫وإ ِ ْ‬
‫جوهَ ب ِئ ْ َ‬
‫س‬ ‫وي ال ْ ُ‬
‫و ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫ه ِ‬‫م ْ‬ ‫كال ْ ُ‬
‫ء َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫غاُثوا ب ِ َ‬ ‫يُ َ‬
‫س ُ‬ ‫قا ‪ ‬وقوله‪َ  :‬‬ ‫ف ً‬‫مْرت َ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫قوا‬ ‫و ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ساءَ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ب َ‬ ‫شَرا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ما‬ ‫مي ً‬ ‫ح ِ‬‫ماءً َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫‪#‬‬

‫م ‪ ‬ومن شرابهم الغساق وهو ما‬ ‫قط ّ َ‬‫ف َ‬‫َ‬


‫)‪(3‬‬
‫ه ْ‬ ‫عاءَ ُ‬‫م َ‬ ‫عأ ْ‬
‫يسيل من جلودهم وأوساخهم وفروج الزواني وهو‬
‫في غاية من البرودة يكاد يمزق اللحم كما في قوله‬
‫شَراًبا * إ ِّل‬
‫وَل َ‬
‫دا َ‬
‫ها ب َْر ً‬‫في َ‬
‫ن ِ‬ ‫ذو ُ‬
‫قو َ‬ ‫تعالى ‪َ‬ل ي َ ُ‬
‫قا ‪ (4)‬وفي المسند‬ ‫فا ً‬ ‫و َ‬
‫جَزاءً ِ‬
‫قا * َ‬‫سا ً‬ ‫غ ّ‬‫و َ‬
‫ما َ‬
‫مي ً‬
‫ح ِ‬
‫َ‬
‫والسنن عن النبي ‪ ‬أنه قال‪» :‬لو أن دلوا من‬
‫غساق ألقى في الدنيا لنتن أهل الدنيا« وعذابهم‬
‫فيها مستمر باستمرارهم في هذه الحياة على‬
‫المعاصي والمخالفات ليس لهم فيها طعام طيب ول‬
‫شراب طيب ول هواء طيب ول منزل طيب طعامهم‬
‫من نار وشرابهم من نار ولباسهم من نار والنار‬
‫تغمرهم من جميع جوانبهم وهم في غاية من الصراخ‬
‫والبكاء والحسرة ول مجيب لهم‪ .‬اللهم ارزقنا‬
‫إبراهيم آية ‪.17-16‬‬ ‫)( سورة‬ ‫‪1‬‬

‫الكهف آية ‪.29‬‬ ‫)( سورة‬ ‫‪2‬‬

‫محمد آية ‪.15‬‬ ‫)(‪.‬سورة‬ ‫‪3‬‬

‫النبأ آية ‪.26-24‬‬ ‫)(‪.‬سورة‬ ‫‪4‬‬


‫‪636‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الستقامة على الدين إلى يوم نلقاك وأدخلنا في‬
‫واسع رحمتك وقنا عذاب النار وسائر المسلمين إنك‬
‫على كل شيء قدير وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه أجمعين)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫)( انظيير كتيياب التخويييف ميين النييار لبيين رجييب‪ ،‬والييترغيب والييترهيب‬ ‫‪1‬‬

‫للمنذري ‪.452 -5/411‬‬


‫‪637‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)‪(1‬‬
‫قسوة القلب‬

‫قال ابن القيم رحمه الله‪:‬‬


‫ما عوقب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب‬
‫والبعد عن الله وما خلقت النار إل لذابة القلوب‬
‫القاسية‪ .‬فإذا قسا القلب قحطت العين‪.‬‬
‫وقسوة القلب من أربعة أشياء إذا جاوزت قدر‬
‫الحاجة‪ :‬الكل والنوم والكلم والمخالطة‪ .‬وكما أن‬
‫البدن إذا مرض لم ينفع فيه الطعام والشراب‪،‬‬
‫فكذلك القلب إذا مرض بالشهوات لم تنجع فيه‬
‫المواعظ‪.‬‬
‫ثم قال رحمه الله‪:‬‬
‫من أراد صفاء قلبه فليؤثر الله على شهواته‪ .‬لن‬
‫القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر‬
‫تعلقها بها‪.‬‬
‫والقلوب آنية الله في أرضه فأحبها إليه أرقها‬
‫وأصلبها وأصفاها‪ ،‬شغلوا قلوبهم بالدنيا‪ .‬ولو شغلوها‬
‫بالله والدار الخرة لجالت في معاني كلمه وآياته‬
‫المشهودة ورجعت إلى أصحابها بغرائب الحكم من‬
‫الفوائد‪ ،‬إذ غذي القلب بالتذكر وسقي بالتفكر ونقي‬
‫من الفساد رأي العجائب وألهم الحكم‪.‬‬
‫خراب القلب من المن والغفلة وعمارته من‬
‫الخشية والذكر‪.‬‬
‫)( من كتاب الفوائد لي‪ :‬ابن القيم رحمه الله ص ‪.97-96‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪638‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ل تدخل محبة الله في قلب فيه حب الدنيا إل‬
‫كما يدخل الجمل في سم البرة‪ .‬وقال‪ :‬إنما يقطع‬
‫السفر ويصل المسافر بلزوم الجادة وسير الليل‪،‬‬
‫فإذا حاد المسافر عن الطريق ونام الليل كله فمتى‬
‫يصل إلى مقصده‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحمه الله‪) :‬فائدة جليلة()‪.(1‬‬
‫إذا أصبح البعد وأمسى وليس همه إل الله‬
‫وحده‪ ..‬تحمل الله سبحانه حوائجه كلها‪ ..‬وحمل عنه‬
‫‪#‬‬‫كل ما أهمه‪ ..‬وفرغ قلبه لمحبته‪ ..‬ولسانه لذكره‪..‬‬
‫وجوارحه لخدمته وطاعته‪.‬‬
‫وإذا أصبح وأمسى والدنيا همه‪ ..‬حمله الله‬
‫همومها وغمومها وأنكادها‪ ..‬ووكله إلى نفسه‪..‬‬
‫فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق – ولسانه عن‬
‫ذكره بذكرهم وجوارحه عن طاعته بخدمتهم‬
‫وأشغالهم‪ ..‬فهو يكدح كدح الوحش في خدمة غيره‪..‬‬
‫كالكير ينفخ بطنه‪ ..‬ويعصر أضلعه في نفع غيره‬
‫فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته‬
‫بلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته‪ ..‬قال تعالى‪:‬‬
‫ض لَ ُ‬
‫ه‬ ‫ن نُ َ‬
‫قي ّ ْ‬ ‫م ِ‬
‫ح َ‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ر الّر ْ‬ ‫ع ْ‬
‫ش َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬
‫و َ‬‫‪َ ‬‬
‫ن‪. ‬‬ ‫ه َ‬ ‫و لَ ُ‬ ‫طاًنا َ‬‫شي ْ َ‬
‫)‪(2‬‬
‫ري ٌ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه َ‬
‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫وقال رحمه الله‪:‬‬
‫كيف يسلم؟‪ :‬من له زوجة ل ترحمه‪ ..‬وولد ل‬
‫يعذره وجار ل يأمنه‪ ..‬وصاحب ل ينصحه‪ ..‬وشريك ل‬
‫ينصفه‪ ..‬وعدو ل ينام عن معاداته‪ ..‬ونفس أمارة‬
‫بالسوء‪ ..‬ودنيا متزينة‪ ،‬وهوى مرد‪ ..‬وشهوة غالبة‬
‫)( الفوائد ص ‪.83‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الزخرف آية ‪.36‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪639‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫له‪ ..‬وغضب قاهر وشيطان مزين‪ ..‬وضعف مستول‬
‫عليه‪ ..‬فإن توله الله وجذبه إليه انقهرت له هذه‬
‫كلها‪ ..‬وإن تخلى عنه ووكله إلى نفسه اجتمعت عليه‬
‫فكانت الهلكة)‪.(1‬‬
‫وقال‪ :‬اطلب قلبك في ثلثة مواطن‪:‬‬
‫عند سماع القرآن‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫وفي مجالس الذكر‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫وفي أوقات الخلوة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫فإن لم تجده في هذه المواطن فسل الله أن‬
‫يمن عليك بقلب فإنه ل قلب لك)‪.(2‬‬

‫)( الفوائد ص ‪.147‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الفوائد ص ‪.147‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪640‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حكم اللحية في السلم‬

‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل‬


‫نبي بعده‪:‬‬
‫روى البخاري ومسلم في صحيحهما وغيرهما‬
‫عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله ‪» ‬خالفوا المشركين وفروا اللحي‬
‫ضا »أحفوا الشوارب‬ ‫وأحفوا الشوارب« ولهما عنه أي ً‬
‫وأعفوا اللحى« وفي رواية »انهكوا الشوارب وأعفوا‬
‫اللحى« واللحية اسم للشعر النابت على الخدين‬
‫والذقن‪ .‬قال ابن حجر‪ :‬وفروا بتشديد الفاء من‬
‫التوفير وهو البقاء أي اتركوها وافرة‪ .‬وإعفاء اللحية‬
‫تركها على حالها وعدم التعرض لها بحلق أو قص أو‬
‫نتف‪.‬‬
‫ومخالفة المشركين يفسره حديث أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه »أن أهل الشرك يعفون شواربهم‬
‫ويحفون لحاهم فخالفوهم فأعفوا اللحي وأحفوا‬
‫الشوارب« رواه البزاز بسند صحيح‪ ،‬ولمسلم عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله ‪» ‬خالفوا المجوس لنهم‬
‫كانوا يقصرون لحاهم ويطولون الشوارب«‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬يحرم‬
‫حلق اللحية وقال القرطبي‪ :‬ل يجوز حلقها ول نتفها‬
‫‪641‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ول قصها وحكى ابن حزم الجماع على أن قص‬
‫الشارب وإعفاء اللحية فرض واستدل بحديث ابن‬
‫عمر »خالفوا المشركين أحفوا الشوارب وأعفوا‬
‫اللحى« وبحديث زيد بن أرقم المرفوع )من لم يأخذ‬
‫شاربه فليس منا( صححه الترمذي‪.‬‬
‫والله تبارك وتعالى جمل الرجل باللحى ويروى‬
‫من تسبيح الملئكة سبحان من زين الرجال باللحى‬
‫وقال في التمهيد ويحرم حلق اللحية ول يفعله إل‬
‫المخنثون من الرجال)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫فاللحية زينة‪ ،‬الرجال ومن تمام الخلق وبها ميز‬


‫الله الرجال من النساء‪..‬‬
‫ومن علمات الكمال‪ ،‬ونتفها في أول نباتها تشبه‬
‫بالمرأة ومن المنكرات الكبار وكذلك حلقها أو قصها‬
‫أو إزالتها بالنورة من أشد المنكرات‪ ،‬ومعصية‬
‫ظاهرة ومخالفة لمر رسول الله ‪ ‬ووقوع فيما‬
‫نهى عنه‪.‬قال المام أبو شامة وقد حدث قوم‬
‫يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس من‬
‫أنهم كانوا يقصونها وهذا في زمانه رحمه الله فكيف‬
‫لو رأى كثرة من يفعله اليوم؟ وما لهم هداهم الله‬
‫أنى يؤفكون؟ أمرهم الله بالتأسي برسوله ‪‬‬
‫فخالفوه وعصوه وتأسوا بالمجوس والكفرة وأمرهم‬
‫الله بطاعة رسوله ‪ ‬وقد قال ‪" ‬أعفوا اللحى‪،‬‬
‫أوفوا اللحى‪ ،‬أرخوا اللحى‪ ،‬أرجوا اللحى‪ ،‬وفروا‬
‫اللحى‪ ،‬فعصوه وعمدوا إلى لحاهم فحلقوها‪ ،‬وأمرهم‬

‫)( وهم المتشبهون بالنساء‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪642‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بحلق الشوارب فأطالوها‪ ،‬فعكسوا القضية وعصوا‬
‫الله جهارا بتشويه ما جمل الله به أشرف شيء من‬
‫ه‬ ‫ه َ َ‬
‫فَرآ ُ‬ ‫مل ِ ِ‬
‫ع َ‬
‫سوءُ َ‬ ‫ن لَ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ن ُزي ّ َ‬
‫م ْ‬ ‫ابن آدم وأجمله‪ .‬أ َ َ‬
‫ف َ‬
‫ن يَ َ‬
‫شاءُ‬ ‫م ْ‬
‫دي َ‬
‫ه ِ‬
‫وي َ ْ‬ ‫ن يَ َ‬
‫شاءُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ّ‬
‫ل َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه يُ ِ‬ ‫سًنا َ‬
‫فإ ِ ّ‬ ‫ح َ‬
‫َ‬
‫‪ (1)‬اللهم إنا نعوذ بك من عمى القلوب ورين‬
‫الذنوب وخزي الدنيا وعذاب الخرة‪.‬‬
‫وإعفاء اللحية من ملة إبراهيم الخليل التي ل‬
‫يرغب عنها إل من سفه نفسه‪ ،‬ومن سنة محمد ‪‬‬
‫التي تبرأ ممن رغب عنها بقوله »ومن رغب عن‬
‫سنتي فليس مني« متفق عليه‪.‬‬
‫فالواجب على كل مسلم أن يسمع ويطيع لمر‬
‫الله ورسوله ‪ ‬وأن يتبع ول يبتدع‪ ،‬وأن ل يكون من‬
‫الذين قالوا )سمعنا وعصينا( إن جمال الرجولة وكما‬
‫لها في إعفاء اللحية والهيبة والوقار هما وشاح‬
‫الملتحى والمحلوق ليس له منهما نصيب‪ .‬أيها‬
‫المسلم‪ :‬إن اللحى جمال الرجل وشعار المسلمين‬
‫وحلقها وشعار الكفار والمشركين‪ ،‬وتوفيرها من‬
‫سنن النبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين وقد‬
‫ميز الله بها بين الذكور والناث وأكرم بها الرجال‪،‬‬
‫وقد نص العلماء على أن من جنى على لحية أخيه‬
‫فأزالها على وجه ل يعود فعليه الدية كاملة ثم هو بعد‬
‫ذلك يجني على نفسه ويذهب جمال وجهه‪ .‬وقد‬
‫يكون إعفاء اللحية في هذا‬
‫‪#‬‬

‫الوقت شاًقا على كثير من الناس لمخالفته عادات‬

‫)( سورة فاطر آية ‪.8‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪643‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المجتمع وعلى الخص الزملء والنظراء ولكن المر‬
‫يسهل إذا قارن بين مصلحة إعفائها ومضرة حلقها‬
‫ما‬
‫ومجاملة المخلوقين في معصية الخالق استسل ً‬
‫للهوى والنفس المارة بالسوء وضعف في اليمان‬
‫والعزيمة‪ ،‬وسوف يموت النسان فينفرد في قبره‬
‫بعمله ول ينفعه أحد‪ .‬فكن أخي المسلم قدوة حسنة‬
‫دا للهوى‪ ،‬وقد‬
‫لبنائك وغيرهم وكن عبد الله ل عب ً‬
‫يظن بعض الناس أن إعفاء اللحية وحلقها من المور‬
‫العادية التي يتبع فيها عادات المجتمع والبيئة التي‬
‫يعيش النسان فيها وليس المر كذلك فأمر الرسول‬
‫‪ ‬للوجوب ونهيه للتحريم‪ ،‬وصفوة القول إن‬
‫الوقوف عند حد المر والنهي هو وصف المسلم‬
‫المؤمن الراضي بأحكام الله الراجي رحمته الخائف‬
‫من عذابه‪ .‬أما يخشى حالق اللحية إذا سئل في قبره‬
‫من ربك وما دينك ومن نبيك أل يعرف الجواب‪ ،‬أما‬
‫يخاف أن يطرد في القيامة عن حوض نبيه؟ أما‬
‫يخشى أن يحرم من شفاعته لنه خالف سنته‪.‬‬
‫أيها المسلم‪:‬‬
‫إن توفير اللحية وحرمة حلقها من دين الله‬
‫وشرعه الذي لم يشرع لخلقه سواه والعمل على‬
‫غير ذلك سفه وضللة وفسق وجهالة وغفلة عن‬
‫هدي سيد المرسلين ‪ ‬على أن هنالك فوائد صحية‬
‫في إعفاء اللحية فأن هذا الشعر تجرى فيه مفرزات‬
‫دهنية من الجسد يلين بها الجلد ويبقى مشرًقا نضًرا‬
‫تلوح عليه حيوية الحياة وطراوتها وإشراقها ونضرتها‬
‫كالرض الخضراء‪ ،‬وحلق اللحية يفوت هذه الوظائف‬
‫‪644‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الفرازية على الوجه فيبدو قاحًل ياب ً‬
‫سا وفيها فائدة‬
‫صحية أخرى وهي حماية لثة السنان من العوارض‬
‫الطبيعية فهي لها وقاء منها كشعر الرأس للرأس‪،‬‬
‫صا وعلمة‬‫والسلم يريد أن يجعل لتباعه كياًنا خا ً‬
‫فارقة تميزهم عن سائر الناس فل يذوبون في‬
‫دا وتبعية فيكونوا )إمعة( فكيف‬ ‫غيرهم اضمحلًل وتقلي ً‬
‫يسوغ لمسلم يؤمن بالله واليوم الخر أن يخالف‬
‫سنة نبيه وهو يتلو ويسمع الوامر والنواهي القرآنية‬
‫والنبوية‪ ،‬وكيف يجترئ المسلم على ارتكاب ما نهي‬
‫ن‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫عنه وهو يقرأ ويسمع قول الله تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ضى الل ّه ورسول ُ َ‬
‫مًرا‬‫هأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬ ‫من َ ٍ‬‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫وَل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ٍ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫لِ ُ‬
‫َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬ول مؤمنة‬
‫‪#‬‬

‫ه ْ‬
‫ر ِ‬
‫م ِ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرةُ ِ‬ ‫ه ُ‬‫ن لَ ُ‬ ‫كو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫إذا)‪ (1‬فليس المؤمن مخيًرا بين الفعل والترك ‪‬‬
‫عن أ َمر َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫صيب َ ُ‬‫ن تُ ِ‬‫هأ ْ‬‫ن َ ْ ْ ِ ِ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ر ال ّ ِ‬ ‫حذَ ِ‬ ‫فل ْي َ ْ‬ ‫َ‬
‫م ‪ (2)‬وفي إعفاء اللحية‬ ‫َ‬ ‫ع َ‬ ‫فت ْن َ ٌ َ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫صيب َ ُ‬ ‫و يُ ِ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ِ‬
‫طاعة لله واقتداء بسنة رسول الله ‪ ‬ومخالفة‬
‫لهدي الكفار والمشركين والمجوس‪ ،‬وفي حلقها‬
‫معصية لله ومخالفة لسنة رسول الله ‪ ‬وتشبه‬
‫بالنساء الملعون فاعله وتشبه بأعداء الله من الكفرة‬
‫والمشركين‪ ،‬وقد نهينا عن مشابهتهم وأمرنا‬
‫بمخالفتهم هذا وقد اتفق العلماء من الصحابة‬
‫والتابعين والئمة الربعة وغيرهم على وجوب توفير‬
‫اللحية وحرمة حلقها عمًل بأمر الرسول ‪ ‬وفعله‬
‫فكيف تطمئن نفس مسلم بمخالفة أمر الله ورسوله‬
‫وهو يزعم أنه يؤمن بالله وأمره ونهيه ووعده‬
‫ووعيده وثوابه وعقابه ويؤمن بالبعث بعد الموت‬
‫)( سورة الحزاب آية ‪.36‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.63‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪645‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والجزاء والحساب والجنة والنار‪ ..‬فالعجب كل‬
‫العجب ممن ينتسب إلى العلم والدين كيف يخالف‬
‫سنة نبيه ‪ ‬بحلق لحيته بل مبالة بما جاء عن النبي‬
‫‪ ‬تقلي ً‬
‫دا وتبعية لهل الهواء أين السلم وأين‬
‫اليمان وأين الحياء وأين العقول وأين الخوف‬
‫والرجاء وأين المحبة لله ورسوله المقتضبة للطاعة‬
‫والستسلم وأين تحقيق شهادة أن ل إله إل الله وأن‬
‫دا رسول الله بالمحبة وامتثال الوامر واجتناب‬ ‫محم ً‬
‫النواهي‪.‬‬
‫أيها المسلم –إن التأسي برسول الله ‪ -‬هو‬
‫الصراط المستقيم الذي سار عليه سلفنا الصالح‬
‫د‬ ‫وتمسك به المؤمنون وإن خالفهم الكثرون ‪‬ل َ َ‬
‫ق ْ‬
‫في رسول الل ّ ُ‬
‫ن‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫م ْ‬
‫ة لِ َ‬
‫سن َ ٌ‬
‫ح َ‬
‫وةٌ َ‬ ‫س َ‬‫هأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫وذَك ََر الل َّه ك َِثيًرا ‪‬‬ ‫م اْل َ ِ‬
‫خَر َ‬ ‫وال ْي َ ْ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬‫جو الل ّ َ‬ ‫ي َْر ُ‬
‫وبالله التوفيق وصلى الله على محمد‪.‬‬
‫المراجع‪ -1 :‬شمس الضحى في إعفاء اللحى ‪-2‬‬
‫تحريم حلق اللحى‪ -3 ،‬دلئل الثر على تحريم‬
‫التمثيل بالشعر‪.‬‬ ‫‪#‬‬

‫‪ () 1‬سورة الحزاب آية ‪.21‬‬


‫)*( من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‪.‬‬
‫‪646‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فتاوى إسلمية)*(‬

‫الحمد لله وحده وبعد‪ :‬فقد اطلعت اللجنة‬


‫الدائمة للبحوث العلمية والفتاء على الستفتاء‬
‫المقدم من المدعو‪ :‬أحمد بجاش ردمان ونصه‪:‬‬
‫السؤال‪ :‬اللحية سنة من سنن النبي ‪ ‬وهناك‬
‫أناس كثيرة منهم من يحلقها ومنهم من ينتفها ومنهم‬
‫يقصر منها ومنهم من يجحدها ومنهم من يقول إنها‬
‫سنة يؤجر فاعلها ول يعاقب تاركها ومن السفهاء من‬
‫يقول لو أن اللحية فيها خير ما طلعت مكان العانة‬
‫قبحهم الله فما حكم كل واحد من هؤلء المختلقين‬
‫ومن حكم من أنكر سنة من سنن النبي ‪.‬‬
‫والجواب‪ :‬قد دلت سنة رسول الله ‪ ‬الصحيحة‬
‫على وجوب إعفاء اللحاء وإرخائها وتوفيرها وعلى‬
‫تحريم حلقها وقصها كما في الصحيحين عن ابن عمر‬
‫رضي الله عنهما أن النبي ‪ ‬قال"قصوا الشوارب‬
‫وأعفوا اللحى خالفوا المشركين"وفي صحيح مسلم‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫"جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس"‬
‫وهذان الحديثان وما جاء في معناهما من الحاديث‬
‫كلها تدل على وجوب إعفاء اللحى وتوفيرها وتحريم‬
‫حلقها وقصها كما ذكرنا ومن زعم أن إعفاءها سنة‬
‫يثاب فاعلها ول يستحق العقاب تاركها فقد غلط‬
‫‪647‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وخالف الحاديث الصحيحة لن الصل في الوامر‬
‫الوجوب وفي النهي التحريم ول يجوز لحد أن يخالف‬
‫ظاهر الحاديث الصحيحة إل بحجة تدل على صرفها‬
‫عن ظاهرها وليس هناك حجة تصرف هذه الحاديث‬
‫عن ظاهرها‪ .‬وأما ما رواه الترمذي عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه عن النبي ‪ ‬أنه كان يأخذ من لحيته‬
‫من طولها وعرضها فهو حديث باطل ل صحة له عن‬
‫رسول الله ‪ ‬لن في إسناده راويا ً متهما ً بالكذب‪.‬‬
‫أما من استهزأ بها وشبهها بالعانة فهذا قد أتى‬
‫منكرا ً عظيما ً يوجب ردته‬
‫‪#‬‬

‫عن السلم لن السخرية بشيء مما دل عليه كتاب‬


‫الله أو سنة رسوله محمد ‪ ‬تعتبر كفرا وردة عن‬
‫ق ْ َ‬
‫وآ ََيات ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ل أِبالل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫السلم لقول الله عز وجل ‪ُ ‬‬
‫د‬ ‫ذُروا َ‬
‫ق ْ‬ ‫ن * َل ت َ ْ‬
‫عت َ ِ‬ ‫زُئو َ‬
‫ه ِ‬
‫ست َ ْ‬‫م تَ ْ‬ ‫ه ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫سول ِ ِ‬ ‫وَر ُ‬‫َ‬
‫م ‪ ‬الية ونسأل الله لنا ولكم‬
‫)‪(1‬‬
‫مان ِك ُ ْ‬
‫عدَ ِإي َ‬ ‫م بَ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫فْرت ُ ْ‬
‫ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق والعافية من‬
‫مضلت الفتن وصلى الله وسلم على عبده ورسوله‬
‫محمد وآله وصحبه‪..‬‬
‫س‪ :‬سبق أن استفسرنا من فضيلتكم عن سماع‬
‫الغاني وأجبتونا بأن الغاني الماجنة حرام سماعها‬
‫لهذا ما حكم سماع الغاني الدينية والوطنية وأغاني‬
‫ما‬
‫ما بأنها تكون دائ ً‬
‫الطفال وأعياد الميلد عل ً‬
‫مصحوبة بعزف سواء في الراديو أو في التلفزيون؟‬
‫قا والغاني الدينية‬
‫ج‪ :‬العزف حرام مطل ً‬
‫والوطنية وأغاني الطفال إذا كانت مصحوبة بالعزف‬

‫)( سورة التوبة ‪.66-65‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪648‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فهي محرمة وأما أعياد الميلد فهي بدعة ويحرم‬
‫حضورها والمشاركة فيها‪.‬‬
‫ومن الدلة على تحريم الغاني والناشيد‬
‫المشتملة على العزف قول النبي ‪» ‬ليكونن من‬
‫أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر‬
‫والمعازف« رواه البخاري في صحيحه مع أحاديث‬
‫أخرى وردت في هذا الباب‪.‬‬

‫)فتوى رقم ‪(1068‬‬


‫بقول السائل‪:‬‬
‫هل يؤاخذ الله عز وجل حالق اللحية‪ ،‬ويعاقبه‬
‫لمخالفة الرسول ‪ ‬لقوله »خالفوا المشركين‬
‫وفروا اللحى وأحفوا الشوارب« وهل اللحية شرط‬
‫في اليمان الكامل للمسلم يؤاخذ الله عليها ويعاقب‬
‫حالقها؟‪.‬‬
‫فأجابت اللجنة الدائمة للفتاء برئاسة الشيخ عبد‬
‫العزيز بن باز‪:‬‬
‫الجواب‪ :‬حلق اللحية –بعضها أو كلها حرام ينافي‬
‫كمال اليمان الواجب وحالقها يستحق التعزير في‬
‫‪#‬‬‫الدنيا والعذاب يوم القيامة إل أن يتوب قبل موته‬
‫فإن تاب توبة صادقة وأعفى لحيته تاب الله عليه‬
‫ب َ‬ ‫وإ ِّني ل َ َ‬
‫م َ‬
‫ل‬ ‫ع ِ‬
‫و َ‬
‫ن َ‬‫م َ‬
‫وآ َ‬
‫ن َتا َ َ‬
‫م ْ‬ ‫غ ّ‬
‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫لقوله تعالى ‪َ ‬‬
‫دى ‪ (1)‬وإن أصر على حلقها حتى‬ ‫هت َ َ‬‫ما ْ‬‫حا ث ُ ّ‬
‫صال ِ ً‬
‫َ‬
‫مات استحق العقوبة وهو في مشيئة الله إن مات‬
‫على اليمان إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه‪ .‬وصلى‬
‫الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫)( سورة طه آية ‪.82‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪649‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪650‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)نصيحة(‬

‫بقول حري بالصواب‬ ‫أخي استمع مني هديت‬


‫ونافع‬
‫الكبر ناء مائل‬ ‫عن‬ ‫نصيحة‬
‫من أخي ود شفيق‬ ‫أتت‬
‫للتواضع‬
‫أهل الغرب صهب‬ ‫مقلد‬ ‫على الذي‬
‫أبصرت عيناك محلوق‬ ‫إذا‬
‫المفارع أتى عمن أتى‬
‫وقل ما‬ ‫لحية فالجأ حامدا‬
‫فلله‬
‫بالشرائع‬
‫لخلقهم تحظى بأعلى‬ ‫متضرعا‬
‫أن تحيا سعيدا منا‬ ‫لعلك‬
‫المواضع‬
‫اللحا أهل العلوم‬ ‫معفى‬ ‫بذا‬
‫وتعنى بأخلق النبي‬
‫الجوامع‬
‫بإعفائها أكرم بهم من‬ ‫وصحبه‬
‫بين من قد شابهوا‬ ‫فكم‬
‫متابع لها ونتفها‬
‫بحلق‬ ‫مرسل‬
‫أمر المصطفى‬ ‫خير‬
‫ومن رد‬
‫بالصابع‬
‫تركها من‬ ‫يرى‬ ‫القصلها‬
‫أو تحريقها أو‬ ‫فاعتدى‬
‫أو‬
‫الفظائع‬
‫عله‬ ‫معظمات شعر‬
‫إذا ما بدا‬ ‫بكيهاعليها كل صبح بما‬
‫يغير‬
‫بقاطع‬
‫ناصح مغن ول‬ ‫فما‬ ‫حق‬
‫كأن له ثأًرا عليها‬
‫شافع‬
‫إل بجلد‬ ‫شفعأمنها‬
‫فما‬ ‫فافي كل صبح‬ ‫مهددة ً‬
‫مضاع‬
‫ممانع‬
‫فتحلقها حلق العنيد‬ ‫وروحة‬
‫قلت لم تعص النبي‬ ‫إذا‬
‫المدافع‬
‫وعصيان العدو‬ ‫علينا‬ ‫دا‬
‫محم ً‬
‫أوجب الرحمن طاعة‬ ‫أما‬
‫المقاطع‬
‫تكن للمصطفى‬ ‫فوفر‬ ‫أحمد‬
‫قال أرخو اللحى‬ ‫أما‬
‫بمتابع‬
‫سيرجع عن اتلفها‬ ‫ووفروا‬
‫فأطرق حتى إن ظننت‬
‫بمسارعفي جد من‬
‫ويعزم‬ ‫بأنه‬
‫ويندم عما قد مضى منه‬
‫قاطعغيري‬ ‫الحزم‬
‫ألست ترى‬ ‫أول‬
‫فقال بما قال الكثير‬
‫بسامعفي وخيم‬
‫فلستفضلوا‬
‫تولوا‬ ‫دا أليس الكثرون‬
‫معان ً‬
‫فقلت‬
‫البلقع‬
‫الدين والخلق‬ ‫وفي‬ ‫الهدى الشياء للضد‬ ‫عن‬
‫وفي تافه‬
‫صفر البضائع‬ ‫قلدوا‬
‫‪651‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تقارن في عدل عن‬ ‫فيا بعد ما بين الفريقين‬
‫شاسع حول‬ ‫الجور‬
‫في يدي‬ ‫فما‬ ‫عندما‬
‫وأختم قولي حول ما‬
‫بدافع بين سود‬ ‫فلست‬
‫شعرها ما‬ ‫لنا‬ ‫سلمأوًل‬
‫على معفى اللحا‬ ‫قلت‬
‫وناصع‬
‫أحمد المختار جم‬ ‫على‬ ‫ما بدا‬
‫إلهي كل ما ذر‬ ‫كل‬
‫وصل‬
‫المنافع‬ ‫شارق‬
‫)ناصح(‬
‫‪#‬‬
‫‪652‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الوصية بتقوى الله )قصيدة‬
‫من إنشاء المحتاج إلى عفو ربه المنان‬
‫صالح بن سليمان بن سحمان‬
‫وأوباشها بين الورى‬ ‫خفافيش هذا الوقت‬
‫ظهرالكفار من‬ ‫شرها‬
‫عابت‬ ‫كما‬ ‫ضررالدين من‬
‫لهاأهل‬ ‫يكان‬
‫عيبون‬
‫منمضر‬
‫الوحيين كان‬ ‫بنصمن‬
‫جاء‬ ‫يقولونبهم‬
‫رجعيون لما‬ ‫جهلهم‬
‫الثر‬
‫سواد حين كان به‬ ‫له‬
‫وترك‬ ‫تمسكوا‬
‫وإعفائهم تلك اللحى‬
‫غرر‬
‫لديهم حماقات‬ ‫لجمالها‬
‫وحملهمو تلك العصى‬
‫مطهربها الشر‬ ‫ومسواك‬
‫سحيقات‬ ‫لنها‬
‫ياليت شعري أين يغدى مهاو‬ ‫ف‬
‫والضرر‬
‫الفعلة الشنعاء‬ ‫مع‬ ‫بهم إلى‬
‫كشربهمو وتلك الخمور‬
‫ذكركيف يرضى‬ ‫بإتياهم‬
‫تلظى‬ ‫ونار‬ ‫سفاهة‬
‫ومكهمو التنباك وهو‬
‫البشر يخفى لدى‬ ‫بذا‬
‫تعاطاه ل‬ ‫هلكهم داء السراطين‬
‫بمجلبة‬
‫خبروسح ً‬
‫قا لمن‬ ‫من تًبا‬ ‫كل‬
‫لشاربه‬ ‫من‬
‫داء السكت ل شك‬ ‫كل‬
‫كذلك‬
‫سخر‬
‫بسيف ورمح فعل من‬ ‫حاصل‬
‫وذمهمو مع سخرهم‬
‫غبرل تكشفوها‬ ‫مات أو‬
‫مخازيكمو‬ ‫لحروبنا‬
‫ثكلتكمو يا أجهل الناس‬
‫فتنتشر‬
‫كنتمو حرًبا لمن‬ ‫متى‬ ‫فاستروا‬
‫كنتمو أهل لكل‬ ‫متى‬
‫كفرمدفع يقطع‬ ‫حاد أو‬
‫وقنبلة أو‬ ‫فضيلة‬
‫دستمو رأس العدو‬ ‫متى‬
‫الثر‬
‫جهابذه نور البصيرة‬ ‫ما‬
‫خا كرا ً‬ ‫بفيلق‬
‫تعيبون أشيا ً‬
‫والبصرحرًيا بالسعادة‬
‫فليس‬ ‫أعزة لم يوقر أشيب‬
‫فمن‬
‫)‪(1‬‬
‫والظفرمدخر‬
‫‪#‬‬ ‫والجر‬ ‫واللحى‬
‫الشياخ فهو‬ ‫وقر‬‫الرأس‬
‫ومن‬
‫موفق‬
‫)( وفي الحديث أن من إجلل الليه إكيرام ذي الشيييبة المسيلم وحاميل‬ ‫‪1‬‬

‫القرآن غير الغالي فيه والجيافي عنيه وإكيرام ذي السيلطان المقسيط‪،‬‬


‫رواه أبو داود وهو حسن وفي الحديث الصحيح‪ :‬ليس منا من لييم يرحييم‬
‫صييغيرنا ويعييرف شييرف كبيرنييا وفييي رواييية حييق كبيرنييا رواه أبييو داود‬
‫والترمذي وصححه‪.‬‬
‫‪653‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بهم يدفع الله البليا‬ ‫فهم بركات للبلد‬
‫)‪(2‬‬ ‫البشر‬
‫الحجر‬ ‫عن‬
‫فوقنا‬ ‫وأهلها‬
‫لم يكن طفل‬ ‫ولو‬
‫نصيحة من يرضى لكم‬ ‫ركعالسلم بالله‬ ‫وشبان‬
‫مدعي‬ ‫فيا‬
‫مفتخر‬
‫صلة في‬ ‫كل‬
‫وحفظ‬ ‫اقبلوابتقوى الله جل‬
‫عليكم‬ ‫ف‬
‫تنتظركل من‬
‫الجماعة عنها‬
‫سيرحل‬ ‫جللههذه الدنيا بدار‬
‫فما‬
‫سهر‬
‫تخشى الله‬ ‫نام أو‬
‫آن أن‬ ‫أما‬ ‫إقامة‬
‫من تمادى في‬ ‫ويا‬
‫سريعحضر‬
‫انتقام أخذه أخذ‬ ‫كمن‬ ‫والعمى إن كنت‬ ‫الضللة‬
‫بالمرصاد‬ ‫فربك‬
‫مقتدر وسواس الصدور‬
‫ويعلم‬ ‫غافًل‬
‫وربك ل يخفى عليه‬
‫أسرالمأوى وسووه‬
‫ومنجنة‬
‫إلى‬ ‫خفية‬
‫فتوبوا إلى المولى‬
‫مؤتمروتمكيًنا كذا الذنب‬
‫وعًزا‬ ‫جماًل‬
‫وسارعوا‬
‫عا بدنياكم‬
‫جمي ً‬
‫تنالوا‬
‫يغتفروحلم كي بذا‬
‫بعلم‬ ‫ورفعة‬
‫آمري بالعرف بالله‬ ‫ويا‬
‫تأتمر‬
‫الفاروق أعني‬ ‫الناس‬
‫فعل‬ ‫كما‬ ‫فأمروا‬
‫وقوموا على أولدكم‬
‫مععمر‬
‫الله نيات لكم‬ ‫به‬ ‫أمركم‬
‫المسلمين‬ ‫قبلعلماء‬
‫ويا‬
‫الشر المر‬
‫وانبذوا لوالي‬
‫وكونوا‬ ‫فاخلصوا‬
‫صلح الناس طًرا‬ ‫فإن‬
‫صلة مؤتزر‬
‫وتسليم على سيد‬ ‫أنفع‬ ‫صلحكم ما يحلو الختام‬
‫وأحسن‬
‫البشر‬
‫وأصحابه والتابعين على‬ ‫بذكره المعصوم والل‬
‫محمد‬
‫‪#‬‬ ‫الثر‬ ‫كلهم‬

‫)( وفي الحديث مهل عن الله مهل إنه لييول أشييياخ ركييع وأطفييال رضييع‬ ‫‪2‬‬

‫وبهائم رتع لصب عليكم البلء صبا‪ ،‬رواه البزار وغيره‪.‬‬


‫‪654‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)من فضائل ذكر الله تعالى(‬

‫دا لك اللهم على نعمك اللهم صل وسلم‬ ‫حم ً‬


‫وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫أخي المسلم‪ :‬هل تريد أن تكسب هذا اليوم‬
‫مليون حسنة ويمحى عنك مليون سيئة ويرفع لك‬
‫مليون درجة‪ .‬ما دام أن جوابك نعم فاقرأ ما قاله‬
‫نبيك ‪ ‬تجد أن هذا الخير ينتظرك بأن تدخل السوق‬
‫فتكسب هذا الفضل العظيم ففي الحديث عن عمر‬
‫بن الخطاب رضي الله عنه وغيره أن رسول الله ‪‬‬
‫قال "من دخل السوق فقال ل إله إل الله وحده ل‬
‫شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو حي‬
‫ل يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب‬
‫الله له ألف ألف حسنة‪ .‬ومحا عنه ألف ألف سيئة‬
‫ورفع له ألف ألف درجة‪ .‬رواه الترمذي وغيره‬
‫وإسناده حسن ورواته ثقات‪.‬‬
‫أخي في الله‪ :‬هل تعلمت سيد الستغفار؟‬
‫لتضمن لك الجنة إن أنت مت مساًء ول بد لنا من‬
‫حا أو مساًء‪ .‬إًذا إليك سيد الستغفار‬
‫الموت صبا ً‬
‫أدعوك لحفظه وتعليمه أهلك وإخوانك ففي صحيح‬
‫البخاري عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن النبي‬
‫‪ ‬قال سيد الستغفار أن يقول العبد‪" :‬اللهم أنت‬
‫‪655‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ربي ل إله إل أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك‬
‫ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت‪.‬‬
‫أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه ل‬
‫يغفر الذنوب إل أنت"‪ .‬ومن قالها بالنهار موقًنا بها‬
‫فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة‬
‫ومن قالها من الليل وهو موقن بها فمات قبل أن‬
‫يصبح فهو من أهل الجنة‪ .‬معنى أبوء أقر وأعترف‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫‪ ‬من قال‪" :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له له‬
‫‪#‬‬ ‫الملك وله الحمد وهو‬
‫على كل شيء قدير" في يوم مائة مرة كانت له‬
‫عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحيت عنه‬
‫مائة سيئة وكانت له حرًزا من الشيطان يومه ذلك‬
‫حتى يمسي ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إل رجل‬
‫عمل أكثر منه‪ :‬ومن قال سبحان الله وبحمده في‬
‫يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد‬
‫البحر رواه البخاري ومسلم‪ .‬أرجوك يا أخي المسلم‬
‫أن تحفظ ذلك وتردده يومًيا حتى آخر يوم من أيامك‬
‫لتحصل على هذا الخير العظيم‪ .‬وفقنا الله جميًعا‬
‫لطاعته وأعاننا على ذكره وشكره وحسن عبادته‪.‬‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫أدعوك لقتناء كتاب الذكار للنووي والكلم‬
‫الطيب لشيخ السلم ابن تيمية رحمهما الله والوابل‬
‫الصيب لبن القيم رحمه الله‪.‬‬
‫‪#‬‬ ‫عبد الله بن علي الغضية‬
‫‪656‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫مشروعية رفع اليدين في الدعاء‬

‫قال البخاري في صحيحه )باب رفع اليدي في‬


‫الدعاء(‪ .‬وقال أبو موسى الشعري دعا النبي ‪ ‬ثم‬
‫رفع يديه ورأيت بياض أبطيه‪ .‬وقال ابن عمر رفع‬
‫النبي ‪ ‬يديه وقال »اللهم إني أبرأ إليك مما صنع‬
‫خالد«‪.‬‬
‫قال أبو عبد الله وقال الويسي حدثني محمد بن‬
‫سا أن‬
‫جعفر عن يحيى بن سعيد وشريك سمعا أن ً‬
‫النبي ‪ ‬رفع يديه حتى رأيت بياض إبطيه‪ .‬قال في‬
‫فتح الباري وفيه رد على من قال ل ترفع اليدين في‬
‫الدعاء غير الستسقاء وتمسك بحديث أنس لم يكن‬
‫النبي ‪ ‬يرفع يديه في شيء من دعائه إل في‬
‫الستسقاء‪ .‬وهو صحيح لكن جمع بينه وبين أحاديث‬
‫الباب وما في معناها بأن المنفي صفة خاصة ل أصل‬
‫الرفع‪ .‬قال وقد أشرت إلى ذلك في أبواب‬
‫الستسقاء وحاصله أن الرفع في الستسقاء يخالف‬
‫غيره‪ .‬إما بالمبالغة إلى أن تصير اليدان في حذو‬
‫الوجه مثًل وفي الدعاء إلى حذو المنكبين‪ ،‬ول يعكر‬
‫على ذلك‪ ،‬أنه ثبت في كل منهما )حتى يرى بياض‬
‫إبطيه( بل يجمع بأن تكون رؤية البياض في‬
‫الستسقاء أبلغ منها في غيره‪ ،‬قال ومن الحاديث‬
‫الصحيحة في ذلك ما أخرجه البخاري في جزء رفع‬
‫اليدين )رأيت النبي ‪ ‬رافًعا يديه يدعو لعثمان(‪.‬‬
‫‪657‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ولمسلم من حديث عبد الرحمن بن سمرة في‬
‫قصة الكسوف )فانتهيت إلى النبي ‪ ‬وهو رافع يديه‬
‫ضا‬‫يدعو( وعنده في حديث عائشة في الكسوف أي ً‬
‫)ثم رفع يديه يدعو( وفي حديثه عنده في دعائه ‪‬‬
‫لهل البقيع )فرفع يديه ثلث مرات( الحديث ومن‬
‫حديث أبي هريرة الطويل في فتح مكة )فرفع يديه‬
‫وجعل يدعو( وفي الصحيحين من حديث أبي حميد‬
‫في قصة ابن اللتبية )ثم رفع يديه حتى رأيت عفرة‬
‫إبطيه يقول اللهم هل بلغت( ومن حديث عبد الله بن‬
‫عمرو )أن النبي ‪ ‬ذكر قول إبراهيم وعيسى فرفع‬
‫يديه وقال )اللهم أمتي( وفي حديث‬
‫عمر )كان رسول الله ‪ ‬إذا أنزل عليه الوحي‬
‫‪#‬‬ ‫يسمع عند وجهه‬
‫ما ثم سري عنه‬‫كدوي النحل فأنزل الله عليه يو ً‬
‫فاستقبل القبلة )فرفع يديه ودعا( والحديث أخرجه‬
‫الترمذي واللفظ له والنسائي والحاكم وفي حديث‬
‫أسامة )كنت رديف النبي ‪ ‬بعرفات فرفع يديه‬
‫يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها فتناوله بيده‬
‫وهو رافع اليد الخرى أخرجه النسائي بسند جيد‪.‬‬
‫وفي حديث قيس بن سعد عند أبي داود )ثم رفع‬
‫رسول الله ‪ ‬يديه وهو يقول اللهم صلواتك‬
‫ورحمتك على آل سعد بن عبادة( الحديث وسنده‬
‫جيد والحاديث في ذلك كثيرة وقد أخرج أبو داود‬
‫والترمذي وحسنه وغيرهما من حديث سلمان رفعه‬
‫)إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه‬
‫إليه أن يردهما صفًرا( بكسر الصاد وسكون الفاء أي‬
‫‪658‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫خالية وسنده جيد )انظر فتح الباري شرح صحيح‬
‫البخاري جي ‪ 11‬ص ‪ (143 -141‬وقال في شرح‬
‫السنة )باب أدب الدعاء ورفع اليدين فيه(‪.‬‬
‫قال أبو هريرة استقبل رسول الله ‪ ‬القبلة‬
‫سا وأت بهم( رواه‬
‫ورفع يديه وقال )اللهم اهد دو ً‬
‫البخاري ومسلم‪ .‬ثم ذكر الحاديث الواردة في هذا‬
‫الباب )انظر شرح السنة للمام البغوي جي ‪ 5‬ص‬
‫‪.200‬‬
‫وقال الشوكاني ويدل على مشروعية رفع‬
‫اليدين في الدعاء ما وقع منه ‪ ‬من رفع يديه في‬
‫نحو ثلثين موضًعا في أدعية متنوعة )انظر تحفة‬
‫الذاكرين بشرح عدة الحصن الحصين من كلم سيد‬
‫المرسلين ‪ ‬للمام الشوكاني( ص ‪.36‬‬
‫وقال ابن رجب رفع اليدين من آداب الدعاء التي‬
‫يرجى بسببها إجابته‪ ،‬وكان النبي ‪ ‬يرفع يديه في‬
‫الستسقاء حتى يرى بياض إبطيه‪ .‬ورفع يديه يوم بدر‬
‫يستنصر الله على المشركين حتى سقط رداؤه عن‬
‫منكبيه انظر جامع العلوم والحكم لبن رجب ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ 253‬منشورات المؤسسة السعيدية بالرياض(‪.‬‬
‫وفي كتاب الدرر السنية في الجوبة النجدية )ج‬
‫‪ 4‬ص ‪ (158‬وأجاب الشيخ سعيد بن حجي رفع‬
‫اليدين عند الدعاء فيه أحاديث كثيرة ول ينكره إل‬
‫جاهل ثم قال وذكر ابن حجر أن رفع اليدين في‬
‫الدعاء سنة في غير الصلة‬
‫‪#‬‬
‫‪659‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وفيها في القنوت‪ .‬فأما دعاء المام والمأمومين‬
‫ورفع أيديهم بعد الصلة فقال الشيخ تقي الدين )ابن‬
‫تيمية( في مجموع الفتاوى ج ‪ 22‬ص ‪ 492‬ولم ينقل‬
‫أحد أن النبي ‪ ‬كان إذا صلى بالناس يدعو بعد‬
‫الخروج من الصلة هو والمأمومون جميًعا بل‬
‫يذكرون الله كما جاء في الحاديث‪ .‬ومما تقدم من‬
‫الحاديث الصحيحة وكلم أهل العلم يتضح مشروعية‬
‫رفع اليدين في الدعاء وأنه من آدابه ومن أسباب‬
‫الجابة فيه وبالله التوفيق‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪660‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫نصيحة للشباب )*(‬

‫الحمد لله وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬


‫وعلى آله وصحبه وبعد‪ :‬أيها الشاب المسلم أدعوك‬
‫ونفسي إلى إنقاذ أنفسنا ما دام في العمر بقية وما‬
‫دامت تقبل منا التوبة‪ ..‬أدعوك إلى الرجوع إلى الله‬
‫سبحانه وتعالى والتوبة إليه بالخلص له تعالى‬
‫وطاعته واتباع الرسول ‪ ‬وأذكرك بعمود الدين‬
‫الصلة التي تهاون بها أكثر شباب المسلمين هدانا‬
‫الله وإياهم حافظ عليها في أوقاتها مع جماعة‬
‫المسلمين في المسجد وصلها بنية خالصة لله‬
‫وخشوع فإن من حفظها وحافظ عليها كانت له نوًرا‬
‫وبرهاًنا ونجاة من النار‪ ،‬ومن لم يحافظ عليها لم‬
‫تكن له نوًرا ول برهاًنا ول نجاة‪ ،‬وقد توعد سبحانه‬
‫المتهاونين بها الساهين عنها بويل وهو واد في جهنم‬
‫والعياذ بالله‪ ،‬أما من تركها بالكلية من المكلفين فإنه‬
‫كافر خارج عن السلم إذا لم يتب ويصلي قال‬
‫رسول الله ‪» :‬بين الرجل وبين الكفر ترك‬
‫الصلة«)‪ (1‬وقال‪» :‬العهد الذي بيننا وبينهم الصلة‬
‫فمن تركها فقد كفر«)‪ (2‬فحافظ عليها يحفظك الله‬
‫في الدنيا والخرة‪ .‬واحذر أيها الشاب المسلم داًء‬
‫خطيًرا ومنكًرا تفشي في المجتمع ولم ينج منه إل‬
‫القليل ذلك هو التدخين وما في حكمه من المخدرات‬

‫‪ (*) 1‬من الشيخ عبد الرحمن الحماد العمر‪.‬‬


‫)( رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ () 2‬رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬
‫‪661‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والمسكرات التي أولها عبث وأوسطها عادة ونهايتها‬
‫دمار وعار ونار والعياذ بالله أفتى أكثر العلماء من‬
‫كل مذهب بتحريمه وأن شاربه وبائعه ومشتريه‬
‫عصاة لله للدلة التية التي يكفي واحد بتحريمه‪:‬‬
‫ثبت أنه مفتر يدرك ذلك من أبطأ عنه‬ ‫)‪(1‬‬
‫لصيام ونحوه‪ .‬فإنه يصاب بالفتور مدة حينما يشربه‬
‫بخلف المنبهات كالقهوة والشاي فهي على العكس‬
‫منه ففي الحديث‪ :‬نهي رسول الله ‪ ‬عن كل‬
‫مسكر ومفتر)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫)( رواه المييام أحمييد وأبييو داود عيين أم سييلمة وصييححه السيييوطي‬ ‫‪1‬‬

‫والعراقي‪.‬‬
‫‪662‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أجمع الطباء بأنه ضار ينشأ عنه أمراض‬ ‫)‪(2‬‬
‫فتاكة كالسل الرئوي وسرطان الحلق والكحة‬
‫المزمنة وفساد كريات الدم ومرض القلب ويسبب‬
‫موت الفجأة وفي الحديث »من قتل نفسه بشيء‬
‫عذب به يوم القيامة«)‪.(1‬‬
‫)‪ (3‬النفقة فيه تبذير وقد سمى الله المبذرين‬
‫إخوان الشياطين‪.‬‬
‫)‪ (4‬فيه أذى للمؤمنين والمؤمنات الذين ل‬
‫يدخنون لخبث رائحته وأذية المؤمن بغير حق من‬
‫عظائم الذنوب‪.‬‬
‫ما دام أنه كما تقدم فهو خبيث من‬ ‫)‪(5‬‬
‫الخبائث المحرمة بنص الكتاب والسنة إلى جانب أنه‬
‫يقرب شاربه من الشرار ويباعده عن الخيار وعن‬
‫بيوت الله ومجالس الذكر فاستعن بالله يا من ابتليت‬
‫بشربه واتركه وتب إلى الله وابتعد عن شاربيه ول‬
‫تجالسهم فإنهم في الحقيقة أعداء لك‪ ،‬وعليك‬
‫بالخيار ومجالس العلم ينور الله بصيرتك ويشرح‬
‫صدرك‪ .‬واحذر أيها الشاب المسلم النخراط في‬
‫سلك المشجعين في الندية الرياضية الذين تستعر‬
‫بينهم نار الجدل والخلف والسباب ويلطخون أسوار‬
‫المسلمين بالكتابات والوساخ ويؤذونهم فإن ذلك‬
‫الصنع حرام بنص الكتاب والسنة‪ .‬واحذر عملية‬
‫القدام على اللعب بالسيارات في الشوارع‬
‫والميادين وهو ما يسمى بالتفحيط فإن هذه جريمة‬
‫وذنب يرتكبه فاعله في حق المسلمين لما يسببه‬
‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪663‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫من إزعاج وأخطار وحري أن يستجيب الله دعاهم‬
‫عليه فيهلكه الله سبحانه شر مهلك في الدنيا‬
‫والخرة والعياذ بالله‪ ،‬بالضافة إلى ما يسببه على‬
‫نفسه وأهله من خطر وتدمير لسيارته‪.‬‬
‫واحذر التشبه بأعداء الله من المجوس واليهود‬
‫وغيرهم بارتكاب ما ارتكبه أكثر الشباب هداهم الله‬
‫من حلق اللحى وإطالة الشوارب وإسبال الملبس‬
‫ولبس الذهب والعكوف على الملهي المحرمة‬
‫والنظر إلى الصور الخليعة‪ ..‬فإن هذا من أسباب‬
‫انتكاس القلب وعماه وجالب لسخط الله وعقابه في‬
‫الدنيا والخرة نعوذ بالله من سخطه وأليم عقابه‪.‬‬
‫فالذي أوصيك به ونفسي تقوى الله وطاعته‬
‫‪#‬‬‫واحرص مهما أمكن على‬
‫الزواج المبكر امتثال لمر الله ورسوله ‪ ‬وقد قال‬
‫عليه الصلة والسلم وهو الصادق المصدوق‬
‫المعصوم‪» :‬يا معشر الشباب من استطاع منكم‬
‫الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن‬
‫لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء«)‪ (1‬واحذر‬
‫دعايات المتفرنجين المنفرين عن الزواج المبكر‬
‫بحجة إكمال الدراسة أو غيرها فإنهم في الحقيقة‬
‫دعاة إلى الشر والفساد والرذيلة شعروا بذلك أم لم‬
‫يشعروا وقد جربنا الزواج ونحن في بداية المرحلة‬
‫الثانوية فوجدناه أكبر عون لنا بعد الله على العفاف‬
‫والسكينة وراحة الضمير والتفرغ القلبي للمذاكرة‪،‬‬
‫ول تنس أن أي شيء يأمر الله به ورسوله ‪ ‬فهو‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪664‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الخير في العاجل والجل وأن كل شيء ينهى الله‬
‫عنه ورسوله ‪ ‬فهو الشر في العاجل والجل أدرك‬
‫الناس الحكمة من وراء ذلك المر والنهي أم لم‬
‫يدركوا‪ ،‬ومن لم يؤمن بذلك ويعتقد أنه الحق فهو‬
‫ضال وليس بمؤمن‪ .‬وأوصيك بتعلم كتاب الله العزيز‬
‫وتلوته وتعلم سنة رسول الله ‪ ‬ومجالسة‬
‫الصالحين‪ ،‬والستعداد للموت وما بعده وأوصيك‬
‫بطاعة والديك وبرهما ومخالقة الناس بالخلق‬
‫الحسن والمر بالمعروف والنهي عن المنكر على‬
‫الوجه المشروع‪.‬‬
‫أسأل الله لي ولك التوفيق وصلى الله على نبينا‬
‫‪#‬‬ ‫ما‪.‬‬
‫محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسلي ً‬
‫‪665‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حكم الغناء واستماعه‬

‫الغناء والستماع إليه حرام ومنكر ومن أسباب‬


‫مرض القلوب وقسوتها وقد ذكر بعض العلماء‬
‫الجماع على تحريمه)‪.(1‬‬
‫أدلة التحريم‪:‬‬
‫الدلة على تحريمه كثيرة جدا ً نذكر منها‪:‬‬
‫من‬
‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬
‫م َ‬ ‫الدليل الول‪ :‬قال تعالى ‪َ ‬‬
‫و ِ‬
‫ر‬
‫غي ْ ِ‬ ‫ه بِ َ‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ث ل ِي ُ ِ‬
‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬‫ري ل َ ْ‬ ‫شت َ ِ‬‫يَ ْ‬
‫وإ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫هين َ‬ ‫م ِ‬
‫ب ّ‬ ‫ع َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ك لَ ُ‬‫وا ُأول َئ ِ َ‬‫هُز ً‬ ‫ها ُ‬ ‫خذَ َ‬ ‫عل ْم ٍ َ‬
‫وي َت ّ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫ها‬ ‫ع َ‬ ‫م ْ‬‫س َ‬‫م يَ ْ‬ ‫ست َك ْب ًِرا ك َأن ل ّ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وّلى ُ‬ ‫ه آَيات َُنا َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫ت ُت َْلى َ‬
‫ب أ َِليم ‪ ‬سورة‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ع َ‬
‫شْرهُ ب ِ َ‬ ‫فب َ ّ‬‫قًرا َ‬ ‫و ْ‬‫ه َ‬
‫ُ‬
‫في أذُن َي ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫ك َأ ّ‬
‫لقمان آية ‪ 6‬قال الواحدي وغيره‪ :‬أكثر المفسرين‬
‫على أن )لهو الحديث( في الية المراد به الغناء‪ .‬قال‬
‫ابن عباس وابن مسعود وهو قول مجاهد وعكرمة‬
‫وروي عن ابن مسعود أنه قال‪ :‬والله الذي ل إله‬
‫غيره هو الغناء يعني لهو الحديث)‪.(2‬‬
‫الدليل الثاني‪ :‬من السنة‪ :‬قول الرسول ‪‬‬
‫"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون‪ :‬الحر والحرير‬
‫والخمر والمعازف" أخرجه البخاري‪ .‬وجه الدللة منه‬
‫أن المعازف آلت اللهو كلها ل خلف بين أهل اللغة‬
‫)( انظر فصل الخطاب في الرد على أبي تراب ص ‪.98‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أنظر تفسير ابن كثير ج ‪ 3‬ص ‪.442-441‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪666‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في ذلك )انظر إغاثة اللهفان ص ‪ 260‬الجزء الول(‬
‫وقوله يستحلون )أي أنها كانت حراما فاستحلوها(‪.‬‬
‫الدليل الثالث‪ :‬عن أبي هريرة رضي الله عنه‪-‬‬
‫عن رسول الله ‪" ‬يمسخ قوم من هذه المة في‬
‫آخر الزمان قردة وخنازير" قالوا‪ :‬يا رسول الله‬
‫دا رسول‬ ‫أليسوا يشهدون أن ل إله إل الله وأن محم ً‬
‫الله؟ قال‪ :‬بلى‪ ،‬ويصومون ويصلون ويحجون‪ ،‬قيل‬
‫فما بالهم؟ قال "اتخذوا المعازف والدفوف‬
‫‪#‬‬ ‫والقينات‪،‬‬
‫فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا وقد مسخوا‬
‫قردة وخنازير")‪) (1‬إغاثة اللهفان ص ‪262‬ج ‪.(1‬‬
‫ن‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫و َ‬‫الدليل الرابع‪ :‬قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫ة ‪ ‬سورة‬ ‫دي َ ً‬
‫ص ِ‬
‫وت َ ْ‬
‫كاءً َ‬ ‫ت إ ِّل ُ‬
‫م َ‬ ‫عن ْدَ ال ْب َي ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫صَلت ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫َ‬
‫النفال آية ‪ ،35‬قال ابن عباس وابن عمر وعطية‬
‫ومجاهد والضحاك والحسن وقتادة‪ :‬المكاء هو‬
‫الصفير‪ ..‬والتصدية‪ :‬التصفيق)‪.(2‬‬
‫‪#‬‬

‫)( رواه ابن أبي الدنيا‪ ،‬انظر إغاثة اللهفان لبن القيم ج ‪ 1‬ص ‪.262‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر تفسير ابن كثير ج ‪ 2‬ص ‪.306‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪667‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)بعض أقوال العلماء في الغناء(‬

‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله‪ :‬من‬


‫أعظم ما يقوي الحوال الشيطانية سماع الغناء‬
‫والملهي‪ .‬وهو سماع المشركين قال الله تعالى ‪‬‬
‫صِدي ًَة ‪‬‬
‫وت َ ْ‬
‫كاءً َ‬ ‫ت إ ِّل ُ‬
‫م َ‬ ‫عن ْدَ ال ْب َي ْ ِ‬
‫م ِ‬ ‫صَلت ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫و َ‬
‫َ‬
‫قال ابن عباس وابن عمر وغيرهما‪ :‬التصدية‪:‬‬
‫التصفيق باليد‪ .‬والمكاء‪ :‬الصفير‪ .‬فكان المشركون‬
‫يتخذون هذا عبادة‪ ..‬وأما النبي ‪ ‬وأصحابه فعبادتهم‬
‫ما أمر الله به من الصلة والقراءة والذكر ونحو ذلك‬
‫ولم يجتمع النبي ‪ ‬وأصحابه على استماع غناء قط‬
‫ل بكف ول بدف‪..‬‬
‫ثم قال عن مستمع الغناء‪ :‬وحالة خوارقه تنقص‬
‫عند سماع القرآن وتقوى عند مزامير الشيطان‬
‫فيرقص ليل طويل ً فإذا جاءت الصلة صلى قاعدا ً أو‬
‫ينقر الصلة نقر الديك وهو يبغض سماع القرآن‬
‫وينفر منه ويتكلفه‪ ..‬ليس له فيه محبة ول ذوق ول‬
‫لذة عند وجده ويحب سماع المكاء والتصدية ويجد‬
‫عنده مواجيد‪ ..‬فهذه أحوال شيطانية وهو ممن‬
‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ع ْ‬
‫ش َ‬
‫ع ُ‬
‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬ ‫يتناوله قوله تعالى‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ن‪‬‬
‫ري ٌ‬
‫ق ِ‬ ‫و لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ه َ‬
‫ف ُ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طاًنا َ‬ ‫ض لَ ُ‬
‫ه َ‬ ‫ن نُ َ‬
‫قي ّ ْ‬ ‫م ِ‬
‫ح َ‬
‫الّر ْ‬
‫سورة الزخرف آية ‪) 36‬من كتاب‪ :‬الفرقان بين‬
‫أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص ‪ 32‬و ‪.(38‬‬
‫‪668‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وقال ابن القيم رحمه الله‪ :‬ومن مكايد عدو الله‬
‫ومصائده التي كاد بها من قل نصيبه من العقل‬
‫والعلم والدين وصاد بها قلوب الجاهلين والمبطلين‬
‫سماع المكاء والتصدية والغناء باللت المحرمة الذي‬
‫يصد القلوب عن القرآن ويجعلها عاكفة على‬
‫الفسوق والعصيان‪ .‬فهو قرآن الشيطان والحجاب‬
‫الكثيف عن الرحمن وهو رقية اللواط والزنا وبه ينال‬
‫العاشق الفاسق من معشوقه غاية المنى كاد به‬
‫الشيطان النفوس المبطله وحسنه لها مكرا منه‬
‫وغرورا ً وأوحى إليها الشبه الباطلة على حسنه‬
‫فقبلت وحيه واتخذت من أجله القرآن مهجورًا‪ .‬فلو‬
‫رأيتهم عند ذياك السماع وقد خشعت منهم الصوات‬
‫‪#‬‬ ‫وهدأت منهم الحركات‬
‫وعكفت قلوبهم بكليتها عليه وانصبت انصبابة واحدة‬
‫إليه فتمايلوا له ول كتمايل النشوان وتكسروا ً في‬
‫حركاتهم ورقصهم‪ ..‬أرأيت تكسر المخانيث‬
‫والنسوان ويحق لهم ذلك‪ .‬وقد خالط خمارة النفوس‬
‫ففعل فيها أعظم ما يفعله حميا الكؤوس فلغير الله‬
‫بل للشيطان قلوب هناك تمزق وأموال في غير‬
‫طاعة الله تنفق‪ .‬قضوا حياتهم لذة وطربا ً واتخذوا‬
‫دينهم لهوا ً ولعبًا‪ ..‬مزامير الشيطان أحب إليهم من‬
‫استماع سور القرآن‪ .‬لو سمع أحدهم القرآن من‬
‫أوله إلى آخره لما حرك له ساكنا ً ول أزعج له قاطنا ً‬
‫حتى إذا تلي عليه قرآن الشيطان وولج‬
‫مزموره‪..‬سمعه تفجرت ينابيع الوجد من قلبه على‬
‫عينيه فجرت‪ ،‬وعلى أقدامه فرقصت وعلى يديه‬
‫فصفقت‪ .‬وعلى سائر أعضائه فاهتزت وطربت‬
‫‪669‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وعلى أنفاسه فتصاعدت‪..‬‬
‫فيا أيها الفاتن المفتون والبائع حظه من الله‬
‫بنصيبه من الشيطان صفقة خاسر مغبون هل كانت‬
‫هذه الشجان عند سماع القرآن؟ وهذه الذواق‬
‫والمواجيد عند قراءة القرآن المجيد‪ ..‬ولكن كل‬
‫امرئ يصبو إلى ما يناسبه ويميل إلى ما يشاكله‬
‫)باختصار من كتاب إغاثة اللهفان من مصايد‬
‫الشيطان( جي ‪ 1‬ص ‪.224‬‬
‫وأخيًرا‪ ..‬فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز‬
‫حفظه الله‪:‬‬
‫يقول السائل‪ :‬ما حكم الغاني هل هي حرام أم‬
‫ل رغم أنني أسمعها بقصد التسلية فقط وما حكم‬
‫العزف على الربابة والغاني القديمة؟ وما حكم‬
‫الطبل في الزواج؟‬
‫فأجاب الشيخ حفظه الله‪ :‬الستماع إلى الغاني‬
‫حرام ومنكر ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها‬
‫وصدها عن ذكر الله وعن الصلة‪ ،‬وقد فسر أكثر‬
‫ري‬ ‫ن يَ ْ‬
‫شت َ ِ‬ ‫م ْ‬
‫س َ‬
‫ن الّنا ِ‬‫م َ‬ ‫أهل العلم قوله تعالى ‪َ ‬‬
‫و ِ‬
‫ث ‪ ‬بالغناء وكان عبد الله بن مسعود‬ ‫دي ِ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ح ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫ه َ‬
‫الصحابي الجليل رضي الله عنه يقسم على أن لهو‬
‫الحديث هو الغناء وإذا كان مع الغناء آلهة لهو‬
‫كالربابة والعود والكمان والطبل صار التحريم أشد‪،‬‬
‫وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعا ً‬
‫فالواجب الحذر من ذلك وقد صح عن رسول الله ‪‬‬
‫أنه قال "ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر‬
‫‪670‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والحرير والخمر والمعازف" والمعازف هي آلت‬
‫الطرب وأوصيك وغيرك بالكثار من قراءة القرآن‬
‫ومن ذكر الله عز وجل كما أوصيك وغيرك بسماع‬
‫إذاعة القرآن وبرنامج نور على الدرب ففيهما فوائد‬
‫عظيمة وشغل شاغل عن سماع الغاني وآلت‬
‫الطرب‪.‬‬
‫أما الزواج فيشرع فيه ضرب الدف مع الغناء‬
‫المعتاد الذي ليس فيه دعوة إلى محرم ول مدح‬
‫لمحرم في وقت من الليل للنساء خاصة لعلن‬
‫النكاح والفرق بينه وبين السفاح كما صحت السنة‬
‫بذلك عن النبي ‪ ‬أما الطبل فل يجوز ضربه في‬
‫العرس – ول في غيره بل يكتفى بالدف خاصة في‬
‫العرس فقط وللنساء دون الرجال )انظر مجلة‬
‫الدعوة العدد ‪ 15 /902‬شوال ‪1403‬هي( وبعد هذا‬
‫كله فإن كثيرا ً من المسلمين اليوم يستحلون الغناء‬
‫إما جهل ً منهم وهو الغالب – أو عنادًا‪ .‬نسأل الله عز‬
‫وجل أن يجعلنا من )الذين يستمعون القول فيتبعون‬
‫أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو‬
‫اللباب(‪ .‬وصلى الله على نبينا محمد‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪671‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)الفيديو في الميزان(‬

‫الحمد لله الذي كرمنا وحملنا في البر والبحر‬


‫ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق‬
‫تفضيل والصلة والسلم على أكرم خلق الله محمد‬
‫بن عبد الله ورسوله‪ ..‬صلى الله عليه وعلى آله‬
‫وصحبه والتابعين وسلم‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن الله جل وعل قد اختار لعباده‬
‫الطيبات من الرزق فأحلها لهم‪ ،‬وحماهم من الخبائث‬
‫بتحريمها عليهم‪ ،‬فقال في سياق الحديث عن رسوله‬
‫‪) ‬ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث(‬
‫والكتاب والسنة مليئان من هذا الموضوع‪ .‬والله جل‬
‫وعل عندما حرم علينا بعض الشياء فإنه لم يحرمها‬
‫عبثًا‪ ،‬وإنما حرمها لحكم ل نعلم منها إل القليل‪ .‬وقد‬
‫يرى النسان أن خالقه جل وعل قد حرم عليه شيئا ً‬
‫أو فرض عليه أمرا ً ثم ل يجد في نفسه لهذا المر أو‬
‫النهي أي حكمة‪ ،‬وهنا يجب أن يفوض أمره لله ويدع‬
‫الخوض فيما ل يستفيد منه فالله أعلم بمصالح عباده‬
‫منهم‪.‬‬
‫والمثل لذلك‪ :‬أن الله سبحانه وتعالى عندما‬
‫حرم الزنا لم يكن هذا التحريم لقصد الضغط على‬
‫‪672‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫النسان وجعله في نطاق ضيق أمام هذه الشهوة‬
‫ولكن ذلك لسباب كثيرة وحكم عظيمة ل نعلم منها‬
‫إل اليسير‪ ،‬ومن هذه السباب‪:‬‬
‫منع اختلط النساب‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫حفظ أعراض المسلمين والتي هي من‬ ‫‪-2‬‬
‫أهم مقاصد السلم‪.‬‬
‫منع انتشار المراض الجنسية الوبائية‬ ‫‪-3‬‬
‫تحقيق التربية الصالحة باستشعار انتماء‬ ‫‪-4‬‬
‫البناء للباء‪.‬‬
‫وقد ضربت مثل ً على تحريم الزنا لما له من‬
‫صلة وثيقة بهذا الموضوع‬
‫الذي سأتحدث عنه‪ ،‬أل وهو موضوع )الفيديو(‪.‬‬
‫)الفيديو( آلة من اللت الحديثة وهو سلح ذو‬
‫حدين يمكن استخدامه في الخير كما يمكن‬
‫استخدامه في الشر‪ ،‬فإن استخدم في الخير أتى‬
‫بالخير‪ ،‬وإن استخدم في الشر فشره عظيم ول حد‬
‫له‪.‬‬
‫ومما يؤسف كثيرا ً أن الكثير من الناس حينما‬
‫أوجدوه في البيوت وجهوا استخدامه إلى سبيل‬
‫الشر والفساد ودليل ذلك شكوى كثير منهم ما‬
‫تسببه هذه اللة من السلبيات سواء على مستوى‬
‫الفراد بالنحراف والفساد أو على المجتمع بالعداء‬
‫والفرقة انظر ما فعلته الشرطة المنحلة والخليعة‬
‫لقد ساهمت في انحراف كثير من الناس شبابا ً‬
‫وشيبًا‪.‬‬
‫ومهما يكن‪ ،‬من يرى شاشة هذا الجهاز على‬
‫‪673‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫هذه الصور المشينة البشعة وأعني صور الفلم‬
‫الجنسية والنحراف والشذوذ الجنسي فإنه بشر له‬
‫طاقاته وغرائزه الفطرية التي لبد لها من تفجير‪،‬‬
‫وتساعد الشطان عليه نفسه المارة بالسوء فيقع‬
‫في الرذيلة والفساد والعياذ بالله‪.‬‬
‫وقد يجلب بعض الناس هذا الجهاز لبيته بقصد‬
‫طيب‪ ،‬لكي يرى فيه الشرطة العلمية والندوات‬
‫والمحاضرات القيمة وبعض ما يصور من جهاد‬
‫المسلمين‪ ،‬ولكن لديه في البيت أبناء وبنات ولبد‬
‫من أن يستخدموا هذا الجهاز فيعمدون لشراء بعض‬
‫أفلم النحلل والخلعة أو أفلم الرعب والتفحيط أو‬
‫يحضرونها معهم من الزملء في المدارس ويجلسون‬
‫إليها في خلوة من الرقيب ثم يحصل ما ل تحمد‬
‫عقباه‪.‬‬
‫وماذا تتوقع من شاب أو فتاة في سن المراهقة‬
‫يرى أمامه أفلم الجنس كيف تكون العملية‬
‫الجنسية؟ إن مصيره محاولة التطبيق ويسول له‬
‫الشيطان ويزين له هذا العمل القبيح ول يفكر‬
‫بالعواقب التي ستنجم من جراء هذا العمل‪ ..‬وقد‬
‫وقعت حوادث ووقائع على هذا المنوال في مجتمعنا‬
‫فندم الباء والمهات ولت ساعة مندم‪ .‬وتوقع أيضا‬
‫أن يطبق المراهق ما يراه على هذه الشاشة من‬
‫أشرطة الرعب والتفحيط والسباقات الجنونية‬
‫والسرقات والقتل ولنتذكر ما جرى من الحوادث‬
‫حين عرضت على شاشة التلفاز أفلم )ستيف‬
‫‪#‬‬ ‫أوستن( حيث مات‬
‫‪674‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بعض الطفال وتكسر البعض منهم نتيجة التقليد‪.‬‬
‫أل نتوقع انحراف الشباب عن السلوك السليم‬
‫والحق القويم؟ ل شك في ذلك‪ ..‬فهم فوق أنهم‬
‫بشر ذوو طاقات‪ ،‬مراهقين ومساكين ل يعون ول‬
‫يدركون ماذا سيحدث من نتائج عكسية عليهم وعلى‬
‫مجتمعهم‪ .‬وأيضا ً فأعداء السلم يخططون ليل ونهار‬
‫ويضعون )البروتوكولت( للقضاء على السلم‬
‫وتقويض دعائمه ويركزون على أبناء المسلمين‬
‫ونشئتهم لنهم الرجال في المستقبل وبأيديهم‬
‫ستكون زمام المور‪.‬‬
‫فإلى الباء والمهات أوجه هذا النداء فأقول‪:‬‬
‫اتقوا الله في أنفسكم وفي فلذات أكبادكم‪،‬‬
‫وأنقذوهم من الغرق المحقق‪ ،‬تداركوهم قبل فوات‬
‫الوان‪ ،‬وقبل أن يعض أحد منكم أصابع الندم ويقول‬
‫ياحسرتي على ما فرطت في جنب الله‪.‬‬
‫وأقول للخوة أصحاب محلت بيع أشرطة‬
‫الفيديو‪:‬‬
‫أيها الخوة اتقوا الله في أنفسكم وفي أبناء‬
‫المسلمين واعلموا أنكم مسئولون عن عملكم هذا‬
‫أمام الله وستشهد عليكم أسماعكم وأبصاركم‬
‫وجلودكم بما كنتم تعملون‪ .‬وقف معي يا أخي‬
‫صاحب محل بيع أشرطة الفيديو لسألك بعض‬
‫السئلة فأقول‪:‬‬
‫ما هو شعورك لو رأيت أخواتك وهن‬ ‫‪-1‬‬
‫ينظرن إلى شاشة الفيديو أمام فيلم قبيح يعرض فيه‬
‫‪675‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ممارسة جريمة الزنى أو اللواط‪..‬؟ ل تصرف بصرك‬
‫يا أخي عن هذا السؤال فتتجاهله بل أنصف من‬
‫نفسك واعترف بالحقيقة !! إذن فكل أبناء‬
‫المسلمين وبناتهم إخوانك وأخواتك إن كنت‬
‫مسلمًا!!‬
‫ماذا تفعل لو رأيت زوجتك تنظر إلى‬ ‫‪-2‬‬
‫أجنبي نظرة الرغبة فيه؟ فكيف لو نظرت من قد‬
‫يعجبها وهو يمارس الجريمة!!‬
‫هل ترضى بوقوع زوجتك أو ابنتك أو أمك‬ ‫‪-3‬‬
‫أو أختك أو إحدى محارمك في جريمة الزنى؟ وماذا‬
‫ستفعل بها لو رأيتها على تلك الحالة؟ إذن توقع يا‬
‫أخي أن من يدمن على رؤية تلك الفلم التي تروجها‬
‫وتبيعها فإنه سيطبق ما يراه ولو شيئا ً منها‪،‬‬
‫‪#‬‬ ‫وسيصيبك الثم لنك السبب في كل ذلك‬
‫فتذكر هذا جيدًا‪.‬‬
‫ما هو موقفك إذا علمت أن فلنا من‬ ‫‪-4‬‬
‫الناس حمل جملة من الشرطة القبيحة التي فيها‬
‫خلعة وإنحلل وشذوذ إلى بيتك وسلمها لمحارمك‬
‫فماذا قد يخطر ببالك عن هذا النسان؟ وماذا يريد‬
‫من هذا العمل‪ ،‬أنت يا أخي مثله سواء بسواء إن لم‬
‫تتدارك نفسك بالتوبة فلعل الله أن يتوب عليك‪.‬‬
‫هل طرأ في مخيلتك يوما ً أن الجرائم‬ ‫‪-5‬‬
‫الخلقية كالزنى واللواط إنما هي الفواحش؟ إذا‬
‫عرفت ذلك فأنت تروجها وتعلنها بين الناس‪ ،‬وربك‬
‫ن‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الجبار يقول عمن عمل هذا العمل‪ :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫مُنوا ل َ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫في ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ح َ‬
‫ش ُ‬ ‫ع ال ْ َ‬
‫فا ِ‬ ‫شي َ‬
‫ن تَ ِ‬
‫نأ ْ‬‫حّبو َ‬
‫يُ ِ‬
‫‪676‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫خرة والل ّه يعل َم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫وأن ْت ُ ْ‬
‫ُ َ ْ ُ َ‬ ‫واْل ِ َ ِ َ‬
‫في الدّن َْيا َ‬
‫م ِ‬
‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬
‫َ‬
‫ن ‪ ‬سورة النور آية ‪.19‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬
‫َل ت َ ْ‬
‫وقد تقول لي‪ :‬إنما أبيعه من الفلم‬ ‫‪-6‬‬
‫والشرطة إنما هو مجرد حب شريف واختلط عفيف‬
‫وتسلية بريئة فأقول لك‪ :‬يا أخي إن النار من‬
‫مستصغر الشرر وما ذكرته يورث الجرائم نعوذ بالله‬
‫منها‪.‬‬
‫يا أخي وأنت تجمع هذه الموال من هذا‬ ‫‪-7‬‬
‫الكسب الخبيث هل تعتقد أنها حلل؟ أنت مسلم إن‬
‫شاء الله والمسلم يتحاشى الكل من الحرام‪ ،‬إن‬
‫ذلك المال الذي اكتسبته من هذا البيع حرام‪ ،‬واسمع‬
‫قول الرسول ‪.‬‬
‫)كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به( رواه‬
‫البخاري‪.‬‬
‫وبعد هذا يا أخي فقد تقول إنني تحاملت عليك‬
‫وأطلت الكلم في موضوعك فأقول لك ويعلم الله‬
‫أنني لم أقصد من هذا إل سبيل الخير لك وخوفا ً‬
‫عليك من عذاب الله وعقابه ومن خزي يوم القيامة‬
‫والفضائح والهوال‪ :‬والله أسأل أن يوفقك وجميع‬
‫المسلمين لما يحبه ويرضاه وأن يأخذ بيديك إلى ما‬
‫فيه صلحك وأن يهديك ويرزقنا وإياك الستقامة على‬
‫الحق إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله على نبينا‬
‫)‪(1‬‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫)( كتبها الشيخ عبد الله بن ناصر الشييبانات والشيييخ إبراهيييم بيين سييعد‬ ‫‪1‬‬

‫الشقيران‪.‬‬
‫‪677‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حكم ضرب الطبل وقول صدق الله‬


‫العظيم‬
‫والتعليق على القراءة‬

‫فتوى رقم ‪ 4310‬وتاريخ ‪15/1/1402‬هي‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وآله‬
‫وصحبه وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على السئلة المقدمة من محمد بن زيد‬
‫العسكر إلى سماحة الرئيس العام والمحالة إليها‬
‫برقم ‪2047‬في ‪1/12/1401‬هي وأجابت عن كل منها‬
‫عقبه فيما يلي‪:‬‬
‫س ‪ -1‬في حديث بيني وبين أهلي حصلت‬
‫مشكلة وهي ضرب الطبل والرجال يسمعون‬
‫فما الحكم؟‬
‫ج ‪ – 1‬ل يجوز والصل فيه أنه من اللهو فل يجوز‬
‫فعله ول الستماع له لكن يجوز ضرب الدف لعلن‬
‫النكاح بين النساء خاصة‪.‬‬
‫س ‪ -2‬إذا أردت أن أصوم ولم أتمكن من‬
‫القيام قبل أذان الفجر الثاني فهل يجوز لي‬
‫أن آكل بعد الذان مع العلم بأن الصيام صيام‬
‫تطوع‪.‬‬
‫ج ‪ 2‬إذا كان الواقع كما ذكرت فل تأكل أو تشرب‬
‫بعد الذان الثاني أذان الفجر مادمت تريد الصوم ولو‬
‫كان صومك تطوعا فإذا أكلت بعد هذا الذان فسد‬
‫‪678‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫صومك‪.‬‬
‫س ‪ 3‬ما حكم قول‪ :‬صدق الله العظيم‬
‫بعد نهاية قراءة القرآن الكريم؟‬
‫ج ‪ -3‬قول القائل صدق الله العظيم في نفسها‬
‫حق ولكن ذكرها بعد نهاية قراءة القرآن باستمرار‬
‫بدعة لنها لم تحصل من النبي ‪ ‬ول من خلفائه‬
‫الراشدين فيما نعلم مع كثرة قراءتهم القرآن وقد‬
‫ثبت عنه ‪ ‬أنه قال من عمل عمل ً ليس عليه أمرنا‬
‫فهو رد‪ .‬وفي رواية من أحدث في أمرنا هذا ما ليس‬
‫منه‬
‫)‪(1‬‬
‫‪#‬‬‫فهو رد‪.‬‬
‫س ‪ -4‬سمعت مع أحد الشباب تلوة‬
‫للقرآن الكريم في شريط وبعد نهاية كل آية‬
‫يرددون وراءه جماهير كلمة الله الله وأعد‬
‫أعد وما أشبهها من هذه الكلمات فما الحكم‬
‫– وما حكم استماعه؟‬
‫ج ‪ -4‬استعمال لفظ الله الله في استحسان‬
‫القراءة والعجاب بالصوت بدعة واستعمال لفظ‬
‫الجللة في غير ما وضع له فهو منكر‪ .‬وقول‬
‫السامعين أعد أعد استحسانا ً لصوت القارئ كما هو‬
‫معروف ل رغبة في فهم الية وتدبر معناها بدعة‬
‫أخرى محدثة وإخراج لقراءة القرآن والسماع له‬
‫مخرج الغناء والعجاب به فل يجوز فعله ول‬
‫الستماع إليه وأما إذا كان طلب العادة رغبة في‬
‫تفهم معنى ما قرئ فحسن وصلى الله على نبينا‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪679‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الرزاق عفيفي عبد‬ ‫عبد الله بن قعود‬
‫العزيز بن عبد الله بن باز‬
‫‪#‬‬
‫‪680‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫حكم الناشيد السلمية‬

‫فتوى رقم ‪ 3259‬وتاريخ ‪ 13/10/1400‬هي‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على رسوله وآله‬
‫وصحبه‪ ..‬وبعد‪:‬‬
‫فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية‬
‫والفتاء على السؤال المقدم من عبد الرحيم بن عبد‬
‫الله القرعاوي إلى سماحة الرئيس العام والمحال‬
‫إليها برقم ‪ 1129‬في ‪4/8/1400‬هي ونصه‪:‬‬
‫)إننا نعلم حرمة الغاني المعروفة بشكلها‬
‫الحالي لما فيها من كلم بذيء وساقط وغير ذلك‬
‫من الطرب واللهو بالكلم الذي ليس فيه فائدة‬
‫مرجوة ونحن شباب السلم الذين أنار الله قلوبهم‬
‫بالحق لبد لنا من بديل وقد اخترنا الناشيد السلمية‬
‫التي فيها الحماس والعاطفة وغير ذلك من تلك‬
‫اللوان‪ ،‬والناشيد عبارة عن أبيات شعرية قالها دعاة‬
‫السلم )قواهم الله( وصيغت بشكل لحن كمثل‬
‫قصيدة أخي السيد قطب رحمه الله‪.‬‬
‫فما الحكم في أناشيد إسلمية بحته فيه الكلم‬
‫الحماسي والعاطفي الذي قاله دعاة السلم في‬
‫العصر الحاضر وغير الحاضر وفيها الكلمات الصادقة‬
‫التي تعبر عن السلم وتدعو إليه؟‬
‫ولكن كان ضمن هذه الناشيد صوت الطبل‬
‫)الدف( فهل يجوز الستماع إليها وكما أعلم وعلمي‬
‫‪681‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫محدود بأن الرسول ‪ ‬قد أباح الطبل ليلة الزفاف‬
‫والطبل هو أهون اللت الموسيقية مثله مثل‬
‫الضرب على أي شيء سواه‪ .‬أفيدونا وفقكم الله لما‬
‫يحبه ويرضاه‪(.‬‬
‫وأجابت بما يلي‪:‬‬
‫صدقت في حكمك بالتحريم على الغاني‬
‫بشكلها الحالي من أجل اشتمالها على كلم بذيء‬
‫ساقط واشتمالها على ما ل خير فيه بل على ما فيه‬
‫لهو وإثارة للهوى والغريزة الجنسية وعلى مجون‬
‫‪#‬‬‫وتكسر يغري سامعه بالشر وفقنا الله وإياك‬
‫لما فيه رضاه ويجوز لك أن تستعيض عن هذه‬
‫الغاني بأناشيد إسلمية فيها من الحكم والمواعظ‬
‫والعبر ما يثير الحماس والغيرة على الدين ويهز‬
‫العواطف السلمية أو ينفر من الشرود الذهني‬
‫لترفع نفس من ينشدها ومن يسمعها إلى طاعة الله‬
‫وتنفره من معصيته تعالى وتعدي حدوده إلى‬
‫الحتماء بحمى شرعه والجهاد في سبيله‪ ،‬لكن ل‬
‫يتخذ من ذلك وردا لنفسه يلتزمه‪ ،‬وعادة يستمر‬
‫عليها‪ ،‬بل يكون ذلك في الفينة بعد الفينة عند وجود‬
‫مناسبات ودواعي تدعو إليه كالعراس والسفار‬
‫للجهاد ونحوه‪ ،‬وعند فتور الهمم‪ ،‬لثارة النفس‬
‫والنهوض بها إلى فعل الخير‪ ،‬وعند نزوع النفس إلى‬
‫الشر وجموحها لردعها عنه وتنفيرها منه‪.‬‬
‫وخير من ذلك أن يتخذ لنفسه حزبا ً من القرآن‬
‫يتلوه‪ ،‬ووردا من الذكار النبوية الثابتة‪ ،‬فإن ذلك‬
‫‪682‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أزكى للنفس وأطهر وأقوى في شرح الصدر‪،‬‬
‫وطمأنينة القلب‪ ،‬قال الله تعالى‪ :‬الل ّ ُ‬
‫ه ن َّز َ‬
‫ل‬
‫َ‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬‫عّر ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ي تَ ْ‬ ‫مَثان ِ َ‬ ‫ها ّ‬ ‫شاب ِ ً‬ ‫مت َ َ‬ ‫ث ك َِتاًبا ّ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫أ ْ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫جُلودُ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ت َِلي ُ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫جُلودُ ال ّ ِ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫دي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫دى الل ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ك ُ‬ ‫ه ذَل ِ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫م إ َِلى ِذك ْ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫هاد ‪. ‬‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫)‪(1‬‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ضل ِ ْ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫و َ‬ ‫شاء َ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫هم‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫وت َطْ َ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال سبحانه‪ :‬ال ّ ِ‬
‫بذك ْر الل ّ َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫قُلوب ال ّ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫ه ت َطْ َ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫ذك ْ ِ‬‫ه أل َ ب ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫ن‬‫س ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫طوَبى ل َ ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬ ‫مُلوا ْ ال ّ‬ ‫ع ِ‬ ‫و َ‬ ‫مُنوا ْ َ‬ ‫آ َ‬
‫مآب ‪.(2)‬‬
‫َ‬

‫وقد كان ديدن الصحابة وشأنهم رضي الله عنهم‬


‫العناية بالكتاب والسنة حفظا ً ودراسة وعمل ً ومع‬
‫ذلك كانت لهم أناشيد وحداء يترنمون به في مثل‬
‫حفر الخندق وبناء المساجد وفي سيرهم إلى الجهاد‬
‫ونحو ذلك من المناسبات دون يجعلوها شعارهم‬
‫ويعيروها جل همهم وعنايتهم لكنه مما يروحون به‬
‫عن أنفسهم ويهيجون به مشاعرهم‪ ،‬أما الطبل‬
‫ونحوه من آلت الطرب فل يجوز استعماله مع هذه‬
‫الناشيد لن النبي ‪ ‬وأصحابه رضي الله عنهم لم‬
‫يفعلوا‬ ‫‪#‬‬

‫ذلك‪ .‬والله الهادي إلى سواء السبيل‪ ..‬وصلى الله‬


‫على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم‪.‬‬
‫أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء‬

‫)( سورة الزمر آية ‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الرعد آية ‪ (*) .28‬سورة النفال آية ‪.42‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪683‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫نائب رئيس اللجنة‬ ‫عضو‬ ‫عضو‬
‫الرئيس‬
‫عبد الله بن قعود ‪ -‬عبد الله بن غديان ‪ -‬عبد الرزاق عفيفي‬
‫‪ -‬عبد العزيز بن عبد الله بن باز‬

‫‪#‬‬
‫‪684‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫نصيحة عن جريمة اللواط‬

‫من صالح بن أحمد الخريصي إلى من يراه‬


‫ويسمعه من إخواننا المسلمين وفقني الله وإياهم‬
‫لقبول النصيحة وعصمني وإياهم من أسباب الخزي‬
‫والفضيحة وجنبني وإياهم العمال السيئة القبيحة إنه‬
‫جواد كريم رءوف رحيم أمين‪ .‬سلم عليكم ورحمة‬
‫الله وبركاته أما بعد فهذه نصيحة رسمتها على وجه‬
‫العذار والنذار خوفا ً من معرة الكتمان حين الوقوف‬
‫بين يدي العزيز الجبار )ليهلك من هلك عن بينة ويحيي‬
‫من حيي عن بينة وإن الله لسميع عليم()*( فمن تاب‬
‫وأناب فإن الله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن‬
‫السيئات ومن أصر وتمادى فل يأمن غضب رب الرض‬
‫والسموات الذي ل تقوم له الجبال الصم الشوامخ‬
‫الراسيات فأقول وبالله التوفيق ومنه استمد العون‬
‫والتحقيق إن الله تبارك وتعالى ذكر قصة قوم لوط‬
‫في غير آية من كتابه وشدد فيها وغلظ أمره فقال‬
‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫َ ْ‬
‫د‬
‫ح ٍ‬‫نأ َ‬ ‫م ْ‬
‫ها ِ‬ ‫قك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫سب َ َ‬
‫ما َ‬
‫ة َ‬ ‫ح َ‬
‫ش َ‬ ‫فا ِ‬ ‫تعالى ‪‬أت َأُتو َ‬
‫ن ‪ (1)‬ثم أكد ذلك بأن صرح بما تشمئز‬ ‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬
‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬
‫ِ‬
‫منه القلوب وتنبو عنه السماع وتنفر منه الطباع أشد‬
‫م‬‫نفرة وهو إتيان الرجل رجل مثله فقال ‪‬إ ِن ّك ُ ْ‬

‫)( سورة العراف آية ‪.80‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪685‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ءب ْ َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫سا ِ َ‬‫ن الن ّ َ‬ ‫دو ِ‬ ‫ن ُ‬‫م ْ‬ ‫وةً ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫جا َ‬ ‫ن الّر َ‬ ‫ل َت َأُتو َ‬
‫ن ‪ (1)‬والسراف هو مجاوزة الحد‬ ‫فو َ‬ ‫ر ُ‬
‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫و ٌ‬ ‫ق ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ة ال ِّتي َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫قْري َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ‬‬
‫ون َ ّ‬
‫ث ‪ (2)‬ثم أكد عليهم الذم بوصفين في‬ ‫خَبائ ِ َ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ع َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ء‬
‫و ٍ‬
‫س ْ‬
‫م َ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬ ‫كاُنوا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫غاية القبح فقال ‪‬إ ِن ّ ُ‬
‫ن ‪ (3)‬وسماهم مفسدين في قول نبيهم ‪‬‬ ‫قي َ‬ ‫س ِ‬‫فا ِ‬ ‫َ‬
‫ن‪‬‬ ‫م ْ‬‫وم ِ ال ْ ُ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬
‫)‪(4‬‬
‫دي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫صْرِني َ‬ ‫ب ان ْ ُ‬ ‫َر ّ‬
‫وسماهم ظالمين في قول‬
‫‪#‬‬

‫ة‬
‫قْري َ ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬‫ذ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ِ‬ ‫كو أ َ ْ‬ ‫هل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫الملئكة لبراهيم ‪‬إ ِّنا ُ‬
‫ن ‪ (5)‬ولما جادل فيهم‬ ‫مي َ‬ ‫كاُنوا َ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫ها َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫هل َ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫َ‬
‫ه َ‬
‫ذا‬ ‫ن َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ض َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ع ِ‬
‫مأ ْ‬ ‫هي ُ‬‫خليله إبراهيم قال له ‪َ‬يا إ ِب َْرا ِ‬
‫غي ُْر‬ ‫ب َ‬ ‫ع َ‬ ‫َ‬ ‫مُر َرب ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬
‫ذا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫م آِتي ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫وإ ِن ّ ُ‬
‫ك َ‬ ‫جاءَ أ ْ‬ ‫قدْ َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫مْرُدوٍد ‪ ‬واليات في ذلك معلومة فهذه الكبيرة‬ ‫)‪(6‬‬
‫َ‬
‫العظمى والفاحشة الشنعاء ليس في المعاصي‬
‫مفسدة أعظم من مفسدتها وهي التي تلي مفسدة‬
‫الكفر ولم يبتل الله بهذه الكبيرة قبل قوم لوط أحدا ً‬
‫من العالمين فلهذا عاقبهم عقوبة لم يعاقب بها أمة‬
‫غيرهم وجمع عليهم أنواعا من العقوبات من الهلك‬
‫وقلب ديارهم وخسفها بهم ورجمهم بالحجارة من‬
‫السماء وطمس أعينهم وعذبهم وجعل عذابهم‬
‫مستمرا ً فنكل بهم نكال لم ينكله أمة سواهم وما‬
‫ذاك إل لعظم مفسدة هذه الجريمة التي تكاد الرض‬
‫)( سورة العراف آية ‪.81‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة النبياء آية ‪74‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النبياء آية ‪.74‬‬ ‫‪3‬‬

‫)(سورة العنكبوت آية ‪.30‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( سورة العنكبوت ’آية ‪.31‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( سورة هود آية ‪.76‬‬ ‫‪6‬‬


‫‪686‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫تميد من جوانبها إذا عملت عليها وتهرب الملئكة‬
‫إلى أقطار السموات والرض إذا شاهدوها خشية‬
‫نزول العذاب على أهلها فيصيبهم معهم وتعج الرض‬
‫إلى ربها وتكاد الجبال تزول عن أماكنها‪ ،‬وقد وردت‬
‫السنة بتحريم هذه الكبيرة والوعيد عليها فعنه ‪ ‬أنه‬
‫قال "من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا‬
‫الفاعل والمفعول به")‪ (1‬وعند الترمذي أحصنا أو لم‬
‫يحصنا وعن ابن عباس في البكر يعمل عمل قوم‬
‫لوط قال يرجم وعن جابر بن عبد الله رضي الله‬
‫عنه قال‪ :‬قال رسول الله ‪" ‬إن أخوف ما أخاف‬
‫على أمتي عمل قوم لوط")‪ (2‬وفي الحديث أيضا ً‬
‫"وإذا كثرت اللوطية رفع الله يده عن الخلق فل‬
‫يبالي في أي واد هلكوا")‪ (3‬وروي عن أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه أن النبي ‪ ‬قال "لعن الله سبعة من‬
‫خلقه من فوق سبع سمواته وردد اللعنة على واحد‬
‫منهم ثلثا ولعن كل واحد منهم لعنة تكفيه فقال‬
‫ملعون من عمل عمل قوم لوط ملعون من عمل‬
‫عمل قوم لوط ملعون من عمل عمل قوم لوط‬
‫ملعون من ذبح لغير الله ملعون من أتى شيئا من‬
‫البهائم ملعون من عق والديه ملعون من جمع بين‬
‫امرأة وابنتها ملعون من غير حدود الرض ملعون من‬
‫ادعى إلى غير مواليه")‪ (4‬وروى‬
‫‪#‬‬

‫الطبراني والبيهقي عن أبي هريرة )أربعة يصبحون‬


‫في غضب الله ويمسون في سخطه قيل يا رسول‬
‫أبو داود والترمذي وابن ماجه والبيهقي‪.‬‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن‪.‬‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫الطبراني‪.‬‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫الطبراني في الوسط والحاكم وقال صحيح السناد‬ ‫رواه‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪687‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الله من هم قال المتشبهون من الرجال بالنساء‬
‫والمتشبهات من النساء بالرجال والذي يأتي البهيمة‬
‫واللوطي( وقال ابن عباس رضي الله عنهما إن‬
‫اللوطي إذا مات من غير توبة مسخ في قبره خنزيرا ً‬
‫وقد قيل إن في هذه المة قوما ً يقال لهم اللوطية‬
‫وهم ثلثة أصناف صنف ينظرون وصنف يصافحون‬
‫وصنف يعملون ذلك العمل الخبيث‪ ،‬وقال بعض‬
‫التابعين ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع‬
‫ضار من الغلم المرد يقعد إليه وحرم كثير من‬
‫العلماء الخلوة بالمرد في نحو بيت ودكان وما ذاك‬
‫إل لخوف الوقوع بهذه الفاحشة العظمى لن‬
‫الوسائل والذرائع لها حكم الغايات وفي الحديث‬
‫)النظر سهم مسموم من سهام إبليس من تركه من‬
‫مخافتي أبدلته إيمانا يجد حلوته في قلبه)‪ (1‬ودخل‬
‫سفيان الثوري رحمه الله الحمام وناهيك به معرفة‬
‫وعلما وزهدا وتقى فدخل عليه صبي حسن الوجه‬
‫فقال أخرجوه عني أخرجوه عني فإني أرى مع كل‬
‫إمرأة شيطانا ً ومع كل صبي بضعة عشر شيطانا‬
‫فهؤلء هم أرباب القلوب الحية الخائفون أن تزل‬
‫قدم بعد ثبوتها‪ ،‬ومما روي في عقوبة اللواط والوعيد‬
‫المترتب عليه أن عيسى عليه السلم مر في سياحته‬
‫على نار تتوقد على رجل فأخذ ماء ليطفئها عنه‬
‫فانقلبت النار صبيا وانقلب الرجل نارا ً فتعجب‬
‫عيسى من ذلك وقال يا رب ردهما إلى حالهما في‬
‫الدنيا لسألهما عن خبرهما فأحياهما الله عز وجل‬

‫)( رواه الطبراني والحاكم وقال صحيح السناد‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪688‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فإذا هما رجل وصبي فقال لهما عيسى عليه السلم‬
‫ما خبركما وما أمركما فقال الرجل يا روح الله إني‬
‫كنت في الدنيا مبتلى بجب هذا الصبي فحملتني‬
‫الشهوة أن فعلت به الفاحشة فلما مت ومات‬
‫الصبي صير الله الصبي نارا يحرقني مرة‬
‫وصيرني نارا أحرقه أخرى فهذا عذابنا إلى يوم‬
‫القيامة نعوذ بالله من أليم عقابه ونسأله العافية من‬
‫عذابه فلهذا أجمعت المة على تحريم هذه الفاحشة‬
‫العظيمة وعقوبة فاعلها لكن اختلفوا في كيفية قتله‬
‫فروى عن الصديق رضي الله عنه أنه حرق رجل‬
‫يعمل عمل قوم لوط بالنار بعد ما استشار من‬
‫اجتمع عنده من الصحابة ثم أحرقهم ابن الزبير في‬
‫زمانه ثم أحرقهم‬
‫‪#‬‬

‫هشام بن الوليد في زمانه ثم أحرقهم خالد بن عبد‬


‫الله القسري في زمانه‬
‫بالعراق‪.‬‬
‫وروي أن سبعة أخذوا في زمن ابن الزبير في‬
‫اللواط فسأل عنهم فوجدوا أربعة قد أحصنوا فأمر‬
‫بهم فأخرجوا من الحرم ورجموا بالحجارة حتى ماتوا‬
‫وحد الثلثة‪ ،‬وقال ابن عباس يرمى من شاهق من‬
‫البلد منكسا ً ثم يتبع بالحجارة‪ ،‬وقد ذكر العلمة ابن‬
‫القيم رحمه الله تعالى كلما ً يناسب للمقام أحببنا‬
‫نقله إتماما ً للفائدة وتحذيرا ً من هذه الكبيرة قال‬
‫رحمه الله‪ :‬فإن في اللواط من المفاسد ما يفوت‬
‫الحصر والتعداد ولن يقتل المفعول به خير له من‬
‫أن يؤتى فإنه يفسد فساد ً ل يرجى له بعده صلح أبدا‬
‫ويذهب خيره كله وتمص الرض ماء الحياء من وجهه‬
‫‪689‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فل يستحي بعد ذلك ل من الله ول من خلقه وتعمل‬
‫في قلبه وروحه نطفة الفاعل ما يعمل السم في‬
‫البدن‪ ،‬وقد اختلف الناس هل يدخل الجنة مفعول به‬
‫على قولين سمعت شيخ السلم رحمه الله يحكيهما‬
‫والذين قالوا ل يدخل الجنة احتجوا بأمور منها أن‬
‫النبي ‪" ‬قال ل يدخل الجنة ولد زنا")‪ (1‬فإذا كان‬
‫هذا حال ولد الزنا مع أنه ل ذنب له في ذلك ولكنه‬
‫مظنة كل شر وخبث وهو جدير أن ل يجيء منه خير‬
‫أبدا لنه مخلوق من نطفة خبيثة‪ ،‬وإذا كان الجسد‬
‫الذي تربى على حرام‪ ،‬فالنار أولى به فكيف بالجسد‬
‫المخلوق من نطفة الحرام‪ ،‬قالوا والمفعول به شر‬
‫من ولد الزنا وأخزى وأخبث وأوسخ وهو جدير أن ل‬
‫يوفق لخير وأن يحال بينه وبينه‪ ،‬وكلما عمل خيرا‬
‫قيض الله ما يفسده عقوبة له‪ ،‬وقل أن ترى من كان‬
‫كذلك في صغره إل هو في كبره شر مما كان‪ ،‬ول‬
‫يوفق لعمل صالح ول لعلم نافع ول لتوبة نصوح‪،‬‬
‫والتحقيق في هذه المسألة أن يقال إن تاب هذا‬
‫المبتلى بهذا البلء وأناب ورزق توبة نصوحا وعمل‬
‫صالحا وكان في كبره خيرا منه في صغره وبدل‬
‫سيئاته بحسنات وغسل عار ذلك عنه بأنواع‬
‫الطاعات‬
‫والقربات وغض بصره وحفظ فرجه عن المحرمات‬
‫وصدق الله في معاملته فهذا مغفور له وهو من أهل‬
‫الجنة لن الله يغفر الذنوب جميعا وإذا كانت التوبة‬
‫تمحو كل ذنب حتى الشرك بالله وقتل أنبيائه‬
‫‪#‬‬

‫وأوليائه والسحر والكفر وغير ذلك فل تقصر عن‬


‫)( ذكره ابن القيم في الجواب الكافي بدون ذكر ميين أخرجييه ص ‪189‬‬ ‫‪1‬‬

‫قال في التعليق والحديث واه ل تقوم به حجة‪.‬‬


‫‪690‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫محو هذا الذنب‪ ،‬وقد استقرت حكمة الله عدل‬
‫وفضل أن التائب من الذنب كمن ل ذنب له‪ ،‬وقد‬
‫ضمن الله تعالى لمن تاب من الشرك وقتل النفس‬
‫والزنا أنه يبدل بسيئاته حسنات وهذا حكم عام لكل‬
‫تائب من ذنب‪ ،‬اللهم تب علينا إنك أنت التواب‬
‫الرحيم‪ ،‬إذا تقرر ذلك عرف عظم هذه الفاحشة التي‬
‫تشمئز منها القلوب وتقشعر منها الجلود وإن أهلها‬
‫ومتعاطيها على خطر عظيم من عذاب الله عز وجل‬
‫َ‬
‫مُرَنا‬
‫جاء أ ْ‬ ‫فل َ ّ‬
‫ما َ‬ ‫العاجل والجل كما قال تعالى ‪َ ‬‬
‫فل َها َ‬
‫من‬
‫جاَرةً ّ‬‫ح َ‬
‫ها ِ‬‫عل َي ْ َ‬
‫مطَْرَنا َ‬ ‫وأ ْ‬
‫سا ِ َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫عل َْنا َ‬
‫عال ِي َ َ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م َ‬
‫ي ِ‬‫ه َ‬ ‫ما ِ‬‫و َ‬‫ك َ‬ ‫عندَ َرب ّ َ‬‫ة ِ‬‫م ً‬‫و َ‬‫س ّ‬
‫م َ‬
‫ضود ّ‬ ‫من ُ‬ ‫ل ّ‬‫جي ٍ‬ ‫س ّ‬ ‫ِ‬
‫عيد ‪. ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ن ب ِب َ ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬
‫قال قتادة وعكرمة يعني ظالمي هذه المة والله‬
‫ما أجار منها ظالما بعد فجعلهم آية للعالمين‬
‫وموعظة للمتقين وسلفا ً لمن شركهم في أعمالهم‬
‫من المجرمين وجعل ديارهم بطريق السالكين كما‬
‫في ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ن ِ‬
‫قيم ٍ * إ ِ ّ‬
‫م ِ‬
‫ل ُ‬ ‫ها ل َب ِ َ‬
‫سِبي ٍ‬ ‫قال تعالى ‪َ ‬‬
‫وإ ِن ّ َ‬
‫ن‪. ‬‬
‫)‪(2‬‬
‫مِني َ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫َل َي َ ً‬
‫ة ل ِل ْ ُ‬
‫وأمر جبريل عليه السلم فأدخل جناحه تحت‬
‫مداينهم فاقتلعها ورفعها حتى سمع أهل السماء‬
‫صياح الديكة ونباح الكلب ثم جعل عاليها سافلها‬
‫وأمطرت عليهم حجارة من سجيل وكانت فيما ذكر‬
‫أربع قرى وقيل خمس فيها أربعمائة ألف وما يتبعها‬
‫من الضواحي قلبها عليهم وقد روي عنه ‪ ‬أنه قال‬
‫"سيكون في آخر أمتي قوم‪ .‬يكتفي رجالهم بالرجال‬
‫ونساؤهم بالنساء فإذا كان ذلك فارتقبوا عذاب قوم‬
‫)( سورة هود آية ‪.83-82‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة الحجر آية ‪.77-76‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪691‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لوط أن يرسل الله عليهم حجارة من سجيل" ثم تل‬
‫رسول الله ‪" ‬وما هي من الظالمين ببعيد" وفي‬
‫رواية عنه ‪ ‬ل تذهب الليالي واليام حتى تستحل‬
‫هذه المة أدبار الرجال كما استحلوا أدبار النساء‬
‫وتصيب طوائف من هذه المة حجارة من ربك فلما‬
‫عتوا وتمردوا واستمروا على العمل الخبيث أخذهم‬
‫أمر الله وهم نائمون وجاءهم بأسه وهم في‬
‫سكرتهم يعمهون فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون‪،‬‬
‫تقلبوا على تلك اللذات طويل‬
‫فأصبحوا بها يعذبون‪ ،‬رتعوا مرتعا وخيما فأعقبهم‬
‫عذابا أليما فندموا والله أشد الندامة حين ل ينفع‬
‫الندم وبكوا على ما أسلفوه فجرت‬
‫‪#‬‬

‫دموع الدم‪ ،‬ويقال لهم وهم إلى العذاب يسحبون‬


‫و َل‬ ‫َ‬
‫صب ُِروا أ ْ‬ ‫ها َ‬
‫فا ْ‬ ‫صل َ ْ‬
‫و َ‬ ‫)ذوقوا ما كنتم تكسبون( ‪‬ا ْ‬
‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫و َ‬‫جَز ْ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬
‫واءٌ َ‬ ‫س َ‬ ‫صب ُِروا َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ما‬‫و ً‬
‫قوا ي َ ْ‬ ‫وات ّ ُ‬‫ن ‪ ‬فاتقوا الله عباد الله ‪َ ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ما‬‫س َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫فى ك ُ ّ‬ ‫و ّ‬‫م تُ َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ه إ َِلى الل ّ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬
‫ت ُْر َ‬
‫وُتوُبوا إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ن‪َ  ‬‬
‫)‪(2‬‬
‫مو َ‬ ‫م َل ي ُظْل َ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ت َ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫كَ َ‬
‫َ‬
‫ن ‪ (3)‬وخذوا‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫م تُ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬‫ن لَ َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ها ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫عا أي ّ َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫على أيدي سفهائكم وذودوهم عن مراتع الهلكة‬
‫فإنكم مسئولون أمام الله عز وجل عنهم والله على‬
‫ما نقول وكيل وحسبنا الله ونعم الوكيل‪ ،‬اللهم حبب‬
‫إلينا اليمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر‬
‫والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين اللهم‬
‫اهدنا لحسن الخلق ل يهدي لحسنها إل أنت‬

‫)( سورة الطور آية ‪.16‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة البقرة آية ‪.281‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سورة النور آية ‪.31‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪692‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫واصرف عنا سيئها ل يصرف عنا سيئها إل أنت اللهم‬
‫زينا بزينة اليمان واجعلنا هداة مهتدين اللهم يا‬
‫مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك ويا مصرف‬
‫القلوب صرف قلوبنا على طاعتك اللهم صل وسلم‬
‫على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه‬
‫أجمعين)‪.(1‬‬

‫)( أنظر ما ورد في قوم لوط وجريمة اللواط في كتيياب الكبييائر للمييام‬ ‫‪1‬‬

‫الذهبي ص ‪ 59-54‬وفي الجواب الكافي لبن القيم ص ‪200-189‬وفي‬


‫روضيية المحييبين لبيين القيييم ص ‪372-362‬وفييي الييترغيب والييترهيب‬
‫للمنذري ‪.68-4/64‬‬
‫‪693‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أوائـــل‬
‫أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة‬ ‫‪-1‬‬
‫الصلة‪.‬‬
‫أول من قلم أظافره وجز شاربه واستحد‬ ‫‪-2‬‬
‫إبراهيم عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫أول من دفن بالبقيع من الصحابة عثمان‬ ‫‪-3‬‬
‫بن مظعون رضي الله عنه‪.‬‬
‫أول من دون الحديث ابن شهاب الزهري‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أول من صنف الحديث الصحيح المجرد‬ ‫‪-5‬‬
‫البخاري‪.‬‬
‫أول من صنف في المغازي عروة بن‬ ‫‪-6‬‬
‫الزبير‪.‬‬
‫أول من صنف في الفقه أبو حنيفة‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫أول من صنف في أصول الفقه المام‬ ‫‪-8‬‬
‫الشافعي‪.‬‬
‫أول من وضع علم العروض الخليل بن‬ ‫‪-9‬‬
‫أحمد‪.‬‬
‫أول ما يرفع من الناس الخشوع‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫‪ -11‬أول ما نسخ من الشريعة السلمية‬
‫القبلة‪.‬‬
‫أول من تغنى إبليس‪..‬‬ ‫‪-12‬‬
‫أول من يستظل بظل العرش رجل أنظر‬ ‫‪-13‬‬
‫معسرا )أي أمهله حتى يجد(‪.‬‬
‫‪ -14‬أول فتنة في بني إسرائيل كانت النساء‪.‬‬
‫‪ -15‬أول من نطق بالعربية إسماعيل عليه‬
‫السلم‪.‬‬
‫‪694‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -16‬أول من زاد الذان الول في الجمعة‬
‫عثمان رضي الله عنه‬
‫‪ -17‬أول من صنع الفلك نوح عليه السلم‪.‬‬
‫‪ -18‬أول ذنب عصي الله به في السماء‬
‫والرض الحسد‪.‬‬
‫‪ -19‬أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في‬
‫الدماء‪.‬‬
‫أول من سمي أحمد هو النبي ‪ ‬ولم‬ ‫‪-20‬‬
‫)‪(1‬‬
‫يسم هذا السم أحمد قبله ‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫‪ -21‬أول بيت وضع في الرض للعبادة الكعبة‬


‫المشرفة‪.‬‬
‫أول من نزل من القرآن ‪‬ا ْ ْ‬
‫سم ِ‬
‫قَرأ ِبا ْ‬ ‫‪-22‬‬
‫خل َ َ‬
‫ق‪‬‬ ‫ك ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫َرب ّ َ‬
‫‪ -23‬أول من سعى بين الصفا والمروة أم‬
‫إسماعيل عليهما السلم‪.‬‬
‫أول من آمن برسول الله ‪ ‬من الرجال‬ ‫‪-24‬‬
‫أبو بكر الصديق ومن الصبيان علي بن أبي طالب‬
‫ومن النساء خديجة بنت خويلد رضي الله عنهم‪.‬‬
‫‪ -25‬أول شهيد في السلم )سمية( والدة‬
‫عمار بن ياسر رضي الله عنهما‪.‬‬
‫أول من جمع القرآن أبو بكر الصديق‬ ‫‪-26‬‬
‫رضي الله عنه‪ ،‬وأول من جمعه في مصحف واحد‬
‫عثمان بن عفان رضي الله عنه‪.‬‬
‫أول ما يفقد من الدين المانة ومن العلم‬ ‫‪-27‬‬
‫علم الفرائض‪.‬‬
‫أول من يستفتح باب الجنة نبينا محمد ‪‬‬ ‫‪-28‬‬

‫)( انظييير لطيييائف المعيييارف للثعيييالبي ص ‪ 23-5‬والوائل للعسيييكري‬ ‫‪1‬‬

‫والمعارف لبن قتيبة ص ‪.240‬‬


‫‪695‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأول من يدخل الجنة من المم أمة محمد ‪.‬‬
‫‪ -29‬أول أشراط الساعة طلوع الشمس من‬
‫مغربها فإذا طلعت آمن الناس أجمعون وذلك حين ل‬
‫سا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت‬‫ينفع نف ً‬
‫في إيمانها خيًرا‪.‬‬
‫‪696‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫موقف السلم من القلق‬

‫مع طوفان الحضارة المادية الوافدة من الغرب‬


‫ظهرت عدة أمراض خطيرة ما كانت تعرف من قبل‪،‬‬
‫وباتت هذه المراض تهدد كيان كثير من الناس وهذه‬
‫المراض العضوية مثل القرحة والسكر وضغط الدم‬
‫انتشرت انتشاًرا كبيًرا كنتيجة حتمية للصراع النفسي‬
‫الذي ولدته الحضارة حتى عرفت هذه المراض‬
‫)بأمراض الحضارة( وهذه المراض العضوية منشؤها‬
‫في الصل مرض نفسي هو )القلق( فإذا علمنا أن‬
‫القلق هو الداء العضال الذب يسبب كل هذه‬
‫المراض فتبدأ الوجاع بآثار نفسية تؤثر على وظائف‬
‫أجهزة الجسم في النسان كعسر الهضم وزيادة‬
‫الحموضة في المعدة ثم ل تلبث أن تتحول إلى‬
‫مرض عضوي يؤثر بشكل أو بآخر على جسم لنسان‬
‫ككل‪ .‬إذا علمنا هذا عرفنا لماذا اهتم بالقلق كثيًرا‬
‫ضا‪.‬‬
‫علماء النفس وعلماء الطب البشري أي ً‬
‫ومن العلجات التي توصل إليها علماء النفس‬
‫علج يسمى )العلج اليماني( وهو يعتمد على بعث‬
‫اليمان بقوة عظمى لها الهيمنة على النسان وتلك‬
‫كل مقدراته وإليها يرجع الفضل في وجوده وفي‬
‫سعادته وفي كل ما يرتبط به‪.‬‬
‫‪697‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لذا قالوا بأن أهل اليمان أقل الناس إصابة‬
‫بالقلق لن اليمان فيه العزاء للنسان عندما تخذله‬
‫كل القوى التي يعتمد عليها في حياته من دون الله‪.‬‬
‫فإذا عرفنا كل ذلك بات من الواجب أن نعرف رأي‬
‫السلم في القلق وكيف حمى أتباعه من هذا‬
‫المرض الفتاك؟ وكيف عالج مسبباته؟ وما هو الدواء‬
‫الناجح الذي وصفه لهم حتى يتغلبوا عليه إذا داهمهم‬
‫أو ألم بهم أمر؟‪.‬‬
‫القلق نتيجة حتمية لعدم اليمان‪:‬‬
‫السلم كدين لم يقتصر على النواحي التعبدية‬
‫ولم يقف عند حدود‬‫‪#‬‬

‫الصلة والزكاة والصوم والحج ولكنه يتغلغل في‬


‫نفس المسلم كعقيدة ربانية تمتزج بدمه فهو يتعرض‬
‫لليمان ل بوصفه عملية فكرية مستقرها العقل‬
‫والقلب فقط‪ .‬بل ينطلق به إلى نواحي حياة لها الثر‬
‫في حياة النسان وسلوكه تترتب على اليمان أو‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫عدمه سعادة النسان في الحياة أو شقاؤه ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫خط َ ُ‬ ‫ك بالل ّه َ َ‬
‫ه‬
‫ف ُ‬ ‫فت َ ْ‬‫ء َ‬
‫ما ِ‬‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬
‫م َ‬‫خّر ِ‬‫ما َ‬‫فك َأن ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ر ْ ِ‬ ‫ش ِ‬‫يُ ْ‬
‫َ‬
‫ق‪‬‬ ‫حي ٍ‬‫س ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كا ٍ‬‫م َ‬‫في َ‬ ‫ح ِ‬‫ه الّري ُ‬‫وي ب ِ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫الطّي ُْر أ ْ‬
‫و تَ ْ‬
‫سورة الحج آية ‪ 32‬والتصوير الدقيق لحال المشرك‬
‫الذي تمزقة الهواء وتتجاذبه التيارات ل تقف عند‬
‫هذا الحد بل وتنحدر به في حركة سريعة إلى قرار‬
‫الهاوية‪ .‬هاوية الضياع‬
‫والصراع والقلق‪.‬‬
‫ويؤكد السلم هذه النتيجة الحتمية نتيجة القلق‬
‫المترتبة عن عدم اليمان بالضلل والشقاء والحيرة‬
‫كا ‪ ‬قال تعالى‪ :‬‬ ‫ضن ْ ً‬
‫ة َ‬ ‫عي َ‬
‫ش ً‬ ‫في الدنيا بلفظ ‪َ ‬‬
‫م ِ‬
‫‪698‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما‬‫فإ ِ ّ‬‫و َ‬ ‫عدُ ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ضك ُ ْ‬ ‫هب ِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ع ٍ‬ ‫م ل ِب َ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫عا ب َ ْ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ها َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫طا ِ‬ ‫لا ْ‬
‫وَل‬ ‫ْ‬
‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫فَل ي َ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫دا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ع ُ‬ ‫ن ات ّب َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ف َ‬‫دى َ‬ ‫ه ً‬ ‫مّني ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ي َأت ِي َن ّك ُ ْ‬
‫ة‬
‫ش ً‬ ‫عي َ‬ ‫م ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫فإ ِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ن ِذك ْ ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ض َ‬ ‫عَر َ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫قى * َ‬ ‫ش َ‬ ‫يَ ْ‬
‫م‬
‫ب لِ َ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫مى * َ‬ ‫ع َ‬ ‫ة أَ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫و َ‬ ‫شُرهُ ي َ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ون َ ْ‬‫كا َ‬ ‫ضن ْ ً‬ ‫َ‬
‫ل ك َذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫قا َ‬ ‫صيًرا * َ‬ ‫ت بَ ِ‬ ‫قدْ ك ُن ْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫مى َ‬ ‫ع َ‬ ‫شْرت َِني أ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬
‫سى *‬ ‫م ت ُن ْ َ‬ ‫و َ‬ ‫ك ال ْي َ ْ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫سيت َ َ‬ ‫فن َ ِ‬ ‫ك آ ََيات َُنا َ‬ ‫أ َت َت ْ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ت َرب ّ ِ‬ ‫ن ب ِآ ََيا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ول َ ْ‬‫ف َ‬ ‫سَر َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫زي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب اْل ِ‬
‫قى ‪ ‬سورة طه آية ‪-34‬‬ ‫وأب ْ َ‬ ‫شدّ َ‬ ‫ةأ َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫َ‬
‫‪.38‬‬
‫وهذا هو حال الوجوديين اليوم والملحدة‬
‫ما وما آل إليه مصيرهم بعد أن فشلت‬ ‫الطبيعية عمو ً‬
‫الطبيعة التي عبدوها من دون الله في أن تحقق لهم‬
‫الطمئنان فوقعوا في القلق والحيرة‪.‬‬
‫أسباب القلق‪:‬‬
‫ومنشأ القلق الخوف على أشياء معينة وهذا‬
‫الخوف يسيطر على النسان ويبقيه في مرحلة‬
‫التفكير‪ .‬فيظل الفكر يتفاعل بما لديه من وساوس‬
‫وافتراضات وتخيلت حتى يقضي على نفس صاحبه‪،‬‬
‫وإذا حاولنا التعرف على هذه السباب وجدناها‬
‫تنحصر في الخوف على الجل )العمر( والخوف على‬
‫الرزق والخوف من مصائب آتية ومنغصات يومية‬
‫ولكن السبب الثالث يرجع في كثير من النواحي إلى‬
‫أحد السببين السابقين )العمر والرزق( أو كليهما‬
‫مًعا‪.‬‬ ‫‪#‬‬
‫‪699‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والسلم يطمئن النسان ويبعث فيه الثقة‬
‫والمان بأن عمره محدد بعلم الله وبيد الله‪ .‬ل‬
‫تستطيع قوة مهما عظمت أن تزيد فيه لحظة واحدة‬
‫ول تستطيع قوة مهما كبرت أن تنقص منه لو كنتم‬
‫م َل‬ ‫َ‬ ‫ل أ ُم َ‬
‫جل ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫جاءَ أ َ‬ ‫ل َ‬
‫فإ ِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫ج ٌ‬
‫ةأ َ‬ ‫تعلمون ‪َ ‬‬
‫ول ِك ُ ّ ّ ٍ‬
‫ول َ ْ‬
‫ن‬ ‫ن‪َ  ‬‬
‫)‪(1‬‬
‫مو َ‬‫د ُ‬‫ق ِ‬‫ست َ ْ‬ ‫وَل ي َ ْ‬
‫ة َ‬ ‫ع ً‬
‫سا َ‬‫ن َ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ست َأ ْ ِ‬‫يَ ْ‬
‫َ‬
‫ما‬
‫خِبيٌر ب ِ َ‬‫ه َ‬‫والل ّ ُ‬
‫ها َ‬‫جل ُ َ‬‫جاءَ أ َ‬ ‫سا إ ِ َ‬
‫ذا َ‬ ‫ف ً‬‫ه نَ ْ‬‫خَر الل ّ ُ‬ ‫ؤ ّ‬‫يُ َ‬
‫ن ‪ (2)‬وبهذا تهدأ ثائرة النسان وتستقر نفسه‬ ‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬‫تَ ْ‬
‫ويتوب إلى رشده ويطمئن خاطره‪.‬‬
‫كما أن العمر بيد الله كذلك الرزق بيد الله ليس‬
‫ض إ ِّل‬ ‫ْ َ‬
‫في الْر ِ‬
‫ة ِ‬
‫داب ّ ٍ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ما ِ‬ ‫لحد سلطان عليه ‪َ ‬‬
‫و َ‬
‫ها‬‫ع َ‬
‫ودَ َ‬‫ست َ ْ‬‫م ْ‬ ‫و ُ‬‫ها َ‬ ‫قّر َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫م ْ‬
‫م ُ‬ ‫عل َ ُ‬
‫وي َ ْ‬‫ها َ‬ ‫رْز ُ‬
‫ق َ‬ ‫ه ِ‬‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ة َل‬ ‫َ‬
‫وك َأي ّ ْ‬ ‫ن‪َ  ‬‬ ‫كُ ّ‬
‫)‪(3‬‬
‫داب ّ ٍ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ب ُ‬ ‫في ك َِتا ٍ‬ ‫ل ِ‬
‫ع‬
‫مي ُ‬ ‫س ِ‬
‫و ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫وإ ِّياك ُ ْ‬ ‫ها َ‬‫ق َ‬‫ه ي َْرُز ُ‬ ‫ها الل ّ ُ‬ ‫ق َ‬‫رْز َ‬ ‫ل ِ‬‫م ُ‬‫ح ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫م ‪ (4)‬فإذا شعر إنسان بضعف في إيمانه‬ ‫عِلي ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫وزعزعة في يقينه من هذه الناحية ورتب مسألة‬
‫الرزق عطاء أو منًعا على أناس معينين أو على‬
‫سلوك معين جاء نص قرآني آخر يؤكد بأسلوب‬
‫ء‬
‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬ ‫القسم هذه المرة ضمان الرزق ‪َ ‬‬
‫و ِ‬
‫ْ َ‬
‫ض‬
‫والْر ِ‬ ‫ء َ‬
‫ما ِ‬‫س َ‬
‫ب ال ّ‬
‫وَر ّ‬ ‫ن* َ‬
‫ف َ‬ ‫دو َ‬ ‫ع ُ‬
‫ما ُتو َ‬ ‫و َ‬‫م َ‬‫قك ُ ْ‬ ‫رْز ُ‬ ‫ِ‬
‫ن ‪ ‬فعلم‬
‫)‪(5‬‬
‫م ت َن ْطِ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫َ‬
‫قو َ‬ ‫ما أن ّك ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ِ‬‫ح ّ‬ ‫هل َ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫الخوف؟ وعلم القلق؟ ورب العزة يقسم بنفسه أنه‬
‫حق وأنه في السماء وأنه بيد الله ل سلطان لحد‬
‫عليه إل الله الواحد الحد‪.‬‬
‫العراف آية ‪.35‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫المنافقون آية ‪.11‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫هود آية ‪.6‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫العنكبوت آية ‪.60‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫الذاريات آية ‪.23 -22‬‬ ‫سورة‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬


‫‪700‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فإذا استقرت النفس واطمأنت لذلك هدأت‬
‫وعاودها اليمان‪ ،‬وتفتحت للدنيا وللحياة لتؤدي‬
‫رسالتها التي كلفت بها‪ .‬هذان هما أهم السباب التي‬
‫تثير القلق‪ ،‬وقد كفلهما السلم ورسخ العقيدة‬
‫بحفظهما‪ ،‬وبأن الله المالك الوحيد لهما‪ ،‬ول سلطان‬
‫لحد غيره عليهما‪ ،‬فهل هناك أشياء آتية وحوادث‬
‫يومية حياتية تقع فتثير القلق‪ .‬مرض إنسان عزيز أو‬
‫إصابته خسارة مالية متوقعة لي سبب كان‪ .‬رسوب‬
‫في امتحان‪ .‬خلفات عائلية أو خلفات في العمل‪،‬‬
‫ارتفاع في السعار ارتفاع أجرة المنزل‪ ،‬أو المحل‬
‫قضية إخراج من المنزل‪ ...‬الخ هذه المنغصات‬
‫والمسببات للهم والقلق‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫ما الحارس المين لنفس‬ ‫وهنا نجد السلم دائ ً‬


‫أتباعه والدواء الناجع لكل عللهم فيأتي للنفس‬
‫البشرية ويعالجها من ناحية اليمان‪ ،‬ل من ناحية ما‬
‫هو كائن فقط فإذا استقر اليمان في النفس أصبح‬
‫سهًل عليها تقبل هذه الزمات إنها حتمية ل مفر‬
‫منها‪ ،‬ولها سنة الله في خلقه ول تبديل لسنة الله‪،‬‬
‫ثم بعد ذلك ينطلق النسان لعلجها بنفس واثقة‬
‫ه ل ََنا‬
‫ب الل ّ ُ‬ ‫صيب ََنا إ ِّل َ‬
‫ما ك َت َ َ‬ ‫ل لَ ْ‬
‫ن يُ ِ‬ ‫فيقول له‪ُ  :‬‬
‫ق ْ‬
‫ن ‪ (1) ‬‬
‫مُنو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫فل ْي َت َ َ‬
‫وك ّ ِ‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫وَلَنا َ‬
‫و َ‬ ‫م ْ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫ُ‬
‫و‬‫ه إ ِّل‬
‫ه َ‬
‫ُ‬ ‫ف لَ ُ‬‫ش َ‬ ‫كا ِ‬ ‫فَل َ‬ ‫ضّر َ‬ ‫ه بِ ُ‬‫ك الل ّ ُ‬ ‫س َ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن يَ ْ‬‫وإ ِ ْ‬‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ه‬
‫ب بِ ِ‬
‫َ‬ ‫صي ُ‬ ‫ه يُ ِ‬ ‫ضل ِ ِ‬ ‫فَل َرادّ ل ِ َ‬
‫ف ْ‬ ‫ر َ‬ ‫خي ْ ٍ‬‫ك بِ َ‬ ‫ردْ َ‬ ‫ن يُ ِ‬‫وإ ِ ْ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬سورة‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫غ ُ‬‫و ال ْ َ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫عَباِد ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬
‫شاءُ ِ‬ ‫يَ َ‬
‫يونس آية ‪.107‬‬
‫وإذا تكالبت الدنيا على المسلم بقوانين جائرة أو‬

‫)( سورة التوبة آية ‪.51‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪701‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أنظمة ظالمة أو بعداء خفي أو صريح وتألب عليه‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ن َ‬ ‫الغوغاء من كل صنف ونوع قال له ‪‬ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫م‬ ‫ه ْ‬‫و ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫خ َ‬ ‫فا ْ‬‫م َ‬ ‫عوا ل َك ُ ْ‬ ‫م ُ‬‫ج َ‬‫قدْ َ‬ ‫س َ‬‫ن الّنا َ‬ ‫س إِ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ه ُ‬‫لَ ُ‬
‫ل*‬ ‫كي ُ‬ ‫و ِ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫ع َ‬ ‫ون ِ ْ‬
‫ه َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫قاُلوا َ‬ ‫و َ‬‫ماًنا َ‬ ‫م ِإي َ‬ ‫ه ْ‬‫فَزادَ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ل لَ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫و َ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬
‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫قل َُبوا ب ِن ِ ْ‬
‫ع َ‬ ‫فان ْ َ‬ ‫َ‬
‫ظيم ٍ‬ ‫ع ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ف ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫وا َ‬‫ض َ‬‫ر ْ‬ ‫عوا ِ‬ ‫وات ّب َ ُ‬‫سوءٌ َ‬ ‫ُ‬
‫‪ (1)‬ثم يؤكد له أن هذه المنغصات ما هي إل ابتلء‬
‫من الله ومحنة ليرى الصابرين والمحتسبين ثم‬
‫يرسم له طريق الخلص من هذه المحن ويريه‬
‫ف‬‫و ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫خ ْ‬ ‫م َ‬
‫ء ِ‬
‫ي ٍ‬
‫ش ْ‬ ‫ول َن َب ْل ُ َ‬
‫ون ّك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫النتيجة والجزاء ‪َ ‬‬
‫ت‬‫مَرا ِ‬ ‫والث ّ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫واْل َن ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬
‫َ‬
‫ن اْل ْ‬ ‫م َ‬‫ص ِ‬ ‫ق ٍ‬ ‫ون َ ْ‬
‫ع َ‬‫جو ِ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫صيب َ ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫صاب َت ْ ُ‬‫ذا أ َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال ّ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫ر ال ّ‬ ‫ش ِ‬ ‫وب َ ّ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ن * أولئ ِك َ‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬‫ه َرا ِ‬ ‫وإ ِّنا إ ِلي ْ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫قالوا إ ِّنا ل ِل ِ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫دو َ‬ ‫هت َ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ك ُ‬ ‫وأول َئ ِ َ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬‫ح َ‬ ‫وَر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬‫وا ٌ‬ ‫صل َ َ‬
‫َ‬
‫‪ ‬سورة البقرة آية ‪ 157-155‬وبهذا تصبح نفس‬
‫المسلم مستقرة هادئة راضية مطمئنة وسرعان ما‬
‫يتلشى ما علها من هم وغم وما لبسها من قلق‬
‫وأرق‪.‬‬

‫)( سورة آل عمران ‪.74-73‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪702‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫علج السلم لتباعه‬

‫إذا كان السلم قد طمأن النسان على عمره‬


‫وطمأنه على رزقه ووطن نفسه على تحمل‬
‫المصائب والمحن إل أنه لم يكتف بذلك فإنه إذا‬
‫اعتبر الطمأنينة على الرزق أو العمر أو التوطين ضد‬
‫المصائب علجات جزئية إل أنه أراد وقصد إلى وضع‬
‫العلج الكامل الشامل وهو الوقاية بادئ ذي بدء ضد‬
‫كل أنواع المخاوف وما يترتب عليها من قلق فكان‬
‫اليمان الذي يسبق كل هذه المور عندما وطد‬
‫العقيدة لدى المؤمن ورسخها بأن كل أمر النسان‬
‫بخيره وشره يرجع إلى الله وحده‪ ،‬عن ابن عباس‬
‫ما فقال‬ ‫رضي الله عنهما قال كنت خلف النبي ‪ ‬يو ً‬
‫لي "يا غلم إني أعلمك كلمات‪ :‬أحفظ الله يحفظك‪،‬‬
‫أحفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا‬
‫استعنت فاستعن بالله واعلم أن المة لو اجتمعت‬
‫على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إل بشيء قد كتبه‬
‫الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم‬
‫يضروك إل بشيء قد كتبه الله عليك رفعت القلم‬
‫وجفت الصحف")‪ (1‬وبذلك تستقر النفوس ويصبح أهل‬
‫اليمان أكثر الناس رضا وسعادة في الحياة الدنيا بما‬
‫اتخذوا لنفسهم من طريق اليمان والتقوى والورع‬
‫وَل ُ‬ ‫ف َ َ‬ ‫ه َل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫و ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ول َِياءَ الل ّ ِ‬
‫نأ ْ‬‫‪‬أَل إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫م‬‫ه ُ‬‫ن * لَ ُ‬‫قو َ‬ ‫و َ‬
‫كاُنوا ي َت ّ ُ‬ ‫مُنوا َ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ن * ال ّ ِ‬‫حَزُنو َ‬ ‫يَ ْ‬

‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪703‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ل‬ ‫ة َل ت َب ْ ِ‬
‫دي َ‬ ‫في اْل َ ِ‬
‫خَر ِ‬ ‫و ِ‬
‫ة الدّن َْيا َ‬‫حَيا ِ‬‫في ال ْ َ‬ ‫شَرى ِ‬ ‫ال ْب ُ ْ‬
‫م ‪ ‬سورة‬ ‫ظي ُ‬ ‫وُز ال ْ َ‬
‫ع ِ‬ ‫و ال ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫ه َ‬‫ك ُ‬ ‫ت الل ّ ِ‬
‫ه ذَل ِ َ‬ ‫ل ِك َل ِ َ‬
‫ما ِ‬
‫يونس‬
‫آية ‪.64-62‬‬
‫وتصبح حياة المؤمن تبًعا لذلك اليمان المستقر‬
‫والسلوك السوي خيًرا كلها في السراء وفي الضراء‪،‬‬
‫قال رسول الله ‪» :‬عجبا لمر المؤمن إن أمره‬
‫كله له خير وليس ذلك‪ ،‬لحد إل للمؤمن إن أصابته‬
‫سراء شكر فكان خيًرا له وإن أصابته ضراء صبر‬
‫فكان خيًرا له« رواه مسلم‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪704‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما يساعد على ذهاب القلق‪:‬‬
‫ولكن السلم دين واقعي يعلم النفس البشرية‬
‫تمام العلم ويعلم ما يكتنفها من ضعف وما يعتريها‬
‫من وهن فهو رغم ما قدم لها من إيمان راسخ ومن‬
‫عقيدة ثابتة يقرر أن هذه النفس أحيانا ً تتغلب عليها‬
‫المخاوف في لحظة ضعف إيماني‪ ..‬ولذا يدل‬
‫النسان على كثير من الطرق العملية لعلج هذا‬
‫الضعف والمقاومة والخوف والقلق‪ ..‬فما هي هذه‬
‫الوسائل؟‬
‫أول وسيلة يدل عليها الصلة‪:‬‬
‫فالصلة صلة بين العبد وربه أرأيت لو أن إنسانا‬
‫تعرض لمصيبة ما أما تراه يهرب ويفزع إلى من هو‬
‫أقوى منه ليحميه وليحتمي في جنابه ويلوذ برحابه؟‬
‫وكذلك المؤمن كان حريا به أن يلوذ بحمى الله وأن‬
‫يلجأ إلى الله ليس هناك أفضل من الصلة تقربه إلى‬
‫الله سبحانه »أقرب ما يكون العبد من ربه وهو‬
‫ساجد فاكثروا الدعاء«)‪ (1‬فيفزع المسلم إلى الصلة‬
‫َ‬
‫ليستعين بها على المصائب والنكبات ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ها‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ة إِ ّ‬‫صَل ِ‬ ‫وال ّ‬ ‫ر َ‬‫صب ْ ِ‬ ‫عيُنوا ِبال ّ‬ ‫ست َ ِ‬
‫مُنوا ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫صَل ِ‬
‫ة‬ ‫وال ّ‬‫ر َ‬‫صب ْ ِ‬‫عيُنوا ِبال ّ‬ ‫ست َ ِ‬‫وا ْ‬ ‫ن‪َ  ‬‬
‫)‪(2‬‬
‫ري َ‬
‫صاب ِ ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬وقدوة‬ ‫)‪(3‬‬
‫عي َ‬‫ش ِ‬‫خا ِ‬ ‫عَلى ال ْ َ‬
‫ها ل َك َِبيَرةٌ إ ِّل َ‬ ‫وإ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫المسلمين في ذلك رسول الله ‪ ‬الذي كان يفزع‬
‫إلى الصلة كلما حزبه أمر‪ ،‬قال حذيفة رضي الله‬
‫عنه كان رسول الله ‪ ‬إذا حزبه أمر صلى)‪ (4‬وكثيرا ً‬

‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة البقرة آية ‪.154‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة البقرة آية ‪.45‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫رواه أحمد وأبو داود عن حذيفة بن اليمان‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬


‫‪705‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪(1‬‬
‫ما كان يقول لبلل أقم الصلة أرحنا بها‪.‬‬
‫والصلة دواء ناجح لهذا المرض الخطير‬
‫والمحافظون عليها تراهم دائما ً في ثقة من سلوكهم‬
‫ومن حياتهم وعلى ثقة بربهم فل يتزعزع لديهم‬
‫إيمان ول تهتز عندهم القيم كما يحدث عند بقية بني‬
‫ه ال ّ‬
‫شّر‬ ‫س ُ‬
‫م ّ‬
‫ذا َ‬ ‫هُلو ً‬
‫عا إ ِ َ‬ ‫ق َ‬
‫خل ِ َ‬
‫ن ُ‬
‫سا َ‬
‫لن َ‬ ‫البشر ‪‬إ ِ ّ‬
‫نا ِ‬
‫صّلين‬ ‫عا إ ِل ّ ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫مُنو ً‬ ‫خي ُْر َ‬‫ه ال ْ َ‬
‫س ُ‬‫م ّ‬‫ذا َ‬‫وإ ِ َ‬
‫عا َ‬ ‫جُزو ً‬ ‫َ‬
‫في‬ ‫ن ِ‬
‫ذي َ‬‫وال ّ ِ‬‫مون َ‬ ‫دائ ِ ُ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫عَلى َ‬
‫صل َت ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫حُروم ‪‬‬ ‫وال ْ َ‬ ‫عُلوم ّلل ّ‬
‫)‪(2‬‬
‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سائ ِ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ق ّ‬‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫وال ِ ِ‬
‫م َ‬‫أ ْ‬
‫‪#‬‬ ‫فالمسلم في صلته دائما ً يطلب العون‬
‫والهداية والسداد من الله‪ .‬فيعطيه الله هذه‬
‫المطالب ففي الحديث "قسمت الصلة بيني وبين‬
‫ن‬
‫مي َ‬ ‫عال َ ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬‫ه َر ّ‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫عبدي نصفين فإذا قال ‪‬ال ْ َ‬
‫ن‬‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫‪ ‬قال الله حمدني عبدي وإذا قال ‪‬الّر ْ‬
‫ك‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫حيم ِ ‪ ‬قال أثنى علي عبدي وإذا قال‪َ  :‬‬ ‫الّر ِ‬
‫ك‬‫ن ‪ ‬قال‪ :‬مجدني عبدي وإذا قال‪ :‬إ ِّيا َ‬ ‫دي ِ‬‫وم ِ ال ّ‬ ‫يَ ْ‬
‫ن ‪ ‬قال‪ :‬هذا بيني وبين عبدي‬ ‫عي ُ‬
‫ست َ ِ‬ ‫وإ ِّيا َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫عب ُدُ َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ط‬‫صَرا َ‬ ‫دَنا ال ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫ولعبدي ما سأل‪ ،‬فإذا قال‪ :‬ا ْ‬
‫ت َ َ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬قال‬ ‫ه ْ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫ط ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫صَرا َ‬ ‫م* ِ‬ ‫قي َ‬‫ست َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫الله هذا لعبدي ولعبدي ما سأل")‪ (3‬وهكذا نرى الصلة‬
‫‪#‬‬ ‫دواء ناجحا ً لهذا المرض الخطير‪.‬‬

‫)( رواه أبو داود عن سالم ابن أبي الجعد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة المعارج آية ‪.25-19‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪706‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫والدواء الثاني قراءة القرآن‬

‫فالنسان عندما يقرأ القرآن ويشعر أنه في‬


‫رحاب الله ومع كلم الله يزداد إطمئنانا وثقة كما أن‬
‫القرآن فيه من المثال والعبر ومن قصص المم‬
‫السابقة وما مرت به من مصائب وآلم ما يطمئن‬
‫النسان على أنه ليس الوحيد في هذا العالم الذي‬
‫يبتلى بذلك ويعطيه الثقة بفرج الله كما أن القرآن‬
‫شفاء من الله ورحمة للذين يقرأونه ويحلون حلله‬
‫من ال ْ ُ َ‬
‫و‬‫ه َ‬
‫ما ُ‬
‫ن َ‬
‫قْرآ ِ‬ ‫ل ِ َ‬ ‫ويحرمون حرامه ‪َ ‬‬
‫ون ُن َّز ُ‬
‫ن إ ِّل‬‫مي َ‬ ‫زيدُ ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫يَ ِ‬ ‫وَل‬‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ة ل ِل ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م ٌ‬
‫ح َ‬
‫وَر ْ‬
‫فاءٌ َ‬‫ش َ‬
‫ِ‬
‫فاءٌ‬ ‫ش َ‬
‫و ِ‬ ‫َ‬ ‫و ل ِل ّ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ساًرا ‪ُ  (1) ‬‬
‫دى َ‬ ‫ه ً‬
‫مُنوا ُ‬‫آ َ‬ ‫ن‬‫ذي َ‬ ‫ه َ‬‫ل ُ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫)‪.(2‬‬
‫‪‬‬

‫والعلج الثالث لمرض القلق‬


‫هو تذكر الموت‬

‫فإذا تكاثرت الهموم على النسان وسدت أمامه‬


‫سبل الحياة السعيدة تذكر الموت‪ ،‬عندها تهون عليه‬
‫الدنيا ومن فيها أمام هذه الحقيقة الكبرى وينظر‬
‫للدنيا على أنها شيء تافه أمام عظمة الله وقدرته‬
‫وأن الدنيا مرحلة لبد أن يعقبها الموت هذه هي‬
‫النهاية الحتمية اللزمة‪ ،‬عن أنس رضي الله عنه أن‬
‫)( سورة السراء آية ‪.82‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة فصلت آية ‪.44‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪707‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫رسول الله ‪ ‬مر بمجلس وهم يضحكون فقال‬
‫"أكثروا من ذكر هادم اللذات‪ ،‬احسبه قال فإنه ما‬
‫ذكره أحد في ضيق من العيش إل وسعه ول في‬
‫سعة إل ضيقها رواه البزار بإسناد حسن‪.‬‬
‫الدواء الرابع الدعاء‬
‫لن الدعاء فيه التنفيس عن القلب والتفريج عن‬
‫‪#‬‬ ‫الصدر وتخفيف ما يجده‬
‫النسان من هم وغم لنه يربطه بخالق أقوى وأقدر‬
‫وقوة أعظم وأحكم‪ ،‬دخل رسول الله ‪ ‬المسجد‬
‫ذات يوم فإذا هو برجل من النصار يقال له أبو‬
‫أمامه فقال "يا أبا أمامه مالي أراك جالسا في‬
‫المسجد في غير وقت صلة قال هموم لزمتني‬
‫وديون يا رسول الله قال‪ :‬أفل أعلمك كلما إذا قلته‬
‫أذهب الله همك وقضى عنك دينك؟ قلت بلى يا‬
‫رسول الله قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت‪ :‬اللهم‬
‫إني أعوذ بك من الهم والحزن‪ ،‬وأعوذ بك من العجز‬
‫والكسل‪ ،‬وأعوذ بك من الجبن والبخل‪ ،‬وأعوذ بك من‬
‫غلبة الدين وقهر الرجال" قال ففعلت ذلك فأذهب‬
‫الله همي وقضى عني ديني )أخرجه أبو داود قال‬
‫الشوكاني ول مطعن في اسناده(‪.‬‬
‫وهناك دعاء نبي الله يونس عليه السلم الذي ما‬
‫دعا به مغموم مؤمن بالله ومخلصا ً له الدين مخلصا ً‬
‫له الدعاء إل فرج الله غمه وأذهب حزنه كما قال‬
‫رسول الله ‪" ‬فإنه ما يدع به مسلم ربه في شيء‬
‫قط إل استجاب له")‪ (1‬ودعوة يونس كما وردت في‬
‫ن‬‫فظ َ ّ‬‫ضًبا َ‬
‫غا ِ‬
‫م َ‬
‫ب ُ‬ ‫ن إ ِذْ ذَ َ‬
‫ه َ‬ ‫ذا الّنو ِ‬ ‫سورة النبياء ‪َ ‬‬
‫و َ‬

‫)( رواه أحمد والترمذي والنسائي‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪708‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َل إ ِل َ َ‬
‫ه‬ ‫تأ ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫في الظّل ُ َ‬ ‫دى ِ‬ ‫ه َ‬
‫فَنا َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬‫دَر َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ن نَ ْ‬‫ن لَ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ن ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك إ ِّني ك ُن ْ ُ‬ ‫حان َ َ‬ ‫سب ْ َ‬‫ت ُ‬ ‫إ ِّل أن ْ َ‬
‫جي‬ ‫ك ن ُن ْ ِ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫م َ‬
‫غ ّ‬‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬‫ون َ ّ‬ ‫ه َ‬‫جب َْنا ل َ ُ‬‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ (1)‬وهذه الدعوة باقية إلى يوم القيامة‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫لكل مسلم مؤمن يدعو الله بها لقوله تعالى ‪‬‬
‫ن ‪ ‬فعن سعيد بن المسيب‬ ‫مِني َ‬
‫ؤ ِ‬ ‫جي ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫وك َذَل ِ َ‬
‫ك ن ُن ْ ِ‬ ‫َ‬
‫قال‪ :‬سمعت سعد بن أبي وقاص يقول‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله ‪ ‬يقول‪" :‬اسم الله الذي إذا دعي به‬
‫أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى" قال‬
‫قلت يا رسول الله‪:‬هل ليونس خاصة أم لجماعة‬
‫المسلمين؟ قال "هي ليونس ابن متى خاصة‬
‫ولجماعة المؤمنين عامة إذا دعوا بها ألم تسمع قول‬
‫َ‬
‫ن َل إ ِل َ َ‬
‫ه‬ ‫تأ ْ‬ ‫في الظّل ُ َ‬
‫ما ِ‬ ‫دى ِ‬ ‫الله عز وجل‪َ  ،‬‬
‫فَنا َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫َ‬
‫ن*‬ ‫مي َ‬ ‫ظال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ك إ ِّني ك ُن ْ ُ‬ ‫حان َ َ‬‫سب ْ َ‬
‫ت ُ‬ ‫إ ِّل أن ْ َ‬
‫جي‬
‫ك ن ُن ْ ِ‬‫وك َذَل ِ َ‬
‫م َ‬
‫غ ّ‬‫ن ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫جي َْناهُ ِ‬
‫ون َ ّ‬
‫ه َ‬‫جب َْنا ل َ ُ‬
‫ست َ َ‬ ‫فا ْ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ ‬فهو شرط من الله لمن دعاه‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫)‪(2‬‬
‫‪#‬‬ ‫به"‬

‫‪ () 1‬سورة النبياء آية ‪,.88-87‬ومعنى )لن نقدر عليه( لن نضيق عليه‪.‬‬


‫‪ () 2‬أخرجه ابن جرير عن سعد بيين أبيي وقيياص مرفوعيا ورواه ابين أبييي‬
‫حاتم بمثله‪.‬‬
‫)*( ويقرأ لعلج القلق أيضيا ً رسييالة‪) :‬الوسييائل المفيييدة للحييياة السييعيدة(‬
‫للشيخ عبد الرحمن السعدي‬
‫‪709‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫والعلج الخامس – العمل‬

‫فالسلم يكره لتباعه الكسل والتواني ويكره‬


‫لهم أن يظلوا في دائرة التفكير المضني في الهموم‬
‫وما يترتب على هذا من إفتراضات واحتمالت‬
‫وتوقعات مما يزيد في تعقيد المر وفي بلبلة الفكر‬
‫ولكنه يأمر أتباعه برفق أن ينتقلوا إذا ما إنتهوا من‬
‫التفكير – إلى العمل المثمر النافع وبذلك يتخلصون‬
‫من دواعي القلق وهذا ما كان واضحا ً في دعاء‬
‫الرسول ‪" ‬أعوذ بك من العجز والكسل" بعد أن‬
‫دعا "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن" فالهم‬
‫والحزن مجاله التفكير‪ ،‬والعجز والكسل )مجاله‬
‫العمل( والعمل يتبع التفكير فواجب أن ينتقل‬
‫المسلم إلى العمل وبهذا يتخلص من همومه لن‬
‫العمل يصرفه عن التفكير المضني ويدفعه إلى‬
‫النتاج ويخفف عنه آلمه ويسد حاجته‪.‬وهكذا عالج‬
‫السلم القلق وفتح لتباعه طرق الخير والتفتح على‬
‫الحياة للعمل بثقة واطمئنان لداء الرسالة المناطة‬
‫بهم‪ .‬فالحمد لله الذي أكمل لنا ديننا وأتم علينا نعمته‬
‫)*(‬
‫ورضي لنا السلم دينا‪..‬‬
‫حيدر عبد الفتاح‬
‫قفه‬
‫عن مجلة المجتمع‬
‫‪20/5/1397‬هي‬
‫‪710‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪#‬‬
‫‪711‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫نصيحة عامة‬

‫للشيخ‪ :‬محمد بن إبراهيم‬


‫بن عبد اللطيف آل الشيخ‬
‫المتوفى سنة ‪1389‬هي‬
‫رحمه الله تعالى‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫من محمد بن إبراهيم‪ :‬إلى من يراه من‬
‫المسلمين بصرني الله وإياهم في الدين وفقهني‬
‫وإياهم فيما بعث به محمد ‪ ‬سيد المرسلين وبعد‪:‬‬
‫فالحامل على هذا تذكيركم نعم ربكم لتشكروه‬
‫وتذكيركم أسباب نقمه لتتقوه وقياما بما أوجب الله‬
‫ن‬‫فإ ِ ّ‬ ‫علينا من النصيحة وقد قال تعالى ‪َ ‬‬
‫وذَك ّْر َ‬
‫ن ‪ (1)‬وقال النبي ‪" ‬الدين‬ ‫مِني َ‬ ‫ع ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫الذّك َْرى ت َن ْ َ‬
‫ف ُ‬
‫النصيحة قالها ثلثا قلنا لمن يا رسول الله قال لله‬
‫)‪(2‬‬
‫ولكتابه ولرسوله ولئمة المسلمين وعامتهم"‬
‫فجعل الدين محصورا ً في النصيحة لنها تتضمن‬
‫أصوله وفروعه وقواعده المهمة فيدخل في النصيحة‬
‫لله اليمان بالله ومحبته وخشيته والخضوع له‬
‫وتعظيم أمره ونهيه وتنزيهه عما ل يليق بجلله‬
‫وعظمته من تعطيل وإلحاد وشرك وتكذيب وكل ما‬
‫يضاد كمال اليمان ويعارضه‪ ،‬وكذلك النصيحة لكتابه‬
‫تتضمن العمل بمحكمه واليمان بمتشابهه وتحليل‬
‫)( سورة الذاريات آية ‪.55‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪712‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حلله وتحريم حرامه والعتبار بأمثاله والوقوف عند‬
‫عجائبه ورد مسائل النزاع إليه وترك اللحاد في‬
‫الفاظه ومعانيه‪ ،‬والنصح لرسوله يقتضي اليمان به‬
‫وتصديقه ومحبته وتوقيره ومتابعته والنقياد لحكمه‬
‫والتسليم لمره وتقديمه على كل ما عارضه وخالفه‬
‫من هوى أو بدعة أو قول‪.‬‬
‫والنصح لئمة المسلمين أمرهم بطاعة الله‬
‫ورسوله وطاعتهم في المعروف ومعاونتهم على‬
‫القيام بأمر الله وترك مشاقتهم ومنازعتهم‪ ،‬والنصح‬
‫‪#‬‬‫لعامة‬
‫المسلمين هو تعليمهم وإرشادهم لما فيه صلحهم‬
‫وفلحهم والرفق بهم وكفهم عما فيه هلكهم‬
‫وشقاؤهم وذهاب دينهم ودنياهم من معصية الله‬
‫ورسوله ومخالفة أمره ومشابهة الجاهلين فيما كانوا‬
‫عليه من التفرق والختلف وترك الحقوق السلمية‪،‬‬
‫وأعظم نعمة أذكركم بها ما من الله به على‬
‫المسلمين من نعمة السلم فإنه ما طرق العالم ول‬
‫يطرقه نعمة هي أعظم وأكبر من هذه النعمة التي‬
‫من بها جل شأنه على عباده بواسطة من اصطفاهم‬
‫من رسله بتبليغ وأداء هذه المانة إلى من اختارهم‬
‫من برياته‪.‬وأوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل‬
‫التي هي حقيقة شكر هذه النعمة فإنها جماع الدين‬
‫وقد وصى الله تعالى بها عباده في غير موضع من‬
‫َ‬
‫ذي‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ُ‬‫س ات ّ ُ‬‫ها الّنا ُ‬ ‫كتابه قال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫قوا‬ ‫وات ّ ُ‬‫ة ‪ ‬إلى قوله‪َ  :‬‬ ‫حدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬
‫س َ‬‫ف ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫خل َ َ‬
‫قك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫م ‪ ‬وقال‬ ‫واْل َْر َ‬ ‫ساءَُلو َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬‫الل ّ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫حا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ذي ت َ َ‬

‫)( سورة النساء آية ‪.1‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪713‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫قوُلوا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫فْر ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫غ ِ‬ ‫وي َ ْ‬‫م َ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫ع َ‬‫م أَ ْ‬ ‫ح ل َك ُ ْ‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫دا * ي ُ ْ‬ ‫دي ً‬ ‫س ِ‬‫وًل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫َ‬
‫وًزا‬‫ف ْ‬ ‫فاَز َ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ف َ‬‫ه َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ع الل ّ َ‬ ‫ن ي ُطِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫م َ‬ ‫ذُُنوب َك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫ما ‪ ‬وقال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬ ‫َ‬
‫قوا‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫د َ‬ ‫غ ٍ‬‫ت لِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قدّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ول ْت َن ْظُْر ن َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫ات ّ ُ‬
‫ن ‪ ‬إلى غير ذلك‬ ‫)‪(2‬‬
‫مُلو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫خِبيٌر ب ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫الل ّ َ‬
‫من اليات وجعل جزاء المتقن توفيقهم للفرقان بين‬
‫الحق والباطل وتكفير السيئات ومغفرة الخطيئات‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ن ت َت ّ ُ‬
‫مُنوا إ ِ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قال تعالى ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫فْر‬ ‫غ ِ‬‫وي َ ْ‬
‫م َ‬ ‫سي َّئات ِك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫عن ْك ُ ْ‬
‫فْر َ‬ ‫وي ُك َ ّ‬ ‫قاًنا َ‬ ‫فْر َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬‫ع ْ‬ ‫ج َ‬ ‫يَ ْ‬
‫ظيم ِ ‪ (3)‬ول نجاة لحد‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ع ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ذو ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫والل ّ ُ‬‫م َ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫ن‬‫وإ ِ ْ‬ ‫من النار بعد ورودها إل بالتقوى قال تعالى ‪َ ‬‬
‫ضّيا *‬ ‫ق ِ‬‫م ْ‬ ‫ما َ‬ ‫حت ْ ً‬‫ك َ‬ ‫عَلى َرب ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ها َ‬ ‫ردُ َ‬‫وا ِ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫جث ِّيا‬‫ها ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫مي َ‬ ‫ون َذَُر ال ّ‬
‫ظال ِ ِ‬ ‫وا َ‬ ‫ق ْ‬‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬‫جي ال ّ ِ‬ ‫م ن ُن َ ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫‪ (4)‬وهي وصية الله تعالى لعباده أولهم وآخرهم‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ب ِ‬‫ن أوُتوا ال ْك َِتا َ‬ ‫صي َْنا ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫و ّ‬ ‫قدْ َ‬ ‫ول َ َ‬
‫قال تعالى ‪َ ‬‬
‫َ‬
‫ه ‪ ‬ووصية الرسول‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫ن ات ّ ُ‬ ‫وإ ِّياك ُ ْ‬ ‫قب ْل ِك ُ ْ‬
‫َ‬
‫)‪(5‬‬
‫مأ ِ‬ ‫م َ‬
‫‪ ‬لمته عموما ً وخصوصا ً كما قال ‪ ‬لما طلب منه‬
‫الصحابة رضي ‪ ‬عنهم الوصية‪" :‬أوصيكم بتقوى‬
‫الله والسمع والطاعة")‪ (6‬وقال لمعاذ بن جبل رضي‬
‫الله عنه حين بعثه إلى اليمن وأبي‬
‫‪#‬‬

‫ذر رضي الله عنه حين طلب منه الوصية "اتق الله‬

‫سورة الحزاب آية ‪.71-70‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫سورة الحشر آية ‪.18‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫سورة النفال آية ‪.29‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة مريم آية ‪.72-71‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫سورة النساء آية ‪.131‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬

‫رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪6‬‬
‫‪714‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)‪(1‬‬
‫حيثما كنت"‬
‫َ‬
‫قوا ْ الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫مُنوا ْ ات ّ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫وقال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫قات ِه ول َ ت َموت ُن إل ّ َ‬
‫مون‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وأنُتم ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق تُ َ ِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫َ‬
‫واذْك ُُروا ْ‬ ‫قوا ْ َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ول َ ت َ َ‬
‫عا َ‬ ‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫حب ْ ِ‬ ‫موا ْ ب ِ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫عت َ ِ‬‫وا ْ‬ ‫َ‬
‫فأل ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ف ب َي ْ َ‬ ‫داء َ‬ ‫ع َ‬‫مأ ْ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫م إ ِذْ ُ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ع َ‬
‫نِ ْ‬
‫قُلوبك ُم َ َ‬
‫ى‬ ‫عل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫و ُ‬ ‫واًنا َ‬ ‫خ َ‬‫ه إِ ْ‬ ‫مت ِ ِ‬ ‫ع َ‬ ‫حُتم ب ِن ِ ْ‬ ‫صب َ ْ‬‫فأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ك ي ُب َي ّ ُ‬ ‫ها ك َذَل ِ َ‬ ‫من ْ َ‬ ‫كم ّ‬ ‫قذَ ُ‬ ‫فَأن َ‬ ‫ر َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ة ّ‬ ‫فَر ٍ‬ ‫ح ْ‬ ‫فا ُ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫دون ‪. (2)‬‬ ‫هت َ ُ‬‫م تَ ْ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫ه لَ َ‬ ‫م آَيات ِ ِ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬‫الل ّ ُ‬
‫قال ابن مسعود تقوى الله حق تقاته أن يطاع‬
‫فل يعصى ويذكر فل ينسى ويشكر فل يكفر‪ ،‬وقال‬
‫طلق بن حبيب في تفسيرها‪ :‬أن تعمل بطاعة الله‬
‫على نور من الله ترجو ثواب الله وأن تترك معصية‬
‫الله على نور من الله تخشى عقاب الله‪ ،‬وللسلف‬
‫في تفسير التقوى عبارات متقاربة المعنى‪ ،‬وحقيقتها‬
‫جعل العباد بينهم وبين غضب الله وعقابه وقاية‬
‫تقيهم ذلك بفعل الطاعات وترك المعاصي‪ ،‬وأعظم‬
‫خصال التقوى وآكدها وأصلها ورأسها إفراد الله‬
‫تعالى بالعبادة وإفراد رسوله ‪ ‬بالمتابعة فل يدعى‬
‫مع الله أحد من الخلق كائنا من كان ول يتبع في‬
‫الدين غير الرسول ‪ ‬ول يحكم غير ما جاء به ‪‬‬
‫ول يرد عند التنازع إل إليه وهذا هو مضمون شهادة‬
‫أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله‪ ،‬فيفرد الرب‬
‫سبحانه تعالى بجميع أنواع العبادة – بغاية الحب‬
‫وكمال الذل له جل شأنه وخشيته ومخافته ورجائه‬
‫والتوكل عليه والرهبة والرغبة والنابة إليه والخشوع‬
‫)( رواه الترمذي وقال حديث حسن‪..‬‬ ‫‪1‬‬

‫)(سورة آل عمران آية ‪.103-102‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪715‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫له إلى غير ذلك من أنواع العبادة الواجب صرفها له‬
‫وحده ل شريك له دون كل من سواه من النبياء‬
‫والملئكة والصالحين وغيرهم‪ ،‬ويفرد الرسول ‪‬‬
‫بالمتابعة والتحكم عند التنازع فمن دعى غير الله من‬
‫النبياء والولياء والصالحين فما شهد أن ل إله إل الله‬
‫شاء أم أبى‪ ،‬ومن أطاع غير الرسول ‪ ‬وتبعه في‬
‫خلف ما جاء به الرسول عالما ً وحكم القوانين‬
‫الوضعية أو حكم بها فما شهد أن محمدا ً رسول الله‬
‫شاء أم أبى بل إما أن يكون كافرا ً أو تاركا لواجب‬
‫دا رسول الله ويتبع هذين الصلين‬ ‫شهادة أن محم ً‬
‫العظيمين فعل بقية فرائض الدين وواجباته التي‬
‫أوجبها الله تعالى في كتابه وسنة رسوله ‪ ‬مما هو‬
‫داخل في‬ ‫‪#‬‬

‫واجب التقوى ومن أهم خصال التقوى الصلة‬


‫والجهاد في سبيل الله والجهاد على مراتب عديدة‬
‫من أشهرها وآكدها المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر ول قوام للعباد والبلد بدونهما‪ .‬والمعروف‬
‫اسم عام يتناول التوحيد فما دونه من الطاعات وكذا‬
‫المنكر يشمل الشرك فما دونه من البدع والمعاصي‪.‬‬
‫ومن أعظم الجرائم تعاطي المسكرات من‬
‫الخمور وغيرها‪ .‬ومن المنكرات جميع أنواع الميسر‬
‫وهو القمار كالشطرنج بجميع أنواعه ومن أنواعه‬
‫اللعب بالورق المسمي الزنجفة سواء كان اللعب به‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مُنوا‬
‫نآ َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫على عوض أو ل قال تعالى‪َ :‬يا أي ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ج ٌ‬ ‫ر ْ‬
‫م ِ‬ ‫واْلْزَل ُ‬ ‫ب َ‬ ‫واْلن ْ َ‬
‫صا ُ‬ ‫سُر َ‬ ‫وال ْ َ‬
‫مي ْ ِ‬ ‫مُر َ‬
‫خ ْ‬‫ما ال ْ َ‬‫إ ِن ّ َ‬
‫ن*‬‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م تُ ْ‬ ‫جت َن ُِبوهُ ل َ َ‬ ‫ن َ‬
‫فا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬‫م ِ‬ ‫ع َ‬‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫‪716‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫َ‬
‫وةَ‬
‫دا َ‬
‫ع َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ع ب َي ْن َك ُ ُ‬ ‫ق َ‬‫ن ُيو ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬‫ريدُ ال ّ‬‫ما ي ُ ِ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫ن ِذك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ع ْ‬ ‫م َ‬ ‫صدّك ُ ْ‬ ‫وي َ ُ‬‫ر َ‬ ‫س ِ‬‫مي ْ ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫ر َ‬ ‫م ِ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫خ ْ‬ ‫ضاءَ ِ‬‫غ َ‬ ‫وال ْب َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫)‪(1‬‬
‫ن‪‬‬ ‫هو َ‬ ‫من ْت َ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ل أن ْت ُ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ة َ‬ ‫صَل ِ‬ ‫ن ال ّ‬‫ع ِ‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ ِ‬
‫والحاديث في تغليظ تحريم الخمر والميسر ووجوب‬
‫الحد في الخمر وشدة الوعيد فيه‬
‫معلومة‪.‬‬
‫ومن أعظم المعاصي استعمال الملهي من‬
‫الفتح على السينما وغيرها ول سيما ما يشتمل على‬
‫المناظر والمسامع المحرمة فإنها تشتمل من الصد‬
‫عن ذكر الله وعن الصلة والغراء بالفواحش وغير‬
‫ذلك ما يعرفه أرباب البصائر‪ .‬ومن أكبر المنكرات‬
‫إكباب الجهال والشباب على مطالعة كتب الزيغ‬
‫واللحاد والزندقة والصحف المشتملة على ذلك‬
‫وعلى الصور الخليعة فما أحرى من أدمن النظر فيها‬
‫من الشباب ونحوهم أن يصبح أسيًرا للشيطان إن لم‬
‫يقتله بالكلية ويسلبه جميع اليمان‪.‬‬
‫ومن المنكرات التشبيه بالكفار ول فرق بين‬
‫المور الدينية والعادية كالزي ونحوه وروى أبو داود‬
‫بسند جيد أن رسول الله ‪ ‬قال‪» :‬من تشبه بقوم‬
‫فهو منهم« ويدخل فيه حلق اللحى لما روى البخاري‬
‫ومسلم أن رسول الله ‪ ‬قال »خالفوا المشركين‬
‫احفوا الشوارب وأعفوا اللحى«‪ ،‬ومن أعظم‬
‫المنكرات تصوير ذوات الرواح واتخاذها واستعمالها‬
‫ول فرق بين المجسد وما في الوراق مما أخذ باللة‬
‫‪#‬‬‫وغيره ذكر معناه النووي رحمه الله في شرح صحيح‬
‫مسلم وذكر أنه مذهب الئمة الربعة‪ ،‬والحاديث‬
‫)( سورة المائدة آية ‪.91-90‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪717‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫في الوعيد على ذلك والتغليظ فيه معلومة‪ .‬وأغلظ‬
‫أنواعه صور المعظمين على وجه التعظيم والتبجيل‬
‫وهذا أحد الذريعتين المفضيتين إلى الوقوع في‬
‫الشرك الكبر وهما فتنة القبور وفتنة التماثيل‬
‫المشار إليهما في قوله ‪» ‬أولئك إذا مات فيهم‬
‫دا‬
‫الرجل الصالح أو العبد الصالح بنوا على قبره مسج ً‬
‫وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند‬
‫الله«)‪ (1‬ومن أعظم المنكرات وأشدها ضرًرا فشو‬
‫الغاني والستماع إليها واستيلؤها على ألسنة كثيرة‬
‫وشغف قلوبهم بها فاستبدل كثير من الناس عمارة‬
‫بيوتهم بأنواع الذكار وتلوة القرآن آناء الليل وآناء‬
‫النهار بأغاني أم كلثوم وفلن وفلن من مشاهير‬
‫المغنيين الفجار )بئس للظالمين بدًل(‪ .‬فيا لله ما‬
‫أخسر صفقة أصحاب هذا الستبدال وما أسوأ وأقبح‬
‫هذا التحول والنتقال‪ ،‬ومن أكبر الكبائر وأعظم‬
‫المنكرات بل هو من جملة المكفرات ترك الصلة‬
‫فإنها قرينة التوحيد في كتاب الله وسنة رسوله ‪‬‬
‫وهي آخر ما يفقد من الدين كما قال ‪» ‬أول ما‬
‫تفقدون من دينكم المانة وآخر ما تفقدون من دينكم‬
‫الصلة«)‪ (2‬قال المام أحمد رحمه الله كل شيء‬
‫ذهب آخره لم يبق منه شيء وهي عمود الدين كما‬
‫تقدم في حديث معاذ وهي أول ما يحاسب عنه العبد‬
‫يوم القيامة كما قال ‪» ‬أول ما يحاسب عنه العبد‬
‫من عمله الصلة«)‪ (3‬وتركها تهاوًنا وكسًل مبيح للدم‬
‫بعد أن يدعى تاركها إلى فعلها ويستتاب ثلًثا فإن‬
‫)( متفق عليه‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه الطبراني في الكبير ورمز السيوطي لحسنه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه النسائي عن ابن مسعود ورمز السيوطي لحسنه‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪718‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دا عند‬ ‫تاب ورجع إلى فعلها فذاك وإل تحتم قتله ح ً‬
‫قوم وردة عند آخرين وهو الراجح وهو قول جمهور‬
‫السلف من الصحابة والتابعين بل قد نقل إسحاق بن‬
‫راهويه رحمه الله الجماع على أنه كافر‪ ،‬ومن الدلة‬
‫على كفره ما تقدم وحديث بين العبد وبين الكفر أو‬
‫الشرك ترك الصلة«)‪ (1‬وحديث »العهد الذي بيننا‬
‫وبينهم الصلة فمن تركها فقد كفر«)‪ (2‬وقال عبد الله‬
‫بن شقيق كان أصحاب رسول الله ‪ ‬ل يرون شيًئا‬
‫‪#‬‬ ‫من العمال تركه كفر إل الصلة)‪ (3‬وقال ابن‬
‫م‬‫ه ْ‬‫د ِ‬ ‫ع ِ‬
‫ن بَ ْ‬
‫م ْ‬‫ف ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫مسعود في تفسير قوله ‪َ ‬‬
‫ف َ‬
‫ت ‪ (4)‬قال‬ ‫وا ِ‬
‫ه َ‬ ‫عوا ال ّ‬
‫ش َ‬ ‫صَلةَ َ‬
‫وات ّب َ ُ‬ ‫عوا ال ّ‬ ‫ف أَ َ‬
‫ضا ُ‬ ‫خل ْ ٌ‬
‫َ‬
‫هم الذي يؤخرونها عن وقتها ولو تركوها لكانوا‬
‫كفاًرا)‪ (5‬وها هنا منكر فوق ما يخطر بالبال ويدور في‬
‫الخيال وأعظم مما قدمناه من جميع المنكرات وهو‬
‫منكر عدم تغيير المنكرات وعدم الغيرة لمحارم‬
‫فاطر الرض والسماوات والتهاون في ذلك‬
‫والتسويف فيه والغترار بهذه الزهرة الذاوية عن‬
‫قرب مع القدرة على التغيير ولهذا اشتد في ذلك‬
‫ن‬
‫ع َ‬ ‫الوعيد وغلظ فيه التهديد قال الله تعالى ‪‬ل ُ ِ‬
‫ن‬ ‫عَلى ل ِ َ‬
‫سا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ن ب َِني إ ِ ْ‬ ‫م ْ‬‫فُروا ِ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫و َ‬
‫كاُنوا‬ ‫وا َ‬‫ص ْ‬‫ع َ‬‫ما َ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫م ذَل ِ َ‬ ‫مْري َ َ‬‫ن َ‬ ‫سى اب ْ ِ‬ ‫عي َ‬‫و ِ‬ ‫وودَ َ‬ ‫دا ُ‬ ‫َ‬
‫عُلو ُ‬
‫ه‬ ‫ف َ‬‫ر َ‬‫من ْك َ ٍ‬‫ن ُ‬ ‫ع ْ‬‫ن َ‬ ‫و َ‬ ‫ه ْ‬‫كاُنوا َل ي َت ََنا َ‬ ‫ن* َ‬ ‫دو َ‬ ‫عت َ ُ‬‫يَ ْ‬
‫ن ‪ ‬سورة المائدة آية ‪-78‬‬ ‫عُلو َ‬ ‫ف َ‬ ‫ما َ‬
‫كاُنوا ي َ ْ‬ ‫س َ‬‫ل َب ِئ ْ َ‬
‫‪.79‬‬
‫رواه مسلم‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪1‬‬

‫رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪2‬‬

‫قال النووي رواه الترمذي بإسناد صحيح‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪3‬‬

‫سورة مريم آية ‪.59‬‬ ‫)(‬ ‫‪4‬‬

‫ذكره عنه ابن جرير عند تفسير هذه الية‪.‬‬ ‫)(‬ ‫‪5‬‬
‫‪719‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وروى الترمذي عن حذيفة أن النبي ‪ ‬قال‬
‫»والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن‬
‫المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عذاًبا من‬
‫عنده ثم تدعونه فل يستجاب لكم« وروى ابن ماجه‬
‫والترمذي وصححه عن أبي بكر الصديق قال يا أيها‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الناس إنكم تقرؤون هذه الية ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ض ّ‬
‫ل إِ َ‬
‫ذا‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫م َ‬ ‫م َل ي َ ُ‬
‫ضّرك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫م أ َن ْ ُ‬
‫ف َ‬ ‫عل َي ْك ُ ْ‬‫مُنوا َ‬ ‫َ‬
‫آ َ‬
‫م ‪ (6)‬وإني سمعت رسول الله ‪ ‬يقول‪:‬‬ ‫هت َدَي ْت ُ ْ‬
‫ا ْ‬
‫"إن الناس إذا رأوا منكًرا فلم يغيروه أوشك أن‬
‫يعمهم الله بعقابه" ولحمد إنكم تقرؤون هذه الية‬
‫وتضعونها في غير موضعها فذكره وروى الترمذي‬
‫وأبو داود عن ابن مسعود قال قال الرسول ‪" ‬لما‬
‫وقعت بنو إسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم‬
‫فلم ينتهوا فجالسوهم في مجالسهم وآكلوهم‬
‫وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم‬
‫على لسان داود وعيسى بن مريم‬
‫ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون" قال فجلس رسول‬
‫الله ‪ ‬وكان متكًئا فقال "ل والذي نفسي بيده حتى‬
‫تأطروهم أطًرا" وفي رواية أبي داود قال "كل والله‬
‫لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على‬
‫يد الظالم ولتأطرنه على الحق‬
‫أطًرا أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض ثم‬
‫‪#‬‬

‫يلعنكم كما لعنهم"‪.‬‬


‫فيا أمراء المسلمين ويا حماة الدين ويا علماء‬
‫شرع رب العالمين ويا كافة إخواننا المسلمين الله‬
‫الله أن تستلب نعمتكم عيانا وأنتم تقدرون على‬
‫)( سورة المائدة آية ‪.105‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪720‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ثبوتها فيكم أل وهي نعمة التوحيد وتحكيم الشريعة‬
‫المحمدية وحفظ المحارم والولد والعز والشرف‬
‫واعتصموا بالله جميعا في اقامة الحق والقضاء على‬
‫جميع المنكرات والخذ على أيدي السفهاء والعصاة‬
‫من قبل أن يحل بكم ما حل بمن قبلكم من سالف‬
‫ول َ ْ‬
‫ن‬ ‫ل َ‬‫قب ْ ُ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬
‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫قدْ َ‬ ‫ه ال ِّتي َ‬ ‫ة الل ّ ِ‬ ‫سن ّ َ‬‫المم ‪ُ ‬‬
‫ديًل ‪ (1)‬فعلى العلماء اقامة‬ ‫ة الل ّ ِ‬
‫ه ت َب ْ ِ‬ ‫سن ّ ِ‬
‫جدَ ل ِ ُ‬‫تَ ِ‬
‫الحجة وإيضاح المحجة وأخذ ما جاء به نبيهم محمد‬
‫‪ ‬بالقوة وأن يقوموا بواجب بث النصائح والرشاد‬
‫للجماعات والفراد وأن يعلموا الجاهل وأن يقوموا‬
‫بواجب التعليم أعني تعليم العلوم الشرعية المبعوث‬
‫بها صفوة الخلق وخيرة البرية علوم العقائد والتوحيد‬
‫بنوعيه والعبادات وعلوم اليمان باليوم الخر وعلوم‬
‫الحلل والحرام هذا والله هو العلم وما سواه من‬
‫أنواع العلوم المباحة في ذاتها إن لم يكن معينا‬
‫ومؤيدا ً لهذا العلم وموصل إلى اجتناء ثمراته وخادما ً‬
‫له في كافة حالته فإن الجهل به خير من العلم‪،‬‬
‫وعلى ولة المسلمين تجريد صوارم العزمات‬
‫ومتابعة صواعق التغليظ والتهديدات والضرب على‬
‫أيدي العصاة بيد من حديد ليرجعوا إلى نجاتهم‬
‫وحياتهم وأن يؤكدوا على العلماء فردا ً فردا ً غاية‬
‫التأكيد أن يقوموا بواجبهم ويساعدوهم ويشدوا‬
‫أعضادهم بالتنفيذ‪ ،‬وليعلم أن طريق إزالة المنكرات‬
‫من أبين شيء لسالكيه وأسهل مطلوب لراغبيه إن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ها ال ّ ِ‬
‫صدقنا الموقف ‪َ‬يا أي ّ َ‬
‫ن ‪ (2)‬وصلى الله على محمد‬ ‫قي َ‬‫صاِد ِ‬ ‫ع ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫كوُنوا َ‬ ‫و ُ‬‫َ‬
‫)( سورة الفتح آية ‪.23‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( سورة التوبة آية ‪119‬‬ ‫‪2‬‬


‫‪721‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪#‬‬ ‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬
‫‪722‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)‪(1‬‬
‫ما يستعمل من الداب‬

‫يسن لكل مسلم مكلف‪ :‬خوف سابقة وخاتمة‪،‬‬


‫وخديعة‪ ،‬ومكر‪ ،‬وفضيحة‪ ،‬والصبر على الطاعة‬
‫والنعم والبلء والنقم في بدنه وعرضه وأهله وماله‪،‬‬
‫وعن كل مأثم‪ ،‬واستدراك ما فات من الهفوات‪،‬‬
‫وقصد القرب والطاعة بنيته وقوله وفعله‪ ،‬والزهد‬
‫في الدنيا‪ ،‬والرغبة في الخرة‪ .‬ويجب‪ :‬الرضى‬
‫بالقضاء ول يجوز الرضى بما نهى عنه‪ :‬كالكفر‪،‬‬
‫والزنا‪ .‬ويحرم‪ :‬بهت‪ ،‬وغيبة‪ ،‬ونميمة‪ ،‬وكلم ذي‬
‫الوجهين‪ .‬ويحرم‪ :‬مكر‪ ،‬وخديعة‪ ،‬وسخرية‪ ،‬واستهزاء‪،‬‬
‫وكذب لغير إصلح وحرب وزوجة‪ .‬ويحرم‪ :‬مدح‪ ،‬وذم‬
‫بباطل‪ .‬ويسن‪ :‬حسن الظن بأهل الخير دون أهل‬
‫الشر‪ .‬ويجب‪ :‬كف يده‪ ،‬وفمه وفرجه‪ ،‬وبقية أعضائه‬
‫عما يحرم‪ .‬ويسن‪ :‬عما يكره‪.‬‬
‫عا‪ :‬كل مسلم مكلف أثم من‬ ‫وتلزم التوبة شر ً‬
‫ذنب‪ ،‬وهي‪ :‬الندم‪ .‬وتصح‪ :‬من بعض الذنوب مع‬
‫ارتكاب غيره‪ .‬ول تصح من حق آدمي إل بالتخلص‬
‫من ربه أو وارثه‪ .‬ومن لم يندم على ما حدبه‪ :‬لم‬
‫يكن حده توبة‪ .‬وتصح‪ :‬التوبة من عاجز عن فعل ما‬
‫تاب منه‪ ،‬وتقبل ما لن يعاين الملك‪ .‬وقبول التوبة‪:‬‬
‫تفضل من الله عز وجل‪ .‬وتحبط المعاصي بالتوبة‪،‬‬

‫)( من كتاب مغني ذوي الفهام عن الكتب الكثيرة في الحكييام للشيييخ‬ ‫‪1‬‬

‫يوسيييييييييف بييييييييين عبيييييييييد الهيييييييييادي رحميييييييييه الليييييييييه‬


‫ص ‪.36-20‬‬
‫‪723‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والكفر بالسلم‪ ،‬والطاعة بالردة المتصلة بالموت‪.‬‬
‫ول تحبط طاعة بمعصية غير الردة‪ .‬والمر بالمعروف‬
‫والنهي عن المنكر‪ :‬فرض عين على من علمه‬
‫ما‪ ،‬وشاهده وعرف ما ينكر‪ ،‬ولم يخف أذى ول‬ ‫حرا ً‬
‫فتنة في نفس أو مال‪ .‬ويسوغ‪ :‬على الدنى مع‬
‫ما‪ :‬أن‬‫العجز عن القوي العلى‪ .‬ولمن ارتكب محر ً‬
‫ينكره على غيره ول يسوغ‪ :‬لفاسق‪ ،‬ول في مختلف‬
‫فيه إل على من التزم مذهًبا وخالفه‪.‬‬
‫فا‪ ،‬ول على غير‬ ‫ول ينكر‪ :‬على المام إل تخوي ً‬
‫مكلف إل تأديًبا‪ ،‬ول على‬
‫ذمي في محرم عندنا دونهم‪.‬‬
‫ويجب‪ :‬بيده‪ ،‬فإن عجز‪ :‬فبلسانه‪ ،‬فإن عجز‪:‬‬
‫قا‪،‬‬‫فبقلبه وينبغي‪ :‬أن يكون فاعله متواضًعا رفي ً‬
‫ها‪،‬‬
‫ما بالمأمورات والمنهيات‪ ،‬ديًنا نز ً‬ ‫قا‪ ،‬عال ً‬‫شفي ً‬
‫دا وجه الله تعالى‪ ،‬وإقامة دينه‪ ،‬ونصرة شرعه‪،‬‬ ‫قاص ً‬
‫وامتثال أمره‪ .‬ويحرم‪ :‬أخذ مال‪ .‬ويباح‪ :‬كسر آلة لهو‪،‬‬
‫وصور‪ ،‬ودف صنوج‪ ،‬وشق وعاء خمر‪ ،‬وإحراق بيته‬
‫إن لم يتعد إلى غيره‪ .‬ويجب‪ :‬إنكار البدع المضلة‪.‬‬
‫ويسن‪ :‬هجر من جهر بالمعاصي‪ ،‬ويحرم‪ :‬هجر غيره‪.‬‬
‫ما‪ ،‬دون‬ ‫وتزول بالسلم‪ .‬ويجوز‪ :‬لعن الكافر عمو ً‬
‫معين‪ .‬ويجوز‪ :‬اغتياب فاسق معلن‪ ،‬والخبار عنه بما‬
‫يفعل‪ .‬ويجب على المرأة‪ :‬ستر وجهها عن نظر‬
‫الرجال‪) .‬لنها عورة وفتنة(‪.‬‬
‫ومما للمسلم على المسلم‪ :‬أن يستر عورته‪،‬‬
‫ويغفر زلته‪ ،‬ويقيل عثرته‪ ،‬ويقبل معذرته‪ ،‬ويرد غيبته‪،‬‬
‫ويديم نصيحته‪ ،‬ويحفظ خلته‪ ،‬ويرعى ذمته‪ ،‬ويجيب‬
‫دعوته‪ ،‬ويقبل هديته‪ ،‬ويكافئ صلته‪ ،‬ويشكر نعمته‪،‬‬
‫‪724‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويحسن نصرته‪ ،‬ويقضي حاجته‪ ،‬ويشفع مسألته‪،‬‬
‫ويشمت عطسته‪ ،‬ويرد ضالته‪ ،‬ويواليه ول يعاديه‪،‬‬
‫وينصره على ظالمه إن قدر‪ ،‬ويكفه عن ظلمه‪ ،‬ول‬
‫يسلمه‪ ،‬ول يخذله‪ ،‬ويحب له ما يحب لنفسه‪ ،‬ويكره‬
‫له ما يكره لها‪ .‬وليس على المسلم‪ :‬نصح ذمي‪ .‬نص‬
‫عليه‪ .‬ويحرم‪ :‬المن وتسن المشورة‪ ،‬حتى لمن هو‬
‫دونه‪ ،‬ويجب عليه‪ :‬نصحه ويحرم‪ :‬إشارته بغش‪.‬‬
‫والصلة على النبي ‪ ‬في غير الصلة‪ :‬سنة‪،‬‬
‫وتجب‪ :‬في العمر مرة والسلم‪ :‬سنة عين من الفرد‪،‬‬
‫وعلى الكفاية من الجماعة‪ ،‬ول يجب‪ .‬ويكره‪ :‬في‬
‫حمام‪ ،‬وعلى من يأكل‪ ،‬أو يقاتل‪ ،‬ومصل‪ ،‬ويرد‬
‫إشارة‪ ،‬ويكره‪ :‬على من يقضي‬
‫حاجته‪ ،‬ويرد إذا فرغ‪ ،‬وعلى متوضى ويرد‪ .‬ورد‬
‫السلم المسنون‪ :‬فرض‬
‫كفاية‪.‬‬
‫ويجوز‪ :‬على صبي‪ ،‬ويكتب به لغائب‪ .‬ول يسوغ‪:‬‬
‫على ذمي‪ ،‬وإن سلم أحدهم قيل له عليكم ويسلم‬
‫على مسلم وذمي‪ ،‬ويقصد‪ :‬المسلم‪ .‬ويعزى‪ :‬الذمي‪:‬‬
‫ويهنى‪ ،‬ويعاد‪ .‬ولو سلم على ذمي وهو ل يعلم قال له‪:‬‬
‫رد على سلمي‪ .‬ويسلم‪ :‬صغير على كبير‪ ،‬وماش‬
‫على جالس‪ ،‬وراكب عليهما‪ .‬وإذا التقيا فبدأ كل به‬
‫فعلى كل‪ :‬الجابة‪ .‬ول بأس بقوله‪ :‬كيف أصبحت؟‬
‫‪#‬‬ ‫وكيف أمسيت؟ ويجيب على‬
‫ذلك بالدعاء والخبار ويسن‪ :‬الستئذان في الدخول‬
‫ثلًثا‪ ،‬فإن أذن له وإل رجع ويكره‪ :‬الجلوس وسط‬
‫الحلقة‪ .‬ويكره‪ :‬قيام لغير سلطان‪ ،‬وعالم‪ ،‬ووالد‪،‬‬
‫‪725‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وذي دين وورع‪ ،‬وكريم قوم‪ ،‬وسيد‪ ،‬وشيخ معلم‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬لذي معصية وفجور‪ .‬ول بأس‪ :‬بالستئذان عند‬
‫إرادة القيام‪.‬‬
‫ويسن‪ :‬تعليم أدب‪ ،‬وسمت‪ ،‬وحياء‪ .‬ول بأس‪:‬‬
‫بوداع عند فراق‪ ،‬والتلقي عند قدوم‪ ،‬وبالخروج‬
‫لذلك‪ .‬ويكره للرجل‪ :‬أن يسافر أو يبيت وحده‪ ،‬ول‬
‫يجوز للمرأة‪ :‬أن تسافر مع غير ذي محرم‪ .‬ول بأس‪:‬‬
‫بمعانقة وتقبيل رجل ومحرم لغير شهوة‪ ،‬وزوجة‬
‫وأمة بشهوة‪ .‬ول بأس‪ :‬يأخذ شيء من لحية غيره أو‬
‫ثوبه‪ ،‬ويقول له‪ :‬أخذت يداك خيًرا‪ .‬وتكره‪ :‬السياحة‬
‫في غير مقصد صحيح‪.‬‬
‫وتجب‪ :‬طاعة والد‪ ،‬وزوج‪ ،‬وسيد‪ ،‬وولي أمر في‬
‫غير معصية‪ .‬ويسن‪ :‬تعليم كتابة‪ ،‬وسباحة‪ ،‬ورمى‪.‬‬
‫وعلى المسلم‪ :‬أن يستغفر لوالد‪ ،‬ومعلم‪،‬‬
‫ويصل رحمه‪.‬‬
‫ويجب على كل أحد‪ :‬أن يتعلم ما يحتاج إليه من‬
‫أمور دينه‪ .‬ول يجب‪ :‬طاعة والد في طلق زوجة‪،‬‬
‫وبيع سرية‪ ،‬ويأمر والديه بالمعروف وينهاهما عن‬
‫المنكر برفق‪ ،‬ول يجب‪ :‬طاعتهما في القامة بمحل‬
‫منكر‪ ،‬وعجز عن إظهار دين‪.‬‬
‫وعلى الب‪ :‬أن يؤدب ولده ولو بضرب‪ ،‬وكذا‬
‫كبير إخوة‪ .‬وتجب‪ :‬كفاية مملوك بما يحتاجه مما ل‬
‫غنى به عنه‪ .‬ويسن‪ :‬بمثل نفسه‪ ،‬وتأديبهم كولد‪.‬‬
‫ويحرم‪ :‬تطاوله عليهم‪ ،‬وضربهم بغير جرم‪،‬‬
‫ونقصهم من الكفاية‪ .‬وأفضل المماليك‪ :‬الصغار‪.‬‬
‫ويجب‪ :‬معاشرة جار بمعروف‪ ،‬وإكرامه‪ ،‬ول يضره‪.‬‬
‫وتسن‪ :‬العزلة عن خلطاء السوء‪ ،‬ول بأس‪ :‬بمخالطة‬
‫‪726‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ذي علم ودين وصلح‪ .‬وينبغي لطالب العلم‪ :‬أن‬
‫صا مع‬‫يخلص نيته‪ ،‬ويحسن سريرته‪ ،‬ويتواضع خصو ً‬
‫شيخ وصاحب‪ ،‬ويطلب الهم فالهم‪ ،‬ويقدم الفقه‪،‬‬
‫ثم الصول‪ .‬ويأخذ من العلوم المحتاج إليها كنحو‪،‬‬
‫ولغة‪ :‬ما يتحاج إليه‪ ،‬ول يجعله جل قصده‪ ،‬ويترك‬
‫الهم‪ .‬ويكره‪ :‬تعلم جدال‪ ،‬ومراء‪.‬‬
‫وعلى كل شيخ‪ :‬أن يحرص على من يعلمه‪،‬‬
‫وينصحهم‪ ،‬ويحب رفعتهم ورياستهم‪ ،‬ويمدح كل بقدر‬
‫رتبته‪ ،‬ويرغبهم‪ .‬ويكره لعالم‪ :‬غسل كتبه ودفنها‪ ،‬ولو‬
‫أوصى به‪ :‬لم يفعله وارث ويكره‪ :‬علم الكلم‪ .‬وإذا‬
‫‪#‬‬‫سئل عما يعلم‪:‬‬
‫وجب الجواب إذا كان فيه فائدة ولم يكن فيه ضرر‬
‫على أحد‪ ،‬وكان من العلوم الدينية‪ ،‬وكان فهم‬
‫السائل يحتمله‪ .‬ويكره‪ :‬النظر في كتاب غيره بغير‬
‫إذنه‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬حبس الكتب عن مستفيد‪ .‬ويجوز‪ :‬أن‬
‫يقرأ في مصحف غيره بغير إذنه‪ ،‬ول يجب‪ :‬بذله لمن‬
‫يطلب القراءة فيه‪ .‬وتسن‪ :‬المذاكرة في العلم‪ .‬ومن‬
‫شفع وردت شفاعته‪ :‬ل يجد في نفسه على من رده‬
‫ول يندم‪ .‬ويجب‪ :‬شكر المنعم‪ ،‬والصبر على‬
‫المصائب‪ .‬ويسن‪ :‬عيادة المريض‪ .‬ويكره‪ :‬وسط‬
‫النهار‪ .‬نص عليه‪.‬‬
‫وفي رمضان‪ :‬ليًل‪ .‬ويسن‪ :‬الدعاء للمريض‬
‫ويسن تعاطي حسن الخلق مع أهله وجيرانه وأقاربه‪،‬‬
‫وسائر الناس‪ .‬ويكره‪ :‬مزاح كثير‪ ،‬وبما ليس بحق‪،‬‬
‫ول بأس‪ :‬بيسير بحق‪ .‬ويسن‪ :‬الحياء‪ ،‬والمروءة‪،‬‬
‫والغيرة‪ ،‬وزيارة الخوان‪ ،‬وتفقد الجيران‪ ،‬والرامل‬
‫‪727‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ومنقطع‪ ،‬والنظافة في ثوب وبيت‪ ،‬والمصافحة في‬
‫اللقاء‪ ،‬وتكره‪ :‬لمرأة غير محرم‪ ،‬وأمرد بشهوة‪ .‬ول‬
‫بأس‪ :‬بتقبيل يد كبير‪ .‬ويكره‪ :‬تناجي اثنين دون ثالث‪،‬‬
‫ويجوز‪ :‬مع الزيادة‪ .‬ويكره‪ :‬أن يدخل في سر قوم لم‬
‫يدخلوه فيه‪ ،‬وجلوس‪ ،‬وإصغاء إلى من يتحدث سًرا‬
‫دون إذنه‪ .‬ويجب‪ :‬حفظ السر‪ .‬ويسن‪ :‬لمن غضب‪:‬‬
‫سا اضطجع‪،‬‬ ‫ما جلس‪ ،‬وإن كان جال ً‬ ‫إن كان قائ ً‬
‫ويتوضأ‪ .‬ويكره‪ :‬رفع الصوت بالدعاء‪ .‬وتكره القراءة‪،‬‬
‫والدعاء‪ ،‬والذكر مع حمل الجنازة جهًرا‬
‫والله أعلم)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫)( من كتاب معنى ذوي الفهام عن الكتب الكثيرة في الحكام ص ‪-19‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪.24‬‬
‫‪728‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فصل‬
‫)في أحكام المصحف وآداب التلوة(‬

‫ول بأس‪ :‬بنقط المصحف‪ ،‬وشكله‪ ،‬وكتابة‬


‫الخماس‪ ،‬والعشار‪ ،‬وأسماء السور‪ ،‬وعدد اليات‬
‫ويحرم مخالفة خط عثمان نص عليه‪ .‬ويجوز‪ :‬تقبيله‪.‬‬
‫ول بأس‪ :‬بقول سورة كذا وكذا‪ .‬ويحرم كتابته‬
‫بنجس‪ .‬ويحرم‪ :‬توسده‪ ،‬ووضعه تحت رأسه‪ ،‬ويكره‪:‬‬
‫بغيره من الكتب‪ .‬ومن استخف به أو ببعضه‪ :‬كفر‪.‬‬
‫ول يباح‪ :‬السفر به إلى أرض العدو‪ .‬ويباح إلى‬
‫غير أرض العدو‪ .‬ول ينسخه‪ :‬ذمي ويمنع من‬
‫قراءته‪،‬ول بأس‪ :‬أن يقرأ عليه‪ .‬ويمنع من تملكه‪ ،‬وإن‬
‫ملكه بأرث أو غيره‪ :‬أجبر على إزالة ملكه‬
‫عنه‪.‬ويجوز‪ :‬أخذ الجرة على نسخه ول يجوز‪:‬أن‬
‫يجعل بدل من الكلم‪ .‬ويجوز‪ :‬وضع أيات منه في‬
‫خطب ووعظ ول يجوز‪.‬تفسيره برأي‪ .‬ويجوز‪ :‬بقوله‬
‫عليه السلم‪ ،‬وبقول صحابي‪.‬‬
‫وتجوز‪ :‬القراءة لماش‪ ،‬وراكب‪ ،‬ومضطجع‪،‬‬
‫ومحدث حدًثا أصغر‪ ،‬ونجس بدن‪ ،‬وثوب‪ ،‬وعلى كل‬
‫حال‪ ،‬ل مع جنابة‪ ،‬وحيض‪ ،‬ونفاس‪ .‬وتشرع‪ :‬القراءة‬
‫في أوقات الشدائد‪ ،‬والمصائب‪ .‬وتسن‪ :‬كل أسبوع‬
‫ختمه‪ ،‬ول يكره فيما دونها‪ .‬ويسن‪ :‬جمع أهله وولده‬
‫عند ختمه‪ .‬ومفصله‪ :‬من )ق(‪ .‬وسمي بالمفصل‪:‬‬
‫‪729‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لكثرة الفصل فيه‪) :‬ببسم الله الرحمن الرحيم(‬
‫والقراءة في المصحف‪ :‬أفضل‪ .‬ويسن‪ :‬التكبير من‬
‫أول الضحى‪.‬‬
‫ويقرأ سورة الخلص‪ :‬مرة‪ ،‬ول يكررها ثلًثا‪ .‬نص‬
‫عليه‪ .‬ويسن‪ :‬ترتيل القراءة‪ ،‬وإعرابها‪ ،‬وتمكين‬
‫الحروف من غير تكلف‪ .‬واستحب أحمد‪ :‬القراءة‬
‫السهلة‪ ،‬وكره العسرة‪ .‬ويسن‪ :‬البكاء عند القراءة‪.‬‬
‫وإذا مر به آية رحمة‪ :‬أن يسألها وآية عذاب‪ :‬أن‬
‫يستعيذ منها‪ .‬وإذا مرت به سجدة‪ :‬سجد‪ ،‬ويجلس لها‬
‫مستقبل القبلة‪ .‬وتكره قراءة الدارة واللحان‪ .‬وإذا‬
‫‪#‬‬ ‫فرغ من قراءة من قراءة الناس‪:‬‬
‫لم يزد على الفاتحة‪ ،‬وخمس من القراءة‪ .‬نص عليه‪.‬‬
‫ويسن‪ :‬استماع القراءة‪ ،‬ويكره‪ :‬الحديث عندها‪.‬‬
‫ويسن‪ :‬الجتماع لها‪ ،‬والدعاء‪ ،‬والتعوذ قبلها‪ ،‬ول يجهر‬
‫بها عند مصل‪ .‬ول يكره‪ :‬تطييب المصحف وجعله‬
‫على كرسي وكيس حرير‪ .‬نص عليه‪ .‬ويباح‪ :‬تركه‬
‫بالرض‪ .‬ويكره تحليته بذهب وفضة‪ .‬ويجوز‪ :‬دفن‬
‫داثر مصحف‪ ،‬وكتب علم وحديث‪ ،‬وغسلها‪ ،‬ول تحرق‬
‫بنار‪ ،‬ول يجوز دفن مصحف صحيح‪ ،‬ول غسله‪ ،‬ول‬
‫كتب علم ينتفع بها‪ .‬وتغسل‪ :‬كتب سحر وكفر وبدع‬
‫مضله‪ ،‬وزندقة‪ ،‬ونحو ذلك والله أعلم)‪.(1‬‬

‫)( المصدر السابق ص ‪.25 -24‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪730‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فصل‬
‫)في حق المسلم على المسلم وأحكام‬
‫متنوعة(‬

‫يسن‪ :‬تشميت العاطس‪ ،‬وجوابه‪ :‬فرض كفاية‪.‬‬


‫ويسن‪ :‬أن يغطى وجهه‪ ،‬ويخفض صوته‪ .‬وإذا عطس‪:‬‬
‫حمد الله ويقول له من سمعه‪ :‬يرحمك الله‪.‬‬
‫ويقول هو‪ :‬يهديكم الله‪ ،‬ويصلح بالكم‪ .‬ول‬
‫يشرع‪ :‬تشميت كافر‪ ،‬وإن شمته كافر أجابه‪ :‬بآمين‪،‬‬
‫يهديكم الله‪ .‬ويصلح بالكم‪ .‬ول يشرع‪ :‬تشميت كافر‪،‬‬
‫وإن شمته كافر أجابه‪ :‬بآمين‪ ،‬يهديكم الله‪ .‬ول‬
‫يشمت‪:‬المرأة الشابة‪ ،‬ول تشمته‪ ،‬وكذلك السلم‬
‫عليها‪ .‬ول يشمت‪ :‬إذا زاد على الثلث‪ ،‬ويقال له‪:‬‬
‫عفاك الله‪ .‬ويقال للطفل‪ :‬بارك الله فيك‪ .‬ول يجاب‪:‬‬
‫المتجشئ‪ ،‬فإن حمد قيل له‪ :‬هنيًئا مريًئا‪ .‬ومن‬
‫تثاءب‪ :‬كظم ما استطاع‪ ،‬أو أمسك يده على فمه‪.‬‬
‫ويباح‪ :‬خصي الغنم ونحوها‪ .‬ويكره‪ :‬جز معرفة‬
‫الدابة ونحوها‪ ،‬وقطع ذنبها‪ .‬ول يكره‪ :‬إنزاء حمار‬
‫على الخيل ويكره تعليق جرس ونحوه على الدابة‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬انتثار‪ ،‬وإنقاء درن ووسخ‪ ،‬وخلع نعل‬
‫بيمينه‪ .‬ويجوز‪ :‬الرداف على الدابة‪ ،‬وركوب ثلثة‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬البصاق عن يمينه‪ ،‬بل عن يساره‪ .‬ول يكره‪:‬‬
‫ما ويكره‪ :‬المشي في‬ ‫النتعال‪ ،‬والكل‪ ،‬والشرب قائ ً‬
‫نعل واحدة ويكره النوم ضحوة‪ ،‬وبعد العصر‪ ،‬وأن‬
‫ينام أو يجلس بعضه في الشمس وبعضه في الظل‬
‫‪731‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وتشرع‪ :‬القائلة نصف النهار‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬التكني بأبي يحيى‪ ،‬وأبي عيسى‪ ،‬ول‬
‫يكره‪ :‬بأبي القاسم بعده عليه السلم‪ .‬ويسن‪ :‬أن‬
‫حا ومساء‪ ،‬وعند النوم والنتباه ما ورد‪.‬‬‫يقول صبا ً‬
‫ويمشي‪ :‬عن يمين الكبر‪ ،‬والعلم‪ ،‬والجماعة خلفه‪.‬‬
‫ويقدمه في الدخول‪.‬‬
‫وتكره التجارة‪ ،‬والسفر إلى أرض العدو‪ ،‬وبلد‬
‫الكفر‪ ،‬والبدع‪ ،‬وإن عجز ‘ن إظهار دينه‪ :‬حرم‪ .‬ويباح‬
‫استئجار أرض كافر‪ .‬ويجوز‪ :‬أن يباع الكافر الدار‬
‫ونحوها‪ ،‬وإجارتها منه إذا لم يضر بمسلم‪ ،‬ولم يفعل‬
‫ما‪.‬‬
‫فيها محر ً‬
‫‪#‬‬

‫ويسن‪ :‬التكسب ومعرفة أحكامه‪ ،‬ويجب‪ :‬لوفاء‬


‫واجب من دين ونحوه‪ :‬ويجب النصح في المعاملة‪.‬‬
‫وأفضل الكسب‪ :‬الزراعة‪ ،‬ثم التجارة‪.‬‬
‫وأفضلها‪ :‬في اللبن)‪ ،(1‬ثم العطر‪ .‬ومن أبيح له‬
‫أخذ شيء‪ :‬أبيح له سؤاله‪ .‬وما أتاه من مباح من غير‬
‫سؤال‪ ،‬ول استشراف‪ :‬وجب أخذه ول بأس‪:‬بسؤال‬
‫قريب‪ ،‬ويسير من أجنبي‪ ،‬وسؤال المحتاج غيره‪.‬‬
‫وتكره صناعة ردية كحجامة‪ ،‬وكساحة‪ .‬وقال‬
‫أحمد‪:‬يعجبني أن يكون في البلد طبيب‪ ،‬وكحال‪،‬‬
‫وحجام‪،‬جراح‪ ،‬وطحان‪ ،‬وخباز‪ ،‬وجزار‪ ،‬ولحام‪،‬‬
‫وطباخ‪ ،‬وشواء‪ ،‬وبيطار‪ ،‬وإسكاف)‪ (2‬وغير ذلك من‬
‫الصنائع المحتاج إليها‪ .‬ول تكره‪ :‬الكتابة لرجل وصبي‬
‫وامرأة إذا لم يخف منها‪.‬‬
‫)( بهامش الصل ‪ :‬لعله البز‬ ‫‪1‬‬

‫)( لسكاف الخزاز ويقال هو عند العرب كل صانع )المصباح المنير ج ‪1‬‬ ‫‪2‬‬

‫ص ‪(302‬‬
‫‪732‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويباح‪ :‬دخول الحمام لرجل إذا أمن النظر منه‬
‫وإليه‪ .‬وإن لم يأمنه‪ :‬حرم‪ .‬وإن خافه‪:‬كره‪.‬ويحرم‪:‬‬
‫دخوله بغير إزار‪.‬‬
‫ويباح‪ :‬للمرأة إذا احتاجته‪ ،‬وأمنت النظر منها‪ .‬ول‬
‫بأس‪ :‬بذكر الله في الحمام)‪. (1‬‬
‫وتكره‪ :‬القراءة فيه ويسن‪ :‬تقديم اليسري في‬
‫دخوله‪ ،‬واليمني في خروجه‪ ،‬ويقصد موضعا ً خاليًا‪،‬‬
‫ول يدخل البيت الحار حتى يعرق في الذي قلبه‪ ،‬ول‬
‫يلبث إل بقدر الحاجة‪ ،‬ويحلق عانته‪ ،‬وينتف إبطه‪ .‬وله‬
‫استعمال نورة‪ .‬ول يدخله مع المتلء‪ ،‬ول يشرب‬
‫الماء البارد فيه ول بعده‪ .‬ويسن‪ :‬تسريح شعر‬
‫وغسله ودهنه‪ ،‬وتقليم أظافره مخالفا ً يوم جمعة‪ ،‬أو‬
‫مساء خميس‪ ،‬ول يترك أخذها‪ ،‬وإبط وشارب فوق‬
‫أربعين‪ .‬ويكره‪:‬حلق الرأس في غير نسك‪ ،‬وحاجة‪.‬‬
‫نص عليه‪.‬ويسن خضاب شيب بغير سواد‪ .‬ويكره‪:‬‬
‫نتفه‪ ،‬ونتف شعر الوجه‪ ،‬وحفه‪ .‬ويحرم‪ :‬نمص‪،‬‬
‫ووشر‪ ،‬ووشم‪.‬ويباح‪ :‬ثقب أذن أنثى‪ ،‬ويكره‪ :‬لصبي‬
‫نص عليه‪.‬‬
‫ومن سمع نهيق حمار‪ ،‬ونباح كلب‪ :‬تعوذ‪ ،‬وصياح‬
‫ديك‪ :‬سأل الله من فضله‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬اتخاذ طيور تأكل زرع غيره‪ ،‬وحبس طير‬
‫‪#‬‬‫بقفص‪ ،‬ويباح‪ :‬اقتناء‬
‫كلب لصيد‪ ،‬وماشية وزرع‪ ،‬وبستان‪ .‬ويكره‪ :‬لغير‬
‫ذلك‪ .‬ويباح‪ :‬قتل عقور‪ ،‬وأسود بهيم‪ .‬ويباح قتل وزغ‪،‬‬
‫وفأر‪ ،‬وحية‪ ،‬وعقرب‪ ،‬ومؤذ من حدأة‪ ،‬غراب‪ ،‬ويقال‬
‫لحية قبل قتلها‪ :‬اذهب ثلثًا‪ ،‬فإن ذهب وإل قتلها‪.‬‬
‫)( وهو المغتسل‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪733‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويكره‪ :‬اقتناء كلب لصيد لهو ولعب ويكره‪:‬قتل‬
‫نحل إل لذية شديدة‪ .‬ويباح قتل قمل‪،‬وبق‪ ،‬وبرغوث‪،‬‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬بغير نار ويكره‪ :‬قتل ضفدع‪ ،‬وهدهد‪،‬‬
‫وصرد‪ .‬ويكره‪ :‬طرح قمل من غير قتل‪ .‬ويحرم‪ :‬قتل‬
‫هر ونحوه‪ .‬ويباح مع أذاه‪ .‬ويكره إطالة وقوف بهيمة‬
‫مركوبة‪ ،‬أو محملة‪ .‬ويحرم‪ :‬أن تحمل فوق طاقتها‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬نوم بين يقظي‪ ،‬وجلوس بين نيام‪ ،‬ومد‬
‫الرجلين في مجمع الناس‪ ،‬وخروج ريح‪ ،‬وضحك‪.‬‬
‫وتكره‪ :‬الطيرة والتشاؤم‪ ،‬دون فأل‪ .‬ويكره‪ :‬خروج‬
‫من الطاعون والدخول عليه‪.‬‬
‫ويحرم‪ :‬شطرنج‪،‬ونرد ويكره مجالسة من يلعبة‪،‬‬
‫ول يسلم عليه‪.‬‬
‫وتحرم‪ :‬الملهي من دف‪ ،‬وزمر‪ ،‬وشبابة من‬
‫قصب وغيره وتغيير)‪ (1‬وضرب بقضيب وطبل‪ ،‬وغناء‬
‫دون إنشاد شعر مباح‪ ،‬ومدح مباح في نبى أو غيره‪،‬‬
‫ولو بترنم‪ .‬ويحرم‪ :‬عود‪ ،‬ورباب‪ ،‬وكل آله لهو‪،‬‬
‫وتصفيق بكف‪ ،‬ونحو ذلك سواء كان ذلك من رجل أو‬
‫امرأة‪ ،‬وسواء كان سامعه رجل أو إمرأة‪ .‬ول يكره‪:‬‬
‫التنغيم بالقرآن وبالمدح سواء كان ذلك من رجل أو‬
‫امرأة وسواء كان سامعه رجل أو امرأة‪ ،‬لنه ل يجوز‬
‫للرجل‪ :‬التلذذ بصوت امرأة‪ ،‬غير زوجة وأمة وسرية‪.‬‬
‫ويسن‪ :‬الكف عن مساوئ الناس وعيوبهم‪ .‬ول‬
‫ينظر في النجوم إل في الستدلل على القبلة‬
‫)( التغيير هو الطقطقية بالقضييب يشيبه العيود قيال الميام الشيافعي‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫وضعته الزنادقة ليصدو به الناس عن القرآن هذا في زمانه رحمييه اللييه‬


‫فكيف لو رأى ما أحدث الناس من الملهي التي صدوا بها عيين القييرآن‬
‫فالله المستعان‪.‬‬
‫‪734‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والوقت‪ ،‬ويقول عند رؤية الهلل ما ورد‪ .‬ويكره‪:‬‬
‫سب الريح‪ ،‬وأن يسمى العنب‪ :‬الكرم وسب الديك‪.‬‬
‫والمدح في الوجه‪ .‬والعزلة‪ :‬أفضل من مخالطة أهل‬
‫السوء‪ .‬ومخالطة أهل الخير‪ ،‬والجتماع على العلم‬
‫والقراءة‪ ،‬ونحو ذلك‪ :‬أفضل من عزلة‪ .‬والغني‬
‫الشاكر‪ :‬أفضل من فقير ل صبر له‪ .‬والفقير الصابر‪:‬‬
‫أفضل من غني غير شاكر‪ .‬وعليك بتقوى الله‪ ،‬وإيثار‬
‫طاعته ورضاه‬
‫‪#‬‬

‫على كل شيء‪ ،‬سرا ً وجهرا ً مع صفاء القلب من كل‬


‫كدر ولكل أحد‪ ،‬وترك حب العلية‪ ،‬والترأس‪ ،‬والترفع‪.‬‬
‫وأقبل على من يقبل عليك‪ .‬وارفع منزلة من عظم‬
‫لديك‪ ،‬وأنصف حيث يجب النصاف‪ .‬واستعف حيث‬
‫يجب العفاف‪ .‬ول تسرف إن الله ل يحب‬
‫المسرفين‪ .‬وإن رأيت نفسك مقبلة على الخير‬
‫‪#‬‬ ‫فاشكر‪ ،‬وإن رأيتها مدبرة فازجر)‪.(1‬‬

‫)( المصدر السابق ص ‪.29-25‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪735‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فصل )في أحكام التداوي(‬

‫يباح‪ :‬التداوي‪ ،‬وتركه أفضل)‪ (1‬نص عليه‪ .‬ومع‬


‫ظن النفع‪ :‬فعله‪ .‬ويباح‪ :‬رقية وتعاويذ‪ .‬ول بأس‪:‬‬
‫بالحمية‪ .‬وللرائحة الطيبة أثر في حفظ الصحة‪،‬‬
‫ويكره‪ :‬أن يستعين بذمي في شيء من أمور‬
‫المسلمين‪ .‬ويباح‪ :‬استطبابه‪ ،‬وينبغي أن يستعين في‬
‫كل شيء بأعلم أهله‪ ،‬وتكره تمائم ونحوها‪ .‬وتباح‪:‬‬
‫قلدة فيها قرآن وذكر ول بأس‪ :‬بتعليق ما فيه قرآن‪.‬‬
‫نص عليه)‪ (2‬ول بأس بكتب شيء منه لوجع‪ ،‬وشربه‪،‬‬
‫وأن يكتب للحمى والنملة والعقرب والحية والصداع‬
‫والعين‪ ،‬ويرقى من ذلك بقرآن وغيره‪ ،‬ويكره بغير‬
‫العربية ول بأس بالكتابة لعسر الولدة ويباح نفث‬
‫وكي‪ ،‬وحقنة لضرورة وللحاقن ونحوه نظر موضع‬
‫الحقنة‪ .‬وللطبيب ونحوه نظر ما تدعو إليه الحاجة‪،‬‬
‫حتى إلى فرج من ذكر وأنثى‪ ،‬صغير وكبير لذكر‬
‫وأنثى ويباح التشريط‪ ،‬وفصد العروق‪ ،‬والحجامة‬
‫والكحل‪ ،‬ومداواة العين بيد وحديد‪ .‬ويباح البط مع‬
‫المن ويحرم المداواة والكحل بنجس‪ ،‬ومحرم‪ ،‬ولو‬
‫كان طاهًرا حتى بسماع غناء وملهاة نص عليه‬
‫)( بل فعله أفضيل فقيد كيان مين هيدي النيبي‪ ‬فعيل التيداوي بنفسيه‬ ‫‪1‬‬

‫والمر به لمن أصابه مييرض مين أهليه وأصييحابه ولنييا فيي رسييول الليه‬
‫أسوة حسنة )انظر زاد المعاد لبن القيم ‪ 148 /1‬بتحقيق الرنؤوط(‪.‬‬
‫دا للذريعيية‬
‫)( الصحيح عدم جواز تعليق القرآن كغيره لعموم النهي وس ي ً‬ ‫‪2‬‬

‫ولنه يكون سبًبا لمتهانه‪.‬‬


‫‪736‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وبطاهر مضر ويحرم‪ :‬بقاتل ويجوز ببول طاهر‬
‫ويكره‪ :‬تعليق القرآن على حيوان طاهر‪ ،‬ويحرم على‬
‫نجس‪.‬‬
‫ويباح للمرأة‪ :‬شرب دواء لقطع حيض ومجيئه‪،‬‬
‫لقرب رمضان لتفطر‪ .‬ويجوز للقاء نطفة ل جنين‪.‬‬
‫ول بأس بتعليم الطب ول بأس بنشره‪ ،‬وأن‬
‫يطلق عن المسحور)‪ (1‬ويحل المعقود نص عليه‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫ول بأس بشرب مسهل‪ ،‬ومقئ‪ ،‬وكان أحمد‬


‫يستشفى بماء زمزم)‪ (2‬ويكره سبب الحمى والوجع‪.‬‬
‫ول يكره مركب تعلم أجزاؤه‪ .‬واستعمل أحمد دواء‬
‫مركًبا ويباح دواء ل محرم فيه ويباح استعمال خواص‬
‫نبات‪ ،‬وحيوان في أمر ينجح فيه مما تدعو إليه‬
‫سا لم يجز‬ ‫ما أو نج ً‬
‫الحاجة‪ ،‬فإن كان الحيوان محر ً‬
‫على قاعدة مذهبنا‪ .‬وعندي‪ :‬إن جرب نجحه في‬
‫خلص نفس من علة متلفة‪ ،‬أو خلص من سم‬
‫ونحوه‪ :‬جاز استعماله في ذلك‪ ،‬وإل فل)‪.(3‬‬

‫)( قوله "وأن يطلق عن المسحور" أقول إذا كان ذلك بسحر مثله فهييو‬ ‫‪1‬‬

‫حرام لكونه من عمل الشيطان )أما إذا كان بييالقرآن والدوييية المباحيية‬
‫فهو جائز والنشره هي حل السحر بالمسحور(‪.‬‬
‫)( فهو طعام طعم وشييفاء سييقم كمييا فييي الحييديث الييذي رواه الييبزار‬ ‫‪2‬‬

‫بإسناد صحيح‪.‬‬
‫)( المصدر السابق ص ‪.30-29‬‬ ‫‪3‬‬
‫‪737‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فصل في آداب الطعام والشراب‬

‫يكره نفخ طعام وشراب حار ويكره أكل ما يلي‬


‫غيره‪ ،‬والطعام لون واحد‪ ،‬ومن وسط القصعة ويكره‬
‫أكل وشرب متكًئا ومضطجًَعا وبشماله لغير ضرورة‪،‬‬
‫وغسل اليدين بمطعوم‪ ،‬ول بأس‪ :‬بنخالة نص عليه‪.‬‬
‫وتسن‪ :‬التسمية قبل الطعام‪ ،‬والشراب فإن‬
‫نسي أتى بها ولو في آخره‪.‬‬
‫ويباح تخير فاكهة ونحوها‪ ،‬ولو مما يلي غيره‪.‬‬
‫ويباح‪ :‬الكل في بيت قريب وصديق‪ ،‬من مال ليس‬
‫بمحترز)‪ (1‬عنه‪ ،‬إذا علم أو ظن رضي مالكه ويكره‬
‫القران في التمر ونحوه‪ .‬ويسن تكسير الخبز وكره‬
‫أحمد‪ :‬الخبز الكبار ويسن الجلوس للكل مفتر ً‬
‫شا أو‬
‫متربًعا)‪ (2‬وأن يأكل بثلث أصابع‪ .‬ويكره بواحدة‪،‬‬
‫واثنتين وأربع وخمس ويسن لعق الصابع بعده‬
‫والتقاط ما سقط منه وأن يحمد الله بعده ويكره‬
‫الشرب من ثلمة إناء‪ ،‬وأن يأكل في إناء وسخ قبل‬
‫غسله‪.‬‬
‫ويحرم في ذهب وفضة ويباح في غيرهما ولو‬

‫)( بهامش الصل‪ :‬بمخمر‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( قال ابن القيم في زاد المعاد ‪ 148 /1‬وكييان ‪ ‬ل يأكييل متكًئا وميين‬ ‫‪2‬‬

‫التكاء التربع قيل لنه طريقة من يريد الكثر من الكل‪.‬‬


‫‪738‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ثميًنا ويسن غض طرفه عن جليسه وإيثاره على‬
‫نفسه‪ .‬ويباح تخليل أسنانه بغير قصب ورمان‬
‫وريحان وطرفاء وآس وباذنجان‪ ،‬ونحو ذلك‪ .‬ول يأكل‬
‫مما يشرب عليه الخمر‪ ،‬ول ما اختلط بحرام‪ .‬ويباح‬
‫الشبع‪ ،‬وتركه أولى ول يملك الضيف ما قدم إليه‪ ،‬فل‬
‫يتصرف فيه‪ ،‬وله الكل‪ .‬ويأمر القائم بالجلوس‪ ،‬فإن‬
‫لم يفعل ناوله لقمة أو لقمتين‪ .‬ول يتأخر عن المائدة‬
‫قبل فراغ الكل‪ .‬ويسن لصاحب الطعام‪ :‬مباسطتهم‪،‬‬
‫وأن يأكل‬
‫إلى فراغ الجميع‪ ،‬ول يفعل على الطعام ما يستقذر‪،‬‬
‫ول‬
‫‪#‬‬

‫يحدث به أو بما يضحك‪ ،‬ول يرفع شيًئا من المائدة‬


‫قبل فراغهم إل أن يخبأ لغائب‪ ،‬ونحوه ويسن أن‬
‫يترك لهل البيت من الطعام‪ ،‬فإن علم الضيف أنه‬
‫لم يفعل أرسل إليهم منه‪ ،‬وتؤكل الفاكهة قبل‬
‫الطعام‪ .‬وتضر بعده‪ ،‬فل تؤكل إل الكمثري‪،‬‬
‫والسفرجل‪ ،‬ويؤكل البطيخ بين الطعامين‪ ،‬ول يشرب‬
‫الماء عقيب الفاكهة‪ ،‬إل التين والتوت الحلو‪ ،‬والبطيخ‬
‫سريع الفساد‪ ،‬يستحيل إلى أي خلط صادفه في‬
‫المعدة‪ ،‬ويكره الكل على الطريق ويبدأ بالملح‪،‬‬
‫ويختم به ويكره أن يرد ما أخرجه من فيه في‬
‫القصعة‪ ،‬وأن يمسح يده بالخبز‪ ،‬ول يستعمله‪ ،‬ويكره‬
‫ذم الطعام ولصاحبه مدحه واستحسانه‪ ،‬ول يأكل إل‬
‫ما يشتهيه ول يكره غسل يد بطيب‪ ،‬ول قطع خبز‬
‫بسكين وسن الدعاء لصاحب الطعام‪ ،‬وغسل اليدين‬
‫قبل الطعام وبعده‪ ،‬ومسح يد بمنديل ونحوه‪ ،‬ومسح‬
‫‪739‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫أحد اليدين بالخرى وبرجليه والخبز أفضل من اللحم‬
‫واللبن أفضل من العسل والتمر أفضل من العنب‬
‫وتسن المضمضة بعد شرب اللبن‪ .‬وإذا فرغ من‬
‫الكل عند غيره سن النصراف ويكره إطعام البهائم‬
‫الخبز ويسن أن يخرج مع ضيفه إلى باب الدار ويكره‬
‫أكل لحم نيء‪ ،‬وغير نضيج‪ ،‬وأكل طين وتراب ويحرم‬
‫أكل قمل وبق وبرغوث‪ ،‬وحشرات ول بأس أن يقال‬
‫للشارب هنيًئا وصحة ويسن لمن بات عنده ضيف أن‬
‫يعرفه بالقبله والخلء‪ ،‬ويضع عنده ماء ويعرفه موضع‬
‫الوضوء)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫)( المصدر السابق ص ‪.32‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪740‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فصل في أحكام المساجد وآدابها‬

‫يسن أن يصان كل مسجد عن وسخ‪ ،‬وقذر‪ ،‬وق ً‬


‫ذا‬
‫ومخاط‪ ،‬وبصاق‪ ،‬وإن بدره فيه أخذه بثوبه ويسن‬
‫دفنها فيه‪ ،‬منه كانت أو من غيره وسن صونه عن‬
‫تقليم أظفار‪ ،‬وحف شارب‪ ،‬ونتف إبط‪ ،‬وحلق عانة‪.‬‬
‫ويكره زخرفته بذهب‪ ،‬وفضة‪ ،‬ونقش بصبغ أو كتابة‪،‬‬
‫أو غير ذلك مما يلهى المصلي‪ .‬ول يعلق في قبلته‬
‫مصحف‪ ،‬ول غيره ول يكره‪ :‬وضعه فيه‪.‬‬
‫ويسن صونه عن بيع‪ ،‬وشراء‪ ،‬وعمل صنعة نص‬
‫عليه سواء حصل منه مراعاة للمسجد بكنس أو‬
‫عمارة أو ل ويجوز تعليم الصبيان فيه إذا لم يحصل‬
‫منهم فيه نجاسة‪ .‬ويصان عن صغير ومجنون وحائض‬
‫ونفساء‪ ،‬ولغط وكثرة حديث لغ‪ ،‬ورفع صوت‬
‫بمكروه دون مستحب من ذكر وعلم وقراءة وحديث‬
‫ووعظ ويباح عقد النكاح فيه والقضاء‪ ،‬والحكم نص‬
‫عليه ويسن صونه عن رائحة كريهة من بصل وثوم‬
‫وكراث‪ ،‬وإن دخله آكل ذلك أخرج‪.‬‬
‫ويصان عن محدث‪ ،‬وإن أحدث فيه خرج‪ ،‬وعن‬
‫جنب بل وضوء‪ ،‬وعن مرور‪ ،‬ويصان‪ :‬عن نوم غير‬
‫معتكف‪ ،‬ومن ل بيت له ويصان عن إنشاد شعر قبيح‬
‫ومحرم‪ ،‬وغناء وسماع وإنشاد ضالة‪ ،‬ويقال له‪ :‬ل‬
‫ردها الله عليك‪ .‬ول بأس بإنشاد شعر مباح ويصان‪:‬‬
‫‪741‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عن إقامة حد‪ ،‬وسل سيف ونحوه ويكره إخراج‬
‫حصاه للتبرك ويجوز فتح باب فيه لمصلحة إلى‬
‫الطريق ودار إمام ونحوه ول يغرس فيه ويقلع المام‬
‫فا إن أضر بأحد ويؤكل تمر‬ ‫ما غرس فيه‪ ،‬ولو كان وق ً‬
‫ما فيه مجانا ويصان عن ريح وجماع ول يتمسح‬
‫بحائطه من بول نص عليه ويحرم البول والقيء فيه‬
‫كغائط وإخراج نجاسة فيه ول بأس بغلق بابه ليل‪،‬‬
‫وقتل قمل وبراغيث فيه ول يغلق بابه نهاًرا ويكره‬
‫‪#‬‬ ‫الغسل والوضوء فيه إن حصل به ضرر‪.‬‬
‫‪742‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويجوز أن يدخله كافر بإذن مسلم‪ .‬وليس لهم‬
‫دخول الحرمين‪ ،‬ولو بإذن مسلم ويكره دخوله لكل‬
‫ونحوه‪ ،‬ول بأس بالستلقاء فيه ويكره السؤال‬
‫والصدقة فيه ويقدم مسلم يمناه في دخوله ويسراه‬
‫في خروجه ويقول ما ورد ويبدأ بخلع النعل اليسرى‬
‫ولبس اليمنى‪ ،‬ويضعهما عن يساره أو أمامه‪.‬‬
‫ويمنع السكران من دخوله‪ ،‬ونجس بدن‪ .‬ومن‬
‫جلس في مكان منه فهو أحق به ويكره دوامه في‬
‫موضع مخصوص به ويسن كنسه يوم الخميس‪،‬‬
‫وإخراج كناسته وتنظيفه وتطييبه وشعل قناديله‪.‬‬
‫ويقلب نعليه عند دخوله وينظر ما فيهما وسهل أحمد‬
‫في النسخ فيه‪ ،‬ووضع نعش ول يحفر فيه بئر إل‬
‫لحاجة‪ .‬ويسن الشتغال فيه بالصلة والذكر والقراءة‬
‫ويجلس مستقبل القبلة‪ ،‬ويكره استدبارها‪.‬‬
‫ويسن عمارة المسجد‪ ،‬واتخاذ المحراب فيه‪ ،‬ول‬
‫يترك الكافر يعمره ول يسوغ منع الناس منه ول‬
‫بأس بتفرقة زكاة فيه ورحبته منه ومصلى العيد‬
‫ما‪ ،‬وهو دون‬ ‫المحوط‪ :‬مسجد‪ ،‬وكذلك المعد له دائ ً‬
‫المسجد حرمة‪ ،‬ويصلي من دخله ركعتين قبل‬
‫جلوسه‪ .‬وتزيد صلة المسجد الحرام بمائة ألف‬
‫فا‪،‬‬
‫صلة‪ ،‬وفي مسجد المدينة بخمسة وعشرين أل ً‬
‫وفي القصى بألف صلة‪ ،‬ويسن زيارة المسجد‬
‫القصى‪ ،‬والصلة فيه‪ ،‬ومسجد المدينة والصلة فيه‪.‬‬
‫ويسن زيارة مسجد وقبور النبياء والصالحين‪،‬‬
‫من غير شد رحل إلى غير ما شرع الشد له‪ .‬ول بد‬
‫للنسان من مسكن له ولعياله فيباح‪ :‬البناء‪ ،‬ويكره‬
‫التطاول فيه‪ ،‬وبناء ما ل حاجة إليه‪ .‬ويباح‪ :‬دخول‬
‫‪743‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بيعة‪ ،‬وكنيسة‪ ،‬وتصح الصلة بها من غير كراهة والله‬
‫أعلم)‪.(1‬‬

‫)( المصدر السابق ص ‪.34‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪744‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫فصل في أحكام اللباس‬

‫يحرم على ذكر حر وعبد‪ :‬استعمال ثوب‪،‬‬


‫وعمامة‪ ،‬وسراويل من حرير بل ضرورة‪ .‬نص عليه‬
‫ويباح زر‪ ،‬ونحوه ويحرم ما غالبه الحرير‪ ،‬ولو تساويا‬
‫وزًنا أو ظهوًرا‪ ،‬ويحرم‪ :‬ستر الجدر به‪ ،‬وجعله بطانة‬
‫وافتراشه ويباح في حرب ولمرض وحكه‪ .‬وإن جلس‬
‫على طرفه أو وسطه من الحرير‪ :‬لم يحرم‪ ،‬وإن‬
‫بسط عليه غيره حرم الجلوس‪ ،‬ويباح الحرير للنساء‬
‫ويباح للرجل منه علم ثوب ورقعة ولبنة جيب‪،‬‬
‫وسجف فروة‪ :‬قدر كف فأقل‪ ،‬ويحرم ذهب ومنسوج‬
‫به ولو يسيًرا‪ :‬كزر وتباح‪ :‬الخياطة بالحرير‪ ،‬ويباح‬
‫الخز ويحرم منسوج بفضة‪ ،‬ومطلي ومكفت ومطعم‬
‫بالذهب والفضة‪ .‬ويحرم تمويه حائط‪ ،‬وسقف‬
‫وسرير‪ ،‬ويباح من الفضة قبيعة سيف‪ ،‬وآلة حرب‪.‬‬
‫وتحرم‪ :‬تحلية دواة‪ ،‬ومحبرة ومقلمة‪ ،‬ومرآة‪،‬‬
‫ومشط ومكحلة‪ ،‬ومشربة ومرود ونحو ذلك‪ .‬ويحرم‪:‬‬
‫بيع الحرير‪ ،‬والمنسوج بالذهب‪ ،‬والفضة‪ ،‬للرجل‪،‬‬
‫وكذا خياطته وأجرتها‪ ،‬ويجوز‪ :‬بيعه لكافر يلبسه‪ .‬ول‬
‫تحرم‪ :‬الللئ‪ ،‬والجواهر الثمينة‪ .‬ويحرم‪ :‬كتب صداق‬
‫المرأة في الحرير‪ ،‬ول يجوز لولي الصبي‪ :‬إلباسه‬
‫الحرير‪ ،‬والذهب‪ .‬ويكره‪ :‬الصليب في الثوب ونحوه‪.‬‬
‫ويحرم‪ :‬تصوير حيوان برأس‪ ،‬في ثوب ونحوه‪،‬‬
‫‪745‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وسرير وحائط واستعمال ما هو فيه بل ضرورة‪ .‬ول‬
‫بأس بما فيه غير حيوان‪ ،‬من شجر ونبات ونحو ذلك‬
‫قا‪ ،‬ولو بما ل تصاوير فيه‪.‬‬
‫ويكره ستر الحيطان مطل ً‬
‫وتباح‪ :‬خيمة‪ ،‬وقبه‪.‬‬
‫ويباح للمرأة‪ :‬التحلي بذهب وفضة وغيرهما‬
‫قا ولولي صغيرة إذن لها في لعب بلعب وله أن‬ ‫مطل ً‬
‫سا ويكره له لبسه وافتراشه في‬ ‫دا نج ً‬
‫يلبس دابته جل ً‬
‫غير صلة ويباح ثوب من شعر ما ل يؤكل لحمه ويباح‬
‫قا‪ ،‬ولو من ميتة ويكره‪ :‬لبس جلد‬ ‫من مأكول مطل ً‬
‫‪#‬‬‫ثعلب‪ ،‬وتباح الفراء من جلد مأكول ذكي‪،‬‬
‫ول يجوز من ميتة نجسة بموتها ويباح‪ :‬ليس السواد‬
‫كله من ثوب وعمامة‪ ،‬ويكره لبس أحمر خالص ول‬
‫يكره‪ :‬لبس ثوب موقوع ويباح‪ :‬لبس الممسك‬
‫والمورد ويكره للرجل‪ :‬مزعفر‪ ،‬ومعصفر‪ .‬وتكره‬
‫الميثرة الحمراء‪ .‬ويكره لبس ثوب رقيق يصف‬
‫البشرة حتى النثى في بيتها‪ ،‬وإن رآها غير زوج‬
‫وسيد‪ :‬حرم‪ .‬ويكره‪ :‬لبس ما تظن نجاسته ويكره‪:‬‬
‫النظر إلى ملبس الحرير‪ ،‬وآنية الذهب والفضة‪ ،‬إن‬
‫رغبه ذلك فيه ويباح‪ :‬إزار وقميص ونحوهما من‬
‫نصف ساقه إلى كعبه‬
‫نص عليه‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬أسفل من ذلك وفوقه‪ .‬نص عليه وتحرم‬
‫الخيلء‪ ،‬والعجب بثوب ونحوه والمرأة إن مشت بين‬
‫الرجال‪ :‬سن تطويل قميصها بحيث يستر جميع‬
‫قدمها‪ ،‬ولو جرته وإن لم تظهر‪ :‬فكرجل ويسن‪ :‬أن‬
‫يتزر فوق سرته ويشد سراويله فوقها‪ .‬ويسن‬
‫‪746‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫السراويل ويباح التبان‪ .‬ويسن توسيع كم المرأة‬
‫وتطويل كم الرجل إلى الرسغ وهو مفصل الكف‬
‫ويباح حبرة وصوف‪.‬‬
‫نص عليه‪ ،‬ووبر‪ ،‬وكتان وشعر ويكره ثوب شهرة‬
‫وما خالف زي بلده ويسن‪ :‬التوسط في الملبس‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬لبس ما يضحك ولبس ثوب مقلوب من فرو‬
‫وغيره‪ ،‬ويسن‪ :‬لبس البياض‪ ،‬والنظافة‪ ،‬وغسل ثوب‬
‫من الوسخ ويباح خاتم ويسن لسلطان ولبسه في‬
‫اليسرى أفضل وملحه الخنصر‪ ،‬ويباح في البنصر‬
‫ويكره في الوسطى والسبابة ويكره من حديد‬
‫ورصاص‪ ،‬ونحاس نص عليه‪.‬‬
‫ويكره تشبه رجل بامرأة‪ ،‬وعكسه لغير حاجة‬
‫ويكره النقاب لمة‪ ،‬ويكره للمرأة في الصلة‬
‫كالتبرقع ويسن للمرأة المتزوجة‪ :‬الخضاب مع‬
‫حضور زوجها‪ .‬ويكره الخضاب في اليدين والرجلين‬
‫للرجل من غير حاجة ول بأس‪ :‬أن يضع على رأسه‬
‫في الحرب عمامة من ريش النعام‪ .‬ويكره تجرد‬
‫ذكرين أو أنثيين في إزار ولحاف‪ ،‬أو ثوب ول حاجز‬
‫بينهما ويحرم‪ :‬في ذكر وأنثى غير زوجة وأمة‪.‬‬
‫ويكره‪ :‬لبس النعال الصرارة للرجل والمرأة نص‬
‫عليه‪.‬‬
‫ويسن لبس النعال السبتية‪ .‬وكون الخف أحمر‪،‬‬
‫ويباح أسود وكون النعل‪ :‬أصفر‪ ،‬ويباح أحمر‪ ،‬وأسود‬
‫وتباح الصلة في النعل إذا سلم من النجاسة‪ .‬ويكره‪:‬‬
‫‪#‬‬

‫لبس سوار لرجل ويسن الطيب للرجل بما ظهر‬


‫‪747‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ريحه وخفي لونه‪ ،‬والمرأة عكسه ويسن النظر في‬
‫المرآة‪ ،‬ويقول ما ورد ويسن الكحل ثلًثا في كل‬
‫عين‪ ،‬ويدهن غبا ويكره‪ :‬قزع ول يكره اتخاذ البسط‪،‬‬
‫والفرش‪ ،‬واللحف‪ ،‬والوسائد‪ .‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪748‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫الجامع لداب وأخلق القارئ والسامع‬


‫)*(‬

‫جماع الخير كله تقوى الله عز وجل‪ ،‬واعتزال‬


‫شرور الناس‪ ،‬ومن حسن إسلم المرء تركه ما ل‬
‫يعنيه)‪ (1‬ومن طلب العلم لله فالقليل يكفيه‪ ،‬ومن‬
‫طلبه للناس فحوائج الناس كثيرة‪ ،‬وأزين الحلى على‬
‫العالم التقوى‪ ،‬وحقيق على من جالس عالما أن‬
‫ينظر إليه بعين الجلل وينصت له عند المقال وأن‬
‫تكون مراجعته له تفهما ل تعنتا‪ ،‬وبقدر إجلل الطالب‬
‫للعالم ينتفع بما بفيد من علمه‪ ،‬وقد اجتلبنا من‬
‫فضائل العلم وآدابه وما يلزم العالم‪ ،‬والمتعلم‬
‫والمتخلق به من لزومه وامتثاله في كتاب "بيان‬
‫العلم")‪ (2‬ما يشفي العالم ويقر عينه‪ ،‬ويكفي‬
‫المسترشد‪ ،‬ويبصره‪ ،‬والحمد لله كثيًرا كما هو أهله‪،‬‬
‫ومن شيم العاقل والعالم أن يكون عارًفا بزمانه‪،‬‬
‫ظا لسانه متحرًزا من إخوانه‬‫مقبل على شأنه حاف ً‬
‫ما إل معارفهم‪ ،‬والمغرور من اغتر‬ ‫فلم يؤذ الناس قدي ً‬
‫بمدحهم له‪ ،‬والجاهل من صدقهم على خلف ما‬
‫يعرف من نفسه‪ ،‬ومن جامع آداب العلم وإفشاء‬
‫السلم على من لقيت أو دخلت عليه أو مررت به‬

‫)( حديث حسن رواه الترمذي وغيره‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كتاب بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله لبيين عبييد الييبر‬ ‫‪2‬‬

‫مطبوع‪.‬‬
‫‪749‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ول ينبغي لحد أن يدخل منزله حتى يسلم على أهله‬
‫ومن فيه فان لم يكن فيه أحد قال‪ :‬السلم علينا‬
‫وعلى عباد الله الصالحين‪.‬‬
‫ويسلم الراكب على الماشي والقائم على‬
‫القاعد‪ ،‬والقليل على الكثير‪ ،‬وإن سلم رجل من‬
‫القوم أجزأهم وكذلك إن رد عند مالك واحد من‬
‫دا من أهل الذمة بالسلم‬ ‫القوم أجزأهم‪ ،‬ول يبدأ أح ً‬
‫ول يقصدون بتهنئة ول تعزية‪ ،‬وإذا سلموا رد عليهم‬
‫وعليك‪ ،‬وينتهي في السلم إلى البركة‪ ،‬ول بأس أن‬
‫تسلم المرأة المتجالسة)‪ (1‬على الرجل ويسلم‬
‫‪#‬‬‫عليهما ول يسلم على الشابة ول تسلم عليه‪،‬‬
‫وليستأذن الرجل على أمه وذوات محارمه إذا أراد‬
‫الدخول عليهن وعلى الرجل الستئذان على كل أحد‬
‫إل على زوجته وأمته‪ ،‬وكل من ل يصلح أن يراه‬
‫عرياًنا فالستئذان عليه من امرأة ورجل‪ ،‬والستئذان‬
‫ثلث تقول في كل مرة السلم عليكم أأدخل فإن‬
‫أذن لك وإل فارجع‪ ،‬ول تزد إل أن تعلم أنك لم يسمع‬
‫استئذانك فل بأس أن تزيد على الثلث‪ ،‬وقرع الباب‬
‫اليوم يقوم مقام الستئذان فيما مضى إذا خرج‬
‫الذن‪ ،‬وليس لمن قرع ثلًثا أن يدخل ول أن ينصرف‬
‫)‪(2‬‬
‫حتى يعلم أنه قد سمع وعلم به‪ ،‬ومن دخل حانوًتا‬
‫أو بيًتا فيه له متاع فليس عليه جناح في ترك‬
‫‪ () 1‬المتجالسة الكبيرة التي هي من القواعد من النساء اللتي ل يرجييون‬
‫حا‪.‬‬
‫نكا ً‬
‫)*( وهو خاتمة كتاب الكافي في فقه أهل المدينة لبن عبد البر‪.‬‬
‫‪ () 2‬الحيانوت‪ :‬دكيان الخميار ومحيل التجيارة وجمعهيا حيوانيت )المعجيم‬
‫الوسيط(‪.‬‬
‫‪750‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الستئذان‪ ،‬وحسن أن يقول‪ :‬بسم الله السلم علينا‬
‫وعلى صالحي عباد الله‪ ،‬ول يحل لمسلم أن ينظر‬
‫إلى عورة أحد إل من ضرورة‪ ،‬وكذلك ل يحل له أن‬
‫دا إل زوجته‪ ،‬وأمته عند الحاجة‬ ‫يظهر على عورته أح ً‬
‫إلى ذلك‪ ،‬ول ينبغي أن يترك أحد لبس السراويل إل‬
‫ما فيكفيه مئزره‪.‬‬ ‫من ل يقدر عليها إل أن يكون محر ً‬
‫ول يحتبي الرجل في ثوب واحد ليس على فرجه‬
‫منه شيء‪ ،‬ول يخل الرجل بامرأة ليست منه بمحرم‪،‬‬
‫ول تسافر المرأة إل مع زوج أو مع ذي محرم منها إل‬
‫سفرها إلى الحج خاصة فإنها إذا لم يكن لها ذو‬
‫محرم من الرجال خرجت مع جماعة النساء)‪ (1‬ول‬
‫ينتصب الرجل عرياًنا ل ليًل ول نهاًرا‪ ،‬وإذا اغتسل‬
‫فليتضام ما استطاع فإن الله أحق أن يستحي منه‪،‬‬
‫ول يجوز لحد دخول الحمام بغير مئزر إل الطفال‪،‬‬
‫وكره مالك دخول الحمام للمرأة بمئزر‪ ،‬وبغير مئزر‬
‫مريضة أو صحيحة‪ ،‬ورخص فيه غيره للنساء إذا كن‬
‫مرضى أو نفساء بعد أن يسترن أنفسهن بالميازير‬
‫السابغات‪ ،‬ول يجوز لهن أن ينظر بعضهن في عورة‬
‫بعض‪ ،‬وإذا بلغ الصبيان سبع سنين أمروا بالصلة وإذا‬
‫)‪(2‬‬
‫بلغوا عشًرا ضربوا عليها‪ ،‬والخير كله بالعادة‬
‫‪#‬‬‫ول ينام الخوان ول الختان في ثوب واحد متجردين‬
‫إذا بلغوا عشر سنين)‪ (3‬والكراهية في مبيت ابن‬
‫)( الصحيح أنها إذا لم يكن لها محرم ل يجييب عليهييا الحييج ول يحييل لهييا‬ ‫‪1‬‬

‫السفر إليه بدون محرم لعموم قوله صلى الله عليييه وسييلم "ل تسييافر‬
‫المرأة إل مع ذي محرم" متفق عليه‬
‫)( يعني أن أمر الصغار بالصلة لسبع سنين وضربهم عليهييا لعشيير ميين‬ ‫‪2‬‬

‫أجل أن يعتادوها قبل بلوغهم ويألفوها قبل تحتمها عليهم وفي ذلك خير‬
‫كثير‪.‬‬
‫)( لقوله صلى الله عليه وسلم "وفرقوا بينهم في المضاجع" لنه وقييت‬ ‫‪3‬‬
‫‪751‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عشر سنين مع أخته‪ ،‬وأخيه أشد منها في مبيت‬
‫النثى مع النثى ول يبيت الرجل مع ابنه منذ يبلغ هذا‬
‫السن‪ ،‬ول الم مع ابنتها إل وبينهما حائل من الثياب‬
‫ذا ب َل َ َ‬
‫غ‬ ‫والكراهية في الجنبيين أشد لنه منكر ‪َ ‬‬
‫وإ ِ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫اْل َطْ َ‬
‫ست َأذَ َ‬
‫ن‬ ‫ما ا ْ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫ست َأِذُنوا ك َ َ‬ ‫حل ُ َ‬
‫م َ‬ ‫م ال ْ ُ‬‫من ْك ُ ُ‬‫ل ِ‬ ‫فا ُ‬
‫م ‪ (1)‬وإن لم يبلغوا فل جناح‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َ‬
‫قب ْل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫عليهم في الستئذان إل في العورات الثلث بنين‬
‫كانوا أم ملك يمين والعورات الثلث ثلثة أوقات قبل‬
‫صلة الصبح وقبل صلة الظهر وبعد صلة‬
‫العتمة‪،‬وكل وقت يخشى فيه على المرء التعدي‬
‫فذلك حكمه‪ ،‬ول بأس أن ينظر إلى وجه أم امرأته‬
‫وشعرها وكفيها‪ ،‬وكذلك زوجة أبيه وزوجة ابنه‪ ،‬ول‬
‫ينظر منهن إلى معصم ول ساق ول جسد ول يجوز‬
‫ترداد النظر وإدامته إلى امرأة شابة من ذوات‬
‫محارمه أو غيرهن إل عند الحاجة إلى ذلك والضرورة‬
‫في الشهادة ونحوها‪ ،‬وإنما يباح النظر إلى النساء‬
‫القواعد اللتي ل يرجون نكاحا‪ ،‬والسلمة من ذلك‬
‫أفضل‪ ،‬وعلى كل مؤمن ومؤمنة أن يغضوا من‬
‫أبصارهم ويحفظوا فروجهم ولتضرب المرأة بخمارها‬
‫وهو كل ما يغطي رأسها على جيبها لتستر صدرها‪،‬‬
‫ول تبدي زينتها إل لبعلها أو ابن بعلها أو ابنها أو أخيها‬
‫أو ابن أخيها أو ابن أختها أو ما ملكت يمينها‪،‬‬
‫والتحفظ اليوم من ملك اليمين أولى وأفضل لما‬
‫حدث في الناس وقد قيل في ملك اليمين هنا النساء‬
‫وقد وردت الرخصة في أكل المرأة مع عبدها الوغد‪،‬‬
‫إنتشار الشهوة في الصبي‪.‬‬
‫)( سورة النور آية ‪.59‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪752‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ومع خادمها المأمون وترك ذلك أقرب إلى السلمة‪،‬‬
‫ويكره للرجل أن ينام بين أمتيه أو بين زوجته وأمته‬
‫وأن يطأ إحداهما بحيث تسمع الخرى‪ ،‬وأن يطأ‬
‫الرجل حليلته بحيث يراه أحد صغير أو كبير‪ ،‬وأن‬
‫يتحدث بما يخلو به مع إمرأته‪ ،‬ويكره للمرأة مثل‬
‫ذلك من حديثها بما تخلو به مع بعلها‪ ،‬ومن فطرة‬
‫السلم عشر خصال الختان وهو سنة للرجال‬
‫ومكرمة للنساء‪ ،‬؟ وروي عن مالك‬
‫أنه سنة للرجال والنساء ول حد في وقته إل أنه قبل‬
‫الحتلم واذا أثغر فحسن أن ينظر له في ذلك‪ ،‬ول‬
‫ينبغي أن يتجاوز عشر سنين إل وهو مختون وحلق‬
‫العانة ول حد في ذلك عند مالك‬
‫‪#‬‬

‫وحد بعض العلماء أن ل يتجاوز بها أربعين يوما لثر‬


‫رووه في ذلك)‪. (1‬‬
‫ونتف البطين أو حلقهما وقص الشارب حتى‬
‫يبدو الطار وتقليم الظافر ول حد في ذلك‪ ،‬وينبغي‬
‫تعاهدها فهذه خمس من الفطرة والخمس الخرى‬
‫المضمضة والستنشاق والستنجاء وإعفاء اللحية‪،‬‬
‫والسواك)‪ (2‬وقد قيل‪ :‬بل العاشرة فرق الشعر‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫وروي في السواك أنه مطهرة للفم ومرضاة للرب‬

‫)( لحديث أنييس بين ماليك قييال‪ :‬وقيت لنيا فييي قييص الشيارب وتقليييم‬ ‫‪1‬‬

‫مييا رواه‬
‫الظافر ونتف البط وحلق العانة أن ل تترك أكثر من أربعين يو ً‬
‫مسلم وأحمد والنسائي والترمذي وأبو داود وابن ماجه وقالوا وقييت لنيا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم "منتقى الخبار ج ‪1‬ص ‪67‬حديث رقم‬
‫‪(185‬‬
‫)( لحديث عائشة ‪ :‬عشر من الفطرة فذكرها ‪ ،‬رواه مسلم‬ ‫‪2‬‬

‫قييا )المصييدر‬
‫)( لحديث عائشة رواه أحمد والنسييائي وهييو للبخيياري تعلي ً‬ ‫‪3‬‬

‫السابق ج ‪1‬ص ‪ 63‬حديث رقم ‪.(168‬‬


‫‪753‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ومن قدر عليه مع كل وضوء فحسن جميل‪ ،‬وبر‬
‫الوالدين فرض لزم وهو أمر يسير على من يسره‬
‫الله عليه وبرهما خفض الجناح ولين الكلم وأن ل‬
‫ينظر إليهما إل بعين المحبة والجلل ول يعلو عليهما‬
‫في مقال إل أن يريد إسماعهما ويبسط أيديهما في‬
‫نعمته ول يستأثر عليهما في مطعمه ومشربه‪ ،‬ول‬
‫يتقدم أحد أباه إذا مشى معه ول يتقدمه في القول‬
‫في مجلسه فيما يعلم أنه أولى به منه ويتوقى‬
‫سخطهما بجهده ويسعى في مسرتهما بمبلغ طاقته‬
‫وإدخال الفرح عليهما من أفضل أعمال البر‪ ،‬وعليه‬
‫أن يسرع اجابتهما إذا دعواه أو أحدهما فإن كان في‬
‫الصلة النافلة خففها وتجاوز فيها وأسرع إجابتهما ول‬
‫يقل لهما إل قول كريمًا‪ ،‬وحق عليهما أن يعيناه على‬
‫برهما بلين جانبهما وإرفاقه بذات أيديهما‪ ،‬فما وصل‬
‫العباد إلى طاعة الله وأداء فرائضه إل بعونه لهم‬
‫على ذلك‪ ،‬وبر الجار وإكرامه من أخلق أهل الدين‬
‫والمروءة وعلو الهمة‪ ،‬والكذب والنميمة كلهما خلة‬
‫ذميمة‪ ،‬ول يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلث ليال‬
‫إل أن يخاف من مداخلته وملبسته ما يغير عليه دينه‬
‫ومروءته فيصارمه على ذلك‪ ،‬ومصارمة جميلة خير‬
‫من صحبة على دخن‪ ،‬والسلم عليه يخرجه من‬
‫مصارمته‪ ،‬ول بأس بهجر أهل البدع ومقاطعتهم‬
‫وترك السلم عليهم‪،‬ومن دخل مجلسا فليجلس حيث‬
‫تناهى به المجلس‪ ،‬ول يفرق بين متصافين أو أب‬
‫وابن أو أخوين إل أن يفسحا له‪ ،‬والتوسع في‬
‫المجلس حسن مندوب إليه والرضى بالدون من‬
‫‪754‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪#‬‬‫المجلس تواضع‪ ،‬ومن سبق إلى مجلس فهو‬
‫أحق به حتى يقوم منه لغير العودة إليه ومن شرب‬
‫فليناول من عن يمينه وإن كان أحدث القوم سنا‪،‬‬
‫وساقي القوم آخرهم شربا‪ ،‬ومن أكل أو شرب‬
‫فليأكل بيمينه وليشرب بيمينه ول يأكل ول يشرب‬
‫بشماله إل من عذر أو ضرورة‪ ،‬ويأكل الرجل مما‬
‫يليه إذا كان الطعام جنسا‪ ،‬وإن كان مختلفا فل بأس‬
‫أن تجول يده في الصحفة فلذلك وضع بين يديه‬
‫ليأكل ما أحب ول يجوز لمن أكل مع غيره أن يقرن‬
‫بين تمرتين ول بين تينتين ونحو ذلك‪ ،‬ويكره الكل‬
‫من أعلى الثريد وإنما يؤكل من جوانبه وأسفله‪ ،‬ول‬
‫بأس بطعام الفجاءة ما لم يرتصد وطعام النهبة إذا‬
‫أذن فيه صاحبه وذلك هو ما ينثر على رؤوس‬
‫الصبيان وفي العراس والختان‪ ،‬واختلف في كراهيته‬
‫والتنزه عنه أولى وليس بحرام إذا طابت به نفس‬
‫صاحبه‪ ،‬ومن رأى قذاة في إنائه فليهرقها ول ينفخها‬
‫ول ينفخ أحد في طعامه ول شرابه ول يتنفس في‬
‫إناء يشرب منه فإن غلبة النفس نحى الناء عن فيه‬
‫فتنفس ثم عاد إليه‪ ،‬ويكره الطعام الحار جدا إل لمن‬
‫لم يجد لناره مسا‪،‬وحق الطعام أن يسمي الله تعالى‬
‫أكله عند ابتدائه ويحمده عند فراغه‪ ،‬وإذا كثرت فيه‬
‫اليدي عظمت بركته ول يقام عن الطعام حتى يرفع‪،‬‬
‫وغسل اليد قبله وبعده حسن وبركته فيه قال‬
‫الفارسي سلمان‪ :‬قرأت في التوراة البركة في‬
‫الطعام الوضوء قبله فذكرت ذلك للنبي‪‬‬
‫‪755‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فقال"البركة في الطعام الوضوء قبله وبعده")‪ (1‬ومن‬
‫بات وفي يده غمر الطعام وسهكه وأصابه لمم فل‬
‫يلومن إل نفسه‪ ،‬والضيافة من شرف الكرام‬
‫ومحاسن الخلق وسنتها المؤكدة يوم وليلة وغايتها‬
‫ثلثة أيام ومن لم يكرم ضيفه ول جاره فقد استحق‬
‫الذم‪ ،‬ومن كان عنده من الطعام أرفع مما يخرجه‬
‫إلى ضيفه فليس بمكرم له وقال ‪" ‬من كان يؤمن‬
‫بالله واليوم الخر‬
‫فليكرم ضيفه جائزته يوم وليلة")‪ (2‬يريد بذلك بلوغ ما‬
‫استطاع‬
‫من إكرام وفي اليومين بعده ل يتكلف له إل ما يسر‬
‫عليه‪ ،‬ول يحل له أن يقيم عنده حتى يحرجه ويؤذيه‪،‬‬
‫وإنما يأكل الرجل من بيت‬
‫‪#‬‬

‫أبيه وأمه وأخيه وأخته وعمه وعمته وخاله وخالته‬


‫وصديقه بغير إذنهم ما يعلم أنهم تطيب به أنفسهم‬
‫مما ل بال له‪ ،‬ويبدأ باليمين في النتعال وفي لباس‬
‫الخفين وكان رسول الله ‪ ‬يحب التيامن في أمره‬
‫كله)‪ (3‬وتكون اليمنى من رجلي اللبس والمنتعل‬
‫أولهما تلبس وآخرهما تنزع ليكون الفضل لها في‬
‫سا أولى لما‬‫ما وجال ً‬
‫بقاء زينتها عليها وله أن ينتعل قائ ً‬
‫جاء فيه ولما فيه من الراحة‪.‬‬
‫ول يمشي أحد في نعل واحد ولكن ليحفهما‬

‫)( قييال المنييذري فييي الييترغيب والييترهيب ‪ 433 /3‬رواه أبييو داود‬ ‫‪1‬‬

‫والترمذي وقال ل يعرف إل من حديث قيس بن الربيع وهو يضعف فييي‬


‫الحديث وقال الحافظ‪ :‬صدوق والمراد بالوضوء غسل اليدين‪.‬‬
‫)( لحديث أبي شريح خويلد بن عمرو الخزاعي‪.‬متفق عليه‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( لحديث عائشة متفق عليه‪.‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪756‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ما‬
‫جميًعا أو لينعلهما جميًعا‪ ،‬ول بأس أن يأكل قائ ً‬
‫ما وذلك في الخفيف من‬ ‫ما ويشرب قائ ً‬
‫ويشرب قائ ً‬
‫الكل وقال مالك ل بأس بالشرب من في السقاء‬
‫وكرهه غيره لصحة الثر فيه‪ ،‬ولما يخاف على‬
‫ما في الموضع‬ ‫الشارب منه‪ ،‬ول بأس أن يبول قائ ً‬
‫الدمث‪ ،‬مثل التراب المهيل وشبهه مما يأمن فيه أن‬
‫ينتضح من بوله عليه‪ ،‬ول بأس أن يقرب من البائل‬
‫سا لن كل بائلة تفيح‪،‬‬ ‫ما ول يقرب منه إذا بال جال ً‬
‫قائ ً‬
‫ومن أراد حاجة النسان فليبعد من الناس وليستتر‬
‫عنهم والله يمقت كل من يتحدث على طوفه‪،‬‬
‫والبول في المغتسل مكروه فإن كان ماء جارًيا فل‬
‫بأس ول يجوز لحد أن يبول في الماء الراكد‪ ،‬ومن‬
‫تثاءب فليكظم ما استطاع ويضع يده على فيه ويغض‬
‫العاطس من صوته إن أمكنه ويعلن حمد الله ويسمع‬
‫من يليه ويقول له من سمعه يرحمك الله ويرد عليه‬
‫يغفر الله لنا ولك أو لنا ولكم وإن رد عليه يهديكم‬
‫ضا وإنما يشمت العاطس‬ ‫الله ويصلح بالكم فحسن أي ً‬
‫في أول عطسة وثانية وثالثة فإذا جاوز ذلك سقط‬
‫دا عند‬ ‫التشميت عمن سمعه وأما هو فيحمد الله أب ً‬
‫فراغه من كل عطسة إل أن تكون متصلة فيحمد‬
‫الله في آخرها‪ ،‬وحسن أن يعتذر إليه جليسه من‬
‫التشميت بعد الثالثة فيقول له إنك مضنوك أو‬
‫مزكوم‪ ،‬ومن حسن الدب أن يخفي المتجشئ‬
‫صوته‪ ،‬ويكره أن يتناجى رجلن دون ثالث معهما‬
‫وكذلك يكره أن يتناجى جماعة فوق ثلثة دون واحد‬
‫‪757‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وذلك في السفر أوكد‪ ،‬ول بأس أن يتناجى جماعة‬
‫دون جماعة‪ ،‬ويكره للمسافرين اتخاذ الجراس‬
‫والوتار في أعناق الخيل‪ ،‬ول بأس بالتداوي من كل‬
‫علة مما يرجى به برؤها ما‬
‫‪#‬‬

‫ما ول بأس بالكي وقطع العروق‬ ‫لم يكن حرا ً‬


‫والحجامة‪ ،‬ول بأس بالرقية من العين وغيرها وإذا‬
‫رقى الذمي المسلم بكلمات الله وأسمائه جاز ومن‬
‫عان رجل توضأ له على ما جاء في غسل العائن‬
‫وعيادة المريض سنة مؤكدة وأفضل العيادة أخفها‬
‫ول يطيل العائد الجلوس عند العليل إل أن يكون‬
‫ضا أو‬‫قا يأنس به ويسره ذلك منه‪ ،‬ومن عاد مري ً‬ ‫صدي ً‬
‫حا فليجلس حيث يأمره فالمرء أعلم بصورة‬ ‫زار صحي ً‬
‫دا فل يكلفه من العمل فوق‬ ‫منزله ومن ملكه الله عب ً‬
‫طاقته وعليه نفقته وكسوته بالمعروف بمثله غير‬
‫مضر به ول يضيق عليه وإن كانت له خاصة من‬
‫مطعمه فلينله منه ما يرد شهوته‪ ،‬ول يستخدمه ليل‬
‫إل عند الضرورة والحاجة إل في اليسير من العمل‪،‬‬
‫والمة كالعبد في كل ما ذكرنا ول يكلف العبد غير‬
‫ذي الصنعة الكسب فيسرق ول المة فتفجر والرفق‬
‫بالدواب في ركوبها والحمل عليها واجب سنة فإنها‬
‫عجم ل تشكو وهي من ملك اليمين وفي كل كبد‬
‫رطبة أجر هذا قول رسول الله ‪ (1)‬وإذا كان في‬
‫الحسان إليها أجر فكذلك في الساءة إليها وزر‪ ،‬وقد‬

‫)( في حديث أبي هريرة المتفق عليه حين ذكر قصة الذي سقى الكلب‬ ‫‪1‬‬

‫العطشان فشكر الله له فغفر له قالوا يا رسول الله إن لنا في البهييائم‬


‫أجر فقال‪" :‬في كل كبد رطبة أجر‪.‬‬
‫‪758‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫شكا إلى رسول الله ‪ ‬جمل أن صاحبه يجيعه‬
‫فأمره بالحسان إليه أو يبيعه)‪ (1‬ول يحمل على‬
‫الدواب أكثر من طاقتها ول تضرب وجوهها ول تتخذ‬
‫ظهورها كراسي ول تقلد الجراس إل أن تكون بدار‬
‫الحرب تهيًبا للعدو ول تستعمل ليل إل أن يروح عنها‬
‫نهاًرا ول يحل حبس بهيمة مربوطة عن السرح‪،‬‬
‫جا وكل ثوب‬ ‫ول يجوز للرجل أن يلبس حريًرا ول ديبا ً‬
‫صغير‬
‫أو كبير تكون لحمته وسداته حريًرا فل يحل لباسه‬
‫لرجل بحال ول بأس بلباس الخز وما أشبهه مما‬
‫سداته حرير‪ ،‬ولحمته غير حرير ول يتختم الرجل‬
‫بالذهب‪ .‬ول يلبس ابنه الصغير الحرير ول يختمه‬
‫بالذهب ول بأس بذلك‬
‫كله للنساء ورخص بعض العلماء في لباس الحرير‬
‫في الحرب للرجل ولحكة تكون في النسان واختلف‬
‫في ذلك عن مالك والشهر عنه أنه لم يره وكأنه‬
‫ضعف الثر في ذلك ول بأس بربط السنان بالذهب‬
‫وباتخاذ النف من‬
‫‪#‬‬

‫الذهب ول يجوز اتخاذ الواني من الذهب والفضة‬


‫للرجال ول للنساء ول يجوز الشرب لحد في إناء‬
‫ذهب ول فضة ول يجوز اتخاذ المجامير من الذهب‬
‫والفضة وتكره حلية المراء والسكاكين والدواة‬
‫والمنطقة بالذهب والفضة‪ ،‬ول بأس بتحلية السيف‬
‫والمصحف بالذهب والورق واختلف في السرج‬

‫)( في الحديث الذي رواه أبو داود‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪759‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫واللجام‬
‫والنياحة حرام وكسب النائحة سحت ول يجوز‬
‫للمرأة أن تحلق رأسها عند المصيبة ول تشق جيبها‬
‫ول تلطم ول تخدش وجهها ول تحد فوق الثلث إل‬
‫على زوج ول تصل شعرها بشعر غيرها فقد لعنت‬
‫الواصلة والمستوصلة كما لعنت الواشمة والواشرة‬
‫والنامصة‪ ،‬والوشم أن تشم وجهها خاًل والوشر تفليج‬
‫السنان والنمص صناعة الحاجبين بزيادة أو نقصان‬
‫وإحالتهما عن حالهما وأجاز مالك وأكثر أهل المدينة‬
‫لباس المعصفر للرجال‪ ،‬وغيره يكرهه لما روى فيه‪،‬‬
‫ومالك روى الباحة في ذلك عن سلفه‪ ،‬ول يجوز أن‬
‫يكون ثوب الرجل ول سراويله‪ ،‬ول مئزره يتجاوز‬
‫الكعبين وحسن له أن يجعله إلى أنصاف ساقيه‪،‬‬
‫وتجعل المرأة قميصها أو إزارها خلفها من شبر إلى‬
‫ذراع ل تزيد عن ذلك وقد بينا لباس الصماء وغيرها‬
‫في كتاب التمهيد‪ ،‬وكره مالك سدل الشعر‪ ،‬وأمر‬
‫بالفرق وهو الصل لنه آخر فعل رسول الله ‪ ‬ول‬
‫دا والخضاب بالحناء‬
‫يحتاج له من طال شعره ج ً‬
‫والكتم واسع وتركه واسع وكره الخضاب بالسواد ول‬
‫يجوز اللعب بالنرد ويكره اللعب بالشطرنج والقمار‬
‫فيهما حرام وأكل المال بذلك باطل حرام والمراطنة‬
‫عليهما سفه‪ ،‬ومن السفه تصغير ما عظم الله‬
‫وضرب المثال فيما ل يليق بكتاب الله وقول أهل‬
‫الجهل ملت فمي من الله ونحو هذا كله وينبغي أن‬
‫يجنب المساجد الصبيان والمجانين والشراء والبيع‪،‬‬
‫وكل ما يلوثها وإنشاد الضالة ورفع الصوت في غير‬
‫‪760‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫علم وإنما بنيت المساجد لتعم تلوة القرآن‬
‫والمذاكرة بالعلم والصلة المكتوبة‪ ،‬والكلم بالخير‬
‫أفضل من السكوت‪ ،‬والسكوت سلمة ول يسلم من‬
‫كثر كلمه في غير ذكر الله‪ ،‬والمذاكرة للعلم‬
‫والجليس الصالح خير من الوحدة والوحدة خير من‬
‫جليس السوء‪.‬‬
‫والتحريش بين البهائم مكروه وبين الدميين‬
‫حوب كبير وأبغض الخلق إلى الله وأبعدهم من‬
‫رسول الله ‪ ‬المشاؤون بالنميمة المفرقون بين‬
‫الحبة‬ ‫‪#‬‬

‫الملتمسون لهل البر العثرات‪ ،‬وقل ما ينجو‬


‫المؤمن من الحسد والطيرة والظن فمن حسد ولم‬
‫يبغ لم يضره حسده ومن تطير فليمض لوجهه فإنه ل‬
‫تضره طيرته إل أن يلتزمها ويعتقد صحتها‪ ،‬وقال‬
‫رسول الله ‪" ‬إنما الطيرة على من تطير")‪ (1‬وقال‬
‫رسول الله ‪" ‬إنما ذلك شيء يجده أحدكم في‬
‫نفسه فل يصدنكم")‪(2‬ومن ظن ولم يحقق لم يكن‬
‫عليه بأس في ظنه وقال رسول الله ‪" ‬إذا حسدتم‬
‫فل تبغوا وإذا ظننتم فل تحققوا وإذا تطيرتم فامضوا‬
‫وعلى الله فتوكلوا")‪(3‬ومن وعظ فليخفف فإنه إذا‬
‫أسرف كان بالموعظة أولى من الموعوظ‪ ،‬وستر‬
‫المؤمن واجب ما استتر بعيبه يوكل إلى ربه فإن‬
‫أعلن وعظ وهجر‪ ،‬فإن لم يزدجر وأبدى صفحته أقيم‬
‫)( لم أجده‬ ‫‪1‬‬

‫)( رواه مسلم عن معاوية بن الحكم‬ ‫‪2‬‬

‫)( رواه الشيخ في كتاب التوبيخ والطبراني فييي الكييبير عيين حارثيية بيين‬ ‫‪3‬‬

‫النعمان قال الهيثمي فيه إسماعيل بن قيس النصاري ضييعيف وضييعفه‬


‫السيوطي وروي عن الحسن مرسل )فيض القدير شرح الجامع الصييغير‬
‫‪.(304 /3‬‬
‫‪761‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عليه ما أمر الله تعالى به على وجهه وسنته وكفى‬
‫بالمرء جهًل أن ينكر من غيره ما يعرف من نفسه‬
‫ومن فتح له باب من الخير فليبادر إليه وليثبت عليه‬
‫فإنه ل يدري متى يغلق عنه‪ ،‬ولقاء الناس بوجه‬
‫حسن صدقة وكرم نفس ما لم يكن ملقا فإن الملق‬
‫نفاق ولن يهلك من شاور نصيحا مسلما ول عال من‬
‫اقتصد والقناعة مال ل ينفد وكل آت قريب والموت‬
‫ل محالة آت فمن أكثر ذكره وجعله نصب عينيه‬
‫صرفه ذلك عن الرغبة في الدنيا وحمله على التقوى‬
‫وكأن ما كان لم يكن إذا ذهب والسعيد من وعظ‬
‫بغيره والزهد في الدنيا قصر المل ول يصطحب‬
‫المرء إلى قبره ول ينفعه فيه إل ما قدم من صالح‬
‫عمله وصلى الله على محمد نبي الرحمة وهادي‬
‫ما والحمد لله كثيًرا‬
‫المة وخاتم النبوة وسلم تسلي ً‬
‫كما هو أهله‪،،،،،‬‬
‫‪762‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫غاية النفع‬
‫في شرح حديث تمثيل المؤمن‬
‫بخامة الزرع‬

‫تأليف الشيخ المام العلمة الحافظ زين‬


‫الدين أبي الفرج‬
‫عبد الرحمن بن شهاب الدين أحمد بن رجب‬
‫الحنبلي‬
‫البغدادي ثم الدمشقي المتوفى سنة ‪.795‬‬
‫تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جنته‪...‬‬
‫آمين‬
‫‪763‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫خرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة‪ ‬عن‬


‫النبي‪ ‬قال‪» :‬مثل المؤمن كمثييل خاميية الييزرع ميين‬
‫حيث أتتها الريح كفأتها فإذا اعتدلت كفأتهييا)‪ (1‬بييالبلء‪.‬‬
‫والفاجر كالرزة صماء معتدلة حتى يقصييمها اللييه إذا‬
‫ضييا ميين حييديث‬ ‫شاء«‪ ،‬وهذا لفظ البخاري‪ .‬وخرجييا أي ً‬
‫كعب بن مالك ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬مثييل المييؤمن‬
‫كالخامة من الزرع تفيؤها الريح مرة وتعييدلها أخييرى‪.‬‬
‫ومثل المنافق كالرزة ل تزول)‪ (2‬حتى يكون انجعافها‬
‫مرة واحدة« وخّرجه المام أحمد بمعناه ميين حييديث‬
‫جابر بن عبد اللييه عيين النييبي ‪ ‬وخّرجييه الييبزار ميين‬
‫حديث أنس عيين النييبي ‪ .‬ففييي هييذه الحيياديث أن‬
‫النبي ‪ ‬ضرب مثل المؤمن في إصابة البلء لجسده‬
‫بخامة الزرع التي تقلبها الرياح يمنة ويسرة والخاميية‬
‫الرطبة من النبات‪ .‬ومث ّييل المنييافق والفيياجر بييالرزة‬
‫وهي الشجرة العظيمة الييتي ل تحركهييا ول تزعزعهييا‬
‫فا فتقلعهييا ميين‬ ‫حييا عاص ي ً‬
‫حييتى يرسييل اللييه عليهييا ري ً‬
‫الرض دفعة واحدة‪ ،‬وقييد قيييل أنهييا شييجرة الصيينوبر‬
‫قيياله أبييو عبيييدة وغيييره‪ ،‬ففييي هييذا فضيييلة عظيميية‬
‫للمؤمن بييابتلئه فييي الييدنيا فييي جسييده بييأنواع البلء‬
‫وتمييز به على الفاجر والمنييافق بييأنه ل يصيييبه البلء‬
‫حتى يموت بحاله فيلقى اللييه بييذنوبه كلهييا فيسييتحق‬
‫العقوبة عليها‪ ،‬والنصوص فييي تكفييير ذنييوب المييؤمن‬
‫)( صوابه‪ :‬تكفأ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الذي في البخاري ل تزال وليس هذا اللفظ من رواية مسلم‪.‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪764‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫دا ففييي الصييحيحين عيين‬ ‫بالبلء والمصييائب كييثيرة جي ً‬
‫عائشة رضي الله عنها عن النييبي ‪ ‬قييال‪» :‬مييا ميين‬
‫فير اللييه بهييا عنييه حيتى‬
‫مصييبة تصييب المسييلم إل ك ّ‬
‫ضا عن عطاء بن يسار عيين‬ ‫الشوكة يشاكها«‪ ،‬وفيه أي ً‬
‫أبي سعيد الخدري وأبي هريييرة عيين النييبي ‪ ‬قييال‪:‬‬
‫»ما يصيب المؤمن بلء ول نصييب ول وصييب ول هييم‬
‫فر‬‫ول حزن ول أذى ول غم حتى الشوكة يشاكها إل ك ّ‬
‫ضا عيين ابيين مسييعود‬ ‫الله بها من خطاياه«‪ ،‬وفيهما أي ً‬
‫عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬مييا ميين مسييلم يصيييبه أذى ميين‬
‫مرض فما سواه إل حط عنه خطاياها كما يحييط ورق‬
‫‪#‬‬ ‫الشييجرة«‪ ،‬وفييي رواييية يصيييبة أذى شييوكة فمييا‬
‫فوقهيا إل كفير الليه بهيا سييئاته كميا تحيط الشيجرة‬
‫ورقها«‪ ،‬وخّرج المام أحمد والترمذي والنسييائي ميين‬
‫حديث سعد بن أبي وقاص ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬ما‬
‫يزال البلء بالعبد حتى يتركه يمشي علييى الرض مييا‬
‫عليييه خطيئة« وخ يّرج المييام أحمييد والترمييذي وابيين‬
‫حبان من حديث أبي هريييرة ‪ ‬عيين النييبي ‪ ‬قييال‪:‬‬
‫»ما يزال البلء بالمؤمن والمؤمنة في جسييده وميياله‬
‫وولده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة« وفي صييحيح‬
‫ابن حبان عيين أبييي هريييرة عيين النييبي ‪ ‬قييال‪» :‬إن‬
‫الرجل ليكون له عند الله المنزليية فمييا يبلغهييا بعمييل‬
‫فل يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغييه إياهيا« وفييي‬
‫المسند عن جابر ‪ ‬عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬مييا يمييرض‬
‫حي ّ‬
‫ط اللييه‬ ‫مؤمن ول مؤمنة ول مسلم ول مسييلمة إل َ‬
‫عنييه خطاييياه«‪ ،‬وخّرجييه ابيين حبييان وزاد )كمييا يحييط‬
‫الورق عن الشجر(‪ ،‬وفيه عن أبي الدرداء عيين النييبي‬
‫‪765‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ ‬قال »ما يزال البلء الصداع واللّييية بييالمؤمن وإن‬
‫ذنبه مثل أحد فما يدعه وعليه ميين ذلييك مثقييال حبيية‬
‫ف قييدر البلء إذا كشييف الغطييا‬ ‫من خردل« وإنما ي ُعَْر ُ‬
‫يوم القيامة كما في الترمذي عن جابر عن النييبي ‪‬‬
‫قال‪» :‬يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطييى أهييل‬
‫البلء الثواب لو أن جلودهم قرضت بالمقيياريض فييي‬
‫الدنيا« وفي سنن أبي داود عن عييامر قييال‪ :‬جلسييت‬
‫إلى النبي ‪ ‬فذكر السييقام فقييال‪» :‬إن المييؤمن إذا‬
‫أصابه السقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى‬
‫من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل وإن المنييافق إذا‬
‫مرض ثم أعفي كان كالبعير عقلييه أهلييه ثييم أرسييلوه‬
‫فلم يدر لم عقلوه ولم أرسلوه؟؟ فقييال رجييل مميين‬
‫حوله يا رسول الله مييا السييقام؟ واللييه مييا مرضييت‬
‫قط قال قم عنا فلسييت منييا« وهييذا كمييا قييال للييذي‬
‫سأله عن الحمى فلم يعرفهييا‪» :‬ميين سييره أن ينظيير‬
‫إلى رجل من أهييل النييار فلينظيير إلييى هييذا«‪ ،‬فجعييل‬
‫الفييرق بييين أهييل الجنيية وأهييل النييار إصييابة البلء‬
‫والمصييائب كمييا جعييل ذلييك فرقييا بييين المييؤمنين‬
‫والمنافقين والفجار في هذه الحيياديث المييذكورة هييا‬
‫هنا‪.‬‬

‫وفي المسند عن أبي هريرة ‪ ‬أن النييبي ‪ ‬ذكيير‬


‫أهل النار فقال‪» :‬كييل شييديد جعظييري هييم الييذين ل‬
‫يألمون رؤوسهم«‪.‬‬
‫وفي المسند عن أنس أن امرأة أتت النبي ‪‬‬
‫فقالت‪ :‬يا رسول الله إن‬
‫‪#‬‬
‫‪766‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ابنتى كذا وكذا ذكرت حسنها وجمالها أتريدها؟ قال‪:‬‬
‫قد قبلتها فلم تزل تمدحها حتى ذكرت أنها لم تصدع‬
‫ولم تشتك شيئا قط‪ .‬قال‪ :‬ل حاجة لي في ابنتك‪.‬‬
‫وخرجه ابن أبي الدنيا من وجه مرسل وفيه قال‬
‫النبي ‪» :‬ل حاجة لنا في ابنتك تجيئنا تحمل‬
‫خطاياها ل خير في مال ل يرزأ فيه وجسد ل ينال‬
‫منه«‪ ،‬وروى بإسناده عن قيس ابن أبي حازم قال‬
‫طّلق خالد بن الوليد امرأته ثم أحسن عليها الثناء‬
‫فقيل له‪ :‬يا أبا سليمان لي شيء طلقتها؟ قال‪ :‬ما‬
‫طلقتها لملل منها ولكن لم يصبها عندي بلء‪،‬‬
‫وبإسناده عن عمار بن ياسر أنه ذكر الوجاع فقال‬
‫أعرابي عنده‪ :‬ما اشتكيت قط‪ .‬فقال عمار‪ :‬ما أنت‬
‫منا أو لست منا إن المسلم يبتلى ببلء فتحط عنه‬
‫ن الكافر‬ ‫ذنوبه كما تحط الشجرة اليابسة ورقها وإ ّ‬
‫والفاجر يبتلى ببلء فمثله مثل بعير أطلق فلم يدر لم‬
‫أطلق وعقل فلم يدر لم عقل‪ ،‬وبإسناده عن كعب‬
‫قال‪ :‬أجد في التوراة لول أن يحزن عبدي المؤمن‬
‫دا‪ .‬وعن‬ ‫لعصب الكافر بعصابة من حديد ل يصدع أب ً‬
‫الحسن قال‪ :‬كان رجل منهم أو من المسلمين إذا‬
‫مر به عام لم يصب في ماله ونفسه قال‪ :‬ما لنا‬
‫تودع الله منا‪.‬‬
‫وقال الحسن إنما أنتم بمنزلة الغرض يرمى به‬
‫كل يوم ليس من مرضة إل قد أصابتكم فيه رمية‬
‫عقل من عقل وجهل من جهل حتى تجيء الرمية‬
‫التي‬
‫‪767‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ل تخطئ‪.‬‬
‫شّر‬‫وقال الحسن‪ :‬في أيام الوجع أما والله ما هو ب َ‬
‫كر فيها مييا نسييي‬ ‫أيام المسلم قورب له فيها أجله وذ ُ ّ‬
‫فر بها عنه خطاياه‪ ،‬وكان إذا دخل علييى‬ ‫من معاده وك ُ ّ‬
‫مريض قد عوفي قال له‪ :‬يا هييذا إن اللييه قييد ذكييرك‬
‫فاذكره وأقالك فاشكره‪ ،‬فهذه السقام والبليييا كلهييا‬
‫فارات للييذنوب الماضييية ومييواعظ للمييؤمنين حييتى‬ ‫ك ّ‬
‫يتعظوا بها ويرجعوا بها فييي المسييتقبل عيين شيير مييا‬
‫ت العلل ليؤّدب بها‬ ‫جِعل ْ‬ ‫كانوا عليه‪ ،‬قال الفضيل‪ :‬إنما ُ‬
‫ض مييات وإلييى هييذا المعنييى‬ ‫م ير ِ َ‬
‫العباد ليس كل ميين ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م يُ ْ‬
‫فت َُنــو َ‬ ‫ه ْ‬
‫ن أن ّ ُ‬‫و َ‬‫وَل ي ََر ْ‬
‫الشارة بقوله عز وجل‪:‬أ َ‬
‫وَل ُ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫م َل ي َُتوُبو َ‬
‫ن َ‬ ‫ن ثُ ّ‬‫مّرت َي ْ ِ‬
‫و َ‬
‫مّرةً أ ْ‬
‫عام ٍ َ‬
‫ل َ‬‫في ك ُ ّ‬ ‫ِ‬
‫ن ‪] ‬التوبة آية‪.[127 :‬‬ ‫ي َذّك ُّرو َ‬
‫واعلم أن تمثيل المؤمن بييالزرع وتمثيييل المنييافق‬
‫‪#‬‬‫والفييييييييييييياجر بالشيييييييييييييجر العظيييييييييييييام‬
‫يشتمل على فوائد جليلة فنييذكر مييا يسيير اللييه منهييا‬
‫فمنها‪ :‬أن الييزرع ضييعيف مستضييعف والشييجر قييوي‬
‫مستكبر متعيياظم فالشييجر ل يتييأثر ميين حيير ول بييرد‬
‫والزرع بخلف ذلك وهييذا هييو الفييرق بييين المييؤمنين‬
‫والكييافرين وبييين أهييل الجنيية وأهييل النييار كمييا فييي‬
‫الصحيحين عن حارثة بن وهب عن النبي ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫»أل أخبركم بأهل الجنة وأهل النار؟ أهييل الجنيية كييل‬
‫ضييعيف مستضييعف لييو أقسييم علييى اللييه لبييره أل‬
‫واظ مستكبر«‪.‬‬ ‫أخبركم بأهل النار؟ كل عتل ج ّ‬
‫وفي المسند عن أبي هريرة عن النبي ‪ ‬قال‪:‬‬
‫»أل أنبئكم بأهل الجنة؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬الضعفاء‬
‫‪768‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المغلوبون‪ ،‬أل أنبئكم بأهل النار؟ قالوا بلى قال كل‬
‫شديد جعظري هم الذين ل يألمون رؤوسهم«‬
‫ضا بمعناه من حديث سراقة بن مالك وعبد‬ ‫وخرجه أي ً‬
‫الله بن عمر وخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة‬
‫عن النبي ‪ ‬قال‪» :‬تحاجت الجنة والنار فقالت‬
‫الجنة مالي ل يدخلني إل ضعفاء الناس وسقطهم؟‬
‫وقالت النار مالي ل يدخلني إل الجبارون‬
‫المتكبرون؟«‪ .‬الحديث‪.‬‬
‫وقد ورد في القرآن تشبيه المنافقين بالخشب‬
‫ذا رأ َيت َهم ت ُعجب َ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫م ُ‬
‫سا ُ‬
‫ج َ‬
‫كأ ْ‬ ‫وإ ِ َ َ ْ ُ ْ ْ ِ ُ‬ ‫المسندة فقال‪َ  :‬‬
‫َ‬
‫سن ّدَةٌ‬
‫م َ‬
‫ب ُ‬ ‫خ ُ‬
‫ش ٌ‬ ‫م ُ‬ ‫م ك َأن ّ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ه ْ‬
‫ول ِ ِ‬ ‫ع لِ َ‬
‫ق ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قوُلوا ت َ ْ‬
‫س َ‬ ‫ن يَ ُ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫َ‬
‫‪] ‬المنافقون آية‪ ،[4 :‬فوصفهم بحسن الجسام‬
‫وتمامها وحسن المقال والفصاحة حتى يعجب‬
‫منظرهم لمن يراهم ويسمع قولهم من سمعه سماع‬
‫إصغاء وإعجاب‬
‫به‪ ،‬ومع هذا فبواطنهم خراب فلهذا مثلهم بالخشب‬
‫المسندة التي ل روح لها ول إحساس وقلوبهم مع‬
‫ن كُ ّ‬
‫ل‬ ‫سُبو َ‬
‫ح َ‬ ‫هذا ضعيفة في غاية الضعف ‪‬ي َ ْ‬
‫م ‪] ‬المنافقون‬ ‫حذَْر ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و َ‬
‫فا ْ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫عدُ ّ‬ ‫ه ُ‬
‫م ُ‬
‫ه ْ‬ ‫ة َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ح ٍ‬
‫صي ْ َ‬
‫َ‬
‫آية‪ ،[4 :‬وهكذا كل مريب يظهر خلف ما يضمر‬
‫يخاف من أدنى شيء ويتحسر عليه‪.‬‬
‫وأما المؤمن فبعكس هذه الصفات حالهم‬
‫مستضعفون في ظاهر أجسامهم وكلمهم لنهم‬
‫اشتغلوا بعمارة قلوبهم وأرواحهم عن عمارة‬
‫أجسادهم‪ ،‬وبواطنهم قوية ثابتة عامرة فيكابدون بها‬
‫‪769‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫العمال الشاقة في طاعة الله من الجهاد والعبادات‬
‫والعلوم وغيرها مما ل يستطيع المنافق مكابدتها‬
‫لضعف قلبه‬
‫‪#‬‬

‫ول يخافون من ظهور ما في قلوبهم إل خشية الفتنة‬


‫على نفوسهم فإن بواطنهم خير من ظواهرهم‬
‫وسرهم أصلح من علنيتهم‪ ،‬قال سليمان التيمي‪:‬‬
‫أتاني آت في منامي فقال‪ :‬يا سليمان إن قوة‬
‫المؤمن في قلبه‪ ،‬فالمؤمن لما اشتغل بعمارة قلبه‬
‫عن عمارة قالبه استضعف ظاهره وربما أوذي ولو‬
‫علم الناس ما في قلبه بما فعلوا ذلك‪ .‬قال علي‬
‫لصحابه‪ :‬كونوا في الناس كالنحلة في الطير‬
‫يستضعفونها ولو علموا ما في جوفها ما فعلوا‪ ،‬فقوة‬
‫قلب المؤمن في ثباته على اليمان‪ ،‬فاليمان الذي‬
‫في قلبه مثله )كمثل شجرة طيبة أصلها ثابت‬
‫وفرعها في السماء( فيعيش على اليمان ويموت‬
‫ويبعث عليه وإنما الرياح وهي بليا الدنيا تقلب‬
‫جسمه يمنة ويسرة‪ ،‬وأما قلبه فل تصل إليه الرياح‬
‫لنه محروس باليمان‪ ،‬والكافر والمنافق والفاجر‬
‫بعكس ذلك جسمه قوي ل تقلبه رياح الدنيا وأما قلبه‬
‫فإنه ضعيف تتلعب به الهواء المضلة فتقلبه يمنة‬
‫خِبيث َ ٍ‬
‫ة‬ ‫ة َ‬
‫جَر ٍ‬ ‫ويسرة فكذلك كان مثل قلبه ‪‬ك َ َ‬
‫ش َ‬
‫ْ َ‬
‫قَراٍر ‪‬‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫ما ل َ َ‬
‫ها ِ‬ ‫ض َ‬
‫ق الْر ِ‬‫و ِ‬ ‫ن َ‬
‫ف ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جت ُث ّ ْ‬
‫ت ِ‬ ‫ا ْ‬
‫]إبراهيم آية‪ [26 :‬كشجرة الحنظل ونحوه مما ليس‬
‫له أصل ثابت في الرض‪.‬‬
‫وقال علي ‪ ‬في صفة الهمج الرعاع أتباع كل‬
‫ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيؤوا بنور العلم‬
‫ولم يلجؤوا إلى ركن وثيق‪ ،‬وبهذا يظهر الجمع بين‬
‫‪770‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حديث تمثيل المؤمن بخامة الزرع والفاجر بشجرة‬
‫الرز‪ ،‬وبين حديث تمثيل المؤمن بالنخلة فإن التمثيل‬
‫بالزرع والفاجر بشجرة الرز‪ ،‬وبيبن حديث تمثيل‬
‫المؤمن بالنخلة فإن التمثيل بالزرع لجسده لتوالي‬
‫البلء عليه والتمثيل بالنخلة ليمانه وعمله‪ ،‬وقوله‬
‫ة‬ ‫مث ًَل ك َل ِ َ‬
‫م ً‬ ‫ب الل ّ ُ‬
‫ه َ‬ ‫يدل عليه قوله عز وجل‪َ  :‬‬
‫ضَر َ‬
‫ة ‪] ‬إبراهيم آية‪ [24 :‬فجعلها‬ ‫ة طَي ّب َ ٍ‬
‫جَر ٍ‬ ‫طَي ّب َ ً‬
‫ة كَ َ‬
‫ش َ‬
‫مثل لكلمة الشهادتين التي هي أصل السلم في‬
‫قلب المؤمن كثبوت أصل النخلة في ألرض وارتفاع‬
‫عمل المؤمن إلى السماء كارتفاع النخلة‪ ،‬وتجدد‬
‫عمل المؤمن كل حين كإتيان النخلة أكلها كل حين‪.‬‬
‫وقد روي عن أبي هريرة ‪ ‬أن المؤمن الضعيف‬
‫قلبه كزرع‪ ،‬والقوي مثله كمثل النخلة وخرجه البزار‬
‫وغيره‪ ،‬ولن ثمرة الزرع وهو السنبل يستضعف‬
‫ويطمع فيه كل أحد لقرب تناوله فيطمع الدمي في‬
‫الكل منه‬
‫وفي قطعه وسرقته والبهائم في رعيه والطير في‬
‫الكل منه‪ ،‬وكذلك المؤمن يستضعف فيعاديه عموم‬
‫الناس لن السلم بدأ غريًبا ويعود غريًبا كما بدأ‬
‫‪#‬‬

‫فطوبى للغرباء‪.‬‬
‫فعموم الخلق يستضعفه ويستغربه ويؤذيه لغربته‬
‫بينهم‪ ،‬وأما الكافر والمنافق والفاجر الذين‬
‫كالصنوبرة فإنه ل يطمع فيه فل الرياح تزعزع بدنه‬
‫ول يطمع في تناول ثمرته لمتناعها‪ ،‬وفي كتاب‬
‫الزهد للمام أحمد عن عصام بن يحيي المصري‬
‫قال‪ :‬شكا الحواريون إلى المسيح من ولع الناس بهم‬
‫‪771‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وبغضهم إياهم فقال المسيح‪ ،‬كذلك المؤمنون‬
‫مبغضون في الناس وإنما مثلهم كمثل حبة القمح ما‬
‫أحلى مذاقها وأكثر أعداءها‪ ،‬وقال كعب في التوراة‬
‫ما كان حليم قط في قوم إل بغوا عليه وحسدوه‪،‬‬
‫ما معناه أن من الناس من‬ ‫وكان خيثمة يقول كل ً‬
‫اجتهد في نفعه وهو يجتهد في إيذائه إنه ل يحب‬
‫منافق مؤمنا أبدا‪ ،‬ومنها أن المؤمن يمشي مع البلء‬
‫كيفما مشى به فيلين له فيقلبه البلء يمنة ويسرة‪،‬‬
‫فكلما أداره استدار معه وتكون عاقبته العافية من‬
‫البلء وحسن الخاتمة ويوقى ميتة السوء‪ ،‬فلهذا كان‬
‫مثله كمثل السنبلة تقلبها الرياح يمنة ويسرة فل‬
‫تضرها الرياح كما في أمثال العرب )إذا رأيت الريح‬
‫عاصفا فتطامن( أي إذا رأيت المر عالًيا فاخضع له‪.‬‬
‫وقييال الحكميياء‪ :‬ل يييرد العييدو أو القييوي مثييل‬
‫الخضوع له ومَثلييه مث َييل الريييح العاصييف يسييلم منهييا‬
‫الزرع للينه لها ومعها ويتقصف منهييا الشييجر العظييام‬
‫لنتصابها لها‪ ،‬فالفاجر لقييوته وتعيياظمه يتقيياوى علييى‬
‫القييدار ويستعصييى عليهييا كشييجرة الصيينوبر الييتي‬
‫تستعصي على الرياح ول تتطامن معها فيسلط عليها‬
‫ريح عاصف ل يقوي عليها فتقلعه مين أصيله بعروقييه‬
‫فتهلكه‪ ،‬وهذا كما حكى الله عن عاد قييال تعييالى‪ :‬‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ق‪‬‬ ‫ر ال ْ َ‬
‫حـ ّ‬ ‫غي ْـ ِ‬
‫ض بِ َ‬
‫فــي الْر ِ‬ ‫سـت َك ْب َُروا ِ‬ ‫عادٌ َ‬
‫فا ْ‬ ‫ما َ‬
‫فأ ّ‬
‫ن ‪] ‬فصلت آييية‪،15 :‬‬ ‫م َل ي ُن ْ َ‬
‫صُرو َ‬ ‫ه ْ‬ ‫إلى قوله‪َ  :‬‬
‫و ُ‬
‫‪. [16‬‬
‫فمن تواضع لعظميية اللييه وصييبر علييى بلئه كييانت‬
‫عيياقبته الجنيية وسييلم فييي الييدنيا والخييرة ميين البلء‬
‫ورجيت العافية له‪ ،‬والفيياجر لمييا تكييبر وتقيياوى علييى‬
‫‪772‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫جييل اللييه عقييوبته وسييّلط عليييه بلءه‬
‫أقييدار اللييه ع ّ‬
‫يتأصله ول يقدر على المتنيياع منييه كالشييجر العظييام‬
‫التي تقلعها الرياح بعروقها‪.‬‬
‫قال بعضهم‪:‬‬
‫تولى الذية شامخ‬ ‫إن الرياح إذا عصفن‬
‫الغصان‬ ‫فإنما‬
‫‪#‬‬ ‫وقال غيره‪:‬‬
‫ولم يبت طاويا منها‬ ‫من أخمل النفس‬
‫ترمي سوى‬ ‫فليسضجر‬
‫على‬ ‫وروحها‬
‫اشتدت‬ ‫أحياها‬
‫الرياح إذ‬ ‫إن‬
‫العالي من الشجر‬ ‫عواصفها‬
‫ومنها أن الزرع وإن كييان كييل طاقيية منييه ضييعيفة‬
‫ضئيلة إل أنه يتقوى بما يخرج معه وحوله ويعتضد بييه‬
‫بخلف الشجر العظام فإن بعضها ل يشد بعضييا وقييد‬
‫ضرب الله تعالى مثل نبيه ‪ ‬وأصييحابه بييالزرع لهييذا‬
‫ج‬ ‫ع أَ ْ‬
‫خــَر َ‬ ‫ل ك ََزْر ٍ‬ ‫في اْل ِن ْ ِ‬
‫جي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مث َل ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫المعنى قال‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ه‪‬‬
‫ق ِ‬ ‫عَلى ُ‬
‫سو ِ‬ ‫وى َ‬
‫ست َ َ‬
‫فا ْ‬ ‫غل َ َ‬
‫ظ َ‬ ‫ست َ ْ‬
‫فا ْ‬ ‫شطْأ َهُ َ‬
‫فآ ََزَرهُ َ‬ ‫َ‬
‫]الفتح آية‪ [29 :‬قوله أخرج شطأه أي فراخه‪ ،‬فييآزره‬
‫أي ساواه صار مثل الم وقوي به‪ ،‬فاستغلظ أي غلظ‬
‫فاستوى على سوقه جمع ساق فالزرع مثل النبي ‪‬‬
‫ده بأصحابه وهم شطء الييزرع كمييا‬ ‫إذ خرج وحده فأم ّ‬
‫قوى الطاقة من الزرع بمييا نبييت منهييا حييتى غلظييت‬
‫واستحكمت‪.‬‬
‫وفي النجيل سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع وقييد‬
‫م‬ ‫ه ْ‬
‫ضــ ُ‬
‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫مَنــا ُ‬ ‫م ْ‬
‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬‫ؤ ِ‬ ‫وال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫قال عز وجل ‪َ ‬‬
‫ض ‪] ‬التوبة آية‪.[71 :‬‬ ‫َ‬
‫ع ٍ‬
‫ول َِياءُ ب َ ْ‬
‫أ ْ‬
‫ن‬
‫مــ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ض ُ‬‫ع ُ‬ ‫ت بَ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫ف َ‬‫مَنا ِ‬‫وال ْ ُ‬
‫ن َ‬‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫وقال‪ :‬ال ْ ُ‬
‫مَنا ِ‬
‫ض ‪] ‬التوبيية آييية‪ [67 :‬فييالمؤمنون بينهييم ولييية‬ ‫ع ٍ‬ ‫بَ ْ‬
‫ن‬‫مُنـو َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ما ال ْ ُ‬ ‫وهي مودة ومحبة باطنة ثم قال‪ :‬إ ِن ّ َ‬
‫‪773‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ة ‪] ‬الحجرات آييية‪ [10 :‬لن المييؤمنين قلييوبهم‬ ‫و ٌ‬
‫خ َ‬ ‫إِ ْ‬
‫على قلب رجل واحد فيما يعتقدونه من اليمان‪ ،‬وأما‬
‫م‬
‫ه ْ‬‫سب ُ ُ‬ ‫المنافقون فقلوبهم مختلفيية كمييا قييال‪ :‬ت َ ْ‬
‫ح َ‬
‫شـــّتى ‪] ‬الحشييير آيييية‪[14 :‬‬ ‫م َ‬ ‫قل ُـــوب ُ ُ‬
‫ه ْ‬ ‫و ُ‬
‫عـــا َ‬
‫مي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫فأهواؤهم مختلفة ول ولية بينهييم فييي البيياطن وإنمييا‬
‫بعضهم من جنس بعض في الكفر والنفاق‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن النبي ‪» ‬المؤمن للمؤمن‬
‫كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه« وفيهما‬
‫دهم‬ ‫ضا عن النبي ‪» :‬مثل المؤمنين في توا ّ‬ ‫أي ً‬
‫وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد‬
‫إذا اشتكى منه عضو‬
‫تداعى سائره بالحمى والسهر« ومنها أن‬
‫صاده فإنه يحصده أربابه ثم يبقى‬ ‫ح ّ‬
‫الزرع ينتفع به ُ‬
‫منه بعد حصاده ما يلتقطه المساكين وترعاه البهائم‬
‫وربما استخلف بعضه فأخرج منه ثانيه وبيع منه من‬
‫الحب ما ينبت مرارا‪ .‬وهكذا‬
‫مثل المؤمن يموت ويخلف ما ينتفع به من علم نافع‬
‫أو صدقة جارية أو‬
‫‪#‬‬

‫ولد صالح ينتفع به‪ ،‬وأما الفاجر فإذا اقتلع من الرض‬


‫لم يبق فيه نفع بل ربما آثر ضررا فهو كالشجرة‬
‫المنجعفة ل تصلح إل لو قيد النار‪ ،‬ومنها أن الزرع‬
‫ة‬
‫حب ّ ٍ‬
‫ل َ‬ ‫مبارك في حمله كما ضرب الله ‪‬ك َ َ‬
‫مث َ ِ‬
‫َ‬
‫والل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ة َ‬
‫حب ّ ٍ‬ ‫مئ َ ُ‬
‫ة َ‬ ‫سن ْب ُل َ ٍ‬
‫ة ِ‬ ‫في ك ُ ّ‬
‫ل ُ‬ ‫سَناب ِ َ‬
‫ل ِ‬ ‫ع َ‬‫سب ْ َ‬
‫ت َ‬‫أن ْب َت َ ْ‬
‫شاءُ ‪] ‬البقرة آية‪ [261 :‬وليس‬ ‫ن يَ َ‬
‫م ْ‬‫ف لِ َ‬
‫ع ُ‬‫ضا ِ‬‫يُ َ‬
‫‪774‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫كذلك الشجر لن كل حبة مما تغرس منه ل تزيد‬
‫على نبات شجرة واحدة منها‪ ،‬ومنها أن الحب الذي‬
‫ينبت من الزرع هو مؤنة الدميين وغذاء أبدانهم‬
‫وسبب حياة أجسادهم فكذلك اليمان هو قوت‬
‫القلوب وغذاء الرواح وسبب حياتها‪ ،‬ومتى فقدته‬
‫القلوب ماتت‪ ،‬وموت القلوب ل يرجي معه حياة أبدا‬
‫بل هو هلك الدنيا والخرة كما قيل شعرا‪:‬‬
‫إنما الميت ميت‬ ‫ليس من مات‬
‫الحياء‬ ‫فاستراح بميت‬
‫فلذلك شّبه المؤمن بالزرع؛ حيث كان الزرع حياة‬
‫الجسيياد واليمييان حييياة الرواح وأمييا ثميير بعييض‬
‫الشييجار العظييام كالصيينوبر ونحييوه فليييس فيييه نفييع‬
‫وربما ل يتضرر بفقده فلذلك مثييل الفيياجر والمنييافق‬
‫‪#‬‬ ‫به لقلة نفع ثمره والله أعلم‪،،،‬‬
‫‪775‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫)‪(1‬‬
‫نخبة الفكر في مصطلح أهل الثر‬

‫الحمد لله الذي لم يزل عالما قييديًرا‪ .‬وصييلى اللييه‬


‫علييي سيييدنا محمييد الييذي أرسييله إلييى النيياس كافيية‬
‫ما‬
‫بشيًرا ونذيًرا‪ ،‬وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسييلي ً‬
‫كثيًرا‪.‬‬
‫أما بعد‪ ،‬فإن التصانيف في اصطلح أهل الحديث‬
‫قد كثرت وبسطت واختصرت فسألني بعض الخوان‬
‫أن ألخص لهم المهم من ذلييك‪ ،‬فييأجبته إلييى سييؤاله‪،‬‬
‫رجاء الندراج في تلك المسالك‪.‬‬
‫فأقول‪ :‬الخبر إما أن يكون له طرق بل عدد معين‪،‬‬
‫أو مع حصر بما فوق الثنين‪ ،‬أو بهما أو بواحد‪.‬‬
‫فالول‪ :‬المتواتر‪ ،‬المفيد للعلم اليقين بشروطه‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬المشهور‪ .‬وهو المستفيض‪ ،‬على رأي‪.‬‬
‫طا للصييحيح خلًفييا‬‫والثالث‪ :‬العزيييز وليييس شيير ً‬
‫لمن زعمه‪.‬‬
‫والرابــع‪ :‬الغريييب‪ :‬وكلهييا – سييوى الول – آحيياد‬
‫وفيهييا المقبييول والمييردود‪ ،‬لتوقييف السييتدلل علييى‬
‫البحث عن أحوال رواتها دون الول‪ .‬وقد يقع فيها مييا‬
‫يفيد العلم النظري بالقرائن على المختار‪.‬‬
‫ثييم الغرابيية إمييا أن تكييون فييي أصييل السييند أول‪.‬‬
‫فالول‪ :‬الفرد المطلق‪ .‬والثــاني‪ :‬الفييرد النسييبي‪،‬‬
‫)( للحافظ أحمد بن علي بيين حجيير العسييقلني المتييوفى سيينة ‪852‬هيي‬ ‫‪1‬‬

‫رحمه الله تعالى‪.‬‬


‫‪776‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ويقل‪ :‬إطلق الفردية عليه‪.‬‬
‫وخبر الحاد بنقل عدل تام الضبط‪ ،‬متصل السند‪،‬‬
‫غير معلل ول شاذ‪ :‬هو الصحيح لذاته‪ ،‬وتتفاوت رتبه‬
‫بتفاوت هذه الوصاف‪ .‬ومن ثم قدم صحيح البخاري‪،‬‬
‫ثم مسلم ثم شرطهما‪ .‬فإن خف الضبط فالحسن‬
‫لذاته‪ .‬وبكثرة الطرق يصحح‪ .‬فإن جمعا فللتردد في‬
‫‪#‬‬ ‫الناقل حيث التفرد‪ ،‬وإل فباعتبار‬
‫السنادين‪ .‬وزيادة راويهما مقبولة‪ ،‬ما لم تقع منافية‬
‫لمن هو أوثق‪ .‬فإن خولف بأرجح فالراجح المحفوظ‪،‬‬
‫ومقابله الشاذ‪ ،‬ومع الضعف فالراجح المعروف‪،‬‬
‫ومقاله المنكر‪.‬‬
‫والفرد النسبي‪ :‬إن وافقه غيره فهييو المتييابع‪ ،‬وإن‬
‫وجد متن يشبهه فهو الشاهد‪ .‬وتتبع الطرق لذلك هييو‬
‫العتبار‪.‬‬
‫ثم المقبول‪ :‬إن سلم من المعارضة فهو المحكييم‪.‬‬
‫وإن عورض بمثلييه‪ ،‬فييإن أمكيين الجمييع فهييو مختلييف‬
‫الحييديث‪ ،‬أول وثبييت المتييأخر فهييو الناسييخ والخيير‬
‫المنسوخ‪ .‬وإل فالترجيح ثم التوقف‪.‬‬
‫ثييم المييردود‪ :‬إمييا أن يكييون لسييقط أو طعيين‪.‬‬
‫فالسقط‪ ،‬إما أن يكون من مبادئ السند من مصنف‪،‬‬
‫أو من آخره بعد التابعي‪ ،‬أو غير ذلك‪.‬‬
‫فالول‪ :‬المعلق‪ ،‬والثاني‪ :‬هييو المرسييل‪ .‬والثييالث‪:‬‬
‫دا مع التوالي فهو المعضييل‪ ،‬وإل‬ ‫إن كان باثنين فصاع ً‬
‫فالمنقطع‪.‬‬
‫حا أو خفًيا‪ .‬فييالول‪ :‬يييدرك بعييدم‬ ‫ثم قد يكون واض ً‬
‫التلقييي‪ :‬وميين قييم احتيييج إلييى التاريييخ‪ .‬والثيياني‪:‬‬
‫‪777‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫المدلس‪ ،‬ويرد بصيغة اللقي »كعن« و »قييال« وكييذا‬
‫المرسل الخفي من معاصر لم يلق‪.‬‬
‫ثم الطعن إمييا أن يكييون لكييذب الييراوي أو تهمتييه‬
‫بذلك‪ ،‬أو فحش غلطه‪ ،‬أو غفلته‪ ،‬أو فسقه أو وهمييه‪،‬‬
‫أو مخيييالفته‪ ،‬أو بيييدعته أو سيييوء حفظيييه‪ .‬فيييالول‪:‬‬
‫الموضوع‪ .‬والثاني‪ :‬المتروك‪ .‬والثييالث‪ :‬المنكيير علييى‬
‫رأي‪ .‬وكذا الرابع والخامس‪ .‬ثم الوهم إن اطلع عليييه‬
‫بالقرائن وجمع الطرق فالمعلل‪.‬‬
‫ثييم المخالفيية إن كييانت بتغيييير السييياق فمييدرج‬
‫السناد‪ ،‬أو بدمج موقوف بمرفيوع فميدرج المتين‪ ،‬أو‬
‫بتقديم أو تأخير فالمقلوب‪ ،‬أو بزيادة راو فالمزيد في‬
‫متصل السانيد‪ ،‬أو بإبداله ول مرجٍح بالمضطرب‪.‬‬
‫دا امتحاًنا أو بتغيير حروف مييع‬ ‫وقد يقع البدال عم ً‬
‫بقاء السييياق فالمصييحف والمحييرف ول يجييوز تعمييد‬
‫تغيير المتن بييالنقص والمييرادف إل لعييالم بمييا يحيييل‬
‫المعاني‪ .‬فإن خفي المعنى احتيج إلى شرح الغريييب‪،‬‬
‫وبيان المشكل‪.‬‬
‫ثم الجهالة وسببها أن الراوي قد تكثر نعوته فيذكر‬
‫‪#‬‬ ‫بغير ما اشتهر به‬
‫لغرض وصنفوا فيه الموضح‪ .‬وقد يكون مقل فل يكثر‬
‫الخذ عنه‪ .‬وصنفوا فيه الوحدان‪ ،‬أو ل يسمى‪،‬‬
‫اختصاًرا وفيه المبهمات‪.‬‬
‫ول يقبل المبهم ولو أبهم بلفظ التعديل على‬
‫الصح‪ .‬فإن سمي وانفرد واحد عنه فمجهول العين‪،‬‬
‫دا ولم يوثق فمجهول الحال‪.‬‬ ‫أو اثنان فصاع ً‬
‫وهو المستور‪.‬‬
‫‪778‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ثم البدعة إما بمكفر أو بمفسق‪ .‬فييالول‪ :‬ل يقبييل‬
‫صاحبها الجمهور‪ .‬والثاني‪ :‬يقبل ميين لييم يكيين داعييية‬
‫إلى بدعته في الصييح‪ ،‬إل إن روى مييا يقييوي بييدعته‪،‬‬
‫فيرد على المييذهب المختييار‪ .‬وبييه صيّرح الجوزجيياني‬
‫شيخ النسائي‪.‬‬
‫مييا فهييو الشيياذ علييى‬
‫ثم سوء الحفييظ إن كييان لز ً‬
‫رأي‪ ،‬أو طائًرا فالمختلط‪ ،‬ومتى توبع السيييئ الحفييظ‬
‫بمعتييبر‪ ،‬وكييذا المسييتور والمرسييل والمييدلس‪ -‬صييار‬
‫حديثهم حسًنا ل لذاته بل بالمجموع‪.‬‬
‫ثم السناد إما أن ينتهي إلى النبي ‪ ‬إما تصييري ً‬
‫حا‬
‫ميييا مييين قيييوله أو فعليييه أو تقرييييره‪ ،‬أو إليييى‬
‫أو حك ً‬
‫الصحابي كذلك‪ ،‬وهو من لقي النبي ‪ ‬مؤمًنا ومييات‬
‫علييى السييلم ولييو تخللييت ردة فييي الصييح‪ ،‬أو إلييى‬
‫التابعي‪ ،‬وهو من لقي الصحابي كذلك‪.‬‬
‫فييالول‪ :‬المرفييوع‪ ،‬والثيياني‪ :‬الموقييوف‪ ،‬والثييالث‪:‬‬
‫المقطييوع‪ .‬وميين دون التييابعي فيييه مثلييه‪ .‬ويقييال‬
‫للخيرين‪ :‬الثر‪.‬‬
‫والمسند مرفوع صييحابي بسييند ظيياهره التصييال‪،‬‬
‫فإن قل عدده فإمييا أن ينتهييي إلييى النييبي ‪ ‬أو إلييى‬
‫إمام ذي صفة علّية‪ ،‬كشعبة‪.‬‬
‫فييالول‪ :‬العلييو المطلييق‪ .‬والثيياني‪ :‬النسييبي‪ .‬وفيييه‬
‫الموافقة‪ ،‬وهي الوصول إلى شيخ أحد المصنفين من‬
‫غير طريقييه‪ .‬وفيييه البييدل‪ ،‬وهييو الوصييول إلييى شيييخ‬
‫شيخه كذلك‪.‬‬
‫‪779‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وفيه المسيياواة‪ ،‬وهييي اسييتواء عييدد السييناد ميين‬
‫الراوي إلى آخره‪ ،‬مييع إسييناد أحييد المصيينفين‪ .‬وفيييه‬
‫المصافحة‪ ،‬وهي الستواء مع تلميذ ذلك المصنف‪.‬‬
‫ويقابل العلو بأقسامه النزول؛ فإن شارك الييراوي‬
‫من روى عنه فييي السيين واللقييي فهييو القييران‪ ،‬وإن‬
‫روى كل منهمييا عيين الخيير فالمد ّب ّييج وإن روى عميين‬
‫دونه فالكابر عن الصيياغر‪ .‬ومنييه البيياء عيين البنيياء‬
‫‪#‬‬

‫وفي عكسه كثرة‪ .‬ومنه من روى عن أبيه عن جده‪.‬‬


‫وإن اشترك اثنان عن شيخ وتقييدم مييوت أحييدهما‬
‫فهييو السييابق واللحييق‪ .‬وإن روى عيين اثنييين متفقييي‬
‫السم ولم يتميزا فباختصاصه بأحدهما يتبين المهمل‪.‬‬
‫مييا رد‪ ،‬أو احتمييال قبييل‬‫وإن جحد الشيخ مرويه جز ً‬
‫دث ونسي‪ .‬وإن اتفييق الييرواة‬ ‫في الصح‪ .‬وفيه من ح ّ‬
‫في صيغ الداء أو غيرها من الحالت فهو المسلسييل‪،‬‬
‫وصيغ الداء‪ :‬سمعت‪ ،‬وحدثني‪ ،‬ثييم أخييبرني‪ ،‬وقييرأت‬
‫عليه‪ ،‬ثم قرئ عليه وأنا أسمع‪ ،‬ثم أنبأني‪ ،‬ثم نيياولني‪،‬‬
‫ثم شافهني‪ ،‬ثم كتب إلي‪ ،‬ثم عيين ونحوهييا‪ ،‬فييالولن‬
‫لمن سمع وحييده ميين لفييظ الشييخ‪ .‬فييإن جميع فمييع‬
‫غيره‪.‬‬
‫وأولهييا أصييرحها وأرفعهييا فييي الملء‪ ،‬والثييالث‬
‫والرابع لمن قرأ بنفسه‪ ،‬فإن جمع فهو كالخامس‪.‬‬
‫لنباء بمعنى الخبييار‪ ،‬إل فييي عييرف المتييأخرين‪،‬‬ ‫وا ِ‬
‫فهو للجييازة كعيين‪ ،‬وعنعنيية المعاصيير محموليية علييى‬
‫السماع إل من مدلس‪ ،‬وقيل‪ :‬يشترط ثبييوت لقائهمييا‬
‫ولييو مييرة‪ ،‬وهييو المختييار‪ .‬وأطلقييوا المشييافهة فييي‬
‫‪780‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الجازة المتلفظ بها‪ ،‬والمكاتبة في الجازة المكتييوب‬
‫بها‪.‬‬
‫واشييترطوا فييي صييحة المناوليية اقترانهييا بييالذن‬
‫بالرواية‪ ،‬وهيي أرفييع أنيواع الجييازة‪ .‬وكييذا اشييترطوا‬
‫الذن في الوجادة والوصية بالكتاب وفي العلم‪ ،‬وإل‬
‫فل عبرة بذلك‪ ،‬كالجازة العامة وللمجهول وللمعدون‬
‫على الصح في جميع ذلك‪.‬‬
‫ثييم الييرواة إن اتفقييت أسييماؤهم واسييما آبييائهم‬
‫دا‪ ،‬واختلفت أشخاصهم فهو المتفق والمفترق‪.‬‬ ‫فصاع ً‬
‫قييا فهييو‬‫طييا واختلفييت نط ً‬‫وإن اتفقييت السييماء خ ً‬
‫المؤتلف والمختلف‪.‬‬
‫وإن اتفقت السماء واختلف الباء أو بالعكس فهو‬
‫المتشابه‪ .‬وكذا إن وقع ذلك التفاق في السم واسم‬
‫الب‪ ،‬والختلف في النسبة‪.‬‬
‫ويتركب منييه وممييا قبلييه أنييواع‪ ،‬منهييا‪ :‬أن يحصييل‬
‫التفيياق أو الشييتباه إل فييي حيييرف أو حرفيييين‪ ،‬أو‬
‫‪#‬‬ ‫بالتقديم والتأخير أو نحو ذلك‪.‬‬
‫‪781‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫وميين المهييم معرفيية طبقييات الييرواة ومواليييدهم‬
‫حا‪ ،‬ومراتب‬ ‫ووفياتهم وبلدانهم وأحوالهم تعديل وتجري ً‬
‫الجرح‪ .‬وأسوؤها‪ :‬الوصف بالفعل‪ ،‬كأكذب الناس‪ ،‬ثم‬
‫دجييال أو وضيياع‪ ،‬أو كييذاب وأسييهلها لييين أو سيييئ‬
‫الحفييظ‪ ،‬أو فيييه مقييال‪ .‬ومراتييب التعييديل‪ ،‬وأرفعهييا‪،‬‬
‫الوصف بأفعل كأوثق النيياس‪ ،‬ثييم مييا تأكييد بصييفة أو‬
‫صفتين‪ ،‬كثقة ثقة‪ ،‬أو ثقيية حييافظ‪ .‬وأدناهييا مييا أشييعر‬
‫بالقرب من أسييهل التجريييح‪ .‬كشيييخ‪ .‬وتقبييل التزكييية‬
‫من عارف بأسبابها‪ .‬ولو من واحد على الصح‪.‬‬
‫والجرح مقييدم علييى التعييديل إن صييدر مبينييا ميين‬
‫عارف بأسبابه‪ ،‬فإن خل عن تعديل قبييل مجمل ً علييى‬
‫المختار‪.‬‬

‫)فصل(‬
‫وميين المهييم معرفيية كنييى المسييمين وأسييماء‬
‫المكنين‪ .‬ومن اسمه كنيته‪ ،‬وميين اختلييف فييي كنيتييه‪،‬‬
‫ومن كثرت كناه أو نعوته‪ ،‬وميين وافقييت كنيتييه اسييم‬
‫أبيه أو بالعكس أو كنيته كنية زوجتييه‪ ،‬أو وافييق اسييم‬
‫شيخه اسم أبيه‪ ،‬ومن نسب إلى غير أبيييه وإلييى أمييه‬
‫وإلى غييير مييا سييبق إلييى الفهييم‪ ،‬وميين اتفييق اسييمه‬
‫واسييم أبيييه وجييده أو اسييم شيييخه وشيييخ شيييخه‬
‫دا‪ .‬ومن اتفق اسم شيخه والراوي عنه‪.‬‬ ‫فصاع ً‬
‫ومعرفيية السييماء المجييردة والمفييردة والكنييى‬
‫واللقاب والنساب‪ ،‬وتقع إلى القبائل والوطييان بلًدا‬
‫عا أو سيييك ً‬
‫كا أو مجييياورة‪ ،‬وإليييى الصييينائع‬ ‫أو ضييييا ً‬
‫‪782‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والحرف‪ ،‬ويقع فيها التفاق والشتباه كالسماء‪ ،‬وقييد‬
‫تقع ألقاًبا‪.‬‬
‫ومعرفة أسباب ذلك‪ ،‬ومعرفة الموالي ميين أعلييى‬
‫وميين أسييفل‪ ،‬بييالرق أو بييالحلف‪ ،‬ومعرفيية الخييوة‬
‫والخوات‪.‬‬
‫ومعرفيية آداب الشيييخ والطييالب وسيين التحمييل‬
‫والداء‪ ،‬وصييفة كتابيية الحييديث وعرضييه وسييماعه‬
‫وإسماعه‪ ،‬والرحلة فيه‪ ،‬وتصيينيفه علييى المسييانيد أو‬
‫البيييواب أو العليييل أو الطيييراف‪ .‬ومعرفييية سيييبب‬
‫الحديث‪.‬‬
‫وقد صنف فيه بعض شيوخ القاضي أبي يعلي بن‬
‫الفراء‪ ،‬وصنفوا في غالب هذه النواع‪ ،‬وهي نقل‬
‫‪#‬‬ ‫محض ظاهرة التعريف مستغنية عن التمثيل‪،‬‬
‫فلتراجع لها مبسوطاتها والله الموفق إلى الصواب‪،‬‬
‫وهو حسبي وإليه المرجع والمآب وصلى الله على‬
‫سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم‪) .‬انظر شرح هذه‬
‫الرسالة للمؤلف(‪.‬‬
‫‪#‬‬
‫‪783‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫متن الورقات في أصول الفقه‬

‫تأليف أبي المعالي عبد الملك بن يوسف الجيويني‬


‫الشهير بإمام الحرمين رحمه الله تعالى قال‪:‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫فهذه ورقات تشتمل على معرفة فصول من‬


‫أصول الفقه وذلك مؤلف من جزأين مفردين‬
‫فالصل ما يبنى عليه غيره‪ ،‬والفرع ما يبنى على‬
‫غيره‪ ،‬والفقه معرفة الحكام الشرعية التي طريقها‬
‫الجتهاد‪ ،‬والحكام سبعة‪ :‬الواجب والمندوب والمباح‬
‫والمحظور والمكروه والصحيح والفاسد‪ ،‬فالواجب ما‬
‫يثاب على فعله ويعاقب على تركه‪ ،‬والمندوب ما‬
‫يثاب على فعله ول يعاقب على تركه‪ ،‬والمباح ما ل‬
‫يثاب على فعله ول يعاقب على تركه‪ ،‬والمحظور ما‬
‫يثاب على تركه ويعاقب على فعله‪ ،‬والمكروه ما‬
‫يثاب على تركه ول يعاقب على فعله‪ ،‬والصحيح ما‬
‫يتعلق به النفوذ ويعتد به‪ ،‬والباطل ما ل يتعلق به‬
‫النفوذ ول يعتد به‪ ،‬والفقه أخص من العلم‪ ،‬والعلم‬
‫معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع‪ ،‬والجهل‬
‫تصور الشيء على خلف ما هو به في الواقع‪،‬‬
‫والعلم الضروري ما ل يقع عن نظر واستدلل‪ ،‬وأما‬
‫العلم المكتسب فهو الموقوف على النظر‬
‫والستدلل‪ ،‬والنظر هو الفكر في حال المنظور فيه‪،‬‬
‫‪784‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫والستدلل طلب الدليل‪ ،‬والدليل هو المرشد إلى‬
‫المطلوب‪ ،‬والظن تجويز أمرين أحدهما أظهر من‬
‫الخر‪ ،‬والشك تجويز المرين ل مزية لحدهما على‬
‫الخر‪ ،‬وأصول الفقه طرقه على سبيل الجمال‪،‬‬
‫وكيفية الستدلل‬
‫بها‪ ،‬وأبواب أصول الفقه أقسام‪ :‬الكلم‪ ،‬والمر‬
‫والنهي‪ ،‬والعام والخاص‪ ،‬والمجمل والمبين‪،‬‬
‫والظاهر‪ ،‬والفعال والناسخ والمنسوخ والجمال‬
‫والخبار‬
‫والقياس‪ ،‬والحظر والباحة‪ ،‬وترتيب الدلة‪ ،‬وصفة‬
‫المفتى والمستفتي وأحكام المجتهدين‪ ،‬فأما أقسام‬
‫الكلم فأقل ما يتركب منه‬
‫‪#‬‬

‫الكلم اسمان أو اسم وفعل أو فعل وحرف أو اسم‬


‫وحرف‪ .‬والكلم ينقسم إلى أمر ونهي وخبر‬
‫ضا إلى تمن وعرض وقسم‪،‬‬ ‫واستخبار‪ ،‬وينقسم أي ً‬
‫ومن وجه آخر ينقسم إلى حقيقة ومجاز‪ ،‬فالحقيقة‬
‫ما بقي في الستعمال على موضوعه وقيل ما‬
‫استعمل فيما اصطلح عليه من المخاطبة‪ ،‬والمجاز‬
‫ما تجوز عن موضوعه‪ ،‬والحقيقية إما لغوية وإما‬
‫شرعية وإما عرفية‪ ،‬والمجاز إما أن يكون بزيادة أو‬
‫نقصان أو نقل أو استعارة‪ ،‬فالمجاز بالزيادة مثل‬
‫يءٌ ‪] ‬الشورى آية‪:‬‬ ‫ش ْ‬‫ه َ‬ ‫مث ْل ِ ِ‬‫س كَ ِ‬‫قوله تعالى‪ :‬ل َي ْ َ‬
‫ل‬ ‫‪ [11‬والمجاز بالنقصان مثل قوله تعالى‪ :‬وا َ‬
‫سأ ِ‬ ‫َ ْ‬
‫ة ‪] ‬يوسف آية‪ [82 :‬والمجاز بالنقل كالغائط‬ ‫ال ْ َ‬
‫قْري َ َ‬
‫فيما يخرج من النسان‪ ،‬والمجاز بالستعارة كقوله‬
‫ض ‪] ‬الكهف آية‪:‬‬ ‫َ‬
‫ق ّ‬‫ن ي َن ْ َ‬ ‫ريدُ أ ْ‬ ‫داًرا ي ُ ِ‬ ‫تعالى‪ِ  :‬‬
‫ج َ‬
‫‪785‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ [77‬والمر استدعاء الفعل بالقول ممن هو دونه‬
‫على سبيل الوجوب‪ ،‬والصيغة الدالة عليه افعل‪،‬‬
‫وعند الطلق والتجرد عن القرينة الصارفة عن طلب‬
‫الفعل تحمل عليه‪ ،‬إل ما دل الدليل على أن المراد‬
‫منه الندب أو الباحة فيحمل عليه‪ ،‬ول يقتضي‬
‫التكرار على الصحيح إل إذا دل الدليل على قصد‬
‫التكرار‪ ،‬ول يقتضي الفور‪ ،‬والمر بإيجاد الفعل أمر‬
‫به وبما ل يتم الفعل إل به كالمر بالصلوات أمر‬
‫بالطهارة المؤدية إليها وإذا فعل يخرج المأمور‬
‫عن العهدة‪.‬‬

‫الذي يدخل في المر والنهي وما ل يدخل‪:‬‬

‫يدخل في خطاب الله تعالى المؤمنون‪ ،‬والسيياهي‬


‫والصبي والمجنون غير داخلين في الخطاب‪ ،‬والكفار‬
‫مخاطبون بفييروع الشييرائع وبمييا ل تصييح إل بييه وهييو‬
‫قَر *‬ ‫سـ َ‬
‫فـي َ‬ ‫سـل َك َك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫مــا َ‬‫السلم لقوله تعييالى‪َ  :‬‬
‫ن ‪] ‬المييدثر آييية‪،42 :‬‬ ‫ص ـّلي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫مـ َ‬ ‫قاُلوا ل َ ْ‬
‫م ن َـ ُ‬
‫ك ِ‬ ‫َ‬
‫‪ [43‬والميير بالشيييء نهييي عيين ضييده‪ ،‬والنهييي عيين‬
‫الشيء أمر بضييده‪ ،‬والنهييي اسييتدعاء الييترك بييالقول‬
‫ممن هو دونه على سبيل الوجوب ويدل علييى فسيياد‬
‫المنهي عنه‪ ،‬وترد صيغة المر والمييراد بييه الباحيية أو‬
‫ة‬
‫قــَردَ ً‬ ‫التهديد أو التسوية أو التكوين نحييو‪ُ  :‬‬
‫كوُنوا ِ‬
‫‪] ‬البقرة آية‪.[65 :‬‬
‫وأما العام فهو ما عم شيئين فصاعدا من قوله‬
‫‪#‬‬ ‫عممت زيدا وعمًرا‬
‫‪786‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بالعطاء وعممت جميع الناس بالعطاء وألفاظه‬
‫أربعة‪ :‬السم المعرف باللف واللم واسم الجمع‬
‫المعرف باللم والسماء المبهمة كمن فيمن يعقل‪،‬‬
‫وما فيما ل يعقل‪ ،‬وأي في الجميع‪ ،‬وأين في المكان‪،‬‬
‫ومتى في الزمان‪ ،‬وما في الستفهام والجزاء وغيره‬
‫ول في النكرات‪ ،‬والعموم من صفات النطق ول‬
‫يجوز دعوى العموم في غيره من الفعل وما يجري‬
‫مجراه‪ ،‬والخاص يقابل العام والتخصيص تمييز بعض‬
‫الجملة‪ ،‬وهو ينقسم إلى متصل ومنفصل فالمتصل‬
‫الستثناء والشرط والتقييد بالصفة‪ ،‬والستثناء إخراج‬
‫ما لوله لدخل في الكلم‪ ،‬وإنما يصح الستثناء‬
‫بشرط أن يبقى من المستثنى منه شيء‪ ،‬ومن‬
‫شرطه أن يكون متصل بالكلم‪ ،‬ويجوز تقديم‬
‫المستثنى على المستثنى منه‪ ،‬ويجوز الستثناء من‬
‫الجنس كما تقدم ومن غيره والشرط يجوز أن يتقدم‬
‫على المشروط‪ ،‬والمقيد بالصفة يحمل عليه المطلق‬
‫كالرقبة قيدت باليمان في بعض المواضع فيحمل‬
‫المطلق على المقيد‪ ،‬ويجوز تخصيص الكتاب‬
‫بالكتاب‪ ،‬وتخصيص الكتاب بالسنة‪ ،‬وتخصيص السنة‬
‫بالكتاب‪ ،‬وتخصيص النطق بالقياس‪ ،‬ونعني بالنطق‬
‫قول الله تعالى وقول الرسول ‪ ،‬والمجمل ما‬
‫يفتقر إلى البيان‪ ،‬والبيان إخراج الشيء من حيز‬
‫الشكال إلى حيز التجلي‪ ،‬والنص ما ل يحتمل إل‬
‫دا‪ ،‬وقيل ما تأويله تنزيله وهو مشتق من‬
‫معنى واح ً‬
‫منصة العروس وهو الكرسي‪ ،‬والظاهر ما احتمل‬
‫أمرين أحدهما أظهر من ألخر‪ ،‬ويؤول الظاهر‬
‫‪787‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بالدليل ويسمى ظاهًرا بالدليل )الفعال( فعل‬
‫صاحب الشريعة ل يخلو إما أن يكون على وجه‬
‫القربة والطاعة فإن دل دليل على الختصاص به‬
‫فيحمل على الختصاص وإن لم يدل دليل ل يخصص‬
‫في‬‫م ِ‬‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬ ‫به لن الله تعالى قال‪ :‬ل َ َ‬
‫قدْ َ‬
‫ة ‪] ‬الحزاب آية‪.[21 :‬‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫رسول الل ّ ُ‬
‫ح َ‬
‫وةٌ َ‬
‫س َ‬
‫هأ ْ‬‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬
‫فيحمل على الوجوب عند بعض أصحابنا‪ ،‬ومنهم‬
‫من قال يتوقف فيه‪ ،‬فإن كان على وجه غير وجه‬
‫القربة والطاعة فيحمل على الباحة وإقرار صاحب‬
‫الشريعة على القول هو قول صاحب الشريعة‪،‬‬
‫وإقراره على الفعل كفعله‪ ،‬وما فعل في وقته في‬
‫غير مجلسه وعلم به ولم ينكره فحكمه حكم ما فعل‬

‫‪#‬‬ ‫في مجلسه‪.‬‬


‫‪788‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وأما النسخ فمعناه الزالة يقال‪ :‬نسخت الشييمس‬
‫الظييل إذا أزالتييه‪ ،‬وقيييل‪ :‬معنيياه النقييل ميين قييولهم‬
‫نسييخت مييا فييي الكتيياب‪ .‬إذا نقلتييه بأشييكال كتييابته‪،‬‬
‫ده الخطيياب الييدال علييى رفييع الحكييم الثييابت‬ ‫وحيي ّ‬
‫بالخطاب المتقييدم علييى وجييه لييوله لكييان ثابت ًييا مييع‬
‫تراخيه عنه‪ ،‬ويجوز نسخ الرسم وبقاء الحكم‪ ،‬ونسييخ‬
‫الحكم وبقاء الرسييم‪ ،‬ونسييخ المرييين معًييا‪ ،‬وينقسييم‬
‫النسخ إلى بدل وإلى غييير بيدل‪ ،‬وإلييى ميا هيو أغلييظ‬
‫وإلى ما هو أخف‪ ،‬ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب ونسخ‬
‫السنة بالكتاب ويجوز نسخ المتواتر بييالمتواتر ونسييخ‬
‫الحيياد بالحيياد وبييالمتواتر‪ ،‬ول يجييوز نسييخ المتييواتر‬
‫بالحاد‪.‬‬

‫)فصل(‬

‫إذا تعارض نطقان فل يخلو إما أن يكونا عامين أو‬


‫صا‪ ،‬أو كل واحد‬‫ما والخر خا ً‬‫خاصين‪ ،‬أو أحدهما عا ً‬
‫صا من وجه‪ ،‬فإن كانا عامين‬ ‫ما من وجه وخا ً‬ ‫منهما عا ً‬
‫فإن أمكن الجمع بينهما جمع‪ ،‬فإن لم يمكن الجمع‬
‫بينهما يتوقف فيهما إن لم يعلم التاريخ‪ ،‬فإن علم‬
‫التاريخ نسخ المتقدم بالمتأخر‪ ،‬وكذلك إن كانا‬
‫صا فيخص‬ ‫ما والخر خا ً‬
‫خاصين وإن كان أحدهما عا ً‬
‫ما من وجه‬ ‫العام بالخاص وإن كان كل واحد منهما عا ً‬
‫صا من وجه‪ ،‬فيخص عموم كل واحد منهما‬ ‫وخا ً‬
‫بخصوص‬
‫‪789‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الخر‪.‬‬
‫وأما الجماع فهو اتفاق علماء أهل العصر على‬
‫الحادثة ونعني بالعلماء الفقهاء ونعني بالحادثة‪:‬‬
‫الحادثة الشرعية‪ ،‬وإجماع هذه المة حجة دون غيرها‬
‫لقوله ‪» :‬ل تجتمع أمتي على ضلله«)‪ (1‬والشرع‬
‫ورد بعصمة هذه المة‪ ،‬والجماع حجة على العصر‬
‫الثاني وفي أي عصر كان ول يشترط في حجته‬
‫انقراض العصر‪ ،‬فإن قلنا أن انقراض العصر شرط‬
‫يعتبر قول من ولد في حياتهم وتفقه وصار من أهل‬
‫الجتهاد‪ ،‬ولهم أن يرجعوا عن ذلك الحكم‪ ،‬والجماع‬
‫يصح بقولهم وبفعلهم وبقول البعض وبفعل البعض‪،‬‬
‫‪#‬‬‫وانتشار ذلك القول أو‬
‫الفعل وسكوت الباقين عليه‪ ،‬وقول الواحد من‬
‫الصحابة ليس حجة على غيره على القول الجديد‪،‬‬
‫وأما الخبار فالخبر ما يدخله الصدق والكذب والخبر‬
‫ينقسم إلى آحاد ومتواتر فالمتواتر ما يوجب العلم‬
‫وهو أن يرويه جماعة ل يقع التواطؤ على الكذب عن‬
‫مثلهم وهكذا إلى أن ينتهي إلى المخبر عنه فيكون‬
‫في الصل عن مشاهدة أو سماع ل عن اجتهاد‪،‬‬
‫والحاد هو الذي يوجب العمل ول يوجب العلم‬
‫لحتمال الخطأ فيه وينقسم قسمين إلى مرسل‬
‫ومسند فالمسند ما اتصل إسناده والمرسل ما لم‬
‫يتصل إسناده فإن كان من مراسيل غير الصحابة‬
‫فليس بحجة إل مراسيل سعيد بن المسيب فإّنها‬
‫فتشت فوجدت مسانيد الصحابي‪ ،‬والعنعنة تدخل‬

‫)( رواه الترمذي وغيره‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪790‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫على السناد وإذا قرأ الشيخ يجوز للراوي أن يقول‬
‫حدثني أو أخبرني وإن قرأ هو على الشيخ فيقول‬
‫أخبرني ول يقول حدثني‪ ،‬وإن أجازه الشيخ من غير‬
‫رواية فيقول أجازني أو أخبرني إجازة‪.‬‬
‫وأمييا القييياس فهييو رد الفييرع إلييى الصييل بعليية‬
‫تجمعهما في الحكم وهو ينقسم إلى ثلثة أقسام إلى‬
‫قياس علة‪ ،‬وقياس دللة‪ ،‬وقياس شبه‪ ،‬فقياس العلة‬
‫ما كانت العلة فيه موجبة للحكم‪ ،‬وقياس الدلليية هييو‬
‫الستدلل بأحد النظيرين علييى الخيير وهييو أن تكييون‬
‫العليية داليية علييى الحكييم ول تكييون موجبيية للحكييم‪،‬‬
‫وقياس الشبه هو الفرع المتردد بييين أصييلين فيلحييق‬
‫بأكثرهما شبًها وميين شييرط الفييرع أن يكييون مناسيًبا‬
‫للصل‪ ،‬ومن شرط الصل أن يكون ثابًتا بدليل متفق‬
‫عليه بين الخصمين‪ ،‬ومن شرط العلة أن تطييرد فييي‬
‫معلولتهييا فل تنتقييض لفظ ًييا ول معنييى‪ ،‬وميين شييرط‬
‫الحكييم أن يكييون مثييل العليية فييي النفييي والثبييات‪،‬‬
‫والعليية هييي الجالبيية للحكييم‪ ،‬والحكييم هييو المجلييوب‬
‫للعلة‪.‬‬
‫وأما الحظيير والباحيية فميين الّنياس مين يقيول إن‬
‫الشياء على الحظر إل مييا أبيياحته الشييريعة فييإن لييم‬
‫يوجد في الشريعة ما يييدل علييى الباحيية فيستمسييك‬
‫بالصل وهو الحظر‪ ،‬ومن الناس من يقول بضده وهو‬
‫‪#‬‬‫أن الصل في الشياء الباحة إل ما حظره الشرع)‪.(1‬‬
‫ومعنى استصحاب الحال أن يستصحب الصل عند‬
‫)( والصحيح أن الصل في العبادات المنع فل يشرع منها إلى ما شييرعه‬ ‫‪1‬‬

‫الله ورسوله والصل في المعاملت‪ :‬الباحة فل يحرم منها إل ما حرمييه‬


‫الله ورسوله‪.‬‬
‫‪791‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫عدم الدليل الشرعي‪.‬‬
‫وأمييا الدليية فيقييدم الجلييي منهييا علييى الخفييي‪،‬‬
‫والموجب للعلم على الموجب للظن‪ ،‬والنطييق علييى‬
‫القياس والقياس الجلي على الخفي‪ ،‬فييإن وجييد فييي‬
‫النطق ما يغير الول فواضييح وإل فيستصييحب الحييال‬
‫مييا بييالفقه أص يل ً‬
‫وميين شييرط المفييتي أن يكييون عال ً‬
‫عييا خلًفييا ومييذهًبا وأن يكييون كامييل الليية فييي‬ ‫وفر ً‬
‫الجتهاد عارًفا بما يحتاج إليييه فييي اسييتنباط الحكييام‬
‫من النحو واللغيية ومعرفيية الرجييال الراوييين وتفسييير‬
‫اليات الييواردة فييي الحكييام والخبييار الييواردة فيهييا‪،‬‬
‫وميين شييرط المسييتفتى أن يكييون ميين أهييل التقليييد‬
‫فيقلد المفتي في الفتيا الواحد وليس للعالم أن يقلد‬
‫والتقليد قبول قول القائل بل حجة فعلييى هييذا قبييول‬
‫دا ومنهم ميين قييال التقليييد‬ ‫قول النبي ‪ ‬يسمى تقلي ً‬
‫قبول قول القائل وأنت ل تييدري ميين أييين قيياله فييإن‬
‫قلنييا أن النييبي ‪ ‬كييان يقييول بالقييياس فيجييوز أن‬
‫يسمى قبول قوله تقليدا )‪.(1‬‬
‫وأما الجتهاد فهو بذل الوسييع فييي بلييوغ الغييرض‪،‬‬
‫فالمجتهد إن كان كامل اللة في الجتهاد فيإن اجتهيد‬
‫فييي الفييروع فأصيياب فلييه أجييران‪ ،‬وإن اجتهييد فيهييا‬
‫وأخطأ فلييه أجيير‪ ،‬ومنهييم ميين قييال كييل مجتهييد فييي‬
‫الفييروع مصيييب ول يجييوز أن يقييال كييل مجتهييد فييي‬
‫الصول الكلمية مصيب لن ذلك يؤدي إلييى تصييويب‬
‫أهييل الضييللة ميين النصييارى والمجييوس والكفييار‬
‫والملحييدين ودليييل ميين قييال ليييس كييل مجتهييد فييي‬
‫)( بل إن قول النبي ‪ ‬حجة قاطعة وسنته وحي وهييي المصييدر الثيياني‬ ‫‪1‬‬

‫للتشريع السلمي‪.‬‬
‫‪792‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الفييروع مصيييًبا قييوله ‪» :‬ميين اجتهييد فأصيياب فلييه‬
‫أجران وميين اجتهييد وأخطيأ فلييه أجيير واحيد«)‪ (1‬وجييه‬
‫الدليل أن النبي ‪ ‬خطأ المجتهد تارة وصييوبه أخييرى‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫)( رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪793‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫التحفة السنية في أحوال‬


‫الورثة الربعينية‬
‫شاط‬ ‫لجامعها‪ :‬الشيخ حسن بن محمد الم ّ‬
‫رحمه الله‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫الحمييد للييه الوهيياب المنييان المنعييم علينييا بنعميية‬
‫لسلم واليمان والصلة والسلم على سيدنا محمييد‬ ‫ا ِ‬
‫منبع العلم والرسالة وعلى آلييه المطهرييين وصييحابته‬
‫مييا بعييد‬
‫الوارثين لحكييام شييريعته إلييى يييوم الييدين‪ ،‬أ ّ‬
‫فهذه وريقات فييي علييم الميييراث جعلتهييا للقاصييرين‬
‫لخلص‬ ‫مثلي راجًيا ميين اللييه تعييالى أن يجعييل فيهييا ا ِ‬
‫والقبول لتكون لما فوقها سلم الوصول ورتبتها علييى‬
‫مقدمة ومقصد وخاتمة نسأل اللييه تعييالى أن يرزقنييا‬
‫بها حسن الخاتمة‪.‬‬
‫)المقدمة(‬
‫علم الفرائض‪ :‬هو فقه المواريث وعلييم الحسيياب‬
‫الموصل لمعرفة ما يخص كل ذي حق من التركة‪.‬‬
‫وموضوعه‪ :‬التركات فقط‪.‬‬
‫وواضعه‪ :‬هو الله تعالى‪.‬‬
‫وحكمه‪ :‬الوجوب العيني أو الكفائي‪.‬‬
‫ومسائله‪ :‬قضاياه التي تطلب نسبة محمولتها إلى‬
‫موضوعاتها كقولنا الورثة أقسام قسم يرث بييالفرض‬
‫والتعصيب كالب وقسم يرث بييالفرض كييالزوج والخ‬
‫للم وقسم يرث بالتعصيب كالبن‪.‬‬
‫‪794‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وفضله‪ :‬جزيل لما قيل إنه نصف العلييم وقييد حييث‬
‫النبي ‪ ‬على تعلمه وتعليمه)‪.(1‬‬
‫‪#‬‬

‫)( في الحديث الذي رواه ابن ماجه والحاكم ورمز السيوطي لصحته‪.‬‬ ‫‪1‬‬
‫‪795‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫ونسبته إلى غيره‪ :‬أنه من العلوم الشرعية‪.‬‬
‫وغايته‪ :‬إيصال الحقوق إلى ذويها‪.‬‬
‫وفائدته‪ :‬القتدار على تعيين السهام لذويها‪.‬‬
‫واستمداده‪ :‬من الكتاب والسنة والجماع‪.‬‬
‫لرث‪ :‬هو حث قابل للتجزء يثبت لمستحقه بعييد‬ ‫وا ِ‬
‫موت من هو له‪.‬‬
‫وأركانه‪ :‬ثلث موّرث بكسر الراء المشددة ووارث‬
‫وحق موروث‪.‬‬
‫وشروطه‪ :‬ثلثة تحقق موت الموّرث وتحقق حييياة‬
‫الوارث بعد موت الموّرث والعلييم بالجهيية المقتضييية‬
‫للرث‪.‬‬
‫وأسبابه‪ :‬ثلثة النسب والنكاح والولء‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫وموانعه‪ :‬الرق والقتل واختلف الدين ‪.‬‬

‫)والوارثون من الرجال خمسة عشر(‪:‬‬


‫البيين وابيين البيين‪ ،‬والب والجييد‪ ،‬والخ الشييقيق‬
‫والخ للب‪ ،‬والخ للم‪ ،‬وابن الخ الشييقيق وابيين الخ‬
‫للب‪ ،‬والعم الشقيق والعم للب وابن العيم الشيقيق‬
‫وابن العم للب والزوج والمعتق‪.‬‬

‫)والوارثات من النساء عشر(‪:‬‬


‫البنت وبنت البن والم والحدة من جهتهييا والجييدة‬
‫من جهة الب والخت الشقيقة والخت للب والخت‬
‫للم والزوجة والمعتقة‪.‬‬

‫)( فل يرث المسلم الكافر ول الكافر المسييلم لحييديث أسييامة بيين زيييد‬ ‫‪1‬‬

‫متفق عليه‪.‬‬
‫‪796‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫)تذنيب(‪:‬‬
‫إذا اجتمع كل الذكور فالوارثون منهم ثلثة الب‬
‫والبن والزوج وإذا اجتمع كل الناث فالوارثات منهن‬
‫خمس البنت وبنت البن والزوجة والم والخت‬
‫الشقيقة‪ .‬وإذا اختلط الذكور والناث فيرث منهم‬
‫خمسة الب والم والبن والبنت وأحد الزوجين‪.‬‬
‫)واعلم( أن الفروض المذكورة في القرآن ستة‬
‫‪#‬‬

‫وهي النصف والربع والثمن وهي نوع‪ ،‬والثلثان‬


‫والثلث والسدس وهي نوع آخر‪.‬‬
‫)قاعدة(‪:‬‬
‫متى جاءت الفروض مكررة في المسألة من نييوع‬
‫واحييد فأصييل المسييألة هييو مخييرج القييل كسييرا‬
‫كالسدس والثلث والثلييثين فأصييلها ميين سييتة مخييرج‬
‫السدس ومتى جاءت مكييررة ميين نييوعين فييإن كييان‬
‫فا فأصلها من ستة وإن كان أحيدهما ربًعيا‬ ‫أحدهما نص ً‬
‫فأصلها من اثنى عشر وإن كان أحدهما ثمن ًييا فأصييلها‬
‫من أربعة وعشرين‪.‬‬
‫)المقصد(‪:‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ويحتوي على أربعين حالة للورثة‪:‬‬
‫للبنت منها ثلث حالت‪:‬‬
‫الولى‪ :‬النصييف للواحييدة الثانييية‪ :‬الثلثييان للثنييتين‬
‫فييأكثر الثالثيية‪ :‬تعصيييبها بييالبن أي للييذكر مثييل حييظ‬
‫النثيين‪.‬‬
‫ولبنت البن ست حالت‪:‬‬
‫)( تنبيه هذه الحوال لمن يرث بالفرض وهم ثلثيية عشيير‪ :‬الييزوج والب‬ ‫‪1‬‬

‫والجد والخ للم وجميع الوارثييات فييي النسيياء إل المعتقيية وميين سييوى‬
‫هؤلء فإنما يرث بالتعصيب‪.‬‬
‫‪797‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫الولى‪ :‬النصف للواحدة عند عييدم البنييت الصييلبية‬
‫الثانية‪ :‬الثلثان للثنتين فأكثر كييذلك الثالثيية‪ :‬تعصيييبها‬
‫بييابن البيين الرابعيية‪ :‬السييدس مييع الواحييدة الصييلبية‬
‫تكمليية للثلييثين مييا لييم يكيين بحييذائها غلم فيعصييبها‬
‫الخامسة‪ :‬سييقوطها بييالبنتين الصييلبيتين مييا لييم يكيين‬
‫ضييا‬
‫بحذائها غلم فيعصييب ميين فييي درجتييه والعليييا أي ً‬
‫السادسة‪ :‬سقوطها بابن الصلب‪.‬‬
‫وللخت للبوين خمس خالت‬
‫الولى‪ :‬النصييف للواحييدة الثانييية‪ :‬الثلثييان للثنييتين‬
‫دا الثالثة‪ :‬تعصيبها بأخ لبوين للييذكر مثييل حييظ‬ ‫فصاع ً‬
‫النثيين الرابعة‪ :‬صيرورتها عصييبة مييع البنييت أو بنييت‬
‫البن فلها الباقي وهو النصف مييع البنييت والثلييث مييع‬
‫دا الخامسة‪ :‬سقوطها بالبن وابن البيين‬ ‫البنتين فصاع ً‬
‫‪#‬‬ ‫وإن نزل وبالب‪.‬‬
‫‪798‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وللخت للب فقط سبع حالت‪:‬‬
‫الولى‪ :‬النصف للواحدة عند عدم الخت الشييقيقة‬
‫الثانية‪ :‬الثلثان للثنين فصاعدا كذلك الثالثة‪ :‬تعصيييبها‬
‫بالخ للب الرابعة‪ :‬صيرورتها عصبة مع البنت أو بنت‬
‫البن أي فلها الباقي الخامسة‪ :‬سقوطها بالبن وابيين‬
‫البيين وإن نييزل وبييالب وبييالخ الشييقيق وبييالخت‬
‫الشييقيقة إذا صييارت عصييبة مييع البنييت السادسيية‪:‬‬
‫السدس إذا كانت مع الشقيقة تكملة الثلييثين مييا لييم‬
‫يكن معها أخ لب فيعصبها للييذكر مثييل حييظ النييثيين‬
‫وتسقط معه لو استغرقت الفروض التركة السييابعة‪:‬‬
‫سييقوطها بالشييقيقتين مييا لييم يكيين معهييا أخ لب‬
‫فيعصبها في الباقي للذكر مثل حظ النثيين‪.‬‬
‫وللخوة للم ثلث حالت‪:‬‬
‫الولى‪ :‬الثلث للثنين فأكثر والييذكور والنيياث فييي‬
‫القسمة سواء الثانية‪ :‬السدس للمنفرد منهم الثالثيية‪:‬‬
‫سقوطهم بالولد )‪ (1‬وولد البن وبالب وبالجد‪.‬‬
‫ضا‪:‬‬
‫وللم ثلث حالت أي ً‬
‫الولى‪ :‬السدس مع الولد أو ولد البيين وإن سييفل‬
‫والعييدد ميين الخييوة والخييوات ميين أي جهيية كييانوا‬
‫الثانية‪ :‬الثلييث ميين أصييل المسييألة عنييد عييدم هييؤلء‬
‫وعدم الب وأحد الزوجين الثالثة‪ :‬الثلييث ميين البيياقي‬
‫بعد فرض أحد الزوجين إذا كانت مع الب‪.‬‬
‫وللجدة حالتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬السدس سواء كانت لم أو لب واحييدة أو‬
‫أكييثر الثانييية‪ :‬سييقوطها بييالم مطلقييا وتزيييد البوييية‬

‫)( المراد بالولد ما يشمل البن والبنت‪.‬‬ ‫‪1‬‬


‫‪799‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫حجبها بالب لدلئها به‪.‬‬
‫وللزوجة حالتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬الربع إن خل الزوج عن الولد أو ولد البيين‬
‫سواء كان الولد منها أو من غيرها الثانية‪ :‬الثميين مييع‬
‫‪#‬‬ ‫من ُذكر‪.‬‬
‫‪800‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫وللزوج حالتان‪:‬‬
‫الولى‪ :‬النصف عند فقييد الولييد أو ولييد البيين وإن‬
‫سفل الثانية‪ :‬الربع عند وجود من ذكر‪.‬‬
‫وللب ثلث حالت‪:‬‬
‫الولى‪ :‬السدس فقط مع البيين أو ابيين البيين وإن‬
‫سفل الثانية‪ :‬السدس مع التعصيب إذا كان مع البنت‬
‫أو بنت البن وإن سفلت الثالثة‪ :‬التعصيب فقط عنييد‬
‫عدم من ذكر‪.‬‬
‫وللجد أربع حالت‪:‬‬
‫الولى‪ :‬السدس فقط مع البيين أو ابيين البيين وإن‬
‫سفل الثانية‪ :‬السدس مع التعصيب إذا كان مع البنت‬
‫أو بنت البن وإن سفلت الثالثة‪ :‬التعصيب فقط عنييد‬
‫‪#‬‬ ‫عدم من ذكر الرابعة‪ :‬حجبه بالب‪.‬‬
‫‪801‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫الخاتمة‪ :‬نسأل الله تعالى حسنها‬

‫الحجب نوعييان حجييب حرمييان‪ :‬وهييو المييراد عنييد‬


‫الطلق ومعنيياه المنييع ميين كييل الميييراث‪ ،‬وحجييب‬
‫نقصان‪ ،‬وهو المنع من بعضه‪ ،‬ول يدخل الحجب علييى‬
‫الوالدين والولدين والزوجييين ويييدخل علييى ميين عييدا‬
‫ذلك فيحجب الجييد بييالب‪ ،‬وابيين البيين بييالبن‪ ،‬وكييل‬
‫أسييفل بييأعلى‪ ،‬والخ الشييقيق بييالب وبييالبن وابنييه‪،‬‬
‫ويحجييب الخ للب بميين ذكيير فييي الشييقيق والخ‬
‫ة مييع‬‫الشييقيق وبييالخت الشييقيقة إذا صييارت عصييب ً‬
‫الغير‪ ،‬وتحجب الخوة للم بالب والجييد والبيين وابنييه‬
‫والبنت وبنت البن‪ ،‬ويحجب ابن الخ وإن كان شقيقا‬
‫بالخ وإن كان لب‪ ،‬ويحجب العيم وابنيه بيالخ وابنيه‪،‬‬
‫وتحجب البعدى لب بالقربى لم‪ ،‬ول تحجييب البعييدي‬
‫ميين جهيية الم بييالقربى ميين جهيية الب لقوتهييا بييل‬
‫يشييتركان فييي السييدس‪ ،‬وتحجييب بنييات البيين بييابن‬
‫وبنتين وبابن ابن أعلى وإن لم يكن أعلييى فييإن كييان‬
‫قا سواًء كان لبنات البيين شيييٌء‬ ‫مساويا عصبهن مطل ً‬
‫من الثلثين‪ ،‬أم ل وإن كان أسفل عصيهن إذا لم يكن‬
‫لبنات البن شيييء ميين الثلييثين وتحجييب الخييت لب‬
‫بالختين لبوين إل إذا كان معها أخ لب فيعصبها وهييو‬
‫المعروف بالخ المبييارك‪ .‬وليكيين هييذا آخيير مييا كتبتييه‬
‫وجمعته فييي هييذه الوريقييات جعلهييا المييولى مباركيية‬
‫ميمونة بالنفع على طلبهييا وصييلى اللييه علييى سيييدنا‬
‫‪802‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫محمد وآله وصحبه وسلم وشرف وكرم‪.‬‬
‫)تمت(‬
‫‪803‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬

‫أصول وقواعد‬
‫وضوابط جامعة نافعة‬

‫من محاسن الشريعة وكمالها وجمالها وجللهييا أن‬


‫أحكامها الصولية والفروعية‪ ،‬والعبادات والمعيياملت‪،‬‬
‫وأمورهييا كلهييا لهييا أصييول وقواعييد تضييبط أحكامهييا‬
‫وتجمع متفرقاتها وتنشر فروعها‪ ،‬وتردها إلى أصولها‪.‬‬
‫فهي مبنية على الحكمة والصلح‪ ،‬والهييدى والرحميية‪،‬‬
‫والخييير والعييدل‪ ،‬ونفييي أضييداد ذلييك‪ ،‬فميين أصييولها‬
‫الجوامع‪:‬‬
‫‪ -1‬أن الشارع ل يييأمر إل ّ بمييا مصييلحته خالصيية أو‬
‫راجحة ول ينهى إلى عما مفسدته ومضرته خالصة أو‬
‫راجحيية‪ ،‬ل يشييذ عيين هييذا الصييل الكييبير شيييء ميين‬
‫أحكامها‪.‬‬
‫‪ -2‬الوسائل لها أحكام المقاصد‪ ،‬ويتفرع على هييذا‬
‫الصل أن ما ل يتم الواجب إل به فهو واجييب‪ ،‬ومييا ل‬
‫يتييم المسيينون إل بييه فهييو مسيينون وطييرق الحييرام‬
‫والمكروه تابعة لها‪ ،‬ويتفرع عليها أن توابييع العبييادات‬
‫والعمال حكمها حكمها‪.‬‬
‫‪ -3‬المشقة تجلب التيسير وجميع رخص الشييريعة‬
‫وتخفيفاتها متفرعة عن هذا الصل‪.‬‬
‫‪ -4‬الوجييوب يتعلييق بالسييتطاعة‪ ،‬فل واجييب مييع‬
‫العجز‪ ،‬ول محرم مع الضرورة‪.‬‬
‫‪ -5‬الشريعة مبنية على الخلص للمعبود والمتابعة‬
‫‪804‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫للرسول‪ ،‬فهذان الصلن شرط لكل عمل ديني‪،‬‬
‫وينبني عليهما أن العمال بالنيات ولكل امرئ ما‬
‫ضا أن الصل في العبادات‬ ‫نوى‪ ،‬وينبني عليهما أي ً‬
‫الحظر والمنع‪ ،‬فل يشرع منها إل ما شرعه الله‬
‫ورسوله‪ ،‬والصل في العادات والمعاملت الباحة‪،‬‬
‫ضا‬‫فل يحرم منها إل ّ ما حرمه الله ورسوله‪ ،‬ويتفرع أي ً‬
‫على ذلك‬
‫أن الحيل التي تسقط الواجبات والحقوق أو تدخل‬
‫‪#‬‬ ‫في المحرمات ممنوعة‬
‫ل تحل ول تنفذ‪ ،‬كما أن الحيل التي توصل بها إلى‬
‫الحقوق ويدفع بها الظلم مباحة بل حسنة‪.‬‬
‫‪ -6‬التكليف وهييو البلييوغ والعقييل‪ ،‬شييرط لوجييوب‬
‫العبييادات كلهييا‪ ،‬والتمييييز شييرط لصييحتها‪ ،‬إل الحييج‬
‫والعمرة فيصح عمن لم يميز‪.‬‬
‫‪ -7‬الحكام الصولية والفروعية ل تتم إل بييأمرين‪،‬‬
‫وجييود شييروطها وأركانهييا‪ ،‬وانتفيياء موانعهييا‪ ،‬وهييي‬
‫مبطلتهييا ومفسييداتها‪ .‬ويتفييرع علييى هييذا الصييل أن‬
‫مفسدات العبادات وغيرها ترجع إلى أحد أمرين‪ :‬إمييا‬
‫فقد شرط وركن وواجب‪ ،‬وإل ارتكاب محظور يخص‬
‫تلك العبادة وتلك المعاملة‪.‬‬
‫حكم به‬ ‫حكم َ‬ ‫‪ -8‬العادة والعرف يرجع إليه في كل ُ‬
‫الشارع ولم يحده بحد‪ ،‬فإنه يرجع فيه إلى ما يتعارفه‬
‫الناس بينهم في جميع المعاملت والحقوق وغيرها‪.‬‬
‫‪ -9‬البينة على المدعي واليمين على من أنكر فييي‬
‫جميع الحقوق والموال والمعاملت وتوابعها‪.‬‬
‫‪ -10‬الصل بقاء ما كان على مييا كييان‪ ،‬واليقييين ل‬
‫‪805‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫يزول بالشك في كل شيٍء ميين عبييادة أو معامليية أو‬
‫حق من الحقوق‪.‬‬
‫‪ -11‬ل بد من التراضي فييي جميييع العقييود‪ ،‬سييواء‬
‫كانت معاوضات أو تبرعات‪.‬‬
‫‪ -12‬ل بد أن يكون العاقد جائز التصرف‪.‬‬
‫‪ -13‬تنعقد العقود كلها بما دل عليهييا ميين قييول أو‬
‫فعل‪ ،‬ويستثنى من ذلك بعض العقود التي ل بييد فيهييا‬
‫من القول‪.‬‬
‫‪ -14‬التلف يسيييتوي فييييه المتعميييد والجاهيييل‬
‫والناسي‪.‬‬
‫‪ -15‬التلف في يد المين غير مضمون إذا لم يتعييد‬
‫قا‪ ،‬أو يقال ما‬ ‫أو يفرط‪ ،‬وفي يد الظالم مضمون مطل ً‬
‫ترتييب علييى المييأذون فهييو غييير مضييمون والعكييس‬
‫بالعكس‪.‬‬
‫‪ -16‬ل ضرر ول ضرار‪.‬‬
‫‪ -17‬العييدل واجييب فييي الحقييوق كلهييا والفضييل‬
‫مستحب‪.‬‬
‫‪#‬‬ ‫‪ -18‬من تعجل شيًئا قبل أوانه عوقب بحرمانه‪.‬‬
‫‪ -19‬تضمن المثليات بمثلها والمتقومات بقيمتها‪.‬‬
‫‪ -20‬يرجع إلى القيمة إذا تعذر المسمى‪.‬‬
‫‪ -21‬جعل المجهول كالمعدوم‪.‬‬
‫‪ -22‬الغرر والميسر ممنييوع فييي المغالبييات وفييي‬
‫المعاوضات‪.‬‬
‫‪ -23‬الصلح جائز في كل المعاملت وفي الحقييوق‬
‫إل إذا تضمن محييذوًرا ميين إسييقاط واجييب أو دخييول‬
‫في محرم‪.‬‬
‫‪806‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -24‬من سبق إلى المباحات فهو أحق بها‪.‬‬
‫‪ -25‬القرعيية مشييروعة إذا تعييذر معرفيية عييين‬
‫المستحق‪.‬‬
‫‪ -26‬قبول قول المناء في الذي تحت أيديهم ميين‬
‫لتلفييات وغيرهييا إل مييا خييالف الحييس‬ ‫التصييرفات وا ِ‬
‫والعادة‪.‬‬
‫‪ -27‬من وجب عليه أميير ميين المييور أو حييق ميين‬
‫لكيراه‬‫الحقوق ألزم به وأجيبر علييه وكيان الجبيار وا ِ‬
‫بحق‪.‬‬
‫‪ -28‬من ترك المأمور جهل أو نسياًنا لم تبرأ ذمته‪،‬‬
‫وميين فعييل المحظييور وهييو معييذور بجهييل أو نسيييان‬
‫برئت ذمته وتمت عبادته‪.‬‬
‫‪ -29‬البدل يقوم مقام المبدل ويحل محلييه‪ ،‬ولكيين‬
‫ل يرجع إليه إل إذا تعذر الصل‪.‬‬
‫‪ -3‬يجييب تقييييد الكلم بملحقيياته ميين وصييف أو‬
‫شرط أو استثناء أو غيرها‪.‬‬
‫‪ -31‬الشركاء في الملك والحقوق والمنافع يلييزم‬
‫الممتنع منهم بمييا يعييود علييى المشييترك ميين المييور‬
‫الضرورية والمصارف والتعميرات ونحوها‪.‬‬
‫‪ -32‬الشيييركاء يشيييتركون فيييي زييييادات الملك‬
‫المشتركة وفي نقصانها بحسب أملكهم‪.‬‬
‫‪ -33‬الحكام تتبعض بحسب تباين أسبابها‪ ،‬فيعمييل‬
‫كل سبب في مقتضاه‪ ،‬ولو باين الخر‪.‬‬
‫‪ -34‬من أّدى عن غيييره واجب ًييا بنييية الرجييوع رجييع‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ -35‬الوصف كاف في الموال المجهول صاحبها‪.‬‬
‫‪807‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫لتلف بغييير‬ ‫‪ -36‬أسباب الضمان ثلثيية‪ :‬مباشييرة ا ِ‬
‫‪#‬‬ ‫حق أو التسبب لذلك‪ ،‬أو اليد الظالمة‪.‬‬
‫‪ -37‬إذا تزاحمييت المصييالح قييدم العلييى منهييا‪،‬‬
‫فيقييدم الييواجب علييى المسييتحب‪ ،‬والراجييح مصييلحة‬
‫على المرجوح‪ ،‬وإذا تزاحمت المفاسد ارتكب الخييف‬
‫منها إذا اضطر أو احتيييج للتنيياول‪ ،‬فيرتكييب المكييروه‬
‫تفادًيا عن الحرام‪ ،‬والمشتبه عيين الواضييح‪ ،‬ومييا كييان‬
‫ما على ما عظم تحريمه‪.‬‬ ‫أخف تحري ً‬
‫‪ -38‬الصل في الشياء الطهارة‪ ،‬فل ينجييس منهييا‬
‫إل ما تيقنا نجاسته‪.‬‬
‫لباحيية‪ ،‬فل يحييرم‬ ‫‪ -39‬الصل في الشياء الحييل وا ِ‬
‫منها إل الخبيثة التي نهى الشارع عنها‪.‬‬
‫‪ -40‬إذا خير النسان بييين أمييور‪ ،‬فييإن كييان واجب ًييا‬
‫عليه لمصلحته فهييو تخيييير تشيهٍ واختييياره‪ ،‬وإن كييان‬
‫لمصلحة غيره‪ ،‬فهو تخيير اجتهاد في مصلحة الغير‪.‬‬
‫‪ -41‬من سييقطت عنييه العقوبيية لمييوجب ضييوعف‬
‫عليه الضمان‪.‬‬
‫‪ -42‬من أتلف شيًئا لينتفع بييه ضييمنه‪ ،‬وميين أتلفييه‬
‫دفعا لمضرته فل ضمان عليه‪.‬‬
‫‪ -43‬عند اختلف المتعاملين في صفة من صييفات‬
‫المعاملة يرجح أقواها وأرجحها دليل‪.‬‬
‫‪ -44‬إذا اختلف المتعاملن في شييرط أو أجييل‪ ،‬أو‬
‫ادعى أحدهما فساده‪ ،‬فالقول قييول ميين ينفيييه حييتى‬
‫يقيم الخر بينة‪.‬‬
‫‪ -45‬إذا عاد التحريم إلى نفس العبادة أو شييرطها‬
‫فسدت‪ ،‬وإذا عاد إلى أمر خارج صحت مع التحريم‪.‬‬
‫‪808‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -46‬يجوز تقديم العبادات أو الكفارات على سبب‬
‫الوجييوب‪ ،‬ويجييوز تقييديمها بعييد وجييود السييبب وقبييل‬
‫شرط الوجوب وتحققه‪.‬‬
‫‪ -47‬يجب فعل المييأمور بييه كلييه‪ ،‬فييإن قييدر علييى‬
‫بعضه وعجز عن بعضه وجب عليه فعل ما قدر عليه‪،‬‬
‫وسقط عنه ما عجز عنه‪ ،‬إل أن يكون المقييدور عليييه‬
‫وسيلة ومحضيية‪ ،‬أو كييان بنفسييه ل يكييون عبييادة‪ ،‬فل‬
‫يجب فعل ذلك البعض‪.‬‬
‫‪ -48‬إذا اجتمع عبادتان ميين جنييس واحييد تييداخلت‬
‫أفعالهما واكتفى منهما بفعل واحد‪.‬‬
‫‪ -49‬الصل أن الثر للعليية الموجييودة ولييو احتمييل‬
‫‪#‬‬ ‫وجود غيرها‪.‬‬
‫‪809‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪ -50‬الصل براءة الذمم‪.‬‬
‫‪ -51‬الصل بقاء ما في الذمم حتى نجزم بزواله‪.‬‬
‫‪ -52‬إذا اشييتغلت الذميية بوجييوب عبييادة أو حييق‬
‫وجب الحتياط حتى يتيقن البراءة ميين ذلييك الييواجب‬
‫والحق‪.‬‬
‫‪ -53‬اسييتثناء المنييافع المعلوميية جييائز فييي بيياب‬
‫المعاوضات‪ ،‬ويجوز الستثناء للمنفعة المجهوليية فييي‬
‫باب التبرعات‪.‬‬
‫ظ نفسيه ليم يقبيل قيوله‬ ‫‪ -54‬من قبض العين لحي ّ‬
‫في الرد‪ ،‬فإن قبضه لحظ مالكه وإحسييانه إليييه ُقبييل‬
‫قوله في الرد‪.‬‬
‫‪ -55‬إذا أّدى ما عليه وجب له ما جعل له عليه‪.‬‬
‫‪ -56‬من ملك المنفعة فله المعاوضة عليهييا‪ ،‬وميين‬
‫ملك النتفيياع دون المنفعيية فليييس لييه المعاوضيية إل‬
‫بإذن‪.‬‬
‫‪ -57‬من ل يعتبر رضاه في عقيد أو فسيخ ل يعتيبر‬
‫علمه‪.‬‬
‫علم ِ صيياحبه تصييدق‬ ‫‪ -58‬من بيده ماله تعذر عليه ِ‬
‫به عن صاحبه بشييرط الضييمان إذا وجييده‪ ،‬أو سييلمه‬
‫للحاكم وبرأ من تبعته‪.‬‬
‫‪ -59‬من له الحق علييى الغييير وكييان سييبب الحييق‬
‫ظاهًرا فله الخذ من ماله بقدر حقه عنييد المتنيياع أو‬
‫التعذر‪ ،‬وإن كان السبب خفًيا فليس له ذلك‪.‬‬
‫‪ -60‬اليييواجب بالنيييذر يلحيييق بيييالواجب بالشيييرع‬
‫بشروطه‪.‬‬
‫‪ -61‬الفعييل الواحييد ينبنييي بعضييه علييى بعييض مييع‬
‫‪810‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫التصال المعتاد دون ما زاد على العادة‪.‬‬
‫‪ -62‬الصييل أن الشييركاء متسيياوون فييي أملكهييم‬
‫بقدر رؤوسهم حتى يأتي ما يدل على خلف ذلك‪.‬‬
‫‪ -63‬الحوائج الصلية ليست بمال‪.‬‬
‫‪ -64‬يثبت تبًعا ما ل يثبت استقل ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -65‬السيييباب واليييدواعي للعقيييود والتبرعيييات‬
‫معتبرة‪.‬‬
‫‪ -66‬القرائن إذا قويت قد يكون الحكم لها وتقييدم‬
‫على الصل‪.‬‬
‫‪#‬‬‫‪ -67‬العبرة في المعاملت بما في نفس المر‪.‬‬
‫‪ -68‬إذا تبين فساد العقد بطل ما بنييي عليييه‪ ،‬وإن‬
‫خا تمت العقود الطارئة قبل الفسخ‪.‬‬ ‫فسخ فس ً‬
‫‪ -69‬ل عذر لمن أقر ولو ادعى غل ً‬
‫طا أو كذًبا‪.‬‬
‫‪ -70‬يقوم الوارث مقام مورثه وينوب عنه في كل‬
‫ميا ليه وميا علييه إل ميا اسيتثنى وهيو خييار الشيرط‬
‫والشفعة على خلف قوي في ذلك‪.‬‬
‫‪ -71‬المسييلمون علييى شييروطهم إل ّ شيير ً‬
‫طا أحييل‬
‫ما‪ ،‬أو حرم حلل‪.‬‬ ‫حرا ً‬
‫‪ -72‬ما رآه المسلمون حسًنا فهو عند اللييه حسيين‬
‫حا فهو عند الله قبيح‪.‬‬
‫وما رأوه قبي ً‬
‫‪ -73‬إذا تضمن العقييد تييرك واجييب أو دخييول فييي‬
‫محرم حرم ولم يصح وهييذه مسيتخرجة ميين قاعييدة‪:‬‬
‫الوسائل لها أحكام المقاصد‪.‬‬
‫‪ -74‬يجيييب حميييل كلم النييياطقين فيييي العقيييود‬
‫والفسييوخ والقييرارات وغيرهييا علييى مرادهييم مهمييا‬
‫أمكن‪.‬‬
‫‪811‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫فهذه قواعد عظيميية نفعهييا لهييل العلييم كييبير لييو‬
‫بسييطت وفصييلت بعييض التفصيييل لجيياء منهييا مجلييد‬
‫ضخم‪ ،‬والله أعلم )‪.(1‬‬
‫انتهييى ميين كتيياب )الرييياض الناضييرة؟ والحييدائق‬
‫النييييرة الزاهيييرة فيييي العقيييائد والفنيييون المتنوعييية‬
‫الفاخرة( ص ‪ 239-130‬للشيخ عبد الرحمن بن ناصر‬
‫السعدي رحمه الله تعالى‪.‬‬
‫‪#‬‬

‫)( انظر شييرح هييذه القواعييد فييي كتيياب الشيييخ ابيين سييعدي )القواعييد‬ ‫‪1‬‬

‫والصول الجامعة والفروق والتقاسيم البديعة النافعة(‪.‬‬


‫‪812‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫فهرس كتاب الثمار اليانعة من الكلمات‬
‫الجامعة‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪3‬‬ ‫المقدمة‬
‫‪5‬‬ ‫تذكرة المسلم بتوحيد الله‬
‫‪10‬‬ ‫عقيدة أهل السنة والجماعة‬
‫‪13‬‬ ‫مزايا الدين السلمي‬
‫‪16‬‬ ‫نصيحة لطلبة العلم‬
‫‪17‬‬ ‫أهمية الدعوة إلى الله في حياة المسلم‬
‫‪20‬‬ ‫الخوة السلمية وآثارها‬
‫‪25‬‬ ‫نداء إلى الخوة المسلمين‬
‫‪29‬‬ ‫حق المسلم على أخيه المسلم‬
‫‪33‬‬ ‫نصيحة في تصحيح العقيدة‬
‫‪42‬‬ ‫التحذير من السحر والشعوذة‬
‫‪44‬‬ ‫هل يجوز التوسل بالنبياء والصالحين‬
‫‪46‬‬ ‫دعوة أهل الكتاب إلى السلم‬
‫‪48‬‬ ‫ما موقف السلم من النصارى؟‬
‫‪54‬‬ ‫حكم استخدام النصارى في بلد المسلمين‬
‫‪59‬‬ ‫العمال المقربة إلى الله سبحانه‬
‫‪64‬‬ ‫مسائل الجاهلية‬
‫‪74‬‬ ‫تحكيم القوانين‬
‫‪82‬‬ ‫حكم الماسونية والنتماء إليها‬
‫‪85‬‬ ‫مفاتيح الخير والشر‬
‫‪86‬‬ ‫دور المسلم في الحياة‬
‫‪91‬‬ ‫المر بالجتميياع والئتلف والنهييي عيين التفييرق‬
‫والختلف‬
‫‪96‬‬ ‫مقتضى العبودية لله‬
‫‪98‬‬ ‫حكم السفر إلى بلد الكفرة‬
‫‪101‬‬ ‫التحذير من السفر إلى بلد الكفرة‬
‫‪104‬‬ ‫من أخلق الرسول‪‬‬
‫‪813‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪106‬‬ ‫حال الصحابة مع رسول الله ‪‬‬
‫‪108‬‬ ‫مشروعية الصلة على النبي ‪‬‬
‫‪111‬‬ ‫إنكار الحتفال بالمولد النبوي‬
‫‪112‬‬ ‫من أمراض القلوب وعلجها‬
‫‪115‬‬ ‫جملة الحكام التي جاء بها القرآن والسنة‬
‫‪117‬‬ ‫صفة الوضوء والغسل والتيمم‬
‫‪119‬‬ ‫فائدة في حكم المسح على النعلين والجوربين‬
‫‪121‬‬ ‫من أحكام الحيض والستحاضة والنفاس‬
‫‪126‬‬ ‫أهمية الصلة في السلم‬
‫‪130‬‬ ‫صفة صلة النبي ‪‬‬
‫‪134‬‬ ‫وجوب أداء الصلة في الجماعة‬
‫‪137‬‬ ‫حكم مسابقة المام في الصلة‬
‫‪138‬‬ ‫وجوب الطمأنينة في صلة التراويح وغيرها‬
‫‪141‬‬ ‫من الذكار المشروعة بعد السلم من الصلة‬
‫‪142‬‬ ‫مسائل في السهو في الصلة‬
‫‪146‬‬ ‫أبيات في الحث على قيام الليل‬
‫‪147‬‬ ‫صلة ودعاء الستخارة‬
‫‪148‬‬ ‫من فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد في الصلة‬
‫وغيرها‬
‫‪150‬‬ ‫أسئلة وأجوبة في الصلة وغيرها‬
‫‪154‬‬ ‫أحكام طهارة المريض وصلته‬
‫‪159‬‬ ‫كيفييية تغسيييل الميييت وتكفينييه والصييلة عليييه‬
‫ودفنه‬
‫‪164‬‬ ‫أحكام الصلة على الميت‬
‫‪165‬‬ ‫حكم صنع أهل الميت الطعام للناس‬
‫‪167‬‬ ‫حكم الحداد على الملوك والزعماء‬
‫‪169‬‬ ‫نعيم القبر وعذابه‬
‫‪172‬‬ ‫العذاب الجسمي للعصاة في القبر‬
‫‪175‬‬ ‫هل تعود الحياة إلى الميت في القبر‬
‫‪180‬‬ ‫رحلة ومصير )قصيدة(‬
‫‪184‬‬ ‫نصيحة في الزكاة‬
‫‪187‬‬ ‫مهمات في الزكاة‬
‫‪814‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪194‬‬ ‫وجوب زكاة الحلي‬
‫‪198‬‬ ‫فاسألوا أهل الذكر‬
‫‪201‬‬ ‫البشارة بقدوم شهر رمضان‬
‫‪202‬‬ ‫فضل شهر رمضان المبارك‬
‫‪209‬‬ ‫صفة العمرة والحج وزيارة المدينة باختصار‬
‫‪212‬‬ ‫من آداب الحج والعمرة‬
‫‪217‬‬ ‫فتاوى إسلمية عن الحج‬
‫‪220‬‬ ‫من فتاوى الحج‬
‫‪223‬‬ ‫خطوات مختصرة للحاج والمعتمر‬
‫‪227‬‬ ‫التوبة وآثار الحج‬
‫‪229‬‬ ‫نصيحة في المر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫‪234‬‬ ‫من مفاسد السكوت عن المنكر‬
‫‪235‬‬ ‫تسمع بالمعيدي خير من أن تراه‬
‫‪236‬‬ ‫حكييم قييروض الفلحييين والخيييال والملبييس‬
‫الضيقة‬
‫‪238‬‬ ‫نصيحة في التحذير من المعاصي‬
‫‪242‬‬ ‫نصيحة في التحذير من المعاصي أيضا‬
‫‪247‬‬ ‫النهي عن أكل الحرام‬
‫‪251‬‬ ‫التحذير من المعاملت الربوية‬
‫‪253‬‬ ‫حكم الضمان البنكي والتأمين التجاري‬
‫‪255‬‬ ‫فتوى في حكم البداع في البنوك الربوية‬
‫‪256‬‬ ‫فتوى في حكم العمل في البنوك الربوية‬
‫‪257‬‬ ‫فتوى في حكم أخذ الفوائد الربوية‬
‫‪258‬‬ ‫من أحكام المداينة‬
‫‪260‬‬ ‫من أحكام المداينة وغيرها‬
‫‪262‬‬ ‫من أحكام بيع وشراء الذهب‬
‫‪264‬‬ ‫حكم الفوائد المصرفية‬
‫‪267‬‬ ‫حكم العملة الورقية‬
‫‪269‬‬ ‫حكم بيع وشراء السهم‬
‫‪270‬‬ ‫تنبيهات على بعض المحرمات‬
‫‪272‬‬ ‫تحذير المغرور من شهادة الزور‬
‫‪275‬‬ ‫تحذير المة عن تعاطي الرشوة‬
‫‪815‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪278‬‬ ‫الذكرى )نصيحة هامة(‬
‫‪282‬‬ ‫تحريم تبرج النساء واختلطهن بالرجال‬
‫‪285‬‬ ‫النهي والتحذير عن المحرمات‬
‫‪290‬‬ ‫شكر النعم ومحاسبة النفس‬ ‫ُ‬
‫‪293‬‬ ‫الزواج وفوائده‬
‫‪298‬‬ ‫غلء المهور وأضراره‬
‫‪301‬‬ ‫العلقات بين الزوجين في نظر السلم‬
‫‪305‬‬ ‫تعدد الزوجات في السلم‬
‫‪307‬‬ ‫حجاب المرأة المسلمة‬
‫‪311‬‬ ‫بيان ما يلزم المحدة على زوجها من الحكام‬
‫‪312‬‬ ‫خطورة الختلط‬
‫‪315‬‬ ‫صفات نساء الجنة وصفات نساء النار‬
‫‪316‬‬ ‫قوا أنفسكم وأهليكم ناًرا‬
‫‪319‬‬ ‫ما لها‬
‫حكم مصافحة الجنبية التي لست محر ً‬
‫‪322‬‬ ‫خطر مشاركة المرأة للرجل في ميدان عمله‬
‫‪331‬‬ ‫حكم الختلط في التعليم‬
‫‪337‬‬ ‫خطورة تعليييم النسيياء للطفييال فييي المرحليية‬
‫البتدائية‬
‫‪339‬‬ ‫من آداب اللباس‬
‫‪344‬‬ ‫اللبسة المحرمة‬
‫‪350‬‬ ‫حكم التصوير‬
‫‪350‬‬ ‫خطورة التصوير‬
‫‪353‬‬ ‫فتوى في حكم تحنيط الطيور وبيعها وشرائها‬
‫‪354‬‬ ‫أهمية الوقت في السلم‬
‫‪358‬‬ ‫حفظ الوقات والستفادة منها‬
‫‪362‬‬ ‫أفضل ما يشغل به الوقت‬
‫‪365‬‬ ‫أهمية القراءة وفوائدها‬
‫‪367‬‬ ‫وصف الكتاب‬
‫‪370‬‬ ‫نعم الرفيق كتاب‬
‫‪373‬‬ ‫من أسباب تحصيل العلم‬
‫‪376‬‬ ‫المكتبة المختارة للشباب المسلم‬
‫‪382‬‬ ‫ظاهرة قضاء الجازة خارج البلد‬
‫‪816‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪387‬‬ ‫حق القرآن العظيم‬
‫‪390‬‬ ‫نصيحة عن تعاطي المخدرات‬
‫‪393‬‬ ‫حكم التدخين‬
‫‪395‬‬ ‫خطورة التدخين‬
‫‪397‬‬ ‫فتوى في حكم التجارة في الدخان‬
‫‪398‬‬ ‫حاربوا هذه المجلت‬
‫‪400‬‬ ‫اللتزام بالمنهج اللهي‬
‫‪405‬‬ ‫آداب إسلمية‬
‫‪408‬‬ ‫العمال الموجبة لغضب الله‬
‫‪414‬‬ ‫العقاب على العمال السيئة‬
‫‪420‬‬ ‫قسوة القلب‬
‫‪420‬‬ ‫فائدة جليلة‬
‫‪422‬‬ ‫حكم اللحية في السلم‬
‫‪426‬‬ ‫فتاوى إسلمية رقم )‪ (1‬عن اللحية‬
‫‪427‬‬ ‫فتوى رقم )‪ (2‬عن اللحية‬
‫‪429‬‬ ‫نصيحة نظم عن اللحية‬
‫‪431‬‬ ‫الوصية بتقوى الله )قصيدة(‬
‫‪433‬‬ ‫من فضائل ذكر الله‬
‫‪435‬‬ ‫مشروعية رفع اليدين في الدعاء‬
‫‪438‬‬ ‫نصيحة للشباب‬
‫‪441‬‬ ‫حكم الغناء واستماعه‬
‫‪446‬‬ ‫الفيديو في الميزان‬
‫‪450‬‬ ‫حكم ضرب الطبل وقييول صييدق اللييه العظيييم‬
‫والتعليق على القراءة‬
‫‪452‬‬ ‫حكم الناشيد السلمية‬
‫‪455‬‬ ‫نصيحة عن جريمة اللواط‬
‫‪461‬‬ ‫أوائل‬
‫‪463‬‬ ‫موقف السلم من القلق‬
‫‪473‬‬ ‫نصيحة عامة للشيخ محمد بن إبراهيم‬
‫‪480‬‬ ‫ما يستعمل من الدب‬
‫‪499‬‬ ‫الجييامع لداب وأخلق القييارئ والسييامع غاييية‬
‫النفع في شرح حديث تمثيل‬
‫‪817‬‬ ‫الثمار اليانعة من‬
‫‪508‬‬ ‫غاييية النفييع فييي شييرح حييديث تمثيييل المييؤمن‬
‫بخامة الزرع لبن رجب‬
‫‪517‬‬ ‫نخبة الفكر في مصطلح أهل الثر‬
‫‪523‬‬ ‫متن الورقات في أصول الفقه‬
‫‪529‬‬ ‫التحفة السنية في أحوال الورثة الربعينية‬
‫‪535‬‬ ‫أصول وقواعد وضوابط جامعة نافعة‬

You might also like