You are on page 1of 105

‫ل خثلت خ ل‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪ .

1‬التػر علغ ررعلالػ الررثلالفررال ملرر لالػفر مل‬


‫الػ الثلالفال ملر لالػف ملل‬ ‫‪.2‬‬ ‫والخصر ص لالػ لرللل ػفر ملامير ليللرر ل‬
‫ٔ‬
‫الخص ص لالػ للل‬ ‫‪.3‬‬ ‫الف احثلالولع‪.‬ل‬
‫ٔ‬ ‫‪ .2‬تنفير ر ر ر ررللالفد ر ر ر ر ر ا لوال ر ر ر ر ر ا لال ر ر ر ر ررلل‬
‫اه لالفػ ل لالف ة مل‬ ‫‪.4‬‬ ‫والجف غي ر ررللل عر ر ر الوة ر ر ر لالفن ر ررلل‬
‫والتح ثلوغ ضلالفػ ل ‪.‬ل‬
‫‪ .3‬اي ررتخ التج ر ر الوا ج ي ر ر للف ر ر ل ر ررت ل‬
‫ش ر ر ح للر ررف لالفح ل ر ر ملل ر ر للػ ل ر ر ل‬
‫و ي ر ل لت لرريحيللل يررت مللند ر لر ر ل‬
‫ال ا علالػف ‪.‬ل‬
‫ل‬
‫لشغ تلالخ رللالػب يريللحي ًرااليبير ً اللر لالرال ل‬
‫لولتػ ر لال ولررللالػب يرريلليف ر ل ر ةلا ر لظب ظب ر ل‬ ‫ظر ر ةلغر ر مل ر ر و ‪,‬لو ر ر لت ي ررػتله ررسعلال ول ررللت ي ر ًرػ ل‬
‫يرثي ر ملالفح ي ر ‪,‬لةفررللالف ر ٔ‬
‫ل‪,‬لاي ر ا لالػ ر للريد ر ل‬
‫ٓ‬ ‫يبي ر ا‪,‬لولررفتلر ر ٔلا ة صد ر ٔلاغ ا ر ٔلواةن ي ر لشررتعلل ر ل‬
‫صفل‪,‬لو ض صعلال االريد ل ر ل‪,‬لوشػ ص لالر لريدر ل‬ ‫الب ر ‪,‬لول ر ل ر ل ي ر للال ولررللالػب يرريلللج ر لت ر ي ل‬
‫لػظف ر ررل‪,‬لوالخير ر ر ا لريدر ر ر ل اصر ر ر م‪,‬لوالر ر ر ي لغر ر ر ل م‪,‬ل‬ ‫ٓ‬
‫رعلاخر ر ٔ‬
‫‪,‬لاولا ت ر ةلالح ر ر للر ر ل‬ ‫ال ر علللر ر لخ ي ررللأل ر‬
‫والح لر ر لل غي ررل‪,‬لوالثغر ر للحص ررنل‪,‬لول ال ررتلغ ررعل‬ ‫ٔ‬
‫ٔ‬ ‫الل ي لألعلالػب ييي لر لح ر لالجف غرللامير ليل‪,‬ل‬
‫رعلاواخر ر ٔلا لدر ر ‪,‬لر ت ر ر لال ر ر ‪,‬لوال ررع ال‬ ‫خل رربلحت ر ٔ‬
‫ٔ‬ ‫ثل ُ َػ ُّ لهسالالح ثلتع ً اللح ً لوخعي ً الر لخطليي ل‬
‫الل ‪.‬ل‬ ‫ٔ‬
‫اللللامي ليلل‬
‫لاي ررتف لالخ ر ررللالػب ي رريللرر ر لالف ر ر للر ر ل‬
‫ينلل‪132‬لألعل‪656‬لل دج ٔملايللف مل‪524‬ليرنل‪,‬لو ر ل‬
‫ل ػب ي رريي ل ػ ر لخل رربلالخ ر ررلل فصر ر لأل ررعلي ررنلل‪923‬ل‬
‫ل دج م‪.‬ل‬
‫ل‬
‫ل ليف لالػب يي لغ علاي لغ لال ير ةللحفر ‪,‬ل‬
‫الػب ر ‪,‬لوه ر لل ر ل بي ررلل ر لر ر لل ررلل‪.‬لور ر لغ ر لل‬
‫‪762‬ل للالػب يي ل ن ثلغ صرفتد للر ل ل رللألرعل‬
‫الػر ا لو نر الالػ صررفلل غر ا ل‪.‬لشررد لالػصر لالػب ير ل‬
‫لر ل ػر عل لػصر لالررسهب لرر للخت ررىلالفجر ل لغ ررعل‬
‫‪,‬لوللشبلا ٔلا هر لهر ل رثلالف يرال‬ ‫ٔ‬ ‫الف ت ىلالػ لف‬
‫الحض ر يلأل ررعلال ر ل‪:‬لول ر لالفج ر ل لالفخت ررلل–‬
‫ٔ‬
‫التجر م‪,‬لالصررن غل‪,‬لال نر ‪,‬لال ا‪,‬لالػ ر للو ي هر ‪.‬ل‬
‫لر ر لالن حير ررللال ير ررفيللاير ررتف لالػب ير رري ل ل ر ر علل‬
‫حتر ررعلغ ر ر لل‪,1258‬لوه ر ر لال ر ررنللالت ر ر لاحتر ررثلريد ر ر ل‬
‫الفغ ةلل نرلل غر ا لغ صرفللالخ ررللو ت ر الالخ ي رلل‬
‫الػب ي ر ل‪.‬لول ر لر ر لال ا ررعلر ر ٔلاة راا لواي ررػللل ر ل‬
‫املب اظ للي عتل برثلخلربل رثير ‪,‬لحيرمل لرتل‬
‫يللواغ نتلايت لد لغ لالح لالف يايلرر ل‬ ‫ٔاي للح ٔ‬
‫غ ا ل‪.‬ل(للث ةلال لللال ل يللر لأ ا ل)ل‪.‬ل‬
‫رت ملالح ل لدج يلل رت ملالح ل لفي يلل‬ ‫اي لالخ ي ر ر ررللل‬ ‫الي لالفػ وعلل خ ي ر ر ررللل‬ ‫لل‬
‫ٔ‬
‫‪749‬ل‪754-‬لل‬ ‫‪132‬ل‪136-‬لل‬ ‫لالػب لغب لهللالال حلل‬ ‫ا‬ ‫ال حلل‬ ‫‪1‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪754‬ل‪775-‬لل‬ ‫‪136‬ل‪158-‬لل‬ ‫لةػ لغب لهللالالفنص لل‬ ‫ا‬ ‫الفنص لل‬ ‫‪2‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪775‬ل‪785-‬لل‬ ‫‪158‬ل‪169-‬لل‬ ‫لغب لهللاللحف لالفد يللل‬ ‫ا‬ ‫الفد يللل‬ ‫‪3‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪785‬ل‪786-‬لل‬ ‫‪169‬ل‪170-‬لل‬ ‫للحف لل يعلالد يلل‬ ‫ا‬ ‫الد يلل‬ ‫‪4‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪786‬ل‪809-‬لل‬ ‫‪170‬ل‪193-‬لل‬ ‫لةػ له و لال شي لل‬ ‫ا‬ ‫ه و لال شي لل‬ ‫‪5‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪809‬ل‪813-‬لل‬ ‫‪193‬ل‪198-‬لل‬ ‫لل يعللحف لاللي لل‬ ‫ا‬ ‫اللي لل‬ ‫‪6‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪813‬ل‪833-‬لل‬ ‫‪198‬ل‪218-‬لل‬ ‫لةػ لغب لهللالالف ل لل‬ ‫ا‬ ‫الف ل لل‬ ‫‪7‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪833‬ل‪842-‬لل‬ ‫‪218‬ل‪227-‬لل‬ ‫للأيح للحف لالفػتص ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الفػتص لل‬ ‫‪8‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪842‬ل‪847-‬لل‬ ‫‪227‬ل‪232-‬لل‬ ‫لةػ له و للال اللل هلللل‬ ‫ا‬ ‫ال الللل‬ ‫‪9‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪847‬ل‪861-‬لل‬ ‫‪232‬ل‪247-‬لل‬ ‫لال ضثلةػ لالفت يثل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الفت يثلل‬ ‫‪10‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪861‬ل‪862-‬لل‬ ‫‪247‬ل‪248-‬لل‬ ‫لةػ للحف لالفنتص ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الفنتص لل‬ ‫‪11‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪862‬ل‪866-‬لل‬ ‫‪248‬ل‪252-‬لل‬ ‫لالػب لاحف لالف تػي ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف تػي لل‬ ‫‪12‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪866‬ل‪869-‬لل‬ ‫‪252‬ل‪255-‬لل‬ ‫لغب لهللاللحف لالفػتال هلللل‬ ‫ا‬ ‫الفػتالل‬ ‫‪13‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪869‬ل‪870-‬لل‬ ‫‪255‬ل‪256-‬لل‬ ‫لأيح للحف لالفدت يل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الفدت يلل‬ ‫‪14‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪870‬ل‪892-‬لل‬ ‫‪256‬ل‪279-‬لل‬ ‫لالػب لاحف لالفػتف لغ علهللالل‬ ‫ا‬ ‫الفػتف لل‬ ‫‪15‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪892‬ل‪903-‬لل‬ ‫‪279‬ل‪289-‬لل‬ ‫لالػب لاحف لالفػتض ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الفػتض لل‬ ‫‪16‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪903‬ل‪908-‬لل‬ ‫‪289‬ل‪295-‬لل‬ ‫للحف لغ لالف رت ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف رت لل‬ ‫‪17‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪908‬ل‪932-‬لل‬ ‫‪295‬ل‪320-‬لل‬ ‫لال ضثلةػ لالف ت ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف ت لل‬ ‫‪18‬لل‬
‫رت ملالح ل لدج يلل رت ملالح ل لفي يلل‬ ‫اي لالخ ي ر ر ررللل‬ ‫الي لالفػ وعلل خ ي ر ر ررللل‬ ‫لل‬
‫ٔ‬
‫‪932‬ل‪934-‬لل‬ ‫‪320‬ل‪322-‬لل‬ ‫لالفنص للحف لال ه هلللل‬ ‫ا‬ ‫ال ه لل‬ ‫‪19‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪934‬ل‪940-‬لل‬ ‫‪322‬ل‪329-‬لل‬ ‫لالػب لاحف لال ال ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫ال ال لل‬ ‫‪20‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪940‬ل‪944-‬لل‬ ‫‪329‬ل‪333-‬لل‬ ‫لأيح لأ اهي لالفت لهلللل‬ ‫ا‬ ‫الفت لل‬ ‫‪21‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪944‬ل‪946-‬لل‬ ‫‪333‬ل‪334-‬لل‬ ‫لال ي لغب لهللالالف ت ر ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف ت ر لل‬ ‫‪22‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪946‬ل‪974-‬لل‬ ‫‪334‬ل‪363-‬لل‬ ‫لال ي لال ضثلالفعيعلهلللل‬ ‫ا‬ ‫الفعيعلل‬ ‫‪23‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪974‬ل‪991-‬لل‬ ‫‪363‬ل‪381-‬لل‬ ‫لال ضثلغب لال لالع صعلهلللل‬ ‫ا‬ ‫الع صعلل‬ ‫‪24‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪991‬ل‪1031-‬لل‬ ‫‪381‬ل‪422-‬لل‬ ‫لالػب لاحف لال ل ل لهللالل‬ ‫ا‬ ‫ال لل‬ ‫‪25‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪1031‬ل‪1075-‬لل‬ ‫‪422‬ل‪467-‬لل‬ ‫لةػ لغب لهللالال ص ل ل لهللالل‬ ‫ا‬ ‫ال ص لل‬ ‫‪26‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪1075‬ل‪1094-‬لل‬ ‫‪467‬ل‪487-‬لل‬ ‫للال ي لغب لهللالاالف ت يل ل لهللالل‬ ‫ا‬ ‫االف ت يلل‬ ‫‪27‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪1094‬ل‪1118-‬لل‬ ‫‪487‬ل‪512-‬لل‬ ‫لالػب لاحف لالف تظد ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف تظد لل‬ ‫‪28‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪1118‬ل‪1135-‬لل‬ ‫‪512‬ل‪529-‬ل‬ ‫للنص لال ضثلالف ت ش ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف ت ش لل‬ ‫‪29‬ل‬
‫ٔ‬
‫‪1135‬ل‪1136-‬لل‬ ‫‪529‬ل‪530-‬لل‬ ‫لةػ لالفنص لال اش ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫ال اش لل‬ ‫‪30‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪1136‬ل‪1160-‬لل‬ ‫‪530‬ل‪555-‬ل‬ ‫لغب لهللاللحف لالف ت للل لهللالل‬ ‫ا‬ ‫الف ت لل‬ ‫‪31‬ل‬
‫ٔ‬
‫‪1160‬ل‪1170-‬لل‬ ‫‪555‬ل‪566-‬لل‬ ‫لالفظ ل يىلالف تنج ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف تنج لل‬ ‫‪32‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪1170‬ل‪1180-‬لل‬ ‫‪566‬ل‪575-‬لل‬ ‫للحف لالح لالف تضئل ل لهللالل‬ ‫ا‬ ‫الف تضئلل‬ ‫‪33‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪1180‬ل‪1225-‬لل‬ ‫‪575‬ل‪622-‬لل‬ ‫لالػب لاحف لالن ص لل لهللالل‬ ‫ا‬ ‫الن ص لل‬ ‫‪34‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪1225‬ل‪1226-‬لل‬ ‫‪622‬ل‪623-‬لل‬ ‫ل ص للحف لالظ ه ل ل لهللالل‬ ‫ا‬ ‫الظ ه لل‬ ‫‪35‬لل‬
‫ٔ‬
‫‪1226‬ل‪1242-‬لل‬ ‫‪623‬ل‪640-‬لل‬ ‫لةػ لالفنص لالف تنص ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف تنص لل‬ ‫‪36‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫‪1242‬ل‪1258-‬لل‬ ‫‪640‬ل‪656-‬لل‬ ‫لاحف لغب لهللالالف تػص ل هلللل‬ ‫ا‬ ‫الف تػص لل‬ ‫‪37‬ل‬
‫ٔ‬
‫الػص لالػب ي لالوةل‪132‬ل‪-‬ل‪232‬لهرلل‬
‫ٔ‬
‫التػ ررىل ر لالػبر لال ر حل‪ 132‬ررل‪136‬ه ر‪:‬لهر لغبر لهللال ر للحفر ل ر لغ ر ل ر لغبر لهللال ر لالػبر ‪,‬لولر ل لحفيفررلللر لال ر املرر ل‬
‫ٔ‬
‫ال لغ لل‪105‬هر‪.‬لت ر لوال عللحف ل لغ لغ لل‪125‬هرل لحفيفل‪,‬لوه لالسيل ٔال لر غ ملالػب يريل‪,‬لوير لال ر حل ر ل ر هالالػ ر ل‬
‫ل لالػف ‪,‬لوغ علال رثي لل لال غ ٔ‬
‫ملواي ا ه ل‪.‬ل‬
‫ل‬

‫الػص لالػب ي لالث ل‪232‬لرل‪334‬هرلل‬


‫لتخت ىلر ملالػ للر لخلبلالػص ‪,‬لول ل ب لغف له لغ ي لالي للأخلير لالفج هر و ٔلاولالف ر ت ل ُ ر ْ َغ ْ لحري لالجدر ٔلاولو رتل‬
‫الح ةللأليد ‪,‬لوه للف ل تعيعلال ت ة‪,‬للند لل ل ن رعلر ليربيثلهللالأخالير لالغراولرر ل ر لال ر ر ‪,‬لولرند للر ل ر لرر لالغنر ص ل‬
‫وخلرربلغن ر ل للررػىلام ف ر ‪,‬لولررند لل ر ل جب ر لغ ررعلالخ ر وةلأخالر ر ضلغ ررعللنع ررلللػينررللغ ر لل ر لالف ر ت ي لوخلرربل ػ ر ٔلا لت ررتل‬
‫رعلالر لالجدر ‪,‬لو ر لالحر والت ر لغ رعلالػصر ملوالخر ةي لغ رعلالح ر ٔلاولالفتفر ‪,‬لوظر لب لالاغ لرل‪,‬لولنت ر يل‬ ‫ال ت حر ‪,‬لوا تد ٔ‬
‫الح لوالخ ا ةلو ي ه ل‪.‬ل‬
‫ل‬

‫الػص لالػب ي لالث لمل‪334‬لرل‪447‬لهرلل‬


‫ٔ‬ ‫ٓ‬
‫ت ر الامل ر رلل‪2006-05-01:‬ل ر يل ر خل ػررآلةن ر لاةل ر لل ر لال ر ‪,‬لوه ر لل ر لال رريػللول ر ل خت ررىلالل ر ليرثي ر ً الغ ر لال لررعل‬
‫يلوا لل لر لال لعلالػ يل ي لوالح‪,‬ل ثل ف لال ةلأ لال لرعل ر ل ا لير ً ا‪,‬لأخلغفرتلال لرعل‬ ‫ٔ‬ ‫ال ل‪,‬لر لال لػي لغ‬
‫ٔ‬
‫ثلايب ‪,‬لوي لال لوالفن ا لغ عل ع لاويعل‪.‬ل‬ ‫ٔ‬
‫لل‬
‫الػص لالػب ي لال ا عل‪447‬لرل‪590‬هل‬
‫ت ر الامل ر رلل‪2006-05-01:‬لي ر لخ ر لهررسعلالف ح ررللغ ررعل ةررللل ر لالػ ر ةلوالت ر ىلوامح ر لوالػعررىلغ ررعلالن ر ‪,‬لو ر ل‬
‫ٔ‬ ‫رللحبر ليبير ً الحتررعللرريػ لالحررا لالررب لغنر ل ل تر ٔ‬
‫ٔاحبررتد لال غير ً‬
‫رعلاحر لالخ ر ‪,‬لرػنر ل ل ُ ِتر َرثلالف ت ِشر ل(‪512‬ل رل‪529‬ه ر)لظدر لالتر ل ل‬
‫والح لغ علال غيل‪,‬لويسالالح ةلغن ل ل ُ ِتثلا ن لال اش ل(‪529‬لرل‪530‬هر)لول ل تثلل لهال لةفيػد لي ىلالف ت ش لوا ن لال اش ‪.‬ل‬ ‫ً‬
‫ل‬

‫الػص لالػب ي لالخ لسل‪590‬لرل‪656‬هرلل‬


‫رعلا لالرربػآل ر لتخير ٔ‬
‫رثلا لهررسعلح ررللةفي ررل‪,‬ل‬ ‫ت ر الامل ر رلل‪2006-05-01:‬لايررت تلالػ ر ا ل ن ررد ل و لال تب ر ‪،‬ل غي ه ر ‪,‬لولر ٔ‬
‫ل‪,‬لا ٔولا لهررسعلايررت ليلللع ر ٔ‬ ‫اسلاولال ر ة ٔ‬ ‫ٔ‬
‫رللالتر ٔ‬
‫رللأللا لهررسالير ل ا ررللهر سلالخ رررل‪,‬لوهر سلالػر ا لغ ررعل‬ ‫وتخ ر للر ل ر‬
‫ٔا يلالتت ل‪.‬ل‬
‫ل‬

‫ال لعل ػ لال ولللالػب ييللل‬


‫ت ر الامل ر رلل‪2006-05-01:‬ل ػ ر لي ر ‪،‬ل ل ررللر ر ٔلا ر يلالتت ر لر ر ٔلاواخ ر لص ر ليررنلل‪658‬له ررل‪,‬لوخلرربل ػ ر ليررنتي لتف ل ر لل ر ل‬
‫ير ‪،‬ل غر ا ل‪,‬ل ر ل"يرتبغر ل"ل ٔا ل حتررثلر ررعي ل‪,‬لو حت لدر ل ر لالتتر ل ر ٔلاير ع الالػر ا ل ل ر ل‪ٔ ,‬واةراا ليبير مللر لت يير ل‪,‬ل‬
‫ٔواي ع ٔالا ض لي ل ل د لويسلبللبن لور عي ل‪,‬لو لحر ثليرثلخلربلرر لغر لي لر رطلووصرثلالتتر لرر لر رعي لألرعل رامل‪,‬ل‬
‫رعلا لالخعر ملالت ليرللالفب شر ملل تتر ل‬ ‫ٔواصبح الغ علل رللت ثلغ لخف للول لري ليي ر للتر الر رطللر ليرين ل‪,‬لو ر للػ لر لل جفي ٔ‬
‫ه لاحت ةللص ل‪.‬ل‪...‬لل‬
‫ٔ‬
‫وةلا ر لالػص ر لل صفررللل ندضررللالث ريررل‪,‬لر ر ل ر ٔالاليررت ا لري ر ل‬
‫لال ٔ‬ ‫لل ر لالعبيػ ر ٔلا ل ر لالػص ر لالػب ي ر‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫ٔوا تظ للياا لاللللال تص ي‪,‬لوي تلالندضللالػ فيللر لالػص لالوةلتتفثثلر لل لللة ا له ‪:‬ل‬
‫ل‬
‫ٔ‬
‫الج لالوة‪:‬لح يللالتصنيى‪:‬ل‬
‫للر ٔلاشررد لالفصررن ي لرر لهررسالالػصر لل لرربل‬
‫ٔ‬ ‫الر ر ٔ‬
‫رسيلالر ررىلالف ظر ر ‪,‬لوا ر ر لأير ررح لالر ررسيليرت ر ر ل‬
‫م‪,‬لوا ر لحني ررللالررسيلصررنىلال ر لوال ر ٔاي‪.‬لول‬
‫ال رري ٔ‬
‫ةررعلألررعلا ر لةػ ر لالفنص ر لال ضررثلر ر لت ةي ر ل‬
‫الػ فر لهرسالالتجر ع‪,‬لو ر لير لالفنصر ليفر ل ر ةل‬
‫ال رري ظ لي لررثلالػ ررث‪,‬لةير لالف ر يللر ر لالػ ر ل‬
‫ٔ‬
‫وال ا‪,‬لر يد لت علالػ لغر ٔلا ير لوغر لغعر ل ر ل‬
‫ٔ‬
‫ي ر ‪.‬لولتع ر لالػ ر للر ر لالػص ر لالػب ي ر لالوةل‬
‫وا ت ررتلل ر لل ح ررللالت رري لال ر يلألررعلل ح ررلل‬
‫الت و لوالت ليللر ليرت لول ي غ ‪.‬ل‬
‫يرت اللػ رللحيثلالدن يلل‬
‫لالث ‪:‬لتنظي لالػ للامي ليل‪:‬ل‬ ‫الج‬
‫لوص تلالػ للامي ليلل ةللغ ليللل لال للوالتنظري لرر ل‬
‫ٔ‬
‫الػص لالػب ي لالوة‪:‬ل‬
‫ٓ‬
‫لر ر لشررد لهررسالالػص ر للرري لغ ر لت رري لال ر ا لورص ر لغ ر ل‬
‫غ لالح م‪.‬لل‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫لولغ ر ر هلر ر ر لهر ررسالالػص ر ر لاصفر ررللال ر ر لال ػر ررل‪:‬لا ر ر لحني ر ررللللللل‬
‫(‪150‬لل دجر ر ر ر ر ر ر م)‪,‬لول لر ر ر ر ر ر رربل(‪179‬لل دجر ر ر ر ر ر ر م)‪,‬لوال ر ر ر ر ر ر ر رػ للللللللللللللللل‬
‫(‪204‬لل دج م)‪,‬لوا لحنبثل(‪241‬لل دج م)‪.‬لل‬
‫لوظدر لرر لال ر لامير ل لل يررت لغ فيتر ليبي تر لهفر ل‬
‫رللاهررثلالح ر ملرر لالف نررلل‬ ‫رللاهررثلال ر ٔايلرر لالػ ر ا ‪,‬لول ير ٔ‬ ‫ل ير ٔ‬
‫الفن م‪.‬لل‬
‫ٔ‬
‫لوح رثلهرسالالػصر ٔلا ًضر ل صفررللالنحر لوظدر لرر لغ ر للال غررلل‬
‫ل يت لغ فيت لهفر ‪:‬لل يرللالبصر ملول يرللال ررل‪,‬لر ر لغر هل‬
‫ر ر لهررسالالػص ر لل ر ٔلاصفررللالنح ر ملالبص ر ي لغي ررعل ر لغف ر لالث ر ل‬
‫‪,‬لوا لغف ول لالػ ل(‪154‬لل دج م)‪,‬لولالخ يثل ر ل‬ ‫(‪149‬لل دج م) ٔ‬
‫ٔ‬
‫احف ر ل(‪175‬لل دج ر م)‪,‬لوالخ ر ل(‪177‬لل دج ر م)‪,‬لويرريب ل(‪180‬ل‬
‫ٔ‬
‫ل دج م)‪,‬لو سل لحبي ل(‪182‬لل دج م)‪,‬لول لال صفرللال ر ريي ل‬
‫ٔا لةػ لال ؤاي ‪,‬لوال ص ‪,‬لوال ا ل(‪208‬لل دج م)‪.‬لل‬
‫ٔ‬
‫لالث لم‪:‬لالت ةفللل لال غ لالةنبيلل‬ ‫الج‬
‫ٔ‬
‫ر ر لغ ر لل‪145‬لل دج ر ملولررعلالفنص ر لحج ر لالي ر لل ػ صررفللالج ر مل غ ر ا ‪,‬لوةفررعلح ل ر لريد ر لص ر ملالػ ف ر لل ر للخت ررىل‬
‫ٔ‬ ‫ٓ‬
‫الن اح ‪,‬لوشجعلغ رعلت ةفرلليرتر لالػ ر للوال االلر لال غر لالخر ىلألرعلال غرللالػ يرل‪,‬لوايرتج اللر ليرثير للر لالبر حثي ‪,‬ل‬
‫لر ٔلا ر ه لا ر لالف ررعلالررسيلتر ة ليرتر الي ي ررللو لنررلل(‪757‬لل فرري )لوالعبير لالن ررع يللةر ةيسل ر ل ختي ر ل(‪771‬ل‬
‫ل فرري )‪,‬لول ختي ر ل ر لةر ةيسل(‪801‬لل فرري )‪,‬لولةب ررثلت فيررسل ختي ر ل(‪809‬لل فرري )‪,‬لوالحجر ةلا ر ل يررىل ر ل‬
‫لع ل(السيلخا لايف ل ي لينت ل‪786‬لول‪863‬لل في )‪.‬ل‬
‫ولل ل رتىلالف ف ل فج لالت ةفلل ثلي ال ب غ لو ضي لألعليثلغ ل ت ةف ر ‪.‬ليفر للػر لالف ر ف ل درسال و اليبير ال‬
‫رر لخ لررللالث رررللالػ لفيررل‪,‬لر ر ٔلا ررسوالهررسعلالػ ر لللر لرنر للح ررل‪,‬لأخلت ر ف الهررسعلال رتر لرر لغصر لالظر ل‪,‬لربػثر الريدر ل‬
‫رعلاو و ر ‪,‬لرت ةفرتللجف غر ليبير مللر لال غرلل‬ ‫الحي م‪,‬لوغ لظ لللػ هر ه لوة لػر تد لول ٔا حر لد لوصر تلهرسعلال اير لأل ٔ‬
‫ٔ‬ ‫ٔ‬
‫رللاو و لالح ثل‪,‬لولل ٔلاه لاليب الالت ٔلا لألعلالندضللالو و يل‪.‬ل‬ ‫لخلبلاي ي للث ٔ‬‫ٔ‬ ‫الػ يللألعلال تينيل‪,‬لو لي‬
‫رعلاوةل ر ظ ل‬ ‫ٔ ئلر لهسالالػص ل يتلالح فللوه ٔلاوةللجفعلغ ف لولػ لل صر لول رتبرللة لػرللوهيلرللل ت ةفرل‪,‬لوصرثلأل ٔ‬
‫وا‬
‫الػ ف لر لالتصنيىلوالت ةفللر لغد لالف ٔ ل لال ٔ‬
‫رسيلاولعلغن رللر صر رل‪,‬لووهبر ليرثير اللر لل لر لوو تر ‪,‬لوير ل ر علغ رعل يرتل‬
‫الح ف ررلل ر ّري ل ر لش ررل ‪,‬لو ُ خت ر لل ر ل رري لالػ ف ر لالفتف ن رري لل ر لال غ ر ‪.‬لول ر ل ي ررتلالح ف ررللأل ررعلة ر لالفت ر ةفي ل‬
‫الن ّ خي لوالخ ي لالس ل ت ل لتخا لال رت ‪,‬لوالفج لو ي ه لل لالػ ل ي ‪.‬لوي لالف ص لل ٔلايبر لالف اصر لال يرلل‬
‫ر لخلبلالػص ‪,‬لغفثلري ٔلايب لغ ف لال بلالف في لولتف ن الل لخ ل للر لت ري لظر ه ملالج خ يرل‪,‬لوتػيري لخرطلالػر ضل‬
‫ٔ‬
‫و ي لظ ةللحيطلال ض‪,‬لوظثل يتلالح فلل صف لحتعل اه لالفغ ةل غ ا لينلل‪656‬لل دج ملالف ارلل‪1258‬لل في ‪.‬ل‬
‫الػف للر لغد لال شي ل‬ ‫الػف للر لغد لالد يل‬ ‫الػف للر لغد لالفد يل‬

‫لصب حل ت ل‬

‫ٔ‬
‫ٔ‬ ‫الػف للر لغد لاللي ل‬
‫الػف للر لغد لالف ل ل‬

‫ص للإليت لال‬
‫ٔ‬
‫ا لةػ لالفنص لل‬
‫ه و لال شي ل‬
‫أ‪ -‬مدينة بغداد المنصورة‬
‫ٔ‬
‫ي ت لل نل ل غ ا لاوة لغفث ل لت ل ل‬
‫ال ولل لالػب ييل ل حث ًل لغ لغ صفل لل صر لل‬
‫ل ولل لالج م لتتح ع ل لص لالت ل‬
‫ٔ‬
‫تخ لد لل لت لغ صفللول لت لاختي ل‬
‫ل لل نل ل غ ا لوة ىل لتخعيعد ل ػ ل‬
‫ايل لوتفحي لل ل بث لالخ ي لل‬
‫ٔ‬
‫الفنص ل لواغ ا ‪ ,‬لول لة ىل لتخعيطل‬
‫ٔ‬ ‫ً‬ ‫ٔ‬
‫ول لغ ع لال ض لوش ه ه ل‬ ‫الف نل لا ل‬
‫ٔ‬
‫الفنص ل ل بث لالب لر لاغف ة لالبن ‪.‬‬
‫لل‬
‫ثغذاد إٌّص‪ٛ‬ر – ِظمظ ٌألط‪ٛ‬ار ‪ٚ‬اٌج‪ٛ‬اثبد‬
‫ولم تكن ظروؼ الدولة تسمح ألبي العباس باالنصراؼ إلى األعماؿ اإلعمار والبناء كما‬
‫سمحت ألخير أبي جعفر‪.‬‬
‫ولكن بغداد المنصور زالت واندثر معها قصر أبي جعفر والمسجد الجامع ولم تكشف‬
‫التحريات حتى اآلف عن شيء يتصل بعمائر ىذا العهد‪.‬‬
‫كانت دارس السالـ مدينة مدورة بلغ قطرىا ما يعادؿ (‪ 2638‬متر) ومحيطها‬
‫(‪ 16000‬متر) وكانت محاطة بسور يتألف من ثالثة جدراف تتخللها الخنادؽ وقد‬
‫فتحت فيها أربعة أبواب ذات ممر منكسر تتقدمها الجسور وىي موزعة توزيع متساوي‬
‫على السور وفق الجهات األصلية سميت بأسماء األمصار والمدف التي تقابلها‪ ،‬باب‬
‫البصرة‪ ،‬بالكوفة‪ ،‬باب دمشق‪ ،‬باب عرؼ بقصر الذىب واشتهر بقبتو الخضراء‪.‬‬
‫ونجد في بغداد المنصور تنظيماً مدىشاً وتخطيطاً محكماً لألبواب والمداخل وتناسباٌ دقيقاً في توزيع‬
‫األسوار والشوارع واألحياء السكنية‪( ،‬ص ‪ 98‬و‪ )113‬واتسعت بغداد بعد المنصور‪ ،‬وأضيفت إليها‬
‫فيما بعد ضاحيتنا ىما الكرخ والرصافة‪ ،‬وعاشت عدة قروف وغدت من أكبر وأجمل عواصم العالم‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وأكبر مركز حضاري في العالم وقتئذ‪ .‬وقبل أف يدمرىا المغوؿ سنة ست وخمسين وستمئة‬
‫للهجرة (‪1658‬ـ) ولذا فإنا لن نجد في بغداد ما نتحدث عهنو من عمائر المرحلة التي نحن‬
‫بصددىا‪.‬‬

‫ثغذاد إٌّص‪ٛ‬ر – ِمطغ ٌألط‪ٛ‬ار ‪ٚ‬اٌج‪ٛ‬اثبد‬


‫ب‪ -‬مدينة سامراء‬
‫أما سامراء أو سر من رأى كما دجعيت عند إنشائها‪ ،‬فما تزاؿ أطالؿ عمائرىا قائمة‪ ،‬تبرز معالمها مع‬
‫األياـ‪ ،‬بازدياد نشاط التنقيب والتحري‪ ،‬وما يتلوىا من أعماؿ الترميم والصيانة التي بدأت منذ‬
‫‪1910‬ـ وما تزاؿ إلى اليوـ مستمرة‪ .‬أنشئت مدينة سر من رأى لتكوف حاضرة الخالفة بدال من مدينة‬
‫السالـ في عاـ (‪221‬ىػ) ‪836( -‬ـ)‪ ،‬في خالفة المعتصم‪.‬‬
‫فلقد رغب المعتصم‪ ،‬ألسباب سياسية واجتماعية‪ ،‬في االبتعاد عن بغداد‪ ،‬ووجد المكاف المناسب‬
‫إلقامة العاصمة الجديدة في الشماؿ‪ ،‬في مكاف يبعد عن بغداد قرابة مئة وثالثين كيلومتراً‪ ،‬وأنشئت سر‬
‫من رأى‪ ،‬على خالؼ بغداد‪ ،‬دوف مخطط منتظم وأسوار‪ ،‬بل امتدت على مساحة كبيرة من األرض على‬
‫ضفاؼ دجلة الشرقية‪ .‬واتسعت سر من رأى بعد المعتصم‪ .‬وأنشأ المتوكل إلى الشماؿ منها مدينة‬
‫أخرى عرؼ بالمتوكلية أو الجعفرية نسبة لخليفة جعفر المتوكل‪ ،‬واتصل العمراف بينها وبين سامراء حتى‬
‫لغت حداً لم تبلغو عاصمة أخرى‪ .‬وتمتد أطاللها اليوـ عند سامراء الحديثة على مسافة ثالثين كيلومتراً‪.‬‬
‫ولم تعش سر من رأى كعاصمة أكثر من (‪ )58‬عاماً‪ ،‬عادت العاصمة‬
‫بعدىا إلى بغداد‪ .‬حدث ذلك في خالفة المعتمد سنة (‪279‬ىػ‪892/‬ـ)‪.‬‬

‫والمعتمد ىو الخليفة الثامن من الخلفاء الذين أقاموا في سامراء ومن أىم‬


‫المباني التي شيدت في سامراء جامعاً سامراء‪ ،‬الكبير وأبودلف‪ ،‬وقصر‬
‫المعتصم (الجوسق الخاقاني)‪ ،‬وعدد من القصور والمباني األخرى‪ ،‬كقصر‬
‫(المنقور) وقصر الجص وغيرىما‪.‬‬
‫جػ‪ -‬جامع سامراء الكبير‬
‫بني ىذا الجامع في عهد المعتصم سنة ‪221‬ىػ‪ .‬ولكن المصادر تشير إلى أف الجامع الحالي شيده‬
‫المتوكل سنة (‪237‬ىػ‪852/‬ـ) بعد ىدـ الجامع األوؿ‪ .‬وىو موجود حالياً بحالة أطالؿ‪ ،‬لكنها كافية‬
‫لتزويدنا بالكثير من المعلومات عن فن العمارة وعن تفاصيل المخطط والعناصر العمارية‪.‬‬
‫وأىم ما بقي منو أسواره ومئذنتو الملوية‪ ،‬وتهدـ الحرـ كلياً‪ .‬ذلك أف أسواره ومئذنتو بنيت من اآلجر‪،‬‬
‫بينما أقيمت دعاماتو وأجزاؤه األخرى باللبن (الطوب غير المشوي)‪.‬‬

‫جبِغ طبِزاء اٌىج‪١‬ز‬


‫مكوناتو‬
‫تبلغ أطواؿ المسجد ‪156×240‬متراً‪ ،‬فهو على شكل مستطيل يمتد من الشماؿ إلى الجنوب‪ ،‬فهو‬
‫بهذا المقياس يعتبر أوسع مساجد العالم‪ .‬فضالً عما أضيف إليو من جهاتو الثالث‪ ،‬الشرقية والغربية‬
‫والشمالية‪ ،‬من األراضي المسورة (الزيادة)‪ ،‬والتي جعلت أطوالو تقدر بػ‪366×444‬متراً ومساحتو‬
‫حوالي ‪ 17‬ىكتاراً‪ .‬وما تزاؿ ىذه الزيادة التي ظهرت ثانية في جامع ابن طولوف‪ ،‬موضع تساؤؿ عن‬
‫أسبابها ووظيفتها‪.‬‬

‫جبِغ طبِزاء اٌىج‪١‬ز – ػضبئذ اٌذزَ‬


‫فقد تكوف لنزوؿ المسافرين وأبناء السبيل‪ ،‬أو إلقامة األساتذة وطالب العلم‪ ،‬أو من‬
‫أجل عزؿ الجامع عما حولو من األسواؽ والشوارع‪.‬‬
‫أما السور الداخلي فعبارة عن جدار سميك من اآلجر سماكتو ‪2.65‬متراً‪ .‬زود بأبراج‬
‫دائرية‪ ،‬قطرىا ‪ 3.60‬متراً‪ ،‬مبنية على قاعدة مستطيلة‪ ،‬وتقدر المسافة بين كل برجين‬
‫‪ 15‬متر‪ ،‬وبذلك يكوف عدد أبراج السور ‪ 44‬برجاً‪.‬‬
‫بينها أربعة في األركاف‪ ،‬وثمانية في كل من الضلعين الصغيرين‪ ،‬واثنا عشر برجاً في كل‬
‫من الضلعين الكبيرين ويخترؽ السور مجموعة من‪ ،‬يبلغ عددىا ‪ 21‬بابا‪ .‬متساوية‬
‫الفتحة تقريباً ‪4.5×3.5‬متراً‪ ،‬باستثناء األربعة القريبة من األركاف‪ ،‬فهي صغيرة‪ ،‬كما‬
‫خص جدار القبلة باثنين من األبواب الصغيرة على جانبي المحراب‪.‬‬
‫الحرـ (قاعة الصالة) على شكل مستطيل يمتد من الشرؽ إلى الغرب ويتكوف من صفوؼ من العضائد‬
‫العمودية على جدار القبلة‪ ،‬عددىا (‪ ،)24‬في كل منها تسع عضائد‪ .‬وال يمكن اعتبار الحرـ مؤلفاً من‬
‫بالطات أو أروقة نظراً لعدـ وجود العقود‪ .‬فالسقف محموؿ مباشرة فوؽ العضائد‪ .‬وكما قلنا‪ ،‬فإف الحرـ‬
‫مهدوـ كلياً وكذلك عضائده‪ ،‬التي بدا من التحريات أف شكلها مثمن ولها قاعدة مربعة‪ .‬وكانت أربعة من‬
‫أضالع المثمن مزودة بالتناوب مع األضالع األخرى بسويريات من الرخاـ‪.‬‬
‫وفي أعلى جدراف الحرـ نوافذ معقودة بقوس من خمسة فصوص يستند على سويريتين من اآلجر وعلى‬
‫مستواىا‪ ،‬في بقية جدراف الجامع‪ ،‬توجد محاريب صغيرة بدالً من النوافذ‪.‬‬
‫وكاف محراب القبلة يشبو اإليواف‪ ،‬مسقطو األفقي مستطيل‪ ،‬عرضو (‪2.59‬متر) وعمقو (‪1.75‬متر)‪ ،‬ويعلوه‬
‫عقداف متراكباف يستند كل منهما على سويريتين من الرخاـ الوردي الملوف‪ .‬ويحيط بالمحراب إطار مستطيل‪،‬‬
‫عثر في زواياه العليا على آثار فسيفساء ذىبية‪.‬‬
‫ويبدو أف الفسيفساء كانت موجودة في أماكن أخرى بدليل رواية المقدسي عن أف جدراف المسجد مزينة‬
‫بالميناء‪ ،‬وكذلك ما عثر عليو العالم "ىيرتسفيلد" من الفوصوص الزجاجية خالؿ أعماؿ التنقيب‪.‬‬
‫المئذنة ىي أكثر أقساـ الجامع كماالً‪ .‬ولقد عاشت كل ىذه القروف محافظة على وضعها األصيل‪ .‬اشتهرت‬
‫بالملوية بسبب شكلها المخروطي الحلزوني‪ .‬فهي مؤلفة من نواة أسطوانية حولها مرقاة حلزونية تطوؼ بها‬
‫خمس دورات باتجاه معاكس لعقرب الساعة‪ ،‬عرضها (‪ 2.3‬متراً)‪.‬‬
‫وتنتهي المئذنة في أعاله بغرفة مستديرة ارتفاعها ستة أمتار‪ ،‬مسقوفة بقية‪ ،‬ويزين جدارىا الخارجي‬
‫ثمانية محاريب ذات عقود مدببة‪ ،‬يحتل الباب مكاف واحد منها‪ .‬ويقدر ارتفاع المئذنة بحوالي خمسين‬
‫متراً‪ ،‬إضافة إلى قاعدتها المربعة‪ ،‬التي ترتفع أربعة أمتار‪ ،‬ويبلغ طوؿ ضلعها حوالي ‪ 31‬متراً‪.‬‬
‫ويالحظ أف المئذنة معزولة عن الجامع‪ ،‬حيث تقع على محور الباب الشمالي مبتعدة عنو حوالي ‪27‬‬
‫متراً‪ .‬وتعتبر مئذنة سامراء ىذه طرازاً مبتكراً وفريداً‪ ،‬مهما قيل عن فكرة االقتباس عن الزيكورات أو‬
‫غيرىا‪.‬‬

‫جبِغ طبِزاء اٌىج‪١‬ز‬


‫د‪ -‬جامع أبي دلف‬
‫شيده المتوكل حين أنشأ مدينتو الجديدة‪ ،‬الجعفرية‪ ،‬شمالي سر من رأى‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬وبذلك يمكن‬
‫إرجاع تاريخ بنائو إلى حوالي عاـ (‪247‬ىػ‪861/‬ـ)‪.‬‬
‫ونالحظ أنو يختلف في تخطيطو وأسلوب بنائو بعض الشيء عن الجامع األوؿ‪ ،‬بالرغم من قرب العهد‬
‫بينهما‪ ،‬فكالىما بني في عهد المتوكل‪ .‬وىي أيضاً مستطيل الشكل ويمتد من الشماؿ إلى الجنوب‪،‬‬
‫بمقياس ‪ 135×213‬متراً فهو إذاً أصغر من الجامع األوؿ‪.‬‬

‫جبِغ أث‪ ٟ‬دٌف ف‪ ٟ‬طبِزاء‬


‫ونجده اليوـ وقد تهدمت أسواره (باستثناء قطعة في جداره الشمالي)‪ ،‬بينما بقيت عناصره الداخلية التي‬
‫تؤلف الحرـ وأروقة الصحن‪ ،‬باستثناء السقف‪ ،‬ألنها شيدت بمادة اآلجر‪ ،‬على عكس األسوار التي شيدت‬
‫باللبن‪ .‬ويالحظ ىنا االختالؼ بينو وبين جامع سامراء الكبير من حيث استعماؿ اللبن واآلجر‪ ،‬ومن حيث‬
‫العناصر الباقية والعناصر الدارسة في كل منهما‪ .‬وتبلغ سماكة جدار السور ‪ 1.60‬متر‪ ،‬بما في ذلك طبقة‬
‫الجص التي تكسو وجهي الجدار‪ .‬أما أبراجو فقد بنيت باللبن وكسيت باآلجر‪ .‬وجعلت المسافة بين كل‬
‫برجين ‪ 14‬متراً‪ .‬وزود المسجد بخمسة عشر باباً‪ ،‬ثالثة منها في الجدار الشمالي‪ ،‬وستة في كل من‬
‫الجدارين الشرقي والغربي‪.‬‬
‫وصحن المسجد واسع بالنسبة للقسم المغطى‪ ،‬تبلغ أطوالو ‪ 104×156‬أمتار‪ ،‬أحيط برواؽ من بالطتين‬
‫موازيتين للسور في الجدارين الشرقي والغربي‪ ،‬وكأنهما امتداد لبالطات الحرـ الجانبية‪ ،‬بلغ عمقها ‪14‬‬
‫متراً‪ .‬أما الرواؽ الشمالي فيتألف من بالطات عمودية على السور مكونة من صفوؼ من القناطر في كل‬
‫منها ثالث قناطر ولو‪ ،‬كالحرـ‪ 13 ،‬قنطرة مفتوحة على الصحن‪.‬‬
‫والحرـ يختلف في تخطيطو عن أي مسجد سابق‪ ،‬فهو يجمع بين البالطات الموازية لجدار القبلة كجامع‬
‫دمشق‪ ،‬والبالطات العمودية عليها كالمسجد األقصى‪ .‬فعند القبلة توجد بالطتاف موازيتاف لجدارىا‬
‫عرضهما ‪10.45‬متر‪ ،‬من أصل عمق الحرـ الذي يبلغ ‪ 40‬متراً‪.‬‬
‫أما القسم المتبقي من الحرـ فيتكوف من بالطات عمودية على القبلة تمتد بين واجهة الحرـ المطلة على‬
‫الصحن‪ ،‬والبالطتين الموازيتين للقبلة‪ ،‬اللتين تقدـ ذكرىا‪.‬‬
‫ويالحظ في جامع أبي دلف أف البالطات ىنا واضحة المعالم نظراً ألف السقف ال يأتي مباشرة فوؽ‬
‫العضائد‪ ،‬بل فوؽ العقود‪ ،‬وعضائده أيضاً تختلف عن جامع سامراء الكبير‪ ،‬فهي مستطيلة الشكل‪،‬‬
‫مزودة في أركانها بسويريات من اآلجر وبعضها على شكل حرؼ ت (الالتيني) لكونها تحمل ثالثة‬
‫عقود‪.‬‬

‫ػضبئذ جبِغ أث‪ ٟ‬دٌف (طبِزاء)‪،‬‬


‫‪ٚ‬اثٓ ط‪( ٌْٛٛ‬اٌمب٘زح)‬
‫ونجد العضائد األخيرة في واجهة الحرـ‪ ،‬وعند التقاء بالطاتو العمودية مع البالطتين الموازيتين للقبلة‪،‬‬
‫وفي واجهة الرواؽ الشمالي‪ .‬والمئذنة شبيهة بالملوية‪ ،‬مئذنة الجامع الكبير‪ ،‬لكنها أصغر منها‪ .‬وكانت‬
‫بحالة أسوأ قبل ترميمها حديثاً‪ .‬وىي أيضاً تقع خارج حدود المسجد وعلى محور بابو الشمالي على‬
‫مسافة تقدر بعشرة أمتار‪ .‬ولها أيضاً قاعدة مربعة ارتفاعها ‪ 2.5‬متر‪ .‬وطوؿ ضلعها ‪ 11.20‬متر‪،‬‬
‫زخرفت واجهاتها أيضاً بسلسلة من المحاريب وىذه المئذنة بكاملها أقل ارتفاعاً من األولى‪ ،‬ال يتجاوز‬
‫ما بقي منها اليوـ الستة عشر متراً‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬قصر المعتصم‬
‫اشتهر قديما بالجوسق الخاقاني‪ ،‬وعرؼ اليوـ‬
‫ببيت الخليفة وأنو متهدـ كلياً‪ ،‬إال من بوابة‬
‫يطلق عليها اسم (باب العامة)‪ ،‬ومن أطالؿ‬
‫ىنا وىناؾ‪ ،‬كشفت عنها أعماؿ التنقيب التي‬
‫قامت بها البعثة األلمانية برئاسة "ىيرتسفيلد"‬
‫والقصر من حيث مساحتو (‪ 175‬ىكتاراً)‬
‫وأقسامو أشبو بمدينة ملكية أو قلعة‪ .‬يمتد من‬
‫شواطئ نهر دجلة غرباً إلى مسافة تقدر‬
‫لصز اٌج‪ٛ‬طك اٌخبلبٔ‪ ٟ‬ف‪ ٟ‬طبِزاء‬
‫بػ‪ 1400‬متر باتجاه الشرؽ‪.‬‬
‫ويحتل القسم الخاص بالخليفة قسمو األوسط‪ ،‬بدءاً من باب العامة على الضفة الغربية‪ .‬وتلي الباب‬
‫ممرات إلى ما يسمى بقاعة العرش وما يتصل بها من أجنحة السكن‪ .‬يلي ذلك باتجاه الشرؽ بالباحات‬
‫الواسعة المزودة باألقنية والحدائق والفسافي‪ .‬ثم تأتي منطقة السرداب المحفور بالصخر المزود ببرؾ‬
‫المياه والمغائر‪ ،‬يليو ملعب الصوالج (البولو) المزود بشرفة عالية (لوجيا)‪ ،‬لإلطالؿ منها على الفضاء‬
‫البعيد‪ ،‬وما فيو من حلبات الفروسية‪.‬وكانت تمتد على جوانب ىذه الكتلة المركزية شماالً وجنوباً‪ ،‬قصور‬
‫ومنشآت ومستودعات اتصل بعضها ببعض وكلها مزودة بالباحات والقاعات واألروقة‪ ،‬ويقوـ ببينها ما‬
‫يسمى بالسرداب الكبيرة وكأنو قصر صيفي بتخطيطو المعقد‪ ،‬الحافل بالقاعات واألروقة‪ ،‬تتوسطها‬
‫المغارة المحفورة في الصخر وحوض المياه الدائري (قطره ‪ 70‬متراً)‪.‬‬
‫ومن أىم المباني تلك الدار الخاصة بالخليفة التي تميز بتصميم دقيق‪ .‬أىم ما فيها جناح قاعة العرش المؤلفة‬
‫من قاعة مربعة مركزية مسقوفة بقبة‪ ،‬تتعامد عليها من جهاتها األربع قاعات مستطيلة‪ ،‬ثالثية البالطات مما‬
‫يشبو التصميم البازيليكي‪ .‬وبعدىا يأتي قسم الحريم أو السكن‪ ،‬ونشاىد فيو حمامات بأقسامها المتعارؼ‬
‫عليو‪.‬أما البوابة التي يطلق عليها باب العامة‪ ،‬فإنها تطل على نهر الدجلة والسهوؿ الممتدة على ضفافو‪،‬‬
‫وأمامها درج واسع بطوؿ ‪ 60‬متراً تليو بركة ماء كبيرة‪ ،‬مربعة الشكل‪ ،‬طوؿ ضلعها ‪ 127‬متراً‪.‬‬
‫وتتألف البوابة‪ ،‬وىي العنصر الوحيد القائم من القصر‪ ،‬من إيواف واسع في الوسط‪ ،‬سعتو ثمانية أمتار‪ ،‬وعمقو‬
‫‪ 17.5‬متراً وارتفاعو ‪ 12‬متراً يعلوه عقد من ىذا النوع الذي أسميناه العباسي‪ ،‬وسقفو قبوة مزودة بحنيتين‬
‫في ركنيها‪ ،‬وىي مدببة قليالً‪.‬‬
‫وفي صدر اإليواف يوجد باب تعلوه نافذة يؤدي إلى ماوراء البوابة من الممرات والقاعات‪ .‬وعلى جانبي‬
‫ىذا اإليواف إيواننا صغيراف ال يتجاوز عمقهما أربعة أمتار‪ .‬اختلف العلماء في معرفة حقيقة ىذه البوابة‬
‫الفخمة ذات الثالثة أواوين‪ ،‬اعتبرىا بعضهم الباب الرئيس للقصر‪ ،‬بينما يرى آخروف أنها بمثابة قاعة‬
‫العرش أو مجلس الخليفة حيث يستقبل الناس في إيوانها الكبير‪ ،‬بينما يقف الحرس والحشم في‬
‫اإليوانين الجانبيين‪.‬‬

‫ث‪ٛ‬اثخ لصز اٌّؼزصُ (اٌج‪ٛ‬طك اٌخبلبٔ‪ – ٟ‬طبِزاء)‬


‫أما من حيث الفنوف الزخرفية‪ ،‬فلقد حفلت مباني القصر بأنواع الزخرفة‪ ،‬مما عثر عليو باقياً في مكانو أو‬
‫بين األنقاض‪ .‬كالوزرات ذات النقوش الجصية البديعة‪ ،‬والكسوة الرخامية‪ ،‬والرسوـ الجدارية الملونة‬
‫(الفريسكو)‪ ،‬واألخشاب المدىونة باألصبغة أو المذىبة‪.‬‬

‫لصز ثٍى‪ٛ‬ارا ف‪ ٟ‬طبِزاء‬


‫نكتفي بما قدمناه من وصف لقصر المعتصم‪ ،‬أكثر القصور العباسية أىمية‪ ،‬لما يقدمو‬
‫لنا من صورة واضحة عما وصلت إليو الهندسة والتخطيط وفنوف العمارة من التطور‬
‫والرقي‪ .‬وال نرى حاجة لوصف القصور األخرى التي تغص بها سامراء القديمة‪.‬‬

‫كالقصر الذي يطلق عليو اليوـ اسم (المنقور)‪ .‬وقد سماه اليعقوبي قصر بلكوارا‪ ،‬على‬
‫اسم المنطلقة التي شيد فيها‪ .‬وقد كشفت التحريات عم مخططو الذي يشبو المدينة‬
‫بشوارعو وساحاتو‪ ،‬وبواباتو العديدة‪ .‬وقصر الجص على الشفة الغربية لدجلة‪ ،‬عند نهر‬
‫اإلسحاقي‪ ،‬في مكاف يعرؼ اليوـ بالحويصالت‪ .‬وإلى جنوبو يوجد قصر العاشق‪ ،‬الذي‬
‫عرؼ قديماً بالمعشوؽ‪ .‬وكاف للخليفة المعتمد‪ .‬وىناؾ القصر الهاروني نسبة إلى‬
‫ىاروف الواثق‪ ،‬ويقع على الضفة الشرقية بالقرب من الجوسق الخاقاني‪.‬‬
‫و‪ -‬قبة الصليبية‬
‫ىذا البناء الصغير القائم على الشفة الغربية لنهر دجلة‪ ،‬بالقرب من قصر العاشق‪ ،‬لو شأف في تاريخ العمارة‬
‫ألنو أقدـ تربة أو ضريح فخم يظهر في الحضارة اإلسالمية‪ .‬وقد رجح العلماء أنو شيد ليضم قبر الخليفة‬
‫محمد المنتصر بن المتوكل عند وفاتو سنة ‪248‬ىػ (‪862‬ـ)‪ ،‬ثم دفن فيو بعد المعتز والمهتدي‪ .‬وكاف‬
‫الخلفاء السابقوف يدفنوف في قبور داخل قصورىم‪.‬‬

‫لجخ اٌصٍ‪١‬ج‪١‬خ ف‪ ٟ‬طبِزاء‪ِ :‬ظمظ (رذذ) ‪ِٚ‬مطغ (ف‪ٛ‬ق)‬


‫والتربة المذكورة على شكل مثمن خارجي‪ ،‬متهدـ حالياً‪ ،‬ومثمن داخلي مازاؿ موجوداً‪ .‬وبين المثمنين‬
‫رواؽ عرضو ‪ 2.63‬متر‪ ،‬مسقوؼ بقبوة طولية يحملها ستة عشر عقداً‪ ،‬يخرج كل اثنين منها من زاوية‬
‫المثمن الخارجي‪ ،‬ويالحظ أف المثمن الخارجي كاف مزوداً بباب في كل ضلع‪ ،‬بينما فتح باب المثمن‬
‫الداخلي أربعة فقط‪ ،‬تحتل الوجوه المقابلة للجهات األربع وعلى محاور متعامدة‪ ،‬وىي أصغر من األبواب‬
‫الخارجية (عرض األولى ‪ 2.13‬متر‪ ،‬وعرض الثانية ‪ 1.60‬متر)‪ .‬وكلها معقودة بأقواس من النوع العباسي‪.‬‬

‫والشيء الغريب في المخطط وجود غرفة مربعة الشكل داخل المثمن‪ ،‬متداخلة معو (ضلعها طولو ستة‬
‫أمتار)‪ ،‬كانت مسقوفة بقبة تدؿ عليها آثار الحنايا الركنية عند زوايا االنتقاؿ من الشكل المربع إلى‬
‫مثمن القبة‪.‬‬
‫وقد استخدمت في البناء لبنات من الحجر االصطناعي‪ .‬يصفها كريزويل بأنها مركبة من عجينة الطين‬
‫الممزوج بالكوارتز الشديد الصالبة‪.‬‬
‫ز‪ -‬قصر األخيضر (أموي عباسي)‬
‫يقع ىذا القصر في بادية العراؽ‪ ،‬جنوبي غربي بغداد وكربالء‪ ،‬يبعد عن األولى مسافة ‪ 125‬كم‬
‫وعن الثانية ‪ 50‬كم‪ .‬وىو بناء حصين محاط باألسوار المنيعة‪ .‬ومازاؿ التساؤؿ قائماً حوؿ سبب‬
‫تشييد ىذا البناء الضخم في ىذا المكاف‪ .‬وىل كاف قصراً ألحد الخلفاء أو األمراء‪ ،‬أو خانا على‬
‫طريق القوافل‪.‬‬

‫لصز األخ‪١‬ضز‪ِ ،‬ظمظ أفم‪ – ٟ‬اٌؼزاق‬


‫إف تاريخ المبنى غير معروؼ‪ ،‬ولم يأت لو ذكر في كتب التراث‪ .‬لكن ىناؾ ترجيحاً عند علماء اآلثار‬
‫بأنو يرجع بالنسبة لهندستو وطراز عمارتو إلى بداية العهد العباسي‪ ،‬واستنتاجاً بأف يكوف ُمنشئو عيسى بن‬
‫موسى ابن أخي المنصور وواليو على الكوفة‪ ،‬بعد عزلو من والية العهد سنة ‪161‬ىػ (‪778‬ـ)‪ .‬وتذكر‬
‫الروايات أنو كاف يقيم في عهد المهدي في الرحبة ويتردد منها على الكوفة‪ ،‬مما يوحي بأف األخيضر‬
‫كاف يطلق عليو وقتئذ اسم الرحبة‪ ،‬ألنو ال يعرؼ مكاف آخر بهذا االسم‪ ،‬ورحبة مالك السورية بعيدة‬
‫جداً عن الكوفة‪.‬‬

‫لصز األخ‪١‬ضز‪ِٕ ،‬ظز ج‪ٞٛ‬‬


‫على أف لهذا القصر أو الحصن أىمية كبيرة في تاريخ العمارة اإلسالمية‪ ،‬إذ يستلفت االنتباه‬
‫بتخطيطو المتقن وجودة بنائو‪ ،‬وتوافر عناصر فيو مبكرة في فنوف التحصين والعمارة‬
‫العسكرية‪.‬وسيتضح لنا ذلك من وصف مخططو وعناصره التي ماتزاؿ قائمة‪ ،‬والقصر بحالة‬
‫جيدة من الصيانة‪ ،‬فقد شيدت أسواره بالحجر الغشيم والمالط الجصي‪ ،‬كما استخدـ اآلجر‬
‫التسقيف‪.‬‬ ‫في‬ ‫والسيما‬ ‫منو‪،‬‬ ‫أنحاء‬ ‫في‬
‫ويتكوف البناء من سور حصين أقيم في داخلو قصر مسور‪ ،‬تحيط بو من جهاتو الثالث مساحة‬
‫من األرض أعدت للحدائق والمنشآت األخرى‪ ،‬بينما يلتصق عند جهتو الشمالية بالسور‬
‫الخارجي‪.‬‬
‫السور الخارجي‪ :‬وشكلو قريب من المربع‪ ،‬تبلغ أطوالو ‪ 169×175‬متراً‪ .‬وىناؾ بوابة مفتوحة‬
‫ضمن برج كبيرة‪ .‬تتوسط أضالعو األربعة‪ ،‬خصصت الشمالية منها للدخوؿ إلى القصر المشيد‬
‫خلفها‪ .‬والسور بالغ االرتفاع‪ ،‬يقدر ما بقي منو بػ‪ 17‬متراً من أصل ارتفاعو األصلي الذي كاف‬
‫‪ 19‬متراً‪.‬‬
‫ويرى آخروف أنو يبلغ (‪ 21‬مترا)‪ .‬نظراً لزواؿ الستائر العليا‪ .‬ودعمت أسواره باألبراج‪،‬‬
‫مسقطها في األركاف ثالثة أرباع دائرة قطرىا ‪ 5.10‬متر‪ .‬أما األضالع فتتألف من‬
‫دعامة جدارية يلتصق بها برج مسقطو نصف دائرة‪ ،‬قطرىا ‪ 3.30‬متر‪ .‬ويتوسط‬
‫المسافة الكائنة بين األبراج والتي تبلغ (‪ 13‬مترا) دعائم جدارية تستند عليها العقود‬
‫التي توج الدخالت الموزعة بين األبراج في سائر أنحاء السور‪.‬‬
‫وليست ىذه الدخالت للزينة بل لها وظيفة دفاعية ىامة‪ ،‬إذ تحدث عقودىا مع جدار‬
‫السور سقاطة لصب الزيوت المغلية على المهاجمين‪ ،‬سعة فتحتيها ‪ 17‬سنتيمتراً‪،‬‬
‫وتستعمل من الممر الدفاعي الممتد أعلى السور‪.‬‬
‫ويعتبر ىذا العنصر األوؿ من نوعو في العمارة العسكرية‪ .‬فهو نوع من السقاطات أو‬
‫الرواشن المتواصلة التي ستظهر في عهد الحروب الصليبية‪.‬‬
‫وتقدر سماكة السور بحوالي ‪ 2.60‬متر‪ ،‬لكنها تصبح ‪ 4.60‬متر مع الدعائم الجدارية الحاملة للعقود‬
‫في داخل الجدار وخارجو وىي مسافة كافية إلقامة الممر الدفاعي فوقها والذي يحتل الطابق العلوي‪،‬‬
‫وىو ممر مسقوؼ مزود بمراـ للنباؿ‪ ،‬يبلغ عددىا بين كل برجين أربعة مراـ‪ ،‬يضاؼ إليها ثالثة مراـ في‬
‫قمة كل برج‪ ،‬حيث توجد غرفة دائرية‪ .‬وتصبح خمسة في أبراج األركاف‪ .‬فيو رواؽ على قناطر‪ ،‬وجناحاف‬
‫في كل نهما غرفتاف بينهما إيواف‪ ،‬ويتقدمهما في البيتين الشماليين فقط رواؽ مفتوح على الصحن‪.‬‬

‫لصز األخ‪١‬ضز‪ ،‬دار األِ‪١‬ز‬


‫وىذه البيوت ذات طابق واحد فقط كسائر مباني القصر‪ ،‬باستثناء الدار الشمالية الشرقية المجاورة‬
‫للبهو الكبير‪ ،‬فإنها وإياه بثالثة طوابق‪ .‬ويحتل مسجد القصر الجهة الشمالية والغربية‪ ،‬ويتألف من صحن‬
‫مزود برواؽ من الشرؽ والغرب‪ .‬وفي جداره الشمالي باباف يؤدياف إلى الممر الذي يفصل القصر عن‬
‫السور الخارجي‪ .‬وفي الجهة الجنوبية‪ ،‬توجد قاعة الصالة المؤلفة من بالطة موازية لجدار القبلة‪،‬‬
‫مسقوفة بقبرة طولية‪ ،‬وتنفتح على الصحن بخمس قناطر‪.‬‬
‫أما ما دعي بالبهو الكبير فهو جناح فخم يقع بين بوابة السور الشمالية والجناح المركزي‪ ،‬ويتألف‬
‫من بهو واسع (‪ 15.5×7‬متر)‪ ،‬مسقوؼ بقبوة طويلة ‪10.5‬ـ‪ .‬وتتصل بو مجموعة من الغرؼ عن‬
‫اليمين والشماؿ وساللم إلى الطابقين العلويين‪ ،‬يدخل إليها من قناطر في جداري البهو محمولة على‬
‫دعائم يتقدمها أنصاؼ أعمدة‪ .‬وفتح في جداري البهو اآلخرين الشمالي والجنوبي باباف‪ ،‬أحدىما‬
‫يؤدي إلى البوابة الخارجية للسور والثاني إلى الجناح المركزي‪ ،‬عبر ممرين مستعرضين‪ .‬ويالحظ أف‬
‫مكاف تقاطع ىذين الممرين مع محور األبواب مسقوؼ بقبة فوؽ أربع قناطر‪.‬‬
‫إلى جانب ىذا التصميم الدقيق‪ ،‬نجد العناصر العمارية المتقنة ممثلة في األقباء‪ ،‬الطولية والمتقاطعة‪،‬‬
‫المبنية باآلجر لتسقيف القاعات والممرات‪ ،‬وفي القباب التي تغطي بعض األماكن والقاعات المربعة‪ ،‬وفي‬
‫العقود‪ ،‬وىي من نوع المدبب العباسي والمدبب العادي‪ ،‬الحدوي أحياناً‪ .‬وىناؾ الحنايا الركنية في القباب‬
‫وأنصافها‪ .‬فضالً عن عناصر العمارة العسكرية ذات القيمة الدفاعية التي وجدناىا في السور الخارجي‪.‬‬
‫أما من حيث الزخرفة‪ ،‬فإنها محدودة‪ ،‬تتمثل في بعض النقوش الجصية وتشكيالت اآلجر‪ ،‬والعناصر‬
‫العمارية المستخدمة ألغراض الزخرفة‪ ،‬كالمحاريب والحنايا الجدارية والعقود المفصصة في الطاقات أو‬
‫المشكاوات‪ .‬وىناؾ في قبوة حرـ المسجد وأقباء الغرؼ المجاورة إليواف الجناح المركزي دخالت‬
‫زخرفية تشبو القبيبات‪ ،‬يفصل بينها عقود مستعرضة‪ .‬يذكرنا ىذا بالسقوؼ الصندوقية في العمارة‬
‫الكالسيكية‪ .‬وىناؾ ساللم عديدة للصعود إلى ىذا الممر‪ ،‬عند األركاف األربعة ووراء بوابات السور‪،‬‬
‫باستثناء البوابة الشمالية المخصصة للوصوؿ إلى القصر‪ ،‬حيث تحل محل الساللم غرفتاف للحرس‪.‬‬
‫وىذه البوابة مفتوحة في برج مستطيل يبرز‬
‫خمسة أمتار وتبلغ أطوالو ‪ 5×15‬أمتار‪ ،‬بينما‬
‫تنفتح البوابات األخرى وسط أبراج دائرية‪.‬‬
‫إضافة إلى ىذين العنصرين‪ ،‬السقاطات‬
‫والمرامي‪ ،‬فإننا نجد من فنوف العمارة العسكرية‬
‫األخرى في بوابات السور ما يمكن أف نطلق‬
‫عليو الباب اإلنزالقي أو الزالقة‬
‫‪ Portculis‬وىو عبارة عن باب من‬
‫الحديد يسقط شاقولياً منزلقاً بين قناتين في‬
‫لصز األخ‪١‬ضز‪ ،‬لبػخ اٌصالح ف‪ِ ٟ‬ظجذ اٌمصز‬ ‫جانبي فتحة الباب‪ ،‬بواسطة حباؿ ولوالب‪.‬‬
‫وسيصبح ىذا العنصر شائعاً بعد عدة قروف في حصوف العرب والفرنجة على السواء‪ ،‬المشيدة في عهد‬
‫الحروب الصليبية‪ .‬كذلك فإف غرفة المدخل (الدركاة) مزودة بسقاطات لرمي المهاجمين‪ ،‬مفتوحة في‬
‫قبوة السقف‪ ،‬وفوقها غرفة عليا للحرس المولجين بإدارة عمليات السقاطات واألبواب اإلنزالقية‪.‬‬
‫القصر‪ :‬شيد القصر‪ ،‬كما قلنا‪ ،‬وراء البوابة الشمالية للسور مباشرة‪ .‬ال يفصلو عنها سوى ممر سقوؼ‪،‬‬
‫عرضو ‪3.45‬ـ يمتد شرقاً وغرباً لينتهي بالفضاء الممتد بين السور والقصر‪ ،‬ويؤدي كذلك إلى المسجد‬
‫الواقع في الركن الشمالي الغربي من القصر‪.‬‬
‫وشكل القصر مستطيل يمتد من الشماؿ إلى الجنوب‪،‬‬
‫أطوالو ‪ 80×112‬متراً‪ .‬وىو محاط بسور خاص تدعمو‬
‫بناء ىاماً في المركز‪،‬‬
‫األبراج الدائرية‪ .‬ونميز في القصر ً‬
‫يتألف من صحن في الجهة الشمالية (‪ 22.70×27‬متر)‪،‬‬
‫زينت جدرانو الداخلية بسلسلة من الحنايا الجدارية أو‬
‫المحاريب‪ .‬وفي النصف الجنوبي أقيم ما يعرؼ بدار األمير‬
‫نظراً ألميتها الخاصة‪ ،‬وىندستها الفخمة‪ ،‬لها واجهة فيها‬
‫لصز األخ‪١‬ضز‪ ،‬لبػخ اٌصالح ف‪ٟ‬‬
‫ثالثة أبواب‪ ،‬األوسط أكبرىا‪ ،‬ويؤدي إلى قاعة مستطيلة‬
‫ِظجذ اٌمصز‬ ‫كاإليواف مسقوفة بقبوة طولية‪ ،‬خلفها قاعة أخرى مربعة‪،‬‬
‫كانت مسقوفة بقبة‪.‬‬
‫ويحيط بهاتين القاعتين مجموعة من الغرؼ‪ .‬وحوؿ ىذا الجناح المركزي توجد مجموعة من الوحدات‬
‫المستقلة المتالصقة يفصلها عن الجناح المركزي ممر مسقوؼ‪ .‬واحدة منها تقع خلف ىذا الجناح‬
‫ولعلها للخدمات‪ .‬وفي الجانبين الشرقي والغربي توجد أربعة بيوت متشابهة في تخطيطها‪ ،‬يتألف كل‬
‫منها من صحن‪.‬‬

‫خاف العطشاف‬
‫يوجد في ىذه المنطقة من بادية العراؽ‪ ،‬وعند منتصف المسافة بين األخيضر والكوفة‪ ،‬البالغة حوالي‬
‫خمسين ميالً‪ ،‬توجد أطالؿ قصر أو خاف‪ ،‬ال شك أنو أقيم لنزوؿ القوافل التي تجتاز البادية‪.‬‬
‫وال يوجد ما يؤرخ البناء سوى الفن العماري الذي جعل العالم األثري كريزويل يعتقد بأنو معاصر‬
‫لألخيضر أي إف عيسى بن موسى شيده حين بنى األخيضر لينزؿ فيو حين انتقالو إلى الكوفة‪ .‬والبناء‬
‫المذكور مربع الشكل تقريباً‪ ،‬طوؿ ضلعو ‪ 25‬متراً‪ .‬ولو سور حصين فيو بوابة واحدة مفتوحة في الجدار‬
‫الشمالي‪ ،‬مزودة‪ ،‬كبوابات األخيضر‪ ،‬باب انزالقي‪ .‬وىناؾ أربعة أبراج دائرية في األركاف‪ ،‬وبرج نصف‬
‫دائري يتوسط األضالع‪ .‬ومخططو الداخلي عبارة عن صحن سماوي تحيط بو قاعات مسقوفة بأقباء‬
‫طويلة‪.‬‬
‫الشاـ‬
‫الرقَّة‬
‫الرافقة " َّ‬
‫أ‪ -‬آثار المدينة َّ‬
‫مدينة أخرى يرجع الفضل في إقامتها إلى الخليفة أبي جعفر المنصور‪ ،‬وىي الرافقة الواقعة عند مدينة‬
‫الرقة على ضفة الفرات اليسرى‪ ،‬كاف ذلك عاـ ‪ 155‬للهجرة (‪772‬ـ)‪ .‬ولم تكن مدورة كبغداد بل‬
‫تشبو حدوة الفرس‪ ،‬وقطرىا ال يتجاوز ‪ 1500‬متر وأىم شيء نراه فيها اليوـ‪ ،‬بقية من السور‪ ،‬وباب‬
‫فخم يطلق عليو باب بغداد‪.‬‬

‫ثبة ثغذاد ف‪ ٟ‬اٌزلخ‬


‫وىو الباب الوحيد الذي ما يزاؿ قائماً في السور‪ ،‬وكانت األسوار‪ ،‬كما وصفها المقدسي بقولو‪" :‬يسير‬
‫على متنها فارساف"‪ ،‬يبلغ سمكها ‪ 5.85‬متر وىي مبنية باللبن ومصفحة باآلجر‪ ،‬وفي األسفل مدماكاف‬
‫من الحجر المنحوت‪ ،‬ومزودة باألبراج الدائرية‪ .‬كذلك لم يبق من المباني سوى آثار مسجدىا الجامع‪،‬‬
‫وما عثر عليو المنقبوف من آثار القصور العباسية خارج أسوار المدينة وداخلها‪.‬‬
‫ويتمتع باب بغداد بأىمية خاصة لكونو يحتفظ بأقدـ العناصر العمارية العباسية بعد زواؿ بغداد‬
‫المنصور‪ .‬يلفت االنتباه بوقوعو في زاوية السور‪ ،‬وىي الزاوية الجنوبية الشرقية‪ ،‬خالفا لبوابات المدف‬
‫األخرى‪ .‬وال نعرؼ اليوـ بابا آخر للمدينة‪ ،‬سوى أف المقدسي (القرف الرابع الهجري) أشار على‬
‫باب آخر يدعى باب الرىا‪ ،‬ويقع في الزاوية المقابلة‪ ،‬أي الشمالية الغربية‪.‬‬

‫أقيم باب بغداد في برج مستطيل بقي قسم ىاـ مننو‪ .‬وتبلغ مقاييس ىذا البرج ‪ 14.5×18‬متر‪.‬‬
‫وفي جداره الشرقي فتحت قنطرة الباب التي تبلغ سعتها ‪ 3.19‬متر‪ .‬وتتألف من عقدين متراكبين‪،‬‬
‫لهما شكل القوس الذي أسميناه العباسي الذي يرسم من أربعة مراكز‪ .‬ويوجد وراء الباب دىليز أو‬
‫غرفة طولها (‪ 12‬مترا)‪ ،‬مسقوفة بقبوة متقاطعة في الوسط وقبوتين طوليتين على جانبيها‪ .‬وتزداف واجهة‬
‫البرج التي ترتفع حالياً إلى أحد عشر متراً بمحاربين كبيرين على جانبي الباب زاؿ أحدىما وبقي اآلخر‪.‬‬
‫وىو مسقوؼ بعقدين كبيرين متراكبين من النوع العباسي‪ ،‬ويمأل باطنو تشكيالت ىندسية من اآلجر‪.‬‬
‫وفي أعلى الواجهة‪ ،‬نجد سلسلة من المحاريب يبلغ عددىا أحد عشر محراباً‪ ،‬بقي منها ثمانية‪ ،‬ذات‬
‫عقود مفصصة (خماسية الفصوص)‪ ،‬تعتمد على أنصاؼ أعمدة ملصقة بالجدار‪.‬‬
‫أما المسجد الجامع فقد أقيم في القطاع الشمالي من المدينة وتبلغ أطوالو ‪ 92×108‬متراً‪ ،‬وىو‬
‫مهدوـ‪ ،‬بقي منو المئذنة وواجهة الحرـ المؤلفة من إحدى عشرة قنطرة‪ ،‬وترجع إلى أعماؿ التجديد التي‬
‫جرت في عهد السلطاف نور الدين محمود بن زنكي سنة ‪561‬ىػ (‪1165‬ـ)‪.‬‬
‫وقد أظهرت الدراسات مخطط الجامع العباسي‬
‫وبعض عناصره‪ .‬ويرى كريزويل بأف ىندستو‬
‫كانت مزيجاً بين العمارة السورية والعمارة‬
‫الرافدية‪ .‬فقد أخذ من جامع دمشق األموي‬
‫تخطيط الحرـ ببالطاتو الثالث الموازية لجدار‬
‫القبلة والسقوؼ الجملونية‪ .‬وأخذت من العراؽ‬
‫مادة البناء وىي اآلجر‪ ،‬واألروقة المزدوجة ذات‬
‫الصفين من العمد‪ ،‬والسور المزود باألبراج‬
‫الدائرية‪ ،‬وتعدد األبواب‪.‬‬
‫ِظجذ اٌزلخ‪ِ ،‬ظمظ أفم‪ - ٟ‬ط‪ٛ‬ر‪٠‬خ‬
‫ب‪ -‬صهريج الرملة‬
‫بناء فريد في نوعو‪ ،‬ما يزاؿ بحالة جيدة في أطراؼ مدينة الرملة الفلسطينية‪ ،‬ويسمونو اليوـ بئر العنيزية‪،‬‬
‫إنو مبنى تحت األرض بالحجر المنحوت‪ .‬وليس ىناؾ شك في تاريخ إنشائو لبقاء الكتابة التأسيسية‬
‫المكتوبة بالخط الكوفي حتى اليوـ‪ ،‬تحمل تاريخ ذي الحجة عاـ اثنين وسبعين ومئة (‪789‬ـ)‪ ،‬أي إنو‬
‫شيد في خالفة الرشيد‪.‬‬

‫ص‪ٙ‬ز‪٠‬ج اٌزٍِخ ‪ -‬فٍظط‪ٓ١‬‬


‫وشكل البناء مستطيل غير منتظم (‪ 20×25‬متراً وسطياً)‪ ،‬تحيط بو جدراف‬
‫استنادية‪ ،‬ويغطيو سقف يرتفع حوالي ثمانية أمتار‪ ،‬مؤلف من أقباء طولية محمولة‬
‫على عضائد وعقود موزعة على خمسة صفوؼ من القناطر‪ ،‬تتقاطع مع أربعة‬
‫صفوؼ أخرى‪ ،‬مكونة فيما بينها ‪ 24‬قبوة‪ .‬أما شكل العقود فمدبب من النوع‬
‫الذي يرسم من مركزين‪ .‬ولقد صنعت األقباء من مادة (خرسانية) صلبة مكونة من‬
‫المونة والحجارة‪ .‬ويالحظ وجود سلم في أحد أركاف الصهريج للنزوؿ إليو‪ ،‬كما‬
‫توجد فتحات في سقفو ألخذ المياه منو‪.‬‬
‫مصر‪:‬‬
‫أ‪ -‬تجيد جامع عمرو بن العاص في الفسطاط‬
‫تأتي أىمية ىذا الجامع من كونو من أوائل المساجد‪ ،‬بل أقدـ مسجد في مصر مازاؿ قائماً حتى اليوـ‪.‬‬
‫وقد ظل موضع اىتماـ الخلفاء والوالة طواؿ العهود‪ ،‬وجرى تجيده وتوسيعو أكثر من مرة‪ .‬ولقد كانت‬
‫التوسعة العباسية التي تمت عهد الخليفة المأموف‪ ،‬على يد واليو عبد اهلل بن طاىر سنة ‪ 212‬للهجرة‬
‫(‪828‬ـ)‪ ،‬أىم المراحل التي مر بها الجامع‪ ،‬حيث أصبحت مساحتو أضعاؼ المساحة التي كاف عليها‬
‫المسجد األوؿ‪ ،‬وبلغت أطوالو ‪ 120×120‬متراً‪ ،‬وىي المساحة التي يحتلها في الوقت الحاضر‪.‬‬

‫إال أف التعديالت وإصالحات عديدة طرأت عليو في العهود الالحقة‪ ،‬والسيما حين جددت قاعة‬
‫الصالة كلياً‪ ،‬وفق تخطيط مختلف في عاـ ‪1213‬ىػ (‪1798‬ـ)‪ ،‬أياـ الوالي مراد بك‪ ،‬كذلك تهدمت‬
‫األروقة المحيطة بالصحن‪.‬‬
‫ولكن اآلثار العمارية المتبقية من المسجد العباسي‪ ،‬كبعض قواعد األعمدة والقناطر‪ ،‬وكذلك التحريات‬
‫التي أجريت في عاـ ‪1352‬ىػ (‪1933‬ـ)‪ ،‬كل ذلك مكن العالم "كريزويل" من التعرؼ على المخطط‬
‫األصلي لتوسعة المأموف ىذه‪.‬‬
‫ونجد في ىذا المخطط عناصر فنية أموية‪ ،‬وأخرى عباسية وثالثة تفرد بها جامع عمرو‪ .‬فالحرـ مؤلف‬
‫من بالطات موازية للقبلة عددىا سبع متساوية في السعة‪ ،‬وفي كل منها ‪ 19‬قنطرة‪ .‬أما الصحن‬
‫فمستطيل الشكل‪ ،‬مساحتو صغيرة‪ ،‬ألف رواقو الشمالية يحتل سماحة تعادؿ مساحة الحرـ‪ ،‬وىو‬
‫مماثل لو في التخطيط أيضاً‪ ،‬وكأنو حرـ ثاف‪ .‬أما الرواقاف الجانبياف فمتماثالف أيضاً في المساحة‪،‬‬
‫لكنهما يختلفاف في التخطيط‪ ،‬فالغربي مؤلف من بالطات عمودية على جدار القبلة عددىا أربع‪،‬‬
‫بينما ىي في الرواؽ الشرقي موازية لو‪ ،‬وعددىا ثماف‪.‬‬

‫أبواب المسجد عديدة‪ ،‬خمسة في الجدار الشرقي‪ ،‬وثالثة في الجدار الشمالي‪ ،‬ومثلها في الجدار‬
‫الغربي‪ ،‬وواحد في الجدار القبلي خاص بالخطيب‪.‬‬
‫لم يبق من المسجد القديم (العباسي) سوى عناصر قليلة كالعقود والعمد الجدارية‪ ،‬وىي قريبة الشبو‬
‫بباب بغداد في الرقة‪ .‬وىناؾ حنايا جدارية أو محاريب متوجة بعقود مفصصة أو مروحية كعنصر‬
‫زخرفي‪ .‬وكانت عقود القناطر في الداخل مزودة بأوتار خشبية لمقاومة الضغط‪ .‬وتشاىد قطع من‬
‫الخشب منقوشة بالزخارؼ ذات العروؽ النباتية‪.‬‬
‫وىذا وقد أشارت المصادر القديمة (المقدسي وياقوت) بأف جدرانو كانت مزينة بالفسيفساء‪.‬‬
‫ب‪ -‬مقياس النيل‬
‫بناء فريد في نوعو من حيث الوظيفة‪ ،‬وىو كذلك عمل من أعماؿ الهندسة الدقيقة وفن العمارة‬
‫المتقن‪ .‬ومازاؿ ىذا األثر العماري الذي تم تنفيذه في عهد الخليفة المتوكل سنة ‪247‬ىػ (‪861‬ـ)‬
‫قائماً بحالة جيدة في جزيرة الروضة‪ .‬وىو عبارة عن بئر محفورة في الصخر‪ ،‬مصممة بحيث تصل إليها‬
‫مياه النيل عبر ثالث قنوات من مستويات مختلفة‪.‬‬
‫أقيم وسطها عمود من الرخاـ مثمن الشكل‪ ،‬قطره ‪ 48‬سم‪ ،‬ويبلغ ارتفاع العمود في األصل ‪ 19‬ذراعاً‬
‫نقشت عليو إشارات لستة عشر ذراعاً (كل ذراع مقداره ‪ 54.04‬سم)‪ ،‬ينقسم كل منها إلى ‪ 24‬جزءاً‬
‫(قيراطاً)‪ .‬وفي رأس العمود تاج كورانتي‪ .‬ولو قاعدة مربعة طولها ‪ 1.17‬متر‪ ،‬مركبة على حجر طاحوف‬
‫مستدير قطره ‪ 1.5‬متر‪.‬‬
‫أما البئر‪ ،‬التي يبلغ عمقها حوالي ‪ 13‬متراً‪ ،‬فتتألف من ثالث طبقات رئيسة‪ ،‬السفلى أسطوانية‪ ،‬قطرىا‬
‫‪ 4.33‬متر‪ .‬وارتفاعها ‪ 3‬أمتار‪ .‬والطبقة الثالثة مربعة أيضاً‪ ،‬لكنها أكثر اتساعاً‪ ،‬ضلعها ‪ 6.20‬متر‪،‬‬
‫وارتفاعها‪7.66‬متر‪ .‬وجدراف البئر مبنية من مداميك متقنة من الحجر‪ .‬وينزؿ إليها بدرج يدور في أطرافو‬
‫حتى القعر‪ ،‬وتشاىد في الجدراف أواوين قليلة العمق (‪ 84‬سم)‪ ،‬سعتها ‪ 1.65-1.85‬متر‪ ،‬تعلوىا عقود‬
‫ذات أقواس مدببة‪ ،‬تعتمد على سويريات جدارية (مندمجة مع الجدار)‪ .‬ويتخلل الجدراف لوحات وأشرطة‬
‫مكتوبة بالخط الكوفي‪ ،‬فيها آيات قرآنية‪.‬‬
‫يروي المؤرخ انب خلكاف أف اسم المتوكل‪ ،‬وتاريخ اإلنشاء (رجب ‪ ،)247‬واسم المهندس كانت‬
‫منقوشة في الشريط الموجود في أعلى البئر‪ ،‬قبل أف تستبدؿ بو اآليات القرآنية في أياـ أحمد بن‬
‫طولوف‪ .‬ويذكر رحالة من األجانب أنو شاىد على الوتر الخشبي الذي كاف في أعلى عمود المقياس كتابة‬
‫فيها التاريخ المشار إليو‪ .‬وكانت وظيفة الوتر الخشب المذكور تثبيت عمود المقياس واإلبقاء على وضعو‬
‫الشاقولي‪.‬‬

‫وشوىد في قعر البئر أيضاً قاعدة من ألواح الخشب كأساس للجدراف‪ ،‬يستند عليها العمود أيضاً‪،‬‬
‫ويرجح أف تكوف من خشب األرز‪.‬‬

‫على كل حاؿ‪ ،‬إف استخداـ األخشاب في األساسات المائية متعارؼ عليو في العهود التاريخية‪.‬‬
‫ونالحظ أف فوىات القنوات كلها في الجدار الشرقي موزعة على ثالث طبقات‪ .‬العليا موجودة‬
‫في صدر اإليواف‪ .‬ويقدر ارتفاع الفوىة ‪ 118‬سم وعرضها ‪ 100‬سم‪ .‬ىذا‪ ،‬وكل ما يشاىد اليوـ‬
‫من تغطية فوؽ سطح البئر يعتبر حديث العهد‪.‬‬
‫جػ‪ -‬جامع ابن طولوف‬
‫تمكن أحمد بن طولوف‪ ،‬بعد أف واله الخليفة المعتمد سنة ‪ 254‬للهجرة (‪868‬ـ)‪ ،‬من االستقالؿ‬
‫بمصر وجعلها ملكاً وراثياً في أوالده‪.‬‬
‫ودامت دولة الطولونين التي امتد سلطانها إلى أجزاء من الشاـ أيضاً‪ ،‬قرابة نصف قرف‪ ،‬وبلغت أوج‬
‫ازدىارىا في أياـ ابنو خمارويو‪.‬‬
‫وفي أواخر عهدىا استفحل الخالؼ بينها وبين الخالفة العباسية‪ ،‬وتمكن الخليفة المكتفي من القضاء‬
‫عليها في عاـ ‪ 292‬للهجرة (‪905‬ـ)‪.‬‬

‫جبِغ اثٓ ط‪ - ٌْٛٛ‬اٌمب٘زح‬


‫أىم أعماؿ ابن طولوف‬
‫وكاف من أىم أعمالو إنشاؤه لمدينة القطائع كعاصمة جديدة بعد الفسطاط األموية‪ ،‬والعسكر العباسية‪.‬‬
‫وكانت تمتد من جبل المقطم شرقاً والفسطاط شماالً‪ .‬وقد شيد فيها قصراً فخماً‪ ،‬وجامعاً كبيراً‪،‬‬
‫وبيمارستاناً‪ ،‬وقناة معلقة تنقل مياه النيل إلى المدينة‪ .‬ويعتبر الجامع الذي بدئ في بنائو سنة ‪263‬ىػ‬
‫(‪876‬ـ) وتم خالؿ عامين‪.‬‬

‫جبِغ اثٓ ط‪ِٕ ،ٌْٛٛ‬ظز ػبَ‬


‫األثر الوحيد الذي مازاؿ موجوداً من عهد ابن طولوف‪ ،‬بل ىو أىم اآلثار العباسية الباقية بحالة جيدة إلى‬
‫يومنا‪ .‬وسنجد من خالؿ دراستنا التفصيلية لهندسة الجامع األىمية الكبيرة التي يحتلها في تاريخ العمارة‬
‫اإلسالمية‪ ،‬من حيث مخططو‪ ،‬وعناصره العمارية والزخرفية‪.‬‬
‫ومهما قيل عن تأثر جامع ابن طولوف بالفن العماري الذي ساد في سامراء وجوامعها‪ ،‬نظرا لنشأة ابن‬
‫طولوف فيها ومشاىدتو االزدىار والحركة العمرانية التي حفلت بها العاصمة العباسية الجديدة‪ ،‬كما رأينا‪،‬‬
‫فإف جامع ابن طولوف ليس نسخة طبق األصل من مساجد سامراء وفنوف العمارة فيها‪.‬‬
‫ولسوؼ نشير في حينو إلى مواطن االختالؼ‪.‬‬

‫على أف آثار االقتباس عن مساجد سامراء تبدو في استخداـ اآلجر والجص المنقوش وفي المئذنة‬
‫المشابهة للملوية‪ ،‬وفي إحاطة المسجد بسور خارجي‪ ،‬يحجز أرضاً خالء‪ ،‬أي ما أطلق عليو بالزيادة‪،‬‬
‫كما ىو الحاؿ في جامع سامراء الكبير‪ .‬المخطط‪ :‬شكل المسجد مستطيل منتظم أطوالو‬
‫‪ 122×140‬مترا‪ .‬لو سور خاؿ من األبراج‪ ،‬مزود بأبواب كثيرة‪ ،‬سبعة في الجدار الغبي‪ ،‬منها اثناف‬
‫يؤدياف إلى الحرـ مباشرة‪ .‬ومثلها في الجدار الشرقي لكن ىذه مزودة بدرج‪ ،‬لكوف الجامع قد بني‬
‫فوؽ مرتفع من األرض‪.‬‬
‫وفي السور الشمالي خمسة أبواب‪ ،‬منها اثناف‬
‫يصعد إليهما بدرج في الجانب الشرقي‪ .‬وفي جدار‬
‫القبة أربعة أبواب صغيرة‪ .‬أحدىا لدخوؿ األمير أو‬
‫الخطيب‪ .‬فلقد كانت دار اإلمارة مقامة عند جدار‬
‫القبلة‪ ،‬كما ىي العادة‪ ،‬أنشأىا ابن طولوف‪.‬‬
‫واألبواب مستطيلة‪ ،‬تبلغ فتة الكبيرة منها‬
‫‪ 4.20×3.20‬متراً وسطياً‪.‬‬

‫جبِغ اثٓ ط‪ ،ٌْٛٛ‬لٕبطز اٌز‪ٚ‬اق ‪ٚ‬اٌشزافبد‬

‫ويحيط بالمسجد كما ذكرنا سور آخر مماثل يحجز األرض الخالء‪ ،‬أو الزيادة‪ ،‬المخصصة‬
‫لمسجد واتي يبلغ عرضها حوالي ‪ 19‬متر‪ .‬وىي تحيط بو من ثالث جهات فقط‪ ،‬باستثناء‬
‫الجهة الممتدة خلف جدار القبلة‪ ،‬لوجود دار اإلمارة عندىا‪ .‬وال يعرؼ على وجو الدقة الغرض‬
‫من وجود ىذه األرض الخالء‪.‬‬
‫ولعل السبب في ذلك عزؿ الجامع عما‬
‫حولو من أسواؽ‪ ،‬أو ربما كاف الغرض‬
‫استخدامها إلنزاؿ الحجاج والمسافرين‪.‬‬
‫على‪ ،‬فإف المنشآت المقاومة على األرض‬
‫الشمالية من الزيادة وىي المئذنة والموضأ‬
‫والمبضأة لم يبق منها اليوـ سوى المئذنة‪.‬‬
‫وبذلك تصبح التي يحتلها مسجد ابن‬
‫طولوف مربعاً طوؿ ضلعو ‪ 162‬متراً‪،‬‬
‫جبِغ اثٓ ط‪ ،ٌْٛٛ‬لٕبطز لبػخ اٌصالح‬
‫ومساحتو ‪ 26‬ألف متر مربع‪.‬‬

‫والسور الخارجي ىذا‪ ،‬الذي تبلغ سماكتو ‪ 1.32‬متر‪ ،‬شبيو بالسور الداخلي‪ ،‬فهو خلو من األبراج‬
‫أيضاً‪ ،‬ومزود بأبواب مماثلة تقابل األبواب المفتوحة في السور الداخلي‪ .‬صحن المسجد قريب من‬
‫المربع‪ ،‬طوؿ ضلعو ‪ 91‬متر‪ ،‬محاط برواؽ يتألف من بالطتين‪ ،‬موازيتين للسور‪ ،‬مكونتين من صفين‬
‫من القناطر المحمولة على العضائد في كل منها ‪ 13‬قنطرة ‪ .‬ويتوسط الصحن بركة ماء فوقها‬
‫شادوراف مجدد في عهد السلطاف الجين‪.‬‬
‫شكل الحرـ (قاعة الصالة) مستطيل قليل العمق يمتد من الشرؽ إلى الغرب‪ .‬مؤلف من خمس‬
‫بالطات موازية للقبة‪ ،‬خالفاً لمساجد سامراء‪ ،‬تكونها خمسة صفوؼ من القناطر‪ ،‬في كل صف ‪17‬‬
‫قنطرة محمولة على العضائد‪ .‬ونالحظ بأف اتجاه البالطات في الحرـ يماثل تخطيط جامع دمشق‬
‫األموي لكنها خالية من مجاز يقطعها‪ ،‬كما في الجامع األموي‪ ،‬وخالية من أية قبة‪.‬‬
‫أما القبة القائمة أماـ المحراب فهي محدثة‪ ،‬يرجع تاريخها إلى عهد السلطاف المملوكي حساـ الدين‬
‫الجين (‪ 696‬للهجرة‪ 1296 /‬للميالد)‪.‬‬

‫المئذنة يوضعها الحاضر مشيدة بالحجر‪ ،‬وتتألف من ثالثة أقساـ‪ ،‬السفلي مربع ارتفاعو ‪ 21‬متراً‪،‬‬
‫واألوسط دائري ارتفاعو حوالي تسعة أمتار‪ .‬ولهذين القسمين درج خارجي لولبي أو حلزوني‬
‫كمئذنة سامراء‪ .‬أما القسم العلوي فيتألف من طبقتين شكلهما مثمن‪ ،‬تعلوىما قبة صغيرة محززة‬
‫(ذات ضلوع)‪ .‬وىناؾ جسر من قنطرتين يرتفع إلى مستوى سطح المسجد‪ ،‬يصل المئذنة‬
‫بالمسجد‪.‬‬
‫ولقد استرعت ولكن النقاش ينصب على األجزاء السفلى‪ ،‬وأوؿ ما يدعو للتأمل استعماؿ مادة‬
‫الحجر خالفاً لما ىو عليو المسجد بكاملو الذي قلنا إنو مبني بمادة اآلجر‪.‬‬
‫وكذلك شكل العقود والنوافذ‪ ،‬والحنايا المسطح التي تزين واجهات القسم السفلي‪ ،‬فهي ذات قوس‬
‫حدوي‪ ،‬يعتر وجوده غير مألوؼ في العمائر المصرية قبل العهد المملوكي‪.‬‬
‫ولقد اطلعنا على المناقشة واآلراء التي توصل إليها كل من العالمين كريزويل وفريد شافعي‪ ،‬وخلصنا إلى‬
‫أف مئذنة ابن طولوف كانت شبيهة بمآذف سامراء وكانت مشيدة باآلجر كذلك‪ .‬تهدمت كلياً مع الميضأة‬
‫المجاورة لها‪ ،‬فجددت في عهد السلطاف الجين‪ ،‬واستخدـ الحجر في بنائها‪ ،‬مع المحافظة على‬
‫ىندستها السابقة‪ ،‬وأضيف إليها القسم العلوي وفق الفن العماري السائد في العهد المملوكي‪.‬‬
‫والسلطاف المذكور قاـ بإصالحات ىامة في جامع ابن طولوف‪ ،‬من ذلك قبة المحراب التي تقدـ‬
‫ذكرىا‪ ،‬وقبة الشادرواف القائم على بركة الصحن‪ ،‬والمنبر الخشبي‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫عناصر العمارة‪ :‬يتجلى فن العمارة في العناصر اإلنشائية والعناصر الزخرفية التي نجدىا في الواجهات‬
‫الداخلية والخارجية وتتألف عناصر العمارة من األبواب والشبابيك والعقود والعضائد واألسقف‬
‫والشرافات وما إليها‪.‬‬
‫فواجهات الجامع الخارجية قد زودت في وسطها‪ ،‬وفوؽ مستوى األبواب‪ ،‬بسلسلة من الطاقات‬
‫تتخللها محاريب زخرفية‪ .‬وفي أعلى الواجهة‪ ،‬وعلى ارتفاع عشرة أمتار‪ ،‬يوجد شريط زخرفي عرضو‬
‫متر‪ ،‬مؤلف من حبلين تتوزع بينهما نوافذ مستديرة‪ .‬ثم تتوج الواجهة سلسلة من الشرافات يبلغ‬
‫ارتفاعها المترين‪.‬‬
‫أما الواجهات الداخلية المحيطة بالصحن‪ ،‬فتتألف من سلسلة القناطر المحمولة على العضائد يتخللها‬
‫بين العقود نوافذ مستطيلة ذات عقود مدببة تستند على سويريات ملتصقة بالجدار‪ .‬وىذه النوافذ‬
‫موجودة أيضاً بين قناطر الحرـ‪ ،‬لكنها لتخفيف الحمل‪ ،‬وكعنصر زخرفي‪ ،‬وليست لإلنارة‪ .‬وىناؾ‬
‫حليات زخرفية من الجص على شكل الوردات موزعة على جانبي عقود النوافذ‪ .‬وتنتهي الواجهة في‬
‫األعلى بشريط عريض من الحليات المستديرة‪.‬‬
‫ونتساءؿ ىنا عن عدـ وجود الشرفات‪ ،‬السيما وأنها موجودة في أجزاء من جدراف المسجد‬
‫الخارجية‪ ،‬وكذلك في السور الخارجي المحيط بالزيادة‪ ،‬متصل بعضها ببعض على ىيئة الدرابزين‪.‬‬
‫يقوؿ كريزويل إنو شاىد في الصور القديمة للمسجد بعض الشرفات ولعل زوالها كاف بسبب أعماؿ‬
‫إصالح متأخرة‪ ،‬ولكنا نتساءؿ ىنا كيف احتفظت الجدراف الخارجية بكامل شرافتها ولم يبق شرافة‬
‫واحدة على الجدراف الداخلية‪.‬‬
‫إف عقود القناطر من النوع المدبب الذي يرسم من مركزين‪ ،‬متطاولة قليالً‪ ،‬أي أف ىناؾ استطالة لرجل‬
‫العقد تجعل البعض يحسبو حدوياً‪ .‬وتقدر فتحة العقد بحوالي أربعة أمتار ونصف (‪ .)4.60‬كما يبلغ‬
‫متر‪.‬‬ ‫‪3.70‬‬ ‫مقدار‬ ‫العضائد‬ ‫مستوى‬ ‫عن‬ ‫قمتو‬ ‫ارتفاع‬
‫ومسقط العضائد الحاملة للعقود جميعها مستطيل‪ ،‬أطوالو ‪ 1.27×2.46‬متر‪ .‬وضعت بحيث يكوف‬
‫ضلعها الكبير في الواجهة‪ .‬وقد زودت لتخفيف شكلها الضخم بسويريات ألصقت في أركانها األربعة‪.‬‬
‫وىذه السويريات مبنية باآلجر أيضاً ولها قاعدة مربعة‪ ،‬وتاج ناقوسي الشكل تغطيو النقوش الجصية‪.‬‬
‫وترتفع كل عضادة حوالي أربعة أمتار (‪ 4.40‬متر)‪.‬‬
‫ولم يبق من السقف القديم سوى أجزاء ضئيلة‪ ،‬وكاف سقفاً مستوياً مصنوعاً من جذوع النخل وألواح‬
‫الخشب‪ ،‬يحيط بو سجف (إفريز) من الخشب المزخرؼ‪.‬‬
‫العناصر الزخرفية‪ :‬النقوش الجصية ىي العنصر األساسي في الزخرفة‪ ،‬فهي المادة المالئمة لمادة‬
‫اآلجر‪ ،‬لذا كسيت أقساـ البناء كلياً بالجص‪ .‬ونقشت أماكن منو شملت أوجو العقود وبواطنها‬
‫وشريطاً يصل بين أرجلها‪ .‬وكذلك تغطي النقوش الجصية إطارات النوافذ المفتوحة بين القناطر‪،‬‬
‫واإلطارات المحيطة بالشبابيك الموزعة في السور‪ ،‬واستخدـ الجص أيضاً في صناعة الشمسيات‬
‫التي تمأل طاقات جدار السور الخارجي‪ ،‬وىي في غاية الدقة بأشكالها الهندسية المتنوعة‪،‬‬
‫وبالرغم من عددىا الكبير لم يبق من األصل القديم سوى ثالث أو أربع في جدار الحرـ‪.‬‬
‫وىناؾ النقش على الخشب‪ ،‬الذي نجد نماذج ىامة منو تبطن سواكف األبواب‪ .‬أما المواضيع‬
‫الزخرفية فهي نباتية‪ ،‬بينها العروؽ الملتفة‪ ،‬وأوراؽ العنب‪ ،‬والوريدات التي تتألف منها األفاريز في‬
‫الواجهات‪ ،‬ونجدىا على جانبي النوافذ المفتوحة بين عقود واجهات الصحن‪ ،‬وىناؾ األشكاؿ‬
‫المحارية في عقود المحاريب الزخرفية ‪ .‬وأخيراً نجد الكتابة الكوفية التي تؤلف شريطاً يحيط‬
‫بسقف الحرـ‪ ،‬بخط كوفي جميل‪.‬‬
‫وفي عاـ ‪184‬ىػ (‪800‬ـ)‪ ،‬ولى الرشيد على أفريقيا األمير إبراىيم بن األغلب فاتجو منذ واليتو إلى‬
‫االستقالؿ بحكمها‪ ،‬وجعل الوالية وراثية في أواله‪ .‬وبقي األغالبة طواؿ فترة واليتهم تابعين للخالفة‬
‫العباسية إلى أف زالت دولتهم بظهور الفاطميين الثائرين على الخالفة العباسية‪ ،‬حيث نجحوا في نشر‬
‫دعوتهم واكتسحوا المغرب كلو ودخلوا القيرواف سنة ‪296‬ىػ (‪909‬ـ)‪.‬‬

‫وكاف لدولة األغالبة مكانة مرموقة في المغرب اإلسالمي‪ ،‬شمل نفوذىا تونس وجزءا من الجزائر ووالية‬
‫طرابلس (ليبيا)‪ ،‬ومدت نفوذىا إلى ماوراء البحر‪ ،‬ففتحت صقلية في أياـ األمير زيادة اهلل بن إبراىيم‪،‬‬
‫سنة ‪ 212‬ىجرية (‪827‬ـ)‪ .‬أما من النواحي الحضارية‪ ،‬فقد نشطت حركة اإلعمار والبناء‪ ،‬وأسس‬
‫األغالبة عاصمتين في ضواحي القيرواف لتكونا مقراً لقصر اإلمارة‪ ،‬األولى عرفت بالعباسية أو مدينة‬
‫القصر الكبير في عهد إبراىيم (األوؿ)‪ ،‬والثانية (رقادة) في عهد إبراىيم الثاني (‪263‬ىػ‪876/‬ـ)‪.‬‬
‫ولكن لم يبق من ىاتين المدينتين‪ ،‬مع األسف‪ ،‬أي أثر للعمائر فوؽ سطح األرض‪،‬‬
‫سوى ما يجري التنقيبعنو واكتشافو بين األنقاض‪ .‬ولعل السبب في تهدمهما‪ ،‬ما شهدتو‬
‫المنطقة من أحداث‪ ،‬والسيما خالؿ الغزوات المدمرة التي قامت بها قبائل بني ىالؿ‬
‫وبني سليم في حواؿ يمنتصف القرف الخامس الهجري‪ ،‬والستخداـ اللبن واآلجر في‬
‫البناء‪.‬‬

‫لكن ما بقي من العمائر في القيرواف وسوسة مما سنتحدث عنو تفصيالً يشكل ثروة‬
‫عمارية‪ ،‬ودليالً على ما حظيت بو والية إفريقيا (تونس) من االزدىار في ظل األغالبة‪.‬‬
‫شماؿ أفريقيا‪:‬‬
‫أ‪ -‬جامعة القيرواف‬
‫سبقت اإلشارة في الفصل السابق إلى جامع‬
‫القيرواف أو جامع سيدي عقبة وما حدث لو من‬
‫ىدـ وتجديد في العهد األموي‪ .‬كذلك أعيد بناؤه‬
‫في بداية العهد العباسي (‪ 157‬ىػ ‪773 -‬ـ)‪.‬‬
‫ولكن الجامع الحالي في مجملو يرجع إلى‬
‫األغالبة فقد جرى في أياـ األمير زيادة اهلل بن‬
‫إبراىيم‪ ،‬ثالث حكاـ األغالبة ىدـ البناء القديم‬
‫وإعادة بنائو وفق مخطط جديد وىندسة حديثة‪،‬‬
‫جبِغ اٌم‪١‬ز‪ٚ‬اْ ‪ -‬ر‪ٔٛ‬ض‬ ‫تم ذلك في عاـ (‪221‬ىػ‪836 /‬ـ) وىكذا لم‬
‫يبق من الجامع القديم سوى المئذنة األموية‪.‬‬
‫ولم يحدث بعد عملية اكلبناء األخيرة التي قاـ بها زيادة اهلل سوى إضافات أو اصالحات محدودة‪ ،‬تم‬
‫معظمها في أياـ األمير األغلبي أحمد أبي إبراىيم (‪248‬ىػ‪861/‬ـ)‪ ،‬وابنو إبراىيم الثاني أبي أحمد‬
‫(‪262‬ىػ‪875/‬ـ)‪ ،‬وفي عهد األمراء الحفصيين خالؿ القرف السابع الهجري (الثالث عشر للميالد)‪،‬‬
‫سنشير إليها في حينو لدى دراستنا المفصلة لعناصر الجامع‪.‬‬
‫السور واألبواب‪ :‬يشبو مسجد القيرواف بشكلو العاـ‬
‫مساجد سامراء‪ ،‬فهو مستطيل يمتد من الشماؿ إلى‬
‫الجنوب بطوؿ تقريبي قدره ‪ 120‬متراً وعرض قدره‬
‫‪ 70‬متراً‪ .‬ولعل أعماؿ الهدـ والتجديد العديدة التي‬
‫جرت قبل ذلك جعلت شكلو غير منتظم‪ .‬فزواياه غير‬
‫قائمة وأضالعو غير متساوية تماماً‪ .‬ولعل ذلك حدث‬
‫من أجل توجيو قلتو نحو الكعبة‪ ،‬وىي ىنا منحرفة‬
‫نحو الشرؽ‪ .‬دعمت أسواره من الخارج بدعائم‬
‫جدارية ضخمة‪ ،‬وفتحت فيها ثمانية أبواب‪ ،‬أربعة في‬
‫كل من الجهتين الشرقية والغربية‪ ،‬أحدىا يؤدي إلى‬
‫الحرـ مباشرة‪.‬‬
‫ويالحظ ىنا أف السور يرجع إلى مختلف العهود‪ ،‬وتتباين ارتفاعاتو من جهة إلى أخرى‪ ،‬وكذلك‬
‫الدعامات الجدارية واألبواب‪ .‬ىناؾ أربعة من األبواب على شكل بوابة مسقوفة بقبة‪ ،‬اثناف منها‬
‫يخصاف الحرـ في الشرؽ والغرب‪ ،‬واآلخراف مفتوحاف على الصحن في الجهة الغربية‪ ،‬يرجح أنها‬
‫أحدثت في العهد الحفصي‪ ،‬والسيما ذلك المفتوح على الحرـ من الجهة الشرقية (باب الال ريحانة)‬
‫حيث تذكر الكتابة تاريخ بنائو في عهد أبي حفص سنة ‪693‬ىػ (‪1294‬ـ)‪.‬‬
‫اٌصذٓ ‪ٚ‬األر‪ٚ‬لخ‪٠ :‬زجخ أْ اٌصذٓ رزن ثذ‪ ْٚ‬أر‪ٚ‬لخ ػٕذ ثٕبئٗ ف‪ ٟ‬أ‪٠‬بَ س‪٠‬بدح هللا‪ٌ ،‬ىٕٗ‬
‫وبْ ِجٍطب ثبٌزخبَ صُ أض‪١‬فذ األر‪ٚ‬لخ ف‪ ٟ‬أ‪٠‬بَ األِ‪١‬ز أدّذ (أث‪ ٟ‬إثزا٘‪ )ُ١‬ف‪ ٟ‬د‪ٛ‬اٌ‪ ٟ‬ػبَ‬
‫‪٘248‬ـ (‪٠ٚ .)َ862‬الدظ ػذَ اٌزجبٔض ف‪ٔ ٟ‬ظبَ األر‪ٚ‬لخ‪ٚ ،‬وذٌه اخزالف ‪ٚ‬اج‪ٙ‬بر‪ٙ‬ب‬
‫اٌّطٍخ ػٍ‪ ٝ‬اٌصذٓ ف‪ ٟ‬االررفبع‪ِّ ،‬ب ‪٠‬فظز ثأػّبي رزِ‪ٚ ُ١‬إصالح ٌذمز‪ٙ‬ب‪٠ ،‬زجخ أْ‬
‫رى‪ ْٛ‬ف‪ ٟ‬اٌؼ‪ٙ‬ذ اٌذفص‪ ٟ‬ثظجت األضزار اٌز‪ ٟ‬أصبثذ اٌّظجذ ف‪ ٟ‬أػمبة غش‪ٚ‬ح ثٕ‪ٟ‬‬
‫٘الي ف‪ ٟ‬ػبَ ‪٘434‬ـ (‪.)َ1042‬‬
‫الحرـ (قاعة الصالة)‪ :‬مصمم على أساس البالطات العمودية على جدار القبلة‪ ،‬وعددىا ‪ 17‬بالطة‪،‬‬
‫تكونها صفوؼ من القناطر عددىا ‪ 16‬صفاً‪ ،‬ولكن ىذه الصفوؼ ال تستمر إلى جدار القبلة‪ ،‬بل تستند‬
‫على صف مستعرض من القناطر يحدث مع جدار القبلة بالطة موازية لو‪ ،‬متعامدة مع بالطات الحرـ‬
‫األخرى‪ .‬وىي تؤلف مع البالطة الوسطى ما يشبو حالؼ التاء الالتيني‪ .‬وىذا التصميم يصبح شائعاً في‬
‫مساجد المغرب‪ ،‬كما سنرى في الفصوؿ المقبلة‪ ،‬وىناؾ صفاف آخراف من القناطر المستعرضة تقطع‬
‫البالطات عند كل ثالث قناطر‪.‬‬
‫ويالحظ أف تعديالت أدخلت على الحرـ في عهد الحق‪ ،‬أىمها إضافة صفين من القناطر على البالطة‬
‫الوسطى ألصقتا بالقناطر السابقة‪ ،‬وقبة اماـ المحراب‪ ،‬يرجح كريزويل أف تكوف ىذه اإلضافة قد حدثت‬
‫حوالي عاـ ‪248‬ىػ (‪862‬ـ) أياـ األمير األغلبي أبي إبراىيم أحمد‪ ،‬بينما ينسب كولفاف‪ ،‬القناطر‬
‫المذكورة إلى أياـ ابنو إبراىيم‪ .‬أما "ىوغ" فينسبها إلى عهد الحفصيين‪ ،‬األمر الذي نستبعده‪.‬‬

‫ومن التعديالت الهامة أيضاً توسعة الحرـ من جهة الصحن بإضافة رواؽ أمامو يتألف من قنطرتين على‬
‫امتداد البالطات السبع عشرة‪ ،‬وقبة في وسط الرواؽ تقابل قبة المحراب تعرؼ بقبة البهو‪ .‬وىكذا‬
‫أصبح للحرـ بالطة وسطى متميزة بقبتيها وبارتفاعها وسعتها عن بقية البالطات‪.‬‬
‫أما تاريخ ىذه التوسعة األخيرة فيتفق كولفاف وىوغ على أنها تمت في أياـ األمير أحمد (أبي إبراىيم)‪،‬‬
‫بينما يرى كريزويل أنها من عهد ابنو إبراىيم (الثاني)‪.‬‬
‫المئذنة‪ :‬تتوسط المئذنة الرواؽ الشمالي‪ ،‬كمئذنة‬
‫العروس في جامع دمشق‪ ،‬وكانت خارج السور‬
‫الشمالي‪ ،‬مالصقة لو قبل توسعة الصحن وإنشاء‬
‫األروقة‪ .‬وىي تلفت النظر بكتلتها الضخمة‪،‬‬
‫وتتكوف من برج مربع كبير يؤلف الطبقة السفلى‬
‫منها‪ ،‬ضلعو حوالي ‪ 11‬متراً في األسفل و‪10.20‬‬
‫متراً في األعلى‪ .‬وارتفاعو ‪ 19‬متراً تقريباً‪ .‬فوقو‬
‫برج مربع أصغر حجماً‪ ،‬ارتفاعو ‪ 5‬أمتار‪ ،‬ثم برج‬
‫ثالث أصغر حجماً من كالثاني ارتفاعو ‪ 7.5‬متر‪.‬‬
‫ىذا وتتميز الطبقة السفلى التي تشكل القسم‬
‫األساسي للمئذنة‪ ،‬إضافة لحجمها وارتفاعها‪،‬‬
‫بحجراتها‪.‬‬
‫جبِغ اٌم‪١‬ز‪ٚ‬اْ – اٌّئذٔخ‪ٚ :‬اج‪ٙ‬خ ‪ِٚ‬ظبلظ‬
‫فبٌمبػذح ِجٕ‪١‬خ ثذجبرح وج‪١‬زح ِزجم‪١‬خ‬
‫ِٓ اٌؼ‪ٙ‬ذ األِ‪ ،ٞٛ‬أِب ثم‪١‬خ اٌجزج‬
‫فّجٕ‪ ٟ‬ثذبجزح صغ‪١‬زح‪ ،‬لٍ‪ٍ١‬خ‬
‫االررفبع (‪ 13‬طُ) ر‪ٛ‬د‪ ٟ‬ػٓ ثؼذ‬
‫ثأٔ‪ٙ‬ب ِٓ ٌجٕبد ا‪٢‬جز‪٠ٚ ،‬زجخ أْ‬
‫رى‪ ِٓ ْٛ‬ػ‪ٙ‬ذ األغبٌجخ‪ٚ .‬ف‪٘ ٟ‬ذا‬
‫اٌمظُ ثبة ‪٠‬طً ػٍ‪ ٝ‬اٌصذٓ ‪٠‬ؼٍ‪ٖٛ‬‬
‫ػمذ ػبرك ٌٗ ل‪ٛ‬ص دذ‪ ٞٚ‬اٌشىً‪،‬‬
‫رٍ‪ ٗ١‬صالس ٔ‪ٛ‬افذ ِظزط‪ٍ١‬خ ِّبصٍخ‪.‬‬
‫جبِغ اٌم‪١‬ز‪ٚ‬اْ – اٌّئذٔخ‪ٚ :‬اج‪ٙ‬خ ‪ِٚ‬ظبلظ‬
‫والمئذنة مزودة في الداخل بدرج مسقوؼ بقبوات طولية مائلة‪ ،‬بحسب كل مرحلة من‬
‫مراحل الدرج‪ .‬أما الطبقة األخيرة باآلجر‪ ،‬وىي على شكل برج مربع فتح في كل‬
‫واجهة من واجهاتو باب مقنطر وعلى جانبي كل باب محاريب عالية مسطحة‪.‬‬
‫ىذا ويتوج المئذنة قبة ذات ضلوع‪ ،‬على شاكلة قبتي الحرـ‪ .‬من المرجع أف تكوف‬
‫الطبقة العيا للمئذنة من العهد الحفصي‪ ،‬فهي تشبو من الناحية الفنية البوابات ذوات‬
‫القباب التي أضيفت في عهدىم إلى الحرـ‪ ،‬كبار الال ريحانة المؤرخ في عاـ ‪693‬ىػ‬
‫(‪1294‬ـ)‪.‬‬
‫العقود مبنية الحجر‪ ،‬وألقواسها شكالف‪ :‬الحدوي الدائري أي المتجاوز لنصف الدائرة‪،‬‬
‫ونراه مستخدماً في بالطات الحرـ‪ ،‬والسيما فيما يخص المرحلة األولى التي ترجع إلى‬
‫أياـ زيادة اهلل‪ ،‬والحدوي المدبب الذي استخدـ في المراحل الالحقة‪ ،‬نجده في عقود‬
‫البالطة الوسطى (اإلضافية) وفي العقود الحاملة لقبلة المحراب‪.‬‬
‫األمر الذي جعل كريزويل‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬ينسبهما إلى‬
‫تاريخ واحد‪ ،‬أي إلى أياـ األمير أحمد أبي إبراىيم‪.‬‬
‫كذلك فإف عقود الرواؽ األمامي للحرـ (التوسعة)‬
‫من النوع الحدوي المدبب‪ ،‬وكذلك عقود أروقة‬
‫القديمة‪.‬‬ ‫العقود‬ ‫في‬ ‫الصحن‪.‬‬

‫إف عقود الحرـ تعتمد على األعمدة‪ ،‬وىي من‬


‫الرخاـ أو الغرانيت والبروفير‪ ،‬يتفاوت ارتفاعها بين‬
‫‪ 3.55‬متر و‪4.86‬متر‪ ،‬وأكثرىا ارتفاعاً تلك التي‬
‫تحمل عقود قبلة المحراب وتليها أعمدة البالطة‬
‫الوسطى التي غدت تتألف قناطرىا‪ ،‬بعد اإلضافة‬
‫التي أشرنا إليها‪ ،‬من عقدين متالصقين محمولين‬
‫على زوج من العمد‪.‬‬
‫لٕبطز اٌز‪ٚ‬اق ف‪ ٟ‬جبِغ اٌم‪١‬ز‪ٚ‬اْ‬
‫وىذه العمد ذات تيجاف من طراز كورانتي متطور‪ ،‬متنوعة األشكاؿ‪ ،‬جيدة النحت‪ .‬وتلي التيجاف وسائد‬
‫مربعة‪ ،‬يتفاوت ارتفاعها بحسب طوؿ األعمدة وقصرىا‪ .‬وليس لبعض األعمدة قواعد ظاىرة‪ .‬أما العضائد‬
‫فنجدىا مستخدمة في حمل واجهات الصحن‪ ،‬وىي مستطيلة الشكل‪ ،‬زودت من األماـ باثنين من‬
‫األعمدة‪.‬‬
‫السقف مستو تحملو العقود واألعمدة‪ ،‬مصنوع من الخشب‪ ،‬لم يبق من األصل القديم سوى أجزاء‬
‫ضئيلة مدىونة باألصبغة‪ ،‬وعليها زخارؼ وكتابات‪.‬‬

‫ويعتبر المحراب الحالي كما تم تجميلو في أياـ األمير األغلبي أحمد أبي إبراىيم في عاـ ‪248‬ىػ‬
‫(‪862‬ـ) مع القبة التي أقيمت أمامو في عهده‪ ،‬تحفة نادرة‪ ،‬ورائعة من روائع الفن اإلسالمي‪،‬‬
‫فتجويف المحراب نصف الدائري مكسو بألواح من الرخاـ المنقوش بالزخارؼ‪ ،‬كالمحاريب‪،‬‬
‫واألشكاؿ الهندسية واألوراؽ والعروؽ النباتية‪ ،‬والكتابات الكوفية‪ .‬والحفر فيها غائر‪ ،‬وتتخللها‬
‫مخرقة‪.‬‬
‫أجزاء َّ‬
‫أما طاسة المحراب‪ ،‬فقد كسيت بالخشب المزخرؼ باألصبغة والعروؽ النباتية‪ .‬وىنك عنصر ىاـ كسيت‬
‫بو واجهة المحراب أال وىو األلواح المربعة (‪ 21‬سنتيمتراً) من الخزؼ ذي البريق المعدني‪ ،‬في كل منها‬
‫موضوع زخرفي يختلف عن اآلخر‪ .‬وتعتبر ىذه المجموعة النادرة من الخزؼ أقدـ ما عرؼ في العمائر‬
‫اإلسالمية ‪ .‬ويحمل عقد المحراب عموداف من الرخاـ األحمر‪.‬‬
‫قبة المحراب‪ :‬إف القبة المقاومة أماـ المحراب‪ ،‬أقدـ‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬من القبة التي أضيفت أمامها في‬
‫التوسعة (قبة البهو)‪ ،‬كما أنها أكثر اتقاناً وصنعة فنية‪ ،‬غنية بالعناصر العمارية والزخرفية‪ .‬يحمل القبة أربعة‬
‫عقود يتوجها سجف من الخشب المزخرؼ‪ ،‬عليو كتابة كوفية‪ ،‬تليو منطقة االنتقاؿ من القاعدة المربعة‬
‫إلى رقبة القبة‪.‬‬

‫وىي من الداخل فقط مثمنة الشكل‪ ،‬تتألف من ثمانية عقود مفصصة‪ ،‬أربعة منها تحتل زوايا‬
‫االنتقاؿ‪ ،‬وفي باطنها حنايا مفصصة على شكل الصدفة أما األربعة األخرى فتحتوي على محاريب‬
‫مسطحة‪ ،‬في وسط كل منها نافذة على شكل دائرة مفصصة‪ .‬وشكل الرقبة من الخارج مربع‪ ،‬تزين‬
‫وجوىو المحاريب المسطح‪ .‬ويلي الرقبة السفلى رقبة أخرى‪ .‬وىي من الخارج على شكل مثمن‪،‬‬
‫أضالعو مقعرة قليالً بحيث يبدو ذا شكل نجمي‪.‬‬
‫أما من الداخل فشكلها مستدير‪ ،‬يتكوف من ستة عشر‬
‫محراباً وثماني نوافذ‪ ،‬بحيث تتناوب كل نافذة مع اثنين من‬
‫المحاريب‪.‬‬
‫ثم تأتي طاسة القبة المحززة التي يقسمها أربعة وعشروف‬
‫ضلعاً نافرا إلى فصوص وأحواز مقعرة من الداخل‪ ،‬محدبة‬
‫من الخارج‪.‬‬

‫المقصورة والمنبر‪ :‬من العناصر الفنية الهامة في جامع القيرواف‪،‬‬


‫جبِغ اٌم‪١‬ز‪ٚ‬اْ ‪ -‬اٌّذزاة‬ ‫أخشاب المقصورة والمنبر‪ .‬وىذا األخير يعتبر أقدـ المنابر الموجودة‬
‫في المساجد‪ .‬يرجع تاريخو إلى أياـ األمير أحمد (أبي إبراىيم)‬
‫األغلبي‪ ،‬أي إلى القرف الثالث الهجري‪ .‬وىي من خشب الساج‬
‫المواضيع‬ ‫بمختلف‬ ‫المنقوشة‬ ‫بالحشوات‬ ‫المزخرؼ‬
‫الهندسية والعروؽ النباتية‪.‬أما المقصورة‪ ،‬فيرجع تاريخها إلى أياـ‬
‫المعز بن باديس (‪407‬ىػ‪1016 /‬ـ ‪454 -‬ىػ‪1062 /‬ـ) الذي‬
‫حكم إفريقيا (تونس) بعد خروج الفاطميين إلى مصر‪ ،‬وىو من قبيلة‬
‫صنهاجة‪ ،‬ولذا يطلق عليها المقصورة الصنهاجية‪.‬‬
‫جبِغ اٌم‪١‬ز‪ٚ‬اْ – لجخ اٌّذزاة‬
‫ب‪ -‬مسجد الثالثة بيباف في القيرواف‬
‫مسجد من عهد األغالبة‪ ،‬صغير يطلق عليو اسم مسجد "الثالثة بيباف" أو مسجد ابن خيروف‪.‬‬
‫بني في عاـ ‪252‬ىػ (‪866‬ـ) في أياـ األمير محمد بن خيروف المعافري‪ ،‬كما تنص الكتابة‬
‫المنقوشة بالخط الكوفي على واجهتو‪.‬‬
‫وأىمية ىذا المسجد تقتصر على الواجهة بعناصرىا العمارية والزخرفية التي ترجع إلى التاريخ‬
‫المذكور‪ ،‬وتتألف من ثالثة أبواب‪ ،‬األوسط أكبر من الجانبين‪ ،‬وىي على شكل ثالث قناطر‪،‬‬
‫عقودىا حدوية مدببة قليالً‪ ،‬محمولة على عمد صغيرة‪ ،‬تعلوىا تيجاف كورانتيو‪ ،‬ثم وسائد مربعة‬
‫تزيد في ارتفاع العقود‪ .‬وفي أعلى الواجهة نقشت زخارؼ من أوراؽ العنب وشريط من الكتابة‬
‫الكوفية تشير إلى تجديد المسجد سنة ‪844‬ىػ (‪1440‬ـ)‪ ،‬وىو التاريخ الذي شيدت فيو‬
‫المئذنة الحالية أيضاً (جدد ىذا المسجد المبارؾ عاـ أربع وأربعين وثمانمائة)‪.‬‬
‫جػ‪ -‬بركة األغالبة في القيرواف‬
‫وتعرؼ بفسقية األغالبة‪ ،‬تقع خارج أسوار القيرواف الشمالية عند باب تونس‪ ،‬حيث نشاىد بركتين‬
‫كجزء من مشروع ىاـ للري أقامو األغالبة في عاـ ‪248‬ىػ (‪862‬ـ)‪ .‬والذي يهمنا من الناحية‬
‫العمارية البركتاف اللتاف تبدواف مستديرتين تقريباً‪ .‬إحداىما صغيرة قطرىا ‪ 37.5‬متر‪ ،‬ومؤلفة من‬
‫‪ 17‬ضلعاً‪ .‬والكبيرة قطرىا ‪ 120‬متراً‪ ،‬وتتألف من ‪ 48‬ضلعاً‪ .‬ودعمت أركاف األضالع من الداخل‬
‫والخارج بدعائم‪ ،‬وتأتي مياه الوادي أوالً إلى البركة الصغيرة فتترسب فيها المياه‪ ،‬ثم تنتقل عبر قناة‬
‫صغيرة إلى البركة الكبيرة‪.‬‬

‫ثزوخ األغبٌجخ ف‪ ٟ‬اٌم‪١‬ز‪ٚ‬اْ‬


‫د‪ -‬رباطات سوسة والمنستير‬
‫الربطات حصوف صغيرة اشتق اسمها من المرابطة‪ ،‬وخصصت للدفاع عن الحدود‪ ،‬يقطنها مقاتلوف‬
‫ومتطوعة ندبوا أنفسهم للعبادة والجهاد‪ .‬شيد عدد منها على سواحل إفريقيا‪ ،‬ولم يبق سوى القليل‪،‬‬
‫الرباط الكبير في بلدة المنستير‪ ،‬تهدؼ معظمو‪ ،‬وإلى جانبو رباط النساء‪ ،‬شيد في عهد الرشيد‬
‫على يد قائده ىرثمة بن أعين سنة ‪180‬ىػ (‪796‬ـ)‪.‬‬

‫رثبط ط‪ٛ‬طخ‪ ،‬ر‪ٔٛ‬ض‪ِ :‬ظمظ اٌطبثك األرض‪ٟ‬‬


‫(رذذ) ‪ِٚ‬ظمظ ٌمبػخ اٌصالح ف‪ ٟ‬اٌطبثك اٌؼٍ‪ٞٛ‬‬
‫(ف‪ٛ‬ق)‬
‫على أف أىم الربطات ىو رباط سوسة (قصر الرباط) الذي مازاؿ بحالة جيدة‪ .‬ويعتبر نموذجاً كامالً‬
‫لهذا النوع من العمائر‪ ،‬التي تجمع بين العمارة العسكرية‪ ،‬والعمارة الدينية والمدنية‪ .‬وبشكل عاـ فإف‬
‫تصميم الرباط يشبو بعض القصور األموية‪ ،‬كقصر الحير‪ .‬فهو على شكل مربع طوؿ ضلعو حوالي‬
‫أربعين مترا‪ ،‬لو سور يرتفع ‪ 8.5‬متر‪ ،‬مبني بمداميك الحجر‪ ،‬ترتفع وسطياً نصف متر‪ .‬ينتهي في أعاله‬
‫بإفريز مكوف من سلسلة من المحاريب المسطح ذات قوس نصف دائري‪.‬‬

‫رثبط ط‪ٛ‬طخ‪ِٕ ،‬ظز خبرج‪ٟ‬‬


‫زود السور بثمانية أبراج موزعة في أركانو ومنتصف أضالعو‪ .‬وكلها دائرية الشكل‪ ،‬ماعدا برج الباب‬
‫الكائن في الضلع الجنوبي‪ ،‬فإنو مستطيل الشكل‪ ،‬وكذلك برج الزاوية المجاورة للباب (في الجنوب‬
‫الشرقي)‪ ،‬فهو قريب من المربع‪ .‬ويعلو برج الباب‪ ،‬غرفة مسقوفة بقية‪ .‬بينما أقيم فوؽ برج الزاوية‬
‫المشار إليها‪ ،‬منارة أسطوانية الشكل‪ ،‬ارتفاعها حوالي ‪ 15.5‬متر‪ ،‬وقطرىا قريب من خمسة أمتار‪.‬‬
‫الشك أنها كانت لألذاف وبرجاً للمراقبة‪.‬‬
‫للرباط بوابة فخمة‪ ،‬تحتوي على لوحة رخامية تحمل‬
‫كتابة تؤرخ بناءه في عهد األمير األغلبي زيادة اهلل‬
‫سنة ‪ 206‬للهجرة (‪821‬ـ)‪.‬‬
‫وفي البوابة باب خارجي تعلوه قنطرة ذات قوس‬
‫حدوي‪ ،‬محمولة على عمودين لهما تاجاف كورانتياف‪،‬‬
‫وفوقهما وساداتاف تزيداف في ارتفاع القنطرة‪ ،‬قد زينتا‬
‫بالنقوش‪ .‬ويلي ىذا الباب ما يسمى (بالدركاه)‪ ،‬وىي‬
‫غرفة مربعة مؤلفة من أربعة عقود محمولة على العمد‪.‬‬
‫ثم يأتي الباب الداخلي‪ ،‬وىو باب صغير يعلو ساكفو‬
‫عقد عاتق نصف دائري‪.‬‬
‫رثبط ط‪ٛ‬طخ‪ِٕ ،‬ظز داخٍ‪ٟ‬‬
‫ويؤدي الباب بعد ذلك غلى الصحن‪ ،‬عن طريق دىليز مؤلف من غرفة مسقوفة بقبوة متقاطعة‪ ،‬وعلى‬
‫جانبيها غرفتاف للحرس‪ ،‬ثم إلى الرواؽ المسقوؼ الذي يحيط بالصحن‪.‬‬
‫إف مخطط الرباط في الداخل يتكوف من صحن في الوسط‪ ،‬تحيط بو سلسلة من الغرؼ المفتوحة على‬
‫الصحن أو على الرواؽ الذي يتقدمها‪ .‬ىذا في الطابق األرضي‪ ،‬أما في الطابق العلوي الذي يصعد إليو‬
‫من درجين متقابلين في الجهة الجنوبية من الصحن‪ ،‬فإف الجناح الجنوبي يتحوؿ إلى مسجد كمكوف من‬
‫إحدى عشرة بالطة عمودية على القبلة‪،‬‬
‫مسقوفة بقبوات طولية‪ ،‬يحملها عشرة صفوؼ من القناطر في كل منها قنطرتاف‪ ،‬ويتقاطع معها‬
‫صف من القناطر يوازي جدار القبلة‪ ،‬الذي فتحت فيو نوافذ على شاكلة المرامي‪ .‬وفي واجهة‬
‫المسجد أربعة أبواب مستطيلة يعلوىا ساكف وعقد عاتق حدوي الشكل‪ .‬أما المحراب فيقع في‬
‫نهاية البالطة الوسطى‪.‬‬

‫ويؤلف سطح المسجد والغرؼ التي تحيط ببقية الطابق العلوي‪ ،‬متراساً أحيط بستارة من‬
‫الحجر‪ ،‬تتوجها سلسلة من الشرافات رصفت قريبة بعضها من بعض شكلها مستطيل محدب‬
‫الرأس‪ ،‬في وسطها فتحة ضيقة لرمي النباؿ‪.‬‬
‫ىػ‪ -‬جامع سوسة‬
‫شيدت سنة ‪236‬ىػ (‪850‬ـ) أياـ األمير األغلبي محمد أبي العباس بن إبراىيم‪ ،‬كما تنص الكتابة‬
‫المنقوشة على واجهة الحرـ ‪ ،‬وىي جزء من شريط من الكتابة الكوفية التي تعلو واجهات الصحن‬
‫في الشرؽ والجنوب والشماؿ‪.‬‬
‫الجامع بوضعو الحاضر ال يمثل الجامع األغلبي‪ ،‬بعد أف جرت توسعتو في أواخر القرف العاشر في‬
‫عهد دولة صنهاجة‪.‬‬

‫جبِغ ط‪ٛ‬طخ اٌىج‪١‬ز ‪ -‬ر‪ٔٛ‬ض‬


‫وكذلك اإلضافات التي طرأت عليو في العهد العثماني‪ ،‬في القرف السابع عشر‪ ،‬ووصلت مساحتو إلى‬
‫‪ 60×90‬متراً‪ .‬ويمكننا تمييز المسجد األغلبي الذي لم تكن تتجاوز أطوالو ‪ 50×57‬متراً‪ ،‬وفيو صحن‬
‫تحيط بو األروقة‪ ،‬وحرـ مكوف من ‪ 13‬بالطة و‪ 12‬صفاً من القناطر‪ ،‬عمودية على جدار القبلة‪ ،‬في كل‬
‫صف ثالث قناطر‪ ،‬يتقاطع معها صفاف من القناطر يوازياف جدار القبلة‪ ،‬وذلك من أجل تدعيم القبوات‬
‫الطولية التي تغطي البالطات‪.‬‬
‫والقناطر كلها ذات عقود حدوي محمولة على عضائد قصيرة‪ .‬وكانت البالطة الوسطى تنتهي‪ ،‬كما في‬
‫مسجد القيرواف‪ ،‬بقبة أماـ المحراب‪ .‬ثم جرت التوسعة الصنهاجية من جهة القبلة بإضافة ثالث قناطر‬
‫أخرى على البالطات السابقة وصفين من القناطر المستعرضة‪ ،‬أيضاً‪ .‬وجعل سقف التوسعة معقوداً‬
‫بأقباء متقاطعة‪ ،‬خالفاً لألقباء األغلبية‪ .‬كما زودت التوسعة بمحراب جديد وقبة أمامو‪.‬‬

‫أما صحن المسجد فإنو محاط برواؽ مؤلف من واجهة من القناطر ذوات العقود الحدوية المحمولة‬
‫على عضائد مسقطها على شكل حرؼ ت الالتيني أي ذات ثالثة رؤوس كي تحمل عقود عمودية‬
‫على الجدار أيضاً‪ ،‬محدثة بذلك أحوازاً يتكوف الرواؽ منها‪ ،‬مسقوفة بقبوة طولية‪ .‬أما الرواؽ الممتد‬
‫أماـ الحرـ فقد أحدث في عاـ ‪ 1066‬للهجرة (‪1655‬ـ)‪ ،‬كما تنص الكتابة المثبتة عليو‪.‬‬
‫وقد حجبت ىذه اإلضافة الواجهة األغلبية للحرـ‪ ،‬والنص التاريخي القديم المثبت عليها الذي‬
‫تقدمت اإلشارة إليو‪.‬‬
‫ال نجد مئذنة في جامع سوسة‪ ،‬سوى أف برج الزاوية الشمالية الشرقية الدائري يقوـ مقاـ المئذنة‪،‬‬
‫وقد زود بشرفة لألذاف‪ ،‬مثمنة األضالع‪ ،‬مسقوفة بقبة‪ .‬ولعل قياـ الرباط إلى جوار المسجد بمنارتو‬
‫العالية‪ ،‬لم يحوج إلى تشييد مئذنة حقيقية‪.‬‬
‫و‪ -‬جامع بوفتاتة‬
‫وىو من المساجد الصغيرة التي شيدت في عهد‬
‫األغالبة‪ ،‬كمسج الثالثة بيباف ي القيرواف الذي تقدـ‬
‫ذكره‪ ،‬إال أنو أقدـ منو‪ ،‬شيد سنة ‪ 223‬ىجرية‬
‫(‪838‬ـ) أياـ ثالث أمراء األغالبة (أبي عقاؿ بن‬
‫إبراىيم)‪ .‬في واجهة المسجد الصغيرة (‪ 8‬أمتار)‪،‬‬
‫رواؽ أمامي ذو ثالث قناطر‪ ،‬تليو قاعة الصالة وىي‬
‫مربعة تقريباً‪ ،‬وتنقسم إلى تسعة أحواز مسقوفة بأقباء‬
‫طولية‪ ،‬محمولة على أربعة صفوؼ من القناطر‬
‫ِظجذ ث‪ٛ‬فزبرخ ف‪ ٟ‬ط‪ٛ‬طخ‬ ‫المتعامدة‪ ،‬المكونة من العقود الحدوية والعضائد‬
‫ذوات الشكل المتصالب‪،‬‬
‫وىكذا نجد أف األقباء والعضائد ىما العنصراف السائداف‪ ،‬في سائر مباني سوسة األغلبية‪ ،‬خالفاً‬
‫لمباني القيرواف‪ ،‬ذات السقوؼ المستوية المقامة من الخشب والعمد بدالً من العضائد‪.‬‬

‫ز‪ -‬جامع الزيتونة في تونس‬


‫وكما فعل األغالبة في جامع القيرواف‪ ،‬جددوا‬
‫كذلك جامع تونس القديم الذي يعتبر في مجملو‬
‫من العهد األغلبي‪ .‬بالرغم من اإلصالحات‬
‫واإلضافات التي أدخلت عليو خالؿ العهود‬
‫المختلفة‪ ،‬والسيما العهد الحفصي‪.‬‬

‫ِظجذ اٌش‪٠‬ز‪ٔٛ‬خ ف‪ ٟ‬ر‪ٔٛ‬ض‬


‫ونشاىد اليوـ كتابة تطوؽ رقبة قبة الحرـ من الداخل‪ ،‬تؤرخ أعماؿ البناء في عاـ ‪ 250‬للهجرة‬
‫(‪864‬ـ) وتذكر أنها تمت في أياـ الخليفة العباسي المستعين‪ ،‬واألمير األغلبي أحمد أبي إبراىيم‪،‬‬
‫(الثاني)‪.‬‬ ‫اهلل‬ ‫زيادة‬ ‫خلفو‬ ‫أياـ‬ ‫في‬ ‫واستكملت‬
‫ويشبو الزيتونة جامع القيرواف في تخطيطو وىندستو فالحرـ مؤلف من بالطات عمودية على القبلة‬
‫عددىا ‪ ،16‬مقامة على ‪ 15‬صفاً من القناطر‪ ،‬وبالطة موازية لجدار القبلة‪ ،‬تتوسطها عند المحراب‬
‫قبة مماثلة لقبة القيرواف‪ .‬وعدد القناطر في كل صف ست‪ ،‬ذا عقود حدوية محمودة على األعمدة‪.‬‬

‫ِظجذ اٌش‪٠‬ز‪ٔٛ‬خ‪ ،‬لجخ اٌّذزاة‬


‫كذلك ىناؾ رواؽ أماـ الحرـ‪ ،‬أضيف فيما بعد‪ ،‬تتوسط فيو تقابل قبة المحراب‪ ،‬على امتداد‬
‫البالطة الوسطى‪ ،‬وتعرؼ بقبة باب البهو‪ ،‬وتمتاز بحجارة عقودىا الملونة بالتناوب بين األحمر‬
‫السماقي واألبيض‪ ،‬وبعناصر زخرفية أخرى‪ .‬وينسب علماء اآلثار ىذه اإلضافة مع رواؽ الصحن إلى‬
‫أياـ أسرة بني خراساف (‪385‬ىػ‪995/‬ـ)‪.‬‬

‫حػ‪ -‬جامع صفاقس الكبير‬


‫البد أف نذكر في عداد عمائر األغالبة‪ ،‬مسجد مدينة صفاقس الذي يعتبر في عداد مساجد تونس‬
‫الهامة‪ ،‬لكن المسجد األغلبي تغيرت معالمو بسبب ما طرأ عليو من أعماؿ التجديد واإلصالح في‬
‫العهود الالحقة‪ .‬وترجع عناصره الهامة إلى القرنين العاشر والحادي عشر الميالديين (عهد الفاطميين‬
‫وخلفائهم من بني زيري) وإلى التوسعة التي جرت مؤخراً في القرف الثامن عشر‪.‬‬

‫وأىم ما فيو اليوـ مئذنتو المربعة المجددة في عهد بني زيرى‪ ،‬تزينها األطاريف والشرافات والكتابة‬
‫الكوفية التي تشاىد في أعالىا‪ .‬كذلك واجهة الصحن الشرقية‪ ،‬بمحاريبها المسطح‪ ،‬ذات العقود‬
‫الحدوي المزين باطنها بالكتابات الكوفية‪.‬‬
‫األقاليم الشرقية‪:‬‬
‫من المؤسف أال نجد في ىذه األقاليم الواسعة‪ ،‬التي تعج بالمدف والمراكز الحضارية‪ ،‬سوى النذر‬
‫اليسير من عمائر العهد العباسي األوؿ‪ ،‬أو من عهد الدويالت المحلية التي استقلت أو كانت تتمتع بما‬
‫يشبو الحكم الذاتي في ظل الخالفة العباسية‪ ،‬والتي ظهرت فيها أسر حاكمة محلية‪،‬فارسية أو تركية‪،‬‬
‫كالتي أتينا على ذكرىا في مقدمة ىذا الفصل‪.‬‬
‫فلقد كاف لهذه المناطق في فارس‪ ،‬وخراساف (أفغانستاف) وما وراء النهر (التركستاف)‪ ،‬شأ‪ ،‬ىاـ بالنسبة‬
‫للخالفة العباسية‪ ،‬اعتمدت عليها في تدعيم سلطانها‪ ،‬ولقد رأينا المكانة التي شغلها الفرس في‬
‫وظائف الدولة في عهد الخلفاء األوؿ‪ ،‬من أسرة البرامكة وغيرىم‪ ،‬ورأينا كذلك أىمية الشعوب التركية‬
‫في ما وراء النهر في تكوين جيش المعتصم وقادتو‪.‬‬
‫وىكذا ظهرت حواضر عدة‪ ،‬وازدىرت وكثرت خيراتها‪ ،‬مثل الري ومرو وأصبهاف وشيراز وغزنة‬
‫وبخارى وسمرقند ونيسابور‪ .‬وكاف حكاـ الواليات في ىذه الحواضر يميلوف إلى الظهور بمظهر‬
‫السالطين‪ ،‬وتقليد حاضرة الخالفة في اتخاذ القصور الفخمة‪ ،‬وإحاطة أنفسهم بمظاىر األبهة والترؼ‪.‬‬
‫وال شك أف السبب في ضآلة اآلثار العمارية ؼ ىذه المدف مبعثو ما أصابها من دمار خالؿ الحروب‬
‫والكوارث‪ ،‬ولضعف مادة البناء المشيدة منها وىي اللبن واآلجر‪.‬‬
‫وأخيرا فالبد أف العديد من المباني المشيدة في ىذه المرحلة المبكرة اختفى وراء الكثير من أماؿ‬
‫التجديد واإلعمار في العهود الالحقة‪ .‬من ىذا القليل من المباني أو أجزاء المباني الباقية‪ ،‬وما كشفت‬
‫عنو أعماؿ التنقيب‪ ،‬نالحظ أف الفن اإلسالمي في تلك المناطق النائية قد أثبت وجوده‪ ،‬وأف المباني‬
‫شيدت وفق الخصائص الفنية العامة للعهد العباسي‪ ،‬ممتزجة مع التقاليد الفنية المحلية‪.‬‬
‫وفيما يلي نستعرض أىم ىذه اآلثار العمارية‪:‬‬
‫أ‪ -‬جامع دمغاف‬
‫دمعاف مدينة إيرانية تقع إلى الشماؿ الشرقي من‬
‫طهراف‪ .‬وقد عرؼ مسجدىا العباسي‪ ،‬الذي مازاؿ‬
‫قائماً‪ ،‬ابسم "تارؾ خانو"‪ .‬وىو من أقدـ مساجد‬
‫إيراف إذ يرجع تاريخو إلى القرف الثاني للهجرة‪.‬‬
‫وىو مسجد صغير نسبياً (‪ 50×40‬متراً) مشيد‬
‫باآلجر ولو صحن محاط برواؽ من ثالث جهات‬
‫يتألف من سلسلة قناطر مفتوحة على الصحن‪،‬‬
‫تدعمها قناطر أخرى عمودية على السور‪ ،‬تقسم‬
‫ِظجذ ربرن خبٔخ ف‪ ٟ‬دِغبْ ف‪( ٟ‬إ‪٠‬زاْ)‪:‬‬
‫اٌّظمظ (ف‪ٛ‬ق) ِمبطغ (رذذ)‬ ‫الرواؽ إلى أحواز متساوية‪.‬‬
‫وفي الجهة الرابعة يوجد الحرـ‪ ،‬وىو قاعة مؤلفة من سبع بالطات عمودية على القبلة مسقوفة بأقباء‬
‫طولية‪ .‬محمولة على ستة صفوؼ من القناطر والعضائد‪ .‬بعض عقود القناطر مدبب من النوع العباسي‬
‫وبعضها إىليلجي‪ .‬أما العضائد فهي أسطوانية كاألعمدة لكنها خالية من القواعد والتيجاف‪.‬‬

‫مئذنتو المجددة من قبل األسرة الغزنوية (‪1027‬ـ) أسطوانية مخروطية‪ ،‬أي يتناقص طوؿ قطرىا كلما‬
‫اتجهنا إلى األعلى‪ .‬قد غطى سطحها كلو بزخارؼ ىندسية مكونة بتشكيالت اآلجر‪ .‬وستكوف ىذه‬
‫المئذنة نموذجاً لكثير من المآذف التي شيدت في األقاليم الشرقية على مدى عدة قروف‪.‬‬

‫ب‪ -‬جامع نابين‬


‫مدينة نابين إيرانية أيضاً‪ ،‬تقع جنوبي طهراف‪ .‬شيد مسجدىا الجامع في القرف الرابع الهجري (العاشر‬
‫للميالد)‪ .‬صممت قاعة الصالة على أساس البالطات العمودية على جدار القبلة بواسطة قناطر من‬
‫اآلجر تحملها عضائد مستطيلة وأسطوانية تزين المسجد نقوش جصية مقتبسة من سامراء‪ ،‬تتخللها‬
‫كتابة كوفية قديمة‪ .‬كذلك زينت واجهة الحرـ واألروقة المحيطة بالصحن بتشكيالت اآلجر‪ .‬مئذنة‬
‫المسجد‪ ،‬التي تعتبر أقدـ المآذف الباقية إلى اليوـ‪ ،‬ذات قاعدة مربعة وجذع مضلع‪ ،‬أضيف إليها في‬
‫عهد الحق رأس أسطواني وشرفة لألذاف‪.‬‬
‫جػ‪ -‬جامع بلخ‬
‫بلخ من مدف أفغانستاف التاريخية‪ .‬عثر فيها على أطالؿ مسجد يرجع تاريخية إلى القرف الثالث الهجري‪،‬‬
‫يعتبر أوؿ نموذج لمسجد مسقوؼ بالقباب‪ .‬فالحرـ المربع الشكل مسقوؼ يتسع قباب موزعة على‬
‫ثالثة صفوؼ متساوية‪ ،‬وىي محمولة على عقود وعضائد أسطوانية‪ ،‬تكسوىا النقوش الجصية‪.‬‬
‫د‪ -‬التربة السامانية في بخارى‬
‫تعتبر البناء الثاني من نوعو بعد القبة‬
‫الصليبية التي رأيناىا في سامراء‪ .‬شيدت من‬
‫اآلجر في أياـ إسماعيل الساماني‪ ،‬أشهر‬
‫ملوؾ األسرة السامانية الفارسية التي حمت‬
‫بالد ما وراء النهر‪ ،‬وخراساف كدولة مستقلة‬
‫خاضعة لخالفة العباسية‪ .‬فالتربة‪ ،‬إذف‪،‬‬
‫يرجع تاريخها إلى القرف الرابع الهجري‬
‫(العاشر الميالدي)‪.‬‬
‫اٌززثخ اٌظبِبٔ‪١‬خ ‪ -‬ثخبر‪ٜ‬‬
‫ويأتي اسم األمير أحمد بن إسماعيل في الكتابة المثبتة فوؽ الباب الشرقي‪ .‬والتربة عبارة عن غرفة‬
‫مربعة لها باب في كل من واجهاتها األربع على شكل إيواف قليل العمق‪ ،‬يعلوه عقد مدبب من النوع‬
‫العباسي (يرسم من أربعة مراكز)‪ .‬وفي أركانها دعامات جدارية أسطوانية‪ ،‬مسقطها األفقي ثالثة أرباع‬
‫دائرة قطرىا متر واحد‪ .‬وتنتهي الواجهات في األعلى بصف من النوافذ‪ ،‬ذات فتحات مستطيلة‪،‬‬
‫تعلوىا عقود مدببة تستند على سويريات حلزونية من اآلجر‪.‬‬

‫يتألف سقف التربة من قبة نصف كروية حولها أربع قبيبات في األركاف‪ ،‬ويتم االنتقاؿ بين القاعدة‬
‫المربعة وطاسة القبة الكبيرة بواسطة منطقة انتقاؿ تقوـ مقاـ الرقبة‪ ،‬تبدو من الداخل مكونة من قطاع‬
‫مثمن‪ ،‬مكوف من أربع حنايا ذات عقود مدببة في أركاف المربع‪ ،‬وأربع أخرى تحتل منتصف أضالع‬
‫المربع‪ ،‬وقد ألصقت في أركاف المثمن ثمانية سويريات من اآلجر‪ .‬وفوؽ المثمن مضلع ذو ستة عشر‬
‫ضلعاً‪ ،‬قليل االرتفاع‪ ،‬يحمل طاسة القبة‪ ،‬تستند ثمانية من أضالعو (التي تقع في أركاف الثمن) على‬
‫تيجاف السويريات التي تقدـ ذكرىا‪.‬‬
‫‪٠ٚ‬الدظ ف‪٘ ٟ‬ذا اٌزصّ‪ ُ١‬اٌطز‪٠‬ف أْ ِٕطمخ االٔزمبي ٘ذٖ ال رظ‪ٙ‬ز ِٓ اٌخبرج‪ ،‬د‪١‬ش رذجج‪ٙ‬ب صف‪ٛ‬ف إٌ‪ٛ‬افذ اٌّمبِخ‬
‫ف‪ ٟ‬أػٍ‪ ٝ‬اٌجذراْ اٌخبرج‪١‬خ ‪٠ٚ‬فصً ث‪ّٕٙ١‬ب د‪١‬ش‪ٔ ،‬ظزا ٌظّبوخ اٌجذراْ اٌىج‪١‬زح (‪110‬طُ)‪.‬‬

‫اٌززثخ اٌظبِبٔ‪١‬خ – داخً اٌمجخ‬


‫ىػ‪ -‬مئذنتا غزنة‬
‫كانت غزنة في ىذه الفترة من العهد العباسي عاصمة للدولة الغزنوية التي شملت أمالكها ما يعرؼ‬
‫اليوـ بأفغانستاف (خراساف الشرقية) وجزءاً من إيراف والتركستاف والهند‪ .‬أسسها كما سبق أف ذكرنا‬
‫زعيم تركي يدعى سبكتكين سنة ‪ 366‬للهجرة (‪977‬ـ)‪ .‬وكاف والياً للسامانيين على غزنة‪ ،‬فاستقل‬
‫وأخذ يوسع نفوذه على حساب أمالؾ البويهيين والسامانيين في إيراف وما وراء النهر‪.‬‬

‫ِئذٔخ غشٔخ ‪ -‬أفغبٔظزبْ‬


‫واشتهرت الدولة الغزنوية بالفتوحات الهامة التي قاـ بها ابنو السلطاف محمود في القارة الهندية لنشر‬
‫اإلسالـ‪ ،‬مما أشاع ذكره في اآلفاؽ‪ .‬ولما ظهر السالجقة وتغلبوا على الغزنويين‪ ،‬تخلى ىؤالء عن‬
‫أكثر أمالكهم في إيراف وخراساف وكرسوا جهودىم في الهند‪ .‬ثم زالت الدولة الغزنوية حيث ظهر في‬
‫أفغانستاف حكاـ آخروف عرفوا بالغوريين‪ ،‬وذلك في عاـ ‪582‬ىػ (‪1186‬ـ)‪.‬‬
‫وقد عثر المنقبوف على عدد من عمائر وقصور شيدىا الغزنوين في غزنة و"الشكارى بازار" الواقعة‬
‫شماؿ مدينة "بست"‪ .‬وبين عمائر ىذا الموقع قصر شبيو بصور العراؽ بسوره المزود بأبراج نصف‬
‫دائرية ودىاليز فهمة تحف بها الغرؼ العديدة‪ .‬ويتوسط القصر باحة واسعة تطل عليها األواوين‬
‫والقاعات المسقوفة بالقباب ويرجع العلماء أف يكوف ىذا اقصر قد بدئ في إقامتو منذ عهد السلطاف‬
‫محمود الغزنوي ‪421 - 388‬ىػ ‪1030-0998‬ـ)‪ ،‬بينما ينسبوف قصر غزنة إلى السلطاف مسعود‬
‫الثالث ‪509-492‬ىػ (‪1115-1099‬ـ)‪.‬‬
‫ونج بين أطالؿ غزنة اليوـ برجين قائمين أو منارتين‪ ،‬شيدت األولى في عهد السلطاف مسعود األوؿ‬
‫(القرف الحادي عشر الميالدي) في رأي بعضهم أو مسعود الثالث في رأي بعض آخر‪ .‬وتتألف من‬
‫طبقتين‪ ،‬العليا أسطوانية مخروطية‪ ،‬كما تشير الصور التي أخذت قبل سقوطها في إثر زلزاؿ‪ .‬والطبقة‬
‫السفلى التي ما زاؿ قائمة _(‪ 48‬متراً) لها شكل نجمي ذو ثمانية رؤوس‪ .‬وتغطي واجهاتها األشكاؿ‬
‫الهندسية البارزة‪ ،‬والكتابات الكوفية المشجرة‪.‬‬
‫أما المنارة الثانية‪ ،‬وىي شبيهة باألولى من حيث الهندسة والزخرفة‪ ،‬فقد شيدت كما تذكر الكتابة‬
‫المنقوشة عليها‪ ،‬في عهد السلطاف بهراـ شاه ‪544-511‬ىػ (‪1149-1117‬ـ)‪.‬‬

‫و‪ -‬تربة غزنوية في إيراف‬


‫يشاىد في موقع سانكبيست ‪ )Sangbest( -‬القريبة من مدينة مشهد تربة لحاكم طوس‬
‫الغزنوي (أرسالف جذيب)‪ ،‬المتوفى سنة ‪1028‬ـ‪ ،‬وىي مربعة الشكل‪ ،‬طوؿ ضلعها (‪ 12.5‬متر)‬
‫عليها قبة رقبتها مثمنة األضالع مزودة بحنايا ركنية تتناوب مع أربع نوافذ مفتوحة ضمن عقود مدببة‬
‫من النوع العباسي‪.‬‬

‫ويزين طاسة القبة من الداخل تشكيالت اآلجر الجميلة وشريط تحتها من الكتابة الكوفية ‪،‬‬
‫عرضو نصف متر‪ ،‬مكتوب بأحرؼ بلوف أبيض فوؽ أرضية ملونة من العروؽ النباتية‪.‬‬
‫وىناؾ مئذنة بالقرب من التربة المذكورة ومن عهدىا‪ ،‬وىي من اآلجر‪ ،‬شكلها أسطواني مخروطي‪.‬‬
‫ز‪ -‬تربة قابوس‬
‫وىي واحدة من الترب الهامة شيدت في أياـ الدولة الزيارية‪ ،‬التي أتينا على ذكرىا في عداد‬
‫الدويالت المستقلة تحت لواء الخالفة العباسية‪ ،‬والتي أسسها مرداويج ابن زيار في بالد الديلم‬
‫وفارس‪ .‬والتربة مشيدة على مرتفع يقع إلى الشماؿ الشرقي من جرجاف (شماؿ إيراف)‪ .‬وفي عاـ‬
‫‪397‬ىػ (‪1006‬ـ) وىي تمثل بهندستها شكالً ثالثاً من أشكاؿ الترب التي ظهرت حتى اآلف في‬
‫الحضارة اإلسالمية‪( ،‬بعد التربتين الصليبية في سامراء‪ ،‬والسامانية في بخارى)‪.‬‬

‫فهي على شكل برج أسطواني يرتفع كالمسلة (‪ 55‬متراً)‪ ،‬مسقوؼ بقبة مخروطية‪ ،‬وتبرز منو‬
‫عشر دعائم مثلثية‪ ،‬تؤلف رؤوسها شكالً نجمياً‪ .‬أما في الداخل فتصبح غرفة مستديرة قطرىا‬
‫حوالي ‪ 9.5‬متر‪ .‬ولتربة باب صغير ضمن إيواف ضيق‪ ،‬يعلوىما عقداف من النوع العباسي‬
‫المتطور أو الفارسي‪ ،‬أي إف قسمو العلوي أصبح مقوساً نحو الخارج‪.‬‬
‫ويزين الواجهة كتابات كوفية موزعة على عشر لوحات تحتل ما بين الرؤوس البارزة‪.‬‬
‫حػ‪ -‬تريثا يزد وعرب أتا‬
‫لهاتين التربتين أىمية خاصة في تاريخ العمارة اإلسالمية‪ ،‬من حيث ظهور العنصر العماري الذي‬
‫يعتبره مؤرخو العمارة األصل الذي اشتقت منو المقرنصات والتي سيبدأ انتشارىا في العهد‬
‫السلجوقي‪ ،‬لتعم عمائر العالم اإلسالمي‪ .‬وىذا العنصر عبارة عن حنية ركنية في زوايا االنتقاؿ في‬
‫القبة‪ ،‬متطورة أو منقسمة إلى ثالث حنايا أو فصوص‪.‬‬

‫وكاف يعتقد في البدء أف تربة يزد (إحدى مدف إيراف) التي ينبت كضريح لإلماـ "دافازداه" في عاـ‬
‫‪428‬ىػ (‪1036‬ـ) تحوي أقدـ نموذج لهذه الحنية المتطورة‪ ،‬غلى أف عثر على واحدة أقدـ‬
‫منها في التربة المشهورة "بعرب أتا" أي (أبو العرب) المبنية في عاـ ‪ 367‬للهجرة (‪978‬ـ)‪،‬‬
‫كما تنص الكتابة التاريخية المنقوشة على الجص‪ .‬وىي في بالد التركستاف‪ ،‬عند بلدة "تيم" ‪،‬‬
‫بالقرب من وادي "زارفشاه"‪.‬‬
‫أمر ببنائها أحد أمراء األسرة القرخانية األتراؾ الذي سيطروا على بالد ما وراء النهر‪ ،‬قبيل‬
‫ظهور السالجقة وحلولهم محل السامانيين في بخارى‪ ،‬في آخر القرف العاشر الميالدي‪.‬‬
‫وىذه التربة مبنية باآلجر‪ ،‬وشكلها مربع (طوؿ ضلعو ‪ 6‬أمتار)‪.‬‬
‫ط‪ -‬تربة مجهولة‬
‫تقع بالقرب من بلدة "سميراف" اإليرانية‪ ،‬من القرف العاشر الميالدي‪ .‬يرجح أنها من عمل البويهيين‪.‬‬
‫وتختلف عن ترب ذلك العصر لكونها لم تبن من اآلجر‪ ،‬بل الحجر الغشيم‪ ،‬وتتميز كذلك ببرجها‬
‫المثمن الذي زودت أركانو بأعمدة مندمجة من نفس مادة الحجر‪ ،‬وفوؽ الباب قوس معقود من النوع‬
‫العباسي‪.‬‬
‫ي‪ -‬تربة الجيم‬
‫وىذه التربة أيضاً من عهد البويهيين‪ ،‬موجودة في إيراف ببلدة "مازندراف" يرجع تاريخها إلى عاـ‬
‫‪413‬ىػ (‪1022‬ـ)‪ .‬كلها أسطواني‪ ،‬مسقوفة بقبة مخروطية‪ ،‬وفي أعالىا كتابة بخط كوفي وأخرى‬
‫باللغة البهلوية‪.‬‬
‫اٌذجبس ‪ٚ‬جش‪٠‬زح اٌؼزة‪:‬‬

‫قبل أف ننهي ىذا الفصل يبد بنا أف نلقي نظرة على آثار العباسيين في الحجاز‬
‫والجزيرة العربية‪ ،‬التي كانت وال شك موضع اىتماـ العباسيين والخلفاء األوؿ‬
‫بشكل خاص‪.‬‬
‫فالرشيد كاف‪ ،‬كما تذكر الروايات‪ ،‬يحج عاماً ويغزو عاماً‪ .‬ولكن أين ىي العمائر التي شيدىا‬
‫العباسيوف ىنا وىناؾ‪ ،‬في مكة والمدينة المنورة‪ ،‬وفي طريق الحج‪ ،‬وما يحتاجو من محطات لنزوؿ‬
‫القوافل‪ ،‬أو قصور الستراحة الخلفاء واألمراء والحكاـ؟‬
‫كل ما نعرفو عن ىذا التراث آثار ضئيلة كشفت عنها دراسات حديثة لما يسمى بدرب زبيدة (زوج‬
‫الرشيد)‪ ،‬من البرؾ ومنازؿ القوافل‪ ،‬كبركة "الخربة" المستديرة الشكل‪.‬‬

‫الواقع شرقي الطائف‪ ،‬وموقع الربذة المعروؼ اليوـ باسم "بركة أبو سليم" حيث يحتوي الموقع‬
‫على بركتين للماء‪ ،‬وآثار قصور ومساكن يجرى التنقيب فيها حديثاً من قيل قسم اآلثار بجامعة‬
‫الملك سعود بالرياض‪ ،‬ولعل المستقبل القريب يكشف لنا عن المزيد‪.‬‬
‫ولقد سبق أف أشرت في الفصل السابق إلى ما وجدتو في األروقة العثمانية في الحرـ المكي من‬
‫العمد التي ترجع إلى أياـ التوسعة التي قاـ بها الخليفة المهدي‪.‬‬
‫وما مكاف عليها من كتابات بالخط الكوفي‪ ،‬تحيط بها زخارؼ دقيقة النقش تمثل عروؽ الكرمة‪.‬‬
‫"عمل أىل الكوفة عاـ سبع وستين ومائة"‪.‬‬ ‫وقد ورد في النص ما يلي‪:‬‬
‫كنت المراحيض تلحق بالمساجد ولكن بعيداً عن الصحن والحرـ‪ ،‬وربما خارج البناء كلو‪ .‬يستعملها‬
‫المصلوف والسايلة والبعيدوف عن مساكنهم من أصحاب الدكاكين المجاورة‪ ،‬فكل منازؿ المدينة لها‬
‫مراحيضها الخاصة‪.‬‬

‫وكانت كثيرة في "الزىراء"‪ ،‬وحيث ال يخلو منها قسم بنائي‪ .‬وإف كانت المياه الوسخة والفضالت‬
‫تصب‪ ،‬خارج منازؿ المدف‪ ،‬في أقنية عامة في أياـ الشتاء‪ ،‬وفي جباب خاصة‪ ،‬أثناء الصيف‪،‬‬
‫فاألمر كاف وما زاؿ مطروحاً بشكل آخر في "حضرموت" فمراحيض الطبقات العليا‪ ،‬بناؤىا بارز‬
‫كالشرفات أو المشربيات‪ ،‬مفتوحة األسفل‪ ،‬ال مجارير لها‪ ،‬سقوفها قوية االنحدار لتسهيل وصوؿ‬
‫الفضالت مباشرة إلى الطريق‪.‬‬
‫غير أف ارتفاع درجة الحرارة والتي تصل إلى خمسين مئوية في الظل‪ ،‬يجفف األوساخ‬
‫والمياه‪ ...‬ربما قبل وصولها إلى األرض‪ ،‬حيث ال تستقر طويالً فالرقع الزراعية الضيقة‬
‫بانتظارىا لتسمد بها‪ .‬وىكذا أسهمت أشعة الشمس المحرقة والحاجة "النباتية" الملحة‬
‫في تأمين نظافة المدينة باستمرار‪ .‬وكانت المراحيض‪ ،‬اف وجدت‪ ،‬في القرى اللبنانية‪،‬‬
‫خارج المنزؿ‪ ،‬تتألف من حفرة ترابية وسقف وجدراف‪ ،‬تشبو الغرفة الضيقة وال ما فيها‪.‬‬
‫ولكن لم يلجأ دائماً إلى ىذا البناء البدائي ألنو ال يغني كثيراً عن الحقوؿ المجاورة‪ ،‬ال‬
‫في حر الصيف وال برد الشتاء‪.‬‬

‫"في حديث أبي أيوب األنصاري‪ :‬فوجدنا مراحيضهم استقبل بها القبلة‪ .‬فكنا ننحرؼ‬
‫ونستغفر اهلل"‪.‬‬
‫اٌّــــــزاجغ‬

‫د‪ /‬عبد الرحيم غالب‬ ‫اٌؼّبرح اإلطالِ‪١‬خ‬


‫د‪ /‬سعد زغلول عبد الحميد‬ ‫اٌؼّبرح ‪ٚ‬اٌفٕ‪ ْٛ‬ف‪ ٟ‬د‪ٌٚ‬خ اإلطالِ‪١‬خ‬
‫د‪ /‬صالح لمعي مصطفى‬ ‫اٌززاس اٌّؼّبر‪ ٞ‬اإلطالِ‪ٟ‬‬
‫د ‪ /‬غالب مكداشي‬ ‫‪ٚ‬دذح اٌفٕ‪ ْٛ‬اإلطالِ‪١‬خ‬
‫أػّبي ‪ٚ‬ثذ‪ٛ‬صبد طبثمخ ٌطالة ‪.‬‬

You might also like